روح البيان

إسماعيل حقي

الجزء الاول من تفسير روح البيان بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي اظهر من نسخة حقائقه الذاتية الكمالية نقوش العوالم والاعلام واخرج من نون الجمع الذاتي انواع الحروف والكلمات والكلام انزل من مقام الجمع والتنزيه قرآنا عربيا غير ذى عوج وجعله معجزة باقية على وجه كل زمان ساطعة البراهين والحجج والصلاة والسلام على من هو فاتح باب الحضرة في العلم والعين واليقين سيدنا محمد الذي كان نبينا وآدم بين الماء والطين وعلى آله وأصحابه المتخلقين بخلق القرآن ومن تبعهم بإحسان الى آخر الزمان وبعد: فيقول العبد الفقير سمى الذبيح الشيخ إسماعيل حقى الناصح المهاجر كلأه الله من فتن الغدايا والعشايا والهواجر لما أشار الى شيخى الامام العلامه وأستاذي الجهبذ الفهامة سلطان وقته ونادرة زمانه حجة الله على الخلق بعلمه وعرفانه مطلع أنوار العناية والتوفيق وارث اسرار الخليفى على التحقيق المشهود له بسر التجديد في رأس العقد الثاني من الالف الثاني معدن الإلهام الرباني السيد الثاني الشيخ الحسيب النسيب سمى ابن عفان نزيل قسطنطينيه امده الله وأمدنا به في السر والعلانية بالنقل الى برج الأولياء مدينة بروسا صينت عن تطاول يد الضراء والبؤسى في العشر السادس من العشر العاشر من العقد الاول من الالف الثاني ولم أجد بدا من الوعظ والتذكير في الجامع الكبير والمعبد المنير الشهير وقد كان منى حين انتواء الاقامة ببعض ديار الروم بعض صحائف ملتقطة من صفحات التفاسير وأدوات العلوم مشتملة على ما يزيد على آل عمران من سور القرآن لكنها مع الاطناب الواقع فيها كانت متفرقة كايادى سبا جزء منها حوته الدبور وجزء منها حوته الصبا أردت ان ألخص ما فرط من الالتقاط وأخلص الأوراق المتفرقة من مسامحات الألفاظ والحروف والنقاط واضم إليها نبذا مما سنح لى من المعارف واجعله في سمط ما انظمه من اللطائف واسرد بانملة البراعة

وان كنت قليل البضاعة قصير الباعه ما يليه الى آخر النظم الكريم ان أمهلني الله العظيم الى قضاء هذا الوطر الجسيم وابيض للناس قدر ما حررته بين الأسابيع والشهور وافرزته بالتسويد أثناء السطور ليكون ذخرا للآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون وشفيعا لى حين لا يجدى نفعا غير الصاد والنون واسأل الله تعالى ان يجعله من صالحات الأعمال وخالصات الآثار وباقيات الحسنات الى آخر الأعمار فانه إذا أراد بعبد خيرا حسن عمله في الناس واهله لخيرات هي بمنزلة العين من الراس وهو الفياض اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعلم ان الحكمة في التعوذ الاستئذان وقرع الباب لان من اتى باب ملك من الملوك لا يدخل الا باذنه كذلك من أراد قراءة القرآن انما يريد الدخول في المناجاة مع الحبيب فيحتاج الى طهارة اللسان لانه قد تنجس بفضول الكلام والبهتان فيطهره بالتعوذ قال اهل المعرفة هذه الكلمة وسيلة المتقربين واعتصام الخائفين وعتبى المجرمين ورجعى الهالكين ومباسطة المحبين وهو امتثال قول رب العالمين في سورة النحل فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فالاستعاذة مقدمة على القراءة عند عامة المسلمين وقولهم الجزاء متأخر عن الشرط فيلزم ان يؤخر الاستعاذة قلنا المعنى إذا أردت القراءة وهو تأويل شائع جار مجرى الحقيقة العرفية ثم المختار قول الجمهور وهو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو اثبت رواية وفي الحديث (هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح المحفوظ) وان كان أستعيذ بالله أوفق دراية لمطابقة المأمور به في قوله فاستعذ وأول ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الاستعاذة والبسملة وقوله تعالى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اعوذ بمعنى التجئ «پناه ميخواهم» او أستعصم «نكاه داشت ميخواهم» او أستجير «أمان ميخواهم» او أستعين «يارى ميخواهم» او أستغيث «فرياد ومدد ميخواهم» والعوذ والعياذ مصدران كاللوذ واللياذ والصوم والصيام وقول القائل أعوذ اخبار عن فعله وهو في التقدير سؤال الله عز وجل من فضله اى أعذنى يا رب وفي العدول الى لفظ الخبر فائدة التفأل بالوقوع كانه وقع الاعاذة فيخبر عن مطاوعه وسره ما في التفسير الكبير ان بين الرب وعبده عهدا قال الله أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فكانه يقول انا مع نقص البشرية وفيت بعهد عبوديتى وقلت أعوذ بالله او استغفر الله فانت مع كمال الكرم والفضل اولى ان تفى بعهد الربوبية وتعيذنى بالله مذهب اهل الحقائق فيه عدم الاشتقاق لانه لا سبيل الى كنه معرفته ولذا قال السعد التفتازانيّ في حواشى الكشاف اعلم انه كما تحيرت الأوهام في ذاته وصفاته فكذا في اللفظ الدال عليه من انه اسم او صفة مشتق او غير مشتق علم او غير علم الى غير ذلك: قال مولانا جلال الدين قدس سره در تصور ذات او را گنج گو ... تا در آيد در تصور مثل او واعلم ان كلمات الاستعاذة ثلاث صفاتية وأفعالية وذاتية كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك) فاختير اسم الجلالة الجامع لتتناول عبارة الاستعاذة انواع الاستعاذة قال في التفسير الكبير الشرور اما من الاعتقاديات ويدخل فيها جميع المذاهب الباطلة وعقائد فرق الضلال الاثنتين والسبعين فرقة واما من الأعمال البدنية فمنها ما

يضر في الدين وهو منهيات التكاليف وضبطها كالمتعذر ومنها ما ضرره لا في الدين كالامراض والآلام والحرق والغرق والفقر والعمى والزمانة وغيرها من البلايا والنوازل ويقرب ان لا يتناهى فاعوذ بالله يتناول الاستعاذة من كلها فعلى العاقل إذا أراد الاستعاذة ان يستحضر هذه الأجناس الثلاثة وأنواعها المتناولة فاذا عرف عدم تناهيها عرف ان قدرة الخلق لا تفى بدفعها فحمله عقله ان يقول أعوذ بالله القادر على كل المقدورات من جميع المخاوف والآفات قيل كل العلوم في الكتب الاربعة وعلومها في القرآن وعلومه في الفاتحة وعلومها في البسملة وعلومها فى الباء ففى التفسير الكبير لان المقصود من العلوم وصول العبد الى الرب فباء الإلصاق في بالله تلصقه اليه وسيجئ اسرار الباء في البسملة ان شاء الله تعالى من الشيطان اى المبعد من رحمة الله تعالى عن ابن عباس رضى الله عنهما لما عصى لعن وصار شيطانا فدل على انه انما سمى بهذا الاسم بعد لعن الله له واما قبله فاسمه عزازيل او نائل وانما لم يقيد المستعاذ منه بشئ من قبائحه ومضاره كالهمز واللمز واللمس والوسوسة والنزغة وغيرها لتذهب الهمة كل مذهب ليستعاذ من شره عموما قال في روضة الأخيار الشياطين ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون والجن ذكور وإناث يتوالدون ويموتون والملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون فثبت بهذا ان للشيطان والجن حقيقة ووجودا ولم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهال الفلاسفة والأطباء ونحوهم- حكى- ان الامام الغزالي محيى السنة كان مفتى الثقلين فسألهم يوما عن الحوادث قالوا ان الزمخشري صنف كتابا في التفسير وبلغ الى النصف فطلب منهم ان يأتوا به فاتوه فكتب جميع ما ألفه ثم وضعوا النسخة في مكانها فلما جاء الزمخشري اليه أراه إياه فتعجب الزمخشري وتحير وقال ان قلت هولى وانا خبأته وما اطلع عليه أحد غيرى فمن اين جاء هذا وان هو لغيرى فالتوارد في اللفظ والمعنى والوضع والترتيب في هذا القدر من الكتاب لا يقبله العقل قال الامام هو لك وقد وصل إلينا من أيدي الجن وكان الزمخشري ينكر الجن فاعترف في مجلسه ولا يلزم من هذا علم الجن بالغيب كما لا يخفى قال تعالى تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ ثم حقيقتهم عند من لم يقل بالمجردات هي أجسام هوائية وقيل نارية قادرة على التشكل باشكال مختلفة كصور الحيات والعقارب والكلاب والإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير والطير وبنى آدم لها عقول وإفهام تقدر على الأعمال الشاقة كما كانوا يعملون لسليمان عليه السلام المحاريب والتماثيل والجفان والقدور وعند من قال بها مجردات ارضية سفلية وذلك لان المجردات اعنى الموجودات الغير المتحيزة ولا الحالة في المتحيز اما عالية مقدسة عن تدبير الأجسام وهم الملائكة المقربون ويسميها المشائيون عقولا والإشراقيون أنوارا عالية قاهرة او متعلقة بتدبيرها ويسميها المشائيون نفوسا سماوية والإشراقيون أنوارا مدبرة وأشرفها حملة العرش وهم الآن اربعة ويوم القيامة ثمانية ثم الحافون حوله ثم ملائكة الكرسي ثم ملائكة السموات طبقة طبقة ثم ملائكة كرة الأثير والهواء الذي في طبع النسيم ثم ملائكة كرة الزمهرير ثم ملائكة البحار ثم الجبال ثم الأرواح السفلية المتصرفة في الأجسام النباتية والحيوانية وهذه قد تكون مشرقة

الهية خيرة وهي المسماة بصالحى الجن وقد تكون كدرة شريرة وهي الشياطين كذا في تفسير الفاتحة للفنارى والظاهر ان المراد بالشيطان إبليس وأعوانه وقيل عام في كل متمرد عات مضل عن الجادة المستقيمة من جن وانس كما قال الله تعالى شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ الرجيم اى المرمى من السموات بإلقاء الملائكة حين لعن او المرمى بشهب السماء إذا قصدها وهذه صفة مذمومة للشيطان وله في القرآن اسماء مشئومة وصفات مذمومة فاجمع مساويه هو الرجيم لانه جامع لجميع ما يقع عليه من العقوبات فلذلك خص به الابتداء من بين تلك الأسماء والصفات يقال ظهور حقيقة الاستعاذة لا يمكن بمجرد القول بل لا بد من حضور القلب وموافقة القول بالحال والفعل وان لا يقول لسانك أعوذ بالله وفعلك وحالك أعوذ بالشيطان وذلك بمشاركة النفس مع الشيطان في ارتكاب المعاصي والطغيان واستعاذة العارف من رؤية غير الله تعالى وحجاب الكثرة فان الشيطان يهرب من نور العارف- حكى- ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس في المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف من العصا وانما أخاف من شعاع شمس المعرفة إذا طلعت من سماء قلب العارف قالوا فى الاستعاذة من الشيطان اظهار الخوف من غير الله وهو يخل بالعبودية قلنا اتخاذ العدو عدوا تحقيق للمحبة والفرار من غير الله الى الله تتميم للعبودية والامتثال لامر الله تقديم للطاعة والخوف ممن لا يخاف الله اظهار للمسكنة كما قيل أخاف من الله اى من عذابه وغضبه وأخاف ممن يخاف الله اى من سوء دعائه وأخاف ممن لا يخاف اى من سوء أفعاله: قال المولى جلال الدين قدس سره آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست وفي التفسير الكبير ان أعوذ بالله رجوع من الخلق الى الخالق ومن الحاجة التامة لنفسه الى الغنى التام بالحق في تحصيل كل الخيرات ودفع كل الآفات ففيه سر فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وفيه دلالة ان لا وسيلة الى القرب من حضرة الرب الا بالعجز والعجز منتهى المقامات قال الحسن من استعاذ بالله على وجه الحقيقة وهو ما يكون بحضور القلب جعل الله بينه وبين الشيطان ثلاثمائة حجاب كل حجاب كما بين السماء والأرض وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال خرج النبي عليه الصلاة والسلام ذات يوم من المسجد فاذا هو بإبليس فقال له النبي (ما الذي جاء بك الى باب مسجدى) قال يا محمد جاء بي الله قال (فلم ذا) قال لتسألنى عما شئت فقال ابن عباس رضى الله عنهما فكان أول شىء سأله الصلاة فقال له (يا ملعون لم تمنع أمتي عن الصلاة بالجماعة) قال يا محمد إذا خرجت أمتك الى الصلاة تأخذنى الحمى الحارة فلا تندفع حتى يتفرقوا وقال عليه السلام (لم تمنع أمتي عن العلم والدعاء) قال عند دعائهم يأخذنى الصمم والعمى فلا يندفع حتى يتفرقوا وقال عليه السلام (لم تمنع أمتي عن القرآن) قال عند قرائتهم اذوب كالرصاص قال (لم تمنع أمتي عن الجهاد) قال إذا خرجوا الى الجهاد يوضع على قدمى قيد حتى يرجعوا وإذا خرجوا الى الحج اسلسل واغلل حتى يرجعوا وإذا هموا بالصدقة توضع على رأسى المناشير فتنشرنى كما ينشر الخشب والشيطان مسلط على طبيعة بنى آدم

الجزء الاول

بالأكل والشرب فاذا تركهما الإنسان فقد اجتهد في قطع شهوة البطن وشهوة الفرج فلا يكون إذا مداخلة للشيطان أصلا واما النفس فسبب إصلاحها هو الصلوات الخمس لان فرضيتها لاصلاح النفس لان فيها تذللا بثلاث طبقات بعقد اليد. بين يدى الملك الأعظم وبالركوع له وبالسجود فالنفس تصلح بالخضوع والخشوع والتذلل قال وهب بن منبه لما خرج نوح من السفينة جاء إبليس عليه اللعنة فقال نوح يا عدو الله أي اخلاق بنى آدم أعون لك ولجنودك على ضلالتهم وهلاكهم قال إبليس إذا وجدنا من بنى آدم شحيحا حريصا حسودا جبارا عجولا تلقفناه تلقف الا كرة فان اجتمعت فيه هذه الأخلاق سميناه شيطانا مريدا لان هذه الأخلاق من اخلاق رؤس الشياطين وفي الخبر ان إبليس عليه اللعنة يرفع الدنيا كل يوم في يديه فيقول من يشترى ما يضره ولا ينفعه ويهمه ولا يسره فتقول اصحاب الدنيا نحن فيقول لا تعجلوا فانها معيوبة فيقولون لا بأس بها فيقول ثمنها ليس بدراهم ولا دنانير انما ثمنها نصيبكم من الجنة وانى اشتريتها باربعة أشياء بلعنة الله وغضبه وعذابه وقطيعته وبعت الجنة بها فيقولون يجوز لنا ذلك فيقول أريد ان تربحونى على ذلك وهو بان توطنوا قلوبكم على ان لا تدعوها ابدا فيقولون نعم فيأخذونها فيقول الشيطان بئست التجارة: قال الحافظ قدس سره مجو درستى عهد از جهان سست نهاد كه اين عجوزه عروس هزار دامادست قال الشيخ سعدى قدس الله سره بر مرد هوشيار دنيا خسست كه هر مدتى جاى ديكر كسست منه بر جهان دل كه بيكانه ايست كه مطرب كه هر روز در خانه ايست نه لايق بود عشق با دلبرى چوهر بامدادش بود شوهرى وسئل النبي عليه السلام عن وسوسة الشيطان فقال عليه السلام (السارق لا يدخل بيتا ليس فيه شىء فذلك من محض الايمان) وقال على بن ابى طالب رضى الله عنه الفرق بين صلاتنا وصلاة اهل الكتاب وسوسة الشيطان لانه فرغ من عمل الكفار لانهم وافقوه والمؤمنون يخالفونه ويحاربونه والمحاربة تكون مع المخالفة- حكى- ان رجلا من اهل خراسان خرج نحو العراق وكان يتردد الى عالم من علمائها حتى علمه اربعة آلاف حديث من الحكمة فلما أراد الانصراف الى وطنه استأذن من استاذه فقال له الأستاذ أعلمك كلمة خير لك من أحاديثك قال وما هي قال هل يكون في خراسان إبليس قال نعم قال وهل يوسوسكم قال نعم قال وما تصنعون في وسوسته قال نرده قال ان وسوس ثانيا قال نرده قال إذا اذاكم عدو الله وشغلكم عن الطاعة فلا تشتغلوا برد وسوسته ولكن كونوا معه كالغريب مع كلب الراعي واستعيذوا بالله وانه كلب من الكلاب عصمنا الله وإياكم من كيده وشره. سورة فاتحة الكتاب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الأصح المقبول عند متأخرى الحنفية ان البسملة آية فذة ليست جزأ من سورة أنزلت للفصل والتبرك بالابتداء كما بدئ بذكرها في كل أمر ذى بال وهي مفتاح القرآن وأول ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ وأول ما نزل على آدم عليه السلام وحكمة تأخرها عن الاستعاذة تقدم التخلية بالمعجمة على التحلية والاعراض عما سوى الله على الإقبال والتوجه اليه بِسْمِ اللَّهِ

كانت الكفار يبدؤن بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات والعزى فوجب ان يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله عز وجل بالابتداء وذلك بتقديمه وتأخير الفعل فلذلك قدر المحذوف متأخرا اى باسم الله اقرأ او اتلو أو غير ذلك مما جعلت التسمية مبدأ له قالوا وأودع جميع العلوم فى الباء اى بي كان ما كان وبي يكون ما يكون فوجود العوالم بي وليس لغيرى وجود حقيقى الا بالاسم والمجاز وهو معنى قولهم ما نظرت شيأ الا ورأيت الله فيه او قبله ومعنى قوله عليه السلام (لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله) فان قلت ما الحكمة والسر في ان الله تعالى جعل افتتاح كتابه بحرف الباء واختارها على سائر الحروف لا سيما على الالف فانه أسقط الالف من الاسم واثبت مكانه الباء في بسم فالجواب ان الحكمة في افتتاح الله بالباء عشرة معان أحدها ان في الالف ترفعا وتكبرا وتطاولا وفي الباء انكسارا وتواضعا وتساقطا فمن تواضع لله رفعه الله وثانيها ان الباء مخصوصة بالإلصاق بخلاف اكثر الحروف خصوصا الالف من حروف القطع وثالثها ان الباء مكسورة ابدا فلما كانت فيها كسرة وانكسار في الصورة والمعنى وجدت شرف العندية من الله تعالى كما قال الله تعالى (انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى) ورابعها ان في الباء تساقطا وتكسرا في الظاهر ولكن رفعة درجة وعلو همة في الحقيقة وهي من صفات الصديقين وفي الالف ضدها اما رفعة درجتها فبانها أعطيت نقطة وليست للالف هذه الدرجة واما علو الهمة فانه لما عرضت عليها النقط ما قبلت الا واحدة ليكون حالها كحال محب لا يقبل الا محبوبا واحدا وخامسها ان في الباء صدقا في طلب قربة الحق لانها لما وجدت درجة حصول النقطة وضعتها تحت قدمها وما تفاخرت بها ولا يناقضه الجيم والياء لان نقطهما في وضع الحروف ليست تحتهما بل في وسطهما وانما موضع النقط تحتهما عند اتصالهما بحرف آخر لئلا يشتبها بالخاء والتاء بخلاف الباء فان نقطتها موضوعة تحتها سواء كانت مفردة او متصلة بحرف آخر وسادسها ان الالف حرف علة بخلاف الباء وسابعها ان الباء حرف تام متبوع في المعنى وان كان تابعا صورة من حيث ان موضعه بعد الالف في وضع الحروف وذلك لان الالف في لفظ الباء يتبعه بخلاف لفظ الالف فان الباء لا يتبعه والمتبوع في المعنى أقوى وثامنها ان الباء حرف عامل ومتصرف في غيره فظهر لها من هذا الوجه قدر وقدرة فصلحت للابتداء بخلاف الالف فانه ليس بعامل وتاسعها ان الباء حرف كامل في صفات نفسه بانه للالصاق والاستعانة والاضافة مكمل لغيره بان يخفض الاسم التابع له ويجعله مكسورا متصفا بصفات نفسه وله علو وقدرة في تكميل الغير بالتوحيد والإرشاد كما أشار اليه سيدنا على رضى الله عنه بقوله [انا النقطة تحت الباء] فالباء له مرتبة الإرشاد والدلالة على التوحيد وعاشرها ان الباء حرف شفوى تنفتح الشفة به ما لا تنفتح بغيره من الحروف الشفوية ولذلك كان أول انفتاح فم الذرة الانسانية في عهد الست بربكم بالباء في جواب بلى فلما كان الباء أول حرف نطق به الإنسان وفتح به فمه وكان مخصوصا بهذه المعاني اقتضت الحكمة الإلهية اختياره من سائر الحروف فاختارها ورفع قدرها واظهر برهانها وجعلها مفتاح كتابه ومبدأ كلامه وخطابه تعالى وتقدس كذا في التأويلات النجمية واسم الله ما يصح

ان يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق ولكنها توقيفية عند بعض العلماء كما في الشرح المشارق لابن الملك ثم المختار ان كلمة الله هو الاسم الأعظم فان سأل سائل وقال ان من شرط الاسم الأعظم انه ان دعى الله به أجاب وإذا سئل به اعطى فنحن ندعو به ونسأل فلم نر الاجابة في اكثر الأوقات قلنا ان للدعاء آدابا وشرائط لا يستجاب الدعاء الا بها كما ان للصلاة كذلك فاول شرائطه إصلاح الباطن باللقمة الحلال وقدقيل (الدعاء مفتاح السماء وأسنانه لقمة الحلال) وآخر شرائطه الإخلاص وحضور القلب كما قال الله تعالى فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فان حركة الإنسان باللسان وصياحه من غير حضور القلب ولولة الواقف على الباب وصوت الحارث على السطح اما إذا كان حاضرا فالقلب الحاضر في الحضرة شفيع له قال الشيخ مؤيد الدين الجندي قدس سره ان للاسم الأعظم الذي اشتهر ذكره وطاب خبره ووجب طيه وحرم نشره من عالم الحقائق والمعاني حقيقة ومعنى ومن عالم الصور والألفاظ صورة ولفظا اما حقيقته فهى احدية جمع جميع الحقائق الجمعية الكمالية كلها واما معناه فهو الإنسان الكامل فى كل عصر وهو قطب الاقطاب حامل الامانة الإلهية خليفة الله واما صورته فهى صورة كامل ذلك العصر وعلمه كان محرما على سائر الأمم لما لم تكن الحقيقة الانسانية ظهرت بعد في أكمل صورته بل كانت في ظهورها بحسب قابلية كامل ذلك العصر فحسب فلما وجد معنى الاسم الأعظم وصورته بوجود الرسول صلى الله عليه وسلم أباح الله العلم به كرامة له الرَّحْمنِ الرحمة في اللغة رقة القلب والانعطاف ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها والمراد بها هاهنا هو التفضل والإحسان او ارادتهما بطريق اطلاق اسم السبب بالنسبة إلينا على مسببه البعيد او القريب فان اسماء الله تؤخذ باعتبار الغايات التي هي افعال دون المبادي التي هي انفعالات فالمعنى العاطف على خلقه بالرزق لهم ودفع الآفات عنهم لا يزيد في رزق المتقى لقبل تقواه ولا ينقص من رزق الفاجر لقبل فجوره بل يرزق الكل بما يشاء الرَّحِيمِ المترحم إذا سئل اعطى وإذا لم يسأل غضب وبنى آدم حين يسأل بغضب واعلم ان الرحمة من صفات الذات وهو إرادته إيصال الخير ودفع الشر والارادة صفة الذات لان الله تعالى لو لم يكن موصوفا بهذه الصفة لما خلق الموجودات فلما خلق الخلق علمنا ان رحمته صفة ذاتية لان الخلق إيصال خير الوجود الى المخلوق ودفع شر العدم عنهم فان الوجود خير كله قال الشيخ القيصري اعلم ان الرحمة صفة من الصفات الإلهية وهي حقيقة واحدة لكنها تنقسم بالذاتية والصفاتية اى تقتضيها اسماء الذات واسماء الصفات وكل منهما عامة وخاصة فصارت أربعا ويتفرع منها الى ان يصير المجموع مائة رحمة وإليها أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (ان لله مائة رحمة اعطى واحدة منها لاهل الدنيا كلها وادخر تسعا وتسعين الى الآخرة يرحم بها عباده) فالرحمة العامة والخاصة الذاتيتان ما جاء في البسملة من الرحمن الرحيم والرحمة الرحمانية عامة لشمول الذات جميع الأشياء علما وعينا والرحيمية خاصة لانها تفصيل تلك الرحمة العامة الموجب لتعيين كل من الأعيان بالاستعداد الخاص بالفيض الأقدس والصفاتية ما ذكره في الفاتحة من الرحمن

الرحيم الاولى عامة الحكم لترتبها على ما أفاض الوجود العام العلمي من الرحمة العامة الذاتية والثانية خاصة وتخصيصها بحسب استعداد الأصلي الذي لكل عين من الأعيان وهما نتيجتان للرحمتين الذاتيتين العامة والخاصة انتهى كلامه قالوا لله تعالى ثلاثة آلاف اسم الف عرفها الملائكة لا غير والف عرفها الأنبياء لا غير وثلاثمائة في التوراة وثلاثمائة في الإنجيل وثلاثمائة فى الزبور وتسعة وتسعون في القرآن وواحد استأثر الله به ثم معنى هذه الثلاثة آلاف في هذه الأسماء الثلاثة فمن علمها وقالها فكأنما ذكر الله تعالى بكل أسمائه وفي الخبر ان النبي عليه السلام قال (ليلة اسرى بي الى السماء عرض على جميع الجنان فرأيت فيها اربعة أنهارا نهرا من ماء ونهرا من لبن ونهرا من خمر ونهرا من عسل فقلت يا جبريل من اين تجىء هذه الأنهار والى اين تذهب قال تذهب الى حوض الكوثر ولا أدرى من اين تجئ فادع الله تعالى ليعلمك او يريك فدعا ربه فجاء ملك فسلم على النبي عليه السلام ثم قال يا محمد غمض عينيك قال فغمضت عينى ثم قال افتح عينيك ففتحت فاذا انا عند شجرة ورأيت قبة من درة بيضاء ولها باب من ذهب احمر وقفل لو أن جميع ما في الدنيا من الجن والانس وضعوا على تلك القبة لكانوا مثل طائر جالس على جبل فرأيت هذه الأنهار الاربعة تخرج من تحت هذه القبة فلما أردت ان ارجع قال لى ذلك الملك لم لا تدخل القبة قلت كيف ادخل وعلى بابها قفل لا مفتاح له عندى قال مفتاحه بسم الله الرّحمن الرّحيم فلما دنوت من القفل وقلت بسم الله الرّحمن الرّحيم انفتح القفل فدخلت في القبة فرأيت هذه الأنهار تجرى من اربعة اركان القبة ورأيت مكتوبا على اربعة اركان القبة بسم الله الرّحمن الرّحيم ورأيت نهر الماء يخرج من ميم بسم الله ورأيت نهر اللبن يخرج من هاء الله ونهر الخمر يخرج من ميم الرحمن ونهر العسل من ميم الرحيم فعلمت ان اصل هذه الأنهار الاربعة من البسملة فقال الله عز وجل يا محمد من ذكرنى بهذه الأسماء من أمتك بقلب خالص من رياء وقال بسم الله الرّحمن الرّحيم سقيته من هذه الأنهار) وفي الحديث (لا يرد دعاء اوله بسم الله الرّحمن الرّحيم) وفي الحديث ايضا (من رفع قرطاسا من الأرض مكتوبا عليه بسم الله الرّحمن الرّحيم إجلالا له ولاسمه عن ان يدنس كان عند الله من الصديقين وخفف عن والديه وان كانا مشركين) وذكر الشيخ احمد البونى في لطائف الإشارات ان شجرة الوجود تفرعت عن بسم الله الرّحمن الرّحيم وان العالم كله قائم بها جملة وتفصيلا فلذلك من اكثر من ذكرها رزق الهيبة عند العالم العلوي والسفلى وكتب قيصر ملك الروم الى عمر رضى الله عنه ان بي صداعا لا يسكن فابعث الى دواء ان كان عندك فان الأطباء عجزوا عن المعالجة فبعث عمر رضى الله عنه قلنسوة فكان إذا وضعها على رأسه سكن صداعه وإذا رفعها عن رأسه عاد صداعه فتعجب منه ففتش في القلنسوة فاذا فيها كاغد مكتوب عليه بسم الله الرّحمن الرّحيم قال الشيخ الأكبر في الفتوحات إذا قرأت فاتحة الكتاب فصل بسملتها معها في نفس واحد من غير قطع وعن محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم حالفا عن جبريل عليه السلام حالفا عن ميكائيل عليه السلام حالفا عن اسرافيل عليه السلام قال الله تعالى (يا اسرافيل بعزتي وجلالى وجودى وكرمى من قرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم متصلة بفاتحة

الكتاب مرة واحدة فاشهدوا على انى قد غفرت له وقبلت منه الحسنات وتجاوزت له عن السيئات ولا احرق لسانه بالنار وأجيره من عذاب القبر وعذاب النار وعذاب يوم القيامة والفزع الأكبر وتلقانى قبل الأنبياء والأولياء أجمعين) وجه التسمية بفاتحة الكتاب اما لافتتاح المصاحف والتعليم وقراءة القرآن والصلاة بها واما لان الحمد فاتحة كل كلام واما لانها أول سورة نزلت واما لانها أول ما كتب في اللوح المحفوظ واما لانها فاتحة أبواب المقاصد في الدنيا وأبواب الجنان في العقبى واما لان انفتاح أبواب خزائن اسرار الكتاب بها لانها مفتاح كنوز لطائف الخطاب بانجلائها ينكشف جميع القرآن لاهل البيان لان من عرف معانيها يفتح بها أقفال المتشابهات ويقتبس بسناها أنوار الآيات وسميت بام القرآن وأم الشيء أصله لان المقصود من كل القرآن تقرير امور اربعة اقرار بالالوهية والنبوة واثبات القضاء والقدر لله تعالى فقوله الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يدل على الالوهية وقوله مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يدل على المعاد وقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ على نفى الجبر والقدر وعلى اثبات ان الكل بقضاء الله تعالى وسميت بالسبع المثاني لانها سبع آيات او لان كل آية منها تقوم مقام سبع من القرآن فمن قرأها اعطى ثواب قراءة الكل او لان من فتح فاه بقراءة آياتها السبع غلقت عنه أبواب النيران السبعة هذه وجوه التسمية بالسبع واما بالمثاني فلانها تثنى في كل صلاة او في كل ركعة بالنسبة الى الاخرى او المراد تشفع فى كل ركعة سورة حقيقة او حكما أو لأن نزولها مرتين مرة في مكة ومرة في المدينة وسميت بسورة الصلاة وسورة الشفاء والشافية وأساس القرآن والكافية والوافية وسورة الحمد وسورة السؤال وسورة الشكر وسورة الدعاء لاشتمالها عليها وسورة الكنز لما يروى ان الله تعالى قال (فاتحة الكتاب كنز من كنوز عرشى) الْحَمْدُ لِلَّهِ لامه للعهد اى الحمد الكامل وهو حمد الله لله أو حمد الرسل او كمل اهل الولاء او للعموم والاستغراق اى جميع المحامد والاثنية للمحمود أصلا والممدوح عدلا والمعبود حقا عينية كانت تلك المحامد او عرضية من الملك او من البشر او من غيرهما كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ والحمد عند الصوفية اظهار كمال المحمود وكماله تعالى صفاته وأفعاله وآثاره قال الشيخ داود القيصري الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحمد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان أنبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كما يجب على الإنسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الأحوال كما قال النبي عليه السلام (الحمد لله على كل حال) وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاتها واما الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الإلهية لان الناس مأمورون بالتخلق بأخلاق الله تعالى بلسان الأنبياء عليهم السلام

لتصير الكمالات ملكة نفوسهم وذواتهم وفي الحقيقة هذا حمد الحق ايضا نفسه في مقامه التفصيلي المسمى بالمظاهر من حيث عدم مغايرتها له واما حمده ذاته في مقامه الجمعى الإلهي قولا فهو ما نطق به في كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية وفعلا فهو اظهار كمالاته الجمالية والجلالية من غيبه الى شهادته ومن باطنه الى ظاهره ومن علمه الى عينه في مجالى صفاته ومحال ولاية أسمائه وخالا فهو تجلياته في ذاته بالفيض الأقدس الاولى وظهور النور الأزلي فهو الحامد والمحمود جمعا وتفصيلا كما قيل لقد كنت دهرا قبل ان يكشف الغطا ... إخالك انى ذاكر لك شاكر فلما أضاء الليل أصبحت شاهدا ... بانك مذكور وذكر وذاكر وكل حامد بالحمد القولى يعرف محموده بإسناد صفات الكمال اليه فهو يستلزم التعريف انتهى كلامه والحمد شامل للثناء والشكر والمدح ولذلك صدر كتابه بان حمد نفسه بالثناء في لله والشكر في رب العالمين والمدح في الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ثم ليس للعبد ان يحمده بهذه الوجوه الثلاثة حقيقة بل تقليدا ومجازا اما الاول فلان الثناء والمدح بوجه يليق بذاته او بصفاته فرع معرفة كنههما وقد قال الله تعالى وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ واما الثاني فكما ان النبي عليه السلام لما خوطب ليلة المعراج بان أثن على قال (لا احصى ثناء عليك) وعلم ان لا بد من امتثال الأمر واظهار العبودية (فقال أنت كما أثنيت على نفسك) فهو ثناء بالتقليد وقد أمرنا ايضا ان نحمده بالتقليد بقوله قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كما قال فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ كذا في التأويلات النجمية: قال السعدي قدس سره عطاييست هر موى ازو بر تنم ... چهـ كونه بهر موى شكرى كنم وذكر الشيخ الامام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين ان الحمد والشكر آخر العقبات السبع التي لا بد للسالك من عبورها ليظفر بمبتغاه فاول ما يتحرك العبد لسلوك طريق العبادة يكون بخطرة سماوية وتوفيق خاص الهى وهو الذي أشار اليه صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم بقوله (ان النور إذا دخل قلب العبد انفتح وانشرح) فقيل يا رسول الله هل لذلك من علامة يعرف بها فقال (التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله) فاذا خطر بقلب العبد أول كل شىء ان له منعما بضروب من النعم وقال انه يطالبنى بشكره وخدمته فلعله ان غفلت يزيل نعمته ويذيقنى نقمته وقد بعث الى رسولا بالمعجزات وأخبرني بان لى ربا عالما قادرا على ان يثيب بطاعته ويعاقب بمعصيته وقد امر ونهى فيخاف على نفسه عنده فلم يجد في طريق الخلاص من هذا النزاع سبيلا سوى الاستدلال بالصنعة على الصانع فيحصل له اليقين بوجود ربه الموصوف بما ذكره فهذه عقبة العلم والمعرفة استقبلته فى أول الطريق ليكون في قطعها على بصيرة بالتعلم والسؤال من علماء الآخرة فاذا حصل له اليقين بوجود ربه بعثته المعرفة على التشمر للخدمة ولكنه لا يدرى كيف يعبده فيتعلم ما يلزمه من الفرائض الشرعية ظاهرا وباطنا فلما استكمل العلم والمعرفة بالفرائض انبعث للعبادة فنظر فاذا هو صاحب ذنوب كما هو حال اكثر الناس فيقول كيف اقبل على الطاعة

وانا مصر متلطخ بالمعاصي فيجب ان أتوب اليه ليخلصنى من أسرها وأتطهر من اقذارها فاصلح للخدمة فيستقبله هاهنا عقبة التوبة فلما حصلت له اقامة التوبة الصادقة بحقوقها وشرائطها نظر للسلوك فاذا حوله عوائق من العبادة محدقة به فتأمل فاذا هي اربع الدنيا والخلق والشيطان والنفس فاستقبلته عقبة العوائق فيحتاج الى قطعها باربعة امور التجرد عن الدنيا والتفرد عن الخلق والمحاربة مع الشيطان والنفس وهي أشدها إذ لا يمكنه التجرد عنها ولا ان يقهرها بمرة كالشيطان إذ هي المطية والآلة ولا مطمع ايضا في موافقتها على الإقبال على العبادة إذ هي مجبولة على ضد الخير كالهوى واتباعها له نمى تازد اين نفس سركش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان كه با نفس وشيطان بر آيد بزور ... مصاف پلنگان نيايد ز مور فاحتاج الى ان يلجمها بلجام التقوى لتنقاد فيستعملها في المراشد ويمنعها عن المفاسد فلما فرع من قطعها وجد عوارض تعترضه وتشغله عن الإقبال على العبادة فنظر فاذا هي اربعة رزق تطلبه النفس ولا بد واخطار من كل شىء يخافه او يرجوه او يريده او يكرهه ولا يدرى إصلاحه في ذلك أم فساده والثالث الشدائد والمصائب تنصب عليه من كل جانب لا سميا وقد انتصب لمخالفة الخلق ومحاربة الشيطان ومضارة النفس والرابع انواع القضاء فاستقبلته هاهنا عقبة العوارض الاربعة فاحتاج الى قطعها باربعة بالتوكل على الله في الرزق والتفويض اليه في موضع الخطر والصبر عند الشدائد والرضى بالقضاء فاذا قطعها نظر فاذا النفس فاترة كسلى لا تنشط ولا تنبعث لخير كما يحق وينبغى وانما ميلها الى غفلة ودعة وبطالة بل الى سرف وفضول فاحتاج الى سائق يسوقها الى الطاعة وزاجر يزجرها عند المعصية وهما الرجاء والخوف فالرجاء في حسن ما وعد من الكرامات والخوف من صعوبة ما أوعد من العقوبات والاهانات فهذه عقبة البواعث استقبلته فاحتاج الى قطعها بهذين المذكورين فلما فرغ منها لم ير عائقا ولا شاغلا ووجد باعثا وداعيا فعانق العبادة بلزام الشوق فنظر فاذا تبدو بعد كل ذلك آفتان عظيمتان هما الرياء والعجب فتارة يرائى بطاعته الناس وتارة يستعظم ذلك ويكرم نفسه فاستقبلته هاهنا عقبة القوادح فاحتاج الى قطعها بالإخلاص وذكر المنة فاذا قطعها بحسن عصمة الجبار وتأييده حصلت العبادة له كما يحق وينبغى ولكنه نظر فاذا هو غريق في بحور نعم الله من امداد التوفيق والعصمة فخاف ان يكون منه اغفال للشكر فيقع في الكفران وينحط عن تلك المرتبة الرفيعة التي هي مرتبة اغذية الخالصين فاستقبلته هاهنا عقبة الحمد والشكر فقطعها بتكثيرهما فلما فرغ منها فاذا هو بمقصوده ومبتغاه فيتنعم في طيب هذه الحالة بقية عمره بشخص في الدنيا وقلب في العقبى ينتظر البريد يوما فيوما ويستقذر الدنيا فاستكمل الشوق الى الملأ الأعلى فاذا هو برسول رب العالمين يبشره بالرضوان من عند رب غير غضبان فينقلونه في طيبة النفس وتمام البشر والانس من هذه الدنيا الفانية الى الحضرة الالهية ومستقر رياض الجنة فيرى لنفسه الفقيرة نعيما وملكا عظيما: قال الشيخ سعدى قدس سره عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت

قال خسرو عند وفاته ز دنيا ميرود خسرو بزير لب همى گويد ... دلم بگرفت از غربت تمناى وطن دارم رَبِّ الْعالَمِينَ لما نبه على استحقاقه الذاتي بجميع المحامد بمقابلة الحمد باسم الذات اردفه بأسماء الصفات جمعا بين الاستحقاقين وهو أي رب العالمين كالبرهان على استحقاقه جميع المحامد الذاتي والصفاتى والدنيوي والأخروي والرب بمعنى التربية والإصلاح اما في حق العالمين فير بينهم باغذيتهم وسائر اسباب بقاء وجودهم وفي حق الإنسان فيربى الظواهر بالنعمة وهي النفس ويربى البواطن بالرحمة وهي القلوب ويربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ويربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ويربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة ويربى الإنسان تارة باطواره وفيض قوى أنواره في أعضائه فسبحان من اسمع بعظم وبصر بشحم وانطق بلحم واخرى بترتيب غذائه في النبات بحبوبه وثماره وفي الحيوان بلحومه وشحومه وفي الأراضي باشجاره وأنهاره وفي الافلاك بكواكبه وأنواره وفي الزمان بسكونك وتسكين الحشرات والحركات المؤذية في الليالى وحفظك وتمكينك من ابتغاء فضله بالنهار فياهذا يربيك كانه ليس له عبد سواك وأنت لا تخدمه او تخدمه كأن لك ربا غيره والعالمين جمع عالم والعالم جمع لا واحد له من لفظه قال وهب لله ثمانية عشر الف عالم الدنيا عالم منها وما العمران في الخراب الا كفسطاط في صحراء وقال الضحاك ثلاثمائة وستون ثلاثمائة منهم حفاة عراة لا يعرفون خالقهم وهم حشو جهنم وستون عالما يلبسون الثياب مر بهم ذو القرنين وكلمهم وقال كعب الأحبار لا يحصى لقوله تعالى وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان الله تعالى خلق الخلق اربعة اصناف الملائكة والشياطين والجن والانس ثم جعل هؤلاء عشرة اجزاء تسعة منهم الملائكة وواحد الثلاثة الباقية ثم جعل هذه الثلاثة عشرة اجزاء تسعة منهم الشياطين وجزء واحد الجن والانس ثم جعلهما عشرة اجزاء فتسعة منهم الجن وواحد الانس ثم جعل الانس مائة وخمسة وعشرين جزأ فجعل مائة جزء في بلاد الهند منهم ساطوح وهم أناس رؤسهم مثل رؤس الكلاب ومالوخ وهم أناس أعينهم على صدورهم وماسوخ وهم أناس آذانهم كآذان الفيلة ومالوف وهم أناس لا يطاوعهم أرجلهم يسمون دوال ياى ومصير كلهم الى النار وجعل اثنى عشر جزأ منهم في بلاد الروم النسطورية والملكانية والاسرائيلية كل من الثلاث اربع طوائف ومصيرهم الى النار جميعا وجعل ستة اجزاء منهم في المشرق يأجوج ومأجوج وترك وخاقان وترك حد خلخ وترك خزر وترك جرجير وجعل ستة اجزاء في المغرب الزنج والزط والحبشة والنوبة وبربر وسائر كفار العرب ومصيرهم الى النار وبقي من الانس من اهل التوحيد جزء واحد فجزأهم ثلاثا وسبعين فرقة اثنتان وسبعون على خطر وهم اهل البدع والضلالات وفرقة ناجية وهم اهل السنة والجماعة وحسابهم على الله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وفي الحديث (ان بنى إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين فرقة وتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار الا فرقة واحدة) قالوا من هي يا رسول الله قال (من هم على ما انا عليه وأصحابي) يعنى ما انا عليه وأصحابي من الاعتقاد والفعل والقول فهو حق وطريق موصل الى الجنة والفوز والفلاح وما عداه باطل وطريق الى النار ان كانوا اباحيين فهم خلود والا فلا الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فى التكرار وجوه أحدها ما سبق

من ان رحمتى البسملة ذاتيتان ورحمتى الفاتحة صفاتيتان كماليتان والثاني ليعلم ان التسمية ليست من الفاتحة ولو كانت منها لما أعادهما لخلو الاعادة عن الفائدة والثالث انه ندب العباد الى كثرة الذكر فان من علامة حب الله حب ذكر الله وفي الحديث (من أحب شيأ اكثر ذكره) والرابع انه ذكر رب العالمين فبين ان رب العالمين هو الرحمن الذي يرزقهم في الدنيا الرحيم الذي يغفر لهم فى العقبى ولذلك ذكر بعده مالك يوم الدين يعنى ان الربوبية اما بالرحمانية وهي رزق الدنيا واما بالرحيمية وهي المغفرة في العقبى والخامس انه ذكر الحمد وبالحمد تنال الرحمة فان أول من حمد الله تعالى من البشر آدم عطس فقال الحمد لله وأجيب للحال يرحمك ربك ولذلك خلقك فعلم خلقه الحمد وبين انهم ينالون رحمته بالحمد والسادس ان التكرار للتعليل لان ترتيب الحمد على هذه الأوصاف امارة علية مأخذها فالرحمانية والرحيمية من جملتها لدلالتهما على انه مختار في الإحسان لا موجب وفي ذلك استيفاء اسباب استحقاق الحمد من فيض الذات برب العالمين وفيض الكمالات بالرحمن الرحيم ولا خارج عنهما في الدنيا وفيض الاثوبة لطفا والاجزية عدلا في الآخرة ومن هذا يفهم وجه ترتيب الأوصاف الثلاثة والفرق بين الرحمن والرحيم اما باختصاص الحق بالأول او بعمومه او بجلائل النعم فعلى الاول هو الرحمن بما لا يصدر جنسه من العباد والرحيم بما يتصور صدوره منهم فذا كما روى عن ذى النون قدس سره وقعت ولولة في قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعد وفتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم وإذا أفعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم- ويحكى- ان ولد الغراب إذا خرج من القشر يكون كلحم احمر ويفر الغراب منه فيجتمع عليه البعوض فيلتقمه الى ان ينبت ريشه فعند ذلك تعود الام اليه ولهذا قيل يا رازق النعاب في عشه واما على ان الرحمن عام فقيل كيف ذلك وقلما يخلو أحد بل حالة له عن نوع بلوى قلنا الحوادث منها ما يظن انه رحمة ويكون نقمة وبالعكس قال الله تعالى فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً الآية فالاول كما قال ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء أي مفسده وكل منها في الظاهر نعمة والثاني كحبس الولد في المكتب وحمله على التعلم بالضرب وكقطع اليد المتأكلة فالابله يعتبر بالظواهر والعاقل ينظر الى السرائر فما من بلية ومحنة الا وتحتها رحمة ومنحة وترك الخير الكثير للشر القليل شر كبير فالتكاليف لتطهير الأرواح عن العلائق الجسدانية وخلق النار لصرف الأشرار الى اعمال الأبرار وخلق الشيطان لتميز المخلصين من العباد فشأن المحقق ان يبنى على الحقائق كالخضر عليه السلام في قصة موسى عليه السلام معه فكل ما يكره الطبع فتحته اسرار خفية وحكمة بالغة فلولا الرحمة وسبقها للغضب لم يكن وجود الكون ولما ظهر للاسم المنعم عين واما على ان الرحمن لجلائل النعم فانما اتبعه بالرحيم لدفع توهم ان يكون طلب العبد الشيء اليسير سوء ادب كما قيل لبعضهم جئتك لحاجة يسيرة قال اطلب لها رجلا يسيرا فكأن الله يقول لو اقتصرت على الرحمن لاحتشمت عنى ولكنى رحيم فاطلب منى حتى شراك نعلك وملح قدرك: قال الشيخ السعدي قدس سره العزيز محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى

قال اهل الحقيقة الحضرات الكلية المختصة بالرحمن ثلاث حضرة الظهور وحضرة البطون وحضرة الجمع وكل موجود فله هذه المراتب ولا يخلو عن حكمها وعلى هذه المراتب تنقسم احكام الرحمة فى السعداء والأشقياء والمتنعمين بنفوسهم دون أبدانهم كالارواح المجردة وبالعكس والجامعين بين الامرين وكذا من اهل الجنة منهم سعداء من حيث نفوسهم بعلومهم دون صورهم لكونهم لم يقدموا في الجنة الأعمال ما يستوجبون به النعيم الصوري وان كان فنزر يسير بالنسبة الى من سواهم وعكس ذلك كالزهاد والعباد الذين لا علم لهم فان أرواحهم قليلة الحظ من النعيم الروحاني لعدم المناسبة بينهم وبين الحضرات العلمية الإلهية ولهذا لم تتعلق هممهم زمان العمل بما وراء العمل بل ظنوه الغاية فوقفوا عنده واقتصروا عليه رغبة فيما وعدوا به ورهبة مما حذروا منه واما الجامعون بين النعيمين تماما فهم الفائزون بالحظ الكامل في العلم والعمل كالرسل عليهم الصلاة والسلام ومن كملت وراثته منهم اعنى الكمل من الأولياء: قال المولى جلال الدين قدس سره هر كبوتر مى پرد در مذهبى ... وين كبوتر جانب بى جانبى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اليوم في العرف عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان وفي الشرع عما بين طلوع الفجر الثاني وغروب الشمس والمراد هاهنا مطلق الوقت لعدم الشمس ثم اى مالك الأمر كله في يوم الجزاء فاضافة اليوم الى الدين لادنى ملابسة كاضافة سائر الظروف الى ما وقع فيها من الحوادث كيوم الأحزاب ويوم الفتح وتخصيصه اما لتعظيمه وتهويله او لبيان تفرده بإجراء الأمر فيه وانقطاع العلائق بين الملاك والاملاك حينئذ بالكلية ففى ذلك اليوم لا يكون مالك ولا فاض ولا مجاز غيره واصل الملك والملك الربط والشد والقوة فلله في الحقيقة القوة الكاملة والولاية النافذة والحكم الجاري والتصرف الماضي وهو للعباد مجاز إذ لملكهم بداية ونهاية وعلى البعض لا الكل وعلى الجسم لا العرض وعلى النفس لا النفس وعلى الظاهر لا الباطن وعلى الحي لا الميت بخلاف المعبود الحق إذ ليس لملكه زوال ولا لملكه انتقال وقراءة مالك بالألف اكثر ثوابا من ملك لزيادة حرف فيه- يحكى- عن ابى عبد الله محمد بن شجاع الثلجى رحمه الله تعالى انه قال كان من عادتى قراءة مالك فسمعت من بعض الأدباء ان ملك ابلغ فتركت عادتى وقرأت ملك فرأيت في المنام قائلا يقول لم نقصت من حسناتك عشرا اما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم (من قرأ القرآن كتب له بكل حرف عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيآت ورفعت له عشر درجات) فانتبهت فلم اترك عادتى حتى رأيت ثانيا في المنام انه قيل لى لم لا تترك هذه العادة اما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم (اقرأوا القرآن فخما مفخما) اى عظيما معظما فاتيت قطربا وكان اماما في اللغة فسألته ما بين المالك والملك فقال بينهما فرق كثير اما المالك فهو الذي ملك شيأ من الدنيا واما الملك فهو الذي يملك الملوك قال في تفسير الإرشاد قرأ أهل الحرمين المحترمين ملك من الملك الذي هو عبارة عن السلطان القاهر والاستيلاء الباهر والغلبة التامة والقدرة على التصرف الكلى في امور العامة بالأمر والنهى وهو الأنسب بمقام الاضافة الى يوم الدين انتهى ولكل وجوه ترجيح ذكرت في التفاسير فلتطالع ثمة والوجه في سرد الصفات الخمس كانه يقول خلقتك فانا اله ثم ربيتك بالنعم فانا رب ثم عصيت فسترت عليك فانا رحمن ثم تبت فغفرت فانا رحيم

ثم لا بد من الجزاء فانا مالك يوم الدين وفي التأويلات النجمية الاشارة فى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ان الدين فى الحقيقة الإسلام يدل عليه قوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ والإسلام على نوعين اسلام بالظاهر واسلام بالباطن فاسلام الظاهر بإقرار اللسان وعمل الأركان فهذا الإسلام جسدانى والجسداني ظلمانى ويعبر عن الليل بالظلمة واما اسلام الباطن فبانشراح القلب والصدر بنور الله تعالى فهذا الإسلام الروحاني نورانى ويعبر عن اليوم بالنور فالاسلام الجسداني يقتضى اسلام الجسد لاوامر الله ونواهيه والإسلام الروحاني يقتضى استسلام القلوب والروح لاحكام الأزلي وقضائه وقدره فمن كان موقوفا عند الإسلام الجسداني ولم يبلغ مرتبة الإسلام الروحاني وهو بعد في سير ليلة الدين متردد ومتحير فيرى ملوكا وملاكا كثيرة كما كان حال الخليل عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى ومن تنفس صبح سعادته وطلعت شمس الإسلام الروحاني من وراء جبل نفسه من مشرق القلب فهو على نور من ربه واضح في كشف يوم الدين فيكون ورد وقته أصبحنا وأصبح الملك لله فيشاهد بعين اليقين بل يكاشف حق اليقين ان الملك لله ولا مالك الا مالك يوم الدين فاذا تجلى له النهار وكشف بالمالك جهارا يخاطبه وجاها ويناجيه شفاها إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ومن لطائف مالك يوم الدين ان مخالفة الملك تأول الى خراب العالم وفناء الخلق فكيف مخالفة ملك الملوك كما قال الله تعالى في سورة مريم تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ والطاعة سبب المصالح كما قال تعالى نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى فعلى الرعية مطاوعة الملوك وعلى الملوك مطاوعة ملك الملوك لينتظم مصالح العالم ومن لطائفه ايضا ان مالك يوم الدين يبين ان كمال ملكه بعد له حيث قال وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً فالملك المجازى ان كان عادلا كان حقا فدرت الضروع ونمت الزروع وان كان جائرا كان باطلا فارتفع الخير- يحكى- ان انوشروان انقطع فى الصيد عن القوم فانتهى الى بستان فقال لصبى فيه أعطني رمانة فاعطاه فاستخرج من حبها ماء كثيرا سكن به عطشه فاعجبه وأضمر أخذ البستان من مالكه فسأله اخرى فكانت عفصة قليلة الماء فسأل الصبى عنه فقال لعل الملك عزم على الظلم فتاب قلبه وسأله اخرى فوجدها أطيب من الاولى فقال الصبى لعل الملك تاب فتنبه انوشروان وتاب بالكلية عن الظلم فبقى اسمه مخلدا بالعدل حتى روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه تفاخر فقال (ولدت في زمن الملك العادل) قال الفنارى في تفسير الفاتحة بل لعله تفاخر بزمنه النورانى حتى ولد فيه مثله وذكر انوشروان دليلا على نورانية زمانه حيث لا يتصور في الكافر المسلط احسن حالا من العدل انتهى قال الامام السخاوي في المقاصد الحسنة حديث (ولدت في زمن الملك العادل) لا اصل له ولا صحة وان صح فاطلاق العادل عليه لتعريفه بالاسم الذي كان يدعى به لا الوصفية بالعدل والشهادة له بذلك او وصفه بذلك على اعتقاد المعتقدين فيه انه كان عادلا كما قال الله تعالى فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ اى ما كان عندهم آلهة ولا يجوز ان يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحكم بغير حكم الله عادلا انتهى كلام المقاصد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجاء بالوالي يوم القيامة فينبذ به على جسر جهنم فيرتج به الجسر ارتجاجة لا يبقى منه مفصل إلا زال عن مكانه فان كان مطيعا لله في عمله مضى فيه وان كان عاصيا لله انخرق به الجسر فيهوى في جهنم مقدار خمسين عاما) كذا في تذكرة الموتى للامام القرطبي

قال السعدي قدس سره مها زورمندى مكن بر جهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان نماند ستمكار بد روزكار ... بماند برو لعنت پايدار إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ بنى الله سبحانه أول الكلام على ما هو مبادى حال العارف من الذكر والفكر والتأمل في أسمائه والنظر في آلائه والاستدلال بصنائعه على عظيم شانه وتأثير سلطانه ثم قفى بما هو منتهى امره وهو ان يخوض لجة الوصول ويصير من اهل المشاهدة فيراه عيانا ويناجيه شفاها اللهم اجعلنا من الواصلين الى العين دون السامعين للاثر وفيه اشارة ايضا الى ان العابد ينبغى ان يكون نظره الى المعبود اولا وبالذات ومنه الى العبادة لا من حيث انها عبادة صدرت منه بل من حيث انها نسبة شريفة ووصلة بينه وبين الحق فان العارف انما يحق وصوله إذا استغرق في ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى انه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من أحوالها الا من حيث انها ملاحظة له ومنتسب اليه ولذلك فضل ما حكى عن حبيبه حين قال (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) على ما حكاه عن كليمه حيث قال إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ وتقديم المفعول لقصد الاختصاص اى نخصك بالعبادة لا نعبد غيرك والعبادة غاية الخضوع والتذلل وعن عكرمة جميع ما ذكر في القرآن من العبادة التوحيد ومن التسبيح الصلاة ومن القنوت الطاعة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم قل يا محمد (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) اى إياك نؤمل ونرجو لا غيرك والضمير المستكن فى (نَعْبُدُ) وكذا فى نَسْتَعِينُ للقارئ ومن معه من الحفظة وحاضرى صلاة الجماعة اوله ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها وتجاب ولهذا شرعت الجماعة قال الشيخ الأكبر والمسك الأذفر قدسنا الله بسره الأطهر في كتاب العظمة إذا كنى العبد عن نفسه بنون نفعل فليست بنون التعظيم وإذا كنى عن الحق تعالى بضمير الافراد فان ذلك لغلبة سلطان التوحيد في قلب هذا العبد وتحققه به حتى سرى في كليته فظهر ذلك في نطقه لفظا كما كان عقدا وعلما ومشاهدة وعينا وهذه النون نون الجمع فان العبد وان كان فردانى اللطيفة وحداني الحقيقة فانه غير وحداني ولا فردانى من حيث لطيفته ومركبها وهيكلها وقالبها وما من جزء في الإنسان الا والحق تعالى قد طالب الحقيقة الربانية التي فيه ان تلقى على هذه الاجزاء ما يليق بها من العبادات وهي في الجملة وان كانت المدبرة فلها تكليف يخصها ويناسب ذاتها فلهذه الجمعية يقول العبد لله تعالى نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحفد وإياك نعبد وأمثال هذا الخطاب ولقد سألنى سائل من علماء الرسوم عن هذه المسألة وكان قد حار فيها فاجبته باجوبة منها هذا فشفى غليله والحمد لله انتهى كلام الشيخ قدس سره وانما خصص العبادة به تعالى لان العبادة نهاية التعظيم فلا تليق الا بالمنعم في الغاية وهو المنعم بخلق المنتفع وبإعطاء الحياة الممكنة من الانتفاع كما قال تعالى وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ الآية خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ولان احوال العبد ماض وحاضر ومستقبل ففى الماضي نقله من العدم والموت والعجز والجهل الى الوجود والحياة والقدرة والعلم بقدرته الازلية وفي الحاضر انفتحت عليه أبواب الحاجات ولزمته اسباب الضروريات فهو رب الرحمن الرحيم وفي المستقبل مالك يوم الدين يجازيه بأعماله

فمصالحه في الأحوال الثلاثة لا تستتب الا بالله فلا مستحق للعبادة الا الله تعالى ثم قوله نَعْبُدُ يحتمل ان يكون من العبادة ومن العبودة والعبادة هي العابدية والعبودة هي العبدية فمن العبادة الصلاة بلا غفلة والصوم بلا غيبة والصدقة بلا منة والحج بلا اراءة والغز وبلا سمعة والعتق بلا اذية والذكر بلا ملالة وسائر الطاعات بلا آفة ومن العبودة الرضى بلا خصومة والصبر بلا شكاية واليقين بلا شبهة والشهود بلا غيبة والإقبال بلا رجعة والإيصال بلا قطيعة واقسام العبادة على ما ذكره حجة الإسلام في كتابه المسمى بالأربعين عشرة كما ان الاعتقادات التي قبلها عشرة فالمعتقدات الذات الازلية الابدية المنعوتة بصفات الجلال والإكرام الذي هو الاول والآخر والظاهر والباطن اى الاول بوجوده والآخر بصفاته وأفعاله والظاهر بشهادته ومكوناته والباطن بغيبه ومعلوماته ثم التقديس عما لا يليق بكماله او يشين بجماله من النقائص والرذائل ثم القدرة الشاملة للممكنات ثم العلم المحيط بجميع المعلومات حتى بدبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وما هو أخفى منه كهواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر ثم الارادة بجميع الكائنات فلا يجرى في الملك والملكوت قليل او كثير الا بقضائه ومشيئته مريد في الأزل لوجود الأشياء في أوقاتها المعينة فوجدت كما أرادها ثم السمع والبصر لا يحجب سمعه بعد ولا رؤيته ظلام فيسمع من غير اصمخة وآذان ويبصر من غير حدقة وأجفان ثم الكلام الأزلي القائم بذاته لا بصوت ككلام الخلق وان القرآن مقروء ومكتوب ومحفوظ ومع ذلك قديم قائم بذات الله تعالى وان موسى سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف كما يرى الأبرار ذات الله من غير شكل ولا لون ثم الافعال الموصوفة بالعدل المحض فلا موجود الا وهو حادث بفعله وفائض من عدله إذ لا يضاف لغيره ملكا ليكون تصرفه فيه ظلما فلا يتصور منه ظلم ولا يجب عليه فعل فكل نعمة من فضله وكل نقمة من عدله ثم اليوم الآخر والعاشر النبوة المشتملة على إرسال الملائكة وإنزال الكتب واما العبادات العشرة فالصلاة والزكاة والصوم والحج وقراءة القرآن وذكر الله في كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وامارة محبة الله كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ: قال المولى الجامى قدس سره يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك كر نرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت تو مانده ام زير بار عصيان پست ... افتم از پاى اگر نگيرى دست وجاء في بيان مراتب العباد المتوجهين الى الله ان الإنسان إذا فعل برا ان قصد به امرا ما غير الحق كان من الأحرار لا من العبيد وان لم يقصد امرا بعينه بل يفعله لكونه خيرا فقط او لكونه مأمورا به لا مطلقا بل من حيث الحضور منه مع الآمر فهو الرجل فان ارتقى بحيث لا يقصد بعمله غير الحق كان تاما في الرجولية فان كان بحيث لا يفعل شيأ الا بالحق كما ورد في قرب النوافل صار تاما في المعرفة والرجولية وان انضم الى ما سبق حضوره مع الحق في فعله بحيث يشهده بعين الحق لا بنفسه من حيث اضافة الشهود الى الله والفعل والاضافة اليه لا الى نفسه فهو العبد المخلص المخلص عمله

فان ظهرت عليه غلبة احكام هذا المقام والذي قبله وهو مقام فبى يسمع غير متقيد بشئ منها ولا بمجموعها مع سريان حكم شهوده الاحدى في كل مرتبة ونسبة دون الثبات على امر بعينه بل ثابتا في سعته وقبوله كل وصف وحكم عن علم صحيح منه بما اتصف به وما انسلخ عنه في كل وقت وحال دون غفلة وحجاب فهو الكامل في العبودية والخلافة والإحاطة والإطلاق كذا فى تفسير الفاتحة للصدر القنوى قدس سره قال في التأويلات النجمية في قوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ رجع الى الخطاب من الغيبة لانه ليس بين المملوك ومالكه الا حجاب ملك نفس المملوك فاذا عبر من حجاب ملك النفس وصل الى مشاهدة مالك النفس كما قال ابو يزيد في بعض مكاشفاته الهى كيف السبيل إليك قال له ربه دع نفسك وتعال فللنفس اربع صفات امارة ولوامة وملهمة ومطمئنة فامر العبد المملوك بان يذكر مالكه بأربع صفات بالصفة الإلهية والربوبية والرحمانية والرحيمية فيعبر بعد مدح الالهية وشكر الربوبية وثناء الرحمانية وتمجيد الرحيمية بقوة جذبات هذه الصفات الأربع من حجاب ممالك الصفات الأربع للنفس فيتخلص من ظلمات ليلة رين نفسه بطلوع صبح صادق مالك يوم الدين فيبقى العبد عبدا مملوكا لا يقدر على شىء فيرحمه مالكه ويذكره بلسان كرمه على قضية وعده فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ويناديه ويخاطب نفسه يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ثم يجذبه من غيبة نفسه الى شهود مالكية ربه بجذبة ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ فيشاهد جمال مالكه ويناديه نداء عبد خاضع خاشع ذليل عاجز كما قرأ بعضهم مالك يوم الدين نصبا على نداء إياك نعبد واعلم ان النفس دنيوية تعبد هواها الدنيوي لقوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ والقلب اخروى يعبد الجنة لقوله تعالى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى والروح قربى يعبد القربة والعندية لقوله تعالى فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ والسر حضرتى يعبد الحق تبارك لقوله تعالى على لسان نبيه عليه السلام (الإخلاص سر بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فلما أنعم الله على عبده بنعمة الصلاة قسمها بينه وبين عبده كما قال تعالى على لسان نبيه عليه السلام (قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل) فتقرب العبد بنصفه الى حضرة كماله بالحمد والثناء والشكر على صفات جماله وجلاله وتقرب الرب على مقتضى كرمه وانعامه كما قال (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) بنصفه الى خلاص عبده من رق عبودية الأغيار بإخراجه من ظلمات بعضها فوق بعض من هوى الناس ومراد القلب وتعلق الروح بغير الحق الى نور وحدانيته وشهود فردانيته فاشرقت ارض النفس وسموات القلب وعرش الروح وكرسى السر بنور ربها فآمنوا كلهم أجمعون بالله الذي خلقهم وهو مالكهم وملكهم وكفروا بطواغيتهم التي يعبدونها واستمسكوا بالعروة الوثقى وجعلوا كلهم واحدا وقالوا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كرر إياك للتنصيص على اختصاصه تعالى بالاستعانة ايضا والاستعانة طلب العون ويعدى بالباء وبنفسه اى نطلب العون على عبادتك او على ما لا طاقة لنا به او على محاربة الشيطان المانع من عبادتك او في أمورنا بما يصلحنا في دنيانا وديننا والجامع للاقاويل نسألك ان تعيننا على أداء الحق واقامة الفروض وتحمل المكاره وطلب المصالح وتقديم العبادة على الاستعانة ليوافق رؤوس الآي وليعلم منه ان تقديم الوسيلة على طلب الحاجة

ادعى الى الاجابة وإياك نعبد لما أورثه العجب اردف إياك نستعين ازالة له وإفناء للنخوة ففى الجمع بينهما افتخار وافتقار فالافتخار بكونه عبدا عابدا والافتقار الى معونته وتوفيقه وعصمته وفيه ايضا تحقيق لمذهب اهل السنة والجماعة إذ فيه اثبات الفعل من العبد والتوفيق من الله كالخلق ففيه رد الجبرية النافين للفعل من العبد بقوله إياك نعبد ورد المعتزلة النافين للتوفيق والخلق من الله بقوله إياك نستعين ثم تحقيقهما من العبد ان لا يخدم غير الله ولا يسأل إلا من الله- حكى- عن سفيان الثوري رحمه الله انه أم قوما في صلاة المغرب فلما قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ خر مغشيا عليه فلما أفاق قيل له في ذلك فقال خفت ان يقال فلم تذهب الى أبواب الأطباء والسلاطين وفي تخصيص الاستعانة بالتقديم اقتداء بالخليل عليه السلام في قيد النمرود حيث قال له جبريل عليه السلام هل لك من حاجة فقال اما إليك فلا فقال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالي بل ردت عليه فان الخليل قيد رجلاه ويداه لا غير فاما انا فقيدت الرجلين فلا أسير واليدين فلا احركهما وعينى فلا انظر بهما واذنى فلا اسمع بهما ولسانى فلا أتكلم به وانا مشرف على نار جهنم فكما لم يرض الخليل بغيرك معينا لا أريد الا عونك فاياك نستعين وكانه تعالى يقول فنحن ايضا نزيد حيث قلنا ثمة يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم واما أنت فقد نجيناك من النار واوصلناك الى الجنة وزدنا سماع الكلام القديم وأمرنا نار جهنم تقول لك جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى: قال المولى جلال الدين قدس سره ز آتش مؤمن از ين رو اى صفى ... ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بيان المعونة المطلوبة كانه قيل كيف أعينك فقالوا اهدنا الصراط المستقيم وايضا ان التعقيب بالدعاء بعد تمام العبادة قاعدة شرعية قال في التيسير إِيَّاكَ نَعْبُدُ اظهار التوحيد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ طلب العون عليه وقوله اهْدِنَا لسؤال الثبات على دينه وهو تحقيق عبادته واستعانته وذلك لان الثبات على الهداية أهم الحاجات إذ هو الذي سأله الأنبياء والأولياء كما قال يوسف عليه السلام توفنى مسلما وسحرة فرعون توفنا مسلمين والصحابة وتوفنا مع الأبرار وذلك لانه لا ينبغى ان يعتمد على ظاهر الحال فقد يتغير في المآل كما لابليس وبرصيصا وبلعم بن باعورا: قال المولى جلال الدين قدس سره صد هزار إبليس وبلعم در جهان ... همچنين بودست پيدا ونهان اين دو را مشهور كردانيد اله ... تا كه باشند اين دو بر باقى كواه اين دو دزد آويخت بردار بلند ... ور نه اندر قهر بس دزدان بدند وفي تفسير القاضي إذا قاله العارف الواصل الى الله عنى به أرشدنا طريق السير فيك لتمحو عنا ظلمات أحوالنا وتميط غواشى أبداننا لنستضىء بنور قدسك فنراك بنورك قال المولى الفنارى ومبناه ان السير في الله غير متناه كما قال قطب المحققين ولا نهاية للمعلومات والمقدورات فما دام معلوم او مقدور فالشوق للعبد لا يسكن ولا يزول واصل الهداية ان يعدى باللام او الى فعومل معاملة اختار في قوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ والصراط المستقيم استعارة عن ملة

الإسلام والدين الحق تشبيها لوسيلة المقصود بوسيلة المقصد او لمحل التوجه الروحاني بمحل التوجه الجسماني وانما سمى الدين صراطا لان الله سبحانه وان كان متعاليا عن الامكنة لكن العبد الطالب لا بدله من قطع المسافات ومس الآفات وتحمل المجافاة ليكرم لوصول والموافاة ثم في قوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ مع انه مهتد وجوه الاول ان لا بد بعد معرفة الله تعالى والاهتداء بها من معرفة الخط المتوسط بين الافراط والتفريط في الأعمال الشهوية والغضبية وانفاق المال والمطلوب ان يهديه الى الوسط والثاني انه وان عرف الله بدليل فهناك ادلة اخرى فمعنى اهدنا عرفنا ما في كل شىء من كيفية دلالته على ذاتك وصفاتك وافعالك والثالث ان معناه بموجب قوله تعالى وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً طلب الاعراض عما سوى الله وان كان نفسه والإقبال بالكلية عليه حتى لو امر بذبح ولده كابراهيم عليه السلام او بان ينقاد للذبح كاسمعيل عليه السلام او بان يرمى نفسه في البحر كيونس عليه السلام او بان يتلمذ مع بلوغه أعلى درجات الغايات كموسى عليه السلام او ان يصير في الأمر بالمعروف على القتل والشق بنصفين كيحيى وزكريا عليهما السلام فعل وهذا مقام هائل الا ان في قوله صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ دون ان يقول صراط الذين ضربوا وقتلوا تيسير اما وترغيبا الى مقام الأنبياء والأولياء من حيث إنعامهم ثم الاستقامة الاعتدالية ثم الثبات عليها امر صعب ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (شيبتنى هود وأخواتها) حيث ورد فيها فاستقم كما أمرت فان الإنسان من حيث نشأته وقواه الظاهرة والباطنة مشتمل على صفات واخلاق طبيعية وروحانية ولكل منها طرفا افراط وتفريط والواجب معرفة الوسط من كل ذلك والبقاء عليه وبذلك وردت الأوامر ونطقت الآيات كقوله تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً الآية حرضه على الوسط بين البخل والإسراف وكقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) وهكذا في الأحوال كلها نحو قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته سأله فقال او قظ الوسنان واطرد الشيطان فقال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام (ارفع من صوتك قليلا) وهكذا الأمر في باقى الأخلاق فان الشجاعة صفة متوسطة بين الهور والجبن والبلاغة بين الإيجاز المجحف والاطناب المفرط وشريعتنا قد تكفلت ببيان ميزان الاعتدال في كل ترغيب وترهيب وحال وحكم وصفة وخلق حتى عينت للمذمومة مصارف إذا استعملت فيها كانت محمودة كالمنع لله والبغض لله والمستقيم على اقسام منها مستقيم بقوله وفعله وقلبه ومستقيم بقلبه وفعله دون قوله اى لم يعلم أحدا ولهذين الفوز والاول أعلى ومستقيم بفعله وقوله دون قلبه وهذا يرجى له النفع بغيره ومنها مستقيم بقوله وقلبه دون فعله ومستقيم بقوله دون فعله وقلبه ومستقيم بقلبه دون قوله وفعله ومستقيم بفعله دون قوله وقلبه وهؤلاء الاربعة عليهم لا لهم وان كان بعضهم فوق بعض وليس المراد بالاستقامة بالقول ترك الغيبة والنميمة وشبههما فان الفعل يشمل ذلك

انما المراد بها ارشاد الغير الى الصراط المستقيم وقد يكون عريا مما يرشد اليه مثال اجتماعها رجل تفقه فى امر صلاته وحققها ثم علمها غيره فهذا مستقيم في قوله ثم حضر وقتها فاداها على ما علمها محافظا على أركانها الظاهرة فهذا مستقيم في فعله ثم علم ان مراد الله منه من تلك الصلاة حضور قلبه معه فاحضره فهذا مستقيم بقلبه وقس على ذلك بقية الاقسام وفي التأويلات النجمية ان اقسام الهداية ثلاثة الاولى هداية العامة اى عامة الحيوانات الى جلب منافعها وسلب مضارها واليه أشار بقوله تعالى أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى وقوله وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ والثانية هداية الخاصة اى للمؤمنين الى الجنة واليه الاشارة بقوله تعالى يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ الآية والثالثة هداية الأخص وهي هداية الحقيقة الى الله بالله واليه الاشارة بقوله تعالى قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وقوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ وقوله اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ وقوله وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى اى كنت ضالا فى تيه وجودك فطلبتك بجودي ووجدتك بفضلي ولطفى وهديتك بجذبات عنايتى ونور هدايتى الى وجعلتك نورا فاهدى بك الى من أشاء من عبادى فمن اتبعك وطلب رضاك فنخرجهم من ظلمات الوجود البشرى الى نور الوجود الروحاني ونهديهم الى صراط مستقيم كما قال تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ والصراط المستقيم هو الدين القويم وهو ما يدل عليه القرآن العظيم وهو خلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فيما قال تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثم هو اما الى الجنة وذلك لاصحاب اليمين كما قال تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ الآية واما الى الله تعالى وهذا للسابقين المتقربين كما قال تعالى إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ وكل ما يكون لاصحاب اليمين يحصل للسابقين وهم سابقون على اصحاب اليمين بما لهم من شهود الجمال وكشف الجلال وهذا خاصة لسيد المرسلين ومتابعيه كما قال تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي: قال الشيخ سعدى قدس سره اگر جز بحق مى رود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بدل من الاول بدل الكل والانعام إيصال النعمة وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الإنسان فاطلقت على ما يستلذه من نعمة الدين الحق قال ابو العباس ابن عطاء هؤلاء المنعم عليهم هم طبقات فالعارفون أنعم الله عليهم بالمعرفة والأولياء أنعم الله عليهم بالصدق والرضى واليقين والصفوة والأبرار أنعم الله عليهم بالحلم والرأفة والمريدون أنعم الله عليهم بحلاوة الطاعة والمؤمنون أنعم الله عليهم بالاستقامة وقيل هم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون كما قال تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وأضيف الصراط هنا الى العباد وفي قوله وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً الى ذاته تعالى كما أضيف الدين والهدى تارة الى الله تعالى نحو أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ وإِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ وتارة الى العباد نحو الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وفَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ وسره من وجوه الاول بيان ان ذلك كله له شرعا ولنا نفعا كما قال تعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ والثاني انه له ارتضاء واختيارا ولنا سلوكا وائتمارا والثالث انه اضافه الى نفسه قطعا لعجب العبد والى العبد تسلية لقلبه والرابع انه اضافه

الى العبد تشريفا له وتقريبا والى نفسه قطعا لطمع إبليس عنه كما قيل لما نزل قوله تعالى وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ قال الشيطان ان لم اقدر على سلب عزة الله ورسوله أسلب عزة المؤمنين فقال الله تعالى فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً فقطع طمعه كذا في التيسير وتكرار الصراط اشارة الى ان الصراط الحقيقي صراطان من العبد الى الرب ومن الرب الى العبد فالذى من العبد الى الرب طريق مخوف كم قطع فيه القوافل وانقطع به الرواحل ونادى منادى العزة لاهل العزة الطلب رد والسبيل سد وقاطع الطريق يقطع على هذا الفريق لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ الآية والذي من الرب الى العبد طريق آمن وبالأمان كائن قد سلم فيه القوافل وبالنعم محفوف المنازل يسير فيه سيارته ويقاد بالدلائل قادته مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ الآية اى أنعم الله على أسرارهم بانوار العناية وعلى أرواحهم باسرار الهداية وعلى قلوبهم بآثار الولاية وعلى نفوسهم فى قمع الهوى وقهر الطبع وحفظ الشرع بالتوفيق والرعاية وفي مكايد الشيطان بالمراقبة والكلاية والنعم اما ظاهرة كارسال الرسل وإنزال الكتب وتوفيق قبول دعوة الرسل واتباع السنة واجتناب البدعة وانقياد النفس للاوامر والنواهي والثبات على قدم الصدق ولزوم العبودية واما باطنة وهي ما أنعم على أرواحهم في بداية الفطرة باصابة رشاش نوره كما قال عليه السلام (ان الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل) فكان فتح باب صراط الله الى العبد من رشاش ذلك النور وأول الغيث رش ثم ينسكب فالمؤمنون ينظرون بذلك النور المرشوش الى مشاهدة المغيث وينتظرون الغيث ويستعينون اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بجذبات الطافك وفتحت عليهم أبواب فضلك ليهتدوا بك إليك فأصابوا بما أصابهم بك منك كذا في التأويلات النجمية قال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره في الفكوك في تأويل الحديث المذكور لا شك ان الوجود المحض يتعقل فى مقابلته العدم المضاد له فان للعدم تعينا فى التعقل لا محالة وله الظلمة كما ان الوجود له النورانية ولهذا يوصف الممكن بالظلمة فانه يتنور بالوجود فيظهر فظلمته من أحد وجهيه الذي يلى العدم وكل نقص يلحق الممكن ويوصف به انما ذلك من احكام النسبة العدمية واليه الاشارة بقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ان الله خلق الخلق في ظلمه ثم رش عليه من نوره فظهر) وخلق هاهنا بمعنى التقدير فان التقدير سابق على الإيجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات فاعلم ذلك انتهى كلام الشيخ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ بدل من الذين على معنى ان المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال وكلمة غير على ثلاثة أوجه الاول بمعنى المغايرة وفارسيته «جز» قال الله تعالى لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ والثاني بمعنى لا وفارسيته «نا» قال تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ والثالث بمعنى الا وفارسيته «مكر» قال تعالى فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وصرفها هاهنا على هذه الوجوه محتمل غير ان معنى الاستثناء مخصوص بقراءة النصب والغضب ثوران النفس عند ارادة الانتقام يعنى انه حالة نفسانية تحصل عند غليان النفس ودم القلب لشهوة الانتقام وهنا نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الأليم او البطش الشديد او هتك الأستار

والتعذيب بالنار لان القاعدة التفسيرية ان الافعال التي لها أوائل بدايات واواخر غايات إذا لم يمكن إسنادها الى الله باعتبار البدايات يراد بها حين الاسناد غاياتها كالغضب والحياء والتكبر والاستهزاء والغم والفرح والضحك والبشاشة وغيرها والضلال العدول عن الطريق السوي عمدا او خطأ والمراد بالمغضوب عليهم العصاة وبالضالين الجاهلون بالله لان المنعم عليهم هم الجامعون بين العلم والعمل فكان المقابل لهم من اختل احدى قوتيه العاقلة والعاملة والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه لقوله تعالى في القاتل عمدا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ والمخل بالعلم جاهل ضال كقوله تعالى فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ او المغضوب عليهم هم اليهود لقوله تعالى فى حقهم مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ والضالون النصارى لقوله تعالى في حقهم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وليس المراد تخصيص نسبة الغضب باليهود ونسبة الضلال بالنصارى لان الغضب قد نسب ايضا الى النصارى وكذا الضلال قد نسب الى اليهود في القرآن بل المراد انهما إذا تقابلا فالتعبير بالغضب الذي هو ارادة الانتقام لا محالة باليهود أليق لغاية تمردهم فى كفرهم من اعتدائهم وقتلهم الأنبياء. وقولهم إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ وغير ذلك فان قلت من المعلوم ان المنعم عليهم غير الفريقين فما الفائدة فى ذكرهما بعدهم قلت فائدته وصف ايمانهم بكمال الخوف من حال الطائفتين بعد وصفه بكمال الرجاء في قوله الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قال عليه السلام (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا) واعلم ان حكم الغضب الإلهي تكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه المقدستين يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فلليد الواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والحنان وللاخرى القهر والغضب ولوازمهما فسر حكم الغضب هو التكميل المشار اليه في الجمع بين حكم اليدين والوقاية ولصاحب الاكلة إذا ظهرت في عضو واحد وقدر أن يكون الطبيب والده او صديقه او شقيقه فانه مع فرط محبته يبادر لقطع العضو المعتل لما لم يكن فيه قابلية الصلاح والسر الثالث التطهير كالذهب الممزوج بالرصاص والنحاس إذا قصد تمييزه لا بد وان يجعل في النار الشديدة والضلال هو الحيرة فمنها ما هي مذمومة ومنها ما هي محمودة ولها ثلاث مراتب حيرة اهل البدايات وحيرة المتوسطين من اهل الكشف والحجاب وحيرة أكابر المحققين وأول مزيل للحيرة الاولى تعين المطلب المرجح كرضى الله والتقرب اليه والشهود الذاتي ثم معرفة الطريق الموصل كملازمة شريعة الكمل ثم السبب المحصل كالمرشد ثم ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض من الذكر والفكر وغيرهما ثم معرفة العوائق وكيفية إزالتها كالنفس والشيطان فاذا تعينت هذه الأمور الخمسة حينئذ تزول هذه الحيرة وحيرة الأكابر محمودة لا تظنن ان هذه الحيرة سببها قصور في الإدراك ونقص مانع من كمال الجلاء هنا والاستجلاء لما هناك بل هذه حيرة يظهر حكمها بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة سر كل وجود والاطلاع التام على احدية الوجود وفي تفسير النجم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ هم الذين اخطأهم ذلك النور فضلوا فى تيه هوى النفس وتاهوا في ظلمات الطبع والتقليد فغضب الله عليهم مثل اليهود ولعنهم

بالطرد والتبعيد حتى لم يهتدوا الى الشرع القويم ووقعوا عن الصراط المستقيم اى عن المرتبة الانسانية التي خلق فيها الإنسان في احسن تقويم ومسخوا قردة وخنازير صورة او معنى او لما وقعوا عن الصراط المستقيم في سد البشرية نسوا ألطاف الربوبية وضلوا عن صراط التوحيد فاخذهم الشيطان بشرك الشرك كالنصارى فاتخذوا الهوى الها والدنيا الها وقالوا ثالِثُ ثَلاثَةٍ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ هذا بحسب أول الحال وفيه وجه آخر معتبر فيه عارض المآل وهو ان يراد غير المغضوب عليهم بالغيبة بعد الحضور والمحنة بعد السرور والظلمة غب النور نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى من الرجوع الى النقصان بعد الزيادة ولا الضالين بغلبة الفسق والفجور وانقلاب السرور بالشرور ووجه ثالث يعبر في السلوك الى ملك الملوك وهو غير المغضوب عليهم بالاحتباس في المنازل والانقطاع عن القوافل ولا الضالين بالصدود عن المقصود آمِّينَ اسم فعل بمعنى استجب معناه يا الله استجب دعاءنا او افعل يا رب بنى على الفتح كأين وكيف لالتقاء الساكنين وليست من القرآن اتفاقا لانها لم تكتب في الامام ولم ينقل أحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم رضى الله تعالى عنهم انها قرآن لكن يسن ان يقول القارئ بعد الفاتحة آمين مفصولة عنها لقوله عليه السلام (علمنى جبريل آمين عند فراغى من قراءة الفاتحة وقال انه كالختم على الكتاب) وزاده على رضى الله عنه توضيحا فقال [آمين خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبده] فسره ان الخاتم كما يمنع عن المختوم الاطلاع عليه والتصرف فيه يمنع آمين عن دعاء العبد الخيبة وقال وهب يخلق بكل حرف منه ملك يقول اللهم اغفر لمن قال آمين وفي الحديث (الداعي والمؤمن شريكان) يعنى به قوله تعالى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال عليه السلام (إذا قال الامام ولا الضالين فقولوا آمين فان الملائكة تقولها فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) وسره ما مر فى كلام وهب اما لموافقة فقيل في الزمان وقيل في الإخلاص والتوجه الاحدى واختلف في هؤلاء الملائكة قيل هم الحفظة وقيل غيرهم ويعضده ما روى انه عليه السلام قال (فان من وافق قوله قول اهل السماء) ويمكن ان يجمع بين القولين بان يقولها الحفظة واهل السماء ايضا قال المولى الفنارى في تفسير الفاتحة ان الفاتحة نسخة الكمال لمن اخرج للاستكمال من ظلمة العدم والاستهلاك في نور القدم الى أنوار الروحانية ثم بواسطة النفخ الى عالم الجسمانية ليكمل مرتبة الانسانية التي لجمعيتها مظنة الانانية فاحتاج الى طلب الهداية الى منهاج العناية التي منها جاء ليرجع من الوجود الى العدم بل من الحدوث الى القدم فيفقد الموجود فقد انا لا يجده ليجد المفقود وجدانا لا يفقده ولما حصل لهم رتبة الكمال بقبول هذا السؤال كما قال ولعبدى ما سأل فاضافه الى نفسه بلام التمليك ثم ختم أكرم الأكرمين نسخة حالهم بخاتم آمين اشارة الى ان عباده المخلصين ليس لاحد من العالمين ان يتصرف فيهم بان يفك خاتم رب العالمين ولهذا ايس إبليس فقال إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ وعدد آيات سورة الفاتحة سبع في قول الجمهور على ان احداها ما آخرها أنعمت عليهم لا التسمية او بالعكس وعدد كلماتها ففى التيسير انها خمس وعشرون وحروفها مائة وثلاثة وعشرون وفي عين المعاني كلماتها سبع وعشرون وحروفها مائة واثنان وأربعون وسبب

الاختلاف بعد عدم اعتبار البسملة اعتبار الكلمات المنفصلة كتابة او المستقلة تلفظا واعتبار الحروف الملفوظة او المكتوبة او غيرهما وسئل عطاء أي وقت أنزلت فاتحة الكتاب قال أنزلت بمكة يوم الجمعة كرامة أكرم الله بها محمدا عليه السلام وكان معها سبعة آلاف ملك حين نزل بها جبريل على محمد عليهما السلام روى ان عيرا قدمت من الشام لابى جهل بمال عظيم وهي سبع فرق ورسول الله وأصحابه ينظرون إليها واكثر الصحابة بهم جوع وعرى فخطر ببال النبي صلى الله عليه وسلم شىء لحاجة أصحابه فنزل قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي اى مكان سبع قوافل لابى جهل لا ينظر الى ما أعطيناك مع جلالة هذه العطية فلم تنظر الى ما أعطيته من متاع الدنيا الدنية ولما علم الله ان تمنيه لم يكن لنفسه بل لاصحابه قال وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وامره بما يزيد نفعه على نفع المال فقال وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ فان تواضعك أطيب لقلوبهم من ظفرهم بمحبوبهم ومن فضائلها ايضا قوله عليه السلام (لو كانت في التوراة لما تهود قوم موسى ولو كانت في الإنجيل لما تنصر قوم عيسى ولو كانت فى الزبور لما مسخ قوم داود عليهم السلام وأيما مسلم قرأها أعطاه الله من الاجر كانما قرأ القرآن كله وكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة) ومن فضائلها ايضا ان الحروف المعجمة فيها اثنان وعشرون وأعوان النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوحى اثنان وعشرون وان ليست فيها سبعة أحرف ثاء الثبور وجيم الجحيم وخاء الخوف وزاى الزقوم وشين الشقاوة وظاء الظلمة وفاء الفراق فمعتقد هذه السورة وقارئها على التعظم والحرمة آمن من هذه الأشياء السبعة وعن حذيفة رضى الله عنه انه عليه السلام قال (ان القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا فيقرأ صبى من صبيانهم في المكتب الحمد لله رب العالمين فيسمعه ويرفع عنهم بسببه العذاب أربعين سنة) وقد مر ما روى من إيداع علوم جميع الكتب في القرآن ثم في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكل ومن قرأها فكأنما قرأ الكل قال تفسير الكبير والسبب ان المقصود من جميع الكتب علم الأصول والفروع والمكاشفات وقد علم اشتمالها عليها قال الفنارى وذلك لما علم ان أولها الى قوله تعالى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اشارة الى العقائد المبدئية المتعلقة بالآلهيات ذاتا وصفة وفعلا لان حصر الحمد يقتضى حصر الكمالات الذاتية والوصفية والفعلية ثم بالنبوات والولايات لانهما اجلاء النعم او اخصاؤها ثم الى العقائد المعادية لكونه مالكا للامر كله يوم المعاد وأوسطها من قوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ الى اقسام الاحكام الرابطة بين الحق والعبد من العبادات وذلك ظاهر من المعاملات والمزاجر لان الاستعانة الشرعية اما لجلب المنافع او لدفع المضار وآخرها الى طلب المؤمنين وجوه الهداية المرتبة على الايمان المشار اليه في القسم الاول والإسلام المشار اليه في القسم الثاني وهي وجوه الإحسان اعنى المراتب الثلاث من الأخلاق الروحانية المحمودة ثم المراقبات المعهودة في قوله عليه السلام (ان تعبد الله كأنك تراه) ثم الكمالات المشهودة عند الاستغراق فى مطالع الجلال الرافع لكاف التشبيه الذي في ذلك الخبر والدافع لغضب تنزيه الجبر وضلال نسبة القدر وهذه هي المسماة بعلوم المكاشفات والله اعلم باسرار كلية المبطنات

سورة البقرة

سورة البقرة مدنية وآياتها مائتان وسبع وثمانون ان قلت أي سورة أطول وآيها اقصر وأي آية أطول وآيها اقصر قلت قال اهل التفسير أطول سورة في القرآن البقرة وأقصرها الكوثر وأطول آية آية الدين وأقصرها آية والضحى والفجر وأطول كلمة فيه كلمة فَأَسْقَيْناكُمُوهُ فان قلت ما الحكمة فى ان سورة البقرة أعظم السور ما عدا الفاتحة الجواب لانها فصلت فيها الاحكام وضربت الأمثال وأقيمت الحجج إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القرآن قال ابن العربي في احكام القرآن سمعت بعض أشياخي يقول فيها الف امر والف نهى والف حكم والف خبر ولعظم فقهها اقام ابن عمر رضى الله عنهما ثمانى سنين على تعلمها كذا في اسئلة الحكم قال الامام في التفسير الكبير اعلم انه مر على لسانى في بعض الأوقات ان هذه السورة الكريمة يمكن ان يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة فاستبعد هذا بعض الحساد وقوم من اهل الجهل والغى والعناد وحملوا ذلك على ما الفوه من أنفسهم من التصلفات الفارغة عن المعاني والكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد والمبانى فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على ان ما ذكرنا امر ممكن الحصول قريب الوصول انتهى وانما سورت السور طوالا واوساطا وقصارا تنبيها على ان الطول ليس من شرط الاعجاز فهذه سورة الكوثر ثلاث آيات وهي معجزة اعجاز سورة البقرة ثم ظهرت لذلك التسوير حكمة في التعليم وتدريج الأطفال من السور القصار الى ما فوقها تيسيرا من الله تعالى على عباده وفي ذلك ايضا ترغيب وتوسيع في الفضيلة في الصلاة وغيرها كسورة الإخلاص من القصار تعدل ثلث القرآن فمن فهم ذلك فاز بسر التسوير فان قلت ما الحكمة في تعدد مواطن نزول القرآن وتكرر مشاهده مكيا مدنيا ليليا نهاريا سفريا حضريا صيفيا شتائيا نوميا برزخيا يعنى بين الليل والنهار ارضيا سماويا غاريا ما نزل في الغار يعنى تحت الأرض برزخيا ما نزل بين مكة والمدينة عرشيا معراجيا ما نزل ليلة المعراج آخر سورة البقرة الجواب الحكمة في ذلك تشريف مواطن الكون كلها بنزول الوحى الإلهي فيها وحضور الحضرة المحمدية عندها كما قيل سر المعراج والاسراء به وسير المصطفى في مواطن الكون كلها كأن الكون والعرش والجنان يسأل كل موطن بلسان الحال ان يشرفه الله تعالى بقدوم قدم حبيبه وتكتحل أعين الأعيان والكبار بغبار نعال قدم سيد السادات ومفخر موجودات الولاة ما شم الكون رايحة الوجود وما بدا من حضرة الكمون لمعة الشهود كما ورد بلسان القدس (لولاك لولاك لما خلقت الافلاك) بسم الله الرّحمن الرّحيم الم ان قلت ما الحكمة في ابتداء البقرة بالم والفاتحة بالحرف الظاهر المحكم الجواب قال السيوطي رحمه الله في الإتقان أقول فى مناسبة ابتداء البقرة بالم انه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل أحد بحيث لا يعذر في فهمه ابتدئت البقرة بمقابله وهو الحرف المتشابه البعيد التأويل ليعلم مراتبه للعقلاء والحكماء ليعجزهم بذلك ليعتبروا ويدبروا آياته

كذا في خواتم الحكم وحل الرموز وكشف الكنوز للعارف بالله الشيخ المعروف بعلى دده واعلم انهم تكلموا في شأن هذه الفواتح الكريمة وما أريد بها فقيل انها من العلوم المستورة والاسرار المحجوبة اى من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه وهي سر القرآن فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها الى الله تعالى وفائدة ذكرها طلب الايمان بها والالف الله واللام لطيف والميم مجيد اى انا الله اللطيف المجيد كما ان قوله تعالى الر انا الله ارى وكهيعص انا الله الكريم الهادي الحكيم العليم الصادق وكذا قوله تعالى ق اشارة الى انه القادر القاهر ون اشارة الى انه النور الناصر فهى حروف مقطعة كل منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت وقيل ان هذه الحروف ذكرت في أوائل بعض السور لتدل على ان القرآن مؤلف من الحروف التي هى «اب ت ث» فجاء بعضها مقطعا وبعضها مؤلفا ليكون ايقاظا لمن تحدى بالقرآن وتنبيها لهم على انه منتظم من عين ما ينظمون منه كلامهم فلولا انه خارج عن طوق البشر نازل من عند خلاق القوى والقدر لأتوا بمثله هذا ما جنح اليه اهل التحقيق ولكن فيه نظر لانه يفهم من هذا القول ان لا يكون لتلك الحروف معان واسرار والنبي عليه السلام اوتى علم الأولين والآخرين فيحتمل ان يكون الم وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات المعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهما وقد واضعها الله تعالى مع نبيه عليه السلام في وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على لسان جبريل عليه السلام باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام لما نزل بقوله تعالى كهيعص فلما قال «كاف» قال النبي عليه السلام (علمت) فقال «ها» فقال (علمت) فقال «يا» فقال (علمت) فقال «عين» فقال (علمت) فقال «صاد» فقال (علمت) فقال جبريل عليه السلام كيف علمت ما لم اعلم وقال الشيخ الأكبر قدس سره في أول تفسير الم ذلِكَ الْكِتابُ واما الحروف المجهولة التي أنزلها الله تعالى في أوائل السور فسبب ذلك من أجل لغو العرب عند نزول القرآن فانزلها سبحانه حكمة منه حتى تتوفر دواعيهم لما انزل الله إذا سمعوا مثل هذا الذي ما عهدوه والنفوس من طبعها ان تميل الى كل امر غريب غير معتاد فينصتون عن اللغو ويقبلون عليها ويصغون إليها فيحصل المقصود فيما يسمعونه مما يأتى بعد هذه الحروف النازلة من عند الله تعالى وتتوفر دواعيهم للنظر في الأمر المناسب بين حروف الهجاء التي جاء بها مقطعة وبين ما يجاورها من الكلم وأبهم الأمر عليهم من عدم اطلاعهم عليها فرد الله بذلك شرا كبيرا من عنادهم وعتوهم ولغوهم كان يظهر منهم فذاك رحمة للمؤمنين وحكمة منه سبحانه انتهى كلامه قال بعض العارفين كل ما قيل في شرحها بطريق النظر والاعتبار فتخمين النظر من قائله لا حقيقة الا لمن كشف الله له عن قصده تعالى بها يقول الفقير جامع هذه المعارف واللطائف شكر الله مساعيه وبسط اليه من عنده أياديه قال شيخى الأكمل في هامش كتاب اللائحات البرقيات له بعد ما ذكر بعض خواص

[سورة البقرة (2) : آية 2]

الم على طريق الحقيقة زلق في أمثال هذا المتشابه أقدام الزائغين عن العلم وتحير عقول الراسخين فى العلم وبعضهم توقف تأدبا مع الله تعالى ولم يتعرض بل قالوا آمنا به كل من عندر ربنا وبعضهم تأولوا لكن بوجوه بعيدة عن المرام والمقام بعدا بعيدا الا انها مستحسنة شرعا مقبولة دينا وعقلا وما يذكر اى بالمقصود والمرام على ما هو عليه في نفسه في الواقع الا أولوا الباب لكن بتذكير الله تعالى والهامه واطلاعه تخصيصا لهم وتمييزا لهم عما عداهم اختصاصا إليها أزليا لهم من عند الله لا بتفكر أنفسهم ونظر عقولهم بل بمحض فيض الله والهامه انتهى كلامه الشريف قدس سره اللطيف وقال عبد الرحمن البسطامي قدس سره مؤلف الفوائح المسكية في بحر الوقوف ثم ان بعض الأنبياء علموا اسرار الحروف بالوحى الرباني والإلقاء الصمداني وبعض الأولياء بالكشف الجلى النورانى والفيض العلى الروحاني وبعض العلماء بالنقل الصحيح والعقل الرجيح وكل منهم قد اخبر أصحابه ببعض اسرارها اما بطريق الكشف والشهود او بطريق الرسم والحدود والصحيح ان الله تعالى طوى علم اسرار الحروف عن اكثر هذه الامة لما فيها من الحكم الالهية والمصالح الربانية ولم يأذن للاكابر ان يعرفوا منه الا بعض أسراره التي يشتمل عليها تركيبها الخاص المنتج انواع التسخيرات والتأثيرات في العوالم العلويات والسفليات الى غير ذلك انتهى كلام بحر الوقوف وفي التأويلات النجمية هيئة الصلاة التي ذكرت في القرآن ثلاث القيام لقوله تعالى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ والركوع لقوله تعالى «واركعوا مع الراكعين» والسجود لقوله تعالى «واسجد واقترب» فالالف في الم اشارة الى القيام واللام اشارة الى الركوع والميم اشارة الى السجود يعنى من قرأ سورة الفاتحة التي هي مناجاة العبد مع الله في الصلاة التي هي معراج المؤمنين يجيبه الله تعالى بالهداية التي طلبها منه بقوله اهدنا ثم اعلم ان المتشابه كالمحكم من جهة اجر التلاوة لما ورد عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف) ففى الم تسع حسنات ذلِكَ الْكِتابُ الم مبتدأ على انه اسم القرآن على أحد الوجوه وذلك خبره اشارة الى الكتاب فيكون الكتاب صفة والمراد به الكتاب الكامل الموعود انزاله في الكتب المتقدمة وانما أشار بذلك الى ما ليس ببعيد لان الكتاب من حيث كونه موعودا فى حكم البعيد قالوا لما انزل الله تعالى على موسى التوراة وهي الف سورة كل سورة الف آية قال موسى عليه السلام يا رب ومن يطيق قراءة هذا الكتاب وحفظه فقال تعالى انى انزل كتابا أعظم من هذا قال على من يا رب قال على خاتم النبيين قال وكيف تقرؤه أمته ولهم أعمار قصيرة قال انى أيسره عليهم حتى يقرؤه صبيانهم قال يا رب وكيف تفعل قال انى أنزلت من السماء الى الأرض مائة وثلاثة كتب خمسين على شيث وثلاثين على إدريس وعشرين على ابراهيم والتوراة عليك والزبور على داود والإنجيل على عيسى وذكرت الكائنات في هذه الكتب فأذكر جميع معانى هذه الكتب فى كتاب محمد واجمع ذلك كله فى مائة واربع عشرة سورة واجعل هذه السور في ثلاثين حزأ والاجزاء في سبعة اسباع ومعنى هذه الأسباع في سبع آيات الفاتحة ثم معانيها في سبعة أحرف وهي بسم الله ثم ذلك كله

فى الالف من الم ثم افتتح سورة البقرة فاقول الم ولما وعد الله ذلك في التوراة وأنزله على محمد عليه السلام جحدت اليهود لعنهم الله ان يكون هذا ذلك فقال تعالى ذلك الكتاب كما في تفسير التيسير ولهذه الآية وجوه اخر من الاعراب ذكرت في التفاسير فلتطلب ثمة لا رَيْبَ كائن فِيهِ فقوله ريب اسم لا وفيه خبرها وهو في الأصل من رابنى الشيء إذا حصل فيك الريبة وهي قلق النفس واضطرابها سمى به الشك لانه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة وفي الحديث (دع ما يريبك الى ما لا يريبك) فان الشك ريبة والصدق طمأنينة ومنه ريب الزمان لنوائبه وفي التفسير المسمى بالتيسير الريب شك فيه خوف وهو أخص من الشك فكل ريب شك وليس كل شك ريبا والشك هو التردد بين النقيضين لا ترجيح لاحدهما على الآخر عند الشاك ولم يقدم الظرف على الريب لئلا يذهب الفهم الى ان كتابا آخر فيه الريب لا فيه فان قلت الكفار شكوا فيه فلم يقروا بكتاب الله تعالى والمبتدعون ممن اهل القبلة شكوا في معانى متشابهه فاجروها على ظاهرها وضلوا بها والعلماء شكوا فى وجوهه فلم يقطعوا القول على وجه منها والعوام شكوا فيه فلم يفهموا معانيه فما معنى نفى الريب عنه فالجواب ان هذا نفى الريب عن الكتاب لا عن الناس والكتاب موصوف بانه لا يتمكن فيه ريب فهو حق صدق معلوم ومفهوم شك فيه الناس او لم يشكوا كالصدق صدق فى نفسه وان وصفه الناس بالكذب والكذب كذب وان وصفه الناس بالصدق فكذا الكتاب ليس مما يلحقه ريب او يتمكن فيه عيب ويجوز ان يكون خبرا في معنى الأمر ومعناه لا ترتابوا كقوله تعالى فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ المعنى لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا كما في الوسيط والعيون هُدىً اى هو رشد وبيان لِلْمُتَّقِينَ اى للضالين المشارفين التقوى الصائرين إليها ومثله حديث (من قتل قتيلا فله سلبه) وفي تفسير الإرشاد أي المتصفين بالتقوى حالا او مآلا وتخصيص الهدى بهم لما انهم المقتبسون من أنواره المنتفعون بآثاره وان كان ذلك شاملا لكل ناظر من مؤمن وكافر وبذلك الاعتبار قال تعالى هُدىً لِلنَّاسِ اى كلهم بيانا وهدى للمتقين على الخصوص إرشادا قال في التيسير وكذلك يقال فى كل من انتفع بشئ دون غيره انه لك على الخصوص اى أنت المنتفع به وحدك وليس في كون بعض الناس لم يهتدوا ما يخرجه من ان يكون هدى فالشمس شمس وان لم يرها الضرير والعسل عسل وان لم يجد طعمه الممرور والمسك مسك وان لم يدرك طيبه المأنوف فالخيبة كل الخيبة لمن عطش والبحر زاخر وبقي في الظلمة والبدر زاهر وخبث والطيب حاضر وذوى والروض ناظر والحسرة كل الحسرة لمن عصى وفسق والقرآن ناه آمر وفارق الرغبة والرهبة والوعد متواتر والوعيد متظاهر ولذلك قال تعالى وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ والمتقى اسم فاعل من باب الافتعال من الوقاية وهي فرط الصيانة قال البغوي هو مأخوذ من الاتقاء وأصله الحاجز بين الشيئين ومنه يقال اتقى بترسه اى جعله حاجزا بين نفسه وبين ما يقصده وفي الحديث كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم اى إذا اشتد الحرب جعلناه حاجزا بيننا وبين العدو فكان المتقى يجعل امتثال امر الله والاجتناب عما نهاه حاجزا بينه وبين العذاب والتقوى في عرف الشرع عبارة عن كمال التوقي عما يضره في الآخرة وله ثلاث مراتب الاولى

[سورة البقرة (2) : آية 3]

التوقي عن العذاب المخلد بالتبري من الكفر وعليه قوله تعالى وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى والثانية التجنب عن كل ما يؤثم من فعل او ترك حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف بالتقوى فى الشرع وهو المعنى بقوله تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا والثالثة ان يتنزه عما يشغل سره عن الحق عز وجل ويتبتل اليه بكليته وهو التقوى الحقيقية المأمور بها في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وأقصى مراتب هذا النوع من التقوى ما انتهى اليه همم الأنبياء عليهم السلام حيث جمعوا رياستى النبوة والولاية وما عاقهم التعلق بعالم الأشباح عن العروج الى عالم الأرواح ولم تصدهم الملابسة بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤن الحق لكمال استعداد نفوسهم الزكية المؤيدة بالقوة القدسية وهداية الكتاب المبين شاملة لارباب هذه المراتب أجمعين فهداية العام بالإسلام وهداية الخاص بالإيقان والإحسان وهداية الأخص بكشف الحجب ومشاهدة العيان وفي التأويلات النجمية المتقون هم الذين أوفوا بعهد الله من بعد ميثاقه ووصلوا به ما امر الله ان يوصل به من مأمورات الشرع ظاهرا وباطنا يدل على هذا قوله تعالى وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الى قوله وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ اى إذا أنتم أقررتم بربوبيتي بقولكم بلى يوم الميثاق أوفوا بعهدي الذي عاهدتمونى عليه وهو العبودية الخالصة لى أوف بعهدكم الذي عاهدتكم عليه وهو الهداية الى وفي الرسالة القشيرية والمتقى مثل ابن سيرين كان له أربعون حباسمنا فاخرج غلامه فأرة من حب فسأله من أي حب أخرجتها فقال لا أدرى فصبها كلها ومثل ابى يزيد البسطامي اشترى بهمذان جانبا من حب القرطم فلما رجع الى بسطام رأى فيه نملتين فرجع الى همذان ووضع النملتين- وحكى- ان أبا حنيفة رحمه الله كان لا يجلس في ظل شجرة غريمه ويقول فى الخبر (كل قرض جر نفعا فهو ربا) وقيل ان أبا يزيد غسل ثوبه في الصحراء مع صاحب له فقال له نعلق الثوب في جدار الكروم فقال لا نضرب الوتد في جدار الناس فقال نعلقه في الشجر فقال انه يكسر الاغصان فقال نبسطه على الأرض فقال انه علف الدواب لا نستره عنها فولى ظهره حتى جف جانب ثم قلبه حتى جف الجانب الآخر الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ الجملة صفة مقيدة للمتقين ان فسر التقوى بترك ما لا ينبغى مترتبة عليه ترتب التحلية على التخلية والتصوير على التصقيل وموضحة ان فسر بما يعم فعل الطاعة وترك المعصية لاشتماله على ما هو اصل الأعمال وأساس الحسنات من الايمان والصلاة والصدقة فانها أمهات الأعمال النفسانية والعبادات البدنية والمالية المستتبعة لسائر الطاعات والتجنب عن المعاصي غالبا ألا يرى قوله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وقوله عليه السلام (الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الإسلام) والايمان هو التصديق بالقلب لان المصدق يؤمن المصدق اى يجعله آمنا من التكذيب او يؤمن نفسه من العذاب بفعله والله تعالى مؤمن لانه يؤمن عباده من عذابه بفضله واستعماله بالباء هاهنا لتضمنه معنى الاعتراف وقد يطلق على الوثوق فان الواثق يصير ذا أمن وطمانينة قال في الكواشي الايمان في الشريعة هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان والإسلام الخضوع والانقياد فكل ايمان اسلام وليس كل اسلام ايمانا إذا

لم يكن معه تصديق فقد يكون الرجل مسلما ظاهرا غير مصدق باطنا ولا يكون مصدقا باطنا غير منقاد ظاهرا قال المولى ابو السعود رحمه الله في تفسيره هو في الشرع لا يتحقق بدون التصديق بما علم ضرورة انه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء ونظائرها وهل هو كاف في ذلك او لا بد من انضمام الإقرار اليه للتمكن منه الاول رأى الشيخ الأشعري ومن تابعه والثاني مذهب ابى حنيفة رحمه الله ومن تابعه وهو الحق فانه جعلهما جزئين له خلا ان الإقرار ركن محتمل للسقوط بعذر كما عند الإكراه وهو مجموع ثلاثة امور اعتقاد الحق والإقرار به والعمل بموجبه عند جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج فمن اخل بالاعتقاد وحده فهو منافق ومن اخل بالإقرار فهو كافر ومن اخل بالعمل فهو فاسق اتفاقا عندنا وكافر عند الخوارج وخارج عن الايمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة والغيب مصدر سمى به الغائب توسعا كقولهم للزآئر زور وهو ما غاب عن الحس والعقل غيبة كاملة بحيث لا يدرك بواحد منهما ابتداء بطريق البداهة وهو قسمان قسم لا دليل عليه وهو الذي أريد بقوله سبحانه وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته والنبوات وما يتعلق بها من الاحكام والشرائع واليوم الآخر وأحواله من البعث والنشور والحساب والجاء وهو المراد هاهنا فالباء صلة الايمان اما بتضمينه معنى الاعتراف او بجعله مجازا عن الوثوق وهو واقع موقع المفعول به وان جعلت الغيب مصدرا على حاله كالغيبة فالباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من الفاعل اى يؤمنون ملتبسين بالغيبة اما عن المؤمن به اى غائبين عن النبي صلى الله عليه وسلم غير مشاهدين لما فيه من شواهد النبوة ويدل عليه انه قال حارث بن نغير لعبد الله بن مسعود رضى الله عنه نحن نحتسب لكم يا اصحاب محمد ما سبقتمونا به من رؤية محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته فقال عبد الله ونحن نحتسب لكم ايمانكم به ولم تروه وان أفضل الايمان ايمان بالغيب ثم قرأ عبد الله الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ كذا في تفسير ابى الليث واما عن الناس اى غائبين عن المؤمنين لا كالمنافقين الذين وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ وقيل المراد بالغيب القلب لانه مستور والمعنى يؤمنون بقلوبهم لا كالذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم فالباء حينئذ للآلة وعن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قبل رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ما يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه أحد منا فاقبل حتى جلس بين يدى رسول الله عليه السلام وركبته تمس ركبته فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا) فقال صدقت فتعجبنا من سؤاله وتصديقه ثم قال فما الايمان قال (ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار وبالقدر خيره وشره) فقال صدقت ثم قال فما الإحسان قال (ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) قال صدقت ثم قال فاخبرنى عن الساعة فقال (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) قال صدقت قال فاخبرنى عن اماراتها قال (ان تلد

الامة ربتها وان ترى العراة الحفاة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) قال صدقت ثم انطلق فلما كان بعد ثالثة قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عمر هل تدرى من الرجل) قلت الله ورسوله اعلم قال (ذاك جبريل أتاكم يعلمكم امر دينكم وما أتاني في صورة الا عرفته فيها الا في صورته هذه) وفي التأويلات النجمية يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ اى بنور عيبى من الله فى قلوبهم نظروا في قول محمد صلى الله عليه وسلم فشاهدوا صدق قوله فآمنوا به كما قال عليه السلام (المؤمن ينظر بنور الله) واعلم ان الغيب غيبان غيب غاب عنك وغيب غبت عنه فالذى غاب عنك عالم الأرواح فانه قد كان حاضرا حين كنت فيه بالروح وكذرة وجودك فى عهد الست بربكم واستماع خطاب الحق ومطالعة آثار الربوبية وشهود الملائكة وتعارف الأرواح من الأنبياء والأولياء وغيرهم فغاب عنك إذ تعلقت بالقالب ونظرت بالحواس الخمس اى بالمحسوسات من عالم الأجسام واما الغيب الذي غبت عنه فغيب الغيب وهو حضرة الربوبية قد غبت عنه بالوجود وما غاب عنك بالوجود وهو معكم أينما كنتم أنت بعيد منه وهو قريب منك كما قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ انتهى كلام الشيخ نجم الدين قدس سره قال الشيخ سعدى دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ الصلاة اسم للدعاء كما في قوله تعالى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ اى ادع لهم والثناء كما في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ والقراءة كما في قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بقراءتك والرحمة كما في قوله تعالى أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ والصلاة المشروعة المخصوصة بافعال واذكار سميت بها لما في قيامها من القراءة وفي قعودها من الثناء والدعاء ولفاعلها من الرحمة والصلاة في هذه الآية اسم جنس أريد بها الصلوات الخمس وإقامتها عبارة عن المواظبة عليها من قامت السوق إذا نفقت او عن التشمر لادائها من غير فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر واقامه إذا جد فيه وتجلد وضده قعد عن الأمر وتقاعد او عن أدائها فان قول المؤذن قد قامت الصلاة معناه أخذوا في أدائها عبر عن أدائها بالإقامة لاشتمالها على القيام كما عبر عنها بالقنوت والركوع والسجود والتسبيح او عن تعديل أركانها وحفظها من ان يقع في شىء من فرائضها وسننها وأدائها زيغ من اقام العود إذا قومه وعدله وهو الأظهر لانه أشهر والى الحقيقة اقرب وافيد لتضمنه التنبيه على ان الحقيق بالمدح من راعى حدودها الظاهرة من الفرائض والسنن وحقوقها الباطنة من الخشوع والإقبال بقلبه على الله تعالى لا المصلون الذين هم عن صلاتهم ساهون قال ابراهيم النخعي إذا رأيت رجلا يخفف الركوع والسجود فترحم على عياله يعنى من ضيق المعيشة وذكر ان حاتما الزاهد دخل على عاصم بن يوسف فقال له عاصم يا حاتم هل تحسن ان تصلى فقال نعم قال كيف تصلى قال إذا تقارب وقت الصلاة أسبغ الوضوء ثم استوى في الموضع الذي أصلي فيه حتى يستقر كل عضو منى وارى الكعبة بين حاجبى والمقام بحيال صدرى والله فوقى يعلم ما في قلبى وكأن قدمى

على الصراط والجنة عن يمينى والنار عن شمالى وملك الموت خلفى وأظن انها آخر الصلاة ثم اكبر تكبيرا بإحسان واقرأ قراءة بتفكر واركع ركوعا بالتواضع واسجد سجودا بالتضرع ثم اجلس على التمام وأتشهد على الرجاء واسلم على السنة ثم أسلمها للاخلاص وأقوم بين الخوف والرجاء ثم العاهد على الصبر قال عاصم يا حاتم أهكذا صلاتك قال كذا صلاتى منذ ثلاثين سنة فبكى عاصم وقال ما صليت من صلاتى مثل هذا قط كذا في تنبيه الغافلين: قال السعدي كه داند چودر بند حق نيستى ... اگر بي وضو در نماز ايستى قال في تفسير التيسير المذكور في الآية اقامة الصلاة والله تعالى امر في الصلاة بأشياء بإقامتها بقوله وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وبالمحافظة عليها وادامتها بقوله الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وبأدائها في أوقاتها بقوله كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً وبأدائها في جماعة بقوله وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وبالخشوع فيهابقوله الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وبعد هذه الأوامر صارت الناس على طبقات طبقة لم يقبلوها ورأسهم ابو جهل لعنه الله قال الله تعالى في حقه فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وذكر مصيرهم فقال ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ الى قوله وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ وطبقة قبلوها ولم يؤدوها وهم اهل الكتاب قال الله تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وهم اهل الكتاب أَضاعُوا الصَّلاةَ وذكر مصيرهم فقال فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وهي دركة في جهنم هي اهيب موضع فيها تستغيث الناس منها كل يوم كذا وكذا مرة ثم قال الله إِلَّا مَنْ تابَ اى من اليهودية والنصرانية وَآمَنَ اى بمحمد وَعَمِلَ صالِحاً اى حافظ على الصلاة وطبقة أدوا بعضا ولم يؤدا بعضا متكاسلين وهم المنافقون قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى وذكران مصيرهم ويل وهو واد في جهنم لو جعلت فيه جبال الدنيا لماعت اى سالت قال النبي صلى الله عليه وسلم (من ترك صلاة حتى مضى وقتها عذب في النار حقبا) والحقب ثمانون سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم الف سنة مما تعدون قالوا وتأخير الصلاة عن وقتها كبيرة وأصغر الكبيرة ما قيل انه يكون كانه زنا بامه سبعين مرة كما في روضة العلماء وطبقة قبلوها وهم يراعونها في مواقيتها بشرائطها ورأسهم المصطفى صلى الله عليه وسلم قال تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وقال تعالى قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الآية وأصحابه كذلك فذكرهم الله تعالى بقوله قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وذكر مصيرهم فقال أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ وهو ارفع موضع في الجنة وأبهاه ينال المؤمن فيه مناه وينظر الى مولاه قال الحكماء كن نجما فان لم تستطع فكن قمرا فان لم تستطع فكن شمسا اى مصليا جميع الليل كالنجم يشرق جميع الليل او كالقمر يضيئ بعض الليل او كالشمس تضيئ بالنهار معناه فصل بالنهار ان لم تستطع بالليل كذا في زهرة الرياض واعلم ان الجماعة من فروض الكفاية وفيها فضل وليست بفرض عند عامة العماء حتى إذا صلى

وحده جاز وان فاته فضل الجماعة وقال احمد بن حنبل ان الجماعة فرض وليست بنافلة حتى إذا صلى وحده لم تجز صلاته غير انها وان لم تكن فريضة عندنا فالواجب على المسلم ان يتعاهدها ويحفظها قال تعالى يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ قال بعضهم المراد من الداعي المؤذنون الذين يدعون الى الجماعة في الصلوات الخمس وتارك الجماعة شر من شارب الخمر وقاتل النفس بغير حق ومن القتات ومن العاق لوالديه ومن الكاهن والساحر ومن المغتاب وهو ملعون فى التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وهو ملعون على لسان الملائكة لا يعاد إذا مرض ولا تشهد جنازته إذا مات قال النبي عليه الصلاة والسلام (تارك الجماعة ليس منى ولا انا منه ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) اى نافلة وفريضة فان ماتوا على حالهم فالنار اولى بهم كذا في روضة العلماء وقال في نصاب الاحتساب قال عليه السلام (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت الذي يتخلف عن الجماعة لان ألهم بالمعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا علم جواز إحراق البيت على ترك السنة المؤكدة فما ظنك فى إحراق البيت على ترك الواجب والفرض وما ظنك في إحراق آلات المعصية انتهى كلام النصاب هذا وعن ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله نبيه عليه السلام بشهادة ان لا اله الا الله فلما صدق زاد الصلاة فلما صدق زاد الزكاة فلما صدق زاد الصيام فلما صدق زاد الحج ثم الجهاد ثم أكمل لهم الدين قال مقاتل كان النبي عليه السلام يصلى بمكة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشاء فلما عرج به الى السماء امر بالصلوات الخمس كما في روضة الأخيار وانما فرضت الصلاة ليلة المعراج لان المعراج أفضل الأوقات واشرف الحالات وأعز المناجاة والصلاة بعد الايمان أفضل الطاعات وفي التعبد احسن الهيآت ففرض أفضل العبادات في أفضل الأوقات وهو وصول العبد الى ربه وقربه منه واما الحكمة في فرضيتها فلانه صلى الله عليه وسلم لما اسرى به شاهد ملكوت السموات بأسرها وعبادات سكانها من الملائكة فاستكثرها عليه السلام غبطة وطلب ذلك لامته فجمع الله له في الصلوات الخمس عبادات الملائكة كلها لان منهم من هو قائم ومنهم من هو راكع ومنهم من هو ساجد وحامد ومسبح الى غير ذلك فاعطى الله تعالى أجور عبادات اهل السموات لامته إذا قاموا الصلوات الخمس واما الحكمة في ان جعلها الله تعالى مثنى وثلاث ورباع فلانه عليه السلام شاهد هياكل الملائكة تلك الليلة اى ليلة الاسراء اولى اجنحة مثنى وثلاث ورباع فجمع الله ذلك في صور أنوار الصلوات عند عروج ملائكة الأعمال بأرواح العبادات لان كل عبادة تتمثل فى الهيا كل النورانية وصورها كما وردت الإشارات في ذلك بل يخلق الملائكة من الأعمال الصالحة كما ورد في الأحاديث الصحيحة وكذلك جعل الله اجنحة الملائكة على ثلاث مراتب فجعل أجنحتك التي تطير بها الى الله موافقة لاجنحتهم ليستغفروا لك واما الحكمة فى كونها خمس صلوات فلانه عليه السلام بعد سؤاله التخفيف ومراجعته قال له الله تعالى (يا محمد انهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر حسنات فتلك خمسون صلاة وكانت خمسين على من قبلنا) فحطت ليلة المعراج الى خمس تخفيفا وثبت جزاء الخمسين

تضعيفا وحكمة اخرى في كونها خمس صلوات انها كانت متفرقة في الأمم السالفة فجمعها سبحانه لنبيه وأمته لانه عليه السلام مجمع الفضائل كلها دنيا وآخرة وأمته بين الأمم كذلك فاول من صلى الفجر آدم والظهر ابراهيم والعصر يونس والمغرب عيسى والعشاء موسى عليهم السلام فهذا سر القرار على خمس صلوات وقيل صلى آدم عليه السلام الصلوات الخمس كلها ثم تفرقت بعده بين الأنبياء عليهم السلام وأول من صلى الوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لذلك قال (زادنى ربى صلاة) اى الوتر على الخمس او صلاة الليل فافهم وأول من بادر الى السجود جبريل عليه السلام ولذلك صار رفيق الأنبياء وخادمهم وأول من قال سبحان الله جبريل والحمد لله آدم ولا اله الا الله نوح والله اكبر ابراهيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كل ذلك في كشف الكنوز وحل الرموز وذكر في الحكم الشاذلية وشرحها انه لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات لتستريح من نوع الى نوع وعلم ما فيك من وجود الشره المؤدى الى الملل القاطع عن بلوغ الأمل فحجرها عليك فى الأوقات إذ جعل في اليوم خمسا وفي السنة شهرا وفي المائتين خمسة وفي العمر زورة ولكل واحدة في تفاصيلها وقت لا تصح في غيره كل ذلك رحمة بك وتيسيرا للعبودية عليك وقد قيد الله الطاعات بأعيان الأوقات كيلا ينفك عنها وجود التسويف ووسع الوقت عليك كى تبقى صفة الاختيار: قال المولى جلال الدين قدس سره كر نباشد فعل خلق اندر ميان ... پس مكو كس را چرا كردى چنان يك مثال اى دل پى فرقى بيار ... تا بدانى جبر را از اختيار دست كان لرزان بود از ارتعاش ... وانكه دستى را تو لرزانى ز جاش هر دو جنبش آفريده حق شناس ... ليك نتوان كرد اين با آن قياس وفي التأويلات النجمية بداية الصلاة اقامة ثم ادامة فاقامتها بالمحافظة عليها بمواقيتها وإتمام ركوعها وسجودها وحدودها ظاهرا وباطنا وادامتها بدوام المراقبة وجمع الهمة في التعرض لنفحات الطاف الربوبية التي هي مودعة فيها لقوله عليه السلام (ان الله في ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) فصورة الصلاة صورة التعرض والأمر بها صورة جذبة الحق بان يجذب صورتك عن الاستعمال لغير العبودية وسر الصلاة حقيقه التعرض ففى كل شرط من شرائط صورتها وركن من أركانها وسنة من سننها وأدب من آدابها وهيئة من هيآتها سر يشير الى حقيقة التعرض لها ومن شرائط الصلاة الوضوء ففى كل ادب وسنة وفرض منه سر يشير الى طهارة يستعد بها لاقامة الصلاة ففى غسل اليدين اشارة الى تطهير نفسك عن تلوث المعاصي وتطهير قلبك عن تلطخ الصفات الذميمة الحيوانية والسبعية والشيطانية كما قال تعالى لحبيبه عليه السلام وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ جاء في التفسير اى قلبك فطهر وغسل الوجه اشارة الى طهارة وجه همتك من دنس ظلمة حب الدنيا فانه رأس كل خطيئة ومن شرائط الصلاة استقبال القبلة وفيه اشارة الى الاعراض عما سوى طلب الحق والتوجه الى حضرة الربوبية لطلب القربة والمناجاة ورفع اليدين اشارة الى رفع يد الهمة عن الدنيا والآخرة والتكبير

تعظيم الحق بانه أعظم من كل شىء في قلب العبد طلبا ومحبة وعظما وعزة ومقارنة النية مع التكبير اشارة الى ان صدق النية في الطلب ينبغى ان يكون مقرونا بتكبير الحق وتعظيمه فى الطلب عن غيره فلا تطلب منه الا هو فان من طلب غيره فقد كبر وعظم ذلك المطلوب لا الله تعالى فلا تجوز صلاته حقيقة كما لا تجوز صلاته صورة الا بتكبير الله فان قال الدنيا اكبر او العقبى اكبر لا يجوز حتى يقول الله اكبر فكذلك في الحقيقة وفي وضع اليمنى على اليسرى ووضعهما على الصدر اشارة الى اقامة رسم العبودية بين يدى مالكه وحفظ القلب عن محبة ما سواه وفي افتتاح القراءة بوجهت اشارة الى توجهه للحق خالصا عن شرك طلبه غير الحق وفي وجوب الفاتحة وقراءتها وعدم جواز الصلاة بدونها اشارة الى حقيقة تعرض العبد في الطلب لنفحات الطاف الربوبية بالحمد والثناء والشكر لرب العالمين وطلب الهداية وهي الجذبات الالهية التي توازى كل جذبة منها عمل الثقلين وتقرب العبد بنصف الصلاة المقسومة بين العبد والرب نصفين والقيام والركوع والسجود اشارة الى رجوعه الى عالم الأرواح ومسكن الغيب كما جاء منه فاول تعلقه بهذا العالم كان بالنباتية ثم بالحيوانية ثم بالانسانية فالقيام من خصائص الإنسان والركوع من خصائص الحيوان والسجود من خصائص النبات كما قال تعالى وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ فللعبد في كل مرتبة من هذه المراتب ربح وخسران والحكمة في تعلق الروح العلوي النورانى بالجسد السفلى الظلماني كان هذا الربح لقوله تعالى على لسان نبيه عليه السلام (خلقت الخلق ليربحوا على لا لأربح عليهم) ليربح الروح في كل مرتبة من مراتب السفليات فائدة لم توجد في مراتب العلويات وان كان قد ابتلى اولا ببلاء الخسران كما قال تعالى وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا الآية فبنور الايمان والعمل الصالح يتخلص العبد من بلاء خسران المراتب السفلية ويفوز بربحها فبالقيام في الصلاة بالتذلل وتواضع العبودية يتخلص من خسران التكبر والتجبر الذي من خاصته ان يتكامل في الإنسان ويظهر منه انا ربكم الأعلى ويفوز بربح علو الهمة الانسانية التي إذا كملت في الإنسان لا يلتفت الى الكون في طلب المكون كما كان حال النبي عليه السلام إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فاذا تخلص من التكبر الإنساني يرجع من القيام الإنساني الى الركوع الحيواني بالانكسار والخضوع فبالركوع يتخلص من خسران الصفة الحيوانية ويفوز بربح تحمل الأذى والحلم ثم يرجع من الركوع الحيواني الى السجود النباتي فبالسجود يتخلص من خسران الذلة النباتية والدناءة السفلية ويفوز بربح الخشوع الذي يتضمن الفلاح الابدى والفوز العظيم السرمدي كما قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فالخشوع أكمل آلات العروج في العبودية وقد حصل في تعلقه بالجسد النيرانى وليس لاحد من العالمين هذا الخشوع وبهذا السر أبت الملائكة وغيرهم ان يحملن الامانة فاشفقن منها لان الإباء ضد الخشوع وحملها الإنسان باستعداد الخشوع وكمل خشوعه بالسجود إذ هو غاية التذلل في صورة الإنسان وهيئة الصلاة ونهاية قطع تعلق الروح من العالم السفلى وعروجه الى العالم الروحاني العلوي برجوعه من مراتب الانسانية

والحيوانية والنباتية وكمال التعرض لنفحات ألطاف الحق وبذل المجهود وانفاق الموجود من انانية الوجود الذي هو من شرط المصلين كقوله تعالى وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ الرزق في اللغة العطاء وفي العرف ما ينتفع به الحيوان وهو تناول الحلال والحرام عند اهل السنة والقرينة تخصصه هاهنا بالحلال لان المقام مقام المدح وتقديم المفعول للاهتمام به والمحافظة على رؤس الآي وإدخال من التبعيضية عليه للكف عن الإسراف المنهي عنه وصيغة الجمع في رزقنا مع انه تعالى واحد لا شريك له لانه خطاب الملوك والله تعالى مالك الملك وملك الملوك والمعهود من كلام الملوك اربعة أوجه الاخبار على لفظ الواحد نحو فعلت كذا وعلى لفظ الجمع فعلنا كذا وعلى ما لم يسم فاعله رسم لكم كذا واضافة الفعل الى اسمه على وجه المغايبة أمركم سلطانكم بكذا والقرآن نزل بلغة العرب فجمع الله فيه هذه الوجوه كلها فيما اخبر به عن نفسه فقال تعالى ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً على صيغة الواحد وقال تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ على صيغة الجمع وقال فيما لم يسم فاعله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ وأمثاله وقال في المغايبة اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وأمثاله كذا في التيسير ويقول الفقير جامع هذه اللطائف سمعت من شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة ان الافراد بالنظر الى الذات والجمع بالنظر الى الأسماء والصفات ولا ينافى كثرة الأسماء والصفات وحدة الذات إذ كل منها راجع إليها والانفاق والانفاد اخوان خلا ان في الثاني معنى الاذهاب بالكلية دون الاول والمراد بهذا الانفاق الصرف الى سبيل الخير فرضا كان او نفلا ومن فسره بالزكاة ذكر أفضل أنواعه والأصل فيه او خصصه بها لاقترانه بما هي شقيقتها وأختها وهي الصلاة وقد جوز ان يراد به الانفاق من جميع المعادن التي منحهم الله إياها من النعم الظاهرة والباطنة ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم (ان علما لا ينال به ككنز لا ينفق منه) واليه ذهب من قال في تفسير الآية ومما خصصناهم من أنوار المعرفة يفيضون والأظهر ان يقال المراد من النفقة هي الزكاة وزكاة كل شىء من جنسه كما روى عن انس بن مالك (زكاة الدار ان يتخذ فيها بيت للضيافة) كما في الرسالة القشيرية قالوا انفاق اهل الشريعة من حيث الأموال وانفاق ارباب الحقيقة من حيث الأحوال: قال المولى جلال الدين قدس سره آن درم دادن سخى را لايق است ... جان سپردن خود سخاى عاشق است وانفاق الأغنياء من أموالهم لا يدخرونها عن اهل الحاجة وانفاق العابدين من نفوسهم لا يدخرونها عن وظائف الخدمة وانفاق العارفين من قلوبهم لا يدخرونها عن حقائق المراقبة وانفاق المحبين من أرواحهم لا يدخرونها عن مجارى الاقضية والأقصر ان يقال انفاق الأغنياء إخراج المال من الجيب وانفاق الفقراء إخراج الأغيار من القلب ثم ذكر في الآية الايمان وهو بالقلب ثم الصلاة وهي بالبدن ثم الانفاق وهو بالمال وهو مجموع كل العبادات ففى الايمان النجاة وفي الصلاة المناجاة وفي الانفاق الدرجات وفي الايمان البشارة وفي الصلاة الكفارة وفي الانفاق الطهارة وفي الايمان العزة وفي الصلاة القربة وفي الانفاق الزيادة وقيل ذكر في هذه الآية اربعة أشياء التقوى والايمان بالغيب واقامة الصلاة والانفاق وهى

صفة الخلفاء الراشدين الاربعة ففى الآية بيان فضلهم التقوى لابى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه قال الله تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى والايمان بالغيب لعمر الفاروق رضى الله عنه قال الله تعالى حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ واقامة الصلاة لعثمان ذى النورين رضى الله تعالى عنه قال الله تعالى أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً الآية والانفاق لعلى المرتضى رضى الله تعالى عنه قال الله تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ الآية وعند القوم اى الصوفية السخاء هو الرتبة الاولى ثم الجود بعده ثم الإيثار فمن اعطى البعض وأبقى البعض فهو صاحب سخاء ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شيأ فهو صاحب جود والذي قاسى الضرورة وآثر غيره بالبلغة فهو صاحب إيثار وبالجملة فى الانفاق فضائل كثيرة وروى عن ابى عبد الله الحارث الرازي انه قال اوحى الله الى بعض أنبيائه (انى قضيت عمر فلان نصفه بالفقر ونصفه بالغنى فخيره حتى اقدم له أيهما شاء) فدعا نبى الله عليه السلام الرجل وأخبره فقال حتى أشاور زوجتى فقالت زوجته اختر الغنى حتى يكون هو الاول فقال لها ان الفقر بعد الغنى صعب شديد والغنى بعد الفقر طيب لذيذ فقالت لا بل أطعني في هذا فرجع الى النبي عليه السلام فقال اختار نصف عمرى الذي قضى لى فيه بالغنى ان يقدم فوسع الله عليه الدنيا وفتح عليه باب الغنى فقالت له امرأته ان أردت ان تبقى هذه النعمة فاستعمل السخاء مع خلق ربك فكان إذا اتخذ لنفسه ثوبا اتخذ لفقير ثوبا مثله فلما تم نصف عمره الذي قضى له فيه بالغنى اوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان (انى كنت قضيت نصف عمره بالفقر ونصفه بالغنى لكنى وجدته شاكرا لنعمائى والشكر يستوجب المزيد فبشره انى قضيت باقى عمره بالغنى) : قال المولى جلال الدين قدس سره هر كه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اسپش وموش حوادثهاش خورد قال الحافظ احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد وفي التأويلات النجمية وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ اى من أوصاف الوجود يبذلون بحق النصف المقسوم من الصلاة بين العبد والرب فاذا بلغ السيل زباه والتعرض منتهاه أدركته العناية الازلية بنفحات ألطافه وهداه الى درجات قرباته فكما كان جذبة الحق للنبى عليه السلام فى صورة خطاب (ادن) فجذبة الحق للمؤمن تكون في صورة خطاب وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ففى التشهد بعد السجود اشارة الى الخلاص من حجب الانانية والوصول الى شهود جمال الحق بجذبات الربانية ثم بالتحيات يراقب رسوم العباد في الرجوع الى حضرة الملوك بمراسم تحفة الثناء والتحنن الى اللقاء وفي التسليم عن اليمين وعن الشمال اشارة الى السلام على الدارين وعلى كل داع جاهل يدعوه عن اليمين الى نعيم الجنابة او عن الشمال الى اللذات والشهوات وهو فى مقامات الإجابات والمناجاة ودرجات القربات مستغرق في بحر الكرامات مقيد بقيد الجذبات كما قال تعالى وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً فاهل الصورة بالسلام يخرجون من اقامة

[سورة البقرة (2) : آية 4]

الصلاة واهل الحقيقة بالسلام يدخلون في ادامة الصلاة كقوله الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ فقوم يقيمون الصلاة والصلاة تحفظهم كما قال تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ فهم الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ بما لهم في الغيب معد بقوله (اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فعلموا ان ما هو المعد لهم لا تدركه الابصار ولا الآذان ولا القلوب التي رزقهم الله وليس بينهم وبين ما هو المعد لهم حجاب الا وجودهم فاشتاقوا الى نار تحرق عليهم حجاب وجودهم فآنسوا من جانب طور صلاتهم نارا لان صلاتهم بمثابة الطور لهم للمناجاة فلما أتاها نودى ان بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين فجعلوا ما رزقهم الله من أوصاف الوجود حطب نار الصلاة ينفقونه عليها ويقيمون الصلاة حتى نودوا انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ومن لم يكن له نار تحرق في نار جهنم الصلاة حطب وجوده ووجود كل من يعبد من دون الله فلا بدله من الحرقة بنار جهنم الآخرة فالفرق بين النارين ان نار الصلاة تحرق لب وجودهم الذي هم به محجوبون عن الله تعالى ويبقى جلد وجودهم وهو الصورة والحجاب من لب الوجود لا من جلده وهذا سر عظيم لا يطلع عليه الا أولوا الألباب المحترقة ونار جهنم تحرق جلودهم ويبقى لب وجودهم لا جرم لا ترفع الحجب عنهم كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لان اللب باق والجلد وان احترق بقي اللب كما قال تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها فمن أنفق لب الوجود وما تبدى منه له الوجود من المال والجاه في سبيل نار الصلاة والقربة الى الله فينفق الله عليه وجود نار الصلاة كما قال لحبيبه عليه السلام (أنفق عليك) فبقى بنار الصلاة بلا انانية الوجود فتكون صلاته دائمة بنور نار الصلاة يؤمن بما انزل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ نزلت في مؤمنى اهل الكتاب وما قبله الى قوله تعالى وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ نزلت في مؤمنى العرب بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ هو القرآن باسره والشريعة عن آخرها والتعبير عن انزاله بالماضي مع كون بعضه مترقبا حينئذ لتغليب المحقق على المقدر او لتنزيل ما في شرف الوقوع لتحققه منزلة الواقع كما في قوله تعالى إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مع ان الجن ما كانوا سمعوا الكتاب جميعا ولا كان الجمع إذ ذاك نازلا وفي الكواشي لان القرآن شىء واحد في الحكم ولان المؤمن ببعضه مؤمن بكله انتهى ثم معنى ما انزل إليك هو القرآن الذي يتلى والوحى الذي لا يتلى فالمتلو هو هذه الصور والآيات وغير المتلو ما بين النبي عليه السلام من اعداد الركعات ونصب الزكوات وحدود الجنايات قال تعالى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى والانزال في هذا لآية بمعنى الوحى ويكون بمعنى الاعلاء وهو النقل من الأسفل الى الأعلى وان حمل على الانزال الذي هو من العلو الى السفل فمعناه إنزال جبريل لتبليغه كما قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ يعنى ان الانزال نقل الشيء من أعلى الى أسفل وهو انما يلحق المعاني بتوسط لحقوقه الذوات الحاملة لها فنزول ما عدا الصحف من الكتب الإلهية الى الرسل عليهم السلام والله اعلم بان يتلقاها الملك من جنابه عز وجل تلقيا روحانيا او يحفظها من اللوح

المحفوظ فينزل بها الى الرسل فيلقيها عليهم وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ التوراة والإنجيل وسائر الكتب السالفة والايمان بالكل جملة فرض عين وبالقرآن تفصيلا من حيث انا متعبدون بتفاصيله فرض كفاية فان في وجوبه على الكل عينا حرجا بينا واخلالا بامر المعاش قال في التيسير الايمان بكل الكتب مع تنافى أحكامها على وجهين أحدهما التصديق ان كلها من عند الله والثاني الايمان بما لم ينسخ من أحكامها وَبِالْآخِرَةِ تأنيث الآخر الذي يقابل الاول وهو في المعدودات اسم للفرد اللاحق وهي صفة الدار بدليل قوله تعالى تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ وهي من الصفات الغالبة وكذا الدنيا والآخرة بفتح الخاء الذي يلى الاول وسميت الدنيا دنيا لدنوها من الآخرة وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا هُمْ يُوقِنُونَ الإيقان إتقان العلم بالشيء بنفي الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا ولذلك لا يسمى علمه تعالى يقينا وكذا العلوم الضرورية اى يعلمون علما قطعيا مزيحا لما كان اهل الكتاب عليه من الشكوك والأوهام التي من جملتها زعمهم ان الجنة لا يدخلها الا من كان هودا او نصارى وان النار لم تمسهم الا أياما معدودات واختلافهم فى ان نعيم الجنة هل هو من قبيل نعيم الدنيا او لا وهل هو دائم او لا فقال فرقة منهم يجرى حالهم في التلذذ بالمطاعم والمشارب والمناكح على حسب مجراها في الدنيا وقال آخرون ان ذلك انما احتيج اليه في هذه الدار من أجل نماء الأجسام ولمكان التوالد والتناسل واهل الجنة مستغنون عنه فلا يتلذذون الا بالنسيم والأرواح العبقة والسماع اللذيذ والفرح والسرور وبناء يوقنون على الضمير تعريض بمن عداهم من اهل الكتاب وبما كانوا عليه من اثبات امر الآخرة على خلاف حقيقته فان اعتقادهم في امور الآخرة بمعزل من الصحة فضلا عن الوصول الى مرتبة اليقين فدل التقديم على التخصيص بان ايقان من آمن بما انزل إليك وما انزل من قبلك مقصور على الآخرة الحقيقية لا يتجاوز الى ما أثبته الكفار بالإقرار من اهل الكتاب قال ابو الليث رحمه الله في تفسيره اليقين على ثلاثة أوجه يقين عيان ويقين خبر ويقين دلالة فاما يقين العيان فهو انه إذا رأى شيأ زال الشك عنه في ذلك الشيء واما يقين الدلالة فهوان يرى الرجل دخانا ارتفع من موضع يعلم باليقين ان هناك نارا وان لم يرها واما يقين الخبر فهو ان الرجل يعلم باليقين ان في الدنيا مدينة يقال لها بغداد وان لم ينته إليها فههنا يقين خبر ويقين دلالة لان الآخرة حق ولان الخبر يصير معاينة عند الرؤية انتهى كلامه ويقال علم اليقين ظاهر الشريعة وعين اليقين الإخلاص فيها وحق اليقين المشاهدة فيها والعلم اليقين هو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا تزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الاثنينية فاذا يكون العين حقا وزيادة هذه المرتبة اى حق اليقين عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء وحقه للانبياء وهذه الدرجات والمراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل والذكر او السكوت بالفكر في ملكوت السموات والأرض

[سورة البقرة (2) : آية 5]

وبأداء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والغرض وتقليل المنام والعرض وأكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله تعالى فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة كذا في شرح النصوص المسمى باسرار السرور بالوصول الى عين النور ثم ثمرة اليقين بالآخرة الاستعداد لها فقد قيل عشرة من المغرورين من أيقن ان الله خالقه ولا يعبده ومن أيقن ان الله رازقه ولا يطمئن به ومن أيقن ان الدنيا زائلة ويعتمد عليها ومن أيقن ان الورثة اعداؤه ويجمع لهم تو با خود ببر توشه خويشتن ... كه شفقت نيايد ز فرزند وزن ومن أيقن ان الموت آت فلا يستعد له ومن أيقن ان القبر منزله فلا يعمره ومن أيقن ان الديان يحاسبه فلا يصحح حجته ومن أيقن ان الصراط ممره فلا يخفف ثقله ومن أيقن ان النار دار الفجار فلا يهرب منها ومن أيقن ان الجنة دار الأبرار فلا يعمل لها كما في التيسير قال ذو النون المصري اليقين داع الى قصر الأمل وقصر الأمل يدعو الى الزهد والزهد يورث الحكمة والحكمة تورث النظر في العواقب قال ابو على الدقاق رحمه الله في قول النبي عليه السلام فى عيسى ابن مريم عليهما السلام (لو لم يزدد يقينا ما مشى في الهواء) أشار بهذا الحديث الى حال نفسه صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لان في لطائف المعراج انه قال رأيت البراق قد بقي ومشيت وقال ابو تراب رأيت غلاما في البادية يمشى بلا زاد فقلت ان لم يكن معه يقين فقد هلك فقلت يا غلام أتمشي في مثل هذا الموضع بلا زاد فقال يا شيخ ارفع رأسك هل ترى غير الله تعالى فقلت الآن فاذهب حيث شئت قال ابراهيم الخواص طلبت المعاش لا كل الحلال فاصطدت السمك فيوما وقع فى الشبكة سمكة فاخرجتها وطرحت الشبكة فى الماء فوقعت اخرى فيها ثم عدت فهتف بي هاتف لم تجد معاشا الا ان تأتى الى من يذكر الله فتقتلهم فكسرت القصبة وتركت كذا في الرسالة القشيرية وذكر في التأويلات النجمية ان من تخلص من ذل الحجاب الوجودي يجد عزة الإيقان بالأمور الاخروية وكان مؤمنا بها من وراء الحجاب فصار موقنا بها بعد رفع الحجاب كما قال امير المؤمنين على كرم الله وجه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا لان من كشف عنه غطاء الوجود لا يحجبه غطاء المحسوسات الدنيوية عن الأمور الاخروية فبكشف الحجب يتخلصون من مرتبة الايمان الى مرتبة الإيقان كما قال تعالى وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ولكن هذا خاص اى يوقنون بالآخرة دون ما انزل على الأنبياء من الكتب فانهم لا يتخلصون من مرتبة الايمان بالله وكتبه ابدا وهذا سر عظيم وما رأيت أحدا فرق بين هاتين المرتبتين وذلك لانه لا يمكن للانسان ان يشاهد الأمور الاخروية كلها بطريق الكشف في الدنيا واما بطريق المشاهدة في العقبى فيصير موقنا بها بعد ما كان مؤمنا كما قال تعالى فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ فاما ما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته فلا يمكن لاحد ان يشاهده بالكلية لانه منزه عن الكل والجزء فأرباب المشاهدة وان فازوا بشهادة شهود صفات جماله وجلاله عين اليقين بل حق اليقين ولكن لم يتخلصوا من مرتبة الايمان بما لم يشاهدوا بعد ولا يحيطون به علما الى أبد الآباد بل ولا يحيطون بشئ من علمه الا بما شاء أُولئِكَ الجملة فى محل الرفع ان جعل أحد الموصولين مفصولا

عن المتقين خبر له وكأنه لما قيل هدى للمتقين قيل ما بالهم خصوا بذلك أجيب بقوله الذين يؤمنون الى آخر الآيات والا فاستئناف لا محل لها فكانه نتيجة الاحكام السابقة والصفات المتقدمة وأولاء جمع لا واحد له من لفظه بنى على الكسر وكافه للخطاب كالكاف في ذلك اى المذكورون قبله وهم المتقون الموصوفون بالايمان بالغيب وسائر الأوصاف المذكورة بعده وفيه دلالة على انهم متميزون بذلك أكمل تميز منتظمون بسببه في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد للاشعار بعلو درجتهم وبعد منزلتهم في الفضل وهو مبتدأ وقوله عز وجل عَلى هُدىً خبره وما فيه من الإبهام المفهوم من التنكير لكمال تفخيمه كانه قيل على هدى أي هدى لا يبلغ كنهه ولا يقادر قدره كما تقول لو أبصرت فلانا لابصرت رجلا وإيراد كلمة الاستعلاء بناء على تمثيل حالهم في ملابستهم بالهدى بحال من يقبل الشيء ويستولى عليه بحيث يتصرف فيه كيفما يريد وذلك انما يحصل باستفراغ الفكر وادامة النظر فيما نصب من الحجج والمواظبة على محاسبة النفس في العمل يعنى أكرمهم الله في الدنيا حيث هداهم وبين لهم طريق الفلاح قبل الموت مِنْ رَبِّهِمْ متعلق بمحذوف وقع صفة له مبينة لفخامته الاضافية اثر بيان فخامته الذاتية مؤكدة لها اى على هدى كائن من عنده تعالى وهو شامل لجميع انواع هدايته تعالى وفنون توفيقه والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة الى ضمير هم لغاية تفخيم الموصوف والمضاف إليهم وتشريفهما ثم في هذه الآية ذكر الهدى للموصوفين بكل هذه الصفات وفي قوله قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا الى قوله تعالى فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ذكر لهم الهداية بالإقرار والاعتقاد بدون سائر الطاعات بيانا لشرف الايمان وجلال قدره وعلو امره فانه إذا قوى لم يبطله نفس المخالفات بل هو الذي يغلب فيرد الى التوبة بعد التمادي في البطالات وكما هدى اليوم الى الايمان يهدى غدا الى الجنان قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ وذلك ان المطيعين يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم وهم على مراكب طاعاتهم والملائكة تتلقاهم قال تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وتتلقاهم الملائكة وتبقى العصاة منفردين منقطعين فى متاهات القيامة ليس لهم نور الطاعات ولا في حقهم استقبال الملائكة فلا يهتدون السبيل ولا يهديهم دليل فيقول الله لهم عبادى إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ ان اهل الجنة من حسن الثواب لا يتفرغون لكم واهل النار من شدة العقاب لا يرحمونكم معاشر المساكين سلام عليكم كيف أنتم ان كان أشكالكم سبقوكم ولم يهدوكم فانا هاديكم ان عاملتكم بما تستوجبون فاين الكرم كذا في التيسير: قال السعدي نه يوسف كه چندان بلا ديد وبند چوحكمش روان كشت وقدرش بلند كنه عفو كرد آل يعقوبرا كه معنى بود صورت خوبرا بكردار بدشان مقيد نكرد بضاعات مزجاتشان رد نكرد ز لطف همى چشم داريم نيز برين بي بضاعت ببخش اى عزيز بضاعت نياوردم الا اميد خدايا ز عفوم مكن نااميد

[سورة البقرة (2) : الآيات 6 إلى 10]

وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ تكرير أولئك للدلالة على ان كل واحد من الحكمين مستبد فى تميزهم به عن غيرهم فكيف بهما وتوسط العطف بينهما تنبيه على تغايرهما في الحقيقة وفائدة الفصل بين المبتدأ والخبر الدلالة على ان ما بعده خبر لا صفة وان المسند ثابت للمسند اليه دون غيره فصفة الفلاح مقصورة عليهم لا تتجاوز الى من عداهم من اليهود والنصارى ولا يلزم من هذا ان لا يكون للمتقين صفة اخرى غير الفلاح فالقصر قصر الصفة على الموصوف لا العكس حتى يلزم ذلك والمفلح الفائز بالبغية كانه الذي انفتحت له وجوه الظفر ولم تستغلق عليه والتركيب دال على معنى الشق والفتح والقطع ومنه سمى الزارع فلاحا لانه يشق الأرض وفي المثل الحديد بالحديد يفلح اى يقطع والمعنى هم الفائزون بالجنة والناجون من النار يوم القيامة والمقطوع لهم بالخير في الدنيا والآخرة وحاصل الفلاح يرجع الى ثلاثة أشياء أحدها الظفر على النفس فلم يتابعوا هواها والدنيا فلم يطغوا بزخارفها والشيطان فلم يفتنوا بوساوسه وقرناء السوء فلم يبتلوا بمكروهاتهم والثاني النجاة من الكفر والضلالة والبدعة والجهالة وغرور النفس ووسوسة الشيطان وزوال الايمان وفقد الامان ووحشة القبور واهوال النشور وزلة الصراط وتسليط الزبانية الشداد الغلاظ وحرمان الجنان ونداء القطيعة والهجران والثالث البقاء في الملك الابدى والنعيم السرمدي ووجدان ملك لا زوال له ونعيم لا انتقال له وسرور لا حزن معه وشباب لا هرم معه وراحة لا شدة معها وصحة لا علة معها ونيل نعيم لا حساب معه ولقاء لا حجاب له كذا في تفسير التيسير وقد تشبثت الوعيدية بالآية في خلود الفساق من اهل القبلة في العذاب ورد بان المراد بالمفلحين الكاملون فى الفلاح ويلزمه عدم كمال الفلاح لمن ليس على صفتهم لا عدم الفلاح لهم رأسا كما في تفسير البيضاوي قال الشيخ نجم الدين دايه قدس سره ذكر هدى بالنكرة اى على كشف من كشوف ربهم ونور من أنواره وسر من أسراره ولطف من ألطافه وحقيقة من حقائقه فان جميع ما أنعم الله به على أنبيائه وأوليائه بالنسبة الى ما عنده من كمال ذاته وصفاته وانعامه وإحسانه قطرة من بحر محيط لا يعتريه القصور من الانفاق ابدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (يمين الله ملأى لا ينقصها نفقة سخاء الليل والنهار) وفيه اشارة لطيفة وهي انهم بذلك الهدى آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون وأولئك هم المفلحون الذين تخلصوا من حجب الوجود بنور نار الصلاة وشاهدوا الآخرة وجذبتهم العناية بالهداية الى مقامات القربة وسرادقات العزة فما نزلوا بمنزل دون لقائه وما حطوا رحالهم الا بفنائه فازوا بالسعادة العظمى والمملكة الكبرى ونالوا الدرجة العليا وحققوا قول الحق إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى انتهى كلام الشيخ في تأويلاته: قال المولى جلال الدين قدس سره كر همى خواهى كه بفروزى چوروز هستى همچون شب خود را بسوز هستيت در هست آن هستى نواز همچومس در كيميا اندر كداز إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لما ذكر خاصة عباده وخالصة أوليائه بصفاتهم التي اهلتهم للهدى والفلاح عقبهم أضدادهم العتاة المردة الذين لا ينفع فيهم الهدى ولا يغنى عنهم الآيات

والنذر وتعريف الموصول اما للعهد والمراد به ناس بأعيانهم كابى لهب وابى جهل والوليد ابن المغيرة وأحبار اليهود او للجنس منتاولا كل من صمم على كفره تصميما لا يرعوى بعده وغيرهم فخص منهم غير المصرين بما أسند اليه والكفر لغة الستر والتغطية وفي الشريعة انكار ما علم بالضرورة مجيئ الرسول صلى الله عليه وسلم به وانما عد لباس الغيار وشد الزنار بغير اضطرار ونظائرهما كفرا لدلالته على التكذيب فان من صدق النبي صلى الله عليه وسلم لا يكاد يجترئ على أمثال ذلك إذ لا داعى اليه كالزنى وشرب الخمر لا لانه كفر في نفسه والكافر فى القرآن على اربعة أوجه أحدها نقيض المؤمن قال الله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والثاني الجاحد قال تعالى وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ اى جحد وجوب الحج والثالث نقيض الشاكر قال تعالى وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ والرابع المتبرى قال تعالى يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ اى يتبرأ بعضكم من بعض كذا في التيسير وقال في البغوي الكفر على اربعة أوجه كفر الإنكار وهوان لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به وكفر الجحود وهو ان يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه ككفر إبليس قال الله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ وكفر العناد وهو ان يعرف بقلبه ولا يعترف بلسانه ولا يدين به ككفر ابى طالب حيث يقول ولقد علمت بان دين محمد ... من خير أديان البرية دينا لولا الملامة او حذار مسبة ... لوجدتنى سمحا بذاك مبينا وكفر النفاق وهو ان يقر باللسان ولا يعتقد بالقلب وجميع هذه الأنواع سواء في ان من لقى الله بواحد منها لا يغفر له انتهى كلام البغوي لكن الكلام في ابى طالب سيجئ عند قوله تعالى وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ سَواءٌ عَلَيْهِمْ اى عندهم وهو اسم بمعنى الاستواء نعت به كما ينعت بالمصادر مبالغة قال الله تعالى تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وارتفاعه على انه خبر لان وقوله تعالى أَنْذَرْتَهُمْ يا محمد أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ مرتفع على الفاعلية لان الهمزة وأم مجردتان عن معنى الاستفهام لتحقيق معنى الاستواء بين مدخوليهما كما جرد الأمر والنهى لذلك عن معنييهما في قوله عز وجل اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ وحرف النداء في قولك اللهم اغفر لنا أيتها العصابة وعن معنى الطلب لمجرد التخصيص كانه قيل ان الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه كقولك ان زيدا مختصم اخوه وابن عمه واصل الانذار الاعلام بامر مخوف وكل منذر معلم وليس كل معلم منذرا كما في تفسير ابى الليث والمراد هاهنا التخويف من عذاب الله وعقابه على المعاصي وانما اقتصر عليه لما انهم ليسوا باهل للبشارة أصلا ولان الانذار أوقع في القلوب وأشد تأثيرا في النفوس فان دفع المضار أهم من جلب المنافع فحيث لم يتأثروا به فلأن لا يرفعوا للبشارة رأسا اولى وانما لم يقل سواء عليك كما قال لعبدة الأصنام سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ لان إنذارك وترك إنذارك ليسا سواء في حقك لانك تثاب على الانذار وان لم يؤمنوا فاما في حقهم فهما سواء لانهم لا يؤمنون فى الحالين وهو نظير الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فانه يثاب به الآمر وان لم يعمل به المأمور وكان هؤلاء القوم كقوم هود الذين قالوا لهود عليه السلام سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ

أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ وقال تعالى في حق هؤلاء سَواءٌ عَلَيْهِمْ إلخ ويقال لهم في القيامة اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ واخبر عنهم انهم يقولون سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ فلما كان الوعظ وتركه سواء كان صبرهم في النار وتركه سواء وجزعهم فيها وتركه سواء وأنت إذا كان عصيانك في الشباب والشيب سواء وتماديك في الصحة والمرض سواء واعراضك في النعمة والمحنة سواء وقسوتك على القريب والبعيد سواء وزيغك في السر والعلانية سواء اما تخشى ان تكون توبتك عند الموت واصرارك عند النزع وسكوتك سواء وزيارة الصالحين لك وامتناعهم سواء وقيام الشفعاء بامرك وتركهم سواء كذا في تفسير التيسير لا يُؤْمِنُونَ جملة مستقلة مؤكدة لما قبلها مبينة لما فيه من إجمال ما فيه الاستواء فلا محل لها من الاعراب ثم هذا تخفيف للنبى عليه السلام وتفريغ لقلبه حيث أخبره عن هؤلاء بما اخبر به نوحا صلوات الله عليه وعلى سائر الأنبياء في الانتهاء فانه قال تعالى لنوح عليه السلام بعد طول الزمان ومقاساة الشدائد والأحزان أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فدعا بهلاكهم بعد ذلك وكذلك سائر الأنبياء وفي الآية الكريمة اخبار بالغيب على ما هو به ان أريد بالموصول اشخاص بأعيانهم فهى من المعجزات الباهرة وفي الآية اثبات فعل العباد فانه قال لا يؤمنون وفيه اثبات الاختيار ونفى الإكراه والإجبار فانه لم يقل لا يستطيعون بل قال لا يؤمنون فان قلت لما علم الله انهم لا يؤمنون فلم امر النبي عليه السلام بدعائهم قلت فائدة الانذار بعد العلم بانه لا ينجع الزام الحجة كما ان الله تعالى بعث موسى الى فرعون ليدعوه الى الإسلام وعلم انه لا يؤمن قال الله تعالى رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وقال وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ فان قلت لما اخبر الله رسوله انهم لا يؤمنون فهلا اهلكهم كما أهلك قوم نوح بعد ما اخبر انهم لا يؤمنون قلت لان النبي عليه السلام كان رحمة للعالمين كما ورد به الكتاب وقد قال الله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ثم ان الاخبار بوقوع الشيء او عدمه لا ينفى القدرة عليه كاخباره تعالى عما يفعله هو او العبد باختياره فلا يلزم جواز تكليف ما لا يطاق قال الامام القشيري من كان في غطاء صفته محجوبا عن شهود حقه فسيان عنده قول من دله على الحق وقول من أعانه على استجلاب الحظ بل هو الى داعى الغفلة أميل وفي الإصغاء اليه ارغب وكما ان الكافر لا يرعوى عن ضلالته لما سبق من شقاوته فكذلك المربوط باغلال نفسه محجوب عن شهود غيبه وحقه فهو لا يبصر رشده ولا يسلك قصده وقال ايضا ان الذي بقي في ظلمات دعاويه سواء عنده نصح الراشدين وتسويلات المبطلين لان الله تعالى نزع من أحواله بركات الانصاف فلا يصغى الى داعى الرشاد كما قيل وعلى النصوح نصيحتى ... وعلى عصيان النصوح وفي التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى جحدوا ربوبيتى بعد إقرارهم في عهد الست بربكم بإجابة بلى وستروا صفاء قلوبهم برين ما كسبوا من أعمالهم الطبيعية النفسانية وأفسدوا حسن استعدادهم من فطرة الله التي فطر الناس عليها باكتساب الصفات

[سورة البقرة (2) : آية 7]

البهيمية والسبعية والشيطانية كما قال تعالى كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ وذلك بان أرواحهم النفيسة لما نظروا بروزنة الحواس الخمس الى عالم الصورة الخسيسة حجبت عن مألوفاتها ومحابها ثم ابتليت بصحبة النفوس الحيوانية واستأنست بها ولهذا يسمى الإنسان إنسانا لانه أنيس فبمجاورة النفس الخسيسة صار الروح النفيس خسيسا فاستحسن ما استحسنت النفس واستلذ به ما استلذ به النفس واستمتع من المراتع الحيوانية فانقطع عنه الاغذية الروحانية ونسى حظائر القدس وجوار الحق في رياض الانس ولهذا سمى الناس ناسا لانه ناس فتاه في اودية الخسران واستهوته الشياطين في الأرض حيران ولما نسوا الله بالكفران نسيهم بالخذلان حتى غلب عليهم الهوى وأوقعهم في مهالك الردى فاصبحوا بنفوس احياء وقلوب موتى سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ بالوعد والوعيد وخوفتهم بالعذاب الشديد أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بما أخبرتهم ودعوتهم اليه وأنذرتهم عليه لان روزنة قلوبهم الى عالم الغيب منسدة بقساوة حلاوة الدنيا وقلوبهم مغلوقة بحب الدنيا وشهواتها مقفول عليها بمتابعة الهوى كما قال تعالى أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها فما تنسموا روائح الانس من رياض القدس بل هب عليهم صرصر الشقاوة من مهب حكم السابقة وأدركهم بالختم على أقفا لها كما قال تعالى خَتَمَ اللَّهُ الآية انتهى ما في التأويلات ومن أمثال الإنجيل قلوبكم كالحصاة لا تنضجها النار ولا يلينها الماء ولا تنسفها الريح: قال السعدي چون بود اصل جوهرى قابل ... تربيت را در او اثر باشد هيچ صيقل نكو نداند كرد ... آهنى را كه بد كهر باشد خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ لما ذكر هؤلاء الكفار بصفاتهم وحالاتهم الحق به ذكر عقوباتهم فهو تعليل للحكم السابق وبيان ما يقتضيه والختم الكتم سمى به الاشتيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه لانه كتم له وبلوغ آخره ومنه ختم القرآن نظرا الى انه آخر فعل يفعل فى إحرازه ولا ختم على الحقيقة وانما المراد به ان يحدث في نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصي واستقباح الايمان والطاعات بسبب غيهم وانهماكهم في التقليد واعراضهم عن النظر الصحيح فتجعل قلوبهم بحيث لا يؤثر فيها الانذار ولا ينفذ فيها الحق أصلا وسمى هذه الهيئة على الاستعارة ختما وقد عبر عن احداث هذه الهيئة بالطبع في قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وبالاغفال في قوله وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وبالإقساء في قوله وجعلنا قلوبهم قاسية وهي من حيث ان الممكنات بأسرها مسندة الى الله تعالى واقعة بقدرته أسندت اليه تعالى ومن حيث انها مسببة مما اقترفوه بدليل قوله تعالى بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ وقوله ذلك بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ وردت الآية الكريمة ناعية عليهم شناعة صفتهم ووخامة عاقبتهم فالختم مجازاة لكفرهم والله تعالى قد يسر عليهم السبل فلو جاهدوا لوفقهم فسقط الاعتراض بانه إذا ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم فمنعهم عن الهدى فكيف يستحقون العقوبة قال الشيخ في تفسيره واسناد الختم الى الله للتنبيه على ان آباءهم عن قبول الحق كالشئ الخلقي غير العرضي انتهى وقال في التيسير حاصل الختم

عند اهل الحق عقوبة من الله تعالى لا تمنع العبد من الايمان جبرا ولا تحمله على الكفر كرها بل هي زيادة عقوبة له على سوء اختياره وتماديه في الكفر وإصراره يحرم بها من اللطف الذي سهل به فعل الايمان وترك العصيان يدل عليه انهم بقوا مخاطبين بالايمان بقوله تعالى آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وملومين على الامتناع عنه لقوله تعالى فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ولو صاروا مجبورين وعن الايمان عاجزين لزال الخطاب وسقط اللوم والعتاب كما في الختم على الأفواه يوم الحساب لما عجزوا به حقيقة عن الكلام لم يبق الخطاب بالكلام وتحقيق المذهب اثبات فعل العبد وتخليق الله تعالى والقلوب جمع قلب وهو الفؤاد سمى قلبا لتقلبه في الأمور ولتصرفه فى الأعضاء وفي تفسير الشيخ القلب قطعة لحم مشكل بالشكل الصنوبري معلق بالوتين مقلوبا والوتين عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه ويقال له الأبهر وفي تفسير الكواشي القلب قطعة سوداء في الفؤاد وزعم بعضهم انه الشكل الصنوبري المعلق بالوتين مقلوبا وفي تعريفات السيد القلب لطيفة ربانية لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع فى الجانب الأيسر من الصدر تعلق وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان: قال المولى الجامى نيست اين پيكر مخروطى دل ... بلكه هست اين قفص طوطى دل گر تو طوطى ز قفس نشناسى ... بخدا ناس نه نشناسى والمراد بالقلب في الآية محل القوة العاقلة من الفؤاد وقد يطلق ويراد به المعرفة والعقل كما قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ وَختم الله عَلى سَمْعِهِمْ اى على آذانهم فجعلها بحيث تعاف استماع الحق ولا تصغى الى خير ولا تعيه ولا تقبله كأنها مستوثق منها بالختم عقوبة لهم على سوء اختيارهم وميلهم الى الباطل وإيثارهم والسمع هو ادراك القوة السامعة وقد يطلق عليها وعلى العضو الحامل لها وهو المراد هاهنا لانه أشد مناسبة للختم وهو المختوم عليه أصالة وفي توحيد السمع وجوه أحدها انه في الأصل مصدر والمصادر لا تجمع لصلاحيتها للواحد والاثنين والجماعة قال تعالى إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فان قالوا فلم جمع الابصار والواحد بصر وهو كالسمع قلنا انه اسم للعين فكان اسما لا مصدرا فجمع لذلك والثاني ان فيه إضمارا اى على مواضع سمعهم وحواسه كما في قوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ اى أهلها وثبت هذا الإضمار دلالة ان السمع فعل ولا يختم على الفعل وانما يختم على محله والثالث انه أراد سمع كل واحد منهم والاضافة الى الجماعة تغنى عن الجماعة وفي التوحيد أمن اللبس كما في قوله كلوا في بعض بطنكم اى بطونكم إذا لبطن لا يشترك فيه والرابع قول سيبويه انه توسط جمعين فدل على الجمع وان وحد كما في قوله يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ دل على الأنوار ذكر الظلمات وتقديم ختم قلوبهم للايذان بانها الأصل في عدم الايمان وتقديم حال السمع على حال أبصارهم للاشتراك بينه وبين قلوبهم في تلك الحال قالوا السمع أفضل من البصر لانه تعالى حيث ذكرهما قدم السمع على البصر ولان السمع شرط النبوة ولذلك ما بعث الله تعالى رسولا أصم ولان السمع وسيلة الى استكمال العقل بالمعارف التي تتلقف من أصحابها وَعَلى أَبْصارِهِمْ جمع بصر وهو ادراك العين وقد يطلق مجازا على

القوة الباصرة وعلى العضوين وهو المراد هاهنا لانه أشد مناسبة للتغطية غِشاوَةٌ اى غطاء ولا تغشية على الحقيقة وانما المراد بها احداث حالة تجعل أبصارهم بسبب كفرهم لا تجتلى الآيات المنصوبة في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين وتصير كأنها غطى عليها وحيل بينها وبين الابصار ومعنى التنكير ان على أبصارهم ضربا من الغشاوة خارجا مما يتعارفه الناس وهي غشاوة التعامي عن الآيات قوله غشاوة مبتدأ مؤخر خبره المقدم قوله وعلى أبصارهم ولما اشترك السمع والقلب في الإدراك من جميع الجوانب جعل ما يمنعهما من خاص فعلهما الختم الذي يمنع من جميع الجهات وادراك الابصار مما اختص بجهة المقابلة جعل المانع لها عن فعلها الغشاوة المختصة بتلك الجهة قال في التيسير انما ذكر في الآية القلوب والسمع والابصار لان الخطاب كان باستعمال هذه الثلاثة في الحق كما قال تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ أَفَلا تُبْصِرُونَ أَفَلا تَسْمَعُونَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ اى عقوبة شديدة القوة ومنه العظم والعذاب كالنكال بناء ومعنى يقال أعذب عن الشيء إذا امسك عنه وسمى العذاب عذابا لانه يمنع عن الجناية إذا تأمل فيها العاقل ومنه الماء العذب لما انه يقمع العطش ويردعه بخلاف الملح فانه يزيده ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا لانه ينقخ العطش اى يكسره وفراتا لانه يرفته على القلب يعنى الفرات وهو الماء العذب مأخوذ من الرفث وهو قلبه وقيل انما سمى به لانه جزاء ما استعذبه المرء بطبعه اى استطابه ولذلك قال فذوقوا عذابى وانما يذاق الطيب على معنى انه جزاء ما استطابه واستحلاه بهواه في الدنيا والعظيم نقيض الحقير والكبير نقيض الصغير فكان العظيم فوق الكبير كما ان الحقير دون الصغير قال في التيسير عظيم اى كبير او كثير او دائم وهو التعذيب بالنار ابدا ثم عظمه باهواله وبشدة أحواله وكثيرة سلاسله واغلاله فتكون هذه الآية وعيدا وبيانا لما يستحقونه في الآخرة وقيل هو القتل والاسر في الدنيا والتحريق بالنار في العقبى ومعنى التوصيف بالعظيم انه إذا قيس سائر ما يجانسه قصر عنه جميعه ومعنى التنكير ان لهم من الآلام نوعا عظيما لا يعلم كنهه الا الله عز وجل فعلى العاقل ان يجتنب عما يؤدى الى العذاب الأليم والعقاب العظيم وهو الإصرار على الذنوب والإكباب على اقتراف الخطيئات والعيوب قيل في سبب الحفظ من هذه العقوبة التي هي الختم على الكيس فلا يمنعه عن حق ووضع الختم على اللسان فلا يطلقه في باطل قال السعدي بگمراه گفتن نكو ميروى ... گناه بزرگست وجور قوى مگو شهد شيرين شكر فايقست ... كسى را كه سقمونيا لايقست قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وكثرة ذكر الله وكثرة ذكر الموت) وأمهات الخطايا ثلاث الحرص والحسد والكبر فحصل من هؤلاء ست فصارت تسعا الشبع والنوم والراحة وحب المال وحب الجاه وحب الرياسة فحب المال والرياسة من أعظم ما يجر صاحبه الى الكفر والهلاك- حكى- ان ملكا شابا قال انى لا أجد في الملك لذة فلا أدرى أكذلك يجدة الناس أم انا أجده

فقالوا له كذلك يجده الناس قال فماذا يقيمه قالوا يقيمه لك ان تطيع الله فلا تعصيه فدعا من كان في بلده من العلماء والصلحاء فقال لهم كونوا بحضرتي ومجلسى فما رأيتم من طاعة الله فاثمرونى وما رأيتم من المعصية فازجرونى عنها ففعل ذلك فاستقام له الملك اربعمائة سنة ثم ان إبليس أتاه يوما على صورة رجل وقال له من أنت قال الملك رجل من بنى آدم قال لو كنت من بنى آدم لمت كما تموت بنوا آدم ولكنك اله فادع الناس الى عبادتك فدخل في قلبه شىء ثم صعد المنبر فقال ايها الناس انى أخفيت عليكم امرا حان إظهاره وهو انى ملككم منذ كذا سنة ولو كنت من بنى آدم لمت ولكنى اله فاعبدونى فاوحى الله الى نبى زمانه وقال أخبره انى استقمت له ما استقام لى فتحول من طاعتى الى معصيتى فبعزتى وجلالى لا سلطن عليه بخت نصر ولم يتحول عن ذلك فسلطه عليه فضرب عنقه وأوقر من خزينته سبعين سفينة من ذهب: قال المولى جلال الدين قدس سره جز عنايت كه گشايد چشم را ... جز محبت كه نشاند خشم را جهد بى توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد وفي التأويلات النجمية في الختم اشارة الى بداية سوابق احكام القدر بالسعادة والشقاوة على وفق الحكمة والارادة الازلية للخليقة كما قال تعالى فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ مع حسن استعداد جميعهم بقبول الايمان والكفر ولهذا لما خاطب الحق ذراتهم بخطاب الست بربكم قالوا بلى جميعا ثم أودع الله الذرات في القلوب والقلوب في الأجساد والأجساد في الدنيا في ظلمات ثلاث وكانت روزنة القلوب كلها مفتوحة الى عالم الغيب بواسطة الذرات المودعات التي سمعت خطاب الحق وشاهدت كمال الحق الى وقت ولادة كل انسان كما قال عليه السلام (كل مولود يولد على فطرة الإسلام فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وفيه اشارة الى ان الله يكل الأشقياء الى تربية الوالدين في معنى الدين حتى يلقنوهم تقليد ما الفوا عليه آباءهم من الضلالة فيضلوهم كما قال تعالى أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فكانت تلك الشقاوة المقدرة مضمرة فى ضلالة التقليد والصفات النفسانية الظلمانية والهوى والطبيعة ثم جعل تأثيرها وظلمتها ورينها يندرج الى القلوب فيقسيها ويسودها ويغطيها ويسد روزنتها الى الذرات فيعميها ويصمها حتى لا يبصر اهل الشقاوة ببصر الذرات من الحق ما كانوا يبصرون ولا يسمع بسمع الذرات من الحق ما كانوا يسمعون فينكرون على الأنبياء ويكفرون بهم وبما يدعونهم اليه فيختم الله شقاوتهم بكفرهم هذا ويطبع به على قلوبهم كقوله تعالى بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فسر القدر مستور لا يطلع عليه أحد الا الله فيظهر آثار السعادة بإقرار السعداء ويظهر آثار الشقاوة بانكار الأشقياء وكفرهم من القدر كالبذر في الأرض مستور فتظهر الشجرة منه وهو في الشجرة مستور فيخرج مع الاغصان من الشجرة وهو في الاغصان مستور حتى يخرج مع الثمرة من الاغصان وهو في الثمرة مستور حتى يظهر من الثمرة فيختم ظهور البذر بالثمرة فكذلك سر القدر وهو بذر السعادة او الشقاوة مستور في علم الله تعالى فتظهر شجرة وجود الإنسان منه والسعادة والشقاوة مستورة فيها فتخرج مع أغصان

[سورة البقرة (2) : آية 8]

الأخلاق وهي مستورة فيها فتخرج مع ثمرة الأعمال وهي الإقرار والإنكار والايمان والكفر فيختم ظهور سر القدر وهو السعادة او الشقاوة بثمرة الايمان او الكفر فيظهر سر القدر عند الختم بالسعادة او الشقاوة فالذين خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ انما ختم بخاتم كفرهم وان كان نقش خاتمهم هو الاحكام الازلية وسر القدر حتى حرموا من دولة الوصال وبه ختم عَلى سَمْعِهِمْ حتى لم يسمعوا خطاب الملك ذى الجلال وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ من العمى والضلال فلم يشاهدوا ذلك الجمال والكمال فلهم حرمان مقيم وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لانهم منعوا من مرادهم وهو العلى العظيم فعظم العذاب يكون على قدر عظمة المراد الممنوع منه انتهى ما في التأويلات وَمِنَ النَّاسِ لما افتتح سبحانه وتعالى كتابه بشرح حاله وساق لبيانه ذكر الذين أخلصوا دينهم لله وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم وثنى باضدادهم الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا ثلث بالقسم الثالث المذبذب بين القسمين وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم تكميلا للتقسيم وهم اى المنافقون أخبث الكفرة وابغضهم الى الله لانهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعا واستهزاء ولذلك طول فى بيان خبثهم قال القاشاني الاقتصار في وصف الكفار المصرين المطبوع على قلوبهم على آيتين والاطناب في وصف المنافقين في ثلاث عشرة آية للاضراب عن أولئك صفحا إذ لا ينجع فيهم الكلام ولا يجدى عليهم الخطاب واما المنافقون فقد ينجع فيهم التوبيخ والتعبير وعسى ان يرتدوا بالتشنيع عليهم وتفظيع شأنهم وسيرتهم وتهجير عادتهم وخبث نيتهم وسريرتهم وينتهوا بقبيح صورة حالهم وتفضيحهم بالتمثيل بهم وبطريقيتهم فتلين قلوبهم وتنقاد نفوسهم وتزكى بواطنهم وتضمحل رذائلهم فيرجعون عماهم عليه ويصيرون من المستثنى في قوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً والناس اسم جمع للانسان سمى به لانه عهد اليه فنسى قال تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ولذلك جاء في تفسير قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ اى نساء للنعم ذكار للمحن وقيل لظهوره من آنس اى ابصر لانهم ظاهرون مبصرون ولذلك سموا بشرا كما سمى الجن جنا لاجتنانهم اى استتارهم عن أعين الناس وقيل هو من الانس الذي هو ضد الوحشة لانهم يستأنسون بامثالهم او يستأنس أرواحهم بأبدانهم وأبدانهم بأرواحهم واللام فيه للجنس ومن في قوله مَنْ يَقُولُ موصوفة إذ لا عهد فكانه قال ومن الناس ناس يقولون اى يقرون باللسان والقول هو التلفظ بما يفيد ويقال بمعنى المقول وللمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ وللرأى وللمذهب مجازا ووحد الضمير في يقول باعتبار لفظ من وجمعه في قوله آمَنَّا وقوله وَما هُمْ باعتبار معناها لان كلمة من تصلح للواحد والجمع او اللام فيه للعهد والمعهود هم الذين كفروا ومن موصولة مراد بها عبد الله بن ابى بن سلول وأصحابه ونظراؤه من المنافقين حيث أظهروا كلمة الإسلام ليسلموا من النبي عليه السلام وأصحابه واعتقدوا خلافها وأكثرهم من اليهود فانهم من حيث انهم صمموا على النفاق دخلوا في عداد الكفار المختوم على قلوبهم واختصاصهم

زيادة زادوها على الكفر لا يأبى دخولهم تحت هذا الجنس فان الأجناس انما تتنوع بزيادات يختلف فيها أبعاضها فعلى هذا تكون الآية تقسيما للقسم الثاني آمَنَّا بِاللَّهِ اى صدقنا بالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ والمراد باليوم الآخر من وقت الحشر الى ما لا يتناهى اى الوقت الدائم الذي هو آخر الأوقات المنقضية والمراد به البعث او الى ان يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار لانه آخر الأيام المحدودة إذ لا حد وراءه وسمى بالآخر لتأخره عن الدنيا وتخصيصهم للايمان بهما بالذكر له ادعاء انهم قد حازوا الايمان من قطريه واحاطوا به من طرفيه وإيذان بانهم منافقون فيما يظنون فيه فكيف بما يقصدون به النفاق لان القوم كانوا يهودا وكانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر ايمانا كلا ايمان لاعتقادهم التشبيه واتخاذ الولد وان الجنة لا يدخلها غيرهم وان النار لن تمسهم إلا أياما معدودة وغيرها ويرون المؤمنين انهم آمنوا مثل ايمانهم وحكاية عبارتهم لبيان كمال خبثهم فان ما قالوه لو صدر عنهم لا على وجه الخداع والنفاق وعقيدتهم عقيدتهم لم يكن ذلك ايمانا فكيف وهم يقولونه تمويها على المسلمين واستهزاء بهم فكان خبثا الى خبث وكفرا الى كفر وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ما نائبة عن ليس ولهذا عقب بالباء اى ليسوا بمصدقين لانهم يضمرون خلاف ما يظهرون بل هم منافقون وفي الحكم عليهم بانهم ليسوا بمؤمنين نفى ما ادعوه على سبيل البت والقطع لانه نفى اصل الايمان منهم بإدخال الباء في خبر ما ولذا لم يقل وما هم من المؤمنين فان الاول ابلغ من الثاني دلت الآية على ان الدعوى مردودة إذا لم يقم عليها دلائل الصحة قال قائلهم من تحلى بغير ما فيه فضح الامتحان ما يدعيه فان من مدح نفسه ذم ومن ذم نفسه مدح قال فرعون عليه لعنات الله وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقيل وكنت من المفسدين وقال يونس عليه السلام إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فقيل له فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ: قال الحافظ قدس سره خوش بود گر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد - حكى- ان شيخا كان له تلميذ يدعى انه أمين والشيخ يعلم منه خلاف ذلك وهو يرد على الشيخ في ذلك ويدعى الامانة ويطلب منه ان يكشف له سرا من اسرار الله تعالى فاخذ الشيخ يوما تلميذا من أصحابه وخبأه في بيت وعمد الى كبش فذبحه وألقاه في عدل ودخل ذلك التلميذ المدعى فرأى الشيخ ملطخا بالدماء والعدل امامه والسكين في يده فقال له يا سيدى ما شأنك فقال له غاظنى فلان يعنى ذلك التلميذ فقتلته يعنى التلميذ يعنى بقتله مخالفة هواه حتى لا يكذب الشيخ فتخيل التلميذ انه في العدل فقال الشيخ هذه امانة فاستر على وادفن معى هذا المذبوح الذي في هذا العدل فدفنه معه في الدار وقصد الشيخ نكاية ذلك التلميذ وان يفعل معه ما يخرجه وجاء ابو ذلك المخبوء يطلب ابنه فقال له الشيخ هو عندى فمضى الرجل فلما كبر على الرجل نكاية الشيخ مشى الى والد ذلك المخبوء وأخبره ان الشيخ قتله ودفنه معه ورفع ذلك الى السلطان فتوقف السلطان في ذلك الأمر لما يعرفه من جلالة الشيخ وبعث اليه بالقاضي والفقهاء وأخذ ذلك التلميذ يسب الشيخ ووقف الشهود حتى حضروا الى العدل فعاينوا الكبش وخرج التلميذ المخبوء وافتضح وندم حيث لا ينفعه الندم

[سورة البقرة (2) : آية 9]

كذا في الرسالة المسماة بالأمر المحكم المربوط فيما يلزم اهل طريق الله من الشروط للشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فظهر من هذا ان الاسرار لا توهب الا للامناء والأنوار لا تفيض الا على الأدباء: قال الحافظ قدس سره حديث دوست نگويم مگر بحضرت دوست ... كه آشنا سخن آشنا نگه دارد وفي التأويلات النجمية وَمِنَ النَّاسِ هم الذين نسوا الله ومعاهدته يوم الميثاق فمنهم مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم فان الايمان الحقيقي ما يكون من نور الله الذي يقذفه الله في قلوب خواصه وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ اى بنور الله يشاهد الآخرة فيؤمن به فمن لم ينظر بنور الله فلا يكون مشاهدا لعالم الغيب فلا يعلم الغيب فلا يكون مؤمنا بالله وباليوم الآخر ولهذا قال وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ اى بالذين يؤمنون من نور الله تعالى وفيه معنى آخر وما هم بمستعدين للهداية الى الايمان الحقيقي لانهم في غاية الغفلة والخذلان انتهى يُخادِعُونَ اللَّهَ بيان ليقول في الآية السابقة وتوبيخ لما هو غرضهم مما يقولون او استئناف وقع جوابا عن سؤال ينساق اليه الذهن كانه قيل ما لهم يقولون ذلك وهم غير مؤمنين فقيل يخادعون إلخ اى يخدعون وانما اخرج في زنة فاعل للمبالغة وخداعهم مع الله سبحانه ليس على ظاهره لانه لا تخفى عليه خافية ولانهم لم يقصدوا خديعته بل المراد اما مخادعة رسوله على حذف المضاف او على ان معاملة الرسول معاملة الله من حيث انه خليفته في ارضه والناطق عنه باوامره ونواهيه مع عباده ففيه رفع درجة النبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل خداعه خداعه واما ان صورة صنعهم مع الله من اظهار الايمان واستبطان الكفر وصنع الله معهم من اجراء احكام المسلمين عليهم وهم عنده تعالى أخبث الكفار واهل الدرك الأسفل من النار استدراجا لهم وامتثال الرسول والمؤمنين امر الله تعالى في إخفاء حالهم واجراء حكم الإسلام عليهم مجازاة لهم بمثل صنيعهم صورة صنع المخادعين فتكون المخادعة بين الاثنين والخدع ان يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه ليوقعه فيه من حيث لا يحتسب او يوهمه المساعدة على ما يريد هو به ليغتر بذلك فينجو منه بسهولة من قولهم ضب خادع وخدع وهو الذي إذا امر الحارش يده على باب حجره يوهمه الإقبال عليه فيخرج من بابه الآخر وكلا المعنيين مناسب للمقام فانهم كانوا يريدون بما صنعوا ان يطلعوا على اسرار المؤمنين فيذيعوها الى منابذيهم اى يشيعوها الى مخالفيهم وأعدائهم وان يدفعوا عن أنفسهم ما يصيب سائر الكفرة من القتل والنهب والاسر وان ينالوا به نظم مصالح الدنيا جميعا كأن يفعل بهم ما يفعل بالمؤمنين من الإعطاء وَالَّذِينَ آمَنُوا اى يخادعون المؤمنين بقولهم إذا رأوهم آمنا وهم غير مؤمنين وهو عطف على الاول ويجوز حمله على الحقيقة في حقهم فانه وسعهم كذا في التيسير وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ النفس ذات الشيء حقيقته وقد يقال للروح لان نفس الحي به وللقلب لانه محل الروح او متعلقه وللدم لان قوامها به وللماء ايضا لشدة حاجتها اليه والمراد هنا هو المعنى الاول لان المقصود بيان ان ضرر مخادعتهم راجع إليهم لا يتخطاهم الى غيرهم اى يفعلون ما يفعلون والحال انهم ما يضرون بذلك الا أنفسهم فان

دائرة فعلهم مقصورة عليهم ومن حافظ على الصيغة قال وما يعاملون تلك المعاملة الشبيهة بمعاملة المخادعين الا أنفسهم لان ضررها لا يحيق الا بهم ووبال خداعهم راجع إليهم لان الله تعالى يطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على نفاقهم فيفضحون في الدنيا ويستوجبون العقاب فى العقبى: قال المولى جلال الدين قدس سره بازئ خود ديدى اى شطرنج باز ... بازئ خصمت ببين دور ودراز وقيل يعاملهم على وفق ما عاملوا وذلك فيما جاء انهم إذا القوا في النيران وعذبوا فيها طويلا من الزمان استغاثوا بالرحمن قيل لهم هذه الأبواب قد فتحت فاخرجوا فيتبادرون الى الأبواب فاذا انتهوا إليها أغلقت دونهم وأعيدوا الى الآبار والتوابيت مع الشياطين والطواغيت قال تعالى إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً وفي الحديث (يؤمر بنفر من الناس يوم القيامة الى الجنة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رايحتها ونظروا الى قصورها والى ما أعد الله تعالى لاهلها نودوا ان اصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها فيقولون يا ربنا لو ادخلتنا النار قبل ان ترينا ما أريتنا من ثواب ما اعددت لاوليائك فيقول ذلك أردت بكم كنتم إذا خلوتم بي بارزتمونى بالعظائم فاذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين تراؤن الناس وتظهرون خلاف ما تنطوى قلوبكم عليه هبتم الدنيا ولم تهابونى اجللتم الناس ولم تجلونى وتركتم للناس ولم تتركوا لى) يعنى لاجل الناس فاليوم اذيقكم أليم عذابى مع ما حرمتكم يعنى من جزيل ثوابى كذا في روضة العلماء وتنبيه الغافلين وَما يَشْعُرُونَ حال من ضمير ما يخدعون اى يقتصرون على خدع أنفسهم والحال انهم ما يحسون بذلك لتماديهم في الغفلة والغواية جعل طوق وبال الخداع ورجوع ضرره إليهم فى الظهور كالمحسوس الذي لا يخفى الا على مؤوف الحواس وهذا تنزيل لهم منزله الجمادات وحط من مرتبة البهائم حيث سلب منهم الحس الحيواني فهم ممن قيل في حقهم بل هم أضل فلا يشعرون ابلغ وانسب من لا يعلمون والشعور الاحساس اى علم الشيء علم حس ومشاعر الإنسان حواسه سميت به لكون كل حاسة محلا للشعور والعظة فيه ان المنافق عمل ما عمل وهو لا يعلم بوبال ما عمل والمؤمن يعلم به فما عذره عند ربه ثم في هذه الآية نفى العلم عنهم وفي قوله وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ اثبات العلم لهم والتوفيق بينهما انهم علموا به حقيقة ولكن لم يعملوا بما علموا فكأنهم لم يعلموا وهو كقوله عز وجل صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فكانوا ناطقين سامعين ناظرين حقيقة لكن لم ينتفعوا بذلك فكانوا كأنهم صم بكم عمى فذو الآلة إذا لم ينتفع بها فهو وعادم الآلة سواء والعالم الذي لا يعمل بعلمه فهو والجاهل سواء والغنى الذي لا ينتفع بماله فهو والفقير سواء فاثبات العلم للكفار الزام الحجة وذكر الجهل اثبات المنقصة بخلاف المؤمنين فان اثبات العلم لهم اثبات الكرامة وذكر الجهل تلقين عذر المعصية كذا في التيسير فعلى المؤمن ان يتحلى بالعلم والعمل ويجتنب عن الخطأ والزلل ويطيع ربه خالصا لوجهه الكريم ويعبده بقلب سليم وفي الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال (الرياء يقول الله تعالى يوم يجازى العباد

[سورة البقرة (2) : آية 10]

بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيرا) وانما يقال لهم ذلك لان عملهم في الدنيا كان على وجه الخداع فيعاملون في الآخرة على وجه الخداع كذا في تنبيه الغافلين: قال السعدي چهـ قدر آورد بنده نزد رئيس ... كه زير قبا دارد أندام پيس وفي التأويلات النجمية الاشارة ان الله تعالى لما قدر لبعض الناس الشقاوة في الأزل اثمر بذر سر القدر المستور في اعماله ثمرة مخادعة الله في الظاهر ولا يشعر ان المخادعة نتيجة بذر سر القدر بطريق تزيين الدنيا في نظره وحب شهواتها في قلبه كما قال تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الآية فانخدع بزينة الدنيا وطلب شهواتها عن الله وطلب السعادة الاخروية فعلى الحقيقة هو المخادع الممكور كما قال تعالى يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ فعلى هذا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ حقيقة في صورة مخادعتهم الله والذين آمنوا لانهم كانوا قبل مخادعتهم الله مستوجبين النار بكفرهم مع إمكان ظهور الايمان منهم فلما شرعوا في اظهار النفاق بطريق المخادعة نزلوا بقدم النفاق الدرك الأسفل من النار فابطلوا استعداد قبول الايمان وإمكانه عن أنفسهم فكانت مفسدة خداعهم ومكرهم راجعة الى أنفسهم وَما يَشْعُرُونَ اى ليس لهم الشعور بسر القدر الأزلي وان معاملتهم في المكر والخداع من نتايجه لان في قلوبهم مرضا ومرض القلب ما يفهم من شعور سر القدر فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً زاد يجيئ متعديا كما فى هذه الآية ولازما كما في قوله تعالى وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ والمرض حقيقة فيما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال اللائق به ويوجب الخلل في أفاعيله ويؤدى الى الموت ومجاز في الاعراض النفسانية التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والحسد والضغينة وحب المعاصي وغير ذلك من فنون الكفر المؤدى الى الهلاك الروحاني لانها مانعة عن نيل الفضائل او مؤدية الى زوال الحياة الحقيقة الابدية والآية الكريمة تحتملها فان قلوبهم كانت متألمة تحرقا على ما فات عنهم من الرياسة وحسدا على ما يرون من ثبات امر الرسول عليه السلام واستعلاء شأنه يوما فيوما فزاد الله غمهم بما زاد في إعلاء امره ورفع قدره وان نفوسهم كانت مؤوفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي عليه السلام ونحوها فزاد الله ذلك بان طبع على قلوبهم لعلمه تعالى بانه لا يؤثر فيها التذكير والانذار وبازدياد التكاليف الشرعية وتكرير الوحى وتضاعف النصر لانهم كلما ازداد التكاليف بنزول الوحى يزدادون كفرا وقد كان يشق عليهم التكلم بالشهادة فكيف وقد لحقتهم الزيادات وهي وظائف الطاعات ثم العقوبة على الجنايات فازدادوا بذلك اضطرابا على اضطراب وارتيابا على ارتياب ويزدادون بذلك في الآخرة عذابا على عذاب قال تعالى زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ والمؤمنون لهم في الدنيا ما قال وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وفي العقبى ما قال وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال القطب العلامة امراض القلب اما متعلقة بالدين وهو سوء الاعتقاد والكفر او بالأخلاق وهي اما رذائل فعلية كالغل والحسد واما رذائل انفعالية كالضعف والجبن فحمل المرض اولا على الكفر ثم على الهيآت الفعلية ثم على الهيآت الانفعالية ويحتمل ان يكون قوله تعالى

فَزادَهُمُ اللَّهُ دعاء عليهم فان قلت فكيف يحمل على الدعاء والدعاء للعاجز عرفا والله تعالى منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله عباده انه يجوز الدعاء على المنافقين والطرد لهم لانهم شر خلق الله لانه أعد لهم يوم القيامة الدرك الأسفل من النار وهذا كقوله تعالى قاتَلَهُمُ اللَّهُ ولَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ يصل ألمه الى القلوب وهو بمعنى المؤلم بفتح اللام على انه اسم مفعول من الإيلام وصف به العذاب للمبالغة وهو في الحقيقة صفة المعذب بفتح الذال المعجمة كما ان الجد للجاد في قولهم جدجده وجه المبالغة إفادة ان الألم بلغ الغاية حتى سرى المعذب الى العذاب المتعلق به بِما كانُوا يَكْذِبُونَ الباء للسببية او للمقابلة وما مصدرية داخلة في الحقيقة على يكذبون وكلمة كانوا مقحمة لافادة دوام كذبهم وتجدده اى بسبب كذبهم المتجدد المستمر الذي هو قولهم آمنا إلخ وفيه رمز الى قبح الكذب وسماجته وتخييل ان العذاب الأليم لاحق بهم من أجل كذبهم نظرا الى ظاهر العبارة المتخيلة لانفراده بالسببية مع احاطة علم السامع بان لحوق العذاب بهم من جهات شتى وان الاقتصار عليه للاشعار بنهاية قبحه والتنفير عنه والكذب الاخبار بالشيء على خلاف ما هو به وهو قبيح كله واما ما روى ان ابراهيم عليه السلام (كذب ثلاث كذبات) فالمراد به التعريض لكن لما شابه الكذب في صورته سمى به واحدي الكذبات قوله إِنِّي سَقِيمٌ اى ذاهب الى السقم او الى الموت او سيسقم لما يجد من الغيظ في اتخاذهم النجوم آلهة قاله ليتركوه من الذهاب معهم الى عيد لهم حتى يخلوا سبيله فيكسر أصنامهم والثانية قوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا على الفرض والتقدير على سبيل الإلزام كانه قال لو كان الها معبودا وجب ان يكون قادرا على ان يفعله فاذا لم يكن قادرا عليه يكون عاجزا والعاجز بمعزل عن الالوهية واستحقاق العبادة فكيف حالكم في العكوف عليه فهذا القول تهكم بعقولهم وثالثتها قوله في حق زوجته سارة رضى الله عنها هذه اختى والمراد منه الاخوة في الدين وغرضه منه تخليصها من يد الظالم لان من دين ذلك الملك الذي يتدين به فى الاحكام المتعلقة بالسياسة لا يتعرض الا لذوات الأزواج لان من دينه ان المرأة إذا اختارت الزوج فالسلطان أحق بها من زوجها واما اللاتي لا ازواج لهن فلا سبيل عليهن الا إذا رضين واما قوله هذا رَبِّي فهو من باب الاستدراج وهو إرخاء العنان مع الخصم وهو نوع من التعريض لان الغرض منه حكاية قولهم كذا في حواشى ابن تمجيد واعلم ان الكذب من قبايح الذنوب وفواحش العيوب ورأس كل معصية بها يتكدر القلوب وابغض الأخلاق انه مجانب للايمان يعنى الايمان في جانب والكذب في جانب آخر مقابل له وهذا كناية عن كمال البعد بينهما وفي الحديث (مالى أراكم تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار كل الكذب مكتوب كذبا لا محالة الا ان يكذب الرجل في الحرب فان الحرب خدعة او يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما او يحدث امرأته ليرضيها) مثل ان يقول لا أحد أحب الى منك وكذا من جانب المرأة فهذه الثلاث ورد فيها صريح الاستثناء وفي معناها ما أداها إذا ارتبط بمقصود صحيح له او لغيره كما قيل بالفارسية «دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز» لكن هذا في حق الغير واما في حق نفسه فالصدق اولى وان لزم الضرر: كما قال السعدي

[سورة البقرة (2) : الآيات 11 إلى 16]

تا نيك ندانى كه سخن عين صوابست ... بايد كه بگفتن دهن از هم نگشايى گر راست سخن گويى ودر بند بمانى ... به ز انكه دروغت دهد از بند رهايى واعلم ان المراد بالكذب في الحقيقة الكذب في العبودية والقيام بحقوق الربوبية كما للمنافقين ومن يحذو حذوهم ولا يصح الاقتداء بأرباب الكذب مطلقا ولا يعتمد عليهم فانهم يجرون الى الهلاك والفراق عن مالك الاملاك: قال في المثنوى صبح كاذب كاروانها را زده است ... كه ببوى روز بيرون آمده است صبح كاذب خلق را رهبر مباد ... كو دهد بس كاروانها را بباد قال القاشاني في تأويل الآية في قلوبهم حجاب من حجب الرذائل النفسانية الشيطانية والصفات البشرية عن تجليات الصفات الحقانية وفي التأويلات النجمية فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وهو التفات الى غير الله فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً اى زاد مرض الالتفات على مرض خداعهم فحرموا من الوصول والوصال وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ من حرمان الوصول الى الله تعالى بِما كانُوا يَكْذِبُونَ بقولهم انا آمنا بالله فانهم ليسوا بمؤمنين حقيقة والايمان الحقيقي نور إذا دخل القلب يظهر على المؤمن حقيقته كما كان لجارثة لما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف أصبحت يا حارثة) قال أصبحت مؤمنا حقا قال (يا حارثة ان لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك) قال أعرضت نفسى عن الدنيا اى زهدت وانصرفت فاظمأ نهارها واسهر ليلها واستوى عندى حجرها وذهبها وكأنى انظر الى اهل الجنة يتزاورون والى اهل النار ينصاعون وكأنى انظر الى عرش ربى بارزا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصبت فالزم) : قال في المثنوى اهل صيقل رسته اند از بو ورنگ ... هر دمى بينند خوبى بي درنگ نقش وقشر علم را بگذاشتند ... رايت عين اليقين افراشتند برترند از عرش وكرسى وخلا ... ساكنان مقعد صدق خدا علم كان نبود ز هو بي واسطه ... آن نپايد همچورنك ماشطه «3» وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى قال المسلمون لهؤلاء المنافقين لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ اسناد قيل الى لا تفسدوا اسناد له الى لفظه كانه قيل وإذا قيل لهم هذا القول كقولك الف ضرب من ثلاثة أحرف والفساد خروج الشيء عن الاعتدال والصلاح ضده وكلاهما يعمان كل ضار ونافع والفساد في الأرض تهيج الحروب والفتن المستتبعة لزوال الاستقامة عن احوال العباد واختلال امر المعاش والمعاد والمراد بما نهوا عنه ما يؤدى الى ذلك من افشاء اسرار المؤمنين الى الكفار وإغرائهم عليه وغير ذلك من فنون الشرور فلما كان ذلك من صنيعهم مؤديا الى الفساد قيل لا تفسدوا كما يقول الرجل لا تقتل نفسك بيدك ولا تلق نفسك في النار إذا اقدم على ما هذه عاقبته وكانت الأرض قبل البعثة يعلن فيها بالمعاصي فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع الفساد وصلحت الأرض فاذا أعلنوا بالمعاصي فقد أفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها كما في تفسير ابى الليث قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ جواب لاذا ورد للناصح على سبيل المبالغة والمعنى انه لا يصلح مخاطبتنا بذلك فان شائنا ليس الا الإصلاح وان حالنا

_ (3) در اواخر دفتر يكم در بيان آنكه خود ومستئ خود پنهان بايد داشتن إلخ

[سورة البقرة (2) : آية 12]

متمحضة عن شوائب الفساد وانما قالوا ذلك لانهم تصوروا الفساد بصورة الصلاح لما في قلوبهم من المرض كما قال الله تعالى أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فانكروا كون ذلك فسادا وادعوا كونه إصلاحا محضا وهو من قصر الموصوف على الصفة مثل انما زيد منطلق قال ابن التمجيد ان المسلمين لما قالوا لهم لا تفسدوا توهموا ان المسلمين أرادوا بذلك انهم يخلطون الإفساد بالإصلاح فاجابوا بانهم مقصورون على الإصلاح لا يتجاوزون منه الى صفة الإفساد فيلزم منه عدم الخلط فهو من باب قصر الافراد حيث توهموا ان المؤمنين اعتقدوا الشركة فاجابهم الله تعالى بعد ذلك بما يدل على القصر القلبي وهو قوله تعالى أَلا ايها المؤمنون اعلموا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ فانهم لما اثبتوا لانفسهم احدى الصفتين ونفوا الاخرى واعتقدوا ذلك قلب الله اعتقادهم هذا بان اثبت لهم ما نفوه ونفى عنهم ما اثبتوا والمعنى هم مقصورون على إفساد أنفسهم بالكفر والناس بالتعويق عن الايمان لا يتخطون منه الى صفة الإصلاح من باب قصر الشيء على الحكم فهم لا يعدون صفة الفساد والإفساد ولا يلزم منه ان لا يكون غيرهم مفسدين ثم استدرك بقوله تعالى وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ انهم مفسدون للايذان بان كونهم مفسدين من الأمور المحسوسة لكن لا حس لهم حتى يدركوه قال الشيخ فى تفسيره ذكر الشعور بإزاء الفساد أوفق لانه كالمحسوس عادة ثم فيه بيان شرف المؤمنين حيث تولى الله جواب المنافقين عما قالوه للمؤمنين كما كان في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم فان الوليد بن المغيرة قال له انه مجنون فنفاه الله عنه بقوله ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ثم قال فى ذم ذلك اللعين وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ اى حلاف حقير عياب يمشى بين الناس بالنميمة بخيل للمال ظالم فاجر غليظ القلب جاف ومع ذلك الوصف المذكور هو ولد الزنى وذلك لانه صلى الله عليه وسلم اتخذ ربه وكيلا على أموره بمقتضى قوله فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا فهو تعالى يكفى مؤونته كما قال اهل الحقائق ان خوارق العادات فلما تصدر من الاقطاب والخلفاء بل من وزرائهم وخلفائهم لقيامهم بالعبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلى فلا يتصرفون لانفسهم في شىء ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء الأدباء الأمناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم وذلك كما كان الكامل آصف بن برخيا وزير سليمان عليه الصلاة والسلام الذي كان قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم فظهر منه ما ظهر من إتيان عرش بلقيس كما حكاه الله تعالى في القرآن وفي التأويلات النجمية وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ الاشارة في تحقيق الآيتين ان الإنسان وان خلق مستعدا لخلافة الأرض ولكنه فى بداية الخلقة مغلوب الهوى والصفات النفسانية فيكون مائلا الى الفساد كما أخبرت عنه الملائكة وقالوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية فبأوامر الشريعة ونواهيها يتخلص جوهر الخلافة عن معدن نفس الإنسان فاهل السعادة وهم المؤمنون ينقادون للداعى الى الحق ويقبلون الأوامر والنواهي واهل الشقاوة وهم الكافرون المنافقون يمرقون من الدين ويتبعون الهوى وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض اى لا تسعوا في إفساد حسن استعدادكم وصلاحيتكم

[سورة البقرة (2) : آية 13]

للخلافة في الأرض باتباعكم الهوى وحرصكم على الدنيا قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ لا يقبلون النصيحة غافلين عن حقيقتها: كما قال السعدي كسى را كه پند ار در سر بود ... مپندار هرگز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنگ فكذبهم الله تعالى بقوله أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ يفسدون صلاح آخرتهم بإصلاح دنياهم وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ اى لا شعور لهم بإفساد حالهم وسوء أعمالهم وعظم وبالهم من خسار حسن صنيعهم وادعائهم بالصلاح على أنفسهم كما قال الله تعالى قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الآية: قال المولى جلال الدين قدس سره اى كه خود را شير يزدان خوانده ... سالها شد با سكى درماندة چون كند آن سك براى تو شكار ... چون شكار سك شدستى آشكار وَإِذا قِيلَ لَهُمْ من طرف المؤمنين بطريق الأمر بالمعروف اثر نهيهم عن المنكر إتماما للنصح وإكمالا للارشاد فان كمال الايمان بمجموع الامرين الاعراض عما لا ينبغى وهو المقصود بقوله تعالى لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ والإتيان بما ينبغى وهو المطلوب بقوله تعالى آمِنُوا حذف المؤمن به لظهوره اى آمنوا بالله وباليوم الآخر او أريد افعلوا الايمان كَما آمَنَ النَّاسُ الكاف في محل النصب على انه نعت لمصدر مؤكد محذوف اى آمنوا ايمانا مماثلا لايمانهم فما مصدرية او كافة اى حققوا ايمانكم كما تحقق ايمانهم واللام في الناس للجنس والمراد به الكاملون في الانسانية العاملون بقضية العقل او للعهد والمراد به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه او من آمن من اهل بلدتهم اى من اهل ضيعتهم كابن سلام وأصحابه والمعنى آمنوا ايمانا مقرونا بالإخلاص متمحضا من شوائب النفاق مماثلا لايمانهم قالُوا مقابلين للامر بالمعروف بالإنكار المنكر واصفين للمراجيح الرزان بضد اوصافهم الحسان أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ الهمزة فيه للانكار واللام مشار بها الى الناس الكاملين او المعهودين او الى الجنس باسره وهم مندرجون فيه على زعمهم الفاسد والسفه خفة عقل وسخافة رأى يورثهما قصور العقل ويقابله الحلم والاناة وانما نسبوهم اليه مع انهم في الغاية القاصية من الرشد والرزانة والوقار لكمال انهماك أنفسهم في السفاهة وتماديهم في الغواية وكونهم ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فمن حسب الضلال هدى يسمى الهدى لا محالة ضلالا او لتحقير شأنهم فان كثيرا من المؤمنين كانوا فقراء ومنهم موالى كصهيب وبلال او للتجلد وعدم المبالاة بمن آمن منهم على تقدير كون المراد بالناس عبد الله بن سلام وأمثاله فان قيل كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقوله أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ قلنا فيه اقوال الاول ان المنافقين لعنهم الله كانوا يتكلمون بهذا الكلام في أنفسهم دون ان ينطقوا به بألسنتهم لكن هتك الله تعالى استارهم واظهر أسرارهم عقوبة على عداوتهم وهذا كما اظهر ما أضمره اهل الإخلاص من الكلام الحسن وان لم يتكلموا به بالألسن تحقيقا لولايتهم قال الله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ الى ان قال إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وكان هذا في قلوبهم فاظهره الله

تعالى تشريفا لهم وتشهيرا لحالهم هذا قول صاحب التيسير والثاني ان المنافقين كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين فاخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بذلك هذا قول البغوي والثالث قول ابى السعود في الإرشاد حيث قال هذا القول وان صدر عنهم بمحضر من المؤمنين الناصحين لهم جوابا عن نصيحتهم لكن لا يقتضى كونهم مجاهرين لا منافقين فانه ضرب من الكفر أنيق وفن فى النفاق عريق لانه محتمل للشر كما ذكر في تفسيره وللخير بان يحمل على ادعاء الايمان كأيمان الناس وانكار ما اهتموا به من النفاق على معنى أنؤمن كما آمن السفهاء والمجانين الذين لا اعتداد بايمانهم لو آمنوا ولا نؤمن كايمان الناس حتى تأمرون بذلك قد خاطبوا به الناصحين استهزاء بهم مرائين لارادة المعنى الأخير وهم يقولون على الاول فرد عليهم ذلك بقوله عز وجل أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ انهم هم السفهاء ولا يحيطون بما عليهم من داء السفه والمؤمنون بايمانهم وإخلاصهم هربوا من السفه وغبوا في العلم والحق وهم العلماء على الحقيقة والمستقيمون على الطريقة وهذا رد ومبالغة في تجهيلهم فان الجاهل بجهله الجازم على خلاف ما هو الواقع أعظم ضلالة وأتم جهالة من المتوقف المعترف بجهله فانه ربما يعذر وتنفعه الآيات والنذر واعلم ان قوله تعالى لا يَشْعُرُونَ فى الآية الاولى نفى الاحساس عنهم وفي الثانية نفى الفطنة لان معرفة الصلاح والفساد يدرك بالفطنة وفي الآية الثالثة نفى العلم وفي نفيها على هذه الوجوه تنبيه لطيف ومعنى دقيق وذلك انه بين في الاول ان في استعمالهم الخديعة نهاية الجهل الدال على عدم الحس وفي الثاني انهم لا يفطنون تنبيها على ان ذلك لازم لهم لان من لا حس له لا فطنة له وفي الثالث انهم لا يعلمون تنبيها على ان ذلك ايضا لازم لهم لان من لا فطنة له لا علم له فان العلم تابع للعقل- كما حكى- ان الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام اتى اليه جبرائيل بثلاث تحف العلم والحياء والعقل فقال يا آدم اختر من هذه الثلاث ما تريد فاختار العقل فاشار جبريل الى العلم والحياء بالرجوع الى مقرهما فقالا انا كنا في عالم الأرواح مجتمعين فلا نرضى ان يفترق بعضنا عن بعض في فى الأشباح ايضا فنتبع العقل حيث كان فقال جبريل عليه السلام استقرا فاستقر العقل في الدماغ والعلم في القلب والحياء في العين: قال المولى جلال الدين قدس سره جمله حيوانرا پى انسان بكش جمله انسان را بكش از بهر هش هش چهـ باشد عقل كل اى هوشمند عقل جز وى هش بود اما نژند لطف او عاقل كند مر نيل را قهر او ابله كند قابيل را [2] فليسارع العاقل الى تحصيل العلم والمعرفة حتى يصل الى توحيد الفعل والصفة قال الامام القشيري رحمه الله للعقل نجوم وهي للشيطان رجوم وللعلوم أقمار هي للقلوب أنوار واستبصار وللمعارف شموس ولها على اسرار العارفين طلوع والعلم اللدني هو الذي ينفتح في بيت القلب من غير سبب مألوف من الخارج وللقلب بابان باب الى الخارج يأخذ العلم من الحواس وباب الى الداخل يأخذ العلم بالإلهام فمثل القلب كمثل الحوض الذي يجرى فيه انهار خمسة فلا يخلو ماؤه عن كدرة مادام يحصل ماؤه من الأنهار الخمسة بخلاف ما إذا خرج ماؤه من

[سورة البقرة (2) : آية 14]

قعره حيث يكون ماؤه أصفى واجلى فكذا القلب إذا حصل له العلم من طريق الحواس الخمس الظاهرة لا يخلو عن كدرة وشك وشبهة بخلاف ما إذا ظهر من صميم القلب بطريق الفيض فانه أصفى واولى وقال الشيخ زين الدين الحافى رحمه الله والعجب ممن دخل في هذه الطريقة وأراد ان يصل الى الحقيقة وقد حصل من الاصطلاحات ما يستخرج بها المعاني من كتاب الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم ثم لا يشتغل بذكر الله وبمراقبته والاعراض عما سواه لتنصب الى قلبه العلوم اللدنية التي لو عاش الف سنة في تدريس الاصطلاحات وتصنيفها لا يشم منها رائحة ولا يشاهد من آثارها وأنوارها لمعة فالعلم بلا عمل عقيم والعمل بلا علم سقيم والعمل بالعلم صراط مستقيم: قال في المثنوى آنكه بي همت چهـ با همت شده ... وآنكه با همت چهـ با نعمت شده وفي التأويلات النجمية وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لاهل الغفلة والنسيان آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ اى بعض الناسين منكم الذين تفكروا في آلاء الله تعالى وتدبروا آياته بعد نسيان عهد الست بربكم ومعاهدة الله تعالى على التوحيد والعبودية فتذكروا تلك العهود والمواثيق فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به قالُوا اى اهل الشقاوة منهم أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ فكذلك احوال اصحاب الغفلات مدعى الإسلام إذا دعوا عن الايمان التقليدى الذي وجدوه بالميراث الى الايمان الحقيقي المكتسب بصدق الطلب وترك محبة الدنيا واتباع الهوى والرجوع الى الخلق والتمادي في الباطل ينسبون ارباب القلوب واصحاب الكرامات العالية الى السفه والجنون وينظرون إليهم بنظر العجز والذلة والقلة والمسكنة ويقولون أن ترك الدنيا كما ترك هؤلاء السفهاء من الفقراء لنكون محتاجين الى الخلق كما هم محتاجون ولا يعلمون انهم هم السفهاء لقوله تعالى أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ فهم السفهاء بمعنيين أحدهما انهم يبيعون الدين بالدنيا والباقي بالفاني لسفاهتهم وعدم رشدهم والثاني انهم سفهوا أنفسهم ولم يعرفوا حسن استعدادهم للدرجات العلى والقربة والزلفى فرضوا بالحياة الدنيا ورغبوا عن مراتب اهل التقى ومشارب اهل النهى كما قال الله تعالى وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ فانه من عرف نفسه فقد عرف ربه ومن عرف ربه ترك غيره وعرف اهل الله وخاصته فلا يرغب عنهم ولا ينسبهم الى السفه وينظر إليهم بالعزة فان الفقراء الكبراء هم الملوك تحت الاطمار ووجوههم المصفرة عند الله كالشموس والأقمار ولكن تحت قباب العزة مستورون وعن نظر الأغيار محجوبون: قال فى المثنوى مهر پاكان در ميان جان نشان ... دل مده الا بمهر دلخوشان [1] گر تو سنگ صخره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى جوهر شوى انهم تحت قبابى كامنون ... جز كه يزدانشان نداند ز آزمون [2] وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار وما صدرت به القصة فمساقه لبيان مذهبهم وتمهيد نفاقهم فليس بتكرير اى هؤلاء المنافقون إذا عاينوا وصادقوا

[سورة البقرة (2) : آية 15]

واستقبلوا الذين آمنوا بالحق وهم المهاجرون والأنصار قالُوا كذبا آمَنَّا كأيمانكم وتصديقكم روى ان عبد الله بن ابى المنافق وأصحابه خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من الصحابة رضى الله عنهم فقال ابن ابى انظروا كيف أرد هذه السفهاء عنكم فلما دنوا منهم أخذ بيد ابى بكر رضى الله عنه فقال مرحبا بالصديق سيد بنى تميم وشيخ الإسلام وثانى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد عمر رضى الله عنه فقال مرحبا بسيد بنى عدى الفاروق القوى في دينه الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد على رضى الله عنه فقال مرحبا بابن عم رسول الله وختنه وسيد بنى هاشم ما خلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له على رضى الله عنه يا عبد الله اتق الله ولا تنافق فان المنافقين شر خلق الله فقال له مهلا يا أبا الحسن أنى تقول هذا والله ان أيماننا كأيمانكم وتصديقنا كتصديقكم ثم افترقوا فقال ابن ابى لاصحابه كيف رأيتمونى فعلت فاذا رأيتموهم فافعلوا ما فعلت فأثنوا عليه خيرا وقالوا ما نزال بخير ما عشت فينا فرجع المسلمون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبروه بذلك فنزلت الآية وَإِذا خَلَوْا اى مضوا أو اجتمعوا على الخلوة والى بمعنى مع او انفردوا والى بمعنى الباء او مع تقول خلوت بفلان واليه إذا انفردت معه إِلى شَياطِينِهِمْ أصحابهم المماثلين للشيطان فى التمرد والعناد المظهرين لكفرهم واضافتهم اليه للمشاركة في الكفر او كبار المنافقين والقائلون صغارهم وكل عات متمرد فهو شيطان وقال الضحاك المراد بشياطينهم كهنتهم وهم في بنى قريظة كعب بن الأشرف وفي بنى اسلم ابو بردة وفي جهينة عبد الدار وفي بنى اسد عوف بن عامر وفي الشام عبد الله بن سوداء وكانت العرب تعتقد فيهم انهم مطلعون على الغيب ويعرفون الاسرار ويداوون المرضى وليس من كاهن الا وعند العرب ان معه شيطانا يلقى اليه كهانته وسموا شياطين لبعدهم عن الحق فان الشطون هو البعد كذا في التيسير قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ انا مصاحبوكم وموافقوكم على دينكم واعتقادكم لا نفارقكم في حال من الأحوال وكأنه قيل لهم عند قوله إِنَّا مَعَكُمْ فما بالكم توافقون المؤمنين في الإتيان بكلمة الشهادة وتشهدون مشاهدهم وتدخلون مساجدهم وتحجون وتغزون معهم فقالوا إِنَّما نَحْنُ اى في اظهار الايمان عند المؤمنين مُسْتَهْزِؤُنَ بهم من غير ان يخطر ببالنا الايمان حقيقة فنريهم انا نوافقهم على دينهم ظاهرا وباطنا وانما نكون معهم ظاهرا لنشاركهم في غنائمهم وننكح بناتهم ونطلع على أسرارهم ونحفظ أموالنا وأولادنا ونساءنا من أيديهم والاستهزاء التجهيل والسخرية والاستخفاف والمعنى انا نجهل محمدا وأصحابه ونسخر بهم باظهارنا الإسلام فرد الله عليهم بقوله اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ اى يجازيهم على استهزائهم او يرجع وبال الاستهزاء عليهم فيكون كالمستهزئ بهم او ينزل بهم الحقارة والهوان الذي هو لازم الاستهزاء والغرض منه او يعاملهم معاملة المستهزئ بهم اما في الدنيا فباجراء احكام المسلمين عليهم واستدراجهم بالامهال والزيادة في النعمة على التمادي في الطغيان واما في الآخرة فما يروى انه يفتح لهم باب الى الجنة وهم في جهنم فيسرعون نحوه فاذا وصلوا اليه سد عليهم الباب

وردوا الى جهنم والمؤمنون على الأرائك في الجنة ينظرون إليهم فيضحكون منهم كما ضحكوا من المؤمنين في الدنيا فذلك بمقابلة هذا ويفعل بهم ذلك مرة بعد مرة وَيَمُدُّهُمْ اى يزيدهم ويقويهم من مد الجيش وأمده إذا زاده وقواه لا من المد في العمر فانه يعدى باللام كأملى لهم ويدل عليه قراءة ابن كثير ويمدهم فِي طُغْيانِهِمْ متعلق بيمدهم والطغيان مجاوزة الحد في كل امر والمراد افراطهم في العتو وغلوهم في الكفر وفي إضافته إليهم إيذان باختصاصه بهم وتأييد لما أشير اليه من ترتب المد على سوء اختيارهم يَعْمَهُونَ اى يترددون فى الضلالة متحيرين عقوبة لهم في الدنيا لاستهزائهم وهو حال من الضمير المنصوب او المجرور لكون المضاف مصدرا فهو مرفوع حكما والعمه في البصيرة كالعمى في البصر وهو التحير والتردد بحيث لا يدرى اين يتوجه وفي الآيتين إشارات الاولى في قوله تعالى إِنَّا مَعَكُمْ وهي ان من رام ان يجمع بين طريق الارادة وما عليه اهل العادة لا يلتئم له ذلك والضدان لا يجتمعان ومن كان له من كل ناحية خليط ومن كل زاوية من قلبه ربيط كان نهبا للطوارق ومنقسما بين العلائق فهذا حال المنافق يذبذب بين ذلك وذلك يعنى ان المنافقين لما أرادوا ان يجمعوا بين غبرة الكفار وصحبة المسلمين وان يجمعوا بين مفاسد الكفر ومصالح الايمان وكان الجمع بين الضدين غير جائز فبقوا بين الباب والدار كقوله تعالى مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وكذلك حال المتمنين الذين يدعون الارادة ولا يخرجون عن العادة ويريدون الجمع بين مقاصد الدارين يتمنون أعلى مراتب الدين ويرتعون في أسفل مراتع الدنيا فلا يلتئم لهم ذلك قال عليه السلام (ليس الدين بالتمني) وقال (بعثت لرفع العادات ودفع الشهوات) وقال (الدنيا والآخرة ضرتان فمن يدع الجمع بينهما فممكور ومغرور) فمن رام مع متابعة الهوى البلوغ الى الدرجات العلى فهو كالمستهزئ بطريق هذا الفريق فكم في هذا البحر من أمثاله غريق فالله تعالى يمهلهم في طغيان النفس بالحرص على الدنيا حتى يتجاوزوا في طلبها حد الاحتياج إليها ويفتح أبواب المقاصد الدنيوية عليهم ليستغنوا بها وبقدر الاستغناء يزيد طغيانهم كما قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى فكان جزاء سيئة تلونهم في الطلب الاستهزاء وجزاء سيئة الاستهزاء الخذلان والامهال الى ان طغوا وجزاء سيئة الطغيان العمه فيترددون فى الضلال متحيرين لا سبيل لهم الى الخروج من الباطل والرجوع الى الحق والاشارة الثانية في قوله تعالى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وهي ان ذلك يدل على شرف المؤمنين ومنزلتهم عند الله حيث ان الله هو الذي يتولى الاستهزاء بهم انتقاما للمؤمنين ولا يحوج المؤمنين الى ان يعارضوهم باستهزاء مثله فناب الله عنهم واستهزأ بهم الاستهزاء الا بلغ الذي ليس استهزاؤهم عنده من باب الاستهزاء حيث ينزل بهم من النكال ويحل عليهم من الذل والهوان ما لا يوصف به ودلت الآية على قبح الاستهزاء بالناس وقد قال لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ وقال في قصة موسى عليه السلام قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فاخبر انه فعل الجاهلين وإذا كان الاستهزاء بالناس قبيحا فما جزاء الاستهزاء بالله وهو فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم (المستغفر من الذنب وهو مصر عليه كالمستهزئ بربه) والاشارة الثالثة في قوله تعالى وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ

[سورة البقرة (2) : آية 16]

وهي ان العبد ينبغى له ان لا يغتر بطول العمر وامتداده ولا بكثرة أمواله وأولاده والله تعالى يقول في أعدائه في حق المعمر ويمدهم وفي حق المال والبنين يحسبون انما نمدهم به من مال وبنين وكان طول العمر لهم خذلانا وكثرة الأموال والأولاد لهم حرمانا ولهم فى مقابلة هذا المد مد قال الله تعالى وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وقد جعل الله لعدوه في الدنيا مالا ممدودا ولوليه في الآخره ظلا ممدودا وقال الله جل جلاله لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج (ان من نعمتى على أمتك انى قصرت أعمارهم كيلا تكثر ذنوبهم وأقللت أموالهم كيلا يشتد فى القيامة حسابهم وأخرت زمانهم كيلا يطول في القبور حبسهم) وروى ان الله تعالى قال لحبيبه ليلة المعراج (يا احمد لا تتزين بلين اللباس وطيب الطعام ولين الوطاء فان النفس مأوى كل شر وهى رفيق سوء كلما تجرها الى طاعة تجرك الى معصية وتخالفك في الطاعة وتطيع لك في المعصية وتطغى إذا شبعت وتتكبر إذا استغنت وتنسى إذا ذكرت وتغفل إذا امنت وهي قرينة للشيطان) كذا في مشكاة الأنوار أُولئِكَ المنافقون المتصفون بما ذكر من الصفات الشنيعة المميزة لهم عمن عداهم أكمل تمييز بحيث صاروا كأنهم حضار مشاهدون على ما هم عليه وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلتهم في الشر وسوء الحال ومحله الرفع على الابتداء وخبره قوله الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى اصل الاشتراء بذل الثمن لتحصيل ما يطلب من الأشياء ثم استعير للاعراض عما في يده محصلا به غيره ثم اتسع فيه فاستعمل للرغبة عن الشيء طمعا في غيره وهو هاهنا عبارة عن معاملتهم السابقة المحكية واشتروا الضلالة وهي الكفر والعدول عن الحق والصواب بالهدى وهو الايمان والسلوك في الطريق المستقيم والاستقامة عليه مستعار لاخذها بدلا منه أخذا متصفا بالرغبة فيها والاعراض عنه اى اختاروها عليه واستبدلوها به وأخذوها مكانه وجعل الهدى كأنه في أيديهم لتمكنهم منه وهو الاستعداد به فبميلهم الى الضلالة عطلوه وتركوه والباء تصحب المتروك في باب المعاوضة وهذا دليل على ان الحكم يثبت بالتعاطى من غير تكلم بالإيجاب والقبول فان هؤلاء سموا مشترين بترك الهدى وأخذ الضلال من غير التكلم بهذه المبادلة كما في التيسير فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ترشيح للمجاز اى ما ربحوا فيها فان الربح مسند الى ارباب التجارة في الحقيقة فاسناده الى التجارة نفسها على الاتساع لتلبسها بالفاعل او لمشابهتها إياه من حيث انها سبب الربح والخسران ودخلت الفاء لتضمن الكلام معنى الشرط تقديره وإذا اشتروا فما ربحوا كما في الكواشي والتجارة صناعة التجار وهو التصدي بالبيع والشراء لتحصيل الربح وهو الفضل على رأس المال وَما كانُوا مُهْتَدِينَ اى الى طريق التجارة فان المقصد منها سلامة رأس المال مع حصول الربح ولئن فات الربح في صفقة فربما يتدارك في صفقة اخرى لبقاء الأصل واما إتلاف الكل بالمرة فليس من باب التجارة قطعا وهؤلاء قد أضاعوا الطلبتين لان رأس مالهم كان الفطرة السليمة والعقل الصرف فلما اعتقدوا هذه الضلالات بطل استعدادهم واختل عقلهم ولم يبق لهم رأس مال يتوسلون به الى درك الحق ونيل الكمال فبقوا خاسرين آيسين من الربح فاقدين الأصل نائين عن طريق التجارة بألف منزل واعلم ان المهتدى

هو الذي ترك الدنيا والعادة ثم اشتغل بوظائف الطاعة والعبادة لا من اتبع كل ما يهواه وخلط هواه بهداه- حكى- انه كان للشيخ الأستاذ ابى على الدقاق رضى الله عنه مريد تاجر متمول فمرض يوما فعاده الشيخ وسأل منه سبب علته فقال التاجر قمت هذه الليلة لمصلحة التهجد فلما أردت الوضوء بدا لي من ظهرى حرارة فاشتد امرى حتى صرت محموما فقال الشيخ لا تفعل فعلا فضوليا ولا ينفعك التهجد ما دمت لم تهجر دنياك وتخرج محبتها من قلبك فاللائق لك اولا هوذا ثم الاشتغال بوظائف النوافل فمن كان به أذى من رأسه من صداع لا يسكن ألمه بالطلاء على الرجل ومن تنجست يده لا يجد الطهارة بغسل ذيله وكمه قال بعض المشايخ من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا غالب في الخلق الا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالاوراد الكثيرة والنوافل العديدة الثقيلة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه فعلى العاقل تحصيل رأس المال ثم تحصيل الربح المترتب عليه وذلك بالاختيار لا بالاضطرار وقد أوجب الله على العباد وجود طاعته لما علم من قلة نهوضهم الى معاملته إذ ليس لهم ما يردهم اليه بلا علة وهذا حال اكثر الخلق بخلاف اهل المروءة والصفاء: قال في المثنوى اختيار آمد عبادت را نمك ... ور نه ميگردد بنا خواه اين فلك گردش او را نه اجر ونه عقاب ... كاختيار آمد هنر وقت حساب [1] ائتيا كرها مهار عاقلان ... ائتيا طوعا مهار بيدلان [2] اين محب دايه ليك از بهر شير ... وان دگر دل داده بهر آن ستير [3] فاوجب الله عليك وجود طاعته وما أوجب عليك بالحقيقة الا دخول جنته إذ الأمر آيل إليها والأسباب عدمية فان تعللت النفس عن التشمير بما هي عليه من الاستغراق في كل دنى وحقير فاعلم ان من استغرب ان ينقذه الله من شهوته التي اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته في جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية وقد قال الله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً فابان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شىء وهذا من الأشياء وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك في ذلك فانظر لحال من كان مثلك ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض وابن المبارك وذى النون المصري ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية كذا في شرح الحكم العطائية: قال الحافظ قدس سره عاشق كه شد كه يار بحالش نظر نكرد ... اى خواجه درد نيست وگر نه طبيب هست قال القاشاني فى تأويل الآية الهدى النور الثاني في قوله تعالى نُورٌ عَلى نُورٍ وهو النور الفطري الأزلي المراد من قول المحققين هو الاستعداد من فيضه الأقدس والضلالة ظلمة النشأة الحاجبة له بسلوك طريق المطالب الطبيعية الفاسدة والمقاصد الهيولانية الفاسقة بهوى النفس وتتبع خطوات الشيطان والربح هو النور الاول المقدس الكمالي المكتسب بالتوجه الى الحق والاتصال بعالم القدس والانقطاع والتبتل الى الله من الغير والتبري بحوله وقوته من كل حول وقوة حتى يخلص روح المشاهدة من أعباء المكابدة بطلوع الوجه الباقي وإحراق سبحانه كل

[سورة البقرة (2) : الآيات 17 إلى 22]

ما في بقعة الإمكان من الرسم الفاني وخسر انهم باضاعة الامرين هو الحجاب الكلى عن الحق بالرين كما قال تعالى كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ وفي التأويلات النجمية الاشارة في الآية ان من نتيجة طغيانهم وعمههم ان رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وأشربوا في قلوبهم الضلالة وتمكنت فكانت هذه الحال من نتيجة معاملتهم فلهذا أضاف الفعل إليهم وقال أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وانما قال بلفظ الاشتراء لانهم اخرجوا استعداد قبول الهداية عن قدرتهم وتصرفهم فلا يملكون الرجوع اليه فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ لان خسران من رضى بالدنيا من العقبى ظاهر ومن اثر الدنيا والعقبى على المولى فهو أشد خسرانا وأعظم حرمانا فاذا كان المصاب بفوات النعيم ممتحنا بنار الجحيم فما ظنك بالمصاب بفقد المطلوب وبعد المحبوب ضاعت منه الأوقات وبقي في أسر الشهوات لا الى قلبه رسول ولا لروحه وصول لا من الحبيب اليه وفود ولا لسره معه شهود فهذا هو المصاب الحقيقي وَما كانُوا مُهْتَدِينَ لابطالهم حسن استعداد قبول الهداية مَثَلُهُمْ المثل في الأصل بمعنى النظير ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده اى المضروب كما ورد من غير تغيير ولا يضرب الا بما فيه غرابة ولذلك حوفظ عليه من التغيير ثم استعير لكل حال او قصة او صفة لها شأن عجيب وفيها غرابة كقوله تعالى مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ وقوله تعالى وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى اى الوصف الذي له شأن من العظمة والجلال ولما جاء الله بحقيقة حال المنافقين عقبها بضر المثل زيادة في التوضيح والتقرير فان التمثيل ألطف ذريعة الى تسخير الوهم للعقل وأقوى وسيلة الى تفهيم الجاهل الغبي وقمع سورة الجامح الآبي كيف لا يلطف وهو إبداء للمنكر في صورة المعروف واظهار للوحشى في هيئة المألوف واراءة للخيل محققا والمعقول محسوسا وتصوير للمعانى بصورة الاشخاص ومن ثمة كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد ولامر ما اكثر الله في كتبه الأمثال وفي الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال وفي القرآن الف آية من الأمثال والعبر وهي في كلام الأنبياء عليهم السلام والعلماء والحكماء كثيرة لا تحصى ذكر السيوطي في الإتقان من أعظم علم القرآن أمثاله والناس في غفلة عنه والمعنى حالهم العجيبة الشان كَمَثَلِ الَّذِي اى كحال الذين من باب وضع واحد الموصول موضع الجمع منه تخفيفا لكونه مستطالا بصلته كقوله وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا والقرينة ما قبله وما بعده خلا انه وحد الضمير في قوله تعالى اسْتَوْقَدَ ناراً نظرا الى الصورة وجمع في الافعال الآتية نظرا الى المعنى والاستيقاد طلب الوقود والسعى في تحصيله وهو سطوع النار وارتفاع لهبها والنار جوهر لطيف مضيئ محرق حار والنور ضوءها وضوء كل نير وهو نقيض الظلمة اى أوقد في مفازة في ليلة مظلمة نارا عظيمة خوفا من السباع وغيرها فَلَمَّا أَضاءَتْ الاضاءة فرط الانارة كما يعرب عنه قوله تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً اى أنارت النار ما حَوْلَهُ اى ما حول المستوقد من الأماكن والأشياء على ان ما مفعول أضاءت ان جعلته متعديا وحول نصب على الظرفية وان جعلته لازما فهو مسند الى ما والتأنيث لان ما حوله أشياء

[سورة البقرة (2) : آية 18]

وأماكن واصل الحول الدوران ومنه الحول للعام لانه يدور وجواب لما قوله تعالى ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ اى أذهبه بالكلية واطفأ نارهم التي هي مدار نورهم وانما علق الاذهاب بالنور دون نفس النار لانه المقصود بالاستيقاد واسناد الاذهاب الى الله تعالى اما لان الكل بخلقه تعالى واما لان الانطفاء حصل بسبب خفى أو أمر سماوى كريح او مطر واما للمبالغة كما يوذن به تعدية الفعل بالباء دون الهمزة لما فيه من معنى الاستصحاب والإمساك يقال ذهب السلطان بماله إذا اخذه وما اخذه الله تعالى فامسكه فلا مرسل له من بعده ولذلك عدل عن الضوء الذي هو مقتضى الظاهر الى النور لان ذهاب الضوء قد يجامع بقاء النور في الجملة لعدم استلزام عدم القوى لعدم الضعيف والمراد إزالته بالكلية كما يفصح عنه قوله تعالى وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ فان الظلمة هي عدم النور وانطماسه بالمرة لا سيما إذا كانت متضاعفة متراكمة متراكبا بعضها على بعض كما يفيده الجمع والتنكير التفخيمى وما بعده من قوله لا يُبْصِرُونَ لا يتحقق الا بعد ان لا يبقى من النور عين ولا اثر وترك في الأصل بمعنى طرح وخلى وله مفعول واحد فضمن معنى التصيير فجرى مجرى افعال القلوب اى صيرهم فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ما حولهم فعلى هذا يكون قوله فِي ظُلُماتٍ وقوله لا يُبْصِرُونَ مفعولين لصير بعد المفعول الاول على سنن الاخبار المتتابعة للمخبر عنه الواحد وان حمل معناه على الأصل يكونان حالين من المفعول مترادفين او متداخلين والمعنى ان حالهم العجيبة التي هي اشتراؤهم الضلالة التي هي عبارة عن ظلمتى الكفر والنفاق المستتبعين لظلمة سخط الله تعالى وظلمة يوم القيامة يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ وظلمة العقاب السرمدي بالهدى الذي هو الفطري النوري المؤيد بما شاهدوه من دلائل الحق كحال من استوقد نارا عظيمة حتى كاد ينتفع بها فاطفأها الله تعالى وتركه في ظلمات هائلة لا يتسنى فيها الابصار وفي التيسير والعيون ان المنافقين أظهروا كلمة الايمان فاستناروا بنورها واستعزوا بعزها وأمنوا بسببها فناكحوا المسلمين ووارثوهم وقاسموهم الغنائم وأمنوا على أموالهم وأولادهم فاذا بلغوا الى آخر العمر كل لسانهم عنها وبقوا في ظلمة كفرهم أبد الأبد وعادوا الى الخوف والظلمة صُمٌّ اى هم صم عن الحق لا يقبلونه وإذا لم يقبلوا فكانهم لم يسمعوا والصم انسداد خروق المسامع بحيث لا يكاد يصل إليها هواء يحصل الصوت بتموجه بُكْمٌ خرس عن الحق لا يقولونه لما ابطنوا خلاف ما أظهروا فكانهم لم ينطقوا وهو آفة في اللسان لا يتمكن بها ان يعتمد مواضع الحروف عُمْيٌ اى فاقدوا الابصار عن النظر الموصل الى العبرة التي تؤديهم الى الهدى وفاقدوا البصيرة ايضا لان من لا بصيرة له كمن لا بصر له فالعمى مستعمل هاهنا في عدم البصر والبصيرة جمعيا وهذه صفاتهم في الدنيا ولذلك عوقبوا فى الآخرة بجنسها قال تعالى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا فلا يسمعون سلام الله ولا يخاطبون الله ولا يرونه والمسلمون كانوا سامعين للحق قائلين بالحق ناظرين الى الحق فيكرمون يوم القيامة بخطابه ولقائه وسلامه فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ اى هم بسبب اتصافهم بالصفات المذكورة لا يعودون عن الضلالة الى الهدى الذي تركوه والآية

فذلكة التمثيل ونتيجته وأفادت انهم كانوا يستطيعون الرجوع باستطاعة سلامة الآلات حيث استحقوا الذم بتركه وان قوله تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ليس بنفي الآلات بل هو نفى تركهم استعمالها: قال السعدي قدس سره زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس گذرگاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان باطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب بردار فرو گير ودوست ثم ان الله تعالى ندب الخلق الى الرجوع بالائتمار بامره والانتهاء بنهيه بقوله تعالى وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فمن لم يرجع اليه اختيارا رجعوا اليه بالموت والبعث كما قال تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ومن رجع اليه في الدنيا بفعله وحقق ذلك بقوله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ كان رجوعه اليه بالكرامة ويخاطب بقوله يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً- حكى- ان جبارا عاتيا في الزمن الاول بنى قصرا وشيده وزخرفه ثم آلى بيمينه ان لا يدنو من قصره هذا أحد فمن وقع بصره عليه قتله فكان يفعل ذلك ويقتل حتى جاءه رجل من اهل قريته فوعظه فى ذلك فلم يلتفت الى تحذيره ولم يعبأ بقوله فخرج ذلك الرجل الصالح من قريته وبنى كوخا وهو بيت من قصب بلا كوة وجعل يعبد الله فيه فبينما هذا الجبار في قصره وأصحابه قيام بين يديه إذ تمثل له ملك الموت على صورة رجل شاب حسن الهيئة فجعل يطوف حول هذا القصر ويرفع رأسه اليه فقال بعض ندمائه ايها الملك انا نرى رجلا يطوف حول القصر وينظر اليه فتعالى الملك على منظر له فابصره فقال هذا مجنون او غريب عابر سبيل ولكن انزل اليه فأرحه من نفسه فنزل اليه الرجل فلما أراد ان يرفع اليه السيف قبض روحه فخر ميتا فقيل للملك ان هذا قد قتل صاحبك فقال للآخر انزل اليه فاقتله فلما نزل وأراد ان يقتله قبض روحه فخر ميتا فرفع ذلك الى الملك فامتلأ غضا وأخذ السيف ونزل اليه بنفسه فقال من أنت اما رضيت ان دنوت من قصرى حتى قتلت رجلين من أصحابي فقال أو ما تعرفنى انا ملك الموت فارتعد الملك من هيبته حتى سقط السيف من يده قال فعرفتك الآن وأراد ان ينصرف فقال له ملك الموت الى اين انى أمرت بقبض روحك فقال حتى اوصى أهلي وأودعهم فقال له لم لم تفعل في طول عمرك قبل هذا فقبض روحه فخر الملك ميتا ثم جاء ملك الموت الى ذلك الرجل الصالح في كوخه فقال له ايها الرجل الصالح ابشر فانى ملك الموت وقد قبضت روح الملك الجبار فاعلم ذلك وأراد ان يرجع فاوحى الله تعالى الى ملك الموت ان اقبض روح الرجل الصالح فقال له ملك الموت انى أمرت بقبض روحك قال فهل لك يا ملك الموت ان ادخل القرية فاحدث باهلى عهدا وأودعهم فاوحى الله تعالى اليه ان أمهله يا ملك الموت فقال ان شئت فرفع الرجل الصالح قدميه ليدخل القرية فتفكر ثم ندم فقال يا ملك الموت انى أخاف ان رأيت أهلي ان يتغير قلبى فاقبض روحى فالله تعالى خير لهم منى فقبض روحه على المكان قال بعض العارفين والعجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه وهو

[سورة البقرة (2) : آية 19]

مولاه الذي من عليه بكل خير وأولاه ويطلب ما لا بقاء له معه وهو ما يوافق النفس من شهوته وهواه وآخرته ودنياه فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور واسباب عمى البصيرة ثلاثة إرساله الجوارح في معاصى الله والتصنع بطاعة الله والطمع في خلق الله فعند عماها يتوجه العبد للخلق ويعرض عن الحق وفي التأويلات النجمية الاشارة في تحقيق الآيتين ان مثل المريد الذي له بداية جميلة يسلك طريق الارادة مدة ويتعنى بمقاساة شدائد الصحبة برهة حتى تنور بنور الارادة فاستوقد نار الطلب فاضاءت ما حوله فرأى اسباب السعادة والشقاوة فتمسك بحبل الصحبة فلازم الخدمة والخلوة وعرفت نفسه عن الدنيا واقبل على قمع الهوى فشرقت له من صفاء القلب شوارق الشوق وبرقت له من أنوار الروح بوارق الذوق فامن مكر الله وانخدع بخداع النفس فطرقته الهواجس وأزعجته الوساوس ثم رجع القهقرى الى ما كان من حضيض الدنيا فغابت شمسه واظلمت نفسه وانقطع حبل وصاله قبل وصوله واخرج من جنة نواله بعدد دخوله فبقدمى سأمه وملاله عاد الى أسوأ حاله كما قال تعالى وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ صُمٌّ يعنى بآذان قلوبهم التي سمعوا بها خطاب الله تعالى يوم الميثاق بُكْمٌ بتلك الالسنة التي أجابوا ربهم بها بقولهم بلى عُمْيٌ بالأبصار التي شاهدوا بها جمال ربوبيته فعرفوه فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ الى منازل حظائر القدس بل الى ما كانوا فيه من رياض الانس وذلك لانهم سدوا روزنة قلوبهم التي كانت مفتوحة الى عالم الغيب يوم الميثاق بتتبع الشهوات واستيفاء اللذات والخدعة والنفاق فما هبت عليهم من جناب القدس الرياح وما تنسموا نفحات الأرواح فمرضت قلوبهم ثم أرسل إليهم الطبيب الذي انزل الداء فانزل معه الدواء كما قال تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الذين يصدقون الأطباء ويقبلون الدواء فلم يصدقوهم ولم يقبلوا الدواء ظلما على أنفسهم فصار الدواء داء والشفاء وباء كما قال تعالى وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً فلما لم يكونوا اهل الرحمة أدركتهم اللعنة الموجبة للصمم والعمى لقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ أَوْ مثل المنافقين كَصَيِّبٍ اى كحال اصحاب صيب اى مطر يصوب اى ينزل ويقع من الصوب وهو النزول أصله صيوب والكاف مرفوع المحل عطف على الكاف في قوله كَمَثَلِ الَّذِي وأو للتخيير والتساوي اى كيفية قصة المنافقين شبيهة بكيفية هاتين القصتين والقصتان سواء في استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل فبأيتهما مثلتها فانت مصيب وان مثلتها بهما جميعا فكذلك مِنَ السَّماءِ متعلق بصيب والسماء سقف الدنيا وتعريفها للايذان بان انبعاث الصيب ليس من أفق واحد فان كل أفق من آفاقها اى كل ما يحيط به كل أفق منها سماء على حدة والمعنى انه صيب عام نازل من غمام مطبق آخذ بآفاق السماء وفيه ان السحاب من السماء ينحدر ومنها يأخذ ماءه لا كزعم من يزعم انه يأخذه من البحر قال الامام من الناس من قال المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الأرض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وأبطل الله ذلك المذهب هنا بان بين ان ذلك الصيب نزل من السماء وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء

الدنيا ويوحى الى السحاب ان غربله فيغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بلا كيل ولا وزن كذا في تفسير التيسير فِيهِ اى في الصيب ظُلُماتٌ انواع منها وهي ظلمة تكاثفه وانتساجه بتتابع القطر وظلمة اظلال ما يلزمه من الغمام المطبق الآخذ بالآفاق مع ظلمة الليل وليس في الآية ما يدل على ظلمة الليل لكن يمكن ان يؤخذ ظلمة الليل من سياق الآية حيث قال تعالى بعد هذه الآية يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ وبعده وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا فان خطف البرق البصر انما يكون غالبا في ظلمة الليالى وكذا وقوف الماشي عن المشي انما يكون إذا اشتد ظلمة الليل بحيث يحجب الابصار عن أبصار ما هو امام الماشي من الطريق وغيره وظلمة سحمة السحاب وتكاثفه في النهار لا يوجب وقوف الماشي عن المشي كذا في حواشى ابن التمجيد وجعل المطر محلا للظلمات مع ان بعضها لغيره كظلمة الغمام والليل لما انهما جعلتا من توابع ظلمته مبالغة في شدته وتهويلا لامره وإيذانا بانه من الشدة والهول بحيث تغمر ظلمته ظلمات الليل والغمام ورفع ظلمات بالظرف على الاتفاق لاعتماده على موصوف لان الجملة في محل الجر صفة لصيب على وجه وَرَعْدٌ هو صوت قاصف يسمع من السحاب وَبَرْقٌ هو ما يلمع من السحاب إذا تحاكت اجزاؤه وكونهما في الصيب مع ان مكانهما السحاب باعتبار كونها في أعلاه ومنصبه وملتبسين في الجملة به ووصول أثرهما اليه فهما فيه والمشهور بين الحكماء ان الرعد يحدث من اصطكاك اجرام السحاب بعضها ببعض او من إقلاع بعضها عن بعض عند اضطرابها بسوق الرياح إياها سوقا عنيفا والصحيح الذي عليه التعويل ما روى عن الترمذي عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال أقبلت يهود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أخبرنا عن الرعد ما هو قال عليه السلام (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوقه بها حيث شاء الله) فقالوا فما هذا الصور الذي يسمع قال (زجره حتى ينتهى الى حيث امر) فقالوا صدقت فالمراد بالرعد في الآية صوت ذلك الملك لا عينه كما في بعض الروايات من (ان الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه الى حيث يؤمر وانه يجوز الماء في نقرة إبهامه وانه يسبح الله فاذا سبح الله لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل القطر) انتهى والمراد بالبرق ضربه السحاب بتلك المخاريق وهي جمع مخراق وهو في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا أريد انها آلة تزجر بها الملائكة السحاب قال مرجع الطريقة الجلوتية بالجيم الشيخ الشهير بافتاده افندى البروسوى التوفيق بين قول الحكماء وبين قوله صلى الله عليه وسلم (ان الرعد صوت ملك على شكل النحل) هو انه يصيح من خارج هذا العالم ولكن يدخل فيه ويؤثر في داخله فنحن نسمع من داخله كما ان واحدا إذا أكل شيأ نفاخا يحصل في داخله رياح ذات أصوات فمنشأها من الخارج وظهورها في الداخل فكلام النبي صلى الله عليه وسلم ناظر الى مبدئها وكلام الحكماء ناظر الى مظهرها يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ الضمائر للمضاف المحذوف لان التقدير او كاصحاب صيب كما سبق ولا محل لقوله يجعلون لكونه مستأنفا لانه لما ذكر الرعد والبرق على ما يوذن

[سورة البقرة (2) : آية 20]

بالشدة والهول فكأن قائلا قال كيف حالهم مع مثل ذلك الرعد فقيل يجعلون أصابعهم في آذانهم والمراد أناملهم وفيه من المبالغة ما ليس في ذكر الأنامل كأنهم يدخلون من شدة الحيرة أصابعهم كلها في آذانهم لا أناملها فحسب كما هو المعتاد ويجوز ان يكون هذا ايماء الى كمال حيرتهم وفرط دهشتهم وبلوغهم الى حيث لا يهتدون الى استعمال الجوارح على النهج المعتاد وكذا الحال في عدم تعيين الإصبع المعتاد اعنى السبابة وقيل لرعاية الأدب لانها فعالة من السب فكان اجتنابها اولى بآداب القرآن ألا ترى انهم قد استبشعوها فكنوا عنها بالمسبحة والمهللة وغيرهما ولم يذكر من أمثال هذه الكنايات لانها ألفاظ مستحدثة لم يتعارفها الناس في ذلك العهد مِنَ الصَّواعِقِ متعلق بيجعلون اى من أجل خوف الصواعق المقارنة للرعد وهي جمع صاعقة وهي قصفة رعد هائل تنقض معها شعلة نار لا تمر بشئ الا أتت عليه لكنها مع حدتها سريعة الخمود للطافتها- حكى- انها سقطت على نخلة فاحرقت نحو النصف ثم طفئت قالوا بين السماء وبين الكلة الرقيقة التي لا يرى أديم السماء إلا من ورائها نار منها تكون الصواعق تخرج النار فتفتق الكلة ويكون الصوت منها كما في روضة العلماء وقيل تنقدح من السحاب إذا اصطكت اجرامه او جرم ثقيل مذاب مفرغ من الاجزاء اللطيفة الارضية الصاعدة المسماة دخانا والمائية المسماة بخارا حار حاد في غاية الحدة والحرارة لا يقع على شىء إلا ثقب واحرق ونفذ فى الأرض حتى بلغ الماء فانطفأ ووقف قالوا إذا أشرقت الشمس على ارض يابسة تحللت منها اجزاء نارية يخالطها اجزاء ارضية يسمى المركب منهما دخانا ويخلط بالبخار ويتصاعدان معا الى الطبقة الباردة فينعقد البخار سحابا وينحبس الدخان فيه ويطلب الصعود ان بقي على طبيعته والنزول ان ثقل وكيف كان يمزق السحاب تمزيقا عنيفا فيحدث منه الرعد ثم قد يحدث شدة حركة ومحاكة فيحدث منه البرق ان كان لطيفا والصاعقة ان كان غليظا قال ابن عباس رضى الله عنهما من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فان أصابته صاعقة فعلى ديته وكان صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمع الرعد وصواعقه (اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) كذا فى تفسير الشيخ وشرح الشرعة حَذَرَ الْمَوْتِ منصوب بيجعلون على العلة اى لاجل مخافة الهلاك والموت فساد بنية الحيوان وَاللَّهُ مُحِيطٌ اصل الإحاطة الاحداق بالشيء من جميع جهاته وهو مجاز في حقه تعالى اى محدق بعلمه وقدرته بِالْكافِرِينَ اى لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط حقيقة فيحشرهم يوم القيامة ويعذبهم والجملة اعتراضية منبهة على ان ما صنعوا من سد الآذان بالأصابع لا يغنى عنهم شيأ فان القدر لا يدافعه الحذر والحيل لا ترد بأس الله عز وجل وفائدة وضع الكافرين موضع الضمير الراجع الى اصحاب الصيب الإيذان بان مادهمهم من الأمور الهائلة المحكية بسبب كفرهم يَكادُ الْبَرْقُ اى يقرب استئناف آخر وقع جوابا عن سؤال مقدر كانه قيل فكيف حالهم مع ذلك البرق فقيل يكاد ذلك يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ اى يختلسها ويستلبها بسرعة من شدة ضوئه كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ كلما ظرف والعامل فيه جوابها وهو مشوا وأضاء متعد اى أنار البرق الطريق في الليلة المظلمة

وهو استئناف ثالث كانه قيل كيف يصنعون في تارتى خفوق البرق وخفيته أيفعلون بأبصارهم ما يفعلون بآذانهم أم لا فقيل كلما نور البرق لهم ممشى ومسلكا مَشَوْا فِيهِ اى في ذلك المسلك اى في مطرح نوره خطوات يسيرة مع خوف ان يخطف أبصارهم وإيثار المشي على ما فوقه من السعى والعدو للاشعار بعدم استطاعتهم لهما لكمال دهشتهم وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ اى خفى البرق واستتر فصار الطريق مظلما قامُوا اى وقفوا في أماكنهم على ما كانوا عليه من الهيئة متحيرين مترصدين لحظة اخرى عسى يتسنى لهم الوصول الى المقصد او الالتجاء الى ملجأ يعصمهم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مفعوله محذوف اى لو أراد ان يذهب الاسماع التي في الرأس والابصار التي في العين كما ذهب بسمع قلوبهم وابصارها لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ بصوت الرعد ونور البرق عقوبة لهم لانه لا يعجز عن ذلك إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ اى على كل موجود بالإمكان والله تعالى وان كان يطلق عليه الشيء لكنه موجود بالوجوب دون الإمكان فلا يشك العاقل ان المراد من الشيء في أمثال هذا ما سواه تعالى فالله تعالى مستثنى فى الآية مما يتناوله لفظ الشيء بدلالة العقل فالمعنى على كل شىء سواه قدير كما يقال فلان أمين على معنى أمين على من سواه من الناس ولا يدخل فيه نفسه وان كان من جملتهم كما في حواشى ابن التمجيد قَدِيرٌ اى فاعل له على قدر ما تقتضيه حكمته لا ناقصا ولا زائدا ثم ان هذا التمثيل كشف بعد كشف وإيضاح بعد إيضاح ابلغ من الاول شبه الله حال المنافقين في حيرتهم وما خبطوا فيه من الضلالة وشدة الأمر عليهم وخزيهم وافتضاحهم بحال من أخذته السماء فى ليلة مظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق والموت هذا إذا كان التمثيل مركبا وهو الذي يقتضيه جزالة التنزيل فانك تتصور في المركب الهيئة الحاصلة من تفاوت تلك الصور وكيفياتها المتضامة فيحصل في النفس منه ما لا يحصل من المفردات كما إذا تصورت من مجموع الآية مكابدة من أدركه الوبل الهطل مع تكاثف ظلمة الليل وهيئة انتساج السحاب بتتابع القطر وصوت الرعد الهائل والبرق الخاطف والصاعقة المحرقة ولهم من خوف هذه الشدائد حركات من تحذر الموت حصل لك منه امر عجيب وخطب هائل بخلاف ما إذا تكلفت لواحد واحد مشبها به يعنى ان حمل التمثيل على التشبيه المفرق فشبه القرآن وما فيه من العلوم والمعارف التي هي مدار الحياة الابدية بالصيب الذي هو سبب الحياة الارضية وما عرض لهم بنزوله من الغموم والأحزان وانكساف البال بالظلمات وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق وتصاممهم عما يقرع أسماعهم من الوعيد بحال من يهوله الرعد والبرق فيخاف صواعقه فيسد اذنه ولاخلاص له منها واهتزازهم لما يلمع لهم من رشد يدركونه او رفد يحرزونه بمشيهم فى مطرح ضوء البرق كلما أضاء لهم وتحيرهم في أمرهم حين عنّ لهم مصيبة بوقوفهم إذا اظلم عليهم فهذه حال المنافقين قصارى عمرهم الحيرة والدهشة فعلى العاقل ان يتمسك بحبل الشرع القويم والصراط المستقيم كى يتخلص من الغوائل والقيود ومهالك الوجود وغاية الأمر خفية لا يدرى بم يختم قال رجل للحسن البصري كيف أصبحت قال بخير قال كيف حالك فتبسم الحسن ثم قال لا تسأل عن حالى ما ظنك بناس ركبوا سفينة حتى توسطوا البحر فانكسرت

سفينتهم فتعلق كل انسان منهم بخشبة على أي حال هم قال الرجل على حال شديد قال الحسن حالى أشد من حالهم فالموت بحرى والحياة سفينتى والذنوب خشبتى فكيف يكون حال من وصفه هذا يا بنى فلا بد من ترك الذنوب والفرار الى علام الغيوب وفي الحديث (من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه) تأمل كيف كان جزاء كل مؤمل ما امل واعتبر كيف لم يكرر ذكر الدنيا اشعارا بعدم اعتبارها لخساستها ولان وجودها لعب ولهو فكانه كلا وجود كما قيل بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديگر كسست وانظر الى قوله عليه السلام (فهجرته الى ما هاجر اليه) وما تضمن من ابعاد ما سواه تعالى وتدبر ذكر الدنيا والمرأة مع انها منها إذ يشعر بان المراد كل شىء في الدنيا من شهوة او مال واليه يرجع الأكوان وان المراد بالحديث الخروج عن الدنيا بل وعن كل شىء لله تعالى: قال الحافظ غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنگ تعلق پذيرد آزادست يعنى عن كل شىء يقبل التعلق من المال والمنال والأولاد والعيال فلا بد من التعلق بمحبة الملك المتعال وفي التأويلات النجمية أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ الاشارة في تحقيق الآيتين ان الله تعالى شبه حال متمنى هذا الحديث واشتغالهم بالذكر وتتبع القرآن في البداية وتجلدهم في الطلب وما يفتح لهم من الغيب الى ان تظهر النفس الملالة وتقع في آفة الفترة والوقفة بحال من يكون فى المفازة سائرا في ظلمة الليل والمطر وشبه الذكر والقرآن بالمطر لانه ينبت الايمان والحكمة فى القلب كما ينبت الماء البقلة فِيهِ ظُلُماتٌ اى مشكلات ومتشابهات تظهر لسالك الذكر في أثناء السلوك ومعان دقيقة لا يمكن حلها وفهمها والخروج عن عهدة آفاتها الا لمن كان له عقل منور بنور الايمان مؤيد بتأييد الرحمن كما قال تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ فكما ان السير لا يمكن في الظلمات الا بنور السراج كذلك لا يمكن السير في حقائق القرآن ودقائقه ولا في ظلمات البشرية الا بنور هداية الربوبية ولهذا قال تعالى كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ يعنى نور الهداية وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا يعنى ظلمة البشرية وَرَعْدٌ اى خوف وخشية ورهبة تتطرق الى القلوب من هيبة جلال الذكر والقرآن كما قال تعالى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَبَرْقٌ وهو تلألؤ أنوار الذكر والقرآن يهتدى الى القلوب فتلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله فيظهر فيها حقيقة القرآن والدين فيعرفها القلوب لقوله تعالى وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ الآية ولما لاح لهم أنوار السعادة خرجوا من ظلمات الطبيعة وتمسكوا بحبل الارادة لينالوا درجات الفائزين ولكن يجعلون أصابعهم اى أصابع آمالهم الفاسدة وأمانيهم الباطلة فِي آذانِهِمْ الواعية مِنَ الصَّواعِقِ ودواعى الحق حَذَرَ من الْمَوْتِ موت النفس لان النفس سمكة حياتها بحر الدنيا وماء الهوى لو أخرجت لماتت في الحال وهذا تحقيق قوله عليه السلام (موتوا قبل ان تموتوا) وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ فيه اشارة الى ان الكافر الذي له حياة طبيعية حيوانية لو مات بالارادة من مألوفات الطبيعة لكان احياء الله تعالى بانوار الشريعة كما قال تعالى أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ

[سورة البقرة (2) : آية 21]

فلما لم يمت بالارادة فالله محيط بالكافرين اى مهلكهم ومميتهم في الدنيا بموت الصورة وموت القلب وفي الآخرة بموت العذاب فلا يموت فيها ولا يحيى يَكادُ الْبَرْقُ اى نور الذكر والقرآن يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ اى أبصار نفوسهم الامارة بالسوء كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ نور الهدى مَشَوْا فِيهِ سلكوا طريق الحق بقدم الصدق وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ظلمات صفات النفس وغلب عليهم الهوى ومالوا الى الدنيا قامُوا اى وقفوا عن السير وتحيروا وترددوا وتطرقت إليهم الآفات واعترتهم الفترات واستولى عليهم الشيطان وسولت لهم أنفسهم الشهوات حتى وقعوا في ورطة الهلاك وَلَوْ شاءَ اللَّهُ اى لو كانت إرادته ان يهديهم لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ اى بسمع نفوسهم التي تصغى الى وساوس الشيطان وغروره وَأَبْصارِهِمْ اى أبصار نفوسهم التي بها تنظر الى زينة الدنيا وزخارفها كقوله تعالى وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اى قادر على سلب أسماعهم وأبصارهم حتى لا يسمعوا الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ولا يبصروا المزخرفات الدنيوية والمستلذات الحيوانية لكيلا يغتروا بها ويبيعوا الدين بالدنيا ولكن الله يفعل بحكمته ما يشاء ويحكم بعزته ما يريد انتهى يا أَيُّهَا النَّاسُ الآية مسوقة لاثبات التوحيد وتحقيق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام اللذين هما اصل الايمان والناس يصلح اسما للمؤمنين والكافرين والمنافقين والنداء تنبيه الغافلين او إحضار الغائبين وتحريك الساكنين وتعريف الجاهلين وتفريغ المشغولين وتوجيه المعرضين وتهييج المحبين وتشويق المريدين قال بعض العارفين اقبل عليهم بالخطاب جبرا لما في العبادة من الكلفة بلذة الخطاب اى يا مؤنس لا تنس انسك بي قبل الولادة او يا ابن النسيان تنبه ولا تنس حيث كنت نسيا منسيا ولم تك شيأ مذكورا فخلقتك وخمرتك طينا ثم نطفة ثم دما ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ولحوما وعروقا وجلودا واعصابا ثم جنينا ثم طفلا ثم صبيا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا وأنت فيما بين ذلك تتمرغ في نعمتى وتسعى في خدمة غيرى تعبد النفس والهوى وتبيع الدين بالدنيا لا تنس من خلقك وجعلك من لا شىء شيأ مذكورا كريما مشكورا علمك وقواك وأكرمك واعطاك ما اعطاك فهذا خطاب للنفس والبدن قال في اليسير وإذا كان الإنسان من النسيان ففيه عتاب وتلقين اما العتاب فكانه يقول ايها الناس قابلتم نعمنا بالكفران وأوامرنا بالعصيان واما التلقين للعدر فكانه يقول ايها المخالف لنا ناسيا لا عامدا وساهيا لا قاصدا عذرناك لنسيانك وعفونا عنك لايمانك اعْبُدُوا رَبَّكُمُ يقول للكفار وحدوا ربكم ويقول للعاصعين أطيعوا ربكم ويقول للمنافقين أخلصوا بالتوحيد معرفة ربكم ويقول للمطيعين اثبتوا على طاعة ربكم واللفظ يحتمل لهذه الوجوه كلها وهو من جوامع الكلم كما في تفسير ابى الليث والعبادة استفراغ الطاقة في استكمال الطاعة واستشعار الخشية في استبعاد المعصية الَّذِي خَلَقَكُمْ صفة جرت عنه للتعظيم والتعليل معناه أطيعوا ربكم الذي خلقكم لخلقكم ولم تكونوا شيأ والحلق اختراع الشيء على غير مثال سبق وَخلق الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى من زمن قبل زمانكم من الأمم فمن ابتدائية متعلقة بمحذوف وفي الوصف به ايماء الى سبب وجوب عبادته تعالى فان خلق

[سورة البقرة (2) : آية 22]

أصولهم من موجبات العبادة كخلق أنفسهم وفيه دلالة على شمول القدرة وتنبيه من سنة الغفلة اى انهم كانوا فمضوا وجاؤا وانقضوا فلا تنسوا مصيركم ولا تستجيزوا تقصيركم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ حال من ضمير اعبدوا اى راجين ان تدخلوا في سلك المتقين الفائزين بالهدى والفلاح المستوجبين لجوار الله تعالى ولعل للترجى والاطماع وهي من الله تعالى واجب لان الكريم لا يطمع الا فيما يفعل والأولون والآخرون مخاطبون بالأمر بالتقوى وخص المخاطبين بالذكر تغليبا لهم على الغائبين كما في الكواشي وفيه تنبيه على ان التقوى منتهى درجة السالكين وهو التبري من كل شىء سوى الله تعالى وان العابد ينبغى ان لا يغتر بعبادته ويكون ذا خوف ورجاء كما قال تعالى يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ قال السعدي قدس سره اگر مردى از مردئ خود مكوى ... نه هر شهسوارى بدر برد كوى يعنى ليس كل عابد يخلص إيمانه بسبب عبادته الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ صفة ثانية لربكم قال اهل اللغة الأرض بساط العالم وبسيطها من حيث يحيط بها البحر الذي هو البحر المحيط اربعة وعشرون الف فرسخ كل فرسخ ثلاثة أميال وهو اثنا عشر الف ذراع بالذراع المرسلة وكل ذراع ست وثلاثون إصبعا كل إصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها الى بعض فللسودان اثنا عشر الف فرسخ وللبيضان ثمانية وللفرس ثلاثة وللعرب الف كذا فى كتاب الملكوت وسمت وسط الأرض المسكونة حضرة الكعبة واما وسط الأرض كلها عامرها وخرابها فهو الموضع الذي يسمى قبة الأرض وهو مكان يعتدل فيه الأزمان في الحر والبرد ويستوى الليل والنهار ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر كما في الملكوت وروى عن على كرم الله وجهه انه قال انما سميت الأرض أرضا لانها تتأرض ما في بطنها يعنى تأكل ما فيها وقال بعضهم لانها تتأرض بالحوافر والاقدام فِراشاً ومعنى جعلها فراشا جعل بعضها بارزا من الماء مع اقتضاء طبعها الرسوب وجعلها متوسطة بين الصلابة واللين صالحة للقعود عليها والنوم فيها كالبساط المفروش وليس من ضرورة ذلك كونها سطحا حقيقيا وهو الذي له طول وعرض فان كرية شكلها مع عظم جرمها مصححة لافتراشها وَجعل السَّماءَ وهو ما علاك واظلك بِناءً قبة مضروبة عليكم وكل سماء مطبقة على الاخرى مثل القبة والسماء الدنيا ملتزقة أطرافها على الأرض كما في تفسير ابى الليث وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً اى مطرا ينحدر منها على السحاب ومنه على الأرض وهو رد لزعم انه يأخذه من البحر فَأَخْرَجَ بِهِ اى أنبت الله بسبب الماء الذي انزل من السماء مِنَ الثَّمَراتِ هى هاهنا المأكولات كلها من الحبوب والفواكه وغيرها مما يخرج من الأرض والشجر كما فى التيسير رِزْقاً لَكُمْ وذلك بان أودع في الماء قوة فاعلية وفي الأرض قوة منفعلة فتولد من تفاعلهما اصناف الثمار فبين المظلة والمقلة شبه عقد النكاح بانزال الماء منها عليها والإخراج به من بطنها أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبنى آدم ومن للبيان ورزقا اى طعاما وعلفا لكم ولدوابكم والمعنى ان الله تعالى أنعم عليكم بذلك كله لتعرفوه بالخالقية

والرازقية فتوحدوه فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً جمع ند وهو المثل اى أمثالا تعبدونهم كعبادة الله يعنى لا تقولوا له شركاء تعبد معه وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا تقولوا لولا فلان لاصابنى كذا ولولا كلبنا يصيح على الباب لسرق متاعنا وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (إياكم ولو فانه من كلام المنافقين قالوا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) : قال السعدي اگر عز وجاهست اگر ذل وقيد ... من از حق شناسم نه از عمرو وزيد وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ان الله هو الذي خلقكم ومن قبلكم وخلق السماء والأرض وخلق الأرزاق دون الأصنام فانها لا تضر ولا تنفع والوعظ الكلى انه قال في الآية جَعَلَ لَكُمُ وقال رِزْقاً لَكُمْ فلو قال لك في القيامة فعلت كذا كله لكم فما فعلتم لى فما تقول وعن الشبلي رحمه الله انه وعظ يوما الناس فابكاهم لما ذكر من القيامة وأهوالها فمر بهم ابو الحسين النوري قال لا تفزعهم فان حساب يومئذ ليس بهذا الطول انما هو كلمتان «من ترا بودم تو كرا بودى» وأفادت الآية انه ينبغى الإخلاص في العبادة بترك ملاحظة الأغيار وبشهود خالق الليل والنهار: قال السعدي كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... درين در كسى چون تو محروم نيست وفي توصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ (يا معاذ انى محدثك بحديث ان أنت حفظته نفعك وان أنت ضيعته انقطعت حجتك عند الله تعالى يا معاذ ان الله تبارك وتعالى خلق سبعة املاك قبل ان يخلق السموات والأرض فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بوابا فيصعد عليه الحفظة بعمل العبد من حين أصبح الى حين امسى له نور كنور الشمس حتى إذا طلعت به الملائكة الى السماء الدنيا زكته وكثرته فيقول الملك الموكل للحفظة قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا صاحب الغيبة أمرني ربى ان لا ادع عمل من اغتاب الناس يتجاوزنى انه كان يغتاب الناس) زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس قال عليه السلام (ثم يأتى الحفظة بعمل صالح من اعمال العبد فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به الى السماء الثانية فيقول لهم الملك الموكل بالسماء الثانية قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الفخر انه أراد بعمله هذا عرض الدنيا أمرني ربى ان ادع عمله يتجاوز الى غيرى انه كان يفتخر على الناس في مجالسهم) چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق ... كه در پوشى از بهر پندار خلق قال عليه السلام (ويصعد الحفظة بعمل عبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة قد اعجب الحفظة فيتجاوزون به الى السماء الثالثة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الكبر أمرني ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى انه كان يتكبر على الناس في مجالسهم) فروتن بود هوشمند كزين ... نهد شاخ پر ميوه سر بر زمين قال عليه السلام (ويصعد الحفظة بعمل عبد يزهو كما يزهو الكوكب الدري من صلاة وتسبيح وحج وعمرة حتى يجاوزون به الى الرابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا

واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا صاحب العجب أمرني ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى انه كان إذا عمل عملا ادخل العجب فيه) چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى خود را مبين قال عليه السلام (ويصعد الحفظة بعمل عبد حتى يجاوزون به الى السماء الخامسة كانه العروس المزفوفة الى أهلها فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الحسد انه كان يحسد من يتعلم العلم ويعمل الله وكل من يأخذ بنصيب من العبادة كان يحسدهم ويعيبهم أمرني ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى) عقبه زين صعبتر در راه نيست ... اى خنك آنكس حسد همراه نيست قال عليه السلام (ويصعد الحفظة بعمل عبد من صيام وصلاة وزكاة وحج وعمرة فيجاوزون به الى السماء السادسة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انه كان لا يرحم إنسانا من عباد الله قط وإذا أصابهم بلاء وضر كان يشمت فيهم انا ملك موكل بالرحمة أمرني ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى) أشك خواهى رحم كن بر أشك بار ... رحم خواهى بر ضعيفان رحم آر قال عليه السلام (ويصعد الحفظة الى السماء السابعة بعمل عبد من صلاة وصوم وفقه واجتهاد وورع لها دويّ كدويّ النحل وضوء كضوء الشمس معها ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون بها الى السماء السابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واقفلوا على قلبه انا احجب عن ربى كل عمل لم يرد به ربى انه كان يعمل لغير الله انه أراد به رفعة عند الفقهاء وذكرا عند العلماء وصيتا في المدائن أمرني ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى الى غيرى وكل عمل لم يكن لله تعالى خالصا فهو رياء) بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت قال عليه السلام (ويصعد الحفظة بعمل عبد من زكاة وصوم وصلاة وحج وعمرة وخلق حسن وذكر لله ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها الى الله عز وجل فيقفون بين يديه ليشهدوا له بالعمل الصالح المخلص لله فيقول الله عز وجل أنتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على قلبه انه لم يردنى بهذا العمل وأراد به غيرى فعليه لعنتى فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا فتلعنه السموات السبع ومن فيهن) قال معاذ قلت يا رسول الله كيف لى بالنجاة والخلوص قال (اقتد بي وعليك باليقين وان كان فى عملك تقصير وحافظ على لسانك من الوقيعة) اى الغيبة (فى اخوانك من حملة القرآن ولا تزك نفسك عليهم ولا تدخل عمل الدنيا بعمل الآخرة ولا تمزق الناس فيمزقك كلاب النار يوم القيامة في النار ولا تراء بعملك الناس) قال السعدي اى هنرها نهاده بر كف دست ... عيبها بر كرفته زير بغل تا چهـ خواهى خريدن اى مغرور ... روز درماندگى بسيم دغل وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره قال كابدت العبادة اى أتعبت نفسى فيها ثلاثين سنة فرأيت

قائلا يقول يا أبا يزيد خزائنه مملوة بالعبادة ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والاحتقار والإخلاص في العمل: قال ابو يزيد قدس سره چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وجرم وكناه آورده ام قاله لما طلب منه الهدية حين طلع مبشرات الحقيقة فلما عرض تلك الهدية قيل ادخل جئت بهدية عظمى وحصل الاستحقاق للدخول وفي التأويلات النجمية يا أَيُّهَا النَّاسُ الاشارة فى تحقيق الآيتين انه تعالى خاطب ناسى عهود يوم الميثاق والإقرار بربوبيته ومعاهدته ان لا تعبدوا الا إياه فخالفوه ونقضوا عهده وعبدوا الطواغيت من الأصنام والدنيا والنفس والهوى والشيطان فزل قدمهم عن جادة التوحيد ووقعوا في ورطة الشرك والهلاك فبعث إليهم الرسول وكتب اليه الكتاب وأخبرهم عن النسيان والشرك ودعاهم الى التوحيد والعبودية وقال اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعنى ذراتكم وذرات من قبلكم يوم الميثاق وأخذ مواثيقكم بالربوبية والتوحيد والعبادة فاوفوا بعهد العبودية بتوحيد اللسان وتجريد القلب وتفريد السر وتزكية النفس بترك المحظورات واقامة الطاعات المأمورات لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ عن شرك عبادة غير الله فيوفى الله بعهد الربوبية بالنجاة من الدركات ورفع الدرجات بالجنان والإكرام بالقربات والكرامات في الآخرة كما أكرمكم في الدنيا الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً فيه اشارة الى تعريفه بالقدرة الكاملة ومنته على عباده وفضيلتهم عنده على جميع المخلوقات اما تعريف نفسه بالقدرة الكاملة فقوله تعالى الَّذِي جَعَلَ واما منته على عباده فقوله تعالى لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً اى خلق هذه الأشياء لكم خاصة واما فضيلتهم على جميع المخلوقات بان خلق السموات والأرض وما فيهما لاجلهم وسخره لهم لقوله تعالى وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ فكان وجود السموات والأرض تبعا لوجودهم وما كان وجوده تبعا لوجود شىء لا يكون مقصودا وجوده لذاته ولهذا السر امر الله تعالى ملائكته بسجود آدم عليه السلام وحرم على آدم وأولاده سجود غير الله ليظهر ان الملائكة وان كانوا قبل وجود آدم أفضل الموجودات فلما خلق آدم وجعله مسجودا لهم كان هو أفضل المخلوقات وأكرمهم على الله تعالى ومتبوع كل شىء والكل تابع له وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ تحقيقه ان الماء هو القرآن وثمراته الهدى والتقى والنور والرحمة والشفاء والبركة واليمن والسعادة والقربة والحق اليقين والنجاة والرفعة والصلاح والفلاح والحكمة والحلم والعلم والآداب والأخلاق والعزة والغنى والتمسك بالعروة الوثقى والاعتصام بحبل الله المتين وجماع كل خير وختام كل سعادة وزهوق باطل الوجود الإنساني عند مجيئ تجليات حقيقة الصفات الربانية كقوله تعالى قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فاخرج بماء القرآن هذه الثمرات من ارض قلوب عباده فكما ان الله تعالى من على عباده بإخراج الثمرات رزقا لكم وكان للحيوانات فيها رزق ولكن بتبعية الإنسان وهذا مما لا تدركه العقول المشوبة بالوهم والخيال بل تدركه العقول المؤيدة بتأييد الفضل والنوال (فلا تجعلوا لله أندادا) فيه ثلاثة

[سورة البقرة (2) : الآيات 23 إلى 28]

معان او لها ان هذا الذي جعلت لكم من خلق أنفسكم وخلق السموات والأرض وما فيها لكم ليس من شأن أحد غيرى وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فلا تجعلوا لى أندادا في العبودية وثانيها انى جعلت السموات والأرض والشمس والقمر كلها واسطة أرزاقكم وأسبابها وانا الرزاق فلا تجعلوا الوسائط أندادا لى فلا تسجدوا للشمس ولا للقمر الآية وثالثها انى خلقت الموجودات وجعلت لكل شىء حظا في شىء آخر وجعلت حظ الإنسان فى محبتى ومعرفتى وكل محظوظ لو انقطع عنه حظه لهلك فلا تنقطعوا عن حظوظكم من محبتى ومعرفتى بان تجعلوا لى أندادا تحبونهم كحبى فتهلكوا فى اودية الشرك يدل عليه قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ فالانداد هي الأحباب غير الله ثم وصف الذين لم ينقطعوا عن حظ محبته بالايمان وقال وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ يعنى الذين اتخذوا من دون الله آلهة في المحبة ما آمنوا حقيقة وان زعموا انا آمنا فافهم جدا ولا تغتر بالايمان التقليدى الموروث حتى يصح على هذا المحل وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا اى في شك من القرآن الذي نزلناه على محمد صلى الله عليه وسلم في كونه وحيا منزلا من عند الله تعالى والتنزيل النزول على سبيل التدريج وانزل القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا الى بيت العزة ثم منه على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا منجما في ثلاث وعشرين سنة ليحفظ فانه عليه الصلاة والسلام كان اميا لا يقرأ ولا يكتب ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء فانه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع من الكتاب ولذا قالوا ان سائر الكتب الإلهية أنزلت جملة فَأْتُوا جواب الشرط وهو امر تعجيز بِسُورَةٍ وحد السورة قطعة من القرآن معلومة الاول والآخر أقلها ثلاث آيات وانما سميت سورة لكونها أقوى من الآية من سورة الأسد والشراب اى قوته هذا ان كانت واوها اصلية وان كانت منقلبة عن همزة فهى مأخوذة من السؤر الذي هي البقية من الشيء فالسورة قطعة من القرآن مفرزة باقية من غيرها مِنْ مِثْلِهِ اى سورة كائنة من مثل القرآن في البيان الغريب وعلو الطبقة فى حسن النظم فالضمير لما نزلنا اى ائتوا أنتم بمثل ما اتى هو ان كان الأمر كما زعمتم من كونه كلام البشر إذ أنتم وهو سواء في الجوهر والخلقة واللسان وليس هو اولى بالاختلاق منكم ثم القرآن وان كان لا مثل له لانه صفة الله وكلام الله ووحي الله ولا مثل لصفاته كما لا مثل لذاته لكن معناه من مثله على زعمكم فقد كانوا يقولون لو شئنا لقلنا مثل هذا كما في التيسير وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ جمع شهيد بمعنى الحاضر او القائم بالشهادة او الناصر مِنْ دُونِ اللَّهِ اما متعلقة بادعوا فالمعنى ادعوا متجاوزين الله من حضركم كائنا من كان للاستظهار في معارضة القرآن او الحاضرين في مشاهدكم ومحاضركم من رؤسائكم واشرافكم الذين تفزعون إليهم في الملمات وتعولون عليهم فى المهمات او القائمين بشهادتكم الجارية فيما بينكم من امنائكم المتولين لاستخلاص الحقوق بتنفيذ القول عند الولاة او القائمين بنصركم حقيقة او زعما من الانس والجن ليعينوكم واما متعلقة بشهدائكم والمراد بهم الأصنام ودون بمعنى التجاوز على انها ظرف مستقر وقع حالا من ضمير المخاطبين والعامل ما دل عليه شهداءكم اى ادعوا أصنامكم الذين اتخذتموهم آلهة وزعمتم انهم يشهدون

[سورة البقرة (2) : آية 24]

لكم يوم القيامة انكم على الحق متجاوزين الله في اتخاذها كذلك ودلت الآية على ان الاستعانة بالخلق لا تغنى شيأ وما يغنى رجوع العاجز عن العاجز فلا ترفع حوائجك الا الى من لا يشق عليه قضاؤها ولا تسأل إلا من لا تفنى خزائنه ولا تعتمد الأعلى من لا يعجز عن شىء ينصرك من غير معين ويحفظك من كل جانب ومن غير صاحب ويغنيك من غير مال فيقل اعداد الأعداء الكثيرة إذا حماك ويكثر عدد المال القليل إذا كفاك إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ان محمدا تقوله من تلقاء نفسه وان آلهتكم شهداؤكم وهو شرط جوابه محذوف تقديره فافعلوا اى فائتوا بسورة من مثله فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا اى ما أمرتم من الإتيان بالمثل بعد ما بذلتم في السعى غاية المجهود وَلَنْ تَفْعَلُوا فيما يستقبل ابدا وذلك لظهور اعجاز القرآن فانه معجزة النبي عليه السلام اعتراض بين الشرط وجوابه وهذه معجزة باهرة حيث اخبر بالغيب الخاص علمه به عز وجل وقد وقع الأمر كذلك كيف لا ولو عارضوه بشئ بداية في الجملة لتناقله الرواة خلفا عن سلف فَاتَّقُوا النَّارَ اى ولما عجزتم عن معارضة القرآن ومثله لزمتكم الحجة ان محمدا رسولى والقرآن كتابى ولزمكم تصديقه والايمان به ولما لم تؤمنوا صرتم من اهل النار فاتقوها وفي الكشاف لصيق اتقاء النار وضميمه ترك العناد من حيث انه من نتائجه لان من اتقى النار ترك المعاندة فوضع فاتقوا النار موضع فاتركوا العناد الَّتِي وَقُودُهَا اى حطبها وهو ما يوقد به النار النَّاسُ اى العصاة وَالْحِجارَةُ اى حجارة الكبريت وانما جعل حطبها منها لسرعة وقودها اى التهابها وبطئ خمودها وشدة حرها وقبح رائحتها ولصوقها بالبدن او الحجارة هي الأصنام التي عبدوها وانما جعل التعذيب بها ليتحققوا انهم عذبوا بعبادتها وليروا ذلها ومهانتها بعد اعتقادهم عزها وعظمتها والكافر عبد الصنم واعتمده ورجاه فعدب به إظهارا لجهله وقطعا لامله كأتباع الكبراء خدموهم ورجوهم وفي النار يسحبون معهم ليكون أشق عليهم واقطع لرجائهم فان قلت أنار الجحيم كلها توقد بالناس والحجارة أم هي نيران شتى منها نار بهذه الصفة قلت بل هي نار شتى منها نار توقد بالناس والحجارة يدل على ذلك تنكيرها في قوله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ولعل لكفار الجن ولشياطينهم نارا وقودها الشياطين كما ان لكفرة الانس نارا وقودها هم جزاء لكل جنس بما يشاكله من العذاب أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ اى هيئت للذين كفروا بما نزلناه وجعلت عدة لعذابهم وفيه دلالة على ان النار مخلوقة موجودة الآن خلافا للمعتزلة وفي الآية اشارة الى ان ثمرة الاخذ بالقرآن والإقرار به وبمحمد صلى الله عليه وسلم هو النجاة من النار التي وقودها الناس والحجارة وفيه زيادة فضل القرآن واهله قال البغوي عند قوله تعالى فَأْتُوا بِسُورَةٍ قيل السورة اسم للمنزلة الرفيعة وسميت سورة لان القارئ ينال بقراءتها منزلة رفيعه حتى يستكمل المنازل باستكمال سور القرآن وعن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال يرجع أتباع إبليس كل عشية الى سيدهم فيقول كل واحد منهم بين يديه فعلت كذا وغررت فلانا الزاهد حتى يقول أصغرهم انا منعت صبيا من الكتاب فيقوم إبليس بين يديه ويقعده الى جنبه فرحا بما فعل وقالت الحكماء حق الولد على أبويه ثلاثة ان

[سورة البقرة (2) : آية 25]

يسمياه باسم حسن عند الولادة وان يعلماه القرآن والأدب والعلم وان يختناه ثم ان المقصد الأصلي هو العمل بالقرآن والتخلق بآدابه كما قيل «مراد از نزول قرآن تحصيل سيرت خوبست نه ترتيل سوره مكتوب» وللقرآن ظهر وبطن ولبطنه بطن الى سبعة ابطن قال في المثنوى تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست قال الشيخ نجم دايه فظاهره يدل على ما فسره العلماء وباطنه يدل على ما حققه اهل التحقيق بشرط ان يكون موافقا للكتاب والسنة ويشهدا عليه بالحق فان كل حقيقة لا يشهد عليها الكتاب والسنة فهى الحاد وزندقة لقوله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وقال ايضا في تأويل الآية وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا جعل الله اعراض المعرضين قباب غيرته لحبيبه المرسل لئلا يشاهدوا من الله حبيبه وجعل اعتراض المعترضين سرادقات عزته لئلا يطلعوا على الله وكتابه وسماه عليه السلام بالعبد المطلق ولم يسم غيره الا بالعبد المقيد باسمه كما قال وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ وغيرهما وذلك لان كمال العبودية ما تهيأ لاحد من العالمين الا لحبيبه عليه السلام وكمال العبودية فى كمال الحرية عما سوى الله وهو مختص بهذه الكرامة كما اثنى عليه بقوله ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى الحاضرين معكم يوم الميثاق لانكم وانهم ومحمدا كنتم جميعا مستمعين خطاب ألست بربكم مجتمعين في جواب بلى فلو كان محمد قادرا على إتيان القرآن من تلقاء نفسه فهو وأنتم في الاستعداد الإنساني الفطري سواء فائتوا بالقرآن من تلقاء أنفسكم ايضا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي هى القهر وصورة غضب الحق كما قال الله للنار (انما أنت عذابى أعذب بك من أشاء من عبادى) وَقُودُهَا النَّاسُ انانية الإنسان التي نسيان الله من خصوصيتها وَالْحِجارَةُ اى الذهب لانه به يحصل مرادات النفس وشهواتها وما يميل اليه الهوى فعبر عما يعبده انانية الإنسان بالحجارة لان اكثر الأصنام كان من الحجارة وعن انانية الإنسان بالناس لانها انما طلبت غير الله وعبدته لنسيان الحق ومعاهدة يوم الميثاق ثم جعلها وقود النار لقوله تعالى إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ خاصة ولكن يطهر المذنبون بها بتبعية الكافرين كما ان الجنة خلقت وأعدت للمتقين ولكن يدخلها المذنبون من اهل الايمان بعد تطهيرهم بورود النار والعبور عليها بتبعية المتقين يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى (خلقت الجنة وخلقت لها أهلها وبعمل اهل الجنة يعملون وخلقت النار وخلقت لها أهلها وبعمل اهل النار يعملون) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا البشارة الخبر السار الذي يظهر به اثر السرور في البشرة اى فرح يا محمد قلوب الذين آمنوا بان القرآن منزل من عند الله تعالى فالخطاب للنبى عليه وقيل لكل من يتأتى منه التبشير كما في قوله عليه الصلاة والسلام (بشر المشائين الى المساجد فى ظلم الليالى بالنور التام يوم القيامة) فانه عليه السلام لم يأمر بذلك واحدا بعينه بل كل أحد

مما يتأتى منه ذلك وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى فعلوا الفعلات الصالحات وهي كل ما كان لله تعالى وفي عطف العمل على الايمان دلالة على تغايرهما واشعار بان مدار استحقاق البشارة مجموع الامرين فان الايمان أساس والعمل الصالح كالبناء عليه ولا غناء بأساس لا بناء عليه وطلب الجنة بلا عمل حال السفهاء لان الله تعالى جعل العمل سببا لدخول الجنة والعبد وان كان يدخله الله الجنة بمجرد الايمان لكن العمل يزيد نور الايمان وبه يتنور قلب المؤمن وكم من عقبة كؤود تستقبل العبد الى ان يصل الى الجنة وأول تلك العقبات عقبة الايمان انه هل يسلم من السلب أم لا فلزم العمل لتسهيل العقبات أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم جَنَّاتٍ بساتين فيها أشجار مثمرة والجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم كذا قال الفراء ولفرط التفاف أغصان أشجارها وتسترها بالأشجار سميت جنة كانها سترة واحدة لان الجنة بناء مرة وانما سميت دار الثواب بها مع ان فيها ما لا يوصف من الغرفات والقصور لما انها مناط نعيمها ومعظم ملاذها فان قلت ما معنى جمع الجنة وتنكيرها قلت الجنة اسم لدار الثواب كلها وهي مشتملة على جنان كثيرة مرتبة مراتب على استحقاقات العاملين لكل طبقة منهم جنة من تلك الجنان ثم الجنان ثمان دار الجلال كلها من نور مدائنها وقصورها وبيوتها واوانيها وشرفها وابوابها ودرجها وغرفها وأعاليها وأسافلها وخيامها وحليها وكل ما فيها ودار القرار كلها من المرجان ودار السلام كلها من الياقوت الأحمر وجنة عدن من الزبرجد كلها وهي قصبة الجنة وهي مشرفة على الجنان كلها وباب جنة عدن مصراعان من زمرد وياقوت ما بين المصراعين كما بين المشرق والمغرب وجنة المأوى من الذهب الأحمر كلها وجنة الخلد من الفضة كلها وجنة الفردوس من اللؤلؤ كلها وحيطانها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت ولبنة من زبرجد وملاطها وما يجعل بين اللبنتين مكان الطين المسك وقصورها الياقوت وغرفها اللؤلؤ ومصاريعها الذهب وارضها الفضة وحصباؤها المرجان وترابها المسك ونباتها الزغفران والعنبر وجنة النعيم من الزمرد كلها وفي الخبر (ان المؤمن إذا دخل الجنة رأى سبعين الف حديقة فى كل حديقة سبعون الف شجرة على كل شجرة سبعون الف ورقة وعلى كل ورقة لا اله الا الله محمد رسول الله امة مذنبة ورب غفور كل ورقة عرضها من مشرق الشمس الى مغربها) تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الجملة صفة لجنات والأنهار جمع نهر بفتح الهاء وسكونها وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر كالنيل نهر مصر والمراد بها ماؤها فان قلت كيف جرى الأنهار من تحتها قلت كما ترى الأشجار النابتة على شواطئ الأنهار الجارية وعن مسروق ان انهار الجنة تجرى في غير أخدود وهو الشق من الأرض بالاستطالة وأنزه البساتين وأكرمها منظرا ما كانت أشجاره مظللة والأنهار فى خلالها مطردة ولولا ان الماء الجاري من النعمة العظمى وان الرياض وان كانت احسن شىء لا تجلب النشاط حتى يجرى فيها الماء والا كان السرور الأوفر مفقودا وكانت كتماثيل لا أرواح لها وصور لا حياة لها لما جاء الله بذكر الجنات البتة مشفوعا بذكر الأنهار الجارية من تحتها والأنهار هي الخمر واللبن والعسل والماء فاذا شربوا من نهر الماء يجدون حياة ثم انهم لا يموتون وإذا شربوا من اللبن يحصل

فى أبدانهم تربية ثم انهم لا ينقصون وإذا شربوا من نهر العسل يجدون شفاء وصحة ثم انهم لا يسقمون وإذا شربوا من نهر الخمر يجدون طربا وفرحا ثم انهم لا يحزنون: قال في المثنوى آب صبرت جوى آب خلد شد ... جوى شير خلد مهر تست وود ذوق طاعت كشت جوى انكبين ... مستى وشوقى تو جوى خمر بين اين سببها چون بفرمان تو بود ... چار جوهم مر ترا فرمان نمود وروى انه كتب عرضا بسم الله الرّحمن الرّحيم على ساق العرش فعين الماء تنبع من ميم بسم وعين اللبن تنبع من هاء الله وعين الخمر تنبع من ميم الرحمن وعين العسل تنبع من ميم الرحيم هذا منبعها واما مصبها فكلها تنصب في الكوثر وهو حوض النبي عليه السلام وهو في الجنة اليوم وينتقل يوم القيامة الى العرصات لسقى المؤمنين ثم ينقل الى الجنة ويسقى اهل الجنة ايضا من عين الكافور وعين الزنجبيل وعين السلسبيل وعين الرحيق ومزاجه من تسنيم بواسطة الملائكة ويسقيهم الله الشراب الطهور بلا واسطة كما قال تعالى وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً كُلَّما متى رُزِقُوا مِنْها اى أطعموا من الجنة مِنْ ثَمَرَةٍ ليس المراد بالثمرة التفاحة الواحدة او الرمانة الفذة وانما المراد نوع من انواع الثمار ومن الاولى والثانية كلتاهما لابتداء الغاية لان الرزق قد ابتدئ من الجنات والرزق من الجنات قد ابتدئ من ثمرة رِزْقاً مفعول رزقوا وهو ما ينتفع به الحيوان طعاما قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ اى هذا مثل الذي رزقنا من قبل هذا في الدنيا ولكن لما استحكم الشبه بينهما جعل ذاته ذاته وانما جعل ثمر الجنة كثمر الدنيا لتميل النفس اليه حين تراه فان الطباع مائلة الى المألوف متنفرة عن غير المعروف وليتبين لها مزية إذ لو كان جنسا غير معهود لظن انه لا يكون الا كذلك وان كان فائقا فحين ابصروا الرمانة من رمان الدنيا ومبلغها فى الحجم وان الكبرى لا تفضل عن حد البطيخة الصغيرة ثم يبصرون رمانة الجنة وهي تشبع السكن اى اهل الدار كان ذلك أبين للفضل واجلب للسرور وأزيد في التعجب من ان يفاجئوا ذلك الرمان من غير عهد سابق بجنسه وعموم كلما يدل على ترديدهم هذه المقالة كل مرة رزقوا فيما عدا المرة الاولى يظهرون بذلك التبجح وفرط الاستغراب لما بينهما من التفاوت العظيم من حيث اللذة مع اتحادهما في الشكل واللون كانهم قالوا هذا عين ما رزقناه فى الدنيا فمن اين له هذه الرتبة من اللذة والطيب ولا يقدح فيه ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه ليس في الجنة من أطعمة الدنيا الا الاسم فان ذلك لبيان كمال التفاوت بينهما من حيث اللذة والحسن والهيئة لا لبيان ان لا تشابه بينهما أصلا كيف لا واطلاق الأسماء منوط بالاتحاد النوعي قطعا وَأُتُوا بِهِ اى جيئوا بذلك الرزق او المرزوق في الدنيا والآخرة جميعا فالضمير الى ما دل عليه فحوى الكلام مما رزقوا في الدارين ونظيره قوله تعالى إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما اى بجنس الغنى والفقير مُتَشابِهاً فى اللون والجودة فاذا أكلوا وجدوا طعمه غير ذلك أجود وألذ يعنى لا يكون فيها رديئ وعن مسروق نخل الجنة نضيد من أصلها الى فرعها اى منضود بعضها على بعض اى متراكب ومجتمع ليس كاشجار الدنيا متفرقة أغصانها وتمرتها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى والعنقود اثنا عشر ذراعا ولو اجتمع الخلائق

على عنقود لا شبعهم وجاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم تزعم ان اهل الجنة يأكلون ويشربون فقال (نعم والذي نفس محمد بيده ان أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الاكل والشرب والجماع) قال فان الذي يأكل له حاجة والجنة طيبة ليس فيها أذى قال عليه السلام (حاجة أحدهم عرق كريح المسك) وَلَهُمْ فِيها اى في الجنة أَزْواجٌ اى نساء وحور مُطَهَّرَةٌ مهذبة من الأحوال المستقذرة كالحيض والنفاس والبول والغائط والمنى والمخاط والبلغم والورم والدرن والصداع وسائر الأوجاع والولادة ودنس الطبع وسوء الخلق وميل الطبع الى غير الأزواج وغير ذلك ومطهرة ابلغ من طاهرة ومتطهرة للاشعار بان مطهرا طهرهن وما هو الا الله سبحانه وتعالى قال الحسن هن عجائزكم العمص العمش طهرن من قاذورات الدنيا وعن ابن عباس رضى الله عنهما خلق الحور العين من أصابع رجليها الى ركبتيها من الزعفران ومن ركبتيها الى ثدييها من المسك الأذفر ومن ثدييها الى عنقها من العنبر الأشهب اى الأبيض ومن عنقها الى رأسها من الكافور إذا أقبلت يتلألأ نور وجهها كما يتلألأ نور الشمس لاهل الدنيا وَهُمْ فِيها خالِدُونَ اى دائمون احياء لا يموتون ولا يخرجون منها قال عكرمة اهل الجنة ولد ثلاث وثلاثين سنة رجالهم ونساؤهم وقامتهم ستون ذراعا على قامة أبيهم آدم شباب جرد مرد مكحلون عليهم سبعون حلة تتلون كل حلة فى كل ساعة سبعين لونا لا يبزقون ولا يمتخطون وما كان فوق ذلك من الأذى فهو ابعد يزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزداد اهل الدنيا هرما وضعفا لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم واعلم ان معظم اللذات الحسية لما كان مقصورا على المساكن والمطاعم والمناكح حسبما يقضى به الاستقراء وكان ملاك جميع ذلك الدوام والثبات إذ كل نعمة وان جلت حيث كانت في شرف الزوال ومعرض الاضمحلال فانها منغصة غير صافية من شوائب الألم بشر المؤمنون بها وبدوامها تكميلا للبهجة والسرور وفي التأويلات النجمية وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى يحصل لهم جنات القربة معجلة من بذر الايمان الحقيقي وأعمالهم القلبية الصالحة والروحية والسرية بالتوحيد والتجريد والتفريد من أشجار التوكل واليقين والزهد والورع والتقوى والصدق والإخلاص والهدى والقناعة والعفة والمروءة والفتوة والمجاهدة والمكابدة والشوق والذوق والرغبة والرهبة والخوف والخشية والرجاء والصفاء والوفاء والطلب والارادة والمحبة والحياء والكرم والسخاوة والشجاعة والعلم والمعرفة والعزة والرفعة والقدرة والحلم والعفو والرحمة والهمة العالية وغيرها من المقامات والأخلاق تجرى من تحتها مياه العناية والتوفيق والرأفة والعطفة والفضل كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من هذه الأشجار مِنْ ثَمَرَةٍ من ثمرات المشاهدات والمكاشفات والمعاينات رِزْقاً اى عطفا وصحة وعطية قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وذلك لان اصحاب المشاهدات يشاهدون أحوالا شتى في صورة واحدة من ثمرات مجاهداتهم فيظن بعضهم من المتوسطين ان هذا المشاهد هو الذي يشاهده قبل هذا فتكون الصورة تلك الصورة ولكن المعنى هو حقيقة اخرى مثاله يشاهد السالك نورا في صورة نار كما شاهد موسى عليه السلام نور الهداية في صورة نار كما قال انى آنست نارا فتكون تارة تلك

[سورة البقرة (2) : آية 26]

النار صفة غضب كما كان لموسى عليه السلام إذا اشتد غضبه اشتعلت قلنسوته نارا وتارة يشاهد النار وهي صفة الشيطنة وتارة تكون نار المحبة تقع في محبوبات النفس فتحرقها وتارة تكون نار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة فتحرق عليهم بيت وجودهم فالصورة النارية المشاهدة متشابه بعضها ببعض كما قال تعالى وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ولكن السالك الواصل يجد من كل نار منها ذوقا وصفة اخرى وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ اى لارباب الشهود في جنات القربات ازواج من أبكار الغيب مُطَهَّرَةٌ من ملابسة الأغيار وَهُمْ فِيها فى افتضاضها خالِدُونَ كما قال عليه السلام (ان من العلوم كهيئة المكنون لا يعلمها الا العلماء بالله فاذا نطقوا بها لا ينكرها الا اهل الغرة بالله) واعلم ان كل شىء يشاهد في الشهادة كما ان له صورة في الدنيا له معنى حقيقى في الغيب ولهذا كان النبي عليه السلام يسأل الله تعالى بقوله (اللهم أرنا الأشياء كما هى) فيكون في الآخرة صورة الأشياء وحقائقها حاصلة ولكن الحقائق والمعاني على الصور غالبة فيرى في الآخرة صورة شىء يعينه فيعرفه فيقول هذا الذي رزقنا من قبل فيكون الاسم والصورة كما كانت ولكنها في ذوق آخر غير ما كنت تعرفه ولهذا قال ابن عباس رضى الله عنهما ليس شىء في الجنة مما في الدنيا غير الأسماء وهذا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل كلمة يكلمها المسلم في سبيل الله تكون يوم القيامة كهيئتها يوم طعنت انفجرت دما اللون لون الدم والعرف عرف المسك) فالآن لون ذلك الدم حاصل في الشهادة ولكن عرفه في الغيب لا يشاهد هاهنا ففى الآخرة يشاهد الصورة الدنيوية والمعاني الغيبية فافهم جدا واغتنم إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً عن الحسن وقتادة لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود وقالوا ما يشبه هذا كلام الله فانزل الله هذه الآية والحياء تغير وانكسار يعترى الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم وهو جار على سبيل التمثيل لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحيى ان يمثل بها لحقارتها فمحل ان يضرب اى يذكر النصب على المفعولية وما اسمية ابهامية تزيد ما تقارنه من الاسم المنكر إبهاما وشياعا كانه قيل مثلا ما من الأمثال اى مثل كان فهى صفة لما قبلها وبعوضة بدل من مثلا والبعوضة صغار البق سميت بعوضة لانها كانها بعض البق فَما فَوْقَها اى فيذكر الذي هو أزيد منها كالذباب والعنكبوت او فما دونها في الصغر قيل انه من الاضداد ويطلق على الأعلى والأدنى وهو دابة يسترها السكون ويظهرها التحرك يعنى لا تلوح للبصر الحاد الا بتحركها فان قلت مثل الله آلهتهم ببيت العنكبوت وبالذباب فاين تمثيلها بالبعوضة فما دونها قلت في هذه الآية كأنه قال ان الله لا يستحيى ان يضرب مثل آلهتكم بالبعوضة فما دونها فما ظنكم بالعنكبوت والذباب قال الربيع بن انس ضرب المثل بالبعوضة عبرة لاهل الدنيا فان البعوضة تحيى ما جاعت وتموت إذا شبعت فكذا صاحب الدنيا إذا استغنى طغى وأحاط به الردى وقال الامام ابو منصور الاعجوبة في الدلالة على وحدانية الله تعالى فى الخلق الصغير الجثة والجسم اكثر منها في الكبار العظام لان الخلائق لو اجتمعوا على تصوير صورة من نحو البعوض والذباب وتركيب ما يحتاج من الفم والانف والعين والرجل واليد والمدخل والمخرج ما قدروا عليه ولعلهم يقدرون على تصوير العظام من الأجسام الكبار

منها فالبعوضة أعطيت على قدر حجمها الحقير كل آلة وعضو أعطيه الفيل الكبير القوى وفيه اشارة الى حال الإنسان وكمال استعداده كما قال عليه السلام (ان الله خلق آدم على صورته) اى على صفته فعلى قدر ضعف الإنسان أعطاه الله تعالى من كل صفة من صفات جماله وجلاله أنموذجا ليشاهد في مرآة صفات نفسه كمال صفات ربه كما قال (من عرف نفسه فقد عرف ربه) وليس لشئ من المخلوقات هذه الكرامة المختصة بالإنسان كما قال تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ: قال في المثنوى: آدم خاكى ز حق آموخت علم تا بهفتم آسمان افروخت علم نام وناموس ملك را در شكست كورئ آنكس كه با حق در شكست قطره دلرا يكى كوهر فتاد كان بگردونها ودرياها نداد چند صورت آخر اى صورت پرست جان بي معنيت از صورت نرست كر بصورت آدمي انسان بدى احمد وبوجهل خود يكسان بدى قال بعضهم ان الله تعالى قوى قلوب ضعفاء الناس بذكر ضعفاء الأجناس وعرف الخلق قدرته فى خلق الضعفاء على هيآت الأقوياء فان البعوض على صغره بهيئة الفيل على كبره وفي البعوض زيادة جناحين فلا يستبعد من كرمه ان يعطى على قليل العمل ما يعطى على كثير العمل من الخلق كما اعطى صغير الجثة مع اعطى كبير الجثة من الخلقة ومن العجيب ان هذا الصغير يؤذى هذا الكبير فلا يمتنع منه ومن لطف الله تعالى انه خلق الأسد بغاية القوة والبعوض والذباب بغاية الضعف ثم اعطى البعوض والذباب جراءة أظهرها في طيرانهما في وجوه الناس وتماديهما في ذلك مع مبالغة الناس في ذبهما بالمذبة وركب الجبن في الأسد واظهر ذلك بتباعده عن مساكن الناس وطرقهم ولو تجاسر الأسد تجاسر الذباب والبعوض لهلك الناس فمن الله تعالى وجعل في الضعيف التجاسر وفي القوى الجبن ومن العجب عجزك عن هذا الضعيف وقدرتك على ذلك الكبير- وحكى- انه خطب المأمون فوقع ذباب على عينه فطرده فعاد مرارا حتى قطع عليه الخطبة فلما صلى احضر أبا هذيل شيخ البصريين في الاعتزال فقال له لم خلق الله الذباب قال ليذل به الجبابرة قال صدقت واجازه بمال كذا في روضة الأخيار ففى خلق مثل الذباب حكم ومصالح قال وكيع لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا ومن الأعاجيب ان هذا الضعيف إذا طار فى وجهك ضاق به قلبك ونغص به عيشك وفسد عليك بستانك وكرمك واعجب منه جراءتك مع ضعفك على ما يورثك العار ويوردك النار فاذا كان جزعك هذا من البعوض فى الدنيا فكيف حالك إذا تسلطت عليك الحيات والعقارب في لظى قال القشيري رحمه الله الخلق فى التحقيق بالاضافة الى قدرة الخالق اقل من ذرة من الهباء في الهواء وسيان في قدرته العرش والبعوضة فلا خلق العرش عليه أعسر ولا خلق البعوضة عليه أيسر سبحانه وتقدس عن لحوق العسر واليسر واعلم انه يمثل الحقير بالحقير كما يمثل العظيم بالعظيم وان كان الممثل أعظم من كل عظيم كما مثل في الإنجيل غل الصدر بالنخالة قال لا تكونوا كمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرج الحكمة من أفواهكم وتبقون الغل في صدوركم ومثل مخاطبة

السفهاء بإثارة الزنابير قال لا تثيروا الزنابير فتلدغكم فكذلك لا تخاطبوا السفهاء فيشتموكم وقال فيه ايضا لا تدخروا ذخائركم حيث السوس والارضة فتفسدها ولا في البرية حيث اللصوص والسموم فيسرقها اللصوص ويحرقها السموم ولكن ادخروا ذخائركم عند الله تعالى وجاء فى الإنجيل ايضا مثل ملكوت السماء كمثل رجل زرع في قريته حنطة جيدة نقية فلما نام الناس جاء عدوه فزرع الزوان وهو بفتح الزاى وضمها حب مر يخالط البر فقال عبيد الزراع يا سيدنا أليس حنطة جيدة زرعت في قريتك قال بلى قالوا فمن اين هذا الزوان قال لعلكم ان ذهبتم لتلقطوا الزوان تقلعوا معه حنطة دعوهما يتربيان جميعا حتى الحصاد فامر الحصادين ان يلقطوا الزوان من الحنطة وان يربطوه حزما ثم يحرق بالنار ويجمعوا الحنطة الى الجرين والتفسير الزراع ابو البشر والقرية العالم والحنطة الطاعة وزراع الزوان إبليس والزوان المعاصي والحصادون الملائكة يتوفون بنى آدم وللعرب أمثال مثل قولهم هوا جمع من ذرة يزعمون انها تدخر قوت سبع سنين واجرأ من الذباب لانه يقع على أنف الملك وجفن الأسد فاذا ذب اى منع آب اى رجع واسمع من قراد تزعم العرب ان القراد يسمع الهمس الخفي من مناسم الإبل اى اخفافها على مسيرة سبع ليال او سبعة أميال وفلان اعمر من القراد وذلك انها تعيش سبعمائة سنة وقيل اعمر من حية لانها لا تموت إلا قتلا ويقال اعمر من النسر لانه يعيش ثلاثمائة سنة وفلان أصرد من جرادة اى أبرد لانها لا تظهر في الشتاء ابدا لقلة صبرها على البرد وأطيش من فراشة اى أخف منها وهي بالفارسية «پروانه» وأعز من مخ البعوض يقال لما لا يوجد ويقال كلفتنى مخ البعوض في تكليف ما لا يطاق وأضعف من بعوضة وآكل من السوس وهو القمل الذي يأكل الحنطة والشعير والدويبة التي تقع على الصوف والجوخ وغيرهما فتأكلها وبالجملة ان الله تعالى يضرب الأمثال للناس ولا يستحيى من الحق وله في أمثاله مطلقا حكم ومصالح وما يتذكر الا أولوا الألباب: قال المولى جلال الدين قدس سره بيت من بيت نيست اقليمست ... هزل من هزل نيست تعليمست فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالقرآن محمد صلى الله عليه وسلم والفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل فيضربه فاما الذين آمنوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ اى المثل بالبعوضة والذباب الْحَقُّ اى الثابت الذي لا يسوغ إنكاره مِنْ رَبِّهِمْ حال من الضمير المستكن فى الحق او من الضمير العائد الى المثل اى كائنا منه تعالى فيتفكرون في هذا المثل الحق ويوقنون ان الله هو خالق الكبير والصغير وكل ذلك في قدرته سواء فيؤمنون به وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وهم اليهود والمشركون فَيَقُولُونَ ماذا اى ما الذي او أي شىء أَرادَ اللَّهُ بِهذا اى بالمثل الخسيس وفي كلمة هذا تحقير للمشار اليه واسترذال له مَثَلًا اى بهذا المثل فلما حذف الالف واللام نصب على الحال أي ممثلا او على التمييز فاجابهم الله تعالى بقوله يُضِلُّ بِهِ اى يخذل بهذا المثل والإضلال هو الصرف عن الحق الى الباطل واسناد الإضلال اى خلق الضلال اليه سبحانه مبنى على ان جميع الأشياء مخلوقه له تعالى وان كانت افعال العباد من حيث الكسب مستندة إليهم كَثِيراً من الكفار وذلك انهم يكذبونه فيزدادون ضلالة وَيَهْدِي بِهِ اى يوفق

[سورة البقرة (2) : آية 27]

بهذا المثل كَثِيراً من المؤمنين لتصديقهم به فيزدادون هداية يعنى يضل به من علم منهم انه يختار الضلالة ويهدى به من علم انه يختار الهدى فان قلت لم وصف المهديون بالكثرة والقلة صفتهم قلت اهل الهدى كثير في أنفسهم وحين يوصفون بالقلة انما يوصفون بها بالقياس الى اهل الضلال وايضا فان القليل من المهديين كثير في الحقيقة وان قلوا في الصورة لان هؤلاء على الحق وهم على الباطل وعن ابن مسعود رضى الله عنه السواد الأعظم هو الواحد على الحق وَما يُضِلُّ بِهِ اى لا يخذل بالمثل وتكذيبه إِلَّا الْفاسِقِينَ اى الكافرين بالله الخارجين عن امره والفسق فى اللغة الخروج وفي الشريعة الخروج عن طاعة الله بارتكاب الكبيرة التي من جملتها الإصرار على الصغيرة وله طبقات ثلاث الاولى التغابي وهو ارتكابها أحيانا مستقبحا لها والثانية الانهماك فى تعاطيها والثالثة المثابرة عليها مع جحود قبحها وهذه الطبقة من مراتب الكفر فما لم يبلغها الفاسق لا يسلب عنه اسم المؤمن لاتصافه بالتصديق الذي عليه يدور الايمان الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ اى يخالفون ويتركون امر الله تعالى والنقض الفسخ وفك التركيب فان قلت من اين ساغ استعمال النقض في ابطال العهد قلت من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين قيل عهد الله ثلاثة الاول ما اخذه على ذرية آدم عليه السلام بان يقروا بربوبيته تعالى والثاني ما اخذه على الأنبياء عليهم السلام بان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه والثالث ما اخذه على العلماء بان يبينوا الحق ولا يكتموه مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ اى بعد توثيق ذلك العهد وتوكيده بالقبول فالضمير للعهد او بعد توثيق الله ذلك بانزال الكتب وإرسال الرسل فالضمير الى الله فالمراد بالميثاق هنا نفس المصدر لا نفس العهد- يحكى- عن مالك بن دينار رحمه الله انه كان له ابن عم عامل سلطان في زمانهم وكان ظالما جائرا فمرض ذلك الرجل ونذر وعهد على نفسه وقال لو عافانى الله تعالى مما انا فيه لا ادخل في عمل السلطان ابدا قال فأبرأه الله من ذلك المرض فدخل في عمل السلطان ثانيا فظلم الناس اكثر مما ظلمهم في المرة الاولى فمرض ثانيا فنذر ثانيا ان لا يرجع الى عمل السلطان فبرئ ونقض العهد ودخل فيه وظلم اكثر مما ظلم في المرتين فظهرت به علة شديدة فاخبر بذلك مالك بن دينار فراره وقال يا بنى أوجب على نفسك شيأ وعاهد مع الله عهدا لعلك تنجو من هذه العلة فقال المريض عاهدت الله ان لو قمت من فراشى ان لا أعود الى عمل السلطان ابدا فهتف هاتف يا مالك انا قد جربناه مرارا فوجدناه كذوبا فلا ينفعه نذره اى جربناه بنفسه فاكذب نفسه فمات الفتى على هذه الحالة كذا في روضة العلماء: قال في المثنوى نقض ميثاق وشكست توبها ... موجب لعنت شود در انتها وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ محل ان يوصل النصب على أنه بدل من ضمير الموصول اى ما امر الله به ان يوصل وهو يحتمل كل قطيعة لا يرضى بها الله سبحانه كقطع الرحم وموالاة المؤمنين والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب في التصديق وترك الجماعات المفروضة وسائر ما فيه رفض خير او تعاطى شر فانه يقطع ما بين الله تعالى وبين العبد من الوصلة التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل وفي الحديث (إذا اظهر الناس العلم وضيعوا العمل به وتحابوا بالألسن

[سورة البقرة (2) : آية 28]

وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا الأرحام لعنهم الله عند ذلك فاصمهم وأعمى أبصارهم) وقال صلى الله عليه وسلم (ثلاثة في ظل عرش الله يوم القيامة امرأة مات عنها زوجها وترك عليها يتامى صغارا فخطبت فلم تتزوج وقالت أقوم على ايتامى حتى يغنيهم الله او يميت) يعنى اليتيم (او هى ورجل له مال صنع طعاما فاطاب صنعته واحسن نفقته فدعا عليه اليتيم والمسكين ورجل وصل الرحم يوسع له في رزقه ويمد له في اجله ويكون تحت ظل عرش ربه) وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالمنع عن الايمان والاستهزاء بالحق وقطع الوصل التي عليها يدور فلك نظام العالم وصلاحه أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ اى المغبونون بالعقوبة في الآخرة مكان المثوبة في الجنة لانهم استبدلوا النقض بالوفاء والقطع بالوصل والفساد بالصلاح وعقابها بثوابها قيل ليس من مؤمن ولا كافر الا وله منزل واهل وخدم في الجنة فان أطاعه تعالى اتى اهله وخدمه ومنزله فى الجنة وان عصاه ورثه الله المؤمن فقد غبن عن اهله وخدمه ومنزله وفي التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بنور الايمان يشاهدون الحقائق والمعاني في صورة الامثلة فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ حيث أنكروا الحق فجعل ظلمة انكارهم غشاوة في أبصارهم فما شاهدوا الحقائق في كسوة الامثلة كما ان العجم لا يشاهدون المعاني في كسوة اللغة العربية فكذلك الكفار والجهال عند تحيرهم في ادراك حقائق الأمثال قالوا ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا فبجهلهم زادوا إنكارا على انكار فتاهوا في اودية الضلالة بقدم الجهالة يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ممن اخطأه رشاش النور فى بدء الخلق كما قال عليه السلام (ان الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل) فمن اخطأه ذلك النور في عالم الأرواح فقد اخطأه نور الايمان هاهنا ومن اخطأه نور الايمان فقد اخطأه نور القرآن فلا يهتدى ومن أصابه ذلك هنالك أصابه هاهنا نور الايمان ومن أصابه نور الايمان فقد أصابه نور القرآن ومن أصابه نور القرآن فهو ممن قال وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وكان القرآن لقوم شفاء ورحمة ولقوم شقاء ونقمة لانه كلامه وصفته شاملة اللطف والقهر فبلطفه هدى الصادقين وبقهره أضل الفاسقين لقوله وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الخارجين من إصابة رشاش النور في بدء الخلقة ثم اخبر عن نتائج ذكر الخروج ونقض العهود كما قال الله تعالى الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ اى الذين ينقضون عهد الله الذي عاهدوه يوم الميثاق على التوحيد والعبودية بالإخلاص من بعد ميثاقه وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ من اسباب السلوك الموصل الى الحق واسباب التبتل والانقطاع عن الخلق كما قال تعالى وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا اى انقطع اليه انقطاعا كليا عن غيره وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ اى يفسدون بذر التوحيد الفطري في ارض طينتهم بالشرك والاعراض عن قبول دعوة الأنبياء وسقى بذر التوحيد بالايمان والعمل الصالح أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ خسروا استعداد كمالية الإنسان المودعة فيهم كما تخسر النواة في الأرض استعداد النخلية المودعة فيها عند عدم الماء لقوله تعالى وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَيْفَ تَكْفُرُونَ كيف نصب حالا من الضمير في تكفرون اى معاندين

[سورة البقرة (2) : الآيات 29 إلى 34]

تكفرون وتجحدون بِاللَّهِ اى بوحدانيته ومعكم ما يصرفكم عن الكفر الى الايمان من الدلائل الانفسية والآفاقية والاستفهام إنكاري لا بمعنى انكار الوقوع بل بمعنى انكار الواقع واستبعاده والتعجيب منه لان التعجب من الله يكون على وجه التعجيب والتعجيب هو ان يدعو الى التعجب وكانه يقول ألا تتعجبون انهم يكفرون بالله كما في تفسير ابى الليث وقال القاضي هو استخبار والمعنى أخبروني على أي حال تكفرون وَكُنْتُمْ أَمْواتاً جمع ميت كاقوال جمع قيل اى والحال انكم كنتم أمواتا اى أجساما لا حياة لها عناصر واغذية ونطفا ومضغا مخلقة وغير مخلقة قال في الكشاف فان قلت كيف قيل لهم أموات حال كونهم جمادا وانما يقال ميت فيما نصح منه الحياة من البنى قلت بل يقال ذلك لعادم الحياة لقوله تعالى بَلْدَةً مَيْتاً فَأَحْياكُمْ بخلق الأرواح ونفخها فيكم في أرحام أمهاتكم ثم في دنياكم وهذا الزام لهم بالبعث والفاء للدلالة على التعقيب فان الأحياء حاصل اثر كونهم أمواتا وان توارد عليهم في تلك الحالة أطوار مترتبة بعضها متراخ عن بعض كما أشير اليه آنفا ثم لما كان المقام في الدنيا قد يطول جاء بثم حرف التراخي فقال ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم وكون الامانة من دلائل القدرة ظاهر واما كونها من النعم فلكونها وسيلة الى الحياة الثانية التي هي الحيوان الابدى والنعمة العظمى ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للسؤال في القبور فيحيى حتى يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين ويقال من ربك ومن نبيك وما دينك ودل ثم التي للتعقيب على سبيل التراخي على انه لم يرد به حياة البعث فان الحياة يومئذ يقارنها الرجوع الى الله بالحساب والجزاء وتتصل به من غير تراخ فلا يناسب ثم اليه ترجعون ودلت الآية على اثبات عذاب القبر وراحة القبر كما في التيسير ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بعد الحشر لا الى غيره فيجازيكم بأعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر واليه تنشرون من قبوركم للحساب فما اعجب كفركم مع علمكم بحالكم هذه فان قيل ان علموا انهم كانوا أمواتا فاحياهم ثم يميتهم لم يعلموا انه يحييهم ثم اليه يرجعون قلت تمكنهم من العلم بهما لما نصب لهم من الدلائل منزل منزلة علمهم في ازاحة العذر سيما وفي الآية تنبيه على ما يدل به على صحتهما وهو انه تعالى لما قدر ان أحياهم اولا قدران يحييهم ثانيا فان بدأ الخلق ليس باهون عليه من إعادته هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ هذا بيان نعمة اخرى اى قدر خلقها لاجلكم ولانتفاعكم بها في دنياكم ودينكم لان الأشياء كلها لم تخلق في ذلك الوقت ما فِي الْأَرْضِ اى الذي فيها من الأشياء جَمِيعاً نصب حالا من الموصول الثاني وقد يستدل بهذا على ان الأصل في الأشياء الإباحة كما في الكواشي وقال في التيسير اهل الإباحة من المتصوفة الجهلة حملوا اللام في لكم في قوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ على الإطلاق والإباحة على الإطلاق وقالوا لا حظر ولا نهى ولا امر فاذا تحققت المعرفة وتأكدت المحبة سقطت الخدمة وزالت الحرمة فالحبيب لا يكلف حبيبه ما يتعبه ولا يمنعه ما يريده ويطلبه وهذا منهم كفر صريح وقد نهى الله تعالى وامر وأباح وحظر ووعد وأوعد وبشر وهدد والنصوص ظاهرة والدلائل متظاهرة فمن حمل هذه الآية على الإباحة المطلقة فقد انسلخ من الدين بالكلية انتهى كلام التيسير ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ قصد إليها اى الى خلقها بإرادته ومشيئته قصدا سويا بلا صارف يلويه ولا عاطف يثنيه من ارادة شىء آخر في تضاعيف خلقها

او غير ذلك ولا تناقض بين هذا وبين قوله وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها لان الدحو البسط وعن الحسن خلق الله الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر اى الحجر ملئ الكف عليها دخان يلتزق بها ثم اصعد الدخان وخلق منه السموات وامسك الفهر في موضعه ثم بسط منه الأرض كذا في الكواشي وقال ابن عباس رضى الله عنهما أول ما خلق الله جوهرة طولها وعرضها مسيرة الف سنة في مسيرة عشرة آلاف سنة فنظر إليها بالهيبة فذابت واضطربت ثم ثار منها دخان فارتفع واجتمع زبد فقام فوق الماء فجعل الزبد أرضا والدخان سماء قالوا فالسماء من دخان خلقت وبريح ارتفعت وباشارة تفرقت وبلا عماد قامت وبنفخة تكسرت فَسَوَّاهُنَّ اى اتمهن وقومهن وخلقهن ابتداء مصونات عن العوج والفطور لانه سواهن بعد ان لم يكن كذلك والضمير فيه مبهم فسر بقوله تعالى سَبْعَ سَماواتٍ فهو نصب على انه تمييز نحو ربه رجلا قال سلمان هي سبع اسم الاولى رقيع وهي من زمردة خضراء واسم الثانية أرفلون وهي من فضة بيضاء والثالثة قيدوم وهي من ياقوتة حمراء والرابعة ما عون وهي من درة بيضاء والخامسة دبقاء وهي من ذهب احمر والسادسة وفناء وهي من ياقوتة صفراء والسابعة عروباء وهي من نور يتلألأ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيه تعليل كانه قال ولكونه عالما بكنه الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الانفع واستدلال بان من كان فعله على هذا النسق العجيب والترتيب الأنيق كان علميا فان إتقان الافعال وأحكامها وتخصيصها بالوجه الأحسن الانفع لا يتصور إلا من عالم حكيم رحيم وازاحة لما يختلج في صدورهم من ان الأبدان بعد ما تفتتت وتكسرت وتبددت اجزاؤها واتصلت بما يشاكلها كيف يجمع اجزاء كل بدن مرة ثانية بحيث لا يشذ شىء منها ولا ينضم إليها ما لم يكن معها فيعاد منها كما كان وفي هذه الآية اشارة الى مراتب الروحانيات فالاول عالم الملكوت الارضية والقوى النفسانية والثاني عالم النفس والثالث عالم القلب والرابع عالم العقل والخامس عالم السر والسادس عالم الروح والسابع عالم الخفاء الذي هو السر الروحي والى هذا أشار امير المؤمنين على رضى الله عنه بقوله سلونى عن طرق السماء فانى اعلم بها من طرق الأرض وطرقها الأحوال والمقامات كالزهد والتقوى والتوكل والرضى وأمثالها واعلم ان المراتب اثنتا عشرة على عدد السموات والعروش الخمسة وكان الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره يقول للتوحيد اثنا عشر بابا فالجلوتية يقطعونها بالتوحيد لان سرهم في اليقين والخلوتية يقطعونها بالأسماء لان سرهم فى البرزخ وهم يقولون جنة الافعال وجنة الصفات وجنة الذات وذلك لان الجنات على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما سبع فاذا كان اربع منها لاهل اليقين اعنى الجلوتية فالثلاث لاهل البرزخ اعنى الخلوتية وهي الافعال والصفات والذات وفي التأويلات النجمية كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ اما خطاب توحيد للمؤمنين اى أتكفرون بالله وبانبيائه لانكم كُنْتُمْ أَمْواتاً ذرات فى صلب آدم فَأَحْياكُمْ باخراجكم من صلته وأسمعكم لذيذ خطاب ألست بربكم وأذاقكم لذات الخطاب ووفقكم للجواب بالصواب حتى قلتم بلى رغبة لا رهبة ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بالرجعة الى أصلاب آبائكم والى عالم الطبيعة الانسانية ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ببعثة الأنبياء وقبول دعوتهم

[سورة البقرة (2) : آية 30]

ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بدلالة الأنبياء وقدم التوحيد على جادة الشريعة الى درجات الجنات واما خطاب تشريف للانبياء والأولياء اى أتكفرون وكنتم أمواتا في كتم العدم فاحياكم بالتكوين فى عالم الأرواح ورشاش النور فخمر طينة أرواحكم بماء نور العناية وتخمير يد المحبة باربعى صباح الوصال ثم يميتكم بالمفارقة عن شهود الجمال الى مقبرة الحس والخيال ثم يحييكم اما الأنبياء فبنور نور الوحى واما الأولياء فبروح روح نور الايمان ثم اليه ترجعون اما الأنبياء فبالعروج واما الأولياء فبالرجوع بجذبات الحق كما قال تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ فلما اثبت ان الرجوع اليه امر ضرورى اما بالاختيار كقراءة يعقوب ترجعون بفتح التاء وكسر الجيم واما بالاضطرار كقراءة الباقين أشار الى ان الذي ترجعون اليه هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً اى ما خلقكم لشئ وخلق كل شىء لكم بل خلقكم لنفسه كما قال تعالى وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي معناه لا تكن لشئ غيرى فانى لست لشئ غيرك فبقدر ما تكون لى أكون لك كما قال عليه السلام (من كان لله كان الله له) وليس لشئ من الموجودات هذا الاستعداد اى ان يكون هو لله على التحقيق وان يكون الله له وفي هذا سر عظيم وافشاء سر الربوبية كفر فلا تشتغل بمالك عمن أنت له فتبقى بلا هو ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فيه اشارة الى ان وجود السموات والأرض كان تبعا لوجود الإنسان وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اى عالم بخلق كل شىء خلقه ولاى شىء خلقه فكل ذرة من مخلوقاته تسبح بحمد ذاته وصفاته وتشهد على أحديته وصمديته وتقول ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك: قال المولى الجامى قدس سره دو جهان جلوكاه وحدت تو ... شهد الله كواه وحدت تو وَإِذْ مفعول اذكر مقدرة اى اذكر لهم واخبر وقت قالَ رَبُّكَ وتوجيه الأمر بالذكر الى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع انها المقصودة بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرها لما ان إيجاب ذكر الوقت إيجاب الذكر ما وقع فيه بالطريق البرهاني ولان الوقت مشتمل عليها فاذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها كانها مشاهدة عيانا لِلْمَلائِكَةِ اللام للتبليغ وتقديم الجار والمجرور في هذا الباب مطرد لما في المقول من الطول غالبا مع ما فيه من الاهتمام بما قدم والتشويق الى ما اخر والملائكة جمع ملك والتاء لتأكيد تأنيث الجماعة وسموا بها فانهم وسائط بين الله وبين الناس فهم رسله لان اصل ملك ملأك مقلوب مألك من الألوكة وهي الرسالة والملائكة عند اكثر المسلمين أجسام لطيفة قادرة على التشكل باشكال مختلفة والدليل ان الرسل كانوا يرونهم كذلك وروى في شرح كثرتهم ان بنى آدم عشر الجن وهما عشر حيوانات البر والكل عشر الطيور والكل عشر حيوانات البحار وهؤلاء كلهم عشر ملائكة السماء الدنيا وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثانية وهكذا الى السماء السابعة ثم كل أولئك في مقابلة الكرسي نزر قليل ثم جمع هؤلاء عشر ملائكة سرادق واحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة الف طول كل سرادق وعرضه وسمكه إذا قوبلت به السموات والأرض وما فيهما وما بينهما لا يكون لها عنده قدر محسوس وما منه من مقدار شبر الا وفيه ملك ساجد او راكع او قائم لهم زجل بالتسبيح والتقديس ثم كل هؤلاء في مقابلة

الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر ثم ملائكة اللوح الذين هم أشياع اسرافيل عليه السلام والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام لا يحصى أجناسهم ولا مدة أعمارهم ولا كيفيات عبادتهم الا باريهم العليم الخبير على ما قال تعالى وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وروى انه صلى الله عليه وسلم حين عرج به الى السماء رأى ملائكة في موضع بمنزلة شرف يمشى بعضهم تجاه بعض فسأل رسول الله جبريل عليهما السلام الى اين يذهبون فقال جبريل عليه السلام لا أدرى الا انى أراهم منذ خلقت ولا ارى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ثم سألا واحدا منهم منذكم خلقت فقال لا أدرى غير ان الله تعالى يخلق في كل اربعة آلاف سنة كوكبا وقد خلق منذ ما خلقنى اربعمائة الف كوكب فسبحانه من آله ما أعظم قدره وما أوسع ملكوته وأراد بهم الملائكة الذين كانوا في الأرض وذلك ان الله خلق السماء والأرض وخلق الملائكة والجن فاسكن الملائكة السماء واسكن الجن الأرض والجن هم بنوا الجان والجان ابو الجن كآدم ابو البشر وخلق الله الجان من لهب من نار لا دخان لها بين السماء والأرض والصواعق تنزل منها ثم لما سكنوا فيها كثر نسلهم وذلك قبل آدم بستين الف سنة فعمروا دهرا طويلا في الأرض مقدار سبعة آلاف سنة ثم ظهر فيهم الجسد والبغي فافسدوا وقتلوا فبعث الله إليهم ملائكة سماء الدنيا وامر عليهم إبليس وكان اسمه عزازيل وكان أكثرهم علما فهبطوا الى الأرض حتى هزموا الجن وأخرجوهم من الأرض الى جزائر البحور وشعوب الجبال وسكنوا الأرض وصار امر العبادة عليهم أخف لان كل صنف من الملائكة يكون ارفع في السموات يكون خوفهم أشد وملائكة السماء الدنيا يكون أمرهم أيسر من الذين فوقهم واعطى الله إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة وكان له جناحان من زمرد أخضر وكان يعبد الله تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب فقال في نفسه ما أعطاني الله هذا الملك الا لانى أكرم الملائكة عليه وايضا كل من اطمأن الى الدنيا امر بالتحول عنها فقال الله تعالى له ولجنوده إِنِّي جاعِلٌ اى مصير فِي الْأَرْضِ دون السماء لان التباغي والتظالم كان في الأرض خَلِيفَةً وهو آدم عليه السلام لانه خلف الجن وجاء بعدهم ولانه خليفة الله في ارضه اى أريد ان اخلق في الأرض بدلا منكم ورافعكم الى فكرهوا ذلك لانهم كانوا أهون الملائكة عبادة واعلم ان الله تعالى يحفظ العالم بالخليفة كما يحفظ الخزائن بالختم وهو القطب الذي لا يكون في كل عصر الا واحدا فالبدء كان بآدم عليه السلام والختام يكون بعيسى عليه السلام والحكمة في الاستخلاف قصور المستخلف عليه عن قبول فيضه وتلقى امره بغير واسطة لان المفيض تعالى في غاية التنزه والتقدس والمستفيض منغمس غالبا في العلائق الدنيئة كالاكل والشرب وغيرهما والعوائق الطبيعية كالاوصاف الذميمة فالاستفاضة منه انما تحصل بواسطة ذى جهتين اى ذى جهة التجرد وجهة التعلق وهو الخليفة أيا كان ولذا لم يستنبئ الله ملكا فان البشر لا يقدر على الاستفادة منه لكونه خلاف جنسه ألا يرى ان العظم لما عجز عن أخذ الغذاء من اللحم لما بينهما من التباعد جعل الله تعالى بحكمته بينهما الغضروف المناسب لهما ليأخذ من اللحم ويعطى العظم وجعل السلطان الوزير بينه وبين رعيته إذ هم اقرب الى قبولهم منه وجعل

المستوقد الحطب اليابس بين النار وبين الحطب الرطب وفائدة قوله تعالى لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً اربعة امور الاول تعليم المشاورة في أمورهم قبل ان يقدموا عليها وعرضها على ثقاتهم ونصحائهم وان كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة: قال في المثنوى مشورت ادراك وهشيارى دهد ... عقلها مر عقل را يارى دهد كفت پيغمبر بكن اى رأى زن ... مشورت كه المستشار مؤتمن ويقال اعقل الرجال لا يستغنى عن مشاورة اولى الألباب وأفره الدواب لا يستغنى عن السوط وأورع النساء لا تستغنى عن الزوج والثاني تعظيم شأن المجعول بان بشر بوجوده سكان ملكوته ولقبه بالخليفة قبل خلقه والثالث اظهار فضله الراجح على ما فيه من المفاسد بسؤالهم وهو قوله أَتَجْعَلُ إلخ وجوابه وهو قوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إلخ والرابع بيان ان الحكمة تقتضى ما يغلب خيره فان ترك الخير الكثير لاجل الشر القليل شر كثير كقطع العضو الذي فيه آكلة شر قليل وسلامة جميع البدن خير كثير فلو لم يقطع ذلك العضو سرت تلك الآفة الى جميع البدن وأدت الى الهلاك الذي هو شر كثير قالُوا استئناف كانه قيل فماذا قالت الملائكة حينئذ فقيل قالوا أَتَجْعَلُ فِيها اى الأرض مَنْ يُفْسِدُ فِيها كما أفسدت الجن وفائدة تكرار الظرف تأكيد الاستبعاد وَيَسْفِكُ الدِّماءَ اى يصبها ظلما كما يسفك بنوا الجان والتعبير عن القتل بسفك الدماء لما انه أقبح انواع القتل قال بعض العارفين الملائكة الذين نازعوا في آدم ليسوا من اهل الجبروت ولا من اهل الملكوت السماوية فانهم لغلبة النورية عليهم واحاطتهم بالمراتب يعرفون شرف الإنسان الكامل ورتبته عند الله وان لم يعرفوا حقيقته كما هي بل نازعت ملائكة الأرض والجن والشياطين الذين غلبت عليهم الظلمة والنشأة الموجبة للحجاب وفي قوله تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً بتخصيص الأرض بالذكر وان كان خليفة في العالم كله في الحقيقة هو ايماء ايضا بان ملائكة الأرض هم الطاعنون إذا الظن لا يصدر الا ممن هو في معرض ذلك المنصب واهل السموات مدبرات للعالم العلوي فما قالت الملائكة الارضية الا بمقتضى نشأتهم التي هم عليها من غبطة منصب الخلافة في الأرض والغيرة على منصب ملكهم وتعبدهم بما هم عليه من التسبيح والتقديس فكل اناء يترشح بما فيه واما الاعتراض على فعل الحكيم والنزاع في صنعه عند حضرته فمعفو عنه لكمال حكمته وإتقان صنعته: قال في المثنوى زانكه اين دمها اگر نالايقست ... رحمت من بر غضب هم سابقست از پى اظهار اين سبق اى ملك ... در تو بنهم داعيه إشكال وشك تا بگويى ونكيرم بر تو من ... منكر حلمم نيارد دم زدن صد پدر صد مادر اندر حلم ما ... هر نفس زايد در افتد در فنا حلم ايشان كف بحر حلم ماست ... كف رود آيد ولى دريا بجاست وفي الفتوحات ان هاروت وماروت من الملائكة الذين نازعوا آدم ولاجل هذا ابتلاهما الله تعالى بإظهار الفساد وسفك الدماء فافهم سر قوله عليه السلام (دع الشماتة عن أخيك فيعافيه الله تعالى

ويبتليك) وايضا من تلك الملائكة الطاعنين بسفك الدماء الملائكة التي أرسلها الله تعالى نصرة للمجاهدين وسفك الدماء غيرة على دين الله وشرعه كذا في حل الرموز وكشف الكنوز وَنَحْنُ اى والحال انا نُسَبِّحُ اى ننزهك عن كل ما لا يليق بشأنك ملتبسين بِحَمْدِكَ على ما أنعمت علينا من فنون النعم التي من جملتها توفيقنا لهذه العبادة فالتسبيح لاظهار صفات الجلال والحمد لتذكير صفات الانعام وَنُقَدِّسُ تقديسا لَكَ اى نصفك بما يليق بك من العلو والعزة وننزهك عما لا يليق بك فاللام للبيان كما في سقيا لك متعلقة بمصدر محذوف ويجوز ان تكون مزيدة اى نقدسك قال في التيسير التسبيح نفى ما لا يليق به والتقديس اثبات ما يليق به وقال الشيخ داود القيصري قدس سره التسبيح أعم من التقديس لانه تنزيه الحق عن نقائص الإمكان والحدوث والتقديس تنزيهه عنها وعن الكمالات اللازمة للاكوان لانها من حيث اضافتها الى الأكوان تخرج عن إطلاقها وتقع في نقائص التقييد انتهى وكانه قيل أتستخلف من شأن ذريته الفساد مع وجود من ليس من شانه ذلك أصلا والمقصود عرض احقيتهم منهم بالخلافة والاستفسار عمار جح بنى آدم عليهم مع ما هو متوقع منهم من الفساد وكأنه قيل فماذا قال الله تعالى حينئذ فقيل قالَ الله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ من الحكمة والمصلحة باستخلاف آدم عليه السلام وان من ذريته الطائع والعاصي فيظهر الفضل والعدل فلا تعترضوا على حكمى وتقديرى ولا تستكشفوا عن غيبة تدبيرى فليس كل مخلوق يطلع على غيب الخالق ولا كل أحد من الرعية يقف على سر الملك وفي الآية تنبيه للسالك بان يتأدب بين يدى الحق تعالى وخلفائه والمشايخ والعلماء لئلا يظهر بالانانية واظهار العلم عندهم لانه سالك لطريق الفناء والفاني لا يكون كطاووس تعشق بنفسه واعجب بذاته بل لا يرى وجوده أصلا فقد وعظنا الله تعالى بزجره للملائكة بقوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ: قال السعدي نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دگر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب ديكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند وفي التأويلات النجمية وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً انما قال جاعل وما قال خالق لمعنيين أحدهما ان الجاعلية أعم من الخالقية فان الجاعلية هي الخالقية وشىء آخر وهو ان يخلقه موصوفا بصفة الخلافة إذ ليس لكل أحد هذا الاختصاص كما قال تعالى يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ اى خلقناك مستعدا للخلافة فاعطينا كها والثاني ان للجعلية اختصاصا بعالم الأمور وهو للملكوت وهو ضد عالم الخلق لانه هو عالم الأجسام والمحسوسات كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ اى الملك والملكوت فانه تعالى حيث ذكر ما هو مخصوص بعالم الأمر ذكره بالجعلية لامتياز الأمر عن الخلق كما قال تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ فالسموات والأرض لما كانتا من الأجسام المحسوسات ذكرهما بالخلقية والظلمات والنور لما كانتا من الملكوتيات غير المحسوسات ذكرهما بالجعلية وانما قلنا الظلمات والنور من الملكوتيات لقوله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فيفيد انها من الملكوتيات لا من المحسوسات واما الظلمات والنور التي من المحسوسات فانها داخلة

فى السموات والأرض فافهم جدا فكذلك لما اخبر الله تعالى عن آدم بما يتعلق بجسمانيته ذكره بالخلقية كما قال إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ولما اخبر عما يتعلق بروحانيته ذكره بالجعلية وقال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً وفي انى جاعل اشارة اخرى وهو اظهار عزة آدم عليه السلام على الملائكة لينظروا اليه بنظر التعظيم ولا ينكروا عليه بما يظهر منه ومن أولاده من أوصاف البشرية فانه تعالى يقول ولذلك خلقهم وسماه خليفة وما شرف شيأ من الموجودات بهذه الخلقة والكرامة وانما سمى خليفة لمعنيين أحدهما انه يخلف عن جميع المخلوقات ولا يخلفه المكونات بأسرها وذلك لان الله جمع فيه ما في العوالم كلها من الروحانيات والجسمانيات والسماويات والأرضيات والدنيويات والاخرويات والجماديات والنباتيات والحيوانيات والملكوتيات فهو بالحقيقة خليفة كل وأكرمه باختصاص كرامة ونفخت فيه من روحى وما أكرم بها أحدا من العالمين وأشار الى هذا المعنى بقوله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ فلهذا الاختصاص ما صلح الموجودات كلها ان تكون خليفة لآدم ولا للحق تعالى والثاني انه يخلف وينوب عن الله صورة ومعنى اما صورة فوجوده في الظاهر يخلف عن وجود الحق في الحقيقة لان وجود الإنسان يدل على وجود موجده كالبناء يدل على وجود الباني ويخلف وحدانية الإنسان عن وحدانية الحق وذاته عن ذاته وصفاته عن صفاته فيخلف حياته عن حياته وقدرته عن قدرته وإرادته عن إرادته وسمعه عن سمعه وبصره عن بصره وكلامه عن كلامه وعلمه عن علمه ولا مكانية روحه عن لا مكانيته ولا جهتيته عن لا جهتيته فافهم ان شاء الله تعالى وليس لنوع من المخلوقات ان يخلف عنه كما يخلف آدم وان كان فيهم بعض هذه لانه لا يجتمع صفات الحق في أحد كما يجتمع في الإنسان ولا يتجلى صفة من صفاته لشئ كما يتجلى لمرآة قلب الإنسان صفاته واما الحيوانات فانها وان كان لها بعض هذه الصفات ولكن ليس لها علم بوجود موجدها واما الملائكة فانهم وان كانوا عالمين بوجود موجدهم ولكن لا يبلغ حد علمهم الى ان يعرفوا أنفسهم بجميع صفاتها ولا الحق بجميع صفاته ولذا قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا وكان الإنسان مخصوصا بمعرفة نفسه بالخلافة وبمعرفة جميع اسماء الله تعالى واما معنى فليس في العالم مصباح يستضئ بنار نور الله فيظهر أنوار صفاته في الأرض خلافة عنه الا مصباح الإنسان فانه مستعد لقبول فيض نور الله لانه اعطى مصباح السر في زجاجة القلب والزجاجة في مشكاة الجسد وفي زجاجة القلب زيت الروح يكاد زيتها يضئ من صفات العقل ولو لم تمسسه نار النور وفي مصباح السر فتيلة الخفاء فاذا أراد الله ان يجعل في الأرض خليفة يتجلى بنور جماله لمصباح السر الإنساني فيهدى لنوره فتيلة خفاء من يشاء فيستنير مصباحه بنار نور الله فهو على نور من ربه فيكون خليفة الله في ارضه فيظهر أنوار صفاته في هذا العالم بالعدل والإحسان والرأفة والرحمة لمستحقيها وبالعزة والقهر والغضب والانتقام لمستحقيها كما قال تعالى (يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) وقال لحبيبه عليه السلام بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقال في حقه وحق المؤمنين مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ولم يظهر هذه الصفات لا على الحيوان ولا على الملك وناهيك بحال هاروت وماروت لما أنكرا على ذرية آدم من اتباع الهوى والقتل

والظلم والفساد وقالا لو كنا بدلا منهم خلفاء الأرض ما كنا نفعل مثل ما يفعلون فالله تعالى انزلهما الى الأرض والبسهما لباس البشرية وأمرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن الشرك والقتل بغير حق والزنى وشرب الخمر قال قتادة فما مر عليهما شهر حتى افتتنا فشربا الخمر وسفكا الدم وزنيا وقتلا وسجدا للصنم فثبت ان الإنسان مخصوص بالخلافة وقبول فيضان نور الله فلو كان للملائكة هذه الخصوصية لما افتتنا بهذه الأوصاف المذمومة الحيوانية والسبعية كما كان الأنبياء عليهم السلام معصومين من مثل هذه الآفات والأخلاق وان كانت لازمة لصفاتهم البشرية ولكن بنور التجلي تنور مصباح قلوبهم واستنار بنور قلوبهم جميع مشكاة جسدهم ظاهرا وباطنا وأشرقت الأرض بنور ربها فلم يبق لظلمات هذه الصفات مجال الظهور مع استعلاء النور فالملائكة من بدو الأمر لما نظروا الى جسد آدم شاهدوا ظلمات البشرية والحيوانية والسبعية في ملكوت الجسد بالنظر الملكوتي الملكي ولم تكن تلك الصفات غائبة عن نظرهم قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ فقولهم هذا يدل على معان مختلفة منها ان الله أنطقهم بهذا القول ليتحقق لنا ان هذه الصفات الذميمة في طينتنا مودعة وجبلتنا مركبة فلانأمن من مكر أنفسنا الأمارة بالسوء ولا نعتمد عليها ولا نبرئها كما قال تعالى حكاية عن قول يوسف عليه السلام وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي ومنها لنعلم ان كل عمل صالح نعمله هو بتوفيق الله إيانا وفضله ورحمته وكل فساد وظلم نعمله هو من شؤم طبيعتنا وخاصية طينتنا كما قال تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وكل فساد وظلم لا يجرى علينا ولا يصدر منا فذلك من حفظ الحق وعصمة الرب لقوله إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي ومنها لنعلم ان الله تعالى من كمال فضله وكرمه قد قبلنا بالعبودية والخلافة وقال من حسن عنايته في حقنا للملائكة المقربين إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ لكيلا نقنط من رحمته وننقطع عن خدمته ومنها لنعلم ان فساد الاستعداد امر عظيم وبناء جسيم ومبنى الخلافة على الاستعداد والقابلية وليس للملائكة هذا الاستعداد والقابلية فلا نتغافل عن هذه السعادة ونسعى في طلبها حق السعاية ومنها ان الملائكة انما قالوا أَتَجْعَلُ فِيها إلخ لانهم نظروا الى جسد آدم قبل نفخ الروح فشاهدوا بالنظر الملكي في ملكوت جسده المخلوق من العناصر الاربعة المتضادة صفات البشرية والبهيمية والسبعية التي تتولد من تركيب أضداد العناصر كما شاهدوها في أجساد الحيوانات والسباع الضاريات بل عاينوها فانها خلقت قبل آدم فقاسوا عليها أحواله بعد ان شاهدوها وحققوها وهذا لا يكون غيبا في حقهم وانما يكون غيبا لنا لانا ننظر بالحس والملكوت يكون لاهل الحس غيبا ومنا من ينظر بالنظر الملكوتي فيشاهد الملائكة والملكوتيات بالنظر الروحاني كما قال تعالى وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقال أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فحينئذ لا يكون غيبا فالغيب ما غاب عنك وما شاهدته فهو شهادة فالملكوت للملائكة شهادة والحضرة الإلهية لهم غيب وليس لهم الترقي الى تلك الحضرة وان في الإنسان صورة من عالم الشهادة المحسوسة وروحا من عالم الغيب الملكوتي غير المحسوس وسرا مستعدا لقبول فيض الأنوار الإلهية فبالتربية يترقى من عالم الشهادة الى عالم الغيب وهو

[سورة البقرة (2) : آية 31]

الملكوت وبسر المتابعة وخصوصيتها يترقى من عالم الملكوت الى عالم الجبروت والعظموت وهو غيب الغيب ويشاهد بنور الله المستفاد من سر المتابعة أنوار الجمال والجلال فيكون في خلافة الحق عالما للغيب والشهادة كما ان الله تعالى عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ اى الغيب المخصوص به وهو غيب الغيب أَحَداً يعنى من الملائكة إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعنى من الإنسان فهذا هو السر المكنون المركوز في استعداد الإنسان الذي كان الله يعلم منه والملائكة لا يعلمونه كما قال تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ومنها ان الملائكة لما نظروا الى كثرة طاعتهم واستعداد عصمتهم ونظروا الى نتائج الصفات النفسانية استعظموا أنفسهم واستصغروا آدم وذريته فقالوا أَتَجْعَلُ فِيها يعنى في الأرض خَلِيفَةً مع انه يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ يعنى نحن لهذه الأوصاف أحق بالخلافة منه كما قال بنوا إسرائيل حين بعث الله لهم طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ فاجابهم الله تعالى بان استحقاق الملك ليس بالمال انما هو بالاصطفاء والبسطة في العلم والجسم فقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ فكذلك هنا أجابهم الله تعالى بقوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ اجمالا ثم فصله بقوله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وبقوله وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وبقوله ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ليعلموا ان استعداد ملك الخلافة واستحقاقها ليس بكثرة الطاعات ولكنه مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فلما تفاخر الملائكة بطاعتهم على آدم من الله تعالى على آدم بعلم الأسماء ليعلموا انهم ولو كانوا اهل الطاعة والخدمة فانه اهل العقل والمنة واين اهل الخدمة من اهل المنة فبتفاخرهم على آدم صاروا ساجدين له ليعلموا ان الحق تعالى مستغن عن طاعتهم وبمنته على آدم صار مسجودا لهم ليعلموا ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفي قوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ اشارة اخرى الى انه كما يدل على ان لآدم فضائل لا يعلمها الملائكة فكذلك له رذائل وأوصاف مذمومة لا يعلمها الملائكة لانهم لا يعلمون منه اوصافا مذمومة هي من نتائج قالبه مشتركة مع الحيوانات مودعة في ملكوته غير أوصاف مذمومة تكون من نتائج النفس الامارة عند تتابع نظر الروح الى النفس حالة عدم استعمال الشرع من العجب والرياء والسمعة والحسد واشتراء الحياة الدنيا بالآخرة والابتداع والزيغوغة واعتقاد السوء وغير ذلك مما لا يشاركه الحيوانات فيه انتهى ما في التأويلات وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها قال وهب بن منبه لما أراد الله ان يخلق آدم اوحى الى الأرض اى افهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فادخله الجنة ومنهم من يعصينى فادخله النار فقالت الأرض منى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وبعث إليها جبريل عليه السلام ليأتيه بقبضة من زواياها الأربع من اسودها وأبيضها وأحمرها وأطيبها واخبثها وسهلها وصعبها وجبلها فلما أتاها جبريل ليقبض منها قالت الأرض بالله الذي أرسلك لا تأخذ منى شيأ فان منافع التقرب الى السلطان كثيرة ولكن فيه خطر عظيم كما قيل بدريا در منافع بيشمارست ... اگر خواهى سلامت در كنارست

فرجع جبريل عليه السلام الى مكانه ولم يأخذ منها شيأ فقال يا رب حلفتنى الأرض باسمك العظيم فكرهت ان اقدم عليها فارسل الله ميكائيل عليه السلام فلما انتهى إليها قالت الأرض له كما قالت لجبريل فرجع ميكائيل فقال كما قال جبريل فارسل الله اسرافيل عليه السلام وجاء ولم يأخذ منها شيأ وقال مثل ما قال جبريل وميكائيل فارسل الله ملك الموت فلما انتهى قالت الأرض أعوذ بعزة الله الذي أرسلك ان تقبض منى اليوم قبضة يكون للنار فيها نصيب غدا فقال ملك الموت وانا أعوذ بعزته ان اعصى له امرا فقبض قبضة من وجه الأرض مقدار أربعين ذراعا من زواياها الأربع فلذلك يأتى بنوه اخيافا اى مختلفين على حسب اختلاف ألوان الأرض وأوصافها فمنهم الأبيض والأسود والأحمر واللين والغليظ فصار كل ذرة من تلك القبضة اصل بدن للانسان فاذا مات يدفن في الموضع الذي أخذت منه ثم صعد الى السماء فقال الله له أما رحمت الأرض حين تضرعت إليك فقال رأيت أمرك أوجب من قولها فقال أنت تصلح لقبض أرواح ولده قال فى روضة العلماء فشكت الأرض الى الله تعالى وقالت يا رب نقص منى قال الله على ان أرد إليك احسن وأطيب مما كان فمن ثمه يحنط الميت بالمسك والغالية انتهى فامر الله تعالى عزرائيل فوضع ما أخذ من الأرض في وادي نعمان بين مكة والطائف بعد ما جعل نصف تلك القبضة في النار ونصفها فى الجنة فتركها الى ما شاء الله ثم أخرجها ثم أمطر عليها من سحاب الكرم فجعلها طينا لازبا وصور منه جسد آدم واختلفوا في خلقة آدم عليه السلام فقيل خلق في سماء الدنيا وقيل في جنة من جنات الأرض بغربيتها كالجنة التي يخرج منها النيل وغيره من الأنهار واكثر المفسرين انه خلق في جنة عدن ومنها اخرج كما في كشف الكنوز وفي الحديث القدسي (خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا) يعنى أربعين يوما كل يوم منه الف عام من أعوام الدنيا فتركه أربعين سنة حتى يبس وصار صلصالا وهو الطين المصوت من غاية يبسه كالفخار فامطر عليه مطر الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم أمطر عليه مطر السرور سنة واحدة فلذلك كثرت الهموم في بنى آدم ولكن يصير عاقبتها الى الفرح كما قيل ان لكل بداية نهاية وان مع العسر يسرا ان مع العسر چويسرش قفاست ... شاد برانم كه كلام خداست وكانت الملائكة يمرون عليه ويتعجبون من حسن صورته وطول قامته لان طوله كان خمسمائة ذراع الله اعلم بأى ذراع وكان رأسه يمس السماء ولم يكونوا رأوا قبل ذلك صورة تشابهها فمر به إبليس فرآه ثم قال لامر ما خلقت ثم ضربه بيده فاذا هو أجوف فدخل فيه وخرج من دبره وقال لاصحابه الذين معه من الملائكة هذا خلق أجوف لا يثبت ولا يتماسك ثم قال لهم أرأيتم ان فضل هذا عليكم ما أنتم فاعلون قالوا نطيع ربنا فقال إبليس في نفسه والله لا أطيعه ان فضل على ولئن فضلت عليه لأهلكنه عاقبت كرك زاده كرك شود وجمع بزاقه في فمه وألقاه عليه فوقع بزاق اللعين على موضع سرة آدم عليه السلام فامر الله جبريل فقور بزاق اللعين من بطن آدم فحفرة السرة من تقوير جبريل وخلق الله من تلك القوارة كلبا وللكلب ثلاث خصال فانسه بآدم لكونه من طينه وطول سهره في الليالى من أثر مس جبريل عليه السلام وعضه الإنسان وغيره وأذاه من غير خيانة من اثر بزاق اللعين وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة

وسمى بآدم لكونه من أديم الأرض لانه مؤلف من انواع ترابها ولما أراد الله ان ينفخ فيه الروح امره ان يدخل فيه فقال الروح موضع بعيد القعر مظلم المدخل فقال له ثانيا ادخل فقال كذلك فقال له ثالثا فقال كذلك فقال ادخل كرها اى بلا رضى واخرج كرها ولذا لا يخرج الروح من البدن الا كرها فلما نفخه فيه مار في رأس آدم وجبينه واذنيه ولسانه ثم مار في جسده كله حتى بلغ قدميه فلم يجد منفذا فرجع منخريه فعطس فقال له ربه قل الحمد لله رب العالمين فقالها آدم فقال يرحمك الله ولذا خلقتك يا آدم فلما انتهى الى ركبتيه أراد الوثوب فلم يقدر فلما بلغ قدميه وثب فقال تعالى وخلق الإنسان عجولا فصار بشرا لحما ودما وعظاما وعصبا وأحشاء ثم كساه لباسا من ظفر يزداد جسده في كل يوم وهو في ذلك منتطق متوج وجعل في جسده تسعة أبواب سبعة فى رأسه أذنين يسمع بهما وعينين يبصر بهما ومنخرين يجد بهما كل رائحة وفما فيه لسان يتكلم به وحنك يجد به طعم كل شىء وبابين في جسده وهما قبله ودبره يخرج منهما ثقل طعامه وشرابه وجعل عقله في دماغه وشرهه في كليتيه وغضبه في كبده وشجاعته في قلبه ورغبته في رئته وضحكه فى طحاله وفرحه وحزنه في وجهه فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويعرف بدم فلما سواه ونفخ فيه من روحه علمه اسماء الأشياء كلها اى ألهمه فوقع فى قلبه فجرى على لسانه بما في قلبه بتسمية الأشياء من عنده فعلمه جميع اسماء المسميات بكل اللغات بان أراه الأجناس التي خلقها وعلمه ان هذا اسمه فرس وهذا اسمه بعير وهذا اسمه كذا وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية وعلمه اسماء الملائكة واسماء ذريته كلهم واسماء الحيوانات والجمادات وصنعة كل شىء واسماء المدن والقرى واسماء الطير والشجر وما يكون وكل نسمة يخلقها الى يوم القيامة واسماء المطعومات والمشروبات وكل نعيم فى الجنة واسماء كل شىء حتى القصعة والقصيعة وحتى الجنة والمحلب قال في كشف الكنوز اتفق جم غفير من اهل العلم على ان الأسماء كلها توقيفية من الله تعالى بمعنى ان الله تعالى خلق لآدم علما ضروريا بمعرفة الألفاظ والمعاني وان هذه الألفاظ موضوعة لتلك المعاني وفي الخبر لما خلق الله آدم بث فيه اسرار الاحرف ولم يبث في أحد من الملائكة فخرجت الاحرف على لسان آدم بفنون اللغات فجعلها الله صورا له ومثلت له بانواع الاشكال وفي الخبر علمه سبعمائة الف لغة فلما وقع في أكل الشجرة سلب اللغات الا العربية فلما اصطفاه بالنبوة رد الله عليه جميع اللغات فكان من معجزاته تكلمه بجميع اللغات المختلفة التي يتكلم بها أولاده الى يوم القيامة من العربية والفارسية والرومية والسريانية واليونانية والعبرانية والزنجية وغيرها قال بعض المفسرين علم الله آدم ألف حرفة من المكاسب ثم قال قل لاولادك ان أردتم الدنيا فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين واحكام الشرائع وكان آدم حراثا اى زراعا ونوح نجارا وإدريس خياطا وصالح تاجرا وداود زرادا وسليمان كان يعمل الزنبيل في سلطنته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة وكان اكثر عمله صلى الله تعالى عليه وسلم في البيت الخياطة وفي الحديث (عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل) كذا في روضة الأخيار وقال العلماء الأسماء في قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ

[سورة البقرة (2) : آية 32]

تقتضى الاستغراق واقتران قوله كلها يوجب الشمول فكما علمه اسماء المخلوقات علمه اسماء الحق تعالى فاذا كان تخصيصه بمعرفة اسماء المخلوقات يقتضى ان يصح سجود الملائكة له فما الظن بتخصيصه بمعرفة اسماء الحق وما الذي يوجب له ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ اى عرضها اى المسميات وانما ذكر الضمير لان في المسميات العقلاء فغلبهم والعرض اظهار الشيء للغير ليعرف العارض منه حاله وفي الحديث (انه عرضهم أمثال الذر) ولعله عز وجل عرض عليهم من افراد كل نوع ما يصلح ان يكون أنموذجا يتعرف منه احوال البقية وأحكامها والحكمة في التعليم والعرض تشريف آدم واصطفاؤه وإظهاره الاسرار والعلوم المكنونة فى غيب علمه تعالى على لسان من يشاء من عباده وهو المعلم المكرم آدم الصفي كيلا يحتج الملك وغيره بعلمه ومعرفته وذلك رحمة الله التي وسعت كل شىء فَقالَ الله عز وجل تبكيتا وتعجيزا للملائكة وخطاب التعجيز جائز وهو الأمر بإتيان الشيء ولم يكن إتيانه مرادا ليظهر عجز المخاطب وان كان ذلك محالا كالامر بإحياء الصورة التي يفعلها المصورون يوم القيامة ليظهر عجزهم ويحصل لهم الندم ولا ينفعهم الندم أَنْبِئُونِي اى أخبروني بِأَسْماءِ هؤُلاءِ الموجودات إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى زعمكم انكم أحقاء بالخلافة ممن استخلفته كما ينبئ عنه مقالكم ويقال هذه الآية دليل على ان اولى الأشياء بعد علم التوحيد تعلم علم اللغة لانه تعالى أراهم فضل آدم بعلم اللغة ودلت ايضا ان المدعى يطالب بالحجة فان الملائكة ادعوا الفضل فطولبوا بالبرهان وبحثوا عن الغيب فقرعوا بالعيان اى لا تعلمون اسماء ما تعاينون فكيف تتكلمون في فساد من لا تعاينون فيا ارباب الدعاوى اين المعاني ويا ارباب المعرفة اين المحبة ويا ارباب المحبة اين الطاعة قال ابو بكر الواسطي من المحال ان يعرفه العبد ثم لا يحبه ومن المحال ان يحبه ثم لا يذكره ومن المحال ان يذكره ثم لا يجد حلاوة ذكره ومن المحال ان يجد حلاوة ذكره ثم يشتغل بغيره قالُوا استئناف واقع موقع الجواب كانه قيل فماذا قالوا حينئذ هل خرجوا عن عهدة ما كلفوه او لا فقيل قالوا سُبْحانَكَ اى نسبحك عما لا يليق بشأنك الأقدس من الأمور التي من جملتها خلو افعالك من الحكم والمصالح وهي كلمة تقدم على التوبة قال موسى عليه السلام سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وقال يونس سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ وسبحان اسم واقع موقع المصدر لا يكاد يستعمل الا مضافا فاذا أفرد عن الاضافة كان اسما علما للتسبيح لا ينصرف للتعريف والالف والنون فى آخره لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتراف منهم بالعجز عما كلفوه واشعار بان سؤالهم كان استفسارا ولم يكن اعتراضا إذ معناه لا علم لنا الا ما علمتنا بحسب قابليتنا من العلوم المناسبة لعالمنا ولا قدرة لنا على ما هو خارج عن دائرة استعدادنا حتى لو كنا مستعدين لذلك لأفضته علينا وما مصدرية اى الا علما علمتناه ومحله رفع بدل من موضع لا علم كقولك لا اله الا الله إِنَّكَ أَنْتَ ضمير فضل لا محل له من الاعراب الْعَلِيمُ الذي لا يخفى عليه خافية وهذه اشارة الى تحقيقهم لقوله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ الْحَكِيمُ المحكم لمبتدعاته والذي لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة وأفادت الآية ان العبد ينبغى له ان لا يغفل عن نقصانه وعن فضل الله وإحسانه ولا يأنف ان يقول لا اعلم فيما لا يعلم ولا يكتم فيما يعلم وقالوا لا أدرى

[سورة البقرة (2) : آية 33]

نصف العلم وسئل ابو يوسف القاضي عن مسئلة فقال لا أدرى فقالوا له ترتزق من بيت المال كل يوم كذا كذا ثم تقول لا أدرى فقال انما ارتزق بقدر علمى ولو أعطيت بقدر جهلى لم يسعنى مال الدنيا- وحكى- ان عالما سئل عن مسئلة وهو فوق المنبر فقال لا أدرى فقيل له ليس المنبر موضع الجهال فقال انما علوت بقدر علمى ولو علوت بقدر جهلى لبلغت السماء قالَ استئناف ايضا يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ اى أعلمهم بِأَسْمائِهِمْ التي عجزوا عن علمها واعترفوا بتقاصير هممهم عن بلوغ مرتبتها فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ روى انه رفع على منبر وامر ان ينبئ الملائكة بالأسماء فلما انبأهم بها وهم جلوس بين يديه وذكر منفعة كل شىء قالَ الله تعالى أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والاستفهام للتقرير اى قد قلت لكم انى اعلم ما غاب فيهما ولا دليل عليه ولا طريق اليه وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ تظهرون من قولكم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ تسرون من قولكم لن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا وهو استحضار لقوله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ لكنه جاء به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه فانه تعالى كما علم ما خفى عليهم من امور السموات والأرض وما ظهر لهم من أحوالهم الظاهرة والباطنة علم ما لا يعلمون وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الاولى من السؤال وهو ان يتوقفوا مترصدين لان يبين لهم وهذه الآيات تدل على شرف الإنسان ومزية العلم وفضله على العبادة لان الملائكة اكثر عبادة من آدم ومع ذلك لم يستحقوا الخلافة وتدل على ان العلم شرط في الخلافة بل العمدة فيها وان آدم أفضل من هؤلاء الملائكة لانه اعلم منهم والأعلم أفضل لقوله تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فالعلم اشرف جوهرا ولكن لا بد للعبادة مع العلم فان العلم بمنزلة الشجرة والعبادة بمنزلة الثمرة فالشرف للشجرة وهو الأصل لكن الانتفاع بثمرتها وفي حديث ابى ذر رضى الله عنه (حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة وعيادة ألف مريض وشهود ألف جنازة) فقيل يا رسول الله أو من قراة القرآن قال (وهل ينفع القرآن الا بالعلم) : قال في المثنوى خاتم ملك سليمانست علم ... جمله عالم صورت وجانست علم وفي الحديث (النظر الى وجه الوالد عبادة والنظر الى الكعبة المكرمة عبادة والنظر في المصحف عبادة والنظر في وجه العالم عبادة من زار عالما فكانما زارنى ومن صافح عالما فكانما صافحنى ومن جالس عالما فكانما جالسنى ومن جالسنى في الدنيا أجلسه الله معى يوم القيامة) وفي الحديث (من أراد ان ينظر الى عتقاء الله من النار فلينظر الى المتعلمين فوالذى نفس محمد بيده ما من متعلم يختلف اى يذهب ويجئ الى باب العالم الا يكتب الله له بكل قدم عبادة سنة ويبنى بكل قدم مدينة في الجنة ويمشى على الأرض والأرض تستغفر له ويمسى ويصبح مغفور اله) وفي التأويلات النجمية وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها الأسماء على ثلاثة اقسام قسم منها اسماء الروحانيات والملكوتيات وهي مقام الملائكة ومرتبتهم فلهم علم ببعضها واستعداد ايضا لان ينبأوا بما لا علم لهم به فان الروحانيات والملكوتيات لهم شهادة كالجسمانيات لنا والقسم

[سورة البقرة (2) : آية 34]

الثاني منها اسماء الجسمانيات وهي مرتبة دون مرتبتهم فيمكن انباؤهم لان الجسمانيات لهم كالحيوانيات بالنسبة إلينا فانها مرتبة دون مرتبة الإنسان فيمكن للانسان الانباء باحوالها والقسم الثالث منها الآلهيات وهي مرتبة فوق مرتبة الملائكة كما قال تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فلا يمكن للانسان ان ينبئهم بها ولا يمكن لهم الانباء فوق ما علمهم الله منها لانها غيب وليس لهم الترقي الى عالم الغيب وهو عالم الجبروت وهم اهل الملكوت ولهم مقام معلوم لا يتجاوزون عنه كما قال جبريل عند سدرة المنتهى (لو دنوت انملة لاحترقت) وانما كان آدم مخصوصا بعلم الأسماء لانه خلاصة العالم وكان روحه بذر شجرة العالم وشخصه ثمرة شجرة العالم ولهذا خلق شخصه بعد تمام ما فيه كخلق الثمرة بعدم تمام الشجرة كما ان الثمرة تعبر على اجزاء الشجرة كلها حتى تظهر على أعلى الشجرة كذلك آدم عبر على اجزاء شجرة الموجودات علوها وسفلها وكان في كل جزء من اجزائها له منفعة ومضرة ومصلحة ومفسدة فسمى كل شىء منها باسم يلائم تلك المنفعة والمضرة بعلم علمه الله تعالى وهذا من جملة ما كان الله يعلم من آدم والملائكة لا يعلمون وكان من كمال حال آدم أن اسماء الله تعالى جاءت على منفعته ومضرته فضلا عن اسماء غيره وذلك انه لما كان مخلوقا كان الله خالقا ولما كان مرزوقا كان الله رازقا ولما كان عبدا كان الله معبودا ولما كان معيوبا كان الله ستارا ولما كان مذنبا كان الله غفارا ولما كان تائبا كان الله توابا ولما كان منتفعا كان الله نافعا ولما كان متضررا كان الله ضارا ولما كان ظالما كان الله عدلا ولما كان مظلوما كان الله منتقما فعلى هذا قس الباقي وَإِذْ قُلْنا اى اذكر يا محمد وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اى لجميعهم لقوله تعالى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ اسْجُدُوا لِآدَمَ اى خرواله والسجود فى الأصل تذلل مع تطامن وفي الشرع وضع الجبهة على قصد العبادة والمأمور به اما المعنى الشرعي فالمسجود له في الحقيقة هو الله تعالى وجعل آدم قبلة سجودهم تفخيما لشأنه واما المعنى اللغوي وهو التواضع لآدم تحية وتعظيما له كسجود اخوة يوسف له وكان سجود التحية جائزا فيما مضى ثم نسخ بقوله عليه السلام لسلمان حين أراد ان يسجد له (لا ينبغى لمخلوق ان يسجد لاحد الا الله تعالى ولو أمرت أحدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها) فتحية هذه الامة هي السلام لكن يكره الانحناء لانه يشبه فعل اليهود كما في الدرر وكان هذا القول الكريم بعد انبائهم بالأسماء قيل لما خلق آدم أشكل عليهم ان آدم اعلم أم هم فلما سألهم عن الأسماء فلم يعرفوا وسأل آدم فاخبر بها ظهر لهم ان آدم اعلم منهم ثم أشكل عليهم انه أفضل أم هم فلما أمرهم بالسجود ظهر لهم فضله ومن لطف الله تعالى بنا ان امر الملائكة بالسجود لا بينا ونهانا عن السجود لغيره فقال لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ نقل الملائكة المقربين الى آدم وسجدته ونقلنا الى سجدته وخدمته وفي التأويلات النجمية في قوله اسْجُدُوا ثلاثة معان أحدها انكم تسجدون لله بالطبيعة الملكية والروحانية فاسجدوا لآدم خلافا للطبيعة بل اعبدوا وارقوا انقيادا للامر وامتثالا للحكم والثاني اسجدوا لآدم تعظيما لشأن خلافته وتكريما لفضيلته المخصوصة به وذلك لان الله تعالى يتجلى فيه فمن سجد له فقد سجد لله كما قال تعالى في حق حبيبه عليه السلام

إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ والثالث اسجدوا لآدم اى لاجل آدم وذلك لان طاعتهم وعبادتهم ليست بموجبة لثوابهم وترقى درجاتهم وفائدتها راجعة الى الإنسان لمعنيين أحدهما ان الإنسان يقتدى بهم في الطاعة ويتأدب بآدابهم في امتثال الأوامر وينزجر عن الإباء والاستكبار كيلا يلحق به اللعن والطرد كما لحق بإبليس ويكون مقبولا ممدوحا مكرما كما كان الملائكة في امتثال الأمر لقوله تعالى لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ والثاني ان الله تعالى من كمال فضله ورحمته مع الإنسان جعل همة الملائكة في الطاعة والتسبيح والتحميد مقصورة على استعداد المغفرة للانسان كما قال تعالى وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ فلذلك أمرهم بالسجود لاجلهم وليستغفروا لهم فَسَجَدُوا اى سجد الملائكة لانهم خلقوا من نور كما قال عليه السلام (خلقت الملائكة من نور) والنور من شانه الانقياد والطاعة وأول من سجد جبرائيل فاكرم بانزال الوحى على النبيين وخصوصا على سيد المرسلين ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم عزرائيل ثم سائر الملائكة وقيل أول من سجد اسرافيل فرفع رأسه وقد ظهر كل القرآن مكتوبا على جبهته كرامة له على سبقه الى الائتمار والفاء في قوله فسجدوا لافادة مسارعتهم الى الامتثال وعدم تلعثمهم في ذلك إِلَّا إِبْلِيسَ اى ما سجد لانه خلق من النار والنار من شأنها الاستكبار وطلب العلو طبعا وللعلماء في هذا الاستثناء قولان الاول انه استثناء متصل لان إبليس كان جنيا واحدا بين اظهر الألوف من الملائكة مغمورا بهم متصفا بصفاتهم فغلبوا عليه في قوله فسجدوا ثم استثنى منهم استثناء واحد منهم واكثر المفسرين على ان إبليس من الملائكة لان خطاب السجود كان مع الملائكة قال البغوي وهو الأصح قال في التيسير اما وصف الملائكة بانهم لا يعصون ولا يستكبرون فذلك دليل تصور العصيان منهم ولولا التصور لما مدحوا به لكن طاعتهم طبع وعصيانهم تكلف وطاعة البشر تكلف ومتابعة الهوى منهم طبع ولا يستنكر من الملائكة تصور العصيان فقد ذكر من هاروت وماروت ما ذكر: قال في المثنوى امتحان مى كردشان زير وزبر ... كى بود سر مست را ز اينها خبر والقول الثاني انه منقطع لانه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن بالنص قال تعالى كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وعن الحافظ ان الجن والملائكة جنس واحد فمن طهر منهم فهو ملك ومن خبث فهو شيطان ومن كان بين بين فهو جن أَبى اى امتنع عما امر به من السجود والإباء امتناع باختيار وَاسْتَكْبَرَ اى تعظم واظهر كبره ولم يتخذه وصلة فى عبادة ربه او تعظيمه وتلقيه بالتحية والتكبر ان يرى الرجل نفسه اكبر من غيره والاستكبار طلب ذلك بالتشبع اى بالتزين بالباطل وبما ليس له وتقديم الإباء على الاستكبار مع كونه مسببا عنه لظهوره ووضوح اثره: قال في المثنوى اين تكبر چيست غفلت از لباب ... منجمد چون غفلت يخ ز آفتاب چون خبر شد ز آفتابش يخ نماند ... نرم گشت وگرم گشت وتيز راند قالوا لما سجد الملائكة امتنع إبليس ولم يتوجه الى آدم بل ولاه ظهره وانتصب هكذا الى

ان سجدوا وبقوا في السجود مائة سنة وقيل خمسمائة سنة ورفعوا رؤسهم وهو قائم معرض لم يندم من الامتناع ولم يعزم على الاتباع فلما رأوه عدل ولم يسجدوهم وفقوا للسجود سجدوا لله تعالى ثانيا فصار لهم سجدتان سجدة لآدم وسجدة لله تعالى وإبليس يرى ما فعلوه وهذا اباؤه فغير الله تعالى صفته وحالته وصورته وهيئته ونعمته فصار أقبح من كل قبيح قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ قال بعضهم جعل ممسوخا على مثال جسد الخنازير ووجهه كالقردة وللشيطان نسل وذرية والممسوخ وان كان لا يكون له نسل لكن لما سأل النظرة وانظر صار له نسل وفي الخبر قيل له من قبل الحق اسجد لقبر آدم أقبل توبتك واغفر معصيتك فقال ما سجدت لقالبه وجثته فكيف اسجد لقبره وميتته وفي الخبر ان الله تعالى يخرجه على رأس مائة الف سنة من النار ويخرج آدم من الجنة ويأمره بالسجود لآدم فيأبى ثم يرد الى النار وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ اى في علم الله تعالى او صار منهم باستقباحه امر الله إياه بالسجود لآدم اعتقادا بانه أفضل منه والأفضل لا يحسن ان يؤمر بالتخضع للمفضول والتوصل به كما أشعر به قوله (انا خير منه) جوابا لقوله تعالى ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ لا بترك الواجب وحده ومذهب اهل السنة ان الشقي قد يسعد والسعيد قد يشقى فالكافر إذا اسلم كان كافرا الى وقت إسلامه وانما صار مسلما بإسلامه الا انه غفر له ما سلف والمسلم إذا كفر والعياذ بالله كان مسلما الى ذلك الوقت الا انه حبط عمله ثم انما قال من الكافرين ولم يكن حينئذ كافر غيره لانه كان فى علم الله ان يكون بعده كفار فذكر انه كان من الكافرين اى من الذين يكفرون بعده وهذا كما في قوله فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ ومن فوائد الآية استقباح الاستكبار وانه قد يفضى بصاحبه الى الكفر والحث على الائتمار لامره وترك الخوض في سره وان الأمر للوجوب وان الذي علم الله من حاله انه يتوفى على الكفر هو الكافر على الحقيقة إذ العبرة بالخواتم وان كان بحكم الحال مؤمنا وهي مسئلة الموافاة اى اعتبار تمام العمر الذي هو وقت الوفاة فاذا كان العبرة بالخاتمة فليسارع العبد الى الطاعات فكل ميسر لما خلق له خصوصا في آخر السنة وخاتمتها كى يختم له الدفتر بالعمل الصالح قالت رابعة العدوية لسفيان الثوري رحمهما الله انما أنت ايام معدودة فاذا ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك إذا ذهب البعض ان يذهب الكل وأنت تعلم فاعمل واعتبر ولا تقل ذهب لى درهم ودينار وسقط لى مال وجاه بل قل ذهب يومى ماذا عملت فيه فان باليوم ينقضى العمر واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الأحزان وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله تعالى وعن العلاء بن ذياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل في شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع إليكم الى يوم القيامة قيل يا رسول الله من خير الناس قال (من طال عمره وحسن عمله) قيل فاى الناس شر قال (من طال عمره وساء عمله وخيف شره ولم يرج خيره) قال الحسن لجلسائه يا معشر الشيوخ ما ينتظر بالزرع إذا بلغ قالوا الحصاد قال يا معشر الشباب فان الزرع قد تدركه الآفة قبل ان يبلغ وانشد بعضهم

[سورة البقرة (2) : الآيات 35 إلى 39]

ألا مهد لنفسك قبل موت فان الشيب تمهيد الحمام وقد جد الرحيل فكن مجدا لحط الرحل في دار المقام وعن الحسن قال ابن آدم لا تحمل هم سنة على يوم كفى يومك بما فيه فان تكن السنة من عمرك يأتك الله فيها برزقك والا تكن من عمرك فاراك تطلب ما ليس لك وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال ما طلعت شمس الا وبجنبتيها ملكان يناديان وانهما ليسمعان من على ظهر الأرض غير الثقلين يا ايها الناس هلموا الى ربكم ان ما قل وكفى خير مما كثر وألهى وما غربت شمس قط الا وبجنبتيها ملكان يناديان وانهما ليسمعان من على ظهر الأرض غير الثقلين اللهم عجل لمنفق خلفا وعجل لممسك تلفا: قال في المثنوى نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ قال القرطبي في تفسيره لا خلاف ان الله تعالى اخرج إبليس عند كفره وأبعده عن الجنة وبعد إخراجه قال يا آدم اسكن اى لازم الاقامة واتخذها مسكنا وهو محل السكون وليس المراد به ضد الحركة بل اللبث والاستقرار وَزَوْجُكَ حواء يقال للمرأة الزوج والزوجة والزوج افصح كما في تفسير ابى الليث وانما لم يخاطبهما او لا تنبيها على انه المقصود بالحكم والمعطوف عليه تبع له الْجَنَّةَ هى دار الثواب بإجماع المفسرين خلافا لبعض المعتزلة والقدرية حيث قالوا المراد بالجنة بستان كان في ارض فلسطين او بين فارس وكرمان خلقه الله تعالى امتحانا لآدم وأولوا الهبوط بالانتقال منه الى ارض الهند كما في قوله تعالى اهْبِطُوا مِصْراً وفيه نظر لان الهبوط قد يستعار للانتقال إذا ظهر امتناع حقيقته واستبعادها وهناك ليس كذلك واختلفوا في خلقة حواء هل كانت قبل دخول الجنه او بعده ويدل على الاول ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه بعث الله جندا من الملائكة فحملوا آدم وحواء على سرير من الذهب مكلل بالياقوت واللؤلؤ والزمرد وعلى آدم منطقة مكللة بالدر والياقوت حتى أدخلوهما الجنة ويدل على الثاني ما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه لما خلق الله الجنة واسكن فيها آدم بقي فيها وحده فألقى الله عليه النوم ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من الجانب الأيسر ووضع مكانه لحما فخلق منه حواء ومن الناس من قال لا يجوز ان يقال خلقت حواء من ضلع آدم لانه يكون نقصانا منه ولا يجوز القول بنقص الأنبياء قلنا هذا نقص منه صورة تكميل له معنى لانه جعلها سكنه وأزال بها وحشته وحزنه فلما استيقظ وجدها عند رأسه قاعدة فسألها من أنت فقالت انى امرأة فقال ولم خلقت قالت لتسكن الى واسكن إليك فقالت الملائكة يا آدم ما اسمها قال حواء قالوا ولم قال لانها خلقت من حى او لانها اصل كل حى او لانها كانت في ذقنها حوة اى حمرة مائلة الى السواد وقيل في شفتها وسميت مرأة لانها خلقت من المرء كما ان آدم سمى بآدم لانه خلق من أديم الأرض وعاشت بعد آدم سبع سنين وسبعة أشهر وعمرها تسعمائة سنة وسبع وتسعون سنة واعلم ان الله تعالى خلق واحدا من اب دون أم وهو حواء وآخر من أم دون أب وهو عيسى وآخر من اب وأم اى أولاد آدم وآخر من غير اب وأم اى آدم فسبحان من اظهر من عجائب

صنعه ما يتحير فيه العقول ثم اعلم ان الله تعالى خلق حواء لامر تقتضيه الحكمة ليدفع آدم وحشته بها لكونها من جنسه وليبقى الذرية على ممر الأزمان والأيام الى ساعة القيام فان بقاءها سبب لبعثة الأنبياء وتشريع الشرائع والاحكام ونتيجة لامر معرفة الله فان الله تعالى خلق الخلق لاجلها وفي الزوجية منافع كثيرة دينية ودنيوية واخروية ولم يذكر الله تعالى في كتابه من الأنبياء الا المتزوجين وقالوا ان يحيى عليه السلام قد تزوج لنيل الفضل واقامة السنة ولكن لم يجامع لكون ذلك عزيمة في تلك الشريعة ولذلك مدحه الله بكونه حصورا وفي الأشباه ليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم الى الآن ثم تلك العبادة لا تستمر في الجنة الا الايمان والنكاح قيل فضل المتأهل على العزب كفضل المجاهد على القاعد وركعة من المتأهل أفضل من سبعين ركعة من عزب هذا كله لكون التزوج سببا لبقاء النسل وحفظا من الزنى والترغيب في النكاح يجرى الى ما يجاوز المائة الاولى من الالف الثاني كما قال عليه السلام (إذا اتى على أمتي مائة وثمانون سنة بعد الالف فقد حلت العزوبة والعزلة والترهب على رؤس الجبال) وذلك لان الخلق في المائتين اهل الحرب والقتل فتربية جر وحينئذ خير من تربية ولد وان تلد المرأة حية خير من ان تلد الولد: كما قال السعدي زنان باردار اى مرد هشيار ... اگر وقت ولادت مار زايند از ان بهتر بنزد يك خردمند ... كه فرزندان نا هموار زايند وَكُلا مِنْها اى من ثمار الجنة وجه الخطاب إليهما إيذانا بتساويهما في مباشرة المأمور به فان حواء أسوة له في الاكل بخلاف السكنى فانها تابعة له فيها ثم معنى الأمر بهذا والشغل به مع انه اختصه واصطفاه وللخلافة أبداه انه مخلوق والذي يليق بالخلق هو السكون بالخلق والقيام باستجلاب الحظ رَغَداً اى أكلا واسعا رافها بلا تقدير وتقتير حَيْثُ شِئْتُما أي مكان من الجنة شئتما وسع الأمر عليهما ازاحة للعلة والعذر في التناول من الشجرة المنهي عنها من بين أشجارها الفائتة للحصر وَلا تَقْرَبا بالأكل ولو كان النهى عن الدنو لضمت الراء هذِهِ الشَّجَرَةَ الشجرة نصب على انه بدل من اسم الاشارة او نعت له بتأويلها بمشتق اى هذه الحاضرة من الشجر اى لا تأكلا منها وانما علق النهى بالقربان منها مبالغة فى تحريم الاكل ووجوب الاجتناب عنه والمراد بها البر والسنبلة وهو الأشهر والأجمع والأنسب عند الصوفية لان النوع الإنساني ظهر في دور السنبلة وعليها من كل لون وثمرها احلى من العسل وألين من الزبد وأشد بياضا من الثلج كل حبة من حنطتها مثل كلية البقرة وقد جعلها الله رزق أولاده في الدنيا ولذلك قيل تناول سنبلة فابتلى بحرث السنبلة او المراد الكرم ولذلك حرمت علينا او التين ولهذا ابتلاه الحق بلباس ورقها كما ابتلاه بثمرها وهو البلاء الحسن وقيل غير ذلك والاولى عدم تعيينها لعدم النص القاطع فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ مجزوم على انه معطوف على تقربا او منصوب على انه جواب للنهى والمعنى على الاول لا يكن منكما قربان الشجرة وكونكما من الظالمين وعلى الثاني ان تقربا هذه الشجرة تكونا من الظالمين وأياما كان فالقرب اى الاكل منها سبب لكونهما من الظالمين اى الذين ظلموا

[سورة البقرة (2) : آية 36]

أنفسهم بارتكاب المعصية او نقصوا حظوظهم بمباشرة ما يخل بالكرامة والنعيم او تعدوا حدود الله قال القرطبي قال بعض ارباب المعاني في قوله ولا تقربا اشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة وان سكناهما فيها لا يدوم لان المخلد لا يحظر عليه شىء ولا يؤمر ولا ينهى والدليل على هذا قوله تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فدل على خروجه منها قال الشيخ نجم الدين قدس سره ان آدم خاطبه مولاه خطاب الابتلاء والامتحان والنهى نهى تعزز ودلال كأنه قال يا آدم ابحت لك الجنة وما فيها الا هذه الشجرة فانها شجرة المحبة والمعرفة والمحبة مطية المحنة وأن منعه منها كان تحريضا على تناولها فان الإنسان حريص على ما منع فسكنت نفس آدم الى حواء والى الجنة وما فيها الا الى الشجرة المنهي عنها لانها كانت مشتهى القلب وكان للنفس فيها حظ ولا يزال يزداد توقانه إليها فيقصدها حتى تناول منها فظهر سر الخلافة والمحبة والمحنة والتحقق بمظاهر الجمال والجلال كالتواب والغفور والعفو والقهار والستار والحاصل انه لما علم الله تعالى انه يأكل من الشجرة نهاه ليكون أكله عصيانا يوجب توبة ومحبة وطهارة من تلوث الذنب كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فاورثه ذلك النهى عن أكل الشجرة عصيانا بسبب النسيان ثم توبة بسبب العصيان ثم محبة بسبب التوبة ثم طهارة بسبب المحبة كما ورد في الخبر (إذا أحب الله عبدا لم يضره الذنب) اى حفظه من الذنب وإذا وقع فيه وفقه للتوبة والندامة وكل زلة عاقبتها التوبة والتشريف والاجتباء فقيل هي زلة تنزيه واستحقاق آدم اللوم بالنهى التنزيهي من قبيل حسنات الأبرار سيآت المقربين قال مرجع طريقتنا الجلوتية الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره المراد بالدعوة الى الجنة الدعوة الى مقام الروح في وجود بنى آدم كأنه قال لقلب الإنسان يا آدم القلب اسكن أنت وزوجك وهي النفس الانسانية في الروح بالطاعات والعبادات وَكُلا مِنْها رَغَداً اى كلا من المعارف الالهية لان الروح مقام المعرفة التي تحصل بسبب الطاعات والعبادات حَيْثُ شِئْتُما أي عمل احببتما من الخيرات والصالحات وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ اى شجرة المخالفة فان هذا الخطاب لما كان يشمل عامة العباد الى يوم القيامة لم ينحصر فى آدم وحواء عليهما السلام فينبغى للمؤمن ان يترقى الى الله تعالى بسبب الطاعات والعبادات ويجتنب عن المخالفات حتى لا يقع في المهالك والدركات: قال في المثنوى داروى مردى بخور اندر عمل ... تا شوى خورشيد كرم اندر حمل «1» جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود «2» تا جلا باشد مران آيينه را ... كه صفا زايد ز طاعت سينه را «3» فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها اى اذهب آدم وحواء وأبعدهما عن الجنة يقال زل عنى كذا إذا ذهب والازلال الازلاق والزلة بالفتح الخطأ وهو الزوال عن الصواب من غير قصد والمقصود حملهما على الزلة بطريق التسبب وهو بالوسوسة وبالغرور والدعاء فان قلت إبليس كافر والكافر لا يدخل الجنة فكيف دخل هو قلت منع من الدخول على وجه التكرمة كما يدخلها الملائكة ولم يمنع من الدخول للوسوسة ابتلاء لآدم وحوا فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ

_ (1) در اواخر دفتر پنجم دربيان حكايت آن مخنت الخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان طاغى در عين قاهرى الخ (3) در اواخر دفتر پنجم در بيان آنكه لطفها در قهرها پنهان است الخ

من النعيم والكرامة ولم يقصد إبليس إخراج آدم من الجنة وانما قصد إسقاطه من مرتبته وابعاده كما ابعد فلم يبلغ مقصده قال الله تعالى فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى قال الشيخ صدر الدين قدس سره في الفكوك لما سمع آدم قول إبليس ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ صدقه هو وزوجته وهذه القضية تشتمل على أمرين مشكلين لم ار أحدا تنبه لهما ولا أجابني أحد من اهل العلم الظاهر والباطن عنهما وهو انه عليه السلام بعد سجود الملائكة له بأجمعهم ومشاهدة رجحانه عليهم بذلك وبعلم الأسماء والخلافة ووصية الحق له كيف اقدم على المخالفة وتسوف بقول إبليس الا ان تكونا ملكين وكيف لم يعلم ايضا ان من دخل الجنة المعرفة بلسان الشريعة لم يخرج منها وان النشأة الجنانية لا تقبل الكون والفساد فهى لذاتها تقتضى الخلود وكان هذه الحال تدل دلالة واضحة على ان الجنة التي كان فيها ليست الجنة التي عرضها السموات والأرض والتي ارضها الكرسي الذي هو الفلك الثامن وسقفها عرش الرحمن فان تلك الجنة لا يخفى على من دخلها انها ليست محل الكون والفساد ولا ان يكون نعيمها موقتا ممكن الانقطاع فان ذلك المقام يعطى بذاته معرفة ما تقتضيه حقيقته وهو عدم انقطاع نعيمها بموت او غيره كما قال الله تعالى عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ اى غير منقطع ولا متناه فافهم فحال آدم وحواء في هذه القضية كحال بنى إسرائيل الذين قال الله في حقهم أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ الآية ولهذه المناسبة والمشاركة اردف الحق قصة آدم في سورة البقرة بقصة موسى وبنى إسرائيل مع ما بينهما من طول المدة فراعى سبحانه في ذلك المضاهاة فى الفعل والحال دون الزمان فهذا من اسرار القرآن انتهى كلام الشيخ فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى لم يخلق الإنسان في الجنة ابتداء ولم ابتلاء بالخروج الى الدنيا قلت تعظيم النعم على العباد واجب فلو لم يخلقوا في الدنيا ابتداء ما عرفوا قدر الجنة وقيل ليكونوا في الجنة على الجزاء لا على الابتداء وليأمنوا الزوال وقيل خلقنا في الدنيا ليميز الله الخبيث من الطيب والمطيع من المخالف لاقتضاء الصفات الجلالية لان الجنان ليست من مظاهر الجلال ولو خلقنا وبقينا فى الجنة لما ظهر فينا صفات الجلال كما لم تظهر في الملك فالحكمة الإلهية اقتضت خلق الإنسان فى الدنيا وظهور المخالفة منه ليظهر فيه الرحمة والغفران فلو بقي آدم في الجنة لفاته نصف الكمال الذي هو التجليات القهرية فخرج ليتحقق بمظاهر اسماء الجمال والجلال ثم يرد الى عالم الجنان كاملا مكملا بانواع الفضائل والكمالات والمقصود ايضا كما سبق تميز الخبيث من الطيب وقد قدر الله تعالى ان يخرج من صلبه سيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والأولياء والمؤمنين وخمر طينته بتراب كل مؤمن وعدو فاخرجه الى الدنيا ليخرج من ظهره الذين لا نصيب لهم في الجنة قال الشيخ الكامل المكمل على رده في هامش كشف الكنوز وحل الرموز وهو كتاب فريد في فنه وجدت تذكرة السؤال من بعض الملاحدة على كرسى سيدى ابن نور الدين في مجلس وعظ بجامع اياصوفيه من كلام خواجه حافظ شيرازى من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين دير خراب آبادم

فاجاب الشيخ بديهة وفهم مراد الملحد عن السؤال فقال أنت أخرجت آدم من الجنة حيث هجت في صلبه باستعداد الفساد والإلحاد ولو لم يخرج أبونا آدم لبقيت الملاحدة والفجرة فى الجنة فاقتضت غيرة الحق خروجه وسئل ابو مدين قدس سره عن خروج آدم من الجنة على وجه الأرض ولم تعدى في أكل الشجرة بعد النهى فقال لو كان أبونا يعلم انه يخرج من صلبه مثل محمد صلى الله عليه وسلم لصار يأكل عرق الشجرة فكيف ثمرها ليسارع فى الخروج على وجه الأرض ليظهر الكمال المحمدي والجمال الأحمدي وسأل خليل الرحمن صلوات الله على نبينا وعليه فقال يا رب لم أخرجت آدم فقال اما علمت ان جفاء الحبيب شديد وقال مرجع طريقتنا الجلوتية الشيخ الشهير بافتاده افندى سر خروج آدم من الجنة انه رأى مرتبة من مراتب التوحيد أعلى من مرتبته التي هو فيها فسألها من الله تعالى فقيل له لاتصل إليها الا بالبكاء فاحب آدم ان يبكى فقيل ان الجنة ليست موضع البكاء بل هي موضع السرور فطلب ان ينزل الى الدنيا فكون ما صدر عنه ذنبا بالنسبة اليه باعتبار قصور مرتبته عن المرتبة المطلوبة على نهج حسنات الأبرار سيآت المقربين كذا في واقعات الهدائى قال الشيخ نجم الدين قدس سره والاشارة ان آدم عليه السلام أصبح محمود العناية مسجود الملائكة متوجا بتاج الكرامة ملبسا بلباس السعادة في وسطه نطاق القربة وفي جيده طوق الزلفة لاحد فوقه في الرتبة ولا شخص معه في الرتبة يتوالى عليه النداء كل لحظة يا آدم فلما جاء القضاء ضاق الفضاء: قال في المثنوى چون قضا آيد شود دانش بخواب ... مه سيه كردد بگيرد آفتاب فلم يمس حتى نزع لباسه وسلب استئناسه تدفعه الملائكة بعنف ان اخرج بغير مكث ولا بحث فَأَزَلَّهُمَا يد التقدير بحسن التدبير الشَّيْطانُ عَنْها اى عن تلك العزة والقرابة وكان الشيطان المسكين في هذا الأمر كذئب يوسف لما أخذ بالجناية ولطخ فمه بدم كذب واخوته قد ألقوه في غيابة الجب فاخذ الشيطان لعدم العناية ولطخ خرطومه بدم نصح كذب فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من السلامة الى الملامة ومن الفرح الى الترح ومن النعمة الى النقمة ومن المحبة الى المحنة ومن القربة الى الغربة ومن الالفة الى الكلفة ومن الوصلة الى الفرقة وكان قبل أكل الشجرة مستأنسا بكل شىء ومؤانسا مع كل أحد ولذلك سمى إنسانا فلما ذاق شجرة المحبة استوحش من كل شىء واتخذ كل أحد عدوا وهكذا شرط صحة المحبة عداوة ما سوى المحبوب فكما أن ذات المحبوب لا يقبل الشركة في التعبد كذا لا يقبل الشركة فى المحبة ولهذا قال اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وكذا كان حال الخليل في البداية يتعلق بالكوكب والقمر والشمس ويقول هذا رَبِّي فلما ذاق شجرة الخلة قال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وَقُلْنَا اهْبِطُوا خطاب لآدم وحواء وجمع الضمير لانهما أصلا الجنس فكانهما الجنس كله وقيل هو لخمسة وخامسهم الطاووس وهذا الأمر وان انتظمهم في كلمة فما كان هبوطهم جملة بل هبط إبليس حين لعن وهبوط آدم وحواء كان بعده بكثير الا ان يحمل على ان إبليس اخرج منها ثانيا

بعد ما كان يدخلها للوسوسة ودلت كلمة اهبطوا على انهما كانا في جنة الخلد حيث امرا بالانحدار وهو النزول من علو الى سفل وقد سبق في الآيات السابقة ما سبق قال القرطبي فى تفسيره ان الصحيح في إهباطه وسكناه في الأرض ما قد ظهر من الحكمة الازلية في ذلك وهي نثر نسله فيها ليكلفهم ويمتحنهم ويرتب على ذلك ثوابهم وعقابهم الأخروي إذ الجنة والنار ليستا بدار تكليف فكانت تلك الاكلة سبب اهباطهما من الجنة فاخرجهما لانهما خلقا منها وليكون آدم خليفة الله في الأرض ولله أن يفعل ما يشاء وقد قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً وهذه منقبة عظيمة وفضيلة كريمة شريفة انتهى كلام القرطبي فهبوطه من الجنة هبوط التشريف والامتحان والتمييز بين قبضتى السعادة والشقاوة لان ذلك من مقتضيات الخلافة الإلهية على ما في كشف الكنوز واكثر المفسرين على ان المعنى انزلوا استخفافا بكم لكن القول ما قالت حذام قال المولى الشهير بابن الكمال في رسالة القضاء والقدر عتاب آدم عليه السلام في قوله تعالى أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ عتاب تلطيف لا عتاب تعنيف وتعذيب وتنزيله من السماء الى الأرض بقوله اهبطوا مِنْها جَمِيعاً تكميل وتبعيد تقريب كما في قول الشاعر سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ حال استغنى فيها عن الواو بالضمير اى متعادين يبغى بعضكم على بعض بتضليله والعدو يصلح للواحد والجمع ولهذا لم يقل اعداء فابليس عدو لهما وهما عدو لابليس والحية عدو لبنى آدم وهم عدوها هى تلسعهم وهم يدمغونها وإبليس يفتنهم وهم يلعنونه وكذا العداوة بين ذرية آدم وحواء بالتحاسد في الدنيا والاختلاف في الدين والعداوة مع إبليس دينية فلا ترتفع ما بقي الدين والعداوة مع الحية طبيعية فلا ترتفع ما بقي الطبع ثم هذه عداوة تأكدت بيننا وبينهم لكن حزبا يكون الله معهم كان الظفر لهم ثم قوله بعضكم لبعض عدو اخبار عن كونه اى التعادي لا امر بتحصيله ولما قال بعضكم لبعض عدو قال آدم الحمد لله حيث لم يقل أنا لكم عدو والعدو هو المجاوز حده في مكروه صاحبه وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ اى موضع قرار على وجهها او في القبور ثم المستقر ثلاثة رحم الام قال تعالى فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ أودع في صلب الأب واستقر في رحم الام والثاني الدنيا قال تعالى وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ والثالث العقبى اما في الجنة قال تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا واما في النار قال تعالى إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً الآية وَمَتاعٌ اى تمتع بالعيش وانتفاع به إِلى حِينٍ الى آخر اعماركم وهو حين الموت او الى القيامة قال بعض العلماء في قوله تعالى إِلى حِينٍ فائدة لآدم عليه السلام ليعلم انه غير باق فيها ومنتقل الى الجنة التي وعد بالرجوع إليها وهي لغير آدم دالة على المعاد فحسب ولما هبطوا وقع آدم بأرض الهند على جبل سرنديب ولذلك طابت رائحة أشجار تلك الاودية لما معه من ريح الجنة وكان السحاب يمسح رأسه فاصلع فاورث أولاده الصلع ووقعت حواء بجدة وبينهما سبعمائة فرسخ والطاووس بمرج الهند والحية بسجستان او باصفهان وإبليس بسد يأجوج ومأجوج وسجستان اكثر بلاد الله حيات ولولا العربد

تأكلها وتفنى كثيرا منه لا خليت سجستان من أجل الحيات وكانوا في احسن حال فابتلى آدم بالحرث والكسب وحواء بالحيض والحبل والطلق ونقصان العقل والميراث وجعل الله قوائم الحية في جوفها وجعل قوتها التراب وقبح رجلى الطاووس وجعل إبليس بأقبح صورة وافضح حالة وكان مكث آدم وحواء في الجنة من وقت الظهر الى وقت العصر من يوم من ايام الآخرة وكل يوم من أيامها كالف سنة من ايام الدنيا يذكر ان الحية كانت خادم آدم عليه السلام فى الجنة فخانته بان مكنت عدوه من نفسها وأظهرت العداوة له هناك فلما اهبطوا تأكدت العداوة فقيل لها أنت عدو بنى آدم وهم اعداؤك وحيث لقيك منهم أحد شدخ رأسك قال عليه السلام (اقتلوا الحيات واقتلوا ذات الطفيتين والأبتر فانهما يخطفان البصر ويسقطان الحبل) فخصهما بالذكر مع انهما داخلان في العموم ونبه على ذلك لسبب عظيم ضررهما وما لم يتحقق ضرره فما كان منها في غير البيوت قتل ايضا لظاهر الأمر العام وما كان فى البيوت لا يقتل حتى يؤذن ثلاثة ايام لقوله صلى الله عليه وسلم (ان بالمدينة جنا قد اسلموا فاذا رأيتم منها شيأ فآذنوه ثلاثة ايام) قال ابن الملك في شرح المشارق والجن لكونه جسما لطيفا يتشكل بشكل الحيات والجان من الحيات التي نهى عن قتلها وهي حية بيضاء صغيرة تمشى ولا تلتوى والصحيح ان النهى عن قتل الحيات ليس مختصا بالمدينة بل ينهى عن قتل حيات البيوت في جميع البلاد لان الله تعالى قال وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ الآية والأبتر وذات الطفيتين تقتلان من غير إيذان سواء كانتا من حيات المدينة أم لا وإذا رأى أحد شيأ من الحيات في المساكن يقول أنشدكم بالعهد الذي اخذه عليكم نوح عليه السلام وأنشدكم بالعهد الذي اخذه عليكم سليمان عليه السلام ان لا تؤذونا فاذا رأى منها شيأ بعد فليقتله ومن خاف من مضرة الحية والعقرب فليقرأ سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ فانه يسلم بإذن الله تعالى واعلم ان ما كان من الحيوان أصله الاذية فانه يقتل ابتداء لاجل اذيته من غير خلاف كالحية والعقرب والفار والوزغ وشبهها وفي حواشى الخبازى على الهداية قتل الحيوان اما لدفع المضرة او لجلب المنفعة قال الفقير جامع هذه المجالس الانيقة يدخل فيه قتل نحلة العسل ودود القز ونحوهما إذا لم يمكن جلب منفعتها بدون القتل فالحية أبدت جوهرها الخبيث حيث خانت آدم بان ادخلت إبليس بين فكيها ولو كانت تنذره ما تركها تدخل به وقال إبليس أنت في ذمتى فامر صلى الله عليه وسلم بقتلها وقال (اقتلوها وان كنتم في الصلاة) يعنى الحية والعقرب والوزغة نفخت على نار ابراهيم عليه السلام من بين سائر الدواب فلعنت وفي الحديث (من قتل وزغة فكانما قتل كافرا) والوزغة من ذوات السموم وتفسد الطعام خصوصا الملح وإذا لم تجد طريقا الى إفساده ارتقت السقف وألقت خرءها فيه من موضع يحاذيه فجبلتها على الخبث والإفساد والفارة أبدت جوهرها بان عمدت الى حبال سفينة نوح عليه السلام فقطعتها والغراب أبدى جوهره حيث بعثه نبى الله نوح عليه السلام من السفينة ليأتيه بخبر الأرض فاقبل على جيفة ونزل وكذا الحدأة والسبع العادي والكلب العقور كله في معنى الحية والأمر بقتل المضر من باب الإرشاد الى دفع المضرة

[سورة البقرة (2) : آية 37]

قال السعدي قدس سره سنك بر دست ومار بر سر سنك ... خيره رأيى بود قياس ودرنك وقال ايضا ترحم بر پلنگ تيز دندان ... ستمكارى بود بر كوسفندان وفي التأويلات النجمية انه لما استقرت حبة المحبة كالبذر في قلب آدم جعل الله شخص آدم مستقر قلبه وجعل الأرض مستقر شخصه وقال وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ اى التمتع والانتفاع لبذر المحبة بماء الطاعة والعبودية الى حين ادراك ثمرة المعرفة كقوله تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وعلى التحقيق ما كانت ثمرة شجرة المخلوقات الا المعرفة لقوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ اى ليعرفون وثمرة المعرفة وان ظهرت على أغصان العبادة ولكن لا تنبت الا من حبة المحبة كما اخبر النبي عليه السلام (أن داود عليه السلام قال يا رب لماذا خلقت الخلق قال كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لا عرف) فثبت ان بذر المعرفة هو المحبة: قال في المثنوى آفتاب معرفت را نقل نيست ... مشرق او غير جان وعقل نيست فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ الفاء للدلالة على ان التوبة حصلت عقيب الأمر بالهبوط قبل تحقق المأمور به ومن ثمة قال القرطبي ان آدم تاب ثم هبط واليه الاشارة بقوله تعالى اهبطوا ثانيا ومنه يعرف ان الأمر بالهبوط ليس للاستخفاف ومشوبا بنوع سخط إذ لا سخط بعد التوبة فآدم اهبط بعد ان تاب الله عليه ومعنى تلقى الكلمات استقبالها بالأخذ والقبول والعمل بها حين علمها فان قلت ما هن قلت قوله تعالى رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية: قال الحافظ زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه ... رندا زره نياز بدار السلام رفت وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان أحب الكلام الى الله تعالى ما قال أبونا آدم حين اقترف الخطيئة سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك لا اله الا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ان آدم قال بحق محمد ان تغفر لى قال وكيف عرفت محمدا قال لما خلقتنى ونفخت في الروح فتحت عينى فرأيت على ساق العرش لا اله الا الله محمد رسول الله فعلمت انه أكرم الخلق عليك حتى قرنت اسمه باسمك فقال نعم وغفر له بشفاعته) او الكلمات هي قول آدم عند هبوطه من الجنه يا رب ألم تخلقنى بيدك من غير واسطة قال بلى قال يا رب ألم تسكنى جنتك قال بلى قال يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك قال بلى قال يا رب أرأيت ان أصلحت ورجعت وتبت أراجعى أنت الى الجنة قال نعم فالكلمات هي العهود الانسانية والمواثيق الآدمية والمناجاة الربانية من الخليفة الى حضرة الحق تعالى فتاب آدم الى الله بالرجوع عن المعصية والاعتراف بذنبه والاعتذار لخطاه وسهوه فَتابَ عَلَيْهِ اى فرجع الرب عليه بالرحمة وقبول التوبة واصل التوب الرجوع فاذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية الى الطاعة وإذا وصف به

الباري تعالى أريد به الرجوع عن العقوبة الى المغفرة والفاء للدلالة على ترتبه على تلقى الكلمات المتضمن لمعنى التوبة وتمام التوبة من العبد بالندم على ما كان وبترك الذنب الآن وبالعزم على ان لا يعود اليه في مستأنف الزمان وبرد مظالم العباد وبإرضاء الخصم بايصال حقه اليه باليد والاعتذار منه باللسان واكتفى بذكر آدم عليه السلام لان حواء كانت تابعة له في الحكم ولذلك طوى ذكر النساء في اكثر القرآن والسنن إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرجاع على عباده بالمغفرة او الذي يكثر اعانتهم على التوبة الرَّحِيمُ المبالغ في الرحمة وفي الجمع بين الوصفين وعد بليغ للتائب بالإحسان مع العفو والغفران والجملة تعليل لقوله تعالى فَتابَ عَلَيْهِ قال في المثنوى مركب توبه عجائب مركبست ... بر فلك تازد بيك لحظه ز پست «1» چون برارند از پشيمانى حنين ... عرش لرزد از انين المذنبين «2» قال ابن عباس رضى الله عنهما بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعيم الجنة مائتى سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ولم يقرب آدم حواء مائة سنة وقال شهر بن حوشب بلغني ان آدم لما هبط الى الأرض مكث ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه حياء من الله تعالى قالوا لو أن دموع اهل الأرض جمعت لكانت دموع داود اكثر حيث أصاب الخطيئة ولو أن دموع داود ودموع اهل الأرض جمعت لكانت دموع آدم اكثر حيث أخرجه الله من الجنة قال في المثنوى چون خدا خواهد كه مان يارى كند ... ميل ما را جانب زارى كند «3» اى خنك چشمى كه آن كريان اوست ... وى همايون دل كه آن بريان اوست آخر هر كريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست باش چون دولاب نالان چشم تر ... تا ز صحن جان بر رويد خضر فاذا كان حال من اقترف خطيئة دون صغيرة هذا فكيف حال من انغمس في بحر العصيان والتوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذا التوبة تزيل الأوساخ الباطنة والعبد إذا رجع عن السيئة وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأعاد عليه نعمته الفائتة عن ابن أدهم بلغني ان رجلا من بنى إسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس إذ سقط فرح من وكره وهو يتبصبص فاخذه ورده الى وكره فرحمه الله لذلك ورد عليه يده بما صنع ولا ريب أن العمل الصالح يمحو الخطيئات وفي التأويلات النجمية ان أول نبت أنبتته امطار الإلهامات الربانية من حبة المحبة في قلب آدم وطينة الانسانية كان نبات رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ لانه ابصر بنور الايمان انه ظالم لنفسه إذ أكل حبة المحبة ووقع في شبكة المحنة والمذلة وان لم يعنه ربه بمغفرته ويقه برحمته لم يتخلص من حضيض بشريته الذي اهبط اليه ويخسر رأس مال استعداد السعادة الازلية ولم يمكنه الرجوع الى ذروة مقام القربة فاستغاث الى ربه وقال ربنا مضطرا وكانت الحكمة في ابعاده بالهبوط هذا الاضطرار والدعاء فانه يجب المضطر إذا دعاه ويكشف

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان حكايت آن صياد كه إلخ (2) در اواخر دفتر ششم در بيان استمداد عارف إلخ) (3) در أوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن مرد إلخ

[سورة البقرة (2) : الآيات 38 إلى 39]

السوء فبسابقه العناية أخذ بيده وأفاض عليه سجال رحمته فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ للتائبين فاخرج من نبات الكلمات شجرة الاجتباء واظهر على دوحتها زهرة التوبة واثمر منها ثمرة الهداية وهي المعرفة كما قال ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى قُلْنَا استئناف مبنى على سؤال ينسحب عليه الكلام كانه قيل فماذا وقع بعد قبول توبته فقيل قلنا اهْبِطُوا مِنْها اى من الجنة جَمِيعاً نصب على الحال من ضمير الجمع تأكيد في المعنى للجماعة من آدم وحواء وإبليس والحية والطاووس كأنه قيل اهبطوا أنتم أجمعون ولذلك لا يستدعى اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد وكرر الأمر بالهبوط إيذانا بتحتم مقتضاه وتحققه لا محالة ودفعا لما عسى يقع في أمنيته عليه السلام من استتباع قبول التوبة للعفو عن ذلك ولان الاول دل على ان هبوطهم الى دار بلية يتعادون فيها ولا يخلدون والثاني أشعر بانهم اهبطوا للتكليف فاختلف المقصود وكان يصح لو قرن المعنيان بذكر الهبوط مرة لكن اعترض بينهما كلام وهو تلقيه الكلمات ونيله قبول التوبة فاعاد الاول ليتصل المعنى الثاني به وهو الابتلاء بالعبادة والثواب على الطاعة والعقاب على المعصية قال في الإرشاد والثاني مقرون بوعد إيتاء الهدى المؤدى الى النجاة والنجاح وما فيه من وعيد العقاب فليس بمقصود من التكليف قصدا أوليا بل انما هو دائر على سوء اختيار المكلفين ثم ان في الآية دليلا على ان المعصية تزيل النعمة عن صاحبها لان آدم قد اخرج من الجنة بمعصية واحدة وهذا كما قال القائل إذا تم امر دنا نقصه توقع زوالا إذا قيل تم إذا كنت في نعمة فارعها فان المعاصي تزيل النعم قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي اى ان يأتينكم والفاء لترتيب ما بعدها على الهبوط المفهوم من الأمر به هُدىً اى رشد وبيان شريعة برسول ابعثه إليكم وكتاب أنزله عليكم والخطاب في قوله يأتينكم لآدم والمراد ذريته وإبليس وذريته لم يأتهم كتاب ولا رسول ولا يكون منهم اتباع وجواب الشرط هو الشرط الثاني مع جوابه وهو قوله تعالى فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ اى اقتدى بشريعتى وكرر لفظ الهدى ولم يضمر بان يقال فمن تبعه لانه أراد بالثاني أعم من الاول وهو ما اتى به الرسل من الاعتقاديات والعمليات واقتضاه العقل اى فمن تبع ما أتاه من قبل الشرع مراعيا فيه ما يشهد به العقل من الادلة الآفاقية والانفسية فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فى الدارين من لحوق مكروه وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات مطلوب فالخوف على المتوقع والحزن على الواقع اى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا أنه يعتريهم ذلك لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا انه لا يعتريهم نفس الخوف والحزن أصلا بل يستمرون على السرور والنشاط كيف لا واستشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال الله وهيبته واستقصارا للجد والسعى في اقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين وَالَّذِينَ كَفَرُوا عطف على من تبع إلخ قسيم له كانه قيل ومن لم يتبعه إلخ وانما اوثر عليه ما ذكر تفظيعا لحال الضلالة وإظهارا لكمال قبحها وإيراد الموصول بصيغة الجمع للاشعار بكثرة الكفرة اى والذين كفروا برسلنا المرسلة إليهم وَكَذَّبُوا بِآياتِنا

المنزلة عليهم او كفروا بالآيات جنانا وكذبوا بها لسانا أُولئِكَ اشارة الى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة من الكفر والتكذيب أَصْحابُ النَّارِ ملازموها وملابسوها بحيث لا يفارقونها وفي الصحبة معنى الوصلة فسموا أصحابها لاتصالهم بها وبقائهم فيها فكأنهم ملكوها فصاروا أصحابها هُمْ فِيها اى في النار خالِدُونَ دائمون والجملة فى حيز النصب على الحالية ففى هاتين الآيتين دلالة على ان الجنة في جهة عالية دل عليه قوله تعالى اهْبِطُوا مِنْها وان متبع الهدى مأمون العاقبة لقوله تعالى فَلا خَوْفٌ إلخ وان عذاب النار دائم والكافر فيه مخلد وان غيره لا يخلد فيه بمفهوم قوله تعالى هُمْ فِيها خالِدُونَ فانه يفيد الحصر ... واعلم ان الشرف في اتباع الهدى كما قيل سگ اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان گرفت مردم شد فالمؤمن بين ان يطيع الله فيثيبه بالنعيم وبين ان يعصيه فيعاقبه بالجحيم ومن العجب ان الجمادات وغير المكلفين من العباد يخافون عذاب الله ويقومون بحقوق الله ولا يخافه المكلفون كما روى عن مالك بن دينار رحمه الله انه مر يوما على صبى وهو يلعب بالتراب يضحك تارة ويبكى اخرى قال فهممت ان اسلم عليه فامتنعت نفسى تكبرا فقلت يا نفس كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم على الصغار والكبار فسلمت عليه فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا مالك ابن دينار فقلت من اين عرفتنى ولم تكن رأيتنى فقال حيث التقت روحى بروحك في عالم الملكوت عرف بينى وبينك الحي الذي لا يموت فقلت ما الفرق بين العقل والنفس قال نفسك التي منعتك عن السلام وعقلك الذي بعثك عليه فقلت ما بالك تلعب بهذا التراب فقال لانا منه خلقنا واليه نعود فقلت أراك تضحك تارة وتبكى اخرى قال نعم إذا ذكرت عذاب ربى بكيت وإذا ذكرت رحمته ضحكت فقلت يا ولدي أي ذنب لك حتى تبكى فقال يا مالك لا تقل هذا فانى رأيت أمي لا توقد الحطب الكبار الا ومعه الحطب الصغار: قال في المثنوى طفل يك روزه همى داند طريق ... كه بگيرم تا رسد دايه شفيق تو نمى دانى كه دايه دايگان ... كم دهد بي گريه شير او رايگان گفت فليبكوا كثيرا گوش دار ... تا بريزد شير فضل كردگار والاشارة في تحقيق الآيتين ان الله تعالى لما ابتلى آدم بالهبوط الى الأرض بشره بان الهامه ووحيه لا ينقطع عنه ولا ينقطع عن ذريته هداه بواسطة أنبيائه ووحيه وإنزال كتبه فاما يأتينكم منى هدى فمن أتاه منهم هدى من الهامى ووحيي ورسولى وكتابى فمن تبع هداى كما تبعه آدم بالتوبة والنوح والبكاء والاستغفار وتربية بذر المحبة بالطاعة والعبودية حتى تثمر التوحيد والمعرفة فلا خوف عليهم في المستقبل من وبال إفساد بذر المحبة من طينة الصفات الحيوانية والسبعية وابطال استعداد السعادة الابدية باستيفاء التمتعات الدنيوية ولا هم يحزنون على هبوطهم الى الأرض لتربية بذر المحبة إذ هم رجعوا بتبع الهداية وجذبات العناية الى أعلى ذروة حظائر القدس كما قال تعالى إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى ثم ذكر من كفر بهداه وجعل النار مثواه فقال وَالَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا بذر المحبة بتعلقات الشهوات النفسانية وظلموا

[سورة البقرة (2) : الآيات 40 إلى 44]

على أنفسهم بتكذيب الآيات البينات من الجهالة الانسانية حتى أفسدوا الاستعداد الفطري وكذبوا بآياتنا اى معجزات انبيائنا وكتبنا وما أنزلنا على الأنبياء بالوحى والإلهام والرشد فى تربية بذر المحبة وتثمير الشجرة الانسانية بثمار التوحيد والمعرفة والبلوغ الى درجات القربات ونعيم الجنات والغرفات أولئك اصحاب النار نار جهنم ونار القطيعة هُمْ فِيها خالِدُونَ لانهم خلدوا في ارض الطبيعة واتبعوا أهواءهم فما نبت بذر محبتهم بما الشريعة فبقوا بإفساد استعدادهم فى دركات الجحيم وخسران النعيم خالدين مخلدين يا بَنِي إِسْرائِيلَ البنون اسم للذكور والإناث إذا اجتمعوا وإسرائيل اسم يعقوب عليه السلام ومعناه عبد الله لان اسرا بلغة العبرانية وهي لغة اليهود بمعنى العبد وايل هو الله اى يا أولاد يعقوب والخطاب لليهود المعاصرين للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كانوا حوالى المدينة من بنى قريظة والنضير وكانوا من أولاد يعقوب وتخصيص هذه الطائفة بالذكر والتذكير لما انهم أوفر الناس نعمة وأكثرهم كفرا بها اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الذكر بضم الذال بالقلب خاصة بمعنى الحفظ الذي يضاد النسيان والذكر بكسر الذال يقع على الذكر باللسان والذكر بالقلب يكون امرا بشكر النعمة باللسان وحفظها بالجنان اى احفظوا بالجنان واشكروا باللسان نعمتى لان النعمة اسم جنس بمعنى الجمع قال تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها الَّتِي أَنْعَمْتُ بها عَلَيْكُمْ وفيه اشعار بانهم قد نسوها بالكلية ولم يخطروها بالبال لا انهم أهملوا شكرها فقط وتقييد النعمة بكونها عليهم لان الإنسان غيور حسود بالطبع فاذا نظر الى ما أنعم الله على غيره حمله الغيرة والحسد على الكفران والسخط ولذا قيل لا تنظر الى من هو فوقك في الدنيا لئلا تزدرى بنعمة الله عليك فان من نظر الى ما أنعم الله به عليه حمله حب النعمة على الرضى والشكر قال ارباب المعاني ربط سبحانه وتعالى بنى إسرائيل بذكر النعمة وأسقطه عن امة محمد صلى الله عليه وسلم ودعاهم الى ذكره فقال فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ليكون نظر الأمم من النعمة الى المنعم ونظر امة محمد من المنعم الى النعمة والنعمة ما لم يحجبك عن المنعم وَأَوْفُوا أتموا ولا تتركوا بِعَهْدِي الذي قبلتم يوم الميثاق وهو علم في جميع أوامره من الايمان والطاعة ونواهيه ووصاياه فيدخل فى ذلك ما عهده تعالى إليهم في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا فحالا والمراد منه الموثق والوصية والعهد هنا مضاف الى الفاعل أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أتمم جزاءكم بحسن الاثابة والقبول ودخول الجنة والعهد يضاف الى المعاهد والمعاهد وهو هنا مضاف الى المفعول فان الله عهد إليهم بالايمان والعمل الصالح بنصب الدلائل وإرسال الرسل وإنزال الكتب ووعد لهم بالثواب على حسناتهم وأول مراتب الوفاء منا هو الإتيان بكلمتي الشهادة ومن الله حقن المال والدم وآخرها منا الاستغراق في بحر التوحيد بحيث نغفل عن أنفسنا فضلا عن غيرنا ومن الله الفوز باللقاء الدائم كما قال القشيري أَوْفُوا بِعَهْدِي فى دار الحجبة أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فى دار القربة على بساط الوصلة بادامة الانس والرؤية وأوفوا بعهدي بقولكم ابدا ربى ربى أوف بعهدكم بجوابكم ابدا عبدى عبدى وَإِيَّايَ نصب بمحذوف تقديره وإياي ارهبوا فَارْهَبُونِ فيما تأتون وتذرون وخصوصا في نقض العهد

[سورة البقرة (2) : آية 41]

لا بارهبون لان ارهبون قد أخذ مفعوله والأصل ارهبونى لكن حذفت الياء تخفيفا لموافقة رؤس الآي والفاء الجزائية دالة على تضمن الكلام معنى الشرط كانه قيل ان كنتم راهبين شيأ فارهبون والرهبة خوف معه تحرز والآية متضمنة للوعد لقوله أُوفِ والوعيد لقوله وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ دالة على وجوب الشكر والوفاء بالعهد وان المؤمن ينبغى ان لا يخاف أحدا الا الله للحصر المستفاد من تقديم إياي وَآمِنُوا يا بنى إسرائيل بِما أَنْزَلْتُ افراد الايمان بالقرآن بالأمر به بعد اندراجه تحت العهد لما انه العمدة القصوى في شأن الوفاء بالعهد اى صدقوا بهذا القرآن الذي أنزلته على محمد مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ اى حال كون القرآن مصدقا للتوراة لانه نازل حسبما نعت فيها وتقييد المنزل بكونه مصدقا لما معهم لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر فان ايمانهم بما معهم مما يقتضى الايمان بما يصدقه قطعا وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ فريق كافِرٍ بِهِ اى بالقرآن فان وزر المقتدى يكون على المبتدى كما يكون على المقتدى: قال في المثنوى هر كه بنهد سنت بد اى فتا ... تا در افتد بعد او خلق از عما جمع گردد بروى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه اى لا تسارعوا الى الكفر به فان وظيفتكم ان تكونوا أول من آمن به لما انكم تعرفون شأنه وحقيقته بطريق التلقي مما معكم من الكتب الالهية كما تعرفون أبنائكم وقد كنتم تستفتحون به وتبشرون بزمانه فلا تضعوا موضع ما يتوقع منكم ويجب عليكم ما لا يتوهم صدوره عنكم من كونكم أول كافر به ودلت الآية على انه عليه الصلاة والسلام قدم المدينة فكذبه يهود المدينة ثم بنوا قريظة وبنوا النضير ثم خيبر ثم تتابعت على ذلك سائر اليهود وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي اى لا تأخذوا لانفسكم بدلا منها ثَمَناً قَلِيلًا هى الحظوظ الدنيوية فانها وان جلت قليلة مسترذلة بالنسبة الى ما فات عنهم من حظوظ الآخرة بترك الايمان قيل كانت عامتهم يعطون أحبارهم من زروعهم وثمارهم ويهدون إليهم الهدايا ويعطونهم الرشى على تحريفهم الكلم وتسهيلهم لهم ما صعب عليهم من الشرائع وكان ملوكهم يجرون عليهم الأموال ليكتموا ويحرفوا فلما كان لهم رياسة عندهم ومآكل منهم خافوا ان يذهب ذلك منهم اى من الأحبار لو آمنوا بمحمد واتبعوه وهم عارفون صفته وصدقه فلم يزالوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويغيرون نعت محمد صلى الله عليه وسلم كما حكى ان كعب بن الأشرف قال لاحبار اليهود ما تقولون في محمد قالوا انه نبى قال لهم كان لكم عندى صلة وعطية لو قلتم غير هذا قالوا أجبناك من غير تفكر فامهلنا نتفكر وننظر في التوراة فخرجوا وبدلوا نعت المصطفى بنعت الدجال ثم رجعوا وقالوا ذلك فاعطى كل واحد منهم صاعا من شعير واربعة اذرع من الكرباس فهو القليل الذي ذكره الله في هذه الآية الكريمة: قال في المثنوى بود در إنجيل نام مصطفا ... آن سر پيغمبران بحر صفا بود ذكر حليها وشكل او ... بود ذكر غزو وصوم وأكل او وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ بالايمان واتباع الحق والاعراض عن حطام الدنيا وإعادة لان معنى

[سورة البقرة (2) : آية 42]

الاول اخشوا في نقض العهد وهذا معناه في كتمان نعت محمد او لان الخطاب بالآية الاولى لما عم العالم والمقلد أمرهم بالرهبة التي هي مبدأ السلوك وبالثانية لما خص اهل العلم أمرهم بالتقوى الذي هو منتهاه وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ عطف على ما قبله واللبس بالفتح الخلط اى لا تخلطوا الحق المنزل بالباطل الذي تخترعونه وتكتبونه حتى لا يميز بينهما اولا تجعلوا الحق ملتبسما بسبب خلط الباطل الذي تكتبونه في خلاله او تذكرونه في تأويله وَلا تَكْتُمُوا الْحَقَّ بإضمار لا او نصب بإضمار ان على ان الواو للجمع اى لا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمانه فقوله ولا تلبسوا الحق بالباطل هو نهى عن التغيير وقوله وتكتموا الحق هو نهى عن الكتمان لانهم كانوا يقولون لا نجد في التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم فاللبس غير الكتمان وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى حال كونكم عالمين بانكم لابسون كاتمون او وأنتم تعلمون انه حق نبى مرسل وليس إيراد الحال لتقييد المنتهى به بل لزيادة تقبيح حالهم إذ الجاهل قد يعذر وفي التيسير يجوز صرف الخطاب الى المسلمين والى كل صنف منهم وبيانه ايها السلاطين لا تخلطوا العدل بالجور وايها القضاة لا تخلطوا الحكم بالرشوة وكذا كل فريق فهذه الآية وان كانت خاصة ببني إسرائيل فهى تتناول من فعل فعلهم فمن أخذ رشوة على تغيير حق وابطاله او امتنع من تعليم ما وجب عليه او أداء ما علمه وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه اجرا فقد دخل في مقتضى الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تعلم علما لا يبتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) اى ريحها فمن رهب وصاحب التقوى لا يأخذ على علمه عوضا ولا على وصيته ونصيحته صفدا بل يبين الحق ويصدع به ولا يلحقه في ذلك خوف ولا فزع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يمنعن أحدكم هيبة أحد ان يقول او يقوم بالحق حيث كان) وفي التنزيل يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ- حكى- ان سليمان بن عبد الملك مر بالمدينة وهو يريد مكة فاقام بها أياما فقال هل بالمدينة أحد أدرك أحدا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له ابو حازم فارسل اليه فلما دخل عليه قال له يا أبا حازم ما هذا الجفاء قال له ابو حازم يا امير المؤمنين واى جفاء رأيت منى قال أتاني وجوه اهل المدينة ولم تأتنى قال يا امير المؤمنين أعيذك بالله ان تقول ما لم يكن ما عرفتنى قبل هذا اليوم ولا انا رأيتك قال فالتفت الى محمد بن شهاب الزهري فقال أصاب الشيخ واخطأت قال سليمان يا أبا حازم ما لنا نكره الموت فقال لانكم خربتم الآخرة وعمرتم الدنيا فكرهتم ان تنقلوا من العمران الى الخراب قال أصبت يا أبا حازم فكيف القدوم غدا على الله تعالى قال اما المحسن فكالغائب يقدم على اهله واما المسيئ فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال ليت شعرى ما لنا عند الله قال اعرض عملك على كتاب الله قال واى مكان أجده قال إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال سليمان فاين رحمة الله يا أبا حازم قال إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال له سليمان يا أبا حازم فاى عباد الله أكرم قال أولوا المروة والنهى قال له سليمان فاى الأعمال أفضل قال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال سليمان فاى الدعاء اسمع قال دعاء المحسن اليه للمحسن فقال اى الصدقة أفضل قال على

السائل البائس وجهد المقل ليس فيها من ولا أذى قال فأى القول اعدل قال قول الحق عند من تخافه او ترجوه قال فأى المؤمنين أكيس قال رجل عمل بطاعة الله ودل الناس عليها قال فأى المؤمنين أحمق قال رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال سليمان أصبت فما تقول فيما نحن فيه قال يا امير المؤمنين اعفنى قال له سليمان لا ولكن نصيحة تلقيها الى قال يا امير المؤمنين ان آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة على غير مشورة من المسلمين ولارضاهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة فقد ارتحلوا عنها فلو شعرت ما قالوا وما قيل لهم فقال رجل من جلسائه بئس ما قلت يا أبا حازم قال ابو حازم كذبت ان الله أخذ ميثاق العلماء لتبيننه للناس ولا تكتمونه قال سليمان فكيف لنا ان نصلح قال تدعون الصلف وتتمسكون بالمروءة وتقسمون بالسوية قال له سليمان كيف لنا بالمأخذ قال تأخذه من حله وتضعه فى اهله قال له سليمان هل لك يا أبا حازم ان تصحبنا ونصيب منك قال أعوذ بالله قال ولم ذاك قال أخشى ان اركن إليكم شيأ قليلا فيذيقنى الله ضعف الحياة وضعف الممات قال له ارفع إلينا حوائجك قال تنجينى من النار وتدخلنى الجنة قال له سليمان ليس ذاك الى قال ابو حازم فما لى إليك حاجة غيرها قال فادع لى قال ابو حازم اللهم ان كان سليمان وليك فيسره لخيرى الدنيا والآخرة وان كان عدوك فخذ بناصيته الى ما تحب وترضى قال له سليمان عظنى قال ابو حازم قد أوجزت وأكثرت ان كنت من اهله وان لم تكن من اهله فما ينبغى ان ارمى عن قويس ليس لها وتر قال له سليمان أوص قال سأوصيك وأوجز عظم ربك ونزهه ان يراك حيث نهاك او يفقدك من حيث أمرك فلما خرج من عنده بعث اليه بمائة دينار وكتب أن أنفقها ولك عندى مثلها قال فردها عليه وكتب اليه يا امير المؤمنين أعيذك بالله ان يكون سؤالك إياي هزلا أو ردي عليك بذلا ما أرضا هالك فكيف لنفسى ان موسى بن عمران لما ورد ماء مدين وجد عليه رعاء يسقون ووجد من دونهم جاريتين تذودان فسقى لهما فقالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما فلما تولى الى الظل قال رب انى لما أنزلت الى من خير فقير وذلك انه كان جائعا خائفا لا يأمن فسأل ربه ولم يسأل الناس فلم يفطن الرعاء وفطنت الجاريتان فلما رجعتا الى أبيهما اخبرتاه بالقصة وبقوله فقال أبوهما وهو شعيب عليه السلام هذا رجل جائع قال لاحداهما اذهبي فادعيه فلما أتته عظمته وغطت وجهها وقالت ان ابى يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا فشق على موسى حين ذكرت اجر ما سقيت لنا فلم يجدبدا من ان يتبعها لانه كان بين الجبال جائعا مستوحشا فلما تبعها هبت الريح فجعلت تصفق ثيابها على ظهرها فتصف له عجزها وكانت ذات عجز وجعل موسى يعرض مرة ويغض اخرى فلما عيل صبره ناداها يا امة الله كونى خلفى وأريني بقولك فلما دخل على شعيب إذا هو بالعشاء مهيئا فقال له شعيب اجلس يا شاب فتعش فقال له موسى أعوذ بالله فقال شعيب لم أما أنت جائع قال بلى ولكنى أخاف ان يكون هذا عوضا لما سقبت لهما وانا من اهل بيت لا نبيع شيأ من ديننا بملئ الأرض ذهبا فقال له شعيب لا يا شاب ولكنها عادتى وعادة آبائي نقرى الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى فاكل فان كانت هذه المائة دينار عوضا لما حدثت

[سورة البقرة (2) : آية 43]

ونصحت فالميتة والدم ولحم الخنزير في حال الاضطرار أحل من هذه وان كانت لحق لى فى بيت المال فلى فيها نظراء فان ساويت بيننا والا فليس لى فيها حاجة قال القرطبي في تفسيره بعد إيراد هذه الحكاية قلت هكذا يكون الاقتداء بالكتاب والأنبياء انتهى وقد اختلف العلماء في أخذ الاجرة على تعليم القرآن والعلم لهذه الآية وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا والفتوى في هذا الزمان على جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه وغيره لئلا يضيع قال صلى الله عليه وسلم (ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله) والآية في حق من تعين عليه التعليم فابى حتى يأخذ عليه اجرا فاما إذا لم يتعين فيجوز له أخذ الاجرة بدليل السنة في ذلك كما إذا كان الغسال في موضع لا يوجد من يغسل الميت غيره كما في القرى والنواحي فلا اجر له لتعينه لذلك واما إذا كان ثمة ناس غيره كما في الأمصار والمدن فله الاجر حيث لم يتعين عليه فلا يأثم بالترك وقد يتعين عليه الا انه ليس عنده ما ينفقه على نفسه ولا على عياله فلا يجب عليه التعليم وله ان يقبل على صنعته وحرفته ويجب على الامام ان يعين له شيأ والا فعلى المسلمين لان الصديق رضي الله عنه لما ولى الخلافة وعين لها لم يكن عنده ما يقيم به اهله فاخذ ثيابا وخرج الى السوق فقيل له في ذلك فقال ومن اين أنفق على عيالى فردوه وفرضوا له كفايته وكذا يجوز للامام والمؤذن وأمثالهما أخذ الاجرة وبيع المصحف ليس بيع القرآن بل هو بيع الورق وعمل أيدي الكاتب وقالوا في زماننا تغير الجواب في بعض مسائل لتغير الزمان وخوف اندراس العلم والدين منها ملازمة العلماء أبواب السلاطين ومنها خروجهم الى القرى لطلب المعيشة ومنها أخذ الاجرة لتعليم القرآن والاذان والامامة ومنها العزل عن الحرة بغير اذنها ومنها السلام على شربة الخمور ونحوها فافتى بالجواز فيها خشية الوقوع فيما هو أشد منها وأضر كذا في نصاب الاحساب وغيره: قال في المثنوى عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق از تماشايى بود ... عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است كو چون برفروخت ... هر كه جز معشوق باقى جمله سوخت وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ خطاب لبنى إسرائيل اى اقبلوها واعتقدوا فرضيتها وأدوها بشرائطها وحدوها كصلاة المسلمين فان غيرها كلا صلاة وَآتُوا الزَّكاةَ كزكاة المؤمنين فان غيرها كلا زكاة والزكاة من زكى الزرع إذ انما فان إخراجها يستجلب بركة فى المال ويثمر للنفس فضيلة الكرم او من الزكاء بمعنى الطهارة فانها تطهر المال من الخبث والنفس من البخل واعلم ان الكفار لا يخاطبون بأداء ما يحتمل السقوط من العبادات كالصلاة والصوم ولا يعاقبون بتركها عند الحنفية فالتكليف عندهم راجع الى الاعتقاد والقبول وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ اى في جماعاتهم فان صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة لما فيها من تظاهر النفوس فان الصلاة كالغزو والمحراب كمحل الحرب ولا بد للقتال من صفوف الجماعة فالجماعة قوة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ما اجتمع من المسلمين في جماعة أربعون رجلا الا وفيهم رجل مغفور له) فالله تعالى أكرم من ان يغفر له

[سورة البقرة (2) : آية 44]

ويرد الباقي خائبين خاسرين وانما فضلت صلاة الجماعة على الفذ بسبع وعشرين لان الجماعة مأخوذة من الجمع والجمع اقله ثلاثة وصلاة الإنسان وحده بعشر حسنات وعشر حسات فيها واحدة اصل والتسع تضعيف بفضل الله تعالى فاذا اجتمعت التضعيفات كانت سبعا وعشرين قال القرطبي في تفسيره وتجب على من أدمن التخلف عن الجماعة من غير عذر العقوبة قال ابو سليمان الداراني أقمت عشرين سنة لم احتلم فدخلت مكة فاحدثت بها حدثا فما أصبحت الا احتلمت وكان الحدث ان فاتته صلاة العشاء بجماعة وفي الحديث (ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد فرضا أحب اليه من الصلاة ولو كان شىء أحب اليه من الصلاة لتعبد به ملائكته فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد) وينبغى للمصلى ان يبالغ في الحضور فكان السلف لو شغلهم ذكر مال يتصدقون به تكفيرا فالاصل عمل الباطن قال تعالى لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى اى من حب الدنيا او كثرة الهموم ولا ينظر الله تعالى الى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه فلا بد من دفع الخواطر: قال في المثنوى أول اى جان دفع شر موش كن وانكه اندر جمع كندم كوش كن بشنو از اخبار آن صدر صدور لا صلاة تم الا بالحضور قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى في وصاياه للعارف الهدائى قدس الله سر هما إذا شرعت فى الصلاة لا تتفكر في غير اظهار العبودية وتتميمها فانه إذا تم العبودية يحصل المقصود واما في غير الصلاة فليكن فكرك وملاحظتك نفى نفسك واثبات وحدانيته تعالى فانه المقصود لتوحيد ولا شىء أفضل من التوحيد ولذلك كان أول التكاليف فبعد قبول العبد التوحيد كلف بالصلاة ثم كلف بالصوم لان فيهما إصلاح الطبيعة وبعدهما بالزكاة وفيها إصلاح النفس بازالة شحها ثم بالحج وفيه نفع للطبيعة من جهة وللنفس من جهة بذل المال وقدم الثلاث الاول لعمومها للاغنياء والفقراء واما الأخيران فالفقراء سالمون منهما ثم قال إذا كان بيت الأغنياء من الجواهر يكون بيت الفقراء من النور حتى يتمنوا ان يكونوا فقراء: قال في المثنوى مكرها در كسب دنيا بار دست ... مكرها در ترك دنيا واردست چيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش ونقره فرزند وزن كوزه سر بسته اندر آب زفت ... از دل پر باد فوق آب رفت باد درويشى چودر باطن بود ... بر سر آب جهان ساكن بود وفي التأويلات النجمية وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ بمراقبة القلوب وملازمة الخضوع والخشوع وَآتُوا الزَّكاةَ اى بالغوا في تزكية النفس عن الحرص على الأمور الدنيوية والأخلاق الذميمة وتطهير القلب عن رؤية الأعمال السيئة وترك مطالبة ما سوى الله فانه مع طلب الحق زيادة والزيادة على الكمال نقصان وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ اى اقتدوا في الانكسار ونفى الوجود بالمنكسرين الباذلين الوجود لنيل الموجود أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ الخطاب لليهود والأمر القول لمن دونك افعل والمراد بالناس سفلتهم بِالْبِرِّ اى الاعتراف بالنبي واتباع الادلة وهو التوسع في الخير من البر الذي هو الفضاء الواسع والهمزة تقرير مع توبيخ

وتعجيب وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وتتركونها من البر كالمنسيات لان اصل السهو والنسيان الترك الا ان السهو يكون لما علمه الإنسان ولما لم يعلمه والنسيان لما عزب بعد حضوره كانوا يقولون لفقرائهم الذين لا مطمع لهم فيهم بالسر آمنوا بمحمد فانه حق وكانوا يقولون للاغنياء نرى فيه بعض علامات نبى آخر الزمان دون بعض فانتظروا الاستيفاء لما ينالون منهم ويؤخرون امور أنفسهم فلا يتبعونه في الحال مع عزيمتهم ان يتبعوه يوما وكذا حال من تمادى فى العصيان وهو يقول أتوب عند الكبر والشيب وربما يفجأه الموت فيبقى في حسرة الفوت: قال الحافظ ديدى آن قهقهه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ اى والحال انكم تتلون التوراة الناطقة بنعوته صلى الله تعالى عليه وسلم الآمرة بالايمان به أَفَلا تَعْقِلُونَ اى ليس لكم عقل تعرفون به انه قبيح منكم عدم إصلاح أنفسكم والاشتغال بغيركم والعقل في الأصل المنع والإمساك ومنه العقال الذي يشد به وظيف البعير الى ذراعيه لحبسه عن الحراك سمى به النور الروحاني الذي به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية لانه يحبس عن تعاطى ما يقبح ويعقل على ما يحسن ومحله الدماغ لان الدماغ محل الحس وعند البعض محله القلب لان القلب معدن الحياة ومادة الحواس وعند البعض هو نور في بدن الآدمي ثم هذا التوبيخ ليس على امر الناس بالبر بل لشرك العمل به فمدار الإنكار والتوبيخ هي الجملة المعطوفة وهي جملة تنسون أنفسكم دون ما عطفت هي عليه وهي أتأمرون الناس بالبر ولا يستقيم قول من لا يجوز الأمر بالمعروف لمن لا يعمل به لهذه الآية بل يجب العمل به ويجب الأمر به وقد قال عليه السلام (مروا بالمعروف وان لم تعملوا به وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه) وهذا لانه إذا امر به مع انه لا يعمل به فقد ترك واجبا وإذا لم يأمر به قد ترك واجبين فالامر بالحسن حسن وان لم يعمل به ولكن قلما نفعت موعظة من لم يعظ نفسه ومن امر بخير فليكن أشد الناس مسارعة اليه ومن نهى عن شىء فليكن أشد الناس انتهاء عنه وهذه الآية كما ترى ناعية على من يعظ غيره ولا يعظ نفسه سوء صنيعه وعدم تأثره وان فعله فعل الجاهل بالشرع او الأحمق الخالي عن العقل والمراد بها حث الواعظ على تزكية النفس والإقبال عليها بالتكميل لتقوم بالحق وتقيم غيرها لا منع الفاسق من الوعظ فان الإخلال بأحد الامرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالآخر- يروى- انه كان عالم من العلماء مؤثر الكلام قوى التصرف في القلوب وكان كثيرا ما يموت من اهل مجلسه واحدا واثنان من شدة تأثير وعظه وكان في بلده عجوز لها ابن صالح رقيق القلب سريع الانفعال وكانت تحترز عليه وتمنعه من حضور مجلس الواعظ فحضره يوما على حين غفلة منها فوقع من امر الله تعالى ما وقع ثم ان العجوز لقيت الواعظ يوما في الطريق فقالت أتهدى الأنام ولا تهتدى الا ان ذلك لا ينفع فياحجر الشحذ حتى متى تسن الحديد ولا تقطع

[سورة البقرة (2) : الآيات 45 إلى 54]

فلما سمعها الواعظ شهق شهقة فخر من فرسه مغشيا عليه فحملوه الى بيته فتوفى الى رحمة الله تعالى: قال الحافظ واعظان كين جلوه در محراب ومنبر ميكنند ... چون بخلوت ميروند آن كار ديكر ميكنند مشكلى دارم ز دانشمند مجلس باز پرس ... توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر ميكنند قال رسول الله تعالى عليه وسلم (ليلة اسرى بي مررت على ناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم يجزون نصيبهم في نار جهنم فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن الذين كنا نأمر الناس بالخير وننسى أنفسنا) قال الأوزاعي شكت النواويس الى الله تعالى ما تجده من جيف الكفار فاوحى الله إليها بطون العلماء السوء أنتن مما أنتم فيه وفي الحديث (ما من عبد يخطب خطبة الا والله تعالى سائله عنها يوم القيامة ما أراد بها) قال الشيخ افتاده افندى لو ان واعظا يرى نفسه خيرا من المستمعين يشكل الأمر كذا إذا لم يكن من يصغى الى كلامه مساويا لمن يلطم على قفاه يشكل الأمر فلذلك قال عليه السلام (كم من واعظ يلعب به الشيطان) اللهم الا ان يقول ينتفع منى المسلمون وان كنت معذبا في النار فهو نوع فناء لكن يخاف ان يجد حظه في ضمنه وقال ايضا من كان يعظ الناس اما ان يعتقد انهم يعرفون ما يعرفه او يعتقد انهم لا يعرفون ما يعرفه فعلى الاول لا يحتاج الى وعظه وعلى الثاني قد اثبت لهم جهلا ولنفسه فضلا عليهم فهو محض كبر وبالجملة حيل النفس كثيرة لا تتيسر النجاة منها الا بمحض لطف الله تعالى وادنى الحال ان يلاحظ قوله عليه السلام (ان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاسق) فما دام لم يصل السالك الى الحقيقة لا يتخلص من الورطة قال عليه الصلاة والسلام (الناس كلهم سكارى الا العالمون) الحديث والمخلصون على خطر عظيم وانما الا من للمخلص بالفتح وهو الواصل الى التوحيد الحقيقي الفاني عن القهر والكرم الخارج عن حد الوجود والعدم وهو الفناء الكلى وهم الذين اريدوا بقوله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ولا بد من رعاية الشريعة في جميع المراتب فان الكمال فيها والا فهو ناقص ولذلك ان المجاذيب لا يخلون عن النقصان ألا يرى ان الأنبياء عليهم السلام لم يسمع عن واحد منهم عروض السفه والجنون فالكامل في مرتبة الكمال يكون كامل العقل حتى يحس بصرير الباب في حال استغراقه اللهم أوصلنا الى الكمال وَاسْتَعِينُوا يا بنى إسرائيل على قضاء حوائجكم بِالصَّبْرِ اى بانتظار الظفر والفرج توكلا على الله تعالى او بالصوم الذي هو صبر عن المفطرات لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس وَالصَّلاةِ اى التوسل بالصلاة والالتجاء إليها حتى تجابوا الى تحصيل المآرب وجبر المصائب كانهم اى بنى إسرائيل لما أمروا بما شق عليهم لما فيه من ترك الكلفة وترك الرياسة والاعراض عن المال عولجوا بذلك روى انه عليه السلام كان إذا حزبه امر فرع الى الصلاة وروى ان ابن عباس رضى الله عنهما نعى له بنت وهو في سفر فاسترجع وقال عورة سترها الله ومؤونة كفاها الله واجر ساقه الله ثم تنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف الى

[سورة البقرة (2) : آية 46]

راحلته وهو يقرأ واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّها اى الاستعانة بهما لَكَبِيرَةٌ لثقيلة ساقه كقوله تعالى كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ اى المخبتين الخائفين والخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب او الخشوع بالبصر والخضوع بسائر الأعضاء وانما لم يثقل عليهم لانهم يستغرقون في مناجاة ربهم فلا يدركون ما يجرى عليهم من المشاق والمتاعب لذلك قال صلى الله عليه وسلم (وقرة عينى في الصلاة) لان اشتغاله عليه السلام بالصلاة كان راحة له وكان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبا الَّذِينَ يَظُنُّونَ اى يوقنون لان الظن يكون يقينا ويكون شكا فهو من الاضداد كالرجاء يكون أمنا وخوفا كما في تفسير الكواشي أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ معاينوه وهو كناية عن شهود مشهد العرض والسؤال يوم القيامة وهو الوجه فيما يروى في الاخبار لقى الله وهو عليه غضبان وما يجرى مجراه وقيل اى يعلمون انهم يموتون قال النبي عليه الصلاة والسلام (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) وأراد به الموت وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ اى ويعلمون انهم راجعون يوم القيامة الى الله تعالى اى الى جزائه إياهم على أعمالهم واما الذين لا يوقنون بالجزاء ولا يرجون الثواب ولا يخافون العقاب كانت عليهم مشقة خالصة فتثقل عليهم كالمنافقين والمرائين فالصبر على الأذى والطاعات من باب جهاد النفس وقمعها عن شهواتها ومنعها من تطاولها وهو من اخلاق الأنبياء والصالحين قال يحيى بن اليمان الصبر ان لا تتمنى حالة سوى ما رزقك الله والرضى بما قضى الله من امر دنياك وآخرتك وهو بمنزلة الرأس من الجسد: قال الحافظ كويند سنك لعل شود در مقام صبر ... آرى شود وليك بخون جكر شود ثم ان الله تعالى وصف جزاء الأعمال وجعل لها نهاية واحدا فقال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وجعل جزاء الصدقة في سبيل الله فوق هذا فقال مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ الآية وجعل اجر الصابرين بغير حساب ومدح اهله فقال إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ وقد وصف الله نفسه بالصبر كما في الحديث (ليس شىء اصبر على أذى سمعه من الله تعالى انهم ليدعون له ولدا وانه ليعافيهم ويرزقهم) ووصف الله بالصبر انما هو بمعنى الحلم وهو تأخير العقوبة عن المستحقين لها والفرق بين الحليم والصبور ان المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم وقيل في الخشوع أتريد ان تكون اماما للناس ولا تعرف الخشوع ليس الخشوع بأكل الخشن ولبس الخشن لكن الخشوع ان ترى الشريف والدنيء في الحق سواء وتخشع لله في كل فرض افترض عليك فمن اظهر خشوعا فوق ما في قلبه فانما اظهر نفاقا على نفاق قال سهل بن عبد الله لا تكون خاشعا حتى تخشع كل شعرة على جسدك وهذا هو الخشوع المحمود لان الخوف إذا سكن القلب أوجب خشوع الظاهر فلا يملك صاحبه دفعة فتراه مطرفا متأدبا متذللا وقد كان السلف يجتهدون في ستر ما يظهر من ذلك واما المذموم فتكلفه والتباكي ومطأطأة الرأس كما يفعله الجهال ليروا بعين البر والإجلال وذلك خدع من الشيطان وتسويل من نفس الإنسان وكان عمر رضى الله عنه إذا تكلم اسمع وإذا مشى اسرع وإذا ضرب أوجع وكان ناسكا صدقا وخاشعا حقا

[سورة البقرة (2) : الآيات 47 إلى 48]

كما في تفسير القرطبي وقال في التأويلات النجمية وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ عن شهوات النفس ومتابعة هواها وَالصَّلاةِ اى دوام الوقوف والتزام العكوف على باب الغيب وحضرة الرب وَإِنَّها اى الاستعانة بهما لَكَبِيرَةٌ امر عظيم وشأن صعب إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ وهم الذين تجلى الحق لاسرارهم فخشعت له أنفسهم كما قال عليه الصلاة والسلام (إذا تجلى الله لشئ خضع له) وقال وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً فالتجلى يورث الالفة مع الحق ويسقط الكلفة عن الخلق الَّذِينَ يَظُنُّونَ اى يوقنون بنور التجلي أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ انهم يشاهدون جمال الحق وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ بجذبات الحق التي كل جذبة منها توازى عمل الثقلين يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا اشكروا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ بها عَلَيْكُمْ بانزال المن والسلوى وتظليل الغمام وتفجير الماء من الحجر وغيرها وذكر النعم على الآباء الزام الشكر على الأبناء فانهم يشرفون بشرفهم ولذلك خاطبهم فقال تعالى فضلتكم ولم يقل فضلت آبائكم لان في فضل آبائهم فضلهم وَاذكروا أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ من عطف الخاص على العام للتشريف اى فضلت آباءكم على عالمى زمانهم بما منحتهم من العلم والايمان والعمل الصالح وجعلتهم أنبياء وملوكا مقسطين وهم آباؤهم الذين كانوا في عصر موسى عليه السلام وبعده قبل ان يغيروا وهذا كما قال في حق مريم وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ اى نساء زمانك فان خديجة وعائشة وفاطمة أفضل منها فلم يكن لهم فضل على امة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى في حقهم كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ كما في التيسير فالاستغراق في العالمين عرفى لا حقيقى قال بعضهم من آمن من اهل الكتاب بمحمد صلى الله عليه وسلم كانت له فضيلة على غيره وكان له أجران اجر إيمانه بنبيه واجر اتباعه لمحمد صلى الله عليه وسلم وقد روى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ثلاثة يعطيهم الله الاجر مرتين من اشترى جارية فاحسن تأديبها فاعتقها وتزوجها وعبد أطاع سيده وأطاع الله ورجل من اهل الكتاب أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به) قال القشيري اشهد الله بنى إسرائيل فضل أنفسهم فقال فضلتكم على العالمين واشهد محمدا صلى الله عليه وسلم فضل ربه فقال قل بفضل الله وبرحمته وشتان بين من مشهوده فضل نفسه وبين من مشهوده فضل ربه وشهوده فضل نفسه قد يورث الاعجاب وشهوده فضل ربه يورث الإيجاب ثم ان اليهود كانوا يقولون نحن من أولاد ابراهيم خليل الرحمن ومن أولاد اسحق ذبيح الله والله تعالى يقبل شفاعتهما فينا فرد الله عليهم فانزل هذه الآية وقال وَاتَّقُوا اى واخشوا يا بنى إسرائيل يَوْماً يوم القيامة اى حساب يوم او عذاب يوم فهو من ذكر المحل وارادة الحال لا تَجْزِي اى لا تقتضى فيه ولا تؤدى ولا تغنى فالعائد محذوف والجملة صفة يوم نَفْسٌ مؤمنة عَنْ نَفْسٍ كافرة شَيْئاً ما من الحقوق التي لزمت عليها وهو نصب على المفعول به وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والاقناط الكلى قال تعالى لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ وكيف تنفع وقد قال يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ الآية: قال في المثنوى چون يفر المرء آيد من أخيه ... يهرب المولود يوما من أبيه زان شود هر دوست آن ساعت عدو ... كه بت تو بود واز ره مانع او

وهذا في حق الكفار فاما المؤمن فقد استثناه فقال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ اى خال عن الشرك وَلا يُقْبَلُ مِنْها اى من النفس الاولى المؤمنة شَفاعَةٌ ان شفعت للنفس الثانية الكافرة عند الله لتخليصها من عذابه والشفاعة مصدر الشافع والشفيع وهو طالب قضاء حاجة غيره مأخوذ من الشفع لانه يشفع نفسه بمن يشفع له في طلب مراده ولا شفاعة في حق الكافر بخلاف المؤمن قال النبي عليه السلام (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فمن كذب بها لم ينلها والآيات الواردة في نفى الشفاعة خاصة بالكفار وَلا يُؤْخَذُ مِنْها اى من المشفوع لها وهي النفس الثانية العاصية عَدْلٌ اى فداء من مال او رجل مكانها او توبة تنجو بها من النار والعدل بالفتح مثل الشيء من خلاف جنسه وبالكسر مثله من جنسه وسمى به الفدية لانها تساويه وتماثله وتجرى مجراه وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ اى يمنعون من عذاب الله تعالى ومن أيدي المعذبين فلا نافع ولا شافع ولا دافع لهم والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة والتذكير لكونها عبارة عن العباد والأناسي والنصرة هاهنا أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضرر ثم هذه الآية في غاية البلاغة فانها جمعت ذكر الوجوه التي بها يتخلص المرء من النكبة التي أصابته في الدنيا وهي اربع ينوب عنه غيره في تحمل ما عليه او يفتدى بمال فيخلص منها او يشفع له شافع فيوهب له او ينصره ناصر فيمنعه فقطعها الله عنهم جميعا وعن عكرمة انه قال ان الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول يا بنى انى اب لك في الدنيا وقد احتجت الى مثقال حبة من حسناتك لعلى أنجو بها مما ترى فيقول له ولده انى أتخوف مثل الذي تخوفت أنت فلا أطيق ان أعطيك شيأ ثم يتعلق بزوجته فيقول لها فلانة انى زوج لك في الدنيا فتثنى عليه خيرا فيقول لها انى اطلب منك حسنة واحدة تهبينها لى لعلى أنجو مما ترين فتقول لا أطيق ذلك انى تخوفت مثل الذي تخوفت منه فيقول الله وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى يعنى من أثقلته الذنوب لا يحمل أحد من ذنبه شيأ: قال السعدي برفتند هر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت بر آن خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند وفي التأويلات النجمية يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ظاهره عام وباطنه خاص مع قوم منهم قد علم الله فيهم خيرا فاسمعهم خطابه في السر فذكروا نعمته التي أنعم بها عليهم وهي استعداد قبول رشاش نوره يوم خلق الله الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فآمنوا بمحمد عليه السلام من خاصية قبول ذلك الرشاش كما قال عليه السلام (فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل) وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ اى بهذه النعمة اى فضلتكم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بهذه النعمة عند رش النور على من لم يصبهم ذلك النور من العالمين وَاتَّقُوا يَوْماً اى عذاب يوم يخوف الله العام بأفعاله كما قال واتقوا النار إلخ ويخوف الخاص بصفاته كقوله إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ وقوله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ويخوف خاص الخاص بذاته

[سورة البقرة (2) : آية 49]

ويحذركم الله نفسه وقوله اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ فى حق نفسها ولا في حق غيرها بغير الاذن كقوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ اى فداء لانه لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى والسعى المشكور ما يكون هاهنا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ لانهم ما نصروا الحق هاهنا وقد قال الله تعالى إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ خطاب لبنى إسرائيل اى اذكروا وقت تنجيتنا إياكم اى آباءكم فان تنجيتهم تنجية لاعقابهم ومن عادة العرب يقولون قتلنا كم يوم عكاظ اى قتل آباؤنا آباءكم والنجو المكان العالي من الأرض لان من صار اليه يخلص ثم سمى كل فائز ناجيا لخروجه من ضيق الى سعة اى جعلنا آباءكم بمكان حريز ورفعناكم عن الأذى مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ واتباعه واهل دينه وفرعون لقب من ملك العمالقة ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم وخاقان لملك الترك والنجاشي للحبشة وتبع لاهل اليمن والعمالقة الجبابرة وهم أولاد عمليق بن لاود بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام سكان الشام منهم سموا بالجبابرة وملوك مصر منهم سموا بالفراعنة ولعتوه اشتق منه تفرعن الرجل إذا عتا وتمرد فليس المراد الاستغراق بل الذين كانوا بمصر وفرعون موسى هو الوليد بن مصعب ابن الريان وكان من القبط وعمر اكثر من اربعمائة سنة وقيل انه كان عطارا اصفهانيا ركبته الديون فافلس فاضطر الى الخروج فلحق بالشام فلم يتيسر له المقام فدخل مصر فرأى فى ظاهرها حملا من البطيخ بدرهم وفي سوقها بطيخة بدرهم فقال في نفسه ان تيسر لى أداء الديون فهذا طريقه فخرج الى السواد فاشترى حملا بدرهم فتوجه به الى السوق فكل من لقيه من المكاسين اى العشارين أخذ بطيخة فدخل البلد وما معه الا بطيخة فباعها بدرهم ومضى بوجهه ورأى اهل البلد متروكين سدى لا يتعاطى أحد سياستهم وكان قد وقع بها وباء عظيم فتوجه نحو المقابر فرأى ميتا يدفن فتعرض لاوليائه فقال انا أمين المقابر فلا أدعكم تدفنونه حتى تعطونى خمسة دراهم فدفعوها اليه ومضى لآخر وآخر حتى جمع في مقدار ثلاثة أشهر ما لا عظيما ولم يتعرض له أحد قط الى ان تعرض يوما لاولياء ميت فطلب منهم ما كان يطلب من غيرهم فابوا ذلك فقالوا من نصبك هذا المنصب فذهبوا به الى فرعون اى الى ملك المدينة فقال من أنت ومن أقامك بهذا المقام قال لم يقمنى أحد وانما فعلت ما فعلت ليحضرنى أحد الى مجلسك فانبهك على اختلال حال قومك وقد جمعت بهذا الطريق هذا المقدار من المال فاحضره ودفعه الى فرعون فقال ولنى أمورك ترنى أمينا كافيا فولاه إياها فسار بهم سيرة حسنة فانتظمت مصالح العسكر واستقامت احوال الرعية ولبث فيهم دهرا طويلا وترامى امره في العدل والصلاح فلما مات فرعون أقاموه مقامه فكان من امره ما كان وكان فرعون يوسف عليه السلام ريان وبينهما اكثر من اربعمائة سنة يَسُومُونَكُمْ اى يبغونكم سُوءَ الْعَذابِ واقبحه بالنسبة الى سائره ويريدونكم عليه ويكلفونكم الأعمال الشاقة ويذيقونكم ويديمون عليكم ذلك من سام السلعة إذا طلبها والسوم بمعنى البغاء وبغى يتعدى الى مفعولين بلا واسطة فلذلك كان سوء العذاب منصوبا على المفعولية ليسومونكم

والجملة حال من ضمير المفعول في نجيناكم والمعنى نجيناكم مسومين منهم أقبح العذاب كقولك رأيت زيدا يضربه عمرو اى رأيته حال كونه مضروبا لعمرو وذلك ان فرعون جعل بنى إسرائيل خدما وخولا وصنفهم في الأعمال فصنف يبنون وصنف يحرثون ويزرعون وصنف يخدمونه ومن لم يكن منهم في عمل وضع عليهم الجزية وقال وهب كانوا أصنافا في اعمال فرعون فذووا القوة ينحتون السواري من الجبال حتى قرحت أعناقهم وأيديهم ودبرت ظهورهم من قطعها ونقلها وطائفة ينقلون الحجارة والطين يبنون له القصور وطائفة منهم يضربون اللبن ويطبخون الآجر وطائفة نجارون وحدادون والضعفة منهم يضرب عليهم الخراج ضريبة ويؤدونها كل يوم فمن غربت عليه الشمس قبل ان يؤدى ضريبته غلت يمينه الى عنقه شهرا والنساء يغزلن الكتان وينسجن وقيل تفسير قوله يسومونكم سوء العذاب ما بعده وهو قوله تعالى يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ كانه قيل ما حقيقة سوء العذاب الذي يبغونه لنا فاجيب بانهم يذبحون ابناءكم اى يقتلونهم والتشديد للتكثير كما يقال فتحت الأبواب والمراد من الأبناء هم الذكور خاصة وان كان الاسم يقع على الذكور والإناث في غير هذا الموضع كالبنين في قوله تعالى يا بنى إسرائيل فانهم كانوا يذبحون الغلمان لا غير وكذا أريد به الصغار دون الكبار لانهم كانوا يذبحون الصغار وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ اى يستبقون بناتكم ويتركونهن حيات وذكر النساء وان كانوا يفعلون هذا بالصغار لانه سماهن باسم المآل لانهن إذا استبقوهن صرن نساء بعد البلوغ ولانهم كانوا يستبقون البنات مع أمهاتهن والاسم يقع على الكبيرات والصغيرات عند الاختلاط وذلك ان فرعون رأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس فاحاطت بمصر وأخرجت كل قبطى بها ولم تتعرض لبنى إسرائيل فهاله ذلك وسأل الكهنة والسحرة عن رؤياه فقالوا يولد في بنى إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فامر فرعون بقتل كل غلام يولد في بنى إسرائيل وجمع القوابل فقال لهن لا يسقط على أيديكن غلام يولد في بنى إسرائيل الا قتل ولا جارية الا تركت ووكل القوابل فكن يفعلن ذلك حتى قيل انه قتل في طلب موسى عليه السلام اثنى عشر الف صبى وتسعين الف وليد وقد اعطى الله نفس موسى عليه السلام من القوة على التصرف ما كان يعطيه أولئك المقتولين لو كانوا احياء ولذلك كانت معجزاته ظاهرة باهرة ثم اسرع الموت في مشيخة بنى إسرائيل فدخل رؤس القبط على فرعون وقالوا ان الموت وقع في بنى إسرائيل فتذبح صغارهم ويموت كبارهم فيوشك ان يقع العمل علينا فامر فرعون ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فولد هارون عليه السلام في السنة التي لا يذبح فيها وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها فلم يرد اجتهادهم من قضاء الله شيأ وشمر فرعون عن ساق الاجتهاد وحسر عن ذراع العناد فاراد ان يسبق القضاء ظهوره ويأبى الله الا ان يتم نوره وَفِي ذلِكُمْ اشارة الى ما ذكر من التذبيح والاستحياء بَلاءٌ اى محنة وبلية وكون استحياء نسائهم اى استبقائهن على الحياة محنة مع انه عفو وترك للعذاب لما ان ذلك كان للاسترقاق والاستعمال في الأعمال الشاقة ولان بقاء البنات مما يشق

[سورة البقرة (2) : آية 50]

على الآباء ولا سيما بعد ذبح البنين مِنْ رَبِّكُمْ من جهته تعالى بتسليطهم عليكم عَظِيمٌ صفة للبلاء وتنكيرهما للتفخيم ويجوز ان يشار بذلكم الى الانجاء من فرعون ومعنى البلاء حينئذ النعمة لان اصل البلاء الاختيار والله تعالى يختبر عباده تارة بالمنافع ليشكروا فيكون ذلك الاختبار منحة اى عطاء ونعمة واخرى بالمضار ليصبروا فيكون محنة فلفظ الاختبار يستعمل في الخير والشر قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ ومعنى من ربكم اى يبعث موسى وبتوفيقه لتخليصكم منهم والاشارة ان النجاة من آل فرعون النفس الامارة وهي صفاتها الذميمة وأخلاقها الرديئة في يوم سوء العذاب للروح الشريف بذبح أبناء الصفات الروحانية الحميدة واستحياء بعض الصفات القلبية لاستخدامهن في اعمال القدرة الحيوانية لا يمكن الا بتنجية الله كما قال عليه الصلاة والسلام (لن ينجى أحدكم عمله) قيل ولا أنت يا رسول الله قال (ولا انا الا ان يتغمدنى الله بفضله) وفي ذلكم اى في استيلاء صفات النفس على القلب والروح بلاء عظيم وامتحان عظيم بالخير والشر فمن يهده الله ويصلح باله يرجع اليه الله في طلب النجاة فينجيه الله ويهلك عدوه ومن يضلله ويخذله اخلد الى الأرض واتبع هواه وكان امره فرطا ثم في الآية الكريمة تنبيه على ان ما يصيب العبد من السراء والضراء من قبيل الاختبار فعليه الشكر في المسار والصبر على المضار: كما قال الحافظ اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وگر بقهر برانى درون ما صافست وسنته تعالى استدعاء العباد لعبادته بسعة الأرزاق ودوام المعافاة ليرجعوا اليه بنعمته فان لم يفعلوا ابتلاهم بالسراء والضراء لعلهم يرجعون لان مراده تعالى رجوع العباد اليه طوعا وكرها فالاول حال الأحرار والثاني حال الأغيار قال داود بن رشيد من اصحاب محمد بن الحسن قمت ليلة فاخذنى البرد فبكيت من العرى فنمت فرأيت قائلا يقول يا داود أنمناهم وأقمناك فتبكى علينا فما نام داود بعد تلك الليلة كذا في روضة الأخيار: قال في المثنوى درد پشتم داد حق تا من ز خواب ... برجهم هر نيم شب لا بد شتاب تا نخسبم جمله شب چون گاوميش ... دردها بخشيد حق از لطف خويش روى ان الله تعالى اوحى الى بعض أنبيائه أنزلت بعبدي بلائي فدعانى فما طلته بالاجابة فشكانى فقلت عبدى كيف أرحمك من شىء به أرحمك ومن ظن انفكاك لطفه تعالى فذلك لقصور نظرة في العقليات والعاديات والشرعيات اما العقليات فما من بلاء الا والعقل قاض بامكان أعظم منه حتى لو قدرنا اجتماع بلايا الدنيا كلها على كافر وعوقب في الآخرة بأعظم عذاب اهل النار لكان ملطوفا به إذ الله قادر على ان يعذبه بأكثر من ذلك واما العاديات فما وجدت قط بلية إلا وفى طيها خير وحفها لطف باعتبار قصرها على نوعها إذ المبتلى مثلا بالجذام والعياذ بالله ليس كالاعمى وهما مع الغنى ليسا كهما مع الفقر واجتماع كل ذلك مع سلامة الدين امر يسير واما الشرعيات فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) وليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله هو المبتلى اما عتبارا بان كل أفعاله جميل او لانه عودك بالفعل الجميل والعطاء الجزيل وَاذكروا

يا بنى إسرائيل إِذْ فَرَقْنا فصلنا بِكُمُ اى بسبب انجائكم فالباء للسببية وهو اولى لان الكلام مسوق لتعداد النعم والامتنان وفي السببية دلالة على تعظيمهم وهو ايضا من النعم وقيل الباء بمعنى اللام كقوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ اى لان الله الْبَحْرَ وهو بحر القلزم بحر من بحار فارس او بحر من ورائهم يقال له اساف حتى حصل اثنا عشر مسلكا بعدد أسباط بنى إسرائيل والسبط ولد الولد والأسباط من بنى إسرائيل كالقبائل من العرب وهم أولاد يعقوب فَأَنْجَيْناكُمْ اى من الغرق باخراجكم الى الساحل وَأَغْرَقْنا الغرق الرسوب في الشيء المائع ورسب الشيء في الماء رسوبا اى سفل فيه والإغراق الإهلاك في الماء آلِ فِرْعَوْنَ يريد فرعون وقومه للعلم بدخوله فيهم وكونه اولى به منهم وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ بأبصاركم انفراق البحر حين سلكتم فيه وانطباقه على آل فرعون بعد سلامتكم منه وايضا تنظرون إليهم غرقى موتى حين رماهم البحر الى الساحل قال القرطبي ان الله تعالى لما أنجاهم وأغرق فرعون قالوا يا موسى ان قلوبنا لا تطمئن أن فرعون قد غرق حتى امر الله البحر فلفظه فنظروا اليه روى انه لما دنا هلاك فرعون امر الله موسى عليه السلام ان يسرى ببني إسرائيل من مصر ليلا فامرهم ان يخرجوا وان يستعيروا الحلي من القبط وأمران لا ينادى أحد منهم صاحبه وان يسرجوا في بيوتهم الى الصبح ومن خرج لطخ بابه بكف من دم ليعلم انه قد خرج فخرجوا ليلا وهم ستمائة الف وعشرون الف مقاتل لا يعدون فيهم ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره والقبط لا يعلمون ووقع في القبط موت فجعلوا يدفنونهم وشغلوا عن طلبهم فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا اين يذهبون فدعا موسى مشيخة بنى إسرائيل وسألهم عن ذلك فقالوا ان يوسف لما حضره الموت أخذ على اخوته عهدا ان لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسد عليهم الطريق فسألهم عن موضع قبره فلم يعلمه أحد غير عجوز قالت لو دللت على قبره أتعطيني كل ما سألتك فابى عليها وقال حتى اسأل ربى فامره الله بايتاء سؤلها فقالت انى عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملنى وأخرجني من مصر هذا في الدنيا واما في الآخرة فاسألك ان لا تنزل فى غرفة الا نزلتها معك قال نعم قالت انه في جوف الماء في النيل فادع الله ان يحسر عنه الماء فدعا الله ان يؤخر طلوع الفجر الى ان يفرغ من امر يوسف فحفر موسى ذلك الموضع واستخرجه في صندوق من صنوبر قالوا ان موسى استخرج تابوت يوسف من قعر النيل بالوفق وهو أول علم أوجده الله بنفسه وعلمه آدم عليه السلام فتوارثه الأنبياء آخرا عن أول ثم انه حمله حتى دفنه بالشام ففتح لهم الطريق فساروا فكان هارون امام بنى إسرائيل وموسى على ساقتهم فلما علم بذلك فرعون جمع قومه فخرج في طلب بنى إسرائيل وعلى مقدمته هامان في الف الف وسبعمائة الف جواد ذكر ليس فيها رمكة على رأس كل واحد منهم بيضة وفي يده حربة فسارت بنوا إسرائيل حتى وصلوا الى البحر والماء في غاية الزيادة فادركهم فرعون حين أشرقت الشمس فقال فرعون في اصحاب موسى ان هؤلاء لشر ذمة قليلون فلما نظر اصحاب موسى إليهم بقوا متحيرين فقالوا لموسى انا لمدركون يا موسى او ذينا من قبل

ان تأتينا ومن بعد ما جئتنا اليوم نهلك فان البحر امامنا ان دخلناه غرقنا وفرعون خلفنا ان أدركنا قتلنا يا موسى كيف نصنع واين ما وعدتنا قال موسى كلا ان معى ربى سيهدين فاوحى الله الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فضربه فلم يطعه فاوحى الله اليه ان كنه فضربه وقال انفلق يا أبا خالد فانفلق فصار فيه اثنا عشر طريقا كل طريق كالجبل العظيم فكان لكل سبط طريق يأخذون فيه وأرسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى صار يبسا فخاضت بنوا إسرائيل البحر وعن جانبيهم الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضا فقالوا ما لنا لا نرى إخواننا وقال كل سبط قد قتل إخواننا قال سيروا فانهم على طريق مثل طريقكم قالوا لا نرضى حتى نراهم فقال موسى اللهم أعنى على اخلاقهم السيئة فاوحى الله اليه ان قل بعصاك هكذا وهكذا يمنة ويسرة فصار فيها كوى ينظر بعضهم بعضا ويسمع بعضهم كلام بعض فساروا حتى خرجوا من البحر فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر فرآه منفلقا قال لقومه انظروا الى البحر انفلق من هيبتى حتى أدرك عبيدى الذين ابقوا فهاب قومه ان يدخلوه وقيل له ان كنت ربا فادخل البحر كما دخل موسى وكان فرعون على حصان أدهم اى ذكر اسود من الخيل ولم يكن في قوم فرعون فرس أنثى فجاء جبريل على أنثى وديق وهي التي تشتهى الفحل وتقدمه الى البحر فشم أدهم فرعون ريحها فاقتحم خلفها البحر اى هجم على البحر بالدخول وهم لا يرونه ولم يملك فرعون من امره شيأ وهو لا يرى فرس جبريل وتبعته الخيول وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يعجلهم ويسوقهم حتى لا يشذ رجل منهم حتى خاضوا كلهم البحر ودخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى وهم أولهم بالخروج فامر الله البحر ان يأخذهم فانطبق على فرعون وقومه فاغرقوا فنادى فرعون لا اله الا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وانا من المسلمين القصة وقالت بنوا إسرائيل الآن يدركنا فيقتلنا فلفظ البحر ستمائة وعشرين الفا عليهم الحديد فذلك قوله تعالى فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ فلفظ فرعون وهو كانه ثور أحمر فلم يقبل البحر بعد ذلك غريقا الا لفظه على وجه الماء واعلم ان هذه الوقعة كما انها لموسى عليه الصلاة والسلام معجزة عظيمة لاوائل بنى إسرائيل موجبة عليهم شكرها كذلك اقتصاصها على ما هي عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة جليلة تطمئن بها القلوب الآبية وتنقاد لها النفوس الغبية موجبة لاعقابهم ان يتلقوها بالإذعان لانه عليه السلام أخبرهم بذلك مع انه كان اميا لم يقرأ كتابا وهذا غيب لم يكن له علم عند العرب فاخباره به دل على انه اوحى اليه ذلك وذلك علامة لنبوته فما تأثرت اوائلهم بمشاهدتها ورؤيتها حيث اتخذوا العجل الها بعد الانجاء ثم صار أمرهم الى ان قتلوا أنبياءهم ورسلهم فهذه معاملتهم مع ربهم وسيرتهم في دينهم وسوء اخلاقهم ولا تذكرت أواخرهم بتذكيرها وروايتها حيث بدلوا التوراة وافتروا على الله وكتبوا بايديهم واشتروا به عرضا وكفروا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الى غير ذلك فيالها من عصابة ما أعصاها وطائفة ما اطغاها وفي الآية تهديد للكافرين ليؤمنوا وتنبيه للمؤمنين ليتعظوا وينتهوا عن المعاصي في جميع الأوقات خصوصا في الزمان الذي أنجى الله فيه موسى

[سورة البقرة (2) : آية 51]

مع بنى إسرائيل من الغرق وهو اليوم العاشر من المحرم وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم (ما هذا اليوم الذي تصومونه) فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نحن أحق واولى بموسى منكم) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بصيامه رواه مسلم وهذا يدل بظاهره على ان النبي عليه السلام انما صام عاشوراء وامر بصيامه اقتداء بموسى عليه السلام على ما اخبر به اليهود وليس كذلك لما روته عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية فلما قدم المدينة صامه وامر بصيامه فلما فرض رمضان ترك صيام يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه- يحكى- انه هرب أسير من الكفار يوم عاشوراء فركبوا في طلبه فلما رآى الفرسان خلفه وعلم انه مأخوذ رفع رأسه الى السماء وقال اللهم بحق هذا اليوم المبارك اسألك ان تنجينى منهم فاعمى الله أبصارهم جميعا فنجا الأسير فصام ذلك اليوم فلم يجد ما يفطر عليه ويتعشى به فنام فاطعم وسقى في المنام فعاش بعد ذلك عشرين سنة لم يكن له حاجة الى الطعام والشراب قال النبي عليه السلام (التمسوا فضله فانه يوم مبارك اختاره الله من الأيام من صام ذلك اليوم جعل الله له نصيبا من عبادة جميع من عبده من الملائكة والأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين) هذا في الصوم واما الصلاة الواردة في يوم عاشوراء فقد ذكرها الشيخ عبد القادر قدس سره عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث طويل فيه (ومن صلى اربع ركعات في يوم عاشوراء يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد غفر الله له ذنوب خمسين عاما مستقبلا وبنى له في الملأ الأعلى الف منبر من نور) ويستحب احياء ليلة عاشوراء ففى الحديث (من احيى ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله بعبادة ملائكته المقربين) والاشارة ان البحر هو الدنيا وماؤه شهواتها ولذاتها وموسى هو القلب وقومه صفات القلب وفرعون هو النفس الامارة وقومه صفات النفس وهم اعداء موسى وقومه يطلبونهم ليقتلوهم وهم سائرون الى الله تعالى والعدو من خلفهم وبحر الدنيا امامهم ولا بد لهم في السير الى الله من العبور على البحر ولا يخوضون البحر بلا ضرب عصا لا اله الا الله على البحر بيد موسى القلب فان له يدا بيضاء في هذا الشأن والا لغرقوا كما غرق فرعون وقومه ولو كانت هذه العصا فى يد فرعون النفس لم يكن لها معجزة انفلاق البحر فاذا ضرب يد موسى القلب بعصا الذكر ينفلق بحر الدنيا وماء شهواتها يمينا وشمالا ويرسل الله ريح العناية وشمس الهداية على قعر بحر الدنيا فيصير يابسا من ماء الشهوات فيخوض موسى القلب وصفاته فيجاوزونه وتنجيهم عناية الله الى الساحل وأن الى ربك المنتهى وقيل لفرعون النفس وقومه اغرقوا فادخلوا نارا كذا لصاحب التأويلات النجمية قدس الله تعالى نفسه الزكية وَاذكروا يا بنى إسرائيل إِذْ واعَدْنا وقت وعدنا وصيغة المفاعلة بمعنى الثاني او على أصلها فان الوعد وان كان من الله فقبوله كان من موسى وقبول الوعد شبه الوعد او ان الله تعالى وعده الوحى وهو وعده

[سورة البقرة (2) : الآيات 52 إلى 53]

المجيء للميقات الى الطور مُوسى مفعول أول لواعدنا «مو» بالعبرانية الماء و «شى» بمعنى الشجر فقلبت الشين المعجمة سينا في العربية وانما سمى به لان امه جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون وألقته في البحر فدفعته امواج البحر حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون فخرجت جوارى آسية امرأة فرعون يغسلن فوجدن التابوت فأخذنه فسمى عليه السلام باسم المكان الذي أصيب به وهو الماء والشجر ونسبه عليه الصلاة والسلام موسى بن عمران بن يصهر بن فاهت بن لاوى بن يعقوب إسرائيل الله بن اسحق بن ابراهيم عليه السلام أَرْبَعِينَ لَيْلَةً اى تمام أربعين ليلة على حذف المضاف مفعول ثان امره الله تعالى بصوم ثلاثين وهو ذو القعدة ثم زاد عليه عشرا من ذى الحجة وعبر عنها بالليالي لانها غرر الشهور وشهور العرب وضعت على سير القمر ولذلك وقع بها التاريخ، فالليالى اولى الشهور والأيام تبع لها او لان الظلمة اقدم من الضوء ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ وهو ولد البقرة بتسويل السامري آلها ومعبودا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد مضيه الى الميقات وانما ذكر لفظه ثم لانه تعالى لما وعد موسى حضور الميقات لانزال التوراة عليه وفضيلة بنى إسرائيل ليكون ذلك تنبيها للحاضرين على علو درجتهم وتعريفا للغائبين وتكملة للدين كان ذلك من أعظم النعم فلما أتوا عقب ذلك بأقبح انواع الكفر والجهل كان ذلك في محل التعجب فهو كمن يقول اننى أحسنت إليك وفعلت كذا وكذا ثم انك تقصدنى بالسوء والأذى وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ باشراككم ووضعكم للشئ في غير موضعه اى وضع عبادة الله تعالى في غير موضعها بعبادة العجل وهو حال من ضمير اتخذتم ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ اى محونا جريمتكم حين تبتم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد الاتخاذ الذي هو متناه في القبح فلم نعاجلكم بالإهلاك بل أمهلناكم الى مجيئ موسى فنبهكم وأخبركم بكفارة ذنوبكم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لكى تشكروا نعمة العفو وتستمروا بعد ذلك على الطاعة فان الانعام يوجب الشكر واصل الشكر تصور النعمة وإظهارها وحقيقته العجز عن الشكر: قال السعدي خردمند طبعان منت شناس ... بدوزند نعمت بميخ سپاس وَإِذْ آتَيْنا أعطينا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل كقولك لقيت الغيث والليث تريد الجامع بين الجود والجراءة فالمراد بالفرقان والكتاب واحد لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ لكى تهتدوا بالتدبر فيه والعمل بما يحويه وهذا بيان الحكمة دون العلة اى الحكمة في انزاله ان يتدبروا فيه فيعلموا ان الله تعالى لم يفعل ذلك به الا للدلالة على صحة نبوته فيجتهدوا بذلك في اتباع الرشد وإذا فعلتم ذلك آمنتم بمحمد لانه قد اتى من المعجزات بما يدلكم إذا تدبرتم على صحة دعواه النبوة روى ان بنى إسرائيل لما آمنوا من عدوهم بإغراق الله آل فرعون ودخلوا مصر لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليها فوعد الله موسى ان ينزل عليه التوراة فقال موسى لقومه انى ذاهب لميقات ربى آتيكم بكتاب فيه بيان ما تأتون وتذرون ووعدهم أربعين ليلة واستخلف عليهم أخاه هارون فلما اتى الوعد جاءه جبريل على فرس يقال له فرس الحياة لا يصيب شيأ الا حيى

ليذهب بموسى الى ربه فلما رآه السامري وكان رجلا صائغا من اهل باجرمى واسمه ميحا ورأى مواضع الفرس تخضر من ذلك وكان منافقا اظهر الإسلام وكان من قوم يعبدون البقر فلما رأى جبريل على ذلك الفرس قال ان لهذا شأنا وأخذ قبضة من تربة حافر فرس جبريل وقيل انه عرف جبريل لانه امه حين خافت عليه ان يذبح سنة ذبح فرعون أبناء بنى إسرائيل خلفته في غابة وكان جبريل يأتيه فيعذيه بأصابعه فكان السامري يمص من إبهام يمينه عسلا ومن إبهام شماله سمنا فلما رآه حين عبر البحر عرفه فقبض قبضة من اثر فرسه فلم تزل القبضة في يده حتى انطلق موسى الى الطور وكان السامري سمعهم حين خرجوا من البحر وأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة ووقع في نفسه ان يفتنهم من هذا الوجه وكان بنوا إسرائيل استعاروا حليا كثيرة من قوم فرعون حين أرادوا الخروج من مصر بعلة عرس لهم فاهلك الله تعالى فرعون وبقيت تلك الحلي في أيدي بنى إسرائيل فلما ذهب موسى الى المناجاة عد بنوا إسرائيل اليوم مع الليلة يومين فلما مضى عشرون يوما قالوا قد تم أربعون ولم يرجع موسى إلينا فخالفنا فقال السامري هاتوا الحلي التي استعرتموها أو أن موسى أمرهم ان يلقوها في حفرة حتى يرجع ويفعل ما يرى فيها فلما اجتمعت الحلي صاغها السامري عجلا في ثلاثة ايام ثم ألقى فيها القبضة التي أخذها من تراب سنبك فرس جبريل فخرجت عجلا من ذهب مرصعا بالجواهر كأحسن ما يكون فصار جسدا له حوار اى صوت كصوت العجل وله لحم ودم وشعر وقيل دخل الريح فى جوفه من خلفه وخرج من فيه كهيئة الخوار فقال للقوم هذا إلهكم وآله موسى فنسى اى اخطأ موسى الطريق وربه هنا وهو ذهب يطلبه فاقبلوا كلهم على عبادة العجل الا هارون مع اثنى عشر الفا اتبعوا هارون ولم يتبعه غيرهم وهارون قد نصحهم ونهاهم وقال يا قوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا امرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى وقيل كان موسى وعدهم ثلاثين ليلة ثم زيدت العشر وكانت فتنتهم فى تلك العشر فلما مضت الثلاثون ولم يرجع موسى وظنوا انه قد مات ورأوا العجل وسمعوا قول السامري عكفوا على العجل يعبدونه قال ابو الليث في تفسيره وهذا الطريق أصح فلما رجع موسى ووجدهم على ذلك القى الألواح فرفع من جملتها ستة اجزاء وبقي جزء واحد وهو الحلال والحرام وما يحتاجون واحرق العجل وذراه في البحر فشربوا من مائه حبا للعجل فظهرت على شفاههم صفرة ورمت بطونهم فتابوا ولم تقبل توبتهم دون ان يقتلوا أنفسهم هذه حالهم واما هذه الامة فلا يحتاجون الى قتل النفس في الصورة وتوبتهم الحقيقية انما هي الرجوع الى الله بقتل النفس الامارة التي تعبد عجل الهوى: قال في المثنوى اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصمى زو بتر در اندرون [1] كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خرگوش نيست نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بي آلتى افسرده است [2] گر بيابد آلت فرعون او ... كه بامر او همى رفت آب جو

[سورة البقرة (2) : آية 54]

آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصد هارون زند واعلم ان تعيين عدد الأربعين في الميعاد لاختصاصه في الكمالية وذلك لان مراتب الاعداد اربع الآحاد والعشرات والمآت والألوف والعشرة عدد في نفسها كاملة كقوله تعالى تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ وإذا ضعفت العشرة اربع مرات وهو كمال مراتب الاعداد تكون أربعين وهو كمال الكمال وهو اعداد ايام تخمير طينة آدم عليه السلام كقوله تعالى (خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا) فللاربعين خاصية وتأثير لم توجد في غيره من الاعداد كما قال صلى الله عليه وسلم (ان خلق أحدكم يجمع في بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك) الحديث كما ان انعقاد الطلسم الجسماني على وجه الكنز الروحاني كان مخصوصا بالأربعين كذلك انحلاله يكون باختصاص الأربعين سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا واما اختصاص الليل بالذكر في قوله أربعين ليلة فلمعنيين أحدهما ان لليل خصوصية في التعبد والتقرب كقوله عليه السلام (ان اقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل) وهكذا قوله عليه السلام (ينزل الله كل ليلة الى السماء الدنيا) الحديث ولهذا المعنى قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) الآية وقال تعالى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ والآخر انه لو ذكر اليوم دون الليل يظن انه موعود بالتعبد فى النهار دون الليل وانما الليل جعل للاستراحة والسكون كقوله تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً فلما خص الليل بالذكر علم موسى عليه السلام ان التعبد فى الليل واليوم جميعا كذا في التأويلات النجمية قال الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره ان النبي عليه السلام لم يعين الأربعين بل اعتكف في العشر الأخير نعم فعل موسى عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ والخلوتية أخذوا من ذلك كذا في واقعات الشيخ الهدائى قدس الله نفسه الزاكية قال في التأويلات النجمية ايضا الشكر على ثلاثة أوجه شكر بالأقوال وشكر بالأعمال وشكر بالأحوال فشكر الأقوال ان يتحدث بالنعم مع نفسه اسرارا ومع غيره إظهارا ومع ربه افتقارا كما قال تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وقوله صلى الله عليه وسلم (التحدث بالنعم شكر) وشكر الأعمال ان يصرف نعمة الله في طاعته ولا يعصيه بها ويتدارك ما فاته من الطاعات وبادره من المعاصي كقوله تعالى اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وشكر الأحوال ان يتجلى المنعم بصفة الشكورية على سر العبد فلا يرى الا المنعم في النعمة والشكور في الشكر ويرى المنعم في النعم والنعمة من المنعم والشكور في الشكر والشكر من الشكور ويرى وجوده وشكره نعمتين من نعم المنعم ورؤية النعمة فيكون نعمة وجوده مرآة جمال المنعم ويكون شكره مرآة جمال الشكور ورؤية المنعم والنعمة نعمة اخرى الى غير نهاية فيعلم ان لا يقوم بأداء شكره ولا يشكره الا الشكور ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور وَاذكروا يا بنى إسرائيل هذا هو الانعام الخامس إِذْ قالَ مُوسى وقت قوله لِقَوْمِهِ الذين عبدوا العجل يا قَوْمِ اى يا قومى والاضافة للشفقة إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ اى ضررتم أنفسكم

بايجاب العقوبة عليها ونقصتم الثواب الواجب بالإقامة على عهد موسى بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ اى معبودا قالوا أي شىء نصنع قال فَتُوبُوا اى فاعزموا على التوبة والفاء للسببية لان الظلم سبب للتوبة إِلى بارِئِكُمْ اى من خلقكم بريئا من العيوب والنقصان والتفاوت وميز بعضكم من بعض بصور وهيآت مختلفة والتعرض لعنوان البارئية للارشاد بانهم بلغوا من الجهالة أقصاها ومن الغباوة منتهاها حيث تركوا عبادة العليم الحكيم الذي خلقهم بلطيف حكمته بريئا من التفاوت والتنافر الى عبادة البقر الذي هو مثل في الغباوة وان من لم يعرف حقوق منعمه حقيق بان تسترد هي منه ولذلك أمروا بالقتل وفك التركيب وقالوا كيف نتوب قال فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ اى ليقتل البريء منكم المجرم وانما قال أنفسكم لان المؤمنين اخوة وأخو الرجل كانه نفسه قال تعالى وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ يعنى ذكر قتل الأنفس وأراد به قتل الاخوان وهذا كما قال ولا تلمزوا أنفسكم اى ولا تغتابوا إخوانكم من المسلمين كذا في التيسير وتفسير ابى الليث والفاء للتعقيب وتوبتهم هي قتلهم اى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم كذا في الكشاف وقال في التفسير الكبير وليس المراد تفسير التوبة بقتل النفس بل بيان ان توبتهم لا تتم ولا تحصل الا بقتل النفس وانما كان كذلك لان الله تعالى اوحى الى موسى عليه السلام ان توبة المرتد لا تتم الا بالقتل ذلِكُمْ اى التوبة والقتل خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ انفع لكم عند الله من الامتناع الذي هو اصرار وفيه عذاب لما ان القتل طهرة من الشرك ووصلة الى الحياة الابدية والبهجة السرمدية فَتابَ عَلَيْكُمْ خطاب منه تعالى اى ففعلتم ما أمرتم به فتاب عليكم بارئكم اى قبل توبتكم وتجاوز عنكم وانما لم يقل فتاب عليهم على ان الضمير للقوم لما ان ذلك نعمة أريد التذكير بها للمخاطبين لا لاسلافهم فان قلت انه تعالى امر بالقتل والقتل لا يكون نعمة قلت ان الله نبههم على عظيم ذنبهم ثم نبههم على ما به يتخلصون من ذلك العظيم وذلك من النعم في الدين إِنَّهُ الله تعالى هُوَ التَّوَّابُ اى الذي يكثر توفيق المذنبين للتوبة ويبالغ في قبولها منهم الرَّحِيمُ كثير الرحمة للمطيعين امره حيث جعل القتل كفارة لذنوبهم: قال السعدي فرو ماند كانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب روى انهم لما أمرهم موسى بالقتل قالوا نصبر لامر الله فجلسوا بالافنية محتبين مذعنين وقيل لهم من حل حبوته او مد طرفه الى قاتله او اتقاه بيد او رجل فهو ملعون مردود توبته واصلت القوم عليهم الحناجر اى حملوا عليهم الخناجر ورفعوا وضربوهم بها وكان الرجل يرى ابنه وأباه وأخاه وقريبه وصديقه وجاره فلم يمكنهم المضي لامر الله قالوا يا موسى كيف نفعل فارسل الله ضبابة وسحابة سوداء لا يبصر بعضهم بعضا فكانوا يقتلونهم الى المساء فلما كثر القتل دعا موسى وهارون وبكيا وتضرعا وقالا يا رب هلكت بنوا إسرائيل البقية البقية فكشف الله السحابة ونزلت التوبة وأمرهم ان يكفوا عن القتل فقتل منهم سبعون الفا فكان من قتل شهيدا ومن بقي مغفورة ذنوبه واوحى الى موسى عليه السلام انى ادخل القاتل والمقتول الجنة هذا على رواية ان القاتل من المجرمين على ان معنى قوله فاقتلوا أنفسكم

ليقتل بعض المجرمين بعضا فالقاتل هو الذي بقي من المجرمين بعد نزول امر الكف عن القتل والا فالقاتل على الرواية الاخرى هو البريء كما سبق في تفسير الآية روى ان الأمر بالقتل من الاغلال التي كانت عليهم وهي المواثيق اللازمة لزوم الغل ومن الإصر وهو الأعمال الشاقة كقطع الأعضاء الخاطئة وعدم جواز صلاتهم في غير المسجد وعدم التطهير بغير الماء وحرمة أكل الصائم بعد النوم ومنع الطيبات عنهم بالذنوب وكون الزكاة ربع ما لهم وكتابة ذنب الليل على الباب بالصبح وكما روى ان بنى إسرائيل إذا قاموا يصلون لبسوا المسوح وغلوا أيديهم الى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها الى السارية وحبس نفسه على العبادة فهذه الأمور رفعت عن هذه الامة تكريما للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فالتوبه نعمة من الله أنعم بها على هذه الامة دون غيرها ولها اربع مراتب فالاولى مختصة باسم التوبة وهي أول منزل من منازل السالكين وهي للنفس الامارة وهذه مرتبة عوام المؤمنين وهي ترك المنهيات والقيام بالمأمورات وقضاء الفوائت ورد الحقوق والاستحلال من المظالم والندم على ما جرى والعزم على ان لا يعود والمرتبة الثانية الانابة وهي للنفس اللوامة وهذه مرتبة خواص المؤمنين من الأولياء والانابة الى الله بترك الدنيا والزهد في ملاذها وتهذيب الأخلاق وتطهير النفس بمخالفة هواها والمداومة على جهادها فالنفس إذا تحلت بالانابة دخلت في مقام القلب واتصفت بصفته لان الانابة من صفات القلب قال تعالى وَجاءَ ربه بِقَلْبٍ مُنِيبٍ والمرتبة الثالثة الاوبة وهي للنفس الملهمة وهذه مرتبة خواص الأولياء والاوبة الى الله من آثار الشوق الى لقائه فالنفس إذا تحلت بالاوبة دخلت في مقام الروح ومن امارات الأواب المشتاق ان يستبدل المخالطة بالعزلة ومنادمة الأخدان بالخلوة ويستوحش عن الخلق ويستأنس بالحق ويجاهد نفسه في الله حق جهاده ساعيا في قطع تعلقاتها عن الكونين والمرتبة الرابعة وهي للنفس المطمئنة وهذه مرتبة الأنبياء وأخص الأولياء قال تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ وهي صورة جذبة العناية الربوبية نفوس الأنبياء والأولياء تجذبها من انانيتها الى هوية ربوبيته راضية اى طائعة تلك النفوس شوقا الى لقاء ربها مرضية اى على طريقة مرضية في السير لربها باذلة نفسها في مشاهدة اللقاء طامعة لرفع الاثنينية ودوام الالتقاء قيل لما قدم الحلاج لتقطع يده قطعت اليد اليمنى اولا فضحك ثم قطعت اليد اليسرى فضحك ضحكا بليغا فخاف ان يصفر وجهه من نزف الدم فكب وجهه على الدم السائل ولطخ وجهه بدمه وانشأ يقول الله يعلم ان الروح قد تلفت شوقا إليك ولكنى امنيها ونظرة منك يا سؤلى ويا املى أشهى الى من الدنيا وما فيها يا قوم انى غريب في دياركمو سلمت روحى إليكم فاحكموا فيها ما اسلم النفس للاسقام تتلفها الا لعلمى بان الوصل يحيينها نفس المحب على الآلام صابرة لعل مسقمها يوما يداويها ثم رفع رأسه الى السماء وقال يا مولاى انى غريب في عبادك وذكرك اغرب منى والغريب يألف الغريب ثم ناداه رجل وقال يا شيخ ما العشق قال ظاهره ما ترى وباطنه دق

[سورة البقرة (2) : الآيات 55 إلى 59]

عن الورى وفي التأويلات النجمية ان لكل قوم عجلا يعبدونه من دون الله قوم يعبدون عجل الدراهم والدنانير وقوم يعبدون عجل الشهوات وقوم يعبدون عجل الجاه وقوم يعبدون عجل الهوى وهذا أبغضها على الله فالله تعالى يلهم موسى قلب كل سعيد ليقول يا قوم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ اى ارجعوا الى الله بالخروج عما سواه ولا يمكنكم الا بقتل النفس فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بقمع الهوى لان الهوى هو حياة النفس وبالهوى ادعى فرعون الربوبية وعبد بنوا إسرائيل العجل وبالهوى أبى واستكبر إبليس او ارجعوا بالاستنصار على قتل النفس بنهيها عن هواها فاقتلوا أنفسكم بنصر الله وعونه فان قتل النفس في الظاهر ييسر للمؤمن والكافر فاما قتل النفس في الباطن وقهرها فامر صعب لا يتيسر الا لخواص الحق بسيف الصدق وبنصر الحق ولهذا جعل مرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع من غزو يقول (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وذلك لان المجاهد إذا قتل بسيف الكفار يستريح من التعب بمرة واحدة وإذا قتل بسيف الصدق في يوم الف مرة تحيى كل مرة نفس على بصيرة اخرى وتزداد في مكرها فلا يستريح المجاهد طرفة عين من جهادها ولا يأمن مكرها وبالحقيقة النفس هى صورة مكر الحق ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ يعنى قتل النفس بسيف الصدق خير لكم لان بكل قتلة رفعة ودرجة لكم عند بارئكم فانتم تتقربون الى الله بقتل النفس وقمع الهوى وهو يتقرب إليكم بالتوفيق للتوبة والرحمة عليكم كما قال (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) وذلك قوله فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: قال في المثنوى عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است ... آب توبش ده اگر او بي نم است بيخ عمرت را بده آب حيات ... تا درخت عمر گردد بإثبات وَإِذْ قُلْتُمْ هذا هو الانعام السادس اى واذكروا يا بنى إسرائيل وقت قول السبعين من اسلافكم الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه الى الطور للاعتذار عن عبادة العجل وهم غير السبعين الذين اختارهم موسى أول مرة حين أراد الانطلاق الى الطور بعد غرق فرعون لاتيان التوراة يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نصدقك لاجل قولك ودعوتك على ان هذا كتاب الله وانك سمعت كلامه وان الله تعالى أمرنا بقبوله والعمل به حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً اى عيانا لا ساتر بيننا وبينه كالجهر في الوضوح والانكشاف لان الجهر في المسموعات والمعاينة في المبصرات ونصبها على المصدرية لانها نوع من الرؤية فكأنها مصدر الفعل الناصب او حال من الفاعل والمعنى حتى نرى الله مجاهرين او من المفعول والمعنى حتى نرى الله مجاهرا بفتح الهاء فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ هى نار محرقة فيها صوت نازلة من السماء وهي كل امر مهول مميت او مزيل للعقل والفهم وتكون صوتا وتكون نارا وتكون غير ذلك وانما أحرقتهم الصاعقة لسؤالهم ما هو مستحيل على الله في الدنيا ولفرط العناد والتعنت وانما الممكن ان يرى رؤية منزهة عن الكيفية وذلك للمؤمنين في الآخرة وللافراد من الأنبياء فى بعض الأحوال في الدنيا وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ الى الصاعقة النازلة فان كانت نارا فقد عاينوها

[سورة البقرة (2) : آية 56]

وان كانت صوتا هائلا فقد مات بعضهم اولا ورأى الباقون انهم مانوا ويسمى هذا رؤية الموت مجازا ثُمَّ بَعَثْناكُمْ اى أحييناكم مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ بتلك الصاعقة وقيد البعث بقوله من بعد موتكم مع انه يكون بعد الموت لما انه قد يكون من الإغماء او من النوم قال قتادة أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم وكان ذلك الموت بلا أجل وكانت تلك الموتة لهم كالسكتة لغيرهم قبل انقضاء آجالهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا الى يوم القيامة فان قلت كيف يجوز ان يكلفهم وقد أماتهم ولو جاز ذلك فلم لا يجوز ان يكلف اهل الآخرة إذا بعثوا بعد الموت قلنا الذي يمنع من تكليفهم في الآخرة هو الاماتة ثم الاحياء وانما يمنع من ذلك لانه قد اضطرهم يوم القيامة الى معرفته والى معرفة ما في الجنة من اللذات وما في النار من الآلام وبعد العلم الضروري لا تكليف فاذا كان المانع هو هذا لم يمتنع في هؤلاء الذين أماتهم الله بالصعقة ان لا يكون قد اضطرهم وإذا كان كذلك صح ان يكلفوا من بعد ويكون موتهم ثم الاحياء بمنزلة النوم او بمنزلة الإغماء لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمة الحياة بالتوحيد والطاعة او لعلكم تشكرون وقت مشاهدتكم بأس الله بالصاعقة نعمة الايمان التي كفرتموها بقولكم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فان ترك النعمة لاجل طلب الزيادة كفران لها اى لعلكم تشكرون نعمة الايمان فلا تعودون الى اقتراح شىء بعد ظهور المعجزة واصل القصة ان موسى عليه السلام لما رجع من الطور الى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل وقال لاخيه والسامري ما قال وأحرق العجل وألقاه في البحر وندم القوم على ما فعلوا وقالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين امر الله موسى ان يأتيه في ناس من بنى إسرائيل يعتذرون اليه من عبادة العجل فاختار موسى سبعين من قومه من خيارهم فلما خرجوا الى الطور قالوا لموسى سل ربنا حتى يسمعنا كلامه فسأل موسى عليه السلام ذلك فاجابه الله ولما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله ودنا من موسى ذلك الغمام حتى دخل فيه وقال للقوم ادخلوا فكلم الله موسى يأمره وينهاه وكلما كلمه تعالى أوقع على جبهته نورا ساطعا لا يستطيع أحد من السبعين النظر اليه وسمعوا كلامه تعالى مع موسى افعل لا تفعل فعند ذلك طمعوا فى الرؤية وقالوا ما قالوا فاخذتهم الصاعقة فخروا صعقين ميتين يوما وليلة فلما ماتوا جميعا جعل موسى يبكى ويتضرع رافعا يديه الى السماء يدعو ويقول يا إلهي اخترت من بنى إسرائيل سبعين رجلا ليكونوا شهودى بقبول توبتهم وماذا أقول لهم إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم لو شئت أهلكتهم قبل هذا اليوم مع اصحاب العجل أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله ورد إليهم أرواحهم وطلب توبة بنى إسرائيل من عبادة العجل فقال لا الا ان يقتلوا أنفسهم قالوا ان موسى عليه السلام سأل الرؤية في المرة الاولى في الطور ولم يمت لان صعقته لم تكن موتا ولكن غشية بدليل قوله تعالى فَلَمَّا أَفاقَ وسأل قومه في المرة الثانية حين خرجوا للاعتذار وماتوا وذلك لان سؤال موسى كان اشتياقا وافتقارا وسؤال قومه كان تكذيبا واجتراء ولم يسألوا سؤال استرشاد بل سؤال تعنت فانهم ظنوا انه تعالى يشبه الأجسام وطلبوا رؤيته رؤية الأجسام في الجهات والاحياز المقابلة للرائى وهي محال وليس

[سورة البقرة (2) : آية 57]

فى الآية دليل على نفى الرؤية بل فيها إثباتها وذلك ان موسى عليه السلام لما سأله السبعون لم ينههم عن ذلك وكذلك سأل هو ربه الرؤية فلم ينهه عن ذلك بل قال فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي وهذا تعليق بما يتصور قال بعض العلماء الحكماء الحكمة في ان الله تعالى لا يرى فى الدنيا وجوه الاول ان الدنيا دار أعدائه لان الدنيا جنة الكافر الثاني لو رآه المؤمن لقال الكافر لو رأيته لعبدته ولو رأوه جميعا لم يكن لاحدهما مزية على الآخر الثالث ان المحبة على غيب ليست كالمحبة على عين الرابع ان الدنيا محل المعيشة ولو رآه الخلق لاشتغلوا عن معائشهم فتعطلت الخامس انه جعلها بالبصيرة دون البصر ليرى الملائكة صفاء قلوب المؤمنين السادس ليقدر قدرها إذ كل ممنوع عزيز السابع انما منعها رحمة بالعباد لما جبلوا عليه في هذه الدار من الغيرة إذ لو رآه أحد تصدع قلبه من رؤية غيره إياه كما تصدع الجبل غيرة من ان يرآه موسى والاشارة في الآية ان مطالبة الرؤية جهرة هي تعرض مطالبة الذات غفلة فيوجب سوء الأدب وترك الحرمة وذلك من امارات البعد والشقاوة فمن سطوات العظمة والعزة اخذتهم الرجفة والصعقة إظهارا للعدل ثم أفاض عليهم سجال النعم اسبالا للسر على هيآت العبيد والخدم وقال ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إظهارا للفضل ومن علامات الوصلة ودلالات السعادة التولي بمكاشفات العزة مقرونا بملاطفات القربة فمن أصلح حاله لم يطلق لسان الجهل بل اتى البيت من بابه ويتأدب في سؤاله وجوابه: قال في المثنوى پيش بينايان كنى ترك ادب نار شهوت را از ان كشتى حطب چون ندارى فطنت ونور هدا بهر كوران روى را ميزن جلا ولا بد من قتل النفس الامارة حتى تحكم في عالم الحقيقة بما شئت قال القشيري التوبة بقتل النفوس غير منسوخة في هذه الامة الا ان بنى إسرائيل كان لهم قتل أنفسهم جهرا وهذه الامة توبتهم بقتل أنفسهم في أنفسهم سرا وأول قدم هو القصد الى الله والخروج من النفس لله قال ولقد توهم الناس ان توبة بنى إسرائيل كانت أشق وليس كما توهموا فان ذلك كان مرة واحدة واهل الخصوص من هذه الامة قتلهم أنفسهم في كل لحظة كما قيل ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء وفي المثنوى قوت از حق خواهم وتوفيق ولاف ... تا بسوزن بر كنم اين كوه قاف سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ هذا هو الانعام السابع اى جعلنا الغمام ظلة عليكم يا بنى إسرائيل وهذا جرى في التيه بين مصر والشام فانهم حين خرجوا من مصر وجاوزوا البحر وقعوا فى صحراء لا ابنية فيها أمرهم الله تعالى بدخول مدينة الجبارين وقتالهم فقبلوا فلما قربوا منها سمعوا بان أهلها جبارون أشداء قامة أحدهم سبعمائة ذراع ونحوها فامتنعوا وقالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون فعاقبهم الله بان يتيهوا في الأرض أربعين سنة وكانت

المفازة يعنى التيه اثنى عشر فرسخا فاصابهم حر شديد وجوع مفرط فشكوا الى موسى فرحمهم الله فانزل عليهم عمودا من نور يدلى لهم من السماء فيسير معهم بالليل يضيئ لهم مكان القمر إذا لم يكن قمر وأرسل غماما ابيض رقيقا أطيب من غمام المطر يظللهم من حر الشمس فى النهار وسمى السحاب غماما لانه يغم السماء اى يسترها والغم حزن يستر القلب ثم سألوا موسى الطعام فدعا ربه فاستجاب له وهو قوله تعالى وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ اى الترنجبين بفتح الراء وتسكين النون كان ابيض مثل الثلج كالشهد المعجون بالسمن او المن جميع ما من الله به على عباده من غير تعب ولا زرع ومنه قوله عليه الصلاة والسلام (الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين) اى مما من الله على عباده والظاهر ان مجرد مائه شفاء لانه عليه السلام اطلق ولم يذكر الخلط ولما روى عن ابى هريرة انه قال عصرت ثلاثة اكمؤ وجعلت ماءها فى قارورة فكحلت منه جارية لى فبرئت بإذن الله تعالى وقال النووي رأينا في زماننا أعمى كحل عينه بمائها مجردا فشفى وعاده اليه بصره ثم لما ملوا من أكله قالوا يا موسى قتلنا هذا المن بحلاوته فادع لنا ربك ان يطعمنا اللحم فانزل الله عليهم السلوى وذلك قوله وَالسَّلْوى هو السمانى كانت تحشره عليهم الريح الجنوب وكانت الريح تقطع حلوقها وتشق بطونها وتمعط شعورها وكانت الشمس تنضجها فكانوا يأكلونها مع المن واكثر المفسرين على انهم يأخذونها فيذبحونها فكان ينزل عليهم المن نزول الثلج من طلوع الفجر الى طلوع الشمس وتأتيهم السلوى فيأخذ كل انسان منهم كفايته الى الغد الا يوم الجمعة يأخذ ليومين لانه لم يكن ينزل يوم السبت لانه كان يوم عبادة فان أخذ اكثر من ذلك دود وفسد كُلُوا اى قلنا لهم كلوا مِنْ طَيِّباتِ حلالات ما رَزَقْناكُمْ من المن والسلوى ولا ترفعوا منه شيأ ادخارا ولا تعصوا امرى فرفعوا وجعلوا اللحم قديدا مخافة ان ينفد ولو لم يرفعوا لدام عليهم ذلك والطيب ما لا تعافه طبعا ولا تكرهه شرعا وَما ظَلَمُونا اى فظلموا بان كفروا تلك النعمة الجليلة وادخروا بعد ما نهوا عنه وما ظلمونا اى ما بخسوا بحقنا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ باستيجابهم عذابى وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا مؤونة في الدنيا ولا حساب في العقبى فرفعنا ذلك عنهم لعدم توكلهم علينا: قال في المثنوى سالها خوردى وكم نامد ز خور ... ترك مستقبل كن وماضى نگر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لولا بنوا إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم ولولا خيانة حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر) واستمر النتن من ذلك الوقت لان البادئ للشئ كالحامل للغير على الإتيان به وكذلك استمرت الخيانة من النساء لان أم النساء خانت بان أغواها إبليس قبل آدم حتى أكلت من الشجرة ثم أتت آدم فزينت له ذلك حتى حملته على ان أكل منها فاستمرت تلك الخيانة من بناتها لازواجها ... قال السعدي كرا خانه آباد وهمخوا به دوست ... خدا را برحمت نظر سوى اوست قال في الأشباه والنظائر الطعام إذا تغير واشتد تغيره تنجس وحرم واللبن والزيت والسمن إذا أنتن لا يحرم أكله انتهى والاشارة في الآية انه تعالى لما أدبهم بسوط الغربة أدركهم بالرحمة

[سورة البقرة (2) : آية 58]

فى وسط الكربة فاكرمهم بالانعام وظللهم بالغمام ومن عليهم بالمن وسلاهم بالسلوى فلا شعورهم كانت تطول ولا اظفارهم كانت تنبت ولا ثيابهم كانت تخلق او تنسخ وتدرن بل كانت تنمو صغارها حسب نمو الصغار والصبيان ولا شعاع الشمس كان ينبسط وكذلك سنته بمن حال بينه وبين اختياره يكون ما اختاره خير اله مما يختاره العبد لنفسه فما ازدادوا بشؤم الطبيعة الا الوقوع فى البلوى كما قيل كلوا من طيبات ما رزقناكم بامر الشرع وما ظلمونا إذ تصرفوا فيها بالطبع ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بالحرص على الدنيا ومتابعة الهوى قال في التنوير وما أدخلك الله فيه تولى أعانتك عليه وما دخلت فيه بنفسك وكلك اليه فلا تكفر نعمة الله عليك فيما تولاك به من ذلك كان بعضهم يسير في البادية وقد أصابه العطش فانتهى الى بئر فارتفع الماء الى رأس البئر فرفع رأسه الى السماء وقال أعلم انك قادر ولكن لا أطيق هذا فلو قيضت لى بعض الاعراب يصفعنى صفعات ويسقينى شربة ماء كان خير الى ثم انى أعلم ان ذلك الرفق من جهته فقد عرفت ان مكر الله خفى فلا تغرنك النعم الظاهرة والباطنة وليكن عزمك على الشكر والاقامة في حد أقامك الله فيه والا فتضل وتشقى وقد قال الشيخ ابو عبد الله القرشي من لم يكن كارها لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهى حجاب في حقه وسترها عنه رحمة فالنعمة كما انها سبب للسعادة كذلك هي سبب للشقاوة استدراجا: قال في المثنوى بنده مى نالد بحق از درد ونيش ... صد شكايت ميكند از رنج خويش حق همى گويد كه آخر رنج ودرد ... مر ترا لابه كنان وراست كرد اين گله زان نعمتى كن كت زند ... از در ما دور ومطرودت كند فلا بد للمؤمن السالك من الفناء عن الذات والصفات والافعال والدور مع الأمر الإلهي في كل حال حتى يكون من الصديقين واهل اليقين اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تنسنا ذكرك واجعلنا من الذين معك في تقلباتهم وكل معاملاتهم آمين آمين آمين بجاه النبي الامين وَإِذْ قُلْنَا هذا هو الانعام الثامن لانه تعالى أباح لهم دخول البلدة وأزال عنهم التيه اى اذكروا يا بنى إسرائيل وقت قولنا لآبائكم اثر ما انقذتم من التيه ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ منصوب على الظرفية اى مدينة بيت المقدس والقرية بفتح القاف وكسرها ما يجتمع فيه الناس أخذا من القرى فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً اى أكلا واسعا هنيئا على ان النصب على المصدرية او هو حال من الواو في كلوا اى راغدين متوسعين وفيه دلالة على ان المأمور به الدخول على وجه الاقامة والسكنى قال في التيسير اى أبحنا لكم ووسعنا عليكم فتعيشوا فيها أنى شئتم بلا تضيق ولا منع وهو تمليك لهم بطريق الغنيمة وذكر الا كل لانه معظم المقصود وَادْخُلُوا الْبابَ اى بابا من أبواب القرية وكان لها سبعة أبواب والمراد الباب الثاني من بيت المقدس ويعرف اليوم بباب حطة او باب القبة التي كان يتعبد فيها موسى وهارون ويصليان مع بنى إسرائيل إليها سُجَّداً اى ركعا منحنين ناكسى رؤسكم بالتواضع على ان يكون المراد به معناه الحقيقي او ساجدين لله تعالى شكرا على إخراجكم من التيه على ان يكون المراد به معناه الشرعي وَقُولُوا حِطَّةٌ رفع بخبرية المبتدأ المحذوف اى مسألتنا من الله ان يحط عنا

[سورة البقرة (2) : آية 59]

ذنوبنا او نصب اى حط عنا ذنوبنا حطة وقيل أريد بها كلمة الشهادة اى قولوا كلمة الشهادة الحاطة للذنوب نَغْفِرْ لَكُمْ مجزوم على انه جواب الأمر من الغفر وهو الستر اى تستر عليكم خَطاياكُمْ جمع خطيئة ضد الصواب اى ذنوبكم فلا نجازيكم بها لما تفعلون من السجود والدعاء وهم الذين عبدوا العجل ثم تابوا وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ثوابا من فضلنا وهم الذين لم يعبدوا العجل والمحسن من احسن في فعله والى نفسه وغيره وقيل المحسن من صحح عقد توحيده واحسن سياسة نفسه واقبل على أداء فرائضه وكف شره وقيل هو الفاعل ما يجمل طبعا ويحمد شرعا واخرج ذلك عن صورة الجواب الى الوعد إيذانا بان المحسن بصدد زيادة الثواب وان لم يقل حطة فكيف إذا قالها واستغفر وانه يقول ويستغفر لا محالة أمرهم بشيئين بعمل يسير وقول صغير فالعمل الانحناء عند الدخول والقول التكلم بالمقول ثم وعد عليهما غفران السيئات والزيادة في الحسنات فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى غير الذين ظلموا أنفسهم بالمعصية ما قيل لهم من التوبة والاستغفار قَوْلًا آخر مما لا خير فيه فاحد مفعولى بدل محذوف غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ غير نعت لقولا وانما صرح به مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة تحقيقا لمخالفتهم وتنصيصا على المغايرة من كل وجه روى انهم قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية وهي لغتهم حطا سمقانا يعنون حنطة حمراء استخفافا بامر الله تعالى وقال مجاهد طوطئ لهم الباب ليخفضوا رؤسهم فابوا ان يدخلوه سجدا فدخلوا يزحفون على أستاههم مخالفة في الفعل كما بدلوا القول واما المحسنون ففعلوا ما أمروا به ولذا لم يقل فبدلوا بل قال فبدل الذين ظلموا وظاهره انهم بدلوا القول وحده دون العمل وبه قال جماعة وقيل بل بدلوا العمل والقول جميعا ومعنى قوله قولا غير الذي قيل لهم اى امرا غير الذي أمروا به فان امر الله قول وهو تغيير جميع ما أمروا به فَأَنْزَلْنا اى عقيب ذلك عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى غيروا ما أمروا به ولم يقل عليهم على الاختصار وقد سبق ذكر الذين ظلموا في الآية لانه سبق ذكر المحسنين ايضا فلو اطلق لوقع احتمال دخول الكل فيه ثم هذا ليس بتكرار لان الظلم أعم من الصغائر والكبائر والفسق لا بد وان يكون من الكبائر فالمراد بالظلم هاهنا الكبائر بقرينة الفسق والمراد بالظلم المتقدم هو ما كان من الصغائر رِجْزاً مِنَ السَّماءِ اى عذابا مقدرا والتنوين للتهويل والتفخيم بِما مصدرية كانُوا يَفْسُقُونَ بسبب خروجهم عن الطاعة والرجز في الأصل ما يعاف ويستكره وكذلك الرجس والمراد به الطاعون روى انه مات فى ساعة واحدة اربعة وعشرون الفا ودام فيهم حتى بلغ سبعين الفا وفي الحديث (الطاعون رجز أرسل على بنى إسرائيل او على من كان قبلكم فاذا سمعتم ان الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها) وفي الحديث ايضا (أتاني جبريل بالحمى والطاعون فامسكت الحمى بالمدينة وأرسلت الطاعون الى الشام فالطاعون شهادة لا متى ورحمة لهم ورجس على الكافر) واعلم ان من مات من الطاعون مات شهيدا ويأمن فتنة القبر وكذا الصابر فى الطاعون إذا مات بغير الطاعون يوقى فتنة القبر لانه نظير المرابط في سبيل الله تعالى فالمطعون

شهيد وهو من مات من الطاعون والصابر المحتسب في حكمه وكذا المبطون وهو الميت من داء البطن وصاحب الاسهال والاستسقاء داخل في المبطون لان عقله لا يزال حاضرا وذهنه باقيا الى حين موته ومثل ذلك صاحب السل وكذا الغرق شهيد وهو بكسر الراء من يموت غريقا في الماء وكذا صاحب المهدم بفتح الدال ما يهدم وصاحبه من يموت تحته وكذا المقتول فى سبيل الله وكذا صاحب ذات الجنب والحرق والمرأة الجمعاء وهي من تموت حاملا جامعا ولدها وليس موت هؤلاء كموت من يموت فجأة او من يموت بالسام او البرسام والحميات المطبقة او القولنج او الحصاة فتغيب عقولهم لشدة الألم ولورم أدمغتهم وإفساد أمزجتها واعلم ان الطاعون مرض يكثر في الناس ويكون نوعا واحدا والوباء وهو المرض العام قد يكون بطاعون وقد لا يكون وفي الحديث (فناء أمتي بالطعن والطاعون) قيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفنا فما الطاعون قال (وخز أعدائكم من الجن وفي كل شهادة) قال ابن الأثير الطعن القتل بالرمح والوخز طعن بلا نفاذ وهذا لا ينافى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر (غدة كغدة البعير تخرج في مراق البطن) وذلك ان الجنى إذا وخز العرق من مراق البطن خرج من وخزه الغدة فيكون وخز الجنى سبب الغدة الخارجة والغدة هي التي تخرج في اللحم والمراق أسفل البطن وفي الحديث (إذ ابخس المكيال حبس القطر وإذا كثر الزنى كثر القتل وإذا كثر الكذب كثر الهرج) والحكمة ان الزنى إهلاك النفس لان ولد الزنى هالك حكما فلذلك وقع الجزاء بالموت الذريع اى السريع لان الجزاء من جنس العمل ألا يرى ان بخس المكيال يجازى بمنع القطر الذي هو سبب لنقص أرزاقهم وكذا الكذب سبب للتفرق والعداوة بين الناس ولهذا يجازى بالهرج الذي هو الفتنة والاختلاط وانما عمت البلية أينما وقعت لتكون عقوبة على اخوان الشياطين وشهادة ورحمة لعباد الله الصالحين إذ الموت تحفة للمؤمن وحسرة للفاسق ثم يبعثهم الله على قدر أعمالهم ونياتهم فيجازيهم والفرار من الطاعون حرام إذ الفرار نسيان الفاعل المختار كما قال ابن مسعود رضي الله عنه الطاعون فتنة على الفار والمقيم اما الفار فيقول بفراره نجوت واما المقيم فيقول أقمت فمت وفي الحديث (الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه كالصابر في الزحف) والزحف الجيش الذي يرى لكثرته كانه يزحف اى يدب دبيبا والمراد هنا الفرار من الجيش فى الغزو ولكن يجب ان يقيد بالمثل او الضعف فهذا الخبر يدل على ان النهى عن الخروج للتحريم وانه من الكبائر وليس بعيدا ان يجعل الله الفرار منه سببا لقصر العمر كما جعل الله تعالى الفرار من الجهاد سببا لقصر العمر قال تعالى قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا واما الخروج بغير طريق الفرار فمرخص فيه لكن الرخصة مشروطة بشرائط صعبة لا يقدر عليها الا الافراد منها حفظ امر الاعتقاد والتحرز من الأسباب العادية للمرض كالهواء الفاسد وغيره فهو رخصة لكن مباشرة الحمية لاجل الخلاص من الموت سفه وعبث لا يشك في حرمتها عوام المسلمين فضلا عن خواصهم قالوا فى بعض الأمراض سراية الى ما يجاوره بإذن الله تعالى كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم

[سورة البقرة (2) : الآيات 60 إلى 64]

(ان من القرف التلف) والقرف بالتحريك مداناة المرضى واما قوله عليه السلام (لا عدوى) فانما هو نفى للتعدى طبعا كما هو اعتقاد اهل الجاهلية حيث كانوا يرون التأثير من طبيعة المرض لا نفى للسراية مطلقا والتسبب واجب للعوام والمبتدئين في السلوك والتوكل أفضل للمتوسطين واما الكاملون فليس يمكن حصر أحوالهم فالتوكل والتسبب عندهم سيان: قال في المثنوى در حذر شوريدن شور وشرست ... رو تو كل كن توكل بهترست با قضا پنجه مزن اى تند وتيز ... تا نكيرد هم قضا با تو ستيز مرده بايد بود پيش حكم حق ... تا نيايد زحم از رب الفلق روى ان جالينوس دفع الى أصحابه قرصين مثل البنادق وقال اجعلوا أحدهما بعد موتى فوق الحديد الذي يعمل عليه الحدادون والآخر في حب مملوء من الماء ثم اكسروا الحب ففعلوا كما اوصى فذاب الحديد في الأرض ولم يجدوا منه شيأ وانجمد الماء وقام بلا وعاء قال الحكماء أراد بذلك انى وان قدرت الى اذابة أصلب الأجساد واقامة الماء الذي من طبعه السيلان ما وجدت للموت دواء ولذا قال بعضهم ألا يا ايها المغرور تب من غير تأخير ... فان الموت قد يأتى ولو صيرت قارونا بسل مات ارسطاليس بقراط بافلاج ... وأفلاطون ببرسام وجالينوس مبطونا قال الشافعي رحمه الله انفس ما يداوى به الطاعون التسبيح ووجهه بان الذكر يرفع العقوبة والعذاب قال تعالى فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ وكذا كثرة الصلاة على النبي المحترم صلى الله تعالى عليه وسلم لكن مثل هذا انما يكون مؤثرا إذا اقترن بالشرائط الظاهرة والباطنة إذ ليس كل ذكر وصلاة شفيعا عند الحضرة الإلهية: قال المثنوى گر ندارى تو دم خوش در دعا ... رو دعا ميخواه از اخوان صفا «1» هر كرا دل پاك شد از اعتدال ... آن دعايش ميرود تا ذو الجلال «2» آن دعاى بيخودان خود ديكرست ... آن دعا ازو نيست كفت داورست «3» آن دعا حق ميكند چون او فناست ... آن دعا وآن اجابت از خداست هين بجو اين قوم را اى مبتلا ... هين غنيمت دارشان پيش از بلا وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى نعمة اخرى كفروها اى اذكروا ايضا يا بنى إسرائيل إذ سأل موسى السقيا لِقَوْمِهِ لاجل قومه وكان ذلك في التيه حين استولى عليهم العطش الشديد فاستغاثوا بموسى فدعا ربه ان يسقيهم فَقُلْنَا له بالوحى ان اضْرِبْ بِعَصاكَ وكانت من آس الجنة طولها عشرة اذرع على طول موسى ولها شعبتان تتقدان في الظلمة نورا حملها آدم من الجنة فتوارثها الأنبياء حتى وصلت الى شعيب فاعطاها موسى الْحَجَرَ اللام اما للعهد والاشارة الى معلوم فقد روى انه كان حجرا طوريا حمله معه وكان خفيفا مربعا كرأس الرجل له اربعة أوجه في كل وجه ثلاث أعين او هو الحجر الذي فر بثوبه حين وضعه عليه ليغتسل وبرأه الله تعالى مما رموه به من الادرة فاشار اليه جبريل ان ارفعه فان لله فيه قدرة ولك

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان خطاى محبان كه بهتر از صواب بيگانكان است در أوائل دفتر يكم در بيان باز ترجيح نهادن نخجيران توكل را بر جهد (2) در اواسط دفتر سوم در بيان انكار كردن آن جماعت بر دعا وشفاعت دقوقى إلخ (3) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا وشفقت دقوقى در خلاصى كشتى

فيه معجزة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان بنوا إسرائيل ينظر بعضهم الى سوءة بعض وكان موسى يغتسل وحده فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فجمع موسى باثره يقول ثوبى يا حجر حتى نظرت بنوا إسرائيل الى سوءة موسى فقالوا والله ما بموسى ادرة) وهي بالضم نفخة بالخصية واما للجنس اى اضرب الشيء الذي يقال له الحجر وهو الأظهر في الحجة اى أبين على القدرة فان إخراج الماء بضرب العصا من جنس الحجر أي حجر كان ادل على ثبوت نبوة موسى عليه السلام من إخراجه من حجر معهود معين لاحتمال ان يذهب الوهم الى تلك الخاصية في ذلك الحجر المعين كخاصية جذب الحديد في حجر المغناطيس فَانْفَجَرَتْ اى فضرب فالفاء متعلقة بمحذوف والانفجار الانسكاب والانبجاس الترشح والرش فالرش أول ثم الانسكاب مِنْهُ اى من ذلك الحجر اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ماء عذبا على عدد الأسباط لكل سبط عين وكان يضربه بعصاه إذا نزل فيتفجر ويضربه إذا ارتحل فييبس قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ اى كل سبط من الأسباط الاثني عشر مَشْرَبَهُمْ اى عينهم الخاصة بهم او موضع شربهم لا يدخل سبط على غيره في شربه والمشرب المصدر والمكان والحكمة في ذلك ان الأسباط كانت بينهم عصبية ومباهاة وكل سبط منهم لا يتزوج من سبط آخر وكل سبط أراد تكثير نفسه فجعل الله لكل سبط منهم نهرا على حدة ليستقوا منها ويسقوا دوابهم لكيلا يقع بينهم جدال ومخاصمة وكان ينبع من كل وجه من الحجر ثلاث أعين تسيل كل عين في جدول الى سبط وكانوا ستمائة الف وسعة المعسكر اثنى عشر ميلاثم ان الله تعالى قد كان قادرا على تفجير الماء وفلق البحر من غير ضرب لكن أراد ان يربط المسببات بالأسباب حكمة منه للعباد في وصولهم الى المراد وليترتب على ذلك ثوابهم وعقابهم فى المعاد ومن أنكر أمثال هذه المعجزات فلغاية جهله بالله وقلة تدبره في عجائب صنعه فانه لما أمكن ان يكون من الأحجار ما يحلق الشعر ويمقر الخل ويجذب الحديد لم يمتنع ان يخلق الله حجرا يسخره لجذب الماء من تحت الأرض او لجذب الهواء من الجوانب ويصيره ماء بقوة التبريد ونحو ذلك قال القرطبي في تفسيره ما ورد من انفجار الماء ونبعه من يد نبينا صلى الله عليه وسلم وبين أصابعه أعظم في المعجزة فانا نشاهد الماء يتفجر من الأحجار آناء الليل وأطراف النهار ومعجزة نبينا عليه السلام لم تكن لنبى قبل إذ لم يخرج الماء من لحم ودم كُلُوا على ارادة القول اى قلنا لهم او قيل لهم كلوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ هو ما رزقهم من المن والسلوى والماء فالاكل يتعلق بالأولين والشرب بالثالث وانما لم يقل من رزقنا كما يقتضيه قوله تعالى فقلنا إيذانا بان الأمر بالأكل والشرب لم يكن بطريق الخطاب بل بواسطة موسى عليه السلام وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ العثى أشد الفساد فقيل لهم لا تتمادوا في الفساد حال كونهم مُفْسِدِينَ فالمراد بهذه الحال تعريفهم بانهم على الفساد لا تقييد العامل والا لكان مفهومه مفيدا معنى تمادوا في الفساد حال كونهم مصلحين وهذا غير جائز او الأصل في العثى مطلق التعدي وان غلب في الفساد فيكون التقييد بالحال تقييدا للعامل بالخاص ودلت الآية على فضيلة امة محمد صلى الله عليه وسلم فان بنى إسرائيل احتاجوا الى الماء فرجعوا الى موسى ليسأل

واحتاجوا الى البقل والقثاء وسائر المأكولات ففعلوا ذلك وهذه الامة اطلق لهم ان يسألوا الله كلما احتاجوه قال تعالى وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ وقال ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وفيها بشارة عظيمة وسأل موسى ربه الماء لقومه بقولهم وسأل عيسى ربه المائدة بقولهم وسأل نبينا عليه الصلاة والسلام المغفرة لنا بامر الله تعالى قال وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فلما أجاب الله لهما فيما سألاه بطلب القوم فلأن يجيب نبينا فيما سأله بامره اولى وأفادت الآية ايضا اباحة الخروج الى الاستسقاء وهو انما يكون إذا دام انقطاع المطر مع الحاجة اليه فالحكم حينئذ اظهار العبودية والفقر والمسكنة والذلة وقد استسقى نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فخرج الى المصلى متواضعا متذللا متخشعا مترسلا متضرعا وروى عن جندبة ان أعرابيا دخل عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وقال يا رسول الله هلكت الكراع والمواشي وأجدبت الأرض فادع الله ان يسقينا فرفع يديه ودعا قال انس رضى الله عنه والسماء كانها زجاجة ليس بها قزعة فنشأت سحابة ومطرت الى الجمعة القابلة: قال في المثنوى تا فرود آيد بلا بي دافعى چون نباشد از تضرع شافعى «1» تا سقاهم ربهم آيد خطاب تشنه باش الله اعلم بالصواب «2» وعدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند اهل الطريقة لانه كالمقاومة مع الله ودعوى التحمل لمشاقه كما قال الشيخ المحقق ابن الفارض قدس سره ويحسن اظهار التجلد للعدى ... ويقبح غير العجز عند الاحبة وفي الحديث (لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام فيهم تسقون وبهم تنصرون ما مات منهم أحد الا أبدل الله مكانه آخر) كر ندارى تو دم خوش در دعا ... رو دعا ميخواه از اخوان صفا «3» وعن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم انه قال (ما عام بامطر من عام ولكنه إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي) قال الشيخ الشهير بافتاده افندى ترقى الطالب برعاية السنن وذكر انه استسقى الناس مرارا في زمن الحجاج فلم ينزل لهم قطرة فقيل لهم لو دعا شخص لم يترك سنة العصر وسنة الاولى من العشاء لحصل المقصود والا لا يحصل وان دعوتم أربعين مرة فتفقدوا فلم يجدوا شخصا على الصفة المذكورة فرجع الحجاج الى نفسه فوجدها على ما ذكر فدعا فنزل مطر عظيم في هذا الحين وحصل المقصود وهذا ببركة رعاية سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع انه مشهور بالظلم ولا بد في الاستسقاء من تقديم التوبة والصدقة والصوم وان يجعل صلحاء الناس وسيلة وشفيعا في ذلك ويستسقى للدواب العطاش والانعام السائمة والأطفال الضعيفة فلعلهم يسيقون ببركتها وليكن الداعي ربه على يقين الاجابة لان رد الدعاء اما لعجز في اجابته او لعدم كرم في المدعو او لعدم علم المدعو بدعاء الداعي وهذه الأشياء منتفية عن الله تعالى فانه كريم عالم قادر لا مانع له من الاجابة وهو اقرب الى المؤمنين منهم يسمع دعاءهم ويقبل تضرعهم والدعاء مهما كان أعم كان الى الاجابة اقرب فانه لا بد ان يكون في المسلمين من يستحق

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان فرمان آمدن بميكائيل كه از روى زمين قبضه خاك بردار إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى هر چهـ داد وآفريد همه باستدعا وحاجت آفريد (3) در أوائل دفتر سوم در بيان خطاى محبان كه بهتر از صواب بيگانگان است

[سورة البقرة (2) : آية 61]

الاجابة فاذا أجاب الله دعاء البعض فهو أكرم من ان يرد الباقي وفي الحديث (ادعوا الله بألسنة ما عصيتموه بها) قالوا يا رسول الله ومن لنا بتلك الالسنة قال (يدعو بعضكم لبعض لانك ما عصيت بلسانه وهو ما عصى بلسانك) وفي تفسير الفاتحة للفنارى ان استقامة التوجه حال الطلب والنداء عند الدعاء شرط قوى في الاجابة فمن زعم انه يقصد مناداة زيد وهو يستحضر غيره ثم لم يجد الاجابة فلا يلومن إلا نفسه إذ لم يناد القادر على الاجابة وانما توجه الى ما انشأه من صفات تصوراته بالحالة الغالبة عليه إذ ذاك روى ان فرعون قبل دعوى الإلهية امر ان يكتب على باب داره بسم الله فلما لم يؤمن بموسى قال الهى انى ادعوه ولا ارى فيه خيرا قال لعلك تريد إهلاكه أنت تنظر الى كفره وانا الى ما كتبه على بابه فمن كتبه على سويداء قلبه ستين سنة اولى بالرحمة فاذا كان حال من كتبه على باب داره هكذا فكيف حال من نقشه على باب قلبه يستجاب دعاؤه لا محالة وأول شرائط الاجابة إصلاح الباطن باللقمة الطيبة وآخرها الإخلاص وحضور القلب يعنى التوجه الاحدى والاشارة في تحقيق الآية ان الروح الإنساني وصفاته في عالم القلب بمثابة موسى وقومه وهو يستسقى ربه ليرويها من ماء الحكمة والمعرفة وهو مأمور بضرب عصا لا اله الا الله ولها شعبتان من النفي والإثبات تتقدان نورا عند الاستيلاء ظلمات صفات النفس وقد حملت من جنة حضرة العزة على حجر القلب الذي كالحجارة او أشد قسوة فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من ماء الحكمة لان كلمة لا اله الا الله اثنا عشر حرفا من كل حرف عين قد علم كل سبط من أسباط الصفات الانسانية وهم اثنا عشر سبطا من الحواس الخمس الظاهرة والحواس الخمس الباطنة والقلب والنفس ولكل واحد منهم مشرب من عين حرف من حروف الكلمة قد علم مشربه ومشرب كل واحد حيث ساقه رائده وقاده قائده فمشرب عذب فرات ومشرب ملح أجاج فالنفوس ترد مناهل المنى والشهوات والقلوب تشرب من مشارب التقى والطاعات والأرواح تشرب من زلال الكشوف والمشاهدات والاسرار تروى من عيون الحقائق بكأس تجلى الصفات عن ساقى وسقاهم ربهم شراب الاضمحلال فى حقيقة الذات كلوا واشربوا كل واحد من رزق الله بامره ورضاه ولا تعثوا في الأرض مفسدين بترك الأمر واختيار الوزر وبيع الدين بالدنيا وإيثار الآخرة على الاولى واختيارهما على المولى كذا في التأويلات النجمية وَإِذْ قُلْتُمْ تذكير لجناية اخرى لاسلاف بنى إسرائيل وكفرانهم لنعمة الله عز وجل خاطبهم تنزيلا لهم مكان آبائهم لما بينهم من الاتحاد وكان هذا القول منهم في التيه حين سئموا من أكل المن والسلوى لكونهما غير مبدلين والإنسان إذا دوام شيأ واحدا سئمه وتذكروا عيشهم الاول بمصر لانهم كانوا اهل فلاحة فنزعوا الى عكرهم عكر السوء واشتاقت طباعهم الى ما جرت عليه عادتهم فقالوا يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ الطعام ما يتغذى به وكنوا عن المن والسلوى بطعام واحد وهما اثنان لانهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فيصيران طعاما واحدا او أريد بالواحد نفى التبدل والاختلاف ولو كان على مائدة الرجل ألوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها قيل لا يأكل فلان الا طعاما واحدا وفي تفسير البغوي والعرب تعبر عن الواحد

بلفظ الاثنين كقوله يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ وانما يخرج من الملح دون العذب وقيل لن نصبر على الغنى فيكون جميعنا اغنياء فلا يقدر بعضنا على الاستعانة ببعض لاستغناء كل واحد بنفسه وكان فيهم أول من اتخذ العبيد والخدم فَادْعُ لَنا رَبَّكَ اى سله لاجلنا بدعائك إياه والفاء لسببية عدم الصبر للدعاء يُخْرِجْ لَنا اى يظهر لنا ويوجد شيأ فالمفعول محذوف والجزم لجواب الأمر فان دعوته سبب الاجابة اى ان تدع لنا ربك يخرج لنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ اسناد مجازى باقامة القابل وهو الأرض مقام الفاعل وهو الله تعالى ومن تبعيضية وما موصولة مِنْ بَقْلِها من بيانية واقعة موقع الحال من الضمير اى مما تنبته كائنا من بقلها والبقل ما تنبت الأرض من الخضر والمراد اصناف البقول التي تأكلها الناس كالنعناع والكرفس والكراث وأشباهها وَقِثَّائِها أخو القثد وهي شىء يشبه الخيار وَفُومِها وهو الحنطة لان ذكر العدس يدل على انه المراد لانه من جنسه وقيل هو الثوم لان ذكر البصل يدل على انه هو المراد فانه من جنسه قال ابن التمجيد في حواشيه وحمله على الثوم أوفق من الحنطة لاقتران ذكره بالبصل والعدس فان العدس يطبخ بالثوم والبصل وَعَدَسِها حب معروف يستوى كيله ووزنه وَبَصَلِها بقل معروف تطيب به القدور قالَ استئناف وقع جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال الله لهم او موسى عليه السلام فقيل قال إنكارا عليهم أَتَسْتَبْدِلُونَ اى أتأخذون لانفسكم وتختارون الَّذِي هُوَ أَدْنى اى اقرب منزلة وأدون قدرا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اى بمقابلة ما هو خير فان الباء تصحب الزائل دون الآتي الحاصل وخيرية المن والسلوى في اللذاذة وسقوط المشقة وغير ذلك ولا كذلك الفوم والعدس والبصل وأمثالها قال بعضهم الحنطة وان كانت أعلى من المن والسلوى لكن خساستها هاهنا بالنسبة الى قيمتها وليس في الآية ما يدل قطعها على انهم أرادوا زوال المن والسلوى وحصول ما طلبوا مكانه لتحقق الاستبدال في صورة المناوبة لانهم أرادوا بقولهم لن نصبر على طعام واحد ان يكون هذا تارة وذاك اخرى اهْبِطُوا اى انحدروا وانزلوا من التيه ان كنتم تريدون هذه الأشياء مِصْراً من الأمصار لانكم في البرية فلا يوجد فيها ما تطلبون وانما يوجد ذلك في الأمصار فالمراد ليس مصر فرعون لقوله تعالى يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وإذا وجب عليهم دخول تلك الأرض فكيف يجوز دخول مصر فرعون وهو الأظهر والمصر البلد العظيم من مصر الشيء يمصره اى قطعه سمى به لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة وقد تسمى القرية مصرا كما تسمى المصر قرية وهو ينصرف ولا ينصرف فصرف هاهنا لان المراد غير معين وقيل أريد به مصر فرعون وانما صرف لسكون وسطه كهند ودعد ونوح او لتأويله بالبلد دون المدينة فلم يوجد فيه غير العلمية فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ تعليل للامر بالهبوط اى فان لكم فيه ما سألتموه من بقول الأرض وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ اى الذل والهوان وَالْمَسْكَنَةُ اى الفقر يسمى الفقير مسكينا لان الفقر اسكنه وأقعده عن الحركة اى جعلتا محيطتين بهم احاطة القبة بمن ضربت عليه او الصقتا بهم وجعلتا ضربة لازب لا تنفكان

عنهم مجازاة لهم على كفرانهم كما يضرب الطين على الحائط فهو استعارة بالكناية فترى اليهود وان كانوا مياسير كأنهم فقراء وَباؤُ اى رجعوا بِغَضَبٍ عظيم كائن مِنَ اللَّهِ اى استحقوه ولزمهم ذلك ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (أبوء بنعمتك على) اى أقربها والزمها نفسى وغضب الله تعالى ذمه إياهم في الدنيا وعقوبتهم في الآخرة ذلِكَ اى ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب العظيم بِأَنَّهُمْ اى بسبب ان اليهود كانُوا يَكْفُرُونَ على الاستمرار بِآياتِ اللَّهِ الباهرة التي هي المعجزات الساطعة الظاهرة على يدى موسى عليه السلام مما عد او لم يعد وكذبوا بالقرآن ومحمد عليه السلام وأنكروا صفته في التوراة وكفروا بعيسى والإنجيل وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ كشعيب وزكريا ويحيى عليهم السلام وفائدة التقييد مع ان قتل الأنبياء يستحيل ان يكون بحق الإيذان بان ذلك عندهم ايضا بغير الحق إذ لم يكن أحد معتقدا بحقية قتل أحدهم عليهم السلام فان قيل كيف جاز ان يخلى بين الكافرين وقتل الأنبياء قيل ذلك كرامة لهم وزيادة في منازلهم كمثل من يقتل في سبيل الله من المؤمنين وليس ذلك بخذلان لهم قال ابن عباس والحسن رضى الله عنهم لم يقتل قط من الأنبياء الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر فظهر ان لا تعارض بين قوله تعالى وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقوله إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وقوله تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ مع انه يجوز ان يراد به النصرة بالحجة وبيان الحق وكل منهم بهذا المعنى منصور روى انهم قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا: قال في المثنوى چون سفيهانراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا انبيا را كفته قوم راه كم ... از سفه انا نطيرنا بكم ذلِكَ اى ما ذكر من الكفر بالآيات العظام وقتل الأنبياء عليهم السلام بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ يتجاوزون امرى ويرتكبون محارمى اى جربهم العصيان والتمادي فى العدوان الى المشار اليه فان صغار الذنوب إذا دووم عليها أدت الى كبارها كما ان مداومة صغار الطاعات مؤدية الى تحرى كبارها وسقم القلب بالغفلة عن الله تعالى منعهم عن ادراك لذاذة الايمان وحلاوته لان المحموم ربما وجد طعم السكر مرا فالغفلة سم للقلوب مهلك فنفرة قلوب المؤمنين عن مخالفة الله نفرتك عن الطعام المسموم واعلم ان لله مرادا وللعبد مرادا وما أراد الله خير فقوله اهبطوا اى عن سماء التفويض وحسن التدبير منا لكم الى ارض التدبير والاختيار منكم لانفسكم موصوفين بالذلة والمسكنة لاختياركم مع الله وتدبيركم لانفسكم مع تدبير الله ولو ان هذه الامة هي الكائنة في التيه لما قالت مقال بنى إسرائيل لشفوف أنوارهم ونفوذ أسرارهم قال تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً اى عدلا خيارا وفي التأويلات كما ان بنى إسرائيل لم يصبروا على طعام واحد كان ينزل عليهم من السماء وقالوا لموسى من خساسة طبعهم ما قالوا كذلك نفس الإنسان من دناءة همتها لم تصبر على طعام واحد يطعمها ربها الواحد من واردات الغيب كما كان يصبر نفس النبي عليه السلام ويقول (لست

[سورة البقرة (2) : آية 62]

كأحدكم فانى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) بل يقول لموسى القلب فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض البشرية من بقل الشهوات الحيوانية وقثاء اللذات الجسمانية قال أتستبدلون الفاني بالباقي اهبطوا مصر القالب السفلى من مقامات الروح العلوي فان لكم ما سألتم من المطالب الدنيئة وضربت عليهم الذلة والمسكنة كالبهائم والانعام بل هم أضل لانهم باؤوا بغضب من الله ذلك بانهم كانوا يكفرون بالواردات الغيبية والمكاشفات الروحانية بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق اى يبطلون ما يفتح الله لهم من انباء الغيب في مقام الأنبياء وينكرون أسرارهم ذلك يعنى حصول هذه المقامات منهم بما عصوا ربهم في نقض العهود ببذل المجهود في طاعة المعبود وكانوا يعتدون من طلب الحق في مطالبة ما سواه انتهى باختصار ثم ان في الآية الكريمة دليلا على جواز أكل الطيبات والمطاعم المستلذات وكان النبي عليه السلام يحب الحلوى والعسل ويشرب الماء البارد العذب والعدس والزيت طعام الصالحين وفي الحديث (عليكم بالعدس فانه مبارك مقدس وانه يرقق القلب ويكثر الدمعة فانه بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى ابن مريم) وكان عمر بن عبد العزيز يأكل يوما خبزا بزيت ويوما بعدس ويوما بلحم ولو لم يكن فيه فضيلة الا ان ضيافة ابراهيم عليه السلام في مدينته لا تخلو منه لكان فيه كفاية وهو مما يجفف البدن فيخف للعبادة ولا تثور منه الشهوات كما تثور من اللحم والحنطة وأكل البصل والثوم وماله رائحة كريهة مباح وفي الحديث (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنوا آدم) والمراد بالملائكة الحاضرون مواضع العبادات لا الملازمون للانسان في جميع الأوقات ومعنى تأذيهم من هذه الروائح وانه مخصوص بها او عام لكل الروائح الخبيثة مما يفوض علمه الى الشارع وهذا التعليل يدل على انه لا يدخل المسجد وان كان خاليا من الإنسان لانه محل الملائكة قال عليه السلام (ان كنتم لا بد لكم من أكلها فاميتوها طبخا) وقاس قوم على المساجد سائر مجامع الناس وعلى أكل الثوم ما معه رائحة كريهة كالبخر وغيره وانما كره النبي عليه صلى الله عليه وسلم أكل البصل ونحوه لما انه يأتيه الوحى ويناجى الله تعالى ولكن رخص للسائر ويقال كان اخر ما أكله النبي صلى الله عليه وسلم البصل إيذانا لامته بإباحته والعزيمة ان يقتدى الرجل في أقواله وأفعاله وأحواله برسول الله صلى الله عليه وسلم: قال المولى الجامى يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك كر نرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت تو مانده ام زير بار عصيان بست ... افتم از پاى اگر نگيرى دست إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم من غير مواطأة القلوب وهم المنافقون بقرينة انتظامهم فى سلك الكفرة والتعبير عنهم بذلك دون عنوان النفاق للتصريح بان تلك المرتبة وان عبر عنها بالايمان لا تجديهم نفعا أصلا ولا تنقذهم من ورطة الكفر قطعا وَالَّذِينَ هادُوا اى تهودوا من هاد إذا دخل في اليهودية ويهود اما عربى من هاد إذا تاب سموا بذلك

حين تابوا من عبادة العجل وخصوا به لما كانت توبتهم توبة هائلة واما معرب يهودا كأنهم سموا باسم اكبر أولاد يعقوب عليه السلام ويقال انما سمى اليهود يهودا لانهم إذا جاءهم رسول او نبى هادوا الى ملكهم فدلوه عليه فيقتلونه وَالنَّصارى جمع نصران كندامى جمع ندمان سمى بذلك لانهم نصروا المسيح عليه السلام او لانهم كانوا معه في قرية يقال لها ناصرة فسموا باسمها او لاعتزائهم الى نصرة وهي قرية كان ينزلها عيسى عليه السلام وَالصَّابِئِينَ من صبأ إذا خرج من الدين وهم قوم عدلوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الكواكب والملائكة فكانوا كعبدة الأصنام وان كانوا يقرأون الزبور لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نسائهم وجاء أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لم يسمى الصابئون صابئين فقال عليه السلام (لانهم إذا جاءهم رسول او نبى أخذوه وعمدوا الى قدر عظيم فأغلوه حتى إذا كان محمى صبوه على رأسه حتى يتفسخ) كذا في روضة العلماء مَنْ مبتدأ خبره فلهم اجر عظيم والجملة خبران آمَنَ من هؤلاء الكفرة بِاللَّهِ وبما انزل على جميع النبيين وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وهو يوم البعث اى من أحدث منهم ايمانا خالصا بالمبدأ والمبدأ والمعاد على الوجه اللائق ودخل في ملة الإسلام دخولا أصيلا وَعَمِلَ عملا صالِحاً مرضيا عند الله فَلَهُمْ بمقابلة تلك والفاء للسببية أَجْرُهُمْ الموعود لهم عِنْدَ رَبِّهِمْ اى مالك أمرهم ومبلغهم الى كمالهم اللائق وعند متعلق بما تعلق به لهم من معنى الثبوت أخبر أن هؤلاء إذا آمنوا وعملوا الصالحات لم يؤاخذوا بتقديم فعلهم ولا بفعل آبائهم ولا ينقصون من ثوابهم وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ عطف على جملة فلهم أجرهم اى لا خوف عليهم حين يخاف الكفار العقاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان دوام انتفائهما وتلخيصه من أخلص إيمانه وأصلح عمله دخل الجنة واعلم ان هذا الدين الحق حسنه موجود في النفوس وانما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد فكل مولود انما يولد في مبدأ الخلقة واصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها الى غيرها كما قال عليه السلام (ما من مولود الا وقد يولد على فطرة الإسلام ثم أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) قال ابن الملك في شرح المشارق المراد بالفطرة قولهم بلى حين قال الله تعالى ألست بربكم فلا مخالفة بين هذا الحديث وبين قوله عليه السلام (ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا) والتحقيق ان الله تعالى لما اخرج ذرية آدم من ظهره وقال ألست بربكم آمنوا كلهم لمشاهدتهم الحق بالمعاينة لكن لم ينفع ايمان الأشقياء لكونهم لم يؤمنوا من قبل فاختلط السعيد والشقي ولم يفرق بينهما في هذا العالم ثم انهم إذ انزلوا فى بطون الأمهات تميز السعيد من الشقي لان الكاتب لا ينظر الى عالم الإقرار بل ينظر الى ما في علم الله تعالى من احوال الممكن من السعادة والشقاوة وغيرهما وإذا ولدوا يولدون على فطرة الإسلام وهي فطرة بلى فههنا اربعة مقامات الاول علم الله وهو البطن المعنوي ويقال له في اصطلاح الصوفية بطن الام وأم الكتاب والثاني مقام بلى ويقال له مولود

[سورة البقرة (2) : آية 63]

معنوى والثالث بطن الام الصوري والرابع مولود صورى وهو صورة المولود المعنوي لذلك لا يتميز السعيد من الشقي فيه كما لا يتميز في عالم ألست والبطن الصوري صورة علم الله لذلك يتميز السعيد من الشقي فيها فظهر لك معنى حديث النبي عليه السلام (السعيد سعيد في بطن امه والشقي شقى في بطن امه) ومغنى الخبر الآخر (السعيد قد يشقى والشقي قد يسعد) ومعنى الحديث (كل مولود يولد على فطرة الإسلام) كذا حققه الشيخ بالى الصوفيوى قدس سره يقول الفقير جامع هذه المجالس النفيسة قال شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة فى كتابه المسمى باللائحات البرقيات لاح ببالي ان المراد ببطن الام على مشرب اهل التحقيق هو باطن الغيب المطلق الذاتي الاحدى يعنى السعيد سعيد في باطن الغيب المطلق ازلا وفي ظاهر الشهادة المطلقة ابدا ولم تتداخل الشقاوة في واحد منهما أصلا والشقي شقى في باطن الغيب المطلق ازلا وفي ظاهر الشهادة المطلقة ابدا ولم تتداخل السعادة في واحد منهما أصلا الا ان السعيد قد تتداخله الشقاوة والشقي قد تتداخله السعادة في البرزخ الجامع بينهما فيكون السعيد الشقي سعيد أبا لسعادة الذاتية وشقيا بالشقاوة العارضية والشقي السعيد شقيا بالشقاوة الذاتية وسعيدا بالسعادة العارضية والسبق في الغاية للذاتى دون العارضى ويغلب حكم الذاتي على حكم العارضى ويختم به كما بدئ به ويختم آخر نفس الشقي بالشقاوة العارضية بالسعادة الذاتية وتزول شقاوته العارضية ويدخل في زمرة السعداء ابدا ويختم آخر نفس السعيد بالسعادة العارضية بالشقاوة الذاتية وتزول سعادته العارضية ويدخل في زمرة الأشقياء ابدا والى هذا التداخل والعروض البرزخى أشار بقوله السعيد قد يشقى والشقي قد يسعد والتبدل في العارضى لا في الذاتي والاعتبار بالذاتي لا العارضى انتهى فمن انشرح قلبه بنور الله فقد آمن بالله لا بالتقليد والرسم والعادة والاقتداء بالآباء واهل البلد فلا خوف عليهم من حجب الانانية ولا هم يحزنون بالاثنينية لانهم الواصلون الى نون الوحدة والهوية وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ تذكير لجناية اخرى لاسلاف بنى إسرائيل اى اذكروا يا بنى إسرائيل وقت أخذنا لعهد آبائكم بالعمل على ما في التوراة وذلك قبل التيه حين خرجوا مع موسى من مصر ونجوا من الغرق وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ كانه ظلة حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق والطور الجبل بالسريانية وذلك ان موسى عليه السلام جاءهم بالالواح فرأوا ما فيها من الآصار والتكاليف الشاقة فكبرت عليهم وأبوا قبولها فامر جبريل فقلع الطور من أصله ورفعه وظلله فوقهم وقال لهم موسى ان قبلتم والا القى عليكم فلما رأوا ان لا مهرب لهم منها قبلوا وسجدوا وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود لئلا ينزل عليهم فصارت عادة فى اليهود لا يسجدون الأعلى انصاف وجوههم ويقولون بهذا السجود رفع عنا العذاب ثم رفع الجبل ليقبلوا التوراة لم يكن جبرا على الإسلام لان الجبر ما يسلب الاختيار وهو جائز كالمحاربة مع الكفار واما قوله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ وأمثاله فمنسوخ بالقتال قال ابن عطية والذي لا يصح سواه ان الله جبرهم وقت سجودهم على الايمان لانهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة بذلك خُذُوا على ارادة القول اى فقلنا لهم خذوا ما آتَيْناكُمْ من الكتاب بِقُوَّةٍ بجد وعزيمة ومواظبة وَاذْكُرُوا ما فِيهِ اى احفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه

[سورة البقرة (2) : آية 64]

ولا تغفلوا عنه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ رجاء منكم ان يكونوا متقين ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن الميثاق والوفاء به والدوام عليه مِنْ بَعْدِ ذلِكَ الميثاق المؤكد فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ عطفه بالامهال وتأخير العذاب لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ اى من الهالكين ولكن تفضل عليكم حيث رفع الطور فوقكم حتى تبتم فزال الجبل عنكم ولولا ذلك لسقط عليكم والخسران في الأصل ذهاب رأس المال وهو هاهنا هلاك النفس لانها الأصل وقد من الله تعالى على امة محمد صلى الله عليه وسلم حيث فرض عليهم الفرائض واحدة بعد واحدة ولم يفرض عليهم جملة فاذا استقرت الواحدة في قلوبهم فرض عليهم الاخرى واما بنوا إسرائيل فقد فرض عليهم بدفعة واحدة فشق عليهم ذلك ولذا لم يقبلوا حتى رأوا العذاب ثم ان الله تعالى امر بحفظ الأوامر والعمل وبعدم النسيان والتضييع وقال واذكروا ما فيه وهو المقصود من الكتب الإلهية لان العمدة العمل بمقتضاها لا تلاوتها باللسان وترتيبها فان ذلك نبذلها مثاله ان السلطان إذا أرسل منشورا الى واحد من امرائه في ممالكه وامره فيه ان يبنى له قصرا في تلك الديار فوصل الكتاب اليه وهو لا يبنى ما امر به لكنه يقرأ المنشور كل يوم فلو حضر السلطان ولم يجد القصر حاضرا فالظاهر انه يستحق العتاب بل العقاب فالقرآن انما هو مثل ذلك المنشور قد امر الله فيه عبيده ان يعمروا اركان الدين من الصوم والصلاة وغيرهما فمجرد قراءة القرآن بغير عمل لا يفيد قال في المثنوى هست قرآن حالهاى انبيا ماهيان بحر پاك كبريا ور بخوانى ونه قرآن پذير انبيا وأوليا را ديده كير روى انه عليه السلام شخص ببصره الى السماء يوما ثم قال (هذا او ان يختلس فيه العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شىء) فقال زياد بن لبيد الأنصاري كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا فقال صلى الله عليه وسلم (ثكلتك أمك يا زياد هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغنى عنهم) وفي الموطأ عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال لانسان انك في زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه يحفظ فيه حدود القرآن ويضيع حروفه قليل من يسأل كثير من يعطى يطولون الصلاة ويقصرون الخطبة يبدون فيه أعمالهم قبل اهوائهم وسيأتى على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه يحفظ فيه حروف القرآن وتضييع حدوده كثير من يسأل قليل من يعطى يطولون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم والاشارة في الآية ان أخذ الميثاق كان عاما كما كان في عهد ألست بربكم ولكن قوما أجابوه شوقا وقوما أجابوه خوفا ليتحقق ان الأمر بيد الله في كلتا الحالتين يسمع خطابه من يشاء موجبا للهداية ويسمع من يشاء موجبا للضلالة فانه لا برهان اظهر من رفع الطور فوقهم عيانا فلما أوبقهم الخذلان لم ينفعهم اظهار البرهان وفي قوله خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ اشارة الى ان أخذ ما يؤتى الله من الأوامر والنواهي والطاعات والعلوم وغير ذلك لا يمكن للقوة الانسانية الا بقوة ربانية وتأييد الهى وَاذْكُرُوا ما فِيهِ من الرموز والإشارات والدقائق والحقائق لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ بالله عما سواه ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى أعرضتم عن طريق

[سورة البقرة (2) : الآيات 65 إلى 73]

الحق واتباع الشريعة باستيلاء قوة الطبيعة بعد أخذ الميثاق وسلوك طريق الوفاق ابتلاء من الله فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وهو سبق العناية في البداية وتوفيق أخذ الميثاق بالقوة في الوسط وقبول التوبة وتوفيقها والثبات عليها في النهاية لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ المصرين على العصيان المغبونين بالعقوبة والخسران والمبتلين بذهاب الدنيا والعقبى ونكال الآخرة والاولى كما كان حال المصرين منكم والمعتدين وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ خطاب لمعاصرى النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود اى وبالله قد عرفتم يا بنى إسرائيل الَّذِينَ اعْتَدَوْا اى تجاوزوا الحد ظلما مِنْكُمْ من اسلافكم محله نصب على انه حال فِي يوم السَّبْتِ اى جاوزوا ما حد لهم فيه من التجرد للعبادة وتعظيمه واشتغلوا بالصيد واصل السبت القطع لان اليهود أمروا بان يسبتوا فيه اى يقطعوا الأعمال ويشتغلوا بعبادة الله ويسمى النوم سباتا لانه يقطع الحركات الاختيارية وفيه تحذير وتهديد فكانه يقول انكم تعلمون ما أصابهم من العقوبة فاحذروا كيلا يصيبكم مثل ما أصابهم والقصة فيه انهم كانوا في زمن داود عليه السلام بأرض يقال لها ايلة بين المدينة والشام على ساحل بحر القلزم حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فكان إذا دخل السبت لم يبق حوت في البحر الا اجتمع هناك اما ابتلاء لاولئك القوم واما لزيارة السمكة التي كان في بطنها يونس ففى كل سبت يجتمعن لزيارتها ويخرجن خراطيمهن من الماء حتى لا يرى الماء من كثرتها وإذا مضى السبت تفرقن ولزمن مقل البحر فلا يرى شىء منها ثم ان الشيطان وسوس إليهم وقال انما نهيتم عن أخذها يوم السبت فعمد رجال من اهل تلك القرية فحفروا الحياض حول البحر وشرعوا منه إليها الأنهار فاذا كانت عشية الجمعة فتحوا تلك الأنهار فاقبل الموج بالحيتان الى الحياض فلا يقدرون على الخروج لبعد عمقها وقلة مائها فاذا كان يوم الأحد يصطادونها فاخذوا وأكلوا وملحوا وباعوا فكثرت أموالهم ففعلوا ذلك زمانا أربعين سنة او سبعين لم تنزل عليهم عقوبة وكانوا يتخوفون العقوبة فلما لم يعاقبوا استبشروا وتجرأوا على الذنب وقالوا ما نرى السبت الا قد أحل لنا ثم استن الأبناء سنة الآباء فلو انهم فعلوا ذلك مرة او مرتين لم يضرهم فلما فعلوا ذلك صار اهل القرية وكانوا نحوا من سبعين الفا ثلاثة اصناف صنف امسك ونهى وصنف امسك ولم ينه وصنف انتهك الحرمة وكان الناهون اثنى عشر ألفا فنهوهم عن ذلك وقالوا يا قوم انكم عصيتم ربكم وخالفتم سنة نبيكم فانتهوا عن هذا العمل قبل ان ينزل بكم البلاء فلم يتعظوا وأبوا قبول نصحهم فعاقبهم الله بالمسخ وذلك قوله تعالى فَقُلْنا لَهُمْ قهرا كُونُوا قِرَدَةً جمع قرد كالديكة جمع ديك بالفارسية «بوزينه» وهذا امر تحويل لانهم لم يكن لهم قدرة على التحول من صورة الى صورة وهو اشارة الى قوله إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اى لما أردنا ذلك صاروا كما أردنا من غير امتناع ولا لبث خاسِئِينَ هو وقردة خبران اى كونوا جامعين بين القردية والخسء وهو الصغار والطرد وذلك ان المجرمين لما أبوا قبول النصح قال الناهون والله لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار وصيروها بذلك ثنتين فلعنهم داود وغضب الله عليهم لاصرارهم على المعصية فمسخوا ليلا فلما أصبح الناهون أتوا ابوابها فاذا هي مغلقة لا يسمع منها صوت

[سورة البقرة (2) : الآيات 66 إلى 67]

ولا يعلو منها دخان فتسوروا الحيطان ودخلوا فرأوهم قد صار الشبان قردة والشيوخ خنازير لها أذناب يتعاوون فعرفت القردة أنسابهم من الانس ولم يعرف الانس أنسابهم من القردة فجعلت القردة تأتى نسيبها من الانس فتشم ثيابه وتبكى فيقول ألم ننهكم عن ذلك فكانوا يشيرون برؤسهم اى نعم والدموع تفيض من أعينهم ودل ذلك على انهم لما مسخوا بقي فيهم الفهم والعقل ثم لم يكن ابتداء القردة من هؤلاء بل كانت قبلهم قردة وهؤلاء حولوا الى صورتها لقبحها جزاء على قبح أعمالهم وأفعالهم وماتوا بعد ثلاثة ايام ولم يتوالدوا والقردة التي فى الدنيا هي نسل قردة كانت قبلهم فَجَعَلْناها اى صيرنا مسخة تلك الامة وعقوبتها نَكالًا اى عبرة تنكل من اعتبر بها اى تمنعه من ان يقدم على مثل صنيعهم لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها اى لما قبلها وما بعدها من الأمم والقرون لان مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين فاستعير ما بين يديها للزمان الماضي وما خلفها للمستقبل وَمَوْعِظَةً اى تذكرة لِلْمُتَّقِينَ الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحى قومهم او لكل متق سمعها فاللام للاستغراق العرفي على التقديرين: قال السعدي نرود مرغ سوى دانه فراز چون دكر مرغ بيند اندر پند پند كير از مصائب دكران تا نكيرند ديكران ز تو پند واعلم ان هذا البلاء والخسران جزاء من لم يعرف قدر الإحسان ومن يكافئ المنعم بالكفران يرد من عزة الوصال الى ذل الهجران وكان عقوبة الأمم بالخسف والمسخ على الأجساد وعقوبة هذه الامة على القلوب وعقوبات القلوب أشد من عقوبات النفوس قال الله تعالى وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ الآية هكذا حال من لم يتأدب في خدمة الملوك وينخرط في أثناء السلوك ومن لم يتخط بساط القرية بقدم الحرمة يستوجب الحرمان ويستجلب الخسران ويبتلى بسياسة السلطان ثم علامة المسخ مثل الخنزير ان يأكل العذرات ومن أكل الحرام فقلبه ممسوخ ويقال علامة مسخ القلب ثلاثة أشياء لا يجد حلاوة الطاعة ولا يخاف من المعصية ولا يعتبر بموت أحد بل يصير ارغب في الدنيا كل يوم كذا في زهرة الرياض وروى عن عوف بن عبد الله انه قال كان اهل الخير يكتب بعضهم بثلاث كلمات من عمل لآخرته كفاه الله امر دنياه ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته قال محمد بن على الترمذي صلاح اربعة اصناف في اربعة مواطن صلاح الصبيان في الكتاب وصلاح القطاع في السجن وصلاح النساء في البيوت وصلاح الكهول في المساجد وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ توبيخ آخر لا خلاف بنى إسرائيل بتذكير بعض جنايات صدرت من أسلافهم اى واذكروا قول موسى عليه السلام لاجدادكم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً هى الأنثى من نوع الثور او واحد البقر ذكرا كان او أنثى من البقر وهو الشق سميت به لانها تبقر الأرض اى تشقها للحراثة وسببه انه كان في بنى إسرائيل شيخ موسر فقتله بنوا عمه طمعا فى ميراثه فطرحوه على باب المدينة او حملوه الى قرية اخرى والقوه بفنائها ثم جاؤا يطالبون بديته وجاؤا بناس يدعون عليهم القتل فسألهم موسى فجحدوا فاشتبه امر القتيل على موسى

وكان ذلك قبل نزول القسامة في التوراة فسألوا موسى ان يدعو الله ليبين لهم بدعائه فامرهم الله ان يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها فيحيى فيخبرهم بقاتله قالُوا كأنه قيل فماذا صنعوا هل سارعوا الى الامتثال او لا فقيل قالوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً اى أتجعلنا مكان هزء وسخرية وتستهزئ بنا نسألك عن امر القتيل وتأمرنا بذبح بقرة ولا جامع بينهما قال بعض العلماء كان ذلك هفوة منهم وجهالة فما انقادوا للطاعة وذبحها قالَ موسى وهو استئناف كما سبق أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ لان الهزؤ في أثناء تبليغ امر الله جهل وسفه ودل ان الاستهزاء بامر الدين كبيرة وكذلك بالمسلمين ومن يجب تعظيمه وان ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد وليس المزاح من الاستهزاء قال امير المؤمنين على رضى الله تعالى عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الإنسان من حد العبوس روى انه قدم رجل الى عبيد الله بن الحسين وهو قاضى الكوفة فمازحه عبيد الله فقال جبتك هذه من صوف نعجة او من صوف كبش فقال أتجهل ايها القاضي فقال له عبيد الله واين وجدت المزاح جهلا فتلا هذه الآية فاعرض عنه عبيد الله لانه رأه جاهلا لا يعرف المزاح من الاستهزاء ثم ان القوم علموا ان ذبح البقرة عزم من الله وجد فاستوصفوها كما يأتى ولو أنهم عمدوا الى ادنى بقرة فذبحوها لاجزأت عنهم ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وكانت تحته حكمة والقصة انه كان فى بنى إسرائيل رجل صالح له ابن طفل وله عجلة اتى بها الى غيضة وقال اللهم انى استودعك هذه العجلة لابنى حتى يكبر ومات الرجل فصارت العجلة في الغيضة عوانا اى نصفا بين المسنة والشابة وكانت تهرب من كل من رأها فلما كبر الابن كان بارا بوالدته وكان يقسم الليل ثلاثة أثلاث يصلى ثلثا وينام ثلثا ويجلس عند رأس امه ثلثا فاذا أصبح انطلق فاحتطب على ظهره فيأتى به الى السوق فيبيعه بما شاء الله ثم يتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطى والدته ثلثة فقالت له امه يوما ان أباك قد ورثك عجلة استودعها الله في غيضة كذا فانطلق وادع آله ابراهيم وإسماعيل واسحق ان يردها عليك وعلامتها انك إذا نظرت إليها يخيل إليك ان شعاع الشمس يخرج من جلدها وكانت تلك البقرة تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها لان صفرتها كانت صفرة زين لا صفرة شين فاتى الفتى الغيضة فرأها ترعى فصاح بها وقال اعزم عليك باله ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب فاقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها يقودها فتكلمت البقرة بإذن الله وقالت ايها الفتى البار لوالدته اركبنى فان ذلك أهون عليك فقال الفتى ان أمي لم تأمرنى بذلك ولكن قالت خذ بعنقها فقالت البقرة بآله بنى إسرائيل لو ركبتنى ما كنت تقدر على ابدا فانطلق فانك ان أمرت الجبل ان ينقلع من أصله وينطلق معك لفعل لبرك بامك فسار الفتى بها الى امه فقالت له انك فقير لا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة قال بكم أبيعها قالت بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتى وكان ثمن البقرة ثلاثة دنانير فانطلق بها الى السوق فبعث الله ملكا ليرى خلقه قدرته وليختبر الفتى كيف بره بامه وكان الله به خبيرا فقال له الملك بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير واشترط عليك رضى والدتي فقال الملك لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك فقال الفتى

[سورة البقرة (2) : الآيات 68 إلى 69]

لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه الا برضى أمي فردها الى امه وأخبرها بالثمن فقالت ارجع فبعها بستة دنانير على رضى منى فانطلق بها الى السوق فاتى الملك فقال استأمرت أمك فقال الفتى انها أمرتني ان لا أنقصها من ستة على ان استأمرها فقال الملك انى أعطيك اثنى عشر على ان لا تستأمرها فابى الفتى ورجع الى امه وأخبرها بذلك فقالت ان الذي يأتيك ملك فى صورة آدمي ليختبرك فاذا اتى فقل له أتأمر ان نبيع هذه البقرة أم لا ففعل فقال له الملك اذهب الى أمك وقل لها أمسكي هذه البقرة فان موسى بن عمران يشتريها منك لقتيل يقتل فى بنى إسرائيل فلا تبيعوها الا بملئ مسكها دنانير فامسكوها وقدر الله تعالى على بنى إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها فما زالوا يستوصفونها حتى وصف لهم تلك البقرة بعينها مكافاة له على بره بوالدته فضلا منه ورحمة والوجه في تعيين البقرة دون غيرها من البهائم انهم كانوا يعبدون البقر والعجاجيل وحبب إليهم ذلك كما قال تعالى وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ثم تابوا وعادوا الى طاعة الله وعبادته فاراد الله تعالى ان يمتحنهم بذبح ما حبب إليهم ليظهر منهم حقيقة التوبة وانقلاع ما كان منهم في قلوبهم وقيل كان أفضل قرا بينهم حينئذ البقر فامروا بذبح البقرة ليجعل التقرب لهم بما هو أفضل عندهم قالُوا كأنه قيل فماذا قال قوم موسى بعد ذلك فقيل توجهوا نحو الامتثال وقالوا يا موسى ادْعُ لَنا سل لاجلنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا اى يوضح ويعرف ما هِيَ ما مبتدأ وهي خبره والجملة في حيز النصب بيبين اى يبين لنا جواب هذا السؤال وقد سألوا عن حالها وصفتها لما قرع أسماعهم ما لم يعهدوه من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيى فما هاهنا سؤال عن الحال والصفة تقول ما زيد فيقال طبيب او عالم اى ما ما سنها وما صفتها من الصغر والكبر قالَ اى موسى عليه السلام بعد ما دعا ربه بالبيان وأتاه الوحى إِنَّهُ اى الله تعالى يَقُولُ إِنَّها اى البقرة المأمور بذبحها بَقَرَةٌ لا هى فارِضٌ اى مسنة من الفرض وهو القطع كانها قطعت سنها وبلغت آخره وَلا بِكْرٌ اى فتية صغيرة ولم يؤنث البكر والفارض لانهما كالحائض في الاختصاص بالأنثى عَوانٌ اى نصف بَيْنَ ذلِكَ المذكور من الفارض والبكر فَافْعَلُوا امر من جهة موسى عليه السلام متفرع على ما قبله من بيان صفة المأمور به ما تُؤْمَرُونَ اى ما تؤمرونه بمعنى ما تؤمرون به من ذبح البقرة وحذف الجار قد شاع في هذا الفعل حتى لحق بالافعال المتعدية الى مفعولين قالُوا كأنه قيل ماذا صنعوا بعد هذا البيان الثاني والأمر المكرر فقيل قالوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها من الألوان حتى تتبين لنا البقرة المأمور بها واللون عرض مشاهد يتعاقب على بعض الجواهر قالَ موسى عليه السلام بعد المناجاة الى الله تعالى ومجيئ البيان إِنَّهُ الله تعالى يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ والصفرة لون بين البياض والسواد وهي الصفرة المعروفة وليس المراد بهاهنا السواد كما في قوله تعالى كأنه جمالة صفر اى سود والتعبير عن السواد بالصفرة لما انها من مقدماته واما لان سواد الإبل يعلوه صفرة فاقِعٌ لَوْنُها مبتدأ وخبر والجملة صفة البقرة والفقوع تصوع الصفرة وخلوصها يقال في التأكيد اصفر فاقع كما يقال اسود حالك وفي اسناده الى اللون مع كونه

[سورة البقرة (2) : الآيات 70 إلى 71]

من احوال الملون لملابسته به ما لا يخفى من فضل تأكيد كأنه قيل صفراء شديدة الصفرة صفرتها كما في جد جده قيل كانت صفراء الكل حتى القرن والظلف تَسُرُّ النَّاظِرِينَ إليها يعجبهم حسنها وصفاء لونها ويفرح قلوبهم لتمام خلقتها ولطافة قرونها واظلافها والسرور لذة في القلب عند حصول نفع او توقعه وعن على رضى الله تعالى عنه من لبس نعلا صفراء قل همه لان الله تعالى يقول تسر الناظرين ونهى ابن الزبير ومحمد بن كثير عن لباس النعال السود لانها تهم وذكر ان الخف الأحمر خف فرعون والخف الأبيض خف وزيره هامان والخف الأسود خف العلماء وروى ان خف النبي عليه السلام كان اسود قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ أسائمة هي أم عاملة وفي الكشاف هذا تكرير للسؤال عن حالها وصفتها واستكشاف زائد ليزدادوا بيانا لوصفها والاستقصاء شؤم وعن عمر بن عبد العزيز إذا امرتك ان تعطى فلانا شاة سألتنى أضائن أم ماعز فان بينت لك قلت أذكر أم أنثى فان أخبرتك قلت اسوداء أم بيضاء فاذا امرتك بشئ فلا تراجعنى وفي الحديث (أعظم الناس جرما من سأل عن شىء لم يحرم فحرم لاجل مسألته) إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا اى جنس البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير فاشتبه علينا ايها نذبح فذكر البقر لارادة الجنس او لان كل جمع حروفه اقل من واحده جاز تذكيره وتأنيثه وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ الى البقرة المراد ذبحها وفي الحديث (لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الابد) قالَ موسى إِنَّهُ تعالى يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ مذللة ذللها العمل يقال دابة ذلول بينة الذل بالكسر وهو خلاف الصعوبة وهو صفة لبقرة بمعنى غير ذلول ولم يقل ذلولة لان فعولا إذا كان وصفا لم تدخله الهاء كصبور تُثِيرُ الْأَرْضَ اى تقلبها للزراعة وهي صفة ذلول كانه قيل لا ذلول مثيرة وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ اى ليست بسانية يسقى عليها بالسواقي ولا الاولى للنفى والثانية مزيدة لتوكيد الاولى لان المعنى لا ذلول تثير وتسقى على ان الفعلين صفتان لذلول كانه قيل لا ذلول مثيرة وساقية كذا في الكشاف قال الامام ابو منصور رحمه الله دلت الآية على ان البقرة كانت ذكرا لان اثارة الأرض وسقى الحرث من عمل الثيران واما الكنايات الراجعة إليها على التأنيث فللفظها كما في قوله وقالت طائفة فالتاء للتوحيد لا للتأنيث خلافا لابى يوسف الا ان يكون اهل ذلك الزمان يحرثون بالأنثى كما يحرث اهل هذا الزمان بالذكر مُسَلَّمَةٌ اى سلمها الله من العيوب او معفاة من العمل سلمها أهلها منه او مخلصة اللون من سلم له كذا إذا خلص له لم يشب صفرتها شىء من الألوان ويؤيده قوله تعالى لا شِيَةَ فِيها يخالف لون جلدها فهى صفراء كلها حتى قرنها وظلفها والأصل وشية كالعدة والصفة والزنة أصلها وعد ووصف ووزن واشتقاقها من وشى الثوب وهو استعمال ألوان الغزل في نسجه قالُوا عند ما سمعوا هذه النعوت الْآنَ اى هذا الوقت بنى لتضمنه معنى الاشارة جِئْتَ بِالْحَقِّ اى بحقيقة وصف البقرة وما بقي إشكال فى أمرها فَذَبَحُوها الفاء فصيحة اى فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف كلها بان وجدوها مع الفتى فاشتروها بملئ مسكها ذهبا فذبحوها وَما كادُوا اى وما قربوا يَفْعَلُونَ والجملة حال من ضمير ذبحوا اى فذبحوها والحال انهم كانوا قبل ذلك بمعزل منه تلخيصه

ذبحوها بعد توقف وبطئ قيل مضى من أول الأمر الى الامتثال أربعون سنة فعلى العاقل ان يسارع الى الامتثال وترك التفحص عن حقيقة الحال فان قضية التوحيد تستدعى ذلك: قال في المثنوى تا خيال دوست در اسرار ماست ... چاكرى وجان سپارى كار ماست وفي الحكم العطائية اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا بالاستسلام لقهره وذلك يقتضى وجود الحفظ من الله تعالى حتى لا يلم العبد بمعصية وان ألم بها فلا تصدر منه وإذا صدرت منه فلا يصر عليها إذ الحفظ الامتناع من الذنب مع جواز الوقوع فيه والعصمة الامتناع من الذنب مع استحالة الوقوع فيه فالعصمة للانبياء والحفظ للاولياء فقوله الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ يدل على الرجوع من الهفوة وعدم الإصرار وهذا ايمان محض وفي التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً اشارة الى ذبح بقرة النفس البهيمية فان في ذبحها حياة القلب الروحاني وهذا هو الجهاد الأكبر الذي كان النبي عليه السلام يشير اليه بقوله (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وبقوله (المجاهد من جاهد نفسه) وقوله عليه السلام (موتوا قبل ان تموتوا) أشار الى هذا المعنى قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً اى أتستهزئ بنا في ذبح النفس وليس هذا من شأن كل ذى همة سنية قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ الذين يظنون ان ذبح النفس امر هين ويستعد له كل تابع الهوى او عابد الدنيا قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ اى يعين أي بقرة نفس تصلح للذبح بسيف الصدق فاشار الى بقرة نفس لا فارِضٌ فى سن الشيخوخة تعجز عن سلوك الطريق لضعف المشيب وخلل القوى النفسانية كما قال بعض المشايخ الصوفي بعد الأربعين فارض وَلا بِكْرٌ فى سن شرح الشباب فانه يستهويه سكره عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ اى عند كمال العقل قال تعالى حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ فانكم ان تقربتم الى الله بما أمرتم فان الله يتقرب إليكم بما وعدتم وانه لا يضيع اجر من احسن عملا فى الشيب والشباب قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها يعنى ما لون بقرة نفس تصلح للذبح في الجهاد قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ اشارة الى صفرة وجوه ارباب الرياضات وسيما اصحاب المجاهدات في طلب المشاهدات فاقِعٌ لَوْنُها يعنى صفرة زين لا صفرة شين كما هي سيما الصالحين تَسُرُّ النَّاظِرِينَ من نظر إليهم يشاهد في غرتهم بهاء قد ألبس من اثر الطاعات ويطالع من طلعتهم آثار شواهد الغيب من خمود الشهوات حتى أمن من احوال البشرية بوجدان آثار الربوية كقوله تعالى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا اشارة الى كثرة تشبه البطالين بزى الطالبين وكسوتهم وهيئتهم وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ الى الصادق منهم فالاهتداء إليهم يتعلق بمشيئة الله وبدلالته كما كان حال موسى والخضر عليهما السلام فلو لم يدل الله موسى لما وجده وقوله إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ اشارة الى نفس الطالب الصادق وهي التي لا تحمل الذلة تثير بآلة الحرص علو ارض الدنيا لطلب زخارفها وتتبع هوى النفس وشهواتها كما قال عليه الصلاة والسلام (عز من قنع ذل من طمع) وقال (ليس للمؤمن ان يذل نفسه) وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ اى حرث الدنيا بماء وجهه عند الخلق وبماء وجاهته عند الحق فيصرف في حرث الدنيا

[سورة البقرة (2) : الآيات 72 إلى 73]

فيذهب ماؤه عند الخلق وعند الحق لقوله تعالى وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها اى نفس مسلمة من آفات صفاتها مستسلمة لاحكام ربها ليس منها طلب غير الله ولا مقصد لها الا الله كما وصفهم الله تعالى بقوله لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الى قوله إِلْحافاً فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ يشير الى ان ذبح النفس ليس من الطبيعة الانسانية فمن ذبحها من الصادقين بسيف الصدق كان ذلك من فضل الله تعالى وحسن توفيقه فاما من حيث الطبيعة فما كادوا يفعلون وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً هذا مؤخر لفظا مقدم معنى لانه أول القصة اى وإذ قتلتم نفسا وأتيتم موسى وسألتموه ان يدعو الله تعالى فقال موسى ان الله يأمركم الآيات ولم يقدم لفظا لان الغرض انما هو ذبح البقرة للكشف عن القاتل وأضيف القتل الى اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لرضاهم بفعل أولئك وخوطبت الجماعة لوجود القتل فيهم والقتل نقض البنية الذي بوجوده تنتفى الحياة والمعنى واذكروا يا بنى إسرائيل وقت قتل اسلافكم نفسا محرمة وهي عاميل بن شراحيل فَادَّارَأْتُمْ فِيها أصله تدارأتم من الدرء وهو الدفع اى تدافعتم وتخاصمتم في شأنها إذ كل واحد من الخصماء يدافع الآخر اى يدفع الفعل عن نفسه ويحيل على غيره وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ اى مظهر لا محالة ما كنتم وسترتم من امر القتل لا يتركه مكتوما مستورا فان قلت كيف اعمل مخرج وهو في معنى المضي قلت قد حكى ما كان مستقبلا في وقت التدارئ كما حكى الحاضر في قوله باسِطٌ ذِراعَيْهِ فَقُلْنا عطف على فادارأتم وما بينهما اعتراض اضْرِبُوهُ اى النفس والتذكير على تأويل الشخص والإنسان بِبَعْضِها اى ببعض البقرة أي بعض كان او بلسانها لانه آلة الكلام او بعجب الذنب لانه أول ما يخلق وآخر ما يبلى ويركب عليه الخلق او بغير ذلك من الأعضاء والبعض اقل من النصف والمعنى فضربوه فحيى فحذف ذلك لدلالة قوله كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى - روى- انه لما ضربوه قام بإذن الله وأوداجه تشخب دما وقال قتلنى فلان وفلان لا بنى عمه ثم سقط ميتا فاخذا وقتلا ولم يورث قاتل بعد ذلك ثم ان موسى عليه السلام أمرهم بضربه ببعضها وما ضربه بنفسه نفيا للتهمة كيلا ينسب الى السحر او الحيلة كَذلِكَ على ارادة القول اى فضربوه فحيى وقلنا كذلك فالخطاب في كذلك للحاضرين عند حياة القتيل اى مثل ذلك الاحياء العجيب يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى يوم القيامة فان قلت ان بنى إسرائيل كانوا مقرين بالبعث فما معنى إلزامهم بقوله كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى قلت كانوا مقرين قولا وتقليدا فثبته عيانا وإيقانا وهو كقول ابراهيم عليه السلام وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ويجور ان يكون الخطاب لمنكرى البعث في زمان النبي عليه السلام والحاضرين عند نزول الآية الكريمة فلا حاجة حينئذ الى تقدير القول بل تنتهى الحكاية عند قوله تعالى ببعضها وَيُرِيكُمْ آياتِهِ دلائله الدالة على انه تعالى على كل شىء قدير لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يقال عقلت نفسى عن كذا اى منعتها منه اى لكى تكمل عقولهم وتعلموا ان من قدر على احياء نفس واحدة قدر على احياء الأنفس كلها وتمنعوا نفوسكم من هواها وتطيعوا الله فيما يأمركم به ولعل الحكمة في اشتراط ما اشترط في الاحياء من ذبح البقرة وضربه ببعضها مع ظهور كمال قدرته

[سورة البقرة (2) : الآيات 74 إلى 80]

على احيائه ابتداء بلا واسطة أصلا لاشتماله على التقرب الى الله تعالى وأداء الواجب ونفع اليتيم بالتجارة الرابحة والتنبيه على بركة التوكل على الله تعالى والشفقة على الأولاد ونفع بر الوالد وان من حق الطالب ان يقدم قربة ومن حق المتقرب ان يتحرى الأحسن ويغالى بثمنه كما يروى عن عمر رضى الله عنه انه ضحى بنجيبة اشتراها بثلاثمائة دينار وان المؤثر هو الله تعالى وانما الأسباب امارات لا تأثير لها لان الموتين الحاصلين في الجسمين لا يعقل ان يتولد منهما حياة وان من رام ان يعرف أعدى عدوه الساعي في اماتته الموت الحقيقي فطريقه ان يذبح بقرة نفسه التي هي قوته الشهوية حين زال عنها شره الصبى ولم يلحقها ضعف الكبر وكانت معجبة رائقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا مسلمة من دنسها لا شية بها من قبائحها بحيث يتصل اثره الى نفسه فيحيى به حياة طيبة ويعرف ما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل والوهم من التدارئ والجدال قال بعض اهل المعرفة في قوله فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى انما جعل الله احياء المقتول في ذبح البقرة تنبيها لعبيده ان من أراد منهم احياء قلبه لم يتأت له الا باماتة نفسه فمن أماتها بانواع الرياضات احيى الله قلبه بانوار المشاهدات فمن مات بالطبيعة يحيى بالحقيقة وكما ان لسان البقرة بعد ذبحها ضرب على القتيل وقام بإذن الله وقال قتلنى فلان فكذلك من ضرب لسان النفس المذبوحة بسكين الصدق على قتيل القلب بمداومة الذكر يحيى الله قلبه بنوره فيقول وما أبرئ نفسى ان النفس لامارة بالسوء: قال السعدي نميتازد اين نفس سركش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان تو بر كره توسنى در كمر ... نكر تا نپيچد ز حكم تو سر اگر پالهنك از كفت در كسيخت ... تن خويشتن كشت وخون تو ريخت فيجب علينا غاية الوجوب ان نتقيد بإحياء نفوسنا بالحياة الحقيقية وإصلاح قلوبنا بالإصلاح الحقيقي واخلاص اعمالنا بالإخلاص الحقيقي فان المنظر الإلهي انما هو القلوب والأعمال لا القصور والأموال كما ورد في الحديث (ان الله لا ينظر الى صوركم وأحوالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم) فالمعتبر هو الباطن والسرائر دون السير والظواهر والعاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والجاهل من نسى نفسه واتبع هواه وما يعقل ذلك الا العالمون وما يعلمه الا الكاملون: قال السعدي شخصم بچشم عالميان خوب منظرست ... وز خبث باطنم سر خجلت فتاده پيش طاوس را بنقش ونكارى كه هست خلق ... تحسين كنند او حجل از پاى زشت خويش وقد سئل بعض المشايخ عن الإسلام فقال ذبح النفس بسيوف المخالفة ومخالفتها ترك شهواتها قال السرى السقطي ان نفسى تطالبنى مدة ثلاثين سنة او أربعين سنة ان اغمس جوزة في دبس فما أطعمتها وريئى رجل جالس في الهواء فقيل له بم نلت هذا قال تركت الهوى فسخر لى الهواء وقيل لبعضهم انى أريد ان أحج على التجريد فقال جرد اولا قلبك من السهو ونفسك عن اللهو ولسانك عن اللغو ثم اسلك حيث شئت ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ خطاب لاهل عصر

النبي عليه السلام من الأحبار وثم لاستبعاد القسوة من بعد ذكر ما يوجب لين القلوب ورقتها ونحوه ثم أنتم تمترون والقسوة والقساوة عبارة عن الغلظ والصلابة كما في الحجر وصفة القلوب بالقسوة والغلظ مثل لنبوها عن الاعتبار وان المواعظ لا تؤثر فيها مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد سماع ما ذكر من احياء القتيل ومسخ القردة والخنازير ورفع الجبل وغيرها من الآيات والقوارع التي تميع منها الجبال وتلين بها الصخور فَهِيَ اى القلوب كَالْحِجارَةِ اى مثل الحجارة في شدتها وقسوتها والفاء لتفريع مشابهتها لها على ما ذكر من القساوة تفريع التشبيه على بيان وجه الشبه كقولك احمر خده فهو كالورد أَوْ أَشَدُّ منها قَسْوَةً تمييز وأو بمعنى بل او للتخيير اى ان شئتم فاجعلوها أشد منها كالحديد فانتم مصيبون وانما لم تحمل على أصلها وهو الشك والتردد لما ان ذلك محال على علام الغيوب فان قلت لم قيل أشد قسوة وفعل القسوة مما يخرج منه افعل التفضيل وفعل التعجب قلت لكونه أبين وادل على فرط القسوة من لفظ أقسى لان دلالته على الشدة بجوهر اللفظ الموضوع لها مع هيئة موضوعة للزيادة في معنى الشدة بخلاف لفظ الاقسى فان دلالته على الشدة والزيادة في القسوة بالهيئة فقط ووجه حكمة ضرب قلوبهم مثلا بالحجارة وتشبيهها بها دون غيرها من الأشياء الصلبة من الحديد والصفر وغيرهما لان الحديد تلينه النار وهو قابل للتليين كما لان لداود عليه السلام وكذا الصفر حتى يضرب منها الأواني والحجر لا يلينه نار ولا شىء فلذلك شبه قلب الكافر بها وهذا والله اعلم في حق قوم علم الله انهم لا يؤمنون وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ بيان لفضل قلوبهم على الحجارة من شدة القسوة وتقرير لقوله او أشد قسوة ومن الحجارة خبران والاسم قوله لَما واللام للتأكيد اى الحجر يَتَفَجَّرُ اى يتفتح بكثرة وسعة مِنْهُ راجع الى ما الْأَنْهارُ جمع نهر وهو المجرى الواسع من مجارى الماء والمعنى وان من الحجارة ما فيه خروق واسعة يتدفق منها الماء الكثير اى يتصبب وَإِنَّ مِنْها اى من الحجارة لَما يَشَّقَّقُ أصله يتشقق اى يتصدع والصدع جعل الشيء ذا نواحى فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ اى ينشق انشقاقا بالطول او بالعرض ينبع منه الماء ايضا يعنى العيون دون الأنهار وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ اى يتردى وينزل من أعلى الجبل الى أسفله مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وهي الخوف عن العلم وهنا مجاز عن انقيادها لامر الله وانها لا تمتنع على ما يريد فيها وقلوب هؤلاء اليهود لا تنقاد ولا تلين ولا تخشع ولا تفعل ما أمرت به وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ بساه عَمَّا تَعْمَلُونَ اى الذي تعملونه وهو وعيد شديد على ما هم عليه من قساوة القلوب وما يترتب عليها من الأعمال السيئة فقلب الكافر أشد في القساوة من الحجارة وانها مع فقد اسباب الفهم والعقل منها وزوال الخطاب عنها تخضع له وتتصدع قال تعالى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقلب الكافر مع وجود اسباب الفهم والعقل وسعة هيئة القبول لا يخضع ولا يلين قالت المعتزلة خشية الحجر على وجه المثل يعنى لو كان له عقل لفعل ذلك ومذهب اهل السنة ان الحجر وان كان جمادا لكن الله يفهمه ويلهمه فيخشى بإلهامه فان لله تعالى علما فى الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء لا يقف عليه غيره فلها صلاة وتسبيح وخشية

كما قال جل ذكره وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وقال وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ فيجب على المرء الايمان به ويحيل علمه الى الله تعالى روى ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان على ثبير والكفار يطلبونه فقال الجبل انزل عنى فانى أخاف ان تؤخذ على فيعاقبنى الله بذلك فقال له جبل حراء الى اليّ يا رسول الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند الى جذع نخلة من سوارى المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية من فراق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحنت كحنين الناقة حتى سمعها اهل المسجد ونزل رسول الله عليه السلام فاعتنقها فسكنت: قال في المثنوى آنكه او را نبود از اسرار داد ... كى كند تصديق او ناله جماد وبينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فاخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه اى استخلصها فالتفت اليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيرى فقال الناس سبحان الله ذئب تكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا أو من به وأبو بكر وعمر وعلى هذا إنطاق الله جلود الكفار يوم القيامة وتسبيح الحصى في كفه عليه السلام وكلام الشاة المسمومة ومجيىء الشجرتين اليه صلى الله عليه وسلم حتى يستتر بهما في قضاء حاجته ثم رجوعهما الى مكانهما وأمثال ذلك كثيرة ذكر الشيخ قطب وقته الهدائى الاسكدارى في واقعاته انه كان يسمع فى أثناء سلوكه من الماء الجاري ذكر يا دائم يا دائم: وفي المثنوى نطق آب ونطق خاك ونطق كل ... هست محسوس حواس اهل دل فلسفى كو منكر حنانه است ... از حواس أوليا بيكانه است هر كرا در دل شك و پيچانيست ... در جهان او فلسفى پنهانيست قال بعض الحكماء معنى قوله ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ يبست ويبس القلب ان ييبس عن ماءين أحدهما ماء خشية الله تعالى والثاني ماء شفقة الخلق وكل قلب لا يكون فيه خشية الله ولا شفقة الخلق فهو كالحجارة او أشد قسوة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وان ابعد الناس من الله القلب القاسي) وقال ايضا (اربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا) والاشارة فى تحقيق الآية ان اليهود وان شاهدوا عظيم الآيات فحين لم تساعدهم العناية لم يزدهم كثرة الآيات الا قسوة على قسوة فان الله أراهم الآيات الظاهرة فرأوها بنظر الحسن ولم يرهم البرهان الذي يراه القلب فيحجزهم عن التكذيب والإنكار يدل عليه قوله تعالى وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ وهكذا حال بعض الممكورين حين يشرعون في الرياضات يلوح لهم من صفاء الروحانية ظهور بعض الآيات وخرق العادات فاذا لم يكن مقارنا برؤية البرهان ليكون مؤيدا بالتأييدات الالهية لم يزدهم الا العجب والغرور واكثر ما يقع هذا للرهابين والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون وانما تشبه قلوبهم بالحجارة لعدم اللين الى الذكر الحقيقي وهو ما يتداركه الحق بذكره كقوله فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ومراتب القلوب في القسوة متفاوتة فبعضها بمرتبة الحجارة التي يتفجر منها الأنهار

[سورة البقرة (2) : آية 75]

وهو قلب يظهر عليه بغلبات أنوار الروح لصفائه بعض الأشياء المشبهة لخرق العادات كما يكون لبعض الرهابين والكهنة وبعضها بمرتبة وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وهو قلب يظهر عليه في بعض الأوقات عند انخراق حجب البشرية أنوار الروح فيريه بعض الآيات والمعاني المعقولة كما يكون لبعض الفلاسفة والشعراء وبعضها بمرتبة وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وهو قلب فيه بعض الصفاء فيكون بقدر صفائه قابل عكس أنوار الروح من وراء الحجب فيقع فيه الخوف والخشية كما يكون لبعض اهل الأديان والملل وهذه المراتب مشتركة بين قلوب المسلمين وغيرهم والفرق بينهم ان احوال هذه المراتب للمسلمين مؤيدة بنور الايمان فيزيدهم في قربهم بكرامات وفراسات تظهر لهم من تجلى أنوار الحق كما قال أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ وبعض القلوب بمرتبة الحجر القاسي الذي لا يؤثر فيه القرآن والاخبار والحكمة والموعظة وهذا القلب مخصوص بالكافر والمنافق فانه قلب مختوم عليه وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ فيجازيكم عاجلا وآجلا فاما عاجلا بان يجعل انكاركم سبب مزيد قسوة قلوبكم فيقسيها بأعمالكم الفاسدة ويطبع عليها بطابع انكاركم قال عليه السلام (ما من قلب الا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن فان شاء اقامه وان شاء ازاغه) واما آجلا فيعاقبكم يوم القيامة على قدر سيآت أعمالكم كذا في التأويلات النجمية أَفَتَطْمَعُونَ كان عليه السلام شديد الحرص على الدعاء الى الحق وقبولهم الايمان منه وكان يضيق صدره بسبب عنادهم وتمردهم فقص الله عليه اخبار بنى إسرائيل في العناد العظيم مع مشاهدة الآيات الباهرة تسلية لرسوله فيما يظهر من اهل الكتاب في زمانه من قلة القبول والاستجابة والخطاب للنبى عليه الصلاة والسلام وأصحابه والهمزة لانكار الواقع واستبعاده كما في قولك أتضرب أباك لا لانكار الوقوع كما في قولهء اضرب ابى والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أتسمعون اخبارهم وتعلمون أحوالهم فتطمعون ومآل المعنى أبعد ان علمتم تفاصيل شؤونهم المؤيسة منهم فتطمعون فى أَنْ يُؤْمِنُوا جميع اليهود او علماؤهم فانهم متماثلون في شدة الشكيمة والأخلاق الذميمة لا يتأتى من اخلاقهم الأمثل ما أتى من أسلافهم فلا تحزنوا على تكذيبهم واللام في لَكُمْ لتضمين معنى الاستجابة اى في ايمانهم مستحيبين لكم او للتعليل اى في ان يحدثوا الايمان لأجل دعوتكم وَالحال قَدْ كانَ فَرِيقٌ كائن مِنْهُمْ اى طائفة ممن سلف منهم والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه كالرهط يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ وهو ما يتلونه من التوراة ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ اى يغيرون ما فيها من الاحكام كتغييرهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وقيل كان قوم من السبعين المختارين سمعوا كلام الله حين كلم موسى بالطور وما امر به ونهى ثم قالوا سمعنا الله يقول في آخره ان استطعتم ان تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وان شئتم ان لا تفعلوا فلا بأس قال في التيسير الصحيح انهم لم يسمعوا كلام الله بلا واسطة فان ذلك كان لموسى على الخصوص لم يشركه فيه غيره في الدنيا ومعنى يسمعون كلام الله اى التوراة من موسى بقراءته مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ اى من بعد ما فهموه وضبطوه بعقولهم ولم يبق لهم شبهة في صحته يقول كيف يؤمن هؤلاء وهم يقلدون أولئك الآباء فهم من اهل السوء الذين مضوا بالعناد فلا تطعموا في الايمان

[سورة البقرة (2) : الآيات 76 إلى 79]

منهم وَهُمْ يَعْلَمُونَ اى يحرفونه والحال انهم يعلمون انهم كاذبون مفترون وَإِذا لَقُوا اى اليهود الَّذِينَ آمَنُوا من اصحاب النبي عليه السلام قالُوا اى منافقوهم آمَنَّا كايمانكم وان محمدا هو الرسول المبشر به وَإِذا خَلا مضى ورجع بَعْضُهُمْ الذين لم ينافقوا اى إذا فرغوا من الاشتغال بالمؤمنين متوجهين ومنضمين إِلى بَعْضٍ اى الى الذين نافقوا بحيث لم يبق معهم غيرهم قالُوا اى الساكتون عاتبين لمنافقيهم على ما صنعوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ تخبرونهم والاستفهام بمعنى النهى اى لا تحدثوهم يعنون المؤمنين بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اى بينه الله لكم خاصة في التوراة من نعت النبي عليه السلام والتعبير عنه بالفتح للايذان بانه سر مكنون وباب مغلق لا يقف عليه أحد لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ اللام متعلقة بالتحديث دون الفتح والضمير في به لما فتح الله اى ليحتجوا عليكم به فيقطعوكم بالحجة ويبكتوكم عِنْدَ رَبِّكُمْ اى في حكمه وكتابه كما يقال هو عند الله كذا اى في كتابه وشرعه والمحدثون به وان لم يحوموا حول ذلك الغرض وهو المحاجة لكن فعلهم ذلك لما كان مستتبعا له البتة جعلوا فاعلين للغرض المذكور إظهارا لكمال سخافة عقلهم وركاكة آرائهم أَفَلا تَعْقِلُونَ متصل بكلامهم من التوبيخ والعتاب اى ألا تلاحظون فلا تعقلون هذا الخطأ الفاحش وهو ان ذلك حجة لهم عليكم فالمنكر عدم التعقل ابتداء او أتفعلون ذلك فلا تعقلون بطلانه مع وضوحه حتى تحتاجون الى التنبيه عليه فالمنكر حينئذ عدم التعقل بعد الفعل أَوَلا يَعْلَمُونَ الهمزة للانكار والتوبيخ والواو للعطف على مقدر ينساق اليه الذهن والضمير للموبخين اى أيلومونهم على التحديث مخافة المحاجة ولا يعلمون أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ اى جميع ما يسرونه وما يعلنونه ومن ذلك أسرارهم الكفر واعلانهم الايمان فحينئذ يظهر الله للمؤمنين ما أرادوا إخفاءه بواسطة الوحى الى النبي عليه السلام فتحصل المحاجة والتبكيت كما وقع في آية الرجم وتحريم بعض المحرمات عليهم فأى فائدة في اللوم والعتاب وَمِنْهُمْ اى من اليهود أُمِّيُّونَ لا يحسنون الكتب ولا يقدرون على القراءة والأمي منسوب الى امة العرب وهي الامة الخالية عن العلم والقراءة فاستعير لمن لا يعرف الكتابة والقراءة لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ اى لا يعرفون التوراة ليطالعوها ويتحققوا ما فيها من دلائل النبوة فيؤمنوا إِلَّا أَمانِيَّ جمع امنية من التمني والاستثناء منقطع لانها ليست من جنس الكتب اى لكن الشهوات الباطلة ثابتة عندهم وهي المفتريات من تغيير صفة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وانهم لا يعذبون في النار الا أياما معدودة وان آباءهم الأنبياء يشفعون لهم وان الله لا يؤاخذهم بخطاياهم ويرحمهم ولا حجة لهم في صحة ذلك وَإِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَظُنُّونَ ظنا من غير تيقن بها اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غيران يصلوا الى مرتبة العلم فانى يرجى منهم الايمان المؤسس على قواعد اليقين فَوَيْلٌ كلمة يقولها كل واقع فيه لكة بمعنى الدعاء على النفس بالعذاب اى عقوبة عظيمة وهو مبتدأ خبره ما بعده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الويل واد في جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل ان يبلغ قعره) وقال سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه انه واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لماعت من شدة حره اى ذابت لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ المحرف

بِأَيْدِيهِمْ تأكيد لدفع توهم المجاز فقد يقول انسان كتبت الى فلان إذا امر غيره ان يكتب عنه اليه ثُمَّ يَقُولُونَ لعوامهم هذا اى المحرف مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فى التوراة روى ان أحبار اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبي عليه السلام المدينة فاحناوا في تعويق أسافل اليهود عن الايمان فعمدوا الى صفة النبي عليه السلام في التوراة وكانت هى فيها حسن الوجه جعد الشعر اكحل العين ربعة اى متوسط القامة فغيروها وكتبوا مكانه طوال ازرق سبط الشعر وهو خلاف الجعد فاذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرأوا عليهم ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته عليه السلام فيكذبونه لِيَشْتَرُوا بِهِ اى يأخذوا لانفسهم بمقابلة المحرف ثَمَناً هو ما أخذوه من الرشى بمقابلة ما فعلوا من التحريف والتأويل الزائغ وانما عبر عن المشترى الذي هو المقصود بالذات في عقد المعاوضة بالثمن الذي هو وسيلة فيه إيذانا بتعكيسهم حيث جعلوا المقصود بالذات وسيلة والوسيلة مقصودة بالذات قَلِيلًا لا يعبأ به انما وصفه بالقلة اما لفنائه وعدم ثوابه واما لكونه حراما لان الحرام لا بركة فيه ولا يربو عند الله كذا في تفسير القرطبي فَوَيْلٌ لَهُمْ اى العقوبة العظيمة ثابتة لهم مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من أجل كتابتهم إياه وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ من أخذهم الرشوة وعملهم المعاصي واصل الكسب الفعل لجر نفع او دفع ضر ولهذا لا يوصف به سبحانه وفي الآيات إشارات الاولى ان علم الرجل ويقينه ومعرفته ومكالمته مع الله لا يفيده الايمان الحقيقي الا ان يتداركه الله بفضله ورحمته قال الله تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وان الله تعالى كلم إبليس وخاطبه بقوله يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وما أفاده الايمان الحقيقي إذا لم يكن مؤيدا من الله بفضله ورحمته ولم يبق على الايمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان: قال في المثنوى جز عنايت كه كشايد چشم را ... جز محبت كه نشاند خشم را جهد بى توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالسداد جهد فرعونى چوبي توفيق بود ... هر چهـ او مى دوخت آن تفتيق بود والثانية ان العالم المعاند والعامي المقلد سواء في الضلال لان العالم عليه ان يعمل بعلمه وعلى العامي ان لا يرضى بالتقليد والظن وهو متمكن من العلم وان الدين ليس بالتمني فالذين ركنوا الى التقليد المحض واغتروا بظنون فاسدة وتخمينات مبهمة فهم الذين لا نصيب لهم من كتبهم الا قراءتها دون معرفة معانيها وادراك اسرارها وحقائقها وهذا حال اكثر اهل زماننا من مدعى الإسلام فالمدعى والمتمنى عاقبتهما خسران وضلال وحسرة وندامة ووبال: وفي المثنوى تشنه را گر ذوق آيد از سراب ... چون رسد در وى گريزد جويد آب مفلسان گر خوش شوند از زر قلب ... ليك ان رسوا شود در دار ضرب والثالثة ان من بدل أو غير أو ابتدع في دين الله ما ليس منه فهو داخل في الوعيد المذكور وقد حذر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمته لما علم ما يكون في آخر الزمان فقال (ألا ان من قبلكم

[سورة البقرة (2) : آية 80]

من اهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وان هذه الامة ستفترق على ثلاث وسبعين كلها فى النار الا وحدة) فحذرهم ان يحدثوا من تلقاء أنفسهم في الدين خلاف كتاب الله او سنته او سنة أصحابه فيضلوا به الناس وقد وقع ما حذره وشاع وكثر وذاع فانا لله وانا اليه راجعون: قال السعدي نخواهى كه نفرين كنند از پست ... نكو باش تا بد نگويد كست نه هر آدمي زاده از دد بهست ... كه دد ز آدمي زاده بد بهست والرابعة ان بعض المتسمين بالصوفية ينضم الى الأولياء وارباب القلوب ظاهرا ثم لا يصدق الارادة ويميل الى اهل الغفلة ويصغى الى أقوالهم ويشتهى ارتكاب أفعالهم وكلما دعته هواتف الحظوظ سارع الى الاجابة طوعا وإذا قادته دواعى الحق تكلف كرها ليس له اخلاص في الصحبة في طريق الحق فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون من الإلحاد عن الحق واعتقاد السوء وإغراء الخلق واضلالهم فهم الذين ضلوا وأضلوا كثيرا: وفي المثنوى صد هزاران دام ودانه است اى خدا ... ما چومرغان حريص بي نوا دمبدم ما بسته دام تويم ... هر يكى كر باز وسميرغى شويم فعلى السالك ان يجتهد في الوصول الى الموجود الحق ويتخلص من الموهوم المطلق ولا يغتر بظواهر الحالات غافلا عن بطون الاعتبارات فان طريق الحق أدق من كل دقيق وماء عميق وفج سحيق وأجهل الناس من يترك يقين ما عنده من صفات نفسه التي لا شك فيها الظن ما عند الناس من صلاحية حاله قال حارث بن اسد المحاسبى رضى الله عنه الراضي بالمدح بالباطل كمن يهزؤ به ويقال ان العذرة التي تخرج من جوفك لها رائحة كرائحة المسك وهو يفرح ويرضى بالسخرية به فالعاقل لا يغتر بمثله بل يجتهد الى ان يصل الى الحقيقة فويل لواعظ تكبر وافتخر بتقبيل الناس يده ورأى نفسه خيرا من السامعين ويتقيد بالمدح والذم اللهم الا ان يخرج ذلك من قلبه والمعيار مساواة المقبل واللاطم عنده بل رجحان اللاطم والضارب قال في مجلس وعظه جنيد البغدادي لو لم اسمع قوله صلى الله عليه وسلم (ان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) لما اجترأت على الوعظ فانا ذلك الرجل الفاجر وَقالُوا اى اليهود زعما منهم لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ اى لا تصل إلينا النار في الآخرة إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قليلة محصورة سبعة ايام فانهم يقولون ان ايام الدنيا سبعة آلاف سنة فنعذب مكان كل الف سنة يوما او يراد أربعين يوما مقدار عبادة آبائهم العجل قال ابو منصور رحمه الله تصرف الأيام المعدودة الى العمر الذي عصوا فيه وهم لم يروا التعذيب الأعلى قدر وقت العصيان او كانوا لا يرون التخليد في النار كالجهمى او لانهم كانوا يقولون نحن أبناء الله واحباؤه فلا نعذب ابدا بل نعذب تعذيب الأب ابنه والحبيب حبيبه في وقت قليل ثم يرضى وهذا منهم باطل وعقوبة الكفر ابدا وثواب الايمان كذلك لان من اعتقد دينا انما يعتقده للابد فعلى ذلك جزاؤه للابد قُلْ يا محمد تبكيتا لهم وتوبيخا أَتَّخَذْتُمْ بقطع الهمزة لانه الف استفهام بمعنى التوبيخ والالف المجتلبة ذهبت بالادراج اىء اتخذتم عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً خبرا او وعدا بما تزعمون فان ما تدعون لا يكون الأبناء على وعد قوى ولذلك عبر عنه بالعهد فَلَنْ الفاء فصيحة معربة عن شرط محذوف اى ان اتخذتم عند الله عهدا وأمانا فلن

[سورة البقرة (2) : الآيات 81 إلى 87]

يُخْلِفَ اللَّهُ الأخلاف نقض العهد عَهْدَهُ الذي عهده إليكم يعنى ينجز وعده البتة قال الامام ابو منصور لهذان وجهان أحدهما هل عندكم خبر عن الله تعالى انكم لا تعذبون ابدا لكن أياما معدودة فان كان لكم هذا فهو لا يخلف عهده ووعده والثاني ألكم عند الله اعمال صالحة ووعدكم بها الجنة فهو لا يخلف وعده أَمْ تَقُولُونَ مفترين عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وقوعه وأم معادلة لهمزة الاستفهام بمعنى أي الامرين المتساويين كائن على سبيل التقرير لان العلم واقع بكون أحدهما تلخيصه ان كان لكم عنده عهد فلا ينقض ولكنكم تخرصون وتكذبون روى انهم إذا مضت تلك المدة عليهم في النار يقول لهم خزنة جهنم يا اعداء الله ذهب الاجل وبقي الابد فايقنوا بالخلود بَلى اثبات لما بعد النفي فهو جواب النفي ونعم جواب الإيجاب اى قلتم لن تمسنا النار سوى الأيام المعدودة بلى تمسكم ابدا بدليل قوله هُمْ فِيها خالِدُونَ وبين ذلك بالشرط والجزاء وهما مَنْ فهو رفع مبتدأ بمعنى الشرط ولذلك دخلت الفاء في خبره وان كان جوابا للشرط كَسَبَ الكسب استجلاب النفع واستعماله في استجلاب الضر كالسيئة على سبيل التهكم سَيِّئَةً من السيئات يعنى كبيرة من الكبائر وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ تلك واستولت عليه من جميع جوانبه من قلبه ولسانه ويده كما يحيط العدو وهذا انما يتحقق في الكافر ولذلك فسر السلف السيئة بالكفر فَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من كسب السيئات واحاطة خطاياهم بهم أشير إليهم بعنوان الجمعية مراعاة لجانب المعنى في كلمة من بعد مراعاة جانب اللفظ في الضمائر الثلاثة أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها في الآخرة حسب ملازمتهم في الدنيا لما يستوجبها من الأسباب التي من جملتها ما هم عليه من تكذيب آيات الله وتحريف كلامه والافتراء عليه وغير ذلك وهو خبر أولئك والجملة خبر للمبتدأ هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون فأنى لهم التفضى منها بعد سبعة ايام او أربعين كما زعموا والجملة في حيز النصب على الحالية لورود التصريح به في قوله أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها ولا حجة في الآية على خلود صاحب الكبيرة لما عرفت من اختصاصها بالكافر وَالَّذِينَ آمَنُوا اى صدقوا بالله تعالى ومحمد عليه السلام بقلوبهم وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى أدوا الفرائض وانتهوا عن المعاصي أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ لا يموتون ولا يخرجون منها ابدا جرت السنة الإلهية على شفع الوعد بالوعيد مراعاة لما تقتضيه الحكمة في ارشاد العباد من الترغيب تارة والترهيب اخرى والتبشير مرة والانذار اخرى فان باللطف والقهر يترقى الإنسان الى الكمال ويفوز بجنة الجمال والجلال- حكى- انه كان لشيخ مريد فقال له يوما لو رأيت أبا يزيد كان خيرا لك من شغلك فقال كيف يكون هو خيرا وهو مخلوق ويتجلى الخالق كل يوم سبعين مرة ثم بالآخرة ذهب مع شيخه الى ابى يزيد البسطامي فقالت امرأته لا تطلبوه فهو امرؤ ذهب للحطب فوقفا في طريقه فاذا هو حمل الحطب على اسد عظيم وبيده حية يضرب الأسد بها في بعض الأوقات فلما رآه المريد مات وقال ابو يزيد لشيخه قدر بيت مريدك باللطف ولم ترشده الى طريق القهر فلم يتحمل لما رآنى فلا تفعل بعد اليوم وأرهم القهر ايضا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى ان أبا يزيد برؤية القهر واللطف من الطريق كان مظهرا لتجلى الذات بخلاف المريد فلما رآه فيه لم يتحمل: قال في المثنوى

[سورة البقرة (2) : آية 83]

عاشقم بر قهر وبر لطفش بجد ... بو العجب من عاشق اين هر دو ضد والله ار زين خار در بستان شوم ... همچوبلبل زين سبب نالان شوم اين عجب بلبل كه بگشايد دهان ... تا خورد او خار را با كلستان اين چهـ بلبل اين نهنك آتشيست ... جمله ناخوشها ز عشق او را خوشيست والاشارة في الآيات الى ان بعض المغرورين بالعقل من الفلاسفة والطبائعية وغيرهم لفرط غفلتهم ظنوا ان قبائح أعمالهم وأفعالهم وأقوالهم لا تؤثر في صفاء أرواحهم فاذا فارقت الأرواح الأجساد يرجع كل شىء الى أصله فالاجساد ترجع الى العناصر والأرواح الى حظائر القدس ولا يزاحمها شىء من نتائج الأعمال الا أياما معدودة وهذا فاسد لان العاقل يشاهد حسا وعقلا ان تتبع الشهوات الحيوانية واستيفاء اللذات النفسانية يورث الأخلاق الذميمة من الحرص والأمل والحقد والحسد والبغض والغضب والبخل والكبر والكذب وغير ذلك وهذه من صفات النفس الامارة بالسوء فتصير بالمجاورة والتعود أخلاق الروح فيتكدر صفاؤه ويتبدل أخلاقه الروحانية من الحلم والكرم والمروءة والصدق والحياء والعفة والصبر والشكر وغير ذلك بالأخلاق الحيوانية الشيطانية والذي يجتهد في قمع الهوى والشهوات يورث هذه المعاملات من مكارم الأخلاق وصفاء القلب وتحننه الى وطنه الأصلي وغير ذلك فلا يساوى الروح المتبع للنفس الامارة كما للعوام بعد المفارقة مع الروح المتبع لالهامات الحق كما يكون للخواص وبعضهم قالوا وان تدنست الأرواح بقدر تعلقها بمحبوبات طباعها فبعد المفارقة بقيت في العذاب أياما معدودة على قدر انقطاع التعلقات عنها وزوال الكدورات ثم تخلص وهذا ايضا خيال فاسد وكذبهم الله بقوله بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته تظهر على مرآة قلبه بقدرها رينا فان تاب محى عنه وان أصر على السيئات حتى إذا أحاط بمرآة قلبه رين السيئات بحيث لا يبقى فيه الصفاء الفطري وخرج منه نور الايمان وضوء الطاعات فاحاطت به الخطيئات فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وفيه اشارة ايضا الى بعض ارباب الطلب ممن يركن الى شهوات الدنيا في أثناء الطلب فيتظفر عليه الشيطان ويغره بزهده فيوقعه في ورطة العجب فينظر الى نفسه بنظر التعظيم والى الخلق بنظر التحقير فيهلك او يغتر بما ظهر في أثناء السلوك من بعض الوقائع الصادقة والرؤيا الصالحة وشىء من المشاهدات والمكاشفات الروحانية لا الرحمانية فيظن المغرور ان ليس وراء عبادته قربة وانه بلغ مبلغ الرجال فيسكت عن الطلب وتعتريه الآفات حتى أحاطت به خطيئته فرجع القهقرى الى أسفل الطبيعة واما الذين آمنوا من اهل الطلب وَعَمِلُوا على قانون الشريعة باشارة شيخ الطريقة الصالحات المبلغات الى الحقيقة أولئك اصحاب الوصول الى جنات الأصول خالدين فيها بالسير الى ابد الآباد فان المنازل والمقاصد وان كانت متناهية لكن السير في المقصد غير متناه بخلاف الذين أحاطت بهم خطيئتهم فانهم خالدون في نار القطيعة ولن تنفعهم المجاهدات والنظر في المعقولات والاستدلال بالشبهات وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ فى التوراة والميثاق العهد الشديد وهو على وجهين عهد خلقة وفطرة وعهد نبوة ورسالة وإذ نصب بإضمار فعل خوطب به النبي عليه السلام والمؤمنون ليؤديهم التأمل في أحوالهم الى قطع الطمع عن ايمان اخلافهم

لان قبائح أسلافهم مما تؤدى الى عدم ايمانهم ولا يلد الحية الا الحية ومن هاهنا قيل إذا طاب اصل المرء طابت فروعه او اليهود الموجودون في عصر النبوة توبيخا لهم بسوء صنيع أسلافهم اى اذكروا إذ أخذنا ميثاقهم بان لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ اى ان لا تعبدوا فلما أسقط ان رفع تعبدون لزوال الناصب او على ان يكون اخبارا في معنى النهى كما تقول تذهب الى فلان تقول له كذا تريد به الأمر اى اذهب وهو ابلغ من صريح الأمر والنهى لما فيه من إيهام ان المنهي حقه ان يسارع الى الانتهاء عما نهى عنه فكأنه انتهى عنه فيخبر به الناهي اى لا توحدوا الا الله ولا تجعلوا الالوهية الا لله وقيل انه جواب قسم دل عليه المعنى كأنه قيل واحلفناهم وقلنا بالله لا تعبدون الا الله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى وتحسنون إحسانا على لفظ تعبدون لانه اخبار او وأحسنوا على معناه لانه إنشاء اى برا كثيرا وعطفا عليهما ونزولا عند أمرهما فيما لا يخالف امر الله وَذِي الْقُرْبى اى وتحسنون الى ذى القرابة ايضا مصدر كالحسنى وَالْيَتامى جمع يتيم وهو الصغير الذي مات أبوه قبل البلوغ ومن الحيوانات الصغير الذي ماتت امه والإحسان بهم بحسن التربية وحفظ حقوقهم عن الضياع وَالْمَساكِينِ بحسن القول وإيصال الصدقة إليهم جمع مسكين من السكون كأن الفقر اسكنه عن الحراك اى الحركة وأثقله عن التقلب وَقلنا قُولُوا لِلنَّاسِ قولا حُسْناً سماه حسنا مبالغة لفرط حسنه امر بالإحسان بالمال في حق أقوام مخصوصين وهم الوالدان والأقرباء واليتامى والمساكين ولما كان المال لا يسع الكل امر بمعاملة الناس كلهم بالقول الجميل الذي لا يعجز عنه العاقل يعنى وألينوا لهم القول بحسن المعاشرة وحسن الخلق وأمروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر اى وقولوا للناس صدقا وحقا في شأن محمد عليه السلام فمن سألكم عنه فاصدقوه وبينوا صفته ولا تكتموا امره وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ كما فرضا عليهم في شريعتهم ذكرهما تنصيصا مع دخولهما في العبادة المذكورة تعميما وتخصيصا تلخيصه أخذنا عهدكم يا بنى إسرائيل بجميع المذكور فقبلتم وأقبلتم عليه ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ على طريقة الالتفات اى أعرضتم عن المضي على مقتضى الميثاق ورفضتموه إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وهم من الاسلاف من اقام اليهودية على وجهها ومن الأخلاف من اسلم كعبد الله بن سلام واضرابه وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ جملة تذييلية اى وأنتم قوم عادتكم الاعراض عن الطاعة ومراعاة حقوق الميثاق وليس الواو للحال لاتحاد التولي والاعراض فالجملة اعتراض للتأكيد فى التوبيخ واصل الاعراض الذهاب عن المواجهة والإقبال الى جانب العرض واعلم ان في الآية عدة أشياء منها العبادة فمن شرط العبودية تفرد العبد لعبادة المعبود وتجرده عن كل مقصود فمن لا حظ خلقا او استحلى ثناء او استجلب بطاعته الى نفسه حظا من حظوظ الدنيا والآخرة او داخله بوجه من الوجوه مزج او شوب فهو ساقط عن مرتبة الإخلاص برؤية نفسه حجاب راه تويى حافظ از ميان برخيز ... خوشا كسى كه ازين راه بى حجاب رود ومنها الإحسان الى الوالدين وقد عظم الله حق الوالدين حيث قرن حقه بحقهما في آيات من القرآن لان النشأة الاولى من عند الله والنشأة الثانية وهي التربية من جهة الوالدين ويقال ثلاث

آيات أنزلت مقرونة بثلاث آيات ولا تقبل إحداها بغير قرينتها إحداها قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ والثانية أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ والثالثة أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ والإحسان الى الوالدين معاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما والامتثال الى أمرهما وصلة اهل ودّهما والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما: قال السعدي سالها بر تو بگذرد كه كذر ... نكنى سوى تربت پدرت تو بجاى پدر چهـ كردى خير ... تا همان چشم دارى از پسرت وفي التأويلات النجمية ان في قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اشارة الى ان أعز الخلق على الولد والداه لاجل انهما سببا وجوده في الظاهر ولكن ينبغى ان يحسن إليهما بعد خروجه من عهدة عبودية ربه إذ هو موجد وجوده ووجود والديه في الحقيقة ولا يختار على أداء عبوديته احسان والديه فكيف الالتفات لغيرهما ومنها البر الى اليتامى برحمت بكن آبش از ديده پاك ... بشفقت بيفشانش از چهره خاك وفي الحديث (ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم فلا يقرب قصعتهم الشيطان) وفي الحديث ايضا (من ضم يتيما من بين مسلمين الى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله عز وجل غفرت له ذنوبه البتة الا ان يعمل عملا لا يغفر ومن اذهب الله كريمتيه فصبر واحتسب غفرت له ذنوبه) قالوا وما كريمتاه قال (عيناه ومن كان له ثلاث بنات او ثلاث أخوات فانفق عليهن واحسن إليهن حتى يكبرن او يمتن غفرت له ذنوبه البتة الا ان يعمل عملا لا يغفر) فناداه رجل من الاعراب ممن هاجر فقال يا رسول الله او اثنتان فقال صلى الله عليه وسلم (او اثنتان) وقال صلى الله عليه وسلم (كافل اليتيم انا وهو كهاتين في الجنة) وأشار بالسبابة والوسطى والسبابة من الأصابع هى التي تلى الإبهام وكانت في الجاهلية تدعى بالسبابة لانهم كانوا يسبون بها فلما جاء الله بالإسلام كرهوا هذا الاسم فسموها بالمشيرة لانهم كانوا يشيرون بها الى الله بالتوحيد والمشيرة من أصابع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كانت أطول من الوسطى ثم الوسطى اقصر منها ثم البنصر اقصر من الوسطى فقوله عليه السلام (انا وهو كهاتين في الجنة) وقوله في الحديث الآخر (احشر انا وابو بكر وعمر يوم القيامة هكذا) وأشار بأصابعه الثلاث فانما أراد ذكر المنازل والاشراف على الخلق فقال نحشر هكذا ونحن مشرفون وكذلك كافل اليتيم يكون له منزلة رفيعة فمن لم يعرف شأن أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل تأويل الحديث على الانضمام واقتراب بعضهم من بعض في محل القربة وهذا معنى بعيد لان منازل الرسل والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين مراتب متباينة ومنازل مختلفة كذا في تفسير القرطبي ومنها البر الى المساكين وهم الذين اسكنتهم الحاجة وذللتهم وهذا يتضمن الحض على الصدقة والمواساة وتفقد احوال المساكين والضعفاء وفي الحديث (الساعي على الارملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) وكان طاووس يرى السعى على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله نخواهى كه باشى پراكنده دل ... پراكندگان را ز خاطر مهل پريشان كن امروز كنجينه چست ... كه فردا كليدش نه در دست تست

[سورة البقرة (2) : الآيات 84 إلى 85]

ومنها القول الحسن ولما خرج الطالب من عهدة حق العبودية وعمت رحمته وشفقته الوالدين وغيرهما لزم له ان يقول للناس حسنا يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة الى الله ويهديهم الى طريق الحق ويخالقهم بحسن الخلق وان يكون قوله لينا ووجهه منبسطا طلقا مع البر والفاجر والسنى والمبتدع من غير مداهنة ومن غير ان يتكلم معه بكلام يظن انه يرضى مذهبه لان الله تعالى قال لموسى وهارون عليهما السلام فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً فليس بأفضل من موسى وهارون والفاجر ليس باخس من فرعون وقد أمرهما الله باللين معه فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفى: قال الحافظ آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست ... با دوستان تلطف با دشمنان مدارا وقال السعدي درشتى نكيرد خردمند پيش ... نه سستى كه ناقص كند قدر خويش وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ اى واذكروا ايها اليهود وقت أخذنا إقراركم وعهدكم في التوراة وقلنا لكم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ لا يريق بعضكم دم بعض جعل غير الرجل نفسه إذا اتصل به أصلا او دينا فلما بينهم من الاتصال القوى نسبا ودينا اجرى كل واحد منهم مجرى أنفسهم وقيل إذا قتل غيره فكأنما قتل نفسه لانه يقتص منه وهو اخبار في معنى النهى كانه سورع الى الانتهاء فهو يخبر عنه وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ اى لا يخرج بعضكم بعضا من دياره او لا تسبوا جيرانكم فتلجئوهم الى الخروج وفي اقتران الإخراج من الديار بالقتل إيذان بانه بمنزلة القتل ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ اى بالميثاق واعترفتم على أنفسكم بلزومه وبوجوب المحافظة عليه وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عليها توكيد للاقرار كقولك فلان مقر على نفسه بكذا شاهد عليها او أنتم اليوم ايها اليهود تشهدون على اقرار اسلافكم بهذا الميثاق ثُمَّ أَنْتُمْ مبتدأ هؤُلاءِ خبر ومناط الافادة اختلاف الصفات المنزل منزلة اختلاف الذات كما تقول رجعت بغير الوجه الذي خرجت به والمعنى أنتم بعد ذلك هؤلاء المشاهدون والناقضون المتناقضون يعنى انكم قوم آخرون غير أولئك المقرين كأنهم قالوا كيف نحن فقيل تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ اى الجارين مجرى أنفسكم فهو بيان لقوله ثم أنتم هؤلاء وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ الضمير للفريق وهو الطائفة تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بحذف احدى التاءين حال من فاعل تخرجون او من مفعوله مبينة لكيفية الإخراج رافعة لتوهم اختصاص الحرمة بالإخراج بطريق الاصالة والاستقلال دون المظاهرة والمعنى تقوون ظهوركم للغلبة عليهم بِالْإِثْمِ حال من فاعل تظاهرون اى ملتبسين بالإثم وهو الفعل الذي يستحق فاعله الدم واللوم وَالْعُدْوانِ اى التجاوز في الظلم ودلت الآية على ان الظلم كما هو محرم فكذا اعانة الظالم على ظلمه كذا في التفسير الكبير وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى اى جاؤكم حال كونهم مأسورين اى ظهروا لكم على هذه الحالة ولم يرد به الإتيان الاختياري والأسارى والأسرى جمع أسير وهو من يؤخذ قهرا فعيل بمعنى المفعول من الاسر بمعنى الشد والايثاق والفرق انهم إذا قيدوا فهم أسارى وإذا حصلوا في اليد من غير

قيد فهم اسرى تُفادُوهُمْ اى تخرجوهم من الاسر بإعطاء الفداء والمفاداة تجرى بين الفادي وبين قابل الفداء وَهُوَ مبتدأ اى الشان مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ محرم فيه ضمير قائم مقام الفاعل وقع خبرا عن إخراجهم والجملة خبر لضمير الشان وذلك ان الله تعالى أخذ على بنى إسرائيل في التوراة ان لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم وأيما عبد او امة وجدتموه من بنى إسرائيل فاشتروه وأعتقوه وكان قريظة والنضير من اليهود أخوين وكذا الأوس والخزرج وهم اهل شرك يعبدون الأصنام ولا يعرفون القيامة والجنة والنار والحلال والحرام فافترقوا في حرب شمر ووقعت بينهم عداوة فكانت بنو قريظة معينة للاوس وحلفاءهم اى ناصريهم والنضير معينة للخزرج وحلفاءهم فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قريظة مع الأوس والنضير مع الخزرج يظاهر كل قوم حلفاءهم على إخوانهم حتى يتسافكوا الدماء وإذا غلبوا خربوا ديارهم وأخرجوهم منها وبايديهم التوراة يعرفون ما فيها مما عليهم ومالهم فاذا وضعت الحرب أوزارها افتدى قريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم وافتدى النضير ما كان في أيدي الأوس منهم من الأسارى فعيرتهم العرب بذلك وقالوا كيف تقاتلونهم وتفدونهم فقالوا أمرنا ان نفديهم وحرم علينا قتالهم قالوا فلم تقاتلونهم قالوا انا نستحيى ان يستذل حلفاؤنا فذمهم على المناقضة وتلخيصه أعرضتم عن الكل الا الفداء لان الله تعالى أخذ عليهم اربعة عهود ترك القتل وترك الإخراج وترك المظاهرة عليهم مع أعداهم وفداء أساراهم فاعرضوا عن الكل الا الفداء أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وهو الفداء والهمزة للانكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام اى أتفعلون ذلك فتؤمنون ببعض الكتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ هو حرمة القتال والإخراج مع ان قضية الايمان ببعضه الايمان بالباقي لكون الكل من عند الله داخلا في الميثاق فمناط التوبيخ كفرهم بالبعض مع ايمانهم بالبعض فَما جَزاءُ نفى اى ليس جزاء مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ اى الكفر ببعض الكتاب مع الايمان بالبعض مِنْكُمْ يا معشر اليهود حال من فاعل يفعل إِلَّا خِزْيٌ استثناء مفرغ وقع خبرا للمبتدأ اى ذل وهو ان مع الفضيحة وهو قتل بنى قريضة واسرهم واجلاء بنى النضير الى أذرعات وأريحا من الشام وقيل هو أخذ الجزية فِي الْحَياةِ الدُّنْيا صفة خزى ولعل بيان جزائهم بطريق القصر على ما ذكر لقطع اطماعهم الفارغة من ثمرات ايمانهم ببعض الكتاب واظهار انه لا اثر له أصلا مع الكفر بالبعض وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يوم تقام فيه الاجزية يُرَدُّونَ اى يرجعون والرد الرجع بعد الاخذ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ هو التعذيب في جهنم وهو أشد من خزيهم في الدنيا وأشد من كل عذاب كان قبله فانه ينقطع وهذا لا ينقطع وفي الحديث (فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة) وانما كان أشد لما ان معصيتهم كانت أشد المعاصي: وفي المثنوى هر كه ظالم تر چهش باهول تر ... عدل فرموده است بدتر را بتر وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ بساه عَمَّا تَعْمَلُونَ من القبائح التي من جملتها هذا المنكر اى لا يخفى عليه شىء من أعمالهم فيجازيهم بها يوم البعث تهديد شديد وزجر عظيم عن المعصية وبشارة

[سورة البقرة (2) : آية 86]

عظيمة على الطاعة لان الغفلة إذا كانت ممتنعة عليه سبحانه مع انه اقدر القادرين وصلت الحقوق الى مستحقيها أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا واستبدلوها بِالْآخِرَةِ واعرضوا عنها مع تمكنهم من تحصيلها فان ما ذكر من الكفر ببعض احكام الكتاب انما كان مراعاة لجانب حلفائهم لما يعود إليهم منهم من بعض المنافع الدينية والدنيوية فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ دنيويا كان او أخرويا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يمنعون من العذاب بدفعه عنهم بشفاعة او جبر اعلم ان الجمع بين تحصيل لذات الدنيا ولذات الآخرة ممتنع غير ممكن والله سبحانه مكن المكلف من تحصيل أيتهما شاء وأراد فاذا اشتغل بتحصيل إحداهما فقد فوت الاخرى على نفسه فجعل الله ما اعرض اليهود عنه من الايمان بما في كتابهم وما حصل في أيديهم من الكفر ولذات الدنيا كالبيع والشراء وذلك من الله نهاية الذم لهم لان المغبون في البيع والشراء في الدنيا مذموم فان يدم مشترى الدنيا بالآخرة اولى فعلى العاقل ان يرغب في تجارة الآخرة ولا يركن الى الدنيا ولا يسفك دمه بامتثال أوامر الشيطان في استجلاب حظوظ النفس ولا يخرج من ديار دينه التي كان عليها في اصل الفطرة فانه إذا يضل ويشقى وفي قوله لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ اشارة اخرى الى ان العبد ولا يجوز له ان يقتل نفسه من جهد او بلاء يصيبه او يهيم في الصحراء ولا يأتى البيوت جهلا في ديانته وسفها في حلمه فهو عام في جميع ذلك وقد روى ان بعض الصحابة رضى الله عنهم عزموا ان يلبسوا المسوح وان يهيموا في الصحراء ولا يأووا الى البيوت ولا يأكلوا اللحم ولا يغشوا النساء فقال عليه السلام (انى أصلي وأنام وأصوم وأفطر واغشى النساء وآوى الى البيوت وآكل اللحم فمن رغب عن سنتى فليس منى) فرجعوا عما عزموا قال تعالى وآت كل ذى حق حقه فالكمال في التجاوز عن القيود والوصول الى عالم الشهود وعين العارف لا ترى غير الله في المرايا والمظاهر فمن أي شىء يهرب والى ابن يهرب فاينما تولوا فثم وجه الله ولذا قيل الذي يطلب العلم لله إذا قيل له غدا تموت لا يضيع الكتاب من يده لكونه وفي الحقوق مشتغلا به لله مخلصا له النية فلم ير أفضل مما هو فيه فيحب ان يأتيه الموت على ذلك واعلم ايضا ان الأسارى اصناف شتى فمن أسير في قيد الهوى فانقاذه بالدلالة على الهدى ومن أسير في قيد حب الدنيا فخلاصة بإخلاص ذكر الموت: وفي المثنوى ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز ... چشم نركس را ازين كركس بدوز ومن أسير بقي في قيد الوسواس فقد استهوته الشياطين ففداؤه برشده الى اليقين بلوائح البراهين لينقذه من الشكوك والظنون والتخمين ويخرجه من ظلمات التقليد وما تعود بالتلقين ومن أسير تجده في اسر هواجس نفسه ربيط زلاته ففك اسره في إرشاده الى اقلاعها ومن أسير تجده في اسر صفاته وحبس وجوده فنجاته في الدلالة على الحق فيما يحل عنه وثاق الكون ومن أسير نجده في قبضة الحق فليس لاسيرهم فداء ولا لقتيلهم قود ولا لربيطهم خلاص ولا منهم بدل ولا معهم جدل ولا إليهم لغيرهم سبيل ولالديهم الا بهم دليل ولا بهم فرار ولا معهم قرار فهذا مقام الأولياء الكمل فمن اتخذ هذه الطريقة سبيلا نال مراده ووصل الى مقام فؤاده

[سورة البقرة (2) : آية 87]

وتخلص من الخزي الذي هو عمى القلب عن مشاهدة الحق والعمه في تيه الباطل في الدنيا والآخرة: قال في المثنوى اصل صد يوسف جمال ذو الجلال ... اى كم از زن شو فداى آن جمال «1» اصل بيند ديده چون أكمل بود ... فرع بيند چونكه مرد أحول بود «2» سرمه توحيد از كحال حال ... يافته رسته ز علت واعتلال ولا بد من العشق في طريق الحق- وحكى- ان عجوزا أحضرت السوق قطعة غزل وقالت اكتبونى من مشترى يوسف حتى يوجد اسمى في دفتر العشاق اللهم لا تحجبنا عن جمالك وعنك واجعلنا من الفائزين بنوال وصالك منك وَلَقَدْ آتَيْنا اى بالله لقد أعطينا يا بنى إسرائيل مُوسَى لغة عبرانية قد سبق تفصيله عند قوله تعالى وَإِذْ واعَدْنا مُوسى الآية الْكِتابَ اى التوراة جملة واحدة وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ يقال قفاه به إذا اتبعه إياه اى اتبعنا من بعد موسى رسولا بعد رسول مقتفين اثره وهم يوشع وشمويل وداود وسليمان وشمعون وشيعا وارميا وعزير وحزقيل والياس واليسع ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم عليهم السلام وَآتَيْنا عِيسَى بالسريانية اليسوع ومعناه المبارك والأصح انه لا اشتقاق له ولأمثاله فى العربية ابْنَ بإثبات الالف وان كان واقعا بين العلمين لندرة الاضافة الى الام مَرْيَمَ بالسريانية بمعنى الخادمة والعابدة قد جعلتها أمها محررة لخدمة المسجد ولكمال عبادتها لربها سماها الحق تعالى في كتابه الكريم مع الأنبياء عليهم السلام سبع مرات وخاطبها كما خوطب الأنبياء كما قال تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ فشاركها مع الرجال الْبَيِّناتِ المعجزات الواضحات من احياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والاخبار بالمغيبات والإنجيل وَأَيَّدْناهُ اى قويناه بِرُوحِ الْقُدُسِ من اضافة الموصوف الى الصفة اى بالروح المقدسة المطهرة وهي روح عيسى عليه السلام وصفت بالقدس للكرامة لان القدس هو الله تعالى او الروح جبريل ووصف بالطهارة لانه لم يقترف ذنبا وسمى روحا لانه كان يأتى الأنبياء بما فيه حياة القلوب ومعنى تقويته به انه عصمه من أول حاله الى كبره فلم يدن منه الشيطان عند الولادة ورفعه الى السماء حين قصد اليهود قتله وتخصيص عيسى من بين الرسل ووصفه بايتاء البينات والتأييد بروح القدس لما ان بعثتهم كانت لتنفيذ احكام التوراة وتقريرها واما عيسى فقد نسخ بشرعه كثير من أحكامها وحسم مادة اعتقادهم الباطل فى حقه ببيان حقيقته واظهار كمال قبح ما فعلوا به وما بين موسى وعيسى اربعة آلاف نبى وقيل سبعون الف نبى أَفَكُلَّما جاءَكُمْ خاطب اهل عصر النبي عليه السلام بهذا وقد فعله أسلافهم يعنى لم يوجد منهم القتل ان وجد الاستكبار لانهم يتولونهم ويرضون بفعلهم والفاء للعطف على مقدر يناسب المقام اى ألم تطيعوهم فكلما جاءكم رَسُولٌ بِما لا تَهْوى اى لا تريد أَنْفُسُكُمُ ولا يوافق هواكم من الحق الذي لا انحراف عنه اسْتَكْبَرْتُمْ اى تعظمتم عن الاتباع له والايمان بما جاء به من عند الله فَفَرِيقاً منهم كَذَّبْتُمْ كعيسى ومحمد عليهما السلام وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ كزكريا ويحيى وغيرهما عليهم السلام وقدم فريقا في الموضعين

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان باز حواب گفتن كافر جبرى مؤمن سنى را إلخ [.....] (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه مخلوقى كه تو را از او ظلمى رسد او همچوآلتى است إلخ

[سورة البقرة (2) : الآيات 88 إلى 93]

للاهتمام وتشويق السامع الى ما فعلوا بهم لا للقصر ولم يقل قتلتم وان أريد الماضي تفظيعا لهذه الحالة فكأنها وان مضت حاضرة لشناعتها ولثبوت عارها عليهم وعلى ذريتهم بعدهم او يراد وفريقا تقتلونهم بعد وانكم على هذه النية لانكم حاولتم قتل محمد عليه الصلاة والسلام لولا انى اعصمه منكم ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة حتى قال عليه السلام عند موته (ما زالت أكلة خيبر تعاودنى) اى يراجعنى اثر سمها في اوقات معدودة (فهذا او ان قطعت أبهري) وهو عرق منبسط في القلب إذا انقطع مات صاحبه وقصته انه لما فتحت خيبر وهو موضع بالحجاز أهديت لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله (انى سائلكم عن شىء فهل أنتم صادقى فيه) قالوا نعم يا أبا القاسم قال (هل جعلتم في هذه الشاة سما) قالوا نعم قال (فما حملكم على ذلك) قالوا أردنا ان كنت كاذبا ان نستريح منك وان كنت صادقا لم يضرك واعلم ان اليهود انفوا من ان يكونوا اتباعا وكانت لهم رياسة وكانوا متبوعين فلم يؤمنوا مخافة ان تذهب عنهم الرياسة فمادام لم يخرج حب الرياسة من القلب لا تكون النفس مؤمنة بالايمان الكامل وللنفس صفات سبع مذمومة العجب والكبر والرياء والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه ولجهنم ايضا أبواب سبعة فمن زكى نفسه عن هذه السبع فقد اغلق سبعة أبواب جهنم ودخل الجنة واوصى ابراهيم بن أدهم بعض أصحابه فقال كن ذنبا ولا تكن رأسا فان الرأس يهلك والذنب يسلم: قال في المثنوى تا توانى بنده شو سلطان مباش ... زخم كش چون گوى شو چوگان مباش «1» اشتهار خلق بند محكمست ... در ره اين از بند آهن كى كم است «2» وعن بعض المشايخ النقشبندية انه قال دخلت على الشيخ المعروف بدده عمر الروشنى للعيادة فوجدته متغير الحال بسبب انه داخله شىء من حب الرياسة لانه كان مشهورا في بلدة تبريز مرجعا للاكابر والا صاغر فنعوذ بالله من الحور بعد الكور وفي شرح الحكم ادفن وجودك اى ما يكون سبب ظهور اختصاصك بين الخلق من علم او عمل او حال في ارض الحمول التي هي أحد ثلاثة امور أحدها ان ترى ما جبلت عليه من النقص فلا تعتد بشئ يظهر منك لعلمك بدسائسك وخباثة نفسك الثاني ان تنظر إليك من حيث أنت فلا ترى لائقابك الا النقص وتنظر الى مولاك فتراه أهلا لكل كمال فكل ما يصدر لك من احسان نسبته اليه اعتبارا بما أنت عليه من خمول الوصف الثالث ان تظهر لنفسك ما يوجب نفى دعواها من مباح مستبشع او مكروه لم يمنع دواء لعلة العجب لا محرما متفقا عليه إذ كما لا يصح دفن الزرع في ارض رديئة لا يجوز الخمول في حالة غير مرضية وَقالُوا اى اليهود الموجودون في عصر النبي عليه السلام قُلُوبُنا غُلْفٌ جمع اغلف مستعار من الأغلف الذي لم يختن اى هي مغشاة باغشية جبلية لا يكاد يصل إليها ما جاء به محمد ولا تفقهه ثم رد الله ان تكون قلوبهم مخلوقة كذلك لانها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق واضرب وقال بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ اى خذلهم وخلاهم وشأنهم بسبب كفرهم العارض وابطالهم لاستعدادهم بسوء اختيارهم بالمرة فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ ما مزيدة للمبالغة اى فايمانا قليلا يؤمنون وهو ايمانهم ببعض

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان مضرت تعظيم خلق إلخ (2) لم نحد في المثنوى لكن الكلام كلام المولوي فلينتظر

[سورة البقرة (2) : آية 89]

الكتاب والفاء لسببية اللعن لعدم الايمان وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ كائن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وهو القرآن ووصفه بقوله من عند الله للتشريف مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ اى موافق للتوراة فى التوحيد وبعض الشرائع قال ابن التمجيد المصدق به ما يختص ببعثة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وما يدل عليها من العلامات والصفات لا الشرائع والاحكام لان القرآن نسخ أكثرها وَكانُوا مِنْ قَبْلُ اى قبل مجئ محمد صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا اى يستنصرون به على مشركى العرب وكفار مكة ويقولون اللهم انصرنا بالنبي المبعوث فى آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة ويقولون لاعدائهم قد أظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وارم فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا من الكتاب لان معرفة من انزل هو عليه معرفة له والفاء للدلالة على تعقيب مجيئه للاستفتاح به من غير ان يتخلل بينهما مدة منسية كَفَرُوا بِهِ حسدا وحرصا على الرياسة وغيروا صفته وهو جواب لما الاولى والثانية تكرير للاولى فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ اى عليهم وضعا للظاهر موضع الضمير للدلالة على ان اللعنة لحقتهم لكفرهم والفاء للدلالة على ترتيب اللعنة على الكفر واللعنة في حق الكفار الطرد والابعاد من الرحمة والكرامة والجنة على الإطلاق وفي حق المذنبين من المؤمنين الابعاد عن الكرامة التي وعد بها من لا يكون في ذلك الذنب ومنه قوله عليه السلام (من احتكر فهو ملعون) اى من ادخر ما يشتريه وقت الغلاء ليبيعه وقت زيادة الغلاء فهو مطرود من درجة الأبرار لا من رحمة الغفار واعلم ان الصفات المقتضية للعن ثلاث الكفر والبدعة والفسق وله في كل واحدة ثلاث مراتب الاولى اللعن بالوصف الأعم كقولك لعنة الله على الكافرين او المبتدعة او الفسقة والثانية اللعن باوصاف أخص منه كقولك لعنة الله على اليهود والنصارى او على القدرية والخوارج والروافض او على الزناة والظلمة وأكل الربا وكل ذلك جائز والثالثة اللعن على الشخص فان كان ممن ثبت كفرهم شرعا يجوز لعنه ان لم يكن فيه أذى على مسلم كقولك لعنة الله على فرعون وابى جهل لانه ثبت ان هؤلاء ماتوا على الكفر وعرف ذلك شرعا وان كان ممن لم يثبت شرعا كلعنة زيد او عمرو او غيرهما بعينه فهذا فيه خطر لان حال خاتمته غير معلوم وربما يسلم الكافر او يتوب فيموت مقربا عند الله فكيف يحكم بكونه ملعونا ألا يرى ان وحشيا قتل عم النبي عليه السلام اعنى حمزة رضى الله عنه ثم اسلم على يد النبي عليه السلام وبشره الله بالجنة وهذه حجة من لم يلعن يزيد لانه يحتمل ان يتوب ويرجع عنه فمع هذا الاحتمال لا يلعن قال بعضهم لعن يزيد على اشتهار كفره وتواتر فظاعة شره لما انه كفر حين امر بقتل الحسين رضى الله عنه ولما قال في الخمر فان حرمت يوما على دين احمد ... فخذها على دين المسيح ابن مريم واتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين رضى الله عنه أو أمر به او اجازه او رضى به كما قال سعد الملة والدين التفتازانيّ الحق ان رضى يزيد بقتل الحسين واستبشاره واهانته اهل بيت النبي عليه السلام مما تواتر معناه وان كان تفاصيله آحادا فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه انتهى وكان الصاحب بن عباد يقول إذا شرب ماء بثلج

[سورة البقرة (2) : آية 90]

فعقعة الثلج بماء عذب تستخرج الحمد من أقصى القلب ثم يقول اللهم جدد اللعن على يزيد ويكف اللسان عن معاوية تعظيما لمتبوعه وصاحبه عليه السلام لانه كاتب الوحى وذو السابقة والفتوحات الكثيرة وعامل الفاروق وذى النورين لكنه اخطأ في اجتهاده فتجاوز الله عنه ببركة صحبة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قال الخياط المتكلم ما قطعنى الا غلام قال ما تقول في معاوية قلت انا اقف فيه قال فما تقول في ابنه يزيد قلت العنه قال فما تقول فيمن يحبه قلت العنه قال افترى ان معاوية كان لا يحب ابنه كذا فى روضة الاخبار ثم اعلم ان اللعنة ترتد على اللاعن ان لم يكن الملعون أهلا لذلك ولعن المؤمن كقتله في الاسم وربما يلعن شيا من ماله فتنزع منه البركة فلا يلعن شيأ من خلق الله لا للجماد ولا للحيوان ولا للانسان قال عليه السلام (إذا قال العبد لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه) فالاولى ان يترك ويشتغل بدله بالذكر والتسبيح إذ فيه ثواب ولا ثواب فى اللعن وان كان يستحق اللعن قال عليه السلام (اريت النار واكثر أهلها النساء فانهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير فلو أحسنت الى إحداهن الدهر كله ثم إذا رأت منك شيأ قالت ما رأيت منك خيرا قط) قال على كرم الله وجهه من افتى الناس بغير علم لعنته السماء والأرض وسألت بنت على البلخي أباها عن القيء إذا خرج الى الحلق فقال يجب إعادة الوضوء فرأى رسول الله عليه السلام يقول لا يا على حتى يكون ملئ الفم فقال علمت ان الفتوى تعرض على رسول الله فآليت على نفسى ان لا افتى ابدا كذا في الروضة بِئْسَمَا ما نكرة منصوبة مفسرة لفاعل بئس اى بئس شيأ اشْتَرَوْا صفة واشترى بمعنى باع وابتاع والمراد هنا الاول بِهِ اى بذلك الشيء أَنْفُسَهُمْ المراد الايمان وانما وضع الأنفس موضع الايمان إيذانا بانها انما خلقت للعلم والعمل به المعبر عنه بالايمان ولما بدلوا الايمان بالكفر كانوا كأنهم بدلوا الأنفس به والمخصوص بالذم قوله تعالى أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ اى بالكتاب المصدق لما معهم بعد الوقوف على حقيقته بَغْياً علة لان يكفروا اى حسدا وطلبا لما ليس لهم كما ان الحاسد يطلب ما ليس له لنفسه مما للمحسود من جاه او منزلة او خصلة حميدة والباغي هو الظالم الذي يفعل ذلك عن حسده والمعنى بئس شيأ باعوا به ايمانهم كفرهم المعلل بالبغي الكائن لاجل أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ او حسدا على ان فان الحسد يستعمل بعلى مِنْ فَضْلِهِ الذي هو الوحى عَلى مَنْ يَشاءُ اى يشاؤه ويصطفيه مِنْ عِبادِهِ المستأهلين لتحمل أعباء الرسالة والمراد هاهنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت اليهود يعتقدون نبى آخر الزمان وبتمنون خروجه وهم يظنون انه من ولد اسحق فلما ظهر انه من ولد إسماعيل حسدوه وكرهوا ان يخرج الأمر من بنى إسرائيل فيكون لغيرهم فَباؤُ اى رجعوا ملتبسين بِغَضَبٍ كائن عَلى غَضَبٍ اى صاروا مستحقين لغضب مترادف ولعنة اثر لعنة حسبما اقترفوا من كفر على كفر فانهم كفروا بنبي الحق وبغوا عليه وَلِلْكافِرِينَ اى لهم والإظهار فى موضع الإضمار للاشعار بعلية كفرهم لما حاق بهم عَذابٌ مُهِينٌ يراد به اهانتهم وإذلالهم لما ان كفرهم بما انزل الله كان مبنيا على الحسد المبنى على طمع النزول عليهم وادعاء

[سورة البقرة (2) : آية 91]

الفضل على الناس والاستهانة بمن انزل الله عليه صلى الله عليه وسلم ودل ان عذاب المؤمنين تأديب وتطهير وعذاب الكفار اهانة وتشديد وان المراتب الدنيوية والاخروية كلها من فيض الله تعالى وفضله فليس لاحد ان يعترض عليه ويحسده على الألطاف الإلهية فان الكمالات مثل النبوة والولاية ليست من الأمور الاكتسابية التي يصل إليها العبد بجهد كثير وكمال اهتمام اما النبوة اى البعثة فاختصاص إلهي حاصل لعينه الثابتة من التجلي الموجب للاعيان في العلم وهو الفيض الأقدس واما الولاية فهو ايضا اختصاص الهى غير كسبى بل جميع المقامات كذلك اختصاصية عطائية غير كسبية حاصلة للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وليس كذلك في الحقيقة فلا معنى للحسد لكن الجاهلين بحقيقة الحال يطيلون ألسنتهم بالقيل والقال ولا ضير فانه رفع لدرجات العبد واقتضت سنة الله ان يشفع اهل الجمال باهل الجلال ليظهر الكمال: قال الحافظ درين چمن كل بيخار كس نچيد آرى ... چراغ مصطفوى با شرار بو لهبيست - وحكى- ان المولى جلال الدين لما فقد الشمس التبريزي طاف البلاد بالحرارة في طلبه فمر يوما امام حانوت ذهبى للشيخ صلاح الدين زركوب فقال له تعالى يا مولانا فدخل في حانوته فقال لاى شىء تجزع وتدور قال الفلك إذا فقد شمسه يدور لاجله ليتخلص من ظلمة الفراق فقال الشيخ انا شمسك قال مولانا من اين اعرف انك شمسى فاخبره عن المراتب التي أوصله إليها الشيخ شمس الدين فقبل يده واعتذر فقال كان شمسى أراني اولا بطانته فالآن أراني وجهه فاشتغل عنده فوصل الى ما وصل ثم لما سمعه بعض اتباع مولانا أرادوا قتله وحسدوا عليه فارسل إليهم مولانا ابنه سلطان ولد فقال الشيخ ان الله تعالى أعطاني قدرة على قلب السماء الى الأرض فلو أردت لاهلكتهم بقدرة الله لكن الاولى ان نتحمل وندعو لاصلاح حالهم فدعا الشيخ فأمن سلطان ولد فلانت قلوبهم واستغفروا: قال في المثنوى چون كنى بربي حسد مكر وحسد ... زان حسد دل را سياهيها رسد خاك شو مردان حق را زير پا ... خاك بر سر كن حسد را همچوما وهكذا احوال الأنبياء والأولياء ألا يرى الى قوله عليه الصلاة والسلام (اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) وكان الاصحاب رضى الله عنهم يبكون دما من اخلاق النفس ولا يزالون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عما به يتخلصون من الأوصاف الذميمة ويتطهرون ظاهرا وباطنا طلبا للنجاة من العذاب المهين وأشده الفراق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى وإذا قال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهود اهل المدينة ومن حولها ومعنى اللام الإنهاء والتبليغ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتب الإلهية جميعا قالُوا نُؤْمِنُ اى نستمر على الايمان بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا يعنون به التوراة وما انزل على أنبياء بنى إسرائيل لتقرير حكمها ويدسون فيه ان ما عدا ذلك غير منزل عليهم واسندوا الانزال على أنفسهم لان المنزل على نبى منزل على أمته معنى لانه يلزمهم وَهم يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ اى سوى ما انزل وَهُوَ

[سورة البقرة (2) : الآيات 92 إلى 93]

اى والحال ان ماوراء التوراة الْحَقُّ اى المعروف بالحقية الحقيق بان يخص به اسم الحق على الإطلاق مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ من التوراة غير مخالف له حال مؤكدة من الحق والعامل فيها ما في الحق من معنى الفعل وصاحب الحال ضمير دل عليه الكلام اى احقه مصدقا اى حال كونه موافقا لما معهم وفيه رد لمقالتهم لانهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها ثم اعترض عليهم بقتلهم الأنبياء مع ادعائهم الايمان بالتوراة والتوراة لا تسوغ قتل نبى بقوله تعالى قُلْ يا محمد تبكيتا لهم من جهة الله تعالى ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم فَلِمَ أصله لما لامه للتعليل دخلت على ما التي للاستفهام وسقطت الالف فرقا بين الاستفهامية والخبرية تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ صيغة الاستقبال لحكاية الحال الماضية وهو جواب شرط محذوف اى قل لهم ان كنتم مؤمنين بالتوراة كما تزعمون فلاى شىء تقتلون أنبياء الله من قبل وهو فيها حرام وأسند فعل الآباء وهو القتل الى الأبناء للملابسة بين الآباء والأبناء قال ابو الليث في تفسيره وفي الآية دليل على ان من رضى بالمعصية فكانه فاعل لها لان اليهود كانوا راضين بقتل آبائهم فسماهم الله قاتلين حيث قال قل فلم تقتلون الآية إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ جواب الشرط محذوف لدلالة ما سبق عليه اى ان كنتم مؤمنين فلم تقتلونهم وهو تكرير للاعتراض لتأكيد الإلزام وتشديد التهديد وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ من تمام التبكيت والتوبيخ داخل تحت الأمر واللام للقسم اى بالله قد جاءكم موسى ملتبسا بالمعجزات الظاهرة من العصا واليد وفلق البحر ونحو ذلك ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ اى الها مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد مجيئه بها وثم للتراخى في الرتبة والدلالة على نهاية قبح ما فعلوا وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ حال من ضمير اتخذتم أي عبدتم العجل وأنتم واضعون العبادة في غير موضعها وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ اى العهد منكم وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ اى الجبل قائلين لكم خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ اى بجد واجتهاد وَاسْمَعُوا ما في التوراة سماع قبول وطاعة قالُوا كأنه قيل فماذا قالوا فقيل قالوا سَمِعْنا قولك ولكن لا سماع طاعة وَعَصَيْنا أمرك ولولا مخافة الجبل ما قبلنا فى الظاهر فاذا كان حال أسلافهم هكذا فكيف يتصور من اخلافهم الايمان: قال الفردوسى زبد كوهران بد نباشد عجب ... سياهى نباشد بريدن ز شب ز بد اصل چشم بهى داشتن ... بود خاك در ديده انباشتن وَأُشْرِبُوا اى والحال انهم قد اشربوا فِي قُلُوبِهِمُ بيان لمكان الاشراب كقوله انما يأكلون في بطونهم نارا الْعِجْلَ اى حب العجل على حذف المضاف واشرب قلبه كذا اى حل محل الشراب او اختلط كما خلط الصبغ بالثوب وحقيقة اشربه كذا جعله شاربا لذلك فالمعنى جعلوا شاربين حب العجل نافذا فيهم نفوذ الماء فيما يتغلغل فيه قال الراغب من عاداتهم إذا أرادوا محاصرة حب او بغض في القلب ان يستعيروا لها اسم الشراب إذ هو ابلغ مساغا فى البدن ولذلك قالت الأطباء الماء مطية الاغذية والادوية بِكُفْرِهِمْ اى بسبب كفرهم السابق الموجب لذلك قيل كانوا مجسمة او حلولية ولم يروا جسما اعجب منه فتمكن في قلوبهم ما سول لهم السامري وجعل حلاوة عبادة العجل في قلوبهم مجازاة لكفرهم وفي القصص

ان موسى عليه السلام لما خرج الى قومه امر ان يبرد العجل بالمبرد ثم يذرى في النهر فلم يبق نهر يجرى يومئذ الا وقع فيه منه شىء ثم قال لهم اشربوا منه فمن بقي في قلبه شىء من حب العجل ظهرت سحالة الذهب على شاربه قُلْ توبيخا لحاضرى اليهود اثر ما بين احوال رؤسائهم الذين بهم يقتدون في كل ما يأتون ويذرون بِئْسَما بئس شيأ يَأْمُرُكُمْ بِهِ اى بذلك الشيء إِيمانُكُمْ بما انزل عليكم من التوراة حسبما تدعون والمخصوص بالذم محذوف اى ما ذكر من قولهم سمعنا وعصينا وعبادتهم العجل وفي اسناد الأمر الى الايمان تهكم بهم واضافة الإيماء إليهم للايذان بانه ليس بايمان حقيقة كما ينبئ عنه قوله تعالى إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالتوراة وإذ لا يسوغ الايمان بها مثل تلك القبائح فلستم بمؤمنين بها قطعا فقد علم ان من ادعى انه مؤمن ينبغى ان يكون فعله مصدقا لقوله والا لم يكن مؤمنا قال الجنيد قدس سره التوحيد الذي تفرد به الصوفية هو افراد القدم عن الحدوث والخروج عن الأوطان وقطع المحارب وترك ما علم وما جهل وان يكون الحق سبحانه مكان الجميع طالب توحيد را بايد قدم بر لا زدن ... بعد از ان در عالم وحدت دم الا زدن قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما دخل على يعقوب النبي عليه السلام مبشر يوسف عليه السلام وبشره بحياته قال له يعقوب على أي دين تركته قال على دين الإسلام قال يعقوب عليه السلام الآن قد تمت النعمة على يعقوب واعلم ان التوحيد اصل الأصول ومناط القبول ومكفر الخطايا ومستجلب العطايا- حكى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب اسلام دحية الكلبي لانه كان تحت يده سبعمائة من اهل بيته وكانوا يسلمون بإسلامه وكان يقول (اللهم ارزق دحية الكلبي الإسلام) فلما أراد دحية الإسلام اوحى الله الى النبي عليه السلام بعد صلاة الفجر ان يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول ان دحية يدخل عليك الآن وكان فى قلوب الاصحاب شىء من دحية من وقت الجاهلية فلما سمعوا ذلك كرهوا ان يمكنوا دحية فيما بينهم فلما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ان يقول لهم مكنوا دحية وكره ان يدخل دحيه فيوحشوه فيبرد قلبه عن الإسلام فلما دخل دحية المسجد رفع النبي صلى الله عليه وسلم رداءه عن ظهره وبسطه على الأرض بين يديه فقال دحية هاهنا وأشار الى ردائه فبكى دحية من كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رداء وقبله ووضعه على رأسه وعينيه وقال ما شرائط الإسلام اعرضها على فقال (ان تقول اولا لا اله الا الله محمد رسول الله) فقال دحية ذلك ثم وقع البكاء على دحية فقال عليه السلام (ما هذا البكاء وقد رزقت الإسلام) فقال انى ارتكبت خطيئة وفاحشة كبيرة فقل لربك ما كفارته ان أمرني ان اقتل نفسى قتلتها وان امر ان اخرج من جميع مالى خرجت فقال عليه السلام (وما ذلك يا دحية) قال كنت رجلا من ملوك العرب واستنكفت ان تكون لى بنات لهن ازواج فقتلت سبعين من بناتي كلهن بيدي فتحير النبي عليه السلام في ذلك حتى نزل جبريل فقال (يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول قل لدحية وعزتى وجلالى انك لما قلت لا اله الا الله غفرت لك كفر ستين سنة وسيآتك ستين سنة فكيف لا اغفر لك قتل البنات) فبكى عليه السلام وأصحابه

[سورة البقرة (2) : الآيات 94 إلى 101]

فقال عليه السلام (الهى غفرت لدحية قتل بناته بشهادة ان لا اله الا الله مرة واحدة فكيف لا تغفر للمؤمنين بشهادات كثيرة وبقول صادق وبفعل خالص) : وفي المثنوى اذكروا الله كار هر أوباش نيست ... ارجعي بر پاى هر قلاش نيست قال السعدي: كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيا را چهـ جاى معذرتست پرده از روى لطف كو بردار ... كاشقيا را اميد مغفرتست قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ اى الجنة عِنْدَ اللَّهِ ظرف للاستقرار في الخبر اعنى لكم خالِصَةً على الحالية من الدار اى سالمة لكم خاصة بكم مِنْ دُونِ النَّاسِ فى محل النصب بخالصة اى من دون محمد وأصحابه فاللام للعهد وتستعمل هذه اللفظة للاختصاص يقال هذا لى من دون الناس اى انا مختص به والمعنى ان صح قولكم لن يدخل الجنة الا من كان هودا فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ اى احبوه واسألوه بالقلب واللسان وقولوا اللهم أمتنا فان من أيقن بدخول الجنة اشتاق إليها وتمنى سرعة الوصول الى النعيم والتخلص من دار البوار وقرارة الاكدار ولا سبيل الى دخولها الا بعد الموت فاستعجلوه بالتمني إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى قولكم ان الجنة خاصة لكم فتمنوه واصل التمني تقدير شىء في النفس واكثر ما يستعمل فيما لا حقيقة له وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ اى الموت أَبَداً اى في جميع الزمان المستقبل لان ابدا اسم لجميع مستقبل الزمان كقط لماضيه وفيه دليل على ان لن ليس للتأبيد لانهم يتمنون الموت في الآخرة ولا يتمنونه في الدنيا بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بسبب ما عملوا من المعاصي الموجبة لدخول النار كالكفر بالنبي عليه السلام والقرآن وتحريف التوراة وخص الأيدي بالذكر لان الأعمال غالبا تكون بها وهي من بين جوارح الإنسان مناط عامة صنائعه ومدار اكثر منافعه ولذا عبر بها تارة عن النفس واخرى عن القدرة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ بهم وبما صدر عنهم وهو تهديد لهم- روى- ان اليهود لو تمنوا الموت لغص كل واحد منهم بريقه اى لامتلأ فمه بريقه فمات من ساعته ولما بقي على الأرض يهودى الا مات فقوله ولن يتمنوه ابدا من المعجزات لانه اخبار بالغيب وكان كما اخبر به كقوله ولن تفعلوا ولو وقع من أحد منهم تمنى موته لنقل واشتهر فان قلت ان التمني يكون بالقلب فلا يظهر لنا انهم تمنوه اولا قلت ليس التمني من اعمال القلوب انما هو قول الإنسان بلسانه ليت لى كذا وعن نافع جلس إلينا يهودى يخاصمنا فقال ان في كتابكم فتمنوا الموت وانا اتمنى فما لى لا أموت فسمع ابن عمر رضى الله عنهما هذا فدخل بيته وأخذ السيف ثم خرج ففر اليهودي حين رآه فقال ابن عمر اما والله لو أدركته لضربت عنقه توهم هذا الجاهل انه لليهود في كل وقت انما هو لاولئك الذين كانوا يعاندونه ويجحدون نبوته بعد ان عرفوه فان قلت ان المؤمنين اجمعوا على انّ الجنة للمؤمنين دون غيرهم ثم ليس أحد منهم يتمنى الموت فكيف وجه الاحتجاج على اليهود بذلك قلت ان المؤمنين لم يجعلوا لانفسهم من الفضل والشرف والمرتبة عند الله ما جعلت اليهود ذلك لانفسهم لانهم ادعوا انهم أبناء الله واحباؤه وان الجنة خالصة لهم والإنسان

[سورة البقرة (2) : آية 96]

لا يكره القدوم على حبيبه ولا يخاف انتقامه بالمصير اليه بل يرجو وصوله الى محابه فقيل لهم تمنوا ذلك فلما لم يتمنوه ظهر كذبهم في دعاويهم ولان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن تمنى الموت قال (لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به ولكن ليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لى وتوفنى ما كانت الوفاة خير الى) قال مقاتل لولا بناتي وسيآتى لذبت شوقا الى الممات فلا يلزمهم ما يلزم اليهود قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره لا يتمنى الموت الا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت او رجل يفر من أقدار الله عليه او مشتاق يحب لقاء الله: قال في المثنوى شد هواى مرك طوق صادقان ... كه جهودانرا بدان دم امتحان روى عن صاحب المثنوى انه لما دنت وفاته تمثل له ملك الموت وقام عند الباب ولما رآه المولى قدس سره قال پيشتر آ پيشتر آجان من ... پيك در حضرت سلطان من قال بعض الملوك لابى حازم كيف القدوم على الله عز وجل فقال ابو حازم اما قدوم الطائع على الله فكقدوم الغائب على اهله المشتاقين اليه واما قدوم العاصي فكقدوم الآبق على سيده الغضبان: قال في المثنوى انبيا را تنك آمد اين جهان ... چون شهان رفتند اندر لا مكان «2» چون مرا سوى أجل عشق وهواست ... نهى لا تلقوا بايديكم مراست «3» زانكه نهى از دانه شيرين بود ... تلخ را خود نهى حاجت كى شو واعلم ان الموت هو المصيبة العظمى والبلية الكبرى وأعظم منه الغفلة عنه والاعراض عن ذكره وقلة الفكر فيه وترك العمل له وان فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر كما قيل كفى بالموت واعظا ومن ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة ومنعه عن تمنيها فى المستقبل وزهده فيما كان منها يؤمل ولكن القلوب الغافلة تحتاج الى تطويل الوعاظ وتزيين الألفاظ والا ففى قوله عليه السلام (أكثروا ذكر هاذم اللذات) وقوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ما يكفى السامع له ويشغل الناظر فيه فعلى العاقل ان يسعى للموت بالاختيار قبل الموت بالاضطرار ويزكى نفسه عن سفساف الأخلاق: قال السعدي قدس سره اى برادر چوعاقبت خاكست ... خاك شو پيش از انكه خاك شوى اللهم يسر لنا الطريق وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ من الوجدان العقلي وهو جار مجرى العلم خلا انه مختص بما يقع بعد التجربة ونحوها واللام لام القسم اى والله لتجدن اليهود يا محمد احرص من الناس عَلى حَياةٍ لا يتمنون الموت والتنكير للنوع وهي الحياة المخصوصة المتطاولة وهي حياتهم التي هم فيها لانها نوع من مطلق الحياة وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا عطف على ما قبله بحسب المعنى كأنه قيل احرص من الناس وأفرد المشركون بالذكر وان كانوا من الناس لشدة حرصهم على الحياة وفيه توبيخ عظيم لان الذين

_ (2) در اواخر دفتر سوم در بنيان حكمت وبر ان شدن اين بدن بسبب مرك (3) در اواخر دفتر يكم در بيان بقيه قصه امير المؤمنين او على رضى الله عنه ومسامحت واغماض او إلخ

أشركوا لا يؤمنون بعاقبة وما يعرفون الا الحياة الدنيا فحرصهم عليها لا يستبعد لانها جنتهم فاذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقر بالجزاء كان حقيقا بأعظم التوبيخ فان قلت لم زاد حرصهم على حرص المشركين قلت لانهم علموا لعلمهم بحالهم انهم صائرون الى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون ذلك يَوَدُّ أَحَدُهُمْ بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف اى يريد ويتمنى ويحب أحد هؤلاء المشركين لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ حكاية لودادهم ولو فيه معنى التمني كأنه قيل ليتنى اعمر وكان القياس لو اعمر الا انه جرى على لفظ الغيبة لقوله تعالى يود أحدهم كقولك حلف بالله ليفعلن ومحله النصب على انه معمول يود اجراء له مجرى القول لانه فعل قلبى والمعنى تمنى أحدهم ان يعطى البقاء والعمر الف سنة وهي للمجوس وخص هذا العدد لانهم يقولون ذلك فيما بينهم عند العطاس والتحية عش الف سنة والف نوروز والف مهرجان وهي بالعجمية «زى هزار سال» وصح اطلاق المشركين على المجوس لانهم يقولون بالنور والظلمة وَما حجازية هُوَ اى أحدهم اسم ما بِمُزَحْزِحِهِ خبر ما والباء زائدة والزحزحة التبعيد والانجاء مِنَ الْعَذابِ من النار أَنْ يُعَمَّرَ فاعل مزحزحه اى تعميره وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ البصير في كلام العرب العالم بكنه الشيء الخبير به اى عليم بخفيات أعمالهم من الكفر والمعاصي لا يخفى عليه فهو مجازيهم بها لا محالة بالخزي والذل في الدنيا والعقوبة في العقبى وهذه الحياة العاجلة تنقضى سريعة وان عاش المرء الف سنة او أزيد عليها فمن أحب طول العمر للصلاح فقد فاز قال عليه السلام (طوبى لمن طال عمره وحسن عمله) ومن أحبه للفساد فقد ضل ولا ينجو مما يخلف فان الموت يجئ البتة واجتمعت الامة على ان الموت ليس له سن معلوم ولا أجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك وكان مستعدا لذلك بعض الصالحين ينادى بالليل على سور المدينة الرحيل الرحيل فلما توفى فقد صوته امير تلك المدينة فسأل عنه فقيل انه مات فقال ما زال يلهج بالرحيل وذكره ... حتى أناخ ببابه الجمال فأصابه متيقظا متشمرا ... ذا اهبة لم تلهه الآمال بانك طبلت نمى كند بيدار ... تو مكر مرده نه در خوابى تو چراغى نهاده در ره باد ... خانه در ممر سيلابى فاصابة الموت حق وان كان العيش طويلا والعمر مديدا وهو ينزل بكل نفس راضية كانت او كارهة روى شارح الخطب عن وهب بن منبه انه قال مر دانيال عليه السلام ببرية فسمع يا دانيال قف تر عجبا فلم ير شيأ ثم نودى الثانية قال فوقفت فاذا بيت يدعونى الى نفسه فدخلت فاذا سرير مرصع بالدر والياقوت فاذا النداء من السرير اصعد يا دانيال تر عجبا فارتقيت السرير فاذا فراش من ذهب مشحون بالمسك والعنبر فاذا عليه شاب ميت كأنه نائم وإذا عليه من الحلي والحلل ما لا يوصف وفي يده اليسرى خاتم من ذهب وفوق رأسه تاج من ذهب وعلى منطقته سيف أشد خضرة من البقل فاذا النداء من السرير ان احمل هذا السيف واقرأ ما عليه قال فاذا مكتوب عليه هذا سيف صمصام بن عوج بن عنق بن عاد بن ارم وانى عشت الف عام وسبعمائة

[سورة البقرة (2) : آية 97]

سنة وافتضضت اثنى عشر الف جارية وبنيت أربعين الف مدينة وخرجت بالجور والعنف والحمق عن حد الانصاف وكان يحمل مفاتح الخزائن اربعمائة بغل وكان يحمل الى خراج الدنيا فلم ينازعنى أحد من اهل الدنيا فادعيت الربوبية فاصابنى الجوع حتى طلبت كفا من ذرة بألف قفيز من در فلم اقدر عليه فمت جوعا يا اهل الدنيا اذكروا امواتكم ذكرا كثيرا واعتبروا بي ولا تغرنكم الدنيا كما غرتنى فان أهلي لم يحملوا من وزري شيأ انتهى: قال السعدي چون همه نيك وبد ببايد مرد خنك آنكس كه كوى نيكى برد برك عيشى بكور خويش فرست كس نيارد ز پس ز پيش فرست عمر برفست آفتاب تموز اندكى ماند وخواجه غره هنوز فعلى اهل القلوب القاسية ان يعالجوا قلوبهم بامور أحدها الإقلاع عما هي عليه بحضور مجالس العلم والوعظ والتذكير والتخفيف والترغيب واخبار الصالحين فان ذلك مما يلين القلوب وينجح فيها والثاني ذكر الموت فيكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات وميتم البنين والبنات والثالث مشاهدة المحتضرين فان في النظر الى الميت ومشاهدة سكراته ونزعاته وتأمل صورته بعد مماته ما يقطع عن النفوس لذاتها ويطرد عن القلوب مسراتها ويمنع الأجفان من النوم والراحة من الأبدان ويبعث على العمل فيزيد في الاجتهاد والتعب ويستعد للموت قبل النزول فانه أشد الشدائد قيل لكعب الأحبار يا كعب حدثنا عن الموت قال هو كشجرة الشوك ادخلت في جوف ابن آدم فاخذت كل شوكة بعرق ثم اجتذبها رجل شديد الجذب فقطع ما قطع وأبقى ما أبقى وفي الحديث (لو ان شعرة من وجع الميت وضعت على اهل السموات والأرضين لماتوا أجمعين وان في يوم القيامة لسبعين هو لا وان ادنى هول ليضعف على الموت سبعين ضعفا) قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه عبد الله بن صوريا من اليهود بسكن فدك فقال يا محمد كيف نومك فانا أخبرنا عن نوم النبي الذي يجئ في آخر الزمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم (تنام عيناى وقلبى يقظان) قال صدقت فاخبرنى عن الولد أمن الرجل يكون أو من المرأة قال (اما العظم والعصب والعروق فمن الرجل واما الدم واللحم والظفر والشعر فمن المرأة) قال صدقت يا محمد قال فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شىء او يشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شىء قال (أيهما علاماؤه ماء صاحبه كان الشبه له) قال صدقت يا محمد وسأله عن الطعام الذي حرم إسرائيل على نفسه قال (ان يعقوب مرض مرضا شديدا فنذر ان شفاه الله حرم على نفسه أحب الطعام اليه وهو لحم الإبل وأحب الشراب اليه وهو ألبانها) قال صدقت يا محمد وسأله عن أول نزل الجنة قال (الحوت) قال صدقت يا محمد ثم قال بقيت خصلة ان قلتها آمنت بك واتبعتك أي ملك يأتيك بما تقول من الله تعالى فقال (جبريل) قال ذاك عدونا لانه ملك العذاب ينزل بالقتال والعذاب وكسر السفن والشدائد ورسولنا ميكائيل لانه ملك الرحمة ينزل بالغيث والبشر والرخاء فقال له عمر ما بدء عداوتكم له فقال عادانا مرارا كثيرة وكان من أشد عداوته لنا ان الله تعالى انزل على نبينا موسى عليه السلام ان البيت المقدس سيخرب

[سورة البقرة (2) : الآيات 98 إلى 99]

فى زمان رجل يقال له بخت نصر وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان الحين الذي يخرب فيه بعثنا رجلا من أقوياء بنى إسرائيل في طلبه فانطلق حتى لقيه غلاما مسكينا ببابل ليست له قوة فأخذه ليقتله فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا ان هو امره بهلاككم لا يسلطكم عليه وان لم يكن هذا فعلى أي حق تقتلونه فصدقه صاحبنا فتركه وكبر بخت نصر وقوى فملك ثم غزانا فخرب بيت المقدس وقتلنا وامر جبريل بوضع النبوة فينا فوضعها في غيرنا فلهذا اتخذناه عدوا وميكائيل عدو جبريل فقال عمر رضى الله عنه لئن كانا كما تقولون فماهما بعدوين ولأنتم اكفر من الخمير ومن كان عدوا لاحدهما كان عدوا للآخر ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله تعالى وجواب من محذوف اى من عادى جبريل من اهل الكتاب فلا وجه لمعاداته بل يجب عليه محبته فَإِنَّهُ يعنى جبريل نَزَّلَهُ اى القرآن أضمره لكمال شهرته عَلى قَلْبِكَ زيادة تقرير للتنزيل ببيان محل الوحى فانه القابل الاول له ومدار الفهم والحفظ اى حفظه إياك ففهمكه وحق الكلام ان يقال على قلبى لكنه جاء على حكاية كلام الله كما تكلم به لما في النقل بالعبارة من زيادة تقرير لمضمون المقالة يعنى قل كما تكلمت به من قولى انه نزله على قلبك بِإِذْنِ اللَّهِ بامره وتيسيره مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى موافقا لما قبله من الكتب الإلهية في التوحيد وبعض الشرائع حال من مفعول نزله وَهُدىً اى هاديا الى دين الحق وَبُشْرى اى مبشرا بالجنة لِلْمُؤْمِنِينَ فلا وجه لمعاداته فلو أنصفوا لاحبوه وشكروا له صنيعه في انزاله ما ينفعهم ويصح المنزل عليهم ثم عمم الشرط والجزاء ردا عليهم بقوله مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ اى مخالفا لامره عنادا وخارجا عن طاعته مكابرة وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ أفردهما بالذكر لاظهار فضلهما كأنهما من جنس آخر اشرف مما ذكر تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الجنس قال عكرمة جبر وميك وإسراف هي العبد بالسريانية وايل وآئيل هو الله ومعناها عبد الله او عبد الرحمن فَإِنَّ اللَّهَ جواب الشرط ولم يقل فانه لاحتمال ان يعود الى جبريل وميكائيل عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ اى لهم جاء بالظاهر ليدل على ان الله انما عاداهم لكفرهم والمعنى من عاداهم عاداه الله وعاقبه أشد العقاب فقال ابن صوريا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئتنا بشئ نعرفه وما انزل عليك من آية فنتبعك لها فانزل الله وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها وعلى كونها من عند الله وَما يَكْفُرُ بِها اى بالآيات التي توضح الحلال والحرام وتفصل الحدود والاحكام إِلَّا الْفاسِقُونَ المتمردون في الكفر الخارجون عن حدوده فان من ليس على تلك الصفة لا يجترئ على الكفر بمثل هاتيك البينات والأحسن ان يكون اللام اشارة الى اهل الكتاب قال الحسن إذا استعمل الفسق في نوع من المعاصي وقع على عظم ذلك النوع من كفر او غيره واعلم ان القرآن هو النور الإلهي الذي كشف الله به الظلمات واليهود أرادوا ان يطفئوا نور الله والله متم نوره وليس لهم فى ذلك الا الفضاحة والخزي كما إذا دخل الحمام ناس في ليل مظلم وفيهم الأصحاء واهل العيوب فجاء واحد بسراج مضئ لا يسارع الى إطفائه الا اهل العيوب مخافة ان يظهر عيوبهم للاصحاء ويلحق بهم مذمة

[سورة البقرة (2) : الآيات 100 إلى 101]

شمع رخشنده در ان جمع نخواهند كه تا ... عيب شان در شب تاريك بماند مستور واى آن وقت روشن شود اين راز چوروز ... پرده برخيزد واين حال بيايد بظهور أَوَالهمزة للانكار والعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أكفروا بآيات البينات وهي فى غاية الوضوح كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً مصدر مؤكد لعاهدوا من غير لفظه نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ اى رموا بالذمام اى العهد ورفضوه والفريق الطائفة ويكون للقليل والكثير واسناد النبذ الى فريق منهم لان منهم من لم ينبذه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بالتوراة وليسوا من الدين فى شىء فلا يعدون نقض المواثيق ذنبا ولا يبالون به وهذا رد لما يتوهم من ان النابذين هم الأقلون وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ هو النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِ اللَّهِ متعلق بجاء مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ من التوراة نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى التوراة كِتابَ اللَّهِ مفعول نبذ اى الذي أوتوه وهو التوراة لانهم لما كفروا بالرسول المصدق لما معهم فقد نبذوا التوراة التي فيها ان محمدا رسول الله وقد علموا انها من الله وَراءَ ظُهُورِهِمْ يعنى رموا بالعناد كتاب الله وراء ظهورهم ولم يعملوا به مثل لتركهم واعراضهم عنه بالكلية بما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات اليه كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ جملة حالية اى نبذوه وراء ظهورهم متشبهين بمن لا يعلمه انه كتاب الله قيل اصل اليهود اربع فرق ففرقة آمنوا بالتوراة وقاموا بحقوقها كمؤمنى اهل الكتاب وهم الأقلون المشار إليهم بقوله عز وجل بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وفرقة جاهروا بنبذ العهود تمردا وفسوقا وهم المعنيون بقوله سبحانه نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وفرقة لم يجاهروا بنبذها ولكن نبذوها لجهلهم بها وهم الأكثرون وفرقة تمسكوا بها ظاهرا ونبذوها خفية وهم المتجاهلون وفيه اشارة الى ان من فعل فعل الجاهل وتعمد الخلاف مع علمه يلتحق بالجهال وهو والجاهل سواء فكمال ان الجاهل لا يجئ منه خير فكذا العالم الذي لا يعمل ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (واعظ اللسان ضائع كلامه وواعظ القلب نافذ سهامه) فالاول هو العالم الغير العامل والثاني هو العالم العامل الذي يؤثر كلامه في القلوب وتنتج كلمته ثمرات الحكمة والعبرة والفكرة فعلى العاقل ان يسارع الى الامتثال خوفا من بطش يد ذى الجلال ويقال الندامة اربع ندامة يوم وهي ان يخرج الرجل من منزله قبل ان يتغدى وندامة سنة وهي ترك الزراعة في وقتها وندامة عمر وهو ان يتزوج امرأة غير موافقة وندامة الابد وهو ان يترك امر الله ومجرد قراءة الكتاب بترياق الظاهر لا يدفع سم الباطن فلا بد من العمل كما ان من كان ينظر الى كتب الطب وكان مريضا فمادام لم يباشر العلاج لا يفيد نظره بالادوية وكان خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم القرآن يعنى يعمل باوامره وينتهى عن نواهيه واعلم ان العمل بالعلوم الظاهرة لا يمكن الا بعد معرفة المراتب الأربع مثلا يعرف بالعلم الظاهر ان حكم الزنى الرجم والجلد ولكن في الوجود الإنساني محل يقتضى الوقاع والسفاح فاهل الإرشاد يقمعون المقتضى المذكور عن ذلك المحل وكذا الحال فى الاكل والشرب وغيرهما والمرء وان كان متبحرا في العلوم ومتفننا في القوانين والرسوم فان كان لم يصلح حاله بالعمل في تزكية النفس وتصفية القلب فانه لا يعتبر بل جهله اغلب

[سورة البقرة (2) : الآيات 102 إلى 108]

ونعم ما قيل حفظت شيأ وغابت عنك أشياء- حكى- ان نصير الدين الطوسي دخل على ولى من اولياء الله تعالى لاجل الزيارة فقيل له هذا عالم الدنيا نصير الدين الطوسي قال الولي ما كماله قيل ليس له عديل في علم النجوم قال الولي الحمار الأبيض اعلم منه فانحرف الطوسي وقام من مجلسه فاتفق انه نزل تلك الليلة على باب بيت طاحونة فقال الطحان ادخل البيت فانه سيكون الليلة مطر عظيم حتى لو لم يغلق الباب لاخذه السيل فسأل الطحان عن وجهه فقال لى حمار ابيض إذا حرك ذنبه الى جانب السماء ثلاثا لم تمطر السماء وإذا حركه الى جانب الأرض يقع المطر فلما سمعه اعترف بعجزه وصدق الولي وزال غيظه- وحكى- ان وليا قال لابن سينا أفنيت عمرك في العلوم العقلية فالى أي مرتبة وصلت قال وجدت ساعة من ساعات الأيام بكون الحديد فيها كالخمير فقال الولي أخبرني عن تلك الساعة فلما جاءت الساعة أخبره وأخذ بيده حديدا فنفذ فيه إصبعه فبعد مضى الساعة قال الولي هل تقدر على تنفيذ إصبعك ايضا قال لا فانه من خصائص تلك الساعة ولا يمكن فاخذه الولي ونفذ إصبعه فيه وقال ينبغى للعاقل ان لا يصرف عمره الى الزائل الفاني فكما ان ابن سينا ادعى استقلال العقل في طريق الوصول فالقى في جهنم كذلك اليهود خذلهم الله انفوا من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بما جاء به من عند الله وادعوا الاستقلال فخابوا وخسروا وبقوا في ظلمة الجهل والكفر: قال في المثنوى اى كه اندر چشمه شور است جات ... توجه دانى شط وجيحون وفرات «1» واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزنده كى از وى بجست «2» وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ اى نبذ اليهود كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا كتب السحرة التي تقرأها وتعمل بها الشياطين وهم المتمردون من الجن وتتلو حكاية حال ماضية والمراد بالاتباع التوغل والتمحض فيه والإقبال عليه بالكلية عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ اى على عهد ملكه وفي زمانه فحذف المضاف وعلى بمعنى في قال السدى كانت الشياطين تصعد الى السماء فيسمعون كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت وغيره ويأتون الكهنة ويخلطون بما سمعوا في كل كلمة سبعين كذبة ويخبرونهم بها فاكتتب الناس ذلك وفشا في بنى إسرائيل ان الجن تعلم الغيب وبعث سليمان في الناس وجمع تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنه تحت كرسيه وقال لا اسمع أحدا يقول ان الشيطان يعلم الغيب الا ضربت عنقه فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين كانوا يعرفون امر سليمان ودفنه الكتب وخلف من بعدهم خلف تمثل الشيطان على صورة انسان فاتى نفرا من بنى إسرائيل فقال هل أدلكم على كنز لا تأكلونه ابدا قالوا نعم قال فاحفروا تحت الكرسي وذهب معهم فاراهم المكان وقام ناحية فقالوا ادن قال لا ولكنى هاهنا فان لم تجدوه فاقتلونى وذلك انه لم يكن أحد من الشياطين يدنو من الكرسي الا احترق فحفروا واخرجوا تلك الكتب قال الشيطان ان سليمان كان يضبط الجن والانس والشياطين والطير بهذه ثم طار الشيطان وفشا في الناس ان سليمان كان ساحرا وأخذ بنو إسرائيل تلك الكتب فلذلك اكثر ما يوجد السحر في اليهود فلما جاء محمد صلى الله

_ (1) در اواخر دفتر يكم در نمد دوختن زن سبوى آب را ومهر بر وى نهادن (2) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف

تعالى عليه وسلم برأ الله سليمان عليه السلام من ذلك وانزل في عذر سليمان واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ بالسحر وعلمه يعنى لم يكن ساحرا لان الساحر كافر والتعرض لكونه كفرا للمبالغة في اظهار نزاهته عليه السلام وكذبه باهتيه بذلك وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا باستعمال السحر وتعليمه وتدوينه يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ اى كفروا والحال انهم يعلمونه إغواء واضلالا روى ان السحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم ودقة افهامهم وَما اى ويعلمون الناس الذي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ اى ما الهما وعلما وهو علم السحر انزلا لتعليم السحر ابتلاء من الله للناس من تعلمه منهم وعمل به كان كافرا ومن تجنبه او تعلمه لا ليعمل به ولكن ليتوقاه كان مؤمنا كما قيل عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه وهذا كما إذا اتى عرافا فسأله عن شىء ليمتحن حاله ويختبر باطن امره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز قال الامام فخر الدين كان الحكمة في انزالهما ان السحرة كانوا يسترقون السمع من الشياطين ويلقون ما سمعوا بين الخلق وكان بسبب ذلك يشتبه الوحى النازل على الأنبياء فانزلهما الله الى الأرض ليعلما الناس كيفية السحر ليظهر بذلك الفرق بين كلام الله وكلام السحرة بِبابِلَ الباء بمعنى في وهي متعلقة بانزل او بمحذوف وقع حالا من الملكين وهي بابل العراق او بابل ارض الكوفة ومنع الصرف للمجمة والعلمية واحسن ما قيل في تسميتها ببابل ان نوحا عليه السلام لما هبط الى أسفل الجودي بنى قرية وسماها ثمانين فاصبح ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة إحداها اللسان العربي وكان لا يفهم بعضهم من بعض كذا في تفسير القرطبي هارُوتَ وَمارُوتَ عطف بيان للملكين علمان لهما ومنع صرفها للعجمة والعلمية وما روى في قصتهما من انهما شربا الخمر وسفكا الدم وزنيا وقتلا وسجدا للصنم فمما لا تعويل عليه لان مداره رواية اليهود مع ما فيه من المخالفة لادلة العقل والنقل ولعله من مقولة الأمثال والرموز التي قصد بها ارشاد اللبيب الأريب وبالترغيب وذلك لان المراد بالملكين العقل النظري والعقل العملي والمرأة المسماة بالزهرة هي النفس الناطقة الطاهرة في اصل نشأتها وتعرضهما لها تعليمهما لها ما تستعد به في النشأة الآخرة وحملها إياهما على المعاصي تحريضها إياهما بحكم الطبيعة المزاجية الى السفليات المدنسة لجوهرهما وصعودها الى السماء بما تعلمت منهما هو عروجها الى الملأ الأعلى ومخالطتها مع القدسيين بسبب انتصافها ونصحها كذا ذكره وجوه القوم من المفسرين يقول الفقير جامع هذه المجالس الشريفة قد تصفحت كتب ارباب الخبر والبيان واصحاب الشهود والعيان فوجدت عامتها مشحونة بذكر ما جرى من قصتهما وكيف يجوز الاتفاق من الجم الغفير على ما مداره رواية اليهود خصوصا في مثل هذا الأمر الهائل فاقول وصف الملائكة بانهم لا يعصون ولا يستكبرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون ويفعلون ما يؤمرون دليل تصور العصيان منهم ولولا ذلك لما مدحوا به إذ لا يمدح أحد على الممتنع لكن طاعتهم طبع وعصيانهم تكلف على عكس حال البشر كما في التيسير فهذا يقتضى جواز الوقوع مع ان فيما روى في سبب نزولهما

ما يزيل الاشكال قطعا وهو انهم لما عيروا بنى آدم بقلة الأعمال وكثرة الذنوب في زمن إدريس عليه السلام قال الله تعالى لو انزلتكم الى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لفعلتم مثل ما فعلوا فقالوا سبحانك ربنا ما كان ينبغى لنا ان نعصيك قال الله تعالى فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما الى الأرض فاختاروا هاروت وماروت وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم فاهبطا بالتركيب البشرى ففعلا ما فعلا وهذا ليس ببعيد إذ ليس مجرد هبوط الملك مما يقتضى العصيان وذلك ظاهر والا لظهر من جبريل وغيره ألا ترى ان إبليس له الشهوة والذرية مع انه كان من الملائكة على أحد القولين لانها مما حدثت بعد ان محى من ديوانهم فيجوز ان تحدث الشهوة في هاروت وماروت بعد ان اهبطا الأرض لاستلزام التركيب البشرى ذلك وقد قال في آكام المرجان ان الله تعالى باين بين الملائكة والجن والانس في الصورة والاشكال فان قلب الله الملك الى صورة الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وكذلك لو قلب الشيطان الى بنية الإنسان خرج بذلك عن كونه شيطانا- روى- انه لما استشفع لهما إدريس عليه السلام خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا لكونه أيسر من عذاب الآخرة فهما في بئر بابل معلقان فيه بشعورهما الى يوم القيامة قال مجاهد ملئ الجب نارا فجعلا فيه وقيل معلقان بارجلهما ليس بين ألسنتهما وبين الماء الا اربع أصابع فهما يعذبان بالعطش قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره رائحة الشمع الذي يعمل من الشحم كريهة تتألم منها الملائكة حتى يقال ان هاروت وماروت يعذبان برائحته واما الشمع العسلي فرائحته طيبة كذا في واقعات الهدائى قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (اتقوا الدنيا فوالذى نفسى بيده انها لا سحر من هاروت وماروت) قال العلماء انما كانت الدنيا اسحر منهما لانها تدعوك الى التحارص عليها والتنافس فيها والجمع لها والمنع حتى تفرق بينك وبين طاعة الله وتفرق بينك وبين رؤية الحق ورعايته وسحر الدنيا محبتها وتلذذك بشهواتها وتمنيك بامانيها الكاذبة حتى تأخذ بقلبك ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حبك الشيء يعمى ويصم) أراد النبي عليه الصلاة والسلام ان من الحب ما يعمى عن طريق الحق والرشد ويصمك عن استماع الحق وان الرجل إذ اغلب الحب على قلبه ولم يكن له رادع من عقل او دين أصمه حبه عن العذل وأعماه عن الرشد او يعمى العين عن النظر الى مساويه ويصم الاذن عن استماع العذل فيه او يعمى ويصم عن الآخرة وفائدته النهى عن حب ما لا ينبغى الإغراق في حبه: قال خسرو الدهلوي بهر اين مردار چندت كاه زارى كاه زور چون غليواجى كه شش مه ماده وشش مه نر است ثم في هذه القصة اشارة الى انه لا يجوز الاعتماد الأعلى فضل الله ورحمته فان العصمة من آثار حفظ الله تعالى كمال: قال في المثنوى همچوهاروت و چوماروت شهير ... از بطر خوردند زهر آلوده تير اعتمادي بودشان بر قدس خويش ... چيست بر شير اعتماد كاو ميش كر چهـ او با شاخ صد چاره كند ... شاخ شاخش شير نر پاره كند

كر شود پر شاخ همچون خار پشت ... شير خواهد كاو را ناچار كشت وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ من مزيدة في المفعول به لافادة تأكيد الاستغراق الذي يفيده أحد والمعنى ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس ما انزل على الملكين ويحملونهم على العمل به إغواء واضلالا والحال ان الملكين ما يعلمان ما انزل عليهما من السحر أحدا من طالبيه حَتَّى ينصحاه اولا وينهياه عن العمل به والكفر بسببه ويَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ وابتلاء من الله تعالى فمن عمل بما تعلم منا واعتقد حقيته كفر ومن توقى عن العمل به او اتخذه ذريعة للاتقاء عن الاغترار بمثله بقي على الايمان والفتنة الاختبار والامتحان يقال فتنت الذهب بالنار إذا جربته بها لتعلم انه خالص او مشوب وهي من الافعال التي تكون من الله ومن العبد كالبلية والمعصية والقتل والعذاب وغير ذلك من الافعال الكريهة وقد تكون الفتنة في الدين مثل الارتداد والمعاصي واكراه الغير على المعاصي وأفردت الفتنة مع تعدد الملكين لكونها مصدرا وحملها عليهما مواطأة للمبالغة كأنهما نفس الفتنة والقصر لبيان انه ليس لهما فيما يتعاطيانه شأن سواها لينصرف الناس عن تعلمه فَلا تَكْفُرْ باعتقاد حقيته بمعنى انه ليس بباطل شرعا وجواز العمل به ويقولان ذلك سبع مرات فان ابى الا التعليم علماه فَيَتَعَلَّمُونَ عطف على الجملة المنفية فانها في قوة المثبتة كأنه قيل يعلمانهم بعد قولهما انما نحن إلخ والضمير لاحد حملا على المعنى اى فالناس يتعلمون مِنْهُما اى من الملكين ما يُفَرِّقُونَ بِهِ اى بسببه واستعماله بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بان يحدث الله تعالى بينهما التباغض والفرك والنشوز عند ما فعلوا من السحر على حسب جرى العادة الإلهية من خلق المسببات عقيب حصول الأسباب العادية ابتلاء لا ان السحر هو المؤثر في ذلك قال السدى كانا يقولان لمن جاءهما انما نحن فتنة فلا تكفر فان ابى ان يرجع قالا له ائت هذا الرماد فبل فيه فاذا بال فيه خرج نور يسطع الى السماء وهو الايمان والمعرفة وينزل شىء اسود شبه الدخان فيدخل في اذنيه ومسامعه وهو الكفر وغضب الله فاذا أخبرهما بما رآه من ذلك علماه ما يفرق به بين المرء وزوجه ويقدر الساحر على اكثر مما اخبر الله عنه من التفريق لان ذلك خرج على الأغلب قيل يؤخذ الرجل على المرأة بالسحر حتى لا يقدر على الجماع قال في نصاب الاحتساب ان الرجل إذا لم يقدر على مجامعة اهله وأطاق ما سواها فان المبتلى بذلك يأخذ حزمة قصبات ويطلب فأسا ذا فقارين ويضعه في وسط تلك الحزمة ثم يؤجج نارا في تلك الحزمة حتى إذا احمى الفأس استخرجه من النار وبال على حده يبرأ بإذن الله تعالى وَما هُمْ اى ليس الساحرون بِضارِّينَ بِهِ اى بما تعلموه واستعملوه من السحر مِنْ أَحَدٍ اى أحدا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ الاستثناء مفرغ والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير ضارين او من مفعوله وان كان نكرة لاعتمادها على النفي او الضمير المجرور في به اى ما يضرون به أحدا الا مقرونا بعلم الله وإرادته وقضائه لا بامره لانه لا يأمر بالكفر والإضرار والفحشاء ويقضى على الخلق بها فالساحر يسحر والله يكون فقد يحدث عند استعمالهم السحر فعلا من أفعاله ابتلاء وقد لا يحدثه وكل ذلك بإرادته ولا ينكر ان السحر له تأثير في القلوب بالحب والبغض وبإلقاء الشرور حتى يحول بين المرء وقلبه

وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام وكل ذلك مدرك بالحس والمشاهدة وإنكاره معاندة وان أردت التفصيل وحقيقة الحال فاستمع لما نتلو عليك من المقال وهو ان السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيه التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة واختلف العلماء في حقيقة السحر بمعنى ثبوته في الخارج فذهب الجمهور الى ثبوته فيه وقالت المعتزلة لا ثبوت له ولا وجود له في الخارج بل هو تمويه وتخييل ومجرد اراءة مالا حقيقة له يرى الحبال حيات بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وتمسكوا بقوله تعالى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى ولنا وجهان الاول يدل على الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر في نفسه وشمول قدرة الله فانه الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب واما الثاني فهو قوله تعالى فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده واما الشعوذة وما يجرى مجراها من اظهار الأمور العجيبة بواسطة ترتيب آلات الهندسة وخفة اليد والاستعانة بخواص الادوية والأحجار فاطلاق السحر عليها مجاز او لما فيها من الدقة لانه في الأصل عبارة عن كل ما لطف مأخذه وخفى سببه ولذا يقال سحر حلال واكثر من يتعاطى السحر من الانس النساء وخاصة فى حال حيضهم والأرواح الخبيثة ترى غالبا للطبائع المغلوبة والنفوس الرذيلة وان لم يكن لهم رياضة كالنساء والصبيان والمخنثين والإنسان إذا فسد نفسه او مزاجه يشتهى ما يضره ويتلذذ به بل يعشق ذلك عشقا يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان خبيث فاذا تقرب صاحب العزائم والاقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم فيقضون بعض أغراضهم كمن يعطى رجلا مالا ليقتل من يريد قتله او يعينه على فاحشة او ينال منه فاحشة ولذلك يكتب السحرة والمعزمون في كثير من الأمور كلام الله تعالى بالنجاسة والدماء ويتقربون بالقرابين من حيوان ناطق وغير ناطق والبخور وترك الصلاة والصوم واباحات الدماء ونكاح ذوات المحارم وإلقاء المصحف فى القاذورات وغير ذلك مما ليس لله فيه رضى فاذا قالوا كفرا او كتبوه او فعلوه اعانتهم الشياطين لاغراضهم او بعضها اما بتغوير ماء واما بان يحمل في الهواء الى بعض الامكنة واما ان يأتيه بمال من اموال الناس كما يسرقه الشياطين من اموال الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه ويأتى به واما غير ذلك من قتل أعدائهم او امراضهم او جلب من يهوونه وكثيرا ما يتصور الشيطان بصورة الساحر ويقف بعرفات ليظن من يحسن به الظن انه وقف بعرفات وقد زين لهم الشيطان ان هذا كرامات الصالحين وهو من تلبيس الشيطان فان الله تعالى لا يعبد الا بما هو واجب او مستحب وما فعلوه ليس بواجب ولا مستحب شرعا بل هو منهى حرام ونعوذ بالله من اعتقاد ما هو حرام عبادة ولاهل الضلال الذين لهم عبادة على غير الوجه الشرعي مكاشفات أحيانا وتأثيرات يأوون كثيرا الى مواضع الشياطين التي نهى عن الصلاة فيها كالحمام والمزبلة واعطان الإبل وغير ذلك مما هو من مواضع النجاسات لان الشياطين تنزل عليهم فيها وتخاطبهم ببعض

الأمور كما يخاطبون الكفار وكما كانت تدخل في الأصنام وتكلم عابدى الأصنام قال العلماء ان كان في السحر ما يخل شرطا من شرائط الايمان من قول وفعل كان كفرا والا لم يكن كفرا وعامة ما بايدى الناس من العزائم والطلاسم والرقى التي لا تفهم بالعربية فيها ما هو شرك وتعظيم للجن ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفهم بالعربية معناها لانها مظنة الشرك وان لم يعرف الراقي انها شرك وفي الصحيح عن النبي عليه السلام انه رخص في الرقى ما لم تكن شركا وقال (من استطاع ان ينفع أخاه فليفعل) ولذا نقول انه يجوز ان يكتب للمصاب وغيره من المرضى شىء من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى او يعلق عليه وفي اسماء الله تعالى وذكره خاصية قمع الشياطين وإذلالهم ولأنفاس اهل الحق تأثيرات عجيبة لانهم تركوا الشهوات ولزموا العبادات على الوجه الشرعي وظهر لهم حكم قوله تعالى وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ولذا يطيعهم الجن والشياطين ويستعبدونهم كما استعبدها سليمان عليه السلام بتسخير الله تعالى وأقداره- حكى- حضرة الهدائى قدس سره في واقعاته عن شيخه حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى انه أرسل ورقة الى سلطان الجن لاجل مصروع فامتثل امره وعظمه وضرب عنق الصارع فخلص المصروع: قال في المثنوى هر پيمبر فرد آمد در جهان ... فرد بود وصد جهانش در نهان عالم كبرى بقدرت سحره كرد ... كرد خود را در كهين نقشى نورد ابلهانش فرد ديدند وضعيف ... كى ضعيفست آنكه باشد شد حريف واعلم ان حكم الساحر القتل ذكرا كان او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك في الأرض وإذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر دون الأنثى فتضرب وتحبس لان الساحرة كافرة والكافرة ليست من اهل الحرب فاذا كان الكفر الأصلي يدفع عنها القتل فكيف الكفر العارضى والساحر ان تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وان أخذ ثم تاب لا تقبل كما قال في الأشباه كل كافر تاب فتوبته مقبولة في الدنيا والآخرة الا الكافر بسب نبى وبسب الشيخين او أحدهما وبالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته والزنديق هو الذي قال بقدم الدهر واسناد الحوادث اليه مع اعتراف النبوة واظهار الشرع هذا واكثر المنقول الى هنا من كتاب آكام المرجان وهو الذي ينبغى ان يكتب على الاحداق لا على القراطيس والأوراق وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ لانهم يقصدون به العمل او لان العلم يجر الى العمل غالبا وَلا يَنْفَعُهُمْ صرح بذلك إيذانا بانه ليس من الأمور المشوبة بالنفع والضرر بل هو شر بحت وضرر محض لانهم لا يقصدون به التخلص عن الاغترار باكاذيب من يدعى النبوة مثلا من السحرة او تخليص الناس منه حتى يكون فيه نفع في الجملة وفيه ان الاجتناب عما لا يؤمن غوائله خير كتعلم الفلسفة التي لا يؤمن ان تجر الى الغواية وان قال من قال عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه وذكر في التجنيس ان تعلم النجوم حرام الا ما يحتاج اليه للقبلة وفيئ الزوال ومن أحاديث المصابيح (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) وإذا لم يكن في تعلم مثل هذه العلوم خير فكذا إمساك الكتب التي اشتملت عليها من كتب الفلاسفة

[سورة البقرة (2) : آية 103]

وغيرها بل لا يجوز النظر إليها كما في نصاب الاحتساب وَلَقَدْ عَلِمُوا اى هؤلاء اليهود في التوراة لَمَنِ اشْتَراهُ اى من اختار السحر واستبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله واللام الاولى جواب قسم محذوف والثانية لام ابتداء ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ اى نصيب وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ اى باعوها لان الشراء من الاضداد واللام جواب قسم محذوف والمخصوص بالذم محذوف اى والله لبئس ما باعوا به أنفسهم السحر او الكفر وعبر عن ايمانهم بانفسهم لان النفس خلقت للعلم والعمل والايمان لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ جواب لو محذوف اى لما فعلوا ما فعلوا من تعلم السحر وعمله اثبت لهم العلم او لا بقوله ولقد علموا ثم نفى عنهم لانهم لما لم يعملوا بعلمهم فكأنهم لم يعلموا فهذا في الحقيقة نفى الانتفاع بالعلم لا نفى العلم وَلَوْ أَنَّهُمْ اى اليهود آمَنُوا بالقرآن والنبي وَاتَّقَوْا السحر والشرك لَمَثُوبَةٌ مفعلة من الثواب وثاب يثوب اى رجع وسمى الجزاء ثوابا لانه عوض عمل المحسن يرجع اليه وهو مبتدأ جواب لو والتنكير للتقليل اى شىء قليل من الثواب كائن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ خبر المبتدأ وأصله لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم فحذف الفعل وغير السبك الى ما عليه النظم الكريم دلالة على اثبات المثوبة لهم والجزم بخيريتها وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من ان ينسب اليه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ان ثواب الله خير ومجرد العلم باللسان لا ينفع بدون ان يصل التأثير الى القلب ويظهر ذلك التأثير بالمسارعة الى الأعمال الصالحة والاتباع للكتاب والسنة فمن امر السنة على نفسه أخذا وتركا حبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة قال الشيخ ابو الحسن كل علم يسبق لك فيه الخواطر وتتبعها الصور وتميل اليه النفوس وتلذ به الطبيعة فارم به وان كان حقا وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله واقتد به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده والائمة المبرئين من الهوى ومتابعته تسلم من الظنون والشكوك والأوهام والدعاوى الكاذبة المضلة عن الهدى وحقائقه وماذا عليك ان تكون عبد الله ولا علم ولا عمل بلا اقتداء وحسبك من العلم العلم بالوحدانية ومن العمل محبة الله ومحبة رسوله ومحبة الصحابة واعتقاد الحق للجماعة قال بعض العلماء زيادة العلم في الرجل السوء كزيادة الماء في اصول الحنظل كلما ازداد ريا ازداد مرارة ومثل من تعلم العلم لاكتساب الدنيا وتحصيل الرفعة فيها كمثل من رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما اشرف الوسيلة وما اخس المتوسل اليه والذي يحمل العبد على تعليم ما لا يليق به وذكر ما يجب صونه انما هو إيثار الدنيا على الآخرة لكن الله تعالى يقول وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى فان أردت ان تعرف قدرك عند الله فانظر فيما ذا يقيمك وذلك لان الأعمال علامات والأحوال كرامات والكرامات دليل والعلوم وسائل وقد جاء (من سره ان يعرف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله في قلبه فان الله ينزل العبد عنده حيث أنزله العبد من نفسه) والإنسان نسخة آلهية قابلة للواردات الإلهية فالنصف الأسفل منه بمنزلة الملك والنصف الا على بمنزلة الملكوت وبعبارة اخرى الطبيعة والنفس بمنزلة الملك والروح والسر بمنزلة الملكوت فاذا قطع العلائق بالعبادة الحقانية يتصرف في عالم الملك والملكوت اللذين في ملك وجوده وهو باب الملك والملكوت اللذين في الخارج واعلم

[سورة البقرة (2) : آية 104]

ان وصلة العلماء على قدر علمهم واستدلالهم ووصلة الكمل على قدر مشاهدتهم وعيانهم لكن لا على وجه مشاهدة سائر الأشياء فانه تعالى منزه عن الكيف والأين بل هي عبارة عن ظهور الوجود الحقيقي عند اضمحلال وجود الرائي وفنائه وأول ما يتجلى للسالك الافعال ثم الصفات واما تجلى الذات فلا يتيسر الا للآحاد فهو لا يكون الا بمحو الوجود وافنائه لكن ذلك الفناء عين البقاء وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره كنت اعلم الإخلاص لبعض الفقراء وهو يعلمنا الفناء: قال السعدي ترا كى بود چون چراغ التهاب ... كه از خود پرى همچوقنديل از آب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ارشاد للمؤمنين الى الخير راعِنا المراعاة المبالغة في الرعي وهو حفظ الغير وتدبير أموره وتدارك مصالحه كان المسلمون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا القى عليهم شيأ من العلم راعنا يا رسول الله اى راقبنا وانتظرنا وتأن بنا حتى نفهم كلامك وكانت لليهود كلمة عبرانية او سريانية يتسابون بها فيما بينهم وهي راعنا فلما سمعوا بقول المؤمنين راعنا افترصوه وخاطبوا به الرسول وهم يعنون به تلك المسبة فنهى المؤمنون عنها قطعا لألسنة اليهود عن التلبيس وأمروا بما هو في معناها ولا يقبل التلبيس فقيل وَقُولُوا انْظُرْنا اى انتظرنا من نظره إذا انتظره وَاسْمَعُوا وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلقى عليكم من المسائل باذان واعية وأذهان حاضرة حتى لا تحتاجوا الى الاستعادة وطلب المراعاة وَلِلْكافِرِينَ اى ولليهود الذين تهاونوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسبوه عَذابٌ أَلِيمٌ وجيع لما اجترءوا عليه من المسبة العظيمة وفي هذه الآية دليلان أحدهما على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض واما قولهم لا بأس بالمعاريض وهو ان يتكلم لرجل بكلمة يظهر من نفسه شيأ ومراده شىء آخر فانما أرادوا ذلك إذا اضطر الإنسان الى الكذب فاما إذا لم يكن حاجة ولا ضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده بان لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم واعراضهم) وقدم اللسان في الذكر لان التعرض به اسرع وقوعا واكثر وخص اليد بالذكر لان معظم الافعال يكون بها: قال في المثنوى اين زبان چون سنك وهم آهن وشيست ... وآنچهـ بجهد از زبان چون آتشيست سنك وآهن رامزن بر هم كزاف ... كه ز روى نقل وكه از روى لاف زانكه تاريكست وهر سو پنبه زار ... در ميان پنبه چون باشد شرار عالمى را يك سخن ويران كند ... روبهان مرده را شيران كند والثاني التمسك بسد الذرائع وحمايتها والذريعة عبارة عن امر غير ممنوع لنفسه يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع ووجه التمسك بها ان اليهود كانوا يقولون ذلك وهي سب بلغتهم فلما علم الله تعالى ذلك منهم منع من اطلاق ذلك اللفظ لانه ذريعة للسب قال تعالى وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ فمنع من سب آلهتهم مخافة مقابلتهم بمثل

[سورة البقرة (2) : آية 105]

ذلك وقال تعالى وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ الآية فحرم الله عليهم الصيد فى يوم السبت فكان الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا اى ظاهرة فسدوا عليها يوم السبت وأخذوها يوم الأحد وكان السد ذريعة للاصطياد فمسخهم الله قردة وخنازير وعن عائشة رضى الله عنها ان أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله عليه السلام (ان أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله) قال العلماء ففعل ذلك اوائلهم ليستأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدوا كاجتهادهم ويعبدوا الله عند قبورهم فمضت لهم بذلك ازمان ثم انهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان ان آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصور فعبدوها فحذر النبي عليه الصلاة والسلام عن مثل ذلك وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك وسد الذرائع المؤدية الى ذلك فقال عليه السلام (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) وقال (اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد) وقال صلى الله عليه وسلم (لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس) وقال عليه السلام (ان من الكبائر شتم الرجل والديه) قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال (نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب امه فيسب امه) فجعل التعرض لسب الآباء والأمهات كسب الآباء والأمهات وقال صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع فى الشبهات وقع في الحرام كالراعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه) فمنع عليه السلام من الاقدام على الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات وفي الحديث (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلالا ينزعه منكم حتى ترجعوا الى دينكم) والعينة هو ان يبيع رجل من رجل سلعة بثمن معلوم الى أجل مسمى ثم يشتريها منه باقل من الثمن الذي باعها به وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة وذلك ان العينة هو الحال الحاضر والمشترى انما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل اليه من فوره وفي هذا الحديث ذم للزراع إذا كان زراعتهم ذريعة لترك الجهاد قال عليه الصلاة والسلام حين رأى آلة الحراثة في دار قوم (ما دخل هذا بيت قوم الا ذلوا) وذلك لان الزراعة عمارة الدنيا واعراض عن الجهاد فيستحق به الذل وعمارة الدنيا اصل في حق الكفار عارض فى حق المسلمين فان المسلمين يجعلونها وسيلة الى الآخرة واما الكفار فيعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن آخرتهم غافلون وقد قال عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن) اى بالنسبة الى ما أعد له من ثواب النعيم (وجنة الكافر) اى بالاضافة الى ما هيئ له من عذاب الآخرة والقطعية والهجران ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا كان فريق من اليهود يظهرون للمؤمنين محبة ويزعمون انهم يودون لهم الخير فتزل تكذيبا لهم والود حب الشيء مع تمنيه ونفى الود كناية عن الكراهة اى ما يحب الذين كفروا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ من للتبيين لان الذين كفروا جنس تحته نوعان اهل الكتاب والمشركون فكأنه قيل ما يود الذين كفروا

وهم اهل الكتاب والمشركون فبين ان الذين كفروا باق على عمومه وان المراد كلا نوعيه جميعا والمعنى ان الكفار جميعا لم يحبوا أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ اى على نبيكم لان المنزل عليه منزل على أمته مِنْ خَيْرٍ هو قائم مقام فاعله ومن مزيدة لاستغراق الخير والخير الوحى والقرآن والنصرة مِنْ رَبِّكُمْ من لابتداء الغاية والمعنى انهم يرون أنفسهم أحق بان يوحى إليهم فيحسدونكم ويكرهون ان ينزل عليكم شىء من الوحى اما اليهود فبناء على انهم اهل الكتاب وأبناء الأنبياء الناشئون في مهابط الوحى وأنتم أميون واما المشركون فادلا لا بما كان لهم من الجاه والمال زعما منهم ان رياسة الرسالة كسائر الرياسات الدنيوية منوطة بالأسباب الظاهرة ولذا قالوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ وهم كانوا يتمنون ان تكون النبوة في أحد الرجلين نعيم بن مسعود الثقفي بالطائف والوليد بن المغيرة بمكة ثم أجاب عن قول من يقول لم لم ينزل عليهم بقوله وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ يقال خصه بالشيء واختصه به إذا أفرده به دون غيره ومفعول من يشاء محذوف والرحمة النبوة والوحى والحكمة والنصرة والمعنى يفرد برحمته من يشاء افراده بها ويجعلها مقصورة عليه لاستحقاقه الذاتي الفائض عليه بحسب إرادته عز وجل لا تتعداه الى غيره لا يجب عليه شىء وليس لاحد عليه حق وما وقع في عبارة مشايخنا في حق بعض الأشياء انه واجب في الحكمة يعنون به انه ثابت متحقق لا محالة في الوجود لا يتصور ان لا يكون لا انه يجب ذلك بايجاب موجب وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ اى على من يختاره بالنبوة والوحى لابتدائه بالإحسان بلا علة وهو حجة لنا على المعتزلة فان المفضل عند الخلق هو الذي يعطى ويبذل ما ليس عليه لان الذي يعطى ما عليه يكون قاضيا لا مفضلا ولو كان يجب عليه فعل الأصلح لكان المناسب ان يكون ذو العدل بدل قوله ذو الفضل ثم فيه اشعار بان إيتاء النبوة من الفضل وان حرمان بعض عباده ليس لضيق فضله بل لمشيئته وما عرف فيه من حكمته فمن تعرض لرد ما من الله به على عباده المؤمنين فقد جهل بحقيقة الأمر وعباد الله المخلصون قسمان قوم أقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الأعمال والأوراد وقوم اختصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد وكل في خدمته وتحت طاعته إذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه والعبودية صفة العبد لا تفارقه مادام حيا ومن حقائق العبودية إخراج الحسد من القلب قال بعض الحكماء بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه أولها انه ابغض كل نعمة ظهرت على غيره والثاني انه يتسخط قسمته تعالى ويقول لربه لو قسمت هكذا والثالث ان فضل الله يؤتيه من يشاء وهو يبخل بفضله والرابع انه خذل ولى الله لانه يريد خذلانه وزوال النعمة عنه والخامس انه أعان عدوه يعنى إبليس واعلم ان حسدك لا ينفذ على عدوك بل على نفسك بل لو كوشفت بحالك في يقظة او منام لرأيت نفسك ايها الحاسد في صورة من يرمى حجرا الى عدوه ليصيب به مقلته فلا يصيبه بل يرجع الى حدقته اليمنى فيقلعها فيزيد غضبه ثانيا فيعود ويرميه أشد من الاولى فيرجع على عينه اليسرى فيعميها فيزداد غضبه ثالثا فيعود ويرميه فيرجع الحجر على رأسه فيشجه وعدوه سالم في كل حال وهو اليه راجع كرة بعد اخرى واعداؤه حواليه يفرحون ويضحكون وهذا حال الحسود وسخرية الشياطين وقال

[سورة البقرة (2) : آية 106]

بكر بن عبد الله كان رجل يأتى بعض الملوك فيقوم بحذائه ويقول احسن الى المحسن بإحسانه فان المسيئ سيكفيه إساءته فحسده رجل على ذلك المقام والكلام فسعى به الى الملك وقال ان هذا الرجل يزعم ان الملك ابخر فقال الملك وكيف يصح ذلك عندى قال ندعو به إليك فانظر فانه إذا دنا منك وضع يده على انفه ان لا يشم ريح البخر فخرج من عند الملك فدعا الرجل الى منزله فاطعمه طعاما فيه ثؤم فخرج الرجل من عنده فقام بحذاء الملك فقال على عادته مثل ما قال فقال له الملك ادن منى فدنا منه واضعا يده على فيه مخافة ان يشم الملك منه ريح الثوم فصدق الملك في نفسه قول الساعي قال وكان الملك لا يكتب بخطه الا لجائزة فكتب له كتابا بخطه الى عامل له إذا أتاك الرجل فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به الى فاخذ الكتاب وخرج فلقيه الرجل الذي سعى به فاستوهب منه ذلك الكتاب فاخذه منه بانواع التضرع والامتنان ومضى الى العامل فقال له العامل ان في كتابك ان أذبحك واسلخك قال ان الكتاب ليس هو لى الله الله في امرى حتى أراجع الملك قال ليس لكتاب الملك مراجعة فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا وبعث به ثم عاد الرجل كعادته فتعجب منه الملك فقال ما فعلت بالكتاب قال لقينى فلان فاستوهبه منى فوهبته قال الملك انه ذكر لى انك تزعم انى ابخر فقال كلا قال فلم وضعت يدك على انفك قال كان أطعمني طعاما فيه تؤم فكرهت ان تشمه قال ارجع الى مكانك فقد كفى المسيئ إساءته ونعم ما قيل هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر چهـ ميكند يابد اللهم احفظنا من مساوى الأخلاق ما شرطية جازمة لننسخ منتصبة به على المفعولية اى أي شىء نَنْسَخْ ومحل قوله مِنْ آيَةٍ نصب تمييز لما والنسخ في اللغة الازالة والنقل يقال نسخت الريح الأثر اى إزالته ونسخت الكتاب اى نقلته من نسخة الى نسخة ونسخ الآية بيان انتهاء التعبد بقراءتها او بالحكم المستفاد منها او بهما جميعا اما الاول فكآية الرجم كما روى ان مما يتلى عليكم في كتاب الله [الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة] فهو منسوخ التلاوة دون الحكم ومعنى النسخ في مثلها انتهاء التكليف بقراءتها عند نسخ تلاوتها واما الثاني فكآية عدة الوفاة بالحول قال تعالى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ نسخت باربعة أشهر وعشرا لقوله تعالى يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وكمصابرة الواحد لعشرة في القتال نسخت بمصابرة الواحد للاثنين فهو منسوخ الحكم دون التلاوة وهو المعروف من النسخ في القرآن فتكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتين في التلاوة الا ان المنسوخة لا يعمل بها ومعنى النسخ في مثلها بيان انتهاء التكليف بالحكم المستفاد منها عند نزول الآية المتأخرة عنها وحسن بقاء التلاوة مع نسخ الحكم ورفعه ليبقى حصول الثواب بقراءتها فان القرآن كما يتلى لحفظ حكمه لتيسير العمل به يتلى ايضا لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه واما الثالث فكما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت كان مما يتلى في كتاب الله [عشر رضعات يحرمن] ثم نسخ [بخمس رضعات يحرمن] فهو منسوخ الحكم والتلاوة جميعا ومعنى النسخ في مثلها بيان انتهاء التكليف بقراءتها وبالحكم

المستفاد منها عند نسخها قال القرطبي الجمهور على ان النسخ انما هو مختص بالأوامر والنواهي والخبر لا يدخله النسخ لاستحالة الكذب على الله تعالى أَوْ نُنْسِها إنساء الآية إذهابها من القلوب كما روى ان قوما من الصحابة قاموا ليلة ليقرؤا سورة فلم يذكروا منها الا البسملة فغدوا الى النبي عليه السلام واخبروه فقال صلى الله عليه وسلم (تلك سورة رفعت بتلاوتها وأحكامها) روى ان المشركين او اليهود قالوا ألا ترون الى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ما يقول الا من تلقاء نفسه يقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا كما امر في حد الزنى بايذائهما باللسان حيث قال (فآذوهما) ثم جعله منسوخا وامر بامساكهن في البيوت) حتى يتوفاهن الموت) ثم جعله منسوخا بقوله فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ يريدون بذلك الطعن في الإسلام ليضعفوا عزيمة من أراد الدخول فيه فبين الله الحكمة في النسخ بهذه الآية والمعنى ان كل آية تذهب بها على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من ازالة لفظها او حكمها او كليهما معا الى بدل او الى غير بدل نَأْتِ بِخَيْرٍ اى بآية هى خير مِنْها للعباد بحسب الحال فى النفع والثواب من الذاهبة وليس المقصود ان آية خير من آية لان كلام الله واحد وكله خير فلا يتفاضل بعض الآيات على بعض في أنفسها من حيث انه كلام الله ووحيه وكتابه بل التفاضل فيها انما هو بحسب ما يحصل منها للعباد أَوْ مِثْلِها فى المنفعة والثواب فكل ما نسخ الى الأيسر فهو أسهل في العمل وما نسخ الى الأشق فهو في الثواب اكثر اما الاول فكنسخ الاعتداد بحول ونقله الى الاعتداد باربعة أشهر وعشرا واما الثاني فكنسخ ترك القتال بايجابه وقد يكون النسخ بمثل الاول لا أخف ولا أشق كنسخ التوجه الى بيت المقدس بالتوجه الى الكعبة وهذا الحكم غير مختص بنسخ الآية التامة فما فوقها بل جار فيما دونها ايضا وتخصيصها بالذكر باعتبار الغالب واعلم ان الناسخ على الحقيقة هو الله تعالى ويسمى الخطاب الشرعي ناسخا تجوزا في الاسناد بناء على ان النسخ يقع به والمنسوخ هو الحكم المزال والمنسوخ عنه هو المتعبد بالعبادة المزالة وهو المكلف والحكمة في النسخ ان الطبيب المباشر لاصلاح البدن يغير الاغذية والادوية بحسب اختلاف الامزجة والازمنة كذلك الأنبياء المباشرون لاصلاح النفوس يغيرون الأعمال الشرعية والاحكام الخلقية التي هي للنفوس بمنزلة العقاقير والاغذية للابدان فان اغذية النفوس وادويتها هي الأعمال الشرعية والأخلاق المرضية فيغيرها الشارع على حسب تغير مصالحها فكما ان الشيء يكون دواء للبدن في وقت ثم قد يكون داء في وقت آخر كذلك الأعمال قد تكون مصلحة في وقت ومفسدة في وقت وقس عليه حال المرشد والمسترشد فان التربية على القاعدة التسليكية بحسب احوال المشارب ولا يلقاها من المرشدين الا ذو حظ عظيم: قال في المثنوى رمز ننسخ آية او ننسها ... نأت خيرا در عقب مى دان مها [2] هر شريعت را كه حق منسوخ كرد ... او كيا برد وعوض آورده ورد اندرين شهر حوادث مير اوست ... در ممالك مالك تدبير اوست آنكه داند دوخت او داند دريد ... هر چهـ را بفروخت نيكوتر خريد

[سورة البقرة (2) : الآيات 107 إلى 108]

أَلَمْ تَعْلَمْ الخطاب للنبى عليه السلام ومعنى الاستفهام تقرير اى انك تعلم أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على النسخ والإتيان بمثل المنسوخ وبما هو خير أَلَمْ تَعْلَمْ وخصه عليه السلام بالخطاب مع ان غيره داخل في الخطاب ايضا حقيقة بناء على ان المقصود من الخطاب تقرير علم المخاطب بما ذكر ولا أحد من البشر اعلم بذلك منه عليه السلام إذ قد وقف من اسرار ملكوت السموات والأرض على ما لا يطلع عليه غيره وعلم غيره بالنسبة الى علمه عليه السلام ملحق بالعدم لان علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المنزلة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو كالدليل على قوله أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والملك تمام القدرة واستحكامها وتخصيص السموات والأرض بالذكر وان كان الله تعالى له ملك الدنيا والآخرة جميعا لكونهما أعظم المصنوعة وأعجبها شأنا وَما لَكُمْ ايها المؤمنون مِنْ دُونِ اللَّهِ اى سوى الله وهو في حيز النصب على الحالية من الولي لانه في الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا مِنْ زائدة للاستغراق وَلِيٍّ قريب وصديق وقيل وال وهو القيم بالأمور وَلا نَصِيرٍ اى معين ومانع والفرق بين الولي والنصير ان الولي قد يضعف عن النصرة والنصير قد يكون أجنبيا عن المنصور والمقصود التسكين لقلوب المؤمنين بان الله وليهم وناصرهم دون غيره فلا يجوز الاعتماد الا عليه ولا يصح الالتجاء الا اليه والمعنى ان قضية العلم بما ذكر من الأمور الثلاثة وهو العلم ب أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والعلم ب أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والعلم بان ليس لهم مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ هو الجزم والإيقان بانه تعالى لا يفعل بهم في امر من امور دينهم او دنياهم الا ما هو خير لهم والعمل بموجبه شىء من الثقة والتوكل عليه وتفويض الأمر اليه من غير إصغاء الى أقاويل الكفرة وتشكيكاتهم التي هي من جملتها ما قالوا في امر النسخ أَمْ تُرِيدُونَ أم معادلة للهمزة في ألم تعلم اى ألم تعلموا انه مالك الأمور وقادر على الأشياء كلها يأمر وينهى كما أراد أم تعلمون وتقترحون بالسؤال كما اقترحت اليهود على موسى عليه السلام والمراد توصية المسلمين بالثقة به وترك الاقتراح عليه وهو المفاجأة بالسؤال من غير روية وفكر أَنْ تَسْئَلُوا وأنتم مؤمنون رَسُولَكُمْ وهو في تلك الرتبة من علو الشأن وتقترحوا عليه ما تشتهون غير واثقين باموركم بفضل الله تعالى حسبما يوجبه قضية علمكم بشؤونه تعالى قيل لعلهم كانوا يطلبون منه عليه السلام بيان تفاصيل الحكم الداعية الى النسخ كَما سُئِلَ مُوسى مصدر تشبيهى اى نعت لمصدر مؤكد محذوف وما مصدرية اى سؤالا مشبها بسؤال موسى عليه السلام حيث قيل له اجعل لنا الها وأرنا الله جهرة وغير ذلك مِنْ قَبْلُ اى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم متعلق بسئل جيئ به للتأكيد وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ اى يختره ويأخذه لنفسه بِالْإِيمانِ بمقابلته بدلا منه وحاصله ومن يترك الثقة بالآيات البينة المنزلة بحسب المصالح التي من جملتها الآيات الناسخة التي هي خير محض وحق بحت واقترح غيرها فَقَدْ ضَلَّ اى عدل وحار من حيث لا يدرى سَواءَ السَّبِيلِ عن الطريق المستقيم الموصل

[سورة البقرة (2) : الآيات 109 إلى 115]

الى معالم الحق والهدى وتاه في تيه الهوى وتردى في مهاوى الردى وسواء السبيل وسط الطريق السوي الذي هو بين الغلو والتقصير وهو الحق واكثر المفسرين على ان سبب نزول الآية ان اليهود قالوا يا محمد ائتنا بكتاب الله جملة كما جاء موسى بالتوراة جملة فنزلت كما قال يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ الى قوله جَهْرَةً فالمخاطبون بقوله أم تريدون هم اليهود واضافة الرسول إليهم في قوله رسولكم باعتبار انهم من امة الدعوة ومعنى تبدل الكفر بالايمان ترك صرف قدرتهم اليه مع تمكنهم من ذلك وإيثارهم للكفر عليه قال الامام وهذا أصح لان الآية مدنية ولان هذه السورة من أول قوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ حكاية عنهم ومحاجة معهم وفي الآية اشارة الى حفظ الآداب فمن لم يتأدب بين يدى مولاه ورسوله وخلفائه فقد تعرض للكفر وحقيقة الأدب اجتماع خصال الخير وعن النبي عليه السلام قال (حق الولد على والده ان يحسن اسمه ويحسن مرضعه ويحسن أدبه فانه مسؤل عنه يوم القيامة ومؤاخذ بالتقصير فيه) قال في بستان العارفين مثل الايمان مثل بلدة لها خمسة من الحصون الاول من ذهب والثاني من فضة والثالث من حديد والرابع من حبوكل والخامس من لبن فمادام اهل الحصن يتعاهدون الحصن الذي من اللبن فالعدو لا يبلغ فيهم فاذا تركوا التعاهد حتى خرب الحصن الاول طمع في الثاني ثم في الثالث حتى خرب الحصون كلها فكذلك الايمان في خمسة من الحصون أولها اليقين ثم الإخلاص ثم أداء الفرائض ثم إتمام السنن ثم حفظ الأدب فمادام يحفظ الأدب ويتعاهده فان الشيطان لا يطمع فيه فاذا ترك الأدب طمع في السنن ثم في الفرائض ثم في الإخلاص ثم في اليقين وينبغى ان يحفظ الأدب في جميع أموره من امر الوضوء والصلاة والبيع والشراء والصحبة وغير ذلك واعلم ان الشريعة هي الاحكام والطريقة هي الأدب وانما رد من رد لعدم رعاية الأدب كابليس وغيره من المردودين كما قيل بى ادب مرد كى شود مهتر ... گر چهـ او را جلالت نسبست با ادب باش تا بزرگ شوى ... كه بزرگى نتيجه ادبست وسئل ابن سيرين أي الأدب اقرب الى الله فقال معرفة ربوبيته والعمل بطاعته والحمد على السراء والصبر على الضراء انتهى كلامه وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ هم رهط من أحبار اليهود وروى ان فنحاص بن عازوراء وزيد بن قيس ونفرا من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر رضي الله عنهما بعد وقعة أحد ألم تروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا الى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن اهدى منكم سبيلا فقال عمار كيف نقض العهد فيكم قالوا شديد قال فانى قد عاهدت ان لا اكفر بمحمد ما عشت فقالت اليهود اما عمار فقد صبا اى خرج عن ديننا بحيث لا يرجى منه الرجوع اليه ابدا فكيف أنت يا حذيفة ألا تبايعنا قال حذيفة رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا فقالوا واله موسى لقد اشرب في قلوبكما حب محمد ثم أتيا رسول الله عليه السلام وأخبراه فقال (أصبتما خيرا وأفلحتما) والمعنى أحب وأراد كثير من اليهود لَوْ يَرُدُّونَكُمْ اى ان يردوكم فان لو من الحروف المصدرية إذا جاءت بعد فعل يفهم منه معنى التمني نحو قوله تعالى وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ

[سورة البقرة (2) : آية 110]

اى ان يصرفوكم عن التوحيد مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ يا معشر المؤمنين كُفَّاراً اى مرتدين حال من ضمير المخاطبين في يردونكم ويحتمل ان يكون مفعولا ثانيا ليردونكم على تضمينه معنى يصيرونكم حَسَداً علة لقوله ود كانه قبل ود كثير ذلك من أجل الحسد مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ يجوز ان يتعلق بود على معنى انهم تمنوا ارتدادكم من عند أنفسهم وقبل شهوتهم واهوائهم لا من قبل التدين والميل مع الحق ولو على زعمهم لانهم ودوا ذلك فكيف يكون تمنيهم من قبل الحق ويجوز ان يتعلق بحسدا اى حسدا منبعثا من اصل نفوسهم بالغا أقصى مراتبه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ اى من بعد ما ظهر لهم ان محمدا رسول الله وقوله حق ودينه حق بالمعجزات والنعوت المذكورة في التوراة فَاعْفُوا العفو ترك عقوبة المذنب يقال عفت الريح المنزل درسته وعفا المنزل يعفو درس يتعدى ولا يتعدى ومن ترك المذنب فكأنه درس ذنبه من حيث انه ترك المكافاة والمجازاة وذلك لا يستلزم الصفح ولذا قال تعالى وَاصْفَحُوا فانه قد يعفو الإنسان ولا يصفح والصفح ترك التقريع باللسان والاستقصاء في اللوم يقال صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه بالكلية وقد ضربت عنه صفحا إذا أعرضت عنه وتركته وليس المراد بالعفو والصفح المأمور بهما الرضى بما فعلوا لان ذلك كفر والله تعالى لا يأمر به بل المراد بهما ترك المقاتلة والاعراض عن الجواب عن مساوى كلامهم حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ اى يحكم الله بحكمه الذي هو الاذن في قتالهم وضرب الجزية عليهم او قتل بنى قريظة واجلاء بنى النضير- روى- ان الصحابة رضي الله عنهم استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ان يقتلوا هؤلاء اليهود الذين كفروا بانفسهم ودعوا المسلمين الى الكفر فنزلت الآية بترك القتال والاعراض عن المكافاة الى ان يجيئ الاذن من الله تعالى إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على الانتقام منهم وينتقم إذا جاء أوانه وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ عطف على فاعفوا كأنه أمرهم بالصبر والمخالفة واللجأ الى الله تعالى بالعبادة والبر فالمراد الأمر بملازمة طاعة الله تعالى من الفرائض والواجبات والتطوعات بقرينة قوله وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ فان الخير يتناول اعمال البر كلها الا انه تعالى خص من بينها اقام الصلاة وإيتاء الزكاة بالذكر تنبيها على عظم شأنهما وعلو قدرهما عند الله تعالى فان الصلاة قربة بدنية ليكون عمل كل عضو شكرا لما أنعم الله عليه فى ذلك والزكاة قربة مالية ليكون شكرا للاغنياء الذين فضلهم الله في الدنيا بالاستمتاع بلذيذ العيش بسبب سعتهم في صنوف الأعمال وما تقدموا شرطية اى أي شىء من الخيرات صلاة او صدقة او غيرهما تقدموه وتسلفوه لمصلحة أنفسكم تَجِدُوهُ اى ثوابه وجزاءه لاعينه لان عين تلك الأعمال لا تبقى ولان وجدان عينها لا يرغب فيه عِنْدَ اللَّهِ اى محفوظا عنده فى الآخرة فتجدوا الثمرة واللقمة فيها مثل أحد ولفظ التقديم اشارة الى ان المقصود الأصلي والحكمة الكلية في جميع ما أنعم الله تعالى به على المكلفين في الدنيا ان يقدموه الى معادهم ويدخروه ليومهم الآجل كما جاء في الحديث (ان العبد إذا مات قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم) إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ اى عالم لا يخفى عليه القليل ولا الكثير من الأعمال والعمل غير مقيد بالخير او الشر فهو عام شامل للترغيب والترهيب فالترغيب من حيث انه يدل

على انه تعالى يجازى على القليل من الخير كما يجازى على الكثير والترهيب من حيث انه يجارى على القليل والكثير من الشر ايضا فلا يضيع عنده عمل عامل وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انه مر ببقيع الغرقد فقال السلام عليكم اهل القبور اخبار ما عندنا ان نساءكم قد تزوجن ودوركم قد سكنت وأموالكم قد قسمت فأجابه هاتف يا ابن الخطاب اخبار ما عندنا ان ما قدمناه وجدناه وما انفقناه فقد ربحناه وما خلفناه فقد خسرناه ولقد احسن القائل قدم لنفسك قبل موتك صالحا ... واعمل فليس الى الخلود سبيل قال السعدي تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال غبار هوا چشم عقلت بدوخت ... سموم هوا كشت عمرت بسوخت بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك اعلم ان الإنسان إذا مات انقطع عمله الا ان يبقى بعده واحد من الأولاد الاربعة التي لا ينقطع أجرها الاول ما يتولد من مال الإنسان كبناء المساجد والجسور والرباط والأوقاف وغير ذلك من الخيرات: كما قال السعدي في البستان از ان كس كه خيرى بماند روان ... دمادم رسد رحمتش بر روان نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى ... پل ومسجد وخان ومهمان سراى هر آن كو نماند از پسش يادگار ... درخت وجودش نياورد بار وگر رفت وآثار خيرش نماند ... نشايد پس مرگ الحمد خواند والى هذا أشار عليه السلام بقوله (من صدقة جارية) فى حديث (إذا مات الإنسان انقطع عمله الا من ثلاث) والثاني ما يتولد من العقل الراجح كالعلم المنتفع به واليه الاشارة بقوله عليه السلام (او علم ينتفع به) قيل هو الاحكام المستنبطة من النصوص والظاهر انه عام متناول ما خلفه من تصنيف او تعليم في العلوم الشرعية وما يحتاج اليه في تعلمها قيد العلم بالمنتفع به لان ما لا ينتفع به لا يثمر اجرا كما ان كتم ما ينتفع به لا يثمر اجرا بل اثما وعذابا كما ورد في الحديث (من كتم علما بعلمه الجم يوم القيامة بلجام من النار) قال الامام السخاوي يشمل هذا الوعيد حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع بها والثالث ما يتولد من النفس كالبنين والبنات واليه الاشارة بقوله عليه السلام (او ولد صالح يدعو له) قيد عليه الصلاة والسلام بالصالح لان الاجر لا يحصل من غيره واما الوزر فلا يلحق بالأب من سيئة ولده إذا كانت نيته في تحصيله الخير وانما ذكر الدعاء له تحريضا للولد على الدعاء لابيه لا لانه قيد لان الاجر يحصل للوالد من ولده الصالح كلما عمل عملا صالحا سواء دعا لابيه أم لا كمن غرس شجرة يحصل له من أكل ثمرتها ثواب سواء دعا له من أكلها أم لم يدع وكذلك الام فان قلت ما التوفيق بين هذا الحديث وبين قوله عليه السلام (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة) وقوله عليه السلام (من مات يختم على عمله الا المرابط في سبيل الله فانه ينمو له عمله الى يوم القيامة) قلنا السنة المسنونة من جملة العلم المنتفع به ومعنى حديث المرابط ان ثواب عمله الذي قدمه في حياته

[سورة البقرة (2) : الآيات 111 إلى 112]

ينمو له الى يوم القيامة اما الثلاث المذكورة في الحديث فانها اعمال تحدث بعد وفاته لا تنقطع عنه لانه سبب لها فيلحقه منها ثواب والرابع ما يتولد من الروح وهي الأولاد المعنوية التي تولدت من التربية كاولاد المشايخ الكاملين من الصوفية المتشرعين المحققين وهذا القسم يمكن ان يندرج فيما قبله فافهم وَقالُوا نزلت في وفد نجران وكانوا نصارى اجتمعوا في مجلس رسول الله عليه السلام مع اليهود فكذب بعضهم بعضا فقالت اليهود لبنى نجران لن يدخل الجنة الا اليهود وقال بنوا نجران لليهود لن يدخلها الا النصارى فقال الله قال اهل الكتاب من اليهود والنصارى لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى لم يقل كانوا حملا للاسم على لفظ من وجمع الخبر حملا على معناه والهود جمع هائد اى تائب نحوانا هدنا إليك وكأنه كان في الأصل اسم مدح لمن تاب منهم من عبادة العجل ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لجماعتهم كالعلم لهم والنصارى جمع نصران كسكران تِلْكَ اى ما قالوا بان الجنة لا يدخلها الا من كان هودا او نصارى أَمانِيُّهُمْ اى شهواتهم الفاسدة التي تمنوها على الله بغير الحق لا حقيقة لها جمع امنية وهي ما يتمنى افعولة كالاعجوبة والتمني التشهي والعرب تسمى الكلام العاري عن الحجة تمنيا وغرورا وضلالا وأحلاما مجازا وجمع الأماني باعتبار صدورها عن الجميع من اليهود والنصارى ثم اومأ الله الى بطلان أقوالهم بقوله لنبيه عليه السلام قُلْ هاتُوا أصله أتوا قلبت الهمزة هاء وهو أمر تعجبى اى احضروا بُرْهانَكُمْ حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة ولم يقل براهينكم لان الدعوى كانت واحدة وهي نفى دخول غيرهم الجنة والحجة على تلك الدعوى واحدة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعواكم فان كل قول لا دليل عليه غير ثابت بَلى اعلم ان قولهم لن يدخل الجنة إلخ مشتمل على إيجاب ونفى اما الإيجاب فهو ان يدخل الجنة اليهود والنصارى واما النفي فهو ان لا يدخل الجنة غيرهم فقوله بلى اثبات لما نفوه في كلامهم فكأنهم قالوا لا يدخل الجنة غيرنا فاجيبوا بقوله بلى يدخل الجنة غيركم وليس الأمر كما تزعمون مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ اى أخلص نفسه له تعالى لا يشرك به شيأ فان اسلام شىء لشئ جعله سالما له بان لا يكون لاحد حق فيه لا من حيث التخليق والمالكية ولا من حيث استحقاق العبادة والتعظيم عبر عنها بالوجه لكونه اشرف الأعضاء من حيث انه معدن الحواس والفكر والتخيل فهو مجاز من باب ذكر الجزء وارادة الكل ومنه قولهم كرم الله وجهك ويحتمل ان يكون اخلاص الوجه كناية عن اخلاص الذات لان من جاد بوجهه لا يبخل بشئ من جوارحه ويكون الوجه بمعنى العضو المخصوص وَهُوَ مُحْسِنٌ حال من ضمير اسلم اى وهو مع إخلاصه وتسليم النفس الى الله بالكلية بالخضوع والانقياد محسن في جميع اعماله بان يعملها على وجهة يستصوبها فان إخلاصها لله لا يستلزم كونها مستحسنة بحسب الشرع وحقيقة الإحسان والإتيان بالعمل على الوجه اللائق وهو حسنه الوصفي التابع لحسنه الذاتي وقد فسره صلى الله عليه وسلم بقوله (أن تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك) وهذا المعنى حقيقة الايمان وظاهره الإحسان واما باطنه فمرتبة كنت سمعه وبصره التي هي نتيجة قرب النوافل وهو كون ذات الحق ووجوده مرآة لصفات

[سورة البقرة (2) : آية 113]

العبد ومظهرا لاحواله واما قرب الفرائض فهو المصرح في قوله قال الله تعالى على لسان عبده (سمع الله لمن حمده) وهو كون صفات العبد وأحواله مرآة لذات الحق ومظهرا لوجوده وباعتبار قرب النوافل كان الظاهر والمرئي والمشهود هو العبد وباعتبار قرب الفرائض هو الحق فَلَهُ أَجْرُهُ ثوابه الذي وعدله على عمله وهو عبارة عن دخول الجنة وتصويره بصورة الاجر للايذان بقوة ارتباطه بالعمل واستحالة نيله بدونه عِنْدَ رَبِّهِ اى حال كون ذلك الاجر ثابتا عند مالكه ومدبر أموره ومبلغه الى كماله لا يضيع ولا ينقص والعندية للتشريف والجملة جواب من ان كانت شرطية وخبرها ان كانت موصولة والفاء لتضمنها معنى الشرط وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فى الآخرة عند دخول الجنة كما قال تعالى حبرا عن اهل الجنة الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ واما في الدنيا فانهم يخافون من ان يصيبوا الشدائد والأهوال العظام قدامهم ويحزنون على ما فاتهم من الأعمال الصالحة والطاعات المؤدية الى الفوز بانواع السعادات فان المؤمن كما لا يقنط من رحمة الله لا يأمن من غضبه وعقابه كما قيل لا يجتمع خوفان ولا أمنان فمن خاف في الدنيا أمن في الآخرة حين يخاف الكفار من العقاب ويحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب فان الخوف انما يكون مما يتوقع فى المستقبل كما ان الحزن انما يكون على ما وقع سابقا ومن أمن في الدنيا خاف في الآخرة قال في المثنوى لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائف آن هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون گويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس وَقالَتِ الْيَهُودُ بيان لتضليل كل فريق من اليهود والنصارى صاحبه بخصوصه اثر بيان تضليله كل من عداه على وجه العموم لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ اى على امر يصح ويعتد به وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ اى قالوا ما قالوا والحال ان كل فريق منهم يَتْلُونَ الْكِتابَ اللام للجنس اى انهم من اهل العلم والكتاب والتلاوة للكتب وحق من تلا كتابا من كتب الله تعالى وآمن به ان لا يكفر بالباقي لان كل واحد من كتب الله يصدق ما عداه كَذلِكَ اى مثل ذلك القول الذي سمعت به من هؤلاء العلماء الضالة على ان الكاف في موضع النصب على انه مفعول قال قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ من عبدة الأصنام والمعطلة ونحوهم من الجهلة اى قالوا لاهل كل دين ليسوا على شىء مِثْلَ قَوْلِهِمْ بدل من محل الكاف وفيه توبيخ عظيم حيث نظموا أنفسهم مع علمهم فى سلك من لا يعلم أصلا فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بين الفريقين يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ متعلق بيختلفون قدم للمحافظة على رؤس الآي يَخْتَلِفُونَ من امر الدين فان قلت بم يحكم قلت بما يقسم لكل فريق مما يليق به من العقاب وفعل الحكم يتعدى بجارين الباء وفي كما يقال حكم الحاكم في هذه القضية بكذا وفي الآية قد ذكر المحكوم فيه دون المحكوم به واعلم ان كل حزب بما لديهم فرحون وليس ذلك في الفرق الضالة خاصة بل ذلك يجرى بين صوفى وصوفى وشيخ

[سورة البقرة (2) : آية 114]

وشيخ وعالم وعالم فتخطئة كل فريق صاحبه مستمرة والاولى ان يتبع الهدى قال بعض المشايخ من ادعى انه صاحب قلب وارشاد بدون تزكية النفس ومعرفة المبدأ والمعاد لاجل الدنيا الدنيئة كان عذابه أضعاف عذاب النساء اللاتي رآهن النبي عليه السلام ليلة المعراج يقطعن صدورهن بمقاريض فسال جبريل فقال انهن الزواني من النساء اللاتي جئن بأولاد من الزنى فالدعوى باطلة بدون الدليل وصاحبها ضال مضل والمدعى كالزانية والتابع له على هواه كولد الزنى فان ولد الزنى هالك حكما لعدم المربى والاتباع لمبتدع لا ينتج الا البدعة والإلحاد- وحكى- عن الشيخ صدر الدين التبريزي انه قال كان رجل مشهور في تبريز يقال له عارف قدم يوما الى مجلس بعض العارفين فقال له ما اسمك قال محمود لكن يقال لى عارف قال له هل عرفت ذاتك حتى قيل لك عارف فقال قرأت كتبا كثيرة من مقالات المشايخ والصوفية قال له ذلك كلامهم فما لك بپر خويش بايد كرد پرواز ... ببال ديگران نتوان پريدن فمجرد النسخة لا يفيد بدون العمل بما فيها والتحقق بحقائقها وهذا كما ان تاجرا إذا وصل له كتاب من عبده المأذون في التجارة انى اشتريت كذا وكذا واخبر سيده بما وقع تفصيلا فبمجرد هذا الكتاب لا يقدر السيد ان يتجر بدون ان يصل اليه ما اشتراه العبد من السلعة فلو ادخل جماعة من المشترين في داره ليبيع متاعه لا يجد الا خجالة لان المحل الذي يعرض السلعة فيه على المشترين لا يفيده مجرد النسخة وقراءتها: قال في المثنوى مرغ بر بالا پران وسايه اش ... مى دود بر خاك پران مرغ وش ابلهى صياد آن سايه شود ... مى دود چندانكه بى مايه شود بي خبر كان عكس آن مرغ هواست ... بى خبر كه اصل آن سايه كجاست تير اندازد بسوى سايه او ... تركشش خالى شود از جست وجو تركش عمرش تهى شد عمر رفت ... از دويدن در شكار سايه تفت سايه يزدان چوباشد دايه اش ... وارهاند از خيال وسايه اش وَمَنْ أَظْلَمُ سبب النزول ان ططيوس الرومي ملك النصارى وأصحابه غزوا بنى إسرائيل فقتلوا مقاتليهم وسبوا ذراريهم واحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير ولم يزل خرابا حتى بناه اهل الإسلام في ايام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك لما استولى عمر رضي الله عنه على ولاية كسرى وغنم أموالهم عمر بها بيت المقدس ثم صار في أيدي النصارى من الافرنج اكثر من مائة سنة حتى فتحه واستخلصه الملك الناصر صلاح الدين من آل أيوب سنة خمسمائة وخمس وثمانين بعد الهجرة ومن في الأصل كلمة استفهام وهي هاهنا بمعنى النفي اى لا أحد اظلم مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ المراد بيت المقدس وصيغة الجمع لكون حكم الآية عاما لكل من فعل ذلك في أي مسجد كان كما تقول لمن آذى صالحا واحدا ومن اظلم ممن آذى الصالحين لانه لا عبرة لخصوص السبب أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ثانى مفعولى منع فانه يقتضى ممنوعا وممنوعا عنه فتارة يتعدى إليهما بنفسه كما في قولك منعته الأمر وتارة يتعدى الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر وهو كلمة عن او من مذكورة كانت كما في قولك منعته من الأمر او محذوفة كما في الآية اى

من ان يسبح ويقدس ويصلى له فيها وَسَعى اى عمل فِي خَرابِها بالهدم والخراب اسم للتخريب كالسلام اسم للتسليم وأصله الثلم والتفريق أُولئِكَ المانعون ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ اى ما كان ينبغى لهم ان يدخلوها الا بخشية وخضوع فضلا عن الاجتراء على تخريبها لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ اى خزى فظيع لا يوصف كالقتل والسبي في حق اهل الحرب والاذلال بضرب الجزية في حق اهل الذمة او هو فتح مدائنهم قسطنطينية ورومية وعمورية وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ وهو عذاب النار الذي لا ينقطع لما ان سببه ايضا وهو ما حكى من ظلمهم كذلك في العظم وقيل نزلت الآية فى مشركى العرب الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء الى الله تعالى بمكة والجأوه الى الهجرة فصاروا بذلك مانعين له عليه السلام ولاصحابه ان يذكروا الله في المسجد الحرام وايضا انهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن المسجد الحرام حين ذهب اليه من المدينة عام الحديبية وهي السنة السادسة من الهجرة والحديبية موضع على طريق مكة فعلى هذا يكون المسجد الذي نزلت الآية فيه المسجد الحرام فالمراد بالخراب في قوله وسعى فى خرابها تعطيلهم المسجد الحرام عن الذكر والعبادة دون تخريبه وهدمه حقيقة وجعل تعطيل المسجد عنهما تخريبا له لان المقصود من بنائه انما هو الذكر والعبادة فيه فمادام لم يترتب عليه هذا المقصود من بنائه صار كأنه هدم وخرب او لم يبن من أصله فان عمارة المسجد كما تكون ببنائه وإصلاحه تكون ايضا بحضوره ولزومه يقال فلان يعمر مسجد فلان إذا كان يحضره ويلزمه ويقال لسكان السموات من الملائكة عمارها قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان) وذلك لقوله تعالى إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فجعل حضور المساجد عمارة لها قال على رضي الله عنه ست من المروءة ثلاث في الحضر وثلاث فى السفر فاما اللاتي في الحضر فتلاوة كتاب الله تعالى وعمارة مسجد الله واتخاذ الاخوان فى الله واما اللاتي في السفر فبذل الزاد وحسن الخلق والمزاح في غير معاصى الله وعد من علامات الساعة تطويل المنارات وتنقيش المساجد وتزيينها وتخريبها عن ذكر الله تعالى فتعطيل المساجد عن الصلاة والتلاوة واظهار شعائر الإسلام أقبح سيئة لا سيما إذا اقترن بفتح أبواب بيوت الخمر وإغلاق أبواب المكاتب وغير ذلك ولقد شوهد هذا في اكثر البلاد الرومية فى هذا الزمان فلنبك على غربة الدين ايها الاخوان قال القشيري رحمه الله ومن اظلم ممن حرب بالشهوات أوطان العبادات وهي نفوس العابدين وخرب بالمنى والعلاقات أوطان المعرفة وهي قلوب العارفين وخرب بالحظوظ والمساكنات أوطان المحبة وهي أرواح الواجدين وخرب بالتفات الى القربات أوطان المشاهدات وهي أوطان الموحدين ثم في الآية اشارة الى شرف بيت المقدس والمسجد الحرام وفي الحديث (من زار بيت المقدس محتسبا أعطاه الله ثواب الف شهيد وحرم الله جسده على النار ومن زار عالما فكأنما زار بيت المقدس) كذا في مشكاة الأنوار وذكر في القنية ان أعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع فانها أخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها

[سورة البقرة (2) : آية 115]

إذا لم يكن لها امام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فانه لا يجوز الاعتكاف فيها الا للنساء انتهى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى لا مقام اشرف من الجامع الكبير ببروسة بعد الكعبة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف وقال كان هو موضع بيت عجوز آمنت بنوح النبي عليه السلام فحفظها الله من الطوفان في ذلك البيت حين لم تدرك السفينة هكذا ظهر لبعض اهل الله بطريق الكشف ومن اشتغل فيه صانه الله من طوفان الغفلة وقال ايضا الاشغال في مكة يوما يقوم مقام الاشتغال في سائر البلاد سنة بشرط رعاية آدابها قال وفي بلادنا للشغل موضعان أحدهما جامع السيد البخاري ببلدة بروسة والآخر مقام ابى أيوب الأنصاري بقسطنطينية عابدان اندر نماز وعارفان اندر نياز ... عاشقان از شوق وصل يار در سوز وگداز اللهم جعلنا من المشغولين بك وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يريد بهما ناحيتى الأرض إذ لا وجه لارادة موضعى الشروق والغروب بخصوصهما اى له الأرض كلها لا يختص به من حيث الملك والتصرف ومن حيث المحلية لعبادته مكان منها دون مكان فان منعتم ان تصلوا في المسجد الحرام او الأقصى فقد جعلت لكم الأرض مسجدا فَأَيْنَما تُوَلُّوا اى ففى أي مكان فعلتم تولية وجوهكم القبلة قال الامام ولى إذا اقبل وولى إذا أدبر وهو من الاضداد والمراد هاهنا الإقبال فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اى هناك جهته التي امر بها ورضيها قبلة فان إمكان التولية غير مختص بمسجد دون مسجد او مكان دون آخر او فثمة ذاته بمعنى الحضور العلمي فيكون الوجه مجازا من قبيل اطلاق اسم الجزء على الكل والمعنى ففى أي مكان فعلتم التولية فهو موجود فيه يمكنكم الوصول اليه إذ ليس هو جوهرا او عرضا حتى يكون بكونه في جانب مفرغا جانبا ولما امتنع عليه ان يكون فى مكان أريد ان علمه محيط بما يكون في جميع الأماكن والنواحي اى فهو عالم بما يفعل فيه ومثيب لكم على ذلك وفي الحديث (لو انكم دليتم بحبل الى الأرض السفلى لهبط على الله) معناه ان علم الله شمل جميع الأقطار فالتقدير لهبط على علم الله والله تعالى منزه عن الحلول فى الأماكن لانه كان قبل ان يحدث الأماكن كذا في المقاصد الحسنة واعلم ان اين شرط فى الامكنة وهو هاهنا منصوب بتولوا وما مزيدة للتأكيد وثم ظرف مكان بمنزلة هناك تقول لما قرب من المكان هنا ولما بعد ثم وهناك وهو خبر مقدم ووجه الله مبتدأ والجملة في محل الجزم على انها جواب الشرط إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ بإحاطته بالأشياء ملكا وخلقا فيكون تذييلا لقوله ولله المشرق والمغرب وكذا ان فسرت السعة بسعة الرحمة فان قوله ولله المشرق والمغرب لما اشتمل على معنى قولنا لا تختص العبادة والصلاة ببعض المساجد بل الأرض كلها مسجد لكم فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها فهم منه انه واسع الشريعة بالترخيص والتوسعة على عباده في دينهم لا يضطرهم الى ما يعجزون عن ادائه والمقصود التوسعة على عباده والتيسير عليهم في كل ما يحتاجون اليه فيدخل فيه التوسعة في امر القبلة دخولا اولويا وهذا التعميم مستفاد من اطلاق واسع حيث لم يقيد بشئ دون شىء قال الغزالي في شرح الأسماء الحسنى الواسع مشتق من السعة والسعة تضاف مرة الى العلم إذا اتسع وأحاط بالمعلومات الكثيرة وتضاف اخرى الى الإحسان وبسط

النعم وكيفما قدر وعلى أي شىء نزل فالواسع المطلق هو الله تعالى لانه ان نظر الى علمه فلا ساحل لبحر معلوماته بل تنفد البحار لو كانت مدادا لكلماته وان نظر الى إحسانه ونعمه فلا نهاية لمقدوراته وكل سعة وان عظمت فتنتهى الى طرف والذي لا يتناهى الى طرف فهو أحق باسم السعة والله تعالى هو الواسع المطلق لان كل واسع بالاضافة الى ما هو أوسع منه ضيق وكل سعة تنتهى الى طرف فالزيادة عليها متصورة وما لا نهاية له ولا طرف فلا يتصور عليه زيادة وسعة العبد فى معارفه وأخلاقه فان كثرت علومه فهو واسع بقدر سعة علمه وان اتسعت أخلاقه حتى لم يضيقها خوف الفقر وغيظ الحسود وغلبة الحرص وسائر الصفات المذمومة فهو واسع وكل ذلك فهو الى نهاية وانما الواسع المطلق هو الله تعالى: قال في المثنوى اى سگ گرگين زشت از حرص وجوش ... پوستين شير را بر خود مپوش غره شيرت بخواهد امتحان ... نقش شير وانكه اخلاق سگان عَلِيمٌ بمصالحهم وأعمالهم كلها وهذا لا يخلو عن إفادة التهديد ليكون المصلى على حذر من التفريط والتساهل كما انه يتضمن الوعد بتوفية ثواب المصلين في جميع الأماكن فقد ظهر ان هذه الآية مرتبطة بقوله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ الآية وان المعنى ان بلاد الله ايها المؤمنون تسعكم فلا يمنعكم تخريب من خرب مساجد الله ان تولوا وجوهكم نحو قبلة الله أينما كنتم من ارضه وقال مجاهد والحسن لما نزل وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قالوا اين ندعوه فأنزل الله وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ بلا جهة وتحيز ان قيل ما معنى رفع الأيدي الى السماء عند الدعاء مع انه تعالى منزه عن الجهة والمكان قلنا ان الأنبياء والأولياء قاطبة فعلوا كذلك لا بمعنى ان الله في مكان بل بمعنى ان خزائنه تعالى في السماء كما قال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ وقال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ فالعرش مظهر لاستواء الصفة الرحمانية فرفع الأيدي إذا الى السماء والنظر إليها وقت الدعاء بمنزلة ان يشير سائل الى الخزينة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يعطى له عطاء من تلك الخزينة- يروى- ان امام الحرمين رفع الله درجته في الدارين نزل ببعض الأكابر ضيفا فاجتمع عنده العلماء والأكابر فقام واحد من اهل المجلس فقال ما الدليل على تنزهه تعالى عن المكان وهو قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال الدليل عليه قول يونس عليه السلام فى بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فتعجب منه الناظرون فالتمس صاحب الضيافة بيانه فقال الامام هاهنا فقير مديون بألف درهم أد عنه دينه حتى أبينه فقبل صاحب الضيافة دينه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذهب في المعراج الى ما شاء الله من العلى قال (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولما ابتلى يونس عليه السلام بالظلمات فى قعر البحر ببطن الحوت قال (لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين) فكل منهما خاطبه بقوله أنت وهو خطاب الحضور فلو كان هو في مكان لما صح ذلك فدل ذلك على انه ليس فى مكان وفي الحديث (لا تفضلونى على يونس بن متى فانه رأى في بطن الحوت ما رأيته في أعلى العرش) يشير عليه السلام بذلك الى ما وقع له وليونس عليه السلام من تجلى الذات وقيل نزلت

الآية لما طعن اليهود في نسخ القبلة- روى- انه عليه السلام كان يصلى بمكة مع أصحابه الى الكعبة فلما هاجر الى المدينة امره الله ان يصلى نحو بيت المقدس ليكون أقرب الى تصديق اليهود فصلى نحوه ستة عشر شهرا وكان يقع في روعه ويتوقع من ربه ان يحوله الى الكعبة لانها قبلة أبيه ابراهيم وأقدم القبلتين وادعى للقرب الى الايمان كما قال الله تعالى قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها وذلك في مسجد بنى سلمة فصلى الظهر ولما صلى الركعتين نزل قوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فتحول في الصلاة فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين فلما تحولت القبلة أنكر من أنكر فكان هذا ابتلاء من الله تعالى كما قال تعالى وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ اللهم اهدنا وسددنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فللمؤمن حقا ان يعتصم بالله ويدور مع الأمر الإلهي حيث يدور ويتبع الرسل ولا يتبع عقله العاجز وفهمه القاصر ويتعلم الأدب من معدن الرسالة حيث لم يسأل تحويل القبلة بل انتظر الى امر الله فاكرمه الله بإعطاء مرامه وفضله على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اعلم ان الذين شقت عليهم التحويلة طائفتان محجوبتان بالخلق عن الحق اما الطائفة الاولى فقد عرفت ان التحويلة من الكعبة الى بيت المقدس كانت صورة العروج من مقام المكاشفة اعنى مقام القلب الى مقام المشاهدة اعنى مقام الروح فحسبوا التحويلة من بيت المقدس الى الكعبة بعد ابعد القرب ونزولا بعد العروج وظنوا ضياع السعى الى المقام الأشرف والسقوط عن الرتبة فشق عليهم ولم يعلموا انه صورة الرجوع الى مقام القلب حالة التمكين للدعوة ومشاهدة الجمع في عين التفصيل والتفصيل في عين الجمع حتى لا يحتجب العبد بالوحدة عن الكثرة ولا بالكثرة عن الوحدة واما الطائفة الثانية فتقيدوا بصورة عملهم ولم يعرفوا حكمة التحويلة فحسبوا صحة العبادة الثانية دون الاولى فشق عليهم ضياعها على ما توهموا واما الذين سبقت لهم من الله الحسنى فلم يحتجبوا بحجاب واهتدوا الى ما هو الصواب فوصلوا الى التوحيد الذاتي المحمدي اللهم اجعلنا من المهتدين واحشرنا مع الأنبياء والمرسلين وقال اهل التأويل وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى عالم النور والظهور الذي هو جهة النصارى وقبلتهم بالحقيقة باطنه وعالم الظلمة والاختفاء الذي هو جهة اليهود وقبلتهم بالحقيقة ظاهره فَأَيْنَما تُوَلُّوا اى أي جهة توجهوا من الظاهر والباطن فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اى ذاته المتجلية بجميع صفاته الجمالية والجلالية إذ بعد الاشراق على قلوبكم بالظهور فيها والتجلي لها بصفة جماله حالة شهودكم وفنائكم فيه والقروب فيها بتستره واحجابه بصفة جلاله حالة بقائكم بعد الفناء فأى جهة توجهوا حينئذ فثم وجهه ليس الا هو وحده: قال الحافظ ميان كعبه وبتخانه هيچ فرقى نيست ... بهر طرف كه نظر ميكنى برابر اوست واعلم ان شهود الحق بالخلق وشهود الخلق بالحق من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر هو مقام جمع الجمع والبقاء وذلك لا يحصل الا بالتجلى العيني بعد العلمي قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره وإذا امر بالإرشاد يعود لخدمة الحق ألا يرى ان موسى عليه السلام

[سورة البقرة (2) : الآيات 116 إلى 123]

لما وصل الى الطور لاقتباس النار لاهله نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فتجلى الربوبية اولا ثم قيل فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ وهما الطبيعة والنفس امر بتركهما ثم قيل وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي فتجلى الالوهية ثم بعدهما تجلى الذات وامر بإرشاد فرعون فترك اهله هناك ولم يلتفت وجاء الى فرعون وكان دخوله بمصر في نصف الليل فدق باب فرعون بعصاه امتثالا لامر الله تعالى قيل انه شابت لحية فرعون في ذلك الوقت بمهابة دقه فقال أكنت وليدا مربى عندنا قال موسى نعم ولذلك دعوتك قبل الكل لسبق حقك على رعاية له فأرادوا قتله فألقى عصاه فصارت ثعبانا مبينا فبينا عزم على ابتلاعهم فاستأمنوا فأعطاهم الامان وكان يريد أن يؤمن ولكنه منعه هامان فبعد دعوة فرعون جاء الى اهله فوجدها قد وضعت الحمل فاحاطتها ذئاب من أطرافها لمحافظتها فلم يقدر ان بمر من هنا مار فانظر الى قدرة الله تعالى- روى- ان الامام الأعظم والهمام الأقدم رحمه الله لم يشتغل بالدعوة الى مذهبه الا بالاشارة النبوية في المنام بعد ما قصد الا نزواء فهذا اعدل دليل الى وصوله الى الحقيقة وكان يقوم كل الليل وسمع رحمه الله هاتفا في الكعبة ان يا أبا حنيفة أخلصت خدمتى وأحسنت معرفتى فقد غفرت لك ولمن تبعك الى قيام الساعة كذا في عين العلم للشيخ محمد البلخي رحمه الله وعن بعض العارفين قبلة البشر الكعبة وقبلة اهل السماء البيت المعمور وقبلة الكروبيين الكرسي وقبلة حملة العرش العرش ومطلوب الكل وجه الله سبحانه وتعالى وَقالُوا نزلت لما قالت اليهود عزير ابن الله والنصارى المسيح ابن الله ومشركوا العرب الملائكة بنات الله فضمير قالوا راجع الى الفرق الثلاث المذكورة سابقا اما اليهود والنصارى فقد ذكروا صريحا واما المشركون فقد ذكروا بقوله تعالى كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ اى قال اليهود والنصارى وما شاركهم فيما قالوا من الذين لا يعلمون اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً الاتخاذ اما بمعنى الصنع والعمل فلا يتعدى الا الى واحد واما بمعنى التصيير والمفعول الاول محذوف اى صير بعض مخلوقاته ولدا وادعى انه ولده لا انه ولده حقيقة وكما يستحيل عليه تعالى ان يلد حقيقة كذا يستحيل عليه التبني واتخاذ الولد فنزه الله تعالى نفسه عما قالوا في حقه فقال سُبْحانَهُ تنزيهه والأصل سبحه سبحانا على انه مصدر بمعنى التسبيح وهو التنزيه اى منزه عن السبب المقتضى للولد وهو الاحتياج الى من يعينه في حياته ويقوم مقامه بعد مماته وعما يقتضيه الولد وهو التشبيه فان الولد لا يكون الا من جنس والده فكيف يكون للحق سبحانه ولد وهو لا يشبهه شىء: قال في المثنوى لم يلد لم يولد است او از قدم ... نى پدر دارد نه فرزند ونه عم بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رد لما قالوه واستدلال على فساده فان الاضراب عن قول المبطلين معناه الرد والإنكار وفي الوسيط بل اى ليس الأمر كما زعموا والمعنى انه خالق ما في السموات والأرض جميعا الذي يدخل فيه الملائكة وعزير والمسيح دخولا أوليا فكان المستفاد من الدليل امتناع ان يكون شىء ما مما في السموات والأرض ولدا سواء كان ذلك ما زعموا انه ولد له أم لا كُلٌّ اى كل ما فيهما كائنا ما كان من اولى العلم وغيرهم لَهُ

[سورة البقرة (2) : آية 117]

اى لله سبحانه وتعالى قانِتُونَ منقادون لا يمتنع شىء منهم على مشيئته وتكوينه وكل ما كان بهذه الصفة لم يجانس مكونه الواجب لذاته فلا يكون له ولد لانه من حق الولد ان يجانس والده وانما عبر عن جميع الموجودات اولا بما يعبر به عن غير ذوى العلم وعبر عنه آخر بما يختص بالعقلاء وهو لفظ قانتون تحقيرا لشأن العقلاء الذين جعلوه ولدا لله سبحانه بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى هو مبدعهما على ان البديع بمعنى المبدع وهو الذي يبدع الأشياء اى يحدثها او ينشئها على غير مثال سبق والإبداع اختراع الشيء لا عن شىء دفعة اى من غير مادة ومدة وسمى صاحب الهوى مبتدعا لما لم يسبقه أحد من ارباب الشرع في إنشاء مثل ما فعله او المعنى بديع سمواته وارضه فعلى الاول من أبدع والاضافة معنوية وعلى الثاني من بدع إذا كان على شكل فائق وحسن رائق والاضافة لفظية وهو حجة اخرى لابطال مقالتهم الشنعاء تقريرها ان الوالد عنصر الولد المنفعل بانفصال مادته عنه والله تعالى مبدع الأشياء كلها على الإطلاق منزه عن الانفعال فلا يكون والدا ومن قدر على خلق السموات والأرض من غير شىء كيف لا يقدر على خلق عيسى من غير اب وَإِذا قَضى أَمْراً اى أراد شيأ واصل القضاء الاحكام اطلق على ارادة الالهية المتعلقة بوجود الشيء لايجابها إياه البتة فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اى يحصل في الوجود سريعا من غير توقف ولا اباء كلاهما من كان التامة اى أحدث فيحدث واعلم ان اهل السنة لا يرون تعلق وجود الأشياء بهذا الأمر وهو كن بل وجودها متعلق بخلقه وإيجاده وتكوينه وهو صفة ازلية وهذا الكلام عبارة عن سرعة حصول المخلوق بايجاده وكمال قدرته على ذلك لكن لا يتعلق علم أحد بكيفية تعلق القدرة بالمعدومات فيجب الإمساك عن بحثها وكذا عن بحث كيفية وجود الباري وكيفية العذاب بعد الموت وأمثالها فانها من الغوامض ثم اعلم ان السبب في هذه الضلالة وهي نسبة الولد الى الله والقول بانه اتخذ ولدا ان ارباب الشرائع المتقدمة كانوا يطلقون على الباري تعالى اسم الأب وعلى الكبير منهم اسم الإله حتى قالوا ان الأب هو الرب الأصغر وان الله تعالى هو الأب الأكبر وكانوا يريدون بذلك انه تعالى هو السبب الاول في وجود الإنسان وان الأب هو السبب الأخير في وجوده فان الأب هو معبود الابن من وجه اى مخدومه ثم ظنت الجهلة منهم ان المراد به معنى الولادة الطبيعية فاعتقدوا ذلك تقليدا ولذلك كفر قائله ومنع منه مطلقا اى سواء قصد به معنى السببية او معنى الولادة الطبيعية حسما لمادة الفساد واتخاذ الحبيب او الخليل جائز من الله تعالى لان المحبة تقع على غير جوهر المحب قالوا اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ولدتك وأنت نبى فخفف النصارى التشديد الذي في ولدتك لانه من التوليد وصحفوا بعض إعجام النبي بتقديم الباء على النون فقالوا ولدتك وأنت بنيى تعالى الله عما يقول الظالمون وقال تعالى يا احبارى ويا أبناء رسلى فغيره اليهود وقالوا يا احبائى ويا ابنائى فكذبهم الله بقوله وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فالله سبحانه منزه عن الحدود والجهات ومتعال عن الأزواج والبنين والبنات ليس كمثله شىء في الأرض ولا في السموات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب

[سورة البقرة (2) : آية 118]

(ولم يكن له ذلك) اى لم يكن التكذيب لائقابه بل كان خطأ (وشتمنى ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فزعم ان لا اقدر ان اعبده كما كان واما شتمه إياي فقوله لى ولد فسبحانى ان اتخذ صاحبة او ولدا) وانما كان هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء عن الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون في المركب وكل مركب محتاج فان قلت قولهم اتخذ الله تكذيب ايضا لانه تعالى اخبر انه لا ولد له وقولهم لن يعيدنا شتم ايضا لانه نسبة له الى العجز فلم خص أحدهما بالشتم والآخر بالتكذيب قلت نفى الاعادة نفى صفة كمال واتخاذ الولد اثبات صفة نقصان له والشتم افحش من التكذيب والكذب على الله فوق الكذب على النبي عليه السلام وفي الحديث (ان كذبا على ليس ككذب على أحد) يعنى الكذب على النبي أعظم انواع الكذب سوى الكذب على الله لان الكذب على النبي يؤدى الى هدم قواعد الإسلام وإفساد الشريعة والاحكام (من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) فعلى المؤمن ان يجتنب عن الزيغ والضلال واشنع الفعال وأسوأ المقال وان يداوم على التوحيد في الاسحار والآصال الى ان لا يبقى للشرك الخفي ايضا مجال وفي الحديث (لو يعلم الأمير ما له في ذكر الله لترك امارته ولو يعلم التاجر ماله في ذكر الله لترك تجارته ولو ان ثواب تسبيحة قسم على اهل الأرض لأصاب كل واحد منهم عشرة أضعاف الدنيا) وفي الحديث (للمؤمن حصون ثلاثة ذكر الله وقراءة القرآن والمسجد) والمراد بالمسجد مصلاه سواء كان في بيته او في الخارج ولا بد من الصدق والإخلاص حتى يظهر اثر التوحيد في الملك والملكوت: قال في المثنوى هست تسبيحت بخار آب وگل ... مرغ جنت شد ز نفخ صدق دل اللهم أوصلنا الى اليقين وهيئ لنا مقاما من مقامات التمكين آمين وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ اى مشركوا العرب الجاهلون حقيقة او اهل الكتاب المتجاهلون ونفى عنهم العلم لعدم انتفاعهم بعلمهم لان المقصود هو العمل لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ لولا هنا للتحضيض وحروف التحضيض إذا دخلت على المضي كان معناها التوبيخ واللوم على ترك الفعل بمعنى لم لم يفعله ومعناها في المضارع تحضيض الفاعل على الفعل والطلب له في المضارع بمعنى الأمر والمعنى هلا يكلمنا الله عيانا بانك رسوله كما يكلم الملائكة بلا واسطة او يرسل إلينا ملكا ويكلمنا بواسطة ذلك الملك انك رسوله كما كلم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على هذا الوجه وهذا القول من الجهلة استكبار يعنون به نحن عظماء كالملائكة والنبيين فلم اختصوا به دوننا أَوْ للتخيير تَأْتِينا آيَةٌ حجة تدل على صدقك وهذا جحود منهم لان يكون ما أتاهم من القرآن وسائر المعجزات آيات والجحود هو الإنكار مع العلم والعجب انهم عظموا أنفسهم وهي احقر الأشياء واستهانوا بآيات الله وهي أعظمها كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم الماضية مِثْلَ قَوْلِهِمْ فقال اليهود لموسى عليه السلام أرنا الله جهرة ولن نصبر على طعام واحد ونحوه وقال النصارى لعيسى عليه السلام هل يستطيع ربك ان ينزل علينا مائدة من السماء ونحوه وقوله كذلك قال مع قوله مثل قولهم على تشبيهين تشبيه المقول بالمقول في المؤدى والمحصول وتشبيه القول بالقول في الصدور بلا رؤية بل بمجرد التشهي واتباع الهوى

[سورة البقرة (2) : آية 119]

والاقتراح على سبيل التعنت والعناد لا على سبيل الإرشاد وقصد الجدوى والكاف في كذلك منصوب المحل على انه مفعول قال وقوله مثل قولهم مفعول مطلق اى قال كفار الأمم الماضية مثل ذلك القول الذي قالوه قولا مثل قولهم فيما ذكر فظهر ان أحد التشبيهين لا يغنى عن الآخر تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ اى تماثلت قلوب هؤلاء ومن قبلهم في العمى والقسوة والعناد وهو استئناف على وجه تعليل تشابه مقالتهم بمقالة من قبلهم فان الالسنة ترجمان القلوب والقلب ان استحكم فيه الكفر والقسوة والعمى والسفه والعناد لا يجرى على اللسان الا ما ينبئ عن التعلل والتباعد عن الايمان كما قيل مرد پنهان بود بزير زبان ... چون بگويد سخن بدانندش خوب گويد لبيب گويندش ... زشت گويد سفيه خوانندش قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ اى نزلناها بينة بان جعلناها كذلك في أنفسها كما في قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل لا انا بيناها بعد ان لم تكن بينة لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اى يطلبون اليقين واليقين ابلغ العلم واوكده بان يكون جازما اى غير محتمل للنقيض وثابتا اى غير زائل بالتشكيك بعد ان يكون مطابقا للواقع فالايقان هنا مجاز عن طلب اليقين على طريق ذكر المسبب وارادة السبب ولا بعد في نصب الدلائل لطلاب اليقين ليحصلوه بها وانما حمل على المجاز لان الموقن بالمعنى المذكور لا يحتاج الى نصب الدلائل وبيان الآيات فبيان الآيات له طلب لتحصيل الحاصل إِنَّا أَرْسَلْناكَ حال كونك ملتبسا بِالْحَقِّ مؤيدا به والمراد الحجج والآيات وسميت به لتأديتها الى الحق بَشِيراً حال كونك مبشرا لمن اتبعك بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب أحد وَنَذِيراً اى منذرا ومخوفا لمن كفر بك وعصاك والمعنى ان شأنك بعد اظهار صدقك في دعوى الرسالة بالدلائل والمعجزات ليس الا الدعوة والا بلاغ بالتبشير والانذار لا أن تجبرهم على القبول والايمان فلا عليك ان أصروا على الكفر والعناد فان الأحوال أوصاف لذى الحال والأوصاف مقيدة للموصوف وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ ما لهم لم يؤمنوا بعد ان بلغت والجحيم المكان الشديد الحر وقرئ ولا تسأل بفتح التاء وجزم اللام على انه نهى لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن السؤال عن حال أبويه على ما روى انه عليه السلام قال (ليت شعرى ما فعل أبواي) اى ما فعل بهما والى أي حال انتهى أمرهما فنزلت واعلم ان السلف اختلفوا في ان أبوي النبي صلى الله عليه وسلم هل ماتا على الكفر او لا ذهب الى الثاني جماعة متمسكين بالادلة على طهارة نسبه عليه الصلاة والسلام من دنس الشرك وشين الكفر وعبادة قريش صنما وان كانت مشهورة بين الناس لكن الصواب خلافه لقول ابراهيم عليه السلام وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ وقوله تعالى فى حق ابراهيم وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ وذهب الى الاول جمع منهم صاحب التيسير حيث قال ولما امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبشير المؤمنين وإنذار الكافرين كان يذكر عقوبات الكفار فقام رجل فقال يا رسول الله اين والدي فقال في النار فحزن الرجل فقال عليه السلام (ان والديك ووالدي ووالدي ابراهيم في النار) فنزل قوله تعالى وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ

فلم يسألوه شيأ بعد ذلك وهو كقوله لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وذهب نفر من هذا الجمع بنجاتهما من النار منهم الامام القرطبي حيث قال في التذكرة ان عائشة رضي الله عنها قالت حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فبكيت لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انه ظفر فنزل فقال (يا حميراء استمسكي) اى زمام الناقة فاستندت الى جنب البعير فمكث عنى طويلا ثم انه عاد الى وهو فرح متبسم فقلت له بأبى أنت وأمي يا رسول الله نزلت من عندى وأنت باك حزين مغتم فبكيت لبكائك يا رسول الله ثم انك عدت الى وأنت فرح متبسم فعما ذا يا رسول الله فقال (ذهبت لقبر آمنة أمي فسألت الله ربى ان يحييها فاحياها فآمنت) وروى ان الله احيى له أباه وامه وعمه أبا طالب وجده عبد المطلب قال الحافظ شمس الدين الدمشقي حبا الله النبي مزيد فضل على فضل وكان به رؤفا فاحيى امه وكذا أباه لايمان به فضلا لطيفا فسلم فالقديم به قدير وان كان الحديث به ضعيفا وفي الأشباه والنظائر من مات على الكفر أبيح لعنه الا والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لثبوت ان الله تعالى أحيا هماله حتى آمنا كذا في مناقب الكردرى وذكر ان النبي عليه السلام بكى يوما بكاء شديدا عند قبر أبويه وغرس شجرة يابسة وقال (ان اخضرت فهو علامة إمكان إيمانهما) فاخضرت ثم خرجا من قبرهما ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما ثم ارتحلا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره ومما يدل على ذلك ان اسم أبيه كان عبد الله والله من الاعلام المختصة بذاته تعالى لم يسم به صنم في الجاهلية فان اسم بعض أصنامهم اللات وبعضها العزى انتهى كلامه وليس احياهما وإيمانهما به ممتنعا عقلا ولا شرعا وقد ورد في الكتاب احياء قتيل بنى إسرائيل واخباره بقاتله وكان عيسى عليه السلام يخيى الموتى وكذلك نبينا عليه السلام احيى الله على يديه جماعة من الموتى وإذا ثبت هذا فما يمنع من إيمانهما بعد احيائهما زيادة فى كرامته وفضيلته وما روى من انه عليه السلام زار قبر امه فبكى وابكى من حوله فقال (استأذنت فى ان استغفر لها فلم يؤذن لى واستأذنت في ان ازور قبرها فاذن لى فزوروا القبور فانها تذكركم الموت) فهو متقدم على احيائهما لانه كان في حجة الوداع ولم يزل عليه السلام راقبا في المقامات السنية صاعدا في الدركات العلية صاعدا في الدرجات العلية الى ان قبض الله روحه الطاهرة فمن الجائز ان تكون هذه درجة حصلت له عليه السلام بعد ان لم تكن فان قلت الايمان لا يقبل عند المعاينة فكيف بعد الاعادة قلت الايمان عند المعاينة ايمان يأس فلا يقبل بخلاف الايمان بعد الاعادة وقد دل على هذا وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وورد ان اصحاب الكهف يبعثون في آخر الزمان ويحجون ويكونون من هذه الامة تشريفا لهم بذلك وورد مرفوعا (اصحاب الكهف أعوان المهدى فقد اعتد بما يفعله اصحاب الكهف بعد احيائهم من الموت) ولا بدع ان يكون الله تعالى كتب لابوى النبي عمرا ثم قبضهما قبل استيفائه ثم أعادهما لاستيفائه تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها فيعتد به وتكون تلك البقية بالمدة الفاصلة بينهما لاستدراك الايمان من جملة ما أكرم الله تعالى به نبيه صلى الله

[سورة البقرة (2) : آية 120]

عليه وسلم كما ان تأخير اصحاب الكهف هذه المدة من جملة ما أكرموا به ليجوزوا شرف الدخول في هذه الامة وذهب خاتمة الحفاظ والمحدثين الامام السخاوي في هذه المسألة الى التوقف حيث قال في المقاصد الحسنة بعد ما أورد الشعر المذكور للحافظ الدمشقي وقد كتبت فيه جزأ والذي أراه الكف عن التعرض لهذا اثباتا ونفيا انتهى وسئل القاضي ابو بكر ابن العربي أحد الائمة المالكية عن رجل قال ان آباء النبي عليه السلام في النار فأجاب بانه ملعون لان الله تعالى يقول إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وفي الحديث (لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات) وسئل الامام الرستغفني عن قول بعض الناس ان آدم عليه السلام لما بدت منه تلك الزلة اسود منه جميع جسده فلما اهبط الى الأرض امر بالصيام والصلاة فصام وصلى فابيض جسده أيصح هذا القول قال لا يجوز في الجملة القول في الأنبياء عليهم السلام بشئ يؤدى الى العيب والنقصان فيهم وقد أمرنا بحفظ اللسان عنهم لان مرتبتهم ارفع وهم على الله أكرم وقد قال عليه السلام (إذا ذكرت أصحابي فأمسكوا) فلما أمرنا ان لا نذكر الصحابة رضي الله عنهم بشئ يرجع الى العيب والنقص فلأن نمسك ونكف عن الأنبياء اولى وأحق فحق المسلم ان يمسك لسانه عما يخل بشرف نسب نبينا عليه السلام ليست من الاعتقاديات فلاحظ للقلب منها واما اللسان فحقه ان يصان عما يتبادر منه النقصان خصوصا الى وهم العامة لانهم لا يقدرون على دفعه وتداركه فهذا هو البيان الشافي في هذا الباب بطرقه المختلفة التقطته من الكتب النفسية وقرنت كل نظير الى مثله والحمد لله تعالى وحده وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ اقناط له عليه السلام من طمعه في إسلامهم حيث علق رضاهم عنه بما لا سبيل اليه وما يستحيل وجوده وإذا لم يرضوا عنه فكيف يتبعون ملته اى دينه اى لن ترضى عنك اليهود الا باليهود والصلاة الى قبلتهم وهي المغرب ولا النصارى الا بالتنصر والصلاة الى قبلتهم وهي المشرق ووحد الملة لان الكفر ملة واحدة وهذه حكاية لمقالتهم بان قالوا لن نرضى عنك حتى تتبع ملتنا وادعوا بتلك المقالة ان ملتهم هي الهدى لا ما سواها فامره الله تعالى بقوله قُلْ ان يرد عليهم بطريق قصر القلب ويقول إِنَّ هُدَى اللَّهِ الذي هو الإسلام هُوَ الْهُدى الى الحق لا ما تدعون اليه من الملة الزائغة فانها هوى كما يعرب عنه قوله تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ اى آراءهم الزائغة الصادرة عنهم بقضية شهوات أنفسهم وهي التي عبر عنها فيما قبل بملتهم إذ هى التي ينتمون إليها واما ما شرعه الله من الشريعة على لسان الأنبياء عليهم السلام وهو المعنى الحقيقي للملة فقد غيروها تغييرا والأهواء جمع هوى وهو رأى عن شهوة داع الى الضلال وسمى بذلك لانه يهوى بصاحبه في الدنيا الى كل واهية وفي الآخرة الى الهاوية وانما قال أهواءهم بلفظ الجمع ولم يقل هواهم تنبيها على ان لكل واحد هوى غير هوى الآخر ثم هوى كل واحد منهم لا يتناهى فلذلك اخبر انه لا يرضى الكل الا باتباع أهواء الكل واعلم ان الطريقة المشروعة تسمى ملة باعتبار ان الأنبياء الذين أظهروها قد املوها وكتبوها لامتهم كما انها تسمى دينا باعتبار طاعة العباد لمن سنها وانقيادهم لحكمه وتسمى ايضا شريعة باعتبار كونها مورد للمتعطشين الى زلال ثوابه ورحمته والخطاب في قوله ولئن اتبعت متوجه الى النبي

[سورة البقرة (2) : الآيات 121 إلى 123]

عليه السلام في الحقيقة وما قيل من انه تعالى حكم بعصمة الأنبياء وعلم منهم انهم لا يعصون له ولا يخالفون امره ولا يرتكبون ما نهى عنه فكانت عصمتهم واجبة فلا وجه لتحذيرهم عن اتباع هوى الكفرة فوجب ان يكون التحذير متوجها الى الامة لا الى أنفسهم فالجواب عنه ان التكليف والتحذير انما يعتمد على كون المكلف به محتملا ومتصورا في ذاته من حيث تحقق ما يتوقف عليه وجوده من الآلات والقوى والامتناع الحاصل من حكمه تعالى بعصمتهم وعلمه بها امتناع بالغير وهو لا ينافى الإمكان الذاتي هو شرط التكليف والتحذير بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ اى القرآن الموحى إليك وهو حال من ضمير جاءك ما لَكَ مِنَ اللَّهِ اى من جهته العزيزة وهو جواب لئن مِنْ وَلِيٍّ اى قريب ينفعك من الولي وهو القرب وَلا نَصِيرٍ يدفع عنك عقابه والفرق بين الولي والنصير العموم والخصوص من وجه لان الولي قد يضعف عن النصرة والنصير قد يكون أجنبيا عن المنصور كما يكون من أقرباء المنصور وهو مادة اجتماعهما وقوله من ولى مرفوع على الابتداء ولك خبره ومن صلة وقوله من الله منصوب المحل على انه حال لانه لما كان متقدما على قوله من ولى امتنع ان يكون صفة له ونظيره قوله لعزة موحشا طلل قديم ولما ذكر قبائح المتعنتين الطالبين للرياسة من اليهود والنصارى اتبع ذلك بمدح من ترك طريق التعنت وخب الرياسة منهم وطلب مرضاة الله وحسن ثواب الآخرة وآثره على الحظوظ العاجلة الفانية فقال تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يريد مؤمنى اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه من الذين اسلموا من اليهود وانما خصهم بذكر الإيتاء لانهم هم الذين عملوا به فخصوا به والكتاب التوراة يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ بمراعاة لفظه عن التحريف وبالتدبر في معانيه والعمل بما فيه وهو حال مقدرة من الضمير المنصوب في آتيناهم او من الكتاب لانهم لم يكونوا تالين له وقت الإتيان وقوله حق تلاوته نعت لمصدر محذوف دل عليه الفعل المذكور اى يتلونه تلاوة حق تلاوته واختار الكواشي كونه منصوبا على المصدرية على تقدير تلاوة حقا فان نعت المصدر إذا قدم عليه وأضيف اليه نصب نصب المصادر نحو ضربت أشد الضرب بنصب أشد على المصدرية أُولئِكَ الموصوفون بايتاء الكتاب وتلاوته كما هو حقه وهو مبتدأ ثان خبره قوله تعالى يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بكتابهم دون المحرفين فان بناء الفعل على المبتدأ وان كان اسما ظاهرا يفيد الحصر مثل الله يستهزئ بهم وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ اى بالكتاب سواء كان كفره بنفس التحريف او بغيره كالكفر بالكتاب الذي يصدقه فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ اى الها لكون المغبونون حيث اشتروا الكفر بالايمان يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ومن جملتها التوراة وذكر النعمة انما يكون بشكرها وشكرها الايمان بجميع ما فيها ومن جملته نعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومن ضرورة الايمان بها الايمان به صلى الله عليه وسلم وَاذكروا أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ اى عالمى زمانكم وَاتَّقُوا ان لم تؤمنوا يَوْماً أي عذاب يوم وهو يوم القيامة لا تَجْزِي تقول جزى عنى هذا الأمر يجزى كما تقول قضى عنى يقضى وزنا ومعنى اى لا تقضى في ذلك اليوم نَفْسٌ من

النفوس عَنْ نَفْسٍ اخرى شَيْئاً من الحقوق التي لزمتها اى لا تقضى نفس ليس عليها شىء من الحقوق التي وجبت على نفس اخرى اى لا تؤخذ نفس بذنب اخرى ولا تدفع عنها شيأ واما إذا كان عليها شىء فانها تجزى وتقضى بغير اختيارها بمالها من حسناتها ما عليها من الحقوق كما جاء في حديث ابى هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كانت له مظلمة لاخيه من عرض او غيره فليستحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) وَلا يُقْبَلُ مِنْها اى من النفس الاولى عَدْلٌ اى فداء وهو بفتح العين الفدية وهي ما يماثل الشيء قيمة وان لم يكن من جنسه والعدل بالكسر ما يساوى الشيء في الوزن والجرم من جنسه والمعنى لا يؤخذ منها فدية تنجو بها من النار ولا تجد ذلك لتفتدى به وسميت الفدية عدلا لانها تعادل ما يقصد إنقاذه وتخليصه يقال فداه إذا اعطى فداءه فانقذ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ ان شفعت للنفس الثانية وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ اى يمنعون من عذاب الله تعالى واعلم ان المستوجب للعذاب يخلص منه في الدنيا بأحد اربعة امور اما بان ينصره ناصر قوى فيخلصه ويدفع العذاب عنه قهرا او بان يفديه اى بان يعطى أحد أشياء غير ما عليه من الحق وذلك الشيء هو الفدية وهو الفداء فانقذه به فالله تعالى بين هول يوم القيامة بان نفى ان يدفع العذاب أحد عن أحد بشئ من هذه الوجوه المحتملة في الدنيا قال السعدي قدس سره قيامت كه نيكان با على رسند ... ز قعر ثرى بر ثريا رسند ترا خود بماند سر از ننگ پيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خويش برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر گنه را چهـ دارى بيا ثم اعلم ان الله تعالى بدأ قصة بنى إسرائيل بهاتين الآيتين ففى الآية الاولى تذكير النعمة وفي الاخرى تخويف العقوبة وبهما ختم القصة مبالغة في النصح وإيذانا بان المقصود من القصة ذلك ودل قوله تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ على قبح الصحبة باهل الهوى والبدع والاتباع لهم في أقوالهم وأفعالهم وفي الحديث (من اتبع قوما على أعمالهم حشر في زمرتهم) اى في جماعتهم (وحوسب يوم القيامة بحسابهم وان لم يعمل بأعمالهم) وربما يكون للانسان شركة اى في اثم القتل والزنى وغيرهما إذا رضى به من عامل واشتد حرصه على فعله وفي الحديث (من حضر معصية فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن حضرها) وحضور مجلس المعصية إذا كان لحاجة او لاتفاق جريانها بين يديه ولا يمكن دفعها فغير ممنوع واما الحضور قصدا فممنوع ومن سنة السلف الصالحين الانقطاع عن مجالس اهل اللغو واللهو والمجانبة عن اتباع اهل الهوى والبدع وروى ان ابن المبارك رؤى في المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى وأوقفنى ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع

[سورة البقرة (2) : الآيات 124 إلى 131]

فقال انك لم تعاد عدوى في الدين فكيف حال القاعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين والمتمسك بسنة سيد المرسلين عند فساد الخلق واختلاف المذاهب والملل كان له اجر مائة شهيد وفي الحديث (سيأتى على الناس زمان تخلق فيه سنتى وتتجدد فيه البدعة فمن اتبع سنتى يومئذ صار غريبا وبقي وحيدا ومن اتبع بدع الناس وجد خمسين صاحبا او اكثر) وللصحبة تأثير عظيم كما قيل عدوى البليد الى الجليد سريعة ... والجمر يوضع في الرماد فيخمد قال الحافظ نخست موعظه پير مجلس اين حرفست ... كه از مصاحب ناجنس احتراز كنيد وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ قال القرطبي في تفسيره بالسريانية فيما ذكره الماوردي وبالعربية فيما حكى ابن عطية ابن رحيم قال السهيلي وكثيرا ما يقع الاتفاق بين السرياني والعربي او تقار به في اللفظ ألا ترى ان ابراهيم تفسيره اب رحيم لمرحمته بالأطفال ولذلك جعل هو وسارة زوجته كافلين لاطفال المؤمنين الذين يموتون صغارا الى يوم القيامة وقال فى تذكرة الموتى كان اسمه أبرم فزيد في اسمه هاء والهاء في السريانية التفخيم والتعظيم رَبُّهُ الضمير لابراهيم وقدم المفعول لفظا وان كان مؤخرا رتبة ووجه التقديم الاهتمام فان الذهن يتشوق ويطلب معرفة المبتلى اى واذكر وقت اختبارى ابراهيم والمقصود من ذكر الوقت ذكر ما وقع فيه من الحوادث لان الوقت مشتمل عليها فاذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها كأنها مشاهدة عيانا والابتلاء في الأصل الاختبار اى تطلب الخبر بحال المختبر بتعريضه لامر يشق عليه غالبا فعله او تركه وذلك انما يتصور حقيقة ممن لا وقوف له على عواقب الأمور واما من العليم الخبير فلا يكون الا مجازا عن تمكينه للعبد من اختيار أحد الامرين ما يريد الله تعالى وما يشتهيه العبد كأنه يمتحنه بما يكون منه حتى يجازيه على حسب ذلك كما علم الكفر من إبليس ولم يلعنه بعلمه ما لم يختبره بما يستوجب اللعنة به بِكَلِماتٍ جمع كلمه وهي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فيكون الكلمات عبارة عن الألفاظ المنظومة لكنها قد تطلق على المعاني التي تحتها لما بين الدال والمدلول من التضايف والمتضايفان متكافئان فى الوجود التعقلى كما في قوله تعالى وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا اى قضية وحكمة وقوله قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي اى للمعانى التي تبرز بالكلمات فَأَتَمَّهُنَّ اى قام بهن حق القيام وأداهن احسن التأدية من غير تفريط وتوان ولذا قيل لم يبتل أحد بهذا الدين فاقامه كله الا ابراهيم فكتب الله له البراءة فقال وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى وفسرت الكلمات بوجوه ذكرت في التفاسير ومنها العشر التي هي من السنة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما هي عشر خصال كانت فرضا في شرعه وهي سنة في شرعنا خمس منها في الرأس وهي المضمضة والاستنشاق وفرق الرأس وقص الشارب والسواك وخمس في البدن وهي الختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء اى غسل مكان الغائط والبول بالماء ولنذكر منها بعض ما يحتاج الى البيان فنقول فرق شعر الرأس تفريقه وتقسيمه

الى نصفين وكان المشركون يفرقون اشعار رؤسهم واهل الكتاب يسدلون اى يرسلون شعورهم على الجبين ويتخذونها كالقصة وهي شعر الناصية وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم ينزل فيه حكم لاحتمال ان يعملوا بما ذكر في كتابهم ثم نزل جبريل فامره بالفرق واعلم ان اكثر حال النبي عليه الصلاة والسلام كان الإرسال وحلق الرأس منه معدود ولكن الامام الغزالي كره الإرسال في زماننا لانه صار شعار العلوية فاذا لم يكن علويا كان تلبيسا وذكر في جنايات الذخيرة إمساك الجعد في الغلام حرام لانهم انما يمسكون الجعد في الغلام للاطماع الفاسدة وذكر ان شخصا احضر ولده بمجلس ابى بكر رضي الله تعالى عنه وقد حلق بعض الشعر من رأسه وأبقى البعض فامر ابو بكر رضي الله تعالى عنه بقتله فتاب واستغفر فعفا عنه قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره ليس هذا امرا بقتله في الحقيقة بل بيان ان من فعله يستحق القتل ومثله انه ذكر فى مجلس ابى يوسف ان النبي عليه السلام كان يحب القرع فقال رجل انا لا أحبه فافتى ابو يوسف بقتله فتاب ورجع فعفا عنه واما قص الشارب فهو قطعه بالمقص اى المقراض وكان عليه السلام يقص شار به كل جمعة قبل ان يخرج الى صلاة الجمعة قال النووي المختار فيه ان يقص حتى يبدو طرف الشفة ويكون مثل الحاجب وفي الاحياء ولا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب فعل ذلك عمر رضي الله تعالى عنه وغيره لان ذلك لا يستر الفم ولا يبقى فيه غمر الطعام وتوفير الشارب كتوفير الأظافير مندوب للمجاهد في دار الحرب وان كان قطعهما من الفطرة وذلك ليكون اهيب في عين العدو والسنة تقصير الشارب فحلقه بدعة كحلق اللحية وفي الحديث (جزوا الشوارب واعفوا اللحى) الجز القص والقطع والإعفاء التوفير والترك على حالها وحلق اللحية قبيح بل مثلة وحرام وكما ان حلق شعر الرأس في حق المرأة مثلة منهى عنها وتشبه بالرجال وتفويت للزينة كذلك حلق اللحية مثلة في حق الرجال وتشبه بالنساء منهى عنه وتفويت للزينة قال الفقهاء اللحية في وقتها جمال وفي حلقها تفويته على الكمال ومن تسبيح الملائكة سبحان من زين الرجال باللحى وزين النساء بالذوائب وفي الكشاف في مقام مدح الرجال عند قوله تعالى الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ وهم اصحاب اللحى والعمائم قال في نصاب الاحتساب ومن الاكساب التي يحتسب على أربابها حلق لحى الرجال ورأس النساء تشبها بالرجال ولا بأس بأخذ الزائد على القبضة من اللحية لانه عليه السلام كان يأخذ من لحيته طولا وعرضا إذا زاد على قدر القبضة فان الطول المفرط يشوه الحلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنسبة اليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية ويكره نتف الشيب كما يفعله البعض في زماننا كرها للشيب واراءة للشباب: قال الحافظ سواد نامه موى سياه چون طى شد بياض كم نشود گر صد انتخاب رود يسود أعلاها ويبيض أصلها ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل واما الختان فهو قطع الجلدة الزائدة من الذكر وجمهور العلماء على ان ذلك من

مؤكدات السنن ومن فطرة الإسلام التي لا يسع تركها في الرجال الا ان يولد الصبى مختونا وقد ولد الأنبياء كلهم مختونين مسرورين اى مقطوعى السرة كرامة لهم الا ابراهيم خليل الله فانه ختن نفسه ببلدة قدوم بالتخفيف والتشديد وهو ابن مائة وعشرين او ثمانين ليستن بسنته بعده واختلفوا في الختان قيل لا يختن حتى يبلغ لانه للطهارة ولا طهارة عليه حتى يبلغ وقيل إذا بلغ عشرا وقيل تسعا وقيل فيما بين سبع سنين الى عشر قال الحدادي المستحب في وقت الختان من اليوم السابع من ولادته الى عشر سنين ويكره الترك الى وقت البلوغ وتوقف ابو حنيفة فى وقته واستحب العلماء في الرجل الكبير يسلم ان يختتن وان بلغ ثمانين وعن الحسن انه كان يرخص للشيخ الذي يسلم ان لا يختتن ولا يرى به بأسا ولا يرد شهادته وذبيحته وحجه وصلاته قال ابن عبد البر وعامة اهل العلم على هذا واما تقليم الأظفار فهو قصها والقلامة بالضم ما يزال منها وندب قص الأظفار لانه ربما يجنب ولا يصل الماء الى البشرة من أجل الوسخ ولا يزال جنبا ومن اجنب فبقى موضع ابرة من جسده بعد الغسل غير مغسول فهو جنب على حاله حتى يعم الغسل جسده كله وفي الحديث (من قلم أظفاره يوم الجمعة أعاذه الله تعالى من البلايا الى الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة ايام) وفي الحديث الآخر (من أراد ان يأمن من الفقر وشكاية العين فليقلم أظفاره يوم الخميس بعد العصر) قال في المقاصد الحسنة قص الأظفار لم يثبت في كيفيته ولا في تعيين يوم له عن النبي عليه السلام شىء وما يعزى من النظم في ذلك لعلى رضي الله تعالى عنه وهو تقليمك الأظفار فيه سنة وادب ... يمينها خوابس يسارها او خسب فباطل عنه وقال في محل آخر حديث (من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمذا) هو في كلام غير واحد من الائمة ولم أجده لكن كان الحافظ الشريف الدمياطي يأثر ذلك عن بعض مشايخه ونص الامام احمد على استحبابه انتهى كلامه وذكر الامام النووي ان المستحب منه ان يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبتدئ بمسبحة يده اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام ثم يعود الى اليسرى فيبدأ بخنصرها ثم ببنصرها الى آخرها ثم يعود الى الرجل اليمنى فيبدأ يخنصرها ويختم بخنصر الرجل اليسرى وهكذا قرره الامام في الاحياء وفي الحديث (نقوا براجمكم) وهي مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها الوسخ واحدها برحمة بضم الباء والجيم وسكون الراء بينهما وهو ظهر عقدة كل مفصل فظهر العقدة يسمى برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة وجمعها رواجب وذلك مما يلى طهرها وهو قصبة الأصابع فلكل إصبع برجمتان وثلاث رواجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فامر بالتنقية لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة كذا في تفسير القرطبي وعن مجاهد قال ابطأ جبرائيل عليه السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له النبي عليه السلام (ما حبسك يا جبريل) قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصرون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ قال كأنه قيل فماذا قال له ربه حين أتم الكلمات فقيل قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ اى لاجل الناس إِماماً يأتمون بك في هذه الخصال ويقتدى بك الصالحون فهو نبى في عصره ومقتدى لكافة الناس الى قيام الساعة وقد

أنجز الله وعده فقال لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ونحو ذلك فلذلك اجتمعت اهل الأديان كلهم على تعظيمه وجميع امة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم يقولون في آخر صلاتهم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد قيل في سببه انا لما قلنا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد قيل لنا ان ابراهيم هو الذي طلب من الله تعالى ان يرسل إليكم مثل هذا الرسول الذي هو رحمة للعالمين حيث قال رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ فما هديتكم فحينئذ نقول كما صليت على ابراهيم إلخ ثم نلاحظ ان هذه الخيرات كلها من الله تعالى فنقول شكرا لاحسانه ربنا انك حميد مجيد وفي الخبر ان ابراهيم عليه السلام رأى في المنام جنة عريضة مكتوب على أشجارها لا اله الا الله محمد رسول الله فسأل جبريل عنها فاخبره بالقصة فقال يا رب اجر على لسان امة محمد ذكرى فاستجاب الله دعاءه وضمه في الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم قال كأنه قيل فماذا قال ابراهيم عليه السلام عنده فقيل قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي عطف على الكاف في جاعلك ومن تبعيضية متعلقة بجاعل اى وجاعل بعض ذريتى اماما يقتدى به اى اجعل لكنه راعى الأدب بالاحتراز عن صورة الأمر وتخصيص البعض بذلك لبداهة استحالة امامة الكل وان كانوا على الحق والذرية نسل الرجل وقد تطلق على الآباء والأبناء من الذكور والإناث والصغار والكبار ومنه قوله تعالى وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ أراد آباءهم الذين حملوا في السفينة وتقع الذرية على الواحد كما في قوله تعالى رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً يعنى ولدا صالحا قالَ الله استئناف ايضا لا يَنالُ لا يصيب عَهْدِي الظَّالِمِينَ يعنى ان أولادك منهم مسلمون وكافرون فلا تصل الامامة والاستخلاف بالنبوة الذي عهدت إليك من كان ظالما من أولادك وغيرهم وانما ينال عهدى من كان بريئا من الظلم لان الامام انما هو لمنع الظلم فكيف يجوز ان يكون ظالما وان جاز فقد جاء المثل السائر «من استرعى الذئب الغنم ظلم» قال المعتزلة وفيه دليل على ان الفاسق لا يصلح للامامة ولا يقدم للصلاة قلنا الظالم أريد به الكافر والصبر على طاعة الامام الجائر اولى من الخروج عليه لان في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف واراقة الدماء واطلاق أيدي السفهاء وشن الغارات على المسلمين والفساد في الأرض وفي الآية دليل على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر قبل البعثة وبعدها قال ابن الشيخ في حواشيه فيه بحث لان مدلول الآية ان الظالم مادام ظالما لا تناله الامامة لا ان من كان ظالما في وقت ما من الأوقات ثم تاب منه لا ينال الامامة والفرق بينهما ان الظلم الحالي يخل بالمقصود من نصب الامام وهو اخلاء وجه الأرض من الظلم والفساد وحماية اموال الناس واعراضهم من تعرض الظلمة المفسدين بخلاف الظلم القديم الذي تاب عنه الظالم فانه ليس بمخل للمقصود فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره لا تعطى الولاية لولد الزنى قال واشكر الله تعالى على ان جعلنى أول ولد ولدته أمي فانه ابعد من ان يصدر ألفاظ الكفر من أحد أبوي قال المولى الهدائى قدس سره قلت والفقير ايضا كذلك وقال السخاوي في المقاصد الحسنة حديث (لا يدخل الجنة ولد زنية) ان صح فمعناه إذا حمل بمثل عمل أبويه واتفقوا على انه لا يحمل

[سورة البقرة (2) : آية 125]

على ظاهره وقيل في تأويله ايضا ان المراد به من يواظب الزنى كما يقال للشهود بنوا الصحف وللشجعان بنوا الحرب ولاولاد المسلمين بنوا الإسلام انتهى كلامه ثم في الآية اشارة الى ان من أراد ان يبلغ درجة الأخيار ليقتدى به فليلازم التعب وجهد النفس في طاعة الله تعالى: قال السعدي چويوسف كسى در صلاح وتميز ... بسى ساله بايد كه گردد عزيز وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ اى واذكر يا محمد وقت تصييرنا الكعبة المعظمة مَثابَةً كائنة لِلنَّاسِ اى مباءة ومرجعا للحجاج والمعتمرين يتفرقون عنه ثم يثوبون اليه اى يرجع اليه اعيان الذين يزورونه بأن يحجوه مرة بعد اخرى او يرجع أمثالهم وأشباههم في كونهم وفد الله وزوار بيته فانهم لما كانوا اشباها للزائرين اولا كان ما وقع منهم من الزيادة ابتداء بمنزلة عود الأولين فتعريف الناس للعهد الذهني وَأَمْناً موضع أمن فان المشركين كانوا لا يتعرضون لسكان الحرم ويقولون البيت بيت الله وسكانه اهل الله بمعنى اهل بيته وكان الرجل يرى قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرض له ويتعرضون لمن حوله وهذا شىء توارثوه من دين إسماعيل عليه السلام فبقوا عليه الى ايام النبي عليه السلام او يأمن حاجه من عذاب الآخرة من حيث ان الحج يجب ما قبله اى يقطع ويمحو ما وجب قبله من حقوق الله تعالى الغير المالية مثل كفارة اليمين واما حقوق العباد فلا يجبها الحج كذا في حواشى ابن الشيخ ولكن روى ان الله تعالى استجاب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في الدماء والمظالم كذا في الكافي وتفسير الفاتحة للفنارى وغيرهما وَاتَّخِذُوا اى وقلنا اتخذوا على ارادة القول لئلا يلزم عطف الإنشاء على الاخبار مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى اى موضع الصلاة ومن للتبعيض ومقام ابراهيم الحجر الذي فيه اثر قدميه او الموضع الذي كان فيه حين قام عليه ودعا الناس الى الحج او حين رفع بناء البيت والذي يسمى اليوم مقام ابراهيم هو موضع ذلك الحجر- روى- انه لما اتى ابراهيم بإسماعيل وهاجر ووضعهما بمكة وأتت على ذلك مدة ونزلها الجرهميون وتزوج إسماعيل منهم امرأة وماتت هاجر استأذن ابراهيم سارة في ان يأتى هاجر فاذنت له وشرطت عليه ان لا ينزل فقدم ابراهيم وقد ماتت هاجر فذهب الى بيت إسماعيل فقال لامرأته اين صاحبك قالت ذهب يتصيد وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيصيد فقال لها ابراهيم هل عندك ضيافة قالت ليست عندى وسألها عن عيشهم فقالت نحن في ضيق وشدة فشكت اليه فقال لها إذا جاء زوجك فاقرأيه السلام وقولى له فليغير عتبة بابه والمراد ليطلقك فانك لا تصلحين له امرأة وذهب ابراهيم فجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت جاءنى شيخ صفته كذا وكذا كالمستخفة بشانه وقال فما قال لك قالت قال أقرئى زوجك السلام وقولى له فليغير عتبة بابه قال ذلك ابى وقد أمرني ان أفارقك الحقي باهلك فطلقها وتزوج منهم اخرى فلبث ابراهيم ما شاء الله ان يلبث ثم استأذن سارة في ان يزور إسماعيل فاذنت له وشرطت عليه ان لا ينزل فجاء ابراهيم حتى انتهى الى باب إسماعيل فقال لامرأته اين صاحبك قالت ذهب يتصيد وهو يجئ الآن ان شاء الله فانزل رحمك الله قال هل عندك

ضيافة قالت نعم فجاءت باللبن واللحم وسألها عن عيشهم قالت نحن في خير وسعة فدعا لهما بالبركة ولو جاءت يومئذ بخبز برّ او شعير او تمر لكانت اكثر ارض الله برّا او شعيرا او تمرا وقالت له انزل حتى اغسل رأسك فلم ينزل فجاءت بالمقام فوضعته على شقه الايمن فوضع قدمه عليه وهو راكب فغسلت شق رأسه الايمن ثم حولته الى شقه الأيسر فغسلت شق رأسه الأيسر فبقى اثر قدميه عليه وقال لها إذا جاء زوجك فاقرئيه السلام وقولى له قد استقامت عتبة بابك فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت نعم جاء شيخ احسن الناس وجها وأطيبهم ريحا فقال لى كذا وكذا وغسلت رأسه وهذا موضع قدميه فقال ذاك ابراهيم وأنت عتبة بابى أمرني ان امسكك ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلا تحت دوحة قريبة من زمزم فلما رآه قام اليه فصنع كما يصنع الولد بالوالد ثم قال يا إسماعيل ان الله أمرني بامر أتعينني عليه قال أعينك عليه قال أمرني ان ابني هاهنا بيتا فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتى بالحجارة وابراهيم يبنى فلما ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام ابراهيم على حجر المقام وهو يبنى وإسماعيل يناوله الحجر وهما يقولان رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثم لما فرغ من بناء الكعبة قيل له اذن في الناس بالحج فقال كيف أنادي وانا بين الجبال ولم يحضرنى أحد فقال الله عليك النداء وعليّ البلاغ فصعد أبا قبيس وصعد هذا الحجر وكان قد خبئ في ابى قبيس ايام الطوفان فارتفع هذا الحجر حتى علا كل حجر في الدنيا وجمع الله له الأرض كالسفرة فنادى يا معشر المسلمين ان ربكم بنى لكم بيتا وأمركم ان تحجوه فأجابه الناس من أصلاب الآباء وأرحام الأمهات فمن اجابه مرة حج مرة ومن اجابه عشرا حج عشرا وفي الحديث (ان الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة ولولا مماسة أيدي المشركين لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب) والمراد منهما الحجر الأسود والحجر الذي قام عليه ابراهيم عند بناء البيت وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ اى امرناهما امرا مؤكدا ووصينا إليهما فان العهد قد يكون بمعنى الأمر والوصية يقال عهد اليه اى امره ووصاه ومنه قوله تعالى أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ وانما سمى إسماعيل لان ابراهيم كان يدعو الى الله ان يرزقه ولدا ويقول اسمع يا ايل وايل هو الله فلما رزق سماه به أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ اى بان طهراه من الأوثان والأنجاس وما يليق به والمراد احفظاه من ان ينصب حوله شىء منها واقراه على طهارته كما في قوله تعالى وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ فانهن لم يطهرن من نجس بل خلقهن طاهرات كقولك للخياط وسع كم القميص فانك لا تريد ان تقول ازل ما فيه من الضيق بل المراد اصنعه ابتداء واسع الكم لِلطَّائِفِينَ الزائرين حوله وَالْعاكِفِينَ المجاورين الذين عكفوا عنده اى أقاموا لا يرجعون وهذا في اهل الحرم والاول في الغرباء القادمين الى مكة للزيارة والطواف وان كان لا يختص بهم الا ان له مزيد اختصاص بهم من حيث ان مجاوزة الميقات لا تصح لهم الا بالإحرام وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ اى المصلين جمع راكع وساجد لان القيام والركوع والسجود من هيآت المصلى ولتقارب الركوع والسجود ذاتا وزمانا ترك العاطف بين موصوفيهما والجلوس في المسجد الحرام ناظرا الى الكعبة من جملة العبادات

[سورة البقرة (2) : آية 126]

الشريفة المرضية كما قال عليه السلام (ان لله تعالى في كل يوم عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين) واعلم انه تعالى لما قال أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ دخل فيه بالمعنى جميع بيوته تعالى فيكون حكمها حكمه في التطهير والنظافة وانما خص الكعبة بالذكر لانه لم يكن هناك غيرها وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انه سمع صوت رجل في المسجد فقال ما هذا أما تدرى اين أنت وفي الحديث (ان الله اوحى الى يا أخا المنذرين يا أخا المرسلين انذر قومك ان لا يدخلوا بيتا من بيوتى الا بقلوب سليمة وألسنة صادقة وأيدي نقية وفروج طاهرة ولا يدخلوا بيتا من بيوتى مادام لاحد عندهم مظلمة فانى ألعنه مادام قائما بين يدى حتى يرد تلك الظلامة الى أهلها فأكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويكون من أوليائي واصفيائى ويكون جارى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) انتهى ثم اعلم ان البيت الذي شرفه الله بإضافته الى نفسه وهو بيت القلب في الحقيقة يأمر الله تعالى بتطهيره من دنس الالتفات الى ما سواه فانه منظر لله كما قيل دل بدست آور كه حج اكبرست ... از هزاران كعبه يك دل بهترست كعبه بنياد خليل آزرست ... دل نظرگاه جليل اكبرست فلا بد من تصفيته حتى تعكف عنده الأنوار الإلهية والاسرار الرحمانية وتنزل السكينة والوقار فعند وصول العبد الى هذه الرتبة فقد سجد لربه حقيقة وركع وناجى مع الله بسره وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ اى واذكر يا محمد إذ دعا ابراهيم فقال يا رَبِّ اجْعَلْ هذا المكان وهو الحرم بَلَداً آمِناً ذا أمن يأمن فيه اهله من القحط والجدب والخسف والمسخ والزلازل والجنون والجذام والبرص ونحو ذلك من المثلات التي تحل بالبلاد فهو من باب النسب اى بلدا منسوبا الى الامن كلابن وتامر فانهما لنسبة موصوفهما الى مأخوذهما كأنه قيل لبنيّ وتمريّ فالاسناد حقيقى او المعنى بلدا آمنا اهله فيكون من قبيل الاسناد المجازى لان الامن الذي هو صفة لاهل البلد حقيقة قد أسند الى مكانهم للملابسة بينهما وكان هذا الدعاء في أول ما قدم ابراهيم عليه السلام مكة لانه لما اسكن إسماعيل وهاجر هناك وعاد متوجها الى الشام تبعته هاجر فجعلت تقول الى من تكلنا في هذا البلقع اى المكان الخالي من الماء والنبات وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت آلله أمرك بهذا فقال نعم قالت إذا لا يضيعنا فرضيت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كداء اقبل على الوادي فقال رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ الى آخر الآية وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ جمع ثمرة وهي المأكولات مما يخرج من الأرض والشجر فهو سؤال الطعام والفواكه وقيل هي الفواكه وانما خص هذا بالسؤال لان الطعام المعهود مما يكون في كل موضع واما الفواكه فقد تندر فسأل لاهله الامن والسعة مما يطيب العيش ويدوم فاستجاب له في ذلك لما روى انه لما دعا هذا الدعاء امر الله جبريل بنقل قرية من قرى فلسطين كثيرة الثمار إليها فاتى فقلعها وجاء بها وطاف بها حول البيت سبعا ثم وضعها على ثلاث مراحل من مكة وهي الطائف ولذلك سميت به ومنها اكثر ثمرات مكة ويجئ اليه

ايضا من الأقطار الشاسعة حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بدل من اهله والمعنى وارزق المؤمنين خاصة قالَ الله تعالى وَمَنْ كَفَرَ معطوف على محذوف اى ارزق من آمن ومن كفر قاس ابراهيم عليه الصلاة والسلام الرزق على الامامة حيث سأل الرزق لاجل المؤمنين خاصة كما خص الله تعالى الامامة بهم في قوله تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فلما رد سؤاله الامامة في حق ذريته على الإطلاق حسب ان يرد سؤاله الرزق في حق اهل مكة على الإطلاق فلذلك قيد بالايمان تأدبا بالسؤال الاول فنبه سبحانه على ان الرزق رحمة دنيوية تعم المؤمن والكافر بخلاف الامامة والتقدم فَأُمَتِّعُهُ اى أمد له ليتناول من لذات الدنيا اثباتا للحجة عليه قَلِيلًا اى تمتيعا قليلا فان الدنيا بكليتها قليلة وما يتمتع الكافر به منها قليل من القليل فان نعمته تعالى فى الدنيا وان كانت كثيرة باضافة بعضها الى بعض فانها قليلة بإضافتها الى نعمة الآخرة وكيف لا يقل ما يتناهى بالاضافة الى ما لا يتناهى فقليلا صفة مصدر محذوف ويجوز ان يكون صفة ظرف محذوف اى أمتعة زمانا قليلا وهو مدة حياته ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ الاضطرار فى اللغة حمل الإنسان على ما يضره وهو في المتعارف حمل الإنسان بكفره على ان يفعل ما اكره عليه باختياره ترجيحا لكونه أهون الضررين فلا شىء أشد من عذاب النار حتى يكره الكفار به ليختاروا عذاب النار لكونه أهون منه فلا يكون اضطرارهم الى عذاب النار مستعملا في معناه العرفي فهو مستعار للزهم والصاقهم به بحيث يتعذر عليهم التخلص منه كما قال تعالى يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ فانه صريح في ان لا مدخل لهم في لحوق عذاب الآخرة بهم ولا اختيار الا انهم سموا مضطرين اليه مختارين إياه على كره تشبيها لهم بالمضطر الذي لا يملك الامتناع عما اضطر اليه فالمعنى الزه اليه لز المضطر لكفره وتضييعه ما متعته به من النعم بحيث لا يمكنه الامتناع منه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ المخصوص بالذم محذوف اى بئس المرجع الذي يرجع اليه للاقامة فيه النار او عذابها فللعبد في هذه الدنيا الفانية الامهال أياما دون الإهمال إذ كل نفس تجزى بما كسبت ولا تغرنك الزخارف الدنيوية فان للمطيع والعاصي نصيبا منها وليس ذلك من موجبات الرفعة في الآخرة: قال الحافظ بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه آن زال ترك دستان گفت قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قال سهل في معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا وقال ابو العباس بن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة فعلى العاقل ان لا يغتر بالزخارف الدنيوية بل لا يفرح بشئ سوى الله تعالى فان ما خلا الله باطل وزائل والاغترار بالزائل الفاني ليس من قضية كمال العقل والفهم والعرفان فان قلت ما الحكمة فى امهال الله العصاة في الدنيا قيل ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة في الدنيا ليرى العباد سبحانه وتعالى ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه ولهذا خلق النار كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى أكرمته

[سورة البقرة (2) : آية 127]

ومن لم يجئ فليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الى أكرمته ومن لم يجئ ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو أكمل وأتم من الكرم الاول والله تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب دعوة الله ويرجع الى الله بحسن اختياره فانه هو المقصود والكعبة الحقيقية وكل القوافل سائرة اليه واعلم ان البلد هو الصورة الجسمانية والكعبة القلب والطواف الحقيقي هو طواف القلب بحضرة الربوبية وان البيت مثال ظاهر في عالم الملك لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر وهو في عالم الملكوت كما ان الهيكل الإنساني مثال ظاهر في عالم الشهادة للقلب الذي لا يشاهد بالبصر وهو في عالم الغيب والذي يقدر من العارفين على الطواف الحقيقي القلبي هو الذي يقال في حقه ان الكعبة تزوره وفي الخبر (ان لله عبادا تطوف بهم الكعبة) وفرق بين من يقصد صورة البيت وبين من يقصد رب البيت- وروى- ان عارفا من اولياء الله تعالى قصد الحج وكان له ابن فقال ابنه الى اين تقصد فقال الى بيت الله فظن الغلام ان من يرى البيت يرى رب البيت قال يا ابى لم لا تحملني معك فقال أنت لا تصلح لذلك فبكى الغلام فحمله معه فلما بلغا الميقات احرما ولبيا ودخلا الحرم فلما شوهد البيت تحرم الغلام عند رؤيته فخر ميتا فدهش والده وقال اين ولدي وقطعة كبدى فنودى من زاوية البيت أنت طلبت البيت فوجدته وهو طلب رب البيت فوجد رب البيت فرفع الغلام من بينهم فهتف هاتف انه ليس في حيز ولا في الأرض ولا في الجنة بل هو في مقعد صدق عند مليك مقتدر فمن اعرض سره عن الجهة في توجهه الى الله صار الحق قبلة له فيكون هو قبلة الجميع كآدم عليه السلام كان قبلة الملائكة لانه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه من كسوة جماله وجلاله قال الشيخ العطار قدس سره في منطق الطير حق تعالى گفت آدم غير نيست ... كور چشمى وترا اين سير نيست شد نفخت فيه من روح آشكار ... سر جانان گشت بر خاك استوار وقال في محل آخر از دم حق آمدى آدم تويى ... اصل كرمنا بنى آدم تويى قبله كل آفرينش آمدى ... پاى تا سر عين بينش آمدى اللهم أوصلنا الى العين وخلصنا من البين وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ حكاية حال ماضية حيث عبر بلفظ المضارع عن الرفع الواقع في الزمان المتقدم على زمان نزول الوحى بان يقدر ذلك الرفع السابق واقعا في الحال كأنك تصوره للمخاطب وتريه على وجه المشاهدة والعيان والقواعد جمع قاعدة وهي في الأصل صفة بمعنى الثابتة ثم صارت بالغلبة من قبيل الأسماء بحيث لا يذكر لها موصوف ولا يقدر ولعل لفظ القعود حقيقة في الهيئة المقابلة للقيام ومستعار للثبات والاستقرار تشبيها له بها في ان كلا منهما حالة مباينة للانتقال والنزول وقوله من البيت حال من القواعد وكلمة من ابتدائية لا بيانية لعدم صحة ان يقال التي هي البيت فان قلت رفع الشيء ان يفصل عن الأرض ويجعل عاليا مرتفعا والأساس ابدا ثابت على

الأرض فما معنى رفعه قلت المراد برفع الأساس البناء عليه وعبر عن البناء على الأساس برفعه لان البناء ينقله من هيئة الانخفاض الى هيئة الارتفاع فيوجد الرفع حقيقة الا ان أساس البيت واحد وعبر عنه بلفظ القواعد باعتبار اجزائه كأن كل جزء من الأساس أساس لما فوقه والمعنى واذكر يا محمد وقت رفع ابراهيم أساس البيت اى الكعبة وَإِسْماعِيلُ ولده وكان له اربعة بنين إسماعيل واسحق ومدين ومداين وهو عطف على ابراهيم وتأخيره عن المفعول مع ان حق ما عطف على الفاعل ان يقدم على المفعول للايذان بان الأصل في الرفع هو ابراهيم وإسماعيل تبع له قيل انه كان يناوله الحجارة وهو يبنيها واعلم ان رفع الأساس الذي هو البناء عليه يدل على ان البيت كان مؤسسا قبل ابراهيم وانه انما بنى على الأساس واختلف الناس فيمن بنى البيت اولا وأسسه فقيل هو الملائكة وذلك ان الله تعالى لما قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالت الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ فغضب عليهم فعاذوا بعرشه وطافوا حوله سبعة أطواف يسترضون ربهم حتى رضى عنهم وقال لهم ابنوا لى بيتا في الأرض يتعوذ به من سخطت عليه من بنى آدم ويطوف حوله كما طفتم حول عرشى فأرضى عنهم فبنوا هذا البيت وقيل ان الله بنى في السماء بيتا وهو البيت المعمور ويسمى ضراحا وامر الملائكة ان يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره ومثاله وقيل أول من بنى الكعبة آدم واندرست زمن الطوفان ثم أظهرها الله لابراهيم عليه السلام روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما انه قال لما اهبط الله تعالى آدم من الجنة الى الأرض قال له يا آدم اذهب فابن لى بيتا وطف به واذكرني عنده كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشى فاقبل آدم يتخطى وطويت له الأرض وقبضت له المفاوز فلا يقع قدمه على شىء من الأرض الا صار عامرا حتى انتهى الى موضع البيت الحرام وان جبرائيل ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن الاس الثابت على الأرض السابعة السفلى وقدمت اليه الملائكة بالصخر فما يطيق حمل الصخرة منها ثلاثون رجلا وانه بناه من خمسة اجبل طور سيناء وطور زيتاء ولبنان وهو جبل بالشام والجودي وهو جبل بالجزيرة وحراء وهو جبل بمكة وكان ربضه من حراء اى الأساس المستدير بالبيت من الصخر فهذا بناء آدم وروى ان الله خلق موضع البيت قبل الأرض بألفي عام وكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحته فلما اهبط الله تعالى آدم الى الأرض استوحش فشكا الى الله فانزل الله البيت المعمور من ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد اخضر باب شرقى وباب غربى فوضعه على موضع البيت وقال يا آدم انى أهبطت لك بيتا فطف به كما يطاف حول عرشى وصل عنده كما يصلى عند عرشى وانزل الحجر وكان ابيض فاسود من لمس الحيض فى الجاهلية فتوجه آدم من ارض الهند الى مكة ماشيا وقيض الله له ملكا يد له على البيت قيل لمجاهد لم لم يركب قال وأي شىء كان يحمله ان خطوته مسيرة ثلاثة ايام فاتى مكة وحج البيت واقام المناسك فلما فرغ تلقته الملائكة فقالوا برّ حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما حج آدم أربعين حجة من الهند الى مكة على رجليه فبقى البيت يطوف به هو والمؤمنون من ولده الى ايام الطوفان فرفعه الله في تلك الأيام الى السماء الرابعة

يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه وبعث الله جبرائيل حتى خبأ الحجر الأسود في جبل ابى قبيس صيانة له من الغرق وكان موضع البيت خاليا الى زمن ابراهيم عليه السلام ثم ان الله امر ابراهيم ببناء بيت يذكر فيه فسأل الله تعالى ان يبين له موضعه فبعث الله السكينة لتدله على موضع البيت وهي ريح حجوج لها رأسان شبه الحية وامر ابراهيم ان يبنى حيث استقر السكينة فتبعها ابراهيم حتى أتيا مكة فتطوت السكينة على موضع البيت اى تحوت وتجمعت واستدارت كتطوى الحجفة ودورانها فقالت لابراهيم ابن على موضعى الأساس فرفع البيت هو وإسماعيل حتى انتهى الى موضع الحجر الأسود فقال لابنه يا بنى ائتنى بحجر ابيض حسن يكون للناس علما فاتاه بحجر فقال ائتنى بأحسن من هذا فمضى إسماعيل يطلبه فصاح ابو قبيس يا ابراهيم ان لك عندى وديعة فخذها فاذا هو بحجر ابيض من ياقوت الجنة كان آدم قد نزل به من الجنة كما وجد في بعض الروايات او أنزله الله تعالى حين انزل البيت المعمور كما مر فاخذ ابراهيم ذلك الحجر فوضعه مكانه فلما رفع ابراهيم وإسماعيل القواعد من البيت جاءت سحابة مربعة فيها رأس فنادت ان ارفعا على تربيعى فهذا بناء ابراهيم عليه السلام وروى ان ابراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت أعطاهما الله تعالى الخيل جزاء معجّلا على رفع قواعد البيت وكانت الخيل وحشية كسائر الوحوش فلما اذن الله لابراهيم وإسماعيل برفع القواعد قال الله انى معطيكما كنزا ادخرته لكما ثم اوحى الى إسماعيل ان اخرج الى أجياد فادع يأتك الكنز فخرج الى أجياد ولا يدرى ما الدعاء ولا الكنز فالهمه الله فدعا فلم يبق على وجه الأرض فرس بأرض العرب الا جاءته فامكنه من ناصيتها وذللها له فاركبوها واعلفوها فانها ميامين وهي ميراث أبيكم إسماعيل وانما سمى الفرس عربيا لان إسماعيل هو الذي امر بدعائه وهو اتى اليه والعربي نسبة الى عربة بفتحتين وهي باحة العرب لان أباهم إسماعيل نشأ بها قيل كان ابراهيم يتكلم بالسريانية وإسماعيل بالعربية وكل واحد منهما يفهم ما يقوله صاحبه ولا يمكنه التفوه به واما بنيان قريش إياه فمشهور وخبر الحية في ذلك مذكور وكانت تمنعهم من هدمه الى ان اجتمعت قريش فعجوا الى الله تعالى اى رفعوا أصواتهم وقالوا لم نراع وقد أردنا تشريف بيتك وتزيينه فان كنت ترضى بذلك والا فما بدا لك فافعل فاسمعوا خواتا في السماء والخوات دوى جناح الطير الضخم اى صوته فاذا هم بطائر أعظم من النسر اسود الظهر ابيض البطن والرجلين فغمز مخالبه في قفا الحية ثم انطلق بها تجر ذنبها أعظم من كذا وكذا حتى انطلق بها الى أجياد فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعا وذكر عن الزهري انهم بنوها حتى إذا بلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلى رفعه حتى شجر بينهم فقالوا حتى نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة فاصطلحوا على ذلك فاطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكموه فامر بالركن فوضع في ثوب ثم امر سيد كل قبيلة فاعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو على البناء فرفعوا اليه الركن فاخذه من الثوب فوضعه في مكانه قيل ان قريشا وجدوا فى الركن كتابا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من اليهود فاذا فيه انا الله ذو مكة

خلقتها يوم خلقت السموات والأرض وصورت الشمس والقمر وحففتها بسبعة املاك احتفاء لا تزول حتى يزول اخشباها مبارك لاهلها في الماء واللبن وعن ابى جعفر كان باب الكعبة على عهد العماليق وجرهم وابراهيم بالأرض حتى بنته قريش وعن عائشة رضي الله تعالى عنها سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الجدار أمن البيت هو قال نعم قلت فلم لم يدخلوه قال ان قومك قصرت بهم النفقة قلت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل ذلك قومك ولولا حدثانهم بالجاهلية لهدمت الكعبة فألزق بابها بالأرض وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا وزدت فيها ستة اذرع من الحجر فان قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة فهذا بناء قريش ثم لما غزا اهل الشام عبد الله بن الزبير ووهت الكعبة من حريقهم هدمها ابن الزبير وبناها على ما أخبرته عائشة فجعل لها بابين بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه وزاد فيه مما يلى الحجر ست اذرع وكان طولها قبل ذلك ثمانى عشرة ذراعا ولما زاد في البناء مما يلى الحجر استقصر ما كان من طولها تسع اذرع فلما قتل ابن الزبير امر الحجاج ان يقرر ما زاده ابن الزبير في طولها وان ينقص ما زاده من الحجر ويردها الى ما بناها قريش وان يسد الباب الذي فتحه الى جانب الغرب وروى ان هارون الرشيد ذكر لمالك بن انس انه يريد هدم ما بنى الحجاج من الكعبة وان يردها الى بناء ابن الزبير لما جاء عن النبي وامتثله ابن الزبير فقال له مالك ناشدتك الله يا امير المؤمنين ان لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم الا نقض البيت وبناءه فتذهب الهيبة من صدور الناس قالوا بنيت الكعبة عشر مرات بناء الملائكة وكان قبل خلق آدم عليه السلام وبناء آدم وبناء بنى آدم وبناء الخليل وبناء العمالقة وبناء جرهم وبناء قصى بن كلاب وبناء قريش وبناء عبد الله بن الزبير وبناء الحجاج بن يوسف وما كان ذلك بناء لكلها بل لجدار من جدرانها وقال الحافظ السهيلي ان بناءها لم يكن في الدهر الا خمس مرات الاولى حين بناها شيث عليه الصلاة والسلام وروى في الخبر النبوي هذا البيت خامس خمسة عشر سبعة منها في السماء الى العرش وسبعة منها الى تخوم الأرض السفلى وأعلى الذي يلى العرش البيت المعمور لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت سقط بعضها على بعض الى تخوم الأرض السابعة ولكل بيت من اهل السماء ومن اهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت ذكره المحدث الكازروني في مناسكه وعن ابن عباس رضي الله عنهما لما كان العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض بعث الله ريحا فصفقت الماء فابرزت خشبة في موضع البيت كأنها قبة على قدر البيت اليوم فدحا الله سبحانه من تحتها الأرض فمادت ثم مادت فأوتدها بالجبال فكان أول جبل وضع فيها ابو قبيس ولذلك سميت مكة بام القرى قال كعب بنى سليمان عليه السلام بيت المقدس على أساس قديم كما بنى ابراهيم الكعبة على أساس قديم وهو أساس الملائكة في وجه الماء الى ان علا رَبَّنا اى يرفعانها قائلين ربنا تَقَبَّلْ مِنَّا الدعاء وغيره من القرب والطاعات التي من جملتها ما هما بصدده من البناء وفرق بين القبول والتقبل بان التقبل لكونه على بناء التكلف انما يطلق حيث يكون العمل ناقصا لا يستحق ان يقبل الا على طريق التفضل والكرم ولفظ القبول لا دلالة فيه على هذا المعنى فاختيار لفظ التقبل اعتراف منهما بالعجز والانكسار والقصور في العمل إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ لجميع المسموعات التي من جملتها دعاؤنا

[سورة البقرة (2) : آية 128]

وتضرعنا الْعَلِيمُ بكل المعلومات التي من زمرتها نياتنا في جميع اعمالنا ودل هذا القول على انه لم يقع منهما تقصير بوجه ما في إتيان المأمور به بل بذلا في ذلك غاية ما في وسعهما فان المقصر المتساهل كيف يتجاسر على ان يقول بأطلق لسان وارق جنان انك أنت السميع العليم ودلت الآية ايضا على ان الواجب على كل مأمور بعبادة وقربة إذا فرغ منها وأداها كما امر بها وبذل فى ذلك ما في وسعه ان يتضرع الى الله ويبتهل ليتقبل منه وان لا يرد عليه فيضيع سعيه وان لا يقطع القول بأن من ادى عبادة وطاعة تقبل منه لا محالة إذ لو كان هكذا لما كان لدعائهما بطريق التضرع ليقبل منهما معنى فالقبول والرد اليه تعالى ولا يجب عليه شىء رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ اى مخلصين لك فالمراد بالمسلم من يجعل نفسه وذاته خالصا لله تعالى بان يجعل التذلل والتعظيم الواقع منه للسان والأركان والجنان خالصا له تعالى ولا يعظم معه تعالى غيره ويعتقد بأن ذاته وصفاته وأفعاله خالصة له تعالى خلقا وملكا لا مدخل في شىء منها لاحد سواه او المعنى واجعلنا مستسلمين لك منقادين بالرضى بكل ما قدرت وبترك المنازعة في أحكامك فان الإسلام إذا وصل باللام الجارة يكون بمعنى الاستسلام والانقياد والرضى بالقضاء فان قلت لا شك انهما كانا مخلصين ومستسلمين في زمان صدور هذا الدعاء منهما قلت المراد طلب الزيادة في الإخلاص والإذعان او الثبات عليه فهذا تعليم منهما الناس الدعاء للتثبيت على الايمان فانهما لما سألا ذلك مع امنهما من زواله عنهما فكيف غيرهما مع خوفه وسألا ايضا الثبات على الانقياد فاجيبا الى ذلك حتى اسلم ابراهيم للالقاء في النار وإسماعيل للامر بالذبح وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ اى واجعل بعض ذريتنا جماعة مخلصة لك بالعبادة والطاعة وانما خص الذرية بالدعاء مع ان الأنسب بحال اصحاب الهمم لا سيما الأنبياء ان لا يخصوا ذريتهم بالدعاء لكنهما خصاهم لوجهين الاول كونهم أحق بالشفقة كما في قوله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً فدعوا لاولادهما ليكثر ثوابهما بهم وفي الحديث (ما من رجل من المسلمين يخلف من بعده ذرية يعبدون الله تعالى الا جعل الله له مثل أجورهم ما عبد الله منهم عابد حتى تقوم الساعة) والثاني انه وان كان تخصيصا صورة الا انه تعميم معنى لان صلاح أولاد الأنبياء سبب وطريق لصلاح العامة فكأنهما قالا وأصلح عامة عبادك بإصلاح بعض ذريتنا وخصا البعض من ذريتهما لما علما ان من ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين وطريق علمها بذلك امر ان تنصيص الله تعالى بذلك بقوله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ والاستدلال بان حكمة الله تعالى تقتضى ان لا يخلوا لعالم عن أفاضل واوساط وارذال فالافاضل هم اهل الله الذين هم أخلصوا أنفسهم لله بالإقبال الكلى عليه والاوساط هم اهل الآخرة الذين يجتنبون المنكرات ويواظبون على الطاعات رغبة في نيل المثوبات والأرذال هم اهل الدنيا الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون جل همتهم عمارة الدنيا وتهيئة أسبابها وقد قيل عمارة الدنيا بثلاثة أشياء أحدها الزراعة والغرس والثاني الحماية والحرب والثالث جلب الأشياء من مصر الى مصر ومن أكب على هذه الأشياء ونسى الموت والبعث والحساب وسعى لعمارة الدنيا سعيا بليغا ودقق في اعمال فكره تدقيقا عجيبا فهو منوغل في الجهل والحماقة ولهذا قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا: وفي المثنوى

[سورة البقرة (2) : آية 129]

اين جهان ويران شدى اندر زمان حرصها بيرون شدى از مردمان استن اين عالم اى جان غفلتست هوشيارى اين جهان را آفتست هوشيارى زان جهانست و چوآن غالب آيد پست گردد اين جهان هوشيارى آفتاب وحرص يخ هوشيارى آب واين عالم وسخ وَأَرِنا مَناسِكَنا جمع منسك بفتح السين وكسرها اى بصرنا مواضع نسكنا او عرفنا مقتدر اتنا اى المواضع التي يتعلق بها النسك اى افعال الحج نحو المواقيت التي يحرم منها والموضع الذي يوقف فيه بعرفة وموضع الطواف والصفا والمروة وما بينهما من المسعى وموضع رمى الجمار ويحتمل ان يراد بالمناسك هاهنا افعال الحج نفسها لا مواضعها على ان يكون المنسك مصدرا لا اسم مكان ويكون جمعه لاختلاف أنواعه ويكون أرنا بمعنى عرفنا لان نفس الافعال لا تدرك بالبصر بل ترى بعين القلب والنسك كل ما يتعبد به الى الله وشاع في اعمال الحج لكونها أشق الأعمال بحيث لا تتأتى الا بمزيد سعى واجتهاد وَتُبْ عَلَيْنا عما فرط منا سهوا من الصغائر ومن ترك الاولى وتجاوز عن ذنوب ذريتنا من الكبائر ولعلهما قالاه هضما لانفسهما وإرشادا لذريتهما فانهما لما بنيا البيت أرادا ان يسنا للناس ويعرفاهم ان ذلك البيت وما يتبعه من المناسك والمواقف امكنة التفصى من الذنوب وطلب التوبة من علام الغيوب إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ لمن تاب اصل التوبة الرجوع وتوبة الله على العبد قبوله توبته وان يخلق الانابة والرجوع في قلب المسيء ويزين جوارحه الظاهرة بالطاعات بعد ما لوثها بالمعاصي والخطيئات وتواب من صيغ المبالغة اطلق عليه تعالى للمبالغة في صدور الفعل منه وكثرة قبوله توبة المذنبين لكثرة من يتوب اليه رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ اى في جماعة الامة المسلمة من أولادنا رَسُولًا مِنْهُمْ اى من أنفسهم فان البعث فيهم لا يستلزم البعث منهم ولم يبعث من ذريتهما غير النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي أجيب به دعوتهما- روى- انه قيل له قد استجيب لك وهو في آخر الزمان وفي الحديث (انى عند الله مكتوب خاتم النبيين وان آدم لمجدل في طينته وسأخبركم بأول امرى انى دعوة ابى ابراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام) وأراد بدعوة ابراهيم هذا فانه دعا الله ان يبعث في بنى إسرائيل رسولا منهم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ يقرأ عليهم ويبلغهم ما يوحى اليه من دلائل التوحيد والنبوة وَيُعَلِّمُهُمُ بحسب قوتهم النظرية الْكِتابَ اى القرآن وَالْحِكْمَةَ وما يكمل به نفوسهم من المعارف الحقة والاحكام الشرعية قال ابن دريد كل كلمة وعظتك او دعتك الى مكرمة او نهتك عن قبيح فهى حكمة وَيُزَكِّيهِمْ بحسب قوتهم العملية اى يطهرهم من دنس الشرك وفنون المعاصي سواء كانت بترك الواجبات او بفعل المنكرات ثم ان ابراهيم عليه السلام لما ذكر هذه الدعوات الثلاث ختمها بالثناء على الله تعالى فقال إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الذي يقهر ويغلب على ما يريد الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة فهو عزيز حكيم بذاته وكل ما سواه ذليل جاهل في نفسه قال الامام الغزالي قدس سره في شرح الأسماء الحسنى العزيز هو الخطير الذي يقل وجود مثله وتشتد الحاجة اليه ويصعب الوصول اليه فما لم تجتمع هذه المعاني

الثلاثة لم يطلق العزيز فكم من شىء يقل وجوده ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا وكم من شىء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول اليه لم يسم عزيزا كالشمس مثلا فانها لا نظير لها والأرض كذلك والنفع عظيم في كل واحدة منهما والحاجة شديدة إليهما ولكن لا توصفان بالعزة لانه لا يصعب الوصول الى مشاهدتهما فلا بد من اجتماع المعاني الثلاثة ثم في كل من المعاني الثلاثة كمال ونقصان فالكمال في قلة الوجود ان يرجع الى واحد إذ لا اقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا الا الله تعالى فان الشمس وان كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان فيمكن وجود مثلها والكمال في النفاسة وشدة الحاجة ان يحتاج اليه كل شىء في كل شىء حتى في وجوده وبقائه وصفاته وليس ذلك الكمال الا لله تعالى فهو العزيز المطلق الحق الذي لا يوازيه فيه غيره والعزيز من العباد من يحتاج اليه عباد الله في أهم أمورهم وهي الحياة الاخروية والسعادة الابدية وذلك مما يقل لا محالة وجوده ويصعب إدراكه وهذه رتبة الأنبياء عليهم السلام ويشاركهم فى العز من يتفرد بالقرب من درجتهم في عصره كالخلفاء وورثتهم من العلماء وعزة كل واحد بقدر علو رتبته عن سواه في النيل والمشاركة وبقدر عنائه في ارشاد الخلق والحق ذو الحكمة والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأجل العلوم وأجل الأشياء هو الله تعالى ولا يعرف كنه معرفته غيره فهو الحكيم المطلق لانه يعلم أجل الأشياء بأجل العلوم إذ أجل العلوم هو العلم الأزلي الدائم الذي لا يتصور زواله المطابق للمعلوم مطابقة لا يتطرق إليها خفاء وشبهة ولا يتصف بذلك الا علم الله تعالى وقد يقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويحكمها ويتقن صنعتها حكيما وكمال ذلك ايضا ليس الا لله تعالى فهو الحكيم المطلق ومن عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله تعالى لم يستحق ان يسمى حكيما لانه لم يعرف أجل الأشياء وأفضلها والحكمة أجل العلوم وجلالة العلم بقدر جلالة المعلوم ولا أجل من الله ومن عرف الله فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها الا ان نسبة حكمة العبد الى حكمة الله تعالى كنسبة معرفته الى معرفته بذاته وشتان بين المعرفتين فشتان بين الحكمتين ولكنه مع بعده عنه فهو انفس المعارف وأكثرها خيرا ومن اوتى الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وما يتذكر الا أولوا الألباب نعم من عرف الله كان كلامه مخالفا لكلام غيره فانه فلما يتعرض للجزئيات بل يكون كلامه جمليا ولا يتعرض لمصالح العاجلة بل يتعرض لما ينفع في العاقبة ولما كانت الكلمات الكلية اظهر عند الناس من احوال الحكيم من معرفته بالله ربما اطلق الناس اسم الحكمة على مثل تلك الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الأنبياء عليه السلام. رأس الحكمة مخافة الله. الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله. ما قل وكفى خير مما كثر والهى. السعيد من وعظ بغيره. القناعة مال ينفد. الصبر نصف الايمان. اليقين الايمان كله. فهذه الكلمات وأمثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما انتهى كلام الغزالي ثم ان في الآية اشارة الى ان في إرسال الرسل حكمة اى مصلحة وعاقبة حميدة لان عمارة الظاهر وانارة الباطن ونظام العالم بهم لا بغيرهم ولورثتهم من الأولياء الكاملين حظ اوفى

[سورة البقرة (2) : الآيات 130 إلى 131]

فى باب التزكية فلا بد للعبد من دليل ومرشد يهتدى به الى مقصوده ومن لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان: قال الحافظ بكوى عشق منه بي دليل راه قدم ... كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد والمرشد الكامل يزكى نفس السالك بإذن الله ويطهرها من دنس الالتفات الى ما سوى الله ويتلو عليه الآيات الانفسية والآفاقية ليكون من الموقنين ويغتنم النعيم الروحاني ويدخل في زمرة الصديقين فقوله تعالى وَيُزَكِّيهِمْ يشير الى السلوك والتسليك فاحفظ هذا وليكن على ذكر منك اللهم احفظنا من الموانع في طريق الوصول إليك فان كل رجاء في حيز القبول لديك وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ من استفهامية قصد بها الإنكار والتقريع ورغب في الشيء إذا اراده ورغب عنه إذا تركه اى لا يترك دين ابراهيم أحد ولا يعرض عن شريعته وطريقته إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ اى أذلها وجعلها مهينا حقيرا فانتصاب نفسه على انه مفعول به- روى- ان عبد الله ابن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا الى الإسلام فقال لهما قد علمتما ان الله تعالى قال في التوراة انى باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه احمد فمن آمن به فقد اهتدى ومن لم يؤمن به فهو ملعون فاسلم سلمة وابى مهاجر فانزل الله هذه الآية وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا اى وبالله لقد اخترنا ابراهيم في الدنيا من بين سائر الخلق بالنبوة والحكمة وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ متعلق بقوله لَمِنَ الصَّالِحِينَ اى من المشهود لهم بالثبات على الاستقامة والخير والصلاح فمن كان صفوة العباد في الدنيا مشهودا له في الآخرة بالصلاح كان حقيقا بالاتباع لا يرغب عن عن ملته الا سفيه اى في اصل خلقته او متسفه يتكلف السفاهة بمباشرة افعال السفهاء باختياره فيذل نفسه بالجهل والاعراض عن النظر والتأمل فقوله وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ بشارة له فى الدنيا بصلاح الخاتمة ووعد له بذلك وكم من صالح في أول حاله ذهب صلاحه في مآله وكان فى الآخرة لعذابه ونكاله كبلعم وبرصيصا وقارون وثعلبة إِذْ قالَ لَهُ ظرف لاصطفيناه وتعليل له اى اخترناه في وقت قال له رَبُّهُ أَسْلِمْ اى أخلص دينك لربك واستقم على الإسلام واثبت عليه وذلك حين خرج من الغار ونظر الى الكوكب والقمر والشمس فألهمه الله الإخلاص قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ اى أخلصت دينى له كقوله إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الآية وقد امتثل ما امر به من الإخلاص والاستسلام واقام على ما قال فسلم القلب والنفس والولد والمال ولما قال له جبريل حين القى في النار هل لك من حاجة فقال أما إليك فلا فقال ألا تسأل ربك فقال حسبى بسؤالى علمه بحالي قال اهل التفسير ان ابراهيم ولد في زمن النمرود بن كنعان وكان النمرود أول من وضع التاج على رأسه ودعا الناس الى عبادته وكان له كهان ومنجمون فقالوا له انه يولد في بلدك في هذه السنة غلام يغير دين اهل الأرض ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه قالوا فامر بذبح كل غلام يولد فى ناحيته في تلك السنة فلما دنت ولادة أم ابراهيم وأخذها المخاض خرجت هاربة مخافة ان يطلع عليها فيقتل ولدها فولدته في نهر يابس ثم لفته في خرقة ووضعته في حلفاء وهو نبت في الماء يقال له بالتركى «حصير قمشى» ثم رجعت فأخبرت زوجها بانها ولدت وان الولد في موضع

[سورة البقرة (2) : الآيات 132 إلى 137]

كذا فانطلق أبوه فاخذه من ذلك المكان وحفر له سربا اى بيتا في الأرض كالمغارة فواراه فيه وسد عليه بابه بصخرة مخافة السباع وكانت امه تختلف اليه فترضعه وكان اليوم على ابراهيم في الشباب والقوة كالشهر في حق سائر الصبيان والشهر كالسنة فلم يمكث ابراهيم في المغارة الا خمسة عشر شهرا او سبع سنين او اكثر من ذلك فلما شب ابراهيم في السرب قال لامه من ربى قالت انا قال فمن ربك قالت أبوك قال فمن رب ابى قالت اسكت ثم رجعت الى زوجها فقالت أرأيت الغلام الذي كنا نحدث انه يغير دين اهل الأرض فانه ابنك ثم أخبرته بما قال فاتى أبوه آزر وقال له ابراهيم يا أبتاه من ربى قال أمك قال فمن رب أمي قال انا قال فمن ربك قال النمرود قال فمن رب النمرود فلطمه لطمة وقال له اسكت فلما جن عليه الليل دنا من باب السرب فنظر من خلال الصخرة فرأى السماء وما فيها من الكواكب فتفكر في خلق السموات والأرض فقال ان الذين خلقنى ورزقنى وأطعمني وسقانى ربى الذي مالى اله غيره ثم نظر في السماء فرأى كوكبا قال هذا ربى ثم اتبعه بصره ينظر اليه حتى غاب فلما أفل قال لا أحب الآفلين ثم رأى القمر ثم الشمس فقال فيهما كما قال في حق الكواكب ثم انهم اختلفوا في قوله ذلك فاجراه بعضهم على الظاهر وقالوا كان ابراهيم في ذلك الوقت مسترشدا طالبا للتوحيد حتى وفقه الله اليه وأرشده فلم يضره ذلك في الاستدلال وايضا كان ذلك في حال طفوليته قبل ان يجرى عليه القلم فلم يكن كفرا وأنكر الآخرون هذا القول وقالوا كيف يتصور من مثله ان يرى كوكبا ويقول هذا ربى معتقدا فهذا لا يكون ابدا ثم أولوا قوله ذلك بوجوه مذكورة في سورة الانعام للامام محيى السنة والحاصل ان ابراهيم مستسلم للرب الكريم وانه على الصراط المستقيم لا يرغب عن طريقته الا من سفه نفسه اى لم يتفكر فيها كما تفكر ابراهيم في الأنفس والآفاق قال تعالى وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ والسفاهة الجهل وضعف الرأى وكل سفيه جاهل وذلك ان من عبد غير الله فقد جهل نفسه لانه لم يعرف الله خالقها وقد جاء في الحديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) وفي الاخبار (ان الله تعالى اوحى الى داود اعرف نفسك بالضعف والعجز والفناء وأعرفني بالقوة والقدرة والبقاء) : وفي المثنوى چيست تعظيم خدا افراشتن ... خويشتن را خاك وخوارى داشتن [2] چيست توحيد خدا آموختن ... خويشتن را پيش واحد سوختن هستيت در هست آن هستى نواز ... همچومس در كيميا اندر گداز جمله معشوقست وعاشق پرده ... زنده معشوقست وعاشق مرده [3] وَوَصَّى لما كمل ابراهيم عليه السلام في نفسه كمل غيره بالتوصية وهو تقديم ما فيه خير وصلاح من قول او فعل الى الغير على وجه التفضل والإحسان سواء كان امرا دينيا او دنيويا بِها اى بالملة المذكورة في قوله تعالى وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِبْراهِيمُ بَنِيهِ اى أولاده الذكور الثمانية عند البعض إسماعيل وامه هاجر القبطية واسحق وامه سارة وستة أمهم قنطورا بنت يقطن الكنعانية تزوجها ابراهيم بعد وفاة سارة وهم مدين ومداين وزمران ويقشان ويشبق ونوخ وَيَعْقُوبُ رفع عطف على ابراهيم اى وصى يعقوب

ايضا وهو ابن اسحق بن ابراهيم بنيه الاثني عشر روميل وشمعون ولاوى ويهودا ويستسوخور وزبولون وزوانا ونفتونا وكوزا واوشير وبنيامين ويوسف وسمى يعقوب لانه مع أخيه عيصو كانا توأمين فتقدم عيصو في الخروج من بطن امه وخرج يعقوب على اثره آخذا بعقبه وذلك ان أم يعقوب حملت في بطن واحد بولدين توأمين فلما تكامل عدة أشهر الحمل وجاء وقت الوضع تكلما في بطنها وهي تسمع فقال أحدهما للآخر طرق لى حتى اخرج قبلك وقال الآخر لئن خرجت قبلى لاشقن بطنها حتى اخرج من خصرها فقال الآخر اخرج قبلى ولا تقتل أمي قال فخرج الاول فسمته عيصو لانه عصاها في بطنها وخرج الثاني وقد امسك بعقبه فسمته يعقوب فنشأ عيصو بالغلظة والفظاظة صاحب صيد وقنص ويعقوب بالرحمة واللين صاحب زرع وماشية وروى انهما ماتا في يوم واحد ودفنا في قبر واحد قيل عاش يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة ومات بمصر واوصى ان يحمل الى الأرض المقدسة ويدفن عند أبيه اسحق فحمله يوسف فدفنه عنده يا بَنِيَّ على إضمار القول عند البصريين تقديره وصى وقال يا بنى وذلك لان يا بنى جملة والجملة لا تقع مفعولا الا لافعال القلوب او فعل القول عندهم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ اى دين الإسلام الذي هو صفوة الأديان ولا دين عنده غيره فَلا تَمُوتُنَّ اى لا يصادفكم الموت إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ اى مخلصون بالتوحيد محسنون بربكم الظن وهذا نهى عن الموت في الظاهر وفي الحقيقة عن ترك الإسلام لان الموت ليس في أيديهم وذلك حين دخل يعقوب مصر فرأى أهلها يعبدون الأصنام فاوصى بنيه بان يثبتوا على الإسلام فان موتهم لا على حال الثبات على الإسلام موت لا خير فيه وانه ليس بموت السعداء وان من حق هذا الموت ان لا يحل فيهم وتخصيص الأبناء بهذه الوصية مع انه معلوم من حال ابراهيم انه كان يدعو الكل ابدا الى الإسلام والدين وللدلالة على ان امر الإسلام اولى الأمور بالاهتمام حيث وصى به اقرب الناس اليه واحراهم بالشفقة والمحبة وارادة الخير مع ان صلاح ابنائه سبب لصلاح العامة لان المتبوع إذ أصلح في جميع أحواله صلح التابع روى انه لما نزل قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاربه وانذرهم فقال (يا بنى كعب بن لوى أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة انقذى نفسك من النار فانى لا املك لكم من الله شيأ) يعنى لا اقدر على دفع مكروه عنكم في الآخرة ان أراد الله ان يعذبكم وانما اشفع لمن اذن الله لى فيه وانما يأذن لى إذا لم يرد تعذيبه انما قال عليه السلام في حقهم هكذا لترغيبهم في الايمان والعمل لئلا يعتمدوا على قرابته ويتهاونوا ولا بد من الوصية والتحذير فى باب الدين لان الإنسان إذا انس باهل الشر يخاف ان يتخلق بأخلاقهم ويعمل عملهم فيجره ذلك الهوى الى الهاوية كما قيل نفس از همنفس بگيرد خوى ... بر حذر باش از لقاى خبيث باد چون بر فضاى بد كذرد ... بوى بد كيرد از هواى خبيث

[سورة البقرة (2) : الآيات 133 إلى 134]

وكتب ابو عبيد الصوري الى بعض إخوانه اما بعد فانك قد أصبحت تأمل الدنيا بطول عمرك وتتمنى على الله الأماني بسوء فعلك وانما تضرب حديدا باردا والسلام وحسن الظن بالله تعالى انما يعتبر بعد إصلاح الحال بالأخلاق والأعمال قال الحسن ان قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا ومالهم حسنة يقول أحدهم انى احسن الظن بربي وكذب لو احسن الظن لاحسن العمل وتلا قوله تعالى وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الآية اللهم وفقنا للعلم والعمل قبل الاجل أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ لاهل الكتاب الراغبين عن ملة ابراهيم عليه السلام وأم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قال في التيسير أم إذا لم يتقدمها الف الاستفهام كانت بمنزلة مجرد الاستفهام ومعنى الهمزة فيها الإنكار يعنى أكنتم شهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر يريد ما كنتم حاضرين إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ اى اماراته وأسبابه وقرب خروجه من الدنيا نزلت حين قالت اليهود للنبى عليه السلام ألست تعلم ان يعقوب اوصى بنيه باليهودية يوم مات فقال تعالى ما كنتم حاضرين حين احتضر يعقوب وقال لبنيه ما قال والا لما ادعيتم عليه اليهودية ولكان حرضكم على ملة الإسلام إِذْ قالَ لِبَنِيهِ بدل من إذ حضر والعامل فيها شهداء ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي اى أي شىء تعبدونه بعد موتى أراد به تقريرهم على التوحيد والإسلام وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما قال الراغب لم يعن بقوله ما تعبدون من بعدي العبادة المشروعة فقط وانما عنى ان يكون مقصودهم في جميع الأعمال وجه الله تعالى ومرضاته وان يتباعدوا عما لا يتوسل به إليها وكأنه دعاهم الى ان لا يتحروا في أعمالهم غير وجه الله تعالى ولم يخف عليهم الاشتغال بعبادة الأصنام وانما خاف ان تشغلهم دنياهم ولهذا قيل ما قطعك عن الله فهو طاغوت ولهذا قال واجنبنى وبنى ان نعبد الأصنام اى ان نخدم ما دون الله قال في المثنوى چيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش ونقره وفرزند ووزن قال التحرير التفتازانيّ وما عام اى يصح إطلاقه على ذى العقل وغيره عند الإبهام سواء كان للاستفهام أم غيره وإذا علم ان الشيء من ذى العقل والعلم فرق بمن وما فيخص من بذي العلم وما بغيره وبهذا الاعتبار يقال ان ما لغير العقلاء انتهى كلامه وتم الإنكار عليهم عند قوله ما تعبدون من بعدي ثم استأنف وبين ان الأمر قد جرى على خلاف ما زعموا فقال قالُوا كأنه قيل فماذا قالوا عند ذلك فقيل قالوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ اى نعبد الآله المتفق على وجوده وآلهيته ووجوب عبادته وجعل إسماعيل وهو عمه من جملة الآباء تغليبا للاب والجد لان العم أب والخالة أم لانخراطهما في سلك واحد وهو الاخوة لا تفاوت بينهما ومنه قوله عليه السلام (عم الرجل صنو أبيه) اى لا تفاوت بينهما كما لا تفاوت بين صنوى النخلة إِلهاً واحِداً بدل من اله آبائك وفائدته التصريح بالتوحيد ودفع التوهم الناشئ من تكرر المضاف او نصب على الاختصاص كأنه قيل نريد ونعنى بآله آبائك آلها واحدا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ حال من فاعل نعبد تِلْكَ اشارة الى الامة المذكورة التي هي ابراهيم ويعقوب وبنوهما الموحدون أُمَّةٌ هى في الأصل المقصود كالعهدة بمعنى

المعهود وسمى بها الجماعة لان فرق الناس تؤمها اى يقصدونها ويقتدون بها وهي خبر تلك قَدْ خَلَتْ اى مضت بالموت وانفردت عمن عداها وأصله صارت الى الخلاء وهي الأرض التي لا أنيس بها والجملة نعت لامة لَها ما كَسَبَتْ تقديم المسند لقصره على المسند اليه اى لها كسبها لا كسب غيرها وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ لا كسب غيركم وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا تؤاخذون بسيآت الامة الماضية كما في قوله ولا تسألون عما أجرمنا كما لا تثابون بحسناتهم فلكل اجر عمله وذلك لما ادعى اليهود ان يعقوب عليه السلام مات على اليهودية وانه عليه السلام وصى بها بنيه يوم مات وردوا بقوله تعالى أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ الآية قالوا هب ان الأمر كذلك أليسوا آباءنا وإليهم ينتمى نسبنا فلا جرم ننتفع بصلاحهم ومنزلتهم عند الله تعالى قالوا ذلك مفتخرين باوائلهم فردوا بانهم لا ينفعهم انتسابهم إليهم وانما ينفعهم اتباعهم في الأعمال فان أحدا لا ينفعه كسب غيره كما قال عليه السلام (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) وقال عليه السلام (من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه) يعنى من آخره فى الآخرة عمله السيئ او تفريطه في العمل الصالح لم ينفعه شرف نسبه ولم تنجبر نقيصته به قال الشاعر أتفخر باتصالك من على واصل البؤسة الماء القراح وليس بنافع نسب زكى يدنسه صنائعك القباح والأبناء وان كانوا يتشرفون في الدنيا بشرف آبائهم الا انه إذا نفخ في الصور فلا أنساب والافتخار بمثل هذا كالافتخار بمتاع غيره وانه من الجنون فلا بد من كسب العمل والإخلاص فيه فانه المنجى بفضل الله تعالى وجاء في حديث طويل وهو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (انى رأيت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاء بره لوالديه فرده عنه ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صيامه فسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا كلما دنا لحلقة طرد فجاءه اغتساله من الجنابة فاخذ بيده وأقعده الى جنبى ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة فهو متحير فيها فجاءته حجته وعمرته فاستخرجتاه من الظلمة وادخلتاه في النور ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه كلموه ورأيت رجلا من أمتي يتقى وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه وظلا على رأسه ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه امره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وأدخلاه مع ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فاخذ بيده فادخله على الله ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله فاخذ صحيفته فجعلها

[سورة البقرة (2) : آية 135]

فى يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته افراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتي أهوى فى النار فجاءته دموعه التي بكى بها من خشية الله فاستخرجته من النار ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته على فاخذت بيده وإقامته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي انتهى الى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة ان لا اله الا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة) قيل يا رسول الله وما إخلاصها قال (ان تحجزه عن محارم الله) فعلم من هذا التفصيل ان الخلاص وان كان بفضل الله تعالى لكنه منوط بالأعمال الصالحة فالقرابة لا تغنى شيأ إذا فسد العمل واما قول من قال إذا طاب اصل المرء طابت فروعه فباعتبار الغالب فان من عادته تعالى ان يخرج الحي من الميت والميت من الحي ونعم ما قيل اصل را اعتبار چندان نيست ... روى تر كل ز خار خندان نيست مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي والعود الذي تفوح رائحته وان كان في الأصل شجرة كسائر الأشجار الا انه لما كان له استعداد لتلك المرتبة وحصل ذلك بالتربية فاق على الاقران وخرج من جنس الأصل وكذا المسك فان أصله دم وكم من نسيب يعود على أصله بالعكس فيظهر فيه اثر الصلاح الباطن في أبيه ان كان اى أبوه فاسقا او الفساد الباطن فيه ان كان صالحا وكم من فرع يميل الى أصله على وجه فانظر حال آدم عليه السلام وولديه هابيل وقابيل ومن بعدهم الى قيام الساعة وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى نزلت في رؤس يهود المدينة وفي نصارى نجران اى قالت اليهود كونوا هودا فان نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفروا بعيسى والإنجيل وبمحمد والقرآن وقالت النصارى كونوا نصارى فان نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفروا بموسى والتوراة وبمحمد والقرآن تَهْتَدُوا جواب للامر اى ان تكونوا كذلك تجدوا الهداية من الضلالة قُلْ يا محمد لهم على سبيل الرد وبيان ما هو الحق لا نكون ما تقولون بَلْ نكون مِلَّةَ إِبْراهِيمَ اى اهل ملته ودينه على حذف المضاف اى بل نتبع ملته لان كونوا معناه اتبعوا اليهودية والنصرانية حَنِيفاً اى مائلا عن كل دين باطل الى دين الحق ومنحرفا عن اليهودية والنصرانية وهو حال من المضاف اليه وهو ابراهيم كما في رأيت وجه هند قائمة لان رؤية وجه هند يستلزم رؤيتها فالحال هنا تبين هيئة المفعول او من المضاف وهو الملة وتذكير حنيفا حينئذ بتأويل الملة بالدين لانهما متحدان ذاتا والتغاير بالاعتبار وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تعريض بهم وإيذان ببطلان دعواهم اتباع ابراهيم مع اشراكهم بقولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله وفي الآية ارشاد الى اتباع دين ابراهيم وهو الدين الذي عليه نبينا عليه السلام وأصحابه واتباعه

[سورة البقرة (2) : الآيات 136 إلى 137]

قُولُوا ايها المؤمنون آمَنَّا بِاللَّهِ وحده وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا اى بالقرآن الذي انزل على نبينا والانزال اليه إنزال الى أمته لان حكم المنزل يلزم الكل وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ من صحفه العشر وَما انزل الى إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالى الْأَسْباطِ جمع سبط وهو في اصل شجرة واحدة لها أغصان كثيرة والمراد هنا أولاد يعقوب وهم اثنا عشر سموا بذلك لانه ولد لكل منهم جماعة وسبط الرجل حافده اى ولد ولده والأسباط من بنى إسرائيل كالقبائل من العرب والشعوب من العجم وهم جماعة من اب وأم وكان فى الأسباط أنبياء والصحف وان كانت نازلة الى ابراهيم لكن من بعده حيث كانوا متعبدين بتفاصيلها داخلين تحت أحكامها جعلت منزلة إليهم كما جعل القرآن منزلا إلينا وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى من التوراة والإنجيل وتخصيصهما بالذكر لما ان الكلام مع اليهود والنصارى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ جملة المذكورين منهم وغير المذكورين مِنْ رَبِّهِمْ فى موضع الحال من العائد المحذوف والتقدير وبما أوتيه النبيون منزلا عليهم من ربهم لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كاليهود فنؤمن ببعض ونكفر ببعض وكيف نفعل ذلك والدليل الذي أوجب علينا ان نؤمن ببعض الأنبياء وهو تصديق الله إياه بخلق المعجزات على يديه يوجب الايمان بالباقين فلو آمنا ببعضهم وكفرنا بالبعض لناقضنا أنفسنا والجملة حال من الضمير في آمنا وانما اعتبر عدم التفريق بينهم مع ان الكلام فيما أوتوه لا يستلزم عدم التفريق بينهم بالتصديق والتكذيب لعدم التفريق بين ما أوتوه واحد في معنى الجماعة ولذلك صح دخول بين عليه وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى والحال انا مخلصون لله تعالى ومذعنون فَإِنْ آمَنُوا اى اليهود والنصارى بِمِثْلِ ما اى بمثل الدين الذي آمَنْتُمْ بِهِ هذا من باب التعجيز والتبكيت اى الزام الخصم والجائه الى الاعتراف بالحق بإرخاء عنانه وسد طرق المجادلة عليه والمثل مقحم والمعنى فان آمنوا بما آمنتم به وهو الله تعالى فانه ليس لله تعالى مثل وكذا لدين الإسلام فَقَدِ اهْتَدَوْا الى الحق وأصابوه كما اهتديتم وحصل بينكم الاتحاد والاتفاق وَإِنْ تَوَلَّوْا اى ان اغضوا عن الايمان على الوجه المذكور بان أخلوا بشئ من ذلك كأن آمنوا ببعض وكفروا ببعض كما هو ديدنهم ودينهم فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ اى مستقرون في خلاف عظيم بعيد من الحق وهذا لدفع ما يتوهم من احتمال الوفاق بسبب ايمانهم ببعض ما آمن به المؤمنون فقوله في شقاق خبر لقوله هم وجعل الشقاق ظرفا لهم وهم مظروفون له مبالغة في الاخبار باستيلائه عليهم فانه ابلغ من قولك هم مشاقون والشقاق مأخوذ من الشق وهو الجانب فكأن كل واحد من الفريقين في شق غير شق صاحبه بسبب العداوة ولما دل تنكير الشقاق على امتناع الوفاق وان ذلك مما يؤدى الى الجدال والقتال لا محالة عقب ذلك بتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفريح المؤمنين بوعد النصرة والغلبة وضمان التأييد والإعزاز بالسين للتأكيد الدالة على تحقق الوقوع البتة فقيل فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ الضميران منصوبا المحل على انهما مفعولان ليكفى يقال كفاه مؤنته كفاية وان كثر استعماله معدى الى واحد نحو كفاك الشيء والظاهران المفعول الثاني حقيقة في الآية هو المضاف المقدر اى فسيكفى الله إياك امر اليهود والنصارى

[سورة البقرة (2) : الآيات 138 إلى 144]

ويدفع شرهم عنك وينصرك عليهم فان الكفاية لا تتعلق بالأعيان بل بالافعال وقد أنجز الله وعده الكريم بالقتل والسبي في بنى قريظة والجلاء والنفي الى الشام وغيره في بنى النضير والجزية والذلة في نصارى نجران وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تذييل لما سبق من الوعد وتأكيد له والمعنى انه تعالى يسمع ما تدعو به ويعلم ما في نيتك من اظهار الدين فيستجيب لك ويوصلك الى مرادك صِبْغَةَ اللَّهِ الصبغ ما يلون به الثياب والصبغ المصدر والصبغة الفعلة التي تبنى للنوع والحالة من صبغ كالجلسة من جلس وهي الحالة التي يقع الصبغ عليها وهي اى الصبغة في الآية مستعارة لفطرة الله التي فطر الناس عليها شبهت الخلقة السليمة التي يستعد بها العبد للايمان وسائر انواع الطاعات بصبغ الثوب من حيث ان كل واحدة منهما حلية لما قامت هي به وزينة له والتقدير صبغنا الله صبغة اى فطرنا وخلقنا على استعداد قبول الحق والايمان فطرته فهذا المصدر مفعول مطلق مؤكد لنفسه لانه مع عامله المقدر بعينه وقع مؤكدا لمضمون الجملة المقدمة وهو قوله آمنا بالله لا محتمل لها من المصادر الا ذلك المصدر لان ايمانهم بالله يحصل بخلق الله إياهم على استعداد اتباع الحق والتحلي بحلية الايمان ويحتمل ان يكون التقدير طهرنا الله تطهيره لان الايمان يطهر النفوس من اوضار الكفر وسماه صبغة للمشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوع ذلك الشيء في صحبة الغير اما بحسب المقال المحقق او المقدر بان لا يكون ذلك الغير مذكورا حقيقة ويكون في حكم المذكور لكونه مدلو لا عليه بقرينة الحال فهى كما تجرى بين فعلين كما هنا تجرى بين قولين كما في تعلم ما في نفسى ولا اعلم ما في نفسك فانه عبر عن ذات الله تعالى بلفظ النفس لوقوعه في صحبة لفظ النفس وعبر عن لفظ الفطرة بلفظ الصبغة لوقوعه في صحبة صبغة النصارى إذ كانوا يشتغلون بصبغ أولادهم في سابع الولادة مكان الختان للمسلمين بغمسهم في الماء الأصفر الذي يسمونه المعمودية على زعم ان ذلك الغمس وان لم يكن مذكورا حقيقة لكنه واقع فعلا من حيث انهم يشتغلون به فكان في حكم المذكور بدلالة قرينة الحال عليه من حيث اشتغالهم به ومن حيث ان الآية نزلت ردا لزعمهم ببيان ان التطهير المعتبر هو تطهير الله عباده لا تطهير أولادكم بغمسهم في المعمودية وهي اسم ماء غسل به عيسى عليه السلام فمزجوه بماء آخر وكلما استعملوا منه جعلوا مكانه ماء آخر وَمَنْ أَحْسَنُ مبتدأ وخبر والاستفهام في معنى الجحد مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن صبغته احسن من صبغته تعالى فالتفضيل جار بين الصبغتين لا بين فاعليهما والمعنى أي شخص تكون صبغته احسن من صبغة الله فانه يصبغ عباده بالايمان ويطهرهم به من اوضار الكفر وانجاس الشرك فلا صبغة احسن من صبغته وَنَحْنُ لَهُ اى لله الذي أولانا تلك النعمة الجليلة عابِدُونَ شكرا له ولسائر نعمه وتقدم الظرف للاهتمام ورعاية الفواصل وهو عطف على آمنا داخل تحت الأمر وهو قولوا فاذا كان حزفة العبد العبادة فقد زين نفسه بصبغ حسن يزينه ولا يشينه: وفي المثنوى كاو را رنك از برون مرد را ... از درون دان رنك سرخ ورد را رنكهاى نيك از خم صفاست ... رنك زشتان از سياه آب جفاست

[سورة البقرة (2) : آية 139]

صبغة الله نام آن رنك لطيف ... لعنة الله بوى اين رنك كثيف وفي قوله تعالى وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ اشارة الى ان العارفين يعبدون ربهم لا لشوق الجنة ولا لخوف النار قال الله تعالى في الزبور ومن اظلم ممن عبدنى لجنة او نار فلو لم اخلق جنة ولا نارا لم أكن مستحقا لان اعبد واعلم ان العابد هو العامل بحق العبودية في مرضاة الله تعالى والعبادة دون العبودية وهي دون العبودة لان من لم يبخل بروحه فهو صاحب عبودة فالعبادة ببذل الروح فوق العبادة ببذل النفس قال سهل بن عبد الله لا يصح التعبد لاحد حتى لا يجزع من اربعة أشياء من الجوع والعرى والفقر والذل قال الشيخ ابو العباس رحمه الله اوقات العبد اربعة لا خامس لها الطاعة والمعصية والنعمة والبلية ولكل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية فمن كان وقته النعمة فسبيله الشكر وهو فرح القلب بالله تعالى ومن كان وقته البلية فسبيله الرضى والصبر فعليك ان تراقب الأوقات الى ان تصل أعلى الدرجات وغاية الغايات: وفي المثنوى كافرم من كر زيان كردست كس ... در ره ايمان وطاعت يكنفس «1» سر شكسته نيست اين سر را مبند ... يك دو روزه جهد كن باقى بخند تازه كن ايمان نه از كفت زبان ... اى هوا را تازه كرده در نهان «2» تا هوا تازه است ايمان تازه نيست ... كين هوا جز قفل آن دروازه نيست - روى- ان السرى قدس سره قال مكثت عشرين سنة اخرس خلق الله تعالى فلم يقع في شبكتى الا واحد كنت أتكلم في المسجد الجامع ببغداد يوم الجمعة وقلت عجبت من ضعيف عصى قويا فلما كان يوم السبت وصليت الغداة إذا انا بشاب قد وافى وخلفه ركبان على دواب بين يديه غلمان وهو راكب على دابته فنزل وقال أيكم السرى السقطي فأومأ جلسائى الى فسلم على وجلس وقال سمعتك تقول عجبت من ضعيف عصى قويا فما أردت به فقلت ما ضعيف أضعف من ابن آدم ولا قوى أقوى من الله تعالى وقد تعرض ابن آدم مع ضعفه الى معصية الله تعالى قال فبكى ثم قال يا سرى هل يقبل ربك غريقا مثلى قلت ومن ينقذ الغرقى الا الله تعالى قال يا سرى ان على مظالم كثيرة كيف اصنع قال إذا صححت الانقطاع الى الله تعالى ارضى عنك الخصوم بلغنا عن النبي عليه السلام انه قال (إذا كان يوم القيامة واجتمع الخصوم على ولى الله وكل لكل منهم ملكا يقول لا تروعوا ولى الله فان حقكم اليوم على الله تعالى) فبكى ثم قال صف لى الطريق الى الله فقلت ان كنت تريد المقتصدين فعليك بالصيام والقيام وترك الآثام وان كنت تريد طريق الأولياء فاقطع العلائق واتصل بخدمة الخالق فبكى حتى بل منديلا له ثم انصرف وكان من امره كيت وكيت من ترك الأهل والعيال والسكون عند المقابر وتغيير الحال حتى توفى ذلك الشاب على الاحالة التي اقبل عليها قال السرى فحلمت يوما عيناى فاذا به يرفل في السندس والإستبرق ويقول لى جزاك الله خيرا فقلت ما فعل الله بك قال أدخلني الجنة ولم يسألنى عن ذنب انتهى قُلْ أَتُحَاجُّونَنا المحاجة المجادلة ودعوى الحق واقامة الحجة على ذلك من كل واحد والهمزة للانكار والتوبيخ وسبب نزول هذه الآية ان اليهود والنصارى قالوا ان الأنبياء كانوا منا وعلى ديننا وديننا اقدم فقال الله تعالى قل يا محمد لليهود والنصارى أتجادلوننا وتخاصموننا

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شبر جهدرا (2) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه مكر كردن خرگوش با شير إلخ

[سورة البقرة (2) : الآيات 140 إلى 141]

فِي اللَّهِ اى في دينه وتدعون ان دينه الحق هو اليهودية والنصرانية وتبنون دخول الجنة والاهتداء عليهما وتقولون تارة لن يدخل الجنة إلا من كان هودا او نصارى وتارة كونوا هودا او نصارى تهتدوا وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ اى والحال انه لا وجه للمجادلة أصلا لانه تعالى مالك أمرنا وأمركم وَلَنا أَعْمالُنا الحسنة الموافقة لامره وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ السيئة المخالفة لحكمه فكيف تدعون انكم اولى بالله وَنَحْنُ لَهُ اى لله تعالى مُخْلِصُونَ فى تلك الأعمال لا نبتغى بها الا وجهه فأنى لكم المحاجة وادعاء حقية ما أنتم عليه والطمع في دخول الجنة بسببه ودعوة الناس اليه وأنتم به مشركون والإخلاص تصفية العمل عن الشرك والرياء وحقيقته تصفية الفعل عن ملاحظه المخلوقين أَمْ تَقُولُونَ أم معادلة للهمزة في قوله تعالى أتحاجوننا داخلة في حيز الأمر على معنى أي الامرين تأتون اقامة الحجة وتنوير البرهان على حقية ما أنتم عليه والحال ما ذكر أم التشبث بذيل التقليد والافتراء على الأنبياء وتقولون إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ وهي حفدة يعقوب وهم أولاد أولاده الاثني عشر وعن الزجاج انه قال الأسباط في ولد اسحق بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل فولد كل واحد من ولد اسحق سبط ومن ولد إسماعيل قبيلة كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى فنحن مقتدون بهم والمراد انكار كلا الامرين والتوبيخ عليهما اى كيف تحاجون وكيف تقولون في حق الأنبياء الذين بعثوا قبل نزول التوراة والإنجيل انهم كانوا هودا او نصارى ومن المحال ان يقتدى المتقدم بالمتأخر ويستن بسنته قُلْ يا محمد أَأَنْتُمْ الاستفهام للتقرير والتوبيخ أَعْلَمُ بدينهم أَمِ اللَّهُ اعلم وَمَنْ أَظْلَمُ انكار لان يكون أحد اظلم فالاستفهام بمعنى النفي مِمَّنْ كَتَمَ اى ستر وأخفى عن الناس شَهادَةً ثابتة عِنْدَهُ اى عند من كائنة مِنَ اللَّهِ قوله عنده ومن الله صفتان لشهادة اى شهادة حاصلة عنده صادرة من الله تعالى يعنى يا اهل الكتاب قد علمتم بشهادة حصلت عندكم صادرة من الله تعالى بان ابراهيم وبنيه كانوا حنفاء مسلمين بان أخبركم الله بذلك في كتابكم ثم انكم تكتمونها وتدعون خلاف ما شهد الله به في حقهم فلا أحد اظلم منكم حيث اجزأتم على تكذيب الله تعالى فيما اخبر به وتعليق الاظلمية بمطلق الكتمان للايماء الى ان مرتبة من يدريها ويشهد بخلافها في الظلم خارجة عن دائرة البيان وعن ابن عباس اكبر الكبائر الإشراك بالله وشهادة الزور وكتمان الشهادة قال تعالى وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ والمراد مسخ القلب ونعوذ بالله من ذلك وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ما موصولة عامة لجميع ما يكتسب بالجوارح الظاهرة والقوى الباطنة ويدخل فيه كتمان شهادة الله دخولا أوليا اى هو محيط بجميع ما تأتون وما تدرون فيعاقبكم بذلك أشد عقاب تِلْكَ أُمَّةٌ اى الأنبياء جماعة قَدْ خَلَتْ اى مضت بالموت لَها ما كَسَبَتْ من الأعمال وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ منها وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا يسأل أحد عن عمل غيره بل يسأل عن عمله ويجزى به وهذا تكرير للآية السابقة بعينها للمبالغة في الزجر عما هم عليه من الافتخار بالآباء والاتكال على أعمالهم قال الله تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ- قيل- لما انصرف هارون الرشيد من الحج اقام بالكوفة أياما فلما خرج وقف بهلول المجنون على طريقه

[سورة البقرة (2) : آية 142]

وناداه بأعلى صوته يا هارون ثلاثا فقال هارون من الذي ينادينى تعجبا فقيل له بهلول المجنون فوقف هارون وامر برفع الستر وكان يكلم الناس وراء الستر فقال له ألم تعرفنى قال بلى أعرفك فقال من انا قال أنت الذي لو ظلم أحد في المشرق وأنت في المغرب سألك الله عن ذلك يوم القيامة فبكى هارون وقال كيف ترى حالى قال اعرضه على كتاب الله وهي الجزء الثاني ان الأبرار لفى نعيم وان الفجار لفى جحيم وقال اين اعمالنا قال انما يتقبل الله من المتقين قال واين قرابتنا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم قال واين شفاعة رسول الله لنا قال يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضى له قولا فلابد من الأعمال الصالحة والإخلاص فيها فان الله يتقبلها لا غيرها قال الجنيد الإخلاص سر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله قال الفضيل ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص ان يعافيك عنهما وفي التتار خانية لو افتتح للصلاة خالصا لله تعالى ثم دخل في قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء على انه لو خلا عن الناس لا يصلى ولو كان مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب اصل الصلاة دون الإحسان قال بعض الحكماء مثل من يعمل الطاعة للرياء والسمعة كمثل رجل يخرج الى السوق وقد ملأ كيسه حصى فيقول الناس ما املأ كيس فلان ولا منفعة له سوى مقالة الناس وفي الحديث (أخلصوا أعمالكم لله تعالى فان الله لا يقبل الا ما خلص له ولا تقولوا هذا لله وللرحم وليس لله تعالى منه شىء) ومن أحاديث المشارق (لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله) قال النووي المراد الذبح باسم غير الله كمن ذبح للصنم او لموسى او غيرهما ذكر الشيخ ابراهيم المراودى ان ما يذبح عند استقبال السلطان تقربا اليه افتى اهل بخارى بتحريمه لانه مما اهل به لغير الله وقال الرافعي هذا غير محرم لانهم انما يذبحونه استبشارا بقدومه فهو كذبح العقيقة لولادة المولود ومثل هذا لا يوجب التحريم انتهى كلامه وعليه تحمل افعال المسلمين صيانة لهم عن الكفر وضياع الأعمال فان الموحد مطمح نظره رضى مولاه والتعبد اليه بما تيسر له من القربات اللهم اعصمنا من الزلات- تمت الجزء الاول- الجزء الثاني من الاجزاء الثلاثين سَيَقُولُ السُّفَهاءُ اى الذين ضعفت عقولهم حال كونهم مِنَ النَّاسِ اى الكفرة يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والمشركين وانما كانوا سفهاء لانهم راغبون عن ملة ابراهيم وقد قال تعالى وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ اى أذلها بالجهل والاعراض عن النظر وفائدة تقديم الاخبار به قبل وقوعه ليوطئوا عليه أنفسهم فلا يضطربوا عند وقوعه لان مفاجأة المكروه أشد على النفوس وأشق وليعلمهم الجواب

[سورة البقرة (2) : آية 143]

فان العنيد قبل الحاجة اليه أرد لشغب الخصم الألد وقبل الرمي يراش السهم وهو مثل يضرب فى تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها ما استفهامية انكارية مرفوعة المحل على الابتداء ووليهم خبره والجملة في موضع النصب بالقول يقال تولى عن ذلك اى انصرف وولى غيره اى صرفه والقبلة في الأصل الحالة التي عليها الإنسان من الاستقبال فنقلت في عرف الشرع الى الجهة التي يستقبلها الإنسان للصلاة وهي من المقابلة وسميت قبلة لان المصلى يقابلها والمعنى أي شىء صرفهم وحولهم عن قبلتهم التي كانوا على التوجه إليها وهي بيت المقدس ولم انصرفوا منها الى الكعبة- روى- ان النبي عليه السلام صلى الى نحو بيت المقدس بعد مقدمه المدينة نحوا من سبعة عشر شهرا تأليفا لقلوب اليهود ثم صارت الكعبة قبلة المسلمين الى نفخ الصور قُلْ كأنه قيل فماذا أقول عند ذلك فقيل قل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى الامكنة كلها والنواحي بأسرها لله تعالى ملكا وتصرفا فلا يستحق شىء منها لذاته ان يكون قبلة حتى يمتنع اقامة غيره مقامه والشيء من الجهات انما يصير قبلة بمجرد ان الله تعالى امر بالتوجه إليها فله ان يأمر في كل وقت بالتوجه الى جهة من تلك الجهات على حسب ألوهيته واستيلائه ونفاذ قدرته ومشيئته فانه لا يسأل عما يفعل بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فاللائق بالمخلوق ان يطيع خالقه ويأتمر بامره من غير ان يتحرى خصوصية في المأمور به زائدة على مجرد كونه مأمورا به فان الطاعة له ليس الا بارتسام امره اى امتثاله لا بتحرى العلل والأغراض الداعية له تعالى الى الأمر لان احكام الله تعالى وأفعاله ليست معللة بالدواعي والأغراض واليهود انما استقبلوا جهة المغرب واتخذوها قبلة اتباعا لهوى أنفسهم حيث زعموا ان موسى عليه السلام كان في جانب المغرب فاكرمه الله تعالى بوحيه وكلامه كما قال الله تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ والنصارى ايضا اتخذوا جهة المشرق قبلة اتباعا لهواهم حيث زعموا ان مريم عليها السلام حين خرجت من بلدها مالت الى جانب الشرق كما قال الله تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا والمؤمنون استقبلوا الكعبة طاعة لله تعالى وامتثالا لامره لا ترجيحا لبعض الجهات المتساوية بمجرد رأيهم واجتهادهم مع انها قبلة خليل الله تعالى ومولد حبيبه صلى الله تعالى عليه وسلم يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو التوجه الى بيت المقدس تارة والكعبة اخرى ووجه استقامته كونه مشتملا على الحكمة والمصلحة موافقا لهما قال بعض ارباب الحقيقة سمى الطاعنين من اليهود والمشركين والمنافقين سفهاء لاحتجاب عقولهم عن حقية دين الإسلام ولو أدركوا الحق مطلقا لاخلصوه كما أخلص المؤمنون فلم تبق محاجتهم معهم ولو كانت عقولهم رزينة لاستدلت بالآيات وأنكروا التحويل لانهم كانوا معتدين بالجهة فلم يعرفوا التوحيد الوافي بالجهات كلها: قال المولى الجامى جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه في كل ذرات وَكَذلِكَ اشارة الى مفهوم الآية المتقدمة اى كما جعلناكم مهتدين الى الصراط المستقيم جَعَلْناكُمْ توحيد الخطاب في كذلك مع القصد الى المؤمنين لما ان المراد مجرد الفرق بين

الحاضر والمنقضى دون تعيين المخاطبين أُمَّةً وَسَطاً اى خيارا لان الاوساط محمية محوطة والأطراف يتسارع إليها الخلل لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ يوم القيامة ان الرسل قد بلغتهم وَيَكُونَ الرَّسُولُ اى محمد صلى الله عليه وسلم عَلَيْكُمْ شَهِيداً ان قلت ان الشاهد إذا أضر بشهادته عديت الشهادة بكلمة على وإذا نفع بها تعدى باللام فيقال شهد له والرسول عليه السلام لما زكى أمته وعدلهم بشهادته انتفعوا بها فالظاهر ان يقال ويكون الرسول لكم شهيدا بخلاف شهادة الامة على الناس فانها شهادة عليهم حيث استضروا بها فكلمة على فيها واقعة في موضعها قلت هذا مبنى على تضمين الشهيد معنى الرقيب والمطلع فعدى تعديته والوجه في اعتبار تضمين الشهيد الاشارة الى ان التعديل والتزكية انما يكون عن خبرة ومراقبة بحال الشاهد فاذا شاهد منه الرشد والصلاح عدله وزكاه واثنى عليه والا يسكت عنه وقدمت صلة الشهادة اى عليكم لاختصاصهم بشهادته صلّى الله عليه وسلم على سبيل التزكية والتعديل وهو لا ينافى شهادته صلّى الله عليه وسلم للانبياء بالتبليغ وعلى منكرى التبليغ بالتكذيب- روى- ان الله تعالى يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم يقول لكفار الأمم ألم يأتكم نذير فينكرون فيقولون ما جاءنا من بشير ولا نذير فيسأل الأنبياء عن ذلك فيقولون كذبوا قد بلغناهم فيسألهم البينة وهو اعلم بهم اقامة للحجة فيؤتى بامة محمد صلّى الله عليه وسلم فيشهدون لهم انهم قد بلغوا فتقول الأمم الماضية من اين علموا وانهم أتوا بعدنا فيسأل هذه الامة فيقولون أرسلت إلينا رسولا وأنزلت عليه كتابا اخبرتنا فيه بتبليغ الرسل وأنت صادق فيما أخبرت ثم يؤتى بمحمد عليه الصلاة والسلام فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بصدقهم فيؤمر بالكفار الى النار قال بعض ارباب الحقيقة معنى شهادتهم على الناس اطلاعهم بنور التوحيد على حقوق الأديان ومعرفتهم لحق كل دين وحق كل ذى دين من دينه وباطلهم الذي ليس حقهم الذي هو مخترعات نفوسهم وطريق الحق واحد فمن تحقق بحق دين تحقق بحق سائر الأديان وخاصة دين الإسلام الذي هو الحق الأعظم ومعنى شهادة الرسول عليهم اطلاعه على رتبة كل متدين بدينه وحقيقته التي هو عليها من دينه وحجابه الذي هو به محجوب عن كمال دينه فهو يعرف ذنوبهم وحقيقة ايمانهم وأعمالهم وحسناتهم وسيآتهم وإخلاصهم ونفاقهم وغير ذلك بنور الحق وأمته يعرفون ذلك من سائر الأمم بنوره عليه الصلاة والسلام قال بعضهم جعلنا سبحانه وتعالى آخر الأمم تشريفا لحبيبه وأمته لانه لو قدمنا لاحتجنا ان ننتظر في قبورنا قدوم الأمم الماضية فجعلهم سبحانه وتعالى في انتظارنا تشريفا لنا وايضا جعلنا آخر الأمم لنكون يوم القيامة شهداء على جميع الأمم الماضية ويكفى شرفا لهذه الامة المرحومة ما قال صلّى الله عليه وسلم في حق علمائهم (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) وذكر الراغب الاصفهانى في المحاضرات انه قال الامام الشاذلى صاحب حزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت في المنام قد نصب تخت خارج الأقصى في وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل قد حضروا ليشفعوا في حسين الحلاج عند محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لاساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت فاذا

نبينا محمد عليه السلام جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح فوقفت انظروا سمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه الصلاة والسلام وقال له انك قد قلت علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فأرنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان السؤال ينبغى ان يطابق الجواب والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وما تلك بيمينك يا موسى وكان الجواب عصاى فعددت صفات كثيرة قال فبينما انا متفكر في جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسني شخص برجله رفسة مزعجة فانتبهت فاذا يقيم ثم غاب عنى فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال فانسب الى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب الى قدره ما شئت من عظم اللهم يسر لنا شفاعته وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ مفعول أول لجعلنا الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها مفعول ثان له بتقدير موصوف اى الجهة التي كنت عليها وهي الكعبة لانه عليه السلام كان مأمورا بان يصلى الى الكعبة وهو بمكة ثم لما هاجر امر بالصلاة الى صخرة بيت المقدس التي منها يصعد الملائكة الى السماء ثم أعيد الى ما كان عليه اولا والمعنى ما رددناك الى ما كنت عليه اى على استقباله والتوجه اليه وما جعلنا ذلك لشئ من الأشياء إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ فى التوجه الى ما امر به مِمَّنْ يَنْقَلِبُ اى ينصرف ويرجع عَلى عَقِبَيْهِ العقب مؤخر القدم والانقلاب على العقبين مستعار للارتداد والرجوع عن الدين الحق الى الباطل ومعنى لنعلم ليظهر علمنا على مظاهر الرسول والمؤمنين ويتميز عندهم الثابت على الإسلام الصادق فيه من المتردد الذي يرتد بأدنى سبب لقلته وضعف إيمانه لا انه لم يعلم حالهم فعلم لانه تعالى كان عالما في الأزل بهم وبكل حال من أحوالهم التي تقع في كل زمان من ازمنة وجودهم مقارنة للزمان الذي تقع فيه تلك الحال وكل من يعلم شيأ فانما يعلم بان يظهر ذلك العلم فيه ويقرب من هذا ما قيل المعنى ليعلم رسول الله والمؤمنون وانما أسند علمهم الى ذاته لانهم خواصه واهل الزلفى عنده هذا هو المعنى الذي اختاره القاشاني في تأويلاته وزيف ما عداه والعلم في قوله لنعلم بمعنى المعرفة اى لنعرف الذي يتبع الرسول فلا يحتاج الى مفعول ثان فان قيل ان الله لا يوصف بالمعرفة فلا يقال الله عارف فكيف يكون العلم بمعنى المعرفة هنا قلت انما لا يوصف بها إذا كانت بمعناها المشهور وهو الإدراك المسبوق بالعدم واما إذا كانت بمعنى الإدراك الذي لا يتعدى الى مفعولين فيجوز ان يوصف الله بها وقوله ممن ينقلب حال من فاعل يتبع اى متميزا منه وَإِنْ كانَتْ اى القبلة المحولة لَكَبِيرَةً اى شاقة ثقيلة على من يألف التوجه الى القبلة المنسوخة فان الإنسان ألوف لما يتعوده يثقل عليه الانتقال منه وان هي المخففة من المثقلة واسمها محذوف وهو القبلة واللام هي الفارقة بينها وبين النافية كما في قوله تعالى إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ اى هداهم الى حكمة الاحكام وارشدهم وعرفهم ان ما كلفه عباده متضمن لحكمة لا محالة وان لم يهتدوا الى خصوصية تلك الحكمة بعينها فتيقنوا بذلك ان السعيد الفائز من أطاع ربه

[سورة البقرة (2) : آية 144]

الحكيم وان الشقي الخاسر من عصى ربه العليم ثم بين انهم مثابون على ذلك الثبات والاتباع وان ذلك غير ضائع منهم فقال وَما كانَ اللَّهُ مريدا لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ اى ثباتكم على التصديق بجميع ما جاء به النبي عليه السلام من غير ان ترتابوا في شىء من ذلك إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ متعلق برؤف لَرَؤُفٌ اى ذو مرحمة عظيمة لهم حيث نقلهم برحمته من ذلك الى هذا وهو أصح لهم رَحِيمٌ يغفر ذنوبهم بالايمان وإيصال الرزق: قال السعدي فرو ماند كانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب - روى- انه أخذ بعض أمراء الكفار وكان جائرا قاتلا في زمن داود عليه السلام فصلب فوق الجبل عشاء ورجع الناس الى منازلهم وبقي هذا على الخشبة وحده وتضرع الى آلهته فلم يغنوا عنه شيأ ثم رجع الى الله وقال أنت الله الحق أتيت إليك لتغيثنى برحمتك قال الله تعالى يا جبريل ان هذا عبد آلهته طويلا فلم ينتفع ففزع الى ودعانى فاستجبت له فاهبط الى الأرض وضعه على الأرض في سلامة وعافية ففعل فلما أصبحوا رأوه وهو حى يصلى لله تعالى فاخبروا داود بذلك فدعا الله فيه مستكشفا سره فاوحى الله اليه يا داود انى ارحم من آمن بي ودعانى فان لم افعل فأى فرق بينى وبين آلهته واعلم ان جماعة قد ارتدوا عن الإسلام عند تحويل القبلة لتعلقهم بما سوى الله تعالى وعدم فنائهم في الله ورضاهم بما يجئ عليهم من القضاء فاخذتهم الكدرة كالسيل واما الذين سعدوا سعادة ازلية فلم يتعلقوا في الحقيقة بيت المقدس ولا بالكعبة بل الرب الخالق لهما ولغيرهما وفنوا عن إرادتهم فجاءت ارادة الله لهم كالشهد المصفى فأخذهم السرور والصفا: قال الصائب مهياى فنارا از علايق نيست پروايى نينديشد ز خار آنكس كه دامان بر كمر دارد ذكر ان أبا القاسم الجنيد البغدادي لما رأوه في وادي الوله ظنوا انه مرض او جن فجعلوه في دار الشفاء فزاره بعض من يدعى حبه فقال لهم من أنتم فقالوا نحن احباؤك فرماهم بالأحجار ففروا من عنده وقالوا قد غلب عليه الجنون فقال تدعون الحب بأقوالكم وقد يكذبها أفعالكم فالمحب من اسره ما أصابه من الحبيب فلذلك قد عد أشد البلاء عند الأنبياء والأولياء ألذ من الحلوى فاكتسوا حلل التسليم والاصطبار وغاصوا في لجج المكاشفات والمشاهدات واشتغلوا مع الجنان واللسان بالتوحيد وذكر الملك المنان حتى عدوا الالتفات الى غيره ولو بأكل لقمة من الموانع فلذلك ارتقوا في الفناء والبقاء الى غاية المبتغى ولما قال موسى عليه السلام رب أرني انظر إليك قال يا موسى لن ترانى في البساط الفاني اصبر حتى اجعله باقيا حتى ترانى يا موسى رعيت غنم شعيب عشر سنين اتريد ان ترانى بعبادة أربعين يوما ثم اصطفاه وأعطاه ما أعطاه فلما رجع الى قومه رأى في الطريق الجبل الأعلى فسأل عنه متعجبا فقال الجبل يا موسى كنت ترعى الغنم في وعلى رأسك قلنسوة وفي يدك عصا فالله الذي اصطفاك برسالاته وبكلامه لقد جعلنى الأعلى بفضله وانعامه اللهم اجعلنا على صراطك المستقيم واتباع رسولك الكريم واهدنا التوجه الى كعبة ذاتك والانجذاب إليك والوصول الى مشاهدتك قَدْ لفظ قد فى المضارع للتقليل وقد استعمل هاهنا للتكثير بطريق الاستعارة للمجانسة بين الضدين في الضدية نَرى مستقبل لفظا ماض معنى ومتأخر تلاوة متقدم معنى لانها رأس القصة والمعنى

[سورة البقرة (2) : الآيات 145 إلى 152]

شاهدنا وعلمنا تَقَلُّبَ وَجْهِكَ اى تردد وجهك في تصرف نظرك فِي السَّماءِ اى فى جهتها تطلعا للوحى وكان عليه السلام يقع في روعه ويتوقع من ربه ان يحوله الى الكعبة لانها قبلة أبيه ابراهيم واقدم القبلتين وادعى للعرب الى الايمان من حيث انها كانت مفخرة لهم وأمنا ومزارا ومطافا ولمخالفة اليهود فانهم كانوا يقولون انه يخالفنا في ديننا ثم انه يتبع قبلتنا ولولا نحن لم يدر أين يستقبل فعند ذلك كره ان يتوجه الى قبلتهم حتى روى انه صلّى الله عليه وسلم قال لجبريل (وددت ان الله صرفنى عن قبلة اليهود الى غيرها) فقال له جبريل انا عبد مثلك وأنت كريم على ربك فادع ربك وسله ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يديم النظر الى السماء رجاء ان يأتيه جبريل بالذي سأل ربه فانزل الله هذه الآية وأول ما نسخ من المنسوخات هو خمسون صلاة نسخت الى خمس للتخفف ثم تحويل القبلة الى بيت المقدس بمكة امتحانا للمشركين بعد ان كان للمصلى ان يتوجه حيث شاء لقوله تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ثم تحويلها من بيت المقدس الى الكعبة بالمدينة امتحانا لليهود كذا في تفسير الفاتحة للمولى الفنارى فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً اى فو الله لنعطينكها ولنمكننك من استقبالها من قولك وليته كذا اى صيرته واليا له وولى الرجل ولاية اى تمكن منه او فلنجعلنك تلى سمتها دون سمت بيت المقدس من وليه وليا اى قربه ودنا منه وأوليته إياه ووليته اى أدنيته منه تَرْضاها مجاز عن المحبة والاشتياق لانه عليه السلام لم يكن ساخطا للتوجه الى بيت المقدس كارها له غير راض اى تحبها وتتشوق إليها لا لهوى النفس والشهوة الطبيعية بل لمقاصد دينية وافقت مشيئة الله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى اصرف وجهك اى اجعل وجهك بحيث يلى شطره ونحوه والمراد بالوجه هاهنا جملة البدن لان الواجب على المكلف ان يستقبل القبلة بجملة بدنه لا بوجهه فقط ولعل تخصيص الوجه بالذكر التنبيه على انه الأصل المتبوع في التوجه والاستقبال والمتبادر من لفظ المسجد الحرام هو المسجد الأكبر الذي فيه الكعبة والحرام المحرم اى المحرم فيه القتال او الممنوع من الظلمة ان يتعرضوا له وفي ذكر المسجد الحرام دون الكعبة إيذان بكفاية مراعاة جهة الكعبة باتفاق بين الحنفية والشافعية لان استقبال عينها للبعيد متعذر وفيه حرج عظيم بخلاف القريب وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ اى في أي موضع كنتم من الأرض من بحر او بر شرق او غرب وأردتم الصلاة فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ فانه القبلة الى نفخ الصور امر لجميع المؤمنين بذلك بعد ما امر به النبي عليه السلام تصريحا بعمومه لكافة العباد من كل حاضر وباد حثا للامة على المتابعة وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ من فريقى اليهود والنصارى لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ اى التحويل الى الكعبة الْحَقُّ اى الثابت كائنا مِنْ رَبِّهِمْ لما ان المسطور في كتبهم انه عليه السلام يصلى الى القبلتين بتحويل القبلة الى الكعبة بعد ما كان يصلى الى بيت المقدس ومعنى من ربهم اى من قبله تعالى لا شىء ابتدعه الرسول صلّى الله عليه وسلم من قبل نفسه فانهم كانوا يزعمون انه من تلقاء نفسه وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ خطاب للمسلمين واليهود جميعا على التغليب فيكون وعدا للمسلمين بالاثابة وجزيل الجزاء ووعيدا وتهديدا لليهود على عنادهم وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ برهان

[سورة البقرة (2) : الآيات 146 إلى 147]

قاطع على ان التوجه الى الكعبة هو الحق ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ عنادا ومكابرة وهذا في حق قوم معينين علم الله انهم لا يؤمنون فان منهم من آمن وتبع القبلة وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ حسم لاطماعهم إذ كانوا تناجوا في ذلك وقالوا لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو ان يكون صاحبنا الذي ننتظره وطمعوا في رجوعه الى قبلتهم وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ فان اليهود تستقبل الصخرة والنصارى مطلع الشمس لا يرجى توافقهم كما لا يرجى موافقتهم لك لتصلب كل فريق فيما هو فيه فالمحق منهم لا يزل عن مذهبه لتمسكه بالبرهان والمبطل لا يقلع عن باطله لشدة شكيمته فى عناده وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ جمع هوى وهو الارادة والمحبة اى ولئن وافقتهم في مراداتهم بان صليت الى قبلتهم مداراة لهم وحرصا على ايمانهم مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ اى من بعد ما علمت بالوحى القاطع ان قبلة الله هي الكعبة إِنَّكَ إِذاً حرف جواب وجزاء توسطت بين اسم ان وخبرها لتقرير ما بينهما من النسبة لَمِنَ الظَّالِمِينَ اى المرتكبين الظلم الفاحش وهذه الجملة الشرطية الفرضية واردة على منهاج التهييج والالهاب للثبات على الحق وفيه لطف للسامعين وتحذير لهم عن متابعة الهوى فان من ليس من شانه ذلك إذا نهى عنه ورتب على فرض وقوعه ما رتب من الانتظام في سلك الراسخين في الظلم فما ظن من ليس كذلك: قال في المثنوى تازه كن ايمان نه از كفت زبان ... اى هوا را تازه كرده در نهان تا هوا تازه است ايمان تازه نيست ... كين هوا جز قفل آن دروازه نيست الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ إيتاء فهم ودراسة وهم الأحبار يَعْرِفُونَهُ اى الرسول صلّى الله عليه وسلم كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ اى يعرفونه صلّى الله عليه وسلم باوصافه الشريفة المكتوبة في كتابهم لا يشتبه عليهم كما لا يشتبه أبناؤهم وتخصيصهم بالذكر دون ما يعم البنات لكون الذكور أشهر واعرف عندهم منهن وهم بصحبة الآباء ألزم وبقلوبهم ألصق فان قيل لم لم يقل كما يعرفون أنفسهم مع ان معرفة الشخص نفسه اقرب اليه من معرفة سائر الأشياء فالجواب ما قال الراغب لان الإنسان لا يعرف نفسه الا بعد انقضاء برهة من دهره ويعرف ولده من حين وجوده وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ هم الذين كابروا وعاندوا الحق لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ان محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وان الكعبة قبلة الله والباقون هم الذين آمنوا منهم فانهم يظهرون الحق ولا يكتمونه واما الجهلة منهم فليست لهم معرفة بالكتاب ولا بما في تضاعيفه فما هم بصدد الإظهار ولا بصدد الكتم وانما كفرهم على وجه التقليد الْحَقُّ الذي أنت عليه يا محمد مِنْ رَبِّكَ خبر لقوله الحق فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ اى الشاكين في كون الحق من ربك هذا خطاب له صلّى الله عليه وسلم والمقصود خطاب أمته ونهيهم عن الامتراء ومعنى نهى الامة عن الامتراء أمرهم بضده الذي هو اليقين وطمانينة القلب قال القشيري حملهم مستكنات الحسد وسوء الاختيار على مكابرة ما علموا بالاضطرار وكذلك المغمور في ظلمات نفسه يلقى جلباب الحياء فلا ينجع فيه ملام ولا يرده عن انهماكه كلام قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى عندنا ثلاث مراتب. إحداها مرتبة التقليد

وهي لعامة الناس. والثانية مرتبة التحقيق والإيقان وهي للمجتهدين كالائمة الاربعة ومن يحذو حذوهم. والثالثة مرتبة المشاهدة والعيان فهى للكمل من اهل السلوك قال وإذا لم تتطهر النفس من الأخلاق الرديئة لا تحصل المعارف الإلهية وان كان كاملا في العقل والعلوم ألا يرى ان الشيطان مع عقله وعلمه كيف استكبر وعصى امر الله تعالى لما في نفسه من الكبر والحسد وكذلك حال اهل الكتاب في امر القبلة وشأن النبي صلّى الله عليه وسلم حيث لم ينفع العلم والمعرفة لخبث باطنهم فلا بد من تزكية النفوس وتصفية القلوب والاستقامة في باب الحق الى ان يأتى اليقين- حكى- ان يونس خدم شيخه طبق امره ثلاثين سنة بالصدق حتى تورم ظهره من نقل الحطب فلم يظهر وكان شيخه نظر له فثقل ذلك على سائر الطالبين وقالوا انه يخدم الشيخ على محبة بنته حتى تكلموا في ذلك الشيخ فلما اتى بالحطب قال شيخه نعم الحطب المستقيم يا يونس فقال ان غير المستقيم لا يليق بهذا الباب وما تكلموا في حقه ليس على وجه النفاق بل لما رأوا انهم لا يتحملون ما يتحمل يونس أشكل عليهم الأمر فحملوه على حب البنت وسؤال الشيخ ايضا وجواب يونس بهذا الوجه انما كان لارشادهم وازالة شبههم والا فالشيخ كان يعرف احوال يونس ولم يحصل له سوء ظن من كلامهم لان من كان مرشدا لا يعرف حال المريد بكلام الغير في المدح والذم ثم زوج الشيخ بنته له وقال حتى لا يكون الاخوان كاذبين ولا يحصل لهم الخجالة وكانت البنت متى قرأت القرآن يقف الماء فلم يمسها يونس الى آخر عمره وقال انا لا أليق بها فللسالك في مرتبة الطبيعة ان يترك مقتضاها ويقتصر على قدر الكفاية من الاكل والشرب ولا يتقيد بتدارك ما تشتهيه طبيعته فان الخير في مخالفتها ومن تربية النفس ان يجتنب عن حب الأموال والأولاد فانهما فتنة ومعينان لها على كبرها بكثرتهما واكثر الأنفس لا تحب صرفها بل تدخرها ليزداد استكبارها وقد قال تعالى يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فمادام لم تصلح الطبيعة والنفس لا يصل الطالب الى مطلوبه ففى الحج اشارة الى ذلك فان قاصد البيت المكرم يترك استراحة بدنه ويبذل ماله الى ان يصل الى مشاهدته فكذلك قاصد رب البيت يفنى عن جميع ما سواه ويكون فى توجهه وحدانيا هيولانيا حتى يشاهد ببصيرته ما يشاهد فالصلاة مستقبلا الى شطر المسجد الحرام عين التوجه الى الذات الاحدية لان الكعبة مثال صورى لحضرته تعالى وان المراد من الاستقبال إليها الإقبال اليه تعالى مع انه لا يتقيد التوجه حقيقة لكن الاستقبال صورة رعاية للادب ودور مع الأمر الإلهي فان لله تعالى في كل شىء حكمة ومصلحة ومن تخلص من القيود وانجذب الى الرب المعبود فقد تجلى له قوله فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وظهر له سر الظاهر والمظهر عاشقى ديد از دل پرتاب ... حضرت حق تعالى اندر خواب دامنش را كرفت آن غمخور ... كه ندارم من از تو دست دكر چون بر آمد ز خواب خوش درويش ... ديد محكم كرفته دامن خويش فطوبى لمن دار مع الأمر الإلهي وسلم من الاعتراض وتخلص من الانقباض وفنى عن اضافة

[سورة البقرة (2) : الآيات 148 إلى 150]

الوجود الى نفسه وبقي بربه وبكمالاته اللهم اجعلنا من المهديين الى هذه الرتبة العظمى والكعبة العليا واصرفنا في مسالكنا عن الانحراف الى شىء من الآخرة والدنيا لِكُلٍ اى لكل امة من الأمم اعنى المسلمين واليهود والنصارى جْهَةٌ اى قبلة وجهةوَ راجع الى كل وَلِّيها اى محول وموجه الى تلك الجهة وجهه فقبلة كل امة من اهل الأديان المختلفة مغايرة لقبلة الامة الاخرى اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ اى الى الخيرات بنزع الجار والمراد جميع انواع الخيرات من امر القبلة وغيره مما ينال به سعادة الدارين والمعنى لكل امة قبلة يتصلبون في التوجه إليها بحيث لا ينصرفون عنها الى القبلة الحق وان أتيتهم بكل آية دالة على ان القبلة هي الكعبة وإذا كان الأمر كذلك فاستبقوا أنتم وبادروا الى الفعلات الخيرات وهي ما ثبت انه من الله تعالى ولا تقتفوا اثر المكابرين المستكبرين الذين يتبعون أهواءهم ويلقون الحق وراء ظهورهم فانهم انما يستبقون الى الشر والفساد إذ ليس بعد الحق الا الضلال قال بعض اهل الحقيقة معناه كل قوم اشتغلوا بغيرنا عنا واقبلوا على غيرنا فكونوا معاشر العارفين لنا واشتغلوا بنا عن غيرنا فان مرجعكم إلينا كما قال تعالى يْنَ ما اى في أي موضع كُونُوا أنتم وأعداؤكم أْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً يحشركم الله الى المحشر للجزاء ويفصل بين المحق والمبطل فهو وعد لاهل الطاعة ووعيد لاهل المعصيةنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على الامانة والاحياء والجمع وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ اى من أي مكان وبلد خرجت اليه للسفر فَوَلِّ وَجْهَكَ عند صلاتك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ تلقاءه فان وجوب التوجه الى الكعبة لا يتغير بالسفر والحضر حالة الاختيار بل الحكم بالاسفار مثله حالة الاقامة بالمدينة وَإِنَّهُ اى هذا المأمور به وهو تحويل القبلة الى الكعبة لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى الثابت الموافق للحكمة وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ فيجازيكم بذلك احسن جزاء فهو وعد للمؤمنين وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ اليه في اسفارك ومغازيك من المنازل القريبة والبعيدة فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ ايها المؤمنون من أقطار الأرض مقيمين او مسافرين وصليتم فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ من محالكم شَطْرَهُ كرر هذا الحكم وهو التحويل وتولية الوجه شطر المسجد لما ان القبلة لها شأن خطير والنسخ من مظان الشبهة والفتنة وتسويل الشيطان فبالحرى ان يؤكد أمرها مرة غب اخرى مع انه قد ذكر في كل مرة حكمة مستقلة لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ متعلق بقوله فولوا والمعنى ان التولية عن الصخرة الى الكعبة تدفع احتجاج اليهود بان المنعوت في التوراة قبلته الكعبة واحتجاج العرب بانه يدعى ملة ابراهيم ويخالف قبلته وقوله عليكم في الأصل صفة حجة فلما تقدم عليها امتنع الوصفية لامتناع تقدم الصفة على الموصوف فانتصب على الحالية إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ استثناء من الناس اى لئلا يكون حجة لاخد من اليهود الا للمعاندين منهم القائلين ما ترك قبلتنا الى الكعبة الا ميلا الى دين قومه وحبا لبلده ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء ولا لأحد من العرب من اهل مكة الا للمعاندين منهم الذين قالوا بدا له فرجع الى قبلة آبائه ويوشك ان يرجع الى دينهم وتسمية هذه الكلمة الشنعاء حجة مع انها افحش الأباطيل لانهم كانوا يسوقونها مساقها ويوردونها موقعها

[سورة البقرة (2) : الآيات 151 إلى 152]

فسميت حجة مجازا تهكم بهم فَلا تَخْشَوْهُمْ فلا تخافوهم في توجهكم الى الكعبة ومظاهرهم عليكم لسببه فان مطاعنهم لا تضركم شيأ وَاخْشَوْنِي بامتثال امرى فلا تخالفوا امرى وما رأيته مصلحة لكم فانى ناصركم وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ علة لمحذوف اى أمرتكم بتولية الوجوه شطره لا تمامى النعمة عليكم لما انه نعمة جليلة وما وقع من أوامر الله تعالى وتكاليفه وائتمار المكلف بالتوجه الى حيث وجهه الله تعالى وان كان نعمة يتوصل به الى الثواب الجزيل الا ان امره تعالى بالتوجه الى قبلة ابراهيم تمام النعمة في امر القبلة فان القوم كانوا يفتخرون باتباع ابراهيم في جميع ما كانوا يفعلونه فلما وجهوا الى قبلته بعد ما صرفوا عنها لمصلحة حادثة فقد أصابوا تمام النعمة في امر القبلة فان نعمة الله تعالى على عباده ضربان موهوب ومكتسب فالموهوب نحو صحة البدن وسلامة الأعضاء وغيرهما والمكتسب نحو الايمان والعمل الصالح بامتثال الأوامر والاجتناب عن المناهي فان ذلك كله يؤدى الى سعادة الدارين وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ اى ولا رادتى اهتداءكم الى شعائر الملة الحنيفية وشرائع الدين القويم كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ متصل بما قبله اى ولاتم نعمتى عليكم في امر القبلة إتماما كائنا كاتمامى لها بإرسال رسول كائن منكم وهو محمد صلّى الله عليه وسلم فان إرسال الرسول لا سيما المجانس لهم نعمة لم تكافئها نعمة قط يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وهو القرآن العظيم وَيُزَكِّيكُمْ اى يحملكم على ما تصيرون به أزكياء طاهرين من دنس الذنوب المكدرة لجوهر النفس لان شأن الرسل الدعوة والحث على اعمال يحصل بها طهارة نفوس الامة من الشرك والمعاصي لا تطهيرهم إياهم بمباشرتهم من أول الأمر وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ اى ما في القرآن من المعاني والاسرار والشرائع والاحكام التي باعتبارها وصف القرآن بكونه هدى ونورا فانه عليه السلام كان يتلوه عليهم ليحفظوا نظمه ولفظه فيبقى على ألسنة اهل التواتر مصونا من التحريف والتصحيف ويكون معجزة باقية الى يوم القيامة وتكون تلاوته في الصلاة وخارجها نوعا من العبادة والقربة ومع ذلك كان يعلم ما فيه من الحقائق والاسرار ليهتدوا بهداه وأنواره وَالْحِكْمَةَ هى الاصابة في القول والعمل ولا يسمى حكيما الا من اجتمع له الأمران كذا قال الامام من أحكمت الشيء اى رددته غما لا يعنيه وكأن الحكمة هي التي ترد عن الجهل والخطأ واعلم ان العمل بالقرآن متفرع على معرفة معناه وهو متفرع على معرفة ألفاظه والتزكية غاية اخيرة لانها متفرعة على العمل لكنها قدمت في الذكر نظرا الى تقدمها في التصور وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ قال الراغب ان قيل ما معنى ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون وهل ذلك الا الكتاب والحكمة قيل عنى بذلك العلوم التي لا طريق الى تحصيلها الا من جهة الوحى على ألسنة الأنبياء ولا سبيل الى ادراك جزئياتها وكلياتها الا به وعنى بالحكمة والكتاب ما كان للعقل فيه مجال في معرفة شىء منه وأعاد ذكر ويعلمكم مع قوله ما لم تكونوا تعلمون تنبيها على انه مفرد عن العلم المتقدم ذكره فَاذْكُرُونِي بالطاعة لقوله عليه السلام (من أطاع الله فقد ذكر الله وان قلت صلاته وصيامه وقراءته القرآن ومن عصى الله فقد نسى الله وان كثرت صلاته وقراءته القرآن) أَذْكُرْكُمْ بالثواب واللطف والإحسان وافاضة الخير

وفتح أبواب السعادات واطلق على هذا المعنى الذكر الذي هو ادراك مسبوق بالنسيان والله تعالى منزه عن النسيان بطريق المجاز والمشاكلة لوقوعه في صحبة ذكر العبد وَاشْكُرُوا لِي على ما أنعمت عليكم من النعم والذكر بالطاعة هو الشكر فقوله واشكروا لى امر بتخصيص شكرهم به تعالى لاجل افضاله وانعامه عليهم وان لا يشكروا غيره وجعل صاحب التيسير قوله تعالى فاذكرونى امرا بالقول وقوله واشكروا لى امرا بالعمل قال الراغب ان قيل ما الفرق بين شكرت لزيد وشكرت زيدا قيل شكرت له هو ان تعتبر إحسانه الصادر عنه فتثنى عليه بذلك وشكرته إذا لم تلتفت الى فعله بل تجاوزت الى ذكر ذاته دون اعتبار أحواله وأفعاله فهو ابلغ من شكرت له وانما قال واشكروا لى ولم يقل واشكروني علما بقصورهم عن إدراكه بل عن ادراك آلائه كما قال تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها فأمرهم ان يعتبروا بعض أفعاله فى الشكر لله وَلا تَكْفُرُونِ بجحد النعم وعصيان الأمر فان قيل لم قال بعد واشكروا لى ولا تكفرون ولم يقتصر على قوله واشكروا لى قلنا لو اقتصر على قوله واشكروا لى لكان يجوز ان يتوهم ان من شكره مرة او على نعمة ما فقد امتثل ولو اقتصر على قوله ولا تكفرون لكان يجوز ان يتوهم ان ذلك نهى عن تعاطى فعل قبيح دون حث على الفعل الجميل فجمع بينهما لازالة هذا التوهم ولان في قوله ولا تكفرون تنبيها على ان ترك الشكر كفران فان قيل لم قال ولا تكفرون ولم يقل ولا تكفروا لى قيل خص الكفر به تعالى بالنهى عنه للتنبيه على انه أعظم قباحة بالنسبة الى كفر نعمه فان كفران النعم قد يعفى عنه بخلاف الكفر به تعالى كذا في تفسير الراغب الاصفهانى قال بعض العلماء لما خص الله هذه الامة بفضل قوة وكمال بصيرة بالنسبة الى بنى إسرائيل قال لهم يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ فامرهم بذكر نعمه المنسية المغفول عنها لينظروا منها الى المنعم وقال لهذه الامة فَاذْكُرُونِي فامرهم ان يذكروه بلا واسطة لقوة بصيرتهم: قال الصائب در سر هر خام طينت نشئه منصور نيست ... هر سفالى را صداى كاسه فغفور نيست قال الامام الغزالي الذكر قد يكون باللسان وقد يكون بالقلب وقد يكون بالجوارح فذكرهم إياه باللسان ان يحمدوه ويسبحوه ويمجدوه ويقرأوا كتابه وذكرهم إياه بقلوبهم على ثلاثة انواع. أحدها ان يتفكروا في الدلائل الدالة على ذاته وصفاته ويتفكروا في الجواب عن الشبه العارضة في ملك الله. وثانيها ان يتفكروا في الدلائل الدالة على كيفية تكاليفه وأحكامه وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده فاذا عرفوا كيفية التكليف وعرفوا ما في الفعل من الوعد وفي الترك من الوعيد سهل عليهم الفعل. وثالثها ان يتفكروا في اسرار مخلوقات الله تعالى حتى يصير كل ذرة من ذرات المخلوقات كالمرآة المجلوة المحاذية لعالم القدس فاذا نظر العبد إليها انعكس شعاع بصره منها الى عالم الجلال وهذا المقام مقام لا نهاية له واما ذكرهم إياه تعالى بجوارحهم فهو ان تكون جوارحهم مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها وخالية عن الأعمال التي نهوا عنها وعلى هذا الوجه سمى الله تعالى الصلاة ذكرا بقوله فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ فصار الأمر بقوله فَاذْكُرُونِي متضمنا لجميع الطاعات ولهذا ذكر عن سعيد بن جبير انه قال اذكروني بطاعتي فاجمله حتى يدخل

[سورة البقرة (2) : الآيات 153 إلى 158]

فيه جميع انواع الذكر واقسامه انتهى كلام الامام قال لقمان لابنه يا بنى إذا رأيت قوما يذكرون الله تعالى فاجلس معهم فانك ان تك عالما ينفعك علمك وان تك جاهلا علموك ولعل الله يطلع عليهم برحمته فيصيبك معهم وإذا رأيت قوما لا يذكرون فلا تجلس معهم فانك ان تك عالما لا ينفعك علمك وان تك جاهلا يزيدوك جهلا أو غيا ولعل الله يطلع عليهم بسخطه فيصيبك معهم اللهم اجعلنا من الذاكرين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا فى كل ما تأتون وما تذرون بِالصَّبْرِ على الأمور الشاقة على النفس كالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس وَالصَّلاةِ التي هي أم العبادات ومعراج المؤمنين ومثاب رب العالمين- روى- انه صلّى الله تعالى عليه وسلم كان إذا حزبه امر فزع الى الصلاة وتلاهده الآية وانما خص الصبر والصلاة بالذكر لان الصبر أشد الأعمال الباطنة على البدن والصلاة أشد الأعمال الظاهرة عليه لانها مجمع انواع الطاعات من الأركان والسنن والآداب والحضور والخضوع والتوجه والسكون وغير ذلك مما لا يتيسر حفظه الا بتوفيق الله تعالى قال عصام الدين قدم الترك على الفعل لان التخلية قبل التحلية ولهذا قدم النفي في كلمة التوحيد واكتفى بذكر الصلاة لان الخطاب لكل من المؤمنين والمشترك بين الجميع بعد الايمان الصبر عن المعاصي والصلاة واما الزكاة فمختصة باصحاب النصاب واما الحج فباصحاب الاستطاعة والصوم صبر عن معصية الاكل والشرب وغيرهما إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصرة واجابة الدعوة فمعنى المعية الولاية الدائمة المستتبعة لهما ودخول مع على الصابرين لما انهم المباشرون للصبر حقيقة فهم متبوعون من تلك الحيثية قال عصام الدين في التفسير الاجل ان الله مع الصابرين لان الصابرين لا يذهلون عن ذكره بخلاف المجتنبين عن الصبر فان قلوبهم لاهية عن ذكر الله والقلب اللاهي عنه ممتلئ من هموم الدنيا وان كانت الدنيا بأسر هاله انتهى كلامه ان قيل لم قال إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ولم يقل مع المصلين وقال في الآية الاخرى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ فاعتبر الصلاة دون الصبر قيل لما كان فعل الصلاة اشرف وأعلى من الصبر إذ قد ينفك الصبر عن الصلاة ولا تنفك الصلاة عن الصبر ذكر هاهنا الصابرين فمعلوم انه تعالى إذا كان مع الصابرين فهو لا محالة يكون مع المصلين بطريق الاولى وقال هناك لكبيرة فذكر الصلاة دون الصبر تنبيها على انها اشرف منزلة من الصبر واعلم ان الصبر الذي هو تحمل المشاق من غير جزع واضطراب ذريعة الى فعل كل خير ومبدأ كل فضل فان أول التوبة الصبر عن المعاصي وأول الزهد الصبر عن المباحات وأول الارادة الصبر وطلب ترك ما سوى الله تعالى ولهذا قال صلّى الله عليه وسلم (الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد) وقال (الصبر خير كله) فمن تحلى بحلية الصبر سهل عليه ملابسة الطاعات والاجتناب عن المنكرات وكذا الصلاة قال تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ صبر كن حافظ بسختى روز وشب ... عاقبت روزى بيابى كام را وفي الحديث (إذا جمع الله الخلائق نادى مناد اين اهل الفضل قال فيقوم ناس وهم يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم قالوا نحن اهل الفضل فيقولون ما كان فصلكم قالوا كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ

[سورة البقرة (2) : آية 154]

إلينا عفونا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين ثم ينادى مناد اين اهل الصبر فيقوم ناس يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الصبر فيقولون ما كان صبركم قالوا كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصى الله فيقال لهم ادخلوا الجنة ثم ينادى مناد اين المتحابون في الله فيقوم ناس يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون من أنتم فيقولون نحن المتحابون في الله فيقولون وما كان تحابكم في الله قالوا كنا نتحاب في الله والجنة كذا في نزهة القلوب وَلا تَقُولُوا نزلت في شهداء بدر وكانوا اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار وكان الناس يقولون لِمَنْ يُقْتَلُ فى سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فانزل الله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل القتل نقض البنية الحيوانية فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهو الجهاد لانه طريق الى ثواب الله ورحمته أَمْواتٌ اى هم أموات بَلْ أَحْياءٌ اى كالاحياء في الحكم لا ينقطع ثواب أعمالهم لانهم قتلوا لنصرة دين الله فمادام الدين ظاهرا في الدنيا وأحد يقاتل في سبيل الله فلهم ثواب ذلك لانهم سنوا هذه السنة وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ كيف حالهم في حياتهم وفيه رمز الى انها ليست مما يشعر به بالمشاعر الظاهرة من الحياة الجسمانية وانما هي امر روحانى لا يدرك بالعقل بل بالوحى وفي الآية دلالة على ان الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعد الموت دراكة وعليه الجمهور فان قلت الحياة الروحانية المستتبعة لادراك اللذة والا لم مشتركة في الجميع فما وجه تخصيص الشهداء بها قلت لاختصاصهم بالقرب من الله تعالى ومزيد البهجة والكرامة ومن لم يبلغ منزلتهم لا تكون حياته معتدا بها فكأنه ليس بحي قال تعالى في حق اهل النار لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى واعلم ان نفس الإنسان وذاته الذي هو مخاطب مكلف مأمور منهى بأوامر الله ونواهيه جسمانى لطيف سار في هذا البدن المحسوس سريان النار في الفحم وماء الورد في الورد وهو الذي يشير اليه كل أحد بقوله انا وهو الإنسان حقيقة وهو الولي والنبي والمثاب والمعاقب على اعماله وهو كان فى صلب آدم حين سجد له الملائكة وهو الذي سأله الله بقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى وهو الذي يتوفى فى المنام ويخرج ويسرح ويرى الرؤيا فيسر بما يرى او يحزن فان امسكه الله ولم يرجع الى جسده تبعه الروح والجسد الكثيف المعبر عنه بالبدن والروح السلطاني محل تعينه هو القلب الصنوبري والروح الحيواني محل تعينه هو الدماغ ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا سرى في جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى في الدماغ فهو أقوى مظاهره وهو اى الروح الحيواني انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني ليكون مبدأ الافعال لان الحياة امر مغيب مستور في الحي لا يعلم الا بآثارها كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها وهذا يدور على الروح الحيواني فمادام هذا البخار باقيا على الوجه الذي يصلح ان بكون علاقة بينهما فالحياة قائمة وعند انتفائه وخروجه عن الصلاحية له تزول الحياة ويخرج الروح من البدن خروجا اضطراريا وهو الموت الحقيقي وكما يخرج الروح من البدن خروجا اضطراريا كذلك قد يخرج منه خروجا اختياريا ويعود اليه متى شاء وهو الذي سماه الصوفية بالانسلاخ فقد عرفت من هذا ان مذهب اهل السنة والجماعة ان الروح جسم لطيف مغاير لهذا الهيكل المحسوس وانكشف لك حال

الروح ووقف على اسرار البرزخ واحوال القبر وما فيه من الألم واللذة الجسمانيين وانحل عندك وجه كونه روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران فالشهداء احياء بالحياة البرزخية متنعمون لانهم أجسام لطيفة كالملائكة فانهم موجودون احياء قال المولى الفنارى في تفسير الفاتحة كل نعيم يتنعم به الصديقون والشهداء والصالحون في البرزخ خيالى وكذا كل عذاب يتألم به الجهنميون ومصداق ذلك انه إذا نفخ في الصور وبعث الخلق ينسى كل واحد منهم حاله في البرزخ ويتخيل ان ذلك الذي كان فيه منام كما تخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل الى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي الآخرة يعتقد في امر الدنيا والبرزخ انه منام في منام وان اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة حيث لا نوم فيها ولا نوم بعدها انتهى كلامه قال في اسئلة الحكم ان امور البرزخ والآخرة على النمط الغير المألوف في الدنيا والأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكن ذلك نعيم او عذاب معنوى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتتنعم عند ذلك حسا ومعنى ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى في المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة يعنى روحه متنعمة بالجنة بما يليق بها في مقامه والنصف الآخر هو الجنة التي يدخلها ببدنه إذا حشر فيكمل النعيم بالنصف الآخر والاكل الذي راه الميت بعد موته في البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم في النوم والنعيم به مثل النعيم به سواء كما قال عليه السلام (انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) وكذلك كل شخص غير ان الفرق بين الرسول وغيره في هذه الصورة ان جسم النبي يبيت جائعا ويستيقظ وهو شبعان وغير النبي يأكل في منامه وهو جيعان ويستيقظ وهو كذلك وإذا رأى الولي الوارث ذلك وقد وجد أثر الشبع او الري فذلك من اجزاء النبوة التي وردت في الميراث إذ الرؤيا جزؤ من ستة وأربعين جزأ من النبوة وقد رأى ذلك كثير من الأولياء وأصبحوا وعليهم رائحة الطعام الذي أكلوه وشبعوا فهذه وراثة نبوبة فقوله عليه السلام (انى لست كهيئتكم) باعتبار الغالب لا باعتبار الكل فتنعم الشهداء فى البرزخ بمرتبة تنعم الولي الوارث في المنام فافهم هذا المقام فان الجسم المبحوث عنه هاهنا هو الجسم اللطيف وتنعم بما يليق بمرتبته في البرزخ سواء عبرت عنه بالخيالى او بالمعنوي او بالجسماني اى المنسوب الى الجسم اللطيف لا الكثيف فان اللذة الجسمانية المتعلقة بالجسد الكثيف حال الدنيا لا غير قيل يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد قال (نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين) مرة وفي التأويلات النجمية الاشارة لا تحسبوا من قتل من اهل الجهاد الأكبر بسيف جلال الله في سبيل الله بالفناء في الله أمواتا وان فنيت أوصاف وجودهم فانهم احياء بشهود موجدهم ومن كان فناؤه في الله كان بقاؤه بالله فتارة يفنيهم بسطوات تجلى صفات الجلال وتارة يحييهم بنفحات ألطاف الجمال فانهم يسرحون في رياض الجمال ولكن لا تشعرون بأحوالهم ولا تطلعون عليها قال القشيري لئن فنيت في الله أشباحهم لقد بقيت بالله أرواحهم وقال الجنيد من كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينتقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهو الحياة الحقيقية: وفي المثنوى مى كند دندان بد را آن طبيب ... تا رهد از درد وبيمارى حبيب

[سورة البقرة (2) : الآيات 155 إلى 156]

پس زيادتها درون نقصهاست ... مر شهيدانرا حيات اندر فناست گر يكى سر را ببرد از بدن ... صد هزاران سر بر آرد در زمن حلق ببريده خورد شربت ولى ... خلق از لا رسته مرده در بلى وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ اللام جواب قسم محذوف اى والله لنعاملنكم معاملة المبتلى هل تصبرون على البلاء وتستسلمون للقضاء اولا إذا البلاء معيار كالمحك يظهر به جوهر النفس وذلك لنظهر لكم منكم المطيع من المعاصي لا لنعلم شيأ لم نكن عالمين به بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ اى بقليل من خوف الأعداء وانما قلله لان ما وقاهم منه اكثر بالنسبة الى ما أصابهم بألف مرة وَشىء من الْجُوعِ اى القحط والسنة وانما أخبرهم به قبل وقوعه ليوطئوا عليه نفوسهم ويسهل لهم الصبر عليه فان مفاجأة المكره أشد على النفس من أصابته مع ترقبه وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ عطف على شىء اى وبنقض شىء قليل من ذلك بالسرقة والاغارة وأخذ السلطان والهلاك والخسران وَالْأَنْفُسِ اى بالقتل والموت او بالمرض والشيب وَالثَّمَراتِ اى وذهاب ثمرات الكروم والأشجار بالبرد والسموم والريح والجراد وغيرها من الآفات وقد يكون نقص الثمرات بترك عمارة الضياع للاشتغال بالجهاد وعن الشافعي رحمه الله الخوف خوف الله والجوع صوم رمضان والنقص من الأموال الزكاة والصدقات ومن الأنفس الأمراض ومن الثمرات موت الأولاد وفي الحديث (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة أقبضتم ولد عبدى فيقولون نعم فيقول أقبضتم ثمرة قلبه فيقولون نعم فيقول الله ماذا قال عبدى فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدى بيتا فى الجنة وسموه بيت الحمد) قال بعض اهل المعرفة مطالبات الغيب اما ان تكون بالمال او بالنفس او بالأقارب او بالقلب او بالروح فمن أجاب بالمال فله النجاة ومن أجاب بالنفس فله الدرجات ومن صبر على فقد الأقارب فله الخلف والقربات ومن لم يؤخر عنه الروح فله دوام المواصلات وَبَشِّرِ الخطاب للرسول او لمن يتأتى منه البشارة لتعظيم الصبر وتفخيمه لانه فضيلة عظيمة الثواب وخصلة من خصال الأنبياء والأولياء فيستحق صاحبه ان يبشره كل أحد الصَّابِرِينَ على البلايا الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ الاصابة ضد الخطأ مُصِيبَةٌ هى ما يصيب الإنسان من مكروه لقوله عليه السلام (كل شىء يؤذى المؤمن فهو له مصيبة) وأصلها الوصول من صاب السهم المرمى وأصابه وصل اليه قالُوا إِنَّا لِلَّهِ اى نحن عبيد الله والعبد وما في يده لمولاه فان شاء أبقاه في أيدينا وان شاء استرده منا فلا نجزع بما هو ملكه بل نصبر فان عشنا فعليه رزقنا وان متنا فانا اليه راجعون واليه مردنا وعنده ثوابنا ونحن راضون بحكمه فما أعطانا ربنا كان فضلا منه ولا يليق بكرمه الارتجاع في عطاياه وانما اخذه ليكون ذخيرة لنا عنده فقولنا انا لله اقرار منا له تعالى بالملك وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ اقرار على أنفسنا بالهلك وقيل الرجوع اليه تعالى ليس عبارة عن الانتقال الى مكان وجهة فان ذلك على الله محال بل المراد منه ان يصير الى حيث لا يملك الحكم فيه سواه وذلك هو الدار الآخرة إذ لا حاكم فيها حقيقة وبحسب الظاهر الا الله تعالى بخلاف دار الدنيا فان غير الله قد يملك الحكم فيها بحسب الظاهر وقول المصاب عند مصيبته انا لله وانا اليه راجعون له فوائد. منها الاشتغال بهذه الكلمة

[سورة البقرة (2) : آية 157]

عن كلام لا يليق. ومنها انها تسلى قلب المصاب وتقلل حزنه. ومنها انها تقطع طمع الشيطان فى ان يوافقه في كلام لا يليق. ومنها انه إذا سمعه غيره اقتدى به. ومنها انه إذا قال ذلك بلسانه يتذكر بقلبه الاعتقاد الحسن والتسليم لقضاء الله وقدره فان المصاب يدهش عند المصيبة فيحتاج الى ما يذكر له التسليم المذكور وفي الحديث (ما من مصيبة تصيب عبدا فيقول انا لله وانا اليه راجعون اللهم أجرنى من مصيبتى وأخلف لى خيرا منها الا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها) قال سعيد بن جبير ما اعطى أحد في المصيبة ما اعطى هذه الامة يعنى الاسترجاع ولو أعطيه أحد لاعطى يعقوب ألا تسمع الى قوله في قصة فقد يوسف يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وليس الصبر هو الاسترجاع باللسان بل بالقلب بان يتصور ما خلق لاجله وهو الانقياد لله تعالى فى جميع ما كلفه به من التكاليف والتسليم لقضاء الله وقدره في جميع ما اخذه وأعطاه فان من اختص لله تعالى ملكا وملكا كيف ينازعه في ملكه ولا يرضى بقضائه وملاحظة ان ما في عالم الملك كله لله تعالى يذكر نعم الله وتذكرها يستلزم العلم بان ما أبقى عليه أضعاف ما استرده منه والمبشر به محذوف دل عليه قوله تعالى أُولئِكَ اى الصابرون الموصوفون بما ذكر عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ كائنة مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ اى رحمة ووجه الجمع في الصلوات الدلالة على الكثرة والتكرير واستغنى بتنكير التعظيم في رحمة عن إيرادها بلفظ الجمع ويندرج في رحمته تعالى إيصال المسار ودفع المضار في الدنيا والآخرة وجمع بين الصلاة والرحمة للايذان بان رحمته غير منقطعة فالمعنى عليهم فنون الرحمة المتوالية الفائضة من مالك أمورهم ومبلغهم الى كمالاتهم اللائقة بهم قال بعضهم الصلاة من الله المدح والثناء والتعظيم والرحمة اللطف والإحسان فلا تكرار وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ المختصون بالاهتداء لكل حق وصواب ولذلك استرجعوا واستسلموا لقضاء الله تعالى وعن ابن مسعود رضى الله عنه لان أخر من السماء أحب الى من ان أقول في شىء قضاه الله ليته لم يكن وقال على رضى الله عنه من ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط اجره اى بطل ثوابه قيل المكاره التي تصيب الإنسان إذا أصابته من قبل الله تعالى يجب الصبر عليها لان ما جاء من جهة العدل الحكيم ليس الا مقتضى عدله وحكمته فيجب عليه ان يرضى لعلمه بانه تعالى لا يقضى الا بالحق وان أصابته من جهة الظلمة فلا يجب عليه ان يصبر عليها بل جاز له ان يمانعه بل يحاربه وان قتل بمحاربته يكون شهيدا واعلم ان البلاء سبب للتصفية كما قال عليه السلام (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) اى ما صفى نبى مثل ما صفيت والوفاء والجفاء سيان عند العشاق كما قال صائب شكايت از ستم يار چون كند ... هر جا كه عشوه هست وفا وجفا يكيست قال الحسن رضى الله عنه سمعت جدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يا بنى عليك بالقنوع تكن من اغنى الناس وأداء الفرائض تكن من اعبد الناس يا بنى ان في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى باهل البلاء يوم القيامة فلا ينشر لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان يصب عليهم الاجر صبا ثم قرأ انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ولو لم يكن في الصبر الا حكاية الطير الذي في عهد سليمان عليه السلام لكفى وذلك ان طيرا في عهد سليمان عليه السلام

[سورة البقرة (2) : آية 158]

كان له صوت حسن وصورة حسنة اشتراه رجل بألف درهم وجاءه طير آخر فصاح صيحة فوق قفصه وطار فسكت الطير وشكا الرجل الى سليمان عليه السلام فقال احضروه فلما احضروه قال سليمان عليه السلام لصاحبك عليك حق حتى اشتراك بثمن غال فلم سكت فقال يا نبى الله قل له حتى يرفع قلبه عنى انى لا اصيح ابدا ما دمت في القفص قال لم قال لان صياحى كان من الجزع الى الوطن والأولاد وقال لى ذلك الطير انما حبسك لاجل صوتك فاسكت حتى تنجو فقال سليمان عليه السلام للرجل ما قال الطير فقال الرجل أرسله با نبى الله فانى كنت احبسه لصوته فأعطاه سليمان عليه السلام الف درهم ثم أرسل الطير ثم طار وصاح سبحان من صورنى وفي الهواء طيرنى ثم في القفص صبرنى ثم قال سليمان عليه السلام ان الطير مادام فى الجزع لم يفرج عنه فلما صبر فرج عنه ومثل هذا في الحقيقة اشارة الى الفناء عن أوصاف النفس فان المرء ما لم يمت باختياره قبل اضطراره لا يصل الى الحياة الحقيقية: قال في المثنوى دانه باشى مرغكانت بر چنند ... غنچهـ باشى كودكانت بر كنند «1» هر كه كرد او حسن خود را در مزاد ... صد قضاى بد سوى او رو نهاد تن قفس شكلست وتن شد خار جان ... در فريب داخلان وخارجان «2» قال حضرت الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره لا بد من نفى الانية واضمحلال الوجود فى بحر الوجود الحقيقي حتى يتم المقصود ويحصل: قال الصائب ترك هستى كن كه اسودست از تاراج سيل ... هر كه پيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره العبور عن المراتب محله مرتبة يقال لها وادي الحيرة يعرف السالك فيها مطلوبه ولكن لا يقدر على الوصول فيدور في ذلك الوادي بالحيرة والحرارة ويحرق الانية بتلك الحرارة ويقال له وادي الحيرة لان السالك يتحير ولا يقدر على الذهاب والرجوع وقوله عليه السلام (اللهم زدنى حيرة) اشارة الى ذلك وتلك المرتبة لا تتيسر لكثير والعبور عنها لا يمكن الا بإرشاد مرشد كامل اللهم هيئنا لتجليات أسمائك وصفاتك وأفض علينا من كاسات مشاهدات كمال ذاتك إِنَّ الصَّفا علم لجبل بمكة وسمى الصفا لانه جلس عليه آدم صفى الله وَالْمَرْوَةَ علم لجبل في مكة ايضا وسمى المروة لانها جلست عليها امرأة آدم حواء عليهما السلام مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ جمع شعيرة بمعنى العلامة اى من اعلام طاعة الله فان كل واحد من المواقف والمساعى والمنحر جعله الله تعالى علامة لنا نعرف به العبادة المختصة به- روى- انه كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له اساف وصنم على المروة على صورة امرأة يقال لها نائلة يروى انهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا من دون الله فكان اهل الجاهلية إذا سعوا بين الصفا والمروة مسحوهما تعظيما لهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما لانه فعل الجاهلية فاذن الله تعالى في الطواف بينهما واخبر انهما من شعائر الله والحكمة في شرعية السعى بين الصفا والمروة ما حكى ان هاجر لما ضاق عليها الأمر في عطشها وعطش إسماعيل سعت في هذا المكان الى ان صعدت الجبل ودعت فأنبع الله لها زمزم

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان برون انداختن مرد تاجر طوطى را از قفس و پريدن او (2) در اواسط دفتر يكم در بيان حضرت تعظيم خلق وانكشتن نما شدن

وأجاب دعاءها فجعلها طاعة لجميع المكلفين الى يوم القيامة وفي الخبر (الصفا والمروة بابان من الجنة وموضعان من مواضع الاجابة ما بينهما قبر سبعين الف نبى وسعيهما يعدل سبعين رقبة) فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ الحج في اللغة القصد والعمرة الزيارة وفي الحج والعمرة المشروعين قصد وزيارة فَلا جُناحَ عَلَيْهِ اى لا اثم عليه وأصله من جنح اى مال عن القصد والخير الى الشر أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما اى في ان يطوف بهما ويدور فأزال عنهم الجناح لانهم توهموا أن يكون في ذلك جناح عليهم لاجل فعل الجاهلية وهو لا ينافى كون هذا الطواف واجبا كما عند الحنفية لان قولنا لا اثم في فعل امر كذا يصح إطلاقه على الواجب واصل يطوف يتطوف وفي إيراد التفعل إيذان بان من حق الطائف ان يتكلف في الطواف ويبذل فيه جهده وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً اصل التطوع الفعل طوعا لا كرها كانه قيل من فعل أو أتى ما يتقرب به طائعا فنصب خيرا بتضمين تطوع فعلا يتعدى بنفسه او التطوع بمعنى التبرع من قولهم طاع يطوع اى تبرع فكأنه قيل من تبرع بما لم يفرض عليه من القربات مطلقا فانتصاب خيرا حينئذ على إسقاط حرف الجر اى من تطوع تطوعا بخير فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ له اى مجاز بعمله فان الشاكر في وصف الله تعالى بمعنى المجازى على الطاعة بالاثابة عليها قال ابن التمجيد في حواشيه الشكر من الله بمعنى الرضى عن العبد والاثابة لازم الرضى والرضى ملزوم الشكر فالشكر مجاز في معنى الرضى ثم التجوز منه الى معنى الاثابة مجاز في المرتبة الثانية عَلِيمٌ بطاعة المتطوع ونيته فيها وفي الآية حث على نوافل الطاعات كما على فرائضها فمن اتى بنافلة واحدة فان الله شاكر عليم فكيف بأكثر منها فبالصوم تحصيل قهر النفس وبالزكاة تزكيها وبالصلاة المعراج الروحاني وبالحج الوصول وعن سفيان النوري قال حججت سنة ومن رأيى ان انصرف من عرفات ولا أحج بعد هذا فنظرت في القوم فاذا انا بشيخ متكئ على عصا وهو ينظر الى مليا فقلت السلام عليك يا شيخ دل وعليك يا سفيان ارجع عما نويت فقلت سبحان الله من اين تعلم نينى قال ألهمنى ربى فو الله لقد حججت خمسا وثلاثين حجة وكنت واقفا بعرفات هاهنا في الحجة الخامسة والثلاثين انظر الى هذه الرحمة وأتفكر فى امرى وأمرهم ان الله هل يقبل حجهم وحجى فبقيت متفكرا حتى غربت الشمس وأفاض الناس من عرفات الى مزدلفة ولم يبق معى أحد وجن الليل ونمت تلك الليلة فرأيت في النوم كأن القيامة قد قامت وحشر الناس وتطايرت الكتب ونصبت الموازين والصراط وفتحت أبواب الجنان والنيران فسمعت النار تنادى وتقول اللهم وق الحجاج حرى وبردى فنوديت يا نار سلى غيرهم فانهم ذاقوا عطش البادية وحر عرفات ووقوا عطش القيامة ورزقوا الشفاعة فانهم طلبوا رضاى بانفسهم وأموالهم قال الشيخ فانتبهت وصليت ركعتين ثم نمت ورأيت كذلك فقلت في نومى هذا من الرحمن او من الشيطان فقيل لى بل من الله مد يمينك فمددت فاذا على كفى مكتوب من وقف بعرفة وزار البيت شفعته في سبعين من اهل بيته قال سفيان وأراني المكتوب حتى قرأته ثم قال الشيخ فلم تمر على منذ حينئذ سنة الا وانا حججت حتى تم لى ثلاث وسبعون حجة كذا في زهرة الرياض قال في الأشباه والنظائر بناء الرباط بحيث

[سورة البقرة (2) : الآيات 159 إلى 164]

ينتفع به المسلمون أفضل من الحجة الثانية والحج تطوعا أفضل من الصدقة النافلة وحج الفرض اولى من طاعة الوالدين بخلاف النفل وحج الغنى أفضل من حج الفقير لان الفقير يؤدى الفرض من مكة وهو متطوع في ذهابه وفضيلة الفرض أفضل من فضيلة التطوع فعلى العاقل ان يقصد بيت الله ويزوره فان لم يساعده المال فلتساعده الهمة والحال فان المعتبر هو توجه القلب الى جانب الغيب لا مجرد توجه القالب: قال في المثنوى ميل تو سوى مغيلانست وريك ... تا چهـ كل چينى ز خار مرده ريك وفي التأويلات القاشانية إِنَّ الصَّفا وجود القلب وَالْمَرْوَةَ وجود النفس مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ من اعلام دين الله ومناسكه القلبية كاليقين والتوكل والرضى والإخلاص والنفسية كالصبر والشكر والذكر والفكر فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ اى بلغ مقام الوحدة الذاتية ودخل الحضرة الإلهية بالفناء الكلى الذاتي أَوِ اعْتَمَرَ زار الحضرة بالبلوغ الى مقام المشاهدة بتوحيد الصفات والفناء في أنوار تجليات الجمال والجلال فَلا جُناحَ فلا حرج عَلَيْهِ حينئذ فى أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما اى يرجع الى مقامهما ويتردد بينهما لا بوجودهما التلوينى فانه جناح وذنب بل بالوجود الموهوب الحقانى بعد الفناء عند التمكين ولهذا نفى الجناح فان في هذا الوجود سعة بخلاف الاول وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً اى ومن تبرع خيرا من باب التكميل والتعليم والإرشاد وشفقة الخلق في مقام القلب ومن باب الأخلاق وطرف البر والتقوى ومعاونة الضعفاء والمساكين وتحصيل الهمم في مقام النفس بعد كمال السلوك حال البقاء بعد الفناء فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ شكر عمله بثواب المزيد عَلِيمٌ بانه من باب التصرف فى الأشياء بالله لا من باب التلوين والابتلاء والفترة انتهى كلام القاشاني يا خفى الذات محسوس العطاء أنت كالماء ونحن كالرحاء أنت كالريح ونحن كالغبار يختفى الريح وغبراه جهار إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ الآية نزلت في رؤساء اليهود وأحبارهم او في كل من كتم شيأ من احكام الدين وهو الأقرب لان اللفظ عام وعموم الحكم لا يأبى خصوص السبب والكتم والكتمان ترك اظهار الشيء قصدا مع الحاجة اليه وحصول الداعي الى إظهاره وذلك قد يكون بمجرد ستره واخفائه وقد يكون بإزالته ووضع شىء آخر في موضعه وهو الذي فعله هؤلاء فى نعوت النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها ما أَنْزَلْنا حال كونه مِنَ الْبَيِّناتِ اى من الآيات الواضحة الدالة على امر محمد عليه السلام وعلى الرجم وتحويل القبلة الحرام والحلال وَالْهُدى اى والآيات الهادية الى كنه امره ووجوب اتباعه عليه السلام والايمان به مِنَ متعلق بيكتمون بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ اى أوضحناه ولخصناه لِلنَّاسِ جميعا لا الكاتمين فقط فِي الْكِتابِ اى التوراة وتبيينه لهم إيضاحه بحيث يتلقاه كل أحد من غير ان يكون فيه شبهة قال ابن الشيخ في حواشيه فالمراد بالبينات ما انزل على الأنبياء من الكتب والوحى دون ادلة العقل وان قوله والهدى يدخل فيه الدلائل العقلية والنقلية وقوله تعالى في حق الهدى من بعد ما بيناه وما لخصناه في الكتاب لا يقتضى اتحادهما وان يكون العطف لتغاير اللفظين لان كون ما بيناه في الكتاب كما يجوز ان يكون بطريق كونه من جملة التنزيل يجوز

[سورة البقرة (2) : الآيات 160 إلى 162]

ان يكون بطريق كونه فائدة ملخصة اى مستفادة منه فَأُولئِكَ اى اهل هذه الصفة يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ اى يطردهم ويبعدهم من رحمته بسبب كتمهم الحق وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ اى الذين يتأتى منهم اللعن اى الدعاء عليهم باللعن من الملائكة ومؤمنى الثقلين وعن ابن مسعود رضى الله عنه ماتلا عن اثنان الا ارتفعت اللعنة بينهما فان استحقها أحدهما والا رجعت على اليهود الذين كتموا صفة محمد عليه السلام او اللاعنون البهائم والهوام تلعن العصاة تقول اللهم العن عصاة بنى آدم فبشؤمهم منع عنا الفطر إِلَّا الَّذِينَ تابُوا من الكتمان وسائر ما يجب ان يتاب منه الاستثناء متصل والمستثنى منه هو الضمير في يلعنهم وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا بالتدارك فانه لا بد بعد التوبة من إصلاح ما أفسده مثلا لو أفسد على غير دينه بايراد شبهة عليه يلزمه ازالة تلك الشبهة وبعد ذلك لا بدله من ان يفعل ضد الكتمان وهو البيان وهو المراد بقوله تعالى وَبَيَّنُوا اى ما بينه الله في كتابهم لتتم توبتهم فدلت الآية على ان التوبة لا تحصل الا بترك كل ما لا ينبغى وبفعل كل ما ينبغى فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ اى بالقبول وافاضة الرحمة والمغفرة فان التوبة إذا أسندت اليه تعالى بان قيل تاب الله او يتوب تكون بمعنى المقبول وقبول التوبة يتضمن المغفرة اى ازالة عقاب من تاب وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ اى المبالغ في قبول التوبة ونشر الرحمة ولما ذكر لعنتهم احياء ذكر لعنتهم أمواتا فقال إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى استمروا على الكفر المستتبع للكتمان وعدم التوبة وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ مصرون على كفرهم لا يرتدعون عن حالتهم الاولى أُولئِكَ مستقر عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ اى هم المخصوصون باللعنة الابدية احياء وأمواتا فمن يعتد بلعنتهم وهم المؤمنون لانهم هم الناس فى الحقيقة لانتفاعهم بالانسانية واما الكفار فهم كالانعام وأضل سبيلا فلا اعتداد بهم عند الله او الناس عام لان الكفار يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا والله تعالى يلعنهم يوم القيامة ثم يلعنهم الملائكة ثم تلعنهم الناس والظالم يلعن الظالمين ومن لعن الظالمين وهو ظالم فقد لعن نفسه خالِدِينَ فِيها حال من المضمر في عليهم اى دائمين في اللعنة لانهم خلدوا في النار خلدوا فى الابعاد عن رحمة الله تعالى لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ استئناف لبيان كثرة عذابهم من حيث الكيف اثر بيان كثرته من حيث الكم اى لا يرفع عنهم ولا يهون عليهم وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ من الانظار بمعنى الامهال والتأجيل اى لا يمهلون للرجعة ولا للتوبة ولا للمعذرة او يعذبون على الدوام والاستمرار وان كل وجه من وجوه عذابهم يتصل بوجه آخر مثله او أشد منه وانهم لا يمهلون ولا يؤجلون ساعة ليستريحوا فيها او من النظر بمعنى الانتظار اى لا ينتظرون ليعتذروا او بمعنى الرؤية اى لا ينظر إليهم نظر رحمة وانما خلدوا في النار لان نيتهم كانت عبادة الأصنام ابدا ان عاشوا فجوزوا بتأبيد العذاب واما الدركات في النيران فلتفاوت سوء الأحوال والتفاوت في شدة الكفر فيرجع الى شدة العذاب في الدركات لان النيات متفاوتة كالاعمال والتأديب في الحكمة واجب ولما أساء الكفار بسوء الاعتقاد في حقه تعالى أدبوا بالحرمان من الجنة والخلود في النار ونعم ما قيل سفيهانرا بود تأديب نافع ... جنونانرا چوشربت كشت دافع

[سورة البقرة (2) : آية 163]

وانما حمل هؤلاء اليهود على ما فعلوا من الكتمان وغيره حب الرياسة والدنيا لانهم خافوا ان يذهب مأكلتهم من السفلة وما يغنى عنهم ذلك شيأ إذا كان مصيرهم الى النار وفي الخبر ان مؤمنا وكافرا في الزمان الاول انطلقا يصيدان السمك فجعل الكافر يذكر آلهته ويأخذ السمك حتى أخذ سمكا كثيرا وجعل المؤمن يذكر الله كثيرا فلا يجئ شىء ثم أصاب سمكة عند الغروب فاضطربت فوقعت في الماء فرجع المؤمن وليس معه شىء ورجع الكافر وقد امتلأت شبكته فاسف ملك المؤمن الموكل عليه فلما صعد الى السماء أراه الله مسكن المؤمن في الجنة فقال والله ما يضره ما أصابه بعد ان يصير الى هذا وأراه مسكن الكافر في جهنم فقال والله ما يغنى عنه ما أصابه من الدنيا بعد ان يصير الى هذا كذا في شرح الخطب نركس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته نابينا بود دولت به بيداران حسد ومرتكب المعاصي لو عرف عذاب الجحيم حق المعرفة لما ارتكبها حتى ان من قوى ظنه ان في هذه الثقبة حية لا يدخل يده فيها فما ظنك في ارتكاب المعاصي بملاحظة عذاب النار واعلم ان أحبار اليهود لما لم ينتفعوا بعلمهم ضلوا فأضلوا فخذ لهم الله ولعنهم وذكر في الخالصة لن يهلك قوم بظلمهم وانما اهلكهم ظلم ولاتهم قال الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره وكذا الحال فى الإرشاد فان الضلال والفساد في الطالبين من فساد مرشدهم فمادام المرشد على الصراط المستقيم يحفظ الله تعالى الطالب من الضلال فان نزول البلاء على قوم من فساد رئيسهم- وحكى- ان أمنا حواء أكلت اولا من الشجرة فلم يقع شىء فلما أكل منها أبونا آدم عليه السلام وقع الخروج من الجنة انتهى فويل لارباب الرياسة الذين ظلموا أنفسهم وتجاوز ظلمهم الى من عداهم فانهم هم الواقعون في عذاب النار نار القطيعة والهجران وجهنم البعد عن الله ورحمته اللهم احفظنا وَإِلهُكُمْ خطاب عام لكافة الناس اى المستحق منكم للعبادة إِلهٌ واحِدٌ فرد في الإلهية لا شريك له فيها ولا يصح ان يسمى غيره آلها فلا معبود الا هو وهو خبر مبتدأ وواحد صفة وهو الخبر في الحقيقة لانه محط الفائدة ألا يرى انه لو اقتصر على ما قبله لم يفد لا إِلهَ إِلَّا هُوَ تقرير للوحدانية وازاحة لان يتوهم ان في الوجود آلها ولكن لا يستحق منهما العبادة يعنى بهذا فاعرفوه ودائما فاعبدوه ولا ترجوا غيره ولا تخافوا سواه ولا تعبدوا الا إياه والاستثناء بدل من اسم لا على المحل إذ محله الرفع على الابتداء والخبر محذوف اى لا اله كائن لنا او موجود في الوجود الا الله واعلم ان الأسماء على ضربين اسم ظاهر واسم ضمير وكلمة هو اسم ضمير فكونها ضميرا لا ينافى كونها اسما وقد حقق الامام في التفسير الكبير اسمية هذه الكلمة فليراجع وعند اهل الحقيقة كلمة هو اسم بحت لان كل ما يدل على الذات الاحدية فهو اسم محض عندهم سواء كان مظهرا او مضمرا ولذا يقال عالم الهوية باللام فاعرف هذا فانه ينفعك: وفي المثنوى از هواها كى رهى بي جام هو ... اى ز هو قانع شده با نام هو هيچ نامى بي حقيقت ديده ... يا ز كاف ولام كل كل چيده اسم خواندى رو مسما را بجو ... مه ببالا دان نه اندر آب جو

[سورة البقرة (2) : آية 164]

كر ز نام وحرف خواهى بگذرى ... پاك كن خود را ز خود هان يكسرى همچوآهن ز آهنى بي رنك شو ... در رياضت آينه بي ژنك شو خويش را صافى كن از أوصاف خويش ... تا ببينى ذات پاك صاف خويش بينى اندر دل علوم أنبياء ... بي كتاب وبي معيد واوستا علم كان نبود ز هو بي واسطه ... آن نپايد همچورنك ماشطه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اى المولى لجميع النعم أصولها وفروعها ولا شىء سواه مستحق هذه الصفة فان كل شىء سواه اما نعمة واما منعم عليه فثبت ان غيره لا يستحق العبادة فلا يكون آلها فقوله الرحمن الرحيم كالحجة على الوحدانية وعن اسماء بنت يزيد انها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم وآلهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم: والله لا اله الا هو الحي القيوم) قيل كان للمشركين حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فلما سمعوا هذه الآية تعجبوا وقالوا كيف يسع الناس اله واحد فان كان محمد صادقا في توحيد الإله فليئتنا بآية نعرف بها صدقه فنزل قوله تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى فى إبداعهما على ما هما عليه مع ما فيهما من تعاجيب العبر وبدائع الصنايع التي بعجز عن فهمها عقول البشر وانما جمع السموات وأفرد الأرض لان كل سماء ليست من جنس الاخرى بين كل سماءين من البعد مسيرة خمسمائة عام او لان فلك كل واحدة غير فلك الاخرى والأرضون كلها من جنس واحد وهو التراب قال ابن التمجيد في حواشيه وعند الحكماء محدب كل سماء مماس لمقعر ما فوقه غير الفلك التاسع المسمى بالعرش فان محدبه غير مماس لشئ من الافلاك لان ما فوقه خلاء وبعد غير متناه عندنا وعند الحكماء لا خلاء فيه ولا ملاء والعلم عند الله وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى في تعاقبهما في الذهاب والمجيء يخلف أحدهما صاحبه إذا جاء أحدهما جاء الآخر خلفه اى بعده وفي الزيادة والنقصان والظلمة والنور وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ لا ترسب تحت الماء وهي ثقيلة كثيفة والماء خفيف لطيف وتقبل وتدبر بريح واحدة والفلك فى الآية جمع وتأنيثه بتأويل الجماعة بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ما اسم موصول والمصاحبة والجملة فى موضع النصب على الحالية من فاعل تجرى اى تجرى مصحوبة بالأعيان والمعاني التي تنفع الناس فانهم ينتفعون بركوبها والحمل فيها للتجارة فهى تنفع الحامل لانه يربح والمحمول اليه لانه ينتفع بما حمل اليه وَما اى ان فيما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ من لابتداء الغاية اى من جهة السماء مِنْ ماءٍ بيان للجنس فان المنزل من السماء يعم الماء وغيره والسماء يحتمل الفلك على ما قيل من ان المطر ينزل من السماء الى السحاب ومن السحاب الى الأرض ويحتمل جهد العلو سماء كانت او سحابا فان كل ما علا الإنسان يسمى سماء ومنه قيل للسقف سماء البيت فَأَحْيا بِهِ عطف على ما انزل اى نضر بالماء النازل الْأَرْضِ بانواع النبات والازهار وما عليها من الأشجار بَعْدَ مَوْتِها اى بعد ذهاب زرعها وتناثر أوراقها باستيلاء اليبوسة عليها حسبما تقتضيه طبيعتها قال ابن الشيخ في حواشيه لما حصل للارض بسبب ما نبت فيها من انواع النبات حسن وكمال شبه ذلك بحياة الحيوان من حيث ان الجسم إذا صار حيا حصل فيه انواع من الحسن

والنضارة والبهاء والنماء فكذلك الأرض إذا تزينت بالقوة المنبتة وما يترتب عليها من انواع النبات وَبَثَّ فِيها اى فرق ونشر في الأرض مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ من كل حيوان يدب على وجهها من العقلاء وغيرهم وهو معطوف على فاحيى والمناسبة ان بث الدواب يكون بعد حياة الأرض بالمطر لانهم ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ عطف على ما انزل اى في تقليبها في مهابها قبولا ودبورا وشمالا وجنوبا وفي كيفيتها حارة وباردة وفي أحوالها عاصفة ولينة وفي آثارها عقما ولواقح وقيل في إتيانها تارة بالرحمة وتارة بالعذاب قال ابن عباس رضى الله عنهما أعظم جنود الله الريح والماء وسميت الريح ريحا لانها تريح النفوس قال وكيع الجراح لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا قال شريح القاضي ما هبت الريح الا لشفاء سقيم او لسقم صحيح وقال بكر بن عباس لا تخرج من السحاب قطرة حتى تعمل في السحاب هذه الرياح الأربع فالصبا تهيجه والجنوب تقدره والدبور تلقحه والشمال تفرقه واصول الرياح هذه الأربع فالشمال من ناحية الشام والجنوب تقابلها والصبا هي القبول من المشرق والدبور تقابلها وكل ريح جاءت بين مهب ريحين فهى نكباء لانها نكبت اى عدلت ورجعت عن مهاب هذه الأربع وقال عبد الله بن عمرو بن العاص الرياح ثمان اربع رحمة واربع عذاب فالرحمة الناشرات وهي الرياح الطيبة والمبشرات وهي الرياح التي تبشر بالغيث واللواقح وهي التي تلقح الأشجار والذاريات وهي التي تذر والتراب وغيره والعذاب الصرصر والعقيم وهما في البر والعاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم هي التي لم تلقح سحابا ولا شجرا والعاصف الشديدة الهجوم التي تقلع الخيام وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ عطف على تصريف اى الغيم المذلل المنقاد الجاري على ما أجراه الله تعالى عليه وهو اسم جنس واحده سحابة وسمى سحابا لانه ينسحب في الجو اى يسير في سرعة كأنه يسحب اى يجر بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ صفة للسحاب باعتبار لفظه وقد يعتبر معناه فيوصف بالجمع كما في قوله تعالى سَحاباً ثِقالًا اى لا ينزل الأرض ولا ينكشف مع ان طبع السحاب يقتضى أحد هذين النزول والانكشاف قيل لانه لو كان خفيفا لطيفا ينبغى ان يصعد ولو كثيفا يقتضى ان ينزل لَآياتٍ اسم ان دخلته اللام لتأخره عن خبرها ولو كان فى موضعه لما جاز دخول اللام عليه والتنكير للتفخيم كما وكيفا اى آيات عظيمة كثيرة دالة على القدرة القاهرة والحكمة الباهرة والرحمة الواسعة المقتضية لاختصاص الالوهية به سبحانه لِقَوْمٍ فى محل النصب لانه صفة لآيات فيتعلق بمحذوف يَعْقِلُونَ فى محل الجر على انه صفة لقوم اى يتفكرون فيها وينظرون إليها بعيون العقول والقلوب ويعتبرون بها لانها دلائل على عظم قدرة الله فيها وباهر حكمته فيستدلون بهذه الأشياء على موجدها فيوحدونه وفيه تعريص لجهل المشركين الذين اقترحوا على الرسول آية تصدقه في قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وتسجيل عليهم بسخافة العقول إذ لو عقلوه لكفاهم بهذه التصاريف آية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها) المج حقيقة قذف الريق ونحوه من الفم عدى بالباء لما فيه من معنى الرمي واستعير هاهنا لعدم الاعتبار والاعتداد فان من تفكر فيها فكأنه حفظها ولم يلقها من فيه واعلم ان قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أول آية

[سورة البقرة (2) : الآيات 165 إلى 171]

نزلت في التوحيد بحسب الرتبة اى اقدم توحيد من جهة الحق لا من جهتنا فان أول رتبة التوحيد من طرفنا توحيد الافعال وهذا هو توحيد الذات ولما بعد هذا التوحيد عن مبالغ إفهام الناس نزل الى مقام توحيد الصفات بقوله الرحمن الرحيم ثم الى توحيد الافعال ليستدل به عليه فقال ان في خلق الآية كذا في التأويلات القاشانية ومن نتائج صفة الرحمن الرحيم في حق الإنسان ما أشار اليه في قوله ان في خلق إلخ يعنى ان الحكمة في خلق هذه الأشياء ان يكون كل شىء مظهر آية من آيات الله ولا فائدة لهذه الأشياء من الآيات المودعة فيها فان فائدتها عائدة الى الإنسان لانهم قوم يعقلون الآيات كما قال سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فالعالم بما فيه خلق بتبعية الإنسان لان العالم مظهر آيات الحق والآيات المرئيات الإنسان والإنسان مظهر معرفة الحق ولهذا قال وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ اى ليعرفون فلو لم يكن لاجل معرفة الله ما خلق الإنسان ولو لم يكن لاجل الإنسان ما خلق العالم بما فيه كما قال للنبى عليه الصلاة والسلام (لو لاك لما خلقت الكون) وكان العالم مرآة يظهر فيه آيات كمال الحق وجلاله والإنسان هو المشاهد لآيات الجمال والجلال في مرآة العالم وهو مرآة يظهر فيه مرآة العالم وما يظهر فيه كما قال تعالى وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ وهذا تحقيق قوله (من عرف نفسه فقد عرف ربه) لان نفسه مرآة جمال ربه وليس أحد غير الإنسان يشاهد حال ربه في مرآة العالم ومرآة نفسه بإراءة الحق كما قال سَنُرِيهِمْ آياتِنا إلخ فاعرف قدرك لتعرف قدر ربك يا مسكين ومما يدل على ان خلق السموات والأرض وما بينهما تبع لخلق الإنسان قوله عليه الصلاة والسلام (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله) يعنى إذا مات الإنسان الذي هو يقول الله الله قامت القيامة فلم تبق السموات والأرض لان وجودهما كان تبعا لوجود الإنسان فاذا لم يبق المتبوع ما بقي التابع كذا في التأويلات النجمية فعلى السالك ان يصل بالذكر الحقيقي الى المقصود الأصلي فان التوحيد ينفى الباطل وينفى الأغيار روى عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لابى حصين (كم تعبد اليوم من اله) فقال اعبد سبعا ستا في الأرض وواحدا في السماء قال (وأيهم تعبده لرغبتك ورهبتك) فقال الذي في السماء فقال عليه الصلاة والسلام (فيكفيك اله السماء) ثم قال يا حصين لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك فأسلم حصين ثم قال يا رسول الله علمنى هاتين الكلمتين فقال عليه الصلاة والسلام (قل اللهم ألهمنى رشدى وأعذني من شر نفسى) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ من لابتداء الغاية متعلق بيتخذ ودون في الأصل ظرف مكان استعمل هنا بمعنى غير مجازا والاتخاذ بمعنى الصنع والعمل متعد الى مفعول واحد وهو هنا قوله أَنْداداً هى الأصنام التي بعضها أنداد لبعض اى أمثال أو أنها أنداد لله تعالى بحسب ظنونهم الفاسدة من حيث انهم كانوا يرجون من عندها النفع والضرر وقصدوها بالمسائل وقربوا لها القرابين فارجاع ضمير العقلاء إليها في قوله تعالى يُحِبُّونَهُمْ مبنى على آرائهم الباطلة في شأنها من وصفهم بما لا يوصف به الا العقلاء او هي الرؤساء الذين يطيعونهم قال القاضي ولعل المراد أعم منهما وهو ما يشغله عن الله تعالى فانه قال الصوفية والعارفون كل شىء شغلت به قلبك سوى الله تعالى فقد جعلته في قلبك ندا له تعالى ويدل عليه قوله

[سورة البقرة (2) : الآيات 166 إلى 167]

تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ يُحِبُّونَهُمْ الجملة صفة لاندادا اى يعظمونهم ويخضعون لهم ويطيعونهم تعظيم المحبوب واطاعته كَحُبِّ اللَّهِ اى حبا كائنا مثل حبهم الله تعالى اى يسوون بينه تعالى وبينهم في الطاعة والتعظيم والمقصود من التشبيه ما في الوصف من القوة والضعف والمراد هاهنا التسوية وهذه التسوية في التعظيم لا تنافى إقرارهم بربوبيته تعالى كما يدل عليه قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ولفظ المحبة مأخوذ من الحب بالفتح كحبة الحنطة والشعير شبه حبة القلب اى سويداءه بالحب المعروف في كون كل منهما منشأ ومبدأ للآثار العجيبة فاستعير اسم الحب لها ثم اشتق من الحب المستعار للقلب الحب بمعنى ميل القلب لانه أصابها ورسخ فيها ومحبة العبد لله تعالى ارادة طاعته في أوامره ونواهيه والاعتناء لتحصيل مراضيه ومحبة الله للعبد ارادة إكرامه واستعماله في الطاعة وصونه من المعاصي ثم فضل محبة المؤمنين بقوله وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ من حب الكفرة لاندادهم لانه لا ينقطع محبتهم لله بخلاف محبة الانداد فانها لاغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب ولذلك كانوا يعدلون عن آلهتهم الى الله تعالى عند الشدائد ويعبدون الصنم زمانا فاذا رأوا صنما يعجبهم أخذوه وطرحوا الاول. وروى ان باهلة عملت لها الها من خس فاكلوه عام المجاعة وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لو يعلم هؤلاء الذين أشركوا باتخاذ الانداد ووضعها موضع المعبود إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ المعد لهم يوم القيامة اى عاينوه فهى من الرؤية بالعين أَنَّ الْقُوَّةَ اى الغلبة والقدرة الإلهية لِلَّهِ جَمِيعاً نصب حالا والجملة سادة مسد مفعولى يرى وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ عطف على ان القوة لله وفائدته المبالغة في تهويل الخطب وتفظيع الأمر فان اختصاص القوة به تعالى لا يوجب شدة العذاب لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه وجواب لو محذوف اى لو علم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم بشركهم ان القدرة كلها لله على كل شىء من الثواب والعقاب دون اندادهم ويعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة لوقعوا من الحسرة والندامة على عبادة الانداد فيما لا يكاد يوصف إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا بدل من إذ يرون واصل التبري التخلص ويستعمل للتفصى والتنصل مما تكره مجاورته والمعنى إذ تبرأ الرؤساء المتبوعون مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا اى من الاتباع بان اعترفوا ببطلان ما كانوا يدعونه فى الدنيا ويدعونهم اليه من فنون الكفر والضلال واعتزلوا عن مخالطتهم وقابلوهم باللعن وَرَأَوُا الْعَذابَ الواو حالية وقد مضمرة اى تبرأوا حال رؤيتهم العذاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ عطف على تبرأ وتوسط الحال بينهما للتنبيه على علة التبري اى انقرضت عنهم الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد والأنساب والمحاب والاتباع والاستتباع فالباء فى بهم بمعنى عن كما في قوله تعالى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً او للسببية اى تقطعت بسبب كفرهم الأسباب التي كانوا يرجون بها النجاة او للتعدية اى قطعتهم الأسباب كما تقول فرقت بهم الطريق اى فرقتهم وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا حين عاينوا تبرى الرؤساء منهم وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم فى الدنيا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً اى ليت لنا رجعة الى الدنيا وعودة فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ هناك كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا اليوم اى تبرأ مثل تبرئهم فالكاف منصوب المحل على انها صفة مصدر

[سورة البقرة (2) : آية 168]

محذوف كَذلِكَ اى مثل ذلك الإيراء الفظيع وهو نزول العذاب عليهم وتبرى بعضهم من بعض يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ اى ندمات شديدة فان الحسرة شدة الندم والكمد وهي تألم القلب وانحساره عما يؤلمه بحيث يبقى النادم كالحسير من الدواب وهو الذي انقطعت قوته فصار بحيث لا ينتفع به واصل الحسر الكشف ومن فات عنه ما يهواه وانكشف قلبه عنه يلزمه الندم والتأسف على فواته فلذلك عبر عن الحسرة التي هي انكشاف القلب عما يهواه بلازمه الذي هو الندم والرؤية ان كانت بصرية تكون حسرات حالا من أعمالهم والمعنى ان أعمالهم تنقلب حسرات عليهم فلا يرون أعمالهم الا حال كونها حسرات وان كانت قلبية فهى ثالث مفاعيل يرى وعليهم يتعلق اما بحسرات والمضاف محذوف اى على تفريطهم او بمحذوف منصوب على انه صفة لحسرات اى حسرات مستولية عليهم فان ما عملوه من الخيرات محبوطة بالكفر فيتحسرون لم ضيعوها ويتحسرون على ما فعلوه من المعاصي لم عملوها قال السدى ترفع لهم الجنة فينظرون إليها والى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله فيقال لهم تلك مساكنكم لو أطعتم الله ثم تقسم بين المؤمنين وذلك حين يندمون ويتحسرون وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ لانهم خلقوا لاجلها- روى- انه يساق اهل النار الى النار لم يبق منهم عضو الا لزمه عذاب اما حية تنهشه او ملك يضربه فاذا ضربه الملك هوى في النار مقدار أربعين يوما لا يبلغ قرارها ثم يرفعه اللهب ويضربه الملك فيهوى فاذا بدا رأسه ضربه كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب فاذا عطش أحدهم طلب الشراب فيؤتى بالحميم فاذا دنا من وجهه سقط وجهه ثم يدخل في فيه فتسقط أضراسه ثم يدخل بطنه فيقطع امعاءه وينضج جلده وهكذا يعذبون في النار لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يخرجون قال سعيد بن جبير ان الله تعالى يأمر يوم القيامة من احرق نفسه في الدنيا على ربوبية الأصنام ان يدخلوا جهنم مع أصنامهم فلا يدخلون لعلمهم ان عذاب جهنم على الدوام ثم يقول للمؤمنين بين أيدي الكفار ان كنتم احبائى فادخلوا جهنم فيقتحمون فيها وينادى مناد من تحت العرش والذين آمنوا أشد حبا لله لان الله أحبهم اولا ثم احبوه ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتم قال تعالى يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ومن لم يكن أهلا لمحبة الله ازلا طردته العزة الى محبة الانداد وهي كل ما يحب سوى الله فمن وكل الى المحبة النفسانية تعلقت محبته بملائم هوى النفس من الأصنام فكما ان الكفار بعضهم يحبون اللات ويعبدونها وبعضهم يحبون الأولاد ويعبدونها فمحبة الأولاد والأزواج والأموال تمنع عن محبة الله ومن أحب الله يرى ما سواه بنظر العداوة كما قال الخليل عليه السلام فانهم عدو لى الا رب العالمين ومن كان في الأزل أهلا لمحبة الله جذبته العناية فتجلى له الحق فانعكست تلك المحبة لمرآة قلبه فلا تتعلق بغير الله لانها من عالم الوحدة فلا تقبل الشركة والأعداء أحبوا الانداد بمحبة فانية نفسانية والأحباء أحبوا الله بمحبة باقية ربانية بل احبوه بجميع اجزائهم الفانية والباقية اللهم أوصلنا الى حقيقة المحبة واليقين والتمكين يا أَيُّهَا النَّاسُ نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الاطعمة والملابس كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ اى من بعض ما فيها من اصناف المأكولات لان كل ما فيها لا يؤكل حَلالًا حال من الموصول اى حال كونه

[سورة البقرة (2) : آية 169]

حلالا وهو ما انحل عنه عقد الحظر طَيِّباً طاهرا من جميع الشبه صفة حلالا او الحلال ما يستطيبه الشرع والطيب ما يستطيبه الشهوة المستقيمة اى يستلذه الطبع وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ الخطوة بالفتح المرة من نقل القدم وبالضم بعد ما بين قدمى الماشي يقال اتبع خطواته ووطئ على عقبه إذا اقتدى به واسنن بسنته اى لا تقتدوا بآثاره وطرقه ومذاهبه فى اتباع الهوى وهي وساوسه فتحرموا الحلال وتحللوا الحرام إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ تعليل للنهى اى ظاهر العداوة عند ذوى البصيرة واما عند متبعى الهوى الذين لا بصيرة لهم فهو كولى حميم حيث يدلهم على مشتهات نفوسهم ولذائذ مراداتها المستحسنة فقوله مبين من ابان بمعنى بان وظهر وجعله الواحدي من ابان المتعدى حيث قال انه عدو مبين قد ابان عداوته لكم بإبائه السجود لابيكم آدم وهو الذي أخرجه من الجنة إِنَّما يَأْمُرُكُمْ اى يوسوس لكم شبه تسلطه عليهم بآمر مطاع وشبهوا في قبولهم للوسوسة وطاعتهم له بالطبع بمأمور مطيع وفيه رمز الى انهم بمنزلة المأمورين المنقادين له تسفيها لرأيهم وتحقيرا لشأنهم بِالسُّوءِ وهو كل ما ساءك فى عاقبتك يطلق على جميع المعاصي سواء كانت من اعمال الجوارح او اعمال القلوب لاشتراك كلها في انها تسوء صاحبها وتحزنه وَالْفَحْشاءِ من عطف الخاص على العام اى أقبح انواع المعاصي وأعظمها مساءة فالزنى فاحشة والبخل فاخشة وكل فعلة قبيحة فاحشة واصل الفحش مجاورة القدر في كل شىء وجعل البيضاوي المغايرة بين السوء والفحشاء بحسب المفهوم دون الذات فانه سميت المعصية سوأ لاغتمام العاقل بها وفحشاء باستقباحه إياها فاطلاق السوء والفحشاء على المعصية من قبيل التوصيف بالمصدر للمبالغة مثل رجل عدل وَأَنْ تَقُولُوا اى يأمركم بان تفتروا عَلَى اللَّهِ بانه حزم هذا او ذاك ما لا تَعْلَمُونَ ان الله تعالى امر به وهو أقبح ما امر به الشيطان من القبائح لان وصفه تعالى بما لا ينبغى ان يوصف به من أعظم انواع الكبائر كما ان الفحشاء أقبح انواع السوء فان قيل كيف يأمرنا الشيطان بذلك ونحن لا نراه ولا نسمع كلامه فكيف وسوسته وكيف وصوله الى القلب قلنا وهو كلام خفى على ما قيل تميل اليه النفوس والطبع وقد قيل يدخل في جسد ابن آدم لانه جسم لطيف ويوسوس وهو انه يحدث النفس بالأفكار الرديئة قال تعالى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ومن دعاء النبي صلّى الله عليه وسلم (اللهم اعمر قلبى من وساوس ذكرك واطرد عنى وساوس الشيطان) قال في اكام المرجان وينحصر ما يدعو الشيطان اليه ابن آدم ويوسوس له في ست مراتب المرتبة الاولى مرتبة الكفر والشرك ومعاداة رسوله فاذا ظفر بذلك من ابن آدم بردانينه واستراح من تعبه معه لانه حصل منتهى أمنيته وهذا أول ما يريده من العبد المرتبة الثانية البدعة وهي أحب اليه من الفسوق والمعاصي لان المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها لان صاحبها يظنها حقيقة صحيحة فلا يتوب فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الثالثة وهي الكبائر على اختلاف أنواعها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الرابعة وهي الصغائر التي إذا اجتمعت صارت كبيرة والكبائر ربما أهلكت صاحبها كما قال عليه السلام (إياكم ومحقرات الذنوب) فان مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض فجاء كل واحد بعود حطب حتى اوقدوا نارا عظيمة وطبخوا وشبعوا فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة

الخامسة وهي اشتغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب بل عقابها فوات الثواب الذي فات عليه باشتغاله بها فان عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة السادسة وهي ان يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل فيجره من الفاضل الى المفضول ومن الأفضل الى الفاضل ليتمكن من ان يجره من الفاضل الى الشرور بما يجره من الفاضل السهل الى الأفضل الأشق كمائة ركعة بالنسبة الى ركعتين ليصير اذدياد المشقة سببا لحصول النفرة عن الطاعة بالكلية وانما خلق الله إبليس ليتميز به الخبيث من الطيب فخلق الله الأنبياء لتقتدى بهم السعداء وخلق إبليس لتقتدى به الأشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون واعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا في قلوبهم ترك الدين ولا الدنيا فقالوا له أعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هي فقال إبليس أعطوني رهنا فاعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب ارباب الدنيا استماع اخبارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وبصرهم رهن عند إبليس فاعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فلم يسمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخارفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشيء يعمى ويصم فعلى العاقل ان يزهد ويرغب عن الدنيا ولا يقبل منها الا الحلال الطيب قال الحسن البصري الحلال الطيب ما لا سؤال فيه يوم القيامة وهو ما لا بد منه قال النبي عليه السلام (ان الله يهب لابن آدم ما لا بد منه ثوب يوارى به عورته وخبز يرد جوعته وبيت كعش الطير) فقيل يا رسول الله فكيف الملح فقال (الملح مما يحاسب به وفي التأويلات النجمية الحلال ما أباح الله أكله والطيب ما لم يكن مشوبا بشبهة حقوق الخلق ولا بسرف حظوظ النفس وكل طيب حلال وليس كل حلال طيبا ولهذا قال النبي عليه السلام (ان الله طيب ولا يقبل الا الطيب) يعنى غير مشوب بعيب او شبهة قيل ولا يقال ان الله حلال واعلم ان أكل الحلال الطيب يورث القيام بطاعة الله والاجتناب عن خطوات الشيطان فالعمل الصالح نتيجة اللقمة الطيبة: وفي المثنوى علم وحكمت زايد از لقمه حلال عشق ورقت زايد از لقمه حلال چون ز لقمه تو حسد بينى ودام جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام هيچ كندم كارى وجو بر دهد ديده اسبى كه كره خرد دهد لقمه تخمست وبرش انديشها لقمه بحر وكوهرش انديشها زايد از لقمه حلال اندر دهان ميل خدمت عزم سوى آن جهان وطلب الحلال بالكسب المشروع سنة الأنبياء عليهم السلام وفي الكسب فوائد كثيرة. منها الزيادة على رأس المال ان عمل للتجارة والزراعة وغرس الأشجار وفيها صدقة لما أكلته الطيور وغيرها. ومنها اشتغال المكتسب بالكسب عن البطالة واللهو. ومنها كسر النفس وصيرورتها قليلة الطغيان. ومنها ان الكسب واسطة الامان من الفقر الذي هو اسوداد الوجه في الدارين ولا يتحرك فى الكسب لاجل عياله الا قال له حافظاه بارك الله لك في حركاتك وجعل نفقاتك ذخرا لك فى الجنة ويؤمن عليهما ملائكة السموات والأرض وأفضل الكسب الجهاد ثم التجارة ثم

[سورة البقرة (2) : الآيات 170 إلى 171]

الحراثة ثم الصناعة وَإِذا قِيلَ لَهُمُ نزلت في مشركى العرب وكفار قريش أمروا باتباع القرآن وسائر ما انزل تعالى من البينات الباهرة فجنحوا للتقليد اى وإذا قيل للمشركين من الناس على وجه النصيحة والإرشاد اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ كتاب الله الذي أنزله فاعملوا بتحليل ما أحل الله وتحريم ما حرم الله في القرآن ولا تتبعوا خطوات الشيطان قالُوا بَلْ عاطفة للجملة التي تليها على الجملة المحذوفة قبلها نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا اى وجدنا عَلَيْهِ آباءَنا من اتخاذ الانداد وتحريم الطيبات ونحو ذلك لانهم كانوا خيرا منا فقلدوا آباءهم فانظروا ايها العقلاء الى هؤلاء الحمقى ماذا يجيبون فقال الله تعالى ردا عليهم بهمزة الإنكار والتعجب مع واو الحال بعدها أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لما اقتضت الهمزة صدر الكلام والواو وسطه قدر بين الهمزة والواو جملة لتقع الهمزة في صدرها والمعنى أيتبعونهم ولو كان آباؤهم اى في حال كون آبائهم لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً من الدين لانهم كانوا يعقلون امر الدنيا وَلا يَهْتَدُونَ للصواب والحق يعنى هذا منكر مستبعد جدا لان اتباع من لا عقل له ولا اهتداء الى طريق الحق لا وجه له أصلا وَمَثَلُ واعظ الَّذِينَ كَفَرُوا وداعيهم الى الحق كَمَثَلِ الراعي الَّذِي يَنْعِقُ نعق الراعي والمؤذن بعين مهملة صوت وبالمعجمة نغق للغراب والمعنى يصوت بِما لا يَسْمَعُ وهو البهائم اى لا يدرك بالاستماع إِلَّا دُعاءً صوتا من الناعق وَنِداءً زجرا مجردا من غير فهم شىء آخر وحفظه كما يفهم العاقل ويجيب قيل الفرق بين الدعاء والنداء ان الدعاء للقريب والندا للبعيد ويحتمل ان يكون الدعاء أعم من النداء والتشبيه المذكور في الآية من قبيل التشبيه المفرق شبه داعى الكافر بالناعق ونفس الكفرة بالبهائم المنعوق بها ودعاء داعى الكفرة بنعيق الناعق بالبهائم والمعنى مثلك يا محمد ومثل الذين كفروا في وعظهم ودعائهم الى الله وعدم اهتدائهم كمثل الراعي الذي يصيح بالغنم ويكلمها ويقول كلى واشربى وأرعى وهي لا تفهم. شيأ مما يقول لها كذلك هؤلاء الكفار كالبهائم لا يعقلون عنك ولا عن الله شيأ صُمٌّ اى هم صم يعنى كأنهم يتصاممون عن سماع الحق بُكْمٌ بمنزلة الخرس في ان لم يستجيبوا لما دعوا اليه عُمْيٌ بمنزلة العمى من حيث اعراضهم عن الدلائل كأنهم لم يشاهدوها ثم انه تعالى لما شبههم بفاقدى هذه القوى الثلاث التي يتوسل بها الى تمييز الحق من الباطل واختيار الحق فرع على هذا التشبيه قوله فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ اى لا يكتسبون الحق بما جبلوا عليه من العقل الغريزي لان اكتسابه انما يكون بالنظر والاستدلال ومن كان كالاصم والأعمى في عدم استماع الدلائل ومشاهدتها كيف يستدل على الحق ويعقله ولهذا قيل من فقد حسا فقد فقد علما وليس المراد نفى اصل العقل لان نفيه رأسا لا يصلح طريقا للذم وهكذا لا ينفع الوعظ في آخر الزمان لان آذان الناس مسدودة عن استماع الحق وأذهانهم مصدودة عن قبوله: ونعم ما قال السعدي فهم سخن چون نكند مستمع ... قوت طبع از متكلم مجوى فسحت ميدان أرادت بيار ... تا بزند مرد سخن كوى كوى وفي قوله تعالى وَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ الآية اشارة الى قطع النظر عن الاسلاف السوء واتباع اهل الأهواء المختلفة والبدع الذين لا يعقلون شيأ من طريق الحق وضلوا في تيه محبة الدنيا ويدعون

انهم اهل العلم وليسوا من اهله اتخذوا العلم مكسبا للمال والجاه وقطعوا الطريق على اهل الطلب قال تعالى في بعض الكتب المنزلة [لا تسألن عن عالم قد اسكره حب الدنيا فاولئك قطاع الطريق على عبادى] فمن كان على جادة الحق وصراط الشريعة وعنده معرفة سلوك مقامات الطريقة يجوز الاقتداء به إذ هو من اهل الاهتداء الى عالم الحقيقة دون مدعى الشيوخة بطريق الإرث من الآباء ولا حظ لهم من طريق الاهتداء فانهم لا يصلحون للاقتداء: قال السعدي چوكنعانرا طبيعت بي هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى به گوهر ... گل از خارست وابراهيم از آزر وفي التأويلات النجمة ان مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كان في عالم الأرواح عند الميثاق إذ خاطبهم الحق بقوله ألست بربكم كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً لانهم كانوا في الصف الأخير إذ الأرواح كانوا جنودا مجندة في اربعة صفوف فكان في الصف الاول أرواح الأنبياء عليهم السلام وفي الثاني أرواح الأولياء وفي الثالث أرواح المؤمنين وفي الرابع أرواح الكافرين فاحضرت الذرات التي استخرجت من ظهر آدم من ذرياته وأقيمت كل ذرة بإزاء روحها فخاطبهم الحق ألست بربكم فالانبياء سمعوا كلام الحق كفاحا بلا واسطة وشاهدوا أنوار جماله بلا حجاب ولهذا استحقوا هاهنا النبوة والرسالة والمكالمة والوحى الله اعلم حيث يجعل رسالته والأولياء سمعوا كلام الحق وشاهدوا أنوار جماله من أنوار حجاب أرواح الأنبياء ولهذا هاهنا احتاجوا لمتابعة الأنبياء فصاروا عند القيام بأداء حق متابعتهم مستحقى الإلهام والكلام من وراء الحجاب والمؤمنون سمعوا خطاب الحق من وراء حجاب الأنبياء وحجاب أرواح الأولياء ولهذا آمنوا بالغيب وقبلوا دعوة الأنبياء وان بلغتهم من وراء حجاب رسالة جبريل وحجاب رسالة الأنبياء فقالوا سمعنا واطعنا ومما يدل على هذه التقريرات قوله تعالى وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ يعنى الأولياء أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا يعنى المؤمنين والكفار لما سمعوا من الخطاب نداء من وراء الحجب الثلاثة كانوا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء فما شاهدوا من أنوار كمال الحق لا قليلا ولا كثيرا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وما فهموا شيأ من كلام الحق الا انهم سمعوا من ذرات المؤمنين من وراء الحجاب لما قالوا بلى فقالوا بالتقليد ولهذا هاهنا قلدوا ما الفوا عليه آباءهم لقوله تعالى إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ فلما تعلقت أرواحهم بالأجساد وتكدرت بكدورات الحواس والقوى النفسانية واظلمت بظلمات الصفات الحيوانية وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون من التمتعات البهيمية والأخلاق الشيطانية واللذات الجسمانية اصمهم الله وأعمى أبصارهم فهم الآن صُمٌّ عن استماع دعوة الأنبياء بسمع القبول بُكْمٌ عن قول الحق والإقرار بالتوحيد عُمْيٌ عن رؤية آيات المعجزات فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ابدا لانهم أبطلوا بالرين صفاء عقولهم الروحانية وحرموا من فيض الأنوار الربانية: قال الصائب چرا ز غير شكايت كنم كه همچوحباب ... هميشه خانه خراب هواى خويشتنم وفي المثنوى: كر چهـ ناصح را بود صد داعيه ... پند را اذنى ببايد واعيه

[سورة البقرة (2) : الآيات 172 إلى 178]

تو بصد تلطيف پنداش ميدهى ... او ز پندت ميكند پهلو تهى يك كس نا مستمع ز استيز ورد ... صد كس كوينده را عاجز كند ز انبيا ناصح تر وخوش لهجه تر ... كى بود كه رفت دمشان در حجر ز آنچهـ كوه وسنك در كار آمدند ... مى نشد بدبخت را بگشاده بند آنچنان دلها كه بدشان ما ومن ... نعتشان شد بل أشد قسوة فعلى العاقل ان يتدارك حاله بسلوك طريق الرضى والندم على ما مضى ويزكى نفسه عن سفساف الأخلاق ويصفى قلبه الى ان تنعكس اليه أنوار الملك الخلاق وذلك لا يحصل غالبا الا بتربية كامل من اهل التحقيق لان المرء محجوب عن ربه وحجابه الغفلة وهي وان كانت لا ترفع ولا تزول الا بفضل الله تعالى لكنه بأسباب كثيرة ولا اهتداء الى علاج المرض الا باشارة حكيم حاذق وذلك هو المرشد الكامل فاذا يزول الرين عن القلب وتنفتح روزنة البال الى الغيب فيكون اقرار السالك تحقيقا لا تقليدا وتوحيده تجريدا وتفريدا فحينئذ يعكس الأمر فيكون أصم عن سماع اخبار ما سوى المحبوب الحقيقي ابكم عن افشاء سر الحقيقة أعمى عن رؤية الأغيار في هذه الدار الفانية اللهم خلصنا من التقليد وأوصلنا الى حقيقة التوحيد انك حميد مجيد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا رزقكم مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من حلالاته لان ما رزقناكم أعم من الحلال والحرام عند اهل السنة او من لذيذاته لانه أعم ايضا من المستلذ والمستكره قال ابن الشيخ وهذا المعنى هو المناسب لهذا المقام واولى من حمله على الحلال الطاهر من الشبهة لان المقام مقام الامتنان بما رزقه من لذائذ الإحسان وطلب شكر المنعم المنان والطيب له ثلاثة معان المستلذ طبعا والمباح شرعا والطاهر وضعا وفي الآية اشارة الى انه لا بأس بالتفكه بانواع الفواكه لانها من الطيبات وتركه أفضل لئلا ينقص من درجته ويدخل تحت قوله تعالى أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا والأمر بأكل الطيبات لفائدتين. إحداهما ان يكون أكلهم بالأمر لا بالطبع فيمتازون عن الحيوانات ويخرجون من حجاب الظلمة الطبع بنور الشرع. والثاني ليثيبهم بائتمار امر الاكل وَاشْكُرُوا لِلَّهِ الذي رزقكموها وأحلها لكم والشكر صرف العبد جميع أعضائه الظاهرة والباطنة الى ما خلقت لاجله وهذا الأمر ليس امر اباحة بل هو للايجاب إذ لا شك في انه يجب على العاقل ان يعتقد بقلبه ان من أوجده وأنعم عليه بما لا يحصى من النعم الجليلة مستحق لغاية التعظيم وان يظهر ذلك بلسانه وبسائر جوارحه إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى ان كنتم مؤمنين بالله ومخصصين الله بالعبادة فاشكروا له فان الايمان يوجب ذلك وهو من شرائطه وهو مشهور في كلامهم يقول الرجل لصاحبه الذي عرف انه يحبه ان كنت لى محبا فافعل كذا فيدخل حرف الشرط في كلامه تحريكا له على ما يؤمر به واعلاما انه من شرائط المحبة وليس المراد ان انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط فان من لا يفعل هذه العبادة يجب الشكر عليه ايضا وعن النبي صلى الله عليه وسلم (يقول الله تعالى انى والانس والجن لفى نبأ عظيم اخلق ويعبد غيرى وارزق ويشكر غيرى) : قال السعدي مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روز پسين سر بر ارى بهيچ

[سورة البقرة (2) : آية 173]

إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى ما مات بغير ذكاة مما يذبح والسمك والجراد مستثنيان بالعرف لانه إذا قيل فلان أكل ميتة لم يسبقا الى الفهم ولا اعتبار للعادة قالوا من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث وان أكل لحما في الحقيقة قال الله تعالى لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا والمراد بتحريم الميتة تحريم أكلها وشرب لبنها او الانتفاع بها لان الاحكام الشرعية انما تتعلق بالافعال دون الأعيان وَالدَّمَ الجاري والكبد والطحال مستثنيان ايضا بالعرف فهما حلالان وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ قد انعقد الإجماع على ان الخنزير حرام لعينه فيكون جميع اجزائه محرما وانما خص الله لحمه بالذكر لانه معظم ما ينتفع به من الحيوان فهو الأصل وما عداه تبع له وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ اى وحرم ما رفع به الصوت عند ذبحه للصنم واصل الإهلال رفع الصوت وكانوا إذا ذبحوا لآلهتهم يرفعون أصواتهم بذكرها ويقولون باسم اللات والعزى فجرى ذلك من أمرهم حتى قيل لكل ذابح وان لم يجهر بالتسمية مهل قال العلماء لو ذبح مسلم ذبيحة وقصد بها التقرب الى غير الله صار مرتدا وذبيحته ميتة وذبائح اهل الكتاب تحل لنا لقوله تعالى وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ الا ان سموا غير الله فانها حينئذ لا تحل لهذه الآية فان قوله تعالى وَطَعامُ الَّذِينَ إلخ عام وقوله وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ خاص مقدم على العام فَمَنِ يحتمل ان تكون شرطية وموصولة اضْطُرَّ اى أحوج وألجئ الى أكل شىء مما حرم الله بان لا يجد غيرها وجد ان الاضطرار ان يخاف على نفسه او على بعض أعضائه التلف غَيْرَ نصب على الحال فانه إذا صلح في موضع لا فهو حال وان صلح في موضع الا فهو استثناء والا فهو صفة وذو الحال هاهنا فاعل فعل محذوف بعد قوله اضطر تقديره فمن اضطره أحد أمرين الى تناول شىء من هذه المحرمات أحدهما الجوع الشديد مع عدم وجدان مأكول حلال يسد رمقه وثانيهما الإكراه على تناوله فتناول وأكل حال كونه غير باغٍ على مصطر آخر بأن حصل ذلك المصطر الآخر من الميتة مثلا قدر ما يسد به جوعته فأخذه منه وتفرد بأكله وهلك الآخر جوعا وهذا حرام لان موت الآخر جوعا ليس اولى من موته جوعا وَلا عادٍ من العدو وهو التعدي والتجاوز في الأمر لما حد له فيه اى غير متجاوز حد الشبع عند الاكل بالضرورة بان يأكل قدر ما يحصل به سد الرمق والجوعة فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فى تناوله عند الضرورة إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما أكل في حال الاضطرار رَحِيمٌ بترخيصه ذلك ولم يذكر في هذه الآية سائر المحرمات لانها ليست لحصر المحرمات بل هذه الآيات سيقت لنهيهم عن استحلال ما حرم الله وهم كانوا يستحلون هذه الأشياء فكانوا يأكلون الميتة ويقولون تأكلون ما امتم ولا تأكلون ما أماته الله وكدا يأكلون الدم ولحم الخنزير وذبائح الأصنام فبين انه حرمها فالمراد قصر الحرمة على ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا وقيل ذكر الميتة يتناول المتردية وهي الساقطة في بئر او ماء او من علو والمنخنقة وهي ما اختنق بالشبكة او بحبل او خنق خانق والموقوذة وهي المضروبة بالخشب والنطيحة وهي المنطوحة وما أكل السبع ومتروك التسمية عمدا ونحوها ويكره عشرة من الحيوان الدم والعدة والقبل والدبر والذكر والخصيتان والمرارة والمثانة ونخاع الصلب. اما الدم فلقول تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ واما ما سواه فلانها من الخبائث قال الشيخ الشهير بأفتاده افندى ذكر

ان النبي عليه السلام لم يأكل الطحال ولا الكلية ولا الثوم وان لم يمنع عن أكلها فالاولى ان لا تؤكل اقتفاء لاثره ثم قيل في وجهه ان المنى إذا نزل لم ينزل الا بعد اتصاله بالكلية. واما الطحال فلأنه من أطعمة اهل النار كذا في واقعات الهدائى قدس سره ومن امتنع من الميتة حال المخمصة او صام ولم يأكل حتى مات اثم بخلاف من امتنع من التداوى حتى مات فانه لا يأثم لانه لا يقين بان هذا الدواء يشفيه ولعله يصح من غير علاج وذكر في الأشباه والنظائر انه يرخص للمريض التداوى بالنجاسات وبالخمر على أحد القولين واختار قاضى خان عدمه واساغة اللقمة بها إذا غص اتفاقا واباحة النظر للطبيب حتى للعورة والسوأتين انتهى ويحل للعطشان شرب الخمر حالة الاضطرار على ما نص عليه في الخانية وما قال الصدر الشهيد من ان الاستشفاء بالحرام حرام فهو غير مجرى على إطلاقه لان الاستشفاء بالمحرم انما لا يجوز إذا لم نعلم ان فيه شفاء واما إذا علم ذلك وليس له دواء آخر غيره يجوز له الاستشفاء به ومعنى قول ابن مسعود رضى الله عنه ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم يحتمل ان عبد الله قال ذلك في داء عرف له دواء غير محرم لانه حينئذ يستغنى بالحلال عن الحرام وفي التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم للتداوى إذا أخبره طبيب مسلم ان شفاءه فيه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه كذا في شرح الأربعين حديثا لعلامة الروم ابن الكمال والاشارة في قوله تعالى إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ انه كما حرم على الظواهر هذه المعهودات حرم على البواطن شهود غير الله فالميتة هي جيفة الدنيا وَالدَّمَ هى الشهوات النفسانية قال عليه السلام (ان الشيطان ليجرى في ابن آدم مجرى الدم) ولولا ان الشهوات في الدم مستكنة لما كان للشيطان اليه سبيل ولهذا قال عليه السلام (سددوا مجارى الشيطان بالجوع) لان الجوع يقطع مادة الشهوات وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ اشارة الى هوى النفس وتشبيه النفس بالخنزير لغاية حرصها وشرهها وخستها وخباثة ظاهرها وباطنها وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ هو كل ما يتقرب به الى الله من الطاعات البدنية والخيرات المالية من غير اخلاص لله وفي الله بل للرياء والسمعة في سبيل الهوى فَمَنِ اضْطُرَّ اما لضرورة الحاجة النفسانية واما الضرورة امر الشرع باقامة احكام الواجبات عليه فليشرع فى شىء مما اضطر اليه غَيْرَ باغٍ اى غير حريص على الدنيا وجمعها من الحرام والحلال وغير مولع على الشهوات بالحرام والحلال وغير مقبل الى استيفاء حظوظ النفس في الحرام والحلال وغير مواظب على الرياء في الطاعات والخيرات من السنن والبدع وَلا عادٍ اى غير متجاوز من الدنيا حد القناعة وهي ما يسد الجوعة ويستر العورة فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ على من قام بهذه الشرائط إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر للعاملين له بآثار الرحمة والقائمين به بانوار الرحمة والماحين فيه باوصاف الرحمة التقطته من التأويلات النجمية والغفور والغفار هو الذي اظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها بأسباب الستر عليها في الدنيا والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة وحظ العبد من هذا الاسم ان يستر من غيره ما يحب ان يستر منه وقد قال عليه السلام (من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة) والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل عن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق الله الا احسن ما فيه كما روى عن عيسى عليه السلام انه مر مع الحواريين بكلب قد غلب نتنه فقالوا ما أنتن هذه الجيفة

[سورة البقرة (2) : الآيات 174 إلى 176]

فقال عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو احسن كذا في شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي قدس سره إِنَّ الَّذِينَ نزلت في أحبار اليهود فانهم كانوا يرجون ان يكون النبي المنعوت في التوراة منهم فلما بعث الله نبينا محمدا عليه السلام من غيرهم غيروا نعته حتى إذا نظر اليه السفلة يجدونه مخالفا لصفة محمد عليه السلام فلا يتبعونه فلا تزول رياستهم يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ حال من العائد المحذوف اى أنزله الله حال كونه من الكتاب وهو التوراة المشتمل على نعت محمد عليه السلام وَيَشْتَرُونَ بِهِ اى بدل المنزل المكتوم ثَمَناً قَلِيلًا اى يأخذون عوضا حقيرا من الدنيا يعنى المآكل التي يصيبونها من سفلتهم أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ اما في الآخرة فظاهر لانهم لا يأكلون يوم القيامة الا عين النار عقوبة لهم على أكلهم الرشوة في الدنيا واما فى الدنيا فبأكل سببها فان أكلهم ما أخذوه من اتباعهم سبب مؤد الى ان يعاقبوا بالنار فاطلاق النار عليه من قبيل اطلاق اسم المسبب على السبب ومعنى في بطونهم ملئ بطونهم يقال أكل فى بطنه وأكل في بعض بطنه يعنى ان المقصود من ذكر بطونهم متعلقا بقوله يأكلون انما هو بيان محل الاكل ومقر المأكول فلما لم يقل يأكلون في بعض بطونهم علم ان محل الاكل هو تمام بطونهم فلزم امتلاءها ففيه مبالغة كأنهم ما كانوا متكئين على البطون عند الاكل فملأوا بطونهم وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لا يكلمهم الله بطريق الرحمة غضبا عليهم فليس المراد به نفى الكلام حقيقة لئلا يتعارض بقوله تعالى فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ونحوه بل هو كناية عن الغضب لان نفى الكلام لازم للغضب عرفا وعادة الملوك عند الغضب انهم يعرضون عن المغضوب عليهم ولا يكلمونهم كما انهم عند الرضى يتوجهون إليهم بالملاطفة وَلا يُزَكِّيهِمْ لا يثنى عليهم ولا يطهرهم من دنس الذنوب يوم يطهر المؤمنين من ذنوبهم بالمغفرة وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وجع دائم مؤلم أُولئِكَ المشترون بكتاب الله ثمنا قليلا ليسوا بمشترين للثمن وان قل بل الَّذِينَ اشْتَرَوُا بالنسبة الى الدنيا الضَّلالَةَ التي ليست مما يكن ان يشترى قطعا بِالْهُدى الذي ليس من قبيل ما يبذل بمقابلة شىء وان جل وَالْعَذابَ اى اشتروا بالنظر الى الآخرة العذاب الذي لا يتوهم كونه من المشترى بِالْمَغْفِرَةِ التي يتنافس فيها المتنافسون فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ اى ما أصبرهم على اعمال اهل النار حين تركوا الهدى وسلكوا مسالك الضلال فالمراد بالنار سببها اطلق عليه اسم النار للملابسة بينهما ومعنى التعجب راجع الى العباد فهو تعجب اى إيقاع للمخاطب في العجب لامتناع التعجب في شأنه تعالى لان التعجب منشأه الجهل بالسبب فانهم قالوا التعجب انفعال النفس مما خفى سببه وخرج عن نظائره فلا يجوز على الله تعالى ذلِكَ العذاب بالنار بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه نَزَّلَ الْكِتابَ اى جنس الكتاب بِالْحَقِّ اى حال كونه ملتبسا بالحق فلا جرم يكون من يرفضه بالتكذيب والكتمان ويركب متن الجهل والغواية مبتلى بمثل هذا من أفانين العذاب وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ اى في جنس الكتاب الإلهي بان آمنوا ببعض كتب الله وكفروا ببعضها او في التوراة بان آمنوا ببعض

آياتها وكفروا ببعض كالآيات المغيرة المشتملة على امر بعثة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ونعوته الكريمة او في القرآن بان قال بعضهم انه شعر وبعض سحر وبعض كهانة لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ اى خلاف بعيد عن الحق والصواب مستوجب لاشد العذاب اعلم ان في هذه الآيات وعيدا عظيما لكل من يكتم الحق لغرض فاسد دنيوى فليحذروا اى العلماء ان يكتموا الحق وهم يعلمون وانما يكتمونه عن الملوك والأمراء والوزراء وارباب الدنيا اما خوفا من اتضاع مرتبتهم ونقصان قدرهم عندهم واما طموحا الى إحسانهم او لانهم شركاؤهم في بعض أحوالهم من حب الدنيا وجمعها والحرص في طلبها او طلب مناصبها وحب رياستها او بالتنعم في المأكول والمشروب والملبوس والمركوب والمسكن والأواني وآلات البيت والامتعة والزينة في كل شىء والخدم والخيول وغير ذلك فعند ذلك يداهنون ويأكلون ثمنا قليلا ولا يأكلون إلا نار الحرص والشهوة والحسد التي تطلع على الافئدة وتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب واعلم ان في كل عمل وفعل وقول يصدر من العبد على خلاف الشرع شررا يجتنى من نار السعير فتحصل في قلب العبد تلك النار في الحال وفي التي تصدر من العبد على وفق الشرع شررا يجتنى من نار المحبة فتظهر في القلب فتحرق كل محبوب غير الله في قلب كما ان نار السعير تحرق في القلب الحسنات والأخلاق الحميدة فيأكلون نارا في الحال وانما قال ما يأكلون في بطونهم الا النار لان فسادهم كان في باطل فكان عذابهم في البطون وانما لا يكلمهم الله يوم القيامة لانهم كتموا كلام الله في الدنيا ولا تكلموه بالصدق فكان جزاء سيئة سيئة مثلها وانما لا يزكيهم لان تزكية النفس للانسان مقدرة من الايمان والأعمال الصالحة بصدق النية من تهذيب الأخلاق بآداب الشرع فاولئك المداهنون من العلماء هم الذين اشتروا حب الدنيا بهدى اظهار الحق وآثروا الخلق على الحق والمداهنة على أفضل الجهاد قال عليه السلام (ان أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وانما كانت أفضل لان الجهاد بالحجة والبرهان جهاد أكبر بخلاف الجهاد بالسيف والسنان فانه جهاد أصغر ومدار كتمان الحق حب الدنيا وحبها رأس كل خطيئة قال الحسن ان الزبانية الى فسقة حملة القرآن اسرع منهم الى عبدة الأوثان فيقولون ربنا ما بالنا يتقدمون إلينا فيقول الله ليس من يعلم كمن لا يعلم فمن اشترى الدنيا بالدين فقد وقع فى خسران مبين وكان دائما في منازعة الشيطان- كما حكى- ان رجلا قال للشيخ ابى مدين ما يريد منا الشيطان شكاية منه فقال الشيخ انه جاء قبلك وشكا منك وقال اعلم انه سيشكونى ولكن الله ملكنى الدنيا فمن نازعنى في ملكى لا اتسلى بدون إيمانه فمن كف يده عن الدنيا وزينتها فقد استراح من تعبها ومحنتها- وحكى- ان ذا القرنين اجتاز على قوم تركوا الدنيا وجعلوا قبور موتاهم على أبوابهم يقتاتون بنبات الأرض ويشتغلون بالطاعة فأرسل ذو القرنين الى ملكهم فقال ما لى حاجة الى صحبة ذى القرنين فجاء ذو القرنين فقال ما سبب قلة الذهب والفضة عندكم قال ليس للدنيا طالب عندنا لانها لا تشبع أحدا فجعلنا القبور عندنا حتى لا ننسى الموت ثم اخرج رأس انسان وقال هذا رأس ملك من الملوك كان يظلم الرعية ويجمع حطام الدنيا فقبضه الله تعالى وبقي عليه السيئات ثم اخرج رأسا آخر وقال ايضا هذا

[سورة البقرة (2) : آية 177]

رأس ملك عادل مشفق فقبضه واسكنه جنته ورفع درجته ثم وضع يده على رأس ذى القرنين وقال من أي الرأسين يكون رأسك فبكى ذو القرنين وقال ان ترغب في صحبتى شاطرتك مملكتى وسلمت إليك وزارتي فقال هيهات وقال ذو القرنين ولم قال لان الناس اعداؤك بسبب المال والمملكة وجميعهم أحبابي بسبب القناعة: قال السعدي قدس سره در گوشه قناعت نان پاره و پينه ... در پيش اهل معنى بهتر ز صد خزينه لَيْسَ الْبِرَّ هو كل فعل مرضى يفضى بصاحبه الى الجنة أَنْ تُوَلُّوا اى ان تصرفوا يا اهل الكتابين وُجُوهَكُمْ فى الصلاة قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اى مقابلهما ظرف مكان لقوله تولوا والبر منصوب على انه خبر مقدم وان تولوا اسمها لكونه فى تأويل المصدر والمصدر المؤول اعرف من المحلى باللام وهو يشبه الضمير من حيث انه لا يوصف ولا يوصف به فالاولى ان يجعل الأعرف اسما وغير الأعرف خبرا وذلك ان اليهود والنصارى أكثروا الخوض في امر القبلة حين حول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى الكعبة وزعم كل واحد من الفريقين ان البر هو التوجه الى قبلته فرد عليهم وقيل ليس البر ما أنتم عليه فانه منسوخ خارج من البر وَلكِنَّ الْبِرَّ المعهود الذي ينبغى ان يهتم بشأنه ويجد في تحصيله مَنْ اى بر من على حذف المضاف لان اسم لكن من اسماء المعاني وخبرها من اسماء الأعيان فامتنع الحمل لدلك آمَنَ بِاللَّهِ وحده ايمانا بريئا من شائبة الإشراك لا كايمان اليهود والنصارى المشركين بقولهم عزيز ابن الله وقولهم المسيح ابن الله وقدم الايمان بالله في الذكر لانه اصل لجميع الكمالات العلمية والعملية وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال على انه كائن لا محالة وعلى ما هو عليه لا كما يزعمون من انهم لا تمسهم النار الا أياما معدودة وان آباءهم الأنبياء ويشفعون لهم فالبر هو التوجه الى المبدأ والمعاد اللذين هما المشرق والمغرب في الحقيقة ولما كان الايمان باليوم الآخر متفرعا على الايمان بالله لانا ما لم نعلم باستحقاقه الالوهية وقدرته على جميع الممكنات لا يمكننا ان نعلم صحة الحشر والنشر وكان الايمان به محركا وداعيا الى الانقياد بالله في جميع ما امر به ونهى عنه خوفا وطمعا ذكر الايمان به عقيب الايمان بالله وَالْمَلائِكَةِ كلهم بانهم عباد الله ليسوا بذكور ولا إناث ولا بشر ولا أولاد الله مكرمون عنده متوسطون بينه وبين أنبيائه بإلقاء الوحى وإنزال الكتب واليهود أخلوا بذلك حيث أظهروا عداوة جبريل وَالْكِتابِ اى بجنس الكتاب الإلهي الذي من افراده الفرقان واليهود أخلوا بذلك لانه مع قيام الدليل على ان القرآن كتاب الله تعالى ردوه ولم يقبلوه وَالنَّبِيِّينَ جميعا بانهم المبعوثون الى خلقه والقائمون بحقه والصادفون عنه في امره ونهيه ووعده ووعيده واخباره من غير تفرقة بين أحد منهم واليهود أخلوا بذلك حيث قتلوا الأنبياء وطعنوا في نبوة محمد عليه السلام واعلم ان الايمان بالملائكة والكتاب مؤخر عن الايمان بالنبيين الا انه قدم الايمان بهما في الذكر رعاية للترتيب بحسب الوجود الخارجي ولم ينظر الى الترتيب في العلم فان الملك يوجر اولا ثم يحصل بواسطته نزول الكتاب الى الرسل فتدعو الرسل الى ما فيها من الاحكام وهذا اى الايمان بالأمور الخمسة المذكورة اصول الدين

وقواعد العقائد وَآتَى الْمالَ اى الصدقة من ماله عَلى حُبِّهِ حال من الضمير في آتى والضمير المجرور للمال اى آتاه كائنا على حب المال كما قال عليه السلام لما سئل أي الصدقة أفضل قال (ان تؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) : قال السعدي قدس سره پريشان كن امروز كنجينه جست ... كه فردا كليدش نه در دست تست كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست ذَوِي الْقُرْبى مفعول أول لآتى بدلالة الحال وقدمهم لانهم أحق بالصدقة لقوله عليه السلام (صدقتك على المسلمين صدقة وعلى ذى رحمك اثنتان) لانها صدقة وصلة وقال ايضا (أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاشح) وَالْيَتامى الفقراء منهم لا الأغنياء وقدم اليتامى على سائر المصارف لان الصغير الفقير الذي لا والد له ولا كاسب أشد احتياجا من المساكين ومن ذكر بعدهم وَالْمَساكِينَ جمع مسكين والمسكين ضربان من يكف عن السؤال وهو المراد هاهنا ومن ينبسط ويسأل وهذا القسم داخل في قوله والسائلين وهو مبالغة الساكن فان المحتاج يزداد سكونه الى الناس على حسب ازدياد حاجته وَابْنَ السَّبِيلِ اى المسافر البعيد عن ماله وسمى به لملازمته له كما تقول للص القاطع ابن الطريق وللمعمر ابن الليالى ولطير الماء ابن الماء والضيف لانه جاء من السبيل فكأنه ولد منه قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) وايضا (أكرموا الضيف ولو كان كافرا) وَالسَّائِلِينَ الذين الجأتهم الحاجة والضرورة الى السؤال وفي الحديث (للسائل حق ولو جاء على ظهر فرسه) : قال السعدي قدس سره نه خواهنده بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده از در مران وَفِي تخليص الرِّقابِ بمعاونة المكاتبين جمع رقبة وهي مؤخر العنق واشتقاقها من المراقبة لانها مكان مراقبة الرقيب المشرف على القوم وإذا قيل أعتق الله رقبته يراد ان الله تعالى خلصه من مراقبة العذاب إياه. وقيل المراد بهم ارقاء يشتريهم الأغنياء لاعتاقهم. وقيل المراد بهم الأسارى فان الأغنياء يؤتون المال في تخليصهم فهذا هو البر ببذل الأموال على وفق مراد الله تعالى الى المصارف المذكورة واليهود أخلوا بذلك لانهم أكلوا اموال الناس بالباطل حيث كتموا دلائل حقية الإسلام على اتباعهم واشتروا به ثمنا قليلا وعوضا يسيرا وهو ما يعود إليهم من هدايا السفلة وَأَقامَ الصَّلاةَ المفروضة عطف على صلة من اى من آمن وآتى واقام واليهود كانوا يمنعون الناس من الصلاة والزكاة وَآتَى الزَّكاةَ المفروضة على ان المراد بما مر من إيتاء المال التنفل بالصدقة قدم على الفريضة مبالغة في الحث عليه او الاول لبيان المصارف والثاني لبيان وجوب الأداء وَالْمُوفُونَ عطف على من آمن فانه في قوة ان يقال ومن أوفوا بِعَهْدِهِمْ من الأوامر والنواهي او النذور إِذا عاهَدُوا فيما بينهم وبين الله وفيما بينهم وبين الناس إذا وعدوا انجزوا وإذا حلفوا او نذروا أوفوا وإذا قالوا صدقوا وإذا ائتمنوا أدوا وفي الحديث (من اعطى عهد الله ثم نقضه فالله لا ينظر اليه) اى انقطع نظره عنه (ومن اعطى ذمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم غدر فالنبى خصمه يوم القيامة) واليهود نقضوا العهد

[سورة البقرة (2) : آية 178]

قال الله تعالى وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ: وفي المثنوى چون درختست آدمي وبيخ عهد ... بيخ را تيمار مى بايد بجهد عهد فاسد بيخ پوسيده بود ... وز ثمار لطف ببريده بود شاخ وبرك نخل اگر چهـ سبز بود ... بإفساد بيخ سبزى نيست سود ور ندارد برك سبز وبيخ هست ... عاقبت بيرون كند صد برك دست تو مشو غره بعلمش عهد جو ... علم چون قشر است وعهدش مغز او وَالصَّابِرِينَ منصوب على المدح اى بتقدير اعنى وهو في الحقيقة والمعنى عطف على من آمن لكن غير سبكه تنبيها على فضيلة الصبر ومزيته اى واعنى الذين صبروا فِي الْبَأْساءِ اى في الفقر والشدة وَالضَّرَّاءِ اى المرض والزمانة وَحِينَ الْبَأْسِ منصوب بالصابرين اى وقت الشدة والبأس شدة القتال خاصة وهو في الأصل مطلق الشدة وزيادة الحين للاشعار بوقوعه أحيانا وسرعة انقضائه واهل الكتاب أخلوا بذلك حيث كانوا في غاية الخوف والجبن والحاصل انه لما حولت القبلة وكثر خوض اهل الكتاب في نسخها صار كأنهم قالوا مدار البر والطاعة هو الاستقبال فانزل الله هذه الآية كأنه تعالى قال ما هذا الخوض الشديد في امر القبلة مع الاعراض عن كل اركان الدين فصفة البر لا تحصل بمجرد استقبال المشرق والمغرب بل البر لا يحصل الا بمجموع الأمور المذكورة أُولئِكَ اى اهل هذه الصفة الَّذِينَ صَدَقُوا فى الدين واتباع الحق وتحرى البر حيث لم تغيرهم الأحوال ولم تزلزلهم الأحوال وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ عن الكفر وسائر الرذائل وتكرير الاشارة لزيادة تنويه شأنهم وتوسيط الضمير للاشارة الى انحصار التقوى فيهم والآية جامعة للكمالات الانسانية بأسرها دالة عليها صريحا او ضمنا فانها بكثرتها وتشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء صحة الاعتقاد وحسن المعاشرة وتهذيب النفس وقد أشير الى الاول بقوله من آمن الى والنبيين والى الثاني بقوله وآتى المال الى وفي الرقاب والى الثالث بقوله واقام الصلاة الى آخرها ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا الى إيمانه واعتقاده وبالتقوى اعتبارا بمعاشرته للخلق ومعاملته مع الحق واليه يشير قوله عليه السلام (من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان) قال شيخنا العلامه. أبقاه الله بالسلامة قيل لى في قلبى احسن اخلاق المرء في معاملته مع الحق التسليم والرضى واحسن أخلاقه فى معاملته مع الخلق العفو والسخاء انتهى كلامه وحب المال من اغلب اخلاق النفس وكذا العجلة من الأخلاق الرديئة ولذلك قيل ان الصبر أفضل من الشكر وفي الخبر (يؤتى بأشكر اهل الأرض ليجزيه الله جزاء الشاكرين ويؤتى بالصابر فيقول الله هذا أنعمت عليه فشكر وابتليتك فصبرت لأضعفن لك الاجر فيعطى أضعاف جزاء الشاكرين) والتحقيق ان تهذيب النفس انما يكون بالتوحيد بطريقه المخصوص كما ان اصل الايمان انما يحصل بالتوحيد والشهادة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الخطاب لائمة المؤمنين أوجب الله تعالى على الامام وعلى من يجرى مجراه ويقوم مقامه اقامة القصاص والتقدير يا ايها الائمة فرض عليكم استيفاء القصاص ان أراد ولى الدم استيفاءه ويحتمل ان يكون الخطاب متوجها على القاتل والمعنى يا ايها

القاتلون عمدا كتب عليكم تسليم أنفسكم عند مطالبة الولي بالقصاص وذلك لان القاتل ليس له ان يمتنع عن القصاص لكونه حق العبد بخلاف الزاني والشارب فان لهما الهرب من الحدود لكون ما عليهما من الحق حق الله تعالى والقصاص ان يفعل بالإنسان مثل ما فعل فهو عبارة عن التسوية والمماثلة في الأنفس والأطراف والجراحات. والقتلى جمع قتيل وفي للسبب اى بسبب قتل القتلى كما في قوله عليه السلام (ان امرأة دخلت النار في هرة ربطتها) اى بسبب ربطها إياها وحسن الوقف في قوله القتلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ مبتدأ وخبر اى الحر مأخوذ ومقتول بمثله وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى سبب النزول انه كان بين حيين من احياء العرب دماء في الجاهلية وكان لاحدهما طول على الآخر اى قوة وفضل فاقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد والذكر بالأنثى والاثنين بالواحد فتحاكموا الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين جاء الله بالإسلام فنزلت وأمرهم الله ان يتباروا اى يتساووا ويتعادلوا. وقوله الحر بالحر لا يفيد الحصر البتة بان لا يجرى القصاص الا بين الحرين وبين العبدين وبين الأنثيين بل يفيد شرع القصاص في القتلى بين المذكورين من غير ان يكون فيه دلالة على سائر الاقسام فان قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى جملة مستقبلة بنفسها. وقوله الحر بالحر تخصيص لبعض جزئيات تلك الجملة بالذكر وتخصيص بعض جزئيات الجملة المستقلة بالذكر لا يمنع ثبوت الحكم لسائر الجزئيات بل ذلك التخصيص يمكن ان يكون لفائدة سوى نفى الحكم عن سائر الصور وهي ابطال ما كان عليه اهل الجاهلية من انهم كانوا يقتلون بالعبد منهم الحر من قبيلة القاتل بالعبد المقتول والأنثى القاتلة بالأنثى المقتولة وليس فيه نفى جريان القصاص بين الحر والعبد والذكر والأنثى بل فيه منع عن التعدي الى غير القاتل انتهى كلامه والثوري وابو حنيفة يقتلان الحر بالعبد والمؤمن بالكافر ويستدلان بعموم قوله تعالى وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فان شريعة من قبلنا إذا قصت علينا في القرآن من غير دلالة على نسخها فالعمل بها واجب على انها شريعة لنا وبما روى (المسلمون تتكافأ دماؤهم) وبأن التفاضل في النفس غير معتبر بدليل قتل الجماعة بالواحد وبان القصاص يعتمد المساواة في العصمة وهي بالدين او بالدار وهما سيان فيهما ومالك والشافعي لا يقتلان الحر بالعبد ولا المؤمن بالكافر كما قال الشافعي رحمه الله خذوا بدمى هذا الغزال فانه رمانى بسهمى مقلتيه على عمد ولا تقتلوه اننى انا عبده وفي مذهبى لا يقتل الحر بالعبد فَمَنْ عبارة عن القاتل شرطية كانت او موصولة عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ الضميران راجعان الى من شَيْءٌ اى شىء من العفو قليل فارتفاع شىء على انه قائم مقام فاعل عفى بناء على انه في حكم المصدر اى في حكم قولك عفى عفو فان عفا وان كان لازما لا يتعدى الى المفعول به الا انه يتعدى الى المفعول المطلق فيصلح ان يقام مصدره مقام الفاعل كما في قوله تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وقولهم سير بزيد بعض السير وشىء من السير وفائدة قوله شىء الاشعار بانه إذا عفى له طرف من العفو وبعض منه بان يعفى عن بعض الدم او عفا عنه بعض الورثة تم العفو وسقط القصاص ولم يجب الا الدية وعفا يتعدى الى الجاني والى

[سورة البقرة (2) : الآيات 179 إلى 184]

الذنب بعن فاذا تعدى الى الذنب بعن كما في قوله تعالى عَفَا اللَّهُ عَنْكَ عدى الى الجاني باللام يقال عفوت لفلان إذ جنى وعليه ما في الآية وعفو الجاني عبارة عن إسقاط موجب الجناية عنه وموجبها هاهنا القصاص فكأنه قيل القاتل الذي عفى له عن جناية من جهة أخيه الذي هو ولى المقتول سواء كان العفو الواقع تاما بان اصطلح القاتل مع جميع اولياء القتيل على مال او بعض العفو بان وقع الصلح بينه وبين بعض الأولياء فانه على التقديرين يجب المال ويسقط القصاص فانه قد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان هذه الآية نزلت في الصلح عن القصاص على مال وسمى الله تعالى ولى الجناية أخا للقاتل استعطافا له عليه وتنبيها على ان اخوة الإسلام قائمة بينهما وان القاتل لم يخرج من الايمان بقتله فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ خبر مبتدأ محذوف اى وإذا حصل شىء من العفو وبطل الدم بعفو البعض فالامر اتباع بالمعروف اى على ولى المقتول ان يطالب القاتل ببدل الصلح بالمعروف بترك التشديد والتضييق في طلبه وإذا أخذ الدية لا يطلب الأكثر مما وجب عليه وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ حث العفو عنه وهو القاتل على تأدية المال بالإحسان اى وعلى القاتل ان يؤدى المال الى العافي بإحسان في الأداء بترك المطل والبخس والأذى ذلِكَ اى الحكم المذكور من العفو والدية تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ اى تيسير وتوسعة لكم وَرَحْمَةٌ منه حيث لم يجزم بالعفو وأخذ الدية بل خيركم بين الثلاث القصاص والدية والعفو وذلك لان في شرع موسى عليه السلام القصاص وهو العدل فقط وفي دين عيسى عليه السلام العفو وهو الفضل فحسب وفي ملتنا للتشفى القصاص وللترفه الدية وللتكرم العفو فَمَنِ اعْتَدى اى تجاوز ما شرع له بَعْدَ ذلِكَ التخفيف بان قتل غير القاتل او قتل القاتل بعد العفو او أخذ الدية فقد كان الولي في الجاهلية يؤمن القاتل بقبول الدية ثم يظفر فيقتله وينبذ ماله الى أوليائه فَلَهُ باعتدائه عَذابٌ أَلِيمٌ نوع من العذاب شديد الألم اما في الدنيا فبالاقتصاص بما قتله بغير حق واما فى الآخرة فبالنار وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ اى في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة لانهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة كما قتل مهلهل بن ربيعة بأخيه كليب حتى كاد يفنى بكر بن وائل وكان يقتل بالمقتول غير قاتله فتثور الفتنة ويقع فيما بينهم التشاجر والهرج والمرج وارتفاع الا من فلما جاء الإسلام بشرع القصاص كانت فيه أي حياة لانه إذا علم القاتل انه يقتل إذا قتل لا يقدم على القتل وإذا قتل فقتل ارتدع غيره فكان القصاص سبب حياة نفسين او اكثر وهو كلام في غاية الفصاحة والبلاغة من حيث جعل الشيء محل ضده فان ضدية شىء لآخر تستلزم ان يكون تحقق أحدهما رافعا للاخر والقصاص لاستلزامه ارتفاع الحياة ضد لها وقد جعل ظرفا لها تشبيها له بالظرف الحقيقي من حيث ان المظروف إذا حواه الظرف لا يصيبه ما يخل به ويفسده ولا هو يتفرق ويتلاشى بنفسه كذلك القصاص يحمى الحياة من الآفات فكان من هذا الوجه بمنزلة الظرف لها ولا شك فيه إذ جعل الضد حاميا لضده اعتبار لطيف في غاية الحسن والغرابة التي هي من نكات البلاغة وطرقها يا أُولِي الْأَلْبابِ اى ذى العقول الخالصة من شوب الأوهام ناداهم للتأمل في

[سورة البقرة (2) : آية 180]

حكمة القصاص من استبقاء الأرواح وحفظ النفوس لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تعملون عمل اهل التقوى في المحافظة على القصاص والحكم به والإذعان او تتقون عن القتل مخافة القود وفيه تحذير عن القتل فان من أعظم حقوق العباد الدماء وهي أول ما يحاسب به العبد بالنسبة الى حقوق العباد كما ان الصلاة أول ما يحاسب به بالنسبة الى حقوق الله تعالى وفي الحديث (يأتى المقتول معلقا رأسه بإحدى يديه ملببا قاتله بيده الاخرى تشخب أوداجه دما حتى يوقفا فيقول المقتول لله سبحانه هذا قتلنى فيقول الله تعالى للقاتل تعست ويذهب به الى النار) واعلم ان الذنوب على ثلاثة أوجه الاول فيما بين العبد وبين الله تعالى كالزنى واللواطة والغيبة والبهتان ما لم يبلغ الى من بهته واغتابه فاذا بلغه وجعله في حل وتاب المذنب فنرجو ان الله يغفر له وكذلك إذا زنى بامرأة ولها زوج فلم يجعله ذلك الرجل في حل لا يغفر له لان خصمه الآدمي فاذا تاب وجعله في حل فانه يغفر له ويكتفى بحل منه ولا يذكر الزنى بان قال كل حق لى عليك فقد جعلتك في حل منه ومن كل خصومة بينى وبينك وهذا صلح بالمعلوم على المجهول وذلك جائز كرامة لهذه الامة لان الأمم السالفة ما لم يذكر الذنب لا يغفر لهم والثاني ذنب فيما بينه وبين اعمال الله وهو ان يترك الصلاة والصوم والزكاة والحج فان التوبة لا تكفيه ما لم يقض الصلاة وغيرها لان شرط التوبة ان يؤدى ما ترك فاذا لم يؤد فكأنه لم يتب والثالث فيما بينه وبين عباد الله وهو ان يغصب أموالهم او يضربهم او يشتمهم او يقتلهم فان التوبة لا تكفيه الا ان يرضى عنه خصمه او يجتهد في الأعمال الصالحة حتى يوفق الله بينهما يوم القيامة فانه إذا تاب العبد وكان عليه حقوق العباد فعليه ان يردها الى أربابها وان عجز عن إيصالها وأراد الله مغفرته يقول لخصمه يوم القيامة ارفع رأسك فيرفع فيرى قصورا عالية فيقول يا رب لمن هذه فيقول الله تعالى أنت قادر عليها فان ثمنها عفوك عن أخيك فيقول قد عفوت فيقول الله تعالى خذ يد أخيك واذهبا الى الجنة والاشارة في الآية ان الله تعالى كتب عليكم القصاص في قتلاكم كما كتب على نفسه الرحمة في قتلاه كما قال (من أحبني قتلته ومن قتلته فانا ديته) : وفي المثنوى كر يكى سر را ببرد از بدن ... صد هزاران سر بر آرد در زمن [1] اقتلوني يا ثقاتى لائما ... ان في قتلى حياتى دائما [2] ان في موتى حياتى يافتى ... كم أفارق موطنى حتى متى شير دنيا جويد آشكاري وبرگ ... شير مولى جويد آزادى ومرگ چونكه اندر مرگ بيند صد وجود ... همچو پروانه بسوزاند وجود [3] فعلى العاقل ان يقتل نفسه بالرياضات الشديدة ويحيى قلبه بالحياة الطيبة الباقية اللهم وفقنا لمداواة هذه القلوب المرضى آمين كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اى حضر أسبابه وظهر امارته وآثاره من العلل والأمراض إذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت والعامل في إذا مدلول كتب لان الكتب بمعنى الإيجاب لا يحدث وقت حضور الموت بل الحادث تعلقه بالمكلف وقت حضور موته فكأنه قيل توجه عليكم إيجاب الله تعالى ومقتضى كتابه إذا حضر فعبر عن توجه الإيجاب وتعلقه بكتب للدلالة على ان هذا المعنى مكتوب في الأزل

[سورة البقرة (2) : الآيات 181 إلى 182]

إِنْ تَرَكَ خَيْراً اى مالا قليلا او كثيرا او مالا كثيرا يقال فلان ذو مال ولا يطلق ذلك لمن له مال قليل وعن عائشة رضي الله عنها ان رجلا أراد ان يوصى قالت كم مالك قال ثلاثة آلاف قالت كم عيالك قال اربعة قالت انما قال الله ان ترك خيرا وان هذا الشيء يسير فاتركه لعيالك واصل الخيران يكون لكل ما يرغب فيه مما هو نافع لانه ضد الشر قال في اخوان الصفا الخير فعل ما ينبغى في الوقت الذي ينبغى من أجل ما ينبغى الْوَصِيَّةُ نائب فاعل كتب اى فرض الإيصاء لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ممن يرث وممن لا يرث بِالْمَعْرُوفِ نصب حالا اى بالعدل لا يزيد على الثلث ولا يوصى لغنى ويدع الفقير وكان السبب في نزول هذه الآية ان اهل الجاهلية كانوا يوصون بما لهم للبعدى رياء وسمعة وطلبا للفخر والشرف ويتركون الأقارب في الفقر والمسكنة فصرف الله تعالى بهذه الآية في بدء الإسلام ما كان يصرف الى الأبعدين الى الوالدين والأقربين فعمل بها ما كان العمل بها صلاحا وحكمة ثم نسختها آية المواريث في سورة النساء فالآن لا يجب على أحد ان يوصى لاحد قريب ولا بعيد وإذا اوصى فله ان يوصى لكل من الأقارب والا باعد الا للوارث حَقًّا اى أحق هذه الوصية حقا عَلَى الْمُتَّقِينَ المجتنبين عن ضياع المال وحرمان القريب يعنى ان كنتم متقين بالله لا تتركوا العمل بهذا قال ابن الشيخ في حواشيه فان قيل قوله على المتقين يقتضى ان يكون هذا التكليف مختصا بالمتقين وقد دل الإجماع على ان الواجبات والتكاليف عامة في حق المتقين وغيرهم أجيب بان المراد بقوله حقا على المتقين انه لازم لكل من آثر التقوى وتحراها وجعلها طريقا له ومذهبا فيدخل فيه الكل فَمَنْ بَدَّلَهُ الضمير راجع الى الوصية لكونها في تأويل الإيصاء اى غير الإيصاء عن وجهه الشرعي والمشهور ان من غير إيصاء المحتضر هو الوصي او الشاهد فالوصى يغير الوصية اما في الكتابة او في قسمة الحقوق والشاهد يغيرها اما بتغيير وجه الشهادة او بكتمها ويمكن ان يكون التبديل من سائر الناس بان منعوا من وصول المال الموصى به الى مستحقه فهؤلاء كلهم داخلون تحت قوله فمن بدله بَعْدَ ما سَمِعَهُ اى بعد ما وصل اليه وتحقق لديه فَإِنَّما إِثْمُهُ اى ما اثم الإيصاء المغير او اثم التبديل الا عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ لانهم خانوا وخالفوا الشرع لا على الموصى وهو الميت فانه بريئ من الإثم إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بالإيصاء وتغييره عَلِيمٌ بثوابه وجزاء من غيره وهو يجازى كل واحد منهما بما يستحقه فَمَنْ شرطية او موصولة خافَ اى توقع وعلم فانه إذا علم خاف فهو من اطلاق اسم اللازم على الملزوم مِنْ مُوصٍ اى من الذي اوصى وهو يجوز ان يتعلق بخاف على انها لابتداء الغاية او بمحذوف على انها حال من جنفا قدمت عليه لانها في الأصل صفة له فلما تقدمت نصبت حالا جَنَفاً اى ميلا عن الحق بالخطأ في الوصية أَوْ إِثْماً اى تعمدا للجنف يعنى إذا جهل الموصى موضع الوصية او زاد على مقدار الوصية او اوصى بما لا يجوز ايصاؤه فَأَصْلَحَ الظاهر ان المراد بالمصلح هو الوصي لانه أشد تعلقا بامر الوصية الا انه لا وجه لتخصيصه بالوصى بل ينبغى ان يدخل تحته كل من يتأتى منه رفع الفساد في وصية الميت من الوالي والولي والوصي ومن يأمر بالمعروف والمفتى والقاضي والوارث بَيْنَهُمْ اى بين الموصى لهم وهم الوالدان والأقربون فغير وصيته

باجرائها على طريق الشرع فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اى لا وزر على المغير في هذا التبديل لانه تبديل باطل الى حق بخلاف الاول إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وعد للمصطح بالاثابة وذكر المغفرة لمطابقة ذكر الإثم وكون الفعل من جنس ما يؤثم لان بعض التبديل وهو التبديل الى الباطل اثم وهذا من المشاكلة الصورية لا المعنوية لان التبديل الى خير ليس من جنس الإثم لكن صورته صورة ما يؤثم واعلم ان الوصية مستحبة لحاجة الناس إليها فان الإنسان مغرور بأمله اى يرجو الحياة مدة طويلة مقصر في عمله فاذا عرض له المرض وخاف الهلاك يحتاج الى تدارك تقصيره بماله على وجه لو مات فيه يتحقق مقصده المآلى ولو انهضه البرء يصرفه الى مطلبه الحالي وفي الحديث (ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر اعماركم زيادة لكم في أعمالكم تضعونها حيث شئتم) ويوصى بفدية صلاته وصيامه لكل مكتوبة نصف صاع من الحنطة وكذا الوتر ولكل يوم من صوم رمضان ايضا نصف صاع من الحنطة وفي صوم النذر كذلك قال فى تفسير الشيخ ومن كان عليه حج او كفارة اى شىء من الواجبات فالوصية واجبة والا فهو بالخيار وعليه الفتوى ويوصى بإرضاء خصمائه وديونه- حكى- ان الامام الشافعي رحمه الله لما مرض مرض موته قال مروا فلانا يغسلنى فلما مات بلغ خبر موته اليه فحضر وقال ائتوني بتذكرته فأتى بها فنظر فيها فاذا على الشافعي سبعون الف درهم دينا فكتبها على نفسه وقضاها وقال هذا غسلى إياه وإياه أراد وفي الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من لم يوص لم يؤذن له في الكلام مع الموتى) قيل يا رسول الله وهل تتكلم الموتى قال (نعم ويتزاورون) قال الامام نقلا عن بعض الائمة الاعلام الأرواح قسمان منعمة ومعذبة. فاما المعذبة فهى محبوسة مشغولة عن التزاور والتلاقي. واما المنعمة المرسلة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من اهل الدنيا فيكون كل روح مع رفيقه الذي هو على مثله عمله وهذه المعية ثابتة في دار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث في كل موطن وموقف فعلى العاقل ان يختار صحبة الأخيار ويتأهب آناء الليل وأطراف النهار ولا يغتر بالمال والمنال ولا ينقطع عن الله بطول الآمال فان الدنيا فانية وكل من عليها فان فاتقوا الله كل حين وآن: قال الصائب در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه والاشارة في الآية انه كُتِبَ عَلَيْكُمُ على الأغنياء الوصية بالمال وكتب على الأولياء الوصية بالحال فالاغنياء يوصون في آخر أعمارهم بالثلث والأولياء يخرجون في مبادى أحوالهم عن الكل إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ اى يحضر قلب أحدهم مع الله ويموت بنفسه بالارادة عن الصفات الطبيعية الحيوانية كما قال صلى الله عليه وسلم (موتوا قبل ان تموتوا) ويترك كل خير وشر كان مشربها من الدنيا والعقبى فعليه ان يوصى لِلْوالِدَيْنِ وهما الروح العلوي والبدن السفلى فان النفس توالدت وحصلت بازدواجهما وَالْأَقْرَبِينَ وهم القلب والسر وباقى المتولدات البشرية بتركه وترك كل مشرب بظهر لهم من المشارب الروحانية الباقية والمشارب الجسمانية الفانية بِالْمَعْرُوفِ اى بالاعتدال من غير إسراف يفضى الى إتلاف محترزا في الأحوال من الركون الى

[سورة البقرة (2) : آية 183]

شهوة من الشهوات وفي الأعمال مجتنبا عن الرسوم والعادات كما قال النبي عليه السلام (بعثت لرفع العادات وترك الشهوات) وقال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) بان يجعل المشارب مشربا واحدا والمحابيب محبوبا واحدا والمذاهب مذهبا واحدا حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ يعنى ما ذكرنا من الوصية بجملتها حق واجب على متقى الشرك الخفي ولهذا قال على المتقين وما قال على المسلمين والمؤمنين لانهم اهل الظواهر والمتقون هم اهل البواطن كما قال عليه السلام (التقوى هاهنا) وأشار الى صدره واعلم ان القرآن انزل لاهل البواطن كما انزل لاهل الظواهر لقوله عليه السلام (ان للقرآن ظهرا وبطنا) فظاهره الاحكام لاهل الظواهر والاحكام تحتمل النسخ كما نسخت هذه الآية في الوصية الظاهرة وباطنه الحكم والحقائق فهى لا تحتمل النسخ ابدا ولهذا قال اهل المعاني ليس شىء من القرآن منسوخا يعنى وان كان دخل النسخ في احكام ظاهره فلا يدخل في احكام باطنه فيكون ابدا معمولا بالمواعظ والاسرار والحقائق حقا على المتقين لانه مخصوص بهداية المتقين كقوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فحكم الوصية في حقهم غير منسوخ ابدا كذا في التأويلات النجمية قدس الله نفسه الزكية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قال اصحاب اللسان يا حرف نداء وهو نداء من الحبيب للحبيب وايها تنبيه من الحبيب للحبيب وآمنوا شهادة من الحبيب للحبيب وقال الحسن إذا سمعت الله يقول يا ايها الذين آمنوا فارفع لها سمعك فانه لامر تؤمر به او لنهى تنهى عنه وقال جعفر الصادق لذة في النداء أزال بها تعب العبادة والعناء يشير الى ان المحب يبادر الى امتثال امر محبوبه حتى لوامره بإلقاء نفسه في النار كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ اى فرض عليكم صيام شهر رمضان فانه تعالى قال بعده أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وقال تعالى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ بعد قوله شَهْرُ رَمَضانَ والصيام في الشريعة هو الإمساك نهارا مع النية من اهله عن المفطرات المعهودة التي هي معظم ما تشتهية الأنفس وهذا صوم عوام المؤمنين واما صوم الخواص فالامساك عن المنهيات واما صوم أخص الخواص فالامساك عما سوى الله تعالى كَما كُتِبَ محل كما النصب على انه صفة مصدر محذوف اى كتب كتابا كائنا مثل ما كتب وما مصدرية او على انه حال من الصيام وما موصولة اى كتب عليكم الصيام مشبها بالذي كتب عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ من الأنبياء عليهم السلام والأمم من لدن آد عليه السلام وفيه تأكيد للحكم وترغيب فيه وتطبيب لانفس المخاطبين فان الصوم عبادة شاقة والشيء الشاق إذا عم سهل تحمله ويرغب كل أحد في إتيانه والظاهر ان التشبيه عائد الى اصل إيجاب الصوم لا الى كمية الصوم المكتوب وبيان وقته فكان الصوم على آدم ايام البيض وصوم عاشورا كان على قوم موسى والتشبيه لا يقتضى التسوية من كل وجهه كما يقال في الدعاء اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وكما قال عليه السلام (انكم سترون ربكم كالقمر ليلة البدر) فان هذا تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئي بالمرئي لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ المعاصي فان الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدأها كما قال عليه السلام (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له وجاء) قوله الشباب جمع شاب وهو عند أصحابنا من بلغ ولم يحاوز ثلاثين كذا قاله النووي والباءة

[سورة البقرة (2) : آية 184]

النكاح والتزوج وهو المباءة في المنزل لان من تزوج امرأة بوأها منزلا والوجاء نوع من الاخصاء وهو ان يرض عروق الأنثيين ويترك الخصيتين كما هما والمعنى على التشبيه اى الصوم يقطع شهوة الجماع ويدفع شر المنى كالخصاء والأمر في الحديث للوجوب لانه محمول على حالة التوقان باشارة قوله يا معشر الشباب فانهم ذووا التوقان على الجبلة السليمة قال العلماء تسكين الشهوة يحصل بالصيام بالنهار والقيام بالليل وحذف الشهوات والتغافل عنها وترك محادثة النفس بذكرها فان قلت ان الرجل يصوم ويقوم ولا يأكل ويجد من نفسه حركة واضطرابا قلت ذلك من فرط فضل شهوة مقيمة فيه من الاول فليقطع ذلك عن نفسه بالهموم والأحزان الدائمة وذكر الموت وتقريب الاجل وقصر الأمل والمداومة على المراقبة والمحافظة على الطاعة أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ اى موقتات ومقدرات بعدد معلوم او قلائل فان القليل من المال يعد عدا والكثير يهال هيلا اى يصب صبا من غير كيل وعد فالله تعالى لم يفرض علينا صيام الدهر ولا صيام أكثره تخفيفا ورحمة وتسهيلا لامر التكليف على جميع الأمم وانتصاب أياما بمضمر دل هواى الصيام عليه اعنى صوموا اما على الظرفية او المفعولية اتساعا فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اى مرضا يضره الصوم او يضر معه أَوْ عَلى سَفَرٍ او راكب سفر وفيه ايماء بان من سافر في أثناء اليوم لم يفطر لعدم استعلائه السفر استعلاء الراكب المركوب بل هو ملابس شيأ من السفر والرخصة انما أثبتت لمن كان على سفر وكلمة على فيها استعارة تبعية شبه تلبسه بالسفر باستعلاء الراكب واستيلائه على المركوب ينصرف فيه كيف يشاء وللدلالة على هذا المعنى عدل عن اسم الفاعل فلم يقل او مسافرا إذ ليس فيه اشارة بالاستيلاء على السفر فَعِدَّةٌ اى فعليه صوم عدة ايام المرض والسفر فعدة من العد بمعنى المعدود ومنه يقال للجماعة المعدودة من الناس عدة مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ غير ايام مرضه وسفره ان أفطر متتابعا او غير متتابع والمقصود من الآية بيان ان فرض الصوم في الأيام المعدودات انما يلزم الأصحاء المعتبرين واما من كان مريضا او مسافرا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام الى ايام اخر وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ذهب اكثر المفسرين الى ان المراد بالذين يطيقونه الأصحاء المقيمون خيرهم في ابتداء الإسلام بين أمرين بين ان يصوموا وبين ان يفطروا ويفدوا لئلا يشق عليهم لانهم كانوا لم يتعودوا الصوم ثم نسخ التخيير ونزلت العزيمة بقوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فالمعنى اى وعلى المطيقين للصيام القادرين عليه ان أفطروا فِدْيَةٌ اى إعطاء فدية وهى طَعامُ مِسْكِينٍ وهي نصف صاع من بر او صاع من غيره والفدية في معنى الجزاء وهو عبارة عن البدل القائم عن الشيء وفي تفسير الشيخ يطيق من أطاق فلان إذا زالت طاقته والهمزة للسلب اى لا يقدرون على الصوم وهم الذين قدروا عليه في حال الشباب ثم عجزوا عنه في حال الكبر فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً اى من تبرع بخير فزاد في الفدية او تطوع تطوعا خيرا فَهُوَ اى التطوع خَيْرٌ لَهُ وذكر في الخير المتطوع ثلاثة أوجه. أحدها ان يزيد على مسكين واحد فيطعم مكان كل يوم مسكينين او اكثر. وثانيها ان يطعم المسكين الواحد اكثر من القدر الواجب. وثالثها ان يصوم مع الفدية فهو خير كله وَأَنْ تَصُومُوا فى تأويل المصدر مرفوع بالابتداء اى صومكم ايها المرضى والمسافرون

والذين يطيقونه خَيْرٌ لَكُمْ من الفدية إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما في الصوم من الفضيلة وبراءة الذمة والجواب محذوف ثقة بظهوره اى اخترتموه وفي الأشباه الصوم في السفر أفضل الا إذا خاف على نفسه او كان له رفقة اشتركوا معه في الزاد واختاروا الفطر انتهى وانما فضل الصوم للمسافر لان الصوم عزيمة له والتأخير رخصة والاخذ بالعزيمة أفضل واما ما روى ان النبي عليه السلام (قال ليس من البر الصيام في السفر) فمحمول على ما إذا كان الصوم يضعفه حتى يخاف عليه الهلاك كذا في شرح المجمع لابن الملك والسفر المبيح للفطر مسيرة ثلاثة ايام ولياليها عند ابى حنيفة رحمه الله واعلم ان الله تعالى أمرنا بصيام شهر كامل ليوافق عدد السنة فى الاجر الموعود بقوله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فالشهر الكامل ثلاثمائة وستة ايام شوال ستون يوما فان نقص يوم من عدد الشهر لم ينقص من الثواب روى ان رسول الله عليه السلام صام ثمانية رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقي ثلاثين يوما وافترض الصيام بعد خمس عشرة سنة من النبوة بعد الهجرة بثلاث سنين وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بعث الله نبيه عليه السلام بشهادة ان لا اله الا الله فلما صدق زاد الصلاة فلما صدق زاد الزكاة فلما صدق زاد الصيام فلما صدق زاد الحج ثم الجهاد ثم أكمل لهم الدين وأول ما فرض الصوم على الأغنياء لاجل الفقراء في زمن الملك طهمورث ثالث ملوك بنى آدم وقع القحط في زمانه فامر الأغنياء بطعام واحد بعد غروب الشمس وبامساكهم بالنهار شفقة على الفقراء وإيثارا عليهم بطعام النهار وتعبدا وتواضعا لله تعالى والصوم سبب للولوج في ملكوت السموات وواسطة الخروج عن رحم مضايق الجسمانيات المعبر عنه بالنشأة الثانية كما أشير اليه بقول عيسى عليه السلام [لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين] بل مجاهدة الصوم رابطة مشاهدة اللقاء واليه يشير الحديث القدسي (الصوم لى وانا اجزى) يعنى انا جزاؤه لا حورى ولا قصورى ولهذا علق سبحانه نيل سعادة الرؤية بالجوع حيث قال في مخاطبة عيسى عليه السلام (تجوع ترانى) : قال السعدي ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى وانما أضيف الصوم الى الله فى (الصوم لى) لانه لا رياء فيه بل سر لا يعلمه الا الله وانما يكون الله سبحانه جزاء صومه إذا امسك قلبه وسره وروحه عما سواه تعالى وهو الصوم الحقيقي عند الخواص: قال في المثنوى هر كرا دارد هوسها جان پاك ... زود بيند حضرت وايوان پاك والاشارة في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ان الصوم كما يكون للظاهر يكون للباطن وباطن الخطاب يشير الى ان صوم القلب والروح والسر الذين آمنوا شهود أنوار الحضور مع الله فصوم القلب صومه عن مشارب المعقولات وصوم الروح عن ملاحظة الروحانيات وصوم السر صونه عن شهود غير الله فمن امسك عن المفطرات فنهاية صومه إذا هجم الليل ومن امسك عن الأغيار فنهاية صومه ان يشهد الحق وفي قوله عليه السلام (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) عند التحقيق انها عائدة الى الحق فينبغى ان يكون صوم العبد ظاهرا وباطنا

[سورة البقرة (2) : الآيات 185 إلى 189]

لرؤية الحق وإفطاره بالرؤية قوله تعالى كتب عليكم الصيام اى على كل عضو في الظاهر وعلى كل صفة في الباطن. فصوم اللسان عن الكذب والفحش والغيبة. وصوم العين عن النظر في الغفلة والريبة. وصوم السمع عن استماع المناهي والملاهي وعلى هذا فقس الباقي. وصوم النفس عن التمني والحرص والشهوات. وصوم القلب عن حب الدنيا وزخارفها. وصوم الروح عن نعيم الآخرة ولذاتها. وصوم السر عن رؤية وجود غير الله وإثباته كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ هى اشارة الى ان اجزاء وجود الإنسان من الجسمانية والروحانية قبل التركيب كانت صائمة عن المشارب كلها فلما تعلق الروح بالقالب صارت اجزاء القالب مستدعية للحظوظ الحيوانية والروحانية بقوة امداد الروح بالقالب صارت اجزاء القالب مستدعية للحظوظ الحيوانية والحيوانية فالآن كتب عليهم الصيام وهم مركبون كما كتب على الذين من قبلكم من المفردات لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ من مشارب المركبات وتصومون فيها مع حصول استعداد الشراب ليفطروا عن مشارب يشرب بها عباد الله إذ أسقاهم ربهم شرابا طهورا فيطهركم طهورية هذا الشراب من دنس استدعاء الحظوظ الحيوانية والروحانية كما قال ولكن يريد ليطهركم فلما أفل كوكب استدعاء الحظوظ طلعت شمس استدعاء اللقاء من مطلع الالتقاء فحينئذ يتحقق انجاز ما وعد سيد الأنبياء بقوله (للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) ثم اخبر عن كمال لطفه مع العباد بتقليل الاعداد في قوله أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ والاشارة فيها هو ان صومكم في ايام قلائل معدودة متناهية وثمرات صومكم في ايام غير معدودة ولا متناهية فلا يهولنكم سماع ذكره كذا في التأويلات النجمية شَهْرُ رَمَضانَ مبتدأ خبره ما بعده فيكون المقصود من ذكر هذه الجملة المنبهة على فضله ومنزلته الاشارة الى وجه تخصيصه من بين الشهور بان فرض صومه ثم أوجب صومه بقوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ المعهود فَلْيَصُمْهُ وسمى الشهر شهرا لشهرته ورمضان مصدر رمض إذا احترق فاضيف اليه الشهر وجعل المجموع علما ومنع من الصرف للتعريف والالف والنون وانما سمى بذلك اما لارتماض الأكباد واحتراقها من الجوع والعطش واما لارتماض الذنوب بالصيام فيه او لوقوعه ايام رمض الحر اى شدة وقوعه على الرمل وغيره قيل انهم نقلوا اسماء الشهور من اللغة القديمة فسموها بالازمنة التي وقعت هي فيها وقت التسمية فوافق هذا الشهر ايام رمض الحر فسمى به كما يسمى بربيع لموافقته الربيع وجمادى لموافقته جمود الماء او رمضان اسم من اسماء الله تعالى والشهر مضاف اليه ولذلك روى (لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان ولكن قولوا جاء شهر رمضان فان رمضان اسم من اسماء الله تعالى) الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ جملة الى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل به جبريل نجوما في ثلاث وعشرين سنة حسبما تقتضيه المشيئة الربانية وعن النبي عليه السلام (نزلت صحف ابراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لاربع وعشرين) والقرآن من القرء وهو الجمع لانه مجمع علم الأولين والآخرين هُدىً لِلنَّاسِ اى انزل حال كونه هداية للناس الى سواء الصراط بما فيه من الاعجاز وغيره وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ اى وحال كونه آيات واضحات مما يهدى الى الحق ويفرق بينه وبين الباطل بما فيه من الحكم والاحكام فالهدى على قسمين

ما يكون بينا جليا وما لا يكون كذلك والاول أفضل القسمين فذكر الجنس اولا ثم اردفه بأشرف نوعيه بل بالغ فيه فكأنه قيل انه هدى بل هو بين من الهدى ولا شك انه في غاية المبالغة لانه في المرتبة الثالثة فالعطف في وبينات من باب عطف التشريف فَمَنْ الفاء للتفريع والترتيب شَهِدَ اى حضر موضع الاقامة من المصر او القرية كائنا ذلك الحاضر مِنْكُمُ الشَّهْرَ منصوب على الظرف اى في الشهر دون المفعول به لان المقيم والمسافر يشهدان الشهر فَلْيَصُمْهُ اى فليصم فيه بحذف الجار وإيصال الفعل الى المجرور اتساعا والمراد بالشاهد العاقل البالغ الصحيح لان كل واحد من الصبى والمجنون يشهد موضع الاقامة في الشهر مع انه لا يجب عليهما الصوم وهذا اى الحتم ينسخ التخيير بين الصوم والإفطار والفداء وَمَنْ كانَ مَرِيضاً وان كان مقيما حاضرا فيه أَوْ عَلى سَفَرٍ وان كان صحيحا وعلى بمعنى في وحروف الصفات يقام بعضها مقام بعض فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ اى فعليه صيام ايام اخر وأعاد تخيير المريض والمسافر وترخيصهما فى الإفطار لان الله تعالى ذكر في الآية الاولى تخيير المقيم المطيق والمسافر والمريض ونسخ فى الثانية تخيير المقيم بقوله فَلْيَصُمْهُ فلو اقتصر على هذا احتمل ان يعود النسخ الى تخيير الجميع فاعاد بعض النسخ بترخيص المسافر والمريض ليعلم انه باق على ما كان يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ حيث أباح الفطر بالسفر والمرض واليسر ما تسهل وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ اى مشقة بالصوم في المرض والسفر لغاية رأفته وسعة رحمته قال محمد بن على الترمذي قدس سره اليسر اسم الجنة لان جميع اليسر فيها والعسر اسم جهنم لان جميع العسر فيها معناه يريد الله بصومكم إدخال الجنة ولا يريد بكم إدخال النار قال شيخنا العلامة الفضلى قدس سره في الآية ان مراده تعالى بان يأمركم بالصوم يسر الدارين لا عسرهما اما اليسر فى الدنيا فالترقى الى الملكية والروحانية والوصول الى اليقظة والمعرفة واما العسر فيها فالبقاء مع البشرية والحيوانية والاتصاف بالأوصاف الطبيعية والنفسانية واما اليسر في الآخرة فهو الجنة والنعمة والقربة والوصلة والرؤية واما العسر فيها فهو الجحيم وعذابها ودركاتها انتهى كلامه وقال نجم الدين في تأويلاته يعنى يريد الله بكم اليسر الذي هو مع العسر فلا تنظر في امتثال الأمر الى العسر ولكن انظر الى اليسر الذي هو مع العسر فان العاقل إذا سقاه الطبيب شرابا مرا أمر من بلاء المرض موجبا للصحة فلا ينظر العاقل الى مرارة الشراب ولكن ينظر الى حلاوة الصحة ولا يبالى بمرارة الشراب فيشربه بقوة الهمة انتهى: قال السعدي قدس سره وبالست دادن برنجور قند ... كه داروى تلخش بود سودمند ز علت مدار اى خردمند بيم ... چوداروى تلخت فرستد حكيم وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ اى وانما أمرناكم بمراعاة العدة بعد إيجاب صوم رمضان كما قال تعالى فَعِدَّةٌ اى فعليكم عدة ما افطرتم لتكملوا عدد ايام الشهر بقضاء ما افطرتم بسبب مرضكم

او سفركم وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ اى انما علمناكم كيفية القضاء وهو المدلول عليه بقوله تعالى مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مطلقا فانه يجوز ان يقضى على سبيل التوالي او التفريق لتعظموا الله حامدين عَلى ما هَداكُمْ ما مصدرية اى على هدايته إياكم الى طريق الخروج عن عهده التكليف وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى انما رخصنا لكم بالإفطار لكى تشكروا الله على هذه النعمة باللسان والقلب والبدن وفي الحديث (من حافظ على ثلاث فهو ولى الله حقا ومن ضيعهن فهو عدو الله حقا الصلاة والصوم والغسل من الجنابة) وفي بعض الخبر (ان الجنان يشتقن الى اربعة نفر صائمى رمضان وتالى القرآن وحافظى اللسان ومطعمى الجيران وان الله يغفر للعبد المسلم عند إفطاره ما مشت اليه رجلاه وما قبضت عليه يداه وما نظرت اليه عيناه وما سمعته أذناه وما نطق به لسانه وما حدث به قلبه) وفي الحديث (إذا كان يوم القيامة وبعث من في القبور اوحى الله الى رضوان انى أخرجت الصائمين من قبورهم جائعين عاطشين فاستقبلهم بشهواتهم من الجنان فيصيح ويقول أيها الغلمان والولدان عليكم باطباق من نور فيجتمع اكثر من عدد الرمل وقطرات الأمطار وكواكب السماء وأوراق الأشجار بالفاكهة الكثيرة والاشربة اللذيذة والاطعمة الشهية فيطعم من لقى منهم ويقول كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) وعن النبي عليه السلام (انه قال رأيت ليلة المعراج عند سدرة المنتهى ملكا لم ار مثله طولا وعرضا طوله مسيرة الف الف سنة وله سبعون ألف رأس في كل رأس سبعون الف وجه في كل وجه سبعون الف لسان وعلى كل رأس الف ذؤابة من نور وعلى كل ذؤبة الف الف لؤلؤة معلقة بقدرة الله تعالى وفي جوف كل لؤلؤة بحر من نور وفي ذلك البحر حيتان طول كل حوت مقدار مائتى عام مكتوب على ظهرهن لا اله الا الله محمد رسول الله وذلك الملك واضع احدى يديه على رأسه والاخرى على ظهره وهو في حظيرة القدس فاذا سبح اهتز العرش بحسن صوته فسألت عنه جبريل فقال هذا ملك خلقه الله تعالى قبل آدم بألفي عام فقلت اين كان هذا الى هذه الغاية فقال ان الله مرجا في الجنة عن يمين العرش فكان هو فيه فامره الله في ذلك المكان ان يسبح لك ولا متك بسبب صوم شهر رمضان فرأيت صندوقين بين يديه على كل صندوق الف قفل من نور وسألت جبريل عن الصندوقين فقال سل منه فسألته فقال ان فيهما براءة الصائمين من أمتك من عذاب النار طوبى لك ولامتك) اعلم انه لا بد من النية في الأعمال خصوصا في الصوم وهي ان يعلم بقلبه انه يصوم ولا يخلو مثلا عن هذا في ليالى شهر رمضان والإمساك قد يكون للعادة او لعدم الاشتهاء او للمرض او للرياضة او يكون للعبادة فلا يتعين له الا بالنية وهي شرط لكل يوم لان صوم كل يوم عبادة على حدة ألا يرى انه لو أفسد صوم يوم لا يمنع صحة الباقي بخلاف التراويح فانه لا يلزم النية في كل شفع لان الكل بمنزلة صلاة واحدة وهو الأصح وتجوز النية الى نصف النهار دفعا للحرج وما يروى من الأحاديث في نفى الصوم الا بالتثبيت فمحمولة على نفى الفضيلة بخلاف القضاء والكفارات والنذر المطلق لان الزمان غير متعين لها فوجب التثبيت نفيا للمزاحمة ويعتبر نصف النهار من طلوع الفجر الثاني فيكون الى الضحوة الكبرى فينوى قبلها ليكون الأكثر منويا فيكون له حكم الكل حتى لو نوى بعد

ذلك لا يجوز لخلو الأكثر عن النية تغليبا للاكثر والاحتياط في النية في التراويح ان ينوى التراويح او ينوى قيام الليل او ينوى سنة الوقت او قيام رمضان والتراويح سنة مؤكدة واظب عليها الخلفاء الراشدون قال عليه السلام (ان الله فرض عليكم الصيام وسننت قيامه) واما قول عمر رضى الله عنه نعمت البدعة هذه يعنى قيام رمضان فمعناه ان النبي صلى الله عليه وسلم وان كان قد صلاها الا انه تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس إليها فمحافظة عمر عليها وجمع الناس إليها وندبهم بدعة لكنها بدعة محمودة ممدوحة كذا في تفسير القرطبي عند قوله تعالى بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فى الجزء الاول وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان ويقول (قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين وفيه ليلة خير من الف شهر من حرم خيرها فقد حرم) قال بعض العلماء هذا الحديث اصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان قال السخاوي في المقاصد الحسنة التهنئة بالشهور والأعياد مما اعتاده الناس وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما رفعه (من لقى أخاه عنده الانصراف من الجمعة فليقل تقبل الله منا ومنك) ويروى في جملة حقوق الجار من المرفوع (ان أصابه خير هنأه او مصيبة عزاه او مرض عاده) ومن آداب الصيام حفظ الجوارح الظاهرة وحراسة الخواطر الباطنة ولن يتم التقرب الى الله تعالى الا بترك ما حرم الله قال ابو سليمان الداراني قدس سره لأن أصوم النهار وأفطر الليل على لقمة حلال أحب الى من قيام الليل والنهار وحرام على شمس التوحيد ان تحل قلب عبد في جوفه لقمة حرام ولا سيما في وقت الصيام فليجتنب الصائم أكل الحرام فانه سم مهلك للدين والسنة تعجيل الفطور وتأخير السحور فان صوم الليل بدعة فاذا اخر الإفطار فكأنه وجد صائما في الليل فصار مرتكبا للبدعة كذا في شرح عيون المذاهب ولنا ثلاثة أعياد عيد الإفطار وهو عيد الطبيعة. والثاني عيد الموت حين القبض بالايمان الكامل وهو عيد كبير. والثالث عيد التجلي في الآخرة وهو اكبر الأعياد وروى الترمذي وصححه عن زيد بن خالد (من فطر صائما كان له مثل اجره من غير ان ينقص من اجر الصائم شىء) وكان حماد بن سلمة الامام الحافظ يفطر في كل ليلة من شهر رمضان خمسين إنسانا وإذا كانت ليلة الفطر كساهم ثوبا ثوبا وكان يعد من الابدال واخرج السيوطي في الجامع الصغير والسخاوي في المقاصد عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما انه قال عليه السلام (خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والابدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا آخر) قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم قال عليه السلام (يعفون عمن ظلمهم ويحسنون الى من اساءهم ويتواسون فيما أتاهم الله) وفي الحديث (من أشبع جائعا او كسا عاريا او آوى مسافرا أعاذه الله من اهوال يوم القيامة) وكان عبد الله بن المبارك ينفق على الفقراء وطلبة العلم في كل سنة مائة الف درهم ويقول للفضيل بن عياض لولاك وأصحابك ما اتجرت وكان يقول للفضيل وأصحابه لا تشتغلوا بطلب الدنيا اشتغلوا بالعلم وانا أكفيكم المئونة وكان يحيى البرمكي يجرى على سفيان الثوري كل شهر الف درهم وكان سفيان يدعو له في سجوده ويقول اللهم ان يحيى كفانى امر الدنيا

[سورة البقرة (2) : آية 186]

فاكفه امر آخرته فلما مات يحيى رآه بعض أصحابه في النوم فقال ما صنع الله بك قال غفر لى بدعاء سفيان: قال الصائب تيره روزان جهانرا بچراغى درياب ... تا پس از مرگ ترا شمع مزارى باشد جعلنا الله وإياكم من العالمين بمقتضى كتابه ومدلول خطابه وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي وجه اتصال هذه الآية بما قبلها ان الله تعالى لما أمرهم بصوم الشهر ومراعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكثير والشكر عقبه بهذه الآية الدالة على انه تعالى خبير بأحوالهم مطلع على ذكرهم وشكرهم سميع بأقوالهم مجيب لدعائهم مجازيهم على أعمالهم تأكيدا له وحثا عليه وسبب النزول ما روى ان أعرابيا قال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فقال تعالى ايماء الى سرعة اجابة الدعاء منهم إذا سألك عبادى عنى فَإِنِّي قَرِيبٌ اى فقل لهم انى قريب بالعلم والإحاطة فهو تمثيل لكمال علمه بافعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم فيكون لفظ قريب استعارة تبعية تمثيلية وانما لم يحمل على القرب الحقيقي وهو القرب المكاني لانه ممتنع في حقه تعالى لانه لو كان في مكان لما كان قريبا من الكل فان من كان قريبا من حملة العرش يكون بعيدا من اهل الأرض ومن كان قريبا من اهل المشرق يكون بعيدا من اهل المغرب وبالعكس قال ابو موسى الأشعري لما توجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى خيبر اشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير لا اله الا الله والله اكبر فقال صلى الله عليه وسلم (اربعوا على أنفسكم انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم) وهذا باعتبار المشارب والمقامات واللائق بحال اهل الغفلات الجهر لقلع الخواطر كما ان المناسب لاهل الحضور الخفاء: قال السعدي دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ تقرير للقرب المجازى المراد في هذا المقام وهو الحالة الشبيهة بالقرب المكاني وقد تقرر ان اثبات ما يلائم المستعار منه للمستعار له يرشح الاستعارة ويقررها وايضا وعد للداعى بالاجابة فان قلت انا نرى الداعي يبالغ في الدعوات والتضرع فلا يجاب قلت ان هذه الآية مطلقة والمطلق محمول على المقيد وهو قوله تعالى بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ فالمعنى أجيب دعوة الداع إذا دعانى ان شئت او إذا وافق القضاء او إذا لم يسأل محالا او كانت الاجابة خيرا له والاجابة إعطاء ما سئل والله تعالى يقابل مسألة السائل بالاسعاف ودعاء الداعي بالاجابة وضرورة المضطرين بالكفاية فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي اى فليجيبوا إذا دعوتهم للايمان والطاعة كما أجيبهم إذا دعونى لمهماتهم واستجابه واستجاب له واجابه واحد قطع مسألته بتبليغة مراده وأصله من الجوب والقطع وَلْيُؤْمِنُوا بِي امر بالثبات على ما هم عليه قال ابن الشيخ الاستجابة عبارة عن الانقياد والاستسلام والايمان عبارة عن صفة القلب وتقديمها على الايمان يدل على ان العبد لا يصل الى نور الايمان وقوته الا بتقديم الطاعات والعبادات، ومعنى الفاء فيه انه تعالى قال انا أجيب دعاءك مع انى غنى عنك مطلقا فكن أنت ايضا مجيبا لدعائى مع انك محتاج الى من كل الوجوه فما أعظم

هذا الكرم لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ راجين إصابة الرشد وهو الاهتداء لمصالح الدين والدنيا ومعنى الآية انهم إذا استجابوا وآمنوا اهتدوا لمصالح دينهم ودنياهم لان الرشيد من كان كذلك اعلم ان عدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند اهل الشريعة والطريقة لانه كالمقاومة مع الله ودعوى؟؟ لمشاقه: وفي المثنوى تا فرود آيد بلا بي دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى فالتسبب واجب للعوام والمبتدئين في السلوك والتوكل أفضل للمتوسطين. واما الكاملون فليس يمكن حصر أحوالهم فالتوكل والتسبب عندهم سيان- روى- ان ابراهيم الخليل عليه السلام لما القى في النار لقيه جبريل في الهواء فقال ألك حاجة فقال أما إليك فلا فقال فاسأل الله الخلاص فقال عليه السلام حسبى من سؤالى علمه بحالي وهذا مقام اهل الحقيقة من المكملين الفانين عن الوجود وما يتعلق به والباقين بالرب في كل حال فأين أنت من هذا فاسأل الله عفوه ومغفرته وقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يكلم الناس بقدر مراتبهم ولذا قال لاعرابى أرسل إبلا له توكلا عليه تعالى (اعقلها وتوكل على الله) امر بعقل الدابة لانه أراد بالتوكل التحرز عن الفوات وحث بعضهم على التوكل كتوكل الطير وذلك إذا لم يسكن الى سابق القضاء ثم اجابة الدعاء وعد صدق من الله لا خلف فيه ومن دعا بحاجة فلم تقض للحال فذلك لوجوه. منها ان الاجابة حاصلة لا محالة فان اجابة الدعوة غير قضاء الحاجة وقضاء الحاجة غير اجابة الدعوة فان اجابة الدعوة هو ان يقول العبد يا رب فيقول الله تعالى له لبيك عبدى وهذا موعود موجود لكل متوجه راشد وقضاء الحاجة إعطاء المراد وإيصال المرتاد وذلك قد يكون للحال وقد يكون بعد مدة وقد يكون في الآخرة وقد يكون الخيرة له في غيره. ومنها ان الاجابة ليست بجهة واحدة بل لها جهات وفي الحديث (دعوة المسلم لا ترد الا لاحدى ثلاث اما ان يدعو بإثم او قطعية رحم واما ان يدخر له في الآخر واما ان يصرف السوء عنه بقدر ما دعا) . ومنها ان الاجابة مقيدة بالمشيئة كما سبق. ومنها انه شرط لهذه الاجابة اجابة العبد إياه فيما دعاه اليه لقوله تعالى فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي. ومنها ان للدعاء شرائط وآدابا وهي اسباب الاجابة فمن استكملها كان من اهل الاجابة ومن اخل بها كان من اهل الاعتداء فلا يستحق الجواب والأسباب منها ما يتعلق باهل العموم ويطول ذكرها ان استوفيت هاهنا. ومنها ما يتعلق بالخصوص وهي التزكية فالاجابة موقوفة على تزكية الداعي فعليه ان يزكى البدن او لا فيصلحه بلقمة الحلال وقد قيل الدعاء مفتاح باب السماء وأسنانه لقمة الحلال وقال عليه السلام (الرجل يطيل السفر يمد يده الى السماء اشعث اغبر يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك) - حكى- انه كان بالكوفة أناس يستجاب دعاؤهم كلما دخل عليهم وال كانوا يدعون عليه فيهلك فدبر الحجاج الحيلة عليهم حين ولى عمل الكوفة من ابن مروان فدعاهم الى مأدبته فلما أكلوا قال امنت من دعائهم ان يستجاب حيث دخل في بطونهم طعام حرام ويزكى الداعي نفسه ويطهرها من الأوصاف البشرية والأخلاق الذميمة لانها قاطعات لطريق الدعاء ويزكى قلبه عن رين التعلقات الانسانية من النفساني والروحاني ويصفيه بالاذكار وينوره بنور الأخلاق فان هذه اسباب

القربة بها يرفع الدعاء الى الله كما قال تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ويزكى الروح عن دنس الالتفات لغير الله ليتعرض لنفخات الطافه ويزكى السر عن وصمة الشرك بان يوجهه الى الحق في الدعاء لطلب الحق لا لطلب غير الحق من الحق ليستجيب دعاءه ولا يخيب رجاءه كما قال (ألا من طلبنى وجدنى ومن طلب غيرى لم يجدنى) وان الله وعد الاجابة على طلبه بالدعاء فقال أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ اى إذا طلبنى: قال السعدي خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا فمن اخل ببعض هذه الشرائط لم يلزمه الاجابة كمن اخل بركن من اركان الصلاة لم يلزمه القبول الا ان الجبار يجبر كل خلل وكسر يكون في اعمال العباد بفضله وكرمه وفي الحقيقة ان افضاله مع العباد مقدم على أعمالهم وانه يعطى قبل السؤال ويحقق مراد العبد بعد سؤاله بجميع النوال والدعاء على قسمين داع بالدعاء وقارئ للدعاء فللداعى يفتح أبواب السموات حتى يبلغ دعاؤه العرش وقارئ الدعاء لا يبلغ الا الاذن قال الفنارى في تفسير الفاتحة ثم لصحة التصور وجودة الاستحضار اثر عظيم في الاجابة اعتبره النبي عليه الصلاة والسلام وحرض عليه عليا رضي الله تعالى عنه لما علمه الدعاء وفيه اللهم اهدني وسددنى فقال له اذكر بهدايتك هداية الطريق وبالسداد سداد السهم فامره باستحضار هذين الامرين وقت الدعاء فهذا هو سر اجابة دعاء الرسل والكمل والأمثل فالامثل واستقامة التوجه حال الطلب والنداء عند الدعاء شرط قوى فى الاجابة فمن تصوره تصورا صحيحا من رؤية وعلم سابقين او حاضرين حال الدعاء ثم دعاه سيما بعد امره له بالدعاء والتزامه الاجابة فانه يجيبه لا محالة اما من زعم انه يقصد مناداة زيد وهو يستحضر غيره ثم لم يجد الاجابة فلا يلومن الا نفسه إذ لم يناد القادر على الاجابة وانما توجه الى ما انشأه من صفات تصوراته بالحالة الغالبة عليه إذ ذاك لكن سؤاله قد يثمر بشفاعة حسن ظنه بربه وشفاعة المعية الإلهية وحيطته فالمتوجه بالخطأ مصيب من وجه كالمجتهد المخطئ مأجور غير محروم بالكلية انتهى كلام الفنارى وفي رسالة القشيري في الخبر المروي (ان العبد يدعو الله سبحانه وهو يحبه فيقول يا جبريل اخر حاجة عبدى فانى أحب ان اسمع صوته وان العبد ليدعوه وهو يبغضه فيقول يا جبريل اقض حاجة عبدى فانى اكره ان اسمع صوته) - حكى- انه وقع ببغداد قحط فامر الخليفة المسلمين بالخروج للاستسقاء فخرجوا واستسقوا فلم يسقوا فامر اليهود فخرجوا وسقوا فتحيرا الخليفة ودعا علماء المسلمين وسألهم فلم يفرجوا عنه فجاء سهل ابن عبد الله وقال يا امير المؤمنين انا معاشر المسلمين أحبنا الله لدين الإسلام وهدانا ويحب دعاءنا وتضرعنا فلهذا لم يعجل اجابتنا وهؤلاء ابغضهم ولعنهم فلهذا عجل اجابتهم وصرفهم عن بابه قال عليه السلام (قوام الدنيا باربعة أشياء بعلم العلماء وعدل الأمراء وسخاوة الأغنياء ودعوة الفقراء) وينبغى ان يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى العظام والادعية المأثورة عن السلف الكرام وينبغى ان يتوسل الى الله تعالى بالأنبياء والأولياء الصالحين وللدعاء أماكن يظن فيها الاجابة مثلا عند رؤية الكعبة والمساجد الثلاثة وبين الجلالتين من سورة الانعام وفي الطواف وعند الملتزم وفي البيت وعند زمزم وعند شرب مائه وعلى الصفا والمروة

[سورة البقرة (2) : آية 187]

وفي السعى وخلف المقام وفي عرفات والمزدلفة ومنى وعند الجمرات الثلاث وعند قبور الأنبياء عليهم السلام وقيل لا يصح قبر نبى بعينه سوى قبر نبينا عليه الصلاة والسلام وقبر ابراهيم عليه السلام داخل السور من غير تعيين وجرب استجابة الدعاء عند قبور الصالحين بشروط معروفة عند أهلها اللهم أفض علينا من بركات الصالحين أُحِلَّ لَكُمْ تقديم الظرف على القائم مقام الفاعل للتشويق فان ما حقه التقديم إذا اخر تبقى النفس مترقبة اليه فيتمكن عندها وقت وروده فضل تمكن اى أبيح لكم لَيْلَةَ الصِّيامِ اى في ليلة يوم الصوم وهي الليلة التي يصبح الرجل في غداتها صائما الرَّفَثُ اصل الرفث قول الفحش والتكلم بالقبح ثم جعل ذلك اسما لما يتكلم به عند النساء من معانى الإفضاء ثم جعل كناية عن الجماع لان الجماع لا يخلو عن شىء من التصريح بما يجب ان يكنى عنه من الألفاظ الفاحشة وعن ابن عباس رضي الله عنهما الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة كالغمز والتقبيل إِلى نِسائِكُمْ عدى الرفث بالى وان كان المشهور تعديته بالباء تقول رفثت بالمرأة لتضمنه معنى الإفضاء قال تعالى وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ أراد به الجماع وكان الرجل في ابتداء الإسلام إذا امسى فى رمضان حل له الاكل والشرب والجماع الى ان يصلى العشاء الاخيرة او يرقد فاذا صلاها او رقد ولم يفطر حرم عليه الطعام والشراب والنساء الى القابلة ثم ان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه واقع اهله بعد صلاة العشاء الاخيرة فلما اغتسل أخذ يبكى ويلوم نفسه فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال يا رسول الله انى اعتذر الى الله وإليك من نفسى هذه الخاطئة انى رجعت الى أهلي بعد العشاء فوجدت رائحة طيبة فسولت لى نفسى فجامعت أهلي فقال عليه السلام (ما كنت جديرا بذلك يا عمر) فقام رجال فاعترفوا بمثله فنزلت الآية وصارت زلته سببا للرحمة في جميع الامة هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ استئناف مبين لسبب الاحلال وهو صعوبة الصبر عنهن مع شدة المخالطة وكثرة الملابسة بهن وجعل كل من الرجل والمرأة لباسا للآخر لتجردهما عند النوم واعتناقهما واشتمال كل منهما على الآخر أو لأن كلا منهما يستر حال صاحبه ويمنعه من الفجور وعما لا يحل كما جاء في الحديث (من تزوج فقد احرز ثلثى دينه) او المعنى هن سكن لكم وأنتم سكن لهن كما قال تعالى وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها ولا يسكن شىء الى شىء كسكون أحد الزوجين الى الآخر عَلِمَ اللَّهُ فى الأزل أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ تخونونها وتظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب بمباشرة النساء في ليالى الصوم والخيانة ضد الامانة وقد ائتمن الله العباد على ما أمرهم به ونهاهم عنه فاذا عصوه في السر فقد خانوه وقد قال الله تعالى لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ: قال الصائب ترا بگوهر دل كرده اند امانت دار ... ز دزد امانت حق را نگاه دار مخسب فَتابَ عَلَيْكُمْ عطف على علم اى قبل توبتكم وتجاوز عنكم لما تبتم مما اقترفتموه وَعَفا عَنْكُمْ اى محا اثره عنكم فَالْآنَ اى لما نسخ التحريم ظرف لقوله بَاشِرُوهُنَّ أصله فعل بمعنى حان ثم جعل اسما للزمان الحاضر وعرف بالألف واللام وبقي على الفتحة والمباشرة الزاق البشرة بالبشرة كنى بها عن الجماع الذي يستلزمها وجميع

ما يتبعه يدخل فيه وفيه دليل على جواز نسخ السنة بالكتاب ان كانت حرمة الاكل والشرب والجماع ثابتة بالسنة واما إذا كان ثبوت حرمتها بشريعة من قبلنا فلا على ما ذهب اليه بعضهم وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ اى واطلبوا ما قدره الله تعالى وأثبته في اللوح المحفوظ من الولد وفيه ان المباشر ينبغى ان يكون غرضه الولد والتناسل فانه الحكمة في خلق الشهوة وشرع النكاح لاقضاء الشهوة وحدها وفي الحديث (تناكحوا تناسلوا تكثروا فانى أباهي بكم الأمم يوم القيامة) وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ليالى الصوم عطف على قوله باشروهن حَتَّى يَتَبَيَّنَ يظهر لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ هو أول ما يبدو من بياض النهار كالخيط الممدود دقيقا ثم ينتشر مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ هو ما يمتد من سواد الليل مع بياض النهار فان الصبح الصادق إذا بدا يبدو كأنه خيط ممدود في عرض الأفق ولا شك انه يبقى معه بقية من ظلمة الليل بحيث يكون طرفها الملاصق لما يبدو من الفجر كأنه خيط اسود في جنب خيط ابيض لان نور الصبح انما ينشق في خلال ظلمة الليل فشبها بخيطين ابيض واسود مِنَ الْفَجْرِ اى انشقاق عمود الصبح بيان للخيط الأبيض واكتفى ببيانه عن بيان الأسود لدلالته عليه والتقدير حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر من الخيط الأسود من الليل. قوله حتى يتبين غاية للامور الثلاثة اى المباشرة والاكل والشرب ففى تجويز المباشرة الى الصبح دلالة على جواز تأخير الغسل اليه وصحة صوم من أصبح جنبا لان المباشرة إذا كانت مباحة الى انفجار الصبح لم يمكنه الاغتسال الا بعد الصبح بالضرورة والا لكانت المباشرة قبل آخر الليل بقدر ما يسع الاغتسال حراما وهو مخالف لكلمة حتى ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ اى اديموا الإمساك عن المباشرة والاكل والشرب في جميع اجزاء النهار إِلى غاية اللَّيْلِ وهو دخول الليل وذاك بغروب الشمس والإتمام أداؤه على التمام وفي الحديث (إذا اقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم) اى دخل وقت الإفطار وانما ذكر الإقبال والأدبار وان لم يكونا الا بغروب الشمس لبيان كمال الغروب كيلا يظن أحد انه إذا غاب بعض الشمس جاز الإفطار او لانه قد يكون في واد بحيث لا يشاهد غروب الشمس فيحتاج الى ان يعمل بهما قالوا فيه دلالة على جواز النية بالنهار في صوم رمضان وعلى نفى صوم الوصال اما الاول فلان الله تعالى لما أباح المباشرة والاكل والشرب الى الفجر تبين ان ابتداء الصوم يكون بعد الفجر فيكون قوله أتموا ثم ابتدئوا بالصوم واتموه الى الليل فيكون هو امرا بالصوم بعد الفجر والصوم ليس مجرد الإمساك بل هو الإمساك مع النية فيكون قوله ثم أتموا الصيام امرا بنية الصوم بعد الفجر واما الثاني فلان الله تعالى جعل الليل غاية الصوم وغاية الشيء مقطعه فيكون بعدها الإفطار وينتفى الوصال قال بعضهم الليل غاية وجوب الصوم فاذا دخل الليل لا يجب الصوم واما ان الصوم لا يجوز بعد دخول الليل فلا دلالة للآية عليه ولان مثل هذه الأوامر اى باشروهن وكلوا واشربوا انما يكون للاباحة والرخصة لا للوجوب فلا تدل الآية على نفى صوم الوصال ولما ظن ان حال الاعتكاف كحال الصوم في ان المباشرة تحرم فيه نهارا لا ليلا بين ان المباشرة تحرم على المعتكف نهارا وليلا معا فقال وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ اى لا تجامعوهن

وَأَنْتُمْ اى والحال أنتم عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ مقيمون فيها بنية الاعتكاف وهو في الشرع لزوم المسجد والمكث لطاعة الله فيه والتقرب اليه وهو من الشرائع القديمة قال تعالى أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ نزلت فيمن كان يعتكف في المسجد فاذا عرصت له حاجة الى امرأته خرج فجامعها ثم اغتسل فرجع الى المسجد فنهوا عن ذلك فالجماع يحرم على المعتكف ويفسد الاعتكاف ولفظ المساجد يدل على جواز الاعتكاف في كل مسجد الا ان المسجد الجامع أفضل حتى لا يحتاج الى الخروج الى الجمعة والاعتكاف من اشرف الأعمال إذا كان عن اخلاص لان فيه تفريغ القلب عما سوى الله تعالى قال عطاء مثل المعتكف كرجل له حاجة الى عظيم فيجلس على بابه ويقول لا أبرح حتى يقضى حاجتى فكذلك المعتكف يجلس في بيت الله ويقول لا أبرح حتى يغفر لى وفي الحديث من مشى في حاجة أخيه فكأنما اعتكف عشرين سنة ومن اعتكف يوما جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق ابعد مما بين الخافقين) وفي الخلوة والانقطاع عن الناس فوائد جمة يسلم منه الناس وسلم هو منهم وفيها خمول النفس والاعراض عن الدنيا وهو أول طريق الصدق والإخلاص وفيها الانس بالله والتوكل والرضى بالكفاف فان المعاشر للناس والمخالط يتكلف في معيشته البتة فاذا لا يفرق غالبا بين الحلال والحرام فيقع في الهلاك ويسلم المتخلي ايضا من مداهنة الناس وغير ذلك من المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبا بالمخالطة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره التصوف عبارة عن الاجتناب عن كل ما فيه شائبة الحرمة وصون لسانه عن الكلام اللغو والخلوة والأربعون ليست الا هذا فانه وحدة في الكثرة والمقصود من الخلوة ايضا ذلك ولكن ما يكون في الكثرة على الوجه الذي ذكرنا اثبت واحكم لان ما يكون بالخلوة يزول إذا اختلط بين الناس وليس كذلك ما ذكر فطريقنا طريق النبي عليه السلام وطريق الاصحاب رضي الله تعالى عنهم والنبي عليه السلام لم يعين الأربعين بل الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان نعم فعل ذلك موسى عليه السلام قال تعالى وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ والخلوتية أخذوا من ذلك كذا في واقعات الهدائى قدس سره تِلْكَ اى الاحكام التي ذكرت من أول آية الصيام الى هنا حُدُودُ اللَّهِ جمع حد وهو الحاجز بين الشيئين وجعل ما شرعه الله تعالى لعباده من الاحكام حدودا لهم لكونها أمورا حاجزة بين الحق والباطل ولكونها مانعة من مخالفاتها والتخطي عنها فَلا تَقْرَبُوها اى ان تنتهوا فلا تقربوها فضلا عن تجاوزها نهى ان يقرب الحد الحاجز بين الحق والباطل لئلا يدانى الباطل فضلا ان يتخطى كما قال عليه السلام (ان لكل ملك حمى وان حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك ان يقع فيه) وهو ابلغ من قوله فلا تعتدوها ولما بين تعالى احكام الصوم على وجه الاستقصاء في هذه الألفاظ القليلة بيانا شافيا قال بعده كَذلِكَ اى بيانا مثل هذا البيان الوافي الواضح فالكاف في محل النصب على انه صفة مصدر محذوف يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ والآيات دلائل الدين ونصوص الاحكام والمقصود من تعظيم البيان هدايته ورحمته على عباده فى هذا البيان لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ مخالفة أوامره ونواهيه والتقوى اتقاء الشرك. ثم بعده اتقاء المعاصي والسيئات. ثم بعده اتقاء الشهوات. ثم يدع بعده الفضلات وفي الحديث

[سورة البقرة (2) : آية 188]

(لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) : قال السعدي قدس سره ترا آنكه چشم ودهان داد وگوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش چو پاك آفريدت بهش باش و پاك ... كه ننگست ناپاك رفتن بخاك مرو زير بار گنه اى پسر ... كه حمال عاجز بود در سفر مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف جعلنا الله وإياكم من اهل اليقظة واليقين وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ اى لا يأكل بعضكم مال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله تعالى ولم يشرعه كالغصب والنهب والسرقة واليمين الكاذبة وكالاكساب الخبيثة كالقمار والرشى وحلوان الكاهن والمغني والنائحة وكالحيلة ووجوه الخيانة قوله بَيْنَكُمْ نصب على الظرفية فيتعلق بقوله تَأْكُلُوا ومعنى كون الاكل بينهم وقوع التداول والتناول لاجل الاكل بينهم وليس المراد بالأكل المنهي عنه نفس الاكل خاصة لان جميع التصرفات المتفرعة على الأسباب الباطلة حرام الا انه شاع في العرف ان يعبر عن انفاق المال بأى وجه كان بالأكل لان الاكل معظم المقصود من المال وقوله بِالْباطِلِ متعلق بالفعل المذكور اى لا تأكلوها بالسبب الباطل نزلت في رجلين تخاصما في ارض بينهما فاراد أحدهما ان يحلف على ارض أخيه بالكذب فقال النبي عليه السلام (انما انا بشر مثلكم يوحى الى وأنتم تختصمون الى ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما اسمع منه فمن قضيت له شيأ من حق أخيه فانما أقضي له قطعة من نار) فبكيا وقال كل واحد منهما انا حل لصاحبى فقال (اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه) قوله ألحن بحجته اى أقوم بها واقدر عليها من صاحبه والتوحى قصد الحق والاستهام الاقتراع وفيه دلالة ظاهرة على ان حكم القاضي لا ينفذ باطنا كما عند الشافعي وحمله ابو حنيفة على الأموال والاملاك دون عقود النكاح وفسخها وموضع بيانه مشبعا كتاب القضاء في الفقه وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ عطف على المنهي عنه فيكون محزوما بلا الناهية المذكورة بواسطة العاطف والأدلاء الإلقاء وضمير بها للاموال بتقدير المضاف والباء فيه مثلها في قوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ والمعنى ولا تلقوا امر الأموال والحكومة فيها الى الحكام لِتَأْكُلُوا بالتحاكم إليهم فَرِيقاً اى طائفة وبعضا مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ الباء سببية متعلقة بقوله لتأكلوا اى بما يوجب انما كشهادة الزور واليمين الكاذبة والصلح مع العلم بان المقضى له ظالم والمقضى به حق المقضى عليه وقيل ولا تلقوا بعضها الى أمراء الظلم وقضاة السوء على وجه الرشوة وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ انكم على الباطل وارتكاب المعصية مع العلم بقبحها أقبح وصاحبها أحق بالتوبيخ ويقال الدنيا ثلاثة أشياء حلال وحرام وشبهة فالحرام يوجب العقاب والشبهة توجب العتاب والحلال يوجب الحساب: قال الحكيم السنائي اين جهان بر مثال مردارست ... گر كسان اندرون هزار هزار اين مر انرا همى زند مخلب ... وان مرين را همى زند منقار آخر الأمر بگذرند همه ... وز همه باز ماند اين مردار فعلى العاقل ان يجتنب عن حقوق العباد والمظالم- حكى- انه لما مات انوشروان كان يطاف

[سورة البقرة (2) : آية 189]

بتابوته في جميع مملكته وينادى مناد من له علينا حق فليأت فلم يوجد أحد في ولايته له عليه حق من درهم- روى- ان أبا حنيفة كان له على بعض المجوس مال فذهب الى داره ليطالبه به فلما وصل الى باب داره وقع نعله على نجاسة فنفض نعله فانقلعت النجاسة عن نعله ووقعت على حائط دار المجوسي فتحير ابو حنيفة رحمه الله وقال ان تركتها كان ذلك شيأ يقبح جدار ذلك المجوسي وان حككتها احفر التراب من الحائط فدق الباب فخرجت الجارية فقال لها قولى لمولاك ان أبا حنيفة بالباب فخرج اليه وظن انه يطالبه بالمال وأخذ يعتذر فقال ابو حنيفة رحمه الله هاهنا ما هو اولى بالاعتذار وذكر قصة الحدار وانه كيف السبيل الى التطهير فقال المجوسي فانا ابدأ بتطهير نفسى فأسلم في الحال والنكتة ان أبا حنيفة لما احترز عن ظلم ذلك المجوسي في ذلك القدر القليل فلأجل بركة ذلك اسلم المجوسي ونجا من شقاوة الابد فمن احترز عن الظلم نال سعادة الدارين والا فقد وقع في الخذلان- حكى- ان نصرانيا كان يحمل امرأته على حمار فأتى بعض قرى المسلمين فقطع واحد من الرنود ذنب حماره فوثب الحمار وسقطت المرأة وانكسرت يداها والقت حملها ايضا فذهب النصراني الى قاضى تلك القرية شاكيا فقال القاضي لذلك الرند خذ هذا الحمار وامسكه حتى ينبت ذنبه والمرأة حتى تحمل حملا وتصح عندك يداها فقال النصراني أهكذا حكم شريعتكم ثم رفع رأسه الى السماء وقال إلهي أنت حليم ولا صبر لى على هذا فاحكم يا ناظر الملهوفين ويا ناصر المظلومين فمسخ الله ذلك القاضي فصار حجرا من ساعته ففى هذه الحكاية شيئان. الاول ان هذا القاضي بظلمه وقع فيما وقع من البلاء العظيم. والثاني انه يجب الاحتراز عن الظلم وان كان المظلوم كافرا فان دعاء الكافر يسمع والاشارة في الآية ان الأموال خلقت لمصالح قوام النفس وان النفس خلقت للقيام بمراسم العبودية لقوله وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ليعلموا ان الأموال والأنفس لله فلا يتصرفون فيهما الا بامر الله وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ بهوى النفس والحرص والشهوة والإسراف على الغفلة وكلوا بالحق والقناعة والتقوية على الطاعة والقيام بالعبودية وَلا تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ وهي النفس الامارة بالسوء لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ من الأموال التي خلقت للاستعانة بها على العبودية بِالْإِثْمِ اى بالقطيعة والغفلة مستعينين بها على المعصية كالحيوانات والبهائم فيكون حاصلكم ومرجعكم ومثواكم النار ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حاصل الأمر ولا تعملون به كذا في التأويلات النجمية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ روى ان معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الانصاريين قالا يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الحيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوى ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا اولا ولا يكون على حالة واحدة فأنزل الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ وهي جمع هلال والهلال أول ما يظهر لك من نور القمر الى ثلاث ليال وسمى هلالا لان الناس يرفعون أصواتهم بالذكر عند رؤيته من قولهم استهل الصبى إذا صرخ حين يولد واهل القوم بالحج إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية قُلْ يا محمد هِيَ الاهلة مَواقِيتُ جمع ميقات من الوقت والفرق بينه وبين المدة والزمان ان المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها الى منتهاها والزمان مدة مقسومة الى

الماضي والحال والمستقبل والوقت الزمان المفروض لامر لِلنَّاسِ اى لما يتعلق بهم من امور معاملاتهم ومصالحهم وَالْحَجِّ وأموره المتعلقة باوقات مخصوصة فان قلت لما كانت الاهلة مواقيت يوقت بها الناس عامة مصالحهم علم منه كونها ميقاتا للحج لانه من جملة المصالح المتوقفة على الوقت فلم خصه بالذكر قلت الخاص قد يذكر بعد العام للتنبيه على مزيته فالحج من حيث انه يراعى في ادائه وقضائه الوقت المعلوم بخلاف سائر العبادات التي لا يعتبر في قضائها وقت معين وحاصل الخطاب ان الهلال يبدو دائما ويظهر لكم على حسب مصلحتكم لقربه وبعده من الشمس كما بين في فن الهيئة قال في التيسير ثم الشمس على حالة واحدة لانها ضياء للعام وقوام لمصالح الناس والقمر يتغير لان الله علق به ما قلنا من المواقيت وذلك يعرف بهذه الاختلافات ودبر عز وجل هذا التدبير لحاجة الناس الى ذلك انتهى وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها كان الأنصار إذا احرم الرجل منهم بالحج او العمرة لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه فان كان من اهل المدر نقب نقبا في ظهر بيته يدخل منه ويخرج او يتخذ سلما فيصعد منه وان كان من اهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ولا يدخل ولا يخرج من الباب حتى يحل من إحرامه ويرون ذلك برا الا ان يكون من الحمس وهم قريش وسببه انهم ظنوا انه لا بد فى الإحرام من تغيير جميع العادات فغيروا عادتهم في الدخول كما غيروا في اللباس والتطيب وقالوا لا ندخل بيوتا من الأبواب حتى ندخل بيت الله تعالى وكان منهم من لا يستظل بسقف بعد إحرامه ولا يأقط الأقط ولا يجز الوبر وهذه أشياء وضعوها من عند نفوسهم من غير شرع فعرفهم الله تعالى ان هذا التشديد ليس ببر ولا قربة وَلكِنَّ الْبِرَّ بر مَنِ اتَّقى المحارم والشهوات دون دخول البيت من ظهر وفي الكشاف فان قلت ما وجه اتصاله بما قبله قلت كأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الاهلة وعن الحكمة في نقصانها وتمامها معلوم ان كل ما يفعله الله تعالى لا يكون الا حكمة بالغة ومصلحة لعباده فدعوا السؤال عنه وانظروا في واحدة تفعلونها أنتم مما ليس من البر في شىء وأنتم تحسبونها برا وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها حال الإحرام إذ ليس فى العدول بر وَاتَّقُوا اللَّهَ فى تغيير أحكامه والاعتراض على أفعاله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى لكى تظفروا بالبر والهدى وللآية تأويل آخر قاله الحسن قال كان في الجاهلية من هم بسفر او امر يصنعه فمنع عن ذلك لم يدخل داره من الباب حتى يحصل له ذلك وكان قريش وقبائل العرب من خرج لسفر او حاجة ثم رجع ولم يظفر بذلك كان ذلك طيرة فنهاهم الله عن ذلك واخبر ان الطيرة ليس ببر والبر بر من لم يخف غيره وتوكل عليه- حكى الجاحظ- قال تحاورت انا وابراهيم بن سيار المعروف بالنظام حديث الطيرة فقال أخبرك انى جعت حتى أكلت الطين وما صبرت على ذلك حتى قلبت قلبى أتذكر هل ثمة رجل أصيب عنده غداء او عشاء فقصدت الأهواز وهي من بلدان فارس وما اعرف بها واحدا وما كان ذلك إلا شيئا امر به الضجر فوافيت الفرضة فلم أجد بها سفينة فتطيرت من ذلك ثم انى رأيت سفينة في صدرها خرق وهشم فتطيرت ايضا فقلت للملاح ما اسمك قال «ديو زاده» بالفارسي وهو اسم الشيطان فتطيرت وركبت معه فلما قربنا من الفرضة صحت يا حمال ومعى لحاف سمل وبعض ما لا بدلى منه فكان أول حمال أجابني

[سورة البقرة (2) : الآيات 190 إلى 195]

اعور فازددت طيرة وقلت في نفسى الرجوع اسلم ثم ذكرت حاجتى الى أكل الطين وقلت من لى بالموت فلما صرت الى الخان وانا حائر ما اصنع سمعت قرع باب البيت الذي انا فيه فقلت من هذا قال رجل يريدك فقلت من انا قال ابراهيم بن سيار النظام فقلت في نفسى هذا عدو أو رسول سلطان ثم انى تحاملت وفتحت الباب فقال أرسلني اليه ابراهيم بن عبد العزيز ويقول لك وان كنا اختلفنا في المقالة فانا نرجع بعد ذلك الى حقوق الأخلاق والحرية وقد رأيتك حيث مررت على حال كرهتها وينبغى ان يكون برحت بك حاجة فان شئت فاقم مكانك مدة شهر أو شهرين فعسى نبعث لك ببعض ما يكفيك زمينا من دهرك وان اشتهيت الرجوع فهذه ثلاثون دينارا فخذها وانصرف وأنت أحق من عذر قال فورد على امور إذ هلتنى اما واحدها فانى لم أكن ملكت قط ثلاثة دنانير والثاني انه لم يطل مقامى وغيبتى عن أهلي والثالث ما تبين لى من الطيرة انها باطلة كذا في شرح رسالة الوزير ابن زيدون فظهر انه قد يكون ما تكرهه النفس خيرا كما حكى انه وقع قحط في زمن شيخ فعين لكل من طلبته على طريق التفاؤل مكسبا فجاء في فال واحد منهم قطع الطريق فانتقل ذلك الرجل فلقى بعض الحرامية واجتمع بهم فنهبوا جماعة من التجار فبعد أخذ أموالهم ربطوا أيديهم وأمروا هذا الرجل ان يذبحهم بعيدا عنهم فتفكر الرجل فخطر بباله ان يطلقهم ويعطيهم السلاح ويطهروا الطريق من القطاع ففعلوا وهم غافلون ثم سألوا عن هذا الرجل فحكى حاله فجاؤا الى شيخه وسلموا الأموال وصاروا من جملة أحبائه فعليك بالتسليم والقبول لكى تنال المأمول: قال الصائب چون سرو در مقام رضا استاده ام ... آسوده خاطرم ز بهار وخزال خويش ثم في قوله وَلَيْسَ الْبِرُّ الآية اشارة الى ان لكل شىء سببا ومدخلا لا يمكن الوصول اليه ولا الدخول الا باتباع ذلك السبب والمدخل كقوله تعالى وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً فسبب الوصول الى حضرة الربوبية والمدخل فيها هو التقوى وهي اسم جامع لكل بر من اعمال الظاهر واحوال الباطن والقيام باتباع الموافقات واجتناب المخالفات وتصفية الضمائر ومراقبة السرائر فبقدر السلوك في مراتب التقوى يكون الوصول الى حضرة المولى كقوله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وقال عليه السلام (عليكم بتقوى الله فانه جماع كل خير) فقوله وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها اى غير مدخلها بمحافضة ظواهر الأعمال من غير رعاية حقوق بواطنها بتقوى الأحوال وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى اى حق التقوى كقوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قيل في معناه ان يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها اى ادخلوا الأمور من مداخلها ثم ذكر مدخل الوصول وقال وَاتَّقُوا اللَّهَ اى اتقوا بالله عما سواه يقال فلان اتقى بترسه يعنى اجعلوا الله محرزكم ومتقاكم ومفركم ومفزعكم ومرجعكم منه اليه كما كان حال النبي عليه السلام يقول (أعوذ بك منك) لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لكى تنجوا وتتخلصوا من مهالك النفوس باعانة الملك القدوس كذا في التأويلات النجمية وَقاتِلُوا جاهدوا فِي نصرة سَبِيلِ اللَّهِ وإعزازه والمراد بسبيل الله دينه لانه طريق الى الله ومرضاته الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ يعنى قريشا وكان ذلك قبل ان

[سورة البقرة (2) : الآيات 191 إلى 193]

أمروا بقتال المشركين كافة المقاتلين منهم والمحاجزين لان هذه الآية أول اية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه اى يقاتل من واجهه للقتال وناجزه ويكف عن قتال من لم يناجز وان كان بينه وبينهم محاجزة وممانعة ويؤيده ما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان هذه الآية نزلت في صلح الحديبية وذلك ان النبي عليه السلام خرج مع أصحابه للعمرة في ذى القعدة سنة ست من الهجرة وكانوا الفا واربعمائة فنزل في الحديبية وهو موضع في قرب مكة كثير المياه والأشجار وصدهم المشركون عن البيت الحرام فاقام شهرا وصالحه المشركون على ان يرجع ذلك العام ويأتى مكة فى العام المقبل ويعتمر فرصى بما قالوا وان يصدوهم عن البيت وكره الاصحاب قتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم فانزل الله تعالى وَقاتِلُوا الآية وَلا تَعْتَدُوا بابتداء القتال في الحرم محرمين إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ اى لا يريد بهم الخير وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اين وجدتموهم في الحرم والحل وفي الأشهر الحرم وهم الذين هتكوا حرمة الشهر والحرم بالبداية فجازوهم بمثله واصل الثقف الحذق في ادراك الشيء علما كان او عملا فهو يتضمن معنى الغلبة وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ اى من مكة لانهم اخرجوا المسلمين منها اولا واخرج عليه الصلاة والسلام منها ثانيا من لم يؤمن به منهم يوم الفتح وَالْفِتْنَةُ فى الأصل عرض الذهب على النار لاستخلاصه من الغش ثم صار اسما لكل ما كان سببا للامتحان تشبيها بهذا الأصل اى المحنة التي يفتتن بها الإنسان ويمتحن كالاخراج من الوطن أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ أصعب منه لدوام تعبها وتألم النفس بها فتكون هذه الجملة متعلقة بقوله وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ تذييلا له وحثا على الإخراج والمعنى ان إخراجكم إياهم ليس أهون عليهم من القتل بل هو أشد من قتلكم إياهم فيصلح جزاء لاصرارهم على الكفر ومناجزتهم لحربكم وقتالكم قيل لبعض الحكماء ما أشد من الموت قال الذي يتمنى فيه الموت جعل الإخراج من الوطن من الفتن والمحن التي يتمنى عندها الموت ويحتمل ان تكون متعلقة بقوله وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فيكون المقصود حث المؤمنين على قتلهم إياهم في الحرم اى لا تبالوا بقتلهم أينما وجدتموهم فان فتنتهم اى تركهم في الحرم وصدهم إياكم عن الحرم أشد من قتلكم إياهم فيه وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى لا تفاتحوهم بالقتل هناك وهتك حرمة المسجد الحرام حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ حتى يبدأوكم بالقتال في الحرم وهذا بيان لشرط كيفية قتالهم في هذه البقعة خاصة فيكون تخصيصا لقوله وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ ثمة فَاقْتُلُوهُمْ فيه ولا تبالوا بقتالهم ثمة لانهم الذين هتكوا حرمته فاستحقوا أشد العذاب كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء على ان الكاف في محل الرفع بالابتداء جَزاءُ الْكافِرِينَ يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم فَإِنِ انْتَهَوْا عن القتال وكذا عن الكفر فان الانتهاء عن مجرد القتال لا يوجب استحقاق المغفرة فضلا عن استحقاق الرحمة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر لهم ما قد سلف وَقاتِلُوهُمْ اى المشركين حَتَّى لا تَكُونَ الى ان لا توجد ولا تبقى فِتْنَةٌ اى شرك يعنى قاتلوهم حتى يسلموا فلا يقبل

[سورة البقرة (2) : آية 194]

من الوثني الا الإسلام فان أبى قتل وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ خالصا له ليس للشيطان نصيب فيه فَإِنِ انْتَهَوْا بعد مقاتلتكم عن الشرك فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ اى فلا تعتدوا على المنتهين إذ لا يحسن ان يظلم الا من ظلم فحذف نفس الجزاء وأقيمت علته مقامه والعلة لما كانت مستلزمة للحكم كنى بها عنه كأنه قيل فان انتهوا فلا تعدوا علهم لان العدوان مختص بالظالمين والمنتهون عن الشرك ليسوا بظالمين فلا عدوان عليهم وسمى ما يفعل بالكفار عدوانا وظلما وهو فى نفسه حق وعدل لكونه جزاء الظلم للمشاركة كقوله تعالى جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ الشَّهْرُ الْحَرامُ يقابل بِالشَّهْرِ الْحَرامِ فى هتك الحرمة حيث صدهم المشركون عام الحديبية في ذى القعدة وكان بين القوم ترامى بسهام وحجارة واتفق خروجهم لعمرة القضاء فيه سنة سبع من الهجرة وكرهوا ان يقاتلوهم لحرمته فنزلت هذه الآية وقيل لهم هذا الشهر الحرام بذلك الشهر وهتكه بهتكه فلا تبالوا به وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ يعنى من هتك حرمة أي حرمة كانت من حرمة الشهر وحرمة الإحرام وحرمة الحرم اقتص منه فان مراعاة هذه الحرمات انما تجب في حق من يراعيها واما من هتكها فانه يقتص منه ويعامل معه بمثل فعله والأوضح ان المراد بالحرمات كل حرمة وهي ما يجب المحافظة عليه نفسا كان او عرضا يجرى فيها القصاص فلما هتكوا حرمة شهركم بالصد وهو عين التعرض للقتال فافعلوا بهم مثله وادخلوا عليهم عنوة اى قهرا وغلبة فان منعوكم في هذه السنة عن قضاء العمرة بالمقاتلة ونحوها فاقتلوهم كما قال تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ اى تجاوز بقتالكم في الشهر الحرام فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ اى بعقوبة مماثلة لجناية اعتدائه وهذا اعتداء على سبيل القصاص وهو اعتداء مأذون فيه لا على سبيل الابتداء فانه ظلم حرام وهو المراد بقوله تعالى فلا تعتدوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إذا انتصرتم ممن ظلمكم فلا تظلموهم بأخذ اكثر من حقكم ولا تعتدوا الى ما لم يرخص لكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ والمعية وهي القرب المعنوي تدل على انه تعالى يحرسهم ويصلح شؤونهم بالنصر والتمكين- روى- انه عليه السلام وأصحابه دخلوا ذلك العام مكة وطافوا بالبيت ونحروا الهدى وكان المشركون شرطوا له بعد قضاء العمرة الاقامة بمكة ثلاثا وكان النبي عليه السلام تزوج ميمونة بنت الحارث فاحب المقام بمكة ليولم عليها فطالبوه بالخروج منها والوفاء بما عاهد ففعل وأولم على ميمونة وبنى بها بسرف واعلم ان الله تعالى أمرنا بالغزو فى سبيله ليظهر من يدعى بذل الوجود في سبيل الله وأمرنا بالزكاة ببذل المال ليتبين من يدعى محبة الله فالغزو معيار المحبة الإلهية لان كل انسان جبل على حب الحياة والمال فامتحن بالغزو والزكاة في سبيل الله قطعا لدعوى المدعين لان الكل يدعى محبة الله وهذا هو السر في الجهاد ولهذا قال سيدنا على رضي الله تعالى عنه خير الخصال في الفتى الشجاعة والسخاوة وهما توأمان فكل شجيع سخى وعن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما الإسلام قال (طيب الكلام واطعام الطعام وافشاء السلام) قيل فأى المسلمون أفضل قال (من سلم الناس من لسانه ويده) قيل فأى الصلاة أفضل قال (طول القيام) قيل فأى الصدقة أفضل قال (جهد من مقل) قيل فأى الايمان أفضل قال (الصبر والسماحة)

[سورة البقرة (2) : آية 195]

قيل فأى الجهاد أفضل قال (من عقر جواده وأهريق دمه) قيل فأى الرقاب أفضل قال (أغلاها ثمنا) والجهاد جهادان ظاهر وباطن فالظاهر مع الكفار والباطن مع النفس والشيطان وهذا أصعب لان الكافر ربما يرجع اما بالمحاربة او بالصلح او ببذل النفس والمال بوجه من الوجوه والشيطان لا يرجع عنك دون ان يسلب الدين: وفي المثنوى اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصمى روبتر در اندرون كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خرگوش نيست سهل شيرى دان كه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند قال في التأويلات القاشانية وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ من الشيطان وقوى النفس الامارة وَلا تَعْتَدُوا فى قتالها بأن تميتوها عن قيامها بحقوقها والوقوف على حدودها حتى تقع في التفريط والقصور والفتور إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ لكونهم خارجين عن ظل المحبة والوحدة التي هي العدالة وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اى أزيلوا حياتهم وامنعوهم عن أفعالهم بهواها الذي هو روحها حيث كانوا وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ مكة الصدر عند استيلائهم عليها كما أَخْرَجُوكُمْ منها باستنزالكم الى بقعة النفس وإخراجكم من مقر القلب وَالْفِتْنَةُ التي هى عبادة هواها وأصنام لذاتها وشهواتها أَشَدُّ من قمع هواها واماتتها بالكلية او محنتكم وبلاؤكم بها عند استيلائها أشد عليكم مِنَ الْقَتْلِ الذي هو اماتتها ومحوها بالكلية لزيادة الضرر والألم هناك وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي هو مقام القلب اى عند الحضور القلبي إذا وافقوكم فى توجهكم فانهم اعوانكم على السلوك حينئذ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فيه وينازعوكم في مطالبه ويجروكم عن حياة القلب ودين الحق الى مقام النفس ودينهم الذي هو عبادة العجل وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ من تنازعهم وتجاذب دواعيهم وتعبدهم الهوى وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ بتوجه جميعها الى جناب القدس ومشايعها للسر في التوجه الى الحق الذي ليس للشيطان والهوى فيه نصيب فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ عليهم إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ على العادين المجاوزين عن حدودهم انتهى ما في التأويلات وقال الشيخ نجم الدين قدس سره في قوله تعالى الشَّهْرُ الْحَرامُ الآية الاشارة ان ما يفوتكم من الأوقات والأوراد بتواني النفس وغلبات صفاتها فتداركوه الشهر بالشهر واليوم باليوم والساعة بالساعة والوقت بالوقت والأوراد بالاوراد واقضوا الفائت والحقوق فكل صفة من صفات النفس إذا استولت عليكم فعالجوها بضدها البخل بالسخاوة والغضب بالحلم والحرص بالترك والشهوة بالرياضة وعلى هذا القياس واتقوا الله في افراط الاعتداء احتراز عن هلاك النفس بكثرة المجاهدات واعلموا ان الله مع المتقين بالنصرة على جهاد النفس وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الانفاق صرف المال الى وجوه المصالح والمراد بالسبيل الدين المؤدى الى ثواب الله ورحمته فكل ما امر الله به من الانفاق فى إعزاز الدين وإقامته فهو داخل في هذا لآية سواء كان في اقامة الحج او العمرة او جهاد الكفار او صلة الأرحام او تقوية الضعفاء من الفقراء والمساكين او رعاية حقوق الأهل والأولاد او غير ذلك مما يتقرب به الى الله تعالى امر تعالى بالجهاد بالمال بعد الأمر به بالنفس اى واصرفوا أموالكم فى سبيل الله ولا تمسكوا كل الإمساك وَلا تُلْقُوا الإلقاء طرح الشيء حيث تراه ثم صار

اسما لكل طرح عرفا وتعديته بالى لتضمنه معنى الانتهاء بِأَيْدِيكُمْ الباء زائدة في المفعول به لان القى يتعدى بنفسه قال تعالى فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ ولا يقال القى بيده الا في الشر والمراد بالأيدي الأنفس فان اليد لازم للنفس وتخصيص اليد من بين سائر الجوارح اللازمة لها لان اكثر الأعمال يظهر بالمباشرة باليد والمعنى لا تطرحوا أنفسكم إِلَى التَّهْلُكَةِ اى الهلاك بالإسراف وتضييع وجه المعاش لتكون الآية نظير قوله تعالى وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً او بالكف عن الغزو والانفاق في مهماته فان ذلك مما يقوى العدو ويسلطه عليكم ويؤيده ما روى عن ابى أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه انه قال ان الله تعالى لما أعز دينه ونصر رسوله قلنا فيما بيننا انا قد تركنا أهلنا وأموالنا حتى فشا الإسلام ونصر الله نبيه فلو رجعنا الى أهلنا وأموالنا فاقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منا فانزل الله تعالى وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ اى الى ما يكون سببا لهلاككم من الاقامة في الأهل والمال وترك الجهاد فما زال ابو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى كان آخر غزوة غزاها بقسطنطينية فى زمن معاوية فتوفى هناك ودفن في اصل سور قسطنطينية وهم يستشفون به وفي الحديث (من مات ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) وَأَحْسِنُوا اى تفضلوا على الفقراء إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ اى يريد بهم الخير- روى- ان الحجاج لما ولى العراق كان يطعم في كل يوم على الف مائدة يجمع على كل مائدة عشر انفس وكان يرسل الرسل الى الناس لحضور الطعام فكثر عليه ذلك فقال ايها الناس رسولى إليكم الشمس إذا طلعت فاحضروا للغداء وإذا اغربت فاحضروا للعشاء فكانوا يفعلون ذلك واستقل الناس يوما فقال ما بال الناس قد قلوا فقال رجل ايها الأمير انك أغنيت الناس في بيوتهم عن الحضور الى مائدتك فاعجبه ذلك وقال اجلس بارك الله عليك هذا كرم الحجاج وإحسانه الى الحلق مع كونه اظلم اهل زمانه: قال السعدي قدس سره كرم كن كه فردا كه ديوان نهند ... منازل بمقدار احسان نهند وحكى الهدائى قال اقبل ركب من بنى اسد ومن قيس يريدون النعمان فلقوا حاتما وهو المشهور بالجود فقالوا تركنا قوما يثنون عليك خيرا وقد أرسلوا إليك رسالة فقال ما هى فانشد الاسديون شعرا للنابغة فيه فلما أنشده قالوا انا نستحيى ان نسألك شيأ وان لنا لحاجة قال ما هى قالوا صاحب لنا قد أرجل يعنى فقدت راحلته فقال حاتم فرسى هذه فاحملوه عليها فاخذوها وربطت الجارية فلوها بثوبها فافلت يتبع امه وتبعته الجارية لترده فصاح حاتم ما يتبعكم فهو لكم فذهبوا بالفرس والفلو والجارية كذا في شرح رسالة ابن زيدون الوزير قيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل في هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كذا في أنيس الوحدة وجليس الخلوة وفي الأحاديث القدسية (يا عيسى أتريد ان تطير على السماء مع الملائكة المقربين كن في الشفقة كالشمس وفي الستر كالليل وفي التواضع كالارض وفي الحلم كالميت وفي السخاوة كالنهر الجاري) قال بعض اهل الحقيقة وهو حسن جدا وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أرواحكم وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

[سورة البقرة (2) : الآيات 196 إلى 198]

بمنعكم أنفسكم عن الشهادة فِي سَبِيلِ اللَّهِ التي هي الحياة الابدية فتهلكوا يعنى بفوت هذه الحياة وأحسنوا تسليم أنفسكم الى الله فقد اشتراها منكم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ: وفي المثنوى مرگ بي مرگى بود ما را حلال ... برگ بي برگى بود ما را نوال ظاهرش مرگ وبباطن زندگى ... ظاهرش ابتر نهان پايندگى چون مرا سوى أجل عشق وهواست ... نهى لا تلقوا بايديكم مراست زانكه نهى از دانه شيرين بود ... تلخ را خود نهى حاجت كى شود دانه كش تلخ باشد مغز و پوست ... تلخى ومكروهيش خود نهى اوست دانه مردن مرا شيرين شده است ... بل هم احياء پى من آمده است قال في التأويلات النجمية وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ باموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ بالامتناع عن تسليم المبيع فتهلكوا بمنع الثمن وهو الجنة وبافراط الاعتداء وتفريطه في جهاد النفس بالإفراط بان يبرز واحد على رهط وبالتفريط بان يفر واحد من اثنين في جهاد الكفار وَأَحْسِنُوا مع نفوسكم بوقايتها من نار الشهوات ومع قلوبكم برعايتها وحفظها من رين الغفلات ومع أرواحكم بحمايتها عن حجب التعلقات ومع اسراركم بكلاءتها عن ملاحظة المكونات ومع الخلق بدفع الأذيات واتصال الخيرات ومع الله بالعبودية في المأمورات والمنهيات والصبر على المضرات والبليات والشكر على النعم والمسرات والتوكل عليه في جميع الحالات وتفويض الأمور اليه في الجزئيات والكليات والتسليم للاحكام الازليات والرضى بالاقضية الاوليات والفناء عن الإرادات المحدثات في إرادته القديمة بالذات إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الذين هم في العبادة بوصف المشاهدة انتهى ما في التأويلات بانتخاب وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ الحج فرض على من استطاع اليه سبيلا بالاتفاق والعمرة سنة عند ابى حنيفة رحمه الله لا تلزم الا بالشروع كنفل الصلاة والمعنى ان من شرع في أي واحد منهما فليتمه قالوا ومن الجائز ان لا يكون الدخول في شىء واجبا ابتداء الا انه بعد الشروع فيه يكون إتمامه واجبا لِلَّهِ متعلق بأتموا واللام لام المفعول من اجله وفائدة التخصيص به هنا ان العرب كانت تقصد الحج للاجتماع والتظاهر وحضور الأسواق وكل ذلك ليس لله فيه طاعة ولا قربة فامر الله بالقصد اليه لاداء فرضه وقضاء حقه والمعنى اكملوا أركانهما وشرائطهما وسائر افعالهما المعروفة شرعا لوجه الله تعالى من غير إخلال منكم بشئ منها واخلصوهما للعبادة ولا تشوبوهما بشئ من التجارة والأغراض الدنيوية واجعلوا النفقة من الحلال واركان الحج خمسة الإحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعى بين الصفا والمروة وحلق الرأس او التقصير فركن الحج ما لا يحصل التحلل الا بالإتيان به وواجباته هو الذي إذا ترك بجبر بالدم وسننه ما لا يجب بتركه شىء وكذا افعال العمرة تشتمل على هذه الأمور الثلاثة فاركانها اربعة الإحرام والطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة والحلق وللحج تحللان واسباب التحلل ثلاثة رمى جمرة العقبة يوم النحر وطواف الزيارة والحلق وإذا وجد شيآن من هذه الأشياء الثلاثة حصل التحلل وبالثالث حصل التحلل الثاني وبعد التحلل الاول يستبيح جميع المحظورات اى محظورات الإحرام الا النساء وبالثاني

يستبيح الكل واتفقت الامة على انه يجوز أداء الحج والعمرة على ثلاثة أوجه الافراد والتمتع والقران فصورة الافراد ان يحرم بالحج مفردا ثم بعد الفراغ منه يعتمر من الحل اى الذي بين المواقيت وبين الحرم وصورة التمتع ان يبتدئ بإحرام العمرة في أشهر الحج ويأتى بمناسكها ثم يحرم بالحج من مكة فيحج في هذا العام وصورة القران ان يحرم بالحج والعمرة معا بان ينويهما بقلبه ويأتى بمناسك الحج وحينئذ يكون قد اتى بالعمرة ايضا لان مناسك العمرة هي مناسك الحج من غير عكس او يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل ان يفتتح الطواف فيصير قارنا ولو احرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة لم ينعقد إحرامه بالعمرة والأفضل عندنا من هذه الوجوه هو القران وفي الحديث (تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور جزاء الا الجنة) فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ اى منعتم وصددتم عن الحج والوصول الى البيت بمرض او عدو او عجز او ذهاب نفقة او راحلة او سائر العوائق بعد الإحرام بأحد النسكين وهذا التعميم عند ابى حنيفة رحمه الله لان الخطاب وان كان للنبى وأصحابه وكانوا ممنوعين بالعدو لكن الاعتبار لعموم اللفظ لا لخصوص السبب فَمَا اسْتَيْسَرَ اى فعليكم ما تيسر مِنَ الْهَدْيِ من اما تبعيضية او بيانية اى حال كونه بعض الهدى او الكائن من الهدى جمع هدية كتمر وتمرة وهو ما يهدى الى البيت تقربا الى الله من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة ويسمى هديا لانه جار مجرى الهدية التي يبعثها العبد الى ربه بان بعثها الى بيته والمعنى ان المحرم إذا أحصر وأراد ان يتحلل تحلل بذبح هدى تيسر عليه من بدنة او بقرة او شاة حيث أحصر في أي موضع كان عند الشافعي واما عندنا فيبعث به الى الحرم ويجعل للمبعوث على يده يوم ذبحه امارة اى علامة فاذا جاء اليوم وظن انه ذبح تحلل لقوله تعالى وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ اى لا تحللوا بحلق رؤسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ حتى تعلموا ان الهدى المبعوث الى الحرم بلغ مكانه الذي وجب ان ينحر فيه. والمحل بالكسر من الحلول وهو النزول يطلق على الزمان والمكان فمحل الدين وقت وجوب قضائه ومحل الهدى المكان الذي يحل فيه ذبحه وهو الحرم عندنا لقوله تعالى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ والمراد الحرم كله لان كله يتبع البيت وهذا الحكم عام لجميع الحاج من المفرد والقارن والمتمتع والمعتمر يعنى لا يجوز له ان يحلق رأسه الا ان يذبح هديه وان لم يحصر يعنى في منى والحلق أفضل من التقصير ولو حلق ربع الرأس يكتفى به لكن حلق كله اولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فى الحج واما في غيره فكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يحلق رأسه الا قليلا بل هو معدود ويتركه في اكثر الأزمان وكان على رضي الله عنه يحلق رأسه منذ ما سمع قوله عليه السلام (تحت كل شعرة جنابة) فَمَنْ يجوز ان تكون شرطية وموصولة كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً مرضا محوجا الى الحق حال الإحرام ومريضا خبر كان ومنكم حال منه لانه في الأصل صفة له فلما تقدم عليه انتصب حالا أَوْ بِهِ أَذىً اى الم كائن مِنْ رَأْسِهِ كجراحة او قمل او صداع او شقيقة والمعنى يثبت على إحرامه من غير حلق حتى يذبح هديه الا ان يضطر الى الحلق فان حلق ضرورة فَفِدْيَةٌ اى فعليه فدية مِنْ صِيامٍ اى صيام ثلاثة ايام أَوْ صَدَقَةٍ على ستة مساكين لكل

مسكين نصف صاع من بر أَوْ نُسُكٍ بضمتين جمع نسيكة وهي الذبيحة أعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة واو للتخيير فَإِذا أَمِنْتُمْ من خوفكم وبرئتم من مرضكم وكنتم في حال أمن وسعة لا في حال إحصار فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ اى فمن انتفع بالتقرب الى الله تعالى بالعمرة قبل الانتفاع بتقربه بالحج في اشهره او من استمتع بعد التحلل من عمرته باستباحة محظورات الإحرام الى ان يحرم بالحج فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ اى فعليه دم تيسر عليه بسبب التمتع وهو هدى المتعة وهو نسك عند ابى حنيفة رحمه الله لا يذبحه الا يوم النحر ويأكل منه كالاضحية فَمَنْ لَمْ يَجِدْ اى الهدى فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ صيام مصدر أضيف الى ظرفه معنى وهو فى اللفظ مفعول به على الاتساع اى فعليه صيام ثلاثة ايام فِي الْحَجِّ اى في وقته واشهره بين الإحرامين إحرام العمرة وإحرام الحج ان شاء متفرقة وان شاء متتابعة والأحب ان يصوم سابع ذى الحجة وثامنه وتاسعه فلا يصح يوم النحر وايام التشريق وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ اى نفرتم وفرغتم من اعمال الحج اطلق عليه الرجوع على طريق اطلاق اسم المسبب وارادة السبب الخاص وهو النفر والفراغ فانه سبب للرجوع تِلْكَ اى صيام ثلاثة وسبعة عَشَرَةٌ فذلكة الحساب وفائدتها ان لا يتوهم ان الواو بمعنى او كما في قوله تعالى مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ وان يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا وعلمان خير من علم فان اكثر العرب لا يحسنون الحساب فكان الرجل إذا خاطب صاحبه باعداد متفرقة جمعها له ليسرع فهمه إليها وان المراد بالسبعة هو العدد دون الكثرة فانه يطلق لهما كامِلَةٌ صفة مؤكدة لعشرة فان الوصف قد يكون للتأكيد إذا أفاد الموصوف معنى ذلك الوصف نحو إلهين اثنين والتأكيد انما يصار اليه إذا كان الحكم المؤكد مما يهتم بشأنه والمحافظة عليه والمؤكد هاهنا هو رعاية هذا العدد في هذا الصوم آكده لبيان ان رعايته من المهمات التي لا يجوز إهمالها البتة ذلِكَ اشارة الى نفس التمتع عندنا والى حكم التمتع عند الشافعي وهو لزوم الهدى لمن يجده من المتمتع ولزوم بدله لمن لا يجده لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى لازم للذى لا يسكن مكة واهل الرجل أخص الناس اليه وانما ذكر الأهل لان الغالب ان الإنسان يسكن حيث يسكن اهله فعبر بسكون الأهل عن سكون نفسه وحاضروا المسجد الحرام عندنا هم اهل مكة ومن كان منزله داخل المواقيت فلا متعة ولا قران لهم فمن تمتع او قرن منهم فعليه دم جناية لا يأكل منه وحاضروا المسجد الحرام ينبغى لهم ان يعتمروا في غير أشهر الحج ويفرد وأشهر الحج للحج والقارن والمتمتع الآفاقيان دمهما دم نسك يأكلان منه وعند الشافعي حاضروا المسجد الحرام اهل الحرم ومن هو على مسافة لا تقصر فيها الصلاة وَاتَّقُوا اللَّهَ فى المحافظة على أوامره ونواهيه وخصوصا في الحج وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن لم يتقه كى يصدكم العلم به عن العصيان: قال السعدي قدس سره مرو زير بار گنه اى پسر كه حمال عاجز بود در سفر تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى ندارد فغان زير چوب اعلم ان إتمام الحج كما يكون عن طريق الظاهر كذلك يكون عن طريق الباطن وعن بعض الصالحين انه حج فلما قضى نسكه قال لصاحبه هلم نتم حجنا ألم نسمع قول ذى الرمة

[سورة البقرة (2) : آية 197]

تمام الحج ان تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام وخرقاء اسم حبيبة الشاعر واضعة اللثام اى مكشوفة الوجه مسفرة جعل الوقوف عليها كبعض مناسك الحج الذي لا يتم الا به وحقيقة ما قال هو انه كما قطع البوادي حتى وصل الى بيته وحرمه ينبغى ان يقطع أهواء النفس ويخرق حجب القلب حتى يصل الى مقام المشاهدة ويبصر آثار كرمه بعد الرجوع عن حرمه قال في التأويلات النجمية حج العوام قصد البيت وزيارته وحج الخواص قصد رب البيت وشهوده كما قال الخليل عليه السلام انى ذاهب الى ربى سيهدين وكما ان من قصد الله وطلبه وتوجه اليه بالكلية وفدى بنفسه وماله وولده في الله واتخذ ما سواه عدوا كما قال فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ كان الخليل عليه الصلاة والسلام وهذا كله من مناسك الحج الحقيقي فلذلك جعله الله أول من بنى بيت الله وطاف وحج واذن في الناس بالحج وسن المناسك وكان الحج صورة ومعنى مقامه عليه السلام وكما كان له مقام كان لنبينا عليه السلام حال والحال أتم من المقام لان المقامات من المنازل والأحوال من المواهب فيمكن سلوك المقامات بغير المواهب ولا يمكن المواهب بغير سلوك المقامات فلما كان الخليل من اهل المقامات قال إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ولما كان النبي عليه الصلاة والسلام من اهل المواهب قيل سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ فلما كان ذهابه بنفسه في الحج الحقيقي بقي في السماء السابعة وأحصر فقيل له فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فاهدى باسمعيل ولما اسرى بالنبي عليه السلام وكان ذهابه بالله ما احصره شىء فقيل له وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فأتم حجه بان دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ثم اتى عمرته بان تجلى له أقمار المقصود عن كشوف التعزز بالشهود وانجلت عنانة المحبة عن شموس الوصلة وجرى بين المحبين ما جرى فأوحى الى عبده ما اوحى ثم نودى من سرادقات الجلال في إتمام الحج والا كمال يوم الحج الأكبر عند وقوفه بعرفات فى حجة الوداع وهو آخر الحجات اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا انتهى ما في التأويلات ثم اعلم ان كل قلب لا يصلح لمعرفة الرب ولا كل نفس تصلح لخدمة الرب ولا كل نفيس مال يصلح لخزانة الرب فتعجل ايها العبد في تدارك حالك وكن سخيا بمالك فان لم يكن فبنفسك وان كان لك قدرة على بذلهما فبهما ألا يرى ان ابراهيم عليه السلام كيف اعطى ما له للضيفان وبدنه للنيران وولده للقربان وقلبه للرحمان حتى تعجب الملائكة من سخاوته فاكرمه الله بالخلة قال الله تعالى وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا قال مالك ابن دينار خرجت الى مكة فرأيت في الطريق شابا إذا جن عليه الليل رفع وجهه نحو السماء وقال يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصي هب لى ما يسرك واغفر لى ما لا يضرك فلما احرم الناس ولبوا قلت له لم لا تلبى فقال يا شيخ وما تغنى التلبية عن الذنوب المتقدمة والجرائم المكتوبة والمعاصي السالفة أخشى ان أقول لبيك فيقال لى لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر إليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم اغفر لى اللهم ان الناس قد ذبحوا وتقربوا إليك وليس لى شىء أتقرب به إليك سوى نفسى فتقبلها منى ثم شهق شهقة وخرمتا اللهم عاملنا بكمال كرمك وأوصلنا الى حضرتك العليا وحرمك الْحَجُّ بحذف المضاف اى وقته لان الحج فعل

والفعل لا يكون أشهرا أَشْهُرٌ هى شوال وذو القعدة وعشر ذى الحجة عندنا وانما سمى شهران وبعض شهر أشهرا مع ان جمع القلة لا يطلق على ما هو اقل من الثلاثة اقامة للبعض مقام الكل او إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد مَعْلُوماتٌ معروفات بين الناس لانهم توارثوا علمها والشرع جاء مقررا لما عرفوه ولم يغير وقته عما كان قبله وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر ليعلم ان شأ من افعال الحج لا يصح الا فيها والإحرام وان كان ينعقد في غيرها ايضا عند ابى حنيفة الا انه مكروه يعنى ان الإحرام عنده من شرائط الحج قيجوز تقديمه على وقت ادائه كما يجوز تقديم الطهارة على أداء الصلاة. وقولهم وقت الحج أشهر ليس المراد به انها وقت إحرامه بل المراد انها وقت ادائه بماشرة اعماله ومناسكه والأشهر كلها وقت لصحة إحرامه لقوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ فجعل الاهلة كلها مواقيت للحج ومعلوم ان الاهلة كلها ليست مواقيت لصحة أداء الحج فتعين ان المراد انها مواقيت لصحة الإحرام حتى من احرم يوم النحر لان يحج في السنة القابلة يصح إحرامه من غير كراهة عند ابى حنيفة كذا فى حواشى ابن الشيخ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ اى أوجبه على نفسه بالتلبية او تقليد الهدى وذلك لان الحج عبادة لها تحليل وتحريم فلا يشرع بمجرد النية كالصلاة فلا بد من فعل يشرع به فيه وهو ما ذكرنا من التلبية او تقليد الهدى وهو جعل القلادة في عنقه وسوقه فَلا رَفَثَ اى فلا جماع وما دونه مما يفضى الى ذلك كالقبلة والغمز وهو محظور الإحرام فقبل الوقوف بعرفة مفسد وبعده موجب للبدنة وحرمت دواعيه لئلا يقع فيه والرفث وما يليه من الفسوق والجدال وان كانت على صورة النفي بمعنى ان شيأ منها لا يقع في خلال الحج الا ان المراد بها النهى لان إبقاءها خبرا على ظاهرها يستلزم الخلف في خبرا لله للعلم بان هذه الأشياء كثيرا ما تقع في خلال الحج وانما أخرجت على صورة الاخبار للمبالغة في وجوب الانتهاء عنها كأن المكلف أذعن كونها منهيا عنها فاجتنب عنها فالله تعالى يخبر بانها لا توجد في خلال الحج ولا يأتى بها أحد منكم وَلا فُسُوقَ ولا خروج من حدود الشرع بارتكاب المحظورات والفسق هو المعاصي بانواعها فيدخل فيه السباب والتنابز بالألقاب وغير ذلك وَلا جِدالَ اى لامراء مع الخدم والرفقة والمكارين لانه يفضى الى التضاغن وزوال التأليف فاما الجدال على وجه النظر في امر من امور الدين فلا بأس به فِي الْحَجِّ اى في أيامه وانما امر باجتناب ذلك وهو واجب الاجتناب في كل حال لانه مع الحج أقبح واشنع كلبس الحرير في الصلاة والتطريب في قراءة القرآن والمنهي عنه التطريب الذي تخرج الحروف به عن هيآتها كما يفعله بعض القراء من الالحان العجيبة والانغام الموسيقية واما تحسين القراءة ومدها فهو مندوب اليه قال عليه السلام (حسنوا القرآن بأصواتكم) فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا والتطريب المقبول سبب للرقة واقبال النفس وبه قال ابو حنيفة رحمه الله وجماعة من السلف وَما شرطية تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ علم الله تعالى بما يفعله العبد من الخير كناية عن اثابته عليه. نهى عن ثلاثة أشياء من المعاصي ورغب في كل الطاعات فهو حث على فعل الخير عقيب النهى عن الشر فيدخل فيه استعمال الكلام الحسن مكان القبيح والبر والتقوى

مكان الفسوق والوفاق والأخلاق الجميلة مكان الجدال وَتَزَوَّدُوا اى اجعلوا زادكم لمعادكم وآخرتكم اتقاء القبائح فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى لا ما يتخذ من الطعام وتحقيق الكلام ان الإنسان له سفران سفر في الدنيا وسفر من الدنيا فالسفر في الدنيا لا بد له من زاد وهو الطعام والشراب والمركب والمال والسفر من الدنيا لا بد له ايضا من زاد وهو معرفة الله ومحبته والاعراض عما سواه بالاشتغال فى طاعته والاجتناب عن مخالفته ومناهيه وهذا الزاد خير من زاد المسافر في الدنيا لان زاد الدنيا يخلصك من عذاب منقطع وزاد الآخرة يخلصك من عذاب دائم وزاد الدنيا فان وزاد الآخرة بوصلك الى لذات باقية خالصة. وقيل كان اهل اليمن لا يتزودون ويخرجون بغير زاد ويقولون نحن متوكلون ونحن نحج بيت الله أفلا يطعمنا فيكون كلا على الناس وإذا قدموا مكة سألوا الناس وربما يفضى بهم الحال الى النهب والغصب فقال الله تعالى تَزَوَّدُوا اى ما تتبلغون به وتكفون به وجوهكم من الكعك والزيت والسويق والنمر ونحوها واتقوا الاستطعام وإبرام الناس والتثقيل عليهم فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى من السؤال والنهب وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ فان قضية اللب خشية الله وتقواه حثهم على التقوى ثم أمرهم بان يكون المقصود بها هو الله فيتبرأوا عن كل شىء سواه وهو مقتضى العقل المعرى عن شوائب الهوى فلذلك خص اولى الألباب بالخطاب فان من لم يتقه فكأنه لا لب له فعلى العاقل تخليص العقل من الشوائب وتهذيب النفس وتكميلها بالوصول الى أعلى المراتب: قال الشاعر ولم ار في عيوب الناس شيأ ... كنقص القادرين على التمام قال الامام اعلم ان الإنسان فيه قوى ثلاث. قوة شهوانية بهيمية وقوة غضبية. سبعية شيطانية. وقوة وهمية عقلية ملكية والمقصود من جميع العبارات قهر القوى الثلاث اعنى الشهوانية والغضبية والوهمية فقوله فَلا رَفَثَ اشارة الى قهر القوة الشهوانية وقوله وَلا فُسُوقَ اشارة الى قهر القوة الغضبية التي توجب المعصية والتمدد وقوله وَلا جِدالَ اشارة الى قهر القوة الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال في ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه وهى الباعثة للانسان على منازعة الناس ومماراتهم والمخاصمة معهم في كل شىء فلما كان الشر محصورا في هذه الأمور الثلاثة لا جرم قال فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ اى فيمن قصد معرفة الله ومحبته والاطلاع على نور جلاله والانخراط في سلك الخواص من عباده انتهى ما قال الامام قالوا من سهل عليه المشي في طريق الحج فهو الأفضل فان كان يضعف ويؤدى ذلك الى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب أفضل كما ان الصوم أفضل للمسافر والمريض ما لم يفض الى ضعف وسوء خلق قال ابو جعفر محمد الباقر ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاث. ورع يحجزه عن محارم الله. وحلم يكف به غضبه. وحسن الصحابة لمن يصحبه من المسلمين فهذه الثلاث يحتاج إليها المسافر خصوصا الى الحج فمن كملها فقد كمل حجه والا فلا: ونعم ما قال السعدي قدس سره از من بگوى حاجئ مردم كزايرا ... كو پوستين خلق بآزار ميدرد حاجى تو نيستى شترست از براى آنك ... بيچار خار ميخورد وبار ميبرد

[سورة البقرة (2) : آية 198]

فينبغى ان يجتهد الحاج قبل مفارقة رفيقه والجمال في ان يتحالوا من الظالم ان كانت جرت بينهم مثل غيبة ونميمة او أخذ عرض او تعرض لمال فما سلم من ذلك الا القيل وإذا ذكر رفيقه فليثن عليه خيرا وليغض عما سوى ذلك فقد كان السلف بعد قفولهم اى رجوعهم من السفر لا يذكر أحدهم صاحبه الا بخير وليحذر من نظفت صحيفة علمه من الذنوب بالغفران ان يرجع الى وسخ المعاصي ثم الاشارة ان قصد القاصدين الى الله تعالى انما يكون في أشهر معلومات من حياتهم الفانية في الدنيا فاما بعد انقضاء الآجال فلا يفيد لاحد السعى كما لا ينفع للحاج القصد بعد مضى أشهر الحج قال تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها الآية وكما ان للحاج مواقيت معينة يحرمون منها فكذلك للقاصدين الى الله ميقات وهي ايام الشباب من بلاغية الصورة الى بلوغ الأربعين وهو حد بلاغية المعنى قال تعالى حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ولهذا قال المشايخ الصوفي بعد الأربعين نادر يعنى ان كان ظهور إرادته وطلبه يكون بعد الأربعين فوصوله الى المقصد الحقيقي يكون نادرا مع أركانه ولكن من يكون طلبه وصدقه في الارادة قبل الأربعين وما أمكنته الوصلة يقرب في الاحتمال ان يكون بعد الأربعين حصول مقصوده بان يبذل غاية مجهوده بشرائطه وحقوقه وحدوده ومن فاته أوان الطلب في عنفوان شبابه مستبعدة له الوصلة في حال مشيبه فجرى منه عليه الحيف بان ضيع اللبن في الصيف ولكن يصلح للعبادة التي آخرها الجنة ووقف بعض المشايخ على باب الجامع والخلق يخرجون منه في ازدحام وغلبة وكان ينظر إليهم ويقول هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة أقوام آخرون كذا في التأويلات النجمية وقال القاشاني وقت الحج ازمنة وهو من وقت بلوغ الحلم الى الأربعين ثلاثة اعصر كل عصر بمثابة شهر. عصر من سن النمو. وعصر من سن الوقوف. وبعض من سن الكهولة كما قال تعالى في وصف البقرة لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك انتهى: قال الحافظ عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست ... چون جمع شد معانى گوى بيان توان زد لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى اثم من الجنوح وهو الميل عن القصد أَنْ تَبْتَغُوا اى في ان تقصدوا وتطلبوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ اى عطاء ورزقا منه يريد الربح بالتجارة في ايام الحج فان الآية نزلت ردا على من يقول لا حج للتاجر والجمال لكن الحق ان التجارة وان كانت مباحة في الحج الا ان الاولى تركها فيه لقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ والإخلاص ان لا يكون له حامل على الفعل سوى كونه طاعة وعبادة فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ الهمزة في أفضتم للتعدية والمفعول محذوف اى دفعتم أنفسكم منها بكثرة بعد غروب الشمس ورجعتم بعد الوقوف بها وفي التيسير وحقيقة الافاضة هنا هو اجتماع الكثير في الذهاب والمسير. وعرفات علم للموقف وليس بجمع حقيقة بل هو من قبيل ما زيدت حروفه لزيادة معناه فانه للمبالغة في الانباء عن المعرفة روى انه نعته جبريل لابراهيم عليهما السلام فلما أبصره عرفه فسمى ذلك الموضع عرفات او لان جبريل عليه الصلاة والسلام كان يدور به في المشاعر اى مواضع المناسك ويقول عرفت فيقول عرفت فلما رآه قال عرفت او لان آدم عليه الصلاة والسلام لما اهبط الى الأرض وقع بالهند وحواء بجدة فجعل كل واحد منهما يطلب صاحبه

[سورة البقرة (2) : الآيات 199 إلى 207]

فاجتمعا بعرفات يوم عرفة وتعارفا او لغير ذلك كما ذكر في التفاسير وفيه دليل على وجوب الوقوف بعرفات لان الاضافة مأمور بها وهي موقوفة على الحضور فيها والوقوف بها وما لم يتم الواجب الا به فهو واجب فيكون الوقوف واجبا فَاذْكُرُوا اللَّهَ بالتلبية والتهليل والتسبيح والتحميد والثناء والدعوات عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ قزح وهو الجبل الذي يقف عليه الامام وعلى الميقدة وفي المغرب الميقدة هو موضع بالمشعر الحرام على قزح كان اهل الجاهلية يوقدون عليها النار وتقييد محل الذكر والوقوف بقوله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ للتنبيه على ان الوقوف فيما يقرب من جبل قزح أفضل من الوقوف في سائر مواضع ارض مزدلفة وذلك لا ينافى صحة الوقوف فى جميع مواضعها كما ان عرفات كلها موضع الوقوف لكن الوقوف بقرب جبل الرحمة أفضل واولى والمشعر العلم اى للعبادة. والشعائر العلامات من الشعار وهو العلامة ووصفه بالحرام لحرمته فلا يفعل فيه ما نهى عنه وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ اى كما علمكم كيف تذكرونه مثل كون الذكر ذكرا كثيرا وعلى وجه التضرع والخيفة والطمع ناشئا عن الرغبة والرهبة ومشاهدة جلال المذكور وجماله كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه) فالمقصود من الكاف مجرد التقييد لا التشبيه اى اذكروه على الوجه الذي هداكم اليه لا تعدلوا عما هديتم اليه كما تقول افعل كما علمتك وليس هذا تكرارا لقوله فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ لان الاول لبيان محل الذكر والوقوف وتعليم النسك المناسب لذلك المحل وأوجب بالثاني ان يكون ذكرنا إياه كهدايته إيانا اى موازيا لها في الكم والكيف وَإِنْ هى المخففة واللام هي الفارقة كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ما ذكر من هدايته إياكم لَمِنَ الضَّالِّينَ غير العالمين بالايمان والطاعة قال القاشاني ان الله تعالى هدى اولا الى الذكر باللسان في مقام النفس. ثم الى الذكر بالقلب وهو ذكر الافعال اى تصور آلاء الله ونعمائه ثم الى ذكر السر وهو معاينة الافعال ومكاشفة علوم تجليات الصفات. ثم الى ذكر الروح وهو مشاهدة أنوار تجليات الصفات مع ملاحظة نور الذات. ثم الى ذكر الخفي وهو مشاهدة جمال الذات مع بقاء الاثنينية. ثم الى ذكر الذات وهو الشهود الذاتي بارتفاع البعد وان كنتم من قبل الهدى الى هذه المقامات لمن الضالين عن طريق هذه الاذكار انتهى ولما امر بذكر الله تعالى إذا فعلت الافاضة امر بان تكون الافاضة من حيث أفاض الناس مرتبا الأمر الثاني على الاول بكلمة ثم فقال ثُمَّ أَفِيضُوا اى ارجعوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ اى من عرفة لا من المزدلفة كانت قريش وحلفاؤها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن اهل الله وسكان حرمه فلا نخرج من الحرم ويستعظمون ان يقفوا مع الناس بعرفات لكونها من الحل وسائر العرب كانوا يقفون بعرفات اتباعا لملة ابراهيم عليه السلام فاذا أفاض الناس من عرفات أفاض الحمس من المزدلفة فانزل الله هذه الآية فأمرهم ان يقفوا بعرفات وان يفيضوا منها كما يفعله سائر الناس والمراد بالناس العرب كلهم غير الحمس. والحمس في الأصل جمع احمس وهو الرجل الشجاع والأحمس ايضا الشديد الصلب في الدين والقتال وسميت قريش وكنانة وجديلة وقيس حمسا لتشددهم في دينهم وكانوا لا يستظلون ايام منى ولا يدخلون البيوت من ابوابها وكذلك كان من حالفهم او تزوج منهم وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ من جاهليتكم في تغيير المناسك ومخالفتكم

فى الموقف إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر ذنب المستغفر وينعم عليه فامر النبي عليه السلام أبا بكر رضي الله تعالى عنه ان يخرج بالناس جميعا الى عرفات فيقف بها- روى- ان الله تعالى يباهى ملائكته باهل عرفات ويقول (انظروا الى عبادى جاؤا من كل فج عميق شعثا غبرا اشهدوا انى غفرت لهم) ويروى ان الشيطان ما رؤى في يوم هو أصغر واحقر وأذل منه يوم عرفة وما ذلك الا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إذ يقال ان من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الا الوقوف بعرفة وفي الحديث (أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن ان الله تعالى لا يغفر له) والحجة الواحدة أفضل من عشرين غزوة في سبيل الله وقيل ان البعير إذا حج عليه مرة بورك في أربعين من أمهاته وإذا حج عليه سبع مرات كان حقا على الله ان يرعاه في رياض الجنة ومصداق ذلك ما قال النهرانى رحمه الله بلغني ان وقاد تنور حمام اتى بسلسلة عظام حمل ليوقدها قال فألقيتها في المستوقد فخرجت منه فألقيتها فعادت فخرجت فعدت فألقيتها الثالثة فعادت فخرجت بشدة حتى وقعت في صدرى وإذا بصوت هاتف يقول ويحك هذه عظام جمل قد سعى الى مكة عشر مرات كيف تحرقها بالنار وإذا كانت هذه الرأفة والرحمة بمطية الحاج فكيف به ثم ان الفضل على ثلاثة اقسام بالنسبة الى احوال العبد فان التنوع راجع الى تغيير احوال العباد لا الى تغيير صفة من صفات الحق تعالى. فالاول منها ما يتعلق بالمعاش الإنساني من المال والجاه ونوع يتعلق بالغذاء واللباس الضروري وهذا الفضل مفسر بالرزق قال الله تعالى وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ. والثاني منها ما يتعلق بالمصالح الاخروية للعبد وهو نوعان ما يتعلق باعمال البدن على وفق الشرع ومتابعة الشارع ومجانبة طريق الشيطان المنازع قال تعالى يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وما يتعلق باعمال القلب وتزكية النفس قال تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً. والقسم الثالث منها ما يتعلق بالله تعالى وهو نوعان ما يتعلق بمواهب القربة قال تعالى وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً اى قربا كبيرا فانه اكبر من الدنيا والآخرة وما يتعلق بمواهب الوصلة قال تعالى ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يعنى فضل مواهب الوصلة أعظم من الكل ولكل قسم من هذه الاقسام الثلاثة مقام في الابتغاء. اما الذي يتعلق بالمصالح الاخروية وهو فضل الرحمة فمقام ابتغائه بترك الموجود وبذل المجهود وهو فى السير الى عرفات. واما الذي يتعلق بالله وهو فضل المواهب فمقام ابتغائه عند الوقوف بعرفات وعرفات اشارة الى المعرفة وهي معظم اركان الوصلة. واما الذي يتعلق بالمصالح الدنيوية وهو فضل الرزق فمقام ابتغائه بعد استكمال الوقوف بعرفات المعرفة عند الافاضة. ففى الآية تقديم وتأخير اى إذا أفضتم من عرفات فليس عليكم إلخ وذلك لان حال اهل السلوك في البداية ترك الدنيا والتجريد عنها. وفي الوسط التوكل والتفريد. وفي النهاية المعرفة والتوحيد فلا يسلم الشروع في المصالح الدنيوية الا لاهل النهاية لقوتهم في المعرفة وعلو همتهم بان يطهر الله قلوبهم من رجز حب الدنيا الدنية ويملأها نورا بالالطاف الخفية فلا اعتبار للدنيا وشهواتها ونعيم الآخرة ودرجاتها عند الهمم العالية فلا يتصرفون في شىء منها وتصرفهم بالله وفي الله ولله لا لحظوظ النفس بل لمصالح الدين وإصابة الخير الى الغير كذا في التأويلات النجمية: قال في المثنوى

[سورة البقرة (2) : الآيات 200 إلى 202]

كار پاكانرا قياس از خود مگير ... گر چهـ ماند در نوشتن شير شير اللهم اجعل هممنا مقصورة على جنابك آمين فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ اى اتممتم عباداتكم التي أمرتم بها في الحج وفرغتم منها فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ يعنى فاتركوا عادة الجاهلية واتبعوا سنن الإسلام واشتغلوا بذكر رب الأنام وكانت العرب إذا قضوا مناسكهم وقفوا بمنى بين المسجد والجبل ويذكرون مفاخر آبائهم ومحاسن ايامهم يريد كل واحد منهم بذلك حصول الشهرة والترفع له بمآثر سلفه فناهم الله عن ذلك وأمرهم بان يجعلوا بدل ذكرهم آباءهم ذكر الله تعالى وتمجيده والثناء عليه إذ الخير كله من عنده وآباؤهم عبيده ونالوا ما نالوا بافضاله: قال السعدي قدس سره گر از حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً مجرور معطوف على الذكر بجعله ذاكرا على المجاز اى اذكروه ذكرا كان مثل ذكركم المتعلق بآبائكم او كذكر هو أشد منه وابلغ ذكرا او تحقيقه ان افعل انما يضاف الى ما بعده إذا كان من جنس ما قبله كقولك وجهك احسن وجه اى احسن الوجوه فاذا نصب ما بعده كان غير الذي فبله كقولك زيد امره عبدا فالفراهة للعبد لا لزيد والمذكور قبل أشد هنا هو الذكر والذكر لا يذكر حتى يقال أشد ذكرا انما قياسه ان يقال للذكر أشد ذكر جرا اضافة فوجه النصب انه يجعل الذكر ذاكرا مجازا ويجوز نسبة الذكر الى الذكر بان يسمع انسان الذكر فيذكر فكأن الذكر قد ذكر لحدوثه بسببه فَمِنَ النَّاسِ اى من الذين يشهدون الحج مَنْ يَقُولُ فى ذكره مقتصرا على طلب الدنيا رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا اى ايتاءنا ومنحتنا في الدنيا خاصة من الجاه والغنى والنصرة على الأعداء وما هو من الحظوظ العاجلة وهم المشركون لانهم لا يسألون في حجهم الا الدنيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ اى نصيب وحظ لان همه مقصور على الدنيا حيث سأل في أعز المواقف احقر المطالب واعرض عن سؤال النعيم الدائم والملك العظيم وَمِنْهُمْ اى من الذين يشهدون الحج مَنْ يَقُولُ فى ذكره طالبا خير الدارين رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً هى الصحة والكفاف والتوفيق للخير وفي التيسير الحسنة جامعة لكل الخيرات في الدارين وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً هى الثواب والرحمة قال الشيخ ابو القاسم الحكيم حسنة الدنيا عيش على سعادة وموت على شهادة وحسنة الآخرة بعث من القبر على بشارة وجواز على الصراط على سلامة وَقِنا اى احفظنا عَذابَ النَّارِ بالعفو والمغفرة وعن على كرم الله وجهه ان الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء وعذاب النار المرأة السوء: قال السعدي چومستور باشد زن خوب روى ... بديدار او در بهشتست شوى وتلخيصه أكثروا ذكر الله وسلو. سعادتكم في داريه وترك ذكر من قصر دعاءه على طلب الآخرة فقط لان طالب الآخرة فقط بحيث لا يحتاج الى طلب حسنة من الدنيا لا يوجد فى الدنيا أُولئِكَ اشارة الى الفريق الثاني وهم الداعون بالحسنتين لانه تعالى ذكر حكم الفريق الاول بقوله وما له فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا من للتبعيض اى لهم

[سورة البقرة (2) : آية 203]

نصيب عظيم كائن من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة او من أجل ما كسبوا لانهم استحقوا ذلك الثواب الحسن بسبب أعمالهم الحسنة ومن أجلها فتكون من ابتدائية لان العلة مبدأ الحكم ثم اومأ الى قدرته محذرا من الموت وحاثا على اعمال الخير بقوله وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ والحساب يراد به نفس الجزاء على الأعمال فان الحساب سبب للاخذ والعطاء واطلاق اسم السبب جائز شائع اى يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة لعدم احتياجه الى عقد يد او وعى صدر او نظر وفكر فاحذروا من الإخلال بطاعة من هذا شأن قدرته او يوشك ان يقيم القيامة ويحاسب الناس وفي خطبة بعض المتقدمين ولت الدنيا حذاء ولم يبق الاصابة كصبابة الإناء فليبادر المؤمن الى الطاعات واكتساب الحسنات والذكر في كل الحالات قال الحسن البصري اذكروني بما يذكر الصغير أباه فانه أول ما يتكلم يقول يا اب يا اب فعلى كل مسلم ان يقول يا رب يا رب وعن النبي عليه السلام (أغبط أوليائي عندى مؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة احسن عبادة ربه وأطاعه في السر وكان غامضا فى الناس لا يشار اليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك) ثم نقر بيده فقال (هكذا عجلت منيته قلت بواكيه قل ثراؤه) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ان يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار والاشارة فاذا قضيتم مناسك وصلتكم وبلغتم مبلغ الرجال البالغين من اهل الكمال فلا تأمنوا مكر الله ولا تهملوا وظائف ذكر الله فاذكروا الله كما تذكرون في حال طفوليتكم آباءكم للحاجة والافتقار بالعجز والانكسار وفي حال رجوليتكم للحجة والافتخار بالمحبة والاستظهار فاذكروا الله افتقارا وافتخارا او أشد ذكرا وأكد في الافتخار لانه يمكن للطفل الاستغناء عن الله بولي وكذلك البالغ يحتمل ان يفتخر بغير الله ولكن العباد ليس لهم من دون الله من ولى ولا واق فمن الناس من اهل الطلب والسلوك من يقول بتسويل النفس وغرورها بحسبان الوصول والكمال عند النسيان وتغير الأحوال ربنا آتنا في الدنيا حسنة يعنى تميل نفسه الى الدنيا وتنسى المقصد الأصلي ويظن الطالب الممكور انه قد استغنى عن الاجتهاد فاهمل وظائف الذكر ورياضة النفس ومخاطرة القلب ومراقبة السر فاستولت عليه النفس وغلب عليه الهوى واستهوته الشياطين في الأرض حيران حتى أوقعته في اودية الهجران والفراق وما له في الآخرة من خلاق ومنهم اى من اهل الوصول وارباب الفتوة من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة نعمة من النعم الظاهرة كالعافية والصحة والسعة والفراغة والطاعة واستطاعة البدن والوجاهة والإرشاد والأخلاق وفي الآخرة حسنة نعمة من النعم الباطنة هي الكشوف والمشاهدات وانواع القربات والمواصلات وقنا عذاب النار اى نار القطيعة وحرقة الفراق أولئك لهم نصيب اى لهؤلاء البالغين الواصلين نصيب وافر مما كسبوا من المقامات والكرامات ومما سألوا من إيتاء الحسنات والله سريع الحساب لكلا الفريقين فيما سألوه اى يعطيهم بحسب نياتهم على قدر هممهم وطوياتهم كذا في التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا اللَّهَ اى كبروه أعقاب الصلوات وعند ذبح القرابين ورمى الجمار وغيرها فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فى ايام التشريق هي ثلاثة ايام بعد يوم النحر. أولها يوم القر وهو الحادي عشر

من ذى الحجة يستقر الناس فيه بمنى. والثاني يوم النفر الاول لان بعض الناس ينفرون في هذا اليوم من منى. والثالث يوم النفر الثاني وهذه الأيام الثلاثة مع يوم النحر ايام رمى الجمار وايام التكبير ادبار الصلوات وفي الحديث (كبر دبر كل صلاة من يوم عرفة الى آخر ايام التشريق) وسميت معدودات لقلتهن كقوله تعالى دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ اى قليلة. والأيام المعلومات في قوله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فى ايام معلومات في سورة الحج عشر ذى الحجة آخرهن يوم النحر وفي الكواشي معدودات جمع معدودة وايام جمع يوم ولا ينعت المذكر بمؤنث فلا يقال يوم معدودة وقياسه فى ايام معدودة لان الجمع قد ينعت بالمؤنث كقوله تعالى لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قالوا ووجهه انه اجرى معدودات على لفظ ايام وقابل الجمع بالجمع مجازا انتهى فَمَنْ تَعَجَّلَ اى استعجل وطلب الخروج من منى فِي يَوْمَيْنِ فى تمام يومين بعد يوم النحر واكتفى برمى الجمار في يومين من هذه الأيام الثلاثة فلم يمكث حتى يرمى في اليوم الثالث فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ بهذا التعجيل وهو مرخص له فعند ابى حنيفة رحمه الله ينفر قبل طلوع الفجر من اليوم الثالث ومحصله ان على الحاج ان يبيت بمنى الليلة الاولى والثانية من ايام التشريق ويرمى كل يوم بعد الزوال احدى وعشرين حصاة عند كل جمرة سبع حصيات ورخص في ترك البيتوتة لرعاء الإبل واهل سقاية الحاج ثم كل من رمى اليوم الثاني من ايام التشريق وأراد ان ينفر بعد البيتوتة في الليلة الاولى والثانية من ايام التشريق ورمى يوميهما فذلك له واسع لقوله تعالى فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه ان يبيت حتى يرمى اليوم الثالث ثم ينفر وَمَنْ تَأَخَّرَ عن الخروج حتى رمى في اليوم الثالث قبل الزوال او بعده ثم يخرج إذا فرغ من رمى الجمار كما يفعل الناس الآن وهو مذهب الشافعي والإمامين فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ بترك الترخص والمعنى انهم مخيرون بين التعجيل والتأخير فان قلت أليس التأخير بأفضل قلت بلى ويجوز ان يقع التخيير بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار وان كان الصوم أفضل وانما أورد بنفي الإثم تصريحا بالرد على اهل الجاهلية حيث كانوا فريقين منهم من جعل المتعجل آثما ومنهم من جعل المتأخر آثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا لِمَنِ اتَّقى خبر مبتدأ محذوف اى الذي ذكر من التخيير ونفى الإثم عن المتعجل والمتأخر لمن اتقى اى مختص بمن اتقى المناهي لانه الحاج على الحقيقة والمنتفع به لانه تعالى قال إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ومن كان ملوثا بالمعاصي قبل حجه وحين اشتغاله به لا ينفعه حجه وان كان قدادى الفرائض ظاهرا وَاتَّقُوا اللَّهَ اى حال الاشتغال باعمال الحج وبعده ليعتد بأعمالكم فان المعاصي تأكل الحسنات عند الموازنة وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ اى تبعثون وتجمعون للجزاء على أعمالكم وهو تأكيد للامر بالتقوى وموجب للامتثال به فان علم بالحشر والمحاسبة والجزاء كان ذلك من أقوى الدواعي الى ملازمة التقوى وكانوا إذا رجعوا من حجهم يجترئون على الله بالمعاصي فشدد في تحذيرهم قال ابو العالية يجيئ الحاج يوم القيامة ولا اثم عليه إذا اتقى فيما بقي من عمره فلم يرتكب ذنبا بعد ما غفر له في الحج والمذنب المصر إذا حج فلا يقبل منه لعوده الى ما كان عليه فعلامة الحج المبرور ان يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة فاذا

[سورة البقرة (2) : آية 204]

رجع من الحج المبرور رجع وذنبه مغفور ودعاؤه مستجاب فلذلك يستحب تلقيه بالسلام وطلب الاستغفار منه والحج المبرور مثل حج ابراهيم بن أدهم مع رفيقه الصالح الذي صحبه من بلخ فرجع من حجه زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وخرج عن ملكه وماله واهله وعشيرته وبلاده واختار بلاد الغربة وقنع بالأكل من عمل يده اما من الحصاد او من نظارة البساتين قال بعضهم الحر الكريم لا ينقض العهد القديم وإذا دعتك نفسك الى نقض عهد مولاك فقل لها معاذ الله ان ربى احسن مثواى: وفي المثنوى نقض ميثاق وشكست توبها ... موجب لعنت شود در انتها «1» چون ترازوى تو كژ بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا «2» وعن بعضهم قدمت من الحج مع قوم فدعتنى نفسى الى امر سوء فسمعت هاتفا ناحية البيت يقول ويلك ألم تحج ويلك ألم تحج فعصمنى الله الى الساعة ولا شك ان بعض الأعمال يكون حجابا للمرء إذا استند اليه واعتمد عليه- حكى- ان بعض الأتراك كان يلازم مجلس شيخ الإسلام احمد النامقى الجامى قدس سره ويرى فوق قفاه نورا كالترس فاتفق له ان يحج فلما رجع زالت عنه تلك الحال فسأل الشيخ عن سببه فقال انك كنت قبل الحج صاحب تضرع ومسكنة والآن غرك حجك وأعطيت نفسك قدرا ومنزلة فلذا نزلت عن رتبتك ولم تر النور. ومما يجب على الحاج اتقاؤه المحارم وان لا يجعل نفقته من كسب حرام فان الله لا يقبل الا الطيب- وحكى- عن بعض من حج انه توفى في الطريق في رجوعه فدفنه أصحابه ونسوا الفأس في قبره فنبشوه ليأخذوا الفأس فاذا عنقه ويداه قد جمعتا في حلقة الفأس فردوا عليه التراب ثم رجعوا الى اهله فسألوهم عن حاله فقالوا صحب رجلا فاخذ ماله فكان يحج منه وفي الحديث (من حج بيت الله من كسب الحلال لم يخط خطوة الا كتب الله له بها سبعين حسنة وحط عنه سبعين خطيئة ورفع له سبعين درجة) ذكره في الخالصة وإذا أراد أن يحج بمال حلال ليس فيه شبهة فانه يستدين للحج ويقضى دينه من ماله وعن ابى القاسم الحكيم انه كان يأخذ جائزة السلطان فكان يستقرض لجميع حوائجه وما يأخذه من السلطان كان يقضى به ديونه وعن ابى يوسف قال هذا جواب أبيح في مثل هذا كذا في خزانة الفتاوى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ اى تستحسن ظاهر قوله وتعده حسنا مقبولا فان الاعجاب استحسان الشيء والميل اليه والتعظيم له قال الراغب التعجب حيرة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء وحقيقة أعجبني كذا ظهر لى ظهورا لم اعرف سببه فِي الْحَياةِ الدُّنْيا متعلق بالقول اى يسرك ما يقوله في معنى الدنيا وحقها لان دعواه محبتك انما هو لطلب حظ من الدنيا فكلامه إذا في الدنيا لا في الآخرة او يعجبك قوله في الدنيا بحلاوته وفصاحته لا في الآخرة لما انه يظهر هناك كذبه وقبحه وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ اى يقول الله شاهد أن ما في قلبى من المحبة والإسلام موافق لما في لسانى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ اى أشد في العداوة والخصومة للمسلمين على ان الخصام مصدر كالقتال والجدال واضافة الألد اليه بمعنى فى. واللدد شدة الخصومة نزلت في الأخنس بن شريف الثقفي وكان حسن المنظر حلو المنطق بوالي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويدعى الإسلام ودعوى

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان آنكه نقض عهد وتوبه موجب بلا بلكه باعث مسخ است إلخ (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم قبل استحقاقها إلخ

[سورة البقرة (2) : الآيات 205 إلى 207]

المحبة والخلوص بدون المواطأة من فعل الملاحدة والزنادقة والمحب لا يفعل الا ما يحب محبوبه قال الشاعر تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرى في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لأطعته ان المحب لمن أحب مطيع قال الحافظ بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست وَإِذا تَوَلَّى اى أدبر وانصرف عن مجلسك او إذا غلب وصار واليا سَعى فِي الْأَرْضِ السعى سير سريع بالاقدام وقد يستعار للجد في العمل والكسب وانما جيئ بقوله في الأرض مع ان السعى على كلا المعنيين لا يكون الا في الأرض للدلالة على كثرة فساده فان لفظ الأرض عام يتناول جميع اجزائها وعموم الظرف يستلزم عموم المظروف فكأنه قيل أي مكان حل فيه من الأرض أفسد فيه فيلزم كثرة فساده لِيُفْسِدَ فِيها علة لسعى وَيُهْلِكَ الإهلاك الاضاعة الْحَرْثَ اى الزرع وَالنَّسْلَ ما خرج من كل أنثى من أجناس الحيوان يقال نسل ينسل إذا خرج منفصلا والحرث والنسل وان كانا في الأصل مصدرين فالمراد بهما هاهنا معنى المفعول فان الولد نسل أبويه اى مخرج منفصل منهما وذلك كما فعله الأخنس بثقيف إذ بيتهم اى أتاهم ليلا وأهلك مواشيهم وزرعهم لانه كان بينه وبينهم عداوة او كما يفعله ولاة السوء بالقتل والاتلاف او بالظلم حتى يمنع الله بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل وفي الحديث (لما خلق الله تعالى اسباب المعيشة جعل البركة في الحرث والنسل) فاهلاكهما غاية الإفساد وفي الحديث (يجاء بالوالي يوم القيامة فينبذ به على جسر جهنم فيرتج به الجسر ارتجاجة لا يبقى منه مفصل إلا زال عن مكانه فان كان مطيعا لله في عمله مضى وان كان عاصيا انخرق به الجسر فيهوى به في جهنم مقدار خمسين عاما) وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ اى لا يرتضيه ويبغضه ويغضب على من يتعاطاه فان قيل كيف حكم الله تعالى بانه لا يحب الفساد وهو بنفسه مفسد للاشياء قيل الإفساد في الحقيقة إخراج الشيء من جالة محمودة لا لغرض صحيح وذلك غير موجود في فعل الله تعالى ولا هو آمر به ولا محب له وما نراه من فعله ونظنه بظاهره فسادا فهو بالاضافة إلينا واعتبار ناله كذلك فاما بالنظر الإلهي فكله صلاح وَإِذا قِيلَ لَهُ اى لهذا المنافق والمفسد على نهج العظة والنصيحة اتَّقِ اللَّهَ خف من الله في صنعك السوء واترك ما تباشره من الفساد والنفاق أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ اى حملته الانفة التي فيه وحميته الجاهلية على الإثم والذنب الذي نهى عنه او على رد قول الواعظ لجاجا وعنادا من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه فالباء للتعدية وصلة الفعل الذي قبلها فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ مبتدأ وخبر اى كافيه دخول النار والخلود فيها على ما عمله وهو وعيد شديد وَلَبِئْسَ الْمِهادُ اى والله لبئس الفراش جهنم قال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه من اكبر الذنب عند الله ان يقال للعبد اتق الله فيقول عليك نفسك وقيل لعمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه اتق الله فوضع خده على الأرض تواضعا لله تعالى ثم انه تعالى لما وصف في الآية المتقدمة حال من يبذل دينه لطلب الدنيا ذكر

فى هذه الآية من يبذل دنياه ونفسه لطلب الدين وما عند الله يوم الدين فقال وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اى يبيعها ويبذلها فان المكلف لما بذل نفسه في طاعة الله من الصوم والصلاة والحج والجهاد والزكاة وتوصل بذلك الى وجدان ثواب الله صار المكلف كأنه باع نفسه من الله تعالى بما نال من ثوابه وصار تعالى كأنه اشترى منه نفسه بمقابلة ما أعطاه من ثوابه وفضله ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ اى طلبا لرضاه وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ولذلك يكلفهم التقوى ويعرضهم للثواب ومن جملة رأفته بعباده ان ما اشتراه منهم من أنفسهم وأموالهم انما هو خالص ملكه وحقه ثم انه تعالى يشترى منهم ملكه الخالص المحصور بما لا يعد ولا يحصى من فضله ورحمته رحمة وإحسانا وفضلا وإكراما وقيل نزلت في صهيب بن سنان الرومي خرج من مكة يريد الهجرة الى النبي عليه الصلاة والسلام بالمدينة وهو ابن مائة سنة اتبعه نفر من مشركى قريش وقتلوا نفرا كانوا معه وكان معه كنانة فيها سهامه وكان راميا مصيبا فقال يا معشر قريش لقد علمتم انى من ارماكم رجلا والله لا أضع سهمى الا في قلب رجل وايم الله لا تصلون الى حتى ارمى بكل سهم في كنانتى ثم اضرب بسيفى ما بقي في يدى ثم افعلوا ما شئتم ولن ينفعكم كونى فيكم فانى شيخ كبير ولى مال في دارى بمكة فارجعوا وخذوه وخلونى وما انا عليه من الإسلام ففعلوا وسار هو الى المدينة فلما دخلها لقيه ابو بكر فقال له ربح البيع يا صهيب فقال وما ذاك يا أبا بكر فأخبره بما نزل فيه ففرح بذلك صهيب. فيشرى حينئذ بمعنى يشترى لجريان الحال على صورة الشراء لانه اشترى نفسه من المشركين ببذل ماله لهم واعلم ان المؤمنين باعوا باختيارهم أنفسهم فكان ثمن نفس المؤمن الجنة اما الأولياء فانهم باعوا باختيارهم أنفسهم فكان ثمن نفس الأولياء مرضاة الله تعالى وبينهما فروق كثيرة فعلى السالك ان يخرج من أوطان البشرية ويغترب عن ديار الاقران حتى يكون مجاهدا حقيقيا وشهيدا معنويا قال عليه الصلاة (والسلام طوبى للغرباء) وقال ايضا (من مات غريبا فقد مات شهيدا) يشير بذلك الى الانقطاع من الخلق الى الخالق وذلك لا يكون الا بمخالفة الجمهور في العادات والشهوات وفي الحديث (يا انس ان استطعت ان تكون ابدا على وضوء فافعل فان ملك الموت إذا قبض روح العبد وهو على وضوء كتب له شهادة) وذلك لان الوضوء واشارة الى الانفصال عما سوى الله تعالى كما ان الصلاة اشارة الى الاتصال بالله تعالى وفي الحديث ايضا (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) فالطهارة الصورية سبب لتوسيع الرزق الصوري وكذا طهارة الباطن سبب لتوسيع الرزق المعنوي من المعارف والإلهامات والواردات وعند ذلك يحيى القلب بالحياة الطيبة وتموت النفس عن صفاتها وليس ذلك الا اثر الجهاد الحقيقي فمن تخلص من قيد النفس ومات بالاختيار فهو حى ابدا: وفي المثنوى اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود ولا بد للعبد من العروج من الخلق الى الخالق ومن الحاجة التامة لنفسه الى الغنى التام بالحق في تحصيل كل الخيرات ودفع كل الآفات فاذا فر الى الله ووصل الى جماله وغرق في مشاهدة جلاله شاهد سر قوله تعالى قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ وأول الأمر ترك الأموال ثم ترك الأولاد ثم ترك النفس. فعند الاول يتجلى توحيد الافعال. وعند الثاني يتجلى توحيد الصفات. وعند الثالث

[سورة البقرة (2) : الآيات 208 إلى 214]

يتجلى توحيد الذات وهو أعلى الدرجات فعلى العاقل إكثار ذكر الله فانه سبب لتصفية الباطن وصقالة القلب قال تعالى وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ولا فلاح أعظم من ان يصل الطالب الى المطلوب اللهم اجعلنا مفلحين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم على ان الخطاب للمنافقين ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً اى استسلموا لله تعالى وأطيعوه جملة ظاهرا وباطنا. فالسلم بمعنى الاستسلام والطاعة وكافة حال من ضمير الفاعل في ادخلوا وهذه حال تؤكد معنى العموم في ضمير الجمع فان قولك قام القوم كافة بمنزلة قاموا كلهم وتاء كافة وقاطبة وعامة ليست للتأنيث وان كان أصلها ان تدل عليه بل انما دخلت لمجرد كون الكلمة منقولة الى معنى كل وجميع او المعنى ادخلوا في الإسلام بكليته ولا تخلطوا به غيره فالخطاب لمؤمنى اهل الكتاب فانهم كانوا يراعون بعض احكام دينهم القديم كما روى ان عبد الله بن سلام وأصحابه كانوا يتمسكون ببعض شرائع التوراة من تعظيم السبت وتحريم لحم الإبل وألبانها وأشياء كانوا يرون الكف عن ذلك مباحا في الإسلام وان كان واجبا في شريعتهم فثبتوا على ذلك مع اعتقادهم حلها استيحاشا من مفارقة العادة وقالوا يا رسول الله ان التوراة كتاب الله فدعنا فلنقرأ منها في صلاتنا بالليل فقال عليه السلام (لا تتمسكوا بشئ مما نسخ ودعوا ما ألفتموه ولا تستوحشوا من النزوع عنه) فانه لا وحشة مع الحق وانما هو من تزيين الشيطان وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جمع خطوة بالضم والسكون وهو ما بين القدمين اى لا تسلكوا مسالكه ولا تطيعوه فيما دعاكم اليه من السبل الزائغة والوساوس الباطلة إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة يريد ان يفسد عليكم بهذه الوساوس إسلامكم فَإِنْ زَلَلْتُمْ الزلل في الأصل عثرة القدم ثم يستعمل في العدول عن الاعتقاد الحق والعمل الصائب فالمعنى اخطأتم الحق وتعديتموه علما كان او عملا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ اى الحجج والشواهد على ان ما دعيتم الى الدخول فيه هو الحق فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب على امره لا يعجزه الانتقام منكم حَكِيمٌ لا ينتقم الا بالحق وفي الآية تهديد بليغ لاهل الزلل عن الدخول في السلم فان الوالد إذا قال لولده ان عصيتنى فانت عارف بي وبشدة سطوتى لاهل المخالفة يكون قوله هذا ابلغ في الزجر من ذكر الضرب وغيره وكما انها مشتملة على الوعيد منبئة عن الوعد ايضا من حيث انه تعالى اتبعه بقوله حكيم فان اللائق بالحكمة ان يميز بين المحسن والمسيئ فكما يحسن ان ينتظر من الحكيم تعذيب المسيئ فكذلك ينتظر منه إكرام المحسن واثابته بل هذا أليق بالحكمة واقرب الى الرحمة هَلْ يَنْظُرُونَ استفهام في معنى النفي ونظر بمعنى انتظر اى ينتظر من بترك الدخول في السلم ويتبع خطوات الشيطان إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ اى الا إتيان الله اى عذابه على حذف المضاف لان الله تعالى منزه عن المجيء والذهاب المستلزمين للحركة والسكون لان كل ذلك محدث فيكون كل ما يصح عليه المجيء والذهاب محدثا مخلوقا له والإله القديم يستحيل ان يكون كذلك. وسئل على رضى الله عنه أين كان تعالى قبل خلق السموات والأرض قال أين سؤال عن المكان وكان الله تعالى ولا مكان وهو اليوم على ما كان ومذهب المتقدمين في هذه الآية وما شاكلها ان يؤمن الإنسان بظاهرها ويكل علمها الى الله لانه لا يأمن في تعيين مراد

الله تعالى من الخطأ فالاولى السكوت ومذهب جمهور المتكلمين ان لا بد من التأويل على سبيل التفصيل فِي ظُلَلٍ كائنة مِنَ الْغَمامِ والظلل جمع ظلة وهي ما أظلك والغمام السحاب الأبيض الرقيق سمى غماما لانه يغم اى يستر ولا يكون السحاب ظلة الا إذا كان مجتمعا متراكما فالظلل من الغمام عبارة عن قطع متفرقة كل قطعة تكون في غاية الكثافة والعظم وكل قطعة ظلة وَالْمَلائِكَةُ اى ويأتيهم الملائكة فانهم وسائط في إتيان امره تعالى بل هم الآتون ببأسه على الحقيقة. وتلخيصه قد قامت الحجج فلم يبق الا نزول العذاب فان قلت لم لم يأتهم العذاب في الغمام كما فعل بقوم يونس وقوم عاد وقوم شعيب قلت لان الغمام مظنة الرحمة فاذا نزل منه العذاب كان الأمر أفظع وأهول لان الشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغم كما ان الخير إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسر فكيف إذا جاء الشر من حيث يحتسب الخير ولذلك كانت الصاعقة من العذاب المستفظع لمجيئها من حيث يتوقع الخير اى الغيث ومن ثمه اشتد على المتفكرين في كتاب الله تعالى قوله وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ فان تفسيره على ما قالوا عملوا أعمالا حسبوها حسنات فاذا هي سيآت وذلك لتجويزهم ان يكون عملهم كذلك فيجيئهم الشر من حيث يتوقعون الخير فخافوا من ذلك- روى- أن محمد بن واسع تلا هذه الآية فقال آه آه الى ان فارق الدنيا وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى أتم امر إهلاكهم وفرغ منه وهو عطف على يأتيهم داخل في حيز الانتظار وانما عدل الى صيغة الماضي دلالة على الحقيقة فكأنه قد كان وَإِلَى اللَّهِ لا الى غيره تُرْجَعُ الْأُمُورُ اى امور الخلق وأعمالهم هو القاضي بينهم يوم القيامة والمثيب والمعاقب فينبغى للمؤمن ان يكون في جانب الانقياد ويحترز عن الهوى وخطوات الشيطان وعن النبي عليه السلام انه قال (ان الله تعالى اظهر الشكاية من أمتي) وقال (انى طردت الشيطان لاجلهم فهم يعصوننى. ويطيعون الشيطان) : قال السعدي قدس سره كجا سر بر آريم ازين عار وننك كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ نظر دوست نادر كند سوى تو چودر روى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر نهد دوست پاى چوبيند كه دشمن بود در سراى فمن أعظم الطاعات طرد الشيطان وأن يتهم النفس دائما كما روى ان رجلا صام أربعين سنة ثم دعا الحاجة ومع ذلك لم تجب دعوته وذم نفسه وقال يا مأوى الشر ذلك من شرك فاوحى الى نبى ذلك الزمان قل له ان قتلك لنفسك أحب الى من صيام أربعين سنة: قال السعدي خورنده كه خيرى بر آيد ز دست ... به از صائم الدهر دنيا پرست واعلم ان في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ معنى عاما ومعنى خاصا فالعام خطاب عام مع جميع من آمن اى ادخلوا في شرائط الإسلام في الباطن كما في الظاهر ومن شرائطه ما قال النبي عليه السلام (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس) واما المعنى الخاص فخطاب خاص مع شخص الإنسان وجميع اجزائه الظاهرة والباطنة فينبغى ان يدخل أركانه في الإسلام بالفعل. فالعين بالنظر. والاذن بالسمع. والفم بالأكل. والفرج

[سورة البقرة (2) : آية 211]

بالشهوة. واليد بالبطش. والرجل بالمشي ودخول واحد منها في الإسلام بأن يستسلم لاوامر الحق ويجتنب واهيه بل يترك ما لا يعنيه أصلا ويقع على ما لا بد له منه. ودخول جميع اجزائه الظاهرة في شرائع الإسلام ميسر للمنافق. فاما إدخال اجزائه الباطنة فمعركة ابطال الدين ومنزلة الرجال البالغين فدخول النفس في الإسلام بخروجها عن كفر صفاتها الذميمة وترك مألوفاتها واطمئنانها بالعبودية ليستحق بها دخول مقام العباد المخصوصين به بخطابه تعالى إياها كقوله تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ الآية. ودخول القلب في الإسلام بتصفيته عن رذائل اخلاق النفس وتحليته بشمائل أخلاق الروح. ودخول الروح في الإسلام بتخلقه بأخلاق الله وتسليم الاحكام الازلية وقطع النظر والتعلق عما سوى الله بتصرف جذبات الالوهية. ودخول السر في الإسلام بفنائه في الله وبقائه بالله وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ اى لا تكونوا على سيرته وصفته وهي الإباء والاستكبار فانه ضد الإسلام إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ لعداوته الغريزية لكم لاختلاف جبلته وجبلتكم وقصوره عن نور فطرتكم لكونه نارى الخلقة لا يطلب منكم الا ان تكونوا ناريين مثله لا نوريين فهو عدو في الحقيقة في صورة المحب فَإِنْ زَلَلْتُمْ اى زلت أقدامكم عن صراط الإسلام الحقيقي مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ دلائل تجليات أفعال الصفات فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ فلعزته لا يهدى اليه كل ذليل دنى الهمة قصير النظر حَكِيمٌ يهدى من يشاء الى سرادقات عزته هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ الا ان يتجلى الله في ظل صفات قهرية من جملة تجليات الصفات الساترة لشمس الذات وهو ملائكة القوى السماوية وَقُضِيَ فى اللوح الْأَمْرُ امر إهلاكهم وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ بالفناء كذا في التأويلات النجمية سَلْ أمر للرسول عليه السلام بالسؤال او لكل أحد يصلح ان يخاطب بَنِي إِسْرائِيلَ يعنى هؤلاء الموجودين في عصرك من رؤساء بنى إسرائيل كَمْ آتَيْناهُمْ اى آتينا آبائهم وأسلافهم مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ اى معجزة ظاهرة على أيدي أنبيائهم لا يخفى على المتفكر أنها من عند الله كالعصا واليد البيضاء وإنزال المن والسلوى وغيرها او المراد آيات كتبهم الشاهدة على صحة دين الإسلام. قوله كم آتيناهم محل هذه الجملة النصب او الخفض على انها مفعول ثان للسؤال فانه يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر اما عن واما الباء نحو سألته عن كذا وبكذا قال الله تعالى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً وقد يحذف حرف الجر فمن ثمة جاز في محل كم النصب والخفض بحسب التقديرين وتمييزكم من آية بينة والأحسن إذا فصل بين كم ومميزها ان يؤتى بمن وهذا السؤال سؤال تقريع وتبكيت كما يسأل الكفرة يوم القيامة وتقرير لمجيئ البينات فكم استفهامية خبرية وليس المراد حقيقة الاستفهام وَمَنْ يُبَدِّلْ التبديل تصيير الشيء على غير ما كان عليه اى يغير نِعْمَةَ اللَّهِ التي هي آياته الباهرة فانها سبب للهدى الذي هو أجل النعم وتبديلهم إياها أن الله أظهرها لتكون اسباب هداهم فجعلوها اسباب ضلالتهم فكفروا بها وتركوا الشكر عليها مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ اى من بعد ما وصلت اليه وتمكن من معرفتها والتصريح بذلك مع ان التبديل لا يتصور قبل المجيء للاشعار بانهم قد بدلوها بعد ما وقفوا على تفاصيلها فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ

[سورة البقرة (2) : آية 212]

تعليل للجواب كأنه قيل ومن يبدل نعمة الله عاقبه أشد عقوبة فانه شديد العقوبة لمن بدل النعمة في الدنيا والآخرة وقد عاقبهم في الدنيا بالقتل وذلك في بنى قريظة وبالإجلاء وذلك فى بنى النضير ويوم القيامة يعذبون في السعير قال ابن التمجيد وتبديل النعمة جرم بغير علم ومع العلم أشد جرما ولذلك كان وعيد العلماء المقصرين أشد من الجاهلين بالاحكام لان الجهل قد يعذر به وان كان الاعتذار به غير مقبول في باب التكاليف زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا اى حسنت في أعينهم وأشربت محبتها في قلوبهم حتى تهالكوا عليها وتهافتوا فيها معرضين عن غيرها والتزيين من حيث الخلق والإيجاد مستند الى الله تعالى إذ ما من شىء الا وهو خالقه وكل من الشيطان والقوى الحيوانية وما في الدنيا من الأمور البهية والأشياء الشهية مزين بالعرض وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا اى يستهزئون بالفقراء من المؤمنين كعبد الله بن مسعود وعمار وصهيب وحبيب وبلال وغيرهم رضى الله تعالى عنهم ويستر ذلونهم ويقولون تركوا لذات الدنيا وعذبوا أنفسهم بالعبادات وفوتوا الراحات وكراماتها وهو عطف على زين ومن للابتداء فكأنهم جعلوا السحرية مبتدأة منهم وَالَّذِينَ اتَّقَوْا يعنى أطاعوا الله واختاروا الفقر من المؤمنين وانما ذكروا بعنوان التقوى للايذان بان اعراضهم عن الدنيا للاتقاء عنها لكونها مخلة بتبتلهم الى جناب القدس شاغلة لهم وللاشارة الى انه لا يسعد عنده الا المؤمن المتقى فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعنى فوق المشركين لانهم في أعلى عليين وهم في أسفل سافلين فتكون الفوقية حقيقة او لانهم في اوج الكرامة وهم في حضيض الذل والمهانة فتكون الفوقية مجازا. ويوم منصوب بالاستقرار الذي تعلق به فوقهم وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ اى في الدارين بِغَيْرِ حِسابٍ كثير «بي اندازه» لانه تعالى لا يخاف نفاد ما عنده لانه غنى لا نهاية لمقدوراته فالله تعالى يوسع بحسب الحكمة والمشيئة على عباده فمنهم من تكون التوسعة عليه استدراجا كهؤلاء الكفرة وقارون واضرابهم ومنهم من تكون كرامة كاغنياء المؤمنين وسليمان وأمثالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقفت على باب الجنة فرأيت اكثر أهلها المساكين ووقفت على باب النار فرأيت اكثر أهلها النساء) وإذا اهل الجسد محبوسون الا من كان منهم من اهل النار فقد امر به الى النار: قال الحافظ ازين رباط دو در چون ضرورتست رحيل ... رواق وطاق معيشت چهـ سر بلند و چهـ پست بهست ونيست مرنجان ضمير وخوش دل باش ... كه نيستيست سرانجام هر كمال كه هست ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست - يحكى- ان عيسى عليه السلام سافر ومعه يهودى فكان مع عيسى ثلاثة أقراص فأعطاها اليهودي وقال احفظها ثم بعد ساعة أكل اليهودي واحدا منها فقال عيسى أعط الاقراص الثلاثة فقدم قرصين فقال اين ثالثها فقال اليهودي لم تكن اكثر من هذا فمشيا حتى شاهد من عيسى عجائب فأقسم عليه عيسى لذلك حتى يقر بالقرص الثالث فلم يقر فلحقا بثلاث لبنات من الذهب فقال اليهودي اقسم ذلك فقال عيسى واحدة لى وواحدة لك وواحدة لمن أكل القرص الثالث فقال اليهودي انا أكلت القرص الثالث فقال عيسى ابعد عنى فقد شاهدت قدرة الله ولم تقر به والآن قد أقررت بالدنيا فترك اللبنات عند اليهودي ومشى وجاء ثلاثة من اللصوص وقتلوا اليهودي

[سورة البقرة (2) : آية 213]

وأخذوا اللبنات ثم بعثوا من جملتهم واحدا ليأتى لهم بطعام فلما غاب عنهما تشاورا في قتله وقالا إذا رجع قتلناه وأخذنا نصيبه فذهب واشترى سما فطرحه في الطعام الذي اشتراه حتى يأكل ذلك الطعام صاحباه فيموتا ويأخذ اللبنات فلما قدم عليهما قاما وقتلاه ثم أكلا الطعام فماتا فعبر عليهم عيسى فوجد اليهودي وهؤلاء الثلاثة مقتولين فتعجب من ذلك فنزل جبريل وأخبره بالقصة فينبغى للعاقل ان لا يغتر بكثرة الدنيا وان لا يهتم في جمعها بل يزرع فيها بذر العمل كى يحصد في الآخرة لان الدنيا مزرعة الآخرة ولا ينبغى للاغنياء ان يحقروا الفقراء بالغرور بكثرة دنياهم ولا يسخروا منهم لان هذه الصفة من صفات الكفرة: قال السعدي چومنعم كند سفله را روزكار ... نهد بر دل تنك درويش بار چوبام بلندش بود خود پرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست والاشارة في الآية ان الله إذا فتح باب الملكوت على قلب عبد من خواصه يريه آياته في الملك والملكوت فان تغير بأحواله او تعجب بكماله فيقبل على شىء من مرادات النفس ويبدل نعمته بموافقة النفس ورضاها فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ بان يغير عليه أحواله ويسلب عنه كماله ويشهده قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ومن شدة عقابه انه إذا أذنب عبد ذنبا صغيرا ولم يتب منه وأصر عليه ان يعاقبه بالابتداء بكبيرة مثل تبدل النعمة ليعاقبه بزوال النعمة فى الدنيا ودوام النقمة في العقبى. وايضا من شدة عقابه ان زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ويمكر بهم حتى يغلب عليهم حب الدنيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا من فقرائهم وكبرائهم حملهم شدة العقوبة على الوقيعة في أوليائه واستحقار أحبابه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ من درجات أعلى عليين ودركات أسفل سافلين بِغَيْرِ حِسابٍ بغير نهاية الى أبد الآباد فان ما لا نهاية له لا مدخل له تحت الحساب وفيه معنى آخر بغير حساب يعنى ما يرزق العبد في الدنيا من الدنيا فلحرامها عذاب ولحلالها حساب وما يرزق العبد في الآخرة من النعيم المقيم فبغير حساب كذا في التأويلات النجمية كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً اى جماعة واحدة متفقين في الايمان واتباع الحق من وقت آدم الى مبعث نوح عليهما السلام وكان بينهما عشرة قرون كل قرن ثمانون سنة كما عند الأكثر فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ اى فاختلفوا فبعث إلخ بدلالة قوله تعالى لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مُبَشِّرِينَ بالثواب لمن آمن وأطاع وَمُنْذِرِينَ محذرين بالعقاب لمن كفر وعصى وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ أي كتاب او مع كل واحد منهم ممن له كتاب كتابه الخاص لا مع كل واحد منهم على الإطلاق إذ لم يكن لبعضهم كتاب وانما كانوا يأخذون بكتب من قبلهم وعموم النبيين لا ينافى خصوص الضمير العائد اليه بمعونة المقام بِالْحَقِّ اى حال كون ذلك الكتاب ملتبسا بالحق والعدل والصدق شاهدا به لِيَحْكُمَ اى الله تعالى بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ اى في الحق الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ اى في الحق إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ اى الكتاب المنزل لازالة الاختلاف والتعبير عن الانزال بالايتاء للتنبيه من أول الأمر على كمال تمكنهم من الوقوف على ما في تضاعيفه من الحق فان الانزال لا يفيد تلك الفائدة اى عكسوا الأمر

[سورة البقرة (2) : آية 214]

حيث جعلوا ما انزل لا زالة الاختلاف سببا لاستحكامه ورسوخه مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ اى رسخت في عقولهم ومن متعلق بما اختلف ولم تمنع الا من ذلك كقولك ما قام الا زيد يوم الجمعة بَغْياً بَيْنَهُمْ مفعول له لقوله وما اختلف فالاستثناء متعلق بثلاثة أشياء والتقدير وما اختلف فيه الا الذين إلخ وما اختلفوا فيه الا من بعد إلخ وما كان الاختلاف الا للبغى والتهالك على الدنيا وللحسد والظلم كما فعل قابيل بهابيل وما قتله لاشكال الحق عليه بل حسدا منه على أخيه وهكذا في كل عصر وهذا فعل الرؤساء ثم العامة اتباعا لهم وفعلهم مضاف إليهم فتبين ان الاختلاف في الحق امر متقادم في الإسلام فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالكتاب لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ متعلق بهدى وما موصولة ومعناه هدى الى ما اختلفوا فيه مِنَ الْحَقِّ بيان لما بِإِذْنِهِ اى بأمره وتيسيره ولطفه وإرادته ورحمته حتى ابصروا الحق بنور التوفيق من الباطل وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا يضل سالكه أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ خاطب به النبي عليه السلام والمؤمنين بعد ما ذكر اختلاف الأمم على الأنبياء بعد مجئ الآيات تشجيعا لهم على الثبات على المصابرة على مخالفة الكفرة فان عاقبة الأمر النصر. وأم منقطعة الاخبار المتقدم الى الإنكار المدلول عليه بهمزة الاستفهام اى ما كان ينبغى ان تحسبوا ذلك فتقدر ببل والهمزة قيل إضراب عن وتظنوا او لم حسبتموه وَلَمَّا يَأْتِكُمْ اى والحال لم يجئكم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا اى صفة الذين مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ من الأنبياء ومن معهم من المؤمنين ولم تبتلوا بعد بما ابتلوا به من الأحوال الهائلة التي هي مثل في الفظاعة والشدة وهو متوقع ومنتظر مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ بيان له على الاستئناف كأنه قيل كيف ن ن مثلهم وحالهم العجيبة فقيل مستهم البأساء اى الشدة من الخوف والفاقة وَالضَّرَّاءُ اى الآلام والأمراض وَزُلْزِلُوا اى ازعجوا إزعاجا شديدا بما أصابهم من الشدائد حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى انتهى أمرهم من الشدة الى حيث اضطرهم الضجر الى ان يقول الرسول وهو اعلم الناس بشؤون الله وأوثقهم بنصره والمؤمنون المقتدون بآثاره المستضيئون بانواره مَتى اى يأتى نَصْرُ اللَّهِ الذي وعدناه طلبا وتمنيا له واستطالة لمدة الشدة والعناء فان الشدة وان قصر فهو طويل في عين المبتلى بها فلا محالة يستبطئ النصر فاجابهم الله بقوله أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ إسعافا لهم الى طلبتهم من عاجل النصر اى أنا ناصر أوليائى لا محالة ونصرى قريب منهم فان كل آت قريب ولما كان الجواب بذكر القرب دل ذلك على ان السؤال كان واقعا عن زمان النصر أقريب هو أم بعيد ولو كان السؤال عن وقوع أصل النصر بمعنى انه هل يوجد أولا لما كان الجواب مطابقا للسؤال وفي الآية اشارة الى ان الوصول الى الله والفوز بالكرامة عنده برفض الهوى واللذات ومكابدة الشدائد والرياضات كما قال عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) كذا في تفسير القاضي: ونعم ما قيل فلك مشام كسى خوش كند ببوى مراد ... كه خاك معركه باشد عبير وعنبر او وعن خباب بن الأرت رضى الله تعالى عنه قال لما شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نلقى من المشركين قال (ان من كان قبلكم من الأمم كانوا يعذبون بانواع البلاء

[سورة البقرة (2) : الآيات 215 إلى 219]

فلا يصرفهم ذلك عن دينهم حتى ان الرجل كان يوضع على رأسه المنشار فيشق فلقتين ويمشط الرجل بأمشاط الحديد بما دون العظم من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه وايم الله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء الى حضرموت لا يخشى الا الله والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون) قالوا كل نبى بعث الى أمته اجهد حتى قال متى نصر الله ووقع ذلك للرسول عليه السلام حين وقع له ضجر شديد قبل فتح مكة فقال في يوم الأحزاب حيث لم يبق لاصحابه صبر حتى ضجوا وطلبوا النصرة فارسل الله ريحا وجنودا وهزم الكفار بهما. ومن شدائده عليه السلام غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة الخوف والبرد وضيق العيش وانواع الأذى كما قال تعالى وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ولو اطلعت على ما أصابهم من عداوة اليهود واسرار النفاق وأذى القوم يمينا وشمالا ببذل المجهود حين هاجروا الى المدينة لكفى ذلك عبرة في هذا الباب فنحن اولى بمقاساة أمثال هذه الشدائد خصوصا في هذا الزمان الذي لا تجد بدا من طعن الناس وإذا هم إذ البلاء على الأنبياء ثم على الأولياء تم الأمثل فالامثل غبار لازمه آسيا بود صائب ... أمان ز حادثه آسمان چهـ ميخواهى قال في التأويلات النجمية عند قوله تعالى كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً الآية الخصال الذميمة التي عليها اكثر الناس كلها عارضة لهم فانهم كانوا حين أشهدهم الله على أنفسهم امة واحدة وولد وأعلى الفطرة لقوله عليه السلام (كل مولود يولد على فطرة الإسلام فأبواه يهود انه أو ينصرانه او يمجسانه) وما قال عليه السلام او يسلمانه لمعنيين. أحدهما ان الكفر يحصل بالتقليد ولكن الايمان الحقيقي لا يحصل به. والثاني ان الأبوين الأصلين هما الأنجم والعناصر فعلى التقديرين الولد بتربية الآباء والأمهات يضل عن سبيل الحق ويزل قدمه عن الصراط المستقيم التوحيد والمعرفة ولو كان نبيا يحتاج الى هاد يهدى الى الحق كما قال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) ولكل من السعادة والشقاوة كتاب كما قال عليه السلام (ما من نفس الا وقد كتب في كتابها من اهل الجنة او النار وكتب شقية او سعيدة) فقالوا أفلا نتكل على كتابنا يا رسول الله وندع العمل قال (اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة واما اهل السعادة فييسرون لعمل اهل السعادة) فلا بد من مقاساة بأساء الترك والتجريد والفقر والافتقار حتى يحصل دخول جنة الجمال ودار القرار فلم يضجروا من طول مدة الحجاب وكثرة الجهاد في الفراق وعيل صبرهم عن مشاهدة الجمال وذوق الوصال وطلبوا نصر الله بالتجلى على قمع صفات النفوس مع قوة مصابرتهم وحسن تحملهم لما يقول المحبوب ويريد بهم حتى جاء نصر الله فرفع الحجاب وظهر أنوار الجمال يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ اى أي شىء يتصدقون به من اصناف أموالهم نزلت حين حث النبي عليه السلام على التصدق في سبيل الله وسأل عمرو بن الجموح وهو شيخ همّ أي فان وله مال عظيم فقال ماذا ننفق يا رسول الله من أموالنا واين نضعها قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ اى أي شىء أنفقتم من أي خير كان وهو بيان للمنفق والمال يسمى خيرا لان حقه ان يصرف الى جهة الخير فصار بذلك كأنه نفس الخير فَلِلْوالِدَيْنِ فان قلت كيف طابق الجواب السؤال وهم قد سألوا عن بيان ما ينفقون وأجيبوا ببيان المصرف قلت قد تضمن قوله ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ بيان ما ينفقونه

[سورة البقرة (2) : آية 216]

وهو كل خير وبنى الكلام على ما هو أهم وهو بيان المصرف لان النفقة لا يعتد بها الا ان تقعع موقعها وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى اى المحتاجين وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ولم يتعرض للسائلين والرقاب اما اكتفاء بما ذكر في المواقع الاخر واما بناء على دخولهم تحت عموم قوله تعالى وَما اى أي شىء تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فانه شامل لكل خير واقع في أي مصرف كان فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ اى ان تفعلوا خيرا فان الله يعلم كنهه ويوفى ثوابه. والمراد بهذه الآية الحث على بر الوالدين وصلة الأرحام وقضاء حاجة ذى الحاجة على سبيل التطوع ولا ينافيه إيجاب الزكاة وحصر مصارفها فى الأصناف الثمانية كما ذكر في قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ كُتِبَ اى فرض عَلَيْكُمُ الْقِتالُ اى قتال الكفرة والجمهور على ان الجهاد فرض على الكفاية مثل صلاة الجنازة ورد السلام وَهُوَ اى والحال ان القتال كُرْهٌ لَكُمْ شاق عليكم مكروه فالكره مصدر بمعنى الكراهة نعت به للمبالغة كأن القتال في نفسه كراهة لفرط كراهتهم له وهذه الكراهة من حيث نفور الطبع منه لما فيه من مؤونة المال ومشقة النفس وخطر الروح لا انهم كرهوا امر الله تعالى وكراهة الطبع لا توجب الذم بل تحقق معنى العبودية إذا فعل ذلك اتباعا للشرع مع نفرة الطبع فاما كراهة الاعتقاد فهى من صفات المنافقين وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وهو جميع ما كلفوه من الأمور الشاقة التي من جملتها القتال وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لان في الغزو احدى الحسنيين اما الظفر والغنيمة واما الشهادة والجنة. وعسى كلمة تجرى مجرى لعل وهي من العباد للترجى ومن الله للترجية وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وهو جميع ما نهوا عنه من الأمور المستلذة التي من جملتها القعود عن الغزو وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ لما فيه من فوات الغنيمة والاجر وغلبة الأعداء وتخريب الديار وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما هو خير لكم دينا ودنيا فلذا يأمركم به وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك ولذلك تكرهونه: قال في المثنوى ما التصوف قال وجدان الفرح فى الفؤاد عند إتيان الترح «1» جمله در زنجير بيم وابتلا ميروند اين ره بغير أوليا «2» يعنى ان المقلد يجرى الى الحضرة بالاضطرار بخلاف الولي قال ذو النون المصري رحمه الله انما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء. الاول ضعف النية بعمل الآخرة. والثاني صارت أبدانهم رهينة لشهواتهم. والثالث غلب عليهم حلول الأمل مع قرب الاجل. والرابع آثروا رضى المخلوقين على رضى الخالق. والخامس اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم وراء ظهورهم. والسادس جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم ودفنوا كثير مناقبهم فعلى العاقل ان يجاهد مع النفس والطبيعة ليرتفع الهوى والشهوات والبدعة ويتمكن في القلوب حب العمل بالكتاب والسنة قال ابراهيم الخواص رحمه الله كنت في جبل لكام فرأيت رمانا فاشتهيته فدنوت فأخذت منه واحدة فشققتها فوجدتها حامضة فمضيت وتركتها فرأيت رجلا مطروحا قد اجتمع عليه الزنابير فقلت السلام عليك فقال وعليك السلام يا ابراهيم فقلت كيف عرفتنى فقال من عرف الله لا يخفى عليه شىء فقلت له ارى لك حالا مع الله فلو سألته ان يحميك ويقيك الأذى من هذه الزنابير فقال

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان وجه عبرت كرفتن ازين حكايت ومعنى ان مع العصر يسرا [.....] (2) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى در مقهوريست

[سورة البقرة (2) : آية 217]

وارى لك حالا مع الله فلو سألته ان يقيك شهوة الرمان فلدغ الرمان يجد الإنسان ألمه في الآخرة ولدغ الزنابير يجد ألمه في الدنيا فتركته ومشيت: قال السعدي قدس سره مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار وفي التأويلات القاشانية كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ قتال النفس والشيطان وَهُوَ كُرْهٌ مكروه لَكُمْ مر أمر من طعم العلقم وأشد من ضغم الضيغم. وحقيقة الجهاد رفع الوجود المجازى فانه الحجاب بين العبد والرب كما قيل وجودك ذنب لا يقاس عليه ذنب آخر وكما قال ابن منصور بينى وبينك انى قد يزاحمنى ... فارفع بجودك لى انى من البين وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لاحتجابكم بهوى النفس وحب اللذة العاجلة عما في ضمنه من الخير الكثير واللذة العظيمة الروحانية التي تستحقر تلك الشدة السريعة الانقضاء بالقياس الى ذلك الخير الباقي واللذات السرمدية وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً من اللذات الجسمانية وتمتعات النفس وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ للنفس بحرمانها من اللذات الروحانية وَاللَّهُ يَعْلَمُ ان في كراهة النفوس ما أودع من راحة القلوب وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ان حياة القلوب في موت النفوس وفي حياة النفوس موت القلوب كما قال قدس سره اقتلوني اقتلوني يا ثقات ... ان في قتلى حياتا في حيات «1» خنجر وشمشير شد ريحان من ... مرك من شد بزم ونركسدان من «2» يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ روى ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعث عبد الله بن جحش وهو ابن عمته صلى الله عليه وسلم اخت أبيه في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين على رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدينة وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين سعد بن ابى وقاص الزهري وعكاشة بن محصن الأسدي وعتبة بن غزوان السلمى وأبا حذيفة بن ربيعة وسهيل بن بيضاء وعامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن بكير وكتب لاميرهم عبد الله بن جحش كتابا وقال (سر على اسم الله ولا تنظر فى الكتاب حتى تسير يومين فاذا نزلت فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك ثم امض لما امرتك ولا تكرهن أحدا من أصحابك على السير معك) فسار عبد الله يومين ثم نزل وفتح الكتاب فاذا فيه (بسم الله الرّحمن الرّحيم اما بعد فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نخلة فترصد بها عير قريش لعلك ان تأتينا منها بخير) فلما نظر في الكتاب قال سمعا وطاعة ثم قال لاصحابه ذلك وقال انه نهانى ان اكره أحدا منكم فمن كان يريد الشهادة فلينطلق ومن كره فليرجع ثم مضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد حتى كاد يقعد فوق القزع بموضع من الحجاز يقال له بحران فاضل سعد بن ابى وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى بقية أصحابه حتى نزلوا بطن نخلة بين مكة والطائف فبينماهم كذلك مرت عير قريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة الطائف فيهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة واخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان فلما رأوا اصحاب رسول الله هابوهم فقال عبد الله ابن جحش ان القوم قد ذعروا منكم فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم فحلقوا رأس

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب مرد عاشق عاذلان ونصيحت كنند كانرا (2) در اواخر دفتر يكم در بيان افتادن ركابدار در پاى امير المؤمنين على كه اى امير مرا بكش إلخ

عكاشة ثم اشرف عليهم فقال قوم عمار لا بأس عليكم فأمنوا وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة وكانوا يرونه من جمادى وهو من رجب فتشاور القوم وقالوا ان تركتموهم الليلة ليدخلن الحرم فليمنعن منكم فاجمعوا أمرهم في مواقعة القوم فرمى واقد بن عبد الله السهمي عمرو ابن الحضرمي بسهم فقتله وكان أول قتيل من المشركين وهو أول قتيل في الهجرة واستأسروا الحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله وكان أول اسيرين في الإسلام وأفلت نوفل على فرس له فاعجزهم واستاق المؤمنون العير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قريش قد استحل محمد الشهر الحرام شهرا يأمن فيه الخائف وينذعر فيه الناس لمعايشهم اى يتفرقون في البلاد فسفك فيه الدماء وأخذ الجرائب وعير بذلك اهل مكة من كان بها من المسلمين وقالوا يا معشر الصباة استحللتم الشهر الحرام وقاتلتم فيه وبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال عليه السلام لابن جحش وأصحابه (ما أمرتكم بالقتال فى الشهر الحرام) ووقف العير والأسيرين اى جعلها وموقوفة وما قسمها بين الغانمين وابى ان يأخذ شيأ من ذلك ينتظر الاذن من الله فعظم ذلك على اصحاب السرية وظنوا ان قد هلكوا وسقط في أيديهم وقالوا يا رسول الله انا قتلنا ابن الحضرمي ثم أمسينا فنظرنا الى هلال رجب فلا ندرى أفي رجب أصبناه أم في جمادى فاكثر الناس في ذلك فانزل الله هذه الآية فاخذ رسول الله العير فعزل منها الخمس وكان أول خمس في الإسلام وقسم الباقي بين اصحاب السرية وكانت أول غنيمة في الإسلام وبعث اهل مكة في فداء اسيريهم فقال بل نقفهما حتى يقدم سعد وعتبة وان لم يقدما قتلناهما بهما فلما قدما فاداهما فاما الحكم بن كيسان فاسلم واقام مع رسول الله بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيدا واما عثمان بن عبد الله فرجع الى مكة فمات بها كافرا واما نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعا وقتله الله فطلب المشركون جيفته بالثمن فقال صلى الله تعالى عليه وسلم خذوه فانه خبيث خبيث الجيفة والدية. والمعنى يسألك المسلمون استعلاما او الكفار تعنتا عن الشهر الحرام اى رجب سمى به لتحريم القتال فيه قِتالٍ فِيهِ بدل اشتمال من الشهر لان الشهر مشتمل على القتال قُلْ يا محمد في جوابهم قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ اثم عظيم عند الله وقتال مبتدأ خبره كبير وجاز الابتداء بالنكرة لانها وصفت بفيه. والأكثر ان هذه الآية مفسوخة بقوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مبتدأ قد تخصص بالعمل فيما بعد اى ومنع عن الإسلام الموصل للعبد الى الله تعالى وَكُفْرٌ بِهِ اى بالله تعالى وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ عطف على سبيل الله وحيث كان الصد عن سبيل الله فردا من افراد الكفر به تعالى لم يقدح العطف المذكور في حسن هذا العطف لانه ليس بأجنبي محض اى منع المسلمين عن دخول مكة وزيارة بيت الله وَإِخْراجُ أَهْلِهِ اى اهل المسجد وهو النبي عليه السلام والمؤمنون مِنْهُ اى من المسجد الحرام وهو عطف على وكفر به وجعل المسلمين اهل المسجد وان كانوا خارحين عن مكة لانهم قائمون بما يجب عليهم من حقه لانهم يصيرون أهلا له في العاقبة فسماهم باسم العاقبة ولم يسم الكفار اهل المسجد وان كانوا بمكة لان مقامهم

بمكة عارض أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ خبر للاشياء المعدودة اى هذه الأشياء الاربعة اكبر اثما وعقوبة من قتل المسلمين ابن الحضرمي في الشهر الحرام لان القتال يحل بحال والكفر لا يحل بحال ولانهم كانوا متأولين في القتال لانهم شكوا في اليوم ولا تأويل للكفار في الكفر وَالْفِتْنَةُ اى ما ارتكبوه من الإخراج والشرك وصد الناس عن الإسلام ابتداء وبقاء أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ اى أفظع من قتل الحضرمي في الشهر إحرام فلما نزلت هذه الآية كتب عبد الله بن أنيس الى مؤمنى مكة إذا عيركم المشركون بالقتال في الشهر الحرام فعيروهم أنتم بالكفر وإخراج رسول الله من مكة ومنعهم المسلمين عن البيت وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ بيان لاستحكام عداوتهم وإصرارهم على الفتنة في الدين اى لا يزال الكفار عن قتالكم ايها المؤمنون حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ اى كى يصرفوكم عن دينكم الحق الى دينهم الباطل إِنِ اسْتَطاعُوا اشارة الى تصلبهم في الدين وثبات قدمهم فيه كأنه قيل وأتى لهم ذلك وهو كقول الرجل لعدوه ان ظفرت بي فلا تبق على ولا ترحمنى وهو واثق بانه لا يظفر به وهو تطييب لقلوب المؤمنين وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ اظهار التضعيف لسكون الدال الثانية وبالفتح والإدغام على التحريك لالتقاء الساكنين بأخف الحركات والارتداد النكوص وهو تحذير من الارتداد اى من يفعل ذلك باضلالهم واغوائهم فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ بان لم يرجع الى الإسلام. وفيه ترغيب في الرجوع الى الإسلام بعد الارتداد الى حين الموت فَأُولئِكَ المصرون على الارتداد الى حين الموت حَبِطَتْ بطلت وتلاشت أَعْمالُهُمْ التي كانوا عملوها في حالة الإسلام حبوطا لا تلافى له قطعا فِي الدُّنْيا وهو قطع حياته وقتله عند الظفر به لارتداده وفوات موالاة المسلمين ونصرهم والثناء الحسن وزوال النكاح وحرمانه من مواريث المسلمين ونحو ذلك مما يجرى على نفس المرتد واهله وماله وَالْآخِرَةِ وهو الثواب وحسن المآب لان عبادتهم لم تصح في الدنيا فلم يجازوا عليها في الآخرة وليس المراد من احباط العمل ابطال نفس العمل لان الأعمال اعراض كما توجد تفنى وتزول واعدام المعدوم محال بل المراد به ما ذكر من ان الردة الحادثة تزيل ثواب الايمان السابق وثواب ما سبق من ثمراته. وظاهر الآية يقتضى ان تكون الوفاة على الردة شرطا لثبوت الاحكام المذكورة وهي حبوط الأعمال في الدنيا والآخرة وكون صاحبها من اصحاب النار خالدا فيها وان لا يثبت شىء من هذه الاحكام ان اسلم المرتد بعد ردته ولهذا احتج الشافعي بهذه الآية على ان الردة لا تحبط الأعمال حتى يموت صاحبها عليها وعند ابى حنيفة رحمه الله ان الردة تحبط الأعمال مطلقا اى وان رجع مسلما تمسكا. بعموم قوله تعالى وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ وقوله وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ويتفرع عليه مسألتان. الاولى ان جماعة من المتكلمين قالوا شرط صحة الايمان والكفر حصول الوفاة عليهما فلا يكون الايمان ايمانا الا إذا مات المؤمن عليه وايضا لا يكون الكفر كفرا الا إذا مات الكافر عليه والمسألة الثانية ان المسلم إذا صلى ثم ارتد والعياذ بالله ثم اسلم في الوقت قال الشافعي لا إعادة عليه. وقال ابو حنيفة يلزمه قضاء ما ادى وكذا الكلام في الحج وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ

[سورة البقرة (2) : آية 218]

ملازموها هُمْ فِيها خالِدُونَ كدأب سائر الكفرة فلا بد للمؤمن من العمل الصالح ومن الصون عما يبطله وسبب الارتداد عدم اليقين والا فكيف يحوم حول الموحد الحقيقي شيطان وشرك وهو قد تخلص من البرازخ والقيود ووصل الى الرب المعبود والعمل الصالح هو ما أريد به وجه الله فان غيره فاسد لا ينفع لصاحبه أصلا: قال الحافظ فردا كه پيشگاه حقيقت شود پديد ... شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد واحسن الحسنات التوحيد لانه أس الكل ولذلك لا يوزن قال عليه السلام (ان كل حسنة تعملها توزن يوم القيامة الا شهادة ان لا اله الا الله فانها لا توضع في ميزان لانها لو وضعت فى ميزان من قالها صادقا ووضعت السموات والأرضون السبع ما فيهن كان لا اله الا الله أرجح من ذلك) وجميع الأعمال الصالحة يزيد في نور الايمان. فعليك بالطاعة والحسنات والوصول الى المعارف الالهية فان العلم بالله أفضل الأعمال ولذلك لما قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال (ان فقيل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) وذلك انما يحصل بتصفية الباطن مع صيقل التوحيد وانواع الاذكار ولا يعقلها الا العالمون: قال في المثنوى ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز ... چشم نركس را ازين كركس بدوز قال الشيخ الحسن محمد بن السراج سمعت الجنيد قدس سره يقول رأيت إبليس في المنام كأنه عريان فقلت ألا تستحيى من الناس فقال لو كان هؤلاء من الناس لما اتلاعب بهم كما يتلاعب الصبيان بالكرة فقلت ومن الناس فقال قوم في المسجد الشونيزى قد انحلوا جسمى واحرقوا قلبى كلما هممت بهم اشاروا الى الله تعالى فاكاد احرق بنور ذكرهم قال فانتبهت وجئت الى المسجد الشونيزى بليل فلما دخلت المسجد إذا انا بثلاث انفس جلوس ورؤسهم مغطاة بمرقعاتهم فلما أحسوا بي اخرج واحد رأسه فقال يا أبا القاسم أنت كلما قيل بشئ صرت تقبله وتسمعه انظر الى اجتهادهم في طاعة الله وصفاء أسرارهم عما سواه تعالى فهم من اهل الإسلام الحقيقي يقول الفقير ناظم هذه الدرر قال لى شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة في قوله عليه السلام (بدا الإسلام غريبا وسيعود غريبا) المراد بالإسلام هو الإسلام الحقيقي وصاحب لا يرتد ابدا وكونه غريبا ان لا يوجد له أنيس: قال في المثنوى بود كبرى در زمان بايزيد ... كفت او را يك مسلمان سعيد كه چهـ باشد كر تو اسلام آورى ... تا بيابى صد نجات سرورى گفت اين اسلام اگر هست اى مريد ... آنكه دارد شيخ عالم با يزيد مؤمن ايمان اويم در نهان ... گر چهـ مهرم هست محكم بر دهان باز ايمان گر خود ايمان شماست ... نى بدان ميلستم ونى مشتهاست آنكه صد ميلش سوى ايمان بود ... چون شما را ديد ز آن فاتر شود ز انكه نامى بيند ومعنبش نى ... چون بيابانرا مفازه گفتنى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا نزلت في السرية فان الله تعالى لما فرج عنهم بالآية السابقة ما كانوا فيه من الغم الشديد بقتالهم في الشهر الحرام طمعوا فيما عند الله من ثوابه فقالوا يا رسول الله

لا عقاب علينا فيما فعلنا فهل نعطى اجرا وثوابا ونطمع ان يكون سفرنا هذا سفر غزو وطاعة فأنزل الله تعالى هذه الآية لانهم كانوا مؤمنين مهاجرين وكانوا بسبب هذه المقاتلة مجاهدين والمعنى ثبتوا على ايمانهم فلم يرتدوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا اى فارقوا منازلهم وأهلهم وَجاهَدُوا المجاهدة استفراغ ما في الوسع اى حاربوا المشركين فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طاعته لاعلاء دينه أُولئِكَ يَرْجُونَ بمالهم من مبادى الفوز رَحْمَةِ اللَّهِ اى ثوابه ولا يحبط أعمالهم كاعمال المرتدين اثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو للايران بانهم عالمون بان العمل غير موجب للاجر وانما هو بطريق التفضل منه تعالى لا لان في فوزهم اشتباها وَاللَّهُ غَفُورٌ مبالغ في مغفرة ما فرط من عباده خطأ رَحِيمٌ يجزل لهم الاجر والثواب قال قتادة هؤلاء خيار هذه الامة ثم جعلهم الله اهل رجاء كما تسمعون وانه من رجاء طلب ومن خاف هرب- روى- انه مر ابو عمر البيكندى يوما بسكة فرأى أقواما أرادوا إخراج شاب من المحلة لفساده وامرأة تبكى قيل انها امه فرحمها ابو عمر فشفع له إليهم وقال هبوه منى في هذه المرة فان عاد الى فساده فشأنكم فوهبوه منه فمضى ابو عمر فلما كان بعد ايام اجتاز بتلك السكة فسمع بكاء العجوز من ورلء ذلك الباب فقال في نفسه لعل الشاب عاد الى فساده فنفى من المحلة فدق عليها الباب وسألها عن حال الشاب فقالت انه مات فسألها عن حاله فقالت لما قرب اجله قال لا تخبري الجيران بموتى فلقد آذيتهم فانهم سيشتموننى ولا يحضرون جنازتى فاذا دفنتنى فهذا خاتم لى مكتوب عليه بسم الله الرحمن الرحيم فادفنيه معى فاذا فرغت من دفنى فتشفعى لى الى ربى ففعلت وصيته فلما انصرفت عن رأس القبر سمعت صوته يقول انصرفي يا أماه فقد قدمت على رب كريم ونعم ما قيل ببهانه ميدهد ببها نميدهد- قيل- ان الحجاج لما أحضرته الوفاة كان يقول اللهم اغفر لى فان الناس يزعمون انك لا تفعل ومات بواسط سنة خمس وتسعين وهي مدينته التي انشأها وكان يوم موته يسمى عرس العراق ولم يعلم بموته حتى أشرفت جارية من القصر وهي تبكى وتقول ألا ان مطعم الطعام ومفلق الهام قد مات ثم دفن ووقف رجل من اهل الشام على قبره فقال اللهم لا تحرمنا شفاعة الحجاج وحلف رجل من اهل العراق بالطلاق ان الحجاج في النار فاستفتى طاووس فقال يغفر الله لمن يشاء وما أظنها الا طلقت فيقال انه استفتى الحسن البصري فقال اذهب الى زوجتك وكن معها فان لم يكن الحجاج في النار فما يضركما انكما في الحرام فقد وقفت من هذا المذكور على ان الله تعالى غفور رحيم يغفر لعبده وان جاء بمثل زبد البحر ذنبا فاللازم للعباد الرجاء من الله تعالى قال الراغب وهذه المنازل الثلاثة التي هي الايمان والمهاجرة والجهاد هى المعنية بقوله اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ولا سبيل الى المهاجرة الا بعد الايمان ولا الى جهاد الهوى الا بعد هجران الشهوات ومن وصل الى ذلك فحق له ان يرجو رحمته واعلم ان الهجرة على قسمين. صورية وقد انقطع حكمها بفتح مكة كما قال عليه السلام. (لا هجرة بعد الفتح) . ومعنوية وهي السير عن موطن النفس الى الله افتح كعبة القلب وتخليصها من أصنام الشرك والهوى فيجرى حكمها الى يوم القيامة. وكذا الجهاد في سبيل الله على قسمين. أصغر وهو الجهاد مع الكفار. واكبر وهو الجهاد مع النفس وانما كان هذا الجهاد اكبر لان غاية

[سورة البقرة (2) : آية 219]

الاول إصلاح الظاهر وغاية الثاني إصلاح الباطن وهو أصعب وأقوى. وايضا غاية الاول الوصول الى الجنة والرحمة. وغاية الثاني الوصول الى مشاهدة الحق والجمال المطلق. وايضا غاية الاول الشهادة. وغاية الثاني الصديقية والصديقون أعلى منزلة من الشهداء كما قال تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ فقدم ذكر الصديقين على ذكر الشهداء فاذا وصل المرء الى صلاح النفس بالجهاد الأكبر الذي هو أعز من الكبريت الأحمر يرحم العباد ولا يقصد لهم الضرر- حكى- ان بعضهم جاء الى بعض المشايخ وخدمه وقال له أريد أن تعلمنى الاسم الأعظم فقال له وفيك اهلية له قال نعم قال اذهب الى باب البلد ثم أخبرني بما جرى فيه فذهب وجلس على باب البلد فاذا بشيخ حطاب معه حطب على حمار فضربه جندى وأخذ حطبه ظلما فلما رجع الرجل الى الشيخ وأخبره بالقصة قال له الشيخ لو كنت تعلم الاسم الأعظم ما تصنع بالجندى قال كنت ادعو عليه بالهلاك فقال له الشيخ اعلم ان الحطاب هو الذي علمنى الاسم الأعظم واعلم ان الاسم الأعظم لا يصلح الا لمن يكون على هذه الصفة من الصبر والرحمة على الخلق والشفقة عليهم: قال السعدي قدس سره مكن تا توانى دل خلق ريش ... وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش ثم ان قلة الكلام من انفع الأشياء في إصلاح النفس كما ان اللقمة الطيبة انفع في إصلاح الطبيعة وصفاء القلب: قال في المثنوى طفل جان از شير شيطان باز كن ... بعد از آنش با ملك انباز كن تا تو تاريك وملول وتيره ... دانكه با ديو لعين همشيره لقمه كو نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال روغنى كايد چراغ ما كشد ... آب خوانش چون چراغى را كشد يَسْئَلُونَكَ قال ابن عباس رضى الله عنهما ما رأيت قوما كانوا خيرا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوه الا عن ثلاث عشرة مسألة كلها في القرآن ما كانوا يسألونه الا عما ينفعهم وينفع المسلمين عَنِ الْخَمْرِ اى عن حكم تعاطيها بقرينة الجواب لان الحل والحرمة والإثم والطاعة انما هي من عوارض افعال المكلفين ولا اثم في ذوات الأشياء وأعيانها ويدخل فى تعاطى الخمر البيع والشراء وغيرهما مما يدخل تحت التصرف على خلاف الشرع. والخمر مصدر خمره اى ستره سمى به من عصير العنب ما على واشتد وقذف بالزبد لتغطيتها العقل والتمييز كأنها نفس الستر كما سميت سكرا لانها تسكرهما اى تحجزهما وَعن تعاطى الْمَيْسِرِ مصدر ميمى من يسر كالموعد والمرجع يقال يسرته إذا قمرته واشتقاقه اما من اليسر لانه أخذ المال بيسر من غير كد وتعب واما من اليسار لانه سلب له ويدخل فيه جميع انواع القمار والشطرنج وغيرهما حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب قُلْ فِيهِما اى في تعاطى الخمر والميسر واستعمالهما إِثْمٌ كَبِيرٌ لما ان الاول مسلبة للعقول التي هي قطب الدين والدنيا مع كون كل منهما متلفة للاموال وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ من كسب الطرب والمغالاة بثمن الخمر إذا جلبوها من الأطراف وفيها تقوية الضعيف وهضم الطعام والاعانة على الباءة اى الجماع

وتسلية المحزون وتشجيع الجبان وتسخية البخيل وتصفية اللون وإنطاق الفتى العي وتهييج الهمة. ومنافع الميسر إصابة المال من غير كد ولا تعب وانتفاع الفقراء بلحم الجزور فانهم كانوا يفرقونها على المحتاجين قال الواقدي وربما قمر الواحد منهم في مجلس مائة بعير فيصيب مالا عظيما بلا نصب ولا ثمن ثم يعطيه المحتاجين فيكتسب المدح والثناء وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وفي الخمر إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهي تسفه الحليم ويصير شاربها بحيث يلعب ببوله وعذرته وقيئه كما ذكر ابن ابى الدنيا انه مر على سكران وهو يبول فى يده ويمسح به وجهه كهيئة المتوضئ ويقول الحمد لله الذي جعل الإسلام نورا والماء طهورا. وفي الميسر انه إذا ذهب ماله من غير عوض ساءه ذلك فعادى صاحبه وقصده بالسوء قال المفسرون تواردت في الخمر اربع آيات نزلت بمكة وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً فطفق المسلمون يشربونها وهي لهم حلال يومئذ ثم ان عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة رضى الله تعالى عنهم قالوا أفتنا يا رسول الله في الخمر فانها مذهبة للعقل فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الآية فشربها قوم وقالوا نأخذ منفعتها ونترك إثمها وتركها آخرون وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه اثم كبير ثم ان عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه دعا ناسا منهم فشربوا وسكروا فام أحدهم فقرأ قل يا ايها الكافرون اعبد ما تعبدون الى آخر السورة بدون لا في لا اعبد فنزلت لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى الآية فقل من يشربها وقالوا لا خير في شىء يحول بيننا وبين الصلاة وشربها قوم في غير حين الصلاة حتى كان الرجل يشربها بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر ويشرب بعد الصبح فيصحو إذا جاء وقت الظهر ثم اتخذ عتبان بن مالك ضيافة ودعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وكان قد شوى لهم رأس بعير فأكلوا منه وشربوا الخمر حتى سكروا منها ثم انهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الاشعار فانشد سعد قصيدة فيها هجاء الأنصار وفخر لقومه فاخذ رجل لحى البعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فانطلق سعد الى رسول الله وشكا اليه الأنصاري فقال عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزل إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ فى المائدة الى قوله فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر انتهينا يا رب. وحرمت الخمر في السنة الثالثة من الهجرة بعد غزوة الأحزاب بايام قال القفال والحكمة في وقوع التحريم على هذا الترتيب انه تعالى علم ان القوم كانوا ألفوا شرب الخمر وكان انتفاعهم به كثيرا وعلم انه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق ثم لما نزل التحريم أريقت الخمر قال ابن عمر رضى الله عنهما خرجنا بالحباب الى الطريق فمنا من كسر حبه ومنا من غسله بالماء والطين ولقد غودرت ازقة المدينة بعد ذلك حينا كلما مطرت استبان فيها لون الخمر وفاحت منها ريحها وحرمت الخمر ولم يكن يومئذ للعرب عيش اعجب منها وما حرم الله عليهم شيأ أشد من الخمر- روى- ان جبريل عليه السلام قال للنبى عليه السلام ان الله تعالى شكر لجعفر الطيار رضى الله عنه اربع خصال كان عليها في الجاهلية وهو عليها في الإسلام فسأل النبي عليه الصلاة والسلام جعفرا عن ذلك فقال يا رسول الله لولا ان الله اطلعك عليها لما أخبرتك بها ما شربت الخمر قط لانى رأيتها تزيل العقل

وانا الى ان أزيد فيه أحوج منى الى ان ازيله. وما عبدت صنما قط لانى رأيته لا يضر ولا ينفع. وما زنيت قط لغيرتى على أهلي. وما كذبت قط لانى رأيته دناءة قال عمرو ابن الأدهم من أكابر سادة بنى تميم ذا ما للخمر لو كان العقل يشترى ما كان شىء انفس منه فالعجب لمن يشترى الحمق بما له فيدخله في رأسه فيقئ في جيبه ويسلح في ذيله وعن على رضي الله عنه لو وقعت قطرة في بئر فبنيت في مكانها منارة لم اوذن عليها ولو وقعت في بحر ثم جف فنبت فيه الكلأ لم ارعه وعن ابن عمر رضي الله عنهما لو ادخلت إصبعي فيها لم تتبعنى وهذا هو الايمان والتقى حقا فينبغى للمسلم ان لا يخطر بباله شرب الخمر فضلا عن شربها وينقطع عن شاربها فانه إذا خالط شارب الخمر يخاف عليه ان يصيبه من عثاره: قال الحسين الواعظ الكاشي ترا رحمان همى گويد كه اى مؤمن مخور باده ... ترا ترسا همى گويد كه در صفرا مخور حلوا نمى مانى زنا پاكى براى گفته رحمان ... بمانى شهد وشكر را براى گفته ترسا وعن بعض الصحابة انه قال من زوج ابنته لشارب الخمر فكأنما ساقها الى الزنى معناه ان شارب الخمر يقع منه الطلاق وهو لا يشعر. فالذى يجب على الولي ان لا يزوج ابنته ولا أخته من فاسق ولا ممن يتعاطى المنكرات واعلم ان خل الخمر حلال ولو بعلاج كالقاء الماء الحار او الملح او الخبز ولا يكره تخليلها وفي الحديث (خير خلكم خل خمركم) هذا هو البيان في الخمر واما الميسر فهو القمار والياسر القامر وكان اصل الميسر في الجزور وذلك ان اهل الثروة من العرب كانوا يشترون جزور او يضمنون ثمنه ولا يؤدونه ليظهر بالقمار انه على من يجب فينحرونها ويجزئونها عشرة اجزاء وقيل ثمانية وعشرين ثم يسهمون عليها بعشرة قداح يقال لها الأزلام والأقلام سبعة منها لها أنصباء الفذ وله نصيب واحد والتوأم وله نصيبان والرقيب وله ثلاثة والحلس وله اربعة والنافس وله خمسة والمسبل وله ستة والمعلى وله سبعة وثلاثة منها لا أنصباء لها وهي المنيح والسفيح والوغد ثم يجعلون القداح في خريطة تسمى الربابة ويضعونها على يدى عدل عندهم يسمى المجيل والمفيض ثم يجيلها ويجلجلها اى يحركها باليد ويدخل يده فيخرج باسم رجل رجل قدحا قدحا فمن خرج له قدح من ذات الأنصباء أخذ النصيب المعين له ومن خرج له قدح مما لا نصيب له وهو الثلاثة لم يأخذ شيأ وغرم ثمن الجزور وكانوا يدفعون تلك الأنصباء الى الفقراء ولا يأكلون منها ويفتخرون بذلك ويذمون من لا يدخل فيه ويسمونه البرم وهو اللئيم العديم المروءة والكرم فهذا اصل القمار الذي كانت العرب تفعله فنهى المسلمون عنه واختلف في الميسر هل هو اسم لذلك القمار المعين او هو اسم لجميع انواع القمار فقال بعض العلماء المراد من الآية جميع انواع القمار من النرد والشطرنج وغيرهما وروى أن رجلا خاطر رجلا على ان يأكل كذا كذا بيضة على كذا كذا من المال فقال على رضي الله عنه هذا قمار وعن ابن سيرين كل شىء فيه خطر فهو من الميسر وعن النبي عليه السلام (إياكم وهاتين الكعبتين المشئومتين فانهما من مياسر العجم) يريدان النرد والشطرنج ميسر يشير به الى انهما حرام واما السبق في الخف والحافر والنشاب فخص بدليل: قال السعدي قدس سره كهل كشتى وهمچنان طفلى ... شيخ بودى وهمچنان شابى

[سورة البقرة (2) : الآيات 220 إلى 224]

تو ببازى نشسته در چپ وراست ... ميرسد نير چرخ پرتابى جاى گريه است بر مصيبت پير ... كه تو كودك هنوز لعابى والاشارة في الآية ان خمر الظاهر كما يتخذ من أجناس مختلفة من العنب والتمر والزبيب والحبوب كالحنطة والشعير والذرة فكذلك خمر الباطل من أجناس مختلفة كالغفلة والشهوة والهوى وحب الدنيا وأمثالها وهذه خمور نسكر منها النفوس والعقول الانسانية وفيها اثم كبير ولهذا كل مسكر حرام وما يسكر كثيره فقليله حرام. ومنها ما يسكر القلوب والأرواح والاسرار فهو شراب الواردات في أقداح المشاهدات من ساقى تجلى الصفات فاذا دارت على النفوس وانخمدت شهواتها وسكرت القلوب بالمواجيد عن المواحيد والأرواح بالشهود عن الوجود والاسرار بلحظ الجمال عن ملاحظة الكمال فهذا شراب نافع للناس حلال فالعجب كل العجب ان قوما اسكرهم وجود الشراب وقوما اسكرهم شهود الساقي كقولهم فاسكر القوم دور كأس ... وكان سكرى من المدير وفي المثنوى ما اگر قلاش اگر ديوانه ايم ... مست آن ساقى وآن پيمانه ايم «1» مست مى هشيار گردد از دبور ... مست حق نايد بخود از نفخ صور «2» جرعه چون ريخت ساقئ الست ... بر سر اين شوره خاك زير دست «3» جوش كرد آن خاك وما زان چوششيم ... جرعه ديگر كه بس بي كوششيم وأتم الاعراض عن كؤس الوصال في النهاية اكبر من نفع الطلب الف سنة في البداية وكما ان سكران الخمر ممنوع من الصلاة فسكران الغفلة والهوى محجوب عن المواصلات واما اثم الميسر فهو ان آثار القمار هي شعار اكثر الديار في سلوك طريق الحيل والخداع بالفعل والكذب والفحش في المقال وانه كبير عند الأخيار بعيد عن خصال الأبرار واما نفعه فعدم الالتفات الى الكونين وبزل نقوش العالمين في فردانية نقش الكعبتين وإثمهما اكبر من نفعهما لان إثمهما للعوام ونفعهما للخواص والعوام اكثر من الخواص وقليل ما هم كذا في التأويلات النجمية قدست نفسه الزكية وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ هو كما يصلح سؤالا عن جنس المنفق يصلح سؤالا عن كميته وقدره فانه لما نزل قوله تعالى قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ قال عمرو بن الجموح ما أنفق فنزل قوله قُلِ الْعَفْوَ اى أنفقوا العفو وهو نقيض الجهد وهو المشقة ونقيضه اليسر والسهولة فكأنه قيل قل أنفق ما سهل وتيسر ولم يشق عليك إنفاقه فالعفو من المال ما يسهل إنفاقه والجهد من المال ما يعسر إنفاقه والقدر المنفق انما يكون إنفاقه سهلا إذا كان فاضلا عن حاجة نفسه وعياله ومن عليه مؤونته كَذلِكَ اى مثل ما بين ان العفو أصلح من الجهد والكاف في محل النصب صفة لمصدر محذوف اى تبيينا مثل هذا التبيين وافراد حرف الخطاب مع تعدد المخاطبين باعتبار القبيل او الفريق او القوم مما هو مفرد اللفظ ومجموع المعنى يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الاحكام الشرعية لا بيانا ادنى منه وتبيين الآيات تنزيلها مبينة الفحوى واضحة المدلول لا انه تبيينها بعد ان كانت مشتبهة وملتبسة لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ

_ (1) در اواخر دفتر دوم در بيان دعا وتوبه آموختن رسول عليه السلا بيمار را (2) در أوائل دفتر سوم در بيان رسيدن خواجه وقومش لخ (3) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب نام نهادن فرجحى در ابتداء حال در معنى

اى لكى تتفكروا في امور الدارين فتأخذوا بما هو أصلح لكم وأسهل في الدنيا وانفع في العقبى وتنجنبوا عما يضركم في العقبى قال البغوي يبين الله لكم الآيات في امر الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها فتزهدوا وفي اقبال الآخرة وبقائها فترغبوا فيها وهذه الآية ترغب في التصدق لكن بشرط ان يكون ذلك من فضل المال وعفوه وعن النبي عليه السلام ان رجلا أتاه ببيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي فقال يا رسول الله خذها منى صدقة فو الله لقد أصبحت ما املك غيرها فاعرض عنه رسول الله فاتاه من الجانب الايمن فقاله مثله فاعرض عنه ثم أتاه من الجانب الأيسر فاعرض عنه فقال (هاتها) مغضبا فاخذها منه فخذفها حذفا لو أصابه لشجه او عقره ثم قال (يجيئ أحدكم بماله كله يتصدق به ويجلس يتكفف الناس انما الصدقة عن ظهر غنى خذها فلا حاجة لنا فيها) وفي لفظ العفو اشارة الى ان ما يعطيه المرء ينبغى ان يعفو اثره عن قلبه عند الانفاق يعنى بطيب القلب لان اصل العفو المحو والطمس ثم الإخراج عن فاضل الأموال على قدر الكفاية طريقة الخواص. فاما خاص الخاص فطريقهم الإيثار وهو ان يؤثر غيره على نفسه وبه فاقه الى ما يخرج وان كان صاحبه الذي يؤثر به غنيا قال الله تعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ان نتصدق ووافق ذلك ما لا عندى فقلت اليوم اسبق أبا بكر رضي الله عنه فجئت بنصف مالى فتصدقت به فقال لى رسول الله (ما أبقيت لاهلك يا عمر) قلت نصف ما لى يا رسول الله ثم قال لابى بكر (ما أبقيت لاهلك) قال أبقيت لهم الله ورسوله فقلت لا اسابقك بشئ بعدها روى ان النبي عليه السلام قال عند ذلك (ما بينكما ما بين كلاميكما) ومنه يعرف فضل ابى بكر على عمر لكن الفاضلية من وجه لا تنافى المفضولية من وجه آخر فان الكامل ليس يلزمه ان يكون كاملا في جميع الأمور وانما التقدم والتأخر بالنظر الى العلم بالله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره كان ابو بكر غالب المعرفة وعمر غالب الشريعة وعثمان غالب الطريقة وعلى غالب الحقيقة وان كانوا كاملين في المراتب الأربع انتهى كلامه: قال الحسين الواعظ الكاشي مايه توفيق كرم كردن است ... گنج يقين ترك درم كردن است زاد ره مرگ زنان دادن است ... زندگى عشق ز جان دادن است فسخاوة العوام اعطاى المال وسخاوة الخواص بذل الروح وهو قليل هست جوانمرد درم صد هزار ... كار چوبا جان فتد آنست كار وحث النبي عليه السلام أصحابه على الصدقة فجعل الناس يتصدقون وكان ابو امامة الباهلي جالسا بين يديه عليه السلام وهو يحرك شفتيه فقال له النبي عليه السلام (ماذا تقول حيث تحرك شفتيك) قال انى ارى الناس يتصدقون وليس معى شىء اتصدى به فاقول في نفسى سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (هؤلاء الكلمات خير لك من مد ذهبا تتصدق به على المساكين) تا زنده ايم ذكر لبش در زبان ماست ... يادش أنيس ومونس جان وروان ماست

- يروى- ان أول من قال سبحان الله جبريل عليه السلام وذلك انه لما خلقه الله وقع نظره على العرش وعظمته فقال سبحان الله فمن قالها نال ثواب جبريل. وأول من قال الحمد لله آدم الصفي عليه الصلاة والسلام حين نفخ فيه الروح فمن قالها نال نصيبا من فضل آدم. وأول من قال لا اله الا الله نوح النجى عليه السلام حين مشاهدة الطوفان وشدة البلاء فمن قالها أخذ حظا وافرا من ثواب نوح. وأول من قال الله اكبر ابراهيم الخليل عليه السلام حين شاهد فداء إسماعيل وهو الكبش فمن قالها نال فيضا من فيض ابراهيم اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين آمين يا رب العالمين وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى اى عن مخالطتهم لان السؤال عن الشيء ينصرف الى ما هو معظم المقصود منه وهو هاهنا المخالطة والكفالة وذلك بعد نزول قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً فتركوا مخالطتهم ومؤاكلتهم حتى لو كان عند رجل يتيم يجعل له بيتا على حدة وطعاما على حدة وعزلوا اموال اليتامى عن أموالهم وكان يصنع لليتيم طعام فيفضل منه شىء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد فاشتد ذلك عليهم فقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله مالكلنا منازل يسكنها اليتامى ولا كلنا نجد طعاما وشرابا نفردهما لليتيم فنزلت هذه الآية قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ اى مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولاموالهم خَيْرٌ من مجانبتهم وترك الخلطة والنظر عليهم. وإصلاح مصدر حذف فاعله تقديره وإصلاحكم لهم خير للجانبين اى جانبى المصلح والمصلح له اما الاول فلما فيه من الثواب واما الثاني فلما فيه من توفر اموال اليتامى والتزايد وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ وتعاشروهم على وجه ينفعهم فَإِخْوانُكُمْ اى فهم إخوانكم في الدين الذي هو أقوى من العلاقة النسبية ومن حق الأخ ان يخالط الأخ بالإصلاح والنفع قال ابن عباس رضي الله عنهما المخالطة ان تأكل من تمره ولبنه وقصعته وهو يأكل من تمرك ولبنك وقصعتك وهذا إذا أصاب من مال اليتيم بقدر عمله له او دونه فلا يزيد على اجر مثله وقد قال تعالى وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ وقد تكون المخالطة بخلط المال وتناول الكل منه وهو منهى شرعا قال ابو عبيد هذه الآية عندى اصل لما يفعله الرفقاء في الاسفار فانهم يتخارجون النفقات بينهم بالسوية وقد يتفاوتون في قلة المطعم وكثرته وليس كل من قل مطعمه تطيب نفسه بالتفضل على رفيقه فلما كان هذا في اموال اليتامى واسعا كان في غيرهم أوسع ولولا ذلك لخفت ان يضيق فيه الأمر على الناس وقد حملت المخالطة على المصاهرة وهو ان يكون ابنا فيزوجه ابنته او تكون بنتا فيزوجها ابنه فتتأكد الالفة ويخلطه بنفسه وبعشيرته إيناسا لوحشته وازالة لوحدته وهو مروى عن الحسن وَاللَّهُ يَعْلَمُ بمعنى المعرفة المتعدية الى واحد الْمُفْسِدَ لمال اليتيم مِنَ الْمُصْلِحِ لماله اى لا يخفى على الله من داخلهم بإفساد وإصلاح فيجازيه على حسب مداخلته فاحذروه ولا تتحروا غير الإصلاح وفي تقديم المفسد مزيد تهديد ومن لتضمين العلم معنى التمييز اى يعلم من يفسد في أمورهم عند المخالطة مميزا له ممن يصلح فيها وَلَوْ شاءَ اللَّهُ اعناتكم وهو الحمل على مكروه ولا يطيقه لَأَعْنَتَكُمْ لحملكم على العنت وهو المشقة فلم يطلق لكم مداخلتهم يقال عنت فلان إذا وقع في امر يخاف منه التلف إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب يقدر على الاعنات

حَكِيمٌ يحكم ما تقتضيه الحكمة وتسع له الطاقة وهو دليل على ما يفيده كلمة لو من انتفاء مقدمها واعلم ان مخالطة الأيتام من اخلاق الكرام وفي الترحم عليهم فوائد جمة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (من وضع يده على رأس يتيم ترحما عليه كانت له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة) وفي الحديث (ثلاثة في ظل عرش الله يوم القيامة امرأة مات عنها زوجها وترك عليها يتامى صغارا فخطبت فلم تتزوج وقالت أقيم على اليتامى حتى يغنيهم الله او يموت) يعنى اليتيم (او هي ورجل له مال صنع طعاما فاطاب صنيعه واحسن نفقته فدعا اليه اليتيم والمسكين وواصل الرحم يوسع له في رزقه ويمد له في اجله ويكون تحت ظل عرشه) قال الله تعالى (يا موسى كن لليتيم كالاب الرحيم وكن للارامل كالزوج الشفيق وكن للغريب كالاخ الرفيق أكن لك كذلك) : قال الحافظ تيمار غريبان سبب ذكر جميلست ... جانا مگر اين قاعده در شهر شما نيست وفي الحديث (انا وكافل اليتيم) اى القائم بمصالحه سواء كان من مال نفسه أم من مال اليتيم وسواء كان اليتيم قريبا أم لا (كهاتين في الجنة) وأشار بالسبابة والوسطى يعنى ان كافل اليتيم يكون فى الجنة مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام لا ان درجته تبلغ درجته: قال الشيخ سعدى قدس سره چوبينى يتيمى سر افكنده پيش ... مده بوسه بر روى فرزند خويش ألا تا نگريد كه عرش عظيم ... بلرزد همى چون بگريد يتيم ويجتنب كل الاجتناب عن إخلال حق من حقوقه وأكل حبة من ماله وعن ظلمه وقهره- يحكى- ان رستم بن زال بارز مع إسفنديار فلم يقدر عليه مع زيادة قوته وكان إسفنديار يجرحه في كل حمل دون رستم وكان بدن إسفنديار كجلد السمك لا يعمل فيه شىء ثم ان رستم تشاور مع أبيه زال في ذلك فقال له أبوه انك لا تقدر عليه الا ان تعمل سهما ذا فقارين وتصيب به عينى إسفنديار ففعل ذلك فرمى فاصاب فغلب عليه بذلك فيحكى في سبب ذلك ان إسفنديار كان قد ضرب في شبيبته يتيما بغصن ففقأ به عينه وابكاه ثم ان اليتيم أخذ ذلك الغصن وغرسه فلما صار شجرا أخذ رستم غصنا من أغصانه ونحت منه سهمه الذي أصاب به عينى إسفنديار ويؤدب اليتيم الذي في حجره كتأديبه ولده فانه مسئول عنه يوم القيامة ويصلح حاله والتأديب على انواع. منها الوعيد. ومنها الضرب. ومنها حبس المنافع والعطية والبر فإن بين النفوس تفاوتا فنفس تخضع بالغلظة والشدة ولو استعملت معها الرفق والبر لافسدها ونفس بالعكس وقد جعل الله الحدود والتعزير لتأديب العباد على قدر ما يأتون من المنكر فادب الأحرار الى السلطان وادب المماليك والأولاد الى السادات والآباء وهو مأجور على التأديب ومسئول عنه قال الله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وفي الحديث كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وفي قوله تعالى وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ اشارة الى ان المرء ينبغى ان يتعود الاكل مع الناس فان شر الناس من أكل وحده وفي الحديث (ان من أحب الطعام الى الله ما كثرت عليه الأيدي) ذكره في العوارف وذكر في المصابيح ان اصحاب النبي عليه السلام قالوا يا رسول الله انا نأكل ولا نشبع قال (لعلكم تفترقون) قالوا نعم قال (فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله

[سورة البقرة (2) : آية 221]

تعالى) ومن اللطائف ما يحكى انه قيل لجمين صاحب النوادر أتغديت عند فلان قال لا ولكن مررت ببابه وهو يتغدى فقيل كيف علمت قال رأيت غلمانه بايديهم قسى البنادق يرمون الطير في الهواء قيل لبخيل من أشجع الناس فقال من يسمع وقع اضراس الناس فلا تنشق مرارته وفي الحديث (من أضاف مؤمنا فكأنما أضاف آدم ومن أضاف اثنين فكانما أضاف آدم وحواء) كذا في الرسالة العلية لحسين الواعظ وَلا تَنْكِحُوا بفتح التاء اى لا تتزوجوا الْمُشْرِكاتِ اى الحربيات فان الكتابيات وان كانت من المشركات الا انه يجوز تزوجها عند الجمهور استدلالا بقوله تعالى في سورة المائدة وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وسورة المائدة كلها ثابتة لم ينسخ منها شىء أصلا حَتَّى يُؤْمِنَّ اى يصدقن بالله وبمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم- روى- انه عليه السلام بعث مرثدا الغنوي الى مكة ليخرج منها أناسا من المسلمين سرا فاتته عتاق وكان يهواها في الجاهلية فقالت ألا تخلو فقال ان الإسلام حال بيننا فقالت هل لك ان تتزوج بي فقال نعم ولكن استأمر رسول الله عليه السلام فاستأمره فنزلت وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ مع ما بها من خساسة الرق وقلة الخطر خَيْرٌ بحسب الدين والدنيا مِنْ مُشْرِكَةٍ اى امرأة مشركة مع مالها من شرف الحرية ورفعة الشأن وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ تلك المشركة بجمالها ومالها ونسبها وبغير ذلك من مبادى الاعجاب وموجبات الرغبة والواو للحال ومعنى كونها للحال كونها عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها والتقدير خير من مشركة على كل حال ولو في هذه الحالة والمقصود من مثل هذا التركيب استقصاء الأحوال وفي تفسير الكواشي لو هنا بمعنى ان وكذا كل موضع وليها الفعل الماضي وكان جوابها مقدما عليها والمعنى وان كانت المشركة تعجبكم وتحبونها فان المؤمنة خير لكم وَلا تَنْكِحُوا بضم التاء من الانكاح الْمُشْرِكِينَ اى الكفار أعم من الوثني وغيره اى لا تزوجوا منهم المؤمنات سواء كن حرائر أم إماء حَتَّى يُؤْمِنُوا ويتركوا ما هم عليه من الكفر قال ابن الشيخ في حواشيه اى لا تزوجوهم الصغيرات من بناتكم ومن في حكمهن ممن هو تحت ولايتكم ولا تزوج البالغات من المؤمنات منهم أنفسهم فقوله ولا تنكحوا من قبيل تغليب الذكور على الإناث ولا خلاف فى هذا الحكم فان المشرك هنا باق على عمومه ولا يحل تزويج المؤمنة من الكافر البتة على اختلاف انواع الكفر وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ مع ما به من ذل المملوكية خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ مع ما به من عز المالكية وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ بماله وجماله وخصاله أُولئِكَ المذكورون من المشركين والمشركات يَدْعُونَ من يقارنهم ويعاشرهم إِلَى النَّارِ اى الى ما يؤدى إليها من الكفر والفسوق فلابد من الاجتناب عن مقارنتهم ومقاربتهم وَاللَّهُ اى وأولياؤه يعنى المؤمنين حذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه تفخيما لشأنهم يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ اى الى الاعتقاد الحق والعمل الصالح الموصلين إليهما فهم الاحقاء بالمواصلة بِإِذْنِهِ متعلق بيدعو اى يدعو ملتبسا بتوفيقه الذي من جملته ارشاد المؤمنين لمقارنيهم الى الخير ونصيحتهم إياهم وَيُبَيِّنُ آياتِهِ المشتملة على الاحكام الفائقة والحكم الرائقة لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ اى لكى يتذكروا ويعملوا بما فيها فيفوزوا بما دعوا اليه من الجنة والغفران

[سورة البقرة (2) : آية 222]

وإيراد التذكر هاهنا للاشعار بانه واضع لا يحتاج الى التفكر كما في الاحكام السابقة ففى الآية نهى عن مواصلة الكفار وترغيب في مواصلة المؤمنين ولا ينبغى للمؤمن ان تعجبه المشركة بمالها وجمالها فان من المسلمات من تدفع التعجب وفي المحيط مسلم رأى نصرانية سمينة ونمنى ان يكون هو نصرانيا حتى يتزوجها يكفر وهذا من حماقته فان السمان الحسنة كثيرة في الملة الحنيفية ولكن علة الضم هي الجنسية كما قال تعالى الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانية او مشركة وميل الطباع القذرة الى الدنيا العذرة قال تعالى الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ: ونعم ما قيل همه مرغان كند با جنس پرواز ... كبوتر با كبوتر باز با باز ومن بلاغات الزمخشري لا ترض لمجالستك الا اهل مجانستك اى لا ترض ان يكون لك جليس من غير جنسك فان العذاب الشديد ليس الا هو قال في اسئلة الحكم واما اختلاف الأخلاق فمن تعارف الأرواح بعضها ببعض في عالم الأرواح قبل تلاقى الأشباح في عالم الشهادة فمن تعارف روحه بروح صالح صلح بتعارفه الأزلي فمن هنا اختلاف الأخلاق صلاحها وفسادها فلا بد من مناسبة اما من الجهة الجسمانية او من الجهة الروحانية فالجهة الجسمانية راجعة الى قابلية الطين والطبيعة الروحانية راجعة الى المناسبة الروحانية السابقة انتهى قال الامام السخاوي في المقاصد الحسنة عند قوله عليه السلام (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) سبب ورود هذا الحديث ما روته عائشة رضي الله عنها ان امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن فلما هاجرن ووسع الله تعالى دخلت المدينة قالت عائشة فدخلت على فقلت لها فلانة الى من قدمت قالت إليكن قلت فأين نزلت قالت على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة قالت عائشة ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (فلانة المضحكة عندكم) قالت عائشة نعم قال (فعلى من نزلت) قالت على فلانة المضحكة قال (الحمد لله ان الأرواح) إلخ: قال بعضهم بينى وبينك في المحبة نسبة مستورة عن سر هذا العالم نحن اللذان تحاببت أرواحنا من قبل خلق الله طينة آدم انتهى كلام السخاوي: قال الحسين الكاشفى جاذب هر جنس را هم جنس دان ... جنس بر جنس است عاشق جاودان وفي المثنوى تلخ با تلخان يقين ملحق شود ... كى دم باطل قرين حق شود طيبات آمد بسوى طيبين ... مر خبيثين را خبيثاتست هين واعلم انه ركر في العقول الميل الى الخير ومخالفة الشر فللعاقل ان يتذكر فان من كان بصيرا بنفسه ومتأملا في حاله ينقطع عن إخوانه الداعين الى خلاف الحق ويصيخ الى داعى الهوى وقد قال بعض كبار العجم (الله بسى باقى هوس) قال تعالى إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا والمقربون قد فروا الى الله تعالى من جميع ما في ارض الوجود ولم يلتفتوا الى شىء سوى وجهه الكريم ولم يريدوا من المولى غير المولى فكانوا احسن نية وعملا وهذا صراط مستقيم اللهم ألهمنا رشدنا واعدنا من شر نفسنا انك أنت المجيب وَيَسْئَلُونَكَ لعل حكاية الاسئلة

[سورة البقرة (2) : آية 223]

الثلاثة بالواو وحكاية ما عداها بغير عطف انهم سألوا عن هذه الحوادث في وقت واحد فكأنه قيل يجمعون لك بين السؤال عن الخمر والميسر والسؤال عن الانفاق والسؤال عن كذا وعن كذا بخلاف ما عداها فانهم سألوها في اوقات متفرقة عَنِ الْمَحِيضِ مصدر كالمجيئ والمبيت والحيض هو اللوث الخارج من الرحم في وقت معتاد والسؤال فيه نوع إبهام الا انه تبين بالجواب ان سؤالهم كان عن مخالطة النساء في حالة الحيض قُلْ هُوَ أَذىً اى الحيض شىء مستقذر مؤذ من يقربه نفرة منه وكراهة له- روى- ان اهل الجاهلية كانوا لا يساكنون الحيض ولا يؤاكلوهن كدأب المجوس واليهود واستمر الناس على ذلك الى ان سأل عن ذلك أبو الدحداح فى نفر من الصحابة فقال يا رسول الله كيف نصنع بالنساء إذا حضن أنقربهن أم لا فنزلت فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ المحيض هنا اسم لمكان ظهور الحيض وهو الفرج اى فاجتنبوا مجامعتهن لما روى ان المسلمين أخذوا بظاهر الاعتزال فأخرجوهن من بيوتهم فقال ناس من الاعراب يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة فان آثرناهن هلك سائر اهل البيت وان استأثرنا بها هلكت الحيض فقال صلى الله عليه وسلم (انما أمرتم ان تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ولم يأمركم باخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم) وهو الاقتصاد بين افراط اليهود وتفريط النصارى فانهم كانوا يجامعوهن ولا يبالون بالحيض وَلا تَقْرَبُوهُنَّ بالجماع حَتَّى يَطْهُرْنَ من الحيض او ينقطع دمهن فذهب ابو حنيفة رحمه الله الى ان له ان يقربها إذا كانت أيامها عشرة بعد انقطاع الدم وان لم تغتسل وفي اقل الحيض لا يقربها حتى تغتسل او يمضى عليها وقت صلاة فَإِذا تَطَهَّرْنَ اى اغتسلن فان التطهر هو الاغتسال فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ اى من المأتى الذي حلله لكم وهو القبل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ من الذنوب وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ المتنزهين عن الفواحش والاقذار كمجامعة الحائض والإتيان في غير المأتى نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ اى مواضع حرث لكم شبهن بها لما بين ما يلقى في أرحامهن من النطف وبين البذور من المشابهة من حيث ان كلا منهما مادة لما يحصل منه. والفرق بين الحرث والزرع ان الحرث إلقاء البذر وتهيئة الأرض والزرع مراعاته وانباته ولهذا قال تعالى أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ فأثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع فَأْتُوا حَرْثَكُمْ لما عبر عنهن بالحرث عبر عن مجامعتهن بالإتيان أَنَّى شِئْتُمْ أنى هنا بمعنى كيف اى كيف شئتم ومن أي شق وجهة أردتم بعد ان يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث لان الدبر ليس موضع الحرث فلم يمكن حمل قوله أنى شئتم على التخيير في الامكنة حتى يجوز إتيان النساء في أدبارهن فيكون محمولا على التخيير في الكيفيات ويدل على هذا ما روى في سبب نزول الآية من ان اليهود كانوا يزعمون ان من اتى امرأته في قبلها من دبرها يأتى ولده أحول فذكر ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت الآية ردا عليهم ببيان ان المقصود من عقد النكاح هو إتيان موضع الحراثة على أي كيفية كانت وفي الحديث (ملعون من اتى امرأته في دبرها) وهو اللواطة الصغرى والإتيان فى دبر الذكر اكبر لواطة منه قال الامام من قبل غلاما بشهوة فكأنما زنى بامه سبعين مرة ومن زنى مع امه مرة فكأنما زنى بسبعين بكرا ومن زنى مع البكر مرة فكانما زنى بسبعين الف

فصل للولد واتقوا الله بالاجتناب عن معاصيه التي من جملتها ما عد من الأمور واعلموا أنكم ملاقوه

امرأة وحكم اللواطة التعزير والحبس في السجن حتى يتوب وعندهما يحد حد الزنى فيجلد ان لم يكن محصنا ويرجم ان كان محصنا وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ من الأعمال الصالحة ما يكون الثواب الموعود له ذخيرة محفوظة لكم عند الله ليوم احتياجكم اليه ولا تكونوا في قربانهن على قيد قضاء الشهوة بل كونوا في قيد تقديم الطاعة مع ملاحظة الحكم المقصود من شرع النكاح وهو فصل للولد وَاتَّقُوا اللَّهَ بالاجتناب عن معاصيه التي من جملتها ما عد من الأمور وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ الهاء راجع الى الله تعالى فلا بد من حذف مضاف اى ملاقوا جزائه فتزودوا ما لا تفضحون به وَبَشِّرِ يا محمد الْمُؤْمِنِينَ الذين تلقوا ما خوطبوا به من الأوامر والنواهي بحسن القبول والامتثال بما يقصر عنه البيان من الكرامة والنعيم المقيم در أمان خانه ايمان بنشين ايمن باش ... كرامان بايدت البته مرو زين مأمن فالعلامة في ذلك ان الذي يكون إيمانه عطاء يمنعه إيمانه من الذنوب ويرغبه في الطاعات والذي هو عارية لا يمنعه من الذنوب ولا يرغبه في الطاعات اى لا يحثه على الطاعات لانه لا تدبير له في مكان هو فيه عارية اى لا يسققر الايمان في مكان هو فيه عارية وفي قوله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ اشارة الى ان على المرء ان يتذكر مرجعه ومصيره ويتدارك ما ينتفع به في معاده من الأعمال الصالحة واقل المرتبة العمل للآخرة. واما أعلى المراتب وأفضل المقاصد والمطالب فالله تعالى كما قال تعالى قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ وذلك لان العمل لله تعالى لا لطلب الجنة ولا لخوف النار وفي التأويلات النجمية كما ان للنساء محيضا في الظاهر وهو سبب نقصان ايمانهن لمنعهن عن الصلاة والصوم فكذلك للرجال محيض في الباطن هو سبب نقصان ايمانهم لمنعهم عن حقيقة الصلاة وهي المناجاة وعن حقيقة الصوم وهي الإمساك عن مشتهيات النفس وكما ان المحيض هو سيلان الدم من الفرج فكذلك الهوى هو غلبات دواعى الصفات البشرية والحاجات الانسانية فكلما غلب الهوى تكدر الصفا وحصل الأذى وقد قيل قطرة من الهوى تكدر بحرا من الصفا فحينئذ منعت النفس عن الصلاة والصوم في الحقيقة وان كانت مشغولة بهما. وطبقات المؤمنين ثلاث العوام والخواص وخاص الخاص. اما العوام فلما كانوا اهل الغيبة عن الحقيقة أبيح لهم السكون الى اشكالهم إذا كان على وصف الاذن وقيل لهم نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ انى شئتم واما الخواص فلما كانوا بوصف الحضور يلزم عليهم المساكنة الى أمثالهم وقيل لهم قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فهم سلكوا مسالك التفريد حتى وصلوا الى كعبة التوحيد. واما خاص الخاص فهم الرجال البالغون الواصلون الى عالم الحقيقة المتصرفون فيما سوى الله بخلافة الحق فهم رجال الله وما دون الله نساؤهم فقيل لهم نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ فهم الأنبياء وخواص الأولياء فكما ان الدنيا مزرعة الآخرة لقوم فالدنيا والآخرة مزرعتهم ومحرثهم يحرثون فيها انى شاؤا وكيف شاؤا وما يشاؤن الا ان يشاء الله فقد فنيت مشيئتهم في مشيئة الله وبقيت قدرة تصرفهم بتقويته فيقدمون لانفسهم لا بانفسهم بل هو المقدم لما يقدمون وهو المؤخر لما يؤخرون ثم قال وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ يعنى يا خواص الأولياء المتصرفين في حرث الدنيا والآخرة اتقوا الله بالله فانكم ملاقوا الله لا يحجبكم عنه شىء وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بأنهم ملاقوا الله ايضا ان اتقوا الله بالله يعنى مرتبة خواص

[سورة البقرة (2) : آية 224]

الأولياء ميسرة للمؤمنين إذا سعوا في طلبها حق سعيها: قال الحافظ جمال يار ندارد نقاب و پرده ولى ... غبار ره بنشان تا نظر توانى كرد وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ روى ان بشير ابن نعمان الأنصاري كان قد طلق زوجته التي هي اخت عبد الله بن رواحة وأراد ان يتزوجها بعد ذلك وكان عبد الله قد حلف على ان لا يدخل على بشير ولا يكلمه ولا يصلح بينه وبين أخته فاذا قيل له في ذلك قال قد حلفت بالله ان لا افعل ولا يحل لى الا ان لا احفظ يمينى وابر فيه فانزل الله تعالى هذه الآية. والعرضة فعلة بمعنى المعروض جعل اسما لما يعرض دون الشيء اى يجعل قدامه بحيث يصير حاجزا ومانعا منه من عرض العود على الإناء اى جعل العود على الإناء وستره به بحيث يكون حاجزا وحائلا بين الإناء وما يتوجه اليه والمغني لا تجعلوا ذكر الله والحلف به مانعا لما حلفتم عليه من انواع الخير كالبر والاتقاء والإصلاح فان الحلف بالله لا يمنع ذلك فيكون لفظ الايمان مجازا مرسلا عن الخيرات المحلوف عليها سمى المحلوف عليه يمينا لتعلق اليمين به واللام في لأيمانكم متعلق بقوله عرضة تعلق المفعولية لا تعلق العلية لان العرضة ما عرضته دون الشيء فاعترضه اى ما تجعله أنت قدام شىء آخر فيقع قدامه فيكون المعنى لا تجعلوا الحلف بالله شيأ عرض او وقع قدام المحلوف عليه الذي هو البر والخير ويصير مانعا من الإتيان به وان تبروا عطف بيان لايمانكم اى للامور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى والإصلاح وَاللَّهُ سَمِيعٌ لايمانكم عَلِيمٌ بنياتكم حتى ان تركتم الحلف تعظيما لله وإجلالا له من ان تستشهدوا باسمه الكريم في الأغراض العاجلة يعلم ما في قلوبكم ونيتكم فحافظوا على ما كلفتموه وفي المثنوى از پى آن گفت حق خود را سميع ... تا ببندى لب ز گفتار شنيع از پى آن گفت حق خود را بصير ... كه بود ديدويت هر دم نذير از پى آن گفت حق خود را عليم ... تا نينديشى فسادى تو ز بيم والآية عامة في كل من كان يحلف بالله ان لا يحسن لاحد ولا يتقى من العصيان فيعمل ما اشتهت نفسه وان لا يصلح بين الناس إذا وقع فيهم العداوة والبغضاء فكانه قال تعالى كل ذلك خير وطاعة لا يمنعها حلفكم فان حلفتم عليها فلتكفروا عن حلفكم ولتفعلوا تلك الخيرات من البر والتقوى والإصلاح بين الناس ولا تقولوا نحن حلفنا بالله فنخاف من اليمين به ان نفعله فنحنث فى يميننا فالحنث اولى من البر فيما يتعلق بالبر والتقوى والإصلاح قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير) والكفارة قبل اليمين غير جائزة وبعد الحنث واجبة اتفاقا. ولا تجوز قبل الحنث بعين اليمين عند اسحق رحمه الله وفي الشرعة ولا يروج سلعته اى متاعه بالحلف لا صادقا ولا كاذبا لانه ان كان كاذبا فقد جاء باليمين الغموس وهي من الكبائر التي تزر الديار بلاقع وان كان صادقا قد جعل الله عرضة لايمانه وأساء فيه إذ الدنيا اخس من ان يقصد ترويجها بذكر الله من غير ضرورة ومن حلف بالله في كل قليل وكثير انطلق لسانه بذلك ولا يبقى اليمين في قلبه فلا يؤمن اقدامه على الايمان

[سورة البقرة (2) : الآيات 225 إلى 230]

الكاذبة فيختل ما هو الغرض الأصلي من اليمين وفي الخبر ويل للتاجر من بلى والله ولا والله وفي بستان العارفين ويكره ان يصل على النبي عليه السلام في عرص السلعة فيقول صلى الله على محمد ما أجود هذا وقال عليه السلام (التجار هم الفجار) قيل ولم يا رسول الله وقد أحل الله البيع فقال (لانهم يحلفون ويأثمون ويتحدثون فيكذبون) ولا يحلف على الله بشئ نحوان يقول والله ليفعلن الله كذا ولو اقسم ولى الله مثل القسم المذكور لابره الله وصدقه في يمينه كرامة له وكان ابو حفص رحمه الله يمشى ذات يوم فاستقبله رستاقى مدهوش فقال له ابو حفص ما أصابك قال ضل حمارى ولا املك غيره فوقف ابو حفص وقال وعزتك لا اخطو خطوة ما لم ترد حماره فظهر الحمار في الوقت كذا في شرح المشارق لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ اللغو ما سقط من الكلام عن درجة الاعتبار يقال لغا لغوا إذا قال باطلا فِي أَيْمانِكُمْ جمع يمين وهو الحلف وسميت بها لمعنيين. أحدهما انها من اليمين التي هي اليد اليمنى وكانوا إذا تحالفوا في العهود تصافحوا بالايمان فسميت بذلك. والثاني ان اليمين هي القوة قال تعالى لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ وسميت به لان الحالف يتقوى بيمينه على حفظ ما حلف عليه من فعل او ترك والمراد باللغو في الايمان ما لا عقد معه ولا قصد وهو ان يحلف الرجل بالله على شىء يظن انه صادق فيه وليس كذلك سواء كان الذي يحلف عليه ماضيا او غيره فليس له اثم ولا كفارة هذا عند ابى حنيفة واما عند الشافعي فلغوا ليمين ما سبق اليه اللسان بلا قصد الحلف نحو لا والله وبلى والله مما يوكدون به كلامهم من غير اخطار الحلف بالبال ولو قيل لواحد منهم سمعتك تحلف في المسجد الحرام لانكر ذلك ولعله قال لا والله الف مرة. وفي الآية معنيان أحدهما لا يعاقبكم الله باللغو في ايمانكم ظنا انكم صادقون فيه وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ المؤاخذة مفاعلة من الاخذ وهي المعاقبة هاهنا بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ انطوت عليه واقترفت قلوبكم من قصد الإثم بالكذب في اليمين وهو ان يحلف الرجل على ما يعلم انه خلاف ما يقوله وهي اليمين الغموس وسميت بالغموس لانغماس صاحبها في الإثم بها. وثانيهما لا تلزمكم الكفارة بلغو اليمين الذي لا قصد معه ولكن تلزمكم الكفارة بما نوت قلوبكم وقصدت من اليمين لا بكسب اللسان وحده وفي التيسير ان هذه الآية فى مؤاخذة الآخرة فاما المؤاخذة المذكورة في قوله تعالى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فهى المؤاخذة بالكفارة لكنها في اليمين المعقودة فالآيتان في مؤاخذتين مختلفتين وَاللَّهُ غَفُورٌ حيث لم يؤاخذكم باللغو مع كونه ناشئا عن قلة المبالاة حَلِيمٌ حيث لم يعجل بالمؤاخذة وفيه إيذان بان المؤاخذة المعاقبة لا إيجاب الكفارة إذ هي التي تتعلق بها المغفرة والحلم دونه والفرق بين الحليم والصبور انه الذي لا يشمئز من الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتر به غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش كما قال الله تعالى وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وحظ العبد من وصف الحليم ظاهر فالحلم من محاسن خصال العباد وفي الحديث (ان الرجل المسلم ليدرك بالحلم مرتبة الصائم القائم) : قال الحسين الواعظ الكاشفى علم با حلم حال روى بود ... علم بي حلم خاك كوى بود

بردبارى چوزينت خردست ... هر كرا حلم نيست زيور نيست ثم انه قال قال العلماء إذا حلف بشئ فحنث ان كان مستقبلا فعليه كفارة وهو اليمين المنعقدة وان كان ماضيا فان كان الحالف عالما بالواقع وحلف على خلافه فاليمين كبيرة ولا كفارة عند ابى حنيفة في الكبائر وعند الشافعي تجب الكفارة فيه وهو اليمين الغموس وان كان الحالف جاهلا بالواقع ويرى انه صادق فيه وليس كذلك فلا كفارة فيه وهو يمين اللغو عند ابى حنيفة واليمين الغموس عند الشافعي ويحكم فيه بالكفارة واليمين بالله او باسم من أسمائه او بصفة من صفاته فاليمين بالله ان يقول والذين أصلي له والذي نفسى بيده واليمين بأسمائه كقوله والله والرحمن ونحوه واليمين بصفته كقوله وعزة الله وعظمته وجلال الله وقدرته ونحوها ومن حلف بغير الله مثل ان قال والكعبة وبيت الله ونبى الله او حلف بابيه ونحوه فلا يكون يمينا ولا تجب به الكفارة إذا خالف وهي يمين مكروهة قال الشافعي وأخشى ان تكون معصية وفي الحديث (من حلف بغير الله فقد أشرك بالله) معناه من حلف بغير الله تعالى معتقدا تعظيم ذلك الغير فقد أشرك المحلوف به مع الله في التعظيم المختص به ولو لم يكن على قصد التعظيم والاعتقاد به فلا بأس به كقوله لا وابى ونحو ذلك كما جرت به العادة قال على الرازي أخاف الكفر على من قال بحياتي وبحياتك وما أشبهه ولولا ان العامة يقولونه ولا يعلمونه لقلت انه الشرك لانه لا يمين الا بالله ولا يحلف بالبراءة من الإسلام فمن فعل ذلك صادقا لن يرجع الى الإسلام سالما وان كان كاذبا خيف عليه الكفر وفي الحديث (من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال) وظاهر الحديث يدل على ان المسلم ان قال ان افعل كذا فانا يهودى ففعل يكفر وبه عمل الشافعي وقال الحنفية لا يكفر فحملوا الحديث على التهديد واما ان علقه بالماضي كقوله ان فعلت كذا فانا يهودى وقد فعل فقد اختلفت الحنفية والصحيح انه لا يكفر ان كان يعلم انه يمين وان كان عنده انه يكفر بالحلف يكفر لانه رضى بالكفر وهو محمل الحديث عند الأكثر وفي الفتاوى البزازية والفتوى على انه يمين يلزم عليه الكفارة والاشارة في الآية ان ما يجرى على الظواهر من غير قصد ونية في البواطن ليس له كثير خطر في الخير والشر ولا زيادة اثر ولو كان له اثر في الخير لما عاب على قوم يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وكذا ما يجرى على اللسان بنية القلب بلا فعل الجوارح لو كان مؤثرا في القبول لما عاب قوما بقوله كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ولو كان له اثر في البر لما وسع على قوم بقوله لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وما عفا عن قوم بقوله إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وذلك لان القلب كالارض للزراعة والجوارح كالآلات للحراثة والأعمال والأقوال كالبذر فالبذر ما لم يقع في الأرض المربية للزراعة لا ينبت وان كان في آلة من آلات الحراثة فافهم جدا واما ان كان لما يجرى على الظواهر من الخير ادنى آثار في القلب ولو كان مثقال ذرة فان الله من كمال فضله وكرمه لا يضيعه حتى يكون القليل كثيرا والصغير عظيما وان كان لما يجرى على الظواهر من الشر ادنى اثر في القلب فان الله تعالى من غاية لطفه وإحسانه لا يؤاخذ العبد به بل يحلم عنه ويتوب عليه

[سورة البقرة (2) : الآيات 226 إلى 227]

ويغفر له كما قال وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ كذا في التأويلات النجمية لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ الإيلاء الحلف وحقه ان يسعمل بعلى لكن لما ضمن هذا القسم معنى البعد عدى بمن اى للذين يبعدون من نسائهم مؤلين تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اى انتظار هذه المدة وإضافته الى الظرف على الاتساع في الظرف بجريه مجرى المفعول به كما يقال بينهما مسيرة يوم اى مسيرة في يوم اى لهم ان ينتظروا في هذه المدة من غير مطالبة بفيئ او طلاق. والإيلاء من الزوجة ان يقول الرجل والله لا أقربك اربعة أشهر فصاعدا على التقييد بالأشهر او لا أقربك على الإطلاق ولو حلف على ان لا يطأها اقل من اربعة أشهر لا يكون مؤليا بل هو حالف إذا وطئها قبل مضى تلك المدة يجب عليه كفارة يمين على الأصح. وللايلاء حكمان حكم الحنث وحكم البر. فحكم الحنث وجوب الكفارة بالوطئ في مدة الإيلاء ان كان اليمين بالله ولزوم الجزاء من نحو الطلاق او العتاق او النذر المسمى ان كان القسم بذلك وحكم البر وقوع طلقة بائنة عند مضى مدة الإيلاء وهي اربعة أشهر ان كانت المنكوحة حرة وان كانت المنكوحة امة الغير تبين بمضى شهرين قال قتادة كان الإيلاء طلاقا لاهل الجاهلية وقال سعيد بن المسيب كان ذلك من ضرار اهل الجاهلية كان الرجل لا يحب امرأته ولا يحب ان يتزوجها غيره فيحلف ان لا يقربها ابدا فيتركها لا أيما ولا ذات بعل وكانوا في ابتداء الإسلام يفعلون ذلك ايضا فازال الله ذلك الضرر عنهن وضرب للزوج مدة يتروى فيها ويتأمل فان رأى المصلحة في ترك هذه المضارة فعله وان رأى المصلحة في المفارقة فارقها فَإِنْ فاؤُ اى ان رجعوا عما حلفوا عليه من ترك الجماع فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر للمولى بفيئته التي هي كتوبته اثم حنثه عند تكفيره او ما قصد بالإيلاء من ضرار المرأة وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ اصل العزم او العزيمة عقد القلب على إمضاء شىء تريد فعله اى حققوه وأكدوه بان ثبتوا في المدة على ترك القربان حتى مضت المدة فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لطلاقهم عَلِيمٌ بغرضهم فيه والاشارة في تحقيق الآيتين ان يعلم العبد ان الله لا يضيع حق أحد من عباده لا على نفسه ولا على غيره فلما تقاصر لسان الزوجة لكونها اسيرة فى يد الزوج فالله تعالى تولى الأمر بمراعاة حقها فامر الزوج بالرجوع إليها او تسريحها فاذا كان حق صحبة الاشكال محفوظا عليك حتى لو أخللت به أخذك بحكمه فحق الحق أحق بان يجب مراعاته وفي تعيين تربص اربعة أشهر في الفيء اشارة عجيبة وهي انها مدة تعلق الروح بالجنين كما قال عليه السلام (ان أحدكم يجمع خلقه) اى يحرز ويقر مادة خلقه (فى بطن امه) اى في رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء (أربعين يوما) وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النطفة إذا وقعت في الرحم فاراد الله ان يخلق منها تنشر في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم فذاك جمعها (ثم تكون علقة) وهي قطعة دم غليظ جامد (مثل ذلك) أربعين يوما (ثم تكون مضغة) وهي قطعة لحم قدر ما تمضغ (مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح) وهذا يدل على ان التصوير يكون في الأربعين الثالثة (ويؤمر بأربع كلمات) يعنى يؤمر الملك بكتابة اربع قضاها وهو معطوف على قوله تكون علقة لان الكتابة في الأربعين الثانية (يكتب رزقه) روى على صيغة المجهول والمعلوم (واجله) وهو يطلق على مدة الحياة كلها

[سورة البقرة (2) : آية 228]

وهو المراد هنا وعلى منتهاها ومنه قوله تعالى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ وعمله وشقى وهو من وجبت له النار او سعيد وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر الشقي لانه اكثر الناس كذا قال القاضي المراد بكتبه هذه الأشياء إظهارها للملك والا فقضاؤه تعالى سابق على ذلك. فاذا تمهد هذا فمن وقع له من اهل القصد وقفة او فترة في أثناء السلوك من ملالة النفس او نفرة الطبع فعلى الشيخ وعلى الاصحاب ان لا يفارقوه في الحقيقة وان يتعاونوا بالهمم العلية لاستجلابه ويتربصوا اربعة أشهر الرجوع فان فاء الى صدق الطلب ورعاية حق الصحبة واستغفر مما جرى منه ونفخ فيه روح الارادة مرة اخرى اقبلوا عليه وعفوا عما لديه فان هذا ربيع لا يرعاه الا المهزولون وربع لا يسكنه الا المعزولون ومنهل لا يرده الا اللاهون وباب لا يقرعه الا الماكثون بل هذا شراب لا يذوقه الا العارفون وغناء لا يطرب عليه الا العاشقون وان عزموا بعد مضى اربعة أشهر طلاق منكوحة المواصلة وأصروا على ذنب المفارقة فلهم التمسك بعروة هذا فراق بينى وبينك فان الله سميع بمقالتهم عليم بحالتهم: قال السعدي قدس سره نه ما را در ميان عهد ووفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى هنوزت گر سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى قال أوحد المشايخ في وقته ابو عبد الله الشيرازي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين كذا في لواقح الأنوار القدسية في مناقب العلماء والصوفية وَالْمُطَلَّقاتُ المراد بها ذوات الأقراء من الحرائر المدخول بهن لانه لا عدة على غير المدخول بها وان عدة من لا تحيض لصغر او كبر او حمل بالأشهر ووضع الحمل وان عدة الامة قرءان او شهران واصل التطليق رفع القيد اى المخليات من حبال أزواجهن يَتَرَبَّصْنَ خبر في معنى الأمر اى ليتربصن وينتظرن بِأَنْفُسِهِنَّ الباء للتعدية اى يحملن انفسهن على التربص ويجعلنها متربصة ثَلاثَةَ قُرُوءٍ نصب على الظرفية اى مدة ثلاثة قروء فلا تتزوجن الى انقضائها. والقروء جمع قرء وهو من الاضداد في كلام العرب يقع على الطهر والحيض والمشهور انه حقيقة فيهما كالشفق اسم للحمرة والبياض جميعا. ذهب ابو حنيفة وأصحابه الى ان القروء هي الحيض لان الله تعالى جعل الاعتداد بالأشهر بدلا من الاعتداد بالقرء كما قال وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فلما شرع ذلك عند ارتفاع الحيض دل على ان الأصل كان هو الحيض وتمسك الشافعي بقوله تعالى فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ على ان المراد بالقروء الاطهار لان اللام في لعدتهن للوقت ووقت العدة لا يجوز ان يكون وقت الحيض لانه تعالى امر بالطلاق والطلاق في وقت الحيض منهى عنه. وجوابه ان معناه فطلقوهن مستقلات لعدتهن وهي الحيض الثلاث فالطلاق يقع ثم تأخذ المرأة وتشرع في العدة وليس معنى الآية ان الطلاق واقع في العدة وفائدة الخلاف بين الشافعي وابى حنيفة ان مدة العدة عند الشافعي اقصر وعند ابى حنيفة أطول حتى لو طلقها فى حال الطهر يحسب بقية الطهر قرأ وان حاضت عقيبه في الحال فاذا شرعت في الحيضة الثالثة انقضت عدتها وعند ابى حنيفة ما لم تطهر من الحيضة الثالثة ان كان الطلاق في حال الطهر

او من الحيضة الرابعة ان كان الطلاق في حال الحيض لا يحكم بانقضاء عدتها وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ اى يخفين ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ من الحبل والحيض بان تقول المرأة لست بحامل او لست بحائض وهي حائض لتبطيل حق الزوج من الولد والرجعة وذلك إذا أرادت المرأة فراق زوجها فكتمت حملها لئلا ينتظر بطلاقها ان تضع وربما أسقطت الحمل خوفا ان يعود ولئلا يشفق على الولد فيترك تسريحها او كتمت حيضها استعجالا للطلاق لان الطلاق السنى انما يكون في الطهر. وفيه دليل على قبول قولهن في ذلك نفيا واثباتا إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى فلا يجترئن على ذلك فان قضية الايمان بالله واليوم الآخر الذي يقع فيه الجزاء والعقوبة منافية له قطعا. وفيه تهديد شديد على النساء وليس المراد ان ذلك النهى مشروط بكونها مؤمنة لان المؤمنة والكافرة في هذا الحكم سواء وَبُعُولَتُهُنَّ جمع بعل والبعلة المرأة واصل البعل السيد والمالك سمى الزوج بعلا لقيامه بامر زوجته كانه مالك لها ورب والتاء في البعولة لتأنيث الجمع فان الجمع لكونه بمعنى الجماعة في حكم المؤنث والتاء زائدة لتأكيد التأنيث ودلت تسمية الزوج بعلا بعد طلاقها الصريح على ان النكاح قائم والحل ثابت والضمير لبعض افراد المطلقات لان هن عام شامل للمطلقة بالطلاق الرجعى والبائن ولا حق لازواج المطلقات البوائن في النكاح والرجعة أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ الى النكاح والرجعة إليهن فِي ذلِكَ اى في زمان التربص فان حق الرجعة انما يثبت للزوج ما دامت فى العدة وإذا انقضى وقت العدة بطل حق الرد والرجعة. وافعل هنا بمعنى الفاعل والمعنى ان أزواجهن حقيقون بردهن إذ لا معنى للتفضيل هنا فان غير الأزواج لا حق لهم فيهن البتة ولا حق ايضا للنساء في ذلك حتى لوابت من الرجعة لم يعتد بذلك إِنْ أَرادُوا اى الأزواج بالرجعة إِصْلاحاً لما بينهم وبينهن وإحسانا إليهن ولم يريدوا مضارتهن كما كانوا يفعلونه في الجاهلية كان الرجل يطلق امرأته فاذا قرب انقضاء عدتها راجعها ثم بعد مدة طلقها يقصد بذلك تطويل العدة عليها وليس المراد به شرطية قصد الإصلاح بصحة فان الرجعة صحيحة وان راجعها مضارا بها بل هو الحث عليه والزجر عن قصد الضرار ثم انه تعالى لما بين ان المقصود من الرجعة إصلاح حالها لا إيصال الضرر إليها بين ان لكل واحد من الزوجين حقا على الآخر فقال وَلَهُنَّ عليهم من الحقوق مِثْلُ الَّذِي لهم عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ قوله بالمعروف متعلق بما تعلق به لهن من الاستقرار اى استقر لهن بالمعروف اى بالوجه الذي لا ينكر في الشرع وعادات الناس فلا يكلفهن ما ليس لهم ولا يعنف أحد الزوجين صاحبه ووجه المماثلة بين الحقين هو الوجوب واستحقاق المطالبة لا الاتحاد في جنس الحقوق مثلا إذا استحقت المرأة على الزوج المهر والنفقة والمسكن لا يستحق هو عليها ايضا جنس هذه الحقوق وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ اى زيادة في الحق وفضل فيه وفضل الرجل على المرأة في العقل والدين وما يتفرع عليهما مما لا شك فيه وفضله المناسب بهذا المقام أمران. الاول كون ما يستحق هو عليها أفضل وأزيد مما تستحق هي عليه فانه مالك لها مستحق لنفسها لا تصوم تطوعا الا باذنه ولا تخرج من بيتها الا باذنه وقادر على الطلاق فاذا طلقها فهو قادر على مراجعتها شاءت المرأة او أبت. واما المرأة

فلا تملك شيأ من هذه الأمور وانما حقها فيه المهر والكفاف وترك الضرار. والثاني ما أشار اليه الزجاج بقوله معناه ان المرأة تنال من الرجل من اللذات المتفرعة على النكاح مثل ما ينال الرجل منها وله الفضيلة عليها بنفقته والقيام عليها فالفضيلة على هذا فضيلة ما التزمه في حقها مما يتعلق بالرحمة والإحسان كالتزام المهر والنفقة والمسكن والذب عنها والقيام بمصالحها ومنعها عن مواقع الآفات عن ابى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو كنت آمرا لاحد ان يسجد لاحد غير الله لا مرت المرأة ان تسجد لزوجها) لما عظم الله من حقه عليها قال تعالى الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فكان قيام المرأة بخدمة الرجل آكد وجوبا لهذه الحقوق الزائدة وَاللَّهُ عَزِيزٌ يقدر على الانتقام ممن يخالف أحكامه حَكِيمٌ تنطوى شرائعه على الحكم والمصالح واعلم ان مقاصد الزوجية لا تتم الا إذا كان كل واحد من الزوجين مراعيا حق الآخر مصلحا لاحواله مثل طلب النسل وتربية الولد ومعاشرة كل واحد منهما الآخر بالمعروف وحفظ المنزل وتدبير ما فيه وسياسة ما تحت أيديهما الى غير ذلك مما يستحسن شرعا ويليق عادة وفي الحديث (جهاد المرأة حسن التبعل) يقال امرأة حسنة التبعل إذا كانت تحسن عشرة زوجها والقيام بما عليها فى بيت الزوج وفي الحديث (أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة) كما في رياض الصالحين. ومن الحقوق التزين قال ابن عباس رضي الله عنهما انى لا تزين لامرأتى كما تتزين لقوله تعالى وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ويقال ان المرأة مثل الحمامة إذا نبت لها جناح طارت كذا الرجل إذا زين امرأته بالثياب فلا تجلس بالبيت. وقال رجل ما دخل دارى شر قط فقال حكيم ومن اين دخلت امرأتك: قال السعدي قدس سره دلارام باشد زن نيك خواه ... ولى از زن بد خدايا پناه وقال بعضهم عصمت زن را بمقام جمال ... جلوه حرامست مگر با حلال - حكى- انه كان في بنى إسرائيل رجل صالح وكان له امرأة يحبها حبا شديدا فبعث الله اليه ان يسأله ثلاث حوائج فقال لامرأته حوائجى كثيرة لا أدرى ما اعمل فقالت امرأته اسأل حاجة لى وحاجتين لك قال ما تريدين قالت اسأل ربك ان يصيرنى في صورة ما كانت صورة احسن منها وأجمل فسأل ربه فاضاء البيت من حسنها وجمالها فقامت لتخرج من بيتها فقال زوجها الى اين تذهبين قالت الى بعض السلاطين انا لا أضيع حسنى وجمالى بمثلك ومنع الزوج خروجها ثم بلغ الخبر الى بعض السلاطين فجاء أعوانه وأخذوها من زوجها جبرا فقال الرجل اللهم بقي لى عندك حاجتان اجعلها قردة فمسخها الله تعالى قردة فردها الملك من عنده فجاءت الى زوجها ثم قال الرجل اللهم ردها كما كانت اولا فذهبت الحوائج كلها عبثا لا هي افلحت ولا هو والاشارة ان المطلقات لما امرن بالعدة وفاء لحق الصحبة وان كان الانقطاع من الزوج لا من الزوجة امرن ان لا يقين غير مقامه بالسرعة ويصبرون حتى يمضى مقدار من المدة الى آخر العدة وكلها دلالات على وفاء الربوبية في رعاية العبودية فان الله تعالى من كمال كرمه يرخى زمام الفضل

[سورة البقرة (2) : آية 229]

بالاصطناع وان كان من العبد الفصل والانقطاع ويمهل العبد الى انقضاء عدة الجفاء ولا يعرض عنه سريعا لاقامة شرط الوفاء لعل العبد في مدة العدة يتنبه من نوم الغفلة وتتحرك داعيته فى ضمير قلبه من نتائج محبة ربه وان ابتلاه بمحنة الفرقة فيقرع بإصبع الندامة باب التوبة ويقوم على قدم الغرامة في طلب الرجعة والاوبة فيقال من كمال الفضل والنوال يا قارع الباب دع نفسك وتعال من طلب منا فلاحا فليلزم عتبتنا مساء وصباحا الطَّلاقُ اى التطليق الرجعى المتقدم ذكره الذي قال تعالى فيه وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ مَرَّتانِ اى دفعتان وذلك لا يكون الا على سبيل التفريق فان من اعطى الى آخر درهمين لم يجز أن يقال أعطاه مرتين حتى يعطيه إياهما دفعتين فالجمع بين الطلقتين والثلاث في الإيقاع حرام عند ابى حنيفة رحمه الله الا انه سنى الوقوع لا سنى الإيقاع فالطلاق الذي يثبت فيه للزوج حق المراجعة هو ان يوجد طلقتان فقط واما بعد الطلقتين بان طلق ثلاثا فلا يثبت للزوج حق الرجعة البتة ولا تحل له المرأة الا بعد زوج آخر ثم قوله الطَّلاقُ مَرَّتانِ وان كان ظاهره الخبر فان معناه الأمر لان حمله على ظاهره يؤدى الى وقوع الخلف في خبر الله تعالى لانه قد يوجد إيقاع الطلاق على وجه الجمع ولا يجوز الخلف في خبر الله فكان المراد منه الأمر كأنه قيل طلقوهن مرتين اى دفعتين فَإِمْساكٌ اى فالحكم بعد هاتين الطلقتين إمساك لهن بِمَعْرُوفٍ وهو ان يراجعها لا على قصد المضارة بل على قصد الإصلاح وحسن المعاشرة أَوْ تَسْرِيحٌ اى تخلية بِإِحْسانٍ بان يترك المراجعة حين تبين بانقضاء العدة. ومعنى الإحسان في التسريح انه إذا تركها ادى إليها حقوقها المالية ولا يذكرها بعد المفارقة بسوء ولا ينفر الناس عنها وجملة الحكم في هذا الباب ان الحر إذا طلق زوجته طلقة او طلقتين بعد الدخول بها يجوز له ان يراجعها من غير رضاها ما دامت في العدة وان لم يراجعها حتى تنقضى عدتها او طلقها قبل الدخول بها او خالعها فلا تحل له الا بنكاح جديد بإذنها واذن وليها فان طلقها ثلاثا فلا تحل له ما لم تنكح زوجا غيره واما العبد إذا كانت تحته امة فطلقها طلقتين فانها لا تحل له الا بعد نكاح زوج آخر والاعتبار بالمرأة في عدد الطلاق عند ابى حنيفة رحمه الله فيملك العبد على زوجته الحرة ثلاث طلقات ولا يملك الحر على زوجته الامة إلا طلقتين وَلا يَحِلُّ لَكُمْ- روى- ان جميلة بنت عبد الله بن ابى بن سلول كانت تبغض زوجها ثابت بن قيس فاتت رسول الله عليه السلام وقالت لا انا ولا ثابت ولا يجمع رأسى ورأسه شىء والله ما اعيبه في دين ولا خلق ولكنى اكره الكفر فى الإسلام ما أطيقه بعضا انى رفعت جانب الخباء فرأيته اقبل في عدة فاذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها فنزلت فاختلعت منه بحديقة أصدقها اى سماها ثابت صداقا لها يعنى لما قالت جميلة ما قالت قال ثابت يا رسول الله مرها فلترد على الحديقة التي أعطيتها فقال عليه السلام لها (ما تقولين) قالت نعم وأزيده فقال عليه السلام (لا حديقته فقط) ثم قال لثابت (خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها) ففعل وكان ذلك أول خلع في الإسلام. والخطاب في لكم مع الاحكام ليطابق قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فانه خطاب مع الحكام والحكام وان لم يكونوا آخذين ومؤتين حقيقة الا انهم هم الذين يأمرون بالأخذ والإيتاء عند الترافع إليهم فكأنهم هم الذين يأخذون

ويؤتون أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ اى تأخذوا منهن بمقابلة الطلاق ما أعطيتموهن من المهور شَيْئاً اى نزرا يسيرا فضلا عن استرداد الكثير إِلَّا أَنْ يَخافا اى الزوجان أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ اى ان لا يراعيا مواجب الزوجية. قوله إِلَّا أَنْ يَخافا استثناء مفرغ وان يخافا محله النصب على انه مفعول من اجله مستثنى من العام المحذوف تقديره ولا يحل لكم ان تأخذوا بسبب من الأسباب شيأ الا بسبب خوف عدم اقامة حدود الله فَإِنْ خِفْتُمْ ايها الحكام أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ اى الحقوق التي أثبتها النكاح وذلك بمشاهدة بعض الأمارات والمخايل فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ اى فيما أعطته المرأة من بدل الخلع لا على الزوج في أخذ ما فدت به نفسها ولا عليها في إعطائه إياه هذا إذا كان النشوز من قبل المرأة لانها ممنوعة عن إتلاف المال بغير حق اما إذا كان النشوز من قبل الزوج فلا يحل له ان يأخذ شيأ مما آتاها لقوله تعالى فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ولا يضيق عليها ليلجئها الى الافتداء فان ذلك منهى عنه قال تعالى في سورة النساء وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ وعموم قوله تعالى فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ يشعر بجواز المخالعة على قدر المقبوض من الزوج وعلى الأزيد والأقل وعليه جمهور الفقهاء ثم ان ظاهر الآية انه لا يباح الخلع الا عند الغضب والخوف وجمهور المجتهدين على جوازه في حالة الخوف وفي غير حالة الخوف فلا بد حينئذ ان يجعل قوله إِلَّا أَنْ يَخافا استثناء منقطعا كما في قوله تعالى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً اى لكن ان قتل خطأ فدية مسلمة الى اهله قال البغوي ويجوز الخلع في غير حال النشوز غير انه يكره لما فيه من قطع الوصلة بلا سبب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان من ابغض الحلال الى الله الطلاق) تِلْكَ اى الاحكام المذكورة حُدُودَ اللَّهِ أوامره ونواهيه فَلا تَعْتَدُوها اى لا تتجاوزوا عنها بالمخالفة والرفض وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ المتعدون هُمُ الظَّالِمُونَ اى لانفسهم بتعريضها لسخط الله وعقابه اعلم ان المرأة إذا برئت من مواقع الخلل واتصفت بالعفة فعلى الزوج ان يعاشرها بالمعروف ويصبر على سائر أوضاعها وسوء خلقها ويتأدب بآداب النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام يحسن المعاشرة مع أزواجه المطهرة فحسن معاشرتهن والصبر عليهن مما يحسن الأخلاق فلا جرم يعد الصابر من المجاهدين في سبيل الله- روى- ان بعض المتعبدين كان يحسن القيام على زوجته الى ان ماتت وعرض عليه التزويج فامتنع وقال الوحدة أروح لقلبى قال فرأيت في المنام بعد جمعة من وفاتها كأن أبواب السماء قد فتحت وكأن رجالا ينزلون ويسيرون في الهواء يتبع بعضهم بعضا فكلما نظر الى واحد منهم يقول لمن وراءه هذا هو المشئوم فيقول الآخر نعم ويقول الثالث كذلك فخفت ان اسألهم الى ان مر بي آخرهم فقلت له من هذا المشئوم فقال أنت قلت ولم قال كنا نرفع عملك مع اعمال المجاهدين في سبيل الله تعالى فمنذ جمعة أمرنا ان نضع عملك مع المخالفين فلا ندرى ما أحدثت فقال لاخوانه زوجونى فلم يكن يفارقه زوجتان او ثلاث: قال الكاشفى مردى گمان مبر كه بزورست و پر دلى ... با نفس اگر جهاد كنى مرد كاملى ولا يتيسر هذا الا لواحد بعد واحد كما قيل وللحروب رجال وان أنت تريد الطلاق فطلق نفسك: كما قيل

[سورة البقرة (2) : آية 230]

هر كه زن نفس شوم را داد طلاق ... جفتش نبود بزير اين نيلى طاق از مزبله نفس قدم بيرون نه ... تا روحت كند نسيم وصل استنشاق ومادام عجوز نفسك تشوش باطنك وتخرب بيت قلبك فالعروس التي هي تجلي الروح لا تتراءى من وراء نقاب السر ولا تجيئ بيت مشاهدتك رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعد طوره والاشارة في الآية ان اهل الصحبة لا يفارقون بجريمة واحدة صدرت من الرفيق الشفيق والصديق الصدوق ولا بجريمتين بل يتجاوزون مرة او مرتين. وفي الثالثة فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ اما صحبة جميلة او فرقة جميلة كما تجاوز الخضر عن موسى عليهما السلام مرتين وفي الثالثة قال هذا (فراق بينى وبينك) واما الصحبة من غير تعظيم وحرمة وذهاب لذة العمر بالأخلاق الذميمة واضاعة الوقت في تحصيل المقت فغير مرضية في الطريقة ولا محمودة في الشريعة بل قاطعة طريقة الحق وليس لاهل الصحبة إذا اتفقت المفارقة ان يستردوا خواطرهم من الرفقاء بالكلية ويقطعوا رحم الاخوة في الدين ويأخذوا منهم قلوبهم بعد ما آتوهم الهمم العلية فان العائد في هبته كالعائد في قيئه إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فى رعاية حقوق الصحبة فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ بان تؤدى الى مداهنة او إهمال في حق حقوق الدين فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ من الحظوظ لرعاية الحقوق تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ من الحظوظ والحقوق فَلا تَعْتَدُوها بترك الحقوق لنيل الحظوظ كذا في التأويلات النجمية قدس الله تعالى نفسه الزاكية القدسية فَإِنْ طَلَّقَها اى بعد الطلقتين السابقتين فَلا تَحِلُّ تلك المرأة لَهُ لزوجها مِنْ بَعْدُ اى من بعد الطلقة الثالثة لا بطريق الرجعة ولا بتجديد العقد حَتَّى تَنْكِحَ تتزوج تلك المرأة زَوْجاً غَيْرَهُ اى غير المطلق ويسمى الأجنبي زوجا لانه بالعقد يصير زوجا فسماه باسم العاقبة والنكاح هنا العقد دون الوطئ وبه أخذ سعيد بن المسيب واللفظ يشهد له لا يقال حتى تطأ المرأة الزوج فان المرأة موطوءة لا واطئة فالآية وان كانت مطلقة لانها انما تدل على ان عدم حلها له يمتد الى ان تتزوج بزوج آخر وينعقد بينهما عقد النكاح من غير تقييد ذلك العقد بكونه مؤديا الى جماع الزوج الثاني لكنها مقيدة بالسنة فالاجماع على اشتراط الاصابة لما روى ان امرأة رفاعة جاءت النبي عليه الصلاة والسلام فقالت ان رفاعة طلقنى فبت طلاقى اى قطعه حيث طلقنى ثلاثا وان عبد الرحمن بن الزبير تزوجنى وان ما معه اى ذكره ليس باغنى عنى من هذه اى الهدبة وأخذت من جلبابها فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال (أتريدين ان ترجعى الى رفاعة) قالت نعم فقال (لا حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك) والمراد بالعسيلة الجماع شبه لذة الجماع بالعسل فَإِنْ طَلَّقَها اى الزوج الثاني بعد الدخول بها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما اى لا اثم على الزوج الاول والمرأة أَنْ يَتَراجَعا اى يرجع كل منهما الى صاحبه بعقد جديد إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ اى ان كان في ظنهما انهما يقيمان حدود الله اى ما حده الله وشرعه من حقوق الزوجية ولم يقل ان علما لان العواقب غير معلومة والإنسان لا يعلم ما في الغد وانما يظن ظنا وَتِلْكَ اشارة الى الاحكام المذكورة

[سورة البقرة (2) : الآيات 231 إلى 236]

الى هنا حُدُودَ اللَّهِ اى أحكامه المعينة المحمية من التعرض لها بالتغيير والمخالفة يُبَيِّنُها بهذا البيان لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اى يفهمون ويعملون بمقتضى العلم وتخصيصم بالذكر مع عموم الدعوة والتبليغ لما انهم المنتفعون بالبيان والجاهل إذا بين له لا يحفظ ولا يتعاهد نكته گفتن پيش كز فهمان ز حكمت بيگمان ... جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خرست ثم ان الحكمة في اشتراط إصابة الزوج الثاني في التحليل وعدم كفاية مجرد العقد فيه الردع عن المسارعة الى الطلاق فان الغالب ان يستنكر الزوج ان يستفرش زوجته رجل آخر وهذا الردع انما يحصل بتوقف الحل على الدخول واما مجرد العقد فليس منه زيادة نفرة وتهييج غيرة فلا يصلح توقف الحل عليه رادعا وزاجرا عن التسرع الى الطلاق والنكاح المعقود بشرط التحليل وهو ان يشترط في النكاح ان يقتصر على قدر التحليل ولا يستديم زوجيتها فاسد عند الأكثر وجائز عند ابى حنيفة مع الكراهة وعنه انهما ان أضمرا التحليل ولم يصرحا به فلا كراهة وفي شرح الزيلعى لو خافت المرأة المطلقة ثلاثا ان لا يطلقها المحلل فقالت زوجتك نفسى على ان امرى بيدي اطلق نفسى كلما أردت فقبل جاز النكاح وصار الأمر بيدها وفيه ايضا ومن لطائف الحيل فيه ان تزوج المطلقة من عبد صغير تتحرك آلته ثم تملكه بسبب من الأسباب بعد ما وطئها فيفسخ النكاح بينهما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (لعن الله المحلل والمحلل له) المحلل بكسر اللام والمراد به الزوج الثاني والمحلل له بفتح اللام والمراد به الزوج الاول فان قلت ما معنى لعنهما قلت معنى اللعن على المحلل لانه نكح على قصد الفراق والنكاح شرع للدوام وصار كالتيس المستعار والتيس هو الذكر من الغنم وقد يستعيره الناس لاستيلاد الغنم واللعن على المحلل له لانه صار سببا لمثل هذا النكاح والمتسبب شريك المباشر فى الإثم والثواب. او المراد من اللعن اظهار خساستهما اما خساسة المحلل فلمباشرته مثل هذا النكاح بدليل قوله عليه السلام (الا أنبئكم بالتيس المستعار) واما خساسة المحلل له فلمباشرة ما ينفر عنه الطبع السليم من عودها اليه بعد مضاجعة غيره إياها واستمتاعه بها لا حقيقة اللعن إذ هو لا يليق بمنصب الرسالة في حق الامة لانه عليه الصلاة والسلام لم يبعث لعانا والاشارة في الآية ان اهل الصحبة لما تجاوزوا عن زلة الاخوان مرة ومرتين ثم في الثالثة ان سلكوا طريق الهجران وخرجوا عن مصاحبة الاخوان فلا يحل للاخوان ان يواصلوا الخوان حتى يصاحب الخائن صديقا مثله فان ندم بعد ذلك على أفعاله وسئم من ذلك الصديق وأمثاله وترك صحبته وخرج عن خصاله ورجع الى صحبة إخوانه واشكاله فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما شرائط العبودية والصحبة في الله وتلك طرق قربات الله والسائرين الى الله يبينها بالتصريح والتعريض والعبارات والإشارات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ المعاريض ويفهمون الإشارات كذا فى التأويلات النجمية قال احمد بن حضرويه الطريق واضح والدليل لائح والداعي قد اسمع فما التحير بعد هذا الا من العمى: قال الحافظ وصف رخساره خورشيد ز خفاش مپرس ... كه درين آينه صاحب نظران حيرانند وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ اى نساءكم فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ اى آخر عدتهن وشارفن منتهاها

ولم يرد حقيقة انقضاء العدة لان العدة إذا انقضت لم يكن للزوج إمساكها بالمعروف نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا قرب انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها بقصد مضارتها فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ اى راجعوهن من غير طلب إضرار لهن بالرجعة. والمعروف ما ألفته العقول واستحسنته النفوس شرعا وعرفا وعادة والمراد به هنا حسن المعاشر أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ او خلوهن حتى تنقضى عدتهن من غير تطويل وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً اى ولا تراجعوهن ارادة الإضرار بهن بتطويل العدة والحبس على ان يكون انتصاب ضرارا على العلة او مضارين على الحال فان قلت لا فرق بين قوله فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وبين قوله لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لان الأمر بالشيء نهى عن ضده فما الفائدة في التكرار قلت ان الأمر لا يفيد التكرار ولا يدل على كون امتثال المأمور به مطلوبا فى كل الأوقات فدل لا تمسكوهن على المبالغة في التوصية بالإمساك بالمعروف لدلالته على ان الإمساك المذكور مطلوب منه في جميع الأوقات لِتَعْتَدُوا متعلق بضرارا إذ المراد تقييده اى لتظلموهن بالإلجاء الى الافتداء وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى ما ذكر من الإمساك المؤدى الى الظلم فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فى ضمن ظلمه لهن بتعريضها للعقاب وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ المنطوية على الاحكام المذكورة او جميع آياته وهي داخلة فيها دخولا أوليا هُزُواً اى مهزوا بها بالاعراض عنها والتهاون في العمل بما فيها والنهى كناية عن الأمر بضده لان المخاطبين مؤمنون ليس من شأنهم الهزؤ بآيات الله اى جدوا في الاخذ بها والعمل بما فيها وارعوها حق رعايتها: قال الحكيم السنائي قدس سره دانشت هست وكار بستن كو ... خنجرت هست وصف شكستن كو ولما رغبهم في رعاية التكاليف والعمل بها بالتهديد على التهاون بها أكد ذلك الأمر بذكر نعم الله عليهم بان يشكروها ويقوموا بحقوقها فقال وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كائنة عَلَيْكُمْ حيث هداكم الى ما فيه سعادتكم الدينية والدنيوية اى قابلوها بالشكر والقيام بحقوقها وقيل واذكروا انعام الله عليكم بان خلقكم رجالا وجعل لكم أزواجا تسكنون إليها وجعل النكاح والطلاق والرجعة بايديكم ولم يضيق عليكم كما ضيق على الأولين حين أحل لهم امرأة واحدة ولم يجوز لهم بعد موت المرأة نكاح اخرى وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ عطف على نعمة الله اى وما أنزله الله عليكم مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ اى القرآن والسنة أفردهما بالذكر إظهارا لشرفهما يَعِظُكُمْ بِهِ اى بما انزل عليكم حال من فاعل انزل وهو ضمير انزل اى اذكروا نعمة الله وما أنزله عليكم واعظا به لكم ومخوفا وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شأن المحافظة عليه والقيام بحقوقه الواجبة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فلا يخفى عليه شىء مما تأتون وما تذرون فيؤاخذكم بافانين العذاب والاشارة في الآية ان الاذية والمضارة ليست من الإسلام ولا من آثار الايمان ولا من شعار المسلمين عموما كما قال عليه السلام (المؤمن من امنه الناس) وقال (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ويتضمن حسن المعاشرة مع الخلق جميعا. فاما الزوجان ففيهما خصوصية بالأمر بحسن المعاشرة معهن وترك اذيتهن والمغايظة معهن على وجه اللجاج فاما

[سورة البقرة (2) : آية 232]

تخلية سبيل من غير جفاء او قيام بحق الصحبة على شرائط الوفاء بلا اعتداء وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى من الاذية والمضارة والاعتداء بالجفاء فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لان الله تعالى يجازى الظالم والمظلوم يوم القيامة بان يكافئ المظلوم من حسنات الظالم ويجازى الظالم من سيآت المظلوم والظالم إذا أساء الى غيره صارت نفسه مسيئة وإذا احسن صارت نفسه محسنة فترجع اساءة الظالم الى نفسه لا الى نفس غيره حقيقة فانه ظلم نفسه لا غيره ولهذا قال تعالى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها: قال السعدي قدس سره مكن تا توانى دل خلق ريش ... وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً اى بتلاوة ظاهرها من غير تدبر معانيها وتفهم إشاراتها وتحقق اسرارها وتتبع حقائقها والتنور بانوارها والاتعاظ بمواعظها وحكمها يقال ان الوعظ كالشاهين فانما يقع على الحي لا على الميت فمن مات قلبه ونعوذ بالله من ذلك لم يتأثر بالمواعظ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (أنتم اليوم على بينة من ربكم) يعنى على بيان قد بين لكم طريقكم (ما لم تظهر فيكم السكرتان سكرة العيش وسكرة الجهل) - روى- انه ضلت راحلة الحسن البصري في طريق الحج فلقيه صبى فسأله فعرفها فلما وجد الراحلة سأله الصبى يا شيخ ما تأكل وما تلبس قال آكل خبز الشعير والبس الصوف لا كسر شهوتى بهما قال الصبى كل ما شئت والبس كذلك بعد ان يكونا حلالين قال واين تبيت قال في الخص وهو بيت من القصب قال لا تظلم وبت حيث شئت فقال الحسن لولا صباك لكسبت منك ما تكلمت به فتبسم الصبى وقال أراك غافلا أخبرتك بالدنيا فقبلت وأخبرك بالدين فتأنف من كلامى ارجع الى منزلك فلا حج لك: قال السعدي قدس سره مرد بايد كه گيرد اندر گوش ... ور نوشته است پند بر ديوار وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ اى استوفين عدتهن فالبلوغ هنا عبارة عن حقيقة الانتهاء لان المذكور بعده النكاح ولا يكون ذلك الا بعد الانقضاء العدة فَلا تَعْضُلُوهُنَّ العضل المنع والحبس والتضييق. والمخاطب بالخطاب الاول هو الأزواج. وبالثاني هو الأولياء لما روى ان الآية نزلت في معقل ابن يسار حين منع أخته جميلة ان ترجع الى زوجها الاول البداح عبيد الله بن عاصم فانه جاء يخطبها بعد انقضاء العدة وأرادت المرأة الرجوع فلما سمع مقل الآية قال ارغم أنفي وأزوج أختي واطيع ربى فالمعنى إذا طلقتم النساء ايها الأزواج فلا تعضلوهن ايها الأولياء وهذا وان كان مما لا يخفى ركاكته الا ان جملة الخلائق من حيث حضورهم في علمه تعالى لما كانت بمثابة جماعة واحدة صح توجيه أحد الخطابين الواقعين في كلام واحد الى بعض وتوجيه الخطاب الآخر الى البعض الآخر ولعل التعريض لبلوغ الاجل مع جواز تزوج الاول قبله ايضا لدفع العضل المذكور حينئذ وليس فيه دلالة على ان ليس للمرأة ان تزوج نفسها والا لاحتيج الى نهى الأولياء عن العضل لما ان النهى لدفع الضرر عنهن فانهن وان قدرن على تزويج انفسهن لكنهن يحترزن عن ذلك مخافة اللوم والقطيعة. وقيل الخطابان للازواج حيث كانوا يعضلون مطلقاتهم ولا يدعونهن يتزوجن من شئن من الأزواج

ظلما وقسرا واتباعا لحمية الجاهلية أَنْ يَنْكِحْنَ اى لا تمنعوهن من ان يتزوجن وفيه دلالة على صحة النكاح بعبارتهن أَزْواجَهُنَّ ان أريد بهم المطلقون فالزوجية اما باعتبار ما كان واما باعتبار ما يكون والا فبالاعتبار الأخير على معنى ان ينكحن انفسهن ممن شئن ان يكونوا أزواجا لهن إِذا تَراضَوْا اى الخطاب والنساء ظرف لقوله ان ينكحن اى ان ينكحن وقت التراضي بَيْنَهُمْ ظرف للتراضى مفيد لرسوخه واستحكامه بِالْمَعْرُوفِ حال من فاعل تراضوا اى إذا تراضوا ملتبسين بالمعروف من العقد الصحيح والمهر الجائز والتزام حسن المعاشرة وشهود عدول. والمعروف ما يعرفه الشرع وتستحسنه المروءة وفيه اشعار بان المنع من التزوج بغير كفؤ وبما دون مهر المثل ليس من باب العضل ذلِكَ اشارة الى ما مضى ذكره اى الأمر الذي تلى عليكم من ترك العضل ايها الأولياء او الأزواج وتوحيد كاف الخطاب مع كون المخاطب جمعا اما على تأويل القبيل او كل واحد او لكون الكاف لمجرد توجيه الكلام الى الحاضر مع قطع النظر عن كونه واحدا او جمعا يُوعَظُ بِهِ اى ينهى ويؤمر به مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لانه المتعظ به والمنتفع ذلِكُمْ اى الاتعاظ به والعمل بمقتضاه أَزْكى لَكُمْ أنمى لكم وانفع من زكا الزرع إذا نما فيكون اشارة الى استحقاق الثواب وَأَطْهَرُ من ادناس الآثام واوضار الذنوب والمفضل عليه محذوف للعلم اى من العضل وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فيه من النفع والصلاح والتفصيل وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ لقصور علمكم فان المكلف وان كان يعلم وجه الصلاح في هذه التكاليف على سبيل الإجمال الا ان التفصيل غير معلوم له واما الله تعالى فانه العالم بتفاصيل الحكم في كل ما امر به ونهى عنه وبينه لعباده برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست فدعوا رأيكم وامتثلوا امره تعالى ونهيه في كل ما تأتون وما تذرون وذلك كما ان الوالد يحمى ولده عن بعض الاطعمة صونا له عن انحراف مزاجه فذلك محض إصلاح له لما انه يعلم ما لا يعلمه فقد وعظنا الله تعالى في الكتاب بكل ما هو خير وصواب ونهانا عن كل ما يؤدى الى هلاك وتباب ولكن سماع النصيحة لا يتيسر الا لاولى الألباب كما قال الامام الغزالي قدس سره العالي النصيحة سهل والمشكل قبولها لانها في مذاق متبع الهوى مر إذ المناهي محبوبة في قلوبهم فالواعظ انما ينفع المؤمن الحقيقي وهو ما وصفه الله في كتابه فقال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وعن ابن مسعود رضي الله عنه السعيد من وعظ بغيره ومثالكم فى استماعكم ما قيل ان رجلا اصطاد طيرا فقال له لا تذبحنى فأى فائدة لك بل خلنى وأعلمك ثلاث حكم تنفعك كلها. الاولى لا تترك الفائدة المعلومة بالمظنونة. والثانية لا تصدق الشيء المستحيل. والثالثة لا تمدن يدك الى ما لم تبلغه فلما خلاه وطار قال ان في حوصلتى جوهرة كبيرة لو استخرجتها لفزت فأخذ يدنو منه والطير يتباعد عنه فقال يا أحمق ما اسرع ما نسيت الحكم تركت الفائدة المعلومة بالمظنونة حيث خليتنى والآن تمديدك الى ما لم تنل وصدقتنى في المستحيل فان حوصلتى لا تسع إلا حبة أو حبتين فكيف يحتمل فيها الجوهرة الكبيرة فكذلك أنتم

[سورة البقرة (2) : آية 233]

فى استماعكم- روى- ان شقيق البلخي قدس سره كان تاجرا في أول امره يتجر في بلاد النصارى فقال له امير النصارى في أي مدة تجئ وتذهب فقال أجيء في ثلاثة أشهر واشترى السلع في ثلاثة واذهب في ثلاثة وأبيع السلع في ثلاثة فقال الملك فهذه الشهور السنة فما تعبد ربك فتأثر قلبه من هذا الكلام فقام عن التجارة واشتغل بالعبادة فان كان التوفيق رفيق عبد لا يزال يقطع المسافات وان مسه الآفات الى ان يصل الى المقصود وإذا وكل الى نفسه لا يفيده ملام ولا يؤثر فيه كلام. ومن النصائح التي نصح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته قوله عليه الصلاة والسلام (علامة اعراض الله عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه وان امرأ دهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لجدير ان تطول عليه حسرته ومن جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز الى النار) وفي هذه النصيحة كفاية لاهل العلم: قال السعدي قدس سره بگوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش اللهم اجعلنا من المتعظين بمواعظ كلمك وَالْوالِداتُ اى جميع الوالدات مطلقات كن او مزوجات لان اللفظ عام وما قام دليل التخصيص فوجب تركه على عمومه يُرْضِعْنَ خبر فى معنى الأمر اى ليرصعن والرضع مص الثدي للبن أَوْلادَهُنَّ جمع ولد وهو المولود ذكرا كان او أنثى ومعنى الأمر الندب ووجه الندب ان تربية الطفل بلبن الام أصلح له من سائر الألبان وان شفقة الام أتم من شفقة غيرها ثم ان حكم الندب انما هو على تقدير ان لا يضطر الولد الى لبن امه اما إذا بلغ حالة الاضطرار بان لا يوجد غير الام او لا يرضع الطفل الا منها او عجز الوالد عن الاستئجار فحينئذ يجب عليها الإرضاع عند ذلك كما يجب على كل أحد مواساة المضطر في الطعام واعلم ان حق الإرضاع لهن الى ان يتزوجن بغير آباء الأولاد ان كانت مطلقات لانهن يشتغلن بخدمة الأزواج فلا يتفرغن لحضانتهم على الوجه الأليق ولان الربيب يتضرر بالراب فانه ينظر اليه شزرا وينفق عليه نزرا حَوْلَيْنِ سنتين أصله من حال الشيء يحول إذا انقلب والحول منقلب من الوقت الاول الى الثاني كامِلَيْنِ تامين أكده بصفة الكمال لانه مما يتسامح فيه فيقال أقمت عند فلان حولين بمكان كذا وانما اقام فيه حولا وبعض الحول لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ بيان للذى توجه اليه حكم الإرضاع كأنه قيل هذا الحكم لمن فقيل لمن أراد ان يتم الرضاعة ومن يحتمل ان يراد بها الوالدات فقط او هن والآباء معا واعلم ان مدة الرضاع عند ابى حنيفة حولان ونصف وعندهما حولان فقط استدلالا بهذه الآية ولا يباح إرضاع بعد هذا الوقت المخصوص على الخلاف لان اباحته ضرورية لانه جزء الآدمي فيتقدر بقدر الضرورة وقال ابو حنيفة هذه الآية محمولة على مدة استحقاق الاجرة فان الإجماع على ان مدت الرضاع في استحقاق اجر الرضاع على الأب مقدرة بحولين حتى ان الأب لا يجبر على إعطاء اجرة بعد الحولين قال تعالى فان أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ الآية ولو حرم الرضاع بعد الحولين لم يكن لقوله عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فائدة فالرضاع الذي ثبت به الحرمة هو ما يكون في ثلاثين شهرا عنده ولا يحرم ما يكون بعدها وعندهما هو ما يكون في الحولين ولا يحرم ما يكون بعد الحولين وهو مذهب الشافعي

ايضا ثم ان إتمام الحولين غير مشروط عند ابى حنيفة للآية اى لان في قوله تعالى لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ دلالة على جواز النقص ولو أرادت التكميل لها مطالبة النفقة وإذا نقصت من غير إضرار لا تجبر على الكمال يعنى إذا فطم قبل مضى العدة واستغنى بالطعام لم تكن رضاعا وان لم يستغن يثبت به الحرمة وهو رواية عن ابى حنيفة وعليه الفتوى ذكره الزيلعى ثم انه تعالى كما وصى الام برعاية جانب الطفل في قوله والولدات إلخ وصى الأب برعاية جانب الام حتى تتقوى على رعاية مصلحة الطفل فامره بان يرزقها ويكسوها بالمعروف سواء كان ذلك المعروف محدودا بشرط وعقد أم لا وقد يكون غير محدود الا من جهة العرف لانه إذا قام بما يكفيها من طعامها وكسوتها فقد استغنى عن تقدير الاجرة فقال وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ اى وعلى الذي يولد له وهو الوالد وانما لم يقل على الوالد ليعلم ان الأولاد للآباء لان الزوجة انما تلد الولد للزوج ولذلك ينسبون إليهم لا الى الأمهات- روى- ان المأمون بن الرشيد لما طلب الخلافة عابه حشام ابن على فقال بلغني انك تريد الخلافة وكيف تصلح لها وأنت ابن امة فقال كان إسماعيل عليه السلام ابن امة واسحق ابن حرة فاخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد آدم صلى الله عليه وسلم وانشد لا تزرين بفتى من ان يكون له ... أم من الروم او سوداء دعجاء فانما أمهات الناس اوعية ... مستودعات وللابناء آباء مكن زنهار اصل عود چوبست ... به بين دودش چومستثنى وخوبست رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ اى رزق الأمهات إذا أرضعن أولادهم ولباسهن وكذا اجر الرضاع للاظئار لانهن يحتجن الى ما يقمن به أبدانهن لان الولد انما يغتذى باللبن وانما يحصل لها ذلك بالاغتذاء ونحتاج هي الى التستر فكان هذا من الحوائج الضرورية بِالْمَعْرُوفِ حسبما يراه الحاكم ويفى به وسعه فان قيل إذا كانت الزوجية باقية فهى مستحقة للنفقة والكسوة بسبب النكاح سواء أرضعت الولد أو لم ترضعه فما وجه تعلق هذا الاستحقاق بالإرضاع قلنا النفقة والكسوة تجبان في مقابلة التمكين فاذا اشتغلت بالحضانة والإرضاع لم تتفرغ لخدمة الزوج فربما يتوهم متوهم ان نفقتها وكسوتها تسقطان بالخلل الواقع في خدمة الزوج فقطع الله ذلك الوهم بايجاب الرزق والكسوة وان اشتغلت المرأة بالإرضاع هذا ما قال الواحدي في البسيط لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها التكليف الإلزام ومعنى تكلف الأمر اظهار اثره وقوله وسعها مفعول ثان لان كلف يتعدى الى اثنين كأنه قيل لم لم تجب مؤونة الأمهات على انفسهن ولم قيدت تلك المؤون بكونها بالمعروف فاجيب بانهن غير قادرات على الكسب لضعف بنيتهن واحتباسهن لمنفعة الأزواج فلو أوجب مؤنهن على انفسهن لزم تكليف العاجز وكذا لو أوجب تلك المؤن على الأزواج على خلاف المعروف لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها نهى أصله لا تضارر بكسر الراء الاولى فتكون المرأة هي الفاعلة او بفتح الراء الاولى فتكون المرأة هي المفعول بها الضرار وعلى الاول يكون المعنى لا تفعل المرأة الضرار بالأب بولدها اى بسبب إيصال الضرر الى الولد وذلك بان تمتنع المرأة من ارضاعه مع ان الأب يوسع عليها في النفقة والكسوة فتلقى

الولد عليه وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ اى لا يفعل الأب الضرار بالأم بان ينزع الولد منها مع رغبتها في إمساكه وشدة محبتها له وعلى الوجه الثاني لا يفعل الأب الضرار بالأم بان ينزع الولد منها ولا مولود له بولده اى ولا تفعل الام الضرار بالأب بان تلقى الولد عليه والمعنيان يرجعان الى شىء واحد وهو ان يغيظ أحدهما صاحبه بسبب الولد واضافة الولد الى كل منهما لاستعطافهما اليه لانه ليس بأجنبي من كل واحد منهما فالحق ان يشفق عليه كل منهما وللتنبيه على انه جدير بان يتفقا على استصلاحه ولا ينبغى ان يضرا به او يتضارا بسببه وَعَلَى الْوارِثِ وهو الذي لو مات الصبى ورثه اى وارث الصبى عند عدم الأب ممن كان ذا رحم محرم منه بحيث لا يجوز النكاح على تقدير ان يكون أحدهما ذكرا والآخر أنثى لا كل وارث سوآء كان ذا رحم محرم منه او لم يكن وسوآء كان من الرجال او النساء مِثْلُ ذلِكَ اى مثل ما وجب على الأب من الرزق والكسوة واجر الرضاع ونفقة المحارم تجب عندنا بهذه الآية فَإِنْ أَرادا اى الولدان فِصالًا وهو الفطام سمى فصالا لانه انما يكون بفصل الطفل عن الاغتذاء بلبن امه الى غيره من الأقوات اى فطاما للصغير عن الرضاع قبل تمام الحولين صادرا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما اى من الوالدين لا من أحدهما فقط لاحتمال اقدامه على ما يضر بالولد بان تمل المرأة الإرضاع ويبخل الأب بإعطاء الاجرة وربما يضر الفطام بجسمه بقطع غذائه قبل وقت فصاله وَتَشاوُرٍ فى شأن الولد وتفحص عن أحواله واجماع منهما على استحقاقه للفطام. والتشاور من المشورة وهي استخراج الرأى من المستشار وانما اعتبر اتفاق الوالدين لما في الأب من الولاية وفي الام من الشفقة وهي اعلم بحال الصبى فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فى ذلك ولا حرج لما ان تراضيهما انما يكون بعد استقرار رأيهما واجتهادهما في ان صلاح الولد فى الفطام وقلما يتفقان على الخطأ فالحاصل سواء زادا على الحولين الى ثلاثين شهرا او نقصا فلا جناح عليهما في ذلك بعد استقرار رأيهما الى ما هو خير للصبى وَإِنْ أَرَدْتُمْ ايها الآباء أَنْ تَسْتَرْضِعُوا المراضع أَوْلادَكُمْ فالمفعول الاول محذوف واسترضع يتعدى الى اثنين بنفسه يقال رضع الولد امه وأرضعت المرأة ولدها واسترضعتها الولد وقيل يتعدى الى الثاني بحرف الجر والتقدير لاولادكم اى إذا طلبتم ان تأخذوا ظئر الإرضاع أولادكم فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ اى لا اثم عليكم في الاسترضاع. وفيه دلالة على ان للاب ان يسترضع الولد ويمنع الام من الإرضاع إِذا سَلَّمْتُمْ اى الى المراضع ما آتَيْتُمْ اى ما أردتم ايتاءه كما في قوله تعالى فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ بِالْمَعْرُوفِ متعلق بسلمتم اى بالوجه المتعارف المستحسن شرعا وليس التسليم بشرط للصحة والجواز بل هو ندب الى ما هو الأليق والاولى فان المراضع إذا أعطين ما قدر لهن ناجزا يدا بيد كان ذلك ادخل في إصلاح شؤون الأطفال. وقيل المراد من المعروف ان يكون الاجر من الحلان لان المرضع إذا أكلت الحلال كان اللبن انفع للصبى واقرب الى صلاحه قالوا العادة جارية ان من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير وشر ولذا قيل انه ترضعه امرأة صالحة كريمة الأصل فان لبن المرأة الحمقاء يسرى واثر حمقها يظهر يوما ما وفي الحديث (الرضاع يغير الطباع)

[سورة البقرة (2) : آية 234]

ومن ثمه لما دخل الشيخ ابن محمد الجويني بيته ووجد ابنه الامام أبا المعالي يرتضع ثدى غير امه اختطفه منها ثم نكس رأسه ومسح بطنه وادخل إصبعه في فيه ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذلك اللبن قائلا يسهل على موته ولا تفسد طباعه بشرب لبن غير امه ثم لما كبر الامام كان إذا حصلت له كبوة في المناظرة يقول هذه من بقايا تلك الرضعة وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شأن مراعاة الاحكام المذكورة في امر الأطفال والمراضع وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم بذلك. وفيه من الوعيد والتهديد ما لا يخفى: قال الحسين الكاشي گر برهنه بره برون آيى ... زود در تهمت جنون آيى جامه ظاهرى كه نيست ببر ... تو فضيحت شوى ميان بشر فكر آن كن كه بي لباس ورع ... چهـ كنى در مقام هول وفزع خويشتن در لباس تقوى دار ... تا شوى در دو كون برخوردار والآية مشتملة على تمهيد قواعد الصحبة وتعظيم محاسن الأخلاق في احكام العشرة بل انها اشتملت على شيوع الرحمة والشفقة على البرية فان من لا يرحم لا يرحم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لمن ذكر انه لمن يقبل أولاده (ان الله لا ينزع الرحمة الا من قلب شقى وفي الحديث (حب الأولاد ستر من النار وكراماتهم جواز على الصراط والاكل معهم براءة من النار) وفي الحديث (اربع نفقات لا يحسب العبد بهن يوم القيامة نفقة على أبويه ونفقة على إفطاره ونفقة على سحوره ونفقة على عياله) واللطف والمرحمة ممدوح جدا عموما وخصوصا وفي الحديث (ان امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد ادلع لسانه من العطش فنزعت له فغفر لها) قال البخاري فنزعت خفها فاوثقته اى أحكمته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك والحديث يدل على غفران الكبيرة من غير توبة وهو مذهب اهل السنة وعلى ان من اطعم محتاجا الى الغذاء يستحق المثوبة والجزاء. فعلى العاقل العمل بالكتاب والسنة وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ اى يموتون ويقبض أرواحهم بالموت. وقرئ بفتح الياء اى يستوفون آجالهم وأعمارهم. واصل التوفى أخذ الشيء وافيا كاملا يقال توفى الشيء واستوفاه فمن مات فقد أخذ عمره وافيا كاملا واستوفاه وَيَذَرُونَ أَزْواجاً اى يتركون نساء من بعدهم وهو جمع زوج والمنكوحة تسمى زوجا وزوجة والتذكير اغلب قال تعالى اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ويجمع أزواجا على لغة التذكير وزوجات على لغة التأنيث يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ الباء للتعدية اى يجعلنها متربصة منتظرة بعد موتهم لئلا يبقى المبتدأ بلا عائد أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً اى في تلك المدة فلا يتزوجن الى انقضاء العدة قوله عشرا اى عشرة ايام وتأنيث العشر باعتبار الليالى لان التاريخ عند العرب بالليلة بناء على انها أول الشهر واليوم تبع لها ولعل الحكمة في تقدير عدة الوفاة باربعة أشهر وعشر ان الجنين إذا كان ذكرا يتحرك غالبا لثلاثة أشهر وان كان أنثى يتحرك لاربعة فاعتبر أقصى الأجلين وزيد عليه العشر استظهارا اى استعانة بتلك الزيادة على العلم بفراغ الرحم إذ ربما تضعف الحركة في المبادي فلا يحس بها وكانت عدة الوفاة في أول الإسلام سنة فنسخت بهذه الا الحوامل فان عدتها بوضع الحمل قال تعالى وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ

يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ والا الإماء فان عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت امة شهران وخمسة ايام نصف عدة الحرة بإجماع السلف وقوله تعالى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ خطاب مع المؤمنين فدل على ان الخطاب بهذه الفروع مختص بالمؤمنين فقط فلا وجه لا يجاب العدة المذكورة على الكتابية فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ اى انقضت عدتهن فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ الخطاب للحكام وصلحاء المسلمين لانهن ان تزوجن في مدة العدة وجب على كل واحد منعهن عن ذلك ان قدر عليه وان عجز وجب عليه ان يستعين بالسلطان فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من التزين والتعرض للخطاب وسائر ما حرم على المعتدة بِالْمَعْرُوفِ حال من فاعل فعلن اى فعلن ملتبسات بالوجه الذي لا ينكره الشرع وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فيجازيكم عليه فلا تعملون خلاف ما أمرتم به هر كه عاصى شود بامر خدا ... بيخ او را بكند قهر خدا واعلم ان المراد بالتربص هنا الامتناع عن النكاح والامتناع عن الخروج من المنزل الذي توفى عنها زوجها فيه والامتناع عن التزين وهذا اللفظ كالمجمل لانه ليس فيه بيان انها تتربص في أي شىء الا انا نقول الامتناع عن النكاح مجمع عليه واما الامتناع عن الخروج من المنزل فواجب الا عند الضرورة والحاجة واما ترك التزين فهو واجب لما روى عن عائشة وحفصة رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوجها اربعة أشهر وعشرا) وانما وجب الحداد لانه لما حرم عليها النكاح في العدة أمرت بتجنب الزينة حتى لا تكون بصفة الملتمسة للازواج ولاظهار التأسف على فوت نعمة النكاح الذي كان سبب مؤونتها وكفايتها من النفقة والسكنى وغير ذلك. والحداد على الميت ثلاثة ايام وتمس المرأة الطيب في الثالث لئلا يزيد الحداد على ثلاثة ايام فانها لو مسته في الرابع لازداد الحداد من اليوم الرابع. وهو حرام ومن السنة ان يتوقى رسوم الجاهلية من شق الجيوب وضرب الخدود وحلق الشعر كما كان عادة العرب وكذا قطعه كما كان عادة العجم وكذا رفع الصوت بالبكاء والنوح وقد برئ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ممن يفعل شيأ من ذلك لانها عادات الجاهلية واكثر اهالى هذا الزمان في اكثر البلدان مبتلون بامثال هذه العادات لا سيما النساء فانهن يلبسن الالبسة السود الى ان تمضى ايام بل شهور كثيرة وربما ترى رجلا لا يلبس لباس الجمع والأعياد فلو سئل فيه لاجاب بقوله مات ابى او أمي او غيرهما وذلك بعد ما مضى من زمان الوفاة شهور. وكذا الرافضة قد تغالت في الحزن لمصيبة الحسين رضي الله عنه واحدت عليها حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لقتله رضي الله عنه فيقيمون في مثل هذا اليوم العزاء ويطيلون النوح والبكاء ويظهرون الحزن والكآبة ويفعلون فعل غير اهل الاصابة ويتعدون الى سب بعض الصحابة وهذا عمل اهل الضلال المستوجبين من الله الخزي والنكال كأنهم لم يسمعوا ما ورد في النهى عن الحداد ومن الله الرشاد والاشارة في الآية ان موت المسلم لم يكن فراقا اختياريا للزوج فكانت مدة وفاته أطول فكذا العبد الطالب فان حال الموت بينه وبين مطلوبه من غير اختياره فالوفاء بحصول مطلوبه في مدة كرم محبوبه كما قال تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ففى هذا تسلية قلوب

[سورة البقرة (2) : آية 235]

المؤمنين لئلا يقطع عليهم طريق الطلب وساوس الشيطان وهو رجس النفس بان طلب الحق امر عظيم وشأن خطير وأنت ضعيف والعمر قصير فان منادى الكرم من سرادقات الفضل ينادى ألا من طلبنى وجدنى فان الطلاب في طلبى كذا في التأويلات النجمية قدس الله تعالى نفسه الزاكية القدسية المرضية وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ علم الله تعالى ان المرأة إذا مات زوجها قد يكون لها مال او جمال او معنى يرغب الناس فيها فاطلق للراغب ان يعرض بالخطبة في العدة فقال تعالى ولا جناح عليكم فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ التعريض إفهام المعنى بالشيء المحتمل له ولغيره مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ الخطبة بالكسر التماس النكاح وبالضم الكلام المشتمل على الوعظ والزجر من الخطاب الذي هو الكلام يقال خطب المرأة اى خاطبها في امر النكاح والمراد بالنساء المعتدات للوفاة واما النساء اللاتي لا تكون منكوحة الغير ولا معتدته من طلاق رجعى فان خطبتهن جائزة تصريحا وتعريضا الا ان يخطبها رجل فيجاب بالرضى صريحا فههنا لا يجوز لغيره ان يخطبها لقوله عليه السلام (لا يخطبن أحدكم على خطبة أخيه) وان أجيب بالرد صريحا فههنا يحل لغيره ان يخطبها وان لم يوجد صريح الاجابة ولا صريح الرد ففيه خلاف والتي هي معتدة عن الطلاق الثلاث والبائن باللعان والرضاع ففى جواز التعريض بخطبتها خلاف واما البائن التي يحل لزوجها نكاحها في عدتها كالمختلعة والتي انفسخ نكاحها بعيب او عنة او إعسار نفقة فههنا يجوز لزوجها التعريض والتصريح واما غير الزوج فلا يحل له التصريح والتعريض لانها معتدة يحل للزوج ان يستبيحها في عدتها فلا يحل له التعريض بخطبتها كالرجعية ثم التعريض بالخطبة ان يقول لها في العدة انك لجميلة صالحة ومن غرضى ان أتزوج او اشتهى امرأة مثلك او انا محتاج الى امرأة صفتها كذا أو يقول انى حسن الخلق كثير الانفاق جميل العشرة محسن الى النساء فيصف نفسه ليرغب فيه او يقول رب راغب فيك وحريص عليك ونحو ذلك مما يوهم انه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه ان رغبت فيه ولا يصرح بالنكاح بان يقول انى أريد ان أنكحك او أتزوجك او أخطبك او غير ذلك فانه كما لا يجوز ان ينكحها في عدتها لا يجوز له ان يخطبها صريحا فيها أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ مفعول أكننتم محذوف وهو الضمير الراجع الى ما الموصولة في قوله فيما عرضتم اى او أكننتموه فى أنفسكم اى أضمرتم في قلوبكم من نكاحهن فلم تذكروه صريحا ولا تعريضا. الآية الاولى لاباحة التعريض في الحال وتحريم التصريح في الحال وهذه الآية اباحة لان يعقد قلبه على انه سيصرح بذلك بعد انقضاء زمان العدة ثم انه تعالى ذكر الوجه الذي لاجله أباح ذلك فقال عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ لا محالة ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهن فالمقصود بيان وجه اباحة الخطبة بطريق التعريض وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا نصب على انه مفعول ثان لتواعدوهن وهو استدراك عن محذوف دل عليه ستذكرونهن اى فاذكروهن وأظهروا لهن رغبتكم ولكن لا تواعدوهن نكاحا بل اكتفوا بما رخص لكم من التعريض والتعبير عن النكاح بالسر لان مسببه الذي هو الوطئ مما يسر به إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً استثناء مفرغ مما يدل عليه النهى اى لا تواعدوهن مواعدة ما الا مواعدة معروفة غير منكرة

شرعا وهي ما تكون بطريق التعريض والتلويح وَلا تَعْزِمُوا العزم عبارة عن عقد القلب على فعل من الافعال يتعدى بنفسه وبعلى قال الراغب ودواعى الإنسان الى الفعل على مراتب السانح ثم الخاطر ثم التفكر فيه ثم الارادة ثم الهمة ثم العزم فالهمة اجماع من النفس على الأمر والعزم هو العقد على إمضائه عُقْدَةَ النِّكاحِ اى لا تعزموا عقد عقدة النكاح لان العزم عبارة عن عقد القلب على فعل فلا يتعلق الا بالفعل والاضافة في قوله عقدة النكاح بيانية فلا تكون العقدة بمعنى ربط المكلف اجراء التصرف بل المراد به الحاصل بالمصدر وهو الارتباط الشرعي الحاصل بعقد العاقدين والمقصود النهى عن تزوج المعتدة في زمان عدتها الا انه نهى عن العزم على عقد النكاح للمبالغة في النهى عن النكاح في زمان العدة فان العزم على الشيء متقدم عليه والنهى عن مقدمات الشيء يستلزم النهى عن ذلك الشيء بطريق الاولى حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ الكتاب بمعنى المكتوب وهو المفروض والمعنى حتى تبلغ العدة المفروضة آخرها وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ من العزم على ما لا يجوز فَاحْذَرُوهُ بالاجتناب عن العزم ابتداء وإقلاعا عنه بعد تحققه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن عزم ولم يفعل خشية من الله تعالى حَلِيمٌ لا يعاجلكم بالعقوبة فلا تستدلوا بتأخيرها على ان ما نهيتم عنه من العزم ليس مما يستتبع المؤاخذة فاجتنبوا اسباب العقوبة واعملوا بما أمركم به ربكم واغتنموا زمان الحياة حتى لا تتأسفوا كما قال المفرطون المتحسرون چون توانستم ندانستم چهـ سود ... چون بدانستم توانستم نبود وقد وبخ الله تعالى من مال الى شهواته وهوى نفسه في هذه الآيات من غير ان يكون له رخصة شرعية فلا بد للعاقل ان يختار رضي الله تعالى على رضى نفسه ولا يكون له مطلب أعلى من مال او امرأة او غيرهما الا الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام (من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه) فتأمل كيف جعل جزاء كل مؤمّل ما أمله وثواب كل قاصد ما قصده واعتبر كيف لم يكرر ذكر الدنيا اشعارا بعدم اعتبارها لخساستها ولان وجودها لعب ولهو فكأنه كلا وجود وانظر الى قوله عليه السلام (فهجرته الى ما هاجر اليه) وما تضمن من ابعاد ما سواه تعالى وتدبر هذا الأمر إذ ذكر الدنيا والمرأة مع انها منها يشعر بان المراد كل شىء في الدنيا من شهوة او مال وان المراد بالحديث الخروج عن الدنيا بل وعن كل شىء لله قال ابو سليمان الدار انى قدس سره ثلاث من طلبهن فقد ركن الى الدنيا طلب معاش او تزوج امرأة او كتب الحديث واعلم انه ينبغى لطالب الحق ان يحصل من العلوم الشرعية ما يفرق به بين الحق والباطل ويشتغل بالعلوم الرسمية والقوانين المتداولة قدر ما يقدر على استخراج الحديث والتفسير من غير تعمق فى الفلسفيات وغوامض العلوم فانه زائد على قدر الكفاية منهى عنه على اصول اهل الشريعة والطريقة فهذا أول الأمر في هذا الباب. واما امر النهاية وهو ما بعد التحصيل والتكميل فان السالك بقدر اشتغاله بالعلوم الظاهرة زاد بعدا عن درك الحق لان السلوك يبتنى على التخلي والانقطاع وترك الكلام والاستماع وتفريغ الباطن من العلائق ولو كانت علوما وطرح المشاغل

[سورة البقرة (2) : آية 236]

الخارجية والداخلية من البين خصوصا وعموما فقول بعضهم بنفي الاشتغال لاهل السلوك يبتنى على هذا المعنى لا على الترك من الأصل كما يزعمه جهلة الصوفية نعوذ بالله من هذا فان العلم مطلقا هو النور وبه يهتدى السالك الى مسالكه. واما ارباب النهاية من اهل السلوك فلا يمكن حصر أحوالهم فانهم لا يحتجبون لا بالكثرة عن الوحدة ولا بعكسها إذ هم تجاوزوا عن مقام الأغيار بل شاهدوا أينما قلبوا الاحداق الأنوار بل حققوا بالحقيقة فلا اغيار عندهم لا حقيقة ولا اعتبارا ولذا حبب الى النبي عليه السلام النساء وذلك لان محبته عليه السلام ليست كما يعرفها الناس بل سرها مستور لا يطلع عليه الا من فاز بالوراثة الكبرى يقول الفقير جامع هذه المجالس النفيسة انما بسطت الكلام في هذا المقام لئلا يظن أحد ان قوله فيما سبق او كتب من خرافات الصوفية بل له محمل على ما أشرت اليه ومن لم يسلك هذا الطريق لم يعرف قدر خطوات اهل التحقيق والتدقيق لا جُناحَ عَلَيْكُمْ المراد من الجناح في هذه الآية وجوب المهر اى لا تبعة من مهر إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ اى غير ماسين لهن ومجامعين قال ابن الشيخ الظاهر ان كلمة ما مصدرية ظرفية والزمان محذوف تقديره مدة عدم المسيس أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً كلمة او بمعنى الا ان كقولك لالزمنك او تعطينى حقى اى الا ان تفرضوا لهن عند العقد مهرا والمعنى انه لا تبعة على المطلق بمطالبة المهر أصلا إذا كان الطلاق قبل المسيس على كل حال الا في تسمية المهر فان عليه حينئذ نصف المسمى وفي حال عدم تسميته عليه المتعة لا نصف مثل المهر واما إذا كان بعد المساس فعليه في صورة التسمية تمام المسمى وفي صورة عدمها تمام مهر المثل وَمَتِّعُوهُنَّ عطف على مقدر اى فطلقوهن ومتعوهن اى أعطوهن ما يتبلغن وينتفعن به والحكمة في إيجاب المتعة جبر لما أوحشها الزوج بالطلاق وهو درع وهو ما يستر البدن وملحفة وهو ما يستر المرأة عند خروجها من البيت وخمار وهو ما يستر الرأس على حسب الحال كما يفصح عنه قوله تعالى عَلَى الْمُوسِعِ يقال أوسع الرجل إذا اتسع حاله فصار ذا سعة وغنى اى الذي له سعة قَدَرُهُ إمكانه وطاقته وَعَلَى الْمُقْتِرِ يقال اقتر الرجل إذا افتقر وصار ذا قترة. والقترة الغبار وهو قليل من التراب اى على المقل الضيق الحال قَدَرُهُ فالمتعة معتبرة بحاله لا بحالها لا تنقص عن خمسة دراهم ولا تزاد على نصف مهر المثل لان المسمى أقوى من مهر المثل والمتعة لا تزاد على نصف المسمى فلان لا تزيد على نصف مهر المثل اولى. والقدر والقدر لغتان وذهب جماعة الى ان الساكن مصدر والمتحرك اسم كالعد والعدد والمد والمدد والقدر بالتسكين الوسع يقال هو ينفق على قدره اى على وسعه وبالتحريك المقدار مَتاعاً اسم لمصدر الفعل المذكور من قبيل قوله تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى تمتيعا ملتبسا بِالْمَعْرُوفِ اى بالوجه الذي يستحسنه الشرع والمروءة حَقًّا صفة متاعا اى متاعا واجبا عَلَى الْمُحْسِنِينَ اى الذين يحسنون الى أنفسهم بالمسارعة الى الامتثال قال ابن التمجيد اعلم ان للمطلقة اربع حالات. الاولى ان تكون غير ممسوسة ولم يسم لها مهر. والثانية ان تكون ممسوسة وسمى لها. والثالثة ان تكون ممسوسة ولم يسم لها. والرابعة ان تكون غير

[سورة البقرة (2) : الآيات 237 إلى 242]

ممسوسة وسمى لها ورفع الجناح بمعنى نفى المهر انما هو في الصورة الاولى لا في البواقي من الصور الثلاث فان فيها وجوب المهر ولم يجب في الصورة الاولى مهر لا بعضا ولا كلا اما عدم وجوب البعض فلان مهر المثل لا ينصف واما عدم وجوب الكل فلكونها غير مدخول بها ولكن لها المتعة لقوله تعالى وَمَتِّعُوهُنَّ فانه في حق من جرى ذكرهن وهي المطلقات الغير الممسوسة التي لم يفرض لهن فريضة إذ لو فرضت لكان لهن تمام المهر لا المتعة وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً اى وان طلقتموهن من قبل المسيس حال كونكم مسمين لهن عند النكاح مهرا فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ اى فلهن نصف ما سميتم لهن من المهر وان مات أحدهما قبل الدخول فيجب عليه كله لان الموت كالدخول في تقرير المسمى كذلك فى إيجاب مهر المثل إذا لم يكن في العقد مسمى إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ استثناء من أعم الأحوال اى فلهن نصف المفروض معينا في كل حال الا في حال عفوهن اى المطلقات فانه يسقط ذلك حينئذ بعد وجوبه أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ اى يترك الزوج المالك لعقده وحله ما يعود اليه من نصف المهر الذي ساقه إليها كملا على ما هو المعتاد تكرما فان ترك حقه عليها عفو بلا شبهة فالمراد بقوله الذي بيده عقدة النكاح الزوج لا الولي والمراد بعفوه ان يعطيها الصداق كاملا النصف الواجب عليه والنصف الساقط العائد اليه بالتنصيف وتسمية الزيادة على الحق عفوا لما كان الغالب عندهم ان يسوق الزوج إليها كل المهر عند التزوج فاذا طلقها قبل الدخول فقد استحق ان يطالبها بنصف ما ساق إليها فاذا ترك المطالبة فقد عفا عنها وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى واللام في التقوى تدل على علة قرب العفو تقديره العفو اقرب من أجل التقوى إذ الاخذ كأنه عوض من غير معوض عنه او ترك المروءة عند ذلك ترك للتقوى وفي الحديث (كفى بالمرء من الشح ان يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأ) وفي حديث الأصمعي اتى أعرابي قوما فقال لهم هذا في الحق او فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتغافل أفضل من أخذ الحق كله كذا في المقاصد الحسنة للسخاوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ليس المراد منه النهى عن النسيان لان ذلك ليس في الوسع بل المراد منه الترك والمعنى لا تتركوا الفضل والإفضال فيما بينكم بإعطاء الرجل تمام الصداق وترك المرأة نصيبها حثهما جميعا على الإحسان والإفضال وقوله بينكم منصوب بلا تنسوا: قال السعدي قدس سره كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فلا يكاد يضيع ما عملتم من التفضل والإحسان. والبصر في حقه تعالى عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك أوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر القاصر على ظواهر المرئيات. والحظ الديني للعبد من البصر أمران. أحدهما ان يعلم انه خلق له البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة قيل لعيسى عليه السلام هل أحد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى. والثاني ان يعلم انه بمرأى من الله ومسمع فلا يستهين بنظره اليه واطلاعه عليه ومن أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر الله والمراقبة احدى ثمرات الايمان

[سورة البقرة (2) : آية 238]

بهذه الصفة فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن انه لا يراه فما اكفره كذا في شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي ثم الاشارة في الآيات ان مفارقة الاشكال من الأصدقاء والعيال لمصلحة دنيوية لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فيها فكيف يكون جناح ان فارقتموهم لمصلحة دينية بل أنتم مأمورون بمفارقتهم لزيارة بيت الله فكيف لزيارة الله فان الواجب في زيارة بيت الله مفارقة الاهالى والأوطان وفي زيارة الله مفارفة الأرواح والأبدان دع نفسك وتعال قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وقوله تعالى وَمَتِّعُوهُنَّ اشارة الى ان من له من الطلاب واهل الارادة مال فليمتع به أقرباءه وأحباءه حين فارقهم في طلب الحق سبحانه ليزيل عنهم بحلاوة المال مرارة الفراق فان الفطام عن المألوف شديد ولا ينفق المال عليهم بقدر قربهم في القرابة وبعدهم بل يقسم بينهم على فرائض الله كالميراث فانه قد مات عنهم بالحقيقة وفي قوله تعالى وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى اشارة الى ان الوصول الى تقوى الله حق تقاته انما هو بترك ما سوى الله والتجاوز عنه فان المواصلة الى الخالق على قدر المفارقة عن المخلوق والتقرب الى الله بقدر التبعد عما سواه وفي قوله تعالى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ هاهنا في الدنيا فان حلول الجنة ودخولهاهناك لا يكون الا من فضله كقوله تعالى الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ فى وجدان الفضل وفقدانه بَصِيرٌ كذا في التأويلات النجمية وانما يوجب للعبد الالتفات للخلائق فقدان النور الكاشف للخلائق والا فلو أشرق نور اليقين الهادي الى العلم بان الآخرة خير من الدنيا وان ما عند الله خير وأبقى لرأيت الآخرة اقرب من ان يرحل إليها ولرأيت محاسن الدنيا وقد ظهرت كسفة الفناء عليها لان الآتي قطعا كالموجود في الحال لا سيما ومباديه ظاهرة من تغير الأحوال وانتقال الأهلين والأموال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان النور إذا دخل القلب انفسح وانشرح) قيل يا رسول الله وهل له من علامة يعرف بها قال (التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله) انتهى اللهم اجعلنا ممن استعد للقائك وتهيأ لنوال وصالك حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ بالأداء لوقتها والمداومة عليها والمراد بالصلوات المكتوبات الخمس في كل يوم وليلة ثبت عددها بغيرها من الآيات والأحاديث المتواترة وباشارة في هذه الآية وهو ذكر الوسطى وهي ما اكتنفه عددان متساويان واقل ذلك خمسة لا يقال ان الثلاث بهذه الصفة لانا نقول الثلاث لا يكتنفها عددان فان الذي قبلها واحد والذي بعدها واحد وهو ليس بعدد فان العدد ما إذا اجتمع طرفاه صارا ضعفه وليس له طرفا فانه ليس قبله شىء وَحافظوا على الصَّلاةِ الْوُسْطى اى المتوسطة بينها على ان تكون الوسطى صفة مشبهة او الفضلى منها على ان تكون افعل تفضيل تأنيث الأوسط واوسط الشيء خيره واعدله وهي صلاة العصر لانها بين صلاتى ليل وصلاتى نها (ولقوله عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا) وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها بتجاراتهم ومكاسبهم واجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر اهله وماله) اى ليكن من فوتها حذرا كما يحذر من ذهاب اهله وماله ثم في حديث يوم الأحزاب

[سورة البقرة (2) : آية 239]

حجة على من قال الصلاة الوسطى غير العصر وعلى من قال انها مبهمة ابهمها الله تعالى تحريضا للخلق على محافظتها كساعة الاجابة يوم الجمعة فان قيل ما روت عائشة رضي الله عنها انه عليه الصلاة والسلام قال (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) يدل على ان الوسطى غير العصر قلت يحتمل ان يكون الوسطى لقبا والعصر اسما فذكرها باسمها كذا فى شرح المشارق لابن الملك وَقُومُوا لِلَّهِ اى في الصلاة قانِتِينَ حال من فاعل قوموا اى ذاكرين له في القيام لان القنوت هو الذكر فيه او خاشعين- روى- انهم كانوا إذا قام أحدهم الى الصلاة هاب الرحمن ان يمد بصره او يلتفت او يقلب الحصى او يحدث نفسه بشئ من امور الدنيا الا ناسيا حتى ينصرف فَإِنْ خِفْتُمْ اى ان كان بكم خوف من عدو او غيره فَرِجالًا منصوب على الحال وعامله محذوف تقديره فصلوا راجلين والرجال جمع راجل مثل صحاب وصاحب أَوْ رُكْباناً اى راكبين وهو جمع راكب مثل فرسان وفارس. ومذهب ابى حنيفة انهم لا يصلون في حال المشي والمسايفة ما لم يمكن الوقوف وعند إمكان الوقوف يصلى واقفا والدليل عليه قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ الآية فَإِذا أَمِنْتُمْ وزال خوفكم فَاذْكُرُوا اللَّهَ اى فصلوا صلاة الا من عبر عنها بالذكر لانه معظم أركانها كَما عَلَّمَكُمْ اى ذكرا كائنا كتعليمه إياكم ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ من كيفية الصلاة والمراد بالتشبيه ان تكون الصلاة المؤداة موافقة لما علمه الله وإيرادها بذلك العنوان لتذكير النعمة او اشكروا لله شكرا يوازى تعليمه إياكم ما لم تكونوا تعلمونه من الشرائع والاحكام التي من جملتها كيفية اقامة الصلاة حالتى الخوف والامن واعلم ان الصلاة بمنزلة الضيافة قد هيأها الله للموحدين فى كل يوم خمس مرات فكما في الضيافة تجتمع الألوان من الاطعمة ولكل طعام لذة ولون فكذلك فيها اركان وافعال مختلفة لكل فعل لذة وتكفير للذنوب وعن كعب الأحبار انه قال قال الله لموسى في مناجاته [يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وأمته وهي صلاة الظهر أعطيهم فى أول ركعة منها المغفرة وفي الثانية أثقل موازينهم وفي الثالثة او كل بهم الملائكة يسبحون ويستغفرون لهم لا يبقى ملك في السماء ولا في الأرض الا ويستغفر لهم ومن استغفرت له الملائكة لم أعذبه ابدا وفي الرابعة افتح لهم أبواب السماء وتنظر إليهم الحور العين. يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وأمته وهي صلاة العصر ما يسألون منى حاجة الا قضيت لهم. يا موسى ثلاث ركعات يصليها احمد وأمته وهي صلاة المغرب افتح لهم أبواب السماء. يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وأمته وهي صلاة العشاء خير لهم من الدنيا وما فيها ويخرجون من الدنيا كيوم ولدتهم أمهاتهم] ثم اعلم انه لا يرخص لمن سمع الاذان ترك الجماعة فانها سنة مؤكدة غاية التأكيد بحيث لو تركها اهل ناحية وجب قتالهم بالسلاح لانها من شعائر الإسلام ولو تركها أحد منهم بغير عذر شرعى يجب عليه التعزير ولا تقبل شهادته ويأثم الجيران والامام والمؤذن بالسكوت عنه وفي غنية الفتاوى من حضر المسجد الجامع لكثرة جماعة في الصلاة فمسجد محلته أفضل قل اهل مسجده او كثر لان لمسجده حقا عليه لا يعارضه كثرة الجماعة ولا زيادة تقوى غيره او علمه ويبادر الصف الاول على محاذاة الامام وروى عن النبي عليه السلام انه قال (يكتب للذى خلف

[سورة البقرة (2) : آية 240]

الامام بحذائه مائة صلاة وللذى في الجانب الايمن خمس وسبعون صلاة وللذى في جانب الأيسر خمسون صلاة وللذى في سائر الصفوف خمس وعشرون صلاة) كذا في القنية ولا يتخطى رقاب الناس الى الصف الاول إذا وجد فيه فرجة ويتلاصقون بحيث يكونون محاذين بالأعناق والمناكب قال عليه السلام (رصوا صفوفكم وقاربوا بينها تقارب أشباحكم وحاذوا بالأعناق فو الذي نفسى بيده انى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كانه الحذف) الخلل بفتح الخاء المعجمة الفرجة والحذف بفتحى الحاء المهملة والذال المعجمة الغنم السود الصغار الحجازية كذا في التنوير والكلام في أداء الصلاة بالحضور والتوجه التام: قال بعضهم محراب ابروى تو اگر قبله ام نبود ... كى بر فلك برند ملائك نماز من - يحكى- ان الشيخ أبا العباس الجواليقي كان في بداية حاله يعمل الجوالق ويبيع فباع يوما جوالقا بنسيئة ونسى المشترى فلما قام الى الصلاة تفكر في ذلك ثم لما سلم قال لتلميذه وقعت لى خاطرة فى الصلاة انى الى أي شخص بعت الجوالق الفلاني فقال تلميذه يا أستاذ أنت في أداء الصلاة او في تحصيل الجوالق فأثر هذا القول في الشيخ فلبس جوالقا وترك الدنيا واشتغل بالرياضة الى ان وصل الى ما وصل مردان بسعى ورنج بجايى رسيده اند ... تو بى هنر كجا رسى از نفس پرورى والاشارة ان الله تعالى أشار في حفظ الصلاة بصيغة المبالغة التي بين الاثنين وقال حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ يعنى محافظة الصلاة بينى وبينكم كما قال (قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل) فمعناه انى حافظكم بقدرة التوفيق والاجابة والقبول والاثابة عليها فحافظوا أنتم على الصلاة بالصدق والإخلاص والحضور والخضوع والمناجاة بالتذلل والانكسار والاستعانة والاستهداء والسكون والوقار والهيبة والتعظيم وحفظ القلوب بدوام الشهود فانما هي الصلاة الوسطى لان القلب الذي في وسط الإنسان هو واسطة بين الروح والجسد ولهذا يسمى القلب فالاشارة في تخصيص المحافظة على الصلاة هي صلاة القلب بدوام الشهود فان البدن ساعة يحفظ صورة اركان الصلاة وهيئتها وساعة يخرج منها فلا سبيل الى حفظ صورتها بنعت الدوام ولا الى حفظ معانيها بوصف الحضور والشهود وانما هو من شأن القلب كقوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وانه من نعت ارباب القلوب انهم في صلاتهم دائمون كذا في التأويلات النجمية فليسارع السالكون الى حرم الحضور قبل الموت والقبور فان الصلاة بالفتور غير مقبولة عند الله الغيور ولا بد من الاعراض عن الكائنات ليتجلى نور الذات والا فمن يستحضر عمرا وينادى زيدا فلا اجابة له ابدا: قال الشيخ سعدى الشيرازي قدس سره آنكه چون پسته ديديش همه مغز ... پوست بر پوست بود همچو پياز پارسايان روى در مخلوق ... پشت بر قبله ميكنند نماز ومن الله التوفيق وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ اى يموتون يسمى المشارف الى الوفاة متوفيا تسمية للشئ باسم ما يؤول اليه وقرينة المجاز امتناع الوصية بعد الوفاة وَيَذَرُونَ أَزْواجاً

[سورة البقرة (2) : الآيات 241 إلى 242]

اى يدعون نساء من بعدهم وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ اى يوصون وصية لهن والجملة خبر الذين مَتاعاً اى يوصون متاعا إِلَى الْحَوْلِ او متعوهن تمتيعا الى الحول غَيْرَ إِخْراجٍ بدل من قوله متاعا بدل اشتمال لتحقق الملابسة بين تمتيعهن حولا وبين عدم اخراجهن من بيوتهن كأنه قيل يوصون لازواجهم متاعا اى لا يخرجن من مساكنهن حولا او حال من أزواجهم اى غير مخرجات والمعنى يجب على الذين يتوفون ان يوصوا قبل الاحتضار لازواجهم بان يمتعن بعدهم حولا بالنفقة والسكنى نزلت الآية في رجل من الطائف يقال له حكيم بن الحارث هاجر الى المدينة وله أولاد ومعه أبواه وامرأته ومات فانزل الله هذه الآية فاعطى النبي عليه السلام والديه وأولاده من ميراثه ولم يعط امرأته شيأ وأمرهم ان ينفقوا عليها من تركة زوجها حولا وكان عدة الوفاة في ابتداء الإسلام حولا وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحلول وكان نفقتها وسكناها واجبة في مال زوجها ما لم تخرج ولم يكن لها الميراث فان خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها وكان على الرجل ان يوصى بها فكان كذلك حتى نزلت آية الميراث فنسخ الله تعالى نفقة الحول بالربع عند عدم الولد وولد الابن والثمن عند وجودهما وسقطت السكنى ايضا عند ابى حنيفة ونسخ عدة الحول باربعة أشهر وعشر فانه وان كان متقدما في التلاوة متأخر في النزول فَإِنْ خَرَجْنَ من منزل الأزواج باختيارهن فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ ايها الائمة والحكام فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ لا ينكره الشرع كالتزين والتطيب وترك الحداد والتعرض للخطاب وهذا يدل على انه لم يكن يجب عليها ملازمة مسكن الزوج والحداد عليه وانما كانت مخيرة بين الملازمة وأخذ النفقة وبين الخروج وتركه وَاللَّهُ عَزِيزٌ غالب على امره يعاقب من خالفه حَكِيمٌ يراعى في أحكامه مصالح عباده وَلِلْمُطَلَّقاتِ سواء كن مدخولا بهن أم لا مَتاعٌ اى مطلق المتعة الشاملة للمستحبة والواجبة فان كانت المطلقة مفوضة غير مدخول بها وجبت لها المتعة وان كانت غيرها يستحب لها فلفظ التمتع المدلول عليه بمتعوهن في الآية السالفة يحمل على الواجب فلا منافاة بين الآيتين بِالْمَعْرُوفِ اى متاع ملتبس بالمعروف شرعا وعادة حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ اى مما ينبغى على من كان متقيا فليس بواجب ولكن من شروط التقوى التبرع بهذا تطييبا لقلبها وازالة للضغن كَذلِكَ اشارة الى ما سبق من احكام الطلاق والعدة اى مثل ذلك البيان الواضح يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ الدالة على أحكامه التي شرعها لعباده قال القاضي وعد بانه سيبين لعباده من الدلائل والاحكام ما يحتاجون اليه معاشا ومعادا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لكى تفهموا ما فيها فتستعملوا العقل فيها وتعملوا بموجبها: وفي المثنوى كشتى بي لنگر آمد مرد شر ... كه زياد كژ نيابد او حذر لنگر عقلست عاقل را أمان ... لنگرى دريوزه كن از عاقلان والاشارة ان المطلقة لما ابتليت بالفراق جبرا لله تعالى كسر قلبها بالمتعة يشير بهذا الى ان المريد الصادق لو ابتلى في أوان طلبه بفراق الاعزة والأقرباء وهجران الاحبة والأصدقاء والخروج

[سورة البقرة (2) : الآيات 243 إلى 246]

من مال الدنيا وجاهها والهجرة من الأوطان وسكانها والتنقل في البلاد لصحبة خواص العباد ومقاساة الشدائد في طلب الفوائد فالله تعالى يبذل له إحسانه ويزيل عنه احزانه ويجبر كسر قلبه بمتعة (انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى) فيكون للطالب الملهوف متاع بالمعروف من نيل المعروف كذلك يظهر الله لكم آياته اصناف الطافه وأوصاف أعطافه لعلكم تعقلون بانوار الطافه كمالات أوصافه كذا في التأويلات النجمية فالعاقل لا ينظر الى الدنيا واعراضها بل يعبر عن منافعها وأغراضها ويقاسى الشدائد في طريق الحق الى ان يصل الى الذات المطلق- يحكى- عن شقيقى البلخي انه لم يجد طعاما ثلاثة ايام وكان مشتغلا بالعبادة فلما ضعف عن العبادة رفع يده الى السماء وقال يا رب أطعمني فلما فرغ من الدعاء التفت فرأى شخصا ينظر اليه فلما التفت اليه سلم عليه وقال يا شيخ تعال معى فقام شقيق وذهب معه فادخله ذلك الرحل في بيت فرأى فيه ألواحا موضوعة عليها ألوان الاطعمة وعند الخوان غلمان وجوارى فاكل والرجل قائم فلما فرغ أراد ان يخرج شقيق من ذلك البيت فقال له الرجل الى اين يا شيخ فقال الى المسجد فقال ما اسمك قال شقيق فقال يا شقيق اعلم ان هذه الدار دارك والعبيد عبيدك وانا عبدك كنت عبدا لابيك بعثني الى التجارة فرجعت الآن وقد توفى أبوك فالدار وما فيها لك قال شقيق ان كان العبيد لى فهم أحرار لوجه الله وان كانت الأموال لى وهبتها لكم فاقتسموها بينكم فانى لا أريد شيأ يمنعنى عن العبادة: قال السعدي تعلق حجابست وبي حاصلى ... چو پيوندها بكسلى وأصلي والدنيا علاقة خصوصا هذا الزمان زمان الفتنة والشرور فالراقد فيه خير من اليقظان- حكى- ان سليمان عليه السلام اتى بشراب الجنة فقيل له لو شربت هذا لا تموت فتشاور مع حشمه الا القنفذ قالوا بأجمعهم اشرب ثم أرسل الفرس والبازي الى القنفذ يدعوانه فلم يجبهما ثم أرسل اليه الكلب فاجابه فقال له سليمان لم لم تجب الفرس والبازي قال انهما جافيان لان الفرس يعدو بالعدو كما يعدو بصاحبه والبازي يطيع غير صاحبه كما يطيع صاحبه واما الكلب فانه ذو وفاء حتى انه لو طرده صاحبه من الدار يرجع اليه ثانيا فقال لهء أشرب هذا الشراب قال لا تشرب لانه يطول عمرك في السجن فالموت في العز خير من العيش في السجن بهمه حال اسيرى كه ز بندى برهد ... بهترش دان ز اميرى كه كرفتار آيد فقال له سليمان أحسنت وامر باهراقة في البحر فعذب ماء ذلك البحر نزود من الدنيا فانك راحل ... وبادر فان الموت لا شك نازل وان امرأ قد عاش سبعين حجة ... ولم يتزود للمعاد لجاهل ودنياك ظل فاترك الحرص بعد ما ... علمت فان الظل لا بد زائل قال السعدي قدس سره كه اندر نعمتى مغرور غافل ... كهى از تنك دستى خسته وريش چودر سرا وضرا حالت اينست ... ندانم كى بحق پروازى از خويش اللهم احفظنا من الموانع أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ جمع دار اى منازلهم وهذا

الخطاب وان كان بحسب الظاهر متوجها الى النبي عليه السلام الا انه من حيث المعنى متوجه الى جميع من سمع بقصتهم من اهل الكتاب وارباب التواريخ فمقتضى الظاهر ان يقال ألم تسمع قصتهم الا انه نزل سماعهم إياها منزلة رؤيتهم تنبيها على ظهورها واشتهارها عندهم فخوطبوا بألم تر وهو تعجيب من حال هؤلاء وتقرير اى حمل على الإقرار بما دخله النفي قال الامام الواحدي ومعنى الرؤية هاهنا رؤية القلب وهي بمعنى العلم انتهى فتعدية الرؤية بالى مع انها ادراك قلبى لتضمين معنى الوصول والانتهاء على معنى ألم ينته علمك إليهم قال العلماء كل ما وقع في القرآن ألم تر ولم يعاينه النبي عليه السلام فهو بهذا المعنى وفي التيسير وتحقيقه اعلم ذلك وفي الكواشي معناه الوجوب لان همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي او على الاستفهام صار تقريرا او إيجابا والمعنى قد علمت خبر الذين خرجوا الآية قال ابن التمجيد في حواشيه لفظ ألم تر قد يخاطب به من تقدم علمه بالقصة وقد يخاطب به من لم يتقدم علمه بها فانه قد يقول الرجل لآخر ألم تر الى فلان أي شىء قال يريد تعريفه ابتداء فالمخاطبون به هاهنا اما من سمعها وعلمها قبل الخطاب به من اهل التواريخ فذكرهم وعجبهم واما من لم يسمعها فعرفهم وعجبهم وقيل الخطاب عام لكل من يتأتى منه الرؤية دلالة على شيوع القصة وشهرتها بحيث ينبغى لكل أحد ان يعلمها او يبصرها ويتعجب منها وَهُمْ أُلُوفٌ جمع الف الذي هو من جملة اسماء العدد واختلفوا في عدد مبلغهم والوجه من حيث اللفظ ان يكون عددهم أزيد من عشرة آلاف لان الألوف جمع الكثرة فلا يقال في عشرة آلاف فما دونها ألوف حَذَرَ الْمَوْتِ مفعول له اى خرجوا من ديارهم خوفا من الموت فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ على لسان ملك وانما أسند اليه تعالى تخويفا وتهويلا لان قول القادر القهار والملك الجبار له شأن مُوتُوا التقدير فماتوا لاقتضاء قوله ثم أحياهم ذلك التقدير لان الاحياء يستدعى سبق الموت ثُمَّ أَحْياهُمْ اى أعادهم احياء ليستوفوا بقية أعمارهم وليعلموا ان لا فرار من القدر قال ابن العربي عقوبة لهم ثم أحياهم وميتة العقوبة بعدها حياة للاعتبار وميتة الاجل لا حياة بعدها وعن الحسن ايضا أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة لهم ثم بعثهم الى بقية آجالهم وقصة هؤلاء ما ذكره اكثر اهل التفسير انهم كانوا قوما من بنى إسرائيل بقرية من قرى واسط يقال لها داوردان وقع بها الطاعون فذهب اشرافهم واغنياؤهم واقام سفلتهم وفقراءهم فهلك اكثر من بقي في القرية وسلم الذين خرجوا فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين فقال الذين بقوا أصحابنا كانوا احزم منا لو صنعنا كما صنعوا لبقينا كما بقوا ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن الى ارض لا وباء بها فوقع الطاعون من العام القابل فهرب عامة أهلها فخرجوا حتى نزلوا واديا افيح بين جبلين فلما نزلوا المكان الذي يبتغون فيه النجاة ناداهم ملك من أسفل الوادي وملك آخر من أعلاه ان موتوا فماتوا جميعا من غير علة بامر الله ومشيئته وماتت دوابهم كموت رجل واحد فاتت عليهم ثمانية ايام حتى انتفخوا وأروحت أجسادهم اى أنتنت فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم فاحدقوا حولهم حظيرة دون السباع وتركوهم فيها فاتت على ذلك مدة وقد بليت أجسادهم وعريت عظامهم فمر عليهم نبى يقال له حزقيل بن يوزى ثالث خلفاء بنى إسرائيل بعد موسى عليه السلام وذلك

[سورة البقرة (2) : آية 244]

ان القيم بعد موسى بامر بنى إسرائيل كان يوشع بن نون ثم كالب بن يوحنا ثم حزقيل وكان يقال له ابن العجوز لان امه كانت عجوزا فسألت الله الولد بعد ما كبرت وعقمت فوهبه الله لها وقال الحسن هو ذو الكفل وسمى حزقيل ذا الكفل لانه كفل سبعين نبيا وأنجاهم من القتل وقال لهم اذهبوا فانى ان قتلت كان خيرا لكم من ان تقتلوا جميعا فلما جاء اليهود وسألوا ذا الكفل عن الأنبياء السبعين قال انهم ذهبوا ولا أدرى اين هم ومنع الله تعالى ذا الكفل من اليهود بفضله وكرمه فلما مر حزقيل على أولئك الموتى وقف عليهم لكثرة ما يرى فجعل يتفكر فيهم متعجبا فاوحى الله اليه أتريد ان أريك آية قال نعم فقال الله نادايتها العظام ان الله يأمرك ان تجتمعى فاجتمعت من أعلى الوادي وأدناه حتى التزق بعضها ببعض فصارت أجسادا من عظام لا لحم ولا دم ثم اوحى الله اليه نادايتها الأرواح ان الله يأمرك ان تقومى فقاموا وبعثوا احياء يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا أنت فبقيت فيهم بقايا من ريح النتن حتى انه بقي في أولاد ذلك السبط من اليهود الى اليوم ثم انهم رجعوا الى بلادهم وقومهم وعاشوا دهرا سحنة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوبا إلا عاد دسما مثل الكفن حتى ماتوا لآجالهم التي ثبتت لهم وفائدة القصة تشجيع المسلمين على الجهاد والتعرض لاسباب الشهادة وحثهم على التوكل والاستسلام وان الموت حيث لم يكن منه بد ولم ينفع منه المفر فاولى ان يكون في سبيل الله إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ قاطبة اما أولئك فقد أحياهم ليعتبروا بما جرى عليهم فيفوزوا بالسعادة العظمى واما الذين سمعوا قصتهم فقد هداهم الى مسلك الاعتبار والاستبصار وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ فضله كما ينبغى لعجز بعضهم وكفر بعضهم وَقاتِلُوا الخطاب لهذه الامة وهو معطوف على مقدر تقديره فاطيعوا وقاتلوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاعلاء دينه متيقنين ان الفرار من الموت غير مخلص وان القدر واقع فلا تحرموا من أحد الحظين اما النصر والثواب واما الموت في سبيل الله الملك الوهاب وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع مقالة السابقين الى الجهاد من ترغيب الغير فيه ومقالة المتخلفين عنه من تنفير الغير عَلِيمٌ بما يضمرونه في أنفسهم يعلم ان خلف المتخلف لأى غرض وان جهاد المجاهد لأى سبب وانه لاجل الدين او الدنيا وهو من وراء الجزاء ثم ان قوله تعالى أَلَمْ تَرَ رد لتقبيح حال هؤلاء الذين خرجوا وقد جعل الله جزاء خروجهم الموت والخيبة في رجائهم الخلاص وكل ذلك يدل على كراهية الفرار فثبت بهذه الآية فضيلة الفرار وفائدته وفي الحديث (الفار من الطاعون كالفار من الزحف) وهذا الحديث يدل على ان النهى عن الخروج للتحريم وانه من الكبائر قيل ان عبد الملك هرب من الطاعون فركب ليلا واخرج غلاما معه فكان ينام على دابته فقال للغلام حدثنى فقال من انا حتى أحدثك فقال على كل حال حدث حديثا سمعته فقال بلغني ان ثعلبا كان يخدم أسدا ليحميه ويمنعه مما يريده فكان يحميه فرأى الثعلب عقابا فلجأ الى الأسد فاقعده على ظهره فانقض العقاب واختلسه فصاح الثعلب يا أبا الحارث أغثني واذكر عهدك لى فقال انما اقدر على منعك من اهل الأرض فاما اهل السماء فلا سبيل إليهم فقال عبد الملك وعظتني وأحسنت وانصرف ورضى بالقضاء

[سورة البقرة (2) : آية 245]

قال السعدي قدس سره قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكر ناخدا جامه بر تن درد در آبى كه پيدا نباشد كنار ... غرور شناور نيايد بكار واعلم ان ما كان من القضاء حتما مقضيا لا ينفعه شىء كما قال عليه السلام (الحذر لا ينفع من القدر) واما المعلق فتنفعه الصدقة وأمثالها كما قال عليه السلام (الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان في الأعمار) قال بعض المحققين ان المقدرات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكليات المختصة بالإنسان ما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام انها محصورة في اربعة أشياء العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة وهي لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض بمعنى ان لصلة الرحم مثلا من الأثر في الخير ما لو أمكن ان يبسط في رزق الواصل ويؤخر في اجله بها لكان ذلك ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك حكمة قال تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء او الكسب والسعى والتعمد من جملتها بمعنى انه لم يقدر حصوله بدون ذلك الشرط- حكى- ان قصارا مر على عيسى عليه السلام مع جماعة من الحواريين فقال لهم عيسى احضروا جنازة هذا الرجل وقت الظهر فلم يمت فنزل جبريل فقال ألم تخبرني بموت هذا القصار فقال نعم ولكن تصدق بعد ذلك بثلاثة ارغفة فنجا من الموت وقد سبق منا في الجزء الاول عند قوله تعالى فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ما يتعلق بالطاعون والفرار منه فليرجع اليه قال الامام القشيري في قوله تعالى وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية يعنى ان مسكم ألم فتصاعد منكم أنين فاعلموا ان الله سميع بأنينكم عليم بأحوالكم والآية توجب عليهم تسهيل ما يقاسونه من الألم قال قائلهم إذا ما تمنى الناس روحا وراحة ... تمنيت ان أشكو إليك وتسمع انتهى كلامه قدس سره اللهم اجعلنا من الذين يفرون الى جنابك ويميلون مَنْ استفهام للتحريض على التصدق مبتدأ ذَا اشارة الى المقرض خبر المبتدأ اى من هذا الَّذِي صفة ذا او بدل منه يُقْرِضُ اللَّهَ اصل القرض القطع سمى به لان المعطى يقرضه اى يقطعه من ماله فيدفعه اليه ليرجع اليه مثله من الثواب واقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب به ثوابه قَرْضاً مصدر ليقرض بمعنى اقراض كقوله تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى اقراضا حَسَناً اى مقرونا بالإخلاص وطيب النفس ويجوز ان يكون القرض بمعنى المقرض اى بمعنى المفعول على انه مفعول ثان ليقرض وحسنه ان يكون حلالا صافيا عن شوب حق الغير به وقيل القرض الحسن المجاهدة والانفاق في سبيل الله ومن انواع القرض قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فَيُضاعِفَهُ لَهُ منصوب بإضمار ان عطفا على المصدر المفهوم من يقرض الله في المعنى فيكون مصدرا معطوفا على مصدر تقديره من ذا الذي يكون منه اقراض فمضاعفة من الله او منصوب على جواب الاستفهام في المعنى لان الاستفهام

وان وقع عن المقرض لفظا فهو عن الاقراض معنى كأنه قال أيقرض الله أحد فيضاعفه واصل التضعيف ان يزاد على الشيء مثله او أمثاله أَضْعافاً جمع ضعف حال من الهاء في يضاعفه كَثِيرَةً هذا قطع للاوهام عن مبلغ الحساب اى لا يعلم قدرها الا الله وقيل الواحد سبعمائة وحكمة تضعيف الحسنات لئلا يفلس العبد إذا اجتمع الخصماء فمظالم العباد توفى من التضعيفات لا من اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة وذكر الامام البيهقي ان التضعيفات فضل من الله تعالى لا يتعلق بها العباد كما لا يتعلق بالصوم بل يدخرها الحق للعبد فضلا منه سبحانه فاذا دخل الجنة أثابه بها: قال السعدي نكوكارى از مردم نيك رأى ... يكى را بده مى نويسد خداى كرم كن كه فردا كه ديوان نهند ... منازل بمقدار احسان تهند ولما حثهم على الإخراج سهل عليهم الاقراض واخبر انهم لا يمكنهم ذلك الا بتوفيقه فقال وَاللَّهُ يَقْبِضُ يقتر على بعض وَيَبْصُطُ يوسع على بعض او يقتر تارة ويوسع اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وإذا علم العبد ذلك هان عليه الإعطاء لان الله تعالى هو الرزاق وهو الذي وسع عليه فهو يسأل منه ما أعطاه ولانه يخلفه عليه في الدنيا ويثيبه عليه في العقبى فكأن الله تعالى يقول إذا علمتم ان الله هو القابض والباسط وان ما عندكم انما هو من بسطه وإعطائه فلا تبخلوا عليه فاقرضوه وأنفقوا مما وسع عليكم واعطاكم ولا تعكسوا بان تبخلوا لئلا يعاملكم. مثل معاملتكم في التعكيس بان يقبض بعد ما بسط. ولعل تأخير البسط عن القبض في الذكر للايماء الى انه يعقبه في الوجود تسلية للفقراء قال الامام الغزالي في شرح الأسماء الحسنى القابض الباسط هو الذي يقبض الأرواح من الأشباح عند الممات ويبسط الأرواح فى الأجساد عند الحياة ويقبض الصدقات من الأغنياء ويبسط الأرزاق للضعفاء يبسط الرزق على الأغنياء حتى لا تبقى فاقة ويقبضه من الفقراء حتى لا تبقى طاقة ويقبض القلوب فيضيقها مما يكشف لها من قلة مبالاته وتعاليه وجلاله ويبسطها لما يقرب إليها من بره ولطفه وجماله والقابض الباسط من العباد من ألهم بدائع الحكم واوتى جوامع الكلم فتارة يبسط قلوب العباد بما يذكرهم من آلاء الله ونعمائه وتارة يقبضها بما ينذرهم به من جلال الله وكبريائه وفنون عذابه وبلائه وانتقامه من أعدائه كما فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قبض قلوب الصحابة عن الحرص على العبادة حيث ذكرهم ان الله يقول لآدم يوم القيامة ابعث بعث النار فيقول كم فيقول من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين فانكسرت قلوبهم حتى فتروا عن العبادة فلما أصبح ورآهم على ما هم عليه من القبض والفتور روح قلوبهم وبسطها فذكر انهم في سائر الأمم كشامة سوداء في مسك ثور ابيض انتهى قال القشيري في رسالته القبض والبسط حالتان بقدر ترقى العبد عن حال الخوف والرجاء والقبض للعارف بمنزلة الخوف للمستأنف والبسط للعارف بمنزلة الرجاء للمستأنف وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم على ما قدمتم من الأعمال خيرا وشرا على الجود بالجنة وعلى البخل بالنار وهو وعد ووعيد او هو تنبيه على ان الغنى لمفارق ماله بالموت فليبادر الى الانفاق قبل الفوت واجتمع جماعة من الأغنياء والفقراء فقال غنى ان الله تعالى

[سورة البقرة (2) : آية 246]

رفع درجاتنا حتى استقرض منا وقال فقير بل رفع درجاتنا حتى استقرض لنا والواحد قد يستقرض من غير الحبيب ولك ان لا تستقرض الا لاجل الحبيب وقبض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ودرعه عند يهوى بشعير اخذه لقوت عياله. انظر ممن استدان ولمن استدان وفي الحديث (يقول الله تعالى يوم القيامة ابن آدم استطعمتك فلم تطعمنى قال رب كيف أطعمك وأنت رب العزة قال استطعمك عبدى فلان فلم تطعمه أما علمت انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى) فالقرض لا يقع عند المحتاج فكأنه ذكر نفسه ونزل وصفه منزلة المحتاج كقوله مرضت فلم تعدنى جعت فلم تطعمنى شفقة وتلطيفا للفقير والمريض وهذا من باب التنزلات الرحمانية عند المحققين لتكميل محبة العبد وجذبه الى حظرة اهل الشهود من عباده إذ جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين وذلك إذا شاهد العبد الفقير جلوة جمال الرحمن في أطوار تنزلاته في المشاهد الاعيانية: وفي المثنوى روى خوبان زانيه زيبا شود ... روى احسان از كدا پيدا شود چون گدا آيينه جودست هان ... دم بود بر روى آيينه زبان پس ازين فرمود حق در والضحى ... بانك كم زن اى محمد بر كدا فالله تعالى من كمال فضله وكرمه مع عباده خلق أنفسهم وملكهم الأموال ثم اشترى منهم أنفسهم وأموالهم ثم ردها إليهم بالعارية ثم أكرمهم فيها بالاستقراض منهم ثم بشر بأضعاف كثيرة عليها فالعبد الصادق لا يطلب الا على قدر همته ولا يريد العوض مما أعطاه الا ذاته تعالى فيعطيه الله ما هو مطلوبه على قدر همته ويضاعف له مع مطلوبه ما أخفى لهم من قرة أعين أضعافا كثيرة على قدر كرمه فمن يكون له متاع الدنيا باسره قليلا فانظر ما يكون له كثيرا اللهم متعنا بما ألهمت قلوب أوليائك واجعلنا من الذين قصروا أعينهم على استطلاع أنوار لقائك أَلَمْ تَرَ اى ألم ينته علمك إِلَى قصة الْمَلَإِ اى قد علمت خبرهم باعلامى إياك فتعجب. الملأ جماعة يجتمعون للتشاور سموا بذلك لانهم اشراف يملأون العيون مهابة والمجالس بهاءة لا واحد له من لفظه كالقوم مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ من للتبعيض حال من الملأ اى كائنين بعض بنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب مِنْ ابتدائية متعلقة بما تعلق به الجار الاول بَعْدِ وفاة مُوسى إِذْ قالُوا منصوب بالمضاف المقدر في الملأ اى ألم تر الى قصة الملأ او حديثهم حين قالوا الان الذوات لا يتعجب منها وانما يتعجب من أحوالها لِنَبِيٍّ لَهُمُ اشمويل وهو الأشهر الأظهر ابْعَثْ لَنا مَلِكاً اى أقم وانصب لنا سلطانا يتقدمنا ويحكم علينا في تدبير الحرب ونطيع لامره نُقاتِلْ معه وهو بالجزم على الجواب فِي سَبِيلِ اللَّهِ طلبوا من نبيهم ما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من التأمير على الجيوش التي كان يجهزها ومن أمرهم بطاعته وامتثال أوامره- وروى- انه امر الناس إذا سافروا ان يجعلوا أحدهم أميرا عليهم قالَ كأنه قيل فماذا قال لهم النبي حينئذ فقيل قال هَلْ عَسَيْتُمْ قاربتم إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ مع الملك شرط معترض بين عسى وخبره وهو قوله أَلَّا تُقاتِلُوا معه قال فى الكشاف والمعنى هل قاربتم ان لا تقاتلوا يعنى هل الأمر كما أتوقعه انكم لا تقاتلون أراد ان يقول

عسيتم ان لا تقاتلوا بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال فادخل هل مستفهما عما هو متوقع عنده وانه صائب في توقعه كقوله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ معناه التقرير قالُوا وَما مبتدأ وهو استفهام إنكاري خبره قوله لَنا فى أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى أي سبب وغرض لنا في ترك القتال وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا اى والحال انه قد عرض لنا ما يوجب القتال إيجابا قويا من الإخراج من الديار والأوطان والاغتراب عن الأهل والأولاد وافراد الأبناء بالذكر لمزيد تقوية اسباب القتال قال بعضهم وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا جلاء واسرا ومثله يذكر اتباعا نحو وزججن الحواجب والعيونا وكان سبب مسألتهم نبيهم ذلك انه لما مات موسى عليه السلام خلف بعده في بنى إسرائيل يوشع يقيم فيهم التوراة وامر الله حتى قبضه الله ثم خلف فيهم كالب كذلك حتى قبضه الله ثم عظمت الأحداث في بنى إسرائيل ونسوا عهد الله حتى عبدوا الأوثان فبعث الله إليهم ألياس نبيا فدعاهم الى الله وكانت الأنبياء من بنى إسرائيل بعد موسى يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة ثم خلف بعد ألياس أليسع وكان فيهم ما شاء الله حتى قبضه الله وخلف فيهم الخلوف وعظمت الخطايا وظهر لهم عدو يقال له البلنانا وهم قوم جالوت كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وهم العمالقة أولاد عمليق بن عاد فظهروا على بنى إسرائيل وغلبوا على كثير من ارضهم وسبوا كثيرا من ذراريهم وأسروا من أبناء ملوكهم اربعمائة وأربعين غلاما وضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم ولقى بنوا إسرائيل منهم بلاء شديدا ولم يكن لهم بنى يدبر أمرهم وكان سبط النبوة قد هلكوا فلم يبق منهم الا امرأة حبلى فحبسوها في بيت رهبة ان تلد جارية فتبدلها بغلام لما ترى من رغبة بنى إسرائيل في ولدها وجعلت المرأة تدعو الله ان يرزقها غلاما فولدت غلاما فسمته اشمويل تقول سمع الله دعائى وهو بالعبرانية إسماعيل والسين تصير شينا في لغة عبران فكبر الغلام فاسلموه لتعلم التوراة في بيت المقدس وكفله شيخ من علمائهم وتبناه فلما بلغ الغلام أتاه جبريل عليه السلام وهو نائم الى جنب الشيخ وكان لا يأتمن عليه أحدا فدعاه بلحن الشيخ يا اشمويل فقام الغلام مسرعا الى الشيخ فقال يا أبتاه دعوتنى فكره الشيخ ان يقول لا لئلا يتفزع الغلام فقال يا بنى ارجع فنم فرجع الغلام فنام ثم دعاه الثانية فقال الغلام دعوتنى فقال ارجع فنم فان دعوتك الثالثة فلا تجبنى فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال له اذهب الى قومك فبلغهم رسالة ربك فان الله قد بعثك فيهم نبيا فلما أتاهم كذبوه وقالوا له استعجلت بالنبوة ولم تأن لك وقالوا ان كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله آية نبوتك وانما كان قوام امر بنى إسرائيل بالاجتماع على الملوك وطاعة الملوك لانبيائهم فكان الملك هو الذي يشير بالجموع والنبي يقيم امره ويشير عليه برشده ويأتيه بالخبر من عند ربه فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ بعد سؤال النبي ذلك وبعث الملك تَوَلَّوْا اى اعرضوا وتخلفوا عن الجهاد وضيعوا امر الله ولكن لا في ابتداء الأمر بل بعد مشاهدة كثرة العدو وشوكته وانما ذكر الله هاهنا مآل أمرهم اجمالا إظهارا لما بين قولهم وفعلهم من التنافي والتباين إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم الذين عبروا النهر مع طالوت واقتصروا على الغرفة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر بعدد اهل بدر وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وعيد لهم على ظلمهم بالتولى عن القتال وترك الجهاد وتنافى أقوالهم

[سورة البقرة (2) : الآيات 247 إلى 251]

وأفعالهم والاشارة ان القوم لما أظهروا خلاف ما اضمروا وزعموا غير ما كتموا عرض نقد دعواهم على محك معناهم فما أفلحوا عند الامتحان إذ عجزوا عن البرهان وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان: قال الحافظ خود بود كر محك تجربه آمد بميان تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد وهذه حال المدعين من اهل السلوك وغيرهم قال اهل الحقيقة عللوا القتال بما يرجع الى حظوظهم فخذلوا ولو قالوا كيف لا نقاتل وقد عصوا الله وخربوا بلاد الله وقهروا عباد الله واطفأوا نور الله لنصروا. وأفادت الآية ان خواص الله فيهم قليلة قال تعالى وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وهذا فى كل زمان لكن الشيء العزيز القليل أعلى بهاء من الكثير الذليل: قال السعدي قدس سره خاك مشرق شنيده ام كه كنند ... بچهل سال كاسه چينى صد بروزى كنند در بغداد ... لاجرم قيمتش همى بينى وانما كان اهل الحق اقل مع ان الجن والانس انما خلقوا لاجل العبادة كما قال تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ لان المقصود الأعظم هو الإنسان الكامل وقد حصل أو لأن المهديين وان قلوا بالعدد لكنهم كثيرون بالفضل والشرف كما قيل قليل إذا عدوا كثير إذا شدوا اى أظهروا الشدة. وقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه السواد الأعظم هو الواحد على الحق والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بامر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا بل تقتضى ظهور ما أضيف اليه كل من اليدين فللواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والجنان وللاخرى القهر والغضب ولوازمهما فلا بد من الغضب لتكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فعلى العاقل ان يحترز من اسباب الغضب ويجتهد في نيل كرم الرب قال على كرم الله وجهه [من ظن انه بدون الجهد يصل فهو متمن ومن ظن انه بذل الجهد فهو متعن] اللهم أفض علينا من سجال فضلك وكرمك وأوصلنا إليك بك يا ارحم الراحمين وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ وذلك ان اشمويل لما سأل الله تعالى ان يبعث لهم ملكا اتى بعصا وقرن فيه دهن القدس وقيل له ان صاحبكم الذي يكون ملكا طوله طول هذه العصا وانظر القرن الذي فيه الدهن فاذا دخل عليك رجل ونش الدهن الذي في القرن فهو ملك بنى إسرائيل فدهن به رأسه وملك عليهم قال وهب ضلت حمر لابى طالوت فارسله وغلاما له في طلبها فمرا ببيت اشمويل فقال الغلام لو دخلنا على هذا النبي فسألنا عن الحمر ليرشدنا ويدعو لنا بحاجتنا فدخلا عليه فبينماهما عنده يذكر ان له شأن الحمر إذ نش الدهن الذي في القرن فقام اشمويل فقاس طالوت بالعصا فكان على طولها فقال لطالوت قرب رأسك فقربه فدهنه بدهن القدس ثم قال له أنت ملك بنى إسرائيل الذي أمرني الله ان أملكه عليهم قال بأى آية قال بآية انك ترجع وقد وجد أبوك حمره فكان كذلك ثم قال اشمويل لبنى إسرائيل إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ اسم أعجمي ممتنع من الصرف لتعريفه وعجمته مَلِكاً حال منه اى فاطيعوه وقاتلوا عدوكم معه قالُوا متعجبين من ذلك ومنكرين قيل انهم كفروا بتكذيبهم نبيهم وقيل كانوا مؤمنين لكن تعجبوا وتعرفوا وجه الحكمة

فى تمليكه كما قال الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا من أين يكون له ذلك ويستأهل وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ اولى بالرياسة عليه منه بالرياسة علينا وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ اى لم يعط تروه وكثرة من المال فيشرف بالمال إذا فاته الحسب يعنى كيف يتملك علينا والحال انه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق منه ولعدم ما يتوقف عليه الملك من المال ولا بد للملك من مال يقتصد به. وسبب هذا الاستبعاد ان النبوة كانت مخصوصة بسبط معين من أسباط بنى إسرائيل وهو سبط لاود بن يعقوب ومنه كان موسى وهارون وسبط المملكة سبط يهودا بن يعقوب ومنه كان داود وسليمان ولم يكن طالوت من أحد هذين السبطين بل هو من ولد بنيامين بن يعقوب وكانوا عملوا ذنبا عظيما ينكحون النساء على ظهر الطريق نهارا فغضب الله عليهم ونزع الملك والثروة منهم وكانوا يسمونه سبط الإثم وكان طالوت يتحرف بحرفة دنية كان رجلا دباغا يعمل الادم فقيرا او سقاء او مكاريا قالَ لهم نبيهم ردا عليهم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ اى اختاره فان لم يكن له نسب ومال فله فضيلة اخرى وهو قوله وَزادَهُ بَسْطَةً اى سعة وامتدادا فِي الْعِلْمِ المتعلق بالملك او به وبالديانات ايضا وَالْجِسْمِ بطول القامة وعظم التركيب لان الإنسان يكون أعظم في النفوس بالعلم وأهيب في القلوب بالجسم وكان أطول من غيره برأسه ومنكبيه حتى ان الرجل القائم كان يمد يده فينال رأسه لما استبعدوا تملكه بسقوط نسبه وبفقره رد عليهم ذلك اولا بان ملاك الأمر هو اصطفاء الله وقد اختاره عليكم وهو اعلم بالمصالح منكم وثانيا بان العمدة فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة امور السياسة وجسامة البدن ليعظم خطره في القلوب ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الحروب وقد خصه الله تعالى منهما بحظ وافر وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ لما انه مالك الملك والملكوت فعال لما يريد فله ان يؤتيه من يشاء من عباده وَاللَّهُ واسِعٌ يوسع على الفقير ويغنيه عَلِيمٌ بمن يليق بالملك ممن لا يليق به وفي التأويلات النجمية انما حرم بنوا إسرائيل من الملك لانهم كانوا معجبين بانفسهم متكبرين على طالوت ناظرين اليه بنظر الحقارة من عجبهم قالوا ونحن أحق بالملك منه ومن تكبرهم عليه قالوا أنى يكون له الملك علينا ومن تحقيرهم إياه قالوا ولم يؤت سعة من المال فلما تكبروا وضعهم الله وحرموا من الملك: قال السعدي قدس سره يكى قطره باران ز ابرى چكيد ... خجل شد چو پهناى دريا بديد كه جايى كه درياست من كيستم ... كر او هست حقا كه من نيستم چوخود را بچشم حقارت بديد ... صدف در كنارش بجان پروريد سپهرش بجايى رسانيد كار ... كه شد نامور لؤلوى شاهوار بلندى از ان يافت كو پست شد ... در نيستى كوفت تا هست شد ومن بلاغات الزمخشري كم يحدث بين الخبيثين ابن لا يعابن والفرث والدم يخرج من بينهما اللبن يعنى حدوثا كثيرا يحدث بين الزوجين الخبيثين ابن طيب لا يعاب بين الناس ولا يذكر بقبيح وهذا غير مستبعد لان اللبن يخرج من بين السرجين والدم وهما مع كونهما مستقذرين لا يؤثران في اللبن بشئ من طعمهما ولونهما بل يحدث اللبن من بينهما لطيفا نظيفا سائغا

[سورة البقرة (2) : آية 248]

للشاربين. قالوا يخلق الله اللبن وسيطابين الفرث والدم يكتنفانه وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله لا ينبغى أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة بل هو خالص من ذلك كله. قيل إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها وهو من الحيوان بمنزلة المعدة من الإنسان طبخته فكان أسفله فرثا وأوسطه مادة اللبن وأعلاه مادة الدم والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجرى الدم في العروق واللبن في الضروع وتبقى الفرث في الكرش فسبحان الله ما أعظم قدرته وألطف حكمته لمن تأمل والإنسان له استعداد الصلاح والفساد فتارة يظهر في الأولاد الصلاح المبطون في الآباء وتارة يكون الأمر بالعكس وامر الإيجاد يدور على الإظهار والإبطان فانظر الى آدم وابنيه قابيل وهابيل ثم وثم الى انتهاء الزمان. والحاصل ان طالوت ولو كان اخس الناس عند بنى إسرائيل لكنه عظيم شريف عند الله لما ان النظر الإلهي إذا تعلق بحجر يجعله جوهرا وبشوك يجعله وردا وريحانا فلا معترض لحكمه ولاراد لقضائه فالوضيع من وضعه الله وان كان قد رفعه الناس والرفيع من رفعه الله وان كان قد وضعه الناس. والعاقل إذا تأمل أمثال هذا يجد من نفسه الانصاف والسكوت وتفويض الأمر الى الحي الذي لا يموت والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ طلبوا علامة من نبيهم على كون طالوت ملكا عليهم فقالوا ما آية ملكه فقال إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ اى علامة سلطنته أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ من التوب وهو الرجوع وسمى تابوتا لانه ظرف توضع فيه الأشياء وتودع فلا يزال يرجع اليه ما يخرج منه وصاحبه يرجع اليه فيما يحتاج اليه من مودعاته والمراد به صندوق التوراة وكان قد رفعه الله بعد وفاة موسى عليه السلام سخطا على بنى إسرائيل لما عصوا واعتدوا فلما طلب القوم من نبيهم آية تدله على ملك طالوت قال لهم ان آية ملكه ان يأتيكم التابوت من السماء والملائكة يحفظونه فاتاهم كما وصف والقوم ينظرون اليه حتى نزل عند طالوت وهذا قول ابن عباس رضى الله عنهما. وقال ارباب الاخبار ان الله تعالى انزل على آدم عليه السلام تابوتا فيه تماثيل الأنبياء عليهم السلام من أولاده وكان من عود الشمشار ونحوا من ثلاثة اذرع في ذراعين فكان عند آدم عليه السلام الى ان توفى فتوارثه أولاده واحد بعد واحد الى ان وصل الى يعقوب عليه السلام ثم بقي في أيدي بنى إسرائيل الى ان وصل الى موسى عليه السلام فكان يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه وكان إذا قاتل قدمه فكانت تسكن اليه نفوس بنى إسرائيل وكان عنده الى ان توفى ثم تداولته أيدي بنى إسرائيل وكانوا إذا اختلفوا في شىء تحاكموا اليه فيكلمهم ويحكم بينهم وكانوا إذا حضروا القتال يقدمونه بين أيديهم ويستفتحون به على عدوهم وكانت الملائكة تحمله فوق العسكر ثم يقاتلون العدو فاذا سمعوا في التابوت صيحة استيقنوا النصر فلما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبوهم على التابوت وسلبوه وجعلوه في موضع البول والغائط فلما أراد الله ان يملك طالوت سلط الله عليهم البلاء حتى ان كل من بال عنده ابتلى بالبواسير وهلكت من بلادهم خمس مدائن فعلم الكفار ان ذلك سبب استهانتهم بالتابوت فاخرجوه وجعلوه على عجلة وعقلوها على ثورين فاقبل الثوران يسيران وقد وكل الله بهما اربعة من الملائكة يسوقونهما حتى أتيا

منزل طالوت فلما سألوا نبيهم البينة على ملك طالوت قال لهم النبي ان آية ملكه انكم تجدون التابوت في داره فلما وجدوه عنده أيقنوا بملكه فالاتيان على هذا مجاز لانه اتى به ولم يأت هو بنفسه فنسب الإتيان اليه توسعا كما يقال ربحت التجارة وعلى الوجه الاول حقيقة فِيهِ اى في إتيان التابوت سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ اى سكون لكم وطمأنينة كائنة من ربكم او الضمير للتابوت قال بعض المحققين السكينة تطلق على ثلاثة أشياء بالاشتراك اللفظي. أولها ما اعطى بنوا إسرائيل في التابوت كما قال تعالى إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ قال المفسرون هي ريح ساكنة طيبة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا إذا التقى الصفان وهي معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم. والثانية شىء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الأنبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر. والثالثة هي التي أنزلت على قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين وهي شىء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وقال بعضهم التابوت هو القلب والسكينة ما فيه من العلم والإخلاص وذكر الله الذي تطمئن اليه القلوب وإتيانه تصيير قلبه مقر العلم والوقار بعد ان لم يكن كذلك وَبَقِيَّةٌ كائنة مِمَّا من للتبعيض تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ هما رضاض الألواح وعصا موسى من آس الجنة وثيابه ونعلاه وعمامة هارون وشىء من التوراة وخاتم سليمان وقفيز من المن وهو الترنجبين الذي كان ينزل على بنى إسرائيل ويأكلونه في ارض التيه. وآلهما أنفسهما والآل مقحم او انباؤهما او اتباعهما تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ حال من التابوت اى ان آية ملكه إتيانه حال كونه محمولا للملائكة او استئناف كأنه قيل كيف يأتى فقيل تحمله الملائكة ثم ان التابوت لم تحمله الملائكة في الروايتين بل نزل من السماء الى الأرض بنفسه والملائكة كانوا يحفظونه في الرواية الاولى واتى به على العجلة وعلى الثورين بسوق الملائكة على الرواية الاخيرة وانما أضيف الحمل في القولين جميعا الى الملائكة لان من حفظ شيأ في الطريق جاز ان يوصف بانه حمل ذلك الشيء وان لم يحمله بل كان الحامل غيره كما يقول القائل حملت الامتعة الى زيد إذا حفظها في الطريق وان كان الحامل غيره إِنَّ فِي ذلِكَ يحتمل ان يكون من تمام كلام النبي وان يكون ابتداء خطاب من الله اى في رد التابوت ايها الفريق لَآيَةً عظيمة لَكُمْ دالة على ملك طالوت وصدق قول نبيكم في ان الله جعله ملكا فانه امر مناقض للعادة إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مصدقين بالله فصدقوا بتمليكه عليكم وفي الآية اشارة الى ان آية ملك الخلافة للعبد ان يظفر بتابوت قلب فيه سكينة من ربه وهي الطمأنينة بالايمان والانس مع الله وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون وهي عصا الذكر كلمة لا اله الا الله وهي كلمة التقوى وهي الحية التي إذا فتحت فاها تلقف سحرة صفات فرعون النفس فعصا ذكر الله في تابوت القلوب وقد أودعها الله بين إصبعي جماله وجلاله كما قال عليه السلام (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن) فبصفة الجلال يلهمها فجورها وبصفة الإكرام يلهمها تقواها كما قال تعالى فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ولم يستودعها ملكا مقربا ولانبيا مرسلا فشتان بين امة سكينتهم فيما للاعداء عليه تسلط وبين امة

[سورة البقرة (2) : آية 249]

سكينتهم فيما ليس للاولياء ولا للانبياء عليه ولاية وان كان في ذلك التابوت بعض التوراة موضوعا ففى تابوت قلوب هذه الامة جميع القرآن محفوظ وان كان في تابوتهم بيوت فيها صور الأنبياء ففى تابوت قلوبهم خلوات ليس فيها معهم غير الله كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن) فاذا تيسر لطالوت روح الإنسان ان يؤتى تابوت القلب الرباني فسلم ملك الخلافة وسرير السلطنة واستوثق عليه جميع أسباط الصفات الإنساني فلا يركن الى الدنيا الغدارة المكارة بل يتهجر منها ويتبرز لقتال جالوت النفس الامارة وهذا لا يتيسر الا بفضل الله وأخذ الطريقة والتمسك بالحقيقة ره اينست روى از طريقت متاب ... إ كام وكامى كه خواهى بياب ومن أراد ان يزداد سكينة فليصل الى المعرفة فان المعرفة الإلهية توجب السكينة في القلب كما ان القلب يوجب السكون وسئل ابو يزيد عن المعرفة فقال إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً اى غيروا حالها عما هي عليه وكذلك إذا وردت الواردات الربانية على القلوب الممتلئة أخرجت منها كل صفة رديئة. وقيل لابى يزيد بم وجدت هذه المعرفة فقال ببطن جائع وبدن عار: قال السعدي قدس سره باندازه خور زاد اگر مردمى ... چنين پر شكم آدمي يا خمى ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى اللهم احفظنا من الموانع في طريق الوصول إليك آمين آمين فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ الأصل فصل نفسه ولما اتحد فاعله ومفعوله شاع استعماله محذوف المفعول حتى نزل منزلة اللازم كانفصل والمعنى انفصل عن بلده مصاحبا لهم لقتال العمالقة. والجنود جمع جند وهو الجيش الأشداء مأخوذ من الجند وهي الأرض الشديدة وكل صنف من الخلق جند على حدة- روى- انهم لما رأوا التابوت لم يشكوا في النصر فتسارعوا الى الجهاد فقال طالوت لا يخرج معى شيخ ولا مريض ولا رجل بنى بناء لم يفرغ منه ولا صاحب تجارة مشتغل بها ولا رجل عليه دين ولا رجل تزوج امرأة ولم يبن بها ولا ابتغى الا الشاب النشيط الفارغ فاجتمع اليه ممن اختاره ثمانون الفا وكان الوقت قيظا اى شديد الحر وسلكوا مفازة فشكوا قلة الماء وسألوا ان يجرى الله لهم نهرا قالَ اى طالوت بأخبار من النبي اشمويل إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ اى معاملكم معاملة المختبر بما اقترحتموه وذلك الاختبار ليظهره عند طالوت من كان مخلصا في نيته من غيره ليميزهم من العسكر لان من لا يريد القتال إذا خالط عسكرا يدخل الضعف في العسكر فينهزمون بشؤمه آنكه جنك آرد بخون خويش بازي ميكند ... روز ميدان آنكه بگريزد بخون لشكرى فميز بينهما كالذهب والفضة فيهما الخبث فميز الخالص من غيره بالنار فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ اى ابتدأ شربه من ماء النهر بان كرع وهو تناول الماء بفيه من موضعه من غير ان يشرب بكفيه ولا بآناء فَلَيْسَ مِنِّي اى من جملتى وأشياعي المؤمنين فمن للتبعيض دخلت على نفس المتكلم للاشعار بان أصحابه لقوة اختصاصهم واتصالهم به كأنهم بعضه او ليس

بمتحد معى فمن اتصالية كما في قوله تعالى الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ اى بعضهم متصل بالبعض الآخر ومتحد معه وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ الطعم هنا بمعنى الذوق وهو التناول من الشيء تناولا قليلا يقال طعم الشيء إذا ذاقه مأكولا او مشروبا فَإِنَّهُ مِنِّي اى من اهل دينى إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ استثناء من قوله فمن شرب منه واعتراض الجملة الثانية وهو ومن لم يطعمه للعناية بها لان عدم الذوق منه رأسا عزيمة والاغتراف رخصة وبيان حال الاخذ بالعزيمة أهم من بيان الاخذ بالرخصة. والغرفة بالضم اسم للقدر الحاصل فى الكف بالاغتراف والغرف أخذ ماء بآلة كالكف وهو في الأصل القطع والغرفة التي هى العلية قطعة من البناء والباء متعلقة باغترف قال ابن عباس رضى الله عنهما كانت الغرفة الواحدة يشرب منها هو ودوابه وخدمه ويحمل منها قال الامام وهذا يحتمل وجهين. أحدهما انه كان مأذونا له ان يأخذ من الماء ما شاء مرة واحدة بقربة أو جرة بحيث كان المأخوذ في المرة الواحدة يكيفه ودوابه وخدمه ويحمل باقيه. وثانيهما انه كان يأخذ القليل فيجعل الله فيه البركة حتى يكفى كل هؤلاء فيكون معجزة لنبى ذلك الزمان كما انه تعالى يروى الخلق الكثير من الماء القليل في زمن محمد صلى الله عليه وسلم فَشَرِبُوا مِنْهُ اى فانتهوا الى النهر وابتلوا به وكرعوا فيه كروعا مثل الدواب ولم يقنعوا بالاغتراف فضلا عن ان لا يذوقوا منه شيأ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا على عدد اهل بدر فانهم اعترفوا فشربوا بالاكف ورووا واما الذين خالفوا فشربوا كرعا فازدادوا عطشا واسودت شفاههم وبقوا على شط النهر فعرف طالوت الموافق من المخالف فخلف الأشداء نه بي حكم شرع آب خوردن خطاست ... وكر خون بفتوى بريزى رواست ولما ردوا بالخلاف في صفة شرب ماء أصله حلال لكن على صفة مخصوصة وهلكوا بعد الرد فما حال من تناول الحرام المحض في الطعام والشراب كيف يقبل ويسلم. ثم انه لا خلاف بين المفسرين في ان الذين عصوا رجعوا الى بلدهم والصحيح انهم لم يجاوزوا النهر وانما رجعوا قبل المجاوزة لقوله تعالى فَلَمَّا جاوَزَهُ اى النهر هُوَ اى طالوت وَالَّذِينَ آمَنُوا وهم القليل الذين أطاعوه ولم يخالفوه فيما ندبهم اليه. وفيه اشارة الى ان من عداهم بمعزل من الايمان مَعَهُ اى مع طالوت متعلق بجاوز لا بآمنوا قالُوا اى بعض من معه من المؤمنين القليلين لبعض آخر منهم وهم الذين يظنون الآية فالمؤمنون الذين جاوز النهر صاروا فريقين فريقا يحب الحياة ويكره الموت وكان الخوف والجزع غالبا على طبعه وفريقا كان شجاعا قوى القلب لا يبالى بالموت في طاعة الله تعالى. والقسم الاول هم الذين قالوا لا طاقَةَ قوة لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ اى بمحاربتهم ومقاومتهم فضلا عن ان يكون لنا غلبة عليهم وذلك لما شاهدوا منهم من الكثرة والقوة وكانوا مائة الف مقاتل شاكى السلاح. والقسم الثاني هم الذين أجابوهم بقولهم كم من فئة الآية قالَ كأنه قيل فماذا قال لهم مخاطبهم فقيل قال الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا نصر اللَّهَ العزيز وتأييده كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً اى كثير من

الفئات القليلة غلبت الفئات الكثيرة. والفئة اسم للجماعة من الناس قلت او كثرت بِإِذْنِ اللَّهِ اى بحكمه وتيسيره فان دوران كافة الأمور على مشيئته تعالى فلا يذل من نصره وان فل عدده ولا يعز من خذله وان كثر أسبابه وعدده فنحن ايضا نغلب جالوت وجنوده وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصرة على العدو وبتوفيق الصبر عند الملاقاة قال الراغب في القصة ايماء ومثال للدنيا وابنائها وان من يتناول قدر ما يتبلغ به اكتفى واستغنى وسلم منها ونجا ومن تناول منها فوق ذلك ازداد عطشا ولهذا قيل الدنيا كالملح من ازداد منها عطش وفي الحديث (لو ان لابن آدم واديين من ذهب لابتغى إليهما ثالثا فلا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب) يعنى لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره الا من تاب فان الله يقبل التوبة من التائب عن حرصه المذموم وعن غيره من المذمات وهاهنا نكتة وهي ان في ذكر ابن آدم دون الإنسان تلويحا الى انه مخلوق من تراب ومن طبيعته القبض واليبس وإزالته ممكنة بان يمطر الله عليه من غمام توفيقه فللعاقل ان لا يتعب نفسه في جمع حطام الدنيا فان الرزق مقسوم اوحى الله الى داود [يا داود تريد وأريد فان رضيت بما أريد كفيتك ما تريد وان لم ترض بما أريد أتعبك ثم لا يكون الا ما أريد] فالناس مبتلون بنهر هو منهل الطبيعة الجسمانية فمن شرب منه مفرطا في الري منه بالحرص فليس من اهل الحقيقة لانه من اهل الطبيعة وعبدة الشهوات المشتغل بها عن الله الا من قنع من متاع الدنيا على ما لا بد منه من المأكول والمشروب والملبوس والمسكن ومحبة الخلق على الاضطرار بمقدار القوام فانه من اولياء الله. والحاصل ان النهر هو الدنيا وزينتها ومن بقي على شطها واطمأن بها كثير ممن جاوزها ولم يلتفت إليها فان اهل الله اقل من القليل واهل الدنيا لا يحصى عددهم رزقنا الله وإياكم القوة والقناعة ولم يفصلنا عن اهل السنة والجماعة- روى- انه عليه السلام قال في وصيته لابى هريرة رضى الله عنه (عليك يا أبا هريرة بطريق أقوام إذا فزع الناس لم يفزعوا وإذا طلب الناس الامان من النار لم يخافوا) قال ابو هريرة من هم يا رسول الله قال (قوم من أمتي في آخر الزمان يحشرون يوم القيامة محشر الأنبياء إذا نظر إليهم الناس ظنوهم أنبياء مما يرون من حالهم حتى أعرفهم انا فاقول أمتي أمتي فيعرف الخلائق انهم ليسوا أنبياء فيمرون مثل البرق او الريح تغشى أبصار اهل الجمع من أنوارهم) فقلت يا رسول الله مرنى بمثل عملهم لعلى الحق بهم فقال (يا أبا هريرة ركب القوم طريقا صعبا آثروا الجوع بعد ما أشبعهم الله والعرى بعد ما كساهم الله والعطش بعد ما ارواهم الله تركوا ذلك رجاء ما عند الله تركوا الحلال مخافة حسابه صحبوا الدنيا بأبدانهم ولم يشتغلوا بشئ منها عجبت الملائكة والأنبياء من طاعتهم لربهم طوبى لهم وددت ان الله جمع بينى وبينهم) ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليهم ثم قال عليه السلام (إذا أراد الله باهل الأرض عذابا فنظر إليهم صرف العذاب عنهم فعليك يا أبا هريرة بطريقهم) : قال الشيخ العطار قدس سره در راه تو مردانند از خويش نهان مانده ... بي جسم وجهت كشته بي نام ونشان مانده تنشان بشريعت هم دلشان بحقيقت هم ... هم دل شده وهم جان نه اين ونه آن مانده

[سورة البقرة (2) : الآيات 250 إلى 251]

عليهم سلام الله ورحمته وبركاته اللهم اجعلنا من اللاحقين بهم آمين آمين وَلَمَّا بَرَزُوا اى ظهر طالوت ومن معه من المؤمنين وصاروا الى براز اى فضاء من الأرض في موطن الحرب لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ وشاهدوا ما عليهم من العدد والعدد وأيقنوا انهم غير مطيقين لهم عادة قالُوا اى جميعا عند تقوى قلوب الفريق الاول منهم بقول الفريق الثاني متضرعين الى الله تعالى مستعينين به رَبَّنا فى ندائهم بقولهم ربنا اعتراف منهم بالعبودية وطلب لاصلاحهم لان لفظ الرب يشعر بذلك دون غيره أَفْرِغْ عَلَيْنا إفراغ الإناء اخلاؤه مما فيه اى صب علينا وهو استعارة عن الإكمال والإكثار أتوا بلفظة على طلبا لان يكون الصبر مستعليا عليهم وشاملا لهم كالظرف للمظروف صَبْراً على مقاساة شدائد الحرب واقتحام موارده الضيقة وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وهب لنا ما تثبت به في مداحض القتال ومزال النزال من قوة القلوب وإلقاء الرعب في قلوب العدو ونحو ذلك من الأسباب فالمراد بثبات القدم كمال القوة والرسوخ عند المقارنة وعدم التزلزل وقت المقاومة لا مجرد التقرر في حيز واحد وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ بقهرهم وهزمهم ولقد راعوا في الدعاء ترتيبا بليغا حيث قدموا سؤال إفراغ الصبر على قلوبهم الذي هو ملاك الأمر ثم سؤال تثبيت القدم المتفرع عليه ثم سؤال النصر على العدو الذي هو الغاية القصوى فَهَزَمُوهُمْ اى كسروهم بلا مكث بِإِذْنِ اللَّهِ اى بنصره وتأييده اجابة لدعائهم وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ كان جالوت الجبار رأس العمالقة وملكهم وكان من أولاد عمليق بن عاد وكان من أشد الناس وأقواهم وكان يهزم الجيوش وحده وكان له بيضة فيها ثلاثمائة رطل حديد وكان ظله ميلا لطول قامته وكان ايشى ابو داود عليه السلام في جملة من عبر النهر مع طالوت وكان معه سبعة من ابنائه وكان داود أصغرهم يرعى الغنم فاوحى الى نبى العسكر وهو اشمويل ان داود بن ايشى هو الذي يقتل جالوت فطلبه من الله فجاء به فقال النبي اشمويل لقد جعل الله تعالى قتل جالوت على يدك فاخرج معنا الى محاربته فخرج معهم فمر داود عليه السلام في الطريق بحجر فناداه يا داود احملني فانى حجر هارون الذي قتل بي ملك كذا فحمله في مخلاته ثم مر بحجر آخر فقال له احملني فانى حجر موسى الذي قتل بي كذا وكذا فحمله في مخلاته ثم مر بحجر آخر فقال له احملني فانى حجر الذي تقتل بي جالوت فوضعه في مخلاته وكان من عادته رمى القذافة وكان لا يرمى بقذافته شيأ من الذئب والأسد والنمر إلا صرعه وأهلكه فلما تصاف العسكران للقتال برز جالوت الجبار الى البراز وسأل من يخرج اليه فلم يخرج اليه أحد فقال يا بنى إسرائيل لو كنتم على حق لبارزنى بعضكم فقال داود لاخوته من يخرج الى هذا الا قلف فسكتوا فالتمس منه طالوت ان يخرج اليه ووعده ان يزوجه ابنته ويعطيه نصف ملكه ويجرى له خاتمه فيه فلما توجه داود نحوه أعطاه طالوت فرسا ودرعا وسلاحا فلبس السلاح وركب الفرس فسار قريبا ثم انصرف الى الملك فقال من حوله جبن الغلام فجاء فوقف على الملك فقال ما شأنك فقال ان الله تعالى ان لم ينصرنى لم يغن عنى هذا السلاح شيأ فدعنى أقاتل كما أريد قال نعم فاخذ داود مخلاته فتقلدها وأخذ المقلاع ومضى نحو جالوت- روى- انه لما نظر جالوت الى داود قذف في قلبه الرعب فقال يا فتى ارجع فانى أرحمك ان أقتلك قال داود بل

انا أقتلك قال ائتنى بالمقلاع والحجر كما يؤتى الكلب قال نعم أنت شر من الكلب قال جالوت لا جرم لاقسمن لحمك بين سباع الأرض وطير السماء قال داود بل يقسم الله لحمك فقال باسم اله ابراهيم واخرج حجرا ثم اخرج الآخر وقال باسم اله اسحق ثم اخرج الثالث وقال باسم اله يعقوب فوضع الأحجار الثلاثة في مقلاعه فصارت كلها حجرا واحدا ودور المقلاع ورمى به فسخر الله له الريح حتى أصاب الحجر انف البيضة وخالط دماغه وخرج من قفاه وقتل من ورائه ثلاثين رجلا وهزم الله الجيش وخرّ جالوت قتيلا فاخذ داود يجره حتى ألقاه بين يدى طالوت ففرح المسلمون فرحا شديدا وانصرفوا الى المدينة سالمين فزوجه طالوت ابنته واجرى خاتمه في نصف مملكته فمال الناس الى داود واحبوه وأكثروا ذكره فحسده طالوت وأراد قتله فتنبه له داود وهرب منه فسلط طالوت عليه العيون وطلبه أشد الطلب فلم يقدر عليه وانطلق داود الى الجبل مع المتعبدين فتعبد فيه دهرا طويلا فاخذ العلماء والعباد ينهون طالوت فى شأن داود فجعل طالوت لا ينهاه أحد عن قتل داود الا قتله فاكثر في قتل العلماء الناصحين فلم يكن يقدر على عالم في بنى إسرائيل يطيق قتله الا قتله ثم ندم على ما فعله من المعاصي والمنكرات واقبل على البكاء ليلا ونهارا حتى رحمه الناس وكان كل ليلة يخرج الى القبور فيبكى وينادى حم الله عبدا يعلم ان لى توبة الا أخبرني بها فلما اكثر التضرع والإلحاح عليهم رق له بعض خواصه فقال له ان دللتك ايها الملك لعلك ان تقتله فقال لا والله بل أكرمه أتم الإكرام وانقاد الى حكمه وأخذ مواثيق الملك وعهوده على ذلك فذهب به الى باب امرأة تعلم اسم الله الأعظم فلما لقيها قبل الأرض بين يديها وسألها هل له من توبة فقالت لا والله لا اعلم لك توبة ولكن هل تعلم مكان قبر نبى فانطلق بها الى قبر اشمويل فصلت ودعت ثم نادت صاحب القبر فخرج اشمويل من القبر ينفض رأسه من التراب فلما نظر إليهم سألهم وقال ما لكم أقامت القيامة قالت لا ولكن طالوت يسأل هل له من توبة قال اشمويل يا طالوت ما فعلت بعدي قال لم ادع من الشر شيأ الا فعلته وجئت لطلب التوبة قال كم لك من الولد قال عشرة رجال قال لا اعلم لك من التوبة الا ان تتخلى من ملكك وتخرج أنت وولدك في سبيل الله ثم تقدم ولدك حتى يقتلوا بين يديك ثم تقاتل أنت فتقتل آخرهم ثم رجع اشمويل الى القبر وسقط ميتا ورجع طالوت ففعل ما امر به حتى قتل فجاء قاتله الى داود ليبشره وقال قتلت عدوك فقال داود ما أنت بالذي تحيى بعده فضرب عنقه فكان ملك طالوت الى ان قتل أربعين سنة واتى بنوا إسرائيل بداود وأعطوه خزائن طالوت وملكوه على أنفسهم وملك داود بعد قتل طالوت سبعين سنة وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ اى ملك بنى إسرائيل في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها ولم يجتمعوا قبل داود على ملك وَالْحِكْمَةَ اى النبوة ولم يجتمع في بنى إسرائيل الملك والنبوة قبله إلا له بل كان الملك في سبط والنبوة في سبط آخر وانزل عليه الزبور اربعمائة وعشرين سورة وهو أول من تكلم باما بعد وهو فصل الخطاب الذي أوتيه داود عليه السلام وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ اى مما يشاء الله تعليمه إياه من صنعة الدروع بإلانة الحديد وكان يصنعها ويبيعها وكان لا يأكل الا من عمل يده ومنطق الطير وتسبيح الجبال وكلام الحكل والنمل والصوت الطيب والالحان

[سورة البقرة (2) : الآيات 252 إلى 256]

الطيبة فلم يعط الله أحدا مثل صوته وكان إذا قرأ الزبور تدنو الوحوش حتى يؤخذ بأعناقها وتطلبه الطير مصيخة له ويركد الماء الجاري وتسكن الريح وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ المصدر مضاف الى فاعله اى صرفه النَّاسَ مفعول الدفع بَعْضَهُمْ الذين يباشرون الشر والفساد وهو بدل من الناس بدل بعض من كل بِبَعْضٍ آخر منهم بردهم عماهم عليه بما قدر الله من القتل كما في القصة المحكية وغيره وهو متعلق بالمصدر لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وبطلت منافعها وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض ويصلحها وقيل لولا دفع الله بالمؤمنين والأبرار عن الكفار والفجار لهلكت الأرض ومن فيها ولكن الله يدفع بالمؤمن عن الكافر وبالصالح عن الفاجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة اهل بيت جيرانه البلاء) ثم قرأ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ثم ان فيه تنبيها على فضيلة الملك وانه لو لاه لما انتظم امر العالم. ولهذا قيل الدين والملك توأمان ففى ارتفاع أحدهما ارتفاع الآخر لان الدين أساس والملك حارس ومالا أس له فمهدوم ومالا حارس له فضائع والناس قد لا ينقادون للرسل تحت الرياسة مع ظهور الحجج فاحتيج الى المجاهدة باللسان والسيف وذلك يكون من الأنبياء ومن يتابعهم ثم لهم آجال مضروبة عندها فوجب ان يكون لهم خلفاء بعدهم من كل عصر في اقامة الدين والجهاد فهذا دفع الله الناس بعضهم ببعض. وتفصيله ان دفع الله الناس بعضهم ببعض على وجهين دفع ظاهر ودفع خفى. فالظاهر ما كان بالسواس الاربعة الأنبياء والملوك والحكماء المعنيين بقوله (ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا) والوعاظ. فسلطان الأنبياء عليه السلام على الكافة خاصهم وعامهم ظاهرهم وباطنهم وسلطان الملوك على ظواهر الكافة دون البواطن كما قيل نحن ملوك أبدانهم لا ملوك اديانهم وسلطان الحكماء على الخاصة دون العامة وسلطان الوعاظ بواطن العامة. واما الدفع الخفي فسلطان العقل يدفع عن كثير من القبائح وهو السبب في التزام سلطان الظاهر وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عظيم لا يقادر قدره عَلَى الْعالَمِينَ كافة يعنى لكنه تعالى يدفع فساد بعضهم ببعض فلا تفسد الأرض وتنتظم به مصالح العالم وتنصلح احوال الأمم. ففضله تعالى يعم العوالم كلها اما في عالم الدنيا فبهداية طريق الرشد والصلاح واما في الآخرة فبالجنات والدرجات والنجاة والفلاح ومن جملة فضله تعالى على العالمين دفع البليات عن بعض عباده بلا واسطة كالانبياء وكمل الأولياء ومن اقتفى اثرهم من اهل اليقين تِلْكَ اشارة الى ما سلف من حديث الألوف وتمليك طالوت وإتيان التابوت وانهزام الجبابرة وقتل داود جالوت آياتُ اللَّهِ المنزلة من عنده نَتْلُوها عَلَيْكَ اى بواسطة جبريل بِالْحَقِّ حال من مفعول نتلوها اى ملتبسة بالوجه المطابق الذي لا يشك فيه اهل الكتاب وارباب التواريخ لما يجدونها موافقة لما في كتبهم وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ اى من جملة الذين أرسلوا الى الأمم لتبليغ رسالتنا واجراء أوامرنا وأحكامنا عليهم والا لما أخبرت بتلك الآيات من غير تعرف ولا استماع والتأكيد لرد قول الكفار لست رسولا قال بعضهم ألا اى احمد مرسل شود هر مشكل از تو حل ... كنم وصف ترا مجمل تويى سلطان هر مولى

[سورة البقرة (2) : آية 253]

شريعت از تو روشن شد طريقت هم مبرهن شد ... حقيقت خود معين شد زهى سلطان بي همتا والاشارة ان المجاهد مع جالوت النفس الامارة لا يقوم بحوله وقوته حتى يرجع الى ربه مستعينا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً على الائتمار بطاعتك والانزجار عن معاصيك وَثَبِّتْ أَقْدامَنا فى التسليم عند الشدة والرخاء وهجوم احكام القضاء في السراء والضراء وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وهم أعداؤنا في الدين عموما والنفس الامارة التي هي أعدى عدونا بين جنبينا خصوصا إذا كان الالتجاء عن صدق الرجاء برب الأرض والسماء يكون مقرونا بإجابة الدعاء والظفر على الأعداء فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ بنصرة الله فانه الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده وَقَتَلَ داوُدُ القلب جالُوتَ النفس إذ أخذ حجر الحرص على الدنيا وحجر الركون الى العقبى وحجر تعلقه الى نفسه بالهوى حتى صارت الثلاثة حجرا واحدا وهو الالتفات الى غير المولى فوضعه في مقلاع التسليم والرضى فرمى به جالوت النفس وسخر الله له ريح العناية حتى أصاب انف بيضة هواها فاخرج منه الفضول وخرج من قفاها وقتل من ورائها ثلاثين من صفاتها وأخلاقها وهزم الله باقى جيشها وهو الشياطين وأحزابها وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ يعنى آتى داود القلب ملك الخلافة وحكمة الإلهامات الربانية وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ من حقائق القرآن وأسراره وإشاراته وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يعنى ارباب الطلب بالمشايخ الواصلين لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ارض استعدادهم المخلوقة في احسن التقويم لتشمير كمالات الدين القويم عن استيلاء جالوت النفس وجنود صفاتها في تخريب بلاد الأرواح بتبديل أخلاقها وتكدير صفاء ذواتها وترديدها الى جحيم صفات البهائم والانعام وأسفل دركاتها وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ يعنى من كمال فضله ورحمته يحرك سلسلة طلب الطالبين ويلهم أسرارهم بارادة المشايخ الكاملين ويوفقهم للتمسك بذيول تربيتهم والتسليم تحت تصرفاتهم في تنقيتهم ويثبتهم بالصبر والسكوت. على الرياضات والمجاهدات في حال تزكيتهم ويشير الى المشايخ بقبولهم والإقبال عليهم ويقويهم على شدائد المخالفات فلو لم تكن هذه الألطاف من الله ما تيسر لهم تزكية نفوسهم ابدا فهذه اشارة لا تتحقق الا لاهل الخير ولهذا خص الله حبيبه بتحقيقها وتحققها بقوله تِلْكَ آياتُ اللَّهِ يعنى فى ضمن هذه الآيات حقائق ودقائق نَتْلُوها عَلَيْكَ اى نجلوها لديك بِالْحَقِّ اى بالحقيقة كما هى وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الذين عبروا على هذه المقامات وشاهدوا هذه الأحوال والكرامات كذا في التأويلات النجمية- تمت الجزء الثاني- الجزء الثالث من الاجزاء الثلاثين تِلْكَ الرُّسُلُ اشارة الى الجماعة الذين من جملتهم النبي عليه الصلاة والسلام فاللام في الرسل للاستغراق فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ بان خصصناه بمنقبة ليست لغيره واعلم ان الأنبياء

كلهم متساوون في النبوة لان النبوة شىء واحد لا تفاضل فيها وانما التفاضل باعتبار الدرجات. بلغ بعضهم منصب الخلة كابراهيم عليه الصلاة والسلام ولم يحصل ذلك لغيره. وجمع لداود بين الملك والنبوة وطيب النغمة ولم يحصل هذا لغيره. وسخر لسليمان الجن والانس والطير والريح ولم يحصل هذا لابيه داود. وخص محمدا عليه وعليهم السلام بكونه مبعوثا الى الجن والانس وبكون شرعه ناسخا لجميع الشرائع المتقدمة. ومنهم من دعا أمته بالفعل الى توحيد الافعال وبالقوة الى الصفات والذات. ومنهم من دعا بالفعل الى الصفات ايضا وبالقوة الى الذات. ومنهم من دعا الى الذات ايضا بالفعل وهو ابراهيم عليه السلام فانه قطب التوحيد إذ الأنبياء كانوا يدعون الى المبدأ والمعاد والى الذات الاحدية الموصوفة ببعض الصفات الإلهية الا ابراهيم عليه السلام فانه دعا الى الذات الإلهية الاحدية ولذا امر الله نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم باتباعه بقوله ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً فهو من اتباع ابراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فالانبياء وان كانوا متفاوتين في درجات الدعوة بحسب مشارب الأمم الا ان كلهم واصلون فانون في الله باقون بالله لان الولاية قبل النبوة حيث ان آخر درجات الولاية أول مقامات النبوة فهى تبتنى على الولاية ومعنى الولاية الفناء في الله والبقاء بالله فالنبى لا يكون الا واصلا محرزا جميع مراتب التوحيد من الافعال والصفات والذات مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ اى فضله الله بان كلمه بغير واسطة وهو موسى عليه الصلاة والسلام فهو كليمه بمعنى مكالمه واختلفوا في الكلام الذي سمعه موسى وغيره من الله تعالى هل هو الكلام القديم الأزلي الذي ليس من جنس الحروف والأصوات. قال الأشعري واتباعه المسموع هو ذلك الكلام الأزلي قالوا كما انه لم تمتنع رؤية ما ليس بمكيف فكذا لا يستبعد سماع ما ليس بمكيف. وقيل سماع ذلك الكلام محال وانما المسموع هو الحروف والصوت وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ اى على درجات فانتصابه على نزع الخافض وذلك بان فضله على غيره من وجوه متعددة او بمراتب متباعدة والظاهر انه أراد محمدا صلى الله عليه وسلم لانه هو المفضل عليهم حيث اوتى ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية الى ثلاثة آلاف آية واكثر ولو لم يؤت الا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما اوتى الأنبياء لانه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات. وفي الحديث (فضلت على الأنبياء بست أوتيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لى الغنائم وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت الى الخلق كافة وختم بي النبيون) قال في التأويلات النجمية اعلم ان فضل كل صاحب فضل يكون على قدر استعلاء ضوء نوره لان الرفعة في الدرجات على قدر رفعة الاستعلاء كما قال تعالى وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ فالعلم هو الضوء من نور الوحدانية فكلما ازداد العلم زادت الدرجة فناهيك عن هذا المعنى قول النبي عليه السلام فيما يخبر عن المعراج انه رأى آدم في السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى السماء الثانية ويوسف في السماء الثالثة وإدريس في السماء الرابعة وهارون في السماء الخامسة وموسى في السماء السادسة وابراهيم في السماء السابعة وعبر النبي عليه السلام حتى رفع الى سدرة المنتهى ومن ثم الى قاب قوسين او ادنى فهذه الرفعة في الدرجة في القرب الى الحضرة كانت له

على قدر قوة ذلك النور في استعلاء ضوئه وعلى قدر غلبات أنوار التوحيد على ظلمات الوجود كانت مراتب الأنبياء بعضهم فوق بعض فلما غلب نور الوحدانية على ظلمة انسانية النبي عليه السلام اضمحلت وتلاشت وفنيت ظلمة وجوده بسطوات تجلى صفات الجمال والجلال فكل نبى بقدر بقية ظلمة وجوده بقي في مكان من أماكن السموات فانه صلى الله تعالى عليه وسلم ما بقي في مكان ولا في الإمكان لانه كان فانيا عن ظلمة وجوده باقيا بنور وجوده ولهذا سماه الله نورا وقال قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ فالنور هو محمد عليه السلام والكتاب هو القرآن فافهم واغتنم فانك لا تجد هذه المعاني الا هاهنا انتهى كلام التأويلات النجمية وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة من احياء الموتى وشفاء المرضى وإبراء الأكمه والأبرص وخلق الطير من الطين والاخبار بالمغيبات والإنجيل وجعل معجزاته سبب تفضيله مع ان إيتاء البينات غير مختص بعيسى عليه الصلاة والسلام لانها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره وخص عيسى عليه السلام بالتعيين مع انه غير مختص بايتاء البينات تقبيحا لافراط اليهود في تحقيره حيث أنكروا نبوته مع ما ظهر على يده من البينات القاطعة الدالة عليها ولافراط النصارى في تعظيمه حيث أخرجوه عن مرتبة الرسالة وَأَيَّدْناهُ اى قويناه بِرُوحِ الْقُدُسِ اى الروح المطهرة التي نفحها الله فيه فأبانه بها من غيره ممن خلق من اجتماع نطفتى الذكر والأنثى لانه عليه السلام لم تضمه أصلاب الفحول ولم يشتمل عليه أرحام الطوامث. فالقدس بمعنى المقدس من قبيل رجل صدق او القدس هو الله وروحه جبريل والاضافة للتشريف والمعنى أعانه بجبريل في أول امره وفي وسطه وفي آخره اما في الاول من امره فلقوله فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا واما في وسطه فلان جبريل عليه السلام علمه العلوم وحفظه من الأعداء واما في آخر الأمر فحين أرادت اليهود قتله أعانه جبريل ورفعه الى السماء وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ اى من بعد الرسل من الأمم المختلفة اى لو شاء الله عدم اقتتالهم ما اقتتلوا بان جعلهم متفقين على اتباع الرسل المتفقة على كلمة الحق مَنْ متعلقة باقتتل بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ من جهة أولئك الرسل الْبَيِّناتِ المعجزات الواضحة والآيات الظاهرة الدالة على حقيقة الحق الموجبة لاتباعهم الزاجرة عن الاعراض عن سننهم المؤدى الى القتال وَلكِنِ اخْتَلَفُوا اى لكن لم يشأ عدم اقتتالهم لانهم اختلفوا اختلافا فاحشا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ اى بما جاءت به أولئك الرسل من البينات وعملوا به وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ بذلك كفرا لا ارعواء له عنه فاقتضت الحكمة عدم مشيئته تعالى لعدم اقتتالهم فاقتتلوا بموجب اقتضاء أحوالهم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ عدم اقتتالهم بعد هذه المرة ايضا من الاختلاف والشقاق المستتبعين للاقتتال بحسب العادة مَا اقْتَتَلُوا وما نبض منهم عرق التطاول والتعاون لما ان الكل تحت ملكوته وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ اى من الأمور الوجودية والعدمية التي من جملتها عدم مشيئته عدم اقتتالهم فان الترك ايضا من جملة الافعال اى يفعل ما يريد حسبما يريد من غير ان يوجبه عليه موجب او يمنعه منه مانع. وفيه دليل بين على ان الحوادث تابعة لمشيئته تعالى خيرا كان او شرا ايمانا كان او كفرا وهذا نذير على المعتزلة قال الامام الغزالي

[سورة البقرة (2) : آية 254]

قدس سره المتعالي في شرح اسمى الضار والنافع هو الذي يصدر منه الخير والشر والنفع والضر وكل ذلك منسوب الى الله تعالى اما بواسطة الملائكة والانس والجمادات او بغير واسطة فلا تظنن ان السم يقتل ويضر بنفسه وان الطعام يشبع وينفع بنفسه وان الملك او الإنسان او الشيطان او شيأ من المخلوقات من فلك الكواكب او غيرها يقدر على خير او شر بنفسه او نفع او ضر. بل كل ذلك اسباب مسخرة لا يصدر منها الا ما سخرت له وجملة ذلك بالاضافة الى القدرة الازلية كالقلم بالاضافة الى الكاتب في اعتقاد العامي وكما ان السلطان إذا وقع لكرامة او عقوبة لم يضر ذلك ولا نفعه من القلم بل من الذي القلم مسخر له فكذلك سائر الوسائط والأسباب وانما قلنا في اعتقاد العامي لان الجاهل هو الذي يرى القلم مسخرا للكاتب والعارف يعلم انه مسخر في يده لله تعالى وهو الذي الكاتب مسخر له فانه مهما خلق الكاتب وخلق له القدرة وسلط عليه الداعية الجازمة التي لا تردد فيها صدر منه حركة الإصبع والقلم لا محالة شاء أم ابى بل لا يمكنه ان لا يشاء فاذا الكاتب بقلم الإنسان ويده وهو الله تعالى وإذا عرفت هذا في الحيوان المختار فهو في الجمادات اظهر قال صاحب روضة الأخيار المؤثر هو الله تعالى والكواكب اسباب عادية الشمس مظهر اسم الحي والزهرة للمريد وعطارد للمسقط والقمر للقابل ولذا كان بيت العزة في ملكه والمريخ للقادر والمشترى للعليم وزحل للجواد واصول الأسماء اربعة هي الحياة والعلم والقدرة والارادة واسرافيل مظهر الحياة والاقساط مندرج فيها وجبريل مظهر العلم والقول وباعتبار الاول هو روح القدس وبالثاني الروح الامين ولذا كان حامل الوحى وميكائيل مظهر الارادة والجود مندرج فيها ولذا كان ملك الأرزاق وعزرائيل مظهر القدرة ولذا يقهر الجبابرة ويذلهم بالموت والفناء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ من تبعيضية اى شيأ مما رزقناكموه والتعرض لوصوله منه تعالى للحث على الانفاق والمراد به الانفاق الواجب اى الزكاة بدلالة ما بعده من الوعيد والأكثر على ان الأمر يتناول الواجب والمندوب مِنْ لابتداء الغاية قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ يوم الحساب والجزاء لا بَيْعٌ فِيهِ يتدارك به المقصر تقصيره وهو في التقدير جواب هل فيه بيع ولهذا رفع. والبيع استبدال المال بالثمن وَلا خُلَّةٌ حتى يسامحكم اخلاؤكم بما تصنعون. والخلة المودة والصداقة فكأنها تتخلل الأعضاء اى تدخل خلالها ووسطها والخليل الصديق لمداخلته إياك والخلة تنقطع يوم القيامة بين الأخلاء الا بين المتقين لقوله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ وَلا شَفاعَةٌ حتى تتكلوا على شفعاء تشفع لكم في حط ما في ذممكم والشفاعة المنفية يوم القيامة هي التي يستقل فيها الشفيع ويأتى بها وان لم يؤذن له فيها فان الدلائل قائمة على ثبوت الشفاعة للمؤمنين بعد أن يؤذن لهم فيها وهي لمن مات لا يشرك بالله شيأ وَالْكافِرُونَ اى والتاركون للزكاة وإيثاره عليه للتغليط والتهديد كما قال في آخر آية الحج وَمَنْ كَفَرَ مكان ومن لم يحج وللايذان بان ترك الزكاة من صفات الكفار قال تعالى وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعقاب ووضعوا المال في غير موضعه وصرفوه الى غير وجهه

[سورة البقرة (2) : آية 255]

زكات اگر ندهى از زرت ز داده وى ... علاج كى كنمت كاخر الدواء الكي قال الراغب حث المؤمنين على الانفاق مما رزقهم من النعماء النفسية والبدنية الجارحية وان كان الظاهر في التعارف انفاق المال ولكن قد يراد به بذل النفس والبدن في مجاهدة العدو والهوى وسائر العبادات ولما كانت الدنيا دار اكتساب وابتلاء والآخرة دار ثواب وجزاء بين ان لا سبيل للانسان الى تحصيل ما ينتفع به في الآخرة فابتلى بذكر هذه الثلاثة لانها اسباب اجتلاب المنافع المفضية إليها. أحدها المعاوضة وأعظمها المبايعة. والثاني ما تناوله بالمودة وهو المسمى بالصلات والهدايا. والثالث ما يصل اليه بمعاونة الغير وذلك هو الشفاعة. ولما كانت العدالة بالقول المجمل ثلاثا عدالة بين الإنسان ونفسه وعدالة بينه وبين الناس وعدالة بينه وبين الله. فكذلك الظلم له مراتب ثلاث وأعظم العدالة ما بين العبد وبين الله وهو الايمان وأعظم الظلم ما يقابله وهو الكفر ولذلك قال وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى هم المستحقون لاطلاق هذا الوصف عليهم بلا مشوبة. فليسارع العبد الى تقوية الايمان بالإنفاق والإحسان- حكى- انه كان عابد من الشيوخ اراده الشيطان فلم يستطع منه شيأ فقال له الشيطان ألا تسألنى عما أضل به بنى آدم قال بلى قال فاخبرنى ما أوثق شىء في نفسك ان تضلهم به قال الشيخ والحدة والسكر فان الرجل إذا كان شحيحا قللنا ماله في عينيه ورغبناه في اموال الناس وان كان حديدا ادرناه بيننا كما تتداور الصبيان الكرة فلو كان يحيى الموتى بدعائه لم نيأس منه وإذا سكر اقتدناه الى كل شهوة كما تقاد العنز بإذنها كذا في آكام المرجان وعن محمد بن إسماعيل البخاري يقول بلغنا ان الله اوحى الى جبريل عليه الصلاة والسلام فقال يا جبريل لو انا بعثتك الى الدنيا وجعلتك من أهلها ما الذي عملت من الطاعات فيها فقال جبريل أنت اعلم بشأنى منى ولكنى كنت اعمل ثلاثة أشياء. أولها كنت أعين صاحب العيال في النفقة على عياله. والثاني كنت استر عيوب الخلق وذنوبهم حتى لا يعلم أحد من خلقك عيوب عبادك وذنوبهم غيرك. والثالث أسقي العطشان وأرويه من الماء كذا في روضة العلماء: قال السعدي قدس سره چوخود را قوى حال بينى وخوش ... بشكرانه بار ضعيفان بكش اگر خود همين صورتى چون طلسم ... بميرى واسمت بميرد چوجسم اگر پرورانى درخت كرم ... بر نيك نامى خورى لا جرم اللهم اجعلنا من المنفقين والمستغفرين اللَّهُ هذا الاسم أعظم الأسماء التسعة والتسعين لانه دال على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شىء وسائر الأسماء لا تدل آحادها الا على آحاد المعاني من علم او قدرة او فعل وغيره ولانه أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا وسائر الأسماء قد يسمى بها غيره كالقادر والعليم والرحيم وغيرها وينبغى ان يكون حظ العبد من هذا الاسم التأله واعنى به ان يكون مستغرق القلب والهمة فى الله تعالى لا يرى غيره ولا يلتفت الى سواه ولا يرجو ولا يخاف الا إياه وكيف لا يكون كذلك وقد فهم من هذا الاسم انه الموجود الحقيقي الحق وكل ما سواه فان وهالك وباطل الا به فيرى نفسه أول هالك وباطل كما رآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حث قال (أصدق بيت

قالته العرب قول لبيد ألا كل شىء ما خلا الله باطل وهذه الكلمة فوائد ليست فى غيرها فان كل كلمة إذا أسقطت منها حرفا يختل المعنى بخلاف هذه فانك ان حذفت الالف يصير لله قال تعالى لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وان حذفت اللام الاولى ايضا يبقى له قال تعالى لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وان حذفت اللام الثانية ايضا يبقى الهاء وهو ضمير راجع الى الله تعالى قال تعالى هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وللاسماء تأثير بليغ خصوصا للفظة الجلالة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره لما جاء المولى علاء الدين الخلوتى ببروسة صعد المنبر في الجامع الكبير للوعظ وقد اجتمع جمع كثير منتظرين لكلامه فقال مرة واحدة «يا الله» فحصل للجماعة حالة رقصوا وكادوا لا يرجعون عن البكاء والفزع- وحكى- انه لما مات سلطان العصر عزم جماعة الرجال على قتل الوزير فجاء بيت الشيخ وفاء في القسطنطنية واستغاث منه فادخله الشيخ الى بيته فهجموا جميعا الى بيت الشيخ فخرج الشيخ وقال مرة واحدة «يا الله» فهربوا جميعا فانظر انهم إذا ذكروا الله تظهر آثار عجيبة ونحن إذا ذكرنا ذلك الاسم بعينه لا يظهر له اثر وذلك لانهم زكوا أنفسهم وبدلوا اخلاقهم واما نحن فليس فينا هذا ولا القابلية لذلك وانما الفيض من الله تعالى: قال الحافظ فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... ديكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكند لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الجملة خبر للمبتدأ وهو الجلالة والمعنى انه المستحق للعبادة لا غير- وحكى- ان تسبيح قطب الاقطاب «يا هو ويا من هو هو ويا من لا اله الا هو» فاذا قال ذلك بطريق الحال يقدر على التصرفات وللتوحيد ثلاث مراتب. توحيد المبتدئين لا اله الا الله. وتوحيد المتوسطين لا اله الا أنت لانهم في مقام الشهود فمقتضاه الخطاب. واما الكمل فيسمعون التوحيد من الموحد وهو لا اله الا انا لانهم في مقام الفناء الكلى فلا يصدر منهم شىء أصلا قال ابن الشيخ في حواشى سورة الإخلاص لفظ هو اشارة الى مقام المقربين وهم الذين نظروا الى ماهيات الأشياء وحقائقها من حيث هي هى فلا جرم ما رأوا موجودا سوى الله لان الحق هو الذي لذاته يجب وجوده واما ما عداه فممكن والممكن إذا نظر اليه من حيث هو هو كان معدوما فهؤلاء لم يروا موجودا سوى الحق سبحانه وكلمة هو وان كانت للاشارة المطلقة ومفتقرة في تعين المراد بها الى سبق الذكر بأحد الوجوه او الى ان يعقبها ما يفسرها الا انهم يشيرون الى الحق سبحانه ولا يفتقرون في تلك الاشارة الى ما يميز الذات المرادة عن غيرها لان الافتقار الى المميز انما يحصل حيث وقع الإبهام بان يتعدد ما يصلح لان يشار اليه وقد بينا انهم لا يشاهدون بعيون عقولهم الا الواحد فقط فلهذا السبب كانه لفظة هو كافية في حصول العرفان التام لهؤلاء انتهى كلامه وانما ذكرته هاهنا ليكون حجة على من أنكر على جماعة الصوفية في كلمة هو ذاهبا الى انها ضمير ولا فائدة في الذكر به وقد سبق منى عند قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ما ينفك في هذا المقام قال شيخى وسندى الذي بمنزلة روحى في جسدى الذكر ب «لا اله الا الله» أفضل من الذكر بكلمة «الله الله» و «هو هو» عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفي والإثبات وحاوية لزيادة العلم والمعرفة فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق

حكما وعلما وأفادني ايضا إذا قلت لا اله الا الله فشاهد بالشهود الحقانى فناء افعال الخلق وصفاتهم وذواتهم في افعال الحق وصفاته وذاته وهذا مقتضى الجمع والاحدية. وتلك الكلمة فى الحقيقة اشارة الى هذه المرتبة وإذا قلت محمد رسول الله فشاهد بالشهود الحقانى ايضا بقاء أفعالهم وصفاتهم وذواتهم بأفعاله تعالى وصفاته وذاته وهذا مقتضى الفرق والواحدية. وتلك الكلمة ايضا اشارة الى هذه المرتبة فاذا كان توحيد العبد على هذه المشاهدة فلا جرم ان توحيده يكون توحيدا حقيقا حقانيا لا رسما نفسانيا: قال المولى الجامى قدس سره كر چهـ «لا» داشت تيركئ عدم دارد «الا» فروع نور قدم كر چهـ «لا» بود كان كفر وجحود هست «الا» كليد كنج شهود چون كند «لا» بساط كثرت طى دهد «الا» ز جام وحدت مى آن رهاند ز نقش بيش وكمت وين رساند بوحدت قدمت تا نسازى حجاب كثرت دور ندهد آفتاب وحدت نور دائم آن آفتاب تابانست از حجاب تو از تو پنهانست كر برون آيى از حجاب تويى مرتفع كردد از ميانه دويى در زمين زمان وكون مكان همه او بينى آشكار ونهان اللهم أوصلنا الى الجمع والعين واليقين الْحَيُّ خبر ثان. وهو في اللغة من له الحياة وهي صفة تخالف الموت والجمادية وتقتضى الحس والحركة الارادية واشرف ما يوصف به الإنسان الحياة الابدية في دار الكرامة وإذا وصف الباري عز شأنه بها وقيل انه حى كان معناه الدائم الباقي الذي لا سبيل عليه للموت والفناء فهو الموصوف بالحياة الازلية الابدية قال الامام الغزالي في شرح الأسماء الحسنى «الحي» هو الفعال الدراك حتى ان من لا فعل له أصلا ولا ادراك فهو ميت واقل درجات الإدراك ان يشعر المدرك بنفسه فما لا يشعر بنفسه فهو الجماد والميت فالحى الكامل المطلق هو الذي تندرج جميع المدركات تحت إدراكه وجميع الموجودات تحت فعله حتى لا يشد عن علمه مدرك ولا عن فعله مفعول وذلك هو الله تعالى فهو الحي المطلق وكل حى سواه فحياته بقدر إدراكه وفعله وكل ذلك محصور في قوله الْقَيُّومُ قام بالأمر إذا دبره مبالغة القائم فانه تعالى دائم القيام على كل شىء بتدبير امره في إنشائه وترزيقه وتبليغه الى كماله اللائق به وحفظه قال الامام الغزالي اعلم ان الأشياء تنقسم الى ما يفتقر الى محل كالاعراض والأوصاف فيقال فيها انها ليست قائمة بنفسها والى ما يحتاج الى محل فيقال انه قائم بنفسه كالجواهر الا ان الجوهر وان قام بنفسه مستغنيا عن محل يقوم به فليس مستغنيا عن امور لا بد منها لوجوده وتكون شرطا في وجوده فلا يكون قائما بنفسه لانه محتاج في قوامه الى وجود غيره وان لم يحتج الى محل فان كان في الوجود موجود يكفى ذاته بذاته ولا قوام له بغيره ولا شرط في دوام وجوده وجود غيره فهو القائم بنفسه مطلقا فان كان مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يتصور للاشياء وجود ولا دوام وجود الا به فهو القيوم لان قوامه بذاته وقوام كل شىء به وليس ذلك الا الله تعالى ومدخل العبد في هذا الوصف بقدر استغنائه عما سوى الله تعالى انتهى كلام الغزالي قيل الحي

القيوم اسم الله الأعظم. وكان عيسى عليه الصلاة والسلام إذا أراد ان يحيى الموتى يدعو بهذا الدعاء يا حى يا قيوم ويقال دعاء اهل البحر إذا خافوا الغرق يا حى يا قيوم وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه لما كان يوم بدر جئت انظر ما يصنع النبي صلى الله عليه وسلم فاذا هو ساجد يقول يا حى يا قيوم فترددت مرات وهو على حاله لا يزيد على ذلك الى ان فتح الله له وهذا يدل على عظمة هذا الاسم وفي التأويلات النجمية انما أشير في معنى الاسم الأعظم الى هذين الاسمين وهما الحي والقيوم لان اسمه الحي مشتمل على جميع أسمائه وصفاته فان من لوازم الحي ان يكون قادرا عالما سميعا بصيرا متكلما مريدا باقيا. واسمه القيوم مشتمل على افتقار جميع المخلوقات اليه فاذا تجلى الله لعبد بهاتين الصفتين فالعبد يكاشف عند تجلى صفة الحي معانى جميع أسمائه وصفاته ويشاهد عند تجلى صفة القيوم فناء جميع المخلوقات إذا كان قيامها بقيومية الحق لا بانفسهم فلما جاء الحق زهق الباطل فلا يرى في الوجود الا الحي القيوم إذا سلب الحي جميع اسماء الله وسلب القيوم قيام المخلوقات فترتفع الاثنينية بينهما وإذا فنى التعدد وبقيت الوحدة فيصيران اسما أعظم للمتجلى له فيذكره عند شهود عظمة الوحدانية بلسان عيان الفردانية لا بلسان بيان الانسانية فقد ذكره باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى فاما الذاكر عند غيبه فكل اسم دعاه لا يكون الاسم الأعظم بالنسبة الى حال غيبه وعند شهود العظمة فبكل اسم دعاه يكون الاسم الأعظم كما سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره عن الاسم الأعظم فقال الاسم ليس له حد محدود ولكن فرغ قلبك لوحدانيته فاذا كنت كذلك فاذكره بأى اسم شئت انتهى ما في التأويلات واعلم ان الاسم الأعظم عبارة عن الحقيقة المحمدية فمن عرفها عرفه وهي صورة الاسم الجامع الإلهي وهو ربها ومنه الفيض فاعرف تفز بالحظ الاوفى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ السنة ثقلة من النعاس وفتور يعترى المزاج قبل النوم وليست بداخلة في حد النوم والنعاس أول النوم والنوم حالة تعرض للحيوان من استرخاء اعصاب الدماغ من رطوبات الابخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الاحساس رأسا وتقديم السنة عليه مع ان قياس المبالغة عكسه على ترتيب الوجود الخارجي فان الموجود منهما اولا هو السنة ثم يعترى بعدها النوم وتوسيط كلمة لا للتنصيص على شمول النفي لكل منهما والمراد بيان انتفاء اعتراء شىء منهما له سبحانه لعدم كونهما من شأنه وانما عبر عن عدم الاعتراء والعروض بعدم الاخذ لمراعاة الواقع إذ عروض السنة والنوم لمعروضهما انما يكون بطريق الاخذ والاستيلاء والجملة نفى للتشبيه وتأكيد لكونه حيا قيوما فان من اخذه نعاس او نوم كان مؤوف الحياة قاصرا في الحفظ والتدبير والمعنى لا يعتريه ما يعترى المخلوقين من السهو والغفلة والملال والفترة في حفظ ما هو قائم بحفظه ولا يعرض له عوارض التعب المحوجة الى الاستراحة فيستريح بالنوم والسنة لان النوم أخو الموت والموت ضد الحياة وهو الحي الحقيقي فلا يلحقه ضد الحياة فكما انه موصوف بصفات الكمال فهو منزه عن جميع صفات النقصان- روى- ان موسى عليه السلام سأل الملائكة وكان ذلك في نومه أينام ربنا فاوحى الله تعالى إليهم ان يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ثم قال خذ بيدك قارورتين مملوءتين فاخذهما فاخذه النوم فزالتا وانكسرتا ثم اوحى الله اليه انى امسك السموات والأرض بقدرتي فلو أخذني

نوم او نعاس لزالتا كذا في الكشاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله لا ينام ولا ينبغى له ان ينام) قال ابن الملك هذا بيان لاستحالة وقوع النوم منه لانه عجز والله تعالى يتعالى عنه انتهى وحظ العبد من هذا الوصف ان يترك النوم فان الله تعالى وان رخص للعباد في المنام بل هو فضل منه تعالى لكن كثرة المنام بطالة وان الله تعالى لا يحب البطال قال ابو يزيد البسطامي قدس سره لم يفتح لى شىء الا بعد ان جعلت الليالى أياما: قال السعدي قدس سره سر آنكه ببالين نهد هوشمند ... كه خوابش بقهر آورد در كمند قيل كان رجل له تلميذان اختلفا فيما بينهما فقال أحدهما النوم خير لان الإنسان لا يعصى في تلك الحالة وقال الآخر اليقظة خير لانه يعرف الله في تلك الحالة فتحا كما الى ذلك الشيخ فقال الشيخ اما أنت الذي قلت بتفضيل اليقظة فالحياة خير لك وقيل اشترى رجل مملوكة فلما دخل الليل قال افرشى الفراش فقالت المملوكة يا مولاى ألك مولى قال نعم قالت ينام مولاك قال لا فقالت ألا تستحيى ان تنام ومولاك لم ينم: ومن الأبيات التي كان يذكرها بلال الحبشي رضى الله عنه وقت السحر يا ذا الذي استغرق في نومه ما نوم عبد ربه لا ينام أهل تقول اننى مذنب مشتغل الليل بطيب المنام لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ تقرير لقيوميته تعالى واحتجاج به على تفرده في الالوهية لانه تعالى خلقهما بما فيهما والمشاركة انما تقع فيما فيهما ومن يكن له ما فيهما فمحال مشاركته فكل من فيهما وما فيهما ملكه ليس لاحد معه فيه شركة ولا لاحد عليه سلطان فلا يجوز ان يعبد غيره كما ليس لعبد أحدكم ان يخدم غيره الا باذنه والمراد بما فيهما ما هو أعم من اجزائهما الداخلة فيهما ومن الأمور الخارجة عنهما المتمكنة فيهما من العقلاء وغيرهم فهو ابلغ من ان يقال له السموات والأرض وما فيهن لان قوله وما فيهن بعد ذكر السموات والأرض انما يتناول الأمور الخارجة المتمكنة فيهن إذ لو أريد به ما يعم الأمور الداخلة فيهما والخارجة عنهما لا غنى ذكره عن ذكرهما مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ من مبتدأ وذا خبره والذي صفة ذا او بدل منه ولفظ من وان كان استفهاما فمعناه النفي ولذلك دخلت الا في قوله إِلَّا بِإِذْنِهِ وعِنْدَهُ فيه وجهان. أحدهما انه متعلق بيشفع. والثاني انه متعلق بمحذوف في موضع الحال من الضمير في يشفع اى لا أحد يشفع مستقرا عنده الا باذنه وقوى هذا الوجه بانه إذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريب منه فشفاعة غيره ابعد والا باذنه متعلق بمحذوف لانه حال من فاعل يشفع فهو استثناء مفرغ والباء للمصاحبة والمعنى لا أحد يشفع عنده في حال من الأحوال الا في حال كونه مأذونا له او لا أحد يشفع عنده بامر من الأمور الا باذنه والباء للاستعانة كما في ضرب بسيفه فيكون الجار والمجرور في موضع المفعول به وكان المشركون يقولون أصنامنا شركاء الله تعالى وهم شفعاؤنا عنده فوحد الله نفسه بالنفي والإثبات ليكون المعنى في ثبوت التوحيد ونفى الشرك اى ليس لاحد ان يشفع لاحد عنده الا باذنه وقد اخبر انه لا يأذن في الشفاعة للكفار وهو رد على المعتزلة في انهم لا يرون الشفاعة أصلا والله تعالى أثبتها للبعض بقوله إِلَّا بِإِذْنِهِ وفي التأويلات النجمية هذا الاستثناء راجع الى

النبي عليه الصلاة والسلام لان الله قد وعد له المقام المحمود وهو الشفاعة فالمعنى من ذا الذي يشفع عنده يوم القيامة الا عبده محمد فانه مأذون موعود ويعينه الأنبياء بالشفاعة انتهى غم نخورد آنكه شفيعش تويى پايه ده قدر رفيعش تويى حاصلى ار نيست ز طاعت مرا هست اميدى بشفاعت مرا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (أتاني آت من عند ربى فخيرنى بين ان يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة) - روى- ان الأنبياء عليهم السلام يعينون نبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة فيأتى الناس اليه فيقول انا لها وهو المقام المحمود الذي وعده الله به يوم القيامة فيأتى ويسجد ويحمد الله بمحامد يلهمه الله تعالى إياها في ذلك الوقت لم يكن يعلمها قبل ذلك ثم يشفع الى ربه ان يفتح باب الشفاعة للخلق فيفتح الله ذلك الباب فيأذن في الشفاعة للملائكة والرسل والأنبياء والمؤمنين فهذا يكون سيد الناس يوم القيامة فانه شفع عند الله ان يشفع الملائكة والرسل ومع هذا تأدب صلى الله عليه وسلم وقال (انا سيد الناس) ولم يقل سيد الخلائق فيدخل الملائكة فى ذلك مع ظهور سلطانه في ذلك اليوم على الجميع وذلك انه صلى الله تعالى عليه وسلم جمع له بين مقامات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم ولم يكن ظهر له على الملائكة ما ظهر لآدم عليهم من اختصاصه بعلم الأسماء كلها فاذا كان في ذلك اليوم افتقر اليه الجميع من الملائكة والناس من آدم فمن دونه في فتح باب الشفاعة واظهار ماله من الجاه عند الله إذ كان القهر الإلهي والجبروت الأعظم قد اخرس الجميع فدل على عظيم قدره عليه السلام حيث اقدم مع هذه الصفة الغضبية الإلهية على مناجاة الحق فيما سأله فيه فاجابه الحق سبحانه كذا في تفسير الفاتحة للمولى الفنارى عليه رحمة الباري واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من يفتح باب الشفاعة فيشفع فى الخلق ثم الأنبياء ثم الأولياء ثم المؤمنون وآخر من يشفع هو ارحم الراحمين فان الرحمن ما شفع عند المنتقم في اهل البلاء الا بعد شفاعة الشافعين الذين لم تظهر شفاعتهم الا بعد شفاعة خاتم الرسل إياهم ليشفعوا ومعنى شفاعة الله سبحانه هو انه إذا لم يبق في النار مؤمن شرعى أصلا يخرج الله منها قوما علموا التوحيد بالادلة العقلية ولم يشركوا بالله شيأ ولا آمنوا ايمانا شرعيا ولم يعملوا خيرا قط من حيث ما اتبعوا فيه نبيا من الأنبياء فلم يكن عندهم ذرة من ايمان فيخرجهم ارحم الراحمين فاعرف هذا فانه من الغرائب أفاده لى شيخى العلامة إفادة كشفية وصادفته ايضا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى اللهم اغفر وارحم وأنت ارحم الراحمين يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ استئناف آخر لبيان احاطة علمه بأحوال خلقه المستلزم لعلمه بمن يستحق الشفاعة ومن لا يستحقها اى يعلم ما كان قبلهم من امور الدنيا وما يكون بعدهم من امر الآخرة او ما بين أيديهم يعنى الآخرة لانهم يقدمون عليها وما خلفهم الدنيا لانهم يخلفونها وراء ظهورهم او ما بين أيديهم من السماء الى الأرض وما خلفهم يريد ما في السموات او ما بين أيديهم بعد انقضاء آجالهم وما خلفهم اى ما كان قبل ان يخلقهم او ما فعلوه من خير وشر وقدموه وما يفعلونه بعد ذلك والمقصود بهذا الكلام بيان انه عالم بأحوال الشافع والمشفوع له فيما يتعلق باستحقاق الثواب والعقاب. والضمير لما في السموات وما في الأرض لان فيهم العقلاء فغلب

من يعقل على غيره او لما دل عليه من ذا من الملائكة والأنبياء فيكون للعقلاء خاصة وَلا يُحِيطُونَ اى لا يدركون يعنى من الملائكة والأنبياء وغيرهم بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ اى من معلوماته إِلَّا بِما شاءَ ان يعلموه وان يطلعهم عليه كاخبار الرسل فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول وانما فسرنا العلم بالمعلوم لان علمه تعالى الذي هو صفة قائمة بذاته المقدسة لا يتبعض فجعلناه بمعنى المعلوم ليصح دخول التبعيض والاستثناء عليه وفي التأويلات النجمية يَعْلَمُ محمد عليه السلام ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من الأمور الاوليات قبل خلق الله الخلائق كقوله (أول ما خلق الله نورى) وَما خَلْفَهُمْ من اهوال القيامة وفزع الخلق وغضب الرب وطلب الشفاعة من الأنبياء وقولهم نفسى نفسى وحوالة الخلق بعضهم الى بعض حتى بالاضطرار يرجعون الى النبي عليه السلام لاختصاصه بالشفاعة وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ يحتمل ان تكون الهاء كناية عنه عليه السلام يعنى هو شاهد على أحوالهم يعلم ما بين أيديهم من سيرهم ومعاملاتهم وقصصهم وما خلفهم من امور الآخرة واحوال اهل الجنة والنار وهم لا يعلمون شيأ من معلوماته إِلَّا بِما شاءَ ان يخبرهم عن ذلك انتهى قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة في الرسالة الرحمانية فى بيان الكلمة العرفانية علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بهذه المنزلة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة انتهى وفي القصيدة البردية وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر او رشفا من الديم وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم او من شكلة الحكم حاصله ان علوم الكائنات وان كثرت بالنسبة الى علم الله عز وجل بمنزلة نقطة او شكلة ومشربها بحر روحانية محمد صلى الله عليه وسلم فكل رسول ونبى وولى آخذون بقدر القابلية والاستعداد مما لديه وليس لاحد ان يعدوه او يتقدم عليه. قوله النقطة فعلة من نقطت الكتاب نقطا ومعناها الحاصل. والشكلة بالفتح فعلة من شكلت الكتاب قيدته بالاعراب وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الكرسي ما يجلس عليه من الشيء المركب من خشبات موضوعة بعضها فوق بعض ولا يفضل على مقعد القاعد وكأنه منسوب الى الكرس الذي هو الملبد وهو ما يجعل فيه اللبدة اى لم يضق كرسيه عن السموات والأرض لبسطته وسعته وما هو الا تصوير لعظمته وتمثيل مجرد ولا كرسى في الحقيقة ولا قاعد. وتقريره انه تعالى خاطب الخلق في تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم وعظمائهم كما جعل الكعبة بيتا له يطوف الناس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم وامر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم وذكر في الحجر الأسود انه يمين الله تعالى في ارضه ثم جعله موضعا للتقبيل كما يقبل الناس أيدي ملوكهم وكذلك ما ذكر في محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيين والشهداء فوضع الميزان وعلى هذا القياس اثبت لنفسه عرشا فقال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ثم اثبت لنفسه كرسيا فقال وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ والحاصل ان كل ما جاء من الألفاظ الموهمة للتشبيه في العرش والكرسي فقد ورد مثلها بل أقوى منها في الكعبة والطواف وتقبيل الحجر ولما توافقت

الامة هاهنا على ان المقصود تعريف عظمة الله وكبريائه مع القطع بانه تعالى منزه عن ان يكون فى الكعبة ما يوهمه تلك الألفاظ فكذا الكلام في العرش والكرسي. والمعتمد كما قال الامام ان الكرسي جسم بين يدى العرش محيط بالسماوات السبع لان الأرض كرة والسماء الدنيا محيطة بها احاطة قشر البيضة بالبيضة من جميع الجوانب والثانية محيطة بالدنيا وهكذا الى ان يكون العرش محيطا بالكل قال صلى الله عليه وسلم (ما السموات السبع والأرضون السبع من الكرسي الا كحلقة في فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) ولعله الفلك الثامن وهو المشهور بفلك البروج قال مقاتل كل قائمة من الكرسي طولها مثل السموات السبع والأرضين السبع وهو بين يدى العرش ويحمل الكرسي اربعة املاك لكل ملك اربعة وجوه وأقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى مسيرة خمسمائة عام. ملك على صورة سيد البشر آدم عليه الصلاة والسلام وهو يسأل للآدميين الرزق والمطر من السنة الى السنة. وملك على صورة سيد الانعام وهو الثور وهو يسأل للانعام الرزق من السنة الى السنة وعلى وجهه غضاضة منذ عبد العجل. وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد يسأل للسباع الرزق من السنة الى السنة. وملك على صورة سيد الطير وهو النسر يسأل للطير الرزق من السنة الى السنة وفي التأويلات النجمية اما القول في معنى الكرسي فاعلم ان مقتضى الدين والديانة ان لا يؤول المسلم شيأ من الأعيان مما نطق به القرآن والأحاديث بالمعاني الا بصورها كما جاء وفسرها النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة وعلماء السلف الصالح اللهم الا ان يكون محققا خصصه الله بكشف الحقائق والمعاني والاسرار وإشارات التنزيل وتحقيق التأويل فاذا كوشف بمعنى خاص او اشارة وتحقيق يقدر ذلك المعنى من غير أن يبطل صورة الأعيان مثل الجنة والنار والميزان والصراط وفى الجنة من الحور والقصور والأنهار والأشجار والثمار وغيرها من العرش والكرسي والشمس والقمر والليل والنهار ولا يؤول شيأ منها على مجرد المعنى ويبطل صورته بل يثبت تلك الأعيان كما جاء ويفهم منها حقائق معانيها فان الله تعالى ما خلق شيأ في عالم الصورة الا وله نظير في عالم المعنى وما خلق شيأ في عالم المعنى وهو الآخرة الا وله حقيقة في عالم الحق وهو غيب الغيب فافهم جدا وما خلق في العالمين شيأ الا وله مثال وأنموذج في عالم الإنسان فاذا عرفت هذا فاعلم ان مثال العرش في عالم الإنسان قلبه إذ هو محل استواء الروح عليه ومثال الكرسي سر الإنسان والعجب كل العجب ان العرش مع نسبته الى استواء الرحمانية قيل هو كحلقة ملقاة بين السماء والأرض بالنسبة الى وسعة قلب المؤمن انتهى ما في التأويلات: وفي المثنوى كفت پيغمبر كه حق فرموده است ... من نكنجم هيچ در بالا و پست در زمين وآسمان وعرش نيز ... من نكنجم اين يقين دان اى عزيز در دل مؤمن بكنجم اى عجب ... گر مرا جويى دران دلها طلب خود بزركى عرش باشد بس مديد ... ليك صورت كيست چون معنى رسيد

وَلا يَؤُدُهُ يقال آده الشيء يئوده إذا أثقله ولحقه منه مشقة مأخوذ من الأود بفتح الواو وهو العوج ويعرض ذلك بالثقل اى لا يثقله ولا يشق عليه تعالى حِفْظُهُما اى حفظ السموات والأرض إذ القريب والبعيد عنده سواء والقليل والكثير سواء وكيف يتعب في خلق الذرة وكل الكون عنده سواء فلا من القليل له تيسر ولا من الكثير عليه تعسر انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وانما لم يتعرض لذكر ما فيهما لان حفظهما مستتبع لحفظه وَهُوَ الْعَلِيُّ اى المتعالي بذاته عن الأشباه والانداد الْعَظِيمُ الذي يستحقر بالنسبة اليه كل ما سواه. فالمراد بالعلو علو القدر والمنزلة لا علو المكان لانه تعالى منزه عن التحيز وكذا عظمته انما هي بالمهابة والقهر والكبرياء ويمنع ان يكون بحسب المقدار والحجم لتعالى شأنه من ان يكون من جنس الجواهر والأجسام. والعظيم من العباد الأنبياء والأولياء والعلماء الذين إذا عرف العاقل شيأ من صفاتهم امتلأ بالهيبة صدره وصار متشوقا بالهيبة قلبه حتى لا يبقى فيه متسع فالنبى عليه السلام عظيم في حق أمته والشيخ عظيم في حق مريده والأستاذ في حق تلميذه إذ يقصر عقله عن الإحاطة بكنه صفاته فان ساواه أو جاوزه لم يكن عظيما بالاضافة اليه. وهذه الآية الكريمة منطوية كما ترى على أمهات المسائل الإلهية المتعلقة بالذات العلية والصفات الحلية فانها ناطقة بانه تعالى موجود متفرد بالآلهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره لما ان القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره منزه عن التحيز والحلول مبرأ من التغير والفتور لا مناسبة بينه وبين الأشباح ولا يعتريه ما يعترى النفوس والأرواح مالك الملك والملكوت ومبدع الأصول والفروع ذو البطش الشديد لا يشفع عنده الا من اذن له فهو العالم وحده بجميع الأشياء جليها وخفيها كليها وجزئيها واسع الملك والقدرة لكل ما من شأنه ان يملك ويقدر عليه ولا يشق عليه شاق ولا يشغله شأن عن شأن متعال عما تناله الأوهام عظيم لا تحدق به الافهام ولذلك قال عليه السلام (ان أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث الله ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيآته الى الغد من تلك الساعة) يعنى انما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فان الشيء انما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفا وسورة الإخلاص فى خمسة عشر حرفا قال الامام في الإتقان اشتملت آية الكرسي على ما لم تشتمل عليه آية فى اسماء الله تعالى وذلك انها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله هو الحي القيوم وضمير لا تأخذه وله وعنده وباذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويئوده وضمير حفظهما المستتر الذي هو فاعل المصدر وهو العلى العظيم ويكفى فى استحقاقها السيادة ان فيها الحي القيوم وهو الاسم الأعظم كما ورد به الخبر عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتذاكر الصحابة أفضل ما في القرآن فقال لهم على اين أنتم عن آية الكرسي ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على سيد البشر آدم وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الفرس سلمان وسيد الروم صهيب وسيد الحبشة بلال وسيد الجبال الطور وسيد الأيام يوم الجمعة وسيد الكلام القرآن وسيد القرآن البقرة وسيد البقرة آية الكرسي) وعن على

[سورة البقرة (2) : آية 256]

كرم الله وجهه عن النبي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما قرئت هذه الآية فى دار الا اهتجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة يا على علمها ولدك وأهلك وجيرانك فما نزلت آية أعظم منها) وعن على ايضا سمعت نبيكم على أعواد المنبر وهو يقول (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا الموت ولا يواظب عليها الا صديق او عابد ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله) عن محمد بن ابى بن كعب عن أبيه ان أباه أخبره انه كان له جرن فيه خضر فكان يتعاهده فوجده ينقص فحرسه ذات ليلة فاذا هو بدابة تشبه الغلام المحتلم قال فسلمت فرددت عليها السلام وقلت من أنت جن أم انس قالت جن قلت ناولينى يدك فناولتنى يدها فاذا يد كلب وشعر كلب فقلت هكذا خلقة الجن قالت لقد علمت الجن ما فيهم أشد منى قلت ما حملك على ما صنعت قالت بلغني انك رجل تحب الصدقة فاحببنا ان نصيب من طعامك فقال لها أبيّ فما الذي يجيرنا منكم قالت هذه الآية التي في سورة البقرة الله لا اله الا هو الحي القيوم من قالها حين يصبح أجير منا حتى يمسى ومن قالها حين يمسى أجير منا حتى يصبح فلما أصبح أتى النبي عليه السلام فاخبره فقال النبي عليه السلام (صدق الخبيث) وروى ان رجلا أتى شجرة او نخلة فسمع فيها حركة فتكلم فلم يجب فقرأ آية الكرسي فنزل اليه شيطان فقال ان لنا مريضا فبم نداويه قال بالذي أنزلتني به من الشجرة وخرج زيد بن ثابت الى حائط له فسمع فيه جلبة فقال ما هذا قال رجل من الجان أصابتنا السنة فاردنا ان نصيب من ثماركم أفتطيبونها قال نعم فقال له زيد بن ثابت ألا تخبرني ما الذي يعيذنا منكم قال آية الكرسي وبالجملة ان آية الكرسي من أعظم ما ينتصر به على الجن فقد جرب المجربون الذين لا يحصون كثرة ان لها تأثيرا عظيما في طرد الشياطين عن نفس الإنسان وعن المصروع وعمن تعينه الشياطين مثل اهل الشهوة والطرب وارباب سماع المكاء والتصدية واهل الظلم والغضب إذا قرئت عليهم بصدق كما في آكام المرجان في احكام الجان دل پر درد را دوا قرآن ... جان مجروح را شفا قرآن هر چهـ جويى ز نص قرآن جو ... كه بود كنج علمها قرآن وانما قال إذا قرئت عليهم بصدق لانه هو العمدة والصادق يبيض وجهه والكاذب يسود ألا ترى الى الصبح الصادق والكاذب كيف أعقب الاول شمس منير دون الثاني: قال فى المثنوى هست تسبيحت بخار آب وكل ... مرغ جنت شد ز نفخ صدق دل وكل ما وقع بطريق الحال وجد عنده التأثير بخلاف ما وقع بطريق القال فقط ولذا ترى اكثر الناس محرومين وان دعوا بالاسم الأعظم اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها آمين لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قال بعضهم نزلت هذه الآية في المجوس واهل الكتاب من اليهود والنصارى انه تقبل منهم الجزية ولا يكرهون على الإسلام ليس كمشركى العرب فانه لا يقبل منهم الا السيف او الإسلام ولا تقبل منهم الجزية ان اسلموا فيها والا قتلوا قال الله

تعالى تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ والمعنى لا إجبار في الدين لان من حق العاقل ان لا يحتاج الى التكليف والإلزام بل يختار الدين الحق من غير تردد وتلعثم لوضوح الحجة قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ هو لفظ جامع لكل خير والمراد هاهنا الايمان الذي هو الرشد الموصل الى السعادة الابدية لتقدم ذكر الدين مِنَ الْغَيِّ اى من الكفر الذي هو المؤدى الى الشقاوة السرمدية قال الراغب الغى كالجهل يقال اعتبارا بالاعتقاد والغى اعتبارا بالافعال ولهذا قيل زوال الجهل بالعلم وزوال الغى بالرشد فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ هو كل ما عبد من دون الله مما هو مذموم في نفسه ومتمرد كالانس والجن والشياطين وغيرهم فلا يرد عيسى عليه الصلاة والسلام والكفر به عبارة عن الكفر باستحقاقه العبادة وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ بالتوحيد وتصديق الرسل لان الكفر بالأنبياء والكتب يمنع حقيقة الايمان بالله لان الايمان بالله حقيقة يستلزم الايمان باوامره ونواهيه وشرائعه المعلومة بالدلائل التي أقامها الله لعباده وتقديم الكفر بالطاغوت على الايمان به تعالى لتوقفه عليه فان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى اى بالغ في التمسك بالحلقة الوكيدة. وعروة الجسم الكبير الثقيل الموضع الذي يتعلق به من يأخذ ذلك الجسم ويحمله. والوثقى فعلى للتفضيل تأنيث الأوثق كفضلى تأنيث الأفضل لَا انْفِصامَ لَها اى لا انقطاع وهو استئناف لبيان قوة دلائل الحق بحيث لا يعتريها شىء من الشبه والشكوك فان العروة الوثقى استعارة المحسوس للمعقول لان من أراد إمساك هذا الدين تعلق بالدلائل الدالة عليه ولما كانت دلائل الإسلام أقوى الدلائل وأوضحها وصفها الله بانها العروة الوثقى قال المولى ابو السعود الكلام تمثيل مبنى على تشبيه الهيئة المنتزعة من ملازمة الاعتقاد الحق الذي لا يحتمل النقيض أصلا لثبوته بالبراهين النيرة القطعية بالهيئة الحسية المنتزعة من التمسك بالحبل المحكم المأمون انقطاعه فلا استعارة في المفردات وَاللَّهُ سَمِيعٌ بالأقوال عَلِيمٌ بالعزائم والعقائد يعلم غيها ورشدها وباطلها وحقها ويجرى كلا على وفق عمله وقوله وعقده وهو ابلغ وعد ووعيد واعلم ان حقيقة الايمان كونه متعلقا بالله على وجه الشهود والعيان ومجازه كونه متعلقا به على وجه الرسم والبيان او بالطاغوت وحقيقة الكفر كونه متعلقا بالطاغوت ومجازه كونه متعلقا بوحدة الله او بنعمته فان الكفر ثلاثة اقسام كفر النعمة وكفر الوحدة وكفر الطاغوت وافراد الإنسان ثلاثة اقسام ايضا اصحاب الميمنة وهم ارباب الجمال ومظاهره واصحاب المشأمة وهم ارباب الجلال ومظاهره والمقربون وهم اصحاب الكمال ومظاهره وقلوب الفريق الاول في أيدي سدنة الجمال الإلهي من الملائكة المقربين وقلوب الفريق الثاني في أيدي سدنة الجلال الإلهي من الشياطين المتمردين يستعملونها في سبيل الشرور وقلوب الفريق الثالث في يد الله الملك المتعال يد الله فوق أيدي سدنة الجمال والجلال يقلبها كيف يشاء بين التجليات العاليات والعلوم والمعارف الآلهيات ولما تعلق ايمان هذه الفرق بالله على وجه الشهود والعيان وتعلق كفرهم بالطاغوت جليا او خفيا كان ايمانهم وكفرهم حقيقيين وجاوزوا من عالم المجاز الى عالم الحقيقة واما الفريق الثاني فقد تعلق ايمانهم بالطاغوت مطلقا جليا او خفيا وكفرهم بالوحدة والنعمة فكان ايمانهم وكفرهم مجازيين لكن ايمانهم

[سورة البقرة (2) : الآيات 257 إلى 261]

مردود ككفرهم لانه لم يتعلق بالله أصلا بل كان كله مقصورا على الطاغوت ولذا لم يتجاوزوا من عالم المجاز أصلا ولم يصلوا الى قرب عالم الحقيقة جدا فضلا عن وصولهم الى عالم الحقيقة قطعا واما الفريق الاول فلما تعلق ايمانهم بالله على وجه الرسم والبيان لا بالطاغوت الجلى جدا ولم يتعلق ايمانهم به على وجه الشهود ولم يتعلق ايمانهم به على الإخلاص حين تعلق به على وجه الرسم والبيان لتعلقه ايضا بالطاغوت الخفي وتعلق كفرهم بالطاغوت الجلى فقط لا بالطاغوت الخفي كان ايمانهم وكفرهم مجازيين ايضا لكن ايمانهم لم يكن ككفرهم مردودا بل كان مقبولا من وجه لعدم تعلقه بالطاغوت الجلى أصلا فان غلب تعلقه بالله على تعلقه بالطاغوت الخفي عند خاتمته فيدخل في الفلاح ثم في الآخرة ان تداركه الفضل الإلهي فيها ونعمت فيغفر والا فيدخل الجحيم ويعذب بكفره الخفي ثم يخرج لعدم كفره بالله جليا ويدخل النعيم لايمانه بالله جليا وكفره بالطاغوت وهم ايضا لم يصلوا الى عالم الحقيقة بل انما وصلوا الى قربه ولذا جاوزوا الجحيم ودخلوا النعيم في قرب عالم الحقيقة ولذا كانوا بالنسبة الى نفس الحقيقة موطنين في عالم المجاز والفرقة لا في عالم الحقيقة والوصلة واما الفريق الثاني فهم مخلدون في النار ابدا لايمانهم بالطاغوت مطلقا وكفرهم بالله كذلك ثم سعادة الفريق الثالث على ما هو المنصوص في القرآن قطعية الثبوت في آخر النفس وشقاوة الفريق الثاني وسعادة الفريق الاول ليست قطعية الثبوت بل محتملة الثبوت في آخر النفس بالنظر الى الافراد لجواز التبدل والتغير في عاقبة الأمر الدنيوي بالنظر الى افرادهم هذا ما التقطته من الكتاب المسمى باللائحات البرقيات لشيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا اى محبهم ومعينهم او متولى أمورهم لا يكلهم الى غيره. فالولى قد يكون باعتبار المحبة والنصرة فيقال للمحب ولى لانه يقرب من حبيبه بالنصرة والمعونة لا يفارقه وقد يكون باعتبار التدبير والأمر والنهى فيقال لاصحاب الولاية ولى لانهم يقربون القوم بان يدبروا أمورهم ويراعوا مصالحهم ومهماتهم والمعنى الله ولى الذين أراد ايمانهم وثبت في علمه انهم يؤمنون في الجملة مآلا او حالا وانما اخرج عن ظاهره لان إخراج المؤمن بالفعل من الظلمات تحصيل الحاصل يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ التي هي أعم من ظلمات الكفر والمعاصي وظلمات الشبه والشكوك بل مما في بعض مراتب العلوم الاستدلالية من نوع ضعف وخفاء بالقياس الى مراتبها القوية الجلية بل مما في جميع مراتبها بالنظر الى مرتبة العيان إِلَى النُّورِ الذي يعم نور الايمان ونور الإيقان بمراتبه ونور العيان اى يخرج بهدايته وتوفيقه كل واحد منهم من الظلمة التي وقع فيها الى ما يقابلها من النور. وجمع الظلمات لان فنون الضلالة متعددة والكفر ملل وأفرد النور لان الإسلام دين واحد ويسمى الكفر ظلمة لالتباس طريقه ويسمى الإسلام نورا لوضوح طريقه وَالَّذِينَ كَفَرُوا اى الذين ثبت في علمه كفرهم أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ اى الشياطين وسائر المضلين عن طريق الحق من الكهنة وقادة الشر وان حمل على الأصنام التي هي جمادات فالمعنى لا يكون على الموالاة الحقيقية التي هي المصادقة او تولى الأمر بل يكون على ان الكفار يتولونهم اى يعتقدونهم ويتوجهون إليهم. والطاغوت تذكر وتؤنث وتوحد وتجمع

يُخْرِجُونَهُمْ بالوساوس وغيرها من طريق الإضلال والإغواء مِنَ النُّورِ اى الايمان الفطري الذي جبلوا عليه كافة إِلَى الظُّلُماتِ اى ظلمات الكفر وفساد الاستعداد والانهماك في الشهوات او من نور اليقينيات الى ظلمات الشكوك والشبهات واسناد الإخراج الى الطاغوت مجاز لكونها سببا له وذلك لا ينافى كون المخرج حقيقة هو الله تعالى فالآية لا تصلح ان تكون متمسكا للمعتزلة فيما ذهبوا اليه من ان الكفر ونحوه مما لا يكون أصلح للعبد ليس من الله تعالى بناء على انه أضاف الكفر الى الطاغوت لا الى نفسه أُولئِكَ اشارة الى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما يتبعه من القبائح أَصْحابُ النَّارِ اى ملابسوها وملازموها بسبب مالهم من الجرائم هُمْ فِيها خالِدُونَ ما كثون ابدا ولم يقل بعد قوله يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون تعظيما لشأن المؤمنين لان البيان اللفظي لا يفى بما أعد لهم في دار الثواب واعلم ان مراتب المؤمنين في الايمان متفاوتة وهم ثلاث طوائف. عوام المؤمنين. وخواصهم . وخواص الخواص فالعوام يخرجهم الله من ظلمات الكفر والضلالة الى نور الايمان والهداية كقوله تعالى وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً والخواص يخرجهم من ظلمات الصفات النفسانية والجسمانية الى نور الروحانية الربانية كقوله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ واطمئنان القلب بالذكر لم يكن الا بعد تصفيته عن الصفات النفسانية وتحليته بالصفات الروحانية وخواص الخواص يخرجهم من ظلمات حدوث الحلقة الروحانية بافنائهم عن وجودهم الى نور تجلى صفة القدم لهم ليبقيهم به كقوله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً الآية نسبهم الى الفتوة لما خاطروا بأرواحهم في طلب الحق وآمنوا بالله وكفروا بطاغوت دقيانوس فلما تقربوا الى الله بقدم الفتوة تقرب إليهم بمزيد العناية فاخرجهم من ظلمات النفسانية الى نور الروحانية فلما تنورت أنفسهم بانوار أرواحهم اطمأنت الى ذكر الله وآنست به واستوحشت عن محبة اهل الدنيا وما فيها فاحبوا الخلاء كما كان حال النبي عليه الصلاة والسلام فى بدء الأمر قالت عائشة رضى الله عنها أول ما بدئ به عليه الصلا والسلام كان حبب اليه الخلاء ولعمرى هذا دأب كل طالب محق مريد صادق كذا في التأويلات النجمية قال الفخر الرازي بطريق الاعتراض ان جمعا من الصوفية يقولون الاشتغال بغير الله حجاب عن معرفة الله والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يدعون الخلق الا الى الطاعات والتكاليف فهم يشغلون الخلق بغير الله ويمنعونهم عن الاشتغال بالله فوجب ان لا يكون ذلك حقا وصدقا انتهى كلامه يقول الفقير جامع هذه المجالس النفيسة هذا الاعتراض ليس بشئ فان الطاعات والتكاليف وسائل الى معرفة الله الملك اللطيف فالدعوة ليست الا الى معرفة الله حقيقة ألا يرى الى تفسير ابن عباس رضى الله عنهما عند قوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ بقوله ليعرفون وانما عدل عنه الى ليعبدون مع انه خلاف مقتضى الظاهر حينئذ اشعارا بان المعرفة المقبولة هي التي تحصل بطريق العبادة فالاشتغال بغير الله وبغير عبادته حجاب أي حجاب ولذلك

[سورة البقرة (2) : آية 258]

كان بدء حال السلف الخلاء والانقطاع عن الناس اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واهتماما فى رفع الحجاب الحاصل بالاختلاط: وفي المثنوى آدمي راهست در هر كار دست ... ليك ازو مقصود اين خدمت بدست «1» ما خلقت الجن والانس اين بخوان ... جز عبادت نيست مقصود از جهان ناجلا باشد مران آيينه را ... كه صفا آيد ز طاعت سينه را «2» أَلَمْ تَرَ اى ألم ينته علمك الذي يضاهى العيان في الإيقان وحقيقته اعلم باخبارنا فانه مفيد لليقين إِلَى الَّذِي اى الى قصة الملك الذي حَاجَّ اى جادل وخاصم وقابل بالحجة إِبْراهِيمَ فى معارضة ربوبيته فِي رَبِّهِ وفي التعرض لعنوان الربوبية مع ان الاضافة الى ضميره عليه الصلاة والسلام تشريف له وإيذان بتأييده في المحاجة والذي حاج هو نمرود ابن كنعان بن سام بن نوح وهو أول من وضع التاج على رأسه وتجبر وادعى الربوبية أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ اى لان آتاه فهو مفعول له لقوله حاج. وله معنيان. أحدهما انه من باب العكس في الكلام بمعنى انه وضع المحاجة موضع الشكر إذ كان من حقه ان يشكر في مقابلة إيتاء الملك ولكنه عكس ما هو الحق الواجب عليه كما تقول عادانى فلان لانى أحسنت اليه تريد انه عكس ما كان يجب عليه من الموالاة لاجل الإحسان. والثاني ان إيتاء الملك حمله على ذلك لانه أورثه الكبر والبطر فنشأ عنهما المحاجة والمعنى أعطاه كثرة المال واتساع الحال وملك جميع الدنيا على الكمال قال مجاهد لم يملك الدنيا بأسرها الا اربعة مسلمان وكافران فالمسلمان سليمان وذو القرنين والكافران نمرود وبخت نصر وهو شداد بن عاد الذي بنى ارم في بعض صحارى عدن. ثم هو حجة على من منع إيتاء الله الملك للكافر وهم المعتزلة لان مذهبهم وجوب رعاية الأصلح للعبد على الله وإيتاء الله الملك للكافر تسليط له على المؤمنين وذلك ليس بأصلح لحال المؤمن قلنا انما ملكه امتحانا له ولعباده إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ظرف لحاج رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ روى انه عليه السلام لما كسر الأصنام سجنه ثم أخرجه ليحرقه فقال من ربك الذي تدعونا اليه قال رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ اى يخلق الحياة والممات فى الأجساد وجواب ابراهيم في غاية الصحة لانه لا سبيل الى معرفة الله الا بمعرفة صفاته وأفعاله التي لا يشاركه فيها أحد من القادرين والاحياء والاماتة من هذا القبيل قالَ كأنه قيل كيف حاجة في هذه المقالة القوية الحقة فقيل قال أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ روى انه دعا برجلين قد حبسهما فقتل أحدهما واطلق الآخر فقال قد أحييت هذا وامت هذا فجعل ترك القتل احياء وكان هذا تلبيسا منه قالَ إِبْراهِيمُ كأنه قيل فماذا قال ابراهيم لمن في هذه الرتبة فى المحاجة وبماذا أفحمه فقيل قال فَإِنَّ اللَّهَ جواب شرط مقدر تقديره قال ابراهيم إذا ادعيت الاحياء والاماتة وأتيت بمعارضة مموهة ولم تعلم معنى الاحياء فالحجة ان الله يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ تحريكا قسريا حسبما تقتضيه مشيئته والباء للتعدية فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ تسييرا طبيعيا فانه أهون ان كنت قادرا على مثل مقدوراته تعالى ولم يلتفت عليه السلام الى ابطاله مقالة اللعين إيذانا بان بطلانها من الجلاء والظهور بحيث لا يكاد يخفى على أحد وان التصدي

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكمت در آفريدن دوزخ إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه لطفها در قهرها پنهان است وقهرها در لطفها إلخ

بابطالها من قبيل السعى في تحصيل الحاصل واتى بمثال لا يجد اللعين فيه مجالا للتمويه والتلبيس فهو عدول عن مثال الى مثال آخر لايضاح كلامه وليس انتقالا من دليل الى دليل آخر لان ذلك غير محمود في باب المناظرة فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ اى صار مبهوتا ومتحيرا مدهوشا وإيراد الكفر في حيز الصلة للاشعار بعلة الحكم والتنصيص على كون المحاجة كفرا قال فى اسئلة الحكم الحكمة في طلوع شمس قرب القيامة من مغربها ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام قال لنمرود فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وان السحرة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك وانه غير كائن فيطلعها الحق يوما من المغرب ليرى المنكرين قدرته وان الشمس في ملكه ان شاء اطلعها من المشرق او المغرب وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب المخلد بسبب اعراضهم عن قبول الهداية الى مناهج الاستدلال اى عن قبول الدلائل القطعية الدالة على الحق دلالة واضحة بالغة فى الوضوح والقوة الى حيث جعل الخصم مبهوتا متحيرا فمن ظلم نفسه بالامتناع عن قبول مثل هذه الدلائل لا يجعله الله مهتديا بها لان المعتبر في دار التكليف ان يهتدى وقت اختيارهم الكفر والظلم اى لا يخلق فيهم فعل الهداية وهم يختارون فعل الضلال ويحتمل انه لا يهدى طريق الجنة في الآخرة من كفر بالله في الدنيا- روى- ان النمرود لما عتا عتوا كبيرا والقى ابراهيم فى النار بعد هذه المحاجة سلط الله على قومه البعوض فاكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم يبق الا العظام والنمرود كما هو لم يصبه شىء فبعث الله بعوضة فدخلت في منخره فمكث اربعمائة سنة تضرب رأسه بالمطارق فعذبه الله اربعمائة سنة كما ملك اربعمائة سنة وهو الذي بنى صرحا الى السماء ببابل فاتى الله بنياهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم: قال الشيخ العطار قدس سره سوى او خصمى كه تير انداخته ... پشه كارش كفايت ساخته والاشارة ان الله تعالى اعطى النمرود ملكا ما اعطى لاحد قبله ادعى الربوبية ما ادعى بها أحد قبله وذلك ان الله اعطى الإنسان حسن استعداد لطلب الكمال فمن حسن استعداده في الطلب وغاية لطافته في الجوهر دائم الحركة في طلب الكمال فحيثما توجه الكمال أخذ في السير فيها الى أقصى مراتبها في العلوي والسفلى فان وكل الى نفسه في طلب الكمال فينظر بنظر الحواس الخمس الى المحسوسات وهي الدنيا فلا يتصور الا الدنيا فلا يتصور الكمال الا فيها فيأخذ فى السير لطلب الكمال وهذا السير موافق لسيره الطبيعي لانه خلق من تراب والتراب سفلى الطبع فيميل الى السفليات طبعا والدنيا هي السفل فيسير فيها بقدمي الطبع وطلب الكمال ففى البداية يرى الكمال في جمع المال فيجمعه ثم يرى الكمال في الجاه فيصرف المال في طلب الجاه ثم يرى الكمال في المناصب والحكم ثم يرى في الامارة والسلطنة فيسير فيها ما لم يكن مانع الى ان يملك الدنيا بأسرها كما كان حال النمرود ثم لا يسكن جوهر الإنسان في طلب الكمال بل كلما ازداد استغناؤه ازداد حرصه وكلما ازداد حرصه ازداد طلبه الى ان لا يبقى شىء من السفليات دون ان يملكه ثم يقصد العلويات والى الآن كان ينازع ملوك الأرض والآن ينازع ملك الملوك ومالك الملك في السموات والأرض فيدعى الربوبية كالنمرود فانه كان سبب

[سورة البقرة (2) : آية 259]

طغيانه استغناؤه قال تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى فاذا كمل استغناؤه كمل طغيانه حتى يكفر بالنعمة فهذا كله عند فساد جوهره لما وكل الى نفسه وإذا أصلح جوهره بالتربية ولم يكله الى نفسه هدى الى جهة الكمال المستعد له كقوله أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ فصاحب التربية وهو النبي او خليفته وهو الشيخ المرشد يربيه وتربيته في تبرئته مما سوى الله الى ان بلغ حد كماله فى طلب الكمال وهو إفناء الوجود في وجود الموجود ليكون مفقودا عن وجوده موجودا بموجده فلما كان يقول عند فساد الجوهر وابطال حسن الاستعداد بالكمال انا احيى وأميت فيقول عند صلاح الجوهر وصرف حسن الاستعداد في طلب الكمال ما في الوجود سوى الله فالمجد يدق بمطرقة لا اله الا الله دماغ نمرود النفس الى ان يؤمن بالله ويكفر بطاغوت وجوده ووجود كل موجود سوى الله والله لا يهدى القوم المشركين الى عالم التوحيد والشرك ظلم عظيم فبالشرك ضل من ضل فزل عن الصراط المستقيم كذا في التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يتخلص من الشرك الخفي ويزكى نفسه عن سفساف الأخلاق ولا يغتر بالمال والمنال بل يرجع الى الله الملك المتعال وقد وجدت صخرة عظيمة وعليها اسطر قديمة. فرحك بشئ من الدنيا دليل على بعدك من الله. وسكونك الى ما في يدك دليل على قلة ثقتك بالله. ورجوعك الى الناس في حال الشدة دليل على انك لم تعرف الله انتهى: قال السعدي قدس سره شنيدم كه جمشيد فرخ سرشت ... بسر چشمه بر بسنكى نوشت برين چشمه چون ما بسى دم زدند ... برفتند چون چشم بر هم زدند كرفتيم عالم بمردى وزور ... وليكن نبرديم با خود بكور برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت اللهم اجعلنا من الذين طال عمرهم وحسن عملهم وقصر أملهم وكمل عقلهم أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ عطف على قوله ألم تر وتقديره او رأيت مثل الذي فعل كذا اى ما رأيت مثله فتعجب منه وتخصيصه بحرف التشبيه لان المنكر للاحياء كثير والجاهل بكيفيته اكثر من ان يحصى بخلاف مدعى الربوبية. والمار هو عزير بن شرخيا والقرية بيت المقدس على الأشهر الأظهر واشتقاقها من القرى وهو الجمع- روى- ان بنى إسرائيل لما بالغوا في تعاطى الشر والفساد سلط الله عليهم بخت نصر البابلي فسار إليهم في ستمائة الف راية حتى وطئ الشام وخرب بيت المقدس وجعل بنى إسرائيل أثلاثا ثلثا منهم قتلهم وثلثا منهم اقرهم بالشام وثلثا منهم سباهم وكانوا مائة الف غلام يافع وغير يافع فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فاصاب كل ملك منهم اربعة غلمة وكان عزير من جملتهم فلما نجاه الله منهم بعد حين مر بحماره على بيت المقدس فرآه على أفظع مرأى وأوحش منظر وذلك قوله تعالى وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها اى خالية عن أهلها وساقطة على سقوفها بان سقطت العروش ثم الحيطان سقطت عليها من خوت المرأة وخويت خوى اى خلا جوفها عند الولادة وخوت الدار خواء بالمد وخوى البيت خوى بالقصر اى سقط والعرش سقف البيت ويستعمل في كل ما هيئ ليستظل به قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها اى يعمر الله تعالى هذه القرية بعد خرابها على هذا

الوجه إذ ليس المراد بالقرية أهلها بل نفسها بدليل قوله وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها لم يقله على سبيل الشك في القدرة بل على سبيل الاستبعاد بحسب العادة فَأَماتَهُ اللَّهُ اى جعله ميتا مِائَةَ عامٍ- روى- انه لما دخل القرية نزل تحت ظل شجرة وهو على حمار فربط حماره وطاف فى القرية ولم يربها أحدا فقال ما قال وكانت أشجارها قد أثمرت فتناول من فواكهها التين والعنب وشرب من عصير العنب ونام فاماته الله في منامه وهو شاب وكان معه شىء من التين والعنب والعصير وكانت هذه الاماتة عبرة لا انقضاء مدة كاماتة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف وأمات حماره ايضا ثم أعمى الله عن جسده وجسد حماره أبصار الانس والسباع والطير فلما مضى من موته سبعون سنة وجه الله ملكا عظيما من ملوك فارس يقال له يوشك الى بيت المقدس ليعمره ومعه الف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة الف عامل فجعلوا يعمرون وأهلك الله بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه ونجى الله من بقي من بنى إسرائيل وردهم الى بيت المقدس وتراجع اليه من تفرق منهم في الأكناف فعمروه ثلاثين سنة وكثروا وكانوا كاحسن ما كانوا فلما تمت المائة من موت العزير أحياه الله تعالى وذلك قوله تعالى ثُمَّ بَعَثَهُ من بعثت الناقة إذا أقمتها من مكانها ويوم القيامة يسمى يوم البعث لانهم يبعثون من قبورهم وانما قال ثم بعثه ولم يقل ثم أحياه لان قوله ثم بعثه يدل على انه عاد كما كان اولا حيا عاقلا فاهما مستعدا للنظر والاستدلال فى المعارف الإلهية ولو قال ثم أحياه لم تحصل هذه الفوائد قالَ كأنه قيل فماذا قال بعد بعثه فقيل قال الله تعالى او ملك مأمور من قبله تعالى كَمْ يوما او وقتا لَبِثْتَ يا عزير ليظهر له عجزه عن الإحاطة بشئونه تعالى وان إحياءه ليس بعد مدة يسيرة ربما يتوهم انه هين فى الجملة بل مدة طويلة وتنحسم به مادة استبعاده بالمرة ويطلع في تضاعيفه على امر آخر من بدائع آثار قدرته تعالى وهو ابقاء الغذاء المتسارع الى الفساد بالطبع على ما كان عليه دهرا طويلا من غير تغير ما قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ كقول الظان قاله بناء على التقريب والتخمين او استقصار المدة لبثه قالَ ما لبثت ذلك المقدار بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ يعنى كنت ميتا هذه المدة فَانْظُرْ لتعاين امرا آخر من دلائل قدرتنا إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ اى لم يتغير في هذه المدة المتطاولة مع تداعيه الى الفساد- روى- انه وجد تينه وعنبه كما جنى وعصيره كما عصر والجملة المنفية حال بغير واو من الطعام والشراب لان المضارع المنفي إذا وقع حالا يجوز ان يكون بالواو وبدونها وافراد الضمير مع ان الظاهر ان يقال لم يتسنها او لم يتسنيا لان المذكور قبله شيآن الطعام والشراب لجريانهما مجرى الواحد كالغذاء. والهاء في لم يتسنه ان كانت اصلية فهو من السنة التي أصلها سنهة وان كانت هاء سكت فهو من السنة التي أصلها سنوة واستعمال لم يتسنه في معنى لم يتغير من قبيل استعمال اللفظ في لازم معناه لان المعنى الأصلي لقولنا تسنه او تسنى مرت عليه السنون والأعوام ويلزمه التغير وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ كيف نخرت عظامه وتفرقت وتقطعت أوصاله وتمزقت ليتبين لك ما ذكر من لبثك المديد وتطمئن به نفسك وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً كائنة لِلنَّاسِ الواو استئنافية واللام متعلقة بمحذوف والتقدير فعلنا ذلك اى احياءك واحياء حمارك وحفظ ما معك من الطعام والشراب لنجعلك آية للناس

الموجودين في هذا القرن بان يشاهدوك وأنت من اهل القرون الخالية ويأخذوا منك ما طوى عنهم منذ احقاب من علم التوراة وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ تكرير الأمر مع ان المراد عظام الحمار ايضا لما ان المأمور به اولا هو النظر إليها من حيث دلالتها على ما ذكر من اللبث المديد وثانيا هو النظر إليها من حيث تعتريها الحياة ومباديها اى وانظر الى عظام الحمار لتشاهد كيفية الاحياء في غيرك بعد ما شاهدت نفسه في نفسك كَيْفَ نُنْشِزُها يقال انشزته فنشز اى رفعته فارتفع اى نرفع بعضها من الأرض الى بعض ونردها الى أماكنها من الجسد فتركبها تركيبا لائقا بها. والجملة حال من العظام والعامل فيها انظر تقديره انظر الى العظام محياة او بدل من العظام على حذف المضاف والتقدير انظر الى حال العظام ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً اى نسترها به كما يستر الجسد باللباس وانما وحد اللحم مع جمع العظام لان العظام متفرقة متعددة صورة واللحم متصل متحد مشاهدة ولعل عدم التعرض لكيفية نفخ الروح لما انها مما لا تقتضى الحكمة بيانه- روى- انه سمع صوتا من السماء أيتها العظام البالية المتفرقة ان الله يأمرك ان ينضم بعضك الى بعض كما كان وتكتسى لحما وجلدا فالتصق كل عظم بآخر على الوجه الذي كان عليه اولا وارتبط بعضها ببعض بالاعصاب والعروق ثم انبسط اللحم عليه ثم انبسط الجلد عليه ثم خرجت الشعور من الجلد ثم نفخ فيه الروح فاذا هو قائم ينهق فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ اى ظهر له احياء الميت عيانا قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها ما شاهده في نفسه وفي غيره من تعاجيب الآثار قَدِيرٌ لا يستعصى عليه امر من الأمور- روى- انه ركب حماره واتى محلته وأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر المنازل فانطلق على وهم منه حتى اتى منزله فاذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أدركت زمن عزير فقال لها عزير يا هذه هذا منزل عزير قالت نعم واين ذكرى عزير وقد فقدناه منذ كذا وكذا فبكت بكاء شديدا قال فانى عزير قالت سبحان الله أنى يكون ذلك قال قد أماتنى الله مائة عام ثم بعثني قالت ان عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة فادع الله لى برد بصرى حتى أراك فدعا ربه ومسح بين عينيها فصحتا فاخذ بيدها فقال قومى بإذن الله فقامت صحيحة كأنها نشطت من عقال فنظرت اليه فقالت اشهد انك عزير فانطلقت الى محلة بنى إسرائيل وهم في أنديتهم وكان في المجلس ابن العزير قد بلغ مائة وثمانى عشرة سنة وبنوا بنيه شيوخ فنادت هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت انظروا فانى بدعائه رجعت الى هذه الحالة فنهض الناس فاقبلوا اليه فقال ابنه كان لأبى شامة سوداء بين كتفيه مثل الهلال فكشف فاذا هو كذلك وقد كان قتل بخت نصر بيت المقدس من قراء التوراة أربعين الف رجل ولم يكن يومئذ بينهم نسخة من التوراة ولا أحد يعرف التوراة فقرأها عليهم عن ظهر قلبه من غير ان يخرم منها حرفا اى ينقص ويقطع فقال رجل من أولاد المسبيين ممن ورد بيت المقدس بعد مهلك بخت نصر حدثنى ابى عن جدى انه دفن التوراة يوم سبينا فى خابية في كرم فان أريتمونى كرم جدى أخرجتها لكم فذهبوا الى كرم جده ففتشوه فوجدوها فعارضوها بما املى عليهم عزير عليه السلام عن ظهر القلب فما اختلفا في حرف

[سورة البقرة (2) : آية 260]

واحد فعند ذلك قالوا عزير ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وفي القصة تنبيه على ان الداعي إذا راعى آداب الدعاء أجيب سريعا من غير مشقة تلحقه وإذا ترك الأدب لحقته المشقة وابطأت الاجابة فان ابراهيم عليه السلام لما قال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى وبدأ بالثناء ثم سأل احياء الموتى أراه الله ذلك في غيره فانه أراه في طيره وعجل له ذلك على فوره وعزير قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فأرى ذلك في نفسه بعد مائة عام مضت على موته: قال السعدي نبايد سخن مفت ناساخته ... نشايد بريدن نينداخته والاشارة في تحقيق الآية ان قوما أنكروا حشر الأجساد مع انهم اعتقدوا وأقروا بحشر الأرواح وقالوا الأرواح كان تعلقها بالأجساد لاستكمالها في عالم المحسوس كالصبى يبعث الى المكتب ليتعلم الأدب فلما حصل مقصوده من التعلم بقدر استعداده وحرج من المكتب ودخل محفل اهل الفضل وصاحبهم سنين كثيرة واستفاد منهم انواع العلوم التي لم توجد فى المكتب الا انه استفاد العلوم من الفضلاء بقوة أدبه الذي تعلمه في المكتب وصار فاضلا فى العلوم فما حاجته بعد ان كبر شأنه وعظم قدره الى ان يرجع الى المكتب وحالة صباه فكذا الأرواح لما خرجت من سجن الأشباح واتصلت بالأرواح المقدسة بقوة علوم الجزئيات التي حصلتها من عالم الحس واستفادت من الأرواح العلوية علم الكليات التي لم توجد في عالم الحس فما حاجتها الى ان ترجع الى سجن الأجساد فكانت نفوسهم تسول لهم هذه التسويلات والشيطان يوسوسهم بمثل هذة الشبهات فالله سبحانه من كمال فضله ورحمته على عباده المخلصين أمات عزيرا مائة سنة وحماره معه ثم احياهما جميعا ليستدل به العقلاء على ان الله مهما يحيى عزير الروح يحيى معه حمار جسده فلا يشك العاقل بتسويل النفس ووسوسة الشيطان وشبهات الفلسفي في حشر الأجساد فكما ان عزير الروح يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر يكون حمار جسده في الجنة فلعزير الروح مشرب من كؤوس تجلى صفحات الجمال والجلال عن ساقى وسقاهم ربهم شربا طهورا ولحمار الجسد مشرب من انهار الجنات وحياض رياض ولكم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وقد علم كل أناس مشربهم شربنا واهرقنا على الأرض جرعة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب كذا في التأويلات النجمية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ اى اذكر وقت قوله وذكر الوقت يوجب ذكر ما وقع في ذلك الوقت من الحوادث بالطريق البرهاني رَبِّ كلمة استعطاف قدمت بين الدعاء مبالغة في استدعاء الاجابة أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى اى بصرنى كيفية احيائك للموتى بان تحييها وانا انظر إليها انما سأل ذلك ليصير علمه عيانا وقد شرفه الله بعين اليقين بل بحق اليقين الذي هو أعلى المقامات. والفرق ان علم اليقين هو المستفاد من الاخبار. وعين اليقين هو المعاينة لا مرية فيه قال تعالى في حق الكفار ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ فلما دخلوا النار وباشروا عذابها قال تعالى فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ قالَ ربه أَوَلَمْ تُؤْمِنْ اى ألم تعلم يقينا ولم تؤمن بانى قادر على الاحياء باعادة التركيب والحياة قاله

عز وعلا مع علمه بانه اعرف الناس بالايمان ليظهر إيمانه لكل سامع بقوله بلى فيعلم السامعون غرضه من هذا القول وهو الوصول الى العيان قالَ ابراهيم بَلى علمت وآمنت بذلك وَلكِنْ سألت ما سألت لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي اى ليسكن ويحصل طمأنينته بالمعاينة فان عين اليقين يوجب الطمأنينة لا علمه فان قلت ما معنى قول على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا قلت ما ازددت يقينا بالايمان بها وكان إذ رأى الآخرة ابصر بها من الفضائل والهيآت ما لم يحط به قبل ذلك وكذلك ابراهيم لما رأى كيفية الاحياء وقف على ما لم يقف عليه قبل قالَ ربه ان أردت ذلك فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ طاووسا وديكا وغرابا وحمامة ومنهم من ذكر النسر بدل الحمام وانما خص الطير لانه اقرب الى الإنسان واجمع لخواص الحيوان فَصُرْهُنَّ من صاره يصوره وبكسر الصاد من صاره يصيره والمعنى واحد اى املهن واضممهن واجمعهن إِلَيْكَ لتتأملها وتعرف أشكالها مفصلة حتى تعلم بعد الاحياء ان جزأ من اجزائها لم ينتقل من موضعه الاول أصلا- روى- انه امر بان يذبحها وينتف ريشها ويقطعها ويفرق اجزاءها ولحومها ويمسك رؤسها ثم امر بان يجعل اجزاءها على الجبال وذلك قوله تعالى ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ من الجبال التي بحضرتك وكانت سبعة او اربعة فجزأها اربعة اجزاء فقال تعالى ضع على كل جبل مِنْهُنَّ اى من كل الطيور جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ قل لهن تعالين بإذن الله تعالى يَأْتِينَكَ سَعْياً اى ساعيات مسرعات طيرانا او مشيا ففعل كما امره فجعل كل جزء يطير الى آخر حتى صارت جثثا ثم اقبلن فانضمت كل جثة الى رأسها فعادت كل واحدة الى ما كانت عليه من الهيئة وجعل ابراهيم ينظر ويتعجب وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب على امره لا يعجزه شىء عما يريده حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة في أفاعيله فليس بناء أفعاله على الأسباب العادية لعجزه عن إيجادها بطريق آخر خارق للعادات بل لكونه متضمنا للحكم والمصالح قال القشيري طلب ابراهيم عليه السلام بهذه حياة قلبه فاشير اليه بذبح الطيور وفي الطيور الاربعة اربعة معان هي في النفس فى الطاووس زينة. وفي الغراب امل. وفي الديك شهوة. والبط حرص فاشار الى انه ما لم يذبح نفسه بالمجاهدة لم يحى قلبه بالمشاهدة: وفي المثنوى حرص بط يكتاست اين پنجاه تاست ... حرص شهوت مار ومنصب اژدهاست «1» حرص بط از شهوت حلقست وفرج ... در رياست بيست چندانست درج صد خورنده كنجد اندر كرد خوان ... دو رياست در نكنجد در جهان كاغ كاغ ونعره زاغ سياه ... دائما باشد بدنيا عمر خواه «2» همچوإبليس از خداى پاك فرد ... تا قيامت عمر تن درخواست كرد عمر ومرك اين هر دو با حق خوش بود ... بي خدا آب حيات آتش بود عمر خوش در قرب جان پروردنست ... همر زاغ از بهر سركين خوردنست قال في التأويلات النجمية الطيور الاربعة هي الصفات الأربع التي تولدت من العناصر الاربعة التي خمرت طينة الإنسان منها وهي التراب والماء والنار والهواء فتولدت من ازدواج

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه هيچ چشم بد آدمي را چنان زبان ندارد كه جشم پسند جويش إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب كشتن ابراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام زاغ را كه إلخ

[سورة البقرة (2) : آية 261]

كل عنصر مع قرينه صفتان فمن التراب وقرينه الماء تولد الحرص والبخل وهما قرينان حيث وجد أحدهما وجد قرينه ومن النار وقرينها الهواء تولد الغضب والشهوة وهما قرينان يوجدان معا ولكل واحدة من هذه الصفات زوج خلق منها ليسكن إليها كحواء وآدم ويتولد منها صفات اخرى فالحرص زوجه الحسد والبخل زوجه الحقد والغضب زوجه الكبر وليس للشهوة اختصاص بزوج معين بل هي كالمعشوقة بين الصفات فيتعلق بها كل صفة ولها منها متولدات يطول شرحها فهى الأبواب السبعة للدركات السبع من جهنم منها يدخل الخلق جهنم التي لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم يعنى من الخلق فمن كان الغالب عليه صفة منها فيدخل النار من ذلك الباب فامر الله خليله بذبح هذه الصفات وهي الطيور الاربعة طاووس البخل فلو لم يزين المال في نظر البخيل كما زين الطاووس بألوانه ما بخل به وغراب الحرص وهو من حرصه اكثر في الطلب وديك الشهوة وهو بها معروف ونسر الغضب ونسبته اليه لتصريفه في الطيران فوق الطيور وهذه صفة المغضب فلما ذبح الخليل بسكين الصدق هذه الطيور وانقطعت منه متولداتها ما بقي له باب يدخل منه النار فلما القى فيها بالمنجنيق قهرا صارت النار عليه بردا وسلاما والاشارة بتقطيعها بالمبالغة ونتف ريشها وتفريق اجزائها وتخليط ريشها ودمائها ولحومها بعضها ببعض اشارة الى محو آثار الصفات الأربع المذكورة وهدم قواعدها على يدى ابراهيم الروح بامر الشرع ونائب الحق وهو الشيخ والأمر بتقسيم اجزائها وجعلها على كل جبل جزأ فالجبال الاربعة هي النفوس التي جبل الإنسان عليها. أولها النفس النامية وتسمى النفس النباتية. وثانيها النفس الامارة وتسمى الروح الحيواني. وثالثها قوة الشيطنة وتسمى الروح الطبيعي. ورابعها قوة الملكية وهو الروح الإنساني فطيور الصفات لما ذبحت وقطعت وخلطت اجزاء بعضها ببعض ووضع على كل جبل روح ونفس وقوة منها جزء بامر الشرع تكون بمثابة أشجار وزروع تجعل عليها الترب المخلوطة بالزبل والقاذورات باستصواب دهقان ذى بصارة في الدهقنة بمقدار معلوم ووقت معلوم ثم يسقيها بالماء ليتقوى الزرع بقوة الترب والزبل وتتصرف النفس النامية النباتية فى الترب المخلوطة الميتة فتحييها بإذن الله تعالى كقوله تعالى فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها فكذلك الصفات الأربع وهي الحرص والبخل والشهوة والغضب مهما كانت كل واحدة منها على حالها غالبة على الجوهر الروحاني تكدر صفاءه وتمنعه من الرجوع الى مقامه الأصلي ووطنه الحقيقي فاذا كسرت سطوتها ووهنت قوتها وأميتت شعلتها ومحيت آثار طباعها بامر الشرع وخلطت اجزاؤها المتفرقة بعضها ببعض ثم قسمت باربعة اجزاء وجعل كل جزء منها على جبل قوة او نفس او روح فيتقوى كل واحد من هؤلاء بتقويتها ويتربى بتربيتها فيتصرف فيها الروح الإنساني فيحييها ويبدل تلك الظلمات التي هى من خصائص تلك الصفات المذمومة بنور هو من خصائص الروح الإنساني والملكي فتكون تلك الصفات ميتة عن أوصافها حية بأخلاق الروحانيات انتهى كلام التأويلات مَثَلُ نفقات الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى في وجوه الخيرات من الواجب كالزكاة

والنفل وقدر في الكلام حذف لان الذين ينفقون لا يشبهون الحبة لانه لا يشبه الحيوان بالجماد بل نفقاتهم تشبه الحبة كَمَثَلِ حَبَّةٍ لزراع زرعها في ارض عامرة والحبة واحدة الحب وهو ما يزرع للاقتيات واكثر إطلاقه على البر أَنْبَتَتْ اى أخرجت واسناد الإنبات الى الحبة مجاز سَبْعَ سَنابِلَ اى ساقات تشعب منها سبع شعب لكل واحدة منها سنبلة فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ كما يشاهد ذلك في الذرة والدخن في الأراضي المغلة بل اكثر من ذلك وَاللَّهُ يُضاعِفُ تلك المضاعفة الى ما شاء الله تعالى لِمَنْ يَشاءُ ان يضاعف له بفضله وعلى حسب حال المنفق من إخلاصه وتعبه ولذلك تفاوتت مراتب الأعمال في مقادير الثواب وَاللَّهُ واسِعٌ لا يضيق عليه ما يتفضل به من الزيادة عَلِيمٌ بنية المنفق ومقدار إنفاقه وكيفية تحصيل ما أنفقه. فمثل المتصدق كمثل الزارع إذا كان حاذقا في عمله وكان البذر جيدا وكانت الأرض عامرة يكون الزرع اكثر. فكذلك المتصدق إذا كان صالحا والمال طيبا ووضع في موضعه يكون الثواب اكثر كما روى في الحديث عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام (انه قال من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله الا الطيب فان الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل) وانما ذكر النبي عليه السلام التربية في الصدقة وان كان غيرها من العبادات يزيد ايضا بقبوله اشارة الى ان الصدقة فريضة كانت او نافلة أحوج الى تربية الله لثبوت النقيصة فيها بسبب حب الطبع الأموال وفي الحديث (صدقة المؤمن تدفع عن صاحبها آفات الدنيا وفتنة القبر وعذاب يوم القيامة) وفي الحديث (السخاوة شجرة أصلها في الجنة وأغصانها متدليات في دار الدنيا فمن تعلق بغصن منها يسوقه الى الجنة والبخل شجرة أصلها في النار وأغصانها متدليات في دار الدنيا فمن تعلق بغصن منها يسوقه الى النار) وفي الحديث (الساعي على الارملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) اى الكاسب لتحصيل مؤنتهما كالمجاهد لان القيام بمصالحهما انما يكون بصبر عظيم وجهاد نفس لئيم فيكون ثوابه عظيما: وفي بستان الشيخ السعدي قدس سره يكى از بزركان اهل تميز ... حكايت كند ز ابن عبد العزيز كه بودش نگينى در انكشترى ... فرو مانده از قيمتش مشترى بشب كفتى آن جرم كيتى فروز ... درى بود در روشنايى چوروز قضا را در آمد يكى خشك سال ... كه شد بدر سيماى مردم هلال چودر مردم آرام وقوت نديد ... خود آسوده بودن مروت نديد چوبيند كسى زهر در كام خلق ... كيش بگذرد آب شيرين بحلق بفرمود بفروختندش بسيم ... كه رحم آمدش بر فقير ويتيم بيك هفته نقدش بتاراج داد ... بدرويش ومسكين ومحتاج داد فتادند در وى ملامت كنان ... كه ديكر بدستت نيايد چنان شنيدم كه ميكفت باران دمع ... فرو ميدويدش بعارض چوشمع كه زشتست پيرايه بر شهريار ... دل شهرى از ناتوانى فكار

[سورة البقرة (2) : الآيات 262 إلى 266]

مرا شايد انكشترى بي نكين ... نشايد دل خلق اندوهگين خنك آنكه آسايش مرد وزن ... كزيند بر آسايش خويشتن نكردند رغبت هنرپروران ... بشادئ خويش از غم ديكران واعلم ان الأعمال بالنيات فان قلت ما معنى قوله عليه السلام (نية المؤمن خير من عمله) قلت مورد الحديث ان عثمان رضى الله تعالى عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم انه وعد بثواب عظيم على حفر بئر فنوى ان يحفرها فسبق اليه كافر فحفرها فقال عليه السلام (نية المؤمن خير من عمله) اى عمل الكافر والجواب الثاني ان النية المجردة من المؤمن خير من عمله المجرد عن النية لانه إذا فعل فعل الخير بغير نية يكون عمله مع النية خيرا من ذلك لكن قال بعضهم ليس في بعض الأعمال اجر بغير نية كالصلاة لا تجوز بغير نية ولا يحتاج بعض الأعمال الى النية كقراءة القرآن والاذكار ثم اعلم ان الانفاق على مراتب. انفاق العامة بالمال فاجرهم الجنة. وانفاق الخواص إصلاح الحال بتزكية النفس وتصفية القلب فاجرهم يوم القيامة النظر الى وجه الله تعالى فينبغى للمؤمن ان يزكى نفسه ويصفى قلبه من حب المال بالإنفاق في سبيل الله الملك المتعال حتى ينال الشرف في الجنان ويحترز عن البخل حتى لا يكون عند الله تعالى من الخاسرين الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى يضعونها في مواضعها ثُمَّ للاظهار علو رتبه المعطوف لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا العائد محذوف اى ما أنفقوه مَنًّا وهو ان يعتد على من احسن اليه بإحسانه ويريه انه أوجب بذلك عليه حقا اى لا يمنون عليهم بما تصدقوا بان يقول المتصدق المانّ اصطنعتك كذا خيرا وأحسنت إليك كثيرا وَلا أَذىً وهو ان يتطاول عليه بسبب انعامه عليه اى لا يؤذيه بان يقول المتصدق المؤذى انى قد أعطيتك فما شكرت او الى كم تأتينى وتؤذيني او كم تسأل ألا تستحيى او أنت ابدا تجيئنى بالابرام فرج الله عنى منك وباعد ما بينى وبينك لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثوابهم في الآخرة وتخلية الخبر عن الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها للايذان بان ترتب الاجر على ما ذكر من الانفاق وترك المن والأذى امر بين لا يحتاج الى التصريح بالسببية وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مما يستقبلهم من العذاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلفوا من امور الدنيا- روى- ان الحسن بن على رضى الله عنهما اشتهى طعاما فباع قميص فاطمة بستة دراهم فسأله سائل فاعطاها ثم لقى رجلا يبيع ناقة فاشتراها بأجل وباعها من آخر فاراد ان يدفع الثمن الى بائعها فلم يجده فحكى القضية الى النبي عليه السلام فقال اما السائل فرضوان واما البائع فميكائيل واما المشترى فجبرائيل فنزل قوله تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ الآية قال بعض اهل التفسير نزلت هذه الآية والتي قبلها فى عثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما. اما عثمان فجهز جيش العسرة في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها والف دينار فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يقول (يا رب رضيت عنه فارض عنه) واما عبد الرحمن بن عوف فتصدق بنصف ماله اربعة آلاف دينار فقال عندى ثمانية آلاف فامسكت منها لنفسى وعيالى اربعة آلاف واربعة آلاف اقرضتها ربى فقال عليه السلام (بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت) فهذه حال عثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما حيث تصدقا ولم يخطر

[سورة البقرة (2) : آية 263]

ببالهما شىء من المن والأذى. قال بعضهم المن يشبه بالنفاق والأذى يشبه بالرياء. ثم قال بعضهم إذا فعل ذلك فلا اجر له وعليه وزر فيما من وآذى على الفقير قال وهب فلا اجر له ولا وزر له. وقال بعضهم له اجر الصدقة ولكن ذهبت مضاعفته وعليه الوزر بالمن واعلم ان الله تعالى نهى عباده ان يمنوا على أحد بالمعروف مع انه تعالى قد من على عباده كما قال بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ وذلك لان الله تعالى تام الملك والقدرة وملكه وقدرته ليس بغيره والعبد وان كان فيه خصال الخير فتلك خصاله من الله ولم يكن ذلك بقوة العبد فالعبد ناقص والناقص لا يجوز له ان يمن على أحد او يمدح نفسه والمن ينقص قدر النعمة ويكدرها لان الفقير الآخذ منكسر القلب لاجل حاجته الى صدقة غيره معترف باليد العليا للمعطى فاذا أضاف المعطى الى ذلك اظهار ذلك الانعام زاد ذلك في انكسار قلبه فيكون في حكم المضربة بعد ان نفعه وفي حكم المسيئ اليه بعد ان احسن اليه: قال الحسين الكاشفى قدس سره آنچهـ كه بدهى چودهنده خداست ... منت بيهوده نهادن خطاست هر چهـ دهى مى ده ومنت منه ... وآنچهـ پشيمان شوى آن هم مده وقال السعدي قدس سره چوانعام كردى مشو خود پرست ... كه من سرورم ديكران زير دست چوبينى دعا كوى دولت هزار ... خداوند را شكر نعمت كذار كه چشم از تو دارند مردم بسى ... نه تو چشم دارى بدست كسى قيل ان ابراهيم عليه السلام كان له خمسة آلاف قطيع من الغنم وعليها كلاب المواشي باطواق الذهب فتمثل له ملك في صورة البشر وهو ينظر أغنامه في البيداء فقال الملك [سبوح قدوس رب الملائكة والروح] فقال ابراهيم عليه السلام كرر ذكر ربى ولك نصف ما ترى من أموالي فكرر الملك فنادى ثانيا كرر تسبيح ربى ولك جميع ما ترى من مالى فتعجب الملائكة فقالوا جدير ان يتخذك الله خليلا ويجعل لك في الملل والنحل ذكرا جميلا: وفي المثنوى قرض ده زين دولت اندر اقرضوا تا كه صد دولت به بينى پيش رو اندكى زين شرب كم كن بهر خويش تا كه حوض كوثرى يابى به پيش وفي نوابغ الكلم «صنوان من منح سائله ومن ومن منع نائله وضن» واعلم ان الناس على ثلاث طبقات. الاولى الأقوياء وهم الذين أنفقوا جميع ما ملكوا وهؤلاء صدقوا فيما عاهدوا الله عليه من الحب كما فعل ابو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه. والثانية المتوسطون وهم الذين لم يقدروا على اخلاء اليد عن المال دفعة ولكن امسكوه لا للتنعم بل للانفاق عند ظهور محتاج اليه وقنعوا في حق أنفسهم بما يقويهم على العبادة والثالثة الضعفاء وهم المقتصرون على أداء الزكاة الواجبة اللهم اجعلنا من المتجردين عن عيرك والقانعين بك عما سواك قَوْلٌ مَعْرُوفٌ رد جميل وهو ان يرد السائل بطريق جميل حسن تقبله القلوب والطباع ولا تنكره وَمَغْفِرَةٌ اى ستر لما وقع من السائل من الالحاف في المسألة وغيره

مما يثقل على المسئول وصفح عنه خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً لان من جمع بين نفع الفقير واضراره حرم الثواب فان قالوا أي خير في الصدقة التي فيها أذى حتى يقال هذا خير منه قلنا يعنى عندكم كذلك وهو كقوله تعالى قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ اى عندكم ذلك خير لكم اعلموا ان هذا خير لكم في الدنيا والآخرة مما تعدونه أنتم خيرا وَاللَّهُ غَنِيٌّ عما عندكم من الصدقة لا يحوج الفقراء الى تحمل مؤونة المن والأذى ويرزقهم من جهة اخرى حَلِيمٌ لا يعاجل اصحاب المن والأذى بالعقوبة لا انهم لا يستحقونها بسببهما. وفيه من السخط والوعيد لهم ما لا يخفى قال في مجالس حضرة الهدائى قدس سره وانما كان الرد الجميل خيرا من صدقة المان والمؤذى لان القول الحسن وان كان بالرد يفرح قلب السائل ويروح روحه ونفع الصدقة لجسده وسراية السرور لقلبه بالتبعية من تصور النفع فاذا قارن ما ينفع الجسد بما يؤذى الروح يكدر النفع حينئذ ولا ريب ان ما يروح الروح خير مما ينفع الجسد لان الروحانية أوقع في النفوس واشرف قال الشعبي من لم ير نفسه الى ثواب الصدقة أحوج من الفقير الى صدقته فقد أبطل صدقته. وبالغ السلف في الصدقة والتحرز فيها عن الريا فانه غالب على النفس وهو مهلك ينقلب في القلب إذا وضع الإنسان في قبره في صورة حية اى يؤلم إيلام الحية والبخل ينقلب فى صورة عقرب والمقصود في كل انفاق الخلاص من رذيلة البخل فاذا امتزج به الرياء كان كانه جعل العقرب غذاء الحية فتخلص من العقرب ولكن زاد في قوة الحية إذ كل صفة من الصفات المهلكة في القلب انما غذاؤها وقوتها في إجابتها الى مقتضاها. ثم ان الصدقة لا تنحصر في المال بل تجرى في كل معروف فالكلمة الطيبة والشفاعة الحسنة والاعانة في حاجة واحد وعيادة مريض وتشييع جنازة وتطييب قلب مسلم كل ذلك صدقة كر خير كنى مراد يابى ... در هر دو جهان كشاد يابى احسان كن وبهر توشه خويش ... زادى بفرست تو ازين پيش واعلم ان الدنيا وملكها لا اعتداد لها- حكى- عن بعض الملوك انه حبست الريح في بطنه حتى قرب الى الهلاك فقال كل من يزيل عنى هذا البلاء أعطيته ملكى فسمعه شخص من اهل الله فجاء ومسح يده على بطنه فخرجت منه ريح منتنة وتعافى الملك من ساعته فقال يا سيدى اجلس على سرير المملكة انا عزلت نفسى فقال الرجل لا حاجة الى متاع قيمته ضرطة منتنة ولكن أنت اتعظ من هذا فالشيء الذي اغتررت به قيمته هذا وعن الحسن قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على أصحابه فقال (هل منكم من يريد ان يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا. ألا انه من رغب في الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد فى الدنيا وقصر أمله أعطاه الله تعالى علما بغير تعلم وهدى بغير هداية. ألا انه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك الا بالقتل والتجبر ولا الغنى الا بالفخر والبخل ولا المحبة الا باتباع الهوى. ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر للفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك الا وجه الله تعالى أعطاه الله تعالى ثواب خمسين صديقا) : وفي المثنوى

[سورة البقرة (2) : آية 264]

كوزه چشم حريصان پر نشد ... تا صدف قانع نشد پر در نشد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى فان من فعل ذلك لا اجر له في صدقته وعليه وزر منه على الفقير ووزر إيذائه وقد سبق معنى المن والأذى والمراد بابطال الصدقة احباط أجرها لان الصدقة لما وقعت وتقدمت لم يمكن ان يراد بابطالها نفسها بل المراد احباط أجرها وثوابها لان الاجر لم يحصل بعد فيصح ابطاله بما يأتيه من المن والأذى كَالَّذِي المراد المنافق لان الكافر معلن كفره غير مراء والكاف في محل النصب على انه صفة لمصدر محذوف اى لا تبطلوها ابطالا كابطال المنافق الذي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ اى لاجل رئائهم يعنى ليقال انه كريم وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لا يريد بانفاقه رضى الله ولا ثواب الآخرة. ورئاء من راآى نحو قاتل قتالا ومعنى المفاعلة هاهنا مبنى على ان المرائى فى الانفاق يراعى ان تراه الناس فيحمدوه فَمَثَلُهُ اى حالته العجيبة كَمَثَلِ صَفْوانٍ اى حجر صاف أملس وهو واحد وجمع فمن جعله جمعا فواحده صفوانة ومن جعله واحدا فجمعه صفى عَلَيْهِ تُرابٌ اى يسير منه فَأَصابَهُ وابِلٌ اى مطر شديد الوقع كبير القطر فَتَرَكَهُ صَلْداً أملس ليس عليه شىء من الغبار لا يَقْدِرُونَ كأنه قيل فماذا يكون حالهم حينئذ فقيل لا يقدرون عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا اى لا ينتفعون بما فعلوا رئاء ولا يجدون له ثوابا قطعا كقوله تعالى فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً يقال فلان لا يقدر على درهم اى لا يجده ولا يملكه فان قلت كيف قال لا يقدرون بعد قوله كالذى ينفق قلت أراد بالذي ينفق الجنس او الفريق الذي ينفق ولان من والذي يتعاقبان فكأنه قيل كمن ينفق فجمع الضمير باعتبار المعنى ولما ذكر تعالى بطلان امر الصدقة بالمن والأذى ذكر لكيفية ابطال أجرها بهما مثلين فمثله اولا بمن ينفق ماله رئاء الناس وهو مع ذلك كافر بالله واليوم الآخر فان بطلان اجر ما أنفقه هذا الكافر اظهر من بطلان اجر من يتبعها بالمن والأذى ثم مثله ثانيا بالصفوان الذي وقع عليه تراب وغبار ثم أصابه المطر فازال ذلك الغبار عنه حتى صار كانه ما كان عليه تراب وغبار أصلا فالكافر كالصفوان والتراب مثل ذلك الانفاق والوابل كالكفر الذي يحبط عمل الكافر وكالمن والأذى اللذين يحبطان عمل هذا المنفق فكما ان الوابل أزال التراب الذي وقع على الصفوان فكذا المن والأذى يجب ان يكونا مبطلين لاجر الانفاق بعد حصوله وذلك صريح في القول بالإحباط والتكفير كما ذهب اليه المعتزلة القائلون بان الأعمال الصالحة توجب الثواب وان الكبائر تحبط ذلك الثواب واما أصحابنا القائلون بان الثواب تفضل محض فانهم قالوا ليس المراد بقوله لا تبطلوا النهى عن ازالة هذا الثواب بعد ثبوته بل المراد النهى عن ان يأتى بهذا العمل باطلا وبيانه ان المن والأذى يخرجانه من ان يترتب عليه الاجر الموعود لان العمل انما يؤدى الى الاجر الموعود إذا اتى به العامل تعبدا وطاعة وابتغاء لما عند الله تعالى من الاجر والرضوان وعملا بقوله تعالى وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وبقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ فمن كان حامله على العمل ابتغاء ما عند الله مما وعده للمخلصين فقد جرى على سنن المبادلة التي وقعت

بين العمل والثواب الذي وعده الله تعالى لمن أخلص عمله لله تعالى فلما كانت معاملته في الحقيقة مع الله تعالى لم يبق وجه لان يمن على الفقير الذي تصدق عليه ولا لان يؤذيه بان يقول له مثلا خذه بارك الله لك فيه ومن من عليه او آذاه فقد اعرض عن جهة المبادلة مع الله ومال الى جهة التبرع على الفقير من غير ابتغاء وجه الله واتى بعمله من الابتداء على نعت البطلان فيكون محروما من البدل الذي وعده الله لمن اقرض الله قرضا حسنا إذ لم يقع عمله على وجه الاقراض وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ الى الخير والرشاد. وفيه تعريض بان كلا من الرئاء والمن والأذى من خصائص الكفار ولا بد للمؤمنين ان يجتنبوها- روى- عن بعض العلماء انه قال مثل من يعمل الطاعة للرئاء والسمعة كمثل رجل خرج الى السوق وملأ كيسه حصى فيقول الناس ما املأ كيس هذا الرجل ولا منفعة له سوى مقالة الناس فلو أراد ان يشترى به شيأ لا يعطى به شيأ. وقد بالغ السلف في إخفاء صدقتهم عن أعين الناس حتى طلب بعضهم فقيرا أعمى لئلا يعلم أحد من المتصدق. وبعضهم ربط في ثوب الفقير نائما. وبعضهم القى في طريق الفقير ليأخذها وبذلك يتخلص من الرئاء: وفي المثنوى كفت پيغمبر بيك صاحب ريا ... صل انك لم تصل يافتى از براى چاره اين خوفها ... آمد اندر هر نمازى اهدنا كين نمازم را مياميز اى خدا ... با نماز ضالين واهل ريا قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر قال (الرياء يقول الله لهم يوم يجازى العباد بأعمالهم اذهبوا الى الذي كنتم تراؤون لهم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء) وقال صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى إذا كان يوم القيامة ينزل الى العباد ليقضى بينهم وكل امة جاثية فاول من يدعى به رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولى قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما عملت قال كنت اقرأ آناء الليل وأطراف النهار فيقول الله تعالى كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت ان يقال فلان قارئ فقد قيل ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج الى أحد قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما آتيتك قال كنت اصل الرحم وأتصدق فيقول الله كذبت وتقول الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت ان يقال فلان جواد فقد قيل ذلك ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول له فيما ذا قتلت فيقول يا رب أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله كذبت وتقول الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت ان يقال فلان جرئ فقد قيل ذلك) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) : قال السعدي طريقت همينست كاهل يقين ... نكوكار بودند وتقصير بين بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت همان به كر آبستن كوهرى ... كه همچون صدف سر بخود در برى وكر آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن كو درون حشو باش

[سورة البقرة (2) : آية 265]

اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق ... كه در پوشى از بهر پندار خلق والاشارة في الآية ان المعاملات إذا كانت مشوبة بالأغراض ففيها نوع من الاعراض ومن اعرض عن الحق فقد اقبل على الباطل ومن اقبل على الباطل فقد أبطل حقوقه في الأعمال فماذا بعد الحق الا الضلال وقد نهينا عن ابطال اعمال البر بالاعراض عن طلب الحق والإقبال على الباطل بقوله لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ وهي من اعمال البر بالمن اى إذا مننت بها على الفقير فقد أعرضت عن طلب الحق لان قصدك في الصدقة لو كان طلب الحق لما مننت على الفقير بل كنت رهين منة الفقير حيث كان سبب وصولك الى الحق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (لولا الفقراء لهلك الأغنياء) معناه لم يجدوا وسيلة الى الحق وقد فسر بعضهم قوله عليه السلام (اليد العليا خير من اليد السفلى) بان اليد العليا في يد الفقير والسفلى يد الغنى تعطى السفلى وتأخذ العليا. والأذى هو الإقبال على الباطل لان كل شىء غير الحق فهو باطل فمن عمل عملا لله ثم يشوبه بغرض في الدارين فقد أبطل عمله بان يكون لله فافهم جدا كذا في التأويلات النجمية: وفي المثنوى عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق ار تماشائى بود ... عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است گو چون بر فروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت فالعشق الإلهي والحب الرحمانى إذا استولى على قلب العبد يقطع عنه عرق الشركة في الأموال والأولاد والأنفس. والخدمة بالاجرة لا تناسب الرجولية فان من علم ان مولاه كريم يقطع قلبه عن ملاحظة الاجرة وتجئ أجرته اليه من ذلك الكريم على الكمال: قال الحافظ تو بندگى چوگدايان بشرط مزد مكن ... كه خواجه خود روش بنده پرورى داند اللهم اقطع رجاءنا عن غيرك واجعلنا من الذين لا يطلبون منك الا ذاتك وَمَثَلُ نفقات الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ اى لطلب رضاه وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ اى جعل بعض أنفسهم ثابتا على الايمان والطاعة ليزول عنها رذيلة البخل وحب المال وإمساكه والامتناع عن إنفاقه فان النفس وان كانت مجبولة على حب المال واستثقال الطاعات البدنية الا انها ما عودتها تتعود: قال صاحب البردة والنفس كالطفل ان تهمله شب على ... حب الرضاع وان تفطمه ينفطم فمتى اهملتها فقد تمرنت واعتادت الكسل والبطالة والبخل وإمساك المال عن صرفه الى وجوه الطاعات ومقتضيات الايمان وحيث كلفتها وحملتها على مشاق العبادات البدنية والمالية تنقاد لك وتتزكى عن عاداتها الجبلية. فمن تبعيضية كما في قولهم «هز من عطفه وحرك من نشاطه» فان قلت كيف يكون المال بعضا من النفس حتى تكون الطاعة ببذله طاعة لبعض النفس وتثبيتا لها على الثمرة الايمانية قلت ان النفس لشدة نعلقها بالمال كأنه بعض منها فالمال شقيق الروح فمن بذل ماله لوجه الله فقد ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه فقد ثبتها كلها: وفي المثنوى

آن درم دادن سخى را لايق است ... جان سپردن خود سخاى عاشق است [1] نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند آن فتوت بخش هر بي علت است ... پاكبازى خارج از هر ملت است [2] در شريعت مال هر كس مال اوست ... در طريقت ملك ما مملوك دوست ويجوز ان يكون التثبيت بمعنى جعل الشيء صادقا محققا ثابتا والمعنى تصديقا للاسلام ناشئا من اصل أنفسهم وتحقيقا للجزاء فان الانفاق امارة ان الإسلام ناشئ من اصل النفس وصميم القلب. فمن لابتداء الغاية كما في قوله تعالى حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ولعل تحقيق الجزاء عبارة عن الإيقان بان العمل الصالح مما يثيب الله ويجازى عليه احسن الجزاء كَمَثَلِ جَنَّةٍ بستان كائن بِرَبْوَةٍ مكان مرتفع مأمون من ان يصطلمه البرد اى يفسده للطافة هوائه بهبوب الرياح الملطفة له فان أشجار الربا تكون احسن منظرا وازكى ثمرا واما الأراضي المنخفضة فقلما تسلم ثمارها من البرد لكثافة هوائها بركود الرياح. وقال بعضهم ان البستان إذا وقع في موضع مرتفع من الأرض لا تنفعه الأنهار وتضر به الرياح كثيرا فلا يحسن ريعه الا إذا كان على الأرض المستوية التي لا تكون ربوة ولا وهدة فالمراد من الربوة حينئذ كون الأرض لينة جيدة بحيث إذا نزل المطر عليها انتفخت وربت ونمت فان الأرض إذا كانت بهذه الصفة يكثر ريعها وتكمل أشجارها ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ فان المراد من ربوها ما ذكر أَصابَها وابِلٌ اى وصل إليها مطر كبير القطر شديد الوقع فَآتَتْ اى اعطت صاحبها او أهلها أُكُلَها ثمرتها وغلتها وهو بضمتين الشيء المأكول. ويجوز ان يكون آتت بمعنى أخرجت فيتعدى الى مفعول واحد هو أكلها ضِعْفَيْنِ اى مثلى ما كانت تثمر في سائر الأوقات وذلك بسبب ما أصابها من الوابل قال ابن عباس حملت في سنة من الريع ما يحمل غيرها في سنتين والمراد بالضعف المثل كما أريد بالزوج الواحد في قوله تعالى مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ومن فسره باربعة أمثال ما كانت تثمر حمل الضعف على اصل معناه وهو مثلا الشيء فيكون ضعفين اربعة أمثال فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ اى فطل وهو المطر الصغير القطر يكفيها لجودتها وكرم منبتها ولطافة هوائها. والطل إذا دام عمل عمل الوابل وجاز الابتداء بالنكرة لوقوعها في جواب الشرط وهو من جملة المسوغات للابتداء بالنكرة ومن كلامهم ان ذهب العير فعير في الرباط والمعنى تشبيه نفقات هؤلاء الذين ينفقون بسبب ما يحملهم عليه من الابتغاء والتثبيت زاكية عند الله لا تضيع بحال وان كانت تلك النفقات تتفاوت فى زكائها بحسب تفاوت ما ينضم إليها من أحوالهم التي هي الابتغاء والتثبيت الناشئ من ينبوع الصدق والإخلاص إليها بحال جنة نامية زاكية بسببى الربوة والوابل او الطل والجامع النمو المرتب على السبب المؤدى اليه. ويجوز ان يكون التشبيه من قبيل المفرق بان يشبه زلفاهم من الله تعالى وحسن حالهم عنده بثمرة الجنة ووجه التشبيه الزيادة ويشبه نفقتهم الكثيرة والقليلة بالقوى المطر والضعيف منه من حيث ان كل واحد منهما سبب لزيادة في الجملة لان النفقتين تزيد ان حسن حالهم كما ان المطرين يزيدان ثمرة الجنة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ من عمل

الإخلاص والرياء لا يخفى عليه شىء وهو ترغيب في الإخلاص مع تحذير عن الرياء ونحوه فعلى العاقل ان يعبد الله تعالى على الإخلاص ويكون دائما في رجاء الخلاص عن الطاغوت الخفي وهو الشرك الخفي فان الخلاص يبتنى على الإخلاص: قال السعدي قدس سره همينست پندت اگر بشنوى ... كه گر خار كارى سمن ندروى يعنى من زرع الشوك لم يحصد الازهار والنبات ولا يثمر شجره وبالكأس التي تسقى تشرب عصمنا الله وإياكم من ضياع العمل وكساده واختلال الاعتقاد وفساده. وخالص الأعمال هو الذي تعمله لله لا تحب ان يحمدك عليه أحد وإذا قارن العمل بالإخلاص يكون كنحاس طرح فيه الإكسير وجسد نفخ فيه الروح ولذا يضاعف ثوابه وعن على ابن ابى طالب رضى الله عنه عن النبي عليه السلام (ان الصدقة إذا خرجت من يد صاحبها قبل ان تدخل فى يد السائل تتكلم بخمس كلمات أولاها تقول كنت قليلة فكثرتنى وكنت صغيرة فكبرتنى وكنت عدوا فاحببتنى وكنت فانيا فابقيتنى وكنت محروسا الآن صرت حارسك) وعن مكحول الشامي إذا تصدق المؤمن بصدقة رضى الله عنه ونادت جهنم يا رب ائذن لى بالسجود شكرا لك قد اعتقت واحدا من امة محمد من عذابى لانى استحيى من محمد ان أعذب أحدا من أمته ولا بد لى من طاعتك ولفظ الصدقة اربعة أحرف كل منها اشارة الى معنى. اما الصاد فالصدّ اى الصدقة تصد وتمنع عن صاحبها مكروه الدنيا والآخرة. واما الدال فالدليل لانها تدل صاحبها الى الجنة. واما القاف فقربه الى الله تعالى. واما الهاء فهداية الله تعالى: قال بعضهم زان پيش كه دست ساقئ دهر ... در جام مرارت افكند زهر از سر إ اين كلاه ودستار ... جهدى بكن ودلى بدست آر كين سر همه سال با كله نيست ... وين روى هميشه همچومه نيست فمن ساعده المال فلينفق في سبيل الله الملك المتعال وليشكر على غنى ومدد فلا يقطع رجاء أحد وفي الحديث (من قطع رجاء من التجأ اليه قطع الله رجاءه) - روى- ان بعض العلماء لما رأى هذا الحديث بكى بكاء شديدا وتحير في رعاية فحواه فقام وذهب الى واحد من الصلحاء ليستفسر معنى هذا الحديث ويدفع شبهته فلما دخل عليه رأى ذلك الرجل الصالح يأخذ بيده خبزا ويؤكله الكلب من يده فسلم فرد عليه السلام ولم يقم له كما كان يفعله قبل فلما أكل الكلب الخبز بالتمام قام له ولاطفه وقال معتذرا خذ العذر منى حيث لم أقم امتثالا لقول النبي عليه السلام (من قطع رجاء) الحديث وهذا الكلب رجا منى أكل الخبز ولم أقم خشية ان اقطع رجاءه فلما سمع هذا الكلام زاد تحيرا ولم يستفسر فتعجب من كرامته وقوته في باب الولاية واعلم ان ثمرات الإخلاص في طلب الحق ومرضاته تكون ضعفين بالنسبة الى من ينفق ويعمل الخيرات والطاعات لاجل الثواب الأخروي ورفعة الدرجات في الجنان فان حظه يكون من نعيم الجنة فحسب والمخلص في طلب الحق يكون له ضعف من قربة الحق وذولة الوصال وشهود ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وضعف من نعيم الجنة اوفى وأوفر

[سورة البقرة (2) : آية 266]

من ضعف طالب الجنة ونعيمها بأضعاف مضاعفة اللهم اهدنا إليك أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ الهمزة لانكار الوقوع كما في قوله أاضرب ابى لا لانكار الواقع كما في قوله أتضرب أباك اى ما كان ينبغى ان يود رجل منكم أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ كائنة مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ والجنة تطلق على الأشجار الملتفة المتكائفة وهو الأنسب بقوله تعالى تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إذ على كونها بمعنى الأرض المشتملة على الأشجار الملتفة لا بد من تقدير مضاف اى من تحت أشجارها لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ الظرف الاول خبر والثاني حال والثالث مبتدأ اى صفة للمبتدأ قائمة مقامه اى له رزق من كل الثمرات كما في قوله تعالى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ اى وما منا أحد الا له إلخ وليس المراد بالثمرات العموم بل انما هو التكثير كما في قوله تعالى وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فان قلت كيف قال جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ثم قال لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ قلت النخيل والأعناب لما كانا أكرم الشجر وأكثرها نفعا خصهما بالذكر وجعل الجنة منهما وان كانت محتوية على سائر الأشجار تغليبا لهما على غيرهما ثم اردفهما ذكر كل الثمرات وَالحال انه قد أَصابَهُ الْكِبَرُ اى كبر السن الذي هو مظنة شدة الحاجة الى منافعها ومئنة كمال العجز عن تدارك اسباب المعاش وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ اى أصابه الكبر والحال ان له ذرية صغارا لا يقدرون على الكسب وترتيب مبادى المعاش فَأَصابَها اى تلك الجنة إِعْصارٌ اى ريح عاصفة تستدير في الأرض ثم تنعكس منها ساطعة الى السماء على هيئة العمود فِيهِ نارٌ شديدة فَاحْتَرَقَتْ فصارت نعمها الى الذهاب وأصلها الى الخراب فبقى الرجل متحيرا لا يجد ما يعود به عليها ولا قوة له ان يغرس مثلها ولا خير في ذريته من الاعانة لكونهم ضعفاء عاجزين عن ان يعينوه وهذا كما ترى تمثيل لحال من يفعل الافعال الحسنة ويضم إليها ما يحبطها كرياء وإيذاء في الحسرة والأسف إذا كان يوم القيامة واشتدت حاجته إليها ووجدها محبطة بحال من هذا شأنه وأشبههم به من جال بسره في عالم الملكوت وترقى بفكره الى جنات الجبروت ثم نكص على عقبيه الى عالم الزور والتفت الى ما سوى الحق وجعل سعيه هباء منثورا: قال الحافظ زاهد ايمن مشو از بازئ غيرت زنهار كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست كَذلِكَ اى مثل ذلك البيان الواضح الذي بين فيما مر من الجهاد والانفاق في سبيل الله وقصة ابراهيم وعزير وغير ذلك لكم ايها الفريق يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ اى الدلالات الواضحة في تحقيق التوحيد وتصديق الدين لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ كى تتفكروا فيها وتعتبروا بما فيها من العبر وتعملوا بموجبها قال القشيري هذه آيات ذكرها الله على جهة ضرب المثل للمخلص والمنافق والمنفق في سبيل الله والمنفق في الباطل هؤلاء يحصل لهم الخلف والشرف وهؤلاء يحصل لهم السرف والتلف وهؤلاء ضل سعيهم وهؤلاء شكر سعيهم وهؤلاء تزكو أعمالهم وهؤلاء حبطت أعمالهم وخسرت أموالهم وختمت بالسوء أحوالهم وتضاعف عليهم وبالهم وثقل ومثل هؤلاء كالذى أنبت زرعا زكا أصله ونما فضله وعلا فرعه وكثر نفعه ومثل هؤلاء كالذى خسرت صفقته وسرقت بضاعته وضاقت على كبر سنه غلته

وتواترت من كل وجه محنته هل يستويان مثلا وهل يتقاربان شبها انتهى فلا بد من اخلاص الأعمال فان الثمرات تبتنى على الأصل وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه انه قال حين بعث الى اليمن يا رسول الله او صنى قال (أخلص دينك يكفك العمل القليل) وعلاج الرياء على ضربين. أحدهما قطع عروقه واستئصال أصوله وذلك بازالة أسبابه وتحصيل ضده واصل أسبابه حب الدنيا واللذة العاجلة وترجيحها على الآخرة. والثاني دفع ما يخطر من الرياء في الحال ودفع ما يعرض منه في أثناء العبادة فعليك في أول كل عبادة ان تفتش قلبك وتخرج منه خواطر الرياء وتقره على الإخلاص وتعزم عليه الى ان تتم لكن الشيطان لا يتركك بل يعارضك بخطرات الرياء وهي ثلاث مرتبة العلم باطلاع الخلق او رجاؤه ثم الرغبة في حمدهم وحصول المنزلة عندهم ثم قبول النفس له والركون اليه وعقد الضمير على تحقيقه فعليك رد كل منها: قال السعدي قدس سره قيامت كسى بينى اندر بهشت ... كه معنى طلب كرد ودعوى بهشت گنهكار انديشناك از خداى ... بسى بهتر از عابد خود نماى وفي التاتار خانية لو افتتح الصلاة خالصا لله تعالى ثم دخل في قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء انه لو خلا عن الناس لا يصلى ولو كان مع الناس يصلى فاما لو صلى مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب اصل الصلاة دون الإحسان ولا يدخل الرياء في الصوم روى عن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه الباري انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا ذر جدد السفينة فان البحر عميق واكثر الزاد فان السفر بعيد واقل من الحمولة فان الطريق مخوف وأخلص العمل فان الناقد بصير) والمراد من تجديد السفينة تحقيق الايمان وتكرير التوحيد ومن البحر هو جهنم قال تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا والمراد بالسفر سفر الآخرة والقيامة قال تعالى فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وزاد النعيم الطاعات وزاد الجحيم السيئات والمراد بالحمولة الذنوب والخطايا وأريد باقلالها نفيها رأسا وانما كان طريق الآخرة مخوفا لان الزبانية يأخذون اصحاب الحمل الثقيل من الطريق وليس هناك أحد يعين على حمل أحد وينصره وان كان من أقربائه قال تعالى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى والمراد بالناقد هو الله تعالى وهو طيب لا يقبل الا الطيب الخالص عن الشرك والرياء قال تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً اى خالصا لوجهه تعالى وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً وفي الحديث قال الله تعالى (انا غنى عن الشركاء فمن عمل لى وأشرك فيه غيرى فأنى برئ منه) وذكر عن وهب بن منبه انه قال امر الله تعالى إبليس ان يأتى محمدا عليه السلام ويجيبه عن كل ما يسأله فجاءه على صورة شيخ وبيده عكازة فقال له (من أنت) قال انا إبليس قال (لماذا جئت) قال أمرني ربى ان آتيك وأجيبك وأخبرك عن كل ما تسألنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فكم اعداؤك من أمتي) قال خمسة عشر. أنت أولهم. وامام عادل. وغنى متواضع. وتاجر صدوق. وعالم متخشع. ومؤمن ناصح. ومؤمن رحيم القلب. وثابت على التوبة.

[سورة البقرة (2) : الآيات 267 إلى 273]

ومتورع عن الحرام. ومؤمن مديم على الطهارة. ومؤمن كثير الصدقة. ومؤمن حسن الخلق مع الناس. ومؤمن ينفع الناس. وحامل القرآن المديم عليه. وقائم الليل والناس نيام قال عليه السلام (فكم رفقاؤك من أمتي) قال عشرة. سلطان جائر. وغنى متكبر. وتاجر خائن. وشارب الخمر. والقتات. وصاحب الرياء. وآكل الربا. وآكل مال اليتيم. ومانع الزكاة. والذي يطيل الأمل وفي الحديث (ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبين الله ترجمان ولا حجاب يحجبه فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم من عمله وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا الله ولو بشق ثمرة) قال شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة قيل لى في قلبى احسن اخلاق المرء في معاملته مع الحق التسليم والرضى واحسن أخلاقه في معاملته مع الخلق العفو والسخاء: قال السعدي غم وشادمان نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك كرم پاى دارد نه ديهيم وتخت ... بده كز تو اين ماند اى نيكبخت مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي امر المؤمنين بالإنفاق ليزكى به نفوسهم عن سفساف الأخلاق وهدى العارفين الى بذل المال والروح ليفتح لهم أبواب الفتوح والصلاة على المتخلق بأخلاق مولاه سيدنا محمد الذي جاء بالشفاعة لمن يهواه وعلى آله وأصحابه ممن اثر الله على ما سواه ووثق في اجر الانفاق بربه الذي أعطاه وبعد فان العبد العليل سمى الذبيح إسماعيل الناصح البروسى ثم الاسكوبى أوصله الله الى غاية المقام الحي يقول لما ابتليت بالنصح والعظة اهتممت في باب الموعظة فكنت التقط من التفاسير وانظم في سلك التحرير ما به ينحل عقد الآيات القرآنية والبينات الفرقانيه من غير تعرض لوجوه المعاني مما يحتمله المبانى قصدا الى التكلم بقدر عقول الناس وتصديا للاختصار الحامل على الاستئناس واضم الى كل آية ما يناسبها من الترغيب والترهيب وبعض من التأويل الذي لا يخفى على كل لبيب حتى انتهيت من سورة البقرة الى ما هنا من آيات الانفاق بعون الله الملك الخلاق فجعلت أول هذه الآية معنونا ليكون هذا النظم مع ما يضم اليه مدونا مقطوعا عما قبله من الآيات مجموعا بلطائف العظات ومن الله استمد ان يمهلنى الى ان آخذ بهذا المنوال القرآن العظيم وأقضي هذا الوطر الجسيم وأتضرع ان يجعله منتفعا به وذخر اليوم والمعاد ونعم المسئول والمراد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ اى من حلال ما كسبتم او جياده لقوله تعالى لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وفسر صاحب الكشاف الطيبات بالجياد حيث قال من طيبات ما كسبتم من جياد مكسوباتكم ذكر بعض الأفاضل انه انما فسر الطيب بالجيد دون الحلال لان الحل استفيد من الأمر فان الانفاق من الحرام لا يؤمر به ولان قوله تعالى بعده وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ والخبيث هو الرديء المستخبث يدل على ان المعنى أنفقوا مما يستطاب من اكسابكم وَمِمَّا اى ومن

طيبات ما أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ من الحبوب والثمار والمعادن وَلا تَيَمَّمُوا اى لا تقصدوا الْخَبِيثَ اى الرديء الخسيس. والخبيث نقيض الطيب ولهما جميعا ثلاثة معان الطيب الحلال والخبيث الحرام والطيب الطاهر والخبيث النجس والطيب ما يستطيبه الطبع والخبيث ما يستخبثه مِنْهُ تُنْفِقُونَ الجار متعلق بتنفقون والضمير للخبيث والتقديم للتخصيص والجملة حال من فاعل تيمموا اى لا تقصدوا الخبيث قاصرين الانفاق عليه والتخصيص لتوبيخهم بما كانوا يتعاطونه من انفاق الخبيث خاصة لا تسويغ إنفاقه مع الطيب عن ابن عباس رضى الله عنهما انهم كانوا يتصدقون بحشف التمر وشراره فنهوا عنه وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ حال من واو تنفقون اى تنفقون والحال انكم لا تأخذون الخبيث في معاملاتكم في وقت من الأوقات او بوجه من الوجوه إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ اى الا وقت إغماضكم فيه او الا باغماضكم يعنى لو كان لكم على رجل حق فجاء برديئ ماله بدل حقكم الطيب لا تأخذونه الا في حال الإغماض والتساهل مخافة فوت حقكم او لاحتياجكم اليه من قولك اغمض فلان عن بعض حقه إذا غض بصره ويقال للبائع اغمض اى لا تستقص كأنك لا تبصر وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن انفاقكم وانما يأمركم به لمنفعتكم. وفي الأمر بان يعلموا ذلك مع ظهور علمهم به توبيخ لهم على ما يصنعون من إعطاء الخبيث وإيذان بان ذلك من آثار الجهل بشأنه تعالى فان إعطاء مثله انما يكون عادة عند اعتقاد المعطى ان الآخذ محتاج الى ما يعطيه بل مضطر اليه حَمِيدٌ مستحق للحمد على نعمه العظام واعلم ان المتصدق كالزارع والزارع إذا كان له اعتقاد بحصول الثمرة يبالغ في الزراعة وجودة البذر لتحققه ان جودة البذر مؤثرة في جودة الثمرة وكثرتها فكذلك المتصدق إذا ازداد إيمانه بالله والبعث والثواب والعقاب يزيد في الصدقة وجودتها لتحققه ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما والعبد كما اعطى الله أحب ما عنده فان الله يجازيه بأحب ما عنده كما قال تعالى هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ودلت الآية على جواز الكسب وان احسن وجوه التعيش هو التجارة والزراعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان أطيب ما أكله الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ) وكذلك أطيب الصدقات ما كانت من عمل اليد بقنطار زر بخش كردن ز گنج ... نباشد چوقيراط از دست رنج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يكسب عبد ما لا حراما فيتصدق منه فيقبل منه فيبارك له فيه ولا يتركه خلف ظهره الا كان زاده الى النار ان الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن ان الخبيث لا يمحو الخبيث) ووجوه الانفاق والصدقة كثيرة قال صلى الله عليه وسلم (ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا فيأكل منه انسان أو طير أو بهيمة الا كانت له صدقة) - روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم حث أصحابه على الصدقة فجعل الناس يتصدقون وكان ابو امامة الباهلي جالسا بين يدى النبي عليه السلام وهو يحرك شفتيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انك تحرك شفتيك فماذا تقول) قال انى ارى الناس يتصدقون وليس معى شىء أتصدق به فأقول فى نفسى سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فقال صلى الله عليه وسلم (هؤلاء الكلمات

[سورة البقرة (2) : الآيات 268 إلى 269]

خير لك من مد ذهبا تتصدق به على المساكين) فعلى العاقل ان يواظب على الاذكار في الليل والنهار ويتصدق على الفقراء والمساكين بخلوص النية واليقين في كل حين كرامت جوانمردى ونان دهيست ... مقالات بيهوده طبل تهيست وجلس الإسكندر يوما مجلسا عاما فلم يسأل فيه حاجة فقال والله ما أعد هذا اليوم من ملكى قيل ولم ايها الملك قال لانه لا توجد لذة الملك الا باسعاف الراغبين واغاثة الملهوفين ومكافأة المحسنين قال السرى السقطي قدس سره في وصف الصوفية أكلهم أكل المرضى ونومهم نوم العرضي ومن تخليهم عن الاملاك ومفارقتهم إياها سموا فقراء فالصوفى ما لم يبذل ماله وروحه في طلب الله فهو صاحب دنيا والدنيا مانعة عن الوصول فعليك بالإيثار وكمال الافتقار الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ الوعد هو الاخبار بما سيكون من جهة المخبر مترتبا على شىء من زمان او غيره يستعمل فى الشر استعماله في الخير قال الله تعالى النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا والمعنى ان الشيطان يخوفكم بالفقر ويقول للرجل امسك مالك فانك إذا تصدقت به افتقرت وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ اى بالخصلة الفحشاء اى ويغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر المأمور على فعل المأمور به والعرب تسمى البخيل فاحشا وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ اى في الانفاق مَغْفِرَةً لذنوبكم اى مغفرة كائنة مِنْهُ عز وجل وَفَضْلًا كائنا منه تعالى اى خلفا مما أنفقتم زائدا عليه فى الدنيا وثوابا في العقبى وفيه تكذيب للشيطان وَاللَّهُ واسِعٌ قدرة وفضلا فيحقق ما وعدكم به من المغفرة واخلاف ما تنفقونه عَلِيمٌ مبالغ في العلم فيعلم انفاقكم فلا يكاد يضيع اجركم يُؤْتِي الْحِكْمَةَ اى مواعظ القرآن ومعنى ايتائها تبيينها والتوفيق للعلم والعمل بها اى يبينها ويوفق للعمل بها مَنْ يَشاءُ من عباده اى يؤتيها إياه بموجب سعة فضله واحاطة علمه كما آتاكم ما بينه في ضمن الآي من الحكم البالغة التي عليها يدور فلك منافعكم فاغتنموها وسارعوا الى العمل بها. والموصول مفعول أول ليؤتى قدم عليه الثاني للعناية به وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ اى يعط العلم والعمل فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً اى أي خير كثير فانه قد حيز له خير الدارين وَما يَذَّكَّرُ اى وما يتعظ بما اوتى من الحكمة إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ اى العقول الخالصة من شوائب الوهم والركون الى متابعة الهوى. فالمراد منهم الحكماء العلام العمال ولا يتناول كل مكلف وان كان ذا عقل لان من لا يغلب عقله على هواه فلا ينتفع به فكأنه لا عقل له قيل من اعطى علم القرآن ينبغى ان لا يتواضع لاهل الدنيا لاجل دنياهم لان ما أعطيه خير كثير والدنيا متاع قليل ولقوله عليه السلام (القرآن غنى لا غنى بعده) والاشارة أن الشيطان فقير يعد بالفقر ظاهرا فهو يأمر بالفحشاء حقيقة. والفحشاء اسم جامع لكل سوء لان عدته بالفقر تتضمن معانى الفحشاء وهي البخل والحرص واليأس من الحق والشك في مواعيد الحق للخلق بالرزق والخلف للمنفق ومضاعفة الحسنات وسوء الظن بالله وترك التوكل عليه وتكذيب قول الحق ونسيان فضله وكرمه وكفران النعمة والاعراض عن الحق والإقبال على الخلق وانقطاع الرجاء من الله تعالى وتعلق القلب بغيره ومتابعة الشهوات وإيثار الحظوظ الدنيوية وترك العفة والقناعة والتمسك بحب الدنيا وهو رأس كل حطيئة وبزر كل بلية فمن فتح على نفسه باب وسوسته

[سورة البقرة (2) : الآيات 270 إلى 271]

فسوف يبتلى بهذه الآفات ومن سد هذا الباب فان الله يكرمه بانواع الكرامات ورفعة الدرجات والله واسع عليم يؤتى من اجتنب عن وساوسه الحكمة وهي من مواهيه ترد على قلوب الأنبياء والأولياء عند تجلى صفات الجلال والجمال وفناء أوصاف الخلقية بشواهد صفات الخالقية فيكاشف الاسرار بحقائق معان أورثتها تلك الأنوار سرا بسر وإضمارا بإضمار. فحقيقة الحكمة نور من أنوار صفات الحق يؤيد الله به عقل من يشاء من عباده فهذه ليست مما تدرك بالعقول والبراهين العقلية والنقلية واما المعقولات فهى مشتركة بين اهل الدين واهل الكفر فالمعقول ما يحكم العقل عليه ببرهان عقلى وهذا ميسر لكل عاقل بالدراية وعالم بالقراءة فمن صفى عقله عن شوب الوهم والخيال فيدرك عقله المعقول بالبرهان دراية عقلية ومن لم يصف العقل عن هذه الآفات فهو يدرك المعقول قراءة بتفهيم أستاذ مرشد فاما الحكمة فليست من هذا القبيل وما يذكر الا أولوا الألباب وهم الذين لم يقنعوا بقشور العقول الانسانية بل سعوا في طلب لبها بمتابعة الأنبياء عليهم السلام فاخرجوهم من ظلمات قشور العقول الانسانية الى نور لب المواهب الربانية فتحقق لهم ان من لم يجعل الله له نورا فما له من نور فانتبه ايها المغرور المفتون بدار الغرور فلا يغرنك بالله الغرور قال من قال نگر تا قضا از كجا سير كرد ... كه كورى بود تكيه بر غير كرد فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاب الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فانه لم يغض ما في يمينه) قال (وعرشه على الماء وبيده الاخرى القبض يرفع ويخفض) فالمؤمن يتخلق بأخلاق الله ويجود على الفقراء ويدفع ما وسوس اليه الشيطان من خوف الفقر فان الله بيده مفاتيح الأرزاق وهو المعطى على الإطلاق وَما كلمة شرط وهي للعموم أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ اى أي نفقة كانت في حق او باطل في سر أو علانية قليلة او كثيرة أَوْ نَذَرْتُمْ النذر عقد الضمير على شىء والتزامه وهو في الشرع التزام برله نظير في الشرع ولهذا لو نذر سجدة مفردة لا يصح الا ان تكون للتلاوة عند ابى حنيفة وأصحابه مِنْ نَذْرٍ أي نذر كان في طاعة او معصية بشرط او بغير شرط متعلق بالمال او بالافعال كالصلاة والصيام ونحوهما فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ الضمير عائد الى ما اى فانه تعالى يجازيكم عليه البتة ان خيرا فخير وان شرا فشر فهو ترغيب وترهيب ووعد ووعيد وَما لِلظَّالِمِينَ بالإنفاق والنذر في المعاصي او بمنع الصدقات وعدم الوفاء بالنذور او بانفاق الخبيث او بالرياء والمن والأذى وغير ذلك مما ينتظمه معنى الظلم الذي هو عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه الذي يحق ان يوضع فيه مِنْ أَنْصارٍ اى أعوان ينصرونهم من بأس الله وعقابه لا شفاعة ولا مدافعة وإيراد صيغة الجمع لمقابلة الظالمين اى وما لظالم من الظالمين من نصير من الأنصار إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ اى ان تظهروا الصدقات فنعم شىء ابداؤها بعد ان لم يكن رياء وسمعة وهذا في الصدقات المفروضة واما في صدقة التطوع فالاخفاء أفضل وهي التي أريد بقوله وَإِنْ تُخْفُوها اى تعطوها خفية وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ ولعل التصريح بايتائها الفقراء

مع انه واجب في الإبداء ايضا لما ان الإخفاء مظنة الالتباس والاشتباه فان الغنى ربما يدعى الفقر ويقدم على قبول الصدقة سرا ولا يفعل ذلك عند الناس فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ اى فالاخفاء خير لكم من الإبداء وكل متقبل إذا صلحت النية وهذا في التطوع ومن لم يعرف بالمال واما فى الواجب فبالعكس ليقتدى به كالصلاة المكتوبة في الجماعة أفضل والنافلة في البيت ولنفى التهمة وسوء الظن حتى إذا كان المزكى ممن لا يعرف باليسار كان اخفاؤه أفضل خوف الظلمة عن ابن عباس رضى الله عنهما صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا وَالله يُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ من تبعيضية اى شيأ من سيآتكم لانه يمحو بعض الذنوب بالتصدق في السر والعلانية او زائدة على رأى الأخفش فالمعنى يمحو عنكم جميع ذنوبكم وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من الاسرار والإعلان خَبِيرٌ فهو ترغيب في الاسرار ذكر الامام في ان الاسرار والإخفاء في صدقة التطوع أفضل وجوها الاول انها ابعد من الرياء والسمعة قال صلى الله عليه وسلم (لا يقبل من مسمع ولامرائى ولا منان) والمتحدث في صدقة لا شك انه يطلب السمعة والمعطى في ملأ من الناس يطلب الرياء فالاخفاء والسكوت هو المخلص منهما. وقد بالغ قوم في صدقة الإخفاء واجتهدوا ان لا يعرفهم أحد فكان بعضهم يلقيها في يد أعمى وبعضهم يلقيها في طريق الفقير في موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطى وبعضهم كان يشدها في ثوب الفقير وهو نائم وبعضهم كان يوصل الى يد الفقير على يد غيره وثانيها انه إذا أخفى صدقته لم يحصل له من الناس شهرة وتمدح وتعظيم فكان ذلك أشق على النفس فوجب ان يكون اكثر ثوابا وثالثها قوله صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة جهد المقل الى فقير في سر) وقال ايضا (ان العبد يعمل عملا ان في السر فيكتبه الله تعالى سرا فان أظهره نقل من السر وكتب في العلانية فان تحدث نقل من السر والعلانية وكتب في الرياء) وفي الحديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله امام عدل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود اليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال انى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وقال صلى الله عليه وسلم (صدقة السر تطفئ غضب الرب) واما الوجه في جواز اظهار الصدقة فهو ان الإنسان إذا علم انه إذا أظهرها صار في ذلك سببا لاقتداء الحلق به فالاظهار أفضل قال محمد بن على الحكيم الترمذي ان الإنسان إذا اتى بعمله وهو يخفيه عن الخلق وفي نفسه شهوة ان يرى الخلق منه ذلك وهو يدفع تلك الشهوة فههنا الشيطان يردد عليه رؤية الخلق والقلب ينكر ذلك ويدفعه فهذا الإنسان في محاربة الشيطان فضوعف العمل في السر سبعين ضعفا على العلانية ثم ان تقرب العبد الى الله انما يكون بفرض أوجبه الله عليه او بنفل أوجبه العبد على نفسه فعلى كلا التقديرين الله عليم بهما فيجازى العبد بهما كما قال في حديث ربانى (لن يتقرب الى المتقربون بمثل ما افترضت عليهم ولا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا فبى يسمع وبي يبصر وبي ينطق وبي يبطش)

[سورة البقرة (2) : الآيات 272 إلى 273]

ولكن الشأن اخلاص العمل لله من غير شوبه بعلة دنيوية او أخروية فانها شرك والشرك ظلم عظيم فلا بد من الاجتناب چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا گوى وخود را مبين فاخفاء الصدقة اشارة في الحقيقة الى تخليصها من شوب الحظوظ النفسانية لتكون خالصة لله فصاحبها يكون في ظل الله كما قال عليه السلام (المرء يكون في ظل صدقته يوم القيامة) يعنى ان كانت صدقته لله فيكون في ظل الله وان كانت صدقته للجنة فيكون في ظل الجنة وان كانت صدقته للهوى فيكون في ظل هاوية فافهم جدا رطب ناورد چوب خر زهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ اى لا يجب عليك يا محمد ان تجعلهم مهديين الى الإتيان بما أمروا به من المحاسن والانتهاء عما نهوا عنه من القبائح المعدودة وانما الواجب عليك الإرشاد الى الخير والحث عليه والنهى عن الشر والردع عنه بما اوحى إليك من الآيات والذكر الحكيم والخطاب خاص والمراد عام يتناول كل اهل الإسلام وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي هداية خاصة موصلة الى المطلوب حتما مَنْ يَشاءُ هدايته الى ذلك ممن يتذكر بما ذكر ويتبع ويختار الخير فهدى التوفيق على الله وهدى البيان على النبي صلى الله عليه وسلم وقيل لما كثر فقراء المسلمين نهى رسول الله عليه وسلم المسلمين عن التصدق على المشركين كى تحملهم الحاجة على الدخول في الإسلام فنزلت اى ليس عليك هدى من خالفك حتى تمنعهم الصدقة لاجل دخولهم فى الإسلام وفيه ايماء الى ان الكفر لا يمنع صدقة التطوع واختلف في الواجب فجوزه ابو حنيفة وأباه غيره وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ اى أي شىء تتصدقوا كائن من مال فَلِأَنْفُسِكُمْ اى فهو لانفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا على من أعطيتموه ولا تؤذوه ولا تنفقوا من الخبيث او فنفعه الديني لكم لا لغيركم من الفقراء حتى تمنعوه ممن لا ينتفع به من حيث الدين من فقراء المشركين وعن بعض العلماء لو كان شر خلق الله لكان لك ثواب نفقتك وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ استثناء من أعم العلل او أعم الأحوال اى ليست نفقتكم لشئ من الأشياء الا لابتغاء وجه الله او ليست في حال من الأحوال الا حال ابتغاء وجه الله فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله الى الله وَما تُنْفِقُوا اى أي شىء تنفقوا مِنْ خَيْرٍ فى اهل الذمة وغيرهم يُوَفَّ إِلَيْكُمْ اى يوفر لكم اجره وثوابه أضعافا مضاعفة فلا عذر لكم في ان ترغبوا عن إنفاقه على احسن الوجوه وأجملها وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ اى لا تنقصون شيأ مما وعدتم من الثواب المضاعف لِلْفُقَراءِ اى اجعلوا ما تنفقونه للفقراء الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى حبسوا نفوسهم في طاعته من الغزو والجهاد لا يَسْتَطِيعُونَ لاشتغالهم به ضَرْباً فِي الْأَرْضِ اى ذهابا فيها وسيرا في البلاد للكسب والتجارة وقيل هم اصحاب الصفة وهم نحو من اربعمائة رجل من مهاجرى قريش لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر فكانوا في صفة المسجد وهي سقيفته يتعلمون القرآن بالليل ويرضحون النوى بالنهار وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله فكان من عنده فضل أتاهم به إذا امسى

[سورة البقرة (2) : الآيات 274 إلى 279]

وعن ابن عباس رضى الله عنهما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على اصحاب الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال (ابشروا يا اصحاب الصفة فمن لقى الله من أمتي على النعت الذي أنتم عليه راضيا بما فيه فانه من رفقائى) يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ اى يظنهم الجاهل بحالهم وشأنهم أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ اى من أجل نعففهم عن المسألة وهو ترك الطلب ومنع النفس عن المراد بالتكلف استحياء تَعْرِفُهُمْ اى تعرف فقرهم واضطرارهم بِسِيماهُمْ اى بما تعاين منهم من الضعف ورثارثة الحال. والسيما والسيمياء العلامة التي تعرف بها الشيء لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً مفعول له ففيه نفى السؤال والالحاف جميعا اى لا يسألون الناس أصلا فيكون إلحافا والالحاف الإلزام والإلحاح وهو ان يلازم السائل المسئول حتى يعطيه ويجوز السؤال عند الحاجة والإثم مرفوع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لان يأخذ أحدكم حيله فيذهب فيأتى بحزمة حطب على ظهره فيكف بها وجهه خير له من ان يسأل الناس أشياءهم أعطوه او منعوه) وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله يحب الحي الحليم المتعفف ويبغض البذي السائل الملحف) وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ فيجازيكم بذلك احسن جزاء فهو ترغيب في التصدق لا سيما على هؤلاء ثم زاد التحريض عليه بقوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً اى يعمون الأوقات والأحوال بالخير والصدقة فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروه ولم يتعللوا بوقت ولا حال وقيل نزلت في شأن الصديق رضى الله عنه حين تصدق بأربعين الف دينار عشرة آلاف منها بالليل وعشرة بالنهار وعشرة سرا وعشرة علانية فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ اى ثوابهم حاضر عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من مكروه آت وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من محبوب فات واعلم ان الاتفاق على سادة اختاروا الفقر على الغنى محبة لله واقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرفة فانه صلى الله عليه وسلم كان يقول (لى حرفتان الفقر والجهاد) وهم أحق بها واولى والعبد إذا أنفق من كل معاملة فيها خير من المال او الجاه او خدمة النفس او إعزاز او إكرام او إعظام او ارادة بالقلب حتى السلام على هؤلاء السادة استحقاقا وإجلالا لا استخفافا وإذلالا فان الله به عليم فان تقرب اليه في الانفاق بشبر يتقرب هو اليه في المجازاة بذراع وان تقرب بذراع يتقرب اليه بباع فلا نهاية لفصله ولا غاية لكرمه فطوبى لمن ترك الدنيا بطيب القلب واختار الله على كل شىء ومن كان لله كان الله له روى ان حسن ستة أشياء في ستة العلم والعدل والسخاوة والتوبة والصبر والحياء. العلم في العمل. والعدل في السلطان. والسخاوة فى الأغنياء. والتوبة في الشباب. والصبر في الفقر. والحياء في النساء. العلم بلا عمل كبيت بلا سقف والسلطان بلا عدل كبئر بلا ماء. والغنى بلا سخاوة كسحاب بلا مطر. والشباب بلا توبة كشجر بلا ثمر. والفقر بلا صبر كقنديل بلا ضياء. والنساء بلا حياء كطعام بلا ملح فعلى الغنى ان يمطر من سحاب غنى بركات الدين والدنيا وبتسبب لاحياء قلوب ماتت بالفقر والاحتياج فان الله لا يضيع اجر المحسنين پسنديده رأيى كه بخشيد وخورد ... جهان از پى خويشتن كرد گرد

[سورة البقرة (2) : الآيات 275 إلى 277]

يعنى ان الذي له رأى صائب هو الذي تنعم بماله وأنعم وجمع الدنيا لاجله لا لغيره فان من جمع مالا ولم يأكل منه ولم يعط فهو جامع لغيره في الحقيقة إذ هو لوارثه بعده الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا اى يأخذونه وعبر عنه بالأكل لانه معظم المقصود من المال ولشيوعه في المطعومات والربا فضل في الكيل والوزن خال عن العوض عند ابى حنيفة وأصحابه ويجرى في الأشياء الستة الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والملح وكتب بالواو تنبيها على أصله لانه من ربا يربو وزيدت الالف تشبيها بواو الجمع لا يَقُومُونَ اى من قبورهم إذا بعثوا إِلَّا كَما يَقُومُ اى الا قياما مثل قيام الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ اى يضربه ويصرعه الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ اى الجنون متعلق بلا يقومون يعنى لا يقومون من المس الذي بهم الا كقيام المصروع المختل اى فاسد العقل ويكون ذلك سيماهم يعرفون به عند اهل الموقف وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون الا أكلة الربا فانهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين لانهم أكلوا الربا فارباه الله تعالى في بطونهم حتى أثقلهم فلا يقدرون على الايفاض ذلِكَ اى العذاب النازل يهم بِأَنَّهُمْ قالُوا اى بسبب قولهم إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا فنظموا الربا والبيع في سلك واحد لافضائهما الى الربح فاستحلوه استحلاله وقالوا يجوز بيع درهم بدرهمين كما يجوز بيع ما قيمته درهم بدرهمين وحق الكلام ان يقال انما الربا مثل البيع الا انه على المبالغة اى اعتقدوه حلا حتى ظنوا انه اصل او قالوا انما البيع مثل الربا فلم لا يحل فان الزيادة في اوله كما هي في آخره- روى- ان اهل الجاهلية كان أحدهم إذا حل ماله على غريمه فطالبه به يقول الغريم لصاحب الاجل زدنى شيأ في الاجل حتى أزيدك فى المال فيفعلان ذلك ويقولان سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح او عند المحل لاجل التأخير فكذبهم الله وقال وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا اى كيف يتماثلان والبيع محلل بتحليل الله والربا محرم بتحريم الله تعالى فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ اى فمن بلغه وعظ وزجر كالنهى عن الربا مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى اى فاتعظ بلا تراخ وتبع النهى فَلَهُ ما سَلَفَ اى مضى من ذنبه فلا يؤاخذ به لانه أخذ قبل نزول التحريم وجعل ملكا له ولا يسترد منه وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ يجازيه على انتهائه ان كان عن قبول الموعظة وصدق النية. وقيل يحكم في شأنه يوم القيامة وليس من امره إليكم شىء فلا تطالبوه به وَمَنْ عادَ الى الربا مستحلا بعد النهى كما استحل قبله فَأُولئِكَ اشارة الى من باعتبار المعنى أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها هُمْ فِيها خالِدُونَ ماكثون ابدا يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا المحق نقضان الشيء حالا بعد حال حتى يذهب كله كما في محاق الشهر وهو حال آخذ الربا فان الله يذهب بركته ويهلك المال الذي يدخل فيه ولا ينتفع به ولده بعده وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ يضاعف ثوابها ويبارك فيها ويزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة- روى- عنه صلى الله عليه وسلم (ان الله يقبل الصدقة ويربيها كما يربى أحدكم مهره) وعنه ايضا (ما نقصت زكاة من مال قط) وَاللَّهُ لا يُحِبُّ اى لا يرضى لان الحب مختص بالتوابين كُلَّ كَفَّارٍ مصر على تحليل المحرمات أَثِيمٍ منهمك في ارتكابها إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله ورسوله صلى

[سورة البقرة (2) : الآيات 278 إلى 279]

الله عليه وسلم وبما جاءهم به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ تخصيصهما بالذكر مع اندراجهما في الصالحات لا نافتهما على سائر الأعمال الصالحة لَهُمْ أَجْرُهُمْ الموعود لهم حال كونه عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من مكروه آت وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من محبوب فات واعلم ان آكل الربا لحرصه على الدنيا مثله كمثل من به جوع الكلب فيأكل ولا يشبع حتى ينتفخ بطنه ويثقل عليه فكلما يقوم يصرعه ثقل بطنه فكذا حال اهل الربا يوم القيامة: ونعم ما قيل توان بحلق فرو بردن استخوان درشت ... ولى شكم بدرد چون بگيرد ندار ناف فالعاقل لا يأكل ما لا يتحمله في الدنيا والآخرة فطوبى لمن يقتصد في أخذ الدنيا ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها وهو مثل التاجر الذي يكسب المال بطريق البيع والشراء ويؤدى حقه وان كان له حرص في الطلب والجمع ولكن لما كان بامر الشرع وطريق الحل ولا يمنع ذا الحق حقه ما اضربه كما أضرّ بآكل الربا- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والواشمة والمستوشمة والمصور قال عليه السلام (الربا بضع وسبعون بابا أدناها كأتيان الرجل أمه) يعنى كالزنى بامه والعياذ بالله فمن سمع هذا القول العظيم فليبادر بالتوبة الى باب المولى الكريم ذلك لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. ومن اقرض شيأ بشرط ان يرد عليه أفضل فهو قرض جر منفعة وكل قرض جر منفعة فهو ربا وكان لابى حنيفة رحمه الله على رجل الف درهم سود فرد عليه الف درهم بيض فقال ابو حنيفة لا أريد هذا الأبيض بدل دراهمى فاخاف ان يكون هذا البياض ربا فرده وأخذ مثل دراهمه قال ابو بكر لقيت أبا خنيفة على باب رجل وكان يقرع الباب ثم يتنحى ويقوم في الشمس فسألته عنه فقال ان لى على صاحبه دينا وقد نهى عن قرض جر منفعة فلا انتفع بظل حائطه ويقرب منه ما روى عن ابى يزيد البسطامي قدس سره من انه اشترى من همذان حب القرطم ففضل منه شىء فلما رجع الى بسطام رأى فيه نملتين فرجع الى همذان ووضع النملتين فهذا هو الورع وكمال التقوى ومثل هذا لا يوجد في هذا الزمان وان وجد فاقل من القليل واكثر الناس ولو كانوا صوفية لا يفرقون بين الحلال والحرام والشبهات ولذا ترى امر الدين صار مهملا وعاد غريبا هدانا الله وإياكم الى سواء الطريق انه ولى التوفيق: قال جلال الدين الرومي اى ز خودت بي وقوف لاف ترا يوف يوف ... فضل نبخشد ترا جبه ودستار وصوف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ اى قوا أنفسكم عقابه وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا اى واتركوا تركا كليا ما بقي لكم غير مقبوض من مال الربا على من عاملتموه به إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ على الحقيقة فان ذلك مستلزم لامتثال ما أمرتم به البتة- روى- انه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فنزلت فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا اى ما أمرتم به من الاتقاء وترك البقايا اما مع انكار حرمته واما مع الاعتراف بها فَأْذَنُوا اى فاعلموا من اذن بالأمر إذ اعلم به بِحَرْبٍ اى بنوع من الحرب عظيم لا يقادر قدره

[سورة البقرة (2) : الآيات 280 إلى 286]

كائن مِنَ عند اللَّهِ وَرَسُولِهِ وحرب الله حرب ناره اى بعذاب من عنده وحرب رسوله نار حربه اى القتال والفتنة فلما نزلت قالت ثقيف لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله وَإِنْ تُبْتُمْ من الارتباء مع الايمان بحرمته بعد ما سمعتموه من الوعيد فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ تأخذونها كملا لا تَظْلِمُونَ غرماءكم بأخذ الزيادة وَلا تُظْلَمُونَ أنتم من قبلهم بالمطل وانتقص عن رأس المال هذا هو الحكم إذا تاب ومن لم يتب من المؤمنين وأصر على عمل الربا فان لم يكن ذا شوكة عزر وحبس الى ان يتوب وا كان ذا شوكة حاربه الامام كما يحارب الباغية كما حارب ابو بكر رضى عنه مانع الزكاة وكذا القول لو اجتمعوا على ترك الاذان او ترك دفن الموتى وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ اى وان وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة وهي بالاعدام او كساد المتاع وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ اى وان وقع وهي من الانظار والامهال إِلى مَيْسَرَةٍ اى الى يسار وَأَنْ تَصَدَّقُوا اى وتصدقكم بإسقاط الدين كله عمن أعسر من الغرماء او بالتأخير والانظار خَيْرٌ لَكُمْ اى اكثر ثوابا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ جوابه محذوف اى ان كنتم تعلمون انه خير لكم عملتموه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره الا كان له بكل يوم صدقة) وقال صلى الله عليه وسلم (من انظر معسرا أو وضع له أنجاه الله من كرب يوم القيامة) وفي القرص والادانة فضائل كثيرة- روى- ان امامة الباهلي رضي الله عنه رأى في المنام على باب الجنة مكتوبا القرض بثمانية عشر أمثاله والصدقة بعشر أمثالها فقال ولم هذا فاجيب بان الصدقة ربما وقعت في يدغنى وان صاحب القرض لا يأتيك الا وهو محتاج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من جاء بهن يوم القيامة مع ايمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من حور العين كم شاء من عفا عن قاتل وقرأ دبر كل صلاة مكتوبة قل هو الله أحد عشر مرات ومن ادان دينا لمن يطلب منه) فقال ابو بكر الصديق او إحداهن يا رسول الله قال (او إحداهن) واعلم ان الاستدانة في احوال ثلاث فى ضعف قوته في سبيل الله وفي تكفين فقير مات عن قلة وفقر وفي نكاح يطلب به العفة عن فتنة العذوبة فيستدين متوكلا على الله فالله تعالى يفتح أبواب اسباب القضاء قال صلى الله عليه وسلم (من ادان دينا وهو ينوى قضاءه وكل به ملائكة يحفظونه ويدعون له حتى يقضيه) وكان جماعة السلف يستقرضون من غير حاجة لهذا الخبر ومهما قدر على قضاء الدين فليبادر اليه ولو قبل وقته وعن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام (الشهادة تكفر كل شىء الا الدين يا محمد) ثلاثا فعلى العاقل ان يقضى ما عليه من الديون ويخاف من وبال سوء نيته يوم يبعثون وهذا حال من ادى الفرض فانه يهون عليه ان يؤدى القرض. واما المرتكب وتارك الفرائض فلا يبالى بالفرائض فكيف بالديون والاقراض ولذا قيل وامش مده آنكه بي نمازست ... ور خود دهنش ز فاقه بازست كو فرض خدا نمى گذارد ... از قرض تو نيز غم ندارد واحوال هذا الزمان مختلة كاخوانه فطوبى لمن تمسك بالقناعة في زمانه. ومن شرط المؤمن الحقيقي اتقاؤه بالله في ترك زيادات لا يحتاج إليها في امر الدين بل تكون شاغلة له عن الترقي

[سورة البقرة (2) : آية 281]

فى مراتب الدين كما قال عليه السلام (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وَاتَّقُوا يَوْماً نصب ظرفا تقديره واتقوا عذاب الله يوما او مفعولا به كقوله فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً اى كيف تتقون هذا اليوم الذي هذا وصفه مع الكفر بالله تُرْجَعُونَ فِيهِ على البناء للمفعول من الرجع اى تصيرون فيه إِلَى اللَّهِ لمحاسبة أعمالكم ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ من النفوس اى تعطى كملا ما كَسَبَتْ اى جزاء ما عملت من خير او شر وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من ثوابهم ولا يزادون على عقابهم وهو حال من كل نفس تفيد ان المعاقبين وان كانت عقوباتهم مؤبدة غير مظلومين في ذلك لما انه من قبل أنفسهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما هذه آخر آية نزلت ولقى رسول الله ربه بعدها بسبعة او تسعة ايام او أحد وعشرين او أحد وثمانين يوما او ثلاث ساعات وقال له جبريل عليه السلام ضعها على رأس مائتين وثمانين آية من سورة البقرة فجعلت بين آية الدين وآية الربا تأكيدا للزجر عن الربا- روى- ان رسول صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وقبض يوم الاثنين وكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس وكان آخر ما يقول صلى الله عليه وسلم (الصلاة وما ملكت ايمانكم الصلاة فانا لله وانا اليه راجعون) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها أعظم المصائب) وقال عليه السلام (من كان له فرطان من أمتي ادخله الله بهما الجنة) فقالت له عائشة رضى الله عنها فمن كان له فرط من أمتك قال (ومن كان له فرط يا موفقة) قالت فمن لم يكن له فرط من أمتك قال (انا فرط لامتى لن يصابوا بمثلى) قال تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فكانت حياته ومماته رحمة قال صلى الله عليه وسلم (إذا أراد الله بامة رحمة قبض نبيها قبلها فجعله سلفا وفرطا لها) ورثاه صلى الله عليه وسلم بعض الأنصار فقال الصبر يحمد في المواطن كلها ... الا عليك فانه مذموم واعلم ان الله تعالى جمع في هذه الآية خلاصة ما أنزله في القرآن وجعلها خاتم الوحى والانزال كما انه جمع خلاصة ما انزل من الكتب على الأنبياء في القرآن وجعله خاتم الكتب كما ان النبي عليه السلام خاتم الأنبياء عليهم السلام وقد جمع فيه اخلاق الأنبياء فاعلم ان خلاصة جميع الكتب المنزلة وفائدتها بالنسبة الى الإنسان عائدة الى معنيين. أحدهما نجاته من الدركات السفلى. وثانيهما فوزه بالدرجات العليا فنجاته في خروجه عن الدركات السفلى وهي سبعة الكفر والشرك والجهل والمعاصي والأخلاق المذمومة وحجب الأوصاف وحجاب النفس وفوزه في ترقيه على الدرجات العليا وهي ثمانية المعرفة لله والتوحيد لله والعلم والطاعات والأخلاق الحميدة وجذبات الحق والفناء عن انانيته والبقاء بهويته فهذه الآية تشير الى مجموعها اجمالا قوله تعالى وَاتَّقُوا هى لفظة شاملة لما يتعلق بالسعي الإنساني من هذه المعاني لان حقيقة التقوى مجانبة ما يبعدك عن الله ومباشرة ما يقربك اليه دليله قول النبي عليه السلام (جماع التقوى قول الله تعالى ان الله يأمر بالعدل والإحسان) الآية فيندرج تحت التقوى على هذا المعنى الخروج عن الدركات السفلى والترقي على الدرجات العليا. فتقوى العوام الخروج عن الكفر بالمعرفة وعن الشرك بالتوحيد

[سورة البقرة (2) : آية 282]

وعن الجهل بالعلم وعن المعاصي بالطاعات وعن الأخلاق المذمومة بالأخلاق المحمودة وهاهنا ينتهى سير العوام لان نهاية كسب الإنسان وغاية جهد المجتهدين في اقامة شرائط جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا. فمن هاهنا تقوى الخواص المجذوبين بجذبات لنهديهم سبلنا فتخرجهم الجذبة من حجب اوصافهم الى درجة تجلى صفات الحق فههنا ينقضى سلوك الخواص فيستظلون بظل سدرة المنتهى عندها جنة المأوى فينتفعون من مواهب إذ يغشى السدرة ما يغشى. واما تقوى خواص الخواص فبجذبة رفرف العناية بجذب ما زاغ البصر وما طغى من سدرة منتهى الأوصاف الى قاب قوسين نهاية حجب النفس وبداية أنوار القدس فهناك من عرف نفسه فقد عرف ربه فبالتقوى الحقيقية يجد الايمان الحقيقي فمعنى وَاتَّقُوا جاهدوا فينا بجهدكم وطاقتكم يَوْماً يعنى ليوم فيه لنهدينكم بجذبات العناية تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ أشار بلفظ الرجوع اليه ليعلم ان الشروع كان منه هدانا الله وإياكم الى مقام الجمع واليقين وشرفنا بلطائف التحقيق والتمكين انه نصير ومعين يصيب برحمته من يشاء من عباده الصالحين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ اى إذا داين بعضكم بعضا وعامله نسيئة معطيا او آخذا كما تقول بايعته إذا بعته او باعك وفائدة ذكر الدين دفع توهم كون التداين بمعنى المجازاة والتنبيه على تنوعه الى الحال والمؤجل وانه الباعث على الكتب وتعيين المرجع للضمير المنصوب المتصل بالأمر وهو فاكتبوه إِلى أَجَلٍ متعلق بتداينتم مُسَمًّى بالأيام او الأشهر او السنة وغيرها مما يفيد العلم ويرفع الجهالة لا بالحصاد والدياس وقدوم الحاج مما لا يرفعها فَاكْتُبُوهُ اى الدين بأجله لانه أوثق وادفع للنزاع والجمهور على استحبابه وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بيان لكيفية الكتابة المأمور بها وتعيين لمن يتولاها اثر الأمر بها اجمالا وقوله بينكم للايذان بان الكاتب ينبغى ان يتوسط بين المتداينين ويكتب كلامهما ولا يكتفى بكلام أحدهما بِالْعَدْلِ اى كاتب كائن بالعدل اى وليكن المتصدي للكتابة من شأنه ان يكتب بالتسوية من غير ميل الى أحد الجانبين لا يزيد ولا ينقص وهو امر للمتداينين باختيار كاتب فقيه دين يجئ كتابه موثقا به معدلا بالشرع وَلا يَأْبَ كاتِبٌ اى لا يمتنع أحد من الكتاب أَنْ يَكْتُبَ كتاب الدين كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ على طريقة ما علمه الله من كتب الوثائق فَلْيَكْتُبْ تلك الكتابة المعلمة امر بها بعد النهى عن ابائها تأكيدا لها وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ الإملال هو الاملاء وهو إلقاء المعنى على الكاتب للكتابة اى ليكن المملل اى مورد المعنى على الكاتب من عليه الحق اى الدين لانه المشهود عليه فلا بد ان يكون هو المقر وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ جمع بين الاسم الجليل والنعت الجميل للمبالغة في التحذير اى وليتق المملى دون الكاتب كما قيل لقوله تعالى وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ اى من الحق الذي يمليه على الكاتب شَيْئاً فانه هو الذي يتوقع منه البخس خاصة. واما الكاتب فيتوقع منه الزيادة كما يتوقع منه البخس وانما شدد في تكليف المملى حيث جمع فيه بين الأمر بالاتقاء والنهى عن البخس لما فيه من الدواعي الى المنهي عنه فان الإنسان مجبول على دفع الضرر عن نفسه وتخفيف ما في ذمته فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً ناقص العقل مبذرا مجازفا أَوْ ضَعِيفاً صبيا او شيخا مختلا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ اى غير مستطيع للاملاء بنفسه لخرس اوعى

او جهل او غير ذلك من العوارض فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ اى الذي يلى امره ويقوم مقامه من قيم او وكيل او مترجم بِالْعَدْلِ اى من غير نقص ولا زيادة وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ اى اطلبوهما ليتحملا الشهادة على ما جرى بينكما من المداينة وتسميتهما شهيدين لتنزيل المشارف منزلة الكائن مِنْ رِجالِكُمْ متعلق باستشهدوا اى من اهل دينكم يعنى من الأحرار البالغين المسلمين إذ الكلام في معاملاتهم فان خطابات الشرع لا تنتظم العبيد بطريق العبارة واما إذا كانت المداينة بين الكفرة او كان من عليه الحق كافرا فيجوز استشهاد الكافر عندنا فَإِنْ لَمْ يَكُونا اى الشهيدان جميعا على طريقة نفى الشمول لا شمول النفي رَجُلَيْنِ اما لاعوازهما او لسبب آخر من الأسباب فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ اى فلشهد رجل وامرأتان وشهادة النساء مع الرجال في الأموال جائزة بالإجماع دون الحدود والقصاص فلابد فيهما من الرجال مِمَّنْ تَرْضَوْنَ متعلق بمحذوف وقع صفة لرجل وامرأتان اى كائنون مرضيين عندكم وتخصيصهم بالوصف المذكور مع تحقق اعتباره في كل شهيد لقلة اتصاف النساء به مِنَ الشُّهَداءِ متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المحذوف الراجع الى الموصول اى ممن ترضونهم كائنين من بعض الشهداء لعلمكم بعدالتهم وثقتكم بهم وادراج النساء في الشهداء بطريق التغليب أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما اى احدى المرأتين الشاهدتين فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وهذا تعليل لاعتبار العدد فى النساء والعلة في الحقيقة هي التذكير ولكن الضلال لما كان سببا له نزل منزلته كما في قولك اعددت السلاح ان يجيئ عدو فادفعه فالاعداد للدفع لا لمجيئ العدو لكن قدم عليه المجيء لانه سببه كأنه قيل لاجل ان تذكر إحداهما الاخرى ان ضلت الشهادة بأن نسيت ثم حث الشهداء على اقامة الشهادة بقوله وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا لاداء الشهادة او لتحملها وما مزيدة وَلا تَسْئَمُوا اى لا تملوا من كثرة مدايناتكم أَنْ تَكْتُبُوهُ اى من ان تكتبوا الدين او الحق او الكتاب صَغِيراً أَوْ كَبِيراً حال من الضمير اى حال كونه صغيرا او كبيرا اى قليلا او كثيرا او مجملا او مفصلا إِلى أَجَلِهِ متعلق بمحذوف وقع حالا من الهاء في تكتبوه اى مستقرا في الذمة الى وقت حلوله الذي أقر به المديون ذلِكُمْ اى كتب الحق الى اجله ايها المؤمنون أَقْسَطُ اى اعدل عِنْدَ اللَّهِ اى في حكمه تعالى وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ اى اثبت لها وأعون على إقامتها وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا اى اقرب الى انتفاء ريبكم في جنس الدين وقدره واجله وشهوده ونحو ذلك إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ استثناء منقطع من الأمر بالكتابة اى لكن وقت كون تداينكم او تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيها يدا بيد فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها اى فلا بأس بان لا تكتبوها لبعده عن التنازع والنسيان وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ اى هذا التبايع او مطلقا لانه أحوط. والأوامر الواردة في الآية الكريمة للندب عند الجمهور وَلا يُضَارَّ يحتمل البناء على الفاعل وعلى المفعول فعلى الاول نهى للكاتب عن ترك الاجابة الى ما يطلب منه وعن التحريف والزيادة والنقصان اى لا يمتنع

كاتِبٌ عن الكتابة المقصودة وَلا شَهِيدٌ اى ولا يمتنع الشاهد عن اقامة الشهادة المعلومة وعلى الثاني النهى عن الضرار بالكاتب والشاهد اى لا يوصل أحد مضرة للكاتب والشهيد إذا كانا مشغولين بما يهمهما ويوجد غيرهما فلا يضاران بابطال شغلهما وقد يكون إضرار الكاتب والشهيد بان لا يعطى حقهما من الجعل فيكون النهى عن ذلك وَإِنْ تَفْعَلُوا ما نهيتم عنه من الضرار فَإِنَّهُ اى فعلكم ذلك فُسُوقٌ بِكُمْ اى خروج عن الطاعة ملتبس بكم وَاتَّقُوا اللَّهَ فى مخالفة أوامره ونواهيه التي من جملتها نهيه عن المضارة وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ أحكامه المتضمنة لمصالحكم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فلا يخفى عليه حالكم وهو مجازيكم بذلك ثم هذه الآية أطول آية في القرآن وابسطها شرحا وأبينها وأبلغها وجوها يعلم بذلك ان مراعاة حقوق الخلق واجبة والاحتياط على الأموال التي بها امور الدين والدنيا لازم فمن سعى بالحق فقد نجا والا فقد غوى كسى را كه سعى قدم بيشتر ... بدرگاه حق منزلش پيشتر والله تعالى من كمال رحمته على عباده علمهم كيفية معاملاتهم فيما بينهم لئلا يجرى من بعضهم على بعض حيف ولئلا يتخاصموا ويتنازعوا فيحقد بعضهم على بعض فامر بتحصين الحقوق بالكتابة والاشهاد وامر الشهود بالتحمل ثم بالإقامة وامر الكاتب ان يكتب كما علمه الله بالعدل وراعى في ذلك دقائق كثيرة كما ذكرها فيشير بهذه المعاني الى ثلاثة احوال. أولها حال الله تعالى مع عباده فيظهر من آثار الطافه معهم انه تعالى كيف يرفق بهم ويعلمهم كيفية معاملاتهم الدنيوية حتى لا يكونوا في خسران من امر دنياهم ولا يكون فيما بينهم عداوة وخصومة تؤدى الى تنغيص عيشهم في الدنيا وعقوبة في الآخرة فيستدلوا بها على ان تكاليف الشرع التي أمروا بها ايضا من كمال مرحمته استعملهم بها ليفيض بها عليهم سجال نعمه كقوله تعالى ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ الآية. وثانيها حال العباد مع الله ليعلموا برعاية هذه الدقائق للامور الدنيوية الفانية ان للامور الاخروية الباقية فيما بينهم وبين الله ايضا دقائق كثيرة والعباد بها محاسبون وعلى مثقال ذرة من خيرها مثابون وعلى مثقال ذرة من شرها معاقبون وانها بالرعاية اولى وأحرى من امور الدنيا وان الله تعالى كما امر العباد ان يكتبوا كتاب المبايعة فيما بينهم ويستشهدوا عليهم العدول قد كتب كتاب مبايعة جرت بينه وبين عبادة في الميثاق فان الله تعالى اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة وعلى هذا عاهدهم واشهد الملائكة الكرام عليه ثم رقم في الكتاب ان ياقوتة من الجنة وديعة وهي الحجر الأسود. وثالثها حال العباد فيما بينهم فليعتبر كل واحد منهم من ملاطفات الحق معهم وليتخلق بأخلاق الحق في مخالقتهم وليتوسل الى الله بحسن مرافقتهم وليحفظ حدود الله في مخالفتهم وموافقتهم وليتمسك بعروة محبتهم في الله وجذبتهم لله ونصحهم بالله ليحرز في رفقتهم صراطا مستقيما ويفوز من زمرتهم فوزا عظيما ففى جميع الأحوال كونوا مع الله كما قال وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ اى اتقوا في الأحوال الثلاثة كما يعلمكم الله بالعبارات والإشارات وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ تعملونه في جميع الأحوال من الأقوال والافعال

[سورة البقرة (2) : آية 283]

عَلِيمٌ يعلم مضمون ضمائركم ومكنون سرائركم فيجازيكم على حسن معاملتكم بقدر خلوصكم وصفاء نياتكم وصدق طوياتكم فطوبى لمن صفى قلبه عن سفساف الأخلاق وعزم الى عالم السر والإطلاق واحسن المعاملة مع الله في جميع الحالات ووصل الى الدرجات العاليات حقائق سراييست آراسته ... هوا وهوس گرد برخاسته نه بينى كه جايى كه برخاست گرد ... نه بيند نظر گر چهـ بيناست مرد يعنى ان عالم الغيب كالبيت المزين والهوى كالنقع المثار فما دام لم يترك المرء هواه لا يرى ما يهواه فان الحجاب إذا توسط بين الرائي والمرئي يمنع من الرؤية فارفع الموانع من البين وتشرف بوصول العين وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ اى مسافرين اى متوجهين اليه ومقبلين وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فى المداينة بان لا يحسن الكتابة او لا توجد الصحيفة او الدواة والقلم ولم يتعرض لحال الشاهد لما انه في حكم الكاتب توثقا واعوازا فَرِهانٌ جمع رهن اى فالتوثق رهن مَقْبُوضَةٌ اى مسلمة الى المرتهن ولا بد من القبض حتى لو رهن ولم يسلم لا يجبر الراهن على التسليم وانما شرط السفر في الارتهان مع ان الارتهان لا يختص به سفر دون حضر لان السفر لما كان مظنة عدم الكتب باعواز الكاتب والشاهد امر بالارتهان ليقوم مقامهما تأكيدا وتوثيقا لحفظ المال فالكلام خرج على الأعم الأغلب لا على سبيل الشرط وقدر رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه في المدينة من يهودى بعشرين صاعا من شعير واخذه لاهله فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى بعض الدائنين بعض المديونين لحسن ظنه به واستغنى بامانته عن الارتهان فلم يطلب منه الرهن فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ وهو المديون والائتمان الوثوق بامانة الرجل وانما عبر عنه بذلك العنوان لتعينه طريقا للاعلام ولحمله على الأداء أَمانَتَهُ اى فليقض المطلوب الامين ما في ذمته من الدين من غير رهن منه وسمى الدين امانة لتعلقه بالذمة كتعلق الامانة وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ فى رعاية حقوق الامانة وأداء الدين من غير مطل وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ايها الشهود إذا دعيتم الى الحاكم لادائها على وجهها وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ فاعل آثم كأنه قيل فانه يأثم قلبه فان قلت هلا اقتصر على قوله فانه آثم وما فائدة ذكر القلب والجملة هي الآثمة لا القلب وحده قلت كتمان الشهادة هو ان يضمرها ولا يتكلم بها فلما كان الإثم مقترفا بالقلب أسند اليه لان اسناد الفعل الى الجارحة التي يعمل بها ابلغ الأتراك تقول إذا أردت التوكيد هذا مما أبصرته عينى ومما سمعته اذنى ومما عرفه قلبى ولان القلب هو رأس الأعضاء والمضغة التي ان صلحت صلح الجسد كله وان فسدت فسد الجسد كله فكأنه قيل فقد تمكن الإثم في اصل نفسه وملك اشرف مكان منه ولئلا يظن ان كتمان الشهادة من الآثام المتعلقة باللسان فقط وليعلم ان القلب اصل متعلقه ومعدن اقترافه واللسان ترجمان عنه ولان افعال القلوب أعظم من افعال سائر الجوارح وهي لها كالاصول التي تتشعب منها ألا ترى ان اصل الحسنات والسيئات الايمان والكفر وهما من افعال القلوب فاذا جعل كتمان الشهادة من آثام القلوب فقد شهد له بانه من معاظم الذنوب وعن ابن عباس رضى الله عنهما اكبر الكبائر الإشراك بالله لقوله تعالى فقد حرم الله عليه

[سورة البقرة (2) : آية 284]

الجنة وشهادة الزور وكتمان الشهادة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فيجازيكم به ان خيرا فخير وان شرا فشر وكتمان الشهادة وشهادة الزور من الأعمال التي تجر صاحبها الى النار فانهما من علامات سنخ القلب قال تعالى فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ والمراد سنخ القلب ونعوذ بالله من ذلك وهما أسهل وقوعا بين الناس والحوامل عليهما كثيرة كالعداوة وغيرها واعلم ان اهل الدين طائفتان الواقفون والسائرون. فالواقف من لزم عتبة الصورة ولم يفتح له باب الى عالم المعنى فهو كالفرخ المحبوس في قشر البيضة فيكون مشربه من عالم المعاملات البدنية فلا سبيل له الى عالم القلب ومعاملاته فهو محبوس في سجن الجسد وعليه موكلان من الكرام الكاتبين يكتبان عليه اعماله الظاهرة بالنقير والقطمير والسائر من لم يقم ولم ينزل في منزل فهو مسافر من عالم الصورة الى عالم المعنى ومن مضيق الأجساد الى متسع الأرواح وهم صنفان صنف سيار وصنف طيار. فالسيار من يسير بقدم الشرع والعقل على جادة الطريقة. والطيار من يطير بجناحي العشق والهمة في فضاء الحقيقة وفي رجله جلجلة الشريعة فالاشارة في قوله وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً الى السيار الذي تخلص من سجن الجسد وقيد الحواس وزحمة التوكيل فلم يجد له كاتبا يكتب عليه كما قال بعضهم ما كتب على صاحب الشمال منذ عشرين سنة وقال بعضهم كاشف لى صاحب اليمين وقال لى أمل على شيأ من معاملات قلبك لاكتبه فانى أريد ان أتقرب به الى الله قال فقلت له حسبك الفرائض فالحبس والقيد والتوكيل لمن لم يؤد حق صاحب الحق او يكون هاربا منه فيحبس ويقيد ويوكل عليه فاما الذي آناء الليل وأطراف النهار يغدو ويروح فى طلب غريمه وما برح في جريمه فلا يحتاج الى التوكيل والتقييد فقوله وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ اشارة الى السيار الذي له قلب فيرهنه عند الله تعالى فالرهان هي القلوب التي ليس فيها غير الله المقبوضة بين إصبعين من أصابع الرحمن فاما الطيار الذي هو عاشق مفقود القلب مسلوب العقل مجذوب السير فلا يطالب بالرهن فانه مبطوش ببطشه الشديد مستهام ضاق مذهبه فى هوى من عز مطلبه كل امر في الهوى عجب وخلاصى منه أعجبه فلم يوجد في السموات والأرض ولا في الدنيا والآخرة أمين يؤتمن لحمل أعباء أمانته الا العاشق المسكين لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الأمور الداخلة في حقيقتهما والخارجة عنهما المتمكنة فيهما من اولى العلم وغيره اى كلها له تعالى خلقا وملكا وتصرفا لا شركة لغيره فى شىء منها بوجه من الوجوه فلا تعبدوا أحدا سواه ولا تعصوه فيما يأمركم وينهاكم وَإِنْ تُبْدُوا اى تظهروا ما فِي أَنْفُسِكُمْ اى في قلوبكم من السوء والعزم عليه وذلك بالقول او بالفعل أَوْ تُخْفُوهُ اى تكتموه عن الناس ولا تظهروه بأحد الوجهين ككتمان الشهادة وموالاة المشركين وغيرهما من المناهي ولا يندرج فيه ما لا يخلو عنه البشر من الوساوس وأحاديث النفس التي لا عقد ولا عزيمة فيها إذ التكليف بحسب الوسع ودفع ذلك مما ليس في وسعه يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ اى يجازيكم به يوم القيامة وهو حجة على منكرى الحساب من المعتزلة والروافض فَيَغْفِرُ اى فهو يغفر بفضله لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له وان كان ذنبه كبيرا وَيُعَذِّبُ

بعد له مَنْ يَشاءُ ان يعذبه وان كان ذنبه حقيرا حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح ويعذب الكفار لا محالة لانه لا يغفر الشرك وتقديم المغفرة على التعذيب لتقدم رحمته على غضبه وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فكمال قدرته تعالى على جميع الأشياء موجب لقدرته سبحانه على ما ذكر من المحاسبة وما فرع عليه من المغفرة والتعذيب قال في التيسير دل ظاهر قوله او تخفوه على المؤاخذة بما يكون من القلب وجملته ان عزم الكفر كفر وحضرة الذنوب من غير عزم مغفورة وعزم الذنوب إذا ندم عليه ورجع عنه واستغفر منه مغفور فاما الهم بالسيئة ثم يمتنع عنه بمانع لا باختياره وهو ثابت على ذلك فانه لا يعاقب على ذلك عقوبة فعله يعنى بالعزم على الزنى لا يعاقب عقوبة الزنى وهل يعاقب على الخاطر عقوبة عزم الزنى قيل هو معفو عنه لقوله صلى الله عليه وسلم (ان الله عفا لامتى عما حدثت به أنفسها ما لم يعمل او يتكلم) وأكثرهم على ان الحديث في الحضرة دون العزمة وان المؤاخذة في العزمة ثابتة وكذا قال الامام ابو منصور رحمه الله انتهى ما في التيسير. وربما يكون للانسان شركة في الإثم مثل القتل والزنى وغيرهما إذا رضى به من عامله واشتد حرصه على فعله وفي الحديث (من حضر معصية فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن حضرها) وفي حديث آخر (من أحب قوما على أعمالهم حشر في زمرتهم) اى جماعتهم (وحوسب يوم القيامة بحسابهم وان لم يعمل بأعمالهم) فعلى العاقل ان يرفع عن قلبه الخواطر الفاسدة ولا يجالس الجماعة الفاسقة كيلا يحشر فى زمرتهم گر نشيند فرشته با ديو ... وحشت آموزد وخيانت وريو از بدان نيكويى نياموزى ... نه كند كرك پوستين دوزى والاشارة في الآية ان الله يطالب العباد بالاستدامة المراقبة واستصحاب المحاسبة لئلا يغفلوا عن حفظ حركات الظاهر وضبط خطرات الباطن فيقعوا في آفة ترك ادب من آداب العبودية فيهلكوا بسطوات الالوهية واعلم ان الإنسان مركب من عالمى الأمر والخلق فله روح نورانى من عالم الأمر وهو الملكوت الأعلى وله نفس ظلمانية سفلية من عالم الخلق ولكل واحدة منهما ميل الى عالمها فقصد الروح الى جوار رب العالمين وقربه وقصد النفس الى أسفل السافلين وغاية البعد عن الحق فبعث النبي صلى الله عليه وسلم ليزكى النفوس عن ظلمة أوصافها لتستحق بها جوار رب العالمين فتزكيتها في إخفاء ظلمة أوصافها بابداء أنوار اخلاق الروح عليها فى تحليتها بها فهذا مقام الأولياء مع الله يخرجهم من الظلمات الى النور وبعث الشيطان الى أوليائه وهم اعداء الله ليخرج أرواحهم من النور الروحاني الى الظلمات النفسانية بإخفاء أنوار أخلاقها في إبداء ظلمات اخلاق النفس عليها لتستحق بها دركة أسفل السافلين. فمعنى الآية فى التحقيق (ان تبدوا ما في أنفسكم) مودع من ظلمات الأوصاف النفسانية في الظاهر بمخالفات الشريعة وفي الباطن بموافقات الطبيعة أَوْ تُخْفُوهُ بتصرفات الطريقة في موافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ بطهارة النفس لقبول أنوار الروح وأخلاقه او بتلوث الروح لقبول ظلمات النفس وأخلاقها فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ فينور نفسه بانوار الروح وروحه بانوار الحق وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ

[سورة البقرة (2) : آية 285]

فيعاقب نفسه بنار دركات السعير وروحه بنار فرقة العلى الكبير وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من اظهار اللطف والقهر على تركيب عالمى الخلق والأمر قَدِيرٌ كذا في تأويلات الكامل نجم الدين دايه قدس سره آمَنَ الرَّسُولُ اى صدق النبي عليه السلام بِما أُنْزِلَ اى بكل ما انزل إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ من آيات القرآن ايمانا تفصيليا متعلقا بجميع ما فيه من الشرائع والاحكام والقصص والمواعظ واحوال الرسل والكتب وغير ذلك من حيث انه منزل منه تعالى. والايمان بحقيقة أحكامه وصدق اخباره ونحو ذلك من فروع الايمان به من الحيثية المذكورة ولم يرد به حدوث الايمان فيه بعد ان لم يكن كذلك لانه كان مؤمنا بالله وبوحدانيته قبل الرسالة منه ولا يجوز ان يوصف بغير ذلك لكن أراد به الايمان بالقرآن فانه قبل إنزال القرآن اليه لم يكن عليه الايمان به وهو معنى قوله ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ اى ولا الايمان بالكتاب فانه قال وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ وَالْمُؤْمِنُونَ اى الفريق المعروفون بهذا الاسم وهو مبتدأ كُلٌّ مبتدأ ثان آمَنَ خبره والجملة خبر للمبتدأ الاول والرابط بينهما الضمير الذي ناب منابه التنوين وتوحيد الضمير في آمن مع رجوعه الى كل المؤمنين لما ان المراد بيان ايمان كل فرد منهم من غير اعتبار الاجتماع وتغيير سبك النظم عما قبله لتأكيد الاشعار بما بين إيمانه صلى الله عليه وسلم المبنى على المشاهدة والعيان وبين ايمانهم الناشئ عن الحجة والبرهان من التفاوت البين والاختلاف الجلى كأنهما متخالفان من كل وجه حتى في الهيئة الدالة عليهما اى كل واحد منهم آمن بِاللَّهِ وحده من غير شريك له في الالوهية والمعبودية هذا ايمان اثبات وتوحيد وَمَلائِكَتِهِ اى من حيث انهم عباد مكرمون له تعالى من شأنهم التوسط بينه تعالى وبين الرسل بانزال الكتب وإلقاء الوحى وهذا ايمان تصديق انهما من عند الله وتحليل ما أحله وتحريم ما حرمه وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ اى من الحيثية المذكورة وهذا ايمان اتباع وإطاعة ولم يذكر الايمان باليوم الآخر لاندراجه في الايمان بكتبه. وهذا على تقدير ان يوقف على قوله تعالى من ربه ويجعل والمؤمنون كلاما ابتدائيا واختاره ابو السعود العمادي. ويجوز ان يكون قوله والمؤمنون معطوفا على الرسول فيوقف عليه والضمير الذي عوض عنه التنوين راجع الى المعطوفين معا كأنه قيل آمن الرسول والمؤمنون بما انزل اليه من ربه ثم فصل ذلك. وقيل كل واحد من الرسول والمؤمنون آمن بالله خلا انه قدم المؤمن به على المعطوف اعتناء بشأنه وإيذانا باصالته صلى الله عليه وسلم في الايمان به واختار الكواشي هذا الوجه حيث قال والاختيار الوقف على المؤمنون وهو حسن ليكون المؤمنون داخلين فيما دخل النبي صلى الله عليه وسلم فيه اى الايمان لا نُفَرِّقُ اى يقول الرسول والمؤمنون لا نميز بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ بان نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما قال اليهود والنصارى. وأحد هاهنا بمعنى الجمع اى الآحاد فلذلك أضيف اليه بين لانه لا يضاف الا الى المتعدد والأحد وضع لنفى ما يذكر معه من العدد والواحد اسم لمفتتح العدد والواحد الذي لا نظير له والوحيد الذي لا نصير له وَقالُوا عطف على آمن وصيغة الجمع باعتبار المعنى وهو حكاية لامتثالهم الأوامر اثر حكاية ايمانهم سَمِعْنا اى

فهمنا ما جاءنا من الحق وتيقنا بصحته وَأَطَعْنا ما فيه من الأوامر والنواهي قيل لما نزلت هذه الآية قال جبرائيل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم ان الله قد أثنى عليك وعلى أمتك فسل تعط فقال الرسول عليه السلام غُفْرانَكَ رَبَّنا اى اغفر لنا غفرانك كما قال (فضرب الرقاب) اى فاضربوا او نسألك غفرانك ذنوبنا المتقدمة او ما لا يخلو عنه البشر من التقصير في مراعاة حقوقك وهذا الوجه اولى لئلا يتكرر الدعاء بقوله في آخر السورة واغفر لنا وتقديم ذكر السمع والطاعة على طلب الغفران لما ان تقديم الوسيلة على المسئول ادعى الى الاجابة والقبول وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اى الرجوع بالموت والبعث لا الى غيرك قال القاشاني آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ اى صدقه بقبوله والتخلق به كما قالت عائشة رضى الله عنها كان خلقه القرآن ومجرد قراءة القرآن بغير عمل لا يفيد قال في تفسير الحنفي مثاله ان السلطان إذا وهب لاحد من ممالكه امارة وأعطاه رياسة او نيابة وكتب له توقيعا ان يطيعه اهل البلد كلها فاذا جاء الى البلد وقعد على المملكة وأطاعه الخلق ثم ان السلطان كتب له كتابا وامر له فيه ان يبنى له قصرا او دارا واسعة حتى لو حضر السلطان وجاء الى تلك المدينة ينزل في تلك الدار او القصر فوصل الكتاب اليه وهو لا يبنى ما امر به في الكتاب لكنه يقرأه كل يوم فلو حضر السلطان ولم يجد ما امره به حاضرا هل يستحق ذلك الأمير خلعة من السلطان او ثناء او لا بل ظاهره انه يستحق الضرب والشتم والحبس وكذلك القرآن انما هو مثل هو ذلك المنشور قد امر الله فيه لعبيده ان يعمروا أركان الدين كما قال لداود عليه السلام [فرغ الى بيتا اسكنه] وبين لهم بما يكون عمارة الدين فقال الله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ. كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ. وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ فصارت قراءة القرآن كقراءة منشور السلطان ولا تحصل الجنة بمجرد القرآن لانه قال جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ: كما قيل «مراد از نزول قرآن تحصيل سيرت خوبست نه ترتيل سوره مكتوب بتجويد» ثم في قوله غُفْرانَكَ رَبَّنا اشارة الى ان من نتائج الايمان وآثار العبودية ان يرى العبد نفسه أهلا لكل شر ومولاه أهلا لكل خير. فينسب كل ما يستحسنه لسيده مستعملا حسن الأدب معه في كل أوقاته وذلك بان يحمده على ما دق وجل ويستغفره من تقصيره في شكره له عليه ويتبرأ من حوله وقوته له في ذلك كله وبحسب هذا يكون شعاره الحمد لله استغفر الله لا حول ولا قوة الا بالله في جميع أوقاته وهو الذكر المنجى من عذاب الله في الدنيا والآخرة المقرب للفتح لمن لازمه واعلم انك لا تصل الى التحقيق الا بمراقبة الأوقات باحكامها من التوبة والاستغفار عند العصيان وشهود المنة في الطاعة ووجود الرضى في النية ووجود الشكر في النعمة ولن تصل الى ذلك الا بتعلق قلبك بصلاح قلبك واتهام نفسك حتى في خروج نفسك وتصل الى هذا بأحد أربعة أوجه. نور يقذفه الله في قلبك بلا واسطة. أو علم متسع في عقل كامل. او فكرة سالمة من الشواغل. او صحبة شيخ اواخ هذه حاله وقد قال الشيخ ابو مدين قدس سره الشيخ من هذبك بأخلاقه وأدبك باطراقه وأنار باطنك باشراقه الشيخ من جمعك في حضوره

[سورة البقرة (2) : آية 286]

وحفظك في مغيبه فاعمل ايها العبد على تخليص نفسك من عالم جسمك حتى تخرج عن دائرة رسمك وتصل الى تحقيق فهمك وعلمك از هشتئ خويش تا تو غافل مشوى هرگز بمراد خويش واصل نشوى از بحر ظهور تا بساحل نشوى در مذهب اهل عشق كامل نشوى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها اخبار من الله تعالى وليس من كلام المؤمنين- روى- انه لما نزل قوله تعالى وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ الآية اشتد ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم فاتوه عليه السلام ثم بركوا على الركب فقالوا اى رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والحج والجهاد وقد انزل إليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتريدون ان تقولوا كما قال اهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا) قالوا بل سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فقرأها القوم فانزل الله تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الى قوله تعالى غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فمسئولهم الغفران المعلق بمشيئته تعالى في قوله تعالى فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ثم انزل الله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها تهوينا للخطب عليهم ببيان ان المراد بما في أنفسهم ما عزموا عليه من السوء خاصة لا ما يعم الخواطر التي لا يستطاع الاحتراز عنها والتكليف الزام ما فيه كلفة ومشقتة والوسع ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه اى سنته ان لا يكلف نفسا من النفوس الا ما يتسع فيه طوقها ويتيسر عليها دون مدى الطاقة والمجهود فضلا منه تعالى ورحمة لهذه الامة كقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وهذا يدل على عدم وقوع التكليف بالمحال لا على امتناعه. اما الاول فلانه لو كان وقع لزم الكذب في كلامه تعالى تعالى عن ذلك علوا كبيرا. واما الثاني فلانه تعالى نفى مطلقا ولا يلزم منه نفى مقيد الذي هو الامتناع لان العام من حيث هو عام لا يدل على الخاص بوجه من الدلالات لَها اى للنفس ثواب ما كَسَبَتْ من الخير الذي كلفت فعله لا لغيرها استقلالا او اشتراكا ضرورة شمول كلمة ما لكل جزء من اجزاء مكسوبها وَعَلَيْها لا على غيرها بأحد الطريقين المذكورين عقاب مَا اكْتَسَبَتْ من الشر الذي كلفت تركه وإيراد الاكتساب في جانب الشر لان الشر فيه اعتمال اى اجتهاد في العمل فانه لما كان مشتهى النفس كان فيه جد وسعى بخلاف الخير وصيغة الافتعال للتكلف رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا شروع في حكاية بقية دعواتهم اثر بيان سر التكليف اى يقولون ربنا لا تؤاخذنا بما صدر عنا من الأمور المؤدية الى النسيان او الخطأ من تفريط وقلة مبالاة ونحوهما مما يدخل تحت التكليف ودل هذا على جواز المؤاخذة في النسيان والخطأ فان التحرز عنهما في الجملة ممكن ولولا جواز المؤاخذة في النسيان والخطأ لم يكن للسؤال معنى وخفف الله عن هذه الامة فرفع عنها المؤاخذة وقال النبي صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) فدل انهم مخصوصون بهما وامم السالفة كانوا مؤاخذين فيهما رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً عطف على ما قبله وتوسيط النداء بينهما لابراز مزيد الضراعة. والإصر العبئ الثقيل الذي يأصر صاحبه اى يحبسه مكانه والمراد به التكاليف

الشاقة كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا اى حملا مثل حملك إياه على من قبلنا وهو ما كلفه بنوا إسرائيل من قتل النفس في توبة وقطع الأعضاء الخاطئة وقطع موضع النجاسة وعدم التطهير بغير الماء وخمسين صلاة في يوم وليلة وعدم جواز صلاتهم في غير المسجد وحرمة أكل الصائم بعد النوم ومنع بعض الطيبات عنهم بالذنوب وكون الزكاة ربع مالهم وكتابة ذنب الليل على الباب بالصبح وغير ذلك من التشديدات وقد عصم الله عز وجل ورحم هذه الامة من أمثال ذلك وانزل في شأنهم وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ وقال صلى الله عليه وسلم (بعثت بالحنيفة السهلة السمحة) وعن العقوبات التي عوقب بها الأولون من المسخ والخسف وغير ذلك قال صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخسف والمسخ والغرق) رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ عطف على ما قبله واستعفاء من العقوبات التي لا تطاق بعد الاستعفاء مما يؤدى إليها من التكاليف الشاقة التي لا يكاد من كلفها يخلو عن التفريط فيها كأنه قيل لا تكلفنا تلك التكاليف ولا تعاقبنا بتفريطنا في المحافظة عليها فيكون التعبير عن إنزال العقوبات بالتحميل باعتبار ما يؤدى إليها قال في التيسير اى لا تكلفنا ما يشق علينا الدوام عليه ولم يرد به عدم الطاقة أصلا فانه لا يكون فلا يسأل وَاعْفُ عَنَّا اى آثار ذنوبنا وَاغْفِرْ لَنا واستر عيوبنا ولا تفضحنا على رؤس الاشهاد قال في التيسير وليس بتكرار. فان الاول تركه حتى لا يؤاخذ به ومحوه حتى لا يبقى. والثاني ستره حتى لا يظهر وقد يتجاوز عن الشيء فلا يؤاخذ بجزائه لكن يذكر ذلك ويظهر والمؤمنون أمروا ان يسألوا التجاوز عنها وإخفاءها حتى لا يظهر حالهم لاحد فلا يفتضحوا به وَارْحَمْنا وتعطف بنا وتفضل علينا وتقديم طلب العفو والمغفرة على طلب الرحمة لما ان التخلية سابقة على التحلية أَنْتَ مَوْلانا سيدنا ونحن عبيدك او ناصرنا او متولى أمورنا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ اى أعنا عليهم وادفع عنا شرهم فان من حق المولى ان ينصر عبيده ومن يتولى امره على الأعداء والنصرة على الكفار تكون بالظفر وتكون بالحجة وتكون بالدفع وهو سؤال العصمة من الشياطين ايضا لانهم منهم- روى- انه لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به الى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة إليها ينتهى ما يعرج به من الأرض فيقبض منها وإليها ينتهى ما يهبط به من فوقها فيقبض منها قال إذ يغشى السدرة ما يغشى قال فراش من ذهب قال فاعطى رسول الله عليه السلام ثلاثا اعطى الصلوات الخمس واعطى خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله شيأ من أمته قال صلى الله عليه وسلم في خبر المعراج قربنى الله وأدناني الى سند العرش ثم الهمنى الله ان قلت آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله كما فرقت اليهود والنصارى قال فما قالوا قلت قالوا سمعنا وعصينا والمؤمنون قالوا سمعنا واطعنا فقال صدقت فسل تعط فقلت ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا قال قد رفعت عنك وعن أمتك الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فقلت ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا يعنى اليهود قال لك ذلك ولامتك قلت ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به قال قد فعلت قلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا

فانصرنا على القوم الكافرين قال قد فعلت وعنه صلى الله عليه وسلم (انزل الله آيتين من كنوز الجنة كتبهما الرحمن بيده قبل ان يخلق الخلق بألفي عام من قرأهما بعد العشاء الاخيرة اجزأتاه عن قيام الليل وعنه صلى الله عليه وسلم (من قرأ آيتين من آخر سورة البقرة كفتاه) اى عن قيام الليل او عن حساب يوم القيامة وهو حجة على من استكره ان يقول سورة البقرة وقال ينبغى ان يقال السورة التي تذكر فيها البقرة كما قال صلى الله عليه وسلم (السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاط القرآن) اى مصره الجامع (فتعلموها فان تعلمها بركة وتركها حسرة ولن تسطيعها البطلة) قيل وما البطلة قال عليه السلام (السحرة) اى لا تستطيع البطلة أن تسحر قارئها (ولا تقرأ في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان) وكان معاذ إذا ختم سورة البقرة يقول آمين عن ابى الأسلم الديلمي قلت لمعاذ بن جبل أخبرني عن قصة الشيطان حين أخذته فقال جعلنى رسول الله عليه السلام على صدقة المسلمين فجعلت التمر في غرفة فوجدت فيه نقصانا فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال هذا الشيطان يأخذه فدخلت الغرفة وأغلقت الباب فجاءت ظلمة عظيمة فغشيت الباب ثم تصور في صورة اخرى فدخل من شق الباب فشددت إزاري على فجعل يأكل من التمر فوثبت اليه فقبضته فالتفت يداى عليه فقلت يا عدو الله فقال خل عنى فانى كبير ذو عيال كثير وانا فقير من جن نصيبين وكانت لنا هذه القرية قبل ان يبعث صاحبكم فلما بعث أخرجنا منها فخل عنى فلن أعود إليك فخليت سبيله وجاء جبريل عليه السلام فاخبر رسول الله عليه السلام بما كان فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادانى مناديه وقال (ما فعل أسيرك) فأخبرته فقال (اما انه سيعود فعد) قال فدخلت الغرفة وأغلقت على الباب فجاء فدخل من شق الباب فجعل يأكل من التمر فصنعت به كما صنعت في المرة الاولى فقال خل عنى فانى لن أعود إليك فقلت يا عدو الله ألم تقل انك لن تعود قال فانى لن أعود وآية ذلك انه إذا قرأ أحد منكم خاتمة البقرة لا يدخل أحد منا في بيته تلك الليلة ثم الجلد الاول بتوفيق الله تعالى من تفسير القرآن المسمى ب «روح البيان» ويليه الجلد الثاني ان شاء الله تعالى اوله تفسير سورة آل عمران

العبد المحتاج إلى مزيد الترقي الشيخ إسماعيل الحقي

العبد المحتاج الى مزيد الترقي الشيخ إسماعيل الحقي غفر ذنب وجوده بفضل الله وجوده معلوم اوله كه بوفقيرك والدي مصطفى افندى استانبولده اقسراى محله سنده دنيايه كلوب صكره حريق كبير واقع اولد قده أثاث واشيالرى محترق ونظام حاللرى مختل ومنفرق او لمغله اورادن هجرت ايدوب شيخم مرحوم سيد الاقطاب (فضلى الاهى) انك ابتدا استخلاف او لنديغى قصبه آيد وسده توطن ايتملريله بوفقير حضرت شيخك أوراده ايام اقامتنده مصطبه وجوده وضع قدم ايدوب سنم اوچهـ بالغ اولدقده والدم بنى حضرت شيخ حضورينه كتوروب تقبيل يد ايتدررمش بوجهتدن كاهيجه- سن بزم اوچ ياشندن برى مريد يمزسك- ديه بيورلدى. صكره اون ياشنه ايردكده ادرنه ده خليفه اولى وذى القرباتندن أو لأن (سيد عبد الباقي) افندى خدمتلرينه تفويض اولنوب إرسال محاسن ايدنجه أوراده قراءت وكتابتد نصكره شيخم او وقتده مدينه فلبه دن استانبوله هجرت ايتمش بولنمغله او جانبه قيام كوستروب داخل مجلس عالى اولدقده او ساعت ده مبايعه يه اشارت ايدوب تلقين ذكر ايتدكد نصكره أصحابي عدادندن اولوب برمدت أوراده درس وخدمته مقيد ايكن بركون بعد الاشراق قاعدا خوابده سربجيب حرقه او لمشكن كورد مكه حضرت شيخ باب حرمدن بيرون اولوب بوفقيرى أوراده كورد كلرنده- كل كوره يم سكابو طريقده استعداد كلمشميدر- دييه اشارت ايدوب بوفقير دخى واروب باشيمى مبارك ركبه لرى او زرينه وضع ايدوب او زانوب يأتدم انلردخى يد مباركلرينى جبهمه وضع ايدوب- هاسنك استعدادك كلمش هاسنك استعدادك كلمش- دييه ايكى كره بو وادى يى تكرار ايتدكده در عقب (بسم الله الرّحمن الرّحيم) ديوب سوره فاتحه يى من الاول الى الآخر او قيوب من الرأس الى القدم نفخ ايدوب- وار ايمدى سنى بروسه يه خليفه ايلدم- ديو بيورديلر. واو وقتده مطول كتابى اوقنوردى بونفخد نصكره مطول أطول اولوب غيرى ايش ظهور ايتدى. وسن وسالم هنوز يكرميدن متجاوز ايديكه نفخ مذكور سببيله فتح إلهي واقع اولوب آيات وأحاديث او زرينه تأويلات وتحريرات ايتمكه باشلدم. ووقت آخر ده دخى شيخ مشايخ الدنيا محى الدين العربي حضرتلرى ظاهر اولوب دهانمى پوس ايدوب فقير دخى اياغنى اوپدم بو سببدن دخى بشقه اسرار ظهور ايدوب شيخ عبد القادر كيلانى وابراهيم بن أدهم و پيران طريقمزدن شيخ افتاده وحضرت هدايى قدس الله أسرارهم طرفلرندن دخى أفاده لر واقع اولوب. وانبيا عليهم السلام دن ابتدا حضرت آدم وصكره جناب نبوت صلى الله عليه وسلم ظهور ايدوب سر حال ومناسبت رجال منكشف اولدى چكلن آلام وشدائده دخى نهايت يوقدر زيرا مقدم لاجل التمهيد بلاد روميه دن بلده اسكوبه استخلاف اولنوب اطرافده اون سنه قدر دورد نصكره بروسه يه نقل اولنوب مدت قليله مرورنده فتن دين ودنيا ظهور ايدوب حصرت شيخ دخى قلعه ما غوسه يه اقصا او لنمغله بزدحى جان كتدى بدن نه طرورزدييه أول طرفه كمر بسته عزيمت اولوب وصولمزدن برقاچ كون

صكره صحبت خاص اثنا سنده بركون زياده انجذاب روحانى وتجلىء رحمانى واقع او لمغله بو فقيره كلمات هدائيه دن بر الاهى وعقبنده سوره يوسفدن بعض آيات او قدوب أول جذبه اثنا سنده دعاء عظيم ايتدكد نصكره- سنى بورايه كتيرن ميراثكدر زيرا سندن غيرى يه قلبمده علاقه بولمادم- ديو مسبحه پرماغنى اغزلرى اورته سنه قيوب- بو نفس بند نصكره سكا واصل اولور- ديو نطق ايتملريله مبارك ركبه اشرفلرى تقبيل اولنوب ذوق وسرور بي نهايه ونشاط وانبساط بي غايه حاصل اولدى. ومقدما خيالده واقع أو لأن معنا صورت بولدى. وبو اثناده ايكى كره سلطنت ظهور ايدوب وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ايله مبشر ودخى قُمْ فَأَنْذِرْ ايله مخاطب أولديغمز خفى اولميه. واسماء الاهيه دن (عبد الله) و (عبد القادر) و (عبد اللطيف) و (محمود) و (قبله اهل السما) وأمثالي ايله تسميه اولنديغمز واردات كبراده وسائر آثار يمزده مبيندر. وجمله آثار يمزيوز عددن متجاوز در از جمله اوچ مجلد كبير (تفسير روح البيان) و (شرح حديث أربعين) (وشرح آداب) واصول حديث دن (شرح نحبة الفكر) كه مجموعه كبرادر و (كتاب الخطاب) و (كتاب النجاة) و (كتاب كبير) و (نقد الحال) و (كتاب الحق الصريح والكشف الصحيح) و (كتاب التيجه) و (شرح المحمدية) و (شرح المثنوى) و (تحفه حاصكيتيه) وشرح (تفسير الفاتحة) و (شرح الكبائر) و (تمام الفيض) وأمثالي كبى كمى لسان عربيله تحرير وكمى زبان تركيله تقرير اولنمشدر. منظومه لريمز اون بيكدن متجاوز در وشيخم حضر تلرينك اثر جليللرى أو لأن (تفسير فاتحه قنوى) شرحنى تكميلد نصكره جمعه كونى بر ساعت مباركه ده بوفقيرى دعوت ايدوب او شرح تفسير كه مجلد كبير در يديمه صونوب- آل شونى اوتوزالتى يللق محصولمدر الله تعالى سكادخى زياده سنى احسان ايليه- ديو دعا ايتديلر وأوراده سر رجال نه اولديغى بر مرتبه دخى كشف اولديكه وصفه كلمز. وانلرك بوفقير حقنده أنفاس طيبه سند ندركه- الله تعالى بكابر خليفه ويردى كه آنى حضرت پيره يعنى شيخ هدايى يه ويرمدى- بيور مشدر. والله تعالى سنى حضرت پيرك سر نه مظهر ايلمشدر-. وبو كلام اوجهتدن آنلردن صادر اولديكه بوفقير آنلرك مجلسلرنده كلمات عاليه سن ضبط ايدوب لسان عربيله ترجمه ايدر ايدم حضرت هدايى شيخ افتاده حضرتلرينك كلماتن ترجمه ايتديكى كبى نتكم بر مقدارى تمام الفيض نام كتابمزده مسطوردر. وبو فقير حضرت شيخك وفاتند نصكره سلطان مصطفى كوننده دعوت طريقيله ايكى دفعه غزا وايكى دفعه حج ميسر اولوب ابتدا الفات اربعه ده واقع أو لأن حجده تأليف اولنان (اسرار حج) سائر كتب جليله ايله علاقربنده عربان يغماسنده كيتدى وحرمين شريفينده واقع أو لأن إشارات لطيفه كمى بعض آثار يمزده مضبوط وكمى دخى متروكدر. وحضرت شيخك انتقالندن يكرمى سكزسنه مرورند نصكره دمشق الشامة هجرته مأمور اولمغله اهل وأولاد ايله بروسه دن شامه عزيمت ايدوب واروب أوراده اوچ سنه قدر مكثد نصكره الله تعالى نك اذنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حضرتلرينك اشارتيله وولد اكبرى اولد يغمز محى الدين العربي حضرتلرينك عبارتى وحضرت خضرك امداد وإعانتي وحضرت شيخك مرارا اجازتيله إستانبول جانبنه متوجه اولوب كلوب اوچ سنه قدر اسكدارده مكث واقامتد نصكره تكرار بروسه يه سوق الاهى واقع اولمغله اوردان سمند عزيمته سوار اولوب

كلوب ينه مقاممزده قرار واقع اولدى. (وكتاب الخطاب والنجات) و (عم تفسيرى) كه قاضينك او زرينه واقع شام شريفده تحرير اولندى. واسكدارده اوچ سنه ده تمام اوتوز عدد كتاب تأليف قلندى. وأطرافه بحسب الاقتضاء مكاتيب طويله يازلدى. ونيجه تحريرات دخى بياضه كلدى وبو مقامده دخى خيلى كلام وارد ولكن لاجل المصلحة والستر طى اولندى. واسكدارده اولد يغمز حالده بركيجه حضرت محمد افتاده ومحمود هدايى قدس الله سرهما تمثل ايدوب كلوب يانمه اوتورديلرو حضرت افتاده آغاز كلام ايدوب- اشته افتاده افتاده وهدايى هدايى دييه دييه آخر سنده انلره ايرشدك- بيوردى. وبروسه طرفنه اشارت واقع اولوب سزى صاغ طرفمزه الألم دييه رك رمز اولندى. وحضرت هدايى ايله بعض ملاطفات واقع اولوب. لونى صفرته مائل خفيف اللحية معتدل الجثة در. وشيخ افتاده طويل القد وطويل اللحية دركه بونك دخى لونى برمقدار صفرته مائلدر. وشامده ايكن شيخ اكبر قدس سره الأطهر برقاچ كره تمثل ايدوب- شولكه خلق اكايپراق دير او بزم يانمزده خبيث وحرامدر- بيوردى. وشيخمدن دخى مسمو عمدركه- شرب دخان ايدن نفسانى وشيطانيدر- ديدى. ومزاميرك جمله سنك حرمتنى تصريح ايتدى بلا فرق بين مزمار ومرمار. وشامده اقامتم حالنده مطالب عاليه دن بر مطلب عالى حاصل اولديكى درجه صحبتدر يعنى بركيجه بيدار واغماض عين اوزره ايكن جناب رسالت صلى الله عليه وسلم محازاتمه كلوب (من تحقق اسمى تحقق اسمه) بيورديلر. وبوفقيرى درجه سماع وروايته يتورديلر وبو كلامك شرحى غيرى محلده در. ايشته خوابده كوروب ايشتمكله يقظه ده اولمق برابر دكلدر. وبو مقوله معانى غريبه يى اكثر اهل رسوم انكار ايدرلر آنكچون إجمال اولندى ولكن آنلرك انكارندن اوتورى بالكلية دهان بسته وجان شكست اولمق سزادكلدر. زيرا بو مقوله معانى يى تصريحده نيجه ارباب استعدادي ارشادواردر. وبو فقير بر زمان بر قاضينك مجلسنده بولنمش ايدم او مجلسده حضرت هدايينك بعض الاهياتنه مطلع اولدقده بو سوزلردن نه حاصل ديه رك انكار ايلدى. وحالا دخى نه معندلروار دركه صدق وصلاحى متعين أو لأن كيمسه لره اطاله لسان ايدوب كزرلرو مؤاخذه حقدن بيخبر لردر. زيرا الله سبحانه وتعالى اولياسى ايچون أشد غضوبدر. حضرت شبلى يه طعن ايدنلره ايتديكى غضب كبى غضب ايلر. ولكن امهال ايتمكله إهمال ايتدى قياس ايدرلر. وآنلردن برينك الى الآن فلاح بولديغى يوقدرو الى الابد دخى فلاح ونجات بولمازلر: فى المثل «حديد بارد ضرب» ايدرلر. ايشته اوليايى سبب وشتم ايتدرممك ايچون سد ذريعه ايدوب اهل انكار اراسنده آنلره متعلق كلامدن حذر عظيم گركدر اسرار الاهيه نك خود كتمى امور واجبه دندر. زيرا آنك دخى كشفيله فتنه عظيمه ظهور ايلركه «فتنة المحيا» نك برنوعيدر خصوصا كه بو اعصارك حالى بتدى وبو كار غايته يتشدى وزمام امر دست سفها واهل إنكاره تسليم اولندى بو جهتدن يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ سرى ظهور ايتدى. اولياء كبار ايله مصاهرت اولمديغى صورتده بارى محبت وارتباط له مناسبت گركدر. زيرا وارد اولمشدر كه (المرء مع من أحب) وديمشلردر كه (ويل لمن شفعاؤه خصماؤه) يعنى روز حشرده شفعاء خواص أمتي كندى نه خصما ايتمك ايودكلدر. وبلكه موجب خسارت وهلاكدر. اگر چهـ شيخ اكبر ومسك

از فرو كبريت احمر قدس سره الأطهر رحمت واسعه سى حسبيله ديمشدر- بزم قيامتده شفاعتمز بزى انكار ايدنلره در- يعنى بزى اقرار ايدنلر شفاعته محتاج اولميوب يالكز عفو وغفران دكل بلكه نيجه فضل وإحسانه دخى مظهر اولورلر. زيرا او مقوله مظاهر كليه يى اقرار ايتمك اقرار حق وانكاردخى انكار حقدر. وحق كندينى اقرار ايدنه عذاب ايتمز مكركه إقراري بعض انكار ايله مخلوط وتوحيدى شركله مزدوج اوله. وبوفقير حضرت شيخك توصيه سيله انتقالند نصكره دامادلرى اولوب مناسبت معنويه دنصكره مصاهرت صوريه دخى واقع اولمشدر. نتكم فخر عالم صلى الله عليه وسلم بيورمشلردركه- يا رب هر كيمكله كه مصاهرت ايتدم وهركيمكه بنمله مصاهرت ايتدى مغفرت ايله- يعنى امتنك آل رسول ايله شرف مصاهرتنه اشارت ايلر. زيرا اسباب مغفرتدن برى دخى اودر. وبوندن حضرت صديق وفاروقك خصوص حالنه. وحضرت ذى النورين ومرتضانك شرف وكمالنه رمزوادر. زيرا كريمه صديق عائشه ودختر فاروق حفصه عقد رسولده واقع اولمشدر. وكذلك رقيه وأم كلثوم ذو النورينه وحضرت فاطمه يى مرتضايه تزويج ايتمشلردر رضى الله تعالى عنهم. وبو سر سابق زمان لاحقده دخى جارى اولوب قالمشدر. ولكن سر وصورتى جمع ايتمك نادر واقع اولور «فكن على بصيرة من الأمر وارتبط بصورة النبي وسره قبل نفاد العمر» : بعد ذا بوفقيرك ولادتي [بيك التمش اوچ] ذى القعده سى اوائلنده يوم احدده واقع اولمشدر كه [حالا بيك يوز اوتوزيدى] ده در وسال عمر [يتمش بشه] بالغ او لمشدر. ووقت وفات دخى تعريف الاهى ايله متعين اولندى قياس اولنور. ولكن سترى واجب واخفاسى لازم أو لأن اموردندر. واكا متعلق بعض نظم بطريق الرمز غيرى محلده يازلمشدر. اى مؤمن بوجمله تحرير اولنان حاشا تمدح طريقيله دكلدر. هله كه اوليانك نفسى اظهار وهم سلسله سنه ارتباطه تحريضدر همان حسن ظن اوزرينه اولوب- سلسله نامه مزده درج اولنان كلمات عاليه ايله عامل اوله سن. وشيخمدن مسمو عمدركه بن حضرت على يه ايريشنجه اوتوز برنجى يم بيورمش أيدي بوفقير دخى كلب اصحاب كهف سكزنجى اولديغى كبى بو سلسله طريقت جلوتيه نك اوتوز ايكنجى سى اولمش اولور فاعلم ذلك واقبل كلبرى بو خلقه يه بند ايله كندك دردمند ... اوله كور زنجير عشق حضرت مولايه بند عشقدر منصورى بر دار ايلين بو دارده ... سندخى آل بوينكه عشق الاهيدن كمند هرندكلوا دور اولورسه منزل وصل خدا ... وارايسه جنبش دل وجانكده دور مه سور سمند شول ارنلرباغنه كيرميوه جين أول اى كوكل ... مصر معنايه ايريش اولدك ايسه حوباى قند جام عشقى جلوتى بزمنده ايچدك حقيا ... آنك ايچون ذوق حالك اولدى غايت دلپند

الجزء الثاني

الجزء الثاني من تفسير روح البيان تفسير سورة آل عمران مدنية وهى مائتا آية بسم الله الرحمن الرحيم الم الالف اشارة الى الله واللام الى اللطيف والميم الى المجيد اللَّهُ مبتدأ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبره اى هو المستحق للمعبودية لا غير الْحَيُّ الْقَيُّومُ خبر آخر له اى الباقي الذي لا سبيل عليه للموت والفناء والدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه- روى- عنه صلى الله عليه وسلم (اسم الله الأعظم فى ثلاث سور فى سورة البقرة الله لا اله الا هو الحي القيوم وفى آل عمران الم الله لا اله الا هو الحي القيوم وفى طه وعنت الوجوه للحى القيوم) وهذا رد على من زعم ان عيسى عليه السلام كان ربا فانه روى ان وفد نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا ستين راكبا. فيهم اربعة عشر رجلا من اشرافهم. ثلاثة منهم أكابر إليهم يؤول أمرهم. أحدهم أميرهم وصاحب مشورتهم العاقب واسمه عبد المسيح. وثانيهم وزيرهم ومشيرهم السيد واسمه الابهم. وثالثهم حبرهم وأسقفهم وصاحب مدارسهم ابو حارثة بن علقمة أحد بنى بكر بن وائل وقد كان ملوك الروم شرفوه ومولوه وأكرموه لما شاهدوا من علمه واجتهاده فى دينهم وبنوا له كنائس فلما خرجوا من نجران ركب ابو حارثة بغلته وكان اخوه كرز بن علقمة الى جنبه فبينا بغلة ابى حارثة تسير إذ عثرت فقال كرز تعسا للابعد يريد به رسول الله عليه السلام فقال له ابو حارثة بل تعست أمك فقال كرز ولم يا أخي قال انه والله النبي الذي كنا ننتظر فقال له كرز فما يمنعك عنه وأنت تعلم هذا قال لان هؤلاء الملوك أعطونا أموالا كثيرة واكرمونا فلو آمنا به لاخذوها منا كلها فوقع ذلك فى قلب كرز وأصره الى ان اسلم فكان يحدث بذلك فأتوا المدينة ثم دخلوا مسجد رسول الله عليه السلام بعد صلاة العصر عليهم ثياب خيرات من جبب وأردية فاخرة يقول بعض من رآهم من اصحاب النبي عليه السلام ما رأينا وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا ليصلوا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 3 إلى 4]

فى المسجد فقال عليه السلام (دعوهم) فصلوا الى المشرق ثم تكلم أولئك الثلاثة مع رسول الله عليه السلام فقالوا تارة عيسى هو الله لانه كان يحيى الموتى ويبرئ الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيطير وتارة اخرى هو ابن الله إذ لم يكن له اب يعلم وتارة اخرى انه ثالث ثلاثة لقوله تعالى فعلنا وقلنا ولو كان واحدا لقال فعلت وقلت فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسلموا) قالوا اسلمنا قبلك قال عليه السلام (كذبتم يمنعكم من الإسلام ادعاؤكم لله تعالى ولدا) قالوا ان لم يكن ولدا لله فمن أبوه فقال عليه السلام (ألستم تعلمون انه لا يكون ولد الا ويشبه أباه) فقالوا بلى قال صلى الله عليه وسلم (ألستم تعلمون ان ربنا حى لا يموت وان عيسى يأتى عليه الفناء) قالوا بلى قال عليه السلام (ألستم تعلمون ان ربنا قيوم على كل شىء يحفظه ويرزقه) قالوا بلى قال صلى الله عليه وسلم (فهل يملك عيسى من ذلك شيأ) قالوا لا فقال عليه السلام (ألستم تعلمون ان الله تعالى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء) قالوا بلى قال عليه السلام (فهل يعلم عيسى شيأ من ذلك الا ما علم) قالوا لا قال صلى الله عليه وسلم (ألستم تعلمون ان ربنا صور عيسى فى الرحم كيف شاء وان ربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث) قالوا بلى قال صلى الله عليه وسلم (ألستم تعلمون ان عيسى حملته امه كما تحمل المرأة ووضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذى كما يغذى الصبى ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث) قالوا بلى قال صلى الله عليه وسلم (فكيف يكون هذا كما زعمتم) فسكتوا فأبوا إلا جحودا فانزل الله تعالى من أول السورة الى نيف وثمانين آية تقريرا لما احتج به عليه السلام عليهم وأجاب به عن شبههم وتحقيقا للحق الذي فيه يمترون نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن عبر عنه باسم الجنس إيذانا بكمال تفوقه على بقية الافراد فى حيازة كمالات الجنس كأنه هو الحقيق بان يطلق عليه اسم الكتاب. فان قلت لم قيل نزل الكتاب وانزل التوراة والإنجيل. قلت لان التنزيل للتكثير والقرآن نزل منجما ونزل الكتابان جملة وذكر فى آخر الآية الانزال وأراد به من اللوح المحفوظ الى سماء الدنيا جملة فى ليلة القدر فى شهر رمضان والمراد هنا هو تنزيله الى الأرض ففى القرآن جهتا الانزال والتنزيل بِالْحَقِّ ملتبسا ذلك الكتاب بالعدل فى أحكامه او بالصدق فى اخباره التي من جملتها خبر التوحيد وما يليه اوفى وعده ووعيده مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى فى حال كونه مصدقا للكتب قبله فى التوحيد والنبوات والاخبار وبعض الشرائع قبله وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اسمان أعجميان الاول عبرى والثاني سريانى مِنْ قَبْلُ اى انزلهما جملة على موسى وعيسى عليهما السلام من قبل تنزيل الكتاب والتصريح به مع ظهور الأمر للمبالغة فى البيان هُدىً لِلنَّاسِ علة للانزال اى انزلهما لهداية الناس وفيه لف بدون النشر لعدم اللبس لان كون التوراة هدى للناس فى زمان موسى وكون الإنجيل هدى لهم فى زمان عيسى معلوم فاختصر لذلك وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ اى جنس الكتب السماوية لان كلها فرقان يفرق بين الحق والباطل او هو القرآن كرر ذكره تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ اى بالقرآن ومعجزات النبي عليه السلام لَهُمْ بسبب كفرهم بها عَذابٌ شَدِيدٌ لا يقادر قدره وَاللَّهُ عَزِيزٌ لا يغالب يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ذُو انْتِقامٍ

[سورة آل عمران (3) : الآيات 5 إلى 6]

عظيم لا يقدر على مثله منتقم إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ اى مدرك الأشياء كلها يعنى هو مطلع على كفر من كفر به وايمان من آمن به وعلى جميع أعمالهم فيجازيهم يوم القيامة هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ اى يجعلكم على هيئة مخصوصة فى أرحام أمهاتكم من ذكر وأنثى واسود وأبيض وتام وناقص وطويل وقصير وحسن وقبيح وهو رد على الذين قالوا عيسى الله او ابن الله لان من صور فى الرحم يمتنع ان يكون الها او ولد الله لكونه مركبا وحالا فى المركب وفى عرض الفناء والزوال لا إِلهَ إِلَّا هُوَ نزه نفسه ان يكون عيسى ابنا له الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ المتناهي فى القدرة والحكمة قربكم يخلقكم على النمط البديع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله اليه الملك بأربع كلمات فيكتب رزقه وعمله واجله وشقى او سعيد) قال (وان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها) وقال عليه السلام (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم بأربعين او بخمس وأربعين ليلة فيقول يا رب أشقى أم سعيد فيكتبان فيقول اى رب أذكر أم أنثى فيكتبان ويكتب عمله واثره واجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص ثم يقول الملك يا رب ما اصنع بهذا الكتاب فيقول علقه فى عنقه الى قضائى عليه فذلك قوله تعالى وكل انسان ألزمناه طائره فى عنقه) اى عمله من خير وشر الصادر عنه باختياره حسبما قدر له كأنه طار اليه من وكر الغيب والقدر. قال القاضي المراد بكتبه هذه الأشياء إظهارها للملك وإلا فقضاؤه تعالى سابق على ذلك وكل ميسر لما خلق له فعلى العاقل ان لا يتكاسل عن الأعمال فى جميع الأحوال ولا يفوت ايام الفرصة والليال خبر دارى اى استخوانى قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس چومرغ از قفس رفت وبگسست قيد ... دكر ره نكردد بسعى تو صيد نگه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست والاشارة ان الله تعالى كما يصور الجنين بصورة الانسانية على نطفة سقطت فى الرحم بتدبير الأربعينات فكذلك إذا سقطت من صلب ولاية رجل من رجاله نطفة ارادة فى رحم قلب مريد صادق والمريد يستسلم لتصرفات ولاية الشيخ وهى بمثابة ملك الأرحام ويضبط احوال ظاهره وباطنه على وفق امر الشيخ ويختار الخلوة والعزلة كيلا يصدر منه حركة عنيفة او يجد رايحة غريبة يلزم منها سقوط النطفة وفسادها ويقعد بامر الشيخ وتدبيره فالله تعالى يصرف ولاية الشيخ المؤيد بتأييد الحق بمرور كل أربعين عليه بشرائطها يحولها من حال الى حال وينقلها من مقام الى مقام الى ان يرجع الى حظائر القدس ورياض الانس التي منها صدر الى عالم الانس بقدم الأربعينات الاولى فلما وصل الى مقامه الاول ايضا بقدم الأربعينات كما جاءتم خلق الجنين فى رحم القلب وهو يجعل خليفة الله فى ارضه فيستحق الآن ان ينفخ فيه الروح المخصوص بأبناء أوليائه وهو روح القدس الذي هو متولى القائه كقوله تعالى يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وقال

[سورة آل عمران (3) : الآيات 7 إلى 12]

كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ولهذه الفائدة العظيمة والنعمة الجسيمة اهبط الأرواح من أعلى عليين القرب الى أسفل سافلين البعد كما قال اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فاذا نفخ فيه الروح يكون آدم وقته فيسجد له بالخلافة الملائكة كلهم أجمعون فاحفظه تفهم ان شاء الله تعالى كذا فى تأويلات الشيخ الكامل نجم الدين الكبرى أفاض الله علينا من سجال معارفه وحقائقه ولطائفه آمين هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن مِنْهُ اى من الكتاب آياتٌ مُحْكَماتٌ اى قطعية الدلالة على المعنى المراد محكمة العبارة محفوظة من الاحتمال والاشتباه هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ اى اصل فيه وعمدة يرد إليها غيرها بالتأويل فالمراد بالكتاب كله والاضافة بمعنى فى وَأُخَرُ اى ومنه آيات اخر مُتَشابِهاتٌ اى محتملات لمعان متشابهة لا يمتاز بعضها من بعض فى استحقاق الارادة بها ولا يتضح الأمر الا بالنظر الدقيق والتأمل الأنيق فالتشابه فى الحقيقة وصف للمعانى وصف به الآيات على طريقة وصف الدال بوصف المدلول. واعلم ان اللفظ اما ان لا يحتمل غير معنى واحد او يحتمل. والاول هو النص كقوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ. والثاني اما ان تكون دلالته على مدلوليه او مدلولاته متساوية اولا والاول هو المجمل كقوله تعالى ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. واما الثاني فهو بالنسبة الى الراجح ظاهر كقوله تعالى وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وبالنسبة الى المرجوح مؤول كقوله تعالى يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ والنص والظاهر كلاهما محكم والمجمل والمؤول متشابه وهو كقوله تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قد رد الى قوله تعالى وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ثم ان الله تعالى جعل القرآن كله محكما فى قوله الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ومعناه ان كله حق لا ريب فيه ومتقن لا تناقض فيه ومحفوظ من اعتراء الخلل او من النسخ. وجعله كله متشابها فى قوله كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ ومعناه يشبه بعضه بعضا فى صحة المعنى وجزالة النظم وحقيقة المدلول وجعل بعضه محكما وبعضه متشابها فى هذه الآية وقد سبق وانما لم يجعل الله القرآن كله محكما لما فى المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه كابتلاء بنى إسرائيل بالنهر فى اتباع نبيهم ولان النظر فى المتشابه والاستدلال لكشف الحق يوجب عظم الاجر ونيل الدرجات عند الله فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ اى ميل عن الحق الى الأهواء الباطلة فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ معرضين عن المحكمات اى يتعلقون بظاهر المتشابه من الكتاب او بتأويل باطل لا تحريا للحق بعد الايمان بكونه من عند الله تعالى بل ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ اى طلب ان يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس ومناقضة المحكم بالمتشابه وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ اى طلب ان يؤولوه حسبما يشتهونه من التأويلات الزائغة والحال انهم بمعزل من تلك الرتبة وذلك قوله عز وجل وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ اى تأويل المتشابه إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ اى لا يهتدى الى تأويله الحق الذي يجب ان يحمل عليه الا الله وعباده الذين رسخوا فى العلم اى ثبتوا فيه وتمكنوا او فوضوا فيه لنص قاطع ومنهم من يقف على قوله إِلَّا اللَّهُ ويبتدئ بقوله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ويفسرون المتشابه بما أستأثر الله

[سورة آل عمران (3) : الآيات 8 إلى 9]

بعلمه وبمعرفة الحكمة فيه من آياته كعدد الزبانية فى قوله عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ومدة بقاء الدنيا ووقت قيام الساعة والصوم وعدد الركعات فى الصلوات الخمس والاول هو الوجه فان الله تعالى لم ينزل شيأ من القرآن الا لينتفع به عباده ويدل به على معنى اراده فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطاعن مقال وهل يجوز ان يقال ان رسول الله صلى عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه وإذا جاز ان يعرفه مع قوله تعالى وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ جاز ان يعرفه الربانيون من صحابته وان لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والعلماء الراسخون وقالوا علمه عند ربنا لم يكن لهم فضل على الجهال لانهم جميعا يقولون ذلك قالوا ولم يزل المفسرون الى يومنا هذا يفسرون ويؤولون كل آية ولم نرهم وقفوا عن شىء من القرآن فقالوا هذا متشابه لا يعلمه الا الله بل فسروا نحو حروف التهجي وغيرها يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ اى بالمتشابه والجملة على الاول استئناف موضح لحال الراسخين وعلى الثاني خبر لقوله والراسخون كُلٌّ اى كل واحد من المحكم والمتشابه مِنْ عِنْدِ رَبِّنا منزل من عنده تعالى لا مخالفة بينهما وَما يَذَّكَّرُ حق التذكر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ اى العقول الخالصة عن الركون الى الأهواء الزائغة وهو مدح للراسخين بجودة الذهن وحسن النظر واشارة الى ما به استعدوا للاهتداء الى تأويله من تجرد العقل عن غواشى الحس رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا اى يقولون لا تمل قلوبنا عن نهج الحق الى اتباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا الى الحق والتأويل الصحيح او الى الايمان وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ اى من عندك رَحْمَةً واسعة تزلفنا إليك ونفوز بها عندك إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ واطلاق الوهاب ليتناول كل موهوب. وفيه دلالة على ان الهدى والضلال من قبله وانه متفضل بما ينعم به على عباده من غير ان يجب عليه شىء رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ بعد الموت لِيَوْمٍ اى لجزاء يوم وحسابه وهو يوم القيامة لا رَيْبَ فِيهِ اى فى وقوعه ووقوع ما فيه من الحشر والحساب والجزاء ومقصودهم بهذا عرض كمال افتقارهم الى الرحمة وانها المقصد الأسنى عندهم إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ الوعد يعنى الالوهية تنافى خلف الوعد فى البعث واستجابة الدعاء وهذا حال الراسخين فى الدعاء فانظر كيف لا يأمنون سوء الخاتمة وأداهم الخوف والخشية الى الرجاء فاياك والزيغ عن الصراط المستقيم باتباع الهوى والشهوات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قلب الا وهو بين اصبعين من اصابع الرحمن اذا شاء ان يقيمه اقامه واذا شاء ازاغه يعنى قلب المؤمن بين توفيقه وخذلانه وانما قال من أصابع الرحمن ولم يقل من أصابع الله اشعارا بانه هو المتمكن من قلوب العباد والمتصرف فيها كيف يشاء ولم يكلها الى أحد من ملائكته رحمة منه وفضلا لئلا يطلع على سرائرهم غيره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلوبنا على دينك) والميزان بيد الرحمن يرفع قوما ويضع آخرين الى يوم القيامة وقال صلى الله عليه وسلم (مثل القلب كريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح ظهر البطن) قال الجنيد رحمه الله من أراد ان يسلم له دينه ويستريح فى بدنه وقلبه فليعتزل الناس فان هذا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 10 إلى 12]

زمان وحشة والعاقل من اختار الوحدة قال عليه السلام لا صحابه (اين تنبت الحبة) قالوا فى الأرض قال (فكذلك الحكمة انما تنبت فى قلب مثل الأرض) فدفن حبة الفؤاد والوجود فى ارض الخمول مما ينتج ويتم نتاجه جدا فما نبت مما لم يدفن لم يتم نتاجه وان ظهر نوره وانتاجه كالذى نبت فى حميل السيل. فعليك بتزكية النفس وإصلاح الوجود كى تدرك نور الشهود وتقبل الى الاستقامة وتخلص من الزيغ والضلال فى جميع الأحوال وكم من زائع قلبه وهو صورة مستقيم وكم من مستقيم فؤاده وهو فى الظاهر غير مستقيم: كما قيل بس قامت خاشاك كه بر جا باشد ... چون باد بر آنها بوزد نا باشد والقلب هو محل النظر لا الصورة كما قال عليه السلام (ان الله لا ينظر الى صوركم بل الى قلوبكم وأعمالكم) فأى فائدة فى القلب الزائغ عن الحق فنعوذ بالله منه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ اى لن تنفعهم أَمْوالُهُمْ التي يبذلونها فى جلب المنافع ودفع المضار قدم الأموال على الأولاد لانها أول عدة يفزع إليها عند نزول الخطوب وَلا أَوْلادُهُمْ الذين بهم يتناصرون فى الأمور المهمة وعليهم يعولون فى الخطوب الملمه وتوسيط حروف النفي لعراقة الأولاد فى كشف الكروب مِنَ اللَّهِ اى عذابه تعالى شَيْئاً اى شيأ من الإغناء ومعناه لا يصرف عنهم كثرة الأموال والأولاد والتناصر بهما عذابه وكانوا يقولون نحن اكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قال تعالى فى ردهم وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً أُولئِكَ اى أولئك المتصفون بالكفر هُمْ وَقُودُ النَّارِ حطب النار وحصبها الذي تسعربه كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ الدأب مصدر دأب فى العمل إذا كدح فيه وتعب غلب استعماله فى معنى الشان والحال والعادة ومحل الكاف الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف اى دأب هؤلاء فى الكفر وعدم النجاة من أخذ الله تعالى وعذابه كدأب آل فرعون وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى آل فرعون من الأمم الكافرة كقوم نوح وثمود وقوم لوط وهو عطف على ما قبله كَذَّبُوا بِآياتِنا بيان وتفسير لدأبهم الذي فعلوا على الاستئناف المبنى على السؤال كأنه قيل كيف كان دأبهم فقيل كذبوا بآياتنا اى بكتبنا ورسلنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ تفسير لدأبهم الذي فعل بهم اى فأخذهم الله تعالى وعاقبهم ولم يجدوا من بأس الله تعالى محيصا فدأب هؤلاء الكفرة ايضا كدأبهم والذنب فى الأصل التلو والتابع وسميت الجريمة ذنبا لانها تتلو اى يتبع عقابها فاعلها وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن كفر بالآيات والرسل قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا المراد بهم اليهود لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان يهود المدينة لما شاهدوا غلبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين يوم بدر قالوا والله انه النبي الأمي الذي بشرنا به موسى وفى التوراة نعته وهموا باتباعه فقال بعضهم لا تعجلوا حتى ننظر الى وقعة له اخرى فلما كان يوم أحد شكوا وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الى مدة فنقضوه وانطلق كعب بن الأشرف فى ستين راكبا الى اهل مكة فاجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت سَتُغْلَبُونَ البتة عن قريب فى الدنيا وقد صدق الله وعده بقتل بنى قريظة واجلاء بنى النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من

[سورة آل عمران (3) : الآيات 13 إلى 17]

عداهم وهو من أوضح شواهده النبوة وَتُحْشَرُونَ اى فى الآخرة إِلى جَهَنَّمَ والحشر السوق والجمع اى يغلبون فى الدنيا ويساقون فى الآخرة مجموعين الى جهنم وَبِئْسَ الْمِهادُ اى بئس الفراش والمقر جهنم قَدْ كانَ لَكُمْ جواب قسم محذوف وهو من تمام القول المأمور به اى والله قد كان لكم ايها اليهود المغترون بعددهم وعددهم آيَةٌ عظيمة دالة على صدق ما أقول لكم انكم ستغلبون فِي فِئَتَيْنِ اى جماعتين فان المغلوبة منهما كانت مدلة بكثرتها معجبة بعزتها وقد لقيها ما لقيها فيصيبكم ما يصيبكم الْتَقَتا اى تلاقيا بالقتال يوم بدر فِئَةٌ خبر مبتدأ محذوف اى إحداهما فئة تُقاتِلُ تجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم لاكثرة فيهم ولا شوكة وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وَأُخْرى اى وفئة اخرى كافِرَةٌ بالله ورسوله يَرَوْنَهُمْ اى ترى الفئة الاخيرة الكافرة الفئة الاولى المؤمنة والجملة صفة للفئة الاخيرة مِثْلَيْهِمْ اى مثلى عدد الرائين قريبا من الف كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلا رأسهم عتبة من ربيعة بن عبد شمس وفيهم ابو سفيان وابو جهل وكان فيهم من الخيل والإبل مائة فرس وسبعمائة بعير ومن اصناف الاسلحة عدد لا يحصى. وعن سعد بن أوس انه قال اسر المشركون رجلا من المسلمين فسألوه كم كنتم قال ثلاثمائة وبضعة عشر قالوا ما كنا نراكم الا تضعفون علينا او مثلى عدد المرئيين اى ستمائة ونيفا وعشرين حيث كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار رضى الله عنهم وكان صاحب راية النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين على بن ابى طالب رضى الله تعالى عنه وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة الخزرجي رضى الله عنه وكان فى العسكر تسعون بعيرا وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو والآخر لمرثد بن بي مرثد وست ادرع وثمانية سيوف وجميع من استشهد يومئذ من المسلمين اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار أراهم الله عز وجل كذلك مع قلتهم ليهابوهم ويتجنبوا عن قتالهم مددا لهم منه سبحانه كما أمدهم بالملائكة عليهم السلام. فان قلت فهذا مناقض لقوله فى سورة الأنفال وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ. قلت قللهم اولا فى أعينهم حتى اجترءوا عليهم فلما لا قوهم كثروا فى أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير فى حالين مختلفين وتقليلهم تارة وتكثيرهم اخرى ابلغ فى القدرة واظهار الآية رَأْيَ الْعَيْنِ نصب على المصدر يعنى رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها معاينة كسائر المعاينات وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ اى يقوى بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ اى يريد من غير توسيط الأسباب العادية كما أيد الفئة المقاتلة فى سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القول المأمور به إِنَّ فِي ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من رؤية القليل كثيرا المستتبعة لغلبة القليل العديم العدة على الكثير الشاكي السلاح لَعِبْرَةً من العبور كالجلسة من الجلوس والمراد بها الاتعاظ فانه نوع من العبور اى لعبرة عظيمة كائنة لِأُولِي الْأَبْصارِ لذوى العقول والبصائر. فعلى العاقل ان يعتبر بالآيات ولا يغتر بكثرة الاعداد من الأموال والأولاد وعدم اجتهاده لمعاده فان الله يمتعه قليلا ثم يضطره الى عذاب

[سورة آل عمران (3) : آية 14]

غليظ. واعلم ان المبتلى بالكفر مغلوب الحكم الأزلي بالشقاوة ثم مغلوب الهوى والنفس والشيطان ولذات الدنيا فغلبات الهوى والنفس ترد الى أسفل سافلين الطبيعة فيعيش فيها ثم يموت على ما عاش فيه ويحشر على مامات عليه فى قعر جهنم وبئس المهاد فانه مهده فى معاشه والنار ناران نار الله ونار الجحيم فاما نار الله فهى نار حسرة القطيعة عن الله فيها يعذب قلوب المحجوبين عن الله كقوله تعالى نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ واما نار الجحيم فهى نار الشهوات والمعاملات على الغفلات من المخالفات فهى تحرق قشور الجلود كما قال تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ولا يتخلص من هذه النار إلا لب القلوب وان عذاب حرقة الجلد بالنسبة الى عذاب حرقة القلوب كنسيم الحياة وسموم الممات فلا بد من تزكية النفس فانها سبب للخلاص من عذاب الفرقة. قيل لبعضهم بم يتخلص العبد من نفسه قال بربه انتهى فاذا أراد الله ان ينصر عبده على ما طلب منه امده بجنود الأنوار فكلما اعترته ظلمة قام لها نور فاذهبها وقطع عنه مواد الظلم والأغيار فلم يبق للهوى مجال ولا للشهوة والأخلاق الذميمة مقال ولا قال فالنور جند القلب كما ان الظلمة جند النفس والمراد بالنور حقائق ما يستفاد من معانى الأسماء والصفات وبالظلمة معانى ما يستفاد من الهوى والعوائد الرديئة قال تعالى إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها اى غيروا حالها عما هى عليه وكذلك إذا وردت الواردات الربانية على القلوب الممتلئة أخرجت منها كل صفة رديئة وكستها كل خلق زكية فهذه الدولة انما تنال بترك الدنيا والعقبى فكيف يمتلئ بالأنوار قلب من خالط الأغيار وأحب المال والأولاد ولم يخف من رب العباد. وقدم على الأستاذ ابى على الدقاق رحمه الله فقير وعليه مسح وقلنسوة فقال له بعض أصحابه بكم اشتريت هذا المسح على وجه المطايبة فقال اشتريته بالدنيا فطلب منى بالآخرة فلم أبعه. قال ابو بكر الوراق رحمه الله طوبى للفقراء فى الدنيا والآخرة فسألوه عنه فقال لا يطلب السلطان منه فى الدنيا الخراج ولا الجبار فى الآخرة الحساب قناعت سر فرازد اى مرد هوش ... سر پر طمع بر نيايد ز دوش كر آزاده بر زمين خسب وبس ... مكن بهر مالى زمين بوس كس حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد زُيِّنَ لِلنَّاسِ اى حسن لهم والمزين هو الله لقوله تعالى زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وذلك على جهة الامتحان او هو الشيطان لقوله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وذلك على جهة الوسوسة حُبُّ الشَّهَواتِ اى محبة مرادات النفوس والشهوة نزوع النفس الى ما تريده وهى مصدر أريد به المفعول اى المشتهيات لان الأعيان التي ذكرها كلها مشتهيات وانما عبر عنها بالمصدر مبالغة فى كونها مشتهاة مرغوبا فيها كأنها نفس الشهوات والوجه ان يقصد تخسيسها فيسميها شهوات لان الشهوة مسترذلة عند الحكماء مذموم من اتبعها شاهد على نفسه بالبهيمية. قالوا خلق الله الملائكة عقولا بلا شهوة والبهائم ذات شهوات بلا عقل وجعلهما فى الإنسان فمن غلب عقله شهوته فهو أفضل من الملائكة ومن غلب عليه شهوته فهو أرذل من البهائم مِنَ النِّساءِ حال من الشهوات

[سورة آل عمران (3) : آية 15]

اى حال كونها من طائفة النساء وانما بدأ بهن لعرافتهن فى معنى الشهوات فانهن حبائل الشيطان وَالْبَنِينَ والفتنة بهم ان الرجل يحرص بسببهم على جمع المال من الحلال والحرام ولانهم يمنعونه عن محافظة حدود الله. قيل أولادنا فتنة ان عاشوا فتنونا وان ماتوا احزنونا وعدم التعرض للبنات لعدم الاطراد فى حبهن وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ جمع قنطار وهو المال الكثير اى الأموال الكثيرة المجتمعة او هو مائة الف دينار او ملئ مسك ثور او سبعون الفا او أربعون الف مثقال او ثمانون الفا او مائة رطل او الف ومائتا مثقال او الف دينار او مائة منّ ومائة رطل ومائة مثقال ومائة درهم اودية النفس. وفى الكشاف المقنطرة مبنية من لفظ القنطار للتوكيد كقولهم ألوف مؤلفة وبدر مبدرة مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بيان للقناطير اى من هذين الجنسين وانما سمى الذهب ذهبا لانه يذهب ولا يبقى والفضة لانها تنقض اى تتفرق وَالْخَيْلِ عطف على القناطير. والخيل جمع لا واحد له من لفظه واحده فرس وهو مشتق من الخيلاء لاختيالها فى مشيها او من التخيل فانها لم يتخيل فى عين صاحبها أعظم منها لتمكنها من قلبه الْمُسَوَّمَةِ اى المعلمة وهى التي جعلت فيها العلامة بالسيمة واللون او بالكي او المرعية من سامت السائمة اى رعت وَالْأَنْعامِ اى الإبل والبقر والغنم جمع نعم وَالْحَرْثِ اى الزرع. قيل كل منها فتنه للناس. اما النساء والبنون ففتنة للجميع. والذهب والفضة فتنة للتجار. والخيل فتنة للملوك. والانعام فتنة لاهل البوادي. والحرث فتنة لاهل الرساتيق ذلِكَ اى ما ذكر من الأشياء المعهودة مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى ما يمتنع به فى الحياة الدنيا أياما قلائل فيفنى سريعا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ اى حسن المرجع وهو الجنة. وفيه دلالة على ان ليس فيما عدد عاقبة حميدة وهذا تزهيد فى طيبات الدنيا الفانية وترغيب فيما عند الله من النعيم المقيم فعلى العاقل ان يأخذ من الدنيا قدر البلغة ولا يستكثر بالاستكثار الذي يورط صاحبه فى المحظور ويورثه المحذور قُلْ يا محمد أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ الهمزة للتقرير اى أخبركم بما هو خير مما فصل من تلك المستلذات المزينة لكم لِلَّذِينَ خبر مبتدأه قوله جنات اتَّقَوْا والمراد بالتقوى هو التبتل الى الله تعالى والاعراض عما سواه كما ينبئ عنه النعوت الآتية عِنْدَ رَبِّهِمْ نصب على الحالية من قوله جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها حال مقدرة وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ اى زوجات مبرأة من العيوب الظاهرة كالحيض والامتخاط وإتيان الخلاء ومن الباطنة كالحسد والغضب والنظر الى غير أزواجهن- روى- عن النبي عليه السلام (شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها) وَرِضْوانٌ اى رضوان وأي رضوان لا يقادر قدره كائن مِنَ اللَّهِ قال الحكماء الجنات بما فيها اشارة الى الجنة الجسمانية والرضوان اشارة الى الجنة الروحانية وأعلى المقامات الجنة الروحانية وهى عبارة عن تجلى نور جلال الله تعالى فى روح العبد واستغراق العبد فى معرفة الله ثم يصير فى أول هذه المقامات راضيا عن الله وفى آخرها مرضيا عنده تعالى واليه الاشارة بقوله راضِيَةً مَرْضِيَّةً وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ وبأعمالهم فيثيب ويعاقب حسبما يليق بها

[سورة آل عمران (3) : الآيات 16 إلى 17]

الَّذِينَ كأنه قيل من أولئك المتقون الفائزون الكرامات السنية فقيل هم الذين يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا اى صدقنا بك وبنبيك وفى ترتيب الدعاء بقولهم فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ على مجرد الايمان دلالة على كفايته فى استحقاق المغفرة والوقاية من النار الصَّابِرِينَ نصب على المدح بإضمار اعنى والمراد بالصبر هو الصبر على مشاق الطاعات وعلى البأساء والضراء وحين البأس وَالصَّادِقِينَ فى أقوالهم ونياتهم وعزائمهم وَالْقانِتِينَ اى المداومين على الطاعات المواظبين على العبادات وَالْمُنْفِقِينَ أموالهم فى سبيل الله وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ وتوسط الواو بين الصفات المذكورة مؤذن بان كل صفة مستقلة بالمدح ومؤذن بان منهم صابر ومنهم صادق. ثم الصبر حبس النفس عن شهواتها المحظورة فى الشرع. وجميع أجناس الصبر ثلاثة. الصبر على الطاعة. والصبر على المعصية. والصبر على المكروه قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صبر على مصيبة فله ثلاثمائة درجة وبين الدرجتين كما بين السماء والأرض ومن صبر على الطاعة فله ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ومن صبر على المعصية فله تسعمائة درجة بين الدرجتين كما بين العرش والكرسي) . والصدق يجرى فى القول وهو مجانبة الكذب وفى الفعل وهو إتيانه وترك الانصراف عنه قبل تمامه وفى النية وهو العزم عليه حتى يفعل. والانفاق يتناول الانفاق على نفسه واهله وأقاربه وصلة رحمه وفى الجهاد وسائر وجوه البر. والاستغفار سؤال المغفرة من الله وتخصيص الاسحار بالاستغفار لان الدعاء فيها اقرب الى الاجابة إذ العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروح اجمع لا سيما للمجتهدين. قال مجاهد فى قول يعقوب عليه السلام سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي أخره الى وقت السحر فان الدعاء فيه مستجاب وقال ان الله تعالى لا يشغله صوت عن صوت لكن الدعاء فى السحر دعوتى فى الخلوة وهى ابعد من الرياء والسمعة فكانت اقرب الى الاجابة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينزل الله تعالى الى السماء الدنيا كل ليلة حتى يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من ذا الذي يدعونى فاستجيب له من ذا الذي يسألنى فاعطيه من ذا الذي يستغفرنى فاغفر له) ومعنى ينزل محمول على نزول ملكه او على الاستعارة فمعناه الإقبال على الداعين باللطف والاجابة ولهذا قال الى السماء الدنيا اى القربى. وفى هذا الكلام توبيخ لهم على غفلتهم فى الدعاء والسؤال منه والاستغفار. قال لقمان لابنه يا بنى لا تكونن أعجز من هذا الديك يصوت بالأسحار وأنت نائم على فراشك دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به ز هر كارست ... سعادت آن كسى دارد كه وقت صبح بيدارست خروسان در سحر كويند كه قم يا ايها الغافل ... تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيار است قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اسرى بي الى السموات رأيت عجائب من عجائب الله تعالى فمن ذلك ان فى السماء الدنيا ديكا له زغب اخضر وريش ابيض وبياض ريشه كاشد بياض رأيته وزغبة تحت ريشه كاشد خضرة رأيتها فاذا رجلاه فى تخوم الأرض السابعة السفلى وإذا رأسه عند عرش الرحمن ثانى عنقه تحت العرش له جناحان فى منكبيه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب فاذا كان بعض الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله يقول

[سورة آل عمران (3) : الآيات 18 إلى 25]

سبحان الملك القدوس سبحان الكريم) او قال (الكبير المتعال لا اله الا الله الحي القيوم فاذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها وخفقت بأجنحتها فاذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الأرض كلها ثم إذا كان بعض الليل نشر جناحيه فجاوز بهما المشرق والمغرب وخفق بهما ثم صرخ بالتسبيح لله يقول سبحان الله العلى العظيم سبحان العزيز القهار سبحان الله رب العرش الرفيع فاذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض بمثل قوله وخفقت بأجنحتها وأخذت فى الصراخ وإذا سكن ذلك الديك سكنت ديكة الأرض ثم إذا هاج بنحو فعله فى السماء هاجت الديكة فى الأرض يجاوبونه تسبيحا لله تعالى بنحو قوله) والمقصود من هذا ان التسبيح إذا كان من فعل اهل السماء والأرض خصوصا الحيوانات العجم بل النباتات كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فان الإنسان اولى بان يشتغل بالدعاء والتسبيح خصوصا فى الخلوات واوقات الاسحار قال الامام القشيري رحمه الله الصابرين على ما امر الله والصادقين فيما عاهدوا الله والقانتين بالاستقامة فى محبة الله والمنفقين فى سبيل الله والمستغفرين من جميع ما فعلوا لرؤية تقصيرهم شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ بانه لا إِلهَ إِلَّا هُوَ نزلت حين جاء رجلان من أحبار الشام فقالا للنبى عليه السلام أنت محمد قال (نعم) فقالا أنت احمد قال (انا محمد واحمد) قالا أخبرنا عن أعظم الشهادة فى كتاب الله فاخبرهما اى اثبت الله بالحجة القطعية واعلم بمصنوعاته الدالة على توحيده انه واحد لا شريك له فى خلقه الأشياء إذ لا يقدر أحد ان ينشئ شيأ منها. قال ابن عباس خلق الله تعالى الأرواح قبل الأجساد باربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح باربعة آلاف سنة فشهد لنفسه قبل خلق الخلق حين كان ولم يكن سماء ولا ارض ولا بر ولا بحر فقال شَهِدَ اللَّهُ الآية وَالْمَلائِكَةُ عطف على الاسم الجليل بحمل الشهادة على معنى مجازى شامل للاقرار والايمان بطريق عموم المجاز اى أقرت الملائكة بذلك لما عاينت من عظم قدرته وَأُولُوا الْعِلْمِ اى أمنوا به واحتجوا عليه بالادلة التكوينية والتشريعية وهم الأنبياء والمؤمنون الذين علموا توحيده وأقروا به اعتقادا صحيحا فشبه دلالته على وحدانيته بأفعاله الخاصة التي لا يقدر عليها غيره تعالى واقرار الملائكة واولى العلم بذلك بشهادة الشاهد فى البيان والكشف قائِماً بِالْقِسْطِ نصب على الحال المؤكدة من هو دون من ذكر معه لأمن اللبس إذ القيام بالقسط من الصفات الخاصة به تعالى ومثله جاء زيد وهند راكبا جاز لاجل التذكير ولو قلت جاء زيد وعمرو راكبا لم يجز للبس اى مقيما بالعدل فى قسمة الأرزاق والآجال والاثابة والمعاقبة وما يأمر به عباده وينهاهم عنه من العدل والتسوية فيما بينهم ودفع الظلم عنهم لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ كرر المشهود به لتأكيد التوحيد ليوحدوه ولا يشركوا به شيأ لانه ينتقم ممن لا يوحده بما لا يقدر على مثله منتقم ويحكم ما يريد على جميع خلقه لا معقب لحكمه لغلبته عليهم إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ جملة مستأنفة مؤكدة للاولى اى لا دين مرضيا لله تعالى سوى الإسلام الذي هو التوحيد والتشرع بالشريعة الشريفة وهو الدين الحق منذ بعث الله آدم عليه السلام وما سواه من الأديان فكلها باطلة. قال شيخنا العلامة فى بعض تحريراته المقصود من إنزال الكلام مطلق الدعوة الى الدين الحق

والدين الحق من زمن آدم الى نبينا عليهما الصلاة والسلام الإسلام كما قال تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وحقيقة دين الإسلام التوحيد وصورته الشرائع التي هى الشروط وهذا الدين من ذلك الزمان الى يوم القيامة واحد بحسب الحقيقة وسواء بين الكل ومختلف بحسب الصورة والشروط وهذا الاختلاف الصوري لا ينافى الاتحاد الأصلي والوحدة الحقيقة انتهى. وعن قتادة ان الإسلام شهادة ان لا اله الا الله والإقرار بما جاء من عند الله. وعن غالب القطان قال أتيت الكوفة فى تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت اختلف اليه فلما كنت ذات ليلة أردت ان احدر الى البصرة قام من الليل متهجدا فمر بهذه الآية شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قال الأعمش وانا اشهد بما شهد الله به واستودع الله هذه الشهادة وهى لى عند الله وديعة ان الدين عند الله الإسلام قالها مرارا قلت لقد سمع فيها شيأ فصليت معه وودعته ثم قلت آية سمعتك ترددها فما بلغك فيها قال والله لا أحدثك بها الى سنة فلبثت على بابه من ذلك اليوم فاقمت سنة فلما مضت السنة قلت يا أبا محمد قد مضت السنة قال حدثنى ابو وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله ان لعبدى هذا عندى عهدا وانا أحق من وفى بالعهد ادخلوا عبدى الجنة) ويناسب هذا ما يقال عهدنا لله. عن ابى مسعود رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه ذات يوم (أيعجز أحدكم ان يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قالوا وكيف ذلك قال (يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد إليك بانى اشهد ان لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانك ان تكلنى الى نفسى تقربنى من الشر وتباعدني من الخير وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عهدا توفينيه يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع) اى ختم عليه بخاتم (ووضع تحت العرش فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذي لهم عند الله عهد فيدخلون الجنة) فلا بد من الدعاء فى الصبح والمساء لله الذي هو خالق الأرض والسماء ومن الإخلاص الذي هو ملاك الأمر كله فى طاعة المرء وعمله عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ نزلت فى اليهود والنصارى حين تركوا الإسلام الذي جاء به النبي عليه السلام وأنكروا نبوته إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال او أعم الأوقات اى وما اختلفوا فى دين الله الإسلام ونبوة محمد عليه السلام فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات الا بعد ان علموا بانه الحق الذي لا محيد عنه او بعد ان علموا حقيقة الأمر وتمكنوا من العلم بها بالحجج والآيات الباهرة. وفيه من الدلالة على ترامى حالهم فى الضلالة ما لا مزيد عليه فان الاختلاف بعد حصول تلك المرتبة مما لا يصدر عن العاقل بَغْياً بَيْنَهُمْ مفعول له لقوله اختلف اى حسدا كائنا بينهم وطلبا للرياسة لا شبهة وخفاء فى الأمر وهو تشنيع اثر تشنيع وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ الناطقة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 20 إلى 22]

بما ذكر من ان الدين عند الله الإسلام ولم يعمل بمقتضاها فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ قائم مقام جواب الشرط علة له اى ومن يكفر بآياته تعالى فانه يجازيه ويعاقبه عن قريب فانه سريع الحساب اى يأتى حسابه عن قريب او سريع فى محاسبة جميع الخلائق لانه يحاسبهم فى اقل من لمحة بحيث يظن كل أحد منهم انه اى الله يحاسب نفسه فقط فَإِنْ حَاجُّوكَ اى فى كون الدين عند الله الإسلام فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ اى أخلصت نفسى وقلبى وجملتى لِلَّهِ وحده لم اجعل فيها لغيره شركا بان اعبده وادعوه الها معه يعنى دين التوحيد وهو القديم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبتت عندى وما جئت بشئ بديع حتى تجادلونى فيه وَمَنِ اتَّبَعَنِ عطف على المتصل فى أسلمت وحسن ذلك لمكان الفصل الجاري مجرى التأكيد بالمنفصل اى واسلم من اتبعنى وجوههم ايضا وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى من اليهود والنصارى وَالْأُمِّيِّينَ الذين لا كتاب لهم من مشركى العرب أَأَسْلَمْتُمْ متبعين لى كما فعل المؤمنون فانه قد آتاكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه لا محالة فهل أسلمتم وعملتم بقضيتها أم أنتم بعد على كفركم وهو استفهام بمعنى الأمر اى اسلموا وهذا كقولك لمن لخصت له المسألة ولم تبق من طرق البيان والكشف طريقا إلا سلكته فهل فهمتها فَإِنْ أَسْلَمُوا اى كما أسلمتم واخلصتم فَقَدِ اهْتَدَوْا اى فازوا بالحظ الأوفر ونجوا من مهاوى الضلال وَإِنْ تَوَلَّوْا اى اعرضوا عن الاتباع وقبول الإسلام فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ قائم مقام الجواب اى لم يضروك شيأ إذ ما عليك الا البلاغ اى التبليغ بالرسالة دون الهداية وقد فعلت على ابلغ وجه- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الآية على اهل الكتاب قالوا اسلمنا فقال صلى الله عليه وسلم لليهود (أتشهدون ان عيسى كلمة الله وعبده ورسوله) فقالوا معاذ الله وقال صلى الله عليه وسلم للنصارى (أتشهدن ان عيسى عبد الله ورسوله) فقالوا معاذ الله ان يكون عيسى عبدا وذلك قوله عز وجل وان تولوا وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ عالم بجميع أحوالهم وهو وعد ووعيد إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي آية كانت فيدخل فيهم الكافرون بالآيات الناطقة بحقية الإسلام وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ هم اهل الكتاب قتل اولوهم الأنبياء عليهم السلام وقتلوا اتباعهم وهم راضون بما فعلوا وكانوا حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لولا عصمهم الله وقد أشير اليه بصيغة الاستقبال قال فى سورة البقرة بِغَيْرِ الْحَقِّ اى بغير الحد الذي حده الله واذن فيه والنكرة هاهنا على معنى ان القتل يكون بوجوه من الحق فمعناه يقتلون بغير حق من تلك الحقوق وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ اى بالعدل مِنَ النَّاسِ عن ابى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه قلت يا رسول الله أي الناس أشد عذابا يوم القيامة قال (رجل قتل نبيا او رجلا امر بمعروف او نهى عن منكر) ثم قرأها ثم قال (يا أبا عبيدة قتلت بنوا إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول نهار فى ساعة واحدة فقام مائة واثنا عشر رجلا من عباد بنى إسرائيل فامروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ اى وجيع دائم جعل لهم بدل البشارة وهو الاخبار السار الاخبار بالنار وهو كقول القائل تحية بينهم ضرب وجيع أُولئِكَ المتصفون بتلك الصفات

[سورة آل عمران (3) : آية 23]

القبيحة الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ الذين بطلت أعمالهم التي ما عملوهن البر والحسنات ولم يبق لها اثر فى الدارين بل بقي لهم اللعنة والخزي فى الدنيا والعذاب الأليم فى الآخرة وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ ينصرونهم من بأس الله وعذابه فى احدى الدارين وصبغة الجمع لرعاية ما وقع فى مقابلته لا لنفى تعدد الأنصار من كل واحد منهم كما فى قوله تعالى وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ففى الآية ذم لمن قتل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر فبئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالمعروف والناهين عن المنكر وبئس القوم قوم لا يقومون بالقسط بين الناس وبئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فعليك بالعدل والانصاف وإياك الجور والظلم والاعتساف فاصدع باوامر الحق ونواهيه ولا تخف غير الله فيما أنب فيه وانما عليك البلاغ گرچهـ دانى كه نشنوند بكوى ... هر چهـ مى دانى از نصيحت و پند زود باشد كه خيره سر بينى ... بدو پاى اوفتاده اندر بند دست بر دست مى زند كه دريغ ... نشنيدم حديث دانشمند ولا يسقط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ابدا ولكنه لا ينفع الوعظ والزجر فى آخر الزمان حين تشتد القلوب قساوة وتكون الأنفس مولعة بلذات الدنيا- روى- ان يهوديا قال لهارون الرشيد فى سيره مع عكسره اتق الله فلما سمع هارون قول اليهودي نزل عن فرسه وكذا العسكر نزلوا تعظيما لاسم الله العظيم. ومن اكبر الذنوب ان يقول الرجل لاخيه اتق الله فيقول فى جوابه عليك نفسك أأنت تأمرنى بهذا ومن الله العظة والتوفيق الى سواء الطريق أَلَمْ تَرَ تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم او لكل من تتأتى منه الرؤية من حال اهل الكتاب وسوء صنيعهم اى ألم تنظر إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً حظا وافرا مِنَ الْكِتابِ اى التوراة والمراد بما أوتوه منها ما بين لهم فيها من العلوم والاحكام التي من جملتها ما علموه من نعوت النبي عليه السلام وحقية الإسلام يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ الذي أوتوا نصيبا منه وهو التوراة كأنه قيل ماذا يصنعون حتى ينظر إليهم فقيل يدعون الى كتاب الله فالجملة استئناف لِيَحْكُمَ ذلك الكتاب بَيْنَهُمْ وفى الكتاب بيان الحكم فاضيف اليه الحكم كما فى صفة القرآن بشيرا ونذيرا لان فيه بيان التبشير والانذار وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مدارس اليهود فدعاهم الى الايمان فقال له رئيسهم نعيم بن عمرو على أي دين أنت قال صلى الله عليه وسلم (على ملة ابراهيم) قال ان ابراهيم كان يهوديا قال صلى الله عليه وسلم (ان بيننا وبينكم التوراة فهاتوها فابوا) وقال الكلبي نزلت الآية فى الرجم فجر رجل وامرأة من اهل خيبر وكانا فى شرف منهم وكان فى كتابهم الرجم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء رخصة عنده فحكم عليهم بالرجم فقالوا جرت علينا ليس عليهما الرجم فقال صلى الله عليه وسلم (بينى وبينكم التوراة) قالوا قد أنصفتنا قال (فمن أعلمكم بالتوراة) قالوا ابن صوريا فأرسلوا اليه فدعا النبي عليه الصلاة والسلام بشئ من التوراة فيه الرجم دله على ذلك ابن سلام فقال له (اقرأ فلما اتى على آية الرجم وضع كفه عليها) وقام ابن

[سورة آل عمران (3) : الآيات 24 إلى 25]

سلام فرفع إصبعه عنها ثم قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اليهود بان المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رجما وان كانت المرأة حبلى تربص حتى تصنع ما فى بطنها وامر رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهوديين فرجما فغضب اليهود لذلك ورجعوا كفارا فانزل الله هذه الآية ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ استبعاد لتوليهم بعد علمهم بوجوب الرجوع اليه ولم يصب به الكل لانه قال فى هذه السورة مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ وقال تعالى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَهُمْ مُعْرِضُونَ اما حال من فريق لتخصصه بالصفة اى يتولون من المجلس وهم معرضون بقلوبهم او اعتراض اى وهم قوم ديدنهم الاعراض عن الحق والإصرار على الباطل ذلِكَ اى التولي والاعراض بِأَنَّهُمْ اى حاصل بسبب انهم قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ باقتراف الذنوب وركوب المعاصي إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أربعين يوما وهى مدة الأيام التي عبدوا فيها العجل ورسخ اعتقادهم على ذلك وهونوا عليهم الخطوب وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ من قولهم ذلك وما أشبهه من قولهم ان آبائنا الأنبياء يشفعون لنا او ان الله تعالى وعد يعقوب عليه السلام ان لا يعذب أولاده الا تحلة القسم ولذلك ارتكبوا ما ارتكبوا من القبائح. قال ابن عباس رضى الله عنهما زعمت اليهود انهم وجدوا فى التوراة ان ما بين طرفى جهنم أربعون سنة الى ان ينتهوا الى شجرة الزقوم وانما نعذب حتى نأتى الى شجرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك واصل الجحيم سقر وفيها شجرة الزقوم فاذا اقتحموا من باب جهنم وتبادروا فى العذاب حتى انتهوا الى شجرة الزقوم وملأوا البطون قال لهم خازن سقر زعمتم ان النار لن تمسكم الا أياما معدودات قد خلت أربعون سنة وأنتم فى الابد فَكَيْفَ اى فكيف يصنعون وكيف يكون حالهم وهو استعظام لما أعد لهم وتهويل لهم وانهم يقعون فيما لا حيلة فى دفعه والمخلص منه وان ما حد ثوابه أنفسهم وسهلوه عليها تعلل بباطل وتطمع بما لا يكون إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ اى لجزاء يوم لا رَيْبَ فِيهِ اى فى وقوعه ووقوع ما فيه- روى- ان أول راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفرة راية اليهود فيفضحهم الله على رؤس الاشهاد ثم يأمر بهم الى النار وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ اى جزاء ما كسبت من غير نقص أصلا كما يزعمون. وفيه دلالة على ان العبادة لا تحبط وان المؤمن لا يخلد فى النار لان توفية جزاء إيمانه وعمله لا يكون فى النار ولا قبل دخولها فاذا هى بعد الخلاص منها وَهُمْ اى كل الناس المدلول عليهم بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بزيادة عذاب او بنقص ثواب بل يصيب كلا منهم مقدار ما كسبه فالله تعالى ليس من شأنه العظيم ان يظلم عباده ولو مثقال ذرة فيجازى المؤمنين بايمانهم والكافرين بكفرهم. فعلى العاقل ان لا يقطع رجاءه من الله تعالى وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر فالله تعالى عند حسن ظن العبد به- روى- انه إذا كان يوم القيامة وسكن اهل الجنة الجنة واهل النار النار إذا بصوت حزين ينادى من داخل النار يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام فيقول الله تعالى يا جبريل اخرج هذا العبد الذي فى النار قال فيخرجه اسود كفرخ الحمام قد تناثر لحمه وذاب جسمه فينادى يا جبريل لا توقفنى بين يدى الله فافزع فيؤتى به الى الله فيقول له عبدى أتذكر ذنب

[سورة آل عمران (3) : الآيات 26 إلى 30]

كذا وكذا فى سنة كذا وكذا فيقول نعم يا رب فيقول الله اذهبوا بعبدي الى النار فيكون من العبد التفات فيقول الله ردوا عبدى الىّ فيرد اليه فيقول له عبدى ما كان التفاتك وهو اعلم فيقول يا رب أذنبت ولم اقطع رجائى منك وحاسبتنى ولم اقطع رجائى منك وأدخلتني النار ولم اقطع رجائى منك وأخرجتني منها إليك ولم اقطع رجائى منك ثم رددتنى إليها ولم اقطع رجائى منك فيقول الله تبارك وتعالى وعزتى وجلالى وارتفاعي فى علو مكانى لأكونن عند ظن عبدى بي ولأحققن رجاءه فى اذهبوا بعبدي الى الجنة خدايا بعزت كه خوارم مكن ... بذل بزه شرمسارم مكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة عند الموت ولا فى قبورهم ولا فى منشرهم كأنى باهل لا اله الا الله ينفضون التراب عن رؤسهم وهم يقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) فالواجب على من كان مؤمنا وليس من اهل البدع ان يحمد الله على ما هداه وجعله مسلما من الامة الشريفة. ولذا قيل من علامات سوء العاقبة ان لا يشكر العبد على ما هدى به من الايمان والتوحيد. واهل الغرور فى الدنيا مخدوع بهم فى الآخرة فليس لهم عناية رحمانية وانما يقبل رجاء العبد إذا قارنه العمل والكاملون بعد ان بالغوا فى تزكية النفس ما زالوا يخافون من سوء العاقبة ويرجون رحمة الله فكيف بنا ونحن متورطون فى آبار الأوزار لا توبة لنا ولا استغفار غير العناد والإصرار. قال الامام الهمام محمد الغزالي رحمه الله فى منهاج العابدين مقدمات التوبة ثلاث. احداها ذكر غاية قبح الذنوب. والثانية ذكر غاية عقوبة الله تعالى واليم سخطه وغضبه الذي لا طاقة لك به. والثالثة ذكر ضعفك وقلة حيلتك فان من لا يحتمل حر الشمس ولطمة شرطى وقرص نملة كيف يحتمل حر نار جهنم وضرب مقامع الزبانية ولسع حيات كأعناق البخت وعقارب كالبغال خلقت من النار فى دار الغضب والبوار نعوذ بالله من سخطه وعذابه مرامى ببايد چوطفلان كريست ... ز شرم كناهان ز طفلانه زيست نكو كفت لقمان كه نازيستن ... به از سالها بر خطا زيستن هم از بامداد آن در كلبه بست ... به از سود وسرمايه دادن ز دست قُلِ اللَّهُمَّ أصله يا الله فالميم عوض عن حرف النداء ولذلك لا يجتمعان وهذا من خصائص الاسم الجليل وشددت لقيامها مقام حرفين. وقيل أصله يا الله أمنا بخير اى اقصدنا به فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته مالِكَ الْمُلْكِ اى مالك جنس الملك على الإطلاق ملكا حقيقيا بحيث يتصرف فيه كيف ما يشاء له إيجادا واعداما واحياء واماتة وتعذيبا واثابة من غير مشارك ولا ممانع وهو نداء ثان عند سيبويه فان الميم عنده تمنع الوصفية لانه ليس فى الأسماء الموصوفة شىء على حد اللهم تُؤْتِي الْمُلْكَ بيان لبعض وجوه التصرف الذي يستدعيه مالكية الملك وتحقيق لاختصاصها به تعالى وكون مالكية الغير بطريق المجاز كما ينبئ عنه إيثار الإيتاء الذي هو مجرد الإعطاء على التمليك المؤذن بثبوت المالكية حقيقة مَنْ تَشاءُ ايتاءه إياه وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ نزعه منه فالملك الاول حقيقى عام ومملوكيته حقيقية والآخران مجازيان خاصان ونسبتهما الى صاحبهما مجازية وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ

[سورة آل عمران (3) : آية 27]

ان تعزه فى الدنيا او فى الآخرة او فى فيهما بالنصر والتوفيق وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ان تذله فى إحداهما او فيهما من غير ممانعة من الغير ولا مدافعة بِيَدِكَ الْخَيْرُ وتعريف الخير للتعميم وتقديم الخبر للتخصيص اى بقدرتك الخير كله لا بقدرة أحد من غيرك تتصرف فيه قبضا وبسطا حسبما تقتضيه مشيئتك وتخصيص الخير بالذكر لان الكلام انما وقع فى الخير الذي يسوفه الى المؤمنين وهو الذي أنكرته الكفرة فقال بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك ولان كل افعال الله تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله كأيتاء الملك ونزعه او لمراعاة الأدب فان فى الخطاب بان الشر منك وبيدك ترك ادب وان كان الكل من الله تعالى- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة من اهل المدينة أربعين ذراعا وجميع من وافى الخندق من القبائل عشرة آلاف وأخذوا يحفرونه خرج من بطن الخندق صخرة كالفيل العظيم لم تعمل فيها المعاول فوجهوا سلمان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فجاء عليه السلام وأخذ المعول من سلمان فضربها ضربة صدعتها مقدار ثلثها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها كانه مصباح فى جوف بيت مظلم فكبر وكبر معه المسلمون وقال (أضاءت لى منها قصور الحيرة كانها أنياب الكلاب) ثم ضرب الثانية فقال (أضاءت لى منها القصور الحمر فى ارض الروم) ثم ضرب الثالثة فقال (أضاءت لى قصور صنعاء وأخبرني جبريل عليه السلام ان أمتي ظاهرة على الأمم كلها فابشروا) فقال المنافقون ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وأنتم انما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون ان تبرزوا فنزلت إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من الإعزاز والاذلال تُولِجُ اى تدخل اللَّيْلَ فِي النَّهارِ بنقص الاول وزيادة الثاني حتى يصير النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ اى تظهر الحيوان من النطفة او الطير من البيضة او العالم من الجاهل او المؤمن من الكافر او النبات من الأرض اليابسة وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وهذا عكس الاول وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ قال ابو العباس المقري ورد لفظ الحساب فى القرآن على ثلاثة أوجه بمعنى التعب قال تعالى وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ وبمعنى العدد قال تعالى إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ وبمعنى المطالبة قال تعالى فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل ترزق او من مفعوله وفيه دلالة على ان من قدر على أمثال هاتيك الأفاعيل العظام المحيرة للعقول فقدرته على ان ينزع الملك من العجم ويذل ويؤتيه العرب ويعزهم أهون من كل هين. عن على رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآيتين من آل عمران شهد الله انه لا اله الا هو الى قوله تعالى ان الدين عند الله الإسلام وقل اللهم الى قوله تعالى بغير حساب معلقات ما بينهن وبين الله حجاب قلن يا رب أتهبطنا الى أرضك والى من يعصيك قال الله عز وجل انى حلفت انه لا يقرأ كن أحد دبر كل صلاة الا جعلت الجنة مثواه على ما كان منه وأسكنته فى حظيرة

[سورة آل عمران (3) : آية 28]

القدس ونظرت اليه بعيني كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة وأعذته من كل عدو وحاسد ونصرته عليهم) وفى بعض الكتب [انا الله ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فان العباد أطاعوني جعلتهم لهم رحمة وان العباد عصونى جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسبب الملوك ولكن توبوا الى أعطفهم عليكم] وهو معنى قوله عليه السلام (كما تكونون يولى عليكم) معناه ان كنتم من اهل الطاعة يول عليكم اهل الرحمة وان كنتم من اهل المعصية يول عليكم اهل العقوبة. وجاء فى الخبر ان موسى عليه السلام قال فى مناجاته [يا رب أنت فى السماء ونحن فى الأرض فما علامة سخطك من رضاك فاوحى الله اليه إذا استعملت على الناس خيارهم فهو علامة رضاى وإذا استعملت شرارهم فهو علامة سخطى عليهم] . قال الحجاج بن يوسف حين قيل له لم لا تعدل مثل عمر رضى الله عنه وأنت قد أدركت خلافته أفلم ترعد له وصلاحه فقال فى جوابهم تبذوروا أتعمر لكم اى كونوا كأبى ذر فى الزهد والتقوى أعاملكم معاملة عمر فى العدل والانصاف. وفيه اشارة الى ان الولاة انما يكونون على حسب اعمال الرعايا وأحوالهم صلاحا وفسادا فعلى كل واحد من المسلمين التضرع لله تعالى والانابة اليه بالتوبة والاستغفار عند فشّو الظلم وشمول الجور ويظهر جور الوالي وعدله فى الضرع والزرع والأشجار والأثمار والمكاسب والحرف يعنى يقل لبن الضرع وتنزع بركة الزرع وتنقص ثمار الأشجار وتكسد معاملة التجار واهل الحرف فى الأمصار التي ملك فيها ذلك الملك الجائر بشؤم ظلمه وسوء فعله ويكون الأمر على العكس إذا عدل ولما ولى عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب اليه طاووس ان أردت ان يكون عملك خيرا كله فاستعمل اهل الخير فقال كفى بها موعظة پندم اگر بشنوى اى پادشاه ... در همه دفتر به ازين پند نيست جز بخردمند مفرما عمل ... گر چهـ عمل كار خردمند نيست قال النبي صلى الله عليه وسلم (سيأتى زمان لامتى يكون امراؤهم على الجور وعلماؤهم على الطمع وعبادهم على الرياء وتجارهم على أكل الربا ونساؤهم على زينة الدنيا) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ نهوا عن موالاتهم لقرابة او صداقة جاهلية او جوار ونحوها من اسباب المصادقة والمعاشرة حتى لا يكون حبهم ولا بغضهم الا لله تعالى او عن الاستعانة بهم فى الغزو وسائر الأمور الدينية مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فى موضع الحال اى متجاوزين المؤمنين إليهم استقلالا او اشتراكا. وفيه اشارة الى انهم الاحقاء بالموالاة وان فى موالاتهم مندوحة عن موالاة الكافرين اى استغناء فلا تؤثروهم عليهم فى الولاية وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى اتخاذهم اولياء فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ اى من ولايته تعالى فِي شَيْءٍ يصح ان يطلق عليه اسم الولاية يعنى انه منسلخ من ولاية الله رأسا وهذا امر معقول فان موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان: قال تود عدوى ثم تزعم اننى ... صديقك ليس النوك عنك بعازب النوك الحمق. والعازب البعيد والمعنى الصديق هو من يودك ويبغض عدوك. والأعداء ايضا ثلاثة عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك

[سورة آل عمران (3) : آية 29]

بشوى اى خرمند از آن دوست دست ... كه با دشمنانت بود هم نشست إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا استثناء من أعم الأحوال كأنه قيل لا تتخذوهم اولياء ظاهرا وباطنا فى حال من الأحوال إلا حال اتقائكم مِنْهُمْ اى من جهتهم تُقاةً اى اتقاء بان تغلب الكفار او يكون المؤمن بينهم فان اظهار الموالاة حينئذ مع اطمئنان النفس بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع من شق العصا واظهار ما فى الضمير كما قال عيسى عليه السلام [كن وسطا وامش جانبا] اى كن فيما بينهم صورة وتجنب عنهم سيرة [ولا تخالطهم مخالطة الأوداء ولا تتيسر بسيرتهم] وهذا رخصة فلو صبر حتى قتل كان اجره عظيما وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ اى يخوفكم الله ذاته المقدسة كقوله تعالى فَاتَّقُونِ. وَاخْشَوْنِ اى من سخطى وعقوبتى فلا تتعرضوا لسخطه بموالاة أعدائه وهذا وعيد شديد وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ اى الى جزاء الله مرجع الخلق فيجزى كلا بعمله قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ من الضمائر التي من جملتها ولاية الكفرة أَوْ تُبْدُوهُ فيما بينكم يَعْلَمْهُ اللَّهُ فيؤاخذكم بذلك عند مصيركم اليه وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لا يخفى عليه منه شىء قط فلا يخفى عليه سركم وعلنكم وهو من باب إيراد العام بعد الخاص تأكيدا له وتقريرا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على عقوبتكم بما لا مزيد عليه ان لم تنتهوا عما نهيتم عنه وهذا بيان لقوله تعالى وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ لان نفسه وهى ذاته المتميزة من سائر الذوات متصفة بعلم ذاتى لا يختص بمعلوم دون المعلوم فهى متعلقة بالمعلومات كلها وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدور دون مقدور فهى قادرة على المقدورات كلها فكان حقها ان تحذر وتتقى فلا يجسر أحد على قبيح ولا يقصر عن واجب فان ذلك مطلع عليه لا محالة ولا حق به العذاب ولو علم بعض عبيد السلطان انه أراد الاطلاع على أحواله مما يورد ويصدر ونصب عليه عيونا وبث من يتجسس عن بواطن أموره لاخذ حذره وتيقظ فى امره واتقى كل ما يتوقع فيه الاسترابة به فما بال من علم ان الله الذي يعلم السر وأخفى مهيمن عليه وهو آمن اللهم انا نعوذبك من اغترارنا بسترك كذا فى الكشاف. فالعاقل يخاف من الله ويكون حبه وبغضه لله يوالى المؤمنين ويعادى الكافرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اربعة من الكبائر لبس الصوف لطلب الدنيا وادعاء محبة الصالحين وترك فعلهم وذم الأغنياء والاخذ منهم ورجل لا يرى الكسب ويأكل من كسب الناس) كر آنها كه ميكفتمى كردمى ... نكو سيرت پارسا بودمى والحب فى الله والبغض فى الله باب عظيم واصل من اصول الايمان وخلق سنى والمحبة الصادقة لا تكون إلا عند المصافاة فى الباطن وهى مبنية على اتفاق العقيدة والوجهة لان القلوب تتناسب فتتصافى فان لم يكن بينها التوافق المعنوي واتفق بين أربابها المصالحة والمؤانسة بحسب المماثلة النوعية والالفة النفسية والجنسية الصورية أعدت الرذائل صاحب الفضائل باستغراق النفس فتشابه وتخالق كما قيل عن المرء لا تسأل وابصر قرينه. فكل قرين بالمقارن يقتدى وقال على رضى الله عنه

[سورة آل عمران (3) : آية 30]

فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه فكم من جاهل أردى ... حليما حين أخاه يقاس المرء بالمرء ... إذا ما هو ما شاه وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه وإذا كان الرجل مبتلى بصحبة الفجار فى سفره للحج او للغزاء لا يترك الطاعة بصحبتهم ولكن يكره بقلبه ولا يرضى به فلعل الفاسق يتوب ببركة كراهة قلبه- حكى- ان حاتما وشقيقا خرجا فى سفر فصحبهما شيخ فاسق وكان يضرب بالمعزف فى الطريق ويطرب ويغنى وكان حاتم ينتظر ان ينهاه شقيق فلم يفعل ذلك فلما كان فى آخر الطريق وأرادوا ان يتفرقوا قال لهما ذلك الشيخ الفاسق لم ار أثقل منكما قد طربت بين أيديكما كل الطرب فلم تنظرا الى طربى فقال له حاتم يا شيخ اعذرنا فان هذا شقيق وانا حاتم فتاب الرجل وكسر ذلك المعزف وجعل يتلمذ عندهما ويخدمهما فقال شقيق لحاتم كيف رأيت صبر الرجال نه آنكه بر در دعوى نشيند از خلقى ... كه كر خلاف كنندش بجنگ برخيزد وكر ز كوه فرو غلطد آسيا سنكى ... نه عارفست كه از راه سنك برخيزد وينبغى ان يعلم ان المؤمن كما يلزم له ان يقطع الموالاة عن الكفار كذلك يقطع ذلك عن الأقرباء الفجار كما قيل چون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى فان قلت هذا مخالف للقرآن فانه ناطق بصلة الأرحام مطلقا. قلت هو موافق كما قال تعالى وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما فمن تسبب لشقاوتك يجب تقاطعك عنه وان كان ذا قرابتك هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد ... فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد فعليك بقطع التعلق من الأغيار وبالاقتداء بهدى الأنبياء الأخيار قال خليل الله عليه السلام فانهم عدو لى الا رب العالمين. ومن موالاة الكفار المؤاكلة معهم بغير عذر اقتضاها. ومن القول الشنيع ان يقال لهم جلبى كما يقول لهم سفهاء زماننا فان معنى جلبى منسوب الى جلب وجلب اسم الله تعالى وهم نارى دون نورى فكيف يصح نسبتهم الى الله والعياذ بالله يَوْمَ منصوب بتود تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ اى من النفوس المكلفة ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً عندها بامر الله تعالى وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ عطف على ما عملت والإحضار معتبر فيه ايضا الا انه خص بالذكر فى الخير للاشعار بكون الخير مرادا بالذات وكون إحضار الشر من مقتضيات الحكمة التشريعية تَوَدُّ اى تحب وتتمنى يوم تجد صحائف أعمالها من الخير والشر او اجزيتها محضرة لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ اى بين النفس وبين ذلك اليوم وهوله او بين العمل السوء أَمَداً بَعِيداً اى مسافة واسعة كما بين المشرق والمغرب ولم تحضر ذلك اليوم او لم تعمل ذلك السوء قط وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ اى يقول الله إياكم ونفسى يعنى احذروا من سخطى وهو تكرير لما سبق ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ يعنى ان تحذيره نفسه وتعريفه حالها من العلم والقدرة من الرأفة العظيمة بالعباد لانهم إذا عرفوه حق المعرفة وحذروه دعاهم ذلك الى طلب رضاه واجتناب سخطه فيحذرهم تحذير الوالد المشفق ولده عما يوبقه

[سورة آل عمران (3) : الآيات 31 إلى 35]

قال القشيري رحمه الله هذا للمستأنفين وقوله وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ للعارفين أولئك اصحاب التخفيف والتسهيل وهؤلاء اصحاب التخويف والتهويل ونظيره بشر المذنبين وانذر الصديقين فالله تعالى يمهل ولا يهمل فيجب ان لا يغتر العبد بامهاله بل يتأهب ليوم حسابه وجزائه در خير باز است وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك واعلم ان ما يعمله الإنسان او يقوله ينتقش فى صحائف النفوس السماوية وإذا تكرر صار ملكة راسخة لكنه مشغول عن تلك الهيآت الثابتة فى نفسه ونقوشها بالشواغل الحسية والوهمية والفكرية فاذا فارقت النفس الجسد وقامت قيامتها وجدت ما عملت من خير وشر محضرا لارتفاع الشواغل المانعة كقوله تعالى أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ فان كان شرا تتمنى البعد فيما بينها وما بين ذلك اليوم او ذلك العمل لتعذبها به فتصير تلك الهيآت صورتها ان كانت راسخة وإلا صورة تعذبها وتعذبت بحسبها ومن الله العصمة: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره هر خيالى كو كند در دل وطن ... روز محشر صورتى خواهد شدن «1» سيرتى كان در وجودت غالب است ... هم بر آن تصوير حشرت واجب است «2» فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الذميمة ويطهر قلبه عن لوث العلائق الدنيوية ويجتهد فى تحصيل مرضاة الله بالأعمال الصالحة والأقوال الحقة كى يجدها عند ربه يوم احتياجه ويفوز بالسعادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط واعرى ما كانوا قط وانصب ما كانوا قط فمن اطعم الله أطعمه ومن سقى الله سقاه ومن كسا الله كساه ومن عمل لله كفاه) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام باعد بينى وبين خطيئتى كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلني بماء الثلج والبرد سبحان الله وبحمده استغفر الله العظيم وأتوب اليه) ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الى أصحابه حوله فقال (ايها الناس لا تعجبوا بانفسكم وبكثرة أعمالكم وبقلة ذنوبكم ولا تعجبوا بامرئ حتى تعلموا بم يختم له) قال عليه السلام (فانما الأعمال بخواتيمها ولو ان أحدكم جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لتمنى الزيادة لهول ما يقدم عليه يوم القيامة) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي اثبت فيه الياء لانه اصل ولم يثبت فى فاتقون وأطيعون لانه ختم آية ينوى بها الوقف يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ نزلت حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن الأشرف ومن تابعه الى الايمان فقالوا نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فقال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم انى رسول الله أدعوكم اليه فان كنتم تحبونه فاتبعونى على دينه وامتثلوا امرى يحببكم الله ويرض عنكم. والمحبة ميل النفس الى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها اليه والعبد إذا علم ان الكمال الحقيقي ليس الا لله وان كل ما يراه كمالا من نفسه او غيره فهو من الله وبالله والى الله لم يكن حبه الا لله وفى الله وذلك يقتضى ارادة طاعته والرغبة فيما يقربه اليه فلذلك فسرت المحبة بارادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى طاعته والحرص على مطاوعته

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم إلخ (2) در أوائل دفتر دوم در بيان آمدن دوستان بيمارستان جهة پرسش ذو النون قدس سره

[سورة آل عمران (3) : آية 32]

وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ اى يكشف الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جنات عزه ويبوئكم فى جوار قدسه. عبر عنه بالمحبة بطريق الاستعارة او المشاكلة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى لمن كان يتحبب للنصارى ويتبع عيسى ابن مريم فنزل قوله تعالى قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ اى فى جميع الأوامر والنواهي فيدخل فى ذلك الطاعة فى اتباعه صلى الله عليه وسلم دخولا أوليا فَإِنْ تَوَلَّوْا اما من تمام مقول القول فهى صيغة المضارع المخاطب بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا واما كلام متفرع مسوق من جهته تعالى فهى صيغة الماضي الغائب وفى ترك ذكر احتمال الاطاعة كما فى قوله تعالى فَإِنْ أَسْلَمُوا تلويح الى انه غير محتمل عنهم فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ نفى المحبة كناية عن بغضه تعالى لهم وسخطه عليهم اى لا يرضى عنهم ولا يثنى عليهم. ودلت الآية على شرف النبي عليه السلام فانه جعل متابعته متابعة حبيبه وقارن طاعته بطاعته فمن ادعى محبة الله وخالف سنة نبيه فهو كذاب بنص كتاب الله تعالى كما قيل تعصى الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال فى الفعال بديع لو كان حبك صادقا لا طعته ... ان المحب لمن يحب مطيع وانما كان من ادعى محبة الله وخالف سنة رسوله كاذبا فى دعواه لان من أحب آخر يحب خواصه والمتصلين به من عبيده وغلمانه وبيته وبنيانه ومحله ومكانه وجداره وكلبه وحماره وغير ذلك فهذا هو قانون العشق وقاعدة المحبة والى هذا المعنى أشار المجنون العامري حيث قال امر على الديار ديار ليلى ... اقبل ذا الجدار وذا الجدار وما حب الديار شغفن قلبى ... ولكن حب من سكن الديارا قال الامام القشيري رحمه الله قطع الله اطماع الكل ان يسلم لاحدهم نفسه الا ومقتداهم سيد الأولين والآخرين. وقال القاشاني محبة النبي عليه السلام انما تكون بمتابعته وسلوك سبيله قولا وعملا وخلقا وحالا وسيرة وعقيدة ولا تتمشى دعوى المحبة الا بهذا فانه قطب المحبة ومظهرها وطريقته صلى الله عليه وسلم المحبة فمن لم يكن له من طريقته نصيب لم يكن له من المحبة نصيب وإذا تابعه حق المتابعة ناسب باطنه وسره وقلبه ونفسه باطن النبي وسره وقلبه ونفسه وهو مظهر المحبة فلزم بهذه المناسبة ان يكون لهذا التابع قسط من محبة الله بقدر نصيبه من المتابعة فيلقى الله محبته عليه ويسرى من روح النبي نور تلك المحبة ايضا الى قلبه اسرع ما يكون إذ لولا محبة الله لم يكن محبا له ثم نزل عن هذا المقام لانه أعز من الكبريت الأحمر ودعاهم الى ما هو أعم من مقام المحبة وهو مقام الارادة فقال قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ اى ان لم تكونوا محبين ولم تستطيعوا متابعة حبيبى فلا اقل من ان تكونوا مريدين مطيعين لما أمرتم به فان المريد يلزمه طاعة المراد وامتثال امره فَإِنْ تَوَلَّوْا اى ان اعرضوا عن ذلك ايضا فهم كفار محجوبون انتهى. وروى البخاري عن عبد الله بن هشام انه كانه مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر رضى عنه فقال عمر يا رسول الله أنت أحب الى من كل شىء الا نفسى

[سورة آل عمران (3) : آية 33]

فقال عليه السلام (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه) فقال عمر فانه الآن والله أنت أحب الى من نفسى فقال عليه السلام (الآن يا عمر صار إيمانك كاملا) وقال صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة الا من ابى) قالوا ومن يأبى قال (من أطاعني دخل الجنة ومن عصانى فقد ابى) وعن جابر بن عبد الله انه قال جاءت ملائكة الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم انه نائم وقال بعضهم ان العين نائمة والقلب يقظان فقالوا ان لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا فقالوا مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا اولوها له يفقهها فقالوا الدار الجنة والداعي محمد فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ومن عصى محمدا فقد عصى الله ومحمد فرق بين الناس فبمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم تحصل الجنة والقربة والوصلة- روى- ان محمودا الغازي دخل على الشيخ الرباني ابى الحسن الخرقاني قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال الشيخ هو رجل من اتبعه اهتدى واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول الله عليه السلام ولم يخلص من الشقاوة فقال الشيخ فى جوابه ان أبا جهل ما رأى رسول الله انما رأى محمد بن عبد الله حتى لو كان رأى رسول الله عليه السلام لخرج من الشقاوة ودخل فى السعادة ثم قال ومصداق ذلك قول الله تعالى وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السر والقلب والمتابعة التامة تورث ذلك. وأمته صلى الله عليه وسلم من اتبعه ولا يتبعه الا من اعرض عن الدنيا فانه عليه السلام ما دعا الا الى الله واليوم الآخر وما صرف الا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما أعرضت عنها وأقبلت على الله وصرفت الأوقات لاعمال الآخرة فقد سلكت سبيله الذي يسلكه وبقدر ما اتبعته صرت من أمته وبقدر ما أقبلت على الدنيا عدلت عن سبيله وأعرضت عن متابعته ولحقت بالذين قال الله تعالى فيهم فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ولو خرجت عن مكمن الغرور وأنصفت من نفسك يا رجل وكلنا ذلك الرجل لعلمت انك من حين تمسى الى حين تصبح لا تسعى الا فى الحظوظ العاجلة ولا تتحرك الا برجل الدنيا الفانية ثم تطمع فى ان تكون غدا من أمته واتباعه ويحك ما ابعد ظننا وما افحش طمعنا قال الله تعالى أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ الاصطفاء أخذ ما صفا من الشيء كالاستصفا اى اختار آدم بالنفس القدسية وما يليق بها من الملكات الروحانية والكمالات الجسمانية المستتبعة للرسالة فى نفس المصطفى كما فى كافة الرسل عليهم السلام او فيمن يلابسه وينشأ منه كما فى مريم او اصطفاه بان خلقه بيده فى احسن تقويم وبتعليم الأسماء واسجاد الملائكة إياه وإسكانه الجنة وَاصطفى نُوحاً بما ذكر من الوجه الاول او اصطفاه بكونه أول من نسخ الشرائع إذ لم يكن قبل ذلك تزويج المحارم حراما وباطالة عمره وجعل ذريته هم الباقين واستجابة دعوته فى حق الكفرة والمؤمنين وحمله على متن الماء وَاصطفى آلَ إِبْراهِيمَ وهو إسماعيل

[سورة آل عمران (3) : آية 34]

واسحق والأنبياء من أولادهما الذين من جملتهم النبي صلى الله عليه وسلم ويفهم من اصطفائهم اصطفاء ابراهيم بطريق الاولوية وَاصطفى آلَ عِمْرانَ وهو عيسى وامه مريم ابنة عمران بن ماتان بن العادر بن ابى هود بن رب بابل بن ساليان بن يوحنا بن اوشا بن او موذر ابن ميشك بن خارقا بن يونام بن غرزيا بن يوزان بن ساقط بن ايشا بن راجقيم بن سليمان بن داود عليهما السلام بن ايشا بن عويل بن سلمون بن ياعر بن ممشون بن عمياد بن دام بن حضروم بن فارض بن يهودا بن يعقوب عليه السلام. وقيل آل عمران هو موسى وهارون عليهما السلام ابنا عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوى بن يعقوب عليه السلام وبين العمرانين الف وثمانمائة سنة فيكون اصطفاء عيسى عليه السلام بالاندراج فى آل ابراهيم والاول هو الأظهر بدليل تعقيبه بقصة مريم واصطفاء موسى وهارون عليهما السلام بالانتظام فى سلك آل ابراهيم انتظاما ظاهرا عَلَى الْعالَمِينَ جمع عالم وهو اسم لنوع من المخلوقين فيه علامة يمتاز بها عن خلافه من الأنواع كالملك والجن والانس يقال عالم البر وعالم البحر وعالم الأرض وعالم السماء والمراد بالعالمين اهل زمان كل واحد منهم اى اصطفى كل واحد منهم على عالمى زمانه ذُرِّيَّةً نصب على البدلية من الآلين. والذر بفتح الذال البث والتفريق وسمى نسل الثقلين ذرية لان الله تعالى قد بثهم فى الأرض أو لأن الله اخرج نسل آدم عليه السلام من صلبه كهيئة الذر وهو جمع ذرة وهى أصغر النمل والذرء ايضا الخلق والله تعالى خلقهم وأظهرهم من العدم الى الوجود بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ فى محل النصب على انه صفته لذرية يعنى ان الآلين ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعب من بعض فان آل ابراهيم اعنى إسماعيل واسحق متشعبان من ابراهيم المتشعب من نوح المتشعب من آدم وأولادهما الى آخر أنبياء بنى إسرائيل والى خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين متشعبون منهما وآل عمران وهو موسى وهارون من ذرية ابراهيم ونوح وآدم وكذا عيسى وامه مريم عليهما السلام وَاللَّهُ سَمِيعٌ لا قوال العباد عَلِيمٌ بأعمالهم البادية والخافية فيصطفى من بينهم لخدمته من يظهر استقامته قولا وفعلا على نهج قوله تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ودلت الآية على صحة انكحة الكفار حيث ثبت نسب بعضهم من بعض بها قال صلى الله عليه وسلم ولدت من نكاح لا من سفاح) واعلم ان الاصطفاء أعم من المحبة والخلة فيشمل الأنبياء كلهم لانهم خيرة الله وصفونه وتتفاضل فيه مراتبهم كما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ فاخص المراتب هو المحبة المشار إليها بقوله وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ فلذلك كان أفضلهم حبيب الله محمدا عليه السلام ثم الخلة التي هى صفة ابراهيم عليه السلام وأعمها الصفاء الذي هو صفة آدم صفى الله عليه السلام ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ فى الدين والحقيقة إذ الولادة قسمان صورية ومعنوية فكل نبى يتبع نبيا آخر فى التوحيد والمعرفة وما يتعلق بالباطن من اصول الدين فهو ولده كأولاد المشايخ فى زماننا هذا وكما قيل الآباء ثلاثة اب ولدك واب رباك واب علمك وكما ان وجود البدن فى الولادة الصورية يتولد فى رحم امه من نطفة أبيه فكذلك وجود القلب فى الولادة الحقيقة يظهر فى رحم استعداد النفس من نفخة الشيخ والمعلم والى هذه الولادة

[سورة آل عمران (3) : آية 35]

أشار عيسى عليه السلام بقوله [لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين] ثم اعلم ان الولادة المعنوية أكثرها تتبع الصورية فى التناسل ولذلك كان الأنبياء فى الظاهر ايضا نسلا واحدا ثمرة شجرة واحدة وسببه ان الروح فى الصفاء والكدورة يناسب المزاج فى القرب من الاعتدال الحقيقي وعدمه وقت التكون فلكل روح مزاج يناسبه ويخصه إذ الفيض يصل بحسب المناسبة وتتفاوت الأرواح فى الأزل بحسب صفوتها ومراتبها فى القرب والبعد عن الحضرة الاحدية فتتفاوت الامزجة بحسبها فى الابد لتتصل بها والأبدان المتناسلة بعضها من بعض متشابهة فى الامزجة على الأكثر اللهم الا لامور عارضة اتفاقية فكذلك الأرواح المتصلة بها متقاربة فى الرتبة متناسبة فى الصفة وهذا مما يقوى ان المهدى يكون من نسل محمد عليه السلام. والاغذية مؤثرة فى البدن. فمن كان غذائه حلالا طيبا وهيآت نفسه فاضلة نورانية ونياته صادقة حقانية جاء ولده مؤمنا صديقا او وليا او نبيا. ومن كان غذائه حراما وهيآت نفسه خبيثة ظلمانية ونياته فاسدة رديئة جاء ولده فاسقا او كافرا او زنديقا إذا لنطفة التي يكون الولد منها متولدة من ذلك الغذاء مرباة فى تلك النفس فيناسبها ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولد سرابيه) وكان صدق مريم ونبوة عيسى ببركة صدق نيتها إِذْ منصوب باذكر قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ وهى امرأة عمران بن ماثان أم مريم البتول جدة عيسى عليه السلام وهى حنة بنت فاقوذا فان قلت كان لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم اكبر من موسى وهارون ولعمران بن ماثان مريم البتول فما ادراك ان عمران هذا هو ابو مريم البتول دون عمران ابى مريم التي هى اخت موسى وهارون قلت كفى بكفالة زكريا دليلا على انه عمران ابو البتول لان زكريا بن اذن وعمران بن ماثان كانا فى عصر واحد وقد تزوج زكريا بنته ايشاع اخت مريم فكان يحيى وعيسى عليهما السلام ابني خالة- روى- انها كانت عاقرا لم تلد الى ان عجزت فبيناهى فى ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخاله فتحركت نفسها للولد وتمنته فقالت اللهم ان لك علىّ نذرا شكرا ان رزقتنى ولدا ان أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدمه فحملت بمريم وهلك عمران وهى حامل وذلك قوله تعالى رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ والنذر ما يوجبه الإنسان على نفسه ما فِي بَطْنِي عبر عن الولد بما لابهام امره وقصوره عن درجة العقلاء مُحَرَّراً اى معتقا لخدمة بيت المقدس لا يدى عليه ولا استخدمه ولا اشغله بشئ او خالصا لله ولعبادته لا يعمل عمل الدنيا ولا يتزوج فيتفرغ لعمل الآخرة وكان هذا النذر مشروعا عندهم لان الأمر فى دينهم ان الولد إذا صار بحيث يمكن استخدامه كان يجب عليه خدمة الأبوين فكانوا بالنذر يتركون ذلك النوع من الانتفاع ويجعلونهم محررين لخدمة المسجد ولم يكن أحد من الأنبياء الا ومن نسله محرر لبيت المقدس ولم يكن يحرر الا الغلمان ولا تصح له الجارية لما يصيبها من الحيض والأذى فتحتاج الى الخروج ولكن حررت حنة ما فى بطنها مطلقا إما لأنها بنت الأمر على تقدير الذكورة أو لأنها جعلت ذلك النذر وسيلة الى طلب الولد الذكر فَتَقَبَّلْ مِنِّي اى ما نذرته والتقبل. أخذ الشيء على وجه الرضى وهذا فى الحقيقة استدعاء للولد إذ لا يتصور القبول بدون تحقق المقبول بل للولد الذكر لعدم قبول

[سورة آل عمران (3) : الآيات 36 إلى 41]

الأنثى إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ لجميع المسموعات التي من جملتها تضرعى ودعائى الْعَلِيمُ لكل المعلومات التي من زمرتها ما فى ضميرى لا غير فَلَمَّا وَضَعَتْها اى ولدت النسمة وهى أنثى قالَتْ حنة وكانت ترجو ان تكون غلاما رَبِّ إِنِّي التأكيد للرد على اعتقادها الباطل وَضَعْتُها أُنْثى تحسرا على ما رأته من خيبة رجائها وعكس تقديرها والضمير المتصل عائد الى النسمة وأنثى حال منه وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ تعظيم من جهته تعالى لموضوعها فانها لما تحسرت وتحزنت على ان ولدت أنثى قال الله تعالى انها لا تعلم قدر هذا الموهوب والله هو العالم بالشيء الذي وضعته وما علق به من العجائب وعظائم الأمور فانه تعالى سيجعله وولده آية للعالمين وهى جاهلة بذلك لا تعلم به فلذلك تحسرت وتحزنت وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى مقول لله ايضا مبين لتعظيم موضوعها ورفع منزلته. واللام فيهما للعهد اى ليس الذكر الذي كانت تطلبه وتتخيل فيه كمالا قصاراه ان يكون كواحد من السدنة كالانثى التي وهبت لها فان دائرة علمها وامنيتها لا تكاد تحيط بما فيها من جلائل الأمور فهى أفضل من مطلوبها وهى لا تعلم وهاتان الجملتان من مقول الله تعالى اعتراضان بين قول أم مريم إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وقولها وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وفائدتهما التسلية لنفس حنة والتعظيم لوضعها وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ من مقول حنة عطف على قولها إِنِّي وَضَعْتُها اى انى جعلت اسمها مريم وغرضها من عرضها على علام الغيوب التقرب اليه تعالى واستدعاء العصمة لها فان مريم فى لغتهم بمعنى العابدة وخادم الرب واظهار انها غير راجعة فى نيتها وان كان ما وضعته أنثى وانها ان لم تكن خليقة بسدانة بيت المقدس فلتكن من العابدات فيه وظاهر هذا الكلام يدل على ان عمران كان قدمات قبل وضع حنة مريم والا لما تولت الام تسمية المولود لان العادة ان التسمية يتولاها الآباء وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ اى أجيرها بحفظك وَذُرِّيَّتَها عطف على الضمير المنصوب اى أولادها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ اى المطرود. واصل الرجم الرمي بالحجارة وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من مولود يولد الا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسه الا مريم وابنها) ومعناه ان الشيطان يطمع فى إغواء كل مولود بحيث يتأثر منه الا مريم وابنها فان الله تعالى عصمهما ببركة هذه الاستعاذة فَتَقَبَّلَها اى أخذ مريم ورضى بها فى النذر مكان الذكر رَبُّها مالكها ومبلغها الى كمالها اللائق بِقَبُولٍ حَسَنٍ بوجه حسن يقبل به النذائر وهو قبول تلك الأنثى مع أنوثتها وصغرها فان المعتاد فى تلك الشريعة ان لا يجوز التحرير الا فى حق غلام عاقل قادر على خدمة المسجد وهنا لما علم الله تعالى تضرع حنة قبل بنتها حال صغرها وعدم قدرتها على خدمة المسجد وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً مجاز عن التربية الحسنة العائدة عليها مما يصلح فى جميع أحوالها ثم ان الله تعالى ذكر قبولها منها وذلك لضفها وصدق نيتها فى الابتداء وحيلئها فى الانتهاء وكان فى ذلك الزمان اربعة آلاف محرر لم يشتهر خبر أحد منهم اشتهار خبرها. وفيه تنبيه للعبد على ان يرى من نفسه التقصير بعد جهدها ليقبل الله عملها لاظهار إفلاسها وإضمار إخلاصها رزقنا الله وإياكم طريقت همينست كاهل يقين ... نكو كار بودند وتقصير بين

واعلم انه سبحانه قطع السائرين له وهم المريدون والواصلين اليه وهم المرادون عن رؤية أعمالهم وشهود أحوالهم. اما السائرون فلأنهم لم يتحققوا الصدق مع الله فيها فانقطعوا اليه برؤية تقصيرهم. واما الواصلون فلأنه غيبهم شهوده عنها لانه الفعال وهم آلة مسخرة. ولما دخل الواسطي نيسابور سأل اصحاب الشيخ ابى عثمان المغربي بم يأمركم شيخكم قالوا كان يأمرنا بالتزام الطاعة ورؤية التقصير فيها فقال أمركم بالمجوسية المحضة هلا آمركم بالغيبة عنها بشهود منشئها ومجريها. قال القشيري وانما أراد الواسطي صيانتهم عن محل الاعجاب لا تعريجا فى أوطان التقصير او تجويزا للاخلال بأدب من الآداب. قال النهر جورى من علامة من تولاه الله فى اعماله ان يشهد التقصير فى إخلاصه والغفلة فى أذكاره والنقصان فى صدته والفتور فى مجاهدته وقلة المراعاة فى فقره فتكون جميع أحواله عنده غير مرضية ويزداد فقرا الى الله فى فقره وسيره حتى يفنى عن كل ما دونه. قال الشيخ ابو العباس رضى الله عنه فى اشارة قوله تعالى يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يولج المعصية فى الطاعة ويولج الطاعة فى المعصية يطيع العبد الطاعة فيعجب بها ويعتمد عليها ويستصغر من لم يفعلها ويطلب من الله العوض عليها فهذه حسنة أحاطت بها سيئات ويذنب الذنب فيلجأ الى الله فيه ويستصغر نفسه ويستعظم من لم يفعله فهذه سيئة أحاطت بها حسنات فايتهما الطاعة وأيتهما المعصية فعلى السالك ان يجتهد فى الطاعات ولا يغتر بالعبادات لعله يصل الى غاية الغايات فى روضات الجنات چهـ زرها بخاك سيه در كنند ... كه باشد كه روزى مسى زر كنند يعنى ان المشتغلين بتحصيل صنعة الكيمياء يجعلون دنانير كثيرة تحت التراب اى يبذلونها لتحصيلها ويفرقونها فى أسبابها كى يصير النحاس فى أيديهم ذهبا بحتا ويتشرفوا بوصولها زر از بهر چيزى خريدن نكوست ... چهـ خواهى خريدن به از وصل دوست فالسعى فى الأعمال انما هو لطلب رضى الله ووصول جنابه وهو الذي يبذل فى طريقه المال والروح لينفتح باب الفتوح. قال الشيخ الشاذلى قدس سره فى لطائف المنن واعلموا ان الله أودع أنوار الملكوت فى اصناف الطاعات فأى من فاته من الطاعات صنف او اغوزه من الموافقات جنس فقد فقد من النور بمقدار ذلك ولا تهملوا شيأ عن الطاعات ولا تستغنوا عن الأوراد بالواردات ولا ترضوا لا نفسكم بمارضى به المدعون بحر الحقائق على ألسنتهم وخلوا أنوارها من قلوبهم انتهى. فينبغى للعبد ان يواظب على اصناف الطاعات وينساها بعد ما عملها كيلا يبطلها العجب لانه يقال حفظ الطاعة أشد من فعلها لان مثلها كمثل الزجاج يسرع اليه الكسر ولا يقبل الجبر وكذا الخيرات إذا أزيلت بالمخالفات وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا الفعل لله تعالى بمعنى وضمنها الله الى زكريا وجعله كافلالها وضامنا لمصالحها قائما بتدابير أمورها والكافل هو الذي ينفق على انسان ويهتم بإصلاح مصالحه وفى الحديث (انا وكافل اليتيم كهاتين) وهو زكريا بن اذن بن مسلم بن صدون من أولاد سليمان عليه السلام ابن داود عليه السلام- روى- ان حنة حين ولدت مريم لفتها فى خرقة وحملتها الى المسجد ووضعتها عند الأحبار أبناء هارون وهم فى بيت المقدس كالحجبة فى الكعبة فقالت لهم دونكم هذه النذيرة اى خذوها

فتنافسوا فيها لانها كانت بنت امامهم وصاحب قربانهم فان بنى ماثان كانت رؤس بنى إسرائيل وملوكهم فقال لهم زكريا انا أحق بها عندى خالتها فقالوا لا حتى نقرع عليها فانطلقوا وكانوا سبعة وعشرين الى نهر قيل هو نهر الأردن فالقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحى على ان كل من ارتفع قلمه فهو الراجح فالقوا ثلاث مرات ففى كل مرة يرتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أقلامهم فتكفلها. قال الشيخ فى تفسيره وهو معنى قوله فَتَقَبَّلَها رَبُّها الآية كُلَّما اى كل وقت دَخَلَ عَلَيْها اى على مريم زَكَرِيَّا فاعل دخل الْمِحْرابَ اى فى المحراب قيل بنى لها محرابا فى المسجد اى غرفة تصعد إليها بسلم او المحراب اشرف المجالس ومقدمها كانها وضعت فى اشرف موضع من بيت المقدس او كانت مساجدهم تسمى المحاريب- روى- انها لا يدخل عليها الا هو وحده فاذا خرج غلق عليها سبعة أبواب فكلما دخل وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً اى نوعا منه غير معتاد إذ كان ينزل ذلك من الجنة وكان يجد عندها فى الصيف فاكهة الشتاء وفى الشتاء فاكهة الصيف ولم ترضع ثديا قط قالَ كأنه قيل فماذا قال زكريا عليه السلام عند مشاهدة هذه الآية فقيل قال يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا اى من اين يجيئ لك هذا الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو آت فى غير حينه والأبواب مغلقة عليك لا سبيل للداخل به إليك قالَتْ مريم وهى صغيرة لا قدرة لها على فهم السؤال ورد الجواب قيل تكلمت وهى صغيرة كما تكلم عيسى وهو فى المهد هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فلا تعجب ولا تستبعد إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ ان يرزقه بِغَيْرِ حِسابٍ اى بغير تقدير لكثرته او بلا محاسبة او من حيث لا يحتسب وهو تعليل لكونه من عند الله اما من تمام كلامها فيكون فى محل النصب واما من كلامه عز وجل فهو مستأنف. وفى الآية دليل على جواز الكرامة للاولياء ومن أنكرها جعل هذا إرهاصا وتأسيسا لرسالته عليه السلام. عن النبي صلى الله عليه وسلم انه جاع فى زمن قحط فاهدت له فاطمة رضى الله عنها رغيفين وبضعة لحم اثرته بها فرجع بها إليها وقال (هلمى يا بنية) فكشفت عن الطبق فاذا هو مملوء خبزا ولحما فبهتت وعلمت انها نزلت من عند الله فقال لها صلى الله عليه وسلم (أنى لك هذا) فقالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب فقال صلى الله عليه وسلم (الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيدة بنى إسرائيل) ثم جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والحسنين رضى الله عنهم وجمع اهل بيته عليه فاكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو فاوسعت فاطمة رضى الله عنها على جيرانها. وقد ظهر على السلف رضى الله عنهم من الصحابة والتابعين ثم على من بعدهم من الكرامات. قال سهل بن عبد الله رضى الله عنه اكبر الكرامات ان تبدل خلقا مذموما من اخلاقك. قال الشيخ ابو العباس رحمه الله ليس الشأن من تطوى له الأرض فاذا هو بمكة وغيرها من البلدان انما الشأن من تطوى عنه أوصاف نفسه. وقيل لابى يزيد ان فلانا يمشى على الماء قال الحوت اعجب منه إذ هو شأنه. فقيل له ان فلانا يمشى فى الهواء قال الطير اعجب من ذلك إذ هو حاله. قيل له كان فلان يمشى الى مكة ويرجع من يومه قال إبليس اعجب من ذلك إذ هو حاله تطوى له الأرض كلها فى لحظة وهو فى لعنة الله فالطى الحقيقي ان تطوى مسافة الدنيا عنك حتى ترى الآخرة اقرب إليك منك لان الأرض تطوى لك فاذا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 38 إلى 39]

أنت حيث شئت من البلاد لان هذا ربما جر الى الاغترار وذلك يؤدى للتعلق بالواحد القهار- وحكى- عن ابى عنوان الواسطي قال انكسرت السفينة وبقيت انا وامرأتى أياما على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بي فقالت يقتلنى العطش فرفعت رأسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب وفيها كوز من ياقوت احمر وقال هاك اشربا قال فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو أطيب من المسك واحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله قال انا عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا فقال تركت هواى لمرضاته فاجلسنى فى الهواء ثم غاب عنى فلم أره. وحج سفيان الثوري مع شيبان الراعي رضى الله عنهما فعرض لهما سبع فقال سفيان لشيبان أما ترى هذا السبع فقال لا تخف وأخذ شيبان اذنيه فعركهما فتبصبص وحرك ذنبه فقال سفيان ما هذه الشهرة فقال لولا مخافة الشهرة لما وضعت زادى الأعلى ظهره حتى آتى مكة تو هم كردن از حكم داور مپيچ ... كه كردن نه پيچد ز حكم تو هيچ محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا هُنالِكَ اى حيث كان قاعدا عند مريم فى المحراب ولما رأى زكريا عليه السلام حال مريم فى كرامتها على الله ومنزلتها رغب فى ان يكون له من ايشاع ولد مثل ولد أختها حنة فى النجابة والكرامة على الله وان كانت عاقرا عجوزا فقد كانت أختها كذلك دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ اى أعطني من محض قدرتك من غير وسط معتاد ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً اى ولدا صالحا مباركا تقيا رضيا مرضيا. والذرية النسل تقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى والمراد هاهنا ولد واحد. والطيب هو الذي تستطاب أفعاله وأخلاقه فلا يكون فيه امر يستخبث ويعاب إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ اى مجيبه كما فى قولهم سمع الله لمن حمده وهذا لان من لم يجب فكأنه لم يسمع. فان قيل ان زكريا كان عالما ان فى قدرة الله ذلك قبل رؤية حال مريم فهلا سأل قبل ذلك. قلنا قد يزداد الإنسان رغبة فى الشيء إذا عاينه وان كان عالما به قبله فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ اى جبرائيل وحكم الواحد من الجنس قد ينسب الى الجنس نفسه نحو فلان يركب الخيل وانما يركب واحدا من افرادها ولما كان جبرائيل رئيسهم عبر عنه باسم الجماعة تعظيما له وَهُوَ حال من مفعول النداء اى والحال ان زكريا عليه السلام قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ اى فى المسجد او فى غرفة مريم أَنَّ اللَّهَ مفعول ثان لنادته اى بان الله تعالى يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى اى بولد اسمه يحيى لانه حيى به رحم امه ولانه تحيى به المجالس من وعظه والتقدير بولادة ولد اسمه يحيى فان التبشير لا يتعلق بالأعيان مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ اى بعيسى عليه السلام. وانما سمى كلمة لانه وجد بكلمة كن من غير اب فشابه البديعيات التي هى عالم الأمر وهو أول من آمن بعيسى وصدق بانه كلمة الله وروح منه ويسمى روحا ايضا لانه تعالى احيى به من الضلالة كما يحيى الإنسان بالروح. قال السدى لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى فقالت مريم وانا ايضا حبلى قالت فانى وجدت ما فى بطني يسجد لما فى بطنك فذلك قوله تعالى مُصَدِّقاً إلخ وكان يحيى اكبر من عيسى بستة أشهر

[سورة آل عمران (3) : الآيات 40 إلى 41]

ثم قتل يحيى قبل ان رفع عيسى الى السماء وَسَيِّداً عطف على مصدقا اى رئيسا يسود قومه ويفوقهم فى الشرف وكان فائقا للناس قاطبة فانه لم يهم بمعصية فيالها ما أسناها وَحَصُوراً اى مبالغا فى حصر النفس وحبسها عن الشهوات مع القدرة- روى- انه مر فى صباه بصبيان فدعوه الى اللعب فقال ما للعب خلقت. والحصور الممتنع من النساء مع القدرة عليهن وقد تزوج مع ذلك ليكون اغض لبصره وَنَبِيًّا اى يوحى اليه إذا بلغ هو مبلغه مِنَ الصَّالِحِينَ اى ناشئا منهم لانه كان من أصلاب الأنبياء عليهم السلام. والصلاح صفة تنتظم الخير كله والمراد به هنا ما فوق الصلاح الذي لا بد منه فى منصب النبوة البتة من أقاصي مراتبه قالَ عند نداء الملائكة إياه وبشارتهم له بالولد بالاستفهام متعجبا من حيث العادة ومسرورا بالولد رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي اى كيف يحصل لى غُلامٌ وفيه دلالة على انه خبر بكونه غلاما عند التبشير وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ اى أدركني كبر السن واثر فىّ وفيه دلالة على ان كبر السن من حيث كونه من طلائع الموت طالب للانسان لا يكاد يتركه قيل كان له تسع وتسعون سنة ولامرأته ثمان وتسعون وَامْرَأَتِي عاقِرٌ اى ذات عقر وعقيم لا تلد قالَ اى الله كَذلِكَ اشارة الى مصدر يفعل فى قوله تعالى اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ اى ما يشاء ان يفعله من تعاجيب الأفاعيل الخارقة للعادات. فالله مبتدأ ويفعل خبره والكاف فى محل النصب على انها فى الأصل نعت لمصدر محذوف اى الله يفعل ما يشاء ان يفعله فعلا مثل ذلك الفعل العجيب والصنع البديع الذي هو خلق الولد من شيخ فان وعجوز عاقر قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً اى علامة تدل اى تحقق المسئول او وقوع الحبل وانما سألها لان العلوق امر خفى لا يوقف عليه فاراد ان يطلعه الله عليه ليتلقى تلك النعمة الجليلة منه حين حصولها بالشكر ولا يؤخره الى ان يظهره ظهورا معتادا قالَ آيَتُكَ اى علامة حدوث الولد أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى ان لا تقدر على تكليمهم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ اى متوالية مع لياليها فان ذكر الليالى او الأيام يقتضى دخول الاخرى فيها لغة وعرفا وانما جعلت آيته ذلك لتخليص المدة لذكر الله وشكره قضاء لحق النعمة إِلَّا رَمْزاً اى اشارة بيد او رأس او نحوهما وسمى الرمز كلاما لانه يؤدى ما يؤدى الكلام ويفهم منه ما يفهم من الكلام فلهذا جاز الاستثناء المتصل منه ثم امره تعالى بذكره لعدم منعه عن ذكر الله فقال وَاذْكُرْ رَبَّكَ اى فى ايام الحبسة شكرا لحصول التفضل والانعام كَثِيراً اى ذكرا كثيرا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ اى سبحه تعالى اى من الزوال الى الغروب وَالْإِبْكارِ من طلوع الفجر الى الضحى قال الامام فى قوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً فيه قولان. أحدهما انه تعالى امر بحبس لسانه عن امور الدنيا إلا رمزا فاما فى الذكر والتسبيح فقد كان لسانه جيدا وكان ذلك من المعجزات الباهرة. والقول الثاني ان المراد منه الذكر بالقلب وذلك لان المستغرقين فى بحار معرفة الله تعالى عادتهم فى أول الأمر ان يواظبوا على الذكر اللساني مدة فاذا امتلأ القلب من نور ذكر الله سكتوا باللسان وبقي الذكر بالقلب ولذلك قالوا من عرف الله كل لسانه فكان زكريا عليه السلام امر بالسكوت باللسان والاستحضار معا فى الذكر والمعرفة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 42 إلى 45]

واستدامتهما انتهى. واعلم ان الذكر على مراتب والذكر اللساني بالنسبة الى الذكر القلبي تنزل- روى- ان عيسى عليه السلام حين ترقى الى أعلى مراتب الذكر جاءه إبليس فقال يا عيسى اذكر الله فتعجب عيسى من امره بالذكر مع ان جبلته على المنع منه ثم ظهر انه أراد ان يغويه وينزله من مرتبة الذكر القلبي الى مرتبة الذكر اللساني وذلك كان تنزلا بالنسبة الى مقامه عليه السلام. فعلى العاقل ان يداوم على الاذكار آناء الليل وأطراف النهار فان الذكر يدفع هوى النفس فاذا طرد ذلك من الباطن فلا سبيل للشيطان ايضا فى الظاهر فتعلق أبواب المنهيات بالكليات ويتصفى القلب ويتكدر پياپى بيفشان از آيينه كرد ... كه صيقل نكيرد چو ژنكار خورد قال القشيري فذكر اللسان به يصل العبد الى استدامة ذكر القلب والتأثير للذكر فاذا كان العبد ذاكرا بلسانه وقلبه فهو الكامل فى وصفه فى حال سلوكه. قال سهل بن عبد الله رضى الله عنه ما من يوم الا والجليل سبحانه ينادى عبدى ما أنصفتني أذكرك وتنسانى وأدعوك الىّ وتذهب الى غيرى واذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا يا ابن آدم ما تقول غدا إذا جئتنى. وقال الحسين افتقدوا الحلاوة فى ثلاثة أشياء فى الصلاة والذكر والقراءة فان وجدتم والا فاعلموا ان الباب مغلق. قيل إذا تمكن الذكر من القلب فان دنامنه الشيطان صرخ كما يصرخ الإنسان إذا دنا منه الشيطان فيجتمع عليه الشياطين فيقولون ما لهذا فيقول قدمسه الانس. قال بعضهم وصف لى ذاكر فى اجمة فأتيته فبينما هو جالس إذا سبع عظيم ضربه ضربة واستلب منه قطعة فغشى عليه وعلىّ فلما أفقت قلت ما هذا فقال قيض الله هذا السبع لى فكلما داخلتنى فترة غضنى كما رأيت أوصلنا الله وإياكم الى مرتبة اليقين وشرفنا بمقام التمكين واذاقنا حلاوة الذكر فى كل حين وأدخلنا الجنة المعنوية مع عباده الصالحين أجمعين وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ اى اذكر وقت قول الملائكة وهو جبريل بدلالة قوله تعالى فى سورة مريم فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا اى سوى الخلق لتستأنس به وانما جمع تعظيما له لانه كان رئيس الملائكة يا مَرْيَمُ وكلام جبريل معها لم يكن وحيا إليها فان الله يقول وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ولا نبوة فى النساء بالإجماع. فكلمها شفاها كرامة لها وكرامات الأولياء حق او إرهاصا لنبوة عيسى عليه السلام وهو من الرهص بالكسر وهو الصف الأسفل من الجدار وفى الاصطلاح ان يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة كاظلال الغمام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم الحجر والمدر والرمي بالشهب وقصة الفيل وغير ذلك إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ اولا حيث تقبلك من أمك بقبول حسن ولم يتقبل غيرك أنثى ورباك فى حجر زكريا عليه السلام ورزقك من رزق الجنة وخصك بالكرامات السنية وَطَهَّرَكِ من الكفر والمعصية ومن الافعال الذميمة والعادات القبيحة ومن مسيس الرجال ومن الحيض والنفاس قالوا كانت مريم لا تحيض ومن تهمة اليهود وكذبهم بانطاق الطفل وَاصْطَفاكِ آخرا عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ بان وهب لك عيسى عليه السلام من غير اب ولم يكن ذلك لاحد من النساء وجعلكما آية للعالمين يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ اى قومى فى الصلاة وأطيلي القيام

[سورة آل عمران (3) : آية 44]

فيها له تعالى وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ أمرت بالصلاة بالجماعة بذكر أركانها القنوت وهو طول القيام والسجود والركوع مبالغة فى إيجاب رعايتها وإيذانا بفضيلة كل منها واصالته. وتقديم السجود على الركوع إما لكون الترتيب فى شريعتهم كذلك وإما لكون السجود أفضل اركان الصلاة وأقصى مراتب الخضوع ولا يقتضى ذلك كون الترتيب الخارجي كذلك بل اللائق به الترقي من الأدنى الى الأعلى واما ليقترن اركعى بالراكعين للاشعار بان من لا ركوع فى صلاتهم ليسوا مصلين قيل لما أمرت بذلك قامت فى الصلاة حتى تورمت قدماها وسالت دما وقيحا ذلِكَ اى ما ذكرنا فى القصص من حديث حنة ومريم وعيسى وزكريا ويحيى مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ اى من اخبار الغيب التي لا يوقف عليها الا بمشاهدة او قراءة كتاب او تعلم من عالم او بوحي من عند الله تعالى وانعدمت الثلاثة الاول فتعينت الرابعة وهو الوحى نُوحِيهِ إِلَيْكَ اى ننزله عليك دلالة على صحة نبوتك وإلزاما على من يحاجونك من الكفار. والوحى فى القرآن لمعان للارسال الى الأنبياء قال تعالى نُوحِي إِلَيْهِمْ وللالهام قال تعالى وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ولا لقاء المعنى المراد قال تعالى بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها وللاشارة قال تعالى فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا واصل ذلك كله الاعلام فى خفاء وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ اى عند الذين اختلفوا وتنازعوا فى تربية مريم وهو تقرير لكونه وحيا على طريقة التهكم بمنكريه اى انهم عالمون لا يشكون انك لم تقرأ كتابا ولم تصحب من علم تلك الانباء حتى تسمع منهم فلم يبق الا المشاهدة وهى منتفية بالضرورة فكأنهم ادعوا هذا المحال لكونه يلزم من انكارهم الوحى اى ان لم يكن بالوحى كما زعموا فلا بد من دعوى المشاهدة ولم تمكن قال ابن الشيخ فى حواشيه كأنه قيل ايها المنكرون لان اوحى اليه والمتهمون فى دعوى نبوته ليس لكم فى سبب الاتهام سوى احتمال المشاهدة والعيان وانه غاية السفاهة ونهاية الخذلان ومن أضل ممن عدل عن الاحتمال الثابت بالمعجزات الساطعة والبراهين القاطعة الى احتمال لا يذهب اليه وهم أحد وأي حالة ادعى الى الضحك والاستهزاء والسخرية من حال هؤلاء انتهى إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ التي كانوا يكتبون بها التوراة اختاروها للقرعة تبركا بها أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ متعلق بمحذوف دل عليه يلقون أقلامهم اى يلقونها ينظرون او ليعلموا أيهم يكفلها وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ اى فى شأنها تنافسا فى كفالتها وقد ذكر فيما سبق. وفى الآية دلالة على فضيلة مريم حيث اصطفاها الله على نساء العالمين فان جميع ما ذكر من التربية الجسمانية اللائقة بحال صغرها والتربية الروحانية المتعلقة بحال كبرها لم يتفق لغيرها من الإناث. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية) حديث حسن يوافق الآية فى الدلالة على ان مريم أفضل من جميع نساء العالمين. وعن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون) وهو يدل على ان هؤلاء الأربع أفضل من سائر النساء واعلم ان اهل الكمال من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير هذه الأربع ومعنى الكمال

[سورة آل عمران (3) : آية 45]

التناهى فى الفضائل والبر والتقوى وحسن الخصائل والكمال فى شىء ما يكون حصوله للكامل اولى من غيره والنبوة ليست اولى للنساء لان مبناها على الظهور والدعوة وحالهن الاستتار ولا تكون النبوة فى حقهن كمالا بل الكمال فى حقهن الصديقية وهى قريب من النبوة والصديق من صدق فى جميع أقواله وأفعاله وأحواله فمن النساء كاملات عارفات واصلات الى مقام الرجال فهن رجال فى المعنى. وسئل بعضهم عن الابدال فقال أربعون نفسا فقيل له لم لا تقول أربعون رجلا فقال لان فيهم النساء: قال بعضهم ولو كان النساء كمن ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال فلا التأنيث لاسم الشمس عيب. ولا التذكير فخر للهلال ويناسب هذا ما حكى ان أم محمد والدة الشيخ ابى عبد الله بن الخفيف رحمهما الله تعالى كانت من العابدات القانتات وكان ابنها ابو عبد الله يحيى العشر الاخيرة من رمضان ليدرك ليلة القدر ومن دأبه الملازمة الى الصلاة فوق البيت وكانت والدته متوجهة الى الله فى البيت فليلة ان أخذت تظهر أنوار ليلة القدر نادت ابنها ان يا محمد ان الذي تطلبه هو عندنا فتعال فنزل الشيخ فرأى الأنوار فخر على قدم امه وكان يقول علمت قدر والدتي منذ شاهدت فهذه هى حال والدته فانظر كيف أرشدت ابنها وكيف تفوقت عليه فى الفضل والشرف مع كثرة رياضته واجتهاده ايضا فظهر ان من النساء من هى أفضل من الرجال وذلك بالوصول الى جناب القدس وليس ذلك الا بحسن الاستعداد والهداية الخاصة من الله تعالى اسعدنا الله وإياكم ونعوذ بالله من نساء زماننا حيث لا يرى فيهن من هى من اهل التقوى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صنفان من اهل النار لم أرهما) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك العصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط جمع سبوط (كأذناب البقر يضربون بها الناس) وهم الذين يضربون بها السارقين عراة او الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضروب والسباب (ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) فى الحقيقة (عاريات) فى المعنى من لباس التقوى (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد (مائلات) اى الى الرجال (رؤسهن كأسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسمة البخت (المائلة) من الميل لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) اى يوجد من مسيرة أربعين عاما إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ بدل من وإذ قالت الملائكة منصوب بناصبه والمراد بالملائكة جبريل وجمع تعظيما له وقد مر يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ اى يفرحك بِكَلِمَةٍ كائنة مِنْهُ عز وجل واطلق على عيسى لفظ الكلمة بطريق اطلاق السبب على المسبب لان سبب ظهوره وحدوثه هو الكلمة الصادرة منه تعالى وهى كن وحدوث كل مخلوق وان كان بسبب هذه الكلمة لكن السبب المتعارف للحدوث لما كان مفقودا فى حق عيسى عليه السلام كان اسناد حدوثه الى الكلمة أتم وأكمل فجعل عليه السلام بهذا الاعتبار كأنه نفس الكلمة اسْمُهُ اى اسم المسمى بالكلمة عبارة عن مذكر الْمَسِيحُ لقب من الألقاب

[سورة آل عمران (3) : الآيات 46 إلى 52]

المشرفة كالصديق والفاروق وأصله مشيحا بالعبرانية ومعناه المبارك عِيسَى بدل من المسيح معرب من ايشوع ابْنُ مَرْيَمَ صفة لعيسى وتوجه الخطاب الى مريم يقتضى ان يقال عيسى ابنك الا انه قيل عيسى ابن مريم تنبيها على ان الأبناء ينسبون الى الآباء لا الى الأمهات فاعلمت بنسبته إليها انه يولد من غير اب فلا ينسب الا الى امه وبذلك فضلت واصطفيت على نساء العالمين فان قلت لم قيل اسمه المسيح عيسى ابن مريم وهذه ثلاثة أشياء الاسم منها عيسى واما المسيح والابن فلقب وصفة. قلت الاسم للمسمى علامة يعرف بها ويتميز من غيره فكانه قيل الذي يعرف به ويتميز ممن سواه مجموع هذه الثلاثة. وفى التيسر اللقب إذا عرف صار كالاسم وَجِيهاً حال من الكلمة وصح انتصاب الحال من النكرة لكونها موصوفة والوجيه ذو الجاه وهو القوة والمنعة والشرف فِي الدُّنْيا بالنبوة والتقدم على الناس وَالْآخِرَةِ بالشفاعة وعلو الدرجة فى الجنة وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ اى عند ربه بارتفاعه الى السماء وصحبة الملائكة فيها وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا اى يكلمهم حال كونه طفلا وكهلا كلام الأنبياء عليهم السلام من غير تفاوت يعنى ان تكلمه فى حالة الطفولية والكهولة على حد واحد وصفة واحدة من غير تفاوت بان يكون كلامه فى حال الطفولية مثل كلام الأنبياء والحكماء لا شك انه من أعظم المعجزات. قال مجاهد قالت مريم إذا خلوت انا وعيسى حدثنى وحدثته فاذا شغلنى عنه انسان يسبح فى بطني وانا اسمع وتكلمه معهم دليل على حدوثه لحدوث الأصوات والحروف- روى- انه لما بلغ عمره ثلاثين سنة أرسله الله الى بنى إسرائيل فمكث فى رسالته ثلاثين شهرا ثم رفع الى السماء او جاءه الوحى على رأس ثلاثين سنة فمكث فى نبوته ثلاث سنين وأشهرا ثم رفع. والكهل من تجاوز الثلاثين الى الأربعين وقارب الشيب من اكتهل النبت قارب اليبس فعلى هذا صح ان يقال انه بلغ سن الكهولة وكلم الناس فيه ثم رفع واما على قول من يقول ان أول سن الكهولة أربعون سنة فلا بد ان يقال انه رفع شابا ولا يكلم الناس كهلا الا بعد ان ينزل من السماء فى آخر الزمان فانه حينئذ يكلم الناس ويقتل الدجال وَمِنَ الصَّالِحِينَ هذه الاربعة احوال مقدرة من كلمة والمعنى يبشرك به موصوفا بهذه الصفات وذكر قوله ومن الصالحين بعد ذكر الأوصاف المتقدمة دليل على انه لا رتبة أعظم من كون المرء صالحا لانه لا يكون المرء كذلك الا بان يكون فى جميع الافعال والتروك مواظبا على النهج الأصلح والطريق الأكمل ومعلوم ان ذلك يتناول جميع المقامات فى الدين والدنيا فى افعال القلوب وفى افعال الجوارح قالَتْ مريم متضرعة الى ربها رَبِّ أَنَّى يَكُونُ اى كيف يكون او من أين يكون لِي وَلَدٌ على وجه الاستبعاد العادي والتعجب من استعظام قدرة الله فان البشرية تقتضى التعجب مما وقع على خلاف العادة إذ لم تجر عادة بان يولد ولد بلا اب وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ آدمي وسمى بشرا لظهوره وهو كناية عن الجماع اى والحال انى على حالة منافية للولد قالَ اى الله عز وجل او جبريل عليه السلام كَذلِكِ اشارة الى مصدر يخلق فى قوله عز وجل اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ان يخلقه اى الله يخلق ما يشاء ان يخلقه خلقا مثل ذلك الخلق العجيب والأحداث البديع الذي هو خلق الولد من غير اب فالكاف فى محل النصب على انها فى الأصل

نعت لمصدر محذوف إِذا قَضى أَمْراً اى أراد شيأ واصل القضاء الاحكام اطلق على الارادة الالهية القطعية المتعلقة بوجود الشيء لا يجابه إياه البتة فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ من غير ريث وهو تمثيل لكمال قدرته تعالى وسهولة تأتى المقدورات حسبما تقتضيه مشيئته وتصوير لسرعة حدوثها بما علم فيها من إطاعة المأمور المطيع للآمر القوى المطاع وبيان لانه تعالى كما يقدر على خلق الأشياء مدرجا بأسباب ومواد معتادة يقدر على خلقها دفعة من غير حاجة الى شىء من الأسباب والمواد. قال ابن عباس رضى الله عنهما ان مريم رضى الله عنها كانت فى غرفة قد ضربت دونها سترا إذا هى برجل عليه ثياب بيض وهو جبريل تمثل لها بشرا سويا اى تام الخلق فلما رأته قالت أعوذ بالرحمن منك ان كانت تقيا ثم نفخ فى جيب درعها حتى وصلت النفخة الى الرحم فاشتملت. قال وهب وكان معها ذو قرابة يقال له يوسف النجار وكان يوسف هذا يستعظم ذلك فاذا أراد ان يتهمها ذكر صلاحها وإذا أراد ان يبرئها رأى ما ظهر عليها فكان أول ما كلمها ان قال لها قد دخل فى صدرى شىء أردت كتمانه فغلبنى ذلك فرأيت الكلام أشقى لصدرى قالت قل قال فحدثينى هل ينبت الزرع من غير بذر قالت نعم قال فهل ينبت شجر من غير اصل قالت نعم قال فهل يكون ولد من غير ذكر قالت نعم ألم تعلم ان الله أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر والبذر يومئذ انما صار من الزرع الذي أنبت الله من غير بذر ألم تعلم ان الله خلق آدم وحواء من غير أنثى ولا ذكر فلما قالت له ذلك وقع فى نفسه ان الذي بها شىء أكرمها الله به- روى- ان عيسى عليه السلام حفظ التوراة وهو فى بطن امه وكانت مريم تسمع عيسى وهو يدرس فى بطنها ثم لما شرف عالم الشهود أعطاه الله الزهادة فى الدنيا فانه كان يلبس الشعر ويتوسد الحجر ويستنير القمر وكان له قدح يشرب فيه الماء ويتوضأ فيه فرأى رجلا يشرب بيده فقال لنفسه يا عيسى هذا ازهد منك فرمى القدح وكسره واستظل يوما فى ظل خيمة عجوز فكان قد لحقه حر شديد فخرجت العجوز فطردته فقام وهو يضحك فقال يا امة الله ما أنت أقمتني وانما أقامني الذي لم يجعل لى نعيما فى الدنيا ولما رفع الى السماء وجد عنده ابرة كان يرقع بها ثوبه فاقتضت الحكمة الإلهية نزوله فى السماء الرابعة وفيه اشارة الى ان السالك لا بد وان ينقطع عن كل ما سوى الله ويتجرد عن العوائق حتى يسير مع الملأ الأعلى ويطير الى مقام قاب قوسين او ادنى- وروى- ان موسى عليه السلام ناجى ربه فقال اللهم أرني وليا من أوليائك فاوحى الله تعالى اليه ان اصعد الى جبل كذا وادخل زاوية كذا فى كهف كذا حتى ترى وليي ففعل فرأى فيه رجلا ميتا توسد بلبنه وفوق عورته خرقة وليس فيه شىء غيره فقال اللهم سألتك ان ترينى وليك فأريتنى هذا فقال هذا هو وليي فو عزتى وجلالى لا ادخله الجنة حتى أحاسبه باللبنة والخرقة من اين وجدهما فحال اولياء الله الافتخار بالفقر وترك الدنيا والصبر على ما قدره الله صبر باشد مشتهاى زيركان ... هست حلوا آرزوى كودكان هر كه صبر آورد كردون بر رود ... هر كه حلوا خورد او پس تر رود فالقوة الروحانية التي بها يصير الإنسان كالملائكة انما تحصل بالصبر عن المشتهيات فانظر الى حال

[سورة آل عمران (3) : الآيات 48 إلى 49]

عيسى عليه السلام يكفك فى هذا اعتبارا ومن الله التوفيق الى الاعراض عن حطام الدنيا وقطع التعلق من الدارين قطعا وَيُعَلِّمُهُ كلام مستأنف اى ويعلم الله عيسى الْكِتابَ اى الكتابة والخط بالقلم بالإلهام والوحى وكان احسن الناس خطا فى زمانه وَالْحِكْمَةَ اى العلوم العقلية والشرعية وتهذيب الأخلاق لان كمال الإنسان فى ان يعرف الحق لذاته والخير لاجل العمل به ومجموعهما هو المسمى بالحكمة وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ فيحفظهما عن ظهر القلب وهذا الكلام اعنى يعلمه إلخ سيق تطبيبا لقلب مريم وازاحة لما أهمها من خوف اللائمة لما علمت انها تلد من غير زوج وَيجعله رَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ اى يكلمهم وقال بعض اليهود انه كان مبعوثا الى قوم مخصوصين وكان أول أنبياء بنى إسرائيل يوسف وآخرهم عيسى عليهما السلام أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ معمول لرسول لما فيه من معنى النطق اى رسولا ناطقا بأنى قد جئتكم ملتبسا بِآيَةٍ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّكُمْ وهى ما ذكر بعده من خلق الطير وغيره أَنِّي أَخْلُقُ بدل من انى قد جئتكم اى اقدر وأشكل لانه قد ثبت ان العبد لا يكون خالقا بمعنى التكوين والإبداع فوجب ان يكون بمعنى التقدير والتسوية لَكُمْ اى لا جلكم بمعنى التحصيل لايمانكم ورفع تكذيبكم إياي مِنَ الطِّينِ شيأ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ اى متل صورة الطير فَأَنْفُخُ فِيهِ الضمير للكاف اى فى ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير فَيَكُونُ طَيْراً حيا طيارا كسائر الطيور بِإِذْنِ اللَّهِ بامره تعالى أشار بذلك الى ان إحياءه من الله تعالى لا منه لان الله هو الذي خلق الموت والحياة فهو يخلق الحياة فى ذلك الجسم بقدرته عند نفخ عيسى عليه السلام فيه على سبيل اظهار المعجزات- روى- ان عيسى عليه السلام لما ادعى النبوة واظهر المعجزات طالبوه بخلق خفاش فاخذ طينا وصوره ثم نفخ فيه فاذا هو يطير بين السماء والأرض. قال وهب كان يطير ما دام الناس ينظرون اليه فاذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الخلق من فعل الله قيل انما طلبوا خلق الخفاش لانه اعجب من سائر الخلق ومن عجائبه انه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الحيوان من الطيور ويكون له الضرع ويخرج منه اللبن ولا يبصر فى ضوء النهار ولا فى ظلمة الليل وانما يرى فى ساعتين ساعة بعد غروب الشمس وساعة بعد طلوع الفجر قبل ان يسفر جدا ويضحك كما يضحك الإنسان وله أسنان ويحيض كما تحيض المرأة ولما دل القرآن على ان عيسى عليه السلام انما تولد من نفخ جبريل فى مريم وجبريل روح محض وروحانى محض فلا جرم كانت نفخة عيسى سببا للحياة والروح وَأُبْرِئُ اى أشفي وأصحح الْأَكْمَهَ اى الذي ولداعمى. قال الزمخشري لم يوجد فى هذه الامة اكمه غير قتادة بن دعامة السدوسي صاحب التفسير وَالْأَبْرَصَ وهو الذي به برص اى بياض فى الجلد يتطير به وإذا استحكم فلا برء له ولا يزول بالعلاج ولم تكن العرب تنفر من شىء نفر تهامنه. وانما خصهما بالذكر للشفاء لانهما مما أعيى الأطباء فى تداويهما وكانوا فى غاية الحذاقة فى زمن عيسى عليه السلام وسألوا الأطباء عنهما. فقال جالينوس وأصحابه إذا ولد أعمى لا يبرأ بالعلاج وكذا الأبرص إذا كان بحال لوغرزت الابرة فيه لا يخرج منه الدم لا يقبل

[سورة آل عمران (3) : آية 50]

العلاج فرجعوا الى عيسى وجاؤا بالاكمه والأبرص فمسح يده بعد الدعاء عليهما فابصر الأعمى وبرئ الأبرص فآمن به البعض وجحد البعض وقالوا هذا سحر- روى- انه ابرأ فى يوم واحد خمسين الفا من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى عليه السلام وكان يداويهم بالدعاء وحده على شرط الايمان ثم قال عيسى عليه السلام وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ فسألوا جالينوس عنه فقال الميت لا يحيى بالعلاج فان كان هو يحيى الموتى فهو نبى وليس بطبيب فطلبوا ان يحيي الموتى فاحيى اربعة انفس احيى العازر وكان صديقا له فارسل أخته الى عيسى ان أخاك العازر يموت فائته فكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة ايام فآتاه هو وأصحابه فوجدوه قدمات منذ ثلاثة ايام فقال لاخته انطلقي بنا الى قبره فانطلقت معهم الى قبره وهو فى صخرة مطبقة فقال عيسى عليه السلام اللهم رب السموات السبع والأرضين السبع انك أرسلتني الى بنى إسرائيل ادعوهم الى دينك وأخبرهم انى احيى الموتى فاحى العازر فقام العازر وودكه يقطر فخرج من قبره وبقي وولد له واحيى ابن عجوز مر به ميتا على عيسى على سرير يحمل فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل عن أعناق الرجال ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع الى اهله فبقى وولد له واحيى ابنة العاشر الذي يأخذ العشور قيل له احيها وقد ماتت أمس فدعا الله تعالى فعاشت وبقيت وولد لها فقالوا يحيى من كان قريب العهد من الموت فلعلهم لم يموتوا بل أصابتهم سكتة فاحى لنا سام بن نوح فقال عيسى دلونى على قبره فخرج والقوم معه حتى انتهى الى قبره فدعا الله تعالى بالاسم الأعظم فخرج من قبره وقد شاب رأسه فقال عيسى كيف شاب رأسك ولم يكن فى زمانك شيب قال يا روح الله لما دعوتنى سمعت صوتا يقول أجب روح الله فظننت ان القيامة قد قامت فمن هول ذلك شاب رأسى فسأله عن النزع فقال يا روح الله ان مرارته لم تذهب عن حنجرتى وقد كان من وقت موته اكثر من اربعة آلاف سنة فقال للقوم صدقوه فانه نبى فآمن به بعضهم وكذبه آخرون ثم قال له مت قال بشرط ان يعيذنى الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل ثم طلبوا آية اخرى دالة على صدقه فقال وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ من انواع المآكل وَما تَدَّخِرُونَ اى وما تخبئون للغد فِي بُيُوتِكُمْ فكان يخبر الرجل بما أكل قبل وبما يأكل بعد ويخبر الصبيان وهو فى المكتب بما يصنع أهلهم وبما يأكلون ويخبأون لهم وكان الصبى ينطلق الى اهله ويبكى عليهم حتى يعطوه ما خبأوا له ثم قالوا لصبيانهم لا تلعبوا مع هذا الساحر وجمعوهم فى بيت فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم فقالوا ليسوا فى هذا البيت فقال فمن فى هذا البيت قالوا خنازير فقال عليه السلام كذلك يكونون فاذاهم خنازير إِنَّ فِي ذلِكَ اى ما ذكر من الخوارق والأمور العظام لَآيَةً عظيمة لَكُمْ دالة على صحة رسالتى دلالة واضحة إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ انتفعتم بها وَمُصَدِّقاً اى قد جئتكم ملتبسا بآية إلخ ومصدقا لِما بَيْنَ يَدَيَّ اى لما تقدمنى مِنَ التَّوْراةِ اى موافقا على ما كان قبلى وَجئتكم لِأُحِلَّ لَكُمْ لان أرخص لكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ اى فى شريعة موسى عليه السلام من لحوم السمك ولحوم الإبل والشحوم والثروب جمع ثرب وهو شحم رقيق يتصل بالأمعاء ولحم كل ذى ظفر فاحل لهم عيسى من السمك والطير ما لا اصطبة له وهى شوكة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 51 إلى 52]

الحائك التي بها يسوى السد او اللحمة وَجِئْتُكُمْ ملتبسا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ببرهان بين شاهد على صحة رسالتى فَاتَّقُوا اللَّهَ فى عدم قبولها ومخالفة مدلولها وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به وانها كم عنه بامر الله تعالى وتلك الآية هى قوله إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ولا تعصوه بالشرك هذا اى الايمان بالله ورسوله والطاعة صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ طريق سوى يؤدى صاحبه الى الجنة وهو الحق الصريح الذي اجمع عليه الرسل قاطبة فتكون آية بينة على انه عليه السلام من جملتهم فقوله إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ اشارة الى استكمال القوة النظرية بالاعتقاد الحق الذي غايته التوحيد وقال فَاعْبُدُوهُ اشارة الى استكمال القوة العلمية فانه يلازم الطاعة التي هى الإتيان بالأوامر والانتهاء عن المناهي ثم قرر ذلك بان بين ان الجمع بين الامرين هو الطريق المشهود له بالاستقامة ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم (قل آمنت ثم استقم) فالعلم والعمل من مبادى الاستقامة فعليك بالتمسك بالحجة القوية. وسئل الجنيد كيف السبيل الى الانقطاع الى الله فقال بتوبة تزيل الإصرار وخوف يزيل التسويف ورجاء يبعث على مسالك العمل وذكر الله تعالى على اختلاف الأوقات واهانة النفس بقربها من الاجل وبعدها من الأمل قيل له فبماذا يصل العبد الى هذا فقال بقلب مفرد فيه توحيد مجرد. وقال الحسن البصري رضى الله عنه ما طلب رجل هذا الخير يعنى الجنة الا اجتهد ونحل وذبل واستمر واستقام حتى يلقى الله تعالى اما ترى الى قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا. واعلم ان الاستقامة لا يطيقها الا الأكابر لانها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الله تعالى على حقيقة الصدق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يكونن أحدكم كالعبد السوء ان خاف عمل ولا كالاجير السوء ان لم يعط لم يعمل) قيل ولا يصح رفع الهمة عن الحظوظ جملة لان ذلك مكابرة مع الربوبية وانما المراد ان لا يطلب بالعمل فعلامة العبد الأديب ان يستمر على الطاعة فى باب مولاه ولا ينظر الى شىء سواه لا الى الجنة ولا الى النار فاذا جرد عمله وتوحيده عن الأغراض فقد استقام واتخذ الصراط المستقيم مذهبا والإرشاد الى هذا الطريق انما يفيد لمن كان له استعداد ازلى وقابلية اصلية فبالتربية يصير العبد قابل أنوار الصفات الالهية ويخرج من الظلمات البشرية فعليك بخدمة الكاملين والاستقامة فى طريق اليقين ز خود بهترى جوى وفرصت شمار ... كه با چون خودى كم كنى روزكار وفى الاتباع شرف عظيم قال تعالى مخاطبا لحبيبه عليه السلام فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ وطاعة الرسول واتباعه من لوازم تقوى الله تعالى ألا ترى الى قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فاذا داوم العبد الاتباع يصل الى الاستقامة فانها ليست مما يحصل فى أول الأمر: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره العزيز سالها بايد كه اندر آفتاب ... لعل يابد رنك ورخشانى وتاب فَلَمَّا الفاء فصيحة تفصح عن تحقق جميع ما قالته الملائكة وخروجه من القوة الى الفعل كأنه قيل فحملته فولدته فكان كيت وكيت وقال ذيت وذيت أَحَسَّ عِيسى أحس استعارة للعلم اليقيني الذي لا شبهة فيه كالاحساس وهو وجدان الشيء بالحاسة كأنه قبل

[سورة آل عمران (3) : الآيات 53 إلى 59]

فلما علم مِنْهُمُ الْكُفْرَ علما لا شبهة فيه كما يدرك بالحواس من الضروريات منهم الكفر اى من بنى إسرائيل وأرادوا قتله وانهم لا يزدادون على رؤية الآيات الا الإصرار على الجحود قالَ لخلص أصحابه مستنصرا على الكفار مَنْ أَنْصارِي الأنصار جمع نصير إِلَى اللَّهِ متعلق بمحذوف وقع حالا من الياء اى من انصارى متوجها الى الله ملتجئا اليه ومن أعواني على اقامة الدين قالَ الْحَوارِيُّونَ جمع حوارى يقال فلان حوارى فلان اى صفوته وخاصته وهم اثنا عشر بعضهم من الملوك وبعضهم من صيادى السمك وبعضهم من القصارين وبعضهم من الصباغين والكل سموا بالحواريين لانهم كانوا أنصار عيسى عليه السلام وأعوانه والمخلصين فى محبته وطاعته نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ اى أنصار دينه ورسوله قال تعالى إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ والله ينصر من ينصر دينه ورسله آمَنَّا بِاللَّهِ استئناف جار مجرى العلة لما قبله فان الايمان به تعالى موجب لنصرة دينه والذب عن أوليائه والمحاربة مع أعدائه وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ مخلصون فى الايمان منقادون لما تريد من امر نصرتك طلبوا منه عليه السلام الشهادة بذلك يوم القيامة يوم تشهد الرسل عليهم السلام لأممهم إيذانا بان مرمى غرضهم السعادة الاخروية رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ من الإنجيل على عيسى وهو تضرع الى الله تعالى وعرض لهم عليه تعالى بعد عرضها على الرسول مبالغة فى اظهار أمرهم وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ اى عيسى على دينه فى كل ما يأتى ويذر من امور الدين فيدخل فيه الاتباع فى النصرة دخولا أوليا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ اى مع الذين يشهدون بوحدانيتك او مع الأنبياء الذين يشهدون لاتباعهم او مع امة محمد صلى الله عليه وسلم فانهم شهداء على الناس قاطبة وهو حال من مفعول اكتبنا. وفيه اشارة الى ان كتاب الأبرار انما يكون فى السموات مع الملائكة قال تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ فاذا كتب الله ذكرهم مع الشهداء المؤمنين كان ذكرهم مشهورا فى الملأ الأعلى وعند الملائكة المقربين وَمَكَرُوا اى الذين علم عيسى كفرهم من اليهود بان وكلوا به من يقتله غيلة وهو ان يخدعه فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وَمَكَرَ اللَّهُ بان رفع عيسى عليه السلام والقى شبهه على من قصد اغتياله حتى قتل وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ أقواهم مكرا وانفذهم كيدا وأقدرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب- روى- ان ملك بنى إسرائيل لما قصد قتله عليه السلام امره ان يدخل بيتا فيه روزنة فرفعه جبريل عليه السلام من تلك الروزنة الى السماء وكساه الله الريش والبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وطارمع الملائكة حول العرش وكان إنسيا ملكيا سماويا ارضيا ثم قال الملك لرجل خبيث منهم ادخل عليه فاقتله فدخل البيت فالقى الله عز وجل شبهه عليه السلام عليه فخرج يخبرهم انه ليس فى البيت فقتلوه وصلبوه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى وبدنه يشبه بدن صاحبنا فان كان هذا عيسى فاين صاحبنا وان كان صاحبنا فاين عيسى فوقع بينهم مقال عظيم ولما صلب المصلوب جات مريم ومعها امرأة ابرأها الله من الجنون بدعاء عيسى وجعلتا تبكيان على المصلوب فأنزل الله عيسى عليه السلام فجاءهما فقال على من تبكيان قالتا عليك فقال ان الله رفعنى ولم يصبنى الا خيروان هذا شىء شبه لهم فلما كان بعد سبعة ايام قال الله لعيسى اهبط الى

[سورة آل عمران (3) : آية 55]

المجدلانية على موضع فى جبلها فانه لم يبك عليك أحد بكاءها ولم يحزن أحد حزنها ثم استجمع الحواريين فبثهم اى فاجعلهم متفرقين فى الأرض دعاة الى الله فاهبطه الله عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريون فبثهم فى الأرض دعاة ثم رفعه الله اليه وتلك الليلة هى الليلة التي تدخن فيها النصارى فلما أصبح الحواريون حدث كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم فذلك قوله وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ والمكر من المخلوقين الخبث والخديعة والحيلة والمكر من الله استدراج العبد واخذه بغتة من حيث لا يعلم فيها ايها العبد خف من وجود احسان مولاك إليك ودوام اساءتك معه فى دوام الطفه بك وعطفه عليك ان يكون ذلك استدراجا لك حتى تقف معها وتغتر بها وتفرح بما أوتيت فتؤخذ بغتة قال الله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا. وقال ابو العباس ابن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى او تورط فى بلوا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بالظاهر من الأمر من غير تعريج على ماوراء ذلك وما ذاك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال عليه السلام (من استوى يوماه فهو مغبون) ولو لم يكن من الابعاد الا ان يخليك وما تريد فيصرفك عنه بمرادك هذا والعياذ بالله مكر وخسران. وعن ابن حنبل انه كان يوصى بعض أصحابه فقال خف سطوة العدل وارج رقة الفضل ولا تأمن من مكره تعالى ولو أدخلك الجنة ففى الجنة وقع لا بيك آدم ما وقع وقد يقطع بأقوام فيها فيقال لهم كلوا واشربوا هنيأ بما أسلفتم فى الأيام الحالية فقطعهم بالأكل والشرب عنه وأي مكر فوق هذا وأي خسران أعظم منه إِذْ قالَ اللَّهُ اى اذكر وقت قول الله يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ اى مستوفى أجلك ومعناه انى عاصمك من ان يقتلك الكفار ومؤخرك الى أجل كتبته لك ومميتك ختف انفك لاقتلا بايديهم وَرافِعُكَ الآن إِلَيَّ اى الى محل كرامتى ومقر ملائكتى وجعل ذلك رفعا اليه للتعظيم ومثله قوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي وانما ذهب ابراهيم عليه السلام من العراق الى الشام وقد يسمى الحاج زوار الله والمجاورون جيران الله وكل ذلك للتفخيم فانه تعالى يمتنع كونه فى المكان وَمُطَهِّرُكَ اى مبعدك ومنحيك مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم. قيل سينزل عيسى عليه السلام من السماء على عهد الدجال حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله أحد ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الإسلام ويقتل الدجال ويتزوج بعد قتله امرأة من العرب وتلد منه ثم بموت هو بعد ما يعيش أربعين سنة من نزوله فيصلى عليه المسلمون لانه سأل ربه ان يجعله من هذه الامة فاستجاب الله دعاءه وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ وهم

[سورة آل عمران (3) : الآيات 56 إلى 58]

المسلمون لانهم متبعوه فى اصل الإسلام وان اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا وهم الذين مكروا به عليه السلام ومن يسير بسيرتهم من اليهود فان اهل السلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ غاية للجعل لا على معنى ان الجعل ينتهى حينئذ ويتخلص الكفرة من الذلة بل على معنى ان المسلمين بعلونهم الى تلك الغاية فاما بعدها فيفعل الله تعالى بهم ما يريد ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالبعث والضمير لعيسى عليه السلام وغيره من المتبعين له والكافرين به على تغليب المخاطب على الغائب فى ضمن الالتفات فانه ابلغ فى التبشير والانذار فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يومئذ اثر رجوعكم الى فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امور الدين فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا بالسيف والسبي وأخذ الجزية وإيصال الأمراض والمصائب فانها من العقوبات فى حق الكافر ومن المثوبات فى حق المؤمن لانها ابتلاء محض له وَالْآخِرَةِ بعذاب النار وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونهم من عذاب الله فى الدارين وصيغة الجمع لمقابلة ضمير الجمع اى ليس لواحد منهم ناصر واحد وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بما أرسلت به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كما هو ديدن المؤمنين فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ اى يعطيهم أجور أعمالهم كاملة ولعل الالتفات الى الغيبة للايذان بما بين مصدرى التعذيب والاثابة من الاختلاف من حيث الجلال والجمال وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ اى يبغضهم ولا يرضى عنهم ذلِكَ اشارة الى ما سلف من نبأ عيسى عليه السلام وغيره نَتْلُوهُ عَلَيْكَ اى نقرأه عليك يا محمد وأسند تلاوته الى نفسه مع ان التالي هو الملك المأمور بها على طريق اسناد الفعل الى السبب الآمر وفيه تعظيم بليغ وتشريف عظيم للملك وانما حسن ذلك لان تلاوة جبريل لما كانت بامره تعالى من غير تفاوت أصلا أضيف ذلك اليه تعالى مِنَ الْآياتِ حال من الضمير المنصوب اى من العلامات الدالة على ثبوت رسالتك لانها اخبار لا يعلمها إلا قارئ الكتاب او من يوحى اليه فظاهر انك لا تكتب ولا تقرأ فبقى ان ذلك من الوحى وَالذِّكْرِ اى القرآن الْحَكِيمِ اى المشتمل على الحكم او المحكم الممنوع من تطرق الخلل اليه والاشارة ان الله تعالى قال لعيسى عليه السلام يا عيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ عن الصفات النفسانية والأوصاف الحيوانية وَرافِعُكَ إِلَيَّ بجذبات العناية فمن لم يصر فانيا عما سوى الله لا يكون له وصول الى مقام معرفة الله فعيسى لما رفع الى السماء صارت له حالة كحال الملائكة فى زوال الشهوات والغضب والأخلاق الذميمة. فعلى السالك ان ينهى نفسه عن الهوى ويتبع طريق الهدى ويعتبر بالآيات والذكر الحكيم كى يصل الى النعيم المقيم ويجتنب الظلم فان الله تعالى قال وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ اى الذين يظلمون على أنفسهم بانقضاء العمر فى طلب غير الله خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا فاهل الطريقة هم الذين يمحون نقش الغير عن صفحات القلب ويزكون نفوسهم عن الأوصاف المذمومة فانها مانعة من العروج الى سماء المعرفة وعلو الوصال: قال مولانا جلال الدين رومى قدس سره

[سورة آل عمران (3) : آية 59]

آن يكى نحوى بكشتى درنشست ... رو بكشتيبان نهاد آن خود پرست كفت هيچ از نحو حواندى كفت لا ... كفت نيم عمر تو شد در فنا دل شكسته كشت كشتيبان ز تاب ... ليك آن دم كشت خواموش از جواب باد كشتى را بگردابى فكند ... كفت كشتيبان بدان نحوى بلند هيچ دانى آشنا كردن بگو ... كفت نى اى خوش جواب خوب رو «1» كفت كل عمرت اى نحوى فناست ... زانك كشتى غرق اين كردا بهاست محو مى بايد نه نحو اينجا بدان ... كر تو محوى بيخطر در آب ران آب دريا مرده را بر سر نهد ... ور بود زنده ز دريا كى رهد چون بمردى تو ز أوصاف بشر ... بحر اسرارت نهد بر فرق سر فقد ظهر ان الذين يطلبون غير الله هم غرقى فى بحر الهوى والشهوات لا يقدرون على التصعد الى الأعلى واما الذين تخلصوا من قشر الوجود ووصلوا بالفناء عن ذواتهم الى عالم الشهود فهم يطيرون باجنحة أنوار حالهم مع الملائكة المقربين لتخلصهم من الأثقال الدنيوية والاشغال القالبية والبدنية قال تعالى إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى بالتجرد عن الهيآت الجسمانية والتعلقات البدنية فَانْفُذُوا لتنخرطوا فى سلك الارادة الملكوتية والنفوس الجبروتية وتصلوا الى الحضرة العلية لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ اى بحجة بينة هى التوحيد والتجريد والتفريد بالعلم والعمل والفناء فى الله تعالى قال عيسى عليه السلام [لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين] والولادة نوعان. اضطراري يخلق الله تعالى ولا دخل فيه للكسب والاختيار وذلك ظاهر. واختياري يحصل بالكسب وهو الذي أشار اليه عيسى عليه السلام وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى ويداوى بدواء افضاله هذه النفوس المرضى انه بكل شىء قدر وبتيسيره يسهل كل امر عسير إِنَّ مَثَلَ عِيسى اى شانه البديع المنتظم لغرابته فى سلك الأمثال عِنْدَ اللَّهِ اى فى تقديره وحكمه كَمَثَلِ آدَمَ اى كحاله العجيبة التي لا يرتاب فيها مرتاب ولا ينازع فيها منازع خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ تفسير للمثل لا محل له من الاعراب اى خلق قالب آدم من تراب. فان قيل الضمير فى خلقه راجع الى آدم وحين كان ترابا لم يكن آدم موجودا. قلنا لما كان ذلك الهيكل بحيث سيصير آدم عن قريب سماه آدم قبل ذلك تسمية لما سيقع بالواقع ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ اى انشأ بشرا فَيَكُونُ والمقتضى ان يقال فكان اى كان كما امره الله الا انه عدل الى المضارع حكاية للحال التي كان آدم عليها اى تصويرا لذلك الإيجاد الكامل بصورة المشاهد الذي يقع الآن- روى- ان وفد نجران قدموا المدينة وهم اربعة عشر رجلا من اشرافهم. منهم السيد وهو كبيرهم واسمه اهيب. والعاقب الذي بعده وهو صاحب رأيهم واسمه عبد المسيح. والثالث ابو حارثة ابن علقمة الأسقف وكان فى شرف وخطر عظيم وكان ملك الروم بنى له الكنائس وكان يبعث له بالكرامات فاقبلوا حتى قدموا على النبي عليه السلام فى مسجد المدينة بعد العصر عليهم ثياب حسان ولهم وجوه جسام فقاموا وصلوا واستقبلوا قبلتهم وأراد اصحاب النبي صلى الله عليه

_ (1) وفى بعض نسخ المثنوى [كفت نى از من تو سباحى مجو] در اواخر دفتر يكم در بيان ماجراى نحوى در كشتى با كشتيبان وجواب دادن او

[سورة آل عمران (3) : الآيات 60 إلى 65]

وسلم ان يمنعوهم فقال صلى الله عليه وسلم (دعوهم) وقد كان نزل على النبي عليه السلام قبل قدومهم صدر آل عمران لمحاجتهم ثم انتهى ابو حارثة هذا وآخر معه الى النبي عليه السلام فقال لهما صلى الله عليه وسلم (أسلما) فقالا اسلمنا قبلك فقال صلى الله عليه وسلم (كذبتما يمنعكما عن الإسلام ثلاث عبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير وزعمكما ان لله ولدا) قالوا يا محمد فلم تشتم صاحبنا عيسى قال (وما أقول) قالوا تقول انه عبد قال (أجل هو عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى العذراء البتول) فغضبوا وقالوا هل رأيت إنسانا من غير اب فحيث سلمت انه لا اب له من البشر وجب ان يكون هو الله فقال صلى الله عليه وسلم (ان آدم عليه السلام ما كان له اب ولا أم) ولم يلزم من ذلك كونه ابنا لله تعالى فكذا حال عيسى عليه السلام فالوجود من غير اب وأم أخرق للعادة من الوجود من غير اب فشبه الغريب بالاغرب ليكون اقطع لشبهة الخصم إذا نظر فيما هو اغرب مما استغربه الْحَقُّ اى ما قصصنا عليك من نبأ عيسى وامه هو الحق كائنا مِنْ رَبِّكَ لا قول النصارى انه ابن الله وقولهم ولدت مريم الها ونحو ذلك فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ اى من الشاكين فى ذلك الخطاب للنبى عليه السلام على طريقة الالهاب والتهييج لزيادة التثبيت لان النهى عن الشيء حقيقة يقتضى ان يتصور صدور المنهي عنه من المنهي ولا يتصور كونه عليه السلام شاكا فى صحة ما انزل عليه والمعنى دم على يقينك وعلى ما أنت عليه من الاطمئنان على الحق والتنزه عن الشك فيه. قال الامام ابو منصور رحمه الله العصمة لا تزيل المحنة ولا ترفع النهى فَمَنْ حَاجَّكَ اى من النصارى إذ هم المتصدون للمحاجة فِيهِ اى فى شأن عيسى عليه السلام وامه زعما منهم انه ليس على الشأن المحكي مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ اى ما يوجبه إيجابا قطعيا من الآيات البينات وسمعوا ذلك منك فلم يرعووا عما هم عليه من الضلال والغى فَقُلْ اى فاقطع الكلام معهم وعاملهم بما يعامل به المعاند وهو ان تدعوهم الى الملاعنة فقل لهم تَعالَوْا التعالي فى الأصل التصاعد كأن الداعي فى علو والمدعو فى سفل فامره ان يتعالى اليه ثم صار ذلك لكل مدعو اين كان اى هلموا بالرأى والعزيمة لا بالأبدان لانهم مقبلون وحاضرون عنده بأجسادهم نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ اكتفى بهم عن ذكر البنات لظهور كونهم أعز منهن. واما النساء فتلقهن من جهة اخرى وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ اى ليدع كل منا ومنكم نفسه واعزة اهله وألصقهم بقلبه الى المباهلة ويحملهم عليها ثُمَّ نَبْتَهِلْ اى نتباهل بان نلعن الكاذب ونقول لعنة الله على الكاذب منا ومنكم فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ عطف على نبتهل مبين لمعناه- روى- انهم لما دعوا الى المباهلة قالوا حتى نرجع وننظر فلما خلا بعضهم ببعض قالوا لعبد المسيح ما ترى فقال والله لقد عرفتم يا معشر النصارى ان محمدا نبى مرسل ولقد جاءكم بالفصل من امر صاحبكم والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكن فان أبيتم الا الف دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشى خلفه وعلى خلفها رضى الله عنه وهو يقول (إذا انا دعوت فأمنوا) فقال اسقف نجران

[سورة آل عمران (3) : الآيات 62 إلى 63]

اى أعلمهم بامور دينهم وهو ابو حارثة يا معشر النصارى انى لأرى وجوها لو شاء الله تعالى ان يزيل جبلا من مكانه لا زاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانى الى يوم القيامة فقالوا يا أبا القاسم رأينا ان لا نباهلك وان تترك على دينك ونثبت على ديننا قال صلى الله عليه وسلم (فاذا أبيتم المباهلة فاسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين) فأبوا فقال (فانى احاربكم) فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على ان لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على ان نؤدى إليك كل عام الفى حلة الف فى صفر والف فى رجب وثلاثين درعا عادية من حديد فصالحهم على ذلك وكتب لهم كتابا بذلك وقال (والذي نفسى بيده ان الهلاك قد تدلى على اهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران واهله حتى الطير على رؤس الشجر ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا) إِنَّ هذا اى ما قص من نبأ عيسى عليه السلام وامه لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ دون ما عداه من أكاذيب النصارى وَما مِنْ إِلهٍ ما اله إِلَّا اللَّهُ صرح فيه بمن الاستغراقية تأكيدا للرد على النصارى فى تثليثهم وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ القادر على جميع المقدورات. الحكيم المحيط بالمعلومات لا أحد يشاركه فى القدرة والحكمة ليشاركه فى الالوهية فَإِنْ تَوَلَّوْا اى اعرضوا عن قبول التوحيد والحق الذي قص عليك بعد ما عاينوا تلك الحجج النيرة والبراهين الساطعة فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ اى فاقطع كلامك عنهم وفوض أمرهم الى الله فان الله عليم بفساد المفسدين مطلع على ما فى قلوبهم من الأغراض الفاسدة قادر على مجازاتهم. واعلم ان لمباهلة الأنبياء تأثيرا عظيما سببه اتصال نفوسهم بروح القدس وتأييد الله إياهم به وهو المؤثر بإذن الله فى العالم العنصري فيكون انفعال العالم العنصري منه كانفعال بدننا من روحنا بالهيئات الواردة عليها كالغضب والخوف والسرور والفكر فى احوال المعشوق وغير ذلك من تحريك الأعضاء عند حدوث الإرادات والعزائم وانفعال النفوس الملكية تأثيرها فى العالم عند التوجه الاتصالى تأثير ما يتصل به فينفعل اجرام العناصر والنفوس الناقصة الانسانية فيه بما أراد ألم تر كيف انفعلت نفوس النصارى من نفسه عليه السلام قبل المباهلة بالخوف واحجمت عن المباهلة فطلبت الموادعة بالجزية كذا فى التأويلات القاشانية. وكذا حال الولي إذا دعا على انسان يكون له تأثير بالمرض او الموت او غير ذلك من البلايا- روى- ان الشاعر البساطى رأى يوما الشيخ كمال الدين الخجندي فى مجلس الشعراء فقال از كجايى از كجايى اى لوند ... فقال الشيخ فى جوابه على الفور از خجندم از خجندم از خجند ... ولكنه تأذى من سوء أدبه ومعاملته معه هكذا وحمله على سكره فقال الغالب ان هذا الشاب سكران فسمعه البساطى وقال بالبداهة سيه چشميست مردم كش خراب غمزه اويم ... از آن در عين هشيارى سخن مستانه ميكويم ثم قال بطريق الهجو له اى ملحد خجندى ريش بزرك دارى ... كز غايت بزركى ده ريش ميتوان كفت فلما سمعه الشيخ تألم منه تألما شديدا فدعا عليه فى ذلك المجلس فمات من ساعته من تأثير نفسه

[سورة آل عمران (3) : آية 64]

الشريف فى حقه فليجانب العاقل اذية الصلحاء فان مكره يعود اليه دونهم قال تعالى وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ: قيل ونعم ما قيل ناى كند ناله بدين قول راست ... از نفس پير بترس اى جوان فحفظ قلوب المشايخ وترك الخلاف عليهم سبب للترقى الى المطالب العالية وباعث للاحترام والإكرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أكرم شاب شيخا لسنه الا قيض الله له من يكرمه عند سنه) قال المشايخ عقوق الاستاذين لا توبة منه- ويحكى- عن ابى الحسن الهمداني قال كنت ليلة عند جعفر الخالدي وكنت أمرت فى بيتي ان يعلق لى طير فى التنور وكان قلبى معه فقال لى جعفر أقم عندنا الليلة فتعللت بشىء ورجعت الى منزلى فاخرج الطير من التنور ووضع بين يدى فدخل كلب من الباب وحمل الطير عند تغافل الحاضرين واتى بالجوذاب الذي تحته فتعلق به ذيل الخادمة فانصب فلما أصبحت دخلت على جعفر فحين وقع بصره على قال من لم يحفظ قلوب المشايخ يسلط عليه كلب يؤذيه. قال الشيخ ابو على الدقاق قدس سره لما نفى اهل بلخ محمد بن الفضل من البلد دعا عليهم وقال اللهم امنعهم الصدق فلم يخرج من بلخ بعده صديق عصمنا الله وإياكم من المخالفة آمين قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ اى اليهود والنصارى تَعالَوْا كان عليه السلام حريصا على ايمانهم فامره الله تعالى بان يعدل عن طريق المجادلة والاحتجاج الى نهج يشهد كل عقل سليم انه كلام مبنى على الانصاف وترك الجدال لا ميل فيه الى جانب حتى يكون فيه شائبة التعصب فهو كلام ثابت فى المركز نسبته إلينا وإليكم على سواء واعتدال فقال قل يا اهل الكتاب تعالوا اى هلموا والمراد تعيين ما دعوا اليه والتوجه الى النظر فيه وان لم يكن انتقالا من مكان الى مكان لان اصل اللفظ مأخوذ من التعالي وهو الارتفاع من موضع هابط الى مكان عال ثم كثر استعماله حتى صار دالا على طلب التوالي حيث يدعى اليه إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ لا يختلف فيها الرسل والكتب فيها انصاف من بعضنا لبعض ولا ميل فيها لا حد على صاحبه وهى أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ اى نوحده بالعبادة ونخلص فيها وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ولا نجعل غيره شريكا فى استحقاق العبادة ولا نراه أهلا لان نعبده وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ بان نقول عزير ابن الله والمسيح ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحليل والتحريم لان كلا منهم بعضنا وبشر مثلنا وعن الفضيل لا أبالي أطعت مخلوقا فى معصية الخالق أم صليت لغير القبلة فَإِنْ تَوَلَّوْا عما دعوتم اليه من التوحيد وترك الإشراك فَقُولُوا اى قل لهم أنت والمؤمنون اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ اى لزمتكم الحجة فاعترفوا بانا مسلمون دونكم- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى قيصر (من محمد رسول الله الى هر قل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى اما بعد فانى أدعوك برعاية الإسلام اسلم تسلم) اى من السبي فى الدنيا ومن العذاب فى الآخرة (واسلم يؤتك الله أجرك مرتين وان توليت فان عليك اثم الأريسيين ويا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيأ) الى قوله (فقولوا اشهدوا بانا مسلمون) . وجاء فى الخبر الصحيح ان هر قل سأل عن حال النبي

[سورة آل عمران (3) : آية 65]

عليه السلام وعرفها ممن جاء بكتابه فقال لو كنت عنده لقبلت قدميه لمعرفته صدق النبي عليه السلام بعلاماته المعلومة له من الكتب القديمة لكن خاف من ذهاب الرياسة. ثم انه كتب جواب كتابه عليه السلام انا نشهد انك نبى ولكنا لا نستطيع ان نترك الدين القديم الذي اصطفاه الله لعيسى عليه السلام فعجب النبي عليه السلام فقال (لقد ثبت ملكهم الى يوم القيامة ابدا) . وكتب الى كسرى ملك فارس فمزق كتابه ورجع الرسول بعد ما أراد قتله فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خرق الله ملكهم فلا ملك لهم ابدا فكان كذلك. والاشارة فى الآية ان اصول الأديان كلها اخلاص العبودية كما قال تعالى أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً يعنى كما لا نعبد الا الله لا نطلب منه غيره وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فى طلب الرزق ورؤية الأمور من الوسائط فَإِنْ تَوَلَّوْا يعنى من اعرض عن هذا الأصل فَقُولُوا أنتم لهم اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ مستسلمون لما دعانا الله اليه من التوحيد والإخلاص فى العبودية ونفى الشرك والسر فى الاشهاد على الإسلام ليشهد الكفار لهم يوم القيامة على الإسلام والتوحيد كما يشهد لهم المؤمنون كما قال النبي عليه السلام لابى سعيد الخدري رضى الله عنه (انى أراك تحب الغنم والبادية فاذا كنت فى غنمك وباديتك فاذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فانه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شىء الا شهد له يوم القيامة) فيكون شهادة الكفار لهم بالتوحيد يوم القيامة حجة على أنفسهم. فالتوحيد هى العروة الوثقى واصل الأصول يهب من جانب الغيب لمن أخلصه قبول القبول. فعلى العاقل ان لا يخالف كتاب الله بالاعراض عن فحاويه وعدم التدبر فى معانيه بل يسلك سبيل العلم والأعمال ويجتنب الجهل والغى والضلال قبل ان يهال عليه التراب ويلف فى الأكفان من الأثواب: قال الفاضل عبد الرحمن الجامى قدس سره پيش كسرى ز خردمند حكيمان ميرفت ... سخن از سخت ترين موج درين لجه غم آن يكى كفت كه بيمارى واندوه دراز ... وان دگر كفت كه نادارى و پيريست بهم سيومين كفت كه قرب أجل وسوء عمل ... عاقبت رفت بترجيح سوم حكم حكم يعنى اجتمع يوما فى مجلس انو شروان ثلاثة من الحكماء فانجر الكلام الى ان أشد الشدائد ما هو. فقال الحكيم الرومي هو الشيخوخة مع الفقر. وقال الحكيم الهندي المرض وعلة البدن مع كثرة الغموم والهموم. وقال الحكيم بزرجمهر هو قرب الاجل وسوء العمل فاتفقوا على قوله رزقنا الله وإياكم حلاوة الطاعات وأيدنا بتوفيقه قبل قدوم هاذم اللذات آمين يا أَهْلَ الْكِتابِ من اليهود والنصارى لِمَ تُحَاجُّونَ تجادلون فِي ملة إِبْراهِيمَ وشريعته تنازعت اليهود والنصارى فى ابراهيم عليه السلام وزعم كل واحد منهما انه عليه السلام منهم وترافعا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت والمعنى لم تدعون انه عليه السلام كان منكم وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ على موسى عليه السلام وَالْإِنْجِيلُ على عيسى عليه السلام إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد موته وأنتم سميتم باليهودية والنصرانية بعد نزول الكتاب أَفَلا تَعْقِلُونَ اى ألا تتفكرون فلا تعقلون بطلان مذهبكم فتجادلون بالجدال المحال لان

[سورة آل عمران (3) : الآيات 66 إلى 72]

بين ابراهيم وموسى الف سنة وبين موسى وعيسى الفى سنة فكيف يكون ابراهيم على دين لم يحدث الا بعد عهده بأزمنة متطاولة ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جملة من مبتدأ وخبر صدرت بحرف التنبيه ثم بينت بجملة مستأنفة اشعارا بكمال غفلتهم اى أنتم هؤلاء الحمقى حيث حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ من التوراة والإنجيل من نبوة محمد عليه السلام فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فيما لا ذكر له فى كتابكم ولا علم لكم به من دين ابراهيم إذ لا ذكر لدينه عليه السلام فى أحد الكتابين قطعا وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما حاججتم فيه فيعلمنا وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ اى محل النزاع ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا تصريح بما نطق به البرهان المقرر وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً اى مائلا عن العقائد الزائغة كلها مُسْلِماً اى منقادا لله تعالى وليس المراد انه كان على ملة الإسلام والا لاشترك الإلزام وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تعرض بانهم مشركون بقولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله ورد لادعاء المشركين انهم على ملته عليه السلام إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ اى ان أحق الناس بدعواه انه على دين ابراهيم لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فى زمانه وَهذَا النَّبِيُّ اى محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم لانه اتبعه وَالَّذِينَ آمَنُوا بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم من هذه الامة لموافقتهم فى اكثر ما شرعه لهم على الاصالة وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ينصرهم ويجازيهم الحسنى بايمانهم وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اى أحبت لَوْ اى ان يُضِلُّونَكُمْ يصرفونكم عن دين الإسلام الى دين الكفر وانما قال طائفة لان من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ جملة حالية جيئ بها للدلالة على كمال رسوخ المخاطبين وثباتهم على ما هم عليه من الدين القويم اى وما يتخطاهم الإضلال ولا يعود وباله الا إليهم لما انه يضاعف به عذابهم وَما يَشْعُرُونَ اى باختصاص وباله وضرره بهم. اعلم انه تعالى لما بين ان من طريقة اهل الكتاب العدول عن الحق والاعراض عن قبول الحجة بين انهم لا يقتصرون على هذا القدر بل يجتهدون فى إضلال من آمن بالرسول عليه السلام بإلقاء الشبهات. فعلى العاقل ان لا يضل عن الطريق القويم بإلقاءات كل شيطان رجيم من ضلال الانس والجان أصلحهم الله الملك المنان وماذا بعد الحق الا الضلال. قال ابن مسعود رضى الله عنه لما دنا فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعنا فى بيت أمنا عائشة رضى الله عنها ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال (مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله أوصيكم بتقوى الله وطاعته قددنا الفراق وحان المنقلب الى الله والى سدرة المنتهى والى جنة المأوى يغسلنى رجال اهل بيتي ويكفوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا فى حلة يمانية فاذا غسلتمونى وكفنتمونى ضعونى على سريرى فى بيتي هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى على حبيبى جبريل عليه السلام ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا على فوجا فوجا صلوا على) فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا وقالوا يا رسول الله أنت رسول ربنا وشمع جمعنا وسلطان أمرنا إذا ذهبت عنا فالى من تراجع فى أمورنا قال (تركتكم على المحجة البيضاء) اى على الطريق الواسع الواضح ليلها كنهارها فى الوضوح ولا يزيغ بعدها الى غيرها الا هالك (وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 70 إلى 72]

فالناطق القرآن والصامت الموت فاذا أشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة وإذا قسا قلبكم فلينوه بالاعتبار فى احوال الأموات) جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست والناس فى الاعتقاد والعمل متفاوتون. فمنهم من هو متين كالحصن الحصين لا يزول عما هو عليه وان اتفق الناس فى إضلاله وهو المرتبة القصوى فى باب الدين التي نالها الأنبياء والأولياء والافراد من المؤمنين قال على كرم الله وجهه [لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا] ولا يطرأ الشك فى المحسوس فكذا ما هو فى حكمه. ومنهم من هو ضعيف لا متانة فيه تذروه رياح الهوى حيث شاءت بعد ان لم تساعد له العناية الازلية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الناس كمعادن الذهب والفضة) يعنى ان الناس معادن الأعمال والأخلاق والأقوال ولكن يتفاوتون فيها كما تتفاوت معادن الذهب والفضة الى ان تنتهى الى الأدنى فالادنى. قال فى شرح المصباح وفيه اشارة الى ان ما فى معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق ينبغى ان تستخرج برياضة النفوس كما يستخرج الجواهر من المعادن بالمقاساة والتعب ولقد أجاد من قال بقدر الكد تكتسب المعالي ... ومن طلب العلى سهر الليالى تروم العز ثم تنام ليلا ... يغوص البحر من طلب اللآلى فلا بد من الاجتهاد والاستمداد من الابدال والأوتاد لعل الله يسهل سلوك هذا الطريق ويخلص من خطر هذا البحر العميق بارى كه آسمان وزمين سر كشيد از آن ... مشكل بود بياورئ جسم وجان كشيد همت قوى كن از مدد رهروان عشق ... كان بار را بقوت همت توان كشيد يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى بما نطقت به التوراة والإنجيل ودلت على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ اى والحال انكم تشهدون انها آيات الله يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ اى تخلطون الْحَقَّ بِالْباطِلِ المراد بالحق كتاب الله الذي أنزله على موسى وعيسى عليهما السلام. وبالباطل ما حرفوه وكتبوه بايديهم وبخلط أحدهما بالآخر إبراز باطلهم فى صورة الحق بان يقولوا الكل من عند الله تعالى وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ اى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ انه حق ثابت فى كتابكم وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم رؤساؤهم ومقتدوهم لا عقابهم آمِنُوا بِالَّذِي اى أظهروا الايمان بالقرآن الذي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا اى على المسلمين وَجْهَ النَّهارِ اى فى اوله لان أول النهار هو أول ما ظهر منه كما ان الوجه أول ما يظهر من أعضاء الإنسان عند الملاقاة وَاكْفُرُوا آخِرَهُ اى أظهروا ما أنتم عليه من الكفر به فى آخر النهار مرائين لهم انكم آمنتم به بادى الرأى من غير تأمل ثم تأملتم فيه فوقفتم على خلل رأيكم الاول فرجعتم عنه لَعَلَّهُمْ اى المؤمنين يَرْجِعُونَ عماهم عليه من الايمان به كما رجعتم. والمراد بالطائفة كعب بن الأشرف ومالك ابن الصيف قالا لا صحابهما لما حولت القبلة آمنوا بما انزل عليهم من الصلاة الى الكعبة وصلوا إليها أول النهار ثم صلوا الى الصخرة آخره لعلهم يقولون هم اعلم منا وقد رجعوا فيرجعون

[سورة آل عمران (3) : الآيات 73 إلى 77]

وَلا تُؤْمِنُوا اى لا تقروا بتصديق قلبى إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ اى لاهل دينكم لا لمن تبع محمدا واسلم لما قالت الطائفة المتقدمة لاتباعهم أظهروا الايمان بالقرآن أول النهار كان من بقية كلامها لهم انكم لا تصدقوا بحقية الإسلام والقرآن بقلوبكم لكن لا تظهروه للمسلمين ولا تقروا بذلك الا لاهل دينكم قُلْ يا محمد للرؤساء إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ يهدى به من يشاء الى الايمان ويثبته عليه فاذا كانت الهداية والتوفيق من الله فلا يضر كيدكم وحيلكم وهو اعتراض مقيد لكون كيدهم غير مجد لطائل أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ علة بتقدير اللام لفعل محذوف اى قلتم ذلك القول ودبرتم الكيد لان يعطى أحد مثل ما أعطيتم من فضل الكتاب والعلم لا لشىء آخر يعنى ما بكم من الحسد صار داعيا لكم الى ان قلتم ما قلتم أَوْ يُحاجُّوكُمْ عطف على ان يؤتى وضمير الجمع عائد الى أحد لانه فى معنى الجمع اى دبرتم ما دبرتم لذلك ولان يحاجوكم عند كفركم بما يؤتى أحد من الكتاب مثل كتابكم عِنْدَ رَبِّكُمْ يوم القيامة فيغلبوكم بالحجة فان من آتاه الله الوحى لا بد ان يحاج مخالفيه عند ربه قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ اى الهدى والتوفيق وإيتاء العلم والكتاب بِيَدِ اللَّهِ اى بقدرته ومشيئته يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده وَاللَّهُ واسِعٌ اى كامل القدرة عَلِيمٌ اى كامل العلم فلكمال القدرة يصح ان يتفضل على أي عبد يشاء بأى تفضل شاء ولكمال علمه لا يكون شىء من أفعاله الا على وجه الحكمة والصواب يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ اى يجعل رحمته مقصورة على مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ كلاهما تذييل لما قبله مقرر لمضمونه. والاشارة فى تحقيق الآيات ان الحسد وان كان مركوزا فى جبلة الإنسان ولكن له اختصاص بعالم يتعلم العلم ليمارى به السفهاء ويباهى به العلماء ويجعله وسيلة لجمع المال وحصول الجاه والقبول عند ارباب الدنيا فيحسد على كل عالم آتاه الله كلمة فهو ينشرها ويفيد الخلق كما قال عليه السلام (لا حسد الا فى اثنين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكه فى حق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضى بها ويعلمها) اى لا حسد كحسد الحاسد على هذين الرجلين وكان حسد أحبار اليهود على النبي عليه السلام من هذا القبيل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ستة يدخلون النار قبل الحساب قيل يا رسول الله من هم قال (الأمراء من بعدي بالجور والعرب بالعصبية والدهاقين بالكبر والتجار بالخيانة واهل الرستاق بالجهل واهل العلم بالحسد) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث هن اصل كل خطيئة فاتقوهن واحذروهن إياكم والكبر فان إبليس حمله الكبر على أن لا يسجد لآدم) : قال المولى الجامى لاف بي كبرى مزن كان از نشان پاى مور ... در شب تاريك بر سنك سيه پنهان ترست وز درون كردن برون انرا مكير آسان كزان ... كوه را كندن بسوزن از زمين آسان ترست (وإياكم والحرص فان آدم حمله الحرص على ان أكل من الشجرة) : وقال ايضا در هر دلى كه عز قناعت نهاد پاى ... از هر چهـ بود حرص وطمع را ببست دست هر جا كه عرضه كرد قناعت متاع خويش ... بازار حرص ومعركه آز را شكست (وإياكم والحسد فان ابني آدم انما قتل أحدهما صاحبه حسدا) : قال الشيخ السعدي توانم انكه نيازارم اندرون كسى ... حسود را چهـ كنم كوز خود برنج درست

[سورة آل عمران (3) : الآيات 75 إلى 76]

بمير تا برهى اى حسود كين رنجيست ... كه از مشقت آن جز بمرك نتوان رست وقال الأصمعي رأيت أعرابيا اتى عليه مائة وعشرون سنة فقلت ما طول عمرك فقال تركت الحسد فبقيت. وفى بعض الآثار أن فى السماء الخامسة ملكا يمربه عمل عبد له ضوء كضوء الشمس فيقول قف فانا ملك الحسد اضربوا به وجه صاحبه فانه حاسد. وقيل من علامات الحاسد ان يتملق إذا شهد ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة إذا نزلت وانشدوا وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت ... اتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود فالحسد من الأخلاق المذمومة للنفس فلا بد من إزالته عنها بكثرة التوحيد والاذكار ورؤية الآثار من الله الجبار فان تباين مقامات افراد الإنسان فى العلم والعمل والخلق وسائر الصفات الفاضلة رحمة لهم ولم يكن ذلك الا بتقدير العزيز العليم فى الأزل فالحاسد يسفه الحق سبحانه وانه أنعم على من لا يستحق تعالى الله عما يقول الظالمون وقد ذم الله الحاسدين فى كتابه قال تعالى أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ واما الغبطة فهى محمودة نسأل الله ان يحلينا بالصفات الشريفة والأخلاق اللطيفة ويخلينا من الرذائل النفسية آمين يا رب العالمين وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يقال أمنته بكذا فالباء للالصاق بالامانة فان من ائتمن على شىء صار ذلك الشيء فى معنى الملصق به لقربه منه واتصاله بحفظه والمراد بالقنطار هاهنا العدد الكثير يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ من غير جحد ونقص كعبد الله بن سلام استودعه قرشى الفا ومائتى اوقية ذهبا فادها اليه فاهل الامانة من اهل الكتاب هم الذين اسلموا وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ والمراد بالدينار هاهنا العدد القليل لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وهو كعب بن الأشرف استودعه رجل من قريش دينارا فلم يؤده وجحده فذمه تعالى فاهل الخيانة منهم هم الذين بقوا على اليهودية والنصرانية والمعنى ان فيهم من هو فى غاية الامانة حتى لو اؤتمن على الأموال الكثيرة ادى الامانة فيها ومنهم من هو فى غاية الخيانة حتى لو اؤتمن فى الشيء القليل فانه يخون إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً استثناء مفرغ من أعم الأحوال والأوقات اى لا يؤده إليك فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات الا فى حال دوام قيامك او فى وقت قيامك على رأسه مبالغا فى مطالبته بالتقاضي واقامة البينة ذلِكَ اى تركهم أداء الحقوق بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ اى فى شأن من ليس من اهل الكتاب سَبِيلٌ اى عتاب ومؤاخذة ونفى السبيل نفى المطالبة فان المطالب لا يتمكن من المطالبة الا إذا وجد السبيل الى المطلوب. والأمي منسوب الى الام وسمى النبي عليه السلام أميا لأنه كان لا يكتب وذلك لان الام اصل الشيء فمن لا يكتب فقد بقي على اصل حاله فى ان لا يكتب. وقيل لانه عليه السلام نسب الى مكة وهى أم القرى وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بادعائهم ان ذلك فى كتابهم وَهُمْ يَعْلَمُونَ انهم كاذبون مفترون على الله وذلك لانهم استحلوا ظلم من خالفهم وقالوا لم يجعل فى التوراة فى حقهم حرمة فقد كذبوا فى ذلك على الله فان أداء الامانة واجب فى الأديان كلها وحبس مال الغير والإضرار به والخيانة اليه حرام بَلى اثبات لما نفوه اى بلى عليهم فى الأميين سبيل مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ الضمير راجع الى من اى من أتم

[سورة آل عمران (3) : آية 77]

بعهد الوافي أو بعهد الله الذي عهده إليهم فى التوراة وأخذ ميثاقهم عليه من الايمان بمحمد وأداء الامانة وَاتَّقى اى الشرك والخيانة وجواب الشرط وهو من قوله فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ عن الغدر والخيانة ونقض العهد اى فان الله يحبه فقام عموم المتقين مقام الضمير الراجع من الجزاء الى من يعنى التقوى تعم وفاء ما عاهدوا الله عليه من الايمان بمحمد عليه السلام وبما جاء به مما يتعلق بتكميل القوة النظرية والعملية. ودلت الاية على تعظيم امر الوفاء بالعهد وذلك لان الطاعات مقصورة على أمرين التعظيم لامر الله تعالى والشفقة على خلق الله فالوفاء بالعهد مشتمل عليهما معا إذ ذلك سبب لمنفعة الخلق فهو شفقة على خلق الله ولما امر الله به كان الوفاء به تعظيما لامر الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن) اى جعل أمينا ووضع عنده امانة (خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد عدر) اى ترك الوفاء (وإذا خاصم فجر) اى مال عن الحق. قال صاحب التحفة وليس الغرض ان آية المنافق محصورة فيها بل كل من ابطن خلاف ما اظهر فهو من المنافقين فصدور العدد من حير الأنام يكون باعتبار اقتضاء المقام والوفاء بالعهد كما يمكن ان يكون فى حق الغير يمكن ايضا فى حق النفس لان الوافي بعهد النفس هو الآتي بالطاعات والتارك للمحرمات لانه عند ذلك تفوز النفس بالثواب وتبعد عن العقاب. فعلى العاقل ان يوفى بعهده فى السراء والضراء ويجتهد فى محافظته- حكى- ان شابا عقد مع الله عقدا ان لا ينظر الى شىء من مستحسنات الدنيا فمر يوما بسوق فرأى منطقة مرصعة بالدر والجوهر فنظر إليها فاعجبته ثم مضى عنها وقد نظر اليه صاحبها فلما ذهب عنه افتقدها فلم يجدها فوثب مسرعا حتى تعلق بالشاب وقال يا عيار أنت سارق منطقتى فحمله الى السلطان فلما نظر اليه قال ليس هذا من اهل السرقات فقال بل هو سارق منطقتى وصفتها كيت كيت فامر بتفتيشه فوجدوها على وسطه فقال له السلطان يا فتى أما تستحيى تلبس لباس الأخيار وتعمل عمل الفجار فنظر الفتى الى المنطقة فقال مولاى الاقالة الاقالة الهى لا أعود الى مثلها فأمر السلطان ان يضرب فجرد ليضربوه فاذا هم بصوت يسمع ولا يرى يقول دعوه ولا تضربوه انما أردنا تأديبه فوثب السلطان الى الفتى وقبله بين عينيه ثم قال أخبرني عن قصتك فاخبره فتعجب من ذلك ثم قرأ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا فقال صاحب المنطقة سألتك بالله ألا ما قبلتها منى واجعلنى فى حل فقال إليك عنى ليس هذا من صنعتك انما الصنع لصاحب الصنع ولا مؤثر فى الوجود غير الحق وليس فى الدار غيره ديار چهـ خوش كفت بهلول فرخنده خوى ... چوبگذشت بر عارفى جنك جوى كر اين مدعى دوست بشناختى ... به پيكار دشمن نپرداختى كر از هستئ حق خبر داشتى ... همه خلق را نيست پنداشتى فاذا وقفت على هذا الخبر فقم فى تربية نفسك الى ان تصل الى الهوية المطلقة مميطا لثام الاثنينية مشاهدا وجود الحق فى كل شىء رزقنا الله وإياكم مشاهدته إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ اى يستبدلون ويأخذون بِعَهْدِ اللَّهِ اى بدل ما عاهدوا عليه من الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والوفاء بالأمانات وَأَيْمانِهِمْ وبما حلفوا به من قولهم لنؤمنن به ولننصرنه

[سورة آل عمران (3) : الآيات 78 إلى 82]

ثَمَناً قَلِيلًا هو حطام الدنيا أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات القبيحة لا خَلاقَ لا نصيب لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ولا فى نعيمها وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وهو كناية عن شدة غضبه وسخطه نعوذ بالله من ذلك وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وهو مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم وَلا يُزَكِّيهِمْ اى لا يثنى عليهم كما يثنى على أوليائه مثل ثناء المزكى للشاهد. والتزكية من الله تعالى قد تكون على ألسنة الملائكة كقوله تعالى وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ وقد تكون بغير واسطة اما فى الدنيا فكقوله تعالى التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ واما فى الآخرة فكقوله تعالى سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ على ما فعلوه من المعاصي. والآية نزلت فى اليهود الذين حرفوا التوراة وبدلوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذوا الرشوة على ذلك وَإِنَّ مِنْهُمْ اى من اليهود المحرفين لَفَرِيقاً ككعب ابن الأشرف ومالك بن الصيف واضرابهما يَلْوُونَ من اللى وهو الفتل أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ اى يفتلونها بقراءته فيميلونها من المنزل الى المحرف لِتَحْسَبُوهُ اى المحرف المدلول عليه بقوله يلوون مِنَ الْكِتابِ اى من جملته وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ حال من الضمير المنصوب اى والحال انه ليس منه فى نفس الأمر وفى اعتقادهم ايضا وَيَقُولُونَ مع ما ذكر من اللى والتحريف على طريقة التصريح لا بالتوراة والتعريض هُوَ اى المحرف مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى منزل من عند الله وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى والحال انه ليس من عنده تعالى فى اعتقادهم ايضا وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ انهم كاذبون ومفترون على الله وهو تأكيد وتسجيل عليهم بالكذب على الله تعالى والتعمد فيه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الأشرف وغيروا التوراة وكتبوا كتابا بدلوا فيه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذت قريظة ما كتبوا فخلطوه بالكتاب والاشارة فى الآيتين إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ الذي عاهدهم الله به يوم الميثاق فى التوحيد وطلب الوحدة وَأَيْمانِهِمْ التي يحلفون بها هاهنا ثَمَناً قَلِيلًا من متاع الدنيا وزخارفها مما يلائم الحواس الخمس والصفات النفسانية أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ الروحانية من نسيم روائح الأخلاق الربانية وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تقريبا وتكريما وتفهيما وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بنظر العناية والرحمة فيرحمهم ويزكيهم عن الصفات التي بها يستحقون دركات جهنم وَلا يُزَكِّيهِمْ عن الصفات الذميمة التي هى وقود النار بالنار الى الابد ولا يتخلصون منها ابدا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فيما لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وَإِنَّ مِنْهُمْ اى من مدعى اهل المعرفة لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ اى بكلمات اهل المعرفة لِتَحْسَبُوهُ من المعرفة وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ الذي كتب الله فى قلوب العارفين وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعنى من العلم اللدني وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بإظهار الدعاوى عند فقدان المعاني وَهُمْ يَعْلَمُونَ ولا يعلمون انهم يقولون ما لا يفعلون: قال السعدي قدس سره كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... درد ورخش را نبايد كليد يعنى يدخل جهنم من قبل ان يحاسب على ما فعله لان مآله الى النار والمحاسبة وان كانت نوعا من التعذيب الا ان عذاب جهنم أشد منها

[سورة آل عمران (3) : آية 79]

اگر مردى از مردئ خود مكوى ... نه هر شهسوارى بدر برد كوى يعنى كل عابد لا يخلص إيمانه فى عاقبته بل من المتعيشين بالصلاح من يموت على الطلاح والعياذ بالله كسى سر بزركى نباشد بچيز ... كدو سر بزركست وبي مغز نيز ميفراز كردن بدستار وريش ... كه دستار پنبه است وسبلت حشيش اى النبات اليابس. فبا ارباب الدعاوى اين المعاني. ويا ارباب المعرفة اين المحبة. ويا ارباب المحبة اين الطاعة- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ليلة المعراج نساء بيد كل واحدة منهن مقراض تقرض صدرها وبقطعه قطعة قطعة فسأل جبريل عليه السلام عنهن فقال هن اللاتي ولدن أولادا من الزنى مع وجود أزواجهن وأولادهن. قال الشيخ الصفي قدس سره ان الذين يدعون المعرفة وتمكنهم فى مقام الإرشاد ويراؤن جلبا لحطام الدنيا عذابهم أشد من عذاب هؤلاء النساء سبعين مرة فمن جعل القرآن وسيلة لجلب زخارف الدنيا اولى منه من يجلبها بالمعازف وآلات اللهو مثلا إذا كان فى محل رفيع خبز لا تصل اليه اليد وليس هناك غير مصحف وطنبور فالاولى ان يجعل الطنبور تحت القدم للوصول دون المصحف وهكذا فيما نحن فيه: قيل دين فروشى مايه كردن هست خسران مبين ... سودمند آنكس كه دنيا صرف كرد ودين خريد فلو نظرت الى شيوخ الزمان وجدت أكثرهم مدعين ما لم يتحققوا به يضلون الناس با كاذيب ويروون أساليب ليس فيها اثر من المعاني والحقيقة. فعلى العاقل ان لا يغتر بظاهرهم ولا يخرج عن المنهاج مقتفيا بآثارهم بل يجتهد الى ان يميز بين الحق والباطل والعارف والجاهل وماذا بعد الحق الا الضلال عصمنا الله وإياكم من الزيغ وسيآت الأعمال آمين يا متعال ما كانَ لِبَشَرٍ بيان لا فترائهم على الأنبياء عليهم السلام حيث قال نصارى نجران ان عيسى عليه السلام أمرنا ان نتخذه ربا حاشاه عليه السلام. وجاء رجل من المسلمين فقال يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك فقال (معاذ الله ان نعبد غير الله او ان نأمر بعبادة غير الله) اى ما صح وما استقام لاحد سواء كان بشرا او لا وانما قيل لبشر اشعارا بعلة الحكم فان البشرية منافية للامر الذي أسنده الكفرة إليهم أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ الناطق بالحق الآمر بالتوحيد الناهي عن الإشراك كالتوراة والإنجيل والقرآن وَالْحُكْمَ اى الفهم والعلم وَالنُّبُوَّةَ وإيتاء الكتاب يستلزم إيتاء الحكم وهو الحكمة المعبر عنها بإتقان العلم والعمل فلذلك قدم الكتاب على الحكم لان المراد بالحكم هو العلم بالشريعة وفهم مقاصد الكتاب وأحكامه فان اهل اللغة والتفسير اتفقوا على ان هذا الحكم هو العلم قال تعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا يعنى العلم والفهم. فالكتاب السماوي ينزل اولا ثم انه يحصل فى عقل النبي فهم ذلك الكتاب وأسراره وبعد ما حصل فهم الكتاب يبلغ النبي ذلك المفهوم الى الخلق وهو النبوة والاخبار فما احسن هذا الترتيب ثُمَّ يَقُولَ ذلك البشر بعد ما شرفه تعالى بما ذكر من التشريفات وعرفه الحق واطلعه على شؤونه العالية لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً كائنين لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ من متعلق بلفظ عبادا لما فيه من معنى الفعل وَلكِنْ يقول لهم كُونُوا رَبَّانِيِّينَ الرباني منسوب الى الرب بزيادة الالف والنون كاللحيانى إذا وصف بطول اللحية ففيه الدلالة على الكمال فى هذه الصفة

[سورة آل عمران (3) : آية 80]

وإذا نسب الى اللحية من غير قصد المبالغة يقال لحوى فالربانى هو الكامل فى العلم والعمل الشديد التمسك بطاعة الله تعالى ودينه كما يقال رجل الهى إذا كان مقبلا على معرفة الإله وطاعته بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ اى بسبب مثابرتكم على تعليم الكتاب ودراسته اى قراءته وتقديم التعليم على الدراسة لزيادة شرفه عليها وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً بالنصب عطف على ثم يقول ولا مزيدة لتأكيد معنى النفي فى قوله تعالى ما كانَ لِبَشَرٍ ان يستنبئه الله تعالى ثم يأمر الناس بعبادة نفسه ويأمر باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا كما قال قريش والصابئون الملائكة بنات الله واليهود والنصارى عزير ابن الله والمسيح ابن الله أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ انكار لما نفى عن البشر والضمير له يعنى أيأمركم بعبادة الملائكة والسجدة للانبياء بعد كونكم مخلصين بالتوحيد لله فانه لوامركم بذلك لكفر ونزع منه النبوة والايمان ومن أتاه الله الكتاب والحكم والنبوة يكون اعلم الناس وأفضلهم فيمنعه ذلك من ادعاء الالوهية فانه تعالى لا يؤتى الوحى والكتاب الا نفوسا طاهرة وأرواحا طيبة فلا يجمع بشر بين النبوة وبين دعاء الخلق الى عبادة غير الله. واعلم ان العلم والدراسة جعلا سببا للربانية التي هى قوة التمسك بطاعة الله وكفى هو دليلا على خيبة سعى من جهد نفسه وكدّ روحه فى جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة الى العمل فكان مثل من غرس شجرة حسناء تؤنقه اى تعجبه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها فالعمل بغير العلم والعلم بغير العمل لا يثبت كل منهما بانفراده النسبة الى الرب فعلم ان العالم الذي لا يعمل بعلمه منقطع النسبة بينه وبين ربه كالعامل الجاهل فكل منهما ليس من الله فى شىء حيث لم تثبت النسبة الا للتمسك بالعمل المبنى على العلم. قال على رضى الله عنه قصم ظهرى رجلان عالم مهتك وجاهل متنسك لان العالم ينفر الناس عن العلم بتهتكه والجاهل يرغب الناس فى الجهل بتنسكه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع) فعلى المعلم والمتعلم ان يطلب بعلمه مرضاة الله وبعمله الربانية فمن اشتغل بالتعليم والتعلم لا لهذا المقصد ضاع سعيه وخاب عمله والاشارة ان من دأب اهل الحقيقة تربية الاتباع والمريدين ليكونوا ربانيين متخلقين بأخلاق الربانية العاملين بما يعلمون من الكتاب وبما كانوا يدرسون من العلوم ولا يقنعون على دراستها ولا يفترون بمقالات أخذوها من أفواه القوم وبعض مدعى هذا الشان الذين غلبت عليهم اهواؤهم وصفات بشريتهم يدعون الشيخوخة من رعونة النفس قبل أوانها ويخدعون الخلق بانواع الحيل ويستتبعون بعض الجهلة ويصيدونهم بكلمات أخذوها من الأفواه ويمكرون ببعض اهل الصدق من الطلبة ويقطعون عليهم طريق الحق بان يمنعوهم من صحبة اهل الحق ومشايخ الطريقة ويأمروهم بالتسليم والرضى فيما يعاملونهم ولا يعرفون غيرهم فيعبدونهم من دون الله كما هو دأب اكثر مشايخ زماننا هذا فانه ليس من دأب من يؤتى الكتاب والحكم والنبوة: قال السعدي فى ذم أمثال هؤلاء المشايخ دمادم بشويند چون كربه روى ... طمع كرده در صيد موشان كوى رياضت كش از بهر نام وغرور ... كه طبل تهى را رود بانك دور

[سورة آل عمران (3) : الآيات 81 إلى 82]

يعنى يصل صوت الطبل الى البعيد وبسمع من البعيد لكونه خاليا فكذلك أمثالهم يشتهر ذكرهم بين الناس وليس ذلك الا لكونهم خالين عن الحقيقة إذ المرء الصادق فى طلبه والواصل الى ربه يحب الخمول والنفرة عن الخلق فشأنه التجنب من كل شىء سوى الله دون تشهير نفسه وجلب المال من أيدي الناس بل من الناس من يرغب عنه وهو مرغوب كسى را كه نزديك ظنت بد اوست ... چهـ دانى كه صاحب ولايت خود اوست در معرفت بر كسانيست باز ... كه درهاست بر روى ايشان فرار وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ قال قوم ان الله تعالى أخذ الميثاق من النبيين خاصة آن يصدق بعضهم بعضا وأخذ العهد على كل نبى ان يؤمن بمن يأتى بعده من الأنبياء وينصره ان أدركه وان لم يدركه ان يأمر قومه بالايمان به وبنصرته ان أدركوه فأخذ الميثاق من موسى ان يؤمن بعيسى ومن عيسى ان يؤمن بمحمد عليه السلام وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم بذلك اولى وأحرى اى اذكر يا محمد وقت أخذ الله ميثاق الأنبياء وأممهم لَما آتَيْتُكُمْ اللام موطئة لان أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف وما مبتدأ موصولة وآتيتكم صلتها والعائد محذوف تقديره للذى آتيناكموه مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ وهى بيان احكام الحلال والحرام والحدود حال من الموصول ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ عطف على الصلة والمعطوف على الصلة صلة فلا بد من الرابط فالتقدير رسول به مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ من الكتاب لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ جواب قسم مقدر وهذا القسم المقدر وجوابه خبر للمبتدأ اى والله لتصدقنه برسالته وتنصرنه على أعدائه لاظهار دين الحق. فان قيل ما وجه قوله تعالى ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ والرسول لا يجيئ الى النبيين وانما يجيئ الى الأمم. والجواب ان حملنا قوله وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ على أخذ ميثاق أممهم فقد اندفع الاشكال وان حملناه على أخذ ميثاق النبيين أنفسهم كان معنى قوله ثُمَّ جاءَكُمْ اى جاء فى زمانكم قالَ اى الله تعالى بعد ما أخذ الميثاق أَأَقْرَرْتُمْ اى بالايمان والنصر له والاستفهام للتقرير والتأكيد عليهم لاستحالة حقيقة الاستفهام فى حقه تعالى وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ الميثاق إِصْرِي اى عقدى الذي عقدته عليكم. والإصر الثقل الذي يلحق الإنسان لاجل ما يلازمه من العمل والإصر هاهنا العهد الثقيل لانه ثقل على صاحبه من حيث انه يمنع عن مخالفته إياه قالُوا أَقْرَرْنا بذلك واكتفى به عن ذكر أخذهم الإصر قالَ سبحانه وتعالى فَاشْهَدُوا ايها الأنبياء والأمم بإقرار بعضكم على بعض وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ اى وانا ايضا شاهد على إقراركم ذلك مصاحب لكم وإدخال مع على المخاطبين لما انهم المباشرون للشهادة حقيقة والمقصود منه التأكيد والتحذير من الرجوع إذا علموا شهادة الله وشهادة بعضهم على بعض فَمَنْ تَوَلَّى اى اعرض عما ذكر بَعْدَ ذلِكَ الميثاق والتوكيد بالإقرار والشهادة فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ المتمردون الخارجون عن الطاعة من الكفرة فان الفاسق من كل طائفة من كان متجاوزا عن الحد. قال فى التيسير والتولي لا يقع من الأنبياء ولا يوصفون بالفسق لكن له وجهان. أحدهما ان الميثاق كان على الأنبياء وأممهم على التبعية والتولي من الأمم خاصة. والثاني ان العصمة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 83 إلى 86]

لا تزيل المحنة انتهى وهذا الميثاق لما كان مذكورا فى كتبهم وهم كانوا عارفين بذلك فقد كانوا عالمين بصدق محمد عليه السلام فى النبوة فلم يبق لكفرهم سبب الا مجرد العداوة والحسد فصاروا كابليس الذي دعاه الحسد الى الكفر فاعلمهم الله تعالى انهم متى كانوا كذلك كانوا طالبين دينا غير دين الله ومعبودا سوى الله بقوله تعالى أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ عطف على مقدر أي أيتولون فيبغون غير دين الله ويطلبونه وَلَهُ أَسْلَمَ اى لله أخلص وانقاد مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى أهلهما طَوْعاً وهم الموحدون وَكَرْهاً اى بإباء وهم الجاهدون بما فيهم من آثار الصنع ودلائل الحدوث وتصريفهم كيف يشاء الى صحة ومرض وغنى وفقر وسرور وحزن وسائر الأحوال فلا يمكنهم دفع قضائه وقدره وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ اى من فيهما والمراد ان من خالفه فى العاجل فسيكون مرجعه اليه الى حيث لا يملك الضر والنفع سواه وهذا وعيد عظيم لمن خالف الدين الحق. فعلى العاقل ان يطيع ربه ولا يعصيه بنقض ما عهد اليه يوم الميثاق. فعهد الله مع الأنبياء والأولياء والمؤمنين التوحيد واقامة الدين وعدم التفرق فيه وتصديق بعضهم بعضا ودعوة الخلق الى الطاعة وتخصيص العبادة بالله فالله تعالى لا يطلب من العبد الا الصدق فى العبودية والقيام بحقوق الربوبية. قال الشيخ الشاذلى قدس سره متى رزقك الله الطاعة والفناء به عنها فقد أسبغ عليك نعمه ظاهرة إذ أراح ظاهرك من مخالفة امره. وباطنة إذ رزقك الاستسلام لقهره وهذا هو مطلب الحق منك. قيل لابراهيم ابن أدهم قدس سره لو جسلت لنا فى المسجد حتى نسمع منك شيأ فقال انى مشغول عنكم باربعة أشياء فلو تفرغت منها لجلست معكم قيل وما هى يا أبا اسحق قال. أولها انى تذكرت حين أخذ الله الميثاق على آدم فقال هؤلاء الى الجنة ولا أبالي وهؤلاء الى النار ولا أبالي فلم أدر من أي الفريقين كنت. الثاني انى تفكرت ان الولد إذا قضى الله سبحانه بخلقه فى بطن امه ونفخ فيه الروح فيقول الملك الموكل به يا رب أشقى أم سعيد فلم أدر كيف خرج جوابى فى ذلك الوقت. الثالث حين ينزل ملك الموت فاذا أراد ان يقبض الروح فيقول يا رب أقبضها مع الإسلام او مع الكفر فلا أدرى كيف يخرج جوابى فى ذلك الوقت. الرابع تفكرت فى قوله وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فلا أدرى من أي الفريقين أكون ففى هذا شغل شغلنى عن الجلوس لكم والحديث معكم. ففى هذا الاشارة الى ان العبد مع كونه مستسلما لقضاء الله لا بد وان يراعى وظيفة التكليف إذ الخير او الشر مقضى فى حقه ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (اعملوا فكل ميسر لما خلق له. فليجاهد العاقل فى تزكية نفسه اولا ثم الوصية الى عباد الله ولا يكلف المرء الا بقدر وسعه والناس فى المراتب مختلفون فطوبى لمن وصل الى أعلى المطالب بقدر حوصله خويش دانه چيند مرغ ... بصعوه نتوان داد طعمه شبهاز وقيل للشيخ الصفي قدس سره إذا قطع الطالب المنازل فهل يبقى بعد ذلك مرتبة لم يصل إليها بعد قال بلى يبقى علم انه هل كان مقبر لا للرب تعالى اولا) وفى القشيري ما حاصله ان الولي فى الحال يجوز ان يتغير حاله فى المآل ويجوز ان يكون من جملة كرامات الولي ان يعلم انه مأمون العاقبة عصمنا الله وإياكم بحسن الخاتمة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 84 إلى 86]

همه عالم همى گويند هر آن ... كه يا رب عاقبت محمود گردان قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ امر للرسول صلى الله عليه وسلم بان يخبر عن نفسه بالايمان بما ذكر وجمع الضمير فى آمنا لاظهار حلالة قدره صلى الله عليه وسلم ورفعة محله بامره بان يتكلم عن نفسه على ديدن الملوك وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وهو القرآن والنزول كما يعدى بالى لانتهائه الى الرسل يعدى بعلى لانه من فوق وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ من الصحف. والأسباط جمع سبط وهو الحافد والمراد بهم حفدة يعقوب عليه السلام وابناؤه الاثنا عشر وذراريهم فانهم حفدة ابراهيم عليه السلام وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الظاهرة بايديهما وتخصيصهما بالذكر لما ان الكلام مع اليهود والنصارى وَالنَّبِيُّونَ اى وما اوتى النبيون من المذكورين وغيرهم مِنْ رَبِّهِمْ من الكتب والمعجزات لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كدأب اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض بل نؤمن بصحة كل منهم وبحقية ما انزل إليهم فى زمانهم. قال الامام فى تفسيره اختلف العلماء فى كيفية الايمان بالأنبياء المتقدمين الذين نسخت شرائعهم وحقيقة الخلاف ان شرعه لما صار منسوخا فهل تصير نبوته منسوخة فمن قال ان نبوته منسوخة قال نؤمن بانهم كانوا أنبياء ورسلا ولا نؤمن بانهم أنبياء ورسل فى الحال ومن قال ان نسخ الشريعة لا يقتضى نسخ النبوة قال نؤمن بانهم أنبياء ورسل فى الحال فتنبه لهذا الموضع وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى منقادون على ان يكون الإسلام بمعنى الاستسلام وهو الانقياد او مخلصون له تعالى أنفسنا لا نجعل له شريكا فيها على ان يكون من السلامة. وفيه تعريض بايمان اهل الكتاب فانه بمعزل عن ذلك وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ اى غير التوحيد والانقياد لحكم الله تعالى كدأب المشركين صريحا والمدعين للتوحيد مع اشراكهم كاهل الكتابين دِيناً ينتحل اليه وهو نصب على انه مفعول ليبتغ وغير الإسلام حال منه لانه فى الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا فَلَنْ يُقْبَلَ ذلك مِنْهُ ابدا بل يرد اشدرد واقبحه وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ اى الواقعين فى الخسران بحرمان الثواب وحصول العقاب ويدخل فيه ما يلحقه من التأسف والتحسر على مافاته فى الدنيا من العمل الصالح وعلى ما تحمله من التعب والمشقة فى الدنيا فى تقرير ذلك الدين الباطل. والمعنى ان المعرض عن الإسلام والطالب لغيره فاقد للنفع واقع فى الخسران بابطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها. واعلم ان ظاهر الآية يدل على ان الايمان هو الإسلام إذ لو كان غير الإسلام لوجب ان لا يكون الايمان مقبولا لقوله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ والجواب انه ينفى قبول كل دين يغايره لا قبول كل ما يغايره كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ الى الحق قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ قيل هم عشرة رهط ارتدوا بعد ما آمنوا ولحقوا بمكة وهو استبعاد لان يهدى قوما هم معاندون للحق مكابرون فيه غير خاضعين له بان يخلق فيهم الاهتداء ويوفقهم لاكتساب الاهتداء وانما يخلق الاهتداء ويوفق على كسب ذلك ويقدر هم عليه إذا كانوا خاضعين متواضعين للحق راغبين فيه فالمراد من الهداية خلق الاهتداء

[سورة آل عمران (3) : الآيات 87 إلى 92]

وقد جرت سنة الله فى دار التكليف على ان كل فعل يقصد العبد الى تحصيله فان الله تعالى يحلقه عقب قصد العبد فكأنه تعالى قال كيف يخلق فيهم المعرفة والاهتداء وهم فصدوا تحصيل الكفر وأرادوه وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ اى صادق فيما يقول وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ اى الشاهد من القرآن على صدقه. قوله وشهدوا عطف على ايمانهم باعتبار انحلاله الى جملة فعلية فانه فى قوة ان يقال بعد ان آمنوا وبعد ان شهدوا وهو دليل على ان الإقرار باللسان خارج عن حقيقة الايمان ضرورة ان المعطوف مغاير للمعطوف عليه وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى الذين ظلموا أنفسهم بالإخلال بالنظر ووضع الكفر موضع الايمان فكيف من جاء الحق وعرفه ثم اعرض عنه. فان قيل ظاهر الآية يقتضى ان من كفر بعد إسلامه لا يهديه الله ومن كان ظالما لا يهديه الله وقد رأينا كثيرا من المرتدين اسلموا وهداهم وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم. فالجواب ان معناه لا يهديهم ماداموا مقيمين على الرغبة فى الكفر وفى الثبات عليه ولا يقبلون على الإسلام واما إذا تحروا إصابة الحق والاهتداء بالادلة المنصوبة فحينئذ يهديهم الله بخلق الاهتداء فيهم أُولئِكَ المذكورون باعتبار اتصافهم بمامر من الصفات الشنيعة جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وهو ابعاده من الجنة وإنزال العقوبة والعذاب وَالْمَلائِكَةِ ولعنهم بالقول كالناس وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ والمراد بالناس المؤمنون لانه لواريد به جميع الناس لزم ان يلعن كل واحد منهم جميع من يوافقهم ويخالفهم ولا وجه لان يلعن الإنسان من يوافقه ويحتمل ان يراد به الجميع بناء على ان جميع الخلق يلعنون المبطل والكافر ولكنه يعتقد فى نفسه انه ليس بمبطل ولا كافر فاذا لعن الكافر وكان هو فى علم الله كافرا فقد لعن نفسه وان كان لا يعلم ذلك خالِدِينَ فِيها حال من الضمير فى عليهم اى فى اللعنة والعقوبة ومعنى الخلود فى اللعن انهم يوم القيامة لا تزال تلعنهم الملائكة والمؤمنون ومن معهم فى النار ولا يخلو شىء من أحوالهم من اللعنة لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ الانظار التأخير اى لا يجعل عذابهم أخف ولا يؤخر العقاب من وقت الى وقت فان العذاب الملحق بالكفار مضرة خالصة من شوائب المنافع دائمة غير منقطعة نعوذ بالله من ذلك وما يؤدى اليه إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد الارتداد وَأَصْلَحُوا اى ما أفسدوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيقبل توبتهم ويتفضل عليهم وعطف قوله وَأَصْلَحُوا على قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا يدل على ان التوبة وحدها وهى الندم على ما مضى من الارتداد والعزم على تركه فى المستقبل لا تكفى حتى ينضاف إليها العمل الصالح اى وأصلحوا باطنهم مع الحق بالمراقبات ومع الخلق بالمعاملات وهذا الندم والتوبة انما يحصل لمن لم ترسخ فيه بعد هيئة استيلاء النفس الامارة على قلبه ولم تصر رينا وبقي فيه من وراء حجاب صفات النفس مسكة من نور استعداده فيتداركه الله برحمته وتوفيقه فيندم ويواظب على الرياضات من باب التزكية والتصفية- يحكى- عن السرى السقطي قدس سره انه قال قلت يوما عجبت من ضعيف عصى قويا فلما كان الغداة وصليت الغداة إذا انا بشاب قد وافى وخلفه ركبان على دواب بين يديه غلمان وهو راكب على دابة فنزل وقال أيكم السرى السقطي فاومأ

[سورة آل عمران (3) : آية 90]

جلسائى الى فسلم على وجلس وقال سمعتك تقول عجبت من ضعيف عصى قويا فما أردت به فقلت ما ضعيف أضعف من ابن آدم ولا قوى أقوى من الله تعالى وقد تعرض ابن آدم مع ضعفه الى معصية الله قال فبكى ثم قال يا سرى هل يقبل ربك غريقا مثلى قلت ومن ينقذ الغرقى الا الله تعالى قال يا سري ان على مظالم كثيرة كيف اصنع قال إذا صححت الانقطاع الى الله ارضى عنك الخصوم بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان يوم القيامة واجتمع الخصوم على ولى الله تقول الملائكة لهم لا تروّعوا ولى الله فان الحق اليوم على الله فيهب الله لهم مقامات عالية بدل حقوقهم فيتجاوزون عن الولي) قال فبكى ثم قال صف لى الطريق الى الله فقلت ان كنت تريد طريق المقتصدين فعليك بالصيام والقيام وترك الآثام وان كنت تريد طريق الأولياء فاقطع العلائق واتصل بخدمة الخالق. فعلى السالك ان يتوب من جميع الآثام ولا يشغل سره سوى مشاهدة الله العلام بهشت تن آسانى آنكه خورى ... كه بر دوزخ نيستى بگذرى يعنى لاتصل الى الحضور الباقي والحياة الابدية الا بافناء وجودك فى وجود الحق وتبديل الأخلاق الذميمة بالأخلاق الحميدة فاذا جاوزت هذا الصراط الادق وصلت الى الجناب المطلق وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما انه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عبد الله كن فى الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل) اى لا تركن إليها ولا تتخذها وطنا ولا نحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب فى غير وطنه ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى اهله (وعد نفسك من اصحاب القبور) وفيه اشارة الى الفناء عن اضافة الوجود الى نفسه بل الوجود كله لله تعالى فالبدن للروح بمنزلة القبر للميت فكما ان الميت فى قبره يسلم لامر مولاه ولا يعترض الى شىء أصلا كذلك ينبغى ان لا يتعرض العبد لشىء من الآفات البدنية والقلبية بل يدور حيث أوقفه الله من الفطرة الاصلية والشهود التام وقل من سلم من هذه الآفات الا ان العبد بالتوبة يتدارك ما فات فاياك ان ترخص لنفسك فى فعل شر فاذا قد فتحت بابه فاول الشر الخطرة كما ان أول السيل القطرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بال أقوام يشرفون المسرفين ويستخفون بالعابدين يعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعي من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التي لا تبور) فاذا وقفت على هذا جعلت سعيك للآخرة لا للدنيا بل لم تطلب من الله الا الله رزقنا الله وإياكم ذلك آمين إِنَّ الَّذِينَ كاليهود كَفَرُوا بعيسى والإنجيل بَعْدَ إِيمانِهِمْ بموسى والتوراة ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً حيث كفروا بمحمد عليه السلام والقرآن او كفروا به عليه السلام بعد ما آمنوا به قبل مبعثه ثم ازدادوا كفرا بالإصرار عليه والطعن فيه والصد عن الايمان ونقض الميثاق لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ لانهم لا يتوبون الا عند اشرافهم على الهلاك فكنى عن عدم توبتهم بعدم قبولها تغليظا فى شأنهم وابرازا لحالهم فى صورة حال الآيسين من

[سورة آل عمران (3) : آية 91]

الرحمة او لان توبتهم لا تكون إلا نفاقا لارتدادهم وازديادهم كفرا وذلك لم تدخل فيه الفاء وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ على سبيل الكمال فهو من قبيل حصر الكمال والأفكل كافر ضال سوآء كفر بعد الايمان او كان كافرا فى الأصل ومن جملة كمالهم فى الضلال ثباتهم عليه وعدم كون الاهتداء متوقعا منهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ لما كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية دخلت الفاء هاهنا إيذانا بسببية المبتدأ لخبره مِنْ أَحَدِهِمْ فدية مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً تمييز اى ما يملؤها من شرقها الى غربها وَلَوِ افْتَدى بِهِ اى بملئ الأرض ذهبا. فان فيل نفى قبول الافتداء يوهم ان الكافر يملك يوم القيامة من الذهب ما يفتدى به وهو لا يملك فيه نقيرا ولا قطميرا فضلا عن ان يملك ملئ الأرض ذهبا. قلنا الكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير فالذهب كناية من أعز الأشياء وكونه ملئ الأرض كناية عن كونه فى غاية الكثرة والتقدير لو ان الكافر يوم القيامة قدر على أعز الأشياء بالغا الى غاية الكثرة وقدر على بذله ليل أعز المطالب لا يقدر على ان يتوسل بذلك الى تخليص نفسه من عذاب الله تعالى والمقصود بيان انهم آيسون من تخليص أنفسهم من العقاب أُولئِكَ اشارة الى المذكورين باعتبار اتصافهم بالصفات الشنيعة المذكورة لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ اى مؤلم وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ فى دفع العذاب عنهم او فى تخفيفه ومن مزيدة للاستغراق وصيغة الجمع لمراعاة الضمير اى ليس لواحد منهم ناصر واحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي شيأ فابيت الا ان تشرك بي) . قال الامام اعلم ان الكافر على ثلاثة اقسام أحدها الذي يتوب عن الكفر توبة صحيحة مقبولة وهو الذي ذكره الله فى قوله الا الذين تابوا واصلحوا فان الله غفور رحيم. وثانيها الذي يتوب عن ذلك الكفر توبة فاسدة وهو الذي ذكره الله تعالى فى الآية المتقدمة وقال لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ. وثالثها الذي يموت على الكفر من غير توبة البتة وهو المذكور فى هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ الآية انتهى وهم الذين رسخت هيئة استيلاء النفوس الامارة على قلوبهم وتمكنت وصارت رينا وتناهوا فى الشر والغى وتمادوا فى العناد والبغي فلن يقبل من أحدهم ملئ الأرض إذ لا يقبل هناك الا الأمور النورانية الباقية لان الآخرة هى عالم النور والبقاء فلا وقع ولا خطر للامور الظلمانية الفانية فيها وهل كان سبب كفرهم واحتجابهم الا محبة هذه العوائق الفانية فكيف تكون فداءهم وسبب نجاتهم وقربهم وقبولهم وهى بعينها سبب هلاكهم وبعدهم وخسرانهم وحرمانهم فاياك من أوصاف الكفر وهى حب الدنيا واتباع الهوى والإقبال على شهوات النفس والاعراض عن الحق ترا شهوت وكبر وحرص وحسد ... چوخون درر كند و چوجان در جسد يعنى كما ان الدم سارى فى العروق وجارى فيها وكذا الروح فى الجسد فكذلك هذه الصفات الذميمة محيطة بك

[سورة آل عمران (3) : آية 92]

گر اين دشمنان تقويت يافتند ... سر از حكم ورأى تو بر تافتند هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبينند سر پنجه عقل تيز يعنى إذا كان المرء تابعا للشرع وقضية العقل يكون غالبا على هواه فلا تجادله الصفات السبعية الشيطانية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى وطول الأمل فاما اتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة) . قال ذو النون المصري مفتاح العبادة الفكرة وعلامة الاصابة مخالفة النفس والهوى ومخالفتها ترك شهواتها قال جعفر بن نصير دفع الى الجنيد درهما فقال اشتر به التين الوزيري فاشتريته فلما أفطر أخذ واحدة ووضعها فى فيه ثم القاها وبكى وقال احمله فقلت له فى ذلك فقال هتف فى قلبى أما تستحيى شهوة تركتها من اجله تعالى ثم تعود إليها. قال ابو سليمان الداراني رحمه الله من احسن فى ليله كوفى فى نهاره ومن احسن فى نهاره كوفى فى ليله ومن صدق فى ترك شهوة كفى مؤونتها والله أكرم من ان يعذب قلبا ترك شهوة لاجله. واعلم ان النفس عين لطيفة هى معدن الأخلاق الذميمة مودعة بين جنبى الإنسان اى جميع جسده وهى أمارة بالسوء وهى مجبولة على صد الروحانية المخلوقة من الملكوت الأعلى فانهم يأمرون بالخير وينهون عن الشر وهى مخلوقة من الملكوت السفلى كالشياطين وهم لا يأمرون الا بالشر ومن طبعهم التمرد والإباء والاستكبار ولهذا تأبى النفس من قبول الموعظة وتظهر التمرد كما قال الشيخ فى قصيدة البردة فان امارتى بالسوء ما اتعظت ... من جهلها بنذير الشيب والهرم يعنى ان النفس الامارة بالسوء والعيب ما قبلت الوعظ من نذير الشيب فتمادت فى غواية الجهل بعد الهرم وما كبحت عنان جماح الشهوة بايدى الندم وقد خلق الله النفس على صورة جهنم وخلق بحسب كل دركة فيها صفة لها وهى باب من جهنم يدخل فيها من هذا الباب الى دركة من دركاتها السبع وهى سبع صفات الكبر والحرص والشهوة والحسد والغضب والبخل والحقد فمن زكى نفسه عن هذه الصفات فقد عبر عن هذه الدركات السفلية ووصل الى درجات الجنان العلوية كما قال الله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ومن لم يزك نفسه عن هذه الصفات بقي فى دركات جهنم خائبا خاسرا كما قال تعالى وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها عصمنا الله وإياكم من كيد النفس الامارة وشر الشيطان وأصلح حالنا ما دامت الأرواح فى الأبدان آمين يا مستعان- تمت الجزء الثالث- الجزء الرابع من الاجزاء الثلاثين لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ من ناله نيلا إذا أصابه اى لن تبلغوا ايها المؤمنون حقيقة البر الذي يتنافس فيه المتنافسون ولن تدركوا شأوه ولن تلحقوا بزمرة الأبرار او لن تناولوا بر الله تعالى وهو ثوابه ورحمته ورضاه وجنته حَتَّى تُنْفِقُوا اى فى سبيل الله رغبة فيما عنده مِمَّا تُحِبُّونَ

اى بعض ما تهوونه ويعجبكم من كرائم أموالكم وأحبها إليكم او ما يعمها وغيرها من الأعمال والمهجة على ان المراد بالإنفاق مطلق البذل. وفيه من الإيذان بعزة منال البر ما لا يخفى وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ اى اى شىء تنفقوا طيب تحبونه او خبيث تكرهونه فمحل الجار والمجرور النصب على التمييز فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ تعليل لجواب الشرط واقع موقعه اى فمجازيكم بحسبه جيدا كان او رديئا فانه تعالى عليم بكل شىء تنفقونه علما كاملا بحيث لا يخفى عليه شىء من ذاته وصفاته. وفيه من الترغيب فى انفاق الجيد والتحذير من انفاق الرديء ما لا يخفى فالوصول الى المطلوب لا يحصل الا بالإنفاق المحبوب ولذلك كان السلف إذا أحبوا شيأ جعلوه لله ذخيرة ليوم يحتاجون اليه والإنسان لا ينفق محبوبه الا إذا أيقن انه يتوصل بذلك الى وجدان محبوب اشرف من الاول فالانسان لا ينفق محبوبه فى الدنيا الا إذا تيقن بوجود الصانع العالم القادر وتيقن بالبعث والحساب والجزاء وان من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ولزم منه ان الإنسان لا يمكنه انفاق محبوبه فى الدنيا الا إذا كان مستجمعا لجميع الخصال المحمودة فى الدين فلا تقتضى الآية ان من أنفق ما أحب وصل الى الثواب العظيم وان لم يأت بسائر الطاعات- روى- انها لما نزلت جاء ابو طلحة فقال يا رسول الله ان أحب أموالي الىّ بئر حاء وهو ضيعة له فى المدينة مستقبل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال صلى الله عليه وسلم (بخ بخ ذاك مال رابح او رائج فانى ارى ان تجعلها فى الأقربين فقسمها فى أقاربه) وفيه دلالة على ان انفاق أحب الأموال على اقرب الأقارب أفضل- وروى- عن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه انه كانت لزوجته جارية بارعة فى الجمال وكان عمر راغبا فيها وكان قد طلبها منها مرارا فلم تعطه إياها. ثم لما ولى الخلافة زينتها وأرسلتها اليه فقالت وهبتكها يا امير المؤمنين فلتخدمك قال من اين ملكتها قالت جئت بها من بيت ابى عبد الملك ففتش عن تملكه إياها فقيل انه كان على فلان العامل ديون فلما توفى أخذت من تركته ففتش عن حال العامل واحضر ورثته وأرضاهم جميعا بإعطاء المال ثم بوجه الى الجارية وكان يهواها هوى شديدا فقال أنت حرة لوجه الله فقيل لم يا امير المؤمنين وقد ازحت عن أمرها كل شبهة قال لست إذا ممن نهى النفس عن الهوى- يحكى- ان الربيع ضربه الفالج فكان السائل يقوم على بابه فيسأل فيقول الربيع أطعميه السكر فان الربيع يحب السكر يتأول قوله لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وطال به وجعه فاشتهى لحم دجاج فكف نفسه أربعين يوما فابت فقال لزوجته قد اشتهيت لحم دجاج منذ أربعين يوما فكففت نفسى رجاء ان تكف فابت فقالت امرأته سبحان الله وأي شىء هذا تكف نفسك عنه وقد أحله الله تعالى لك فارسلت امرأته الى السوق فاشترت له دجاجة بدرهم ودانقين فذبحتها وشوتها وخبزت له خبزا وجعلت له اصباغا ثم جاءت بالخوان فوضعته بين يديه فقام سائل على الباب فقال تصدقوا على بارك الله فيكم فكف عن الاكل وقال لامرأته خذى هذا وادفعيه اليه فقالت له امرأته سبحان الله قال افعلي ما آمرك به قالت فاصنع ما هو خير له قال وما هو قالت نعطيه ثمن هذا وتأكل أنت شهوتك قال قد.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 93 إلى 96]

أحسنت ائتنى بثمنه فجاءت بثمنه فقال ضعيه على هذا وخذيه وادفعيه جميعا ففعلت بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى وقيل فى هذا المعنى دل بدست آور كه حج اكبرست ... از هزاران كعبه يك دل بهترست كعبه بنياد خليل آزرست ... دل نظرگاه جليل اكبرست ويقال إذا كنت لا تصل الى البر الا بانفاق محبوبك فمتى تصل الى البار وأنت تؤثر عليه حظوظك. قال القشيري من أراد البر فلينفق بعض ما يحبه ومن أراد البار تعالى فلينفق جميع ما يحبه. قال نجم الدين الكبرى فى قوله تعالى فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ فبقدر ما تكونون له يكون لكم كما قال (من كان الله كان الله له فان الفراش ما نال من بر الشمع وهو شعلته حتى أنفق مما أحبه وهو نفسه. قال القاشاني كل فعل يقرب صاحبه من الله فهو بر ولا يمكن التقرب اليه الا بالتبري مما سواه فمن أحب من دون الله شيأ فقد حجب به عن الله وأشرك شركا خفيا لتعلق محبته بغير الله ترا هر چهـ مشغول دارد ز دوست ... اگر راست خواهى دلارامت اوست فلا يزول البعد ولا يحصل القرب الا ببذل المال والمهجة وقطع مجبة غير الله وإفناء النفس بالكلية عن صفاتها الرذيلة اگر يارى از خويشتن دم مزن ... كه شركست با يار وبا خويشتن كُلُّ الطَّعامِ لما نزل قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الآية وقوله وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ الى قوله ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ أنكر اليهود وغاظهم ذلك وبرأوا ساحتهم من الظلم وجحدوا ما نطق به القرآن وقالوا لسنا باول من حرمت عليه تلك المطعومات وما هو الا تحريم قديم كانت محرمة على نوح وابراهيم ومن بعده وهلم جرا حتى انتهى التحريم إلينا وغرضهم تكذيب شهادة الله عليهم بالبغي والظلم والصد عن سبيل الله وأكل الربا وما عدد من مساويهم التي كلما ارتكبوا منها كبيرة حرم عليهم نوع من الطيبات عقوبة لهم فقيل كل المطعومات او كل انواع الطعام والطعام المطلق البر والعرف يشهد لكل ما يطعم حتى الماء كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ اى حلالا لهم والمراد أكله إذ لا يوصف بنحو الحل والحرمة الا افعال المكلف لا الأعيان فشرب الخمر حرام بالذات ونفسها حرام بالعرض إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ استثناء متصل من اسم كان اى كان كل المطعومات حلالا لبنى إسرائيل الا ما حرم إسرائيل اى يعقوب عليه السلام على نفسه وهو الإبل وألبانها- روى- ان يعقوب عليه السلام كان نذر ان وهب الله له اثنى عشر ولدا واتى بيت المقدس صحيحا ان يذبح آخرهم فتلقاه ملك من الملائكة فقال له يا يعقوب انك رجل قوى فهل لك فى الصراع فعالجه فلم يصرع واحد منهما صاحبه فغمزه الملك غمزة فعرض له عرق النسا من ذلك ثم قال أما انى لو شئت ان اصرعك لفعلت ولكن غمزتك هذه الغمزة لانك كنت نذرت ان أتيت بيت المقدس صحيحا ذبحت آخر ولد لك وجعل الله لك بهذه الغمزة مخرجا من ذلك الذبح ثم ان يعقوب عليه السلام

[سورة آل عمران (3) : الآيات 94 إلى 95]

لما قدم بيت المقدس أراد ذبح ولده ونسى قول الملك فاتاه الملك فقال انما غمزتك للمخرج وقد وفى نذرك فلا سبيل لك الى ولدك ثم انه حين ابتلى بذلك المرض لقى من ذلك بلاء وشدة وكان لا ينام الليل من الوجع فحلف لئن شفاه الله لا يأكل أحب الطعام اليه فحرم لحوم الإبل وألبانها اما حمية الدين او حمية النفس وتحريم الحلال على نفسه جائز للكل وفيه كفارة اليمين مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ متعلق بقوله كان حلا ولا ضير فى توسيط الاستثناء بينهما المعنى ان المطعومات كانت حلالهم قبل نزول التوراة ثم حرمت بسبب بغيهم وظلمهم فكيف يكون ذلك حراما على نوح وابراهيم وغيرهما. وظاهر الآية يدل على ان الذي حرمه إسرائيل على نفسه قد حرمه الله على بنى إسرائيل وهو رد على اليهود فى دعواهم البراءة من الظلم وتبكيت لهم فى منع النسخ والطعن فى دعوى الرسول صلى الله عليه وسلم موافقته لابراهيم عليه السلام بتحليله لحوم الإبل وألبانها قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها امره عليه السلام بان يحاجهم بكتابهم الناطق بان تحريم ما حرم تحريم حادث مرتب على ظلمهم وبغيهم ويكلفهم إخراجه وتلاوته ليبكتهم ويلقمهم الحجر ويظهر كذبهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فائتوا بالتوراة فاتلوها فان صدقكم مما يدعوكم الى ذلك البتة- روى- انهم لم يجترئوا على إخراج التوراة فبهتوا وانقلبوا صاغرين وفى ذلك من الحجة النيرة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وجواز النسخ الذي يجحدونه ما لا يخفى فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ اى اختلق عليه سبحانه بزعمه انه حرم ما ذكر قبل نزول التوراة على بنى إسرائيل ومن تقدمهم من الأمم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما ذكر من أمرهم بإحضار التوراة وتلاوتها وما ترتب عليه من التبكيت والإلزام فَأُولئِكَ المصرون على الافتراء بعد ان ظهرت حقيقة الحال وضاقت عليهم حيلة المحاجة والجدال هُمُ الظَّالِمُونَ المفرطون فى الظلم والعدوان المبعدون فيهما قُلْ صَدَقَ اللَّهُ اى ظهر وثبت صدقه تعالى فيما انزل فى شان التحريم فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ اى ملة الإسلام التي هى فى الأصل ملة ابراهيم عليه السلام فانكم ما كنتم متبعين لملته كما تزعمون حَنِيفاً حال من ابراهيم اى مائلا عن الأديان الزائغة كلها وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا وفيه تعريض باشراك اليهود وتصريح بانه عليه السلام ليس بينه وبينهم علاقة دينية قطعا والغرض بيان ان النبي عليه السلام على دين ابراهيم فى الأصول لانه لا يدعو الا الى التوحيد والبراءة من كل معبود سواه سبحانه وتعالى. قال نجم الدين فى التأويلات الاشارة فى تحقيق الآيات ان الله تعالى خلق الخلق على ثلاثة اصناف. صنف منها الملك الروحاني العلوي اللطيف النورانى وجعل غذاءهم من جنسهم الذكر وخلقهم للعبادة. وصنف منها الحيوان الجسماني السفلى الكثيف الظلماني وجعل غداءهم من جنسهم الطعام وخلقهم للعبرة والخدمة. وصنف منها الإنسان المركب من الملكي الروحاني والحيواني الجسماني وجعل غذاءهم من جنسهم لروحانيهم الذكر ولجسمانيهم الطعام وخلقهم للعبادة والمعرفة. فمنهم ظالم لنفسه وهو الذي غلبت حيوانيته على روحانيته فبالغ فى غذاء جسمانية وقصر فى غذاء روحانيته حتى مات روحه واستولت حيوانيته أولئك كالانعام بل هم أضل

[سورة آل عمران (3) : آية 96]

مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت ز دوران بسى نامرادى برى ... اگر هر چهـ باشد مرادت خورى كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل ومنهم مقتصد وهو الذي تساوت روحانيته وحيوانيته فغذى كل واحدة منهما غذاءها خلطوا عملا صالحا وآخر سيأ عسى الله ان يتوب عليهم. ومنهم سابق بالخيرات وهو الذي غلبت روحانيته على حيوانيته فبالغ فى غذاء روحانيته وهو الذكر وقصر فى غذاء حيوانيته وهو الطعام حتى ماتت نفسه واستوت قوى روحه أولئك هم خير البرية فكان كل الطعام حلالا لهم كما كان حلالا للحيوان الا ما حرم الإنسان السابق بالخيرات على نفسه بموت النفس وحياة القلب واستيلاء الروح مِنْ قَبْلِ ان ينزل عليه الوحى والإلهام كما قيل المجاهدات تورث المشاهدات فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ بان يهتدى الى الحق من غير جهاد النفس فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الذين يضعون الشيء فى غير موضعه وقد قال تعالى وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فيما قال لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وكان ملته انفاق المال على الضيفان وبذل الروح عند الامتحان وتسليم القربان وهذه ملة الخلة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الذين يتخذون مع الله خليلا آخر ويجعلون الشركة فى الخلة. اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات فالاولياء هم الذين يحبون الله ومن يحبه الله فان محبة اهل الحق محبة الله وليس فيها شرك. قال الفضيل ابن عياض قدس سره يقول الله تعالى يوم القيامة يا ابن آدم اما زهدك فى الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك فى الآخرة واما انقطاعك الىّ فانما طلبت العز لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا او واليت لى وليا فى الله فعلامة اتباع ملة ابراهيم هو الاطاعة للحق والتبري من كل دين سوى الإسلام ومحبة الأولياء وعداوة الأعداء ولو كان المرء آتيا بجميع الطاعات وليس فى قلبه خلوص المحبة فانما يضرب حديدا باردا والله تعالى لا يحب القلب المشترك بمحبة غيره من شهوة او غيرها. قال محمد ابن حسان رحمه الله بينما انا أدور فى جبل لبنان إذ خرج على شاب قد أحرقته السموم والرياح فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وقلت عظنى بكلمة انتفع بها قال احذره تعالى فانه غيور لا يحب ان يرى فى قلب عبد سواه. فعلى العاقل ان يجتهد فى سلوك هذا الطريق الى ان يصل الى منزل التحقيق ومن الله التوفيق فى كل امر خفى وجلى ودقيق إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ البيت ما يبيت فيه أحد ثم استعمل فى المكان مطلقا وُضِعَ لِلنَّاسِ- روى- انه لما حولت القبلة الى الكعبة طعن اليهود فى نبوته عليه السلام وقالوا ان بيت المقدس أفضل من الكعبة وأحق بالاستقبال لانه وضع قبل الكعبة وهو ارض المحشر ومهاجر الأنبياء وقبلتهم والأرض المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين وفيها الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام فتحويل القبلة منه الى الكعبة باطل فنزلت اى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للعباد وجعل متعبد الهم والواضع هو الله تعالى لَلَّذِي بِبَكَّةَ خبر لان اى للبيت الذي فى بكة وهو علم للبلد الحرام من بكه إذا زحمه لازدحام الناس فيه ولانها تبك أعناق الجبابرة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 97 إلى 102]

اى تدقها لم يقصدها جبار الا قصمه الله عز وجل. وما روى ان الحجاج حبس عبد الله بن الزبير رضى الله عنه فى المسجد الحرام وضرب المنجنيق على ابى قبيس ورمى به داخل المسجد وقتل عبد الله فليس ذلك إضرارا بالبيت وقصدا بالسوء لان مقصود الحجاج كان أخذ عبد الله- روى- انه صلى الله عليه وسلم سئل عن أول بيت وضع للناس فقال (المسجد الحرام ثم بيت المقدس) وسئل كم بينهما فقال (أربعون سنة) - روى- ان الله وضع تحت العرش بيتا وهو البيت المعمور وامر الملائكة ان يطوفوا به ثم امر الملائكة الذين هم سكان الأرض ان يبنوا فى الأرض بيتا على مثاله فبنوا وامر من فى الأرض ان يطوفوا به كما يطوف اهل السماء بالبيت المعمور- وروى- ان الملائكة بنوه قبل خلق آدم بألفي عام فلما اهبط آدم الى الأرض قالت له الملائكة طف حول هذا البيت فلقد طفنا حوله قبلك بألفي عام فطاف به آدم ومن بعده الى زمن نوح عليه السلام فلما أراد الله الطوفان حمل الى السماء الرابعة وهو البيت المعمور بحيال الكعبة يطوف به ملائكة السموات. وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه أول بيت بناه آدم فى الأرض فنسبة بناء الكعبة الى ابراهيم على هذه الروايات ليس لانه عليه السلام بناها ابتداء بل لرفعه قواعدها وإظهاره ما درس منها فان موضع الكعبة اندرس بعد الطوفان وبقي مختفيا الى ان بعث الله جبريل الى ابراهيم عليه السلام ودله على مكان البيت وامره بعمارته ولما كان الآمر بالبناء هو الله والمبلغ والمهندس هو جبريل عليه السلام والباني هو الخليل والتلميذ المعين له إسماعيل عليهما السلام. قيل ليس فى العالم بناء اشرف من الكعبة مُبارَكاً حال من المستكن فى الظرف لان التقدير للذى ببكة هو اى كثير الخير والنفع لما يحصل لمن حجه واعتمره واعتكف به وطاف حوله من الثواب وتكفير الذنوب وَهُدىً لِلْعالَمِينَ لانه قبلتهم ومتعبدهم ولان فيه آيات عجيبة دالة على عظيم قدرته وبالغ حكمته كما قال فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ واضحات كانحراف الطيور عن موازاة البيت على مدى الاعصار ومخالطة ضوارى السباع الطيور فى الحرم من غير تعرض لها وقهر الله تعالى لكل جبار قصده بسوء كاصحاب الفيل مَقامُ إِبْراهِيمَ اثر قدميه عليه السلام فى الصخرة التي كان عليه السلام يقوم عليها وقت رفع الحجارة لبناء الكعبة عند ارتفاعه او عند غسل رأسه على ما روى انه عليه السلام جاء زائرا من الشام الى مكة فقالت له امرأة إسماعيل عليه السلام انزل حتى اغسل رأسك فلم ينزل فجاءته بهذا الحجر فوضعته على شقه الايمن فوضع قدمه عليه حتى غسلت شقى رأسه ثم حولته الى شقه الأيسر حتى غسلت الشق الآخر فبقى اثر قدميه عليه وهو بدل من آيات بدل البعض من الكل وَمَنْ دَخَلَهُ اى حرم البيت كانَ آمِناً من التعرض له وذلك بدعوة ابراهيم عليه السلام رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وكان الرجل لوجر كل جريرة ثم لجأ الى الحرم لم يطلب ولذلك قال ابو حنيفة رحمه الله من لزمه القتل فى الحل بقصاص أو ردة او زنى فالتجأ الى الحرم لم يتعرض له الا انه لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يضطر الى الخروج وهذا فى حق من جنى فى الحل ثم التجأ الى الحرم واما إذا أصاب الحد فى الحرم فيقام عليه فيه فمن سرق فيه قطع ومن قتل فيه قتل قال تعالى وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أباح لهم القتل عند المسجد الحرام إذا قاتلونا فعلى ذلك يقام

الحد إذا أصاب وهو فيه وإذا أصاب فى غيره ثم لجأ اليه لم يقم كما لا نقاتل إذا لم يقاتلونا او المعنى ومن دخله كان آمنا من النار. وفى الحديث (من مات فى أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا) وعنه صلى الله عليه وسلم (الحجون والبقيع يؤخذ باطرافهما وينشران فى الجنة) وهما مقبرتا مكة والمدينة وعن ابن مسعود رضى الله عنه وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية الحجون وليس بها يؤمئذ مقبرة فقال (يبعث الله تعالى من هذه البقعة ومن هذا الحرم سبعين الفا وجوههم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب يشفع كل واحد منهم فى سبعين الفا وجوههم كالقمر ليلة البدر) وعنه صلى الله عليه وسلم (من صبر على حرمكة ساعة من نهار تباعدت عنه جهنم مسيرة مائتى عام) وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ وهم المؤمنون دون الكفار فانهم غير مخاطبين بأداء الشرائع عندنا خلافا للشافعى اى استقر لله عليهم حِجُّ الْبَيْتِ اللام للعهد والحج بالفتح لغة اهل الحجاز والكسر لغة نجد وأياما كان فهو القصد للزيارة على الوجه المخصوص المعهود يعنى انه حق واجب لله فى ذمم الناس ولا انفكاك لهم عن ادائه والخروج من عهدته مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فى محل الجر على انه بدل من الناس بدل البعض مخصص لعمومه فالضمير العائد الى المبدل منه محذوف اى من استطاع منهم وقدر وأطاق الى البيت سبيلا اى قدر على الذهاب اليه وأراد به قدرة سلامة الآلات والأسباب فالزاد والراحلة من اسباب الوصول وهذه القدرة تتقدم على الفعل والاستطاعة التي هى شرط لوجوب الفعل هى الاستطاعة بهذا المعنى لا الاستطاعة التي هى شرط حصول الفعل وهى لا تكون إلا مع الفعل لانها علة وجود الفعل وسببه فلا تكون الا معه فالاستطاعة الاولى شرط الوجوب والثانية شرط حصول الفعل وَمَنْ كَفَرَ وضع من كفر موضع من لم يحج تأكيدا لوجوبه وتشديدا لتاركه اى من لم يحج مع القدرة عليه فقد قارب الكفر وعمل ما يعمله من كفر بالحج فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وعن عبادتهم وحيث كان من كفر من جملتهم داخلا فيها دخولا أوليا اكتفى بذلك عن الضمير الرابط بين الشرط والجزاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يحبسه حاجة ظاهرة او مرض حابس او سلطان جائر ولم يحج فليمت ان شاء يهوديا او نصرانيا) وانما خص هذين لان اليهود والنصارى هم الذين لا يرون الحج ولا فضل الكعبة. واعلم انه لا يؤثر الإكثار من التردد الى تلك الآثار إلا حبيب مختار- روى- عن على بن الموفق رحمه الله انه حج ستين حجة قال فلما كنت بعد ذلك فى الحجر أفكر فى حالى وكثرة تردادى الى ذلك المكان ولا أدرى هل قبل حجى او لا نمت فرأيت قائلا يقول يا ابن الموفق هل تدعو الى بيتك الا من تحب فاستيقظت وقد سرى عنى. ففيه اشارة الى ان من لم يحج مع القدرة عليه فقد ترك عن الدعوة الى ضيافة الله تعالى ولا يترك عنها الا من لا استحقاق له بها. وفيه تقبيح لحاله حيث لم يجتهد فى تحصيل الاستعداد بل اقام على البغي والفساد واقتضت حكمة الله تعالى توقان النفس كل عام الى تلك الأماكن النفيسة والمعاهد المقدسة المحروسة لاجابة دعوة ابراهيم عليه السلام حيث قال فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ اى تحن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفضل الأعمال ايمان بالله ورسوله ثم جهاد فى سبيله ثم حج مبرور) قيل مغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة به مترتب على كون

[سورة آل عمران (3) : آية 98]

الحج مبرورا. وانما يكون مبرورا باجتماع أمرين. فيه الاول الإتيان فيه باعمال البر والبر هو الإحسان للناس واطعام الطعام وافشاء السلام. والثاني ما يكمل به الحج وهو اجتناب افعال الإثم فيه من الرفث والفسوق والمعاصي. قال ابو جعفر الباقر ما يعبأ من يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاث ورع يحجره اى يمنعه عن محارم الله وحلم يكف به غضبه وحسن الصحابة لمن يصحبه من المسلمين فهذه الثلاث يحتاج إليها من يسافر خصوصا الى الحج فمن كملها فقد كمل حجه فعلى السالك ان يخالق الناس بخلق حسن از من بكوى حاجئ مردم كزايرا ... كاو پوستين خلق بازار مى درد حاجى تو نيستى شترست از براى آنك ... بيچاره خار ميخورد وبار ميبرد قال بعض المشايخ علامة الحج المبرور ان يرجع زاهدا فى الدنيا راغبا فى الآخرة. قال نجم الدين الكبرى فى تأويلاته والاشارة ان الله تعالى جعل البيت والحج اليه واركان الحج والمناسك كلها إشارات الى اركان السلوك وشرائط السير الى الله وآدابه. فمن أركانه الإحرام وهو اشارة الى الخروج عن الرسوم وترك المألوف والتجرد عن الدنيا وما فيها والتطهر من الأخلاق وعقد إحرام العبودية بصحة التوجه. ومنها الوقوف بعرفة وهو اشارة الى الوقوف بعرفات المعرفة والعكوف على عقبة جبل الرحمة بصدق الالتجاء وحسن العهد والوفا. ومنها الطواف وهو اشارة الى الخروج عن الأطوار البشرية السبعية بالاطواف السبعة حول كعبة الربوبية. ومنها السعى وهو اشارة الى السير بين صفا الصفات ومروة الذات. ومنها الحلق وهو اشارة الى محو آثار العبودية بموسى أنوار الالهية وعلى هذا فقس المناسك كلها. والحج يشير الى عين الطلب والقصد الى الله بخلاف سائر اركان الإسلام فان كل ركن منه يشير الى طرف من استعداد الطلب فالله تعالى خاطب العباد بقوله وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ وما قال فى شىء آخر من الأركان والواجبات ولله على الناس وفائدته ان المقصود المشار اليه من الحج هو الله وفى سائر العبادات المقصود هو النجاة والدرجات والقربات والمقامات والكرامات. والاستطاعة فى قوله مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا هى جذبة الحق التي توازى عمل الثقلين ولا يمكن السير الى الله والوصول اليه الا بها وَمَنْ كَفَرَ اى لا يؤمن بوجدان الحق ولا يتعرض لنفحات الطاف الرب ولا يتقرب بجذبات الالوهية كما يشير إليها اركان الحج فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ بان يستكمل بهم وانما الاستكمال للعالمين به ولا غنى بهم عنه تعالى جعلنا الله وإياكم من الكاملين والواصلين الى كعبة اليقين والتمكين قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هم اليهود والنصارى سموا بذلك فان الكتاب لا يختص بالمنزل فنسبوا الى ما كتبوا سواء كان من إلقاء الروح الامين او تلقاء النفس لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ توبيخ وانكار لان يكون لكفرهم بها سبب من الأسباب وتحقيق لما يوجب الاجتناب عنه بالكلية والمراد بآياته تعالى ما يعم الآيات القرآنية التي من جملتها ما تلى فى شأن الحج وغيره وما فى التوراة والإنجيل من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ حال من فاعل تكفرون والمعنى لاىّ سبب تكفرون بآياته عز وجل والحال انه تعالى مبالغ فى الاطلاع على جميع أعمالكم وفى مجازاتكم عليها ولا ريب فى ان ذلك يسد

[سورة آل عمران (3) : الآيات 99 إلى 101]

جميع أنحاء ما تأتونه ويقطع أسبابه بالكلية قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ اى تصرفون عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دينه الحق الموصل الى السعادة الابدية وهو التوحيد وملة الإسلام مَنْ آمَنَ مفعول تصدون كانوا يفتنون المؤمنين ويحتالون لصدهم عنه ويمنعون من أراد الدخول فيه بجهدهم ويقولون ان صفته صلى الله عليه وسلم ليست فى كتابهم ولا تقدمت البشارة به عندهم تَبْغُونَها بحذف الجار وإيصال الفعل الى الضمير اى تبغون لها لان البغي لا يتعدى الا الى مفعول يقال بغيت المال والضمير للسبيل وهو يذكر ويؤنث اى تطلبون سبيل الله التي هى أقوم السبل عِوَجاً اعوجاجا وميلا عن القصد والاستقامة بان تلبسوا على الناس حتى توهموهم ان فيها عوجا بقولكم ان شريعة موسى لا تنسخ وبتغييركم صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهها ونحو ذلك والجملة حال من فاعل تصدون. والعوج بكسر العين وفتحها الميل والانحراف لكن المكسور يختص بالمعاني والمفتوح بالأعيان تقول فى دينه وكلامه عوج بالكسر وفى الجدار والقناة والشجر عوج بالفتح وَأَنْتُمْ شُهَداءُ حال من فاعل تصدون باعتبار تقيده بالحال الاولى اى والحال انكم شهداء تشهدون بانها سبيل الله لا يحوم حولها شائبة اعوجاج وان الصد عنها إخلال وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ اى من الصد عن سبيله وكتمان الشهادة لنبيه. ولما وبخ اهل الكتاب بصد المؤمنين نهى المؤمنين عن اتباع هؤلاء الصادين فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً طائفة وانما خص فريقا لان منهم من آمن مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ قوله كافرين مفعول ثان ليردوكم على تضمين الرد معنى التصيير. قال عكرمة نزلت فى شاس ابن قيس اليهودي رأى منتدى محتويا على زخام من أوس وخزرج فغاظه ألفتهم فارسل شابا ينشدهم اشعار يوم بغاث وكان ذلك يوما عظيما اقتتل فيه الحيان المذكوران وكان الظفر فيه للاوس فنعر عرق الداء الدفين فتشاجروا فاخبر النبي عليه السلام فخرج يصلح ذات بينهم وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ انكار وتعجب وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ اى القرآن وَفِيكُمْ رَسُولُهُ والمعنى من اين يتطرق إليكم الكفر والحال ان القرآن المعجز يتلى عليكم على لسان الرسول غضا طريا وبين أظهركم رسول الله ينبهكم ويعظكم ويزيح شبهكم فالعدول عن الايمان والدخول فى الكفر مع تحقق هذه الأمور ابعد واعجب وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ اى ومن يتمسك بدينه الحق الذي بينه بآياته على لسان رسوله عليه السلام وهو الإسلام والتوحيد المعبر عنه فيما سبق بسبيل الله فَقَدْ هُدِيَ جواب الشرط. وقد لافادة معنى التحقق كأن الهدى حصل فهو يخبر عنه حاصلا ومعنى التوقع فيه ظاهر فان المعتصم به تعالى متوقع للهدى كما ان قاصد الكريم متوقع للندا اى وفق وارشد إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى المطلوب. واعلم ان ظاهر الخطاب مع اهل الكتاب وباطنه مع العلماء السوء الذين يبيعون الدين بالدنيا ولا يعملون بما يعلمون فهم الذين يكفرون بما جاء به القرآن من الزهد فى الدنيا والورع والتقوى ونهى النفس عن الهوى وإيثار ما يفنى على ما يبقى والاعراض عن الخلق والتوجه الى الحق وبذل الوجود لنيل المقصود والله شهيد على ما تعملون حاضر معهم ناظر

[سورة آل عمران (3) : آية 102]

الى نياتهم فى اعمال الخير والشر فيجازيهم بها وهم يصرفون بحرصهم على الدنيا واتباعهم الهوى المؤمنين الذين يتبعونهم بحسن الظن ويحسبون ان أعمالهم وأحوالهم على قاعدة الشريعة ومنهاج الطريقة عن سبيل الله وطريق الحق الذي امر الأنبياء بدعوة الخلق اليه وهم يطلبون اعوجاج طريق الحق بالسير فى طريق الباطل وقد وصى الله المؤمنين بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية حتى لا يرتدوا عن طريق الهداية بعد الايمان بالاتباع بسيرتهم وهو أهم قال تعالى وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ قال بعض المشايخ خير العلم ما كانت الخشية معه وذلك لان الخشية انما تنشأ عن العلم بصفات الحق فشاهد العلم الذي هو مطلوب الله الخشية وشاهد الخشية موافقة الأمر. واما العلم الذي تكون معه الرغبة فى الدنيا والتملق لا ربابها وصرف الهمة لاكتسابها والجمع والادخار والمباهاة والاستكثار وطول الأمل ونسيان الآخرة فما ابعد من هذا العلم علمه من ان يكون من ورثة الأنبياء وهل ينتقل الشيء الموروث الى الوارث الا بالصفة التي كان بها عند الموروث وما مثل من هذه الأوصاف أوصافه من العلماء الا كمثل الشمعة تضيء على غيرها وهى تحرق نفسها ترك دنيا بمردم آموزند ... خويشتن سيم وغله اندوزند عالمى را كه گفت باشد وبس ... چون بگويد نگيرد اندر كس عالم آنكس بود كه بد نكند ... نه بگويد بخلق وخود نكند قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه قلوبهم خربة من الهدى ومساجدهم عامرة بأبدانهم شر من تظل السماء يومئذ علماؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود) . وعن فضيل بن عياض بلغنا ان الفسقة من العلماء ومن حملة القرآن يبدأ بهم يوم القيامة قبل عبدة الأوثان. فعلى العاقل ان لا يغتر بظاهر حالهم بل ينظر الى وهن اعتقادهم وفساد بالهم فيعتبر كل الاعتبار ويتجنب من هذه سيرتهم ويسلك طريق الأخيار ويعتصم بالله بالانقطاع عما سواه ويتمسك بالتوحيد الحقيقي حتى يهتدى الى الصراط المستقيم فمن انقطع اليه بالفناء فى الوحدة كان صراطه صراط الله فلا يصده عنه أحد ولا يضره شىء ولا يضله كيد عدوه وشره فان من كان مع الله كان الله معه فهو حافظه وناصره وهذا الاستمساك ليس من شأن كل السلاك لكن الله تعالى قادر على ان يأخذ بيد عبده ويوصله الى مراده وإذا صح الطلب من العبد فلا يحرم الاجابة البتة فان من طلب وجدّ وجد ومن قرع بابا ولجّ ولج عصمنا الله وإياكم من كيد الشيطان ومكر النفس الامارة بالسوء كل آن آمين يا مستعان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ الاتقاء افتعال من الوقاية وهى فرط الصيانة حَقَّ تُقاتِهِ اى حق تقواه وما يجب منها وهو استفراغ الوسع فى القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم ونحوها فاتقوا الله ما استطعتم يريد بالغوا فى التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيأ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ اى مخلصون نفوسكم لله عز وجل لا تجعلون فيها شركة لما سواه أصلا وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى

[سورة آل عمران (3) : الآيات 103 إلى 105]

لا تموتن على حال من الأحوال الا حال تحقق إسلامكم وثباتكم عليه فهو فى الصورة نهى عن موتهم على غير هذه الحالة والمراد دوامهم على الإسلام وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ اى بدين الإسلام او بكتابه فلفظ الحبل مستعار لاحد هذين المعنيين فان كل واحد منهما يشبه الحبل فى كونه سببا للنجاة من الردى والوصول الى المطلوب فان من سلك طريقا صعبا يخاف ان تزلق رجله فيه فاذا تمسك بحبل مشدود الطرفين بجانبي ذلك الطريق أمن من الخوف كذلك طريق السعادة الابدية ومرضاة الرب طريق زلق ودواعى الضلال عنها متكثرة زلق رجل اكثر الخلق فيها. فمن اعتصم بالقرآن العظيم وبقوانين الشرع القويم وبينات الرب الكريم فقد هدى الى صراط مستقيم وأمن من الغواية المؤدية الى نار الجحيم كما يأمن المتمسك بالحبل من العذاب الأليم جَمِيعاً حال من فاعل اعتصموا اى مجتمعين فى الاعتصام وَلا تَفَرَّقُوا اى لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كأهل الكتاب وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ متعلق بنعمة إِذْ كُنْتُمْ ظرف له اى اذكروا انعامه عليكم وقت كونكم أَعْداءً فى الجاهلية بينكم الاحن والعداوة والحروب المتواصلة. وقيل هم الأوس والخزرج كانوا أخوين لاب وأم فوقعت بين أولادهما العداوة والبغضاء وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بتوفيقكم للاسلام فَأَصْبَحْتُمْ اى فصرتم بِنِعْمَتِهِ التي هى ذلك التألف إِخْواناً خبرا صبحتم اى إخوانا متحابين مجتمعين على الاخوة فى الله متراحمين متناصحين متفقين على كلمة الحق وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ شفا الحفرة وشفتها حرفها وجانبها اى كنتم مشرفين على الوقوع فى نار جهنم لكفركم إذ لو أدرككم الموت على تلك الحالة لوقعتم فيها تمثيل لحياتهم التي تتوقع بعد الوقوع فى النار بالقعود على حرفها مشرفين على الوقوع فيها فَأَنْقَذَكُمْ اى خلصكم ونجاكم بان هداكم للاسلام مِنْها اى الحفرة كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده اى مثل ذلك التبيين الواضح يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ اى دلائله لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ طلبا لثباتكم على الهدى وازديادكم فيه. والاشارة ان اهل الاعتصام طائفتان. إحداهما اهل الصورة وهم المتعلقون بالأسباب لان مشربهم الأعمال. والثانية اهل المعنى وهم المنقطعون عن الأسباب لان مشربهم الأحوال فقال تعالى لهم وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ اى مقصودكم. وقال للمتعلقين بالأسباب وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وهو كل سبب يتوسل به الى الله فالمعتصم بحبل الله هو المتقرب الى الله باعمال البر ووسائط القربة وإذا وجد الاعتصام وجد عدم التفرق بخلاف عدم الاعتصام فانه سبب للتفرق فى الظاهر والباطن. فاما فى الظاهر فيلزم منه مفارقة الجماعة فاقتلوه كائنا من كان. واما فى الباطن فيظهر منه الأهواء المختلفة التي توجب تفرق الامة كما قال عليه السلام (ستفترق أمتي اثنتين وسبعين فرقة الناجية منهم واحدة) قالوا يا رسول الله ومن الفرقة الناجية قال (من كانوا على ما انا عليه وأصحابي) . واعلم انه تعالى امر المؤمنين اولا بالتقوى وثانيا بالاعتصام وثالثا بتذكر النعمة لان فعل الإنسان لا بد وان يكون معللا اما بالرهبة واما بالرغبة والرهبة متقدمة على الرغبة لان دفع الضرر مقدم على جلب النفع كما ان التخلية قبل التحلية فقوله اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ

[سورة آل عمران (3) : آية 104]

اشارة الى التخفيف من عقاب الله ثم جعله سببا للامر بالتمسك بدين الله ثم اردفه بالرغبة وهى قوله تعالى وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فعلى العاقل الانقياد لامر الله والطاعة لحكمه والاعتصام بحبله وعدم التفرق فى الدين والتقوى حق التقى من الله سبحانه قيل ونعم ما قيل متقى را بود چهار نشان ... حفظ احكام شرع أول دان ثانيا آنچهـ دست رس باشد ... بر فقيران وبيكسان بخشد عهد را با وفا كند پيوند ... هر چهـ باشد از ان شود خرسند وهذا معنى قول الشيخ النصرآباديّ علامة المتقى اربعة. حفظ الحدود. وبذل المجهود. والوفاء بالعهود. والقناعة بالموجود قال القشيري رحمه الله حق التقوى ان يكون على وفق الأمر لا يزيد من قبل نفسه ولا ينقص. وحق التقوى اولا اجتناب الزلة. ثم اجتناب الفضلة. ثم التوقي عن كل خلة. ثم التنقى عن كل علة فاذا اتقيت عن شهود تقواك بعد اتصافك بتقواك فقد اتقيت حق تقواك انتهى. فمن بقي فيه شىء من اثر الوجود فقد أشرك شركا خفيا ولم يصل الى حقيقة الشهود حضورى گر همى خواهى ازو غائب مشو حافظ ... متى ما تلق من تهوى دع الدنيا وأهملها قال ابو مدين رحمه الله شتان بين من همته الحور والقصور ومن همته رفع الستور ودوام الحضور فطوبى لمن سار اليه بالجذبات الالهية على قدم التحقيق وطار بتجلى الصفات الربانية وجناح التوفيق. قال سهل رضى الله عنه ليس للعبد الا مولاه واحسن أحواله ان يرجع الى مولاه إذا عصى قال يا رب استر على فاذا ستر عليه قال يا رب تب على فاذا تاب عليه قال يا رب وفقني حتى اعمل فاذا عمل قال يا رب وفقني حتى أخلص فاذا أخلص قال يا رب تقبل منى. فعلى العاقل ان يتمسك بهذا الحبل المتين وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ اى لتوجد منكم أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ جماعة داعية الى الخير اى الى ما فيه صلاح دينى ودنيوى فالدعاء الى الخير عام فى التكليف من الافعال والتروك ثم عطف عليه الخاص إيذانا بفضله فقال وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وهو ما استحسنه الشرع والعقل وهو الموافقة وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو ما استقبحه الشرع والعقل وهو المخالفة وَأُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات الكاملة والافراد فى كاف الخطاب لان المخاطب كل من يصلح للخطاب هُمُ الْمُفْلِحُونَ اى هم الاخصاء بكمال الفلاح. وهم ضمير فصل يفيد اختصاص المسند بالمسند اليه ثم ان من فى قوله منكم للتبعيض وتوجيه الخطاب الى الكل مع اسناد الدعوة الى البعض لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية وانها واجبة على الكل لكن بحيث ان أقامها البعض سقطت عن الباقين ولو اخل بها الكل أثموا جميعا لا بحيث يتحتم على الكل إقامتها ولانها من عظائم الأمور وعزائمها التي لا يتولاها الا العلماء باحكامه تعالى ومراتب الاحتساب وكيفية إقامتها فان الجاهل ربما نهى عن معروف وامر بمنكر وربما عرف الحكم فى مذهبه وجهله فى مذهب صاحبه فنهاه عن منكر وقد يغلظ فى موضع اللين ويلين فى موضع الغلظة وينكر على من لا يزيده إنكاره الا تماديا او على من الإنكار عليه عبث كالانكار على اصحاب المآصر والجلادين واضرابهم. وقيل من للتبيين وكان ناقصة اى كونوا امة يدعون الآية ولا يقتضى ذلك كون الدعوة

فرض عين فان الجهاد من فروض الكفاية مع ثبوته بالخطاب للعامة. عن النبي عليه السلام انه سئل وهو على المنبر من خير الناس قال (آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر واتقاهم لله وأوصلهم للرحم) وقال عليه السلام (من امر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله فى ارضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه) . وعن حذيفة يأتى على الناس زمان يكون فيهم جيفة الحمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. وعن سفيان الثوري إذا كان الرجل محبا فى جيرانه محمودا عند إخوانه فاعلم انه مداهن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المداهن فى حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم فى أسفلها وصار بعضهم فى أعلاها فكان الذي فى أسفلها يمر بالماء على الذين فى أعلاها فتأذوا به فأخذ فاسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا مالك قال تأذيتم بي ولا بدلى من الماء فان أخذوا على يديه انجوه وأنجو أنفسهم وان تركوه اهلكوه واهلكوا أنفسهم) قال صلى الله عليه وسلم (ان الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه يوشك ان يعمهم الله بعذابه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يحشر يوم القيامة ناس من أمتي من قبورهم الى الله على صورة القردة والخنازير بما داهنوا اهل المعاصي وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون) فلا بد من توطين النفس على الصبر وتقليل العلائق وقطع الطمع عن الخلائق حتى تزول عنه المداهنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عذب اهل قرية فيها ثمانية عشر الفا عملهم عمل الأنبياء عليهم السلام) قالوا يا رسول الله كيف قال (لم يكونوا يغضبون لله ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر) ثم الأمر بالمعروف تابع للمأمور به ان كان واجبا فواجب وان كان ندبا فندب. واما النهى عن المنكر فواجب كله لان جميع المنكر تركه واجب لاتصافه بالقبح وطريق الوجوب السمع والعقل وعند البعض السمع وحده وشرط النهى بعد معرفة المنهي عنه ان لا يكون ما ينهى عنه واقعا لان الواقع لا يحسن النهى عنه وانما يحسن الذم عليه والنهى عن المعاودة الى مثله وان يغلب على ظنه وقوع المعصية نحوان يرى الشارب قد تهيأ لشرب الخمر باعداد آلاته وان لا يغلب على ظنه ان أنكر لحقته مضرة عظيمة. فان قلت كيف يباشر الإنكار. قلت يبدأ بالسهل فان لم ينفع ترقى الى الصعب لان الغرض كف المنكر قال تعالى فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ثم قال فَقاتِلُوا والمباشر كل مسلم تمكن منه واختص بشرائطه وقد اجمعوا ان من رأى غيره تاركا للصلاة وجب عليه الإنكار لانه معلوم قبحه لكل أحد. واما الإنكار الذي بالقتال فالامام وخلفاؤه اولى لانهم اعلم بالسياسة ومعهم عدتها. فان قلت فمن يؤمر وينهى. قلت كل مكلف وغير المكلف إذا هم بضرر غيره منع كالصبيان والمجانين وينهى الصبيان عن المحرمات حتى لا يتعودوها كما يؤمرون بالصلاة ليمرنوا عليها والعاصي يجب عليه النهى عما ارتكبه إذ يجب عليه تركه والإنكار لا يجب فلا يسقط بترك أحدهما وجوب شىء منهما قال النبي عليه السلام (ان الله ليؤيد هذا الدين باهل الفسوق) والتوبيخ فى قوله تعالى أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ انما هو على نسيان أنفسهم لا على أمرهم بالبر. وعن السلف مروا بالخير وان لم تفعلوا. وعن بعض الصحابة ان الرجل إذا لم يستطع الإنكار على منكر رآه فليقل ثلاث مرات اللهم ان هذا منكر وإذا فعل ذلك فقد فعل ما عليه كرت نهى منكر بر آيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست

[سورة آل عمران (3) : آية 105]

چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمايند مردى رجال يعنى إذا لم يستطع ان يغير المنكر بلسانه ويده فلينكره بقلبه فان الرجال يرون الرجولية بالهمة ويتضرعون الى الله فى دفع ما لا يقدرون على دفعه. والاشارة فى الآية ان الامة التي يدعون الى الخير بالافعال دون الأقوال هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون من وعيد من يأمر بالمعروف ولا يأتيه والذي يدل عليه ما روى اسامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعته يقول (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى فى النار فتزلق اقتابه فى النار فيدور بها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع اهل النار عليه فيقولون اى فلان ما شأنك ألست تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه) والداعي الى الخير فى الحقيقة شيوخ الطريقة فان من لم يعرف الله لم يعرف الخير إذ الخير المطلق هو الكمال المطلق الذي يكون للانسان بحسب النوع من معرفة الحق والوصول اليه كما كان للنبى عليه السلام والإضافي ما يتوصل به الى المطلق فالخير المدعو اليه اما الحق واما طريق الوصول اليه والمعروف كل ما يقرب اليه والمنكر كل ما يبعد عنه فمن لم يكن له التوحيد والاستقامة لم يكن له مقام الدعوة فغير المستقيم وان كان موحدا ربما امر بما هو معروف عنده منكر فى نفس الأمر وربما نهى عما هو منكر عنده معروف فى نفس الأمر كمن بلغ فى مقام الجمع واحتجب بالحق عن الخلق فكثيرا ما يستحل محرما ويحرم حلالا فهم اهل الحجاب واهل الفلاح المطلق هم الذين لم يبق لهم حجاب وهم خلفاء الله فى ارضه أوصلنا الله وإياكم الى معرفة حقيقة الحال وشرفنا بالوصول الى جنابه المتعال وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا هم اهل الكتابين حيث تفرقت اليهود فرقا والنصارى فرقا وَاخْتَلَفُوا باستخراج التأليفات الزائغة وكتم الآيات الناطقة وتحريفها بما اخلدوا اليه من حطام الدنيا الدنية. قال الامام تفرقوا بأبدانهم بان صار كل واحد من أولئك الأحبار رئيسا فى بلد ثم اختلفوا بان صار كل واحد منهم يدعى انه على الحق وان صاحبه على الباطل. وأقول انك إذا أنصفت علمت ان اكثر علماء هذا الزمان صاروا موصوفين بهذه الصفة فنسأل الله العفو والرحمة انتهى مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ اى الآيات الواضحة المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه واتحاد الكلمة وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فى الآخرة بسبب تفرقهم فانه يدوم ولا ينقطع ولما امر الله هذه الامة بان يكونوا آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر وذلك لا يتم الا إذا كان الآمر بالمعروف قادرا على تنفيذ هذا التكليف على الظلمة والمتغلبين ولا تحصل هذه القدرة الا إذا حصلت الالفة والمحبة بين اهل الحق والدين فلا جرم حذرهم الله عن التفرقة والاختلاف لكيلا يصير ذلك سببا لعجزهم عن القيام بهذا التكليف. فعلى المؤمنين ان لا يكونوا ناشئين بمقتضى طباعهم غير متابعين لامام ولا متفقين على كلمة واحدة باتباع مقدم يجمعهم على طريقة واحدة فان لم يكن لهم مقتدى وامام تتحد عقائدهم وسيرهم وآراؤهم بمتابعته وتتفق كلمتهم فى الآخرة على محسوس أوضح من ظهوره فى الدنيا ممن دعا الى الله على بصيرة كالرسول واتباعه الذين ألحقهم الله بدرجات الدنيا فى الدعاء اليه على بصيرة كلماتهم وعاداتهم واهوائهم لمحبته وطاعته كانوا مهملين مهترقين؟؟؟ فرائس للشيطان كشريدة الغنم تكون للذئب ولهذا قال امير المؤمنين

على رضى الله عنه لا بد للناس من امام بار او فاجر ولم يرسل نبى الله رجلين فصاعدا لشأن الأوامر أحدهما على الآخر وامر الآخر بمتابعته وطاعته ليتحد الأمر وينتظم والا وقع الهرج والمرج واضطرب امر الدين والدنيا واختل نظام المعاش والمعاد قال عليه السلام (من فارق الجماعة قيد شبر لم يربحبوحة الجنة) وقال (يد الله مع الجماعة) فان الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين ابعد ألا يرى ان الجمعية الانسانية إذا لم تنضبط برياسة القلب وطاعة العقل كيف اختل نظامها وآلت الى الفساد والتفرق الموجب لخسار الدنيا والآخرة ولما نزل قوله تعالى وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال (هذا سبيل الرشد) ثم خط عن يمينه وشماله خطوطا فقال (هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا اليه) فعلى العاقل ان يسلك الى صراط التوحيد ولوازمه وحقوقه ويجتنب عن سبل الشيطان واسباب الدخول فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت ان أقاتل الناس) الى ان قال (وحسابهم على الله) أراد بقوله وحسابهم على الله انه لا يعلم انهم قالوها معتقدين لها فالمشرك لا قدم له على صراط التوحيد وله قدم على صراط الوجود والمعطل لا قدم له على صراط الوجود فالمشرك ما وحد الله هنا فهو من الموقف الى النار مع المعطلة ومن هو من اهل النار الا المنافقين فلا بد لهم ان ينظروا الى الجنة وما فيها من النعيم فيطمعون فذلك نصيبهم من الجنان ثم يصرفون الى النار وهذا من عدل الله فقوبلوا بأعمالهم فالشرع هنا هو الصراط المستقيم ولا تزال فى كل ركعة من الصلاة نقول اهدنا الصراط المستقيم فهو احدّ من السيف وأدق من الشعر وظهوره على علم وكشف. قال على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فمن تمسك بالشرع المتين والقرآن المبين واهتدى الى هذا الصراط المستقيم وتخلص من التفرق الموجب للعذاب الأليم فليس عليه حساب ولا صراط فى الآخرة بل هو مع الأنبياء والأولياء فى النعيم المقيم ومن زلت قدمه عن الشرع فى الدنيا بارتكاب المحظورات زلت فى الآخرة ايضا إذ من كان فى الدنيا أعمى محجوبا غير واصل كان فى الآخرة ايضا كذلك والعياذ بالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الزالون على الصراط كثير واكثر من يزل عنه النساء) وقال (رأيت النار واكثر أهلها النساء فانهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير فلو أحسنت الى إحداهن الدهر كله ثم إذا رأت منك شيأ قالت ما رأيت منك خيرا قط) فانظر كيف زلت أقدامهن عن الصراط فى الآخرة وما ذلك الا لكونها زالة عن صراط الشرع فى الدنيا بالاعتقاد والأعمال: ونعم ما قال الجامى عقل زن ناقص است ودينش نيز ... هرگزش كامل اعتقاد مكن گر بدست از وى اعتبار مگير ... ور نكو بروى اعتماد مكن فاذا وقفت على هذا التفصيل فاجتهد ايها العبد الذليل فى طريق المتابعة والموافقة للانبياء والكاملين وتمسك بذيل شيخ واصل الى اليقين لعله يجمع بإذن الله شملك بعد ما نبدد وصلك وتفرق حالك فان الطريق المجهول لا بدله من مرشد والا فالهلاك عصمنا الله وإياكم من الخلاف والاختلاف وأسلكنا طريق الأخيار من الاسلاف وثبتنا فيه الى آخر الآجال وحشرنا باهل

[سورة آل عمران (3) : الآيات 106 إلى 110]

الفضل والكمال يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ اى اذكروا ايها المؤمنون يوم تبيض وجوه كثيرة وتسود وجوه كثيرة. وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكمون الخوف فيه يقال لمن نال بغيته وفاز بمطلوبه ابيض وجهه اى استبشر ولمن وصل اليه مكروه اغبر لونه وتبدلت صورته. فمعنى الآية ان المؤمن يرد يوم القيامة على ما قدمت يداه فان كان ذلك من الحسنات استبشر بنعم الله وفضله وإذا رأى الكافر اعماله القبيحة اشتد حزنه وغمه. وقيل بياض الوجه وسواده حقيقتان فيوسم اهل الحق ببياض الوجوه والصحيفة واشراق البشرة وسعى النور بين يديه ويمينه واهل الباطل باضداد ذلك والحكمة فى ظهورهما فى الوجوه حقيقة ان السعيد يفرح بان يعلم قومه انه من اهل السعادة قال تعالى مخبرا عنه يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ والشقي يغتم بعكس ذلك فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ فيقال لهم أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ الهمزة للتوبيخ والتعجب من حالهم والظاهر انهم اهل الكتابين وكفرهم بعد ايمانهم كفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ايمانهم به قبل مبعثه عليه السلام او جميع الكفرة حيث كفروا بعد ما أقروا بالتوحيد يوم الميثاق فَذُوقُوا الْعَذابَ المعهود الموصوف بالعظم بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بالقرآن ومحمد عليه السلام وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ اى الجنة والنعيم المقيم المخلد عبر عنها بالرحمة تنبيها على ان المؤمن وان استغرق عمره فى طاعة الله تعالى فانه لا يدخل الجنة الا برحمته تعالى هُمْ فِيها خالِدُونَ كانه قيل كيف يكونون فيها فقيل هم فيها خالدون لا يظعنون عنها ولا يموتون تِلْكَ اشارة الى الآيات المشتملة على تنعيم الأبرار وتعذيب الكفار وهو مبتدأ آياتُ اللَّهِ خبره نَتْلُوها جملة حالية من الآيات عَلَيْكَ اى نقرأها عليك يا محمد بواسطة جبريل بِالْحَقِّ حال مؤكدة من فاعل نتلوها او من مفعوله اى ملتبسين او ملتبسة بالحق والعدل ليس فى حكمها شائبة جور بنقص ثواب المحسن او بزيادة عقاب المسيئ او بالعقاب من غير جرم بل كل ذلك مو فى لهم حسب استحقاقهم بأعمالهم بموجب الوعد والوعيد وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً اى شيأ من الظلم لِلْعالَمِينَ لاحد من خلقه كيف والظلم تصرف فى ملك الغير وهو تعالى انما يتصرف فى ملك نفسه او انه وضع الشيء فى غير موضعه وذلك قد يكون بمنع حق المستحق منه وقد يكون بفعل ما منع منه ولا ينبغى له ان يفعله وكل ذلك لا يتصور فى حقه تعالى فيستحيل تصور الظلم من الله فانه لا حق لاحد فيظلم بمنعه ولا يمنع عن شىء فيظلم بفعله بل هو المالك على الإطلاق وأفعاله محض حكمة وعدل وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى له تعالى وحده من غير شركة أصلا ما فيهما من المخلوقات الفائتة للحصر ملكا وخلقا احياء واماتة اثابة وتعذيبا وإيراد كلمة ما اما لتغليب غير العقلاء على العقلاء واما لتنزيلهم منزلة غيرهم إظهارا لحقارتهم فى مقام بيان عظمته تعالى وَإِلَى اللَّهِ اى الى حكمه وقضائه لا الى غيره شركه واستقلالا تُرْجَعُ الْأُمُورُ اى أمورهم فيجازى كلا منهم بما وعد له وأوعده من غير دخل فى ذلك لاحد قط. فان قيل الرجوع اليه يكون بعد الذهاب عنه ولم يكن فلم قال ذلك. قلنا كانت كالذاهبة بهلاكها ثم إعادتها لان فى الدنيا يملك بعض الخلق بالتدبير

[سورة آل عمران (3) : آية 110]

وفى القيامة يكون كل ذلك لله تعالى. والاشارة ان الذين تبيض وجوههم يوم القيامة هم الذين ابيضت قلوبهم اليوم بنور الايمان والجمعية والوفاق مع الله والذين تسود وجوههم يومئذ هم الذين اسودت قلوبهم بالكفر والتفرق والاختلاف من الله وذلك لان الوجوه تحشر بلون القلوب كقوله تعالى يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ اى يجعل ما فى الضمائر على الظواهر زر اندود كانرا بآتش برند ... پديد آيد آنكه كه مس يا زرند فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ فيقال لهم أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ وهم ارباب الطلب السائرون الى الله الذين انقطعوا فى بادية النفس واتبعوا غول الهوى وارتدوا على أعقابهم القهقرى فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ تسترون الحق بالباطل وتعرضون عن الحق فى طلب الباطل وكنتم معذبين بنار الهجران والقطيعة فى الدنيا ولكن ما كنتم تذوقون عذابها لان الناس نيام والنائم لا يذوق ألم الجراحات حتى ينتبه فاذا ماتوا انتبهوا فيذوقوا ألم جراحات الانقطاع والاعراض عن الله وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ هم فَفِي رَحْمَتِ الجمعية والوفاق مع اللَّهِ فى الدنيا وهُمْ فِيها خالِدُونَ فى الآخرة لانه يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يبعث كل عبد على ما مات عليه) وقال (من مات سكران فانه يعاين ملك الموت سكران ويعاين منكر ونكيرا سكران ويبعث يوم القيامة سكران الى خندق فى وسط جهنم يسمى السكران فيه عين يجرى ماؤها دما لا يكون له طعام ولا شراب الا منه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخبرني جبريل عليه السلام ان لا اله الا الله انس للمسلم عند موته وفى قبره وحين يخرج من قبره يا محمد لو تراهم حين يمرقون من قبورهم وينفضون عن رؤسهم التراب هذا يقول لا اله الا الله والحمد لله فيبيض وجهه وهذا ينادى يا حسرتا على ما فرطت فى جنب الله مسودة وجوههم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النياحة على الميت من امر الجاهلية وان النائحة إذا لم تتب قبل ان تموت فانها تبعث يوم القيامة عليها سرابيل من قطران ثم يعلى عليها بدرع من لهب النار) وفى التنزيل الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ قال اهل التأويل كلهم يبعث كالمجنون عقوبة لهم وتمقيتا عند اهل الحشر فجعل الله هذه العلامة لاكلة الربا وذلك انه ارباه فى بطونهم فاثقلهم فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون لعظم بطونهم وثقلها عليهم نسأل الله الستر فى الدنيا والآخرة وهو الموفق للصالحات من الأعمال والافعال كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ كنتم من كان الناقصة التي تدل على تحقق شىء بصفة فى الزمان الماضي من غير دلالة على عدم سابق او لاحق ويحمل على الدوام او الانقطاع بحسب معونة المقام ودلالة القرائن فقولك كان زيد قائما محمول على الانقطاع وقوله تعالى وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً محمول على الدوام ومنه قوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ صفة لامة أظهرت لاجلهم ومصلحتهم ونفعهم تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ جملة مسأنفة بين بها كونهم خير امة كأنه قيل السبب فى كونهم خير الأمم هذه الخصال الحميدة والمقصود بيان علة تلك الخيرية كقولك زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم لان ذكر الحكم مقرونا بالوصف المناسب له يشعر بالعلية وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ اى ايمانا متعلقا بكل ما يجب ان يؤمن به من رسول

[سورة آل عمران (3) : الآيات 111 إلى 115]

وكتاب وحساب وجزاء وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ اى لو آمنوا كايمانكم لكان ذلك خيرا لهم مما هم عليه من الرياسة واستتباع العوام ولازدادت رياستهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية مع الفوز بما وعدوه على الايمان من إيتاء الاجر مرتين مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ كأنه قيل هل منهم من آمن او كلهم على الكفر فقيل منهم المؤمنون المعهودون الفائزون بخير الدارين كعبد الله بن سلام وأصحابه وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ المتمردون فى الكفر الخارجون عن الحدود لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً استثناء مفرغ من المصدر العام اى لن يضروكم ابدا ضررا ما إلا ضرر أذى لا يبالى به من طعن وتهديد لا اثر له وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ اى ان خرجوا الى قتالكم يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ مفعول ثان ليولوكم اى يجعلوا ظهورهم ما يليكم ويرجعوا الى ادبارهم منهزمين من غير ان ينالوا منكم شيأ من قتل أو أسر ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ عطف على الشرطية وثم للتراخى فى المرتبة اى لا ينصرون من جهة أحد ولا يمنعون منكم قتلا وأخذا وفيه تتبيت لمن آمن منهم فانهم كانوا يؤذونهم بالتلهى بهم وتوبيخهم وتضليلهم وتهديدهم وبشارة لهم بأنهم لا يقدرون على ان يتجاوزوا الأذى بالقول الى ضرب يعبأبه مع انه وعدهم الغلبة عليهم والانتقام منهم وان عاقبة أمرهم الخذلان والذل فلا ينهضون بجناح ولا ترجع إليهم قوة ونجاح كما كان من حال بنى قريظة والنضير وقينقاع ويهود خيبر ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا اى فى أي مكان وأي زمان وجدوا فى دار الإسلام الزموا الذل اى هدر النفس والمال والأهل بحيث صار كشىء يضرب على الشيء فيحيط به إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ استثناء من أعم الأحوال اى ضربت عليهم الذلة ضرب القبة على من هى عليه فى جميع الأحوال كونهم معتصمين بذمة الله وذمة المسلمين واستعير الحبل للعهد لانه سبب للنجاة والفوز بالمراد. وعطف قوله وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ على قوله بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ يقتضى المغايرة. قال الامام فى وجهه الامان الحاصل للذمى قسمان. أحدهما الذي نص الله عليه وهو الامان الحاصل له بإعطاء الجزية عن يد وقبوله إياها. والثاني الامان الذي فوض الى رأى الامام واجتهاده فيعطيهم الامان مجانا تارة وببدل زائد او ناقص اخرى على حسب اجتهاده فالاول هو المسمى بحبل الله والثاني هو المسمى بحبل المؤمنين فالامانان واقعان بمباشرة المسلمين الا انهما متغايران بالاعتبار وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ اى رجعوا بغضب كائن منه تعالى مستوجبين له وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ اى زى الافتقار فهى محيطة بهم من جميع جوانبهم واليهود فى غالب الأمر فقراء اما فى نفس الأمر واما انهم يظهرون من أنفسهم الفقر وان كانوا اغنياء موسرين فى الواقع ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة عليهم والبوء بالغضب العظيم بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى ذلك الذي ذكر كائن بسبب كفرهم المستمر بآيات الله الناطقة بنبوة محمد عليه السلام وتحريفهم لها ولسائر الآيات القرآنية وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ اى فى اعتقادهم ايضا وهؤلاء المتأخرون وان لم يصدر عنهم قتل الأنبياء لكنهم كانوا راضين بفعل أسلافهم مصوبين لهم فى تلك الافعال القبيحة وطالبين للقتل لو ظفروا به فكانوا بذلك كأنهم فعلوه بانفسهم فلذا أسند القتل إليهم ذلِكَ

اشارة الى ما ذكر من الكفر والقتل بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ اى كان بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله تعالى على الاستمرار فان الإصرار على الصغائر يفضى الى مباشرة الكبائر والاستمرار عليها يؤدى الى الكفر فان من توغل فى المعاصي والذنوب واستمر عليها لا جرم تتزايد ظلمات المعاصي على قلبه حالا فحالا ويضعف نور الايمان فى قلبه حالا فحالا ولم يزل الأمر كذلك الى ان يبطل نور الايمان وتحصل ظلمة الكفر نعوذ بالله من ذلك واليه الاشارة بقوله تعالى كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ فقوله تعالى ذلِكَ بِما عَصَوْا اشارة الى علة العلة ولهذا المعنى قال ارباب المعاملات من ابتلى بترك الأدب وقع فى ترك السنن ومن ابتلى بترك السنن وقع فى ترك الفريضة ومن ابتلى بترك الفريضة وقع فى استحقار الشريعة ومن ابتلى بذلك وقع فى الكفر. فعلى المؤمن ان لا يفتح باب المعصية على نفسه خوفا مما يؤدى اليه بل ويترك ايضا بعض ما أبيح له فى الشرح وذلك هو كمال التقوى قال عليه السلام (لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس) وقال صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه) الحديث فمنع من الاقدام على الشبهات مخافة الوقوع فى المحرمات وذلك سد للذريعة والعارف متى قصد مخالفة امره تعالى يجد من قلبه استحياء منه تعالى فينتهى عما نوى وعزم ويجتهد فى عبادة ربه. قال الجنيد رحمه الله العبادة على رؤوس العارفين كالتيجان على رؤوس الملوك ورؤى فى يده سبحة فقيل له أنت مع شرفك تأخذ فى يدك سبحه فقال طريق وصلنا به الى ما وصلنا لا نتركه ابدا. قال الشيخ ابو طالب رحمه الله مداومة الأوراد من اخلاق المؤمنين وطريق العابدين وهى مزيد الايمان وعلامة الإيقان. قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله سألت أستاذي عن ورد المحققين فقال إسقاط الهوى ومحبة المولى أبت المحبة ان تستعمل محبا لغير محبوبه وقال الورد ردّ النفس بالحق عن الباطل فى عموم الأوقات فليواظب العبد على الأوراد والطاعات وليجانب المعاصي والسيئات قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذات يوم لاصحابه (استحيوا من الله حق الحياء) قالوا انا نستحيى يا رسول الله والحمد لله قال (ليس ذلك ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى وليحفظ البطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء) مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتى قبله ديگرست قال بعض المشايخ لو ان رجلا عاش مائتى سنة ولا يعرف هذه الاربعة فليس شىء أحق به من النار أحدها معرفة الله تعالى فى السر والعلانية وان لا معطى ولا مانع غيره. والثاني معرفة عمل الله بان يعرف ان الله تعالى لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا لرضى الله تعالى. والثالث معرفة نفسه بان يعرف ضعفه انه لا يستطيع ان يرد شيأ مما قضى الله عليه. والرابع معرفة عدو الله وعدو نفسه فيحاربه بالمعرفة حتى يكسره فان المعرفة سلاح العارف فمن كان عنده المعرفة الحقيقة كان غالبا على أعدائه الظاهرة والباطنة ووصل الى مراده والنفس عين العدو فعليك بالاحتراز من شره

[سورة آل عمران (3) : الآيات 113 إلى 115]

ومحاربته كل آن بالذكر والفكر والعمل الصالح عصمنا الله وإياكم من الشرور لَيْسُوا سَواءً اى ليس اهل الكتاب جميعا مستوين متعادلين فى المساوى والقبائح والمراد بنفي المساواة نفى المشاركة فى اصل الاتصاف بالقبائح المذكورة لا نفى المساواة فى مراتب الاتصاف بها مع تحقق المشاركة فى اصل الاتصاف بها مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ كلام مستأنف لبيان عدم استوائهم وتمام الكلام يقتضى ان يقال ومنهم امة مذمومة الا انه أضمر بناء على ان ذكر أحد الضدين يغنى عن الآخر اى من اهل الكتاب جماعة قائمة اى مستقيمة عادلة من أقمت العود فقام بمعنى استقاموا وهم الذين اسلموا منهم كعبد الله بن سلام وغيره. نزلت حين قالت أحبار اليهود لعبد الله بن سلام وغيره من الذين اسلموا من اليهود ما آمن بمحمد إلا شرارنا فلو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم او نزلت فى قوم يصلون صلاة الأوابين وهى اثنتا عشرة ركعة بعد صلاة المغرب يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ اى القرآن صفة اخرى لامة آناءَ اللَّيْلِ ظرف ليتلون اى فى ساعاته جمع أنى كعصا وَهُمْ يَسْجُدُونَ الجملة حال من فاعل يتلون اى يصلون إذ لا تلاوة فى السجود وقال عليه الصلاة والسلام (ألا انى نهيت ان اقرأ راكعا وساجدا) وتخصيص السجود بالذكر من سائر اركان الصلاة لكونه ادل على كمال الخضوع والمراد بصلاتهم التهجد إذ هو ادخل فى مدحهم وفيه يتسنى لهم التلاوة فانها فى المكتوبة وظيفة للامام واعتبار حالهم عند الصلاة على الانفراد يأباه مقام المدح يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ على الوجه الذي نطق به الشرع تعريض بان ايمان اليهود به مع قولهم عزير ابن الله وكفرهم ببعض الكتب والرسل ووصفهم اليوم الآخر بخلاف صفته ليس من الايمان بهما فى شىء أصلا وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ تعريض بمداهنتهم فى الاحتساب بل بتعكيسهم فى الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل الله فانه امر بالمنكر ونهى عن المعروف وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ المسارعة فى الخير فرط الرغبة فيه لان من رغب فى الأمر سارع فى توليه والقيام به وآثر الفور على التراخي اى يبادرون مع كمال الرغبة فى فعل اصناف الخيرات اللازمة والمتعدية تعريض بتباطئ اليهود فيها بل بمبادرتهم الى الشر وَأُولئِكَ المنعوتون بتلك الصفات الفاضلة بسبب اتصافهم بها مِنَ الصَّالِحِينَ اى من جملة من صلحت أحوالهم عند الله تعالى واستحقوا رضاه وثناءه وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ كائنا ما كان مما ذكر او لم يذكر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ فلن يضيع ولا ينقص ثوابه البتة وسمى منع الثواب ونقصه كفرانا مع انه لا يجوز ان يضاف الكفران الى الله تعالى إذ ليس لاحد عليه تعالى نعمة حتى يكفرها نظرا الى انه تعالى سمى إيصال الجزاء والثواب شكرا حيث قال فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ فلما جعل الشكران مجازا عن توفية الثواب جعل الكفران مجازا عن منعه وتعديته الى مفعولين وهما ما قام مقام الفاعل والهاء لتضمنه معنى الحرمان وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ بشارة لهم بجزيل الثواب واشعار بان التقوى مبدأ الخير وحسن العمل وان الفائز عند الله هو اهل التقوى. والاشارة فى قوله وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ اى من خير يقربهم اليه فالله يشكره بتقربه إليهم اكثر من تقربهم اليه كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه باعا) وقال (انا جليس

من ذكرنى وأنيس من شكرنى ومطيع من أطاعني) اى كما أطعتموني بتصفية الاستعداد والتوجه نحوى اطعتكم بافاضة الفيض على حسبه والإقبال إليكم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ بالذين اتقوا ما يحجبهم عنه فتجلى لهم بقدر زوال الحجاب. قال ابو بكر الكتاني رأيت فى المنام شابا لم ار احسن منه فقلت من أنت فقال التقوى قلت فاين تسكن قال فى كل قلب حزين ثم التفت الىّ فاذا امرأة سوداء أوحش ما يكون فقلت من أنت فقالت الضحك فقلت اين تسكنين فقالت فى كل قلب فرح مرح قال فانتبهت واعتقدت ان لا اضحك إلا غلبة فعلى السالك ان يتمسك بحبل التقوى ويأنس به فى الدنيا لعل الله يجعله أنيسا له فى قبره وحشره فالتقوى من ديدن الصلحاء وهم الذين يسارعون الى الخيرات ما داموا فى الحياة. قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله أفضل ما يسأل العبد من الله خيرات الدين ففى خيرات الدين خيرات الآخرة وفى خيرات الآخرة خيرات الدنيا وفى خيرات الدنيا ظهور خصائص الأولياء وهى اربعة أوصاف العبودية ونعوت الربوبية والاشراف على ما كان ويكون والدخول على الله فى كل يوم سبعين مرة والخروج كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انه ليغان على قلبى فاستغفر الله فى اليوم سبعين مرة) واستغفاره عليه الصلاة والسلام من نقص ما رقى عنه باعتبار ما ترقى اليه إذ ذلك الاستغفار من مقتضى البشرية التي لا يمكن دفعها ووجه الاستغفار منه عليه السلام التفريق بين حالين كان فيهما بالعبودية إذ لا يلحق النبي نقص بوجه ولا فتور بحال لثبوت عصمته ولكن حسنات الأبرار سيآت المقربين فينبغى للانسان ان يأخذ على نفسه ان لا يضيع لحظة حتى يأخذها بالذكر والشكر ومتى رأى خللا رفعه بالاستغفار وذكر الله تعالى علم الايمان وبراءة من النفاق وحصن من الشيطان وحرز من النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما بعث الله يحيى بن زكريا عليهما السلام الى بنى إسرائيل امره ان يأمرهم بخمس خصال ويضرب لكل خصلة مثلا. أمرهم ان يعبدوا الله ولا يشركوا به شيأ وضرب لهم مثل الشرك كرجل اشترى عبدا من ماله ثم اسكنه دارا وزوجه ودفع اليه مالا وامره ان يتجر فيه ويأكل منه ما يكفيه ويؤدى اليه فضل الربح فعمد العبد الى فضل الربح فجعل يعطيه لعدو سيده ويعطى لسيده منه شيأ يسيرا فايكم يرضى بفعال هذا العبد. وأمرهم بالصلاة وضرب لهم مثلا للصلاة كمثل رجل استأذن على ملك من الملوك فاذن له فدخل عليه فاقبل عليه الملك بوجهه ليستمع مقالته ويقضى حاجته فالتفت يمينا وشمالا ولم يهتم لقضاء حاجته فاعرض عنه الملك فلم يقض حاجته. وأمرهم بالصيام وضرب لهم مثلا فقال مثل الصائم كمثل رجل ليس جبة للقتال وأخذ سلاحه فلم يصل اليه عدوه ولم يعمل فيه سلاح عدوه. وأمرهم بالصدقة وضرب لهم مثلا للمتصدق فقال مثل المتصدق كمثل رجل اسره عدوه فاشترى منهم نفسه بثمن معلوم فجعل يعمل فى بلادهم ويؤدى إليهم من كسبه القليل والكثير حتى يفتدى منهم نفسه فعتق وفك رقبته. وأمرهم بذكر الله تعالى وضرب لهم مثلا للذكر فقال مثل الذكر كمثل قوم لهم حصن وبقربهم عدو لهم فدخلوا حصنهم وأغلقوا بابه وحصنوا أنفسهم من العدو) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم (وانا آمركم بالخصال

[سورة آل عمران (3) : الآيات 116 إلى 121]

الخمس التي امر الله بها يحيى عليه السلام وآمركم بخمس اخرى أمرني الله بها عليكم بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد) فليسارع العبد الى الخيرات والحسنات وجميع الحالات ولا يتيسر ذلك الا لارباب الإرادات واصحاب المجاهدات نيايد نكوكارى از بدرگان ... محالست دو زندگى از سكان توان پاك كردن ز ژنگ آينه ... وليكن نيايد ز سنگ آينه بكوشش نرويد گل از شاخ بيد ... نه زنگى بگرما به گردد سفيد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى بما يجب ان يؤمن به لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ اى لن تدفع عنهم أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ اى من عذابه تعالى شَيْئاً اى شيأ يسيرا منه او شيأ من الإغناء رد للكفار كافة حيث فاخروا بالأموال والأولاد قائلين نحن اكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين وكانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه بالفقر ويقولون لو كان محمد على الحق لما تركه ربه فى الفقر والشدة. وخص الأموال والأولاد بالذكر لان الإنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال وتارة بالاستعانة بالأولاد فانفع الجمادات هو المال وانفع الحيوانات هو الولد فالكافر إذا لم ينتفع بهما فى الآخرة البتة دل ذلك على عدم انتفاعه بسائر الأشياء بالطريق الاولى وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ اى مصاحبوها على الدوام وملازموها هُمْ فِيها خالِدُونَ ابدا ولما بين ان اموال الكفار لا تغنى عنهم شيأ ثم انهم ربما أنفقوا أموالهم فى وجوه الخيرات فيخطر ببال الإنسان انهم ينتفعون بذلك فازال الله بهذه الآية تلك الشبهة وبين انهم لا ينتفعون بتلك الانفاقات وان كانوا قد قصدوا بها وجه الله فقال ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا اى حال ما ينفقه الكفرة قربة او مفاخرة وسمعة وطلبا لحسن الذكر بين الناس وعداوة لاهل الإسلام كما أنفق ابو سفيان وأصحابه مالا كثيرا على الكفار يوم بدر واحدمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ اى برد شديد مهلك فانه فى الأصل مصدر وان شاع إطلاقه على الريح البارد كالصرصرصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ اى زرع قوم لَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر والمعاصي فباؤا بغضب من الله وانما وصفوا بذلك لان الإهلاك عن سخط أشد وأفظع أَهْلَكَتْهُ عقوبة لهم ولم تدع منه اثرا ولا عثيرا والمراد تشبيه ما أنفقوا فى ضياعه وذهابه بالكلية من غيران يعود إليهم نفع ما بحرث كفار ضربته صرّ فاستأصلته ولم يبق لهم فيه منفعة بوجه من الوجوه فهو من التشبيه المركب ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ بما بين من ضياع ما أنفقوا من الأموال لكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ لما انهم أضاعوها بانفاقها لا على ما ينبغى وتقديم المفعول لرعاية الفواصل لا للتخصيص. واعلم ان انفاق الكفار اما ان يكون لمنافع الدنيا او لمنافع الآخرة فان كان لمنافع الدنيا لم يبق منه اثر البتة فى الآخرة فى حق المسلم فضلا عن الكافر وان كان لمنافع الآخرة ولعلهم أنفقوا أموالهم فى الخيرات ببناء الرباطات والقناطر والإحسان الى الضعفاء والأيتام والأرامل وكان ذلك المنفق يرجو من ذلك الانفاق خيرا كثيرا فاذا قدم الآخرة رأى كفره مبطلا لآثار الخيرات وكان كمن زرع زرعا وتوقع منه نفعا كثيرا فاصابه ريح فاحرقه ولا يبقى معه الا الحزن والأسف هذا إذا أنفقوا الأموال

فى وجوه الخيرات. اما إذا أنفقوها فيما ظنوا انه من الخيرات لكنه كان من المعاصي مثل انفاق الأموال فى إيذاء الرسول وفى قتل المؤمنين وتخريب ديارهم فالذى قلنا فيه أشد وأشد ونظير هذه الآية وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ويدخل فيه ما ينفقه بعض صاحبى الغرض لنفى رجل صالح من بلده او قتله او إيذائه ونعوذ بالله من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيم أفناه وعن جسده فيم أبلاه وعن علمه ما عمل فيه وعن ماله من اين اكتسبه وفيم أنفقه) فليبادر العاقل الى الانفاق من ماله والإخلاص فى عمله قال عليه الصلاة والسلام (يجاء يوم القيامة بصحف مختومة فتنصب بين يدى الله عز وجل فيقول الله تعالى للملائكة القوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة وعزتك ما رأينا إلا خيرا فيقول وهو اعلم ان هذا كان لغيرى ولا اقبل اليوم من العمل الا ما ابتغى به وجهى) ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار چهـ قدر آورد بنده حورديس ... كه زير قبا دارد أندام پيس قال منصور بن عمار رحمه الله كان لى أخ فى الله يعتقدنى ويزورنى فى شدتى ورخائى وكان كثير العبادة والتهجد والبكاء ففقدته أياما فقيل لى هو ضعيف مريض فاتيت بابه فطرقته فخرجت ابنته فدخلت فوجدته فى وسط الدار وهو مضطجع على فراشه وقد اسود وجهه وازرقت عيناه وغلظت شفتاه فقلت له يا أخي اكثر من قول لا اله الا الله ففتح عينيه ونظر الىّ شزرا ثم وثم حتى قلت له لئن لم تقلها لا غسلتك ولا كفتك ولا صليت عليك فقال يا أخي منصور هذه كلمة قد حيل بينى وبينها فقلت لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم فاين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام فقال يا أخي كل ذلك كان لغير وجه الله انما كنت افعل ذلك ليقال واذكر به وإذا خلوت بنفسي غلقت الأبواب وأرخيت الستور وبارزت ربى بالمعاصي ور آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن درون حشو باش فلا غرور للعاقل بكثرة الأعمال والأولاد والأموال إذا لم تكن نيته صحيحة فيما يجرى عليه من الأحوال فاين الذين آثروا العقبى بل المولى على كل ما سواه فوجدوا الفقر أعز من الغنى والذل ألذ من العزة وبذلوا أموالهم وأرواحهم فى سبيل الله لعمرى قوم عزيز الوجود وقليل ما هم وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ثم قال (يقول ابن آدم مالى وهل لك من مالك الا ما أكلت فافنيت او لبست فابليت او تصدقت فامضيت) قال عليه الصلاة والسلام (يا عائشة ان أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب وإياك ومجالسة الأغنياء ولا تستخلقى ثوبا حتى ترقعيه) وقال عليه السلام (اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف ومن ابغضنى فاكثر ماله وولده) فقد وقفت ايها العبد على حقيقة الحال وان المال لا يغنى عن المرء شيأ فعليك بالقناعة وتقليل الدنيا ولا تغتر باصحاب الأموال والجاه از پى ذكر وشوق حق ما را ... در دو عالم دل وزبانى بس وز طعام ولباس اهل جهان ... كهنه دلقى ونيم نانى بس

[سورة آل عمران (3) : الآيات 118 إلى 120]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا نزلت فى قوم من المؤمنين كانوا يواصلون المنافقين فنهاهم الله عن ذلك بقوله لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً بطانة الرجل صاحب وليجته من يعرف أسراره ثقة به شبه ببطانة الثوب التي تلى بطنه كما شبه بالشعار قال عليه السلام (الابصار شعار والناس دثار) مِنْ دُونِكُمْ اى من دون المسلمين متعلق بلا تتخذوا لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا يقال ألا فى الأمر إذا قصر فيه ثم استعمل معدى الى مفعولين فى قولهم لا آلوك نصحا على تضمين معنى المنع اى لا أمنعك نصحا والخبال الفساد اى لا يقصرون لكم فى الفساد بالمكر والخديعة ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر وَدُّوا ما عَنِتُّمْ اى تمنوا عنتكم اى مشقتكم وشدة ضرركم فى دينكم ودنياكم والفرق بين الجملة الاولى وبين هذه ان معناهما انهم لا يقصرون ضررا فى امور دينكم ودنياكم فان عجزوا عن ذلك فحب ذلك وتمنيه غير زائل من قلوبهم قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ البغضاء شدة البغض اى قد ظهرت علامة العداوة فى كلامهم الخارج من أفواههم لما انهم لا يتمالكون مع مبالغتهم فى ضبط أنفسهم وتحاملهم عليها ان ينفلت من ألسنتهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ مما بدا لان بدوه ليس عن روية واختيار قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ الدالة على وجوب الإخلاص فى الدين وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ما بينا لكم فتعملون به والظاهر ان الجمل من قوله لا يألونكم الى هنا تكون مستأنفات على وجه التعليل للنهى عن اتخاذهم بطانة ها أَنْتُمْ أُولاءِ اى أنتم ايها المؤمنون أولاء المخطئون فى موالاتهم تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ لما بينكم من مخالفة الدين وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ اى بجنس الكتاب جميعا وهو حال من الضمير المفعول فى لا يحبونكم والمعنى لا يحبونكم والحال انكم تؤمنون بكتابهم فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم وفيه توبيخ بانهم فى باطلهم أصلب منكم فى حقكم وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا نفاقا وَإِذا خَلَوْا فكان بعضهم مكان بعض عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ اى من اجله تأسفا وتحسرا حيث لم يجدوا الى التشفي سبيلا. والأنامل جمع انملة بضم الميم وهو الطرف الأعلى من الإصبع. والغيظ شدة الغضب. قال الامام والمعنى انه إذا خلا بعضهم ببعض أظهروا شدة الغيظ على المؤمنين حتى تبلغ تلك الشدة الى عض الأنامل كما يفعل ذلك أحدنا إذا اشتد غيظه وعظم حزنه على فوات مطلوبه ولما كثر هذا الفعل من الغضبان صار ذلك كناية عن الغضب حتى يقال فى الغضبان انه يعض يده غيظا وان لم يكن هناك عض وانما حصل لهم هذا الغيظ الشديد لما رأوا من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم وصلاح ذات بينهم قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ دعاء عليهم بدوام الغيظ وزيادته بتضاعف قوة الإسلام واهله الى ان يهلكوا به او باشتداده الى ان يهلكهم فالمراد اللعن والطرد لا على وجه الإيجاب والا لماتوا من ساعتهم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى قل لهم ان الله عليم بعداوة الصدور فيعلم ما فى صدوركم من البغضاء والحنق إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ اى تصبكم ايها المؤمنون حسنة بظهوركم على عدو لكم وغنيمة تنالونها وتتابع الناس فى الدخول فى دينكم وخصب فى معاشكم تَسُؤْهُمْ اى تحزنهم حسدا الى ما نلتم من خير ومنفعة وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ مساءة باخفاق سرية لكم او إصابة عدو منكم

او اختلاف يكون بينكم او جدب ونكبة يَفْرَحُوا بِها يشمتون مما أصابكم من ضرر وشدة وذكر المس مع الحسنة والاصابة مع السيئة للايذان بان مدار مساءتهم ادنى مراتب إصابة الحسنة ومناط فرحهم تمام إصابة السيئة وَإِنْ تَصْبِرُوا على عداوتهم او على مشاق التكاليف وَتَتَّقُوا ما حرم الله عليكم ونهاكم عنه لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ مكرهم وحيلتهم التي دبروها لاجلكم. والكيد حيلة لطيفة تقرب وقوع المكيد به فيها شَيْئاً نصب على المصدرية اى لا يضركم شيأ من الضرر بفضل الله وحفظه الموعود للصابرين والمتقين ولان المجد فى الأمر المتدرب بالاتقاء والصبر يكون جريئا على الخصم إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ فى عداوتكم من الكيد مُحِيطٌ علما فيعاقبهم على ذلك. والإحاطة ادراك الشيء بكماله. فينبغى للمرء ان يجانب اعداء الله ويصبر على اذاهم فانه امتحان له من الله مع انهم لا يقدرون على غير القدح باللسان كما قال تعالى لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً والطعن لم يتخلص منه الأنبياء والأولياء فكيف أنت يا رجل وكلنا ذلك الرجل تو روى از پرستيدن حق مپيچ ... مهل تا نگيرند خلقت بهيچ رهايى نيابد كس از دست كس ... گرفتار را چاره صبرست وبس وفى قوله تعالى لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ اشارة الى ان الحامل لاسرار الرجل ينبغى ان يكون من جنسه معتمدا عليه مؤتمنا وربما يفشى الرجل سره الى من لم يجربه فى كل حاله فيفتضح عند الناس ان الرجال صناديق مقفلة ... وما مفاتيحها الا التجاريب فلا تغتر بظاهر انسان حتى تعرف سريرته. قال الامام الغزالي ولا تعول على مودة من لم تختبره حق الخبرة بان تصحبه مدة فى دار أو موضع واحد فتجربه فى عزله وولايته وغناه وفقره او تسافر معه او تعامله فى الدينار والدرهم او تقع فى شدة فتحتاج اليه فان رضيته فى هذه الأحوال فاتخذه أبالك ان كان كبيرا او ابنا ان كان صغيرا او أخا ان كان مثلا لك وإذا بلغك من الاخوان غيبة او رأيت منهم شرا او أصابك منهم ما يسوءك فكل أمرهم الى الله ولا تشغل نفسك بالمكافاة فيزيد الضرر ويضيع العمر لشغله. ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض اى المعارضة: ونعم ما قيل اصبر على مضض الحسو ... د فان صبرك قاتله والنار تأكل نفسها ... ان لم تجد ما تأكله فالمجاملة من سير الصالحين. وكان ابراهيم بن أدهم فى جماعة من أصحابه فكان يعمل بالنهار وينفق عليهم ويجتمعون بالليل فى موضع وهم صيام فكان يبطئ فى الرجوع من العمل فقالوا ليلة تعالوا بنا نجعل فطورنا دونه حتى يعود بعد هذا اسرع فأفطروا وناموا فلما رجع ابراهيم وجدهم نياما فقال مساكين لعلهم لم يكن لهم طعام فعمد الى شىء من الدقيق هناك فعجنه وأوقد النار وطرح الملة فانتبهوا وهو ينفخ فى النار واضعا محاسنه على التراب فقالوا له فى ذلك فقال قلت لعلكم لم تجدوا فطورا فنمتم فاحببت ان تستيقظوا والملة قد أدركت فقال بعضهم لبعض ابصروا أي شىء عملنا وما الذي به يعاملنا بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء

[سورة آل عمران (3) : آية 121]

قال ذو النون رحمه الله لا تصحب مع الله الا بالموافقة ولا مع الخلق الا بالمناصحة ولا مع النفس الا بالمخالفة ولا مع الشيطان الا بالعداوة فليسارع العبد الى تحصيل حسن الخلق وتوطين النفس على الصبر على المكاره حتى يفوز مع الفائزين. قال بعضهم كنت بمكة فرأيت فقير أطاف بالبيت واخرج من جيبه رفعة ونظر فيها ومر فلما كان بالغد فعل مثل ذلك فترقبته أياما وهو يفعل مثله فيوما من الأيام طاف ونظر فى الرقعة وتباعد قليلا وسقط ميتا فأخرجت الرقعة من جيبه وإذا فيها واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وصيته لابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان استطعت ان تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل والا ففى الصبر على ما تكره خير كثير ومقاساة المجاهدات ومخالفة النفس وترك الشهوات واللذات والتزام الفقر والصبر على المكروهات من ديدن السلف الصالحين واهل النفس الامارة وان كان يبدو من فمه علامات البغض لأمثال هؤلاء الأخيار لكنه فى الحقيقة يعود ضرره الى نفسه والمرء بالصبر على ما جاء به من مكاره اعتراضه الفاسد يكون مأجورا ومثابا عند الله تعالى وتباين الناس بالصلاح والفساد وغير ذلك خير محض يعتبره العاقل ويزكى نفسه به فيا أيها الصلحاء ان الأشرار متسلطون على الأخيار بالطعن وقصد الإضرار ولكن المتقى فى حصن الله الملك الجبار وَإِذْ غَدَوْتَ اى اذكر لهم يا محمد وقت خروجك غدوة اى أول النهار الى أحد ليتذكروا ما وقع فيه من الأحوال الناشئة عن عدم الصبر فيعلموا انهم ان لزموا الصبر والتقوى لا يضرهم كيد الكفرة مِنْ أَهْلِكَ من منزل عائشة رضى الله عنها فى المدينة وهذا نص على ان عائشة رضى الله عنها كانت أهلا للنبى صلى الله عليه وسلم قال تعالى الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ فدل هذا على انها كانت مطهرة مبرأة من كل قبيح ألا يرى ان ولد نوح لما كان كافرا قال إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ وكذا امرأة لوط تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ اى تنزلهم مَقاعِدَ كائنة ومهيئة لِلْقِتالِ او متعلق بقوله تبوئ اى لاجل القتال. والمقاعد جمع مقعد وهو اسم لمكان القعود عبر عن تلك الأماكن التي عينت لكل واحد من الصحابة ان يبيت فى ما عين له من تلك الأماكن اما بان يتسع فى استعمال القعود لمجرد المكان مع قطع النظر عن كونه مكان القعود كما فى قوله تعالى فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ واما لان كل مكان انما عين لصاحبه لان يقعد وينتظر فيه الى ان يجيئ العدو فيقوموا عند الحاجة الى المحاربة فسميت تلك الأماكن بالمقاعد لهذا الوجه- روى- ان المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ودعا عبد الله بن ابى بن سلول ولم يكن دعاه قبل ذلك فاستشاره فقال عبد الله واكثر الأنصار يا رسول الله أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا منها الى عدو قط الا أصاب منا ولا دخلها علينا الا أصبنا منه فكيف وأنت فينا فدعهم فان أقاموا أقاموا بشر محبس وان دخلوا قاتلهم الرجال فى وجوههم ورماهم الصبيان والنساء بالحجارة وان رجعوا رجعوا خائبين وقال بعضهم يا رسول الله اخرج بنا الى هؤلاء الا كلب لا يرون انا قد جبنا عنهم وقال عليه السلام (انى رأيت فى منامى بقرا مذبحة حولى) اى قطيعا منها (فاولتها خيرا ورأيت فى ذبان سيفى ثلما) اى كسرا (فاولته هزيمة ورأيت كأنى ادخلت يدى فى درع حصينة فاولتها المدينة فان رأيتم ان تقيموا بالمدينة وتدعوهم) فقال رجال

من المسلمين قد فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد اخرج بنا الى أعدائنا طلبا لسعادة الشهادة وطمعا فى الحسنى والزيادة فلم يزالوا به عليه الصلاة والسلام حتى دخل ولبس لامته اى درعه فلما رأوا ذلك ندموا وقالوا بئسما صنعنا نشين على رسول الله والوحى يأتيه وقالوا اصنع يا رسول الله ما رأيت فقال (ما ينبغى لنبى ان يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل) وكان قد اقام المشركون بأحد يوم الأربعاء والخميس فخرج رسول الله عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة بعد ما صلى الجمعة وصلى على رجل من الأنصار مات فيه فاصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة فمشى على راحلته فجعل يصف أصحابه للقتال كانما يقوم بهم القدح ان رأى صدرا خارجا قال تأخر وكان نزوله فى عدوة الوادي اى طرفه وجانبه وجعل ظهره وعسكره الى أحد وامر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم (انضحوا عنا بالنبل) اى ادفعوا العدو عنا بالسهم حتى لا يأتونا من ورائنا (ولا تبرحوا مكانكم فاذا عاينوكم وولوكم الأدبار فلا تطلبوا المدبرين) ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لما خالف رأى عبد الله بن ابى وكان من قدماء اهل المدينة ورئيس المنافقين شق عليه ذلك وقال أطاع الولدان وعصانى ثم قال لاصحابه ان محمدا انما يظفر بعدوه بكم وقد وعد أصحابه ان أعداءهم إذا عاينوهم انهزموا فاذا رأيتم أعداءهم فانهزموا فسيتبعونكم ويصير الأمر على خلاف ما قاله محمد عليه الصلاة والسلام فلما التقى الفريقان انهزم عبد الله بالمنافقين وكان عليه السلام قد خرج فى الف رجل او تسعمائة وخمسين رجلا فلما بلغوا الشوط رجع ابن أبيّ بثلاثمائة وبقيت سبعمائة فقال لقومه يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا فتبعهم ابو جابر السلمى وقال أنشدكم الله فى نبيكم وأنفسكم فقال عبد الله لو نعلم قتالا لا تبعناكم وكان الحيان من الأنصار بنوا سلمة من الخزرج وبنوا حارثة من الأوس جناحى عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما باتباع عبد الله فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقواهم الله تعالى حتى هزموا المشركين فلما رأى المؤمنون انهزام القوم طمعوا ان تكون هذه الواقعة كواقعة بدر فطلبوا المدبرين فتركوا الموضع الذي أمرهم النبي عليه السلام بالثبات فيه ثم اشتغلوا بطلب الغنائم وخالفوا امر الرسول صلى الله عليه وسلم فاراد الله ان يفطمهم عن هذا الفعل لئلا يقدموا على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وليعلموا ان ظفرهم انما حصل يوم بدر ببركة طاعتهم لله ولرسوله ومتى تركهم الله مع عدوهم لم يقوموا لهم فنزع الله الرعب من قلوب المشركين وكانوا ثلاثة آلاف رجل فحملوا على المؤمنين وتفرق العسكر عن رسول الله عليه السلام حتى بقي معه سبعة من الأنصار ورجلان من قريش فلما قصد الكفار النبي عليه الصلاة والسلام شجوا رأسه وكسروا رباعيته وثبت معه عليه السلام يومئذ طلحة ووقاه بيده فشلت إصبعاه وصار مجروحا فى اربعة وعشرين موضعا ولما أصابه عليه السلام ما أصاب من الشجة وكسر الرباعية وغلب عليه الغشي احتمله طلحة ورجع القهقرى وكلما أدركه واحد من المشركين كان يضعه عليه السلام ويقاتله حتى أوصله الى الصحة وكان عليه السلام يقول (أوجب طلحة) ووقعت الصيحة فى العسكر ان محمدا قد قتل وكان فى جملة الصحابة رجل من الأنصار يكنى أبا سفيان نادى الأنصار وقال هذا رسول الله

[سورة آل عمران (3) : الآيات 122 إلى 125]

فرجع اليه المهاجرون والأنصار فشمل عز الشهادة اثنين وسبعين من المؤمنين واختص بشرائف نعم الله وجلائل كرمه حمزة سيد الشهداء وهنيئاله ان مثل به إذ مثل به وكثر فيهم الجراح فقال عليه الصلاة والسلام (رحم الله رجلا ذب عن إخوانه وشد على المشركين بمن معه حتى كشفهم عن القتلى والجرحى واعانهم الله حتى هزموا الكفار) ثم ان كل ذلك يؤكد قوله تعالى وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وان المقبل من أعانه الله والمدبر من خذله الله ومن الله العصمة وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لما شاور النبي عليه السلام أصحابه فى ذلك الحرب وقال بعضهم أقم بالمدينة وقال آخرون اخرج إليهم وكان لكل أحد غرض فى قوله فمن موافق ومن منافق قال تعالى انا سميع لما يقولون عليم بما يسرون إِذْ هَمَّتْ بدل من إذ غدوت مبين لما هو المقصود بالتذكير. والهم تعلق الخاطر بما له قدر طائِفَتانِ مِنْكُمْ ايها المؤمنون وهما بنوا سلمة من الخزرج وبنوا حارثة من الأوس أَنْ تَفْشَلا اى بان تجبنا وتضعفا وترجعا لظنهما الصواب فيه. والفشل الضعف والظاهر ان همهما ليس بمعنى العزم والقصد المصمم وانما هو خطرات وحديث نفس كمالا تخلو النفس عند الشدائد من بعض الهلع ثم يردها صاحبها الى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه وَاللَّهُ وَلِيُّهُما اى عاصمهما من اتباع تلك الخطرات والجملة اعتراض وَعَلَى اللَّهِ وحده دون ما عداه مطلقا استقلالا واشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فى جميع أمورهم فانه حسبهم وفيه اشعار بان وصف الايمان من دواعى التوكل وموجباته والتوكل الاعتماد على الغير واظهار العجز. قال الامام وفى الآية اشارة الى انه ينبغى ان يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله وان يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل. قال سهل بن عبد الله التستري جملة العلوم ادنى باب من التعبد وجملة التعبد ادنى باب من الورع وجملة الورع ادنى باب من الزهد وجملة الزهد ادنى باب من التوكل. وقال ايضا علامة المتوكل ثلاث لا يسأل ولا يرد ولا يحبس. وكان ابراهيم الخواص رحمه الله مجردا في التوكل وكان لا يفارقه ابرة وخيوط وركوة ومقراض فقيل له يا أبا اسحق لم تحمل هذا وأنت ممتنع من كل شىء فقال مثل هذا لا ينقص التوكل لان لله علينا فرائض والفقير لا يكون عليه غير ثوب واحد فربما يتمزق ثوبه فاذا لم يكن معه ابرة وخيوط تبدو عورته فتفسد عليه صلاته. قال ابو حمزة الخراسانى حججت سنة من السنين فبينما انا امشى فى الطريق إذ وقعت فى بئر فنازعتنى نفسى ان استغيث فقلت لا والله لا استغيث فما استتممت هذا الخاطر حتى مر برأس البئر رجلان فقال أحدهما للآخر تعال حتى نسدّ رأس هذه البئر لئلا يقع فيها أحد فاتوا بقصب وطمسوا البئر فهممت ان اصيح ثم قلت فى نفسى أشكو الى من هو اقرب منهما فسكت فبينما انا بعد ساعة اذانا بشىء قد جاء وكشف عن رأس البئر وادخل رجله وكأنه يقول لى تعلق بي فى هينمة له كنت اعرف ذلك منها فتعلقت به فاخرجنى فاذا هو سبع فمر وهتف بي هاتف يا أبا حمزة أليس هذا احسن نجيناك من التلف بالتلف فمشيت. قال بعضهم من وقع فى ميدان التفويض يزف اليه المراد كما تزف العروس الى أهلها. ولما زج بإبراهيم عليه السلام فى المنجنيق وأتاه جبريل فقال ألك حاجة قال اما إليك فلا واما الى الله فبلى قال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالي وقد

[سورة آل عمران (3) : الآيات 123 إلى 125]

قال نبينا عليه السلام (يقول الله تعالى فمن شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما اعطى السائلين) فعلى السالك ان يتوكل على الله ويفوض امره اليه فان كل ما قضى وقدر لا يرد البتة وان تعدت نفسك فى ذلك قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وگر ناخدا جامه بر تن درد يكفيك علم الله بحالك فاقطع نظرك عن الأسباب والفتح ليس إلا من مفتح الأبواب مكن سعديا ديده بر دست كس ... كه بخشنده پروردگارست وبس اگر حق پرستى ز درها بسست ... كه كروى بداند نخواند كسست وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ تذكير ببعض ما أفادهم التوكل. وبدر بئر ماء بين مكة والمدينة حافرها رجل اسمه بدر فسمى به وكانت وقعة بدر فى السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ حال من الضمير جمع ذليل وانما قال اذلة ولم يقل ذلائل بجمع الكثرة ليدل على انهم على ذلتهم كانوا قليلا وذلتهم ما كان بهم من ضعف الحال وقلة السلاح والمال والمركوب وذلك انهم خرجوا على النواضح يعتقب النفر منهم على البعير الواحد وما كان معهم إلا فرس واحد للمقداد بن الأسود وهو أول من قاتل على فرس فى سبيل الله وتسعون بعير اوست ادرع وثمانية سيوف وقلتهم انهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ستة وسبعون من المهاجرين وبقيتهم من الأنصار وكان عدوهم فى حال كثرة زهاء الف مقاتل ومعهم مائة فرس والشكة والشوكة وكان صاحب راية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على بن ابى طالب رضى الله عنه وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة رضى الله عنه فَاتَّقُوا اللَّهَ فى الثبات مع رسوله كما اتقيتم يومئذ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى راجين ان تشكروا بما ينعم به عليكم بتقواكم من النصرة إِذْ تَقُولُ ظرف لنصركم وقت قولك لِلْمُؤْمِنِينَ حين أظهروا العجز عن المقاتلة أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ الكفاية سد الخلة والقيام بالأمر. والامداد اعانة الجيش بالجيش والمعنى انكار عدم كفاية الامداد بذلك المقدار ونفيه وكلمة ان للاشعار بانهم كانوا حينئذ كالآيسين من النصر لضعفهم وقلتهم وقوة العدو وكثرته مُنْزَلِينَ اى حال كونهم نازلين من السماء باذنه تعالى. قيل أمدهم الله اولا بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم خمسة وانما قدم لهم الوعد بنزول الملائكة لتتقوى قلوبهم ويعزموا على الثبات ويتقووا بنصر الله بَلى إيجاب لما بعد ان وتحقيق له اى بلى يكفيكم ذلك ثم وعدهم الزيادة بشرط الصبر والتقوى حثالهم عليهما وتقوية لقلوبهم فقال إِنْ تَصْبِرُوا على لقاء العدو ومناهضتهم وَتَتَّقُوا معصية الله ومخالفة نبيه صلى الله عليه وسلم وَيَأْتُوكُمْ اى ان يجيئكم المشركون مِنْ فَوْرِهِمْ هذا اى من ساعتهم هذه يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ فى حال إتيانهم لا يتأخر نزولهم عن إتيانهم يريد ان الله يعجل نصرتكم ويسهل فتحكم ان صبرتم واتقيتم مُسَوِّمِينَ من التسويم الذي هو اظهار سيما الشيء اى معلمين أنفسهم او خيلهم فى أذنابها ونواصيها بالصوف الأبيض قال عليه السلام (لاصحابه تسوموا فان الملائكة قد تسومت) - روى- ان الملائكة كانوا بعمائم بيض الا جبريل عليه السلام فانه كان

[سورة آل عمران (3) : الآيات 126 إلى 130]

بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام ونزلوا على الخيل البلق موافقة لفرس المقداد وإكراما له وَما جَعَلَهُ اللَّهُ عطف على مقدر اى فامدكم به وما جعل الله ذلك الامداد بانزال الملائكة عيانا بشىء من الأشياء إِلَّا بُشْرى لَكُمْ بانكم تنصرون وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ اى بالامداد وتسكن اليه من الخوف كما كانت السكينة لبنى إسرائيل وَمَا النَّصْرُ إِلَّا كائن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا من العدة والعدد وهو تنبيه على انه لا حاجة فى نصرهم الى مدد وانما أمدهم بشارة لهم وربطا على قلوبهم من حيث ان نظر العامة الى الأسباب اكثر فينبغى للمؤمن ان لا يركن الى شىء من ذلك فان ترتب النصر عليها ليس الا بطريق جرى العادة الْعَزِيزِ الذي لا يغالب فى حكمه وقضيته الْحَكِيمِ الذي يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة لِيَقْطَعَ متعلق بنصركم اى نصركم الله يوم بدر ليهلك وينقص طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى طائفة منهم بقتل واسر وقد وقع ذلك حيث قتل من رؤسائهم وصناديدهم سبعون واسر سبعون أَوْ يَكْبِتَهُمْ اى يخزيهم ويغيظهم بالهزيمة فان الكبت شدة غيظ او وهن يقع فى القلب من كبته بمعنى كبده إذا ضرب كبده بالغيظ والحرقة واو للتنويع دون الترديد فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ غير ظافرين بمبتغاهم وينهزموا منقطعى الآمال. والخيبة هو الحرمان من المطلوب والفرق بينهما وبين اليأس ان الخيبة لا تكون الا بعد التوقع واما اليأس فانه قد يكون بعد التوقع وقبله فنقيض اليأس الرجاء ونقيض الخيبة الظفر لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ اعتراض أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ عطف على قوله او يكبتهم والمعنى ان الله مالك أمرهم على الإطلاق فاما ان يهلكهم او يكبتهم او يتوب عليهم ان اسلموا او يعذبهم تعذيبا شديدا أخرويا ان أصروا وليس لك من أمرهم شىء وانما أنت عبد مأمور لانذارهم وجهادهم فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ قد استحقوا التعذيب بظلمهم وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات خلقا وملكا لا مدخل فيه لاحد أصلا فله الأمر كله يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له مشيئة مبنية على الحكم والمصالح وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ان يعذبه وقدم المغفرة لسبق رحمته تعالى غضبه وهذا صريح فى نفى وجوب التعذيب والتقييد بالتوبة وعدمها كالمنافى له وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لعباده والمقصود بيان انه وان حسن كل ذلك منه الا ان جانب الرحمة والمغفرة غالب لا على سبيل الوجوب بل على سبيل الفضل والإحسان. فليبادر العاقل الى الأعمال التي يستوجب بها رحمة الله تعالى ولا ييأس من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام [يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين] قال يا رب فكيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين قال [بشر المذنبين بانى لا يتعاظمنى ذنب الا اغفره وانذر الصديقين ان لا يعجبوا بأعمالهم وانى لا أضع عدلى وحسابى على أحد الا أهلكه] وروى عن عمر رضى الله تعالى عنه انه دخل على النبي عليه السلام فوجده يبكى فقال ما يبكيك يا رسول الله قال (جاءنى جبريل فقال ان الله يستحيى ان يعذب أحدا قد شاب فى الإسلام فكيف لا يستحيى من شاب فى الإسلام ان يعصى الله) فالواجب على الشيخ ان يعرف هذه الكرامة ويشكر الله ويستحيى منه ومن

[سورة آل عمران (3) : آية 130]

الكرام الكاتبين ويمتنع من المعاصي ويكون مقبلا على طاعة ربه فانه فى ساحل بحر المنون- روى- ان الحجاج لما اقام بالعراق يرهب ويفتك حتى استوثقت له الأمور خرج عليه عبد الرحمن بن الأشعث باهل العراق فامده عبد الملك باهل الشام فكانوا شيعته واستمرت بينه وبين ابن الأشعث الوقائع حتى هزمه الحجاج بدير الجماجم بعد ثمانين وقعة فى ستة أشهر وكان مع ابن الأشعث اكثر من مائتى الف فلما هزموا قال الحجاج لاصحابه اتركوهم فليتبددوا ولا تتبعوهم ثم نادى مناديه من رجع فهو آمن ودخل الكوفة وجاء الناس من المنهزمين يبايعونه فكان يقول لمن جاء يبايعه اشهد على نفسك بالكفر وخروجك عن الجماعة ثم تب فان شهد والا قتله فاتاه رجل من خثعم فقال اشهد على نفسك بالكفر فقال ان كنت عبدت ربى ثمانين سنة ثم اشهد على نفسى بالكفر لبئس العبد انا والله ما بقي من عمرى إلا ظمئ حمار واننى انتظر الموت صباحا ومساء فامر به فضرب عنقه وقدم بعده شيخ فقال الحجاج ما أظن الشيخ يشهد على نفسه بالكفر فقال يا حجاج أخادعي أنت عن نفسى انا اعرف بها منك وانى لأكفر من فرعون وهامان فضحك الحجاج وخلى سبيله فانظر الى ضعف إيمانه كيف ارتكب هذا القبح بعد ما جاوز حد الشباب الذي ليس بعده الا انتظار الموت صباحا ومساء من إقراره بالكفر مع غاية شيبه ومن لم تتداركه العناية الازلية لم يجئ منه شىء. فعلى السالك ان يطمئن قلبه بالايمان ويجتهد الى ان يصل الى قوة اليقين ومن قوة اليقين التوحيد وهو ان يرى الأشياء كلها من مسبب الأسباب ويرى الوسائط مسخرة لحكمه ولا ريب ان قوة اليقين بتصفية القلب عن كدورات النفس چو پاك آفريدت بهش باش پاك ... كه ننكست نا پاك رفتن بخاك پياپى بيفشان از آيينه كرد ... كه صيقل نكيرد چو ژنكار خورد وجلاء القلب انما يحصل بذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة على النبي عليه السلام وخير الاذكار كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى. قال ابراهيم الخواص قدس سره دواء القلب خمسة. تلاوة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل. والتضرع الى الله تعالى عند السحر. ومجالسة الصالحين. فعليك بالمواظبة لهذه الخصال لعلك تصل الى التزكية ودرجة الكمال بعون الله الملك العزيز المتعال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا والمراد باكله اخذه وانما عبر عنه بالأكل لانه معظم ما يقصد بالأخذ ولشيوعه فى المأكولات مع ما فيه من زيادة التشنيع أَضْعافاً مُضاعَفَةً زيادات مكررة كان الرجل فى الجاهلية إذا كان له على انسان مائة درهم الى أجل ولم يكن المديون واجدا لذلك المال قال زدنى فى المال حتى أزيد فى الاجل فربما جعله مائتين ثم إذا حل الاجل الثاني فعل مثل ذلك ثم الى آجال كثيرة فيأخذ بسبب تلك المائة اضعافها. وأضعافا جمع ضعف حال من الربا اى متضاعفا ولما كان جمع قلة والمقصود الكثرة اتبعه بما يدل على الكثرة حيث وصفه بقوله مضاعفة وهى اسم مفعول لا مصدر وهذه الحال ليست لتقييد النهى بها حيث تنتفى الحرمة عند انتفائها بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخا لهم على ذلك وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما نهيتم عنه خصوصا الربا وعمله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

[سورة آل عمران (3) : الآيات 131 إلى 136]

راجين الفلاح وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ بالتحرز عن متابعتهم وتعاطى ما يتعاطونه وفيه تنبيه على ان النار بالذات معدة للكفار وبالعرض للعصاة. وكان ابو حنيفة رحمه الله يقول هى أخوف آية فى القرآن حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين ان لم يتقوه فى اصناف محارمه وَأَطِيعُوا اللَّهَ فى كل ما أمركم به ونهاكم عنه وَالرَّسُولَ الذي يبلغكم أوامره ونواهيه لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ راجين لرحمته ولعل وعسى فى أمثال ذلك دليل عزة التوصل الى ما جعل خبرا له. قال القاشاني ولا يخفى على الفطن ما فيه من المبالغة فى التهديد على الربا حيث اتى بلعل فى فلاح من اتقاه واجتنبه لان تعليق إمكان الفلاح ورجاءه بالاجتناب منه يستلزم امتناع الفلاح لهم إذا لم يجتنبوه ويتقوه مع ايمانهم. ثم أوعد عليه بالنار التي أعدت للكافرين مع كونهم مؤمنين فما أعظمها من مصيبة توجب عقاب الكفار للمؤمنين وما أشده من تغليظ عليه ثم أمد التغليظ بالأمر بطاعة الله رسوله تعريضا بان آكل الربا منهمك فى المعصية لا طاعة له ثم علق رجاء المؤمنين بطاعة الله ورسوله اشعارا بانه لا رجاء للرحمة مع هذا النوع من العصيان فهو يوجب اليأس من رحمته للمؤمنين لامتناعها لهم معه فانظر كيف درج التغليظ فى التهديد حتى الحقه بالكفار فى الجزاء والعقاب انتهى بعبارته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه والمحلل) والربا عبارة عن طلب الزيادة على المال على الوجه الذي نهى الله عنه وهو قسمان ربا النسيئة وربا الفضل. اما ربا النسيئة فهو ما كان يتعارفه اهل الجاهلية ويتعاملون به وقد سبق آنفا. واما ربا الفضل اى أخذ الفضل عند مقابلة الجنس بالجنس نقدا فهو ان يباع منّ من الحنطة بمنين منها وما أشبه ذلك وقد اتفق جمهور العلماء على تحريم الربا فى القسمين. واعلم ان الربا يؤدى الى الحرص على طلب الدنيا أضعافا مضاعفة الى ما لا يتناهى كما قال عليه الصلاة والسلام (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب) والحرص درك من دركات النيران فلذا قال وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ قناعت كن اى نفس بد اندكى ... كه سلطان ودرويش بينى يكى فالحرص على الدنيا وسعيها وجمعها مذموم منهى عنه والبذل والإيثار وترك الدنيا والقناعة فيها محمود مأمور به يدل عليه قوله تعالى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ فمن أخذ الربا لتكثير المال بلا احتياج كان كمن يقع على امه نعوذ بالله- روى- عن عبد الله بن سلام للربا اثنان وسبعون حوبا أصغرها كمن اتى امه فى الإسلام كذا فى تنبيه الغافلين. وإذا اخذه بوجه شرعى مع الاحتياج يجوز فى الفتوى ولكن التقوى فوق امر الفتوى والحيلة الشرعية فيه ذكرها قاضيخان حيث قال رجل له على رجل عشرة دراهم فاراد ان يجعلها ثلاثة عشر قالوا يشترى من المديون شيأ بتلك العشرة ويقبض المبيع ثم يبيعه من المديون بثلاثة عشر الى سنة فيقع التحرز عن الحرام ومثل هذا مروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا احتاج الى الاستقراض فاستقرض من رجل فلم يعطه الا بالربا فالاثم على آخذ الربا دون معطيه لان له فيه ضرورة وهذا إذا كان الآخذ غنيا كما عرفت فالمرء الصالح يتباعد عن مثل هذه

[سورة آل عمران (3) : الآيات 133 إلى 134]

المعاملات فان الربا يضر بايمان المؤمنين وهو وان كان زيادة فى الحال لكنه نقصان فى الحقيقة فان الفقراء الذين يشاهدون ان المرابى يأخذ أموالهم بسبب الربا يلعنونه ويدعون عليه وذلك يكون سببا لزوال الخير والبركة عنه فى نفسه وماله بل عما يتفرع من نقص عرضه وقدره وتوجه مذمة الناس اليه وسقوط عدالته وزوال أمانته وفسق القلب وغلظته. وآخذ الربا لا يقبل الله منه صدقة ولا جهادا ولا حجا ولا صلاة وقد ثبت فى الحديث (ان الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام) فاذا كان الغنى من الوجه الشرعي الحلال كذلك فما ظنك بالغنى من الوجه الحرام. فالانسان مع فقره وحاجته إذا توكل على الله واحسن الى عبيده فالله تعالى لا يتركه ضائعا جائعا. فى الدنيا بل يزيد كل يوم فى جاهه وذكره الجميل ويميل قلوب الناس اليه. واما إذا كان بخلاف ذلك فيكون امره عسيرا فى الدنيا والآخرة والعمل السوء ينزع به الايمان عند الموت فيستحق به صاحبه الخلود فى النار كالكفار نعوذ بالله من ذلك. وروى ابو بكر الوراق عن ابى حنيفة رحمه الله اكثر ما ينزع الايمان لاجل الذنوب من العبد عند الموت واسرعها نزعا للايمان ظلم العباد فاتق ايها المؤمن من الله ولا تظلم عباد الله بأخذ أموالهم من أيديهم بغير حق فانه حوب كبير عصمنا الله وإياكم من سوء الحال وَسارِعُوا اى بادروا واقبلوا إِلى مَغْفِرَةٍ كائنة مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ الى ما يستحقان به كالاسلام والتوبة والإخلاص وأداء الواجبات وترك المنهيات عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ اى كعرضهما صفة لجنة وذكر العرض للمبالغة فى وضعها بالسعة على طريقة التمثيل فان العرض فى العادة ادنى من الطول أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ اى هيئت لهم صفة اخرى لجنة. وفيه دليل على ان الجنة مخلوقة الآن وانها خارجة عن هذا العالم. اما الاول فلدلالة لفظ الماضي. واما الثاني فلأن ما يكون عرضه كعرض جميع هذا العالم لا يكون داخلا فيه- روى- ان رسول هرقل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انك تدعو الى جنة عرضها السموات والأرض فأين النار فقال عليه السلام (سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار) والمعنى والله اعلم إذا دار الفلك حصل النهار فى جانب من العالم والليل فى ضد ذلك الجانب فكذا الجنة فى جهة العلو والنار فى جهة السفل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ كل ما يصلح للانفاق وهو صفة مادحة للمتقين فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ اى فى حالتى الرخاء والشدة اى الغنى والفقر واليسر والعسر وفى الأحوال كلها إذا الإنسان لا يخلو عن مسرة او مضرة اى لا نحلون فى حال ما بانفاق ما قدروا عليه من قليل او كثير وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ عطف على الموصول والكظم الحبس والغيظ توقد حرارة القلب من الغضب اى الممسكين عليه الكافين عن إمضائه مع القدرة عليه وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ اى التاركين عقوبة من استحق مؤاخذته وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الذين عمت فواضلهم وتمت فضائلهم. ولامه يصلح للجنس فيدخل تحته هؤلاء والعهد فتكون الاشارة إليهم. واعلم ان الإحسان الى الغير اما ان يكون بايصال النفع اليه او بدفع الضرر عنه. اما إيصال النفع اليه فهو المراد بقوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ويدخل فيه انفاق العلم وذلك بان يشتغل بتعليم الجاهلين وهداية الضالين. ويدخل فيه انفاق المال فى وجوه الخيرات والعبادات قال عليه الصلاة والسلام

(السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس قريب من النار) واما دفع الضرر عن الغير فهو اما فى الدنيا وهو ان لا يشتغل بمقابلة تلك الاساءة بإساءة اخرى وهو المراد بكظم الغيظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وايمانا) واما فى الآخرة وهو ان يبرئ ذمته من التبعات والمطالبات فى الآخرة وهو المراد بقوله وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ- روى- انه ينادى مناد يوم القيامة اين الذين كانت أجورهم على الله فلا يقوم الا من عفا وعن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ان هؤلاء فى أمتي قليل الا من عصمه الله وقد كانوا كثيرا فى الأمم التي مضت) فهذه الآية دالة على جميع جهات الإحسان الى الغير ولما كانت هذه الأمور الثلاثة مشتركة فى كونها إحسانا الى الغير ذكر ثوابها فقال وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فان محبة الله العبد أعظم درجات الثواب. قال الفضيل بن عياض الإحسان بعد الإحسان مكافأة والاساءة بعد الاساءة مجازاة والإحسان بعد الاساءة كرم وجود والاساءة بعد الإحسان لؤم وشؤم- حكى- ان خادما كان قائما على رأس الحسن بن على رضى الله عنهما وهو مع أضيافه فى المائدة فانحرفت قصعة كانت فى يد الخادم فسقط منها شىء على الحسن فقال وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال قد عفوت عنك فقال وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال أنت حر لوجه الله وقد زوجتك فلانة فتاتى وعلىّ ما يصلحكما: قال الفاضل الجامى جوانمردا جوانمردى بياموز ... ز مردان جهان مردى بياموز درون از كين كين جويان نكه دار ... زبان از طعن بدگويان نكه دار نكويى كن بآن كو با تو بد كرد ... كز ان بد رخنه در اقبال خود كرد چوآيين نكو كارى كنى ساز ... نكردد جز بتو آن نكويى باز فعلى العاقل ان يسارع الى العمل بالحسنات من الإحسان وانواع الخيرات سريعا قبل الفوات لان فى التأخير آفات كنون وقت تخمست اگر پرورى ... كراميد دارى كه خرمن برى يعنى ان كنت تأمل الجنة فاعبد ربك بانواع العبادات ما دمت فى الحياة فان الفرصة غنيمة والمتأخر عن السير الى الله مغبون قيل بيا ساقى كه فى التأخير آفات ومن أضاع عمره فى الهوى فلا يلحقه يوم القيامة الا الحسرة والندامة بمايه توان اى پسر سود كرد ... چهـ سود آيد آنرا كه سرمايه خورد والله تعالى خلق الإنسان لدخول الجنة ودرجاتها والنار ودركاتها ثم أرسل المرسلين مبشرين بالجنة ومنذرين بالنار وحث بالاتقاء والحذر عن النار كما قال وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وحرض على المسارعة الى الجنة بقوله وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ اى سارعوا بقدم التقوى الى مقام من مقامات قرب ربكم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ يعنى طولها فوق السموات والأرض. والاشارة فيه ان الوصول إليها بعد العبور من ملك السموات والأرض وهو المحسوسات التي تدركها الحواس الخمس والعبور عنها انما يكون بقدم التقوى الذي هو تزكية النفس عن الأخلاق الذميمة كما قال أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ فان قدم التقوى الذي يولج به فى عالم الملكوت هو التزكية

[سورة آل عمران (3) : الآيات 135 إلى 136]

ويدل عليه ما قال عيسى عليه الصلاة والسلام [لن يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين] فالولادة الثانية هى الخروج عن الصفات الحيوانية بتزكية النفس عنها وولوج الملكوت وهو التحلية بالصفات الروحانية وقوله أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ اى هم مخصوصون بها ومراتبهم فى الدرجات العلى وهو بقدر تقوى النفوس وتزكيتها عصمنا الله وإياكم من الشرور والأوزار وشرفنا بمقامات الأبرار والأخيار وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً اى فعلة بالغة فى القبح كالزنى أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بان أذنبوا أي ذنب كان مما يؤاخذ به الإنسان او الفاحشة الكبيرة وظلم النفس الصغيرة ولعل الفاحشة ما يتعدى وظلم النفس ما ليس كذلك ذَكَرُوا اللَّهَ تذكروا حقه العظيم وجلاله الموجب للخشية والحياء او وعيده فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ بان يندموا على ما مضى مع العزم على ترك مثله فى المستقبل واما مجرد الاستغفار باللسان فلا اثر له فى ازالة الذنب وانما هو حظ اللسان من الاستغفار وهو توبة الكذابين وَمَنْ استفهام إنكاري اى لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اى جنس الذنوب أحد إِلَّا اللَّهُ بدل من الضمير المستكن فى يغفر وهو اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه تصويبا للتائبين وتطبيبا لقلوبهم وبشارة لهم بوصف ذاته بسعة الرحمة وقرب المغفرة وإجلالا لهم وإعلاء لقدرهم بانهم علموا ان لا مفزع للمذنبين إلا فضله وكرمه وان من كرمه ان التائب من الذنب عنده كمن لا ذنب له وان العبد إذا التجأ اليه فى الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه عفا عنه وتجاوز عن الذنوب وان جلت فان عفوه أجل وكرمه أعظم وتحريضا للعباد على التوبة وبعثا عليها وعلى الرجاء وردعا عن اليأس والقنوط وَلَمْ يُصِرُّوا عطف على فاستغفروا اى لم يقيموا عَلى ما فَعَلُوا من الذنوب فاحشة كانت او ظلما غير مستغفرين لقوله عليه السلام (ما أصر من استغفر وان عاد فى اليوم سبعين مرة) و (لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار) اى الصغيرة مع الإصرار كبيرة وَهُمْ يَعْلَمُونَ حال من فاعل يصروا اى لم يصروا على ما فعلوا وهم عالمون بقبحه وبالنهى عنه والوعيد عليه والتقييد بذلك لما انه قد يعذر من لا يعلم ذلك إذا لم يكن عن تقصير فى تحصيل العلم به أُولئِكَ اى اهل هذه الصفات جَزاؤُهُمْ اى ثوابهم مَغْفِرَةٌ كائنة مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها اى لهم ذخر لا يبخس واجر لا يوكس وجنات لا تنقضى ولذات لا تمضى وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ المخصوص بالمدح محذوف اى ونعم اجر العاملين ذلك اى ما ذكر من المغفرة والجنات والتعبير عنهما بالأجر المشعر بانهما تستحقان بمقابلة العمل وان كان بطريق التفضل لمزيد الترغيب فى الطاعات والزجر عن المعاصي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك قال (ابن آدم انك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك ما كان منك. ابن آدم انك ان تلقنى بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة بعد أن لا تشرك بي شيأ. ابن آدم انك ان تذنب حتى يبلغ ذنبك عنان السماء ثم تستغفرنى اغفر لك) قال ثابت البناني بلغني ان إبليس بكى حين نزلت هذه الآية وهى قوله وَالَّذِينَ الآية وقال صلى الله عليه وسلم (ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم ويصلى ثم يستغفر الله إلا غفر الله له) - روى- ان الله تعالى اوحى الى موسى عليه السلام [ما اقل حياء من يطمع فى جنتى

[سورة آل عمران (3) : الآيات 137 إلى 143]

بغير عمل يا موسى كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي] . وعن شهر بن حوشب طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وجهالة. وعن رابعة البصرية انها كانت تنشد ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... ان السفينة لا تجرى على اليبس قال القشيري رحمه الله اوحى الله سبحانه الى موسى عليه السلام [قل للظلمة حتى لا يذكرونى فانى أوجبت ان اذكر من يذكرنى وذكرى للظلمة باللعنة] . واعلم ان العمدة هى الايمان وذلك انما يحصل بالتوحيد المنافى للشرك وهو المؤدى الى التوبة والاستغفار ولكونه عمدة عد المؤمن الموحد من المتقين وصار سببا لدخول الجنة. فينبغى للعبد ان يصرف اختياره الى جانب الامتثال للامر والاجتناب عن النهى فالله تعالى خالقه وان كان التوفيق الى جانب العمل ايضا من عنايته تعالى نخست او أرادت بدل در نهاد ... پس اين بنده بر آستان سر نهاد وفقني الله وإياكم الى ما يحب ويرضى ويداوى بلطفه وكرمه هذه القلوب المرضى فان بيده مفاتيح الإصلاح والفوز بالبغية والظفر بالفلاح شنيدستم كه ابراهيم أدهم ... شبى بر تخت دولت خفت خرم ز سقف خود شنيد آواز پايى ... ز جا برجست چون آشفته رايى بتندى كفت او كين كيست بر بام ... كه دارد بر سپهر قصر ما كام جواب آمد كه اى شاه جهانكير ... شتر كم كرده مرد مفلسم پير ز خنده كشت شه بر جاى خودست ... كه بر بام آدمي هركز شتر جست دگر بار پاسخ آمد كاى جوان بخت ... خدا جويى كسى كردست بر تخت خدا جويى وخورد وخواب وآرام ... شتر جويى بود بر كوشه بام چوبشنيد اين پيام از هاتف غيب ... فراغت كرد از دنيا بلا ريب رسيد از راه تجريدى بمنزل ... پس از ادبار شد مقبول ومقبل فالواجب على طالب الحق ان يحفظ الأدب حتى يرتقى بذلك الى أعلا الرتب ألا ترى الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف كان يستغفر كل يوم سبعين مرة مع ان ذنبه كان مغفورا وبكمال أدبه وصل الى ما وصل حتى صار اتباعه سببا لمحبة الله تعالى كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ومع ذلك كان خوفه وإجلاله فى غاية الكمال وهكذا ينبغى لمن اقتدى به. ورتبة المحسن وان كانت اولى ولكن التدارك احسن من الإصرار فطوبى لمتدارك وصل الى الإحسان وأجير نال الى المحبوبية عند الله الرحمن قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ اصل الخلو الانفراد والمكان الخالي هو المنفرد عمن يسكن فيه ويستعمل ايضا فى الزمان الماضي لان ما مضى انفرد عن الوجود وخلا عنه وكذا الأمم الخالية والسنن الوقائع اى قد مضت من قبل زمانكم وقائع سنها الله فى الأمم المكذبة اى وضعها طريقة يسلكها على وفق الحكمة فالمراد بسنن الله تعالى معاملات الله فى الأمم المكذبة بالهلاك والاستئصال بدليل قوله تعالى فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ اى ان شككتم

[سورة آل عمران (3) : آية 138]

فى ذلك فسيروا وليس المراد الأمر بالمسافرة فى الأرض بسير الاقدام لا محالة بل المقصود تعرف أحوالهم فان حصلت المعرفة بغير السير حصل المقصود ولعل اختيار لفظ سيروا مبنى على ان اثر المشاهدة أقوى من اثر السماع كما قيل ليس الخبر كالمعاينة وفى هذا المعنى قيل ان آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا الى الآثار فَانْظُروا بنظر العين والمشاهدة كَيْفَ خبر مقدم لكان معلق لفعل النظر والجملة فى محل النصب بعد نزع الخافض لان الأصل استعماله بالجار كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ رسلى وأوليائي هذا اشارة الى ما سلف من قوله قد خلت إلخ بَيانٌ لِلنَّاسِ وهم المكذبون اى إيضاح لسوء عاقبة ما هم عليه من التكذيب فان الأمر بالسير والنظر وان كان خاصا بالمؤمنين لكن العمل بموجبه غير مختص بواحد دون واحد ففيه حمل للمكذبين ايضا على ان ينظروا الى عواقب ما قبلهم من اهل التكذيب ويعتبروا بما يعاينون من آثار دمارهم وان لم يكن الكلام مسوقا لهم والبيان هو الدلالة على الحق فى أي معنى كان بازالة ما فيه من الشبهة وَهُدىً اى زيادة بصيرة وهو مختص بالدلالة والإرشاد الى طريق الدين القويم والصراط المستقيم ليتدين به ويسلك وَمَوْعِظَةٌ وهو الكلام الذي يفيد الزجر عما لا ينبغى فى الدين لِلْمُتَّقِينَ اى لكم والإظهار للايذان بعلة الحكم فان مدار كونه هدى وموعظة لهم انما هو تقواهم. واعلم ان الأمم الماضية خالفوا الأنبياء والرسل للحرص على الدنيا وطلب لذاتها ثم انقرضوا ولم يبق من دنياهم اثر وبقي عليهم اللعن فى الدنيا والعقاب فى الآخرة فرغب الله تعالى امة محمد صلى الله عليه وسلم المصدقين فى تأمل احوال هؤلاء الماضين ليصير ذلك داعيا لهم الى الانابة والاعراض عن الاغترار بالحظوظ الفانية واللذات المقتضية فان الدنيا لا تبقى مع المؤمن ولا مع الكافر فالمؤمن يبقى له بعد موته الثناء الجميل فى الدنيا والثواب الجزيل فى العقبى والكافر بخلافه فاللائق ان يجتهد فيما هو خير وأبقى ولا ينظر الى زخارف الدنيا. ثم فى هذا تسلية للمؤمنين فيما أصابهم يوم أحد فان الكفار وان نالوا من المؤمنين بعض النيل لحكمة اقتضته فالعاقبة للمؤمنين قال تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ وأَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ولو كانت الغلبة كل مرة للمؤمنين لصار الايمان ضروريا وهو خلاف ما تقتضيه الحكمة الالهية. فعلى العاقل ان يفوض الأمر الى الله ويعتبر بعين البصيرة فى الأمور الخفية والجلية وقد قال الله تعالى فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند والخوف من العاقبة من الصفات السنية للصلحاء- روى- انه يعذب الرجل فى النار الف سنة ثم يخرج منها الى الجنة قال الحسن البصري رحمه الله يا ليتنى كنت ذلك الرجل وانما قال الحسن ذلك لانه يخاف عاقبة امره وهكذا كان الصالحون يخافون عاقبة أمرهم وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يكثر ان يقول (يا مقلب القلوب ثبت قلبى على

[سورة آل عمران (3) : الآيات 139 إلى 140]

طاعتك) قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله انك لتكثر القول بهذا الدعاء فهل تخشى قال صلى الله عليه وسلم (ما يؤمننى يا عائشة وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن فاذا أراد ان يقلب قلبا قلبه) . قال السدى انى لأنظر فى المرآة كل يوم مرارا مخافة ان يكون قد اسود وجهى. والاشارة فى الآيتين ان الله خص السائرين الى الله بالمهاجرة عن الأوطان والمسافرة الى البلدان بمفارقة الخلان والأخدان ومصاحبة الاخوان غير الخوّان ليعتبروا من سنن اهل لسنن فقال تعالى قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ اى امم لهم سنن فَسِيرُوا على سنن اهل السنة فِي الْأَرْضِ فى ارض نفوسكم الحيوانية بالعبور عن أوصافها الدنية وأخلاقها الردية لتبلغوا سماء قلوبكم الروحانية وتتخلقوا بالأخلاق الربانية فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ اى كيف صار حاصل امر النفوس الكذبة بهذه المقامات الروحانية والمكاشفات الربانية عند الوصول إليها هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ اى لاهل الغفلة والغيبة الناسين عهد الميثاق وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ اى وعيان لاهل الهداية والشهود الذاكرين للعهود الذين اتعظوا بالتجارب والتقوى عما سوى الله تعالى. قال بعض العلماء يا مغرور امسك وقس يومك بامسك واتعظ بمن مضى من أبناء جنسك فانك بك قد خللت فى رمسك أين من أسخط مولاه بنيل ما يهواه أين من أفنى عمره فى خطاياه فتذكر أنت أيها الغافل مصارعهم وانظر مواضعهم هل نفعهم رفيق رافقوه او منعهم اما خلوا بخلالهم اما انفردوا بأعمالهم فستصير فى مصيرهم فتدبر أمرك وستسكن فى مثل مساكنهم فاعمر قبرك يا مسرورا بمنزلة الرحب الأنيق ستفارقه يا مشمئزا من التراب ستعانقه اعتبر بمن سبقك فانت لاحقه واذكر العهد الأزلي فزك نفسك حياء من الله لعلك تصل الى ما تهواه من جنات وعيون ومقام كريم ووصال الى رب رحيم قال تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً فماذا يقعدك عن رفقة الصالحين وهل ترضى لنفسك يا مسكين ان تقف فى مقام الجهال المعتدين اما علمت انك غدا تدان كما تدين أصلح الله أحوالنا وصحح أقوالنا وأفعالنا وأعطانا آمالنا وختمنا بالخير إذا بلغنا آجالنا وَلا تَهِنُوا من الوهن وهو الضعف اى لا تضعفوا عن الجهاد بما أصابكم من الجراح يوم أحد وَلا تَحْزَنُوا على من قتل منكم وهى صيغة نهى ورد للتسكين والتصبير لا النهى عن الحزن وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ اى والحال انكم الأعلون الغالبون دون عدوكم فان مصير أمرهم الى الدمار حسبما شاهدتم فى احوال أسلافهم لان الباطل يكون زهوقا وأصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ والجواب محذوف دل عليه المذكور اى ان كنتم مؤمنين فلا تهنوا ولا تحزنوا فان الايمان يوجب قوة القلب والثقة بصنع الله وقلة المبالاة باعدائه ولا يتعلق بالنهى المذكور لان الجزاء لا يتقدم على الشرط لكونهما كالكلمة الواحدة إِنْ يَمْسَسْكُمْ اى يصبكم قَرْحٌ فتحا وضما اى جراحة فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ اى الكفار ببدر قَرْحٌ مِثْلُهُ قيل قتل المسلمون من الكافرين ببدر سبعين وأسروا سبعين وقتل الكافرون من المسلمين بأحد سبعين وأسروا سبعين والمعنى ان نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ثم لم يضعف ذلك قلوبهم

[سورة آل عمران (3) : آية 141]

ولم يثبطهم عن معاودتكم بالقتال فانتم اولى بان لا تضعفوا فانكم ترجون من الله مالا يرجون وَتِلْكَ الْأَيَّامُ اشارة الى الأيام الجارية فيما بين الأمم الماضية والآتية كافة لا الى المعهودة خاصة من يوم بدر ويوم أحد بل هى داخلة فيها دخولا أوليا والمراد بها اوقات الظفر والغلبة نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ونصرفها بينهم نديل لهؤلاء تارة ولهؤلاء اخرى كقول من قال فيوما علينا ويوما لنا ... ويوما نساء ويوما نسرّ والمداولة نقل الشيء من واحد الى واحد وقالوا تداولته الأيدي اى تناقلته وليس المراد من هذه المداولة ان الله تعالى تارة ينصر المؤمنين واخرى ينصر الكافرين وذلك لان نصره تعالى منصب شريف فلا يليق بالكافر بل المراد انه تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين وانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين فى جميع الأوقات لحصل العلم الضروري والاضطراري بان الايمان حق وما سواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون اما تشديد المحنة عليه فى الدنيا أدبا له واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من الله وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا عطف على علة محذوفة اى نداولها بينكم ليكون من المصالح كيت وكيت وليعلم الله إيذانا بان العلة فيما فعل غير واحدة وانما يصيب المؤمن فيه من المصالح ما لا يعلم وهو اما من باب التمثيل اى ليعاملكم معاملة من يريد ان يعلم المخلصين الثابتين على الايمان من غيرهم او العلم فيه مجاز عن التمييز بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب اى ليميز الثابتين على الايمان من غيرهم او هو على حقيقة معتبرة من حيث تعلقه بالمعلوم من حيث انه موجود بالفعل إذ هو الذي يدور عليه فلك الجزاء لا من حيث انه موجود بالقوة فالمعنى ليعلم الله الذين آمنوا علما يتعلق به الجزاء وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ جمع شهيداى ويكرم ناسامنكم بالشهادة وهم شهداء أحد وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ونفى المحبة كناية عن البغض اى يبغض الذين يضمرون خلاف ما يظهرون او الكافرين وهو اعتراض. وفيه تنبيه على انه تعالى لا ينصر الكافرين على الحقيقة وانما يغلبهم أحيانا استدراجا لهم وابتلاء للمؤمنين وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا عطف على يتخذ اى ليصفيهم ويطهرهم من الذنوب ان كانت الدولة عليهم وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ويهلكهم ان كانت عليهم. والمحقق نقص الشيء قليلا قليلا والمراد بهم الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأصروا على الكفر وقد محقهم الله عز وجل جميعا. قال القاشاني ومن فوائد الابتلاء خروج ما فى استعداداتهم من الكمالات الى الفعل كالصبر والشجاعة وقوة اليقين وقلة المبالاة بالنفس واستيلاء القلب عليها والتسليم لامر الله وأمثالها. قال نجم الدين الكبرى وَلا تَهِنُوا يا سائرين الى الله فى السير اليه وَلا تَحْزَنُوا على ما فاتكم من التنعمات الدنيوية والكرامات الاخروية وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ من اهل الدنيا والآخرة فى المقام عند ربكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مصدقين

[سورة آل عمران (3) : آية 142]

بهذه الاخبار تصديق الائتمار به إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فى أثناء السير من المجاهدات وانواع البلاء والابتلاء فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ من الأنبياء والأولياء قَرْحٌ من المحن مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ وايام المحن والبلاء والابتلاء والامتحان نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ بين السائرين يوما نعمة ويوما نقمة ويوما منحة ويوما محنة وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وليختبرهم الله بالامتحان ويجعلهم مستعدين لمقام الشهادة وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ يا مبتلين بالنعمة والنقمة فى أثناء السير ارباب الشهود والمشاهدة وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الذين يصرفون استعدادهم فى طلب غير الحق والسير اليه وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ يعنى ان كل غم وهم ومصيبة تصيب المؤمنين فى الله يكون تكفيرا لذنوبهم وتطهيرا لقلوبهم وتخليصا لارواحهم وتمحيصا لاسرارهم وما يصيب الكافرين من نعمة ودولة وحبور يكون سببا لكفرانهم ومزيدا لطغيانهم وعمى لقلوبهم وتمردا لنفوسهم ومحقا لارواحهم وسحقا لاسرارهم فاهل المحبة والمعرفة لا يخلون عن الابتلاء بقلة او ذلة او علة فان مقتضى الحكمة ذلك ألا ترى الى قوله عليه الصلاة والسلام (أشد البلاء على الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) - حكى- ان عيسى عليه السلام اجتاز جبلا فيه عابد يعبد الله عند عين من ماء لطهارته وشربه وبستان ينبت له الهندباء لقوته فسلم عليه المسيح فرد السلام عليه فقال له منذكم أنت هاهنا تعبد الله قال منذ ثمانين سنة اسأل حاجة من الله فلم يقضهالى فقال عيسى وما هى قال ان يسكن قلبى ذرة من معرفته ومحبته فلا يفعل وأنت نبيه فسل لى هذه الحاجة فتوضأ عيسى من العين وصلى ركعتين وسأل حاجته ثم مضى وبقي ما بقي فى سفره فلما رجع الى ذلك المكان رآه خاليا والعين غائرة والبستان خراب فقال يا رب سألتك له المعرفة والمحبة قبضت روحه فاوحى الله اليه يا عيسى أما علمت ان خراب الدنيا فى محبتى ومعرفتى ومن عرفنى وأحبني لا يسكن الا الىّ ولا يقر قرارا فان أحببت ان تراه فاشرف عليه فى هذا الوادي فاشرف عليه فاذا هو جالس قد ذهل وتحير وخرج لسانه على صدره شاخصا ببصره نحو السماء فناداه عيسى والعابد لا يسمع فناداه وحركه فلم يشعر فاوحى الله الى عيسى فو عزتى وجلالى لو قطعته بالسيف ما شعر به لانى أسكنت قلبه معرفتى ومحبتى وهو اقل من ذرة ولوزدته ادنى شىء لطار بين السماء والأرض وطاش فانظر الى اهل الله كيف تكون دنياهم خرابا لا يخلون من البلايا فاجتهد أنت ايضا ايها العبد فى تصحيح الدين لعلك تصل الى مقام اليقين والتمكين والمجاهدة تورث المشاهدة چويوسف كسى در صلاح وتميز ... بسى سال بايد كه گردد عزيز أَمْ حَسِبْتُمْ أم منقطعة والهمزة للانكار والاستبعاد والحسبان الظن والخطاب للذين انهزموا يوم أحد اى بل أظننتم أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وتفوزوا بنعيمها وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ حال من ضمير تدخلوا مؤكدة للانكار فان رجاء الاجر بغير عمل بعيد ممن يعلم انه منوط به مستبعد عند العقول وعدم العلم كناية عن عدم المعلوم اى لما تجاهدوا لان وقوع الشيء يستلزم كونه معلوما لله ونفى اللازم يستلزم نفى الملزوم فنزل نفى العلم منزلة نفى الجهاد للتأكيد والمبالغة لان انتفاء اللازم برهان على انتفاء الملزوم وفيه اشعار بان علمه بالأشياء على

[سورة آل عمران (3) : آية 143]

ما هى عليه ضرورى يقول الرجل ما علم الله فى فلان خيرا يريد ما فيه خير حتى يعلمه ولما بمعنى لم الا ان فيه ضربا من التوقع فدل على نفى الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل تقول وعدني ان يفعل كذا ولما يفعل اى لم يفعل وانا أتوقع فعله وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ نصب بإضمار ان والواو بمعنى الجمع والمعنى أم حسبتم ان تدخلوا الجنة والحال انه لم يتحقق منكم الجهاد والصبر على الشدائد اى الجمع بينهما فلا ينبغى ان تحسبوا دخولها كما دخل الذين قتلوا وبذلوا مهجتهم وثبتوا على على ألم الجراح والضرب من غير ان تسلكوا طريقهم وتصبروا صبرهم ومن البعيد ان يصل الإنسان الى السعادة والجنة مع عدم اعمال هذه الطاعة وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ اى الحرب فانها من مبادى الموت او الموت بالشهادة والخطاب للذين لم يشهدوا بدرا وكانوا يتمنون ان يشهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا لينالوا ما ناله شهداء بدر من الكرامة فألحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخروج ثم ظهر منهم خلاف ذلك مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ اى من قبل ان تشاهدوه وتعرفوا هوله وشدته فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ اى ما تتمنونه من اسباب الموت او الموت بمشاهدة أسبابه وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ معاينين مشاهدين له حين قتل بين ايديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم وشارفتم ان تقتلوا فلم فعلتم ما فعلتم وهو توبيخ لهم على تمنيهم الحرب وتسببهم لها ثم جبنهم وانهزامهم لا على تمنى الشهادة بناء على ان فى تمنيها تمنى غلبة الكافر المسلم لان قصد متمنى الشهادة الى نيل كرامة الشهداء من غير ان يخطر بباله شىء غير ذلك فلا يستحق العتاب من تلك الجهة كما ان من يشرب دواء الطبيب النصراني يقصد الى حصول المأمول من الشفاء ولا يخطر بباله ان فيه جر منفعة وإحسانا الى عدو الله وتنفيقا لصناعته. واعلم ان حاصل الكلام ان حب الدنيا لا يجتمع مع سعادة الآخرة فبقدر ما يزداد أحدهما ينتقص الآخر وذلك لان سعادة الدنيا لا تحصل الا باشتغال القلب بطلب الدنيا وسعادة الآخرة لا تحصل الا بفراغ القلب من كل ما سوى الله وامتلائه من حب الله وهذان الأمران مما لا يجتمعان فلهذا السر وقع الاستبعاد الشديد فى هذه الآية من اجتماعهما. وايضا حب الله وحب الآخرة لايتم بالدعوى فليس كل من أقر بدين الله كان صادقا ولكن الفصل فيه تسليط المكروهات والمحرمات فان الحب هو الذي لا ينتقص بالجفاء ولا يزداد بالوفاء فان بقي الحب عند تسلط اسباب البلاء ظهر ان ذلك الحب كان حقيقيا فلهذه الحكمة قال أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بمجرد تصديقكم الرسول قبل ان يبتليكم الله بالجهاد وتشديد المحنة. قال القشيري رحمه الله من ظن انه يصل الى محل عظيم دون مقاساة الشدائد ألقته أمانيه فى مهواة الهلاك وان من عرف قدر مطلوبه سهل عليه بذل مجهوده قال الشاعر وما جاد دهر بلذاته ... على من يضن بخلع العذار فالدولة العظمى هى سعادة الآخرة فانها باقية ودولة الدنيا فانية كما قيل جهان مثال چراغيست در گذرگه باد ... غلام همت آنم كه دل برو ننهاد وسئل الشبلي عن نعت العارف فقال لسانه بذكر الله ناطق وقلبه بحجة الله صادق وسره بوعد الله واثق وروحه الى سبيل الله سابق وهو ابدا على الله عاشق فلا بد لان يكون المرء

[سورة آل عمران (3) : الآيات 144 إلى 151]

من العارفين من ترك الدعوى والإقبال الى المولى وبذل الروح فى طريقه- حكى- عن حاتم الأصم انه قال لقينا الترك وكان بيننا صولة فرمانى تركى بوهق فاقبلنى عن فرسى ونزل عن دابته وقعد على صدرى وأخذ بلحيتي هذه الوافرة واخرج من خفه سكينا ليذبحنى قال فوحق سيدى ما كان قلبى عنده ولا عند سكينه وانا ساكت متحير أقول سيدى أسلمت نفسى إليك ان قضيت على ان يذبحنى هذا فعلى الرأس والعين اما انا لك وملكك فبينا انا اخاطب سيدى وهو قاعد على صدرى إذ رماه بعض المسلمين بسهم فما اخطأ حلقه فسقط عنى فقمت انا اليه فاخذت السكين من يده فذبحته بها فيا هؤلاء لتكن قلوبكم عند السيد حتى ترون من عجائب لطفه مالا ترون من الآباء والأمهات واعلموا ان من صبر واستسلم ظفر ومن فرّ اتبع فلم يتخلص ونعم العون الصبر عند الشدائد تحمل چوزهرت نمايد نخست ... ولى شهد كردد چودر طبع رست ز علت مدار اى خردمند بيم ... چوداروى تلخت فرستد حكم ثبتنا الله وإياكم وَما مُحَمَّدٌ هو المستغرق لجميع المحامد لان الحمد لا يستوجبه الا الكامل والتحميد فوق الحمد فلا يستحقه الا المستولى على الأمد فى الكمال وأكرم الله نبيه وصفيه باسمين مشتقين من اسمه جل جلاله محمد واحمد إِلَّا رَسُولٌ- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج الى الشعب من أحد فى سبعمائة رجل جعل عبد الله بن جبير على الرجالة وكانوا خمسين راجلا وقال (اقيموا بأصل الجبل وادفعوا عنا بالنبل لا يأتوننا من خلفنا ولا تنتقلوا من مكانكم حتى أرسل إليكم فلا نزال غالبين ما دمتم فى مكانكم) فجاء المشركون ودخلوا فى الحرب مع النبي عليه السلام وأصحابه حتى حميت الحرب فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا وقال (من يأخذه بحقه) فأخذه ابو دجانة فقاتل فى نفر من المسلمين قتالا شديدا وقاتل على بن ابى طالب حتى التوى سيفه وقاتل سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وكان النبي عليه السلام يقول لسعد (ارم فداك ابى وأمي) فحمل هو وأصحابه على المشركين فانزل الله نصره عليهم فهزموا المشركين فلما نظر الرماة الى قوم هاربين اقبلوا على النهب بترك مركزهم فقال لهم عبد الله بن جبير لا تبرحوا مكانكم فقد عهد إليكم نبيكم فلم يلتفتوا الى قوله فجاؤا لاجل الغنيمة فبقى عبد الله بن جبير مع ثمانية نفر فخرج خالد بن الوليد مع خمسين ومائتى فارس من المشركين من قبل الشعب وقتلوا من بقي من الرماة ودخلوا خلف اقفية المسلمين فهزموهم ورمى ابن قميئة النبي عليه السلام بحجر فكسر رباعيته وشجه وفيه يقول حسان بن ثابت ألم تر ان الله أرسل عبده ... ببرهانه والله أعلى وامجد وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد وتفرق عنه أصحابه وحمل ابن قميئة لقتل النبي عليه السلام فذب عنه مصعب بن عمير صاحب الراية يومئذ فقتله ابن قميئة ورجع فظن انه كان قتل النبي عليه السلام فقال قتلت محمدا وصرخ صارخ ألا ان محمدا قد قتل وكان ذلك إبليس فرجع أصحابه منهزمين متحيرين فاقبل انس بن النضر عم انس بن مالك الى عمر بن الخطاب رضى عنه وطلحة بن عبد الله فى رجال

من المهاجرين والأنصار فقال لهم ما يحبسكم قالوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعون فى الحياة بعده موتوا كراما على مامات عليه نبيكم ثم اقبل نحو العدو فقاتل حتى قتل قال كعب بن مالك انا أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين رأيت عينيه من تحت المغفر تزهران ينادى بأعلى صوته (الىّ عباد الله الىّ عباد الله) فاجتمعوا اليه فلامهم رسول الله على هزيمتهم فقالوا يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا خبر سوء فرعبت قلوبنا له فولينا مدبرين فوبخهم الله تعالى بقوله وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ كسائر الرسل قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ فسيخلوا كما خلوا وكما ان اتباعهم بقوا متمكسين بدينهم بعد خلوهم فعليكم ان تتمسكوا بدينه بعد خلوه لان الغرض من بعثة الرسول الرسالة والزام الحجة لا وجوده بين اظهر قومه أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ انكار لارتدادهم وانقلابهم عن الدين بخلوه عليه السلام بموت او قتل بعد علمهم بخلو الرسل قبله وبقاء دينهم متمسكا به وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ بادباره عما كان يقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من امر الجهاد وغيره فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ بما فعل من الانقلاب شَيْئاً اى شيأ من الضرر وانما يضر نفسه بتعريضها للسخط والعذاب والله منزه عن النفع والضرر وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ اى الثابتين على دين الإسلام الذي هو أجل نعمة وأعز معروف سموا بذلك لان الثبات عليه شكر له وإيفاء لحقه وفيه ايماء الى كفران المنقلبين. ولما توفى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اضطرب المسلمون فمنهم من دهش ومنهم من اقعد فلم يطق القيام ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام ومنهم من أنكر موته بالكلية حتى غفل عمر رضى الله عنه عن هذه الآية الكريمة عند وفاته صلى الله عليه وسلم وقام فى الناس فقال ان رجالا من المنافقين يزعمون انه عليه السلام توفى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مامات ولكنه ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمونه ان رسول الله مات ولم يزل يكرر ذلك الى ان قام ابو بكر فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حى لا يموت ثم تلا وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قال الراوي والله لكأن الناس لم يعلموا ان هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تلاها ابو بكر رضى الله عنه فاستيقن الناس كلهم بموته صلى الله عليه وسلم وكانت الجمادات تتصدع من ألم مفارقة الرسول فكيف بقلوب المؤمنين ولما فقده الجذع الذي يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حن اليه وصاح كما يصيح الصبى فنزل اليه فاعتنقه فجعل يهدى كما يهدى الصبى الذي يسكن عند بكائه وقال (لو لم اعتنقه لحن الى يوم القيامة) ما امرّ عيش من فارق الأحباب خصوصا من كانت رؤيته حياة الألباب ولما نقل النبي عليه السلام جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضى الله عنها كرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه فلما دفن قالت فاطمة يا انس أطابت أنفسكم ان تحثوا على نبيكم التراب وعاشت فاطمة بعد موته صلى الله عليه وسلم سته أشهر ثم ماتت

[سورة آل عمران (3) : آية 145]

جهان اى برادر نماند بكس ... دل اندر جهان آفرين بند وبس فعلى العاقل ان يتدارك حاله قبل منيته حتى لا يفتضح عند رؤوس الخلائق يوم القيامة وكيف لا يسارع الى الأعمال الصالحة من يعلم ان يوم القيامة يوم يفزع فيه الأنبياء والأولياء در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه وحشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا يعنى بأى عذر ترتكب الآثام ولا تبالي بحالك ثم ان الخلاص والفوز بالمرام فى الايمان التحقيقى. قال الشيخ نجم الدين الكبرى الاشارة فى الآية ان الايمان التقليدى لا اعتبار له فينقلب المقلد عن إيمانه عند عدم المقلد به فمن كان إيمانه بتقليد الوالدين او الأستاذ او اهل البلد ولما يدخل الايمان فى قلبه ولم ينشرح صدره بنور الإسلام فعند انقطاعه بالموت عن هذه الأسباب المقلدة يعجز عن جواب سؤال الملكين فى قولهما من ربك فيقول هاه لا أدرى وإذ يقولان ما تقول فى هذا الرجل فيقول هاه لا أدرى كنت أقول فيه ما قال الناس فيقولان له لا دريت ولا تليت ز دانندكان بشنو امروز قول ... كه فردا نكيرت بپرسد بهول غنيمت شمار اين كرامى نفس ... كه بيمرغ قيمت ندارد قفس يعنى البدن ليس له قدر بدون الروح فلا بد ان يغتم العاقل أنفاسه قبل ان يخرج الروح من قفصه وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ استثناء مفرغ من أعم الأسباب اى وما كان الموت حاصلا لنفس من النفوس بسبب من الأسباب الا بمشيئته تعالى او الا باذنه لملك الموت فى قبض روحها والمعنى ان لكل نفس أجلا مسمى فى علمه تعالى وقضائه لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون بالاحجام عن القتال والاقدام عليه. وفيه تحريض وتشجيع على القتال ووعد الرسول بالحفظ وتأخير الاجل ورد على المنافقين قولهم لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فالمجاهد لا يموت بغير اجله والمتخلف عنه لا يسلم مع حضور اجله بروز أجل نيزه جوشن درد ... ز پيراهن بي أجل نكذرد كِتاباً مصدر مؤكد لما قبله إذا المعنى كتب الموت كتابا مُؤَجَّلًا موقتا بوقت معلوم لا يتقدم ولا يتأخر ولو ساعة وبعد تحقيق ان مدار الموت والحياة على محض مشيئة الله من غير ان يكون فيه مدخل لاحد أصلا أشير الى ان توفية ثمرات الأعمال دائرة على إرادتهم ليصرفوها عن الاعراض الدنية الى المطالب السنية فقيل وَمَنْ يُرِدْ اى بعمله ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها اى من ثوابها ما نشاء ان نؤتيه إياه. وفيه تعريض لمن شغلتهم الغنائم يوم أحد وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها اى من ثوابها ما نشاء من الأصناف حسبما جرى به الوعد الكريم وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ نعمة الإسلام الثابتين عليه الصارفين ما آتاهم الله من القوى والقدر الى ما خلقت هى لاجله من طاعة الله لا يلويهم عن ذلك صارف أصلا. ويدخل فى جنس الشاكرين المجاهدون المعهودون من الشهداء فى أحد وغيرهم والآية وان وردت فى الجهاد خاصة لكنها عامة فى جميع الأعمال وذلك لان المؤثر فى طلب الثواب والعقاب المقصود والدواعي لا ظواهر الأعمال فان من وضع الجبهة على الأرض

[سورة آل عمران (3) : آية 146]

فى صلاة الظهر والشمس قدامه فان قصد بذلك السجود عبادة الله كان ذلك من اشرف دعائم الإسلام وان قصد به عبادة الشمس كان ذلك من أعظم دعائم الكفر. وروى ابو هريرة عنه عليه الصلاة والسلام ان الله تعالى يقول يوم القيامة لمن قتل فى سبيل الله فيما ذا قتلت فيقول امرت بالجهاد فى سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله تعالى كذبت بل اردت ان يقال فلان محارب وقد قيل ذلك ثم ان الله تعالى يأمر به الى النار فالمقاتل فى سبيل الله تحقيقا هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هى العليا لا للذكر الجميل واراءة المكان وإصابة الغنيمة عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت نيته طلب الآخرة جعل الله غناه فى قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله الفقر بين عينيه وشتت عليه شمله ولا يأتيه منها الا ما كتب له وقال ايضا انما الاعمال بالبينات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأت يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه فمن عمل شوقا الى الجنة فقد رأى نعمة الجنة فثوابه فى الآخرة ومن عمل شوقا الى الحق فقد رأى نعمة وجود المنعم فثوابه فى الدنيا لانه حاضر لاغيبة له قريب لا يبعد وهو معكم أينما كنتم وقال (ألا من طلبنى وجدنى ومن تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) خليلىّ هل ابصرتما او سمعتما ... بأكرم من مولى تمشى الى عبد اتى زائرا من غير وعد وقال لى ... أجلك عن تعذيب قلبك بالوعد فعلى السالك ان يهاجر الى الله ويجاهد من غير ان يخاف لومة لائم حتى يصل الى الله ويتخلص من الاضطرار. قال القاشاني فى تأويلاته من كان موقنا لسر القدر شاهدا لمعنى قوله تعالى وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كان من أشجع الناس- حكى- عن حاتم الأصم انه شهد مع شقيق البلخي بعض غزوات خراسان قال فلقينى شقيق وقد حمى الحرب فقال كيف تجد قلبك يا حاتم قلت كليلة الزفاف لا افرق بين الحالتين فوضع سلاحه وقال اما انا فهكذا ووضع رأسه على ترسه ونام بين المعركة حتى سمع غطيطه وهذا غاية فى سكون القلب الى الله تعالى ووثوقه به انتهى فاذا صحح العبد باطنه يسهل الله عليه كل عسير ويسخر له كل ما يخاف منه- حكى- عن ابراهيم الرقى انه قال قصدت أبا الخير الخراسانى مسلما عليه فصلى صلاة المغرب فلم يقرأ الفاتحة مستويا فقلت فى نفسى ضاعت سفرتى فلما سلمت خرجت للطهارة فقصدنى السبع فعدت اليه وقلت ان الأسد قصدنى فخرج وصاح على الأسد وقال ألم اقل لك لا تتعرض لاضيافى فتنحى فتطهرت فلما رجعت قال اشتغلتم بتقويم الظواهر فخفتم الأسد واشتغلنا بتقويم القلب فخافنا الأسد أوليا محبوب الله است دان ... كس نيازارد حبيبش در جهان وَكَأَيِّنْ أصله اى دخلت الكاف عليها فحدث فيها معنى التكثير فهى بمعنى كم الخبرية مِنْ نَبِيٍّ تمييز لها والغالب فى تمييزها ان يكون مجرورا بمن ولم يجئ فى التنزيل الا كذا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 147 إلى 148]

وجره ممتنع لان آخره تنوين وهو لا يثبت مع الاضافة قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ خبر لقوله كأين لانها مبتدأ والفعل مسند الى ظاهره. والربى منسوب الى الرب كالربانى وكسر الراء من تغييرات النسب فان العرب إذا نسبت شيأ الى شىء غيرت كما قالوا بصرى فى النسبة الى بصرة او منسوب الى الربة وهى الجماعة والمعنى كثير من الأنبياء قاتل معه لاعلاء كلمة الله وإعزاز دينه علماء أتقياء او جماعات كثيرة فَما وَهَنُوا عطف على قاتل اى فما فتروا وما انكسرت همتهم لِما أَصابَهُمْ فى أثناء القتال وهو علة للمنفى دون النفي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ان جعل الضميران لجميع الربيين فما فى ما أصابهم عبارة عما عدا القتل من الجراح وسائر المكاره اللاحقة للكل وان جعلا للبعض الباقين بعد ما قتل الآخرون فهى عبارة عما ذكر مع ما اعتراهم من قتل إخوانهم والخوف والحزن وغير ذلك وَما ضَعُفُوا عن العدو او الجهاد او فى الدين وَمَا اسْتَكانُوا اى وما خضعوا للعدو. وأصله استكن من السكون لان الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده والالف لاشباع الفتحة. او استكون من الكون لانه يطلب ان يكون لم يخضع له وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن والانكسار عند استيلاء الكفرة عليهم والإرجاف بقتل النبي عليه السلام وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين واستكانتهم لهم حين أرادوا ان يعتضدوا بابن ابى المنافق فى طلب الامان من ابى سفيان وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ اى على مقاساة الشدائد ومعاناة المكاره فى سبيل الله فينصرهم ويعظم قدرهم وَما كانَ قَوْلَهُمْ بالنصب خبر لكان واسمها ان وما بعدها فى قوله تعالى إِلَّا أَنْ قالُوا والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء اى ما كان قولا لهم عند لقاء العدو واقتحام مضايق الحرب وإصابة ما أصابهم من فنون الشدائد والأهوال شىء من الأشياء الا ان قالوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اى صغائرنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا اى تجاوزنا الحد فى ارتكاب الكبائر أضافوا الذنوب والإسراف الى أنفسهم مع كونهم ربانيين برآء من التفريط فى جنب الله هضما لها واستقصارا لهم واسنادا لما أصابهم الى أعمالهم وقدموا الدعاء بمغفرتها على ما هو الأهم بحسب الحال من الدعاء بقولهم وَثَبِّتْ أَقْدامَنا اى فى مواطن الحرب بالتقوى والتأييد من عندك او ثبتنا على دينك الحق وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ تقريبا له الى حيز القبول فان الدعاء المقرون بالخضوع الصادر عن زكاء وطهارة اقرب الى الاستجابة والمعنى لم يزالوا مواظبين على هذا الدعاء من غير ان يصدر عنهم قول يوهم شائبة الجزع والتزلزل فى مواقف الحرب ومراصد الدين. وفيه من التعريض بالمنهزمين ما لا يخفى فَآتاهُمُ اللَّهُ بسبب دعائهم ذلك ثَوابَ الدُّنْيا اى النصر والغنيمة والعز والذكر الجميل وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ اى وثواب آخرة الحسن وهى الجنة والنعيم المخلد وتخصيص وصف الحسن به للايذان بفضله ومزيته وانه المعتد به عنده تعالى وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ومحبة الله للعبد عبارة عن رضاه عنه وارادة الخير به فهى مبدأ لكل سعادة. والاشارة ان الله تعالى لما زاد لخواص عباده كرامة التخلق بأخلاقه ابتلاهم بقتال العدو وثبتهم عند الملاقاة فاستخرج من معادن ذواتهم جواهر صفاته المكنونة فيها المكرمة بها بنوا آدم والصبر والإحسان من صفات الله والله تعالى يحب صفاته ويحب من تخلق بصفاته ولهذا قال وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 إلى 151]

قال الامام فى قوله تعالى وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فيه لطيفة دقيقة وهى ان هؤلاء اعترفوا بكونهم مسيئين حيث قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا فلما اعترفوا بذلك سماهم الله محسنين كأنه تعالى يقول لهم إذا عرفت بإساءتك وعجزك فانا اصفك بالإحسان وأجعلك حبيبا لنفسى حتى يعلم انه لا سبيل للعبد الى الوصول الى حضرة الله الا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب - حكى- ان آصف بن برخيا أذنب ذنبا يوما من الأيام فأتى سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فقال له ادع الله ان يغفر لى فدعا فغفر له ثم فعل ثانيا فغفر له بدعائه ثانيا ثم وثم الى ان اوحى الله الى سليمان عليه السلام ان لا أجيب دعوتك فى حقه ان عاد بعد فلم يمكث ان فعل مرة اخرى فجاء الى سليمان عليه السلام لكى يدعو فاخبره بان الله لا يغفر له فرفع الرجل العصا وخرج الى الصحراء وضرب العصا الى الأرض ورفع يده وقال يا رب أنت أنت وانا انا أنت العائد بالمغفرة وانا العائد بالمعصية انا الضعيف المجرم وأنت الغفور الرحيم ان لم تعصمنى من الذنوب فلأعودن ثم لأعودن كررها حتى غشى عليه فاوحى الله تعالى الى سليمان عليه السلام ان قل لابن خالتك ان عدت فأغفر لك ثم اغفر لك ثم اغفر لك ثم اغفر لك وانا الغفار كنونت كه چشمست اشكى ببار ... زبان دردهانست عذرى بيار فرا شو چوبينى در صلح باز ... كه ناگه در توبه كردد فراز مرو زير بار گنه اى پسر ... كه حمال عاجز بود در سفر فلا يغرنك الشيطان بتزيين الدنيا عليك فانك تعلم فناءها. واوحى الله الى داود عليه السلام [انى منزلك وذريتك الى دار بنيتها على اربعة اركان. أحدها ان أخرب ما تعمرون. والثاني ان اقطع ما تصلون. والثالث ان أميت ما تلدون. والرابع ان افرق ما تجمعون] ومن الله العصمة والتوفيق الى سواء الطريق يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا نزلت فى قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا الى دينكم وإخوانكم ولو كان نبيا لما غلب وقتل فقال تعالى يا ايها المؤمنون إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا وهم المنافقون وصفوا بالكفر قصدا الى مزيد التنفير عنهم والتحذير من طاعتهم يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ يدخلوكم فى دينهم أضاف الرد إليهم لدعائهم اليه والارتداد على العقب علم فى انتكاس الأمر ومثل فى الحور بعد الكور فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ كرامة الدنيا وسعادة الآخرة اما الاولى فلان أشق الأشياء على العقلاء فى الدنيا الانقياد للعدو والتذلل له واظهار الحاجة اليه واما الثانية فلانه يحرم من الثواب المؤيد ويقع فى العذاب المخلد بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ اى ليسوا انصاركم حتى تطيعوهم بل الله ناصركم لا غيره فاطيعوه واستغنوا به عن موالاتهم وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ فخصوه بالطاعة والاستعانة سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ وهو ما قذف فى قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب ولهم القوة والغلبة. والرعب خوف يملأ القلب بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ اى بسبب اشراكهم به تعالى فانه من موجبات خذلانهم ونصر المؤمنين

عليهم ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اى باشراكه سُلْطاناً اى حجة وبرهانا وما مفعول بوقوع أشركوا عليه اى آلهة ليس على اشراكها حجة ولم ينزل عليهم به سلطانا واصل السلطان القوة فسلطان الملك قوته وسلطان المدعى حجته وبها يقوى على دفع المبطل. وفيه إيذان بان المتبع فى الباب هو البرهان السماوي دون الآراء والأهواء الباطلة وَمَأْواهُمُ اى ما يأوون اليه فى الآخرة النَّارُ لا ملجألهم غيرها وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ والمخصوص بالذم محذوف اى النار وفى جعلها مثواهم بعد جعلها مأواهم نوع رمز الى خلودهم فيها فان المثوى مكان الاقامة المنبئة عن المكث واما المأوى فهو المكان الذي يأوى اليه الإنسان. والاشارة ان الله تعالى هو الذي يلقى الرعب والامن والرغبة والرهبة وغير ذلك فى قلوب العباد كما قال عليه السلام (قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء) وقال (ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن ان شاء اقامه وان شاء ازاغه) فعلى العبد ان يتضرع الى الله ويسأل منه الغلبة على النفوس الكافرة خصوصا النفس الامارة فانه ان اتبع هواها وأطاعها فى مشتهاها ترده الى أسفل سافلين البشرية فينقلب خاسرا نمى تازد اين نفس سركش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان كه با نفس وشيطان بر آيد بزور ... مصاف پلنگان نيايد ز مور قال الشيخ ابو على الروذبارى قدس سره دخلت الآفة من ثلاثة. سقم الطبيعة. وملازمة العادة. وفساد الصحبة. فقيل له ما سقم الطبيعة قال أكل الحرام. فقيل وما ملازمة العادة قال النظر والاستماع بالحرام والغيبة. فقيل فما فساد الصحبة قال كلما هاج فى النفس شهوة تتبعها ومن لم يصحبه فى هذا الباب توفيق من ربه كان متروكا فى ظلمة نفسه ألا ترى الى قوله تعالى بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ اى يخرجكم من ظلمات البشرية الى أنوار الربوبية فمن اتبع هواه وجعله مولى لنفسه فكيف يصاحبه الخروج من الظلمات وانما سببه ان ينقطع العبد الى مولاه الحقيقي ولا يعبد الا إياه- حكى- عن الأصمعي انه قال ان فتى جميلا خرج فى سفر له فوقع فى فلاة من الأرض وصاحبته امرأة فعشقته فقالت ايها الفتى هل تحسن شيأ من الشعر قال نعم قالت قل فانشد ولست من النساء وسن منى ... ولا أبغي الفجور الى الممات فلا لا تطمعى فيما لدينا ... ولو قد طال سير فى الفلاة فان الله يبصر فوق عرش ... ويغضب للفعال الموبقات قالت دعنا من شعرك هل تقرأ شيأ من القرآن قال نعم قالت قل فقرأ قول الله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قالت دعنى من قراءتك هذه فرجعت وهى خائبة فانظر الى حال الفتى وتوقيه عن شهوته كيف صبر عن المعصية والله يحب الصابرين جوان چست مى بايد كه از شهوت بپرهيزد ... كه پيرست رغبت را خود آلت بر نمى خيزد ولذلك قال بعض المشايخ من لم يكن فى بدايته صاحب مجاهدة لم يجد من هذه الطريقة شمة وذلك لان الزهد بعد الأربعين بارد لا يثمر نفعا كثيرا ولا يغرنك هذا الخبر ويحملك على

[سورة آل عمران (3) : الآيات 152 إلى 158]

التكاسل فان المرء لا يصل الى حيث يسقط عنه الأمر والنهى والغرض هو العبادة الى ان يأتى اليقين فالشبان والشيوخ فى باب التكليف متساوون وربما يتدارك فى الشيخوخة ما لا يتدارك فى الشباب: قال الحافظ الشيرازي اى دل شباب رفت ونچيدى كلى ز عمر ... پيرانه سر بكن هنرى ننك ونام را وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ نصب على انه مفعول ثان لصدق صريحا او بنزع الجار اى فى وعده. نزلت حين قال ناس من المؤمنين عند رجوعهم الى المدينة من اين أصابنا هذا وقد وعدنا الله بالنصر وهو ما وعدهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من النصر حيث قال للرماة لا تبرحوا مكانكم فانا لا نزال غالبين ما دمتم فى هذا المكان وقد كان كذلك فان المشركين لما اقبلوا جعل الرماة يرشقون نبلهم والباقون يضربون بالسيوف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم يقتلونهم قتلا ذريعا وذلك قوله تعالى إِذْ تَحُسُّونَهُمْ اى تقتلونهم قتلا كثيرا فاشيا من حسه إذا أبطل حسه وذلك يكون بالقتل وهو ظرف لصدقكم بِإِذْنِهِ ملتبسين بمشيئته وتيسيره وتوفيقه حال من فاعل تحسونهم حَتَّى ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية إِذا فَشِلْتُمْ اى جبنتم وضعف رأيكم او ملتم الى الغنيمة فان الحرص من ضعف القلب وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ اى فى امر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال بعض الرماة حين انهزم المشركون وولوا هاربين والمسلمون على أعقابهم قتلا وضربا فما موقفنا هذا وقال رئيسهم عبد الله بن جبير لا نخالف امر الرسول عليه الصلاة والسلام فثبت مكانه فى نفر دون العشرة من أصحابه ونفر الباقون للنهب وذلك قوله تعالى وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ اى من الظفر والغنيمة وانهزام العدو فلما رأى المشركون ذلك حملوا عليهم من قبل الشعب وقتلوا امير الرماة ومن معه من أصحابه وقد سبق وقيد العصيان بما بعده تنبيها على عظم المعصية لانهم لما شاهدوا ان الله تعالى أكرمهم بانجاز الوعد كان من حقهم ان يمتنعوا عن المعصية وجواب إذا محذوف وهو منعكم نصره مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وهم الذي تركوا المركز واقبلوا على النهب قال ابن مسعود رضى الله عنه ما علمت ان أحدا منا يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وهم الذي ثبتوا مكانهم حتى نالوا شرف الشهادة ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ عطف على الجواب المحذوف كما أشير اليه اى ردكم عن الكفار وكفكم بالهزيمة بعد ان أظفركم عليهم فحالت الريح دبورا بعد ما كانت صبا لِيَبْتَلِيَكُمْ اى يعاملكم معاملة من يمتحنكم ليظهر ثباتكم على الايمان عندها وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ تفضلا او لما علم من ندمكم على المخالفة وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اى شأنه ان يتفضل عليهم بالعفو أو هو متفضل عليهم فى جميع الأحوال أديل لهم او أديل عليهم إذ الابتلاء ايضا رحمة بحسب اقتضاء أحوالهم ذلك إِذْ تُصْعِدُونَ متعلق بصرفكم. والإصعاد الذهاب والابعاد فى الأرض وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ اى لا تلتفتون الى ماوراءكم ولا يقف واحد منكم لواحد وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ كان صلى الله عليه وسلم يدعوهم الىّ عباد الله انا رسول الله من يكرّ فله الجنة امرا

بالمعروف ونهيا عن المنكر وهو الانهزام وترك قتال الكفار لا استعانة بهم فِي أُخْراكُمْ فى ساقتكم وجماعتكم الاخرى والمعنى انه عليه السلام كان يدعوهم وهو واقف فى آخرهم لان القوم بسبب الهزيمة قد تقدموه فَأَثابَكُمْ عطف على صرفكم اى فجازاكم الله بما صنعتم غَمًّا موصولا بِغَمٍّ من الاغتمام بالقتل والجرح وظفر المشركين والإرجاف بقتل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم او عما بمقابلة غم أذقتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعصيانكم له لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ اى لتتمرنوا على الصبر فى الشدائد وتعتاد وأتجرع الغموم فلا تحزنوا على نفع فات او ضرّ آت وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ اى عالم بأعمالكم وبما قصدتم بها. واعلم ان الصبر واليقين والتوكل على الله والاتقاء عن ميل الدنيا وزخارفها ومخالفة الرسول مستلزم لامداد النصر والظفر والفشل والتنازع والميل الى الدنيا وعصيان رسول صلى الله تعالى عليه وسلم موجب للابتلاء والصرف عن العدو فمن أراد النصرة على الأعداء الظاهرة والباطنة لا يسلك طريقا غير ما عينه الشارع ويرضى بالابتلاء ولا يغتم لآخرته بل يجد غم طلب الحق ألذ من نعيم الدنيا والآخرة ويصبر على مقاساة الشدائد فى باب الدين. صبر آرد آرزو رانى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب قال ذو النون قدس سره العزيز ان أدنى منازل المريد أن الله تعالى لو ادخله النار وأحاط به عذابه مع هذه الارادة لم يزدد قلبه إلا حباله وأنسابه وشوقا اليه وكانت الجنة عنده أصغر فى جنب إرادته من خردلة بين السماء والأرض فعلى السالك ان يذيق نفسه مرارة الطاعة ويدخلها فى باب التسليم ليكون عند الله مماله قدر وسبق- حكى- عن على كرم الله وجهه انه قال قلت لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابى بكر الصديق رضى الله عنه يا خليفة رسول الله بم بلغت هذه المنزلة حتى سبقتنا سبقا فقال بخمسة أشياء. أولها وجدت الناس صنفين مريد الدنيا ومريد العقبى فكنت انا مريد المولى. والثاني مذ دخلت فى الإسلام ما شبعت من طعام الدنيا لان لذة معرفة الله شغلتنى عن لذائذ طعام الدنيا. والثالث مذ دخلت فى الإسلام ما رويت من شراب الدنيا لان محبة الله شغلتنى عن شراب الدنيا. والرابع كلما استقبلني عملان عمل الدنيا وعمل الآخرة اخترت عمل الآخرة على عمل الدنيا. والخامس صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فاحسنت صحبته أقول ولذلك لم ينفك عن ملازمة صحبته ساعة حتى دخل معه فى الغار وقاسى ما قاسى من الشدائد فى حقه صلى الله تعالى عليه وسلم ومع ذلك لم يزغ قلبه عن مواصلته قط ولم يهم بمخالفته أصلا كما وقع ذلك من بعض الصحابة كما فى المنهزمين كيست دانى صوفئ صافى زرنگ تفرقه ... آنكه دارد روبيك رنكى درين كاخ دو رنگ نكسلد سر رشته سرش ز جانان گر بفرض ... روبرو كيرد ز يك سو شير وديكر سو پلنگ اوحى الله الى ابراهيم عليه السلام ان يا ابراهيم أنت خليلى وانا خليلك فانظر فى ان لا تشغل سرك بغيري وانا انظر فى سرك فأراه مشتغلا بغيري فتقطع خلتى منك لان الصادق فى دعوى خلتى من لو احرق بالنار لم يجعل سره الى غيرى إجلالا لحرمتى لان كل سر انفصل ساعة عن مشاهدتى لا يصلح لمحادثتى ونظرى ثم قال له اسلم قال أسلمت لرب العالمين ثم ابتلاه

[سورة آل عمران (3) : آية 154]

حين رمى بالمنجنيق فى النار ولم يجزع على ما أصابه بل فوض امره الى الله حتى شرفه الله بالخلة وجعل النار له بردا وسلاما فحسن الرضى على ما جاء من عند الله يوصل العبد الى المقامات العلية والحالات السنية والعمدة هو التوحيد وبه تسهل قوة اليقين والوصول الى مقام الولاية. وسئل يحيى بن معاذ عن صفة الولي فقال الصبر شعاره والشكر دثاره والقرآن معينه والحكمة علمه والتوكل صابونه والفقر منيته والتقوى مطيته والغربة ملازمته والحزن رفيقه والذكر جليسه والله تعالى انيسه قوت روح أوليا ذكر حقست ... پيشه ايشان شكر مطلقست كر خبر دارى ز اسرار خدا ... روبراه ذكر وطاعت حقيا ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ عطف على قوله فاثابكم وانزل مجاز اى اعطى ووهب لكم ايها المؤمنون مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ المذكور أَمَنَةً اى أمنا نصب على المفعولية نُعاساً بدل منها وهو الوسن. قال ابو طلحة رفعت رأسى يوم أحد فجعلت لا ارى أحدا من القوم الا وهو يميد تحت جحفته من النعاس وكنت ممن القى عليه النعاس يومئذ فكان السيف يسقط من يدى فآخذه ثم يسقط السوط فآخذه وفيه دلالة على ان من المؤمنين من لم يلق عليه النعاس كما ينبئ عنه قوله تعالى يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وهم المهاجرون وعامة الأنصار ولا يقدح ذلك فى عموم الانزال للكل والجملة فى محل النصب على انها صفة لنعاسا وَطائِفَةٌ مبتدأ وهم المنافقون قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ اى أوقعتهم فى الهموم والأحزان او ما بهم إلا همّ أنفسهم وقصد خلاصها يَظُنُّونَ بِاللَّهِ حال من ضمير أهمتهم غَيْرَ الْحَقِّ غير الظن الحق الذي يجب ان يظن به سبحانه ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ بدل منه وهو الظن المختص بالملة الجاهلية وأهلها يَقُولُونَ بدل من يظنون اى لرسول الله صلى الله عليه وسلم على صورة الاسترشاد هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ اى من امر الله تعالى ووعده من النصر والظفر مِنْ شَيْءٍ من نصيب قط قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ اى الغلبة بالآخرة لله تعالى ولاوليائه فان حزب الله هم الغالبون يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ حال من ضمير يقولون اى مظهرين انهم مسترشدون طالبون للنصر مبطنين الإنكار والتكذيب يَقُولُونَ كأنه قيل أي شىء يخفون فقيل يحدثون أنفسهم او يقول بعضهم لبعض فيما بينهم خفية لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ كما وعد محمد صلى الله عليه وسلم من ان الغلبة لله ولاوليائه وان الأمر كله لله ما قُتِلْنا هاهُنا ما غلبنا او ما قتل من قتل منا فى هذه المعركة على ان النفي راجع الى نفس القتل لا الى وقوعه فيها فقط او لو كان لنا اختيار فى الخروج وتدبير لم نبرح كما كان رأى ابن أبيّ وغيره قُلْ يا محمد تكذيبا لهم وابطالا لمعاملتهم لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ اى لو لم تخرجوا الى أحد وقعدتم بالمدينة كما تقولون لَبَرَزَ اى لخرج الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ اى فى اللوح المحفوظ بسبب من الأسباب الداعية الى البروز إِلى مَضاجِعِهِمْ الى مصارعهم التي قدره الله تعالى فيها وقتلوا هناك البتة ولم تنفع العزيمة على الاقامة بالمدينة قطعا فان قضاء الله لا يرد وحكمه لا يعقب وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ علة لفعل مقدر قبلها معطوفة على علل لها اخرى

[سورة آل عمران (3) : آية 155]

مطوية للايذان بكثرتها كأنه قيل فعل ما فعل لمصالح جمة وليبتلى اى ليعاملكم معاملة من يبتلى ما فى صدوركم من الإخلاص والنفاق ويظهر ما فيها من السرائر وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ من مخفيات الأمور ويكشفها او يخلصها من الوساوس وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى السرائر والضمائر التي لا تكاد تفارق الصدور بل تلازمها وتصاحبها إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا اعرضوا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ من المسلمين والكافرين وهم الذين انهزموا يوم أحد إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ اى انما كان سبب انهزامهم ان الشيطان طلب منهم الزلل ودعاهم اليه بِبَعْضِ ما كَسَبُوا من الذنوب والمعاصي التي هى مخالفة امر النبي عليه السلام وترك المركز والحرص على الغنيمة والحياة فحرموا التأييد وقوة القلب وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لتوبتهم واعتذارهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للذنوب حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة المذنب ليتوب والنكتة فيه ان الشيطان خلق من النار فبالشيطان ونار وسوسته استخرج من معدن الإنسان حديد ما كسبوا من التولي ليجعله مرآة ظهور صفاته العفو والمغفرة والحلم وهذا قوله عليه الصلاة والسلام (لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم) ليعلم ان لله تعالى فى كل شىء من الخير والشر اسرارا لا يبلغ كنهها الا هو ولا يحيطون بشىء من علمه الا بما شاء والشيطان لا يقدر على إغواء المخلصين من اهل اليقين والنورانيين وما لم يكن فى القلب ظلمة وشوب من الهوى بسبب ارتكاب الذنوب لم يكن له مجال للوسوسة فالسالكون الذين نجوا من ظلمات النفس لا يقدر الشيطان ان يقرب منهم فضلا عن وسوستهم- قيل- رأى الجنيد إبليس فى منامه عريانا فقال ألا تستحيى من الناس فقال هؤلاء ناس. الناس أقوام فى مسجد الشونيزية أفنوا جسدى واحرقوا كبدى قال الجنيد فلما انتبهت غدوت الى المسجد فرأيت جماعة وضعوا رؤسهم على ركبهم متفكرين فلما رأونى قالوا لا يغرنك حديث الخبيث فاذا تنور القلب بنور المعرفة لا يحوم حوله بالوسوسة الشيطان الناري. وعن ابى سعيد الخراز قدس سره قال رأيت إبليس فى المنام فاخذت عصاى لاضربه فقيل لى انه لا يفزع من هذا انما يخاف من نور يكون فى القلب. قال حجة الإسلام الغزالي فى الاحياء حكى ان إبليس بث جنوده فى وقت الصحابة فرجعوا اليه مخسورين فقال ما شأنكم قالوا ما رأينا مثل هؤلاء ما نصيب منهم شيأ وقد اتعبونا فقال انكم لا تقدرون عليهم وقد صحبوا نبيهم وشهدوا نزول الوحى ولكن سيأتى بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا اليه منكسرين فقالوا ما رأينا اعجب من هؤلاء نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب فاذا آن آخر النهار أخذوا فى الاستغفار فتبدل سيآتهم حسنات فقال انكم لن تنالوا من هؤلاء شيأ لصحة توحيدهم واتباعهم لسنة نبيهم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن سيأتى بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم تلعبون بهم لعبا وتقودونهم بازمة اهوائهم كيف شئتم لا يستغفرون فيغفر لهم فلا يتوبون فتبدل سيآتهم حسنات قال فجاء قوم بعد القرون الاولى فبث فيهم الأهواء وزين لهم البدع فاستحلوها واتخذوها دينا لا يستغفرون منها ولا يتوبون عنها فسلط إبليس عليهم الأعداء وقادوهم حيث شاؤا

[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 إلى 158]

نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كزينان نيايد بجز كار بد فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش بر انداخت از بهر ما كجا بر سر آريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ من بستان السعدي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وهم المنافقون القائلون لو كان لنا من الأمر شىء ما قتلنا هاهنا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ لاجل إخوانهم وفى حقهم ومعنى الاخوة اتفاقهم نسبا او مذهبا وعقيدة إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ اى سافروا فيها وابعدوا للتجارة وسائر المهام فماتوا فى سفرهم أَوْ كانُوا اى إخوانهم غُزًّى جمع غازى كعفى جمع عافى وسجد جمع ساجد اى إذا خرجوا الى الغزو فقتلوا لَوْ كانُوا عِنْدَنا اى مقيمين بالمدينة ما ماتُوا فى سفرهم وَما قُتِلُوا فى الغزو وليس المقصود بالنهى عدم مماثلتهم فى النطق بهذا القول بل فى الاعتقاد بمضمونه والحكم بموجبه لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ متعلق بقالوا على ان اللام لام العاقبة كما فى قوله ربيته ليؤذينى وليست لام العلة والغرض لانهم لم يقولوه لذلك وانما قالوه لتثبيط المؤمنين عن الجهاد والمعنى انهم قالوا ذلك القول واعتقدوه لغرض من أغراضهم فكان عاقبة ذلك القول ومصيره الى الحسرة وهى أشد الندامة التي تقطع القوة والمراد بالتعليل المذكور بيان عدم ترتب فائدة ما على ذلك أصلا ووجه كون تكلم ذلك الكلام حسرة فى قلوبهم زاعمين ان من مات او قتل منهم انما مات او قتل بسبب تقصيرهم فى منع هؤلاء القتلى عن السفر والغزو ومن اعتقد ذلك لا شك انه تزداد حسرته وتلهفه واما المسلم الذي يعتقد ان الموت والحياة لا يكون الا بتقدير الله وقضائه لا يحصل فى قلبه هذه الحسرة وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ رد لقولهم الباطل اى هو المؤثر فى الحياة والممات وحده من غير ان يكون للاقامة او للسفر مدخل فى ذلك فانه تعالى قد يحيى المسافر والغازي مع اقتحامهما لموارد الحتوف ويميت المقيم والقاعد مع حيازتهما لاسباب السلامة اى بسا اسب تيزرو كه بماند ... كه خر لنك جان بمنزل برد بس كه در خاك تن درستان را ... دفن كردند وزخم خورده نمرد وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فلا تكونوا مثل هؤلاء المنافقين وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ فى سبيله وأنتم مؤمنون واللام هى الموطئة للقسم المحذوف وجوابه قوله تعالى لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ وحذف جواب الشرط لسد جواب القسم مسده لكونه دالا عليه والمعنى ان السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الاجل أصلا ولئن وقع ذلك بامر الله تعالى لنفحة يسيرة من مغفرة ورحمة كائنتين من الله تعالى بمقابلة ذلك خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ اى الكفرة من منافع الدنيا وطيباتها مدة أعمارهم. فان قيل كيف تكون المغفرة موصوفة بانها خير مما يجمعون ولا خير فيما يجمعون أصلا. قلنا ان الذي يجمعونه فى الدنيا قد يكون من باب الحلال الذي يعد خيرا وايضا هذا وارد على حسب قولهم ومعتقدهم ان تلك الأموال خيرات فقيل المغفرة خير من هذه الأشياء التي تظنونها خيرات وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ اى

[سورة آل عمران (3) : الآيات 159 إلى 163]

على أي وجه اتفق هلاككم حسب تعلق الارادة الإلهية لَإِلَى اللَّهِ اى الى المعبود بالحق العظيم الشان الواسع الرحمة الجزيل الإحسان تُحْشَرُونَ لا الى غيره فيوفى أجوركم ويجزل لكم عطاياكم. واعلم ان هذه الآيات على ترتيب أنيق فانه قال فى الآية الاولى لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وهى التجاوز عن السيئات وذلك اشارة الى من يعبد الله خوفا من عقابه ثم قال وَرَحْمَةٌ وهى التفضل بالمثوبات وهو اشارة الى من يعبده ثوابه ثم قال فى آخر الآية لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ وهو اشارة الى من يعبد الله لمجرد الربوبية والعبودية وهذا أعلى المقامات: قال عبد الرحمن الجامى جانا ز در تو دور نتوانم بود ... قانع ببهشت وحور نتوانم بود سر بر در تو بحكم عشقم نه بمزد ... زين در چهـ كنم صبور نتوانم بود فبين الحشر الى مغفرة الله والحشر الى الله فرق كثير- روى- ان عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام مر بأقوام نحفت أبدانهم واصفرت وجوههم ورأى عليهم آثار العبادة فقال ماذا تطلبون فقالوا نخشى عذاب الله فقال هو أكرم من ان لا يخلصكم من عذابه ثم مر بأقوام آخرين فرأى عليهم تلك الآثار فسألهم فقالوا نطلب الجنة والرحمة فقال هو أكرم من ان يمنعكم رحمته ثم مر بقوم ثالث ورأى آثار العبودية عليهم اكثر فسألهم فقالوا نعبده لانه الهنا ونحن عبيده لا لرغبة ولا لرهبة فقال أنتم العبيد المخلصون والمتعبدون المحقون كر كند جاى بدل عشق جمال أزلت ... چشم اميد بحوران بهشتى ننهى كى مسلم شودت عشق جمال ازلى ... تا بر آفاق همه تهمت زشتى ننهى - حكى- ان امرأة قالت لجماعة ما السخاء عندكم قالوا بذل المال قالت هو سخاء اهل الدنيا والعوام فما سخاء الخواص قالوا بذل المجهود فى الطاعة قالت ترجون الثواب قالوا نعم قالت تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فاين السخاء قالوا فما عندك قالت العمل لله لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب وذلك لا يمكن الا بالتجريد والتفريد والوصول الى حقيقة الوجوه. فعلى السالك ان يعرض عن الدنيا والآخرة ويقبل على الله حتى يكشف عن وجهه الحجاب ويصل الى رب الأرباب. قال الامام فى تفسيره الإنسان إذا توجه الى الجهاد اعرض قلبه عن الدنيا واقبل على الآخرة فاذا مات فكأنه تخلص من العدو ووصل الى المحبوب وإذا جلس فى بيته خائفا من الموت حريصا على جمع الدنيا فاذا مات فكأنه حجب عن المعشوق والقى فى دار الغربة ولا شك فى كمال سعادة الاول وكمال شقاوة الثاني انتهى فحشر الغافلين بالحجاب وحشر الواصلين بإظهار الجناب فمن كان فى هذه الدنيا أعمى بحب المال والمنال كان فى الآخرة محجوبا عن مشاهدة الجمال فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ما مزيدة للتأكيد اى فبرحمة عظيمة لهم كائنة من الله تعالى وهى ربطه على جأشه وتخصيصه بمكارم الأخلاق كنت لين الجانب لهم وعاملتهم بالرفق والتلطف بعد ما كان منهم ما كان من مخالفة أمرك وإسلامك للعدو وَلَوْ لم تكن كذلك بل كُنْتَ فَظًّا جافيا فى المعاشرة قولا وفعلا غَلِيظَ الْقَلْبِ قاسيه غير رقيق. فالفظ سيئ الخلق وغليظ

القلب هو الذي لا يتأثر قلبه من شىء فقد لا يكون الإنسان سيئ الخلق ولا يؤذى أحدا ولكنه لا يرق لهم ولا يرحمهم فظهر الفرق بينهما لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ اى لتفرقوا من عندك ولم يسكنوا إليك وتردوا فى مهاوى الردى فَاعْفُ عَنْهُمْ فيما يتعلق بحقوقك كما عفا الله عنهم وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ فيما يتعلق بحقوقه تعالى إتماما للشفقة عليهم وإكمالا للبرّ بهم وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ اى استخرج آراءهم واعلم ما عندهم فى امر الحرب إذ هو المعهود او فيه وفى أمثاله مما تجرى فيه المشاورة عادة استظهارا بآرائهم وتطبيبا لقلوبهم ورفعا لاقدارهم وتمهيدا لسنة المشاورة للامة فَإِذا عَزَمْتَ اى عقيب المشاورة على شىء واطمأنت به نفسك فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فى إمضاء أمرك على ما هو ارشد وأصلح فان ما هو أصلح لك لا يعلمه الا الله لا أنت ولا من تشاور إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ عليه تعالى فينصرهم ويرشدهم الى ما فيه خير لهم وصلاح والتوكل تفويض الأمر الى الله والاعتماد على كفايته. قال الامام دلت الآية على انه ليس التوكل ان يهمل الإنسان نفسه كما يقوله بعض الجهال وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافيا للامر بالتوكل بل التوكل هو ان يراعى الإنسان الأسباب الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على عصمة الحكمة. واعلم ان الله تعالى بين ان اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام يتفرقون عنه لو كان فظا غليظا مع ان اتباعه دين وفراقه كفر فكيف يتوقع من يعامل الناس على خشونة اللفظ مع قسوة القلب ان ينقاد الناس كلهم له ويتابعوه ويطاوعوه فاللين فى القول انفذ فى القلوب واسرع الى الاجابة وادعى الى الطاعة ولذلك امر الله موسى وهارون به فقال فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً بنرمى ز دشمن توان كند پوست ... چوبا دوست سختى كنى دشمن اوست چوسندان كسى سخت رويى نبرد ... كه خايسك تأديب بر سر نخورد قال الامام فى تفسيره اللين والرفق انما يجوز إذا لم يفض الى إهمال حق من حقوق الله فاما إذا ادى الى ذلك لم يجز قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وقال للمؤمنين فى اقامة حد الزنى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ والتحقيق ان طرفى الافراط والتفريط مذمومان والفضيلة فى الوسط فورود الأمر بالتغليظ مرة واخرى بالنهى عنه انما كان لاجل ان يتباعد عن الافراط والتفريط فيبقى على الوسط الذي هو الصراط المستقيم ولهذا السر مدح الله تعالى الوسط فقال وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً قال عليه السلام (لا تكن مرّا فتعقى ولا حلوا فتسترط) چونرمى كنى خصم گردد دلير ... وگر خشم گيرى شوند از تو سير درشتى ونرمى بهم در بهست ... چورك زن كه جراح ومرهم نهست واعلم ان المقصود من البعثة ان يبلغ الرسول تكليف الله الى الخلق وهذا المقصود لا يتم الا إذا مالت قلوبهم اليه وسكنت نفوسهم لديه وهذا لا يتم الا إذا كان كريما رحيما يتجاوز عن ذنبهم ويعفو عن إساءتهم ويخصهم بوجوه البر والمكرمة والشفقة فلهذه الأسباب وجب ان يكون الرسول متبرئا من سوء الخلق وحيث يكون كذلك وجب ان يكون غير غليظ القلب بل يكون كثير الميل الى اعانة الضعفاء كثير القيام باعانة الفقراء كثير التجاوز عن سيآتهم كثير الصفح

[سورة آل عمران (3) : آية 160]

عن زلاتهم فلهذا المعنى قال وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ولو انفضوا من حولك فات المقصود من البعثة والرسالة وهكذا ينبغى ان يكون علماء الآخرة الوارثون والمشايخ فان الناس على دين متبوعهم فى الظاهر والباطن وقلما يوجد من يتصف بالأخلاق الحسنة من المشايخ والعلماء فى هذا الزمان الا من عصمه الله وهداه الى التمسك بالشريعة والتحقق بآداب الحقيقة وهذه الحال ليست الا لواحد بعد واحد- روى- انه خلا باحنف المضروب به المثل فى الحلم رجل فسبه سبا قبيحا فقام الأحنف وهو يتبعه فلما وصل الى قومه وقف وقال يا أخي ان كان قد بقي من قولك فضلة فقل الآن ولا يسمعك قومى فتؤذى فانظر الى خلق الأحنف كيف عامل مع الرجل وجامل وقال له رجل دلنى على المروة فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح. قال نجم الدين الكبرى فى تأويلاته كل لين يظهر فى قلوب المؤمنين بعضهم على بعض فهو رحمة الله ونتيجة لطفه مع عباده لا من خصوصية أنفسهم فان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء عليهم السلام انتهى. وفى هذا الكلام تنبيه على ان الأنبياء وان كان سلوكهم من النفس المطمئنة الى الراضية والمرضية والصافية الى ان بلغوا مبلغ النبوة والرسالة لكن نفوسهم متصفة بالامارية كسائر الناس ولكن الله يعصمهم من مقتضاها فافهم فانه محل اعتبار وإمعان إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ النصر نوعان معونة ومنع اى ان يعنكم الله ويمنعكم من عدوكم كما فعل ذلك يوم بدر فَلا غالِبَ لَكُمْ فلا أحد يغلبكم وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ الخذلان القعود عن النصرة والإسلام للهلكة اى ان يترككم فلم ينصركم كما فعله يوم أحد فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ استفهام إنكاري مفيد لانتفاء الناصر ذاتا وصفة بطريق المبالغة مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد خذلانه وهذا تنبيه على ان الأمر كله لله ولذا امر بالتوكل عليه فقال وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا ان لا ناصر سواه وآمنوا به من قبل ومن التوكل ان لا تطلب لنفسك ناصرا غير الله تعالى ولا لرزقك خازنا غيره ولا لعلمك شاهدا غيره. وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يدخل سبعون الفا من أمتي الجنة بغير حساب) قيل يا رسول الله من هم قال (هم الذين لا يكتدون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) فقال عكاشة بن محصن يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم قال (أنت منهم) ثم قام آخر فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم فقال (سبقك بها عكاشة) وقال صلى الله عليه وسلم (لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا) . وعن بعضهم قال كنت فى البادية فتقدمت القافلة فرأيت قدّامى واحدا فسارعت حتى أدركته فاذا هو امرأة بيدها ركوة وعكازة تمشى على الرعدة فظننت انها أعيت فادخلت يدى فى جيبى فاخرجت عشرين درهما فقلت خذى هذه وامكثى حتى تلحقك القافلة فتكترى بها ثم ائتنى الليلة حتى أصلح أمرك فقالت بيدها هكذا فى الهواء فاذا فى كفها دنانير فقالت أنت أخذت الدراهم من الجيب وانا أخذت الدنانير من الغيب: قال الحافظ الشيرازي برو از خانه كردون بدر ونان مطلب ... كاين سيه كاسه در آخر بكشد مهمانرا قال القشيري حقيقة النصر ان ينصرك على نفسك فانها أعدى عدوك وهى ان يهدم عنك

[سورة آل عمران (3) : الآيات 161 إلى 162]

دواعى فتنتها بعواصم رحمته حتى ينفض جنود الشهوات بهجوم وفور المنازلات فتبقى الولاية لله تعالى خالصة من رعونات الدواعي التي هى أوصاف البشرية وشهوات النفوس وان يخذلكم فالخذلان التخلية بينه وبين المعاصي فمن نصره قبض على يده عند الهم بتعاطى المكروه ومن خذله القى حبله على غاربه ووكله الى سوء اختياره فيهيم على وجهه فى فيافى البعد فتارة يشرق غير محتشم وتارة يغرب غير محترم ومن سيبه الحق فلا آخذ ليده ولا جابر لكسره وعلى الله فليتوكل المؤمنون فى وجدان الامان من هذه الاخطار عند صدق الابتهال واسبال ثوب العفو على الاجرام عند خلوص الالتجاء بالتبري من الحول والقوة ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم. جهان آفرين كر نه يارى كند ... كجا بنده پرهيز كارى بود وَما كانَ لِنَبِيٍّ اى وما صح لنبى من الأنبياء عليهم السلام وما استقام له أَنْ يَغُلَّ اى يخون فى المغنم فان الغلول هو أخذ شىء من مال الغنيمة خفية وخيانة لكونها سببا للعار فى الدنيا وللنار فى العقبى تنافى منصب النبوة التي هى أعلى المناصب الانسانية والمراد اما تنزيه ساحة رسول الله عليه السلام عما ظن به الرماة يوم أحد حتى تركوا المركز وأفاضوا فى الغنيمة وقالوا تخشى ان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيأ فهو له ولا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر فقال لهم صلى الله عليه وسلم (ألم اعهد إليكم ان لا تتركوا المركز حتى يأتيكم امرى) فقالوا تركنا بقية إخواننا وقوفا فقال صلى الله عليه وسلم (بل ظننتم انا نغل ولا نقسم بينكم) واما المبالغة فى النهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روى انه بعث طلائع فغنم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعدهم فقسمها بين الحاضر ولم يترك للطلائع شيأ فنزلت والمعنى ما كان لنبى ان يعطى قوما من العسكر ويمنع آخرين بل عليه ان يقسم بين الكل بالسوية وعبر عن حرمان بعض الغزاة بالغلول تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يأت بالذي غل بعينه يحمله على عنقه فيفتضح به على رؤوس الاشهاد وهو كقوله عليه السلام (من غصب قدر شبر من الأرض طوقه الله يوم القيامة من سبع ارضين) قال عليه السلام (من بعثناه على عمل فغل شيأ جاء يوم القيامة يحمله على عنقه) وقال صلى الله عليه وسلم (هدايا الولاة غلول) اى قبول الولاة الهدايا غلول لانه فى معنى الرشوة. وروى انه صلى الله عليه وسلم (قال ألا لا اعرفن أحدكم يأتى ببعير له رغاء وببقر له خوار وشاة لها ثغاء فينادى يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيأ فقد بلغتك) وقيل لابى هريرة رضى الله عنه كيف يأتى بما غل وهو كثير كبير بان غل أموالا جمة فقال أرأيت من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل ودقان وساقه مثل جبل ومجلسه ما بين المدينة وريدان يحمل مثل هذا ويجوز ان يراد بما احتمل من وباله وإثمه ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ اى تعطى وافيا جزاء ما كسبت خيرا او شرا كثيرا أو يسيرا وكان اللائق بما قبله ان يقال ثم يوفى ما كسب لكنه عمم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه فانه إذا كان كل كاسب مجزيا بعمله فالغال مع عظم جرمه بذلك اولى وَهُمْ اى كل الناس المدلول عليهم بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بزيادة عقاب او بنقص ثواب أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ الهمزة

[سورة آل عمران (3) : آية 163]

للانكار والفاء للعطف على محذوف والتقدير أمن اتقى فاتبع رضوان الله اى سعى فى تحصيله وانتحى نحوه حيثما كان يفعل الطاعات ويترك المنكرات كالنبى ومن يسير بسيرته كَمَنْ باءَ اى رجع بِسَخَطٍ غضب عظيم لا يقادر قدره كائن مِنَ اللَّهِ بسبب معاصيه كالغال ومن تدين بدينه والمراد انهما لا يستويان وَمَأْواهُ اى مأوى من باء بسخط من الله جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ والفرق بينه وبين المرجع ان المصير يجب ان يخالف الحالة الاولى ولا كذلك المرجع هُمْ راجع الى الموصولين باعتبار المعنى دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ اى طبقات مختلفة متفاوتة فى علمه وحكمه تعالى شبهوا فى تفاوت الأحوال وتباينها بالدرجات مبالغة وإيذانا بأن بينهم تفاوتا ذاتيا كالدرجات ومراتب الخلق فى اعمال المعاصي والطاعات متفاوتة فوجب ان تتفاوت مراتبهم فى درجات العقاب والثواب لقوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ والمعنى ذو درجات وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ من الأعمال ودرجاتها فمجازيهم بحسبها. واعلم ان الغلول من الكبائر والغال خائن ومن حاله ان يكون الغالب عليه النفس وهواها والأنبياء منسلخون عن صفات البشرية متصفون بصفات الربوبية معصومون من الرذائل وصفات النفس ودواعى الشيطان قائمون بالله فلا يمكن صدور أمثال ذلك منهم فالنبى فى جنة الصفات ومقام الرضوان والغال فى جحيم النفس وهاوية الهوى فلا يساوى حال الغال احوال الأنبياء ولذلك قال هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ فعلى العاقل ان يسارع الى تكميل الدرجات والوصول الى احسن الحالات. قالوا اهل الجنة اربعة اصناف. الرسل والأنبياء. ثم الأولياء وهم اتباع الرسل على بصيرة وبينة من ربهم. ثم المؤمنون وهم المصدقون بهم عليهم السلام. ثم العلماء بتوحيد الله انه لا اله الا هو من حيث الادلة العقلية وهم المراد باولى العلم فى قوله تعالى شَهِدَ اللَّهُ وفيهم يقول الله يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وهؤلاء الطوائف الأربع يتميزون فى جنات عدن عند رؤية الحق فى الكثيب الأبيض وهم فيه على اربعة مقامات. طائفة منهم اصحاب منابر وهى الطبقة العليا الرسل والأنبياء. والطائفة الثانية هم الأولياء ورثة الأنبياء قولا وعملا وحالا وهم اصحاب الاسرة والعرش. والطبقة الثالثة العلماء بالله من طريق النظر البرهاني العقلي وهم اصحاب الكرسي. والطبقة الرابعة هم المؤمنون المقلدون فى توحيدهم ولهم المراتب وهم فى المحشر مقدمون على اصحاب النظر العقلي وهم فى الكثيب يتقدمون على المقلدين قيامت كه نيكان بأعلى رسند ... ز قعر ثرا بر ثريا رسند ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خويش قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو نهد والخلق متفاوتون فى الأعمال وتفاضلهم على مراتب. فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والإسلام فيفضل الكبير السن على الصغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل. ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشوراء أعظم من سائر الأيام والأزمان. ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد المدينة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 164 إلى 168]

وهى من الصلاة فى المسجد الأقصى وهى منها فى سائر المساجد. ومنها بالأحوال فان الصلاة بالجماعة أفضل من صلاة الشخص وحده. ومنها بنفس الأعمال فان الصلاة أفضل من اماطة الأذى. ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدى هدية لشريف من اهل البيت أفضل من ان يهدى لغيره واحسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمان الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس كذلك بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ليس من يوم يأتى على ابن آدم الا ينادى فيه يا ابن آدم انا خلق جديد وانا فيما تعمل عليك غدا شهيد فاعمل فىّ خيرا اشهد لك به غدا فانى لو قد مضيت لم ترنى ابدا ويقول الليل مثل ذلك) فاعمل يا أخي عمل من يعلم انه راجع الى الله وقادم عليه يجازى على الصغير والكبير والقليل والكثيرة وقد قال تعالى وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ فينبغى ان لا يغفل الإنسان فى كل ساعاته لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ جواب قسم محذوف اى والله لقد أنعم الله على من آمن مع الرسول عليه السلام من قومه وتخصيصهم بالامتنان مع عموم نعمة البعثة للاسود والأحمر لزيادة انتفاعهم بها إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ اى من نسبهم او من جنسهم عربيا مثلهم ليفقهوا كلامه بسهولة ويكونوا واقفين على حاله فى الصدق والامانة مفتخرين به وفى ذلك شرف عظيم لهم قال الله تعالى وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وقرئ من أنفسهم اى أشرفهم فانه صلى الله تعالى عليه وسلم كان من اشرف قبائل العرب وبطونها يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ اى القرآن بعد ما كانوا جهالا لم يسمعوا الوحى وَيُزَكِّيهِمْ اى يطهرهم من دنس الطباع وسوء العقائد والأعمال واوضار الأوزار وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ اى القرآن والسنة وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ اى من قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وتزكيته وتعليمه لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ بين لا ريب فى كونه ضلالا. وان هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف واللام فارقة بينها وبين النافية. واعلم ان الله تعالى أرسل محمدا الى أقوام عتاة اشراس فذلل منهم كل من عتا وعاس ونكس بمولده الأصنام على الرأس وانشق ايوان كسرى وسقطت منه اربع عشرة شرافة بعدد من سيملك من الناس وخمدت نار فارس وبحيرة ساوة غاضت على غير القياس واختاره مولاه وقدمه على الخلق فهو بمنزلة العين من الرأس وايام دولته كايام التشريق وليلات الأعراس فتعجبت قريش من غنى بالفضل بعد فقر الإفلاس فرماهم القرآن بسهام الجدل لاعن أقواس أكان للناس عجبا ان أوحينا الى رجل منهم ان انذر الناس فهو رحمة عامة للانام وله خطر جليل عند الخواص والعوام وفيما خطب به ابو طالب فى تزويج خديجة رضى الله عنها وقد حضر معه بنوا هاشم ورؤساء مضر (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية ابراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معدّ وعنصر مضر وجعلنا خضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس ثم ابن أخي هذا محمد بن عبد الله من لا يوزن به فتى

[سورة آل عمران (3) : آية 165]

من قريش إلا رجح به وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل) وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (قال لى جبريل يا محمد قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد ولم أجد بنى اب أفضل من بنى هاشم آدم ومن دونه تحت اللواء) زانكه بهر اوست خلق ما سوا ... وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان قريشا كانت نورا بين يدى الله قبل ان يخلق آدم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم القى ذلك النور فى صلبه نور بهار عالم نور بهار آدم وذكر ان عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو نائم فى الحجر انتبه مذعورا قال العباس فتبعته وانا يومئذ غلام اعقل ما يقال فأتى كهنة قريش فقال رأيت كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهرى ولها اربعة أطراف طرف قد بلغ مشارق الأرض وطرف قد بلغ مغاربها وطرف قد بلغ عنان السماء وطرف قد جاوز الثرى فبينا انا انظر عادت شجرة خضراء لها نور فبينا انا كذلك قام على شيخان فقلت لاحدهما من أنت قال انا نوح نبى رب العالمين وقلت للآخر من أنت قال ابراهيم خليل رب العالمين ثم انتبهت قالوا ان صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك نبى يؤمن به اهل السموات واهل الأرض ودلت السلسلة على كثرة اتباعه وأنصاره وقوتهم لتداخل حلق السلسلة ورجوعها شجرة تدل على ثبات امره وعلو ذكره وسيهلك من لم يؤمن به كما هلك قوم نوح وستظهر به ملة ابراهيم والى هذا وقعت اشارة النبي عليه الصلاة والسلام يوم حنين حيث قال انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب كأنه يقول انا ابن صاحب تلك الرؤيا مفتخرا بها لما فيها من علم نبوته وعلو كلمته ثم انه لا نهاية لاوصافه الشريفة وأخلاقه الحميدة وانما الكلام فى ان يكون المرء ممتلئا بمحبته مقتفيا بآثار سنته حتى يكون من أمته حقيقة والخدمة فى عتبة بابه من جهة الشريعة والطريقة من أقوى الوسائل الى الوصول- حكى- ان مريدا مدعيا قال ان شيخى يعرف مقامى فى هذه الطريقة واستحقاقي للخلافة والنصب فى مقام الإرشاد فماله لا يجيزنى بالخلافة فسمع ذلك شيخه فاستخدمه أياما فاظهر ذلك الصوفي الكسل فى خدمته ولم يخدمه بالشوق والاجتهاد فرأى حاله الشيخ فقال منكرا لما ادعاه من لا يقدر على خدمة الخلق كيف يقدر على خدمة الخالق فانظر كيف جعل خدمة الخلق من اسباب خدمة الخالق والوصول اليه وهكذا من كان فى قلبه ميل الى وصول الحق فلا بد له ان يرجع اولا الى خدمة شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وسننه حتى يحبه النبي عليه الصلاة والسلام فيحبه الله تعالى محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جز در پى مصطفا شرفنا الله وإياكم برعاية سننه وآدابه والاقتفاء بآثار آله وأصحابه انه المنان جزيل الإحسان واسع الغفران فى كل زمان أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا الواو عاطفة لمدخولها على محذوف قبلها ولما ظرف لقلتم مضاف الى ما بعده وقد أصبتم فى محل الرفع على انه صفة لمصيبة والمراد بها ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم وبمثليها ما أصاب المشركين يوم بدر من قتل سبعين منهم واسر سبعين وأنى هذا مقول قلتم والمعنى أحين أصابكم من المشركين نصف ما قد أصابهم منكم قبل ذلك جزعتم وقلتم من اين أصابنا هذا فالهمزة

[سورة آل عمران (3) : الآيات 166 إلى 168]

للتقرير والتقريع على قولهم لو كان رسولا من عند الله لما انهزم عسكره من الكفار يوم أحد وادي ذلك الى ان قالوا من اين هذه المغلوبية للمشركين فكيف صاروا منصورين علينا مع شركهم وكفرهم بالله ونحن ننصر رسول الله ودين الإسلام وهو استفهام على سبيل الإنكار فامر الله تعالى رسوله عليه السلام بان يجيب عن سؤالهم الفاسد فقال قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ اى هذا الانهزام انما حصل بشئوم عصيانكم حيث خالفتم الأمر بترك المركز والحرص على الغنيمة إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ومن جملته النصر عند الطاعة والخذلان عند المخالفة وحيث خرجتم عن الطاعة أصابكم منه تعالى ما أصابكم وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ اى جمعكم وجمع المشركين يريد يوم أحد فَبِإِذْنِ اللَّهِ اى فهو كائن بقضائه وتخليته الكفار سماها اذنا لانها من لوازمه وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا اى وليتميز المؤمنون والمنافقون فيظهر ايمان هؤلاء وكفر هؤلاء وَقِيلَ لَهُمْ عطف على نافقوا داخل معه فى هذه الصلة وهم عبد الله بن ابى وأصحابه حيث انصرفوا يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهم عبد الله بن حرام أذكركم الله ان تخذلوا نبيكم وقومكم ودعاهم الى القتال وذلك قوله تعالى تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا عنا العدو بتكثير سوادنا ان لم تقاتلوا معنا فان كثرة السواد مما يروع العدو ويكسر منه قالُوا حين خيروا بين الخصلتين المذكورتين لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ اى لو نعلم ما يصح ان يسمى قتالا لا تبعناكم فيه لكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء النفس الى التهلكة أولو نحسن قتالا لا تبعناكم وانما قالوه دخلا واستهزاء هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ ومعنى كون قربهم الى الكفر أزيد يومئذ من قربهم الى الايمان انهم كانوا قبل ذلك الوقت كاتمين للنفاق فكانوا فى الظاهر أبعد من الكفر فلما ظهر منهم ما كانوا يكتمون صاروا اقرب للكفر فان كل واحد من انخذالهم برجوعهم عن معاونة المسلمين وكلامهم المحكي عنهم يدل على انهم ليسوا من المسلمين يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ يظهرون خلاف ما يضمرون لا تواطئ قلوبهم ألسنتهم بالايمان وإضافة القول الى الأفواه تأكيد وتصوير فان الكلام وان كان يطلق على اللساني والنفساني الا ان القول لا يطلق الا على ما يكون باللسان والفم فذكر الأفواه بعده تأكيد كقوله تعالى وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ وتصوير لحقيقة القول بصورة فرده الصادر عن آلته التي هى الفرد وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ من النفاق وما يخلو به بعضهم الى بعض فانه يعلمه مفصلا بعلم واجب وأنتم تعلمونه مجملا بامارات الَّذِينَ قالُوا مرفوع على انه بدل من واو يكتمون لِإِخْوانِهِمْ لاجل إخوانهم من جنس المنافقين المقتولين يوم أحد أو إخوانهم فى النسب وفى سكنى الدار فيندرج فيهم بعض الشهداء وَقَعَدُوا حال من ضمير قالوا بتقدير قداى قالوا وقد قعدوا عن القتال بالانخذال لَوْ أَطاعُونا اى فيما امرناهم ووافقونا فى ذلك ما قُتِلُوا كما لم نقتل وفيه إيذان بأنهم امروهم بالانخذال حين انخذلوا وأغووهم كما غووا قُلْ تبكيتا لهم وإظهارا لكذبهم فَادْرَؤُا اى ادفعوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ جواب الشرط محذوف يدل عليه

[سورة آل عمران (3) : الآيات 169 إلى 173]

ما قبله اى ان كنتم صادقين فيما ينبئ عنه قولكم من انكم قادرون على دفع القتل عمن كتب عليه فادفعوا عن أنفسكم الموت الذي كتب عليكم معلقا بسبب خاص موقتا بوقت معين بدفع سببه فان اسباب الموت فى إمكان المدافعة بالحيل وامتناعها سواء وأنفسكم أعز عليكم من إخوانكم وأمرها أهم لديكم من أمرهم والمعنى ان عدم قتلكم كان بسبب انه لم يكن مكتوبا لا بسبب انكم دفعتموه بالقعود مع كتابته عليكم فان ذلك مما لا سبيل اليه بل قد يكون القتال سببا للنجاة والقعود مؤديا الى الموت ز پيش خطر تا توانى كريز ... وليكن مكن با قضا پنجه تيز كرت زندگانى نبشتست دير ... نه مارت كز آيد نه شمشير وتير واعلم ان الموت ليس له سن معلوم ولا أجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك مستعدا لذلك وكان بعض الصالحين ينادى بالليل على سور المدينة الرحيل الرحيل فلما توفى فقد صوته امير تلك المدينة فسأل عنه فقيل انه مات فقال ما زال يلهج بالرحيل وذكره ... حتى أناخ ببابه الجمال فأصابه متيقظا متشمرا ... ذا أهبة لم نلهه الآمال - روى- انه مر دانيال عليه السلام ببرية فسمع مناديا يا دانيال قف ساعة ترعجبا فلم ير شيأ ثم نادى الثانية قال فوقفت فاذا بيت يدعونى الى نفسه فدخلت فاذا سرير مرصع بالدر والياقوت فاذا النداء من السرير اصعد يا دانيال ترعجبا فارتقيت السرير فاذا فراش من ذهب مشحون بالمسك والعنبر فاذا عليه شاب ميت كأنه نائم وإذا عليه من الحلي والحلل ما لا يوصف وفى يده اليسرى خاتم من ذهب وفوق رأسه تاج من ذهب وعلى منطقته سيف أشد خضرة من البقل فاذا النداء من السرير أن احمل هذا السيف واقرأ ما عليه قال فاذا مكتوب عليه هذا سيف صمصام بن عوج بن عنق بن عاد بن ارم وانى عشت الف عام وسبعمائة وافتضضت اثنى عشر الف جارية وبنيت أربعين الف مدينة وهزمت سبعين الف جيش وفى كل جيش قائد مع كل قائد اثنا عشر الف مقاتل وباعدت الحكيم وقربت السفيه وخرجت بالجور والعنف والحمق عن حد الانصاف وكان يحمل مفاتيح الخزائن اربعمائة بغل وكان يحمل الى خراج الدنيا فلم ينازعنى أحد من اهل الدنيا فادعيت الربوبية فاصابنى الجوع حتى طلبت كفا من ذرة بألف قفيز من درّ فلم اقدر عليه فمت جوعا يا اهل الدنيا اذكروا امواتكم ذكرا كثيرا واعتبروا بي ولا تغرنكم الدنيا كما غرتنى فان أهلي لم يحملوا من وزري شيأ. فعلى العاقل ان لا يركن الى الدنيا ويتذكر مرجعه ويتجنب عن المنافقة والظلم والجور ويتصف بالإخلاص والعدل والإحسان فانه هو المفيد: قال ابن الكمال پرده دارى ميكند در طاق كسرى عنكبوت ... بوم نوبت ميزند بر قلعه افراسياب تخم احسان را چهـ دارى برفشان اى بي خبر ... چونكه دانى دانه عمرت خورد اين آسياب جعلنا الله وإياكم من المتيقظين الواصلين الى ذروة اليقين قبل حلول الاجل والحين وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً المراد بهم شهداء أحد وكانوا سبعين رجلا اربعة من

[سورة آل عمران (3) : الآيات 170 إلى 171]

المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمرو وعثمان بن شهاب وعبد الله بن جحش وباقيهم من الأنصار. قال القاشاني الأفصح الأبلغ ان يجعل الخطاب فى وَلا تَحْسَبَنَّ لكل أحد لانه امر خطير يجب ان يبشر به كل واحد لتتوفر دواعيهم الى الجهاد وليتيقنوا بحسن الجزاء وان كان للرسول صلى الله عليه وسلم فالمراد به نهى الامة تنبيهم على حالهم والا فرسول الله أجل مرتبة من ذلك الحسبان بَلْ أَحْياءٌ اى بل هم احياء عِنْدَ رَبِّهِمْ خبر ثان للمبتدأ المقدر والعندية المكانية مستحيلة فتعين حملها على انهم مقربون منه تعالى قرب التكريم والتعظيم يُرْزَقُونَ من ثمار الجنة وتحفها وفيه تأكيد لكونهم احياء وتحقيق لمعنى حياتهم فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وهو شرف الشهادة والفوز بالحياة الابدية والزلفى من الله تعالى والتمتع بالنعيم المخلد عاجلا وَيَسْتَبْشِرُونَ معطوف على قوله فرحين عطف الفعل على الاسم لكون الفعل فى تأويل الاسم كأنه قيل فرحين ومستبشرين وبناء استفعل ليس للطلب بل هو بمعنى المجرد نحو استغنى الله اى غنى وقد سمع بشر الرجل بكسر العين فيكون استبشر بمعناه وقيل هو مطاوع ابشر نحو أراحه فاستراح فان البشرى حصلت لهم بابشار الله تعالى واليه أشار الزمخشري فى الكشاف بقوله بشرهم الله بذلك فهم مستبشرون به والبيضاوي بقوله يسرون بالبشارة بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ اى بإخوانهم الذين لم يقتلوا بعده فى سبيل الله فيلحقوا بهم مِنْ خَلْفِهِمْ متعلق بيلحقوا والمعنى انهم بقوا بعدهم وهم قد تقدموهم أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ بدل من الذين بدل اشتمال مبين لكون استبشارهم بحال إخوانهم لا بذواتهم وان هى المحففة اى يفرحون بما بشر لهم وبين من حيث حال إخوانهم الذين تركوهم وهو انهم إذا ماتوا او قتلوا يفوزون بحياة ابدية لا يدركها خوف وقوع محذور ولا حزن فوت مطلوب والخوف يكون بسبب توقع المكروه النازل فى المستقبل والحزن يكون بسبب فوت المنافع التي كانت موجودة فى الماضي فبين الله انه لا خوف عليهم مما سيأتيهم من اهوال القيامة وأحوالها ولا حزن لهم مما فاتهم من نعم الدنيا ولذاتها يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ كائنة مِنَ اللَّهِ كرر لبيان أن الاستبشار المذكور ليس بمجرد عدم الخوف والحزن بل به وبما يقارنه من نعمة عظيمة لا يقادر قدرها وهى ثواب أعمالهم وَفَضْلٍ اى زيادة عظيمة كما فى قوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ كافة سواء كانوا شهداء او غيرهم وهو بفتح ان عطف على فضل منتظم معه فى سلك المستبشر به. قال الامام الآية تدل على ان استبشارهم بسعادة إخوانهم من استبشارهم بسعادة أنفسهم لان الاستبشار الاول فى الذكر هو بأحوال الاخوان وهذا تنبيه من الله على ان فرح الإنسان بصلاح حال إخوانه ومتعلقه يجب ان يكون أتم وأكمل من فرحه وصلاح احوال نفسه. واعلم ان ظاهر الآية يدل على ان هؤلاء المقتولين وان فارقت أرواحهم من أجسادهم الا انهم احياء فى الحال. واختلف القائلون بحياتهم فى الحال انها للروح او للبدن ولا بد هاهنا من تقديم مقدمة ليتضح بها المقام وهى ان الإنسان المخصوص ليس عبارة عن مجموع هذه البنية المخصوصة بل هو شىء مغاير لها وذلك لان اجزاء هذه البنية فى الذوبان والانحلال والتبدل والتغير

بالسمن وضده والصغر وخلافه والإنسان المخصوص شىء واحد باق من أول عمره الى آخره والباقي مغاير للمتبدل فثبت ان الإنسان مغاير لهذا البدن المخصوص ثم بعد هذا يحتمل ان يكون جسما مخصوصا ساريا فى هذه الجثة سريان النار فى الفحم والدهن فى السمسم وماء الورد فى الورد ويحتمل ان يكون جوهرا قائما بنفسه ليس بجسم ولا حال فى الجسم وعلى كلا المذهبين لا يبعد ان ينفصل ذلك الشيء حيا عند موت البدن فيثاب ويعذب على حسب اعماله والدلائل العقلية والنقلية الدالة على بقاء النفوس بعد موت الأجساد كثيرة متعاضدة فوجب المصير اليه وبه تزول الشبهات الواردة على القول بثواب القبر كما فى هذه الآية وعلى القول بعذاب القبر كما فى قوله تعالى أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً إذا لم تمت النفوس بموت الأبدان او قلنا بانه تعالى أماتها ثم أعاد الحياة إليها كما يدل عليه ما روى فى بعض الاخبار انه قال صلى الله عليه وسلم فى صفة الشهداء (ان أرواحهم فى أجواف طير خضر وانها ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتسرح فى الجنة حيث شاءت وتأوى الى قناديل من ذهب تحت العرش فلما رأوا طيب مطعمهم ومسكنهم ومشربهم قالوا يا ليت قومنا يعلمون ما نحن فيه من النعيم وما صنع الله بنا كى يرغبوا فى الجهاد فقال الله تعالى انا مخبر عنكم ومبلغ إخوانكم ففرحوا بذلك واستبشروا) فانزل الله هذه الآية. والذين اثبتوا هذه الحياة للاجساد اختلفوا. فقال بعضهم انه تعالى تصعد أجساد هؤلاء الشهداء الى السموات الى قناديل تحت العرش ويوصل انواع السعادات والكرامات إليها. ومنهم من قال يتركها فى الأرض ويحييها ويوصل هذه السعادات إليها كذا فى تفسير الامام ولا بن سينا رسالة فى علم النفس ولعمرى قد بلغ القصوى فى التحقيق فليطلبها من أراد. وفضائل الشهداء لا نهاية لها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشهيد لا يجد ألم القتل الا كما يجد أحدكم ألم القرصة وله سبع خصال يغفر له فى أول قطرة قطرت من دمه ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار لياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج بثلاث وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع فى سبعين من أقربائه) - ويروى- انه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى ادعوا الى خيرتى من خلقى فيقولون يا رب من هم فيقول الشهداء الذين بذلوا دماءهم وأموالهم وأنفسهم فيمرون على رب العزة وسيوفهم على أعناقهم فيدخلون مساكنهم فى الجنة وينصب يوم القيامة لواء الصدق لأبى بكر وكل صديق يكون تحت لوائه ولواء العدل لعمرو كل عادل يكون تحت لوائه ولواء السخاوة لعثمان وكل سخى يكون تحت لوائه ولواء الشهداء لعلى وكل شهيد يكون تحت لوائه وكل فقيه تحت لواء معاذ بن جبل وكل زاهد تحت لواء ابى ذر وكل فقير تحت لواء ابى الدرداء وكل مقرئ تحت لواء ابى بن كعب وكل مؤذن تحت لواء بلال وكل مقتول ظلما تحت لواء الحسين بن على رضى الله عنهما فذلك قوله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قيل أرواح الشهداء وان كانت فى عليين الا انها تزور قبورها كل جمعة على الدوام ولذلك يستحب زيارة القبور ليلة الجمعة ويوم الجمعة قال عليه السلام (ما من أحد يمر بمقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه) . قال الجنيد قدس سره من كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينتقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهى الحياة الحقيقة وإذا كان

[سورة آل عمران (3) : الآيات 172 إلى 173]

القتيل بسيف الشريعة حيا مرزوقا فكيف من قتل بسيف الصدق والحقيقة هركز نميرد آنكه دلش زنده شد بعشق ... ثبتست بر جريده عالم دوام ما قال القاشاني المقتول فى سبيل الله صنفان. مقتول بالجهاد الأصغر وبذل النفس طلبا لرضى الله كما هو الظاهر. ومقتول بالجهاد الأكبر وكسر النفس وقتلها بسفرة الحب وقمع الهوى كما روى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انه قال عند رجوعه من بعض الغزو (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وكلا الصنفين ليسوا باموات بل احياء عند ربهم بالحياة الحقيقة مجردين من دنس الطبائع مقربين فى حضرة القدس يرزقون فى الجنة المعنوية من الأرزاق المعنوية اى المعارف والحقائق واستشراق الأنوار ويرزقون فى الجنة الصورية كما يرزق الاحياء او من كليهما فان للجنان مراتب بعضها معنوية وبعضها صورية ولكل منهما درجات على حسب المعارف والعلوم والمكاسب والأعمال فالمعنوية جنة الذات وجنة الصفات وتفاضل درجاتها بحسب تفاضل المعارف والترقي فى الملكوت والجبروت والصورية جنة الافعال وتفاوت درجاتها بحسب تفاوت الأعمال والتدرج فى مراتب عالم الملك من السموات العلى والجنات المحتوية على جميع المنى وما روى من الحديث فى شهداء أحد فالطير الخضر فيه اشارة الى الاجرام السماوية والقناديل هى الكواكب اى تعلقت بالنيرات من الاجرام السماوية لنزاهتها وانهار الجنة منابع العلوم ومشارعها ثمارها الأحوال والكشوف والمعارف او الأنهار والثمار الصورية على حسب جنتهم المعنوية او الصورية فان كل ما وجد فى الدنيا من المطاعم والمشارب والمناكح والملابس وسائر الملاذ والمشتهيات موجود فى الآخرة فى عالم المثال وفى طبقات السماء ألذ وأصفى مما فى الدنيا يستبشرون بنعمة الامن من العقاب اللازم للنقص والتقصير والنجاة من الحزن على فوات نعمة الدنيا لحصول ما هو اشرف وأصفى وألذ وأبقى من جنات الافعال وفضل هو زيادة جنات الصفات المشار إليها بالرضوان او نعمة جنة الصفات وفضل جنة الذوات وان أجر إيمانهم من جنة الافعال لا يضيع مع ذلك انتهى كلامه فلا بد للسالك من بذل المال والبدن والروح حتى يحصل لهم انواع الفتوح دلا طمع مبر از لطف بى نهايت دوست ... چولاف عشق زدى سر بباز چابك و چست الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ اى أجابوا وأطاعوا فيما أمروا به ونهوا عنه كما فى قوله تعالى فَلْيَسْتَجِيبُوا مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ اى الجرح فى غزوة أحد لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ يدخل تحته الإتيان بجميع المأمورات وَاتَّقَوْا يدخل تحته الانتهاء عن جميع المنهيات أَجْرٌ عَظِيمٌ ثواب عظيم وجملة قوله للذين خبر مقدم مبتدأه اجر عظيم والجملة فى محل الرفع خبر الذين استجابوا وكلمة من فى قوله منهم ليست للتبعيض لان الذين استجابوا لله والرسول كلهم قد أحسنوا لا بعضهم بل هى لبيان الجنس ومحصل المعنى حينئذ الذين استجابوا لله والرسول لهم اجر عظيم الا انهم وصفوا بوصفى الإحسان والتقوى مدحالهم وتعليلا لعظم أجرهم بحسن فعالهم لا تقييدا- روى- ان أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا من أحد فبلغوا الروحاء وهو موضع بين مكة والمدينة ندموا وهموا بالرجوع حتى يستأصلوا ما بقي من المؤمنين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فندب أصحابه للخروج فى طلب ابى سفيان وقال لا يخرجن

[سورة آل عمران (3) : الآيات 174 إلى 180]

معنا الا من حضر يومنا بالأمس اى وقعتنا والعرب تسمى الوقائع أياما وذكرهم بايام الله فخرج رسول الله عليه السلام اراءة من نفسه ومن أصحابه جلدا وقوة ومعه جماعة حتى بلغوا حمراء الأسد وهى من المدينة على ثمانية أميال وكان بأصحابه القرح فتحاملوا على أنفسهم اى حملوا المشقة على أنفسهم كيلا يفوتهم الاجر والقى الله الرعب فى قلوب المشركين فذهبوا فنزلت فهذه هى غزوة حمراء الأسد متصلة بغزوة أحد واما غزوة بدر الصغرى فقد وقعت بعدها بسنة وإليها الاشارة بقوله تعالى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ يعنى الركب استقبلوهم من عبد قيس او نعيم بن مسعود الأشجعي واطلاق الناس عليه لما انه من جنسهم وكلامه كلامهم يقال فلان يركب الخيل ويلبس الثياب وماله سوى فرس فرد وغير ثوب واحد أو لأنه انضم اليه ناس من المدينة وأذاعوا كلامه إِنَّ النَّاسَ يعنى أبا سفيان وأصحابه قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ اى اجتمعوا فَاخْشَوْهُمْ- روى- ان أبا سفيان لما عزم على ان ينصرف من المدينة الى مكة نادى يا محمد موعدنا موسم بدر الصغرى لقابل نقتتل بها ان شئت فقال صلى الله عليه وسلم (ان شاء الله) فلما كان القابل خرج ابو سفيان فى اهل مكة حتى نزل مر الظهران فالقى الله فى قلبه الرعب وبدا له ان يرجع فمر به ركب من بنى عبد قيس يريدون المدينة للميرة فشرط لهم حمل بعير من زبيب ان ثبطوا المسلمين او لقى نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فقال يا نعيم انى وأعدت محمدا أن نلتقى بموسم بدر الا ان هذا العام عام جدب ولا يصلحنا الا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لي ان ارجع ولكن ان خرج محمد ولم اخرج زاده ذلك جراءة فاذهب الى المدينة فثبطهم ولك عندى عشرة من الإبل وضمنها سهيل بن عمرو فجاء نعيم المدينة فوجد المسلمين يتجهزون للخروج فقال لهم ما هذا بالرأى أتوكم فى دياركم فلم يفلت منكم أحد اى لم يتخلص الا شريد وهو الفار النافر المبعد أفترون ان تخرجوا وقد جمعوا لكم فان ذهبتم إليهم لم يرجع منكم أحد فاثر هذا الكلام فى قلوب قوم منهم فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منهم قال (والذي نفسى بيده لاخرجن ولو لم يخرج معى أحد فخرج فى سبعين راكبا كلهم يقولون حسبنا الله ونعم الوكيل) فَزادَهُمْ القول إِيماناً والمعنى لم يلتفتوا الى ذلك بل ثبت به يقينهم بالله وازداد اطمئنانهم وأظهروا حمية الإسلام وأخلصوا النية عنده وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ اى محسبنا وكافينا من احسبه إذا كفاه وَنِعْمَ الْوَكِيلُ اى الموكول اليه هو اى الله فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ الفاء فصيحة اى خرجوا إليهم ووافوا الموعد فرجعوا من مقصدهم ملتبسين بنعمة عظيمة لا يقادر قدرها كائنة من الله تعالى وهى العافية والثبات على الايمان والزيادة فيه وحذر العدو منهم وَفَضْلٍ اى ربح فى التجارة عظيم لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ سالمين من السوء اى لم يصبهم أذى ولا مكروه- روى- انه صلى الله عليه وسلم وافى بجيشه بدرا الصغرى وكانت موضع سوق لبنى كنانة يجتمعون فيها كل عام ثمانية ايام ولم يلق صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه هناك أحدا من المشركين وأتوا السوق وكانت معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا اريا وزبيبا وربحوا وأصابوا بالدرهم درهمين وانصرفوا الى المدينة سالمين غانمين ورجع ابو سفيان الى مكة فسمى اهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا انما خرجتم لتشربوا

[سورة آل عمران (3) : آية 175]

السويق وَاتَّبَعُوا فى كل ما أتوا من قول وفعل وهو عطف على انقلبوا رِضْوانَ اللَّهِ الذي هو مناط الفوز بخير الدارين بجرأتهم وخروجهم وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ حيث تفضل بالتثبيت وزيادة الايمان والتوفيق للمبادرة الى الجهاد والتصلب فى الدين واظهار الجرأة على العدو وحفظهم من كل ما يسوؤهم مع إصابة النفع الجليل. وفيه تحسير لمن تخلف عنهم واظهار لخطأ رأيهم حيث حرموا أنفسهم ما فاز به هؤلاء وروى انهم قالوا هل يكون هذا غزوا فاعطاهم الله ثواب الغزو ورضى عنهم إِنَّما ذلِكُمُ اى المثبط ايها المؤمنون وهو مبتدأ الشَّيْطانُ خبره يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ المنافقين غلبة المشركين وقهرهم ليقعدوا عن قتالهم فهم المنافقون الذين فى قلوبهم مرض وقد تخلفوا عن رسول الله فى الخروج والمعنى ان تخويفه بالكفار انما يتعلق بالمنافقين الذين هم أولياؤه واما أنتم ايها المؤمنون فاولياء الله وحزبه الغالبون لا يتعلق بكم تخويفه فَلا تَخافُوهُمْ اى الشيطان واولياء من ابى سفيان وغيره وَخافُونِ فى مخالفة امرى إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فان الايمان يقتضى إيثار خوف الله عز وجل على خوف غيره ويستدعى الامن من شر الشيطان وأوليائه والخوف على ثلاثة اقسام. خوف العام وهو من عقوبة الله. وخوف الخاص وهو من بعد الله. وخوف الأخص وهو من الله والى هذه المراتب أشار النبي عليه السلام بقوله (أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك. فعلى السالك ان يفنى عن نفسه وصفاتها ولا يرى فى الكون وجودا غير وجوده فلا يخاف إلا منه فانه هو القاهر فوق عباده وهو الكافي جميع الأمور. قال نجم الدين الكبرى قدس سره آخر مقام الخلة ان يكبر على نفسه وجميع المكونات اربع تكبيرات ويتحقق له ان الله حسبه من كل شىء وهو نعم الوكيل عن نفسه وما سواه: قال الحافظ الشيرازي من همان دمكه وضو ساختم از چشمه عشق ... چار تكبير زدم يكسره بر هر چهـ كه هست يشير الى انه وقت قيامه بالعشق رأى وجود غير الله ميتا بمنزلة الجماد وقد قال كل شىء هالك الا وجهه وصلاة الميت بأربع تكبيرات لا غير وهذا هو الفناء عن نفسه وعن المكونات حققنا الله تعالى بحقيقة التوحيد. قال ابو يزيد كنت اثنتي عشرة سنة حدادا لنفسى وخمسين سنة مرآة قلبى وسنة انظر فيها فاذا فى وسطى زنار ظاهر فعملت فى قطعه اثنتي عشرة سنة ثم نظرت فاذا فى باطني زنار فعملت فى قطعه خمس سنين انظر كيف اقطع فكشف لى فنظرت الى الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم اربع تكبيرات. وقيل لابى يزيد البسطامي بعد وفاته كيف كان حالك مع منكر ونكير فقال لما قالا لى من ربك قلت لهما اسألا ربى فان قال هو عبدى يكفى والا فلو قلت انا عبده مرارا لا يفيد بلا قبوله وحقيقة العبودية بالتبري من جميع ما سوى الله ولو من صومه وصلاته وسائر عباداته- روى- ان أبا يزيد فى آخر عمره دخل محرابه وقال الهى لا أذكر صومى ولا صلاتى ولا غيرهما بل أقول أفنيت عمرى فى الضلالة فالآن قطعت زنارى وجئت بابك بالاستسلام وهو الإسلام وهذا هو الانصاف من نفسه حقيقة. قال الشيخ السعدي فى حق شيخه السهروردي

[سورة آل عمران (3) : الآيات 176 إلى 178]

شبى دائم از هول دوزخ نخفت ... بكوش آمدم صبحكاهى كه كفت چهـ بودى كه دوزخ ز من پر شدى ... مكر ديگرانرا رهايى بدى فالعاقل لا يزكى نفسه ولا يراها محلا لكرامة الله بل يتواضع بحيث يرى اعماله السيئة كثيرة بالنسبة الى اعماله الصالحة بل ولا يرى فى نفسه الا العدم المحض. واعلم ان من شعار المسلمين وعادة المؤمنين ان يجاهدوا فى سبيل الله ولا يخافوا لومة اللائمين ألا يرى ان الله تعالى كيف مدح قوما حالهم كذلك بقوله يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ فمن كان مع الله فهو يعصمه وينصره على أعدائه خصوصا عدو النفس الامارة كسى را دانم اهل استقامت ... كه باشد بر سر كوى ملامت ز أوصاف طبيعت پاك مرده ... بإطلاق هويت جان سپرده برفته سايه وخرشيد مانده ... تمام از كرد خود دامن فشانده أوصلنا الله وإياكم الى الخلوص واليقين والتمكين آمين وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ اى يقعون فيه سريعا لغاية حرصهم عليه وشدة رغبتهم فيه وهم المنافقون المتخلفون الذين يسارعون الى ما ابطنوه من الكفر مظاهرة للكفار وسعيا فى اطفاء نور الله إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً اى لن يضروا بذلك اولياء الله ودينه البتة شيأ من الضرر يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ اى يريد الله بذلك ان لا يجعل لهم فى الآخرة نصيبا ما من الثواب ولذلك تركهم فى طغيانهم يعمهون الى ان يهلكوا على الكفر. وفى ذكر الارادة اشعار بان كفرهم بلغ النهاية حتى أراد ارحم الراحمين ان لا يكون لهم حظ من رحمته وان مسارعتهم الى الكفر لانه تعالى لم يرد لهم ان يكون لهم حظ فى الآخرة وَلَهُمْ مع ذلك الحرمان الكلى بدل الثواب عَذابٌ عَظِيمٌ لا يقادر قدره إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ اى أخذوه بد لا منه رغبة فيما أخذوه وإعراضا عما تركوه لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ولما جرت العادة باغتباط المشترى بما اشتراه وسروره بتحصيله عند كون الصفقة رابحة وبتألمه عند كونها خاسرة وصف عذابهم بالايلام مراعاة لذلك وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا الموصول مع صلته فاعل لا يحسبن أَنَّما بما فى حيزها سادة مسد مفعوليه لتمام المقصود بها وهو تعلق الفعل القلبي بالنسبة بين المبتدأ والخبر وما مصدرية او موصولة حذف عائدها وكان حقها فى قياس علم الخط ان تكتب مفصولة ولكنها وقعت فى مصحف عثمان رضى الله تعالى عنه متصلة فلا يخالف وتتبع سنة الامام فى خط المصاحف نُمْلِي لَهُمْ الاملاء الامهال واطالة المدة والملي مقصورا الدهر والملوان الليل والنهار لتعاقبهما اى ان إملاء نالهم او ان ما نمليه لهم خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ من منعهم عن إرادتهم ومعنى التفضيل باعتبار زعمهم أَنَّما كافة حقها الاتصال نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً اللام لام الارادة عند اهل السنة القائلين بانه تعالى فاعل الخير والشر مريد لهما فان الاملاء الذي هو اطالة العمر لا شك انه من أفعاله تعالى وانه ليس بخير لهم لانهم يتوسلون به الى ازدياد

الإثم والطغيان فهو تعالى لما امهلهم وأطال عمرهم بإرادته واكتسبوا بذلك مآثم من الكفر والطغيان كان خالقا لتلك المآثم ايضا ولا تخلق الا بالارادة فهو مريد لها كما انه مريد لاسبابها المؤدية إليها وليست لام العلة لان أفعاله تعالى ليست معللة بالأغراض وعند المعتزلة لام العاقبة وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ اى يهانون به فى الآخرة قال عليه السلام (خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله) . ودلت الآية على ان اطالة عمر الكافر والفاسق وإيصاله الى مراداته فى الدنيا ليس بخير بل هى نعمة فى الصورة ونقمة فى الحقيقة ألا يرى ان من اطعم إنسانا خبيصا مسموما لا يعد ذلك نعمة عند الحقيقة لا فضائه الى الهلاك والعقوبة فينبغى للعبد ان لا يغتر بطول العمر وامتداده ولا بكثرة أمواله ولا أولاده غره مشو بآن كه جهانت عزيز كرد ... اى بس عزيز را كه جهان كرد زود خوار مارست اين جهان وجهانجوى ماركير ... وز مارگير مار برآرد كهى دمار قال الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج (ان من نعمى على أمتك انى قصرت أعمارهم كيلا تكثر ذنوبهم وأقللت أموالهم كيلا يشتد فى القيامة حسابهم وأخرت زمانهم كيلا يطول فى القبور حبسهم) وقال ايضا (يا احمد لا تتزين بلين اللباس وطيب الطعام ولين الوطاء فان النفس مأوى كل شروهى رفيق سوء كلما تجرها الى طاعة تجرك الى معصية وتخالفك فى الطاعة وتطيع لك فى المعصية وتطغى إذا شبعت وتتكبر إذا استغنت وتنسى إذا ذكرت وتغفل إذا امنت وهى قرينة للشيطان) وقيل مثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير وإذا حملت عليها لا تطير وإذا قيل أنت طائر قالت انا بعير وهذه رجلى وإذا حملت عليها شيأ قالت انا طائر وهذا جناحى فكثرة المال وكمال الاستغناء تغر النفس قال تعالى كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست قال السعدي قدس سره شنيده ام كه بقصاب كوسفندى كفت ... در ان زمانكه بخنجر سرش ز تن ببريد جزاى هر بن خارى كه خورده ام ديدم ... كسى كه پهلوى چربم خورد چهـ خواهد ديد وعن عائشة رضى الله عنها انها قالت قلت يا رسول الله ألا تستطعم الله فيطعمك قالت وبكيت لما رأيت به من الجوع وشد الحجر من السغب فقال (يا عائشة والذي نفسى بيده لو سألت ربى ان يجرى معى جبال الدنيا ذهبا لاجراها حيث شئت من الأرض ولكنى اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقر الدنيا على غناها وحزن الدنيا على فرحها. يا عائشة ان الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل لمحمد) قال عليه السلام (الدنيا والآخرة ضرتان فمن يطلب الجمع بينهما فهو ممكور ومن يدعى الجمع بينهما فهو مغرور) فمن رام مع متابعة الهوى البلوغ الى الدرجات العلى فهو غريق فى الغفلة فالله تعالى يمهله فى طغيان النفس بالحرص على الدنيا حتى يتجاوز فى طلبها حد الاحتياج إليها ويفتح أبواب المقاصد الدنيوية عليه ليستغنى بها وبقدر الاستغناء يزيد طغيانه بناز ونعمت دنيا منه دل ... كه دل بر داشتن كاريست مشكل فيا ايها الاخوان الذين مضوا قبلنا من الأمم قد عاشوا طويلا وجمعوا كثيرا فتذكروا موتهم

[سورة آل عمران (3) : آية 179]

ومصارعهم تحت التراب وتأملوا كيف تبددت اجزاؤهم وكيف ارملوا نساءهم وأيتموا أولادهم وضيعوا أموالهم وهلكت بعدهم صغارهم وكبارهم وانقطعت آثارهم وديارهم فلم يرجع من كفر بنعمة الله الا الى العذاب والخسران ولم يصر الا الى دركات النيران فمن كانت غفلته كغفلتهم فسيصير الى ما صاروا اليه وان عاش طويلا فان الله يمهل ولا يهمل قال تعالى نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ وما الحياة والتمتع بها الا قليل. فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة لعلك تلحق بالجماعة من اهل الوصول وارباب القبول. وجميع الطاعات من اسباب الفلاح خصوصا الصلاة أفضل العبادات وأعلاها واشرف الطاعات وأسناها. والصوم سبب الولوج فى ملكوت السموات وواسطة الخروج من رحم مضايق الجسمانيات المعبر عنه بالنشأة الثانية كما أشير اليه بقول عيسى عليه السلام [لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين] بل مجاهدة الصوم رابطة مشاهدة اللقاء واليه يشير الحديث القدسي وهو قوله جل شانه (الصوم لى وانا اجزى به) يعنى انا جزاؤه ولهذا علق سبحانه نيل سعادة الرؤية بالجوع حيث قال فى مخاطبة عيسى عليه السلام [تجوع ترانى] همى آيد از حق ندا متصل ... تجوع ترانى تجرد تصل رزقنا الله وإياكم ما كانَ اللَّهُ مريدا لِيَذَرَ لان يترك الْمُؤْمِنِينَ المخلصين عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ الخطاب لعامة المخلصين والمنافقين فى عصره حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ماز الشيء يميزه ميزا عزله وافرزه والمعنى ما كان الله ليذر المخلصين منكم على الحال التي أنتم عليها من اختلاط بعضكم ببعض وانه لا يعرف مخلصكم من منافقكم لا تفاقكم على التصديق جميعا حتى يميز المنافق من المخلص بالوحى الى نبيه بأحوالكم او بالجهاد او بالهجرة وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ اى وما كان الله ليؤتى أحدكم علم الغيب فيطلع على ما فى القلوب من كفر وايمان وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي يصطفى مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فيوحى اليه ويخبره ببعض المغيبات او ينصب له ما يدل عليها فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ بصفة الإخلاص او بان تعلموه وحده مطلعا على الغيب وتعلموهم عبادا مجتبين لا يعلمون الا ما علمهم الله ولا يعلمون الا ما اوحى إليهم وَإِنْ تُؤْمِنُوا حق الايمان وَتَتَّقُوا النفاق فَلَكُمْ بمقابلة ذلك الايمان والتقوى أَجْرٌ عَظِيمٌ لا يبلغ كنهه وهذا الاجر على قدر عظم التقوى فان السير الى المقصد الأعلى والوصول الى منازل الاجتباء لا يتهيأ الا بقدمي التقى قدم بايد اندر طريقت نه دم ... كه أصلي ندارد دم بي قدم قال ابراهيم بن أدهم بت ليلة تحت صخرة بيت المقدس فلما كان بعض الليل نزل ملكان فقال أحدهما لصاحبه من هاهنا فقال الآخر ابراهيم بن أدهم فقال ذلك الذي حط الله درجة من درجاته فقال لم قال لانه اشترى بالبصرة التمر فوقعت تمرة على تمرة من تمر البقال قال ابراهيم فمضيت الى البصرة واشتريت التمر من ذلك الرجل وأوقعت تمرة على تمره ورجعت الى بيت المقدس وبت فى الصخرة فلما كان بعض الليل إذا انا بملكين قد نزلا من السماء فقال أحدهما لصاحبه من هاهنا فقال أحدهما ذلك الذي رد التمرة الى مكانه فرفعت درجته فهذا هو التقوى على

[سورة آل عمران (3) : آية 180]

الحقيقة ومراعاة الحقوق على الوجه اللائق ولا يتيسر ذلك الا بالتوسل الى جناب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فان غيب الحقائق والأحوال لا ينكشف بلا واسطة الرسول واليه الاشارة بقوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ إلخ وكيف يترقى الى حقيقة التقوى وعالم الإطلاق من تقيد برأيه واختياره قال الله تعالى وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ فلا بد من متابعة النبي عليه السلام حقا كه بي متابعت سيد رسل ... هركز كسى بمنزل مقصود ره نيافت از هيچ او بهيچ درى ره نمى دهند ... انرا كه ز آستانه او روى دل بتافت فالايمان بالله وبرسوله هو التصديق القلبي والارادة والتمسك بالشريعة والنجاة فيه لا فى غيره- روى- ان المؤمن إذا ورد النار بمقتضى قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها يصير الله ثواب التوحيد سفينة والقرآن حبلها والصلاة شراعها ويكون المصطفى عليه السلام ملاحها والمؤمنون يجلسون عليها ويكبرون الله وتجرى السفينة على بحر نار جهنم بريح طيبة فيعبرون عنها سالمين. فيا أخي لا تضيع أيامك فان أيامك رأس مالك وانك ما دمت قابضا على رأس مالك فانك قادر على طلب الربح فاجتهد فى تحصيله بالتوغل فى الطاعات والعبادات واحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه قبل الموت والفوت فان الموتى يتمنون ان يؤذن لهم بان يصلوا ركعتين او يقولوا مرة لا اله الا الله او يسبحوا مرة فلا يؤذن لهم ويتعجبون من الاحياء كيف يضيعون ايامهم فى الغفلة اگر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى كه اى زنده هست إمكان كفت ... لب از ذكر چون مرده بر هم مخفت چوما را بغفلت بشد روزكار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار قال عليه السلام (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) فتميز المنافق من المخلص كما يكون فى الدنيا بالأقوال والافعال وغيرهما كذلك يكون فى الآخرة ببياض وجه هذا وسواد وجه ذلك كما قال تعالى يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فعلى العاقل ان يتحمل مشاق الطاعات والتكاليف والامتحانات الالهية لعله يفوز بالمرام ويظفر بالبغية يوم يخيب المعرضون والمنافقون ويخسرون خوش بود گر محك تجربه آيد بميان ... با سيه روى شود هر كه دروغش باشد قال بعض الكبار وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان عصمنا الله وإياكم من المخالفة وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الموصول فاعل لا يحسبن والمفعول الاول محذوف لدلالة يبخلون عليه اى ولا يحسبن البخلاء بخلهم هُوَ ضمير فصل لا محل له من الاعراب خَيْراً لَهُمْ من انفاقهم مفعول ثان للفعل المذكور بَلْ هُوَ اى البخل شَرٌّ لَهُمْ لاستجلاب العقاب عليهم سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ بيان لقوله هو شر لهم اى سيلزمون وبال ما بخلوا به الزام الطوق إذ لا طوق ثمة فيكون من قبيل الاستعار التمثيلية شبه لزوم وبال البخل وإثمه بهم بلزوم طوق نحو الحمامة بها فى عدم زوال كل واحد منهما عن صاحبه فعبر عن لزوم الوبال بهم بالتطويق واشتق منه يطوقون كما يقال منة فلا طوق

فى رقبة فلان وقيل هو على حقيقته وانهم يطوقون حية او طوقا من نار استدلالا بالحديث وسيجيئ وَلِلَّهِ وحده لا لاحد غيره استفالا واشتراكا مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما يتوارثه أهلهما من مال وغيره من الرسالات التي يتوارثها اهل السموات فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه فى سبيله او انه يورث منهم ما يمسكونه ولا ينفقونه فى سبيله تعالى عند هلاكهم وتبقى عليهم الحسرة والندامة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من المنع والإعطاء خَبِيرٌ فيجازيكم على ذلك. واعلم ان البخل عبارة عن امتناع أداء الواجب والامتناع عن التطرع لا يكون بخلا ولذلك قرن به الوعيد والذم والواجب كثير كالانفاق على النفس والأقارب الذين يلزمه مؤونتهم والصدقة على الغير حال المخمصة وفى حال الجهاد عند الاحتياج الى التقوية بالمال ثم ان فى الآية اشارة الى ان البخل اكسير الشقاوة كما ان السخاء اكسير السعادة وذلك لان الله تعالى سمى المال فضله كما قال مِنْ فَضْلِهِ والفضل لاهل السعادة فبا كسير البخل يصير الفضل قهرا والسعادة شقاوة كما قال هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ يعنى با كسير البخل يجعلون خيرية ما آتاهم الله من فضله شرالهم ولوانهم طرحوا على ما هو فضله اكسير السخاء لجعلوه خيرا لهم فصيروه سعادة ولصاروا بها اهل الجنة ولن يلج الجنة الشحيح ثم عبر عن آفة حب الدنيا والمال بالطوق لانها تحيط بالقلب ومنها تنشأ معظم الصفات الذميمة مثل البخل والحرص والحسد والحقد والعداوة والكبر والغضب وغير ذلك ولهذا قال النبي عليه السلام (حب الدنيا رأس كل خطيئة) فبمنع الزكاة يصير الروح الشريف العلوي النورانى محفوفا بهذه الصفات الخسيسة السفلية الظلمانية مطوقا بآفاتها وحجبها وعذابها يوم القيامة وبعد المفارقة فانه من مات فقد قامت قيامته نه منعم بمال از كسى بهترست ... خر را جل اطلس بپوشد خرست هنر بايد وفضل ودين وكمال ... كه كه آيد وكه رود جاه ومال پسنديده رأيى كه بخشيد وخورد ... جهان از پى خويشتن كرد كرد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا اقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه) يعنى بشدقيه (ثم يقول انا مالك انا كنزك ثم تلا ولا يحسبن الذين يبخلون) الآية وفى رواية (يجعل ما بخل به من الزكاة حية يطوقها فى عنقه يوم القيامة تنهشه من قرنه الى قدمه وتنقر رأسه وتقول انا مالك) وقال صلى الله عليه وسلم (ما من رجل يكون له ابل او بقر او غنم لا يؤدى حقها الا اتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه تطأه بأخفافها وتنطحه بقرونها كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس) . قال ابو حامد. مانع زكاة الإبل يحمل بعيرا على كاهله له رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم. ومانع زكاة البقر يحمل ثورا على كاهله له خوار وثقل يعدل الجبل العظيم. ومانع زكاة الغنم يحمل شاة لها ثغاء وثقل يعدل الجبل العظيم والرغاء والخوار والثغاء كالرعد القاصف. ومانع زكاة الزرع يحمل على كاهله اعدا لا قد ملئت من الجنس الذي كان يبخل به برا كان او شعيرا أثقل ما يكون ينادى تحته بالويل والثبور. ومانع زكاة المال يحمل شجاعا اقرع له

[سورة آل عمران (3) : الآيات 181 إلى 187]

زبيبتان وذنبه قد انساب فى منخريه واستدار بجيده وثقل على كاهله كأنه طوق بكل رحى فى الأرض وكل واحد ينادى ما هذا فيقول الملائكة هذا ما بخلتم به فى الدنيا رغبة فيه وشحا عليه فمنع الزكاة سبب للعقاب فى العقبى كما ان ايتاءها سبب للثواب فى الاخرى وحصن لماله فى الدنيا قال صلى الله عليه وسلم (حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة واستقبلوا البلايا بالدعاء) قال عليه السلام (لا صلاة لمن لا زكاة له) - روى- ان موسى عليه السلام مرّ برجل وهو يصلى مع حضور وخشوع فقال يا رب ما احسن صلاته قال الله تعالى (لو صلى فى كل يوم وليلة الف ركعة وأعتق الف رقبة وصلى على الف جنازة وحج الف حجة وغزا الف غزوة لم ينفعه حتى يؤدى زكاة ماله) وقال عليه الصلاة والسلام (ملعون مال لا يزكى كل عام وملعون بدن لا يبتلى فى كل أربعين ليلة ومن البلاء العثرة والنكبة والمرضة والخدشة واختلاج العين فما فوق ذلك) فاذا سمعت هذه الاخبار وقفت على وزر من وقف على الإصرار ولم يؤد زكاة ماله بطيبة النفس وصفاء البال الى ان يرجع فقيرا ميتا بعد ما ساعدته الأحوال والأموال پريشان كن امروز كنجينه چست ... كه فردا كليدش نه در دست تست تو با خود ببر توشه خويشتن ... كه شفقت نيايد ز فرزند وزن بخيل توانكر بدينار وسيم ... طلسمست بالاى كنجى مقيم از ان سالها مى بماند زرش ... كه لرزد طلسمى چنين بر سرش بسنك أجل ناكهان بشكنند ... بآسودگى كنج قسمت كنند چودر زندكانى بدى با عيال ... گرت مرگ خواهند از ايشان منال تو غافل در انديشه سود مال ... كه سرمايه عمر شد پايمال بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ قالته اليهود لما سمعوا قوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً- وروى- انه عليه الصلاة والسلام كتب مع ابى بكر رضى الله تعالى عنه الى يهود بنى قينقاع يدعوهم الى الإسلام والى اقام الصلاة وإيتاء الزكاة وان يقرضوا الله قرضا حسنا فدخل ابو بكر رضى الله عنه ذات يوم بيت مدارسهم فوجد ناسا كثيرا من اليهود قد اجتمعوا الى رجل منهم يقال له فنحاص بن عازوراء وكان من علمائهم ومعه حبر آخر يقال له اشيع فقال ابو بكر لفنحاص اتق الله واسلم فو الله انك لتعلم ان محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم فى التوراة فآمن وصدق واقرض الله قرضا حسنا يدخلك الحنة ويضاعف لك الثواب فقال فنحاص يا أبا بكر تزعم ان ربنا يستقرض أموالنا وما يستقرض الا الفقير من الغنى فان كان ما تقول حقا فان الله إذا لفقير ونحن اغنياء وانه ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا ما أعطانا الربا فغضب ابو بكر وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال والذي نفسى بيده لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت عنقك يا عدو الله فذهب فنحاص الى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاه وجحد ما قاله فنزلت ردا عليه وتصديقا لابى بكر والجمع حينئذ مع كون القائل واحدا لرضى الباقين بذلك والمعنى انه لم يخف عليه

[سورة آل عمران (3) : آية 182]

تعالى واعدله من العقاب كفاءه والتعبير عنه بالسماع للايذان بانه من الشناعة والسماجة بحيث لا يرضى قائله بان يسمعه سامع سَنَكْتُبُ ما قالُوا اى سنكتب ما قالوه من الخطة الشنعاء فى صحائف الحفظة او سنحفظه ونثبته فى علمنا لا ننساه ولا نهمله كما يثبت المكتوب. والسين للتأكيد اى لن يفوتنا ابدا تدوينه وإثباته لكونه فى غاية العظم والهول كيف لا وهو كفر بالله تعالى واستهزاء بالقرآن العظيم والرسول الكريم عليه السلام وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ عطف عليه إيذانا بانهما فى العظم اخوان وتنبيها على انه ليس باول جريمة ارتكبوها بل لهم فيه سوابق وان من اجترأ على قتل الأنبياء لم يبعد منه أمثال هذه العظائم والمراد بقتلهم الأنبياء رضاهم بفعل أسلافهم بِغَيْرِ حَقٍّ متعلق بمحذوف وقع حالا من قتلهم اى كائنا بغير حق وجرم فى اعتقادهم ايضا كما هو فى نفس الأمر وَنَقُولُ عند الموت او عند الحشر او عند قراءة الكتاب ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ اى وننتقم منهم بعد الكتبة بان نقول لهم ذوقوا العذاب المحرق كما اذقتم المرسلين الغصص ذلِكَ اشارة الى العذاب المذكور بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ بسبب ما اقترفتموه من قتل الأنبياء والتفوه بمثل تلك العظيمة وغيرها من المعاصي والتعبير عن الأنفس بالأيدي لان اكثر الأعمال يزوال بهن فجعل كل عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراض تذييلى مقررة لمضمون ما قبلها اى والأمر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم والتعبير عن ذلك بنفي الظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ما تقرر من قاعدة اهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه سبحانه من الظلم كما يعبر عن ترك الاثابة على الأعمال باضاعتها مع ان الأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه عنها ضياعها وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب فى صورة المبالغة فى الظلم. والاشارة فى تحقيق الآيتين ان العبد إذا غلبت عليه الصفات الذميمة واستولى عليه الهوى والشيطان ومات قلبه تكاملت الصفة الامارية لنفسه فما ينطق الا عن الهوى ان هو إلا وحي يوحيه اليه الشيطان كقوله تعالى إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ والنفس إذا تكملت بالهوى تدعى الربوبية كما ادعى فرعون وقال انا ربكم الأعلى فيكون كلامها من صفات الربوبية وان من صفات الربوبية قوله وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ فاذا تم فساد حال النفس الامارة بالسوء أثبتت صفات الربوبية لنفسها وصفات العبودية لربها كقوله لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ اثبتوا لنفسهم صفات الربوبية وهى الغنى واثبتوا لله صفة العبودية وهى الفقر سَنَكْتُبُ ما قالُوا اى سنميت قلوبهم بأقوالهم هذه كما امتناها بأفعالهم وَهى قَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ يشير الى ان جزاء هذه الأقوال فى حق الله مثل جزاء هذه الافعال فى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ القلب الميت الْحَرِيقِ بنار القهر والقطيعة ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ اى بشؤم معاملاتكم القولية والفعلية على وفق الهوى والطبيعة وخلاف الرضى والشريعة وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ بان يضع الشيء فى غير موضعه يعنى لا يجعل المصلح منهم مظهر صفة قهره

[سورة آل عمران (3) : آية 183]

ولا المفسد منهم مظهر صفة لطفه كما قال تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ وهذا كما يقال ندهد هوشمند روشن رأى ... بفرومايه كارهاى خطير بوريا باف اگر چهـ بافنده است ... نبرندش بكار كاه حرير وإذا كان للعبد حسن الاستعداد يتحول القهر فى حقه الى اللطف بشرط ان يجتهد ويبذل ما فى وسعه وطاقته وكم من مؤمن يصير فى مآله كافرا وكم من عكسه فاذا جاء حين السعادة انقلب الحال وكذا الشقاوة. قال بعض المشايخ العباد على قسمين فى أعمارهم فرب عمر اتسعت آماده وقلت إمداده كاعمار بنى إسرائيل إذ كان الواحد منهم يعيش الالف ونحوها ولم يحصل على شىء مما تحصل لهذه الامة مع قصر أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده كعمر من فتح عليه من هذه الامة فوصل الى عناية الله بلمحة. فقد قال احمد بن ابى الحوارى رحمه الله قلت لابى سليمان الداراني انى قد غبطت بنى إسرائيل قال بأى شىء قلت بثمانمائة سنة حتى يصيروا كالشنان البالية وكالحنايا وكالاوتار قال ما ظننت الا وقد جئت بشىء والله ما يريد الله منا ان ييبس جلودنا على عظامنا ولا يريد من الاصدق النية فيما عنده هذا إذا صدق فى عشرة ايام نال ما ناله ذلك فى عمره الطويل فاذن من بورك له فى عمره أدرك فى يسير من منن الله تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الاشارة لكثرته وعظمه ودقته ورفعته. وقد قال الشيخ الشاذلى رحمه الله فى كتاب تاج العروس من قصر عمره فليذكر بالاذكار الجامعة مثل سبحان الله عدد خلقه ونحو ذلك ويعنى بقصر العمرو الله اعلم ان يكون رجوعه الى الله فى معتوك المنايا ونحوها من الأمراض المخوفة والاعراض المهولة وإذا كان الأمر على ما ذكر فالخذلان كل الخذلان ان تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه اليه بصدق النية حتى يفتح عليك بما لا تصل الهمم اليه وتقل عوائقك ثم لا ترحل اليه عن عوالم نفسك والاستئناس بيومك وامسك فقد جاء خصلتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ومعناه والله اعلم ان الصحيح ينبغى ان يكون مشغولا بدين او دنيا والا فهو مغبون فيهما عصمنا الله وإياكم من الغبن والخذلان والخسران مهل كه عمر به بيهوده بگذرد حافظ ... بكوش وحاصل عمر عزيز را درياب قيل الدنيا غنيمة الا كياس وغفلة الجهال الَّذِينَ اى الذين قالُوا وهم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيى بن اخطب وفنحاس بن عازوراء ووهب بن يهودا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا اى أمرنا فى التوراة واوصانا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ فيكون دليلا على صدقه. والقربان كل ما يتقرب به العبد الى الله من نسيكة وصدقة وعمل صالح وهو فعلان من القربة. قال عطاء كانت بنوا إسرائيل يذبحون لله تعالى فيأخذون الثروب وأطايب اللحم فيضعونها وسط البيت والسقف مكشوف فيقوم النبي عليه السلام فى البيت ويناجى ربه وبنوا إسرائيل خارجون واقفون حول البيت فتنزل نار بيضاء لا دخان لها ولها دوىّ وهفيف حين تنزل من السماء فتأكل ذلك القربان اى تحيله الى طبعها بالإحراق فيكون ذلك علامة القبول وإذا لم يقبل بقي على حاله وهذا من مفترياتهم وأباطيلهم لان أكل القربان النار لم يوجب الايمان

[سورة آل عمران (3) : آية 184]

الا لكونه معجزة فهو وسائر المعجزات سواء ولما كان محصل كلامهم الباطل ان عدم ايمانهم برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لعدم إتيانه بما قالوا ولو تحقق الإتيان به لتحقق الايمان رد عليهم بقوله تعالى قُلْ اى تبكيتا لهم وإظهارا لكذبهم قَدْ جاءَكُمْ اى جاء اسلافكم وآباءكم رُسُلٌ كثيرة العدد كبيرة المقدار مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات الواضحة وَبِالَّذِي قُلْتُمْ بعينه من القربان الذي تأكله النار فقتلتموهم فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ اى فيما يدل عليه كلامكم من انكم تؤمنون لرسول يأتيكم بما اقترحتموه فان زكريا ويحيى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام قد جاؤكم بما قلتم فى معجزات اخر فما لكم لم تؤمنوا حتى اجترأتم على قتلهم فَإِنْ كَذَّبُوكَ شروع فى تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تعليل لجواب الشرط اى فتسل واصبر فقد كذب إلخ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ المعجزات الواضحات صفة لرسل وَالزُّبُرِ جمع زبور وهو الكتاب المقصور على الحكم من زبرته إذا حسنته او الزبر المواعظ والزواجر من زبرته إذا زجرته وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ اى التوراة والإنجيل والزبور. والكتاب فى عرف القرآن ما يتضمن الشرائع والاحكام ولذلك جاء الكتاب والحكمة متعاطفين فى عامة المواقع. والمنير اى المضيء البين بالأمر والنهى. والاشارة ان الله تعالى كما قدر ان بعض الأمم يغلبون بعض أنبيائهم ويقتلونهم قبل الايمان او بعد الايمان بهم كذلك قدر ان بعض الصفات النفسانية يغلب على بعض الإلهامات الربانية والواردات الرحمانية فيمحوها كما قال تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قبل انقيادها لها او بعد ما انقادت لها ليقضى الله امرا كان مفعولا وبالجملة ان الروح يصير بمجاورة الصفات النفسانية كالنفس فى الدناءة فتصير الصفات الذميمة غالبة عليه كما تغلب على الإلهامات فعلى السالك ان يتجنب عن مصاحبة المفسدين ومجاورة صفات النفس نفس از هم نفس بگيرد خوى ... بر حذر باش از لقاى خبيث باد چون بر فضاى بد گذرد ... بوى بد گيرد از هواى خبيث فطوبى لعبد طهر نفسه من الصفات الرذيلة والعناد والإصرار ورأى الحق حقا والباطل باطلا وانقطع عن ميل الدنيا واتباع الهوى وموافقة غير الله- روى- ان عيسى عليه السلام مر بقرية فاذا أهلها موتى فى الافنية والطرق فقال يا معشر الحواريين ان هؤلاء ماتوا على سخط ولو ماتوا على غير ذلك لتدافنوا فقالوا يا روح الله وددنا انا علمنا خبرهم فسأل ربه فاوحى الله اليه إذا كان الليل فنادهم يجيبوك فلما كان الليل اشرف على الموتى ثم نادى يا اهل القرية فاجابه مجيب لبيك يا روح الله فقال ما حالكم وما قصتكم قال بتنا فى عافية وأصبحنا فى هاوية قال وكيف ذلك قال لحبنا الدنيا وطاعتنا اهل المعاصي قال وكيف كان حبكم الدنيا قال كحال حب الصبى لامه إذا أقبلت فرحنا وإذا أدبرت حزنا قال فما بال أصحابك لم يجيبونى قال لانهم ملجمون بلجام من نار بايدى ملائكة غلاظ شداد قال كيف أجبتني من بينهم قال لانى كنت فيهم ولم أكن منهم فلما نزل بهم العذاب أصابني فانا معلق على شفير جهنم لا أدرى أأنجو منها أم أكبكب فيها. واعلم ان الإنكار والتكذيب من حب الدنيا والميل إليها لان الأنبياء والأولياء يدعون الى الجنة والمولى

[سورة آل عمران (3) : آية 185]

وحفت الجنة بالمكاره والإنسان إذا رأى ما يكرهه يتنفر عنه ثم إذا اقدم على الإتيان به واكره يأخذ بالإنكار قال الله تعالى وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وقدوصى الحكماء الإلهية ان لا يجالس المريد اهل الإنكار بل لا يلتفت إليهم أصلا إذا للمجاورة تأثير عظيم كما قيل عدوى البليد الى الجليد سريعة ... والجمر يوضع فى الرماد فيخمد با بدان يار گشت همسر لوط ... خاندان نبوتش گم شد سگ اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم گرفت ومردم شد قال مولانا جلال الدين قدس سره فى هذا المعنى گر تو سنگ وصخره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى گوهر شوى ساقنا الله وإياكم الى طريقة أوليائه ومجالسة أحبائه آمين كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ اى تخرج وتنفك من البدن بأدنى شىء من الموت فكنى بالذوق عن القلة وهو وعد ووعيد للمصدق والمكذب من حيث انه كناية عن ان هذه الدار بعدها دار اخرى يتميز فيها المحسن من المسيئ ويتوفر على كل أحد ما يليق به من الجزاء وفى الحديث (لما خلق الله آدم اشتكت الأرض الى ربها لما أخذ منها فوعدها ان يرد فيها ما أخذ منها فما من أحد الا ويدفن فى التربة التي خلق منها) وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ اى تعطون جزاء أعمالكم خيرا كان او شرا تاما وافيا يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يوم قيامكم من القبور وفى لفظ التوفية اشارة الى ان بعض أجورهم يصل إليهم قبله كما ينبئ عنه قوله عليه السلام (القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران) فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ اى بعد عنها يومئذ ونحى. والزحزحة فى الأصل تكرير الزح وهو الجذب بعجلة وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ بالنجاة ونيل المراد. والفوز الظفر بالبغية وعن النبي صلى الله عليه وسلم (من أحب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتى الى الناس بما يحب ان يؤتى به اليه) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا اى لذاتها وزخارفها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ شبهها بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر حتى يشتريه وهذا لمن آثرها على الآخرة ومن آثر الآخرة عليها فهى له متاع بلاغ اى تبليغ الى الآخرة وإيصال إليها فلذلك سماه الله خيرا حيث قال وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ فالعاقل لا يغتر بالدنيا فانها لين مسها قاتل سمها ظاهرها مطية السرور وباطنها مطية الشرور ترا دنيا همى گويد شب وروز ... كه هان از صحبتم پرهيز و پرهيز مده خود را فريب از رنگ وبويم ... كه هست اين خنده من گريه آميز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وان فى الجنة شجرة يسيرا الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها واقرأوا ان شئتم وظل ممدود ولموضع سوط فى الجنة خير من الدنيا وما عليها واقرأوا ان شئتم فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحيوة الدنيا الا متاع الغرور)

بناز ونعمت دنيا منه دل ... كه دل بر داشتن كاريست مشكل فمن اتى بالطاعات واجتنب عن السيئات واعرض عن الدنيا ولذاتها فاز بالجنة ودرجاتها ومن عكس الأمر عوقب بالحرمان فى دركات النيران- روى- ان جبريل عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وسلم متغير اللون فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن تغير لونه فقال جئتك وقد امر الله ان ينفخ فى نار جهنم فقال عليه السلام صف لى جهنم فقال لما خلق الله جهنم او قد عليها الف سنة حتى احمرت ثم او قد عليها الف سنة حتى اصفرت ثم او قد عليها الف سنة حتى اسودت والذي بعثك بالحق نبيا لوان جمرة منها وقعت لا حترقت اهل الدنيا ولو ان ثوبا من أثوابها علق بين السماء والأرض لماتوا من نتن رائحته لها سبعة أبواب بعضها أسفل من بعض فقال صلى الله تعالى عليه وسلم من سكان هذه الأبواب فقال الباب الاول فيه المنافقون واسمه الهاوية والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر والباب الرابع فيه إبليس واتباعه والمجوس واسمه لظى والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة والباب السادس فيه النصارى واسمه السعير والباب السابع فيه عصاة الموحدين واسمه النار يدخلونها ثلاثة ايام فاخبر سلمان حال النبي عليه السلام لفاطمة فسألت النبي فاخبرها النبي عليه السلام فقالت فاطمة رضى الله عنها كيف يدخلونها فقال صلى الله عليه وسلم اما الرجال فبا للحى واما النساء فبالذوائب ثم انهم يخرجون من النار بشفاعة النبي عليه السلام فتبين ان من زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وانزل الله على بعض أنبيائه يا ابن آدم تشترى النار بثمن قال ولا تشترى الجنة بثمن رخيص قيل فى معناه ان فاسقا يتخذ ضيافة للفساق بمائة درهم او مائتين فيشترى النار ولو اتخذ ضيافة للفقراء بدرهم او درهمين يكون ثمن الجنة غم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك كرم پاى دارد نه ديهيم وتخت ... بده كز تو اين ماند اى نيكبخت مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم واعلم ان البعد عن النار ودخول الجنة بالاجتناب عن المعاصي والمسارعة الى الطاعة وذلك بالهرب عن مقام النفس والدخول فى مقام القلب فان من دخل حرم القلب كان آمنا كما قال تعالى وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فمن وصل الى ذلك الحرم فقد خلص من انواع الألم فهو جنة عاجلة. قال بعضهم للعارف جنة عاجلة وهى جنة المعرفة. ثم ان أعظم اسباب دخول الجنة كلمة الإخلاص والتوحيد وفقنا الله وإياكم. ثم اعلم ان النفوس على ثلاثة اقسام. قسم منها يموت ولا حشر له للبقاء كسائر الحيوانات. وقسم يموت فى الدنيا ويحشر فى الآخرة كنفوس الإنسان والملائكة والجن والشياطين. وقسم منها يموت فى الدنيا ويحشر فى الدنيا والآخرة جميعا وهى نفوس خواص الإنسان كما قال عليه الصلاة والسلام (المؤمن حى فى الدارين) على ان لها موتا معنويا فى الدنيا كما أشار اليه عليه السلام بقوله (موتوا قبل ان تموتوا) وهو الفناء فى الله بالله لله ولها حياة معنوية فى الدنيا كما قال تعالى أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو البقاء بنور الله ففى قوله كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ اشارة الى

[سورة آل عمران (3) : آية 186]

ان كل نفس مستعدة للفناء فى الله فلا بدلها من موت فمن كان موته بالأسباب تكون حياته بالأسباب ومن كان فناؤه فى الله يكون بقاؤه بالله وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ على قدر تقواكم وفجوركم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ اى عن نار القطيعة واخرج من جحيم الطبيعة على قدمى الشريعة والطريقة وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ الحقيقية فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا ونعيمها إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ أي متاع يغتر به المغرور والممكور لَتُبْلَوُنَّ اصل الابتلاء الاختبار اى تطلب الخبرة بحاله المختبر بتعريضه لامر يشق عليه غالبا ملابسة او مفارقة وذلك انما يتصور ممن لا وقوف له على عواقب الأمور واما من جهة العليم الخبير فلا يكون الا مجازا من تمكينه للعبد من اختيار أحد الامرين او الأمور قبل ان يرتب عليه شيأ هو من مباديه العادية. والجملة جواب قسم محذوف اى والله لتعاملن معاملة المختبر ليظهر ما عندكم من الثبات على الحق والأعمال الحسنة فِي أَمْوالِكُمْ بما يقع فيها من ضروب الآفات المؤدية الى الهلاك وَأَنْفُسِكُمْ بالقتل والاسر والجراح وما يرد عليها من اصناف المتاعب والمخاوف والشدائد ونحو ذلك وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى من قبل ايتائكم القرآن وهم اليهود والنصارى وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا من العرب كأبى جهل والوليد وابى سفيان وغيرهم أَذىً كَثِيراً من الطعن فى الدين الحنيف والقدح فى احكام الشرع الشريف وصد من أراد ان يؤمن وتخطئة من آمن وما كان من كعب بن الأشرف وأصحابه من هجاء المؤمنين وتحريض المشركين على مضادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا خير فيه أخبرهم بذلك قبل وقوعها ليوطنوا أنفسهم على الصبر والاحتمال على المكروه ويستعدوا للقائها فان هجوم الاوجال مما يزلزل أقدام الرجال والاستعداد للكروب مما يهون الخطوب وَإِنْ تَصْبِرُوا على تلك الشدائد والبلوى عند ورودها وتقابلوها بحسن التقابل وَتَتَّقُوا اى تتبتلوا الى الله تعالى بالكلية معرضين عما سواه بالمرة بحيث يتساوى عندكم وصول المحبوب ولقاء المكروه فَإِنَّ ذلِكَ يعنى الصبر والتقوى مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ من معزوماتها التي تنافس فيها المتنافسون اى مما يجب ان يعزم عليه كل أحد لما فيه من كمال المزية والشرف او مما عزم الله تعالى عليه وامر به وبالغ فيه يعنى ان ذلك عزمة من عزمات الله لا بد ان تصبروا وتتقوا. واعلم ان مقابلة الاساءة تفضى الى ازدياد الاساءة فامر بالصبر تقليلا لمضار الدنيا وامر بالتقوى تقليلا لمضار الآخرة فالآية جامعة لآداب الدنيا والآخرة. فعلى العاقل ان يتخلق بأخلاق الأنبياء والأولياء ويتأدب بآدابهم فانهم كانوا يصبرون على الأذى ولا يقابلون السفيه بمثل مقابلته وإذا مروا باللغو مروا كراما بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء وقد مدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قالت عائشة رضى الله عنها كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم القرآن يعنى تأدب بآداب القرآن قيل مدار عظم الخلق بذل المعروف وكف الأذى اى احتماله ورسول الله عليه الصلاة والسلام كان موصوفا بها وقد انزل الله فى معروفه وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ وتحمل الأذى انما يكون

[سورة آل عمران (3) : آية 187]

بصبر قوى وهو عليه السلام كان صبورا لتحمل الأذى اكثر من ان يحصى قال عليه السلام (صل من قطعك واعف عمن ظلمك وأحسن الى من أساء إليك) وما امر عليه السلام غيره بها الا بعد ان تخلق بها وأمته لا بد ان تتبعه فى تحمل الأذى وغيرها لا تسمع بدون الحجة القوية والابتلاءات التي ترد من طرف الحق كلها لتصفية النفس وتوجيهها من الخلق الى الخالق ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) كأنه قال ما صفى نبى مثل ما صفيت وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله على المشركين فقال (انما بعثت رحمة ولم ابعث عذابا) فالابتلاء رحمة ونعمة: قال جلال الدين قدس سره درد پشتم داد حق تا من ز خواب ... برجهم در نيم شب با سوز وتاب «1» تا نخسبم جمله شب چون گاوميش ... دردها بخشيد حق از لطف خويش والاشارة فى الآية لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ بالجهاد الأصغر هل تجاهدون بها وتنفقونها فى سبيل الله وبالجهاد الأكبر اما الأموال فهل تؤثرون على أنفسكم ولو كان بكم خصاصة واما الأنفس فهل تجاهدون فى الله حق جهاده اولا وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعنى اهل العلم الظاهر وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا اى اهل الرياء من القراء والزهاد أَذىً كَثِيراً بالغيبة والملامة والإنكار والاعتراض وَإِنْ تَصْبِرُوا على جهاد النفس وبذل المال واذية الخلق وَتَتَّقُوا بالله عما سواه فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الذي هو من امور اولى العزم كما قال فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ومن لم يحافظ على هذه الأمور كان من المدعين مشكل آيد خلق را تغيير خلق ... آنكه بالذات است كى زائل شود اصل طبع است وهمه اخلاق فرع ... فرع لا بد اصل را مائل شود فظهران من لم يهد الله لا يهتدى الى مكارم الأخلاق وحسان الخصال وسنيات الأحوال وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ اى اذكر يا محمد وقت اخذه تعالى مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وهم علماء اليهود والنصارى وذلك أخذ على لسان الأنبياء عليهم السلام لَتُبَيِّنُنَّهُ حكاية لما خوطبوا به والضمير للكتاب وهو جواب قسم ينبئ عنه أخذ الميثاق كأنه قيل لهم بالله لتبينه لِلنَّاسِ وتظهرنّ جميع ما فيه من الاحكام والاخبار التي من جملتها امر نبوته صلى الله عليه وسلم وهو المقصود بالحكاية وَلا تَكْتُمُونَهُ عطف على الجواب وانما لم يؤكد بالنون لكونه منفيا كما فى قولك والله لا يقوم زيد فَنَبَذُوهُ النبذ الرمي والابعاد اى طرحوا ما أخذ منهم من الميثاق الموثوق بفنون التأكيد والقوه وَراءَ ظُهُورِهِمْ ولم يراعوه ولم يلتفتوا اليه أصلا فان نبذ الشيء وراء الظهر مثل فى الاستهانة به والاعراض عنه بالكلية كما ان جعله نصب العين علم فى كمال العناية وَاشْتَرَوْا بِهِ اى بالكتاب الذي أمروا ببيانه ونهوا عن كتمانه والاشتراء مستعار لاستبدال متاع الدنيا بما كتموا اى تركوا ما أمروا به وأخذوا بدله ثَمَناً قَلِيلًا اى شيأ تافها حقيرا من حطام الدنيا واعراضها وهو ما تناولوه من سفلتهم فلما كرهوا ان يؤمنوا فينقطع ذلك عنهم كتموا ما علموا من ذلك وامروهم ان يكذبوه فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ما نكرة منصوبة مفسرة لفاعل بئس ويشترون

_ (1) وفى بعض نسخ المثنوى (برجهم هر نيم شب لا بد شتاب) در اواسط دفتر دوم در بيان دانستن پيغمبر عليه السلام كه سبب رنجورى آن شخصى از گستاخى بود [.....]

صفة والمخصوص بالذم محذوف اى بئس شيأ يشترونه ذلك الثمن وظاهر الآية وان دل على نزولها فى حق اليهود والنصارى الذين كانوا يخفون الحق ليتوسلوا بذلك الى وجدان شىء من الدنيا الا ان حكمهما يعم من كتم من المسلمين احكام القرآن الذي هو اشرف الكتب وانهم اشراف اهل الكتاب. قال صاحب الكشاف وكفى به دليلا على انه مأخوذ على العلماء ان يبينوا الحق للناس وما علموه وان لا يكتموا منه شيأ لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لنفوسهم واستجلاب لمسارهم او لجر منفعة من حطام الدنيا لنفسه مما لا دليل عليه ولا امارة أو لبخل بالعلم وغيرة ان ينسب الى غيرهم انتهى بعبارته فكل من لم يبين الحق للناس وكنتم شيأ من هذه الأمور دخل تحت وعيد الآية كذا فى تفسير الامام. فعلى المرء ان يحسن نيته حال الإضمار والإظهار ويطهر سريرته من لوث الاعراض والأوزار والإنكار زيان مى كند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان بدين اى فرومايه دنى مخر ... چوخر بانجيل عيسى مخر يعنى لا تشتر بالعلم والقرآن ما تربى به نفسك من شهواتك ولا تخف من الخلق فى اظهار الاحكام واصدع بما أمرت به- حكى- ان الحجاج أرسل الى الحسن وقال ما الذي بلغني عنك فقال ما كل الذي بلغك قلته ولا كل ما قلته بلغك قال أنت الذي قلت ان النفاق كان مقموعا فاصبح قد تعمم وتقلد سيفا فقال نعم فقال وما الذي حملك على هذا ونحن نكرهه قال لان الله أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. قال قتادة مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينفق منه ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب وكان يقول طوبى لعالم ناطق ولمستمع واع هذا علم علما فبذله وهذا سمع خبرا فوعاه قال صلى الله عليه وسلم (من كتم علما على اهله الجم بلجام من نار) . قال الفضيل رحمه الله لو ان اهل العلم أكرموا أنفسهم وشحوا على دينهم واعزوا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله لخضعت لهم رقاب الجبابرة وانقاد لهم الناس وكانوا لهم تبعا وعز الإسلام واهله ولكنهم اذلوا أنفسهم ولم يسألوا ما نقص من دينهم إذا أسلمت لهم دنياهم فبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا بذلك مما فى أيدي الناس فذلوا وهانوا على الناس. وعن الفضيل ايضا قال بلغني ان الفسقة من العلماء ومن حملة القرآن يبدأ بهم يوم القيامة قبل عبدة الأصنام فيقولون ربنا ما بالنا فيقول الله ليس من يعلم كمن لا يعلم فمن اشترى الدنيا بالدين فقد وقع فى خسران مبين ولا يخفى ان مداره على حب الدنيا ساقنا الله وإياكم الى طريق القناعة- حكى- ان ذا القرنين اجتاز على قوم تركوا الدنيا وجعلوا قبور موتاهم على أبوابهم يقتاتون بنبات الأرض ويشتغلون بالطاعة فارسل ذو القرنين الى رئيسهم فقال مالى حاجة الى صحبة ذى القرنين فجاء ذو القرنين فقال ما سبب قلة الذهب والفضة عندكم قال ليس للدنيا طالب عندنا لانها لا تشبع أحدا فجعلنا القبور عندنا حتى لا ننسى الموت ثم أخذ قحف انسان وقال هذا رأس ملك من الملوك كان يظلم الرعية ويجمع حطام الدنيا فقبضه الله تعالى وبقي عليه السيئات ثم اخرج آخر وقال هذا ايضا رأس ملك عادل مشفق فقبضه واسكنه جنته ورفع درجته ثم وضع يده على رأس ذى القرنين

[سورة آل عمران (3) : الآيات 188 إلى 193]

وقال من أي الرأسين يكون رأسك فبكى ذو القرنين وقال ان رغبت فى صحبتى شاطرتك مملكتى وسلمت إليك وزارتي فقال هيهات فقال ذو القرنين ولم قال لان الناس اعداؤك بسبب المال والمملكة وجميعهم أحبابي بسبب القناعة نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش گدايى كه هر خاطرش بند نيست ... به از پادشاهى كه خرسند نيست اگر پادشاهست اگر پينه دوز ... چوخفتند گردد شب هر دو روز لا تَحْسَبَنَّ يا محمد او الخطاب لكل أحد ممن يصلح له الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا اى بما فعلوا من التدليس وكتمان الحق وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا من الوفاء بالميثاق واظهار الحق والاخبار بالصدق فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ تأكيد لقوله لا تحسبن والمفعول الثاني له قوله بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ اى ملتبسين بنجاة منه وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بكفرهم وتدلبسهم وَلِلَّهِ اى خاصة مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى السلطان القاهر فيهما بحيث يتصرف فيهما وفيما فيهما كيف يشاء ويريد إيجادا واعداما احياء واماتة تعذيبا واثابة من غير ان يكون لغيره شائبة دخل فى شىء من ذلك بوجه من الوجوه وهو يملك أمرهم ويعذبهم بما فعلوا لا يخرجون عن قبضة قدرته ولا يجون من عذابه يأخذهم متى شاء وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على عقابهم وكيف يرجو النجاة من كان معذبه هذا المالك القادر- روى- انه عليه السلام سأل اليهود عن شىء مما فى بالتوراة فاخبروه بخلاف ما كان فيه واروه انهم قد صدقوا وفرحوا بما فعلوا فنزلت وقيل هم المنافقون كافة وهو الأنسب بظاهر قوله تعالى وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فانهم كانوا يفرحون بما فعلوه من اظهار الايمان وقلوبهم مطمئنة بالكفر ويستحمدون الى المسلمين بالايمان وهم عن فعله بألف منزل وكانوا يظهرون محبة المؤمنين وهم فى الغاية القاصية من العداوة والاولى اجراء الموصول على عمومه شاملا لكل من يأتى بشىء من الحسنات فيفرح به فرح إعجاب ويود ان يمدحه الناس بما هو عار من الفضائل وانواع البر وكون السبب خاصا لا يقدح فى عمومية حكم الآية. واعلم ان الفرح بمتاع الدنيا وحب مدح الناس من صفات ارباب النفس الامارة المغرورين بالحياة الدنيا وتمويهات الشيطان المحجوبين عن السعادات الاخروية والقربات المعنوية. قال الامام فى تفسيره وأنت إذا أنصفت عرفت ان احوال اكثر الخلق كذلك فانهم يأتون بجميع وجوه الحيل فى تحصيل الدنيا ويفرحون بوجدان مطلوبهم ثم يحبون ان يحمدوا بانهم من اهل العفاف والصدق والدين اى برادر از تو بهتر هيچ كس نشناسدت ... زانچهـ هستى يك سر مو خويش را افزون منه گر فزون از قدر تو بشناسدت تا بخردى ... قدر خود بشناس و پاى از حد خود بيرون منه فعلى العاقل ان لا يتعدى طوره ولا يفرح بما ليس فيه فانه لا يغنى عنه شيأ. قال بعض المشايخ الناس يمدحونك لما يظنون فيك من الخير والصلاح اعتبارا بما يظهر من ستر الله عليك فكن أنت ذامّا لنفسك لما تعلمه منها من القبائح والمؤمن إذا مدح استحيى من الله ان يثتى عليه بوصف

[سورة آل عمران (3) : آية 190]

لا يشهده من نفسه وأجهل الناس من يترك يقين ما عنده من صفات نفسه التي لا شك فيها لظن ما عند الناس من صلاحية حاله. قال الحارث بن المحاسبى رحمه الله الراضي بالمدح بالباطل كمن يهزأ به ويقال ان العذرة التي تخرج من جوفك لها رائحة كرائحة المسك ويفرح بذلك ويرضى بالسخرية به بحبل ستايش فرا چهـ مشو ... چوحاتم أصم باش وعيبت شنو يعنى لا تغتر بالمدح حتى لا تقع فى بئر الهلاك وكن كالشيخ حاتم الأصم صورة فان الخلق إذا ظنوك يتكلمون فى حقك ما لا ترضى به من القول لو سمعت فأذن تسمع عيوبك منهم وفى ذلك فائدة عظيمة لك لان المرء إذا عرف عيبه يجتهد فى قمعه والتحلي بالأوصاف الجميلة والعارف هو الذي يستوى قلبه فى المدح والذم لا ينقبض من الذم ولا ينبسط من المدح وكيف ينبسط بما يتحقق به مما يقوله الخلق من هو اعرف بحال نفسه وان انبسط فهو المغرور والمدعى هو الذي يرى نفسه صادقا فى الأحوال والمعاملات وكل الحالات كأنه لا يتعرض لشىء من الدنيا أصلا وحاله شاهدة عليه فى هذا الباب فان المرء له محك فى أقواله وأفعاله وأحواله قال عليه السلام (انما مثل صاحب الدنيا كمثل الماشي فى الماء هل يستطيع الذي يمشى فى الماء ان لا تبل قدماه فمن هذا يعرف جهالة الذين يزعمون انهم يخوضون فى نعيم الدنيا بأبدانهم وقلوبهم عنها مطهرة وعلائقها عن بواطنهم منقطعة وذلك مكيدة الشيطان بل هم لو اخرجوا مما هم فيه لكانوا أعظم المتفجعين بفراقها فكما ان المشي فى الماء يقتضى بللا لا محالة يلتصق بالقدم فكذلك ملابسة الدنيا تقتضى علاقة وظلمة فى القلب بل علاقة القلب مع الدنيا تمنع حلاوة العبادة. قال الشيخ ابو عبد الله القرشي رحمه الله شكا بعض الناس لرجل من الصالحين انه يعمل البر ولا يجد حلاوته فى القلب فقال لان عندك ابنة إبليس فى قلبك وهى الدنيا ولا بد للاب ان يزور ابنته فى بيتها وهو قلبك ولا يؤثر دخوله الا فسادا قال الله تعالى [يا داود ان كنت تحبنى فاخرج حب الدنيا من قلبك فان حبى وحبها لا يجتمعان فى قلب ابدا] . وروى ان عيسى عليه السلام قال لاصحابه لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم قالوا ومن الموتى قال الراغبون فى الدنيا المحبون لها بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديگر كسست منه بر جهان دل كه بيگانه ايست ... چومطرب كه هر روز در خانه ايست نه لايق بود عشق با دلبرى ... كه هر بامدادش بود شوهرى عصمنا الله وإياكم إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وذلك ان اهل مكة سألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يأتيهم بآية لصحة دعواه لانه كان يدعوهم الى عبادة الله وحده فنزل إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقين عظيمين ويقال فيما خلق الله فى السموات من الشمس والقمر والنجوم وما خلق الله فى الأرض من الجبال والبحار والأشجار والوحوش والطيور وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يعنى ذهاب الليل ومجيئ النهار ويقال فى اختلاف لونيهما او فى تفاوتهما بازدياد كل منهما بانتقاص الآخر وانتقاصه بازدياده باختلاف حال الشمس بالنسبة إلينا قربا وبعدا بحسب الازمنة لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ لعبرات كثيرة لذوى العقل

[سورة آل عمران (3) : آية 191]

الخالص من شوائب الأوهام والخيالات. واللب خالص العقل فان العقل له ظاهر وله لب ففى أول الأمر يكون عقلا وفى حال كماله ونهاية امره يكون لبا الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ نعت لاولى الألباب اى يذكرونه دائما على الحالات كلها قائمين وقاعدين ومضطجعين فان الإنسان لا يخلو عن هذه الهيآت غالبا وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعنى يعتبرون فى خلقهما. وانما خصص التفكر بالخلق لقوله عليه السلام (تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق) وانما نهى عن التفكر فى الخالق لان معرفة حقيقته المخصوصة غير ممكنة للبشر فلا فائدة لهم فى التفكر فى ذات الخالق. ولما كان الإنسان مركبا من النفس والبدن كانت العبودية بحسب النفس وبحسب البدن فاشار الى عبودية البدن بقوله الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلخ فان ذلك لا يتم الا باستعمال الجوارح والأعضاء وأشار الى عبودية القلب والروح بقوله وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وعن عطاء بن ابى رباح قال دخلت مع ابن عمر وعبيد الله بن عمر على عائشة رضى الله عنها فسلمت عليها فقالت من هؤلاء فقلت عبيد الله بن عمر فقالت مرحبا بك يا عبيد الله بن عمر مالك لا تزورنا فقال عبيد الله زرغبا تزدد حبا قال ابن عمر دعونا من هذا حدثينا بأعجب ما رأيت من رسول الله عليه السلام فبكت بكاء شديدا فقالت كل امره عجيب أتاني فى ليلتى فدخل فى فراشى حتى الصق جلده بجلدي فقال (يا عائشة أتأذنين لى ان أتعبد لربى) فقلت والله انى لاحب قربك وهواك قد أذنت لك فقام الى قربة من ماء فتوضأ منها ثم قام فبكى وهو قائم حتى بلغ الدموع حقويه حتى اتكأ على شقه الايمن ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن فبكى حتى ادرّت الدموع وبلغت الأرض ثم أتاه بلال بعد ما اذن للفجر فلما رآه يبكى قال لم تبكى يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال (يا بلال أفلا أكون عبدا شكورا ومالى لا ابكى وقد أنزلت على الليلة ان فى خلق السموات والأرض الى قوله فقنا عذاب النار ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها) وفى الحديث (تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة) . وفى التفضيل وجهان. أحدهما ان التفكر يوصلك الى الله والعبادة توصلك الى ثواب الله والذي يوصلك الى الله خير مما يوصلك الى غير الله. والثاني ان التفكر عمل القلب والطاعة عمل الجوارح والقلب اشرف من الجوارح فكان عمل القلب اشرف من عمل الجوارح. ثم شرع فى تعليم الدعاء تنبيها على ان الدعاء انما يجدى ويستحق الاجابة إذا كان بعد تقديم الوسيلة وهى اقامة وظائف العبودية من الذكر والفكر فقال رَبَّنا يعنى يتفكرون ويقولون ربنا ما خَلَقْتَ هذا اى السموات والأرض وتذكير الضمير لما انهما باعتبار تعلق الخلق بهما فى معنى المخلوق باطِلًا اى خلقا باطلا عبثا ضائعا عن الحكمة خاليا عن المصلحة كما ينبئ عنه أوضاع الغافلين عن ذلك المعرضين عن التفكر فيه بل منتظما لحكم جليلة ومصالح عظيمة من جملتها ان يكون مدارا لمعايش العباد ومنارا يرشدهم الى معرفة احوال المبدأ والمعاد حسبما أفصحت عنه الرسل والكتب الالهية سُبْحانَكَ اى ننزهك عما لا يليق بك من الأمور التي من جملتها خلق مالا حكمة فيه فَقِنا عَذابَ النَّارِ اى من عذاب النار الذي هو جزاء الذين لا يعرفون ذلك وفائدة الفاء هى الدلالة على ان علمهم بما لاجله خلقت السموات والأرض حملهم

على الاستعاذة. وفيه اشارة الى عظم ذكر الله واشارة الى ثلاث مراتب. أولاها الذكر باللسان وثانيتها التفكر بالقلب. وثالثتها المعرفة بالروح لان ذكر اللسان يوصل صاحبه الى ذكر القلب فهو التفكر فى قدرة الله وذكر القلب يوصل الى مقام الروح فيعرف فى ذلك حقائق الأشياء ويشاهد الحكم الالهية فى خلق الله فيقول بعد المشاهدة رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا فينبغى للمؤمن ان يلازم ذكر الله بلسانه فى جميع الأحوال حتى يصل بسبب الذكر باللسان الى ذكر القلب ثم الى ذكر الروح ويحصل له اليقين والمعرفة ويخلص من ظلمة الجهل ويتنور بنور المعرفة. قال بعضهم معنى لا اله الا الله للعوام لا معبود الا الله. ومعناها للخواص لا محبوب ولا مقصود الا الله. ومعناها لأخص الخواص لا موجود الا الله فانه يكون فى تلك الحالة مستهلكا فى بحر الشهود فلا يشعر بشىء سوى الله ولا يرى موجودا. وفى تفسير الحنفي منقول فى التوحيد اربع مراتب وهو ينقسم الى لب والى لب اللب والى قشر والى قشر القشر. وتمثيل ذلك تقريبا الى الافهام الضعيفة بالجوز فى قشرتيه العليا والسفلى فان له قشرتين وله لبو للب دهن وهو لب اللب. فالمرتبة الاولى من التوحيد ان يقول الإنسان باللسان لا اله الا الله وقلبه غافل عنه او منكر له كتوحيد المنافق. والثانية ان يصدق بمعناه قلبه كما صدق به عموم المسلمين وهو اعتقاد. والثالثة ان يشاهد ذلك بواسطة نور الهى وذلك ان يرى الأشياء صادرة من الواحد القهار. والرابعة انه لا يرى فى الوجود إلا وجودا وهو مشاهدة الصديقين وهو الفناء فى التوحيد بمعنى انه فنى عن رؤية نفسه. فالاول موحد بمجرد اللسان ويعصم ذلك صاحبه فى الدنيا من السيف والسنان. والثاني موحد بمعنى انه معتقد بقلبه مفهوم لفظه وقلبه خال من التكذيب بما انعقد عليه قلبه وهو عقد على القلب ليس فيه انشراح وانفتاح ولكنها تحفظ صاحبها من العذاب فى الآخرة ان توفى عليها ولم يضعف بالمعاصي عقدتها ولهذا العقد حيل يقصد بها تضعيفه وتحليله تسمى بدعة. والثالث موحد بمعنى انه لم يشاهد الا فاعلا واحدا إذا انكشف له لا فاعل بالحقيقة كما هى عليه لانه كلف قلبه ان يعقد على مفهوم لفظ الحقيقة فان ذلك رتبة العوام والمتكلمين إذ لا فرق بينهما فى الاعتقاد بل فيه صفة تلفيق الكلام. والرابع موحد بمعنى انه لا يرى غير الواحد وهذه الغاية القصوى فى التوحيد. فالاول كالقشرة العليا من الجوز. والثاني كالقشرة السفلى. والثالث كاللب. والرابع كالدهن المستخرج من اللب وكما ان القشرة العليا لا خير فيها بل ان أكل فهو مر المذاق وان نظر الى باطنه فهو كريه المنظر وان أخذ حطبا اطفأ النار واكثر الدخان وان ترك فى البيت ضيق المكان ولا يصلح الا ان يترك مدة على الجوز للصون ثم يرمى فكذلك التوحيد بمجرد اللسان عديم الجدوى كثير الضرر مذموم الظاهر والباطن لكنه ينفع مدة فى حفظ القشرة السفلى الى وقت الموت والقشرة السفلى هى البدن فيصون من السيف وانما يتجرد عند الموت فلا يبقى لتوحيده فائدة بعده وكما ان القشرة السفلى ظاهرة النفع بالاضافة الى القشرة العليا فانه يصون اللب ويحرسه من الفساد عند الادخار وإذا فصل أمكن ان ينتفع به حطبا لكونه لا قدر له بالنسبة الى اللب فكذلك مجرد الاعتقاد من غير كشف

[سورة آل عمران (3) : آية 192]

كثير النفع بالاضافة الى مجرد نطق اللسان ناقص القدر بالاضافة الى الكشف والمجاهدة التي تحصل بانشراح الصدر وانفتاحه واشراق نور الحق فيه إذ ذلك الشرح هو المراد بقوله تعالى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ وقوله فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وكما ان اللب نفيس بالاضافة الى القشرة لانه المقصود لكن لا يخلو عن شوب بالنسبة الى الدهن كذلك هذا التوحيد لا يخلو عن ملاحظة الغير والالتفات الى الكثرة بالاضافة الى من لم ير سوى الواحد الحق انتهى ما فى الحنفي. واعلم ان الآية تدل على جواز ذكر الله تعالى قائما ولهذا قال المشايخ ولا بأس ان يقوموا ترويحا لقلوبهم ولا يتحركوا فى ذلك ولا يستظهروا بحال ليس عندهم منه حقيقة. والحاصل ان التوحيد إذا قرن بالآداب فليس له وضع مخصوص يجوز قائما وقاعدا ومضطجعا ولكن ورد فى الأحاديث ما يدل على استحباب الإخفاء فى ذكر الله وذكر شارح الكشاف ان هذا بحسب المقام والشيخ المرشد يأمر المبدأ برفع الصوت لتنقلع عن قلبه الخواطر الراسخة فيه كذا فى شرح المشارق ويوافقه ما ذكر فى المظهر حيث قال الذكر برفع الصوت جائز بل مستحب إذا لم يكن عن رياء ليغتنم الناس بإظهار الدين ووصول بركة الذكر الى السامعين فى الدور والبيوت والحوانيت ويوافق الذاكر من سمع صوته ويشهد له يوم القيامة كل رطب ويابس سمع صوته وبعض المشايخ اختار الإخفاء لانه ابعد عن الرياء وهذا يتعلق بالنية فمن كانت نيته صادقة فرفع صوته بقراءة القرآن والذكر اولى لما ذكرنا ومن خاف من نفسه الرياء فالاولى له إخفاء الذكر لئلا يقع فى الرياء انتهى قيل إذا كان وحده فان كان من الخواص فالاخفاء فى حقه اولى وان كان من العوام فالجهر فى حقه اولى وإذا كانوا مجتمعين على الذكر فالاولى فى حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة فانه اكثر تأثيرا فى رفع الحجب ومن حيث الثواب فلكل واحد ثواب ذكر نفسه وسماع ذكر رفقائه قال الله تعالى ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً شبه القلوب بالحجارة ومعلوم ان الحجر لا ينكسر الا بقوة فقوة ذكر جماعة مجتمعين على قلب واحد أشد من قوة ذكر شخص واحد كذا فى ذخرة العابدين: قال حسين الواعظ الملقب بالكاشفي كفت وكوى عاشقان در كار رب ... جوشس عشقست نه ترك ادب هر كه كرد از جام حق يك جرعه نوش ... نه ادب ماند درو نه عقل وهوش والمقصود ان السالك إذا سلب اختياره عند التوحيد بغلبة الوجد فلا دخل لشىء من أوضاعه وحركاته فانه إذا ليس فى يده فلا يرد ما قيل كار نادان كوته انديشست ... ياد كردن كسى كه در پيشست فان الجهر وحركات الموحد بالنسبة الى مقامه وحاله ممدوحة جدا واما المتصلفون المتكلفون فحركاتهم وأفعالهم من عند أنفسهم وقد نهى المشايخ فى كتبهم عن أمثال هؤلاء وأفعالهم وأقوالهم. فعلى العاقل ان يراعى الآداب والأطوار ولا ينفك لحظة عن ذكر الملك الغفار رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ غاية الاخزاء ونظيره قولهم «من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك» اى المرعى الذي لا مرعى بعده والمراد به تهويل المستعاذ منه تنبيها على شدة

[سورة آل عمران (3) : آية 193]

خوفهم وطلبهم الوقاية منه وفيه اشعار بان العذاب الروحاني أفظع وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ أراد بهم المدخلين وجمع الأنصار بالنظر الى جمع الظالمين اى وما لظالم من الظالمين نصير من الأنصار والمراد به من ينصر بالمدافعة والقهر فليس فى الآية دلالة على نفى الشفاعة لانها هى الدفع بطريق اللين والمسألة فنفى النصرة لا يستلزم نفى الشفاعة رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أوقع الفعل على المسمع وحذف المسموع لدلالة وصفه عليه والمراد به الرسول عليه السلام فانه ينادى ويدعو الى الايمان حقيقة قال تعالى ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ أَنْ آمِنُوا اى آمنوا على انّ ان تفسيرية او بان آمنوا على انها مصدرية بِرَبِّكُمْ بمالككم ومتولى أموركم ومبلغكم الى الكمال فَآمَنَّا اى فامتثلنا بامره وأجبنا نداءه رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اى كبائرنا فان الايمان يجب ما قبله وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا اى صغائرنا فانها مكفرة عن مجتنب الكبائر وَتَوَفَّنا اى اقبض أرواحنا مَعَ الْأَبْرارِ اى مخصوصين بصحبتهم مغتنمين بجوارهم معدودين من زمرتهم فالمراد من المعية ليس المعية الزمانية لان ذلك محال ضرورة ان توفيهم انما هو على سبيل التعاقب بل المراد المعية فى الاتصاف بصفة الأبرار حال التوفى. وفيه اشعار بانهم كانوا يحبون لقاء الله ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه فمن جعل الله ممن آمن بداعي الايمان فقد أكرمه مع أوليائه فى الجنان فطوبى للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وطوبى لمن اتعظ بالموعظة الحسنة: قال الحافظ نصيحت كوش كن جانا كه از جان دوست تر دارند ... جوانان سعادتمند پند پير دانا را قال الشيخ السعدي بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان برآرد خروش ... كه اوخ چرا حق نكردم بكوش قال ابو عامر الواعظ بينما انا جالس بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءنى غلام وأعطاني رقعة فاذا فيها أسعدك الله يا أخي أبا عامر بلغني قدومك واشتقت الى رؤيتك فذهبت مع الغلام فوصلنا الى بيت فى خربة له باب من جريد النخل وإذا فيه شيخ مقعد مستقبل القبلة محزون من الخشية قد ذهبت عيناه من البكاء فسلمت عليه فرد على السلام فقال يا أبا عامر لم يزل قلبى الى استماع موعظتك مشتاقا وبي داء قد أعيى الواعظين علاجه فقلت ايها الشيخ ارم ببصر قلبك فى ملكوت السماء وتنقل بحقيقة إيمانك الى جنة المأوى تر ما أعد الله فيها للاولياء ثم انظر فى نار لظى تر ما أعد الله للاشقياء فشتان ما بين الدارين وليس الفريقان على السواء فلما سمع قولى انّ وصاح صيحة ثم قال والله لقد وقع دواؤك على الداء زدنى رحمك الله فقلت ان الله عالم بسريرتك فيطلع عليك عند استتارك ومبارزتك فلما سمع صاح صيحة أعظم من الاولى فخر ميتا فعند ذلك خرجت جارية عليها مدرعة وخمار من صوف قد ذهب السجود بجبهتها فقالت أحسنت يا مداوى قلوب العارفين ان هذا الشيخ كان والدي وهو مبتلى بالسقم منذ عشرين سنة وكان يتمناك من الله ويقول حصرت مجلس ابى عامر فاحيى قلبى وطرعنى غفلتى وان سمعته ثانيا قتلنى فجزاك الله خيرا ثم اكبت على والدها

[سورة آل عمران (3) : الآيات 194 إلى 200]

وجعلت تقبل بين عينيه وتبكى فقلت لها يا أيتها الباكية ان أباك نحبه قد مضى وورد دار الجزاء فان كان محسنا فله الزلفى فان كان مسيئا فوارد دار من أساء فصاحت ثم ماتت فبقيت حزينا عليهما فرأيتهما فى المنام فى احسن مقام عليهما حلتان خضراوتان فسألت عن حاليهما فقال الشيخ أنت شريكى فى الذي نلته ... فقم وشاهد يا أبا عامر وكل من ايقظ ذا غفلة ... فنصف ما يعطاه للآمر ثم قال قدمت على رب كريم غير غضبان فاسكننى الجنان وزوجنى من الحور الحسان فاحرص يا أبا عامر على كثرة الدعاء والاستغفار الى الله الملك الغفار وطلب المغفرة آناء الليل وأطراف النهار من شيم الأخيار والأبرار. واعلم ان من تنصح بكلمة فقد آمن بمنادى الحق على لسان عبده فنجا من نيرانه ووصل الى المغفرة والرحمة فى جنانه- روى- ان حدادا كان يمسك الحديد المحمى بيده فسئل عنه فقال عشقت امرأة فراودتها وعرضت عليها مالا فقالت ان لى زوجا لا احتاج الى المال ثم مات زوجها فطلبت ان أتزوجها فامتنعت وقالت لا أريد إذلال أولادي ثم بعد زمان احتاجت فارسلت الى فقلت لا أعطيك شيأ حتى تعطينى مرادى فلما دخلت معها موضعا ارتعدت فقلت مالك فقالت أخاف الله السميع البصير فتركتها فقالت انجاك الله من النار فمن ذلك الوقت لا تحرقنى نار الدنيا وأرجو من الله تعالى ان لا تحرقنى نار الآخرة فمن خشى الرحمن وذكر انه بمحضر من الله فهو لا يجترئ على الذنب والآثام فيسلم من عذاب النار ويتنعم فى دار السلام عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) واما الدعاء فهو مخ العبادة وينفع فى الدنيا فيدفع الآفات واما فى الآخرة فان الله يعطيه هدايا على أيدي الملائكة ويقول ان هذه فى مقابلة دعائك فى الدنيا از آستان حضرت حق سر چرا كشم ... دولت درين سرا وكشايش درين درست قال الحافظ هر كه خواهد كوبيا وهر چهـ خواهد كو بگو ... كبر وناز وحاجب ودربان درين دركاه نيست حقق الله رجاءنا وقبل دعاءنا وأعطانا ما هو خير لنا فى الدنيا والآخرة رَبَّنا وَآتِنا أعطنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ على تصديق رسلك او على ألسنة رسلك من الثواب والكرامة وَلا تُخْزِنا لا تهنا يَوْمَ الْقِيامَةِ بان تعصمنا مما يقتضيه إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ اسم مصدر بمعنى الوعد وهذا الدعوات وما فى تضاعيفها من كمال الضراعة والابتهال ليست لخوفهم من اخلاف الميعاد بل لخوفهم ان لا يكونوا من جملة الموعودين لسوء عاقبة او قصور فى الامتثال فمرجعها الى الدعاء بالتثبيت او للمبالغة فى التعبد والخشوع. ثم قوله وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ شبيه بقوله وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ فانه ربما ظن الإنسان انه على الاعتقاد الحق والعمل الصالح ثم انه يوم القيامة يظهر له ان اعتقاده كان ضالا وعمله كان ذنبا فهناك تحصل الحجالة العظيمة والحسرة الكاملة والأسف الشديد وذلك هو العذاب الروحاني وهو أشد من العذاب

الجسماني ومما يدل على هذا انه سبحانه حكى عن هؤلاء العباد المؤمنين انهم طلبوا فى هذه الأنواع الخمسة من الدعاء أشياء فاول مطالبهم الاحتراز عن العذاب الجسماني وهو قوله فَقِنا عَذابَ النَّارِ وآخرها الاحتراز عن العذاب الروحاني وهو قوله وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ذلك يدل على ما قلنا ولذلك قالوا الفرقة أشد من الحرقة: قال مولانا جلال الدين رومى قدس سره جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتر از بعد حق وغفلتست كر جهاد وصوم سختست وخشن ... ليك اين بهتر ز بعد اى ممتحن فليسارع المؤمن الى الطاعات ليدخل فى زمرة من وعد الله لهم من الكرامات. عن جابر رضى الله عنه كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ألا أحدثكم بغرف الجنة) قلنا بلى يا رسول الله قال (ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وفيها من النعيم واللذات ما لا عين رأت ولا اذن سمعت) قلت يا رسول الله لمن هذه الغرف قال (لمن أفشى السلام واطعم الطعام وادام الصيام وصلى بالليل والناس نيام) . وعن ابى بكر الوراق رحمه الله طلبنا اربعة فوجدناها فى اربعة. وجدنا رضى الله فى طاعته. وسعة الرزق فى صلاد الضحى. وسلامة الدين فى حفظ اللسان. ونور القبر فى صلاة الليل. وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال (آخر من يدخل الجنة رجل يمشى مرة ويسقط اخرى وتأخذه النار فاذا جاوزها التفت إليها ويقول سبحان من نجانى منك قد أعطاني شيأ ما أعطاه لأحد من الأولين والآخرين فيرفع له شجرة عظيمة الظل فيشتاق الى ظلها فيقول اى رب أدنني منها ولا اسألك غيرها فيدنيه منها ويشرب من مائها ثم يرفع له شجرة أعظم من الاولى فيقول اى رب أدنني منها ويعاهد ان لا يسأل غيرها فيدنيه منها فيرفع له شجرة أعظم مما تقدم فيسأله ان يدنيه فاذا ادنى سمع أصوات اهل الجنة ويقول اى رب لو أوصلتها لا اسألك فيقول الله يا ابن آدم ما اغدرك كم تعاهد وتكذب أترضى ان أعطيك مثل الدنيا ومثلها فيقول أتستهزئ بي وأنت رب العالمين) ثم ضحك ابن مسعود فقالوا مم تضحك فقال هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا مم ضحك رسول الله قال من ضحك رب العالمين (فيقول الله لا استهزئ ولكنى على ما أشاء قدر) - حكى- ان والدي معروف الكرخي كانا من النصارى وكان معلم النصارى يقول لمعروف قل ثالث ثلاثة فيقول معروف بل هو الأحد الصمد فيضربه المعلم فهرب يوما فقال والداه لوجاء معروف فعلى أي دين وجدناه تبعناه فجاء على دين الإسلام فأسلما قال النبي عليه السلام (ما منكم من أحد الا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان فينظر عن يمينه فلا يرى الأشياء قدمه ثم ينظر عن يساره فلا يرى الأشياء قدمه فيستقبله الناس فمن استطاع منكم ان يتقى النار ولو بشق تمرة فليفعل) - حكى- ان عجوزا كافرة كانت تطعم الطير ذرة فى ايام الشتاء فرآها ذو النون المصري فقال ان الله تعالى لا يقبل من عدو ثم رآها فى الكعبة قد أسلمت فقالت يا ذا النون انه أعطاني الإسلام بما رأيته بي كرم آدمي نه از بشرست ... از شجر بلكه از حجر بترست شجرى كان نمى دهد ثمرى ... معتبر نيست لائق تبراست

[سورة آل عمران (3) : آية 195]

عصمنا الله تعالى وإياكم من النار وأدخلنا الجنة مع الأسخياء والأبرار فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ الى طلبتهم وهو أخص من أجاب فان أجاب معناه أعطاه الجواب وهو قد يكون بتحصيل المطلوب وبدونه واستجاب انما يقال لتحصيل المطلوب ويعدى بنفسه وباللام أَنِّي اى بانى لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ وهو ما حكى عنهم من المواظبة على ذكر الله تعالى فى جميع حالاتهم والتفكر فى مصنوعاته استدلالا واعتبارا والثناء على الله بالاعتراف بربوبيته وتنزيهه عن العبث وخلق الباطل والاشتغال بالدعاء وجعل هذه الأعمال سببا للاستجابة يدل على ان استجابة الدعاء مشروطة بهذه الشروط وبهذه الأمور فلما كان حصول هذه الشرائط عزيزا لا جرم كان الشخص الذي يكون مجاب الدعاء عزيزا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بيان لعامل وتأكيد لعمومه وهذا يدل على انه لا تفاوت فى الاجابة وفى الثواب بين الذكر والأنثى إذا كانا جميعا فى التمسك بالطاعة على التوبة والفضل فى باب الدين بالأعمال لا بسائر صفات العالمين لان كون بعضهم ذكرا او أنثى او من نسب خسيس او شريف لا تأثير له فى هذا الباب بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ لان الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر. قال الامام فيه وجوه أحسنها ان يقال من بمعنى الكاف اى بعضكم كبعض فى الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية. قال القفال هذا من قولهم فلان منى اى على خلقى وسيرتى وهى معترضة بين بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد للعمال- روت- أم سلمة قالت يا رسول الله انى اسمع الله يذكر الرجال فى الهجرة ولا يذكر النساء فنزل قوله تعالى أَنِّي لا أُضِيعُ الى آخره اى كما ان بعضكم من بعض كذلك أنتم فى ثواب العمل تثاب المرأة المعاملة كما يثاب الرجل العامل وبالعكس فلا أثيب بعضا واحرم آخر فَالَّذِينَ هاجَرُوا تفصيل لاعمال العمال منهم وما أعد لهم من الثواب على المدح والتعظيم كأنه قال فالذين عملوا هذه الأعمال السنية الفائقة وهى المهاجرة من مبتدأ او طانهم فارّين الى الله بدينهم من دار الفتنة وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ اى اضطروا الى الخروج من ديارهم التي ولدوا فيها ونشأوا بايذاء المشركين. قال الامام المراد من قوله فَالَّذِينَ هاجَرُوا الذين اختاروا المهاجرة من أوطانهم فى خدمة الرسول والمراد من الذين اخرجوا من ديارهم الذين الجأهم الكفار ولا شك ان رتبة الأولين أفضل لانهم اختاروا خدمة الرسول وملازمته على الاختيار فكانوا أفضل وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي فى سبيل الحق ودين التوحيد بسبب ايمانهم بالله ومن اجله وهو متناول لكل اذية نالتهم من قبل المشركين وَقاتَلُوا اى الكفار فى سبيل الله وَقُتِلُوا استشهدوا فى القتال لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى والله لأمحوّن عنهم سيآتهم وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً الثواب فى الأصل اسم لما يثاب به كالعطاء اسم لما يعطى الا انه قد يوضع موضع المصدر فهو مصدر مؤكد بمعنى اثابة لان تكفير السيئات وإدخال الجنة فى معنى الاثابة اى لأثيبنهم بذلك اثابة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ صفة له اى كائنة من عند الله قصد بتوصيفه به تعظيم شأنه فان السلطان العظيم الشان إذا قال لعبده ألبسك خلعة من عندى دل ذلك على كون تلك الخلعة فى غاية الشرف وأكد كون

ذلك الثواب فى غاية الشرف بقوله وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ اى حسن الجزاء على الطاعات قادر عليه وهو نعيم الجنة الباقي لا كنعيم الدنيا الفاني نعيم آخرت باقيست اى دل ... خنك آنكس كه باشد عبد مقبل ولا يخفى ان هذا الجزاء العظيم والاجر الجسيم للذين جمعوا بين المهاجرة والإخراج من الأوطان والتأذى فى سبيل الله والقتال والمقتولية. فعلى السالك ان يهاجر من وطن النفس والعمل السيئ والخلق الذميم ويخرج من ديار الطبيعة الى عالم الحقيقة حتى يدخل مقام العندية الخاصة فان ثمرات المجاهدات المشاهدات والعمل الصالح يستدل به على حسن العاقبة- روى- ان صفوان بن سليم كان يجتهد فى العبادة والقيام وكان يبيت على السطح فى ايام الشتاء لئلا يستريح من البرد وفى الصيف ينزل الى بيته ليعذب نفسه بحر الهولء وكان عادته ذلك الى ان مات فى سجدته ووصل الى رحمة الله وجنته فهذا هو الاجتهاد فعليك به فان احتالت نفسك عليك فى ذلك فحدثها بأخبار السلف وأحوالهم وحكاياتهم كى ترغب فى الطاعة والاجتهاد فان فى ذلك نفعا كليا وتأثيرا عظيما: قال الفاضل الجامى قدس سره هجوم نفس وهوا كز سپاه شيطانند ... چوزور بر دل مرد خدا پرست آرد بجز جنود حكايات رهنمايا خود ... چهـ تاب آنكه بران رهزنان شكست آرد فان قالت النفس انهم كانوا رجالا أقوياء كيف يدانى بهم فى الطاعة من خلفهم فحدثها بأخبار النساء كيف كن إناثا ومع ذلك لم يتخلفن عن مجاهدات الرجال حتى وصلن الى ما وصلوا اليه كرابعة العدوية وغيرها: قال بعضهم ولو كان النساء كمن ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال فلا التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال : قال الشيخ السعدي قدس سره زنانى كى طاعت برغبت برند ... ز مردان نا پارسا بگذرند ترا شرم نايد ز مردئ خويش ... كه باشد زنانرا قبول از تو بيش قال الحسن البصري رحمه الله يا عجبا لأقوام بلا زاد وقد نودوا بالرحيل وحبس أولهم لآخرهم وهم قعود يلعبون- حكى- ان ملك الموت دخل على بعض الصالحين ليقبض روحه فقال مرحبا انا والله منذ خمسين سنة أتأهب لك. ولما بلغ عبد الله بن المبارك النزع فتح عينه ثم ضحك فقال لمثل هذا فليعمل العاملون. قال بعض العلماء من أراد ان ينال الجنة فعليه ان يداوم على خمسة أشياء. الاول ان يمنع نفسه من المعاصي قال الله تعالى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى والثاني ان يرضى باليسير من الدنيا لانه روى فى الخبر (ان ثمن الجنة الطاعة وترك الدنيا) . والثالث ان يكون حريصا على الطاعات ويتعلق بكل طاعة فلعل تلك الطاعة تكون سبب المغفرة ووجوب الجنة قال الله تعالى وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. والرابع ان يحب الصالحين

[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 إلى 198]

واهل الخير ويخالطهم ويجالسهم فان الصالح إذا غفر له يشفع لاخوانه وأصحابه. والخامس ان يكثر الدعاء ويسأل الله تعالى ان يرزقه ويختم له بخير والحاصل انه لا بد للعاقل من التأهب لمعاده بتزكية النفس وإصلاح القلب. قال القاشاني فى تأويلاته أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ القلب من الأعمال القلبية كالاخلاص واليقين والمكاشفة أَوْ أُنْثى النفس من الأعمال القالبية كالطاعات والمجاهدات والرياضيات بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يجمعكم اصل واحد وحقيقة واحدة هى الروح اى بعضكم منشأ من بعد فلا أثيب بعضا واحرم آخر فَالَّذِينَ هاجَرُوا من أوطان مألوفات النفس وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ من ديار صفاتها او هاجروا من أحوالهم التي التذوا بها واخرجوا من مقاماتهم التي يسكنون إليها وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي اى ابتلوا فى سلوك سبيل أفعالي بالبلاء والمحن والشدائد والفتن ليتمرنوا بالصبر ويفوزوا بالتوكل او فى سلوك سبيل صفاتى بسطوات تجليات الجلال والعظمة والكبرياء ليصلوا الى مقام الرضى وَقاتَلُوا البقية بالجهاد فى وَقُتِلُوا فى الحب فى بالكلية لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ كلها من صغائر ظهور أفعالهم وصفاتهم وكبائر بقايا ذواتهم فى تلويثاتهم وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الجنات الثلاث المذكورة ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى عوضا عما أخذت منهم من الوجودات الثلاثة وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ولا يكون عند غيره الثواب المطلق الذي لا ثواب وراءه ولهذا قال والله لانه اسم الذات الجامع لجميع الصفات فلم يحسن ان يقع غيره من الرحمن او الرحيم او سائر الأسماء موقعه لا يَغُرَّنَّكَ الخطاب للنبى عليه السلام لان العصمة لا تزيل النهى فانه لو زال النهى عنه بذلك لبطلت العصمة فان العصمة هى الحفظ من الخلاف وإذا زال النهى لم يكن خلاف فلا تكون عصمة فالمراد تثبيته على ما هو عليه من عدم التفاته الى الدنيا او الخطاب له والمراد أمته كما يخاطب سيد القوم ومقدمهم والمراد به كلهم كأنه قيل لا يغرنكم تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ والنهى فى المعنى للمخاطب وانما جعل للتقلب تنزيلا للسبب وهو التقلب منزلة المسبب وهو اغترار المخاطب للمبالغة والمعنى لا تمدن عينيك ولا تستشرف نفسك الى ما هم عليه من سعة الرزق وإصابة حظوظ الدنيا ولا تغتر بظاهر حالهم من التبسط فى الأرض والتصرف فى البلاد يتكسبون ويتجرون ويتدهقنون- روى- ان بعض المؤمنين كانوا يرون المشركين فى رخاء ولين عيش فيقولون ان اعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد فنزلت مَتاعٌ قَلِيلٌ اى ذلك التقلب متاع قليل لا قدر له فى جنب ما أعد الله للمؤمنين قال عليه السلام (ما الدنيا فى الآخرة الأمثل ما يجعل أحدكم إصبعه فى اليم فلينظر بم يرجع) فاذا لا يجدى وجوده لواجديه ولا يضر فقدانه لفاقديه ثُمَّ مَأْواهُمْ اى مصيرهم الذي يأوون اليه لا يبرحونه جَهَنَّمُ التي لا يوصف عذابها يعنى انه مع قلته سبب الوقوع فى نار جهنم ابد الآباد والنعمة القليلة إذا كانت سببا للمضرة العظيمة لم يعد ذلك نعمة وَبِئْسَ الْمِهادُ اى بئس ما يمهدون لأنفسهم جهنم لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ اى خافوه فلم يخالفوا امره ولا نهيه لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي

مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وجه الاستدراك انه تعالى لما وصف الكفار بقلة نفع تقلبهم فى البلاد لاجل التجارة وجاز ان يتوهم متوهم ان قلة النفع من لوازم التقلب من حيث هو استدرك ان المتقين وان تقلبوا وأصابوا ما أصابه الكفار او لم يصيبوا لهم مثوبات حسنى لا يقادر قدرها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حال من جنات لتخصصها بالوصف والنزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وغيرهما وَما عِنْدَ اللَّهِ لكثرته ودوامه خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ مما يتقلب فيه الفجار لقلته وسرعة زواله. وعن ابن مسعود رضى الله عنه ما من نفس برة ولا فاجرة الا والموت خير لها اما البرة فان الله تعالى يقول وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ واما الفاجرة فانه يقول إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً. وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه جئت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشربة وانه لعلى حصير ما بينه وبينه شىء وتحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف وان عند رجليه قرظا مصبورا وعند رأسه أهب معلقة فرأيت اثر الحصير فى جنبه فبكيت فقال (ما يبكيك) فقلت يا رسول الله ان كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أما ترضى ان يكون لهما الدنيا ولنا الآخرة) از پى ذكر وشوق حق ما را ... در دو عالم دل وزبانى بس وز طعام ولباس اهل جهان ... كهنه دلقى ونيم نانى بس ومما وجد فى خزائن الإسكندر مكتوبا بالذهب الأحمر حركات الافلاك لا تبقى على أحد نعمة فاذا اعطى العبد مالا او جاها او رفعة فلتكن همته فى انتهاز الفرصة وتقليد المنن أعناق الرجال فان الدنيا والجاه والرفعة تزول اما ندم طويل او مدح جزيل فاكرموا من له حسب فى الأصل او قدم فى المروءة ولا يغرنكم تقلب الزمان باهله فان للدهر عثرات يجبر كما يكسر ويكسر كما يجبر والأمر الى الله تعالى: قال جلال الدين الرومي قدس سره چند گويى من بگيرم عالمى ... اين جهانرا پر كنم از خود همى گر جهان پر برف گردد سر بسر ... تاب خور بگدازدش از يك نظر وعن الحسن قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على أصحابه فقال (هل منكم من يريد ان يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا. ألا انه من رغب فى الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد فى الدنيا وقصر أمله أعطاه الله تعالى علما بغير تعلم وهدى بغير هداية. ألا انه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك الا بالقتل والتجبر ولا الغنى الا بالفخر والبخل ولا المحبة الا باتباع الهوى. ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك الاوجه الله تعالى أعطاه تعالى ثواب خمسين صديقا) قال ابن عباس رضى الله عنهما يؤتى بالدنيا يوم القيامة فى صورة عجوز شمطاء زرقاء وأنيابها بادية مشوهة خلقها وتشرف على الخلائق فيقال أتعرفون هذه فيقولون نعوذ بالله من معرفة هذه فيقال هذه الدنيا التي تفاخرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم تقذف فى جهنم فتنادى يا رب اين اتباعى وأشياعي فيقول الله تعالى الحقوا بها اتباعها قال عليه السلام (يحشر أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة

[سورة آل عمران (3) : آية 199]

ويؤمر بهم الى النار) قالوا يا رسول الله مصلين قال (نعم كانوا يصلون ويصومون ويأخذون سنة من الليل فاذا عرض لهم شىء من الدنيا وثبوا عليه) قالت عائشة رضى الله عنها قلت يا رسول الله ألا تستطعم الله فيطعمك قالت وبكيت لما رأيت به من الجوع وشد الحجر على بطنه من السغب فقال (يا عائشة والذي نفسى بيده لو سألت ربى ان يجرى معى جبال الدنيا ذهبا لا جراها حيث شئت من الأرض ولكنى اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقر الدنيا على غناها وحزن الدنيا على فرحها يا عائشة ان الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد) - وروى- انه عليه السلام عرض عليه عشار من النوق وهى الحوامل منها فاعرض عنها وغض بصره مع انها من أحب الأموال إليهم وأنفسها عندهم لانها كانت تجمع الظهر واللحم واللبن ولعظمتها فى قلوبهم قال الله عز وجل وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ فلما لم يلتفت إليها قيل له يا رسول الله هذه انفس أموالنا فلم لم تنظر إليها قال قد نهى الله عن ذلك ثم تلا قوله تعالى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ الآية هذا معاملته مع الدنيا. وفى التوجه الى الآخرة ما كان يريد الا الرفيق الأعلى قال صلى الله عليه وسلم (انا حبيب الله ولا فخر وانا حامل لواء الحمد يوم القيامة تحته آدم ومن دونه ولا فخر وانا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لى فيدخلنيها ومعى فقراء المؤمنين ولا فخر) والمقصود ان فى الفقر والقناعة فضيلة وان الفقراء يدخلون الجنة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الأغنياء اى قناعت توانگرم گردان ... كه وراى تو هيچ نعمت نيست كنج صبر اختيار لقمانست ... هر كرا صبر نيست حكمت نيست فعلى العبد العاقل ان يجتنب عن الدنيا وإخوانها ويرغب فى الآخرة وجنانها بل يترقى الى الوصول الى الله تعالى. قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى عباد الله عبد لواعطى الجنات بزينتها لهرب كما يهرب اهل النار من النار وهو الذي غلب عليه محبة الله فلا يميل الى غيره ومن ذلك المقام قال ابو يزيد غاب قلبى عنى ثمانين سنة فلما أردت ان آخذه قيل أتطلب غيرنا- وحكى- عن بعض الصالحين انه رأى فى المنام معروف الكرخي شاخصا بصره نحو العرش قد اشتغل عن الحور العين وقصور الجنة فسأل رضوان من هذا قال معروف الكرخي مات مشتاقا الى الله فاباح له ان ينظر اليه فمطمح نظر العارف الجنة المعنوية وهى جنة معرفة الله ووصوله التي هى خير من جنة الفردوس وأعلى عليين فليسارع السالك الى وصول هذه الجنة ودخولها قبل ادراك منيته وانقضاء عمره ومجيئ اجله حضورى گر همى خواهى ازو غائب مشو حافظ ... متى ما تلق من تهوى دع الدنيا وأهملها أوصلنا الله وإياكم الى الحضور واليقين وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ نزلت فى عبد الله بن سلام وأصحابه وقيل فى أربعين من نجران واثنين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا نصارى فاسلموا وقيل فى اصحمة النجاشي فانه لما مات نعاه جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى اليوم الذي مات فيه فقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه (اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم) فقالوا من هو قال (النجاشي) فخرج الى البقيع وكشف له الى ارض الحبشة فابصر سرير النجاشي فصلى عليه وكبر اربع تكبيرات واستغفر له فقال المنافقون انظروا الى هذا يصلى على

علج نصرانى حبشى لم يره قط وليس على دينه فانزل الله هذه الآية وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من القرآن وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من الكتابين خاشِعِينَ لِلَّهِ اى متواضعين له من خوف عذابه ورجاء ثوابه وهو حال من فاعل يؤمن لان من فى معنى الجمع لا يَشْتَرُونَ لا يأخذون بِآياتِ اللَّهِ المكتوبة فى التوراة والإنجيل من نعت النبي عليه السلام ثَمَناً قَلِيلًا اى عرضا يسيرا من حطام الدنيا خوفا على الرسالة كفعل من لم يسلم من أحبارهم وكبارهم والجملة حال مما قبله أُولئِكَ اى اهل هذه الصفة لَهُمْ أَجْرُهُمْ اى المختص بهم الموعود لهم فى قوله تعالى أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ رَبِّهِمْ نصب على الحالية من أجرهم والمراد به التشريف إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لنفوذ علمه بجميع الأشياء فهو عالم بما يستحقه كل عامل من الاجر من غير حاجة الى تأمل ووعى صدر وكتب يد والمراد ان الاجر الوعود سريع الوصول إليهم فان سرعة الحساب تستدعى سرعة الجزاء. والاشارة فى قوله إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ الى ان العلماء المتقين الذين يؤمنون بالواردات والإلهامات والكشوف بأرباب القلوب والخواطر الرحمانية وهم الحكماء الالهية يعجل الله فى جزاء أعمالهم بحسب نياتهم لتبليغهم الى مقاماتهم فى القرب قبل وفاتهم ولا يؤجل الى ما بعد وفاتهم فان من كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى والإنسان يموت كما يعيش ويبعث على مامات عليه وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل عليه السلام جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول ما لى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى أمتي يوم القيامة) قال فى امر اهل الكفر أم فى اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون) فظهر ان الله سريع الحساب يوصل الى كل جزاء عمله. فاما الواصلون فهم فى الجنة المعنوية فى الدنيا يتنعمون . واما الغافلون فهم فى نار البعد والفراق ولكنهم لا يحسون الألم قبل وفاتهم فاذا ماتوا انقلب الحال من المعنى الى الحس عصمنا الله وإياكم من نار البعد وعذاب السعير وشرفنا بنعيم وصاله ورؤية جماله المنير كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرگ اندر آرد ز خوابت چهـ سود تو پاك آمدى بر حذر باش و پاك ... كه ننگست ناپاك رفتن بخاك كنون بايد اين مرغ را پاى بست ... نه آنكه سر رشته بردت ز دست وذكر ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله أراد ان يدخل الحمام فمنعه الحمامي وقال لا تدخل الا بأجرة فبكى ابراهيم وقال لا يؤذن لى ان ادخل بيت الشياطين مجانا فكيف بالدخول الى بيت النبيين

[سورة آل عمران (3) : آية 200]

والصديقين مجانا فظهر ان من كان فى الدنيا غافلا فهو فى الآخرة مع الغافلين وحسابه فى الآخرة على مقدار عمله فمن لم يعمل صالحا كان هناك خاليا عن المثوبات برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان فى الجنة حوراء يقال لها لعبة لو بصقت فى البحر بصقة لعذب البحر مكتوب على نحرها من أحب ان يكون له مثلى فليعمل بطاعة ربى) ونعم ما قيل بقدر الكد تكتسب المعالي ... ومن طلب العلى سهر الليالى تروم العز ثم تنام ليلا ... يغوص البحر من طلب اللآلى فلا بد من تدارك امر الآخرة. وتوفيت امرأة الفرزدق فخرج فى جنازتها وجوه اهل البصرة وخرج فيها الحسن البصري فقال الحسن للفرزدق يا أبا فراس ما اعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا اله الا الله منذ ثمانين سنة فلما دفنت قام الفرزدق على قبرها وانشد هذه الأبيات أخاف وراء القبر ان لم يعافنى ... أشد من القبر التهابا واضيقا إذا جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق الفرزدقا لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... الى النار مغلول القلادة ازرقا. وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم ادخله الجنة ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم اجره من النار) فنسأل الله سبحانه ان يجيرنا من النار ويدخلنا الجنة مع الأبرار ويوفقنا للاعمال الصالحة المنجية ويجعلنا من الفرقة الناجية بحق النبي الذي به وصل من وصل الى الله عز وجل فى المشارق والمغارب وانتهى الى منازل المقاصد والمآرب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا على مشاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد كالمرض والفقر والقحط والخوف وغير ذلك من المشاق وَصابِرُوا وغالبوا اعداء الله فى الصبر على شدائد الحرب وأعدى عدوكم فى الصبر على مخالفة الهوى. والمصابرة نوع خاص من الصبر ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تخصيصا لشدته وصعوبته وكونه أكمل وأفضل من الصبر على ما سواه والصبر هو حبس النفس عما لا يرضاه الله واوله التصبر وهو التكلف لذلك ثم المصابرة وهى معارضة ما يمنعه عن ذلك ثم الاصطبار والاعتبار والالتزام ثم الصبر وهو كماله وحصوله من غير كلفة وَرابِطُوا أبدانكم وخيولكم فى الثغور مترصدين وأنفسكم على الطاعة كما قال عليه السلام (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) قالوا بلى يا رسول الله قال (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط) وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ واتقوه بالتبري مما سواه لكى تفلحوا غاية الفلاح او اتقوا القبائح لعلكم تفلحون بنيل المقامات الثلاثة المرتبة التي هى الصبر على مضض الطاعات ومصابرة النفس فى رفض العادات ومرابطة السر على جناب الحق لترصد

الواردات المعبر عنها بالشريعة والطريقة والحقيقة فعلم من هذا ان الصبر دون المصابرة والمصابرة دون المرابطة قيل تو كز سراى طبيعت نميروى بيرون ... كجا بكوى طريقت گذر توانى كرد ولا بد من السلوك حتى يتجاوز العبد عن الأحوال والمقامات الى أقصى النهايات- وحكى- عن ابراهيم بن أدهم انه كان يسير الى بيت الله راجلا فاذا أعرابي على ناقة فقال يا شيخ الى اين فقال ابراهيم الى بيت الله قال كيف وأنت راجل لا راحلة لك فقال ان لى مراكب كثيرة فقال ما هى قال إذا نزلت علىّ بلية ركبت مركب الصبر وإذا نزلت علىّ نعمة ركبت مركب الشكر وإذا نزل بي القضاء ركبت مركب الرضى وإذا دعتنى النفس الى شىء علمت ان ما بقي من العمر اقل مما مضى فقال الاعرابى أنت الراكب وانا الراجل سر فى بلاد الله فالاشتغال طول العمر بالمجاهدة لازم حتى تنقلع الأخلاق الذميمة من النفس وتتبدل بالأوصاف الشريفة من الصبر وغيره ومثل هذه المجاهدة هى المرابطة- روى- ان واحدا من الصلحاء كان يختم كل ليلة ويجتهد فى العبادة فقيل له انك تتعب نفسك وتوقعها فى المشقة فقال كم عمر الدنيا فقيل سبعة آلاف سنة فقال وكم مقدار يوم القيامة فقيل خمسون الف سنة فقال لو عمر المرء بعمر الدنيا لحق له ان يجتهد فى العبادة لهذا اليوم الطويل فانه أسهل بالنسبة اليه. وكانت معاذة العدوية امرأة صالحة كانت إذا جاء النهار تقول هذا اليوم يوم موتى فتشتغل بالعبادة الى المساء فاذا جاء الليل تقول هذه الليلة ليلة موتى فتحييها الى الصباح الى ان ماتت على هذه النمط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من رابط يوما وليلة فى سبيل الله كان كعدل صيام شهر وقيامه لا بفطر ولا ينفتل عن صلاته الا لحاجة) فهذا فى الجهاد الأصغر فكيف الحال فى الجهاد الأكبر يعنى ان المثوبات والدرجات اكثر فى حفظ النفس ومراقبتها وحبسها على الطاعات والعبادات نگه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نمانى بخجلت نگون قال الحافظ دانا كه زد تفرج اين چرخ حقه باز ... هنگامه باز چيد ودر گفت وگو ببست قال ابو يزيد البسطامي رحمه الله العارف من كان همه هما واحدا ولم ينتقل قلبه الى ما رأت عيناه وسمعت أذناه- روى- ان زاهدا كان يجتهد فى العبادة فرآه رجل قد صار لباسه ذا وسخ فقال أيها العابد لم لا تغسل ثوبك قال العابد لانه ان غسلته يتوسخ ثانيا قال الرجل فاغسله مرة اخرى قال العابد ان الله لم يخلقنا لأن نغسل ثيابنا ويذهب عمرنا بهذا العمل بل للطاعة والعبادة: قال مولانا جلال الدين قدس سره أول استعداد جنت بايدت ... تا ز جنت زندگانى زايدت تداركنا الله تعالى بلطفه. وجاء أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انى أصوم شهر رمضان وأصلي كل يوم خمس صلوات ولا أزيد على هذا لانى فقير ليس على زكاة ولا حج

تفسير سورة النساء

فاذا قامت القيامة ففى أي دار أكون انا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال (إذا حفظت عينيك عن اثنين عن النظر الى المحرمات والنظر الى الحلق بعين الاحتقار وحفظت قلبك عن اثنين عن الغل والحسد وحفظت لسانك عن اثنين عن الكذب والغيبة تكون معى فى الجنة) تفسير سورة النساء وهى مائة وخمس اوست او سبع وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب عام يتناول الموجودين فى زمان الخطاب ومن بعدهم دون المنقرضين بدليل انهم ما كانوا متعبدين بشر عنا فلو كان عاما لجميع بنى آدم لزم ان يتعبدوا بشر عنا وهو محال اتَّقُوا رَبَّكُمُ فى حفظ ما بينكم من الحقوق وما يجب وصله ومراعاته ولا تضيعوه ولا تقطعوا ما أمرتم بوصله الَّذِي خَلَقَكُمْ اى قدر خلقكم حالا بعد حال على اختلاف صوركم وألوانكم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ اى من اصل واحد وهو نفس آدم أبيكم وعقب الاتقاء بمنة الخلق كيلا يتقى الا الخالق وبين اتحاد الأب فان فى قطع التزاحم حضا على التراحم وَخَلَقَ مِنْها اى من تلك النفس يعنى من بعضها زَوْجَها امكم حواء بالمد من ضلع من أضلاعه اليسرى- روى- ان الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام واسكنه الجنة القى عليه النوم فبينما هو بين النائم واليقظان خلق حواء من قصيراه فلما انتبه وجدها عنده فمال إليها وألفها لأنها كانت مخلوقة من جزء من اجزائه وأخرت حواء فى الذكر وان كانت مقدمة فى الخلق لان الواو لا ترتيب فيها وَبَثَّ اى فرق ونشر مِنْهُما من تلك النفس وزوجها المخلوقة بطريق التوالد والتناسل رِجالًا كَثِيراً تذكيره للحمل على الجمع والعدد وَنِساءً اى بنين وبنات كثيرة. واكتفى بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها إذ الحكمة تقتضى ان يكون اكثر. وترتيب الأمر بالتقوى على هذه القصة لان المراد به تمهيد للامر بالتقوى فيما يتصل بحقوق اهل منزله وبنى جنسه على ما دلت عليه الآيات التي بعدها فكأنه قيل اتقوا ربكم الذي وصل بينكم حيث جعلكم صنوانا متفرعة من ارومة واحدة فيما يجب لبعضكم على بعض من حقوق المواصلة التي بينكم فحافظوا عليها ولا تغفلوا عنها وَاتَّقُوا اللَّهَ اى لا تقطعوا فى الدين والنسب اغصانا تتشعب من جرثومة واحدة الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ فيما بينكم حيث يقول بعضكم لبعض اسألك بالله وَالْأَرْحامَ اى يسأل بعضكم بعضا بالله فيقول بالله وبالرحم وانا شدك الله والرحم افعل كذا على سبيل الاستعطاف وجرت عادة العرب على ان أحدهم إذا استعطف غيره يقرن الرحم فى السؤال والمناشدة بالله ويستعطف به. فقوله والأرحام بالنصب عطف على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا أو على الله اى اتقوا الله واتقوا الأرحام فصلوها ولا تقطعوها وقد نبه سبحانه إذ قرن الأرحام باسمه على ان صلتها بمكان منه وعنه صلى الله عليه وسلم (الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعنى قطعه الله) وقال صلى الله عليه وسلم (ما من عمل حسنة اسرع

ثوابا من صلة الرحم وما من عمل سيئة اسرع عقوبة من البغي) فينبغى للعباد مراعاة الحقوق لان الكل أخ لاب وأم هما آدم وحواء سيما المؤمنين لان فيهم قرابة الايمان والدين وكذا الحال فى قرابة الطين إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً الرقيب هو المراقب الذي يحفظ عليك جميع افعالك اى حافظا مطلعا على جميع ما يصدر عنكم من الافعال والأقوال وعلى ما فى ضمائركم من النيات مريدا لمجازاتكم بذلك فبين الله تعالى انه يعلم السر وأخفى وانه إذا كان كذلك فيجب ان يكون المرء حذرا خائفا فيما يأتى ويذر. واعلم ان التقوى هى العمدة وهى سبب الكرامة العظمى فى الدنيا والعقبى- حكى- انه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكى لانه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال كنت من احسن الناس وجها وكان لى حياء فقيل لأبى لو أجلسته فى السوق لا نبسط مع الناس فاجلسنى فى حانوت بزاز فجازت عجوز وطلبت متاعا فاخرجت لها ما طلبت فقالت لو توجهت معى لثمنه فمضيت معها حتى أدخلتني فى قصر عظيم فيه قبة عظيمة فاذا فيها جارية على سرير عليه فرش مذهبة فجذبتنى الى صدرها فقلت الله الله فقالت لا بأس فقلت انى حازق فدخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهى وبدني فقيل انه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلا قال لى اين أنت من يوسف بن يعقوب ثم قال أتعرفني قلت لا قال انا جبريل ثم مسح بيده على وجهى وبدني فمن ذلك الوقت يفوح المسك على من رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة التقوى. والتقوى فى عرف الشرع وقاية النفس عما يضرها فى الآخرة وهى على مراتب. الاولى التوقي عن العذاب المخلد بالتبري من الشرك وعليه قوله تعالى وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى. والثانية التجنب عن كل اثم وهو المتعارف باسم التقوى وهو المعنى بقوله تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا. والثالثة التنزه عن جميع ما يشغله وهو التقوى الحقيقي المطلوب بقوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ومن هذا القبيل ما حكى عن ذى النون المصري انه لما جاء اليه بعض الوزراء وطلب الهمة واظهر الخشية من السلطان قال له لو خشيت انا من الله كما تخشى أنت من السلطان لكنت من جملة الصديقين گر نبودى اميد راحت ورنج ... پاى درويش بر فلك بودى ور وزير از خدا بترسيدى ... همچنان كز ملك ملك بودى فينبغى للسالك ان يتقى ربه ويراقب الله فى جميع أحواله كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً والمراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه عليه فاستدامته لهذا العلم مراقبة لربه وهذا اصل كل خير ولا يكاد يصل الى هذه الرتبة الا بعد فراغه من المحاسبة فاذا حاسب نفسه على ما سلف وأصلح حاله فى الوقت ولازم طريق الحق واحسن ما بينه وبين الله من مراعاة القلب وحفظه مع الله الأنفاس وراقب الله سبحانه فى عموم أحواله فيعلم انه عليه رقيب ومن قلبه قريب يعلم أحواله ويرى أفعاله ويسمع أقواله ومن تغافل عن هذه الجملة فهو بمعزل عن بداية الوصلة فكيف عن حقائق القربة. قال سليمان بن على لحميد الطويل عظنى قال لئن كنت عصيت الله خاليا وظنت انه يراك فقد اجترأت على امر عظيم ولئن كنت تظن انه لا يراك فقد

[سورة النساء (4) : آية 2]

كفرت لقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. وكان بعض الصالحين له تلامذة وكان يخص واحدا منهم بإقباله عليه اكثر مما يقبل على غيره فقالوا له فى ذلك فقال أبين لكم فدفع لكل واحد من تلامذته طائرا وقال له اذبحه بحيث لا يراك أحد ودفع الى هذا ايضا فمضوا ورجع كل واحد منهم وقد ذبح طيره وجاء هذا بالطير حيا فقال له هلا ذبحته فقال أمرتني ان اذبحه بحيث لا يراه أحد ولم أجد موضعا لا يراه أحد فقال لهذا اخصه باقبالى عليه جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ اليتامى جمع يتيم وهو من الناس المنفرد عن الأب بموته ومن سائر الحيوانات عن الام وحق هذا الاسم ان يقع على الصغير والكبير لبقاء معنى الانفراد عن الأب الا انه غلب استعماله فى الصغير لاستغناء الكبير بنفسه عن الكافل فكأنه خرج عن معنى اليتم وهو الانفراد والمراد بايتاء أموالهم قطع المخاطبين اطماعهم الفارغة عنها وكف اكفهم الخاطفة عن اختزالها وتركها على حالها غير متعرض لها بسوء حتى تأتيهم وتصل إليهم سالمة لا الإعطاء بالفعل فانه مشروط بالبلوغ وإيناس الرشد وانما عبر عما ذكر بالايتاء مجازا للايذان بانه ينبغى ان يكون مرادهم بذلك إيصالها إليهم لا مجرد ترك التعرض لها والمعنى ايها الأولياء والأوصياء احفظوا اموال اليتامى ولا تتعرضوا لها بسوء وسلموها إليهم وقت استحقاقهم تسليمها إليهم وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ تبدل الشيء بالشيء واستبداله به أخذ الاول بدل الثاني بعد ان كان حاصلا له او فى شرف الحصول اى لا تستبدلوا الحلال المكتسب بالحرام المغتصب يعنى لا تستبدلوا مال اليتامى وهو حرام بالحلال وهو ما لكم وما أبيح لكم من المكاسب ورزق الله المبعوث فى الأرض فتأكلوه مكانه وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ المراد من الاكل التصرف لان أكل مال اليتيم كما يحرم فكذا سائر التصرفات المهلكة لتلك الأموال محرمة والدليل عليه ان فى المال ما لا يصح ان يؤكل وانما ذكر الاكل لانه معظم ما يقع لاجله التصرف والى بمعنى مع قال تعالى مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ اى مع الله والأصح ان المعنى لا تأكلوها مضمومة الى أموالكم ولا تسووا بينهما وهذا حلال وذاك حرام وقد خص من ذلك مقدار اجر المثل عند كون الولي فقيرا وإذا أكل مال اليتيم وله مال كان ذلك أقبح ولذا ورد النهى عن أكله مع مال نفسه بعد ان قال ولا تتبدلوا إلخ إِنَّهُ اى الاكل المفهوم من النهى كانَ حُوباً كَبِيراً اى ذنبا عظيما عند الله فاجتنبوه- روى- ان رجلا من بنى غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا الى النبي عليه السلام فنزلت هذه الآية فلما سمع العم قال اطعنا الله واطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع اليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم (من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فانه يحل داره) يعنى جنته فلما قبض الفتى ماله أنفقه فى سبيل الله فقال عليه السلام (ثبت الاجر وبقي الوزر) فقالوا كيف بقي الوزر فقال (ثبت الاجر للغلام وبقي الوزر على والده) : قال الشيخ السعدي قدس سره از زر وسيم راحتى برسان ... خويشتن هم تمتعى بر گير چونكه اين خانه از تو خواهد ماند ... خشتى از سيم وخشتى از زر گير

[سورة النساء (4) : آية 3]

قال تعالى وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ تزكية من آفة الحرص والحسد والدناءة والخسة والطمع وتحلية بالامانة والديانة وسلامة الصدر وقال وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ تزكية من الجوز والحيف والظلم وتحلية بالعدل والانصاف فان اجتماع هذه الرذائل إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً اى حجابا عظيما. فعلى العاقل ان يزكى نفسه من الأخلاق الرديئة ولا يطمع فى حق أحد جل او قل بل يكون سخيا باذلا ماله على الأرامل والأيتام ويراعى حقوقهم بقدر الإمكان. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال ست موبقات ليس لهن توبة. أكل مال اليتيم. وقذف المحصنة. والفرار من الزحف. والسحر. والشرك بالله. وقتل نبى من الأنبياء. ويقال طوبى للبيت الذي فيه يتيم. وويل للبيت الذي فيه يتيم يعنى ويل لاهل البيت الذين لم يعرفوا حق اليتيم وطوبى لهم إذا عرفوا حقه يكى خار پاى يتيمى بكند ... بجواب اندرش ديد صدر خجند كه ميگفت ودر روضها مى چميد ... كزان خار بر من چهـ گلها دميد - وروى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندى يتيم مم أضر به قال (مما تضرب ولدك) يعنى لا بأس ان تضربه للتأديب ضربا غير مبرح مثل ما يضرب الوالد ولده- وروى- عن الفضيل ابن عياض انه قال رب لطمة انفع لليتيم من أكلة خبيص. قال الفقيه فى تنبيه الغافلين ان كان هذا يقدر ان يؤدبه بغير ضرب ينبغى له ان يفعل ذلك ولا يضربه فان ضرب اليتيم امر شديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان اليتيم إذا ضرب اهتز عرش الرحمن لبكائه فيقول الله يا ملائكتى من ابكى الذي غيبت أباه فى التراب وهو اعلم به قال تقول الملائكة ربنا لا علم لنا قال فانى أشهدكم ان من أرضاه ارضه من عندى يوم القيامة) چوبينى يتيمى سر افكند پيش ... مده بوسه بر روى فرزند خويش يتيم ار بگريد كه بارش برد ... وگر خشم گيرد كه نازش خرد ألا تا نگريد كه عرش عظيم ... بلرزد همى چون بگريد يتيم اگر سايه خود برفت از سرش ... تو در سايه خويشتن پرورش قال الله تعالى لداود النبي عليه السلام [كن لليتيم كالاب الرحيم واعلم انك كما تزرع كذلك تحصد] . واعلم ان المرأة الصالحة لزوجها كالملك المتوّج بالذهب كلما رآها قرت عينه والمرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير كرا خانه آباد وهمخوابه دوست ... خدا را برحمت نظر سوى اوست دلارام باشد زن نيك خواه ... وليك از زن بد خدايا پناه تهى پاى رفتن به از كفش تنگ ... بلاي سفر به كه در خانه جنگ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى الاقساط العدل والمراد بالخوف العلم عبر عنه بذلك إيذانا بكون المعلوم مخوفا محذورا لا معناه الحقيقي لان الذي علق به الجواب هو العلم بوقوع الجور المخوف لا الخوف منه والا لم يكن الأمر شاملا لمن يصبر على الجور ولا يخافه وسبب النزول انهم كانوا يتزوجون من يحل لهم من اليتامى اللاتي يلونهن لكن لا لرغبة فيهن بل فى مالهن

[سورة النساء (4) : آية 4]

ويسيئون فى الصحبة والمعاشرة ويتربصون بهن ان يمتن فيرثوهن وقيل هى اليتيمة تكون فى حجر وليها فيرغب فى مالها وجمالها ويريد ان ينكحها بأدنى من سنة نسائها فنهوا ان ينكحو هن الا ان يقسطوا لهن فى إكمال الصداق وأمروا ان ينكحوا من سواهن من النساء والمعنى وان خفتم ان لا تعدلوا فى حق اليتامى إذا تزوجتم بهن بإساءة العشرة او بنقص الصداق فَانْكِحُوا ما موصولة او موصوفة او ثرت على من ذهابا بها الى الوصف اى نكاحا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ اى غير اليتامى بشهادة قرينة المقام اى فانكحوا من استطابتها نفوسكم من الاجنبيات مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ حال من فاعل طاب اى فانكحوا الطيبات لكم معدودات هذا العدد ثنتين ثنتين وثلاثا وثلاثا وأربعا وأربعا حسبما تريدون على معنى ان لكل واحد منهم ان يختار أي عدد شاء من الاعداد المذكورة لا ان بعضها لبعض منهم وبعضها لبعض آخر فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا اى فيما بينهن ولو فى اقل الاعداد المذكورة كما خفتموه فى حق اليتامى او كما لم تعدلوا فيما فوق هذه الاعداد فَواحِدَةً فالزموا او فاختاروا واحدة وذروا الجمع بالكلية أَوْ ما ولم يقل من إيذانا بقصور رتبة الإماء عن رتبة العقلاء مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ اى من السراري بالغة ما بلغت من مراتب العدد وهو عطف على واحدة على ان اللزوم والاختيار فيه بطريق التسرى لا بطريق النكاح كما فيما عطف عليه لاستلزامه ورود ملك النكاح على ملك اليمين بموجب اتحاد المخاطبين فى الموضعين وانما سوى فى السهولة واليسر بين الحرة الواحدة وبين السراري من غير حصر فى عدد لقلة تبعيتهن وخفة مؤنهن وعدم وجوب القسم فيهن ذلِكَ اشارة الى اختيار الواحدة أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا العول الميل من قولهم عال الميزان عولا إذا مال وعال فى الحكم جار والمراد هاهنا الميل المحظور المقابل للعدل اى ما ذكر من اختيار الواحدة والتسرى اقرب بالنسبة الى ما عداهما من ان لا يميلوا ميلا محظورا لانتفائه رأسا بانتفاء محله فى الاول وانتفاء حظره فى الثاني بخلاف اختيار العدد فى المهائر فان الميل المحظور متوقع فيه لتحقق المحل والحظر وَآتُوا النِّساءَ اى اللاتي امر بنكاحهن صَدُقاتِهِنَّ جمع صدقة وهى المهر نِحْلَةً فريضة من الله لانها مما فرضه الله فى النحلة اى الملة والشريعة والديانة فانتصابها على الحالية من الصدقات اى أعطوهن مهورهن حال كونها فريضة من الله او تدينا فانتصابها على انه مفعول له اى أعطوهن ديانة وشرعة او هبة وعطية من الله وتفضلا منه عليهن فانتصابها على الحالية منها ايضا او عطية من جهة الأزواج من نحله إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا والتعير عن إيتاء المهور بالنحلة مع كونها واجبة على الأزواج لافادة معنى الإيتاء عن كمال الرضى وطيب الخاطر وانتصابها على المصدرية لان الإيتاء والنحلة بمعنى الإعطاء كأنه قيل وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة اى أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم فالخطاب للازواج وقيل للاولياء لانهم كانوا يأخذون مهور بناتهم وكانوا يقولون هنيئالك النافجة لمن يولد له بنت يعنون تأخذ مهرها فتنفج به مالك اى تعظم فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ الضمير للصدقات وتذكيره لإجرائه مجرى ذلك فانه قد يشار به الى المتعدد واللام متعلقة بالفعل

وكذا عن لكن بتضمينه معنى التجافي والتجاوز ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لشىء اى كائن من الصداق وفيه بعث لهن الى تقليل الموهوب نَفْساً تمييز والتوحيد لما ان المقصود بيان الجنس اى وهبن لكم شيأ من الصداق متجافيا عن نفوس هن طيبات غير خبيثات بما يضطرهن الى البذل من شكاية أخلاقكم وسوء معاشرتكم فَكُلُوهُ اى فخذوا ذلك الشيء الذي طابت به نفوسهن وتصرفوا فيه تملكا وتخصيص الاكل بالذكر لانه معظم وجوه التصرفات المالية هَنِيئاً مَرِيئاً صفتان من هنأ الطعام ومرأ إذا كان سائغا لا تنغيص فيه ونصبهما على انهما صفتان للمصدر اى أكلا هنيئا مريئا وهذه عبارة عن التحليل والمبالغة فى الإباحة وازالة التبعة- روى- ان ناسا كانوا يتأثمون ان يقبل أحدهم من زوجته شيأ مما ساقه إليها فنزلت. وفى الآية دليل على وجوب الاحتياط حيث بنى الشرط على طيب النفس ولذا قيل يجوز الرجوع بما وهبن ان خدعن من الأزواج وبيان لجواز معروفها وترغيب فى حسن المعاشرة بينهما فان خير الناس خيرهم لاهله وانفعهم لعياله وفى الحديث (جهاد المرأة حسن التبعل) وكانت المرأة على عهد النبي عليه السلام تستقبل زوجها إذا دخل وتقول مرحبا بسيدى وسيد اهل بيتي وتقصد الى أخذ ردائه فتأخذه من عنقه وتعمد الى نعله فتخلعه فان رأته حزينا قالت ما يحزنك ان كان حزنك لآخرتك فزاد الله فيها وان كان لدنياك فكفاك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا فلان أقرئها منى السلام وأخبرها ان لها نصف اجر الشهيد) وعلامة الزوجة الصالحة عند اهل الحقيقة ان يكون حسنها مخافة الله وغناها القناعة وحليها العفة اى التكفف عن الشرور والمفاسد وعبادتها بعد الفرائض حسن الخدمة للزوج وهمتها الاستعداد للموت اگر پارسا باشد وخوش سخن ... نگه در نكويى وزشتى مكن زن خوب وخوش طبع كنجست ومار ... رها كن زن زشت ناسازكار يعنى لا تلتفت الى امرأة ليس لها حسن ولا موافقة لك بحسن الخلق- روى- ان الإسكندر كان يوما عنده جمع من ندمائه فقال واحد منهم ان الله تعالى اعطى لك مملكة كثيرة وشوكة وافرة فاكثر من النساء حتى يكثر أولادك ويبقوا بعدك قال الإسكندر أولاد الرجال ليست ما ذكرت بل هى العادات الحسنة والسير المرضية والأخلاق الكريمة وليس مما يليق بالرجل الشجيع ان تغلب عليه النساء بعد ان غلب هو على اهالى الدنيا ونعم ما قيل يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام چونيست پيش پدر اين قدر يقين كه پسر ... ز خيل بي خردانست يا خردمندان بسست سيرت نيكو حكيم را فرزند ... زبون زن چهـ شود بر اميد فرزندان قال الشيخ السعدي قدس سره فى البستان چهـ نغز آمد اين يك سخن زان دو تن ... كه سرگشته بودند از دست زن يكى گفت كس را زن بد مباد ... دگر گفت زن در جهان خود مباد زن تو كن اى دوست هر نوبهار ... كه تقويم پارين نيايد بكار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة من أمتي يكونون فى جهنم كعمر الدنيا سبع مرات. أولهم

[سورة النساء (4) : آية 5]

متسمنون مهزولون. والثاني كاسون عارون. والثالث عالمون جاهلون) قيل من هؤلاء يا رسول الله قال (اما المتسمنون المهزولون فالنساء متسمنات باللحم مهزولات فى امور الدين واما الكاسون العارون فهن النساء كاسيات من الثياب عاريات من الحياء واما العالمون الجاهلون فهم اهل الدنيا التاجرون الكاسبون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) فهؤلاء عالمون فى امور الدنيا جاهلون فى امور الآخرة لا يبالون من اين يجمعون المال وهم لا يشبعون من الحلال ولا يبالون من الحرام نعوذ بالله وَلا تُؤْتُوا ايها الأولياء السُّفَهاءَ اى المبذرين من الرجال والنساء والصبيان واليتامى أَمْوالَكُمُ أضاف الأموال الى الأولياء تنزيلا لاختصاصها بأصحابها منزلة اختصاصها بالأولياء فكان أموالهم عين أموالهم لما بينهم وبينهم من الاتحاد الجنسي والنسبي مبالغة فى حملهم على المحافظة عليها وقد أيد ذلك حيث عبر عن جعلها مناطا لمعاش أصحابها بجعلها مناطا لمعاش الأولياء بقوله الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً اى جعلها الله شيأ تقومون به وتنتعشون فلو ضيعتموه لضعتم ولما كان المال سببا للقيام والاستقلال سماه بالقيام إطلاقا لاسم المسبب على السبب على سبيل المبالغة فكأنها من فرط قيامهم بها واحتياجهم إليها نفس قيامهم وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ الرزق من الله العطية من غير حد ومن العباد اجراء موقت محدود اى أطعموهم منها ولم يقل منها لئلا يكون ذلك امرا بان يجعلوا بعض أموالهم رزقا لهم بل أمرهم ان يجعلوا أموالهم مكانا لرزقهم بان يتجروا فيها ويثمروا فيجعلوا أرزاقهم من الأرباح لا من اصول الأموال وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً كلاما لينا تطيب به نفوسهم. قال القفال القول المعروف هو انه ان كان المولى عليه صبيا فالولى يعرفه ان المال ماله وهو خازن له وانه إذا زال صباه فانه يرد المال اليه وان كان المولى عليه سفيها وعظه ونصحه وحثه على الصلاة ورغبه فى ترك التبذير والإسراف وعرفه ان عاقبة التبذير الفقر والاحتياج الى الخلق الى ما يشبه هذا النوع من الكلام وإذا كان رشيدا فطلب ماله ومنعه الولي يأثم. وفى الآية تنبيه على عظم خطر المال وعظم نفعه. قال السلف المال سلاح المؤمن هيئ للفقر الذي يهلك دينه وكانوا يقولون اتجروا واكتسبوا فانكم فى زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه وربما راو أرجلا فى جنازة فقالوا له اذهب الى دكانك. قال الامام وقد رغب الله فى حفظ المال فى آية المداينة حيث امر بالكتاب والشهادات والرهن والعقل ايضا يؤيد ذلك لان الإنسان ما لم يكن فارغ البال لا يمكنه القيام بتحصيل الدنيا والآخرة ولا يكون فارغ البال الا بواسطة المال لانه به يتمكن من جلب المنافع ودفع المضار شب پراكنده خسبد آنكه بديد ... نبود وجه بامدادانش مور كرد آورد بتابستان ... تا فراغت بود زمستانش فمن أراد الدنيا بهذا الغرض كانت الدنيا فى حقه من أعظم الأسباب المعينة على اكتساب سعادة الآخرة اما من أرادها لنفسها وعينها كانت من أعظم المعوقات عن كسب سعادة الآخرة

[سورة النساء (4) : آية 6]

فخير المال ما كان متاع البلاغ ولا ينبغى للمرء ان يسرف فى المال الذي يبلغه الى الآخرة والجنة والقربة چودخلت نيست خرج آهسته تر كن ... كه ملاحان همى گويند سرودى اگر باران بكوهستان نبارد ... بسالى دجله گردد خشك رودى درخت اندر خزانها بر فشاند ... زمستان لاجرم بى برگ ماند والاشارة ان الله تعالى جعله المال قياما لمصالح دين العباد ودنياهم فالعاقل منهم من يجعله قياما لمصالح دينه ما امكنه ولمصالح دنياه بقدر حاجته الضرورية اليه والسفيه من جعله لمصالح دنياه ما امكنه والمنهي عنه ان تؤتوا اليه أموالكم كائنا من كان ومن جملة السفهاء النفس التي هى أعدى عدوك وكل ما أنفقه الرجل على نفسه بهواها ففيه مفاسد دينه ودنياه الا المستثنى منه كما أشار تعالى بقوله وَارْزُقُوهُمْ فِيها يعنى ما يسد به جوع النفس وَاكْسُوهُمْ يعنى ما يستر عورتها فان ما زاد على هذا يكون إسرافا فى حق النفس والإسراف منهى عنه وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً فالقول المعروف مع النفس ان يقول أكلت رزق الله ونعمه فادى شكر نعمته بامتثال أوامره ونواهيه واذيبى طعامك بذكر الله كما قال عليه السلام (أذيبوا طعامكم بالصلاة والذكر) واقل ذلك ان يصلى ركعتين او يسبح مائة تسبيحة او يقرأ جزأ من القرآن عقيب كل أكلة وسببه انه إذا نام على الطعام من غير اذابته بالذكر والصلاة بعد أكله يقسو قلبه ونعوذ بالله من قسوة القلب ففى الاذابة رفع القسوة وأداء الشكر. واعلم ان فى قوله تعالى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ إلخ اشارة اخرى وهى ان اموال العلوم وكنوز المعارف لا تؤتى لغير أهلها من العوام ولا تذكر كما حكى ان بعض الكبار ذكر بعض الكرامات لولى فنقل ذلك بعض السامعين فى مجلس آخر وأنكره رجل فلما رجع الى الأصل قال لا يباع الإبل فى سوق الدجاج دريغست بأسفله گفت از علوم ... كه ضايع شود تخم در شوره بوم وَابْتَلُوا الْيَتامى اى واختبروا ايها الأولياء والأوصياء من ليس من اليتامى بين السفه قبل البلوغ بتتبع أحوالهم فى صلاح الدين والاهتداء الى ضبط المال وحسن التصرف فيه وجربوهم بما يليق بحالهم فان كانوا من اهل التجارة فبان تعطوهم من المال ما يتصرفون فيه بيعا وابتياعا وان كانوا ممن له ضياع واهل وخدم فبان تعطوا منه ما يصرفونه الى نفقة عبيدهم وخدمهم واجرائهم وسائر مصارفهم حتى يتبين لكم كيفية أحوالهم حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ بان يحتلموا لانهم يصلحون عنده للنكاح فَإِنْ آنَسْتُمْ اى شاهدتم وتبينتم مِنْهُمْ رُشْداً صلاحا فى دينهم واهتداء الى وجوه التصرفات من غير عجز وتبذير فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ من غير تأخير عن حد البلوغ. وظاهر الآية الكريمة ان من بلغ غير رشيد اما بالتبذير او بالعجز لا يدفع اليه ماله ابدا وبه أخذ ابو يوسف ومحمد. وقال ابو حنيفة ينتظر الى خمس وعشرين سنة لان البلوغ بالسن ثمانى عشرة فاذا ازدادت عليها بسبع سنين وهى مدة معتبرة فى تغيير احوال الإنسان لما قال عليه السلام (مروهم بالصلاة لسبع) دفع اليه ماله او نس منه رشد او لم يونس وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً بغير حق حال اى مسرفين

وليس فيه اباحة القليل وتحريم الإسراف بل هو بيان انه إسراف وَبِداراً اى مبادرين ومسارعين الى إنفاقها مخافة أَنْ يَكْبَرُوا فتفرطون فى إنفاقها وتقولون ننفق كما نشتهى قبل ان تكبر اليتامى رشدا فينتزعوها من أيدينا ويلزمنا تسليمها إليهم وَمَنْ كانَ غَنِيًّا من الأولياء والأوصياء فَلْيَسْتَعْفِفْ فليتنزه عن أكلها وليمتنع وليقنع بما آتاه الله من الغنى والرزق إشفاقا على اليتيم وابقاء على ماله واستعفف ابلغ من عف كأنه يطلب زيادة العفة وَمَنْ كانَ من الأولياء والأوصياء فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ اى بما عرف فى الشرع بقدر حاجته الضرورية واجرة سعيه وخدمته وفيه ما يدل على ان للوصى حقا لقيامه عليها فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ بعد ما راعيتم الشرائط المذكورة فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ بانهم تسلموها وقبضوها وبرئت منها ذممكم لما ان ذلك ابلغ من التهمة وانفى للخصومة وادخل فى الامانة وبراءة الساحة وان لم يكن واجبا عند أصحابنا فان الوصي مصدق فى الدفع مع اليمين وقال مالك والشافعي لا يصدق فى دعواه الا بالبينة وَكَفى بِاللَّهِ الباء صلة حَسِيباً محاسبا وحافظ الأعمال خلقه فلا تخالفوا ما أمرتم به ولا تجاوزوا ما حدّ لكم واعلموا ان اللائق للعاقل ان يحترز عن حق الغير خصوصا اليتيم فانه يجره الى نار الجحيم فأكل حقه من الكبائر ومن ابتلى بحق من حقوق العباد فعليه بالاستحلال قبل الانتقال الى دار السؤال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت عنده مظلمة لاخيه او شىء فليتحلله منه اليوم من قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمة وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه ومن اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنها وعسر عليه استحلال ارباب المظالم فليكثر من حسناته ليوم القصاص وليسرّ ببعض الحسنات بينه وبين الله بكمال الإخلاص حيث لا يطلع عليه الا الله فعساه يقربه ذلك الى الله فينال به لطفه الذي ادخره لارباب الايمان فى دفع مظالم العباد عنهم بإرضائه إياهم) . قال العلماء إذا زنى بامرأة ولها زوج فما لم يجعل ذلك الرجل فى حل لا يغفر له لان خصمه الآدمي فاذا تاب وجعله فى حل فان يغفر له ويكتفى بحل منه ولا يذكر الزنى ولكن يقول كل حق لك على فاجعلنى فى حل منه ومن كل خصومة بينى وبينك وهذا صلح بالمعلوم على المجهول وذلك جائز كرامة لهذه الامة لان الأمم السالفة ما لم يذكروا الذنب لا يغفر لهم وكذا غصب اموال عباد الله وأكلها وضربهم وشتمهم وقتلهم كلها من الحقوق التي يلزم فيها إرضاء الخصماء والتوبة والمبادرة الى الأعمال الصالحة والافعال الحسنة فاذا لم يتب العبد من أمثال هذه ولم يرض خصماءه كان خاسرا خاليا عن العمل عند العرض الأكبر نماند ستمكار بد روزگار ... بماند برو لعنت پايدار چنان زى كه ذكرت بتحسين كند ... چومردى نه بر گور نفرين كنند نبايد برسم بد آيين نهاد ... كه گويند لعنت بر ان كين نهاد فينبغى للظالم ان يتوب من الظلم ويتحلل من المظلوم فى الدنيا فاذا لم يقدر عليه ينبغى ان يستغفر له ويدعو له فان يرجى ان يحلله بذلك. وعن فضيل بن عياض رحمه الله انه قال قراءة آية من

[سورة النساء (4) : الآيات 7 إلى 12]

كتاب الله والعمل بها أحب الى من ختم القرآن الف الف مرة وإدخال السرور على المؤمن وقضاء حاجته أحب الى من عبادة العمر كله وترك الدنيا ورفضها أحب الى من التعبد بعبادة اهل السموات والأرض وترك دانق من حرام أحب الى من مائتى حجة من المال الحلال. وقال ابو القاسم الحكيم ثلاثة أشياء تنزع الايمان من العبد. أولها ترك الشكر على الإسلام. والثاني ترك الخوف على ذهاب الإسلام. والثالث الظلم على اهل الإسلام وعن ابى ميسرة قال اتى بسوط الى رجل فى قبره بعد ما دفن يعنى جاءه منكر ونكير فقالا له انا ضارباك مائة سوط فقال الميت انا كنت كذا وكذا يتشفع حتى حطا عنه عشرا ثم لم يزل بهما حتى صارت الى ضربة واحدة فقالا له انا ضارباك ضربة واحدة فضرباه ضربة واحدة التهب القبر نارا فقال لم ضربتمانى قالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه فهذا حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم. واعلم ان الكبار يكفون أنفسهم عن المشتبهات فضلا عن الحرام فان اللقمة الطيبة لها اثر عظيم فى اجابة الدعاء ولذا قال الشيخ نجم الدين الكبرى قدس سره أول شرائط اجابة الدعاء إصلاح الباطن بلقمة الحلال وآخر شرائطها الإخلاص وحضور القلب يعنى التوجه الاحدى إذ القلب الحاضر فى الحضرة شفيع له قال تعالى فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فحركة الإنسان باللسان وصياحه من غير حضور القلب ولولة الواقف على الباب وصوت الحارس على السطح فعلى العاقل ان يحترز عن الحرام والمشتبهات كى يستجاب دعاؤه فى الخلوات لِلرِّجالِ نَصِيبٌ- روى- ان أوس بن صامت الأنصاري رضى الله عنه خلف زوجته أم كحة وثلاث بنات فزوى ابنا عمه سويد وعرفطة ميراثه عنهن على سنة الجاهلية فانهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون انما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة فجاءت أم كحة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد الفضيخ فشكت اليه فقال (ارجعي حتى انظر ما يحدث الله) فنزلت هذه الآية فبعث إليهما لا تفرقا من مال أوس شيأ فان الله قد جعل لهن نصيبا ولم يبين حتى يبين فنزل يوصيكم الله إلخ فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي لا بنى العم والمعنى لذكور أولاد الميت حظ كائن مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ من ذوى القرابة للميت والمراد المتوارثون منهم دون المحجوبين عن الإرث وهم الأبوان والزوجان والابن والبنت وَلِلنِّساءِ اى لجماعة الإناث نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ مما الاخيرة باعادة الجار بدل وإليها يعود الضمير المجرور وهذا البدل مراد فى الجملة الاولى ايضا محذوف للتعويل على المذكور وفائدته دفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل وآلات الحرب للرجال وتحقيق ان لكل من الفريقين حقا من كل ما جل ودق نَصِيباً مَفْرُوضاً نصب على الاختصاص اى اعنى نصيبا مقطوعا مفروضا واجبا لهم وفيه دليل على ان الوارث لو اعرض عن نصيبه لم يسقط حقه وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ اى قسمة التركة والميراث أُولُوا الْقُرْبى للميت ممن لا يرث منه وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ من الأجانب فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ اى أعطوهم شيأ من المال المقسوم المدلول عليه بالقسمة او مما ترك الوالدان والأقربون وهو امر ندب كلف به البالغون

من الورثة تطييبا لقلوب الطوائف المذكورة وتصدقا عليهم وكان المؤمنون يفعلون ذلك إذا اجتمعت الورثة وحضرهم هؤلاء فرضخوا لهم بشىء من ورثة المتاع فحثهم الله على ذلك تأديبا من غير ان يكون فريضة فلو كان فريضة لضرب له حد ومقدار كما لغيره من الحقوق وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً وهو ان يدعوا لهم ويقولو أخذوا بارك الله عليكم ويستقلوا ما أعطوهم ويعتذروا من ذلك ولا يمنوا عليهم وكل ما سكنت اليه النفس وأحبته لحسنه شرعا او عقلا من قول او عمل فهو معروف وما أنكرته لقبحه شرعا او عقلا فهو منكر وفى الحديث (كل معروف صدقة) وفى المثل اصنع المعروف والقه فى الماء فان لم يعرفه السمك يعرفه من سمك السماء. تو نيكى كن بآب انداز اى شاه ... اگر ماهى نداند داند الله - حكى- ان حية أتت رجلا صالحا فقالت أجرني من عدوى أجارك الله ففتح لها رداءه فقالت يرانى فيه فان أردت المعروف فافتح فاك حتى ادخل فيه فقال أخشى ان تهلكينى قالت لا والله والله وسكان سمواته وارضه شاهدة على ذلك ففتح فاه فدخلت ثم عارضه رجل فى ذلك فانكر فلما اندفع خوفها قالت يا أحمق اختر لنفسك كبدك او فؤادك فقال اين العهد واليمين قالت ما رأيت أحمق منك إذ نسيت العداوة التي بينى وبين أبيك آدم وما الذي حملك على اصطناع المعروف مع غير اهله فقال مهلينى حتى آتى تحت هذا الجبل ثم توجه الى الله فظهر رجل حسن الوجه طيب الرائحة وأعطاه ورقة خضراء وامره بالمضغ ففعل فلم يلبث إلا خرج قطع الحية من الأسفل فخلصه الله تعالى من شرها ثم سأل من أنت فقال انا المعروف وموضعى فى السماء الرابعة وأنت لما دعوت الله ضجت الملائكة فى السموات السبع الى الله فانطلقت الى الجنة وأخذت من شجرة طوبى ورقة بامر الله فاصنع المعروف فانه لا يضيع عند الله وان ضيعه المصطنع اليه نكوكارى از مردم نيك رأى ... يكى را بده مى نويسد خداى ومما يكتب من الصدقة الكلمة الطيبة والشفاعة الحسنة والمعونة فى الحاجة وعيادة المريض وتشييع الجنازة وتطييب قلب مسلم وغير ذلك. واعلم ان الرجال فى الحقيقة أقوياء الطلبة والسلاك فلهم نصيب بقدر صدقهم فى الطلب ورجوليتهم فى الاجتهاد مما ترك المشايخ والاخوان فى الله والأعوان على الطلب وتركتهم بركنهم وسيرتهم فى الدين وأنوار هممهم العلية ومواهب ولا يتهم السنية والنساء ضعفاء القوم فلهم ايضا نصيب مفروض اى قدر معلوم على وفق صدق التجائهم اليه وجدهم فى الطلب وحسن استعدادهم لقبول فيض الولاية وهذا حال المجتهدين الذين هم ورثة المشايخ كما انهم ورثة الأنبياء فاما المنتمون الى ولايتهم بالارادة وحسن الظن والمقتبسون من أنوارهم والمقتفون على آثارهم والمشبهون بزيهم والمتبركون بهم على تفاوت درجاتهم فهم بمثابة اولى القربى واليتامى والمساكين إذا حضروا القسمة عند محافل صحبتهم ومجامع سماعهم ومجالس ذكرهم فانها مقاسم خيراتهم وبركاتهم فارزقوهم منه اى من مواهب ولا يتهم وآثار هدايتهم واعطاف عن آيتهم والطاف رعايتهم وقولوا

[سورة النساء (4) : الآيات 9 إلى 10]

لهم قولا معروفا فى التشويق وارشاد الطريق والحث على الطلب والتوجه الى الحق والاعراض عن الدنيا وتقرير هو انها على الله وخسارة أهلها وعزة اهل الله فى الدارين وكمال سعادتهم فى المنزلين فاذا وقفت على هذا فاجتهد حتى لا تحرم من ميراثه الحقيقة ونصيب المعرفة ونعم ما قيل ميراث پدر خواهى تو علم پدر آموز ... كين مال پدر خرج تو آن كرد بده روز رزقنا الله وإياكم ثمرات الأحوال وبلغنا الى تصفية الباطن وإصلاح البال وَلْيَخْشَ الَّذِينَ صفتهم وحالهم انهم لَوْ تَرَكُوا اى لو شارفوا ان يتركوا مِنْ خَلْفِهِمْ اى بعد موتهم ذُرِّيَّةً ضِعافاً أولادا عجزة لأغنى لهم وذلك عند احتضارهم خافُوا عَلَيْهِمْ اى الضياع بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم والفقر والتكفف والمراد بالذين هم الأوصياء أمروا ان يخشوا الله فيخافوا على من فى حجورهم من اليتامى وليشفقوا عليهم خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا وشفقتهم عليهم وان يقدروا ذلك فى أنفسهم ويصوروه حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ فى زرارى غيرهم وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً اى وليقولوا لليتامى مثل ما يقولون لأولادهم بالشفقة وحسن الأدب والترهيب ويدعوهم بيا بنى ويا ولدي ولا يؤذوهم إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ظالمين او على وجه الظلم من اولياء السوء وقضاته وانما قيد به لانه إذا أكل منه بالمعروف عند الحاجة او بما قدر له به القاضي بقدر عمله فيه لم يعاقب عليه إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ اى ملئ بطونهم يقال أكل فى بطنه إذا ملأه وأسرف وفى معاه إذا اقتصد فيه ناراً اى ما يجر الى النار ويؤدى إليها فكأنه نار فى الحقيقة وَسَيَصْلَوْنَ اى سيدخلون يوم البعث سَعِيراً اى نارا مسعرة او هائلة مبهمة الوصف- روى- ان آكل مال اليتيم يبعث يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وانفه واذنيه وعينيه ويعرف الناس انه كان يأكل مال اليتيم فى الدنيا- وروى- انه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فى الدين الآية وفى الحديث قال النبي عليه السلام (رأيت ليلة اسرى بي قوما لهم مشافر كمشافر الإبل إحداهما قالصة على منخريه والاخرى على بطنه وخزنة جهنم يلقمونه جمر جهنم وصخرها فقلت يا جبريل من هؤلاء قال الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما) كسى كز صرصر ظلمش دمادم ... چراغ عيش مظلومان بميرد نمى ترسد ازين كايزد تعالى ... اگر چهـ دير گيرد سخت گيرد وقد امر الله تعالى ان لا يؤذى اليتيم ويقال له القول السديد فكيف يكون حال من آذاه وغيره من المؤمنين وأكل أموالهم بالغصب والظلم- روى- ان لجهنم جبابا يعنى مواضع كساحل البحر فيها حيات كالبخاتى وعقارب كالبغال الدلم فاذا استغاث اهل جهنم ان يخفف عنهم قيل لهم اخرجوا الى الساحل فيخرجون فتأخذ الحيات شفاههم ووجوههم ما شاء الله فيكشطن فيستغيثون فرارا منها الى النار فيسلط عليهم الجرب فيحك أحدهم جلده حتى

[سورة النساء (4) : آية 11]

يبدو العظم فيقال يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقال ذلك بما كنت تؤذى المؤمنين. فعلى المرء ان يجتنب عن الإيذاء وإيصال الألم الى الخلق فان الدعاء السوء من المظلومين يقبل البتة فى حق الظالم والمؤذى خرابى كند مرد شمشير زن ... نچندانكه دود دل طفل وزن رياست بدست كسانى خطاست ... كه از دست شان دستها بر خداست مكافات موذى بمالش مكن ... كه بيخش بر آورد بايد ز بن سر گرگ بايد هم أول بريد ... نه چون گوسفندان مردم دريد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تقبلوا لى ستا أتقبل لكم الجنة إذا حدثتم فلا تكذبوا وإذا وعدتم فلا تخلفوا وإذا ائتمنتم فلا تخونوا وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا ايديكم عن الحرم وادخلوا الجنة) - وروى- عن ابن المبارك انه قال ترك فلس من حرام أفضل من مائة الف فلس يتصدق بها عنه. وعنه انه كان بالشام يكتب الحديث فانكسر قلمه فاستعار قلما فلما فرغ من الكتابة نسى فجعل القلم فى مقلمته فلما رجع الى مرو رأى القلم وعرفه فتجهز للخروج الى الشام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار فما ينفعكم الا بالورع) . قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله الزهد ثلاثة اصناف. زهد فرض. وزهد فضل وزهد سلامة. فزهد الفرض هو الزهد فى الحرام. وزهد الفضل هو الزهد فى الحلال. وزهد السلامة هو الزهد فى الشبهات. وكان حسان بن ابى سنان لا ينام مضطجعا ولا يأكل سمينا ولا يشرب باردا ستين سنة فرؤى فى المنام بعد مامات فقيل له ما فعل الله بك فقال خيرا غير انى محبوس عن الجنة بابرة استعرتها فلم أردها. ومر عيسى عليه السلام بمقبرة فنادى رجلا منهم فاحياه الله تعالى فقال من أنت فقال كنت حمالا أثقل للناس فنقلت يوما لانسان حطبا فكسرت منه خلالا تخللت به فانا مطالب به منذمت خوف دارى اگر ز قهر خدا ... نروى راه حرام دنيا يُوصِيكُمُ اللَّهُ اى يأمركم ويعهد إليكم فِي أَوْلادِكُمْ أولاد كل واحد منكم اى فى شأن ميراثهم وهو إجمال تفصيله لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ والمعنى منهم فحذف للعلم به اى يعد كل ذكر بأنثيين حيث اجتمع الصنفان فيضعف نصيبه فَإِنْ كُنَّ اى الأولاد والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله تعالى نِساءً اى خلصا ليس معهن ذكر فَوْقَ اثْنَتَيْنِ خبر ثان فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ اى المتوفى المدلول عليه بقرينة المقام وحكم البنتين كحكم ما فوقهما وَإِنْ كانَتْ اى المولودة واحِدَةً اى امرأة واحدة ليس معها أخ ولا اخت فَلَهَا النِّصْفُ مما ترك وَلِأَبَوَيْهِ اى لأبوى الميت لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ كائنا ذلك السدس مِمَّا تَرَكَ المتوفى إِنْ كانَ لَهُ اى للميت وَلَدٌ او ولد ابن ذكرا كان او أنثى واحدا او متعددا غير ان الأب فى صورة الأنوثة بعد ما أخذ فرضه المذكور يأخذ ما بقي من ذوى الفروض بالعصوبة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ ولا ولد ابن وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فحسب فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ مما ترك والباقي للأب هذا إذا لم يكن

معهما أحد الزوجين اما إذا كان معهما أحد الزوجين فلأمه ثلث ما بقي من فرض أحدهما لا ثلث الكل كما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فانه يفضى الى تفضيل الأم على الأب مع كونه أقوى منها فى الإرث بدليل أضعافه عليها عند انفرادهما عن أحد الزوجين وكونه صاحب فرض وعصبة وذلك خلاف وضع الشرع فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ اى عدد من الاخوة من غير اعتبار التثليث سواء كانت من جهة الأبوين او من جهة أحدهما وسواء كانوا ذكورا او إناثا او مختلطين وسواء كان لهم ميراث او محجوبين بالأب فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ واما السدس الذي حجبوها عنه فهو للأب عند وجوده ولهم عند عدمه وعليه الجمهور مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ متعلق بما تقدمه من قسمة المواريث كلها اى هذه الأنصباء للورثة من بعد ما كان من وصية يُوصِي بِها الميت وفائدة الوصف الترغيب فى الوصية والندب إليها أَوْ دَيْنٍ عطف على وصية الا انه غير مقيد بما قيدت به من الوصف بل هو مطلق يتناول ما ثبت بالبينة او الإقرار فى الصحة وانما قال بأو التي للاباحة دون الواو للدلالة على انهما متساويان فى الوجوب مقدمان على القسمة مجموعين ومنفردين وقدم الوصية على الدين وهى متأخرة فى الحكم لانها مشبهة بالميراث شاقة على الورثة مندوب إليها الجميع والدين انما يكون على الندور آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً الخطاب للورثة اى أصولكم وفروعكم الذين يتوفون لا تدرون أيهم انفع لكم أمن يوصى ببعض ماله فيعرضكم لثواب الآخرة بتنفيذ وصيته أم من لا يوصى بشىء فيوفر عليكم عرض الدنيا يعنى الاول انفع ان كنتم تحكمون نظرا الى ظاهر الحال بانفعية الثاني وذلك لان ثواب الآخرة لتحقق وصوله الى صاحبه ودوام تمتعه به مع غاية قصر مدة ما بينهما من الحياة الدنيا اقرب واحضر وعرض الدنيا لسرعة نفاده وفنائه ابعد وأقصى فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ اى فرض الله ذلك الميراث فرضا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بالخلق ومصالحهم حَكِيماً فى كل ما قضى وقدر ودبر. واعلم ان فى هذه الآية تنبيها على ان العبد ينبغى ان يجانب الميل الى جانبى الافراط والتفريط برأيه وعمله بل يستمسك بالعروة الوثقى التي هى العدالة فى الأمور كلها وهو الميزان السوي فيما بين الضعيف والقوى وذلك لا يوجد الا بمراعاة امر الله تعالى والمحافظة على الاحكام المقضية الصادرة من العليم بعواقب الأمور الحكيم الذي يضع كل شىء فى مرتبته فعليكم بالعدل الذي هو اقرب للتقوى والتجانب عن الجور بين العباد فى جميع الأمور خصوصا فيما بين الأقارب فان لهم مزيد فضل على الأجانب ولمكانة صلة الرحم عند الله قرن الأرحام باسمه الكريم فى قوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ فحافظوا على مراعاة حقوق أصولكم وفروعكم وآتوا كل ذى حق حقه فمن حقوق الوالدين على الولد ترك التأفيف والبر والتكلم بقول لطيف. وفى الخبر يسأل الولد عن الصلاة ثم عن حق الوالدين وتسأل المرأة عن الصلاة ثم عن حق زوجها ويسأل العبد عن الصلاة ثم عن حق المولى ثم ان الحق الوالدة أعظم من الوالد لكونها اكثر زحمة ورحمة- روى- ان رجلا قال يا رسول الله ان أمي هرمت عندى فاطعمها بيدي وأسقيها بيدي واوضيها واحملها على عاتقى فهل جازيت حقها قال (لا ولا واحدا من مائة) قال ولم يا رسول الله قال (لانها خدمتك

فى وقت ضعفك مريدة حياتك وأنت تخدمها مريدا مماتها ولكنك أحسنت والله يثيبك على القليل كثيرا) وجاء رجل الى النبي عليه السلام ليستشيره فى الغزو فقال (ألك والدة) قال نعم قال عليه السلام (فالزمها فان الجنة تحت رجليها) ذكره فى الاحياء قيل فيه ونعم ما قيل جنت كه سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست روزى بكن اى خداى ما را ... چيزى كه رضاى مادرانست ويطيع الوالدين فيما أبيح فى دين الإسلام وان كانا مشركين ويهجرهما ان امراه بشرك او معصية قال تعالى وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما چون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى قال بعضهم كل ما لا يؤمن من الهلاك مع الجهل فطلب علمه فرض عين سواء كان من الأمور الاعتقادية كمعرفة الصانع وصفاته وصدق النبي عليه السلام فى أقواله وأفعاله او من الأعمال الحسنة المتعلقة بالظاهر كالصلاة والصوم وغيرهما او بالباطن كحسن النية والإخلاص والتوكل وغيرها او من السيئة المتعلقة بالظاهر كشرب الخمر وأكل الربا والنظر الى اجنبية بشهوة او بالباطن كالكبر والعجب والحسد وسائر الأخلاق الرديئة للنفس فان معرفة هذه الأمور فرض عين يجب على المكلف طلبها وان لم يأذن له أبواه واما ما سواها من العلوم فقيل لا يجوز له الخروج لطلبه الا بإذنهما. وفى فتاوى قاضى خان رجل طلب العلم وخرج بغير اذن والديه فلا بأس به ولم يكن عقوقا قيل هذا إذا كان ملتحيا فاذا كان امرد صبيح الوجه فلأبويه ان يمنعاه. واما حق الولد على الوالد فكالتسمية باسم حسن كأسماء الأنبياء والمضاف الى اسمه تعالى لان الإنسان يدعى فى الآخرة باسمه واسم أبيه قال عليه السلام (انكم تدعون يوم القيام باسمائكم واسماء آبائكم فاحسنوا أسماءكم) ولذا قيل يستحب تغيير الأسماء القبيحة المكروهة فان النبي صلى الله عليه وسلم سمى المسمى بالعاصي مطيعا. وجاء رجل اسمه المضطجع فسماه المنبعث. ومن حقه عليه الختان وهو سنة. واختلفوا فى وقته قيل لا يختن حتى يبلغ لانه للطهارة ولا طهارة عليه حتى يبلغ وقيل إذا بلغ عشرا وقيل تسعا والاولى تأخير الختان الى ان يثغر الولد ويظهر سنه لما فيه من مخالفة اليهود لانهم يختنون فى اليوم السابع من الولادة. ومن حقه ان يرزقه بالحلال الطيب وان يعلمه علم الدين ويربيه بآداب السلف الصالحين: قال الشيخ سعدى قدس سره فى حق الأولاد بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن بياموز پرورده را دست رنج ... وگر دست دارى چوقارون گنج بپايان رسد كيسه سيم وزر ... نگردد تهى كيسه پيشه ور - وروى- انس رضى الله عنه عن النبي عليه السلام قال يعق عنه فى اليوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فاذا بلغ ست سنين ادب وإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه وإذا بلغ عشر سنين ضرب على الصلاة وإذا بلغ ست عشرة زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد ادبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك فى الدنيا وعذابك فى الآخرة. والحاصل انه ينبغى ان لا يعتمد الإنسان على رأى نفسه بل يكل امره الى الله فانه اعلم وارحم. والاشارة فى الآيات ان المشايخ للمريدين

[سورة النساء (4) : آية 12]

بمثابة الآباء للاولاد فان الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته على ما قاله عليه السلام وقال صلى الله عليه وسلم (انا لكم كالوالد لولده) ففى قوله يُوصِيكُمُ اللَّهُ الآية اشارة الى وصايات المشايخ والمريدين ووراثتهم فى قرابة الدين لقوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ فكما ان الوراثة الدنيوية بوجهين بالسبب والنسب فكذلك الوراثة الدينية بهما. اما السبب فهو الارادة ولبس خرقتهم والتبرك بزيهم والتشبه بهم. واما النسب فهو الصحبة معهم بالتسليم لتصرفات ولايتهم ظاهرا وباطنا بصدق النية وصفاء الطوية مستسلما لاحكام التسليك والتربية ليتوالد السالك بالنشأة الثانية فان الولادة تنقسم على النشأة الاولى وهى ولادة جسمانية بان يتولد المرء من رحم الام الى عالم الشهادة وهو الملك والنشأة الثانية وهى ولادة روحانية بان يتولد السالك من رحم القلب الى عالم الغيب وهو الملكوت كما حكى النبي عليه السلام عن عيسى عليه السلام انه قال [لن يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين] فالشيخ هو الأب الروحاني والمريدون المتولدون من صلب ولايته هم الأولاد الروحانيون وهم فيما بينهم أولوا الأرحام بعضهم اولى ببعض فى كتاب الله كقوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وقال عليه السلام (الأنبياء اخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد) ولهذا قال عليه السلام (كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبى) لان نسبه كان بالدين كما سئل من النبي صلى الله عليه وسلم من آلك يا رسول الله قال (آلى كل مؤمن تقى) وانما يتوارث اهل الدين على قدر تعلقاتهم السببية والنسبية والذكورة والأنوثة والاجتهاد وحسن الاستعداد وانما مواريثهم العلوم الدينية واللدنية كما قال صلى الله عليه وسلم (العلماء ورثة الأنبياء وان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر) : قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره چون گزيدى پير نازك دل مباش ... سست وريزيده چوآب وگل مباش «1» چون گرفتى پير هين تسليم شو ... همچوموسى زير حكم خضر رو گر تو سنگ وصخره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى گوهر شوى «2» نار خندان باغ را خندان كند ... صحبت مردانت از مردان كند وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ من المال إذا متن وبقيتم بعدهن إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ اى ولد وارث من بطنها او من صلب بنيها او بنى بنيها وان سفل ذكرا كان او أنثى واحدا كان او متعددا منكم او من غيركم والباقي لورثتهن من ذوى الفروض والعصبات او غيرهم او لبيت المال ان لم يكن لهن وارث آخر أصلا فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ على نحو ما فصل فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ اى تركت أزواجكم من المال والباقي لباقى الورثة مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ متعلق بكلتا الصورتين الا بما يليه وحده يُوصِينَ بِها أَوْ من بعد قضاء دَيْنٍ سواء كان ثبوته بالبينة او بالإقرار وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ان متم وبقين بعدكم إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ذكر او أنثى منهن او من غير هن او ولد ابن والباقي لبقية وراثتكم من اصحاب الفروض والعصبات او ذوى الأرحام او لبيت المال ان لم يكن لكم وارث آخر أصلا فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ على التفصيل المذكور فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ من المال والباقي

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان وصيت كردن رسول خدا صلى الله عليه وسلم مر على را إلخ (2) در أوائل دفتر يكم در بيان منازعت كردن امرا با يكديكر

[سورة النساء (4) : الآيات 13 إلى 18]

للباقين مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ اى بعد إخراج الوصية وقضاء الدين هذا كله إذا لم يمنع مانع من الموانع الاربعة كقتل واختلاف دين ورق واختلاف دار وَإِنْ كانَ رَجُلٌ اى ذكر ميت يُورَثُ اى يورث منه من ورث لا من أورث صفة رجل كَلالَةً خبر كان اى من لا ولد له ولا والد وهى فى الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو الاعياء فى التكلم ونقصان القوة فيه فاستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد لضعفها بالنسبة الى القرابة من جهتهما أَوِ امْرَأَةٌ عطف على رجل مقيد بما قيد به اى ان كان الميت أنثى يورث منها كلالة وَلَهُ اى وللميت الموروث منه سواء كان رجلا او امرأة أَخٌ أَوْ أُخْتٌ كلاهما من الام بالإجماع لان حكم غيرهما سيبين فى آخر السورة فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا اى اى من الأخ والاخت من الام السُّدُسُ من غير تفضيل للذكر على الأنثى لان الأدلاء الى الميت بمحض الأنوثة فَإِنْ كانُوا اى أولاد الام أَكْثَرَ فى الوجود مِنْ ذلِكَ اى من الأخ او الاخت المنفردين بواحد او اكثر فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ يقتسمونه بالسوية لا يزيد نصيب ذكرهم على أنثاهم والباقي لبقية الورثة من اصحاب الفروض والعصبات مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ قوله غير مضار نصب حالا من فاعل يوصى المقدر المدلول عليه بقوله يوصى على البناء للمفعول اى يوصى الميت بما ذكر من الوصية والدين حال كونه غير مدخل الضرر على الورثة بما زاد على الثلث او تكون الوصية لقصد الإضرار بهم وبان يقر فى المرض بدين كاذبا وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ اى يوصيكم الله وصية بها لا يجوز تغيرها قال عليه السلام (من قطع ميراثا فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بالمضار وغيره حَلِيمٌ لا يعاجل بالعقوبة فلا يغتر بالامهال تِلْكَ اى الاحكام التي تقدمت فى امر اليتامى والوصايا والمواريث حُدُودُ اللَّهِ شرائعه التي هى كالحدود المحدودة التي لا يجوز مجاوزتها وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى جميع الأوامر والنواهي التي من جملتها ما فصل هاهنا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها صيغة الجمع اى خالدين بالنظر الى جمعية من بحسب المعنى وَذلِكَ اى هذا الثواب الْفَوْزُ الْعَظِيمُ اى النجاة الوافرة يوم القيامة والظفر الذي لا ظفر وراءه وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ولو فى بعض الأوامر والنواهي وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ شرائعه المحدودة فى جميع الاحكام يُدْخِلْهُ ناراً اى عظيمة هائلة لا يقادر قدرها خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ اى وله غير عذاب الحريق الجسماني عذاب آخر لا يعرف كنهه وهو العذاب الروحاني كما يؤذن به وصفه والجملة حالية وأفرد خالدا فى اهل النار وجمع فى اهل الجنة لان الانفراد وحشة وعذابا للنفس وذلك انسب بحال اهل النار. اعلم ان الاطاعة سبب لنيل المطالب الدنيوية والاخروية ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة الله وعد له دخول الجنة با بدان يار گشت همسر لوط ... خاندان نبوتش گم شد سگ اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم گرفت ومردم شد فاذا كان من اتبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين. قال حاتم الأصم قدس سره الزم خدمة

[سورة النساء (4) : آية 15]

مولاك نأتك الدنيا راغمة والآخرة راغبة. ومن كلامه من ادعى ثلاثا بغير ثلاث فهو كذاب من ادعى حب الجنة من غير انفاق ماله فهو كذاب. ومن ادعى محبة الله من غير ورع عن محارم الله فهو كذاب. ومن ادعى محبة النبي عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب وكلما ازداد العبد فى عبادة الله وطاعته ازداد قربا منه وبعدا من كيد الشيطان. قال السرى سألت معروف الكرخي عن الطائعين لله بأى شىء قدروا على الطاعة قال بخروج الدنيا من قلوبهم ولو كانت فى قلوبهم ما صحت لهم سجدة: قال جلال الدين الرومي قدس سره بند بگسل باش آزاد اى پسر ... چند باشى بند سيم وبند زر «1» هر كه از ديدار برخوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «2» ذكر حق كن بانگ غولانرا بسوز ... چشم نرگس را ازين كركس بدوز «3» ومن أكرمه الله بمعرفة عظمته اضطر الى كمال طاعته- حكى- ان شابا من بنى إسرائيل رفض دنياه واعتزل الناس وجعل يتعبد فى بعض النواحي فخرج اليه رجلان من مشايخ قومه ليرداه الى منزله فقالا له يا من أخذت بامر شديد لا صبر عليه فقال لهما الشاب قيامى بين يدى الله أشد من هذا فقالا ان كل اقربائك مشتاق إليك فعبادتك فيهم أفضل فقال الشاب ان الله تعالى إذا رضى عنى يرضى كل قريب وبعيد فقالا له أنت شاب لا تعلم وانا جربنا هذا الأمر وانا نخاف العجب فقال لهما الشاب من عرف نفسه لم يضره العجب فنظر أحدهما الى صاحبه فقال له قم فان هذا الشاب وجدريح الجنة ولا يقبل قولنا. وعن وهب بن منبه كان داود عليه السلام جعل نوبة عليه وعلى اهله وأولاده ولا تمر ساعة من الليل الا وهو يصلى ويذكر ففى سره تحرك قلبه بالنظر الى طاعته وكان بين يديه نهر فانطق الله ضفدعا فقال والذي أكرمك بالنبوة انه منذ خلقنى الله تعالى وانا قائم على رجل ما استرحت مع انى لا أرجو الثواب ولا أخاف العقاب فما عجبك فيه يا داود فعلم ان المحسن هو الذي يعلم انه مسيئ ولا يعجب بطاعته فلا بد للمؤمن من العمل الصالح ومن الصون عما يبطله من رؤيته وسائر الأمراض الفاسدة ولذلك كان الكبار يختارون الوحدة. قال الامام جعفر الصادق وكذا سفيان الثوري هذا زمان السكوت وملازمة البيوت فقيل لسفيان إذا لازمنا بيوتنا فمن اين يحصل لنا الرزق قال اتقوا الله فان الله يرزق المتقين من غير كسب كما قال تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ: قال جلال الدين الرومي بر دل خود كم نه انديشه معاش ... عيش كم نايد تو بر درگاه باش «4» وَاللَّاتِي جمع التي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ الإتيان الفعل والمباشرة والفاحشة الفعلة القبيحة أريد بها الزنى لزيادة قبحه على كثير من القبائح اى اللاتي يفعلن الزنى كائنات مِنْ نِسائِكُمْ اى من زوجاتكم فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ اى فاطلبوا ان يشهد عليهن بإتيانها اربعة من رجال المؤمنين واحرارهم فَإِنْ شَهِدُوا عليهن بذلك فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فاحبسوهن فيها واجعلوها سجنا عليهن حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ اى يأخذهن الموت ويستوفى ارواحهن. وفيه تهويل للموت وإبراز له فى صورة من يتولى قبض الأرواح او

_ (1) در ديباچهـ دفتر يكم (2) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى مسافر را از جهت سفره وسماع (3) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت واطلاع بر كشف آن (4) در أوائل دفتر دوم در بيان حلوا خريدن شيخ احمد خضرويه إلخ

[سورة النساء (4) : آية 16]

يتوفاهن ملائكة الموت أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا اى طريقا يخرجن به من الحبس بان تنكح فانه مغن عن السفاح اى الزنى وَالَّذانِ تثنية الذي يَأْتِيانِها اى الفاحشة مِنْكُمْ هما الزاني والزانية بطريق التغليب. قال السدى أريد بهما البكران منهما كما ينبئ عنه كون عقوبتهما أخف من الحبس المخلد وبذلك يندفع التكرار فَآذُوهُما فوبخوهما وذموهما وقولوا لهما أما استحييتما أما خفتما الله وذلك بعد الثبوت فَإِنْ تابا عما فعلا من الفاحشة بسبب ما لقيا من زواجر الاذية وقوارع التوبيخ وَأَصْلَحا اى لعملهما وغير الحال فَأَعْرِضُوا عَنْهُما بقطع الاذية والتوبيخ فان التوبة والإصلاح مما يمنع استحقاق الذم والعقاب إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً مبالغا فى قبول التوبة رَحِيماً واسع الرحمة. واعلم ان الرجل إذا زنى بامرأة وهما محصنان فحدهما الرجم لا غير وان كانا غير محصنين فحدهما الجلد لا غير وان كان أحدهما محصنا والآخر غير محصن فعلى المحصن منهما الرجم وعلى الآخر الجلد والمحصن هو ان يكون عاقلا بالغا مسلما حرا دخل بامرأة بالغة عاقلة حرة مسلمة بنكاح صحيح فالرجم كان مشروعا فى التوراة ثم نسخ بآية الإيذاء من القرآن ثم صار الإيذاء منسوحا بآية الحبس وآية الإيذاء وان كانت متأخرة فى الترتيب والنظم الا انها سابقة على الاولى نزولا ثم صار الحبس منسوخا بحديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة) ثم نسخ هذا كله بآية الجلد الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وصار الحد هو الحلد فى كل زان وزانية ثم صار هذا منسوخا بالرجم فى حق المحصن بحديث ما عز رضى الله عنه وبقي غير المحصن فى حكم الجلد وهو الترتيب فى الآيات والأحاديث وعليه استقر الحكم عندنا كذا فى تفسير التيسير. فالواجب على كل مسلم ان يتوب من الزنى وينهى الناس عن ذلك فان كل موضع ظهر فيه الزنى ابتلاهم الله بالطاعون ويزيد فقرهم. قال ابن مسعود رضى الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذنب أعظم عند الله قال (ان تجعل لله ندا وهو خلقك) قلت ثم أي قال (ان تقتل ولدك خشية ان يأكل معك) قلت ثم أي قال (ان تزنى بحليلة جارك) وأشد الزنى ما هو مصر عليه وهو الرجل الذي يطلق امرأته وهو يقيم معها بالحرام ولا يقر عند الناس مخافة ان يفتضح فكيف لا يخاف فضيحة الآخرة يوم تبلى السرائر يعنى تظهر الاسرار فاحذر فضيحة ذلك اليوم واجتنب الزنى ولا تصر عليه فانه لا طاقة لك مع عذاب الله وتب الى الله فان الله كان يقبل التوبة عن عباده ان الله كان توابا رحيما: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره مركب توبه عجائب مركبست ... بر فلك تازد بيك لحظه ز پست «1» چون بر آرند از پشيمانى انين ... عرش لرزد از انين المذنبين «2» عمر اگر بگذشت بيخش اين دم است ... آب توبه اش ده اگر او بي نمست «3» بيخ عمرت را بده آب حيات ... تا درخت عمر گردد بإثبات جمله ماضيها ازين نيكو شوند ... زهر پارينه ازين گردد چوقند

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان حكايت آن صياد كه خود را در گياه پيچيده بود إلخ (2) در اواخر دفتر ششم در بيان استمداد عارف او سرچشمه حيات أبدى إلخ (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زن بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك

[سورة النساء (4) : آية 17]

والاشارة فى تحقيق الآيتين ان وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ هى النفوس الامارة بالسوء والفاحشة ما حرمته الشريعة من اعمال الظاهر وحرمته الطريقة من احوال الباطن وهى الركون الى غير الله قال عليه السلام (سعد غيور وانا أغير منه والله أغير منا ولهذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ على النفوس بإتيان الفاحشة أَرْبَعَةً مِنْكُمْ اى من خواص العناصر الاربعة التي أنتم منها مركبون وهى التراب ومن خواصه الخسة والركاكة والذلة والطمع والمهانة واللؤم. والماء ومن خواصه اللين والعجز والكسل والأنوثة والشره فى المأكل وفى المشرب والهواء ومن خواصه الحرص والحسد والبخل والحقد والعداوة والشهوة والزينة. والنار ومن خواصها التبختر والتكبر والفخر والصلف والحدة وسوء الخلق وغير ذلك مما يتعلق بالأخلاق الذميمة ورأسها حب الدنيا والرياسة واستيفاء لذاتها وشهواتها فَإِنْ شَهِدُوا اى ظهر بعض هذه الصفات من النفوس فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فاحبسوهن فى سجن المنع عن التمتعات الدنيوية فان الدنيا سجن المؤمن وأغلقوا عليهن أبواب الحواس الخمس حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ اى تموت النفس إذا انقطع عنها حظوظها دون حقوقها والى هذا أشار بقوله عليه السلام (موتوا قبل ان تموتوا) أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا بانفتاح روزنة القلوب الى عالم الغيوب فتهب منها الطاف الحق وجذبات الالوهية التي جذبة منها توازى عمل الثقلين وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ اى النفس والقالب يأتيان الفواحش فى ظاهر الافعال والأعمال وباطن الأحوال والأخلاق فَآذُوهُما ظاهرا بالحدود وباطنا بترك الحظوظ وكثرة الرياضات والمجاهدات فَإِنْ تابا ظاهرا وباطنا وَأَصْلَحا لذلك فَأَعْرِضُوا عَنْهُما باللطف بعد العنف وباليسر بعد العسر فان مع العسر يسرا إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً لمن تاب رَحِيماً لمن أصلح من تفسير نجم الدين الرازي الكبرى إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ اى ان قبول التوبة كالمحتوم على الله بمقتضى وعده من تاب عليه إذا قبل توبته لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ اى المعصية صغيرة كانت او كبيرة. فقوله انما التوبة على الله مبتدأ وخبره ما بعده بِجَهالَةٍ اى يعملون ملتبسين بها اى جاهلين سفهاء فان ارتكاب الذنب مما يدعو اليه الجهل ولذلك قيل من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع من جهالته. وفى التيسير ليست هذه جهالة عدم العلم لانه ذنب لان ذلك عذر لكنها التغافل والتجاهل وترك التفكر فى العاقبة كفعل من يجهله ولا يعلمه ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ اى من زمان قريب وهو ما قبل حضور الموت اى قبل ان يغر غروا وسماه قريبا لان أمد الحياة الدنيا قريب قال تعالى قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ فعمر الدنيا قليل قريب الانقضاء فما ظنك بعمر فرد ومن تبعيضية اى يتوبون بعض زمان قريب كأنه سمى ما بين وجود المعصية وبين حضور الموت زمانا قريبا ففى أي جزء تاب من اجزاء هذا الزمان فهو تائب فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اى يقبل توبتهم وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بخلقه يعلم إخلاصهم فى التوبة حَكِيماً فى صنعه والحكيم لا يعاقب التائب. فعلى المؤمن ان يتدارك الزلة بالتوبة والاستغفار ويسارع فى الرجوع الى الملك الغفار- روى- ان جبريل عليه السلام أتاه عند موته فقال يا محمد

الرب يقرئك السلام ويقول من تاب قبل موته بجمعة قبلت توبته قال صلى الله عليه وسلم (الجمعة كثيرة) فذهب ثم رجع وقال قال الله تعالى من تاب قبل موته بساعة قبلت توبته فقال (الساعة كثيرة) فذهب ثم رجع وقال ان الله يقرئك السلام ويقول ان كان هذا كثيرا فلو بلغ روحه الخلق ولم يمكنه الاعتذار بلسانه واستحيى منى وندم بقلبه غفرت له ولا أبالي قال صلى الله عليه وسلم (ان الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر) اى لم يبلغ روحه الحلقوم وعند ذلك يعاين ما يصير اليه من رحمة او هوان ولا ينفع حينئذ توبة ولا ايمان قال تعالى فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا فالتوبة مبسوطة للعبد يعاين قابض الأرواح وذلك عند غرغرته بالروح وانما يغرغر به إذا قطع الوتين فشخص من الصدر الى الحلقوم فعندها المعاينة وعندها حضور الموت فيجب على الإنسان ان يتوب قبل المعاينة والغرغرة وهو معنى قوله تعالى ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ وانما صحت منه التوبة فى هذا الوقت لان الرجاء باق ويصح الندم والعزم على ترك الفعل: قال السعدي قدس سره طريق بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بگوى كه يك لحظه صورت نبندد امان ... چو پيمانه پر شد بدور وزمان والتوبة فرض على المؤمنين ولها شروط اربعة. الندم بالقلب. وترك المعصية فى الحال. والعزم على ان لا يعود الى مثلها. وان يكون ذلك حياء من الله تعالى وخوفا منه لا من غيره قال الحسن البصري استغفارنا يحتاج الى استغفار. قال القرطبي فى تذكرته هذا يقوله فى زمانه فكيف فى زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبا على الظلم حريصا عليه لا يقلع والسبحة فى يده زاعما انه يستغفر من ذنبه وذلك استهزاء منه واستخفاف ومن اظلم ممن اتخذ آيات الله هزؤا فيلزم حقيقة الندم- روى- ان الملائكة تعرج الى السماء بسيآت العبد فاذا عرضوها على اللوح المحفوظ يجدون مكانها حسنات فيخرون على وجوههم ويقولون ربنا انك تعلم انا ما كتبنا عليه الا ما عمل فيقول الله تعالى صدقتم ولكن عبدى ندم على خطيئته واستشفع الىّ بدمعه فغفرت ذنبه وجدت عليه بالكرم وانا أكرم الأكرمين: قال مولانا جلال الدين قدس سره از پى هر گريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست «1» هر كجا آب روان سبزه بود ... هر كجا أشك روان رحمت شود تا نگريد ابركى خندد چمن ... تا نگريد طفل كى جوشد لبن «2» قال احمد بن عبد الله المقدسي سألت ابراهيم بن أدهم عن بده حاله فقال نظرت من شباك قصرى فرأيت فقيرا بفناء القصر قد أكل الخبز بالماء والملح ثم نام فدعوته وقلت له قد شبعت وتهيأت للنوم قال نعم فتبت الى الله ولبست الليلة مسوحا وقلنسوة من صوف وخرجت حافيا الى مكة واعلم ان الله إذا أراد بعبد خيرا اصطفاه لنفسه وجعل فى قلبه سراجا يفرق بين الحق الباطل ويبصر عيوب نفسه حتى يترك الدنيا وحطامها ويلقى عليها زمامها: قال جلال الدين رومى قدس سره

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان كثر ماندن دهان آن شخص گستاخ كه إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب رجوع آن كافر وديدن پيغمبر را در شستن

[سورة النساء (4) : آية 18]

ملك بر هم زن تو ادهم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود اين جهان خود حبس جانهاى شماست ... هين رويد آن سو كه صحراى شماست قال العطار قدس سره نقاب از روى چون خورشيد بردار ... اگر هستى ز روى خود خبر دار ز كوه قاف جسمانى گذر كن ... بدار الملك روحانى سفر كن مشو مغرور اين ملك مزور ... نه عزت ماند ونه مال ونه زر اگر رنگت فرو شويند ز رخسار ... خريدارت بنامش كس ببازار عصمنا الله وإياكم من الركون الى الدنيا وموت القلب بالإصرار على الهوى فى الصبح والمساء وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ اى الذنوب حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ اى وقع فى سكرات الموت وشاهد ملك الموت سوى علاماته فان التوبة تقبل فيها قالَ عند النزع ومشاهدة ما فيه إِنِّي تُبْتُ الْآنَ من ذنوبى يعنى لا يقبل التوبة منه ثمة لانها حالة الاضطرار دون حالة الاختيار وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ عطف على الذين يعملون السيئات اى ليست التوبة للذين ماتوا وَهُمْ كُفَّارٌ مصرون على كفرهم إذا تابوا عند قرب الموت او عند معاينة العذاب فى الآخرة أُولئِكَ اى الفريقان أَعْتَدْنا أصله أعددنا أبدلت الدال الاولى تاء لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً اى هيأنا لهم عذابا وجيعا دائما. اعلم ان الله تعالى سوى بين من سوف التوبة وآخرها الى حضور الموت من الفسقة وبين من مات على الكفر فى نفى التوبة للمبالغة فى عدم الاعتداد بها فى تلك الحالة كأنه قال توبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء فى انه لا توبة لهم لان حضرة الموت أول احوال الآخرة فكما ان الميت على الكفر قد فاتته التوبة على اليقين فكذلك المسوف الى حضرة الموت لعدم محلها وتلك التسوية لكيلا يهمل المذنب فى امر التوبة ولا يتأهل العاقل فى المسارعة الى طلب المغفرة: قال جلال الدين رومى قدس سره كرسيه كردى تو نامه عمر خويش ... توبه كن زانها كه كردستى تو پيش «1» توبه آرند وخدا توبه پذير ... امر او گيرند واو نعم الأمير «2» وإذا هب من الله رياح العناية تجد العبد يسرع الى التوبة ويمد نفسه الى أسبابها ويتأثر بشىء يسير فيتوب عن قبح معاملته. قال ابو سليمان الداراني اختلفت الى مجلس قاص فأثر فى قلبى كلامه فلما قمت لم يبق فى قلبى شىء فعدت ثانيا فبقى اثر كلامه فى قلبى حتى رجعت الى منزلى وكسرت آلة المخالفات ولزمت الطريق فحكى هذه الحكاية ليحيى بن معاذ فقال عصفور اصطاد كركيا أراد بالعصفور ذلك القاص وبالكركي أبا سليمان مرد بايد گيرد اندر گوش ... ور نوشته اسد پند بر ديوار قال تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فمسارعة المذنب بالتوبة وترك الإصرار والرجوع الى باب الملك الغفار ومسارعة المطيع بالاجتناب عن السيئات وزيادة الخيرات والحسنات قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (صاحب اليمين أمين على صاحب الشمال فاذا عمل العبد حسنة يكتب له صاحب اليمين عشرا)

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زن بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك در أوائل دفتر يكم در بيان خسارت وزير إلخ در أوائل دفتر چهارم در بيان سلب هجرت ابراهيم بن أدهم إلخ (2) در اواسط دفتر ششم در بيان استمداد عارف از سرچشمه حيات أبدى إلخ

[سورة النساء (4) : الآيات 19 إلى 24]

نكوكارى از مردم نيك رأى ... يكى را بده مى نويسد خداى (وإذا عمل سيئة وأراد صاحب الشمال ان يكتب قال صاحب اليمين امسك فيمسك ست ساعات او سبع ساعات فان استغفر فيها لم يكتب عليه وان لم يستغفر كتب سيئة واحدة) فالواجب على كل مسلم ان يتوب الى الله حين يصبح وحين يمسى ولا يؤخرها. قال ابو بكر الواسطي قدس سره التأنى فى كل شىء حسن الا فى ثلاث خصال عند وقت الصلاة وعند دفن الميت والتوبة عند المعصية وكان فى الأمم الماضية إذا أذنبوا حرم عليهم حلال وإذا أذنب واحد منهم ذنبا وجد على بابه او على جبهته مكتوبا ان فلان ابن فلان قد أذنب كذا وتوبته كذا فسهل الله الأمر على هذه الامة فقال وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً - روى- ان الله لما لعن إبليس سأله النظرة فانظره اى أمهله الى قيام الساعة فقال انظر ماذا ترى فقال وعزتك لا اخرج من صدر عبدك حتى تخرج نفسه فقال الرب وعزتى وجلالى لا أحجب التوبة عن عبدى حتى تخرج نفسه فانظر الى رحمة الله ورأفته على عباده انه سماهم مؤمنين بعد ما أذنبوا فقال وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وأحبهم بعد التوبة فقال وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ: قال الحافظ قدس سره بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه اين زال ترك دستان گفت فينبغى ان لا يغتر الإنسان بشىء من الأشياء فى حال من الأحوال فانه وان كان يمهل ولكن لا يهمل فان الموت يجيئ البتة إذا فنى العمر وامتلأ الإناء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً مصدر فى موضع الحال من النساء كان الرجل إذا مات قريبه يلقى ثوبه على امرأته او على خبائها ويقول ارث امرأته كما ارث ماله فيصير بذلك أحق بها من كل أحد ثم ان شاء تزوجها بصداقها الاول وان شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها منه شيأ وان شاء عضلها اى حبسها وضيق عليها لتفتدى بما ورثت من زوجها وان ذهبت المرأة الى أهلها قبل إلقاء الثوب فهى أحق بنفسها فنهوا عن ذلك وقيل لهم لا يحل لكم ان تأخذوهن بطريق الإرث على زعمكم كما تحاز المواريث وهن كارهات لذلك وَلا تَعْضُلُوهُنَّ عطف على ترثوا ولا لتأكيد النفي والخطاب للازواج. والعضل الحبس والتضييق وداء عضال ممتنع عسر العلاج وكان الرجل إذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة والقهر وضيق عليها لتفتدى منه بمالها وتخلع فقيل لهم ولا تعضلوهن اى لا تضيقوا عليهن لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ اى من الصداق بان يدفعن إليكم بعضه اضطرارا فتأخذوه منهن إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ من بين بمعنى تبين اى القبح من النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج واهله بالبذاء اى الفحش والسلاطة اى حدة اللسان او الفاحشة الزنى وهو استثناء من أعم الأحوال او أعم الأوقات او أعم العلل ولا يحل لكم عضلهن فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات او لعلة من العلل الا فى حال إتيانهن بفاحشة او الا فى وقت إتيانهن بها او الا لاتيانهن بها فان السبب حينئذ يكون من جهتهن وأنتم معذورون فى طلب الخلع وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ خطاب للذين يسيئون العشرة معهن. والمعروف ما لا ينكره

الشرع والمروءة والمراد هاهنا النصفة فى المبيت والنفقة والإجمال فى القول ونحو ذلك فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ وسئمتم صحبتهن بمقتضى الطبيعة من غير ان يكون من قبلهن ما يوجب ذلك من الأمور المذكورة فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس واصبروا على معاشرتهن فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً والمراد بالخير الكثير هاهنا الولد الصالح او المحبة والألفة والصلاح فى الدين وهو علة للجزاء أقيمت مقامه للايذان بقوة استلزامها إياه كأنه قيل فان كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة فلعل لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا ليس فيما تحبونه. وعسى تامة رافعة لما بعدها مستغنية عن تقدير الخبر اى فقد قربت كراهتك شيأ وجعل الله فيه خيرا كثيرا فان النفس ربما تكره ما هو أصلح فى الدين واحمد عاقبة وادنى الى الخير وتحب ما هو بخلافه فليكن نظركم الى ما فيه خير وصلاح دون ما تهوى أنفسكم . اعلم ان معاشرتهن بالمعروف والصبر عليهن فيما لا يخالف رضى الله تعالى وإلا فالرد من مواضع الغيرة واجب فان الغيرة من اخلاق الله واخلاق الأنبياء والأولياء قال عليه السلام (أتعجبون من غيرة سعد وانا أغير منه والله أغير منى ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) اى ما كان من اعمال الظاهر وهو ظاهر واحوال الباطن وهو الركون الى غير الله والطريق المنبئ عن الغيرة ان لا يدخل عليها الرجال ولا تخرج هى الى الأسواق دون الحمام قال الامام قاضى خان دخول الحمام مشروع للرجال والنساء خلافا لما قاله البعض- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الحمام وتنوّر وخالد بن وليد دخل حمام حمص لكن انما يباح إذا لم يكن فيه انسان يكشف العورة انتهى والناس فى زماننا لا يمتنعون عن كشف العورة أعاليهم وأسافلهم فالمتقى يجتنب عن الدخول فى الحمام من غير عذر والحاصل ان المرأة إذا برئت من مواقع الخلل واتصفت بالعفة فعلى الزوج ان يعاشرها بالمعروف ويصبر على سائر أوضاعها وسوء خلقها بخلاف ما إذا كانت غير ذلك: قال الشيخ السعدي چومستور باشد زن خوبروى ... بديدار او در بهشت است شوى اگر پارسا باشد وخوش سخن ... نگه در نكويى وزشتى مكن چوزن راه بازار گيرد بزن ... وگرنه تو در خانه بنشين چوزن ز بيگانگان چشم زن كور باد ... چوبيرون شد از خانه در كور باد شكوهى نماند دران خاندان ... كه بانگ خروش آيد از ماكيان گريز از كفش در دهان نهنگ ... كه مردن به از زندگانى به ننگ ثم اعلم ان معاملة النساء أصعب من معاملة الرجال لا نهن ارق دينا وأضعف عقلا وأضيق خلقا فحسن معاشرتهن والصبر عليهن مما يحسن الأخلاق فلا جرم يعد الصابر من المجاهدين فى سبيل الله وكان عليه السلام يحسن المعاشرة مع أزواجه المطهرة- روى- ان بعض المتعبدين كان يحسن القيام على زوجته الى ان ماتت وعرض عليه التزوج فامتنع وقال الوحدة أروح لقلبى قال فرأيت فى المنام بعد جمعة من وفاتها كأن أبواب السماء قد فتحت وكأن رجالا ينزلون ويسيرون فى الهواء يتبع بعضهم بعضا وكلما نظر الى واحد منهم يقول لمن وراءه هذا هو

[سورة النساء (4) : الآيات 20 إلى 21]

المشئوم فيقول الآخر نعم ويقول الثالث كذلك فخفت ان اسألهم الى ان مرّبى آخرهم فقلت له من هذا المشئوم قال أنت قال فقلت ولم قال كنا نرفع عملك مع اعمال المجاهدين فى سبيل الله فمنذ جمعة أمرنا ان نضع عملك مع الخالقين فلا ندرى ما أحدثت فقال لاخوانه زوجونى فلم يكن يفارقه زوجتان او ثلاث وكثرة النساء ليست من الدنيا لان الزهاد والعباد كانوا يتزوجون ثلاثا وأربعا قال صلى الله عليه وسلم (حبب الى من دنياكم ثلاث النساء والطيب وقرة عينى فى الصلاة) . قال بعض ارباب الأحوال كنت بمجلس بعض القصّاص فقال ما سلم أحد من الهوى ولا فلان وسمى بمن لا يليق ذكره فى هذا المقام لعظم الشأن فقلت اتق الله فقال ألم يقل (حبب الى) فقلت ويحك انما قال حبب ولم يقل أحببت قال ثم خرجت بالهم فرأيت النبي عليه السلام فقال لا تهتم فقد قتلناه قال فخرج ذلك القاص الى بعض القرى فقتله بعض قطاع الطريق. فقال بعض العلماء إكثاره عليه السلام فى امر النكاح بفعل بواطن الشريعة. قال الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول الأنبياء زيدوا فى القوة بفضل نبوتهم وذلك ان النور إذا امتلأت منه الصدور ففاض فى العروق التذت النفس والعروق فاثار الشهوة وقواها واما الطيب فانه يزكى الفؤاد ويقوى القلب واصل الطيب انما خرج من الجنة بهبوط آدم منها بورقة تستر بها فتركت عليه. واما الصلاة فهى مناجاة الله كما قال عليه السلام (المصلى يناجى ربه) فاذا عرفت حقيقة الحال فاياك والإنكار فان كل عمل عند الأخيار له سر من الاسرار ولكن عقول العوام لا تحيط به وان عاشوا الف عام: قال مولانا جلال الدين قدس سره از محقق تا مقلد فرقهاست ... كين چوداودست وآن ديگر صداست «1» كار درويشى وراى فهم تست ... سوى درويشان بمنكر سست سست «2» وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ اى تزوج امرأة ترغبون فيها مَكانَ زَوْجٍ ترغبون عنها بان تطلقوها وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ اى احدى الزوجات فالمراد بالزوج هو الجنس قِنْطاراً اى مالا كثيرا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ اى ذلك القنطار شَيْئاً يسيرا فضلا عن الكثير أَتَأْخُذُونَهُ اى شيأ منه بُهْتاناً باهتين او مفعول له اى للبهتان والظلم العظيم فان أحدهم كان إذا تزوج امرأة فاعجبه غيرها وأراد ان يتزوجها بهت التي تحته بفاحشة حتى يلجئها الى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه الى تزويج الجديدة فنهوا عن ذلك. والبهتان فى اللغة الكذب الذي يواجه الإنسان به صاحبه على جهة المكابرة وأصله من بهت الرجل إذا تحير فالبهتان الكذب الذي يبهت المكذوب عليه ويدهشه وقد يستعمل فى الفعل الباطن ولذلك فسر هاهنا بالظلم وَإِثْماً مُبِيناً اى آثمين عيانا او للذنب الظاهر وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ اى لأى وجه ومعنى تفعلون هذا وَقَدْ والحال انه قد أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ قد جرى بينكم وبينهن احوال منافية له من الخلوة وتقرر المهر وثبوت حق خدمتهن لكم وغير ذلك وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً عطف على ما قبله داخل فى حكمه اى أخذن منكم عهدا وثيقا وهو حق الصحبة والممازجة والمعاشرة او ما أوثق الله عليكم فى شأنهن بقوله تعالى فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ او ما أشار اليه النبي عليه السلام بقوله (أخذتموهن بامانة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان نصيحت كردن مرد زن خود را إلخ [.....] (2) در أوائل دفتر دوم در بيان تمامى قصه زنده شدن استخوان بدعاى عيسى عليه السلام

[سورة النساء (4) : آية 22]

الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله) . اعلم ان هذه المعاملات من تضييق النساء ومنعهن من الأزواج وأخذ ما فى أيديهن ظلما بعد ما أخذن ميثاقا غليظا فى رعاية حقوقهن كلها وأمثالها ليست من امارة الايمان ونتائجه وثمراته لان المؤمن أخ المؤمن لا يظلمه ولا يشتمه قال عليه السلام (المؤمن للمؤمن كالبينات يشد بعضه بعضا) وقال (الدين النصيحة) وقد صرح بنفي الايمان عمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) هر آنكه تخم بدى كشت و چشم نيكى داشت ... دماغ بيهده پخت وخيال باطل بست ز گوش پنبه برون آر وداد خلق بده ... اگر تو مى ندهى داد روز دادى هست فعلى المرء ان ينصف فى جميع أحواله للاجانب خصوصا الأقارب والأزواج فان تحرى العدل لهم من الواجبات. واعلم ان الآية لا دلالة فيها على جواز المغالاة فى المهر لان قوله تعالى وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً لا يدل على جواز إيتاء القنطار كما ان قوله لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا لا يدل على حصول الالهة. والحاصل انه لا يلزم من جعل الشيء شرطا لشىء آخر كون ذلك الشرط فى نفسه جائز الوقوع كذا قال الامام فى تفسيره ويؤيد ما قيل فى مرشد المتأهلين ان المرأة التي يراد نكاحها يراعى فيها خفة المهور قال صلى الله عليه وسلم (خير نسائكم أحسنهن وجوها واخفهن مهورا) وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه على عشرة دراهم وأثاث البيت وكان رحى وجرة ووسادة من أديم حشوها ليف وفى الخبر (من بركة المرأة سرعة تزوجها وسرعة رحمها الى الولادة ويسر مهرها) ولا بد للرجل ان يوفيها صداقها كملا او ينوى ذلك فمن نوى ان يذهب بصداقها جاء يوم القيامة زانيا كما ان من استدان دينا وهو ينوى ان لا يقضيه يصير سارقا ولا يماطل مهرها الا ان يكون فقيرا او تؤجله المرأة طوعا ويعلمها احكام الطهارة والحيض والصلاة وغير ذلك بقدر ما تؤدى به الواجب ويلقنها اعتقاد اهل السنة ويردها عن اعتقاد اهل البدعة وان لم يعلم فليسأل ولينقل إليها جواب المفتى وان لم يسأل فلا بد لها من الخروج للسؤال ومتى علمها الفرائض فليس لها الخروج الى تعلم او مجلس ذكر الا برضاه فمهما أهمل المرء حكما من احكام الدين ولم يؤدبها ولم يعلمها او منعها عن التعلم شاركها فى الإثم وفى الحديث (أشد الناس عذابا يوم القيامة من أجهل اهله) قال عليه السلام (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ذكر مادون من لانه أريد به الصفة. وقوله من النساء بيان لما نكح واسم الآباء ينتظم الأجداد مجازا كان اهل الجاهلية يتزوجون بأزواج آبائهم فنهوا عن ذلك اى لا تنكحوا التي نكحها آباؤكم إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ استثناء مما نكح مفيد للمبالغة فى التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال اى لا تنكحوا حلائل آبائكم الا من ماتت منهن والمقصود سد طريق الإباحة بالكلية ونظيره قوله تعالى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ إِنَّهُ اى نكاحهن كانَ فاحِشَةً اى فعلة قبيحة ومعصية شديدة عند الله ما رخص فيه لأمة من الأمم وَمَقْتاً ممقوتا

عند ذوى المروءات والمقت أشد البغض وَساءَ سَبِيلًا نصب على التمييز اى بئس السبيل سبيل من يراه ويفعله فانه يؤدى صاحبه الى النار. قيل مراتب القبح ثلاث. القبح العقلي واليه أشير بقوله إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً. والقبح الشرعي واليه أشير بقوله مَقْتاً. والقبح العادي واليه الاشارة بقوله وَساءَ سَبِيلًا ومتى اجتمعت فيه هذه المراتب فقد بلغ أقصى مراتب القبح. والاشارة فى الآية ان الآباء هى العلويات والأمهات هى السفليات وبازدواجهما خلق الله تعالى المتولدات منهما فيما بينهما ففى قوله تعالى وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ اشارة الى نهى التعلق والتصرف فى السفليات التي هى الأمهات المتصرفة فيها آباؤكم العلوية إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ من التدبير الإلهي فى ازدواج الأرواح والأشباح فالحاجات الضرورية للانسان مسيسة به إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا يعنى التصرف فى السفليات والتعلق به او الركون إليها مما يلوث الجوهر الروحاني بلوث الصفات الحيوانية ويجعله سفلى الطبع بعيدا عن الحضرة محبا للدنيا ناسيا للعرب ممقوتا للحق وساء سبيلا الى الهداية بالضلالة: قال حافظ غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنگ تعلق پذيرد آزاد است قال مولانا الجامى اى كه در شرع خداوندان حال ... ميكنى از سنت وفرضم سؤال سنت آمد دل ز دنيا تافتن ... فرض راه قرب مولا يافتن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان اقرب الناس مجلسا الى الله يوم القيامة من طال حزنه وجوعه فى الدنيا افترش الناس الفراش وافترش الأرض فالراغب من رغبت فى مثل ما رغبوا والخاسر من خالفهم أكلوا الشعير ولبسوا الخرق وخرجوا من الدنيا سالمين) : قال مولانا جلال الدين هر كه محجوبست او خود كودكيست ... مرد آن باشد كه بيرون از شكيست «1» اى خنك آنكه جهادى ميكند ... بر بدن زجرى ودادى ميكند «2» اى بسا كارا كه أول صعب كشت ... بعد از ان بگشاده شد سختى گذشت «3» اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دمى آخر دمى فارغ مباش «4» قال ابو على الدقاق رحمه الله من زين ظاهره بالمجاهدة حسن الله سريرته بالمشاهدة قال الله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. واعلم ان من لم يكن فى بدايته صاحب مجاهدة لم يجد من هذه الطريقة شمة. قال ابو الحسن الوراق كان أجل أحكامنا فى مبادى أمرنا فى مسجد ابى عثمان الإيثار حتى يفتح علينا وان لا نبيت على معلوم ومن استقبلنا بمكروه لا ننتقم لا نفسنا بل نعتذر اليه ونتواضع له وإذا وقع فى قلوبنا حقارة لأحد فمنا فى خدمته والإحسان اليه حتى يزول. قال ابو حفص ما اسرع هلاك من لا يعرف عيبه فان المعاصي بريد الكفر. عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه گناه دگران بر تو نخواهند نوشت

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان حكايت جوجى كه چادر پوشيده در بيان زنان إلخ (2) در اواسط دفتر دوم در بيان كه دشوارى عذاب آخرت وسختى (3) در اواسط دفتر سوم در بيان باز جواب كفتن انبيا عليهم السلام جبريانرا (4) در اواسط دفتر يكم در بيان رجوع بحكايت خواجه تاجر إلخ

[سورة النساء (4) : آية 23]

من اگر نيكم وگر بد تو برو خود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ اى نكاحهن لان المفهوم فى العرف من حرمة كل شىء ما هو الغرض المقصود منه فيفهم من تحريم النساء تحريم نكاحهن كما يفهم من تحريم الخمر تحريم شربها ومن تحريم لحم الخنزير تحريم أكله. والأمهات تعم الجدات وان غلون من الأب والام او من قبل أحدهما وَبَناتُكُمْ الصلبية وبنات الأولاد وان سفلن وَأَخَواتُكُمْ من قبل الأب والام او من قبل أحدهما فيتضمن الأخوات من الجهات الثلاث. واعلم ان حرمة الأمهات والبنات كانت ثابتة من زمن آدم عليه السلام الى هذا الزمان ولم يثبت حل نكاحهن فى شىء من الأديان الالهية بل ان زرادشت رسول المجوس قال بحله الا ان اكثر المسلمين اتفقوا على انه كان كذابا اما نكاح الأخوات فقد نقل ان ذلك كان مباحا فى زمن آدم عليه السلام وانما حكم الله بإباحة ذلك على سبيل الضرورة. وذكر العلماء ان السبب لهذا التحريم ان الوطء إذلال واهانة فان الإنسان يستحيى من ذكره ولا يقدم عليه الا فى الموضع الخالي واكثر انواع الشتم لا يكون الا بذكره وإذا كان الأمر كذلك وجب صون الأمهات عنه لان انعام الام على الولد أعظم وجوه الانعام فوجب صونها عن هذا الاذلال والبنت جزؤ من الإنسان وبعض منه فيجب صونها عن هذا الاذلال لان المباشرة معها تجرى مجرى الاذلال وكذا القول فى البقية ذكره الامام فى تفسيره وَعَمَّاتُكُمْ العمة كل أنثى ولدها من ولد والدك قريبا او بعيدا وَخالاتُكُمْ الخالة كل أنثى ولدها من ولد والدتك قريبا او بعيدا يعنى العمات تعم أخوات الآباء والأجداد وكذا الخالات تعم أخوات الأمهات والجدات سواء كن من قبل الأب والام او من قبل أحدهما وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ من كل جهة ونوافلهما وان بعدت. واعلم ان الله تعالى نص على تحريم اربعة عشر صنفا من النسوان سبع منهن من جهة النسب وهن هذه المذكورات وسبع اخرى من جهة السبب والى تعدادها شرع فقال وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ اى حرم نكاح الأمهات والأخوات كلتاهما من الرضاعة كما حرمتا من النسب نزل الله الرضاعة منزلة النسب حتى سمى المرضعة اما للرضيع والمراضعة أختا وكذلك زوج المرضعة أبوه وأبواه جداه وأخته عمته وكل ولد ولد له من غير المرضعة قبل الرضاع وبعده فهم اخوته وأخواته لأبيه وأم المرضعة جدته وأختها خالته وكل من ولد لها من هذا الزوج فهم اخوته وأخواته لأبيه وامه ومن ولد لها من غيره فهم اخوته وأخواته لأمه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وهو حكم كلى جار على عمومه واما أم أخيه لأب واخت ابنه لأم وأم أم ابنه وأم عمه وأم خاله لأب فليست حرمتهن من جهة النسب حتى تحل بعمومه ضرورة حلهن فى صور الرضاع بل من جهة المصاهرة ألا يرى ان الاولى موطوءة أبيه والثانية بنت موطوءته والثالثة أم موطوءته والرابعة موطوءة جده الصحيح والخامسة موطوءة جده الفاسدة وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ المراد بالنساء المنكوحات على الإطلاق سواء كن مدخولا بهن أم لا وعليه

جمهور العلماء وقد روى عن النبي عليه السلام انه قال فى رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل الدخول بها (انه لا بأس بان يتزوج ابنتها ولا يحل له ان يتزوج أمها) ويلحق بهن الموطوءات بوجه من الوجوه المعدودات فيما سبق آنفا والممسوسات ونظائرهن وأمهات تعم المرضعات كما تعم الجدات وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ اى حرم نكاح الربائب جمع ربيبة والربيب ولد المرأة من آخر سمى به لانه يربه كما يرب ولده فى غالب الأمر فعيل بمعنى مفعول والتاء للنقل الى الاسمية. قال الامام والحجور جمع حجر وفيه لغتان قال ابن السكيت حجر الإنسان وحجره بالفتح والكسر هو ما يجمع على فخذيه من ثوبه والمراد بقوله فى حجوركم اى فى تربيتكم يقال فلان فى حجر فلان إذا كان فى تربيته والسبب فى هذه الاستعارة ان كل من ربى طفلا أجلسه فى حجره فصار الحجر عبارة عن التربية كما يقال فلان فى حضانة فلان وأصله من الحضن الذي هو الإبط ثم ان كون التربية فى حجر الرابّ ليس بشرط للحرمة عند جمهور العلماء والوصف فى الآية خرج على الأغلب لانهن كن لا يتزوجن غالبا إذا كانت لهن أولاد كبار ويتزوجن مع الأولاد الصغار ليستعن بالأزواج على تربية الأولاد فخرج الكلام مخرج الغالب لا على الاشتراط كما فى قوله تعالى وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ والمباشرة فى غير المساجد حالة الاعتكاف حرام ايضا مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ اى كائنة تلك الربائب من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فمن متعلقة بمحذوف وقع حالا من ربائبكم ومعنى الدخول بهن ادخالهن الستر والباء للتعدية وهى كناية عن الجماع كقولهم بنى عليها وضرب عليها الحجاب وفى حكم الدخول اللمس ونظائره فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا اى فيما قبل دَخَلْتُمْ بِهِنَّ أصلا فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ اى فى نكاح الربائب إذا فارقتموهن اى أمهاتهن او متنّ وهو تصريح بما أشعر به ما قبله وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ اى وحرم عليكم زوجات أبنائكم سميت الزوجة حليلة لحلها للزوج او لحلولها فى محله وقيل لحل كل منهما إزار صاحبه وفى حكمهن من نياتهم ومن يجرى مجراهن من الممسوسات ونظائرهن الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ لاخراج الأدعياء دون أبناء الأولاد والأبناء من الرضاع فانهم وان سفلوا فى حكم الأبناء الصلبية فالمبتنى إذا فارق امرأته يجوز للمتبنى نكاحها وقد تزوج النبي عليه السلام زينب ابنة جحش الاسدية بنت عمته امينة ابنة عبد المطلب حين فارقها زيد حارثة وكان قد تبناه وادعاه ابنا فعيره المشركون بذلك لان المتبنى فى ذلك الوقت كان بمنزلة الابن فانزل الله تعالى ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وقوله تعالى وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ اى وحرم عليكم الجمع بين الأختين فى النكاح لا فى ملك اليمين واما جمعهما فى الوطء بملك اليمين فيلحق به بطريق الدلالة لا تحادهما فى المدار إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ استثناء منقطع اى لكن ما قد مضى لا تؤاخذون به إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً لمن فعل ذلك فى الجاهلية رَحِيماً لمن تاب من ذنوبه وأطاع لامر ربه فى الإسلام- تمت الجزء الرابع-

[سورة النساء (4) : آية 24]

الجزء الخامس من الاجزاء الثلاثين وَالْمُحْصَناتُ هن ذوات الأزواج احصنهن التزوج او الأزواج او الأولياء اى عفهن عن الوقوع فى الحرام. وقد ورد الإحصان فى القرآن بإزاء اربعة معان. الاول التزوج كما فى هذه الآية. والثاني العفة كما فى قوله مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ. والثالث الحرية كما فى قوله وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ. والرابع الإسلام كما فى قوله فَإِذا أُحْصِنَّ قيل فى تفسيره اى اسلمن وهى معطوفة على المحرمات السابقة اى وحرم عليكم ذوات الأزواج كائنات مِنَ النِّساءِ وفائدته تأكيد عمومها لا دفع توهم شمولها للرجال بناء على كونها صفة للانفس كما توهم إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يريد ما ملكت ايمانكم من اللاتي سبين ولهن الأزواج فى دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين ان كن محصنات قال نجم الدين الكبرى قدس سره ان الله تعالى حرم المحصنات من النساء على الرجال عفة للحضانة وصحة للنسب ونزاهة لعرض الرجال عن خسة الاشتراك فى الفراش علوا للهمة فان الله يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها وقال إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعنى ملكتم بالقوة والغلبة على أزواجهن من الكفار واقتطاعهن من حيز الاشتراك وإفساد نسب الأولاد وتخليطه ولهذا أوجب الشرع فيها الاستبراء بحيضة كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ مصدر مؤكد اى كتب الله عليكم تحريم هؤلاء كتابا وفرضه فرضا وَأُحِلَّ لَكُمْ عطف على حرمت عليكم وتوسيط قوله كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بينهما للمبالغة فى الحمل على المحافظة على المحرمات المذكورة ما وَراءَ ذلِكُمْ اشارة الى ما ذكر من المحرمات المعدودة اى أحل لكم نكاح ما سواهن انفرادا وجمعا وخص منه بالسنة ما فى معنى المذكورات كسائر محرمات الرضاع والجمع بين المرأة وعمتها وخالتها أَنْ تَبْتَغُوا متعلق بالفعلين المذكورين اى حرمت وأحل على انه مفعول له لكن لا باعتبار بيانهما وإظهارهما اى بين لكم تحريم المحرمات المعدودة وإحلال ما سواهن ارادة ان تبتغوا النساء اى تطلبوهن بِأَمْوالِكُمْ بصرفها الى مهورهن او أثمانهن مُحْصِنِينَ حال من فاعل تبتغون والإحصان العفة وتحصين النفس عن الوقوع فيما يوجب اللوم والعقاب غَيْرَ مُسافِحِينَ حال ثانية منه والسفاح الزنى والفجور من السفح الذي هو صب المنى سمى به لانه الغرض منه ومفعول الفعلين محذوف اى محصنين فروجكم غير مسافحين الزواني وهى فى الحقيقة حال مؤكدة لان المحصن غير مسافح البتة والمعنى لا تضيعوا أموالكم فى الزنى لئلا يذهب دينكم ودنياكم ولكن تزوجوا بالنساء فهو خير لكم وذكر الأموال يدل على ان غير المال لا يصلح مهرا وان القليل لا يكفى مهرا فان الدرهم ونحوه لا يسمى مالا ثم هو عندنا لا يكون اقل من عشرة دراهم قال صلى الله عليه وسلم (لا مهر اقل من عشرة) فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ

اى فالذى انتفعتم به من النساء بالنكاح الصحيح من جماع او خلوة صحيحة او غير ذلك فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مهورهن فان المهر فى مقابلة الاستمتاع فَرِيضَةً حال من الأجور بمعنى مفروضة وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ اى فى ان تراضيتم بعد النكاح على زيادة المهر من جانب الزوج او على الحط من المهر من جانب الزوجة وان تهب لزوجها جميع مهرها مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ اى بعد المفروضة للزوجة إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بمصالح العباد حَكِيماً فيما شرع لهم من الاحكام ولذلك شرع لكم هذه الاحكام اللائقة بحالكم. اعلم ان المحرم عندنا من حرم نكاحه على التأبيد بنسب او مصاهرة او رضاع ولو بوطء حرام فخرج بالأول ولد العمومة والخئولة وبالثاني اخت الزوجة وعمتها وخالتها وشمل أم المزني بها وبنتها وأبا الزاني وابنه وأحكامه تحريم النكاح وجواز النظر والخلوة والمسافرة الا المحرم من الرضاع فان الخلوة بها مكروهة وكذا بالصهرة الشابة وحرمة النكاح على التأبيد لا مشاركة للمحرم فيها فان الملاعنة تحل إذا كذب نفسه او خرج من اهلية الشهادة والمجوسية تحل بالإسلام او بتهودها او تنصرها والمطلقة ثلاثا بدخول الثاني وانقضاء عدته ومنكوحة الغير بطلاقها وانقضاء عدتها ومعتدة الغير بانقضائها وكذا لا مشاركة للمحرم فى جواز النظر والخلوة والسفر واما عبدها فكالأجنبى على المعتمد لكن الزوج يشارك المحرم فى هذه الثلاثة والنساء الثقات لا يقمن مقام المحرم والزوج فى السفر. ويختص المحرم النسيب باحكام. منها عتقه على قريبه لو ملكه ولا يختص بالأصل والفرع. ومنها وجوب نفقة الفقير العاجز على قريبه الغنى فلا بد من كونه رحما من جهة القرابة فابن العم والأخ من الرضاع لا يعتق ولا تجب نفقته ويغسل المحرم قريبه. ومنها انه لا يجوز التفريق بين الصغير ومحرم ببيع او هبة الا فى عشر مسائل. ومنها ان المحرمية مانعة من الرجوع فى الهبة. وتختص الأصول والفروع من بين سائر المحارم باحكام. منها انه لا يقطع أحدهما بسرقة مال الآخر. ومنها لا يقضى ولا يشهد أحدهما للآخر. ومنها تحريم موطوءة كل منهما على الآخر ولو بزنى. ومنها تحريم منكوحة كل منهما على الآخر بمجرد العقد. ومنها لا يدخلون فى الوصية للاقارب. وتختص الأصول باحكام. منها لا يجوز له قتل أصله الحربي الا دفعا عن نفسه وان خاف رجوعه ضيق عليه والجأه ليقتله غيره وله قتل فرعه الحربي كمحرمه. ومنها لا يقتل الأصل بفرعه ويقتل الفرع بأصله. ومنها لا يحد الأصل بقذف فرعه ويحد الفرع بقذف أصله. ومنها لا تجوز مسافرة الفرع الا بإذن أصله دون عكسه. ومنها لو ادعى الأصل ولد جارية ابنه ثبت نسبه والجد اب الأب كالاب عند عدمه بخلاف الفرع إذا ادعى ولد جارية أصله لم يصح الا بتصديق الأصل. ومنها لا يجوز الجهاد الا بإذنهم بخلاف الأصول لا يتوقف جهادهم على اذن الفروع. ومنها لا تجوز المسافرة الا بإذنهم ان كان الطريق مخوفا وإلا فإن لم يكن ملتحيا فكذلك والا فلا. ومنها إذا دعا أحد أبويه فى الصلاة وجبت اجابته الا ان يكون عالما بكونه فيها ولم أر حكم الأجداد والجدات وينبغى الإلحاق- ومنها كراهة حجه بدون اذن من كرهه من أبويه ان احتاج الى خدمته. ومنها جواز تأديب الأصل فرعه والظاهر عدم الاختصاص بالأب فالأم والأجداد والجدات

[سورة النساء (4) : الآيات 25 إلى 30]

كذلك. ومنها تبعية الفرع للاصل فى الإسلام. ومنها لا يحبسون بدين الفرع والأجداد والجدات كذلك واختصت الأصول الذكور بوجوب الإعفاف. واختص الأب والجد لأب باحكام. منها ولاية المال فلا ولاية للام فى مال الصغير الا الحفظ وشراء ما لا بد منه للصغير. ومنها تولى طرفى العقد فلو باع الأب ماله من ابنه او اشترى وليس فيه غبن فاحش انعقد بكلام واحد. ومنها عدم خيار البلوغ فى تجويز الأب والجد فقط واما ولاية الانكاح فلا تختص بهما فتثبت لكل ولى سواء كان عصبة او من ذوى الأرحام. وكذا الصلاة فى الجنازة لا تختص بهما. وفى الملتقط من النكاح لو ضرب المعلم الولد بإذن الأب فهلك لم يغرم الا ان يصربه ضربا لا يضرب مثله ولو ضرب بإذن الأم غرم الدية إذا هلك والجد كالأب عند فقده الا فى ثنتى عشرة مسألة [فائدة] يترتب على النسب اثنا عشر حكما توريث المال والولاء وعدم صحة الوصية عند المزاحمة ويلحق بها الإقرار بالدين فى مرض موته وتحمل الدية وولاية التزويج وولاية غسل الميت والصلاة عليه وولاية المال وولاية الحضانة وطلب الحد وسقوط القصاص هذا كله من الأشباه والنظائر نقلته هاهنا الفوائده الكثيرة وملاءمته المحل على ما لا يخفى وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ من لم يستطع اى من لم يجد كما يقول الرجل لا أستطيع ان أحج اى لا أجد ما أحج به. ومنكم حال من فاعل يستطيع اى حال كونه منكم. والطول القدرة وانتصابه على انه مفعول يستطيع وان ينكح فى موضع النصب على انه مفعول القدرة والمراد بالمحصنات الحرائر بدليل مقابلتهن بالمملوكات فان حريتهن احصنتهن عن ذل الرق والابتذال وغيرهما من صفات القصور والنقصان والمعنى ومن لم يجد طول حرة اى ما يتزوج به الحرة المسلمة فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فلينكح امرأة او امة من النوع الذي ملكته ايمانكم مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ حال من الضمير المقدر فى ملكت الراجع الى ما اى من إمائكم المسلمات. والفتاة أصلها الشابة والفتاء بالمد الشباب والفتى الشاب والامة تسمى فتاة والعبد يسمى فتى وان كانا كبيرين فى السن لانهما لا يوقران للرق توقير الكبار ويعاملان معاملة الصغار وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ تأنيس بنكاح الإماء وازالة الاستنكاف منه اى اعلم بتفاضل ما بينكم وبين ارقائكم فى الايمان فربما كان ايمان الامة أرجح من الايمان الحرة وايمان المرأة من ايمان الرجل. فلا ينبغى للمؤمن ان يطلب الفضل والرجحان الا باعتبار الايمان والإسلام لا بالاحساب والأنساب بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ أنتم وارقاؤكم متناسبون نسبكم من آدم ودينكم الإسلام كما قيل الناس من جهة التمثال اكفاء ... ابو همو آدم والام حواء فبينكم وبين ارقائكم المواخاة الايمانية والجنسية الدينية لا يفضل حر عبدا الا برجحان فى الايمان وقدم فى الدين فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ اى وإذ قد وقفتم على جلية الأمر فانكحوهن بإذن مواليهن ولا تترفعوا عنهن وفى اشتراط اذن الموالي دون مباشرتهم للعقد اشعار بجواز مباشرتهن له وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ اى أدوا إليهن مهورهن بغير مطل وضرار والجاء الى الافتداء واللز اى المضايقة والإلحاح مُحْصَناتٍ حال من مفعول فانكحوهن اى حال كونهن عفائف عن الزنى غَيْرَ مُسافِحاتٍ حال مؤكدة اى غير مجاهرات به

والمسافح الزاني من السفح وهو صب المنى لان غرضه مجرد صب الماء وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ جمع خدن وهو الصديق سرا والجمع للقابلة بالانقسام على معنى ان لا يكون لواحدة منهن خدن لا على معنى ان لا يكون لها اخدان اى غير مجاهرات بالزنى ولا مسرات له وكان زناهن فى الجاهلية من وجهين السفاح وهو بالأجر من الراغبين فيها والمخادنة وهى مع صديق لها على الخصوص وكان الاول يقع اعلانا والثاني سرا وكانوا لا يحكمون على ذات الحد بكونها زانية ولذا أفرد الله كل واحد من هذين القسمين بالذكر ونص على حرمتهما معا فَإِذا أُحْصِنَّ اى بالتزويج فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ اى فعلن فاحشة وهى الزنى فَعَلَيْهِنَّ فثابت عليهن شرعا نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ اى الحرائر الابكار مِنَ الْعَذابِ من الحد الذي هو جلد مائة فنصفه خمسون كما هو كذلك قبل الإحصان فالمراد بيان عدم تفاوت حدهن بالاحصان كتفاوت حد الحرائر ولا رجم عليهن لان الرجم لا يتنصف وجعلوا حد العبد مقيسا على الامة والجامع بينهما الرق والإحصان عبارة عن بلوغ مع عقل وحرية ودخول فى نكاح صحيح واسلام خلافا للشافعى فى الإسلام ذلِكَ اى نكاح المملوكات عند عدم الطول لمن خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ اى خاف الزنى وهو فى الأصل انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر أعظم من موافقة الاسم بأفحش القبائح وانما سمى الزنى به لانه سبب المشقة بالحد فى الدنيا والعقوبة فى العقبى وَأَنْ تَصْبِرُوا اى عن نكاحهن متعففين كافين أنفسكم عما تشتهيه من المعاصي خَيْرٌ لَكُمْ من نكاحهن وان سبقت كلمة الرخصة فيه لما فيه من تعريض الولد للرق ولان حق المولى فيها فلا تخلص للزوج خلوص الحرائر ولان المولى يقدر على استخدامها كيف ما يريد فى السفر والحضر وعلى بيعها للحاضر والبادي. وفيه من اختلال حال الزوج وأولاده ما لا مزيد عليه ولانها ممتهنة مبتذلة خراجة ولاجة وذلك كله ذل ومهانة سارية الى الناكح والعزة هى اللائقة بالمؤمنين ولان مهرها لمولاها فلا تقدر على التمتع به ولا على هبته للزوج فلا ينتظم امر المنزل وقد قال صلى الله عليه وسلم (الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت) وَاللَّهُ غَفُورٌ لمن لم يصبر رَحِيمٌ بالرخصة والتوسعة فنكاح الامة عند الطول والقدرة على نكاح الحرة لا يحل عند الشافعي وعند الحنفية يحل ما لم يكن عنده امرأة حرة ومحصله ان الشافعي أخذ بظاهر الآية وقال لا يجوز نكاح الامة الا بثلاثة شرائط اثنان فى الناكح عدم طول الحرة وخشية العنت والثالث فى المنكوحة وهى ان تكون امة مؤمنة لا كافرة كتابية وعند ابى حنيفة شىء من ذلك ليس بشرط فهو حمل عدم استطاعة الطول على عدم ملك فراش الحرة بان لا يكون تحته حرة فحينئذ يجوز نكاح الامة وحمل النكاح على الوطء وحمل قوله مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ على الأفضل اى نكاح الامة المؤمنة أفضل من نكاح الكتابية فجعله على الندب واستدل عليه بوصف الحرائر مع كونه ليس بشرط. قال فى التيسر واما قوله مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ففيه اباحة المؤمنات وليس فيه تحريم الكتابيات فالغنى والفقير سواء فى جواز نكاح الامة سواء كانت مؤمنة او يهودية او نصرانية. اعلم ان النكاح من سنن المرسلين وشرعة المخلصين الا ان الحال يختلف فيه

[سورة النساء (4) : آية 26]

باختلاف احوال الناس فهو واجب بالنسبة الى صاحب التوقان ومستحب بالنسبة الى من كان فى حد الاعتدال ومكروه بالنسبة الى من عجز عن الوقاع والانفاق. قال فى الشرعة وشرحها ويختار للتزوج المرأة ذات الدين فان المرأة الصالحة خير متاع الدنيا فان بها يحصل تفريغ القلب عن تدبير المنزل والتكلف بشغل الطبخ والكنس والفرش وتنظيف الأوانى وتهيئة اسباب المعيشة فان الإنسان لو لم يكن له شهوة الوقاع لتعسر عليه العيش فى منزله وحده إذ لو تكفل بجميع أشغال المنزل لضاعت اكثر أوقاته ولم يتفرغ للعلم والعمل فالمرأة الصالحة المصلحة للمنزل معنية على الدين بهذا الطريق واختلال هذه الأسباب شواغل ومشوشات للقلب ومنغصات للعيش ولذلك قال ابو سليمان الدراني الزوجة الصالحة ليست من الدنيا فانها تفرّغك للآخرة: قال الشيخ السعدي قدس سره زن خوب فرمان بر پارسا ... كند مرد درويش را پادشاه سفر عيد باشد بران كتخداى ... كه يارى زشتش بود در سراى ثم ان بعضهم اختاروا البكر وقالوا انها تكون لك فاما الثيب فان لم يكن لها ولد فنصفها لك وان كان لها ولد فكلها لغيرك تأكل رزقك وتحب غيرك والحاصل ان اختيار نكاح المملوكات رخصة والصبر عنه عزيمة ولا ريب ان العزيمة اولى لانه بالصبر يترقى العبد الى الدرجات العلى وفى الخبر (يؤتى باشكر اهل الأرض فيجزيه الله تعالى جزاء الشاكرين ويؤتى باصبر اهل الأرض فيقال له أترضى ان نجزيك جزاء الشاكرين فيقول نعم يا رب فيقول الله كلا أنعمت عليك فشكرت وابتليتك فصبرت لأضعفن لك الاجر عليه فيعطى أضعاف جزاء الشاكرين) وقد يجمع العبد فضيلتى الصبر والشكر بان يصبر على مقتضى النفس زمانا ثم بعد النيل والفوز يشكر على نعمه الجزيلة حققنا الله وإياكم بحقائق الصبر والشكر نعمت حق شمار وشكر گذار ... نعمتش را اگر چهـ نيست شمار شكر باشد كليد گنج مزيد ... گنج خواهى منه ز دست كليد وقيل فى حق الصبر چون بمانى بسته در بند حرج ... صبر كن كه الصبر مفتاح الفرج صبر كن حافظ بسختى روز شب ... عاقبت روزى بيابى كام را ثم ان رحمته لعباده أوسع من ان تذكر ولذلك قال وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ومن جملة رحمته بيان طرائق من سلف وتقدم من اهل الرشاد ليسلكوا مناهجهم وينالوا الى المراد وقال عليه السلام (يا كريم العفو) فقال جبريل أتدري ما معنى كريم العفو هو ان يعفو عن السيئات برحمته ثم يبدلها بحسنات بكرمه: قال جلال الدين الرومي قدس سره توبه آرند وخدا توبه پذير ... امر او گيرند او نعم الأمير «1» سيآتت را مبدل كرد حق ... تا همه طاعت شود آن ما سبق «2» يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ اللام مزيدة لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للارادة ومفعول يبين محذوف اى يريد الله ان يبين لكم ما هو مخفى عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم او ما

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان استمداد عارف اثر سرچشمه حيات أبدى ومستغنى شدن إلخ (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زن بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك

[سورة النساء (4) : الآيات 27 إلى 28]

تعبدكم به من الحلال والحرام وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى يدلكم على مناهج من تقدمكم من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ يرجع بكم عن معصيته الى طاعته بالتوفيق للتوبة مما كنتم عليه من الخلاف وليس الخطاب لجميع المكلفين حتى يتخلف مراده عن إرادته فيمن لم يتب منهم بل لطائفة معينة حصلت لهم هذه التوبة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بكم حَكِيمٌ فيما يريده لكم وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ بيان لكمال منفعة اراده الله تعالى وكمال مضرة ما يريد الفجرة بخلاف الاول فانه بيان إرادته تعالى لتوبته عليهم فلا تكرار وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ يعنى الفجرة فان اتباع الشهوات الائتمار لها واما المتعاطى لما سوغه الشرغ من المشتهيات دون غيره فهو متبع له لا لها. وقيل المجوس حيث كانوا يحلون الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الاخت فلما حرمهن الله تعالى قالوا فانكم تحلون بنت الخالة وبنت العمة مع ان العمة والخالة عليكم حرام فانكحوا بنات الأخ والاخت فنزلت أَنْ تَمِيلُوا عن القصد والحق بموافقتهم على اتباع الشهوات واستحلال المحرمات وتكونوا زناة مثلهم مَيْلًا عَظِيماً اى بالنسبة الى ميل من اقترف خطيئة على ندرة بلا استحلال يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ما فى عهدتكم من مشاق التكاليف فلذلك شرع لكم الشرعة الحنيفية السمحة السهلة ورخص لكم فى المضايق كاحلال نكاح الامة وغيره من الرخص وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً عاجزا عن مخالفة هواه غير قادر على مقابلة دواعيه وقواه حيث لا يصبر عن اتباع الشهوات ولا يستخدم قواه فى مشاق الطاعات. قال الكلبي اى لا يصبر عن النساء. قال سعيد بن المسيب ما ايس الشيطان من ابن آدم الا أتاه من قبل النساء وقد اتى علىّ ثمانون سنة وذهبت احدى عينى وانا اعشو بالأخرى وان أخوف ما أخاف على نفسى فتنة النساء. وقال ابو هريرة رضى الله عنه اللهم انى أعوذ بك من ان ازنى واسرق فقيل له كبر سنك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتخاف على نفسك من الزنى والسرقة قال كيف آمن على نفسى وإبليس حى: قال الحافظ چهـ جاى من كه بلغزد سپهر شعبده باز ... ازين حيل كه در انبانه بهانه تست والاشارة فى تحقيق الآيات ان الله تعالى أنعم على هذه الامة بارادة اربعة أشياء. أولها التبيين وهو ان يبين لهم صراط المستقيم الى الله. وثانيا الهداية وهو ان يهديهم الى الصراط المستقيم بالعيان بعد البيان. وثالثها التوبة عليهم وهى ان يرجع بهم الى حضرته على صراط الله. ورابعها التخفيف عنهم وهو ان يوصلهم الى حضرته بالمعونة ويخفف عنهم المئونة. وهذا مما اختص به نبينا عليه السلام وأمته لوجهين. أحدهما ان الله اخبر عن ذهاب ابراهيم عليه السلام الى حضرته باجتهاده وهو المئونة بقوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ واخبر عن موسى عليه السلام بمجيئه وهو ايضا المئونة وقال وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا واخبر عن حال نبينا عليه السلام بقوله سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا وهو المعونة فخفف عنه المئونة واخبر عن حال هذه الامة بقوله سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ وهو ايضا بالمعونة وهى جذبات العناية. والوجه الثاني ان النبي

[سورة النساء (4) : آية 29]

عليه السلام وأمته مخصوصون بالوصول والوصال مخفف عنهم كلفة الفراق والانقطاع فاما النبي عليه السلام فقد خص بالوصول الى مقام قاب قوسين او ادنى وبالوصال بقوله ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى وانقطع سائر الأنبياء عليهم السلام فى السموات السبع كما رأى ليلة المعراج آدم فى سماء الدنيا الى ان رأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة فعبر عنهم جميعا الى كمال القرب والوصول. واما الامة فقال فى حقهم (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) فهذا هو حقيقة الوصول والوصال ولكن الفرق بين النبي والولي فى ذلك ان النبي مستقل بنفسه فى السير الى الله والوصول ويكون حظه من كل مقام بحسب استعداده الكامل والولي لا يمكنه السير الا فى متابعة النبي وتسليكه فى سبيل الله قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ويكون حظه من المقامات بحسب استعداده فينبغى ان يسارع العبد الى تكميل المراتب والدرجات برعاية السنة وحسن المتابعة لسيد الكائنات. قال جنيد البغدادي قدس سره مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة. قال على كرم الله وجهه الطرق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرت بايد كه بينى روى ايمان ... رخ از آيينه امرش مكردان ز شرعش سر مپيچ از هيچ رويى ... كه همچون شانه ميكردى بمويى قال الشيخ السعدي قدس سره خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جز بربي مصطفا ثم فى قوله تعالى وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً اشارة الى ان الإنسان لا يصبر عن الله لحظة لضعفه مهما يكون على الفطرة الانسانية فطرة الله التي فطر الناس عليها فانه يحبهم ويحبونه وهو ممدوح بهذا الضعف فان من عداه يصبرون عن الله لعدم اضطرارهم فى المحبة والإنسان مخصوص بالمحبة. واعلم ان هذا الضعف سبب لكمال الإنسان وسعادته وسبب لنقصانه وشقاوته لانه يتغير لضعفه من حال الى حال ومن صفة الى اخرى فيكون ساعة بصفة بهيمة يأكل ويشرب ويجامع ويكون ساعة اخرى بصفة ملك يسبح بحمد ربه ويقدس له ويفعل ما يؤمر ولا يعصى فيما نهاه عنه وهذه التغيرات من نتائج ضعفه وليس هذا الاستعداد لغيره حتى الملك لا يقدر ان يتصف بصفات البهيمة والبهيمة لا تقدر ان تتصف بصفة الملك لعدم ضعف الانسانية وانما خص الإنسان بهذا الضعف لاستكماله بالتخلق بأخلاق الله واتصافه بصفات الله كما جاء فى الحديث الرباني (انا ملك حى لا أموت ابدا عبدى أطعني أجعلك ملكا حيا لا يموت ابدا) فعند هذا الكمال يكون خير البرية وعند اتصافه بالصفات البهيمية يصير شر البرية كى شوى انسان كامل ... اى دل ناقص عقل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا اى لا تأخذوا وعبر عن الاخذ بالأكل لان المقصود الأعظم من الأموال الاكل فكما ان الاكل محرم فكذلك سائر وجوه التصرفات أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ اى بوجه

[سورة النساء (4) : آية 30]

غير شرعى كالغصب والسرقة والخيانة والقمار وعقود الربا والرشوة واليمين الكاذبة وشهادة الزور والعقود الفاسدة ونحوها إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ استثناء منقطع وعن متعلقة بمحذوف وقع صفة لتجارة اى الا ان تكون التجارة تجارة عن تراض او الا ان تكون الأموال اموال تجارة وتلحق بها اسباب الملك المشروعة كالهبة والصدقة والإرث والعقود الجائزة لخروجها عن الباطل وانما خص التجارة بالذكر لكونها اغلب اسباب المكاسب وقوعا وأوفقها لذوى المروءات والمراد بالتراضي مراضاة المتابعين بما تعاقدا عليه فى حال المبايعة وقت الإيجاب والقبول عندنا وعند الشافعي حالة الافتراق عن مجلس العقد وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بالبخع كما يفعله جهلة الهند او بإلقاء النفس الى الهلكة. ويؤيده ما روى ان عمرا بن العاص رضى الله عنه تأوله فى التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم او بارتكاب المعاصي المؤدية الى هلاكها فى الدنيا والآخرة او باقتراف ما يذللها ويرديها فانه القتل الحقيقي للنفس وقيل المراد بالنفس من كان من جنسهم من المؤمنين فان كلهم كنفس واحدة إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً اى امر بما امر ونهى عما نهى لفرط رحمته عليكم معناه ان كان بكم يا امة محمد رحيما حيث امر بنى إسرائيل بقتل الأنفس ونهاكم عنه وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى القتل او إياه وسائر المحرمات المذكورة فيما قبل عُدْواناً وَظُلْماً افراطا فى التجاوز عن الحد واتيانا بمالا يستحقه وقيل أريد بالعدوان التعدي على الغير وبالظلم الظلم على النفس لتعريضها للعقاب ومحلهما النصب على الحالية اى متعديا وظالما فَسَوْفَ نُصْلِيهِ اى ندخله ناراً اى نارا مخصوصة هائلة شديدة العذاب وَكانَ ذلِكَ اى اصلاء النار عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لتحقق الداعي وعدم الصارف. قال الامام واعلم ان الممكنات بالنسبة الى قدرة الله على السوية وحينئذ يمتنع ان يقال ان بعض الافعال أيسر عليه من بعض بل هذا الخطاب نزل على القول المتعارف بيننا او يكون معناه المبالغة فى التهديد وهو ان أحدا لا يقدر على الهرب منه ولا على الامتناع عليه. فعلى العاقل ان يتجنب عن الوقوع فى المهالك ويبالغ فى حفظ الحقوق وقد جمع الله فى التوصية بين حفظ النفس وحفظ المال لانه شقيقها من حيث انه سبب لقوامها وتحصيل كمالاتها واستيفاء فضائلها ولذلك قيل توانكرانرا وقفست وبذل ومهانى ... زكاة وفطره واعتاق وهدى وقربانى تو كى بدولت ايشان رسى كه نتوانى ... جز اين دو ركعت وآن هم بصد پريشانى فان وفقت للمال فاشكر له والا فلا تتعب نفسك ولا تقتلها كما يفعله بعض من يفتقر بعد الغنى لغاية ألمه واضطرابه من الفقر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بشىء فى الدنيا عذب به يوم القيامة) وقال صلى الله عليه وسلم (كان فيمن قبلكم جرح برجل ارابه فجزع منه فاخرج سكينا فجزبها يده فمارقأ الدم حتى مات فقال الله تعالى بارزني عبدى بنفسه فحرمت عليه الجنة) كذا فى تفسير البغوي. وكذلك حكم من قتل نفسه لفقر او لغير ذلك من الأسباب. واعلم ان أكل المال بالباطل مما يفسد دين الرجل ودنياه بل يضر بنفسه ويكون سببا لهلاكه فان بعض الأعمال يظهر اثره فى الدنيا- روى- ان رجلا ظالما غصب سمكة من فقير فطبخها

[سورة النساء (4) : الآيات 31 إلى 35]

فلما أراد أكلها عضت يده فاشار اليه الطبيب بالقطع فلم يزل يقطع من كل مفصل حتى وصل الى الإبط فجاء الى ظل شجرة فاخذت عيناه فقيل له لا تتخلص من هذا الا بإرضاء صاحبها المظلوم فلما أرضاه سكن وجعه ثم انه تاب واقلع عما فعل فرد الله اليه يده فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام [وعزتى لولا انه ارضى المظلوم لعذبته طول حياته] . قال العلماء حرمة مال المسلم كحرمة دمه قال عليه السلام (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) وقال عليه السلام (لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة نفس منه) فالظلم حرام شرعا وعقلا: قال الجامى قدس سره هزار كونه خصومت كنى بخلق جهان ... ز بس كه در هوس سيم وآرزوى زرى تراست دوست زر وسيم خصم صاحب آن ... كه گيرى از كفش آنرا بظلم وحيله كرى نه مقتضاى خرد باشد ونتيجه عقل ... كه دوست را بگذارى وخصم را ببرى فعلى السالك ان يجتنب عن الحرام ويأكل من الحلال الطيب ولبعض الكبار دقة عظيمة واهتمام تام فى هذا الباب- حكى- ان بعض الملوك أرسل الى الشيخ ركن الدين علاء الدولة غزالا وقال انها حلال فقال الشيخ كنت بمشهد طوس فجاء الى بعض الأمراء بارنب قال كل منها فانى رميتها بيدي فقلت الأرنب حرام على قول الامام جعفر الصادق رضى الله عنه. قال فى حياة الحيوان يحل أكل الأرنب عند العلماء كافة الا ما حكى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن ابى ليلى انهما كرها أكلها ثم انه جاء يوم بغزال فقال كل منها فانى رميتها بسهم عملته بيدي على فرس ورثتها عن ابى فقلت خطر ببالي ان واحدا من الأمراء جاء الى مولانا الجمال باوزتين وقال كل منهما فانى قد أخذتهما ببازى فقال مولانا ليس الكلام فى الاوزتين وانما الكلام فى قوت البازي من دجاجة أية عجوز أكل حتى قوى للاصطياد فالغزال التي رميتها على فرسك وان كانت من الصيد لكن قوت الفرس من شعير أي مظلوم حصل فلم يأكل منها- حكى- ان خياطا قال لبعض الكبار هل أكون معينا للظلمة بخياطة ثيابهم فقال ليس الكلام فيك وانما الكلام فى الحداد الذي يعمل الابرة. والحاصل ان لا بد من الاهتمام فى طلب الحلال وان كان فى زماننا هذا نادرا والوصول اليه عزيزا: قال الجامى قدس سره خواهى كه شوى حلال روزى ... همخانه مكن عيال بسيار دانى كه درين سراچهـ تنك ... حاصل نشود حلال بسيار رزقنا الله وإياكم من فضله انه الجواد إِنْ تَجْتَنِبُوا الاجتناب التباعد ومنه الأجنبي كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ كبائر الذنوب التي نهاكم الله ورسوله عنها نُكَفِّرْ عَنْكُمْ التكفير اماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد او بتوبة والإحباط نقيضه وهو اماطة الثواب المستحق بعقاب أزيد او بندم على الطاعة والمعنى نغفر لكم سَيِّئاتِكُمْ صغائركم ونمحها عنكم وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا بضم الميم اسم مكان هو الجنة كَرِيماً اى حسنا مرضيا او مصدر ميمى اى ادخالا مع كرامة. قال المفسرون الصلاة الى الصلاة والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن من الصغائر إذا اجتنب الكبائر. واختلف

فى الكبائر والأقرب ان الكبيرة كل ذنب رتب الشارع عليه الحد او صرح بالوعيد فيه. قال انس بن مالك رضى الله عنه انكم تعملون اليوم أعمالا هى فى أعينكم أدق من الشعر كنانعدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر. وقال القشيري الكبائر على لسان اهل الاشارة الشرك الخفي ومن جملة ذلك ملاحظة الخلق واستجلاب قلوبهم والتودد إليهم والإغماض عن حق الله بعينهم. واعلم ان اجتناب الكبائر يوجب تكفير الصغائر وعند انتفاء الصغائر والكبائر يمكن الدخول فى المدخول الكريم وهو حضرة أكرم الأكرمين قال عليه السلام (ان الله طيب لا يقبل الا الطيب) . وجملة الكبائر مندرجة فى ثلاثة أشياء أحدها اتباع الهوى والهوى ميلان النفس الى ما يستلذبه من الشهوات فقد يقع الإنسان به فى جملة من الكبائر مثلا البدعة والضلالة والارتداد والشبهة وطلب الشهوات واللذات والتنعمات وحظوظ النفس بترك الصلاة والطاعات كلها وعقوق الوالدين وقطع الرحم وقذف المحصنات وأمثال ذلك ولهذا قال تعالى وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وقال عليه السلام (ما عبد اله ابغض على الله من الهوى) غبار هوا چشم عقلت بدوخت ... سموم هوس كشت عمرت بسوخت بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك وثانيها حب الدنيا فانه مطية كثير من الكبائر مثل القتل والظلم والغصب والنهب والسرقة والربا وأكل مال اليتيم ومنع الزكاة وشهادة الزور وكتمانها واليمين الغموس والحيف فى الوصية وغيرها واستحلال الحرام ونقض العهد وأمثاله ولهذا قال تعالى وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ وقال عليه السلام (حب الدنيا رأس كل خطيئة) وعنه صلى الله عليه وسلم (أتاني جبريل وقال ان الله تعالى قال وعزتى وجلالى انه ليس من الكبائر كبيرة هى أعظم عندى من حب الدنيا) عاقلان ميل بسويت نكند اى دنيا ... هم اميد كرم ولطف تو جاهل دارد هر كه خواهد بكند از تو مرادى حاصل ... حاصل آنست كه انديشه باطل دارد وثالثها رؤية الغير فان منها ينشأ الشرك والنفاق والرياء وأمثاله ولهذا قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وقال عليه السلام (اليسير من الرياء شرك) . وقال بعض المشايخ وجودك ذنب لا يقاس به ذنب آخر فمن تخلص من ذنب وجوده فلا يرى غير الله فلا ينتشئ منه الشرك ولا حب الدنيا وتخلص من الهوى فيتحقق له الوصول واللقاء قال تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً لعمرى ان هذا لهو المدخل الكريم والفوز العظيم والنعيم المقيم. فعلى العاقل ان يتخلص من الأغيار ويشاهد فى المجالى أنوار الواحد القهار گرچهـ زندانست بر صاحب دلان ... هر كجا بويى ز وصل يار نيست هيچ زندان عاشق محتاج را ... تنك تر از صحبت اغيار نيست ولذا قيل الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وما سوى الحق اغيار. قال ابراهيم عليه السلام

[سورة النساء (4) : آية 32]

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ فلا بد للسالك ان يجتهد فى سلوكه ويتخلص من رق الغير كى يصل الى المراد والعاشق الصادق لا يكون فى عبودية غير معشوقه ولا يتسلى عن الدنيا والآخرة إلا بوصاله فليس له مطلب سواه عاشق كه ز هجر دوست دادى خواهد ... يا بر در وصلش ايستادى خواهد نا كس ترا زو كس نبود در عالم ... كز دوست بجز دوست مرادى خواهد وهذا مقام شريف ومطلب عزيز أوصلنا الله تعالى وإياكم وَلا تَتَمَنَّوْا التمني عبارة عن ارادة ما يعلم او يظن انه لا يكون ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ اى عليكم ان لا تتمنوا ما أعطاه الله بعضكم من الأمور الدنيوية كالجاه والمال وغير ذلك مما يجرى فيه التنافس دونكم فان ذلك قسمة من الله تعالى صادرة عن تدبير لائق بأحوال العباد مترتب على الإحاطة بجلائل شؤونهم ودقائقها. فعلى كل أحد من المفضل عليهم ان يرضى بما قسم له ولا يتمنى حظ المفضل ولا يحسده عليه لما انه معارضة لحكمة القدر فالانصباء كالاشكال وكما ان اختلاف الاشكال مقتضى حكمة الهية لم يطلع على سرها أحد فكذلك الاقسام. وقيل لما جعل الله تعالى فى الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء نحن أحوج ان يكون لنا سهمان وللرجال سهم واحد لانا ضعفاء وهم أقوياء واقدر على طلب المعاش منا فنزلت وهذا هو الأنسب بتعليل النهى بقوله تعالى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ فانه صريح فى جريان التمني بين فريقى الرجال والنساء والمعنى لكل من الفريقين فى الميراث نصيب معين المقدار مما أصابه بحسب استعداده وقد عبر عنه بالاكتساب على طريقة الاستعارة التبعية المبنية على تشبيه اقتضاء حاله لنصيبه باكتسابه إياه تأكيدا لاستحقاق كل منهما لنصيبه وتقوية لاختصاصه به بحيث لا يتخطاه الى غيره فان ذلك مما يوجب الانتهاء عن التمني المذكور وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ اى لا تتمنوا ما يختص بغيركم من نصيبه المكتسب له واسألوا الله تعالى ما تريدون من خزائن نعمه التي لا نفادلها فانه يعطيكموه إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فهو يعلم ما يستحقه كل انسان ففضله عن علم وحكمة وتبيان وفى الحديث (لن يزال الناس بخير ما تباينوا) اى تفاوتوا (فاذا تساووا هلكوا) وذلك لاختلال النظام المرتبط بذلك. وقد يقال معناه انه لا يغتم لتفاوت الناس فى المراتب والصنائع بان يكون مثلا بعضهم أميرا وبعضهم سلطانا وبعضهم وزيرا وبعضهم رئيسا وبعضهم اهل الصنائع لتوقف النظام عليه. واعلم ان مراتب السعادات اما نفسانية كالذكاء التام والحدس الكامل والمعارف الزائدة على معارف الغير بالكمية والكيفية وكالعفة والشجاعة وغير ذلك واما بدنية كالصحة والجمال والعمر الطويل فى ذلك مع اللذة والبهجة واما خارجية ككثرة الأولاد الصلحاء وكثرة العشائر وكثرة الأصدقاء والأعوان والرياسة التامة ونفاذ القول وكونه محبوبا لقلوب الناس حسن الذكر فيهم فهى مجامع السعادات والإنسان إذا شاهد انواع الفضائل حاصلة لانسان ووجد نفسه خاليا عن جملتها او عن أكثرها فحينئذ يتألم قلبه ويتشوش خاطره ثم يعرض هاهنا حالتان إحداهما ان يتمنى زوال تلك السعادات عن ذلك الإنسان والاخرى ان لا يتمنى ذلك بل يتمنى حصول مثلها له والاول هو الحسد المذموم لان المقصود

الاول لمدبر العالم وخالقه الإحسان الى عبيده والجود إليهم وافاضة انواع الكرم عليهم فمن تمنى زوال ذلك فكأنه اعترض على الله فيما هو المقصود بالقصد الاول من خلق العالم وإيجاد المكلفين وايضا ربما اعتقد فى نفسه انه أحق بتلك النعم من ذلك الإنسان فيكون هذا اعتراضا على الله وقدحا فى حكمته وكل ذلك مما يلقيه فى الكفر وظلمات البدعة ويزيل عن قلبه نور الايمان وكما ان الحسد سبب الفساد فى الدين فكذلك هو سبب الفساد فى الدنيا فانه يقطع المودة والمحبة والموالاة وينقلب كل ذلك الى أضدادها فلهذا السبب نهى الله عباده عنه بقوله وَلا تَتَمَنَّوْا الآية فلا بد لكل عاقل من الرضى بقضاء الله تعالى. - حكى- الرسول صلى الله عليه وسلم عن رب العزة انه قال (من استسلم لقضائى وصبر على بلائي وشكر لنعمائى كتبته صديقا وبعثته يوم القيامة مع الصديقين ومن لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر لنعمائى فليطلب ربا سواى) حاشا كه من از جور وجفاى تو بنالم ... بيداد لطفيان همه لطفست وكرامت فهذا هو الكلام فيما إذا تمنى زوال تلك النعمة عن ذلك الإنسان. ومما يؤكد ذلك ما روى ابن سيرين عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سوم أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتقوم مقامها فان الله هو رازقها) والمقصود من كل ذلك المبالغة فى المنع من الحسد اما إذا لم يتمن ذلك بل تمنى حصول مثلها له فمن الناس من جوز ذلك الا ان المحققين قالوا هذا ايضا لا يجوز لان تلك النعمة ربما كانت مفسدة فى حقه فى الدين ومضرة عليه فى الدنيا فلهذا السبب قال المحققون انه لا يجوز للانسان ان يقول اللهم أعطني دارا مثل دار فلان وزوجة مثل زوجة فلان بل ينبغى ان يقول اللهم أعطني ما يكون صلاحا فى دينى ودنياى ومعادى ومعاشى وإذا تأمل الإنسان كثيرا لم يجد احسن مما ذكره الله فى القرآن تعليما لعباده وهو قوله رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً. وعن الحسن لا يتمنى أحد المال فلعل هلاكه فى ذلك المال كما فى حق ثعلبة وهذا هو المراد من قوله وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ. قال الشيخ كمال الدين القاشاني وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ من الكمالات المترتبة بحسب استعداد الاولية فان كل استعداد يقتضى بهويته فى الأزل كمالا وسعادة تناسبه وتختص به وحصول ذلك الكمال الخاص لغيره محال ولذلك ذكر طلبه بلفظ التمني الذي هو طلب ما يمتنع حصوله للطالب لامتناع سببه لِلرِّجالِ اى الافراد الواصلين نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا بنور استعدادهم الأصلي وَلِلنِّساءِ اى الناقصين القاصرين عن الوصول نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ بقدر استعدادهم وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ اى اطلبوا منه افاضة كمال يقتضيه استعدادكم بالتزكية والتصفية حتى لا يحول بينكم وبينه فتحتجبوا وتعذبوا بنيران الحرمان منه إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ مما يخفى عليكم كامنا فى استعدادكم بالقوة عَلِيماً فيجيبكم بما يليق بكم كما قال تعالى وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى بلسان الاستعداد الذي ما دعاه أحد به الا أجاب كما قال تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ انتهى وعلى هذا التأويل يكون قوله وَلا تَتَمَنَّوْا نهيا ومنعا عن طلب المحال الذي فوق الاستعداد الأزلي ويكون قوله وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ امرا وحثا على طلب الممكن

[سورة النساء (4) : آية 33]

الذي هو قدر استعدادكم كى لا تضيع فضيلة الانسانية فان بعض المقدورات قد يكون معلقا على الكسب. فينبغى ان لا يتكاسل العبد فى العبادات وكسب الفضائل لينال الكمالات الكامنة فى خزانة الاستعداد ويسأل الله تعالى دائما من فضله فانه مجيب الدعوات وولى الهداية والرشاد فمن طلب شيأ وجدّ وجد ومن قرع بابا ولجّ ولج: قال مولانا جلال الدين قدس سره چون در معنى زنى بازت كنند ... پرّ فكرت زن كه شهبازت كنند «1» چون طلب كردى بجد آيد نظر ... جد خطا نكند چنين آمد خبر «2» چون ز چاهى ميكنى هر روز خاك ... عاقبت اندر رسى در آب پاك «3» گفت پيغمبر كه چون كوبى درى ... عاقبت زان در برون آيد سرى در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست «4» وَلِكُلٍّ اى لكل تركة ومال جَعَلْنا مَوالِيَ جمع مولى اى ورثة متفاوتة فى الدرجة يلونها ويحرزون منها أنصباءهم بحسب استحقاقهم المنوط بما بينهم وبين المورث مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ بيان لكل مع الفصل بالمعامل وهو جعلنا لان لكل مفعول ثان له قدم عليه لتأكيد الشمول ودفع توهم تعلق الجعل بالبعض دون البعض. والموالي هم اصحاب الفرائض والعصبات وغيرهما من الوارث ويجوز ان يكون المعنى ولكل قوم جعلناهم موالى اى وراثا نصيب معين مغاير لنصيب قوم آخرين مما ترك الوالدان والأقربون على ان جعلنا موالى صفة لكل والضمير الراجع اليه محذوف والكلام مبتدأ وخبر على طريقة قولك لكل من خلقه الله إنسانا نصيب من رزق اى حظ منه وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ هم موالى الموالاة كان الحليف يورث السدس من مال حليفه فنسخ بقوله تعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ وعند ابى حنيفة إذا اسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على ان يرثه ويعقل عنه صح وعليه عقله وله إرثه ان لم يكن له وارث أصلا فهو مؤخر عن ذوى الأرحام واسناد العقد الى الايمان لان المعتاد المماسكة بها عند العقد والمعنى عقدت ايمانكم عهودهم حذف العهود وأقيم المضاف اليه مقامه ثم حذف وهو مبتدأ متضمن لمعنى الشرط ولذلك صدر الخبر اعنى قوله تعالى فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ بالفاء اى حظهم من الميراث إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها الإيتاء والمنع شَهِيداً اى شاهدا ففيه ترغيب فى الإعطاء وتهديد على منع نصيبهم. قال بعضهم المراد من الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ الحلفاء والمراد بقوله فَآتُوهُمْ النصرة والنصيحة والمصافاة فى العشرة والمخالصة فى المخالصة. فعلى كل أحد ان ينصر أخاه المؤمن ويخالطه على وجه الخلوص والنصيحة لا على النفاق والعداوة قال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين فى توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك جوهرند چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار تو كز محنت ديكران بي غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمي

_ (1) در دفتر اواسط يكم در بيان قبول كردن خليفه هديه را إلخ (2) در أوائل دفتر دوم در بيان انكار فلسفى در آيه أصبح مائكم غورا (3) در اواخر دفتر سوم در بيان كه من طلب شيأ وجدّ وجد صدق رسول إلخ (4) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت مارگيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشت إلخ

[سورة النساء (4) : آية 34]

فالواجب ان يجب المرء للناس ما يجب لنفسه من الخير وينصح لهم فى ظاهر الأمر فان النصيحة عماد الدين ويزيل ما يوجب التأذى عن ظاهرهم وأعمالهم بالموعظة والزجر اى المنع عما لا يليق ويعاملهم بالرحمة والشفقة ولا يذكر أحدا بما يكره فان ملكا وكل بالعبد يرد عليه ما يقول لصاحبه ولا يستبشر بمكروه أحد كائنا من كان مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند پس از وى بسى ويتودد الى الناس بالإحسان الى برهم وفاجرهم والى من هو اهل الإحسان والى سن ليس باهل له ويتحمل الأذى منهم وبه يظهر جوهر الإنسان تحمل چوزهرت نمايد نخست ... ولى شهد كردد چودر طبع رست ويجعل من شتمه او جفاه او آذاه إيذاء فى حل منه ولا يطمع فى السلامة من اذاهم فانه محال فان الله لم يقطع لسان الخلق عن نفسه فكيف يسلم مخلوق من مخلوق- روى- ان موسى عليه السلام قال الهى اسألك ان لا يقال لى ما ليس فى فاوحى الله اليه ما فعلت ذلك لنفسى فكيف افعل لك ويقوم بحاجات الناس ومهماتهم ففى الحديث (من سعى فى حاجة لأخيه المسلم لله وله فيها صلاح فكأنما خدم الله ألف سنة وييسر على المعسر تيسيرا ويفرج عن الغموم فان الله تعالى فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه المسلم) وفى الحديث (ان من موجبات المغفرة إدخال السرور على قلب أخيك المسلم) . قال الشيخ نجم الدين الكبرى فى قوله تعالى وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ يعنى الذين جرى بينكم وبينهم عقد الاخوة فى الله بان أخذتم بايمانكم ايمانهم بالارادة وصدق الالتجاء وتابوا على ايديكم فَآتُوهُمْ بالنصح وحسن التربية والاهتمام بهم والقيام بمصالحهم على شرائط الشيخوخة والتسليك بهم نَصِيبَهُمْ الذي أودع الله تعالى لهم عندكم بعلمه وحكمته إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الودائع أينما أودعه ولمن أودعه شَهِيداً يشهد عليهم يوم القيامة ان يخونوا فى إعطاء ودائهم بالخيانة ويسألكم عنها ويشهد لكم بالامانة ويجازيكم عليها خير الجزاء انتهى فالكاملون لا يخونون فى الأمانات بل يسلمون الودائع الى الأرباب بحسب الاستعدادات ولا يفشون السر الى من ليس له اهلية فى هذا الباب والا يلزم الخيانة فى اسرار رب الأرباب: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره عارفانكه جام حق نوشيده اند ... رازها دانسته و پوشيده اند «1» هر كرا اسرار كار آموختند ... مهر كردند ودهانش دوختند «2» بر لبش قفلست ودر دل رازها ... لب خموش ودل پر از آوازها كوش آن كس نوشد اسرار جلال ... كو چوسوسن صد زبان افتاد ولال تا نكوئى سر سلطانرا بكس ... تا نريزى قند را پيش مكس در خور دريا نشد جز مرغ آب ... فهم كن والله اعلم بالصواب «3» الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ قائمون بالأمر بالمصالح والنهى عن الفضائح قيام الولاة على الرعية مسلطون على تأديبهن وعلل ذلك بامرين وهبى وكسبى فقال بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ الضمير البارز لكلا الفريقين تغليبا اى بسبب تفضيله الرجال على النساء بالحزم

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان توبه نصوح كه چنانكه شير از پستان بيرون آيد إلخ (2) در ديباچهـ دفتر سوم (3) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا كردن موسى عليه السلام جهة سلامة ايمان آنشخص [.....]

والعزم والقوة والفتوة والمير والرمي والحماسة والسماحة والتشمير لخطة الخطبة وكتبة الكتابة وغيرها من المخايل المخيلة فى استدعاء الزيادة والشمائل الشاملة لجوامع السعادة وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ اى وبسبب انفاقهم من أموالهم فى نكاحهن كالمهر والنفقة وهذا ادل على وجوب نفقات الزوجات على الأزواج- روى- ان سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار رضى الله عنهم نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن ابى زهير فلطمها فانطلق بها أبوها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا فقال عليه السلام (لنقتصن منه) فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم (أردنا امرا وأراد الله امرا والذي أراد الله خير) ورفع القصاص فلا قصاص فى اللطمة ونحوها والحكم فى النفس وما دونها مذكور فى الفروع فَالصَّالِحاتُ منهن قانِتاتٌ مطيعات لله تعالى قائمات بحقوق الأزواج حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ اى لمواجب الغيب اى لما يجب عليهن حفظه فى حال غيبة الأزواج من الفروج والأموال والبيوت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (خير النساء امرأة ان نظرت إليها سرتك وان أمرتها اطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك فى مالها ونفسها) ولا الآية واضافة المال إليها للاشعار بان ماله فى حق التصرف فى حكم مالها بِما حَفِظَ اللَّهُ ما مصدرية اى بحفظه تعالى اياهن اى بالأمر بحفظ الغيب والحث عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له. او موصولة اى بالذي حفظ الله لهن عليهم من المهر والنفقة والقيام بحفظهن والذب عنهن وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ خطاب للازواج وارشاد لهم الى طريق القيام عليهن والخوف خالة تحصل فى القلب عند حدوث امر مكروه او عند الظن او العلم بحدوثه وقد يراد به أحدهما اى تظنون عصيانهن وترفعهن عن مطاوعتكم فَعِظُوهُنَّ فانصحوهن بالترغيب والترهيب. قال الامام ابو منصور العظة كلام يلين القلوب القاسية ويرغب الطبائع النافرة وهى بتذكير العواقب وَاهْجُرُوهُنَّ بعد ذلك ان لم ينفع الوعظ والنصيحة والهجر الترك عن قلى فِي الْمَضاجِعِ اى فى المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن جمع مضجع وهو موضع وضع الجنب للنوم وَاضْرِبُوهُنَّ ان لم ينجع ما فعلتم من العظة والهجران غير مبرح ولا شائن ولا كاسر ولا خادش فالامور الثلاثة مترتبة ينبغى ان يدرج فيها فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ بذلك كما هو الظاهر لانه منتهى ما يعد زاجرا فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا بالتوبيخ والاذية اى فازيلوا عنهن التعرض واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فان التائب من الذنب كمن لاذنب له إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا اى أعلى عليكم قدرة منكم عليهن كَبِيراً اى أعظم حكما عليكم منكم عليهن فاحذروا واعفوا عنهن إذا رجعن لانكم تعصونه على علو شأنه وكبرياء سلطانه ثم تتوبون فيتوب عليكم فانتم أحق بالعفو عمن جنى عليكم إذا رجع. قال فى الشرعة وشرحها إذا وقف واطلع من زوجته على فجور اى فسق او كذب او ميل الى الباطل فانه يطلقها الا ان لا يصبر عنها فيمسكها- روى- انه جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لى امرأة لا تردّ يد لامس قال (طلقها) قال أحبها قال (أمسكها) خوفا عليه بانه ان طلقها اتبعها وفسد هو ايضا معها فرأى ما فى دوام نكاحه

من دفع الفساد عنه مع ضيق قلبه اولى فلا بد للرجال من تحمل المكاره الا انه لا ينبغى للمرء ان يكون ديوثا كما قال بعض العارفين كريز از كفش در دهان نهنك ... كه مردن به از زندكانى به ننك وكان بعض العلماء يقول التحمل على أذى واحد من المرأة احتمال فى الحقيقة من عشرين أذى منها مثلا فيه نجاة الولد من اللطمة ونجاة القدر من الكسر ونجاة العجل من الضرب ونجاة الهرة من الزجر اى المنع من أكل فضول الخوان وسقاطه والثوب من الحرق والضيف من الرحيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وقال ايضا (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) وقال ايضا (لا تؤذى امرأة زوجها فى الدنيا الا قالت زوجه من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك إلينا) قال النبي عليه السلام مخاطبا لعائشة رضى الله عنها (أيما امرأة تؤذى زوجها بلسانها الا جعل الله لسانها يوم القيامة سبعين ذراعا ثم عقد خلف عنقها. يا عائشة وأيما امرأة تصلى لربها وتدعو لنفسها ثم تدعو لزوجها الا ضرب بصلاتها وجهها حتى تدعو لزوجها ثم تدعو لنفسها. يا عائشة وأيما امرأة جزعت على ميتها فوق ثلاثة ايام أحبط الله عملها. يا عائشة وأيما امرأة ناحت على ميتها الا جعل الله لسانها سبعين ذراعا وجرت الى النار مع من تبعها. يا عائشة أيما امرأة أصابتها مصيبة فلطمت وجهها ومزقت ثيابها الا كانت مع امرأة لوط ونوح فى النار وكانت آيسة من كل خير وكل شفاعة شافع يوم القيامة يا عائشة وأيما امرأة زارت المقابر الا لعنها الله تعالى ولعنها كل رطب ويابس حتى ترجع فاذا رجعت الى منزلها كانت فى غضب الله ومقته الى الغد من ساعته فان ماتت من وقتها كانت من اهل النار. يا عائشة اجتهدي ثم اجتهدي فانكن صواحبات يوسف وفاتنات داود ومخرجات آدم من الجنة وعاصيات نوح ولوط. يا عائشة ما زال جبريل يوصينى فى امر النساء حتى ظننت انه سيحرم طلاقهن. يا عائشة انا خصم كل امرأة يطلقها زوجها) ثم قال (يا عائشة وما من امرأة تحبل من زوجها حين تحبل إلا ولها مثل اجرا الصائم بالنهار والقائم بالليل الغازي فى سبيل الله. يا عائشة ما من امرأة أتاها الطلق الا ولها بكل طلقة عتق نسمة وبكل رضعة عتق رقبة. يا عائشة أيما امرأة خففت عن زوجها من مهرها الا كان لها من العمل حجة مبرورة وعمرة متقبلة وغفر لها ذنوبها كلها حديثها وقديمها سرها وعلانيتها عمدها وخطأها أولها وآخرها. يا عائشة المرأة إذا كان لها زوج فصبرت على أذى زوجها فهى كالمتشحطة فى دمها فى سبيل الله وكانت من القانتات الذاكرات المسلمات المؤمنات التائبات) كذا فى روضة العلماء وفيه تطويل قد اختصرته وحذفت بعضه. والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء لان وجودهن تبع لوجودهم وهم الأصول وهن الفروع فكما ان الشجرة فرع الثمرة بانها خلقت منها فكذلك النساء خلقن من ضلوعهم فكما كان قيام حواء قبل خلقها وهى ضلع بآدم عليه السلام وهو قوام عليها فكذلك الرجال على النساء بمصالح امور دينهن ودنياهن قال تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً واختص الرجال باستعدادية

[سورة النساء (4) : آية 35]

الكمالية للخلافة والنبوة فكان وجودهم الأصل ووجودهن تبعا لوجودهم للتوالد والتناسل قال عليه السلام (كمل من الرجال كثير وما كمل من النساء الا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) ومع هذا ما بلغ كمالهن الى حد يصلحن للخلافة او النبوة وانما كان كمالهن بالنسبة الى النسوة لا الى الرجال لانهن بالنسبة إليهم ناقصات عقل ودين حتى قال فى عائشة رضى الله عنها مع فضلها على سائر النساء (خذوا ثلثى دينكم عن هذه الحميراء) فهذا بالنسبة الى الرجال نقصان حيث لم يقل خذوا كمال دينكم ولكن بالنسبة الى النساء كمال لانه على قاعدة قوله تعالى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يكون حظ النساء من الدين الثلث فكماله كان الثلثين بمثابة الذكور بمثل حظ الأنثيين: قال الفقير جامع هذه المجالس النفيسة مرد بايد تا كه اقدامى كند ... در طريقت غيرت نامى كند چون نه كامل ز مردى دم مزن ... چون نه دلبر مكو از حسن تن زن كه كامل شد ز مردان دست برد ... مرد ناقص چون زن ناقص بمرد وَإِنْ خِفْتُمْ اى علمتم او ظننتم ايها الحكام شِقاقَ بَيْنِهِما اى خلافا بين المرأة وزوجها ولا تدرون من قبل أيهما يقع النشوز والشقاق المخالفة اما لان كلا منهما يريد ما يشق على الآخر واما لان كلا منهما فى شق غير شق الآخر. قال ابن عباس رضى الله عنهما والجزم بوجود الشقاق لا ينافى بعث الحكمين لانه لرجاء إزالته لا لتعرف ودوده بالفعل فَابْعَثُوا اى الى الزوجين لاصلاح ذات البين حَكَماً رجلا عادلا صالحا للحكومة والإصلاح مِنْ أَهْلِهِ من اهل الزوج وَحَكَماً آخر على صفة الاول مِنْ أَهْلِها اى اهل الزوجة فان الأقارب اعرف ببواطن أحوالهم واطلب للصلاح بينهم وانصح لهم واسكن لنفوسهم لان نفوس الزوجين تسكن إليهما وتبرز ما فى ضمائرهما من حب أحدهما الآخر وبغضه إِنْ يُرِيدا اى الزوج والزوجة إِصْلاحاً لهما اى ما بينهما من الشقاق يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما يوقع بين الزوجين الموافقة والالفة بحسن سعى الحكمين ويلقى فى نفوسهما المودة والرأفة. وفيه تنبيه على ان من أصلح نيته فيما يتحراه وفقه الله لما ابتغاه إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً بالظواهر والبواطن فيعلم كيف يرفع الشاق ويوقع الوفاق. وفى الآية حث على إصلاح ذات البين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة) قالوا بلى قال (إصلاح ذات البين) وقال صلى الله عليه وسلم (ألا انما الدين النصيحة) قالها ثلاثا قالوا لمن يا رسول الله قال (لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المؤمنين ولعامتهم) فالنصيحة لله تعالى ان تؤمن بالله ولا تشرك به شيأ وتعمل بما امر الله تعالى به وتنتهى عما نهى عنه وتدعو الناس الى ذلك وتدلهم عليه واما النصيحة لرسوله ان تعمل بسنته وتدعو الناس إليها. واما النصيحة لكتابه ان تؤمن به وتتلوه وتعمل بما فيه وتدعو الناس اليه. واما النصيحة للائمة ان لا تخرج عليهم بالسيف

[سورة النساء (4) : الآيات 36 إلى 40]

وتدعولهم بالعدل والانصاف وتدل الناس عليه. واما النصيحة للعامة فهو ان تحب لهم ما تحب لنفسك وان تصلح بينهم ولا تهجرهم وتدعولهم بالصلاح. ولا شك ان المصلحين هم خيار الناس بخلاف المفسدين فانهم شرار الخلق إذ هم يسعون فى الأرض بالفساد والتفريق وإيقاظ الفتنة دون إزالتها وقدورد (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) از آن همنشين تا توانى كريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز ومن المفسدين من يوصل كلام أحد الى أحد فيه ما يسوؤه ويحزنه فالعاقل لا يصيخ الى مثل هذا القائل بدى در قفا عيب من كرد وخفت ... بتر زو قرينى كه آورد وكفت يكى تيرى افكنده ودر ره فتاد ... وجودم نيازرد ورنجم نداد تو بر داشتى وآمدى سوى من ... همى در سپوزى به پهلوى من والاشارة فى الآية انه إذا وقع الخلاف بين الشيخ الواصل والمريد المتكاسل فَابْعَثُوا متواسطين أحدهما من المشايخ المعتبرين والثاني من معتبرى السالكين لينظرا الى مقالهما ويتحققا أحوالهما إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً بينهما بما رأيا فيه صلاحهما يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما بالارادة وحسن التربية إِنَّ اللَّهَ كانَ فى الأزل عَلِيماً باحوالهما خَبِيراً بمآلهما فقدر لكل واحد منهما بما عليهما وبما لهما كذا فى تأويلات الشيخ العارف نجم الدين الكبرى قدس سره وقد عرف منه ان التهاجر والمخالفة تقع بين الكاملين كما بين عوام المؤمنين ولا يمنع اختلافهم الصوري اتفاقهم المعنوي وقد اقتضت الحكمة الالهية ذلك فلمثل هذا سر لا يعرفه عقول العامة: قال مولانا جلال الدين فى بيان اتحاد الأولياء والكاملين چون ازيشان مجتمع بينى دو يار ... هم يكى باشند وهم شش صد هزار «1» بر مثال موجها اعدادشان ... در عدد آورده باشد پادشان تفرقه در روح حيوانى بود ... نفس واحد روح انسانى بود مؤمنان معدود ليك ايمان يكى ... جسم شان معدود ليكن جان يكى «2» والحاصل ان اهل الحق كلهم نفس واحدة والتفرقة بحسب البشرية والتخالف سبب لا ينافى توافقهم فى المعنى من كل وجه وجهة وَاعْبُدُوا اللَّهَ العبادة عبارة عن كل فعل وترك يؤتى به بمجرد امر الله تعالى بذلك وهذا يدخل فيه جميع اعمال القلوب وجميع اعمال الجوارح وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً من الأشياء صنما او غيره او شيأ من الإشراك جليا وهو الكفر او خفيا وهو الرياء وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى وأحسنوا إليهما إحسانا. فالباء بمعنى الى كما فى قوله وَقَدْ أَحْسَنَ بِي وبدأ بهما لان حقهما أعظم حقوق البشر فالاحسان إليهما بان يقوم بخدمتهما ولا يرفع صوته عليهما ولا يخشن فى الكلام معهما ويسعى فى تحصيل مطالبهما والانفاق عليهما بقدر القدرة وَبِذِي الْقُرْبى وبصاحب القرابة من أخ او عم او خال او نحو ذلك بصلة الرحم والمرحمة ان استغنوا والوصية وحسن الانفاق ان افتقروا وَالْيَتامى بانفاق ما هو أصلح لهم او بالقيام على أموالهم ان كان وصيا وَالْمَساكِينِ

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان مشورت كردن خداى تعالى با فرشتگان در إيجاد خلق (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان شرح انما المؤمنون اخوة إلخ

بالمبار والصدقات واطعام الطعام او بالرد الجميل وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى اى الذي قرب جواره او الذي له مع الجوار اتصال بنسب او دين قال عليه السلام (والذي نفسى بيده لا يؤدى حق الجار الا من رحم الله وقليل ما هم أتدرون ما حق الجار ان افتقر أغنيته وان استقرض أقرضته وان أصابه خير هنأته وان أصابه شر عزيته وان مرض عدته وان مات شعيت جنازته) وَالْجارِ الْجُنُبِ اى البعيد او الذي لا قرابة له. وعنه عليه السلام (الجيران ثلاثة فجار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام وجار له حق واحد هو حق الجوار وهو الجار من اهل الكتاب) وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ اى الرفيق فى امر حسن كتعلم وتصرف وصناعة وسفر فانه صحبك وحصل بجانبك ومنهم من قعد بجنبك فى مسجد او مجلس او غير ذلك من ادنى صحبة التأمت بينك وبينه فعليك ان ترعى ذلك الحق ولا تنساه وتجعله ذريعة الى الإحسان وَابْنِ السَّبِيلِ هو المسافر الذي سافر عن بلده وماله والإحسان بان تؤويه وتزوده او هو الضيف الذي ينزل عليك وحقه ثلاثة ايام ومازاد على ذلك فهو صدقة ولا يحل له ان يقيم عنده حتى يخرجه وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من العبيد والإماء والإحسان إليهم بان يؤدبهم ولا يكلفهم ما لا طاقة لهم ولا يكثر العمل لهم طول النهار ولا يؤذيهم بالكلام الخشن بل يعاشرهم معاشرة حسنة ويعطيهم من الطعام والكسوة ما يحتاجون اليه. قال بعضهم كل حيوان فهو مملوك والإحسان اليه بما يليق به طاعة عظيمة إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا اى متكبرا يأنف من أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم فَخُوراً بما لا يليق يتفاخر عليهم ولا يقوم بالحقوق ويقال فخورا فى نعم الله لا يشكر قال الله تعالى لموسى عليه السلام [يا موسى انى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى وحدي لا شريك لى فمن لم يرض بقضائي ولم يشكر على نعمائى ولم يصبر على بلائي ولم يقنع بعطائى فليعبد ربا سواى. يا موسى لولا من يسجد لى ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت فى الأرض شجرة ولولا من يعبدنى مخلصا لما أمهلت من يجحدنى طرفة عين ولولا من يشكر نعمتى لحبست القطر فى الجو. يا موسى لولا التائبون لخسفت بالمذنبين ولولا الصالحون لا هلكت الصالحين] . واعلم ان العبادة ان تعبد الله وخده بطريق أوامره ونواهيه ولا تعبد معه شيأ من الدنيا والعقبى فانك لو عبدت الله خوفا من شىء او طمعا فى شىء فقد عبدت ذلك الشيء والعبودية طلب المولى بالمولى بترك الدنيا والعقبى والتسليم عند جريان القضاء شاكرا صابرا فى النعم والبلوى فلا بد من التوحيد الصرف وترك الشرك حتى يوصله الله الى مبتغاه: قال بعض العارفين نقد هستى محو كن در «لا اله» ... تا به بينى دار ملك پادشاه غير حق هر ذره كان مقصود تست ... تيغ «لا» بركش كه آن معبود تست «لا» كه عرش وفرش را بر مى درد ... از فنا سوى بقاره ميبرد «لا» ترا از تو رهايى ميدهد ... با خدايت آشنايى ميدهد چون تو خود را از ميان برداشتى ... قصر ايمانرا درى افراشتى

[سورة النساء (4) : الآيات 37 إلى 38]

فاذا حصل المقصود ووصل العابد الى المعبود فحينئذ يصح منه بالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين الآية لان الإحسان صفات الله تعالى لقوله تعالى الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ والاساءة من صفات الإنسان لقوله إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ فالعبد لا يصدر منه الإحسان الا ان يكون متخلقا بأخلاق نفسه كما قال تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وفيه اشارة اخزى وهى ان شرط العبودية الإقبال على الله بالكلية والاعراض عما سواه ولا يصدر منه الإحسان الا إذا اتصف بأخلاق الله حتى يخرج من عهدة العبودية بالوصول الى حضرة الربوبية فتفنى عنك به وتبقى به للوالدين وغيرهما محسنا لاحسانه بلا شرك ولا رياء فان الشرك والرياء من بقاء النفس ولهذا قال عقيب الآية إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً لان الاختيال والفخر من أوصاف النفس والله تعالى لا يحب النفس ولا أوصافها لان النفس لا تحب الله ولا المحبة من أوصافها فانها تحب الدنيا وزخارفها وما يوافق مقتضاها قال صلى الله عليه وسلم (الشرك أخفى فى ابن آدم من دبيب النملة على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء) ومن خدم مخلوقا خوفا من مضرته او طمعا فى منفعته فقد أشرك عملا كه داند چودر بند حق نيستى ... اگر بى وضو در نماز ايستى بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات قال تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً يعنى الأعمال التي عملوها لغير وجه الله أبطلنا ثوابها وجعلناها كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يرى فى شعاع الشمس وجاء رجل الى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله انى أتصدق بالصدقة فالتمس بها وجه الله تعالى وأحب ان يقال لى فيه خير فنزل قوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ يعنى من خاف المقام بين يدى الله تعالى ويريد ثوابه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً رزقنا الله وإياكم الإخلاص الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بما منحوا به وهو مبتدأ خبره محذوف اى أحقاء بكل ملامة وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ به اى بما منحوا به عطف على ما قبله وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ اى من المال والغنى وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً وضع الظاهر موضع المضمر اشعار بان من هذا شأنه فهو كافر بنعمة الله ومن كان كافرا بنعمة الله فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء. والآية نزلت فى طائفة من اليهود كانوا يقولون للانصار بطريق النصيحة لا تنفقوا أموالكم فانا نخشى عليكم الفقر وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ اى للفخار وليقال ما أسخاهم وما أجودهم لا لابتغاء وجه الله وهو عطف على الذين يبخلون ورئاء الناس مفعوله وانما شاركهم فى الذم والوعيد لان البخل والسرف الذي هو الانفاق فيما لا ينبغى من حيث انه طرفا تفريط وافراط سواء فى القبح واستتباع الذم واللوم وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ليحوزوا بالإنفاق مراضيه وثوابه وهم مشركوا مكة المنفقون أموالهم فى عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً

[سورة النساء (4) : آية 39]

اى بئس الصاحب والمقارن الشيطان وأعوانه حيث حملوهم على تلك القبائح وزينوها لهم وَماذا عَلَيْهِمْ اى على من ذكر من الطوائف لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ابتغاء لوجه الله لان ذكر الايمان بالله واليوم الآخر يقتضى ان يكون الانفاق لابتغاء وجهه تعالى وطلب ثوابه البتة اى وما الذي عليهم فى الايمان بالله تعالى والانفاق فى سبيله وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة والاعتقاد فى الشيء بخلاف ما هو عليه وتحريض على التفكر لطلب الجواب لعله يؤدى بهم الى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة وتنبيه على ان المدعو الى امر لاضرر فيه ينبغى ان يجيب اليه احتياطا فكيف إذا كان فيه منافع لا تحصى وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ وبأحوالهم المحققة عَلِيماً فهو وعيد لهم بالعقاب فقد اخبر الله تعالى بدناءة همة الأشقياء وقصور نظرهم وانهم يقنعون بقليل من الدنيا الدنية ويحرمون من كثير من المقامات الاخروية السنية ولا ينفقونه فى طلب الحق ورضاه بل ينفقونه فيما لا ينبغى هر كه مقصودش از كرم آنست ... كه بر آرد بعالم آوازه باشد از مصر فضل وجود وكرم ... خانه او برون ز دروازه قال بعض الحكماء مثل من يعمل الطاعات للرياء والسمعة كمثل رجل حرج الى السوق وملأ كبسه حصى فيقول الناس ما املأ كيس هذا الرجل ولا منفعة له سوى مقالة الناس ولو أراد ان يشترى به شيأ لا يعطى له شىء كذلك الذي عمل للرياء والسمعة. قال حامد اللفاف إذا أراد الله هلاك امرئ عاقبه بثلاثة أشياء. أولها يرزقه العلم ويمنعه عن عمل العلماء. والثاني يرزقه صحبة الصالحين ويمنعه عن معرفة حقوقهم. والثالث يفتح عليه باب الطاعة ويمنعه الإخلاص وانما يكون ذلك المذكور لخبث نيته وسوء سريرته لان النية لو كانت صحيحة لرزقه الله منفعة العلم ومعرفة حقوقهم واخلاص العمل عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق ... كه در پوشى از بهر پندار خلق فعلى الفتى ان يتخلص من الرياء فى إنفاقه وفى كل اعماله ويكون سخيا لا شحيحا فان شكر المال إنفاقه فى سبيل الله: قال الشيخ العطار قدس سره توانكر كه ندارد پاس درويش ... ز دست غيرتش بر جان رسدنيش : ويناسبه ما قال الحافظ كنج قارون كه فرو ميرود از فكر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست وإذا كان بخيلا ومع هذا امر الناس بالبخل يكون ذلك وزرا على وزر. قال صاحب الكشاف ولقد رأينا ممن بلى بلاء البخل من إذا طرق سمعه ان أحدا جاد على أحد شخص بصره وحل حبوته واضطرب وزاغت عيناه فى رأسه كأنما نهب رحله وكسرت خزائنه ضجرا من ذلك وحشرة على وجوده انتهى وهذا مشاهد فى كل زمان لا يعطون ويمنعون من يعطى ان قدروا. والحاصل انهم يجتهدون فى منع من قصد خيرا كبناء القناطر والجسور وحفر الآبار وسائر الخيرات

[سورة النساء (4) : آية 40]

وذلك لكمال دناءتهم وقصور نظرهم وعدم شكرهم واللئيم لا يفعل الا ما يناسب طبعه چومنعم كند سفله را روزكار ... نهد بر دل تنك درويش بار چوبام بلندش بود خود پرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست. قال بشير بن الحارث النظر الى البخيل يقسى القلب فلا بد من مجانبة مجالسته وصحبته چونكه باشد مجاورت لازم ... همجوار كريم بايد بود كر كنى با كسى مشاوره ... آن مشاور حكيم بايد بود ففى السخاء بركات فى الدين والدنيا والآخرة. قيل ان مجوسيا تصدق بمائة دينار فرأى الشبلي ذلك فقال ما تنفعك هذه الصدقة فبكى المجوسي ونظر الى السماء فاذا رقعة وقعت عليه مكتوب فيها بخط اخضر مكافأة السماحة دار خلد ... وأمن من مخافة يوم بؤس وما نار بمحرقة جوادا ... ولو كان الجواد من المجوس يعنى ان الله تعالى يوفق السخي للايمان ان كان كافرا ولزيادة الطاعة والإخلاص فيها ان كان مؤمنا فيترقى الى الدرجات العلى ويليق بمشاهدة ربه الأعلى إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ لا ينقص من الاجر ولا يزيد فى العقاب شيأ مقدار ذرة وهى النملة الصغيرة الحمراء التي لا تكاد ترى من صغرها او الصغير جدا من اجزاء التراب او ما يظهر من اجزاء الهباء المنبث الذي تراه فى البيت من ضوء الشمس وهو الأنسب بمقام المبالغة وهذا نفى للظلم لانه إذا نفى القليل نفى الكثير لان القليل داخل فى الكثير وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً اى وان يك مثقال الذرة حسنة انث الضمير لتأنيث الخبر او لاضافة المثقال الى مؤنث وحذف النون من غير قياس تشبيها بحروف العلة وتخفيفا لكثرة الاستعمال يُضاعِفْها اى يضاعف ثوابها لان تضاعف نفس الحسنة بان يجعل الصلاة الواحدة صلاتين مما لا يعقل وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضيل زائدا على ما وعد فى مقابلة العمل أَجْراً عَظِيماً عطاء جزيلا وانما سماه اجرا لكونه تابعا للاجر مزيدا عليه. قال فى التيسير وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره مع انه سمى الدنيا وما فيها قليلا وسمى هذا الفضل عظيما- روى- انه يؤتى يوم القيامة بالعبد وينادى مناد على رؤوس الأولين والآخرين هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت الى حقه ثم يقال له أعط هؤلاء حقوقهم فيقول يا رب من اين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته انظروا فى اعماله الصالحة فاعطوهم منها فان بقي مثقال ذرة من حسنة ضعفها الله تعالى لعبده وادخله الجنة بفضله ورحمته والظاهر ان ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها فى الجنة واما هذا الاجر العظيم الذي يؤتيه من لدنه فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية وعند الاستغراق فى المحبة والمعرفة وانما خص هذا النوع بقوله من لدنه لان هذا النوع من الغبطة والسعادة والكمال لا ينال بالأعمال الجسدية بل انما ينال بما يودع الله فى جوهر النفس المقدسية من الاشراق والصفاء والنور وبالجملة فذلك التضعيف اشارة الى السعادات الجسمانية وهذا الاجر العظيم اشارة الى السعادات

[سورة النساء (4) : الآيات 41 إلى 45]

الروحانية. ورد فى الخبر الصحيح (ان الله تعالى يقول لملائكته حين دخل اهل الجنة الجنة أطعموا أوليائي فيؤتى بألوان الاطعمة فيجدون لكل نعمة لذة غير ما يجدون للاخرى فاذا فرغوا من الطعام يقول الله تعالى اسقوا عبادى فيؤتى باشربة فيجدون لكل شربة لذة بخلاف الاخرى فاذا فرغوا يقول الله تعالى انا ربكم قد صدقتكم وعدي فاسألونى أعطكم قالوا ربنا نسألك رضوانك مرتين او ثلاثا فيقول رضيت عنكم ولدىّ المزيد فاليوم أكرمكم بكرامة أعظم من ذلك كله فيكشف الحجاب فينظرون اليه ما شاء الله فيخرون اليه سجدا فيكونون فى السجود ما شاء الله تعالى ثم يقول لهم ارفعوا رؤسكم ليس هذا موضع عبادة فينسون كل نعمة كانوا فيها ويكون النظر اليه أحب إليهم من جميع النعم) جان بيجمال جانان ميل جهان ندارد ... وآنكس كه اين ندارد حقا كه آن ندارت (فيهب ريح من تحت العرش على تل من مسك أذفر فينشر المسك على رؤسهم ونواصى خيولهم فاذا رجعوا الى أهليهم يرون أزواجهم فى الحسن والبهاء أفضل مما تركوهن ويقول لهم أزواجهم قد رجعتم احسن مما كنتم) ومطمح نظر العارف الجنة المعنوية. قال ابو يزيد البسطامي حلاوة المعرفة الالهية خير من جنة الفردوس وأعلى عليين لو فتحوا لى الجنات الثمان وأعطوني الدنيا والآخرة لم يقابل أنيني وقت السحر طال انسى بالله. وقال مالك بن دينار خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا أطيب الأشياء قيل وما هو قال معرفة الله تعالى: قال جلال الدين قدس سره اى خنك انرا كه ذات خود شناخت ... اندر أمن سرمدى قصرى بساخت «1» پس چوآهن كر چهـ تيره هيكلى ... صيقلى كن صيقلى كن صيقلى «2» دفع كن از مغز از بينى ز كام ... تا كه ريح الله در آيد از مشام «3» هيچ مكذار از تب وصفرا اثر ... تا بيابى در جهان طعم شكر اوصانا الله وإياكم الى معرفته وأدخلنا الجنة برحمته فَكَيْفَ محلها النصب بفعل محذوف على التشبيه بالحال او الظرف اى فكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم إِذا جِئْنا يوم القيامة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم بِشَهِيدٍ يشهد عليهم بما كانوا عليه من فساد العقائد وقبائح الافعال وهو نبيهم وَجِئْنا بِكَ أحضرناك يا محمد عَلى هؤُلاءِ اشارة الى الشهداء المدلول عليهم بما ذكر من قوله بشهيد شَهِيداً تشهد على صدقهم لعلمك بعقائدهم لاستجماع شرعك لمجامع قواعدهم او اشارة الى المكذبين المستفهم عن حالهم تشهد عليهم بالكفر والعصيان كما يشهد سائر الأنبياء على أممهم يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ بيان لحالهم التي أشير الى شدتها وفظاعتها بقوله تعالى فَكَيْفَ إلخ وعصيان الرسول محمول على المعاصي المغايرة للكفر فلا يلزم عطف الشيء على نفسه اى يتمنى الذين جمعوا بين الكفر وعصيان الرسول والمراد الذين كفروا والذين عصوا الرسول لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ لو بمعنى ان المصدرية والجملة مفعول يود اى يودون ان يدفنوا فتسوى بهم الأرض كالموتى فتسوية الأرض بهم كناية عن دفنهم او يودون انهم لم يبعثوا ولم يخلقوا وكأنهم والأرض سواء. قال بعض

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان حكايت جوجى كه چادر پوسيده در ميان زنان إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه تن هر يك از آدمي همچون آهن نيكو إلخ (3) در اواسط دفتر دوم در بيان حكايت آن مرد ابله كه مغرور بود بر نملق خرس

الأفاضل الباء للملابسة اى تسوى الأرض ملتبسة بهم ولا حاجة الى الحمل على القلب لقلة الفرق بين تسويتهم بالأرض والتراب وتسويتها بهم وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً عطف على يود اى ولا يقدرون على كتمانه لان جوارحهم تشهد عليهم او الواو للحال اى يودون ان يدفنوا فى الأرض وهم لا يكتمون منه تعالى حديثا ولا يكذبونه بقولهم والله ربنا ما كنا مشركين إذ روى انهم إذا قالوا ذلك ختم الله على أفواههم فتشهد عليهم جوارحهم فيشتد الأمر عليهم فيتمنون ان تسوى بهم الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فتقول ما جاءنا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون انه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا ثم يدعى غيره من الأنبياء عليهم السلام ثم ينادى كل انسان باسمه واحدا واحدا وتعرض أعمالهم على رب العزة قليلها وكثيرها حسنها وقبيحها) . وذكر ابو حامد فى كتاب كشف علوم الآخرة ان هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم ويقتص للجماء من القرناء ويفصل بين الوحوش والطير ثم يقول لهم كونوا ترابا فتسوى بهم الأرض فحينئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ويتمنى الكافر فيقول يا ليتنى كنت ترابا) . واعلم انه يعرض على النبي عليه السلام اعمال أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم وتعرض على الله يوم الخميس ويوم الاثنين وعلى الأنبياء والآباء والأمهات يوم الجمعة فتفكر يا أخي وان كنت شاهدا عدلا بانك مشهود عليك فى كل أحوالك من فعلك ومقالك وأعظم الشهود لديك المطلع عليك الذي لا يخفى عليه خائنة عين ولا يغيب عنه زمان ولا اين فاعمل عمل من يعلم انه راجع اليه وقادم عليه يجازى على الصغير والكبير والقليل والكثير در خير بازست وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك همه برك بودن همه ساختى ... بتدبير رفتن نپرداختى فلا تضيع أيامك فان أيامك رأس مالك وانك ما دمت قابضا على رأس مالك فانك قادر على طلب الربح لان بضاعة الآخرة كاسدة فى يومك هذا فاجتهد حتى تجمع بضاعة الآخرة فى وقت الكساد فانما يجيئ يوم تصير هذه البضاعة عزيزة فاكثر منها فى يوم الكساد ليوم العزة فانك لا تقدر على طلبها فى ذلك اليوم- روى- ان الموتى يتمنون ان يؤذن لهم بان يصلوا ركعتين او يؤذن لهم ان يقولوا مرة واحدة لا اله الا الله او يؤذن لهم فى تسبيحة واحدة فلا يؤذن لهم ويتعجبون من الاحياء انهم يضيعون ايامهم فى الغفلة مهلكه عمر به بيهوده بگذرد حافظ ... بكوش وحاصل عمر عزيز را درياب قال القاشاني فى قوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا الشهيد والشاهد ما يحضر كل أحد مما بلغه من الدرجة وهو الغالب عليه فهو يكشف عن حاله وعمله وسعيه ومبلغ جهده مقاما كان او صفة من صفات الحق او رأيا فلكل امة شهيد بحسب ما دعاهم اليه نبيهم وعرفه إليهم ولم يبعث الا بحسب ما يقتضيه استعداد أمته فما دعاهم الا الى ما يطلب استعدادهم مما وصل اليه النبي من مقامه فى المعرفة فلا يعرف أحد باطن أمرهم وما هم عليه من أحوالهم كنبيهم ولذلك جعل كل نبى شهيدا

[سورة النساء (4) : آية 43]

على أمته وقد ورد فى الحديث (ان الله يتجلى لعباده فى صورة معتقدهم فيعرفه كل واحد من اهل الملل والمذاهب ثم يتحول عن تلك الصورة فيبرز فى صورة اخرى فلا يعرفه الا الموحدون الواصلون الى حضرة الاحدية من كل باب) وكما ان لكل امة شهيدا فلكل اهل مذهب شهيد ولكل أحد شهيد يكشف عن حال مشهوده. واما المحمديون فهم شهداء على الأمم ونبيهم شهيد عليهم لكونهم من الأمم ولكون نبيهم حبيبا مؤتى بجوامع الكلم متمما لمكارم الأخلاق فلا جرم يعرفون الله عند التحول فى جميع الصور إذا تابعوا نبيهم حق المتابعة ونبيهم يشهدهم ويعرف أحوالهم انتهى بعبارته جعلنا الله وإياكم من الكاملين الواصلين الى حق اليقين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ- روى- ان عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أفاضل الصحابة رضى الله عنهم حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا فلما ثملوا وجاء وقت صلاة المغرب قدموا أحدهم ليصلى بهم فقرأ قل يا ايها الكافرون اعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما اعبد الى آخرها بطرح اللاآت فنزلت فكانوا لا يشربون فى اوقات الصلاة فاذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون الا وقد ذهب عنهم السكر وعلموا ما يقولون ثم نزل تحريمها وتوجيه النهى الى قربان الصلاة مع ان المراد هو النهى عن إقامتها للمبالغة فى ذلك. قال فى التيسير ثم النهى ليس عن عين الصلاة فانها عبادة فلا ينهى عنها بل هو نهى اكتساب السكر الذي يعجز به عن الصلاة على الوجه. قال الامام ابو منصور رحمه الله وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا صلاة للعبد الآبق ولا للمرأة الناشزة) ليس فيه النهى عن الصلاة لكن النهى عن الإباق والنشوز وهذا لان الإباق والنشوز والسكر ليست بالتي تعمل فى إسقاط الفرض فالمعنى لا تقيموها حالة السكر حتى تعلموا قبل الشروع ما تقولون إذ بتلك التجربة يظهر انهم يعلمون ما سيقرؤنه فى الصلاة والسكر اسم لحالة تعرض بين المرء وعقله واكثر ما يكون من الشراب وقد يكون من العشق والنوم والغضب والخوف لكنه حقيقة فى الاول فيحمل عليه هنا. والسكارى جمع سكران كالكسالى جمع كسلان واجمعوا على انه لا يجوز بيع السكران وشراؤه ويؤاخذ بالاستهلاكات والقتل والحدود وصح طلاقه وعتاقه عقوبة له عندنا خلافا للشافعى وَلا جُنُباً عطف على قوله وأنتم سكارى فانه فى حيز النصب كأنه قيل لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا. والجنب من أصابته الجنابة يستوى فيه المؤنث والمذكر والواحد والجمع لجريانه مجرى المصدر واصل الجنابة البعد والجنب مبعد عن القراءة والصلاة وموضعها إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ استثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على انه حال من ضمير لا تقربوا باعتبار تقيده بالحال الثانية دون الاولى والعامل فيه النهى اى لا تقربوا الصلاة جنبا فى حال من الأحوال الا حال كونكم مسافرين فتعذرون بالسفر فتصلون بالتيمم حَتَّى تَغْتَسِلُوا غاية للنهى عن قربان الصلاة حالة الجنابة. وفى الآية الكريمة اشارة الى ان المصلى حقه ان يتحرز عما يلهيه ويشغل قلبه وان يزكى نفسه عما يدنسها ولا يكتفى بأدنى مراتب التزكية عند إمكان أعاليها وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى جمع مريض. والمرض على ثلاثة اقسام. أحدها ان يكون بحيث لو استعمل الماء لمات كما فى الجدري الشديد والقروح العظيمة

وثانيها ان لا يموت باستعمال الماء ولكنه يجد الآلام العظيمة ويشتد مرضه او يمتد. وثالثها ان لا يخاف الموت ولا الآلام الشديدة لكنه يخاف بقاء شين او عيب فى البدن فالفقهاء جوزوا التيمم فى القسمين الأولين وما جوزوه فى القسم الثالث أَوْ عَلى سَفَرٍ عطف على مرضى اى او كنتم على سفر ما طال او قصر وإيراده مع سبق ذكره بطريق الاستثناء لبناء الحكم الشرعي عليه وبيان كيفيته وتعليق التيمم بالمرض والسفر مع أتم الحكم كذلك فى كل موضع تحقق العجز حتى قال ابو حنيفة يجوز التيمم للجنابة فى المصر إذا عدم الماء الحار لان العجز عن استعمال الماء يقع فيها غالبا أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ وهو المكان المنخفض المطمئن والمجيء منه كناية عن الحدث لان المعتاد ان من يريده يذهب اليه ليوارى شخصه عن أعين الناس أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ اى جامعتموهن يعنى إذا أصابكم المرض او السفر او الحدث او الجنابة فَلَمْ تَجِدُوا ماءً اى لم تقدروا على استعماله لعدمه او لبعده او لفقد آلة الوصول اليه من الدلو والرشاء او المانع عنه من حية او سبع او عدو فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فاقصدوا شيأ من وجه الأرض طاهرا. قال الزجاج الصعيد وجه الأرض ترابا او غيره وان كان صخرا لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده عليه ومسح لكان ذلك طهوره وهو مذهب ابى حنيفة رحمه الله فامسحوا بوجوهكم وايديكم الى المرفقين لما روى انه صلى الله عليه وسلم تيمم ومسح يديه الى مرفقيه ولانه بدل من الوضوء فيتقدر بقدره والباء زائدة اى فامسحوا وجوهكم وايديكم منه اى من الصعيد إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً تعليل للترخيص والتيسير وتقرير لهما فان من عادته المستمرة ان يعفو عن الخطائين ويغفر للمذنبين لا بد من ان يكون ميسرا لا معسرا. والاشارة ان الصلاة معراج المؤمن وميقات مناجاته والمصلى هو الذي يناجى ربه يعنى يا مدعى الايمان لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى اى لا تجدوا القربة فى الصلاة وأنتم سكارى من الغفلات وتتبع الشهوات لان كل ما أوجب للقلب الذهول عن الله فهو ملتحق بالسكر ومن اجله جعل السكر على اقسام فسكر من الخمر وسكر من الغفلة لا ستيلاء حب الدنيا وأصعب السكر سكرك من نفسك فان من سكر من الخمر فقضاؤه الحرقة ومن سكر من نفسه ففى الوقت على الحقيقة له القطيعة والفرقة اى أسير ننك نام خويشتن ... بسته خود را بدام خويشتن ور نكنجى با خود اندر كوى او ... كم شو از خود تا بيابى كوى او تا تو نزديك خودى زين حرف دور ... غائبى يابى اگر خواهى حصور تا تو از غفلت چوباده مست شدى ... لا جرم از طور وصلت پست شدى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ولماذا تقولون كما تقولون الله اكبر لتكبيرة الإحرام عند رفع اليدين ومعناه الله أعظم وأجل من كل شىء فان كنت تعلم عند التقول به فينبغى ان لا يكون فى تلك الحالة فى قلبك عظمة شىء آخر وامارة ذلك ان لا تجد ذكر شىء فى قلبك مع ذكره تعالى ولا محبة شىء مع محبته ولا طلب شىء مع طلبه فانه تبارك وتعالى واحد لا يقبل الشركة فى جميع صفاته والا كنت كاذبا فى قولك الله اكبر بالنسبة الى حالك وكنت كالسكران لا تجد القربة من صلاتك لان القربة مشروطة بشرط السجود كما خوطب به وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ والسجود ان تنزل من مركب

[سورة النساء (4) : الآيات 44 إلى 45]

أوصاف وجودك لتحمل على رفرف جوده الى قاب قوسين أوصاف وجوده لشهود جماله وجلاله وهذا هو سر التشهد بعد السجود ثم قال وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ يعنى كما لا تجدون القربة وأنتم سكارى من الغفلات ايضا لا تجدونها مع جنابة استحقاق البعد وهى ملابسة الدنيا الدنية الا على طريق العبور بقدم ظاهر الشرع فى سبيل الأوامر والنواهي كعبور طريق الاعتداد بالمطعم والمشرب لسد الرمق وحفظ القوة والاكتساء لدفع الحر والبرد وستر العورة والمباشرة لحفظ النسل حَتَّى تَغْتَسِلُوا بماء القربة والانابة وصدق الطلب وحسن الارادة وخلوص النية من جنابة ملابسة الدنيا وشهواتها وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى بانحراف مزاج القلب فى طلب الحق أَوْ عَلى سَفَرٍ التردد بين طلب الدنيا وطلب العقبى والمولى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ من غائط تتبع الهوى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ اى لابستم الاشغال الدنيوية فاجنبتم وتباعدتم عن الله بعد ما كنتم مجاورى حظائر القدس ووقعتم فى رياض الانس فَلَمْ تَجِدُوا ماءً صدق الانابة والرجوع الى الحق بالاعراض والانقطاع عن الخلق فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً وهو تراب أقدام الرجال الطيبين من سوء الأخلاق والأعمال فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ تراب أقدامهم وتمسكوا وَأَيْدِيكُمْ أذيال كرمهم مستسلمين بصدق الارادة لاحكامهم إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا يعفو عنكم التعصب وعدم الانقطاع اليه بالكلية ولعله يعفو عنكم التلوث بالدنيا الدنية بهذه الخصلة مرضية غَفُوراً لكم آثار الشقوة من غبار الشهوة فانهم يسعد بهم لانهم قوم لا يشقى بهم جليسهم كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند شبان وادئ ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند أَلَمْ تَرَ الخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية من المؤمنين والرؤية بصرية لشهرة شنائع الموصوفين حتى انتظمت فى سلك الأمور المشاهدة إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً حظا كائنا مِنَ الْكِتابِ من علم الكتاب وهو التوراة والمراد بهم أحبار اليهود اى ألم تنظر إليهم فانهم أحقاء بان تشاهدهم وتتعجب من أحوالهم. نزلت فى حبرين من أحبار اليهود كانا يأتيان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى ورهطه يثبطانهم عن الإسلام يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ كأنه قيل ماذا يصنعون حتى ينظر إليهم فقيل يأخذون الضلالة ويتركون ما أوتوه من الهداية وَيُرِيدُونَ اى لا يكتفون بضلالة أنفسهم بل يريدون بما فعلوا من كتمان نعوته صلى الله عليه وسلم أَنْ تَضِلُّوا أنتم ايضا ايها المؤمنون السَّبِيلَ المستقيم الموصل الى الحق وانما أرادوا ذلك ليكون الناس كلهم على دينهم فتكون لهم الرياسة على الكل وأخذ المرافق من الكل وَاللَّهُ أَعْلَمُ اى منكم بِأَعْدائِكُمْ جميعا ومن جملتهم هؤلاء وقد أخبركم بعداوتهم لكم وما يريدون لكم لتكونوا على حذر منهم ومن مخالطتهم او هو اعلم بحالهم ومآل أمرهم وَكَفى بِاللَّهِ الباء مزيدة وَلِيًّا متكفلا فى جميع أموركم ومصالحكم او محبا لكم وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً فى كل المواطن فثقوا به واكتفوا بولايته ونصرته ولا تتولوا غيره او لا تبالوا بهم وبما يسومونكم من السوء فانه تعالى معين يكفيكم مكرهم وشرهم ففيه وعد

[سورة النساء (4) : الآيات 46 إلى 50]

ووعيد. والاشارة ان من رزق شيأ من علم الكتاب ظاهرا ولم يرزق أسراره وحقائقه وهم علماء السوء المداهنون فى دين الله حرصا على الدنيا وطمعا فى المال والجاه وحبا للرياسة والقبول يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وهى المداهنة واتباع الهوى فيبيعون الدين بالدنيا وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ يا معشر العلماء الأتقياء وورثة الأنبياء وطلاب الحق من بين الخلق عن سبيل الحق بما يحسدونكم وينكرون عليكم ويلومونكم ويؤذونكم بطريق النصح واظهار المحبة وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ فلا تقبلوا نصيحتهم فيما يقطعون عليكم طريق الحق ويردونكم عنه ويصدونكم عن الله بالتحريض على طلب غير الله ورعاية حق غير الله وأطيعوا امر الله تعالى فيما أمركم به. واعلم انك لا ترى حالا أسوأ ولا أقبح ممن جمع بين هذين الامرين اعنى الضلال والإضلال واكثر ما يكونان فى العلماء يطمعون فيما فى أيدي الخلق فيداهنون فيضلون فسبب زوال المداهنة قطع الطمع- روى- عن بعض المشايخ انه كان له سنور وكان يأخذ من قصاب فى جواره كل يوم شيأ من الغدد لسنوره فرأى على القصاب منكرا فدخل واخرج السنور او لاثم جاء واحتسب على القصاب فقال له القصاب لا أعطيك بعد اليوم لسنورك شيأ فقال ما احتسب عليك الا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك فهو كما قال فمن طمع فى ان تكون قلوب الناس عليه طيبة لم يتيسر له الحسبة. فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الرديئة ويطهرها من الخصال الذميمة چون طهارت نبود كعبه وبتخانه يكيست ... نبود خير در آن خانه كه عصمت نبود مِنَ الَّذِينَ هادُوا خبر مبتدأ محذوف اى من الذين هادوا قوم يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ الكلم اسم جنس ولذا ذكر الضمير فى مواضع وجمع المواضع لتكرره فى التوراة فى مواضع بحسب الجنس اى يزيلون لانهم لما غيروه ووضعوا مكانه غيره فقد أزالوه عن مواضعه التي وضعه الله فيها وأمالوه عنها. والتحريف نوعان. أحدهما صرف الكلام الى غير المراد بضرب من التأويل الباطل كما يفعل اهل البدعة فى زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم. والثاني تبديل الكلمة بأخرى وكانوا يفعلون ذلك نحو تحريفهم فى نعت النبي صلى الله عليه وسلم أسمر ربعة عن موضعه فى التوراة بوضعهم آدم طوال مكانه ونحو تحريفهم الرجم بوضعهم الحد بدله وَيَقُولُونَ فى كل امر مخالف لاهوائهم الفاسدة سواء كان بمحضر النبي عليه السلام أم لا بلسان المقال والحال سَمِعْنا قولك وَعَصَيْنا أمرك عنادا وتحقيقا للمخالفة وَاسْمَعْ اى قولنا غَيْرَ مُسْمَعٍ حال من المخاطب وهو كلام ذو وجهين. أحدهما المدح بان يحمل على معنى اسمع غير مسمع مكروها. والثاني الذم بان يحمل على معنى اسمع حال كونك غير مسمع كلاما أصلا بصمم او موت اى مدعوا عليك بلا سمعت لانه لو أجيبت دعوتهم عليه لم يسمع فكان أصم غير مسمع فكأنهم قالوا ذلك تمنيا لاجابة دعوتهم عليه كانوا يخاطبون به النبي عليه السلام مظهرين له ارادة المعنى الاول وهم مضمرون فى أنفسهم المعنى الأخير مطمئنون به وَراعِنا كلمة ذات جهتين ايضا. محتملة للخير بحملها على معنى ارقبنا وانتظرنا واصرف سمعك الى كلامنا نكلمك. وللشر بحملها على السب بالرعونة اى الحمق

او باجرائها مجرى شبهها من كلمة عبرانية او سريانية كانوا يتسابون بها وهى راعنا كانوا يخاطبون به النبي صلى الله عليه وسلم ينوون الشتيمة والاهانة ويظهرون التوقير والاحترام. فان قلت كيف جاؤا بالقول المحتمل ذى الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا سمعنا وعصينا. قلت جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء حشمة منه عليه السلام وخوفا من بطش المؤمنين لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ انتصابه على العلية اى يقولون ذلك للفتل بها ولصرف الكلام عن نهجه الى نسبة السب حيث وضعوا غير مسمع موضع لا استمعت مكروها واجروا راعنا المشابهة لراعينا مجرى انظرنا او فتلابها وضما لما يظهرون من الدعاء والتوقير الى ما يضمرون من السب والتحقير وَطَعْناً فِي الدِّينِ اى قدحا فيه بالاستهزاء والسخرية وَلَوْ أَنَّهُمْ عند ما سمعوا شيأ من أوامر الله ونواهيه قالُوا بلسان المقال او بلسان الحال مكان قولهم سمعنا وعصينا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وبدل قولهم واسمع غير مسمع وَاسْمَعْ ولا يلحقون به غير مسمع وبدل قولهم راعنا وَانْظُرْنا ولم يدسوا تحت كلامهم شرا وفسادا اى لو ثبت انهم قالوا هذا مكان ما قالوا من الأقوال لَكانَ قولهم ذلك خَيْراً لَهُمْ مما قالوا وَأَقْوَمَ اى اعدل واسد فى نفسه وأصوب من القيم اى المستقيم قالوا لما لم يكن فى الذي اختاروه خير أصلا لم جعل هذا خيرا من ذلك وجوابه انه كذلك على زعمهم فخوطبوا على ذلك وهو كقوله آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ اى ولكن قالوا ذلك واستمروا على كفرهم فخذلهم الله وابعدهم عن الهدى بسبب كفرهم ذلك فَلا يُؤْمِنُونَ بعد ذلك إِلَّا قَلِيلًا استثناء من ضمير المفعول فى لعنهم اى ولكن لعنهم الله الا فريقا قليلا فانه تعالى لم يلعنهم فلم ينسد عليه باب الايمان وقد آمن بعد ذلك فريق من الأحبار كعبد الله بن سلام وكعب واضرابهما وهو استثناء من ضمير لا يؤمنون اى لا يؤمنون الا ايمانا قليلا وهو ايمانهم بموسى وكفرهم بمحمد عليهما السلام. والاشارة ان العلماء السوء من هذه الامة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ بالفعال لا بالمقال كما كان اهل الكتاب يحرفونه بالمقال وَيَقُولُونَ سَمِعْنا بالمقال فيما امر الله به من ترك الدنيا وزينتها واتباع الهوى ومن إيثار الآخرة على الاولى والانقطاع عن الخلق فى طلب المولى وَعَصَيْنا بالفعال إذ لا يشمون روائح هذه المعاملات ولا يدورون حول هذه المقامات وينكرون على اهل هذه الكرامات ويستهزؤن بانواع المقالات فلا يؤمنون بالقلوب السليمة الا قليلا منهم بان يكفروا بهوى نفوسهم ويؤمنوا بالايمان الحقيقي الذي هو من نتائج الارادة والصدق فى طلب الحق والإخلاص فى العمل لله وترك الدنيا وزخارفها بل بذل الوجود فى طلب المعبود: قال العطار قدس سره مشو مغرور اين نطق مزور ... بنادانى مكن خود را تو سرور اگر علم همه عالم بخوانى ... چوبي عشقى ازو حروفى ندانى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تعلم علما لا يبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه الا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة) اى ريحها. قال الشيخ الشاذلى العلم النافع هو الذي يستعان به على طاعة الله ويلزمك المخافة من الله والوقوف على حدود الله وهو علم المعرفة

[سورة النساء (4) : آية 47]

بالله. قال الشيخ ابو الحسن رضى الله عنه العلوم كالدنانير والدراهم ان شاء نفعك بها وان شاء اضرك معها والعلم ان قارنته الخشية فلك اجره وثوابه وحصول النفع به والا فعليك وزره وعقابه وقيام الحجة به وعلامة خشية الله ترك الدنيا والخلق ومحاربة النفس والشيطان: قال الشيخ السعدي قدس سره دعوى كنى كه بر ترم از ديكران بعلم ... چون كبر كردى از همه دونان فرو ترى شاخ درخت علم ندانم بجز عمل ... تا علم با عمل نكنى شاخ بي برى علم آدميتست وجوانمردى وادب ... ور نه بدى بصورت انسان برابرى ترك هواست كشتئ درياى معرفت ... عارف بذات شو نه بدين قلندرى هر علم را كه كار نه بندى چهـ فائده ... چشم از براى آن بود آخر كه بنگرى يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى التوراة آمِنُوا بِما نَزَّلْنا من القرآن حال كونه مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ من التوراة ومعنى تصديقه إياها نزوله حسبما نعت لهم فيها او كونه موافقا لها فى القصص والمواعيد والدعوة الى التوحيد والعدل بين الناس والنهى عن المعاصي والفواحش واما ما يتراءى من مخالفته لها فى جزئيات الاحكام بسبب تفاوت الأمم بالاعصار فليست بمخالفة فى الحقيقة بل هى عين الموافقة من حيث ان كلامنهما حق بالاضافة الى عصره متضمن للحكمة التي عليها يدور فلك التشريع حتى لو تأخر نزول المتقدم لنزل على وفق المتأخر ولو تقدم نزول المتأخر لوافق المتقدم قطعا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعى) مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً الطمس محو الآثار وازالة الاعلام اى آمنوا من قبل ان نمحو تخطيط صورها ونزيل آثارها من عين وحاجب وانف وفم فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها فنجعلنا على هيئة إدبارها وهى الاقفاء مطموسة مثلها وهذا معنى قول ابن عباس رضى الله عنهما نجعلها كخف البعير وحافر الدابة فتكون الفاء للتسبيب اى بان نردها على أدبارها او ننكسها بعد الطمس فنردها الى موضع الاقفاء والاقفاء الى موضعها على انهم توعدوا بعقابين أحدهما عقيب الآخر طمسها ثم ردها على أدبارها أَوْ نَلْعَنَهُمْ او نخزى اصحاب الوجوه بالمسخ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ مسخناهم قردة وخنازير ووقوع الوعيد مشروط بالايمان ومعلق به وجودا وعدما بمعنى ان وجد منهم الايمان لم يقع والا وقع وقد وجد الايمان منهم حيث آمن ناس منهم فلم يقع الوعيد وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ اى عذابه مَفْعُولًا كائنا لا محالة وهذا وعيد شديد لهم يعنى أنتم تعلمون انه كان تهديد الله فى الأمم السالفة واقعا لا محالة فكونوا على حذر من هذا الوعيد وارجعوا عن الكفر الى الايمان والإقرار بالتوبة والاستغفار. اعلم ان المسخ قد وقع فى هذه الامة ايضا. ومنه ما روى عن ابى علقمة انه قال كنت فى قافلة عظيمة فامرنا رجلا نرتحل بامره وننزل بامره فنزلنا منزلا وهو يشتم أبا بكر وعمر فقلنا له فى ذلك فلم يجب إلينا بشىء فلما أصبحنا واوقرنا وأصلحنا الراحلة لم يناد مناديه فجئناه ننظر ما حاله وما يصنع فاذا هو متربع وقد غطى رجليه بكساء له فكشفنا عنهما فاذا هو قد صار رجلاه كرجلى الخنازير فهيأنا راحلته وحملناه

[سورة النساء (4) : آية 48]

إليها فوثب من راحلته وقام برجليه وصاح ثلاث مرات صيحة الخنازير واختلط بالخنازير وصار خنزيرا حتى لا يعرفه منا أحد كذا فى روضة العلماء- وروى- ان واحدا من رواة الأحاديث تحول رأسه رأس حمار لانكار وقوع مضمون حديث صحيح ورد فى حق المقتدى بالإمام الرافع رأسه قبله او واضعه وحاصل الحديث ان من رفع رأسه قبل الامام او وضعه كيف لا يخاف من ان يصير رأسه رأس حمار فوقع فيما وقع وهذا هو مسخ الصورة ومسخ المعنى أشد وأصعب منه فان أعمى الصورة مثلا يمكن ان يكون فى الآخرة بصيرا ولكن من كان فى هذه أعمى يعنى بالقلب فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا وفضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة. فعلى السالك ان يجتهد حتى لا يرد وجهه الناطق الى الله تعالى على الدنيا واتباع الهوى ولا يمسخ صفاته الانسانية بالسبعية والشيطانية: قال الشيخ السعدي با تو ترسم نشود شاهد روحانى دوست ... كالتماس تو بجز عالم جسمانى نيست سعى كن تا ز مقام حيوان در كذرى ... كاهنست آينه مادامكه نورانى نيست خفتكانرا چهـ خبر زمزمه مرغ سحر ... حيوانرا خبر از عالم انسانى نيست قال الامام فى تفسير الآية وتحقيق القول فيها ان الإنسان فى مبدأ خلقته الف هذا العالم المحسوس ثم انه عند الفكر والعبودية كأنه يسافر من عالم المحسوسات الى عالم المعقولات فقدامه عالم المعقولات ووراء عالم المحسوسات فالمخذول هو الذي يرد من قدامه الى خلفه كما قال تعالى فى وصفهم ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ انتهى فنعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الشر بعد الخير. عن عبد الله بن احمد المؤذن قال كنت أطوف حول البيت وإذا انا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول اللهم أخرجني من الدنيا مسلما لا يزيد على ذلك شيأ فقلت له لم لا تزيد على هذا الدعاء فقال لو علمت قصتى كنت تعذرنى فقلت وما قصتك قال كان لى اخوان وكان الأكبر منهما مؤذنا اذن أربعين سنة احتسابا فلما حضره الموت دعا بالمصحف فظننا ان يتبرك به فاخذه بيده واشهد على نفسه من حضرانه بريئ مما فيه ثم تحول الى دين النصرانية فمات نصرانيا فلما دفن اذن الآخر ثلاثين سنة فلما حضره الموت فعل كما فعل الآخر فمات على النصرانية وانى أخاف على نفسى ان أصير مثلهما فادعو الله تعالى ان يحفظ على دينى فقلت ما كان ديدنهما فقال كانا يتتبعان عورات النساء وينظران الى المردان فهذا من آثار الرد واللعن والمسخ فنسأل الله تعالى ان يوفقنا لتزكية النفس وإصلاحها ويختم عاقبتنا بالخير خدايا بحب بنى فاطمه ... كه بر قول ايمان كنم خاتمه إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ اى لا يغفر الكفر ممن اتصف به بلا توبة وايمان لان الحكمة التشريعة مقتضية لسد باب الكفر وجواز مغفرته بلا ايمان مما يؤدى الى فتحه ولان ظلمات الكفر والمعاصي انما يسترها نور الايمان فمن لم يكن له ايمان لم يغفر له شىء من الكفر والمعاصي وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ اى ويغفر ما دون الشرك فى القبح من المعاصي صغيرة كانت او كبيرة تفضلا من لدنه وإحسانا من غير توبة عنها لكن لا لكل أحد بل لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له ممن اتصف به فقط اى لا بما فوقه. قال شيخنا السيد الثاني سمى جامع القرآن وهم المؤمنون

الذين اتقوا من الإشراك بالله تعالى فيغفر لهم ما دون الإشراك من الصغائر والكبائر لعدم اشراكهم به ولا يغفر للمشركين ما دون الإشراك ايضا لاشراكهم به فكما ان اشراكهم لا يغفر فكذلك ما دون اشراكهم لا يغفر بخلاف المؤمنين فانه تعالى كما وقاهم من عذاب الإشراك بحفظهم عنه كذلك وقاهم من عذاب ما دونه بمغفرته لهم وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً اى من افترى واختلق مرتكبا اثما لا يقادر قدره ويستحقر دونه جميع الآثام فلا تتعلق به المغفرة قطعا. وهذه الآية من أجل الآيات التي كانت خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس وما غربت وأعظمها لانها تؤذن بان مادون الشرك من الذنب مغفور بحسب المشيئة والوعد المعلق بالمشيئة من الكريم محقق الإنجاز خصوصا لعباده الموحدين المخلصين من المحمديين كما قال لهم إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً- روى- ان وحشيا قاتل حمزة عم النبي عليه السلام كتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انى أريد ان اسلم ولكن يمنعنى من الإسلام آية فى القرآن نزلت عليك وهو قوله تعالى وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وانى قد فعلت هذه الأشياء الثلاثة فهل لى من توبة فنزلت هذه الآية إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فكتب ان فى الآية شرطا وهو العمل الصالح فلا أدرى انا اقدر على العمل الصالح أم لا فنزل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فكتب بذلك الى وحشي فكتب اليه ان فى الآية شرطا فلا أدرى أيشاء ان يغفر لى أم لا فنزل قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فكتب الى وحشي فلم يجد الشرط فقدم المدينة واسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات ولم يشرك بالله شيأ دخل الجنة) ورأى ابو العباس شريح فى مرض موته كأن القيامة قد قامت وإذا الجبار سبحانه وتعالى يقول اين العلماء فجاؤا فقال ماذا عملتم فيما علمتم فقلنا يا رب قصرنا واسأنا فاعاد السؤال فكأنه لم يرض به وأراد جوابا آخر فقلت اما انا فليس فى صحيفتى شرك وقد وعدت ان تغفر ما دونه فقال الله تعالى اذهبوا فقد غفرت لكم ومات شريح بعده بثلاث ليال وهذا من حسن الظن بالله تعالى كنونت كه چشمست اشكى ببار ... زبان در دهانست عذرى بيار كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت غنيمت شمار اين كرامى نفس ... كه بي مرغ قيمت ندارد قفس واعلم ان للشرك مراتب وللمغفرة مراتب. فمراتب الشرك ثلاث الجلى والخفي والأخفى. وكذلك مراتب المغفرة. فالشرك الجلى بالأعيان وهو للعوام وذلك بان يعبد شىء من دون الله تعالى كالاصنام والكواكب وغيرها فلا يغفر الا بالتوحيد وهو اظهار العبودية فى اثبات الربوبية مصدقا بالسر والعلانية. والشرك الخفي بالأوصاف وهو للخواص وذلك شوب العبودية بالالتفات الى غير الربوبية فى العبادة كالدنيا والهوى وما سوى المولى فلا يغفر الا بالوحدانية وهى افراد الواحد للواحد بالواحد. والشرك الأخفى وهو للاخص وذلك رؤية الأغيار والانانية فلا يغفر الا بالوحدة وهى فناء الناسوتية فى بقاء اللاهوية ليبقى بالهوية

[سورة النساء (4) : الآيات 49 إلى 50]

دون الأنانية فان الله لا يغفر بمراتب المغفرة ان يشرك به بمراتب الشرك ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اى لمن يشاء المغفرة فيستغفر الله تعالى من مراتب الشرك فيغفر له بمراتب المغفرة ومن يشرك بالله بمراتب الشرك فقد افترى اثما عظيما اى جعل بينه وبين الله حجابا من اثبات وجود الأشياء وانانيته وهى أعظم الحجب كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب نيستى جولانكه اهل دلست ... شاهراه عاشقان كاملست چون وجودت محو كردى از ميان ... نور وحدت چشم دل را شد عيان شرك رهزن باشد اى دل در طريق ... ذكر توحيد خدا را كن رفيق أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ خطاب للنبى عليه السلام على وجه التعجيب اى ألم تنظر الى اليهود الذين يطهرون نفوسهم من الذنوب وألسنتهم ولم يزكوها حقيقة بقولهم نحن أبناء الله واحباؤه وبقولهم نحن كالاولاد الصغار فهل عليهم ذنب اى انظر إليهم وتعجب من حالهم وادعائهم انهم أزكياء عند الله مع ما هم عليه من الكفر والإثم العظيم واللفظ عام يشتمل كل من زكى نفسه ووصفها بزيادة التقوى والطاعة والزلفى عند الله ففيه تحذير من إعجاب المرء بعمله بَلِ اللَّهُ يعنى هم لا يزكونها فى الحقيقة لكذبهم وبطلان اعتقادهم بل الله يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ تزكيته ممن يستأهلها من المرتضين من عباده المؤمنين فانه العالم بما ينطوى عليه الإنسان من حسن وقبيح وقد وصفهم بما هم متصفون به من القبائح وَلا يُظْلَمُونَ اى يعاقبون بتلك الفعلة القبيحة ولا يظلمون فى ذلك العقاب فَتِيلًا اى ادنى ظلم وأصغره وهو الخيط الذي فى شق النواة يضرب به المثل فى القلة والحقارة والظلم فى حق المعاقب الزيادة على حقه وفى حق المثاب النقصان منه انْظُرْ كَيْفَ اى فى أي حال او على أي حال يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى زعمهم انهم أبناء الله وأزكياء عنده والتصريح بالكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا للمبالغة فى تقبيح حالهم وَكَفى بِهِ بافترائهم هذا من حيث هو افتراء عليه تعالى مع قطع النظر عن مقارنته لتزكية أنفسهم وسائر آثامهم العظام إِثْماً مُبِيناً ظاهرا بينا كونه اثما والمعنى كفى بذلك وحده فى كونهم أشد اثما من كل كفار اثيم ولو لم يكن لهم من الذنوب الا هذا الافتراء لكان اثما عظيما ونصب اثما مبينا على التمييز. قال الامام ابو منصور رحمه الله قول الرجل انا مؤمن ليس بتزكية النفس بل اخبار عن شىء أكرم به وانما التزكية ان يرى نفسه تقيا صالحا ويمدح به. قال السرى قدس سره من تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله تعالى. فيجب على العبد المؤمن ان يمتنع عن مدح نفسه ألا يرى الى قوله عليه السلام (انا سيد ولد آدم) كيف عقبه بقوله (ولا فخر) اى لست أقول هذا تفاخرا كما يقصده الناس بالثناء على أنفسهم لان افتخاره عليه السلام كان بالله وتقربه من الله لا بكونه مقدما على أولاد آدم كما ان المقبول عند الملك قبولا عظيما انما يكون بقبوله إياه وبه يفرح لا بتقديمه على بعض رعاياه اگر مردى از مردئ خود مكوى ... نه هر شهسوارى بدر برد كوى

[سورة النساء (4) : الآيات 51 إلى 56]

كنهكار انديشناك از خدا ... بسى بهتر از عابد خود نما اگر مشك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى ونعم ما قيل جوز خالى در ميان جوزها ... مى نمايد خويشتن را از صدا والاشارة فى الآيتين ان الذين يزكون أنفسهم من اهل العلوم الظاهرة بالعلم ويباهون به العلماء ويمارون به السفهاء لا تزكى أنفسهم بمجرد تعلم العلم بل تزيد صفاتهم المذمومة مثل المباهاة والمماراة والمجادلة والمفاخرة والكبر والعجب والحسد والرياء وحب الجاه والرياسة وطلب الاستيلاء والغلبة على الاقران والأمثال بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ التزكية ويتهيأ لها بتسليم النفس الى ارباب التزكية وهم العلماء الراسخون والمشايخ المحققون كما يسلم الجلد الى الدباغ ليجعله أديما فمن يسلم نفسه للتزكية الى المزكى ويصبر على تصرفاته كالميت فى يد الغسال ويصغ الى إشاراته ولا يعترض على معاملاته ويقاس شدائد اعمال التزكية فقد أفلح بما تزكى والمزكى هو النبي عليه السلام فى ايام حياته كما قال تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ الآية وبعدهم العلماء الذين أخذوا التزكية ممن أخذوا منه قرنا بعد قرن من الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان الى يومنا هذا ولعمرى انهم فى هذا الزمان أعز من الكبريت الأحمر: قال الشيخ الحسيني در طريقت رهبر دانا كزين ... زانكه ره دورست ورهزن در كمين رهبرى بايد بمعنى سر بلند ... از شريعت وز طريقت بهره مند اصل وفرع وجزء وكل آموخته ... شمع از نور علم افروخته ظاهرش از علم كسبى با خدا ... باطنش ميراث دار مصطفا هر كه از دست عنايت بر كرفت ... روز أول دامن رهبر كرفت هر كه در زندان خود رأيى فتاد ... بند او را سالها نتوان كشاد اى سليم القلب دشوارست كار ... تا نپندارى كه پندارست كار فعلى السالك ان يتمسك بذيل المرشد ويتشبث به الى الوقوف على علم التوحيد ثم الفناء عن نفسه لان مجرد العرفان غير منج مالم يحصل التحقق بحقيقة الحال ولذا قال عليه السلام (شر الناس من قامت عليه القيامة وهو حى) اى وقف على علم التوحيد ونفسه لم تمت بالفناء حتى يحيى بالله فانه حينئذ زنديق قائل بالاباحة فى الأشياء عصمنا الله وإياكم من المعاصي والفحشاء أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ الى اليهود الذين أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ حظا من علم التوراة اى انظر يا محمد وتعجب من حالهم فكأنه قيل ماذا يفعلون حتى ينظر إليهم فقيل يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ فى الأصل اسم صنم فاستعمل فى كل ما عبد من دون الله وَالطَّاغُوتِ الشيطان ويطلق لكل باطل من معبود او غيره- روى- ان حيى بن اخطب وكعب بن الأشرف اليهوديين خرجا الى مكة فى سبعين راكبا من اليهود ليخالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه عليه السلام فقالوا أنتم اهل كتاب

[سورة النساء (4) : الآيات 52 إلى 55]

وأنتم اقرب الى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا فهذا ايمانهم بالجبت والطاغوت لانهم سجدوا للاصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا وقال ابو سفيان لكعب انك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا اهدى طريقا نحن أم محمد فقال ماذا يقول محمد قال يأمر بعبادة الله تعالى وحده وينهى عن الشرك قال وما دينكم قالوا نحن ولاة البيت نسقى الحاج ونقرى الضيف ونفك العاني وذكروا أفعالهم قال أنتم اهدى سبيلا وذلك قوله تعالى وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اى لاجلهم وفى حقهم هؤُلاءِ اشارة الى الذين كفروا أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا اى أقوم دينا وارشد طريقة أُولئِكَ اشارة الى القائلين الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ اى ابعدهم عن رحمته وطردهم وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ اى يعبده عن رحمته تعالى فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً يدفع عنه العذاب دنيويا كان او أخرويا لا بشفاعة ولا بغيرها. وفيه تنصيص على حرمانهم مما طلبوا من قريش أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ أم منقطعة ومعنى الهمزة انكار ان يكون لهم نصيب من الملك وجحد لما زعمت اليهود من ان ملك الدنيا سيصير إليهم فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً اى لو كان لهم نصيب من الملك فاذن لا يؤتون أحدا مقدار نقير وهو النقرة فى ظهر النواة يضرب به المثل فى القلة والحقارة وهذا هو البيان الكاشف عن كل حالهم فانهم إذا بخلوا بالنقير وهم ملوك فما ظنك بهم إذا كانوا أذلاء متفاقدين أَمْ يَحْسُدُونَ منقطعة ايضا النَّاسَ بل أيحسدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعنى النبوة والكتاب وازدياد العز والنصر يوما فيوما فَقَدْ آتَيْنا يعنى ان حسدهم المذكور فى غاية القبح والبطلان فانا قد آتينا من قبل هذا آلَ إِبْراهِيمَ الذين هم أسلاف محمد صلى الله عليه وسلم وأبناء أعمامه الْكِتابَ المنزل من السماء وَالْحِكْمَةَ اى النبوة والعلم وَآتَيْناهُمْ مع ذلك مُلْكاً عَظِيماً لا يقادر قدره فكيف يستبعدون نبوته صلى الله عليه وسلم ويحسدونه على ايتائها قال ابن عباس رضى الله عنهما الملك فى آل ابراهيم ملك يوسف وداود وسليمان عليهم السلام فَمِنْهُمْ من اليهود مَنْ آمَنَ بِهِ بمحمد عليه السلام وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ اى اعرض عنه ولم يؤمن به وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً نارا مسعورة اى موقدة يعذبون بها اى ان لم يعجلوا بالعقوبة فقد كفاهم ما أعد لهم من سعير جهنم. واعلم ان الله تعالى وصف اليهود فى الآية المتقدمة بالجهل الشديد وهو اعتقادهم ان عبادة الأوثان أفضل من عبادة الله تعالى ثم وصفهم بالبخل والحسد. فالبخل هو ان لا يدفع الى أحد شيأ مما آتاه الله من النعمة. والحسد هو ان يتمنى ان لا يعطى الله غيره شيأ من النعم فالبخل والحسد يشتركان فى من يريد منع النعمة عن الغير. فاما البخيل فيمنع نعمة نفسه عن غيره. واما الحاسد فيريد ان يمنع نعمة الله عن عباده فهما شر الرذائل وسببهما الجهل. اما البخل فلأن بذل المال سبب لطهارة النفس ولحصول سعادة الآخرة وحبس المال سبب لحصول مال الدنيا فى يده فالبخل يدعوك الى الدنيا ويمنعك عن الآخرة والجود يدعوك الى الآخرة ويمنعك عن الدنيا ولا شك ان ترجيح الدنيا على الآخرة لا يكون إلا من محض الجهل. واما الحسد

[سورة النساء (4) : آية 56]

فلأن الالهية عبارة عن إيصال النعم والإحسان الى العبيد فمن كره ذلك فكأنه أراد عزل الإله عن الالهية وذلك محض الجهل ثم ان الحسد لا يحصل الا عند الفضيلة فكلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم: قال السعدي قدس سره شور بختان بآرزو خواهد ... مقبلانرا زوال نعمت وجاه گر نبيند بروز شبپره چشم ... چشمه آفتاب را چهـ كناه راست خواهى هزار چشم چنان ... كور بهتر كه آفتاب سياه ولا يسود الحسود والبخيل فى جميع الزمان ألا ترى ان الله تعالى جعل بخل اليهود كالمانع من حصول الملك لهم فهما لا يجتمعان وذلك لان الانقياد للغير امر مكروه لذاته والإنسان لا يتحمل المكروه الا إذا وجد فى مقابلته امرا مطلوبا مرغوبا فيه وجهات الحاجات محيطة بالناس فاذا صدر من انسان احسان الى غيره صارت رغبة المحسن اليه فى ذلك المال سببا لصيروته منقادا مطيعا له فلهذا قيل بالبر يستعبد الحر فاما إذا لم يوجد هذا بقيت النفرة الطبيعية عن الانقياد للغير خالصا من المعارض فلا يحصل الانقياد البتة: قال السعدي خورش ده بگنجشك وكبك وحمام ... كه يك روزت افتنده يابى بدام زر از بهر خوردن بود اى پسر ... ز بهر نهادن چهـ سنك و چهـ زر وقد شبه بعض الحكماء ابن آدم فى حرصه على الجمع ووخامة عاقبته بدود القز الذي يكاد ينسج على نفسه بجهله حتى لا يكون له مخلص فيقتل نفسه ويصير القز لغيره فاللائق بشأن المؤمن القناعة بما رزقه الودود وترك الحرص والبذل من الموجود. وقيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام (ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار) فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده فالجود صارف عن المرء عذاب الدنيا والعقبى وباعث لوصول الملك فى الاولى والاخرى. ثم ان الملك على ثلاثة اقسام. ملك على الظواهر فقط وهذا هو ملك الملوك. وملك على البواطن فقط فهذا هو ملك العلماء. وملك على الظواهر والبواطن معا وهذا هو ملك الأنبياء عليهم السلام فاذا كان الجود من لوازم الملك وجب فى الأنبياء ان يكونوا فى غاية الجود والكرم والرحمة والشفقة ليصير كل واحد من هذه الأخلاق سببا لانقياد الخلق لهم وامتثالهم لأوامرهم وكمال هذه الصفات كان حاصلا لمحمد عليه السلام إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا القرآن وسائر المعجزات سَوْفَ كلمة تذكر للتهديد والوعيد يقال سوف افعل وتذكر للوعد ايضا فتفيد التأكيد نُصْلِيهِمْ ناراً ندخلهم نارا عظيمة هائلة كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ اى احترقت بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها غير يذكر ويراد به الضد تقول الليل غير النهار وايضا يقال للمثل المتبدل تقول للماء الحار إذا برد هذا غيره وهو المراد هنا اى أعطيناهم مكان كل جلد محترق عند احتراقه جلدا جديدا مغايرا للمحترق صورة وان كان عينه مادة. والحاصل انه يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة اخرى كقولك صغت من خاتمى خاتما غيره فالخاتم الثاني هو الاول

وانما الصياغة اختلفت. فان قلت الجلود العاصية إذا احترقت فلو خلق الله تعالى مكانها جلودا اخرى وعذبها كان ذلك تعذيبا لمن لم يعص وهو غير جائز. قلت العذاب للجلدة الحساسة وهى التي عصت لا للجلد مطلقا والذات واحدة فالعذاب لم يصل الا الى العاصي لِيَذُوقُوا الْعَذابَ اى ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع كقولك للعزيز أعزك الله اى ادامك على عزك وزادك فيه. قال الحسن تأكلهم النار فى كل يوم سبعين مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا- وروى- مرفوعا ان جلد الكافر أربعون ذراعا وضرسه مثل أحد وشفته العليا تضرب سرته وبين لحمه وجلده ديدان كحمر الوحش تركض بين جلده ولحمه وحيات كأعناق البخت وعقارب كالبغال وهذا ليس بزيادة تحلق وتعذب من غير معصية لكن إذا زيد ذلك ثقلة على العبد ويكون نفس الثقل عقوبة عليه كسائر عقوبات جهنم من السلاسل والاغلال والعقارب والحيات. فان قلت انما يقال فلان ذاق العذاب إذا أدرك شيأ قليلا منه والله تعالى قد وصف انهم كانوا فى أشد العذاب فكيف يحسن ان يذكر بعد ذلك انهم ذاقوا العذاب. قلت المقصود من ذكر الذوق الاخبار بان احساسهم بالعذاب فى كل مرة كاحساس الذائق بالمذوق من حيث انه لا يدخله نقصان ولا زوال بسبب ذلك الاحتراق ودوام الملابسة ولعل السر فى تبديل الجلود مع قدرته تعالى على بقاء ادراك العذاب وذوقه بحاله مع الاحتراق او مع ابقاء أبدانهم على حالها مصونة عن الاحتراق ان النفس ربما تتوهم زوال الإدراك بالاحتراق إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً لا يمتنع عليه شىء مما يريده بالمجرمين حَكِيماً يعاقب من يعاقب على حكمته. اعلم ان هذا العذاب والتبديل الذي فى الآخرة كان حاصلا له فى الدنيا ولكن لم يكن يذوقه كالنائم يجرح نفسه بحديدة فى يده فتكون الجراحة حاصلة له فى الدنيا ولكن لم يذق ألمها حتى ينتبه فالناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا. فعلى العبد ان يعمل على وفق الشرع وخلاف النفس والهوى حتى يجعل الله تعالى باكسير الشرع نحاس الصفات الظلمانية النفسانية فضة الصفات النورانية الروحانية فاذا تخلص فى الدنيا من شوب المعصية بإصلاح النفس والجريان على وفق الشرع لم يحتج فى الآخرة الى التهذيب والتنقيح بالنار- روى- ان اصحاب الكبائر من موحدى الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير تائبين ولا نادمين منهم من دخل النار فى الباب الاول فى جهنم حتى لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران فى النار حرم الله تعالى أجسادهم ووجوههم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار الى قدميه ومنهم من تأخذه الى ركبتيه ومنهم من تأخذه الى عنقه قدر ذنوبهم وأعمالهم ثم ان منهم من يمكث فيها شهرا ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا كقدر الدنيا منذ خلقت الى يوم تفنى. وكان ابن السماك يقول فيما يعاتب نفسه يا نفس تقولين قول الزاهدين وتعملين عمل المنافقين وفى الجنة تطمعين ان تدخلين هيهات هيهات ان للجنة قوما آخرين ولها اعمال غير ما تعملين ويحك أخذت بزىّ كسرى وقيصر والفراعنة وتريدين ان ترافقى

[سورة النساء (4) : الآيات 57 إلى 63]

رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دار الجلال فاعرض نفسك على كتاب الله فيما وصف أولياءه وأعداءه فانظر من أي الصنفين أنت برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى وذكر عن يزيد بن مرثد انه كان لا تنقطع دموع عينيه ساعة ولا يزال باكيا فسئل عن ذلك فقال لو ان الله تعالى او عدنى بانى لو أذنبت لحبسنى فى الحمام ابدا لكان حقيقا علىّ ان لا تنقطع دموعى فكيف وقد أوعدني ان يحبسنى فى نار أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة أوقد عليها الف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها الف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهى سوداء كالليل المظلم. قال ابو هريرة رضى الله عنه لا تغبطن فاجرا بنعمته فان وراءه طالبا حثيثا وهى جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا: قال الحافظ قدس سره قلندران حقيقت به نيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت همته الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت همته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب الله له) : قال السعدي قدس سره آنكس از دزد بپرسد كه متاعى دارد ... عارفان جمع نكردند و پريشانى نيست هر كرا خيمه بصحراى قناعت زده اند ... گر جهان لرزه بگيرد غم ويرانى نيست وَالَّذِينَ آمَنُوا بالله وبمحمد والقرآن وسائر الآيات والمعجزات وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ التي امر الله بها سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً اى مقيمين فيها لا يخرجون منها ولا يموتون لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ اى مما نساء الدنيا عليه من الأحوال المستقذرة البدنية والأدناس الطبيعية كالحيض والنفاس والحقد والحسد وغير ذلك وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا فينانا لا جوب فيه ودائما لا تنسخه الشمس اى لا تزيله وسجسجا وهو من الزمان ما لا حر فيه ولا برد ومن المكان مالا سهولة فيه ولا حزونة. والظليل صفة مشتقة من لفظ الظل لتأكيد معناه كما يقال ليل أليل ويوم أيوم وما أشبه ذلك. فان قلت إذا لم يكن فى الجنة شمس تؤذى بحرها فما فائدة وصفها بالظل الظليل وايضا يرى فى الدنيا ان المواضع التي يدوم الظل فيها ولا يصل نور الشمس إليها يكون هواؤها عفنا فاسدا مؤذيا فما معنى وصف هواء الجنة بذلك. قلت ان بلاد العرب كانت فى غاية الحرارة فكان الظل عندهم من أعظم اسباب الراحة وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة قال عليه السلام (السلطان ظل الله فى الأرض) فاذا كان الظل عبارة عن الراحة كان الظل الظليل كناية عن المبالغة العظيمة فى الراحة. قال الامام فى تفسيره هذا ما يميل اليه خاطرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة سنة ما يقطعها اقرأوا ان شئتم وظل ممدود وفى الجنة مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين فموضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرأوا ان شئتم

[سورة النساء (4) : آية 58]

فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اهل الجنة شباب جعد جرد مرد ليس لهم شعر الا فى الرأس والحاجبين وأشفار العينين) يعنى ليس لهم شعر عانة ولا شعر من الإبط (على طول آدم عليه السلام ستون ذراعا وعلى مولد عيسى عليه السلام ثلاث وثلاثون سنة بيض الألوان خضر الثياب يوضع لأحدهم مائدة بين يديه فيقبل الطائر فيقول يا ولى الله اما انى قد شربت من عين السلسبيل ورعيت من رياض الجنة تحت العرش وأكلت من ثمار كذا فاطعم منى فيطعم فيكون أحد جانبيه مطبوخا والآخر مشويا فيأكل منهما ما شاء الله وعليه سبعون حلة ليس فيها حلة على لون آخر) . قال الفقيه ابو الليث من أراد ان ينال هذه الكرامة فعليه ان يداوم على خمسة أشياء. الاول ان يمنع نفسه من جميع المعاصي ونهى النفس بفرمود الله ... بايدت ترك هواى ترك كناه والثاني ان يرضى باليسير من الدنيا لان ثمن الجنة ترك الدنيا اين زن زانيه شوى كش دنيا را ... گر على وار طلاقش ندهم نامردم والثالث ان يكون حريصا على الطاعات فيتعلق بكل طاعة فلعل تلك الطاعة تكون سبب المغفرة ودخول الجنة عمل بايد اندر طريقت نه دم ... كه سودى ندارد دم بي قدم والرابع ان يحب الصالحين واهل الخير ويخالطهم ويجالسهم نخست موعظه پير مجلس اين حرفست ... كه از مصاحب ناجنس احتراز كنيد فلزم ان يكون مصاحب الإنسان اهل خير لان الصحبة مؤثرة وان واحدا من الصلحاء إذا غفر الله له يشفع لاخوانه وأصحابه اميدست از آنان كه طاعت كنند ... كه بي طاعتانرا شفاعت كنند والخامس ان يكثر الدعاء ويسأل الله تعالى ان يرزقه الجنة وان يجعل خاتمته فى الخير غنيمت شمارند مردان دعا ... كه جوشن بود پيش تير بلا إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها نزلت فى عثمان بن عبد الدار الحجبي وكان سادن الكعبة وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح اغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح وابى ان يدفع المفتاح اليه وقال لو علمت انه رسول الله لم امنعه فلوى على بن ابى طالب كرم الله وجهه يده واخذه منه وفتح ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس ان يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت فامر عليا ان يرده الى عثمان ويعتذر اليه فقال عثمان لعلى أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق فقال لقد انزل الله تعالى فى شأنك قرآنا وقرأ عليه فقال عثمان اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فهبط جبريل فاخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان السدانة فى أولاد عثمان ابدا ثم ان عثمان هاجر ودفع المفتاح الى ابنه شيبة فهو فى ولده الى اليوم وَإِذا حَكَمْتُمْ اى ويأمركم إذا قضيتم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ والانصاف والتسوية

إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ اى نعم شيأ ينصحكم به تأدية الامانة والحكم بالعدل فما نكرة بمعنى شىء ويعظكم به صفته والمخصوص بالمدح محذوف إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً لما بقوله الخزنة بَصِيراً بما تعمله الأمناء اى اعملوا بأمر الله ووعظه فانه اعلم بالمسموعات والمبصرات يجازيكم على ما يصدر منكم. اعلم ان الامانة عبارة عما إذا وجب لغيرك عليك حق فاديت ذلك الحق اليه. والحكم بالحق عبارة عما إذا وجب للانسان على غيره حق فامرت من وجب عليه ذلك الحق بان يدفع الى من له ذلك الحق ولما كان الترتيب الصحيح ان يبذل الإنسان نفسه فى جلب المنافع ودفع المضار ثم يشتغل بحال غيره لا جرم انه تعالى ذكر الأمر بالامانة اولا ثم بعده ذكر الأمر بالحكم بالحق ونزول هذه الآية عند القصة المذكورة لا يوجب كونها مخصوصة بهذه القصة بل يدخل فيه جميع انواع الأمانات. فاعلم ان معاملة الإنسان اما ان تكون مع ربه او مع سائر العباد او مع نفسه ولا بد من رعاية الامانة فى جميع هذه الاقسام الثلاثة. اما رعاية الامانة مع الرب فهى فعل المأمورات وترك المنهيات وهذا بحر لا ساحل له قال ابن مسعود الامانة فى كل شىء لازمة فى الوضوء والجنابة والصلاة والزكاة والصوم وغير ذلك. مثلا ان امانة اللسان ان لا يستعمله فى الكذب والغيبة والنميمة والكفر والبدعة والفحش وغيرها. وامانة العينين ان لا يستعملها فى النظر الى الحرام. وامانة السمع ان لا يستعمله فى سماع الملاهي والمناهي واستماع الفحش والأكاذيب وغيرها وكذا القول فى جميع الأعضاء: قال السعدي قدس سره زبان از بهر شكر وسپاش ... بغيبت نكرداندش حق شناس كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... نه عيب برادر بود گير دوست واما القسم الثاني وهو رعاية الامانة مع سائر الخلق فيدخل فيه رد الودائع ويدخل فيه ترك التطفيف فى الكيل والوزن ويدخل فيه ان لا يفشى على الناس عيوبهم ويدخل فيه عدل الأمراء مع رعيتهم وعد العلماء مع العوام بان يرشدوهم الى اعتقادات واعمال تنفعهم فى دنياهم وأخراهم ويدخل فيه امانة الزوجة للزوج فى حفظ فرجها وفى ان لا تلحق بالزوج ولدا تولد من غيره وفى اخبارها عن انقضاء عدتها. واما القسم الثالث وهو امانة الإنسان مع نفسه وهو ان لا يفعل الا ما هو الانفع والأصلح له فى الدين والدنيا وان لا يقدم بسبب الشهوة والغضب على ما يضره فى الآخرة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) قال عليه السلام (لا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا عهد له) فعلى العبد المؤمن ان يؤدى الأمانات كلها ما استطاع ويتعظ بمواعظ الحق فى كل زمان فان الوعظ نافع جدا امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد قاله الحافظ: وقال فى موضع پند حكيم محض صوابست ومحض خير ... فروخنده بخت آنكه بسمع رضا شنيد

[سورة النساء (4) : آية 59]

ثم ان من كان حاكما وجب عليه ان يحكم بالعدل ويؤدى الأمانات الى أهلها. قال الحسن ان الله أخذ على الحكام ثلاثا ان لا يتبعوا الهوى وان يخشوه ولا يخشوه الناس وان لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا قال صلى الله عليه وسلم (ينادى مناد يوم القيامة اين الظلمة واين أعوان الظلمة فيجمعون كلهم حتى من برى لهم قلما او لاق لهم دواة فيجمعون ويلقون فى النار) : قال السعدي قدس سره جهان نماند وآثار معدلت ماند ... بخير كوش وصلاح وبعدل كوش وكرم كه ملك ودولت ضحاك مردمان آزار ... نماند وتا بقيامت برو بماند رقم قال عليه السلام (من دل سلطانا على الجور كان مع هامان وكان هو والسلطان من أشد اهل النار عذابا) فمقتضى الايمان هو العدل والسببية للصلاح ونظام العالم واجراء الشرع والاحتراز عن الرشوة فان من أخذها لا يسامح فى الشرع. وغضب الإسكندر يوما على بعض شعرائه فاقضاه وفرق ماله فى أصحابه فقيل له فى ذلك فقال اما اقضائى له فلجرمه واما تفريقى ماله فى أصحابه فلئلا يشفعوا فيه فانظر كيف كان أخذ المال سببا لعدم الشفاعة لانهم لو استشفعوا فى حقه فشفعوا لزم الاسترداد فلما طعموا تركوا الشفاعة از تو كر انصاف آيد در وجود ... به كه عمرى در ركوع ودر سجود يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وهم أمراء الحق وولاة العدل كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين واما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله والرسول فى وجوب الطاعة فانهم اللصوص المتغلبة لاخذهم اموال الناس بالقهر والغلبة وانما أفرد بالذكر طاعة الله ثم جمع طاعة الرسول مع طاعة اولى الأمر حيث قال تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ولم يقل وأطيعوا اولى الأمر منكم تعليما للادب وهو ان لا يجمعوا فى الذكر بين اسمه سبحانه وبين اسم غيره واما إذا آل الأمر الى المخلوقين فيجوز فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ اصل النزع الجذب لان المتنازعين يجذب كل واحد منهما الى غير جهة صاحبه اى ان اختلفتم أنتم وأولوا الأمر منكم فى امر من امور الدين فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ فارجعوا فيه الى كتاب الله وَالرَّسُولِ اى الى سنته صلى الله عليه وسلم. وتعلق اصحاب الظواهر بظاهر هذه الآية فى ان الاجتهاد والقياس لا يجوز لان الله تعالى امر بالرجوع الى الكتاب والسنة ولا يوجد فى كل حادثة نص ظاهر فعلم انه امر بالنظر فى مودوعاته والعمل على مدلولاته ومقتضياته ولكن الآية فى الحقيقة دليل على حجة القياس كيف لا ورد المختلف فيه الى المنصوص عليه انما يكون بالتمثيل والبناء عليه وهو المعنى بالقياس ويؤيده الأمر به بعد الأمر بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فانه يدل على ان الاحكام ثلاثة ثابت بالكتاب وثابت بالسنة وثابت بالرد إليهما بالقياس إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فان الايمان بهما يوجب ذلك اما الايمان بالله فظاهر واما الايمان باليوم الآخر فلما فيه من العقاب على المخالفة ذلِكَ اى الرد الى الكتاب والسنة خَيْرٌ لكم

من التنازع وأصلح وَأَحْسَنُ فى نفسه تَأْوِيلًا اى عاقبة ومآلا. ودلت الآية على ان طاعة الأمراء واجبة إذا وافقوا الحق فاذا خالفوه فلا طاعة لهم قال صلى الله عليه وسلم (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) وقال صلى الله عليه وسلم (من عامل الناس فلم يظلمهم ومن حدثهم فلم يكذبهم ومن وعدهم فلم يخلفهم فهو من كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت اخوته) ولا بد للامراء من خوف الله وخشيته بإجراء الشرائع والاحكام واتباع سنن النبي عليه السلام حتى يملأ الله قلوب الناظرين إليهم رعبا وهيبة فحينئذ لا يحتاجون الى محافظة الصورة والهيئة الظاهرة- روى- ان كلب الروم أرسل الى عمر رضى الله عنه هدايا من الثياب والجبة فلما دخل الرسول الى المدينة قال اين دار الخليفة وبناؤه فقيل ليس له دار عظيم كما توهمت انما له بيت صغير فدلوه عليه فاتاه فوجد له بيتا صغيرا حقيرا قد اسود بابه لطول الزمان فطلبه فلم يصادفه وقيل انه خرج الى السوق لحاجته وحوائج المسلمين اى للاحتساب فخرج الرسول الى طلبه فوجده نائما تحت ظل حائط قد توسد بالدرة فلما رآه قال عدلت فامنت فنمت حيث شئت وامراؤنا ظلموا فاحتاجوا الى الحصون والجيوش: قال السعدي قدس سره پادشاهى كه طرح ظلم افكند ... پاى ديوار ملك خويش بكند نكند جور پيشه سلطانى ... كه نيايد ز گرگ چوبانى ومن كلام أردشير الدين أساس الملك والعدل حارسه فما لم يكن له أس فمهدوم وما لم يكن له حارس فضائع- وروى- اى أنوشيروان كان له عامل على ناحية فكتب اليه يعلمه بجودة الريع ويستأذنه فى الزيادة على الرسوم فامسك عن اجابته فعاوده العامل فى ذلك فكتب اليه قد كان فى ترك إجابتك ما حسبتك تنزجر به عن تكليف ما لم تؤمر به فاذن قد أبيت الا تماديا فى سوء الأدب فاقطع احدى أذنيك واكفف عما ليس من شأنك فقطع العامل اذنه وسكت عن ذلك الأمر وبالجملة فالظلم عار وجزاؤه نار والاجتناب منه واجب على كل عاقل وإذا كان نية المؤمن العدل فليجانب اهل الظلم وليجتنب عن اطاعتهم فان الاطاعة لاهل الحق لا لغيرهم قال عليه السلام (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله ومن يطع الأمير العادل فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصانى) . واعلم ان الولاة انما يكونون على حسب اعمال الرعايا وأحوالهم صلاحا وفسادا- روى- انه قيل للحجاج بن يوسف لم لا تعدل مثل عمر وأنت قد أدركت خلافته أفلم تر عدله وصلاحه فقال فى جوابهم تباذروا اى كونوا كأبى ذر فى الزهد والتقوى أتعمر لكم اى أعاملكم معاملة عمر فى العدل والانصاف وفى الحديث (كما تكونون يولى عليكم أحدكم) يعنى ان تكونوا صالحين فيجعل وليكم رجلا صالحا وان تكونوا طالحين فيجعل وليكم رجلا طالحا- وروى- ان موسى عليه السلام ناجى ربه فقال يا رب ما علامة رضاك من سخطك فاوحى اليه [إذا استعملت على الناس خيارهم فهو علامة رضايى وإذا استعملت شرارهم فهو علامة سخطى] . ثم اعلم بان المراد باولى الأمر فى الحقيقة المشايخ الواصلون ومن بيده امر التربية فان اولى امر المريد شيخه فى التربية فينبغى للمريد فى كل وارد حق يدق باب قلبه او اشارة او الهام او واقعة تنبئ عن اعمال او احوال فى حقه ان يضرب على محك نظر شيخه فما يرى فيه الشيخ من المصالح ويشير اليه او يحكم عليه يكون

[سورة النساء (4) : الآيات 60 إلى 63]

منقادا لاوامره ونواهيه لانه أولوا امره. واما الشيخ فاولوا امره الكتاب والسنة فينبغى له ان ما سنح له من الغيب بوارد الحق من الكشوف والشواهد والاسرار والحقائق يضرب على محك الكتاب والسنة فما صدقاه ويحكمان عليه فيقبله والا فلا لان الطريقة مقيدة بالكتاب والسنة كذا ذكره الشيخ الكامل نجم الدين الكبرى فى تأويلاته أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اى يدعون والمراد بالزعم هنا الكذب لان الآية نزلت فى المنافقين أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ اى بالقرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ اى بالتوراة وغيرها من الكتب المنزلة وكأنه قيل ماذا يفعلون فقيل يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ عن ابن عباس ان منافقا خاصم يهوديا فدعاه اليهودي الى النبي عليه السلام لانه كان يقضى بالحق ولا يلتفت الى الرشوة ودعاه المنافق الى كعب بن الأشرف لانه كان شديد الرغبة الى الرشوة واليهودي كان محقا والمنافق كان مبطلا ثم أصر اليهودي على قوله فاحتكما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم لليهودى فلم يرض المنافق وقال نتحاكم الى عمر فقال اليهودي لعمر قضى لى رسول الله فلم يرض بقضائه وخاصم إليك فقال عمر للمنافق أكذلك فقال نعم فقال مكانكما حتى اخرج اليكما فدخل فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى مات وقال هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله فنزلت فهبط جبرائيل عليه السلام وقال ان عمر فرق بين الحق والباطل فسمى الفاروق فالطاغوت كعب بن الأشرف سمى به لا فراطه فى الطغيان وعداوة الرسول وفى معناه ومن يحكم بالباطل ويؤثر لاجله وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ اى والحال انهم قد أمروا ان يتبرأ ومن الطاغوت وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ اى كعب بن الأشرف او حقيقة الشيطان عطف على يريدون أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً اى اضلالا بعيدا لا غاية له فلا يهتدون وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للمنافقين تَعالَوْا اى جيئوا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ اى الى ما امره فى كتابه وَإِلَى الرَّسُولِ والى ما امره رسوله رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ اظهار المنافقين فى مقام الإضمار للتسجيل عليهم بالنفاق وذمهم به والاشعار بعلة الحكم والرؤية بصرية يَصُدُّونَ عَنْكَ حال من المنافقين صُدُوداً اى يعرضون عنك إعراضا وأي اعراض فَكَيْفَ يكون حالهم وكيف يصنعون يعنى انهم يعجزون عند ذلك فلا يصدرون امرا ولا يوردونه إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ اى وقت إصابة المصيبة إياهم بافتضاحهم بظهور نفاقهم بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بسبب ما عملوا من الجنايات التي من جملتها التحاكم الى الطاغوت وعدم الرضى بحكم الرسول ثُمَّ جاؤُكَ للاعتذار عما صنعوا من القبائح وهو عطف على أصابتهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ حال من فاعل جاؤك إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً اى ما أردنا بتحاكمنا الى غيرك الا الفصل بالوجه الحسن والتوفيق بين الخصمين ولم نرد مخالفة لك ولا سخطا لحكمك فلا تؤاخذنا بما فعلنا وهذا وعيد لهم على ما فعلوا وانهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم ولا يغنى عنهم الاعتذار أُولئِكَ اى المنافقون الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ من النفاق فلا يغنى عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ اى لا تقبل اعتذارهم ولا تفرج عنهم بدعائك وَعِظْهُمْ اى ازجرهم عن النفاق والكيد وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ اى فى حق أنفسهم الخبيثة وقلوبهم

[سورة النساء (4) : الآيات 64 إلى 70]

المطوية على الشرور التي يعلمها الله تعالى او فى أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم مسارا بالنصيحة لانها فى السر أنجع قَوْلًا بَلِيغاً مؤثرا واصلا الى كنه المراد مطابقا لما سيق له المقصود والقول البليغ بان يقول ان الله يعلم سركم وما فى قلوبكم فلا يغنى عنكم اخفاؤه فاصلحوا أنفسكم وطهروا قلوبكم من رذيلة الكفر وداووها من مرض النفاق والا انزل الله بكم ما انزل بالمجاهرين بالشرك وشرا من ذلك واغلظ عسى ان تنجع فيهم الموعظة وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ اى وما أرسلنا رسولا من الرسل لشىء من الأشياء الا ليطاع بسبب اذنه تعالى فى طاعته وامره المبعوث إليهم بان يطيعوه ويتبعوه لانه مؤد عنه تعالى وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وعرضوها للعذاب بترك طاعتك والتحاكم الى غيرك جاؤُكَ تائبين من النفاق فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ بالتوبة والإخلاص وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ بان يسأل الله ان يغفر لهم عند توبتهم. فان قلت لو تابوا على وجه صحيح لقبلت توبتهم فما الفائدة فى ضم استغفار الرسول الى استغفارهم. قلت التحاكم الى الطاغوت كان مخالفة لحكم الله وكان ايضا اساءة الى الرسول عليه السلام وادخالا للغم الى قلبه عليه السلام ومن كان ذنبه كذلك وجب عليه الاعتذار عن ذلك الغير لَوَجَدُوا اللَّهَ لصادفوه حال كونه تعالى تَوَّاباً مبالغا فى قبول التوبة رَحِيماً مبالغا فى التفضيل عليهم بالرحمة بدل من توابا فَلا اى ليس الأمر كما يزعمون انهم آمنوا وهم يخالفون حكمك ثم استأنف القسم فقال وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ اى يجعلونك حكما يا محمد ويترافعوا إليك فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ اى فيما اختلف بينهم من الأمور واختلط ومنه الشجر لتداخل أغصانه ثُمَّ لا يَجِدُوا عطف على مقدر ينساق اليه الكلام اى فتقضى بينهم ثم لا يجدوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ضيقا مِمَّا قَضَيْتَ اى مما قضيت به يعنى يرضون بقضائك ولا تضيق صدورهم من حكمك وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً وينقادوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم. وفى هذه الآيات دلائل على ان من رد شيأ من أوامر الله وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خارج عن الإسلام سواء رده من جهة الشك او من جهة التمرد وذلك يوجب صحة ما ذهبت الصحابة اليه من الحكم بارتداد مانعى الزكاة وقتلهم وسبى ذراريهم فاتباع الرسول عليه السلام فرض عين فى الفرائض العينية وفرض كفاية فى الفروض على سبيل الكفاية وواجب فى الواجبات وسنة فى السنن وهكذا ومخالفته تزيل نعمة الإسلام خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد فالنبى صلى الله عليه وسلم هو الدليل فى طريق الحق ومخالفة الدليل ضلالة: قال الحافظ بكوى عشق منه بي دليل راه قدم ... كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به) وقال عليه السلام (من ضيع سنتى) اى جعلها ضائعة بعدم اتباعها (حرمت عليه شفاعتى) وقال صلى الله عليه وسلم (من حفظ سنتى أكرمه الله تعالى بأربع خصال. المحبة فى قلوب البررة. والهيبة فى قلوب الفجرة. والسعة فى الرزق. والثقة فى الدين) فانما أمته من اتبعه ولا يتبعه إلا من اعرض عن الدنيا فانه عليه السلام ما دعا الا الى الله تعالى

[سورة النساء (4) : الآيات 66 إلى 68]

واليوم الآخر وما صرف إلا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما أعرضت عنها وأقبلت على الله وصرفت الأوقات لاعمال الآخرة فقد سلكت سبيله الذي سلكه وبقدر ذلك اتبعته وبقدر ما اتبعته صرت من أمته ولو انصفنا لعلمنا اننا من حين نمسى الى حين نصبح لا نسعى الا فى الحظوظ العاجلة ولا نتحرك الا لاجل الدنيا الفانية ثم نطمع فى ان نكون غدا من أمته واتباعه- روى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (ليأتى على الناس زمان تخلق سنتى فيه وتتجدد فيه البدعة فمن اتبع سنتى يومئذ صار غريبا وبقي وحيدا ومن اتبع بدع الناس وجد خمسين صاحبا او اكثر) فقال الصحابة يا رسول الله عليك السلام هل بعدنا أحد أفضل منا قال (بلى) قالوا أفيرونك يا رسول الله قال (لا) قالوا فكيف يكونون فيها قال (كالملح فى الماء تذوب قلوبهم كما يذوب الملح فى الماء) قالوا فكيف يعيشون فى ذلك الزمان قال (كالدود فى الخل) قالوا فكيف يحفظون دينهم يا رسول الله قال (كالفحم فى اليد ان وضعته طفئ وان أمسكته او عصرته احرق اليد) وعن ابى بحيج العرباض بن سارية رضى الله عنه قال وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودّع فاوصنا قال (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمّر عليكم عبد وانه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة) فعلى المؤمن ان يتبع سنة الرسول ويجتنب عن كل ما هو بدعة وضلالة ويصلح ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة حتى ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويتخلص من عذاب النار ويدخل الجنة مع الأبرار. فالمؤمن فى الآخرة فى الجنات كشجرة مثمرة لا تنفك عن البستان. والمنافق فى الدركات كشجرة غير مثمرة تقلع من البستان وتوقد بها النار: قال الفردوسى درختى كه شيرين بود بار او ... نكردد كسى كرد إزار او وكر زانك شيرين نباشد برش ... ز پاى اندر آرند نا كه سرش بماند بباغ آن ودر آتش اين ... تو خواهى چنان باش وخواهى چنين وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ اى أوجبنا او فرضنا على هؤلاء المنافقين أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ كما أوجبناه على بنى إسرائيل حين طلبوا التوبة من ذنوبهم ما فَعَلُوهُ اى المكتوب المدلول عليه بكتبنا إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ الأناس قليل منهم وهم المخلصون وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ من متابعة الرسول وطاعته والمشي تحت رايته والانقياط لما يراه ويحكم به ظاهرا وباطنا وسميت أوامر الله ونواهيه مواعظ لاقترانها بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب لَكانَ اى فعلهم ذلك خَيْراً لَهُمْ اى احمد عاقبة فى الدارين وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً لهم على الايمان وابعد من الاضطراب فيه وَإِذاً كأنه قيل وماذا يكون لهم بعد التثبيت فقيل وإذا لو ثبتوا لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا من عندنا أَجْراً عَظِيماً ثوابا كثيرا فى الآخرة لا ينقطع وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً يصلون بسلوكه الى عالم القدس ويفتح لهم أبواب الغيب قال صلى الله عليه وسلم (من عمل بما علم ورثه الله علم

[سورة النساء (4) : آية 69]

ما لم يعلم) . واعلم ان قتل النفس فى الحقيقة قمع هواها التي هى حياتها وإفناء صفاتها والخروج من الديار خروج من المقامات التي سكنت القلوب بها وألفتها من الصبر والتوكل والرضى والتسليم وأمثالها لكونها حاجبة عن التوحيد والفناء فى الذات كما قال الحسين بن منصور لابراهيم بن أدهم حين سأله عن حاله واجابه بقوله أدور فى الصحارى وأطوف فى البراري بحيث لاماء ولا شجر ولا روض ولا مطر هل حالى حال التوكل اولا فقال إذا فنيت عمرك فى عمران باطنك فاين الفناء فى التوحيد جان عارف دوست را طالب شده ... نور حق با هستيش غالب شده پرتو ذات از حجاب كبريا ... كرده او را غره بحر فنا وعن ابراهيم بن أدهم قال دخلت جبل لبنان فاذا انا بشاب قائم وهو يقول يا من شوقى اليه وقلبى محب له ونفسى له خادم وكلى فناء فى إرادتك ومشيئتك فانت ولا غيرك متى تنجينى من هذه العذرة قلت رحمك الله ما علامة حب الله قال اشتهاء لقائه قلت فما علامة المشتاق قال لاله قرار ولا سكون فى ليل ولا نهار من شوقه الى ربه قلت فما علامة الفاني قال لا يعرف الصديق من العدو ولا الحلو من المر من فنائه عن رسمه ونفسه وجسمه قلت فما علامة الخادم قال انه يرفع قلبه وجوارحه وطمعه من ثواب الله: قال الحافظ قدس سره تو بندگى چوكدايان بشرط مزد مكن ... كه دوست خود روش بنده پرورى داند قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يكونن أحدكم كالعبد السوء ان خاف عمل ولا كالاجير السوء ان لم يعط لم يعمل) وبالجملة انه لا بد للسالك من اقامة وظائف العبادات والأوراد فان الله أودع أنوار الملكوت فى اصناف الطاعات فان من فاته صنف او أعوزه من الموافقات جنس فقد من النور بمقدار ذلك وليس للوصول سبيل ولا الى الفناء دليل غير العبودية وترك ما سوى الحق بشب حلاج را ديدند در خواب ... بريده سر بكف بر جام جلاب بدو كفتند چونى سر بريده ... بگو تا چيست اين جام كزيده چنين گفت او كه سلطان نكونام ... بدست سر بريده ميدهد جام كسى اين جام معنى ميكند نوش ... كه كرد أول سر خود را فراموش كما قيل من لم يركب الأهوال لم ينل الأموال فيا ايها العبد الذي لا يفعل ما يوعظ به ولا يخاف من ربه كيف تركت ما هو خير لك وأعرضت عما ينفعك فليس لك الآن الا التوبة عما يوقعك فى المعاصي والمنهيات والرجوع الى الله بالطاعات والعبادات والفناء عن الذات بالاصغاء الى المرشد الرشيد الواصل الى سر التفريد وقبول امره وعظته وتسليم النفس الى تربيته ودوام المراقبة فى الطريق ومن الله التوفيق وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ والمراد بالطاعة هو الانقياد التام والامتثال الكامل بجميع الأوامر والنواهي- روى- ان ثوبان مولى رسول الله أتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه فسأله عن حاله فقال ما بي من وجع غير انى إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة على لقائك ثم ذكرت الآخرة فخفت ان لا أراك هناك لانى

[سورة النساء (4) : آية 70]

عرفت انك ترفع مع النبيين وان ادخلت الجنة كنت فى منزل دون منزلتك وان لم ادخل فذاك حين لا أراك ابدا فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسى بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب اليه من نفسه وأبويه واهله وولده والناس أجمعين) فَأُولئِكَ اشارة الى المطيعين مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اى أتم الله عليهم النعمة وهذا ترغيب للمؤمنين فى الطاعة حيث وعدوا مرافقة اقرب عباد الى الله وأرفعهم درجات عنده مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للمنعم عليهم وهم الفائزون بكمال العلم والعمل المتجاوزون حد الكمال الى درجة التكميل وَالصِّدِّيقِينَ المبالغين فى الصدق والإخلاص فى الأقوال والافعال الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقى النظر فى الحجج والآيات واخرى بمعارج التصفية والرياضات الى اوج العرفان حتى اطلعوا على الأشياء وأخبروا عنها على ما هى عليها وَالشُّهَداءِ الذين ادى بهم الحرص على الطاعة والجد فى اظهار الحق حتى بذلوا مهجهم فى إعلاء كلمة الله وَالصَّالِحِينَ الذين صرفوا أعمارهم فى طاعته وأموالهم فى مرضاته وليس المراد بالمعية الاتحاد فى الدرجة لان التساوي بين الفاضل والمفضول لا يجوز ولا مطلق الاشتراك فى دخول الجنة بل كونهم فيها بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وزيارته متى أراد وان بعد ما بينهما من المسافة وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فى معنى التعجب كأنه قيل وما احسن أولئك رفيقا اى النبيين ومن بعدهم ورفيقا تمييز وافراده لما انه كالصديق والخليط والرسول يستوى فيه الواحد والمتعدد والرفيق الصاحب مأخوذ من الرفق وهو لين الجانب واللطافة فى المعاشرة قولا وفعلا ذلِكَ الْفَضْلُ مبتدأ والفضل صفته وهو اشارة الى ما للمطيعين من عظيم الاجر ومزيد الهداية ومرافقة هؤلاء المنعم عليهم مِنَ اللَّهِ خبره اى لا من غيره وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً بجزاء من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق اهله. وهذه الآية عامة فى جميع المكلفين إذ خصوص السبب لا يقدح فى عموم اللفظ فكل من أطاع الله وأطاع الرسول فقد فاز بالدرجات والمراتب الشريفة عند الله تعالى- روى- عن بعض الصالحين انه قال أخذتني ذات ليلة سنة فنمت فرأيت فى منامى كأن القيامة قد قامت وكأن الناس يحاسبون فقوم يمضى بهم الى الجنة وقوم يمضى بهم الى النار قال فاتيت الجنة فناديت يا اهل الجنة بماذا نلتم سكنى الجنان فى محل الرضوان فقالوا لى بطاعة الرحمان ومخالفة الشيطان ثم أتيت باب النار فناديت يا اهل النار بماذا نلتم النار قالوا بطاعة الشيطان ومخالفة الرحمان كجا سر بر آريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ نظر دوست تا در كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من ابى) قيل ومن ابى قال (من أطاعني دخل الجنة ومن عصانى فقد ابى) فعلى المرء ان يتبع الرسول ويتبع اولياء الله فان الأنبياء لهم وحي الهى والأولياء لهم الهام ربانى والاتباع لهم لا يخلو عن الاتباع للرسول قال عليه السلام (المرء مع من أحب) فان أحب الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين كان معهم فى الجنة. وفى الآية تنبيه على انه ينبغى للعبد ان لا يتأخر من مرتبة الصلاح بل يسعى فى تكميل الصلاح ثم يترقى الى مرتبة الشهادة ثم الى الصديقة وليس بين النبوة وبين الصديقية

[سورة النساء (4) : الآيات 71 إلى 76]

واسطة رزقنا الله وإياكم الفوز بهذا النعيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) واقل الصدق استواء السر والعلانية والصادق من صدق فى أقواله والصديق من صدق فى جميع أقواله وأفعاله وأحواله. وكان جعفر الخواص يقول الصادق لا تراه الا فى فرض يؤديه او فضل يعمل فيه وثمرات الصدق كثيرة فمن بركاته فى الدنيا انه حكى عن ابى عمر الزجاجي انه قال ماتت أمي فورثت دارا فبعتها بخمسين دينارا وخرجت الى الحج فلما بلغت بابل استقبلني واحد من القافلة وقال أي شىء معك فقلت من نفسى الصدق خير ثم قلت خمسون دينارا فقال ناولنيها فناولته الصرة فحلها فاذا هى خمسون وقال لى خذها فلقد أخذني صدقك ثم نزل عن الدابة وقال اركبها فقلت لا أريد فقال لا وألح فركبتها فقال وانا على اثرك فلما كان العام القابل لحق بي ولا زمنى حتى مات: قال الحافظ قدس سره بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست يعنى ان الصبح الكاذب تعقبه الظلمة والصبح الصادق يعقبه النور فمن صدق فقد بهر منه النور يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ اى تيقظوا واحترزوا من العدو ولا تمكنوه من أنفسكم يقال أخذ حذره إذا تيقظ واحترز من المخوف كأنه جعل الحذر آلته التي يقى بها نفسه ويعصم بها روحه فَانْفِرُوا فاخرجوا الى جهاد العدو ثُباتٍ جماعات متفرقة سرية بعد سرية الى جهات شتى وذلك إذا لم يخرج النبي عليه السلام. جمع ثبة وهى جماعة من الرجال فوق العشرة ومحلها النصب على الحالية أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً مجتمعين كوكبة واحدة ولا تتخاذلوا فتلقوا بانفسكم الى التهلكة وذلك إذا خرج النبي عليه السلام وَإِنَّ مِنْكُمْ خطاب لعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم المؤمنين والمنافقين لَمَنْ الذي اقسم بالله لَيُبَطِّئَنَّ ليتأخرن عن الغزو ويتخلفن تثاقلا من بطأ لازم بمعنى ابطأ او ليبطئن غيره ويثبطه عن الجهاد وكان هذا ديدن المنافق عبد الله بن ابى وهو الذي يثبط الناس يوم أحد والاول انسب لما بعده وهو قوله تعالى حكاية يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ وبالجملة المراد بالمبطئين المنافقون من العسكر لانهم كانوا يغزون نفاقا فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ نالتكم نكبة من الأعداء كقتل وهزيمة قالَ اى المبطئ فرحا بصنعه وحامدا لربه قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ اى بالقعود والتخلف عن القتال إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً اى حاضرا فى المعركة فيصيبنى ما أصابهم وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ كائن مِنَ اللَّهِ كفتح وغنيمة لَيَقُولَنَّ ندامة على تثبيطه وقعوده وتهالكا على حطام الدنيا وتحسرا على فواته كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ اعتراض وسط بين الفعل ومفعوله الذي هو يا قوم لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فى تلك الغزوة فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً اى آخذ حظا وافرا من الغنيمة وانما وسعه بينهما لئلا يفهم من مطلع كلامه ان تمنيه معية المؤمنين لنصرتهم ومظاهرتهم حسبما يقتضيه ما فى البين من المودة بل هو للحرص على المال كما ينطق به آخره وليس اثبات المودة فى البين بطريق التحقيق بل بطريق التهكم فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ اى يبيعونها بها ويأخذون الآخرة بدلها

وهم المؤمنون فالفاء جواب شرط مقدر اى ان بطأ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم فى طلب الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطئون فالفاء للتعقيب اى ليتركوا ما كانوا عليه من التثبيط والنفاق والقعود عن القتال فى سبيل الله وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً لا يقادر قدره وعدله الاجر العظيم غلب او غلب ترغيبا فى القتال او تكذيبا لقولهم قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا وانما قال فيقتل او يغلب تنبيها على ان المجاهد ينبغى ان يثبت فى المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة او الدين بالظفر والغلبة ولا يخطر بباله القسم الثالث أصلا وان لا يكون قصده بالذات الى القتل بل الى إعلاء الحق وإعزاز الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكفل الله لمن جاهد فى سبيله لا يخرجه إلا جهاد فى سبيله وتصديق كلمته ان يدخله الجنة او يرجعه الى مسكنه الذي خرج منه) مع ما نال من اجر وغنيمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم) وذلك بان تدعوا عليهم بالخذلان والهزيمة وللمسلمين بالنصر والغنيمة وتحرضوا القادرين على الغزو وفى الحديث (من جهز غازيا فى سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا فى سبيل الله بخير فقد غزا) اى كان خلفا لاهل بيته فى اقامة حوائجهم وتتميم مصالحهم وفضائل الجهاد لا تكاد تضبط ... فعلى المؤمن ان يكون فى طاعة ربه بأى وجه كان من الوجوه التعبدية فان الآية الاولى وهى قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ الآية وان نزلت فى الحرب لكن يقتضى اطلاق لفظها وجوب المبادرة الى الحيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال قبل ان تجيئ فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا او يمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا) وعن الزبير بن عدى قال اتينا انس بن مالك فشكونا اليه ما نلقى من الحجاج فقال اصبروا فانه لا يأتى زمان الا والذي بعده أشد منه شرا حتى تتقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم: قال الحافظ قدس سره روزى اگر غمى رسدت تنگ دل مباش ... روشگر كن مباد كه از بد بتر شود واعلم ان العدة والسلاح فى جهاد النفس والشيطان يعنى آلة قتالهما ذكر الله وبه يتخلص الإنسان من كونه أسير الهوى النفساني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقعد قوم يذكرون الله الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) وعن ابى واقد الحارث بن عوف رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس فى المسجد والناس معه إذا قبل ثلاثة نفر فاقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاما أحدهما فرأى فرجة فى الحلقة فجلس فيها. واما الآخر فجلس خلفهم. واما الثالث فادبر ذاهبا فلما فرغ

[سورة النساء (4) : الآيات 75 إلى 76]

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا أخبركم عن النفر الثلاثة اما أحدهم فاوى الى الله فآواه الله واما الآخر فاستحيى فاستحيى الله منه واما الآخر فاعرض فاعرض الله عنه) بذكرش هر چهـ بينى در خروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست نه بلبل بر گلش تسبيح خوانيست ... كه هر خارى بتوحيدش زبانيست وَما لَكُمْ اى أي شىء حصل لكم من العلل ايها المؤمنون حال كونكم لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى تاركين القتال يعنى لا عذر لكم فى ترك المقاتلة وهذا استفهام بمعنى التوبيخ ولا يقال ذلك الا عند سبق التفريط وَالْمُسْتَضْعَفِينَ عطف على السبيل بحذف المضاف لا على اسم الله وان كان اقرب لان خلاص المستضعفين سبيل الله لا سبيلهم والمعنى فى سبيل الله وفى خلاص الذين استضعفهم الكفار بالتعذيب والاسر وهم الذين اسلموا بمكة وصدهم المشركون عن الهجرة فبقوا بين أظهرهم مستذلين مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد وانما خصهم بالذكر مع ان سبيل الله عام فى كل خير لان تخليص ضعفة المسلمين من أيدي الكفار من أعظم الخير واخصه مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ بيان للمستضعفين والولدان الصبيان جمع ولد وانما ذكرهم معهم تسجيلا بافراط ظلمهم حيث بلغ إذا هم الولدان غير المكلفين إرغاما لآبائهم وأمهاتهم ومبغضة لهم لمكانهم ولان المستضعفين كانوا يشركون صبيانهم فى دعائهم استنزالا لرحمة الله بدعاء صغارهم الذين لم يذنبوا كما فعل قوم يونس وكما وردت السنة بإخراجهم فى الاستسقاء ودلت الآية على ان استنقاذ الأسارى من المسلمين من أيدي الكفار واجب بما قدروا عليه من القتال وإعطاء المال الَّذِينَ صفة للمستضعفين يَقُولُونَ يعنى لا حيلة لهؤلاء المستضعفين ولا ملجأ الا الله فيقولون داعين رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ مكة الظَّالِمِ أَهْلُها بالشرك الذي هو ظلم عظيم وباذية المسلمين وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا اى ول علينا واليا من المؤمنين يوالينا ويقوم بمصالحنا يحفظ علينا ديننا وشرعنا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ينصرنا على أعدائنا ولقد استجاب الله دعاءهم حيث يسر لبعضهم الخروج الى المدينة قبل الفتح وجعل لمن بقي منهم الى الفتح خير ولى وأعز ناصر ففتح مكة على يدى نبيه صلى الله عليه وسلم فتولاهم أي تولية ونصرهم أي نصرة ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد فجعل يضعف قدر الضعيف للحق ويعز العزيز بالحق فرأوا منه الولاية والنصرة كما أرادوا حتى صاروا أعز أهلها الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى المؤمنون انما يقاتلون فى دين الله الحق الموصل لهم الى الله عز وجل فى إعلاء كلمته فهو وليهم وناصرهم لا محالة وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ اى فيما يوصلهم الى الشيطان فلا ناصر لهم سواه فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ كأنه قيل إذا كان الأمر كذلك فقاتلوا يا اولياء الله اولياء الشيطان إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ الكيد السعى فى فساد الحال على جهة الاحتيال كانَ ضَعِيفاً اى ان كيده للمؤمنين بالاضافة الى كيد الله بالكافرين ضعيف لا يؤبه به فلا تخافوا أولياءه فان اعتمادهم على أضعف شىء وأوهنه وهذا كما يقال للحق دولة وللباطل جولة قالوا إدخال كان فى أمثال هذه المواقع لتأكيد بيان انه منذ كان كان كذلك

فالمعنى ان كيد الشيطان منذ كان كان موصوفا بالضعف قال الامام فى تفسيره إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً لان الله ينصر أولياءه والشيطان ينصر أوليائه ولا شك ان نصرة الشيطان لاوليائه أضعف من نصرة الله لاوليائه ألا ترى ان اهل الخير والدين يبقى ذكرهم الجميل على وجه الدهر وان كانوا حال حياتهم فى غاية الفقر والذلة. واما الملوك والجبابرة فاذا ماتوا انقرضوا ولا يبقى فى الدنيا رسمهم ولا طللهم. قيل النار حفت بالشهوات وان فى كل نفس شيطانا يوسوس إليها وملكا يلهمها الخير فلا يزال الشيطان يزين ويخدع ولا يزال الملك يمنعها ويلهمها الخير فايهما كانت النفس معه كان هو الغالب. قيل ان كيد الشيطان والنفس بمثابة الكلب ان قاومته مزق الإهاب وقطع الثياب وان رجعت الى ربه صرفه عنك برفق فالله تعالى جعل الشيطان عدوا للعباد ليوحشهم به اليه وحرك عليهم النفس ليدوم إقبالهم عليه فكلما تسلطا عليهم رجعوا اليه بالافتقار وقاموا بين يديه على نعت اللجأ والاضطرار ... قال احمد بن سهل اعداؤك اربعة. الدنيا وسلاحها لقاء الخلق وسجنها العزلة. والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع. والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر. والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت واعلم ان كيد الشيطان ضعيف فى الحقيقة فان الله ناصر لاوليائه كل حين ويظهر ذلك الامداد فى نفوسهم بسبب تزكيتهم النفس وتخلية القلب عن الشواغل الدنيوية وامتلاء أسرارهم بنور التوحيد فان الشيطان ظلمانى يهرب من النورانى لا محالة- روى- ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه استأذن يوما على النبي عليه السلام وعنده نساء من قريش يسألنه عالية أصواتهن على صوته فلما دخل ابتدرن الحجاب فجعل صلى الله عليه وسلم يضحك فقال ما اضحكك يا رسول الله بابى أنت وأمي فقال صلى الله عليه وسلم (عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندى فلما سمعن صوتك بادرن الحجاب) فقال عمر أنت أحق ان يهبن يا رسول الله ثم اقبل عليهن فقال اى عدوات انفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن أنت أفظ واغلظ من رسول الله فقال عليه السلام (يا ابن الخطاب فو الذي نفسى بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك) - وروى- عن وهب بن منبه انه قال كان عابد فى بنى إسرائيل أراد الشيطان ان يضله فلم يستطع من أي جهة اراده من الشهوة والغضب وغير ذلك فاراده من قبل الخوف وجعل يدلى الصخرة من الجبل فاذا بلغه ذكر الله تباعد عنه ثم تمثل بالحية وهو يصلى فجعل يلتوى على رجليه وجسده حتى يبلغ رأسه وكان إذا أراد السجود التوى فى موضع رأسه فجعل ينحيه بيده حتى يتمكن من السجود فلما فرغ من صلاته وذهب جاء اليه الشيطان فقال له فعلت لك كذا وكذا فلم أستطع منك على شىء فاريد ان أصادقك اى ان أكون صديقا لك فانى لا أريد ضلالتك بعد اليوم فقال العابد مالى حاجة فى مصادقتك فقال الشيطان ألا تسألنى بأى شىء أضل به بنى آدم قال نعم قال بالشح والحدة والسكر فان الإنسان إذا كان شحيحا قللنا ماله فى عينه فيمنعه من حقوقه ويرغب فى اموال الناس كريمانرا بدست اندر درم نيست ... خداوندان نعمت را كرم نيست وقيل فى بعض الاشعار

[سورة النساء (4) : الآيات 77 إلى 83]

باشد چوابر بي مطر وبحر بي گهر ... آنرا كه با جمال نكو جود بار نيست وإذا كان الرجل حديدا ادرناه بيننا كما يدير الصبيان الاكرة ولو كان يحيى الموتى لم نبال به اگر آيد ز دوستى گنهى ... بگناهى نشايد آزردن ور زبانرا بعذر بگشايد ... بايدت خشم را فرو خوردن زانكه نزديك عاقلان بترست ... عفو ناكردن از گنه كردن واما إذا سكر قدناه الى كل شىء كما تقاد العنز بإذنها مى مزيل عقل شد اى نا خلف ... تا بچندى ميخورى در روزگار آدمي را عقل بايد در بدن ... ور نه جان در كالبد دارد حمار فعلى العاقل ان يجاهد فى سبيل الله فان المجاهدة على حقيقتها تقوى الروح الضعيف الذي استضعفه النفس بالاستيلاء عليه ويتضرع الى الله بالصدق والثبات حتى يخرج من قرية البدن الظالم أهلها وهو النفس الامارة بالسوء ويتشرف بولاية الله تعالى فى مقام الروح رزقنا الله وإياكم فتح باب الفتوح آمين يا ميسر كل عسير أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ- روى- ان ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل ان يهاجر الى المدينة وشكوا اليه ما يلقون من أذى المشركين قالوا كنا فى عز فى حالة الجاهلية والآن صرنا اذلة فلو أذنت لنا قتلنا هؤلاء المشركين على فرشهم فقال صلى الله عليه وسلم (كفوا ايديكم) اى أمسكوا (عن القتال) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ واشتغلوا بما أمرتم به فانى لم أومر بقتالهم وكانوا فى مدة إقامتهم بمكة مستمرين على تلك الحالة فلما هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة وأمروا بالقتال فى وقت بدر كرهه بعضهم وشق ذلك عليه لكن لا شكا فى الدين ولا رغبة عنه بل نفورا من الاخطار بالأرواح وخوفا من الموت بموجب الجبلة البشرية لان حب الحياة والنفرة من القتل من لوازم الطباع وذلك قوله تعالى فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ اى فرض عليهم الجهاد إِذا فَرِيقٌ إذا للمفاجأة وفريق مبتدأ مِنْهُمْ صفة يَخْشَوْنَ النَّاسَ خبره والجملة جواب لما اى فاجأ فريق منهم ان يخشوا الكفار أن يقتلوهم كَخَشْيَةِ اللَّهِ مصدر مضاف الى المفعول محله النصب على انه حال من فاعل يخشون اى يخشونهم متشبهين باهل خشية الله تعالى أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً عطف عليه بمعنى او أشد خشية من اهل خشية الله وكلمة او للتنويع على معنى ان خشية بعضهم كخشية الله او خشية بعضهم أشد منها وَقالُوا عطف على جواب لما اى فلما كتب عليهم القتال فاجأ فريق منهم خشية الناس وقالوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ فى هذا الوقت لا على وجه الاعتراض على حكمه تعالى والإنكار لا يجابه بل على طريقة تمنى التخفيف لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ اى هلا أمهلتنا وتركتنا الى الموت حتى نموت بآجالنا على الفراش وهذا استزادة فى مدة الكف واستمهال الى وقت آخر حذرا من الموت وحبا للحياة قُلْ اى تزهيدا لهم فيما يؤملونه بالقعود من المتاع الفاني وترغيبا فيما ينالونه بالقتال من النعيم الباقي مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ اى ما يتمتع وينتفع به فى الدنيا سريع النقض وشيك الانصرام وان

أخرتم الى ذلك الاجل ولو استشهدتم فى القتال صرتم احياء فتتصل الحياة الفانية بالحياة الباقية وَالْآخِرَةُ اى ثوابها الذي من جملته الثواب المنوط بالقتال خَيْرٌ لكم من ذلك المتاع القليل لكثرته وعدم انقطاعه وصفائه عن الكدورات وانما قيل لِمَنِ اتَّقى حثالهم على اتقاء العصيان والإخلاص بمواجب التكليف وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا عطف على مقدر اى تجزون ولا تنقصون ادنى شىء من أجور أعمالكم التي من جملتها مسعاتكم فى شأن القتال فلا ترغبوا عنه اعلم ان الآخرة خير من الدنيا لان نعم الدنيا قليلة ونعم الآخرة كثيرة ونعم الدنيا منقطعة ونعم الآخرة مؤبدة ونعم الدنيا مشوبة بالهموم والغموم والمكاره ونعم الآخرة صافية عن الكدورات ونعم الدنيا مشكوكة فان أعظم الناس تنعما لا يعرف انه كيف تكون عاقبته فى اليوم الثاني ونعم الآخرة يقينية فعلى العاقل ان يختار ما هو خير من كل وجه وهو الآخرة على ما هو شر من كل جهة وهو الدنيا: قال السعدي فى بعض قصائده عمارت با سراى ديگر انداز ... كه دنيا را اساسى نيست محكم فريدون را سرآمد پادشاهى ... سليمانرا برفت از دست خاتم وفادارى مجوى از دهر خونخوار ... محالست انگبين در كام أرقم مثال عمر سر بر كرده شمعيست ... كه كوته باز مى باشد دمادم ويا برفى گدازان بر سر كوه ... كزو هر لحظه جزئى ميشود كم - روى- ان رجلا اشترى دارا فقال لعلى رضى الله عنه اكتب القبالة فكتب [بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فقد اشترى مغرور من مغرور دارا دخل فيها فى سكة الغافلين لا بقاء لصاحبها فيها الحد الاول ينتهى الى الموت والثاني الى القبر والثالث الى الحشر والرابع الى الجنة او الى النار والسلام] فقرأ على الرجل فرد الدار وتصدق بالدنانير كلها وتزهد فى الدنيا فهذا هو حال العارفين حقيقة الحال قال القشيري رحمه الله مكنك من الدنيا ثم قللها فلم يعدها لك شيأ ثم لو تصدقت منها بشق تمرة استكثر منك وهذا غاية الكرم وشرط المحبة وهو استقلال الكثير من نفسه واستكثار القليل من حبيبه وإذا كان قيمة الدنيا قليلة فاخس من الخسيس من رضى بالخسيس بدلا من النفس وقال ان الله تعالى اختطف المؤمن من الكون بالتدريج فقال اولا قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ فاختطفهم من الدنيا بالعقبى ثم استلبهم عن الكونين بقوله وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى فلا بد للسالك ان يترقى الى أعلى المنازل ويسعى من غير فتور وكلال: قال مولانا جلال الدين قدس سره اى برادر بي نهايت در كهيست ... هر كجا كه مى رسى بالله مايست وثمرة المجاهدة لا تضيع البتة بل تجزى كل نفس بما عملت قال بعض المشايخ انما جعل الدار الآخرة محلا لجزاء عباده المؤمنين لان هذه الدار لا تسع ما يريد ان يعطيهم ظاهرا وباطنا وكل ما فى الجنة لا يوافق ما فى الدنيا الا من حيث التسمية ولانه تعالى أجل أقدارهم عن ان يجازيهم فى دار لا بقاء لها قال تعالى وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ثم الجزاء فى تلك الدار له علامة فى هذه الدار وهى انه من وجد ثمرة عمله عاجلا وهى الحلاوة فيه والتوفيق لغيره والشكر عليه

[سورة النساء (4) : آية 78]

فهو دليل على وجود القبول لان الجزاء على ذلك مقصور قال ابراهيم بن أدهم لو يعلم الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف وقال بعضهم ليس شىء من البر الا ودونه عقبة يحتاج الى الصبر فيها فمن صبر على شدتها افضى الى الراحة والسهولة وانما هى مجاهدة النفس ثم مخالفة الهوى ثم المكابدة فى ترك الدنيا ثم اللذة والتنعم وانما يطيع العبد ربه على قدر منزلته منه فمن سره ان يعوف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله فى قلبه وقيل لبعضهم هل تعرف الله فغضب وقال ترانى اعبد من لا اعرف فقال له السائل او تعصى من تعرف: قال السعدي قدس سره عمرى كه ميرود بهمه حال سعى كن ... تا در رضاى خالق بيچون بسر برى وقال ايضا پير بودى وره ندانستى ... تو نه پيرى كه طفل كتابى أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ المقدر بالأجل او العذاب وفى لفظ الإدراك اشعار بانهم فى الهرب منه وهو مجد فى طلبهم وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ اى وان كنتم فى قصور عالية الى السماء محكمة بالشيد وهو الجص لا يصعد إليها بنوا آدم قال مجاهد فى هذه الآية كان فيمن قبلكم امرأة وكان لها أجير فولدت جارية فقالت لا جيرها اقتبس لنا نارا فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له الرجل ما ولدت هذه المرأة قال جارية قال اما هذه الجارية لا تموت حتى تزنى بمائة ويتزوجها أجيرها ويكون موتها بالعنكبوت فقال الأجير فى نفسه فانا أريد هذه بعد ان تفجر بمائة لا قتلنها فاخذ شفرة فدخل فشق بطن الصغيرة وخرج على وجهه وركب البحر وخيط بطن الصبية فعولجت وبرئت وشبت فكانت تزنى فاتت ساحلا من ساحل البحر فاقامت عليه تزنى ولبث الرجل ما شاء الله ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير فقال لامرأة من اهل الساحل اطلعى لى امرأة من أجمل النساء أتزوجها فقالت هاهنا امرأة من أجمل النساء ولكنها تفجر فقال ائتيني بها فاتتها فقالت قد قدم رجل له مال كثير وقال لى كذا وكذا فقالت انى تركت الفجور ولكن ان أراد ان يتزوجنى تزوجته قال فتزوجها فوقعت منه موقعا فبينما هو يوما عندها إذا خبرها بامره فقالت انا تلك الجارية وارته الشق فى بطنها وقد كنت افجر فما أدرى بمائة او اقل او اكثر فقال زوجها فى نفسه ان الرجل الذي كان خارج الباب قال يكون موتها بالعنكبوت ثم أخبرها بذلك قال فبنى لها برجا فى الصحراء وشيده فبينما هى يوما فى ذلك البرج إذا عنكبوت فى السقف فقالت هذا يقتلنى لا قتلنه إذ لا يقتله أحد غيرى فحركته فسقط فاتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته فساح سمه بين ظفرها واللحم فاسودت رجلها فماتت وفى ذلك نزلت هذه الآية أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وأجمعت الامة على ان الموت ليس له سن معلوم ولا أجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك مستعدا لذلك قال عليه السلام (أكثروا ذكر هاذم اللذات) يعنى الموت وهو كلام مختصر وجيز قد جمع التذكرة وابلغ فى الموعظة فان من ذكر الموت حقيقة ذكره نغض عليه اللذة الحاضرة ومنعه من تمنيها فى المستقبل وزهده فيما كان منها يؤمل ولكن النفوس

[سورة النساء (4) : آية 79]

الراكدة والقلوب الغافلة تحتاج الى تطويل الوعاظ وتزويق الألفاظ والا ففى قوله عليه السلام (أكثروا ذكر هاذم اللذات) مع قوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ما يكفى السامع ويشغل الناظر فيه: قال الحافظ قدس سره سپهر پر شده پرويز نست خون افشان ... كه ريزه اش سر كسرى وتاج پرويزست قال السعدي قدس سره جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست نه بر باد رفتى سحرگاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش ودار رفت والاشارة فى الآية ان يا اهل البطالة فى زى الطلبة الذين غلب عليكم الهوى وجب إليكم الدنيا فاقعدكم عن طلب المولى ثم رضيتم بالحياة الدنيا واطمأننتم بها أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ اضطرارا ان لم تموتوا قبل ان تموتوا اختيارا وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ اى أجساد مجسمة قوية أمزجتها أوصلنا الله وإياكم الى حقيقة الفناء والبقاء آمين وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ اى نعمة كخصب يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ نسبوها الى الله وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بلية كقحط يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ أضافوها إليك يا محمد وقالوا ان هى الا بشؤمك كما قالت اليهود منذ دخل محمد المدينة نقضت ثمارها وغلت أسعارها قُلْ كُلٌّ من الحسنة والسيئة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يبسط ويقبض حسب إرادته فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ اى أي شىء حصل لليهود والمنافقين من العلل حال كونهم لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً اى لا يقربون من فهم حديث عن الله تعالى كالبهائم ولو فهموا لعلموا ان الكل من عند الله والفقه هو الفهم ثم اختص من جهة العرف بعلم الفتوى ما أَصابَكَ يا انسان مِنْ حَسَنَةٍ من خير ونعمة فَمِنَ اللَّهِ تفضلا منه فان كل ما يفعله الإنسان من الطاعة لا يكافئ نعمة الوجود فكيف يقتضى غيره ولذلك قال عليه السلام (ما أحد يدخل الجنة الا برحمة الله) قيل ولا أنت قال (ولا انا الا ان يتغمدنى الله برحمته) وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ من بلية وشىء تكرهه فَمِنْ نَفْسِكَ لانها السبب فيها لاستجلابها المعاصي وهو لا ينافى قوله كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فان الكل منه إيجادا وإيصالا غير ان الحسنة احسان وامتنان والسيئة مجازاة وانتقام كما قالت عائشة رضى الله عنها ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها وحتى انقطاع شسع نعله الا بذنب وما يغفر الله اكثر واعلم ان للاعمال اربع مراتب. منها مرتبتان لله تعالى وليس للعبد فيهما مدخل وهما التقدير والخلق. ومنها مرتبتان للعبد هما الكسب والفعل فان الله تعالى منزه عن الكسب وفعل السيئة وانهما يتعلقان بالعبد ولكن العبد وكسبه مخلوق خلقه الله تعالى كما قال وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ فهذا تحقيق قوله قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى خلقا وتقديرا لا كسبا وفعلا فافهم واعتقد فانه مذهب اهل الحق وارباب الحقيقة كذا فى التأويلات النجمية قال الضحاك ما حفظ الرجل القرآن ثم نسيه الا بذنب ثم قرأ وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ

[سورة النساء (4) : آية 80]

قال فنسيان القرآن من أعظم المصائب وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا اى رسولا للناس جميعا لست برسول للعرب وحدهم بل أنت رسول العرب والعجم كقوله تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ فرسولا حال قصد بها تعميم الرسالة والجار متعلق بها قدم عليها للاختصاص وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على رسالتك بنصب المعجزات وفى التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا اى الناس الذين قد نسوا الله ونسوا ما شاهدوا منه وما عاهدوا عليه الله وأرسلناك إليهم لتبلغهم كلامنا وتذكرهم أيامنا وتجدد لهم عهودنا وترغبهم فى شهودنا وتدعوهم إلينا وتهديهم الى صراطنا وتكون لهم سراجا منيرا يهتدون بهداك ويتبعون خطاك الى ان توصلهم الى الدرجات العلى وتنزلهم فى المقصد الأعلى وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً اى شاهدا لاحبائه وأوليائه لئلا يكتفوا براحة دون لقائه انتهى: قال الحافظ قدس سره يوسف عزيزم رفت اى برادر آن ز چمن ... كز غمش عجب ديدم حال پير كنعان وفى الآية تعليم الأدب ورؤية التأثير من الله تعالى- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه ابتلى بوجع السن سبع سنين فاعلمه جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عليه السلام عن حاله فقال (لم لم تذكر يا أبا بكر) فقال كيف أشكو مما جاء من الحبيب فلا بد من التخلق بالأخلاق الحسنة لان الكل من عند الله وانما أرسل الله رسوله لاخراج الناس من الظلمات الى النور فاذا تأدبوا بالآداب النبوية وصلوا الى الحقيقة المحمدية: قال الشيخ العطار دعوتش فرمود بهر خاص وعام ... نعمت خود را برو كرده تمام مبعث او سر نكونئ بتان ... امت او بهترين امتان بر ميان دو كتف خورشيدوار ... داشته مهر نبوت آشكار وكان خاتم النبوة بين كتفيه صلى الله عليه وسلم اشارة الى عصمته من وسوسة الشيطان لان الخناس يجيئ من بين الكتفين فيدخل خرطومه قبل قلب الإنسان فيوسوس اليه فاذا ذكر الله خنس وراءه وكان حول خاتم النبوة شعرات مائلة الى الحضرة مكتوب عليه [محمد نبى أمين] وقيل غير ذلك والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين. ثم انه قد اتفق اهل العلم على افضلية شهر رمضان لانه انزل فيه القرآن ثم شهر ربيع الاول لانه مولد حبيب الرحمن. واما أفضل الليالى فقيل ليلة القدر لنزول القرآن فيها وقيل ليلة المولد المحمدي لو لاه ما انزل القرآن ولا تعينت ليلة القدر فعلى الامة تعظيم شهر المولد وليلته كى ينالوا منه شفاعته ويصلوا الى جواره مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لانه فى الحقيقة مبلغ والآمر هو الله تعالى- روى- انه عليه السلام قال (من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله) فقال المنافقون لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه ما يريد الا ان نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى فنزلت وَمَنْ تَوَلَّى اى اعرض عن طاعته فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها انما عليك البلاغ وعلينا الحساب. قوله حفيظا حال من كاف أرسلناك

[سورة النساء (4) : الآيات 81 إلى 82]

وعليهم متعلق بحفيظا وَيَقُولُونَ إذا امرتهم بأمر طاعَةٌ اى أمرنا وشأننا طاعة فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ اى خرجوا بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ اى زورت خلاف ما قلت لها يا محمد فالضمير للخطاب او ما قالت لك من ضمان الطاعة فالضمير للغيبة واشتقاق البيت من البيتوتة ولما كان غالب الافكار التي يستقصى فيها الإنسان واقعا فى الليل إذ هناك يكون الخاطر أصفى والشواغل اقل سمى الفكر المستقصى مبيتا وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ يثبته فى صحائف أعمالهم للمجازاة فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ قلل المبالاة بهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فى الأمور كلها سيما فى شأنهم وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا يكفيك معرتهم وينتقم لك منهم إذا قوى امر الإسلام وعز أنصاره. والوكيل هو العالم بما يفوض اليه من التدبير أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ يتأملون فى معانيه ويتبصرون ما فيه واصل التدبير النظر فى ادبار الشيء وما يؤول اليه فى عاقبته ومنتهاه ثم استعمل فى كل تأمل وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ اى ولو كان من كلام البشر كما زعم الكفار لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً من تناقض المعنى وتفاوت النظم وكان بعضه فصيحا وبعضه ركيكا وبعضه يصعب معارضته وبعضه يسهل ومطابقة بعض اخبار المستقبلة للواقع دون بعض وموافقة العقل لبعض أحكامه دون بعض على ما دل عليه الاستقراء لنقصان القوة البشرية. وهل يجوز ان يقال بعض كلام الله ابلغ من بعض. قال الامام السيوطي فى الإتقان جوزه قوم لقصور نظرهم فينبغى ان يعلم ان معنى قول القائل هذا الكلام ابلغ من هذا الكلام ان هذا فى موضعه له حسن ولطف وبلاغة وذاك فى موضعه له حسن ولطف وهذا الحسن فى موضعه أكمل وابلغ من ذلك فى موضعه فلا ينبغى ان يقال ان قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ابلغ من تَبَّتْ بل ينبغى ان يقال تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران احسن من هذه وكذلك فى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا توجد عبارة تدل على وحدانيته ابلغ منها فالعالم إذا انظر الى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فى باب الدعاء بالخسران ونظر الى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فى باب التوحيد لا يمكنه ان يقول أحدهما ابلغ من الآخر. وقال بعض المحققين كلام الله فى الله أفضل من كلامه فى غيره ف قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أفضل من تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ لان فيه فضيلة الذكر وهو كلام الله وفضيلة المذكور وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته الايجابية والسلبية وسورة تبت فيها فضيلة الذكر فقط وهو كلام الله تعالى. قال الغزالي فى جوهر القرآن ومن توقف فى تفضيل الآيات أول قوله عليه السلام (أفضل سورة وأعظم سورة) بانه أراد فى الاجر والثواب لا ان بعض القرآن أفضل من بعض فالكل فى فضل الكلام واحد والتفاوت فى الاجر لا فى كلام الله تعالى من حيث هو كلام الله القديم القائم بذاته تعالى انتهى. يقول الفقير جامع هذه المجالس النفيسة قولهم ان هذه الآية فى غاية الفصاحة كما قال القاضي عند قوله تعالى وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ الآية يشعر بجواز القول التفاوت فى طبقات الفصاحة كما عليه علماء البلاغة ومن هنا: قال من قال در بيان ودر فصاحت كى بود يكسان سخن ... گر چهـ گوينده بود چون جاحظ و چون أصمعي

در كلام ايزد بيچون كه وحي منزلست ... كى بود تبت يدا مانند يا ارض ابلعي قال العلماء القرآن يدل على صدقه عليه السلام من ثلاثة أوجه. أحدها اطراد ألفاظه فى الفصاحة. وثانيها اشتماله على الاخبار عن الغيوب. والثالث سلامته من الاختلاف وسبب سلامته منه على ما ذهب اليه اكثر المتكلمين ان القرآن كتاب كبير مشتمل على انواع كثيرة من العلوم فلو كان ذلك من عند غير الله لوقع فيه انواع من الكلمات المتناقضة لان الكتاب الكبير الطويل لا ينفك عن ذلك ولما لم يوجد فيه ذلك علمنا انه ليس من عند غير الله وانما هو وحي اوحى اليه عليه السلام من عند الله بوساطة جبرائيل فمن أطاعه فيه فقد أطاع الله والاطاعة سبب لنيل المطالب الدنيوية والاخروية ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة الله وعدله دخول الجنة: كما قال السعدي سگ اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم گرفت ومردم شد فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين وكما ان من صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة ومن شكر الله فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه فكذلك من أطاع الله ولم يطع الرسول لا يقبل منه. والاشارة ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان لوصفه بالفناء فانيا فى الله باقيا بالله قائما مع الله فكان خليفة الله على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وكان الله خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ ولهذا كان يقول صلى الله عليه وسلم (الله خليفتى على أمتي) وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً فانك لست لك حافظا فكيف لهم فانهم تولوا عنى لا عنك فانما على حسابهم لا عليك وفى قوله تعالى وَيَقُولُونَ طاعَةٌ اشارة الى احوال اكثر مريدى هذا الزمان إذا كانوا حاضرين فى الصحبة ينعكس تلألؤ أشعة أنوار الولاية فى مرآة قلوبهم فيزدادون ايمانا مع ايمانهم وارادة مع إرادتهم فيصغون بآذانهم الواعية الى الحكم والمواعظ الحسنة ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ويقولون السمع والطاعة فيما يسمعون ويخاطبون به فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ وهب لهم رياح الهوى وشهوة الحرص وتمايلت قلوبهم عن مجازات القرار على الولاية وعاد المشئوم الى طبعه بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ اى يغير عليهم ما يغيرون على أنفسهم لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فاصفح عنهم واصبر معهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ لعل الله يصلح بالهم ولا يجعل التغيير وبالهم ويحسن عاقبتهم ومآلهم وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا للمتوكلين عليه والملتجئين اليه ثم اخبر عن الدواء كما اخبر عن الداء بقوله أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ والاشارة ان العباد لو كانوا يتدبرون القرآن ويتفكرون فى آثار معجزاته وأنوار هداياته ونظم آياته وكمال فصاحته وجمال بلاغته وجزالة ألفاظه ورزانة معانيه ومتانة مبانيه وفى أسراره وحقائقه ودقة إشاراته ولطائفه وانواع معالجاته لامراض القلوب من إصابة ضرر الذنوب لوجدوا فيه لكل داء دواء ولكل مرض شفاء ولكل عين قرة ولكل وجه غرة ولرأوا كأسه موصوفا بالصفاء محفوظا من القذى بحرا لا تنقضى عجائبه وبرا لا تنتفى غرائبه روحا لا تباغض فيه ولا خلاف وجثة لا تناقض فيها ولا اختلاف

[سورة النساء (4) : آية 83]

وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ولم يجدوا فيه نقيرا ولا قطميرا انتخبته من التأويلات النجمية: وفى المثنوى چون تو در قرآن حق بگريختى ... با روان انبيا آميختى هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر پاك كبريا ور بخوانى ونه قرآن پذير ... انبيا وأوليا را ديده گير وَإِذا جاءَهُمْ اى بلغ ضعفة المسلمين أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ اى خبر من السرايا الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفر وغنيمة او نكبة وهزيمة أَذاعُوا بِهِ اى أفشوا ذلك الخبر وأظهروه لعدم خبرتهم بالأحوال واستنباطهم للامور وكانت إذا عتهم مفسدة يقال أذاع السرور أذاع به والباء مزيدة وَلَوْ رَدُّوهُ اى ذلك الخبر إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ بترك التعرض له وجعله بمنزلة غير المسموع وتفويض امره الى رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى كبار أصحابه كالخلفاء الاربعة او رأى أمراء السرايا فكبار الصحابة أولوا امر على معنى انهم البصراء بالأمور وان لم يكن لهم امر على الناس والأمراء أولوا امر على الناس مع كونهم بصراء بالأمور لَعَلِمَهُ اى لعلم تدبير ما أخبروا به على أي وجه يذكرونه الَّذِينَ اى الرسول وأولوا الأمر الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ اى يستخرجون تدبيره بتجاربهم وانظارهم الصحيحة ومعرفتهم بامور الحرب ومكايدها. واصل الاستنباط إخراج النبط وهو الماء يخرج من البئر أول ما تحفر يقال انبط الحفار إذا بلغ الماء وسمى القوم الذين ينزلون بالبطائح بين العراقين نبطا لاستناطهم الماء من الأرض وقيل كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم واولى الأمر على أمن ووثوق بالظهور على بعض الأعداء او على خوف واستشعار فيذيعونه فينشر فيبلغ الأعداء فتعود اذاعتهم مفسدة ولوردوه الى الرسول والى اولى الأمر منهم وفوضوه إليهم وكانوا كأن لم يسمعوا لعلمه الذين يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون منه فالمراد بالمستنبطين منهم على كلا الوجهين الرسول وأولوا الأمر. ومن فى قوله يستنبطونه منهم اما تبعيضية واما بيانية تجريدية. وفى الآية نهى عن افشاء السر قيل لبعض الأدباء كيف حفظك للسر قال انا قبره ومن هذا قيل صدور الأبرار قبور الاسرار وفى المثنوى ور بگوئى با يكى دو الوداع ... كل سر جاوز الاثنين شاع «1» نكته كان جست تا كه از زبان ... همچوتيرى دان كه جست آن از كمان «2» وا نگردد از ره آن تير اى پسر ... بند بايد كرد سيلى را ز سر وفى الآية اشارة الى ارباب السلوك إذا فتح لهم باب من الانس او الهيبة او الحضور او الغيبة من آثار صفات الجمال والجلال اشاعوه الى الأغيار ولو كان رجوعهم فى حل هذه المشكلات الى سنن الرسول صلى الله عليه وسلم والى سير اولى الأمر منهم وهم المشايخ البالغون الواصلون ومن كان له شيخ كامل فهو ولى امره لعلمه الذين يستنبطونه منهم وهم ارباب الكشوف بحقائق الأشياء فهم الغواصون فى بحار أوصاف البشرية المستخرجون من أصداف

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان منع كردن خرگوش راز را از نخجيران (2) در اواسط دفتر يكم در بيان بازگفتن بازرگان با طوطى آنچهـ در هندوستان ديده

[سورة النساء (4) : الآيات 84 إلى 91]

العلوم درر حقائق المعرفة وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بإرسال الرسول وإنزال الكتاب لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ بالكفر والضلال إِلَّا قَلِيلًا اى الا قليلا منكم فان من خصه الله بعقل راجح وقلب غير متكدر بالانهماك فى اتباع الشهوات يهتدى الى الحق والصواب ولا يتبع الشيطان ولا يكفر بالله وان فرض عدم إنزال القرآن وبعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما ممن كان على دين المسيح قبل بعثته. وقال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته لعل الاستثناء راجع الى الصديق رضى الله عنه فانه كان قبل مبعث النبي عليه السلام يوافقه فى طلب الحق قالت عائشة رضى الله عنها لم اعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم الا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشيا- وروى- عن النبي عليه السلام كنت وابو بكر كفرسى رهان سبقته فتبعنى ولو سبقنى لتبعته وفى الحقيقة كان النبي عليه السلام فضل الله ورحمته يدل عليه قوله تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا الى قوله ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وقوله تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فلولا وجود النبي عليه السلام وبعثته لبقوا فى تيه الضلالة تائهين كما قال تعالى وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعنى قبل بعثته وكانوا قد اتبعوا الشيطان الى شفا حفرة من النار وكان عليه السلام فضلا ورحمة عليهم فانقذهم منها كما قال تعالى وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها: قال الشيخ العطار قدس سره خويشتن را خواجه عرصات گفت ... انما انا رحمة مهدات گفت : وقال حضرة الهدايى قدس سره سرمايه سعادت عالم محمد است ... مقصود ازين طينت آدم محمد است در صورت آدم آمد اگر چهـ مقدما ... در معنى پيشوا ومقدم محمد است گر چهـ هدايى رسالت مكرم است ... محبوب حق محمد وخاتم محمد است قال بعض الحكماء ان الله تعالى خلق محمدا صلى الله عليه وسلم فجعل رأسه من البركة وعينيه من الحياء واذنيه من العبرة ولسانه من الذكر وشفتيه من التسبيح ووجهه من الرضى وصدره من الإخلاص وقلبه من الرحمة وفؤاده من الشفقة وكفيه من السخاوة وشعره من نبات الجنة وريقه من عسل الجنة فلما أكمله بهذه الصفة أرسله الى هذه الامة فقال هذا هديتى إليكم فاعرفوا قدر هديتى وعظموه كذا فى زهرة الرياض. وقيل فى وجه عدم ارتحال جسده الشريف النظيف من الدنيا مع ان عيسى عليه السلام قد عرج الى السماء بجسده انه انما بقي جسمه الطاهر هنا لاصلاح عالم الأجساد وانتظامه فانه مظهر الذات وطلسم الكائنات فجميع الانتظام بوجوده الشريف كذا فى الواقعات المحمودية نقلا عن حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس الله سره آمين آمين يا رب العالمين فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الفاء جزائية والجملة جواب لشرط مقدر اى ان تثبط المنافقون وقصر الآخرون وتركوك وحدك فقاتل أنت يا محمد وحدك فى الطريق الموصل الى رضى الله وهو الجهاد ولا تبال بما فعلوا لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ مفعول

ثان للفعل المخاطب المجهول اى إلا فعل نفسك لا يضرك لمخالفتهم وتقاعدهم فتقدم الى الجهاد وان لم يساعدك أحد فان الله ناصرك لا الجنود. والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع فالمحمود منه ما فعل بمشقة حتى الف ففعل بمحبة كالعبادات والمذموم منه ما يتعاطى تصنعا ورياء وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ على القتال اى رغبهم فيه بذكر الثواب والعقاب او بوعد النصرة والغنيمة وما عليك فى شأنهم الا التحريض فحسب لا التعنيف بهم- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعد أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى فى ذى القعدة وهى سوق من المدينة على ثمانية أميال ويقال لها حمراء الأسد ايضا فلما بلغ الميعاد دعا الناس الى الخروج فكرهه بعضهم فانزل الله هذه الآية فخرج صلى الله عليه وسلم فى سبعين راكبا فكفاهم الله القتال كما قال عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ اى يمنع بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا البأس فى الأصل المكروه ثم وضع موضع الحرب والقتال قال تعالى لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا وعسى من الله واجب لانه فى اللغة الاطماع والكريم إذا أطمع أنجز وقد فعل حيث القى فى قلوب الكفرة الرعب حتى رجعوا من مر الظهران- ويروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافى بجيشه بدرا وقام بها ثمانى ليال وكان معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا كثيرا وقد مر فى سورة آل عمران وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً اى من قريش وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا اى تعذيبا وعقوبة ينكل من يشاهدها عن مباشرة ما يؤدى إليها ويجوز ان يكونا جميعا فى الدنيا وان يكون أحدهما فى الدنيا والآخر فى العقبى. ثم له ثلاثة أوجه. أحدها ان معناه ان عذاب الله تعالى أشد من جميع ما ينالكم بقتالهم لان مكروههم ينقطع ثم تصيرون الى الجنة وما يصل الى الكفار والمنافقين من عذاب الله يدوم ولا ينقطع. والثاني لما كان عذاب الله أشد فهو اولى ان يخاف ولا يجرى فى امره بالقتال منكم خلاف وهذا وعيد. والثالث لما كان عذاب الله أشد فهو يدفعهم عنكم ويكفيكم أمرهم وهذا وعد وانما جبن المتقاعدون لشدة بأس الكفار وصولتهم ولكن الله قاهر فوق عباده وقوة اليقين رأس مال الدين والموت تحفة المؤمن الكامل خصوصا إذا كان فى طريق الجهاد والدنيا سريعة الزوال ولا تبقى على كل حال وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كثيرا ما ينشد هذه الأبيات لا شىء مما نرى تبقى بشاشته ... يبقى الا له ويردى المال والولد لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ تجرى الرياح له ... والانس والجن فيما بينها ترد اين الملوك التي كانت لعزتها ... من كل أوب إليها وافد يفد حوض هنالك مورود بلا كذب ... لا بد من ورده يوما كما وردوا وفى التأويلات النجمية فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ المعنى فجاهد فى طلب الحق نفسك فان فى طلب الحق لا تكلف نفسا اخرى الا نفسك وفيه معنى آخر لا تكلف نفس اخرى بالجهاد لاجل نفسك لان حجابك من نفسك لا من نفس اخرى فدع نفسك وتعال فانك صاحب يوم لا تملك نفس لنفس شيأ وذلك لانه صلى الله عليه وسلم اختص بهذا المقام

[سورة النساء (4) : آية 85]

من جميع الأنبياء والمرسلين وان يكون فانى النفس والذي يدل عليه ان الأنبياء يوم القيامة يقولون لبقاء نفوسهم نفسى نفسى ويقول النبي عليه السلام لفناء نفسه أمتي أمتي فافهم جدا ثم قال وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ على القتال يعنى فى الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ظاهرا وباطنا فالظاهر الكفار والباطن النفس وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا فى استيلاء سطوات صفات قهره عند تجلى صفة جلاله للنفس من بأس الكافر عليها انتهى: وفى المثنوى اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش «1» اى شهان كشتيم ما خصمى برون ... ماند خصمى زوان بتر در اندرون «2» كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خرگوش نيست سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وهو ثواب الشفاعة والتسبب الى الخير الواقع بها والشفاعة الحسنة هى التي روعى بها حق مسلم ودفع بها عنه شر او جلب اليه خير وابتغى بها وجه الله تعالى ولم تؤخذ عليها رشوة وكانت فى امر جائز لا فى حد من حدود الله ولا فى حق من الحقوق وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً وهى ما كانت بخلاف الحسنة يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها اى نصيب من وزرها مساولها فى المقدار من غير ان ينقص منه شىء. وعن مسروق انه شفع شفاعة فاهدى اليه المشفوع له جارية فغضب وردها وقال لو علمت ما فى قلبك لما تكلمت فى حاجتك لا أتكلم فيما بقي منها. ومن بلاغات الزمخشري شيآن شينان فى الإسلام الشفاعة فى الحدود والرشوة فى الاحكام والحدود عقوبة مقدرة يجب على الامام إقامتها حقا لله تعالى لئلا يتضرر العباد فالتعزير ليس بحد إذ ليس له قدر معين فان أكثره تسعة وثلاثون سوطا واقله ثلاثة وكذا القصاص لا يسمى حدا لانه حق العبد وهو ولى القصاص ولهذا سقط بالعفو والاعتياض فحد الزنى لغير المحصن مائة جلدة وللعبد نصفها وحد شرب الخمر ثمانون سوطا للحر وأربعون للعبد مفرقا على بدنه كما فى حد الزنى وحد القذف كحد الشرب فمن قذف محصنا او محصنة بصريح الزنى حد بطلب المقذوف المحصن لان فيه حق العبد من حيث دفع العار عنه وكذا طلب المسروق منه شرط القطع فى السرقة فهذه حدود لا يجرى فيها الشفاعة إذ الحق علم القاضي بالواقعة ولهذا قال فى ترجمة وصايا الفتوحات المكية [ونزديك حاكم در حدود الله شفاعت مكن از ابن عباس رضى الله عنهما درخواست كردند در باب دزدى شفاعت كند ابن عباس رضى الله عنهما گفت هر كه شفاعت كند وهر كه قبول كند هر دو در لعنت اندر اگر پيش از آنكه بحاكم معلوم نشود ميگفتيد مى شد] انتهى ولما كانت الشفاعة فى القصاص غير الشفاعة فى الحدود قال صلى الله عليه وسلم (ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان) قيل وكيف ذلك قال (الشفاعة يحقن بها الدم ويجر بها المنفعة الى آخر ويدفع بها المكروه عن آخر) ذكره الامام الغزالي رحمه الله. وافصح الحديث عن ان الشفاعة هى التوسط بالقول فى وصول شخص الى منفعة من المنافع الدنيوية او الاخروية وخلاصه من مضرة ما كذلك وإذا كانت

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان رجوع بحكايت خواجه تاجر إلخ (2) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير من جهاد الأصغر الى جهاد الأكبر

فى امر غير مشروع لا تكون صدقة بل سيئة. وذكر فى ترجمة الوصايا ايضا [چون براى كسى شفاعت كنى وكار او ساخته شود زنهار هديه او قبول مكن كه رسول الله صلى الله عليه وسلم اثرا جمله ربا نهاده است شيخ اكبر قدس سره الأطهر فرمود كه در بعض بلاد عرب يكى از اعيان مرا بخانه خود دعوت كرد وترتيبى كرده بود وكرامتى مهيا داشته چون طعام إحضار كردند او را بسلطان بلند حاجتى بود از من طلب شفاعت كرد وسخن من نزد سلطان در غايت قبول بود شيخ فرمود كه او را گفتم نعم وبرخاستم وطعام نخوردم وهدايا قبول نكردم وحاجت او پيش سلطان گزاردم واملاك وى بوى بازگشت ومرا هنوز حديث نبوى وقوف نبود ولكن مروءت من چنين تقاضا كرد واستنكاف كردم كه كسى را بمن حاجتى باشد واز وى بمن نفعى عائد شود ودر حقيقت آن عنايت وعصمت حق بود] انتهى. وبالجملة ينبغى للمؤمن ان يشفع للجانى الى المجنىّ عليه بل ومن حقوق الإسلام ان يشفع لكل من له حاجة من المسلمين الى من له عنده منزلة ويسعى فى قضاء حاجته بما يقدر عليه: قال السعدي قدس سره گر از حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد اميد است از آنانكه طاعت كنند ... كه بي طاعتانرا شفاعت كنند ومن الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلم فانه شفاعة الى الله تعالى وعن النبي عليه السلام (من دعا لاخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك) وهذا بيان لمقدار النصيب الموعود والدعوة على المسلم بضد ذلك وانما يستجاب الدعاء بظهر الغيب لعبده عن شائبة الطمع والرياء بخلاف دعاء الحاضر للحاضر لانه قلما يسلم من ذلك فالغائب لا يدعو للغائب الا لله خالصا فيكون مقبولا والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فى الصلاة وغيرها دعاء من العبد المصلى لمحمد صلى الله عليه وسلم عن ظهر الغيب فشرع ذلك رسول الله وامر الله به فى قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ليعود هذا الخير من الملك على المصلى ولهذا جوز الحنفية قراءة الفاتحة لروحه المطهر عليه السلام ومنعها الشافعية لان الدعاء بالترحم يوهم التقصير ولذا لا يقال عند ذكر الأنبياء رحمة الله عليهم بل عليهم السلام والجواب ان نفع القراءة يعود على القارئ فأى ضرر فى ذلك وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً اى مقتدرا مجازيا بالحسنة والسيئة من اقات على الشيء إذا اقتدر عليه او شهيدا حفيظا. قال الامام الغزالي فى شرح الأسماء الحسنى معنى المقيت خالق الأقوات وموصلها الى الأبدان وهى الاطعمة والى القلوب وهى المعرفة فيكون بمعنى الرازق الا انه أخص منه إذ الرزق يتناول القوت وغير القوت والقوت ما يكتفى به فى قوام البدن او يكون معناه المستولى على الشيء القادر عليه والاستيلاء يتم بالقدرة والعلم وعليه يدل قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً اى مطلعا قادرا فيكون معناه راجعا الى العلم والقدرة فوصفه بالمقيت أتم من وصفه بالقادر وحده وبالعالم وحده لانه دال على اجتماع المعنيين وبذلك يخرج هذا الاسم من الترادف. والاشارة فى الآية مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً لا يصال نوع من الخيرات الى الغير يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها فانها من

[سورة النساء (4) : آية 86]

خصوصيتها ان يكون له نصيب منها اى له نصيب من هذه الحسنة فمن تلك الخصوصية قد يشفع شفاعة حسنة وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ اى فى جبلته كِفْلٌ مِنْها يعنى من تلك السيئة التي هى إيصال نوع من الشر فيها قد يشفع شفاعة سيئة كما قال تعالى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً وَكانَ اللَّهُ فى الأزل عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً شهيدا فى إيجاد المحسن والمسيئ مقتدرا عليما حفيظا يعطيهما استعداد شفاعة حسنة وسيئة لا يقدران اليوم على تبديل استعدادهما لقابلية الخير والشر فافهم جدا: قال الحافظ قدس سره نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست ... آنچهـ استاد ازل گفت بكن آن كردم وقال السعدي قدس سره گرت صورت حال بد يا نكوست ... نگاريده دست تقدير اوست وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ التحية مصدر من حيى كالتسمية من سمى أصلها تحيية كتفعلة واصل الأصل تحييى بثلاث يا آت فحذفت الاخيرة وعوض عنها تاء التأنيث وأدغمت الاولى فى الثانية بعد نقل حركتها الى الحاء واصل التحية الدعاء بالحياة وطولها ثم استعملت فى كل دعاء لان الدعاء بالخير لا يخلو شىء منه عن الدعاء بنفس الحياة او بما هو السبب المؤدى الى قوتها وكمالها او بما هو الغاية المطلوبة منها وكانت العرب إذ القى بعضهم بعضا يقول حياك الله اى جعل الله لك حياة وأطال حياتك ويقول بعضهم عش الف سنة. ثم استعملها الشرع فى السلام وهى تحية الإسلام قال تعالى فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قيل تحية النصارى وضع اليد على الفم وتحية اليهود الاشارة بالأصابع وتحية المجوس الانحناء. وفى السلام مزية على تحية العرب وهى حياك الله لما انه دعاء بالسلامة من الآفات الدينية والدنيوية فانه إذا قال الإنسان لغيره السلام عليك فقد دعا فى حقه بالسلامة منها ويتضمن الوعد بسلامة ذلك الغير وامانه منه كأنه قال أنت سليم منى فاجعلنى سليما منك والسلامة مستلزمة لطول الحياة وليس فى الدعاء بطول الحياة ذلك ولان السلام من أسمائه تعالى فالبداية بذكره مما لا ريب فى فضله ومزيته ومعنى الآية إذا سلم عليكم من جهة المؤمنين فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها اى بتحية احسن منها بان تقولوا وعليكم السلام ورحمة الله ان اقتصر المسلم على الاول وبان تزيدوا وبركاته ان جمعهما المسلم وهو ان يقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته منتهى الأمر فى السلام لكونه مستجمعا لجميع فنون المطالب التي هى السلامة من المضار ونيل المنافع ودوامها ونمائها ولهذا اقتصر على هذا القدر فى التشهد- روى- عنه عليه السلام انه قال (من قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات ومن قال السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة ومن قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة) والمبتدئ بالسلام ان شاء يقول السلام عليكم وان شاء يقول سلام عليكم لان كل واحد من التعريف والتنكير وارد فى ألفاظ القرآن قال الله تعالى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى. وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى لكن التنكير اكثر والكل جائز. واما التحليل من الصلاة فلا بد فيه من الالف واللام

بالاتفاق ومعنى الجمع فى السلام عليكم الخطاب الى الرجل والملكين الحافظين معه فانهما يردان السلام ومن سلم عليه الملك فقد سلم من عذاب الله تعالى أَوْ رُدُّوها اى ردوا مثلها وأجيبوا به لان رد عينها محال فحذف المضاف نحو وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ. قال فى الكشاف رد السلام ورجعه جوابه بمثله لان المجيب يرد قول المسلم ويكرر- وروى- ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم السلام عليك فقال (وعليك السلام ورحمة الله) وقال الآخر السلام عليك ورحمة الله فقال (وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) وقال الآخر السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال (وعليك) فقال الرجل نقصتنى فأين ما قال الله وتلا الآية اى أين رد الأحسن المذكور فى الآية فقال عليه السلام (انك لم تترك لى فضلا فرددت عليك مثله) فيكون قوله عليه السلام وعليك اى وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من قبيل رد المثل وجواب التسليم واجب وانما التخيير بين الزيادة وتركها. قال ابو يوسف من قال لآخر اقرئ فلانا منى السلام وجب عليه ان يفعل وإذا ورد سلام فى كتاب فجوابه واجب بالكتاب للآية إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً الحسيب بمعنى المحاسب على العمل كالجليس بمعنى المجالس اى انه تعالى كان على كل شىء من أعمالكم سيما رد السلام بمثله او بأحسن منه محاسبا مجازيا فحافظوا على مراعاة التحية حسبما أمرتم به. فالجمهور على ان الآية فى السلام فالسنة ان يسلم الراكب على الماشي وراكب الفرس على راكب الحمار والصغير على الكبير والقليل على الكثير ويسلم على الصبيان وهو أفضل من تركه. قال فى البستان وبه نأخذ ويسلم على اهل بيته حين يدخله فان دخل بيتا ليس فيه أحد فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فان الملائكة ترد عليه السلام ويسلم على القوم حين يدخل عليهم وحين يفارقهم ايضا فمن فعل ذلك شاركهم فى كل خير عملوه بعده. قال القرطبي ولا يسلم على النساء الشابات الأجانب خوف الفتنة من مكالمتهن بنزغة شيطان او خائنة عين. واما السلام على المحارم والعجائز فحسن ويسلم على اهل الإسلام من عرف منهم ومن لم يعرف. ولا يسلم على لاعب النرد والشطرنج والمغني والقاعد لحاجته ومطير الحمام والعاري فى الحمام وغيره. قال ابن الشيخ فى حواشيه ومن دخل الحمام ورأى الناس متزرين يسلم عليهم وان لم يكونوا متزرين لا يسلم عليهم لانه لا يسلم على المشتغل بمعصية انتهى لكن قال الام الغزالي فى الاحياء لا يسلم عند الدخول اى فى الحمام وان سلم عليه لم يجب بلفظ السلام بل يسكت ان أجاب غيره وان أحب ان يجيب قال عافاك الله ولا بأس ان يفتتح الداخل ويقول عافاك الله لابتداء الكلام انتهى ولا يرد فى الخطبة وتلاوة القرآن جهرا ورواية الحديث وعند دراسة العلم والاذان والاقامة وكذا لا يرد القاضي إذا سلم عليه الخصمان وكذا لا يسلم القاضي على الخصوم إذا جلس للحكم لتبقى الهيبة وتكثر الحشمة وبهذا جرى الرسم بان الولاة والأمراء لا بأس بان لا يسلموا إذا دخلوا فالمحتسب لا يسلم على اهل السوق فى طوافه للحسبة ليبقى على الهيبة. وقال بعضهم لا يسع القاضي والوالي والأمير ترك السلام إذا دخلوا لانه سنة فلا يسعهم ترك السنة بسبب تقلد العمل وكذا المتصدق إذا سلم عليه السائل او ان سؤاله لا يرد وكذا من له ورد من القرآن والدعوات فسلم عليه أحد فى حال ورده لا يرد وكذا

إذا جلس فى المسجد للتسبيح او للقراءة او لانتظار الصلاة وإذا دخل الزائر فى المسجد فسلم عليه أحد من الداخلين فى المسجد يجوز وإذا لم يكن فى المسجد أحد إلا من يصلى ينبغى ان يقول الداخل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يسلم فانه تكليف جواب فى غير محله حتى لا يرده قبل الفراغ وبعده وهو الصحيح. ولا يبادر بالسلام على الذمي الا لضرورة او حاجة له عنده ولا بأس بالدعاء للكافر والذمي بما يصلحه فى دنياه. قال ابن الملك الدعاء لاهل الكتاب بمقابلة إحسانهم غير ممنوع لما روى ان يهوديا حلب للنبى عليه السلام لقحة فقال عليه السلام (اللهم جمله) فبقى سواد شعره الى قريب من سبعين سنة. قال النووي الصواب ان ابتداء اهل الكتاب بالسلام حرام لانه إعزاز ولا يجوز إعزاز الكفار. وقال الطيبي المختار ان المبتدع لا يبدأ بالسلام ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذميا او مبدعا يقول استرجعت سلامى تحقيرا له. واما الاكل مع الكافر فان كان مرة او مرتين لتأليف قلبه على الإسلام فلا بأس فانه صلى الله عليه وسلم أكل مع كافر مرة فحملناه على انه كان لتأليف قلبه على الإسلام ولكن تكره المداومة عليه كما فى نصاب الاحتساب. وفيه ايضا هل يحتسب على المسلم إذا شارك ذميا الجواب نعم اما فى المفاوضة فلأنها غير جائزة بين المسلم والذمي فكان الاحتساب عليه لدفع التصرف الفاسد. واما فى العنان فلأنها مكروهة بين المسلم والذمي من شرح الطحاوي فكان الاحتساب لدفع المكروه وإذا سلم الذمي فقل عليك بلا واو وهو الرواية من الثقات او عليك مثله. قال فى الكشف ولا يقال لاهل الذمة وعليكم بالواو لانها للجمع وقال عليه السلام (إذا سلم عليكم أحد من اليهود فانما يقول السلام عليكم فقل عليك) اى عليك مثله- روى- انه عليه السلام أتاه ناس من اليهود فقالوا السام عليكم يا أبا القاسم فقال (عليكم) فقالت عائشة بل عليكم السام والزام فقال عليه السلام (يا عائشة ان الله لا يحب الفحش والتفحش) قالت فقلت اما سمعت ما قالوا قال (أو ليس قد رددت عليهم فيستجاب لى فيهم ولا يستجاب لهم فى) والسنة الجهر فى السلام لقوله عليه السلام (أفشوا السلام) وعن ابى حنيفة رحمة الله عليه لا يجهر بالرد يعنى الجهر الكثير- وحكى- ان سياحا دخل على عالم فسلم عليه فرد عليه السلام وخافت ثم دخل عليه غنى فسلم فرد عليه الجواب وجهر فصاح السياح وقال رحمك الله ما تقول فى السلام أعلى نوعين أم على ثلاثة انواع فقال لا بل على نوع واحد فقال أيد الله الفقيه ارى السلام هاهنا على نوعين فتحير الفقيه وخجل فى نفسه فقال أيد الله الفقيه اسألك مسألة ما تقول فيمن حلف لا يدخل الدار التي بنيت بغير سنة فدخل دارك هذه أيحنث أم لا فسكت الفقيه فلم يجبه فقال تلاميذ الفقيه للسياح اخرج فانك شغلتنا فقال ايها الشبان ما مثله ومثلكم الا كمثل ضال ضل طريقه فجعل يسترشد من ضال مثله أرشده أم لا فهذا أستاذكم ضل طريق الآخرة وأنتم جئتم تطلبون منه ان يرشدكم فأنى يرشدكم ثم خرج كذا فى روضة العلماء: قال الصائب ز بى دردان علاج درد خود جستن بان ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها الى هنا كلام الاحياء فاذا بلغ المقابر ومر بها قال وعليكم السلام اهل الديار من المسلمين والمؤمنين رحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين منا أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وانا ان شاء الله بكم

[سورة النساء (4) : آية 87]

لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفى الحديث (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) قال ابن السيد على فى شرح الشرعة ولعل المراد انه يرد السلام بلسان الحال لا بلسان المقال يؤيده ما ورد فى بعض الاخبار من انهم يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه انتهى. قال الامام السيوطي رحمه الله الأحاديث والآثار تدل على ان الزائر متى جاء علم به المزور وسمع كلامه وآنس به ورد عليه وهذا عام فى حق الشهداء وغيرهم وانه لا توقيت فى ذلك وهو الأصح لان رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لامته ان يسلموا على اهل القبور سلام من يخاطبون من يسمع ويعقل. قال ارباب الحقيقة للروح اتصال بالبدن بحيث يصلى فى قبره ويرد على المسلم عليه وهو فى الرفيق الأعلى ومقره فى عليين ولا تنافى بين الامرين فان شأن الأرواح غير شأن الأبدان وانما يأتى الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد ان الروح مما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يكن ان تكون فى غيره. وقد مثل بعضهم بالشمس فى السماء وشعاعها فى الأرض كالروح المحمدي يرد على من يصلى عليه عند قبره دائما مع القطع بان روحه فى أعلى عليين وهو لا ينفك عن قبره كما قال عليه السلام (ما من مسلم يسلم على إلا رد الله علىّ روحى حتى أرد عليه السلام) . فان قلت هل يلزم تعدد الحياة من تلك وكيف يكون ذلك. قلت يؤخذ من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم حى على الدوام فى البرزخ الدنيوي لانه محال عادة ان يخلو الوجود كله من واحد يسلم على النبي عليه السلام فى ليل او نهار فقوله صلى الله عليه وسلم (رد الله على روحى) اى أبقى الحق فى شعور حياتى الحسى فى البرزخ وادراك حواسى من السمع والنطق فلا ينفك الحس والشعور الكلى عن الروح المحمدي الكلى ليس له غيبة عن الحواس والأكوان لانه روح العالم الكلى وسره الساري: قال العطار قدس سره فى نعت النبي المختار خواجه كز هر چهـ گويم بيش بود ... در همه چيزى همه در پيش بود وصف او در گفت چون آيد مرا ... چون عرق از شرم خون آيد مرا او فصيح عالم ومن لال او ... كى توانم داد شرح حال او وصف او كى لائق اين ناكسست ... واصف او خالق عالم بسست انبيا از وصف تو حيران شده ... سرشناسان نيز سرگردان شده والاشارة فى الآية وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ من الخير والشر فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها اما الخير فبخير احسن منه واما الشر فبحلم وعفو او مكافاة بالخير أَوْ رُدُّوها يعنى كافئوا المحسن بمثل إحسانه والمسيئ بمثل إساءته يدل عليه قوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها وقال وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وقد ورد عن النبي عليه السلام عن جبريل عن الله تعالى فى تفسير قوله خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وقال النبي عليه السلام (تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطى من حرمك) إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من العفو والإحسان حَسِيباً محاسبا فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره كذا فى التأويلات النجمية اللَّهُ مبتدأ وخبره قوله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى لا اله فى الأرض ولا فى السماء غيره

لَيَجْمَعَنَّكُمْ جواب قسم محذوف اى والله ليحشرنكم من قبوركم إِلى حساب يَوْمِ الْقِيامَةِ والقيامة بمعنى القيام والتاء للمبالغة لشدة ما يقع فيه من الهول لا رَيْبَ فِيهِ حال من اليوم اى حال كون ذلك اليوم لا شك فيه انه كائن لا محالة او صفة مصدر محذوف اى جمعا لا ريب فيه فضمير فيه يرجع الى الجمع وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً انكار لان يكون أحد اكثر صدقا منه فانه لا يتطرق الكذب الى خبره بوجه لانه نقص وهو على الله محال دون غيره وفى الحديث (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب (ولم يكن له ذلك) يعنى لم يكن التكذيب لائقا به بل كان خطأ (وشتمنى) الشتم وصف الغير بما فيه نقص وإزراء (ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدأنى) يعنى لن يحيينى الله تعالى بعد موتى (وليس أول الخلق باهون على من إعادته) بل إعادته أسهل لوجود اصل البنية وهذا مذكور على طريق التمثيل لان الاعادة بالنسبة الى قوانا أيسر من الإنشاء واما بالنسبة الى قدرة الله تعالى فلا سهولة له فى شىء ولا صعوبة (واما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا) وانما صار هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء من الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون فى المركب وكل مركب محتاج (وانا الأحد) اى المنفرد بصفات الكمال من البقاء والتنزه وغيرهما (الصمد) بمعنى المصمود يعنى المقصود اليه فى كل الحوائج (الذي لم يلد) هذا نفى للتشبيه والمجانسة (ولم يولد) هذا وصف بالقدم والاولية (ولم يكن له كفوا أحد) هذا تقرير لما قبله كذا فى شرح المشارق لابن الملك. واعلم ان القيامة ثلاث. الصغرى وهى موت كل أحد قال النبي عليه السلام (من مات فقد قامت قيامته) والوسطى وهى موت جميع الخلائق بالنفخة الاولى. والكبرى وهى حشر الأجساد والسوق الى المحشر للجزاء بالنفخة الثانية: وفى المثنوى سازد اسرافيل روزى ناله را ... جان دهد پوسيده صد ساله را هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما «1» وانما تحصل الحياة الباقية بعد الفناء عن النفس وأوصافها وطريقه ذكر الله تعالى بالإخلاص فاذا تجلى معنى لفظ الجلالة الذي هو الاسم الأعظم يضمحل العالم والوجود ويحصل الاستغراق فى بحر التوحيد فاذا استغرق فيه يغيب عنه ما سوى الله تعالى كما ان الإنسان إذا استغرق فى الماء لا يرى الغير أصلا. قال الشيخ ابو يزيد البسطامي ومن قال الله وقلبه غافل عن الله فخصمه الله- وحكى- ان بعض الصلحاء دخل ليلة بقبوليجة فى بلدة بروسة فرأى انه قد وضع سرير على الحوض وعليه بنت سلطان الجن ومعها جماعة كثيرة من هذه الطائفة فسألهم عن اصل ماء قبوليجة فارسلت ببعض جماعتها الى أصله فرأى انه ماء بارد فقال كيف يكون هذا أصله وهو حار فقالوا جماعتنا يذكرون فى رأس هذا الماء فى كل أسبوع الاسم الله والاسم هو فبحرارته يسخن الماء فتأثير الذكر غير منكر خصوصا من لسان ارباب التزكية والتصفية: وفى المثنوى ذكر حق كن بانگ غولانرا بسوز ... چشم نرگس را ازين كركس بدوز «2» والاشارة فى الآية اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يعنى كان الله فى الأزل لا اله اى لم يكن معه أحد يوجد الخلق من العدم الا هو لَيَجْمَعَنَّكُمْ فى العدم مرة اخرى إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فيفرقكم فيها

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان دستان پير جنگى كه در عهد عمر رضى الله عنه براى خداى در گورستان چنگ ميزد (2) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت سخن واطلاع بر كشف آن

[سورة النساء (4) : الآيات 88 إلى 89]

فريق فى الجنة وفريق فى السعير وفريق فى مقعد صدق عند مليك مقتدر لا رَيْبَ فِيهِ اى لا شك فى الرجوع الى هذه المنازل والمقامات وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ليحدثكم بمصالح دينكم ودنياكم ومفاسد اخراكم وأولاكم ويهديكم الى الهدى وينجيكم من الردى كذا فى التأويلات النجمية فَما لَكُمْ ايها المؤمنون والمراد بعضهم. قوله ما مبتدأ ولكم خبره والاستفهام للانكار والنفي فِي الْمُنافِقِينَ متعلق بما تعلق به الخبر اى أي شىء كائن لكم فيهم اى فى أمرهم وشأنهم فِئَتَيْنِ اى فرقتين وهو حال من الضمير المجرور فى لكم والمراد انكار ان يكون للمخاطبين شىء مصحح لاختلافهم فى امر المنافقين وبيان وجوب بت القول بكفرهم واجرائهم مجرى المجاهرين بالكفر فى جميع الاحكام وذلك ان ناسا من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخروج الى البدر لاجتواء المدينة فلما خرجوا لم يزالوا راحلين مرحلة حتى لحقوا بالمشركين بمكة فاختلف المسلمون فيهم فقال بعضهم هم كفار وقال بعضهم هم مسلمون فانزل الله تعالى الآية وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ حال من المنافقين اى والحال انه تعالى ردهم الى الكفر وأحكامه من الذل والصغار والسبي والقتل. والإركاس الرد والرجع يقال ركست الشيء وأركسته لغتان إذا رددته وقلبت آخره على اوله بِما كَسَبُوا اى بسبب ما كسبوا من الارتداد واللحوق بالمشركين والاحتيال على رسول الله صلى الله عليه وسلم أَتُرِيدُونَ ايها المخلصون القائلون بايمانهم أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ اى تجعلوه من المهتدين ففيه توبيخ لهم على زعمهم ذلك واشعار بانه يؤدى الى المحال الذي هو هداية من أضل الله تعالى وذلك لان الحكم بايمانهم وادعاء اهتدائهم وهم بمعزل من ذلك سعى فى هدايتهم وارادة لها وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ اى ومن يخلق فيه الضلال كائنا من كان فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا من السبل فضلا عن ان تهديه اليه وتوجيه الخطاب الى كل واحد من المخاطبين للاشعار بشمول عدم الوجدان للكل على طريق التفصيل والجملة حال من فاعل تريدون او تهدوا والرابط هو الواو وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ بيان لغلوهم وتماديهم فى الكفر وتصديهم لاضلال غيرهم اثر بيان كفرهم وضلالهم فى أنفسهم وكلمة لو مصدرية فلا جواب لها اى تمنوا عن تكفروا كَما كَفَرُوا نصب على انه نعت لمصدر محذوف اى كفرا مثل كفرهم فما مصدرية فَتَكُونُونَ سَواءً عطف على تكفرون والتقدير ودوا كفركم وكونكم مستوين معهم فى الضلال. وفيه اشارة الى ان من ود الكفر لغيره كان ذلك من امارات الكفر فى باطنه وان كان يظهر الإسلام لانه يريد تسوية الاعتقاد فيما بينهما وهذا من خاصية الإنسان يحب ان يكون كل الناس على مذهبه واعتقاده ودينه وقال صلى الله عليه وسلم (الرضى بالكفر كفر) فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ اى إذا كان حالهم ما ذكر من ودادة كفركم فلا توالوهم حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى حتى يؤمنوا ويحققوا ايمانهم بهجرة كائنة لله تعالى ورسوله عليه السلام لا لغرض من اغراض الدنيا وسبيل الله ما امر بسلوكه فَإِنْ تَوَلَّوْا اى عن الايمان المظاهر بالهجرة الصحيحة المستقيمة فَخُذُوهُمْ إذا قدرتم عليهم وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ من الحل والحرم فان

[سورة النساء (4) : الآيات 90 إلى 91]

حكمهم حكم سائر المشركين اسرا وقتلا وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً اى جانبوهم مجانبة كلية ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة ابدا. والاشارة فى الآية الى ارباب الطلب السائرين الى الله تعالى فانهم نهوا عن اتخاذ اهل الدنيا أحباء وعن مخالطتهم حتى يهاجروا عماهم فيه من الحرص والشهوة وحب الدنيا ويوافقوهم فى طلب الحق وأمروا بان يعظوهم بالوعظ البليغ ويقتلوهم اى أنفسهم وصفاتها الغالبة كلما رأوهم إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ استثناء من قوله فخذوهم واقتلوهم اى الا الذين يتصلون وينتهون الى قوم عاهدوكم ولم يحاربوكم وهم الا سلميون فانه عليه السلام وادع وقت خروجه الى مكة هلال بن عويمر الأسلمي على ان لا يعينه ولا يعين عليه وعلى ان من وصل الى هلال ولجأ اليه فله من الجوار مثل الذي لهلال أَوْ جاؤُكُمْ عطف على الصلة اى والذين جاؤكم كافين عن قتالكم وقتال قومهم استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم فريقان أحدهما من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين والآخر من اتى المؤمنين وكف عن قتال الفريقين حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ حال بإضمار قد اى وقد ضاقت صدورهم فان الحصر بفتحتين الضيق والانقباض أَنْ يُقاتِلُوكُمْ اى ضاقت عن ان يقاتلوكم مع قومهم أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ معكم والمراد بالجائين الذين حصرت صدورهم عن المقاتلة بنوا مدلج وهم كانوا عاهدوا ان لا يقاتلوا المسلمين وعاهدوا قريشا ان لا يقاتلوهم فضاقت صدورهم عن قتالكم للعهد الذي بينكم ولانه تعالى قذف الرعب فى قلوبهم وضاقت صدورهم عن قتال قومهم لكونهم على دينهم نهى الله تعالى عن قتل هؤلاء المرتدين إذا اتصلوا باهل عهد للمؤمنين لان من انضم الى قوم ذوى عهد فله حكمهم فى حقن الدم وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ اى بنى مدلج عَلَيْكُمْ بان قوى قلوبهم وبسط صدورهم وأزال الرعب عنهم. قال فى الكشاف فان قلت كيف يجوز ان يسلط الله الكفرة على المؤمنين قلت ما كانت مكافتهم الا لقذف الله الرعب فى قلوبهم ولو شاء لمصلحة يراها من ابتلاء ونحوه لم يقذفه فكانوا متسلطين مقاتلين غير مكافين فذلك معنى التسليط فَلَقاتَلُوكُمْ عقيب ذلك ولم يكفوا عنكم واللام جواب لو على التكرير فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ اى فان لم يتعرضوا لكم مع ما علمتم من تمكنهم من ذلك بمشيئة الله تعالى وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ اى الانقياد والاستسلام فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا اى طريقا بالاسرار او بالقتل فان مكافتهم عن قتالكم وان لم يقاتلوا قومهم ايضا والقاءهم إليكم السلم وان لم يعاهدوكم كافية فى استحقاقهم لعدم تعرضكم لهم. قال بعضهم الآية منسوخة بآية القتال والسيف وهى قوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ وقال آخرون انها غير منسوخة وقال إذا حملنا الآية على المعاهدين فكيف يمكن ان يقال انها منسوخة. قال الحدادي فى تفسيره لا يجوز مهادنة الكفار وترك أحد منهم على الكفر من غير جزية إذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما إذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على أنفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها إليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر سَتَجِدُونَ قوما آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ اى يظهرون لكم الصلح

يريدون ان يأمنوا منكم بكلمة التوحيد يظهرونها لكم وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ اى من قومهم بالكفر فى السر وهم قوم من اسد وغطفان إذا أتوا المدينة اسلموا وعاهدوا ليأمنوا المسلمين فاذا رجعوا الى قومهم كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ دعوا من جهة قومهم الى قتال المسلمين أُرْكِسُوا فِيها عادوا إليها وقلبوا فيها أقبح قلب واشنعه وكانوا فيها شرا من كل عدو شرير فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ بالكف عن التعرض لكم بوجه ما وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ اى لم يلقوا إليكم الصلح والعهد بل نبذوه إليكم وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ اى لم يكفوها عن قتالكم فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اى تمكنتم منهم وَأُولئِكُمْ الموصوفون بما عد من الصفات القبيحة جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً اى حجة واضحة فى التعرض لهم بالقتل والسبي لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم فى الكفر وغدرهم واضرارهم باهل الإسلام. والاشارة فى الآية الاولى ان الاختلاف واقع بين الامة فى ان خذلان المنافقين هل هو امر من عند أنفسهم او امر من عند الله وقضائه وقدره فبين الله بقوله فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ اى صرتم فرقتين فرقة يقولون الخذلان فى النفاق منهم وفرقة يقولون من الله وقضائه وقدره وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا يعنى ان الله اركسهم بقدره وردهم بقضائه الى الخذلان بالنفاق ولكن بواسطة كسبهم ما ينبت النفاق فى قلوبهم ليهلك من هلك عن بينة ولهذا مثال وهو ان القدر كتقدير النقاش الصورة فى ذهنه والقضاء كرسمه تلك الصورة لتلميذه بالأسرب ووضع التلميذ الاصباغ عليها متبعا لرسم الأستاذ كالكسب والاختيار فالتلميذ فى اختياره لا يخرج عن رسم الأستاذ وكذلك العبد فى اختياره لا يمكنه الخروج عن القضاء والقدر ولكنه متردد بينهما ومما يؤكد هذا المثال والتأويل قوله تعالى قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وقال وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وذلك مثل ما ينسب الفعل الى السبب الأقرب تارة والى السبب الا بعد اخرى فالاقرب كقولهم قطع السيف يد فلان والا بعد كقولهم قطع الأمير يد فلان ونظيره قوله تعالى قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وفى موضع اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها قال ابن نباتة إذا ما الآله قضى امره ... فانت لما قد قضاه السبب فعلى هذه القضية من زعم ان لا عمل للعبد أصلا فقد عاند وجحد ومن زعم انه مستبد بالعمل فقد أشرك فاختيار العبد بين الجبر والقدر لان أول الفعل وآخره الى الله فالعبد بين طرفى الاضطرار مضطر الى الاختيار فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية. واعلم ان الجبرية ذهبت الى انه لا فعل للعبد أصلا ولا اختيار وحركته بمنزلة حركة الجمادات والقدرية الى ان العبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى ومذهب اهل السنة والجماعة الجبر المتوسط وهو اثبات الكسب للعبد واثبات الخلق لله تعالى واما مشاهدة الآثار فى الافعال من لله تعالى كما عليه اهل المكاشفة فذلك ليس من قبيل الجبر: قال فى المثنوى

[سورة النساء (4) : الآيات 92 إلى 96]

گر بپرانيم تير آن نى ز ماست ... ما كمان وتير اندازش خداست اين نه جبر اين معنئ جباريست ... ذكر جبارى براى زاريست زارئ ما شد دليل اضطرار ... خجلت ما شد دليل اختيار وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ اى وما صح له ولالاق بحاله أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً بغير حق فان الايمان زاجر عن ذلك إِلَّا خَطَأً اى ليس من شأنه ذلك فى حال من الأحوال الا حال الخطأ فانه ربما يقع لعدم دخول الاحتراز عنه بالكلية تحت الطاقة البشرية فالمؤمن مجبول على ان يكون محلا لان يعرض له الخطأ كثيرا والخطأ ما لا يقارنه القصد الى الفعل او الى الشخص او لا يقصد به زهوق الروح غالبا او لا يقصد به محظور كرمى مسلم فى صف الكفار مع الجهل بإسلامه- روى- ان عياش بن ابى ربيعة وكان أخا ابى جهل لامه اسلم وهاجر الى المدينة خوفا من اهله وذلك قبل هجرة النبي عليه السلام فاقسمت امه لا تأكل ولا تشرب ولا يؤويها سقف حتى يرجع فخرج ابو جهل ومعه الحارث بن زيد بن ابى انيسة فاتياه وهو فى أطم اى جبل ففتل منه ابو جهل فى الذروة والغارب وقال أليس محمد يحثك على صلة الرحم انصرف وبرّ أمك ولك علينا ان لا نكرهك على شىء ولا نحول بينك وبين دينك حتى نزل وذهب معهما فلما بعدا من المدينة شدا يديه الى خلف بحبل وجلده كل واحد منهما مائة جلدة فقال للحارث هذا أخي فمن أنت يا حارث لله على ان وجدتك خاليا ان أقتلك وقدما به على امه فحلفت لا يحل وثاقه حتى يرجع عن دينه ففعل بلسانه مطمئنا قلبه على الايمان ثم هاجر بعد ذلك واسلم الحارث وهاجر فلقيه عياش لظهر قبا فانحنى عليه فقتله ثم اخبر بإسلامه فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلته ولم أشعر بإسلامه فنزلت وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً صغيرا كان او كبيرا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اى فعليه اعتاق نسمة عبر عن النسمة بالرقبة كما يعبر عنها بالرأس مُؤْمِنَةٍ محكوم بإسلامها سواء تحققت فيها فروع الايمان وثمراته بان صلت وصامت او لم يتحقق فدخل فيها الصغير والكبير والذكر والأنثى وهذا التحرير هو الكفارة وهى حق الله تعالى الواجب على من قتل مؤمنا مواظبا على عبادة الله تعالى والرقيق لا يمكنه المواظبة على عبادة الله تعالى فاذا اعتقه فقد اقامه مقام ذلك المقتول فى المواظبة على العبادات وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ اى مؤداة الى ورثته يقتسمونها كسائر المواريث بعد قضاء الدين منها وتنفيذ الوصية وإذا لم يبق وارث فهى لبيت المال لا المسلمين يقومون مقام الورثة كما قال صلى الله عليه وسلم (انا وارث من لا وارث له) إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا اى يتصدق اهله عليه سمى العفو عنها صدقة حثا عليه وتنبيها على فضله وفى الحديث (كل معروف صدقة) وهو متعلق بعليه المقدر عند قوله وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ او بمسلمة اى تجب الدية ويسلمها الى اهله الا وقت تصدقهم عليه لان الدية حق الورثة فيملكون إسقاطها بخلاف التحرير فانه حق الله تعالى فلا يسقط بعفو الأولياء وإسقاطهم. واعلم ان الدية مصدر من ودى القاتل المقتول إذا اعطى وليه المال الذي هو بدل النفس وذلك المال يسمى الدية تسمية بالمصدر والتاء فى آخرها عوض عن الواو المحذوفة فى الاول كما فى العدة وهى اى الدية فى الخطأ من الذهب الف دينار ومن الفضة عشرة آلاف درهم وهى على العاقلة فى الخطأ

وهم الاخوة وبنوا الاخوة والأعمام وبنوا الأعمام يسلمونها الى اولياء المقتول ويكون القاتل كواحد من العاقلة يعنى يعطى مقدار ما أعطاه واحد منهم لانه هو الفاعل فلا معنى لاخراجه ومؤاخذة غيره وسميت الدية عقلا لانها تعقل الدماء اى تمسكه من ان يسفك الدم لان الإنسان يلاحظ وجود الدية بالقتل فيجتنب عن سفك الدم فان لم تكن له عاقلة كانت الدية فى بيت المال فى ثلاث سنين فان لم يكن ففى ماله فَإِنْ كانَ اى المقتول مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ كفار محاربين وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولم يعلم به القاتل لكونه بين اظهر قومه بان اسلم فيما بينهم ولم يفارقهم بالهجرة الى دار الإسلام او بان اسلم بعد ما فارقهم لمهم من المهمات فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ اى فعلى قاتله الكفارة دون الدية إذ لا وراثة بينه وبين اهله لكونهم كفارا ولانهم محاربون وَإِنْ كانَ اى المقتول المؤمن مِنْ قَوْمٍ كفرة بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ اى عهد موقت او مؤبد فَدِيَةٌ اى فعلى قاتله دية مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ من اهل الإسلام ان وجدوا وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كما هو حكم سائر المسلمين فَمَنْ لَمْ يَجِدْ اى رقبة لتحريرها بان لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها وهو ما يصلح ان يكون ثمنا للرقبة فاضلا عن نفقته ونفقة عياله وسائر حوائجه الضرورية من المسكن وغيره فَصِيامُ اى فعليه صيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ وإيجاب التتابع يدل على ان المكفر بالصوم لو أفطر يوما فى خلال شهرين او نوى صوما آخر فعليه الاستئناف الا ان يكون الفطر بحيض او نفاس او نحوهما مما لا يمكن الاحتراز عنه فانه لا يقطع التتابع والإطعام غير مشروع فى هذه الكفارة بدليل الفاء الدالة على ان المذكور كل الواجب واثبات البدل بالرأى لا يجوز فلا بد من النص تَوْبَةً كائنة مِنَ اللَّهِ ونصبه على المفعول له اى شرع لكم ذلك توبة اى قبولا لها من تاب الله عليه إذا قبل توبته. فان قيل قتل الخطأ لا يكون معصية فما معنى التوبة. قلت ان فيه نوعا من التقصير لان الظاهر انه لو بالغ فى احتياط لما صدر عنه ذلك. فقوله توبة من الله تنبيه على انه كان مقصرا فى ترك الاحتياط وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بحاله اى بانه لم يقصد القتل ولم يتعمد فيه حَكِيماً فيما امر فى شأنه. والاشارة فى قوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ان تربية النفس وتزكيتها ببذل المال وترك الدنيا مقدم على تربيتها بالجوع والعطش وسائر المجاهدات فان حب الدنيا رأس كل خطيئة وهى عقبة لا يقتحمها الا الفحول من الرجال كقوله تعالى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ الآية. وان أول قدم السالك ان يخرج من الدنيا وما فيها. وثانيه ان يخرج من النفس وصفاتها كما قال (دع نفسك وتعال) والإمساك عن المشارب كلها من الدنيا والآخرة على الدوام انما هو بجذبة من الله تعالى وإعطائه القابلية لذلك: كما قيل داد حق را قابليت شرط نيست ... بلكه شرط قابليت داد حق - حكى- ان أولاد هارون الرشيد كانوا زهادا لا يرغبون فى الدنيا والسلطنة فلما ولد له ولد قيل له ادخله فى بيت من زجاج يعيش فيه مع التنعم والترنم والأغاني حتى يليق للسلطنة ففعل فلما كبر كان يوما يأكل اللحم فوقع عظم من يده فانكسر الزجاج فرأى السماء والعرض فسأل

[سورة النساء (4) : آية 93]

عنهما فاجابوا على ما هو فطلب منهم ان يخرجوه من البيت فلما خرج رأى ميتا وجاء اليه وتكلم له فلم يتكلم فسأل عنه فقالوا هو ميت لا يتكلم وقال وانا أكون كذلك قالوا كل نفس ذائقة الموت فتركهم وذهب الى الصحراء فذهبوا معه فاذا خمسة فوارس جاؤا اليه ومعهم فرس ليس عليه أحد فاركبوه وأخذوه وغابوا وليس كل قلب يصلح لمعرفة الرب كما ان كل بدن لا يصلح لخدمته ولهذا قال تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً اى بمن يصلح للجذبة والخدمة. قال الصائب در سر هر خام طينت نشئه منصور نيست ... هر سفالى را صداى كاسه فغفور نيست وهذا لا يكون بالدعوى فان المحك يميز الجيد والزيوف وعالم الحقيقة لا يسعه القيل والقال ألا يرى ان من كان سلطانا أعظم لا يرفع صوته بالتكلم لانه فى عالم المحو وكان امر سليمان عليه السلام لآصف بن برخيا بإتيان عرش بلقيس مع انه فى مرتبة النبوة لذلك اى لما انه كان فى عالم الاستغراق فلم يرد التنزل وقوله عليه السلام (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) اشارة الى تلك المرتبة اللهم اجعلنا من الواصلين الى جناب قدسك والمتنعمين فى محاضر قولك وانسك وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً حال كون ذلك القاتل مُتَعَمِّداً فى قتله اى قاصدا غير مخطئ- روى- ان مقيس بن صبابة الكناني كان قد اسلم هو واخوه هشام فوجد أخاه قتيلا فى بنى النجار فأتى رسول الله عليه السلام وذكر له القصة فارسل عليه السلام معه الزبير بن عياض الفهري وكان من اصحاب بدر الى بنى النجار يأمرهم بتسليم القاتل الى مقيس ليقتص منه ان علموه وبأداء الدية ان لم يعلموه فقالوا سمعا وطاعة لله تعالى ولرسوله عليه السلام ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدى ديته فاتوه بمائة من الإبل فانصرفا راجعين الى المدينة حتى إذا كانا ببعض الطريق اتى الشيطان مقيسا فوسوس اليه فقال أتقبل دية أخيك فتكون مسبة عليك اى عارا اقتل هذا الفهري الذي معك فتكون نفس مكان نفس وتبقى الدية فصلة فرماه بصخرة فشدخ رأسه فقتله ثم ركب بعيرا من الإبل وساق بقيتها الى مكة كافرا وهو يقول قتلت به فهرا وحملت عقله ... سراة بنى النجار اصحاب قارع وأدركت ثارى واضطجعت موسدا ... وكنت الى الأوثان أول راجع فنزلت الآية وهو الذي استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ممن آمنه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة: ونعم ما قيل هر كه كند بخود كند ... گر همه نيك وبد كند فَجَزاؤُهُ الذي يستحقه بجنايته جَهَنَّمُ وقوله تعالى خالِداً فِيها حال مقدرة من فاعل فعل مقدر يقتضيه مقام الكلام كأنه قيل فجزاؤه ان يدخل جهنم خالدا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ عطف على مقدر تدل عليه الشرطية دلالة واضحة كأنه قيل بطريق الاستئناف تقريرا وتأكيدا لمضمونها حكم الله بان جزاءه ذلك وغضب عليه اى انتقم منه وَلَعَنَهُ اى أبعده عن الرحمة بجعل جزائه ما ذكر وَأَعَدَّ لَهُ فى جهنم عَذاباً عَظِيماً لا يقادر قدره. واعلم ان العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب والكلام فى كفر من استحل دم المؤمن وخلوده فى النار حقيقة فاما المؤمن إذا قتل مؤمنا متعمدا غير مستحل لقتله

فلا يكفر بذلك ولا يخرج من الايمان فان أقيد ممن قتله كذلك كان كفارة له وان كان تائبا من ذلك ولم يكن مقادا كانت التوبة ايضا كفارة له لان الكفر أعظم من هذا القتل فاذا قبلت توبة الكافر فتوبة هذا القاتل اولى بالقبول وان مات بلا توبة ولا قود فامره الى الله تعالى ان شاء غفر له وارضى خصمه وان شاء عذبه على فعله تم يخرجه بعد ذلك الى الجنة التي وعده بايمانه لان الله تعالى لا يخلف الميعاد فالمراد بالخلود فى حقه المكث الطويل لا الدوام مع ان هذا اخبار منه تعالى بان جزاءه ذلك لابانه يجزيه بذلك كيف لا وقد قال الله عز وجل وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ولو كان هذا اخبارا بانه تعالى يجزى كل سيئة مثلها لعارضه قوله تعالى وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وقد يقول الإنسان لمن يزجره عن امر ان فعلته فجزاؤك القتل والضرب ثم ان لم يجازه بذلك لم يكن ذلك منه كذبا فهذا التشديد والتغليظ الذي هو سنة الله تعالى لا يتعلق بالقاتل الثائب ولا بمن قتل عمدا بحق كما فى القصاص بل يتعلق بمن لم يتب وبمن قتل ظلما وعدوانا وفى الحديث (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم) وفيه (لو ان رجلا قتل بالمشرق وآخر رضى بالمغرب لاشترك فى دمه) وفيه (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى) وفيه (ان هذا الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه) وقد روى ان داود عليه السلام أراد بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فكلما فرغ منه تهدم فشكا الى الله تعالى فاوحى الله اليه ان بيتي هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك القتل فى سبيلك قال بلى ولكنهم أليسوا من عبادى فقال يا رب فاجعل بنيانه على يدى من فاوحى الله اليه ان اومر ابنك سليمان يبنيه والغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الانسانية وان إقامتها اولى من هدمها ألا ترى الى اعداء الدين انه قد فرض الله فى حقهم الجزية والصلح ابقاء عليهم. وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أتدرون من المفلس) قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال (ان المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل انقضاء ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار) وفى الحديث (أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة وأول ما يقضى بين الناس فى الدماء ثم يحاسب العبد ويقضى عليه فى حق زكاته وغيرها هل منعها او أداها) الى غير ذلك من الأحوال الجزئية. ثم اعلم ان المقتول إذا اقتص منه الولي فذلك جزاؤه فى الدنيا وفيما بين القاتل والمقتول الاحكام باقية فى الآخرة لان الولي وان قتله فانما أخذ حق نفسه للتشفى ودرء الغيظ فاما المقتول فلم يكن له فى القصاص منفعة كذا فى تفسير الحدادي ولا كفارة فى القتل العمد لقوله عليه السلام (خمس من الكبائر لا كفارة فيهن الإشراك بالله وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وقتل النفس عمدا واليمين الغموس) والولي مخير بين ثلاث فى القتل العمد القصاص والدية والعفو وذلك لان فى شرع موسى عليه السلام القصاص وهو القتل فقط وفى دين عيسى عليه السلام العقل او العفو فحسب وفى ملتنا للتشفى القصاص وللترفه الدية وللتكرم العفو وهو أفضل: قال السعدي قدس سره

[سورة النساء (4) : آية 94]

بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من اسا والاشارة فى الآية ان القلب مؤمن فى اصل الفطرة والنفس كافرة فى اصل الخلقة وبينهما عداوة جبلية وقتال أصلي وتضاد كلى فان فى حياة القلب موت النفس وفى حياة النفس موت القلب فلما كانت نفوس الكفار حية كانت قلوبهم ميتة فسماهم الله الموتى ولما كانت نفس الصديق ميتة وقلبه حيا قال النبي عليه السلام (من أراد ان ينظر الى ميت يمشى على وجه الأرض فلينظر الى الصديق) فالاشارة فى قوله وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الى القلب والنفس يعنى النفس الكافرة إذا قتلت قلبا مؤمنا متعمدة للعداوة الاصلية باستيلاء صفاتها البهيمية والسبعية والشيطانية على القلب الروحاني وغلبة هواها عليه حتى يموت القلب بسمها القاتل فَجَزاؤُهُ اى جزاء النفس جَهَنَّمُ وهى سفل عالم الطبيعة خالِداً فِيها لان خروج النفس عن سفل الطبيعة انما كان بحبل الشريعة والتمسك بحبل الشريعة انما كان من خصائص القلب المؤمن كقوله تعالى ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فالايمان والعمل الصالح من شان القلب وصنيعه فاذا مات القلب وانقطع عمله تخلد النفس فى جهنم سفل عالم الطبيعة ابدا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ بان يبعدها ويطردها عن الحضرة والقربة ويحرمها من إيصال الخير والرحمة إليها بخطاب ارجعي الى ربك وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً هجرانا عن حضرة العلى العظيم وحرمانا من جنات النعيم كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا نزلت الآية فى شان مرداس بن نهيك من اهل فدك وكان اسلم ولم يسلم من قومه غيره وكان عليه السلام بعث سرية الى قومه كان عليها غالب بن فضالة الليثي فلما وصلت السرية إليهم هربوا وبقي مرداس ثقة بإسلامه فلما وصلوا فدك كبروا وكبر مرداس معهم وكان فى سفح جبل ومعه غنمه فنزل إليهم وقال لا اله الا الله محمد رسول الله السلام عليكم فقتله اسامة بن زيد وساق غنمه فاخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فوجد وجدا شديدا وقال (قتلتموه ارادة ما معه وهو يقول لا اله الا الله) فقال اسامة انه قال بلسانه دون قلبه وفى رواية انما قالها خوفا من السلاح فقال عليه السلام (هلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب) ثم قرأ الآية على اسامة فقال يا رسول الله استغفر لى فقال (فكيف بلا اله الا الله قال اسامة فما زال صلى الله عليه وسلم يعيدها حتى وددت ان لم أكن أسلمت الا يومئذ ثم استغفر لى وامر برد الأغنام وتحرير رقبة مؤمنة والمعنى ايها المؤمنون إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى سافرتم وذهبتم للغزو من قول العرب ضربت فى الأرض إذا سرت لتجارة او غزو او نحوهما فَتَبَيَّنُوا التفعل بمعنى الاستفعال الدال على الطلب اى اطلبوا بيان الأمر فى كل ما تأتون وما تذرون ولا تعجلوا فيه بغير تدبر وروبة وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ اى لمن حياكم بتحية الإسلام لَسْتَ مُؤْمِناً وانما أظهرت ما أظهرت متعوذا بل اقبلوا منه ما أظهره وعاملوه بموجبه تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا حال من فاعل لا تقولوا منبئ عما يحملهم على العجلة وترك التأنى لكن لا على ان يكون النهى راجعا الى القيد فقط كما فى قولك لا تطلب العلم تبتغى به الجاه بل إليهما جميعا اى لا تقولوا له ذلك حال كونكم طالبين لماله الذي هو حطام سريع النفاد وعرض الدنيا ما يتمتع به فيها

من المال نقدا كان او غيره قليلا كان او كثيرا يقال الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر وتسميته عرضا تنبيه على انه سريع الفناء قريب الانقضاء فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ تغنيكم عن قتل أمثاله لماله وهو تنبيه على ان ثواب الله تعالى موصوف بالدوام والبقاء كَذلِكَ اى مثل ذلك الذي القى إليكم السلام كُنْتُمْ أنتم ايضا مِنْ قَبْلُ اى فى مبادى إسلامكم لا يظهر منكم للناس غير ما ظهر منه لكم من تحية الإسلام ونحوها فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بان قبل منكم تلك المرتبة وعصم بها دماءكم وأموالكم ولم يأمر بالتفحص عن سرائركم. الفاء للعطف على كنتم فَتَبَيَّنُوا الفاء فصيحة اى إذا كان الأمر كذلك فاطلبوا بيان هذا الأمر البين وقيسوا حاله بحالكم وافعلوا به ما فعل بكم فى أوائل أموركم من قبول ظاهر الحال من غير وثوق على تواطئ الظاهر والباطن إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال الظاهرة والخفية وبكيفياتها خَبِيراً فيجازيكم بحسبها ان خيرا فخير وان شرا فشر فلا تتهافتوا فى القتل واحتاطوا فيه. قال الامام الغزالي رحمه الله الخبير هو الذي لا تعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبر وهو بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف الى الخفايا الباطنة سمى خبرة ويسمى صاحبه خبيرا وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى عالمه وعالمه قلبه وبدنه والخفايا التي يتصف القلب بها من الغش والخيانة والطواف حول العاجلة وإضمار الشر واظهار الخير والبخل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه ولا يعرفها الا ذو خبرة بالغة قد خبر نفسه ومارسها وعرف مكرها وتلبيسها وخدعها فحاربها وتشمر لمعاداتها وأخذ الحذر منها فذلك من العباد جدير بان يسمى خبيرا انتهى كلام الامام: قال السعدي نمى تازد اين نفس سركش چنان ... كه عقلش تواند گرفتن عنان كه با نفس وشيطان برآيد بزور ... مصاف پلنگان نبايد ز مور ودلت الآية على ان المجتهد قد يخطئ كما اخطأ اسامة وان خطاءه قد كان مغتفرا حيث لم يقتص منه وعلى ان الذكر اللساني معتبر كما ان ايمان المقلد صحيح لكن ينبغى للمؤمن ان يترقى من الذكر اللساني الى الذكر القلبي ثم الى الذكر الروحي ويحصل له التعين والمعرفة ويخلص من ظلمة الجهل ويتنور بنور المعرفة لان الإنسان يموت كما يعيش. عن ابن عباس ان جبريل عليه السلام جاء الى النبي عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى أمتي يوم القيامة) قال أفي امر اهل الكفر أم اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت قال قم بإذن الله فقام الرجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ارزق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون

[سورة النساء (4) : آية 95]

كما تموتون) هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت. والاشارة فى الآية الى البالغين الواصلين بالسير الى الله ان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ووفقوا لمجرد الايمان بالغيب إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعنى سرتم بقدم السلوك فى طلب الحق حتى صار الايمان إيقانا والإيقان إحسانا والإحسان عيانا والعيان غيبا وصار الغيب شهادة والشهادة شهودا والشهود شاهدا والشاهد مشهودا وبهما اقسم الله بقوله وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ فافهم جدا وهذا مقام الشيخوخية فَتَبَيَّنُوا عن حال المريدين وتثبتوا فى الرد والقبول وفى قوله وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً اشارة الى ارباب الطلب فى البدء والارادة اى إذا تمسك أحد بذيل ارادتكم والقى إليكم السلام بالانقياد والاستسلام لكم فلا تقولوا ألست مؤمنا اى صادقا مصدقا فى التسليم لاحكام الصحبة وقبول التصرف فى المال والنفس على شرط الطريقة ولا تردوه ولا تنفروه بمثل هذه التشديدات وقولوا له كما امر الله موسى وهارون عليهما السلام فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً فما أنتم أعز من الأنبياء ولا المريد المبتدئ أذل من فرعون ولا يهولنكم امر رزقه فتجتنبون منه طلبا للتخفيف والى هذا المعنى أشار بقوله تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فلا تهتموا لاجل الرزق فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ اى كذلك كنتم ضعفاء فى الصدق والطلب محتاجين الى الصحبة والتربية بدواء الارادة فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بصحبة المشايخ وقبولهم إياكم والإقبال على تربيتكم وإيصال رزقكم إليكم وشفقتهم وعطفهم عليكم فَتَبَيَّنُوا ان تردوا صادقا اهتماما لرزقه او تقبلوا كاذبا حرصا على تكثير المريدين إِنَّ اللَّهَ كانَ فى الأزل بِما تَعْمَلُونَ اليوم من الرد والقبول والاحتياج الى الرزق الذي تهتمون له خَبِيراً بتقدير امور قدرها فى الأزل وفرغ منها كما قال عليه السلام (ان الله فرغ من الخلق والرزق والاجل) وقال (الضيف إذا نزل نزل برزقه وإذا ارتحل ارتحل بذنوب مضيفه) كذا فى التأويلات النجمية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ عن الجهاد مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حال من القاعدين اى كائنين من المؤمنين وفائدتها الإيذان من أول الأمر بعدم إخلال وصف القعود بايمانهم والاشعار بعلة استحقاقهم كما سيأتى من الحسنى غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ بالرفع صفة للقاعدون. فان قلت كلمة غير لا تتعرف بالاضافة فكيف جاز كونها صفة للمعرفة. قلت اللام فى القاعدون للعهد الذهني فهو جار مجرى النكرة حيث لم يقصد به قوم بأعيانهم والأظهر انه بدل من القاعدون. والضرر المرض والعاهة من عمى او عرج او شلل او زمانة او نحوها وفى معناه العجز عن الاهبة. عن زيد بن ثابت رضى الله عنه انه قال كنت الى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذه على فخذى حتى خشيت ان ترضها اى تكسرها ثم سرى عنه وازيل ما عرض له من شدة الوحى فقال (اكتب فكتبت لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) فقال ابن أم مكتوم وكان أعمى يا رسول الله وكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فغشيته السكينة كذلك ثم سرى عنه فقال (اكتب لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر) قال زيد أنزلها الله وحدها فالحقتها فالمراد

[سورة النساء (4) : آية 96]

بالقاعدين هم الأصحاء الذين اذن لهم فى القعود عن الجهاد اكتفاء بغيرهم لان الغزو فرض كفاية قال ابن عباس رضى الله عنهما هم القاعدون عن بدر والخارجون إليها وهو الظاهر الموافق لتاريخ النزول وَالْمُجاهِدُونَ عطف على القاعدون فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ اى لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الجهاد من غير علة فى الاجر والثواب. فان قلت معلوم ان القاعد بغير عذر والمجاهد لا يستويان فما فائدة نفى الاستواء. قلت فائدته تذكير ما بينهما من التفاوت العظيم ليرغب القاعد فى الجهاد رفعا لرتبته وانفة عن انحطاط منزلته فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ جملة موضحة لما نفى الاستواء فيه فان انتفاء الاستواء بينهما يحتمل ان يكون بزيادة درجة أحدهما على درجة الآخر وبنقصانها فبين الله تعالى بهذه الجملة ان انتفاء استوائهما انما هو بانه تعالى فضل المجاهدين كأنه قيل مالهم لا يستوون فاجيب بذلك عَلَى الْقاعِدِينَ غير اولى الضرر لكون الجملة بيانا للجملة الاولى المتضمنة لهذا الوصف دَرَجَةً تنوينها للتفخيم كما سيأتى ونصبها بنزع الخافض اى بدرجة او على المصدرية لانه لتضمنه معنى التفضيل ووقوعه موقع المرة من التفضيل كان بمنزلة ان يقال فضلهم تفضيلة واحدة ونظيره قولك ضربه سوطا بمعنى ضربه ضربة وَكُلًّا من القاعدين والمجاهدين وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى الجنة لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم وانما التفاوت فى زيادة العمل المقتضى لمزيد الثواب. قوله كلا مفعول أول لوعد والحسنى مفعوله الثاني وتقديم الاول على الفعل لافادة القصر تأكيدا للوعد اى كلا منهما وعد الله الحسنى لا أحدهما فقط والجملة اعتراض جيئ بها تداركا لما عسى يوهمه تفضيل أحد الفريقين على الآخر من حرمان المفضول. قال الفقهاء وهذا يدل على ان الجهاد فرض كفاية وليس مفروضا على كل أحد بعينه لانه تعالى وعد القاعدين عنه الحسنى كما وعد المجاهدين ولو كان الجهاد واجبا على كل أحد على التعيين لما كان القاعد أهلا لوعد الله تعالى إياه بالحسنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ عطف على قوله فضل الله أَجْراً عَظِيماً نصب على المصدر لان فضل بمعنى آجر اى آجرهم اجرا عظيما وإيثاره على ما هو مصدر من فعله للاشعار بكون ذلك التفضيل اجرا لاعمالهم او مفعول ثان لفضل لتضمنه معنى الإعطاء اى وأعطاهم زيادة على القاعدين اجرا عظيما. وقيل نصب بنزع الخافض اى فضلهم بأجر عظيم دَرَجاتٍ بدل من اجرا بدل الكل مبين لكمية التفضيل مِنْهُ صفة لدرجات دالة على فخامتها وجلالة قدرها اى درجات كائنة منه تعالى وهى سبعون درجة ما بين كل درجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين خريفا او سبعمائة درجة وفى الحديث (ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله تعالى للمجاهدين فى سبيله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) ويجوز ان يكون انتصاب درجات على المصدرية كما فى قولك ضربه أسواطا اى ضربات كأنه قيل فضلهم تفضيلات وَمَغْفِرَةً بدل من اجرا بدل البعض لان بعض الاجر ليس من باب المغفرة أي مغفرة لما يفرط منهم من الذنوب التي لا يكفرها سائر الحسنات التي لا يأتى بها القاعدون ايضا حتى تعد من خصائصهم وَرَحْمَةً بدل الكل من اجرا

مثل درجات ويجوز ان يكون انتصابهما بإضمار فعلهما اى غفر لهم مغفرة ورحمهم رحمة هذا ولعل تكرير التفضيل بطريق العطف المنبئ عن المغايرة وتقييده تارة بدرجة واخرى بدرجات مع اتحاد المفضل والمفضل عليه حسبما يقتضيه الكلام ويستدعيه حسن الانتظام اما لتنزيل الاختلاف العنواني بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات منزلة الاختلاف الذاتي تمهيدا لسلوك طريقة الإيهام ثم التفسير روما لمزيد التحقيق والتقرير كما فى قوله تعالى وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ كأنه قيل فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة لا يقادر قدرها ولا يفهم كنهها وحيث كان تحقق هذا العنوان البعيد بينهما موهما لحرمان القاعدين قيل وكلا وعد الله الحسنى ثم أريد تفسير ما أفاده التنكير بطريق الإبهام بحيث يقطع احتمال كونه للوحدة فقيل ما قيل ولله در شأن التنزيل واما للاختلاف بالذات بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات على ان المراد بالتفضيل الاول ماخولهم الله تعالى عاجلا فى الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل الحقيق بكونه درجة واحدة وبالتفضيل الثاني ما أنعم به فى الآخرة من الدرجات العالية الفائتة للحصر كما ينبئ عنه تقديم الاول وتأخير الثاني وتوسيط الوعد بالجنة بينهما كأنه قيل فضلهم عليهم فى الدنيا درجة واحدة وفى الآخرة درجات لا تحصى وقد وسط بينهما فى الذكر ما هو متوسط بينهما فى الوجود اعنى الوعد بالجنة توضيحا لحالهما ومسارعة الى تسلية المفضول والله سبحانه اعلم. وقيل المجاهدون الأولون من جاهد الكفار والآخرون من جاهد نفسه وعليه قوله عليه السلام (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لذنوب من جاهد فى سبيله رَحِيماً يدخله الجنة برحمته وهو تذييل مقرر لما وعد من المغفرة والرحمة. قال القشيري رحمه الله ان الله سبحانه جمع أولياءه فى الكرامات لكنه غاير بينهم فى الدرجات فمن غنى وغيره اغنى منه ومن كبير وغيره اكبر منه هذه الكواكب متيرة لكن القمر فوقها وإذا طلعت الشمس بهرت اى غلبت جميعها بنورها انتهى فالجنة مشتركة بين الواصلين البالغين والطالبين المنقطعين بعذر وعوام المؤمنين القاعدين عن الطلب بلا عذر لكن الطائفة الاولى فى واد والأخريان فى واد آخر لا يستوون عند الله تعالى: قال المولى الجامى قدس سره اى كمند بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير پيش از آن كت أجل كند بيدار ... گر نمردى ز خواب سر بردار انما السائرون كل رواح ... يحمدون السرى لدى الإصباح ودلت الآية على ان اولى الضرر مساوون للمجاهدين فى الاجر والثواب- روى- عنه عليه السلام انه لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة قال (ان فى المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد الا كانوا معكم فيه) قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال (نعم وهم بالمدينة حبسهم حابس العذر) وهم الذين صحت نياتهم وتعلقت قلوبهم بالجهاد وانما منعهم عن الجهاد الضرر

[سورة النساء (4) : الآيات 97 إلى 102]

هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد درخور كالاى خويش قال عليه السلام (إذا مرض العبد قال الله تعالى اكتبوا لعبدى ما كان يعمله فى الصحة الى ان يبرأ) وقال المفسرون فى قوله تعالى ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ان من صار هر ما كتب الله له اجر عمله قبل هرمه غير منقوص. وقالوا فى تفسير قوله عليه السلام (نية المؤمن خير من عمله) ان المؤمن ينوى الايمان والعمل الصالح لو عاش ابدا فيحصل له ثواب تلك النية ابدا قالوا هذه المساواة مشروطة بشريطة اخرى سوى الضرر قد ذكرت فى قوله تعالى فى اواخر سورة التوبة لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ والنصيحة لهما طاعة لهما والطاعة لهما فى السر والعلن وتوليهما فى السراء والضراء والحب فيهما والبغض فيهما كما يفعل الموالي الناصح بصاحبه كذا فى تفسير الإرشاد. واعلم ان الجهاد من أفاضل المكاسب وامائل الحرف فلا ينبغى للعاقل ان يترك الجهاد او التحدث به فان من مات ولم يغزو لم يحدث به نفسه فقد مات ميتة جاهلية ومعنى التحدث طلبه الغزو واخطاره بالبال. قال بعض الكبار السبق بالهمم لا بالقدم وفى الحديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ومعناه ان من أنعم الله عليه بهاتين النعمتين وهما صحة الجسد بالعافية التي هى كالتاج على رؤس الأصحاء لا يراه الا السقيم والفراغ من شواغل الدنيا وعلقها فمن حصل له هاتان النعمتان واشتغل عن القيام بواجب حق الله تعالى فهذا هو الذي غبن بضياع حظه ونصيبه من طاعة الله وبذل النفس فى الخدمة وتحصيل ما ينفعه لآخرته من انواع الطاعات والقربات اللهم اجعلنا من المنتفعين بحياتهم والمتوجهين إليك فى مرضهم وصحتهم ولا تقطعنا عنك ولو لحظة عين ولا تشغلنا عن الوصل بالبين انك أنت الغفور الرحيم إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ يحتمل ان يكون ماضيا فيكون اخبارا عن احوال قوم معينين انقرضوا ومضوا وان يكون مضارعا قد حذف منه احدى التاءين وأصله تتوفاهم وعلى هذا تكون الآية عامة فى حق كل من كان بهذه الصفة والظاهر ان لفظ المضارع هاهنا على حكاية الحال الماضية والقصد الى استحضار صورتها بشهادة كون خبر ان فعلا ماضيا وهو قالوا والمراد بتوفى الملائكة إياهم قبض أرواحهم عند الموت والملك الذي فوض اليه هذا العمل هو ملك الموت وله أعوان من الملائكة واسناد التوفى الى لله تعالى فى قوله اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ وفى قوله قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ مبنى على ان خالق الموت هو الله تعالى ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فى حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة واختيار مجاورة الكفرة الموجبة للاخلال بامور الدين فانها نزلت فى ناس من مكة قد اسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة فانه تعالى لم يكن يقبل الإسلام بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة الا بالهجرة إليها ثم نسخ ذلك بعد فتح مكة بقوله عليه السلام (لا هجرة بعد الفتح) قال الله تعالى فيمن آمن وترك الهجرة الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وهو حال من ضمير توفاهم فانه وان كان مضافا الى المعرفة وحق الحال ان يكون نكرة الا ان أصله ظالمين أنفسهم فتكون الاضافة لفظية قالُوا اى الملائكة

[سورة النساء (4) : الآيات 98 إلى 99]

للمتوفين تقريرا لهم بتقصيرهم فى اظهار إسلامهم واقامة أحكامه من الصلاة ونحوها وتوبيخا لهم بذلك فِيمَ كُنْتُمْ اى فى أي شىء كنتم من امور دينكم كأنه قيل فماذا قالوا فى الجواب فقيل قالُوا متجانفين عن الإقرار الصريح بما هم فيه من التقصير متعللين بما يوجبه على زعمهم كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ اى فى ارض مكة عاجزين عن القيام بمواجب الدين فيما بين أهلها قالُوا ابطالا لتعللهم وتبكيتا لهم أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها الى قطر آخر منها تقدرون فيه على اقامة امور الدين كما فعله من هاجر الى المدينة والى الحبشة وقيل كانت الطائفة المذكورة قد خرجوا مع المشركين الى بدر فقتلوا فيها فضربت الملائكة وجوههم وادبارهم وقالوا لهم ما قالوا فيكون ذلك منهم تقريعا وتوبيخا لهم بما كانوا فيه من مساعدة الكفرة بانتظامهم فى عسكرهم ويكون جوابهم بالاستضعاف تعللا بانهم كانوا مقهورين تحت أيديهم وانهم أخرجوهم اى الى بدر كارهين فرد عليهم بانهم كانوا بسبيل من الخلاص من قهرهم متمكنين من المهاجرة فَأُولئِكَ الذين حكيت أحوالهم الفظيعة مَأْواهُمْ اى فى الآخرة جَهَنَّمُ كما ان مأواهم فى الدنيا دار الكفر لتركهم الواجب ومساعدتهم الكفار وكون جهنم مأواهم نتيجة لما قبله وهو الجملة الدالة على ان لا عذر لهم فى ذلك أصلا فعطف عليه عطف جملة على اخرى وَساءَتْ مَصِيراً مصيرهم جهنم إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الاستثناء منقطع فان المتوفين ظالمين أنفسهم اما مرتدون او عصاة بتركهم الهجرة مع القدرة عليها وهؤلاء المستضعفون اى المستذلون المقهورون تحت أيدي الكفار ليسوا بقادرين عليها فلم يدخلوا فيهم فكان الاستثناء منقطعا والجار والمجرور حال من المستضعفين اى كائنين منهم. فان قلت المستثنى المنقطع وان لم يكن داخلا فى المستثنى منه لكن لا بد ان يتوهم دخوله فى حكم المستثنى منه ومن المعلوم ان لا يتوهم دخول الأطفال فى الحكم السابق وهو كون مأواهم جهنم فكيف ذكر فى عداد المستثنى قلت للمبالغة فى التحذير من ترك الهجرة وإيهام انها لو استطاعها غير المكلفين لوجبت عليهم والاشعار بانه لا محيص لهم عنها البتة تجب عليهم إذا بلغوا حتى كأنها واجبة عليهم قبل البلوغ لو استطاعوا وان قوامهم يجب عليهم ان يهاجروا بهم متى أمكنت لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا صفة للمستضعفين إذ لا توقيت فيه فيكون فى حكم المنكر واستطاعة الحيلة وجدان اسباب الهجرة وما تتوقف عليه واهتداء السبيل معرفة طريق الموضع المهاجر اليه بنفسه او بدليل فَأُولئِكَ اشارة الى المستضعفين الموصوفين بما ذكر من صفات العجز عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ذكر بكلمة الاطماع ولفظ العفو إيذانا بان ترك الهجرة امر خطير حتى ان المضطر من حقه ان لا يأمن ويترصد الفرصة ويعلق بها قلبه وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً معنى كونه عفوا صفحه واعراضه عن العقوبة ومعنى كونه غفورا ستر القبائح والذنوب فى الدنيا والآخرة فهو كامل العفو تام الغفران: قال السعدي قدس سره پس پرده بيند عملهاى بد ... هم او پرده پوشد ببالاى خود

[سورة النساء (4) : آية 100]

وفى الآية الكريمة ارشاد الى وجوب المهاجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من اقامة امور دينه بأى سبب كان. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة وكان رفيق أبيه ابراهيم ونبيه محمد عليه السلام) قال الحدادي فى تفسيره فى قوله تعالى أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها دليل انه لا عذر لاحد فى المقام على المعصية فى بلده لاجل المال والولد والأهل بل ينبغى ان يفارق وطنه ان لم يمكنه اظهار الحق فيه ولهذا روى عن سعد بن جبير انه قال إذا عمل بالمعاصي بأرض فاخرج منها سعديا حب وطن گرچهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا ز آدم والاشارة فى الآية ان المؤمن عام وخاص وخاص الخاص كقوله فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وهو العام وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وهو الخاص وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ وهو خاص الخاص إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ هم العوام الذين ظلموا أنفسهم بتدسيتها من غير تزكيتها عن أخلاقها الذميمة وتحليتها بالأخلاق الحميدة ليفلحوا فحابوا وخسروا كما قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ اى قالت الملائكة حين قبضوا أرواحهم فى أي غفلة كنتم تضيعون اعماركم وتبطلون استعدادكم الفطري وفى أي واد من او دية الهوى تهيمون وفى أي روضة من رياض الدنيا كنتم تؤثرون الفاني على الباقي وتنسون الطهور والساقي وإخوانكم يجاهدون فى سبيل الله باموالهم وأنفسهم ويهاجرون عن الأوطان ويفارقون الاخوان والأخدان قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ اى عاجزين فى استيلاء النفس الامارة وغلبة الهوى مأسورى الشيطان فى حبس البشرية قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ اى ارض القلب واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فتحرجوا من مضيق ارض البشرية فتسلكوا فى فسحة عالم الروحانية بل تطيروا فى هواء الهوية فَأُولئِكَ يعنى ظالمى أنفسهم مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ البعد عن مقامات القرب وَساءَتْ مَصِيراً جهنم البعد لتاركى القرب والمتقاعدين عن جهاد النفس إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الذي صفتهم لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً فى الخروج عن الدنيا لكثرة العيال وضعف الحال ولا على قهر النفس وغلبة الهوى ولا على قمع الشيطان فى طلب الهدى وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا الى صاحب ولاية يتمسكون بعروته الوثقى ويعتصمون بحبل إرادته فى طلب المولى فيخرجهم من ظلمات ارض البشرية الى نور سماء الربوبية على أقدام العبودية وهم المقتصدون المشتاقون ولكنهم بحجب الانانية محجوبون ومن شهود جمال الحق محرومون فعذرهم بكرمه ووعدهم رحمته وقال فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ السكون عن الله والركون الى غير الله وَكانَ اللَّهُ فى الأزل عَفُوًّا ولعفوه أمكنهم التقصير فى العبودية غَفُوراً ولغفرانه امهلهم فى إعطاء حق الربوبية كذا فى التأويلات النجمية وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ترغيب فى المهاجرة وتأنيس لها وسبيل الله ما امر بسلوكه يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً اى متحولا يتحول اليه ومهاجرا وانما عبر عنه بذلك تأكيدا للترغيب لما فيه من الاشعار

بكون ذلك المتحول بحيث يصل المهاجر بما فيه من الخير والنعمة الى ما يكون سببا لرغم انف قومه الذين هاجرهم. والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الانف بالرغام وهو التراب يقال ارغم الله انفه اى ألصقه بالرغام ولما كان الانف من جملة الأعضاء فى غاية العزة والتراب فى غاية الذلة جعل قولهم رغم انفه كناية عن الذلة وَسَعَةً فى الرزق واظهار الدين وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً اى مفارقا قومه واهله وولده إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ اى الى طاعة الله وطاعة رسوله ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ اى قبل ان يصل الى المقصد وان كان ذلك خارج بابه كما ينبئ عنه إيثار الخروج من بيته على المهاجرة فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ الوقوع والوجوب متقاربان والمعنى ثبت اجره عند الله ثبوت الأمر الواجب وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً مبالغا فى المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي من جملتها القعود عن الهجرة الى وقت الخروج رَحِيماً مبالغا فى الرحمة فيرحمه بإكمال ثواب هجرته- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث بالآيات المحذرة عن ترك الهجرة الى مسلمى مكة. قال جندب بن ضمرة من بنى الليث لبنيه وكان شيخا كبيرا لا يستطيع ان يركب الراحلة احملوني فانى لست من المستضعفين وانى لأهتدى الطريق ولى من المال ما يبلغنى المدينة وابعد منها والله لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها الى المدينة فلما بلغ التنعيم وهو موضع قريب من مكة اشرف على الموت فاخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فلما بلغ خبره اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لو توفى بالمدينة لكان أتم اجرا وقال المشركون وهم يضحكون ما أدرك هذا ما طلب فانزل الله هذه الآية فمن هذا قالوا المؤمن إذا قصد طاعة ثم أعجزه العذر عن إتمامها كتب الله له ثواب تمام تلك الطاعة. وفى الكشاف قالوا كل هجرة لغرض دينى من طلب علم او حج او جهاد او فرار الى بلد يزداد فيه طاعة او قناعة وزهدا فى الدنيا او ابتغاء رزق طيب فهى هجرة الى الله ورسوله وان أدركه الموت فى طريقه فاجره واقع على الله انتهى. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين. يقول الفقير سمى الذبيح المتخلص بحقي سمعت مرة شيخى العارف العلامة أبقاه الله بالسلامة وهو يقول عند تفسير هذه الآية ان الطالب الصادق إذا سافر من ارض بشريته الى مقام القلب فمات قبل ان يصل الى مراده فله نصيب من اجر البالغين الى ذلك المقام لصدق طلبه وعدم انقطاعه عن الطريق الى حد الموت بل الله يكمله فى عالم البرزخ بوساطة روح من ارواحه او بوساطة فيضه. ومثل هذا جاء فى حق بعض السلاك وله نظير فى الشريعة كما روى عن الحسن البصري رحمه الله انه قال بلغني ان المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن امر حفظته ان يعلموه القرآن فى قبره حتى يبعثه الله تعالى يوم القيامة مع اهله فاذا كان طالب القرآن الرسمى بالغا الى مراده وانّ فى البرزخ لحرصه على التحصيل فليس ببدع ان يكون طالب القرآن الحقيقي وأصلا الى مرامه فى عالم المثال المقيد لشغفه على التكميل. أقول واما ما قال الشيخ الكبير صدر الدين القنوى قدس سره فى الفلك الآخر من الفلوك من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان

فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة انتهى فلعله فى حق اهل الحجاب الذين قعدوا عن الطلب رأسا لا فى حق اهل الحجاب الذين سلكوا فماتوا قبل الوصول الى مكاشفة الافعال ومشاهدة الصفات ومعاينة الذات. قال المولى الجامى فى شرح الكلمة الشعيبية من الفصوص الحكمية فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى الآية انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى الدار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها واما قوله عليه السلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله) فهو يدل على ان الأشياء التي يتوقف حصولها على الأعمال لا تحصل وما لا يتوقف عليها بل يحصل بفضل الله ورحمته فقد يحصل وذلك من مراتب التجافي انتهى كلامه. فعلى السالك ان لا ينقطع عن الطريق ويرجو من الله التوفيق كى يصل الى منزل التحقيق: قال الحافظ الشيرازي كاروان رفت تو در راه كمين گاه بخواب ... وه كه بس بيخبر از غلغل چندين جرسى بال بگشاى صفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى تا چومجمر نفسى دامن جانان گيرم ... جان نهاديم بر آتش ز پى خوش نفسى چند پويد بهواي تو بهر سو حافظ ... يسر الله طريقا بك يا ملتمسى وفى التأويلات النجمية ان الاشارة فى الآية من غاية ضعف الإنسان وحياته الحيوانية واستهواء الشيطان يكون الخوف غالبا على الطالب الصادق فى بدء طلبه فكما أراد أن يسافر عن الأوطان ويهاجر عن الاخوان طالبا فوائد اشارة سافروا لتصحوا وتغنموا لا زالة مرض القلب ونيل صحة الدين والفوز بغنيمة صحبة شيخ كامل مكمل وطبيب حاذق مشفق ليعالج مرض قلبه ويبلغه كعبة طلبه فتسول له النفس اعداد الرزق وعدم الصبر ويعده الشيطان بالفقر فقال تعالى على قضية وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى طلب الله يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً اى بلادا أطيب من بلاده وإخوانا فى الدين احسن من إخوانه وَسَعَةً فى الرزق. وفيه اشارة اخرى وهى ومن يهاجر عن بلد البشرية فى طلب حضرة الربوبية يجد فى ارض الانسانية مراغما كثيرا اى متحولا ومنازل مثل القلب والروح والسر وسعة اى وسعة فى تلك العوالم الوسيعة او سعة من رحمة الله كما اخبر الله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام عن تلك الوسعة والسعة بقوله (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن) فافهم يا كثير الفهم قصير النظر قليل العبر ثم قال دفعا للهواجس النفسانية والوساوس الشيطانية فى التخويف بالموت والإيعاد بالفوت وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ الى بيت بشريته بترك الدنيا وقمع الهوى وقهر النفس بهجران صفاتها وتبديل أخلاقها مُهاجِراً الى الله طالباله فى مبايعة رسوله ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ قبل وصوله فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ يعنى فقد أوجب الله تعالى على ذمة كرمه بفضله ورحمته ان يبلغه الى أقصى مقاصده وأعلى مراتبه فى الوصول بناء على صدق نيته وخلوص طويته إذا كان المانع من اجله ونية المؤمن خير من عمله وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لذنب بقية انانية وجوده رَحِيماً عليه بتجلى صفة جوده ليبلغ

[سورة النساء (4) : آية 101]

العبد الى كمال مقصوده بمنه وكرمه وسعة جوده انتهى كلام التأويلات وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ شروع فى بيان كيفية الصلاة عند الضرورات من السفر ولقاء العدو والمطر والمرض اى إذا سافرتم أي مسافرة كانت للهجرة او للجهاد او لغيرهما فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى حرج ومأثم فى أَنْ تَقْصُرُوا شيأ مِنَ الصَّلاةِ فهو صفة لمحذوف والقصر خلاف المد يقال قصرت الشيء اى جعلته قصيرا بحذف بعض اجرائه او أوصافه فمتعلق القصر حقيقة انما هو ذلك الشيء لا بعضه فانه متعلق الحذف دون القصر وعلى هذا فقوله من الصلاة ينبغى ان يكون مفعولا لتقصروا على زيادة من حسبما رآه الأخفش واما على تقدير ان تكون تبعيضية ويكون المفعول محذوفا كما هو رأى سيبويه اى شيأ من الصلاة فينبغى ان يصار الى وصف الجزء بصفة الكل والمراد قصر الرباعيات بالتنصيف فانها تصلى فى السفر ركعتين فالقصر انما يدخل فى صلاة الظهر والعصر والعشاء دون المغرب والفجر وادنى مدة السفر الذي يجوز فيه القصر عند ابى حنيفة رحمه الله مسيرة ثلاثة ايام ولياليها الأيام للمشى والليالى للاستراحة بسير الإبل ومشى الاقدام بالاقتصاد ولا اعتبار بإبطاء الضارب اى المسافر السائر واسراعه فلو سار مسيرة ثلاثة ايام ولياليهن فى يوم قصر ولو سار مسيرة يوم فى ثلاثة ايام لم يقصر ثم تلك المسيرة ستة برد جمع بريد كل بريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال باميال هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قدر أميال البادية كل ميل اثنا عشر الف قدم وهى اربعة آلاف خطوة فان كل ثلاثة أقدام خطوة. وظاهر الآية الكريمة التخيير بين القصر والإتمام وان الإتمام أفضل لكن عندنا يجب القصر لا محالة خلا ان بعض مشايخنا سماه عزيمة وبعضهم رخصة إسقاط بحيث لا مساغ للاتمام لا رخصة توفية إذ لا معنى للتخيير بين الأخف والأثقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صدقة تصدق الله بها عليكم) وهو يدل على عدم جواز الا كمال لان التصدق بما لا يحتمل التمليك إسقاط محض لا يحتمل الرد فليس لنا الا التدين بما شرع الله والعمل بما حكم. قال فى الأشباه القصر للمسافر عندنا رخصة إسقاط بمعنى العزيمة بمعنى ان الإتمام لم يبق مشروعا حتى اثم به وفسدت لو أتم ومن لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاته لاتصال النافلة بها قبل كمال أركانها وان قعد فى آخر الركعة الثانية قدر التشهد اجزأته الأخريان نافلة ويصير مسيئا بتأخير السلام. قال فى تفسير الحدادي المسافر إذا صلى الظهر أربعا ولم يقعد فى الثانية قدر التشهد فسدت صلاته كمصلى الفجر أربعا انتهى فان قلت فما تصنع بقوله فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا فلم ورد ذلك بنفي الجناح. قلت لما انهم الفوا الإتمام فكانوا مظنة ان يخطر ببالهم ان عليهم نقصانا فى القصر فصرح بنفي الجناح عنهم لتطيب به نفوسهم ويطمئنوا اليه كما فى قوله تعالى فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما مع ان ذلك الطواف واجب عندنا ركن عند الشافعي ثم ان العاصي كالمطيع فى رخصة السفر حتى ان الآبق وقاطع الطريق يقصران لان المقيم العاصي يمسح يوما وليلة كالمقيم المطيع فكذا المسافر ولان السفر ليس بمعصية فلا يعتبر غرض العاصي إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه اى ان خفتم

[سورة النساء (4) : آية 102]

ان يتعرضوا لكم بما تكرهون من القتال وغيره فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة والقصر ثابت بهذا النص فى حال الخوف خاصة واما فى حال الامن فبالسنة. قال المولى ابو السعود فى تفسيره وهو شرط معتبر فى شرعية ما يذكر بعده من صلاة الخوف المؤداة بالجماعة واما فى حق مطلق القصر فلا اعتبار له اتفاقا لتظاهر السنن على مشروعيته. ثم قال بعد كلام بل نقول ان الآية الكريمة مجملة فى حق مقدار القصر وكيفيته وفى حق ما يتعلق به من الصلاة وفى مقدار مدة القصر الذي نيط به القصر فكل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من القصر فى حال الأمن وتخصيصه بالرباعيان على وجه التنصيف وبالضرب فى المدة المعينة بيان لا جمال الكتاب انتهى. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال سافر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين مكة والمدينة لا يخاف الا الله فصلى ركعتين كذا فى الوسيط إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً اى ظاهر العداوة وكمال عداوتهم من موجبات التعرض لكم بقتال او غيره وَإِذا كُنْتَ يا محمد فِيهِمْ اى مع المؤمنين الخائفين فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ اى إذا أردت ان تقيم بهم الصلاة. قال ابن عباس لما رأى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قاموا الى صلاة الظهر وهو يؤمهم وذلك فى غزوة ذات الرقاع ندموا على تركهم الاقدام على قتالهم فقال بعضهم دعوهم فان لهم بعدها صلاة هى أحب إليهم من آبائهم وأولادهم وأموالهم يريدون صلاة العصر فان رأيتموهم قاموا إليها فشدوا عليهم فاقتلوهم فنزل جبرائيل عليه السلام بهؤلاء الآيات بين الصلاتين فعلمه كيفية أداء صلاة الخوف واطلعه الله على قصدهم ومكرهم ذهب الجمهور الى ان صلاة الخوف ثابتة مشروعة بعده صلى الله عليه وسلم فى حق كل الامة غايته انه تعالى علم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية أداء الصلاة حال الخوف لتقتدى به الامة فيتناولهم الخطاب الوارد له عليه السلام. قال فى الكشاف ان الائمة نواب عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى كل عصر قوام بما كان يقوم به فكان الخطاب له متناولا لكل امام يكون حاضرا بجماعة فى حال الخوف عليه ان يؤمهم كما أم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجماعات التي كان يحضرها ألا يرى ان قوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ لم يوجب كونه عليه السلام مخصوصا بها دون غيره من الائمة بعده فكذا صلاة الخوف فاندفع قول من قال صلاة الخوف مخصوصة بحضرة الرسول عليه السلام حيث شرط كونه بينهم فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ بعد ان جعلتهم طائفتين ولتقف الطائفة الاخرى بإزاء العدو ليحرسوكم منهم وَلْيَأْخُذُوا اى الطائفة القائمة معك وهم المصلون أَسْلِحَتَهُمْ اى لا يضعوها ولا يلقوها وانما عبر عن ذلك بالأخذ للايذان بالاعتناء باستصحابها كأنهم يأخذونها ابتداء فَإِذا سَجَدُوا اى القائمون معك وأتموا الركعة فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ اى فلينصرفوا الى مقابلة العدو للحراسة وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا بعد وهى الطائفة الواقفة تجاه العدو للحراسة فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ الركعة الباقية ولم يبين فى الآية الكريمة حال الركعة الباقية لكل من الطائفتين وقد بين ذلك بالسنة حيث روى عن ابن عمر وابن مسعود ان النبي عليه السلام حين صلى صلاة الخوف صلى بالطائفة الاولى ركعة وبالطائفة

الاخرى ركعة كما فى الآية ثم جاءت الطائفة الاولى وذهبت هذه الى العدو حتى قضت الاولى الركعة الاخرى بلا قراءة وسلموا ثم جاءت الطائفة الاخرى وقضوا الركعة الاولى بقراءة حتى صار لكل طائفة ركعتان هذا إذا كان مسافرا او فى الفجر لان الركعة الواحدة شطر صلاته واما إذا كان مقيما او فى المغرب فيصلى بالطائفة الاولى الركعتين لانهما الشطر. وفى الكافي لو اخطأ الامام فصلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين اى فى المغرب فسدت صلاة الطائفتين. وتفصيل كيفية الصلاة عند الخوف من عدو او سبع كفى مؤونته باب الصلاة الخوف فى الفروع فارجع اليه وَلْيَأْخُذُوا اى هذه الطائفة حِذْرَهُمْ وهو التحذر والتيقظ وَأَسْلِحَتَهُمْ. ان قلت الحذر من قبيل المعاني فكيف يتعلق الاخذ الذي لا يتعلق الا بما هو من قبيل الأعيان كالسلاح. قلت انه من قبيل الاستعارة بالكناية فانه شبه الحذر بآلة يستعملها الغازي وجعل تعلق الاخذ به دليلا على هذا التشبيه المضمر فى النفس فيكون استعارة تخييلية ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز من حيث ان اسناد الاخذ الى الاسلحة حقيقة والى الحذر مجاز وذلك لان الاخذ على حقيقته وانما المجاز إيقاعه فافهم ولعل زيادة الأمر بالحذر فى هذه المرة كونها مظنة لوقوف الكفرة على كون الطائفة القائمة مع النبي عليه السلام فى شغل شاغل واما قبلها فربما يظنونهم قائمين للحرب وتكليف كل من الطائفتين بأخذ الحذر والاسلحة لما ان الاشتغال بالصلاة مظنة لالقاء السلاح والاعراض عن ذكرها ومئنة لهجوم العدو كما ينطق به ما بعد الآية. قال الامام الواحدي فى قوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ رخصة للخائف فى الصلاة لان يجعل بعض فكره فى غير الصلاة وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً الخطاب للفريقين بطريق الالتفات اى تمنوا ان ينالوا منكم غرة وينتهزوا فرصة فيشدوا عليكم شدة واحدة والمراد بالامتعة ما يتمتع به فى الحرب لا مطلقا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ رخصة لهم فى وضع الاسلحة ان ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلهم من مطر او يضعفهم من مرض وهذا يؤيد ان الأمر بالأخذ للوجوب دون الاستحباب. وقال الفقهاء حمل السلاح فى صلاة الخوف مستحب لان الحمل ليس من اعمال الصلاة والأمر فى قوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ محمول على الندب وَخُذُوا حِذْرَكُمْ أمرهم مع ذلك بأخذ الحذر اى بالتيقظ والاحتياط لئلا يهجم عليهم العدو غيلة. قال ابن عباس رضى الله عنهما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم محاربا ببني انمار فهزمهم الله تعالى فنزل النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمون ولا يرون من العدو أحدا فوضعوا أسلحتهم وخرج رسول الله يمشى لحاجة له وقد وضع سلاحه حتى قطع الوادي والسماء ترش فحال الوادي بينه عليه السلام وبين أصحابه فجلس فى اصل شجرة فبصر به غورث بن الحارث المحاربي فانحدر من الجبل ومعه السيف وقال لاصحابه قتلنى الله ان لم اقتل محمدا فلم يشعر رسول الله الا وهو قائم على رأسه وقد سل سيفه من غمده فقال يا محمد من يعصمك منى الآن فقال عليه السلام (الله عز وجل) ثم قال (اللهم اكفنى غورث ابن الحارث بما شئت) ثم أهوى بالسيف الى رسول الله ليضربه فانكب على وجهه من زلخة

[سورة النساء (4) : الآيات 103 إلى 109]

زلخها بين كتفيه فندر سيفه فقام رسول الله فاخذه ثم قال (يا غورث من يمنعك منى) قال لا أحد قال عليه السلام (تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وأعطيك سيفك) قال لا ولكن اشهد ان لا أقاتلك ابدا ولا أعين عليك عدوا فاعطاه سيفه فقال غورث والله لانت خير منى فقال عليه السلام (انا أحق بذلك منك) فرجع غورث الى أصحابه فقص عليهم قصته فآمن بعضهم قال وسكن الوادي فرجع رسول الله الى أصحابه وأخبرهم بالخبر إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً تعليل للامر بأخذ الحذر اى أعد لهم عذابا مهينا بان يخذلهم وينصركم عليهم فاهتموا بأموركم ولا تهملوا فى مباشرة الأسباب كى يحل بهم عذابه بايديكم فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ صلاة الخوف اى اديتموها على الوجه المبين وفرغتم منها فظهر منه ان القضاء يستعمل فيما فعل فى وقته ومنه قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ حال كونكم قِياماً اى قائمين وَقُعُوداً اى قاعدين وَعَلى جُنُوبِكُمْ اى مضطجعين اى فداوموا على ذكر الله تعالى وحافظوا على مراقبته ومناجاته ودعائه فى جميع الأحوال حتى فى حال المسابقة والقتال كما فى قوله تعالى إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ سكنت قلوبكم من الخوف وأمنتم بعد ما تضع الحرب أوزارها فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ اى الصلاة التي دخل وقتها حينئذ اى أدوها بتعديل أركانها ومراعاة شرائعها. ومن حمل الذكر على ما يعم الذكر باللسان والصلاة من الحنفية فله ان يقول فى تفسير الآية فداوموا على ذكر الله فى جميع الأحوال وإذا أردتم أداء الصلاة فصلوها قائمين حال الصحة والقدرة على القيام وقاعدين حال المرض والعجز عن القيام ومضطجعين على الجنوب حال العجز عن القعود إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً اى فرضا موقتا. قال مجاهد وقته تعالى عليهم فلا بد من إقامتها فى حالة الخوف ايضا على الوجه المشروع وقيل مفروضا مقدرا فى الحضر اربع ركعات وفى السفر ركعتين فلا بد ان تؤدى فى كل وقت حسبما قدر فيه. قال فى شرح الحكم العطائية ولما علم الله تعالى ما فى العباد من وجود الشره المؤدى الى الملل القاطع عن بلوغ العمل جعل الطاعات فى الأوقات إذ جعل فى اليوم خمسا وفى السنة شهرا وفى المائتين خمسا وفى العمر زورة رحمة بهم وتيسيرا للعبودية عليهم ولو لم يقيد الطاعات بأعيان الأوقات لمنعهم عنها وجود التسويف فاذا يترك معاملته تعاميا وبطرا وبطالة واتباعا للهوى وانما وسع الوقت كى تبقى حصة الاختيار وهذا سر الوقت وكان الواجب على الامة ليلة المعراج خمسين صلاة فخفف الله عنهم وجازاهم بكل وقت عشرا فاجر خمسين فى خمسة اوقات قالوا وجه كون يوم القيامة على الكافر خمسين الف سنة لانه لما ضيع الخمسين عوقب بكل صلاة الف سنة كما أقروا على أنفسهم بقولهم لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وفى الحديث (من ترك صلاة حتى مضى وقتها ثم قضى عذب فى النار حقبا) والحقب ثمانون سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم الف سنة مما تعدون يعنى ترك الصلاة الى وقت القضاء اثم لو عاقب الله به يكون جزاءه هكذا ولكن الله يتكرم بان لا يجازى به إذا تاب عنه كذا فى مشكاة الأنوار وفى الحديث (خمسة لا تطفأ نيرانهم ولا تموت ديدانهم ولا يخفف عنهم

[سورة النساء (4) : آية 104]

من عذابها. مشرك بالله. وعاق لوالديه. والزاني بحليلة جاره. ورجل سلم أخاه الى سلطان جائر. ورجل او امرأة سمع المؤذن يؤذن ولم يجب من غير عذر) يعنى أخرها عن وقتها بغير عذر كذا فى روضة العلماء وفى الحديث (ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد شيأ أحب اليه من الصلاة ولو كان شىء أحب اليه من الصلاة تعبد به ملائكته فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد) وكان آخر ما اوحى به الى النبي عليه السلام الصلاة وما ملكت ايمانكم. واعلم ان لله عبادا قد منحهم ديمومية الصلاة فهم فى صلاتهم دائمون من الأزل الى الابد وليس هذا يدرك بالعقول القاصرة ولا يعقلها الا العالمون بالله تعالى. وفى التأويلات النجمية إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً يعنى واجبا فى جميع الأوقات حين فرضت بقوله فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ اى اديموها رخص فيها بخمس صلوات فى خمسة اوقات لضرورة ضعف الانسانية كما كان الصلاة الخمس خمسين صلاة حين فرضت ليلة المعراج فجعلها بشفاعة النبي عليه السلام خمسا وهذا لعوام الخلق والا اثبت دوام الصلاة للخواص بقوله الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ: وفى المثنوى پنج وقت آمد نماز رهنمون ... عاشقانش فى صلاة دائمون نيست ز رغبا وظيفه ماهيان ... زانكه بي دريا ندارد انس وجان هيچ كس با خويش زرغبا نمود ... هيچ كس با خود بنوبت يار بود در دل عاشق بجز معشوق نيست ... در ميان شان فارق وفاروق نيست وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ نزلت فى بدر الصغرى وهى موضع سوق لبنى كنانة كانوا يجتمعون فيها كل عام ثمانية ايام- روى- ان أبا سفيان قال عند انصرافه من أحد يا محمد موعدنا موسم بدر لقابل ان شئت فقال صلى الله عليه وسلم (ان شاء الله تعالى) فلما كان القابل القى الله الرعب فى قلبه فندم على ما قال فبعث نعيم بن مسعود ليخوف المؤمنين من الخروج الى بدر فلما أتى نعيم المدينة وجد المؤمنين يتجهزون للخروج فقال لهم ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ففتر المؤمنين فقال عليه السلام (لأخرجن ولو لم يخرج معى أحد) فانزل الله هذه الآية إرشادا لمن طرأ عليهم الوهن فى ابتغاء القوم اى طلب ابى سفيان وقوله. والمعنى لا تفتروا ولا تضعفوا فى طلب الكفار بالقتال اى لا يورثنكم ما أصابكم يوم أحد من القتل والجراحات فتورا وضعفا إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ من الجراح فَإِنَّهُمْ اى القوم يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ اى ان كان لكم صارف عن الحرب وهو انكم تألمون من الجراح فلهم مثل ذلك من الصارف ولكم اسباب داعية الى الحرب ليست لهم كما أشار إليها بقوله وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ من الثواب والنصر ما لا يَرْجُونَ والحاصل ليس ما تقاسونه من الآلام مختصا بكم بل هو مشترك بينكم وبينهم ثم انهم يصبرون على ذلك فما لكم لا تصبرون مع انكم اولى به منهم حيث ترجون من الله من اظهار دينكم على سائر الأديان ومن الثواب فى الآخرة ما لا يخطر ببالهم قطعا وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً مبالغا فى العلم فيعلم أعمالكم وضمائركم حَكِيماً فيما يأمر وينهى فجدّدوا فى الامتثال بذلك فان فيه عواقب حميدة وفى امره بابتغاء القوم بالقتال لهمة بالغة كاملة ومصلحة تامة شاملة فاطلبوهم بالقتال فان الله يعذبهم فى الدنيا بايديكم وفى الآخرة بايدى الزبانية فهل ينتظرون إلا سنة الله فى الكافرين

[سورة النساء (4) : آية 105]

الأولين وهو إنزال العذاب بهم حين كذبوا أنبياءهم فلن تجد لسنة الله تبديلا بجعل التعذيب غير تعذيب وغير التعذيب تعذيبا ولن تجد لسنة الله تحويلا بنقل التعذيب عنهم الى غيرهم والحاصل انه لا يبدل نفس السنة ولا يحول محل السنة إذ لقد حق القول عليهم ولا يتبدل القول لديه. وفى الآية الكريمة حث على الشجاعة والتجلد واظهار الغلظة كما قال تعالى وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً: قيل هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى ميبرد جان خارپشت قال سلمان الفارسي رضى الله عنه إذا اضطرب قلب المؤمن عند محاربة الكافر تتحدر ذنوبه كتحدر أوراق الشجرة بهبوب النسيم. وقال عطية بن قيس إذا خرجت غازيا فان خطر ببالي كثرة العدد والعدد رجعت عن السفر خوفا من الغرور وان خطر قلتهما قلت لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم: ومن كلمات بهرام [هر آنكه سر تاج دارد. بايد كه دل از سر بردارد] هر آنكه پاى نهد در نكار خانه ملك ... يقين كه مال وسر وهر چهـ هست دربازد ومن كلمات السعدي قدس سره در قژاكند مرد بايد بود ... بر مخنث سلاح جنگ چهـ سود يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى الذي هو بمنزلة روحى من جسدى انه قال السلطان والوزير بالنسبة الى العساكر الاسلامية كالقلب بالنسبة الى الأعضاء والجوارح الانسانية فاذا ثبت ثبتوا كما ان القلب إذا صلح صلح الجسد كله فان كان اقبال الامام بعشر مراتب كان اقبال قومه بمرتبة واحدة وان كان بمائة مرتبة كان إقبالهم بعشر مراتب وهكذا واما إدباره فعكسه فان كان بمرتبة كان ادبار القوم بعشر مراتب وان كان بعشر مراتب كان ادبارهم بمائة مرتبة وهكذا وليس الدخول بدار من باب تفرج البلدان والخروج الى المسير والتنعم فلا بد لكل مجاهد ان يجتهد فى خدمة الدين ويتوكل على الله ويعقد على وعده ويصبر على البلاء حتى يبلغ الكتاب اجله وان اتى الباب فلا يستعجل الأمناء ولا يهن ولا يحزن بمكث الفتح المطلوب بل ينتظر الى فرج الله بالنصر والفتح عن قريب فان انكسار القلوب مفتاح أبواب الغيوب ومدار انفتاح انواع الفتوح. والاشارة فى الآية وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ اى فى طلب النفس وصفاتها والجهاد معها إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فى الجهاد معها وتتعبون بالرياضات والمجاهدات وملازمة الطاعات والعبادات ومداومة الذكر ومراقبة القلب فى طلب الحق والقبول والوصول الى المقامات العلية فَإِنَّهُمْ يعنى النفس والبدن فى طلب الشهوات الدنيوية واللذات الحيوانية والمرادات الجسمانية يَأْلَمُونَ ويتعبون فى طلبها كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ العواطف الازلية والعوارف الابدية ما لا يَرْجُونَ النفوس الردية من هممها الدنية التي لا تتجاوز من قصورها عن المقاصد الدنيوية وَكانَ اللَّهُ فى الأزل عَلِيماً باستعداد كل طائفة من اصناف الخلق حَكِيماً فيما حكم لكل واحد منهم من المقاصد والمشارب قد علم كل أناس مشربهم وكل حزب بمالديهم فرحون إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن انزالا بِالْحَقِّ- روى- ان رجلا من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق من بنى ظفر سرق درعا من جاره قتادة

[سورة النساء (4) : الآيات 106 إلى 108]

ابن النعمان فى جراب دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه فخبأها عند زيد بن السمين اليهودي فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما أخذها وماله بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى الى منزل اليهودي فاخذوها فقال دفعها الى طعمة وشهد له ناس من اليهود على ذلك فقالت بنوا ظفر انطلقوا بنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه ان يجادل اليهودي ليدفع فضيحة البهتان عن صاحبهم طعمة وقالوا له عليه السلام ان يعاقب اليهودي ويقطع يده بناء على شهادة قوم طعمة على براءته وعلى ان اليهودي هو السارق ولم يظهر له عليه السلام ما يوجب القدح فى شهادتهم بناء على كون كل واحد من الشاهد والمشهود له من المسلمين ظاهرا فلذلك مال طبعه الى نصرة الخائن والذب عنه الا انه لم يحكم بذلك بل توقف وانتظر الوحى فنزلت الآية ناهية عنه ومنبهة على ان طعمة وشهوده كاذبون وان اليهودي بريئ من ذلك الجرم لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ اى بما عرفك واوحى به إليك. فاراك ليس من الرؤية البصرية ولا من التي بمعنى العلم والا لاستدعى ثلاثة مفاعيل بل هو منقول من رأيت بمعنى الاعتقاد والمعرفة وسميت المعرفة المذكورة رؤية لكونها جارية مجرى الرؤية فى القوة والظهور والخلوص من وجوه الريب وَلا تَكُنْ اى فاحكم به ولا تكن لِلْخائِنِينَ اى لاجلهم والذب عنهم وهم طعمة ومن يعينه فانه روى ان قومه علموا ان تلك السرقة عمل طعمة بناء على انه سارق فى الجاهلية لكنهم بيتوا طول ليلهم واتفقوا على ان يشهدوا بالسرقة على اليهودي دفعا عن طعمة عقوبة السرقة فلذلك وصفهم الله جميعا بالخيانة او المراد بالخائنين هو وكل من يتسير بسيرته خَصِيماً اى مخاصما للبراء اى لا تخاصم اليهودي لا جلهم وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مما هممت به تعويلا على شهادتهم. قال ابن الشيخ ولما صدر عنه عليه السلام الهم بذلك الحكم الذي لو وقع لكان خطأ فى نفسه امر الله تعالى إياه عليه السلام بان يستغفر لهذا العذر وان كان معذورا فيه عند الله بناء على ان حسنات الأبرار سيآت المقربين إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا فى المغفرة والرحمة لمن يستغفره وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ الاختيان والخيانة بمعنى اى يخونونها بالمعصية وانما قال يختانون أنفسهم وان كانوا ما خانوا أنفسهم لان مضرة خيانتهم راجعة إليهم كما يقال فيمن ظلم غيره ما ظلم الا نفسه كذا فى تفسير الحدادي والمراد بالموصول اما طعمة وأمثاله واما هو ومن عاونه وشهد ببراءته من قومه فانهم شركاء له فى الإثم والخيانة إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُ عدم المحبة كناية عن البغض والسخط مَنْ كانَ خَوَّاناً مفرطا فى الخيانة مصرا عليها أَثِيماً منهمكا فيها اطلق على طعمة لفظ المبالغة الدال على تكرر الفعل منه مع ان الصادر منه خيانة واحدة واثم واحد لكون طبعه الخبيث مائلا الى تكثير كل واحد من الفعلين. وقد روى انه هرب الى مكة وارثد ونقب حائطا بها ليسرق متاع اهله فسقط الحائط عليه فقتله قيل إذا عثرت من رجل على سيئة فاعلم ان لها أخوات. وعن عمر رضى الله عنه انه امر بقطع يد سارق فجاءت امه تبكى وتقول هذه أول سرقة سرقها فاعف عنه فقال كذبت ان الله لا يؤاخذ عبده فى أول مرة يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ يستترون منهم حياء وخوفا من ضررهم وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ اى لا يستحيون منه سبحانه وهو أحق بان يستحيى

[سورة النساء (4) : آية 109]

منه ويخاف من عقابه وَهُوَ مَعَهُمْ عالم بهم وبأحوالهم فلا طريق الى الاستخفاء منه سوى ترك ما يستقبحه ويؤاخذ عليه إِذْ ظرف منصوب بالعامل فى الظرف الواقع خبرا وهو معهم يُبَيِّتُونَ يدبرون ويزورون ما لا يَرْضى الله مِنَ الْقَوْلِ من رمى البريء والحلف الكاذب وشهادة الزور فان طعمة قال ارمى اليهودي بانه سارق الدرع واحلف انى لم اسرقها فتقبل يمينى لانى على دينهم ولا تقبل يمين اليهودي وقال قوم طعمة من الأنصار نشهد زورا لندفع شين السرقة وعقوبتها عمن هو واحد منا وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ من الأعمال الظاهرة والخافية مُحِيطاً لا يفوت عنه شىء ها أَنْتُمْ مبتدأ هؤُلاءِ خبره والهاء فى أول كل منهما للتنبيه والجملة التي بعد هذه الجملة مبينة لوقوع أولاء خبرا كما تقول لبعض الأسخياء أنت حاتم تجود بما لك وتؤثر على نفسك والخطاب مع قوم من المؤمنين كانوا يذبون عن طعمة وعن قومه بسبب انهم كانوا فى الظاهر من المسلمين جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا المجادلة أشد المخاصمة والمعنى هبوا انكم خاصمتم عن طعمة وعن قومه فى الدنيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فمن يخاصم عنهم فى الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا حافظا وحاميا من بأس الله وانتقامه. وفى التأويلات النجمية وكيلا يتكلم بوكالتهم يوم لا تملك نفس لنفس شيأ والأمر يومئذ لله قال السعدي قدس سره دران روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر گنه را چهـ دارى بيا فعلى العبد ان يتوب قبل الموت من كل معصية توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصيره فى فرائض الله ويرد المظالم الى أهلها حبة حبة ويستحل كل من تعرض له بلسانه شتما او قذفا او استهزاء او غيبة ويده ضربا وسوء ظنه بقلبه ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه فريضة ولا مظلمة فما أشد فرحك اليوم بتمضمضك باعراض الناس وتناولك أموالهم وما أشد حسرتك فى ذلك اليوم إذا وقف بك على بساط العدل وشوفهت بخطاب السيئات وأنت مفلس فقير عاجز مهين لا تقدر على ان ترد حقا او تظهر عذرا فكيف بك يا مسكين فى يوم ترى فيه صحيفتك خالية عن حسنات طال فيها تعبك فتقول أين حسناتى فيقال نقلت الى صحيفة خصمائك فتوهن نفسك يا أخي إذا تطايرت الكتب ونصبت الموازين وقد نوديت باسمك على رؤس الخلائق أين فلان ابن فلان هلم الى العرض على الله وقد وكلت الملائكة بأخذك فقربتك الى الله لا يمنعها اشتباه الأسماء باسمك إذا عرفت انك المراد بالدعاء إذا فزع النداء قلبك فعلمت انك المطلوب فارتعدت فرائضك واضطربت جوارحك وتغير لونك وطار قلبك تخطى بك الصفوف الى ربك للعرض عليه والوقوف بين يديه وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وأنت فى أيديهم وقد طار قلبك واشتد رعبك لعلمك اين يراد بك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يؤمر بنفر من الناس يوم القيامة الى الجنة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظروا الى قصورها والى ما أعد الله تعالى لاهلها ثم نودوا ان اصرفوهم

[سورة النساء (4) : الآيات 110 إلى 115]

عنها لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها فيقولون يا ربنا لو ادخلتنا النار قبل ان ترينا ما أريتنا من ثواب ما اعددت لأوليائك فيقول الله تعالى ذاك أردت بكم كنتم إذا خلوتم بي بارزتمونى بالعظائم فاذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ترون الناس خلاف ما ينطوى عليه قلوبكم هبتم الناس ولم تهابونى اجللتم الناس ولم تجلونى تركتم للناس ولم تتركو الى) يعنى لاجل الناس (فاليوم اذيقكم اليم عقابى مع ما حرمتكم) يعنى من جزيل ثوابى قال تعالى يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ كذا فى تنبيه الغافلين فاذا عرفت هذا فاجتهد فى ان لا تكون من الذين لا يستخفون من الله واجعل خيانتك امانة واثمك طاعة وظلمك عدلا وتزويرك صدقا محضا واستغفر الله فان الاستغفار دواء الأوزار وبه ينفتح باب الملكوت الى الله الملك الغفار وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً عملا قبيحا متعديا يسوء به غيره ويخزيه كما فعل طعمة بقتادة واليهودي أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ بما يختص به كالحلف الكاذب وقيل السوء مادون الشرك والظلم الشرك لان الشرك ظلم عظيم. وقيل هما الصغيرة والكبيرة ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة لان الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت واسأت ولا أعود اليه ابدا فاغفرلى يا رب كما فى تفسير الحدادي يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً لذنوبه كائنة ما كانت رَحِيماً متفضلا عليه وفيه مزيد ترغيب لطعمة وقومه فى التوبة والاستغفار لما ان مشاهدة التائب لآثار المغفرة والرحمة نعمة زائدة. وعن على رضى الله عنه قال حدثنى ابو بكر وصدق ابو بكر رضى الله عنه قال (ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلى ركعتين ويستغفر الله الا غفر الله له وتلا هذه الآية ومن يعمل سوأ إلخ) اى كه بى حد گناه كردستى ... مى نترسى از آن فعال شنيع توبه كن تا رضاى حق يابى ... كه به از توبه نيست هيچ شفيع وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً من الآثام فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ بحيث لا يتعدى ضرره ووباله الى غيره فليحترز عن تعريضها للعقاب والعذاب عاجلا وآجلا. وفى التأويلات النجمية فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ فان رين الإثم يظهر فى الحال فى صفاء مرآة قلبه يعميه عن رؤية الحق ويصمه عن سماع الحق كما قال تعالى كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً فهو عالم بفعله حكيم فى مجازاته وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً صغيرة او مالا عمد فيه من الذنوب أَوْ إِثْماً كبيرة او ما كان عن عمد ثُمَّ يَرْمِ بِهِ اى يقذف بأحد المذكورين ويسب به بَرِيئاً اى مما رماه به ليحمله عقوبة العاجلة كما فعل طعمة بزيد اليهودي فَقَدِ احْتَمَلَ اى بما فعل من تحميل جريرته على البرى بُهْتاناً لا يقادر قدره وَإِثْماً مُبِيناً اى بينا فاحشا لانه بكسب الاسم آثم وبرمى البريء باهت فهو جامع بين الامرين وسمى رمى البريء بهتانا لكون البريء متحيرا عند سماعه لعظمه فى الكذب يقال بهت الرجل بالكسر إذا دهش وتحير ويقال بهته بهتانا إذا قال عنه مالم يقله او نسب اليه ما لم يفعله- روى- عنه عليه السلام انه قال (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره)

[سورة النساء (4) : آية 113]

فقيل أفرأيت ان كان فى أخي ما أقول قال (ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته) . وفى التأويلات النجمية فَقَدِ احْتَمَلَ صاحب النفس بُهْتاناً ابهت القلوب عن العبودية والطاعة وَإِثْماً مُبِيناً بما أثمت به نفسه من المعاصي واثم بها قلبه فيكون بمنزلة من جعل اللب وهو القلب جلدا وهو النفس وهذا من اكبر الشقاوة فلا ينقطع عنه العذاب إذا صار كل وجوده جلودا فيكون من جملة الذين قال الله تعالى فيهم سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لانهم بدلوا الألباب بالجلود هاهنا انتهى. واعلم ان الاستغفار فرار العبد من الخلق الى الخالق ومن الانانية الى الهوية الذاتية وذلك عند صدق الطلب ومن طلبه وجده كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) قال موسى عليه السلام أين أجدك يا ربى قال (يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ) فلا بد من الاستغفار مطلقا: ويقال، سلطان بلا عدل كنهر بلا ماء. وعالم بلا عمل كبيت بلا سقف. وغنى بلا سخاوة كسحاب بلا مطر. وشاب بلا توبة كشجر بلا ثمر. وفقير بلا صبر كقنديل بلا ضوء. وامرأة بلا حياء كطعام بلا ملح. وتهذيب الأخلاق قبل الموت من سنن الأخيار والعمل الصالح قرين الرجل كما ان السوء كذلك ناگهان بانگ در سراى افتاد ... كه فلانرا محل وعده رسيد دوستان آمدند تا لب گور ... قدمى چند وباز پس كرديد وين كز ودسترس نميد آرى ... مال وملك وقباله برده كليد وين كه پيوسته با تو خواهد بود ... عمل تست ونفس پاك و پليد نيك درياب وبد مكن زنهار ... كه بد ونيك باز خواهى ديد - حكى- ان الشيخ وفا المدفون بقسطنطنية فى حريم جامعه الشريف اهدى اليه ثمانون الف درهم من قبل السلطان بايزيد الثاني ليعقد عقد النكاح لبعض بناته فقال لا افعل ولو أعطيت الدنيا وما فيها قيل ولم قال لان لى اورادا الى الضحى لا انفك عنها ساعة وأنام من الضحى الى الظهر لا اترك منه ساعة واما بعد الظهر فانتم لا ترضونه لان النهار يكون فى الانتقاص وهكذا يكون طالب الحق فى ليله ونهاره فان الدنيا فانية فالحى الباقي هو الله تعالى فلا بد من طلبه وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ بالعصمة لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ اى من بنى ظفروهم الذابون عن طعمة أَنْ يُضِلُّوكَ اى بان يضلوك عن القضاء بالحق بتلبيسهم عليك مع علمهم بان الجاني هو صاحبهم وليس القصد فيه الى نفى همهم بل الى نفى تأثيره وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ لان وباله عليهم وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ محل الجار والمجرور النصب على المصدرية اى وما يضرونك شيأ من الضرر لان الله عاصمك وما خطر ببالك كان اعتمادا منك على ظاهر الأمر لا ميلا فى الحكم وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن وَالْحِكْمَةَ اى ما فى القرآن من الاحكام وعرفك الحلال والحرام وَعَلَّمَكَ بالوحى من الغيب وخفيات الأمور ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذلك الى وقت التعليم وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً إذ لا فضل أعظم من النبوة العامة والرياسة

التامة ومن ذلك الفضل العظيم عصمته وتعليمه ما لم يعلم. قال الحدادي فى تفسيره وفى هذه الآيات دلالة انه لا يجوز لاحد ان يخاصم لغيره فى اثبات حق او نفيه وهو غير عالم بحقيقة امره وانه لا يجوز للحاكم الميل الى أحد الخصمين وان كان أحدهما مسلما والآخر كافرا وان وجود السرقة فى يدى انسان لا يوجب الحكم بها عليه انتهى. واعلم ان هذه الآية جامعة لفضائل كثيرة. منها بيان ان وبال الشر يعود على صاحبه كما ان منفعة الخير تعود على فاعله: قال الصائب أول بظالمان اثر ظلم ميرسد ... پيش از هدف هميشه كمان ناله ميكند - حكى- ان الله تعالى ايبس يد رجل بذبح عجل بقرة بين يدى امه ثم ردها برد فرخ سقط من وكره الى امه يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر- وحكى- ان امرأة وضعت لقمة فى فم سائل ثم ذهبت الى مزرعة فوضعت ولدها فى موضع فاخذه الذئب فقالت يا رب ولدي فاخذ آت عنق الذئب واستخرج ولدها من غير أذى ثم قال هذه اللقمة لتلك اللقمة التي وضعتها فى فم السائل فكل يرى اثر صنعه فى الدنيا ايضا. ومنها ان العلم والحكمة من أعظم الفضائل والمراد العلم النافع المقرب الى الله تعالى أعاذنا الله مما لم ينفع منه على ما قال عليه الصلاة والسلام فى دعائه (وأعوذ بك من علم لا ينفع) فان العلم النافع لا ينقطع مدده فى الآخرة ايضا على ما روى مسلم عن ابى هريرة رضى الله عنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. ومنها ان لا يرى العبد الفضائل والخيرات من نفسه بل من فضل الله ورحمته وليس للعبد ان يزكى نفسه فان الأنفس ليست بمحل التزكية فمن استحسن من نفسه شيأ فقط أسقط من باطنه أنوار اليقين والكامل لا يرى لنفسه قدرا فكيف لعمله وكل ما يعمله العبد من بدايته الى نهايته لا يقابل لنعمة الوجود- حكى- عن شاه شعاع الكرماني انه كان جالسا فى مسجد فقام فقير وسأل الناس فلم يعطوه شيأ فقال الكرماني من يشترى حج خمسين سنة بمن من الخبر. فيعطى هذا الفقير وكان هناك فقيه فقال ايها الشيخ قد استحففت بالشريعة فقال الكرماني لا ارى لنفسى قيمة فكيف ارى لعملى وليس المراد التعطيل عن العمل بل يعملون جميع الحسنات ولا يرون لها قدرا بل يرون التوفيق لها من فضل الله تعالى: قال السعدي قدس سره كراز حق توفيق خيرى رسد ... كه از بنده خيرى بغيري رسد چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا گوى وخود را مبين والاشارة فى الآية ان فضل الله موهبة من مواهب الحق يؤتيه من يشاء وليس لأحد فيه مدخل بالكسب والاستجلاب وبذلك يهدى العبد للايمان ويوفقه للعمل الصالح والعظيم فى قوله وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً هو الله تعالى اى ان الله العظيم هو فضل الله عليك ورحمته كما انك فضل الله ورحمته على العالمين ولهذا قال (لولاك لما خلقت الافلاك) ومن فضل الله عليه انه لم يضله شىء من الروحانيات والجسمانيات عن طريق الوصول اللهم احفظنا من الموانع فى طريق الوصول إليك آفاقية او انفسية والحقنا بفضلك بالنفوس القدسية

[سورة النساء (4) : الآيات 114 إلى 115]

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ اى فى كثير من تناجى الناس وهو فى اللغة سر بين اثنين وذهب الزجاج الى ان النجوى ما تفرد به الجماعة او الاثنان سرا كان او ظاهرا. قال مجاهد هذه الاية عامة فى حق جميع الناس غير مختصة بقوم طعمة وان نزلت فى تناجى قوم السارق لتخليصه إِلَّا مَنْ أَمَرَ اى الا فى نجوى من امر على انه مجرور بدل من كثير كما تقول لا خير فى قيامهم الا قيام زيد بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ المعروف كل ما يستحسنه الشرع ولا ينكره العقل فينتظم اصناف الجميل وفنون اعمال البر وقد فسر هنا بالقرض واغاثة الملهوف وصدقة التطوع على ان المراد بالصدقة الصدقة الواجبة قال صلى الله عليه وسلم (كل معروف صدقة) وأول اهل الجنة دخولا اهل المعروف وصنائع المعروف تقى مصارع السوء تو نيكى كن بآب انداز اى شاه ... اگر ماهى نداند داند الله وفى الحديث (عمل ابن آدم كله عليه لا له الا ما كان من امر بمعروف او نهى عن منكر او ذكر الله) أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ عند وقوع المشاقة والمعاداة بينهم من غير انه يجاوز فى ذلك حدود الشرع الشريف وفى الحديث (ألا أخبركم بأفضل درجة من الصلاة والصدقة) قالوا بلى يا رسول الله قال (إصلاح ذات البين) وفساد ذات البين هى الحالقة فلا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. وعن ابى أيوب الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (ألا ادلك على صدقة خير لك من حمر النعم) قال بلى يا رسول الله قال (تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا) قالوا ولعل السر فى افراد هذه الاقسام الثلاثة بالذكر ان عمل الخير المتعدى الى الناس اما لايصال المنفعة او لدفع المضرة والمنفعة. اما جسمانية كاعطاء المال واليه الاشارة بقوله عز وجل إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ. واما روحانية واليه الاشارة بقوله أَوْ مَعْرُوفٍ. واما دفع الضرر فقد أشير اليه بقوله أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اشارة الى الأمور المذكورة اعنى الصدقة والمعروف والإصلاح فانه يشاربه الى متعدد وانما بنى الكلام على الأمر حيث قال اولا الا من امر فهو كلام فى حق الآمر بالفعل ورتب الجزاء على الفعل حيث قال ومن يفعل فهو كلام فى حق الفاعل وكان المناسب للاول ان يبين حكم الآمر ويقول ومن يأمر بذلك ليدل على انه لما دخل الآمر فى زمرة الخيرين كان الفاعل ادخل فيهم وان العمدة والغرض هو الفعل واعتبار الأمر من حيث انه وصلة اليه. ففيه تحريض الآمر بالأمور المذكورة على فعلها ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ اى طلب رضى الله تعالى علة للفعل والتقييد به لان الأعمال بالنيات وان من فعل خيرا رياء وسمعة لم يستحق به غير الحرمان: قال السعدي گرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً يقصر عنه الوصف ويستحقر دونه مافات من اعراض الدنيا وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ يخالفه من الشق فان كلا من المتخالفين فى شق غير شق الآخر مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى ظهر له الحق بالوقوف على المعجزات الدالة على نبوته

[سورة النساء (4) : الآيات 116 إلى 121]

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ اى غير ما هم مستمرون عليه من اعتقاد وعمل وهو الدين القيم نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نجعله واليا لما تولاه من الضلال ونخذله بان نخلى بينه وبين ما اختار وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ اى ندخله فيها وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم- روى- ان طعمة عاند حكم الله وخالف رسول الله خوفا من فضاحة قطع اليد فهرب الى مكة واتبع دين أهلها ومات كافرا فعلى العاقل ان لا يخالف الجماعة وهم المؤمنون فان الشاة الخارجة عن القطيع يأكلها الذئب وسبيل المؤمنين هو السبيل الحق الموصل الى الجنة والقربة والوصلة واللقاء. والاشارة انه لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ اى الذين يتناجون من النفس والشيطان والهوى لانهم شرار ولا فيما يتناجون به لانهم يأمرون بالسوء والفحشاء والمنكر ثم استثنى وقال إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ اى الا فيمن امر بهذه الخيرات فان فيه الخير وهو الله تعالى فانه يأمر بالخيرات بالوحى عموما او يأمر بالخاطر الرحمانى والإلهام الرباني خواص عباده فالخاطر يكون بواسطة الملك وبغير الواسطة كما قال عليه السلام (ان للملك لمة وان للشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير ولمة الشيطان إيعاد بالشر) والإلهام ما يكون من الله تعالى بغير الواسطة وهو على ضربين. ضرب منه مالا شعور به للعبد انه من الله. وضرب منه ما يكون باشارة صريحة يعلم العبد انه آت من الله تعالى لتعليم نور الإلهام وتعريفه لا يحتاج الى معرفة آخر انه من الله تعالى وهذا يكون للولى وغير الولي كما قال بعض المشايخ حدثنى قلبى عن ربى وقال عليه السلام (ان الحق لينطق على لسان عمر) وقال (كادت فراسته ان تسبق الوحى) ثم قال وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ اى ومن يفعل بما ألهمه الله طلبا لمرضاته فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ذكر بفاء التعقيب قوله فسوف يعنى عقيب الفعل نؤتيه اجرا وهو جذبة العناية التي تجذبه عنه وتوصله الى العظيم ثم قال وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ اى يخالف الإلهام الرباني الذي هو رسول الحق اليه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى بتعريف الإلهام ونوره وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بالإلهام بان يتبع الهوى وتسويل النفس وسبيل الشيطان نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نكله بالخذلان الى ما تولى وَنُصْلِهِ بسلاسل معاملاته التي تولى بها الى جَهَنَّمَ سفليات الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية وَساءَتْ مَصِيراً اى ما صار اليه من عبادة الهوى واتباع النفس والشيطان واشراكهم بالله فى المطاوعة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ يقال جاء شيخ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال انى شيخ منهمك فى الذنوب الا انى لم أشرك بالله شيأ منذ عرفته وآمنت به ولم اتخذ من دونه وليا ولم أوقع المعاصي جراءة وما توقعت طرفة عين انى أعجز الله هربا وانى لنادم تائب فما ترى حالتى عند الله فنزلت هذه الآية. فالشرك غير مغفور الا بالتوبة عنه وما سواه مغفور سواء حصلت التوبة او لم تحصل لكن لا لكل أحد بل لمن يشاء الله مغفرته وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً عن الحق فان الشرك أعظم انواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة. قال الحدادي اى فقد ذهب عن الصواب والهدى ذهابا بعيدا وحرم الخير كله. والفائدة

[سورة النساء (4) : الآيات 117 إلى 118]

فى قوله بَعِيداً ان الذهاب عن الجنة على مراتب أبعدها الشرك بالله تعالى انتهى. فالشرك أقبح الرذائل كما ان التوحيد احسن الحسنات. والسيئات على وجوه كاكل الحرام وشرب الخمر والغيبة ونحوها لكن أسوأ الكل الشرك بالله ولذلك لا يغفر وهو جلى وخفى حفظنا الله منهما. وكذا الحسنات على وجوه ويجمعها العمل الصالح وهو ما أريد به وجه الله واحسن الكل التوحيد لانه أساس جميع الحسنات وقامع السيئات ولذلك لا يوزن قال عليه السلام (كل حسنة يعملها ابن آدم توزن يوم القيامة الا شهادة ان لا اله الا الله فانها لا توضع فى ميزانه) لانها لو وضعت فى ميزان من قالها صادقا ووضعت السموات والأرضون السبع وما فيهن كان لا اله الا الله أرجح من ذلك ثم ان الله تعالى بين كون ضلالهم ضلالا بعيدا فقال إِنْ بمعنى ما النافية يَدْعُونَ اى المشركون وهو بمعنى يعبدون لان من عبد شيأ فانه يدعوه عند احتياجه اليه مِنْ دُونِهِ الضمير راجع الى الله تعالى إِلَّا إِناثاً جمع أنثى والمراد الأوثان وسميت أصنامهم إناثا لانهم كانوا يصورونها بصورة الإناث ويلبسونها انواع الحلل التي تتزين بها النساء ويسمونها غالبا بأسماء المؤنثات نحو اللات والعزى ومناة والشيء قد يسمى أنثى لتأنيث اسمه او لانها كانت جمادات لا أرواح فيها والجماد يدعى أنثى تشبيها له بها من حيثانه منفعل غير فاعل ولعله تعالى ذكره بهذا الاسم تنبيها على انهم يعبدون ما يسمونه إناثا لانه ينفعل ولا يفعل ومن حق المعبود ان يكون فاعلا غير منفعل ليكون دليلا على تناهى جهلهم وفرط حماقتهم وقيل المراد الملائكة فان من المشركين من يعبد الملائكة ويقول الملائكة بنات الله تعالى قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى مع اعترافهم بان إناث كل شىء اخسه وأرذله وَإِنْ يَدْعُونَ اى وما يعبدون بعبادة الأصنام إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لانه الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها وكان طاعته فى ذلك عبادة له. قيل كان فى كل واحد من تلك الأوثان شيطان يتراءى للسدنة والكهنة يكلمهم. وقال الزجاج المراد بالشيطان هاهنا إبليس بشهادة قوله تعالى بعد هذه الآية لَأَتَّخِذَنَّ وهو قول إبليس ولا يبعد ان الذي يتراءى للسدنة هو إبليس والمريد هو الذي لا يعلق بخير. فقيل من مرد اى تجرد للشر وتعرى من الخير يقال شجرة مرداء اى لاورق عليها وغلام امرد إذا لم يكن على وجهه شعر لَعَنَهُ اللَّهُ صفة ثانية للشيطان اى أبعده من رحمته الى عقابه بالحكم له بالخلود فى جهنم ويسقط بهذا قول من قال كيف يصح ان يقال لعنه الله وهو فى الدنيا لا يخلو من نعمة تصل اليه من الله تعالى فى كل حال لانه لا يعتد بتلك النعمة مع الحكم له بالخلود فى النار وَقالَ عطف عليه اى شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله وهذا القول الشنيع الصادر عنه عند اللعن الدال على فرط عداوته للناس فان الواو الواقعة بين الصفات انما تفيد مجرد الجمعية لَأَتَّخِذَنَّ هذه اللام واللامات الآتية كلها للقسم مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً اى مقطوعا واجبا قدّر لى وفرض وهو اى النصيب المفروض لابليس كل من أطاعه فيما زين له من المعاصي. قال الحسن من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون كما فى حديث المشارق (يقول الله تعالى) اى

[سورة النساء (4) : آية 119]

فى يوم الموقف (يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار) يعنى ميز أهلها والبعث بمعنى المبعوث (قال وما بعث النار) ما هنا بمعنى كم العددية ولذا أجيب عنها بالعدد (قال) اى الله تعالى (من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون قال النبي عليه السلام فذلك التقاول حين بشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها) كنايتان عن شدة اهوال يوم القيامة (وترى الناس سكارى) اى من الخوف (وما هم بسكارى) اى من الخمر (ولكن عذاب الله شديد قال) اى الراوي واشتد ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله أينا ذلك الرجل الباقي من الالف فقال (ابشروا فان من يأجوج ومأجوج الفا ومنكم رجلا) والخطاب للصحابة وغيرهم من المؤمنين ثم قال (والذي نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا ربع اهل الجنة) قال الراوي فحمدنا الله وكبرنا ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة) فحمدنا الله وكبرنا ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا شطر اهل الجنه) وترقى عليه السلام فى حديث آخر من النصف الى الثلثين وقال (ان اهل الجنة مائة وعشرون صنفا وهذه الامة منها ثمانون ان مثلكم فى الأمم) اى الكفرة (كمثل الشعرة البيضاء فى جلد الثور الأسود) فلا يستبعد دخول كل المؤمنين الجنة. فان قيل كيف علم إبليس انه يتخذ من عباد الله نصيبا. قيل فيه اجوبة. منها ان الله تعالى لما خاطبه بقوله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ علم إبليس انه ينال من ذرية آدم ما يتمناه. ومنها انه لما وسوس لآدم فنال منه طمع فى ذريته. ومنها ان إبليس لما عاين الجنة والنار علم ان لها سكانا من الناس وَلَأُضِلَّنَّهُمْ عن الحق وإضلاله وسواس ودعاء الى الباطل ولو كان اليه شىء من الضلالة سوى الدعاء إليها لأضل جميع الخلق ولكنه لما قال عليه السلام فى حقه (خلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء) يعنى انه يزين للناس الباطل وركوب الشهوات ولا يخلق لهم الضلالة وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ الأماني الباطلة بان يخيل للانسان ادراك ما يتمناه من المال وطول العمر. وقيل يمنى الإنسان اى يوهمه انه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا عقاب ولا حساب. وقيل بان يوهمه انه ينال فى الآخرة حظا وافرا من فضل الله ورحمته وَلَآمُرَنَّهُمْ بالبتك اى القطع والشق فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ اى فليقطعنها بموجب امرى ويشقنها من غير تلعثم فى ذلك ولا تأخير يقال بتكه اى قطعه ونقل الى بناء التفعيل اى التبتيك للتكثير. واجمع المفسرون على ان المراد به هاهنا قطع آذان البحائر والسوائب والانعام الإبل والبقر والغنم اى لا حملنهم على ان يقطعوا آذان هذه الأشياء ويحرموها على أنفسهم بجعلها للاصنام وتسميتها بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا وكان اهل الجاهلية إذا أنتجت ناقة أحدهم خمسة ابطن وكان آخرها ذكرا بحروا اذنها وامتنعوا من ركوبها وحلبها وذبحها ولا تطرد عن ماء ولا تمنع عن مرعى وإذا لقيها المعيى لم يركبها وقيل كانوا يفعلون ذلك بها إذا ولدت سبعة ابطن والسائبة المخلاة تذهب حيث شاءت وكان الرجل منهم يقول ان شفيت فناقتى سائبة او يقول ان قدم غائبى من السفر أو إن وصلت الى وطنى او ان ولدت امرأتى ذكرا او نحو ذلك فناقتى سائبة فكانت كالبحيرة وكذا من كثر ماله يسيب واحدة منها تكرّ ما وكانت لا ينتفع بشىء منها ولا تمنع عن ماء ومرعى الى ان تموت فيشترك

فى أكلها الرجال والنساء. والوصيلة هى من الغنم إذا ولدت سبعة ابطن فان كان الولد السابع ذكرا ذبحوه لآلتهم وكان لحمه للرجال دون النساء وان كان أنثى كانوا يستعملونها وكانت بمنزلة سائر الغنم وان كان ذكرا وأنثى قالوا ان الاخت وصلت أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها وجرى مجرى السائبة وكانت المنفعة للرجال دون النساء فهى فعيلة بمعنى فاعلة والحامى هو البعير الذي ولد ولد ولده وقيل هو الفحل من الإبل إذا ركب ولد ولده قالوا له انه قد حمى ظهره فيهمل ولا يركب ولا يمنع عن الماء والمرعى وإذا مات يأكله الرجال والنساء وَلَآمُرَنَّهُمْ بالتغيير فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ عن نهجه صورة وصفة. ويندرج فيه امور. منها فقئ عين الحامى وكانت العرب إذا بلغت ابل أحدهم الفا عوّروا عين فحلها والحامى الفحل الذي طال مكثه عندهم. ومنها خصاء العبيد وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا فى خصاء البهائم لمكان الحاجة ومنعوه فى بنى آدم وعند ابى حنيفة يكره شراء الحصيان واستخدامهم لان الرغبة فيهم تدعو الى خصائهم. قال فى نصاب الاحتساب قرأت فى بعض الكتب ان معاوية دخل على النساء ومعه خصى مجبوب فنفرت منه امرأة فقال معاوية انما هو بمنزلة امرأة فقال أترى ان المثلة فيه قد أحلت ما حرم الله من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها. ومنها الوشم وهو ان يغرز الجلد بابرة ثم يخشى بكحل او بنيلنج وهو دخان الشحم يعالج به الوشم حتى يخضر. قال بعض اصحاب الشافعي وجبت إزالته ان أمكن بالعلاج والا فبالجرح ان لم يخف فوت عضو. ومنها الوشر وهو ان تحدد المرأة اسنانها وترققها تشبها بالشواب. ومنها التنمص وهو نتف شعور الوجه يقال تنمصت المرأة إذا تزينت بنتف شعر وجهها وحاجبها والنامصة المرأة التي تزين النساء بالمنمص والمنمص والمنماص المنقاش وقد لعن النبي عليه السلام النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة. والواصلة هى التي تصل شعر غيرها بنفسها. والمستوصلة هى التي تأمر غيرها بان توصل ذلك الى شعرها. قال ابن الملك الواصلة هى التي تصل الشعر بشعر آخر زورا. والمستوصلة هى التي تطلبه والرجل والمرأة سواء فى ذلك هذا إذا كان المتصل شعر الآدمي لكرامته فلا يباح الانتفاع بشىء من اجزائه اما غيره فلا بأس بوصله. فيجوز اتخاذ النساء القراميل من الوبر. وقيل فيه تفصيل ان لم يكن لها زوج فهو حرام ايضا وان كان فان فعلته بإذن الزوج او السيد يجوز والا فلا ثم انها ان فعلت ذلك بصغيرة تأثم فاعلته ولا تأثم المفعولة لانها غير مكلفة. ويدخل فى التنمص نتف شعر العانة فان السنة خلق العانة ونتف الإبط. ومنها السحق وهو لكونه عبارة عن تشبه الأنثى بالذكور من قبيل تغيير خلق الله عن وجهه صفة وفى الحديث المرفوع (سحاق النساء زنى بينهن) وكذا التخنث لما فيه من تشبه الذكر بالأنثى وهو اظهار اللين فى الأعضاء والتكسر فى اللسان. ومنها اللواطة لما فيها من اقامة ما خلق لدفع الفضلات مقام موضع الحراثة والنظر الى صبيح الوجه بالشهوة حرام ومجالسته حرام لانه عورة من القرن الى القدم وجاء فى بعض الروايات (ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا) . ومنها عبادة الشمس والقمر والكواكب والحجارة

[سورة النساء (4) : الآيات 120 إلى 121]

فان عبادتها وان لم تكن تغييرا لصورها لكنها تغيير لصفتها فان شيأ منها لم يخلق لان يعبد من دون الله وانما خلق لينتفع به العباد على الوجه الذي خلق لاجله وكذا الكفر بالله وعصيانه فانه ايضا تغيير خلق الله من وجهه صفة فانه تعالى فطر الخلق على استعداد التحلي بحلية الايمان والطاعة ومن كفر بالله وعصاه فقد أبطل ذلك الاستعداد وغير فطرة الله صفة ويؤيده قوله عليه السلام (كل مولود يولد على فطرة الإسلام فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) وكذا استعمال الجوارح فى غير ما خلقت لاجله تغيير لها عن وجهها صفة. والجمل الأربع وهى لأتخذن ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم كل واحدة منها مقول للشيطان فلا يخلو اما ان يقولها بلسان جسمه او بلسان فعله وحاله وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ بايثار ما يدعو اليه على ما امره الله به ومجاوزته عن طاعة الله تعالى الى طاعته فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً لانه ضيع رأس ماله بالكلية وبدل مكانه من الجنة بمكانه من النار يَعِدُهُمْ ما لا ينجزه من طول العمر والعافية ونيل لذائذ الدنيا من الجاه والمال وقضاء شهوات النفس وَيُمَنِّيهِمْ مالا ينالون نحو ان لا بعث ولا حساب ولا جزاء او نيل المثوبات الاخروية من غير عمل وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً وهو اظهار النفع فيما فيه الضرر وهذا الوعد اما بإلقاء الخواطر الفاسدة او بألسنة أوليائه. وغرورا اما مفعول ثان للوعد او مفعول لاجله اى ما يعدهم لشىء الا لان يغرهم. واعلم ان العمدة فى إغواء الشيطان ان يزين زخارف الدنيا ويلقى الأماني فى قلب الإنسان مثل ان يلقى فى قلبه انه سيطول عمره وينال من الدنيا أمله ومقصوده ويستولى على أعدائه ويحصل له ما تيسر لارباب المناصب والأموال وكل ذلك غرور لانه ربما لا يطول عمره وان طال فربما لا ينال أمله ومطلوبه وان طال عمره ووجد مطلوبه على احسن الوجوه فلا بد ان يفارقه بالموت فيقع فى أعظم انواع الغم والحسرة فان تعلق القلب بالمحبوب كلما كان أشد وأقوى كانت مفارقته أعظم تأثيرا فى حصول الغم والحسرة ولذلك قيل الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بشنوى الم نشوى وقت انقطاع. فنبه سبحانه وتعالى على ان الشيطان انما يعد ويمنى لاجل ان يغر الإنسان ويخدعه ويفوت عنه أعز المطالب وانفع المآرب. فالعاقل من لا يتبع وسواس الشيطان ويبتغى رضى الرحمن بالتمسك بكتابه العظيم وسنن رسوله الكريم والعمل بهما ليفوز فوزا عظيما وكفى بذلك نصيحة أُولئِكَ اشارة الى اولياء الشيطان وهو مبتدأ مَأْواهُمْ اى مستقرهم وهو مبتدأ ثان جَهَنَّمُ خبر للثانى والجملة خبر للاول وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً اى معدلا ومهربا من حاص يحيص إذا عدل وعنها متعلق بمحذوف وقع حالا من محيصا اى كائنا عنها ولا يجوز ان يتعلق بيجدون لانه لا يتعدى بعن ولا بقوله محيصا لانه اما اسم مكان وهو لا يعمل مطلقا واما مصدر ومعمول المصدر لا يتقدم عليه. والاشارة ان الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم السعداء وخلق النار وخلق لها أهلا وهم الأشقياء وخلق الشيطان مزينا وداعيا وآمرا بالهوى فمن يرى حقيقة الإضلال ومشيئته من إبليس فهو إبليس وقد قال تعالى يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ

[سورة النساء (4) : الآيات 122 إلى 127]

والنصيب المفروض من العباد هم طائفة خلقهم الله تعالى اهل النار كقوله تعالى وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وهم اتباع الشيطان هاهنا وقد لعن الله الشيطان وأبعده عن الحضرة إذ كان سبب ضلالتهم كما قال عليه السلام (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله تعالى وما والاه) وانما لعن الله الدنيا وأبغضها لانها كانت سببا للضلالة وكذلك الشيطان ولا يغتر بوعد الشيطان الا الضال بالضلال البعيد الأزلي ولذا تولد منه الشرك المقدر بمشيئة الله الازلية. واما من خلقه الله أهلا للجنة فقد غفر له قبل ان خلقه ومن غفر له فانه لا يسرك بالله شيأ وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما نزل قوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ تطاول إبليس وقال انا شىء من الأشياء فلما نزل فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يئس إبليس وتطاولت اليهود والنصارى ثم لما نزل قوله تعالى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ يئس اليهود والنصارى وبقيت الرحمة للمؤمنين خاصة فهم خلقوا للرحمة ودخلوا الجنة بالرحمة ولهم الخلود فى الرحمة وبقي العذاب للشيطان واتباعه من الانس والجن ولهم الخلود فى النار كما قال الله تعالى وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً لانهم خلقوا لها فلا بد من الدخول فيها: قال الحافظ پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد فافهم تفز ان شاء الله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ صلاح الأعمال فى إخلاصها فالعمل الصالح هو ما أريد به وجه الله تعالى وينتظم جميع أنواعه من الصلاة والزكاة وغيرهما سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى انهار الماء واللبن والخمر والعسل خالِدِينَ فِيها أَبَداً اى مقيمين فى الجنة الى الابد فنصب ابدا على الظرفية وهو لاستغراق المستقبل. قال الحدادي انما ذكر الطاعة مع الايمان وجمع بينهما فقال آمنوا وعملوا الصالحات ليتبين بطلان توهم من يتوهم انه لا تضر المعصية والإخلال بالطاعة مع الايمان كمالا تنفع الطاعة مع الكفر وليتبين استحقاق الثواب على كل واحد من الامرين وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا اى وعد الله لهم هذا وعدا وحق ذلك حقا فالاول مؤكد لنفسه لانه مضمون الجملة الاسمية التي قبل وعد لان الوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها والثاني مؤكد لغيره لان الخبر من حيث انه خبر يحتمل الصدق والكذب وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا استفهام إنكاري اى ليس أحد اصدق من الله قولا ووعدا وانه تعالى اصدق من كل قائل فوعده اولى بالقبول ووعد الشيطان تخييل محض ممتنع الوصول. وقيلا نصب على التمييز والقيل والقال مصدران كالقول لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ جمع امنية بالفارسية «آرزو كردن» وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ اى ليس ما وعد الله من الثواب يحصل بامانيكم ايها المسلمون ولا بامانى اهل الكتاب وانما يحصل بالايمان والعمل الصالح. وأماني المسلمين ان يغفر لهم جميع ذنوبهم من الصغائر والكبائر ولا يؤاخذوا بسوء بعد الايمان. وأماني اهل الكتاب ان لا يعذبهم الله ولا يدخلهم النار الا أياما معدودة لقولهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فلا يعذبنا. وعن الحسن ليس الايمان بالتمني ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل ان قوما الهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لاحسنوا العمل. قال بعضهم الرجاء

[سورة النساء (4) : آية 124]

ما قارنه عمل والا فهو امنية والامنية منية اى موت إذ هي موجبة لتعطيل فوائد الحياة: قال السعدي قيامت كه بازار نيهو نهند ... منازل باعمال نيكو نهند بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى كسى را كه حسن عمل بيشتر ... بدرگاه حق منزلت پيشتر ثم انه تعالى أكد حكم الجملة الماضية وقال مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً عملا قبيحا يُجْزَ بِهِ عاجلا او آجلا لما روى انه لما نزلت قال ابو بكر رضى الله عنه فمن ينجو مع هذا يا رسول الله فقال عليه السلام (اما تحزن اما تمرض اما يصيبك اللأواء) قال بلى يا رسول الله قال (هو ذلك) قال ابو هريرة رضى الله عنه لما نزل قوله تعالى مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ بكينا وحزنا وقلنا يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شىء قال (اما والذي نفسى بيده لكما أنزلت ولكن يسروا وقاربوا وسددوا) اى اقصدوا السداد اى الصواب (ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم فى العبادة لئلا يفضى ذلك بكم الى الملال فتتركوا العمل) كذا فى المقاصد الحسنة وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً اى ولا يجد لنفسه إذا جاوز موالاة الله ونصرته من يواليه وينصره فى دفع العذاب عنه وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ من للتبعيض اى بعضها وشيأ منها فان كل واحد لا يتمكن من كلها وليس مكلفا بها وانما يعمل منها ما هو تكليفه وفى وسعه وكم من مكلف لا حج عليه ولا جهاد ولا زكاة وتسقط عنه الصلاة فى بعض الأحوال مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى فى موضع الحال من المستكن فى يعمل ومن للبيان وَهُوَ مُؤْمِنٌ حال شرط اقتران العمل بها فى استدعاء الثواب المذكور لانه لا اعتداد بالعمل بدون الايمان فيه فَأُولئِكَ المؤمنون العاملون يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً اى لا ينقصون مما استحقوه من جزاء أعمالهم مقدار النقير وهى النقرة اى الحفرة التي فى ظهر النواة ومنها تنبت النخلة وهو علم فى القلة والحقارة وإذا لم ينقص ثواب المطيع فبالحرى ان لا يزاد عقاب العاصي لان المجازى ارحم الراحمين وفى الحديث (ان الله وعد على الطاعة عشر حسنات وعلى المعصية الواحدة عقوبة واحدة فمن جوزى بالسيئة نقصت واحدة من عشر وبقيت له تسع حسنات فويل لمن غلبت آحاده أعشاره) اى سيآته على حسناته. قال النيسابورى حكمة تضعيف الحسنات لئلا يفلس العبد إذا اجتمع الخصماء فى طاعته فيدفع إليهم واحدة ويبقى له تسع فمظالم العباد توفى من التضعيفات لا من اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة. وقد ذكر الامام البيهقي فى كتاب البعث فقال ان التضعيفات فضل من الله تعالى لا تتعلق بها العباد كما لا تتعلق بالصوم بل يدخرها الحق للعبد فضلا منه سبحانه فاذا دخل الجنة أثابه بها: قال السعدي قدس سره نكو كارى از مردم نيك رأى ... يكى را بده مى نويسد خداى جوانا ره طاعت امروز گير ... كه فردا جوانى نيايد ز پير ره خير بازست وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك همه برگ بودن همى ساختى ... بتدبير رفتن نپرداختى

[سورة النساء (4) : آية 125]

واعلم ان جميع الأعمال الصالحة يزيد فى نور الايمان فعليك بالطاعات والحسنات والوصول الى المعارف الالهية فان العلم بالله أفضل الأعمال ولذلك لما قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال (العلم بالله) فقيل الأعمال نريد قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) وذلك انما يحصل بتصفية الباطن مع صيقل التوحيد وانواع الاذكار ولا يعقلها الا العالمون. والاشارة لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ يعنى بامانى عوام الخلق الذين يذنبون ولا يتوبون ويطمعون ان يغفر الله لهم والله تعالى يقول وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ يعنى العلماء السوء الذين يغرون الخلق بالرجاء المذموم ويقطعون عليهم طريق الطلب والجد والاجتهاد مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فى الحال بإظهار الرين على مرآة قلبه بعد الذنب كما قال عليه السلام (إذا أذنب عبد ذنبا نكت فى قلبه نكتة سوداء فان تاب ورجع منه صقل) وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا يخرجه من ظلمات المعصية الى نور الطاعة بالتوبة وَلا نَصِيراً سوى الله ينصره بالظفر على النفس الامارة فيزكيها عن صفاتها وعلى الشيطان فيدفع شره وكيده وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى الخالصات مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس وَهُوَ مُؤْمِنٌ مخلص فى تلك الأعمال فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ المعنى ان القلب إذا عمل بما وجب عليه من التوجه الى العالم العلوي والاعراض عن العالم السفلى وغض البصر عن سوى الحق يستوجب دخول جنة القربة والوصلة والنفس إذا عملت بما وجب عليها من الانتهاء عن هواها وترك حظوظها وأداء حقوق الله تعالى فى العبودية واطمأنت بها تستحق الرجوع الى ربها والدخول فى جنة عالم الأرواح كما قال تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً فيما قدر لهم الله من الأعمال الصالحات ولا من الدرجات والقربات فليس من تمنى نعمته من غير ان يتعنى فى خدمته كمن تعنى فى خدمته من غير ان يتمنى نعمته وان بينهما بونا بعيدا من أعلى مراتب القرب الى أسفل سافلين البعد كذا فى التأويلات النجمية وَمَنْ استفهام إنكاري أَحْسَنُ دِيناً الدين والملة متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار فان الشريعة من حيث انها يطاع لها دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة والإملال بمعنى الاملاء مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ اى جعل نفسه وذاته سالمة خالصة لله تعالى بان لم يجعل لا حد حقا فيها لامن جهة الخالقية والمالكية ولا من جهة العبودية والتعظيم. وقوله دينا نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن دينه احسن من دين من اسلم إلخ فالتفضيل فى الحقيقة جاربين الدينين لا بين صاحبيهما وَهُوَ مُحْسِنٌ الجملة حال من فاعل اسلم اى والحال انه آت بالحسنات تارك للسيآت وقد فسره النبي عليه السلام بقوله (ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) والإحسان حقيقة الايمان. واعلم ان دين الإسلام مبنى على أمرين الاعتقاد والعمل فالله سبحانه أشار الى الاول بقوله أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ والى الثاني بقوله وَهُوَ مُحْسِنٌ اى فى الانقياد لربه بان يكون آتيا بجميع ما كلفه به على وجه الإجلال والخشوع وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الموافقة لذين الإسلام المتفق على

[سورة النساء (4) : آية 126]

صحتها وقبولها بين الأديان كلها بخلاف ملة موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام حَنِيفاً حال من فاعل اتبع اى مائلا عن الأديان الزائغة ثم؟؟؟ ان الله تعالى رغب فى اتباع ملته فقال وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا اى اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله والخلة من الخلال فانه ودّ تخلل النفس وخالطها وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ كأنه قيل لم خص الله تعالى ابراهيم عليه السلام بالخلة وله عباد مكرمون فاجاب بان جميع ما فى السموات وما فى الأرض من الموجودات له تعالى خلقا وملكا يختار منها ما يشاء ومن يشاء وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً احاطة علم وقدرة فكل واحد من علمه وقدرته محيط بجميع ما يكون داخلا فيهما وما يكون خارجا عنهما ومغايرا لهما مما لا نهاية له من الصدورات الخارجة عن هذه السموات والأرضين- روى- ان ابراهيم عليه السلام بعث الى خليل له بمصر فى ازمة أصابت الناس يمتار منه فقال خليله لو كان ابراهيم يريد لنفسه لفعلت ولكن يريد للاضياف وقد أصابنا ما أصاب الناس فاجتاز غلمانه ببطحاء لينة فملأوا منها الغرائر حياء من الناس فلما أخبروا ابراهيم ساءه الخبر فغلبته عيناه فنام فقامت سارة الى غرارة منها فاخرجت حوارى واختبزت فاستيقظ ابراهيم فاشتم رائحة الخبز فقال من اين هذا لكم فقالت من خليلك المصري فقال بل من عند خليلى الله عز وجل فسماه الله خليلا. وفى الخبر تعجب الملائكة من كثرة ماله وخدمه وكان له خمسة آلاف قطيع من الغنم وعليها كلاب المواشي باطواق الذهب فتمثل له ملك فى صورة البشر وهو ينظر أغنامه فى البيداء فقال الملك سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح فقال ابراهيم عليه السلام كرر ذكر ربى ولك نصف ما ترى من أموالي فكرر الملك فنادى ثانيا كرر تسبيح ربى ولك جميع ما ترى من مالى فتعجب الملائكة فقالوا جدير ان يتخذك الله خليلا فعلى هذا انما سمى الخليل خليلا على لسان الملائكة. قال القاضي فى الشفاء الخلة هنا أقوى من النبوة لان النبوة قد يكون فيها العداوة كما قال تعالى إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ولا يصح ان تكون عداوة مع خلة ومن شرط الخلة استسلام العبد فى عموم أحواله لله بالله وان لا يدخر شيأ مع الله لا من ماله وجسده ولا من نفسه ولا من روحه وخلده ولا من اهله وولده وهكذا كان حال ابراهيم عليه السلام جانكه نه قربانئ جانان بود ... جيفه تن بهتر از ان جان بود هر كه نه شد كشته بشمشير دوست ... لاشه مردار به از جان اوست ومن شرط المحبة فناء المحب فى المحبة وبقاؤه فى المحبوب حتى لم تبق المحبة من المحب الا الحبيب وهذا حال محمد صلى الله عليه وسلم. قيل لمجنون بنى عامر ما اسمك قال ليلى. قال شيخى وسندى ومن هو بمنزلة روحى فى جسدى فى كتاب اللائحات البرقيات ان الخلة والمحبة الالهية الاحدية تجلت لنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بحقيقتها ولابراهيم عليه السلام بصورتها ولغيرهما بخصوصياتها الجزئيات بحسب قابلياتهم ونبينا عليه السلام فى مقام الخلة والمحبة بمنزلة المرتبة الاحدية الذاتية وابراهيم عليه الصلاة والسلام بمنزلة المرتبة الواحدية

[سورة النساء (4) : آية 127]

الصفاتية وغيرهما بمنزلة المرتبة الواحدية الافعالية والى هذه المقامات والمراتب اشارة فى البسملة على هذا الترتيب ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خليل الله وحبيبه بالفعل وابراهيم عليه السلام خليل الرحمن وحبيبه بالفعل وغيرهما من الأنبياء عليه السلام اخلاء الرحيم واحباؤه بالفعل انتهى كلام الشيخ العلامة أبقاه الله بالسلامة. واعلم انه عليه السلام قال (ان الله اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا ولو كنت متخذا خليلا غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلا) يعنى لو جاز لى ان اتخذ صديقا من الخلق يقف على سرى لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن لا يطلع على سرى الا الله ووجه تخصيصه بذلك ان أبا بكر رضى الله عنه كان اقرب بسر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما روى انه عليه السلام قال (ان أبا بكر لم يفضل عليكم بصوم ولا صلاة ولكن بشىء كتب فى قلبه) وانفهم من عدم اتخاذه عليه السلام أحدا خليلا انفصاله عما سوى الله تعالى فكل الكائنات متصل به وهو غير متصل بشىء أصلا سوى الله سبحانه وتعالى اللهم ارزقنا شفاعته: قال الشيخ السعدي فى نعته الشريف شبى بر نشست از فلك در گذشت ... بتمكين جاه از ملك در گذشت چنان گرم درتيه قربت براند ... كه در سدره جبريل ازو باز ماند فهذا انفصاله عن العلويات والسفليات ووصوله الى حضرة الذات وَيَسْتَفْتُونَكَ اى يطلبون منك الفتوى واشتقاق الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى الحدث لانها جواب فى حادثة واحداث حكم او تقوية لبيان مشكل فِي حق توريث النِّساءِ إذ سبب نزولها ان عيينة بن حصين اتى النبي عليه السلام فقال أخبرنا انك تعطى الابنة النصف والاخت النصف وانما كنا نورث من يشهد القتال ويحوز الغنيمة فقال عليه السلام (كذلك أمرت) قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ يبين لكم حكمه فى حقهن والإفتاء تبيين المبهم وتوضيح المشكل وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ عطف على اسم الله اى يفتيكم الله وكلامه فيكون الإفتاء مسندا الى الله والى ما فى القرآن من قوله يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فى أوائل هذه السورة ونحوه والفعل الواحد ينسب الى فاعلين بالاعتبارين كما يقال أغناني زيد وعطاؤه فان المسند اليه فى الحقيقة شىء واحد وهو المعطوف عليه الا انه عطف عليه شىء من أحواله للدلالة على ان الفعل انما قام بذلك الفاعل باعتبار اتصافه بتلك الحال فِي شأن يَتامَى النِّساءِ متعلق بيتلى كما ان فى الكتاب متعلق به ايضا والاضافة بمعنى من لانها اضافة الشيء الى جنسه اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ اى فرض لهن من الميراث وغيره وَتَرْغَبُونَ عطف على لا تؤتونهن عطف جملة مثبتة على جملة منفية أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ اى فى نكاحهن لجمالهن ومالهن وترغبون عن نكاحهن اى تعرضون لقبحهن وفقرهن فان كانت اليتيمة جميلة موسرة رغب وليها فى تزوجها وإلا رغب عنها وما يتلى فى حقوقهن قوله تعالى وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وقوله تعالى وَلا تَأْكُلُوها ونحوها من النصوص الدالة على عدم التعرض لاموالهم وَفى الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ عطف على يتامى النساء والعرب ما كانوا يورثونهم كما لا يورثون النساء وانما يورثون الرجال القوامين بالأمور وَفى أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى

[سورة النساء (4) : الآيات 128 إلى 133]

فى أموالهم وحقوقهم بِالْقِسْطِ اى العدل وهو ايضا عطف على يتامى النساء وما يتلى فى حقهم قوله تعالى وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ. وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ ونحو ذلك وَما شرطية تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ على الإطلاق سواء كان فى حقوق المذكورين او غيرهم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً فيجازيكم بحسبه. فعلى العاقل ان يطيع الله تعالى فيما امر ولا يأكل مال الغير بل يجتهد فى ان ينفق ما قدر عليه على اليتامى والمساكين قال حاتم الأصم من ادعى ثلاثا بغير ثلاث فهو كذاب. من ادعى حب الجنة من غير انفاق ماله فهو كذاب. ومن ادعى محبة الله من غير ورع عن محارم الله فهو كذاب. ومن ادعى محبة النبي عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب وفى قوله تعالى وَما تَفْعَلُوا حث على فعل الخير وترغيب- حكى- ان امرأة جاءت الى حانوت ابى حنيفة تريد شراء ثوب فاخرج ابو حنيفة ثوبا جديدا قيمته اربعمائة درهم فقالت المرأة انى امرأة ضعيفة ولى بنت أريد تسليمها الى زوجها فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك فقال ابو حنيفة خذيه باربعة دراهم فقالت المرأة لم تسخر بي فقال ابو حنيفة معاذ الله ان أكون من الساخرين ولكنى كنت اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال الذي نقدت فى الثوبين الا اربعة دراهم فبقى هذا على باربعة دراهم فاخذت المرأة الثوب باربعة دراهم ورجعت مستبشرة فرحة: قال السعدي قدس سره بگير اى جوان دست درويش پير ... نه خود را بيفكن كه دستم بگير كسى نيك بودى بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى واعلم ان النفس بمثابة المرأة لزوج الروح فكما أوجب الله على الرجال من الحقوق للنساء فكذلك أوجب على العبد الطالب الصادق من الحقوق للنفس كما قال عليه السلام لعبد الله ابن عمر حين جاهد نفسه بالليل بالقيام وبالنهار بالصيام (ان لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) والرياضة الشديدة تقطع عن السير قال عليه السلام (ان هذا الدين مبين فاوغلوا فيه برفق) يريد لا تحملوا على أنفسكم ولا تكلفوها ما لا تطيق فتعجز فتترك الدين والعمل اسب تازى دوتك همى ماند ... شتر آهسته ميرود شب وروزى وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتوسط فى إعطاء نفسه حقها ويعدل فيها غاية العدل فيصوم ويفطر ويقوم وينام وينكح النساء ويأكل فى بعض الأحيان ما يجد كالحلوى والعسل والدجاج وتارة يجوع حتى يشد الحجر على بطنه من الجوع. فيا ايها الغافل تنبه لرحيلك ومسراك واحذر ان تسكن الى موافقة هواك انتقل الى الصلاح قبل ان تنقل وحاسب نفسك على ما تقول وتفعل فان الله سبحانه بكل شىء عليم وبكل شىء محيط فاياك من الافراط والتفريط وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها امرأة فاعل فعل يفسره الظاهر اى ان خافت امرأة خافت وتوقعت من زوجها نُشُوزاً تجافيا عنها وترفعا من صحبتها كراهة لها ومنعا لحقوقها من النشز وهو ما ارتفع من الأرض فنشوز كل واحد من الزوجين كراهته صاحبه وترفعه عليه لعدم رضاه به أَوْ إِعْراضاً بان يقل مجالستها ومحادثتها وذلك لبعض الأسباب من طعن فى سن او دمامة او شين فى خلق او خلق او ملال او طموح عين الى اخرى او غير ذلك. قال الامام المراد

بالنشوز اظهار الخشونة فى القول او الفعل او فيهما والمراد بالاعراض السكوت عن الخير والشر والمراعاة والإيذاء- روى- ان الآية نزلت فى خويلة ابنة محمد بن مسلمة وزوجها سعد بن الربيع تزوجها وهى شابة فلما علاها الكبر تزوج شابة وآثرها عليها وجفاها فاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتكت اليه ذلك فَلا جُناحَ عَلَيْهِما حينئذ أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً اى فى ان يصلحا بينهما إصلاحا بان تحط له المهر او بعضه او القسم كما فعلت سودة رضى الله عنها وكانت كبيرة مسنة وذلك ان أم المؤمنين سودة ابنة زمعة التمست من رسول الله حين أراد عليه السلام ان يطلقها ان يمسكها وتجعل نوبتها لعائشة رضى الله عنها لما عرفت مكان عائشة من قلبه عليه السلام فاجازه النبي عليه السلام ولم يطلقها وكان عليه السلام بعد هذا الصلح يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. قال الحدادي مثل هذا الصلح لا يقع لازما لانها إذا أبت بعد ذلك الا المقاسمة على السواء كان لها ذلك وَالصُّلْحُ الواقع بين الزوجين خَيْرٌ اى من الفرقة او من سوء العشرة او من الخصومة. فاللام للعهد ويجوز ان لا يراد به التفضيل بل بيان انه خير من الخيور كما ان الخصومة شر من الشرور فاللام للجنس. قال السيوطي فى حسن المحاضرة فى احوال مصر والقاهرة ان شئت ان تصير من الابدال فحول خلقك الى بعض خلق الأطفال ففيهم خمس خصال وكانت فى الكبار لكانوا ابدالا لا يهتمون للرزق ولا يشكون من خالقهم إذا مرضوا ويأكلون الطعام مجتمعين وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع وإذا تخاصموا لم يتجاوزوا وتسارعوا الى الصلح ونعم ما قيل ابلهست آنكه فعل اوست لجاج ... ابلهى را كجا علاج بود تا توانى لجاج پيشه مگير ... كافت دوستى لجاج بود وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ اى جعلت حاضرة له مطبوعة عليه لا تنفك عنه ابدا فلا المرأة تسمح بحقوقها من الرجل ولا الرجل يجود بحسن المعاشرة مع دمامتها وكبرسنها وعدم حصول اللذة بمجالستها واصل الكلام احضر الله الأنفس الشح فلما بنى للمفعول أقيم مفعوله الاول مقام الفاعل والشح البخل مع حرص فهو أخص من البخل. وعن عبد الله بن وهب عن الليث قال بلغني ان إبليس لقى نوحا فقال له إبليس يا نوح اتق الحسد والشح فانى حسدت آدم فخرجت من الجنة وشح آدم على شجرة واحدة منعها حتى خرج من الجنة. ولقى يحيى بن زكريا عليهما السلام إبليس فى صورته فقال له أخبرني بأحب الناس إليك وابغض الناس إليك قال أحب الناس الىّ المؤمن البخيل وابغضهم الىّ الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخائه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك كذا فى آكام المرجان وَإِنْ تُحْسِنُوا ايها الأزواج بامساكهن بالمعروف وحسن المعاشرة مع عدم موافقتهن لطباعكم وَتَتَّقُوا ظلمهن بالنشوز والاعراض ولم تضطروهن الى بذل شىء من حقوقهن فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الإحسان والتقوى خَبِيراً عليما به وبالغرض فيه فيجازيكم ويثيبكم عليه البتة لاستحالة ان يضيع اجر المحسنين- روى- ان رجلا من بنى آدم كانت له امرأة من أجملهم فنظرت اليه يوما فقالت الحمد لله قال

[سورة النساء (4) : الآيات 129 إلى 130]

زوجها مالك فقالت حمدت الله على انى وانك من اهل الجنة لانك رزقت مثلى فشكرت ورزقت مثلك فصبرت وقد وعد الله بالجنة للصابرين والشاكرين: قال السعدي قدس سره چومستوره شد زن خوب روى ... بديدار او در بهشتست شوى اگر پارسا باشد وخوش سخن ... نگه در نكويى وزشتى مكن وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ اى محال ان تقدروا على ان تعدلوا وتسووا بينهن بحيث لا يقع ميل ما الى جانب إحداهن فى شأن من الشؤون البتة ولذلك كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول (اللهم هذا قسمى فيما املك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك) وأراد به التسوية فى المحبة وكان له فرط محبة لعائشة رضى الله عنها وَلَوْ حَرَصْتُمْ اى على اقامة العدل وبالغتم فى ذلك فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ اى فلا تجوروا على المرأة المرغوب عنها كل الجور واعدلوا ما استطعتم فان عجزكم عن حقيقة العدل انما يصح عدم تكليفكم به لا بما دونه من المراتب الداخلة تحت استطاعتكم ومالا يدرك كله لا يترك كله وفى الحديث (استقيموا ولن تحصوا) اى لن تستطيعوا ان تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا فَتَذَرُوها مجزوم عطف على الفعل قبله اى فلا تتركوا التي ملتم عنها حال كونها كَالْمُعَلَّقَةِ وهى المرأة التي لا تكون أيما فتزوج ولا ذات بعل يحسن عشرتها كالشىء المعلق الذي لا يكون فى الأرض ولا فى السماء وفى الحديث (من كانت له امرأتان فمال الى إحداهما جاء يوم القيامة واحد شقيه مائل) وكان لمعاذ رضى الله عنه امرأتان فاذا كان عند إحداهما لم يتوضأ فى بيت الاخرى فماتتا فى الطاعون فدفنهما فى قبر واحد وَإِنْ تُصْلِحُوا ما كنتم تفسدون من امورهن وَتَتَّقُوا الميل فيما يستقبل فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً يغفر لكم ما مضى من ميلكم رَحِيماً يتفضل عليكم برحمته وَإِنْ يَتَفَرَّقا اى وان يفارق كل واحد منهما صاحبه بان لم يتفق بينهما وفاق بوجه ما من الصلح او غيره يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا منهما اى يجعله مستغنيا عن الآخر ويكفه مهماته مِنْ سَعَتِهِ من غناه وقدرته وفيه زجر لهما عن مفارقة أحدهما رغما لصاحبه وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً اى مقتدرا متقنا فى أفعاله وأحكامه وله حكمة بالغة فيما يحكم من الفرقة يجعل لكل واحد منهما من يسكن اليه فيتسلى به عن الاول وتزول حرارة محبته عن قلبه وينكشف عنه هم عشقه فعلى المؤمن ترك حظ النفس والدور مع الأمر الإلهي فى جملة أموره وأحكامه والعمل فى حق النساء بقوله تعالى فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ والميل الى جانب العدل والاعراض عن طرف الظلم والاستحلال قبل ان يجيئ يوم لا بيع فيه ولا خلال. قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤخذ بيد العبد أو الامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادى مناد هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت الى حقه فتفرح المرأة ان يكون لها الحق على ابنها او أخيها او على أبيها او على زوجها ثم قرأ ابن مسعود رضى الله عنه فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ فيقول الرب تعالى للعبد آت هؤلاء حقوقهم فيقول رب لست فى الدنيا فمن اين أوتيهم فيقول للملائكة خذوا من اعماله الصالحة فاعطوا كل انسان منهم بقدر طلبته فان كان وليا لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل من خير ضاعفها حتى يدخله بها الجنة ثم قرأ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ

[سورة النساء (4) : آية 131]

حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وان كان عبدا شقيا قالت الملائكة رب فنيت حسناته وبقي الطالبون فيقول للملائكة خذوا من أعمالهم السيئة فاضيفوها الى سيآته وصكواله صكا الى النار فلا بد من التوبة والاستغفار والرجوع الى الملك الغفار والمجاملة فى المعاملة مع الأخيار والأشرار ودفع الأذى عن اهل الإنكار والإقرار- حكى- ان أبا منصور بن ذكير كان رجلا زاهدا صالحا فلما دنت وفاته اكثر البكاء فقيل له لم تبكى عند الموت قال اسلك طريقا لم اسلكه قط فلما توفى رآه ابنه فى المنام فى الليلة الرابعة فقال يا أبت ما فعل الله بك فقال يا بنى ان الأمر أصعب مما تعد اى تظن لقيت ملكا عادلا اعدل العادلين ورأيت خصماء مناقشين فقال لى ربى يا أبا منصور قد عمرتك سبعين سنة فما معك اليوم فقلت يا ربى حججت ثلاثين حجة فقال الله تعالى لم اقبل منك فقلت يا رب تصدقت بأربعين الف درهم بيدي فقال لم اقبل منك فقلت ستون سنة صمت نهارها وقمت ليلها فقال لم اقبل منك فقلت الهى غزوت أربعين غزوة فقال لم اقبل منك فقلت إذا قد هلكت فقال الله تعالى ليس من كرمى ان أعذب مثل هذا يا أبا منصور اما تذكر اليوم الفلاني نحيت الذرة عن الطريق كيلا يعثر بها مسلم فانى قد رحمتك بذلك فانى لا أضيع اجر المحسنين فظهر من هذه الحكاية ان دفع الأذى عن الطريق إذا كان سببا للرحمة والمغفرة فلأن يكون دفع الأذى عن الناس نافعا للدافع يوم الحشر خصوصا عدم الاذية للمؤمنين وخصوصا للاهل والعيال والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده اللهم اجعلنا من النافعين لا من الضارين آمين وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى من الموجودات كائنا ما كان من الخلائق أرزاقهم وغير ذلك. قال الشيخ نجم الدين قدس سره لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ من الدرجات العلى وجنات المأوى والفردوس الأعلى وَما فِي الْأَرْضِ من نعيم الدنيا وزينتها وزخارفها والله مستغن عنها وانما خلقها لعباده الصالحين كما قال تعالى وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وخلق العباد لنفسه كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى بالله قد امرناهم فى كتابهم وهم اليهود والنصارى ومن قبلهم من الأمم. واللام فى الكتاب للجنس يتناول الكتب السماوية ومن متعلقة بوصينا او بأوتوا وَإِيَّاكُمْ عطف على الذين اى وصيناكم يا امة محمد فى كتابكم أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ اى بان اتقوا الله فان مصدرية حذف منها حرف الجر اى امرناهم وإياكم بالتقوى وَقلنا لهم ولكم إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى فان الله مالك الملك كله لا يتضرر بكفركم ومعاصيكم كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم وانما وصاكم لرحمته لا لحاجته ثم قرر ذلك بقوله وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا اى عن الخلق وعبادتهم لا تعلق له بغيره تعالى لا فى ذاته ولا فى صفاته بل هو منزه عن العلاقة مع الأغيار حَمِيداً محمودا فى ذاته حمدوه او لم يحمدوه. قال الغزالي فى شرح الأسماء الحسنى والله تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال والحميد من العباد من حمدت عقائده وأخلاقه واعماله كلها من غير مثنوية وذلك هو محمد صلى الله عليه وسلم ومن يقرب منه من الأنبياء ومن عداهم من

[سورة النساء (4) : الآيات 132 إلى 133]

الأولياء والعلماء كل واحد منهم حميد بقدر ما يحمد من عقائده وأخلاقه واعماله وأقواله وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ذكره ثالثا للدلالة على كونه غنيا فان جميع المخلوقات تدل بحاجتها على غناه وبما فاض عليها من الوجود وانواع الخصائص والكمالات على كونه حميدا فلا تكرار فان كل واحد من هذه الألفاظ مقرون بفائدة جديدة وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فى تدبير امور الكل وكل الأمور فلابد من ان يتوكل عليه لا على أحد سواء إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ اى يفنكم ويستأصلكم بالمرة وَيَأْتِ بِآخَرِينَ اى يوجد دفعة مكانكم قوما آخرين من البشر او خلقا آخرين مكان الانس ومفعول المشيئة محذوف لكونه مضمون الجزاء اى ان يشأ افناءكم وإيجاد آخرين يذهبكم يعنى ان ابقاءكم على ما أنتم عليه من العصيان انما هو لكمال غناه عن طاعتكم لا لعجزه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ففيه تهديد للعصاة وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ اى افنائكم بالمرة وإيجاد آخرين دفعة مكانكم قَدِيراً بليغ القدر لا يعجزه مراد فاطيعوه فلا تعصوه واتقوا عقابه. والآية تدل على كمال قدرته وصبوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة وفى الحديث (لا أحد اصبر على أذى سمعه من الله انه يشرك به ويجعل له الولد ثم هو يعافيهم ويرزقهم) يعنى يقول بعض عباد الله وامائه ان له شريكا فى ملكه وينسب له ولدا ثم الله تعالى يعطيهم من انواع النعم من العافية والرزق وغيرهما فهذا كرمه ومعاملته مع من يؤذيه فما ظنك بمعاملته مع من يحتمل الأذى منه ويثنى عليه ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر وفى الحديث (ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) . قال الشيخ الكلاباذى بسط اليد كناية عن الجود يعنى يجود الله لمسيى الليل ولمسيئ النهار بالامهال ليتوب كما روى انه عليه السلام قال (صاحب اليمين امير على صاحب الشمال وإذا عمل العبد حسنة كتب له عشر أمثالها وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين امسك فيمسك عنه سبع ساعات من النهار فان استغفر لم يكتب عليه وان لم يستغفر كتب سيئة واحدة) انتهى كلامه: قال الصائب بر غفلت سياه دلان خنده ميزنند ... غافل مشو ز خنده دندان نماى صبح يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات فان دعوة الله عباده بكتبه على لسان الأنبياء لئلا يغتروا بزخارف الدنيا الدنية ويترقوا من حضيض الحظوظ النفسانية الى معارج الدرجات العلى ولقد وصاك الله تعالى بالتقوى فعليك بالأخذ بالوصية فان التقوى كنز عزيز فلئن ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر شريف وخير كثير فانه جامع الخير كله. قال ابن عطاء للتقوى ظاهر وباطن فظاهرها حفظ حدود الشرع وباطنها الإخلاص فى النية وحقيقة التقوى الاعراض عن الدنيا والعقبى والإقبال والتوجه الى الحضرة العليا فمن وصل اليه فقد صار حرا عن رقية الكونين وعبد الله تعالى: قال الحافظ قدس سره زير بارند درختان كه تعلق دارند ... اى خوشا سرو كه از بار غم آزاد آمد

[سورة النساء (4) : الآيات 134 إلى 140]

مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا كالمجاهد يريد بمجاهدته الغنيمة فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ اى فعنده تعالى ثوابهما له ان اراده فماله يطلب أخسهما فليطلبهما كمن يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة او ليطلب الأشرف منهما فان من جاهد خالصا لوجه الله تعالى لم تخطئه الغنيمة وله فى الآخرة ما هى فى جنبه كلا شىء اى فعند الله ثواب الدارين فيعطى كلا ما يريده كقوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً عالما بجميع المسموعات والمبصرات عارفا بالأغراض اى يعرف من كلامهم ما يدل على انهم ما يطلبون من الجهاد سوى الغنيمة ومن أفعالهم ما يدل على انهم لا يسعون فى الجهاد الا عند توقع الفوز بالغنيمة. قال الحدادي فى الآية تهديد للمنافقين المرائين وفى الحديث (ان فى النار واديا تتعوذ منه جهنم كل يوم اربعمائة مرة أعد للقراء المرائين) : قال السعدي قدس سره نكو سيرتى بي تكلف برون ... به از نيك نام خراب اندرون هر آنكه افكند تخم بر روى سنگ ... جوى وقت دخلش نيايد بچنگ وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه (لما خلق الله تعالى جنة عدن خلق فيها مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون ثلاثا ثم قالت انى حرام على كل بخيل مراء فينبغى للمؤمن ان يحترز من الرياء ويسعى فى تحصيل الإخلاص فى العمل وهو ان لا يريد بعمله سوى الله تعالى. قال بعضهم دخلت على سهل ابن عبد الله يوم الجمعة قبل الصلاة فرأيت فى البيت حية فجعلت اقدّم رجلا وأؤخر اخرى فقال سهل ادخل لا يبلغ أحد حقيقة الإخلاص وعلى وجه الأرض شىء يخافه ثم قال هل لك حاجة فى صلاة الجمعة فقلت بيننا وبين المسجد مسيرة يوم وليلة فاخذ بيدي فما كان قليلا حتى رأيت المسجد فدخلنا وصلينا الجمعة ثم خرجنا فوقف ينظر الى الناس وهم يخرجون فقال اهل لا اله الا الله كثير والمخلصون منهم قليل عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بيمغز پوست فالمخلص فى عمله لا يقبل عوضا ولو اعطى له الدنيا وما فيها- حكاية-[آورده اند كه جوانمردى غلام خويش را گفت سخاوت آن نيست كه صدقه بكسى دهند كه او را بشناسند صد دينار بستان وببازار ببر وأول درويشى كه بينى بوى ده غلام ببازار رفت پيرى ديد كه حلاق سر او مى تراشيد زر بوى داد پير گفت كه من نيت كرده ام كه هر چهـ مرا فتوح شود بوى دهم وحلاق را گفت بستان حلاق گفت من نيت كرده ام سر او را از براى خدا بتراشم اجر خود از حق تعالى بصد دينار نمى فروشم وهيچ كس نستادند غلام بازگشت وزر باز آورد] كذا فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ مبالغين فى العدل واقامة القسط فى جميع الأمور مجتهدين فى ذلك حق الاجتهاد شُهَداءَ لِلَّهِ بالحق تقيمون شهاداتكم بوجه الله تعالى كما أمرتم بإقامتها وهو خبر

ثان وَلَوْ كانت الشهادة عَلى أَنْفُسِكُمْ بان تقروا عليها لان الشهادة على النفس اقرار على ان الشهادة عبارة عن الاخبار بحق الغير سواء كان ذلك عليه او على ثالث او بان تكون الشهادة مستتبعة لضرر ينالكم من جهة المشهود عليه بان يكون سلطانا ظالما او غيره أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ اى ولو كانت على والديكم وأقاربكم بان تقروا وتقولوا مثلا اشهد ان لفلان على والدي كذا او على أقاربي او بان تكون الشهادة وبالا عليهم على ما مر آنفا وفى هذا بيان ان شهادة الابن على الوالدين لا تكون عقوقا ولا يحل للابن الامتناع عن الشهادة على أبويه لان فى الشهادة عليهما بالحق منعا لهما من الظلم واما شهادته لهما وبالعكس فلا تقبل لان المنافع بين الأولاد والآباء متصلة ولهذا لا يجوز أداء الزكاة إليهم فتكون شهادة أحدهما شهادة لنفسه او لتمكن التهمة إِنْ يَكُنْ اى المشهود عليه غَنِيًّا يبتغى فى العادة رضاه ويتقى سخطه أَوْ فَقِيراً يترحم عليه غالبا وجواب الشرط محذوف لدلالة قوله تعالى فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما عليه اى فلا تمتنعوا عن اقامة الشهادة طلبا لرضى الغنى او ترحما على الفقير فان الله تعالى اولى بجنسى الغنى والفقير بالنظر لهما ولولا ان الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرعها وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) قيل يا رسول الله كيف ينصره ظالما قال (ان يرده عن ظلمه) فان ذلك نصره معنى ومنع الظالم عن ظلمه عون له على مصلحة دينه ولذا سمى نصرا: قال السعدي قدس سره بگمراه گفتن نكو ميروى ... گناه بزرگست وجور قوى بگوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا يحتمل العدل والعدول اى فلا تتبعوا الهوى كراهة ان تعدلوا بين الناس او ارادة ان تعدلوا عن الحق وَإِنْ تَلْوُوا السنتكم عن شهادة الحق او حكومة العدل بان تأتوا بها لا على وجهها لىّ الشيء فتله وتحريفه ولى الشهادة تبديلها وعدم أدائها على ما شاهده بان يميل فيها الى أحد الخصمين أَوْ تُعْرِضُوا اى عن أدائها وإقامتها رأسا فالاعراض عنها كتمها فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من لىّ الالسنة والاعراض بالكلية خَبِيراً فيجازيكم لا محالة على ذلك. وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالآية القاضي يتقدم عليه الخصمان فيعرض عن أحدهما او يدافع فى إمضاء الحق او لا يسوى بينهما فى المجلس والنظر والاشارة ولا يمتنع ان يكون المراد بالآية القاضي والشاهد وعامة الناس فان اللفظ محتمل للجميع. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال عند نزول هذه الآية (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقم شهادته على من كانت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجحد حقا هو عليه وليؤده فورا ولا يلجئه الى سلطان وخصومة ليقطع بها حقه وأيما رجل خاصم الى فقضيت له على أخيه بحق ليس عليه فلا يأخذنه فانما اقطع له قطعة من نار جهنم) كذا فى تفسير الحدادي. قال فى الأشباه أي شاهد جاز له الكتمان فقل إذا كان الحق يقوم بغيره او كان القاضي فاسقا او كان يعلم انه لا يقبل انتهى. قال الفقهاء وستر الشهادة فى الحدود أفضل من أدائها لقوله عليه السلام للذى شهد عنده فى الحد (لو سترته بثوبك

[سورة النساء (4) : آية 136]

لكان خيرا لك) وقوله عليه السلام (من ستر على مسلم عيبا ستر الله عليه فى الدنيا والآخرة) وقال عليه السلام (ما من امرئ ينصر مسلما فى موضع ينهتك فيه عرضه وتستحل حرمته إلا نصره الله تعالى فى موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ خذل مسلما فى موضع تنتهك فيه حرمته الاخذ له الله تعالى فى موضع يحب فيه نصرته) وقال عليه السلام (ادرأوا الحدود ما استطعتم) - يحكى- ان مسلما قتل ذميا عمدا فحكم ابو يوسف بقتل المسلم فبلغ زبيدة امرأة هارون الرشيد فبعثت الى ابى يوسف وقالت إياك ان تقتل المسلم وكانت فى عناية عظيمة بامر المسلم فلما حضر ابو يوسف وحضر الفقهاء وجيئ باولياء الذمي والمسلم وقال له الرشيد احكم بقتله فقال يا امير المؤمنين هو مذهبى غير انى لست اقتل المسلم به حتى تقوم البينة العادلة ان الذمي يوم قتله المسلم كان ممن يؤدى الجزية فلم يقدروا عليه فبطل دمه تو روا داريكه من بي حجتى ... بنهم اندر شهر باطل سنتى وفى قوله تعالى شُهَداءَ لِلَّهِ اشارة الى عوام المؤمنين ان كونوا شهدء الله بالتوحيد والوحدانية بالقسط يوما ما ولو كان فى آخر نفس من عمرهم على حسب ما قدر لهم الله تعالى. واشارة الى الخواص ان كونوا شهداء لله اى حاضرين مع الله بالفردانية. واشارة الى خواص الخواص ان كونوا شهداء لله فى الله غائبين عن وجودكم فى شهوده بالوحدة. وفى إشارته الى الخواص شركة للملائكة كما قال تعالى شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ فاما إشارته الى الأخص من الأنبياء وكبار الأولياء وهم أولوا العلم فمختصة بهم من سائر العالمين ولاولى العلم شركة فى شهود شهد الله انه لا اله الا هو وليس للملائكة فى هذا الشهود مدخل الا انهم قائمون بالقسط كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب لكافة المسلمين آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ اى اثبتوا على الايمان بذلك ودوموا عليه وازدادوا فيه طمأنينة ويقينا او آمنوا بما ذكر مفصلا بناء على ان ايمان بعضهم اجمالى. فان قلت لم قيل نزل على رسوله وانزل من قبل. قلت لان القرآن نزل منجما مفرقا بخلاف الكتب قبله فالمراد بالكتاب الاول القرآن وبالثاني الجنس المنتظم لجميع الكتب السماوية لقوله تعالى وَكُتُبِهِ وبالايمان به الايمان بان كل كتاب من تلك الكتب منزل منه على رسول معين لارشاد أمته الى ما شرع لهم من الدين بالأوامر والنواهي لكن لا على ان يراد الايمان بكل واحد من تلك الكتب بل خصوصية ذلك الكتاب ولا على ان احكام تلك الكتب وشرائعها باقية بالكلية ولا على ان الباقي منها معتبر بالاضافة إليها بل على ان الايمان بالكل مندرج تحت الايمان بالكتاب المنزل على رسوله وان احكام كل منها كانت حقة ثابتة الى ورود نسخها وان ما لم ينسخ منها الى الآن من الشرائع والاحكام ثابتة من حيث انها من احكام هذا الكتاب الجليل المصون عن النسخ والتبديل. وقيل الخطاب للمنافقين كانه قيل يا ايها الذين آمنوا نفاقا وهو ما كان بالالسنة فقط آمنوا إخلاصا وهو ما كان بها وبالقلوب. وقيل الخطاب لمؤمنى اهل الكتاب إذ روى ان ابن سلام وأصحابه قالوا يا رسول الله انا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه فنزلت فالمعنى حينئذ آمنوا

ايمانا عاما شاملا يعم الكتب والرسل فان الايمان بالبعض كلا ايمان وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى بشىء من ذلك لان الكفر ببعضه كفر بكله ألا ترى كيف قدم الأمر بالايمان بهم جميعا وزيادة الملائكة واليوم الآخر فى جانب الكفر لما انه بالكفر بأحدها لا يتحقق الايمان أصلا وجمع الكتب والرسل لما ان الكفر بكتاب او برسول كفر بالكل وتقديم الرسول فيما سبق لذكر الكتاب بعنوان كونه منزلا عليه وتقديم الملائكة والكتب على الرسل لانهم وسائط بين الله وبين الرسل فى إنزال الكتب فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً عن المقصد بحيث لا يكاد يعود الى طريقه. قالوا أول ما يجب على المرء معرفة مولاه اى يجب على كل انسان ان يسعى فى تحصيل معرفة الله تعالى بالدليل والبرهان فان ايمان المقلد وان كان صحيحا عند الامام الأعظم لكن يكون آثما بترك النظر والاستدلال فاول الأمر هو الحجة والبرهان ثم المشاهدة والعيان ثم الفناء عن سوى الرحمان. فمرتبة العوام فى الايمان ما قال عليه السلام (ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت والجنة والنار والقدر خيره وشره) وهو ايمان غيبى: وفى المثنوى بندگى در غيب آيد خوب وكش ... حفظ غيب آيد در استبعاد خوش طاعت وايمان كنون محمود شد ... بعد مرگ اندر عيان مردود شد ومرتبة الخواص فى الايمان هو ايمان عيانى وكان ذلك بان الله إذا تجلى لعبده بصفة من صفاته خضع له جميع اجزاء وجوده وآمن بالكلية عيانا بعد ما كان يؤمن قلبه بالغيب ونفسه تكفر بما آمن به قلبه إذا كانت النفس عن ننسم روائح الغيب بمعزل فلما تجلى الحق للجبل جعله دكا وخر موسى النفس صعقا فالنفس فى هذا المقام تكون بمنزلة موسى فلما أفاق قال تبت إليك وانا أول المؤمنين. ومرتبة الأخص فى الايمان هو ايمان عيانى وذلك بعد رفع حجب الانانية بسطوات تجلى صفة الجلال فاذا أفناه عنه بصفة الجلال يبقيه به بصفة الجمال فلم يبق له الابن وبقي فى العين فيكون ايمانا عينيا كما كان حال النبي عليه السلام ليلة المعراج فلما بلغ قاب قوسين كان فى حيز اين فلما جذبته العناية من كينونته الى عينونة او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى آمن الرسول بما انزل اليه اى من صفات ربه فآمنت صفاته بصفاته تعالى وذاته بذاته فصار كل وجوده مؤمنا بالله ايمانا عينيا ذاته وصفاته فاخبر عنهم وقال والمؤمنون كل آمن بالله يعنى آمنوا يهوية وجودهم كذا فى التأويلات النجمية هذا هو الايمان الحقيقي رزقنا الله وإياكم إياه: وفى المثنوى بود كبرى در زمان با يزيد ... گفت او را يك مسلمان سعيد كه چهـ باشد گر تو اسلام آورى ... تا بيابى صد نجات وسرورى گفت اين ايمان اگر هست اى مريد ... آنكه دارد شيخ عالم با يزيد من ندارم طاقت آن تاب آن ... كان فزون آمد ز كوششهاى جان گر چهـ در ايمان ودين ناموقنم ... ليك در ايمان او بس مومنم مؤمن ايمان اويم در نهان ... گر چهـ مهرم هست محكم بر دهان باز ايمان خود گر ايمان شماست ... نى بدان ميلستم ونى مشتهاست

[سورة النساء (4) : الآيات 137 إلى 140]

آنكه صد ميلش سوى ايمان بود ... چون شما را ديد زان فاتر شود زانكه نامى بيند ومعنيش نى ... چون بيابانرا مفازه گفتنى والى هذا التجريد والتفريد ينال العبد بالذكر والتوحيد قال عليه السلام فى وصيته لعلى رضى الله عنه (يا على احفظ التوحيد فانه رأس مالى والزم العمل فانه حرفتى وأقم الصلاة فانها قرة عينى واذكر الحق فانه نصرة فؤادى واستعمل العلم فانه ميراثى) اللهم لا تحرمنا من هذا الميراث إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا يعنى اليهود بموسى ثُمَّ كَفَرُوا بعبادتهم العجل ثُمَّ آمَنُوا بعد عوده إليهم ثُمَّ كَفَرُوا بعيسى والإنجيل ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وازداد كذا يجيئ لازما ومتعديا يقال ازددت مالا اى زدته لنفسى ومنه قوله تعالى وَازْدَادُوا تِسْعاً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مريدا لِيَغْفِرَ لَهُمْ اى ماداموا على كفرهم وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا اى ولا ليوفقهم طريقا الى الإسلام ولكن يخذلهم مجازاة لهم على كفرهم. فان قيل ان الله لا يغفر كفر مرة فما الفائدة فى قوله ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا. قيل ان الكافر إذا آمن غفر له كفره فاذا كفر بعد إيمانه لم يغفر له الكفر الاول وهو مطالب بجميع كفره بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ وضع بشر موضع انذر واخبر تهكما بهم بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً اى وجيعا يخلص ألمه ووجعه الى قلوبهم وهذا يدل على ان الآية نزلت فى المنافقين وهم قد آمنوا فى الظاهر وكفروا فى السر مرة بعد اخرى ثم ازدادوا بالإصرار على النفاق وإفساد الأمر على المؤمنين الَّذِينَ اى هم الذين يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ اى اليهود أَوْلِياءَ أحباء فى العون والنصرة مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ حال من فاعل يتخذون اى متجاوزين ولاية المؤمنين المخلصين وكانوا يوالونهم ويقول بعضهم لبعض لا يتم امر محمد فتولوا اليهود أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ اى أيطلبون بموالاة الكفرة القوة والغلبة وهم أذلاء فى حكم الله تعالى فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً تعليل لما يفيده الاستفهام الإنكاري من بطلان رأيهم وخيبة رجائهم فان انحصار جميع افراد العزة فى جنابه تعالى بحيث لا ينالها الا أولياؤه الذين كتب لهم العزة والغلبة وقال وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يقتضى بطلان التعزيز بغيره سبحانه واستحالة الانتفاع به. قوله جميعا حال من المستكن فى قوله تعالى لله لاعتماده على المبتدأ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ خطاب للمنافقين بطريق الالتفات والجملة حال من فاعل يتخذون. قال المفسرون ان مشركى مكة كانوا يخوضون فى ذكر القرآن ويستهزئون به فى مجالسهم فانزل الله تعالى فى سورة الانعام وهى مكية وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم ان أحبار اليهود بالمدينة كانوا يفعلون ما فعله المشركون بمكة وكان المنافقون يقعدون معهم ويوافقونهم على ذلك الكلام الباطل فقال الله تعالى مخاطبالهم وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ اى والحال انه تعالى قد نزل عليكم قبل هذا بمكة. وفيه دلالة على ان المنزل على النبي عليه السلام وان خوطب به خاصة منزل على العامة فِي الْكِتابِ اى القرآن الكريم أَنْ مخففة اى ان الشان إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ فيه دلالة على ان مدار الاعراض عنهم هو العلم بخوضهم فى آيات الله ولذلك يخبر عنه تارة بالرؤية واخرى بالسماع يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها حالان من آيات الله اى

مكفورا ومستهزاء وبها فى محل الرفع لقيامه مقام الفاعل والأصل يكفر بها أحد ويستهزئ فَلا تَقْعُدُوا جزاء الشرط مَعَهُمْ اى الكفرة المدلول عليهم بقوله يكفر بها ويستهزأ بها حَتَّى يَخُوضُوا الخوض بالفارسية «در حديث شدن» فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ اى غير القرآن وحتى غاية للنهى والمعنى انه تجوز مجالستهم عند خوضهم وشروعهم فى غير الكفر والاستهزاء. وفيه دلالة على ان المراد بالاعراض عنهم اظهار المخالفة بالقيام عن مجالسهم لا الاعراض بالقلب او بالوجه فقط إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ جملة مستأنفة سيقت لتعليل النهى غير داخلة تحت التنزيل واذن ملغاة عن العمل لاعتماد ما بعدها على ما قبلها اى لوقوعها بين المبتدأ والخبر اى لا تقعدوا معهم فى ذلك الوقت انكم ان فعلتموه كنتم مثلهم اى مثل اليهود فى الكفر واستتباع العذاب فان الرضى بالكفر كفر إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً يعنى القاعدين والمقعود معهم وهو تعليم لكونهم مثلهم فى الكفر بيانه ما يستلزمه من شركتهم لهم فى العذاب. واعلم ان الائتلاف هاهنا نتيجة تعارف الأرواح هنالك لقوله عليه السلام (الأرواح جنود مجندة) الحديث فمن تعارف أرواح الكافر والمنافق هناك يأتلفون هاهنا ومن تناكر أرواحهم وأرواح المؤمنين يختلفون هاهنا- روت- عائشة رضى الله عنها ان امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهنّ فلما هاجرن ووسع الله تعالى دخلت المدينة قالت عائشة فدخلت علىّ فقلت لها فلانة ما أقدمك قالت إليكن قلت فأين نزلت قالت على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة قالت عائشة ودخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال (فلانة المضحكة عندكم) قالت عائشة قلت نعم فقال (فعلى من نزلت) قالت على فلانة المضحكة قال (الحمد لله ان الأرواح جنود) إلخ: ونعم ما قيل همه مرغان كند با جنس پرواز ... كبوتر با كبوتر باز با باز ولما كان الابد مرآة الأزل لا يظهر فيه الا ما قدر فى الأزل لذا قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً لانهم كانوا فى عالم الأرواح فى صف واحد وفى الدنيا بذلك التناسب والتعارف فى فن واحد وقال عليه السلام (كما تعيشون تموتون وكما تموتون تحشرون) . ففى اشارة الآية نهى لاصحاب القلوب عن المجالسة مع ارباب النفوس والموافقة فى شىء من اهوائهم فانهم ان يفعلوا ذلك يكونوا مثلهم يعنى يكون القلب كالنفس وصاحب القلب كصاحب النفس بالصحبة والمخالطة والمتابعة: قال الحافظ قدس سره نخست موعظه پير مجلس اين حرفست ... كه از مصاحب ناجنس احتراز كنيد قال الحدادي فى تفسيره اذن لم يجز جلوس المؤمن معهم لاقامة فرض او سنة اما إذا كان جلوسه لاقامة عبادة وهو ساخط لتلك الحال لا يقدر على تغييرها فلا بأس بالجلوس كما روى عن الحسن انه حضر وابن سيرين جنازة وهناك نوح فانصرف ابن سيرين فذكر ذلك للحسن فقال ما كنا متى رأينا باطلا تركنا حقا اشرع ذلك فى ديننا ولم يرجع انتهى كلامه. وذكر ان الله تعالى اوحى الى يوشع بن نون عليه السلام انى مهلك من قومك أربعين الفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم قال يا رب هؤلاء الاشراء فما بال الأخيار قال انهم لم يغضبوا لغضبى وأاكلوهم وشاربوهم وإذا كان

[سورة النساء (4) : الآيات 141 إلى 146]

الرجل مبتلى بصحبة الفجار فى سفره للحج او الغزاء لا يترك الطاعة بصحبتهم لكن يكرهه بقلبه ولا يرضى به فلعل الفاسق يتوب ببركة كراهة قلبه ومن دعى الى ضيافة فوجد ثمة لعبا او غناء يقعد ان كان غير قدوة ويمنع ان قدر وان كان قدوة كالقاضى والمفتى ونحوهما يمنع ويقعد فان عجز خرج وان كان ذلك على المائدة او كانوا يشربون الخمر خرج وان لم يكن قدوة وان علم قبل الحضور لا يحضر فى الوجوه كلها كذا فى تحفة الملوك الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ اى المنافقون هم الذين ينتظرون وقوع امر لكم خيرا كان او شرا فَإِنْ كانَ لَكُمْ ايها المؤمنون فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ اى ظفر ودولة وغنيمة قالُوا اى لكم أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ على دينكم مظاهرين لكم فاسهموا لنا فيما غنمتم وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ اى ظهور على المسلمين قالُوا اى للكفرة أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ الاستحواذ الاستيلاء اى ألم نغلبكم ونمكن من قتلكم واسركم فابقينا عليكم اى ترحمنا وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بان ثبطاهم عنكم وخيلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم أو أمر جنا فى جنابكم وتوانينا فى مظاهرتهم عليكم والا لكنتم نهبة للنوائب فهاتوا نصيبا مما أصبتم وانما سمى ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا تعظيما لشأن المسلمين وتخسيسا لحظ الكافرين لان ظفر المسلمين امر عظيم تفتح له أبواب السماء حتى ينزل على أوليائه واما ظفر الكافرين فمقصور على امر دنيوى سريع الزوال فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ اى بين المؤمنين والمنافقين بطريق تغليب المخاطبين على الغائبين يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يحكم حكما يليق بشأن كل منكم من الثواب والعقاب واما فى الدنيا فقد اجرى على من تفوه بكلمة الإسلام حكمه ولم يضع السيف على من تكلم بها نفاقا وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا اى ظهورا يوم القيامة كما قد يجعل ذلك فى الدنيا بطريق الابتلاء والاستدراج وبيانه ان الله تعالى يظهر اثر ايمان المؤمن يوم القيامة ويصدق موعدهم ولا يشاركهم الكفار فى شىء من اللذات كما شاركوهم اليوم حتى يعلموا ان الحق معهم دونهم إذ لو شاركوهم فى شىء منها لقالوا للمؤمنين ما نفعكم ايمانكم وطاعتكم شيأ لانا أشركنا واستوينا معكم فى ثواب الآخرة واما ان كان المعنى سبيلا فى الدنيا فيراد بالسبيل الحجة وحجة المسلمين غالبة على حجة الكل وليس لاحد ان يغلبهم بالحجة وقيل معنى السبيل الدولة الدائمة ولا دولة على الدوام للكافرين والا لكان الظهور والغلبة من قبلهم دائما وليس كذلك فان اكثر الظفر للمسلمين وانما ينال الكفار من المؤمنين فى بعض الأوقات استدراجا ومكرا وهذا يستمر الى انقراض اهل الايمان فى آخر الزمان. وعن كعب قال إذا انصرف عيسى ابن مريم والمؤمنون من يأجوج ومأجوج لبثوا سنوات ثم رأوا كهيئة الرهج والغبار فاذا هى ريح قد بعثها الله لتقبض أرواح المؤمنين فتلك آخر عصابة تقبض من المؤمنين ويبقى الناس بعدهم مائة عام لا يعرفون دينا ولا سنة يتهارجون تهارج الحمر عليهم تقوم الساعة وفى الحديث (الجهاد ماض منذ بعثني الله الى ان يقاتل آخر أمتي الدجال) ثم ان الله تعالى يحكم بينكم يوم القيامة ليعلم من اهل العزة والكرامة ومن اهل الغرة والندامة كما ان الشمع يحكم بين الصحيح والسقيم بإظهار حالهما إذا جيئ به فى حمام مظلم قد دخله الأصحاء والمرضى والجرحى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فان وبال كيدهم إليهم مصروف

[سورة النساء (4) : الآيات 142 إلى 143]

وجزاء مكرهم عليهم موقوف والحق من قبل الحق تعالى منصور اهله والباطل بنصر الحق مخيب أصله. وقد قيل الباطل يفور ثم يغور. فعلى المؤمن صرف علو الهمة فى الدين وفى تحصيل علم اليقين ولا يتربص للفتوحات الدنيوية ذاهلا عن الفتوحات الاخروية بل عن فتوحات الغيب ومشاهدة الحق فان أهم الأمور هو الوصول الى الرب الغفور. قال ابو يزيد البسطامي قدس سره ان لله خواص من عباده ولو حجبهم فى الجنة عن رؤيته لا ستغاثوا كما يستغيث اهل النار بالخروج من النار ولما كان موسى كليم الله طفلا فى حجر تربية الحق تعالى ما تجاوز حده ولا تعدى قصده بل قال رب انى لما أنزلت الى من خير فقير فلما كبر وبلغ مبلغ الرجال ما رضى بطعام الأطفال بل قال رب أرني أنظر إليك وكان غاية طلبه فى طفوليته هو الطعام والشراب وكان منتهى اربه فى رجوليته هو رفع الحجاب ومشاهدة الأحباب فالباب مفتوح للطلاب لا حاجب عليه ولا بواب وانما المحجوب عن المسبب من وقف مع الأسباب والمشروب حاضر والمحروم من حرم الشراب والمحبوب ناظر والمطرود من وقف وراء الحجاب فمن انس بسواه فهو مستوحش ومن ذكر غيره فهو غافل عنه ومن عول على سواه فهو مشرك فاذا لم يجد اليه سبيلا وفى ظله مقيلا: ونعم ما قيل تو محرم نيستى محروم از آنى ... ره نامحرمان اندر حرم نيست إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ اى يفعلون ما يفعل المخادع من اظهار الايمان وابطان الكفر وَهُوَ خادِعُهُمْ اى الله تعالى فاعل بهم ما يفعل الغالب فى الخداع حيث تركهم فى الدنيا معصومى الدماء والأموال وأعد لهم فى الآخرة الدرك الأسفل من النار ولم يخلهم فى العاجل من فضيحة وإحلال بأس ونقمة ورعب واثم. وقال ابن عباس رضى الله عنهما انهم يعطون نورا يوم القيامة كما للمؤمنين فيمضى المؤمنون بنورهم على الصراط وينطفئ نور المنافقين فينادون المؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم فتناديهم الملائكة على الصراط ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وقد علموا انهم لا يستطيعون الرجوع قال فيخاف المؤمنون حينئذ ان يطفأ نورهم فيقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شىء قدير وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى اى متثاقلين متقاعسين كما ترى من يفعل شيأ عن كره لا عن طيب نفس ورغبة. قوله كسالى كأنه قيل ما كسالى فقيل يُراؤُنَ النَّاسَ اى يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة ليحسبوهم مؤمنين وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عطف على يراؤن إِلَّا ذكرا قَلِيلًا إذ المرائى لا يفعل الا بحضرة من يرائيه وهو اقل أحواله والمراد بالذكر التسبيح والتهليل. قال فى الكشاف وهكذا ترى كثيرا من المتظاهرين بالإسلام لو صحبته الأيام والليالى لم تسمع منه تهليلة ولا تحميدة ولكن حديث الدنيا يستغرق أوقاته لا يفتر عنه مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ حال من فاعل يراؤن وذلك اشارة الى الايمان والكفر المدلول عليهما بمعونة المقام اى مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان والهوى بينهما وحقيقة المذبذب ما يذب ويدفع عن كلا الجانبين مرة بعده اخرى لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ حال من ضمير مذبذبين اى لا منسوبين الى المؤمنين فيكونون مؤمنين ولا الى الكافرين فيكونون مشركين وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ لعدم استعداده للهداية والتوفيق فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا موصلا الى الحق والصواب فضلا عن ان تهديه اليه والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان

وكان صلى الله عليه وسلم يضرب مثلا للمؤمنين والمنافقين والكافرين كمثل رهط ثلاثة رفعوا الى نهر فقطعه المؤمن ووقف الكافر ونزل فيه المنافق حتى إذا توسط عجز فناداه الكافر هلم الى لا تغرق وناداه المؤمن هلم الى لتخلص فما زال المنافق يتردد بينهما إذ اتى عليه ماء فغرقه فكان المنافق لم يزل فى شك حتى يأتيه الموت اى كه دارى نفاق اندر دل ... خار بادت خليده اندر حلق هر كه سازد نفاق پيشه خويش ... خوار گردد بنزد خالق وخلق والاشارة إِنَّ الْمُنافِقِينَ انما يُخادِعُونَ اللَّهَ فى الدنيا لان الله تعالى وَهُوَ خادِعُهُمْ فى الأزل عند رش نوره على الأرواح وذلك ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره فلما رش نوره أصاب أرواح المؤمنين واخطأ أرواح المنافقين والكافرين ولكن الفرق بين المنافقين والكافرين ان أرواح المنافقين رأوا رشاش النور وظنوا انه يصيبهم فاخطأهم وأرواح الكافرين ما شاهدوا ذلك الرشاش ولم يصبهم وكأن المنافقين خدعوا عند مشاهدتهم الرشاش إذ ما أصابهم فمن نتائج مشاهدتهم الرشاش وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ من نتائج حرمانهم إصابة النور قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ كيما يرونهم النور وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا لانهم يذكرونه بلسان الظاهر القالبى لا بلسان الباطن القلبي والقالب من الدنيا وهى قليلة قليل ما فيها والقلب من الآخرة وهى كثيرة كثير ما فيها فالذكر الكثير من لسان القلب كثير والفلاح فى الذكر الكثير لا فى القليل لقوله تعالى اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً اى بلسان القلب لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ولما كان ذكر المنافقين بلسان القالب كان قليلا فما أفلحوا به وانما كان ذكر المنافق بلسان الظاهر لانه رأى رشاش النور ظاهرا من البعد ولم يصبه فلو كان أصابه ذلك النور لكان صدره منشرحا به كما قال تعالى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ اى على نور ممارش به ربه ومعدن النور هو القلب فكان قلبه ذاكرا لله بذلك النور فانه يصير لسان القلب فقليل الذكر منه يكون كثيرا فافهم جدا فلما كانت أرواح المنافقين مترددة متحيرة بين مشاهدة رشاش النور وبين الظلمة الخلقية لا الى هؤلاء الذين أصابهم النور ولا الى هؤلاء الذين لم يشاهدوا الرشاش لذلك كانوا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ المؤمنين والكافرين لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ باخطاء ذلك النور كما قال ومن اخطأه فقد ضل فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا هاهنا الى ذلك النور يدل عليه قوله وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ اى ومن لم يجعل الله له قسمة من ذلك النور المرشش عليهم فماله اليوم نصيب من نور الهداية كذا فى التأويلات النجمية اللهم ارزقنا الذكر الكثير واعصمنا من الذنب الصغير والكبير. يقال حصون المؤمن ثلاثة المسجد وذكر الله وتلاوة القرآن والمؤمن إذا كان فى واحد من ذلك اى من الأشياء الثلاثة فهو فى حصن من الشيطان قال على رضى الله عنه (يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ومن القرآن إلا رسمه يعمرون مساجدهم وهى خراب من ذكر الله تعالى شر اهل ذلك الزمان علماؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود: قال السعدي قدس سره

[سورة النساء (4) : الآيات 144 إلى 146]

كنون بايدت عذر تقصير گفت ... نه چون نفس ناطق ز گفتن بخفت اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين آمين يا معين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ اى لا تتشبهوا بالمنافقين فى اتخاذهم اليهود وغيرهم من اعداء الإسلام أحباء قوله من دون المؤمنين حال من فاعل لا تتخذوا اى متجاوزين ولاية المؤمنين أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً اى أتريدون بذلك ان تجعلوا لله عليكم حجة بينة على انكم منافقون فان موالاتهم أوضح ادلة النفاق فالسلطان هو الحجة يقال للامير سلطان يراد بذلك انه حجة ويجوز ان يكون بمعنى الوالي والمعنى حينئذ أتريدون ان تجعلوا سلطانا كائنا عليكم واليا امر عقابكم مختصا لله تعالى مخلوقا له منقادا لامره إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ هو الطبقة التي فى قعر جهنم وهى الهاوية والنار سبع دركات سميت بذلك لانها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض والدركات فى النار مثل الدرجات فى الجنة كل ما كان من درجات الجنة أعلى فثواب من فيه أعظم وما كان من دركات النار أسفل فعقاب من فيه أشد. وسئل ابن مسعود عن الدرك الأسفل فقال هو توابيت من حديد مبهمة عليهم لا أبواب لها. فان قلت لم كان المنافق أشد عذابا من الكافر. قلت لانه مثله فى الكفر وضم الى كفره الاستهزاء بالدين والخداع للمسلمين فالمنافقون أخبث الكفرة. فان قلت من المنافق. قلت هو فى الشريعة من اظهر الايمان وابطن الكفر واما تسمية من ارتكب ما يفسق به بالمنافق فللتغليظ والتهديد والتشبيه مبالغة فى الزجر كقوله من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ومنه قوله عليه الصلاة والسلام (ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم انه مسلم من إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان) وقيل لحذيفة رضى الله عنه من المنافق فقال الذي يصف الإسلام ولا يعمل به. وعن الحسن اتى على النفاق زمان وهو مقروع فيه فاصبح قد عمم وقلد واعطى سيفا يعنى الحجاج. قال عمر بن عبد العزيز لو جاءت كل امة بمنافقيها وجئنا بالحجاج فضلناهم. وعن عبد الله بن عمر ان أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة المنافقون ومن كفر من اصحاب المائدة وآل فرعون قال الله تعالى فى اصحاب المائدة فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ وقال فى حق المنافقين إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وقال أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ قيل لا يمتنع ان يجتمع القوم فى موضع واحد ويكون عذاب بعضهم أشد من بعض ألا ترى ان البيت الداخل فى الحمام يجتمع فيه الناس فيكون بعضهم أشد أذى بالنار لكونه ادنى الى موضع الوقود وكذلك يجتمع القوم فى القعود فى الشمس وتأذى الصفراوي أشد واكثر من تأذى السوداوي والمنافق فى اللغة مأخوذ من النفق وهو السرب اى يستتر بالإسلام كما يستتر الرجل بالسرب وقيل هو ماخوذ من قولهم نافق اليربوع إذا دخل نافقاءه فاذا طلب من النافقاء خرج من القاصعاء وإذا طلب من القاصعاء خرج من النافقاء والنافقاء والقاصعاء حجر اليربوع وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً اى مانعا يمنع عنهم العذاب ويخرجهم من الدرك الأسفل من النار والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان إِلَّا الَّذِينَ تابُوا اى عن النفاق هو استثناء من المنافقين

بل من ضميرهم فى الخبر وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا من أحوالهم من حال النفاق بإتيان ما حسنه الشرع من افعال القلوب والجوارح وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ اى وثقوا به وتمسكوا بدينه وتوحيده وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ اى جعلوه خالصا لِلَّهِ لا يبتغون بطاعتهم الا وجهه فَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الصفات الحميدة مَعَ الْمُؤْمِنِينَ اى المؤمنين المعهودين الذين لا يصدر عنهم نفاق أصلا والا فهم ايضا مؤمنون اى معهم فى الدرجات العالية من الجنة لا يضرهم النفاق السابق وقد بين ذلك بقوله تعالى وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً لا يقادر قدره فيشاركونهم فيه ويساهمونهم وسوف كلمة ترجئة واطماع وهى من الله سبحانه إيجاب لانه أكرم الأكرمين ووعد الكريم انجاز وانما حذفت الياء من يؤتى فى الخط كما حذفت فى اللفظ لسكونها وسكون اللام فى اسم الله وكذلك سندع الزبانية ويدع الداع. واعلم ان الكافر وان أفسد برين الكفر صفاء روحه ولكن ما أضيف الى رين كفره رين النفاق فكان لرين كفره منفذ من القلب الى اللسان فيخرج بخاره من لسانه بإظهار الكفر وكان للمنافق مع رين كفره رين النفاق زائدا ولم يكن لبخار رينه منفذ الى لسانه فكان بخارات رين الكفر ورين النفاق تنفذ من منفذ قلبه الذي هو الى عالم الغيب فتراكم حتى انسد منفذ قلبه بها وختم عليه بإفساد كلية الاستعداد من صفاء الروحانية فلم يتفق له الخروج عن هذا الأسفل ولا ينصره نصير بإخراجه لانه محذول بعيد من الحق فى آخر الصفوف وقال تعالى إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ يعنى فى خلق أرواحكم فى صف أرواح المؤمنين فَلا غالِبَ لَكُمْ بان يردكم الى صف أرواح الكافرين وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ بان يخلق أرواحكم فى صف أرواح الكافرين فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ بان يخرجكم الى صف المؤمنين ثم استثنى منهم من كان كفره ونفاقه عارية وروحه فى اصل الخلقة خلقت فى صف المؤمنين ثم بأدنى مناسبة فى المحاذاة بين روحه وأرواح الكافرين والمنافقين ظهر عليه من نتائجها موالاة معلولة من القوم أياما معدودة فما أفسدت صفاء روحانيته بالكلية وما انسد منفذ قلبه الى عالم الغيب فهب له من مهب العناية نفحات الطاف الحق ونبه من نومة الغفلة ونبئ بالرجوع الى الحق بعد التمادي فى الباطل ونودى فى سره بان لا نصير لمن اختار الأسفل ولا يخرج منه إِلَّا الَّذِينَ تابُوا اى ندموا على ما فعلوا ورجعوا عن تلك المعاملات الرديئة وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا من حسن الاستعداد وصفاء الروحانية بترك الشهوات النفسانية والحظوظ الحيوانية وَاعْتَصَمُوا حبل اللَّهُ استعانة على العبودية وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فى الطلب لا يطلبون منه الا هو ثم قال من قام بهذه الشرائط فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يعنى فى صف أرواحهم خلق روحه لا فى صف أرواح الكافرين وسوف يؤتى الله المؤمنين التأبين ويتقرب إليهم على قضية من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب الى ذراعا تقربت اليه باعا ومن أتاني يمشى أتيته اهرول وهذا هو الذي سماه أَجْراً عَظِيماً والله العظيم كذا فى التأويلات النجمية: قال السعدي قدس سره خلاف طريقت بود كاوليا ... تمننا كنند از خدا جز خدا

[سورة النساء (4) : الآيات 147 إلى 152]

ما استفهامية بمعنى النفي فى محل النصب بيفعل اى أي شىء يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ الباء سببية متعلقة بيفعل اى بتعذيبكم إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ اى أيتشفى به من الغيظ أم يدرك به الثأر أم يستجلب به نفعا أم يستدفع به ضررا كما هو شأن الملوك اى لا يفعل بعذاب المؤمن الشاكر شيأ من ذلك لان كل ذلك محال فى حقه تعالى لانه تعالى غنى لذاته عن الحاجات منزه عن جلب المنفعة ودفع المضرة واما تعذيب من لم يؤمن او آمن ولم يشكر فليس لمصلحة تعود اليه تعالى بل لاستدعاء حال المكلف ذلك كاستدعاء سوء المزاج المرض والمقصود منه حمل المكلفين على الايمان وفعل الطاعات والاحتراز عن القبيح وترك المنكرات فكأنه قيل إذا أتيتم الحسنات وتركتم المنكرات فكيف يليق بكرمه ان يعذبكم وتعذيبه عباده لا يزيد فى ملكه وتركه عقوبتهم على فعلهم القبيح لا ينقص من سلطانه وجواب ان شكرتم محذوف لدلالة ما قبله عليه اى ان شكرتم وآمنتم فما يفعل بعذابكم. والشكر ضد الكفر والكفر ستر النعمة فالشكر إظهارها وانما قدم الشكر على الايمان مع ان الايمان مقدم على سائر الطاعات ولاثبات مع عدم الايمان لما انه طريق موصل اليه فان الناظر يدرك اولا ما عليه من النعم الانفسية والآفاقية فيشكر شكرا مبهما ثم يترقى الى معرفة المنعم بعد إمعان النظر فى الدلائل الدالة على ثبوته ووحدته فيؤمن به وَكانَ اللَّهُ شاكِراً الشكر من العبد هو الاعتراف بالنعمة الواصلة اليه مع ضروب من التعظيم ومن الله تعالى الرضى اى راضيا باليسير من طاعة عباده وأضعاف الثواب مقابلة واحدة الى عشرة الى سبعمائة الى ما شاء من الأضعاف عَلِيماً بحق شكركم وايمانكم فيستحيل ان لا يوفيكم أجوركم فينبغى لطالب الحق ان يخضع له خضوعا تاما ويشكره شكرا كثيرا. قال الجرجاني فى قوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ اى لئن شكرتم القرب لأزيدنكم الانس. وعن على رضى الله عنه إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر معناه من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الفائتة منه القاصية عنه چون بيابى تو نعمتى در چند ... خرد باشد چونقطه موهوم شكر آن يافته فرو مگذار ... كه زنا يافته شوى محروم فبالشكر والايمان يتخلص المرء من النيران والا فقد عرض نفسه للعذاب واستحق العذاب والعتاب وجه التعذيب ان التأديب فى الحكمة واجب فخلق الله النار ليعلم الخلق قدر جلال الله وكبريائه وليكونوا على هيبة وخوف من صنع جلاله ويؤدب بها من لم يتأدب بتأديب رسله الى خلقه وليعتبر اهل العقل بالنظر إليها فى الدنيا وبالاستماع لها فى الآخرة ولهذا السر علق النبي عليه السلام السوط حيث يراه اهل البيت لئلا يتركوا الأدب- روى- ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام [ما خلقت النار بخلا منى ولكن اكره ان اجمع أعدائي وأوليائي فى دار واحدة] وادخل الله بعض عصاة المؤمنين النار ليعرفوا قدر الجنة ومقدار ما دفع الله عنهم من عظيم النقمة لان تعظيم النعمة واجب فى الحكمة. والاشارة فى الآية ان الله تعالى يذكر للعباد المؤمنين نعما من نعمه السالفة السابقة. منها إخراجهم من العدم

[سورة النساء (4) : الآيات 148 إلى 149]

ببديع فطرته. ومنها انه خلق أرواحهم قبل خلق الأشياء. ومنها انه خلق أرواحهم نورانية بالنسبة الى خلق أجسادهم الظلمانية. ومنها ان أرواحهم لما كانت بالنسبة الى نور القدم ظلمانية رش عليهم من نور القدم. ومنها انه لما اخطأ بعض الأرواح ذلك النور وهو أرواح الكفار والمنافقين وقد أصاب أرواح المؤمنين قال ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ هذه النعم التي أنعمت بها عليكم من غير استحقاق منكم فانكم ان شكرتم هذه النعم برؤيتها ورؤية المنعم وَآمَنْتُمْ فقد أمنتم بي ونجوتم من عذابى وهو ألم الفراق فان حقيقة الشكر رؤية المنعم والشكر على وجود المنعم ابلغ من الشكر على وجود النعم وقال واشكروا لى اى اشكروا لوجودى وَكانَ اللَّهُ فى الأزل شاكِراً لوجوده ومن شكر لوجوده أوجد الخلق بجوده عَلِيماً بمن يشكره وبمن يكفره فاعطى جزاء شكر الشاكرين قبل شكرهم لان الله شكور واعطى جزاء كفر الكافرين قبل كفرهم لان الكافر كفور كذا فى التأويلات النجمية- تمت الجزء الخامس- الجزء السادس من الاجزاء الثلاثين لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ عدم محبته تعالى لشىء كناية عن سخطه والباء متعلقة بالجهر ومن بمحذوف وقع حالا من السوء اى لا يحب الجهر من أحد فى حق غيره بالسوء كائنا من القول إِلَّا مَنْ ظُلِمَ اى الأجهر المظلوم فان المظلوم له ان يجهر برفع صوته بالدعاء على من ظلمه او يذكر ما فيه من السوء تظلما منه مثل ان يذكر انه شرق متاعى او غصبه منى وقيل هو ان يبدأ بالشتيمة فيرد على الشاتم يعنى لو شتمه أحد ابتداء فله ان يرد على شاتمه اى جاز ان يشتمه بمثله ولا يزيد عليه وقيل ان رجلا ضاف قوما اى أتاهم ضيفا فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب على الشكاية فنزلت وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً لكلام المظلوم عَلِيماً بحال الظالم إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أي خير كان من الأقوال والافعال أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ لكم المؤاخذة عليه وهو المقصود وذكر إبداء الخير واخفائه تمهيد وتوطئة له ولذلك رتب عليه قوله فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً فان إيراده فى معرض جواب الشرط يدل على ان العمدة هو العفو مع القدرة اى كان مبالغا فى العفو عن العصاة مع كمال قدرته على المؤاخذة والانتقام فعليكم ان تقتدوا بسنة الله وهو حث المظلوم على العفو بعد ما رخص له فى الانتصار والانتقام حملا على مكارم الأخلاق. وعن على رضى الله عنه لا تتفرد دفع انتقام صولت انتقام از مردم ... دولت مهترى كند باطل

[سورة النساء (4) : آية 150]

از ره انتقام يكسو شو ... تا نمانى بمهترى عاطل واعلم ان الله تعالى لا يحب اظهار الفضائح والقبائح الا فى حق ظالم عظم ضرره وكثر كيده ومكره فعند ذلك يجوز اظهار فضائحه ولهذا قال عليه السلام (اذكروا الفاسق بما فيه كى يحذره الناس) وورد فى الأثر (ثلاثة ليست لهم الغيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته) ثم ان اكثر السوء قولى فان اللسان صغير الجرم كبير الجرم وفى الحديث (البلاء موكل بالمنطق) - يحكى- ان ابن السكيت جلس مع المتوكل يوما فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال أيما أحب إليك ابن اى أم الحسن والحسين قال والله ان قنبر خادم على رضى الله عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات ومن العجب انه انشد قبل ذلك للمعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل وفى المثنوى اين زبان چون سنك وهم آهن وشست ... آنچهـ بجهد از زبان چون آتشست سنك وآهن را مزن بر هم گزاف ... گه ز روى نقل وگه از روى لاف زانكه تاريكست وهر سو پنبه زار ... در ميان پنبه چون باشد شرار عالمى را يك سخن ويران كند ... روبهان مرده را شيران كند والاشارة فى الآية لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ من العوام ولا التحدث مع النفس من الخواص ولا الخطرة التي تخطر بالبال من الأخص إِلَّا مَنْ ظُلِمَ بمعاصي دواعى البشرية من غير اختيار او بابتلاء من اضطرار. وايضا لا يحب الجهر بالسوء من القول بإفشاء اسرار الربوبية واسرار مواهب الالوهية الا من ظلم بغلبات الأحوال وتعاقب كؤوس عقار الجمال والجلال فاضطر الى المقال فقال باللسان الباقي لا باللسان الفاني انا الحق سبحانى وَكانَ اللَّهُ فى الأزل سَمِيعاً لمقالهم قبل إبداء حالهم عَلِيماً بأحوالهم ثم قال إِنْ تُبْدُوا خَيْراً يعنى مما كوشفتم به من الطاف الحق تنبيها للحق وإفادة لهم بالحق أَوْ تُخْفُوهُ صيانة لنفوسكم عن آفات الشوائب وأخذا بخطامها عن المشارب أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ مما يدعوكم اليه هوى النفس الامارة بالسوء او تتركوا إعلان ما جعل الله إظهاره سوأ فان الله كان عفوا فيكون عفوا متخلقا بأخلاقه متصفا بصفاته وايضا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ فى الأزل عَفُوًّا عنك بان لم يجعلك من المخذولين حتى صرت عفوا عما سواه وكان هو قَدِيراً على خذلانك حتى يقدر على ان لا يعفو عن مثقال ذرة لكفرانك ان الإنسان لظلوم كفار كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ اى يؤدى اليه مذهبهم ويقتضيه رأيهم لا انهم يصرحون بذلك كما ينبىء عنه قوله تعالى وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ اى بان يؤمنوا به تعالى ويكفروا بهم لكن لا بان يصرحوا بالايمان به تعالى وبالكفر بهم قاطبة بل بطريق الالتزام كما يحكيه قوله تعالى وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ

[سورة النساء (4) : الآيات 151 إلى 152]

اى نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضهم كما قالت اليهود نؤمن بموسى والتوراة وعزير ونكفر بما وراء ذلك وما ذلك الا كفر بالله تعالى ورسله وتفريق بين الله ورسله فى الايمان لانه تعالى قد أمرهم بالايمان بجميع الأنبياء وما من نبى من الأنبياء الا وقد اخبر قومه بحقية دين نبينا صلى الله عليه وسلم فمن كفر بواحد منهم كفر بالكل وبالله تعالى ايضا من حيث لا يحتسب وَيُرِيدُونَ بقولهم ذلك أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا اى طريقا وسطا بين الايمان والكفر ولا واسطة بينهما قطعا إذا لحق لا يختلف فان الايمان بالله انما يتم بالايمان برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه تفصيلا واجمالا فالكافر ببعض كالكافر بالكل فى الضلال كما قال فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ أُولئِكَ الموصوفون بالصفات القبيحة هُمُ الْكافِرُونَ اى الكاملون فى الكفر لا عبرة بما يدعونه ويسمونه ايمانا أصلا حَقًّا مصدر مؤكد لمضمون الجملة اى حق ذلك اى كونهم كاملين فى الكفر حقا او صفة لمصدر الكافرون اى هم الذين كفروا كفرا حقا اى يقينا محققا لا شك فيه وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً سيذوقونه عند حلوله ويهانون فيه ثم انه تعالى لما ذكر وعيد الكفار اتبعه بذكر وعد المؤمنين فقال وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بان يؤمنوا ببعضهم ويكفروا بآخرين كما فعله الكفرة وانما دخل بين على أحد وهو يقتضى متعددا لعمومه من حيث انه وقع فى سياق النفي فهو بمنزلة ولم يفرقوا بين اثنين او بين جماعة أُولئِكَ المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ اى الله تعالى أُجُورَهُمْ الموعودة لهم وسمى الثواب اجرا لان المستحق كالاجرة وسوف لتأكيد الوعد اى الموعود الذي هو الإيتاء والدلالة على انه كائن لا محالة وان تأخر وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما فرط منهم رَحِيماً مبالغا فى الرحمة عليهم بتضعيف حسناتهم. والآية الاولى تدل على ان الايمان لا يحصل بزعم المرء وحسبانه انه مؤمن وانما يحصل بحصول شرائطه ونتائجه منه فمن نتائجه ما ذكر فى الآية الثانية من عدم التفريق بين الرسل ومن نتائجه القبول من الله والجزاء عليه فمن اخطأه النور عند الرش على الأرواح فقد كفر كفرا حقيقيا ولذلك سماهم الله فى الكفر حقا ومن أصابه النور عند ذلك فقد آمن ايمانا حقيقيا ولذلك لا ينفع الاول توسط الايمان كما لا يضر الثاني توسط العصيان: قال السعدي قدس سره قضا گشتى آنجا كه خواهد برد ... وگر ناخدا جامه بر تن درد - يحكى- انه كان شاب حسن الوجه وله احباب وكانوا فى الاكل والشرب والتنعم والتلذذ فنفدت دراهمهم فاجتمعوا يوما واجمعوا على ان يقطعوا الطريق فخرجوا الى طريق وترقبوا القافلة فلم يمر أحد من هذا الطريق الى ثلاثة ايام ورأى الشاب شيخا قال له يا ولدي ليس هذا صنعتك فاستغفر الله تعالى فان طلبتنى فانا اقرأ القرآن فى جامع السيد البخاري ببروسة فاحترق قلب الشاب من تأثير الكلام فقال لرفقائه لوتبعتم رأيى تعالوا نروح الى بروسة ونتجسس عن بعض التجار فنخرج خلفهم فنأخذ أموالهم فقبلوا قوله فلما جاؤا الى بروسة قال لهم تعالوا نصل فى جامع السيد البخاري وندع عنده ليحصل مرادنا فلما جاء الى الجامع ورأى الشيخ هناك يقرأ القرآن سقط على رجله وتاب وبقي عنده سنتين ثم بعد السنتين أرسله هذا

[سورة النساء (4) : الآيات 153 إلى 158]

الشيخ الى حضرة الشيخ اق شمس الدين فرباه وصار كاملا بعد ان كان مؤمنا ناقصا قاطع الطريق ولذا ينظر الى الخاتمة ولكن حسن العاقبة من سبق العناية فى البداية اللهم اجعلنا من المهديين آمين يا معين. واعلم ان الايمان والتوحيد هو اصل الأصول وهو وان كان لا يزيد ولا ينقص عند الامام الأعظم الا ان نوره يزيد بالطاعات وينقص بالسيئات فينبغى لطالب الحق ان يراعى احكام الشريعة وآداب الطريقة ليتقوى جانب روحانيته فان أنوار الطاعات كالاغذية النفيسة للارواح خصوصا نور التوحيد والذكر ولذكر الله اكبر وهو العمدة فى تصفية الباطن وطهارته. قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الأدب أدبان فادب السر طهارة القلب وادب العلانية حفظ الجوارح من الذنوب فعليك بترك الشرور والايمان الكامل بالله الغفور حتى تنال الاجر الموفور والسرور فى دار الحضور: قال الصائب از زاهدان خشك رسايى طمع مدار ... سيل ضعيف واصل دريا نميشود فلا بد من العشق فى طريق الحق ليصل الطالب الى السر المطلق ومجرد الامنية منية والسفينة لا تجرى على اليبس كما قالت رابعة يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ نزلت فى أحبار اليهود حين قالوا لرسول الله عليه السلام ان كنت نبيا صادقا فائتنا بكتاب من السماء جملة كما اتى به موسى عليه السلام وقيل كتابا محررا بخط سماوى على الواح كما نزلت التوراة فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ جواب شرط مقدراى ان استكبرت ما سألوه منك واستعظمت فقد سألوا موسى شيأ اكبر منه وأعظم وهذا السؤال وان صدر عن أسلافهم لكنهم لما كانوا مقتدين بهم فى كل ما يأتون وما يذرون أسند إليهم والمعنى ان لهم فى ذلك عرقا راسخا وان ما اقترحوا عليك ليس باول جهالتهم فَقالُوا الفاء تفسيرية أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً اى أرناه جهرة اى عيانا. والجهر حقيقة فى ظهور الصوت لحاسة السمع ثم استعير لظهور المرئي بحاسة البصر ونصبها على المصدر لان المعاينة نوع من الرؤية وهم النقباء السبعون الذين كانوا مع موسى عليه السلام عند الجبل حين كلمه الله تعالى سألوه ان يروا ربهم رؤية يدركونها بأبصارهم فى الدنيا فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ نار جاءت من السماء فاحرقتهم بِظُلْمِهِمْ اى بسبب ظلمهم وهو تعنتهم وسؤالهم لما يستحيل فى تلك الحال التي كانوا عليها وذلك لا يقتضى امتناع الرؤية مطلقا. وفى التأويلات النجمية فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً وما طلبوا الرؤية على موجب التعظيم او على موجب التصديق ولا حملهم عليها شدة الاشتياق او الم الفراق كما كان لموسى عليه السلام حين قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ولعل خرة موسى فى جواب لَنْ تَرانِي كانت من شؤم القوم وما كان لنفسهم من سوء ادب هذا السؤال لئلا يطمعوا فى مطلوب لم يعطه نبيهم فما اتعظوا بحال نبيهم لانهم كانوا أشقياء والسعيد من وعظ بغيره حتى أدركتهم الشقاوة الازلية فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ بان طمعوا فى فضيلة وكرامة ما كانوا مستحقيها ومن طبع كافرا ولو يرى الله جهرة فانه لا يؤمن به ومن طبع مؤمنا عند رشاش النور باصابته فانه يؤمن بنبي لم يره وكتاب لم يقرأه بغير معجزة او بينة كما كان الصديق رضى الله عنه حين قال النبي صلى الله عليه وسلم له (بعثت) فقال صدقت وكما كان حال اويس القرني فانه لم ير

[سورة النساء (4) : الآيات 154 إلى 155]

النبي عليه السلام ولا المعجزة وقد آمن به ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ اى عبدوه واتخذوه الها مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ اى المعجزات التي أظهرت لفرعون من العصا واليد البيضاء وفلق البحر ونحوها لا التوراة لانها لم تنزل عليهم بعد وهذه هى الجناية الثانية التي اقترفها ايضا اوائلهم فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ اى تجاوزنا عنهم بعد توبتهم مع عظم جنايتهم وجريمتهم ولم نستأصلهم وكانوا أحقاء به. قيل هذا استدعاء لهم الى التوبة كأنه قيل ان أولئك الذين أجرموا تابوا فعفونا عنهم فتوبوا أنتم ايضا حتى نعفو عنكم. ودلت الآية على سعة رحمة الله ومغفرته وتمام نعمته ومنته وانه لا جريمة تضيق عنها مغفرة الله وفى هذا منع من القنوط وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً اى تسلطا واستيلاء ظاهرا عليهم حيث أمرهم بان يقتلوا أنفسهم توبة عن معصيتهم فاختبأوا بأفنيتهم والسيوف تتساقط عليهم فياله من سلطان مبين وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ الباء سببية متعلقة بالرفع. والمعنى لاجل ان يعطوا الميثاق لقبول الدين- روى- ان موسى عليه السلام لما جاءهم بالتوراة فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة كبرت عليهم فابوا قبولها فامر جبرائيل عليه السلام بقلع الطور فظلله عليهم حتى قبلوا فرفع عنهم وَقُلْنا لَهُمُ على لسان موسى والطور مشرف عليهم ادْخُلُوا الْبابَ اى باب القرية وهى أريحا على ما روى من انهم دخلوا أريحا فى زمن موسى عليه السلام او باب القبة التي كانوا يصلون إليها فانهم لم يدخلو بيت المقدس فى حياة موسى سُجَّداً اى متطامنين منحنين شكرا على إخراجهم من التيه فدخلوها زحفا وبدلوا ما قيل لهم وَقُلْنا لَهُمُ على لسان داود لا تَعْدُوا اى لا تظلموا باصطياد الحيتان يقال عدا يعدو عدوا واعداء وعدوانا اى ظلم وجاوز الحد والأصل لا تعدووا بواوين الاولى لام الكلمة والثانية ضمير الفاعل صار بالاعلال على وزن لا تفعوا فِي يوم السَّبْتِ وكان يوم السبت يوم عبادتهم فاعتدى فيه أناس منهم فاشتغلوا بالصيد وَأَخَذْنا مِنْهُمْ على الامتثال بما كلفوه مِيثاقاً غَلِيظاً اى عهدا مؤكدا غاية التأكيد وهو قولهم سمعنا واطعنا قيل انهم اعطوا الميثاق على انهم ان هموا بالرجوع عن الدين فالله تعالى يعذبهم بأى انواع العذاب أراد فَبِما ما مزيدة للتأكيد نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ اى فبسبب نقضهم ميثاقهم ذلك فعلنا بهم ما فعلنا من اللعن والمسخ وغيرهما من العقوبات النازلة عليهم او على أعقابهم فالباء متعلقة بفعل محذوف وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ اى بالقرآن او بما فى كتابهم عندهم وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ كذكريا ويحيى عليهما السلام وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ جمع اغلف اى هى مغشاة بأغشية جبلية لا يكاد يصل إليها ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام ولا تفقه ما يقوله او هو تخفيف غلف بضم الغين واللام جمع غلاف اى هى اوعية للعلوم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ كلام معترض بين المعطوفين جيىء به على وجه الاستطراد مسارعة على زعمهم الفاسد اى ليس كفرهم وعدم وصول الحق الى قلوبهم لكونها غلفا بحسب الجبلة بل الأمر بالعكس حيث ختم الله عليها بسبب كفرهم وليست قلوبهم كما زعموا بل هى مطبوع عليها بسبب كفرهم فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا منهم كعبد الله بن سلام واضرابه

[سورة النساء (4) : الآيات 156 إلى 157]

أو ايمانا قليلا لا يعبأبه لنقصانه وهو ايمانهم ببعض الرسل والكتب دون بعض او بالايمان الغير المعتبر لا يجب ان يسموا مؤمنين فهم كافرون حقا. واعلم ان نقض الميثاق صار سببا لغضب الخلاق فعلى المؤمن ان يراعى احكام عهده وميثاقه ليسلم من البلاء. وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال اقبل علينا رسول الله فقال (يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله ان تدركوهن لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت فى أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا الكيل والميزان الا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذ بعض ما فى أيديهم وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا فيما انزل الله الا جعل الله بأسهم بينهم: قال فى المثنوى سوى لطف بي وفايان هين مرو ... كان پل ويران بود نيكو شنو «1» نقض ميثاق وعهود از بندگيست ... حفظ ايمان ووفا كار تقيست «2» جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو گريخت «3» وَبِكُفْرِهِمْ عطف على قولهم اى عاقبنا اليهود بسبب كذا وكذا وبسبب كفرهم بعيسى ايضا وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً يعنى نسبتها الى الزنى وبهتانا منصوب على انه مفعول به نحو قال شعرا او على المصدر الدال على النوع نحو جلست جلسة فان القول قد يكون بهتانا وغير بهتان وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وصفهم له عليه الصلاة والسلام برسول الله انما هو بطريق الاستهزاء به كما فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ فانهم على عداوته وقتله فكيف يقولون فى حقه انه رسول الله ونظم قولهم هذا فى سلك سائر جناياتهم ليس لمجرد كونه كذبا بل لتضمنه لا بتهاجهم وفرحهم بقتل النبي والاستهزاء به وَما اى والحال انهم ما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ اى وقع لهم التشبيه بين عيسى والمقتول فالفعل مسند الى الجار والمجرور نحو خيل اليه وليس عليه- روى- ان رهطا من اليهود سبوه بان قالوا هو الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فقذفوه وامه فلما سمع عليه الصلاة والسلام ذلك دعا عليهم فقال [اللهم أنت ربى وانا من روحك خرجت وبكلمتك خلقتنى ولم آتهم من تلقاء نفسى اللهم فالعن من سبنى وسب أمي] فاستجاب الله دعاءه ومسخ الذين سبوه وسبوا امه قردة وخنازير فلما رأى ذلك يهودا رأس القوم وأميرهم فزع لذلك وخاف دعوته عليه ايضا فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى عليه السلام فبعث الله تعالى جبريل فاخبره بانه يرفعه الى السماء فقال لاصحابه أيكم يرضى بان يلقى عليه شبهى فيقتل ويصلب ويدخل الجنة فقال رجل منهم انا فالقى الله عليه شبهه فقتل وصلب. وقيل كان رجل ينافق عيسى عليه السلام فلما أرادوا قتله قال انا أدلكم عليه فدخل بيت عيسى فرفع عليه السلام والقى شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون انه عيسى وقيل ان ططيانوس اليهودي دخل بيتا كان هو فيه فلم يجده فالقى الله تعالى شبهه عليه فلما خرج ظنوا انه عيسى فاخذ وقتل ثم صلب وأمثال هذه الخوارق لا يستبعد فى عصر النبوة. وقال كثير من المتكلمين ان اليهود لما قصدوا قتلة رفعه الله الى السماء

_ (1) در اواخر دفتر دوم در ميان قصه منافقان ومسجد ضرار ساختن ايشان (2) لم أجد بعينه فى المثنوى لكن المذكور فى اواسط دفتر پنجم در بيان مائده عيسى كه إلخ: نقض ميثاق وشكست نوبها. موجب لعنت بود ور انتها (3) در أوائل دفتر پنجم در بيان معنى آيه لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم إلخ [.....]

[سورة النساء (4) : آية 158]

فخاف رؤساء اليهود من وقوع الفتنة بين عوامهم فاخذوا إنسانا وقتلوه وصلبوه ولبسوا على الناس انه هو المسيح والناس ما كانوا يعرفون المسيح الا بالاسم لما كان قليل المخالطة مع الناس فبهذا الطريق اندفع ما يقال إذا جاز ان يقال ان الله تعالى يلقى شبه انسان على انسان آخر فهذا يفتح باب السفسطة حيث يجوز ان يقال إذا رأينا زيدا لعله ليس بزيد ولكنه شخص آخر القى شبه زيد عليه وعند ذلك لا يبقى الطلاق والنكاح والملك موثوقا به. لا يقال ان النصارى ينقلون عن أسلافهم انهم شاهدوه مقتولا. لانا نقول ان تواتر النصارى ينتهى الى أقوام قليلين لا يبعد اتفاقهم على الكذب كذا فى تفسير الامام الرازي وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ اى فى شأن عيسى عليه السلام فانه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس. فقال بعضهم ان كان هذا المقتول عيسى فاين صاحبنا وان كان صاحبنا فاين عيسى. وقال بعضهم الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا فان الله تعالى لما القى شبه عيسى على المقتول ألقاه على وجهه دون جسده وقال من سمع منه ان الله يرفعنى الى السماء انه رفع الى السماء. وقيل ان الذين اختلفوا فيه هم النصارى فقال قوم منهم انه ما قتل وما صلب بل رفعه الله السماء. وقال قوم منهم ان اليهود قتلوه فزعمت النسطورية ان المسيح صلب من جهة ناسوته اى جسمه وهيكله المحسوس لامن جهة لا هوته اى نفسه وروحه. واكثر الحكماء يختارون ما يقرب من هذا القول قالوا لانه ثبت ان الإنسان ليس عبارة عن هذا الهيكل بل هو اما جسم لطيف فى هذا البدن واما جوهر روحانى مجرد فى ذاته وهو مدبر فى هذا البدن والقتل انما ورد على هذا الهيكل واما النفس التي هى فى الحقيقة عيسى فالقتل ما ورد عليها. لا يقال كل انسان كذلك فما وجه التخصيص. لانا نقول ان نفسه كانت قدسية علوية سماوية شديدة الاشراق بالأنوار الالهية عظيمة القرب من أرواح الملائكة والنفس متى كانت كذلك لم يعظم تألمها بسبب القتل وتخريب البدن ثم انها بعد الانفصال عن ظلمة البدن تتخلص الى فسحة السموات وأنوار عالم الجلال فتعظم بهجتها وسعادتها هناك ومعلوم ان هذه الأحوال غير حاصلة لكل الناس وانما تحصل لا شخاص قليلين من مبدأ خلق آدم الى قيام الساعة. وزعمت الملكانية من النصارى ان القتل والصلب وصل الى اللاهوت بالاحساس والشعور لا بالمباشرة. وزعمت اليعقوبية منهم ان القتل والصلب وقعا بالمسيح الذي هو جوهر متولد من جوهرين لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى لفى تردد والشك كما يطلق على ما لم يترجح أحد طرفيه يطلق على مطلق التردد وعلى ما يقابل العلم ولذلك أكد بقوله تعالى ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ استثناء منقطع لان اتباع الظن ليس من جنس العلم والمعنى لكنهم يتبعون الظن وَما قَتَلُوهُ قتلا يَقِيناً كما زعموا بقولهم انا قتلنا المسيح فيقينا نعت مصدر محذوف على ان يكون فعيلا بمعنى المفعول وهو المتيقن بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ رد وانكار لقتله واثبات لرفعه. قال الحسن البصري اى الى السماء التي هى محل كرامة الله تعالى ومقر ملائكته ولا يجرى فيها حكم أحد سواه فكان رفعه الى ذلك الموضع رفعا اليه تعالى لانه رفع عن ان يجرى عليه حكم العباد ومن هذا القبيل قوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وكانت الهجرة الى المدينة وقوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي اى الى موضع لا يمنعنى أحد من عبادة ربى والحكمة فى الرفع انه تعالى أراد به صحبة

الملائكة ليحصل لهم بركته لانه كلمة الله وروحه كما حصل للملائكة بركة صحبة آدم ابى البشر من تعلم الأسماء والعلم وان مثل عيسى عند الله كمثل آدم كما ذكر فى الآية. وقيل رفع الى السماء لما لم يكن دخوله الى الوجود الدنيوي من باب الشهوة وخروجه لم يكن من باب المنية بل دخل من باب القدرة وخرج من باب العزة وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً لا يغالب فيما يريده فعزة الله تعالى عبارة عن كان قدرته فان رفع عيسى عليه السلام الى السموات وان كان معتذرا بالنسبة الى قدرة البشر لكنه سهل بالنسبة الى قدرة الله تعالى لا يغلبه عليه أحد حَكِيماً فى جميع أفعاله فيدخل فيها تدبير انه تعالى فى امر عيسى عليه السلام دخولا أوليا ولما رفع الله عيسى عليه السلام كساه الريش والبسه النور وقطعه عن شهوات المطعم والمشرب وطارمع الملائكة فهو معهم حول العرش فكان إنسيا ملكيا سماويا ارضيا. قال وهب بن منبه بعث عيسى على رأس ثلاثين سنة ورفعه الله وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وكانت نبوته ثلاث سنين. فان قيل لم لم يرد الله تعالى عيسى الى الدنيا بعد رفعه الى السماء. قيل اخر رده ليكون علما للساعة وخاتما للولاية العامة لانه ليس بعده ولى يختم الله به الدورة المحمدية تشريفا لها بختم نبى مرسل يكون على شريعة محمدية يؤمن بها اليهود والنصارى ويجدد الله تعالى به عهد النبوة على الامة ويخدمه المهدى واصحاب الكهف ويتزوج ويولد له ويكون فى امة محمد عليه السلام وخاتم أوليائه ووارثيه من جهة الولاية. واجمع السيوطي فى تفسير الدر المنثور فى سورة الكهف عن ابن شاهين اربعة من الأنبياء احياء اثنان فى السماء عيسى وإدريس واثنان فى الأرض الخضر والياس فاما الخضر فانه فى البحر واما صاحبه فانه فى البر. قال الامام السخاوي رحمه الله حديث (أخي الخضر لو كان حيا لزارنى) من كلام بعض السلف ممن أنكر حياة الخضر. واعلم ان الأرواح المهيمة التي من العقل الاول كلها صف واحد حصل من الله ليس بعضها بواسطة بعض وان كانت الصفوف الباقية من الأرواح بواسطة العقل الاول كما أشار صلى الله عليه وسلم (انا ابو الأرواح وانا من نور الله والمؤمنون فيض نورى) فاقرب الأرواح فى الصف الاول الى الروح الاول والعقل الاول روح عيسوى لهذا السر شاركه بالمعراج الجسماني الى السماء وقرب عهده بعهده فالروح العيسوى مظهر الاسم الأعظم وفائض من الخضرة الالهية فى مقام الجمع بلا واسطة اسم من الأسماء وروح من الأرواح فهو مظهر الاسم الجامع الإلهي وراثة اولية ونبينا عليه السلام أصالة كذا فى شرح الفصوص. ثم اعلم ان قوما قالوا على مريم فرموها بالزنى وآخرين جاوزوا الحد فى تعظيمها فقالوا ابنها ابن الله وكلتا الطائفتين وقعتا فى الضلال. ويقال مريم كانت ولية الله فشقى بها فرقتان اهل الافراط واهل التفريط وكذلك كل ولى له تعالى فمنكرهم شقىّ بترك احترامهم وطلب اذيتهم والذين يعتقدون فيهم ما لا يستوجبون يشقون بالزيادة فى إعظامهم وعلى هذه الجملة درج الأكثرون من الأكابر كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى نازنينى تو ولى در حد خويش ... الله الله پامنه در حد پيش «1» جمله عالم زين سبب گمراه شد ... كم كسى ز ابدال حق آگاه شد «2» دير بايد تا كى سر آدمي ... آشكارا گردد از پيش وكمى «3»

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان دعا كردن بلعم باعورا كه إلخ (2) در أوائل دفتر يكم در بيان حكايت مرد يقال إلخ (3) در اواسط دفتر يكم در بيان مغرون شدن مريد ان إلخ

[سورة النساء (4) : الآيات 159 إلى 164]

زير ديوار بدن گنجست يا ... خانه مارست ومور واژدها وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اى ما من اليهود والنصارى أحد إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ اى بعيسى قَبْلَ مَوْتِهِ اى قبل موت ذلك الأحد من اهل الكتاب يعنى إذا عاين اليهودي امر الآخرة وحضرته الوفاة ضربت الملائكة وجهه ودبره وقالت أتاك عيسى عليه السلام نبيا فكذبت به فيؤمن حين لا ينفعه إيمانه لانقطاع وقت التكليف وتقول للنصرانى أتاك عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله فزعمت انه هو الله وابن الله فيؤمن بانه عبد الله حين لا ينفعه إيمانه قالوا لا يموت يهودى ولا صاحب كتاب حتى يؤمن بعيسى وان احترق او غرق او تردى او سقطه عليه جدار او أكله سبع او أي ميتة كانت حتى قيل لابن عباس رضى الله عنهما لو خر من بيته قال يتكلم به فى الهواء قيل أرأيت لو ضرب عنق أحدهم قال يتلجلج به لسانه وهذا كالوعيد لهم والتحريض على معاجلة الايمان به قبل ان يضطروا اليه ولم ينفعهم ايمانهم. وقيل الضميران لعيسى والمعنى وما من اهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى من السماء أحد الا ليؤمنن به قبل موته- روى- عن النبي عليه السلام انه قال (انا اولى الناس بعيسى لانه لم يكن بينى وبينه نبى ويوشك انه ينزل فيكم حكما عدلا فاذا رأيتموه فاعرفوه فانه رجل مربوع الخلق الى الحمرة والبياض وكان رأسه يقطر وان لم نصبه بلل فيقتل الخنزير ويريق الخمر ويكسر الصليب ويذهب الصخرة ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله فى زمانه الملل كلها غير ملة الإسلام وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين ويهلك الله فى زمانه مسيح الضلالة الكذاب الدجال حتى لا يبقى أحد من اهل الكتاب وقت نزوله الا يؤمن به وتقع الامنة فى زمانه حتى ترتع الإبل مع الأسود والبقر مع النمور والغنم مع الذئاب وتلعب الصبيان بالحيات لا يؤذى بعضهم بعضا ثم يلبث فى الأرض أربعين سنة ثم يموت ويصلى عليه المسلمون ويدفنونه) وفى الحديث (ان المسيح جاىء فمن لقيه فليقرئه منى السلام) وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ اى عيسى عليه السلام عَلَيْهِمْ اى على اهل الكتاب شَهِيداً فيشهد على اليهود بالتكذيب وعلى النصارى بانهم دعوه ابن الله فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا اى بسبب ظلم عظيم خارج عن حدود الأشباه والاشكال صادر عن اليهود حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ولمن قبلهم لا لشىء غيره كما زعموا فانهم كانوا كلما ارتكبوا معصية من المعاصي التي اقترفوها حرم عليهم نوع من الطيبات التي كانت محللة لهم ولمن تقدمهم من أسلافهم عقوبة لهم كلحوم الإبل وألبانها والشحوم وفى التأويلات النجمية نكتة قال لهم حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ وقال لنا وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وقال كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً فلم يحرم علينا شيأ بذنوبنا وكما آمنا من تحريم الطيبات فى هذه الآية نرجو ان نؤمننا فى الآخرة من العذاب الأليم لانه جمع بينها فى الذكر فى هذه الآية. وقال اهل الاشارة ارتكاب المحظورات يوجب تحريم المباحات وانا أقول الإسراف فى ارتكاب المباحات يوجب حرمان المناجاة انتهى كلام التأويلات: قال السعدي مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت

[سورة النساء (4) : الآيات 161 إلى 162]

وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى بسبب منعهم عن دين الله وهو الإسلام ناسا كَثِيراً او صدا كثيرا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ اى والحال انهم قد نُهُوا عَنْهُ فان الربا كان محرما عليهم كما هو محرم علينا. وفيه دليل على ان النهى يدل على حرمة المنهي عنه وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة وَأَعْتَدْنا اى خلقنا وهيأنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ اى للمصرين على الكفر لا لمن تاب وآمن من بينهم عَذاباً أَلِيماً وجيعا يخلص وجعه الى قلوبهم سيذوقونه فى الآخرة كما ذاقوا فى الدنيا عقوبة التحريم لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ اى التائبون من اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه وسماهم راسخين فى العلم لثباتهم فى العلم وتجردهم فيه لا يضطربون ولا تميل بهم الشبه بمنزلة الشجرة الراسخة بعروقها فى الأرض وَالْمُؤْمِنُونَ اى من غير اهل الكتاب من المهاجرين والأنصار يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ خبر المبتدأ وهو الراسخون وما عطف عليه. قال فى التأويلات النجمية كان عبد الله بن سلام عالما بالتوراة وقد قرأ فيها صفة النبي عليه السلام فلما كان راسخا فى العلم اتصل علم قراءته بعلم المعرفة فقال لما رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت انه ليس بوجه كذاب فآمن به ولما لم يكن للاحبار رسوخ فى العلم وان قرأوا صفة النبي عليه السلام فى التوراة فلما رأوا النبي عليه السلام ما عرفوه فكفروا به انتهى ونعم ما قيل فى حق الشرفاء جعلوا لا بناء الرسول علامة ... ان العلامة شان من لم يشهر نور النبوة فى كريم وجوههم ... يغنى الشريف عن الطراز الاخطر خضر وَاعنى الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ فنصبه على المدح لبيان فضل الصلاة وَهم الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ فرفعه على المدح ايضا وكذا رفع قوله تعالى وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قدم عليه الايمان بالأنبياء والكتب وما يصدقه من اتباع الشرائع لانه المقصود بالآية أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً اى ثوابا وافرا فى الجنة على جمعهم بين الايمان والعمل الصالح وهو ما أريد به وجه الله تعالى. ومن أفاضل الأعمال الصلوات الخمس وإقامتها وفى الحديث (من حافظ منكم على الصلوات الخمس حيث كان واين ما كان جاز الصراط يوم القيامة كالبرق اللامع فى أول زمرة السابقين وجاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر وكان له كل يوم وليلة حافظ عليهن اجر شهيد) وسر هذا الحديث مفهوم من لفظ الصلاة ووجه تسميتها بها لان اشتقاقها من الصلى وهو النار والخشبة المعوجة إذا أرادوا تقويمها يعرضونها على النار فتقوم وفى العبد اعوجاج لوجود نفسه الامارة فيه وسبحات وجه الله الكريم حارة بحيث لو كشف حجابها لا حرقت تلك السبحات من أدركته ومن انتهى اليه البصر كما ورد فى الحديث فبدخول المصلى فى الصلاة يستقبل تلك السبحات فيصيب المصلى من وهج السطوة الالهية والعظمة الربانية ما يزول به اعوجاجه بل يتحقق به معراجه فالمصلى كالمصطلى بالنار ومن اصطلى بها زال بها اعوجاجه فلا يعرض على نار جهنم إلا تحلة القسم وبذلك المقدار من المرور يذهب اثر دونه ولا يبقى له احتياج الى المكث على

[سورة النساء (4) : آية 163]

الصراط فيمر كالبرق اللامع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع (ان اولياء الله المصلون ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبهن الله عليه ويصوم رمضان ويحتسب صومه ويؤتى الزكاة محتسبا طيبة بها نفسه ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها) فقال رجل من أصحابه يا رسول الله وكم الكبائر قال (تسع أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير حق والفرار من الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت العتيق الحرام قبلتكم احياء وأمواتا لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة الا رافق محمدا فى بحبوبة جنة ابوابها مصاريع الذهب) . واعلم ان الراسخين فى العلم هم الذين رسخوا بقدمي العمل والعلم الى ان بلغوا معادن العلوم فاتصلت علومهم الكسبية بالعلوم العطائية اللدنية وفى الحديث (طلعت ليلة المعراج على النار فرأيت اكثر أهلها الفقراء) قالوا يا رسول الله من المال قال (لا من العلم) وفى الحديث (العلم امام العمل والعمل تابعه) . قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله فى منهاج العابدين ولقد صرت من علماء امة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الراسخين فى العلم ان أنت عملت بعلمك وأقبلت على عمارة معادك وكنت عبدا عالما عاملا لله تعالى على بصيرة غير جاهل ولا مقلد غير غافل فلك الشرف العظيم ولعلمك القيمة الكثيرة والثواب الجزيل وبناء امر العبادة كله على العلم سيما علم التوحيد وعلم السر فلقد روى ان الله تعالى اوحى الى داود عليه السلام فقال [يا داود تعلم العلم النافع] قال الهى وما العلم النافع قال [ان تعرف جلالى وعظمتى وكبريائى وكمال قدرتى على كل شىء فان هذا الذي يقربك الى] وعن على رضى الله عنه ما يسرنى ان لومت طفلا فادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف ربى فان اعلم الناس بالله أشدهم خشية وأكثرهم عبادة وأحسنهم فى الله نصيحة إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ جواب لاهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بانه ليس بدعا من الرسل وانما شأنه فى حقيقة الإرسال واصل الوحى كشأن سائر مشاهير الأنبياء الذين لا ريب لاحدهم فى نبوتهم والوحى والإيحاء كالاعلام فى خفاء وسرعة اى أنزلنا جبرائيل عليك يا محمد بهذا القرآن كَما أَوْحَيْنا اى ايحاء مثل ايحائنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ بدأ بذكر نوح لانه ابو البشر وأول نبى عذبت أمته لردهم دعوته وقد أهلك الله بدعائه اهل الأرض قيل ان نوحا عليه السلام عمر الف سنة لم ينقص له سن ولا قوة ولم يشب له شعر ولم يبالغ أحد من أنبياء فى الدعوة ما بالغ ولم يصبر على أذى قومه ما صبر وكان يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا وكان يضرب من قومه حتى يغمى عليه فاذا أفاق عاد وبلغ وقيل هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة بعد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ عطف على أوحينا الى نوح داخل معه فى حكم التشبيه اى كما أوحينا الى ابراهيم وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وهم أولاد يعقوب عليه السلام وهم اثنا عشر رجلا وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ خصهم بالذكر مع اشتمال النبيين عليهم تشريفا لهم وإظهارا لفضلهم فان ابراهيم أول اولى العزم منهم وعيسى آخرهم والباقين اشراف الأنبياء ومشاهيرهم

[سورة النساء (4) : آية 164]

وقدم ذكر عيسى على من بعده لان الواو للجمع دون الترتيب فتقدم ذكره فى الآية لا يوجب تقديمه فى الخلق والإرسال والفائدة فى تقديمه فى الذكر رد على اليهود لغلوهم فى الطعن فيه وفى نسبه فقدمه الله فى الذكر لان ذلك ابلغ فى كتب اليهود فى تبرئته مما رمى به ونسب اليه وَآتَيْنا اى كما آتينا داوُدَ زَبُوراً فالجملة عطف على أوحينا داخلة فى حكمه لان إيتاء الزبور من باب الإيحاء. والزبور هو الكتاب مأخوذ من الزبر وهو الكتابة. قال القرطبي كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم من الاحكام وانما هى حكم ومواعظ وتحميد وتمجيد وثناء على الله عز وجل وكان داود يبرز الى البرية ويقرأ الزبور فيقوم معه علماء بنى إسرائيل خلفه ويقوم الناس خلف العلماء ويقوم الجن خلف الناس وتجيئ الدواب التي فى الجبال إذا سمعت صوت داود فيقمن بين يديه تعجبا لما يسمعن من صوته ويجيئ الطير حتى يظللن على داود فى خلائق لا يحصيهن الا الله يرفرفن على رأسه وتجيئ السباع حتى تحيط بالدواب والوحش لما يسمعن فلما قارف الذنب وهو تزوج امرأة أوريا من غير انتظار الوحى بجبرائيل ولم يروا ذلك فقيل ذلك انس الطاعة وهذه وحشة المعصية وعن ابى موسى الأشعري قال قال لى رسول الله (لو رأيتنى البارحة وانا استمع لقراءتك لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود) قال فقلت اما والله يا رسول الله لو علمت انك تسمع لحبرته تحبيرا. وعن ابى عثمان قال ما سمعت قط بربطا ولا مزمارا ولا عودا احسن من صوت ابى موسى وكان يؤمنا فى صلاة الغداة فنودّ انه يقرأ سورة البقرة من حسن صوته: قال السعدي قدس سره به از روى زيباست آواز خوش ... كه آن حظ نفس است واين قوت روح وعند هبوب الناشرات على الحمى ... تميل غصون البان لا الحجر الصلد وَرُسُلًا نصب بمضمر يدل عليه أوحينا معطوف عليه داخل معه فى حكم التشبيه كما قيل اى وكما أرسلنا رسلا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ اى سميناهم لك مِنْ قَبْلُ متعلق بقصصنا اى من قبل هذه السورة او اليوم وعرفناك قصتهم فعرفتهم وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ اى لم نسمهم لك والرسل هم الذين اوحى إليهم بجبريل والأنبياء هم الذين لم يوح إليهم بجبريل وانما اوحى إليهم بملك آخر أو برؤيا فى المنام او بشىء آخر من الإلهام. وعن ابى ذرّ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله كم كانت الأنبياء وكم كان المرسلون قال (كانت الأنبياء مائة الف واربعة وعشرين الفا وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثه عشر) وفى رواية سئل عن عدد الأنبياء فقال (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) والاولى ان لا يقتصر على عدد فى التسمية لهذه الآية وخبر الواحد لا يفيد الا الظن ولا عبرة بالظن فى الاعتقاديات وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً عطف على انا أوحينا إليك عطف القصة على القصة وتأكيد كلم بالمصدر يدل على انه عليه السلام سمع كلام الله حقيقة لا كما يقوله القدرية من ان الله تعالى خلق كلاما فى محل فسمع موسى ذلك الكلام لان ذلك لا يكون كلام الله القائم به والافعال المجازية لا تؤكد بذكر المصادر لا يقال أراد الحائط ان يسقط ارادة. قال الفراء العرب تسمى ما وصل الى الإنسان كلاما

[سورة النساء (4) : الآيات 165 إلى 170]

بأى طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر فاذا أكد به لم يكن الا حقيقة الكلام والمعنى ان التكليم بغير واسطة منتهى مراتب الوحى خص به موسى من بينهم فلم يكن ذلك قادحا فى نبوة سائر الأنبياء فكيف يتوهم كون نزول التوراة عليه جملة قادحا فى صحة من انزل عليه الكتاب مفصلا مع ظهور ان نزولها كذلك لحكم مقتضية لذلك من جملتها ان بنى إسرائيل كانوا فى العناد وشدة الشكيمة بحيث لو لم يكن نزولها كذلك لما آمنوا بها الا بعد اللتيا والتي وقد فضل الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بان أعطاه مثل ما اعطى كل واحد منهم: قال العطار كرده در شب سوى معراجش روان ... سر كل با او نهاده در ميان رفت موسى بر بساط آن جناب ... خلع نعلين آمدش از حق خطاب چون بنزديكى شد از نعلين دور ... گشت در وادي المقدس غرق نور باز در معراج شمع ذو الجلال ... مى شنود آواز نعلين بلال موسئ عمران اگر چهـ بود شاه ... هم نبود انجاش با نعلين راه اين عنايت بين كه بهر جاه او ... كرد حق با چاكر درگاه او چاكرش را كرد مرد كوى خويش ... دار بانعلين راهش سوى خويش موسئ عمران چون آن رتبت بديد ... چاكر او را چنان قربت بديد گفت يا رب امت او كن مرا ... در طفيل همت او كن مرا اوست سلطان وطفيل او همه ... اوست دائم شاه وخيل او همه - روى- ان موسى عليه السلام لما اتى طور سيناء انزل الله الظلمة على سبع فراسخ وطرد عنه الشيطان وطرد عنه الهوام ونحى عنه الملكين وكشف له السماء فرأى الملائكة قياما فى الهواء ورأى العرش بارزا وكلمه الله وناجاه حتى أسمعه كلامه من غير واسطة وكيفية وصوت وحرف رُسُلًا نصب على المدح اعنى رسلا مُبَشِّرِينَ لاهل الطاعة بالجنة وَمُنْذِرِينَ للعصاة بالنار لِئَلَّا يَكُونَ اللام متعلقة بأرسلنا لِلنَّاسِ خبر يكون عَلَى اللَّهِ متعلق بمحذوف وقع حالا من قوله حُجَّةٌ اى كائنة على الله. وحجة اسم يكون والمعنى لئلا يكون للناس على الله معذرة يوم القيامة يعتذرون بها قائلين لولا أرسلت إلينا رسولا فيبين لنا شرائعك ويعلمنا ما لم نكن نعلم من أحكامك وينبهنا من سنة الغفلة لقصور القوة البشرية عن ادراك جزئيات المصالح وعجز اكثر الناس عن ادراك كلياتها. ففيه تنبيه على ان بعثة الأنبياء الى الناس ضرورة وانما سميت المعذرة حجة مع استحالة ان يكون لاحد عليه سبحانه حجة فى فعل من أفعاله بل له ان يفعل ما يشاء للتنبيه على ان المعذرة فى القبول عنده تعالى بمقتضى كرمه ورحمته لعباده بمنزلة الحجة القاطعة التي لامرد لها ولذلك قال وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما أحد أغير من الله عز وجل لذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وما أحد أحب اليه المدح من الله تعالى ولذلك مدح نفسه وما أحد أحب اليه العذر من الله تعالى ولذلك أرسل الرسل وانزل الكتاب) بَعْدَ الرُّسُلِ اى بعد ارسالهم وتبليغ الشرائع الى الأمم على ألسنتهم متعلق بحجة

[سورة النساء (4) : الآيات 166 إلى 169]

وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً لا يغالب فى امر من الأمور من قضية الامتناع عن الاجابة الى مسألة المتعنتين حَكِيماً فى جميع أفعاله التي من جملتها إرسال الرسل وإنزال الكتب لكِنِ اللَّهُ استدراك على مفهوم ما قبله من سؤالهم على وجه التعنت ان ينزل عليهم ما وصفوه من الكتاب فهو بمنزلة قولهم لا نشهد بان الله تعالى بعثك إلينا رسولا حتى ينزل ما سألناه فقال تعالى انهم لا يشهدون بصدقك فى دعوى الرسالة لكن الله يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ من القرآن المعجز الدال على نبوتك ان جحدوك وكذبوك فان إنزال هذا القرآن البالغ فى الفصاحة الى حيث عجز الأولون والآخرون عن معارضته وإتيان ما يدانيه شهادة له عليه السلام بنبوته وصدقه فى دعوى الرسالة من الله تعالى فمعنى شهادة الله تعالى بما انزل اليه إثباته لصحته بإظهار المعجزات كما تثبت الدعاوى بالبينات أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ حال من الفاعل اى ملتبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره وهو تأليف على نمط بديع يعجز عنه كل بليغ او بعلمه بحال من انزل عليه واستعداده لاقتباس الأنوار القدسية وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ ايضا بنبوتك فان قلت من اين يعلم شهادة الملائكة. قلت من شهادة الله تعالى لان شهادتهم تبع لشهادته وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على صحة نبوتك حيث نصب لها معجزات باهرة وحججا ظاهرة مغنية عن الاستشهاد بغيرها كأنه تعالى قال يا محمد ان كذبك هؤلاء اليهود فلا تبال بهم فان الله تعالى وهو اله العالمين يصدقك فى دعواك وملائكة السموات ايضا يصدقونك فى ذلك ومن صدقه رب العالمين والملائكة اى ملائكة العرش والكرسي والسموات السبع أجمعون لا ينبغى له ان يلتفت الى تكذيب اخس الناس وهم هؤلاء اليهود إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى بما انزل الله ويشهد به وهم اليهود وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وهو دين الإسلام من أراد سلوكه بقوله ما نعرف صفة محمد فى كتابنا قَدْ ضَلُّوا بما فعلوا من الكفر والصد عن طريق الحق ضَلالًا بَعِيداً لانهم جمعوا بين الضلال والضلال ولان المضل يكون أعرق فى الضلال وابعد من الانقلاع عنه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى بما ذكر آنفا وَظَلَمُوا اى محمدا صلى الله عليه وسلم بانكار نبوته وكتمان نعوته الجليلة ووضع غيرها مكانها او الناس بصدهم عما فيه صلاحهم فى المعاش والمعاد لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مريدا لِيَغْفِرَ لَهُمْ لاستحالة تعلق المغفرة بالكافر وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ لعدم استعدادهم للهداية الى الحق والأعمال الصالحة التي هى طريق الجنة والمراد بالهداية المفهومة من الاستثناء بطريق الاشارة خلق الله لاعمالهم السيئة المؤدية بهم الى جهنم عند صرف قدرتهم واختيارهم الى اكتسابها او سوقهم إليها يوم القيامة بواسطة الملائكة والطريق على عمومه والاستثناء متصل وقيل خاص بطريق الحق والاستثناء منقطع خالِدِينَ فِيها حال مقدرة من الضمير المنصوب والعامل فيها ما دل عليه الاستثناء دلالة واضحة كأنه قيل يدخلهم جهنم خالدين فيها أَبَداً نصب على الظرفية رافع لاحتمال حمل الخلود على المكث الطويل وَكانَ ذلِكَ اى جعلهم خالدين فيها عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لاستحالة ان يتعذر عليه شىء من مراداته تعالى. واعلم ان من كان فيه ذرة من النور المرشوش على الأرواح يوم خلقها يخرج به من النار كما قال عليه السلام (يخرج من النار من كان فى قلبه

[سورة النساء (4) : آية 170]

ذرة من الايمان) ومن لم يكن فيه ذلك النور يخلد فى النار لانه وقع فى ظلمة عظيمة لا يمكن الخروج منها وقد ضل ضلالا بعيدا اى من يوم رش النور لا ضلالا قريبا من هذا اليوم لان ضلال اليوم من نتائج ضلال ذلك اليوم ومثل هذا لا يهتدى الى طريق الحق والقربة الى الله تعالى فيحترق فى عذاب القطيعة ابدا ولا يخرج من نار الفرقة سرمدا. فعلى العبد ان يشهد بما شهد الله تعالى به ويقبل قول الله وقول الرسول وقول وارثيه من العلماء العاملين فانهم ينطقون عن الله وعن الرسول. قال شقيق رحمه الله الناس يقومون من مجلسى على ثلاثة اصناف كافر محض ومنافق محض ومؤمن محض وذلك لانى أفسر القرآن وأقول عن الله عز وجل وعن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فمن لا يصدقنى فهو كافر محض ومن صاق قلبه فهو منافق ومن ندم على ما صنع وعزم على انه لا يذنب كان مؤمنا مخلصا وأول الأمر الاعتقاد وذلك يحتاج الى العلم اولا والعمل ثانيا لانه ثمرته وسئل النبي عليه السلام عن العلم فقال (دليل العمل) قيل فما العقل قال عليه السلام (قائد الخير) قيل فما الهوى قال (مركب المعاصي) قيل فما المال قال (رداء المتكبرين) قيل فما الدنيا قال (سوق الاخرة) يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لعامة الخلق قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ يعنى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ملتبسا بِالْحَقِّ وهو القرآن المعجز الذي شهد اعجازه على حقيته او بالدعوة الى عبادة الله وحده والاعراض عما سواه فان العقل السليم يشهد على انه الحق مِنْ عند رَبِّكُمْ متعلق بجاء اى جاء من عند الله وانه مبعوث مرسل غير متقول له فَآمِنُوا بالرسول وبما جاءكم به من الحق والفاء للدلالة على إيجاب ما قبلها لما بعدها خَيْراً لَكُمْ منصوب على انه مفعول لفعل واجب الإضمار اى اقصدوا أو ائتوا امرا خيرا لكم مما أنتم فيه من الكفر او على انه نعت لمصدر محذوف اى آمنوا ايمانا خيرا لكم وهو الايمان باللسان والجنان وَإِنْ تَكْفُرُوا اى ان تصروا وتستمروا على الكفر فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الموجودات سواء كاتت داخلة فى حقيقتهما وبذلك يعلم حال أنفسهما على ابلغ وجه وآكده او خارجة عنهما مستقرة فيهما من العقلاء وغيرهم فيدخل فى جملتهم المخاطبون دخولا أوليا اى كلها له عز وجل خلقا وملكا وتصرفا لا يخرج من ملكوته وقهره شىء منها فمن هذا شأنه فهو قادر على تعذيبكم بكفركم لا محالة او فمن كان كذلك فهو غنى عنكم وعن غيركم لا يتضرر بكفركم ولا ينتفع بايمانكم او فمن كان كذلك فله عبيد يعبدونه وينقادون لامره وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً مبالغا فى العلم فهو عالم بأحوال الكل فيدخل فى ذلك علمه تعالى بكفرهم دخولا أوليا حَكِيماً مراعيا للحكمة فى جميع أفعاله التي من جملتها تعذيبه تعالى إياهم بكفرهم. واعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم صورة النور الغيبى المرسل الى الأجساد فمن كان قابلا لافاضة نور دعوته فقد اهتدى ومن اخطأ فقد ضل. واتفق المشايخ على ان ألقى زمامه فى يد كلب مثلا حتى لا يكون تردده بحكم طبعه فنفسه أقوم لقبول الرياضة ممن جعل زمامه فى حكم نفسه يسترسل بها حيث شاء كالبهائم فلما تيقنت ان الواجب عليك ان تكون تابعا لا مسترسلا فلان تتبع سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم الذي آدم ومن دونه من الأولياء والأنبياء تحت

[سورة النساء (4) : الآيات 171 إلى 176]

لوائه خير لك بل واجب عليك وما أعظم حماقة من يحتاط بقول المنجم فى الاختلاج والفال وينقاد الى الاحتمالات البعيدة ثم إذا آل الأمر الى خبر النبوة عن الغيب أنكر فلا ترض لنفسك ان تصدق ابن البيطار فيما ذكره فى العقاقير والأحجار فتبادر الى امتثال ما أمرك به ولا تصدق سيد البشر صلى الله عليه وسلم فيما يخبر عنه وتتوانى بحكم الكسل عن الإتيان بما امر به او فعل. واعلم انك لما اخرجك الله من صلب آدم فى مقام ألست رددت الى أسفل السافلين ثم منه دعيت لترتفع بسعيك وكسبك الى أعلى عليين حيث ما قدر لك على حسب قابليتك ولا يمكنك ذلك الا بأمرين. أحدهما بمحبته صلى الله عليه وسلم بان تؤثر حبه على نفسك وأهلك ومالك. والثاني بمتابعه صلى الله عليه وسلم فى جميع ما امر به ونهى عنه وبذلك تستحكم مناسبتك به وبكمال متابعتك يحصل لك الارتفاع الى اوج الكمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان مثلى ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل اتى قوما فقال يا قوم انى رأيت الجيش بعيني) فيه اشارة الى ان هذا المثل مختص بالنبي عليه السلام لان ما انذر به من الأهوال هى التي رآها بعينيه واما سائر الأنبياء عليهم السلام فلم يكن لهم معراج ظاهر حتى يعاينوا تلك الأهوال (وانى انا النذير) وهو الذي يخوف غيره بالاعلام (العريان) وهو الذي لقى العدو فسلبوا ما عليه من الثياب فاتى قومه يخبرهم فصدق بعضهم لما عليه من آثار الصدق فنجوا وهذا القول مثل يضرب لشدة الأمر وقرب المحذور وبراءة المخبر من التهمة والكل موجود فى النبي عليه السلام (فالنجاء) بالمد نصب على الإغراء اى اطلبوا النجاء وهو الاسراع (فاطاعه طائفة من قومه فادلجوا) اى ساروا من أول الليل (فانطلقوا على مهلهم) وهو بفتح الميم والهاء ضد العجلة (وكذبت طائفة منهم فاصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش) اى أتاهم صباحا ليغير عليهم (فاهلكم واجتاحهم) اى أهلكهم بالكلية (فذلك) اى المثل المذكور وهذا بيان لوجه المشابهة (مثل من أطاعني واتبع ما جئت به من الحق) وفيه اشارة الى ان مطلق العصيان غير مستأصل بل العصيان مع التكذيب بالحق كذا فى شرح المشارق لابن الملك رحمه الله تعالى: قال السعدي قدس سره خلاف پيمبر كسى ره گزيد ... كه هرگز بمنزل نخواهد رسيد محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفعت جز در پى مصطفا يا أَهْلَ الْكِتابِ الخطاب للنصارى خاصة لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ اى لا تتجاوزوا الحد فى دينكم بالإفراط فى رفع شأن عيسى وادعاء ألوهيته والغلو مجاوزة الحد. واعلم ان الغلو والمبالغة فى الدين والمذهب حتى يجاوز حده غير مرضى كما ان كثيرا من هذه الامة غلوا فى مذهبهم فمن ذلك مذهب الغلاة من الشيعة فى امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم الله وجهه حتى ادعوا إلهيته وكذلك المعتزلة غلوا فى التنزيه حتى نفوا صفات الله وكذا المشبهة غلوا فى اثبات الصفات حتى جسموه تعالى الله عما يفول الظالمون علوا كبيرا ولدفع الغلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا تطرونى كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم) اى لا تتجاوزوا عن الحد فى مدحى كما بالغ النصارى فى مدح عيسى حتى ضلوا وقالوا انه ولد الله (وقولوا عبد الله

ورسوله) اى قولوا فى حقى انه عبد الله ورسوله وفى تقديم العبد على الرسول كما فى التحيات ايضا نفى لقول اليهود والنصارى فان اليهود قالوا عزيز ابن الله والنصارى المسيح ابن الله فنحن نقول عبده ورسوله والغلو من العصبية وهى من صفات النفس المذمومة والنفس هى امارة بالسوء لا تأمر الا بالباطل مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديگرست وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ اى لا تصفوه بما يستحيل اتصافه من الحلول والاتحاد واتخاذ الصاحبة والولد بل نزهوه عن جميع ذلك. قوله الا الحق استثناء مفرغ ونصبه على انه مفعول به نحو قلت خطبة او نعت مصدر محذوف اى الا القول الحق وهو قريب من المعنى الاول إِنَّمَا الْمَسِيحُ مبتدأ وهو لقب من الألقاب المشرفة كالصديق والفاروق وأصله بالعبرية مشيحا ومعناه المبارك عِيسَى بدل منه معرب من ايشوع ابْنُ مَرْيَمَ صفة مفيدة لبطلان ما وصفوه به من نبوته له تعالى. ومريم بمعنى العابدة وسميت مريم مريم ليكون فعلها مطابقا لاسمها ولكون عيسى عليه السلام منسوبا الى امه تدعى الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم ويدل عليه حديث التلقين بعد الدفن حيث يقال يا فلان ابن فلانة وفى النسبة الى الأمهات ستر منه تعالى للعباد ايضا رَسُولُ اللَّهِ خبر للمبتدأ اى انه مقصور على رتبة الرسالة لا يتخطاها وهذا هو القول الحق وَكَلِمَتُهُ عطف على رسول الله اى تكون بكلمته وامره الذي هو كن من غير واسطة اب ولا نطفة فان تكوين الخلق كله وان كان بكلمة كن له ولكن بالوسائط فان تعلق كن بتكوين الآباء قبل تعلقه بتكوين الأبناء فلما كان تعلق امر كن بعيسى فى رحم مريم من غير تعلقه بتكوين اب له تكون عيسى بكلمة كن وكن هى كلمة الله فعبر عن ذلك بقوله وكلمته القاها الى مريم يدل عليه قوله انه مثل عيسى عند الله يعنى فى التكوين كمثل آدم خلقه من تراب يعنى سوى جسمه من تراب ثم قال له يعنى عند بعث روحه الى القالب كن فيكون وانما ضرب مثله بآدم فى التكوين لانه ايضا تكون بكلمة كن من غير واسطة اب أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ اى أوصلها إليها وحصلها فيها بنفخ جبريل عليه السلام وَرُوحٌ مِنْهُ عطف على كلمته ومنه صفة لروح ومن لابتداء الغاية مجازا لا تبعيضية كما زعمت النصارى لا ستحالة التجزى على الله تعالى- وروى- انه كان لهارون الرشيد طبيب نصرانى وكان غلاما حسن الوجه جدا وكان كامل الأدب جامعا للخصال التي يتوصل بها الى الملوك وكان الرشيد مولعا بان يسلم وهو يمتنع وكان الرشيد يمنيه الأماني ان اسلم فأبى فقال له ذات يوم مالك لا تؤمن قال ان فى كتابكم حجة على من انتحله قال وما هى قال قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فعنى بهذا ان عيسى عليه السلام جزء منه فضاق قلب الرشيد وجمع العلماء فلم يكن فيهم من يزيل شبهته حتى قيل له قد وفد حجاج من خراسان وفيهم رجل يقال له على بن الحسين بن واقد من اهل مرو وهو امام فى علم القرآن فدعاه فجمع بينه وبين الغلام فسأله الغلام عن ذلك فاستعجم عليه الجواب فى الوقت وقال قد علم الله يا امير المؤمنين فى سابق علمه ان هذا الخبيث يسألنى فى مجلسك هذا وانه لم يخل كتابه

عن جوابه وانه ليس يحضرنى الآن ولله علىّ ان لا اطعم ولا اشرب حتى أؤدي الذي يجب من الحق ان شاء الله تعالى ودخل بيتا مظلما واغلق عليه بابه واندفع فى قراءة القرآن حتى بلغ من سورة الجاثية وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ فصاح بأعلى صوته افتحوا الباب فقد وجدت الجواب ففتحوا ودعا الغلام فقرأ عليه الآية بين يدى الرشيد وقال ان كان قوله وروح منه يوجب ان يكون عيسى بعضا منه وجب ان يكون ما فى السموات وما فى الأرض بعضا منه فانقطع النصراني واسلم وفرح الرشيد فرحا شديدا ووصل على بن الحسين الواقدي المروزي بصلة جيدة فلما عاد على بن الحسين الى مرو صنف كتابا سماه كتاب النظائر فى القرآن وهو كتاب لا يوازيه كتاب. قيل معنى كونه روحا انه ذو روح صادر منه تعالى كسائر ذوى الأرواح الا انه تعالى أضاف روحه الى نفسه تشريفا. وقيل المراد بالروح هو الذي نفخ جبرائيل عليه السلام فى درع مريم فدخلت تلك النفخة بطنها فحملت بإذن الله من ذلك النفخ سمى النفخ روحا لانه كان ريحا يخرج من الروح وأضاف تعالى نفخة جبريل الى نفسه حيث قال وروح منه بناء على ان ذلك النفخ الواقع من جبريل كان بإذن الله تعالى وامره فهو منه. وعن ابى بن كعب انه قال ان الله تعالى لما اخرج الأرواح من ظهر آدم لاخذ الميثاق عليهم ثم ردهم الى صلبه امسك عنده روح عيسى الى ان أراد خلقه ثم أرسل ذلك الروح الى مريم فدخل فى فيها فكان منه عيسى عليه السلام. قيل خلق عيسى عليه السلام من ماء مريم ومن النفخ لا من أحدهما فقط وهو الأصح عند المحققين. قيل خرج فى ساعة النفخ. وقيل بعد المدة الكاملة بعد ثمانية أشهر والاول هو الأصح. وفى التأويلات النجمية ان شرف الروح على الأشياء بانه ايضا كعيسى تكون بامر كن بلا واسطة شىء آخر فلما تكون الروح بامر كن وتكون عيسى بامر كن سمى روحا منه لان الأمر منه تعالى كما قال قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي فكما ان احياء الأجسام الميتة من شأن الروح إذ ينفخ فيها فكذلك كان عيسى من شأنه احياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وكذلك كان ينفخ فى الطين فيكون طيرا بإذن الله تعالى. واعلم ان هذا الاستعداد الروحاني الذي هو من كلمة الله مركوز فى جبلة الإنسان وخلق منه اى من الأمر وانما أظهره الله فى عيسى من غير تكلف منه فى السعى لاستخراج هذا الجوهر من معدنه لان روحه لم يركز فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات كارواحنا فكان جوهره ظاهرا فى معدن جسمه غير مخفى ببشرية اب وجوهرنا مخفى فى معدن جسمنا ببشرية آبائنا الى آدم فمن ظهور أنوار جوهر روحه كان الله تعالى يظهر عليه انواع المعجزات فى بدء طفوليته ونحن نحتاج فى استخراج الجوهر الروحاني من المعدن الجسماني الى نقل صفات البشرية المتولدة من بشرية الآباء والأمهات عن معادننا باوامر أستاذ هذه الصنعة ونواهيه وهو النبي عليه السلام كما قال تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فمن تخلص جوهر روحانيته من معدن بشريته وانسانيته يكون عيسى وقته فيحيى الله بانفاسه القلوب الميتة ويفتح به إذا ناصما وعيونا عميا فيكون فى قومه كالنبى فى أمته فافهم جدا: وفى المثنوى عيسى اندر مهد دارد صد نفير ... كه جوان ناگشته ما شيخيم و پير

پير پير عقل بايد اى پسر ... نى سفيدى موى اندر ريش وسر «2» چون گرفتى پير هين تسليم شو ... همچوموسى زير حكم خضر شو «3» دست را مسپار جز در دست پير ... حق شدست آن دست او را دستگير چون بداري دست خود در دست پير ... پير حكمت كو عليم است وخبير «4» ثم اعلم انه لما كان النافخ جبرائيل والولد سرّ أبيه كان الواجب ان يظهر عيسى على صورة الروحانيين والجواب انه انما كان على صورة البشر ولم يظهر على صورة الروحانيين لان الماء المحقق عند التمثل كان فى امه وهى بشر ولاجل تمثل جبريل ايضا عند النفخ بالصورة البشرية لانها أكمل الصور كما أشار صلى الله تعالى عليه وسلم فى تجلى الربوبية بصورة شاب قطط وظهور جبريل بصورة دحية فافهم والصورة التي تشهدها الام وتخيلها حال المواقعة لها تأثير عظيم فى صورة الولد حتى قيل ونقل فى الاخبار ان امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية فلما سئلت عنها أخبرت انها رأت حية عند المواقعة. وسمع ان امرأة ولدت ولد له أعين اربع ورجلاه كرجل الدب وكانت قبطية جامعها زوجها وهى ناظرة الى دبين كانا عند زوجها ولله اسرار فى تكوين الأجساد كيف يشاء وهو على كل شىء قدير كذا فى حل الرموز فَآمِنُوا بِاللَّهِ وخصوه بالالوهية وَرُسُلِهِ أجمعين وصفوهم بالرسالة ولا تخرجوا بعضهم عن سلكهم بوصفه بالالوهية يعنى ان عيسى من رسله فآمنوا به كايمانكم بسائر الرسل ولا تجعلوه الها وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ اى الآلهة ثلاثة الله والمسيح ومريم ويشهد عليه قوله تعالى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ او الله ثلاثة ان صح انهم يقولون الله ثلاثة أقانيم اقنوم الأب واقنوم الابن واقنوم روح القدس وانهم يريدون بالأول الذات وقيل الوجود وبالثاني العلم وبالثالث الحياة انْتَهُوا اى عن التثليث خَيْراً لَكُمْ اى انتهاء خيرا لكم او ائتوا خيرا لكم من القول بالتثليث إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ اى واحد بالذات منزه عن التعدد بوجه من الوجوه فالله مبتدأ واله خبره وواحد نعت اى منفرد فى آلهيته سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ اى أسبحه تسبيحا من ان يكون له ولد او سبحوه تسبيحا من ذلك فانه يتصور له مثل ويتطرق اليه فناء فان التوالد انما هو لحفظ النوع من الانقراض فلذلك لم تتوالد الملائكة ولا اهل الجنان فمن كان نشأته وتكوّنه للبقاء إذا لم يكن له ولد مع كونه حادثا ذا أمثال فبالاولى ان لا يتخذ الله تعالى ولدا وهو ازلى منزه عن الأمثال والأشباه: وفى المثنوى لم يلد لم يولد است او از قدم ... نه پدر دارد نه فرزند ونه عم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مستأنفة مسوقة لتعليل التنزيه وتقريره اى له ما فيهما من الموجودات خلقا وملكا وتصرفا لا يخرج من ملكوته شىء من الأشياء التي من جملتها عيسى فكيف يتوهم كونه ولدا له تعالى. قال ابن الشيخ فى حواشيه انه تعالى فى كل موضع نزه نفسه عن الولد ذكر ان جميع ما فى السموات والأرض مختص به خلقا وملكا للاشارة الى ان ما زعمه المبطلون انه ابن الله وصاحبته مملوك مخلوق له لكونه من جملة ما فى السموات وما فى الأرض فلا تتصور المجانسة والمماثلة بين الخالق والمخلوق والمالك والمملوك فكيف يعقل مع هذا توهم كونه

_ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان كردن رسول صلى الله عليه وسلم سبب تفضيل واختيار كردن آن جوان إلخ (3) در اواخر دفتر يكم در بيان وصيت كردن رسول خدا مر على را إلخ (4) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ما سوى الله همه آكل ومأكولند

[سورة النساء (4) : آية 172]

ولدا له وزوجة وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا اليه يكل كل الخلق أمورهم وهو غنى عن العالمين فأنى يتصور فى حقه اتخاذ الولد الذي هو شأن العجزة المحتاجين فى تدبير أمورهم الى من يخلفهم ويقوم مقامهم او يعينهم دلت الآية على التوحيد كل شىء ذاته لى شاهد ... انما الله اله واحد ومطلب اهل التوحيد أعلى المطالب وهو وراء الجنات وذوقهم لا يعاد له نعيم- حكى- ان وليا يقال له سكرى بابا يكون له فى بعض الأوقات استغراق أياما حتى يظنونه ميتا ويضعون على فمه فداما فانتبه يوما فارادان يطلق زوجته ويترك أولاده وقال كنت فى مجلس النبي عليه السلام فى الملكوت مع الأرواح وكان النبي عليه السلام يفسر قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ يتكلم فى مراتب التوحيد على كرسى قوائمه اربع من الأنوار الاربعة على حسب المراتب الأربع اى من النور الأسود فى مرتبة الطبيعة ومن النور الأحمر فى مرتبة النفس ومن النور الأخضر فى مرتبة الروح ومن النور الأبيض فى مرتبة السر فقيل لى فى العرش أرسلوا سكرى بابا فان أولاده يبكون فلاجل ذلك أريد ان اترك الكل فتضرعوا وحلفوا بان لا يفعلوا مثل ذلك ابدا ففرغ ووجه التسمية بذلك انه كان يعطى سكر الكل من يطلبه منه حتى طلبوا فى الحمام امتحانا له فضرب برجله رحام الحمام قال خذوه فانقلب سكرا فاعتقدوه وزالت شبهتهم. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى الملكوت ليس فى الفوق بل الملك والملكوت عندك هنا فان الله تعالى منزه عن الزمان والمكان والذهاب والإياب وهو معكم أينما كنتم فللسالك مرتبة ينظر فيها الى الله والى الحق ويسمى تلك بالمعية ثم بعد ذلك إذا وصل الى الفناء الكلى واضمحل وجوده يسمى ذلك بمقام الجمع ففى ذلك المقام لا يرى السالك ما سوى الله تعالى كمن احاطه نور لا يرى الظلمة ألا برى ان من نظر الى الشمس لا يرى غيرها وتلك الرؤية ليست بحاسة البصر ولا كرؤية الأجسام بل كما ذكر العلماء وكمل الأولياء والأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين والموحد إذا كان موحدا يوصله التوحيد الى الملكوت والجبروت واللاهوت اعنى الموحد يتخلص من الاثنينية ومن التقيد بالاكوان والأجسام والأرواح فيشاهد عند ذلك سر قوله تعالى إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ اللهم اجعلنا من الواصلين نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ فى أساس البلاغة استنكف منه ونكف امتنع وانقبض آنفا وحميةنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ اى من ان يكون عبدا له تعالى فان عبوديته شرف يتباهى بها وانما المذلة والاستنكاف فى عبودية غيره- روى- ان وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تعيب صاحبنا قال (ومن صاحبكم) قالوا عيسى قال (وأي شىء أقول) قالوا تقول انه عبد الله قال (انه ليس بعار أن يكون عبدا لله) قالوا بلى بعار فنزلت لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ عطف على المسيح اى ولا يستنكف الملائكة المقربون ان يكونوا عبيدا والمراد بهم الكروبيون الذين حول العرش كجبريل وميكائيل واسرافيل ومن فى طبقتهم مَنْ يَسْتَنْكِفْ اى يترفع نْ عِبادَتِهِ اى عن طاعته فيشمل جميع الكفرة لعدم طاعتهم له تعالى يَسْتَكْبِرْ الاستكبار دون الاستنكاف ولذلك عطف عليه وانما يستعمل حيث لا استحقاق بخلاف التكبر فانه قد يكون باستحقاق سَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ اى فسيجمعهم

[سورة النساء (4) : آية 173]

اليه يوم القيامةمِيعاً المستنكف والمستكبر والمقر والمطيع فيجازيهم فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ اى ثواب أعمالهم من غير ان ينقص منها شيأ أصلا وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بتضعيفها أضعافا مضاعفة وبإعطاء ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا اى عن عبادته تعالى وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ بسبب استنكافهم واستكبارهم عَذاباً أَلِيماً وجيعا لا يحيط به الوصف وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى غيره تعالى وَلِيًّا يلى أمورهم ويدبر مصالحهم وَلا نَصِيراً بنصرهم من بأسه تعالى وينجيهم من عذابه. واحتج بالآية من زعم فضل الملائكة على الأنبياء عليهم السلام وقال مساقه لرد النصارى فى رفع المسيح عن مقام العبودية وذلك يقتضى ان يكون المعطوف وهو ولا الملائكة المقربون أعلى درجة من المعطوف عليه وهو المسيح حتى يكون عدم استنكافهم مستلزما لعدم استنكافه عليه السلام. وأجيب بان مناط كفر النصارى ورفعهم له عليه السلام عن رتبة العبودية لما كان اختصاصه عليه السلام وامتيازه عن سائر افراد البشر بالولادة من غير اب وبالعلم بالمغيبات وبالرفع الى السماء عطف على عدم استنكافه عن عبوديته عدم استنكاف من هو أعلى درجة منه فيما ذكر فان الملائكة مخلوقون من غير اب ولا أم وعالمون بما لا يعلمه البشر من المغيبات ومقامهم السموات العلى ولا نزاع لاحد فى علو درجتهم من هذه الحيثية وانما النزاع فى علوها من حيث كثرة الثواب على الطاعات كذا فى الإرشاد. قال فى التأويلات النجمية عند قوله تعالى لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ما ذكرهم للفضيلة على عيسى وانما ذكرهم لان بعض الكفار قالوا الملائكة بنات الله كما قالت النصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ قال تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى بل فضل الله المسيح عليهم بتقديم الذكر لان المسيح نسب اليه بالنبوة ونسبت الملائكة اليه بالبنتية وللذكر فضيلة وتقدم على الإناث كقوله تعالى فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فقدم الله الذكر على الأنثى وجعل له سهمين وللانثى واحدا فكما ان للذكر فضيلة على الأنثى فكذلك للمسيح فضيلة على الملائكة وفضيلته على الملائكة اكبر وأعظم يدل عليه ما صح عن جابر رضى الله عنه ان النبي عليه السلام قال (لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة يا رب كما خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة قال الله تعالى لا اجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحى كمن قلت له كن فكان) وانا أقول ومن فضيلة عيسى على الملائكة انه اجتمع فيه ما كان شرفا لآدم لانه من ذريته من قبل الام وما كان شرفا للملائكة إذ قال له ايضا كن فكان فقد وجد فى عيسى ما لم يوجد فى الملائكة ولم يوجد فى الملائكة شىء لا يوجد فى عيسى فافهم جدا انتهى كلام التأويلات. واعلم ان أعظم الاستنكاف عن عبادة الله تعالى الشرك والاعراض عن توحيده كما ان اصل الأعمال التوحيد والايمان ثم ان الكبر من اكبر السيئات ولذا ورد فى بعض الأحاديث مقابلا للايمان قال عليه السلام (لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ولا يدخل النار من كان فى قلبه مثقال ذرة من ايمان) : قال السعدي قدس سره

[سورة النساء (4) : الآيات 174 إلى 175]

ترا شهوت وكبر وحرص وحسد ... چوخون در ركند و چوجان در جسد گر اين دشمنان تقويت يافتند ... سر از حكم ورأى تو بر تافتند - حكى- ان قاضيا جاء الى ابى يزيد البسطامي رحمه الله يوما فقال نحن نعرف ما تعرفه ولكن لا نجد تأثيره فقال ابو يزيد خذ مقدارا من الجوز وعلق وعاءه فى عنقك ثم ناد فى البلد كل من يلطمنى ادفع له جوزة حتى لا يبقى منه شىء فاذا فعلت ذلك تجد التأثير فاستغفر القاضي فقال ابو يزيد قد أذنبت لانى اذكر ما يخلصك من كبر نفسك وأنت تستغفر منه: قال السعدي كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هرگز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنگ فعلى العاقل ان يتواضع فان الرفعة فى التواضع وهو من أفضل العبادة يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لعامة المكلفين قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ كائن مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ بواسطة النبي عليه السلام نُوراً مُبِيناً عنى بالبرهان المعجزات وبالنور القرآن اى جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة. والبرهان ما يبرهن به المطلوب وسمى القرآن نورا لكونه سببا لوقوع نور الايمان فى القلوب ولانه تتبين به الاحكام كما تتبين بالنور الأعيان فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ حسبما يوجبه البرهان الذي أتاهم وَاعْتَصَمُوا بِهِ اى امتنعوا به عن اتباع النفس الامارة وتسويلات الشيطان فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ ثواب قدره بإزاء إيمانه وعمله رحمة منه لاقضاء لحق واجب وَفَضْلٍ احسان زائد عليه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ اى الى الله صِراطاً مُسْتَقِيماً هو الإسلام والطاعة فى الدنيا وطريق الجنة فى الآخرة وهو مفعول ثان ليهدى لانه يتعدى الى مفعولين بنفسه كما يتعدى الى الثاني بالى يقال هديته الطريق وهديته الى الطريق ويكون اليه حالا منه مقدما عليه ولو اخر عنه كان صفة له والمعنى ويهديهم الى صراط الإسلام والطاعة فى الدنيا وطريق الجنة فى العقبى مؤديا ومنتهيا اليه تعالى. والاشارة فى الآية ان الله تعالى اعطى لكل نبى آية وبرهانا ليقيم به الحجة على الامة وجعل نفس النبي عليه السلام برهانا منه وذلك لان برهان الأنبياء كان فى الأشياء غير أنفسهم مثل ما كان برهان موسى فى عصاه وفى الحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا وكان نفس النبي عليه السلام برهانا بالكلية فكان برهان عينيه ما قال عليه السلام (لا تستبقونى بالركوع والسجود فانى أراكم من خلفى كما أراكم من امامى) . وبرهان بصره ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى. وبرهان انفه قال (انى لاجد نفس الرحمان من قبل اليمن) . وبرهان لسانه ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى وبرهان بصاقه ما قال جابر رضى الله عنه انه امر يوم الخندق لا تخبزن عجينكم ولا تنزلن برمتكم حتى أجيء فجاء فبصق فى العجين وبارك ثم بصق فى البرمة وبارك فاقسم بالله انهم لأكلوا وهم الف حتى تركوه وانصرفوا وان برمتنا لتغط اى تغلى وان عجيننا ليخبز كما هو. وبرهان تفله انه تفل فى عين على كرم الله وجهه وهى ترمد فبرئ بإذن الله يوم خيبر. وبرهان يده ما قال تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وانه سبح الحصى فى يده: قال العطاري

[سورة النساء (4) : آية 176]

داعىء ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از ان گفتى حصاد وبرهان إصبعه انه أشار بإصبعه الى القمر فانشق فلقتين حتى رؤى حراء بينهما ماه را انگشت او بشكافته ... مهر از فرمانش از پس تافته وبرهان ما بين أصابعه انه كان الماء ينبع من بين أصابعه حتى شرب منه ورفعه خلق عظيم. وبرهان صدره انه كان يصلى ولصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء. وبرهان قلبه انه تنام عيناه ولا ينام قلبه وقال تعالى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى وقال أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وقال نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ وأمثال هذه البراهين كثيرة فمن أعظمها انه عرج به الى السماء حتى جاوز قاب قوسين وبلغ أو أدنى وذلك برهان لنفسه بالكلية وما اعطى نبى قبله مثله قط وكان بعد ان اوحى اليه افصح العرب والعجم وكان من قبل اميا لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان وأي برهان أقوى واظهر وأوضح من هذا والله أكرم هذه الامة به ومن عليهم فمن آمن به ايمانا حقيقيا بنور الله لا بالتقليد فتجذبه العناية وتدخله فى عالم الصفات فان رحمته وفضله صفته ويهديه بنور القرآن وحقيقة التخلق بخلقه الى جنابه تعالى فبالاعتصام يصعد السالك من الصراط المستقيم الى حضرة الله الكريم ولا بد للعبد من الاعتمال والاكتساب فى البداية اتباعا للاوامر الواردة فى الكتب الالهية والسنن النبوية حتى ينتهى الى محض فضل الله تعالى فيكون هو المتصرف فى أموره ولذلك كان النبي عليه السلام يقول (اللهم لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك) وقد قال بعض الكبار المريد من لا مذهب له يعنى يتمسك باشق الأقوال والمذاهب من جميع المذاهب فيتوضأ من الرعاف والفصد مثلا وان كان شافعيا ومن المس وان كان حنفيا وتنوير الباطن لا يحصل الا بانوار الذكر والعبادة والمعرفة وتعين على ذلك العبادة الخالصة إذا أديت على وجه الكمال والخدمة بمقتضى السنة تصقله بازالة خبث الشهوات والأخلاق المذمومات والتوحيد أفضل الأعمال الموصلة الى السعادة وفى الحديث (ان الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخلون الجنة وهم يضحكون) وفى الحديث (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة فى قبورهم ولا فى نشورهم كأنى انظر إليهم عند الصيحة ينفضون التراب عنهم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور) وعلى هذا الحديث أول المشايخ هذه الآية الكريمة وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين ولا تجعلنا من الغافلين آمين يَسْتَفْتُونَكَ اى يطلبون منك الفتوى فى حق الكلالة قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ الإفتاء تبيين المبهم وتوضيح المشكل. والكلالة فى الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو ذهاب القوة من الاعياء استعيرت للقرابة من غير جهة الوالد والولد لضعفها فى الاضافة الى قرابتهما وتطلق على من لم يخلف ولدا ولا والدا وعلى من ليس بوالد ولا ولد من المخلفين والمراد هنا الثاني اى الذي مات ولم يرثه أحد من الوالدين ولا أحد من الأولاد لما روى ان جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انى كلالة اى لا يخلفنى ولد ولا والد فكيف اصنع فى مالى فنزلت إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ استئناف مبين

للفتيا وارتفع امرؤ بفعل يفسره المذكور وقوله لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ صفة له اى ان هلك امرؤ غير ذى ولد ذكرا كان او أنثى وَلَهُ أُخْتٌ عطف على قوله تعالى ليس له ولد او حال والمراد بالاخت من ليست لام فقط فان فرضها السدس فقط فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ اى بالفرض والباقي للعصبة أولها بالرد ان لم يكن له عصبة وَهُوَ اى المرء المفروض يَرِثُها اى أخته المفروضة ان فرض هلاكها مع بقائه إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ذكرا كان او أنثى فالمراد بإرثه لها إحراز جميع مالها إذ هو المشروط بانتفاء الولد بالكلية لا إرثه لها فى الجملة فانه يتحقق مع وجود بنتها فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ عطف على الشرطية الاولى اى اثنتين فصاعدا فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ الضمير لمن يرث بالاخوة والتأنيث والتثنية باعتبار المعنى وفائدة الاخبار عنه باثنتين مع دلالة الف التثنية على الاثنينية التنبيه على ان المعتبر فى اختلاف الحكم هو العدد دون الصغر والكبر وغيرهما وَإِنْ كانُوا اى من يرث بطريق الاخوة إِخْوَةً اى مختلطة رِجالًا وَنِساءً بدل من اخوة والأصل وان كانوا اخوة وأخوات فغلب المذكر على المؤنث فَلِلذَّكَرِ منهم مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يقسمون التركة على طريقة التعصيب وهذا آخر ما نزل فى كتاب الله من الاحكام- روى- ان الصديق رضى الله عنه قال فى خطبته ان الآية التي أنزلها الله تعالى فى سورة النساء فى الفرائض أولها فى الولد والوالد وثانيها فى الزوج والزوجة والاخوة من الام والآية التي ختم بها السورة فى الاخت لابوين او لاب والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها فى اولى الأرحام يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ اى حكم الكلالة او أحكامه وشرائعه التي من جملتها حكمها أَنْ تَضِلُّوا اى كراهة ان تضلوا فى ذلك فهو مفعول لاجله على حذف المضاف وهو اشيع من حذف لا النافية بتقدير لئلا تضلوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها أحوالكم المتعلقة بمحياكم ومماتكم عَلِيمٌ مبالغ فى العلم فيبين لكم ما فيه مصلحتكم ومنفعتكم والاشارة فى الآية ان الله تعالى لم يكل بيان قسمة التركات الى النبي صلى الله عليه وسلم مع انه تعالى وكل بيان اركان الإسلام من الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج اليه واحكام الشريعة وقال وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وولاه بيان القرآن العظيم وقال لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وتولى قسمة التركات بنفسه تعالى كما قال عليه السلام (ان الله لم يرض بملك مقرب ولا نبى مرسل حتى تولى قسمة التركات واعطى كل ذى حق حقه ألا فلا وصية لوارث) وانما لم يوله قسمة التركات لان الدنيا مزينة للناس والمال محبوب الى الطباع وجبلت النفس على الشح فلو لم ينص الله تعالى على مقادير الاستحقاق وكان القسم موكولا الى النبي عليه السلام لكان الشيطان أوقع فى بعض النفوس كراهة النبي عليه الصلاة والسلام لذلك فيكون كفرا لقوله عليه السلام (لا يكون أحدكم مؤمنا حتى أكون اليه أحب من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) كما أوقع فى نفوس بعض شبان الأنصار يوم حنين إذ أفاء الله على رسوله اموال هوازن فطفق النبي عليه السلام يعطى رجالا من قريش المائة من الإبل كل رجل منهم فقالوا يغفر الله لرسوله يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم

تفسير سورة المائدة

قال انس فحدث رسول الله بمقالتهم فارسل الى الأنصار فجمعهم فى قبة من آدم ولم يدع معهم أحدا من غيرهم فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله فقال (ما حديث بلغني عنكم) فقال الأنصار اما ذووا رأينا فلم يقولوا شيأ واما أناس حديثة أسنانهم فقالوا كذا وكذا للذى قالوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم (انما اعطى رجالا حديثى عهد بكفر فاؤلفهم) او قال (استألفهم أفلا ترضون ان يذهب الناس بالأموال وترجعوا برسول الله الى رحالكم فو الله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به) قالوا أجل يا رسول الله قد رضينا فالنبى عليه السلام أزال ما أوقع الشيطان فى نفوسهم بهذا اللطائف فلو كان قسم التركات اليه لكان للشيطان مجال الى آخر الدنيا فى ان يوقع الشر فى نفوس الامة ولم يمكن إزالته من النفوس لتعذر الوصول الى الخلق كلهم فى حال الحياة وبعد الوفاة فتولى الله ذلك لانه بكل شىء عليم ولعباده غفور رحيم برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست فرو ماندكانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب فحسم الكلمة بما نص على المقادير فى الميراث فضلا منه وقطعا لمواد الخصومات بين ذوى الأرحام ورحمة على النسوان فى التوريث لضعفهن وعجزهن عن الكسب وإظهارا لتفضيل الذكور عليهن لنقصان عقلهن ودينهن وتبيانا للمؤمنين لئلا يضلوا بظن السوء بالنبي عليه السلام كما قال يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ كذا فى التأويلات النجمية على صاحبها النفحات القدسية والبركات القدوسية. تمت سورة النساء فى اواسط جمادى الآخرة من سنة تسع وتسعين بعد الالف ويتلوها سورة المائدة تفسير سورة المائدة وهى مائة وعشرون آية كلها مدينة الا الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية فانها نزلت بعرفة عام حجة الوداع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الوفاء هو القيام بمقتضى العهد وكذلك الإيفاء يقال وفى بالعهد وفاء واوفى به إيفاء إذا اتى ما عهد به ولم يغدر والنقل الى باب افعل لا يفيد سوى المبالغة والعقد هو العهد الموثق المشبه بعقد الحبل ونحوه والمراد بالعقود ما يعم جميع ما الزمه الله تعالى عباده وعقده عليهم من التكاليف والاحكام الدينية وما يعقدونه فيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات ونحوها مما يجب الوفاء به او يحسن دينا ان حملنا الأمر على معنى يعم الوجوب والندب. واحتج ابو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على ان من نذر صوم يوم العيد او ذبح الولد يجب عليه ان يصوم يوما يحل فيه الصوم ويذبح ما يحل ان يتقرب بذبحه لانه عهد والزم نفسه ذلك فوجب عليه الوفاء بما صح الوفاء به. واحتج بها ايضا على حرمة الجمع بين الطلقات لان النكاح من العقود فوجب ان يحرم رفعه لقوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وقد ترك العمل بعمومه فى حق الطلقة الواحدة بالإجماع فبقى فيما عداها على الأصل وفى الحديث (ما ظهر الغلول فى قوم الا القى الله فى قلوبهم الرعب ولا فشا الزنى فى قوم الأكثر فيهم

الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم ولاختر قوم بالعهد الا سلط الله عليهم العدو) هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر چهـ ميكند يابد ثم انه تعالى لما امر المؤمنين بان يوفوا جميع ما أوجبه عليهم من التكاليف شرع فى ذكر التكاليف مفصلة فبدأ بذكر ما يحل ويحرم من المطعومات فقال عز وجل من قائل أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ البهيمة كل ذات اربع واضافتها الى الانعام للبيان كثوب الخز وافرادها لارادة الجنس اى أحل لكم أكل البهيمة من الانعام وهى الإبل والبقر والضأن والمعز وذكر كل واحد من هذه الأنواع الاربعة زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فكان جميع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين على التفصيل المذكور فى سورة الانعام فالبهيمة أعم من الانعام لان الانعام لا تتناول غير الأنواع الاربعة من ذوات الأربع والحق بالانعام الظباء وبقر الوحش ونحوهما إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ استثناء من بهيمة الانعام بتقدير المضاف اى الا محرم ما يتلى عليكم اى الا الذي حرمه المتلو من القرآن من قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ بعد هذه الآية او بتقدير نائب الفاعل اى الا ما يتلى عليكم فيه آية كريمة غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ الصيد بمعنى المصدر اى الاصطياد فى البر او المفعول اى أكل صيده بمعنى مصيده وهو نصب على الحالية من ضمير لكم ومعنى عدم احلالهم له تقرير حرمته عملا واعتقادا وهو شائع فى الكتاب والسنة وَأَنْتُمْ حُرُمٌ اى محرمون حال من الضمير فى محلى. والحرم جمع حرام بمعنى محرم يقال احرم فلان إذا دخل فى الحرم او فى الإحرام وفائدة تقييد إحلال بهيمة الانعام بما ذكر من عدم إحلال الصيد حال الإحرام إتمام النعمة واظهار الامتنان بإحلالها بتذكير احتياجهم اليه فان حرمة الصيد فى حالة الإحرام من مظان حاجتهم الى إحلال غيره حينئذ كأنه قيل أحلت لكم الانعام مطلقا حال كونكم ممتنعين عن تحصيل ما يغنيكم عنها فى بعض الأوقات محتاجين الى إحلالها إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ من تحليل وتحريم على ما توجبه الحكمة ومعنى الإيفاء بهما الجريان على موجبهما عقدا وعملا والاجتناب عن تحليل المحرمات وتحريم المحللات. والاشارة فى الآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ التي جرت بيننا يوم الميثاق وعلى عهود العشاق وعقودهم على بذل وجودهم لنيل مقصودهم عاقدوا على عهد يحبهم ويحبونه ولا يحبون دونه فالوفاء بالعهد الصبر على الجفاء والجهد فمن صبر على عهوده فقد فاز بمقصوده عند بذل وجوده أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ اى ذبح بهيمة النفس التي هى كالانعام فى طلب المرام إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يعنى الا النفس المطمئنة إذا تليت عليها ارجعي الى ربك فانها تنفرت من الدنيا وما فيها فانها كالصيد فى الحرم وأنتم حرم بالتوجه الى كعبة الوصال بإحرام الشوق الى حضرة الجمال والجلال متجردين عن كل مرغوب ومرهوب منفردين من كل مطلوب ومحبوب إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بذبح النفس إذا كانت موصوفة بصفة البهيمة ترفع فى مراتع الحيوان السفلية ويحكم بترك ذبحها ويخاطبها بالرجوع الى حضرة الربوبية عند اطمئنانها

[سورة المائدة (5) : آية 2]

مع ذكر الحق واتصافها بالصفات الملكية العلوية ما يُرِيدُ كما يريد كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ نزلت فى الخطيم واسمه شريح بن ضبيعة البكري اتى المدينة من اليمامة وخلف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الى ما تدعو الناس فقال (الى شهادة ان لا اله الا الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة) فقال حسن ألا ان لى أمراء لا اقطع امرا دونهم لعلى اسلم وآتى بهم وقد كان النبي عليه السلام قال لاصحابه (يدخل عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان) ثم خرج شريح من عنده فقال عليه السلام (لقد دخل بوجه كافر وخرج بقفا غادر وما الرجل بمسلم) فمر بسرح المدينة فاستاقه فانطلق فتبعوه فلم يدركوه فلما كان العام المقبل خرج حاجا فى حجاج بكر بن وائل من اليمامة ومعه تجارة عظيمة وقد قلدوا الهدى فقال المسلمون للنبى عليه السلام هذا الخطيم قد خرج حاجا فخل بيننا وبينه فقال النبي عليه السلام (انه قد قلد الهدى) فقالوا يا رسول الله هذا شىء كنا نفعله فى الجاهلية فابى النبي عليه السلام فانزل الله هذه الآية وكان المشركون يحجون ويهدون فاراد المسلمون ان يغيروا عليهم فنهاهم الله عن ذلك. والشعائر جمع شعيرة وهى اسم لما أشعر اى جعل شعائر اى علما للنسك من مواقف الحج ومرامى الجمار والمطاف والمسعى والافعال التي هى علامات الحاج يعرف بها من الإحرام والطواف والسعى والحلق والنحر والمعنى لا تتهاونوا بحرمتها ولا تقطعوا اعمال من يحج بيت الله ويعظم مواقف الحج وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ اى ولا تستحلوا القتل والغارة فى الشهر الحرام وهو شهر الحج والأشهر الاربعة الحرم وهى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب والافراد لارادة الجنس وَلَا الْهَدْيَ بان يتعرض له بالغصب او بالمنع من بلوغ محله وهو ما اهدى الى الكعبة من ابل او بقر او شاة تقربا الى الله تعالى جمع هدية وَلَا الْقَلائِدَ اى ذوات القلائد من الهدى بتقدير المضاف وعطفها على الهدى للاختصاص فانها اشرف الهدى اى ولا تحلوا ذوات القلائد منها خصوصا وهى جمع قلادة وهى ما يشد على عنق البعير وغيره من نعل او لحاء شجرة او غيرهما ليعلم به انه هدى فلا يتعرض له وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ اى ولا تحلوا قوما قاصدين زيارة الكعبة بان تصدوهم عن ذلك بأى وجه كان يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً حال من المستكن فى آمين اى قاصدين زيارته حال كونهم طالبين الرزق بالتجارة والرضوان اى على زعمهم لان الكافر لا نصيب له فى الرضوان اى رضى الله تعالى ما لم يسلم. قال فى الإرشاد انهم كانوا يزعمون انهم على سداد من دينهم وان الحج يقربهم الى الله تعالى فوصفهم الله بظنهم وذلك الظن الفاسد وان كان بمعزل من استتباع رضوانه تعالى لكن لا بعد فى كونه مدارا لحصول بعض مقاصدهم الدنيوية وخلاصهم من المكاره العاجلة لا سيما فى ضمن مراعاة حقوق الله تعالى وتعظيم شعائره انتهى. وهذه الآية الى هاهنا منسوخة بقوله تعالى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وبقوله فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا فلا يجوز ان يحج مشرك ولا يأمن كافر بالهدى والقلائد. قال الشعبي لم ينسخ من سورة المائدة الا هذه الآية وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا تصريح بما أشير اليه

بقوله تعالى وَأَنْتُمْ حُرُمٌ من انتهاء حرمة الصيد بانتفاء موجبها والأمر للاباحه بعد الحظر كأنه قيل وإذا حللتم من الإحرام فلا جناح عليكم فى الاصطياد وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ يقال جرمنى فلان على ان صنعت كذا اى حملنى والمعنى لا يحملنكم شَنَآنُ قَوْمٍ اى شدة بغضهم وعداوتهم وهو مصدر شنئت أضيف الى المفعول او الفاعل فالمعنى على الاول بغضكم لبعض فحذف الفاعل وعلى الثاني بغض قوم إياكم فحذف المفعول أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى لان منعوكم عن زيارته والطواف به للعمرة عام الحديبية أَنْ تَعْتَدُوا ثانى مفعولى يجرمنكم اى لا يحملنكم شدة بغضكم لهم لصدهم إياكم عن المسجد الحرام على اعتدائكم عليهم وانتقامكم منهم للتشفى وَتَعاوَنُوا اى ليعن بعضكم بعضا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى اى على العفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ اى لا يعن بعضكم بعضا على شىء من المعاصي والظلم للتشفى والانتقام وليس للناس اى يعين بعضهم بعضا على العدوان حتى إذا تعدى واحد منهم على الآخر تعدى ذلك الآخر عليه لكن الواجب ان يعين بعضهم بعضا على ما فيه البر والتقوى. واصل لا تعاونوا لا تتعاونوا فحذف منه احدى التاءين تخفيفا وانما اخر النهى عن الأمر مع تقدم التخلية مسارعة الى إيجاب ما هو مقصود بالذات فان المقصود من إيجاب ترك التعاون على الإثم والعدوان انما هو تحصيل التعاون على البر والتقوى. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال (البر حسن الخلق والاسم ما حاك فى نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس) وَاتَّقُوا اللَّهَ فى جميع الأمور التي من جملتها مخالفة ما ذكر من الأوامر والنواهي فثبت وجوب الاتقاء فيها بالطريق البرهاني إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فانتقامه أشد لمن لا يتقيه. واعلم ان شعائر الله فى الحقيقة هى مناسك الوصول الى الله وهى معالم الدين والشريعة ومراسم آداب الطريقة باشارة ارباب الحقيقة فان حقيقة البر هو التفرد للحق وحقيقة التقوى هو الخروج عما سوى الله تعالى فالوصول لا يمكن الا بهما لكنهما خطوتان لا يمكن للمريد الصادق ان يتخطى بها الا بمعاونة شيخ كامل مكمل واصل موصل فانه دليل هذا الطريق: قال الحافظ بكوى عشق منه بي دليل راه قدم ... كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد وقال ايضا شبان وادئ ايمن گهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند وفى الآية اشارة الى تعظيم ما عظمه الله من الزمان والمكان والاخوان وقد فضل الأشهر والأيام والأوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والأمم بعضها على بعض لتتسارع القلوب الى احترامها وتتشوق الأرواح الى إحيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها وفضل الامكنة بعضها على بعض ليعظم الاجر بالإقامة فيها وخلق الله الناس سعيدا وشقيا والعبرة بالخاتمة وكل مخلوق من حيث انه مخلوق الله حسن حتى انه ينبغى ان يكون النظر الى الكافر من حيث انه مخلوق الله لا من حيث كفره وان لم يرض بكفره فعلى الناظر بنظر

[سورة المائدة (5) : آية 3]

التوحيد ان يحسن النظر ولا يحقر أحدا من خلق الله ولا يشتغل بالعداوة والبغضاء: قال السعدي قدس سره دلم خانه مهر يارست وبس ... از ان مى نكنجد درو كين كس ومن كلمات اسد الله كرم الله وجهه العداوة شغل يعنى من اشتغل بالعداوة ينقطع عن الاشتغال بالأمور المفيدة النافعة لان القلب لا يسع الاشتغالين المتضادين هر كه پيشه كند عداوت خلق ... از همه چيزها جدا گردد كه دلش خسته عنا باشد ... گه تنش بسته بلا گردد وكان صلى الله عليه وسلم موصوفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال فعليك ان تقتدى به ولما مدح الله الأنبياء عليهم السلام ووصف كل نبى بصفة قال له تعالى فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ففعل فصار مستجمعا لكمال خصال الخير وكان كل واحد منهم مخصوصا بخصلة مثل نوح بالشكر وابراهيم بالحلم وموسى بالإخلاص وإسماعيل بصدق الوعد ويعقوب وأيوب بالصبر وداود بالاعتذار وسليمان بالتواضع وعيسى بالزهد فلما اقتدى بهم اجتمع له الكل فانت ايها المؤمن من امة ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فاتق الله واستحى من رسول الله كى تنجو من العقاب الشديد والعذاب المديد وتظفر بالخلد الباقي بالنعيم المقيم وتنال ما نال اليه ذو القلب السليم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ اى تناولها فان التحليل والتحريم انما يتعلقان بالافعال دون الأعيان والميتة ما فارقه الروح من غير ذبح وَالدَّمُ اى الدم المسفوح اى المصبوب كالدماء التي فى العروق لا الكبد والطحال وكان اهل الجاهلية يصبونها فى أمعاء ويشوونها ويقولون لم يحرم من فزدله اى من فصدله وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ لعينه لا لكون ميتة حتى لا يحل تناوله مع وجود الذكاة فيه وفائدة تخصيص لحم الخنزير بالذكر دون لحم الكلب وسائر السباع ان كثيرا من الكفار الفوا لحم الخنزير فخص بهذا الحكم وذلك ان سائر الحيوانات المحرم أكلها إذا ذبحت كان لحمها طاهرا لا يفسد الماء إذا وقع فيه وان لم يحل أكله بخلاف لحم الخنزير. قال فى التنوير وليس الكلب بنجس العين قال العلماء الغذاء يصير جزأ من جوهر المغتذى ولا بد وان يحصل للمغتذى اخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلا فى الغذاء والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة فى المشتهيات فحرم أكله على الإنسان لئلا يتكيف بتلك الكيفية ومن جملة خبائث الخنزير انه عديم الغيرة فانه يرى الذكر من الخنازير ينزو على أنثى له ولا يتعرض له لعدم غيرته فاكل لحمه يورث عدم الغيرة وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ اى رفع الصوت لغير الله عند ذبحه كقولهم باسم اللات والعزى. قال الفقهاء ولو سمى الذابح النبي عليه السلام مع الله فقال باسم الله ومحمد حرمت الذبيحة وفى الحديث (لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله) قال النووي المراد به الذبح باسم غير الله كمن ذبح للصنم او لموسى او لغيرهما. ذكر الشيخ الماوردي ان ما يذبح عند استقبال السلطان تقربا اليه افتى اهل بخارى بتحريمه لانه مما اهل به لغير الله. وقال الرافعي هذا غير محرم لانهم انما يذبحونه استبشارا بقدومه فهو كذبح العقيقة لولادة المولود ومثل هذا لا يوجب التحريم كذا فى شرح المشارق لابن ملك

وَالْمُنْخَنِقَةُ اى التي ماتت بالخنق وهو احتباس النفس بسبب انعصار الحلق وأكل المنخنقة حرام سواء حصل اختناقها بفعل آدمي او لا مثل ان يتفق ان تدخل البهيمة برأسها بين عودين من شجرة فتخنق فتموت وكان اهل الجاهلية يخنقون الشاة فاذا ماتت أكلوها وهذه المنخنقة من جنس الميتة لانها ماتت من غير تذكية وَالْمَوْقُوذَةُ المضروبة بنحو خشب او حجر حتى تموت من وقذته إذا ضربته قال قتادة كانوا يضربونها بالعصى فاذا ماتت أكلوها وهى فى معنى المنخنقة ايضا لانها ماتت ولم يسل دمها وَالْمُتَرَدِّيَةُ التي تردت من مكان عال او فى بئر فماتت قبل الذكاة. والتردي هو السقوط مأخوذ من الردى وهو الهلاك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدى بن حاتم (إذا تردت رميتك من جبل فوقعت فى ماء فلا تأكل فانك لا تدرى أسهمك قتلها أم الماء) فصار هذا الكلام أصلا فى كل موضع اجتمع فيه معنيان أحدهما حاظر والآخر مبيح انه يغلب جهة الحظر ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهة فدع ما يريبك الى ما يريبك ألا وان لكل ملك حمى وان حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك ان يقع فيه) وعن عمر رضى الله عنه انه قال كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الربا وَالنَّطِيحَةُ التي نطحتها اخرى فماتت بالنطح وهو بالفارسية «سروزدن» والتاء فى هذه الكلمات الأربع لنقلها من الوصفية الى الاسمية وكل ما لحقته هذه التاء يستوى فيه المذكر والمؤنث وقيل التاء فيها لكونها صفات لموصوف مؤنث وهو الشاة كأنه قيل حرمت عليكم الشاة المنخنقة والموقوذة وخصت الشاة بالذكر لكونها أعم ما يأكله الناس والكلام يخرج على الأعم الأغلب ويكون المراد الكل وَما أَكَلَ السَّبُعُ اى وما أكل منه السبع فمات وكان اهل الجاهلية يأكلونه. والسبع اسم يقع على ماله ناب ويعدو على الإنسان والدواب ويفترسها كالاسد وما دونه وهو يدل على ان جوارح الصيد إذا أكلت مما اصطادته لم يحل إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ اى الا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء وفيه بقية حياة يضطرب اضطراب المذبوح فانه يحل لكم فاما ما صار بجرح السبع الى حالة المذبوح فهو فى حكم الميتة فلا يكون حلالا وان ذبحته وكذلك المتردية والنطيحة إذا أدركتها حية قبل ان تصير الى حالة المذبوح فذبحتها تكون حلالا ولو رمى الى صيد فى الهواء وأصابه فسقط على الأرض ومات كان حلالا لان الوقوع على الأرض من ضرورته وان سقط على جبل او شجر ثم تردى منه فمات فلا يحل وهو من المتردية الا ان يكون السهم أصاب مذبحه فى الهواء فيحل كيف ما وقع لان الذبح قد حصل باصابة السهم المذبح واما ما أبين من الصيد قبل الذكاة فهو ميتة. والذكاة فى الشرع بقطع الحلقوم والمري وهو اسم لما اتصل بالحلقوم وهو الذي يجرى فيه الطعام والشراب واقل الذكاة فى الحيوان المقدور عليه قطع الحلقوم والمري وكماله ان يقطع الودجان معهما ويجوز بكل محدد من حديد او قصب او زجاج او حجر او نحوها فان جمهور العلماء على ان كل ما افرى الأوداج وانهر الدم فهو من آلات الذكاة ما خلا السن والظفر والعظم ما لم يكن السن والظفر منزوعين لان الذبح بهما يكون خنقا واما المنزوعان منهما إذا افريا الأوداج فالذكات جائزة بهما عندهم والذكاة الذبح التام الذي يجوز معه الاكل ولا يحرم لان اصل الذكاة إتمام الشيء ومنه الذكاء فى الفهم إذا كان

تام العقل وفى الحديث (الذكاة ما بين اللبة واللحيين) فعلى هذا اللحم القديد الذي يجيئ الى دار الإسلام من دار افلاق لا يجوز أكله لانهم يضربون رأس البقر ونحوه بفأس ومثله فيموت فلا توجد الذكاة وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ النصب واحد الأنصاب وهى أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة قال الامام من الناس من قال النصب هى الأوثان وهذا بعيد لان هذا معطوف على قوله وما اهل لغير الله به وذلك هو الذبح على اسم الأوثان ومن حق المعطوف ان يكون مغايرا للمعطوف عليه. وقال ابن جريج النصب ليست بأصنام فان الأصنام أحجار مصورة منقوشة وهذه النصب أحجار كانوا نصبوها حول الكعبة وكانوا يذبحون عندها للاصنام وكانوا يلطخونها بتلك الدماء ويضعون اللحوم عليها فقال المسلمون يا رسول الله كان اهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم ونحن أحق ان نعظمه وكان عليه السلام لم يكره ذلك فانزل الله تعالى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها الى هنا كلام الامام وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ جمع زلم وهو القدح اى وحرم عليكم الاستقسام بالقداح وذلك انهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة قداح مكتوب على أحدها أمرني ربى وعلى الآخر نهانى ربى والثالث غفل اى خال عن الكتابة فان خرج الأمر مضوا على ذلك وان خرج الناهي اجتنبوا عنه وان خرج الغفل اجالوها ثانيا فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم بواسطة ضرب القداح وقيل هو استقسام الجزور بالقداح على الأنصباء المعلومة اى طلب معرفة كيفية قسمة الجزور وقد تقدم تفصيله عند تفسير قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فى سورة البقرة ذلِكُمْ اشارة الى الاستقسام بالأزلام فِسْقٌ اى تمرد وخروج عن الحد ودخول فى علم الغيب وضلال باعتقاد انه طريق اليه وافتراء على الله سبحانه ان كان هو المراد بقولهم ربى وشرك وجهالة ان كان هو الصنم. فظاهر هذه الآية يقتضى ان العمل على قول المنجمين لا تخرج من أجل نجم كذا واخرج من أجل نجم كذا فسق لان ذلك دخول فى علم الغيب ولا يعلم الغيب الا الله كذا فى تفسير الحدادي. واعلم ان استعلام الغيب بالطريق الغير المشروع كاستعلام الخير والشر من الكهنة والمنجمين منهى عنه بخلاف استعلام الغيب بالاستخارة بالقرآن وبصلاة الاستخارة ودعائها وبالنظر والرياضة لانه استعلام بالطريق المشروع وان طلب ما قسم له من الخير ليس منهيا عنه مطلقا بل المنهي عنه هو الاستقسام بالأزلام وفى الحديث (العيافة والطرق والطيرة من الجبت) والمراد بالطرق الضرب بالحصى وفى الحديث (من تكهن او استقسم او تطير طيرة ترده من سفره لم ينظر الى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة) الْيَوْمَ اللام للعهد والمراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الازمنة الماضية والآتية ونظيره قولك كنت بالأمس شابا واليوم قد صرت شيخا فانك لا تريد بالأمس اليوم الذي قبل يومك ولا باليوم اليوم الذي أنت فيه. وقيل أراد يوم نزولها وقد نزلت بعد عصر يوم الجمعة يوم عرفة حجة الوداع والنبي عليه السلام واقف بعرفات على العضباء فكادت عضد الناقة تندق لثقلها فبركت وأياما كانت فهو منصوب على انه ظرف لقوله تعالى يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ اى من ابطالكم إياه ورجوعكم عنه بان تحللوا هذه الخبائث بعد ان جعلها الله محرمة او من ان يغلبوكم عليه لما شاهدوا

من ان الله عز وجل وفى بوعده حيث أظهره على الدين كله وهو الأنسب بقوله تعالى فَلا تَخْشَوْهُمْ اى من ان يظهروا عليكم وَاخْشَوْنِ وأخلصوا الى الخشية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بالنصر والإظهار على الأديان كلها او بالتنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على اصول الشرائع وقوانين الاجتهاد وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بالهداية والتوفيق او بإكمال الدين والشرائع او بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين وهدم منار الجاهلية ومناسكها والنهى عن حج المشركين وطواف العريان وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً اى اخترته لكم من بين الأديان وهو الدين عند الله لا غير. فقوله دينا نصب حالا من الإسلام ويجوز ان يكون رضيت بمعنى صيرت فقوله دينا مفعول ثان له. قال جابر بن عبد الله سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول قال (جبريل عليه السلام قال الله عز وجل هذا دين ارتضيته لنفسى ولن يصلحه الا السخاء وحسن الخلق فاكرموه بهما ما صحبتموه) وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ان رجلا من اليهود قال له يا امير المؤمنين آية فى كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية قال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ إلخ قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي عليه السلام وهو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار عمر الى ان ذلك اليوم كان عيدا لنا قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ذلك اليوم خمسة أعياد جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس ولم تجتمع أعياد اهل الملل فى يوم قبله ولا بعده- وروى- انه لما نزلت هذه الآية بكى عمر رضى الله عنه فقال النبي عليه السلام (ما يبكيك يا عمر) قال أبكاني انا كنا فى زيادة من ديننا فاذا كمل فانه لم يكمل شىء الأنقص قال (صدقت) فكانت هذه الآية تنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاش بعدها احدى وثمانين يوما ومات يوم الاثنين بعد ما زاغت الشمس لليلتين خلتا من شهر ربيع الاول سنة احدى عشر من الهجرة. وقيل توفى يوم الثاني عشر من شهر ربيع الاول وكانت هجرته فى الثاني عشر منه: قال السعدي قدس سره جهان اى برادر نماند بكس ... دل اندر جهان آفرين بند وبس جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفا دارى اميد نيست منه دل برين سال خورده مكان ... كه گنبد نپايد برو كردكان فَمَنِ اضْطُرَّ متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض بما يوجب التجنب عنها وهو ان تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدين الكامل والنعمة التامة والإسلام المرضى والمعنى فمن اضطر الى تناول شىء من هذه المحرمات فِي مَخْمَصَةٍ اى مجاعة يخاف منها الموت او مباديه غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ حال من فاعل الجواب المحذوف اى فليتناول مما حرم غير مائل ومنحرف اليه بان يأكلها تلذذا او مجاوزا حد الرخصة او ينتزعها من مضطر آخر كقوله تعالى غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يؤاخذه بأكلها وهو تعليل للجواب المقدر- وروى- ان رجلا يا رسول الله انا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة فقال (ما لم تصطبحوا او تغتبقوا او تجنفوا بها بقلافشانكم بها) ومن امتنع من الميتة حال المخمصة او صام ولم يأكل حتى مات اثم بخلاف من امتنع من التداوى حتى مات فانه لا يأثم لانه لا يقين بان هذا الدواء يشفيه ولعله يصح من غير علاج

والاشارة فى الآيات ان ظاهرها خطاب لاهل الدنيا والآخرة وباطنها عتاب لاهل الله وخاصته حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ يا اهل الحق الْمَيْتَةُ وهى الدنيا بأسرها: قال فى المثنوى در جهان مرده شان آرام نيست ... كين علف جز لايق انعام نيست هر كرا گلشن بود بزم ووطن ... كى خورد او باده اندر كولخن وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ يعنى حلالها وحرامها قليلها وكثيرها وذلك لان من الدم ما هو حلال والخنزير كله حرام والدم بالنسبة الى اللحم قليل واللحم بالنسبة الى الدم كثير وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يعنى كل طاعة وعبادة وقراءة ودراسة ورواية تظهرون به لغير الله وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ يعنى الذين يخنقون نفوسهم بالمجاهدات ويقذونها بانواع الرياضات بنهيها عن المرادات وزجرها عن المخالفات للرياء والسمعة وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ الذين يردون نفوسهم من أعلى عليين الى أسفل سافلين بالتناطح مع الاقران والمماراة مع الاخوان والتفاخر بالعلم والزهد بين الأخدان وفى قوله وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ اشارة الى انه فيما تحتاجون اليه من القوت الضروري كونوا محترزين من أكيلة السباع وهم الظلمة الذين يتهاوشون فى جيفة الدنيا تهاوش الكلاب ويتجاذبونها بمخالب الاطماع الفاسدة الا ما ذكيتم بكسب خلال ووجه صالح بقدر ضرورة الحال وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ يشير الى ما ذبح عليه النفس بانواع الجد والاجتهاد من المطالب الدنيوية والاخروية وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ يعنى لا تكونوا مترددين متفئلين فى طلب المرام مبتغين لحصول المقصود متهاونين فى بذل الوجود فاذا انتهيتم عن هذه المناهي وتخلصتم من هذه الدواهي واخلصتم لله فى الله بالله وخرجتم من سجن الانانية وسجين الانسانية بالجذبات الربانية فقد عادت ليلتكم نهارا وظلمتكم أنوارا الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا من النفس وصفاتها والدنيا وشهواتها مِنْ دِينِكُمْ وتيقنوا ان ما بقي لكم الرجوع الى ملتهم ولا الصلاة الى قبلتهم فَلا تَخْشَوْهُمْ فانكم خلصتم من شبكة مكايدهم ونجوتم من عقد مصايدهم وَاخْشَوْنِي فان كيدى متين وصيدى مهين وبطشى شديد وحبسى مديد الْيَوْمَ اشارة الى الأزل أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ اى جعلت الكمالية فى الدين من الأزل نصيبا لكم من جميع اهل الملل والأديان وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي التي أنعمت بها عليكم فى الأزل من الكمالية الآن بإظهار دينكم على الأديان كلها فى الظاهر واما فى الحقيقة فسيجىء شرحه وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً تستكملون به الى الابد بحيث من يتبغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وذلك لان حقيقة الدين هى سلوك سبيل الله بقدم الخروج من الوجود المجازى للوصول الى الوجود الحقيقي والإنسان مخصوص به من سائر الموجودات ولهذه الامة اختصاص بالكمالية فى السلوك من سائر الأمم فالدين من عهد آدم عليه السلام كان فى التكامل بسلوك الأنبياء سبيل الحق الى عهد النبي عليه الصلاة والسلام فكل نبى سلك فى الدين مسلكا أنزله بقربه من مقامات القرب ولكن ما خرج أحد منهم بالكلية من الوجود المجازى للوصول الى الوجود الحقيقي بالكمال فقيل للنبى عليه السلام أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ فسلك النبي جميع المسالك التي سلكها الأنبياء بأجمعهم فلم يتحقق له الخروج ايضا بقدم السلوك من الوجود المجازى بالكلية حتى تداركته

[سورة المائدة (5) : آية 4]

العناية الازلية لاختصاصه بالمحبوبية بجذبات الربوبية وأخرجته من الوجود المجازى ليلة اسرى بعد ما عبر به على الأنبياء كلهم وبلغ فى القرب الى الكمالية فى الدنو وهو سر او ادنى فاستسعد سعادة الوصول الى الوجود الحقيقي فى سر فاوحى الى عبده ما اوحى وفى الحقيقة قيل له فى تلك الحالة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ولكن فى حجة الوداع فى يوم عرفة عند وقوفه بعرفات اظهر على الامة عند إظهاره على الأديان كلها وظهور كمالية الدين بنزول الفرائض والاحكام بالتمام فقال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ويدل على هذا التأويل ما روى ابو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل ابتنى بيوتا فاحسنها وأجملها وأكملها الا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيات فيقولون ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بناؤها) قال محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (فانا اللبنة) متفق على صحته فصح ما قرر من مقامات الأنبياء وتكامل الدين بهم وكماليته بالنبي عليه السلام وبخروجه من الوجود المجازى بالكلية وان الأنبياء لم يخرجوا منه بالكلية ويدل على هذا المعنى ايضا ان الأنبياء كلهم يوم القيامة يقولون نفسى نفسى لبقية الوجود والنبي عليه السلام أمتي أمتي لفناء الوجود فافهم جدا ومن كرامة هذه الامة اشتراكهم فى كمالية الدين مع النبي بمتابعته وقال وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وهى اسبال تحصيل الكمال ومعظمها بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وهو استسلام الوجود المجازى الى النبي وخلفائه بعده ليطرح عليه اكسير المتابعة فيبدل الوجود المجازى المحبى بالوجود الحقيقي المحبوبى كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ يعنى ويغفر بالوجود الحقيقي ذنوب الوجود المجازى فافهم جدا وتنبه فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ يعنى فمن ابتلى بالتفاته الى شىء من الدنيا والآخرة مضطرا اليه فى غاية الاضطرار والابتلاء لسر التربية غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ يعنى غير مائل اليه للاعراض عن الحق ولكن من فترة تقع للصادقين او وقفة تكون للسالكين ثم يتداركونها بصدق الالتجاء الى الحق وأرواح المشايخ والاستعانة بهم وطلب الاستغفار من ولاية البنين واعانتهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما ابتلاهم به رَحِيمٌ بان يهديهم الى الصراط المستقيم باقامة الدين القويم كذا فى التأويلات النجمية يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ ما للاستفهام وذا بمعنى الذي والمعنى ما الذي أحل لهم من المطاعم. ان قلت مفعول يسأل انما يكون مفردا فكيف وقع على الجملة. قلت لتضمن السؤال معنى القول قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ اى ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر منه كما فى قوله تعالى وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ والطيب فى اللغة المستلذ المشتهى فالتقدير كل ما يستلذ ويشتهى والعبرة فى الاستلذاذ والاستطابة باهل المروءة والأخلاق الجميلة فان اهل البادية يستطيبون أكل جميع الحيوانات كذا قال الامام فى تفسيره وَما عَلَّمْتُمْ عطف على الطيبات بتقدير المضاف على ان ما موصولة والعائد محذوف اى وصيد ما علمتموه مِنَ الْجَوارِحِ حال من الموصول جمع جارحة بمعنى كاسبة قال تعالى وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ وجوارح الإنسان أعضاؤه التي يكتسب بها ويحتمل ان يكون من الجرح بمعنى تفريق الاتصال فان الجوارح تجرح الصيد

غالبا. والمراد بالجوارح فى الآية كل ما يكسب الصيد على اهله من سباع البهائم كالفهد والنمر والكلب ومن سباع الطير كالصقر والبازي والعقاب والنسر والباشق والشاهين ونحوها مما يقبل التعليم فان صيد جميعها حلال مُكَلِّبِينَ اى معلمين لها الصيد والمكلب مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد ومضريها عليه مشتق من الكلب وذكر الكلب لكونه اقبل للصيد والتأديب فيه وانتصابه على الحالية من فاعل علمتم. فان قلت يلزم ان يكون المعنى وصيد ما علمتم معلمين ولا فائدة. قلت فائدتها المبالغة فى التعليم لما ان اسم المكلب لا يقع الا على النحرير فى علمه فكأنه قيل وما علمتم ماهرين فى تعليم الجوارح حاذقين فيه مشتهرين به تُعَلِّمُونَهُنَّ حال ثانية مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ من الحيل وطرق التعليم والتأديب فان العلم به الهام من الله تعالى او مكتسب بالعقل الذي هو منحة منه او مما علمكم ان تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه وان ينزجر بزجره وينصرف بدعائه ويمسك عليه الصيد ولا يأكل منه. قال صاحب الكشاف قوله تعالى تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فيه تنبيه على ان كل من يأخذ علما ينبغى ان يأخذه ممن هو متبحر فى ذلك العلم غواص فى بحار لطائفه وحقائقه وان احتاج فى ذلك الى ارتكاب سفر بعيد قال عليه السلام (اطلبوا العلم ولو بالصين) فكم من آخذ من غير متقن ضيع أيامه وعض عند لقاء النحارير أنامله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ من تبعيضية لما ان البعض مما لا يتعلق به الاكل كالجلود والعظام والريش وما موصولة حذف عائدها وعلى متعلقة بامسكن اى فكلوا بعض ما امسكنه عليكم وهو الذي لم يأكلن منه واما ما أكلن منه فهو مما أمسكن على انفسهن لقوله عليه السلام لعدى بن حاتم (وان أكل منه فلا تأكل انما امسكه على نفسه) واليه ذهب اكثر الفقهاء. وقال بعضهم ومنهم ابو حنيفة يؤكل مما بقي من جوارح الطير ولا يؤكل مما بقي من الكلب والفرق انه يمكن ان يؤدب الكلب على الاكل بالضرب ولا يؤدب البازي على الاكل وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الضمير لما فى ما علمتم اى سموا عليه عند إرساله او لما فى ما أمسكن اى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته. وعن ابى ثعلبة قال قلت يا نبى الله انا بأرض قوم اهل كتاب أفنأكل فى آنيتهم وبأرض صيد اصيد بقوسي وبكلبى الذي ليس بمعلم وبكلبى المعلم فما يصلح لى قال (أما ما ذكرت من آنية اهل الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وان لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فادركت ذكاته فكل) وعن انس رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحى بكبشين أملحين أقرنين يطأ على صفاحهما ويذبحهما بيده ويقول بسم الله والله اكبر كذا فى تفسير البغوي. والمستحب ان يقول بسم الله الله اكبر بلا واو لان ذكر الواو يقطع نور التسمية كما فى شرح مختصر الوقاية وكره ترك التوجه الى القبلة وحلت كذا فى الذخيرة ومتروك التسمية عمدا حرام لانه ميتة بخلاف متروكها نسيانا فانه حلال وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شأن محرماته إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ سريع إتيان حسابه او سريع تمامه إذا شرع فيه يتم فى اقرب ما يكون من الزمان والمعنى على التقديرين انه يؤاخذكم سريعا فى كل ما جل ودق ودلت الآية على اباحة الصيد. قال فى الأشباه الصيد مباح إلا للتلهي

[سورة المائدة (5) : آية 5]

او حرفة كذا فى البزازية وعلى هذا فاتخاذه حرفة كصيادى السمك حرام- يحكى- عن ابراهيم ابن أدهم انه قال كان ابى من ملوك خراسان فركبت الى الصيد فاثرت أرنبا إذ هتف بي هاتف يا ابراهيم ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ففزعت ودفعت ثم أخذت ففعلت ثانيا ثم هتف بي هاتف من قربوس السرج والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزلت فصادفت راعى ابى ولبست جبته وتوجهت الى مكة. ولما نزلت هذه الآية اذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ونهى عن اقتناء ما لا ينتفع بها وامر بقتل الكلب العقور وبما يضر ويؤذى ورفع عما سواها مما لا ضرر فيه وفى الحديث (من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية او صيد او زرع انتقص من اجره كل يوم قيراط) والحكمة فى ذلك انه ينبح الضيف ويروع السائل كذا فى تفسير الحدادي وفى الحديث (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب) والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار اى النازلون بالبركة والرحمة والطائفون على العباد للزيارة واستماع الذكر لا الكتبة فانهم لا يفارقون المكلفين طرفة عين والمراد بالصورة صورة ذى الروح لمشابهته بيوت الأصنام وبعض الصور يعبد فابغض الأشياء الى الخواص ما عصى الله به. واما الكلب فلانه نجس فاشبه المتبرز وزاد فى بعض الأحاديث ولا جنب الا ان يتوضأ. قال فى الترغيب والترهيب ورخص للجنب إذا نام او أكل او شرب ان يتوضأ ثم قيل هذا فى حق كل من اخر الغسل لغير عذر ولعذر إذا امكنه الوضوء فلم يتوضأ او قيل هو الذي يؤخره تهاونا وكسلا ويتخذ ذلك عادة انتهى. قال فى الشرعة وشرحها لابن السيد على وينام بعد الوطء نومة خفيفة فانه أروح للنفس لكن السنة فيه ان يتوضأ او لا وضوءه للصلاة ثم ينام وكذا إذا أراد الاكل جنبا ولو أراد العود فليتوضأ والمراد به التنظف بغسل الذكر واليدين لا الوضوء الشرعي كما ذهب اليه بعض المالكية. والاشارة فى الآية ان ارباب الطلب واصحاب السلوك يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ او حرم عليهم من الدنيا والآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم (الدنيا حرام على اهل الآخرة والآخرة حرام على اهل الدنيا وهما حرامان على اهل الله تعالى) قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وهى ما لا يقطع عليكم طريق الوصول الى الله فان الله طيب لا يقبل الا الطيب وكل مأكول ومشروب وملبوس ومقول ومعقول ومعمول طلبتموه بحظ من الحظوظ فقد لوثتموه للوث داعى الوجود فهو من الخبيثات لا يصلح الا للخبيثين وما طلبتموه بالحق للقيام بأداء الحقوق مطيبا بنفحات الشهود فهو من الطيبات لا يصلح الا للطيبين وفى قوله إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ اشارة الى انه تعالى يحاسب العباد على أعمالهم قبل ان يفرغوا منها ويجازيهم فى الحال بالإحسان احسان القربة ورفعة الدرجة وجذبة العناية وبالاساءة اساءة البعد والطرد الى السفل والخذلان: ونعم ما قيل [هر كه كند بخود كند ور همه نيك بد كند] قال الصائب چرا ز غير شكايت كنم كه همچوحباب ... هميشه خانه خراب هواى خويشتنم الْيَوْمَ أراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الازمنة الماضية والآتية او يوم النزول أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وهى ما لم تستخبثه الطباع السليمة وهى طباع اهل المروءة والأخلاق الجميلة او ما لم يدل نص شارع ولا قياس مجتهد على حرمته وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى

اليهود والنصارى والمراد بطعامهم ما يتناول ذبائحهم وغيرها حِلٌّ لَكُمْ اى حلال وعن ابن عباس انه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس وهو قول عامة التابعين وبه أخذ ابو حنيفة وأصحابه. وحكم الصابئين حكم اهل الكتاب عنده وقال صاحباه هما صنفان صنف يقرأون الزبور ويعبدون الملائكة وصنف لا يقرأون كتابا ويعبدون النجوم فهؤلاء ليسوا من اهل الكتاب واما المجوس فقد سن بهم سنة اهل الكتاب فى أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم لقوله عليه السلام (سنوا بهم سنة اهل الكتاب غيرنا كحى نسائهم ولا آكلى ذبائحهم) ولو ذبح يهودى او نصرانى على اسم غير الله كالنصرانى يذبح باسم المسيح فذهب اكثر اهل العلم الى انه يحل فان الله قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون. وقال الحسن إذا ذبح اليهودي او النصراني فذكر اسم غير الله وأنت تسمع فلا تأكله وإذا غاب عنك فكل فقد أحل الله لك وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ فلا عليكم ان تطعموهم وتبيعوه منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ رفع على انه مبتدأ حذف خبره لدلالة ما تقدم عليه اى حل لكم ايضا والمراد بهن الحرائر والعفائف وتخصيصهن بالذكر للبعث على ما هو الاولى لا لنفى ما عداهن فان نكاح الإماء المسلمات صحيح بالاتفاق وكذا غير العفائف منهن واما الإماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند ابى حنيفة خلافا للشافعى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى هن ايضا حل لكم وان كن حربيات وقال ابن عباس رضى الله عنهما لا تحل الحربيات. قال الحدادي واستدل بعض الفقهاء بظاهر الآية على انه لا يجوز للمسلم نكاح الامة الكتابية والصحيح انه يجوز بظاهر قوله تعالى بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ بدليل حل ذبائحهن وانما خص الله المحصنات بإباحة نكاحهن مع جواز نكاح غيرهن لان الآية خرجت مخرج الامتنان والمنة فى نكاح الحرائر العفائف أعظم وأتم يدل على ذلك انه لا خلاف فى جواز النكاح بين المسلم والامة المؤمنة وان كان فى الآية تخصيص المحصنات من المؤمنات والأفضل لمن أراد النكاح ان لا يعدل عن نكاح الحرائر الكتابيات مع القدرة عليهن وذلك ان نكاح الامة يؤدى الى ارقاق الولد لان الولد يتبع امه فى الرق والحرية ولا ينبغى لاحد ان يختار رق ولده كما لا ينبغى ان يختار رق نفسه إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ اى مهورهن وتقييد الحل بايتائها لتأكيد وجوبها والحث على الاولى وإذا ظرفية عاملها حل المحذوف مُحْصِنِينَ حال من فاعل آتيتموهن اى حال كونكم إعفاء بالنكاح وكذا قوله غَيْرَ مُسافِحِينَ اى غير مجاهرين بالزنى وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ اى ولا مسرين به والخدن الصديق يقع على الذكر والأنثى. قال الشعبي الزنى ضربان السفاح وهو الزنى على سبيل الإعلان واتخاذ الخدن وهو الزنى فى السر والله تعالى حرمهما فى هذه الآية وأباح التمتع بالمرأة على جهة الإحصان وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ اى ومن ينكر شرائع الإسلام التي من جملتها ما بين هاهنا من الاحكام المتعلقة بالحل والحرمة ويمتنع عن قبولها فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ اى بطل عمله الصالح الذي عمله قبل ذلك وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ هو مبتدأ من الخاسرين خبره وفى متعلقة بما تعلق به الخبر من الكون المطلق. قال الحدادي فقد بطل ثواب عمله وهو فى الآخرة من المغبونين غبن نفسه ومنزله وصار الى النار لا يغنى عن المرأة

الكتابية اسلام زوجها ولا ينفعها ذلك ولا يضر المسلم كفر زوجته الكتابية: قال السعدي برفتند وهر كس درود آنچهـ گشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت واعلم ان الكفر أقبح القبائح كما ان الايمان احسن المحاسن وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون ثلاثا) وعن كعب الأحبار ان نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنه ساما من بين أولاده وقال أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين. فاما الاوليان فاحداهما شهادة ان لا اله الا الله فانها تخرق السموات السبع ولا يحجبها شىء ولو وضعت السموات والأرض وما فيهن فى كفة ووضعت هى فى الاخرى لرجحت. واما الثانية فان تكثر من قول سبحان الله والحمد لله فانها جامعة للثواب. واما الأخريان فالشرك بالله والاتكال على غير الله. قال القاضي عياض انعقد الإجماع على ان الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن بعضهم يكون أشد من بعض بحسب جرائمهم واما حسناتهم فمقبولة بعد إسلامهم على ما ورد فى الحديث. قال فى نصاب الاحتساب ما يكون كفرا بلا خلاف يوجب احباط العمل ويلزمه إعادة الحج ان كان قد حج ويكون وطؤه مع امرأته حراما والولد المتولد فى هذه الحالة يكون ولد الزنى وان كان اتى بكلمة الشهادة بعد ذلك إذا كان الإتيان على وجه العادة ولم يرجع عما قال لان الإتيان بكلمة الشهادة على وجه العادة لا يرفع الكفر وما كان فى كونه كفرا اختلاف فان قائله يؤمر بتجديد النكاح والتوبة والرجوع عن ذلك بطريق الاحتياط واما ما كان خطأ من الألفاظ ولا يوجب الكفر فقائله مؤمن على حاله ولا يؤمر بتجديد النكاح ويؤمر بالاستغفار والرجوع عن ذلك انتهى كلام النصاب. والرجل والمرأة فى ذلك سواء حتى لو تكلمت المرأة بما يكون كفرا تبين من زوجها. فعلى العبد الصالح ان يختار من النساء صالحة عفيفة متقية. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره لا تعطى الولاية لولد الزنى قال واشكر الله تعالى على ان جعلنى أول ولد ولدته أمي فانه ابعد من ان يصدر ألفاظ الكفر من أحد أبوي قال وارثه الأكبر الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره قلت والفقير كذلك. والاشارة فى الآية أُحِلَّ لَكُمُ يا ارباب الحقيقة فى اليوم الذي قدر كمالية الدين فيه لكم فى الأزل جميع الطَّيِّباتُ التي تتعلق بسعادة الدارين بل أحل لكم التخلق بالأخلاق الطيبات وهى اخلاق الله المنزهات عن الكميات والكيفيات المبرءات من النقائص والشبهات وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وفى الحقيقة هم الأنبياء عليهم السلام حِلٌّ لَكُمْ اى غذيتم بلبان الولاية كما غذوا بلبان النبوة من حلمتى الشريعة والحقيقة وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ يعنى منبع لبن النبوة والولاية واحد وان كان الثدي اثنين فشربتم لبان الطافنا من مشرب الولاية وشرب الأنبياء لبان افضالنا من مشرب النبوة قد علم كل أناس مشربهم وللنبى عليه السلام شركة فى المشارب كلها وله اختصاص فى مجلس المقام المحمود من المحبوب بمشرب (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى لا يشاركه فيه ملك مقرب ولا نبىء مرسل) وَكذلك حل لكم الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وهى أبكار حقائق القرآن التي أحصنت من إفهام الأزواج المؤمنات

[سورة المائدة (5) : الآيات 6 إلى 11]

بها وهى ازواج العلماء وخواص هذه الامة وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وهى أبكار حقائق الكتب المنزلة على الامة السالفة التي أحصنت من الذين انزل عليهم الكتب وأدرجت فى القرآن وأخفيت لكم كما قال تعالى فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ يعنى فى القرآن مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وهى أبكار حقائق جميع الكتب المنزلة فافهم جدا كلها لكم إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ اى مهور هذه الابكار وهى بذل الوجود مُحْصِنِينَ يعنى متعففين فى بذل الوجود فيكون على وجه الحق وبتصرف المشايخ الواصلين غَيْرَ مُسافِحِينَ على وفق الطبع وخلاف الشرع وبتصرف الهوى وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ يعنى فى بذل الوجود لا يكون ملتفتا الى شىء من الكونين ولا الى أحد فى الدارين سوى الله ليكون هو المشرب ومنه الشراب وهو الحريف والساقي وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ بهذه المعاملات والكمالات إذ حرم من العيان من هذه السعادات فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ الذي عمله على العمياء والتقليد وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الذين خسروا الدنيا والعقبى والمولى كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ المراد بالقيام اما القيام الذي هو من اركان الصلاة فالتقدير إذا أردتم القيام لها بطريق اطلاق اسم المسبب على السبب لان الجزاء لا بد وان يتأخر عن الشرط يعنى صحة قيام الصلاة بالطهارة واما القيام الذي هو من مقدمات مباشرة الصلاة فالتقدير إذا قصدتم الصلاة إطلاقا لاسم أحد لازميها على لازمها الآخرة فالوضوء من شرائط القيام الاول دون الثاني وهذا الخطاب خاص بالمحدثين بقرينة دلالة الحال فلا يلزم الوضوء على كل قائم الى الصلاة سواء كان محدثا أم لا كما يقتضيه ظاهر الآية فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الغسل اجراء الماء على المحل وتسييله سواء وجد معه الدلك أم لا والوجه ما يواجهك من الإنسان وحده من قصاص الشعر الى أسفل الذقن طولا ومن شحمة الاذن الى شحمة الاذن عرضا يجب غسل جميعه فى الوضوء ويجب إيصال الماء الى ما تحت الحاجبين واهداب العينين والشارب والعذار والعنفقة وان كانت كثيفة وعند الامام لا يجب غسل ما تحت الشعر ففرض اللحية عنده مسح ما يلاقى الوجه دون ما استرسل من الذقن لانه لما سقطت فرضية غسل ما تحت اللحية انتقلت فرضيته الى خلفه وظاهر الآية ان المضمضة والاستنشاق غير واجبين فى الوضوء لان اسم الوجه يتناول الظاهر دون الباطن فهما من السنن وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ الجمهور على دخول المرفقين فى المغسول ولذلك قيل الى بمعنى مع كقوله تعالى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ والمرافق جمع مرفق وهو مجتمع طرفى الساعد والعضد ويسمى مرفقا لانه الذي يرتفق به اى يتكأ عليه من اليد وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ الباء مزيدة كما القى بيده. والمسح الاصابة وقدر الواجب عند ابى حنيفة ربع الرأس لانه عليه السلام مسح على ناصيته وهو قريب من الربع فان للرأس جوانب اربعة ناصية وقذال وفودان والقذال مؤخر الرأس خلف الناصية وفودا الرأس جانباه. فى الواقعات المحمودية قال حضرت الشيخ الشهير بافتاده افندى انكشف لى وجه الاختلاف فى مقدار مسح الناصية وهو ان بدن الإنسان مربع فبالقياس اليه ينبغى ان يكون

الممسوح ربع الرأس واما اعتبار قدر ثلاثة أصابع فبالنظر الى حال نفس الرأس فانه مسدس والسدس فيه قدر ثلاثة أصابع. قال المرحوم حضرة محمود الهدايى قلت فحينئذ ينبغى ان يكون الاعتبار الأخير اولى لانه بالنظر الى حال نفسه بخلاف الاول لانه بالقياس الى البدن. فقال حضرة الشيخ افتاده وجه اولوية الاول ان البدن اكثر من الرأس فاتباع الأقل بالأكثر اولى انتهى. قال الحدادي واما مسح الأذنين فهو سنة فيمسح ظاهر اذنيه بإبهاميه وظاهرهما بمسبحتيه بماء الرأس واما مسح الرقبة فمستحب. وفى الحديث (من مسح رقبته فى الوضوء أمن من الغل يوم القيامة) وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ بالنصب عطفا على وجوهكم ويؤيده السنة الشائعة وعمل الصحابة وقول اكثر الائمة والتحديد إذ المسح لم يعهد محدودا وانما جاء التحديد فى المغسولات. قال فى الأشباه غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين لمن يرى جوازه والا فهو أفضل وكذا بحضرة من لا يراه انتهى وذهبت الروافض الى ان الواجب فى الرجلين المسح ورووا فى المسح خبرا ضعيفا شاذا. قال صاحب الروضة خف الروافض مثل فى السعة لانه لا يرى المسح على الخف ويرى المسح على الرجلين فيوسعه ليتمكن من إدخال يده فيه ليمسح برجله. وعن ابن المغيرة عن أبيه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فى سفر فقال (أمعك ماء) قلت نعم فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى عنى فى سواد الليل ثم جاء فافرغت عليه من الاداوة فغسل وجه ويديه وعليه جبة من الصوف فلم يستطع ان يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة فغسل ذراعيه ثم مسح برأسه ثم أهويت لا نزع خفيه فقال (دعهما فانى أدخلتهما طاهرين) فمسح عليهما كذا فى تفسير البغوي. وأطبق العلماء على ان وجوب الوضوء مستفاد من هذه الآية ومن سنته النية فينوى رفع الحدث او اقامة الصلاة ليقع قربة واستعمال السواك فى غلظة الخنصر وطول الشبر حالة المضمضة تكميلا للانقاء او قبل الوضوء وعند فقده يعالج بالأصابع وينال بالإصبع ثواب السواك. وفى الهداية الأصح ان السواك مستحب. وعن مجاهد قال ابطأ جبريل عليه السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم أتاه فقال له النبي عليه السلام (ما حبسك يا جبريل) قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ والبراجم مفاصل الأصابع والعقد التي على ظاهرها يجتمع فيها من الوسخ وفى الحديث (نقوا براجمكم) فامر بتنقيتها لئلا تدرن فتبقى فيها الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة وفى الحديث (نظفوا لثاتكم) جمع لثة بالتخفيف وهى اللحمة التي فوق الأسنان دون الأسنان فامر بتنظيفها لئلا يبقى فيها وحل الطعام فتتغير عليه النكهة وتتنكر الرائحة وينأذى الملكان لانه طريق القرآن ومقعد الملكين وتنفر الملائكة من الرائحة الكريهة وفى الحديث (ان العبد إذا تسوك ثم قام يصلى قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شىء من القرآن إلا صار فى جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن) وفى الحديث (ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) . ويقول المتوضي بعد التسمية [الحمد لله الذي جعل الماء

طهورا] . وعند المضمضة [اللهم اسقني من حوض نبيك كأسا لا اظمأ بعدها ابدا اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وتلاوة كتابك] . وعند الاستنشاق [اللهم لا تحرمنى من رائحة نعيمك وجنانك] او يقول [اللهم أرحني رائحة الجنة ولا ترحنى رائحة النار] . وعند غسل الوجه [اللهم بيض وجهى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه] او يقول [اللهم بيض وجهى بنورك يوم تبيض وجوه أوليائك ولا تسود وجهى بذنوبي يوم تسود وجوه أعدائك] . وعند غسل اليد اليمنى [اللهم أعطني كتابى بيمينى وحاسبنى حسابا يسيرا] وعند غسل اليد اليسرى [اللهم لا تعطنى كتابى بشمالى ولا من وراء ظهرى] . وعند مسح الرأس [اللهم حرم شعرى وبشرى على النار وأظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك اللهم غشنى برحمتك وانزل على من بركاتك] . وعند مسح الأذنين [اللهم اجعلنى من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه] . وعند مسح رقبته [اللهم أعتق رقبتى من النار] . وعند غسل الرجل اليمنى [اللهم ثبت قدمى على الصراط يوم تزل فيه الاقدام] . وعند غسل الرجل اليسرى [اللهم اجعل لى سعيا مشكورا وذنبا مغفورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور] ويقول بعد الفراغ [اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين واجعلنى من عبادك الصالحين الذين أنعمت عليهم واجعلنى من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون] . والحكمة فى تخصيص الأعضاء الاربعة فى الوضوء ان آدم عليه السلام لما توجه الى الشجرة بالوجه وتناولها باليد ومشى إليها بالرجل ووضع يده على رأسه امره بغسل هذه الأعضاء تكفيرا للخطايا وقد جاء فى الحديث (ان العبد إذا غسل وجهه خرجت خطاياه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه) وكذلك فى بقية الأعضاء. وقيل خص بغسل هذه الأعضاء الامة المحمدية ليكونوا غرا محجلين بين الأمم كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى المقبرة فقال (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون وددت انا قد رأينا إخواننا) قالوا أو لسنا اخوانك يا رسول الله قال (أنتم أصحابي وإخواننا الذين يأتون بعد) قالوا كيف تعرف من يأتون بعد من أمتك يا رسول الله فقال (أرأيتم لو ان رجلا له خيل غر محجلة بين اظهر خيل دهم بهم ألا يعرف خيله) قالوا بلى يا رسول الله قال (فانهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وانا فرطهم على الحوض) . واعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس يوم الفتح بوضوء واحد فقال عمر رضى الله عنه صنعت شيأ لم تكن تصنعه فقال عليه السلام (عمدا فعلته يا عمر) يعنى بيانا للجواز غير انه يستحب تجديد الوضوء لكل فرض وفى الحديث (من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات) وللتجديد اثر ظاهر فى تنوير الباطل. وكان بعض اهل الله يتوضأ عند الغيبة والكذب والغضب لظهور غلبة النفس وتصرف الشيطان فالوضوء هو النور الذي به تضمحل ظلمات النفس والشيطان. وكان على وجه بعضهم قرح لم يندمل اثنتي عشرة سنة لضرر الماء له. وكان مع ذلك لم يدع تجديد الوضوء عند كل فريضة. ونزل فى عين بعضهم ماء اسود فقال الكحال لا بد من ترك الوضوء أياما والا فلا يعالج فاختار ذهاب

بصره على ترك الوضوء. ودوام الطهارة مستجلب لمزيد الرزق كما قال عليه السلام (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) والسنة ان يصلى بعد الوضوء ركعتين تسمى شكر الوضوء- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال (يا بلال حدثنى بأرجى عمل عملته فى الإسلام فانى سمعت دق نعليك بين يدى فى الجنة) قال ما عملت عملا أرجى عندى من انى لم أتطهر طهورا فى ساعة من ليل او نهار الا صليت بذلك الطهور ما كتب لى ان أصلي. قال فى الاسرار المحمدية لابن فخر الدين الرومي ويصلى شكر الوضوء وان فى الأوقات المكروهة لا الأوقات المحرمة كما قبل صلاة الفجر وبعدها وبعد صلاة العصر ايضا لانها من الصلوات ذوات الأسباب. واما الأوقات المحرمة كطلوع الشمس وزوالها وغروبها فلا تجوز فيه أصلا فيصبر الى وقت اباحة الصلاة فيصليها حينئذ الا إذا كان بمكة. عن جبير ان النبي عليه السلام قال (يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية شاء من ليل او نهار) وعن جندب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس الا بمكة الا بمكة الا بمكة) انتهى كلام الاسرار. والاشارة فى الآية ان الخطاب فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هو خطاب مع الذين آمنوا ايمانا حقيقيا عند خطاب ألست بربكم بقولهم بلى. وهم اهل الصف الاول يوم الميثاق آمنوا بعد ما عاينوا. واهل الصف الثاني آمنوا إذ شاهدوا. واهل الصف الثالث آمنوا إذ سمعوا الخطاب. واهل الصف الرابع آمنوا تقليدا لا تحقيقا لانهم ما عاينوا ولا شاهدوا ولا سمعوا خطاب الحق بسمع الفهم والدراية بل سمعوا سماع القهر والنكاية فتحيروا حتى سمعوا جواب اهل الصفوف الثلاثة إذ قالوا بلى فقالوا بتقليدهم بلى فلا جرم هاهنا ما آمنوا وهم الكفار وان آمنوا ما آمنوا على التحقيق بل بالتقليد او بالنفاق وهم المنافقون. واهل الصف الثالث هم المسلمون وعوام المؤمنين فكما آمنوا هناك بسماع الخطاب فكذلك هاهنا آمنوا بسماع كقوله تعالى إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا. واما اهل الصف الثاني وهم خواص المؤمنين وعوام الأولياء فكما انهم آمنوا هناك إذ شاهدوا فكذلك هاهنا آمنوا بشواهد المعرفة كما قال وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا ومن هاهنا قال بعضهم ما نظرت فى شىء الا ورأيت الله فيه. واما اهل الصف الاول وهم الأنبياء وخواص الأولياء فكما آمنوا هناك إذ عاينوا فكذلك هاهنا آمنوا إذ عاينوا كقوله تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وذلك فى ليلة المعراج إذ اوحى الى عبده ما اوحى قال آمن الرسول بما انزل اليه من ربه وكان ايمان موسى عليه السلام نوعا من هذا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وانا أول المؤمنين. وقال على رضى الله عنه لم اعبد ربا لم أره. وقال بعضهم رأى قلبى ربى وقال آخر ما نظرت فى شىء الا ورأيت الله فيه فخاطب اهل الصف الاول بقوله يا ايها الذين آمنوا تحقيقا ثم اهبطوا عن ممالك القرب الى مهالك البعد ومن رياض الانس الى سباخ الانس إِذا قُمْتُمْ من نوم الغفلة انتبهتم من رقدة الفرقة إِلَى الصَّلاةِ هى معراجكم للرجوع الى مقام قربكم كما قال

وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ التي توجهتم بها الى الدنيا ولطختموها بالنظر الى الأغيار بماء التوبة والاستغفار وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ اى واغسلوا ايديكم عن التمسك بالدارين والتعلق بما فى الكونين حتى الصديق الموافق والرفيق المرافق وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ببذل نفوسكم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اى واغسلوا أرجلكم عن طين طينتكم والقيام بانانيتكم كذا فى التأويلات النجمية: قال الحافظ قدس سره من هماندم كه وضو ساختم از چشمه عشق ... چار تكبير زدم يكسره بر هر چهـ كه هست وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا اى فتطهروا أدغمت تاء التفعل فى الطاء لقرب مخرجهما واجتلبت همزة الوصل ليمكن الابتداء فقيل اطهروا وهذا التطهر عبارة عن الاغتسال والاطهار هو التطهر بالتكلف والمبالغة فلا يكون الا بغسل جميع ظاهر البدن حتى لو بقي العجين بين أظفاره ويبس لم يجز غسله لان الماء لا يصل تحته ولو بقي الدرن جاز الا ان ما تعذر إيصال الماء اليه كداخل العين ساقط بخلاف باطن الانف والفم حيث يمكن غسلهما ولا ضرر فيه فيجب. والدلك ليس بفرض لانه متمم فيكون مستحبا وليس البدن كالثوب لان النجاسة تخللت فيه دون البدن. ففرض الغسل غسل الفم والانف وسائر البدن. وسنته غسل يديه لكونهما آلة التطهر. وفرجه لانه مظنة النجاسة ونجاسة حقيقية ان كانت على سائر بدنه لئلا تتلاشى عند إصابة الماء. والوضوء وضوءه للصلاة الا انه يؤخر غسل رجليه الى ما بعد صب الماء على جميع بدنه ان كانتا فى مستنقع الماء تحرزا على الماء المستعمل وتثليث الغسل المستوعب هكذا حكى غسل رسول الله. ويبتدئ بمنكبه الايمن ثم الأيسر ثم الرأس فى الأصح. وليس على المرأة نقض ضفيرتها ولا بلها ان بل أصلها لان كون الشعر من البدن باعتبار أصوله فيكتفى ببل أصوله فيما فيه حرج وفيما لا حرج فيه يجب إيصال الماء الى جميعه كالضفيرة المفتولة وحكم المنقوضة ليس كذلك بل يجب إيصال الماء الى جميعها لعدم الحرج فيها. والرجل يجب عليه إيصال الماء الى جميع شعره والفرق ان حلق الشعر للمرأة مثلة دون الرجل والحرج مندفع عنه بغير الضفيرة وادنى ما يكفى من الماء فى الغسل صاع وفى الوضوء مد والصاع ثمانية أرطال والمد رطلان لما روى ان النبي عليه السلام كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد ثم اختلفوا هل المد من الصاع او من غيره فهذا ليس بتقدير لازم حتى لو أسبغ الوضوء والغسل بدون ذلك جاز ولو اغتسل بأكثر منه جاز ما لم يسرف فهو المكروه كذا فى الاختيار شرح المختار. والجنب الصحيح فى المصر إذا خاف الهلاك من الاغتسال جاز له التيمم فى قولهم. واما المحدث فى المصر إذا خاف الهلاك من التوضؤ اختلفوا فيه على قول ابى حنيفة رحمه الله والصحيح انه لا يباح له التيمم كذا فى فتاوى قاضى خان. والمرأة إذا وجب عليها الغسل ولم تجد سترة من الرجال تؤخره والرجل إذا لم يجد سترة من الرجال لا يؤخره ويغتسل. وفى الاستنجاء إذا لم يجد سترة يتركه والفرق ان النجاسة الحكمية أقوى والمرأة بين النساء كالرجل بين الرجال كذا فى الأشباه وفى الحديث (ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب الا ان يتوضأ) وفى الحديث (لا ينقع بول فى طست فى البيت فان الملائكة لا تدخل بيتا فيه

بول منتقع ولا تبولنّ فى مغتسلك) وفى الاغتسال منافع بدنية وفوائد دينية. منها مخالفة الكفار فانهم لا يغتسلون وازالة الدنس والابخرة الرديئة النفسانية التي تورث بعض الأمراض وتسكين حرارة الشهوات الطبيعية. قال الشيخ النيسابورى فى كتاب اللطائف فوائد الطهارة عشر طهارة الفؤاد وهو صرفه عما سوى الله تعالى. وطهارة السر المشاهدة. وطهارة الصدر الرجاء والقناعة. وطهارة الروح الحياء والهيبة. وطهارة البطن أكل الحلال والعفة عن أكل الحرام والشبهات. وطهارة البدن ترك الشهوات وازالة الأدناس. وطهارة اليدين الورع والاجتهاد. وطهارة اللسان الذكر والاستغفار. قال الثعلبي فى تفسير هذه الآية قال على رضى الله عنه اقبل عشرة من أحبار اليهود فقالوا يا محمد لماذا امر الله بالغسل من الجنابة ولم يأمر من البول والغائط وهما أقذر من النطفة فقال صلى الله عليه وسلم (ان آدم لما أكل من الشجرة تحول فى عروقه وشعره فاذا جامع الإنسان نزل من اصل كل شعرة فافترضه الله علىّ وعلى أمتي تطهيرا وتكفيرا وشكرا لما أنعم الله عليهم من اللذة التي يصيبونها) قال فى بدائع الصنائع فى احكام الشرائع انما وجب غسل جميع البدن بخروج المنى ولم يجب بخروج البول والغائط وانما وجب غسل الأعضاء المخصوصة لا غير لوجوه. أحدها ان قضاء الشهوة بانزال المنى استمتاع بنعمة يظهر اثرها فى جميع البدن وهى اللذة فامر بغسل جميع البدن شكرا لهذه النعمة وهذا لا يتقدر فى البول والغائط. والثاني ان الجنابة تأخذ جميع البدن ظاهره وباطنه لان الوطء الذي هو سببها لا يكون الا باستعمال جميع ما فى البدن من القوة حتى يضعف الإنسان بالإكثار منه ويقوى بالامتناع عنه واذن أخذت الجنابة جميع البدن الظاهر والباطن بقدر الإمكان ولا كذلك الحدث فانه لا يأخذ الا الظاهر من الأطراف لان سببه يكون بظواهر الأطراف من الاكل والشرب ولا يكون باستعمال جميع البدن فاوجب غسل ظاهر الأطراف لا سائر البدن. والثالث ان غسل الكل او البعض وجب وسيلة الى الصلاة التي هى خدمة الرب سبحانه والقيام بين يديه وتعظيمه فيجب ان يكون المصلى على اطهر الأحوال وانظفها ليكون اقرب الى التعظيم وأكمل فى الخدمة وكمال تعظيم النظافة يحصل بغسل جميع البدن وهذا هو العزيمة فى الحدث ايضا الا ان ذلك مما يكثر وجوده فاكتفى منه بأكثر النظافة وهى تنقية الأطراف التي تنكشف كثيرا ويقع عليها الابصار ابدا وأقيم ذلك مقام غسل كل البدن دفعا للحرج وتيسيرا وفضلا من الله ورحمة ولا حرج فى الجنابة لانها لا تكثر فبقى الأمر فيها على العزيمة انتهى كلام البدائع هذا غسل الحي. واما غسل الميت فشريعة ماضية لما روى ان آدم عليه السلام لما قبض نزل جبريل بالملائكة وغسلوه وقالوا لأولاده هذه سنة موتاكم وفى الحديث (للمسلم على المسلم ستة حقوق ومن جملتها ان يغسله بعد موته) ثم هو واجب عملا بكلمة على ولكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود وأريد بالسنة فى حديث آدم الطريقة ولو تعين واحد لغسله لا يحل له أخذ الاجرة عليه وانما وجب غسل الميت لانه تنجس بالموت كسائر الحيوانات الدموية الا انه يطهر بالغسل كرامة له ولو وجد ميت فى الماء فلا بد من غسله لان الخطاب بالغسل توجه لبنى آدم ولم يوجد منهم

فعل. وقيل ان الميت إذا فارقته الروح وارتاح من شدة النزع انزل فوجب على الاحياء غسله كذا فى حل الرموز وكشف الكنوز. والفرق بين غسل الميت والحي انه يستحب البداءة بغسل وجه الميت بخلاف الحي فانه يبدأ بغسل يديه ولا يمضمض ولا يستنشق بخلاف الحي ولا يؤخر غسل رجليه بخلاف الحي ان كان فى مستنقع الماء ولا يمسح رأسه فى وضوء الغسل بخلاف الحي فى رواية كذا فى الأشباه. والاشارة فى الآية وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً بالالتفات الى غيرنا فَاطَّهَّرُوا بالنفوس عن المعاصي وبالقلوب عن رؤية الطاعات وبالاسرار عن رؤية الأغيار وبالأرواح عن الاسترواح من غيرنا وبسر السر عن لوث الوجود فلا بد من الطهارة مطلقا: قال الحافظ چون طهارت نبود كعبه وبتخانه يكيست ... نبود خير در ان خانه كه عصمت نبود وفى وجوب الغسل اشارة وتنبيه الى وجوب الغسل الحقيقي لوجود القلب والروح ولتلوثه بحب الدنيا وشهواتها فيجب غسلها بماء التوبة والندامة والإخلاص فهو أوجب الواجبات وآكدها واستقصاء اهل الله فى تطهير الباطن اكثر وأشد من استقصائهم فى طهارة الظاهر وقد يكون فى بعض متصوفة الزمان تشدد فى الطهارة فلو اتسخ ثوبه يغسله ولا يبالى بما فى باطنه من الغل وسائر الصفات الذميمة: قال السعدي قدس سره كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را نبايد كليد والقرآن لا يمسه الا المطهرون وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى مرضا يخاف منه الهلاك او ازدياده باستعمال الماء أَوْ كنتم مستقرين عَلى سَفَرٍ طال او قصر أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ هو المكان الغائر المطمئن والمجيء منه كناية عن الحدث لان المعتاد ان من يريده يذهب اليه ليوارى شخصه عن أعين الناس أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ملامسة النساء مماسة بشرة الرجل بشرة المرأة وهى كناية عن الجماع ومثل هذه الكناية من الآداب القرآنية إذا لتصريح مستهجن فَلَمْ تَجِدُوا ماءً المراد من عدم وجدان الماء عدم التمكن من استعماله لان ما لا يتمكن من استعماله كالمفقود فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً اى فتعمدوا شيأ من وجه الأرض طاهرا فالصعيد هو وجه الأرض ترابا او غيره سمى صعيدا لكونه صاعدا طاهرا والطيب بمعنى الطاهر سواء كان منبثا أم لا حتى لو فرضنا صخرا لا تراب عليه فضرب المتيمم يده عليه ومسح كان ذلك كافيا عند ابى حنيفة رحمه الله فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ اى من ذلك الصعيد اى الى المرفقين لما روى انه صلى الله عليه وسلم تيمم ومسح يديه الى مرفقيه ولانه بدل من الوضوء فيقدر بقدره والباء مزيدة ومن لابتداء الغاية والمعنى فانقلوا بعد وضعهما على الصعيد الى الوجوه والأيدي من غير ان يتخللها ما يوجب الفصل ما يُرِيدُ اللَّهُ بالأمر بالطهارة للصلاة او الأمر بالتيمم لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ اى تضييقا عليكم فى الدين وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ اى لينظفكم او ليطهركم من الذنوب فان الوضوء مكفر لها كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أيما رجل قام الى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه نزلت خطيئة كفيه مع أول قطرة فاذا تمضمض نزلت خطيئة لسانه وشفتيه مع أول قطرة وإذا غسل وجهه ويديه الى المرفقين ورجليه الى الكعبين سلم من كل ذنب هو عليه وكان كيوم ولدته امه) او ليطهركم بالتراب إذا أعوزكم التطهير بالماء

[سورة المائدة (5) : آية 7]

وَلِيُتِمَّ بشرعه ما هو مطهرة لابدانكم ومكفرة لذنوبكم نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ فى الدين او ليتم برخصته انعامه عليكم بعزائمه والرخصة ما شرع بناء على الاعذار والعزيمة ما شرع أصالة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته. واعلم ان المقصود من طهارة الثوب وهو القشر الخارج البعيد ومن طهارة البدن وهو القشر القريب طهارة القلب وهو لب الباطن وطهارة القلب من نجاسات الأخلاق أهم الطهارات ولكن لا يبعد ان يكون لطهارة الظاهر ايضا تأثير فى اشراق نورها على القلب فاذا أسبغت الوضوء واستشعرت نظافة ظاهرك صادفت فى قلبك انشراحا وصفاء كنت لاتصادفه قبله وذلك لسر العلاقة التي بين عالم الملك وعالم الملكوت فان ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما ينحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد يرتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب ولذلك امر الله بالصلاة مع انها حركات الجوارح التي من عالم الشهادة ولذلك جعلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الدنيا ومن الدنيا فقال (حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة) ولا يستبعد ان يفيض من الطهارة الظاهرة اثر على الباطن وان أردت لذلك دليلا من الشرع فتفكر فى قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (خمس بخمس إذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة وإذا جار الحكام قحط المطر وإذا ظهر الزنى كثر الموت وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية وإذا تعدى على اهل الذمة كانت الدولة لهم) وان كنت تطلب لهذا مثلا من المحسوسات ايضا فانظر الى ما يفيض الله من النور بواسطة المرآة المحاذية للشمس على بعض الأجسام المحاذية للمرآة وبالجملة ان الله تعالى جعل الوضوء والتيمم من اسباب الطهارة فلا بد من الاجتهاد فى تحصيل الطهارة مطلقا وان كان التوفيق من الله تعالى: كما قال الحافظ فيض ازل بزور زر ار آمدى بدست ... آب خضر نصيبه إسكندر آمدى والاشارة فى الآية وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى بمرض حب الدنيا أَوْ عَلى سَفَرٍ فى متابعة الهوى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ فى قضاء حاجة شهوة من الشهوات أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ وهى الدنيا فى تحصيل لذة من اللذات فَلَمْ تَجِدُوا ماءً التوبة والاستغفار فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فتمعكوا فى تراب أقدام الكرام فانه طهور للذنوب العظام فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ من تراب أقدامهم وشمروا لخدمتهم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ لان فيه شفاء لقساوة القلوب ودواء لمرض الذنوب ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ بهذه الذلة والصغار وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ من الذنوب الكبار واكبر الكبائر الشرك بالله وأعظم الشركاء الوجود مع وجود المعبود وهذا ذنب لا يغفر الا بالتمرغ فى هذا التراب ولوث لم يطهر الا بالالتجاء الى هذه الأبواب وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ بعد ذوبان نحاس انانيتكم بنار تصرفات هممهم العالية بطرح اكسير أنوار الهوية لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إذ تهتدون بانوار الهوية الى رؤية أنوار النعمة كذا فى التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالإسلام لتذكركم المنعم وترغبكم فى شكره. فان قيل ذكر نعمة الإسلام مشعر بسبق النسيان وكيف يعقل من المسلم ان ينساها مع اشتغاله باقامة وظائف الإسلام على التوالي والدوام. قلنا المواظبة على وظائف الشيء تنزل منزلة الأمر الطبيعي المعتاد

[سورة المائدة (5) : الآيات 8 إلى 9]

فينسى كونها نعمة الهية فتكون اقامة وظائفه اتباعا لمقتضى الطبيعة فلا تكون عبادة وانما تكون شكرا لو وقع اتباعا للامر وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ اى عهده المؤكد الذي اخذه عليكم وقوله تعالى إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ظرف لواثقكم به وفائدة التقييد به تأكيد وجوب مراعاته بتذكير قبولهم والتزامهم بالمحافظة عليه وهو الميثاق الذي اخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى حال اليسر والعسر والمنشط والمكره وَاتَّقُوا اللَّهَ فى نسيان نعمه ونقض ميثاقه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى بخفياتها الملابسة لها ملابسة تامة مصححة لاطلاق الصاحب عليها فيجازيكم عليها فما ظنكم بجليات الأعمال واعلم ان أول النعم التي أنعم الله بها على المؤمنين إخراجهم من ظلمة العدم الى نور الوجود قبل كل موجود وخلقهم فى احسن تقويم لقبول الدين القويم وهدايتهم الى الصراط المستقيم واستماع الست بربكم وجواب بلى وتوفيقهم للسمع والطاعة ولو لم تكن نعمة التوفيق لقالوا سمعنا وعصينا كما قال اهل الخذلان والعصيان. وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة او ثمانية او سبعة فقالوا ألا تبايعون رسول الله وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال (ألا تبايعون رسول الله) فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك قال (ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتصلوا الصلوات الخمس وتطيعوا أوامره جلية وخفية ولا تسألوا الناس) فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه حتى يكون هو ينزل فيأخذه. وعن ابى ذر رضى الله عنه قال بايعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا واو ثقنى سبعا واشهد الله على سبعا ان لا أخاف فى الله لومة لائم. وعنه قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (أوصيك بتقوى الله بسر أمرك وعلانيتك وإذا اسأت فاحسن ولا تسألن أحدا شيأ وان سقط سوطك ولا تقبض امانة) : قال الحافظ الشيرازي وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وگرنه هر كه تو بينى ستمگرى داند اللهم اجعلنا من الموفين بعودهم آمين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ مقيمين لاوامره ومتمسكين بها معظمين لها مراعين لحقوقها شُهَداءَ بِالْقِسْطِ اى بالعدل خبر بعد خبر وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ اى ولا يحملنكم شَنَآنُ قَوْمٍ اى شدة بغضكم للمشركين عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اى على ترك العدل فيهم فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل كمثلة وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد تشّفيا مما فى قلوبكم اعْدِلُوا هُوَ اى العدل أَقْرَبُ لِلتَّقْوى التي أمرتم بها وإذا كان وجوب العدل فى حق الكفار بهذه المثابة فما ظنك بوجوبه فى حق المسلمين وَاتَّقُوا اللَّهَ فانه ملاك الأمر وزاد سفر الآخرة إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال فيجازيكم بذلك وحيث كان مضمون هذه الجملة التعليلية منبئا عن الوعد والوعيد عقب بالوعد لمن يخاف على طاعته تعالى وبالوعيد لمن يخل بها فقيل وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ التي من جملتها العدل والتقوى والمفعول الثاني لوعد محذوف وهو الجنة كما صرح به فى غير هذا الموضع لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَأَجْرٌ عَظِيمٌ

[سورة المائدة (5) : آية 10]

اى ثواب عظيم فى الجنة وهذه الجملة مفسرة لذلك المحذوف تفسير السبب للمسبب فان الجنة مسببة عن المغفرة وحصول الاجر فلا محل لها من الاعراب وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا التي من جملتها ما تليت من النصوص الناطقة بالأمر بالعدل والتقوى أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الكفر وتكذيب الآيات أَصْحابُ الْجَحِيمِ ملابسوها ملابسة مؤبدة وفيه مزيد وعد للمؤمنين لان الوعيد اللاحق بأعدائهم مما يشفى صدورهم ويذهب ما كانوا يجدونه من اذاهم فان الإنسان يفرح بان يهدد أعداؤه. واعلم ان الله تعالى صرح للمؤمنين الأمر بالعدل وبين انه بمكان من التقوى بعد ما نهاهم عن الجور وبين انه مقتضى الهوى لكون الحامل عليه البغض والشنآن فعلى المؤمن العدل فى حق الأولياء والأعداء خصوصا فى حق نفسك وأهلك وأولادك لما ورد (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ووجد فى سرير انوشروان مكتوبا- الملك لا يكون الا بالامارة والامارة لا تكون الا بالرجال ولا تكون الرجال الا بالأموال ولا تكون الأموال الا بالعمارة ولا تكون العمارة الا بالعدل بين الرعايا والسلطان شريك رعاياه فى كل خير عملوه-: قال الحافظ شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يك ساعت عمرى كه درو داد كند وفى ترجمة وصايا الفتوحات لمحمد بن واسع [از أكابر دين است روزى بر بلال بن برده كه والىء وقت بود در آمد واو در عيش بود و پيش او برف نهاده وبتنعم تمام نشسته محمد بن واسع را گفت يا أبا عبد الله اين خانه ما را چون بينى گفت اين خانه خوش است وليكن بهشت ازين خوشتر است وذكر آتش دوزخ از أمثال اين غافل كرداند پرسيد كه چهـ ميگويى در باب قدر گفت در همرازگان تو كه درين مقابر مدفونند فكرى بكن تا از قدر پرسيدن مشغول شوى گفت براى من دعا كن گفت دعاى من چهـ ميكنى وبر درگاه تو چندين مظلومند همه بر تو دعا ميكنند ودعاى ايشان بيشتر بالا ميرود ظلم مكن وبدعاء من حاجت نيست] ومن كلمات بهلول لهارون حين قال له من انا قال أنت الذي لو ظلم أحد فى المشرق وأنت فى المغرب سألك الله عن ذلك يوم القيامة فبكى هارون. وفى عين المعاني العالم لا يدخل على الظلمة تحاميا عن الدعاء لهم بالبقاء فورد من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب ان يعصى الله فى ارضه فلابد من النصيحة وترك المداهنة وفى الحديث (ما ترك الحق لعمر من صديق) وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لما ادمت النصح والتحقيقا ... لم يتركالى فى الوجود صديقا قال السعدي قدس سره بگوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند وبالجملة ان العدل من احسن الأخلاق- وحكى- ان انوشروان لما مات كان يطاف بتابوته فى جميع مملكته وينادى منادى من له علينا حق فليأت فلم يوجد أحد فى ولايته له عليه حق من درهم ولذا اشتهر بالعدل اشتهار حاتم بالجود حتى صار العادل لقبا له فلفظ العادل انما يطلق عليه لعدم جوره وظهور عدله لمجرد المدح والثناء عليه. واما سلاطين الزمان

[سورة المائدة (5) : آية 11]

فلظهور جورهم وعدم اتصافهم بالعدل منعوا عن اطلاق العادل عليهم إذ إطلاقه عليهم حينئذ انما يكون لمجرد المدح لهم والثناء عليهم فيكون كذبا وكفرا فجواز اطلاق العادل على الكافر المنصف وعدم جواز إطلاقه على المسلمين الجائرين ليس بالنظر الى متانة العدل بل ذاك ليس الا ان العدل والجور متناقضان فلا يجتمعان. قال فى زهرة الرياض إذا كان يوم القيامة ينصب لواء الصدق لابى بكر رضى الله عنه وكل صديق يكون تحت لوائه. ولواء العدل لعمر رضى الله عنه وكل عادل يكون تحت لوائه. ولواء السخاوة لعثمان رضى الله عنه وكل سخى يكون تحت لوائه. ولواء الشهداء لعلى رضى الله عنه وكل شهيد يكون تحت لوائه وكل فقيه تحت لواء معاذ بن جبل. وكل زاهد تحت لواء ابى ذر. وكل فقير تحت لواء ابى الدرداء. وكل مقرئ تحت لواء ابى بن كعب. وكل مؤذن تحت لواء بلال. وكل مقتول ظلما تحت لواء الحسين بن على فذلك قوله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ الآية. والعدل فى الحقيقة هو الوسط المحمود فى كل فعل وقول وخلق وهو المأمور به فى قوله تعالى فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ولقد صار من نال اليه كالكبريت الأحمر والمسك الأذفر ومن الله الهداية والتوفيق آمين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ متعلق بنعمة الله إِذْ هَمَّ قَوْمٌ ظرف لنفس النعمة اى اذكروا انعامه عليكم فى وقت همهم وقصدهم أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ اى بان يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك يقال بسط اليه يده إذا بطش به وبسط اليه لسانه إذا شتمه فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ عطف على هم وهو النعمة التي أريد تذكيرها وذكر الهم إيذان بوقوعها عند مزيد الحاجة إليها والفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكمالها اى منع أيديهم ان يمدوا إليكم عقيب همهم بذلك لا انه كفها عنكم بعد ما مدوها إليكم. وفيه من الدلالة على كمال النعمة من حيث انها لم تكن مشوبة بضرر الخوف والانزعاج الذي فلما يعرى عنه الكف بعد المد ما لا يخفى مكانه وذلك ما روى ان المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان فى غزوة ذى انمار وغزوة ذات الرقاع وهى السابعة من مغازيه عليه السلام قاموا الى الظهر معا فلما صلوا ندم المشركون على ان لا كانوا قد أكبوا عليهم فقالوا ان لهم بعدها صلاة هى أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم يعنون صلاة العصر وهموا ان يوقعوا بهم إذا قاموا إليها فردهم الله تعالى بكيدهم بان انزل صلاة الخوف. وقيل هو ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بنى قريظة ومعه الشيخان وعلى رضى الله عنهم يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن امية الضمري خطأ يحسبهما مشركين فقالوا أنعم يا أبا القاسم اجلس حتى نطعمك ونعطيك ما سألت فاجلسوه فى صفة وهموا بقتله وعمد عمرو بن جحاش الى رحى عظيمة يطرحها عليه فامسك الله تعالى يده ونزل جبريل فاخبر فخرج النبي عليه السلام. وقيل هو ما روى انه صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق أصحابه فى الفضى يستظلون بها فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه بشجرة فجاء أعرابي فاخذه وسله فقال من يمنعك منى فقال عليه السلام (الله) فاسقطه جبريل عليه السلام من يده فاخذه الرسول عليه السلام فقال (من يمنعك منى) فقال لا أحد اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله وَاتَّقُوا اللَّهَ عطف على اذكروا اى اتقوه فى رعاية

[سورة المائدة (5) : الآيات 12 إلى 16]

حقوق نعمته فلا تخلوا بشكرها وَعَلَى اللَّهِ اى عليه تعالى خاصة دون غيره استقلالا واشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فانه يكفيهم فى إيصال كل خير ودفع كل شر. واعلم ان التوكل عبارة عن الاعتصام بالله تعالى فى جميع الأمور ومحله القلب والحركة بالظاهر لا تنافى توكل القلب بعد ما تحقق للعبد ان التقدير من قبل الله فان تعسر شىء فبتقديره. وأعلى مراتب التوكل ان يكون بين يدى الله تعالى كالميت بين يدى الغاسل تحركه القدرة الازلية وهو الذي قوى يقينه ألا ترى الى ابراهيم عليه السلام لما هم نمرود وقومه ان يبسطوا اليه أيديهم فرموه فى النار جاءه جبريل وهو فى الهواء فقال ألك حاجة قال أما إليك فلا وفاه بقوله حسبى الله ونعم الوكيل وانظر الى حقيقة توكل النبي عليه السلام حيث كف الله عنه وعن أصحابه أيدي المشركين رأسا فلم يقدروا ان يتعرضوا له بل ابتلوا فى اغلب الأحوال بما لا يخطر ببالهم من البلايا جزاء لهم على همهم بالسوء: وفى المثنوى قصه عاد وثمود از بهر چيست ... تا بدانى كه انبيا را ناز كيست فالتوكل من معالى درجات المقربين فعلى المؤمن ان يتحلى بالصفات الحميدة ويسير فى طريق الحق بسيرة حسنة. ودخل حكيم على رجل فرأى دارا متجددة وفرشا مبسوطة ورأى صاحبها خاليا من الفضائل فتنحنح فبزق على وجهه فقال ما هذا السفه ايها الحكيم فقال بل هو عين الحكمة لان البصاق لزق الى اخس ما كان فى الدار ولم ار فى دارك اخس منك لخلوك عن الفضائل الباطنة فنبه بذلك على دناءته وقبحه لكونه مسترسلا فى لذاته مستغرقا أوقاته لعمارة ظاهره: قال الحافظ رحمه الله قلندران حقيقت بنيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست ثم اعلم ان كل شىء بقضاء الله تعالى وان الله يختبر عباده بما أراد فعليهم ان يعتمدوا عليه فى العسر واليسر والمنشط والمكره. وعن ابى عثمان قال كان عيسى عليه السلام يصلى على رأس جبل فاتاه إبليس فقال أنت الذي تزعم ان كل شىء بقضاء قال نعم قال الق نفسك من الجبل وقل قدر علىّ قال يا لعين الله يختبر العباد وليس العباد يختبرون الله وما على العبد الا التوكل والشكر على الانعام. ومن جملة انعام الله تعالى الإخراج من ظلمة العدم الى نور الوجود بامر كن والله يعلم ان رجوع العباد الى العدم ليس بهم ولا إليهم كما لم يكن خروجهم بهم فان خروجهم كان بجذبة امر كن فكذلك رجوعهم لا يكون الا بجذبة امر ارجعي فعليهم ان يكونوا واثقين بكرم الله وفضله مسارعين فى طلب مرضاة الله جاهدين على وفق الأوامر والنواهي فى الله ليهديهم الى جذبات عنايته ولطفه وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى بالله قد أخذ الله عهد طائفة اليهود والالتفات فى قوله تعالى وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً للجرى على سنن الكبرياء او لان البعث كان بواسطة موسى عليه السلام كما سيأتى اى شاهدا من كل سبط ينقب عن احوال قومه ويفتش عنها او كفيلا يكفل عليهم بالوفاء بما أمروا به. وقد روى ان النبي عليه السلام جعل للانصار ليلة العقبة اثنى عشر نقيبا وفائدة النقيب ان القوم إذا علموا ان عليهم نقيبا كانوا اقرب الى الاستقامة. والنقيب والعريف

نظيران وقيل النقيب فوق العريف. قال فى شرح الشرعة العريف فعيل بمعنى مفعول وهو سيد القوم والقيم بامور الجماعة من القبيلة والمحلة يلى أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم وهو دون الرئيس والعرافة كالسيادة لفظا ومعنى وفى الحديث (العرافة حق ولا بد للناس من عرفاء ولكن العرفاء فى النار) يعنى ان سيادة القوم جائزة فى الشرع لان بها ينتظم مصالح الناس وقضاء أشغالهم فهى مصلحة ورفق للناس تدعو إليها الضرورة. وقوله ولكن العرفاء فى النار اى أكثرهم فيها إذ المجتنب عن الظلم منهم يستحق الثواب لكن لما كان الغالب منهم خلاف ذلك أجراه مجرى الكل كذا فى شرح المصابيح: قال السعدي رياست بدست كسانى خطاست ... كه از دستشان دستها بر خداست مكن تا توانى دل خلق ريش ... وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش نماند ستمكار بد روزگار ... بماند برو لعنت پايدار مها زورمندى مكن بر كهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان دل دوستان جمع بهتر كه گنج ... خزينه تهى به كه مردم برنج بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى وَقالَ اللَّهُ اى لبنى إسرائيل فقط إذ هم المحتاجون الى الترغيب والترهيب إِنِّي مَعَكُمْ اى بالعلم والقدرة والنصرة اسمع كلامكم وارى أعمالكم واعلم ضمائركم فاجازيكم بذلك وتم الكلام هنا ثم ابتدأ بالجملة الشرطية فقال مخاطبا لبنى إسرائيل ايضا لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي اى بجميعهم واللام موطئة للقسم المحذوف وَعَزَّرْتُمُوهُمْ اى نصرتموهم وقويتموهم وأصله الذب وهو المنع والدفع ومنه التعزير ومن نصر إنسانا فقد ذب عنه عدوه يقال عزرت فلانا اى فعلت به ما يرده عن القبيح ويمنعه عنه وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ بالإنفاق فى سبيل الخير او بالتصدق بالصدقات المندوبة فظهر الفرق بين هذا الاقراض وبين إخراج الزكاة فانها واجبة قَرْضاً حَسَناً وهو ان يكون من حلال المال وخياره برغبة واخلاص لا يشوبها رياء ولا سمعة ولا يكدرها من ولا أذى وانتصابه يحتمل ان يكون على المصدرية لانه اسم مصدر بمعنى اقراضا كما فى أنبتها نباتا حسنا بمعنى إنباتا ويحتمل ان يكون على المفعولية على انه اسم للمال المقرض لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ جواب للقسم المدلول عليه باللام ساد مسد جواب الشرط وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ اى بساطين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت أشجارها ومساكنها الْأَنْهارُ الاربعة وأخره لضرورة تقدم التخلية على التحلية فَمَنْ كَفَرَ اى برسلى وبشىء مما عدد فى حيز الشرط والفاء لترتيب بيان حكم من كفر على بيان حكم من آمن تقوية للترغيب والترهيب بَعْدَ ذلِكَ الشرط المؤكد المعلق به الوعد العظيم الموجب للايمان قطعا مِنْكُمْ متعلق بمضمر وقع حالا من فاعل كفر فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ اى وسط الطريق الواضح ضلالا بينا واخطأ خطأ فاحشا لا عذر معه أصلا بخلاف من كفر قبل ذلك إذ ربما يمكن

ان يكون له شبهة ويتوهم له معذرة- روى- ان بنى إسرائيل لما استقروا بمصر بعد مهلك فرعون أمرهم الله تعالى بالمسير الى أريحا من ارض الشام وهى الأرض المقدسة وكانت لها الف قرية فى كل قرية الف بستان وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيون وقال لهم انى كتبتها لكم دارا قرارا فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها وانى ناصركم وامر موسى عليه السلام ان يأخذ من كل سبط نقيبا أمينا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بنى إسرائيل وتكفل لهم النقباء وسار بهم فلما دنا من ارض كنعان بعث النقباء يتجسسون له الاخبار ويعلمون علمها فرأوا اجراما عظيمة وقوة وشوكة فهابوا فرجعوا وحدثوا قومهم بما رأوا وقد نهاهم موسى عن ذلك فنكثوا الميثاق الأكالب بن يوقنا نقيب سبط يهودا ويوشع بن نون نقيب سبط افرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام قيل لما توجه النقباء الى ارضهم للتجسس لقيهم عوج بن عنق وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث وذراع وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وكان يحتجز بالسحاب ويشرب منه ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله ويروى ان الماء طبق ما على الأرض من جبل فى طوفان نوح وما جاوز ركبتى عوج وكانت امه عنق احدى بنات آدم وكان مجلسها جريبا من الأرض فلما لقى عوج النقباء وعلى رأسه حزمة حطب أخذ الاثني عشر نقيبا وجعلهم فى الحزمة فانطلق بهم الى امرأته وقال انظري الى هؤلاء الذين يزعمون قتالنا فطرحهم بين يديها وقال ألا اطحنهم برجلي فقالت لابل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ففعل ذلك- وروى- انه جعلهم فى كمه واتى بهم الملك فنشرهم بين يديه فقال ارجعوا الى قومكم فاخبروهم بما رأيتم وكان لا يحمل عنقودا من عنبهم إلا خمسة انفس او اربعة بينهم فى خشبة ويدخل فى شطر رمانة إذا نزع حبها خمسة انفس فجعلوا يتعرفون بأحوالهم فلما رجعوا قال بعضهم لبعض انكم ان أخبرتم بنى إسرائيل بخبر القوم ارتدوا عن نبى الله ولكن اكتموه الا عن موسى وهارون فيكونان هما يريان رأيهما فاخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ثم انصرفوا الى موسى عليه السلام وكان معهم حبة من عنبهم وقر جمل فنكثوا عهدهم وجعل كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى الأكالب ويوشع وكان معسكر موسى فرسخا فى فرسخ فجاء عوج حتى نظر إليهم ثم رجع الى جبل فقوّر منه صخرة عظيمة على قدر المعسكر ثم حملها على رأسه ليطبقها عليهم فبعث الله الهدهد فقوّر من الصخرة وسطها المحاذي لرأسه فانتقبت فوقعت فى عنق عوج فطوقته فصرعته واقبل موسى عليه السلام وطوله عشرة اذرع وكذا طول العصا فترامى فى السماء عشرة اذرع فما أصاب العصا الا كعبه وهو مصروع فقتله قالوا فاقبلت جماعة ومعهم الخناجر حتى جذروا رأسه وهكذا سنة الله فيما أراد حيث ينصر أولياءه بما لا يخطر ببالهم ولله فى كل فعله حكمة تامة ومصلحة شاملة. واعلم ان الله تعالى كما جعل فى امة موسى من النقباء المختارين المرجوع إليهم عند الضرورة اثنى عشر كذلك جعل من كمال عنايته فى هذه الامة من النجباء البدلاء واعزة الأولياء أربعين رجلا فى كل حال وزمان كما قال النبي عليه السلام (يكون

فى الامة أربعون على خلق ابراهيم وسبعة على خلق عيسى وواحدة على خلقى) فهم على مراتب درجاتهم ومناصب مقاماتهم امنة هذه الامة كما قال عليه السلام (بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم يدفع الله البلاء) قال ابو عثمان المغربي البدلاء أربعون والأمناء سبعة والخلفاء من الائمة ثلاثة والواحد هو القطب عارف بهم جميعا ومشرف عليهم ولا يعرفه أحد ولا يشرف عليه وهو امام الأولياء الثلاثة الذين هم الخلفاء من الائمة وهو يعرفهم وهم لا يعرفونه والخلفاء الثلاثة يعرفون السبعة الذين هم الأمناء ولا يعرفهم أولئك السبعة والسبعة يعرفون الأربعين الذين هم البدلاء ولا يعرفهم البدلاء الأربعون وهم يعرفون سائر الأولياء من الامة ولا يعرفهم من الأولياء أحد فاذا نقص من الأربعين واحد جعل مكانه واحد من الأولياء وإذا نقص من السبعة واحد جعل مكانه واحد من الأربعين وإذا نقص من الثلاثة واحد جعل مكانه واحد من السبعة وإذا مضى القطب الذي هو الواحد فى العدد وبه قوام اعداد الخلق جعل بدله واحد من الثلاثة هكذا الى ان يأذن الله تعالى فى قيام الساعة كما فى التأويلات النجمية. وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر القطب يحفظ المركز والامام الايمن يحفظ عالم الأرواح والامام الأيسر يحفظ عام الأجساد والأوتاد الاربعة يحفظون الشرق والغرب والجنوب والشمال والابدال السبعة يحفظون أقاليم الكرة علوا وسفلا انتهى كلامه فى كتاب العظيمة. ويقول الفقير جامع هذه المجالس اللطائف سمعت من حضرة شيخى وسندى الذي بمنزلة روحى فى جسدى ان قطب الوجود إذا انتقل الى الدار الآخرة يكون خليفته فى الجانب الأيسر من الافراد دون الجانب الايمن وذلك لان يسار الامام يمين ويمينه يسار حين الاستقبال الى القوم واليه الاشارة بقوله تعالى فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ فان لفظة ما عند اهل التحقيق نافية واهل اليسار اهل الجلال والفناء واهل اليمين اهل الجمال والبقاء فافهم هذا السر البديع وكن ممن القى سمعه وهو شهيد فان المنكر الغافل طريد عن الحق بعيد بسر وقت شان خلق كى ره برند ... كه چون آب حيوان بظلمت درند : قال الصائب سخن عشق با خرد گفتن ... بر رگ مرده نيشتر زدنست ثم تحقيق قوله تعالى لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ان اقامة الصلاة فى ادامتها بان تجعل الصلاة معراجك الى الحق وتديم العروج بدرجاتها الى ان تشاهد الحق كما شاهدت يوم الميثاق ودرجاتها اربع القيام والركوع والسجود والتشهد على حسب دركات نزلت بها من أعلى عليين وجوار رب العالمين الى أسفل السافلين القالب وهى العناصر الاربعة التي خلق منها قالب الإنسان فالمتولدات منها على اربعة اقسام ولكل قسم منها ظلمة وخاصية تحجبك عن مشاهدة الحق وهى الجمادية وخاصيتها التشهد ثم النباتية وخاصيتها السجود ثم الحيوانية وخاصيتها الركوع ثم الانسانية وخاصيتها القيام يشير إليك بالتخلص من حجب أوصاف الانسانية وأعظمها الكبر وهو من خاصية النار والركوع يشير إليك بالتخلص من حجب صفات الحيوانية وأعظمها الشهوة

[سورة المائدة (5) : آية 13]

وهى من خاصية الهواء والسجود يشير إليك بالتخلص من حجب طبع النباتية وأعظمها الحرص على الجذب للشىء والنمو وهو من خاصية الماء والتشهد يشير إليك بالتخلص من حجب طبع الجمادية وأعظمها الجمودية وهى من خاصية التراب ومن هذه الصفات الأربع تنشأ بقية صفات البشرية فاذا تخلصت من هذه الدركات والحجب ورجعت بهذه المدارج الاربعة الى جوار رب العالمين وقربه فقد أقمت الصلاة مناجيا ربك مشاهدا له كما قال صلى الله عليه وسلم (اعبد الله كأنك تراه) كذا فى التأويلات النجمية فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ اى فبسبب نقض اليهود عهدهم وهو انهم كذبوا الرسل بعد موسى وقتلوا الأنبياء ونبذوا الكتاب وضيعوا فرائضه وما مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه فى النفس لَعَنَّاهُمْ اى طردناهم وابعدناهم من رحمتنا او مسخناهم قردة وخنازير او اذللناهم بضرب الجزية عليهم وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً اى غليظة شديدة بحيث لا تتأثر من الآيات والنذر وحجر قاس اى صلب غير لين يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ استئناف لبيان قسوة قلوبهم فانه لا قسوة أشد من تغيير كلام الله والافتراء عليه والمراد بالتحريف اما تبديلهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم واما تبديلهم بسوء التأويل وقد سبق فى سورة البقرة وَنَسُوا حَظًّا اى وتركوا نصيبا وافرا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ من التوراة او من اتباع محمد عليه السلام والمعنى انهم حرفوا التوراة وتركوا حظهم مما انزل عليهم فلم ينالوه وقيل معناه انهم حرفوها فتركت بشؤمه أشياء منها عن حفظهم لما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية- روى- ان الله تعالى غير العلم على امية بن ابى الصلت وكان من بلغاء الشعراء كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه: قال الحافظ نه من ز بي عملى در جهان ملولم وبس ... ملالت علما هم ز علم بي عملست واعلم ان العلماء العاملين والمشايخ الواصلين لا يزالون يذكرون الناس كل عصر يوم الميثاق ومخاطبة الحق إياهم تشويقا لهم الى تلك الأحوال فمن سامع ومن معرض فالسامع لكونه معرضا عن الدنيا والعقبى وصل الى جوار المولى فكان مقبولا مرحوما والمعرض لكونه مقبلا على ما سوى المولى لم ينل شيأ فكان مردودا ملعونا لانه نقض عهده مع الله سبحانه وتعالى: وفى المثنوى بي وفايى چون سگانرا عار بود ... بي وفايى چون روادارى نمود حق تعالى فخر آورد از وفا ... گفت من اوفى بعهد غيرنا وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ اى خيانة على انها مصدر كاللاغية والكاذبة قال الله تعالى لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً اى لغوا والمعنى ان الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولا سلافهم بحيث لا يكادون يتركونها او يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لم يخونوا وهم الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام واضرابه وهو استثناء من الضمير المجرور فى منهم فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ اى اعرض عنهم ولا تتعرض لهم بالمعاقبة والمؤاخذة ان تابوا وآمنوا او عاهدوا والتزموا الجزية وقيل مطلق نسخ بآية السيف وهو قوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تعليل للامر بالصفح وحث على الامتثال وتنبيه على ان العفو عن الكافر الخائن احسان فضلا عن العفو عن غيره: قال السعدي عدو را بالطاف كردن به بند ... كه نتوان بريدن بتيغ وكمند چودشمن كرم بيند ولطف وجود ... نيايد دگر خبث ازو در وجود وگر خواجه با دشمنان نيك خوست ... بسى بر نيايد كه كردند دوست وكان عليه السلام محسنا له مكارم اخلاق يضيق نطاق بيان الواصفين عنها: ومن حكايات المولوى قدس الله سره فى المثنوى كافران مهمان پيغمبر شدند ... وقت شام ايشان بمسجد آمدند گفت اى ياران من قسمت كنيد ... كه شما پر از من وخوى منيد هر يكى يارى يكى مهمان گزيد ... در ميان يك زفت بود وبي نديد جسم ضخمى داشت كس او را نبرد ... ماند در مسجد چواندر جامه درد مصطفى بردش چوواماند از همه ... هفت بز شيرده بر در رمه كه مقيم خانه بودندى بزان ... بهر دوشيدن براى وقت خوان نان وآش وشير آن هر هفت بز ... خورد آن بوقحط عوج ابن غز جمله اهل بيت خشم آلو شدند ... كه همه در شير بز طامع شدند معده طبلى خوار همچون طبل كرد ... قسم هجده آدمي تنها بخورد وقت خفتن رفت ودر حجره نشست ... پس كنيزك از غضب در را ببست از برون زنجير در را درفكند ... كه ازو بد خشمگين ودردمند كبر را از نيم شب تا صبحدم ... چون تقاضا آمد ودرد شكم از فراش خويش سويى در شتافت ... دست بر در چونهاد او بسته يافت در گشادن حيله كرد آن حيله ساز ... نوع نوع وخود نشد آن بند باز شد تقاضا بر تقاضا خانه تنگ ... ماند او حيران وبي درمان ودنگ حيله كرد واو بخواب اندر خزيد ... خويشتن در خواب ودر ويرانه ديد زانكه ويرانه بد اندر خاطرش ... شد بخواب اندر همانجا منظرش خويش در ويرانه خالى چوديد ... او چنان محتاج واندر دم بريد گشت بيدار وبديد آن جامه خواب ... بر حدث ديوانه شد از اضطراب گفت خوابم بدتر از بيداريم ... كه خورم آن سو واين سو مى ريم بانگ مى زد وا ثبورا وا ثبور ... همچنانكه كافر اندر قعر گور منتظر كه كى شود اين شب بسر ... يا برآيد در گشادن بانگ در تا گريزد او چوتيرى از كمان ... تا نبيند هيچكس او را چنان مصطفى صبح آمد ودر را گشاد ... صبح آن گمراه را او راه داد جامه خواب پر حدث را يك فضول ... قاصدان آورد در پيش رسول

[سورة المائدة (5) : آية 14]

كه چنين كر دست مهمانت ببين ... خنده زد رحمة للعالمين كه بيار آن مطهره اينجا به پيش ... تا بشويم جمله را با دست خويش او بجد مى شست آن احداث را ... خاص ز امر حق نه تقليد وريا كه دلش مى گفت كين را تو بشو ... كه در اينجا هست حكمت تو بتو كافرك را هيكلى بد يادگار ... ياوه ديد آنرا وگشت او بي قرار گفت آن حجره كه شب جا داشتم ... هيكل آنجا بي خبر بگذاشتم كه چهـ شرمين بود شرمش حرص برد ... حرص اژدرهاست بي چيزست خرد از پى هيكل شتاب اندر دويد ... در وثاق مصطفى وانرا بديد كان يد الله ان حدث را هم بخود ... خوش همى شويد كه دورش چشم بد هيكلش از ياد رفت وشد پديد ... اندر وشورى گريبانرا دريد مى زد او دو دست را بر رو وسر ... كله را ميكوفت بر ديوار ودر آنچنان كه خون ز بينى وسرش ... شد روان ورحم گردان مهترش چون ز حد بيرون بلرزيد وطپيد ... مصطفى اش در كنار خود كشيد ساكنش كرد وبسى بنواختش ... ديده اش بگشاده داد اشناختش آب بر رو زد در آمد در سخن ... كى شهيد حق شهادت عرضه كن گشت مؤمن گفت او را مصطفى ... كامشب هم باش وتو مهمان ما گفت والله تا ابد ضيف توام ... هر كجا باشم بهر جا كه روم يا رسول الله رسالت را تمام ... تو نمودى همچوشمع بي غمام وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ اى وأخذنا من النصارى ميثاقهم كما أخذنا ممن قبلهم من اليهود ومن متعلقة باخذنا والتقديم للاهتمام وانما قال قالوا انا نصارى ولم يقل ومن النصارى تنبيها على انهم نصارى بتسميتهم أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله بقولهم لعيسى عليه السلام نحن أنصار الله وليسوا موصوفين بانهم نصارى بتوصيف الله إياهم بذلك ومعنى أخذ الميثاق هو ما أخذ الله عليهم فى الإنجيل من العهد المؤكد باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وبيان صفته ونعته فَنَسُوا حَظًّا اى تركوا نصيبا وافرا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فى تضاعيف الميثاق من الايمان وما يتفرع عليه من افعال الخير فَأَغْرَيْنا اى الزمنا والصقنا من غرى بالشيء إذ الزمه ولصق به واغراه غيره بَيْنَهُمُ ظرف لا غرينا الْعَداوَةَ وهى تباعد القلوب والنيات وَالْبَغْضاءَ اى البغض إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ غاية للاغراء او للعداوة والبغضاء اى يتعادون ويتباغضون الى يوم القيامة وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ اى يخبرهم فى الآخرة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وعيد شديد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعده ساخبرك بما فعلت اى يجازيهم بما عملوا على الاستمرار من نقض الميثاق ونسيان الحظ الوافر مما ذكروا به وسوف لتأكيد الوعيد والتعبير عن العمل بالصنع للايذان برسوخهم فى ذلك قيل الذي القى العداوة بين النصارى رجل يقال له بولس وكان بينه وبين النصارى

قتال قتل منهم خلقا كثيرا فاراد ان يحتال بحيلة يلقى بها بينهم القتال فيقتل بعضهم بعضا فجاء الى النصارى وجعل نفسه اعور وقال لهم ألا تعرفوننى فقالوا أنت الذي قتلت ما قتلت منا وفعلت ما فعلت فقال قد فعلت ذلك كله والآن تبت لانى رأيت عيسى عليه الصلاة والسلام فى المنام نزل من السماء فلطم وجهى لطمة فقأ عينى فقال أي شىء تريد من قومى فتبت على يده ثم جئتكم لا كون بين ظهرانيكم وأعلمكم شرائع دينكم كما علمنى عيسى عليه السلام فى المنام فاتخذوا له غرفة فصعد تلك الغرفة وفتح كوة الى الناس فى الحائط وكان يتعبد فى الغرفة وربما كانوا يجتمعون اليه ويسألونه ويجيبهم من تلك الكوة وربما يأمرهم بان يجتمعوا ويناديهم من تلك الكوة ويقول لهم بقول كان فى الظاهر منكرا وينكرون عليه فكان يفسر ذلك القول تفسيرا يعجبهم ذلك فانقادوا كلهم له وكانوا يقبلون قوله بما يأمرهم به فقال يوما من الأيام اجتمعوا عندى فقد حضرنى علم فاجتمعوا فقال لهم أليس خلق الله تعالى هذه الأشياء فى الدنيا كلها لمنفعة بنى آدم قالوا نعم فقال لم تحرمون على أنفسكم هذه الأشياء يعنى الخمر والخنزير وقد خلق لكم ما فى الأرض جميعا فاخذوا قوله فاستحلوا الخمر والخنزير فلما مضى على ذلك ايام دعاهم وقال حضرنى علم فاجتمعوا فقال لهم من أي ناحية تطلع الشمس فقالوا من قبل المشرق فقال ومن أي ناحية يطلع القمر والنجوم فقالوا من قبل المشرق فقال ومن يرسلهم من قبل المشرق قالوا الله تعالى فقال فاعلموا انه تعالى فى قبل المشرق فان صليتم له فصلوا اليه فحول صلاتهم الى المشرق فلما مضى على ذلك ايام دعا بطائفة منهم وأمرهم بان يدخلوا عليه فى الغرفة وقال لهم انى أريد ان اجعل نفسى الليلة قربانا لاجل عيسى وقد حضرنى علم فاريد ان أخبركم فى السر لتحفظوا عنى وتدعوا الناس الى ذلك بعدي ويقال ايضا انه أصبح يوما وفتح عينه الاخرى ثم دعاهم وقال لهم جاءنى عيسى الليلة وقال قد رضيت عنك فمسح يده على عينى فبرئت والآن أريد ان اجعل نفسى قربانا له ثم قال هل يستطيع أحد ان يحيى الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص الا الله تعالى فقالوا لا فقال ان عيسى قد فعل هذه الأشياء فاعلموا انه هو الله تعالى فخرجوا من عنده ثم دعا بطائفة اخرى فاخبرهم بذلك ايضا وقال انه كان ابنه ثم دعا بطائفة ثالثة وأخبرهم بذلك ايضا وقال انه ثالث ثلاثة وأخبرهم انه يريد ان يجعل نفسه الليلة قربانا فلما كان بعض الليالى خرج من بين ظهرانيهم فاصبحوا وجعل كل فريق يقول قد علمنى كذا وكذا وقال الفريق الآخر أنت كاذب بل علمنى كذا وكذا فوقع بينهم القتال فاقتتلوا وقتلوا خلقا كثيرا وبقيت العداوة بينهم الى يوم القيامة وهم ثلاث فرق منهم النسطورية قالوا المسيح ابن الله والثانية الملكانية قالوا ان الله تعالى ثالث ثلاثة المسيح وامه والله والفرقة الثالثة اليعقوبية قالوا ان الله هو المسيح: قال جلال الدين رومى قدس سره در تصور ذات او را كنج كو ... تا درآيد در تصور مثل او گر بغايت نيك وگر بد گفته اند ... هر چهـ زو گفتند از خود گفته اند «1» مى مكن چندين قياس اى حق شناس ... زانكه نايد ذات بيچون در قياس «2» فعلى المؤمن ان يلاحظ قوله تعالى وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وان يشتغل بنفسه عن

_ (1) قوله گر بغايت نيك وگر بد گفته اند إلخ لم أجد فى المثنوى- فليراجع (2) در أوائل دفتر يكم در بيان بردن پادشاه طبيب غيبى را إلخ

[سورة المائدة (5) : الآيات 15 إلى 16]

غيره وفى الحديث (ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم فينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق ثمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) يعنى من لم يجد شيأ يتقى به النار فليتق منها بقول حسن يطيب به قلب المسلم فان الكلمة الطيبة من الصدقات. والاشارة فى الآية ان الله تعالى أخذ الميثاق من اليهود والنصارى على التوحيد كما أخذ من هذه الامة يوم الميثاق ولكنه لما وكل الفريقين الى أنفسهم نسوا ما ذكروا به فما بقي لهم حظ من ذلك الميثاق بابطال الاستعداد الفطري لكمال الانسانية فصاروا كالانعام بل هم أضل اى بل كالسباع يتحارشون ويتناوشون بالعداوة والبغضاء الى يوم القيامة فان ارباب الغفلة لا الفة بينهم وان اصحاب الوفاق لا وحشة بينهم واما هذه الامة لما أيدت بتأييد الا له إذ كتب فى قلوبهم الايمان بقلم خطاب ألست بربكم يوم الميثاق وأيدهم بروح منه ما نسوا حظا مما ذكروا به وقيل لنبيهم عليه الصلاة والسلام وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى خطابا لهم إذ لم ينسوا حظهم ولم ينقضوا ميثاقهم فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ على ان ذكره إياهم كان قبل وجودهم وذكرهم إياه حين ذكرهم المحبة وقال يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ كذا فى التأويلات النجمية يا أَهْلَ الْكِتابِ يعنى اليهود والنصارى والكتاب جنس شامل للتوراة والإنجيل قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الاضافة للتشريف والإيذان بوجوب اتباعه يُبَيِّنُ لَكُمْ حال من رسولنا اى حال كونه مبينا لكم على التدريج حسبما تقتضيه المصلحة كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ اى كثيرا كائنا من الذي كنتم تخفونه على الاستمرار حال كونه من الكتاب اى التوراة والإنجيل الذي أنتم اهله والمتمسكون به كنعت محمد عليه السلام وآية الرجم فى التوراة وبشارة عيسى بأحمد عليهما السلام فى الإنجيل وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه اى لا يظهره ولا يخبره إذا لم يضطر اليه امر دينى صيانة لكم عن زيادة الافتضاح قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ المراد بالنور والكتاب هو القرآن لما فيه من كشف ظلمات الشرك والشك وابانة ما خفى على الناس من الحق او الاعجاز الواضح والعطف المنبئ على تغاير الطرفين لتنزيل المغايرة بالعنوان منزلة المغايرة بالذات وقيل المراد بالأول هو الرسول صلى الله عليه وسلم وبالثاني القرآن يَهْدِي بِهِ اللَّهُ وحد الضمير لان المراد بهما واحد بالذات او لانهما فى حكم الواحد فان المقصود منهما دعوة الخلق الى الحق أحدهما رسول الهى والآخر معجزته وبيان ما يدعو اليه من الحق مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ اى رضاه بالايمان به سُبُلَ السَّلامِ اى طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب على ان يكون السلام بمعنى السلامة كاللذاذ واللذاذة والرضاع والرضاعة او سبيل الله تعالى وهو شريعته التي شرعها للناس على ان يكون السلام هو الله تعالى وانتصاب سبل بنزع الخافض فان يهدى انما يتعدى الى الثاني بالى او باللام كما فى قوله تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُخْرِجُهُمْ الضمير لمن والجمع باعتبار المعنى كما ان الافراد فى اتبع باعتبار اللفظ مِنَ الظُّلُماتِ اى ظلمات فنون الكفر والضلال إِلَى النُّورِ الى الايمان وسمى الايمان نورا لان الإنسان إذا آمن ابصر به طريق نجاته فطلبه وطريق هلاكه فحذره بِإِذْنِهِ

[سورة المائدة (5) : الآيات 17 إلى 24]

اى بتيسيره وإرادته وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اى طريق هو اقرب الطرق الى الله تعالى ومؤد اليه لا محالة وهذه الهداية عين الهداية الى سبل السلام وانما عطف عليها تنزيلا للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي كما فى قوله تعالى وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ. واعلم ان الله تعالى بعث النبي صلى الله عليه وسلم نورا يبين حقيقة حظ الإنسان من الله تعالى وانه تعالى سمى نفسه نورا بقوله تعالى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانهما كانتا مخفيتين فى ظلمة العدم فالله تعالى اظهرهما بالإيجاد وسمى الرسول نورا لان أول شىء أظهره الحق بنور قدرته من ظلمة العدم كان نور محمد صلى الله عليه وسلم كما قال (أول ما خلق الله نورى) ثم خلق العالم بما فيه من نوره بعضه من بعض فلما ظهرت الموجودات من وجود نوره سماه نورا وكل ما كان اقرب الى الاختراع كان اولى باسم النور كما ان عالم الأرواح اقرب الى الاختراع من عالم الأجسام فلذلك سمى عالم الأنوار والعلويات نورانيا بالنسبة الى السفليات فاقرب الموجودات الى الاختراع لما كان نور النبي عليه السلام كان اولى باسم النور ولهذا كان يقول (انا من الله والمؤمنون منى) وقال تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ- وروى- عن النبي عليه السلام انه قال (كنت نورا بين يدى ربى قبل خلق آدم باربعة عشر ألف عام وكان يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم القى ذلك النور فى صلبه) وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لما خلق الله آدم اهبطنى فى صلبه الى الأرض وجعلنى فى صلب نوح فى السفينة وقذفنى فى صلب ابراهيم ثم لم يزل تعالى ينقلنى من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط) قال العرفي فى قصيدته النعتية اين بس شرف گوهر تو منشى تقدير ... آن روز كه بگذاشتى إقليم قدم را تا حكم نزول تو درين دار نوشته است ... صدره بعبث باز تراشيد قلم را وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ لا غير كما يقال الكرم هو التقوى نزلت فى نصارى نجران وهم اليعقوبية القائلون بانه تعالى قد يحل فى بدن انسان معين او فى روحه قُلْ يا محمد تبكيتا لهم ان كان الأمر كما تزعمون فَمَنْ استفهامية انكارية يَمْلِكُ الملك الضبط والحفظ التام عن حزم اى يمنع مِنَ اللَّهِ اى من قدرته وإرادته شَيْئاً وحقيقته فمن يستطيع ان يمسك شيأ منها إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً احتج بذلك على فساد قولهم وتقريره ان المسيح مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات ومن كان كذلك فهو بمعزل عن الالوهية وكيف يكون آلها من لا يقدر على دفع الهلاك

عن نفسه ولا عن غيره والمراد بالإهلاك الامانة والاعدام مطلقا لا بطريق السخط والغضب ولعل نظم امه فى سلك من فرض ارادة إهلاكهم مع تحقق هلاكها قبل ذلك لتأكيد التبكيت وزيادة تقرير مضمون الكلام بجعل حالها أنموذجا لحال بقية من فرض إهلاكه كأنه قيل قل فمن يملك من الله شيأ ان أراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن فى الأرض وقد أهلك امه فهل مانعه أحد فكذا حال من عداها من الموجودين وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما اى ما بين قطرى العالم الجسماني لا بين وجه الأرض ومقعر فلك القمر فقط فيناول ما فى السموات من الملائكة وما فى اعماق الأرض والبحار من المخلوقات وهو تنصيص على كون الكل تحت قهره تعالى وملكوته اثر الاشارة الى كون البعض اى من فى الأرض كذلك اى له تعالى وحده ملك جميع الموجودات والتصرف المطلق فيها إيجادا واعداما واحياء واماتة لا لاحد سواه استقلالا ولا اشتراكا فهو تحقيق لاختصاص الالوهية به تعالى اثر بيان انتفائها عن كل ما سواه يَخْلُقُ ما يَشاءُ اى يخلق ما يشاء من انواع الخلق والإيجاد على ان ما نكرة موصوفة محلها النصب على المصدرية لا على المفعولية كأنه قيل يخلق أي خلق يشاؤه فتارة يخلق من غير اصل كخلق السموات والأرض واخرى من اصل كخلق ما بينهما فينشئ من اصل ليس من جنس كخلق آدم وكثير من الحيوانات ومن اصل يجانسه اما من ذكر وحده كخلق حواء او أنثى وحدها كخلق عيسى او منهما كخلق سائر الناس ويخلق بلا توسط شىء من المخلوقات كخلق عامة المخلوقات وقد يخلق بتوسط مخلوق آخر كخلق الطير على يد عيسى معجزة له واحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك فينسب كل اليه تعالى لا الى من اجرى ذلك على يده وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله: وفى المثنوى دامن او گير اى يار دلير ... كو منزه باشد از بالا وزير «1» نى چوعيسى سوى گردون بر شود ... نى چوقارون در زمين اندر رود ربى الاعلاست ورد آن مهان ... رب ادنى در خور اين ابلهان «2» وعن عبادة من الصامت رضى الله عنه عن النبي عليه السلام قال (من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من عمل) وعن الحارث الأشعري رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان الله تعالى اوحى الى يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات ان يعمل بهن ويأمر بنى إسرائيل ان يعملوا بهن فكأنه ابطأ بهن فاتاه عيسى فقال ان الله أمرك بخمس كلمات ان تعمل بهن وتأمر بنى إسرائيل ان يعملوا بهن فاما ان تخبرهم واما ان أخبرهم فقال يا أخي لا تفعل فانى أخاف ان سبقتنى بهن ان يخسف بي او أعذب قال فجمع بنى إسرائيل ببيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقعدوا على الشرفات ثم خطبهم فقال ان الله اوحى الى بخمس كلمات ان اعمل بهن وآمر بنى إسرائيل ان يعملوا بهن. اولاهن ان لا تشركوا بالله شيأ فان مثل من أشرك بالله

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان جمع آمدن اهل آفت هر صباحى بر در صومعه عيسى عليه السلام. (2) در اواسط دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى ملوك را سبب مسخر كردن جباران إلخ

[سورة المائدة (5) : آية 18]

كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب او ورق ثم اسكنه دارا فقال اعمل وارفع الى فجعل يعمل ويرفع الى غير سيده فأيكم يرضى ان يكون عبده كذلك فان الله خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيأ وإذا قمتم الى الصلاة فلا تلتفتوا فان الله يقبل بوجهه الى وجه عبده ما لم يلتفت. وآمركم بالصيام ومثل ذلك كمثل رجل فى عصابة معه صرة من مسك كلهم يحب ان يجد ريحها وان الصيام عند الله أطيب من ريح المسك. وآمركم بالصدقة ومثل ذلك كمثل رجل اسره العدو فاوثقوا يده الى عنقه وقربوه ليضربوا عنقه فجعل يقول هل لكم ان أفدي نفسى منكم فجعل يعطى القليل والكثير حتى فدى نفسه. وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا فى اسره حتى اتى حصنا حصينا فاحرز نفسه فيه وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان الذي هو اكبر الأعداء الا بذكر الله: قال فى المثنوى ذكر حق كن بانكه غولانرا بسوز ... چشم نرگس را ازين كركس بدوز «1» ذكر حق پاكست چون پاكى رسيد ... رخت بر بندد برون آيد پليد «2» مى گريزد ضدها از ضدها ... شب گريزد چون بر افروزد ضيا چون درآيد نام پاك اندر دهان ... نى پليدى ماند ونى آن دهان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وانا آمركم بخمس الله أمرني بهن بالسمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فانه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه الا ان يراجع) والربقة بكسر الراء وفتحها وسكون الباء الموحدة واحدة الربق وهى عرى فى حبل يشد به إليهم وتستعار لغيره وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ اى قالت اليهود نحن أشياع ابنه عزير وقالت النصارى نحن أشياع ابنه المسيح كما يقول أقارب الملوك عند المفاخرة نحن الملوك او المعنى نحن من الله بمنزلة الأبناء للآباء وقربنا من الله كقرب الوالد لولده وحبنا إياه كحب الوالد لولده وغضب الله علينا كغضب الرجل على ولده والوالد إذا سخط على ولده فى وقت يرضى عنه فى وقت آخر وبالجملة انهم كانوا يدعون ان لهم فضلا ومزية عند الله على سائر الخلق فرد عليهم ذلك وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم قُلْ إلزاما لهم وتبكيتا فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ اى ان صح ما زعمتم فلأى شىء يعذبكم فى الدنيا بالقتل والاسر والمسح وقد اعترفتم بانه سيعذبكم فى الآخرة أياما معدودة بعدد ايام عبادتكم العجل ولو كان الأمر كما زعمتم لما صدر عنكم ما صدر ولما وقع عليكم ما وقع بَلْ اى لستم كذلك أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ اى من جنس ما خلق الله تعالى من غير مزية لكم عليهم يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له من اولئكم المخلوقين وهم الذين آمنوا بالله تعالى وبرسله وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ان يعذبه منهم وهم الذين كفروا به تعالى وبرسله وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما من الموجودات لا ينتمى اليه تعالى شىء منها الا بالمملوكية والعبودية والكل تحت مملوكيته يتصرف فيه كيف يشاء إيجادا واعداما واماتة واثابة وتعذيبا فانى لهم ادعاء ما زعموا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ فى الآخرة خاصة لا الى غيره استقلالا ولا اشتراكا فيجازى كلا من المحسن والمسيئ بما يستدعيه عمله من غير مانع يمنعه

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت سخن إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان امر كردن حق تعالى بموسى عليه السلام

[سورة المائدة (5) : آية 19]

وليست المحبة بالدعوى بل لها علامات ولله در من قال تعصى الإله وأنت تظهر حبه ... هذا لعمرى فى الفعال بديع لو كان حبك صادقا لأطعته ... ان المحب لمن يحب مطيع والله تعالى لا يحب من خالف شيأ من شريعة النبي عليه السلام من سننها وفروضها وحلالها وحرامها وانما يحب من أطاع امره ولا فوق بين الناس من حيث الصورة البشرية وانما تفاوتهم من حيث العلم والعمل والتقرب الى الله تعالى: قال السعدي قدس سره ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست وانما يظهر التفاوت فى الآخرة لانها دار الجزاء فطوبى لعبد تفكر فى حاله ومصيره فرغب فى الزهد والطاعة قبل مضى الوقت: قال فى المثنوى گر ببينى ميل خود سوى سما ... پر دولت برگشا همچون هما ور بينى ميل خود سوى زمين ... نوحه ميكن هيچ منشين از حنين عاقلان خود نوحها پيشين كنند ... جاهلان آخر بسر بر مى زنند ز ابتداء كار آخر را ببين ... تا نباشى تو پشيمان روز دين - وحكى- ان رجلا جاء الى صائغ يسأل منه الميزان ليزن رضاض ذهب له فقال الصائغ اذهب فانه ليس لى غربال فقال الرجل لا تسخر بي آت الميزان فقال الصائغ ليس لى مكنسة ثم قال اطلب منك الميزان ايها الصائغ وأنت تجيبنى بما يضحك منه فقال انما قلت ما قلت لانك شيخ مرتعش فعند الوزن يتفرق رضاضك من يدك بسبب ارتعاشك ويسقط الى التراب فتحتاج الى المكنسة والغربال للتخليص فبسبب فكرى لعاقبة أمرك قلت ما قلت من ز أول ديدم آخر را تمام ... جاى ديگر رو ازينجا والسلام واعلم ان أحباء الله هم اولياء الله على اختلاف درجاتهم وطبقاتهم. فمنهم عوام. ومنهم خواص. ومنهم أخص ولكل منهم مقام معلوم من المحبة. ورأى بعضهم معروفا الكرخي تحت العرش وقد قال الله تعالى لملائكته من هذا فقالوا أنت اعلم يا رب فقال هذا معروف الكرخي سكر من حبى فلا يليق إلا للقائي وكمال الحب انما يحصل بعد تزكية النفس فان النفس إذا كانت مغضوبة لا تتم الرحمة فى حقها وصاحبها انما يحب الله تعالى من وراء حجاب اللهم اجعلنا ممن يحبك حبا شديدا ويسلك فى محبتك طريقا سديدا يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا حال كونه يُبَيِّنُ لَكُمْ الشرائع والاحكام الدينية المقرونة بالوعد والوعيد عَلى فَتْرَةٍ كائنة مِنَ الرُّسُلِ مبتدأة من جهتهم وعلى متعلق بجاءكم على الظرفية اى جاءكم على حين فتور من الإرسال وانقطاع من الوحى ومزيد احتياج الى بيان الشرائع والاحكام الدينية يقال فتر الشيء يفتر فتورا إذا سكنت حركته وصارت اقل مما كانت عليه وسميت المدة بين الأنبياء فترة لفتور الدواعي فى العمل بتلك الشرائع ونبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بعث بعد انقطاع الرسل لان الرسل كانت متواترة بعضها فى اثر بعض الى وقت رفع عيسى عليه السلام أَنْ تَقُولُوا تعليل لمجيئ الرسول بالبيان على حذف

المضاف اى كراهة ان تقولوا معتذرين عن تفريطكم فى مراعاة احكام الدين ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ يبشرنا بالجنة وَلا نَذِيرٍ يخوفنا بالنار وقد انطمست آثار الشرائع السابقة وانقطعت اخبارها فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ متعلق بمحذوف تنبئ عنه الفاء الفصيحة وتبين انه معلل به اى لا تعتذروا بذلك فقد جاءكم بشير أي بشير ونذير أي نذير على ان التنوين للتفخيم. وفى الآية امتنان عليهم بان بعث إليهم حين انطمست آثار الوحى وكانوا أحوج ما يكون اليه وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على الإرسال تترى كما فعل بين موسى وعيسى عليهما السلام حيث كان بينهما الف وسبعمائة سنة والف نبى وعلى الإرسال بعد الفترة كما فعله بين عيسى ومحمد عليهما السلام حيث كان بينهما ستمائة سنة وتسع وتسعون سنة او خمسمائة وست وأربعون سنة واربعة أنبياء على ما روى الكلبي ثلاثة من بنى إسرائيل وواحد من العرب خالدين سنان العبسي وقيل لم يكن بعد عيسى الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأنسب بما فى تنوين فترة من التفخيم اللائق بمقام الامتنان عليهم بان الرسول قد بعث إليهم عند كمال حاجتهم اليه بسبب مضى دهر طويل بعد انقطاع الوحى ليعدوه أعظم نعمة من الله وفتح باب الى الرحمة وتلزمهم الحجة فلا يتعللوا غدا بانه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم كذا فى الإرشاد. وفى الحديث (انا اولى الناس بعيسى ابن مريم فانه ليس بينى وبينه نبى) قال ابن الملك بطل بهذا قول من قال الحواريون كانوا أنبياء بعد عيسى عليه السلام انتهى ومعنى قوله نبى اى نبى داع للخلق الى الله وشرعه واما خالدين سنان فان اظهر بدعواه الانباء عن البرزخ الذي بعد الموت وما اظهر نبوته فى الدنيا. وقصته انه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن فخرجت نار عظيمة من مغارة فاهلكت الزرع والضرع فالتجأ اليه قومه فاخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه الى المغارة التي خرجت منها ثم قال لاولاده انى ادخل المغارة خلف النار لاطفئها وأمرهم ان يدعوه بعد ثلاثة ايام تامة فانهم ان نادوه قبل ثلاثة ايام فهو يخرج ويموت وان صبروا ثلاثة ايام يخرج سالما فلما دخل صبروا يومين واستفزهم الشيطان فلم يصبروا ثلاثة ايام فظنوا انه هلك فصاحوا به فخرج خالد من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم فقال ضيعتمونى وأضعتم قولى ووصيتي وأخبرهم بموته وأمرهم ان يقبروه ويرقبوه أربعين يوما فانه يأتيهم قطيع من الغنم يتقدمه حمار ابتر مقطوع الذنب فاذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره فانه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية فانتظروا أربعين يوما فجاء القطيع وتقدمه حمار ابتر فوقف حذاء قبره فهمّ مؤمنوا قومه ان ينبشوا عليه فابى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم أولاد المنبوش قبره فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه فلما بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جاءته بنت خالد فقال عليه السلام (مرحبا بابنة نبى إضاعة قومه) وانما امر خالد ان ينبش عليه ليسأل ويخبر ان الحكم فى البرزخ على صورة الحياة الدنيا فيعلم بذلك الاخبار صدق الرسل كلهم بما أخبروا به فى حياتهم الدنيا فكان غرض خالد عليه السلام ايمان العالم كله بما جاءت به الرسل من احوال القبر والمواطن والمقامات البرزخية ليكون رحمة

[سورة المائدة (5) : الآيات 20 إلى 21]

للجميع فانه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد عليه السلام وعلم خالد ان الله أرسله رحمة للعالمين ولم يكن خالد برسول فاراد ان يحصل من هذه الرحمة فى الرسالة المحمدية على حظ او فرو لم يؤمر بالتبليغ فاراد ان يحطى فى البرزخ بذلك التبليغ من مقام الرسالة ليكون أقوى فى العلم فى حق الخلق اى ليعلم قوة علمه بأحوال الخلائق فى البرزخ فاضاعه قومه وانما وصف النبي قومه بانهم أضاعوا نبيهم اى وصية نبيهم حيث لم يبلغوه مراده من اخباره احوال القبر كذا فى الفصوص وشروحه. واتفق العلماء على انه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل فى عاشر شهر ربيع الاول فى ليلة يوم الاثنين منه فلما تشرف العالم وجوده الشريف وعنصره اللطيف أضاءت قلوب الخلق واستنارت فهداهم الله به عليه السلام فابصره من ابصر وعمى من عمى وبقي فى الكفر والضلال در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد وانما أضاف تعالى الرسول الى نفسه وقال رسولنا وما أضاف إليهم لان فائدة رسالته لم تكن راجعة إليهم ولما خاطب هذه الامة وأخبرهم عن مجيئ الرسول ما اضافه الى نفسه وانما جعله من أنفسهم فقال لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ لان فائدة رسالته كانت راجعة الى أنفسهم كما فى التأويلات النجمية. فعلى المؤمن ان يقتفى اثر الرسول صلى الله عليه وسلم ويتفكر فى الوعد والوعيد فقد جاء البشير والنذير بحيث لم يبق للاعتذار مجال أصلا- وروى- ان جبير بن مطعم قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال (أليس تشهدون ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانى رسول الله وان القرآن جاء من عند الله) فقلنا بلى قال (فابشروا فان هذا القرآن طرفه بيده الله وطرفه بايديكم فتمسكوا به فانكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده ابدا) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اى اذكر يا محمد لاهل الكتاب ما حدث وقت قول موسى لبنى إسرائيل ناصحالهم يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اى انعامه عليكم إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ فى وقت جعله فيما بينكم من اقربائكم أنبياء فارشدكم وشرفكم بهم ولم يبعث فى امة من الأمم ما بعث فى بنى إسرائيل من الأنبياء وكثرة الاشراف والأفاضل فى القوم شرف وفضل لهم ولا شرف أعظم من النبوة وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً اى جعل فيكم او منكم ملوكا كثيرة فانه قد تكاثر فيهم الملوك تكاثر الأنبياء وجعل الكل فى مقام الامتنان عليهم ملوكا لما ان أقارب الملوك يقولون عند المفاخرة نحن الملوك. وقال السدى وجعلكم أحرار تملكون أنفسكم بعد ما كنتم فى أيدي القبط فى مملكة فرعون بمنزلة اهل الجزية قال ابن عباس رضى الله عنهما يعنى اصحاب خدم وحشم وكانوا أول من ملك الخدم ولم يكن لمن قبلهم خدم وقال بعضهم من له امرأة يأوى إليها ومسكن يسكنه وخادم يخدمه فهو من الملوك وكذا من كان مسكنه واسعا وفيه ماء جار فهو ملك وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ من البحر وإغراق العدو وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما آتاهم الله من الأمور العظام والمراد بالعالمين الأمم الخالية الى زمانهم يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ هى ارض بيت المقدس طهرت من الشرك وجعلت قرار الأنبياء ومسكن المؤمنين الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ اى كتب فى اللوح المحفوظ انها تكون مسكنا لكم ان آمنتم وأطعتم لقوله تعالى

[سورة المائدة (5) : الآيات 22 إلى 24]

لهم بعد ما عصوا فانها محرمة عليهم وَلا تَرْتَدُّوا لا ترجعوا عَلى أَدْبارِكُمْ اى مدبرين خوفا من الجبابرة فهو حال من فاعل لا ترتدوا ويجوز ان يتعلق بنفس الفعل اى ولا ترجعوا على أعقابكم بخلاف ما امر الله فَتَنْقَلِبُوا فتنصرفوا حال كونكم خاسِرِينَ اى مغبونين بفوت ثواب الدارين قالُوا اى بنوا إسرائيل عند امر موسى ونهيه غير ممتثلين لذلك يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ اى متغلبين لا تتأتى مقاومتهم والجبار العالي الذي يجبر الناس ويكرههم كائنا من كان على ما يريده كائنا ما كان فعال من جبره على الأمر اى أجبره عليه وذلك ان النقباء الاثني عشر الذين خرجوا لتجسس الاخبار وانتهوا الى مدينة الجبارين لما رجعوا الى موسى واخبروه بما عاينوا من قوتهم وشوكتهم وطول قدودهم وعظم أجسامهم وان الرجل من بنى إسرائيل ليدخل تحت قدمهم لعظمه ووسعته قال لهم موسى اكتموا شأنهم ولا تخبروا به أحدا من اهل المعسكر فيفشلوا فاخبر كل واحد منهم قريبه وابن عمه إلا رجلين وفيا بما قال لهما موسى أحدهما يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف فتى موسى والآخر كالب بن يوفنا ختن موسى على أخته مريم بنت عمران وكان من سبط يهودا فشاع الخبر بين بنى إسرائيل فلذا قالو ان فيها قوما جبارين وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها من غير صنع من قبلنا فانه لا طاقة لنا بإخراجهم منها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها بسبب من الأسباب التي لا تعلق لنا بها فَإِنَّا داخِلُونَ حينئذ قالَ رَجُلانِ كانه قيل هل اتفقوا على ذلك او خالفهم البعض فقيل قال رجلان وهما كالب ويوشع مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ الله تعالى دون العدو ويتقونه فى مخالفة امره ونهيه وهو صفة لرجلان أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالتثبيت والوقوف على شؤونه تعالى والثقة بوعده وهو صفة ثانية لرجلان ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ اى باب بلد الجبارين وهو أريحا وتقديم الجار والمجرور عليه للاهتمام به لان المقصود انما هو دخول الباب وهم فى بلدهم اى باغتوهم وضاغتوهم فى المضيق وامنعوهم من البروز الى الصحراء لئلا يجدوا للحرب مجالا فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ اى باب بلدهم وهم فيه فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ من غير حاجة الى القتال فانا قد رأيناهم وشاهدناهم ان قلوبهم ضعيفة وان كانت أجسادهم عظيمة فلا تخشوهم واهجموا عليهم فى المضايق فانهم لا يقدرون فيها على الكر والفر وَعَلَى اللَّهِ خاصة فَتَوَكَّلُوا بعد ترتيب الأسباب ولا تعتمدوا عليها فانها بمعزل من التأثير وانما التأثير من عنايته العزيز القدير إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ به تعالى مصدقين لوعده فان ذلك مما يوجب التوكل عليه حتما قالُوا غير مبالين بقول ذينك الرجلين مصرين على القول الاول يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها اى ارض الجبابرة أَبَداً اى دهرا طويلا ما دامُوا فِيها اى فى ارضهم وهو بدل من ابدا بدل البعض لان الابد يعم الزمن المستقبل كله ودوام الجبارين فيها بعض منه فَاذْهَبْ الفاء فصيحة اى فاذا كان الأمر كذلك فاذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا اى فقاتلاهم انما قالوا ذلك استهانة واستهزاء به تعالى وبرسوله وعدم مبالاة بهما لا انهم قصدوا ذهابهما حقيقة لان من هو فى صورة الإنسان يستبعد منه انه يجوز حقيقة الذهاب والمجيء على الله تعالى الا ان يكون من المجسمة إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ

[سورة المائدة (5) : الآيات 25 إلى 30]

أراد بذلك عدم التقدم لا عدم التأخر قالَ موسى عليه السلام لما رأى منهم ما رأى من العناد على طريقة البث والحزن والشكوى الى الله تعالى مع رقة القلب التي بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي اى الا طاعة نفسى وأخي فَافْرُقْ بَيْنَنا يريد نفسه وأخاه والفاء لترتيب الفرق والدعاء به على ما قبله وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ الخارجين عن طاعتك المصرين على عصيانك بان تحكم لنا بما نستحقه وعليهم بما يستحقون قالَ الله تعالى فَإِنَّها اى الأرض المقدسة مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ تحريم منع لا تحريم تعبد وتكليف لا يدخلونها ولا يملكونها لان كتابتها لهم كانت مشروطة بالايمان والجهاد وحيث نكصوا على ادبارهم حرموا ذلك وانقلبوا خاسرين أَرْبَعِينَ سَنَةً ظرف لمحرمة فالتحريم موقت بهذه المدة لا مؤبد فلا يكون مخالفا لقوله تعالى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فالمراد بتحريمها عليهم انه لا يدخلها أحد منهم فى هذه المدة لكن لا بمعنى ان كلهم يدخلونها بعدها بل بعضهم ممن بقي يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ اى يتحيرون فى البرية استئناف لبيان كيفية حرمانهم فَلا تَأْسَ فلا تحزن والاسى الحزن عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ- روى- انه عليه السلام ندم على دعائه عليهم فقيل لا تندم ولا تحزن عليهم فانهم أحقاء بذلك لفسقهم فلبثوا أربعين سنة فى ستة فراسخ وهم ستمائة الف مقاتل وكانوا يسيرون كل يوم جادين فاذا امسوا كانوا فى الموضع الذي ارتحلوا منه وكان الغمام يظللهم من حر الشمس ويطلع بالليل عمود من نور يضيئ لهم وينزل عليهم المن والسلوى ولا تطول شعورهم وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر يطوله وماؤهم من الحجر الذي يحملونه وهذه الإنعامات عليهم مع انهم معاقبون لما ان عقابهم كان بطريق الفرك والتأديب وأصح الأقاويل ان موسى وهارون كانا معهم فى التيه ولكن كان ذلك لهما روحا وسلامة كالنار لابراهيم وملائكة العذاب قال فى التأويلات النجمية والتعجب فى ان موسى وهارون بشؤم معاملة بنى إسرائيل بقيا فى التيه أربعين سنة وبنوا إسرائيل ببركة كرامتهما ظلل عليهم الغمام وانزل عليهم المن والسلوى فى التيه ليعلم اثر بركة صحبة الصالحين واثر شؤم صحبة الفاسقين انتهى: قال الحافظ ملول همرهان بودن طريق كاردانى نيست ... بكش دشوارىء منزل بياد عهد آسانى - روى- ان موسى عليه السلام خرج من التيه بعد أربعين سنة وسار بمن بقي من بنى إسرائيل الى أريحا وكان يوشع بن نون على مقدمته فحارب الجبابرة وفتحها واقام بها ما شاء الله ثم قبضه الله ولا يعلم قبره الا الله وهذا أصح الأقاويل لاتفاق العلماء على ان عوج بن عنق قتله موسى عليه السلام قال السدى فى وفاة هارون ان الله اوحى الى موسى انى متوفى هارون فائت به جبل كذا وكذا فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل فاذا هما بشجرة لم ير مثلها فاذا بيت مبنى وفيه سرير عليه فرش وإذا فيه ريح طيبة فلما نظر هارون الى ذلك أعجبه وقال يا موسى انى أحب ان أنام على هذا السرير قال فنم عليه فلما نام جاء ملك الموت فقال يا موسى خدعتنى فلما قبض رفع البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير به الى السماء فلما رجع موسى الى بنى إسرائيل وليس معه هارون قالوا ان موسى قتل هارون وحسده على حب بنى

إسرائيل إياه فقال لهم موسى ويحكم كان أخي أفتروني اقتل أخي فلما كثروا عليه صلى ركعتين ثم دعا فنزل السرير حتى نظروا اليه بين السماء والأرض فصدقوه وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه قال صعد موسى وهارون الجبل فقال بنوا إسرائيل أنت قتلته فآذوه فامر الله الملائكة فحملوه حتى مروا به على بنى إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفت بنوا إسرائيل انه قد مات فبرأه الله مما قالوا ثم ان الملائكة حملوه ودفنوه فلم يطلع على موضع قبره أحد الا الرخم فجعله الله أصم وأبكم وقال عمرو بن ميمونة مات هارون وموسى فى التيه مات هارون قبل موسى وكانا خرجا الى بعض الكهوف فمات هارون ودفنه موسى وانصرف الى بنى إسرائيل فقالوا قتلته لحبنا إياه وكان محببا فى بنى إسرائيل فتضرع موسى الى ربه فاوحى الله اليه ان انطلق بهم الى قبره فنادى يا هارون فخرج من قبره ينقض رأسه فقال انا قتلتك فقال لا ولكننى مت قال فعد الى مضجعك وانصرفوا واما وفاة موسى عليه الصلاة والسلام قال ابن اسحق كان صفى الله موسى قد كره الموت وأعظمه فاراد الله ان يحبب اليه الموت فنبىء يوشع بن نون فكان يغدو ويروح عليه فيقول له موسى يا نبى الله ما أحدث الله إليك فيقول له يوشع يا نبى الله ألم أصحبك كذا وكذا سنة فهل كنت اسألك عن شىء مما أحدث الله إليك حتى تكون أنت الذي تبثه به وتذكره ولا يذكر له شيأ ولما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت وفى الحديث (جاء ملك الموت الى موسى فقال له أجب ربك قال فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها فرجع ملك الموت الى الله تعالى فقال انك أرسلتني الى عبد لا يريد الموت وقد فقأ عينى قال فرد الله اليه عينه وقال ارجع الى عبدى فقل له الحياة تريد فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما وارت يدك من شعرة فانك تعيش بها سنة قال ثم ماذا قال ثم تموت قال فالآن من قريب قال رب أدنني من الأرض المقدسة قدر رمية حجر) قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (لو انى عنده لأريتكم قبره الى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر) قال محمد بن يحيى قد صح حديث ملك الموت وموسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يرده الا كل مبتدع كذا فى تفسير الثعلبي وفى حديث آخر (ان ملك الموت كان يأتى الناس عيانا حتى اتى موسى ليقبضه فلطمه ففقأ عينه فجاء ملك الموت بعد ذلك خفية) وقال وهب خرج موسى لبعض حاجاته فمر برهط من الملائكة يحفرون قبرا لم يرشيأ قط احسن منه ومثل ما فيه من الخضرة والنضرة والبهجة فقال لهم يا ملائكة الله لمن يحفر هذا القبر فقالوا لعبد كريم على ربه فقال ان هذا العبد من الله بمنزل ما رأيت مضجعا احسن من هذا قالوا يا كليم الله أتحب ان يكون لك قال وددت قالوا فانزل واضطجع فيه وتوجه الى ربك قال فاضطجع فيه وتوجه الى ربه ثم تنفس أسهل نفس قبض الله روحه ثم سوت الملائكة عليه التراب وقيل ان ملك الموت أتاه بتفاحة من الجنة فشمها فقبض روحه- وروى- ان يوشع رآه بعد موته فى المنام فقال كيف وجدت الموت قال كشاة تسلخ وهى حية وكان عمر موسى مائة وعشرين سنة فلما مات موسى وانقضت الأربعون بعث الله يوشع نبيا فاخبره ان الله قد امره بقتال الجبابرة فصدقوه وتابعوه فتوجه ببني إسرائيل الى اريحاء معه تابوت الميثاق فاحاط بمدينة اريحاء ستة أشهر فلما كان السابع نفخوا فى القرون

[سورة المائدة (5) : آية 27]

وضج الشعب ضجة واحدة فسقط سور المدينة ودخلوا فقاتلوا الجبارين فهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم وكانت العصابة من بنى إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها وكان القتال يوم الجمعة فبقيت منهم البقية وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت فقال اللهم اردد الشمس على وقال للشمس انك فى طاعة الله تعالى وانا فى طاعة الله فسأل الشمس ان تقف والقمر ان يقيم حتى ينتقم من اعداء الله قبل دخول السبت فردت عليه الشمس وزيد فى النهار ساعة حتى قتلهم أجمعين وتتبع ملوك الشام فاستباح منهم أحدا وثلاثين ملكا حتى غلب على جميع ارض الشام وصارت الشام كلها لبنى إسرائيل وفرق عماله فى نواحيها وجمع الغنائم فلم تنزل النار فأوحى الله الى يوشع ان فيها غلولا فمرهم فليبا يعوك فبايعوه فالتصقت يدرجل منهم بيده فقال هلم ما عندك فاتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالياقوت والجواهر وكان قد غله فجعله فى القربان وجعل الرجل معه فجاءت النار فاكلت الرجل والقربان ثم مات يوشع ودفن فى جبل افرائيم وكان عمره مائة وستا وعشرين سنة وتدبيره امر بنى إسرائيل بعد موت موسى سبعا وعشرين سنة جهان اى برادر نماند بكس ... دل اندر جهان آفرين بند وبس وَاتْلُ عَلَيْهِمْ اى على اهل الكتاب نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ اى خبر ابني ابى البشر وهما قابيل وهابيل بِالْحَقِّ اى تلاوة ملتبسة بالحق والصحة ذكر العلماء ان حواء كانت تلد فى كل بطن ولدين ذكرا وأنثى إلا شيثا فانها ولدته منفردا فولدت أول بطن قابيل وأخته إقليما ثم ولدت فى البطن الثانية هابيل وأخته ليوذا فلما أدركوا أوحى الله الى آدم انه يزوج كلا منهما توأمة الآخر لانه لم يكن يومئذ الا أختاهما وكانت توأمة قابيل أجمل فحسد عليها أخاه وسخط وزعم ان ذلك ليس من عند الله بل من جهة آدم فقال لهما قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها ففعلا فنزلت نار على قربان هابيل فاكلته ولم تتعرض لقربان قابيل فازداد قابيل حسدا وسخطا وفعل ما فعل إِذْ قَرَّبا قُرْباناً ظرف لنبأ والقربان اسم لما يتقرب به الى الله تعالى من ذبيحة او صدقة وتوحيده لما انه فى الأصل مصدر والتقدير إذ قرب كل منهما قربانا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما هو هابيل وكان صاحب ضرع وقرب جملا سمينا او كبشا ولبنا وزبدا فنزلت نار من السماء بيضاء لا دخان لها فاكلته بعد دعاء آدم عليه السلام وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت من السماء نار فاكلتها وان لم تكن مقبولة لم تنزل النار واكلتها الطير والسباع وقيل ما كان فى ذلك الوقت فقير يدفع اليه ما يتقرب به الى الله تعالى فكانت علامة قبوله ما ذكر من مجيئ النار والاكل وروى سعيد بن جبير وغيره نزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل ورفع بها الى الجنة فلم يزل يرعى الى ان فدى به الذبيح عليه السلام وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ وهو قابيل كان صاحب زرع وقرب اردأ ما عنده من القمح ولم تتعرض له النار أصلا لانه سخط حكم الله ولم يخلص النية فى قربانه وقصد الى اخس ما عنده فنزلا عن الجبل الذي قربا عليه وقد غضب قابيل لرد قربانه وكان يضمر الحسد فى نفسه الى ان اتى آدم مكة لزيارة البيت فلما غاب آدم اتى قابيل هابيل وهو فى غنمه فعند ذلك قالَ اى من لم يتقبل قربانه لاخيه لَأَقْتُلَنَّكَ اى والله لا قتلنك قال ولم قال لان الله قبل قربانك ورد قربانى وتنكح أختي الحسناء وانكح

[سورة المائدة (5) : الآيات 28 إلى 30]

أختك الدميمة فيحدث الناس انك خير منى ويفخر ولدك على ولدي قالَ الذي تقبل قربانه وما ذنبى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ اى القربان مِنَ الْمُتَّقِينَ لا من غيرهم وانما تقبل قربانى ورد قربانك لما فينا من التقوى وعدمه اى انما أديت من قبل نفسك لا من قبلى فلم تقتلنى والتقوى من صفات القلب لقوله عليه السلام (التقوى هاهنا) وأشار الى القلب وحقيقة التقوى ان يكون العامل على خوف ووجل من تقصير نفسه فيما اتى به من الطاعات وان يكون فى غاية الاحتراز من ان يأتى بتلك الطاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله وان يكون فيه شركة لغير الله تعالى لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ اى والله لئن مددت الى يدك وباشرت قتلى حسبما او عدتنى به وتحقق ذلك منك ما انا بفاعل مثله لك فى وقت من الأوقات ثم علل ذلك بقوله إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ قيل كان هابيل أقوى ولكن تحرّج عن قتله واستسلم له خوفا من الله تعالى لان القتل للدفع لم يكن مباحا فى ذلك الوقت قال البغوي وفى الشرع جائز لمن أريد قتله ان ينقاد ويستسلم طلبا للاجر كما فعل عثمان رضى الله عنه إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ تعليل آخر لامتناعه عن المعارضة على انه غرض متأخر عنه كما ان الاول باعث متقدم عليه وانما لم يعطف تنبيها على كفاية كل منهما فى العلية والمعنى انى أريد باستسلامى لك وامتناعي عن التعرض لك ان ترجع بإثمي اى بمثل اثمى لو بسطت يدك إليك وبإثمك ببسط يدك الىّ كما فى قوله صلى الله عليه وسلم (المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم) اى على البادئ عين اثم سبه ومثل سبه صاحبه بحكم كونه سببا له وكلاهما نصب على الحالية اى ترجع ملتبسا بالاثمين حاملا لهما ولعل مراده بالذات انما هو عدم ملابسته للاثم لا ملابسة أخيه له فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ فى الآخرة وَذلِكَ اشارة الى كونه من اصحاب النار جَزاءُ الظَّالِمِينَ اى عقوبة من لم يرض بحكم الله تعالى فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ من طاع له المرتع إذا اتسع اى وسعته وسهلته اى جعلته سهلا وهوّنته وتقدير الكلام فصورت له نفسه ان قتل أخيه طوع له سهل عليه ومتسع له لا ضيق فيه ولا حرج فان قتل النفس بغير حق لا سيما قتل الأخ إذا تصوره الإنسان يجده شيأ عاصيا نافرا كل النفرة عن دائرة الشرع والعقل بعيدا عن الاطاعة والانقياد البتة ثم ان النفس الامارة إذا استعملت القوة السبعية الغضبية صار ذلك الفعل أسهل عليها فكأن النفس صيرته كالمطيع لها بعد ان كان كالعاصى المتمرد عليها ويتم الكلام بدون اللام بان يقال فطوعته نفسه قتل أخيه الا انه جيئ باللام لزيادة الربط كما فى قولك حفظت لزيد ماله مع تمام الكلام بان يقال حفظت مال زيد فَقَتَلَهُ قيل لم يدر قابيل كيف يقتل هابيل فتمثل إبليس وأخذ طائرا او حية ووضع رأسه على الحجر ثم شدخها بحجر آخر وقابيل ينظر فتعلم منه فوضع رأس هابيل بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصى عليه او اغتاله وهو نائم وغنمه ترعى وذلك عند جبل ثور او عقبة حراء او بالبصرة فى موضع المسجد الأعظم وكان لهابيل يوم قتله عشرون سنة وعن بعض الكبار ان آدم لما هبط الى الأرض تفكر فيما أكل فاستقاء فنبتت شجرة السم من قيئه فاكلت الحية ذلك السم ولذا صارت مؤذية مهلكة وكان قد بقي شىء مما أكل فلما غشى حواء حصل قابيل ولذا كان قاتلا باعثا للفساد فى وجه الأرض

[سورة المائدة (5) : الآيات 31 إلى 35]

فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ خسر دينه ودنياه قال ابن عباس رضى الله عنهما حسر دنياه وآخرته اما الدنيا فانه أسخط لوالديه وبقي مذموما الى يوم القيامة واما الآخرة فهو العقاب العظيم فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً أرسله يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ البحث بالفارسية «بكندن» لِيُرِيَهُ المستكن الى الله تعالى او للغراب واللام على الاول متعلقة ببعث حتما وعلى الثاني بيبحث ويجوز تعلقها ببعث ايضا كَيْفَ يُوارِي يستر سَوْأَةَ أَخِيهِ اى جسده الميت فانه مما يستقبح انه يرى وقيل عورته لانه كان قد سلب ثيابه. وكيف حال من ضمير يوارى والجملة ثانى مفعولى يرى- روى- انه لما قتله تركه بالعراء اى الأرض الخالية عن الأشجار ولم يدر ما يصنع به لانه كان أول ميت على وجه الأرض من بنى آدم فخاف عليه السباع فحمله فى جراب على ظهره أربعين يوما او سنة حتى أروح وعفت عليه الطيور والسباع تنظر متى يرمى به فتأكله فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر فحفر له بمنقاره ورجليه حفرة فالقاه فيها وواراه وقابيل ينظر اليه وكأنه قيل فماذا قال عند مشاهدة حال الغراب فقيل قالَ يا وَيْلَتى هى كلمة جزع وتحسر والالف بدل من ياء المتكلم والمعنى يا ويلتى احضرى فهذا أوانك والنداء وان كان أصله لمن يتأتى منه الإقبال وهم العقلاء الا ان العرب تتجوز وتنادى ما لا يعقل إظهارا للتحسر ومثله يا حسرة على العباد والويل والويلة الهلكة أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ اى عن ان أكون مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي تعجب من عدم اهتدائه الى ما اهتدى اليه الغراب وقوله فاوارى بالنصب عطف على أكون اى أعجزت عن كونى مشبها بالغراب فمواريا فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ اى على قتله لما كان من التحير فى امره وحمله على رقبته مدة طويلة وغير ذلك فلما كان ندمه لاجل هذه الأسباب لا للخوف من الله بسبب ارتكاب المعصية لم يكن ندمه توبة ولم ينتفع بندمه- روى- انه لما قتل ابن آدم أخاه رجفت الأرض بما عليها سبعة ايام ثم شربت الأرض دمه كشرب الماء فناداه الله اين أخوك هابيل قال ما أدرى ما كنت عليه رقيبا فقال الله تعالى ان دم أخيك لينادينى من الأرض فلم قتلت أخاك قال فاين دمه ان كنت قتلته فحرم الله تعالى على الأرض يومئذ ان تشرب دما بعده ابدا قال مقاتل كان قبل ذلك يستأنس السباع والطيور والوحوش فلما قتل قابيل هابيل نفروا فلحقت الطيور بالهواء والوحوش بالبرية والسباع بالغياض واشتاك الشجر وتغيرت الاطعمة وحمضت الفواكه وامر الماء واغبرت الأرض فقال آدم قد حدث فى الأرض حدث فاتى الهند فاذا قابيل قد قتل هابيل وكان جسد قابيل ابيض قبل ذلك فاسود فسأله آدم عن أخيه فقال ما كنت عليه وكيلا قال بل قتلته ولذلك اسود جسدك ومكث آدم حزينا على قتل ولده مائة سنة لا يضحك وانشأ يقول وهو أول من قال الشعر تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذى لون وطعم ... وقل بشاشة الوجه الصبيح وعن ابن عباس رضى الله عنهما من قال ان آدم قال شعرا فقد كذب ان محمدا والأنبياء كلهم فى النهى عن الشعر سواء ولكن لما قتل قابيل هابيل رثاه آدم وهو سريانى فلما قال آدم

مرثية قال لشيث يا بنى انك وصيي احفظ هذا الكلام ليتوارث فيرق الناس عليه فلم يزل ينقل حتى وصل الى يعرب بن قحطان وكان يتكلم بالعربية والسريانية وهو أول من خط بالعربية وكان يقول الشعر فنظر فى المرثية فرد المقدم الى المؤخر والمؤخر الى المقدم فوزنه شعرا وزيد فيه أبيات منها ومالى لا أجود بسكب دمع ... وهابيل تضمنه الضريح ارى طول الحياة على نقما ... فهل انا من حياتى مستريح - وروى- عن انس رضى الله عنه انه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم الثلاثاء فقال (يوم الدم فيه حاضت حواء وفيه قتل ابن آدم أخاه) فلما مضى من عمر آدم مائة وثلاثون سنة وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء شيئا وتفسيره هبة الله يعنى انه خلف من هابيل علمه الله تعالى ساعات الليل والنهار واعلمه عبادة الخلق فى كل ساعة منها وانزل عليه خمسين صحيفة وصار وصى آدم وولى عهده. واما قابيل فقيل له اذهب طريدا شريدا فزعا مرعوبا لا تأمن من تراه فاخذ بيد أخته إقليما وهرب بها الى عدن من ارض اليمن فاتاه إبليس فقال له انما أكلت النار قربان هابيل لانه كان يعبد النار فانصب أنت ايضا نارا تكون لك ولعقبك فبنى بيت النار وهو أول من عبد النار وكان لا يمر به أحد إلا رماه فاقبل ابن له أعمى ومعه ابن له فقال للاعمى ابنه هذا أبوك قابيل فرمى الأعمى أباه بحجارة فقتله فقال ابن الأعمى قتلت أباك فرفع يده فلطم ابنه فمات فقال الأعمى ويل لى قتلت ابى برميتى وقت ابني بلطمتى قال مجاهد فعقلت احدى رجلى قابيل الى فخذها وساقها وعلقت من يومئذ الى يوم القيامة وجهه الى الشمس حيثما دارت عليه فى الصيف حظيرة من نار وفى الشتاء حظيرة من ثلج وهو أول من عصى الله فى الأرض من ولد آدم وهو أول من يساق الى النار وفى الحديث (لا تقتل نفس ظلما الا كان على ابن آدم الاول كفل من دمها) لانه أول من سن القتل وهو اب يأجوج ومأجوج شر أولاد توالدوا من شر والد قالوا واتخذ أولاد قابيل آلات اللهو من اليراع والطبول والمزامير والعيدان والطنابير وانهمكوا اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنى والفواحش حتى غرقهم الله بالطوفان ايام نوح وبقي نسل شيث وفى التواريخ لما ذهب قابيل الى سمت اليمن كثروا وخلفوا وطفقوا يتحاربون مع أولاد آدم يسكنون فى الجبال والمغارات والغياض الى زمن مهلاييل بن قينان بن انوش بن شيث ففرقهم مهلاييل الى أقطار الأرض وسكن هو فى ارض بابل وكان كيومرث أخاه الصغير وهو أول السلاطين فى العالم فاخذوا يبنون المدن والحصون واستمر الحرب بينهم الى آخر الزمان واعلم ان الكدر لا يرتفع من الدنيا وانما يرتفع التكدر عن قلوب اهل الله تعالى كالنار والماء لا يرتفعان ابدا لكن يرتفع إحراق النار لبعض كما وقع لابراهيم عليه السلام وإغراق الماء لبعض كما وقع لموسى عليه السلام والدنيا تذهب على هذا فطوبى لمن رضى وصبر: قال الحافظ

درين چمن گل بيخار كس نچيد آرى ... چراغ مصطفوى با شرار بو لهبيست وله مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد والاشارة فى الآيات ان آدم الروح بازدواجه مع حواء القلب ولد قابيل النفس وتوأمته إقليما الهوى فى بطن اولا ثم ولد هابيل القلب وتوأمته ليوذا العقل وكان إقليما الهوى فى غاية الحسن لان القلب يميل الى طلب المولى وما عنده وهو محبب اليه وكان ليوذا العقل فى نظر هابيل القلب فى غاية القبح والدمامة لان القلب به يعقل عن طلب الحق والفناء فى الله ولهذا قيل العقل عقيلة الرجال وفى نظر قابيل النفس ايضا فى غاية القبح لان النفس به تعقل عن طلب الدنيا والاستهلاك فيها فالله تعالى حرم الازدواج بين التوأمين كليهما وامر بازدواج توأمة كل واحد منهما الى توأم الاخرى لئلا يعقل القلب عن طلب الحق بل يحرضه الهوى على الاستهلاك والفناء فى الله ولهذا قال بعضهم لولا الهوى ما سلك أحد طريقا الى الله فان الهوى إذا كان قرين النفس يكون حرصا فيه تنزل النفس الى أسفل سافلين الدنيا وبعد المولى وإذا كان قرين القلب يكون عشقا فيه يصعد القلب الى أعلى عليين العقبى وقرب المولى ولهذا سمى العشق هوى كما قال الشاعر أتاني هواها قبل ان اعرف الهوى ... فصادف قلبى فارغا فتمكنا ولتعقل النفس عن طلب الدنيا بل يحرضها العقل على العبودية وينهاها عن متابعة الهوى فذكر آدم الروح لولديه ما امر الله به فرضى هابيل القلب وسخط قابيل النفس وقال هى أختي يعنى إقليما الهوى ولدت معى فى بطن وهى احسن من اخت هابيل القلب يعنى ليوذا العقل وانا أحق بها ونحن من ولائد جنة الدنيا وهما من ولائد ارض العقبى فانا أحق بأختي فقال له أبوه انها لا تحل لك يعنى إذ كان الهوى قرينك فتهلك فى اودية حب الدنيا وطلب لذاتها وشهواتها فابى ان يقبل قابيل النفس هذا الحكم من آدم الروح وقال الله تعالى لم يأمر به وانما هذا من رأيه فقال لهما آدم الروح قربا قربانا فايكما يقبل قربانه فهوا حق بها فخرجا ليقربا وكان قابيل النفس صاحب زرع يعنى مدبر النفس النامية وهى القوة النباتية فقرب طعاما من أردى زرعه وهو القوة الطبيعية وكان هابيل القلب راعيا يعنى مواشى الأخلاق الانسانية والصفات الحيوانية فقرب جملا يعنى الصفة البهيمية وهى أحب الصفات اليه لاحتياجه إليها لضرورة التغذي والبقاء ولسلامتها بالنسبة الى الصفات السبعية الشيطانية فوضعها قربانهما على جبل البشرية ثم دعا آدم الروح فنزلت نار المحبة من سماء الجبروت فاكلت جمل الصفة البهيمية لانها حطب هذه النار ولم تأكل من قربان قابيل النفس حبة لانها ليست من حطبها بل هى من حطب نار الحيوانية فهذا تحقيق قوله تعالى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ الآية. والاشارة فى قوله فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ اى نفس قابيل النفس طوعت له وجوزت قَتْلَ أَخِيهِ وهو القلب لان النفس أعدى عدو القلب فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ يعنى فى قتل القلب خسارة النفس فى الدنيا والآخرة اما فى الدنيا فتحرم عن الواردات والكشوف والعلوم الغيبية التي

[سورة المائدة (5) : آية 32]

منشأها القلب وعن ذوق المشاهدات ولذة المؤانسات فتبقى فى خسران جهولية الإنسان كقوله تعالى وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ واما فى الآخرة فتخسر الدخول فى جنات النعيم ولقاء الرب الكريم والنجاة من الجحيم والعذاب الأليم وفى قوله فَبَعَثَ اللَّهُ إشارات منها ليعلم ان الله قادر على ان يبعث غُراباً او غيره من الحيوان الى الإنسان ليعلمه ما لم يعلم كما يبعث الملائكة الى الرسل والرسل الى الأمم ليعلموهم ما لم يعلموا. ومنها لئلا يعجب الملائكة والرسل أنفسهم باختصاصهم بتعليم الحق فانه يعلمهم بواسطة الغراب كما يعلمهم بواسطة الملائكة والرسل. ومنها ليعلم الإنسان انه محتاج فى التعلم الى غراب ويعجز ان يكون مثل غراب فى العلم. ومنها ان لله تعالى فى كل حيوان بل فى كل ذرة آية تدل على وحدانيته واختياره حيث يبدى المعاملات المعقولة من الحيوانات الغير العاقلة. ومنها اظهار لطفه مع عباده فى اسباب التعيش حتى إذا أشكل عليهم امر كيف يرشدهم الى الاحتيال بلطائف الأسباب لحله كذا فى التأويلات النجمية مِنْ أَجْلِ ذلِكَ شروع فيما هو المقصود بتلاوة النبأ من بيان بعض آخر من جنايات بنى إسرائيل ومعاصيهم وذلك اشارة الى عظم شأن القتل وافراط قبحه اى من أجل كون القتل على سبيل العدوان مشتملا على انواع المفاسد من خسارة جميع الفضائل الدينية والدنيوية وجمع السعادات الاخروية كما هى مندرجة فى إجمال قوله فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ ومن الابتلاء بجميع ما يوجب الحسرة والندامة من غير ان يكون لشىء منها ما يدفعه البتة كما هو مندرج فى إجمال قوله فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ وأجل فى الأصل مصدر أجل شرا إذا جناه وهيجه استعمل فى تعليل الجنايات اى فى جعل ما جناه الغير علة لامر يقال فعلته من أجلك اى بسبب ان جنيت ذلك وكسبته ثم اتسع فيه واستعمل فى كل تعليل ومن لابتداء الغاية متعلقة بقوله تعالى كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ وتقديمها عليه للقصر اى من ذلك ابتدئ الكتب ومنه نشأ لا من شىء آخر اى قضينا عليهم فى التوراة وبينا أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً واحدة من النفوس بِغَيْرِ نَفْسٍ اى بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ اى فساد يوجب اهدار دمها كالشرك وقطع الطريق وهو عطف على ما أضيف اليه غير بمعنى نفى كلا الامرين معا كما فى قولك من صلى بغير وضوء او تيمم بطلت صلاته لا نفى أحدهما كما فى قولك من صلى بغير وضوء او ثوب بطلت صلاته فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً من حيث انه هتك حرمة الدماء وسن القتل وجرأ الناس عليه او من حيث ان قتل الواحد والجميع سواء فى استجلاب غضب الله والعذاب العظيم وقوله جميعا حال من الناس او تأكيد وَمَنْ أَحْياها اى تسبب لبقاء حياتها بعفو او منع عن القتل او استنقاذ من بعض اسباب الهلكة فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا والمقصود من التشبيه المبالغة فى تعظيم امر القتل بغير حق والترغيب فى الاحتراز عنه وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ اى اهل الكتاب رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ اى وبالله لقد جاءتهم رسلنا حسبما أرسلناهم بالآيات الواضحة بتقرير ما كتبنا عليهم تأكيدا لوجوب مراعاته وتأييدا لتحتم المحافظة عليهم ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ اى بعد ما ذكر من الكتب وتأكيد الأمر بإرسال الرسل

[سورة المائدة (5) : آية 33]

تترى وتجديد العهد مرة بعد اخرى وثم للتراخى فى الرتبة والاستبعاد فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ فى القتل غير مبالين به والإسراف فى كل امر التباعد عن حد الاعتدال مع عدم مبالاة به. قوله بعد ذلك وقوله فى الأرض يتعلقان بقوله لمسرفون وهو خبر انّ وبهذا اى بقوله تعالى وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا اتصلت القصة بما قبلها. وفى التأويلات النجمية اعلم ان كل شىء ترى فيه آية من الله تعالى فهو فى الحقيقة رسول من الله إليك ومعه آية بينة ومعجزة ظاهرة يدعوك بها الى الله ثم ان كثيرا من الذين شاهدوا الآيات وتحققوا البينات بعد رؤية الآيات فى الأرض لمسرفون اى فى ارض البشرية مجاوزون حد الشريعة والطريقة بمخالفة أوامر الله ونواهيه انتهى. واعلم ان اهل الغفلة يشاهدون الآثار لكنهم غافلون عن الحقيقة فهم كأنهم لا بصر لهم بل غيرة الحق تمنعهم من الرؤية الصحيحة لكونهم أغيارا غير لائقين بالدخول فى المجلس الخاص: قال الحافظ معشوق عيان ميكذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست وكل ذرة من ذرات الكائنات وان كانت قائمة بالحق وبنوره فى الحقيقة الا ان الدنيا خيال يحتاج السالك الى العبور عن مسالكه الى ان ينتهى الى الحق: وفى المثنوى اين جهانرا كه بصورت قائمست ... كفت پيغمبر كه حلم نائمست از ره تقليد تو كردى قبول ... سالكان اين ديده پيدا بي رسول روز در خوابى مگو كين خواب نيست ... سايه فرعست اصل جز مهتاب نيست خواب بيداريت آن دان اى عضد ... كه نبيند خفته كو در خواب شد او كمان برده كه اين دم خفته أم ... بي خبر زان كوست در خواب دوم وهذه اى اليقظة من المنام على الحقيقة لا تتيسر الا لارباب المكاشفة الصحيحة واصحاب المشاهدة الواضحة اللهم أفض علينا من هذا المقام إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يحاربون أولياءهما وهم المسلمون جعل محاربتهم محاربتهما تعظيما لهم والمراد بالمحاربة قطع الطريق وهو انما يكون من قوم اجتمعوا فى الصحراء وتعرضوا الدماء المسلمين وأموالهم وأزواجهم وامائهم ولهم قوة وشوكة تمنعهم ممن أرادهم وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً حال من فاعل يسعون اى مفسدين. نزلت فى قوم هلال بن عويمر الأسلمي وكان وادعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان لا يعينه ولا يعين عليه ومن أتاه من المسلمين فهو آمن لا يهاج ومن مر بهلال الى رسول الله فهو آمن لا يهاج فمر قوم من بنى كنانة يريدون الإسلام بناس من قوم هلال ولم يكن هلال يومئذ حاضرا فقطعوا عليهم وقتلوهم وأخذوا أموالهم. فان قلت بنفس ارادة الإسلام لا يخرج الشخص عن كونه حربيا والحد لا يجب بقطع الطريق عليه وان كان مستأمنا. قلت معناه يريدون تعلم احكام الإسلام فانهم كانوا مسلمين او يقال جاؤا على قصد الإسلام فهم بمنزلة اهل الذمة والحد واجب بالقطع على اهل الذمة ولما كانت المحاربة والفساد على مراتب متفاوتة ووجوه شتى من القتل بدون أخذ المال ومن القتل مع اخذه ومن اخذه بدون قتل ومن الاخافة بدون قتل وأخذ شرعت لكل مرتبة من نلك المراتب عقوبة معينة بطريق التوزيع فقيل أَنْ يُقَتَّلُوا اى حدا من غير صلب ان افردوا القتل

[سورة المائدة (5) : آية 34]

ولو عفا الأولياء لا يلتفت الى ذلك لانه حق الشرع ولا فرق بين ان يكون القتل بآلة جارحة اولا أَوْ يُصَلَّبُوا اى يصلبوا مع القتل ان جمعوا بين القتل والاخذ بان يصلبوا احياء وتبعج بطونهم برمح الى ان يموتوا ولا يصلبوا بعد ما قتلوا لان الصلب حيا ابلغ فى الردع والزجر لغيره عن الاقدام على مثل هذه المعصية أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ اى أيديهم اليمنى من الرسغ وأرجلهم اليسرى من الكعب ان اقتصروا على أخذ مال من مسلم او ذمى وكان فى المقدار بحيث لو قسم عليهم أصاب كلا منهم عشرة دراهم او ما يساويها قيمة اما قطع أيديهم فلأخذ المال واما قطع أرجلهم فلاخافة الطريق بتفويت امنه أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ان لم يفعلوا غير الاخافة والسعى للفساد والمراد بالنفي عندنا هو الحبس فانه نفى عن وجه الأرض بدفع شرهم عن أهلها ويعزرون ايضا لمباشرتهم منكر الاخافة وازالة الا من ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ كائن فِي الدُّنْيا اى ذل وفضيحة. قوله ذلك مبتدأ ولهم خبر مقدم على المبتدأ وهو الخزي والجملة خبر لذلك وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ غير هذا عَذابٌ عَظِيمٌ لا يقادر قدره لغاية عظم جنايتهم. فقوله تعالى لهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وفى الآخرة متعلق بمحذوف وقع حالا من عذاب لانه فى الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا اى كائنا فى الآخرة إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ استثناء مخصوص بما هو من حقوق الله عز وجل كما ينبئ عنه قوله تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اما ما هو من حقوق الآدميين فانه لا يسقط بهذه التوبة فان قطاع الطريق ان قتلوا إنسانا ثم تابوا قبل القدرة عليهم يسقط بهذه التوبة وجوب قتلهم حدا وكان ولى الدم على حقه فى القصاص والعفو وان أخذوا مالا ثم تابوا قبل القدرة عليهم يسقط بهذه التوبة وجوب قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وكان حق صاحب المال باقيا فى ماله وجب عليهم رده واما إذا تاب بعد القدرة عليه فظاهر الآية ان التوبة لا تنفعه ويقام الحد عليه فى الدنيا كما يضمن حقوق العباد وان سقط عنه العذاب العظيم فى العقبى. والآية فى قطاع المسلمين لان توبة المشرك تدرأ عنه العقوبة قبل القدرة وبعدها يعنى ان المشرك المحارب لو آمن بعد القدرة عليه فلا سبيل عليه بشىء من الحدود ولا يطالب بشىء مما أصاب فى حال الكفر من دم او مال كما لو آمن قبل القدرة عليه. واما المسلمون المحاربون فمن تاب منهم قبل القدرة عليه اى قبل ان يظفر به الامام سقطت عنه العقوبة التي وجبت حقا لله ولا يسقط ما كان من حقوق العباد فان كان قد قتل فى قطع الطريق سقط عنه بالتوبة قبل القدرة عليه تحتم القتل ويبقى عليه القصاص لولى القتل ان شاء عفا عنه وان شاء استوفاه وان كان قد أخذ المال يسقط عنه القطع وان كان جمع بينهما يسقط عنه تحتم القتل والصلب ويجب ضمان المال. وقال بعضهم إذا جاء تائبا قبل القدرة عليه لا يكون لأحد تبعة فى دم ولا مال الا ان يوجد معه مال بعينه فيرده على صاحبه. روى عن على رضى الله عنه ان الحارث بن بدر جاءه تائبا بعد ما كان يقطع الطريق ويسفك الدماء ويأخذ الأموال فقبل توبته ولم يجعل عليه تبعة أصلا واما من تاب بعد القدرة عليه فلا يسقط عنه شىء من الحقوق. اعلم ان قطع الطريق واخافة المسافرين من أقبح السيئات كما ان دفع الأذى عن الطريق من احسن الصالحات وفى الحديث (عرضت على اعمال أمتي حسنها وسيئها

[سورة المائدة (5) : آية 35]

فوجدت فى محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت فى مساوى أعمالها النخاعة تكون فى المسجد لا تدفن) وفى الحديث (من أشار الى أخيه) اى أخيه المسلم والذمي فى حكمه (بحديدة) اى بما هو آلة القتل لانه جاء فى رواية (بسلاح) مكان بحديدة (فان الملائكة تلعنه) يعنى تدعو عليه بالبعد عن الجنة أول الأمر لانه خوف مسلما بإشارته وهو حرام لقوله عليه الصلاة والسلام (لا يحل لمسلم ان يروع المسلم) او لانه قد يسبقه السلاح فيقتله كما صرح به فى رواية مسلم (لا يشر أحدكم الى أخيه فانه لا يدرى لعل الشيطان ينزغ فى يده وان كان أخاه) اى المشير أخا المشار اليه (لا بيه وامه) يعنى فان كان هازلا ولم يقصد ضربه كنى به عنه لان الأخ الشقيق لا يقصد قتل أخيه غالبا. والاشارة فى الآية ان محاربة الله ورسوله معاداة اولياء الله فان فى الخبر الصحيح حكاية عن الله تعالى (من عادى لى وليا فقد بارزني بالحرب وانى لأغضب لاوليائى كما يغضب الليث لجروه) ألا يرى ان بلعم بن باعوراء فى زمن موسى عليه السلام كان بحيث إذا نظر رأى العرش فلما مال الى الدنيا وأهلها ميلة واحدة ولم يترك لولى من أوليائه حرمة واحدة سلب الله معرفته وجعله بمنزلة الكلب المطرود فجزاء مثل هذا المحارب ان يقتل بسكين الخذلان او يصلب بحبل الهجران على جذع الحرمان او تقطع ايديه عن أذيال الوصال وارجله من خلاف عن الاختلاف او ينفى من ارض القربة والائتلاف فله فى الدنيا بعد وهوان وفى الآخرة عذاب القطيعة والهجران الا الذين تابوا الى الله واستغفروا واعتذروا عن اولياء الله من قبل ان تقدروا عليهم برد الولاية ايها الأولياء فان ردكم رد الحق وقبولكم قبول الحق وان مردود الولاية مفقود العناية: قال الحافظ كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند : وفى المثنوى لا جرم آن راه بر تو بسته شد ... چون دل اهل دل از تو خسته شد زود شان درياب واستغفار كن ... همچوابرى كريها وزار كن تا كلستان شان سوى تو بشكفد ... ميوهاى پخته بر خود وا كفد هم بران در كرد كم از سك مباش ... با سك كهف ار شدستى خواجه تاش يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ اى اخشوا عذابه واحذروا معاصيه وَابْتَغُوا اى اطلبوا لانفسكم إِلَيْهِ اى الى ثوابه والزلفى منه الْوَسِيلَةَ اى القربة بالأعمال الصالحة قوله تعالى اليه متعلق بالوسيلة قدم عليها للاهتمام وليست بمصدر حتى يمتنع ان يتقدم معمولها عليها بل هى فعيلة بمعنى ما يتوسل به ويتقرب الى الله تعالى من وسل الى كذا تقرب اليه والجمع الوسائل. وقال عطاء الوسيلة أفضل درجات الجنة وفى الحديث (سلوا الله لى الوسيلة فانها درجة فى الجنة لا ينالها الا عبد واحد وأرجو من الله ان يكون هوانا) وفى الحديث (من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته حلت له شفاعتى يوم القيامة) . قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اما الوسيلة فهى أعلى درجة فى جنه عدن وهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصلت له

[سورة المائدة (5) : الآيات 36 إلى 40]

بدعاء أمته فعل ذلك الحق سبحانه لحكمة أخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة أخرجت للناس وبه ختم الله بنا الأمم كما ختم به النبيين وهو صلى الله عليه وسلم مبشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله تعالى نناجيه منه ويناجينا وكذا كل مخلوق له وجه خاص الى ربه فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء أمته وهذا من باب الغيرة الالهية انتهى وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ بمحاربة الأعداء الظاهرة والباطنة لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بالوصول الى الله والفوز بكرامته. والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل الفلاح الحقيقي فى اربعة أشياء. أحدها الايمان وهو إصابة رشاشة النور فى بدء الخلقة وبه يخلص العبد من حجب ظلمة الكفر. وثانيها التقوى وهو منشأ الأخلاق المرضية ومنبع الأعمال الشرعية وبه يخلص العبد من ظلمة المعاصي. وثالثها ابتغاء الوسيلة وهو فناء الناسوتية فى بقاء اللاهوتية وبه يتخلص العبد من ظلمة أوصاف الوجود. ورابعها الجهاد فى سبيل الله وهو اضمحلال الانانية فى اثبات الهوية وبه يتخلص العبد من ظلمة الوجود ويظفر بنور الشهود فالمعنى الحقيقي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا باصابة النور اتَّقُوا اللَّهَ بتبديل الأخلاق الذميمة وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ فى إفناء الأوصاف وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ببذل الوجود لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بنيل المقصود من المعبود كذا فى التأويلات النجمية. واعلم ان الآية الكريمة صرحت بالأمر بابتغاء الوسيلة ولا بد منها البتة فان الوصول الى الله تعالى لا يحصل الا بالوسيلة وهى علماء الحقيقة ومشايخ الطريقة: قال الحافظ قطع اين مرحله بي همرهىء خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر كمراهى والعمل بالنفس يزيد فى وجودها واما العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء والأولياء فيخلصها من الوجود ويرفع الحجاب ويوصل الطالب الى رب الأرباب. قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا وصاحب لى قد أوينا الى مغارة لطلب الدخول الى الله وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذوهيبة وعلمنا انه من اولياء الله فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يا نفس لم لا تعبدين الله لله فتيقظنا وتبنا الى الله وبعد ذلك فتح علينا فلا بد من قطع التعلق من كل وجه لينكشف حقيقة الحال: قال الحافظ فداى دوست نكرديم عمر مال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد وفى صحبة الأخيار والصلحاء شرف عظيم وسعادة عظمى- وحكى- ان خادم الشيخ ابى يزيد البسطامي كان رجلا مغربيا فجرى الحديث عنده فى سؤال منكر ونكير فقال المغربي والله ان يسألانى لأقولن لهما فقالوا له ومن اين يعلم ذلك فقال اقعدوا على قبرى حتى تسمعونى فلما انتقل المغربي جلسوا على قبره فسمعوا المسألة وسمعوه يقول أتسألونني وقد حملت فروة ابى يزيد على عنقى فمضوا وتركوه ولا تستبعد أمثال هذا فان جواب المجيب المدقق يذهب معه من هنا فحصل مثل هذا الزاد: وفى المثنوى كنج زرى كه چوخسبى زير ريك ... با تو باشد آن نباشد مرد ريك پيش پيش آن جنازت مى رود ... مونس كور وغريبى ميشود إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ اى لكل واحد منهم ما فِي الْأَرْضِ اى من اصناف

[سورة المائدة (5) : آية 37]

أموالها وذخائرها وسائر منافعها وهو اسم ان ولهم خبرها جَمِيعاً توكيد للموصول او حال منه وَمِثْلَهُ عطف على الموصول اى ضعفه مَعَهُ ظرف وقع حالا من المعطوف والضمير راجع الى الموصول لِيَفْتَدُوا بِهِ متعلق بما تعلق به خبر ان اعنى الاستقرار المقدر فى لهم وبه متعلق بالافتداء والضمير راجع الى الموصول ومثله معا وتوحيده لاجرائه مجرى اسم الاشارة كأنه قيل بذلك مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بالافتداء ايضا اى لو ان ما فى الأرض ومثله ثابت لهم لجعلوه فدية لانفسهم من العذاب الواقع يومئذ وافتدوا به ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ذلك وهو جواب لو ولو بما فى حيزة خبر ان والجملة تمثيل للزوم العذاب لهم واستحالة نجاتهم منه بوجه من الوجوه المحققة والمفروضة وفى الحديث (بجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملئ الأرض ذهبا أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقال له انك كنت سئلت ما هو الأيسر من ذلك) اى ما هو أسهل من الافتداء المذكور وهو ترك الإشراك بالله تعالى وإتيان كلمة الشهادة وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم يُرِيدُونَ كأنه قيل فكيف يكون حالهم او ماذا يصنعون فقيل انهم يريدون أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ له وجوه الاول انهم يقصدون ذلك ويطلبون المخرج فيلفحهم لهب النار ويرفعهم الى فوق فهناك يريدون الخروج ولات حين مناص والثاني انهم يكادون يخرجون منها لقوة النار وزيادة رفعها إياهم والثالث انهم يتمنون ويريدون بقلوبهم وَما هُمْ اى يريدون ذلك والحال انهم ليسوا بِخارِجِينَ مِنْها لانهم كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ اى دائم لا ينقطع وهو تصريح بعدم تناهى مدته بعد بيان شدته وفى الحديث (يقال لاهل الجنة لكم خلود ولا موت ولاهل النار يا اهل النار خلود ولا موت) اى لكم خلود فى النار- روى- ان هذين القولين يكونان بعد ان يؤتى بالموت فى صورة كبش فيذبح بين الجنة والنار وانما يمثل الموت بهذا المثال ليشاهدوا بأعينهم ويستقر فى أنفسهم ان الموت ارتفع فيزداد اهل الجنة فرحا واهل النار ترحا وتخصيص صورة الكبش لانه لما كان فداء عن إسماعيل الذي نبينا عليه السلام من نسله كان فى المعنى فداء عن جميع الاحياء فى الدنيا لانهم خلقوا لاجله فناسب ان يكون فداء عنهم فى دار الآخرة ايضا كذا فى شرح المشارق لابن الملك. واعلم ان الكفر وجزاءه وهو الخلود فى النار اثر اخطاء رشاش النور الإلهي فى عالم الأرواح وقد أنعم الله تعالى على المؤمنين باصابة ذلك النور: وفى المثنوى مؤمنان كان عسل زنبوروار ... كافران خود كان زهرى همچومار «1» جنبش خلق از قضا ووعده است ... تيزىء دندان ز سوز معده است «2» نفس أول راند بر نفس دوم ... ماهى از سر كنده باشد نى زدم تو نميدانى كزين دو كيستى ... جهد كن چندانكه بينى چيستى چون نهى بر پشت كشتى بار را ... بر توكل ميكنى آن كار را تو نميدانى كه از هر دو كىء ... غرقه اندر سفر يا ناجىء

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان وحي آمدن از حق تعالى بموسى عليه السلام إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان نوميد شدن انبيا عليه السلام إلخ [.....]

[سورة المائدة (5) : الآيات 38 إلى 39]

چونكه بر بوكست جمله كارها ... كار دين اولى كزين يا بي رها قال بعض الصلحاء رأيت فى منامى كانى واقف على قناطر جهنم فنظرت الى هول عظيم فجعلت أفكر فى نفسى كيف العبور على هذه فاذا قائل يقول يا عبد الله ضع حملك واعبر قلت ما حملى قال دع الدنيا: قال الحافظ تا كى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست ز خوبى كه شود عاشق زشتى وفى الحديث (يؤتى بانعم اهل الدنيا) الباء فيه للتعدية وأنعم افعل تفضيل من النعمة اى بأكثرهم نعمة (من اهل النار يوم القيامة فيصبغ فى النار صبغة) يعنى يغمس فيها مرة أراد من الصبغ الغمس إطلاقا للملزوم على اللازم لان الصبغ انما يكون بالغمس غالبا ثم أراد من غمسه فيها إصابة نفحة من النار به (ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مربك نعيم قط فيقول لا والله يا رب) شدة العذاب آنسته ما مضى عليه من نعم الدنيا (ويؤتى باشد الناس بؤسا) اى شدة وبلاء فى الدنيا (من اهل الجنة فيصبغ صبغة من الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مربك شدة قط فيقول لا والله ما مربى بؤس قط ولا رأيت شدة قط) كذا فى شرح المشارق لابن ملك هر چند غرق بحر گناهم ز صد جهت ... گر آشناى عشق شوم ز اهل رحمتم وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ وهو مبتدأ محذوف الخبر اى حكم السارق والسارقة ثابت فيما يتلى عليكم فقوله تعالى فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما بيان لذلك الحكم المقدر فما بعد الفاء مرتبط بما قبلها ولذلك اتى بها فيه لانه هو المقصود مما قبلها ولو لم يأت بالفاء لتوهم انه اجنبى وانما فدر الخبر لان الأمر إنشاء لا يقع خبرا الا بإضمار وتأويل والمراد بايديهما إيمانهما ولذلك ساغ وضع الجمع موضع المثنى كما فى قوله تعالى فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما اكتفاء بتثنية المضاف اليه وتفصيل ما يتعلق بالسرقة سيجيئ فى آخر المجلس جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ منصوبان على المفعول له والمعنى فاقطعوهما مكافاة لهما على ما فعلا من فعل السرقة وعقوبة رادعة لهما من العود ولغيرهما من الاقتداء بهما وبما متعلق بجزاء ومن الله صفة نكالا اى نكالا كائنا منه تعالى. والنكال اسم بمعنى التنكيل مأخوذ من النكول وهو الامتناع وَاللَّهُ عَزِيزٌ غالب على امره يمضيه كيف يشاء من غير ند ينازعه ولا ضد يمانعه حَكِيمٌ فى شرائعه لا يحكم الا بما تقتضيه الحكمة والمصلحة ولذلك شرع هذه الشرائع المنطوية على فنون الحكم والمصالح فَمَنْ تابَ من السراق الى الله تعالى مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ اى من بعد ان ظلم غيره بأخذ ماله والتصريح به مع ان التوبة لا تتصور قبله لبيان عظم نعمته تعالى بتذكير عظم جنايته وَأَصْلَحَ اى امره بالتفصى عن تبعات ما باشره والعزم على ان لا يعود الى السرقة فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ اى يقبل توبته فلا يعذبه فى الآخرة واما القطع فلا تسقطه التوبة عندنا لان فيه حق المسروق منه. قال الحدادي لا تقطع يده إذا رد المآل قبل المرافعة الى الحاكم واما إذا رفع الى الحاكم ثم تاب فالقطع واجب فان كانت توبته حقيقة كان ذلك زيادة درجات له كما ان الله تعالى ابتلى الصالحين والأنبياء بالبلايا

[سورة المائدة (5) : آية 40]

والمحن والأمراض زيادة لهم فى درجاتهم وان لم تكن توبته حقيقة كان الحد عقوبة له على ذنبه وهو مؤاخذ فى الآخرة ان لم يتب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ مبالغ فى المغفرة والرحمة ولذلك يقبل التوبة أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد به الجميع والاستفهام الإنكاري لتقرير العلم والمراد بذلك الاستشهاد على قدرته تعالى على ما سيأتى من التعذيب والمغفرة على ابلغ وجه وأتمه اى ألم تعلم ان الله له السلطان القادر والاستيلاء الباهر المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهما وفيما فيهما إيجادا واعداما واحياء واماتة الى غير ذلك حسبما تقتضيه مشيئته يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ان يعذبه ولو على الذنب الصغير وهو عدل منه وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له ولو كان الذنب عظيما وهو الفضل منه اى يعذب لمن توجب الحكمة تعذيبه ويغفر لمن توجب الحكمة مغفرته وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على ما ذكر من التعذيب والمغفرة. قال ابن الشيخ انه تعالى لما أوجب قطع يد السارق وعقاب الآخرة لمن مات قبل التوبة ثم ذكر انه يقبل توبته ان تاب اردفه ببيان انه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فيعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء يحسن منه التعذيب تارة والمغفرة اخرى لانه مالك جميع المحدثات وربهم وإلههم والمالك له ان يتصرف فى ملكه كيف شاء وأراد لا كما زعمت المعتزلة من ان حسن أفعاله تعالى ليس لاجل كونه الها للخلق ومالكا بل لاجل كونها على وفق مصالح الخلق ومتضمنة لرعاية ما هو الأصلح لهم انتهى. واعلم ان السرقة هى أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة من حرز لا ملك له فيه ولا شبهته فاحترز بالمكلف عن أخذ صبى ومجنون وبالخفية وهو ركن السرقة عن الغصب وقطع الطريق. وقوله قدر عشرة دراهم اى عينا او قيمة وهذا نصباب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فاخذ ما دون العشرة يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وعند الشافعي نصاب السرقة ربع دينار ولنا قوله عليه السلام (لا قطع الا فى ربع دينار او فى عشرة دراهم) والاخذ بالأكثر اولى احتيالا لدرء الحد والمعتبر فى هذه الدراهم ما يكون عشرة منها وزن سبعة مثاقيل واحترز بالمضروبة عما قيمته دونها حتى إذا سرق تبرا عشرة لا يساوى عشرة مضروبة لا يجب القطع وقوله من حرز اى من مال ممنوع من ان يصل اليه يد الغير سواء كان المانع بناء او حافظا. قال البغوي إذا سرق شيأ من غير حرز كثمر فى حائط لا حارس له او حيوان فى برية لا حافظ له او متاع فى بيت منقطع عن البيوت لا قطع عليه وقيد بقوله ولا شبهته لانه لو كان له شبهة فى المسروق كما إذا سرق من بيت المال او فى الحرز كما إذا سرق من بيت اذن للناس بالدخول فيه كالحمام والرباط لا يقطع لان القطع يندرئ بالشبهة وكذا لا قطع بسرقة مال سيده لوجود الاذن بالدخول عادة وكذا بسرقة مال زوجته او زوجها ولو من حرز خاص لآخر لا يسكنان فيه لان اليد المبسوطة لكل من الزوجين فى مال الآخر ثابتة وهو مانع عن القطع وكذا لا قطع بسرقة مال من بينهما قرابة ولاء لجريان الانبساط بين الأصول والفروع بالانتفاع فى المال والدخول فى الحرز ولا بسرقة من بيت ذى رحم محرم

ولو كان المسروق مال غيره لعدم الحرز ويقطع يمين السارق من زنده وهو مفصل الذراع فى الكف ويحسم بان يدخل فى الدهن الحار بعد القطع لقطع الدم لانه لو لم يحسم لا فضى الى التلف والحد زاجر لا متلف ولهذا لا يقطع فى الحر الشديد والبرد الشديد وان سرق ثانيا بعد ما قطعت يده اليمنى تقطع رجله اليسرى من المفصل وان سرق ثالثا لا يقطع بل يحبس حتى يتوب ويظهر عليه سيما الصالحين والتائبين لقول على رضى الله عنه فيمن سرق ثلاث مرات انى لا ستحيى من الله ان لا ادع له يدا يأكل بها ويستنجى ورجلا يمشى عليها وفى الحديث (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) وفيه دليل على ان التوبة يعلم اثرها وتثبت السرقة بما يثبت به شرب الخمر أي بالشهادة او بالإقرار مرة ونصابها رجلان لان شهادة النساء غير مقبولة فى الحدود وطلب المسروق منه شرط القطع لان الخيانة على ملك الغير لا تظهر الا بخصومته ولا فرق فى القطع بين الشريف والوضيع. وعن عائشة رضى الله عنها قالت سرقت امرأة مخزومية فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يقطع يدها فاستشفع لها اسامة بن زيد وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه فلم يقبل وقال (يا اسامة أتشفع فى حد من حدود الله انما أهلك الذين قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا شرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وفى الحديث نهى عن الشفاعة فى الحدود بعد بلوغ الامام ولهذا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعة اسامة واما قبله فالشفاعة من المجنى عليه جائزة والستر على الذنب مندوب إذا لم يكن صاحب شر وأذى: قال السعدي پس پرده بيند عملهاى بد: ... هم او پرده پوشد ببالاى خود وفى الحديث ايضا دلالة على وجوب العدل فى الرعية واجراء الحكم على السوية. قال الامام ابو منصور فان قيل ما الحكمة فى قطع يد قيمتها ألوف بسرقة عشرة دراهم فكيف يكون قطعها جزاء لفعل السارق وقد قال تعالى وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها قلنا جزاء الدنيا محنة يمتحن بها المرء ولله تعالى ان يمتحن بما شاء ابتداء اى من غير ان يكون ذلك جزاء على كسب العبد ولان القطع ليس بجزاء ما أخذ من المال ولكن لما هتك من الحرمة ألا يرى انه قال جزاء بما كسبا فيجوز ان يبلغ جزاء هتك تلك الحرمة قطع اليد وان قصر على العشرة علم ذلك لان مقادير العقوبات انما يعلمها من يعلم مقادير الجنايات وإذا كان الأمر كذلك فالحق التسليم والانقياد انتهى. ونعم ما قال يونس بن عبيد فى باب الترهيب لا تأمن من قطع فى خمسة دراهم خير عضو منك ان يكون عذابه هكذا غدا كما فى منهاج العابدين. فعلى العاقل ان يتوب عن الزلل وينقطع عن الحيل ويتوجه الى الله الأعلى الاجل: وفى المثنوى حيلها و چارها گر اژدهاست ... پيش الا الله آنها جمله لاست «1» قفل زفتست وكشانيده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا «2» ثم ان الله تعالى انما بدأ بالسارق فى هذه الآية قبل السارقة وفى آية الزنى بدأ بالزانية لان السرقة تفعل بالقوة والرجل أقوى من المرأة والزنى يفعل بالشهوة والمرأة اكثر شهوة

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش نماز باره بود إلخ

[سورة المائدة (5) : الآيات 41 إلى 45]

والمرأة ادعى من الرجل الى نفسها منه إليها ولهذا لو اجتمع جماعة على امرأة لم يقدروا عليها الا بمرادها ولهذا قيل قال الله تعالى وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ولم يقل وعصت حواء مع انها أكلت قبل آدم ودعته الى الاكل وقيل انما قطعت يد السارق لانها باشرت ولم يقطع ذكر الزاني للمباشرة خوفا لقطع النسل وتحصل ايضا لذة الزنى بجميع البدن. قال النيسابورى قطعت يد السارق لانها أخذت المال الذي هو يد الغنى وعماده كأنه أخذ يد انسان فجزوا يده لتناولها حق الغير وقيل قال الله تعالى وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فكل ما عند العبد من مال فهو خزانة الحق عنده والعبد خازنه فمهما تعدى خزانة مولاه بغير اجازة استحق السياسة بقطع آلة التعدي الى خيانة خزانته وهى اليد المتعدية. ثم ان السرقة كما تكون من المال كذلك تكون من العبادات وفى الحديث (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته) قالوا يا رسول الله كيف يسرق من صلاته قال (لا يتم ركوعها ولا سجودها) وفى الحديث (ان الرجل ليصلى ستين سنة وما تقبل له صلاة) لعله يتم الركوع ولا يتم السجود ويتم السجود ولا يتم الركوع كذا فى الترغيب والترهيب فمثل هذا المصلى يقطع يمينه عن نيل الوصال فلا يصل الى مراده بل يبقى فى الهجران والقطيعة إذ هو أساء الأدب بل قصر فيما امر الرب سبحانه وتعالى يا أَيُّهَا الرَّسُولُ خاطبه صلى الله عليه وسلم بعنوان الرسالة للتشريف لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ اى صنع الذين فان الذوات مع قطع النظر عن العوارض لا توجب الحزن والفرح يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ اى يقعون فى الكفر سريعا فى إظهاره إذا وجدوا منه فرصة والمقصود نهيه عليه السلام عن ان يتحزن بصنيعهم بناء على انه تعالى ناصره عليهم والمعنى لا تحزن ولا تبال بتهافتهم فى الكفر سريعا مِنَ الَّذِينَ بيان للمسارعين فى الكفر قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ متعلق بقالوا والفائدة فى بيان تعلقه بالأفواه مع ان القول لا يكون الا بالفم واللسان الاشارة الى ان ألسنتهم ليست معبرة عما فى قلوبهم وان ما يجرون على ألسنتهم لا يجاوز أفواههم وانما نطقوا به غير معتقدين له بقلوبهم وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ جملة حالية من ضمير قالوا جىء بها للتصريح بما أشار اليه بقوله بأفواههم وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا عطف على من الذين قالوا وبه يتم بيان المسارعين فى الكفر بتقسيمهم الى قسمين المنافقين واليهود سَمَّاعُونَ خبر مبتدأ محذوف والتقدير هم اى المنافقون واليهود سماعون لِلْكَذِبِ اللام اما لتقوية العمل واما لتضمن السماع معنى القبول واما لام كى والمفعول محذوف والمعنى هم مبالغون فى سماع الكذب او فى قبول ما تفتريه أحبارهم من الكذب على الله سبحانه وتحريف كتابهم او سماعون اخباركم وأحاديثكم ليكذبوا عليكم بالزيادة والنقص والتبديل فان منهم من يسمع من الرسول عليه السلام ثم يخرج ويقول سمعت منه كذا وكذا ولم يسمع ذلك منه سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ خبر ثان للمبتدأ المقدر مقرر للاول ومبين لما هو المراد بالكذب على الوجهين الأولين واللام مثل اللام فى سمع الله لمن حمده فى الرجوع الى معنى من اى قبل منه حمده والمعنى مبالغون فى قبول كلام قوم آخرين لَمْ يَأْتُوكَ صفة اخرى لقوم اى لم يحضروا مجلسك وتجافوا عنك تكبرا وافراطا فى البغضاء قيل هم يهود خيبر

والسماعون بنوا قريظة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ صفة اخرى لقوم اى يميلونه ويزيلونه عن مواضعه بعد ان وضعه الله فيها اما لفظا باهماله او تغيير وصفه واما بحمله على غير المراد واجرائه فى غير مورده يَقُولُونَ صفة اخرى لقوم اى يقولون لأتباعهم السماعين لهم عند القائهم إليهم أقاويلهم الباطلة مشيرين الى كلامهم الباطل إِنْ أُوتِيتُمْ من جهة الرسول هذا المحرف فَخُذُوهُ واعملوا بموجبه فانه الحق وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ بل أوتيتم غيره فَاحْذَرُوا قبوله وإياكم وإياه- روى- ان شريفا من خيبر زنى بشريفة وكانا محصنين وحدهما الرجم فى التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فارسلوهما مع رهط منهم الى بنى قريظة فقدم الرهط حتى نزلوا على قريظة والنضير فقالوا لهم انكم خبير بهذا الرجل ومعه فى بلده وقد حدث فينا حدث فلان وفلانة فجرا وقد احصنا فنحب ان تسألوا لنا محمدا عن قضائه فيه فقالت لهم قريظة والنضير إذا والله يأمركم بما تكرهون ثم انطلق قوم منهم كعب ابن الأشرف وكعب بن اسد وكنانة بن ابى الحقيق وغيرهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا احصنا ما حدهما فى كتابك فقال (هل ترضون بقضائي) قالوا أنعم فنزل جبريل عليه السلام بالرجم فاخبرهم بذلك فابوا ان يأخذوا به فقال له جبريل اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال عليه السلام (هل تعرفون شابا امرد ابيض اعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا) قالوا نعم فقال (اى رجل هو فيكم) قالوا هو اعلم يهودى بقي على وجه الأرض بما انزل الله على موسى فى التوراة قال (فارسلوا اليه) ففعلوا فاتاهم فقال له عليه السلام (أنت ابن صوريا) قال نعم قال (وأنت اعلم يهودى) قال كذلك يزعمون قال (أتجعلونه بينى وبينكم) قالوا نعم قال له النبي عليه السلام (أنشدك بالله الذين لا اله الا هو الذي انزل التوراة على موسى وأخرجكم من مصر وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي ظلل عليكم الغمام وانزل عليكم المن والسلوى وانزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه هل تجدون فى كتابكم الرجم على من أحصن) قال ابن صوريا نعم والذي ذكرتنى به لولا خشيت ان تحرقنى التوراة ان كذبت او غيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هى فى كتابك يا محمد قال (إذا شهد اربعة رهط عدول انه قد ادخله فيها كما يدخل الميل فى المكحلة وجب عليه الرجم) فقال ابن صوريا والذي انزل التوراة على موسى هكذا انزل الله فى التوراة على موسى فقال له النبي عليه السلام (فماذا كان أول ما ترخصتم به فى امر الله تعالى) قال كنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فكثر الزنى فى اشرافنا حتى زنى ابن عم ملكنا فلم يرجم ثم زنى رجل آخر فى أسوة من الناس فاراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه وقالوا والله لا ترجمه حتى ترجم فلانا ابن عمك فقلنا تعالوا نجتمع فلنضع شيأ دون الرجم يكون على الشريف والوضيع فوضعنا الجلد والتحميم وهو ان يجلد أربعين جلدة بحبل مطلى بالقار ثم تسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل دبر الحمار يطاف بهما فجعلوا هذا مكان الرجم فقالت اليهود لابن صوريا ما اسرع ما أخبرته به وما كنت لما أثنينا عليك باهل ولكنك كنت غائبا فكرهنا ان نغتابك فقال لهم انه قد نشدنى بالتوراة ولولا خشية التوراة ان تهلكنى

[سورة المائدة (5) : الآيات 42 إلى 43]

لما أخبرته فامر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما عند باب المسجد وقال (اللهم انى أول من احيى أمرك إذا ماتوه) فانزل الله تعالى يا أَيُّهَا الرَّسُولُ الآية وَمِنَ شرطية يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ اى ضلالته او فضيحته كائنا من كان فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ فلن تستطيع له مِنَ اللَّهِ شَيْئاً فى دفعها أُولئِكَ المنافقون واليهود الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ اى من رجس الكفر وخبث الضلالة لانهما كهم فيهما وإصرارهم عليهما واعراضهم عن صرف اختيارهم الى تحصيل الهداية بالكلية لَهُمْ اى للمنافقين واليهود فِي الدُّنْيا خِزْيٌ اما المنافقون فخزيهم فضيحتهم وهتك سترهم بظهور نفاقهم فيما بين المسلمين واما خزى اليهود فالذل والجزية والافتضاح بظهور كذبهم فى كتمان نص التوراة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ اى مع الخزي الدنيوي عَذابٌ عَظِيمٌ هو الخلود فى النار سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ تكرير لما قبله أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ اى الحرام كالرشى من سحته إذا استأصله لانه مسحوت البركة فَإِنْ جاؤُكَ الفاء فصيحة اى وإذا كان حالهم كما شرح فان جاؤك متحاكمين إليك فيما شجر بينهم من الخصومات فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ بيان لحال الامرين اثر التخيير فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً من الضرر بان يعادوك لاعراضك عنهم فان الله يعصمك من الناس وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ بالعدل الذي أمرت به كما حكمت بالرجم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ العادلين فيحفظهم من كل مكروه ومحذور ويعظم شأنهم وفى الحديث (المقسطون عند الله على منابر من نور) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ تعجيب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به وبكتابه والحال ان الحكم منصوص عليه فى كتابهم الذي يدعون الايمان به وتنبيه على انهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق واقامة الشرع وانما طلبوا به ما هو أهون عليهم وان لم يكن ذلك حكم الله على زعمهم وفيها حكم الله حال من التوراة او رفعها بالظرف وان جعلتها مبتدأ فمن ضميرها المستكن فيه ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ عطف على يحمكونك داخل فى حكم التعجب وثم للتراخى فى الرتبة مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما حكموك وهو تصريح بما علم قطعا لتأكيد الاستبعاد والتعجب اى ثم يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم من بعد ما رضوا بحكمك وَما أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر بِالْمُؤْمِنِينَ اى بكتابهم لاعراضهم عنه اولا وعن حكمك الموافق لكتابهم ثانيا او بك وبه. وفى الآيات ذم للظلم ومدح للعدل وقدح فى الحرام والرشوة وفى الحديث (كل لحم أنبته السحت فالنار اولى به) وفيه (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) وأراد بالرائش الذي يمشى بينهما: وفى المثنوى اى بسا مرغى پرنده دانه جو ... كه بريده حلق او هم حلق او اى بسا ماهى در آب دور دست ... كشته از حرص كلو مأخوذ شست اى بسا مستور در پرده بده ... شومى فرج وكلو رسوا شده اى بسا قاضىء حبر نيك خو ... از كلوى رشوتى او زرد رو بلكه در هاروت وماروت آن شراب ... از عروج چرخشان شد سد باب ذكر فى ادب القاضي للخصاف الرشوة على اربعة أوجه اما ان يرشوه لانه قد خوفه فيعطيه

[سورة المائدة (5) : آية 44]

الرشوة ليدفع الخوف عن نفسه او يرشوه ليسوى امره بينه وبين السلطان او يرشوه ليتقلد القضاء من السلطان او يرشو القاضي ليقضى له. ففى الوجه الاول لا يحل الاخذ لان الكف عن التخويف كف عن الظلم وانه واجب حقا للشرع فلا يحل اخذه لذلك ويحل للمعطى الإعطاء لانه جعل المال وقاية للنفس وهذا جائز موافق للشرع. وفى الوجه الثاني ايضا لا يحل الاخذ لان القيام بامور المسلمين واجب بدون المال فلا يحل له الاخذ. وفى الوجه الثالث لا يحل له الاخذ والإعطاء واما الرابع فحرام الاخذ سواء كان القضاء بحق او ظلم. اما الظلم فلوجهين. أحدهما انه رشوة. والثاني انه سبب للقضاء بالجور. واما الحق فلوجه واحد وهو انه أخذ المال لاقامة الواجب. واما العطاء فان كان بجور لا يجوز وان كان بحق جاز. قال ابن مسعود رضى الله عنه من شفع شفاعة يرد بها حقا او يدفع بها ظلما فاهدى له فقبل فهو سحت. وفى نصاب الاحتساب ان المحتسب او القاضي إذا اهدى اليه ممن يعلم انه يهدى لاحتياجه الى القضاء والحسبة لا يقبل ولو قبل كان رشوة واما ممن يعرف انه يهدى للتودد والتحبب لا للقضاء والحسبة فلا بأس به وكان الصحابة رضى الله عنهم يتوسعون فى قبول الهدايا بينهم وهذا لان الهدية كانت عادتهم وكانوا لا يلتمسون منهم شيأ وانما كانوا يهدون لاجل التودد والتحبب وكانوا يستوحشون برد هداياهم فلا يكون فيه معنى الرشوة فلهذا كانوا يقبلونها. قال قوم ان صلات السلاطين نحل للغنى والفقير إذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قالوا لان النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية المقوقس ملك الاسكندرية واستقرض من اليهود مع قول الله تعالى أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ واما حال السوق فمتى علمت ان الحرام هو الأكثر فلا تشتر الا بعد التفتيش وان كان كثيرا وليس بالأكثر فلك السؤال ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يشترون من الأسواق مع علمهم بان فيهم اهل الربا والغصب والغلول. قال الحدادي ومن السحت ثمن الخمر والخنزير والميتة وعسب الفحل واجرة النائحة والمغنية والساحر وهدية الشفاعة ومهر البغي وحلوان الكاهن هكذا. قال عمر وعلى وابن عباس رضى الله عنهم قالوا والمال الذي يأخذه المغني والقوال ونحوهما حكم ذلك أخف من الرشوة فان صاحب المال أعطاه عن غير اختيار بغير عقد. قال ابن كيسان سمعت الحسن يقول إذا كان لك على رجل دين فاكلت فى بيته فهو سحت. فعليك ايها المؤمن المتقى بالاحتياط فى أمورك حتى لا تقع فى الشبهات بل فى الحرام وانما تحصل التصفية للقلب بأكل الغذاء الحلال: قال الحافظ صوفى شهر بين كه چون لقمه شبهه ميخورد ... پاردمش دراز باد اين حيوان خوش علف والمقصود من البيت تشبيه الذي لا يحترز عن الشبهات بالحيوان فى الاكل من كل ما يجده من غير تفرقة ولان تناول الشبهات من كمال الحرص لانه لو لم يكن له حرص لكان له قناعة بالحلال ولو قليلا والحيوان يعظم من كثرة الاكل والشرب والنوم وهى حكم الطبيعة إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ حال كونها فِيها هُدىً تهدى شرائعها وأحكامها الى الحق وترشد الناس اليه وَنُورٌ تكشف ما انبهم من الاحكام وما يتعلق بها من المستورة بظلمات الجهل يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ اى أنبياء بنى إسرائيل اى يحكمون باحكامها ويحملون الناس عليها الَّذِينَ أَسْلَمُوا ان قلت

[سورة المائدة (5) : آية 45]

النبيون أعظم من الإسلام فكيف يمدح نبى بانه رجل مسلم وما الوصف به بعد الوصف بالنبوة الا تنزل من الأعلى الى الأدنى. قلت قد يذكر الوصف مدحا للوصف ففائدة التوصيف تنويه شأن الصفة والتنبيه على عظم قدرها حيث وصف بها عظيم كما وصف الأنبياء بالصلاح والملائكة بالايمان وقد قيل أوصاف الاشراف اشراف الأوصاف: قال ما ان مدحت محمدا بمقالتي ... لكن مدحت مقالتى بمحمد لِلَّذِينَ هادُوا متعلق بيحكم اى يحكمون فيما بينهم واللام لبيان اختصاص الحكم بهم أعم من ان يكون لهم او عليهم كانه قيل لاجل الذين هادوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عطف على النبيون اى هم ايضا يحكمون باحكامها وهم الزهاد والعلماء من ولد هارون الذين التزموا طريقة النبيين وجانبوا دين اليهود بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ اى بالذي استحفظوه من جهة النبيين وهو التوراة حيث سألوهم ان يحفظوها من التضييع والتحريف على الإطلاق ولا ريب فى ان ذلك منهم عليهم السلام استخلاف لهم فى اجراء أحكامها من غير إخلال بشىء منها والباء سببية متعلقة بيحكم اى ويحكم الربانيون والأحبار ايضا بسبب ما حفظوه من كتاب الله حسبما وصاهم به انبياؤهم وسألوهم ان يحفظوه وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ اى رقباء لا يتركونهم ان يغيروا فهو من الشهود بمعنى الحضور فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ كائنا من كان ايها الرؤساء والأحبار واقتدوا فى مراعاة أحكامها وحفظها بمن قبلكم من الأنبياء وأشياعهم وَاخْشَوْنِ فى الإخلال بحقوق مراعاتها فكيف بالتعرض لها بسوء نهوا ان يخشوا غير الله فى حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم او مراقبة كبير ودلالة الآية تتناول حكام المسلمين وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي الاشتراء استبدال السلعة بالثمن اى أخذها بدلا منه ثم استعير لاخذ شىء بدلا مما كان له عينا كان او معنى أخذا منوطا بالرغبة فيما أخذ والاعراض عما اعطى ونبذ اى لا تستبدلوا بآياتى التي فيها بان تخرجوها منها او تتركوا العمل بها وتأخذوا لانفسكم بدلا منها ثَمَناً قَلِيلًا من الرشوة والجاه وسائر الحظوظ الدنيوية فانها وان جلت قليلة مسترذلة فى نفسها لا سيما بالنسبة الى ما فات عنهم بترك العمل بها آن جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص «1» پس حيات ماست موقوف فطام ... اندك اندك جهد كن تم الكلام «2» ولما كان الاقدام على التحريف لدفع ضرر كما إذا خشى من ذى سلطان او لجلب نفع كما إذا طمع فى الحظوظ الدنيوية نهوا عن كل منهما صريحا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مستهينا به منكرا له كائنا من كان كما يقتضيه ما فعلوه من التحريف فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ لاستهانتهم به وتمردهم بان حكموا بغيره ولذلك وصفهم بقوله الظالمون والفاسقون فكفرهم بانكاره وظلمهم بالحكم على خلافه وفسقهم بالخروج عنه وَكَتَبْنا فرضنا عطف على أنزلنا التوراة عَلَيْهِمْ اى على الذين هادوا فِيها اى فى التوراة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ اى تقادبها إذا قتلها بغير حق وَالْعَيْنَ تفقأ بِالْعَيْنِ إذا فقئت بغير حق وَالْأَنْفَ تجذم بِالْأَنْفِ المقطوعة بغير حق وَالْأُذُنَ تصلم

_ (1) لم أجد (2) در ديباجه دفتر دوم

[سورة المائدة (5) : الآيات 46 إلى 50]

بِالْأُذُنِ المقطوعة ظلما وَالسِّنَّ تقلع بِالسِّنِّ المقلوعة بغير حق وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ اى ذات قصاص بحيث تعرف المساواة واما ما لا يمكن الاقتصاص منه من كسر عظم او جرح لحم كالجائفة ونحوها فلا قصاص فيه لانه لا يمكن الوقوف على نهايته ففيه أرش او حكومة فَمَنْ تَصَدَّقَ اى من المستحقين بِهِ اى بالقصاص اى فمن عفا عنه فالتعبير بالتصدق للمبالغة فى الترغيب فيه فَهُوَ اى التصدق كَفَّارَةٌ لَهُ اى للمتصدق يكفر الله تعالى بها ما سلف من ذنبه واما الكافر إذا عفا فلا يكون عفوه كفارة له مع إقامته على الكفر وفى الحديث (من أصيب بشىء من جسده فتركه لله كان كفارة له) وفى الحديث (ثلاث من جاء بهن يوم القيامة مع الايمان دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء وتزوج من الحور العين حيث شاء من عفا عن قاتله ومن قرأ دبر كل صلاة مكتوبة قل هو الله أحد عشر مرات ومن ادى دينا خفيا) وقال بعضهم الهاء كناية عن الجارح والقاتل يعنى إذا عفا المجنى عليه عن الجاني فعفوه كفارة لذنب الجاني لا يؤخذ به فى الآخرة كما ان القصاص كفارة له فاما اجر العافي فعلى الله وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من الاحكام والشرائع فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ المبالغون فى الظلم المتعدون لحدوده تعالى الواضعون للشىء فى غير موضعه وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ عطف على أنزلنا التوراة اى آثار النبيين المذكورين بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ اى أرسلناه عقيبهم وجئنا به بعدهم يقال قفوت اثره قفوا وقفّوا اى اتبعته فهو يتعدى الى واحد وإذا قلت قفيت على اثره بفلان يكون المعنى اتبعته إياه وحقيقة التقفية الإتيان بالشيء فى قفا غيره والتضعيف فيه ليس للتعدية فان فعل المضعف قد يكون بمعنى فعل المجرد كقدّر وقدر وانما تعدى الى الثاني بالباء فمفعوله الاول محذوف اى اتبعنا النبيين الذين ذكرناهم بعيسى وجعلناه ممن يقفوهم فحذف المفعول وجعل على آثارهم كالقائم مقامه مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ حال من عيسى وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ عطف على قفينا فِيهِ هُدىً وَنُورٌ كما فى التوراة وهو فى محل النصب على انه حال من الإنجيل اى كائنا فيه ذلك كأنه قيل مشتملا على هدى ونور وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ عطف عليه داخل فى حكم الحالية وتكرير ما بين يديه من التوراة زيادة تقرير وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ عطف على مصدقا منتظم معه فى سلك الحالية جعل كله هدى بعد ما جعل مشتملا عليه حيث قيل فيه هدى وتخصيص كونه هدى وموعظة للمتقين لانهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه: قال الحافظ گر انگشت سليمانى نباشد ... چهـ خاصيت دهد نقش نگينى فكما ان الانتفاع بالخاتم انما يكون لمن كان له مشرب سليمانى كذلك الانتفاع بالكتاب انما يكون لمن له تقوى رجحانى وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ اى آتيناه الإنجيل وقلنا ليحكم اهل الإنجيل بما انزل الله فيه وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ منكرا له مستهينا به فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ المتمردون الخارجون عن الايمان وفيه دلالة على ان الإنجيل مشتمل على الاحكام وان عيسى عليه السلام كان مستقلا بالشرع مأمورا بالعمل بما فيه من الاحكام قلت او كثرت لا بما فى التوراة خاصة وفيه تهديد عظيم للحكام وفى الحديث (يؤتى بالقاضي العدل

[سورة المائدة (5) : آية 48]

يوم القيامة فيلقى من شدة العذاب ما يتمنى انه لم يفصل بين أحد فى تمرتين) فاذا كان هذا حال القاضي العدل فما ظنك بالجائر والمرتشي بو حنيفه قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى وفى الحديث (القضاة ثلاثة قاضيان فى النار وقاض فى الجنة قاض قضى بغير حق وهو يعلم فذاك فى النار وقاض قضى وهو لا يعلم فاهلك حقوق الناس فذاك فى النار وقاض قضى بحق فذاك فى الجنة) كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي- حكى- ان بنى إسرائيل كانوا ينصبون لاجراء الاحكام بينهم حكاما ثلاثة حتى إذا رفع الخصم الأمر الى واحد منهم فلم يرض به الآخر ترافعا الى الثاني ثم الى الثالث ليطمئن قلبه فذات يوم تصور ملك بصورة انسان يريد امتحان هؤلاء الحكام فركب على رمكة وقام على رأس بئر فاذا رجل اتى ببقرة له مع عجلها ليسقيهما فلما سقاهما وأراد الرجوع أشار الملك الى العجل فجاء الى جنب الرمكة فكلما نادى صاحبه ودعاه لم يستمع ولم يذهب الى الام فجاء الرجل ليسوقه بأى وجه يمكن فقال الملك يا هذا الرجل ان العجل قد ولدته رمكتى هذه فاذهب وخلنى وعجلى فقال الرجل يا عجبا العجل ملكى قد ولدته بقرتي هذه فتنازعا وترافعا الى القاضي الاول فسبق الملك الرجل الى القاضي وقال ان قضيت لى بالعجل دفعت لك كذا فقبله القاضي فلما تحاكما حكم بالعجل للملك فلم يرض به الرجل فترافعا الى الثاني فحكم هو ايضا بالعجل للملك فلم يرض به الرجل ايضا فترافعا الى الثالث فلما عرض الملك الرشوة عليه قال لا أستطيع هذا الحكم فانى قد حضت فقال الملك ايش تقول هل تحيض الرجال والحيض من خواص النساء فقال القاضي له تتعجب من كلامى ولا تتعجب من كلامك فكما ان الرجال لا تحيض فكذلك الرمكة لا تلد عجلا فقال الملك هناك قاضيان فى النار وقاض فى الجنة وهذا الكلام منقول من لسانه كذا ذكر البعض نقلا عن فم حضرة الشيخ الشهير بهدائى الاسكدارى قدس سره وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ يا محمد الْكِتابَ اى القرآن حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ والصدق حال كونه مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ اى مصدقا لما تقدمه من جنس الكتب المنزلة من حيث انه نازل حسبما نعت فيه وموافقا له فى التوحيد والعدل واصول الشرائع وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ اى رقيبا على سائر الكتب المحفوظة عن التغير فانه يشهد لها بالصدق والصحة والثبات وتقرر اصول شرائعها وما يتأبد من فروعها ويعين أحكامها المنسوخة ببيان انتهاء مشروعيتها المستفادة من تلك الكتب وانقضاء وقت العمل بها ولا ريب ان تمييز أحكامها الباقية على المشروعية ابدا عما انتهى وقت مشروعيته وخرج عنها من احكام كونه مهيمنا عليها فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها اى إذا كان شأن القرآن كما ذكر فاحكم بين اهل الكتاب عند تحاكمهم إليك بِما أَنْزَلَ اللَّهُ اى بما أنزله إليك فانه مشتمل على جميع الاحكام الشرعية الباقية فى الكتب الالهية وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ بالانحراف عنه الى ما يشتهونه فعن متعلقة بلا تتبع على تضمين معنى العدول ونحوه كأنه قيل لا تعدل عما جاءك من الحق متبعا أهواءهم لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً الخطاب بطريق الالتفات للناس كافة لكن لا للموجودين خاصة بل للماضين ايضا بطريق التغليب واللام

[سورة المائدة (5) : آية 49]

متعلقة بجعلنا المتعدى لواحد وهو اخبار بجعل ماض لا إنشاء وتقديما عليه للتخصيص ومنكم متعلق بمحذوف وقع صفة لما عوض عنه تنوين كل والمعنى لكل امة كائنة منكم ايها الأمم الباقية والخالية جعلنا اى عينا ووضعنا شرعة ومنهاجا خاصين بتلك الامة لا تكاد أمة تتخطى شرعتها التي عينت لها فالأمة من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام شرعتهم التوراة والتي كانت من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليهما السلام شرعتهم الإنجيل واما أنتم ايها الموجودون فشرعتكم القرآن ليس إلا فآمنوا به واعملوا بما فيه والشرعة والشريعة هى الطريقة الى الماء شبه بها الدين الذي شرعه الله اى سنه من نحو الصوم والصلاة والحج والنكاح وغير ذلك من وجوه الصلاح لكونه سبيلا موصلا الى ما هو سبب للحياة الابدية كما ان الماء سبب للحياة الفانية والمنهاج الطريق الواضح فى الدين من نهج الأمر إذا وضح قيل فيه دليل على انا غير متعبدين بشرائع من قبلها والتحقيق انا متعبدون باحكامها الباقية من حيث انها احكام شريعتنا لا من حيث انها شرعة للاولين وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ان يجعلكم امة واحدة لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً اى جماعة واحد متفقة على دين واحد فى جميع الاعصار من غير اختلاف بينكم وبين من قبلكم من الأمم فى شىء من الاحكام الدينية ولا نسخ ولا تحويل وَلكِنْ لم يشأ ذلك اى ان يجعلكم امة واحدة بل شاء ما عليه ألسنة الالهية الجارية فيما بين الأمم لِيَبْلُوَكُمْ اى ليعاملكم معاملة من يبتليكم فِي ما آتاكُمْ من الشرائع المختلفة المناسبة لاعصارها وقرونها هل تعملون بها مذعنين لها معتقدين ان اختلافها بمقتضى المشيئة الالهية المبنية على أساس الحكم البالغة والمصالح النافعة لكم فى معاشكم ومعادكم او تزيغون عن الحق وتتبعون الهوى وتستبدلون المضرة بالجدوى وتشترون الضلالة بالهدى: وفى المثنوى گر بسوزد باغت انگورت دهد ... در ميان ماتمى سورت دهد لانسلم واعتراض از ما برفت ... چون عوض مى آيد از مفقود زفت فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ اى إذا كان الأمر كما ذكر فسارعوا الى ما هو خير لكم فى الدارين من العقائد الحقية والأعمال الصالحة المندرجة فى القرآن الكريم وابتدروها انتهازا للفرصة وإحراز المسابقة الفضل إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً اى مرجع من آمن ومن لم يؤمن جميعا حال من ضمير الخطاب فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ اى فيفعل بكم من الجزاء الفاصل بين المحق والمبطل لا يبقى لكم معه شائبة شك فيما كنتم تختلفون فيه فى الدنيا من امر الدين والشريعة وانما عبر عن ذلك بما ذكر لوقوعه موقع ازالة الاختلاف التي هى وظيفة الاخبار وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عطف على الكتاب اى أنزلنا عليك الكتاب والحكم بما فيه وَاحْذَرْهُمْ مخافة أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ اى يضلوك ويصرفوك عن بعضه ولو كان اقل قليل بتصوير الباطل بصورة الحق فالمراد بالفتنة هاهنا الميل عن الحق والوقوع فى الباطل كما فى قوله عليه السلام (أعوذ بك من فتنة المحيا) اى العدول عن الطريق المستقيم وكل من صرف من الحق الى الباطل وأميل عن القصد فقد فتن- روى- ان أحبار اليهود قالوا اذهبوا بنا الى محمد فلعلنا نفتنه عن دينه فذهبوا اليه صلى الله عليه وسلم فقالوا

[سورة المائدة (5) : آية 50]

يا أبا القاسم قد عرفت انا أحبار اليهود وانا ان اتبعناك اتبعك اليهود كلهم وان بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فاقض لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك فابى ذلك رسول الله فنزلت. واستدل العلماء بهذه الآية على ان الخطأ والنسيان جائز على الرسل لانه تعالى قال وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ والتعمد فى مثل هذا غير جائز على الرسل فلم يبق الا الخطأ والنسيان فَإِنْ تَوَلَّوْا اى اعرضوا عن الحكم بما انزل الله وأرادوا غيره فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ اى فاعلم ان اعراضهم من أجل ان الله يريد أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ اى يعجل لهم العقوبة فى الدنيا بان يسلطك عليهم ويعذبهم فى الدنيا بالقتل والجلاء والجزية ويجازيهم بالباقي فى الآخرة فالمراد ببعض ذنوبهم ذنب توليهم عن حكم الله تعالى وانما عبر عنه بذلك تنبيها على ان لهم ذنوبا كثيرة هذا مع عظمه واحد من جملتها وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ اى متمردون فى الكفر مصرون عليه خارجون عن الحدود المعهودة فلذا يتولون عن حكم الله أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ انكار وتعجب من حالهم وتوبيخ لهم والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أيتولون عن حكمك فيبغون حكم الجاهلية وهى الملة الجاهلية التي هى هوى وجهل لا يصدر عن كتاب ولا يرجع الى وحي وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً انكار لان يكون أحد حكمه احسن من حكمه تعالى او مساوله وان كان ظاهر السبك غير متعرض لنفى المساواة وإنكارها يرشدك اليه العرف المطرد والاستعمال الناشئ فانه إذا قيل من أكرم من فلان او الأفضل من فلان فالمراد به حتما انه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل وحكما نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن حكمه احسن من حكم الله لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اى عندهم واللام للبيان فيتعلق بمحذوف كما فى سقيالك فان سقيا دعاء للمخاطب بان يسقيه الله فيكون لك بيانا له اى هذا الاستفهام لقوم يوقنون فانهم الذين يتدبرون الأمور بانظارهم فيعلمون يقينا ان حكم الله عز وجل احسن الاحكام وأعدلها وليست اللام متعلقة بقوله حُكْماً لان حكم الله لا يخص قوما دون قوم. فقد دلت الآيات على ان الدين واحد من حيث الأصول مختلف من جهة الفروع ولله ان يحكم فى كل عصر وزمان بما أراد ففيه حكم ومصالح فعلينا بالتسليم والانقياد وترك الاعتراض والمسارعة الى الخيرات قبل الموت والفوت وفى الحديث (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك) لان الرجل يقدر على الأعمال فى حال شبابه ما لا يقدر عليه فى حال هرمه ولان الشاب إذا تعود فى المعصية لا يقدر على الامتناع منها فى هرمه (وصحتك قبل سقمك) لان الصحيح نافذ الأمر فى ماله ونفسه لانه إذا مرض ضعف بدنه عن الطاعة وقصرت يده عن ماله الا فى مقدار ثلثه (وفراغك قبل شغلك) يعنى فى الليل تكون فارغا وبالنهار تكون مشغولا فينبغى ان تصلى بالليل فى حال فراغك وتصوم بالنهار فى وقت شغلك خصوصا فى ايام الشتاء لان الصوم فى الشتاء غنيمة المؤمن كما قال عليه السلام (الشتاء غنيمة المؤمن طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه) وفى رواية اخرى (الليل طويل فلا تقصره بمنامك والنهار مضيئ

[سورة المائدة (5) : الآيات 51 إلى 56]

فلا تكدره بآثامك) (وغناك قبل فقرك) يعنى إذا كنت راضيا بما اعطاك الله من القوت فاغتنم ذلك ولا تطمع فيما فى أيدي الناس (وحياتك قبل مماتك) لان الرجل مادام حيا يقدر على العمل فاذا مات انقطع عمله ولهذا تتمنى الموتى ان يعودوا الى الدنيا فيتهللوا مرة او يصلوا ركعة فالفرصة غنيمة والعمر قليل: قال الحافظ بگذشتن فرصت اى برادر ... در كرم روى چوميغ باشد درياب كه عمر بس عزيزست ... كر فوت شود دريغ باشد وقال السيد الشريف لابنه نصيحت همينست جان پدر ... كه عمرت عزيزست ضايع مكن فينبغى للعاقل ان لا يضيع أيامه: قال الحكيم: بكودكى بازي. بجوان مستى به پيرى سستى. خدا را كى پرستى. فاذا تم شغلك بالشريعة فاجتهد فى الطريقة وهى باطن الشريعة واقتد باولى الألباب فانه كما ان لكل نبى شرعة ومنهاجا كذلك لكل ولى طريقة مسلوكة مخصوصة وقد ضل من ضل منارهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب يعم حكمه كافة المؤمنين من المخلصين وغيرهم وان كان سبب وروده بعضا منهم إذ روى ان عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان لى موالى من اليهود كثيرا عددهم وانى ابرأ الى الله ورسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله فقال عبد الله بن ابى انى رجل أخاف الدوائر لا ابرأ من ولاية موالىّ وهم يهود بنى فينقاع فقال تعالى لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ اى لا تتخذوا أحدا منهم وليا بمعنى لا تصافوهم ولا تعاشروهم مصافاة الأحباب ومعاشرتهم لا بمعنى لا تجعلوهم اولياء لكم حقيقة فانه امر ممتنع فى نفسه لا يتعلق به النهى بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ اى بعض كل فريق من ذينك الفريقين اولياء بعض آخر من ذلك الفريق لا من الفريق الآخر لانه لا موالاة بين فريقى اليهود والنصارى رأسا والكل متفقون على الكفر مجمعون على مضارتكم ومضاركم فيكيف يتصور بينكم وبينهم موالاة وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ اى من يتخذهم اولياء فَإِنَّهُ مِنْهُمْ اى هو على دينهم ومعهم فى النار وهذا إذا تولاهم لدينهم واما الصحبة لمعاملة شراء شىء منهم او طلب عمل منهم مع المخالفة فى الاعتقاد والأمور الدينية فليس فيه هذا الوعيد. قال المولى ابو السعود وفيه زجر شديد للمؤمنين عن اظهار صورة الموالاة لهم وان لم تكن موالاة فى الحقيقة إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تعليل لكون من يتولاهم منهم اى لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بترك إخوانهم المؤمنين وبموالاة اعداء الله بل يخليهم وشأنهم فيقعون فى الكفر والضلالة اللهم لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك: قال الحافظ در ره عشق از ان سوى فناصد خطرست ... تا نكوى كه چوعمرم بسر آمد رستم فَتَرَى يا محمد او كل من له اهلية للخطاب رؤية بصرية الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى مرض النفاق ورخاوة العقد فى الدين يُسارِعُونَ فِيهِمْ حال من الموصول اى

[سورة المائدة (5) : آية 53]

مسارعين فى موالاتهم ومعاونتهم وإيثار فى على الى للدلالة على انهم مستقرون فى الموالاة وانما مسارعتهم من بعض مراتبها الى بعض آخر منها والمراد بهم عبد الله بن ابى واضرابه الذين كانوا يسارعون فى موادة اليهود ونصارى نجران وكانوا يعتدرون الى المؤمنين بانهم لا يؤمنون ان تصيبهم صروف الزمان كما قال تعالى يَقُولُونَ معتذرين نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ وهو حال من ضمير يسارعون والدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها اى يدور علينا دائرة من دوائر الدهر ودولة من دوله بان ينقلب الأمر وتكون الدولة للكفار وقيل نخشى ان يصيبنا مكروه من مكاره الدهر كالجدب والقحط فلا يعطونا الميرة والقرض ولعلهم كانوا يظهرون للمؤمنين انهم يريدون بالدوائر المعنى الأخير ويضمرون فى أنفسهم المعنى الاول فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ رد من جهة الله تعالى لعللهم الباطلة وقطع لاطماعهم الفارغة وتبشير للمؤمنين بالظفر فان عسى منه سبحانه وعد محتوم لما ان الكريم إذا أطمع اطعم لا محالة فما ظنك بأكرم الأكرمين. والمراد بالفتح فتح مكة او فتح قرى اليهود من خيبر وفدك او هو القضاء الفصل بنصره عليه السلام على من خالفه وإعزاز الدين. قال الحدادي وسمى النصر فتحا لان فيه فتح الأمر المغلق أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ بقطع شأفة اليهود من القتل والاجلاء. والشأفة قرحة تخرج فى أسفل القدم فتكوى وتذهب يقال فى المثل استأصل الله شأفته اى أذهبه الله كما ذهب تلك القرحة بالكي فَيُصْبِحُوا اى أولئك المنافقون المتعللون بما ذكر عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ وهو ما كانوا يكتمون فى أنفسهم من الكفر والشك فى امره صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا عند ظهور ندامة المنافقين وهو كلام مبتدأ مسوق لبيان كمال سوء حال الطائفة المذكورة اى ويقول الذين آمنوا مخاطبين لليهود مشيرين الى المنافقين الذين كانوا يوالونهم ويرجون دولتهم ويظهرون لهم غاية المحبة وعدم المفارقة فى السراء والضراء عند مشاهدتهم لخيبة رجائهم وانعكاس تقريرهم بوقوع ضد ما كانوا يترقبون ويتعللون به تعجيبا للمخاطبين من حالهم وتعريضا بهم أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ اى بالنصرة والمعونة كما قالوا فيما حكى عنهم وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ فاسم الاشارة مبتدأ وما بعده خبره والمعنى انكار ما فعلوه واستبعاده وتخطئتهم فى ذلك والخطاب فى معكم لليهود من جهة المؤمنين. وجهد الايمان أغلظها وهو فى الأصل مصدر ونصبه على تقدير واقسموا بالله يجهدون جهد ايمانهم فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه ولا يبالى بتعريفه لفظا لانه مأول بنكرة اى مجتهدين فى ايمانهم او على المصدر اى اقسموا اقسام اجتهاد فى اليمين حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ جملة مستأنفة مسوقة من جهته تعالى لبيان مآل ما صنعوه من ادعاء الولاية والاقسام على المعية فى المنشط والمكره أثر الاشارة الى بطلانه بالاستفهام الإنكاري اى بطلت أعمالهم التي عملوها فى شأن الموالاة وسعوا فى ذلك سعيا بليغا حيث لم يكن لليهود دولة فغبنوا بما صنعوا من المساعى وتحملوا من مكاره المشاق: قال الحافظ اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود

[سورة المائدة (5) : آية 54]

واعلم ان للحق دولة وللباطل صولة والباطل يفور ثم يغور. فعلى المؤمن ان لا يميل الى جانب الباطل واهله أصلا كائنا من كان- روى- عن ابى موسى الأشعري انه قال قلت لعمر بن الخطاب ان لى كاتبا نصرانيا فقال مالك قاتلك الله ألا اتخذت حنيفا اما سمعت قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ قلت له دينه ولى كتابه قال لا تكرموهم إذ أهانهم الله ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله ولا تدنوهم إذا قصاهم الله- وروى- انه قال لا قوام للبصرة الا به فقال مات النصراني والسلام يعنى هب انه مات فما كنت تكون صانعا حينئذ فاصنعه الساعة واستغن عنه بغيره. قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر شاهدت دمشق ان الرجال والنساء كانوا يوالون النصارى ويسامحون فى المعاملة ويذهبون بأطفالهم وصغارهم الى الكنائس ويرشون عليهم بطريق التبرك من ماء المعمودية وهذا كفر والعياذ بالله والمعمودية ماء للنصارى اصفر كانوا يغمسون فيه أولادهم ويعتقدون انه تطهير للمولود كالخنان لغيرهم وقس عليه تعظيم نوروز النصارى وإهداء شىء فى ذلك اليوم إليهم والمشاركة معهم ويلزم الحسبة فى بعض الأمور قطعا لعرق الموالاة. وفى ملتقطة الناصري ولا ادع المشرك يضرب البربط. قال محمد كل شىء امنع من المسلم فانى امنع من المشرك الا الخمر والخنزير ولكن يمنع اهل الكفر من إدخال الخمور والخنازير فى الأسواق على سبيل الشهرة لان فيها استخفافا للمسلمين وما صالحناهم ليستخفوا بالمؤمنين وان حضر لهم عيد لا يخرجون فيه صليبهم ويمنعون من اظهار بيع المزامير والطنبور واظهار الغناء وغير ذلك مما منع منه المسلم ويمنعون من احداث الكنيسة. قال عليه الصلاة والسلام (لا خصاء فى الإسلام ولا كنيسة) والمراد بالخصاء خصاء بنى آدم فيجوز خصاء البهائم وبه نقول فكما يجوز ذبح الحيوان لحاجة الناس الى لحمه فكذلك يجوز خصاء الحيوان إذا كان فى ذلك منفعة للناس. فان قلت لم لا يجوز خصاء بنى آدم وفيه منفعة ايضا. قيل لا منفعة فيه لانه لا يجوز للخصى ان ينظر الى النساء كما لا يجوز للفحل كذا فى بستان العارفين. ثم اعلم ان النفس والشيطان والقوى الشريرة فى وجود الإنسان كاليهود والنصارى فكما انه يلزم مجانبتهم وعدم موالاتهم لان الله تعالى عاداهم وامر بمعاداتهم فكذلك ما ذكر من النفس وغيرها لا يجوز موالاتها والحمل على هواها لانها تسوق الى النار نار جهنم ونار القطيعة فالمؤمن مأمور بالمعاداة لمن عادى الله تعالى مطلقا والا لم يصح إيمانه: وفى المثنوى آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست چهـ خرابت ميكند نفس لعين ... دور مى اندازدت سخت اين قرين آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست يعنى ان فرعون ساعده اسباب الدعوى والهوى ولذلك قال ما قال وفعل ما فعل واما أنت فليس لك الأسباب مساعدة ولا تجدعونا فى هواك ولذا لا تظهر صورة ما أظهره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ هذا من الكائنات التي اخبر عنها القرآن قبل وقوعها- روى- انه ارتد عن الإسلام احدى عشرة فرقة ثلاث فى عهد رسول الله صلى الله عليه

وسلم بنوا مدلج ورئيسهم ذو الخمار وهو اسود العنسي كان كاهنا تنبأ باليمن واستولى على بلاده حتى اخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل معاذ بن جبل وسادات اليمن فكتب عليه السلام الى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين وأمرهم ان يحثوا الناس على التمسك بدينهم وعلى النهوض الى حرب الأسود فقتله فيروز الديلمي على فراشه قال ابن عمر فأتى الخبر النبي عليه السلام من السماء الليلة التي قتل فيها فقال عليه الصلاة والسلام (قتل الأسود البارحة قتله رجل مبارك) قيل ومن هو قال (فيروز) فبشر عليه السلام أصحابه بهلاك الأسود وقبض عليه السلام من الغد واتى خبر مقتل العنسي المدينة فى آخر شهر ربيع الاول وكان ذلك أول فتح جاء أبا بكر رضى الله عنه والفرقة الثانية من المرتدين بنوا حنيفة باليمامة ورئيسهم مسيلمة الكذاب وكان قد تنبأ فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر سنة عشر من الهجرة زعم انه أشرك مع رسول الله فى النبوة وكتب الى النبي عليه السلام من مسلمة رسول الله الى محمد رسول الله اما بعد فان الأرض نصفها لى ونصفها لك وبعث بذلك الكتاب رجلين من أصحابه فقال لهما رسول الله عليه السلام (لولا ان الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما) ثم أجاب (من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب اما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) فمرض عليه السلام وتوفى فبعث ابو بكر خالد بن الوليد الى مسيلمة الكذاب فى جيش كثير حتى أهلكه الله على يدى وحشي غلام مطعم بن عدى قاتل حمزة بن عبد المطلب بعد حرب شديد وكان وحشي يقول قتلت خير الناس فى الجاهلية وشر الناس فى الإسلام يريد فى جاهليتى وإسلامي. والفرقة الثالثة بنوا اسد ورئيسهم طليحة بن خويلد وكان طليحة آخر من ارتد وادعى النبوة فى حياة رسول الله عليه السلام وأول من قوتل بعد وفاته عليه السلام من اهل الردة فبعث ابو بكر خالد بن الوليد فهزمهم خالد بعد قتال شديد وأفلت طليحة فمر على وجهه هاربا نحو الشام ثم انه اسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ثم ان الله تعالى لما قبض نبيه عليه السلام ارتد عامة العرب الا اهل مكة واهل المدينة واهل البحرين من عبد القيس فقال المرتدون اما الصلاة فنصلى واما الزكاة فلا نغصب أموالنا فكلم ابو بكر فى ذلك فقال والله لا افرق بين ما جمع الله تعالى بقوله أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ والله لو منعونى عتودا مما أدوا الى رسول الله لقاتلتهم عليه فبعث الله عز وجل عصائب مع ابى بكر رضى الله عنه فقاتل على ما قاتل عليه نبى الله حتى أقروا بالزكاة المفروضة. قال انس بن مالك كرهت الصحابة قتال مانعى الزكاة قالوا هم اهل القبلة فتقلد ابو بكر سيفه وخرج وحده فلم يجدوا بدا من الخروج على اثره. وقال ابن مسعود رضى الله عنه كرهنا ذلك فى الابتداء ثم حمدناه فى الانتهاء وقيل ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من ابى بكر لقد قام مقام نبى فى قتال اهل الردة: قال الشيخ العطار فى نعت ابى بكر رضى الله عنه هر چهـ بود از باركاه كبريا ... ريخت در صدر شريف مصطفا آن همه در سينه صديق ريخت ... لا جرم تا بود ازو تحقيق ريخت

وقال الحسن لولا ما فعل ابو بكر لا لحد الناس فى الزكاة الى يوم القيامة. قال فى الأشباه المعتمد فى المذهب عدم الاخذ كرها. قال فى المحيط ومن امتنع عن أداء الزكاة فالساعى لا يأخذ منه كرها ولو أخد لا يقع المأخوذ عن الزكاة لكونها بلا اختيار ولكن يجبره بالحبس ليؤدى بنفسه فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ مكانهم بعد إهلاكهم بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ اى يريد بهم خير الدنيا والآخرة وَيُحِبُّونَهُ اى يريدون اطاعته ويتحرزون عن معاصيه قيل هم اهل اليمن قال عليه السلام (الايمان يمان والحكمة يمانية) وانما نسب الايمان إليهم اشعارا بكماله فيهم لان من اتصف بشىء وقوى قيامه به نسب ذلك الشيء اليه لا ان يكون فى ذلك نفى له عن غيرهم فلا منافاة بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام (الايمان فى اهل الحجاز) ثم ان المراد بذلك الموجودون منهم فى ذلك الزمان لا كل اهل اليمن فى كل الأحيان كذا فى شرح المشارق لابن الملك. وقيل هم الأنصار رضى الله عنهم. وقيل هم اهل فارس وفى الحديث (لو كان الايمان معلقا بالثريا لناله أبناء فارس) وفيه فضيلة لهذه القبيلة أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ جمع ذليل اى ارقاء ورحماء متذللين ومتواضعين لهم واستعماله بعلى لتضمين معنى العطف والحنو أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ اى أشداء متغلبين عليهم من عزه إذا غلبه يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صفة اخرى لقوم مترتبة على ما قبلها مبينة مع ما بعدها لكيفية عزتهم وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ عطف على يجاهدون بمعنى انهم جامعون بين المجاهدة فى سبيل الله وبين التصلب فى الدين. وفيه تعريض بالمنافقين فاتهم إذا خرجوا فى جيش المسلمين خافوا أولياءهم اليهود فلا يكادون يعملون شيأ يلحقهم فيه لوم من جهتهم واللومة المرة من اللوم وفيها وفى تنكير لائم مبالغتان كأنه قيل لا يخافون من شىء من اللومات الواقعة من أي لائم كان فالمبالغة الاولى انتفاء الخوف من جميع اللومات والثانية انتفاء الخوف من جميع اللوام كل ذلك لان النكرة فى سياق النفي تعم ذلِكَ اشارة الى ما تقدم من الأوصاف الجليلة التي وصف بها القوم من المحبة والذلة والعزة والمجاهدة فى سبيل الله وانتفاء خوف اللوم من كل واحد فَضْلُ اللَّهِ اى لطفه وإحسانه لا انهم مستقلون فى الاتصاف بها يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ايتاءه إياه ويوفقه لكسبه وتحصيله حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة وَاللَّهُ واسِعٌ كثر الفواضل والألطاف عَلِيمٌ مبالغ فى العلم بجميع الأشياء التي من جملتها من هواهل للفضل والتوفيق: قال الحافظ سكندر را نمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار واعلم ان من السالكين من يقطع العقبات ويحرق الحجب فى سبعين سنة ومنهم من من يقطعها فى عشرين سنة ومنهم من يحصل له فى سنة ومنهم من يقطعها فى شهر بل فى جمعة بل فى ساعة حتى ان منهم من تحصل له فى لحظة بتوفيق خاص وعناية سابقة أما تذكر سحرة فرعون ما كان مدتهم الا لحظة حيث رأوا معجزة موسى قالوا آمنا برب العالمين فابصروا الطريق وقطعوه حقه فصاروا من ساعة الى ساعة بل اقل من العارفين بالله- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم كان على ما كان عليه من امر الدنيا فعدل عن ذلك وقصد

[سورة المائدة (5) : الآيات 55 إلى 56]

الطريق الحق فلم يكن الا مقدار سيره من بلخ الى مرو الروذ حتى صار بحيث أشار الى رجل سقط من القنطرة فى الماء الكثير هنالك ان قف فوقف الرجل مكانه فى الهواء فتخلص. وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة لا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم فاعتقها فاختارت الطريق الحق فاقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها قراء البصرة وعلماؤها لعظم منزلتها. واما الذي لم تسبق له العناية ولا توجهت له ولم يعامل بالفضل فيوكل الى نفسه فربما يبقى فى شعب من عقبة واحدة من العقبات سبعين سنة ولا يقطعها وكم يصيح وكم يصرخ ما اظلم هذا الطريق واشكله وأعسر هذا الأمر واعضله. فان قلت لم اختص هذا بالتوفيق الخاص وحرم هذا وكلاهما مشتركان فى ربقة العبودية فعند هذا السؤال تنادى من سرادق الجلال ان الزم الادم واعرف سر الربوبية وحقيقة العبودية فانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ذلك تقدير العزيز العليم وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم رضا بداده بده وز جبين گره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نگشادست اللهم اجعلنا ممن سبقت له العناية وتقدم فى حقه التوفيق الخاص والهداية آمين يا رب العالمين إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا اى لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء لان بعضهم اولياء بعض وليسوا باوليائكم انما اولياؤكم الله ورسوله والمؤمنون فاختصوهم بالموالاة ولا تخطئوهم الى الغير. قال فى التأويلات النجمية فموالاة الله فى معاداة ما سوى الله كما قال الخليل عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وموالاة الرسول فى معاداة النفس ومخالفة الهوى كما قال عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) وقال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) وموالاة المؤمنين فى مؤاخاتهم فى الدين كقوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وقال عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ بدل من الذين آمنوا وَهُمْ راكِعُونَ حال من فاعل الفعلين اى يعملون ما ذكر من اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون ومتواضعون لله تعالى والمقصود تمييز المؤمن المخلص ممن يدعى الايمان ويكون منافقا لأن الإخلاص انما يعرف بكونه مواظبا على الصلاة والزكاة فى حال الركوع اى فى حال الخشوع والإخبات لله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا اى ومن يتخذهم اولياء فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ اى فانهم الغالبون ولكن وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على البرهان عليه وكأنه قيل ومن يتول هؤلاء فهم حزب الله وحزب الله هم الغالبون وتشريفا لهم باضافتهم اليه تعالى وتعريضا بمن يوالى غير هؤلاء بانه حزب الشيطان وحزب الرجل أصحابه والحزب الطائفة يجتمعون لأمر حزبهم اى أصابهم. واعلم ان الغلبة على اعداء الله الظاهرة والباطنة كالهوى والنفس والشيطان انما تحصل بنصرة الله تعالى كما قال تعالى إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وليست النصرة والغلبة الا بتأثير الله تعالى وهو المعز وكل العزة منه تعالى- وروى- ان الله تعالى شكا من هذه الامة ليلة المعراج شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد.

[سورة المائدة (5) : الآيات 57 إلى 62]

والثانية انى لا ارفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يرفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا أنفسهم فيها فمن اتبع هوى النفس ولم يهتم لتزكيتها فقد سعى فى الحاق نفسه بزمرة الأعداء فلم يكن منصورا البتة إذ لا يحصل من الجسارة الا الخسارة والهوى مقتضى النفس والنفس ظلمانية ولا يتولد من الظلماني الا الظلمة: قال فى المثنوى عكس نورانى همه روشن بود ... عكس ظلمانى همه كلخن بود عكس هر كس را بدان اى دوربين ... پهلوى جنسى كه خواهى مى نشين فعلى المؤمن ان يجتهد بالصوم والصلاة ووجوه العبادات الى ان يزكى نفسه عن سفساف الأخلاق ويغلب الأعداء الباطنة والغلبة عليها مفتاح الغلبة على الأعداء الظاهرة ولذاترى الأنبياء والأولياء منصورين مظفرين على كل حال وهذه النصرة والولاية من آثار عناية الله السابقة فكما ان من رش عليه من نور الأزل لم ير ظلمة ابدا كذلك من لم يهتد بذلك النور فى بداية الأمر لم يصل الى المراد الى آخر العمر: قال الحافظ بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى را كه بافتند سياه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- ان رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المؤمنين يوادونهما فنهاهم الله تعالى عن الموالاة وقال لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً قوله الذين اتخذوا مفعول أول لقوله لا تتخذوا ومفعوله الثاني قوله اولياء ودينكم مفعول أول لقوله اتخذوا وهزؤا مفعوله الثاني. والهزؤ السخرية والاستهزاء واللعب بالفارسية [بازي] ومعنى اتخاذهم دين المسلمين مهزوا به وتلاعبهم به اظهارهم ذلك باللسان مع الإصرار على الكفر فى القلب وقد رتب النهى عن موالاتهم على اتخاذهم دينهم هزؤا ولعبا ايماء الى العلة وتنبيها على ان من هذا شأنه جدير بالمعاداة فكيف بالموالاة مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ بيان للمستهزئين ومن قبلكم متعلق باوتوا وَالْكُفَّارَ بالنصب عطف على الموصول الاول والمراد المشركون خصوا به لتضاعف كفرهم فالنهى عن موالاة من ليس على الحق رأسا سواء من كان ذادين تبع فيه الهوى وحرفه عن الصواب كاهل الكتاب ومن لم يكن كالمشركين أَوْلِياءَ وجانبوهم كل المجانبة وَاتَّقُوا اللَّهَ فى ذلك بترك موالاتهم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اى حقا لان الايمان يقتضى الاتقاء وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها اى الصلاة او المناداة هُزُواً وَلَعِباً كان المؤذنون إذا أذنوا للصلاة تضاحكت اليهود فيما بينهم وتغامزوا سفها واستهزاء بالصلاة وتجهيلا لاهلها وتنفيرا للناس عنها وعن الداعي إليها ذلِكَ اى الاستهزاء المذكور المستقر بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ اى بسبب عدم عقلهم فان السفه يؤدى الى الجهل بمحاسن الحق والهزء به ولو كان لهم عقل فى الجملة لما اجترءوا على تلك العظيمة: وفى المثنوى كشتى بي لنگر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر

لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى در يوزه كن از عاقلان قال العلماء ثبوت الاذان ليس بالمنام وحده بل هو ثابت بنص هذه الآية فان المعنى إذا دعوتم الناس الى الصلاة بالأذان والنداء الدعاء بارفع الصوت. وفى الاذان حكم منها اظهار شعائر الإسلام وكلمة التوحيد والاعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء الى الجماعة الى غير ذلك ولو وجد مؤذن حسن الصوت يطلب على أذانه الاجر والرزق وآخر يتبرع بالأذان لكن غير حسن الصوت فايهما يؤخذ ففيه وجهان أصحهما انه يرزق حسن الصوت فان لحسن الصوت تأثيرا كما ان لقبحه تغييرا وتنفيرا: وفى المثنوى يك مؤذن داشت بس آواز بد ... در ميان كافرستان بانك زد چند گفتندش مكو بانك نماز ... كه شود جنك وعداوتها دراز او ستيزه كرد وبس بى احتراز ... گفت در كافرستان بانك نماز خلق خائف شد ز فتنه عامه ... خود بيامد كافرى با جامه شمع وحلوا با چنان جامه لطيف ... هديه آورد وبيامد چون أليف پرس پرسان كين مؤذن كو كجاست ... كه صلا وبانك او راحت فزاست دخترى دارم لطيف وبس سنى ... آرزو مى بود او را مؤمنى هيچ اين سودا نمى رفت از سرش ... پندها مى داد چندين كافرش هيچ چاره مى ندانستم در ان ... تا فرو خواند اين مؤذن آن أذان گفت دختر چيست اين مكروه بانك ... كه بكوشم آمد اين دو چار دانك من همه عمر اين چنين آواز زشت ... هيچ نشنيدم درين دير وكنشت خواهرش گفتا كه اين بانگ أذان ... هست اعلام در شعار مؤمنان باورش نامد بپرسيد از دگر ... آن ديگر هم گفت آرى اى پدر چون يقين گشتش رخ او زرد شد ... از مسلمانى دل او سرد شد باز رستم من ز تشويش وعذاب ... دوش خوش خفتم در ان بى خوف خواب راحتم اين بود از آواز او ... هديه آوردم بشكر آن مرد كو چون بديدش گفت اين هديه پذير ... كه مرا كشتى مجير ودستگير گر بمال ملك وثروت فردمى ... من دهانت را پر از زر كردمى ورد فى التأذين فضائل وفى الحديث (أول الناس دخولا الجنة الأنبياء ثم الشهداء ثم بلال) مع مؤذنى الكعبة ثم مؤذنوا بيت المقدس ثم مؤذنوا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم وفى الحديث (ثلاثة لا يكترثون من الحساب ولا تفزعهم الصيحة ولا يحزنهم الفزع الأكبر حامل القرآن العامل بما فيه يقدم على الله سيدا شريفا ومؤذن اذن سبع سنين لا يأخذ على أذانه طعما وعبد مملوك احسن عبادة ربه وادي حق مولاه) وإذا اجتمع الاذان والامامة فى شخص فالامامة أفضل لمواظبة النبي عليه السلام عليها وانما أم ولم يؤذن لانه عليه السلام لو اذن لكان كل من تخلف عن الاجابة كافرا ولانه لو كان داعيا لم يجز

[سورة المائدة (5) : آية 59]

ان يشهد لنفسه ولانه لو اذن وقال اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله لتوهم ان ثمة نبيا غيره ولأن الاذان رآه غيره فى المنام فولاه الى غيره وايضا انه عليه السلام كان إذا عمل عملا أثبته اى جعله ديمة وكان لا يتفرغ لذلك لا شتغاله بتبليغ الرسالة وهذا كما قال سيدنا عمر رضى الله عنه لولا الخليفى لاذنت. وكره اللحن فى الاذان لما روى ان رجلا جاء الى ابن عمر رضى الله عنهما فقال انى أحبك فقال انى أبغضك فى الله فقال لم فقال لانه بلغني انك تغنى فى اذانك يعنى تلحن وذلك مثل ان يقول آلله بمد الالف الاولى لانه استفهام وشك وان يقول أكبار بمد الباء لانه اسم الشيطان وغير ذلك الى آخر كلمات الاذان. واجابة المؤذن واجبة على كل من سمعه وان كان جنبا او حائضا إذ لم يكن فى الخلاء او فى الجماع. وذكر تاج الشريعة ان اجابة المؤذن سنة. وقال النووي مستخبة فيقول بمثل ما يقول المؤذن وضعف تقبيل ظفرى ابهاميه مع مسبحتيه والمسح على عينيه عند قوله محمد رسول الله لانه لم يثبت فى الحديث المرفوع لكن المحدثين اتفقوا على ان الحديث الضعيف يجوز العمل به فى الترغيب والترهيب فقط ويقول عند حى على الصلاة «لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم» وعند حى على الفلاح «ما شاء الله كان وما لم يشألم يكن» وعند قوله الصلاة خير من النوم «صدقت وبالخير نطقت» وفى قوله قد قامت الصلاة «أقامها الله وادامها» وحين ينتهى الى قوله قد قامت الصلاة يجيب بالفعل دون القول- وروى- عن ميمونة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بين صف الرجال والنساء فقال (يا معشر النساء إذا سمعتن أذان هذا الحبشي وإقامته فقلن كما يقول فان لكن بكل حرف الف درجة) قال عمر رضى الله عنه هذا فى النساء فما للرجال قال (ضعفان يا عمر) قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى حبذا الكلام ونعم النداء الاذان فعند قوله الله أكبر الله اكبر «لو انكشف وتجلى عظمة الله تعالى وكبرياؤه» وعند قوله اشهد ان لا اله الا الله «لو انكشف وحدانيته» وعند اشهد ان محمدا رسول الله «لو انكشف حقانيته» وعند الحيعلتين «لو ظهر الطلب من الطالب الى المطلوب» وعند الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله «لو تجلى الذات لتم المقصود وحصل المراد» انتهى. ومن فضائل الاذان انه لو اذن خلف المسافر فانه يكون فى أمان الى ان يرجع. وان اذن فى اذن الصبى وأقيم فى اذنه الاخرى إذا ولد فانه أمان من أم الصبيان وإذا وقع هذا المرض ايضا وكذا إذا وقع حريق او هجم سيل او برد او خاف من شىء كما فى الاسرار المحمدية. والاذان اشارة الى الدعوة الى الله حقيقة والداعي هو الوارث المحمدي يدعو اهل الغفلة والحجاب الى مقام القرب ومحل الخطاب فمن كان أصم عن استماع الحق استهزأ بالداعي ودعوته لكمال جهالته وضلالته ومن كان ممن القى السمع وهو شهيد يقبل الى دعوة الله العزيز الحميد وينجذب الى حضرة العزة ويدرك لذات شهود الجمال ويغتنم مغانم اسرار الوصال جوانا سر متات از پند پيران ... كه رأى پيرت از بخت جوان به قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ- روى- ان نفرا من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دينه فقال عليه السلام (أؤمن بالله وما انزل إلينا وما انزل الى ابراهيم واسمعيل واسحق

[سورة المائدة (5) : آية 60]

ويعقوب والأسباط وما اوتى موسى وعيسى وما اوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) فحين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام قالوا لا نعلم اهل دين اقل حظا فى الدنيا والآخرة منكم ولا دينا شرا من دينكم فانزل الله هذه الآية اى قل لهؤلاء اليهود الفجرة هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا من نقم منه كذا إذا عابه وأنكره وكرهه اى ما تعيبون وما تنكرون مناديننا لعلة من العلل إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ اى الا لان آمنا بالله فهو مفعول له لتنقمون على حذف المفعول به الذي هو الدين وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا من القرآن المجيد وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ انزاله من التوراة والإنجيل وسائر الكتب الالهية وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ عطف على ان آمنا اى ولان أكثركم متمردون خارجون عن الايمان بما ذكر حتى لو كنتم مؤمنين بكتابكم الناطق بصحة كتابنا لآمنتم به واسناد الفسق الى أكثرهم مع ان كلهم فاسقون لانهم الحاملون لا عقابهم على التمرد والفساد وقيل هو عطف على ان آمنا على انه مفعول به لكن لا على ان المستثنى مجموع المعطوفين بل هو ما يلزمهما من المخالفة كأنه قيل ما تكرهون من جهتنا الا الايمان بالله وبجميع كتبه المنزلة والا مخالفتكم حيث دخلنا الايمان وأنتم خارجون منه قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ الخطاب لليهود بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ الاشارة الى المنقوم وهو الايمان والمنقوم منهم المؤمنون اى هل أخبركم بما هو شر فى الحقيقة لا ما تعتقدونه شرا وان كان فى نفسه خيرا محضا. قال ابن الشيخ ومن المعلوم قطعا انه لا شر فى دين الإسلام فالمراد الزيادة المطلقة مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ اى جزاء ثابتا فى حكمه تعالى والمثوبة مختصة بالخبر كالعقوبة مختصة بالشر فوضعت هاهنا موضعها على طريق التهكم ونصبها على التمييز من بشر مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ خبر لمبتدأ محذوف بتقدير مضاف قبله مناسب لما أشير اليه بكلمة ذلك اى هو دين من لعنه الله وهو اليهود وابعدهم الله من رحمته وسخط عليهم بكفرهم وانهماكهم فى المعاصي بعد وضوح الآيات وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ اى مسخ بعضهم قردة فى زمن داود عليه السلام بدعائه عليهم حين اعتدوا فى السبت واستخلوه ومسخ بعضهم خنازير فى زمن عيسى عليه السلام بعد أكلهم من المائدة وحين كفروا بعد مارأوا الآيات البينة. وقيل كلا المسخين فى اصحاب السبت مسخت شبانهم قردة وشيوخهم خنازير ولما نزلت هذه الآية قال المسلمون لليهود يا اخوة القردة والخنازير فنكسوا رؤسهم وافتضحوا وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ عطف على صلة من وضميره المستكن يعود الى من أي أطاع الشيطان فيما سول له أُولئِكَ الموصوفون بتلك القبائح والفضائح شَرٌّ مَكاناً جعل مكانهم شرا ليكون ابلغ فى الدلالة على شرارتهم وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ عطف على شر مقرر له اى اكثر ضلالا عن الطريق المستقيم. وفيه دلالة على كون دينهم شرا محضا بعيدا عن الحق لان ما يسلكونه من الطريق دينهم فاذا كانوا أضل كان دينهم ضلالا مبينا لا غاية وراءه وصيغة التفضيل فى الموضعين للزيادة مطلقا لا بالاضافة الى من يشاركهم فى اصل الشرارة والضلال. واعلم ان كل صنف من الناس يفرح بما لديه ويبغض الآخر بما هو عليه ولكن الحق أحق ان يتبع فالمؤمن يحب المؤمن فان المحبة من

[سورة المائدة (5) : الآيات 61 إلى 62]

الأخلاق الحسنة والأوصاف الشريفة وفى الحديث (ان من عباد الله عبادا ما هم بانبياء وشهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله تعالى) قالوا يا رسول الله أخبرنا من هم وما أعمالهم فلعلنا نحبهم قال (هم قوم تحابوا فى الله على غير أرحام منهم ولا اموال يتعاطون فو الله ان وجوههم أنوار وانهم يعلون منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس) . وسئل عبد الله السالمى بأى شىء يعرف اولياء الله من بين عباده فقال بلطافة اللسان وحسن الخلق وبشاشة الوجه وسخاوة النفس وقلة الاعتراض وقبول الاعتذار وكمال الشفقة على عامة الخلق: قال الحافظ تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... ور خود از گوهر جمشيد وفريدون باشى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى لا تزال البغضاء بين البيراميين وبين الخلوتية وكذا بينهم وبين اتباع السيد البخاري مع ان البغضاء لا تليق باهل الحق ألا يرى انا لم نسمع من دور آدم الى خاتم النبيين عليهم السلام نوع بعض بين نبيين أصلا مع انه قد يتفق فى بعض الأوقات ان يجتمع ثلاثة واربعة من الأنبياء وكذا اتباعهم لا يطعنون فى واحد منهم: قال السعدي دلم خانه مهر يارست وبس ... از ان مى نكنجد درو كين كس قال بعضهم القلوب ثلاثة. قلب يطير فى الدنيا حول الشهوات. وقلب يطير فى العقبى حول الكرامات. وقلب يطير فى سدرة المنتهى حول المناجاة: قال الحافظ غلام همت رندان بى سر و پايم ... كه هر دو كون نيرزد به پيش شان يك كاه فعلى العاقل ان يشتغل بالتوحيد كى يتخلص من ظلمات النفس وهواها والشيطان ووساوسه نظر عمر بن الخطاب الى شاب فقال يا شاب ان وقيت شر ثلاثة فقد وقيت شر الشيطان ان وقيت لقلقك وقبقبك وذبذبك. قال الأصمعي اللقلق اللسان والقبقب البطن والذبذب الفرج وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا نزلت فى ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهرون له الايمان نفاقا فالخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام والجمع للتعظيم اوله مع من عنده من المسلمين اى إذا جاؤكم أظهروا الإسلام وَقَدْ اى والحال انهم قد دَخَلُوا ملتبسين بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا من عندك ملتبسين بِهِ اى بالكفر كما دخلوا لم يؤثر فيهم ما سمعوا منك وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ من الكفر وصيغة التفضيل لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يظن نفاقهم من اماراته اللائحة عليهم ويتوقع انه يظهره الله: وفى المثنوى نيست بازي با مميز خاصه او ... كه بود تمييز عقلش غيب كو هيچ سحر وهيچ تلبيس ودغل ... مى نبندد پرده بر اهل دول وَتَرى يا محمد رؤية بصرية كَثِيراً مِنْهُمْ اى من اليهود والمنافقين حال كونهم يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ اى الكذب على الإطلاق وإيثار كلمة فى على كلمة الى للدلالة على انهم مستقرون فى الإثم وانما مسارعتهم من بعض مراتبه الى بعض آخر منها كقوله تعالى

[سورة المائدة (5) : الآيات 63 إلى 67]

أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ لا انهم خارجون منه متوجهون اليه كما فى قوله تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ وَالْعُدْوانِ اى الظلم المتعدى الى الغير وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ اى الحرام لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لبئس شيأ كانوا يعملونه والجمع بين صيغتى الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار لَوْلا حرف تحضيض يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ المراد بهم العلماء الا ان الرباني الزاهد العارف الواصل والحبر العالم العامل المقبول عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وهو قولهم آمنا وليسوا بمؤمنين وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ مع علمهم بقبحها ومشاهدتهم لمباشرتهم لها لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ هو ابلغ من قوله لبئس ما كانوا يعملون لان الصنع أقوى من العمل فان العمل انما يسمى صناعة إذا صار مستقرا راسخا متمكنا فجعل جرم من عمل الإثم والعدوان وأكل السحت ذنبا غير راسخ وذنب التاركين للنهى عن المنكر ذنبا راسخا وفى الآية مما ينعى على العلماء من توانيهم فى النهى عن المنكرات ما لا يخفى: قال الشيخ السعدي كرت نهى منكر برآيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمانيد مردى رجال قال عمر بن عبد العزيز ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة ولكن إذا أظهروا المعاصي فلم ينكروا استحق القوم جميعا للعقوبة ولولا حقيقة هذا المعنى فى التوبيخ على المشايخ والعلماء فى ترك النصيحة لما اشتغل المحققون بدعوة الخلق وتربيتهم لاستغراقهم فى مشاهدة الحق ومؤانستهم به. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره السالك إذا وصل الى الحقيقة اما ان يرسل للارشاد او يبقى فى حضور الوصلة ولا يريد الفرقة كالشيخ ابى يزيد البسطامي فانه لا يختر الإرشاد ولكن الإرشاد طريقة الأنبياء عليهم السلام فانه ما من نبى الا وهو قد بعث وأرسل لارشاد الخلق ولم يبق فى عالم الحضور: قال فى المثنوى خطابا من قبل الله تعالى الى حضرة النبي عليه السلام هين بمگذار اى شفا رنجور را ... تو ز خشم كور عصاى كور را نى تو گفتى قائد أعمى براه ... صد ثواب واجر يابد از اله هر كه او چل گام كورى را كشد ... كشت آمر زيده ويابد رشد پس بكش تو زين جهان بي قرار ... چوق كورانرا قطار اندر قطار كار هادى اين بود تو هادىء ... ماتم آخر زمانرا شادىء هين روان كن اى امام المتقين ... اين خيال انديشگان را تا يقين خيز دردم تو بصور سهمناك ... تا هزاران مرده بررويد ز خاك واهل الحقيقة والعلماء العاملون المتجردون عن الغرض سوى إعلاء كلمة الله تعالى محفوظون فى أقوالهم وأفعالهم- وحكى- ان زاهدا من التابعين كسر ملاهى مروان بن الحكم الخليفة فاتى له به فامر بان يلقى بين يدى الأسد فالقى فلما دخل ذلك الموضع افتتح الصلاة فجاءت الأسد وجعلت تحرك ذنبها حتى اجتمع عليه ما كان فى ذلك الموضع من الأسد فجعلت تلحسه بألسنتها

[سورة المائدة (5) : آية 64]

وهو يصلى ولا يبالى فلما أصبح مروان قال ما فعل بزاهدنا قيل القى بين يدى الأسد قال انظروا هل أكلته فجاؤا فوجدوا الأسد قد استأنست به فتعجبوا من ذلك فاخرجوه وحملوه الى الخليفة فقال له اما كنت تخاف منها قال لا كنت مشغولا متفكرا طول الليل لم أتفرغ الى خوفهم فقال له فيما ذا تتفكر قال فى هذه الأسد حيث جاءتنى تلحسنى بألسنتها فكنت أتفكر ألعابها طاهر أم نجس فتفكرى فى هذا منعنى عن الخوف منها فتعجب منه فخلى سبيله كذا فى نصاب الاحتساب وَقالَتِ الْيَهُودُ قال المفسرون ان الله تعالى قد بسط النعمة على اليهود حتى كانوا من اكثر الناس مالا واخصبهم ناحية فلما عصوا الله فى شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبوه كف الله عنهم ما بسط عليهم من النعمة فعند ذلك قالت اليهود يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ اى مقبوضة ممسكة عن العطاء. وغل اليد وبسطها مجاز عن محض البخل والجود من غير قصد فى ذلك الى اثبات يد وغل او بسط قال الله تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ اى لا تمسكها عن الانفاق غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ دعاء عليهم بالبخل المذموم والمسكة اى أمسكت أيديهم عن الانفاق فى الخير وجعلوا بخلاء واليهود ابخل الناس ولا امة ابخل منهم وَلُعِنُوا اى ابعدوا وطردوا من رحمة الله تعالى بِما قالُوا اى بسبب ما قالوا من الكلمة الشنعاء وهذا الدعاء عليهم تعليم للعباد والا فهو اثر العجز تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ اى ليس شأنه عز وجل كما وصفتموه بل هو موصوف بغاية الجود ونهاية الفضل والإحسان وهذا المعنى انما يستفاد من تثنية اليد فان غاية ما يبذله السخي من ماله ان يعطيه بيديه جميعا ويد الله من المتشابهات وهى صفة من صفات الله تعالى كالسمع والبصر والوجه ويداه فى الحقيقة عبارة عن صفاته الجمالية والجلالية وفى الحديث (كلتا يديه يمين) أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ اى هو مختار فى إنفاقه يوسع تارة ويضيق اخرى على حسب مشيئته ومقتضى حكمته وقد اقتضت الحكمة بسبب ما فيهم من شؤم المعاصي ان يضيق عليهم: وفى المثنوى چونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخسمت وبروياند خداش چند كاهى او بپوشاند كه تا ... آيدت زان بد پشيمان وحيا بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز گيرد از پى اظهار عدل تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود ... آن مبشر گردد اين منذر شود وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ وهم علماؤهم ورؤساؤهم. قوله كثيرا مفعول أول ليزيدن ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وهو القرآن وما فيه من الاحكام وهو فاعل يزيدن طُغْياناً وَكُفْراً مفعول ثان للزيادة اى ليزيدنهم طغيانا على طغيانهم وكفرا على كفرهم القديمين اما من حيث الشدة والغلو واما من حيث الكم والكثرة إذ كلما نزلت آية كفروا بها فيزداد طغيانهم وكفرهم بحسب المقدار كما ان الطعام الصالح للاصحاء يزيد المرضى مرضا وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ اى بين اليهود فان بعضهم جبرية وبعضهم قدرية وبعضهم مرجئة وبعضهم مشبهة اما الجبرية فهم الذين ينسبون فعل العبد الى الله تعالى ويقولون لا فعل للعبد أصلا ولا اختيار

وحركته بمنزلة حركة الجمادات. واما القدرية فهم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله. واما المرجئة فهم الذين لا يقطعون على اهل الكبائر بشىء من عفو او عقوبة بل يرجعون الحكم فى ذلك اى يؤخرونه الى يوم القيامة واما المشبهة فهم الذين شبهوا الله تعالى بالمخلوقات ومثلوه بالمحدثات الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ اى جعلناهم مختلفين فى دينهم متباغضين كما قال تعالى تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى فلا تكاد تتوافق قلوبهم ولا تتطابق أقوالهم والجملة مبتدأة مسوقة لازاحة ما عسى يتوهم فى ذكر طغيانهم وكفرهم من الاجتماع على امر يؤدى الى الإضرار بالمسلمين. قيل العداوة أخص من البغضاء لان كل عدو مبغض بلا عكس كلى إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بألقينا كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ اى كلما أرادوا محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم واثارة شر عليه أَطْفَأَهَا اللَّهُ اى ردهم الله وقهرهم بان أوقع بينهم منازعة كف بها عنه شرهم: وفى المثنوى خطابا من قبل الله تعالى الى حضرة صاحب الرسالة عليه السلام هر كه در مكر تو دارد دل كرو ... كردنش را من زنم تو شاد شو بر سر كوريش كوريهانهم ... او شكر پندارد وزهرش دهم چيست خود آلاجق آن تركمان ... پيش پاى نره پيلان جهان آن چراغ او به پيش صرصرم ... خود چهـ باشد اى مهين پيغمبرم وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً اى يجتهدون فى الكيد للاسلام واهله واثارة الشر والفتنة فيما بينهم مما يغاير ما عبر عنه بايقاد نار الحرب. وفسادا اما مفعول له او فى موضع المصدر اى يسعون للفساد او يسعون سعى فساد وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ولذلك اطفأ نائرة افسادهم ولا يجازيهم إلا شرا. واعلم ان الله تعالى مهما وكل الإنسان الى حساسة طبعه وركاكة نظره وعقله فلا يترشح منه الا ما فيه من الأقوال الشنيعة والافعال الرذيلة ولذلك قالت اليهود يد الله مغلولة: ونعم ما قال فى المثنوى در زمين كر نيشكر ور خودنى است ... ترجمان هر زمين نبت وى است واهل الحسد يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ولكن لا يزيدهم الحسد الا الطغيان فكما ان مصائب قوم عند قوم فوائد كذلك فوائد قوم عند قوم مصائب. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره ان جماعة السيد البخاري حسدوا لنا حتى قصدوا القتل بالسلاح واشتغلوا بالأسماء القهرية على حسب طريقهم فلم أقاتل دفعا للفتنة ثم رأيت فى موضع قرب جامع السيد البخاري قد أخذ طريقى ماء عظيم فلم يبق إلا طريق ضيق فلما قربت منه لم يبق اثر من الماء ثم انه مات كثير من تلك الجماعة ولكن لم أباشر انا فى حقهم شيأ قال كيف أميل الى مشيختهم وتصرف ثمانية عشر الف عالم بيدي بقدرة الله تعالى فى الباطن وان كنت عاجزا فى الظاهر- وحكى- ان مولانا جلال الدين اشتغل عند صلاح الدين شركوه بعد المفارقة من شمس الدين التبريزي فلما سمعه بعض اتباع مولانا أرادوا قتله فارسل اليه مولانا ابنه السلطان ولد فقال الشيخ صلاح الدين ان الله تعالى أعطاني قدرة على قلب السماء الى الأرض

[سورة المائدة (5) : الآيات 65 إلى 66]

فلو أردت أهلكتهم بقدرة الله تعالى لكن الاولى ان ندعو لاصلاحهم فدعا الشيخ فامن السلطان ولد فلانت قلوبهم واستغفروا اللهم بحق أصفيائك خلصنا من رذائل الأوصاف وسفساف الأخلاق انك أنت القادر الخلاق وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ اى اليهود والنصارى آمَنُوا بما يجب به الايمان وَاتَّقَوْا من المعاصي مثل الكذب وأكل السحت ونحو ذلك لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى لعفونا عنهم وسترنا عليهم ذنوبهم وهو الخلاص من العذاب وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ اى ولجعلناهم خالدين فيها وهو الظفر بالثواب. وفيه تنبيه على ان الإسلام يجب ما قبله وان جل وان الكتابي لا يدخل الجنة ما لم يسلم وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اى عملوا بما فيهما من التصديق بسيد المرسلين والوفاء لله تعالى بما عاهدوا فيهما واقامة الشيء عبارة عن رعاية حقوقه وأحكامه كاقامة الصلاة وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ من القرآن المجيد المصدق لكتبهم وإيراده بهذا العنوان للتصريح ببطلان ما كانوا يدعون من عدم نزوله الى بنى إسرائيل لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ اى لوسع الله عليهم أرزاقهم بان يفيض عليهم بركات السماء والأرض بانزال المطر وإخراج النبات. وفيه تنبيه على ان ما أصابهم من الضنك والضيق انما هو من شؤم جناياتهم لا لقصور فى فيض الفياض: وفى المثنوى هين مراقب باش كر دل بايدت ... كز پى هر فعل چيزى زايدت اين بلا از كودنى آيد ترا ... كه نكردى فهم نكته ورمزها وكأنه قيل هل كلهم كذلك مصرون على عدم الايمان والتقوى والاقامة فقيل مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ اى طائفة عادلة غير غالية ولا مقصرة كعبد الله بن سلام واضرابه ممن آمن من اليهود وثمانية وأربعين ممن آمن من النصارى. والاقتصاد فى اللغة الاعتدال فى العمل من غير غلو ولا تقصير وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ مقول فى حقهم ساءَ ما كانوا يَعْمَلُونَ وفيه تعجب بحسب المقام اى ما أسوأ عملهم من العناد والمكابرة وتحريف الحق والاعراض عنه. وفى الآية بيان ان التقوى سبب لتوسعة الرزق واستقامة الأمر فى الدنيا والآخرة. قال عبد الله القلانسي ركبت سفينة فى بعض أسفاري فبدت ريح شديدة فاشتغل اهل السفينة بالدعاء والنذر واشاروا الىّ بالنذر ايضا فقلت انى مجرد عن الدنيا فالحوا علىّ فقلت ان خلصنى الله لا آكل لحم الفيل فقالوا من يأكل لحم الفيل حتى تكفه عن نفسك فقلت هكذا خطر ببالي فخلصنى الله بجماعة ورمانا الى ساحل البحر فمضى ايام لم نجد ما نأكل فبينا نحن جياع إذ ظهر جروفيل فقتلوه وأكلوا لحمه ولم آكل رعاية لنذرى وعهدى فالحوا علىّ فقالوا انه مقام الاضطرار فلم اقبل قولهم ثم ناموا فجاءت أم الجرو ورأت عظام ولدها وشمت الجماعة فردا فردا فكل من وجدت رائحته أهلكته ثم جاءتنى فلما لم تجد الرائحة وجهت الىّ ظهرها واشارت الىّ بالركوب فركبت فحملتنى واوصلتنى تلك الليلة الى موضع واشارت الىّ بالنزول فنزلت ولقيت وقت السحر جماعة فاخذونى الى البيت وأضافوني فاخبرتهم قصتى على لسان ترجمان فقالوا من ذلك الموضع الى هنا مسيرة ثمانية ايام وقد قطعتها فى ليلة واحدة فظهر من هذه الحكاية انه برعاية جانب التقوى والوفاء بالعهد يستقيم امر المرء من جهة الدين والدنيا وان شهوة واحدة من

[سورة المائدة (5) : آية 67]

شهوات الدنيا لها حزن طويل وكيد عظيم بل هلاك كما وقع لتلك الجماعة التي أكلوا جرو الفيل [وقتى زنبورى موريرا ديد كه بهزار حيله دانه بخانه ميكشد ودران رنج بسيار مى ديد او را گفت اى مور اين چهـ رنجست كه بر خود نهاده بيا كه مطعم ومشرب من ببين كه هر طعامكه لطيف ولذيذ ترست تا از من زياده نيايد بپادشاهان نرسد هرانجا كه خواهم نشينم وآنچهـ خواهم گزينم وخورم ودرين سخن بود كه بر پريد وبدكان قصابى بر مسلوخى نشست قصاب كه كارد در دست داشت بران زنبور مغرور زدد و پاره كرد بر زمين انداخت ومور بيامد و پاى كشان او را مى برد وگفت «رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنا طويلا» زنبور گفت مرا بجايى مبر كه نخواهم مور گفت هر كه از روى حرص وشهوت جايى نشيند كه خواهد بجايى كشندش كه نخواهد] . واعلم ان قوله تعالى لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ اشارة الى ما يحصل بالوهب الرحمانى وما يحصل بالكسب الإنساني فمن عمل بما علم واجتهد فى طريق الحق كل الاجتهاد ينال مراتب الأذواق والمشاهدات فيحصل له جنتان جنة العمل وجنة الفضل وهذا الرزق المعنوي هو المقبول: وفى المثنوى اين دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد گر زشير وديو تن را وابرى ... در فطام او بسى نعمت خورى اللهم أمدنا بفيض فضلك وإحسانك يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ جميع ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ مما يتعلق بمصالح العباد فلا يرد ان بعض الاسرار الإلهية يحرم افشاؤه. قال ابو هريرة حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين من العلم فاما أحدهما فقد بثثته واما الآخر لو بثثته لقطع هذا الحلقوم والتحقيق ان ما يتعلق بالشريعة عام تبليغه وما يتعلق بالمعرفة والحقيقة خاص ولكل منهما اهل فهو كالامانة عند المبلغ يلزم دفعها الى أربابها وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ اى ان لم تبلغ جميعه خوفا من ان ينالك مكروه فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ لان كتمان بعضها ككتمان الكل والرسالة لا سبيل لها ان يبلغها الا باللسان فلذلك لم يرخص له فى تركها وان خاف فهذا دليل لقولنا فى المكره على الطلاق والعتاق إذا تكلم به وقع لان تعلق ذلك باللسان لا بالقلب والإكراه لا يمنع فعل اللسان فلا يمنع النفاذ كذا فى التيسير وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ أمان من الله تعالى للنبى عليه السلام كيلا يخاف ولا يحذر كما روى فى الخبر ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما دخل المدينة قالت اليهود يا محمد انا ذووا عدد وبأس فان لم ترجع قتلناك وان رجعت ذودناك وأكرمناك فكان عليه السلام يحرسه مائة من المهاجرين والأنصار يبيتون عنده ويخرجون معه خوفا من اليهود فلما نزل قوله تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ علم ان الله يحفظه من كيد اليهود وغيرهم فقال للمهاجرين والأنصار (انصرفوا الى رحالكم فان الله قد عصمنى من اليهود) فكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يخرج وحده فى أول الليل وعند السحر الى اودية المدينة وحيث ما شاء يعصمه الله مع كثيرة أعدائه وقلة أعوانه وكان الشج والرباعية قبل ذلك او لان المراد العصمة من القتل وقد حفظه من ذلك واما سائر البلايا والمحن فذلك مما كان يجرى على سائر الأنبياء والأولياء. قال الكرماني ما وقع من الابتلاء

[سورة المائدة (5) : الآيات 68 إلى 72]

والسقم فى الأنبياء عليهم السلام لنيل جزيل الاجر وليعلم انهم بشر تصيبهم محن الدنيا وما يطرأ على الأجسام وانهم مخلوقون فلا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات انتهى إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ تعليل لعصمته عليه السلام اى لا يمكنهم مما يريدون لك من الإضرار. وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى ان لا يهدى الى حضرته قوما جحدوا نبوة الأنبياء وما قبلوا رسالة الرسل ليبلغوا إليهم من ربهم او أنكروا على الأولياء وما استمسكوا بعروة ولايتهم ليوصلوهم الى الله تعالى سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وفى الآية ايضا اشارة الى ان من امتثل لامر الخالق يعصمه من مضرة المخلوق كما عصم النبي عليه السلام وابو بكر الصديق رضى الله عنه فى الغار حين الهجرة فاذا عصم الله من امتثل لامره يعصم ايضا من يستشفع برسوله عليه السلام ويهديه الى سواء الصراط- حكى- ان سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخطأ الجيش بأرض الروم واسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش فاذا بالأسد فقال يا أبا الحارث انا سفينة مولى رسول الله فكان مرادى كيت وكيت فاقبل الأسد يتبصبص حتى قام الى جنبه كما سمع صوتا أهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد: قال السعدي فى البستان يكى ديدم از عرصه رودبار ... كه پيش آمدم بر پلنگى سوار چنان هول از آن حال بر من نشست ... كه ترسيدنم پاى رفتن ببست تبسم كنان دست بر لب گرفت ... كه سعدى مدار آنچهـ آيد شكفت تو هم كردن از حكم داور مپيچ ... كه كردن نپيچد زحكم تو هيچ محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن گذارد ترا وعن جابر رضى الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فى بعض الغزوات فنزل مع قومه فى واد فتفرق الناس يستظلون بالأشجار وينامون واستظل عليه السلام بشجرة معلقا سيفه بغصنها فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فلما حضرنا رأينا أعرابيا فقال عليه السلام (ان هذا اخترط على سيفى وانا نائم فاستيقظت وهو فى يده صلتا فقال من يمنعك منى فقلت الله) يعنى يمنعنى الله منك (فسقط السيف من يده فاخذته فقلت من يمنعك منى فقال كن خير آخذ) قال الراوي قال له النبي عليه السلام أتشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله قال لا ولكن أعاهدك على ان لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى عليه السلام سبيله وفى الحديث كمال توكل النبي عليه السلام وتصديق قوله وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ واستحباب مقابلة السيئة بالحسنة كذا فى شرح المشارق لابن الملك رحمه الله تعالى قُلْ يا محمد مخاطبا ليهود والنصارى يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ اى دين يعتد به ويليق بان يسمى شيأ لظهور بطلانه ووضوح فساده حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ومن اقامتهما الايمان بمحمد والإذعان لحكمه فان الكتب الإلهية بأسرها آمرة بالايمان بما صدقته المعجزة ناطقة بوجوب الطاعة له والمراد اقامة أصولهما وما لم ينسخ من فروعهما وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ اى القرآن المجيد بالايمان به ونسب الانزال إليهم لانهم كانوا يدعون عدم نزوله الى نبى

[سورة المائدة (5) : آية 69]

إسرائيل وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ وهم علماؤهم ورؤساؤهم ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى القرآن طُغْياناً وَكُفْراً على طغيانهم وكفرهم القديمين وهو مفعول ثان ليزيدن فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ اى فلا تحزن عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم بما تبلغه إليهم فان ضرر ذلك لاحق بهم لا يتخطاهم وفى المؤمنين مندوحة لك عنهم. وفى الآية اشارة الى ان حقيقة الدين انما هى احكام ظاهرة وباطنة والتزين بالأعمال ظاهرا وبالأحوال باطنا وهذا لا يتصور الا بمقدمتين ونتائج اربع فاما المقدمتان فاولاهما الجذبة الإلهية وثانيتهما التربية الشيخية واما النتائج فاولاها الاعراض عن الدنيا وما يتعلق بها كلها وثانيتها التوجه الى الحق بصدق الطلب وهما من نتائج الجذبة ثم تزكية النفس عن الأخلاق الذميمة وتحلية القلب بالأخلاق الإلهية وهما من نتائج التربية الشيخية باستمداد القوة النبوة والقوم الكافرون هم اهل الإنكار يتعلقون بظاهر الدين ولا يعرفون وراءه غاية وليس الأمر كذلك فان لكل ظاهر باطنا: وفى المثنوى فائده هر ظاهرى خود باطنست ... همچونفع اندر دواها كامنست «1» هيچ خطاطى نويسد خط بفن ... بهر عين خط نه بهر خواندن «2» كند بينش مى نبيند غير اين ... عقل او بى سير چون نبت زمين نبت را چهـ خوانده چهـ ناخوانده ... هست پاى او بكل درمانده گر سرش جنبد بسير بادرو ... تو بسر جنبانيش غره مشو آن سرش گويد سمعنا اى صبا ... پاى او گويد عصينا خلنا والحامل على الإنكار هو الحسد كما كان لطائفة اليهود والنصارى فلا بد من تزكية النفس من مثل هذا القبيح- حكى- ان تلميذا للفضيل بن عياض حضرته الوفاة فدخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة يس فقال يا أستاذ لا تقرأ هذه ثم سكت ثم لقنه فقال لا اله الا الله فقال لا أقولها لانى بريئ منها ومات على ذلك فدخل الفضيل منزله وجعل يبكى أربعين يوما لم يخرج من البيت ثم رآه فى النوم وهو يسحب الى جهنم فقال بأى شىء نزع الله المعرفة عنك وكنت اعلم تلاميذى فقال بثلاثة. أولها بالنميمة فانى قلت لاصحابى بخلاف ما قلت لك. والثاني بالحسد حسدت أصحابي. والثالث كان لى علة فجئت الى الطبيب وسألته عهنا فقال تشرب فى كل سنة قدحا من الشراب فان لم تفعل بقيت بك العلة فكنت اشربه نعوذ بالله من سخطه الذي لا طاقة لنا به كذا فى منهاج العابدين إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى بألسنتهم فقط وهم المنافقون وَالَّذِينَ هادُوا اى دخلوا فى اليهودية وَالصَّابِئُونَ اى الذين صبت قلوبهم ومالت الى الجهل وهم صنف من النصارى يقال لهم السائحون يحلقون اوساط رؤسهم وقد سبق فى سورة البقرة وَالنَّصارى جمع نصران وهو معطوف على الذين هادوا. وقوله والصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف والجملة معطوفة على جملة قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلخ والتقدير ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كيت وكيت والصابئون كذلك وانما لم يعطف على ما قبله بل جعل مع خبره المحذوف جملة مستقلة اتى بها فى خلال الجملة الاولى

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در آتش رفتن سنى إلخ. (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان تفسير آيه كريمه «وما خلقنا السموات والأرض» إلخ.

على نية التأخير للدلالة على ان الصابئين مع كونهم أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالا إذا قبل توبتهم وغفر ذنوبهم على تقدير الايمان الصحيح والعمل الصالح فقبول توبة باقى الفرق اولى واخرى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى من أحدث من هذه الطوائف ايمانا خالصا بالمبدأ والمعاد وَعَمِلَ صالِحاً حسبما يقتضيه الايمان بهما. قوله من فى محل الرفع بالابتداء وخبره فلا خوف إلخ والجملة خبر ان فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حين يخاف الكفار العقاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان دوام انتفائهما لا بيان انتفاء دوامهما. قال الحدادي فى تفسيره اما نفى الحزن عن المؤمنين هاهنا فقد ذهب بعض المفسرين الى انه لا يكون عليهم حزن فى الآخرة ولا خوف ونظيره قوله تعالى تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وقال بعضهم ان المؤمنين يخافون ويحزنون لقوله تعالى يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وقوله يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وقال صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة) فقالت عائشة واسوءتاه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (اما سمعت قول الله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه) قالوا وانما نفى الله تعالى فى هذه الآية الحزن عن المؤمنين لان حزنهم لما كان فى معرض الزوال ولم يكن له بقاء معهم لم يعتد بذلك انتهى: وفى المثنوى هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست درخور از براى خائف آن آنكه خوفش نيست چون گويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس واعلم ان اولياء الله لا خوف عليهم فيما لا يكون على شىء لانهم يقيمون القرآن عملا بالظاهر والباطن ولا هم يحزنون على ما يقاسون من شدائد الرياضات والمجاهدات ومخالفات النفس فى ترك الدنيا وقمع الهوى ولا على ما أصابهم من البلاء والمحن والمصيبات والآفات لانهم تخلصوا من التقليد وفازوا بالتحقيق وارتفع عنهم تعب التكاليف فهم مع الله فى جميع أحوالهم فعلى المؤمن معالجة مرضه القلبي من الأوصاف الرذيلة والتخلص من النفاق واللحاق باهل الاتفاق. قال ابراهيم الخواص قدس سره دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل والتضرع. الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين. قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره ونحن نقول المصلح فى الحقيقة هو الله ولكن أشد الأشياء تأثيرا هو الذكر قال الله تعالى أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قال على رضى الله عنه [يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه يعمرون مساجدهم وهى خراب من ذكر الله شر اهل ذلك الزمان علماؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود] : قال السعدي علم چند انكه بيشتر خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتابى چند آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه بروهيز مست ويا دفتر واعلم ان زبدة العلوم هى العلم بالله وما سواه فمن محسناته ومن علم فهو كامل فى نفسه الا ان العمل

[سورة المائدة (5) : الآيات 70 إلى 71]

هو المقصود ومجرد القراءة لا يغنى شيأ ولا يجلب نفعا فطوبى لمن صاحب رفيق التوفيق لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى بالله قد أخذنا عهدهم بالتوحيد وسائر الشرائع والاحكام المكتوبة عليهم فى التوراة وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ذوى عدد كثير واولى شأن خطير ليذكروهم وليبينوا لهم امر دينهم كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ جواب شرط محذوف كأنه قيل فماذا فعلوا بالرسل فقيل كلما جاءهم رسول من أولئك الرسل بما يخالف هواهم من الشرائع ومشاق التكاليف عصوه وعادوه كأنه قيل كيف عصوهم فقيل فَرِيقاً كَذَّبُوا اى فريقا منهم كذبوهم من غير ان يتعرضوا لهم بشىء آخر من المضار وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ اى فريقا آخر منهم لم يكتفوا بتكذيبهم بل قتلوهم ايضا كزكريا ويحيى عليهما السلام وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ اى حسب بنوا إسرائيل وظنوا ان لا يصيبهم من الله تعالى بلاء وعذاب بقتل الأنبياء وتكذيبهم وجه حسبانهم انهم وان اعتقدوا فى أنفسهم انهم مخطئون فى ذلك التكذيب والقتل الا انهم كانوا يقولون نحن ابناؤه واحباؤه وكانوا يعتقدون ان نبوة أسلافهم وآبائهم تدفع عنهم العذاب الذي يستحقونه بسبب ذلك القتل والتكذيب فَعَمُوا عطف على حسبوا والفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها اى آمنوا بأس الله تعالى فتمادوا فى فنون الغى والفساد وعموا عن الدين بعد ما هداهم الرسل الى المعاملة الظاهرة وبينوا لهم مناهجة الواضحة اى عملوا معاملة الأعمى الذي لا يبصر وَصَمُّوا عن استماع الحق الذي القوه عليهم اى عملوا معاملة الأصم الذي لا يسمع ولذلك فعلوا بهم ما فعلوا قال المولى ابو السعود وهذا اشارة الى المرة الاولى من مرتى إفساد بنى إسرائيل حين خالفوا احكام التوراة وركبوا المحارم وقتلوا شعيبا وقيل حبسوا ارمياء عليه السلام ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حين تابوا ورجعوا عما كانوا عليه من الفساد وبعد ما كانوا ببابل دهرا طويلا تحت قهر بخت نصر أسارى فى غاية الذل والمهانة فوجه الله عز وجل ملكا عظيما من ملوك فارس الى بيت المقدس ليعمره وينجى بقايا بنى إسرائيل من اسر بخت نصر بعد مهلكهم وردهم الى وطنهم وتراجع من تفرق منهم فى الأكناف فعمروه فى ثلاثين سنة فكثروا وكانوا كاحسن ما كانوا عليه ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا وهو اشارة الى المرة الاخرى من مرتى افسادهم وهو اجتراؤهم على قتل زكريا ويحيى وقصدهم قتل عيسى عليهم السلام كَثِيرٌ مِنْهُمْ بدل من الضمير فى الفعلين. قال الحدادي قوله كَثِيرٌ مِنْهُمْ يقتضى فى المرة الثانية انهم لم يكفروا كلهم وانما كفر أكثرهم كما قال تعالى لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ وقال تعالى مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ فيجازيهم وفق أعمالهم ومن اين لهم ذلك الحسبان الباطل ولقد وقع ذلك فى المرة الاولى حيث سلط الله عليهم بخت نصر فاستولى على بيت المقدس فقتل من اهله أربعين الفا ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية الى ارضه فبقوا هناك على أقصى ما يكون من الذل والنكد الى ان أحدثوا توبة صحيحة فردهم الله عز وعلا الى ما حكى عنهم من حسن الحال ثم عادوا الى المرة الاخرى من الإفساد فبعث الله عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف ففعل بهم ما فعل. قيل دخل

[سورة المائدة (5) : آية 72]

صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلى فسألهم فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتمونى فقتل عليه الوفا منهم ثم قال ان لم تصدقونى ما تركت منكم أحدا فقالوا انه دم يحيى عليه السلام فقال بمثل هذا ينتقم الله منكم ثم قال يا يحيى قد علم ربى وربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله تعالى قبل ان لا أبقى أحدا منهم فهدأ. واعلم ان من مقتضى النفس نسيان العهد بينها وبين الله ونسيان نعمه بالكفران وكيف الكفران والإنسان غريق فى بحر كرمه ولطفه فيجب عليه شكر ذلك وإرسال الرسل وتوضيح السبل ونزول المطر وإنبات الأرض وصحة البدن وقوة القلب واندفاع الموانع ومساعدة الأسباب كل ذلك من النعم الجليلة- وحكى- ان دانيال عليه السلام وجد خاتمه فى عهد عمر رضى الله عنه وكان على فصه أسدان وبينهما رجل يلحسانه وذلك ان بخت نصر لما تتبع الصبيان وقتلهم وولد هو ألقته امه فى غيضة رجاء ان ينجو منه فقيض الله سبحانه أسدا يحفظه ولبوة ترضعه وهما يلخسانه فلما كبر صور ذلك فى خاتمه حتى لا ينسى نعمة الله عليه ولا بد فى قطع طريق الآخرة من تحمل المشاق والقيام بالحقوق الواجبة بينه وبين الخلاق. ذكر عن الفضيل انه قال من عزم على طريق الآخرة فليجعل فى نفسه اربعة ألوان من الموت الأبيض والأحمر والأسود والأخضر. فالموت الأبيض الجوع. والأسود ذم الناس. والأحمر مخالفة الشيطان. والأخضر الوقائع بعضها على بعض اى المصائب والأوجاع وإذا كان المرء أعمى وأصم فى هذا الطريق فلا جرم يضل ولا يهتدى: قال فى المثنوى كور را هر كام باشد ترس چاه ... با هزاران ترس مى آيد براه «1» مرد بينا ديده عرض راه را ... پس بداند او مغاك و چاه را ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون «2» اصل ماهى آب وحيوان از كلست ... حيله وتدبير اينجا باطلست قفل زفتست وگشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا والعصيان وان كان سببا للنسيان ورين العمى والصمم الا ان ما قضاه الله وقدره لا يتغير فليبك على نفسه من ضاع عمره فى الهوى وتتبع الشهوات فلم يجد الى طلب الحق سبيلا والى طريق الرشد دليلا اللهم انك أنت الهادي لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ نزلت فى نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما وهم المار يعقوبية قالوا ان الله حل فى ذات عيسى واتحد بذاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وَقالَ الْمَسِيحُ اى قالوا ذلك والحال قد قال المسيح مخاطبا لهم يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ فانى عبد مربوب مثلكم فاعبدوا خالقى وخالقكم إِنَّهُ اى الشان مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ اى شيأ فى عبادته او فيما يخص به من الصفات والافعال فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فلن يدخلها ابدا كما لا يصل المحرم عليه الى المحرم فانها دار الموحدين وَمَأْواهُ النَّارُ فانها هى المعدة للمشركين وَما لِلظَّالِمِينَ بالاشراك مِنْ أَنْصارٍ اى من أحد ينصرهم بانقاذهم من النار اما بطريق المغالبة او بطريق الشفاعة وهو من تمام كلام عيسى. ثم حكى ما قاله النسطورية والملكانية من النصارى فقال

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان سبب جرأت ساحران فرعون إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش إلخ

[سورة المائدة (5) : الآيات 73 إلى 77]

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ اى أحد ثلاثة آلهة والالهية مشتركة بينهم وهم الله وعيسى ومريم وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ اى والحال ليس فى الوجود ذات واجب مستحق للعبادة من حيث انه مبدأ جميع الموجودات الالهية موصوف بالوحدانية متعال عن قبول الشركة وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ عن مقالتهم الاولى والثانية ولم يوحدوا لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ اى والله ليمسنهم ووضع الموصول موضع الضمير لتكرير الشهادة عليهم بالكفر فمن بيانية حال من الذين عَذابٌ أَلِيمٌ نوع شديد الألم من العذاب يخلص وجعه الى قلوبهم أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ اى أيصرون فلا يتوبون عن تلك العقائد الزائغة والأقاويل الباطلة وهمزة الاستفهام لانكار الواقع واستبعاده لا لانكار الوقوع وفيه تعجيب من إصرارهم وتحضيض على التوبة وَيَسْتَغْفِرُونَهُ بالتوحيد والتنزيه عما نسبوه اليه من الاتحاد والحلول وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى والحال انه تعالى مبالغ فى المغفرة يغفر لهم عند استغفارهم ويمنحهم من فضله مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ اى ما هو الا مقصور على الرسالة لا يكاد يتخطاها كالرسل الماضية من قبله خصه الله تعالى بآيات كما خصهم بها فان احيى الموتى على يده فقد احيى العصا وجعلها حية تسعى على يد موسى وهو اعجب وان خلقه من غير اب فقد خلق آدم من غير اب وأم وهو اغرب منه وكل ذلك من جنابه عز وجل وانما موسى وعيسى مظاهر شؤونه وأفعاله وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ اى ما امه ايضا الا كسائر النساء اللاتي يلاز من الصدق اى صدق الأقوال فى المعاملة مع الخلق وصدق الافعال والأحوال فى المعاملة مع الخالق لا يصدر منهن ما يكذب دعوى العبودية والطاعة كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ ويفتقران اليه افتقار الحيوانات فكيف يكون الها من لا يقيمه الا أكل الطعام انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ الباهرة المنادية ببطلان ما تقولوا عليهما نداء يكاد يسمعه صم الجبال ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اى كيف يصرفون عن استماعها والتأمل فيها. وثم لاظهار ما بين العجبين من التفاوت اى ان بياننا الآيات امر بديع فى بابه واعراضهم عنها مع تعاضد ما يوجب قبولها أبدع قُلْ يا محمد إلزاما لهؤلاء النصارى ومن سلك طريقتهم من اتخاذ غير الله الها أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين إياه ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً يعنى عيسى وهو وان ملك ذلك بتمليك الله إياه لكنه لا يملكه من ذاته ولا يملك مثل ما يضر الله به من البلايا والمصائب وما ينفع به من الصحة والسعة وانما قال ما مع ان أصله ان يطلق على غير العاقل نظرا الى ما هو عليه فى ذاته فانه عليه الصلاة والسلام فى أول أحواله لا يوصف بعقل ولا بشىء من الفضائل فكيف يكون الها وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ بالأقوال والعقائد فيجازى عليها ان خيرا فخير وان شرا فشر وهو حال من فاعل تعبدون قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ اى غلوا باطلا فترفعوا عيسى الى ان تدعوا له الالوهية كما ادعته النصارى او تضعوه فتزعموا انه لغير رشدة كما زعمته اليهود وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ يعنى أسلافهم وأئمتهم الذين قد ضلوا قبل مبعث محمد عليه السلام فى شريعتهم وَأَضَلُّوا كَثِيراً اى من تابعهم على بدعهم وضلالهم وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ عن قصد السبيل الذي

هو الإسلام بعد مبعثه لما كذبوه وبغوا عليه وحسدوه. قال الشيخ نجم الدين فى تأويلاته ان النصارى لما أرادوا ان يسلكوا طريق الحق بقدم الفعل وينظروا الى احوال الأنبياء بنظر العقل تاهوا فى اودية الشبهات وانقطعوا فى بوادي الهلكات جل جناب القدس عن ادراك عقول الانس هيهات هيهات وهذا حال من يحذو حذوهم ويقفوا اثرهم فاطرت النصارى عيسى عليه السلام إذ نظروا بالعقل فى امره فوجدوه مولودا من أم بلا اب فحكم عقلهم ان لا يكون مولود بلا اب فينبغى ان يكون هو ابن الله واستدلوا على ذلك بانه يخلق من الطين كهيئة الطير ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى ويخبر عما يأكلون فى بيوتهم وما يدخرون وهذا من صفات الله تعالى ولو لم يكن المسيح ابن الله لما امكنه هذا وانما امكنه لان الولد سرابيه وقال بعضهم ان المسيح لما استكمل تزكية النفس عن صفات الناسوتية حل لاهوتية الحق فى مكان ناسوتيته فصار هو الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ثم اعلم ان امة محمد لما سلكوا طريق الحق باقدام جذبات الالوهية على وفق المتابعة الحبيبية أسقط عنهم كلفة الاستدلال ببراهين الوصول والوصال كما كان حال الشبلي حين غسل كتبه بالماء وكان يقول نعم الدليل أنتم ولكن اشتغالي بالدليل بعد الوصول الى المدلول محال: وفى المثنوى چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادن صيقلى پيش سلطان خوش نشسته در قبول ... جهل باشد جستن نامه ورسول فهؤلاء القوم بعد ما وصلوا الى سرادقات حضرة الجلال شاهدوا بانوار صفات الجمال ان الإنسان هو الذي حمل امانة الحق من بين سائر المخلوقات وهى نور فيض الالوهية بواسطة الأنبياء فهم مخصوصون بأحسن التقويم فى قبول هذا الكمال فتحقق لهم ان عيسى عليه السلام صار قابلا بعد التزكية للتخلية بفيض الخالقية والمحبية كان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله لا باذنه اعنى كان صورة الفعل منه ومنشأ صفة الخالقية حضرة الالوهية وهذا كما ان لكرة البلور المخروط استعدادا فى قبول فيض الشمس إذا كانت فى محاذاتها فتقبل الفيض وتحرق المحلوج المحاذي لها بذلك الفيض فمصدر الفعل المحرق من الكرة ظاهرا ومنشأ الصفة المحرقية حضرة الشمس حقيقة فصار للكرة بحسن الاستعداد قابلية لفيض الشمس وظهر منها صفات الشمس وما جلت الشمس فى كرة البلور تفهم ان شاء الله وتغتنم فكذلك حال الأنبياء فى المعجزات وكبار الأولياء فى الكرامات والفرق ان الأنبياء مستقلون بهذا المقام والأولياء متبعون. قال الامام الغزالي فى قول ابى يزيد انسلخت من نفسى كما تنسلخ الحية من جلدها فنظرت فاذا انا هو إذ من انسلخ من شهوات نفسه وهواها وهمها لا يبقى فيه متسع لغير الله ولا يكون له هم سوى الله وإذا لم يحل فى القلب الا جلال الله وجماله صار مستغرقا كأنه هو لا انه هو تحقيقا. وقوله ايضا سبحانى ما أعظم شأنى يحمل على انه قد شاهد كمال حظه من صفة القدس فقال سبحانى ورأى عظيم شأنه بالاضافة الى شأن عموم الخلق فقال ما أعظم شأنى وهو مع ذلك يعلم قدسه وعظم شأنه بالاضافة

[سورة المائدة (5) : الآيات 78 إلى 82]

الى الخلق ولا نسبة له الى قدس الرب وعظم شأنه وقول من قال من الصوفية انا الحق فوارد على سبيل التجوز ايضا كما يقول الشاعر انا من أهوى ومن أهوى انا وذلك متأول عند الشاعر فانه لا يعنى به انه هو تحقيقا بل كأنه هو فانه مستغرق بالهم به كما يكون مستغرق الهم بنفسه فيعتبر هذه الحالة بالاتحاد على سبيل التجوز. قال الشيخ ابو القاسم الجرجاني ان الأسماء التسعة والتسعين تصير اوصافا للعبد السالك وهو بعد فى السلوك غير واصل. فان قلت ما معنى الوصول. قلت معنى السلوك هو تهذيب الأخلاق والأعمال والمعارف وذلك اشتغال بعمارة الظاهر والباطن والعبد فى جميع ذلك مشغول بنفسه عن ربه الا انه مشتغل بتصفية باطنه ليستعد للوصول وانما الوصول هو ان ينكشف له جلية الحق ويصير مستغرقا به فان نظر الى معرفته فلا يعرف الا الله وان نظر الى همته فلا همة له سواه فيكون كله مشغولا لا بكله مشاهدة وهما لا يلتفت فى ذلك الى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الأخلاق وكل ذلك طهارة وهى البداءة واما النهاية فان ينسلخ عن نفسه بالكلية ويتجرد له فيكون كأنه هو وذلك هو الوصول: وفى المثنوى كاركاه كنج حق در نيستيست ... غره هستى چهـ دانى نيست چيست «1» آب كوزه چون در آب جو شود ... محو كردد دروى وجو او شود «2» لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا حال كونهم مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى طردوا وابعدوا من رحمة الله تعالى عَلى لِسانِ داوُدَ متعلق يلعن يعنى اهل ايلة لما اعتدوا فى السبت قال داود عليه الصلاة والسلام اللهم العنهم واجعلهم آية ومثلا لخلقك فمسخوا قردة وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ اى على لسان عيسى ابن مريم يعنى كفار اصحاب المائدة لما أكلوا من المائدة ولم يؤمنوا قال عيسى اللهم العنهم كما لعنت اصحاب السبت واجعلهم آية فمسخوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبى كأنه قيل بأى سبب وقع ذلك فقيل ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ اى ذلك اللعن الشنيع المقتضى للمسح بسبب عصيانهم واعتدائهم ما حرم عليهم كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ استئناف اى لا ينهى بعضهم بعضا عن قبيح يعملونه واصطلحوا على الكف عن نهى المنكر لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ تعجيب من سوء فعلهم مؤكدا بالقسم تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ اى من اهل الكتاب ككعب بن الأشرف واضرابه حيث خرجوا الى مشركى مكة ليتفقوا على محاربة النبي عليه السلام والرؤية بصرية يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا حال من كثيرا لكونه موصوفا اى يوالون المشركين بعضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ اى لبئس شيأ قدموا ليردوا عليه يوم القيامة أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ هو المخصوص بالذم بتقدير المضاف اى موجب سخط الله والخلود فى العذاب لان نفس السخط المضاف الى الباري تعالى لا يقال له انه المخصوص بالذم انما المخصوص بالذم هو الأسباب الموجبة له وَلَوْ كانُوا اى الذين يتولون المشركين من اهل الكتاب يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ اى نبيهم وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ اى الى ذلك النبي من التوراة والإنجيل مَا اتَّخَذُوهُمْ اى المشركين أَوْلِياءَ

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير خير لا تفضلونى على يونس بن متى إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن عاشق عاذلانرا وتهديد كنند كانرا

لان تحريم ذلك مصرح فى شريعة ذلك النبي وفى الكتاب المنزل اليه فالايمان يمنع من التولي قطعا وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن الدين والايمان بالله ونبيهم وكتابهم وفى الآيات امور الاول ان الإنسان الكامل الذي يصلح لخلافة الحق هو مظهر صفات لطف الحق وقهره فقبولهم قبول الحق وردهم رد الحق ولعنهم لعن الحق وصلاتهم صلاة الحق فمن لعنوه فقد لعنه الحق ومن صلوا عليه فقد صلى الحق عليه لقوله تعالى لنبيه عليه السلام إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وقال هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ فمظهر اللعن كان لسان داود وعيسى وكانت اللعنة من الله حقيقة لقوله كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وهم الذين لعنهم داود وصرح هاهنا ان اللعن كان منه تعالى وان كان على لسان داود عليه السلام: فى المثنوى اين نكردى تو كه من كردم يقين ... اى صفاتت در صفات مادفين «1» ما رميت إذ رميت كشته ... خويشتن در موج چون كف هشته وفى محل آخر كه ترا از تو بكل خالى كند ... تو شوى پست او سخن عالى كند «2» كر چهـ قرآن از لب پيغمبر است ... هر كه كويد حق نكفت او كافرست والثاني ان الله تعالى سمى العصيان منكرا لانه يوجب النكرة كما سمى الطاعة معروفا لانها توجب المعرفة والاقدام على الفعل المنكر معصية والإصرار على المعصية كالكفر فى كونه سببا للرين المحيط بجوانب القلب ومن ذلك ترك النهى عن المنكر وفى الحديث (يحشر يوم القيامة أناس من أمتي من قبورهم الى الله تعالى على صورة القردة والخنازير بما داهنوا اهل المعاصي وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون) فالمداهنة من اعمال الكفار والدعوة الى الله من اخلاق الأخيار: وفى المثنوى هر كسى كو از صف دين سركش است ... ميرود سوى صفى كان واپس است «3» توز كتار تعالوا كم مكن ... كيمياى پس شكرفست آن سخن گر مسى گردد ز گفتارت نفير ... كيميا را هيچ از وى وا مكير اين زمان گر بست نفس ساحرش ... كفت تو سودش دهد در آخرش قل تعالوا قل تعالوا اى غلام ... هين كه ان الله يدعو بالسلام والثالث ان المؤمن والكافر ليسا من جنس واحد وتولى الكافر موجب لسخط الله لان موالاة الأعداء توجب معاداة الأولياء فينبغى للمؤمن الكامل ان ينقطع عن صحبة الكفار والفجار واهل البدع والأهواء وارباب الغفلة والإنكار: وفى المثنوى ميل مجنون پيش آن ليلى روان ... ميل ناقه پس پى طفلش دوان «4» كفت اى ناقه چوهر دو عاشقيم ... ما دو ضد پس همره نالايقيم نيستت بر وفق من مهر ومهار ... كرد بايد از تو صحبت اختيار جان ز هجر عرش اندر فاقه ... تن ز عشق خار بن چون ناقه جان كشايد سوى بالا بالها ... در زده تن در زمين چنكالها اللهم خلصنا من خلاف الجنس مطلقا لَتَجِدَنَّ يا محمد أَشَدَّ النَّاسِ مفعول أول

_ (1) در اواخر دفتر يكم چهارم در بيان خشم كردن پادشاه برنديم إلخ (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان قصه سبحانى ما أعظم شانى إلخ (3) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير كردن رسول عليه السلام جوان هذيلى را إلخ (4) در اواسط دفتر چهارم در بيان چاش عقل با نفسى همچون تنازع مجنون باناقه إلخ [.....]

للوجدان عَداوَةً تمييز لِلَّذِينَ آمَنُوا متعلق بعداوة الْيَهُودَ مفعول ثان للوجدان وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا يعنى مشركى العرب معطوف على اليهود وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى إعرابه كاعراب ما سبق. اما عداوة اليهود والمشركين المنكرين للمعاد فلشدة حرصهم الذي هو معدن الأخلاق الذميمة فان من كان حريصا على الدنيا طرح دينه فى طلب الدنيا واقدم على كل محظور ومنكر فلا جرم تشتد عداوته مع كل من نال جاها او مالا. واما مودة النصارى فلانهم فى اكثر الأمر معرضون عن الدنيا مقبلون على العبادة وترك طلب الرياسة والتكبير والترفع وكل من كان كذلك فانه لا يحسد الناس ولا يؤذيهم بل يكون لين العريكة فى طلب الحق سهل الانقياد له انظر الى كفر النصارى مع كونه اغلظ من كفر اليهود لان كفر النصارى فى الألوهية وكفر اليهود فى النبوة واما قوله تعالى وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ فانما قاله طائفة منهم ومع ذلك خص اليهود بمزيد اللعنة دونهم وما ذاك الا بسبب حرصهم على الدنيا ويؤيده قوله عليه السلام (حب الدنيا رأس كل خطيئة) قال البغوي لم يرد به جميع النصارى لانهم فى عداوتهم للمسلمين كاليهود فى قتلهم المسلمين واسرهم وتخريب بلادهم وهدم مساجدهم وإحراق مصاحفهم لا مودة ولا كرامة لهم بل الآية نزلت فيمن اسلم منهم مثل النجاشي وأصحابه وكان النجاشي ملك الحبشة نصرانيا قبل ظهور الإسلام ثم اسلم هو وأصحابه قبل الفتح ومات قبله ايضا وقال اهل التفسير ائتمرت قريش ان يفتنوا المؤمنين عن دينهم فوثب كل قبيلة على من فيها المسلمين يؤذونهم ويعذبونهم فافتتن من افتتن وعصم الله منهم من شاء ومنع الله رسوله بعمه ابى طالب فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حل بأصحابه ولم يقدر على منعهم ولم يؤمر بعد بالجهاد أمرهم بالخروج الى ارض الحبشة وقال (ان بها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد فاخرجوا اليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجا) وأراد به النجاشي واسمه اصحمة بالمهملتين وهو بالحبشية عطية وانما النجاشي اسم الملك كقولهم قيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس فخرج إليها سرا أحد عشر رجلا واربع نسوة منهم عثمان ابن عفان وامرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجوا الى البحر وأخذوا سفينة الى ارض الحبشة بنصف دينار وذلك فى رجب فى السنة الخامسة من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه هى الهجرة الاولى ثم خرج جعفر بن ابى طالب وتتابع المسلمون إليها فكان جميع من هاجر الى الحبشة من المسلمين اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان سعديا حب وطن گرچهـ حديثست صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم فلما علمت قريش بذلك وجهوا عمر بن العاص وصاحبه بالهدايا الى النجاشي وبطارقته ليردوهم إليهم فعصمهم الله فلما انصرفا خائبين واقام المسلمون هناك بخير دار وحسن جوار الى ان هاجر رسول الله وعلا امره وذلك فى سنة ست من الهجرة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى النجاشي على يد عمرو بن امية الضمري ليزوجه أم حبيبة بنت ابى سفيان وكانت قد هاجرت اليه مع زوجها فمات زوجها فارسل النجاشي الى أم حبيبة جارية يقال

لها نزهة تخبرها بخطية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها فاعطتها اوضاحا لها سرورا بذلك وأمرها ان توكل من يزوجها فوكلت خالدين سعيد بن العاص فانكحها على صداق اربعمائة دينار وكان الخاطب لرسول الله النجاشي فانفذ إليها على يد نزهة اربعمائة دينار فلما جاءتها بها أعطتها خمسين دينارا فردتها وقالت أمرني الملك ان لا آخذ منك شيأ وقالت انا صاحبة دهن الملك وثيابه وقد صدقت محمدا صلى الله عليه وسلم وآمنت به فحاجتى منك ان تقرئيه منى السلام قالت نعم ثم امر الملك نساءه ان يبعثن الى أم حبيبة بما عند هن من عود وعنبر وكان عليه السلام يراه عليها وعندها فلا ينكر قالت أم حبيبة فخرجنا فى سفينتين وبعث معنا النجاشي الملاحين فلما خرجنا من البحر ركبنا الظهر الى المدينة ورسول الله عليه السلام بخيبر فخرج من خرج اليه وأقمت بالمدينة حتى قدم النبي عليه السلام فدخلت عليه فكان يسألنى عن النجاشي فقرأت عليه من نزهة السلام فرد عليها السلام فانزل الله عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ يعنى أبا سفيان مَوَدَّةً يعنى تزويج أم حبيبة ولما جاء أبا سفيان تزويج أم حبيبة برسول الله عليه الصلاة والسلام قال ذاك الفحل لا يقرع انفه ثم قال عليه السلام (لا أدرى انا بفتح خيبر اسرّ أم بقدوم جعفر) وبعث النجاشي بعد قدوم جعفر الى رسول الله ابنه أزهر بن اصحمة بن الحر فى ستين رجلا من الحبشة وكتب اليه يا رسول الله اشهد انك رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت لله رب العالمين وقد بعثت ابني أزهر وان شئت ان آتيك بنفسي فعلت والسلام عليك يا رسول الله فركبوا سفينة فى اثر جعفر وأصحابه فلما بلغوا اواسط البحر غرقوا وكان جعفر يوم وصل المدينة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل فى سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من اهل الشام منهم بحيرا الراهب فقرأ عليهم رسول الله سورة يس الى آخرها فبكوا حين سمعوا القرآن فآمنوا وقالوا ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى عليه السلام فانزل الله تعالى هذه الآية وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى يعنى وفد النجاشي الذين قدموا مع جعفر وهم السبعون وكانوا اصحاب الصوامع ذلِكَ اى كونهم اقرب مودة للمؤمنين بِأَنَّ مِنْهُمْ اى بسبب ان منهم قِسِّيسِينَ وهم علماء النصارى وعبادهم ورؤساؤهم. والقسيس صيغة مبالغة من تقسس الشيء إذا تتبعه وطلبه بالليل سموا به لمبالغتهم فى تتبع العلم قاله الراغب. وقال قطرب القسيس العالم بلغة الروم. وعن عروة بن الزبير انه قال ضيعت النصارى الإنجيل وادخلوا فيه ما ليس منه وبقي واحد من علمائهم على الحق والدين وكان اسمه قسيسا فمن كان على مذهبه ودينه فهو قسيس وَرُهْباناً هو جمع راهب كراكب وركبان وقيل انه يطلق على الواحد وعلى الجمع. والترهب التعبد مع الرهبة فى صومعة والتنكير لافادة الكثرة ولا بد من اعتبارها فى القسيسين ايضا إذ هى التي تدل على مودة جنس النصارى للمؤمنين فان اتصاف افراد كثيرة بجنس الخصلة مظنة لا تصاف الجنس بها والا فمن اليهود ايضا قوم مهتدون ألا يرى الى عبد الله بن سلام واضرابه قال تعالى مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ إلخ لكنهم لما لم يكونوا فى الكثرة كالذين من النصارى لم يتعد حكمهم الى جنس اليهود وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عطف على ان منهم اى وبانهم لا يستكبرون

[سورة المائدة (5) : الآيات 83 إلى 88]

عن قبول الحق إذا فهموه ويتواضعون ولا يتكبرون كاليهود. وفيه دليل على ان التواضع والإقبال على العلم والعمل والاعراض عن الشهوات محمود وان كانت فى كافر أقول ذكر عند حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة رجولية بعض اهل الذمم ومروته فقال انه من آثار السعادة الازلية ويرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح: قال الحافظ كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم - تم الجزء السادس- الجزء السابع من الاجزاء الثلاثين وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ عطف على لا يستكبرون اى ذلك بسبب انهم لا يستكبرون وان أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا عند سماع القرآن وهو بيان لرقة قلوبهم وشدة خشيتهم ومسارعتهم الى قبول الحق وعدم تأنفهم عنه تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ اى تملأ بالدمع فاستعير له الفيض الذي هو الأنصاب من الامتلاء مبالغة ومن الدمع متعلق بتفيض ومن لابتداء الغاية والمعنى تفيض من كثرة الدمع والرؤية بصرية وتفيض حال من المفعول مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ من الاولى لابتداء الغاية متعلق بمحذوف على انها حال من الدمع والثانية لبيان الموصول فى قوله ما عرفوا اى حال كونه ناشئا ومبتدأ من معرفة الحق حاصلا من اجله وبسببه كأنه قيل ماذا يقولون عند سماع القرآن فقيل يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا بهذا القرآن فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ اى اجعلنا فى جملة الذين شهدوا بانه حق وَما لَنا اى أي شىء حصل لنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ حال من الضمير فى لنا اى غير مؤمنين على توجيه الإنكار والنفي الى السبب والمسبب جميعا وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ عطف على الجلالة اى بالله وما جاءنا من الحق حال من فاعل جاءنا اى جاءنا فى حال كونه من جنس الحق او من لابتداء الغاية متعلقة بجاءنا ويكون المراد بالحق الباري تعالى وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ حال اخرى من الضمير المذكور بتقدير مبتدأ اى أي شىء حصل لنا غير مؤمنين ونحن نطمع فى صحبة الصالحين وانما قدر المبتدأ ليكون الحال هو الجملة الاسمية لان المضارع المثبت لا يقع حالا بالواو الا بتأويل تقدير المبتدأ فَأَثابَهُمُ اللَّهُ اى أعطاهم وجازاهم بِما قالُوا اى عن اعتقادهم بدليل قوله مما عرفوا من الحق جَنَّاتٍ اى بساتين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى تجرى من تحت أشجارها ومساكنها وغرفها انهار الماء والعسل والخمر واللبن خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الثواب جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ اى الذين أحسنوا النظر والعمل او الذين اعتادوا الإحسان فى الأمور وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فماتوا على ذلك عطف التكذيب بآيات الله على الكفر مع انه ضرب منه لما ان القصد الى بيان حال المكذبين أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ

[سورة المائدة (5) : آية 87]

اهل النار الشديدة الوقود وهم الذين استتروا بحجب أوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية فاصمهم الله وأعمى أبصارهم سمعوا ولم يستمعوا وشاهدوا ولم يبصروا بخلاف من قال لهم الله ألست بربكم فاسمعهم كلامه ووفقهم للجواب حتى شهدوا ربوبيته فقالوا بلى شهدنا فكذلك هاهنا أسمعهم كلامه وعرفهم حقيقة كلامه فاشتاقوا اليه وتذكر قلوبهم ما شاهدوا عند الميثاق من تلك المشاهدة فبكوا بكاء الشوق وبكاء المعرفة: وفى المثنوى خوى بد در ذات تو أصلي نبود ... كز بد أصلي مى نيابد جز جحود آن بدى عاريتى باشد كه او ... أرد اقرار وشود او توبه جو همچوآدم ذلتش عاريه بود ... لا جرم اندر زمان توبه نمود چونكه أصلي بود جرم آن بليس ... ره نبودش جانب توبه نفيس - حكى- ان سلطانا زار قبر ابى يزيد قدس سره فسأل عن حاله من بعض اصحاب ابى يزيد فقال من رآه لم يدخل النار فقال السلطان ان أبا جهل رأى النبي عليه السلام ومع ذلك يدخل النار وليس شيخك فوق النبي عليه السلام فقال ايها السلطان ان أبا جهل لم ير النبي صلى الله عليه وسلم بل رأى يتيم ابى طالب فلو رأى انه رسول الله لآمن به وخلص من النار وبنور العرفان آمنت بلقيس فانها لما رأت كتاب سليمان شاورت قومها فقالوا نقاتله فقالت انه يدعى النبوة والأنبياء عباد الله المكرمون لا يقاتلهم أحد فبعد الامتحان آمنت به: قال المولوى قدس سره چون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد بست آن جمله را جز مكر مرغى كه بد بي جان و پر ... يا چوماهى گنگ بود از اصل كر نى غلط گفتم كه گر كرسر نهد ... پيش وحي كبريا شمعش دهد چونكه بلقيس از دل وجان عزم كرد ... بر زمان رفته هم أفسوس خورد ترك مال وملك كرد او آنچنان ... كه بترك نام وننگ آن عاشقان آن غلامان وآن كنيزان بناز ... پيش چشمش همچو پوسيده پياز باغها وقصرها وآب رود ... پيش چشم از عشق او گلخن نمود عشق در هنگام استيلا وخشم ... زشت كرداند لطيفانرا بچشم هر زمرد را نمايد كندنا ... غيرت عشق اين بود معنىء لا لا اله الا هو اينست اى پناه ... كه نمايد دمه تر او يك سياه واعلم انه فى العالم العلمي وفق من وفق فجرى على ذلك التوفيق فى هذا العالم العيني الشهادى ثم لا يزال على ذلك فى جانب الابد حتى يدخل الجنة الصورية الحسية مع اذواق الروحانية المعنوية خالدا فيها فهذا هو ثمرة ذلك البذر ومحصول ذلك الزرع والحرث كما قال الله تعالى فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا إلخ فعلى المؤمن ان يجتهد فى تحصيل اليقين ويدخل الجنة العاجلة التي هى المعرفة الالهية كما قال مما عرفوا من الحق ويتخلص من نار البعد والفراق كما قال أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ اى لا تمنعوا ما طاب ولذمنه أنفسكم كمنع التحريم وَلا تَعْتَدُوا اى لا تتجاوزوا حدود ما أحل لكم

[سورة المائدة (5) : آية 88]

الى ما حرم عليكم فان محرم ما أحل الله يحل ما حرم الله او ولا تسرفوا فى تناول الطيبات فان الإسراف تجاوز الى الحرام كتناول المحرمات إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ اى لا يرضى عمل المعتدين على أنفسهم المتجاوزين حدود الله وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً اى ما أحل لكم وطاب مما رزقكم الله فحلالا مفعول كلوا ومما رزقكم الله حال منه تقدمت عليه لكونه نكرة. قال عبد الله بن المبارك الحلال ما أخذته من وجهه والطيب ما غذى ونمى فاما الجوامد كالطين والتراب وما لا يغذى فمكروه الا على وجه التداوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ تأكيد للوصية بما امر به فان قوله كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا وان كان المراد به هاهنا الإباحة والتحليل الا انه انما أباح أكل الحلال فيفيد تحريم ضده فأكد التحريم المستفاد منه بقوله وَاتَّقُوا اللَّهَ وزاده تأكيدا بقوله الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ فان الايمان يوجب التقوى بالانتهاء عما نهى عنه وعدم التجاوز عما حد له. قال الامام قوله تعالى كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ يدل على انه تعالى قد تكفل برزق كل أحد فانه لو لم يتكفل برزقه لما قال كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وإذا تكفل برزقه وجب ان لا يبالغ فى الطلب وان يعول على وعده وإحسانه فانه أكرم من ان يخلف الوعد ولذلك قال عليه السلام (فاتقوا الله واجملوا فى الطلب) : قال الحافظ ما آبروى فقر وقناعت نمى بريم ... با پادشه بگوى كه روزى مقدرست : وقال الصائب رزق اگر بر آدمي عاشق نمى باشد چرا ... از زمين گندم گريبان چاك مى آيد چرا قال اهل التفسير ذكر النبي عليه السلام يوما النار ووصف القيامة وبالغ فى الانذار فرق له الناس وبكوا فاجتمع عشرة من الصحابة فى بيت عثمان بن مظعون الجمحي وتشاورا واتفقوا على ان يترهبوا ويلبسوا المسوح ويجبوا مذاكيرهم ويصوموا الدهر ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء والطيب ويسيحوا فى الأرض فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه فقال لامرأته أم حكيم بنت امية واسمها خولة وكانت عطارة (أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه فكرهت ان تكذب على رسول الله وكرهت ان تبدى خبر زوجها) فقالت يا رسول ان كان قد أخبرك عثمان فقد صدق فرجع رسول الله فلما جاء عثمان أخبرته زوجته بذلك فمضى الى رسول الله فسأله النبي عليه السلام عن ذلك فقال نعم فقال عليه السلام (أمانى لم آمر بذلك ان لا نفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فانى أقوم أنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتى النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى) ثم جمع الناس وخطبهم وقال (ما بال قوم حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا اما انى لا آمركم ان تكونوا قسيسين ولا رهبانا فانه ليس من دينى ترك اللحم والنساء ولا اتخذ الصوامع وان سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الاجتهاد فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وحجوا واعتمروا واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فانما هلك من هلك قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فاولئك بقاياهم فى الديارات والصوامع) فانزل

الله هذه الآية- وروى- ان عثمان بن مظعون جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان نفسى تحدثنى بان اختصى فائذن لى فى الاختصاء قال (مهلا يا عثمان فان اختصاء أمتي الصيام) : وفى المثنوى هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... زانكه عفت هست شهوت را گرو بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... غازىء بر مردگان نتوان نمود پس كلو از بهر دام شهوتست ... بعد از آن لا تسرفوا آن عفتست چونكه رنج صبر نبود مر ترا ... شرط نبود پس فرو نايد چرا حبذا آن شرط وشادا آن جزا ... آن جزاى دلنواز جان فزا قال يا رسول الله ان نفسى تحدثنى بان أترهب فى رؤوس الجبال قال (مهلا يا عثمان فان ترهب أمتي الجلوس فى المساجد لانتظار الصلاة) قال يا رسول الله ان نفسى تحدثنى ان اخرج من مالى كله قال (مهلا يا عثمان فان صدقتكم يوما بيوم وتعف نفسك وعيالك وترحم المساكين واليتيم فتعطيها أفضل من ذلك) قال يا رسول الله ان نفسى تحدثنى ان اطلق امرأتى خولة قال (مهلا يا عثمان فان الهجرة فى أمتي من هجر ما حرم الله عليه او هاجر الى فى حياتى او زار قبرى بعد وفاتي او مات وله امرأة او امرأتان او ثلاث او اربع) قال يا رسول الله فان نهيتنى ان لا أطلقها فان نفسى تحدثنى ان لا اغشاها قال (مهلا يا عثمان فان المسلم إذا غشى امرأته او ما ملكت يمينه فلم يكن له من وقعته تلك ولد كان له وصيف فى الجنة وان كان له من وقعته تلك ولد فمات قبله كان له فرطا وشفيعا يوم القيامة وان مات بعده كان له نورا يوم القيامة) قال يا رسول الله ان نفسى تحدثنى ان لا آكل اللحم قال (مهلا يا عثمان فانى أحب اللحم وأكله إذا وجدته ولو سألت ربى ان يطعمنيه فى كل يوم لا طعمنيه) قال يا رسول الله فان نفسى تحدثنى ان لا أمس الطيب قال (مهلا يا عثمان فان جبرائيل عليه السلام أمرني بالطيب غبا وقال يوم الجمعة لا مترك له يا عثمان لا ترغب عن سنتى فمن رغب عن سنتى ثم مات قبل ان يتوب صرفت الملائكة وجهه عن حوضى يوم القيامة) وعن ابى موسى الأشعري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم الدجاج ورأيته يأكل الرطب والبطيخ. وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام كان يأكل الدجاج والفالوذج وكان يعجبه الحلواء والعسل وقال (ان المؤمن حلو يحب الحلاوة) قال (ان فى بطن المؤمن زاوية لا يملأها الا الحلو) وجاء رجل الى الحسن فقال له ان لى جارا لا يأكل الفالوذج قال ولم قال لئلا يؤدى شكره قال أفيشرب الماء البارد قال نعم قال ان جارك هذا جاهل ان نعمة الله عليه فى الماء البارد اكثر من نعمته فى الفالوذج. وسئل فضيل عن ترك الطيبات من الحوارى واللحم والخبيص للزهد وقال لمن قال لا آكل الخبيص ليتك تأكل وتتقى ان الله لا يكره ان تأكل الحلال الصرف كيف برك لوالديك وصلتك للرحم كيف عطفك على الجار كيف رحمتك للمسلمين كيف كظمك للغيظ كيف عفوك عمن ظلمك كيف إحسانك الى من أساء إليك كيف صبرك واحتمالك للاذى أنت الى احكام هذا أحوج منك الى ترك الخبيص. والحاصل ان الافراط

[سورة المائدة (5) : الآيات 89 إلى 93]

فى الرهبانية والاحتراز التام عن الذات والطيبات مما يوقع الضعف فى الأعضاء الرئيسة التي هى القلب والدماغ وإذا وقع الضعف فيها اختلت الفكرة وباختلالها تفوت عنها الكمالات المتعلقة بالقوة النظرية رأسا وينتقص كمالاتها المتعلقة بالقوة العملية فان تمامها وكمالها يبنى على كمال القوة النظرية. وايضا الرهبانية التامة توجب خرابية الدنيا وانقطاع الحرث والنسل فلما كانت عمارة الدنيا والآخرة منوطة بترك تلك الرهبانية والمواظبة على المعرفة والمحبة والطاعة اقتضت الحكمة ان لا يحرم الإنسان ما طاب ولذ مما أحل الله كما نطقت الآية به. ولكن اشارة الآية ايضا الى الاعتدال كما قال وَلا تَعْتَدُوا فالاعتدال فى التناول وكذا فى الرياضة ممدوح جدا ولذا ترى المرشد الكامل يأمر فى ابتداء امره بترك اللحم والدسم والجماع وغيرها ولكن على الاعتدال بحسب مزاجه فان للرياضات تأثيرا عظيما فى إصلاح الطبيعة وهو امر مهم فى باب السلوك جدا فلا متمسك لارباب الظاهر فى ترك الرياضة مطلقا وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام فى وصاياه لعثمان بن مظعون الى جملة من الأمر فافهم وارشد الى طريق الصواب ولا تفريط ولا افراط فى كل باب لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ اليمين تقوية أحد الطرفين بالمقسم به واللغو فى اليمين الساقط الذي لا يتعلق به حكم وهو عند الامام الأعظم ان يخلف على شىء يظن انه كذلك وليس كما يظن مثل ان يرى الشيء من بعيد فيظن انه كذا فيقول والله انه كذا فاذا هو بخلافه فلا مؤاخذة فى هذا اليمين بإثم ولا كفارة واما الغموس وهى حلفه على امر ماض او حال كذبا عمدا مثل قوله والله لقد فعلت كذا وهو لم يفعله وعكسه ومثل والله ما لهذا على دين وهو يعلم ان له عليه دينا فحكمها الإثم لانها كبيرة قال عليه السلام (من حلف كاذبا ادخله الله النار ولا كفارة فيها الا التوبة) قوله فى ايمانكم صلة يؤاخذكم كما ان باللغو صلة له اى لا يؤاخذكم فى حق ايمانكم بسبب ما كان لغوا منها بان لا يتعلق بها حكم دنيوى ولا اخروى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ اى بتقيدكم الايمان وتوثيقا بالقصد والنية والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتموها إذا حنثتم او بنكث اى نقض ما عقدتم فحذف للعلم به وهذا اليمين هى اليمين المنعقدة وهى الحلف على فعل امر او تركه فى المستقبل فَكَفَّارَتُهُ اى الفعلة التي تذهب إثمه وتستره وعند الامام لا يجوز التكفير قبل الحنث لقوله عليه السلام (من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا فليأت بالذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه) إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ محل من اوسط النصب لانه صفة مفعول محذوف تقديره ان تطعموا عشرة مساكين طعاما كائنا من اوسط ما تطعمون من فى عيالكم من الزوجة والأولاد والخدم اى من اقصده فى النوع او المقدار وهو نصف صاع من بر لكل مسكين كالفطرة ولو اطعم فقيرا واحدا عشرة ايام اجزأه ولو أعطاه دفعة لا يجوز الا عن يوم واحد أَوْ كِسْوَتُهُمْ عطف على اطعام فيكسو كل واحد من العشرة ثوبا يستر عامة بدنه وهو الصحيح ولا يجزئ السراويل لان لابسه يسمى عريانا عرفا أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اى او اعتاق انسان كيف ما كان مؤمنا كان او كافرا ذكرا او أنثى صغيرا او كبيرا ولا يجوز الأعمى والأصم الذي

لا يسمع أصلا والأخرس لفوات جنس المنفعة ومقطوع اليدين او إبهاميهما او الرجلين أو يد ورجل من جانب واحد ومجنون مطبق لان الانتفاع ليس الا بالعقل ومدبر وأم ولد لاستحقاقهما الحرية بجهة فكان الرق فيهما ناقصا ومكاتب ادى بعضا لانه تحرير بعوض فيكون تجارة والكفارة عبادة فلا بد ان تكون خالصة لله تعالى وكذا لا يجوز معتق بعضه لانه ليس برقبة كاملة. ومعنى او فى الآية إيجاب احدى الخصال الثلاث مطلقا وخيار التعيين للمكلف اى لا يجب عليه الإتيان بكل واحد من هذه الأمور الثلاثة ولا يجوز له تركها جميعا ومتى اتى بواحدة منها فانه يخرج عن العهدة فاذا اجتمعت هذه القيود الثلاثة فذاك هو الواجب المخير فَمَنْ لَمْ يَجِدْ اى شيأ من الأمور المذكورة فَصِيامُ اى فكفارته صيام ثَلاثَةِ أَيَّامٍ متتابعات عند الامام الأعظم ذلِكَ اى الذي ذكرت لكم وأمرتكم به كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وحنثتم وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ بان تضنوا بها ولا تبذلوها لكل امر وبان تبروا فيها ما استطعتم ولم يفت بها خير فان عجز عن البرّ او رأى غير المحلوف عليه خيرا منه فله حينئذ ان يحنث ويكفر كما قال الفقهاء من اليمين المنعقدة ما يجب فيه البر كفعل الفرائض وترك المعاصي لان ذلك فرض عليه فيتأكد باليمين. ومنها ما يجب فيه الحنث كفعل المعاصي وترك الواجبات وفى الحديث (من حلف ان يطيع الله فليطعه ومن حلف ان يعصيه فلا يعصه) . ومنها ما يفضل فيه الحنث كهجران المسلم ونحوه وما عدا هذه الاقسام الثلاثة من الايمان التي يستوى فيها الحنث والبر يفضل فيه البر حفظا لليمين ولا فرق فى وجوب الكفارة بين العامد والناسي والمكره فى الحلف والحنث لقوله عليه السلام (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق واليمين كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الآتي لا الى تبيين آخر مفهوم مما سبق والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفحامة ومحله فى الأصل النصب على انه نعت لمصدر محذوف واصل التقدير يبين الله تبيينا كائنا مثل ذلك التبيين فقدم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة للنكتة المذكورة اى مثل ذلك البيان البديع يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ اعلام شريعته وأحكامه لا بيانا ادنى منه لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته فيما يعلمكم ويسهل عليكم المخرج. والاشارة ان من عقد اليمين على الهجران من الله تعالى فكفارته إطعامه عشرة مساكين وهم الحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة فانها مدخل الآفات وموئل الفترات مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ وهم القلب والروح والسر والخفي وطعامهم الشوق والمحبة والصدق والإخلاص والتفويض والتسليم والرضى والانس والهيبة والشهود والكشوف وأوسطه الذكر والتذكر والفكر والتفكر والتشوق والتوكل والتعبد والخوف والرجاء فاطعام الحواس الظاهرة والقوى الباطنة هذه الاطعمة باستعمالها فى التعبد بها والتحفظ عما ينافيها او كسوتهم وهى إلباس الحواس والقوى بلباس التقوى او تحرير رقبة النفس عن عبودية الهوى والحرص على الدنيا فمن لم يجد السبيل الى هذه الأشياء فصيام ثلاثة ايام وذلك لان الأيام لا تخلوا عن ثلاثة اما يوم مضى او يوم حضر او يوم قد بقي فصيام اليوم الذي قد مضى بالإمساك عما عقد عليه او قصد اليه او بالصبر على التوبة

[سورة المائدة (5) : الآيات 90 إلى 91]

عنه وصيام الذي قد حضر بالإمساك عن التغافل عن الأهم وبالصبر على الجد والاجتهاد ببذل الجهد فى طلب المراد وصيام اليوم الذي قد بقي بالإمساك عن فسخ العزيمة فى ترك الجريمة ونسخ الإخلاص فى طلب الخلاص وبالصبر على قدم الثبات فى تقديم الطاعات والمبرات وصدق التوجه الى حضرة الربوبية بمساعى العبودية مكن وقت ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف قال ابن الفارض قدس سره وكن صارما كالوقت فالمقت فى عيسى ... وإياك علّ فهى اخطر علة وفى المثنوى اى كه صبرت نيست از دنياى دون ... چونت صبرست از خداى دوست چون چونكه بي اين شرب كم دارى سكون ... چون ز ابرارى خدا وز يشرون اعلم ان الطالب الصادق عند غلبات الشوق ووجدان الذوق يقسم عليه بجماله وجلاله ان يرزقه شظية من إقباله ووصاله وذلك فى شريعة الرضى لغو وفى مذهب التسليم سهو فيعفو عنه رحمة عليه لضعف حاله ولا يؤاخذه بمقاله وان الاولى الذوبان والجمود بحسن الرضى بحسب جريان احكام المولى فى القبول والرد والإقبال والصدّ إيثار الاستقامة فى أداء حقوقه على الكرامة وعلى لذة تقريبه وإقباله وشهوده ووصوله ووصاله كما قال قائلهم أريد وصاله ويريد هجرى ... فاترك ما أريد لما يريد كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ هذه هى الآية الرابعة من الآيات الأربع التي نزلت فى الخمر وقد سبق التفصيل فى سورة البقرة ويدخل فى الخمر كل مسكر وَالْمَيْسِرُ اى القمار كله فيدخل فيه النرد والشطرنج والاربعة عشر والكعب والبيضة وغير ذلك مما يقامرون به وَالْأَنْصابُ اى الأصنام المنصوبة للعبادة واحدها نصب بفتح النون وسكون الصاد وَالْأَزْلامُ هى سهام مكتوب على بعضها أمرني ربى وعلى بعضها نهانى ربى يطلبون بها علم ما قسم من الخير والشر قال المفسرون كان اهل الجاهلية إذا اراده أحدهم سفرا او غزوا او تجارة او غير ذلك طلب علم انه خير او شر من الأزلام وهى قداح كانت فى الكعبة عند سدنة البيت على بعضها أمرني ربى وعلى بعضها نهانى ربى وبعضها غفل لا كتابة عليها ولا علامة فان خرج السهم الآمر مضوا على ذلك وان خرج الناهي يجتنبون عنه وان خرج الغفل اجالوها ثانيا فمعنى الاستسقام بالأزلام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم لهم وهى جمع زلم رِجْسٌ قذر يعاف عند العقول اى تكرهه وتنفر منه العقول السليمة. والرجس بمعنى النجس الا ان النجس يقال فى المستقذر طبعا والرجس اكثر ما يقال فى المستقذر عقلا وسميت هذه المعاصي رجسا لوجوب اجتنابها كما يجب اجتناب الشيء المستقذر مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ صفة لرجس اى رجس كائن من عمله اى من تزيينه لانه هو الداعي اليه والمرغب فيه والمزين له فى قلوب فاعليه فَاجْتَنِبُوهُ اى الرجس لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى راجين فلا حكم امر بالاجتناب وهو تركه جانبا وظاهر الأمر على الوجوب إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وهو

[سورة المائدة (5) : آية 92]

اشارة الى المفاسد الدنيوية اما العداوة فى الخمر فهى ان الشاربين إذا سكروا عربدوا وتشاجروا كما فعل الأنصاري الذي شج سعد بن ابى وقاص بلحى الجمل واما العداوة فى الميسر فهى ان الرجل كان يقامر على الأهل والمال ثم يبقى حزينا مسلوب الأهل والمال مغتاظا على حرفاته والفرق بين العداوة والبغضاء ان كل عدو مبغض بلا عكس كلى. وقوله تعالى فى الخمر متعلق بيوقع على ان تكون كلمة فى هنا لا فادة معنى السببية كما فى قوله عليه السلام (ان امرأة دخلت النار فى هرة) اى يوقع بينكم هذين الشيئين فى الخمر بسبب شربها وتخصيص الخمر والميسر تنبيها على انهما المقصودان بالبيان لان هذه الآية خطاب مع المؤمنين والمقصود نهيهم عن الخمر والميسر وانما ضم الأنصاب والأزلام إليهما مع ان تعاطيهما مختص باهل الجاهلية تأكيدا لقبح الخمر والميسر وإظهارا لكون هذه الاربعة متقاربة فى المفسدة وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ اى يمنعكم عنهما وهو اشارة الى المفاسد الدينية فان شرب الخمر يورث الطرب واللذة الجسمانية والنفس إذا استغرقت فى اللذة غفلت عن ذكر الله وعن الصلاة وكذا من يقامر بالميسر ان كان غالبا صار استغراقه فى لذة الغلبة يورثه الغفلة عن العبادة وان صار مغلوبا صار شدة اهتمامه بان يختال بحيلة يصير بها غالبا مانعا من ان يخطر بباله شىء سواه وتخصيص الصلاة بالإفراد مع دخولها فى الذكر للتعظيم والاشعار بان الصاد عنها كالصاد عن الايمان لما انها عماده فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ لفظه استفهام ومعناه امر اى انتهوا وهذا نهى بألطف الوجوه ليكون ادعى الى الانتهاء فلما سمعها عمر رضى الله عنه قال انتهينا يا رب وحرمت الخمر فى سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فيما امرا به وهو عطف على اجتنبوه وَاحْذَرُوا عما نهيا عنه فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن الامتثال والطاعة فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقد فعل ذلك بما لا مزيدة عليه وخرج عن عهدة الرسالة أي خروج وقامت عليكم الحجة انتهت الاعذار وانقطعت العلل وما بقي بعد ذلك الا العقاب اعلم ان الله تعالى قرن الخمر والميسر بالأصنام ففيه تحريم بليغ لهما ولعل قوله عليه السلام (شارب الخمر كعابد الوثن) مستفاد من هذه الآية وفى الحديث (من شرب الخمر فى الدنيا سقاه الله من سم الأساود وسم العقارب إذا شربه تساقط لحم وجهه فى الإناء قبل ان يشربها فاذا شربها تفسخ لحمه كالجيفة يتأذى به اهل الموقف ومن مات قبل ان يتوب من شرب الخمر كان حقا على الله ان يسقيه بكل جرعة شربها فى الدنيا شربة من صديد جهنم) وفى الحديث (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وآكل ثمنها) وفى الحديث (من شرب الخمر بعد ان حرمها الله على لسانى فليس له ان يزوج إذا خطب ولا يصدق إذا حدث ولا يشفع إذا تشفع ولا يؤمن على امانة فمن ائتمنه على أمانته فاستهلكها فحق على الله ان لا يخلف عليه) : قال الحسين الواعظ الكاشفى فى تفسيره بي نمكى دان جگر آميخته ... بر جگر بي نمكان ريخته بي خبر آن مرد كه چيزى چشيد ... كش قلم بي خبرى در كشيد

[سورة المائدة (5) : آية 93]

والاشارة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا حقيقيا مستفادا من كتابة الحق بقلم العناية فى قلوبهم إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ فاما الخمر فانها تخمر العقل وهو نور روحانى علوى من اوليات المخلوقات ومن طبعه الطاعة والانقياد والتواضع لربه كالملك وضده الهوى وهو ظلمانى نفسانى سفلى من أخريات المخلوقات ومن طبعه التمرد والمخالفة والآباء والاستكبار عن عبادة ربه كالشيطان فاذا خمر الخمر نور العقل صار مغلوبا لا يهتدى الى الحق وطريقه ثم يغلب ظلمة الهوى فتكون النفس امارة بالسوء وتستمد من الهوى فتتبع بالهوى السفلى جميع شهواتها النفسانية ومستلذاتها الحيوانية السفلية فيظفر بها الشيطان فيوقعها فى مهالك المخالفات كلها ولهذا قال عليه السلام (الخمر أم الخبائث) لان هذه الخبائث كلها تولدت منها. واما الميسر فان فيه تهيج اكثر الصفات الذميمة وهى الحرص والبخل والكبر والغضب والعداوة والبغض والحقد والحسد وأشباهها وبها يضل العبد عن سواء السبيل. واما الأنصاب فهى تعبد من دون الله فهى تصير العبد مشركا بالله. واما الأزلام فما يلتفت اليه عند توقع الخير والشر والنفع والضر من دون الله تعالى من المضلات فان الله هو الضار والنافع ثم قال تعالى رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعنى هذه الأشياء أخبث شىء من اعمال الشيطان التي يغوى بها العباد ويضلهم عن صراط الحق وطريق الرشاد فَاجْتَنِبُوهُ اى اجتنبوا الشيطان ولا تقبلوا وساوسه واتركوا هذه الأعمال الخبيثة لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تخلصون من مكايد الشيطان وخباثة هذه الأعمال كذا فى التأويلات النجمية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ اى اثم وحرج فِيما طَعِمُوا اى تناولوا أكلا او شربا فيتناول شرب الخمر وأكل مال الميسر فانزل الله تعالى هذه الآية إِذا مَا اتَّقَوْا ان يكون فى ذلك شىء من المحرمات وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى واستمروا على الايمان والأعمال الصالحة ثُمَّ اتَّقَوْا عطف على اتقوا داخل معه فى حيز الشرط اى اتقوا ما حرم عليهم بعد ذلك مع كونه مباحا فيما سبق وَآمَنُوا اى بتحريمه ثُمَّ اتَّقَوْا اى ما حرم عليهم بعد ذلك مما كان مباحا من قبل على ان الشروط بالاتقاء فى كل مرة اباحة كل ما طعموه فى ذلك الوقت لا اباحة كل ما طعموه قبله لانتساخ اباحة بعضه حينئذ وَأَحْسَنُوا اى عملوا الأعمال الحسنة الجميلة المنتظمة لجميع ما ذكر من الأعمال القلبية والقالبية وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فلا يؤاخذهم بشىء وفيه ان من فعل ذلك صار محسنا ومن صار محسنا صار لله محبوبا ومقام المحبوبية فوق جميع المراتب ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب الله وقد فسر الإحسان (بان تعبد الله كأنك تراه) يعنى ان الإحسان مرتبة المشاهدة فاذا ترقى العبد من الايمان الغيبى الى الايمان الشهودى ثم فنى عن كل قيد حتى عن الإطلاق فقدتم امره وكان طعمه وشربه وتصرفه فى المكونات مما لا يضره لانه قد استوفى الشرائط كلها فلا يقاس عليه غيره ثم ان المحسن مطلقا يتناول كل اهل ويستحق المدح والثناء: وفى المثنوى محسنان مردند وإحسانها بماند ... اى خنك آن را كه اين مركب براند

[سورة المائدة (5) : الآيات 94 إلى 97]

ظالمان مردند وماند آن ظلمها ... واى جانى كو كند مكر ودهان گفت پيغمبر خنك آنرا كه او ... شد ز دنيا ماند ازو فعل نكو مرد محسن ليك احسانش نمرد ... نزد يزدان دين واحسان نيست خرد واى آن كو مرد وعصيانش نمرد ... تا نپندارى بمرگ او جان ببرد وورد فى فضائل عشر ذى الحجة (ان من تصدق فى هذه الأيام بصدقة على مسكين فكأنما تصدق على رسل الله وأنبيائه ومن عاد فيه مريضا فكأنما عاد اولياء الله وبدلاءه ومن شيع جنازة فكأنما شيع جنائز شهداء بدر ومن كسا مؤمنا كساه الله تعالى من حلل الجنة ومن ألطف يتيما اظله الله فى القيامة تحت عرشه ومن حضر مجلسا من مجالس العلم فكأنما حضر مجالس أنبياء الله ورسوله) كذا فى روضة العلماء: قال السعدي قدس سره بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى - حكى- انه وقع القحط فى بنى إسرائيل فدخل فقير سكة من السكك وكان فيها بيت غنى فقال تصدقوا على لاجل الله فاخرجت اليه بنت الغنى خبزا حارا فاستقبله الغنى فقال من دفع إليك هذا الخبز فقال ابنة من هذا البيت فدخل وقطع يد ابنته اليمنى فحول الله حاله فافتقر ومات فقيرا ثم ان شابا غنيا استحسن الابنة لكونها حسناء فتزوجها وأدخلها داره فلما جن الليل أحضرت مائدة فمدت اليد اليسرى فقال الفتى سمعت ان الفقراء يكونون قليلى الأدب فقال مدى يدك اليمنى فمدت اليسرى ثانيا وثالثا فهتف بالبيت هاتف اخرجى يدك اليمنى فالرب الذي أعطيت الخبز لاجله رد عليك يدك اليمنى فاخرجت يدها اليمنى بامر الله تعالى وأكلت معه كذا فى الروضة تو نيكى كن بآب انداز اى شاه ... اگر ماهى نداند داند الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا نزلت عام الحديبية فى السنة السادسة من الهجرة. والحديبية بتخفيف الياء الاخيرة وقد تشدد موضع قريب من مكة أراد عليه السلام زيارة الكعبة فسار مع أصحابه من المدينة وهم الف وخمسمائة وأربعون رجلا فنزلوا بالحديبية فابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون كانت الوحوش تغشاهم فى رحالهم بحيث كانوا متمكنين من صيدها أخذا بايديهم وطعنا برماحهم فهموا بأخذها فانزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ يقال بلوته بلوا جربته واختبرته واللام جواب قسم محذوف اى والله ليعاملنكم معاملة من يختبركم ليتعرف أحوالكم بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ اى بتحريم شىء حقير هو الصيد بمعنى المصيد كضرب الأمير فمن بيانية قطعا والمراد صيد البر مأكولا وغير مأكول ما عدا المستثنيات من الفواسق فاللام للعهد وفى الحديث (خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم الحية والعقرب والغراب والفارة والكلب العقور) وأراد بالكلب العقور الذئب على ما ورد فى بعض الروايات تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ اى تصل اليه ايديكم ورماحكم بحيث تأخذون بايديكم وتطعنون برماحكم فالتأكيد القسمي فى ليبلونكم انما هو لتحقيق ما وقع من ان عدم توحش الصيد عنهم ليس الا لابتلائهم لا لتحقيق وقوع المبتلى به كما لو كان

النزول قبل الابتلاء وتنكير شىء للتحقير المؤذن بان ذلك ليس من الفتن الهائلة التي تزل فيها أقدام الراسخين كالابتلاء بقتل الأنفس وإتلاف الأموال وانما هو من قبيل ما ابتلى به اهل ايلة من صيد السمك يوم السبت وفائدته التنبيه على ان من لم يتثبت فى مثل هذا كيف يتثبت عند ما هو أشد منه من المحن لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ الخوف من الله بمعنى الخوف من عقابه وبالغيب حال من مفعول يخافه وهو عقاب الله اى ليتميز الخائف من عقابه الأخروي وهو غائب مترقب لقوة إيمانه فلا يتعرض للصيد ممن لا يخاف كذلك لضعف إيمانه فيقدم عليه فعلم الله تعالى لما كان مقتضى ذاته وامتنع عليه التجدد والتغير كما امتنع ذلك على ذاته جعل هاهنا مجازا عن تميز المعلوم وظهوره على طريق اطلاق السبب على المسبب حيث قال القاضي ذكر العلم وأراد وقوع المعلوم وظهوره وابو السعود انما عبر عن ذلك بعلم الله اللازم له إيذانا بمدار الجزاء ثوابا وعقابا فانه ادخل فى حملهم على الخوف فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ اى بعد بيان ان ما وقع ابتلاء من جهته تعالى بما ذكر من الحكمة والمعنى فمن تعرض للصيد بعد ما بينا ان ما وقع من كثرة الصيد وعدم توحشه منهم ابتلاء مؤدّ الى تميز المطيع من العاصي فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ لان الاعتداء بعد ذلك مكابرة صريحة وعدم مبالاة بتدبير الله وخروج عن طاعته وانخلاع عن خوفه وخشيته بالكلية والمراد عذاب الآخرة ان مات قبل التوبة والتعزير والكفارة فى الدنيا بنزع ثيابه فيضرب ضربا وجيعا مفرقا فى أعضائه كلها ما خلا الوجه والرأس والفرج ويؤمر بالكفارة. والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل البلاء للولاء كاللهب للذهب فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمان المحبين الذين تجردوا عن ملاذ الدنيا وشهواتها من الحلال وأحرموا بحج الوصول وعمرة الوصال لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ فى أثناء السلوك بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ وهو ما سنح من المطالب النفسانية الحيوانية والمقاصد الشهوانية الدنيوية تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ اى ما يتعلق بشهوات نفوسكم ولذات أبدانكم وَرِماحُكُمْ اى ما يتعلق بالمال والجاه لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ وهو يعلم ويرى اى ليظهر الله ويميز بترك المطالب والمقاصد فى طلب الحق من يخافه بالغيبة والانقطاع عنه ويحترز عن الالتفات لغيره فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ اى تعلق بالمطالب بعد الطلب فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ من الرد والصد والانقطاع عن الله كذا فى التأويلات النجمية قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين. يقول الفقير سمى الذبيح الحقي غفر الله ذنوبه انما كان عذابه أشد لانه رجع عن طريقه بعد معرفته انه الحق الموصل الى الله تعالى وليس من يعلم كمن لا يعلم وسبب الرجوع الامتحانات فى الطريق: قال فى المثنوى قلب چون آمد سيه شد در زمان ... زر در آمد شد زرىء او عيان دست و پاانداخت زر در پوته خش ... در رخ آتش همى خندد رخش قال الحافظ

[سورة المائدة (5) : آية 95]

ترسم كزين چمن نبرى آستين گل ... گز گلشنش تحمل خارى نميكنى فينبغى للطالب الصادق ان يتحمل مشاق الرياضات ويزكى نفسه عن الشهوات ويحترز عن أكل ما يجده من الحلال فضلا عما حرم الله الملك المتعال فان إصلاح الطبيعة والنفس وان كان بفضل الله وعنايته لكن الصوم وتقليل الطعام من الأسباب القوية فى هذا الباب- يحكى- ان سالكا خاطب نفسه بعد رياضات شديدة فقال من أنت ومن انا فقالت له نفسه أنت أنت وانا انا فاشتغل بالتزكية ثانيا حتى حج ماشيا مرات فسأل ايضا فاجابت بما اجابت به اولا فاشتغل أشد من الاول وعالجوا بتقليل الطعام حتى أمات نفسه فسأل من أنت فقالت أنت أنت وانا صرت فانية ولم يبق من وجودى اثر فاستراح بعون الله تعالى. وسئل حضرة المولوى هل يعصى الصوفي قال لا الا ان يأكل طعاما قبل الاشتهاء فانه سم له وداء اللهم أعنا على إصلاح هذه النفس الامارة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وهو عند ابى حنيفة اسم لكل ممتنع متوحش من الحيوانات سواء كان مأكول اللحم او لم يكن والمراد ما عدا الفواسق وهى العقرب والحية والغراب والفارة والكلب العقور فانها تقتل فى الحل والحرم وَأَنْتُمْ حُرُمٌ جمع حرام وهو المحرم وان كان فى الحل وفى حكمه من فى الحرم وان كان حلالا اى لابس حله فالمحرم لا يتصيد أصلا سواء كان فى الحل او فى الحرم بالسلاح او بالجوارح من الكلاب والطير والحلال يتصيد فى الحل دون الحرام اى حرم مكة ومقداره من قبل المشرق ستة أميال ومن الجانب الثاني اثنا عشر ميلا ومن الجانب الثالث ثمانية عشر ميلا ومن الجانب الرابع اربعة وعشرون ميلا هكذا قال الفقيه ابو جعفر. وانما ذكر القتل دون الذبح للايذان بكونه فى حكم الميتة فكل ما يقتله المحرم من الصيد لا يكون مذكى وغير المذكى لا يجوز أكله والمعنى لا تقتلوه والحال أنتم محرمون وَمَنْ شرطية قَتَلَهُ اى الصيد المعهود البرى مأكولا كان او غير مأكول حال كون القاتل كائنا مِنْكُمْ اى من المؤمنين ولعل المقصود من التقييد بالحال توبيخ المؤمن على عدم جريانه على مقتضى إيمانه مُتَعَمِّداً حال ايضا من فاعل قتله اى ذاكرا لا حرامه عالما بحرمة قتل ما يقتله والتقييد بالتعمد مع ان محظورات الاجرام يستوى فيها الخطأ والعمد لان الأصل فعل المتعمد والخطأ لاحق به للتغليظ فَجَزاءٌ اى فعليه جزاء وفدية مِثْلُ ما قَتَلَ اى مماثل لما قتل فهو صفة الجزاء والمراد به عند ابى حنيفة وابى يوسف المثل باعتبار القيمة لا باعتبار الخلقة والهيئة فيتقوم الصيد حيث صيد او فى اقرب الأماكن اليه ان قتل فى بر لا يباع ولا يشترى فيه فان بلغت قيمته قيمة هدى تخير الجاني بان يشترى بها ما قيمته قيمة الصيد فيهديه الى الحرم وبين ان يشترى بها طعاما فيعطى كل مسكين نصف صاع من بر او صاعا من تمر وبين ان يصوم عن طعام كل مسكين يوما فان فضل ما لا يبلغ طعام مسكين تصدق به او صام عنه يوما كاملا لان الصوم مما لا يتبعض فيكون قوله تعالى مِنَ النَّعَمِ بيانا للهدى المشترى بالقيمة على أحد وجوه التخيير فان فعل ذلك يصدق عليه انه جزى بمثل ما قتل من النعم والنعم فى اللغة من الإبل والبقر والغنم فاذا انفردت الإبل قيل انها نعم وإذا انفردت البقر والغنم لم تسم نعما يَحْكُمُ بِهِ اى بمثل ما قتل صفة لجزاء ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ اى رجلان عدلان من

المسلمين هَدْياً الهدى ما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة اى ناقة وهو حال مقدرة من الضمير فى به والمعنى مقدرا انه يهدى بالِغَ الْكَعْبَةِ صفة لهديا لان الاضافة لفظية والأصل بالغا الكعبة ومعنى بلوغه الكعبة ذبحه بالحرم حتى لو دفع الهدى المماثل للمقتول الى فقراء الحرم لم يجز بالاتفاق بل يجب عليه ذبحه فى الحرم وله ان يتصدق به بعد ذبحه فى الحرم حيث شاء عند ابى حنيفة أَوْ كَفَّارَةٌ عطف على محل من النعم على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة ثانية لجزاء طَعامُ مَساكِينَ عطف بيان لكفارة عند من لا يخصصه بالمعارف أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً عطف على طعام إلخ كأنه قيل فعليه جزاء مماثل للمقتول هو من النعم او طعام مساكين او صيام ايام بعددهم فحينئذ تكون المماثلة وصفا لازما للجزاء يقدر به الهدى والطعام والصيام. اما الأولان فبلاواسطة. واما الثالث فبواسطة الثاني فيختار الجاني كلا منها بدلا من الآخرين قال الفراء العدل بالكسر المثل من جنسه والعدل بالفتح المثل من غير جنسه فعدل الشيء ما عادله من جنسه كالصوم والإطعام وعدله ما عدل به فى المقدار كأن المفتوح تسمية بالمصدر والمكسور بمعنى المفعول وذلك اشارة الى الطعام وصياما تمييز للعدل والخيار فى ذلك للجانى عند ابى حنيفة وابى يوسف وللحكمين عند محمد لِيَذُوقَ متعلق بالاستقرار فى الجار والمجرور اى فعليه جزاء ليذوق قاتل الصيد وَبالَ أَمْرِهِ اى سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام والوبال فى الأصل المكروه والضرر الذي ينال فى العاقبة من عمل سولته نفسه عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ من قتل الصيد محرما قبل التحريم وَمَنْ عادَ الى قتل الصيد بعد النهى عنه وهو محرم ومن شرطية فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ اى فهو ممن ينتقم الله منه لان الفعل إذا وقع جزاء لا يحتاج الى الحرف بخلاف الجملة الاسمية فقدر المبتدأ لئلا تصير الفاء الجزائية لغوا والمراد بالانتقام التعذيب فى الآخرة واما الكفارة فعن بعضهم انها واجبة على العائد وعن بعضهم انه لا كفارة عليه تعلقا بالظاهر واصل الانتقام الانتصار والانتصاف وإذا أضيف الى الله تعالى أريد به المعاقبة والمجازاة وَاللَّهُ عَزِيزٌ غالب لا يغالب ذُو انْتِقامٍ شديد ممن أصر على العصيان والاعتداء قال الله تعالى مخاطبا لخليله [يا ابراهيم خف منى كما تخاف من السبع الضارى] يعنى ان الله تعالى إذا أراد اجراء قضائه على أحد لا يفرق بين نبى وولى وعدو كما لا يفرق السبع المفترس بين نفاع وضرار فهو تعالى شديد البطش فكيف يتخلص المجرمون من يد قهره وانتقامه فليحذر العاقل من المخالفة والعصيان بقدر الاستطاعة والإمكان أينما كان فان الإنسان لا يحصد الا ما يزرع: قال فى المثنوى جمله دانند اين اگر تو نگروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى والعجب ان الإنسان الضعيف كيف يعصى الله القوى وليس الا من الانهماك فى الشهوات والغفلة عن الله تعالى والنكتة فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ انه أباح الصيد لمن كان حلالا وهم اهل السلو من العوام الذين رضوا من الكمالات الدينية بالأعمال البدنية من قصور هممهم الدنية وحرم الصيد على من كان حراما وهم اهل

[سورة المائدة (5) : آية 96]

المحبة المحرمون من الدنيا لزيارة كعبة الوصلة يعنى من قصدنا فعليه بحسم الاطماع جملة ولا ينبغى ان يكون له مطالبة بحال من الأحوال الا طلب الوصال ويقال العارف صيد الحق ولا يكون للصيد صيد وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ اى من الطلاب إذا التفت لشىء من الدنيا مُتَعَمِّداً وهو واقف على مضرته وعالم بما فيه فيغلب عليه الهوى ويقع فيه بحرص النفس فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يجازى نفسه برياضة ومجاهدة ويماثل ألمها تلك اللذة والشهوة يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ وهو القلب والروح يحكمان على مقدار الايمان وعلى انواع الرياضات بتقليل الطعام والشراب او ببذل المال او بترك الجام او بالعزلة والخلوة وضبط الحواس هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ اى خالصا لله تعالى فيما يعمل بحيث يصلح لقبول الحق من غير ملاحظة الخلق أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ وهم العقل والقلب والسر والروح والخفي فانهم كانوا محرمين من اغذيتهم الروحانية من صدق التوجه الى الحق وخلوص الاعراض عن الخلق وتجرع الصبر على المكروهات والفطام عن المألوفات والشكر على الموهوبات والرضى بالمقدرات والتسليم للاحكام الازليات أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً والصيام هو الإمساك عن ملاحظة الأغيار وطلب الاختيار والركون الى غير الملك الجبار لِيَذُوقَ النفس الامارة وَبالَ أَمْرِهِ اى تتألم بألم هذه المعاملات التي على خلاف طبعها جزاء وكفارة لما نالت من لذائذ الشهوات وحلاوة الغفلات عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ من الطالبين قبل أقدامهم على الطلب وَمَنْ عادَ الى تعلق شىء من الدنيا بعد الخروج عنها بقدم الصدق فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ بالخذلان فى الدنيا والخسران فى العقبى وَاللَّهُ عَزِيزٌ لا يوجد لمن تعلق بالكونين حتى يتجرد الطالب عن القليل والكثير والصغير والكبير ذُو انْتِقامٍ ينتقم من أحبائه باحتجاب التعزز بالكبرياء والعظمة على قدر التفاتهم الى غيره وملاحظتهم ما سواه وينتقم من أعدائه بما قاله وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ الآية من التأويلات النجمية وفى المثنوى عاشق صنع توام در شكر وصبر ... عاشق مصنوع كى باشم چوكبر عاشق صنع خدا با فر بود ... عاشق مصنوع او كافر بود فعلى الطالب الصادق ان ينقطع عن الالتفات الى الغير ويتصل الى من بيده الخير والله الموفق والمعين أُحِلَّ لَكُمْ الخطاب للمحرمين صَيْدُ الْبَحْرِ اى ما يصاد فى المياه كلها بحرا كان او نهرا او غديرا وهو ما لا يعيش الا فى الماء مأكولا كان او غير مأكول فما يعيش فى البر والبحر كالبط والضفدع والسرطان والسلحفاة وجميع طيور الماء لا يسمى صيد البحر بل كل ذلك صيد البر ويجب الجزاء على قاتله قال الامام جميع ما يصطاد فى البحر ثلاثة أجناس. السمك وجميع أنواعه حلال. والضفادع وجميع أنواعها حرام واختلفوا فيما سوى هذين الجنسين فقال ابو حنيفة انه حرام وقال الأكثرون انه حلال لعموم هذه الآية وقال محيى السنة جملة حيوانات الماء على قسمين سمك وغيره. اما السمك فميتته حلال مع اختلاف أنواعها قال النبي عليه الصلاة والسلام (أحلت لنا ميتتان

السمك والجراد) ولا فرق بين ان يموت بسبب او بغير سبب وعند ابى حنيفة يحل الا ان يموت بسبب من وقوع على حجر او انحسار الماء عنه ونحو ذلك. واما غير السمك فقسمان قسم يعيش فى البر كالضفدع والسرطان ولا يحل أكله وقسم يعيش فى الماء ولا يعيش فى البر الا عيش المذبوح فاختلف فيه فذهب قوم الى ان لا يحل شىء منها الا السمك وهو قول ابى حنيفة وذهب قوم الى ان ميتة الكل حلال لان كلها سمك وان اختلف صورها كالجريث يقال له حية الماء لكونه على شكل الحية وأكله مباح بالاتفاق وَطَعامُهُ اى طعام البحر وهو ما قذفه البحر ولفظه او نضب عنه الماء اى غار وبقي هو فى ارض يابسة فيؤخذ من غير معالجة فى اخذه وقال المولى ابو السعود وَطَعامُهُ اى ما يطعم من صيده وهو تخصيص بعد التعميم والمعنى أحل لكم التعرض لجميع ما يصاد فى المياه والانتفاع به انتهى مَتاعاً لَكُمْ نصب على انه مفعول له قال المولى ابو السعود مختص بالطعام كما ان نافلة فى قوله تعالى وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً حال مختصة بيعقوب اى أحل لكم طعامه تمتعا للمقيمين يأكلونه طريا وَلِلسَّيَّارَةِ منكم يتزودونه قديدا وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ وهو ما يفرخ فيه وان كان يعيش فى الماء فى بعض الأوقات كطير الماء ما دُمْتُمْ حُرُماً ما مصدرية ظرفية اى مدة دوامكم محرمين لا خلاف فى الاصطياد انه حرام على المحرم فى البر فاما عين الصيد فظاهر الآية يوجب حرمة ما صاد الحلال على المحرم وان لم يكن له مدخل فيه لكن مذهب ابى حنيفة انه يحل له ما صاده الحلال وان صاده لاجله إذا لم يشر اليه ولم يدل عليه وكذا ما ذبحه قبل إحرامه لان الخطاب للمحرمين وكأنه قيل حرم عليكم ما صدتم فى البر فيخرج منه مصيد غيرهم وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما نهاكم عنه من جميع المعاصي التي من جملتها أخذ الصيد فى الإحرام الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ لا الى غيره حتى يتوهم الخلاص من اخذه تعالى بالالتجاء اليه كما قال تعالى إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ اى المنتهى والمرجع بسوق الملائكة الى حيث أمرهم الله اما الى الجنة واما الى السعير وفى الحديث (من اشتاق الى الجنة سارع الى الخيرات ومن اشفق من عذاب جهنم كف نفسه عن المحرمات ومن زهد فى الدنيا هانت عليه المصيبات) ومن أراد سهولة الموت فليبادر الى الخيرات فمن لم يترك شهوة لم يرض عنه ربه بطاعته ومن لم يتق الله فى سره لم ينتفع بما أبداه من علامة التقوى: وفى المثنوى كافرم من گر زيان گر دست كس ... در ره ايمان وطاعت يكنفس «1» كار تقوى دارد ودين وصلاح ... كه بدان باشد بدو عالم فلاح «2» والاشارة فى الآية أُحِلَّ لَكُمْ ايها المستغرقون فى بحر الحقائق صَيْدُ الْبَحْرِ ما تصيدون من بحر المعرفة بالمشاهدات والكشوف وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ يعنى تشبعون بما يرد عليكم من وارد الحق وتجلى الصفات كما قال عليه السلام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) وتطعمون منه السائرين الى الله من اهل الارادة كقوله تعالى فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ وهذا حال المشايخ واهل التربية من العلماء الراسخين وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را إلخ (2) در أوائل دفتر ششم در بيان حكايت غلام هندو كه إلخ

[سورة المائدة (5) : آية 97]

ايها الطلاب صَيْدُ الْبَرِّ وهو ما سنح فى أثناء السير الى الله من مطالب الدنيا والآخرة كما قال عليه السلام (الدنيا حرام على اهل الآخرة والآخرة حرام على اهل الدنيا وكلتا هما حرامان على اهل الله) ما دُمْتُمْ حُرُماً اى ما دمتم محرمين الى كعبة الوصول متوجهين الى حضرة الوصال فان حكم المتوجه ينافى حكم الواصل الكامل لان من وصل صارمحوا والمتوجه صاح وبون بين الصاحي والماحي فان افعال الصاحي به ومنه واحوال الماحي ليست به ولا منه والله غالب على امره فبى يسمع وبي ينطق وبي يبطش ولهذا قال تعالى وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا اى إذا فرغتم من مناسك الوصول وسلكتم مسالك الأصول سقط عنكم كلف المحرمين ومؤونات المسافرين وثبت لكم لزوم العاكفين واحكام الطائفين كما قال وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ يعنى اتقوا بالله الذي اليه تجمعون وتصلون عما سواه لكيلا تحوروا بعد ما تكوروا نعوذ بالله من الحور بعد الكور كذا فى التأويلات النجمية المسماة ببحر الحقائق اللهم أفض علينا من بركات أوليائك وأدر علينا من كاسات أحبائك واودائك جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ اى صيرها وانما سمى البيت كعبة لتكعبه اى لتربعه والعرب تسمى كل بيت مربع كعبة تشبيها له بكعب الرجل الذي عند ملتقى الساق والقدم فى كونه على هيئته فى التربيع. وقيل سميت كعبة لارتفاعها عن الأرض وأصلها من الخروج والارتفاع وسمى الكعب كعبا لنتوه وخروجه من جانبى القدم ومنه قيل للجارية إذا قاربت البلوغ وخرج ثدياها كاعب والكعبة لما ارتفع ذكرها فى الدنيا واشتهر أمرها فى العالم سميت بهذا الاسم ولذلك انهم يقولون لمن عظم قدره وارتفع شأنه فلان علا كعبه قال صاحب اسئلة الحكم جعل الله لبيته العتيق اربعة اركان وهى فى الحقيقة ثلاثة اركان لانه شكل مكعب ولذلك سميت بالكعبة تشبيها بالكعب فسرّ كونه على اربعة اركان بالوضع الحادث اشارة الى قلوب المؤمنين لان قلب المؤمن لا يخلو من اربعة خواطر الهى وملكى ونفسانى وشيطانى فركن الحجر بمنزلة الشيطاني لان الشرع شرع ان يقال عنده أعوذ بالله من الشقاق والنفاق وبالذكر المشروع تعرف مراتب الأركان واما سركونه مثلث الشكل المكعب فاشارة الى قلوب الأنبياء عليهم السلام ليميز الله رسله وأنبياءه بالعصمة التي أعطاهم والبسهم إياها فليس لنبى الا ثلاثة خواطر الهى وملكى ونفسى ولغيرهم هذه وزيادة الخاطر الشيطاني فمنهم من ظهر حكمه عليه فى الظاهر وهم عامة الخلق ومنهم من يخطر له ولا يؤثر فى ظاهره وهم المحفوظون من أوليائه بالعصمة الوجوبية للانبياء والحفظ الجوازي للاولياء الْبَيْتَ الْحَرامَ عطف بيان على جهة المدح دون التوضيح كما تحبىء الصفة كذلك وسمى البيت الحرام لان الله تعالى حرمه وعظم حرمته فالحرام بمعنى المحرم وفى الحديث (ان الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض) قال ابن ملك اعلم ان مكة شرفها الله حرمها ابراهيم عليه السلام لما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال (ان ابراهيم حرم مكة وانى حرمت المدينة) وما روى انه عليه السلام قال (ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات) فالمراد به كتابته فى اللوح المحفوظ ان ابراهيم سيحرمه انتهى كلامه يقول الفقير ان حرمته العرضية وان كانت حادثة لكن حرمته الذاتية

قديمة وتلك الكتابة من الحرمة الذاتية عند الحقيقة وقد جاء فى بعض التفاسير فى قوله تعالى ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ انه لم يجبه بهذه المقالة من الأرض الا ارض الحرم فلذلك حرمها فصارت حرمتها كحرمة المؤمن انما حرم دمه وعرضه وماله بطاعته لربه فارض الحرم لما قالت اتينا طائعين حرم صيدها وشجرها وخلاها فلا حرمة الا لذى طاعة وفى الخبر (لم يأكل الحيتان الكبار صغارها فى ارض الحرم فى الطوفان لحرمتها) قِياماً لِلنَّاسِ مفعول ثان للجعل ومعنى كونه قياما لهم انه مدار لقيام امر دينهم ودنياهم. اما الاول فلانه يتوجه اليه الحجاج والعمار فيكون ما فى البيت من المناسك العظيمة والطاعات الشريفة سببا لحط الخطيئات وارتفاع الدرجات ونيل الكرامات. واما الثاني فلانه يجبى الى الحرم ثمرات كل شىء يربح فيه التجار وكانوا يأمنون فيه من النهب والغارة ولا يتعرض لهم أحد بسوء فى الحرم حتى ان الرجل إذا أصاب ذنبا فى الجاهلية والإسلام او قتل قتيلا لجأ الى الحرم ويأمن فيه: قال المحيي فى فتوح الحرمين مدحا لحضرة الكعبة هيچ نبى هيچ ولى هم نبود ... كه او نه برين در رخ اميد سود هادئ ره نيست بجز لطف دوست ... آمدنت را طلب از نزد اوست تا نزند سر ز چمن نو گلى ... نغمه سرايى نكند بلبلى وَالشَّهْرَ الْحَرامَ اى وجعل الشهر الحرام الذي يؤدى فيه الحج وهو ذو الحجة قياما لهم ايضا فالمفعول الثاني محذوف ثقة بما مر ووجه كون الشهر الحرام سببا لقيام الناس ان العرب كان يتعرض بعضهم لبعض بالقتل والغارة فى سائر الأشهر فاذا دخل الشهر الحرام زال الخوف وقدروا على سفر الحج والتجارات آمنين على أنفسهم وأموالهم فكان سببا لاكتساب منافع الدين والدنيا ومصالح المعاش والمعاد وقد فضل الله الأشهر والأيام والأوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والأمم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى إدراكها واحترامها وتتشوق الأرواح الى إحيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها قال الامام النيسابورى عشر ذى الحجة أفضل الأيام وأحبها عند الله تعالى بعد شهر رمضان لانها هى التي ناجى فيها كليم الله موسى ربه وفيها احرم جميع الخلق بالحج ووجد آدم التوبة فى ايام العشر وإسماعيل الفداء وهود النجاة ونوح الانجاء ومحمد الرسالة وأصحابه الرضوان فى البيعة وبشارة خيبر وفتح الحديبية ونزول المغفرة بقوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وغير ذلك من الآيات والكرامات وصيام يوم من العشر كصيام الف يوم وقيام ليلة منها كعبادة من حج واعتمر طول سنته فصوم هذا العشر مستحب استحبابا شديدا لا سيما التاسع وهو يوم عرفة لكن يستحب الفطر يوم عرفة للحجاج لئلا يلحقهم فتور عن أداء الطاعات المشروعة فى ذلك اليوم ويؤدوها على الحضور والكمال وفى الحديث (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) وَالْهَدْيَ اى وجعل الله الهدى ايضا قياما لهم وهو ما يهدى الى البيت ويذبح هناك ويفرق لحمه بين الفقراء فانه نسك المهدى وقوام لمعيشة الفقراء فكان سببا لقيام امر الدين والدنيا يقول الفقير

[سورة المائدة (5) : الآيات 98 إلى 104]

ومنه يعرف ان المقصود من القربان دفع حاجة الفقراء ولذا يستحب للمضحى ان يتصدق بأكثر أضحيته بل بكلها هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد او در خور كالاى خويش وللحجاج يوم عيد القربان مناسك الذهاب من منى الى المسجد الحرام فلغيرهم الذهاب الى المصلى موافقة لهم والطواف فلغيرهم صلاة العيد لقوله عليه السلام (الطواف بالبيت صلاة) واقامة السنن من الحلق وقص الأظفار ونحوها فلغيرهم ازالة البدعة واقامة السنة والقربان فلغيرهم ايضا ذلك ولكن ليس كل مال يصلح لخزانة الرب ولا كل قلب يصلح لمعرفة الرب ولا كل نفس تصلح لخدمة الرب: وفى المثنوى آن توكل كو خليلان ترا ... تا نبرد تيغت إسماعيل را آن كرامت چون كليمت از كجا ... تا كنى شهراه قعر نيل را وَالْقَلائِدَ اى وجعل الله القلائد ايضا قياما للناس وهى جمع قلادة وهى ما يقلد به الهدى من نعل او لحاء شجر ليعلم به انه هدى فلا يتعرض له بركوب او حمل والمراد بالقلائد ذوات القلائد وهى البدن وهى الناقة والبقرة مما يجوز فى الهدى والأضاحي وخصت بالذكر لان الثواب فيها اكثر وبهاء الحج بها اظهر ولذا ضحى عمر رضى الله عنه بنجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار لقوله تعالى وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ووجه كون القلائد سببا لقيام الناس ان من قلد هديا لم يتعرض له أحد وربما كانوا يقلدون رواحلهم إذا رجعوا من مكة من لحاء شجر الحرم فيأمنون بذلك وكان اهل الجاهلية يأكل الواحد منهم القضيب والشجر من الجوع وهو يرى الهدى والقلائد فلا يتعرض له تعظيما له ذلِكَ اشارة الى الجعل منصوب بفعل مقدر اى شرع الله ذلك وبين لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فان تشريع هذه الشرائع المستتبعة لدفع المضار الدينية والدنيوية قبل وقوعها وجلب المنافع الاولوية والاخروية من أوضح الدلائل على حكمة الشارع وعلى عدم خروج شىء من علمه المحيط وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تعميم بعد تخصيص للتأكيد اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وعيد لمن انتهك محارمه وآصر على ذلك وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وعد لمن حافظ على مراعاة حرمانه تعالى او انقطع عن الانتهاك بعد تعاطيه ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ اى تبليغ الرسالة فى امر الثواب والعقاب وهو تشديد فى إيجاب القيام بما امر به اى الرسول قد اتى بما وجب عليه من التبليغ بما لا مزيد عليه وقامت عليكم الحجة ولزمتكم الطاعة فلا عذر لكم من بعد فى التفريط وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ اى ما تظهرون من القول والعمل وما تخفون فيؤاخذكم بذلك نقيرا وقطميرا: قال السعدي قدس سره برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست والاشارة فى الآية ان الله تعالى كما جعل الكعبة فى الظاهر قياما للعوام والخواص يلوذون به ويستنجحون بالتضرع والابتهال هناك حاجاتهم الدنيوية والاخروية كذلك جعل كعبة القلب فى الباطن قياما للخواص وخواص الخواص ليلوذوا به بطريق دوام الذكر ونفى الخواطر بالكلية واثبات

الحق بالربوبية والواحدية بان لا موجود الا هو ولا وجود الا له ولا مطلوب ولا محبوب الا هو وسماه البيت الحرام ليعلم انه بيت الله على الحقيقة وحرام ان يسكن فيه غيره فيراقبه عن ذكر ما سوى الحق وحبه وطلبه الى ان يفتح الله أبواب فضله ورحمته والشهر الحرام هو ايام الطلب والسير الى الله حرام على الطالب فيها مخالطة الخلق وملاحظة ما سوى الحق والهدى هو النفس البهيمية تساق الى كعبة القلب مع القلائد وهى اركان الشريعة فتذبح على عتبة القلب بسكين آداب الطريقة عن شهواتها ولذاتها الحيوانية وفى قوله تعالى ذلِكَ لِتَعْلَمُوا الآية اشارة الى ان العبد إذا وصل الى كعبة القلب فيرى بيت الله ويشاهد أنوار الجمال والجلال فبتلك الأنوار يشاهد ما فى السموات وما فى الأرض لانه ينظر بنور الله فيعلم على التحقيق أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ يسدل الحجاب لغير الأحباب ممن ركنوا الى الدنيا واغتروا بزينتها وشهواتها وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لطالبيه وقاصدى حضرته بفتح الأبواب ورفع الحجاب ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ بالقال والحال وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ من الايمان باقدار اللسان وعمل الأركان وَما تَكْتُمُونَ من تصديق الجنان او التكذيب وصدق التوجه وخلوص النية فى طلب الحق كذا فى التأويلات النجمية قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ نزلت فى حجاج اليمامة لما هم المسلمون ان يوقعوا بهم بسبب انه كان فيهم الحطيم وقد اتى المدينة فى السنة السابقة واستاق سرح المدينة فخرج فى العام القابل وهو عام عمرة القضاء حاجا فبلغ ذلك اصحاب السرح فقالوا للنبى عليه السلام هذا الحطيم خرج حاجا مع حجاج اليمامة فخل بيننا وبينه فقال عليه السلام (انه قلد الهدى) ولم يأذن لهم فى ذلك بسبب استحقاقهم الا من بتقليد الهدايا فنزلت الآية تصد يقاله عليه السلام فى نهيه إياهم عن تعرض الحجاج وان كانوا مشركين وقد مضت هذه القصة فى أول السورة عند قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ الآية وبقي حكم هذه الآية الى ان نزلت سورة البراءة فنسخ بنزولها لانه قد كان فيها إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وفيها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فنسخ حكم الهدى والقلائد والشهر الحرام والإحرام وامنهم بها بدون الإسلام وسبب النزول وان كان خاصا لكن حكمه عام فى نفى المساواة عند الله بين الردى وبين الجيد ففيه ترغيب فى الجيد وتحذير عن الردى ويتناول الخبيث والطيب أمورا كثيرة. فمنها الحرام والحلال فمثقال حبة من الحلال أرجح عند الله من ملىء الدنيا من الحرام لان الحرام خبيث مردود والحلال طيب مقبول فهما لا يستويان ابدا كما ان طالبهما كذلك إذا طالب الخبيث خبيث وطالب الطيب طيب والله تعالى يسوق الطيب الى الطيب كما انه يسوق الخبيث الى الخبيث كما قال الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ والطيب عند سادات الصوفية قدس الله أسرارهم ما كان بلا فكر وحركة نفسانية سواء سيق من طرف صالح او فاسق لانه رزق من حيث لا يحتسب وهو مقبول وخلافه مردود ولا بعد فى هذا لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وبينهما بون بعيد وايضا الخبيث من الأموال ما لم يخرج منها حق الله والطيب ما أخرجت منه

الحقوق والخبيث ما أنفق فى وجوه الفساد والطيب ما أنفق فى وجوه الطاعات والطيب من الأموال ما وافق نفع الفقراء فى اوقات الضرورات والخبيث ما دخل عليهم فى وقت استغنائهم فاشتغلت خواطرهم بها. ومنها المؤمن والكافر والعادل والفاسق فالمؤمن كالعسل والكافر كالسم والعادل كشجرة الثمرة والفاسق كشجرة الشوك فلا يستويان على كل حال. ومنها الأخلاق الطيبة والأخلاق الخبيثة فمثل التواضع والقناعة والتسليم والشكر مقبول ومثل الكبر والحرص والجزع والكفران مردود لان الاول من صفات الروح والثاني من صفات النفس والروح طيب علوى والنفس خلافه: وفى المثنوى هين مرو اندر پى نفسى چوزاغ ... كو بگورستان برد نه سوى باغ «1» نفس اگر چهـ زيركست وخرده دان ... قبله اش دنياست او را مرده دان «2» ومن اخلاق النفس حب المال والكبار قدعوا المال الطيب حجابا فما ظنك بالخبيث منه فلابد من تصفية الباطن وتخليته عن حب ما سوى الله تعالى. ومنها العلوم النافعة والعلوم الغير النافعة فالنافعة كعلوم الشريعة وغير النافعة كعلوم الفلاسفة: وفى المثنوى علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين گردد خبيث «3» ومنها الأعمال الصالحة والأعمال الغير الصالحة فما أريد به وجه الله تعالى فهو صالح وما أريد به الرياء والسمعة فهو غير صالح عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست قال فى التأويلات النجمية الخبيث ما يشغلك عن الله والطيب ما يوصلك الى الله. وايضا الطيب هو الله الواحد والخبيث ما سواه وفيه كثرة وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ الواو لعطف الشرطية على مثلها المقدر اى لو لم يعجبك كثرة الخبيث ولو أعجبتك وكلتاهما فى موضع الحال من فاعل لا يستوى اى لا يستويان كائنين على كل حال مفروض وجواب لو محذوف والمعنى والتقدير ان الخبيث ولو أعجبتك كثرته يمتنع ان يكون مساويا للطيب فان العبرة بالجودة والرداءة دون القلة والكثرة فان المحمود القليل خير من المذموم الكثير بل كلما كثر الخبيث كان أخبث ومعنى الاعجاب السرور بما يتعجب منه يقال يعجبنى امر كذا اى يسرنى والخطاب فى أعجبك لكل واحد من الذين امر النبي عليه السلام بخطابهم فَاتَّقُوا اللَّهَ فى تحرى الخبيث وان كثروا آثروا الطيب وان قل يا أُولِي الْأَلْبابِ يا ذوى العقول الصافية وهم فى الحقيقة من تخلصت قلوبهم وأرواحهم من قشور الأبدان والنفوس لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ راجين ان تنالوا الفلاح وهو سعادة الآخرة ثم ان التقوى على مراتب قال ابن عطاء التقوى فى الظاهر مخالفة الحدود وفى الباطن النية والإخلاص وقال فى قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وهو صدق قولك لا اله الا الله وليس فى قلبك شىء سواه ومن وصايا حضرة المولوى قبيل وفاته [أوصيكم بتقوى الله فى السر والعلانية وبقلة الطعام وقلة المنام وقلة الكلام وهجر المعاصي والآثام وترك الشهوات على الدوام واحتمال الجفاء من جميع الأنام وترك مجالسة السفهاء والعوام ودوام مصاحبة الصالحين الكرام فان خير الناس من ينفع الناس وخير الكلام ما قل

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاع إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عارف را غداييست از نور حق إلخ (3) لم أجد

[سورة المائدة (5) : الآيات 101 إلى 102]

ودل] واعلم ان النافع هو التقوى والسبب المنجى هو الايمان والعمل الصالح دون الحسب والنسب فلا يغرنك الشيطان بكثرة أموالك وأولادك ووفرة مفاخر آبائك وأجدادك فاصل البول الماء الطيب الصافي والله تعالى يخرج الميت من الحي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ- روى- انه لما نزلت وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ قال سراقة بن مالك أكل عام فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعاد ثلاثا فقال (لا ولو قلت نعم لو جبت ولو وجبت لما استطعتم فاتركونى ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فاذا أمرتكم بامر فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه) فنزلت وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه عليه السلام كان يخطب ذات يوم غضبان من كثرة ما يسألون عنه مما لا يعنيهم فقال لا اسأل عن شىء الا أجبت فقال رجل اين ابى فقال (فى النار) وقال آخر من ابى فقال (حذافة) وكان يدعى لغيره فنزلت إِنْ تُبْدَ لَكُمْ الشرطية وما عطف عليها صفتان لاشياء والمساءة معلقة بالابداء والإبداء معلق بالسؤال. فالمعنى لا تسألوا عن أشياء ان تسألوا عنها فى زمان الوحى تظهر لكم وان تظهر لكم تغمكم والعاقل لا يفعل ما يغمه. قال البغوي فان من سأل عن الحج لم يأمن ان يأمر به فى كل عام فيسوءه ومن سأل عن نسبه لم يأمن ان يلحقه بغيره فيفتضح عَفَا اللَّهُ عَنْها استئناف مسوق لبيان ان نهيهم عنها لم يكن لمجرد صيانتهم عن المساءة بل لانها فى نفسها معصية مستتبعة للمؤاخذة وقد عفا عنها وفيه من حثهم على الجد فى الانتهاء عنها ما لا يخفى وضمير عنها للمسألة المدلول عليها بلا تسألوا اى عفا الله عن مسألتكم السالفة حيث لم يفرض عليكم الحج فى كل عام جزاء بمسألتكم وتجاوز عن عقوبتكم الاخروية بسبب مسألتكم فلا تعودوا الى مثلها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ اى مبالغ فى مغفرة الذنوب والإغضاء عن المعاصي ولذلك عفا عنكم ولم يؤاخذكم بعقوبة ما فرط منكم فالجملة اعتراض تذييلى مقرر لعفوه تعالى قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ اى سألوا هذه المسألة لكن لا عينها بل مثلها فى كونها محظورة ومستتبعة للوبال وعدم التصريح بالمثل للبالغة فى التحذير مِنْ قَبْلِكُمْ متعلق بسألها ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها اى بسببها كافِرِينَ فان بنى إسرائيل كانوا يستفتون أنبياءهم فى أشياء فاذا أمروا تركوها فهلكوا كما سأل قوم ثمود صالحا الناقة وسأل قوم عيسى مائدة قال ابو ثعلبة ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها وحد حدودا فلا تعتدوها وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها قال الحسين الواعظ الكاشفى فى تفسيره [پس نيكبخت آنست كه از حال ديگران عبرت گيرد بقول وفعل فضولى اشتغال ننمايد ودرين باب گفته اند] بگوى آنچهـ گفتن ضرورت شود ... دگر گفته ها را فرو بند در بجاى آر فعلى كه لازم بود ... ز افعال بي حاصل اندر گذر وكان رجل يحضر مجلس ابى يوسف كثيرا ويطيل السكوت فقال له يوما مالك لا تتكلم ولا تسأل عن مسألة قال أخبرني ايها القاضي متى يفطر الصائم فال إذا غابت الشمس قال فان لم تغب الى نصف الليل فتبسم وتمثل بيت جرير

وفى الصمت زين للخلى وانما ... صحيفة لب المرء ان يتكلما وفى الحديث (عجبت من بنى آدم وملكاه على نابيه فلسانه قلمهما وريقه مدادهما كيف يتكلم فيما لا يعنيه) والاشارة فى الآيتين ان الله تعالى نهى اهل الايمان ان يتعلموا العلوم اللدنية وحقائق الأشياء بطريق السؤال لانها ليست من علوم القال وانما هى من علوم الحال فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ اى عن حقائق أشياء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ بيانها بطريق القال تَسُؤْكُمْ إذ لم تهتدوا الى الحقائق ببيان القال فتقع عقولكم المشوبة بآفات الهوى والوهم والخيال فى الشبهات فتتهالكوا فى أوديتها كما كان حال طوائف الفلاسفة إذ طلبوا علوم حقائق الأشياء بطريق القال والبراهين المعقولة فما كانت منها مندرجة تحت نظر العقول المجردة عن شوائب الوهم والخيال أصابوها وما ضاق نطاق العقول عن دركها استزلهم الشيطان عند البحث عن الصراط المستقيم وأوقعهم فى اودية الشبهات وبوادي الهلكات فهلكوا واهلكوا خلقا عظيما بتصانيفهم فى العلوم الالهية وبعضهم خلطوها بعلم الأصول وقرروا شبهاتهم فيها فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل وما علموا ان تعلم علوم الحقائق بالقال محال وان تعلمها انما يحصل بالحال كما كان حال الأنبياء مع الله فقد علمهم علوم الحقائق بالاراءة لا بالرواية فقال تعالى وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقال فى حق النبي عليه السلام لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا وقال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى وقال عليه السلام (أرنا الأشياء كما هى) وكما كان حال الامة مع النبي عليه السلام كان يعلمهم الكتاب بالقال والحكمة بالحال بطريق الصحة وتزكية نفوسهم عن شوائب آفات النفس وأخلاقها كقوله تعالى يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وقال تعالى فيمن تحقق له فوائد الصحة على موائد المتابعة سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ثم قال وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ اى وان كان لا بد لكم من السؤال عن حقائق الأشياء فاسألوا عنها بعد نزول القرآن اى من القرآن ليخبركم عن حقائقها على قدر عقولكم. اما العوام منكم فيؤمنون بمتشابهات القرآن فانها بيان حقائق الأشياء ويقولون كل من عند ربنا ولا يتصرفون فيها بقولهم طلبا للتأويل فانه لا يعلم تأويلها الا الله والراسخون فى العلم وهم الخواص. واما أخص الخواص فيفهمون مما يشير القرآن اليه من حقائق الأشياء بالرموز والإشارات والمتشابهات ما لا يفهم غيرهم كما أشار بقصة موسى والخضر الى ان تعلم العلم اللدني انما يكون بالحال فى الصحبة والمتابعة والتسليم وترك الاعتراض على الصاحب المعلم لا بالقال ولا بالسؤال لقوله تعالى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً يعنى فى المتابعة وترك الاعتراض قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ يعنى ان من شرط المتابعة ترك السؤال عن افعال المعلم وغيرها فلما لم يستطع موسى معه صبرا ليتعلم بالحال وفتح باب القال والسؤال فقال أخرقتها لتغرق أهلها أقتلت نفسا زكية فما واساه الخضر وقال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ يعنى موسى إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي

[سورة المائدة (5) : الآيات 103 إلى 104]

يشير الى ان تعلم العلم اللدني بالحال فى الصحبة والمتابعة والتسليم لا بالقال والسؤال وفى السؤال الانقطاع عن الصحبة فافهم جدا فلما عاد فى الثالثة الى السؤال وقال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ثم قال عَفَا اللَّهُ عَنْها اى عما سألتم وطلبتم من علوم الحقائق بالقال قبل نزول هذه الآية وَاللَّهُ غَفُورٌ لمن تاب ورجع الى الله فى طلب علوم الحقائق بالقال والسؤال حَلِيمٌ لمن يطلب بالحال يحلم عنهم فى أثناء ما يصدر منهم مما ينافى امر الطلب الى ان يوفقهم لما يوافق الطلب ثم قال قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ يعنى من مقدمى الفلاسفة فقد شرعوا فى طلب العلوم الالهية بالقال ونظر العقل فوقعوا فى اودية الشبهات ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ اى بسبب الشبهات التي وقعوا فيها بتتبع القيل والقال وكثرة السؤال وترك متابعة الأنبياء عليهم السلام كذا فى التأويلات النجمية ما جَعَلَ اللَّهُ هو الجعل التشريعي ويتعدى الى واحد اى ما شرع وما وضع وما سن مِنْ مزيدة لتأكيد النفي بَحِيرَةٍ كان اهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة ابطن آخرها ذكر بحروا اذنها اى شقوها وحرموا ركوبها ودرها ولا تطرد عن ماء ولا مرعى فهى فعيلة من البحر وهو الشق بمعنى المفعولة وَلا سائِبَةٍ كان الرجل منهم يقول إذا قدمت من سفرى او برئت من مرضى فناقتى سائبة وجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها فهى فاعلة من قولهم ساب الماء يسيب سيبا إذا جرى على وجه الأرض ويقال ايضا سابت الحية فالسائبة هى التي تركت حتى تسيب حيث شاءت وَلا وَصِيلَةٍ كانوا إذا ولدت الشاة أنثى فهى لهم وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وان ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها واستحيوا الذكر من أجل الأنثى فلا يذبح لآلهتهم. فمعنى الآية ما جعل الله أنثى تحلل ذكرا محرما عند الانفراد فهى فعيلة بمعنى فاعلة وَلا حامٍ كانوا إذا نتجت من صلب الفحل عشرة ابطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى فهو اسم فاعل من حمى يحمى اى منع يقال حماه يحميه إذا حفظه وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ اى يكذبون عمدا حيث يفعلون ما يفعلون ويقولون الله أمرنا بهذا وامامهم عمرو بن لحى الخزاعي فانه كان اقدم من ملك مكة وكان أول من غير دين إسماعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى- روى- انه عليه السلام قال فى حقه (رأيت عمرو بن لحى الخزاعي يجر قصبه فى النار يؤذى اهل النار بريح قصبه) والقصب المعى هذا شأن رؤسائهم وكبارهم وَأَكْثَرُهُمْ وهم أراذلهم الذين يوقعونهم فى معاصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَعْقِلُونَ انه افتراء باطل حتى يخالفوهم ويهتدوا الى الحق بانفسهم فيبقون فى اسر التقليد وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للاكثر على سبيل الهداية والإرشاد تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتاب المبين للحلال والحرام وَإِلَى الرَّسُولِ الذي انزل هو عليه لتقفوا على حقيقة الحال وتميزوا الحرام من الحلال قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا بيان لعنادهم واستعصائهم على الهادي الى الحق وانقيادهم للداعى الى الضلال. وحسبنا مبتدأ وما وجدنا خبره وهو فى الأصل مصدر والمراد

به اسم الفاعل اى كافينا الذي وجدنا عليه آباءنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ الواو للعطف على شرطية اخرى مقدرة قبلها والتقدير أيحسبهم ذلك اى أيكفيهم وجدان آبائهم على هذا المقال او أيقولون هذا القول ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيأ من الدين ولا يهتدون للصواب والمعنى ان الاقتداء انما يكون بمن علم انه عالم مهتد وذلك لا يعرف الا بالحجة قال الحسين الواعظ فى تفسيره [يعنى ايشان جاهل وگمراه بودند تقليد ايشان نافع نيست بلكه تقليد عالم مى بايد تا كار بتحقيق انجامد] قال جلال الدين رومى قدس سره فى المثنوى از مقلد تا محقق فرقهاست ... اين يكى كوهست وان ديگر صداست «1» دست در بينا زنى آيى براه ... دست در كورى زنى افتى بچاه «2» قال الشيخ على دده فى اسئلة الحكم اما ما ورد فى الأحاديث النبوية فى حق الدجاجلة وظهورها بين الامة فلا شك عند اهل العلم ان الدجاجلة هم الائمة المضلون لا سيما من متصوفة الزمان او متشيخيهم وقد شاهدناهم فى عصرنا هذا قاتلهم الله حيثما كانوا انتهى قال بعضهم قلت لمتشبه بالصوفية ظاهرا يعني جبتك لما علم من أحواله فقال إذا باع الصياد شبكته فبأى شىء يتصيد بر وى ريا خرقه سهلست دوخت ... گرش با خدا در توانى فروخت بنزديك من شبرو راهزن ... به از فاسق پارسا و پيرهن والاشارة ان الشيطان كلما سلط على قوم أغراهم على التصرف فى انعام أجسامهم ونفوسهم مبتدعين غير متبعين وهم يزعمون ان هذه التصرفات لله وفى الله وفى قوله ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ اشارة الى من يتصرف بما لم يؤمر به كمن يشق اذنه او يثقبها ويجعل فيها الحلقة من الحديد او يثقب صدره او ذكره ويجعل عليه القفل او يجعل فى عنقه الغل او يحلق لحيته مثل ما يفعل هؤلاء القلندرية قال الحافظ قدس سره قلندرى نه بريشست وموى يا ابرو ... حساب راه قلندر بدانكه موى بموست گذشتن از سر مو در قلندرى سهلست ... چوحافظ آنكه ز سر بگذرد قلندر اوست وَلا سائِبَةٍ وهم الذين يدرون فى البلاد مسيبين خليعى العذار يرتعون فى مراتع البهيمية والحيوانية بلا لجام الشريعة وقيد الطريقة وهم يدعون انهم أهل الحق قد لعب الشيطان بهم فاتخذوا إلههم هو أهم وَلا وَصِيلَةٍ وهم الذين يبيحون المحرمات ويستحلون الحرمات ويتصلون بالاجانب من طريق الاخوة والابوة كالاباحية والزنادقة فيغتر به ويظن انه بلغ مقام الوحدة وانه محمى عن النقصان بكل حال ولا يضره مخالفات الشريعة إذ هو بلغ مقام الحقيقة فهذا كله من وساوس الشيطان وهواجس النفس ما امر الله بشىء من ذلك ولا رخص لاحد فيه فهؤلاء الذين وضعوا هذه الطريقة وابتدعوها لا يعلمون شيأ من الشريعة والطريقة ولا يهتدون الى الحقيقة فانهم اهل الطبيعة وارباب الخديعة ولقد شاعت فى الآفاق فتنهم وكملت فيهم غرتهم ومالهم من دافع ولا مانع ولا وازع على ان الخرق قد اتسع على الراقع ارى الف بان لا يقوم بهادم ... فكيف بيان خلفه الف هادم

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان تمام قصه زنده شدن استخوان إلخ (2) لم أجد

[سورة المائدة (5) : الآيات 105 إلى 110]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ اى الزموا إصلاح أنفسكم وحفظها مما يوجب سخط الله وعذاب الآخرة لا يَضُرُّكُمْ ضلال مَنْ ضَلَّ بالفارسي [زيانى نرساند شما را بي راهىء آنكس كه گمراه شد] إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إذا كنتم مهتدين. والآية نزلت لما كان المؤمنون يتحسرون على الكفرة ويتمنون ايمانهم وفيهم من الضلال بحيث لا يكادون يرعوون عنه بالأمر والنهى إِلَى اللَّهِ لا لاحد سواه مَرْجِعُكُمْ رجوعكم يوم القيامة جَمِيعاً الضلال والمهتدى فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من اعمال الهداية والضلال اى فيجازيكم على ذلك فهو وعد ووعيد للفريقين المهتدين والضالين وتنبيه على ان أحدا لا يؤاخذ بعمل غيره ولا يتوهمنّ ان فى الآية رخصة فى ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع استطاعتهما كيف لا ومن جملة الاهتداء ان ينكر على المنكر حسب الطاقة اگر بينى كه نابينا و چاهست ... اگر خاموش بنشينى گناهست وفى الحديث (من رأى منكم منكرا ان استطاع ان يغيره فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه) وقد روى ان الصديق قال يوما على المنبر يا ايها الناس انكم تقرءون هذه الآية وتضعونها غير موضعها ولا تدرون ما هى وانما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه عمهم الله بعقاب) فامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ولا تغتروا بقول الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ الآية فيقول أحدكم علىّ نفسى والله لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر او ليستعملن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ثم ليدعن خياركم فلا يستجاب لهم ولو قيل لرجل لم لا تأمر بالمعروف قال [مرا چهـ كارست] او قيل لرجل [فلانرا امر معروف كن] فقال [مرا او چهـ كرده است] او قال [من عافيت گزيده أم] او قال [مرا با اين فضولى چهـ كار] يخاف عليه الكفر فى هذه الصور: قال المولوى قدس سره تو ز گفتار تعالوا كم مكن ... كيمياى بس شكرفست اين سخن گرمسى گردد ز گفتارت نفير ... كيميا را هيچ از وى وامگير فالامر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض لا يسقط الا عند العجز عن ذلك وكان السلف مغدورين فى بعض الأزمان فى ترك الإنكار باليد واللسان چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمايند مردى رجال والحاصل ان هذا يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال والأوقات فعلى المحب ان لا يتجاوز عن الحد ويراعى حكم الوقت فان لكل زمان دولة ورجالا والاشارة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اى ايمان الطالبين الموقنين بان الوجدان فى الطلب كما قال تعالى (الا من طلبنى وجدنى) عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فاشتغلوا بتزكيتها فانه قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها فلا تشتغلوا قبل تزكيتها بتزكية نفوس الخلق ولا تغتروا بارادة الخلق وبقولهم وحسن ظنهم فيكم وتقربهم إليكم فانها للطالب سم الساعة وان مثل السالك المحتاج الى المسلك والذي يدعى إرادته ويتمسك به كمثل غريق فى البحر محتاج الى سابح كامل فى صنعته لينجيه من الغرق فيتشبت به

[سورة المائدة (5) : آية 106]

غريق آخر فى البحر وهو يأخذ بيده لينجيه فيهلكان جميعا فالواجب على الطالب المحق ان يتمسك بذيل ارادة صاحب دولة فى هذا الشأن مسلك كامل ويستسلم للاحكام ولا يلتفت الى كثرة الهالكين فانه لا يهلك على الله الا هالك لا يَضُرُّكُمْ ايها الطالبون مَنْ ضَلَّ من المغرقين إِذَا اهْتَدَيْتُمْ الى الحق به إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ايها الطالبون بجذبات العناية على طريق الهداية والمضلون بسلاسل القهر والخذلان على طريق المكر والعصيان فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى فيذيقكم لذة ثواب أعمالكم او الم عقوبة أعمالكم والمعنى ليس للطالب ان يلتفت فى أثناء سلوكه الى أحد من اهل الصدق والارادة بان يقبله ليربيه ويغتر بانه شيخ يقتدى به الى ان يتم امر سلوكه بتسليك مسلك كامل واصل ثم ان يرى شيخه ان له رتبة الشيخوخة فيثبته باشارة التحقق فى مقام التربية ودعوة الخلق فحينئذ يجوز له ان يكون هاديا مرشدا للمريدين باحتياط وافر فقد قال تعالى وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فاما فى زماننا هذا فقد آل الأمر الى ان من لم يكن مريدا قط يدعى الشيخوخة ويخبر بالشيخوخة الجهال والضلال من جهالته وضلالته حرصا لانتشار ذكره وشهرته وكثرة مريديه وقد جعلوا هذا الشأن العظيم والثناء الجسيم لعب الصبيان وضحكة الشيطان حتى يتوارثونه كلما مات واحد منهم كانوا يجلسون ابنه مقامه صغيرا كان او كبيرا ويلبسون منه الخرق ويتبركون به وينزلونه منازل المشايخ فهذه مصيبة قد عمت ولعل هذه طريقة قد تمت فاندرست آثارها والله اعلم باخبارها الى هاهنا من الاشارة من التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تصديره بحرف النداء والتنبيه لاظهار كمال العناية بمضمونه- روى- ان تميم بن أوس الداري وعدى بن زيد خرجا الى الشام للتجارة وكانا حينئذ نصرانيين ومعهما بديل بن ابى مريم مولى عمرو بن العاص وكان مسلما فلما قدما الى الشام مرض بديل فكتب كتابا فيه اسماء جميع ما معه وطرحه فى درج الثياب ولم يخبرهما بذلك واوصى إليهما بان يدفعا متاعه الى اهله ومات ففتشاه فوجدا فيه اناء من فضة وزنه ثلاثمائة مثقال منقوشا بالذهب فغيباه ودفعا المتاع الى اهله فاصابوا فيه الكتاب فقالوا لهما هل باع صاحبكما شيأ من متاعه قالا لا قالوا فهل طال مرضه فانفق شيأ على نفسه قالا لا انما مرض حين قدم البلد فلم يلبث ان مات قالوا فانا وجدنا فى متاعه صحيفة فيها تسمية متاعه وفيها اناء منقوش مموّه بالذهب وزنه ثلاثمائة مثقال قالا ما ندرى انما اوصى إلينا بشىء وأمرنا ان ندفعه إليكم ففعلنا وما لنا بالاناء من علم فرفعوهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فاستحلفهما بعد صلاة العصر عند المنبر بالله الذي لا اله الا هو انهما لم يخونا شيأ مما دفع ولا كتما فحلفا على ذلك فخلى صلى الله عليه وسلم سبيلهما ثم انه وجد الإناء فى مكة فقال من بيده اشتريته من تميم وعدي وقيل لما طالت المدة اظهراه فبلغ ذلك بنى سهل اولياء بديل فطلبوه منهما فقالا كنا اشتريناه من بديل فقالوا الم نقل لكما هل باع صاحبنا من متاعه شيأ فقلتمالا قالا ما كان لنا بينة فكرهنا ان نقربه فرفعوهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى فَإِنْ عُثِرَ الآية فقام عمرو بن العاص والمطلب بن ابى وداعة السهميان فحلفا بالله بعد العصر انهما كذبا وخانا فدفع الإناء إليهما واتفق العلماء على ان

هذه الآية أشكل ما فى القرآن أعرابا ونظما وحكما شَهادَةُ بَيْنِكُمْ اى شهادة الخصومات الجارية بينكم فبين ظرف أضيف اليه شهادة على طريق الاتساع فى الظروف بان يجعل الظرف كأنه مفعول للفعل الواقع فيه فيضاف ذلك الفعل اليه على طريق إضافته الى المفعول نحو يا سارق الليلة اى يا سارق فى الليلة وارتفاع الشهادة على انها مبتدأ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ اى شارفه وظهرت علائمه ظرف للشهادة حِينَ الْوَصِيَّةِ بدل من الظرف وفى إبداله منه تنبيه على ان الوصية من المهمات المقررة التي لا ينبغى ان يتهاون بها المسلم ويذهل عنها اثْنانِ خبر للمبتدأ بتقدير المضاف لئلا يلزم حمل العين على المعنى اى شهادة بينكم حينئذ شهادة اثنين او فاعل شهادة بينكم على ان خبرها محذوف اى فيما نزل علكم ان يشهد بينكم اثنان واختلفوا فى هذين الاثنين. فقال قوم هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصى. وقال آخرون هما الوصيان لان الآية نزلت فيهما ولانه قال تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان ولا يلزم الشاهدين الإيصاء وان صح الى واحد الا انه ورد فى الآية الإيصاء الى اثنين احتياطا واعتضادا لاحدهما بالآخر. فعلى هذا تكون الشهادة بمعنى الحضور كقولك شهدت وصية فلان بمعنى حضرت والشهيد الذي حضرته الوفاة فى الغزو حتى لو مضى عليه وقت صلاة وهو حى لا يسمى شهيدا لان الوفاة لم تحضره فى الغزو ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هما صفتان للاثنان اى صاحبا امانة وعقل من أقاربكم لانهم اعلم بأحوال الميت وانصح له واقرب الى تحرى ما هو أصلح له او من اهل دينكم يا معشر المؤمنين وهذه جملة تامة تتناول حكم الشهادة على الوصية فى الحضر والسفر أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ عطف على اثنان او شهادة عدلين آخرين من غيركم اى من الأجانب او من غير اهل دينكم اى من اهل الذمة وقد كان ذلك فى بدء الإسلام لعزة وجود المسلمين لا سيما فى السفر ثم نسخ بقوله تعالى وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ فلا يقبل شهادة الذمي على المسلم لعدم ولايته عليه والشهادة من باب الولاية وتقبل شهادة الذمي على الذمي لان اهل الذمة بعضهم اولياء بعض إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ اى سرتم وسافرتم فيها فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ عطف على الشرط وجوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه اى ان سافرتم فقار بكم الاجل حينئذ وما معكم من الأقارب او من اهل الإسلام من يتولى لامر الشهادة كما هو الغالب المعتاد فى الاسفار فشهادة بينكم شهادة آخرين او فانه يشهد آخران فقوله تعالى إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ تقييد لقوله أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ تَحْبِسُونَهُما استئناف وقع جوابا عما نشأ من اشتراط العدالة كأنه قيل فكيف نصنع ان ارتبنا بالشاهدين فقيل تحبسونهما اى تقفونهما وتصبرونهما للتحليف مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ من صلة واللام للعهد الخارجي اى بعد صلاة العصر لتعينها عندهم للتحليف بعدها لانه وقت اجتماع الناس وتصادم ملائكة الليل وملائكة النهار ولان جمع اهل الايمان يعظمون ويجتنبون فيه الحلف الكاذب وقد روى ان النبي عليه السلام وقتئذ حلف من حلف قال الشافعي الايمان تغلظ فى الدماء والطلاق والعتاق والمال إذا بلغ مائتى درهم بالزمان والمكان فيحلف بعد صلاة العصر بمكة بين الركن والمقام وفى المدينة عند المنبر وفى بيت المقدس عند الصخرة

[سورة المائدة (5) : آية 107]

وفى سائر البلدان فى اشرف المساجد وقال ابو حنيفة لا يختص الحلف بزمان ولا مكان فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ عطف على تحبسونهما إِنِ ارْتَبْتُمْ شرطية محذوفة الجواب لدلالة ما سبق من الحبس والاقسام عليه سيقت من جهته تعالى معترضة بين القسم وجوابه للتنبيه على اختصاص الحبس والتحليف بحال الارتياب اى ان ارتاب فيهما الوارث منكم بخيانة وأخذ شىء من التركة فاحبسوهما وحلفوهما بالله لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً جواب القسم اى مقسم عليه فان قوله فيقسمان يتضمن قسما مضمرا فيه. والاشتراء استبدال السلعة بالثمن اى أخذها بدلا منه ثم استعير لاخذ شىء بازالة ما عنده عينا كان او معنى على وجه الرغبة فى المأخوذ والاعراض عن الزائل كما هو المعتبر فى المستعار منه والضمير فى به لله. والمعنى لا نأخذ لانفسنا بدلا من الله اى من حرمته عرضا من الدنيا بان نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب اى لا نحلف بالله كاذبين لاجل المال وطمع الدنيا وَلَوْ كانَ اى المقسم له المدلول عليه بفحوى الكلام وهو الميت ذا قُرْبى اى قريبا منافى الرحم تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذبا ومبالغة فى التنزه كأنهما قالا لا نأخذ لا نفسنا بدلا من حرمة اسمه تعالى مالا ولو انضم اليه رعاية جانب الأقرباء فقد انضم إليها ما هو أقوى منها وادعى الى الحلف كاذبا وهى صيانة حظ أنفسهما فلا يتحقق ما قصداه من المبالغة فى التنزه عنه والتبري منه. قلت صيانة أنفسهما وان كانت أهم من رعاية الأقرباء لكنها ليست ضميمة للمال بل راجعة اليه وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ معطوف على لا نشترى به داخل معه فى حكم القسم وشهادة الله منصوب على انها مفعول بها أضيفت اليه تعالى لانه هو الآمر بها وبحفظها وعدم كتمانها وتضييعها إِنَّا إِذاً اى إذ كتمناها لَمِنَ الْآثِمِينَ اى العاصين فَإِنْ عُثِرَ اى اطلع بعد التحليف عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً اى فعلا ما يوجب اثما من تحريف وكتم بان ظهر بايديهما شىء من التركة وادعيا استحقاقهما له بوجه من الوجوه فَآخَرانِ اى رجلان آخران وهو مبتدأ خبره يَقُومانِ مَقامَهُما اى مقام اللذين عثر على خيانتهما وليس المراد بمقامهما مقام أداء الشهادة التي تولياها ولم يؤدياها كما هى بل هو مقام الحبس والتحليف على الوجه المذكور لاظهار الحق مِنَ الَّذِينَ حال من فاعل يقومان اى من اهل الميت الذين اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ من بينهم اى الاقربان الى الميت الوارثان له الاحقان بالشهادة اى باليمين ومفعول استحق محذوف اى استحق عليهم ان يجردوهما للقيام بالشهادة ويظهروا بهما كذب الكاذبين وهما فى الحقيقة الآخران القائمان مقام الأولين على وضع المظهر مقام المضمر فاستحق مبنى للفاعل والاوليان فاعله وهو تثنية الاولى بالفتح بمعنى الأقرب. وقرىء على البناء للمفعول وهو الأظهر اى من الذين استحق عليهم الإثم اى جنى عليهم وهم اهل الميت وعشيرته فالاوليان مرفوع على انه خبر لمحذوف كأنه قيل ومن هم فقيل الاوليان فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ عطف على يقومان لَشَهادَتُنا المراد بالشهادة اليمين كما فى قوله تعالى فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ اى ليميننا على انهما كاذبان فيما ادعيا من الاستحقاق مع كونها حقة صادقة فى نفسها أَحَقُّ بالقبول مِنْ شَهادَتِهِما اى من يمينهما مع كونها كاذبة فى نفسها لما انه قد ظهر للناس استحقاقهما للاثم ويميننا منزهة عن الريب والريبة فصيغة التفضيل مع انه لا حقيقة

[سورة المائدة (5) : آية 108]

فى يمينهما رأسا انما هى لامكان قبولها فى الجملة باعتبار احتمال صدقهما فى ادعاء تملكهما لما ظهر فى أيديهما وَمَا اعْتَدَيْنا عطف على جواب القسم اى ما تجاوزنا فيها شهادة الحق وما اعتدينا عليهما بابطال حقهما إِنَّا إِذاً اى إذا اعتدينا فى يميننا لَمِنَ الظَّالِمِينَ أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى وعذابه بسبب هتك حرمة اسم الله تعالى او لمن الواضعين الحق فى غير موضعه ومعنى النظم الكريم ان المحتضر ينبغى ان يشهد على وصيته عدلين من ذوى نسبه او دينه فان لم يجدهما بان كان فى سفر فآخرين من غيرهم ثم ان وقع ارتياب بهما اقسما على انهما ما كتما من الشهادة ولا من التركة شيأ بالتغليظ فى الوقت فان اطلع بعد ذلك على كذبهما بان ظهر يا يديهما شىء من التركة وادعيا تملكه من جهة الميت حلف الورثة وعمل بايمانهم وانما انتقل اليمين الى الأولياء لان الوصيين ادعيا انهما ابتاعاه والوصي إذا أخذ شيأ من مال الميت وقال انه اوصى به حلف الوارث إذا أنكر ذلك وتحليف المنكر ليس بمنسوخ ذلِكَ اى الحكم الذي تقدم تفصيله أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها اى اقرب الى ان تؤدى الشهود الشهادة على وجهها الذي تحملوها عليه من غير تحريف ولا خيانة خوفا من العذاب الأخروي هذا كما ترى حكمة شرعية التحليف بالتغليظ المذكور أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ بيان لحكمة شرعية رد اليمين على الورثة معطوف على مقدر ينبئ عنه المقام كأنه قيل ذلك ادنى ان يأتوا بالشهادة على وجهها ويخافوا عذاب الآخرة بسبب اليمين الكاذبة او يخافوا الافتضاح على رؤس الاشهاد بابطال ايمانهم والعمل بايمان الورثة فينزجوا عن الخيانة المؤدية اليه فأى الخوفين وقع حصل المقصود الذي هو الإتيان بالشهادة على وجهها وَاتَّقُوا اللَّهَ فى شهادتكم فلا تحرفوها وفى ايمانكم فلا تحلفوا ايمانا كاذبة وفى أماناتكم فلا تخونوها وفيما بينه الله من الاحكام فلا تخالفوا حكمه وَاسْمَعُوا ما توعظون به كائنا ما كان سمع طاعة وقبول وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن الطاعة اى فان لم تتقوا ولم تسمعوا كنتم فاسقين والله لا يهدى القوم الفاسقين اى الى طريق الجنة او الى ما فيه نفعهم واعلم ان الشهادة فى الشرع الاخبار عن امر حضره الشهود وشاهدوه اما معاينة كالافعال نحو القتل والزنى او سماعا كالعقود والاقرارات فلا يجوز له ان يشهد الا بما حضره وعلمه وسمعه ولهذا لا يجوز له أداء الشهادة حتى تذكر الحادثة وفى الحديث (إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع) وفى الشهادة احياء حقوق الناس وصون العقود عن التجاحد وحفظ الأموال على أربابها وفى الحديث (أكرموا شهودكم فان الله يستخرج بهم الحقوق) ومن تعين للتحمل لا يسعه ان يمتنع إذا طلب لما فيه من تضييع الحقوق الا ان يقوم الحق بغيره بان يكون فى الصك سواه ممن يقوم الحق به فيجوز له الامتناع لان الحق لا يضيع بامتناعه وهو مخير فى الحدود بين الشهادة والستر لأن اقامة الحدود حسبة والستر على المسلم حسبة والستر أفضل وفى الحديث (من ستر على مسلم ستره الله عليه فى الدنيا والآخرة) ثم اعلم ان اليمين الفاجرة تبقى الديار بلاقع فينبغى لطالب الآخرة ان يجتنب عن الكذب لطمع الدنيا وان يختار الصدق فى كل قول وفعل: قال الحافظ طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن

[سورة المائدة (5) : آية 109]

والامانة من الأوصاف الجميلة والله تعالى يأمر بأداء الأمانات وان قل أصحابها فى هذا الزمان ولله در القائل أمين مجوى ومگو با كسى امانت عشق ... درين زمانه مگر جبرئيل أمين باشد وعاقبة الخيانة الافتضاح: كما قال الصائب خيانتهاى پنهان ميكشد آخر برسوايى ... كه دزد خانگى را شحنه در بازار ميگردد فلابد من التقوى وسماع الاحكام الازلية والله لا يهدى الى حضرته القوم الفاسقين يعنى الذين كانوا خارجين عند رشاش النور وأصابته كما قال عليه السلام (فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل) عصمنا الله وإياكم من مخالفة امره ولا يجعلنا ممن ضاع أنفاس عمره انه هو الموفق والمرشد والوهاب يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ اى اذكروا يوم يجمع الله الرسل وهو يوم القيامة والمراد جمعهم وجمع أممهم وانما لم يذكر الأمم لانهم اتباع لهم فَيَقُولُ اى الله تعالى للرسل ماذا أُجِبْتُمْ اى أي اجابة أجبتم من جهة الأمم حين دعوتموهم الى توحيدى وطاعتى أإجابة اقرار وتصديق أم اجابة انكار وتكذيب فماذا فى محل النصب على انه مفعول مطلق للفعل المذكور بعده. وفيه اشارة الى خروجهم من عهدة الرسالة كما ينبغى والا لصدر الخطاب بان يقال هل بلغتم رسالتى ولم يقل ماذا أجابوا بناء على كمال تحقير شأنهم وشدة الغيظ والسخط عليهم فان قلت ما وجه السؤال مع انه تعالى لا يخفى عليه شىء قلت توبيخ القوم كما ان قوله تعالى وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ المقصود منه توبيخ من فعل ذلك الفعل بها قالُوا كأنه قيل فماذا يقول الرسل هنا لك فقيل يقولون لا عِلْمَ لَنا بما كنت أنت تعلم إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ تعليل لذلك اى لانك تعلم ما أضمروه وما أظهروه ونحن لا نعلم الا ما أظهروه فعلمنا فى علمك كالمعدوم وهذا الجواب يتضمن التشكي من الأمم كأنه قيل علمك محيط بجميع المعلومات فتعلم بما ابتلينا من قبلهم وكابدنا من سوء اجابتهم فنلتجئ إليك فى الانتقام منهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان هذا الجواب انما يكون فى بعض مواطن القيامة وذلك عند زفرة جهنم وجثّو الأمم على الركب لا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا قال نفسى نفسى فعند ذلك تطير القلوب من أماكنها فيقول الرسل من شدة هول المسألة وهو الموطن لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وترجع إليهم عقولهم فيشهدون على قومهم انهم بلغوهم الرسالة وان قومهم كيف ردوا عليهم فان قيل كيف يصح ذهول العقل مع قوله تعالى لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ. قيل ان الفزع الأكبر دخول جهنم: قال السعدي قدس سره در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد أنبياء ... تو عذر گنه را چهـ دارى بيا برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون وقيل قولهم لا عِلْمَ لَنا ليس المقصود منه نفى العلم بجوابهم حال التبليغ ولا وقت حياة الأنبياء بل المقصود نفى علمهم بما كان من الأمم بعد وفاة الأنبياء فى العاقبة وآخر الأمر الذي به

[سورة المائدة (5) : آية 110]

الاعتبار لان الثواب والعقاب انما يدوران على الخاتمة وذلك غير معلوم لهم فلهذا المعنى قالوا لا عِلْمَ لَنا وفى الحديث (انى على الحوض انظر من يرد علىّ منكم والله ليقطعن دونى رجال فلأقولن اى ربى منى ومن أمتي فيقول انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم) وهو عبارة عن ارتدادهم أعم من ان يكون من الأعمال الصالحة الى السيئة او من الإسلام الى الكفر وفى الحديث (يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون انه قد بلغ) فذلك قوله تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ انما شهد محمد وامة بذلك مع انهم بعد نوح لعلمهم بالقرآن ان الأنبياء كلهم قد بلغوا أممهم ما أرسلوا به وقد جاء فى الرواية (ثم يؤتى بمحمد فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بصدقهم) فذلك قوله تعالى وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة الحق وينتصح بنصيحة الناصح الصدق امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد واعلم ان القيامة يوم يتجلى الحق فيه بالصفة القهارية قال تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ. قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة هذا ترتيب أنيق فان الذات الاحدى يدفع بوحدته الكثرة وبقهره الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى وقيامة العارفين دائمة لانهم يكاشفون الأمور ويشهادون الأحوال فى كل موطن على ما هى عليه وهى القيامة الكبرى وحشر الخواص بل الأخص اللهم اجعلنا ممن مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اى اذكروا ايها المؤمنون وقت قول الله تعالى لعيسى ابن مريم وهو يوم القيامة اذْكُرْ نِعْمَتِي اى انعامى عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ وليس المراد بامره عليه السلام يومئذ بذكر النعم تكليف الشكر إذ قد مضى وقته فى الدنيا بل ليكون حجة على من كفر حيث اظهر الله على يده معجزات كثيرة فكذبته طائفة وسموه ساحرا وغلا آخرون فاتخذوه الها فيكون ذلك حسرة وندامة عليهم يوم القيامة والفائدة فى ذكر امه ان الناس تكلموا فيها ما تكلموا ثم عد الله تعالى عليه نعمة نعمة فقال إِذْ أَيَّدْتُكَ ظرف لنعمتى اى اذكر انعامى عليكما وقت تأييدى لك بِرُوحِ الْقُدُسِ اى بجبريل الطاهر على ان القدس الطهور وأضيف اليه الروح مد حاله بكمال اختصاصه بالطهر كما فى رجل صدق ومعنى تأييده به ان جبريل عليه السلام يجعل حجته ثابتة مقررة تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا استئناف مبين لتأييده عليه السلام والمعنى تكلمهم فى الطفولة والكهولة على سواء اى من غير ان يوجد تفاوت بين كلامه طفلا وبين كلامه كهلا فى كونه صادرا عن كمال العقل وموافقا لكمال الأنبياء والحكماء فانه تكلم حال كونه فى المهد اى فى حجر الام او الذي يربى فيه الطفل بقوله إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وتكلم كهلا بالوحى والنبوة فتكلمه فى تينك الحالتين على حد واحد وصفة واحدة من غير تفاوت معجزة عظيمة حصلت له وما حصلت

لاحد من الأنبياء قبله ولا بعده وكل معجزة ظهرت منه كما انها نعمة فى حقه فكذلك هى نعمة فى حق امه لانها تدل على براءة ساحتها مما نسبوها اليه واتهموها به وحمل مريم ما كان من الرجال كسائر النساء وانما كان بروح منه كما قال تعالى وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا فهذه نعمة خاصة بمريم وكذلك ولادة عيسى وخلقته ما كانت من نطف الرجال وانما كانت كلمته ألقاها الى مريم وروح منه فهذه نعمة خاصة بعيسى. والكهل من الرجال الذي جاوز الثلاثين ووخطه الشيب اى خالطه وقيل المراد بتكلمه كهلا ان يكلم الناس بعد ان ينزل من السماء فى آخر الزمان بناء على انه رفع قبل ان اكهل فيكون قوله تعالى وَكَهْلًا دليلا على نزوله- وروى- ان الله تعالى أرسله وهو ابن ثلاثين سنة فمكث فى رسالته ثلاثين شهرا ثم رفعه الله تعالى اليه وينزل على هذا السن ثم يكهل وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اى اذكر نعمتى عليكما وقت تعليمى لك جنس الكتب المنزلة وخص الكتابان بالذكر مع دخولهما فى الجنس إظهارا لشرفهما والمراد بالحكمة العلم والفهم لمعانى الكتب المنزلة واسرارها وقيل هى استكمال النفس بالعلم بها وبالعمل بمقتضاها وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ اى تصور منه هيئة مماثلة لهيئة الطير بِإِذْنِي ان بتسهيلى وتيسيرى فَتَنْفُخُ فِيها اى فى الهيئة المصورة فَتَكُونُ اى تلك الهيئة طَيْراً بِإِذْنِي فالخلق حقيقة لله تعالى ظاهر على يده عليه السلام عند مباشرة الأسباب كما ان النفخ فى مريم كان من جبريل والخلق من الله تعالى سألوا منه عليه السلام على وجه التعنت فقالوا له اخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا ان كنت صادقا فى مقالتك فاخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فاذا هو يطير بين السماء والأرض وانما طلبوا منه خلق خفاش لانه اعجب من سائر الخلق ومن عجائبه انه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور وله ضرع يخرج منه اللبن ولا يبصر فى ضوء النهار ولا فى ظلمة الليل وانما يرى فى ساعتين بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل ان يسفر جدا ويضحك كما يضحك الإنسان ويحيض كما تحيض المرأة فلما رأوا ذلك منه ضحكوا وقالوا هذا سحر وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي الأكمه الذي ولد أعمى والأبرص هو الذي به برص اى بياض فى الجلد ولو كان بحيث إذا غرز بابرة لا يخرج منه الدم لا يقبل العلاج ولذا خصا بالذكر وكلاهما مما أعيى الأطباء: وفى المثنوى صومعهء عيسى است خوان اهل دل ... هان وهان اى مبتلا اين در مهل «1» جمع كشتندى ز هر أطراف خلق ... از ضرير وشل ولنگ واهل دلق او چوفارغ گشتى از أوراد خويش ... چاكشتكه بيرون شدى آن خوب كيش پس دعا كردى وگفتى از خدا ... حاجت ومقصود جمله شد روا خوش روان وشادمانه سوى خان ... از دعاى او شدندى پاروان آزمودى تو بسى آفات خويش ... يافتى صحت ازين شاهان كيش

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان جمع آمدن اهل آفت هر صباحى بر در صومعهء عيسى عليه السلام إلخ

[سورة المائدة (5) : الآيات 111 إلى 115]

چند آن لنگىء تو رهوار شد ... چند جانت بي غم وآزار شد وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي اى تحيى الموتى وتخرجهم من قبورهم احياء قيل اخرج سام ابن نوح ورجلين وجارية كما سبق تفصيله فى سورة آل عمران قال الكلى كان عيسى عليه السلام يحيى الموتى بياحى ويا قيوم وهو الاسم الأعظم عند العلماء المحققين وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ اى منعت اليهود الذي أرادوا لك السوء عن التعرض لك إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة ظرف لكففت فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ اى ما هذا الذي جئت به الا سحر ظاهر ردا وإنكارا فبقوا على مرض الكفر ولم يعالجوا بعلاج الايمان على يد الحكيم الإلهي الحاذق- حكى- عن الشبلي انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخليفة فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الأطباء ليداويه فما أنجحت مداواته قال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك فى قطعة لحم من جسدى ما عسر على ذلك قال الشبلي دوائى فيما دون ذلك قال الطبيب وما هو قال بقطعك الزنار فقال الطبيب اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب قال اليافعي هذا هو الطبيب الحاذق وحكمته من الحكمة التي بها العلل تزول وفيه أقول إذا ما طبيب القلب أصبح جسمه ... عليلا فمن ذا للطبيب طبيب فقل هم أولوا علم لدنى وحكمة ... الهية يشفى بذاك قلوب وكل مرشد كامل فهو عيسى وقته فان قلت ان اولياء الله هم الأطباء حقيقة ومن شأن الطبيب ان يعالج ويبرئ دون ان يهلك ويمرض فما شأن ابراهيم الخواص أشار بإصبعيه الى عينى رجل فى برية أراد ان يسلب منه ثيابه فسقطتا. قلت انما دعا ابراهيم على اللص بالعمى ودعا ابراهيم بن أدهم على الذي ضربه بالجنة لان الخواص شهد من اللص انه لا يتوب الا بعد العقوبة فرأى العقوبة أصلح له وابن أدهم لم يشهد توبة الظالم فى عقوبته فتفضل عليه بالدعاء فتوة منه وكرما فحصلت البركة والخير بدعائه للظالم فجاءه مستغفرا معتذرا فقال له ابراهيم الرأس الذي يحتاج الى الاعتذار تركته ببلخ وقد كان الأنبياء يدعون مطلقا بحسب الأحوال والمصالح وكل ذلك بإذن الله تعالى فهم فى دعائهم فانون عن انانيات وجودهم لا يصدر من لسانهم الا حق مطابق للواقع والحكمة والأولياء تلولهم فى ذلك ولكن الناس لا يعلمون: وفى المثنوى چون بباطن بنگرى دعوى كجاست ... او ودعوى پيش آن سلطان فناست مات زيد زيد اگر فاعل بود ... ليك فاعل نيست كو عاطل بود او ز روى لفظ نحوى فاعلست ... ور نه او مفعول وموتش قاتلست وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ جمع حوارى يقال فلان حوارى فلان اى صفوته وخالصته من الحور وهو البياض الخالص سمى به اصحاب عيسى عليه السلام لخلوص نياتهم ونقاء سرائرهم وكان بعضهم من الملوك وبعضهم من صيادى السمك وبعضهم من القصارين وبعضهم من الصباغين اذكر يا محمد وقت ان امرتهم على ألسنة رسلى او ألهمت إياهم وألقيت فى قلوبهم أَنْ مفسرة لما فى الإيحاء من معنى

[سورة المائدة (5) : الآيات 112 إلى 114]

القول آمِنُوا بِي اى بوحدانيتى فى الربوبية والالوهية وَبِرَسُولِي اى وبرسالة رسولى ولا تزيلوه عن حيزه حطا ولا رفعا قالُوا كأنه قيل فماذا قالوا حين اوحى إليهم ذلك فقيل قالوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ اى مخلصون فى أيماننا من اسلم وجهه لله اى أخلص إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ منصوب باذكر يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ هذا السؤال كان فى ابتداء أمرهم قبل ان يستحكم معرفتهم بالله ولذلك أساءوا الأدب مع عيسى عليه الصلاة والسلام حيث لم يقولوا يا رسول الله او يا روح الله وخاطبوه باسمه ونسبوه الى امه ولو وفقوا للادب لقالوا يا روح الله ونسبوه الى الله ثم رفضوا الأدب مع الله وقالوا هل يستطيع ربك كالمتشكك فى استطاعته وكمال قدرته على ما يشاء كيف يشاء ثم أظهروا دناءة همتهم وخساسة نهمتهم إذ طلبوا بواسطة مثل عيسى من الله تعالى مائدة دنيوية فانية وما رغبوا فى فائدة دينية باقية ولو رغبوا فى الفائدة الدينية لنالوا المائدة الدنيوية ايضا قال الله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ والمائدة الخوان الذي عليه الطعام من ماده إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدم إليها ونظيره قولهم شجرة مطعمة قال فى الشرعة وضع الطعام على الأرض أحب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم على السفرة وهى على الأرض والاكل على الخوان فعل الملوك اى آداب الجبارين لئلا يتطأطأوا عند الاكل وعلى المنديل فعل العجم اى اهل فارس من المتكبرين وعلى السفرة فعل العرب وهى فى الأصل طعام يتخذه المسافر للسفر ثم سمى بها الجلد المستدير المحمول هو فيه قالَ كأنه قيل فماذا قال لهم عيسى عليه السلام حين قالوا ذلك فقيل قال اتَّقُوا اللَّهَ اى من أمثال هذا السؤال إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اى بكمال قدرته تعالى او بصحة نبوتى قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها تمهيد عذر وبيان لما دعاهم الى السؤال لا نريد بالسؤال ازالة شبهتنا فى قدرته تعالى على تنزيلها او فى صحة نبوتك حتى يقدح ذلك فى الايمان والتقوى بل نريد ان نأكل منها اى أكل تبرك يتشفى بسببها مرضانا ويتقوى بها أصحاؤنا ويستغنى بها فقراؤنا وقيل مرادهم أكل احتياج لانهم قالوا ذلك فى زمن المجاعة والقحط وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا لكمال قدته تعالى بانضمام علم المشاهدة الى علم الاستدلال وَنَعْلَمَ علما يقينا أَنْ مخففة اى انه قَدْ صَدَقْتَنا فى دعوى النبوة وان الله يجب دعوتنا وان كنا عالمين بذلك من قبل وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بنى إسرائيل ليزداد المؤمنون منهم بشهادتنا طمأنينة ويقينا ويؤمن بسببها كفارهم او من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لما رأى عليه السلام ان لهم غرضا صحيحا فى ذلك وانهم لا يقلعون عنه أزمع على استدعائها واستنزالها وأرد ان يلزمهم الحجة بكمالها اللَّهُمَّ اى يا الله والميم عوض عن حرف النداء وهى كلمة عظيمة من قالها فقد ذكر الله تعالى بجميع أسمائه وفى الميم سبعون اسما من أسمائه تعالى قد اندرجت فيها رَبَّنا ناداه سبحانه مرتين إظهارا لغاية التضرع ومبالغة فى الاستدعاء

[سورة المائدة (5) : آية 115]

أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ متعلق بأنزل تَكُونُ لَنا عِيداً صفة لمائدة واسم تكون ضمير المائدة وخبرها عيدا ولنا حال منه اى يكون يوم نزولها عيدا فعظمه وانما أسند ذلك الى المائدة لان شرف اليوم مستفاد من شرفها وقيل العيد السرور العائد ولذلك سمى يوم العيد عيدا لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا بدل من لنا باعادة العامل اى عيدا لمتقدمينا ومتأخرينا- روى- انها نزلت يوم الأحد ولذلك اتخذه النصارى عيدا وَآيَةً كائنة مِنْكَ دالة على كمال قدرتك وصحة نبوتى وَارْزُقْنا اى المائدة والشكر عليها وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ تذييل جار مجرى التعليل اى خير من يرزق لانه خالق الأرزاق ومعطيها بلا عوض قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ اجابة الى سؤالكم فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ اى بعد تنزيلها مِنْكُمْ حال من فاعل يكفر فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ بسبب كفره بعد معاينة هذه الآية الباهرة عَذاباً اسم مصدر بمعنى التعذيب اى تعذيبا لا أُعَذِّبُهُ صفة لعذابا والضمير له اى أعذبه تعذيبا لا أعذب ذلك التعذيب اى مثل ذلك التعذيب أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ اى من عالمى زمانهم او من العالمين جميعا فانهم مسخوا قردة وخنازير ولم يعذب مثل ذلك غيرهم- روى- ان عيسى عليه السلام اغتسل ولبس المسح وصلى ركعتين فطأطأ رأسه وغض بصره ثم دعا فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين وهم ينظرون حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى عليه الصلاة والسلام وقال اللهم اجعلنى من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة للعالمين ولا تجعلها مثلة وعقوبة ثم قام وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل الذي عليها وقال بسم الله خير الرازقين فاذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوكة يسيل دسمها وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من انواع البقول ما خلا الكراث وإذا خمسة ارغفة على واحد منها زيتون وعلى الثاني عسل وعلى الثالث سمن وعلى الرابع جبن وعلى الخامس قديد فقال شمعون رأس الحواريين يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة قال ليس منهما ولكنه اخترعه الله بقدرته كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزدكم من فضله فقالوا يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية اخرى فقال يا سمكة احيى بإذن الله فاضطربت ثم قال لها عودى كما كنت فعادت مشوية فلبث المائدة يوما واحدا فأكل من أكل منها ثم طارت ولم تنزل بعد ذلك اليوم وقيل كانت تأتيهم أربعين يوما غبا اى تنزل يوما ولا تنزل يوما يجتمع عليها الفقراء والأغنياء والصغار والكبار يأكلون حتى إذا فاء الفيء طارت وهم ينظرون فى ظلها ولم يأكل منها فقير الا غنى مدة عمره ولا مريض الا برئ ولم يمرض ابدا ثم اوحى الله الى عيسى ان اجعل مائدتى فى الفقراء والمرضى دون الأغنياء الأصحاء فاضطرب الناس بذلك اى تعاظم على الأغنياء والأصحاء حتى شكوا وشككوا الناس فى شأن المائدة ونزولها من السماء حقيقة فمسخ منهم من مسخ فاصبحوا خنازير يسعون فى الطرقات والكناسات ويأكلون العذرة فى الحشوش فلما رأى الناس ذلك فزعوا الى عيسى وبكوا على الممسوخين فلما أبصرت الخنازير عيسى بكت وجعلت تطوف به وجعل يدعوهم بأسمائهم واحدا بعد واحد فيبكون ويشيرون برؤسهم فلا يقدرون على الكلام فعاشوا ثلاثة ايام ثم هلكوا ولم يتوالدوا

وكذلك كل ممسوخ والاشارة ان الله تعالى سلخ صورة الانسانية عن حقائق صفات الحيوانية وألبسهم الصور من حقائق صفاتهم فمسخوا خنازير ليعتبر الخلق ويتحقق لهم ان الناس يحشرون على صور صفاتهم يوم تبلى السرائر يوم تبيض وجوه وتسود وجوه كما قال عليه السلام (يموت الناس على ما عاشوا فيه ويحشرون على ما ماتوا عليه) يعنى يحشرون على صورة صفاتهم التي ماتوا عليها: وفى المثنوى هر خيالى كو كند در دل وطن ... روز محشر صورتى خواهد شدن «1» زانكه حشر حاسدان روز گزند ... بي كمان بر صورت گرگان كنند «2» حشر پر حرص وخس ومردار خوار ... صورت خوكى بود روز شمار زانيانرا كنده أندام نهان ... خمر خوارانرا همه كنده دهان سيرتى كاندر وجودت غالبست ... هم بران تصوير حشرت واجبست قال القاضي فى تفسيره وعن بعض الصوفية المائدة عبارة عن حقائق المعارف فانها غذاء الروح كما ان الاطعمة غذاء البدن وعلى هذا فلعل الحال انهم رغبوا فى حقائق لم يستعدوا للوقوف عليها وقال لهم عيسى ان حصلتم الايمان فاستعملوا التقوى حتى تتمكنوا من الاطلاع عليها فلم يقلعوا عن السؤال والجواب فيها فسأل لاجل اقتراحهم فبين الله تعالى ان انزاله سهل ولكن فيه خطر وخوف عاقبة فان السالك إذا انكشف له ما هو أعلى من مقامه لعله لا يتحمله ولا يستقر له فيضل به ضلالا بعيدا انتهى كلام القاضي قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره ان قوم عيسى عليه السلام عصوا مرة فرفعت المائدة وانا نعصى فى كل وقت مع ان نعم الله تعالى مترادفة وذلك لان المائدة التي نزلت عليهم من مرتبة الصفة والنعم الفائضة علينا مرتبة الذات وما هو من الذات لا يتغير ولا يتبدل وانما التغير فى الصفة وقد بقي هنا شىء وهو ان الأعياد اربعة لاربعة أقوام. أحدها عيد قوم ابراهيم كسر الأصنام حين خرج قومه الى عيد لهم. والعيد الثاني عيد قوم موسى واليه الاشارة بقوله تعالى فى سورة طه قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ. والعيد الثالث عيد قوم عيسى واليه الاشارة بقوله تعالى رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً الآية. والعيد الرابع عيد امة محمد عليه السلام وهو ثلاثة عيد يتكرر كل أسبوع وعيدان يأتيان فى كل عام مرة من غير تكرر فى السنة فاما العيد المتكرر فهو يوم الجمعة وهو عيد الأسبوع وهو مرتب على إكمال الصلوات المكتوبات لان الله فرض على المؤمنين فى اليوم والليلة خمس صلوات وان الدنيا تدور على سبعة ايام فكلما كمل دور أسبوع من ايام الدنيا واستكمل المسلمون صلواتهم شرع لهم فى يوم استكمالهم يوم الجمعة وهو اليوم الذي كمل فيه الخلق وفيه خلق آدم وادخل الجنة واخرج منها وفيه ينتهى امر الدنيا فتزول وتقوم الساعة فيه وفيه الاجتماع على سماع الذكر والموعظة وصلاة الجمعة وجعل ذلك لهم عيدا ولذلك نهى عن افراده بالصوم وفى شهود الجمعة شبه من الحج ويروى انها حج المساكين وقال سعيد بن المسيب شهود الجمعة أحب الى من حجة نافلة والتكبير فيها يقوم مقام الهدى على قدر السبق والشهود الجمعة يوجب تكفير الذنوب الى الجمعة الاخرى إذا سلم ما بين الجمعتين

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله إلخ (2) در اواسط دفتر دوم در بيان آمدن دوستان ببيمارستان جهة پرسش ذو النون

[سورة المائدة (5) : الآيات 116 إلى 120]

من الكبائر كما ان الحج المبرور يكفر ذنوب تلك السنة الى الحجة الاخرى وقد روى إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام. واما العيدان اللذان ينكرران فى كل عام انما يأتى كل واحد منهما مرة واحدة فاحدهما عيد الفطر من صوم رمضان وهو مرتب على إكمال الصيام وهو الركن الثالث من اركان الإسلام ومبانيه فاذا استكمل المسلمون صيام شهرهم المفروض عليهم استوجبوا من الله المغفرة والعتق من النار فان صيامه يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب وآخره عتق من النار والعيد الثاني عيد النحر وهو اكبر العيدين وأفضلهما وهو مترتب على إكمال الحج وهو الركن الرابع من اركان الإسلام ومبانيه فاذا أكمل المسلمون حجتهم غفر لهم وانما يكمل الحج يوم عرفة والوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم- وروى- انس رضى الله عنه انه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال قد ابد لكم الله بهما خيرا منهما الفطر والأضحى واجتمعت الامة على هذا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا بلا نكير منكر فهذه أعياد الدنيا تذكر أعياد الآخرة وقد قيل كل يوم كان للمسلمين عيدا فى الدنيا فهو عيد لهم فى الجنة يجتمعون فيه على زيارة ربهم ويتجلى لهم فيه فيوم الجمعة فى الجنة. يدعى يوم المزيد ويوم الفطر والأضحى يجتمع اهل الجمعة فيهما للزيارة هذا لعوام اهل الجنة واما خواصهم فكل يوم لهم عيد يزورون ربهم كل يوم مرتين بكرة وعشيا والخواص كانت ايام الدنيا كلها لهم أعيادا فصارت ايامهم فى الآخرة كلها أعيادا. واما أخص الخواص فكل نفس عيد لهم قال فى التأويلات النجمية رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ اى مائدة الاسرار والحقائق التي تنزلها من سماء العناية عليها أطعمة الهداية تَكُونُ لَنا يعنى لاهل الحق وارباب الصدق عِيداً نفرح بها لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا اى لاول أنفاسنا وآخرها فان ارباب الحقيقة يراقبون الأنفاس أولها وآخرها لتصعد مع الله وتهوى مع الله ففى صعود النفس مع الله يكون عيدا لهم وفى هويه مع الله عيدا لهم: كما قال بالفارسية [صوفيان در دمى دو عيد كنند] وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اى اذكر يا محمد للناس وقت قول الله تعالى لعيسى عليه السلام فى الآخرة توبيخا للكفرة وتبكيتا لهم بإقراره عليه السلام على رؤوس الاشهاد بالعبودية وامره لهم بعبادته تعالى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مفعول ثان للاتخاذ مِنْ دُونِ اللَّهِ حال من فاعل اتخذوني كأنه قيل صيرونى وأمي الهين اى معبودين متجاوزين عن الوهية الله تعالى ومعبوديته والمراد اتخاذهما بطريق اشراكهما به سبحانه كما فى قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً لان أحدا منهم لم يذهب الى القول بآلهية عيسى ومريم مع القول بنفي آلهية الله تعالى ولما لم يكن المقصود انكار نفس القول بل قصد توبيخ من قال به ولى حرف الاستفهام المبتدأ ولم يقل كذا لانه يفيد انكار نفس القول قال المولى ابو السعود رحمه الله ليس مدار اصل الكلام ان القول متيقن والاستفهام لتعيين القائل كما هو المتبادر من إيلاء الهمزة المبتدأ على الاستعمال الفاشي وعليه قوله تعالى أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا وتظاهره بل على ان المتيقن هو الاتخاذ والاستفهام لتعيين انه بامره عليه السلام او من تلقاء أنفسهم كما فى قوله تعالى أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ

[سورة المائدة (5) : الآيات 117 إلى 118]

عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ انتهى قال فى التأويلات النجمية الإثبات بعد الاستفهام نفى كما ان النفي بعد الاستفهام اثبات كقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ اى انا ربكم ونظير النفي فى الإثبات قوله تعالى أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ اى ليس مع الله آله فمعناه ما قلت أنت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله ولكنهم بجهلهم قد بالغوا فى تعظيمك حتى اطروك وجاوزوا حدك فى المدح ولهذا قال النبي عليه السلام (لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم) انتهى. فان قيل ما وجه هذا السؤال مع علمه تعالى ان عيسى عليه الصلاة والسلام لم يقله. قيل ذلك لتوبيخ قومه وتعظيم امر هذه المقالة. قال ابو روق إذا سمع عيسى هذا الخطاب ارتعدت مفاصله وانفجرت من اصل كل شعرة من جسده عين من دم وهذا الخطاب وان كان ظاهره مع عيسى ولكن كان حقيقة مع الامة لان سنة الله ان لا يكلم الكفار يوم القيامة ولا ينظر إليهم قالَ كأنه قيل فماذا يقول عيسى حينئذ فقيل يقول سُبْحانَكَ علم للتسبيح اى أنزهك تنزيها لائقابك من ان أقول ذلك او من ان يقال فى حقك ذلك ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ اى ما يستقيم وما ينبغى لى ان أقول قولا لا يحق لى ان أقوله إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ اى هذا القول فَقَدْ عَلِمْتَهُ لانى لا اقدر على هذا القول الا بان توجده فىّ وتكونه بقولك كن فصدوره عنى مستلزم لعلمك به قطعا فحيث انتفى العلم انتفى الصدور حتما ضرورة ان عدم اللازم مستلزم لعدم الملزوم تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي اى ما اخفيه فى نفسى كما تعلم ما اعلنه وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ اى ولا اعلم ما تخفيه من معلوماتك فعبر عما يخفيه الله من معلوماته بقوله ما فى نفسك للمشاكلة لوقوعه فى صحبة قوله تعلم ما فى نفسى فان معلومات الإنسان مختفية فى نفسه بمعنى كون صورها مرتسمة فيها بخلاف معلومات الله تعالى فان علمه تعالى حضورى لا تنقطع صورة شىء منها فى ذاته فلا يصح ان يحمل النفس على المعنى المتبادر إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما كان وما يكون ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ تصريح بنفي المستفهم عنه بعد تقديم ما يدل عليه اى ما امرتهم الا ما أمرتني به وانما قيل ما قلت لهم نزولا على قضية حسن الأدب ومراعاة لما ورد فى الاستفهام أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ تفسير للضمير فى به وفى أمرت معنى القول وليس تفسيرا لما فى قوله ما أمرتني لانه مفعول لصريح القول والتقدير الا ما أمرتني به بلفظ هو قولك ان اعبدوا الله ربى وربكم وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً رقيبا اراعى أحوالهم واحملهم على العمل بموجب أمرك وامنعهم عن المخالفة او مشاهدا لاحوالهم من كفر وايمان ما دُمْتُ فِيهِمْ اى مدة دوامى فيما بينهم فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي اى قبضتنى إليك من بينهم ورفعتنى الى السماء كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ اى أنت لا غيرك كنت الحافظ لاعمالهم والمراقب لها فمنعت من أردت عصمته عن المخالفة بالإرشاد الى الدلائل والتنبيه عليها بإرسال الرسول وإنزال الآيات وخذلت من خذلت من الضالين فقالوا ما قالوا وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطلع عليه مراقب له فعلى متعلقة بشهيد والتقديم لمراعاة الفاصلة إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ اى فانك تعذب عبادك ولا اعتراض على المالك المطلق فيما يفعل بملكه. وفيه

[سورة المائدة (5) : الآيات 119 إلى 120]

تنبيه على انهم استحقوا التعذيب حيث عبدوا غيره تعالى وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى فلا عجز ولا استقباح فانك القادر والقوى على الثواب والعقاب الذي لا يثيب ولا يعاقب الا عن حكمة وصواب فان المغفرة مستحسنة لكل مجرم فان عذبت فعدل وان غفرت ففضل. فان قلت مغفرة المشرك قطعية الانتفاء بحسب الوجود وتعذيبه قطعى الوجود فما معنى ان المستعمل فيما كان كل واحد من جانبى وجوده وعدمه جائزا محتمل الوقوع قلت كون غفران المشرك قطعى الانتفاء بحسب الوجود لا ينافى كونه جائز الوجود بحسب العقل فصح استعمال كلمة ان فيهما لانه يكفى فى صحة استعمالها مجرد الإمكان الذاتي والجواز وقيل الترديد بالنسبة الى فرقتين والمعنى ان تعذبهم اى من كفر منهم وان تغفر لهم اى من آمن منهم- روى- انه لما نزلت هذه الآية احيى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ليلته وكان بها يقوم وبها يقعد وبها يسجد ثم قال (أمتي أمتي يا رب) فبكى فنزل جبرائيل عليه السلام فقال الله يقرئك السلام ويقول لك انا سنرضيك فى أمتك ولا نسوءك قالَ اللَّهُ اى يقول الله تعالى يوم القيامة عقيب جواب عيسى عليه السلام مشيرا الى صدقه فى ضمن بيان حال الصادقين الذين هو فى زمرتهم هذا اى يوم القيامة وهو مبتدأ وخبره ما بعده يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ المراد الصدق فى الدنيا فان النافع ما كان حال التكليف فالجانى المعترف يوم القيامة بجنايته لا ينفعه اعترافه وصدقه وكذا الجاني المعترف فى الدنيا بجنايته لا ينفعه يومئذ اعترافه وصدقه فانه ليس المراد كل من صدق فى أي شىء كان بل فى الأمور الدينية التي معظمها التوحيد الذي نحن بصدده والشرائع والاحكام المتعلقة به والصادقون الرسل الناطقون بالصدق الداعون الى ذلك والأمم المصدقون لهم المعتقدون بهم عقدا وعملا لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً كأنه قيل ما لهم من النفع فقيل لهم نعيم دائم وثواب خالد وهو الفوز الكبير. قوله ابدا اى الى الابد تأكيد للخلود يعنى بالفارسية [زمان بود ايشان نهايت ندارد] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بالطاعة وَرَضُوا عَنْهُ بنيل الكرامة والرضوان فيض زائد على الجنات لا غاية وراءه ولذلك قال تعالى ذلِكَ اى نيل الرضوان الْفَوْزُ الْعَظِيمُ اى النجاة الوافرة وحقيقة الفوز نيل المراد وانما عظم الفوز لعظم شأن المطلوب الذي تعلق به الفوز وهو الرضى الذي لا مطلب وراءه أصلا لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ تحقيق للحق وتنبيه على كذب النصارى وفساد ما زعموا فى حق المسيح وامه اى له تعالى خاصة ملك السموات والأرض وما فيهما من العقلاء وغيرهم يتصرف فيها كيف يشاء إيجادا واعداما واماتة واحياء وامرا ونهيا من غير ان يكون لشىء من الأشياء مدخل فى ذلك وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بالغ فى القدرة منزه عن العجز والضعف ومقدس تبارك وتعالى وتقدس نيست خلقش را دگر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى واحد اندر ملك واو را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى واعلم ان الآية نطقت بنفع الصدق يوم القيامة فلا ينفع الكذب والرياء بوجه من الوجوه أصلا

دلا دلالت خيرت كنم براه نجات ... مكن بفسق مباهات وزهد هم مفروش فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الصدق فان الصدق بعد الايمان يجر الى الإحسان وقبل الايمان الى الايمال- كما حكى- عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسود فبينما نحن معه فى مسجد إذ تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافيا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت بخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله تعالى قلت وانا أريد مكة ان شاء الله تعالى فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى يوما وليلة معنا لا يسجد لله تعالى سجدة فقربت من ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قال لا قلت فأى شىء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل سائرا معنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول اليه قال الله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا والذي أردت ان تكشف من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذا به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح وجوه الناس حتى وقف علينا فاكب على ابراهيم فقبل رأسه فقال له ما رواءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحجاج فقمت وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فاسلمت فاغتسلت وأحرمت وها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبناه حتى مات بين الفقراء رحمه الله سبحانه وتعالى سلام على السادات من كل صادق ... سلام على ذى الوجد من كل عاشق سلام على ذى الصحو من سكر غفلة ... سلام على الناجين من كل كلفة سلام على من مات من قبل موته ... سلام على من فات من قبل فوته اللهم اجعلنا من الناجين فاننا من زمرة المحتاجين آمين يا معين تمت سورة المائدة مع ما فيها من الفائدة والحمد لله على نعمه المتوافرة والصلاة على رسوله وآله صلاة متكاثرة وذلك فى اليوم الثالث من شهر الله المحرم المنتظم فى سلك سنة الف ومائة ويتلوها سورة الانعام ان شاء الله تعالى- تمت الجلد الثاني من تفسير روح البيان-

الجزء الثالث تفسير روح البيان للإمام الشّيخ إسماعيل حقّى البروسوي المتوفي سنة: 1137 هـ الجزء الثالث دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع

الجزء الثالث

من تفسير روح البيان تفسير سورة الانعام وهى مكية وآيها مائة وخمس وستون وقيل ست آيات او ثلاث من قوله قُلْ تَعالَوْا مدينة ومن الله ارجوا تمامه بفضله وكرمه وهو قاضى الحاجات بسم الله الرحمن الرحيم سورة الانعام نزلت بمكة جملة واحدة ليلا معها سبعون الف ملك قد سدوا ما بين الخافقين ولهم زجل اى صوت بالتسبيح والتحميد والتمجيد حتى كادت الأرض ترتج فقال النبي صلى الله عليه وسلم (سبحان ربى العظيم سبحان ربى العظيم) وخر ساجد- وروى- عنه مرفوعا (من قرأ سورة الانعام يصلى عليه أولئك السبعون الف ملك ليله ونهاره) ثم دعا عليه السلام بالكتاب وامر بكتابتها من ليلته تلك- وروى- عنه عليه السلام مرفوعا (من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الانعام الى قوله تكسبون حين يصبح وكل الله به سبعين الف ملك يحفظونه وكتب له مثل أعمالهم الى يوم القيامة وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من حديد كلما أراد الشيطان ان يلقى فى قلبه شيأ من الشر ضربه بها وجعل بينه وبين الشيطان سبعين الف حجاب فاذا كان يوم القيامة قال الله تعالى يا ابن آدم امش تحت ظلى وكل من ثمار جنتى واشرب من ماء الكوثر واغتسل من ماء السلسبيل فانت عبدى وانا ربك لا حساب عليك ولا عذاب) كذا رواه الامام الواحدي فى الوسيط الْحَمْدُ لِلَّهِ الالف واللام فى الحمد لاستغراق الجنس واللام فى لله للاختصاص لانه تعالى قال بربهم يعدلون ودفع تسويتهم بربهم مما جعل مقصودا بالذات وفى التأويلات النجمية اللام لام التمليك يعنى كل حمد يحمده اهل السموات والأرض فى الدنيا والآخرة ملك له وهو الذي أعطاهم استعداد الحمد ليحمدوه بآثار قدرته على قدر استعدادهم واستطاعتهم لكن حمد الخلق له مخلوق فان وحمده لنفسه قديم باق فان قيل أليس شكر

المنعم واجبا مثل شكر الأستاذ على تعليمه وشكر السلطان على عدله وشكر المحسن على إحسانه قال عليه السلام (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فالجواب ان الحمد والتعظيم المتعلق بالعبد المنعم نظرا الى وصول النعمة من قبله وهو فى الحقيقة راجع اليه تعالى لانه تعالى لو لم يخلق نفس تلك النعمة ولو لم يحدث داعية الإحسان فى قلب العبد المحسن لما قدر ذلك العبد على الإحسان والانعام فلا محسن فى الحقيقة الا الله ولا مستحق للحمد الا هو تعالى وفى تعليق الحمد باسم الذات المستجمع لجميع الصفات اشارة الى انه المستحق له بذاته سواء حمده حامد او لم يحمده قال البغوي حمد الله نفسه تعليما لعباده اى احمدوه: وفى المثنوى چونكه آن خلاق شكر وحمد جوست ... آدمي را مدح جويى نيز خوست خاصه مرد حق كه در فضلست چست ... پر شود زان باد چون خيك درست ور نباشد اهل زان باد دروغ ... خيك بدريد است كى كيرد فروغ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ بما فيها من الشمس والقمر والنجوم وَالْأَرْضَ بما فيها من البر والبحر والسهل والجبل والنبات والشجر خلق السموات وما فيها فى يومين يوم الأحد ويوم الاثنين وخلق الأرض وما فيها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء. وفى تعليق الحمد بالخلق تنبيه على استحقاقه تعالى باعتبار أفعاله وآلائه ايضا وتخصيص خلق السموات والأرض بالذكر لانهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد وفيهما العبرة والمنافع لهم وجمع السموات دون الأرض وهى مثلهن لان طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات قالوا ما بين كل سماءين مسيرة خمسائة عام. السماء الدنيا موج مكفوف اى متصادم بعضه على بعض يمنع بعضه بعضا اى ممنوع من السيلان. والثانية مرمرة بيضاء. والثالثة حديدة. والرابعة نحاس او صفر. والخامسة فضة. والسادسة ذهب. والسابعة ياقوتة حمراء واما الأرض فهى تراب لا غير. والأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لان الأنبياء خلقوا من الأرض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الأرض دار الخلافة ومزرعة الآخرة وأفضل البقاع على وجه الأرض البقعة التي ضمت جسم الحبيب صلى الله تعالى عليه وسلم فى المدينة المنورة لان الجزء الأصلي من التراب محل قبره صلى الله عليه وسلم ثم بقعة الحرم المكي ثم بيت المقدس والشام منه ثم الكوفة وهى حرم رابع وبغداد منه وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ الجعل هو الإنشاء والإبداء كالخلق خلا ان ذلك مختص بالانشاء التكويني وفيه معنى التقدير والتسوية وهذا عام له كما فى الآية الكريمة وللتشريعى ايضا كما فى قوله ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ الآية اى ما شرع وما سن وجمع الظلمات لكثرة أسبابها فان سببها تخلل الجرم الكثيف بين النير والمحل المظلم وذلك التخلل يتكثر بتكثر الاجرام المتخللة بخلاف النور فان سببه ليس الا النار حتى ان الكواكب منيرة بناريتها فهى اجرام نارية وان الشهب منفصلة من نار الكواكب قال الحدادي وانما جمع الظلمات ووحد النور لان النور يتعدى والظلمة لا تتعدى- روى- ان هذه الآية نزلت تكذيبا للمجوس فى قولهم الله خالق النور والشيطان خالق الظلمات وفى التيسير انه رد على الثنوية فى اضافتهم خلق النور الى يزدان وخلق الظلمات الى أهرمن وعلى ذلك خلق كل خير

[سورة الأنعام (6) : آية 2]

وشر ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ عطف على الجملة السابقة. وثم لاستبعاد الشرك بعد وضوح ما ذكر من الآيات التكوينية ببطلانه. والباء متعلقة بيعدلون وقدم المعمول على العامل للاهتمام وتحقيق الاستبعاد ويعدلون من العدل وهو التسوية يقال عدلت هذا بهذا إذا ساويته والمعنى انه تعالى مختص باستحقاق الحمد والعبادة باعتبار ما فصل من شؤونه العظيمة الخاصة به الموجبة لقصر الحمد والعبادة عليه ثم هؤلاء الكفرة لا يعملون بموجبه ويعدلون به سبحانه أي يسوون به غيره فى العبادة التي هى أقصى غايات الشكر الذي رأسه الحمد مع كون كل ما سواه مخلوقاله غير متصف بشىء من مبادى الحمد والاشارة ان الله تعالى خلق سموات القلوب وارض النفوس وجعل الظلمات فى النفوس وهى صفاتها البهيمية والحيوانية وأخلاقها السبعية والشيطانية والنور فى القلوب وهو صفاتها الملكية وأخلاقها الروحانية الباقية فمن غلب عليه النور وهو صفة الملكية الروحانية يميل الى عبودية الحق تعالى ويقبل دعوة الأنبياء ويؤمن بالله ورسوله ويتحلى بحلية الشريعة فالله تعالى يكون وليه فيخرجه من ظلمات الصفات الخلقية الحيوانية الى الصفات الملكية كقوله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ومن غلب عليه الظلمات البشرية الحيوانية واتبع طاغوت الهوى واستلذ بشهوات الدنيا فالطاغوت يكون وليه فيخرجه من نور الصفات الروحانية الى ظلمات الصفات الحيوانية كقوله تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ فهذا معنى قوله تعالى ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ يعنى بعد ان خلق سموات القلوب وارض النفوس وجعل فيهن الظلمات النفسانية والنور الروحاني مال نفوس الكفار بغلبات صفاتها الى طاغوت الهوى فعبدوه وجعلوه عديلا لربهم كذا فى التأويلات النجمية- حكى- انه جاء جماعة من فقهاء اليمن الى الشيخ العارف بالله ابى الغيث ابن جميل قدس سره يمتحنونه فى شىء فلما دنوا منه قال مرحبا بعبيد عبدى فاستعظموا ذلك فلحقوا شيخ الطريقين وامام الفريقين أبا الذبيح اسمعيل بن محمد الحضرمي قدس سره فاخبروه بما قاله الشيخ ابو الغيث المذكور لهم فضحك وقال صدق الشيخ أنتم عبيد الهوى والهوى عبده غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست هُوَ اى الله تعالى الَّذِي خَلَقَكُمْ اى ابتدأ خلقكم ايها الناس مِنْ طِينٍ اى تراب مخلوط بالماء فانه المادة الاولى للكل لما انه منشأ لآدم الذي هو اصل البشر قال السعدي بعث الله جبريل الى الأرض ليأتيه بطائفة منها فقالت الأرض انى أعوذ بالله منك ان تنقص منى فرجع جبرائيل ولم يأخذ شيأ قال جلال الدين رومى قدس سره فى المثنوى معدن شرم وحيا بد جبرائيل ... بست آن سوكندها بروى سبيل «1» قال يا رب انها عاذت بك فبعث ميكائيل فاستعاذت كالمرة الاولى فرجع خاك لرزيد ودر آمد در گريز ... كشت اولا به وكنان أشك ريز «2» رفت ميكائيل سوى رب دين ... خالى از مقصود دست وآستين گفت اسرافيل را يزدان ما ... كه برو از ان خاك پر كن كف بيا «3»

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان حكايت ابتداى خلقت آدم عليه السلام إلخ (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان فرمان آمدن بميكائيل إلخ (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان فرستادن اسرافيل را إلخ

آمد اسرافيل هم سوى زمين ... باز آغازيد خاكستان حنين زود اسرافيل باز آمد بشاه ... گفت عذر وماجرا نزد آله فبعث ملك الموت فعاذت منه بالله فقال وانا أعوذ بالله ان أخالف امره فاخذ من وجه الأرض فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء فلذلك اختلف ألوان ابن آدم ثم عجنها بالماء العذب والملح والمر فلذلك اختلف اخلاقهم فقال الله تعالى لملك الموت رحم جبرائيل وميكائيل الأرض ولم ترحمها لا جرم اجعل أرواح من اخلق من هذا الطين بيدك گفت يزدان كه بعلم روشنم ... من ترا جلاد اين خلقان كنم - وروى- عن ابى هريرة خلق الله آدم من تراب وجعله طينا ثم تركه حتى كان حمأ مسنونا اى اسود متغيرا منتنا ثم خلقه وصوره وتركه حتى كان صلصالا كالفخار اى يابسا مصوتا كالمطبوخ بالنار ثم نفخ فيه من روحه وانما خلق من تراب لان مقام التراب مقام التواضع والمسكنة ومقام التواضع الرفعة والثبات ولذا ورد (من تواضع رفع الله) وكان دعاؤه صلى الله عليه وسلم (أحيني مسكينا وأمتني مسكينا) . وهو الحكمة فى تعذيب الإنسان بالنار لا بالماء لان الظرف المعمول من التراب إذا تنجس ببول او قذر آخر لا يطهر بالماء فالانسان المتنجس بنجاسة المعاصي لا يطهر الا بالنار. وهو الحكمة ايضا فى التيمم عند عدم الماء ويقبر كل جسد فى الموضع الذي أخذت منه طينته التي خمرت فى أول نشأة أبناء آدم عليه السلام قال الامام مالك لا اعرف اكبر فضل لابى بكر وعمر رضى الله عنهما من انهما خلقا من طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقرب قبرهما من حضرة الروضة المقدسة المفضلة على الأكوان بأسرها زادها الله تشريفا وتعظيما ومهابة ثُمَّ قَضى اى كتب لموت كل واحد منكم أَجَلًا خاصا به اى حدا معينا من الزمان يفنى عند حلوله لا محالة وثم للايذان بتفاوت ما بين خلقهم وبين تقدير آجالهم وَأَجَلٌ مُسَمًّى اى حد معين لبعثكم جميعا وهو مبتدأ خبره قوله عِنْدَهُ اى مثبت معين فى علمه لا يتغير ولا يقف على وقت حلوله أحد لا مجملا ولا مفصلا واما أجل الموت فمعلوم اجمالا وتقريبا بناء على ظهور اماراته او على ما هو المعتاد فى أعمار الإنسان وتسميته أجلا انما هى باعتبار كونه غاية لمدة لبسهم فى القبور لا باعتبار كونه مبدأ لمدة القيامة كما ان مدار التسمية فى الاجل الاول هو كونه آخر مدة الحياة لا كونه أول مدة الممات لما ان الاجل فى اللغة عبارة عن آخر المدة لا عن أولها قال حكماء الإسلام ان لكل انسان اجلين. أحدهما الآجال الطبيعية. والثاني الآجال الاخترامية. اما الآجال الطبيعية فهو الذي لو بقي الشخص على طبيعته ومزاجه ولم يعترضه العوارض الخارجية والآفات المهلكة لانتهت مدة بقائه الى ان تتحلل رطوبته وتنطفىء حرارته الغريزيتان. واما الآجال الاخترامية فهى التي تحصل بسبب من الأسباب الخارجية كالحرق والغرق ولدغ الحشرات وغيرها من الأمور المنفصلة قال بعض الأفاضل الاجل هو الوقت المضروب لطريان الزوال على كل ذى روح ولا يطرأ عليه إلا عند حلول ذلك الوقت لا يتأخر عنه ولا يسبقه كما يدل عليه قوله تعالى ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ فان قلت قوله تعالى وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ

مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى صريح فى الدلالة على السبق على المسمى قلت تعدد الاجل انما هو بالنسبة إلينا واما بالنسبة اليه تعالى فهو واحد قطعا تحقيقه انه تعالى عالم فى الأزل كل الموجودات ومقدر لها حسبما شمله علمه فهو يقول فى الأزل مثلا ان فلانا ان اتقى وأطاع يبلغ الى اجله المسمى والمراد بالأجل هاهنا الاجل الثاني الأطول ووصفه بالمسمية ليس للتخصيص لان الاجل المسمى على كل حال وان لم يتق ولم يطع لم يبلغ هذه المرتبة لكن يعلم انه يفعل أحد الفعلين معينا فيقدر له الاجل المعين فيكون المقدر فى علم الله الاجل المعين وانا لعدم اطلاعنا فى علم الله تعالى لم نعلم ان ذلك الفلان أي الفعلين فعل وأيما الأجلين قضى له فاذا فعل أحدهما المعين وحل الاجل المرتب عليه علمنا ان ذلك هو المقدر المسمى فالتردد بالنسبة إلينا لا فى التقدير والا يلزم ان لا يكون علم الله تعالى بما فعل العبد قبل الوقوع وعلى هذا قول الله للكافر اسلم تدخل الجنة ولا تكفر تدخل النار مع علمه وتقديره عدم إسلامه فى الأزل والأمر والنهى لاظهار الاطاعة او المخالفة فى الظاهر كمن يريد اظهار عدم إطاعة عبده له للحاضرين فيأمره بشىء وهو يعلم انه لا يفعله والعلم بعدم الاطاعة للحاضرين المترددين انما يحصل بامره وكذا صورة الطاعة وجميع المقدرات الالهية من افعال العباد الاختيارية من هذا القبيل فظهر ان التردد بالنسبة إلينا دون علم الله الا ان يطلعنا عليه باخباره الواقع فى علمه كما اطلع نبيه عليه السلام على بعض ما وقع من حال الكفار فى زمانه بقوله أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وقوله خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فهذا اخبار بما فى علمه من انهم لا يختارون الايمان هذا غاية ما يقال فى هذا المقام والعلم عند الله الملك العلام ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ استبعاد لامترائهم فى البعث بعد ما تبين انه تعالى خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم الى آجالهم فان من قدر على خلق المواد وجمعها وإبداع الحياة فيها وابقائها ما يشاء كان اقدر على جمع تلك المواد وإحيائها ثانيا والمرية هى الشك المجتلب بالشبهة أصلها من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها ليدر لبنها للحلب والمري استخراج اللبن من الضرع قال ابو السعود وصفهم بالامتراء الذي هو الشك وتوجيه الاستبعاد اليه مع انهم جازمون بانتفاء البعث مصرون على إنكاره كما ينبىء عنه قولهم أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ونظائره للدلالة على ان جزمهم المذكور فى أقصى مراتب الاستبعاد والاستنكار واعلم ان الإنسان وقت كونه نطفة ينكر صبرورته بشرا سويا فى الزمان الآتي وعند تصوره بصورة البشر يلزمه الحجة فانكاره الحشر انكار عين ما كان فيه: وفى المثنوى پس مثال تو چوآن حلقه زنيست ... كز درونش خواجه گويد خواجه نيست حلقه زن زين نيست در يابد كه هست ... پس ز حلقه بر ندارد هيچ دست پس هم انكارت مبيّن ميكند ... كز جماد او حشر صدفن ميكند والاشارة ثُمَّ ان الله تعالى قَضى للروح من حكمته أَجَلًا لايام فراقه عن الحضرة وبعده عن وطنه الحقيقي وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ وهو أجل الوصلة بعد الفرقة فى مقام العندية كقوله فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ

[سورة الأنعام (6) : آية 3]

فلاجل الفرقة مدى ومنتهى ولاجل الوصلة لامدى ولا منتهى وانما قال مسمى لان وقت الوصلة مسمى عنده وهو حين يجذبه اليه بجذبة ارجعي الى ربك ولايام الوصلة ابتداء وهو حين تطلع شمس التوحيد من مشرق القلوب الى ان تبلغ حد استواء الوحدة ثم تتسرمد فلا غروب لها ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ يا اهل الوصلة كما يمترى اهل الفرقة هذا محال جدا فعلى العاقل الاجتهاد قبل حلول الاجل والتهيؤ للوصول بحسن التوجه والعمل قال بعض المشايخ من ضيع حكم وقته فهو جاهل ومن قصر فيه فهو غافل وفى الحديث (ان لله خواص يسكنهم الرفيع من الجنان كانوا اعقل الناس كان هممهم المسابقة الى ربهم عز وجل والمسارعة الى ما يرضيه زهدوا فى الدنيا وفى فضولها وفى رياستها ونعيمها فهانت عليهم فصبروا قليلا واستراحوا طويلا) - روى- ان السرى السقطي قدس سره دخل عليه ابو القاسم الجنيد قدس سره وهو يبكى فقال له ما يبكيك قال جاءتنى البارحة الصبية فقالت يا أبت هذه ليلة حارة وهذا الكوز تعلقه هاهنا قال السرى فغلبتنى عيناى فنمت فرأيت جارية من احسن الخلق قد نزلت من السماء فقلت لمن أنت قالت لمن لا يشرب الماء المبرد فى الكيزان فتناولت الكوز وضربت به الأرض قال الجنيد فرأيت الخزف المكسور ولم يرفعه حتى عفا عليه التراب يا هذا انظر الى تركهم النعيم لم يرضوا لأنفسهم ان يشربوا ماء باردا او يأكلوا طعاما لذيذا فحين راقبوا الأوقات عوضهم الله حالات خارجة عن حسابات الساعات فلا انتهاء لاذواقهم أصلا وَهُوَ اى الله تعالى مبتدأ خبره قوله اللَّهُ باعتبار المعنى الوصفي اى المعبود ولذا تعلق به قوله فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ والمعنى وهو المعبود والمستحق للعبادة فيهما ولا يلزم من كونه تعالى معبودا فيهما كونه متحيزا فيهما فانه منزه عن الزمان والمكان- روى- ان امام الحرمين أستاذ الامام الغزالي نزل ببعض الأكابر ضيفا فاجتمع عنده العلماء والأكابر فقام واحد من اهل المجلس فقال ما الدليل على تنزهه عن المكان وهو قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال الدليل عليه قول يونس فى بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فتعجب منه الناظرون فالتمس صاحب الضيافة بيانه فقال الامام ان هاهنا فقيرا مديونا بألف درهم ادعته دينه حتى أبينه فقبل صاحب الضيافة دينه فقال ان رسول الله لما ذهب فى المعراج الى ما شاء الله من العلى قال هناك (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولما ابتلى يونس عليه السلام بالظلمات فى قعر البحر ببطن الحوت قال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فكل منهما خاطبه بقوله أنت وهو خطاب الحضور ولو كان هو فى مكان لما صح ذلك فدل ذلك على انه ليس فى مكان يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ خبر ثان اى ما اسررتموه وما جهرتم به من الأقوال وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ اى ما تفعلون لجلب نفع او دفع ضر من الأعمال المكتسبة بالقلوب او بالجوارح سرا وعلانية فيجازيكم على كل ذلك ان خيرا فخير وان شرا فشر وفى التأويلات النجمية وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ اى فى سموات الوجود وَفِي الْأَرْضِ اى فى ارض النفوس يَعْلَمُ سِرَّكُمْ الذي أودع فيكم وهو سر الخلافة الذي اختص به الإنسان لقبول الفيض الإلهي وَجَهْرَكُمْ اى ما هو

ظاهر منكم من الصفات الحيوانية والأحوال النفسانية وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ باستعمال الاستعداد السرى والجهرى فى المأمورات والمنهيات من الخير والشر وقد خص الإنسان بهذا الكسب ايضا دون الملك والحيوان فان الملك لا يقدر ان يكتسب من الصفات الحيوانية شيأ ولا الحيوان قادر على ان يكتسب من الصفات الملكية شيأ والإنسان متصرف فى هاتين الصفتين وله اكتساب التخلق بأخلاق الله بالتقرب الى الله بأداء ما افترض عليه والتزام النوافل واجتناب النواهي الى ان يصير من خير البرية وله ايضا ان يكتسب من الشر ما يصير به شر البرية انتهى قال حسين الواعظ الكاشفى فى تفسيره الفارسي [در نقد النصوص فرموده كه انسان مرآتيست ذات وجهين در يك رويش خصائص ربوبيت ودر روى ديگر نقايص عبوديت چون خصائص نكرى از همه موجودات بزرگوارتر و چون نقائص عبوديت شمارى از همه خوارتر وبيمقدارتر چون در خود از أوصاف تو يابم اثرى ... حاشا كه بود نكوتر از من دگرى وآن دم كه فتد بحال خويشم نظرى ... در هر دو جهان نباشد از من بتري پس حق سبحانه وتعالى مى فرمايد كه من اسرار خصائص شما در تيه غيب ميدانم وآثار نقائص شما در عالم شهادت مى شناسم وديگر ميدانم آنچهـ شما ميكنيد از علا كه سبب ترقى باشد بر درجات انسانيه يا موجب تنزل بدركات حيوانيه ودانستن اين داناى سالك را بر ان دارد كه بإصلاح وتزكيه اعمال مشغول شده از حيز استيفاء حظوظ حيوانى بر ذروه استئناس با نعيم روحانى متصاعد گردد] حيف باشد كه عمر انسانى ... چون بهايم بخواب وخور گذرد آدمي ميتواند از كوشش ... كه مقام فرشته در گذرد انتهى قال شيخنا العلامة ابقاء الله بالسلامة عند تأويل الحديث القدسي (سر الإنسان سرى وسرى سره) يعنى سره ظاهر سرى وصورة سرى وسرى باطن سره وحقيقة سره ثم قال واعلم ان سر الإنسان عبارة عن الحقيقة الانسانية الظاهرة على صورة الحقيقة الالهية كما قال عليه السلام (خلق الله آدم على صورته) ولما نزلت تلك الحقيقة الانسانية من مرتبة الغيب الى منزلة الشهادة وتجلى لها الحق سبحانه بجماله وجلاله أودع فى جانبها الشرقي نور جماله وجانبها الغربي ظلمة جلاله واقام فى الاول ملكا يهدى الى الحق وفى الثاني شيطانا يدعو الى الباطل والملك سادن قبضة الجمال ويد اللطف والشيطان خادم قبضة الجلال ويد القهر وإذا أراد الحق ان يصرف تلك الحقيقة الانسانية الى الحق يأمر الملك ان يلهمها إياه فتراه بالنور الإلهي الجمالي الذي فاض من تجلى الجمال فتتبعه وتقبله وتكون روحا مادام وتكون على الحق ثابتة ويصير قالبها الذي هو لوحه فى اثبات الحق قلبا ترتعى فى روضته ويتجلى لها الحق سبحانه بالتجليات الجمالية والألطاف الخالصة المورثة طمأنينتها وسكينتها وتكون على الاستسلام والطاعة والصبر والرضى وغير ذلك من الأخلاق الحميدة واما إذا أراد ان يصرفها الى الباطل فيخلى بينها وبين الشيطان فيلقنها إياه فلا تراه ولا تفهمه اى لا تعلم انه باطل يحجبها عن الحق لان الظلمة الحاصلة من تجلى الجلال تمنعها عن ذلك فلا تجتنبه بل تأخذه وتصير نفسا مظلمة بعد

[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 إلى 6]

كونها روحا نورانيا فتجريه فى قالبها الذي هو محل لذلك ويكون ذلك القالب طبيعة مظلمة بعد كونه قلبا نورانيا فيتجلى الحق تعالى بالتجليات الجلالية والأحوال القهرية التي تورث الاضطراب وعدم الاستسلام فتكون على المخالفة والاعراض وتتصف بالأوصاف الذميمة بعد الاتصاف بالحميدة هكذا الى آخر الأمر إذ ذلك سنته القديمة وعادته الازلية الى ما شاء الله تعالى فانه إذا أراد بعبده خيرا يفقهه فى الدين ويجذبه الى نفسه مما سواه ولا يسلط الشيطان عليه كما قال إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ بل للملائكة السادنة لقبضة الجمال عليهم سلطان بسلطانى عليهم واحكام القبضتين جارية فى العوالم فى الأنفس والآفاق على أيدي سدنتهما الى تمام الأمر والحكم فى التقلب للغالب انتهى كلام حضرة الشيخ قدس سره وهو الذي ما جاء مثله بعد الصدر القنوى والله اعلم اللهم اجعلنى من تابعيه حقيقة ومتبعيه شريعة وطريقة وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ ما نافية ومن الاولى مزيدة للاستغراق والثانية تبعيضية واقعة بمجرورها صفة لآية والمراد بالآيات اما الآيات التنزيلية فاتيانها نزولها. والمعنى ما ينزل الى اهل مكة آية من الآيات القرآنية إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ غير ملتفتين اى على وجه التكذيب والاستهزاء واما الآيات التكوينية الشاملة للمعجزات وغيرها من تعاجيب المصنوعات فاتيانها ظهورها لهم. والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات التكوينية الدالة على وحدانية الله تعالى الا كانوا عنها معرضين تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى الى الايمان بمكونها وعن متعلقة بمعرضين والجملة فى محل النصب على انها حال من مفعول تأتى ففيها دلالة على كمال مسارعتهم الى الاعراض وإيقاعهم له فى آن الإتيان كما يفصح عنه كلمة لما فى قوله تعالى فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فان الحق عبارة عن القرآن الذي اعرضوا عنه حيث اعرضوا عن كل آية منه وعبر عنه بذلك لكمال قبح ما فعلوا به فان تكذيب الحق مما لا يتصور صدوره عن أحد والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها لكن لا على انه شىء مغاير له فى الحقيقة واقع عقيبه او حاصل بسببه بل على ان الاول عين الثاني حقيقة وانما الترتيب بسبب التغاير الاعتباري كما فى قوله تعالى فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً بعد قوله تعالى وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فان ما جاؤه اى فعلوه من الظلم والزور عين قولهم المحكي لكنه لما كان مغايرا له مفهوما واشنع منه حالا رتب عليه بالفاء ترتيب اللازم على الملزوم تهويلا لامره كذلك مفهوم التكذيب بالحق لما كان اشنع من مفهوم الاعراض المذكور اخرج مخرج اللازم البطلان فرتب عليه بالفاء إظهارا لغاية بطلانه ثم قيد بذلك لكونه بلا تأمل تأكيدا لشناعته والمعنى انهم حيث اعرضوا عن تلك الآيات عند إتيانها فقد كذبوا بما لا يمكن تكذيبه أصلا من غير ان يتدبروا فى حاله ومآله فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ سوف لتأكيد مضمون الجملة والانباء جمع نبأ وهو الخبر الذي له عظم وشأن وما عبارة عن الحق المذكور وانباؤه عبارة عما سيحيق بهم من العقوبات العاجلة اى سيعلمون ما يؤول اليه عاقبة استهزائهم بالآيات فقتلهم الله يوم بدر بالسيف أَلَمْ يَرَوْا لما ذكر تعالى قبائحهم من الاعراض والتكذيب والاستهزاء اتبعه بما يجرى مجرى الموعظة فوعظهم بالقرون الماضية فقال الم يروا وهمزة الإنكار لتقرير الرؤية وهى

عرفانية مستدعية لمفعول واحد والضمير لاهل مكة اى ألم يعرفوا بمعاينة الآثار وسماع الاخبار كَمْ عبارة عن الاشخاص استفهامية كانت او خبرية أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ من متعلقة باهلكنا والمراد من قبل خلق اهل مكة او من قبل زمانهم على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه مِنْ قَرْنٍ مميز لكم عبارة عن اهل عصر من الاعصار سموا بذلك لاقترانهم برهة من الدهر كما فى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم (خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وأراد بالقرن الاول الصحابة وبالثاني التابعين وبالثالث تابع التابعين وقيل هو عبارة عن مدة من الزمان ثمانين سنة او سبعين او ستين او أربعين او ثلاثين او مائة فالمضاف على هذا محذوف اى من اهل قرن لان نفس الزمان لا يتعلق به الإهلاك مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ استئناف لبيان كيفية الإهلاك وتفصيل مباديه مبنى على سؤال نشأ من صدر الكلام كأنه قيل كيف كان ذلك فقيل مكناهم وتمكين الشيء فى الأرض جعله قارا فيها ولما لزمه جعلها مقرا له ورد الاستعمال بكل منهما فقيل تارة مكنه فى الأرض واخرى مكن له فى الأرض حتى اجرى كل منهما مجرى الآخر ومنه قوله تعالى ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ بعد قوله تعالى مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ كأنه قيل فى الاول مكنا لهم وفى الثاني ما لم نمكن لكم وما نكرة موصوفة بالجملة المنفية بعدها والعائد محذوف محلها النصب على المصدرية اى مكناهم تمكينا لم نمكنه لكم ويحتمل ان يكون مفعولا به لمكناهم على المعنى لان معنى مكناهم أعطيناهم اى أعطيناهم ما لم نعطكم وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ اى المطر او السحاب عَلَيْهِمْ متعلق بأرسلنا مِدْراراً مغزارا اى كثير الدرور والصب وهو حال من السماء قال ابن الشيخ المدرار مفعال وهو من ابنية المبالغة للفاعل كامرأة مذكار ومئناث وأصله من در اللبن درورا وهو كثرة وروده على الحالب يقال سحاب مدرار ومطر مدرار إذا تتابع منه المطر فى اوقات الاحتياج اليه وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ اى صيرناها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ اى من تحت أشجارهم ومساكنهم وقصورهم والمعنى أعطيناهم من البسط فى الأجسام والامتداد فى الأعمار والسعة من الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا فى استجلاب المنافع واستدفاع المضار ما لم نعط اهل مكة ففعلوا ما فعلوا من الكفران والعصيان فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ اى أهلكت كل قرن من تلك القرون بسبب ما يخصهم من الذنوب فما اغنى عنهم تلك العدد والأسباب فسيحل بهؤلاء مثل ما حل بهم من العذاب وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ اى أحدثنا من بعد إهلاك كل قرن قَرْناً آخَرِينَ بدلا من الهالكين وهو لبيان كمال قدرته تعالى وسعة سلطانه وان ما ذكر من إهلاك الأمم الكثيرة لم ينقص من ملكه شيئا بل كلما أهلك امة انشأ بدلها اخرى يعمر بهم بلاده ومن عادته تعالى اذهاب اهل الظلم بعد الامهال ومجيئه باهل العدل والانصاف ونفى اهل الرياء والسمعة واثبات اهل الصدق والإخلاص ولن يزال الناس من اهل الخير فى كل عصر وعن ابى الدرداء رضى الله عنه انه قال ان لله عبادا يقال لهم الابدال لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتخشع وحسن الحلية ولكن بلغوا بصدق الروع وحسن النية وسلامة الصدر والرحمة بجميع المسلمين اصطفاهم الله

[سورة الأنعام (6) : الآيات 7 إلى 12]

بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم أربعون رجلا على مثل قلب ابراهيم عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد انشأ من يخلفه واعلم انهم لا يسبون شيأ ولا يلعنون ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدونه من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا لا تدركهم الخيل المجراة ولا الرياح العواصف فيما بينهم وبين ربهم انما قلوبهم تصعد فى السقوف العلى ارتباحا الى الله تعالى فى استباق الخيرات أولئك حزب الله ألا ان حزب الله هم المفلحون وهذا بعض كلامه وفى قوله تعالى فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ اشارة الى ان الهلاك مطلقا صوريا ومعنويا بدنيا وماليا انما هو بشؤم المعصية وكفران النعمة: ونعم ما قيل شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند فمن اعرض عن المعجزات والكرامات والإلهامات لاقباله على الدنيا وزينتها وشهواتها كأنهم الانعام بل هم أضل لان الانعام ما كذبت بالحق وهو قد كذب دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل وقوله تعالى فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ اى فى الدنيا والآخرة أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اما فى الدنيا فمن استهزائهم بأقوال الأنبياء والأولياء وأحوالهم يصمهم الله ويعمى أبصارهم فلا يهتدون الى حق ولا الى حقيقة سبيلا واما فى الآخرة فيعذبهم بعذاب القطعية والبعد والحرمان والخلود فى النيران- حكى- ان امام الحرمين كان يدرس يوما فى المسجد بعد صلاة الصبح فمر عليه بعض شيوخ الصوفية ومعه أصحابه من الفقراء وقد دعوا الى بعض المواضع فقال امام الحرمين فى نفسه ما شغل هؤلاء الا الا كل والرقص فلما رجع الشيخ من الدعوة مر عليه وقال يا فقيه ما تقول فيمن صلى الصبح وهو جنب ويقعد فى المسجد ويدرس العلوم ويغتاب الناس فذكر امام الحرمين انه كان عليه غسل ثم حسن اعتقاده بعد ذلك فى الصوفية أقول وأول الأمر اعتقادهم ثم الاتباع بطريقتهم ثم الوصول الى مقاماتهم وقيل لابى القاسم الجنيد قدس سره ممن استفدت هذه العلوم فقال من جلوسى بين يدى الله تعالى ثلاثين سنة تحت تلك الدرجة وأشار الى درجة فى داره فهذه الطريقة لا تنكشف اسرارها ولا تتلألأ أنوارها الا بعد اجتهاد تام وسلوك قوى والله الهادي وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ- روى- ان بعض المشركين قالوا يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه اربعة من الملائكة يشهدون انه من عند الله وانك رسوله فانزل الله تعالى قوله وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ اى مكتوبا فى رق فالكتاب بمعنى مفعول فَلَمَسُوهُ اى الكتاب بِأَيْدِيهِمْ بعد ما رأوه بأعينهم بحيث لم يبق لهم فى شأنه اشتباه فذكر اللمس لان التزوير لا يقع فيه فلا يمكنهم ان يقولوا انما سكرت أبصارنا اى سدت وذكر الأيدي مع ان اللمس لا يكون عادة الا بها لدفع التجوز فانه يتجوز به للتفحص كما فى قوله تعالى وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ اى تفحصنا لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا تعنتا وعنادا للحق بعد ظهوره كما هو دأب المحجوج اللجوج إِنْ هذا اى الكتاب إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ اى بين كونه سحرا على كل أحد ولا شك ان من حرم التوفيق وكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا فلو ان اهل الإنكار رأوا الأولياء والصالحين

[سورة الأنعام (6) : الآيات 8 إلى 12]

يطيرون فى الهواء لقالوا هذا سحر وهؤلاء شياطين وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ شروع فى قدحهم فى النبوة صريحا بعد ما أشير الى قدحهم فيها ضمنا ولولا تحضيضية بمعنى الأمر والضمير فى عليه للنبى عليه السلام اى هلا انزل عليه ملك بحيث نراه ويكلمنا انه نبى وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ولو أنزلنا ملكا على هيئة حسبما اقترحوه والحال انه من هول المنظر بحيث لا يطيق مشاهدته قوى الآحاد البشرية لقضى الأمر اى هلاكهم بالكلية ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ اى لا يمهلون بعد نزوله طرفة العين ومعنى ثم بعد ما بين الامرين قضاء الأمر وعدم الانظار وجعل عدم الانظار أشد من قضاء الأمر لان مفاجأة العذاب أشد من نفس العذاب وأشق وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً الهاء للمطلوب وهو ان يكون الشاهد على نبوته عليه السلام ملكا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا اى لمثلنا ذلك الملك رجلا لما مر من عدم استطاعة الآحاد لمعاينة الملك على هيكله وكان جبرائيل عليه السلام يأتى النبي عليه السلام فى صورة دحية الكلبي وجاء الملكان الى داود عليه السلام فى صورة رجلين مختصمين اليه وجاءت الملائكة الى ابراهيم فى صورة الضيفان فان القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك وصورته وانما رآهم كذلك الافراد من الأنبياء لقوتهم القدسية وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ جواب محذوف اى ولو جعلناه رجلا لخلطنا عليهم بتمثيله رجلا ما يَلْبِسُونَ على أنفسهم حينئذ بان يقولوا له انما أنت بشر ولست بملك والتعبير عن تمثيله تعالى رجلا باللبس لكونه سببا للبسهم وفيه تأكيد لاستحالة جعله ملكا كأنه قيل لو فعلناه لفعلنا ما لا يليق بشأننا من لبس الأمر عليهم من لبست الأمر على القوم البسه من باب ضرب إذا شبهت وجعلته مشكلا عليهم وأصله الستر بالثوب وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ برسل متعلق باستهزئ ومن ابتدائية متعلقة بمحذوف وقع صفة لرسل وهو تسلية لرسول الله عليه السلام عما يلقاه من قومه اى وبالله لقد استهزىء برسل اولى شأن خطير وذوى عدد كثير كائنين من زمان قبل زمانك على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه فَحاقَ عقيبه اى أحاط او نزل او حل او نحو ذلك فان معناه يدور على الشمول واللزوم ولا يكاد يستعمل الا فى الشر والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ما موصولة اسمية والعائد الهاء فى به وبه متعلق بيستهزئون والموصول مع صلته فاعل حاق اى فاحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به حيث اهلكوا لاجله فاسناد الإحاطة والإهلاك الى الرسل من قبيل الاسناد الى السبب والمعنى أحاط الله بهم واهلكهم بسبب استهزائهم بالرسل وقد أنجز الله ذلك يوم بدر أي انجاز قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ اى سافروا فى الأرض لتعرف احوال الأمم الماضية ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ اى تفكروا فى انهم كيف اهلكوا بعذاب الاستئصال وثم لتفاوت ما بين الواجبين فان وجوب السير ليس الا لكونه وسيلة الى النظر ومثله قوله توضأ ثم صل والعاقبة مصدر وهى منتهى الأمر ومآله اعلم ان الاستهزاء من شيم النفوس المتمردة بأرباب الدين من الأنبياء والأولياء فى كل زمان وحين- يروى- ان النبي عليه السلام كان جالسا فى المسجد الحرام مع جماعة من المستضعفين بلال وصهيب وعمار

وغيرهم فمر بهم ابو جهل فى ملا من قريش فقال يزعم محمد ان هؤلاء ملوك الجنة فاستهزأ بفقراء المسلمين وقد فعل الله به ما فعل يوم بدر فنال جزاء استهزائه وذلك محل العبرة لاولى الابصار: وفى المثنوى نى ترا حفظ زبان از راز كس ... نى نظر كردن بعبرت پيش و پس پيش چهـ بود ياد مرك ونزع خويش ... پس چهـ باشد مردن ياران ز پيش - حكى- ان شيعيا يقال له ابن هيلان كان يتكلم بما لا ينبغى فى حق الصحابة فبينما هو يهدم خائطا إذ سقط عليه فهلك فدفن بالبقيع مقبرة المدينة فلم يوجد ثانى يوم فى القبر الذي دفن فيه ولا التراب الذي ردم به القبر بحيث يستدل بذلك لنبشه وانما وجدوا اللبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير حتى كان ممن وقف عليه القاضي جمال الدين وصار الناس يجيئون لرؤيته إرسالا الى ان اشتهر امره وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح الله صدره نسأل الله السلامة كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي. فعلم منه عاقبة الطعن والاستهزاء وان الله تعالى ينقل جيفة الفاسق من المحل المتبرك به الى المكان المتشأم منه كما ورد فى الحديث الصحيح (من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله إليهم حتى يحشر معهم) كما فى الدرر المنتثرة للامام السيوطي وهذا صريح فى نقل جسده لان الحشر بالروح والجسد جميعا فكما ان الله تعالى ينقل أجساد الأشرار من مقام شريف الى محل وضيع كذلك ينقل أجسام الأخيار من مكان وضيع الى مقام شريف كالبقيع والحجون مقبرتى المدينة ومكة فان الله تعالى يسوق الأهل الى الأهل وهذا آخر الزمان وقلما يوجد فيه من هو متوجه الى القبلة فى الظاهر والباطن والحياة والممات ونعم ما قيل ذهب الناس وما بقي الا النسناس وهم الذين يتشبهون بالناس وليسوا بالناس وهم يأجوج ومأجوج او حيوان بحرى صورته كصورة الإنسان او خلق على صورة الناس أشبهوهم فى شىء وخالفوهم فى شىء وليسوا من بنى آدم وقيل هم من بنى آدم- روى- ان حيا من عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا لكل رجل منهم يد ورجل من شق واحد ينقز كما ينقز الطير ويرعون كما ترعى البهائم فأين الأخيار وابن أولوا الابصار مضوا والله ما بقي الا القليل: قال الحافظ قطعه بدرين ظلمت سرا تا كى ببوى دوست بنشينم ... كهى انكشت در دندان كهى سر بر سر زانوا تناهى الصبر مذخلت بمأوى الأسد سرحان ... وطار العقل إذ غنت بمغنى الورق غربان بيا اى طائر فرخ بياور مژده دولت ... عسى الأيام ان يرجعن قوما كالذى كانوا اى كالوضع الذي كانوا عليه من الانتظام مطلقا قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ الجاء لاهل مكة الى الإقرار بان الكل من العقلاء وغيرهم لله خلقا وملكا وتصرفا كأنه يقول هل لكم سبيل الى عدم الإقرار بذلك مع كونه من الظهور بحث لا يقدر أحد على إنكاره وفى تصدى السائل للجواب قبل ان يجيب غيره ايماء الى ان مثل هذا السؤال لكون جوابه متعينا ليس من حقه ان ينتظر جوابه بل حقه ان يبادر الى الاعتراف بالجواب كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ جملة مستقلة داخلة تحت الأمر مسوقة لبيان انه تعالى رؤف بالعباد

لا يعجل عليهم بالعقوبة ويقبل منهم التوبة والانابة ومعنى كتب الرحمة على نفسه التزمها وأوجبها تفضلا وإحسانا لانه تعالى منزه عن ان يجب عليه شىء حقيقة وفى التعبير عن الذات بالنفس حجة على من ادعى ان لفظ النفس لا يطلق على الله تعالى لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ جواب قسم محذوف اى والله ليجمعنكم فى القبور مبعوثين او محشورين الى يوم القيامة فيجازيكم على شرككم وسائر معاصيكم وان أمهلكم بموجب رحمته ولم يعاملكم بالعقوبة الدنيوية لا رَيْبَ فِيهِ اى فى اليوم او فى الجميع الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ اى بتضييع رأس مالهم وهو الفطرة الاصلية والعقل السليم وهو مبتدأ وخبره قوله فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط والاشعار بان عدم ايمانهم بسبب خسرانهم فان ابطال العقل باتباع الحواس والوهم والانهماك فى التقليد واغفال النظر أدى بهم الى الإصرار على الكفر والامتناع من الايمان والخروج عن دائرة الرحمة الخاصة قال القاضي والمراد بالرحمة ما يعم الدارين ومن ذلك الهداية الى معرفته والعلم بتوحيده بنصب الادلة وإنزال الكتب والامهال على الكفر وفى تفسير الكاشفى [مراد رحمت ذاتيه باشد كه رحمت مطلقه كونيد واين رحمتيست كه بر همه چيز فرا رسيده ونتيجه آن عطاء ادنيست بي سابقه سؤال واستدعا ورابطه حاجت واستحقاق چنانچهـ در مثنوى معنوى واردست] در عدم ما مستحقان كى بديم ... كه برين جان وبرين دانش زديم «1» ما نبوديم وتقاضامان نبود ... لطف تو نا كفته ما مى شنود «2» قال الامام الأكمل فى شرح الحديث عن ابى هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين وانزل فى الأرض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حوافرها عن ولدها يمص ان تصيبه) فهذا مما يدل على كمال الرجاء والبشارة للمسلمين لانه حصل فى هذه الدار من رحمة واحدة ما حصل من النعم الظاهرة والباطنة فما ظنك بمائة رحمة فى الدار الآخرة وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قدم على النبي عليه السلام سبى فاذا امرأة من السبي تحلب ثديها وتسعى قاذا وجدت صبيا فى السبي أخذته فالصقته ببطنها وارضعته فقال لنا النبي عليه السلام (أترون هذه طارحة ولدها فى النار) قلنا لا وهى قادرة على ان لا تطرحه فقال (الله ارحم بعباده من هذه بولدها) وفى المثنوى آتش از قهر خدا خود ذره ايست ... بهر تهديد لئيمان دره ايست «3» با چنين قهرى كه زفت وفايقست ... برد لطفش بين بر آتش سابقست رحمت بيچون چنين دان اى پدر ... نايد اندر وهم از وى جز اثر «4» قال حضرة الشيح الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية وجدنا آية الرحمة وهى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تتضمن الف معنى كل معنى لا يحصل الا بعد انقضاء حول ولا بد من حصول هذه المعاني التي تضمنها بسم الله الرحمن الرحيم لانه ما ظهر الا ليعطى معناه فلا بد من كمال الف سنة لهذه الامة اللهم ارحمنا إذا عرق الجبين وكثر الأنين وبكى علينا الحبيب ويئس منا الطبيب اللهم ارحمنا إذا وارانا التراب وودعنا الأحباب وفارقنا النعيم وانقطع النسيم

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان انابت طالب كنج و پشيمانى او إلخ [.....] (2) در أوائل دفتر يكم در بيان اعتراض كردن مر مدان بر خلوت وزير إلخ (3) در اواخر دفتر چهارم در بيان باز التماس كردن ذو القرنين از كوه فاف إلخ (4) در اواخر دفتر سوم در بيان شناختن هر حيوان ببوى عدو خويش إلخ

[سورة الأنعام (6) : الآيات 13 إلى 18]

اللهم ارحمنا إذا نسى اسمنا وبلى جسمنا واندرس قبرنا وانطوى ذكرنا اللهم ارحمنا يوم تبلى السرائر وتبدى الضمائر وتنشر الدواوين وتحشر الموازين اللهم يا حى يا قيوم يا رحمن يا رحيم برحمتك نستعين. هذه مناجاة حضرة الشيخ المذكور ولعمرى انها مناجاة شريفة ومناداة لطيفة وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ- روى- ان كفار مكة أتوا رسول الله فقالوا يا رسول الله قد علمنا انك ما يحملك على ما تدعونا اليه الا الفقر والحاجة فنحن نجمع لك من القبائل أموالا تكون أغنانا رجلا وترجع عما أنت عليه من الدعوة فانزل الله تعالى هذه الآية والمعنى ولله تعالى خاصة جميع ما استقر فيهما واشتملا عليه فان أراد يعطى رسوله مالا كثيرا ليكون اغنى الخلق نزل الملوان منزلة المكان فعبر عن نسبة الأشياء الزمانية إليهما بالسكنى فيهما وَهُوَ السَّمِيعُ المبالغ فى سماع كل مسموع الْعَلِيمُ المبالغ فى العلم بكل معلوم فلا يخفى عليه شىء من الأقوال والافعال وفى الخبر (ان الله تعالى خلق جوهرتين إحداهما مظلمة والاخرى مضيئة فاستخلص من المضيئة كل نور فخلق من نورها النهار ومن الباقي النار واستخلص من الظلمة كل ظلمة فخلق منها الليل وخلق من الباقي الجنة فالليل من الجنة والنار من النار) ولذلك كان الانس بالليل اكثر فالليل انس المحبين وقرة أعين المحبوبين وقدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الأنبياء كانت بالليل والقدر فى الليل خير من الف شهر وليس فى الأيام مثلها وكان بعض الأولياء يقول إذا جاء الليل جاء الخلق الأعظم يقول الفقير جامع هذه المجالس اما من حجب عن سر الليل وحلاوة المناجاة فيه وذوق الخلوة والوحدة فالمحبوب اليه النهار كعلماء الرسوم ألا ترى الى ثعلب النحوي يقول وددت ان الليل نهار حتى لا تنقطع عنى أصحابي وهذا حرص منه على الكثرة والالفة معها والأفكل معلم لم يكن أعلى حالا من المجتهدين ألا ترى ان امامنا الأعظم كان يدرس ويحيى الليل هر كنج سعادت كه او داد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود وعلم من التقرير المذكور افضلية الليل على النهار واعلم ان الكل خلق الله تعالى ولكل منهما ملك موكل به وفى الخبر عن سلمان رضى الله عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فاذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت إليها الشمس وجبت فى اسرع من طرفة العين وقد أمرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى ملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيىء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد أمرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار فنشر النور من تحت جناحى ملك فلنور النهار ملك موكل ولظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار قُلْ يا محمد لكفار مكة ونزلت حين دعوه الى الشرك ودين آبائه أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا اى معبودا بطريق الاستقلال او الاشتراك وقد اتخذني الله فى أزليته حبيبا كما قال عليه السلام (لو كنت متخذا خليلا غير الله لا تخذت أبا بكر خليلا

[سورة الأنعام (6) : الآيات 15 إلى 18]

ولكن الله اتخذ صاحبكم خليلا) اى لا اتخذ فالمنكر هو اتخاذ غير الله وليا لا نفس اتخاذ الولي لكن قدم المفعول لكونه مناط الإنكار فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مبدعهما اى خالقهما ابتداء لا على مثال سبق وهو بدل من الجلالة وَهُوَ اى والحال انه يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ اى يرزق الخلق ولا يرزق وتخصيص الطعام بالذكر لشدة الحاجة اليه قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وجهه لله مخلصاله لان النبي امام أمته فى الإسلام وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى وقيل لى لا تكونن من المشركين به تعالى فى امر من امور الدين ومعناه أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك وحقيقة الإسلام الإخلاص من حبس الوجود وما خلص منه غيره عليه السلام بالكلية ولهذا يقول الأنبياء نفسى نفسى وهو يقول أمتي أمتي قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي اى بمخالفة امره ونهيه أي عصيان كان عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى عذاب يوم القيامة مفعول أخاف وفيه قطع لاطماعهم وتعريض بانهم عصاة مستوجبون للعذاب العظيم مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ اى من يصرف عنه العذاب فى ذلك اليوم العظيم ويومئذ ظرف للصرف فَقَدْ رَحِمَهُ اى نجاه وأنعم عليه وَذلِكَ الصرف الْفَوْزُ الْمُبِينُ اى النجاة الظاهرة وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ دليل آخر على انه لا يجوز للعاقل ان يتخذ غير الله وليا اى ببلية كمرض وفقر ونحو ذلك والباء للتعدية وترجمته بالفارسية [واگر برساند خدا بتو سختى] فَلا كاشِفَ لَهُ اى فلا قادر على كشف ذلك الضر ورفعه عنك إِلَّا هُوَ تعالى وحده وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ من صحة ونعمة ونحو ذلك فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فكان قادرا على حفظه وادامته فلا يقدر غيره على رفعه كقوله فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال اهدى الى النبي عليه السلام بغلة أهداها كسرى فركبها بحبل من شعر ثم أردفني خلفه ثم ساربى مليا ثم التفت الى فقال (يا غلام) فقلت لبيك يا رسول الله فقال (احفظ الله بحفظك احفظ الله تجده امامك تعرّف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فقد مضى القلم بما هو كائن فلو جهد الخلائق ان ينفعوك بما لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه ولو جهدوا ان يضروك بما لم يكتب الله عليك ما قدروا عليه فان استطعت ان تعمل بالصبر مع اليقين فافعل فان لم تستطع فاصبر فان فى الصبر على ما تكره خيرا كثيرا واعلم ان النصر مع الصبر وان مع الكرب الفرج وفَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فان قلت قد يتصور ان يكشف الإنسان عن صاحبه كربة من الكرب قلت كاشف الضر فى الحقيقة هو الله تعالى اما بواسطة الأسباب او بغيرها: قال الحافظ كر رنج پيشت آيد وكر راحت اى حكيم ... نسبت مكن بغير كه اينها خدا كند وكذا الاستعانة فى الحقيقة من الله تعالى فالاستعانة من الأنبياء والأولياء انما هى استشفاع منهم فى قضاء الحاجة والموحد لا يعتقد ان فى الوجود مؤثرا غير الله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ اى القادر الذي لا يعجزه شىء مستعليا فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ فى كل ما يفعله ويأمر به الْخَبِيرُ بأحوال عباده وخفايا أمورهم. صور قهره تعالى وعلو شانه بالعلو الحسى فعبر عنه بالفوقية بطريق الاستعارة التمثيلية فقوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ عبارة عن كمال القدرة

[سورة الأنعام (6) : الآيات 19 إلى 23]

كما ان قوله وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ عبارة عن كمال العلم قال المولى الفنارى فى تفسيره الفوقية من حيث القدرة لا من حيث المكان لعلو شأنه تعالى عن ذلك فانه تعالى قاهر للممكنات معدومة كانت او موجودة لانه يقهر كل واحد منهما بضده فيقهر المعدومات بالإيجاد والتكوين والموجودات بالافناء والإفساد وفى التأويلات النجمية وقد عم قهره جميع عباده فقهر الكفار بموت القلوب وحياة النفوس إذا اخطأهم النور المرشش على الأرواح فى بدء الخلقة فضلوا فى ظلمات الطبيعة وما اهتدوا الى نور الشريعة وقهر نفوس المؤمنين بانوار الشريعة فاخرجهم من ظلمات الطبيعة بالقيام على طاعته وقهر قلوب المحبين بلوعات الاشتياق فآنسها بلطف مشاهده وقهر أرواح الصديقين بسطوات تجلى صفات جلاله وبالجملة لا ترى شيأ سواه الا وهو مقهور تحت اعلام عزته وذليل فى ميادين صمديته فعلى العبد ان يعرف مولاه ويشتغل بعبوديته وهو الله تعالى الذي خلق كل شىء وأوجده وقهره- وحكى- عن الشيخ عبد الواحد بن زيد قدس سره قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الصنم فقلنا له ان آلهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا بآله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه وفى الاحياء والأموات قضاؤه تقدست أسماؤه وجلت عظمته وكبرياؤه قال ومن أعلمكم بهذا قلنا وجه إلينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال ما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه الملك اليه واختار له ما لديه قال فهل ترك عندكم من علامة قلنا نعم ترك عندنا كتابا للملك قال فارونى كتاب الملك فانه ينبغى ان تكون كتب الملوك حسانا فاتيناه بالمصحف فقال ما اعرف هذا فقرأنا عليه سورة فلم يزل يبقى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسلم وحسن إسلامه ثم مات بعد ايام على احسن حال والحمد لله الملك المتعال فى الغدو والآصال انه هو المعبود المقصود واليه يأول كل امر موجود قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً- روى- ان قريشا قالوا لرسول الله يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا ان ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فارنا من يشهد انك رسول الله فانهم انكروك فانزل الله تعالى هذه الآية امر حبيبه عليه السلام بان يقول لهم أي شىء أعظم من جهة الشهادة قُلِ اللَّهُ اى الله اكبر شهادة فشهادته اكبر من شهادة الخلق فان شهادة الخلق وعلومهم لا تحيط بحقائق الأشياء كلها والحق سبحانه هو الذي يحيط علمه بجميع حقائق الأشياء امر له عليه السلام بان يتولى الجواب بنفسه للايذان بتعينه وعدم قدرتهم على ان يجيبوا بغيره شَهِيدٌ اى هو شهيد بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ على صدقى وَأُوحِيَ إِلَيَّ من جهته تعالى هذَا الْقُرْآنُ الشاهد بصحة رسالتى لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ اى أخوفكم بما فيه من الوعيد ايها الموجودون وقت نزول القرآن وَمَنْ بَلَغَ عطف على ضمير المخاطبين اى بلغه القرآن من الانس والجن الى يوم القيامة قال محمد بن كعب القرطبي من بلغه القرآن فكأنما رأى محمدا عليه السلام وسمع منه أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ الجاء لهم الى الإقرار باشراكهم إذ لا سبيل لهم الى إنكاره لاشتهارهم به والاستفهام فيه للانكار والتوبيخ والمعنى بالفارسية [آيا شماييد كه

[سورة الأنعام (6) : الآيات 20 إلى 23]

گواهى ميدهيد] أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لهم لا أَشْهَدُ بذلك وان شهدتم به فانه باطل صرف قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ تكرير الأمر للتأكيد اى بل انما اشهد انه تعالى لا اله الا هو اى متفرد بالالوهية وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ به من الأصنام الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ جواب عما سبق من قولهم لقد سألنا عنك اليهود والنصارى والمراد بالموصول اليهود والنصارى وبالكتاب الجنس المتنظم للتوارة والإنجيل يَعْرِفُونَهُ اى محمدا عليه السلام بحليته ونعوته فى كتابهم كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ بحلاهم المعينة لهم- روى- ان رسول الله لما قدم المدينة قال عمر رضى الله عنه لعبد الله بن سلام انزل الله تعالى على نبيه هذه الآية فكيف هذه المعرفة فقال يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما اعرف ابني ولأنا أشد معرفة بمحمد منى با بنى لانى لا أدرى ما صنع النساء واشهد انه حق من الله تعالى فقال عمر وفقك الله يا ابن سلام الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ اى غبنوا أنفسهم من اهل الكتابين والمشركين بان ضيعوا فطرة الله التي فطر الناس عليها واعرضوا عن البينات الموجبة للايمان بالكلية وهو مبتدأ خبره قوله فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ لما انهم مطبوع على قلوبهم والفاء السببية تدل على ان تضييع الفطرة الاصلية والعقل السليم سبب لعدم الايمان قال البغوي وذلك ان الله تعالى جعل لكل آدمي منزلا فى الجنة ومنزلا فى النار فاذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل اهل النار فى الجنة ولاهل النار منازل اهل الجنة فى النار وذلك هو الخسران وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لوصفهم النبي المنعوت فى الكتابين بخلاف أوصافه عليه السلام فانه افتراء على الله تعالى وبقولهم الملائكة بنات وقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله ونحو ذلك اى لا أحد اظلم منه أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ كأن كذبوا بالقرآن وبالمعجزات وسموها سحرا وحرفوا التوراة وغيروا نعوته عليه السلام فان ذلك تكذيب بآياته وكلمة او للايذان بان كلا من الافتراء والتكذيب وحده بالغ غاية الافراط فى الظلم كيف وهم قد جمعوا بينهما فاثبتوا ما نفاه الله تعالى ونفوا ما أثبته إِنَّهُ اى الشان لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ اى لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب وإذا كان حال الظالمين هذا فما ظنك بمن فى الغاية القاصية من الظلم وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا يوم منصوب على الظرفية بمضمر مؤخر قد حذف إيذانا بضيق العبارة عن شرحه وبيانه والحشر جمع الناس الى موضع معلوم والضمير للكل وجميعا حال منه والمعنى ويوم نحشر الناس كلهم ثم نقول للمشركين خاصة للتوبيخ والتقريع على رؤس الاشهاد ما نقول كان من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرة المقال والعطف بثم للتراخى الحاصل بين مقامات يوم القيامة فى المواقف فان فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخ على حسب طول ذلك اليوم أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ اى آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله فالاضافة مجازية باعتبار اثباتهم الشركة لآلهتهم الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ اى تزعمونها شركاء شفعاء والزعم القول الباطل والكذب فى اكثر الكلام ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا الفتنة مرفوع على انه اسم تكن والخبر الا ان قالوا والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء وفتنتهم اما كفرهم مرادا به عاقبته اى لم تكن عاقبة كفرهم الذي التزموه مدة

[سورة الأنعام (6) : الآيات 24 إلى 27]

أعمارهم وافتخروا به شيأ من الأشياء إلا جحوده والتبري منه بان يقولوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ واما جوابهم عبر عنه بالفتنة لانه كذب وانما يقولون مع علمهم بانه بمعزل من النفع رأسا من فرط الحيرة والدهش كما يقولون ربنا أخرجنا منها وقد أيقنوا بالخلود انْظُرْ يا محمد كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ بانكار صدور الإشراك عنهم فى الدنيا وتعجب من كذبهم فانه امر عجيب وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ عطف على كذبوا داخل فى حيز انظر اى كيف زال وذهب وبطل افتراؤهم فانهم كانوا يفترون فى حق الأصنام انها شفعاؤهم عند الله تعالى فبطل ذلك بالكلية يوم القيامة وفى الآيات امور. الاول اطلاق لفظ الشيء على الله تعالى لكن بمعنى شاىء لا بمعنى مشيىء وجوده فهو الشائي المريد. والثاني انه يلزمه التبري من الشرك عقيب التوحيد قال المولى الشهير بأخي چلبى فى حواشى صدر الشريعة اسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبري من اليهودية والنصرانية بعد الإتيان بكلمتي الشهادة وبدون التبري لا يكونان مسلمين ولواتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا قولهما بانه رسول الله إليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الإسلام اما إذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فاتى بالشهادتين او قال دخلت دين الإسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته انتهى قال فى الدر المختصر فى صفة الايمان ان يقول ما أمرني الله تعالى به قبلته وما نهانى عنه انتهيت عنه فاذا اعتقد ذلك بقلبه وأقر بلسانه كان ايمانا صحيحا وكان مؤمنا بالكل انتهى وايمان المقلد صحيح عند الامام الأعظم الا انه يأثم بترك النظر والاستدلال وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله تعالى عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد. والثالث ان قوله تعالى كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ يشير الى ان الآباء قد تحقق عندهم انهم مصادر الأبناء ومبدأ وجود الأبناء منهم فكذلك اهل المعرفة تحقق عندهم ان الله تعالى مصدرهم ومبدأ وجودهم منه: قال الحافظ در مكتب حقائق و پيش اديب عشق ... هان اى پسر بكوش كه روزى پدر شوى خواب وخورت ز مرتبه خويش دور كرد ... آنكه رسى بخويش كه بي خواب وخور شوى فالوصول الى المبدأ القديم بعد العبور من جسر الوصف الحادث. والرابع ان النافع هو الايمان والتوحيد والصدق والإخلاص دون الشرك والكذب- يروى- ان المشركين إذا رأوا يوم القيامة مغفرة الله تعالى وتجاوزه عن اهل التوحيد قال بعضهم لبعض تعالوا نكتم الشرك لعلنا تنجو مع اهل التوحيد فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم بالكفر فلا يفلحون. وكذا اهل الرياء من اهل التوحيد يزعمون انهم على اليقين وكمال الإخلاص وأفعالهم الصادرة عن جوارحهم تدل على خلاف ذلك فانما خلق الله جهنم لتطهير اهل الشرك مطلقا لكن اهل الكفر مخلدون فافهم المقام واعلم ان الله تعالى واحد وكل شىء يشهد على وحدته وعلى هذه الوحدة يعرفه ويشاهده اهل المعرفة والمشاهدة فان كثرة الآثار لا تنافى الوحدة كالنواة مع الشجرة: قال الحافظ تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ إذا قرأت القرآن- روى- انه اجتمع ابو سفيان

[سورة الأنعام (6) : الآيات 26 إلى 27]

والوليد والنضر وعتبة وشيبة وابو جهل واضرابهم يستمعون تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا للنضر وكان صاحب اخبار يا أبا قتيلة ما يقول محمد فقال والذي جعلها بيته ما أدرى ما يقول الا انه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم عن القرون الماضية فقال ابو سفيان انى ارى بعض ما يقول حقا فقال ابو جهل كلا فنزلت فالضمير للمشركين وَجَعَلْنا اى انشأنا عَلى قُلُوبِهِمْ الضمير راجع الى من باعتبار المعنى أَكِنَّةً اى اغطية كثيرة لا يقادر قدرها خارجة مما يتعارفه الناس. جمع كنان بالكسر وهو ما يستر به الشيء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له بحذف المضاف اى كراهة ان يفقهوا ما يستمعون من القرآن المدلول عليه بذكر الاستماع وَجعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً اى صمما وثقلا كراهة ان يستمعوه حق الاستماع وهذا تمثيل معرب عن كمال جهلهم بشؤون النبي عليه السلام وفرط نبوّ قلوبهم عن فهم القرآن الكريم ومج أسماعهم له وهذا دليل على ان الله تعالى يقلب القلوب فيشرح بعضها للهدى ويجعل بعضها فى اكنة فلا تفقه كلام الله ولا تؤمن كما هو مذهب اهل السنة وفى الآية اشارة الى ان مكافاة من يستمع الى كلام الله تعالى او الى حديث النبي عليه السلام او الى كلمات ارباب الحقائق بالإنكار ليأخذوا عليها ويطعنوا فيها ان يجعل الله تعالى حجابا على قلوبهم وسمعهم حتى لا يصل إليهم أنوارها ولا يجدون حلاوتها ولا يفهمون حقائقها: قال المولى الجامى عجب نبود كه از قرآن نصيبت نيست جز حرفى ... كه از خورشيد جز كرمى نبيند چشم نابينا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ من الآيات القرآنية اى يشاهدوها بسماعها لا يُؤْمِنُوا بِها اى كفروا بكل واحدة منها وسموها سحرا وافتراء وأساطير لفرط عنادهم واستحكام التقليد فيهم حَتَّى ابتدائية ومع هذا لا مانع من ان تفيد معنى الغاية اى بلغ بهم ذلك المنع من فهم القرآن الى انهم إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ اى حال كونهم مجادلين لك يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى لا يكتفون بمجرد عدم الايمان بما سمعوا من الآيات الكريمة بل يقولون إِنْ هذا اى ما هذا القرآن إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى أباطيلهم وأكاذيبهم. جمع اسطورة بالضم كالاضاحيك والأعاجيب جمع اضحوكة واعجوبة: وفى المثنوى چون كتاب الله بيامد هم بران ... اين چنين طعنه زدند آن كافران «1» كه أساطير است وافسانه نژند ... نيست تعميقى وتحقيقي بلند تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند غير طين «2» وَهُمْ اى الكفار يَنْهَوْنَ الناس عَنْهُ اى عن القرآن والايمان به وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ اى يتباعدون عنه بانفسهم إظهارا لغاية نفورهم منه وتأكيد لنهيهم عنه فان اجتناب الناهي عن المنهي عنه من متممات النهى ولعل ذلك هو السر فى تأخير النأى عن النهى. والنأى البعد وَإِنْ يُهْلِكُونَ اى ما يهلكون بالنهى والنأى إِلَّا أَنْفُسَهُمْ لان ضرره عليهم وَما يَشْعُرُونَ اى والحال انهم ما يعلمون اى لا باهلاك أنفسهم ولا باقتضاء ذلك عليها من غير ان يضروا بذلك شيأ من القرآن والرسول والمؤمنين وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ الخطاب

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان ذكر بداند بشيدن قاصر فهمان إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ

[سورة الأنعام (6) : الآيات 28 إلى 32]

اما لرسول الله صلى الله عليه وسلم او لكل أحد من اهل المشاهدة والعيان. والوقف الحبس وجواب لو ومفعول ترى محذوف اى لو تراهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها لرأيت ما لا يساعده التعبير فَقالُوا يا للتنبيه لَيْتَنا نُرَدُّ الى الدنيا وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا القرآنية وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بها العاملين بمقتضاها حتى لا نرى هذا الموقوف الهائل ونصب الفعلين على جواب التمني بإضمار ان بعد الواو وإجرائها مجرى الفاء والمعنى ان رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ اى ليس الأمر على ما قالوه من انهم لوردوا الى الدنيا لآمنوا فان التمني الواقع منهم يوم القيامة ليس لاجل كونهم راغبين فى الايمان بل لانه ظهر لهم فى موقفهم ذلك ما كانوا يخفون فى الدنيا وهى النار التي وقفوا عليها والمراد بإخفائها تكذيبهم لها فان التكذيب بالشيء كفر به وإخفاء له محالة وَلَوْ رُدُّوا الى الدنيا فرضا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ من الشرك ونسوا ما عاينوه بالكلية لاقتصار انظارهم على الشاهد دون الغائب كابليس قد عاين من آيات الله تعالى ثم عاند فلاراد لما قضاه الله تعالى ولا مبدل لما حكم فى الأزل وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ اى لقوم ديدنهم الكذب فى كل ما يأتون وما يذرون وبهذه الآية يفتى بقتل اهل البغي والفساد إذ لا يؤمن من ان يعودوا لما نهوا عنه: وفى المثنوى آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نه ز عقل روشنى چون كنج بود چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه وندم ميكند او توبه و پير خرد ... بانكه لوردوا لعادوا ميزند وَقالُوا عطف على عادوا داخل فى حير الجواب إِنْ هِيَ اى ما الحياة فالضمير للحياة فان من الضمائر ما يذكر مبهما ولا يعلم ما يرجع اليه لا بذكر ما بعده إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بعد ما فارقنا هذه الحياة كأن لم يروا ما رأوا من الأحوال التي أولها البعث والنشور وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ اى حبسوا للسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يدى سيده للعتاب والجواب محذوف اى لرأيت امرا عظيما قالَ لهم على لسان الملائكة موبحا وهو استئناف أَلَيْسَ هذا البعث والحساب بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا انه لحق قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ الذي عاينتموه بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ اى بسبب كفركم فى الدنيا بذلك. وخص لفظ الذوق للاشارة الى ان ما يجدونه من العذاب فى كل حال هو ما يجده الذائق لكون ما يجدون بعده أشد من الاول قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ اى قد غبن الذين كذبوا بالبعث بعد الموت حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ غاية لتكذيبهم لا لخسرانهم فانه أبدى لاحد له بَغْتَةً حال من فاعل جاءتهم اى باغتة مفاجئة والبغت والبغتة مفاجأة الشيء بسرعة من غير ان يشعر به الإنسان حتى لو كان له شعور بمجيئه ثم جاءه بسرعة لا يقال فيه بغتة والوقت الذي تقوم فيه القيامة يفجأ الناس فى ساعة لا يعلمها أحد الا الله تعالى فلذلك سميت ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافته الأنفاس والمعنى انهم قد كذبوا الى ان ظهرت الساعة بغتة فان قيل انما يكذبون الى ان يموتوا

والجواب ان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فمن انتهى تكذيبه الى هذا الوقت صدق انه كذب الى ان ظهرت الساعة بغتة ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (من مات فقد قامت قيامته) قالُوا جواب إذا يا حَسْرَتَنا الحسرة هى شدة الندم والتألم ونداؤها مجاز لان الحسرة لا يتأتى منها الإقبال وانما المعنى على المبالغة فى شدة التحسر كأنهم نادوا الحسرة وقالوا ان كان لك وقت فهذا أوان حضورك ومثله يا ويلتنا والمقصود التنبيه على خطأ المنادى حيث ترك ما أحوجه تركه الى نداء هذه الأشياء عَلى ما فَرَّطْنا فِيها اى على تفريطنا فى شان الساعة وتقصيرنا فى مراعاة حقها والاستعداد لها بالايمان بها واكتساب الأعمال الصالحة فعلى متعلق بالحسرة وما مصدرية والتفريط التقصير فى الشيء مع القدرة على فعله وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ حال من فاعل قالوا. والأوزار جمع وزر وهو فى الأصل الحمل الثقيل يقال وزرته اى حملته ثقيلا ومنه وزير الملك لانه يتحمل أعباء ما قلده الملك من مؤونة رعيته وحشمه سمى به الإثم والذنب لغاية ثقله على صاحبه والحمل من توابع الأعيان الكشفية لا من عوارض المعاني فلا يوصف به العرض الا على سبيل التمثيل والتشبيه وذكر الظهور كذكر الأيدي فى قوله تعالى فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فان المعتاد حمل الأثقال على الظهور كما ان المألوف هو الكسب بالأيدي. والمعنى انهم يتحسرون على ما لم يعملوا من الحسنات والحال انهم يحملون أوزار ما عملوا من السيئات أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ اى بئس شيأ يزرون اى يحملون وزرهم قال السدى وغيره ان المؤمن إذا خرج من قبره استقبله احسن شىء صورة وأطيبه ريحا فيقول هل تعرفنى فيقول لا فيقول انا عملك الصالح فاركبنى فقد طالما ركبتك فى الدنيا فذلك قوله تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً اى ركبانا. واما الكافر فيستقبله أقبح شىء صورة وأنتنه ريحا فيقول هل تعرفنى فيقول لا فيقول انا عملك الخبيث طالما ركبتنى فى الدنيا وانا اليوم أركبك فهو معنى قوله تعالى وَهُمْ يَحْمِلُونَ إلخ فيكون الحمل على حقيقته لان للاعمال صورا تظهر فى الآخرة وان كان نفسها إعراضا واعلم ان الأوزار كثيرة لكن ذنب الوجود فوق الكل إذ هو الباعث على سائر الأوزار وهو ثقل مانع عن السلوك فعلى السالك ان يتوب عن الكل ويفنى فى طريق الحق فناء كليا: قال الحافظ فكر خود ورأى خود در عالم رندى نيست ... كفرست درين مذهب خود بينى وخود رأيى قال بعضهم لا يمكن الخروج من النفس بالنفس وانما يمكن الخروج من النفس بالله تعالى قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن على الترمذي الحكيم قدس سره ذكر الله تعالى يرطب القلب ويلينه فاذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسا ويبس وامتنعت الأعضاء من الطاعة فاذا مددتها انكسرت كالشجرة إذا يبست لا تصلح الا للقطع وتصير وقودا للنار أعاذنا الله منها فالذكر والتوحيد والاتباع الى اهله هو اصل الأصول- حكى- عن على بن الموفق انه قال حججت سنة من السنين فى محمل فرأيت رجالا فاحببت المشي معهم فنزلت واركبت واحدا فى المحمل ومشيت معهم فتقدمنا الى البرية وعدلنا عن الطريق فنمنا

[سورة الأنعام (6) : آية 32]

فرأيت فى منامى جوارى معهن طشوت من ذهب وأباريق من فضة يغسلن ارجل المشاة فبقيت انا فقالت إحداهن لصواحبها أليس هذا منهم قلن هذا له محمل فقالت بلى هو منهم لانه أحب المشي معهم فغسلن رجلى فذهب عنى كل تعب كنت أجده هذه حال من مشى مع ولى باعتقاد صحيح فكيف مع نبى فلو ان كفار مكة ومشركى العرب استمعوا الى النبي عليه السلام واتبعوا الذكر الذي انزل اليه لنجوا واسقطوا كل حمل عن ظهورهم ومشوا الى جنة الفردوس لكن الله تعالى يهدى من يشاء وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا على حذف المضاف اى ما اعمال الدنيا اى الأعمال المتعلقة بها من حيث هى هى إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ يلهى الناس ويشغلهم بمنفعته الزائلة عن الايمان والعمل الصالح المؤدى الى اللذة الدائمة واللعب عما يشغل النفس وينفرها عما تنتفع به واللهو صرفها عن الجد الى الهزل وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ التي هى محل الحياة الاخرى خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الكفر والمعاصي لان منافعها خالصة عن المضار ولذاتها غير منغصة بالآلام مستمرة على الدوام أَفَلا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر اى أتغفلون فلا تعقلون أي الامرين خير. وسميت الدنيا بالدنيا لدنوها قبل الآخرة او لدناءتها. وسميت الآخرة بالآخر لتأخرها عن خلقها وانما جعل الله الآخرة غائبة عن الابصار لانها لو كانت حاضرة لما جحدوها ولارتفعت التكاليف والمحن فجعل ما على الأرض زينة للابتلاء وحقيقة الدنيا ما يشغلك عن ربك قال اهل التحقيق السموات والأرضون وما فيهما من عالم الكون والفساد يدخل فى حد الدنيا. واما العرش والكرسي وما يتعلق بهما من الأعمال الصالحة والأرواح الطيبة والجنة وما فيها فمن حد الآخرة وفى الخبر القدسي لما خلق الله الدنيا خاطبها بقوله (يا دنيا اخدمي من خدمنى وأتعبي من خدمك) ولهذا كانت الدنيا تجيىء لبعض أوليائه وتكنس داره فى صورة العجوز ولبعض أوليائه تجيىء كل يوم برغيف فان قلت ان الله تعالى خلق هذه الدنيا للمؤمن فلم امر بالزهد فيها قلت السكر إذا نثر على رأس الختن لا يلتقطه لعلو همته ولو التقطه لكان عيبا وفى الحديث (جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس) والضيف إذا كان حكيما لا يشبع من الطعام رجاء الحلواء- حكى- ان قاضيا من اهل بغداد كان مارا بزقاق كلخان مع خدمه وحشمه كالوزير فطلع الكلخانى وهو يهودى فى صورة جهنمى كأن القطران يقطر من جوانبه فأخذ بلجام بغلة القاضي فقال أيد الله القاضي ما معنى قول نبيكم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) أما ترى ان الدنيا جنة لك وأنت مؤمن محمدى والدنيا سجن لى وانا كافر يهودى والحديث دلالته بالعكس فاجاب القاضي وكان من فضلاء الدنيا وما ترى من زينتها وحشمتها سجن لى بالنسبة الى ما وعد الله فى الجنة وجنة لك بالنسبة الى الدركات المعودة فى النيران قيل مثل الدنيا والآخرة مثل رجل له امرأتان ان ارضى إحداهما أسخط الاخرى واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الآخرة والغموم والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله تعالى نه عمر خضر بماند نه ملك إسكندر ... نزاع بر سر دنياى دون مكن درويش

فالدنيا لا تبقى والآخرة خير وأبقى- يحكى- ان جعفر بن سليمان رحمه الله قال مررت انا ومالك ابن ذينار رضى الله عنه بالبصرة فبينما ندور فيها مررنا بقصر يعمر وإذا بشاب حسن يأمر ببناء القصر ويقول افعلوا واصنعوا فدخلنا عليه وسلمنا فرد السلام قال مالك كم نويت ان ننفق على هذا القصر قال مائة الف درهم قال ألا تعطينى هذا المال فاضعه فى حقه واضمن لك على الله تعالى قصرا خيرا من هذا القصر بولدانه وخدمه وقبابه وخيمه من ياقوتة حمراء مرصع بالجوهر ترابه الزعفران ملاطه المسك لم تمسه يدان ولم يبينه بان قال له الجليل سبحانه كن فكان فاثر فى الشاب كلامه فاحضر البدر ودعا بدواة وقرطاس ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ضمن مالك بن دينار لفلان بن فلان انى ضمنت لك على الله قصرا بدل قصرك صفته كما وصفت والزيادة على الله واشتريت لك بهذا المال قصرا فى الجنة افسح من قصرك فى ظل ظليل بقرب العزيز الجليل ثم طوى الكتاب ودفعه الى الشاب وأنفق ما اخذه من المال على الفقراء وما اتى على الشاب أربعون ليلة حتى مات ووصى ان يجعل الكتاب بين كفنه وبدنه ووجد مالك ليلة وفاته كتابا موضوعا فى المحراب فاخذه ونشره فاذا هو مكتوب بلا مداد هذه براءة من الله العزيز الحكيم مالك بن دينار وفينا الشاب القصر الذي ضمنته له وزيادة سبعين ضعفا: وفى المثنوى هر كه پايان بين ترا ومسعود تر ... جدترا وكارد كه افزون ديد بر «1» زانكه داند كين جهان كاشتن ... هست بهر محشر وبرداشتن آخرت قطار اشتران بملك ... در تبع دنياش همچون بشم و پشك «2» پشم بگزينى شتر نبود ترا ... وربود اشتر چهـ قيمت پشم را يعنى ان اخترت الدنيا التي هى كصفوف الجمل وآثرتها على الآخرة التي هى كنفس الجمل تكون محروما من الآخرة كما ان من اختار الصوف يحرم من الجمل بخلاف من كان الجمل ملكا فانه لا قيمة عنده لصوفه ولا زغبه وقال قدس سره فى محل آخر باز كونه اى أسيران جهان ... نام خود كرديد أميران جهان «3» اى تو بنده اين جهان محبوس جان ... چند كويى خويش را خواجه جهان تخته بندست آنكه تختش خوانده ... صدر پندارى وبر در مانده «4» پادشاهى نيستت بر ريش خود ... پادشاهى چون كنى بر نيك وبد بي مراد تو شود ريشت سپيد ... شرم دار از ريش خود اى كژ اميد افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «5» كون ميكويد بيا من خوش پى أم ... وان فسادش كفته رو من لا شى أم «6» اى ز خوبىء بهاران لب كزان ... بنكر آن سردى وزردىء خزان روز ديدى طلعت خورشيد خوب ... مرك او را ياد كن وقت غروب بدر را ديدى برين خوش چار طاق ... حسرتش را هم ببين وقت محاق كودكى از حسن شد مولاى خلق ... بعد فردا شد خرف رسواى خلق

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان كفتن خليل مر جبرئيل را إلخ (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان اختيار كردن پادشاه دختر درويش إلخ (3) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او كل سر إلخ (4) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام رسولان بلقيس را إلخ (5) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون (6) در اواسط دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا ريزبان حال

[سورة الأنعام (6) : الآيات 33 إلى 37]

اى بديده لونها چرب وخيز ... فضله آنرا ببين در آب ريز مر خبث را كو كه آن خوبيت كو ... بر طبق آن زوق وآن نغزى وبو پس انامل رشك استادان شده ... در صناعت عاقبت لرزان شده نركس چشم خمار همچوجان ... آخر اعمش بين وآب از وى چكان حيدرى كاندر صف شيران رود ... آخر او مغلوب موشى ميشود زلف جعد مشكبار عقل بر ... آخر آن چون ذنب زشت خنك وخر خوش ببين كونش ز أول با كشاد ... وآخر آن رسواييش ببين وفساد والاشارة الحياة التي تكون بالتمتعات الدنيوية النفسانية كلعب الصبيان ولهو اهل العصيان تزيد فى الحجب والسير من البشرية الى الروحانية بترك الشهوات والاعراض عن غير الحق والإقبال على الله خير للذين يتقون عما سوى الله بالله أفلا تعقلون ان الله تعالى خلقكم لهذا الشأن لا لغيره كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي اللهم احفظنا من تضييع العمر واهدنا الى حقيقة الأمر انك أنت الوهاب الهادي قَدْ نَعْلَمُ قد هنا للتكثير والمراد بكثرة علمه تعالى كثرة نعلقه إِنَّهُ اى الشان لَيَحْزُنُكَ يا محمد الَّذِي يَقُولُونَ فاعل يحزنك والعائد محذوف اى الذي يقوله كفار مكة وهو ما حكى عنهم من قولهم إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ونحو ذلك فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ اى لا تعتد بما يقولون وكله الى الله تعالى فانهم فى تكذيبهم آيات الله لا يكذبونك فى الحقيقة وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ اى ولكنهم يكذبون بآيات الله وينكرونها فما يفعلون فى حقك فهو راجع الىّ فى الحقيقة لانك فان عما سوى الله باق بالله وانا انتقم منهم لا محالة أشد انتقام والمراد بالظلم جحودهم والجحود عبارة عن الإنكار مع العلم بخلافه والباء متعلقة بالفعل والتقديم للقصر يقال جحد حقه وبحقه إذا أنكره وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان البلية إذا عمت طابت اى وبالله لقد كذبت من قبل تكذيبك رسل أولوا شأن خطير وذوا عدد كثير او كذبت رسل كانوا من زمان قبل زمانك فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا اى على تكذيبهم وإيذائهم حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا اى كان غاية صبرهم نصرالله تعالى إياهم فتأس بهم واصطبر على مانا لك من قومك والنصر الموعود للصابرين يحتمل ان يكون بطريق اظهار الحجج والبراهين ويحتمل ان يكون بطريق القهر والغلبة او باهلاك الأعداء: قال الحافظ اى دل صبور باش ومخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح كردد واين شب سحر شود وقال ايضا كرت چونوح نبى صبر هست برغم طوفان ... بلا بگردد وكام هزار ساله بر آيد وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ اى مواعيده بالنصرة والغلبة كما قال تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ اى من خبرهم ما يسكن به قلبك وهو نصره تعالى إياك وقال المولى ابو السعود والجار

[سورة الأنعام (6) : الآيات 35 إلى 37]

والمجرور فى محل الرفع على انه فاعل اما باعتبار مضمونه اى بعض نبأ المرسلين او بتقدير الموصوف اى بعض من نبأ المرسلين وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ اى عظم عليك وشق اعراضهم عن الايمان بما جئت به من القرآن وعدم عدهم له من قبيل الآيات وأحببت ان تحبيبهم الى ما سألوا اقتراحا لحرصك على إسلامهم فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً اى سربا ومنفذا فِي الْأَرْضِ تنفذ فيه الى جوفها قال ابن الشيخ النفق سرب فى الأرض له مخلص الى مكان آخر ومنه نافقاء اليربوع لان اليربوع يخرق الأرض الى القعر ثم يصعد من ذلك الى وجه الأرض من جانب آخر أَوْ سُلَّماً مصعدا فِي السَّماءِ تعرج به فيها فَتَأْتِيَهُمْ منها بِآيَةٍ مما اقترحوه والجواب محذوف اى فافعل وجملة الشرطية الثانية جواب للشرطية الاولى والمقصود بيان حرصه البالغ على اسلام قومه وانه لو قدر ان يأتيهم بآية من تحت الأرض او من فوق السماء لاتى بها رجاء لايمانهم وإيثار الابتغاء على الاتخاذ ونحوه للايذان بان ما ذكر من النفق والسلم مما لا يستطاع ابتغاؤه فكيف باتخاذه وَلَوْ شاءَ اللَّهُ هدايتهم لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى ولكن لم يشأ ذلك لعدم صرف اختيارهم الى جانب الهدى مع تمكنهم منه ومشاهدتهم للآيات الداعية اليه فلم يؤمنوا فلا تتهالك عليه فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ بالحرص على ما لا يكون والجزع فى مواطن الصبر فان ذلك من دأب الجهلة بدقائق شؤونه تعالى التي من جملتها ما ذكر من عدم تعلق مشيئته تعالى بايمانهم. وفى الآية تربية وتأديب للنبى عليه السلام من الله تعالى كما قال عليه السلام (ان الله أدبني فاحسن تأديبى) لئلا يبالغ فى الشفقة على غير أهلها إِنَّما يَسْتَجِيبُ اى يقبل دعوتك الى الايمان الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ما يلقى إليهم سماع فهم وتدبر دون الموتى الذين هؤلاء منهم: قال الحافظ كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود وَالْمَوْتى اى الكفار شبههم بهم فى عدم السماع يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ من قبورهم ثُمَّ إِلَيْهِ تعالى لا الى غيره يُرْجَعُونَ اى يردون للجزاء فحينئذ يستجيبون واما قبل ذلك فلا سبيل اليه وَقالُوا اى رؤساء قريش لَوْلا تحضيضية بمعنى هلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ كالناقة والعصا والمائدة من الخوارق الملجئة الى الايمان قُلْ لهم إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً كما اقترحوا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان نزولها بلاء عليهم لوجوب هلاكهم ان جحدوها اعلم ان الناس فى الأديان على اربعة اقسام. سعيد بالنفس والروح فى لباس السعادة وهم الأنبياء واهل الطاعة. والثاني شقى بالنفس فى لباس الشقاوة وهم الكفار والمصرون على الكبائر. والثالث شقى بالنفس فى لباس السعادة مثل بلعم بن باعورا وبر صيصا وإبليس. والرابع سعيد بالنفس فى لباس الشقاوة كبلال وصهيب وسلمان فى أوائل أمرهم ثم بدل لباسهم بلباس التقوى والهداية فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى خلق الخلق سعيدا وشقيا وقال وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ قلنا قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ان الله تعالى علم فى الأزل ان فلانا فى خلقه يعصى لعدم سبق استعداده للسعادة فجعله شقيا لسبق القضاء عليه بمقتضى استعداده فى الأعيان الثابتة ومظهرية

[سورة الأنعام (6) : الآيات 38 إلى 42]

استعداده لشؤون الجلال كأنه سأل بلسان الاستعداد كونه شقيا يسأله من فى السموات والأرض بلسان القال والحال والاستعداد كل يوم هو فى شأن يفيض ويعطى كل شىء ما يستعد من السعادة والشقاوة على حسب الاستعدادات فى الأعيان الثابتة الغيبية العلمية وعلم سبحانه وتعالى ان عبده يطيع فجعله سعيدا اى بمقتضى استعداده للسعادة الإجمالي والقابلية المودعة فى النشأة الانسانية بقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فتلك الاجابة منهم تدل على الاستعداد السعادى الأزلي فلو لم يكن ذلك لما صح عليهم التكليف والخطاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب فاذا عرفت ان الإنسان سعيد وشقى فاستعداد السعيد لا يعطى الا الأقوال المرضية والافعال الحسنة والأخلاق الحميدة التي تورث الانبساط واستعداد الشقي لا يعطى الا التي تورث الانقباض فلذا امر الله تعالى حبيبه بالصبر وتحمل الإيذاء من اهل الشقاوة والقهر والجلال والابتلاء فى الدنيا سبب للغفران وتكميل الدرجات التي لا تنال فى الجنان الا على قدر البلاء وفى الخبر (ان فى الجنة مقامات معلقة فى الهواء يأوى إليها اهل البلاء كالطير الى وكره ولا ينالها غيرهم) وان الرجل يبتلى على حسب دينه فان كان فى دينه صلابة اشتد بلاؤه وان كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى وما عليه خطيئة والبلاء سوط الله على عباده كيلا يركنوا الى الدنيا ولا يشغلوا بها ويفروا الى الله من ضرب سوطه كما يفر الخيل الى مستقره والآخرة هى دار القرار ما بلا را بكس عطا نكنيم ... تا كه نامش ز أوليا نكنيم وبالجملة فمن ابتلى بشىء من المصائب والبلايا فالعاقبة حميدة فى الصبر وبالصبر يكون من الامة المرحومة حقيقة ويدخل فى اثر النبي عليه السلام وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ من زائدة لتأكيد الاستغراق وفى متعلقة بمحذوف هو وصف الدابة اى وما فرد من افراد الدواب يستقر فى قطر من أقطار الأرض وَلا طائِرٍ من الطيور فى ناحية من نواحى الجوّ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ كما هو المشاهد المعتاد. فقيد الطيران بالجناح تأكيد كما يقال نظرت بعيني وأخذت بيدي او هو قطع لمجاز السرعة لانه يقال طار فلان فى الأرض اى اسرع إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ محفوظة أحوالها مقدرة أرزاقها وآجالها ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ يقال فرط فى الشيء ضيعه وتركه اى ما تركنا فى القرآن شيأ من الأشياء المهمة التي بينا انه تعالى مراع فيها لمصالح جميع مخلوقاته على ما ينبعى بل قد بينا كل شىء اما مفصلا او مجملا اما المفصل فكقوله تعالى أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ واما المجمل فكقوله تعالى ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا- روى- ان الامام الشافعي كان جالسا فى المسجد الحرام فقال لا تسألونى عن شىء الا أجيبكم فيه من كتاب الله تعالى فقال رجل ما تقول فى المحرم إذا قتل الزنبور فقال لا شىء عليه فقال اين هذا فى كتاب الله فقال قال الله تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ الآية ثم ذكر اسنادا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) ثم ذكر اسنادا الى عمر رضى الله انه قال (للمحرم قتل الزنبور) ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ اى الأمم يُحْشَرُونَ يوم القيامة الى ربهم لا الى غيره فيقضى

[سورة الأنعام (6) : آية 39]

بينهم وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اى القرآن صُمٌّ لا يسمعونها سمع تدبر وفهم فلذلك يسمعونها أساطير الأولين ولا يعدونها من الآيات ويقترحون غيرها. وهو جمع أصم والمقصود تشبيه حالهم بحال الأصم لكن حذف حرف التشبيه للمبالغة وَبُكْمٌ لا يقدرون على ان ينطقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون دعوتك. وهو جمع ابكم فِي الظُّلُماتِ اى ظلمات الكفر خبر ثالث للمبتدأ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ إضلاله اى ان يخلق فيه الضلال يُضْلِلْهُ اى يخلقه فيه لكن لا ابتداء بطريق الجبر من غير ان يكون له دخل ما فى ذلك بل عند صرف اختياره الى كسبه وتحصيله وَمَنْ يَشَأْ هدايته يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا يضل من ذهب اليه ولا يزل من ثبت قدمه عليه وفى الآيات امور الاول ان غير الإنسان من الأمم ايضا وفى الحديث (لولا ان الكلاب امة لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم) وذلك لان الكلب الأسود شيطان لكونه اعقر الكلاب واخبثها وأقلها نفعا وأكثرها نعاسا ومن هذا قال احمد بن حنبل لا يخل الصيد به والاشارة ان ما يدب فى ارض البشرية ويتحرك كالسمع والبصر واللسان والأعضاء كلها والنفس وصفاتها وكذا ما يطير بجناحي الشريعة والطريقة كالقلب والروح وصفاتها امم أمثالكم فى السؤال عن أفعالهم وأحوالهم يدل عليه قوله تعالى إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا والثاني ان الحشر عام كما قال ابو هريرة رضى الله عنه يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شىء فيأخذ للجماء من القرناء كما فى الحديث (لتؤدن الحقوق الى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) اى يقتص للشاة التي لا قرن لها من التي لها قرن قال ابن ملك وفيه دلالة على حشر الوحوش كما قال الله تعالى وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ لكن القصاص فيها قصاص مقابلة لا قصاص تكليف انتهى. ثم يقال للبهائم والوحوش والطيور كونى ترابا فتكون ترابا مثل تراب ارض ذلك العالم وعند ذلك يتمنى الكافر ويقول الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً قال الحدادي والمراد بهذا الافناء للبهائم بعد ان أحياها انه إفناء لا يكون فيه الم والثالث ان الذين ختم الله على قلوبهم فهم كالاصم والأبكم الاصليين ومن خاصة الأبكم ان يكون أصم: كما قال فى المثنوى دائما هر كرا صلى كنك بود ... ناطق آنكس شد كه از مادر شود «1» چون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد بست آن جمله را «2» جز مكر مرغى كه بد بي جان و پر ... يا چوماهى كنك بود از اصل كر نى غلط كفتم كه كركر سر نهد ... پيش وحي كبريا سمعش دهد فقلوب الخلق بيد الله تعالى يصرفها كيف يشاء- روى- ان كفار مكة اجتمعوا على قتل النبي عليه السلام فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم إبليس فقال لماذا اجتمعتم فاخبروه بالقصة فقال لابى جهل يا أبا الحكم لو انك حملت صنمك وآلهك الذي تعبده ووضعته بين يدى محمد وسجدت له ربما يسمع محمد منه شيأ وكان صنمه مرصعا بالجوهر والياقوت فحمل ابو جهل صنمه ووضعه بين يدى النبي عليه السلام وسجد له. وقال الهى نعبدك ونتقرب إليك هذا محمد شتمنا بسببك ونطمع منك ان تنصرنا وتشتم محمدا فاخذ الصنم يتحرك ويتكلم ويشمّ

_ (1) در أواخر دفتر چهارم در بيان آنكه روح حيوانى وعقل جز دمى إلخ. (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ.

[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 إلى 42]

فدخل فى قلب النبي عليه السلام شىء ورجع الى بيت خديجة فلم يلبث ان دق الباب فاذا شاب دخل وبيده سيف فسلم وقال مرنى يا رسول الله حتى امتثل أمرك فقال عليه السلام (من أنت) قال انا من الجن قال (كم تبلغ قوتك) قال اقدر ان اقلع جبلى حراء وابى قبيس وارميهما فى البحر قال (من اين أقبلت الساعة) قال كنت فى جزيرة البحر السابع إذ أتاني جبرائيل فقال أدرك فلانا الشيطان دخل فى الصنم وشتم النبي عليه السلام فاقتله بهذا السيف فادركته فى الأرض الرابعة فقتلته فقال له عليه السلام (ارجع فانى استعين بربي من عدوى) وقال الشاب لى إليك حاجة هى ان ترجع الى مكان كنت فيه أمس فانهم يستخبرون ذلك الصنم ثانيا فرجع فى الغد ومعه أبو بكر الصديق فجاء ابو جهل مع صنمه ففعل كما فعل بالأمس فاخذ الصنم يتحرك ويقول لا اله الا الله محمد رسول الله وانا صنم لا انفع ولا أضر ويل لمن عبدنى من دون الله فلما سمعوا ذلك قام ابو جهل وكسر صنمه وقال ان محمدا سحر الأصنام فظهر ان الله تعالى يقول الحق من ألسنة المظاهر ولكن لا يسمع المنافق والكافر قُلْ يا محمد لاهل مكة أَرَأَيْتَكُمْ الكاف حرف خطاب أكد به ضمير الفاعل المخاطب لتأكيد الاسناد لا محل له من الاعراب كالكاف فى إياك وذلك الكاف يدل على احوال المخاطب من الافراد والتذكير ونحوها فهو يطابق ما يراد به والتاء تبقى على حالة واحدة مفردة مفتوحة ابدا نحو أرأيتك أرأيتكما أرأيتكم ومبنى التركيب وان كان على الاستخبار عن الرؤية قلبية كانت او بصرية لكن المراد به الاستخبار عن متعلقها اى أخبروني فجعل العلم او الابصار الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وجعل الاستفهام الذي للتبكيت والإلجاء الى الإقرار مجازا عن الأمر بجامع الطلب إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ فى الدنيا كما اتى من قبلكم من الأمم أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ اى القيامة المشتملة على ذلك العذاب وهو العذاب الأخروي. والساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ هذا مناط الاستخبار ومحط التبكيت إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ جواب الشرط محذوف اى ان كنتم صادقين فى ان أصنامكم آلهة كما انها دعواكم المعروفة فاخبرونى أغير الله تدعون ان أتاكم عذاب الله فان صدقهم بهذا المعنى من موجبات اخبارهم بدعائهم غيره سبحانه بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ عطف على جملة منفية كأنه قيل لا غيره تعالى تدعون بل إياه تدعون فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ اى الى كشفه عطف على تدعون اى فيكشف اثر دعائكم إِنْ شاءَ كشفه فقبول الدعاء تابع لمشيئته تعالى فقد يقبله كما فى بعض دعواهم المتعلقة بكشف العذاب الدنيوي وقد لا يقبله كما فى بعض آخر منها وفى جميع ما يتعلق بكشف العذاب الأخروي الذي من جملته الساعة فانه تعالى لا يغفر ان يشرك به فلا يشاء فى الآخرة وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ عطف على تدعون ايضا اى تتركون ما تشركون به تعالى من الأصنام تركا كليا لما ركز فى العقول انه القادر على كشف العذاب دون غيره فالنسيان هنا بمعنى الترك لا بمعنى الغفلة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا رسلا إِلى أُمَمٍ كثيرة مِنْ قَبْلِكَ اى كائنة من زمان قبل زمانك فمن لابتداء الغاية فى الزمان على مذهب الكوفية مثل نمت

[سورة الأنعام (6) : الآيات 43 إلى 49]

من أول الليل وصمت من أول الشهر الى آخره وقال المحشى سنان چلبى من زائدة على قول من جوز زيادتها فى الموجب واما عند غيره فهى بمعنى فى كما فى قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَخَذْناهُمْ الفاء فصيحة تفصح ان الكلام مبنى على اعتبار الحذف اى فكذبوا رسلهم فأخذناهم بِالْبَأْساءِ اى بالشدة والفقر وَالضَّرَّاءِ اى الضر والآفات وهما صيغتا تأنيث لا مذكر لهما لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ اى لكى يدعوا الله فى كشفها بالتضرع والتذلل ويتوبوا اليه من كفرهم ومعاصيهم فَلَوْلا هلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا عذابنا تَضَرَّعُوا اى لم يفعلوا ذلك مع قيام المقتضى له فلولا يفيد اللوم والتنديم وذلك عند قيام الداعي الى الفعل وانتفاء العذر فى تركه وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ استدراك على المعنى اى لم يتضرعوا ولكن يبست وجفت قلوبهم ولو كان فى قلوبهم رقة وخوف لتضرعوا وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى حسن لهم الكفر والمعاصي بان أغواهم ودعاهم الى اللذة والراحة دون التفكر والتدبر ولم يخطر ببالهم ان ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم الا لاجله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ عطف على مقدر اى فانهمكوا فيه ونسوا ما ذكروا به من البأساء والضراء فلما نسوه فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ من فنون النعماء على منهاج الاستدراج حَتَّى ابتدائية ومع ذلك غاية لقوله فتحنا إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا اى صاروا معجبين بحالهم. فالفرح فرح البطر كفرح قارون بما أصابه من الدنيا أَخَذْناهُمْ بالعذاب بَغْتَةً اى فجأة ليكون أشد عليهم وقعا وأفظع هو لا كما قال اهل المعاني انهم انما أخذوا فى حال الراحة والرخاء ليكون أشد تحسرهم على ما فاتهم من حال السلامة والعافية فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ متحسرون غاية الحسرة آيسون من كل خير راجون فاذا للمفاجأة. والإبلاس بمعنى اليأس من النجاة عند ورود المهلكة والمعنى الحسرة والحزن فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى آخرهم بحيث لم يبق منهم أحد فالدابر يقال للتابع للشىء من خلفه كالولد للوالد يقال دبر فلان القوم يدبر دبرا ودبورا إذا كان آخرهم قال البغوي معناه انهم استؤصلوا بالعذاب فلم يبق منهم باقية ووضع الظاهر موضع الضمير للاشعار بعلة الحكم فان هلاكهم بسبب ظلمهم الذي هو وضع الكفر موضع الشكر واقامة المعاصي مقام الطاعات وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على إهلاكهم فان هلاك الكفار والعصاة من حيث انه تخليص لاهل العرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة يحق ان يحمد عليها لا سيما مع ما فيه من إعلاء كلمة الحق التي نطقت بها رسلهم عليهم السلام وفى الآيات امور. منها ان الله تعالى هو المرجع فى كل امر حال الاختيار والاضطرار والعاقل لا يلتجىء الى غيره تعالى لان ما سوى الله آلات واسباب والمؤثر فى الحقيقة هو الله تعالى فشأن المؤمن هو النظر الى بابه والاستعداد من جنابه حال السراء والضراء بخلاف الكافر فانه يفتح عينيه عند نزول الشدة والمقبول هو الرجوع اختيارا فان العبد المطيع لا يترك باب سيده على كل حال. ومنها ان الله تعالى يقلب الإنسان تارة من البأساء والضراء الى الراحة والرخاء وانواع الآلاء والنعماء واخرى يعكس الأمر كما يفعله الأب المشفق بولده

يخاشنه تارة ويلاطفه اخرى طلبا لصلاحه وإلزاما للحجة وازاحة للعلة ففى هذه المعاملة تربية له وفائدة عظيمة فى دينه ودنياه ان تفطن: قال الصائب نهاد سخت تو سوهان بخرد نمى كيد ... وكر نه پست وبلند زمان سوهانست ومنها ان الهلاك بقدر الاستدراج ونعوذ بالله تعالى من المكروه وفى الحديث (إذا رأيت الله تعالى يعطى عبدا فى الدنيا على معصية ما يحب فان ذلك منه استدراج) ثم قرأ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ الآية وفى التأويلات النجمية فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ اى من البلاء فى صورة النعماء لارباب الظاهر بالنعمة الظاهرة من المال والجاه والقبول والصحة وأمثالها ولارباب الباطن بالنعمة الباطنة من فتوحات الغيب واراءة الآيات وظواهر الكرامات ورؤية الأنوار وكشف الاسرار والاشراف على الخواطر وصفاء الأوقات ومشاهدة الروحانية وأشباهها مما يربى به أطفال الطريقة فان كثيرا من متوسطى هذه الطائفة تعتريهم الآفات فى أثناء السلوك عند سآمة النفس من المجاهدات وملالتها من كثرة الرياضات فيوسوسهم الشيطان وتسول لهم أنفسهم انهم قد بلغوا فى السلوك رتبة قد استغنوا بها عن صحبة الشيخ وتسليم تصرفاته فيخرجون من عنده ويشرعون فى الطلب على وفق أنفسهم فيقعون فى ورطة الخذلان وسخرة الشيطان فيريهم الأشياء الخارقة للعادة وهم يحسبون انها من نتائج العبادة وكان بعضهم يسير فى البادية وقد أصابه العطش فانتهى الى بئر فارتفع الماء الى رأس البئر فرفع رأسه الى السماء وقال اعلم انك قادر ولكن لا أطيق هذا فلو قيضت لى بعض الاعراب يصفعنى صفعا ويسقينى شربة ماء كان خيرا لى ثم انى اعلم ان ذلك الرفق ليس من جهته وقال الشيخ ابو عبد الله القرشي قدس سره من لم يكن كارها لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهى حجاب فى حقه وسترها عنه رحمة. ومنها ان العجب مذموم مهلك وفى الحديث (ثلاث مهلكات شح مطاع وهى متبع وإعجاب المرء بنفسه مرد معجب ز اهل دين نبود ... هيچ خود بين خداى بين نبود بيخبر از جهان ومست يكيست ... خويشتن بين وبت پرست يكيست وعلاجه رؤية التوفيق من الله تعالى. ومنها ان النعمة لا بد لها من الحمد والشكر وفى الخبر الصحيح (أول من يدعى الى الجنة الحامدون لله على كل حال) ولما حمد نوح عليه السلام بقوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وجد السلامة حيث قال تعالى يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا فلا بد من الحمد على السلامة سواء كانت من جهة الدين او من جهة الدنيا إذ كل منهما نعمة ودخل رجل على سهل بن عبد الله فقال ان اللص دخل دارى وأخذ متاعى فقال اشكر الله لو دخل اللص قلبك وهو الشيطان وأفسد التوحيد ماذا كنت تصنع يقول الفقير جامع هذه المجالس الشريفة سئلت فى المنام عن معنى الحمد فقلت الحمد اظهار الكمال بتهيئة أسبابه فقال السائل وهو واحد من سادات المشايخ ما تهيئة الأسباب فقلت ان ترفع يديك الى السماء وتنظر الى جانب الملكوت وتظهر الخضوع والخشوع وان تثنى على الله تعالى ثناء حقا كما ينبغى

[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 إلى 49]

ثم استيقظت فجاء التفسير بحمد الله تعالى مشيرا الى مراتب الشكر: كما قال بعضهم الشكر قيد للنعم. مستلزم دفع النقم. وهو على ثلاثة قلب يد فاعلم وفم والحمد لله تعالى ولى الانعام على الاستمرار والدوام قُلْ يا محمد لاهل مكة أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني ايها المشركون فان الرؤية بصرية كانت او علمية سبب الاخبار كما سبق إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ اى اصمكم وَأَبْصارَكُمْ اى اعماكم بالكلية وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ بان غطى عليها ما يزول به عقلكم وفهمكم بحيث تصيرون مجانين مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ من استفهامية مبتدأ واله خبره وغير صفة له يَأْتِيكُمْ بِهِ اى بما اخذه منكم وهى صفة اخرى له والجملة متعلق الرؤية ومناط الاستخبار اى أخبروني ان سلب الله عنكم اشراف اعضائكم من أحد غير الله يأتيكم بها ومن المعلوم انه لا يقدر عليه الا الله سبحانه فهو المستحق للعبادة والتعظيم وهو احتجاج آخر على المشركين انْظُرْ يا محمد وتعجب كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ اى نكررها ونقررها مصروفة من اسلوب الى اسلوب تارة بترتيب المقدمات العقلية وتارة بطريق الترغيب والترهيب وتارة بالتنبيه والتذكير بأحوال المتقدمين قال الحدادي التصريف توجيه المعنى فى الجهات التي تظهرها أتم الإظهار ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ اى يعرضون عنها فلا يؤمنون وثم لاستبعاد صدفهم اى اعراضهم عن تلك الآيات بعد تصريفها على هذا النمط البديع الموجب للاقبال عليها قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ اى أخبروني ايها المشركون إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً اى ليلا او نهارا لما ان الغالب فيما اتى ليلا البغتة اى الفجأة وفى ما اتى نهارا الجهرة وهو المناسب لما فى سورة الأعراف من قوله تعالى أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ والقرآن يفسر بعضه بعضا وهو اللائح بالبال هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ الاستفهام بمعنى النفي ومتعلق الاستخبار محذوف اى أخبروني ان أتاكم عذابه العاجل الخاص بكم بغتة او جهرة كما اتى من قبلكم من الأمم ماذا يكون الحال ثم قيل بيانا لذلك هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ اى ما يهلك بذلك العذاب الخاص بكم الا أنتم ووضع المظهر موضع المضمر إيذانا بان مناط هلاكهم ظلمهم الذي هو وضعهم للكفر موضع الايمان وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ حالان مقدرتان من المرسلين اى ما نرسلهم الا مقدرا تبشيرهم وإنذارهم ففيهما معنى العلة الغائية قطعا اى لم نرسلهم لان يقترح عليهم الآيات ويتلهى بهم بل لان يبشروا قومهم بالثواب على الطاعة وينذروهم بالعقاب على المعصية التبشير الاخبار بالخبر السار والانذار الاخبار بالخبر الضار فَمَنْ آمَنَ بهم وَأَصْلَحَ عمله او دخل فى الصلاح فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من العذاب الذي انذروه دنيويا كان اواخر ويا وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ بفوات ما بشروا به من الثواب العاجل والآجل وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهى ما ينطق به الرسل عليهم السلام عند التبشير والانذار ويبلغونه الى الأمم يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ الأليم وأسند المس الى العذاب مع ان حقه ان يسند الى الاحياء لكونه من الافعال المسبوقة بالقصد والاختيار على طريق الاستعارة بالكناية فجعل كأنه حى يطلب إيلامهم والوصول إليهم بِما كانُوا يَفْسُقُونَ اى بسبب فسقهم المستمر الذي هو الإصرار على الخروج عن

[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 إلى 54]

التصديق والطاعة وفى الآيات ترغيب وترهيب: وفى الكلمات القدسية (يا ابن آدم لا تأمن مكرى حتى تجوز على الصراط) - روى- ان الله تعالى قال يا ابراهيم ما هذا الوجل الشديد الذي أراه منك فقال يا رب كيف لا اوجل وآدم ابى كان محله القرب منك خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأمرت الملائكة بالسجود له فبمعصية واحدة أخرجته من جوارك فاوحى الله تعالى اليه يا ابراهيم اما عرفت ان معصية الحبيب على الحبيب شديدة «وعن مالك ابن دينار قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون المجنون فقلت كيف حالك وكيف أنت قال يا مالك كيف يكون حال من امسى وأصبح يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولا زاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك فقال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى لم يحسن فيه عمل كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدرى بعد ذلك أصير الى الجنة أم الى النار فسمعت منه كلام حكمة فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال ما بي حنة ولكن حب مولاى خالط قلبى واحشائى وجرى بين لحمى ودمى وعظامى در ره منزل ليلى كه خطرهاست درو ... شرط أول قدم آنست كه مجنون باشى كاروان رفت وتو در خواب وبيابان در پيش ... كى روى ره ز كه پرسى چهـ كنى چون باشى وعلى تقدير الزلة فليبادر العاقل الى التوبة والاستغفار حتى يتخلص من عذاب الملك القهار كما قال تعالى فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا إلخ- روى- ان الملائكة تعرج الى السماء بسيئات العبد فاذا عرضوها على اللوح المحفوظ يجدون مكانها حسنات فيخرون على وجوههم ويقولون ربنا انك تعلم اننا ما كتبنا عليه الا ما عمل فيقول الله تعالى صدقتم ولكن عبدى ندم على خطيئته واستشفع الىّ بدمعته فغفرت ذنبه وجدت عليه بالكرم وانا أكرم الأكرمين فالايمان وإصلاح العمل والندم على الزلل سبب النجاة فى الدنيا والآخرة قال بعض الكبار ان الايمان والإسلام يمكن ان يكونا شيأ واحدا فى الحقيقة ولكن خص كل منهما بنوع مجازا عرفيا فكل ما كان فيه التصديق القلبي اطلق عليه الايمان لوجود اصل معناه فيه كمالا يخفى قُلْ يا محمد للكفرة الذين يقترحون عليك تارة تنزيل الآيات واخرى غير ذلك لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ اى لا ادعى ان خزائن مقدوراته تعالى مفوضة الىّ أتصرف فيها كيف أشاء استقلالا واستدعاء حتى تقترحوا علىّ تنزيل الآيات او إنزال العذاب او قلب الجبال ذهبا او غير ذلك مما لا يليق بشأنى فالخزانن جمع خزينة بمعنى مخزونة قال الحدادي وليس خزائن الله مثل خزائن العباد وانما خزائن الله تعالى خزائن مقدوراته التي لا توجد الا بتكوينه إياها ويجوز ان يكون جمع خزانة وهى اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء وخزن الشيء إحرازه بحيث لا تناله الأيدي وكانوا يقولون ان كنت رسولا من عند الله تعالى فوسع علينا منافع الدنيا وخيراتها فالمعنى لا ادعى ان مفاتح الرزق بيدي فاقبض وابسط وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ عطف على محل عندى خزائن الله ولا مزيده مذكرة للنفى اى ولا ادعى ايضا انى اعلم الغيب من أفعاله تعالى حتى تسألونى عن وقت

[سورة الأنعام (6) : آية 51]

الساعة او وقت نزول العذاب او نحوهما وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ من الملائكة حتى تكلفونى من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيق به البشر من الرقى الى السماء ونحوه او تعدوا عدم اتصافى بصفاتهم قادحا فى امرى كما ينبىء عنه قولهم مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ والمعنى انى لا ادعى شيأ من هذه الأشياء الثلاثة حتى تقترحوا علىّ ما هو من آثارها وأحكامها وتجعلوا عدم إجابتي الى ذلك دليلا على عدم صحة ما أدعية من الرسالة التي لا تعلق لها بشىء مما ذكر قطعا بل انما هى عبارة عن تلقى الوحى من جهته عز وجل والعمل بمقتضاه فحسب حسبما ينبىء عنه قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ اى ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ من غير ان يكون لى مدخل ما فى الوحى او فى الموحى بطريق الاستدعاء او بوجه آخر من الوجوه أصلا والوحى ثلاثة. ما ثبت بلسان الملك والقرآن من هذا القبيل. وما تبت باشارة الملك من غير ان يبينه بالكلام واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ان روح القدس نفث فى روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها) . والثالث ما تبدى لقلبه اى ظهر لقلبه بلا شبهة إلهاما من الله تعالى بان أراه الله بنور من عنده كما قال لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وابى الاشعرية واكثر المتكلمين ان يحكم عليه السلام بالاجتهاد كما تدل عليه الآية إذ ثبت بها انه لا يتبع الا الوحى والجواب انه جعل اجتهاده عليه السلام وحيا باعتبار المآل فان تقريره عليه السلام على اجتهاده يدل على انه هو الحق كما إذا ثبت بالوحى ابتداء قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ مثل للضال والمهتدى فانه عليه السلام لما وصف نفسه بكونه متبعا للوحى الإلهي لزم منه ان يصف نفسه بالاهتداء ويصف من عانده واستبعد دعواه بالضلال فالعمل بغير الوحى يجرى مجرى عمل الأعمى والعمل بمقتضى الوحى يجرى مجرى عمل البصير أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ اى ألا تسمعون هذا الكلام الحق فلا تتفكرون فيه فتهتدوا باتباع الوحى والعمل بمقتضاه فمناط التوبيخ عدم الامرين معا اى الاستماع والتفكر وَأَنْذِرْ بِهِ اى خوف من العذاب بما يوحى الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ اى يبعثوا ويجمعوا الى ربهم اى الى موضع لا يملك أحد فيه نفعهم ولا ضرهم الا الله تعالى. وقيل يخافون يعلمون لان خوفهم انما كان من علمهم لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ قريب ينفعهم وَلا شَفِيعٌ يشفع لهم وجملة النفي اى ليس فى موضع الحال من ضمير يحشرون فان المخوف هو الحشر على هذه الحال. وقوله من دونه حال من اسم ليس اى متجاوزا لله تعالى والمراد بالموصول المؤمنون العاصون كما فى اكثر التفاسير وانما نفى الشفاعة لغيره مع ان الأنبياء والأولياء يشفعون كما هو مذهب اهل السنة لانهم لا يشفعون الا باذنه فكانت الشفاعة فى الحقيقة من الله تعالى وقال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بالموصول المجوزون من الكفار للحشر سواء كانوا جارمين بأصله كاهل الكتاب وبعض المشركين المعترفين بالبعث المترددين فى شفاعة آبائهم الأنبياء كالاولين او فى شفاعة الأصنام كالآخرين او مترددين فيهما معا كبعض الكفرة الذين يعلم من حالهم انهم إذا سمعوا بحديث البعث يخافون ان يكون حقا واما المنكرون للحشر رأسا والقائلون به القاطعون بشفاعة آبائهم او بشفاعة الأصنام فهم خارجون ممن امر بانذارهم انتهى فالكلام على هذا ظاهر لان الظالمين ليس لهم من حميم ولا شفيع يطاع لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ تعليل للامر اى

[سورة الأنعام (6) : آية 52]

انذرهم لكى يتقوا الله باقلاعهم عما هم فيه وعمل الطاعات او يتقوا الكفر والمعاصي والاشارة ان الله تعالى امر نبيه عليه السلام ان يكلم الكفار على قدر عقولهم فقال قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ على انها عندى ولكن لا أقول لكم وهى علم حقائق الأشياء وماهياتها وقد كان عنده فى اراءة سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم وفى اجابة قوله عليه السلام (أرنا الأشياء كما هى) فى قوله (أوتيت جوامع الكلم) وما امره الله تعالى الا ان قل ليس عندى خزائن الله قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر «ولا تبذر الاسرار» يعنى بيان الحقائق الذي هو غذاء القلب والروح كالسمراء يعنى الحنطة للجسم «فى ارض عميان» يعنى فى ارض استعداد هؤلاء الطوائف الذين لا يبصرون الحق ولا يشاهدونه فى جميع الأشياء كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى قدس سره: قال السعدي قدس سره دريغست بأسفله كفت از علوم ... كه ضايع شود تخم در شوره بوم ولا اعلم الغيب فانه صلى الله عليه وسلم كان يخبر عما مضى وعما سيكون باعلام الحق وقد قال عليه السلام ليلة المعراج (قطرت فى حلقى قطرة علمت ما كان وما سيكون) فمن قال ان نبى الله لا يعلم الغيب فقد اخطأ فيما أصاب ولا أقول لكم انى ملك وان كنت قد عبرت عن مقام الملك حين قلت لجبرائيل تقدم فقال لو دنوب انملة لا حرقت: كما قال السعدي قدس سره شبى بر نشست از فلك بر كذشت ... بتمكين وجاه از ملك در كذشت چنان كرم در تيه قربت براند ... كه در سدره جبريل ازو باز ماند ان اتبع الا ما يوحى الى يعنى لا أخبركم عن مقاماتى وأحوالي مما لى مع الله وقد لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل الا عما يوحى الى ان أخبركم وكيف أخبركم عما أعمى الله بصائركم عنه وانا به بصير فلا يستوى الأعمى والبصير ثم قال وانذر به يعنى اخبر بهذه الحقائق والمعاني الذين يخافون اى يرجعون ان يحشروا الى ربهم بجذبات العناية ويتحقق لهم ليس لهم فى الوصول الى الله من دونه ولى يعنى من الأولياء ولا شفيع يعنى من الأنبياء لان الوصول لا يمكن الا بجذبات الحق لعلهم يتقون عما سوى الله بالله فى طلب الوصول قال السرى السقطي قدس سره خرجت يوما الى المقابر فاذا ببهلول فقلت له أي شىء تصنع هنا قال أجالس قوما لا يؤذوننى وان غبت لا يغتابوننى فقلت له تكون جائعا فولى وانشأ يقول تجوّع فان الجوع من عمل التقى ... وان طويل الجوع يوما سيشبع قيل مثل الصالحين وما زينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض على غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا سائر الجند عند العرض على الملك فهذا مثل من وفقهم الله تعالى للاعمال الصالحة والأحوال الزكية ولا حاجة لهم ان يصفوا ما عندهم الى عامة الناس فان علمهم بذلك كاف وسيظهر يوم العرض الأكبر وعند الكثيب الأحمر أولئك خدام كرام وسادة ... ونحن عبيد السوء بئس عبيد وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ- روى- ان رؤساء قريش قالوا لرسول الله

[سورة الأنعام (6) : آية 53]

صلى الله عليه وسلم حين رأوا فى مجلسه الشريف فقراء المؤمنين مثل صهيب وعمار وخباب وبلال وسلمان وغيرهم لو طردت هؤلاء الأعبد وأرواح جبابهم وكان عليهم جباب صوف لا غير لجالسناك وحادثناك فقال عليه السلام (ما انا بطارد المؤمنين) فقالوا فاذا نجن جئناك فاقمهم عنا حتى يعرف العرب فضلنا فان وفود العرب تأتيك فنستحيى ان ترانا مع هؤلاء فاذا قمنا عن مجلسك فاقعدهم معك ان شئت فهم عليه السلام ان يفعل ذلك طمعا فى ايمانهم فانزل الله تعالى هذه الآية يعلمه انه لا يحب ان تفضل غنيا على فقير ولا شريفا على وضيع لان طريقه فيما أرسل به الدين دون احوال الدنيا. والطرد الابعاد وبالفارسية [مزان از مجلس خود آن درويشانرا كه ميخوانند پروردگار خود را وذكر او ميكنند بامداد وشبانكاه] والمراد بذكر الوقتين الدوام ومن دام ذكره دام جلوسه مع الله كما قال (انا جليس من ذكرنى) يُرِيدُونَ بذكرهم وعبادتهم وَجْهَهُ تعالى ورضاه لا شيأ من اغراض الدنيا. حال من ضمير يدعون اى يدعونه تعالى مخلصين له وقيد الدعاء بالإخلاص تنبيها على انه ملاك ملاك الأمر عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكرنه چهـ آيد ز بي مغز پوست واشعارا بانه من أقوى موجبات الإكرام المنافى للابعاد ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ لما لم يقتصر المشركون فى طعن فقراء المسلمين على وصفهم بكونهم موالى ومساكين بل طعنوا فى ايمانهم ايضا حيث قالوا يا محمد انهم انما اجتمعوا عندك وقبلوا دينك لانهم يجدون عندك مأكولا وملبوسا بهذا السبب والا فهم عارون عن دينك والايمان بك دفع الله تعالى ما عسى يتوهم كونه مسوغا لطردهم من أقاويلهم فقال ما عَلَيْكَ اى ليس عليك الا اعتبار ظاهر حالهم وهو اتسامهم بسمة المتقين وان كان لهم باطن غير مرضى كما يقوله المشركون فمضرة حساب ايمانهم لا ترجع الا إليهم لا إليك لان المضرة المرتبة على حساب كل نفس عائدة إليها لا الى غيرها فالمقصود منه دفع طعن الكفار وتثبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على تربية الفقراء وادنائهم. وضمير حسابهم. وعليهم للذين يدعون ربهم وكلمة من فى قوله من شىء زائدة وهو فاعل عليك وعليهم لاعتمادها على النفي ومن حسابهم ومن حسابك صفة لشىء ثم قدمت فصارت حالا قال المولى ابو السعود وذكر قوله تعالى وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ مع ان الجواب قدتم بما قبله للمبالغة فى بيان انتفاء كون حسابهم عليه عليه السلام بنظمه فى سلك ما لا شبهة فيه أصلا وهو انتفاء كون حسابه عليه السلام عليهم على طريقة قوله تعالى لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ فَتَطْرُدَهُمْ جواب النفي نحو ما تأتينا فتحدثنا بنصب فتحدث على ان يكون المعنى انتفاء التحديث لانتفاء سببه الذي هو الإتيان والآية الكريمة من هذا القبيل فانه لو كانت مضرة حسابهم مستقرة على المخاطب لكان ذلك سببا لابعاد من يتوهم الوهن فى إيمانه فحكم بان هذا السبب غير واقع حتى يقع مسببه الذي هو الطرد فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ جواب النهى وهو وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ الآية وَكَذلِكَ فَتَنَّا ذلك اشارة الى مصدر ما بعده من الفعل الذي هو عبارة عن تقديمه تعالى

لفقراء المؤمنين فى امر الدين بتوفيقهم للايمان مع ما هم عليه فى امر الدنيا من كمال سوء الحال والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة والمعنى ذلك الفتون الكامل البديع فتنا اى ابتلينا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ اى بعض الناس ببعضهم لافتون غيره حيث قدمنا الآخرين فى امر الدنيا على الأولين المتقدمين عليهم فى امر الدنيا تقدما كليا لِيَقُولُوا اللام للعاقبة اى ليكون عاقبة أمرهم ان يقول البعض الأولون مشيرين الى الآخرين محقرين لهم نظرا الى ما بينهما من التفاوت الفاحش الدنيوي وتعاميا عما هو مناط التفضل حقيقة أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا بان وفقهم لاصابة الحق ولما يسعدهم عنده تعالى من دوننا ونحن المتقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء وغرضهم بذلك انكار وقوع المن رأسا على طريقة قولهم لو كان خيرا ما سبفونا اليه لا تحقير الممنون عليهم مع الاعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه تعالى قال الكلبي ان الشريف إذا نظر الى للوضيع قد اسلم قبله استنكف وانف ان يسلم وقال قد سبقنى هذا بالإسلام فلا يسلم أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ رد لقولهم ذلك وابطال له اى أليس الله بأعلم بالشاكرين لنعمه حتى تستبعدوا انعامه عليهم. وفيه اشارة الى ان أولئك الضعفاء عارفون لحق نعمة الله تعالى فى تنزيل القرآن والتوفيق للايمان شاكرون له تعالى على ذلك وتعريض بان القائلين بمعزل من ذلك كله قال فى التأويلات النجمية وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يعنى الفاضل بالمفضول والمفضول بالفاضل فليشكر الفاضل وليصبر المفضول فان لم يشكر الفاضل فقد تعرض لزوال الفضل وان صبر المفضول فقد سعى فى نيل الفضل والمفضول الصابر يستوى مع الفاضل الشاكر كما كان سليمان فى الشكر مع أيوب فى الصبر فان سليمان مع كثرة صورة اعماله فى العبودية كان هو وأيوب مع عجزه عن صورة اعمال العبودية متساويين فى مقام نعم العبدية فقال لكل واحد منهما نِعْمَ الْعَبْدُ ففتنة الفاضل للمفضول رؤية فضله على المفضول وتحقيره ومنع حقه عنه فى فضله وفتنة المفضول فى الفاضل حسده على فضله وسخطه عليه فى منع حقه من فضله عنه فانه انقطع بالخلق او رأى المنع والعطاء من الخلق وهو المعطى والمانع لا غير فعلى العاقل ان يختار ما اختاره الله ولا يريد الا ما يريده قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي [در كشف الاسرار آورده كه أرادت بر سه وجه است. أول أرادت دنياى محض كما قال تعالى تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا ونشان آن دو چيز است در زيادتىء دنيا بنقصان دين راضى بودن واز درويشان ومسلمانان اعراض نمودن. ودوم أرادت آخرة محض كما قال تعالى وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وآن نيز دو علامت دارد در سلامتىء دين بنقصان دنيا رضا دادن ودر مؤانست والفت بروى درويشان كشادن. سوم أرادت حق محض كما قال تعالى يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ونشان آن پاى بر سر كونين نهادن است واز خود وخلق آزاد كشتن] ما را خواهى خطى بعالم در كش ... در بحر فنا غرقه شو ودم در كش فهم يريدون وجهه تعالى فكل يريدون منه وهم يريدونه ولا يريدون منه كما قيل وكل له سؤل ودين ومذهب ... ووصلكمو سؤلى ودينى رضاكمو

[سورة الأنعام (6) : آية 54]

وتكلم الناس فى الارادة فاكثروا وتحقيقها اهتياج يحصل فى القلب يسلب القرار من العبد حتى يصل الى الله تعالى فصاحب الارادة لا يهدأ ليلا ولا نهارا ولا يجد من دون وصوله اليه سكوتا ولا قرارا كما فى التأويلات النجمية وفى الآية الكريمة بيان فضل الفقراء وعن ابى سعيد الخدري قال جلست فى نفر من ضعفاء المهاجرين وكان بعضهم يستتر ببعض من العرى وقارئ يقرأ علينا إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فلما قام سكت القارئ فسلم رسول الله وقال (ما كنتم تصنعون) قلنا يا رسول الله كان قارئ يقرأ علينا وكنا نستمع الى كتاب الله تعالى فقال رسول الله (الحمد لله الذي جعل من أمتي من امر بي ان اصبر نفسى معهم) قال ثم جلس وسطنا ليعدل نفسه فينا ثم قال بيده هكذا فتحلقوا وبرزت وجوههم له قال فما رأيت رسول الله عرف منهم أحدا غيرى فقال (ابشروا يا معاشر صعا ليك المهاجرين بالفوز التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم) وذلك مقدار خمسمائة سنة وفى الحديث (يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر الله عز وجل اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا فيقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك علىّ ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من أطعمك او كساك وأراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قذ الجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذه بيده ويدخل الجنة) قال الحافظ توانكرا دل درويش خود بدست آور ... كه مخزن زر وگنج ودرم نخواهد ماند برين رواق زبر جد نوشته اند بزر ... كه چز نكوى اهل كرم نخواهد ماند وفى الحديث (لكل شىء مفتاح ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء) الصبر هم جلساء الله يوم القيامة: قال الشيخ العطار قدس سره حب دريشان كليد جنت است ... دشمن ايشان سزاى لعنت است اللهم اجعلنا من الأحباب ولا تطردنا خارج الباب وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا- روى- ان قوما جاؤا الى النبي عليه السلام فقالوا انا أصبنا ذنوبا عظاما فما تدارك الاستغفار وتدبير الاعتذار فسكت عنهم ولم يرد عليهم شيأ فانصرفوا مأيوسين فنزلت قال الامام كل من آمن بالله دخل هذا التشريف فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ من كل مكروه وآفة والسلام بمعنى التسليم اى الدعاء بالسلامة فمعنى سلام عليكم سلمنا عليكم سلاما اى دعوت بان يسلمكم الله من الآفات فى دينكم ونفسكم وانما امره بان يبدأهم بالسلام مع ان العادة ان الجائى يسلم على القاعد حتى ينبسط إليهم بالسلام عليهم لئلا يحتشموا من الانبساط اليه هذا هو السلام فى الدنيا واما فى الآخرة فتسلم عليهم الملائكة عند دخول الجنة كقوله سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ والله يبتدىء بالسلام عليهم بقوله سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ وقوله فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ يشير الى السلام الذي سلمه الله على حبيبه عليه السلام ليلة المعراج إذ قال له (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فقال فى قبول السلام (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) والذي تاب من بعد ظلمه منتظم فى سلك اهل الصلاح فمورد

[سورة الأنعام (6) : الآيات 55 إلى 59]

الآية لا ينافى هذا المعنى كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ اى قضاها وأوجبها على ذاته المقدسة بطريق التفضل والإحسان قال ابن الشيخ كلمة على تفيد الإيجاب وإذا اجتمعا تأكد الإيجاب وهو لا ينافى كونه تعالى فاعلا مختارا بل هو عبارة عن تأكيد وبيان لفضله وكرمه اه قال فى التأويلات النجمية قال فى حديث ربانى للجنة (انما أنت رحمتى ارحم بك من أشاء من عبادى) فيرحم بجنته من شاء من عباده ويرحم بذاته من شاء من عباده أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بدل من الرحمة والتقدير كتب على نفسه انه من عمل إلخ فان مضمون هذه الجملة لا شك انه رحمة والسوء بالفارسية [كار بد] بِجَهالَةٍ حال من فاعل عمل اى عمله ملتبسا بجهالة حقيقة بان يفعله وهو لا يعلم ما يترتب عليه من المضرة والعقوبة او حكما بان يفعله عالما بسوء عاقبته فان من عمل ما يؤدى الى الضرر فى العاقبة وهو عالم بذلك او ظان فهو فى حكم الجاهل فهو حال مؤكدة لانها مقررة لمضمون قوله مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً لان عمل السوء لا ينفك عن الجهالة حقيقة او حكما قال اهل الاشارة يشير بقوله مِنْكُمْ الى ان عامل السوء صنفان. صنف منكم ايها المؤمنون المهتدون. وصنف من غيركم وهم الكفار الضالون. والجهالة جهالتان جهالة الضلالة وهى نتيجة اخطاء النور المرشش فى عالم الأرواح وجهالة الجهولية وهى التي جبل الإنسان عليها فمن عمل من الكفار سوأ بجهالة الضلالة فلا توبة له بخلاف من عمل سوأ من المؤمنين بجهالة الجهولية المركوزة فيه فان له توبة كما قال تعالى ثُمَّ تابَ اى رجع عنه مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد عمله وَأَصْلَحَ اى ما أفسده والإصلاح هو ان لا يعود ولا يفسد فَأَنَّهُ خبر مبتدأ محذوف اى فامره ان الله تعالى غَفُورٌ له رَحِيمٌ به قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي [امام قشيرى رحمه الله فرموده كه اگر ملك بر تو ذلت مى نويسد ملك براى تو رحمت مى نويسد پس ترا دو كتابت است يكى ازلى ويكى وقتى مقررست كه كتابت وقتى كتابت ازلى را باطل نمى تواند ساخت مضمون اين آيت شريف شفاست بيماران بيمارستان كناه را وشفا بشرط پرهيزست: يعنى توبه واستغفار] دردمندان كنه را روز وشب ... شربتى بهتر ز استغفار نيست آرزومندان وصال يار را ... چاره غير از نالها وزار نيست وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ الكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة وذلك اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده اى هذا التفصيل البديع نفصل الآيات القرآنية ونبينها فى صفة اهل الطاعة واهل الاجرام المصرين منهم والأوابين ليظهر الحق ويعمل به وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ اى تظهر طريقتهم فيجتنب عنها. ورفع سبيل على انه فاعل فانه يذكر فى لغة بنى تميم ويؤنث فى لغة اهل الحجاز ووجه الاستبانة والإيضاح ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة فعلى العاقل ان يسلك طريق الفوز والفلاح ويصل الى ما وصل اليه اهل الصلاح. وأول الطريق هو التوبة والاستغفار قال العلماء تذكر اولا قبح الذنوب وشدة عقوبة الله ثم تذكر ضعفك وقلة حيلتك فى ذلك فمن لا يتحمل قرص نملة وحر شمس كيف يتحمل نار جهنم ولسع حيات فينبغى ان تجتهد فى الخروج من الذنوب على أقسامها التي بينك وبين عباد الله

[سورة الأنعام (6) : الآيات 56 إلى 57]

بالاستحلال ورد المظالم. واما التي هى من ترك الواجبات من صلاة وصيام وزكاة فتقضى ما أمكن منها. واما التي بينك وبين الله كشرب الخمر وضرب المزامير وأكل الربا فتندم على ما مضى منها وتوطن قلبك على ترك العود الى مثلها ابدا فاذا أرضيت الخصوم بما أمكن وقضيت الفوائت بما تقدر عليه وبرأت قلبك من الذنوب فينبغى ان ترجع اليه بحسن الابتهال والضراعة ليكفيك ذلك بفضله فتذهب فتغتسل وتغسل ثيابك فتصلى ركعتين كما فى الحديث الصحيح (ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقول فيصلى ركعتين ثم يستغفر الله الا غفر له) وفى حديث آخر (أيما عبد او امة ترك صلاته فى جهالته فتاب وندم على تركها فليصل يوم الجمعة بين الظهر والعصر اثنتي عشرة ركعة يقرأ فى كل منها الفاتحة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين مرة لا يحاسبه الله تعالى يوم القيامة ووجد صحيفة سيآته حسنات) ذكره فى مختصر الاحياء يقول الفقير جامع هذه الفوائد ان هذا الحديث على تقدير صحته لا ينفهم منه ان هذه الصلاة تكون قضاء لجميع ما فات منه وتقوم بدله كيف وقد ذكر فى اوله التوبة والندامة ومن مقتضاها قضاء ما سلف كمامر آنفا فمعنى ان الله تعالى لا يحاسبه يوم القيامة لا يقول له لم أخرت الصلاة التي فرضت عليك عن أوقاتها وذلك ببركة هذه الصلاة الشريفة التي هى تأكيد لتوبته وزيادة فى اعتذاره وقد عرف فى الشرع ان العبد كما يحاسب على ترك الصلوات كذلك يحاسب على تأخيرها عن أوقاتها وبهذا البيان انحل ما أشكل على بعض من مواظبة الناس على قضاء صلوات يوم وليلة فى آخر جمعة من شهر رمضان بين الظهر والعصر فان ما يصلونه هى الصلاة المذكورة عند الحقيقة لكنهم يغلطون فى زعمهم وفى الكيفية والله اعلم وفى كتاب الترغيب والترهيب انه جاء رجل الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال وا ذنوباه وا ذنوباه مرتين او ثلاثا فقال له عليه السلام (قل اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبى ورحمتك أرجى عندى من عملى) فقالها ثم قال (عد) فعاد ثم قال (عد) فعاد ثم قال (قم فقد غفر الله لك) ومن استغفر للمؤمنين كل يوم كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وما الميت فى قبره الا كالغريق المنتظر ينتظر دعوة تلحقه من اب او أم او أخ صديق فاذا ألحقته كانت أحب اليه من الدنيا وما فيها وان الله تعالى ليدخل على اهل القبور من دعاء اهل الأرض أمثال الجبال وان هدية الاحياء الى الأموات الاستغفار لهم ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب فانك مرجع كل تواب وأواب قُلْ إِنِّي نُهِيتُ كان كفار قريش يدعونه عليه السلام الى دين آبائه فنزلت اى صرفت وزجرت بما نصب لى من الادلة وانزل علىّ من الآيات فى امر التوحيد أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ اى عن عبادة ما تعبدونه مِنْ دُونِ اللَّهِ كائنا ما كان قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ اشارة الى الموجب للنهى كأنهم قالوا لم نهيت عما نحن فيه ولم تمتنع عن متابعتنا أجاب بان ما أنتم عليه هوى وليس بهدى فكيف اتبع الهوى واترك الهدى قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً اى ان اتبعت أهواءكم فقد ضللت اى تركت سبيل الحق وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ من الذين سلكوا طريق الهدى عطف على ما قبله قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ كائنة مِنْ رَبِّي والبينة الحجة الواضحة التي تفصل بين الحق والباطل يقال انا على بينة من هذا الأمر وانا على يقين منه إذا كان ثابتا عندك بحجة واضحة وشاهد صدق والمراد بها

[سورة الأنعام (6) : آية 58]

القرآن والوحى وَكَذَّبْتُمْ بِهِ جملة مستأنفة سيقت للاخبار بذلك والضمير المجرور للتنبيه والتذكير باعتبار البيان والبرهان والمعنى انى على بينة عظيمة كائنة من ربى وكذبتم بها وبما فيها من الاخبار التي من جملتها الوعيد بمجىء العذاب ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ- روى- ان رؤساء قريش كانوا يستعجلون العذاب بقولهم مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بطريق الاستهزاء او بطريق الإلزام حتى قام النضر بن الحارث فى الحطيم وقال اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ والمعنى ليس ما تستعجلون به من العذاب الموعود فى القرآن وتجعلون تأخره ذريعة لتكذيبى فى حكمى وقدرتى حتى أجيء به واظهر لكم صدقه اى ليس امره بمفوض الى إِنِ الْحُكْمُ اى ما الحكم فى ذلك وغيره تعجيلا وتأخيرا إِلَّا لِلَّهِ وحده من غير ان يكون لى دخل ما فيه بوجه من الوجوه يَقُصُّ الْحَقَّ اى يقول الحق ويتبعه فى بيان جميع أحكامه ولا يحكم الا بما هو حق فتأخير العذاب حق ثابت جار على حكمة بليغة واصل الحكم المنع فكأنه يمنع الباطل عن معارضة الحق او الخصم عن التعدي على صاحبه وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مشير الى ان قص الحق هاهنا بطريق خاص هو الفصل بين الحق والباطل قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي اى فى قدرتى ومكنتى ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ من العذاب الذي ورد به الوعيد بان يكون امره مفوصا الى من جهته عز وجل لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ اى بان ينزل ذلك عليكم اثر استعجالكم بقولكم متى هذا الوعد ونظائره. وفى بناء الفعل للمفعول من الإيذان بتعين الفاعل الذي هو الله سبحانه وتهويل الأمر ومراعاة حسن الأدب ما لا يخفى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ اى بحالهم وبانهم مستحقون للامهال بطريق الاستدراج لتشديد العذاب ولذلك لم يفوض الأمر الىّ فلم يقض الأمر بتعجيل العذاب فعابد الأصنام سواء أمهل او لا يذوق العذاب ولا يتخلص منه أصلا وكذا عابد الدنيا والنفس والشيطان والهوى فان ذلك فى نار الجحيم وهذا فى نار الفراق العظيم فعلى العاقل ان لا يتبع الهوى كما امر الله تعالى فقال قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قال بعضهم جزت مرة ببلاد السواد فرأيت شيخا جالسا فى الهواء فسلمت عليه فرد السلام على فقلت له بم جلست فى الهواء قال خالفت الهوى فاسكنت فى الهواء وجاء جماعة من فقهاء اليمن الى الشيخ الكبير ابى الغيث قدس سره يمتحنونه فى شىء فلما دنوا منه قال مرحبا بعبيد عبدى فاستعظموا ذلك فلحقوا شيخ الطرفين وامام الفريقين العالم العارف أبا الذبيح إسماعيل بن محمد الحضري فأخبروه بما قال الشيخ ابو الغيث لهم فضحك الشيخ وقال صدق الشيخ أنتم عبيد الهوى والهوى عبده وانما يتخلص المرء من الهوى بالتقوى: وفى المثنوى چونكه تقوى بست دو دست هوا ... حق كشايد هر دو دست عقل را پس حواس پيره محكوم تو شد ... چون خرد سالار ومخدوم تو شد واعلم ان الهوى من أوصاف النفس فالآيات متعلقة بإصلاح النفس ومن كان على بينة من ربه وهى فى الحقيقة النور الذي ينشرح به الصدر يكون على الهدى لاعلى الهوى وله علامات

[سورة الأنعام (6) : آية 59]

كما لا يخفى- حكى- ان بعض الصالحين كان يتكلم على الناس ويعظهم فمر عليه فى بعض الأيام يهودى وهو يخوفهم ويقرأ قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا فقال اليهودي ان كان هذا الكلام حقا فنحن وأنتم سواء فقال له الشيخ لا ما نحن سواء بل نحن نرد ونصدر وأنتم تردون ولا تصدرون ننجو نحن منها بالتقوى وتبقون أنتم فيها جثيا بالظلم ثم قرأ الآية الثانية ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا فقال اليهودي نحن المتقون فقال له الشيخ كلا بل نحن وتلا قوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ الى قوله تعالى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ فقال اليهودي هات برهانا على صدق هذا فقال له الشيخ البرهان حاضر يراه كل ناظر وهو ان تطرح ثيابى وثيابك فى النار فمن سلمت ثيابه فهو الناجي منها ومن أحرقت ثيابه فهو الباقي فيها فنزعا ثيابهما فاخذ الشيخ ثياب اليهودي ولفها ولف عليها ثيابه ورمى الجميع فى النار ثم دخل النار فاخذ الثياب ثم خرج من الجانب الآخر ثم فتحت الثياب فاذا ثياب الشيخ المسلم سالمة بيضاء قد نطفتها النار وأزالت عنها الوسخ وثياب اليهودي قد صارت حراقة مع انها مستورة وثياب الشيخ المسلم ظاهرة للنار فلما رأى ذلك اسلم والحمد لله فهذه الحكاية مناسبة لما ذكر من الآيات إذ كفار قريش كانوا من اهل الظلم والهوى فلم ينفعهم دعواهم فصاروا الى العذاب والمؤمنون كانوا من اهل العدل والبينة والهدى فانتج تقواهم ووصلوا الى جنات مفتحة لهم الأبواب ومن سلم لباسه من النار سلم وجوده بالطريق الاولى بل الثوب فى الحقيقة هو الوجود الظاهري الذي استتر به الروح الباطني فلا بد من تطهيره المؤدى الى تطهير الباطن يسره الله وَعِنْدَهُ اى الله تعالى خاصة مَفاتِحُ الْغَيْبِ اى خزائن غيوبه. جمع مفتح بفتح الميم وهو المخزن والكنز والاضافة من قبيل لجين الماء وهو المناسب للمقام كما فى حواشى سعدى چلبى المفتى ويجوز ان يكون جمع مفتح بكسر الميم وهو المفتاح اى آلة الفتح فالمعنى ما يتوصل به الى الغيب شبه الغيب بالخزائن المستوثق بها بالاقفال واثبت لها مفاتح على سبيل التخييل ولما كان عنده تلك المفاتح كان المتوصل الى ما فى الخزائن من المغيبات هو لا غير كما فى حواشى ابن الشيخ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ تأكيد لمضمون ما قبله قال فى تفسير الجلالين وهى الخمسة التي فى قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية رواه البخاري قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (مفأتح الغيب خمس لا يعلمها الا الله لا يعلم ما فى الأرحام الا الله ولا يعلم ما فى غد الا الله ولا يعلم متى يأتى المطر الا الله ولا يدرى بأى ارض تموت النفس الا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة الا الله) وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ من الموجودات مفصلة على اختلاف أجناسها وأنواعها وتكثير افرادها وهو بيان لتعلق علمه تعالى بالمشاهدات اثر بيان تعلقه بالمغيبات تكملة له وتنبيها عن ان الكل بالنسبة الى علمه المحيط سواء فى الجلاء وَما تَسْقُطُ مِنْ زائدة وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها يريد ساقطة وثابتة يعنى يعلم عدد ما يسقط من ورق الشجر وما يبقى عليه وهى مبالغة فى احاطة علمه بالجزئيات وَلا حَبَّةٍ عطف على ورقة وهى بالفارسية [دانه] فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ اى كائنة فى بطونها لا يعلمها قال الكاشفى [مراد تخميست كه

در زمين افتد] وَلا رَطْبٍ عطف على ورقة ايضا وهو بالفارسية [تر] وَلا يابِسٍ بالفارسية [خشك] اى ما يسقط من شىء من هذه الأشياء الا يعلمه قال الحدادي الرطب واليابس عبارة عن جميع الأشياء التي تكون فى السموات وفى الأرض لانها لا تخلو من احدى هاتين الصفتين انتهى فيختصان بالجسمانيات إذا الرطوبة واليبوسة من أوصاف الجسمانيات إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ هو اللوح المحفوظ فهو بدل اشتمال من الاستثناء الاول او هو علمه تعالى فهو بدل منه بدل الكل. وقرىء ولا رطب ولا يابس بالرفع على الابتداء والخبر الا فى كتاب وهو الأنسب بالمقام لشمول الرطب واليابس حينئذ لما ليس من شأنه السقوط قال الحدادي فان قيل ما الفائدة فى كون ذلك فى اللوح مع ان الله تعالى لا يخفى عليه شىء وان كان عالما بذلك قبل ان يخلقه وقبل ان يكتبه لم يكتبها ليحفظها ويدرسها قيل فائدته ان الحوادث إذا حدثت موافقة للمكتوب از دادت الملائكة بذلك علما ويقينا بعظيم صفات الله تعالى يقول الفقير ان الملائكة ليست من اهل الترقي والتنزل فقصر الفائدة على ذلك مما لا معنى له بل نقول ان اللوح قلب هذا التعين كقلب الإنسان قد انتقش فيه ما كان وما سيكون وهو من مراتب التنزلات فقد ضبط الله فيه جميع المقدورات الكونية لفوائد ترجع الى العباد يعرفها العلماء بالله: قال الحافظ معرفت نيست درين قوم خدايا سببى ... تا برم كوهر خود را بخريدار ديكر والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل لكل شىء من المكونات شهادة تناسب ذلك الشيء وغيبا مناسبا له وجعل لغيب كل مفتاحا يفتح به باب غيب ذلك الشيء وشهادته فينفعل ذلك الشيء كما اراده الله فى الأزل وقدره وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ ذلك الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ لانه لا خالق الا هو ليس لنبى ولا لولى مدخل فى علم هذه المفاتح ولا فى استعمالها لانه مختص بالخالق فقط وسأضرب لك مثلا تدرك به هذه الحقيقة وذلك مثل نقاش للصورة فان لكل صورة مما ينقشه شهادة هى هيئتها وغيبا هو علم التصوير ومفتاحا يفتح به باب علم التصوير على هيئة الصورة لتنفعل الصورة كما هى ثابتة فى ذهن النقاش هو القلم والقلم بيد النقاش لا مدخل لتصرف غيره فيه فالله تعالى هو النقاش المصور والصور هى المكونات المختلفة الغيبية والشهادية وشهادة كل صورة منها خلقتها وتكوينها وقلم تصويرها الذي هو مفتاح يفتح به باب علم تكوينها على صورتها وكونها هو الملكوت فبقلم ملكوت كل شىء يكون كون كل شىء وقلم الملكوت بيد الله تعالى كما قال فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وكما ان الأشياء مختلفة فالملكوتيات مختلفات وملكوت كل شىء من الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملك مناسب لصورته ولهذا جمع المفاتح ووحد الغيب وقال وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لان الغيب هو علم التكوين وهو واحد فى جميع الأشياء وفى الملكوت كثرة كما فى أقلام المصور فافهم جدا وَبعلم التكوين يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لان به كوّن البر وهو عالم الشهادة والصورة والبحر وهو عالم الغيب والملكوت يدل على هذا المعنى قوله لا عالم الغيب والشهادة وَبهذا العلم ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها لانه مكونها ومثبتها ومسقطها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ اى حبة الروح فى ظلمات

[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 إلى 65]

صفات ارض النفس وايضا ولا حبة فى ظلمات الأرض اى ارض القلب وظلمات صفات البشرية الا وهو ركبها ويعلم كمالها ونقصانها وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ الرطب هو الموجود فى الحال واليابس هو المعدوم فى الحال وسيكون موجودا. وايضا الرطب الروحانيات واليابس الجماديات وايضا الرطب المؤمن واليابس الكافر. وايضا الرطب العالم واليابس الجاهل. وايضا الرطب العارف واليابس الزاهد. وايضا الرطب اهل المحبة واليابس اهل السلوة. وايضا الرطب صاحب الشهود واليابس صاحب الوجود. وايضا الرطب الباقي بالله واليابس الباقي بنفسه إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وهو أم الكتاب كذا فى التأويلات النجمية قدس سره مؤلفها العزيز الشريف وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ الخطاب عام للمؤمن والكافر اى ينيمكم فى الليل ويجعلكم كالميت فى زوال الاحساس والتمييز ومن هنا ورد (النوم أخ الموت) والتوفى فى الأصل قبض الشيء بتمامه وعن على رضى الله عنه يخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعه فى الجسد فبذلك يرى الرؤيا فاذا انتبه من النوم عادت الروح الى الجسد بأسرع من لحظة يعنى ان الذي يرى الرؤيا هو الروح الإنساني وانه يرى فى عالم البرزخ ما صدر عن الروح الحيواني من القبيح والحسن وهو ظل الروح الإنساني والتعبير بالحيوانى والإنساني اصطلاح الحكماء واما اهل السلوك فيعبرون عنها بالروح وتنزله وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ اى ما كسبتم فيه وجوارح الإنسان أعضاؤه التي يكسب بها الأعمال خص الليل بالنوم والنهار بالكسب جريا على العادة ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ اى يوقظكم فى النهار عطف على يتوفاكم وتوسيط قوله ويعلم بينهما لبيان ما فى بعثهم من عظيم الإحسان إليهم بالتنبيه على انه بعد علم ما يكتسبونه من السيئات مع كونها موجبة لا بقائهم على التوفى بل لاهلاكهم بالمرة يفيض عليهم الحياة ويمهلهم كما ينبىء عنه كلمة التراخي كأنه قيل هو الذي يتوفاكم فى جنس الليل ثم يبعثكم فى جنس النهار مع علمه بما ستجرحون فيه لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى اى ليبلغ المتيقظ آخر اجله المسمى له فى الدنيا وقضاء الاجل فصل الأمر على سبيل التمام فمعنى قضاء الاجل فصل مدة العمر من غيرها بالموت والاجل آخر مدة الحياة ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالموت لا الى غيره أصلا ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بالمجازاة بأعمالكم التي كنتم تعملونها فى تلك الليالى والأيام وَهُوَ الْقاهِرُ مستعليا فَوْقَ عِبادِهِ اى المتصرف فى أمورهم لا غيره يفعل بهم ما يشاء إيجادا واعداما واحياء واماتة وتعذيبا واثابة الى غير ذلك ويجوز ان يكون فوق خبرا بعد خبر وليس معنى فوق معنى المكان لاستحالة اضافة الأماكن الى الله تعالى وانما معناه الغلبة والقدرة ونظيره فلان فوق فلان فى العلم اى اعلم منه: وفى المثنوى دست شد بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن حيلها و چارها كر اژدهاست ... پيش الا الله آنها جمله لاست وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً عطف على الجملة الاسمية قبلها اى يرسل عليكم خاصة ايها المكلفون ملائكة تحفظ أعمالكم وهم الكرام الكاتبون والحكمة فيه ان المكلف إذا علم ان

اعماله تكتب عليه وتعرض على رؤوس الاشهاد كان از جر عن المعاصي وان العبد إذا وثق بلطف سيده واعتمد على عفوه وستره لم يحتشم منه احتشامه من خدمه المطلعين عليه: قال الكاشفى نه انديشى از ان روزيكه در وى ... چكرها خون ودلها ريش بينى دهندت نامه اعمال وكويند ... بخوان تا كردهاى خويش بينى مكن ور ميكنى بارى در ان كوش ... كه اندر نامه نيكى پيش بينى ورد فى الخبران على كل واحد منا ملكين بالليل وملكين بالنهار يكتب أحدهما الحسنات والآخر السيئات وصاحب اليمين امير على صاحب الشمال فاذا عمل العبد حسنة كتبت له بعشر أمثالها وإذا عمل سيئة فاراد صاحب الشمال ان يكتب قال له صاحب اليمين امسك فيمسك عنه ست ساعات او سبع ساعات فان هو استغفر الله لم يكتب عليه وان لم يستغفر كتب سيئة واحدة فان قلت هل تعرف هؤلاء الملائكة العزم الباطن كما يعرفون الفعل الظاهر قلت نعم لان الحفظة تنتسخ من السفرة وهى من الخزنة التي وكلت باللوح وقد كتب فيه احوال العوالم وأهاليها من السرائر والظواهر فبعد وقوفهم على ذلك يكتبون ثانيا من أول اليوم الى آخره ومن أول الليل الى آخره حسبما يصدر عن الإنسان وقيل إذا همّ العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون بهذه العلامة فيكتبونها وإذا هم بسيئة فاح منه ريح النتن فان قلت والملائكة التي ترفع عمل العبد فى اليوم أهم الذين يأتون عدا أم غيرهم قلت قال بعض العلماء الظاهر انهم هم وان ملكى الإنسان لا يتغيران عليه مادام حيا وقال بعض المشايخ من جاء منهم لا يرجع ابدا مرة اخرى ويجيىء آخرون مكانهم الى نفاد العمر واختلف فى موضع جلوس الملكين وفى الخبر النبوي (نقوا أفواهكم بالخلال فانها مجلس الملكين الكريمين الحافظين وان مدادهما الريق وقلمهما اللسان وليس عليهما شىء امر من بقايا الطعام بين الأسنان) ولا يبعد ان يوكل بالعبد ملائكة سوى هذين الملكين كل منهم يحفظه من أذى كما جاء فى الروايات حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حتى هى التي يبتدأ بها الكلام وهى مع ذلك تجعل ما بعدها من الجملة الشرطية غاية لما قبلها كأنه قيل ويرسل عليكم حفظة يحفظون أعمالكم مدة حياتكم حتى إذا انتهت مدة أحدكم كائنا من كان وجاء اسباب الموت ومباديه تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا الآخرون المفوض إليهم ذلك وهم ملك الموت وأعوانه وانتهى هناك حفظ الحفظة وَهُمْ اى الرسل لا يُفَرِّطُونَ اى لا يقصرون فيما يؤمرون بالتواني والتأخير طرفة عين واعلم ان القابض لارواح جميع الخلق هو الله تعالى حقيقة وان ملك الموت وأعوانه وسائط ولذلك أضيف التوفى إليهم وقد يكون التوفى بدون وساطتهم كما نقل فى وفاة فاطمة الزهراء رضى الله عنها وغيرها وأعوان ملك الموت اربعة عشر ملكا سبعة منها ملائكة الرحمة وإليهم يسلم روح المؤمن بعد القبض وسبعة منهم ملائكة العذاب وإليهم يسلم روح الكافر بعد الوفاة قال مجاهد قد جعلت الأرض لملك الموت كالطشت يتناول من حيث يشاء يقول الفقير ليس على ملك الموت صعوبة فى قبض الأرواح وان كثرت وكانت فى امكنة مختلفة وكيفية لا تعرف بهذا العقل الجزئى كما لا تعرف كيفية وسوسة الشيطان فى قلوب

[سورة الأنعام (6) : الآيات 62 إلى 63]

جميع اهل الدنيا- روى- فى الحبر ان رسول الله دخل على مريض يعوده فرأى ملك الموت عند رأسه فقال (يا ملك الموت ارفق به فانه مؤمن) فقال ملك الموت يا محمد ابشر وطب نفسا وقرعينا فانى بكل مؤمن رفيق انى لاقبض روح المؤمن فيصرخ اهله فاعتزل فى جانب الدار فاقول مالى من ذنب وانى مأمور وان لى لعودة فالحذر الحذر وما من اهل بيت مدر ولا وبر فى بر وبحر الا وانا أتصفحهم فى كل يوم خمس مرات حتى انى لا علم بصغيرهم وكبيرهم منهم بانفسهم والله لو أردت ان اقبض روح بعوضة لما قدرت عليها حتى يأمرنى الله تعالى بقبضها قال العلماء الموت ليس بعدم محض ولافناء صرف وانما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما وتبذل حال وانتقال من دار الى دار ولما خلق الله الموت على صورة كبش أملح قال له اذهب الى صفوف الملائكة على هيئتك هذه فلم يبق ملك إلا غشي عليه الفى عام ثم أفاقوا فقالوا يا ربنا ما هذا قال الموت قالوا لمن ذلك قال على كل نفس قالوا لم خلقت الدنيا قال ليسكنها بنوا آدم قالوا لم خلقت النساء قال ليكون النسل قالوا من يسلط عليه هذا هل يشتغل بالنساء والدنيا قال ان طول الأمل ينسيهم الموت حتى يكون منهم أخذ الدنيا وشهوة النساء ولذلك قيل الموت من أعظم المصائب وأعظم منه الغفلة عنه ثُمَّ رُدُّوا عطف على توفته والضمير للكل المدلول عليه بأحدكم اى ردوهم الملائكة بعد البعث إِلَى اللَّهِ اى الى حكمه وجزائه فى موقف الحساب فالرد الى الله ليس على ظاهره لكونه تعالى متعاليا عن المكان والجهة بل هو عبارة عن جعلهم منقادين لحكم الله تعالى مطيعين لقضائه بان يساقوا الى حيث لا مالك ولا حاكم فيه سواه مَوْلاهُمُ اى مالكهم الذي يملك أمورهم على الإطلاق واما قوله تعالى وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ فالمولى فيه بمعنى الناصر فلا تناقض وهو بدل من الجلالة الْحَقِّ الذي لا يقضى الا بالعدل وهو صفة للمولى أَلا اى اعلموا وتنبهوا لَهُ الْحُكْمُ اى القضاء بين العباد يومئذ لاحكم لغيره فيه بوجه من الوجوه وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ يحاسب جميع الخلائق فى اسرع زمان وأقصره لا يشغله حساب عن حساب ولا شأن عن شأن لا يتكلم بآلة ولا يحتاج الى فكرة وروية وعقد يد ومعنى المحاسبة تعريف كل واحد ما يستحقه من ثواب وعقاب قال بعض العلماء المحاسبة لتقدير الأعمال والوزن لاظهار مقاديرها فيقدم الحساب على الميزان ولهذا لا ميزان لمن يدخل الجنة بلا حساب واعلم ان الحشر والحساب لا يكون على وجه الأرض وانما يكون فى الأرض المبدلة وهى ارض بيضاء كالفضة لم يسفك فيهادم ولم يظلم عليها أحد فاذا ثبت الحشر والحساب وان الله تعالى هو المحاسب وجب على العاقل ان يحاسب نفسه قبل ان يناقش فى الحساب لانه هو التاجر فى طريق الآخرة وبضاعته عمره وربحه صرف عمره فى الطاعات والعبادات وخسرانه صرفه فى المعاصي والسيئات ونفسه شريكه فى هذه التجارة وهى وان كانت تصلح للخير والشر لكنها أميل واقبل الى المعاصي والشهوات فلا بد له من مراقبتها ومحاسبتها: قال السعدي قدس سره تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد بايمال قُلْ يا محمد لاهل مكة مَنْ استفهام يُنَجِّيكُمْ اى يخلصكم ويعطى لكم نجاة

[سورة الأنعام (6) : الآيات 64 إلى 65]

مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ من شدائدهما وأهوالهما فى اسفاركم استعيرت الظلمة للمشقة لمشار كتهما فى الهول وابطال الابصار فقيل لليوم الشديد يوم مظلم ويوم ذو كواكب اى اشتدت ظلمته حتى صار كالليل فى ظلمته بناء على ان الليل إذا لم يستنر بنور القمر ظهرت الكواكب صغارها وكبارها وكلما اشتدت ظلمته اشتد ظهور الكواكب تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً اى معلنين ومسرين على ان يكون تضرعا وخفية مصدرين فى موضع الحال من فاعل تدعونه وتدعون حال من فاعل ينجيكم اى داعين إياه تعالى والتضرع اظهار الضراعة وهى شدة الفقر والحاجة الى الشيء لَئِنْ أَنْجانا حال من فاعل تدعون ايضا على ارادة القول اى تدعونه قائلين والله لئن خلصنا مِنْ هذِهِ الظلمات والشدائد لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ اى الراسخين فى الشكر المداومين عليه لاجل هذه النعمة. والشكر الاعتراف بالنعمة مع القيام بحقها وحق نعمة الله ان يطاع منعمها ولا يعصى فضلا عن ان يشرك به ما لا يقدر على شىء أصلا قُلِ لهم اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ اى غم سواها والكرب غاية الغم الذي يأخذ بالنفس ثُمَّ أَنْتُمْ بعد ما تشاهدون من هذه النعم الجليلة تُشْرِكُونَ بعبادته تعالى غيره. والمناسب لقولهم لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ان يقال ثم أنتم لا تشكرون اى لا تعبدون لكن وضع تشركون موضعه تنبيها على ان الإشراك بمنزلة ترك الشكر رأسا قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً لاجل اشراككم مِنْ فَوْقِكُمْ اى عذابا كائنا من جهة الفوق كما فعل بقوم نوح عليه السلام بحيث اهلكهم بان أرسل عليهم الطوفان والصاعقة والريح والصيحة وأهلك قوم لوط واصحاب الفيل بان أمطر عليهم حجارة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ اى من جهة السفل كما أغرق فرعون وخسف بقارون. وقيل من فوقكم ملوككم وأكابركم ورؤسائكم ومن تحت أرجلكم عبيدكم السوء وسفلتكم وسفهائكم وكلمة او لمنع الخلو دون الجمع فلا منع لما كان من الجهتين معا كما فعل بقوم نوح أَوْ يَلْبِسَكُمْ من لبست عليه الأمر اى خلطته من باب ضرب واما لبست الثوب فمن باب علم ومصدر الاول اللبس بالفتح والثاني بالضم والمعنى او يخلطكم شِيَعاً منصوب على انه حال من مفعول يلبسكم وهو جمع شيعة كسدرة وسدر. والشيعة كل قوم اجتمعوا على امر اى يخلطكم حال كونكم فرقا متجزئين على أهواء شتى ومذاهب مختلفة كل فرقة مشايعة لامام فينشب بينكم القتال اى يهيج ويظهر فهذا الخلط هو خلط اضطراب لا خلط اتفاق وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ يقاتل بعضكم بعضا ومن سنة الله تعالى ان يذيق الكافرين بأس المؤمنين وبالعكس وان يذيق بعض الكافرين بأس بعض وبعض المؤمنين بأس بعضهم كما هو فى اكثر الأزمان والاعصار على حسب التربية المبنية على جماله وجلاله تعالى وفى الحديث (سألت ربى ثلاثا فاعطانى اثنتين ومنعنى واحدة سألت ربى ان لا يهلك أمتي بالسنة فاعطانيها فسألته ان لا يهلك أمتي بالغرق فاعطانيها وسألته ان لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها) أراد بالسنة قحطا يعم أمته وبالغرق بفتح الراء ما يكون على سبيل العموم كطوفان نوح عليه السلام قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى البر وسوى تأثير طوفان نوح عليه السلام يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة واحدة لكن على الخفة فيقع مطر

[سورة الأنعام (6) : الآيات 66 إلى 70]

كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل اه كلامه وأراد عليه السلام بالبأس الحرب والفتن وفى الحديث (فناء أمتي بالطعن والطاعون) وفى آخر (إذا وضع السيف فى أمتي لم يرفع منها الى يوم القيامة) وفيه معجزة للنبى عليه السلام حيث كان الأمر كما أخبره. والبأس الشدة فى الحرب وسبب دخول البأس عدم حكم الائمة بكتاب الله تعالى وسبب تسلط العدو نقض عهد الله وعهد رسوله كما جاء فى بعض الأحاديث انْظُرْ يا محمد كَيْفَ نُصَرِّفُ لهم الْآياتِ القرآنية من حال الى حال بالوعد والوعيد اى نبين لهم آية على اثر آية ونوردها على وجوه مختلفة من أول السورة الى هنا لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ كى يفقهوا ويقفوا على جلية الأمر فيرجعوا عما هم عليه من المكابرة والعناد وَكَذَّبَ بِهِ اى بالعذاب الموعود او القرآن المجيد الناطق بمجيئه قَوْمُكَ اى المعاندون منهم وَهُوَ الْحَقُّ اى والحال ان ذلك العذاب واقع لا محالة او انه الكتاب الصادق فى كل ما نطق قُلْ لهم لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ بحفيظ وكل الى أمركم لا منعكم من التكذيب وأجبركم على التصديق انما انا منذر وقد حرجت من العهدة حيث أخبرتكم بما سترونه لِكُلِّ نَبَإٍ اى خبر من اخبار القرآن مُسْتَقَرٌّ اسم زمان اى وقت يقع فيه ويستقر زمن عذابكم وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عند وقوعه فى الدنيا او فى الآخرة او فيهما معا فعلى العاقل ان يتضرع الى الله تعالى فى دفع الشدائد ولا يصر على ذنبه فانه سبب للابتلاء وكل ظلمة انما تجيء من ظلمات النفس الامارة: كما قال فى المثنوى هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بي شرمى وكستاخيست هم قال الصائب: چرا ز غير شكايت كنم كه همچوحباب ... هميشه خانه خراب هواى خويشتنم والاشارة ان البر هو الأجسام والبحر هو الأرواح فالارواح وان كانت نورانية بالنسبة الى الأجسام لكن بالنسبة الى الحق ونور ألوهيته ظلمانية كما قال عليه السلام (ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره) فمعناه إذا خلقتكم فى ظلمة الخليقة فمن ينجيكم من ظلمات بر البشرية وظلمات بحر الروحانية إذ تدعونه تضرعا اى بالجسم وخفية اى بالروح لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ حين تجلى لكم نور من أنوار صفاته فبعضكم يشرك ويقول انا الحق وبعضكم يقول سبحانى ما أعظم شأنى قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ حين تقولون انا الحق وسبحان عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ بان يرخى حجابا بينه وبينكم يعذبكم به عزة وغيرة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ اى حجابا من أوصاف بشريتكم باستيلاء الهوى عليكم أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً يجعل الخلق فيكم فرقا فرقة. يقولون هم الصديقون وفرقة يقولون هم الزنادقة وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ بالقتل والصلب وقطع الاعراق كما فعل بابن منصور قالوا وكان قد جرى من الحلاج قدس سره كلام فى مجلس جامد بن عباس وزير المقتدر بحضرة القاضي ابى عمر فافتى بحل دمه وكتب خطه بذلك وكتب معه من حضر المجلس من الفقهاء وقال له الحلاج ظهرى حمى ودمى حرام وما يحل لكم ان تتأولوا علىّ

[سورة الأنعام (6) : آية 68]

بما يبيحه وانما اعتقادي الإسلام ومذهبى السنة وتفضيل الائمة الاربعة الخلفاء الراشدين وبقية العشرة من الصحابة رضى الله عنهم ولى كتب فى السنة موجودة فى الوراقين فالله الله فى دمى ولم يزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم الى ان استكملوا ما احتاجوا اليه وانفضوا من المجلس وحمل الحلاج الى السجن وكتب الوزير الى المقتدر يخبره بما جرى فى المجلس فعاد جواب المقتدر بان القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله فليسلم الى صاحب الشرطة وليتقدم بضربه الف سوط فان مات والا فيضرب الف سوط آخر ثم ليضرب عنقه فسلمه الوزير الى الشرطي وقال له ما رسم به المقتدر وقال ايضا ان لم يتلف بالضرب يقطع يده ثم رجله ثم يحز رأسه وتحرق جثته وان خدعك وقال لك انا اجرى لك الفرات ودجلة ذهبا وفضة فلا تقبل منه ذلك ولا ترفع العقوبة عنه فتسلمه الشرطي ليلا وأصبح يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذى الحجة من سنة تسع وثلاثمائة فاخرجه الى باب الطاق وهو يتبختر فى قيوده واجتمع من العامة خلق لا يحصى عددهم وضربه الجلاد الف سوط ولم يتأوه ولما فرغ من ضربه قطع أطرافه الاربعة ثم حز رأسه ثم أحرقت جثته ولما صار رمادا ألقاه فى دجلة ونصب الرأس ببغداد على الجسر وادعى بعض أصحابه انه لم يقتل ولكن القى شبهه على عدو من اعداء الله تعالى كما وقع فى حق عيسى عليه السلام والأولياء ورثة للانبياء يقول الفقير لهذا التشبيه والتخييل نظائر فى حكايات المشايخ يجدها من تتبع ومرادى بيان جوازه لا اعتقاد انه كان كذلك فان قلت من حق ولاية الحلاج ان لا يحترق ولا يكون رمادا قلت ذلك غير لازم فان الأجساد مشتركة فى قبول العوارض والآفات ألا ترى الى حال أيوب ويحيى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام وقد ذكر اهل التفسير فى اصحاب الرس انهم قتلوا الأنبياء المبعوثين إليهم وأكلوا لحومهم تمردا وعنادا ورسوا بئرهم بعظامهم نعم قد يكون فى هذه النشأة امور خارجة عن العادة خارقة كاحوال بعض الأنبياء والأولياء الذين قتلوا مثلا ثم أحياهم الله تعالى واما فى القبر فقد ثبت ان الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ومن يليهم وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا إذا منصوب بجوابه وهو فاعرض والمراد بالخطاب النبي عليه السلام وأمته. والخوض فى اللغة الشروع فى الشيء مطلقا الا انه غلب فى الشروع فى الشيء الباطل والآيات القرآن. والمعنى إذا رأيت الذين يشرعون فى القرآن بالتكذيب والاستهزاء به والطعن فيه كما هو دأب كفار قريش فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ بترك محالستهم والقيام عنهم عند خوضهم فى الآيات حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ اى استمر على الاعراض الى ان يشرعوا فى حديث غير آياتنا فالضمير الى الآيات والتذكير باعتبار كونها حديثا او قرآنا وَإِمَّا أصله ان ما فادغمت نون ان الشرطية فى ما المزيدة يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ اى ما أمرت به من ترك مجالستهم فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى اى بعد ان تذكره فهو مصدر بمعنى الذكر ولم يجىء مصدر على فعلى غير ذكرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الذين وضعوا التكذيب والاستهزاء موضع التصديق والتعظيم وهذا الانساء محض احتمال يدل عليه كلمة ان الشرطية فلا يلزم وقوعه مع ان العلماء قد اتفقوا على جواز السهو والنسيان على الأنبياء عليهم السلام والمراد بالشيطان إبليس او واحد من أكابر جنوده لان الذي

[سورة الأنعام (6) : الآيات 69 إلى 70]

هو قرينه عليه السلام اسلم فلا يأمره إلا بخير بخلاف قرين كل واحد من الامة وفى الحديث (فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله عليه فاسلم وكان أزواجي عونا لى وكان شيطان آدم وزوجته عونا على خطيئته) ولما قال المسلمون لئن كنا نقوم كلما استهزؤا بالقرآن لم نستطع ان نجلس فى المسجد الحرام ونطوف بالبيت لانهم يخوضون ابدا رخص الله تعالى فى مجالستهم على سبيل الوعظ والتذكير فقال وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ الضمير فى حسابهم للخائضين ومن زائدة وشىء فى محل الرفع على انه مبتدأ للخبر المقدم وهو على الذين اى وما على المؤمنين الذين يجتنبون عن قبائح اعمال الخائضين وأقوالهم شىء مما يحاسبون عليه من الجرائم والآثام وَلكِنْ ذِكْرى اى ولكن عليهم ان يذكروهم ذكرى ويمنعوهم عن الخوض وغيره من القبائح بما أمكن من العظة والتذكير ويظهروا لهم الكراهة والنكير فنصب ذكرى على المصدرية والواو للعطف. ولكن خالص للاستدراك فلا يلزم الجمع بين حرفى العطف كما ان اللام مع سوف تخرج عن كونها للحال وتخلص للتأكيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى يجتنبون الخوض حياء وكراهة لمساءتهم وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً المراد بالموصول الكفار الخائضون فى الآيات ودينهم هو الذي كلفوه وأمروا باقامة مواجبه وهو دين الإسلام ومعنى اتخاذه لعبا ولهوا انهم سخروا به واستهزؤا. واللعب عمل يشغل النفس وينفرها عما تنتفع به. واللهو صرفها عن الجد الى الهزل وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا واطمأنوا بها حتى زعموا ان لاحياة بعدها ابدا والمعنى اعرض عنهم واترك معاشرتهم وملاطفتهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم وليس المراد ان يترك إنذارهم لانه تعالى قال وَذَكِّرْ بِهِ اى بالقرآن من يصلح للتذكر أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ اى لئلا تسلم الى الهلاك وترهن بِما كَسَبَتْ بسبب ما عملت من القبائح. واصل البسل والابسال المنع ولذا صح استعمال الابسال فى معنى الإسلام الى الهلاك لان الإسلام الى الهلاك يستلزم المنع فانه إذا اسلم أحد الى الهلاك كان المسلم اليه وهو الهلاك يمنع المسلم وهو الشخص من الخروج عنه والخلاص منه وفى التفسير الفارسي للكاشفى [تا تسليم كرده نشود بهلاك يا رسوا نكرده نفس هر كافرى بسبب آنچهـ كرده است از بديها] لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ استئناف مسوق للاخبار بذلك والأظهر انه حال من نفس كأنه فى قوة نفس كافرة او نفوس كثيرة كما فى قوله تعالى عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ ومن دون الله حال من ولى اى ليس لتلك النفس غيره تعالى من يدفع عنها العذاب وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ اى تفد تلك النفس كل فداء بان جاءت مكانها بكل ما كان فى الأرض جميعا لا يُؤْخَذْ مِنْها اى لا يقبل فقوله كل عدل نصب على المصدر فالعدل هاهنا ليس بمعنى ما يفتدى به كما فى قوله تعالى لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ بل المراد المعنى المصدري فان قلت الاخذ يتعلق بالأعيان لا بالمعنى قلت نعم الا ان الامام قال الاخذ قد يستعمل بمعنى القبول كما فى قوله تعالى وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ اى يقبلها وإذا حمل الاخذ فى هذه الآية على القبول جاز اسناده الى المصدر بلا محذور والمقصود من هذه الآية بيان ان وجوه الخلاص منسدة على تلك النفس ومن أيقن بهذا كيف لا ترتعد فرائصه

إذا اقدم على المعصية أُولئِكَ المتخذون دينهم لعبا ولهوا المغترون بالحياة الدنيا الَّذِينَ أُبْسِلُوا اى اسلموا الى العذاب بِما كَسَبُوا بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة وفى التفسير الفارسي [آن كروه آن كسانند كه سپرده شده اند بملائكه عذاب بسبب آنچهـ كرده اند از قبائح افعال] قال ابو السعود أولئك الذين اسلموا الى ما كسبوا من القبائح انتهى وهو جعل معنى الباء كما فى قوله مررت بزيد لَهُمْ شَرابٌ كأنه قيل ماذا لهم حين ابسلوا بما كسبوا فقيل لهم شراب مِنْ حَمِيمٍ اى من ماء مغلى يتجرجر فى بطونهم وتتقطع به امعاؤهم وَعَذابٌ أَلِيمٌ بنار تشتعل بأبدانهم بِما كانُوا يَكْفُرُونَ اى بسبب كفرهم المستمر فى الدنيا واعلم ان التكذيب بايات الله تعالى والاستهزاء بها هو الكفر وعاقبة الكفر هو العذاب الأليم وكذا الإصرار على المعاصي يجر كثيرا من عصاة المؤمنين الى الموت على الكفر والعياذ بالله وعن ابى اسحق الفزاري قال كان رجل يكثر الجلوس إلينا ونصف وجهه مغطى فقلت له انك تكثر الجلوس إلينا ونصف وجهك مغطى اطلعنى على هذا فقال وتعطينى الامان قلت نعم قال كنت نباشا فدفنت امرأة فاتيت قبرها فنبشت حتى وصلت الى اللبن ثم ضربت بيدي الى الرداء ثم ضربت بيدي الى اللفافة فمددتها فجعلت تمدها هى فقلت أتراها تغلبنى فجيت على ركبتى فجررت اللفافة فرفعت يدها فلطمتنى وكشف وجهه فاذا اثر خمس أصابع فقلت له ثم مه قال ثم رددت عليها لفافتها وإزارها ثم رددت التراب وجعلت على نفسى ان لا انبش ما عشت قال فكتبت بذلك الى الأوزاعي فكتب الى الأوزاعي ويحك سله عمن مات من اهل السنة ووجهه الى القبلة فسألته عن ذلك فقال أكثرهم حول وجهه عن القبلة فكتبت بذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ انا لله وانا اليه راجعون ثلاث مرات اما من حول وجهه عن القبلة فانه مات على غير السنة وأراد بالسنة ملة الإسلام نسأل الله تعالى العفو والمغفرة والرضوان: قال الحافظ قدس سره يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... پيشتر ز انكه چوكردى ز ميان بر خيزم وفى الآيات اشارة الى انه لا يصلح للطالب الصادق المجالسة مع الذين يخوضون فى احوال الرجال ولا حظ لهم منها سوى التزيي بزيهم واللبس لخرقتهم لان الطبع من الطبع يسرق نفس از هم نفس بگيرد خوى ... بر حذر باش از لقاى خبيث باد چون بر فضاى بد كذر ... بوى بد كيرد از هواى خبيث فلا بد من الصحبة مع الأخيار والاتعاظ بكلمات الكبار وعن عبد الله بن الأحنف قال خرجت من مصر أريد الرملة لزيادة الرود بادى قدس سره فرآنى عيسى بن يونس المصري فقال لى هل ادلك قلت نعم قال عليك بصور فان فيها شيخا وشابا قد اجتمعا على حال المراقبة فلو نظرت إليهما نظرة لاغنتك باقى عمرك قال فدخلت عليهما وانا جائع عطشان وليس على ما يسترنى من الشمس فوجدتهما مستقبلين القبلة فسلمت عليهما وكلمتهما فلم يكلمانى فقلت أقسمت عليكما بالله ألا ما كلمتمانى فرفع الشيخ رأسه وقال يا ابن الأحنف ما اقل شغلك حتى تفرغت إلينا ثم اطرق فاقمت بين يديهما حتى صلينا الظهر والعصر فذهب عنى الجوع والعطش فقلت

[سورة الأنعام (6) : الآيات 71 إلى 75]

للشاب عظنى بشىء انتفع به فقال نحن اهل المصائب ليس لنا لسان العظة فاقمت عندهما ثلاثة ايام بلياليها لم نأكل فيها شيأ ولم نشرب فلما كان عشية اليوم الثالث قلت فى قلبى لا بد من سؤالهما فى وصية انتفع بها باقى عمرى فرفع الشاب رأسه الىّ وقال عليك بصحبة من يذكرك الله بنظره ويعظك بلسان فعله لا بلسان قوله ثم التفت فلم أرهما وانشد لسان الحال شدوا المطايا قبيل الصبح وارتحلوا ... وخلفونى على الاطلال ابكيها ثم ان النصيحة سهلة والمشكل قبولها ومن أراد الله تعالى هدايته وسبقت منه له عناية يجذبه لا محالة الى باب ناصح له فى ظاهره وباطنه فبهتدى بنور العظة والتذكير الى مسالك الوصول الى الله الخبير فيترقى من حضيض هوى النفس التي تلعب كالصبيان الى اوج هدى الروح الذي له وقار واطمئنان وعلو شأن فهذه الآيات الكريمة تنادى على داء النفس ودوائها ومن الله الاعانة فى إصلاحها قُلْ أَنَدْعُوا أنعبد والاستفهام للانكار مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين عبادة الله تعالى ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا اى ما لا يقدر على نفعنا إذا عبدناه ولا على ضرنا إذا تركناه وهو الأصنام والقادر على النفع والضر هو الله تعالى وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا جمع عقب بالفتح وكسر القاف موخر القدم اى نرجع من الإسلام الى الشرك بإضلال المضل بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ الى الإسلام وأنقذنا من الشرك كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ حال من فاعل نرد اى أنرد على أعقابنا مشبهين بالذي ذهبت به مردة الجن الى المهامة وأضلته فِي الْأَرْضِ متعلق باستهوته حَيْرانَ حال من هاء استهوته وهو صفة مشبهة مؤنثه حيرى والفعل منه حاريحار حيرة اى متحيرا ضالا عن الطريق لَهُ أَصْحابٌ الجملة صفة حيران اى لهذا المستوي رفقة يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى اى يهدونه الى الطريق المستقيم وسماه هدى تسمية للمفعول بالمصدر مبالغة كأنه نفس الهدى ائْتِنا على ارادة القول على انه بدل من يدعونه اى يقولون له ائتنا شبه الله تعالى من أشرك وعبد غير الله مع قيام البرهان الفاصل بين الحق والباطل بشخص موصوف بثلاثة أوصاف الاول استهوته مردة الجن والغيلان فى المهامة والمفاوز والثاني كونه حيران تائها ضالا عن الجادة لا يدرى كيف يصنع والثالث ان يكون له اصحاب يدعونه قائلين له ائتنا فقد اعتسفت المهامة وضللت عن الجادة وهو لا يجيبهم ولا يترك متابعة الجن والشياطين. والجن أجسام لطيفة تتشكل باشكال مختلفة وتقدر على ان تنفذ فى بواطن الحيوان نفوذ الهواء فى خلال الأجسام المتخلخلة قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ الذي هدانا اليه وهو الإسلام هُوَ الْهُدى وحده وما عداه ضلال محض وغى بحت وَقل ايضا أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ اى بان نسلم فاللام بمعنى الباء والعرب تقول امرتك لتفعل وان تفعل وبان تفعل وَأَنْ اى بان أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ تعالى فالاسلام رئيس الطاعات الروحانية والصلاة رئيس الطاعات الحسمانية والتقوى رئيس ما هو من قبيل التروك والاحتراز عن كل ما لا ينبغى وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ يجمعون يوم القيامة للحساب وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى العلويات والسفليات وما فيهما بِالْحَقِّ حال من فاعل خلق اى قائما بالحق والحكمة وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ يوم ظرف

لمضمون جملة قوله الحق والواو بحسب المعنى داخل عليها والمعنى وامره المتعلق بكل شىء يريد خلقه من الأشياء فى حين تعلقه به لا قبله ولا بعده من افراد الأحيان الحق اى المشهود له بالحقية المعروف بها وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ لا ملك فيه لغيره ولو مجازا كما فى الدنيا عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ اى هو عالم ما غاب وما شوهد وَهُوَ الْحَكِيمُ فى كل ما يفعله الْخَبِيرُ بجميع الأمور الجلية والخفية وفى الحديث (لما فرغ الله من خلق السموات والأرض خلق الصور فاعطاه اسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره الى العرش متى يؤمر) قال ابو هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله ما الصور قال (القرن) قلت كيف هو قال (عظيم والذي نفسى بيده ان عظم دائرة فيه كعرض السماء والأرض) ويقال ان فيه من الثقب على عدد أرواح الخلائق قالوا ان النفخة ثلاث. أولاها نفخة الفزع فانهم إذا سمعوا النفخة يعلمون انهم يموتون يقينا ولم يبق من ايام الدنيا شىء فيأخذهم الفزع لاجل العرض والحساب والعذاب. والنفخة الثانية الصعق وهو موت الخلائق أجمعين حتى لا يبقى الا الله تعالى كل شىء هالك الا وجهه. والنفخة الثالثة نفخة البعث من القبور ومن النفخة الى النفخة أربعون عاما فعند موت جميع الخلائق تجعل أرواحهم فى الصور وليس من الإنسان شىء الا يبلى الا عظما واحدا لا تأكله الأرض ابدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة ويجمع الله ما تفرق من أجساد الناس من بطون السباع وحيوانات الماء وبطن الأرض وما أصاب النيران منها بالحرق والمياه بالغرق وما أبلته الشمس وذرته الرياح وذلك بعد ما انزل ماء من تحت العرش يقال له الحيوان فتمطر السماء أربعين سنة حتى يكون من الفوق اثنى عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد فتنبت كنبات البقل فاذا جمعها وأكمل كل بدن منها ولم يبق الا الأرواح يحيى حملة العرش ثم يحيى جبرائيل وميكائيل واسرافيل فينفخ فى الصور فتخرج الأرواح من ثقب الصور كامثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله تعالى ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الأرواح فى الأرض الى الأجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الأجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الأرض فاول من يخرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الامة شبابا كلهم أبناء ثلاث وثلاثين واللسان يومئذ بالسريانية سراعا الى ربهم هذا فى المؤمنين المخلصين. واما الكافرون فيقولون هذا يوم عسير فيوقفون خفاة عراة مقدار سبعين عاما لا ينظر الله إليهم فتبكى الخلائق حتى تنقطع الدموع ثم تدمع دما حتى يبلغ منهم الأذقان ويلجمهم ثم يفعل الله فيهم ما يشاء فعليك بالإسلام الحقيقي والتسليم حتى تنجو وهو ترك الوجود كالكرة فى ميدان القدر مستسلما لصولجان القضاء لمجارى احكام رب العالمين وهو انما يحصل بمحض فضل الله تعالى لكن الأنبياء والأولياء وسائط: كما أشار اليه صاحب المثنوى فقال سازد اسرافيل روزى ناله را ... جان دهد پوسيده صد ساله را أوليا را در درون هم نغمهاست ... طالبانرا زان حياة بي بهاست نشنود آن نغمها را كوش حس ... كز ستمها كوش حس باشد نجس

[سورة الأنعام (6) : آية 74]

هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما نغمهاى اندرون أوليا ... اولا كويد كه اى اجزاى لا هين زلاى نفى سرها بر زنيد ... اين خيال ووهم يكسو افكنيد اى همه پوسيده در كون وفساد ... جان باقيان نروئيد ونزاد وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ اعلم ان ابراهيم عليه السلام لما سلم قلبه للعرفان ولسانه لاقامة البرهان على فساد طريق اهل الشرك والطغيان وسلم بدنه للنيران وولده للقربان وماله للضيفان ثم انه سأل ربه وقال وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وجب فى كرم الله تعالى انه يجيب دعاءه ويحقق مطلوبه فاجاب دعاءه وجعل جميع الطوائف واهل الأديان والملل معترفين بفضله حتى ان المشركين ايضا يعظمونه ويفتخرون بكونهم من أولاده ولما كانوا معترفين بفضله لا جرم جعل الله تعالى مناظرته مع قومه حجة على مشركى العرب اى واذكر يا محمد لاهل مكة وقت قول ابراهيم لابيه آزر اى موبخاله على عبادة الأصنام فان ذلك مما يبكتهم وآزر عطف بيان لابيه وهو تارح بفتح الراء وسكون الحاء المهملة علمان لاب ابراهيم كاسرائيل ويعقوب او آزر لقبه وتارح اسم له وكان من قرية من سواد الكوفة يقال لها كوثى أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً اى أتجعلها لنفسك آلهة على توجيه الإنكار الى اتخاذ الجنس من غير اعتبار الجمعية وانما أريد صيغة الجمع باعتبار الوقوع إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ الذين يتبعونك فى عبادتها فِي ضَلالٍ عن الحق مُبِينٍ اى بين كونه ضلالا لا اشتباه فيه. والرؤية اما علمية فالظرف مفعولها الثاني واما بصرية فهو حال من المفعول والجملة تعليل للانكار والتوبيخ ثم اعلم ان عبادة الأصنام كفر فدلت الآية على ان آزر كان كافرا وذلك لا يقدح فى شأن نسب نبينا صلى الله عليه وسلم واما قوله عليه السلام (لم ازل انقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات) فذلك محمول على انه ما وقع فى نسبه من ولد من الزنى ونكاح اهل الجاهلية صحيح كما يدل عليه قوله عليه السلام (ولدت من نكاح لا من سفاح) اى زنى وقوله (لما خلق الله تعالى آدم اهبطنى فى صلبه الى الأرض وجعلنى فى صلب نوح فى السفينة وقذفنى فى صلب ابراهيم ثم لم يزل تعالى ينقلنى من الأصلاب الكريمة والأرحام حتى أخرجني بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط) - وروى- ان حواء لما وضعت شيتا انتقل النور المحمدي من جبهتها الى جبهته ولما كبر وبلغ مبلغ الرجال أخذ آدم عليه العهود والمواثيق ان لا يودع هذا السر الا فى المطهرات المحصنات من النساء ليصل الى المطهرين من الرجال فانتقل ذلك النور الى يانش ويقال انوش ثم الى قنان ثم الى مهلائيل ثم الى يرد ثم الى خنوخ على وزن ثمود وهو إدريس عليه السلام ويقال أخنوخ ثم الى متوشلح ثم الى لملك ثم الى نوح عليه السلام ثم الى سام ابو العرب ثم الى ارفخشذ ثم الى شالخ ثم الى عابر على وزن ناصر ويقال عيبر على وزن جعفر ثم الى فالخ ويقال فالغ ثم الى ارغو ويقال راغو ثم الى شاروخ ثم الى ناخود ثم الى تارح وهو آزر ثم الى ابراهيم عليه السلام ثم الى اسمعيل عليه السلام وفيه لغة اخرى وهى اسمعين

[سورة الأنعام (6) : آية 75]

بالنون على ما حكاه النوى ثم الى قندار ثم الى حمل ثم الى النبت ثم الى سلامان ثم الى يشجب على وزن ينصر ثم الى يعرب على وزن ينصر ايضا ثم الى الهميسع ثم الى اليسع ثم الى أدد ثم الى أدو الى هنا اختلف فى اسماء اهل النسب بخلاف ما بعده ثم الى عدنان ثم الى معد ثم الى نزار ثم الى مضر ثم الى الياس بفتح الهمزة فى الابتداء والوصل وقيل بكسر الهمزة ضد الرجاء ثم الى مدركة ثم الى خزيمة ثم الى كنانة ثم الى النضر ثم الى مالك ثم الى فهر ثم الى غالب ثم الى لوى ثم الى كعب ويجتمع عمر رضى الله عنه مع النبي عليه السلام فى النسب فى كعب ثم الى مرة ويجتمع ابو بكر مع النبي عليه السلام فى النسب فى مرة ثم الى كلاب ثم الى قصى ثم الى عبد مناف ثم الى هاشم ثم الى عبد المطلب ثم الى عبد الله اب السر المصون والدر المكنون محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يرض بعض اهل العلم بما اشتهر بين الناس من عبادة قريش صنما استدلالا بقوله تعالى حكاية عن ابراهيم عليه السلام وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فى سورة ابراهيم وقوله تعالى فى حق ابراهيم وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فى حم الزخرف والجواب ان الآية الاولى تدل بظاهرها على الأبناء الصلبية ولو سلم دلالتها على الأحفاد ايضا كما تدل على كل ولد من ذريته. ومعنى الآية الثانية وجعل الله كلمة التوحيد كلمة باقية فى نسله وذريته على انه لا تخلو سلسلة نسبه عن اهل التوحيد والايمان فلا تدل على ايمان كل أعقابه وأحفاده وهو اللائح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال والاشارة فى الآية ان الله تعالى اظهر قدرته فى إخراج الحي من الميت بقوله وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً دون الله إذ الأصل منهمك فى الجحود لموت قلبه والنسل مضمحل فى الشهود لحياة قلبه والأصنام ما يعبد من دون الله إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ بما أراني الله ملكوت الأشياء كما فى التأويلات النجمية ومن بلاغات الزمخشري كم يحدث بين الخبيثين ابن لا يؤبن والفرث والدم يخرج من بينهما اللبن: قال السعدي چوكنعانرا طبيعت بي هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وقال [خاكستر اگر چهـ نسب عالى دار كه آتش جوهر علويست وليكن بنفس خود چون هنرى ندارد با خاك برابر است قيمت شكر نه از نى است كه آن خاصيت وى است] فظهر ان الله تعالى من شأنه القديم إخراج الحي من الميت ولا يختص به نسب وكذا امر العكس ومن الله التوفيق وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ ذلك اشارة الى الاراءة التي تضمنها قوله نرى لا الى اراءة اخرى يشبه بها هذه الاراءة كما يقال ضربته كذلك اى هذا الضرب المخصوص والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة. والمعنى كذلك التبصير نبصره عليه السلام مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ربوبيته تعالى ومالكيته لهما وسلطانه القاهر عليهما وكونهما بما فيهما مربوبا ومملوكا له تعالى لا تبصيرا آخر ادنى منه والملكوت مصدر على زنة المبالغة كالرهبوت والجبروت ومعناه الملك العظيم والسلطان القاهر والأظهر مختص بملك الله عز سلطانه وهذه الاراءة من الرؤية البصرية المستعارة للمعرفة ونظر البصيرة اى عرفناه

[سورة الأنعام (6) : الآيات 76 إلى 83]

وبصرناه وصيغة الاستقبال حكاية للحال الماضية لاستحضار صورتها فان قيل رؤية البصيرة حاصلة لجميع الموحدين كرؤية البصر ومقام الامتنان يأبى ذلك والجواب انهم وان كانوا يعرفون اصل دليل الربوبية الا ان الاطلاع على آثار حكمة الله تعالى فى كل واحد من مخلوقات هذا العالم بحسب أجناسها وأنواعها واشخاصها وأحوالها مما لا يحصل الا لاكابر الأنبياء ولهذا كان عليه السلام يقول فى دعائه (أرنا الأشياء كما هى) قال فى التأويلات النجمية اعلم ان لكل شىء من العالم ظاهرا. يعبر عنه تارة بالجسماني لما له من الابعاد الثلاثة من الطول والعرض والعمق ولتحيزه وقبول القسمة والتجزى. وتارة بالدنيا لدنوها الى الحس. وتارة بالصورة لقبول التشكل ولادراكه بالحس. وتارة بالشهادة لشهوده فى الحس. وتارة بالملك لتملكه والتصرف فيه بالحس. وباطنا يعبر عنه تارة بالروحانى لخلوه عن الابعاد الثلاثة وعن التحيز والتجزى فى الحس. وتارة بالآخرة لتأخره عن الحس. وتارة بالمعنى لتعريه عن التشكل وبعده عن الحس. وتارة بالغيب لغيبوبته عن الحس. وتارة بالملكوت لملاك عالم الملك والصورة به فان قيام الملك بالملكوت وقيام الملكوت بقدرة الحق كما قال الله تعالى فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ اى من طريق الملكوت والملكوت من الاوليات التي خلقها الله تعالى من لا شىء بامركن إذ كان الله ولم يكن معه شىء يدل عليه قوله أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فنبه على ان الملكوت لم يخلق من شىء وما سواه خلق من شىء وقد سمى الله تعالى ما خلق بالأمر امرا وما خلق من الشيء خلقا فقال أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فالله تعالى ارى ابراهيم ملكوت الأشياء والآيات المودعة فيها الدالة على التوحيد انتهى وقد اطلق العلماء الملك على ما يدرك بالبصر والملكوت على ما يدرك بالبصيرة فالملكوت لا ينكشف لارباب العقول بل لاصحاب القلوب فان العقل لا يعطى الا الإدراك الناقص بخلاف الكشف وتلك المكاشفة لا تحصل الا لاهل المجاهدة فانها ثمرة المجاهدة وهى مما يعز منا له جدا اللهم اجعلنا من اهل العيان دون السامعين للاثر وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ اللام متعلقة بمحذوف مؤخر والجملة اعتراض مقرر لما قبلها اى ليكون من زمرة الراسخين فى الإيقان البالغين درجة عين اليقين من معرفة الله تعالى فعلنا ما فعلنا من التبصير البديع المذكور لا لامر آخر فان الوصول الى تلك الغاية القاصية كمال مترتب على ذلك التبصير لا عينه وليس القصر لبيان انحصار فائدته فى ذلك كيف لا وارشاد الخلق والزام المشركين من فوائده بل لبيان انه الأصل الأصيل والباقي من مستتبعاته فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ اى ستره بظلامه رَأى كَوْكَباً جواب لما فان رؤيته انما تحقق بزوال نور الشمس عن الحس وهذا صريح فى انه لم يكن فى ابتداء الطلوع بل كان غيبته عن الحس بطريق الاضمحلال بنور الشمس والتحقيق انه كان قريبا من الغروب قيل كان ذلك هو الزهرة وقيل هو المشترى وكلاهما من الكواكب السبعة السيارة قالَ كأنه قيل فماذا صنع عليه السلام حين رأى الكوكب فقيل قال على سبيل الموافقة مع الخصم هذا رَبِّي وكان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والكواكب واستدل على فساد قول يحكيه على رأى خصمه ثم يكر عليه بالابطال فَلَمَّا أَفَلَ اى غرب

[سورة الأنعام (6) : الآيات 77 إلى 80]

قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ اى الأرباب المنتقلين من مكان الى مكان المتغيرين من حال الى حال المحتجبين بالأستار فانهم بمعزل عن استحقاق الربوبية قطعا فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً اى مبتدئا فى الطلوع اثر غروب الكوكب قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ كما أفل النجم قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي الى جنابه لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ تعريض لقومه بانهم على ضلال ولعله عليه السلام كان إذ ذاك فى موضع كان من جانبه الغربي جبل شامخ يستتر به الكواكب والقمر وقت الظهر من النهار او بعده بقليل وكان الكواكب قريبا منه وافقه الشرقي مكشوف والا فطلوع القمر بعد أفول الكوكب ثم أفوله قبل طلوع الشمس مما لا يكاد يتصور فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً اى مبتدئة فى الطلوع قالَ هذا الجرم المشاهد رَبِّي هذا أَكْبَرُ من الكوكب والقمر وهو تأكيد لما رامه من اظهار النصفة بقوله لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا أَفَلَتْ كما أفل الكوكب والقمر وقويت عليهم الحجة ولم يرجعوا قالَ مخاطبا للكل صادعا بالحق بين أظهرهم يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ بالله تعالى من الأصنام والاجرام المحتاجة الى محدث فقالوا له ما تعبد قال إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ اى أخلصت دينى وعبادتى وجعلت قصدى لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى لله الذي خلقهما حَنِيفاً اى مائلا عن الأديان الباطلة كلها الى الدين الحق ميلا لا رجوع فيه وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ به تعالى فى شىء من الافعال والأقوال وهذه حال من كملت صقالة مرآة قلبه عن طبع الطبع وتنزهت عن ظلمة هوى النفس وشهواتها فانه لا يلتفت الى الاجرام والأكوان بل الى اليمين والشمال لان شوق الخلة الى الحضرة نصبه فى محاذاة ذاته المقدسة عن الجهة: قال فى المثنوى آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشد كه كوئيم او خداست آفتاب كر بگيرد چون كنى ... آن سياهى زو تو چون بيرون كنى نى بدرگاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع كر كشندت نيم شب خورشيد كو ... تا بنالى يا أمان خواهى ازو حادثات اغلب بشب واقع شود ... وان زمان معبود تو غائب شود سوى حق گر راستانه خم شوى ... وارهى از اختران محرم شوى وَحاجَّهُ قَوْمُهُ اى جادلوه فى دينه وهددوه بالأصنام ان تصيبه بسوء ان تركها قالَ أَتُحاجُّونِّي بنون ثقيلة أصله أتحاجونني بنونين اولاهما نون الرفع والثانية نون الوقاية فاستثقل اجتماعهما فادغم الاولى فى الثانية اى أتجادلونني فِي اللَّهِ اى فى شأنه تعالى ووحدانيته وَقَدْ هَدانِ اى والحال ان الله تعالى هدانى الى الحق وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ اى ما تشركون به تعالى من الأصنام ان يصيبنى بسوء لعدم قدرتها على شىء إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً استثناء متصل والمستثنى منه وقت محذوف والتقدير لا أخاف معبوداتكم فى وقت من الأوقات الا وقت مشيئته تعالى شيأ من إصابة مكروه بي من جهتها وذلك انما يكون من جهته تعالى من غير دخل لآلهتكم فيه أصلا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كأنه تعليل

[سورة الأنعام (6) : الآيات 81 إلى 83]

للاستثناء اى أحاط بكل شىء علما فلا يبعد ان يكون فى علمه نعالى ان يحيق به مكروه من قبلها بسبب من الأسباب لا بالطعن فيها أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ اى أتعرضون عن التأمل فى ان آلهتكم جمادات غير قادرة على شىء ما من نفع ولا ضر فلا تتذكرون انها غير قادرة على اضرارى وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ بالله من الأصنام وهى لا تضر ولا تنفع والاستفهام انكار الوقوع ونفيه بالكلية وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ حال من ضمير أخاف بتقدير مبتدأ اى وكيف أخاف انا ما ليس فى حيز الخوف أصلا وأنتم لا تخافون غائلة ما هو أعظم المخوفات وأهولها وهو اشراككم بالله الذي ليس كمثله شىء فى الأرض ولا فى السماء ما هو من جملة مخلوقاته وانما عبر عنه بقوله ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اى باشراكه عَلَيْكُمْ سُلْطاناً اى حجة وبرهانا على طريقة التهكم مع الإيذان بان الأمور الدينية لا يعول فيها الا على الحجة المنزلة من عند الله تعالى فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أنحن أم أنتم قال المولى ابو السعود المراد بالفريقين الفريق الآمن فى محل الأمن والفريق الآمن فى محل الخوف إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ من أحق به فاخبرونى الَّذِينَ آمَنُوا اى أحد الفريقين الذين آمنوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ اى لم يخلطوه بِظُلْمٍ اى بشرك كما يفعله الفريق المشركون حيث يزعمون انهم يؤمنون بالله تعالى وان عبادتهم للاصنام من تتمات ايمانهم وأحكامه لكونها لاجل التقريب والشفاعة كما قالوا ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وهذا معنى الخلط أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ فقط من العذاب وَهُمْ مُهْتَدُونَ الى الحق ومن عداهم فى ضلال مبين وَتِلْكَ اشارة الى ما احتج به ابراهيم على قومه من قوله فَلَمَّا جَنَّ الى قوله وَهُمْ مُهْتَدُونَ حُجَّتُنا الحجة عبارة عن الكلام المؤلف للاستدلال على الشيء آتَيْناها إِبْراهِيمَ اى ارشدناه إليها او علمناه إياها وهو حال من حجتنا لا صفة لانها معرفة بالاضافة عَلى قَوْمِهِ متعلق بحجتنا والاشارة ان محجة السلوك الى الله تعالى انما هى تحقق بالآيات التي هى أفعاله وهذه مرقاة لهم وهى الرتبة الاولى ثم شهود صفاته بإراءته لهم وهى الرتبة الثانية ثم التحقق بوجوده وذاته عند التجلي لاسرارهم وهذا مبدأ الوصول ولا غاية له فقوله وتلك اى اراءة الملكوت وشواهد الربوبية فى مرآة الكواكب وصدق التوجه الى الحق والاعراض والتبري مما سواه والخلاص من شرك الانانية والايمان الحقيقي والإيقان بالعيان آتيناها ابراهيم وأريناه بذاتنا من غير واسطة حتى جعلها حجة على قومه نَرْفَعُ الى دَرَجاتٍ اى رتبا عظيمة عالية من العلم والحكمة مَنْ نَشاءُ رفعه كما رفعنا درجات ابراهيم حتى فاق فى زمن صباه شيوخ اهل عصره واهتدى الى ما لم يهتد اليه الا أكابر الأنبياء عليهم السلام داد حق را قابليت شرط نيست ... بلكه شرط قابليت داد اوست إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ فى كل ما فعل من رفع وخفض عَلِيمٌ بحال من يرفعه واستعداده له على مراتب متفاوتة ثم ان المقصود من المباحث الجارية بين ابراهيم وبين قومه انما هو الزام القوم وإرشادهم الى طريق النظر والاستدلال وتنبيههم على ضلالهم فى امر دينهم كما هو المختار عند اجلاء المفسرين وعلى هذا المسلك جريت فى تفسير الآيات كما وقفت وقال بعضهم المقصود مما حكى الله

عن ابراهيم من الاستدلال على وحدانية الله تعالى وابطال الوهية ما سواه نظره واستدلاله فى نفسه وتحصيل المعرفة لنفسه فيحمل على ان ذلك فى زمان مراهقته وأول أوان بلوغه وان المراد بالملكوت الآيات قال الحدادي وهو الأقرب الى الصحة قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي وَكَذلِكَ و چنانكه بدو نموده بوديم كمراهىء قوم او را همچنان نُرِي إِبْراهِيمَ بنموديم ابراهيم را مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عجائب وبدائع آسمانها وزمينها از ذروه عرش تا تحت الثرى بر وى منكشف ساخته تا استدلال كند بدان در قدرت كامله حق تعالى وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ وتا باشد از بي كمانان يا موفق بود در علم استدلال در معالم آورده كه نمرود بن كنعانكه پادشاهى روى زمين تعلق بدو داشت در شهر بابل نشستى شبى در واقعه ديد كه كوكبى إذ أفق آن بلده طلوع نمود كه در شعشه جمال او نور آفتاب وماه نابود كشت از غايت فزع بيدار شد وكاهنان وحكماء مملكت تعبير اين واقعه برين وجه كردند كه درين سال بولايت بابل مولودى حجسته طالع از خلوتخانه عدم بفضاء صحراى وجود خرامد كه هلاك تو واهل مملكت تو بدو دست او باشد وهنوز اين مولود از مستقر صلب بمستودع رحم نپيوسته نمرود بفرمود تا ميان زنان وشوهران تفريق كردند وبر هـژده يكى بر ايشان مؤكل ساخت وآزر را كه يكى از محرمان ومقربان نمرود بود شبى با زن خود او فى بنت نمر پنهان ز مؤكلان خلوت دست داد وحامله شد وبامدادش را كاهنان با نمرود كفتند امشب آن كودك برحم پيوسته است نمرود خشم كرفته بفرمود تا بر هر حامله يكى مؤكل ساختند تا اگر پسر بزايد بكشند زنانى كه در تفحص احوال حامله بودند چون مادر ابراهيم را اثر حمل ظاهر نبود ازو در كذشتند وديكر كسى بدو التفات نكرد تا وقتى كه وضع حمل نزديك رسيد او فى ترسيد كه اگر پسرى زايد ناكاه خبر بكسان نمرود رسد فى الحال او را بكشند ببهانه از شهر بيرون رفت وغارى در ميان كوه نشان داشت در ان غار ابراهيم را بزاد ودر خرقه پيچيد وهمانجا كذاشته در غار بسنك استوار كرد وآزر را كه از حمل خبر داشت كفت كه از ترس كماشتكان نمرود بصحرا رفتم و پسرى بزادم وفى الحال بمرد در خاكش دفن كردم وباز كشتم آزر باور كرد واوفى روز ديكر با غار آمد ديد كه ابراهيم انكشتان خود را از يكى شير واز ديكرى عسل بيرون ميكشد ومى نوشد اوفى چون اين حال بديد خوش وقت شد وبا شهر مراجعت نمود: القصة ابراهيم چون شير تربيت از پستان عنايت الهى نوشيد بروزى چندان مى باليد كه كودك ديكر در ماهى وبماهى چندان بزرك ميشد كه ديكرى در سالى چوماه نو كه با روى دل افروز ... بود زاينده نورش روز تا روز چون پانزده ماهه شد با جوانان پانزده ساله مقابل كشت واز خانه بيرون آمد وكفته اند هفت سال با سيزده سال يا هفتده سال در غار بود بر هر تقدير چون ابراهيم بزرك شد اوفى بآزر كفت كه پسر تو آن روز خبر مرك او بدروغ دادم جوانى رسيده است در غايت خوب رويى ونيكو خويى پس آزر را بغار آورد وابراهيم را بوى نمود آزر بجمال پسر خوش آمد

[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 إلى 87]

وبا او كفت اين را از غار بخانه آور كه بملازمت نمرود بريم آزر برفت واوفى از غار بدر آورد نماز شام بود در پايان غار كلهاى اسب واشتر ورمهاى كوسفند جمع بودند ابراهيم از مادر پرسيد كه هر آيينه اين ها را پروردگارى خواهد بود كه آفريده وروزى ميدهد پس مادر را كفت كه هيچ مخلوقى را از خالقى چاره نيست آفريده گار او باشد وبمدد تربيت يابد پروردگار من كيست مادرش كفت من پروردگار تو أم ابراهيم كفت پروردگار تو كيست كفت پدر تو ابراهيم كفت خداى او كيست كفت نمرود كفت خداى نمرود كيست مادرش بانك بر ابراهيم زد كه مثل اين سخنان مكو كه خطر عظيم دارد در زمان نمرود بعضى ستاره وآفتاب وماه مى پرستيدند وبرخى بت پرست بودند وجمعى پرستش نمرود مى كردند ابراهيم با مادر بشهر روانه شد فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً پس بعضى كه ستاره پرست بودندى روى بوى سجده كردند قالَ هذا رَبِّي اى اينست پروردگار من بر سبيل استفهام يا بزعم آن قوم فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ پس قدرى ديكر راه رفتند وشب چهاردهم بود ماه طبق سيمين بر كناره خوان سبز فلك نمودار شد فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً جمعى ماه پرستان پيش وى بسجده در فتادند قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ يعنى از خط نصف النهار بجانب مغرب ميل كرد قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ پس از آنجا در كذشتند ونزديك شهر رسيدند آفتاب ابتداء طلوع كرد جمعى متوجه او شده عزم سجود كردند فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً در حالتى كه من مائلم از همه أديان بدين توحيد وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ در تفسير منير مذكور است كه چون ابراهيم عليه السلام بشهر در آمد او را بديدن نمرود بردند او مردى ديد كه كريه منظر وابراهيم او را ديد بر تختي نشسته وغلامان ماه منظر وكنيزان پرى پيكر كرد تخت او صف زده از مادر پرسيد كه اين چهـ كس است كه مرا بدين او آوريده آيد كفتند خداى همه كس است پرسيد كه اين ملازمان بر حوالىء تخت كيانند كفت آفريدگان اويند ابراهيم تبسم فرمود وكفت اى مادر چگونه است كه اين خداى شما ديكر انرا از خود خوبتر آفريده است بايستى كه او ازيشان خوبتر بودى كذا فى ذلك التفسير للكاشفى مع اختصار وَوَهَبْنا لَهُ الهبة فى اللغة التبرع والعطية الخالية عن تقدم الاستحقاق والضمير لابراهيم عليه السلام إِسْحاقَ ابنه الصلبى وهو اب أنبياء بنى إسرائيل وَيَعْقُوبَ ابن اسحق كُلًّا هَدَيْنا اى كل واحد منهما وفقنا وأرشدنا الى الفضائل الدينية والكلمات العلمية والعملية لا أحدهما دون الآخر وَنُوحاً منصوب بمضمر يفسره هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ اى من قبل ابراهيم وعدّ هداه نعمة على ابراهيم من حيث انه أبوه وشرف الوالد يتعدى الى الولد وَهدينا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ اى ذرية نوح ولم يرد من ذرية ابراهيم لانه ذكر فى جملتهم يونس ولوطا ولم يكونا من ذرية ابراهيم كذا قال البغوي وقال ابن الأثير فى جامع الأصول يونس من ذرية ابراهيم لانه كان من الأسباط فى زمن شعيب أرسله الله الى نينوى من بلد الموصل

[سورة الأنعام (6) : الآيات 85 إلى 87]

ولا بعد فى عد لوط من ذرية ابراهيم ايضا باعتبار انه كان ابن أخيه هاجر معه الى الشام قال سعدى چلبى المفتى ومحيى السنة يعنى البغوي أوثق من ابن الأثير داوُدَ ابن ايشا وَسُلَيْمانَ ابنه وسلسلتهما تنتهى الى يهودا بن يعقوب وَأَيُّوبَ من اموص بن رازخ بن روم بن عيصا بن اسحق بن ابراهيم وَيُوسُفَ ابن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم وَمُوسى ابن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب وَهارُونَ هو أخو موسى اكبر منه بسنة وليس ذكرهم على ترتيب أزمانهم وَكَذلِكَ اى كما جزيناهم برفعة الدرجات نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم على قدر استحقاقهم. فاللام للجنس ويجوز ان تكون الكاف مقحمة واللام للعهد والمعنى ذلك الجزاء البديع الذي هو عبارة عما اوتى المذكورون من فنون الكرامات نجزيهم لاجزاء آخر ادنى منه فالمراد بالمحسنين هم المذكورون والإظهار فى موضع الإضمار للثناء عليهم بالإحسان الذي هو عبارة عن الإتيان بالأعمال الحسنة على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المقارن لحسنها الذاتي وَزَكَرِيَّا اى وهديناه ايضا وهو ابن اذن وسلسلته تنتهى الى سليمان وَيَحْيى ابنه وَعِيسى ابن مريم ابنة عمران من بنى ماثان الذين هم ملوك بنى إسرائيل. وفى ذكره دليل على ان الذرية تتناول أولاد البنت فيكون الحسن والحسين من ذرية سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم مع انتسابهما اليه بالأم ومن آذاهما فقد آذى ذريته عليه السلام يقول الفقير فاذا كان النسب من طرف الام صحيحا معتبرا فالذى كانت سيادته من طرفها مقبول كما هو من طرف الأب إذ المعتبر انتهاء السلسلة الى الحسنين من أي جانب كان وَإِلْياسَ ابن أخ هارون أخي موسى قال البغوي الصحيح ان الياس غير إدريس لان الله تعالى ذكره فى ولد نوح وإدريس هو جد ابى نوح كُلٌّ منهم مِنَ الصَّالِحِينَ الكاملين فى الصلاح وهو الإتيان بما ينبغى والتحرز عما لا ينبغى وَإِسْماعِيلَ عطف على نوحا اى وهدينا إسماعيل بن ابراهيم كما هدينا نوحا ولعل الحكمة فى افراد اسمعيل عن باقى ذرية ابراهيم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من ذرية إسماعيل والكائنات كانت تبعا لوجوده فما جعل الله إسماعيل تبعا لوجود ابراهيم ولا هدايته تبعا لهدايته لشرف محمد صلى الله عليه وسلم فلذا أفرده عنهم وأخره فى الذكر آنچهـ أول شد پديد از جيب غيب ... بود نور جان او بي هيچ ريب بعد از ان ان نور مطلق زد علم ... كشت عرش وكرسى ولوح وقلم يك علم از نور پاكش علم اوست ... يك علم ذريت آدم ازوست وَالْيَسَعَ ابن أخطوب بن العجوز واللام زائدة لانه علم أعجمي وَيُونُسَ ابن متى وَلُوطاً بن هاران بن أخي ابراهيم وَكلًّا منهم فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ اى عالمى عصرهم بالنبوة لا بعضهم دون بعض وَمِنْ آبائِهِمْ من تبعيضية اى وفضلنا بعض آباء المذكورين كآدم وشيث وإدريس إذ من الآباء من لم يكن نبيا ولا مفضلا مهديا وَذُرِّيَّاتِهِمْ اى وبعض ذرياتهم من بعضهم كأولاد يعقوب ومن جملة ذرياتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما فى تفسير الحدادي وانما أراد ذرية بعضهم لان عيسى ويحيى لم يكن لهما ولد وكان

[سورة الأنعام (6) : الآيات 88 إلى 92]

ذرية بعضهم من كان كافرا وَإِخْوانِهِمْ كأخوة يوسف فى عصرهم ويحتمل ان يكون المراد بهم كل من آمن معهم فانهم كلهم دخلوا فى هداية الإسلام وَاجْتَبَيْناهُمْ عطف على فضلنا اى اصطفيناهم وَهَدَيْناهُمْ اى ارشدناهم إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا يضل من سلك اليه ذلِكَ الهدى هُدَى اللَّهِ الاضافة للتشريف يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهم مستعدون للهداية والإرشاد وَلَوْ أَشْرَكُوا اى لو أشرك هؤلاء الأنبياء مع فضلهم وعلو شأنهم لَحَبِطَ عَنْهُمْ اى بطل وذهب ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال المرضية الصالحة فكيف بمن عداهم وهم هم وأعمالهم أعمالهم وهذا غاية التوبيخ والترهيب للعوام والخواص لئلا يأمنوا مكر الله أُولئِكَ المذكورون من الأنبياء الثمانية عشر الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ اى جنس الكتاب المتحقق فى ضمن أي فرد كان من افراد الكتب السماوية والمراد بايتائه التفهيم التام بما فيه من الحقائق والتمكين من الإحاطة بالجلائل والدقائق أعم من ان يكون ذلك بانزال ابتداء او بالايراث بقاء فان المذكورين لم ينزل على كل واحد منهم كتاب معين وَالْحُكْمَ اى الحكمة او فصل الخطاب على ما يقتضيه الحق والصواب وَالنُّبُوَّةَ اى الرسالة فَإِنْ يَكْفُرْ بِها اى بهذه الثلاثة هؤُلاءِ اهل مكة فَقَدْ وَكَّلْنا بِها اى أمرنا بمراعاتها وفقنا للايمان بها والقيام بحقوقها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ فى وقت من الأوقات بل مستمرون على الايمان بها وهم اصحاب النبي عليه السلام والباء صلة كافرين وفى بكافرين لتأكيد النفي أُولئِكَ الأنبياء المتقدم ذكرهم الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ اى هداهم الله الى الحق والنهج المستقيم فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ اى فاختص هداهم بالاقتداء ولا تفتد بغيرهم والمراد بهداهم طريقتهم فى الايمان بالله تعالى وتوحيده واصول الدين دون الشرائع القابلة للنسخ فانها بعد النسخ لا تبقى هدى واحتج العلماء بهذه الآية على انه عليه السلام أفضل جميع الأنبياء عليهم السلام لان خصال الكمال وصفات الشرف كانت متفرقة فيهم. فداود وسليمان كانا من اصحاب الشكر على النعمة. وأيوب كان من اصحاب الصبر على البلية. ويوسف كان جامعا بينهما. وموسى كان صاحب المعجزات القاهرة. وزكريا. ويحيى. وعيسى. والياس كانوا اصحاب الزهد. وإسماعيل كان صاحب الصدق فكل منهم قد غلب عليه خصلة معينة فجمع الله كل خصلة فى حبيبه عليه السلام لانه إذا كان مأمورا بالاقتداء لم يقصر فى التحصيل هر چهـ بخوبان جهان داده اند ... قسم تو نيكوتر از ان داده اند هر چهـ بنازند بدان دلبران ... جمله ترا هست زيادت بر ان وفى التأويلات النجمية أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ بصفاته الى ذاته فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ لا انهم سلكوا مسلكا غير مسلوك حتى انتهى سير كل واحد منهم الى منتهى قدر له كما أخبرت انى رأيت آدم فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى السماء الثانية ويوسف فى السماء الثالثة وإدريس فى السماء الرابعة وهارون فى السماء الخامسة وموسى فى السماء السادسة وابراهيم فى السماء السابعة فاقتد بهم حتى تسلك مسالكهم الى ان تنتهى الى سدرة المنتهى وهو منتهى

[سورة الأنعام (6) : آية 91]

مقام الملائكة المقربين ثم يعرج بك الى المحل الأدنى والمقام الأرفع حتى تخرج من نفسك وتدنو اليه به الى ان تصل الى مقام قاب قوسين او ادنى مقاما لم يصل اليه أحد قبلك لا ملك مقرب ولا نبى مرسل قُلْ لكفار قريش لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على القرآن أَجْراً اى جعلا من جهتكم كما لم يسأله من قبلى من الأنبياء عليهم السلام وهذا من جملة ما امر بالاقتداء بهم فيه إِنْ هُوَ اى ما القرآن إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ اى إلا عظة وتذكير لهم من جهته سبحانه فلا يختص بقوم دون آخرين وعلى هذا جرى الأولياء من اهل الإرشاد إذ لا اجر للتعليم والإرشاد إذ الاجر من الدنيا ولا يجوز طمع الدنيا لاهل الآخرة ولا لاهل الله تعالى وانما خدمة الدين مجردة عن الأغراض مطلقا وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ اصل القدر السبر والحزر يقال قدر الشيء يقدره بالضم قدرا إذا سبره وحزره ليعلم مقداره ثم استعمل فى معرفة الشيء مقداره وأحواله وأوصافه فقيل لمن عرف شيأ هو يقدر قدره ولمن لم يعرفه بصفاته انه لا يقدر قدره ونصب حق قدره على المصدرية وهو فى الأصل صفة للمصدر اى قدره الحق وضميره يرجع الى الله تعالى واما ضمير الجمع فالى اليهود لما روى ان مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم خرج مع نفر الى مكة معاندين ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء وكان رجلا سمينا فاتى رسول الله بمكة فقال له عليه السلام أنشدك بالذي انزل التوراة على موسى هل تجد فيها ان الله تعالى يبغض الحبر السمين قال نعم قال فانت الحبر السمين وقد سمنت من مأكلتك التي تطعمك اليهود ولست تصوم اى تمسك فضحك القوم فخجل مالك بن الصيف فقال غضبا ما انزل الله على بشر من شىء فلما رجع مالك الى قومه قالوا له ويلك ما هذا الذي بلغنا عنك أليس ان الله انزل التوراة على موسى فلم قلت ما قلت قال أغضبني محمد فقلت ذلك قالوا له وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق وتترك دينك فاخذوا الرياسة والحبرية منه وجعلوهما الى كعب بن الأشرف فنزلت هذه الآية والمعنى ما عرفوه تعالى حق معرفته فى اللطف بعباده والرحمة عليهم ولم يراعوا حقوقه تعالى فى ذلك بل أخلوا بها اخلالا فعبر عن المعرفة بالقدر لكونه سببا لها وطريقا إليها إِذْ قالُوا منكرين لبعثة الرسل وإنزال الكتب كافرين بنعمه الجليلة فيهما ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ اى كتاب ولا وحي مبالغة فى انكار إنزال القرآن إذ القائلون من اهل الكتاب كما مر آنفا قُلْ لهم على طريق التبكيت والقام الحجر مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى يعنى التوراة حال كون ذلك الكتاب نُوراً بينا بنفسه ومبينا لغيره. بالفارسي [روشناى دهنده] وَهُدىً بيانا لِلنَّاسِ وحال كونه تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ اى تضعونه فى قراطيس مقطعة وورقات مفرقة بحذف الجار بناء على تشبيه القراطيس بالظرف المبهم وهى جمع قرطاس بمعنى الصحيفة تُبْدُونَها صفة قراطيس اى تظهرون ما تحبون ابداءه منها وَتُخْفُونَ كَثِيراً مما فيها كنعوت النبي عليه السلام وآية الرجم وسائر ما كتموه من احكام التوراة وَعُلِّمْتُمْ ايها اليهود على لسان محمد ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ وهو ما أخذوه

[سورة الأنعام (6) : آية 92]

من الكتاب من المعلوم والشرائع. فقوله علمتم حال من فاعل تجعلونه بإضمار قد مفيد لتأكيد التوبيخ فان ما فعلوه بالكتاب من التفريق والتقطيع للابداء والإخفاء شناعة عظيمة فى نفسها ومع ملاحظة كونه مأخذا لعلومهم ومعارفهم اشنع وأعظم قُلِ اللَّهُ اى أنزله الله امره عليه السلام بان يجيب عنهم اشعارا بان الجواب متعين لا يمكن غيره تنبيها على انهم بهتوا وأفحموا ولم يقدروا على التكلم أصلا ثُمَّ ذَرْهُمْ اى دعهم واتركهم فِي خَوْضِهِمْ اى فى باطلهم الذي يخوضون فيه اى يشرعون فلا عليك بعد الا التبليغ والزام الحجة يَلْعَبُونَ حال من الضمير الاول والظرف صلة ذرهم او يلعبون ويقال لكل من عمل ما لا ينفعه انما أنت لاعب وَهذا القرآن كِتابٌ أَنْزَلْناهُ وصفه به ليعلم انه هو الذي تولى انزاله بالوحى على لسان جبريل وليس تركيب ألفاظه على هذه الفصاحة من قبل الرسول مُبارَكٌ اى كثير الفائدة والنفع وكيف وقد أحاط بالعلوم النظرية والعملية فان اشرف العلوم النظرية هو معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه ولا يوجد كتاب يفيد معرفة هذه الأمور مثل ما أفاده القرآن. واما العلوم العملية فالمطلوب منها اما اعمال الجوارح واما اعمال القلوب وهى المسمى بعلم الأخلاق وتزكية النفس فانك لا تجد شيأ منهما مثل ما تجده فى القرآن العظيم قال فى التأويلات النجمية مُبارَكٌ على العوام بان يدعوهم الى ربهم. وعلى الخواص بان يهديهم الى ربهم. وعلى خواص الخواص بان يوصلهم الى ربهم ويخلقهم بأخلاقه وفى كتاب المحبوب شفاء لما فى القلوب كما قيل وكتبك حولى لا تفارق مضجعى ... وفيها شفاء للذى انا كاتمه اين چهـ منشور كريمست كه از هر شكنش ... بوى جان پرور احسان وعطا مى آيد اين چهـ أنفاس روان بخش عبير افشانست ... كه ازو رائحه مشك خطا مى آيد مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من التوراة لنزوله حسبما وصف فيها وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى عطف على ما دل عليه مباك اى للبركات ولانذارك اهل أم القرى فالمضاف محذوف والمراد بام القرى مكة وسميت بها لان الأرض دحيت من تحتها فهى اصل الأرض كلها كالام اصل النسل قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي قرى جمع قرية است واو را از قرا كرفته اند بمعنى جمع است پس هر جا كه مجتمعى باشد از شهروده انرا قريه توان كفت وَمَنْ حَوْلَها اهل الشرق والغرب قال فى التأويلات النجمية أم القرى هى الذرة المودعة فى القلب التي هى المخاطب فى الميثاق وقد دحيت جميع ارض القالب من تحتها ومن حولها من الجوارح والأعضاء والسمع والبصر والفؤاد والصفات والأخلاق بان يتنوروا بانواره وينتفعوا باسراره ويتخلقوا بأخلاقه وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وبما فيها من انواع العذاب يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بالكتاب لانهم يخافون العاقبة ولا يزال الخوف يحملهم على النظر والتأمل حتى يؤمنوا به وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ يعنى المؤمنون بالكتاب يداومون على الصلوات الخمس التي هى اشرف التكاليف والطاعات ولذا خصص محافظتها

من بين سائر العبادات وفى الآيات امور الاول ان المخلوق لا يقدر قدر الخالق ولا يدركه باعتبار كنه ذاته وتجرده عن التعينات الاسماتية والصفاتية بخيال در نكنجد تو خيال خود مرنجان فكل من عرف الله بآلة محلوقة فهو على الحقيقة غير عارف ومن عرفه بآلة قديمة كما قال بعضهم عرفت ربى بربي فقد عرف الله ولكن على قدر استعداده فى قبول فيض نور الربوبية الذي به عرف الله على قدره لانها بينت ذاته وصفاته فالذى يقدر الله حق قدره هو الله تعالى لا غيره كنه خردم در خور اثبات تو نيست ... داننده ذات تو بجز ذات تو نيست ما للتراب ورب الأرباب والثاني ذم السمن كما عرف فى سبب النزول فال ابن الملك السمن المذموم ما يكون مكتسبا بالتوسع فى المأكول لا ما يكون خلقة وفى الحديث (ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة واقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا) قال العلماء معنى هذا الحديث انه لا ثواب لهم وأعمالهم مقابلة بالعذاب فلا حسنة لهم توزن فى موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو فى النار قال القرطبي فى تذكرته وفيه من الفقه ذم السمن لمن تكلفه لما فى ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم بل يدل على تحريم كثرة الاكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به الترفه والسمن انتهى وفى الفروع ان الاكل فرض ان كان لدفع هلاك نفسه ومأجور عليه ان كان لتمكينه من صومه وصلاته قائما ومباح الى الشبع ليزيد قوته وحرام فوق الشبع الا لقصد قوة صوم الغد ولئلا يستحيى ضيفه: قال السعدي قدس سره باندازه خور زاد اگر مردمى ... چنين پر شكم آدمي يا خمى ندارند تن پروان آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى قال الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة فى الحديث (ان الله يكره الحبر السمين) وفى التوراة (ان الله ليبغض الحبر السمين) وفى رواية (ان الله يبغض القارئ السمين) قال الشافعي رحمه الله ما أفلح سمين قط الا ان يكون محمد بن الحسن فقيل له ولم قال لانه لا يفكر والعاقل لا يخلو من احدى حالتين اما ان يهمّ لآخرته ومعاده او لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد فاذا خلا من المعنيين صار فى حد البهائم بعقد الشحم ثم قال الشافعي كان ملك فى الزمان الاول كثير اللحم جدا فجمع المتطببين وقال احتالوا حيلة تخف عنى لحمى هذا قليلا فما قدروا فنقبوا له رجلا عاقلا أديبا متطببا وبعثوه فاشخص اليه بصره وقال أيعالجنى ذلك الفتى قال أصلح الله الملك انا رجل متطبب منجم دعنى انظر الليلة فى طالعك أي دواء يوافق فاشفيك فهدأ عليه فقال ايها الملك الامان قال لك الامان قال رأيت طالعك يدل على ان عمرك شهر فمتى أعالجك وان أردت بيان ذلك فاحبسنى عندك فان كان لقولى حقيقة فخل عنى والا فاقتص منى قال فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مغتما ما يرفع رأسه يعد الأيام كلما انسلخ يوم ازداد غما حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمانية وعشرون يوما فبعث اليه فاخرجه فقال ما ترى فقال أعز الله الملك انا أهون على الله من ان اعلم الغيب

والله ما اعرف عمرى فكيف اعرف عمرك انه لم يكن عندى دواء الا الهم فلم اقدر اجلب إليك الهم الا بهذه العلة فاذابت شحم الكلى فاجازه واحسن اليه والثالث ما فى قوله تعالى قُلِ اللَّهُ من لطائف العبارات من اهل الإشارات قال فى التفسير الفارسي [شيخ ابو سعيد ابو الخير قدس سره در كلمه قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فرموده كه الله بس وما سواه هوس وانقطع النفس وشيخ الإسلام فرموده كه قُلِ اللَّهُ دل سوى او داد ثُمَّ ذَرْهُمْ غير او را فرو كذار وشبلى با بعض اصحاب خود ميكفت كه عليك بالله ودع ما سواء] چون تفرقه دلست حاصل ز همه ... دلرا بيكى سپار وبگسل ز همه فالآية باشارتها تدل على ان من أراد الوصول الى الله تعالى فلينقطع عما سواه فانه لعب ولهو واللاهي واللاعب ليس على شىء نسأل الله سبحانه ان يحفظنا من اشتغال بما سواه والرابع مدح القرآن وبيان فضيلته وفائدته قال احمد بن حنبل رأيت رب العزة فى المنام فقلت يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون إليك قال كلامى يا احمد قلت يا رب بفهم أم بغير فهم قال بفهم وبغير فهم والنظر الى المصحف عبادة برأسه وله اجر على حدته ما عدا اجر القراءة وعن حميد بن الأعرج قال من قرأ القرآن وختمه ثم دعا أمن على دعائه اربعة آلاف ملك ثم لا يزالون يدعون له ويستغفرون ويصلون عليه الى المساء او الى الصباح فعلى العاقل ان يجتهد حتى يختم القرآن فى أوائل الأيام الصيفية والليالى الشتائية ليستزيد فى دعائهم واستغفارهم وفى الحديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وينبغى ان يقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يطلب عوضا ولا يقصد جزاء ولا شكورا بل يعلم للتقرب الى الله تعالى ويقتدى بالأنبياء حيث قدم كل واحد منهم على دعوته قوله لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً قال فى الاسرار المحمدية من أخذ الجراية ليتعلم فهى له حلال ولكن من تعلم ليأخذ الجراية فهى عليه حرام. وفيه ايضا لا يتخذ صحيفة القرآن إذا درست وقاية للكتب بل يمحوها بالماء وكان من قبلنا يستشفى بذلك الماء وينبغى لقارىء القرآن ان يجود ويحسن صوته وفى الحديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن وحسنوا القرآن بأصواتكم فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا) قيل أراد بالتغنى الاستغناء وقيل الترنم وترديد الالحان وهو اقرب عند اهل اللغة كذا فى الاسرار- ويحكى- عن ظهير الدين المرغينانى انه قال من قال لمقرىء زماننا أحسنت عند قراءته يكفر كذا فى شرح الهداية لتاج الشريعة وقال فى البزازية من يقرأ القرآن بالالحان لا يستحق الاجر لانه ليس بقارئ قال الله تعالى قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ انتهى وسأل الحجاج بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله تعالى فى جوف الليل قال ذلك الحسن وقال آخر ما سمعت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ماخضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناء فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الا حب الزاد والمقصود من هذه الحكاية بيان اختلاف مشارب الناس فمن أحب الله وانس بكلامه وتجرد عن الاعراض وكان القارئ متحاشيا من الانغام الموسقية والحان اهل الفسق

[سورة الأنعام (6) : الآيات 93 إلى 98]

قارئا على لحون العرب محسنا صوته فلا مجال للطعن فيه والدخل ظاهرا وباطنا والله اعلم وَمَنْ استفهام مبتدأ اى لا أحد أَظْلَمُ خبره مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً مفعول افترى اى اختلق كذبا وافتعله فزعم انه تعالى بعثه نبيا كمسيلمة الكذاب والأسود العبسي او اختلق عليه احكاما كعمرو بن لحى وهو أول من غير دين إسماعيل عليه السلام ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة قال عليه السلام فى حقه (رأيته يجر قصبه فى النار) قال قتادة كان مسيلمة يسجع ويتكهن كما قال فى معارضة سورة الكوثر انا أعطيناك الجماهر فصل لربك وهاجر انا كفيناك المكابر والمجاهر فانظر كيف كان سافل الألفاظ والبنا فاسد المعاني والجنى فادعى النبوة وكان قد أرسل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين فقال عليه السلام (أتشهدان ان مسيلمة نبى) قالا نعم فقال عليه السلام (لولا ان الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما) وفى الحديث (بينا انا نائم أتيت بخزائن الأرض فوضع فى يدى سواران من ذهب فكبرا علىّ وأهماني فاوحى الى ان انفخهما فنفختهما فذهبا فاولتهما بالكذابين اللذين انا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة قال القاضي وجه تأويلهما بالكذابين ان السوار كالقيد لليد يمنعها عن البطش فكذا الكذابان يقومان بمعارضة شريعته ويصدان عن نفاذ أمرها قتل صاحب صنعاء وهو الأسود العبسي فى مرض موت النبي عليه السلام قتله فيروز الديلمي فما بلغ خبر قتله النبي عليه السلام قال فاز فيروز وقتل صاحب اليمامة وهو مسيلمة فى عهد الصديق قتله الوحشي قاتل حمزة فلما قتله قال قتلت خير الناس فى الجاهلية وشر الناس فى إسلامي أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ من جهته تعالى وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ اى والحال انه لم يوح اليه شَيْءٌ أصلا كعبد الله بن سعد بن ابى سرح كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ فلما بلغ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قال عبد الله فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ تعجبا من تفصيل خلق الإنسان فقال عليه السلام (اكتبها فكذلك نزلت) فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقا اى فى قوله فكذلك نزلت لقد اوحى الى كما اوحى اليه ففى التحقيق انا أكون مثله ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال فعلىّ ان ادعى نزول الوحى مثله فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين ثم رجع الى الإسلام قبل فتح مكة إذ نزل النبي عليه السلام بمرو وَمَنْ اى وممن قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وهم المستهزءون الذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومفعول ترى محذوف لدلالة الظرف عليه اى ولو ترى الظالمين إذ هم. فالظالمون مبتدأ وما بعده خبره وإذ مضاف الى الجملة والمراد بالظالمين الجنس فيدخل فيهم المتلبئة وغيرهم وجواب لو محذوف اى لو ترى الظالمين فى هذا الوقت لرأيت امرا عظيما فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ اى شدائده وسكراته. جمع غمرة وهى الشدة الغالبة من غمره الماء إذا علاه وغطاه وَالْمَلائِكَةُ اى ملك الموت وأعوانه من ملائكة العذاب باسِطُوا أَيْدِيهِمْ بقبض أرواحهم كالمتقاضى الملظ اى كالغريم الملازم الملح الذي يبسط يده الى من عليه الحق ويعنفه عليه فى المطالبة ولا يمهله ويقول له اخرج الى مالى عليك الساعة ولا أزال من مكانى

حتى انزعه من كبدك وحدقتك او باسطوها بالعذاب قائلين أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ اى أرواحكم إلينا من أجسادكم وهذا القول منهم تغليظ وتعنيف والا فلا قدرة لهم على الإخراج المذكور او اخر جوها من العذاب وخلصوها من أيدينا الْيَوْمَ اى وقت الاماتة او الوقت الممتد بعده الى ما لا نهاية له تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ اى العذاب المتضمن لشدة واهانة والهون الهوان اى الحقارة بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ كاتخاذ الولد ونسبة الشريك وادعاء النبوة والوحى كذبا وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون بها وفى الحديث (ان المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر من الريحان وتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ويقال لها أيتها النفس الطيبة اخرجى راضية مرضية ومرضيا عنك الى روح الله وكرامته فاذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليها الحريرة وبعث بها الى عليين وان الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعا شديدا ويقال لها أيتها النفس الخبيثة اخرجى ساخطة ومسخوطا عليك الى هو ان الله وعذابه فاذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة وان لها نشيجا اى صوتا ويطوى عليها المسح ويذهب بها الى سجين) كذا فى تفسير ابى الليث رحمه الله والاشارة ان الذين يراؤن فى التأوه والزعقات واظهار المواجيد والحالات لهم من الله خطرات ونظرات وليس لهم منها نصيب الا الزفرات والحسرات والمتشبع بما لم يملك كلابس ثوبى زور وفى معناه انشدوا إذا انسكبت دموع فى خدود ... تبين من بكى ممن تباكى والذي نزل نفسه منزلة المحدثين واهل الاشارة ولم يلق الى أسرارهم خصائص الخطاب ولم تلهم نفوسهم بها والذين يتشدقون ويتفيهقون فى الكلام الذين يدعون انهم يتكلمون بمثل ما انزل الله من الحقائق والاسرار على قلوب عباده الواصلين الكاملين فكلهم من الظالمين وتظهر مضرة ظلمهم وافترائهم عند انقطاع تعلق الروح عن البدن وإخراج النفس من القالب كرها لتعلقها بشهوات الدنيا ولذاتها وحرمانها من لذة الحقائق الغيبية والشهوات الاخروية إذ الملائكة يبسطون أيديهم بالقهر إليهم لنزع أنفسهم بالهوان والشدة وهى متعلقة بحسب الافتراء والكذب واستحلاء رفعة المنزلة عند الخلق وطلب الرياسة بأصناف المخلوقات فتكون شدة النزع والهوان بقدر تعلقها بها كما قال الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ يعنى آياته المودعة فى أنفسكم تعرضون عنها وتراؤن بما ليس لكم ولعل تعلق النفس يتقطع عن البدن بيوم او يومين او ثلاثة ايام وتعلقها عن أوصاف المخلوقات لا ينقطع بالسنين ولعله الى الحشر والكفار الى الابد وهم فى عذاب النزع بالشدة ابدا وهو العذاب الأليم والعذاب الشديد ومن نتائج هذه الحالة عذاب القبر فافهم جدا- وحكى- عن بعض العصاة انه مات فلما حفروا قبره وجدوا فيه حية عظيمة فحفروا له قبرا آخر فوجدوها فيه ثم كذلك قبرا بعد قبر الى ان حفروا نحوا من ثلاثين قبرا وفى كل قبر يجدونها فلما رأوا انه لا يهرب من الله هارب ولا يغلب الله غالب دفنوه معها وهذه الحية هى عمله: قال الحافظ

[سورة الأنعام (6) : آية 94]

كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم وَلَقَدْ جِئْتُمُونا للحساب والجزاء وهو بمعنى المستقبل اى تجيئوننا وانما ابرز فى صورة الماضي لتحققه كقوله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ والخطاب لكفار قريش لانها نزلت حين قالوا افتخارا واستخفافا للفقراء نحن اكثر أموالا وأولادا فى الدنيا وما نحن بمعذبين فى الآخرة فُرادى جمع فرد اى منفردين عن الأموال والأولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بدل من فرادى اى على الهيئة التي ولدتم عليها فى الانفراد او حال من ضمير فرادى اى مشبهين ابتداء خلقكم عراة حفاة غر لا بهما اى ليس بهم شىء مما كان فى الدنيا نحو البرص والعرج كذا فى القاموس وفى الخبر (انهم يحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا) قالت عائشة رضى الله عنها واسوءتاه الرجل والمرأة كذلك فقال عليه السلام (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه لا ينظر الرجال الى النساء ولا النساء الى الرجال شغل بعضهم عن بعض) وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ ما تفضلنا به عليكم فى الدنيا فشغلتم به عن الآخرة. والتخويل تمليك الخول اى الخدم والاتباع وأحدهم خائل او الإعطاء على غير جزاء وَراءَ ظُهُورِكُمْ ما قدمتم منه شيأ ولم تحملوا نقيرا بخلاف المؤمنين فانهم صرفوا همتهم الى العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة فبقيت معهم فى قبورهم وحضرت معهم فى محفل القيامة فهم فى الحقيقة ما حضروا فرادى چون ازينجا وارهى آنجا روى ... در شكر خانه ابد شاكر شوى وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الأصنام الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ اى شركاء لله فى ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ اى وقع التقطع بينكم كما يقال جمع بين الشيئين اى أوقع الجمع بينهما قال الكاشفى [منقطع كشت آنچهـ ميان شما بود از وصلت ومودت] وَضَلَّ عَنْكُمْ اى بطل وضاع ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ انها شفعاؤكم فلم يقدروا على دفع شىء من العذاب عنكم أو أنها شركاؤكم لله فى ربوبيتكم وهو الأنسب لسياق النظم ألا ترى الى قوله تعالى الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ اعلم ان للانسان اعداء اربعة هى المال والأهل والأولاد والأصدقاء وهى لا تدخل فى القبر مع الميت فيبقى فريدا وحيدا منهم. وأصدقاء اربعة هى كلمة الشهادة والصلاة والصوم وذكر الله وهى تدخل فى القبر وتشفع عند الله تعالى فتصحب الميت فلا يبقى وحيدا فعلى العاقل ان يتفكر فى تجرده وتفرده فيسعى فى تحصيل لباس له هو التقوى ومصاحب هو العمل الصالح وفى الحديث (ان عمل الإنسان يدفن معه فى قبره فان كان العمل كريما أكرم صاحبه وان كان لئيما أسلمه وان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونوره وحماه من الشدائد والأهوال والعذاب والوبال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال) قال اليافعي وقد سمعت عن بعض الصالحين فى بعض بلاد اليمن انه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع فى القبر صوتا ودقا عنيفا ثم خرج من القبر كلب اسود فقال له الشيخ الصالح ويحك ايش أنت فقال انا عمل الميت فقال فهذا الضرب فيك أم فيه قال بل فى وجدت عنده سورة يس وأخواتها فحالت بينى وبينه وضربت وطردت فانظر انه لما قوى عمله الصالح غلب على عمله الطالح

[سورة الأنعام (6) : آية 95]

وطرده عنه بكرم الله تعالى ولو كان عمله القبيح أقوى لغلب عليه وافزعه وعذب: قال السعدي غم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم قال القشيري وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى اى دخلتم الدنيا بخرقة وخرجتم منها بخرقة ألا وتلك الخرقة ايضا لبسه وما دخلت الا بوصف التجرد وما خرجت الا بحكم التجرد ثم الأثقال والأوزار والأعمال والأوصال لا يأتى عليها حصر ولا مقدار فلا مالكم اغنى ولا حالكم يدفع عنكم ولا شفيع يخاطبنا فيكم ولقد تفرق وصلكم وتبدد شملكم وتلاشى ظنكم وخاب سعيكم انتهى كلام القشيري والاشارة ان المجيء الى الله يكون بالتجرد ثم بالتفريد ثم بالتوحيد فالتجريد هو التجرد عن الدنيا وما يتعلق يها. والتفريد هو التفرد عن الدنيا والآخرة رجوعا الى الله خاليا عن التعلق بهما كما كان فى بدء الخلقة روحا مجردا عن تعلقات الكونين كقوله لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعنى أول خلقة الروح قبل تعلقه بالقالب فانه خلقة ثانية كما قال ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ وقال وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ فللعبد فى السير الى الله كسب وسعى بالتجريد والتفريد عن الدنيا والآخرة كما قال وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ يعنى من تعلقات الكونين وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ يعنى الأعمال والأحوال التي ظننتم انها توصلكم الى الله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وبينها عند انتهاء سيركم وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ انها توصلكم الى الله فاذا وصل العبد الى سرادقات العزة انتهى سيره كما انتهى سير جبرائيل ليلة المعراج عند سدرة المنتهى وهو منتهى سير السائرين من الملك والانس والتوحيد هو التوحد لقبول فيض الوحدانية عن التجلي بصفات الواحدية لتوصل العبد بجذبة ارجعي الى ربك الى مقام الوحدة ولو لم تدركه العناية الازلية بجذبات الربوبية لا نقطع عن السير فى الله بالله وبقي فى السدرة وهو يقول وما منا الا له مقام معلوم فافهم كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ الفلق الشق بابانة. والحب جمع حبة وهى اسم لجميع البزور المقصودة بذواتها كالبر والشعير والذرة ونحوها والمعنى شاق الحب بالنبات اى يشق الحبة اليابسة فيخرج منها ورق اخضر وَالنَّوى واحدتها نواة وهى الشيء الموجود فى داخل الثمر مثل نواة الخوج والمشمش والتمر ونحوها والمعنى شاق النوى بالشجر اى يشق النواة الصلبة فيخرج شجرة ذات أوراق وأغصان يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ بيان لما قبله اى يخرج ما ينمو من الحيوان والنبات مما لا ينمو من النطفة والحب وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ كالنطفة والحب مِنَ الْحَيِّ كالحيوان والنبات وهو معطوف على فالق الحب فالحى والميت مجاز عن النامي والجامد تشبيها للنامى بالحي والحي حقيقة فيما يكون موصوفا بالحياة المستتبعة للحس والحركة الارادية والميت حقيقة فيما يكون خاليا عن صفة الحياة ممن تكون الحياة من شأنه ومنهم من حمل اللفظ على الحقيقة وقال يخرج من النطفة الميتة بشرا حيا ومن الدجاجة بيضة ميتة قال ابن عباس رضى الله عنهما يخرج المؤمن من الكافر كما فى حق ابراهيم عليه السلام والكافر من المؤمن كما فى حق ولد نوح عليه السلام والعاصي من المطيع وبالعكس والعالم من

[سورة الأنعام (6) : الآيات 96 إلى 97]

الجاهل وبالعكس والعاقل من الأحمق وبالعكس والاشارة يخرج نخل الايمان من نوى الحروف الميتة فى كلمة الا اله الا الله ومخرج ميت النفاق من الكلمة الحية وهى لا اله الا الله ذلِكُمُ القادر العظيم الشأن اللَّهَ المستحق للعبادة وحده فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فكيف تصرفون عن عبادته الى غيره ولا سبيل اليه أصلا. والافك فى اللغة قلب الشيء وصرفه والخطاب لكفار قريش لان السورة مكية فالِقُ الْإِصْباحِ خبر آخر لان. والإصباح بكسر الالف مصدر بمعنى الدخول فى ضوء النهار سمى به الصبح اى فالق عمود الفجر عن بياض النهار وأسفاره وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً يسكن اليه التعب بالنهار لاستراحته من سكن اليه إذا اطمأن اليه استئناسا به او سكن فيه الخلق من قوله تعالى لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ اى وجعلهما حُسْباناً اى على أدوار مختلفة يحسب بها الأوقات فانه تعالى قدر حركه الشمس بمقدار من السرعة والبطيء بحيث تتم دورتها فى سنة وقدر حركة القمر بحيث تتم الدورة فى شهر وبهذا التقدير تنتظم المصالح المتعلقة بالفصول الاربعة كنضج الثمار وامور الحرث والنسل ونحو ذلك مما يتوقف عليه قوام العالم وباختلاف منازل القمر وتجدد الاهلة فى كل شهر يعلم آجال الديون ومواقيت الأشياء فمعنى جعل الشمس والقمر حسبانا جعلهما علمى حساب. فالحسبان بالضم مصدر بمعنى الحساب والعد وبابه نصر. واما الحسبان بكسر الحاء فهو من باب علم ومعناه الظن والتخمين وتقدم الشمس لضيائها على القمر لانها معدن الأنوار الفلكية من البدور والنجوم وأصلها فى النورانية وان أنوارهم مقتبسة من نور الشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره نور القمر ليس من نفسه وانما هو من عالم الأنوار فهو ليس بناقص فى ذاته وانما ذلك بسبب عروض الكشافة بالتدريج ولولا ذلك لم تعرف الشهور والسنون والشمس والقمر عينا هذا التعين وظاهرهما الى الفوق والذي نراه جانبهما الداخل فهو تارة يفتح عينيه واخرى يغمض كما انا نفعل كذلك والكواكب ليست مركوزة فيه وانما هى بانعكاس الأنوار فى بعض عروقه اللطيفة والذي يرى كسقوط النجم فكدفع الشمس من موضع الى موضع وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرفه اهل السلوك ثم قال الليل والنهار فى عالم الآخرة ليسا بالظلمة والضياء بل لهما علامة اخرى بتجلى من التجليات فيعرفون به الليل والنهار وكيف يكون الليل هنا بالظلمة وقد قال عليه السلام (لو خرج ورق من أوراقها الى الدنيا لاضاء العالم) انتهى كلامه ذلِكَ اشارة الى جعلهما حسبانا اى ذلك التسيير البديع بالحساب المعلوم تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص الْعَلِيمِ بما فيهما من المنافع والمصالح المتعلقة بمعاش الخلق ومعادهم: قال السعدي ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى وَهُوَ الَّذِي [واوست خداونديكه بقدرت كامله] جَعَلَ لَكُمُ اى انشأ لاجلكم وأبدع النُّجُومَ التي تختلف مواضعها من جهة الشمال والجنوب والصبا والدبور

[سورة الأنعام (6) : آية 98]

لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ اى فى ظلمات الليل فى البر والبحر واضافتها إليهما للملابسة فان الحاجة الى الاهتداء بها انما تحقق عند ذلك قال الحدادي لتعرفوا بها الطرق من بلد الى بلد فى المفاوز ولجج البحار فى الليالى المظلمة فى السفن فان من النجوم ما يجعله السائر تلقاء وجهه. ومنها ما يجعله على يمينه. ومنها ما يجعله على يساره. ومنها ما يجعله خلفه ليظهر له الطريقي التي تؤديه الى بغيته. وللنجوم فوائد اخر وهى انها زينة السماء ورمى الشياطين وغير ذلك قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ اى بينا الآيات الدالة على قدرتنا فصلا فصلا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فانهم المنتفعون بها وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مع كثرتكم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ من نفس آدم وحدها فانه خلقنا جميعا منه وخلق امّنا حواء من ضلع من أضلاع آدم فصار كل الناس محدثة مخلوقة من نفس واحدة حتى عيسى فان ابتداء تكوينه من مريم التي هى مخلوقة من ماء أبويها وانما منّ علينا بهذا لان الناس إذا رجعوا الى اصل واحد كانوا اقرب الى ان يألف بعضهم بعضا قال اهل الاشارة ان الله تعالى كما خلق آدم ابتداء وجعل أولاده منه كذلك خلق روح محمد صلى الله عليه وسلم قبل الأرواح كما قال (أول ما خلق الله روحى) ثم خلق الأرواح من روحه فكان آدم أبا البشر وكان محمد صلى الله عليه وسلم أبا الأرواح واليه يشير قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ كل واحد منهما مصدر ميمى مرفوع على الابتداء والخبر محذوف اى فلكم استقرار فى الأصلاب او فوق الأرض واستيداع فى الأرحام او تحت الأرض وجعل صلب الأب مستقر النطفة ورحم الام مستودعا لها لان النطفة حصلت فى صلب الأب لا من قبل الغير وحصلت فى رحم الام بفعل الغير فاشبهت الوديعة كأن الرجل أودعها ما كان مستقرا عنده وقال الحسن يا ابن آدم أنت وديعة فى أهلك ويوشك ان تلحق بصاحبك وانشد قول لبيد وما المال والأهلون الا وديعة ... ولا بد يوما ان ترد الودائع والقلب ايضا من الودائع والأمانات: قال الصائب ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... نه دزد امانت حق را نكاه دار مخسب قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ المبينة لتفاصيل خلق البشر من هذه الآية ونظائرها لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ غوامض الدقائق باستعمال الفطنة وتدقيق النظر وانما ذكر مع ذكر النجوم يعلمون ومع ذكر تخليق بنى آدم يفقهون لان ذلك اشارة الى آيات الآفاق وهذا الى آيات الأنفس ولا شك ان آيات الآفاق اظهر واجلى وآيات الأنفس أدق وأخفى فكان ذكر الفقه لها انسب واولى لان الفقه عبارة عن الوقوف على المعنى الخفي واصل تركيب الفقه يدل على الشق والفتح والفقيه العالم الذي يشق الاحكام ويفتش عن حقائقها ويفتح ما استغلق منها فالفقه انما يطلق حيث يكون فيه حذاقة وتدقيق نظر قال الحدادي الفقه فى اللغة هو الفهم لمعنى الكلام الا انه قد جعل فى العرف عبارة عن علم الغيب على معنى انه استدراك معنى الكلام بالاستنباط من الأصول ولهذا لا يجوز ان يوصف الله تعالى بانه فقيه لانه لا يوصف بالعلم على جهة الاستنباط ولكنه عالم بجميع الأشياء على وجه أحد انتهى ثم هذه الآيات الآفاقية والانفسية تفصح عن صنع الله البديع وتدعو اهل الشرك الى التوحيد والايمان واهل الإخلاص الى الشهود

[سورة الأنعام (6) : الآيات 99 إلى 105]

والعيان واهل المعصية الى الطاعة والتوبة باللسان والجنان فان الامتنان بذكر النعم الجليلة يستدعى شكرا لها ومعرفة لحقها ولكل قوم وفريق سلوك الى طريق التحقيق على حسب ما أنعم عليه من توحيد الافعال والصفات والذات فعلى العاقل ان يجتهد فى طلب الحق فان المقصود من ترتيب مقدمات العوالم آفاقية كانت او انفسية هو الوصول الى الظاهر من جهة المظاهر وانما اصل الحجاب هو الغفلة- وحكى- ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رحمه الله خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب فدفع باقيه الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ ألذ منه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شىء الا أحضرته الى حين يخطر مبالى أما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها (يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه) فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان وانشد بعضهم خدمت لما ان صرت من خدمك ... ودار عندى السرور من نعمك وكانت الحادثات تطرقنى ... فاستحشمتنى إذ صرت من حشمك اللهم اجعلنا من الملازمين لبابك ولا تقطعنا عن جنابك وَهُوَ اى الله تعالى الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً خاصا هو المطر ثم التفت من الغيبة الى التكلم فقال فَأَخْرَجْنا بعظمتنا فالنون للعظمة لا الجمع فان الملك العظيم يعبر عن نفسه بلفظ الجمع تعظيما له بِهِ اى بسبب ذلك الماء مع وحدته نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ ينبت كنبات الحنطة والشعير والرمان والتفاح وغيرها فشىء مخصص فلا يلزم ان يكون لكل شىء نبات كالحجر مثلا والنبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن كالنجم فان قيل كيف جعل الله المطر سببا للنبات والفاعل بالسبب يكون مستعينا بفعل السبب والله تعالى مستغن عن الأسباب قيل لان المطر سبب يؤدى الى النبات وليس بمولود له والله تعالى قادر على إنبات النبات بدون المطر وانما يكون الفاعل بالسبب مستعينا بذلك السبب إذا لم يمكنه فعل ذلك الشيء الا بذلك السبب كما ان الإنسان إذا لم يمكنه ان يصعد السطح الا بالسلم فان السلم آلة للصعود والظاهر انه إذا صعد السطح بالسلم لم يكن السلم آلة له لانه يمكنه ان يصعد السطح بدون السلم فَأَخْرَجْنا مِنْهُ شروع فى تفصيل ما أجمل من الإخراج وقد بدأ بتفصيل حال النجم اى فاخرجنا من النبات الذي لا ساق له شيأ غضا خَضِراً بمعنى اخضر وهو اى الشيء الأخضر الخارج من النبات ما تشعب من اصل النبات الخارج من الحبة نُخْرِجُ مِنْهُ صفة لخضرا اى نخرج من ذلك الخضر المتشعب حَبًّا مُتَراكِباً هو السنبل المنتظم للحبوب المتراكبة بعضها فوق بعض على هيئة مخصوصة وَمِنَ النَّخْلِ شروع فى تفصيل حال

الشجر اثر بيان حال النجم وهو خبر مقدم مِنْ طَلْعِها بدل منه باعادة العامل وهو شىء يخرج من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود قِنْوانٌ مبتدأ اى وحاصلة من طلع النخل قنوان جمع قنو وهو للثمر بمنزلة العنقود للعنب دانِيَةٌ سهلة المجتنى قريبة من القاطف فانها وان كانت صغيرة ينالها القاعد تأتى بالثمر لا تنتظر الطول او ملتفة متقاربة وفيه اختصار معناه من النخل ما قنوانها دانية ومنها ما هى بعيدة فاكتفى بذكر القريبة عن البعيدة لان النعمة فى القريبة أكمل واكبر وفى الحديث (أكرموا عماتكم النخل فانها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) انتهى فظهر ان السبب فى اطعام النفساء رطبا ان مريم رضى الله عنها كان أول ما أكلت حين وضع عيسى عليه السلام هو الرطب كما قال تعالى فى سورة مريم وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا وورد فى فضيلة السفرجل ايضا انه شكا بعض الأنبياء الى الله تعالى من قبح أولاد أمته فاوحى الله اليه مرهم ان يطعموا نساءهم الحبالى السفرجل فى الشهر الثالث والرابع لان فيه تصور الجنين فانه يحسن الولد وَأخرجنا به جَنَّاتٍ بساتين كائنة مِنْ أَعْنابٍ فهو غطف على نبات كل شىء ولعل زيادة الجنات هنا من غير اكتفاء بذكر اسم الجنس كما فيما تقدم وما تأخر لما ان الانتفاع بهذا الجنس لا يتأتى غالبا الا عند اجتماع طائفة من افراده وكل نبت متكاثف يستر بعضه بعضا فهو جنة من جن إذا استتر والأعناب جمع عنب وهو بالفارسية [انگور] وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ اى وأخرجنا ايضا شجر الزيتون وشجر الرمان مُشْتَبِهاً اوراقهما ومشتملا على الغصن من اوله الى آخره فى كليهما وهو حال وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ ثمرهما وفى التفسير الفارسي [مُشْتَبِهاً در حالتى كه آن درختان بعضى ببعضي مانند در برك وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ ونه مانند يكديكر در طعم ميوه چهـ بعضى بغايت ترش ميباشد وبعضى شيرين وبرخى ترش وشيرين] انْظُرُوا يا مخاطبين نظر اعتبار إِلى ثَمَرِهِ [بميوه هر درختى] إِذا أَثْمَرَ إذا اخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلا لا يكاد ينتفع به وَيَنْعِهِ والى حال نضجه كيف يعود ضخما ذانفع ولذة والينع فى الأصل مصدر ينعت الثمرة إذا أدركت. وقوله إذا اثمر ظرف لقوله انظروا امر بالنظر فى أول حال حدوث الثمرة وفى كمال نضجها مع كونها نابتة من ارض واحدة ومسقية بماء واحد ليعلم كيف تتبدل وتنتقل الى احوال مضادة للاحوال السابقة وحصول هذه التغيرات مسند الى القادر الحكيم العليم المدبر لهذا العالم على وفق الرحمة والحكمة والمصلحة قال القرطبي هذا الينع هو الذي يتوقف عليه جواز بيع الثمرة وهو ان يطيب أكل الفاكهة وتأمن العاهة وهو عند طلوع الثريا بما اجرى الله تعالى عادته عليه- روى- ابو هريرة عن النبي عليه السلام انه قال (إذا طلعت الثريا صباحا رفعت العاهة عن اهل البلد) وطلوعها صباحا فى اثنتي عشرة تمضى من شهر أيار وهو آخر الشهور الثلاثة من أول فصل الربيع وهى اذار ونيسان وأيار إِنَّ فِي ذلِكُمْ اشارة الى ما امر بالنظر اليه لَآياتٍ عظيمة دالة على وجود القادر الحكيم ووحدته لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ خصوا بالذكر لانهم المنتفعون

[سورة الأنعام (6) : آية 100]

بالاستدلال بها والاعتبار والاشارة فى الآية ان الله تعالى ينزل من سماء العناية ماء الهداية فيخرج به انواع المعارف والاسرار على حسب مراتب اهل الزهد والفتوى واهل العشق والتقوى إذ القلب كالروضة ينشأ منه ما هو مستعد له وكل نبت يترجم عن ترابه: كما قال فى المثنوى در زمين كر نى شكر ور خودنى است ... ترجمان هر زمين نبت وى است والنخل أعلى من غيره ولذا يقال انه اشارة الى اصحاب الولايات فمن ثمرات ولايتهم ما هو متدان للطالبين والمريدين يعنى منهم من يكون مريبا فينتفع بثمرات ولايته ومنهم من يختار العزلة والانقطاع عن المتمسكين به وجملة شؤونهم ناظرة الى امر الله تعالى واذنه ولذا لا يطعن فيهم الا جاهل وهم فى خلواتهم وجلواتهم يتفكهون من روضات القلوب ويتلذذون بلذائذ حبات الغيوب وأمرهم مستور عن الخلق وأعينهم وعن بعضهم قال رأيت عند قبر النبي عليه السلام تسعة من الأولياء فتبعتهم فالتفت الى أحدهم وقال اين تمر قلت أسير معكم لحبى فيكم فانى سمعت عمن زرتموه عليه السلام انه قال (المرء مع من أحب) فقال أحدهم انك لا تقدر على المسير الى هذا الموضع الذي نقصده فانه لا يقدر عليه الا من بلغ سنه أربعين سنة فقال آخر دعه لعل الله يرزقه فسرت معهم والأرض تطوى من تحتنا طيا فلم نزل حتى انتهينا الى مدينة مبنية بالذهب والفضة وأشجارها متكاثفة وأنهارها مطردة رائقة وفواكهها كبيرة فائقة فدخلنا وأكلنا من ثمرها وأخذت معى ثلاث تفاحات فلم يمنعونى من أخذها فسألتهم عند الانصراف عن المدينة قالوا مدينة الأولياء إذا أرادوا التنزه ظهرت لهم أينما كانوا ما دخلها أحد قبل الأربعين غيرك وكنت كلما جعت أكلت من التفاحة وهى لا تتغير ورجعت الى أهلي وقد بقي معى تفاحة واحد غير التي ادخرتها لنفسى فعانقتنى أختي وقالت اين الذي اطرفتنا به من سفرك فقلت وما الذي اطرفكم به وانا بعيد عن الدنيا وعن الراحة قالت فاين التفاحة فعميت عليها وقلت وأي تفاحة قالت يا مسكين والله لقد أدخلوني تلك المدينة وانا بنت عشرين سنة واما أنت فلم ترها الا بعد ان طردوك وانا والله جذبت إليها جذبة وخطبت إليها خطبة قلت اى اخت فالبدل الكبير منهم يقول لى لم يدخلها أحد لم يبلغ أربعين سنة غيرك قالت نعم من المريدين واما المرادون فيدخلونها ولا يرضون بها ومتى شئت أريتكها فقلت قد شئت فقالت يا مدينتى احضرى فو الله لقد رأيت المدينة بعينها تتدلى إليها وترف عليها فمدت يدها وقالت اين تفاحك قال فتساقط على من التفاح ما علانى فضحكت ثم قالت من عنده من الملك هذا يحتاج الى تفاحتك قال فاستحقرت والله نفسى عند ذلك وما كنت اعلم ان أختي منهم رضى الله عنها وعنهم: قال السعدي نه هر كس سزاوار باشد بصدر ... كرامت بفضلست ورتبت بقدر وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ قال الكاشفى الأصح انها نزلت فى الزنادقة اعنى المجوس ويقال لهم الثنوية ايضا قالوا ان الله تعالى وإبليس اخوان فالله تعالى خلق الناس والدواب والانعام وكل خير ويعبرون عن الله بيزدان وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب وكل شر ويعبرون عن إبليس باهر من وهذا كقوله تعالى وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وإبليس من الجنة والمعنى وجعلوا الجن شركاء لله فى اعتقادهم الباطل وَخَلَقَهُمْ حال من فاعل

[سورة الأنعام (6) : الآيات 101 إلى 102]

جعلوا بتقدير قد اى والحال انهم قد علموا ان الله خالقهم دون الجن وليس من يخلق كمن لا يخلق فالضمير للجاعلين ويحتمل ان يكون للجن اى والحال انه تعالى خلق الجن فكيف يجعلون مخلوقه شريكا له وَخَرَقُوا لَهُ اى افتعلوا وافتروا له تعالى يقال خرق واخترق واختلق وافترى إذا كذب بَنِينَ وَبَناتٍ فقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقالت طائفة من العرب الملائكة بنات الله بِغَيْرِ عِلْمٍ بحقيقة ما قالوه من خطأ او صواب بل رميا بقول عن عمى وجهالة من غير فكر وروية. والباء متعلقة بمحذوف هو حال من فاعل خرقوا اى خرقوا ملتبسين بغير علم سُبْحانَهُ اى تنزه تعالى بذاته تنزها لائقا به وَتَعالى من العلو اى استعلى ويجوز فى صفات الله تعالى علا ولا يجوز ارتفع لان العلو قد يكون بالاقتدار والارتفاع يقتضى الجهة والمكان ولما فى السبحان والتعالي من معنى التباعد قيل عَمَّا يَصِفُونَ اى تباعد عما يصفونه من ان له شريكا او ولدا بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى هو مبدع من غير مثال سبق لقطرى العالم العلوي والسفلى بلا مادة فاعل على الإطلاق منزه عن الانفعال بالمرة والوالد عنصر الولد منفعل بانتقال مادته عنه فكيف يكون له ولد فالفعيل بمعنى المفعل كالاليم والحكيم بمعنى المؤلم والمحكم والاضافة حقيقية وقيل هو من اضافة الصفة المشبهة الى فاعلها اى بديع سمواته وارضه من بدع إذا كان على نمط عجيب وشكل فائق وحسن رائق أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ اى من اين او كيف يوجد له ولد والحال ان اسباب الولادة منتفية فان وجود الولد بلا والدة محال وان أمكن بلا والد كعيسى عليه السلام والمراد بالصاحبة الزوجة: وفى المثنوى لم يلد لم يولد است او از قدم ... نى پدر دارد نه فرزند ونه عم وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ انتظم بالتكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولدا له تعالى فكيف يتصور ان يكون المخلوق ولدا لخالقه خالق أفلاك وأنجم بر علا ... مردم وديو و پرى ومرغ را وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ من شأنه ان يعلم كائنا ما كان مخلوقا او غير مخلوق عَلِيمٌ مبالغ فى العلم ازلا وابدا فلا يخفى عليه خافية مما كان وما سيكون من الذوات والصفات والأحوال التي من جملتها ما يجوز عليه تعالى وما لا يجوز من المحالات التي كان ما زعموه فردا من افرادها ذلِكُمُ اى ذلك الموصوف بتلك الصفات العظيمة ايها المشركون اللَّهُ المستحق للعبادة خاصة مبتدأ وخبره رَبُّكُمْ اى مالك أمركم نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى لا شريك له أصلا خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مما كان وما سيكون فلا تكرار وهذه اخبار مترادفة فَاعْبُدُوهُ حكم مسبب عن مضمونها فان من جمع هذه الصفات استحق العبادة خاصة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ اى وهو مع تلك الصفات متولى أموركم فكلوها اليه وتوسلوا بعبادته الى إنجاح مآربكم الدنيوية والاخروية ورقيب على أعمالكم فيجازيكم قال الامام الغزالي قدس سره والوكيل ينقسم الى من يفى بما وكل اليه وفاء تاما من غير قصور والى من لا يفى بالجميع والوكيل المطلق هو الذي يفى بالأمور الموكولة

[سورة الأنعام (6) : آية 103]

اليه وهو ملى بالقيام بها وفىّ بإتمامها وذلك هو الله تعالى فقط وقد فهمت من هذا مقدار يدخل العبد فى معنى هذا الاسم انتهى كلامه وعن الشيخ ابى حمزة الخراسانى رحمه الله قال حججت سنة من السنين فبينما انا امشى إذ وقعت فى بئر فنازعتنى نفسى ان استغيث فقلت لا والله لا استغيث فما استتم هذا الخاطر حتى مر برأس البئر رجلان فقال أحدهما للآخر تعالى حتى نسد رأس هذا البئر لئلا يقع فيه أحد فأتيا بقصب وبارية وطمسا رأس البئر فهممت ان اصيح ثم قلت فى نفسى الجأ الى من هو اقرب منهما وسكت وفوضت امرى الى الله تعالى فبينما انا بعد ساعة إذا بشىء جاء وكشف عن رأس البئر وادلى رجله وكأنه يقول تعلق بي فى همهمة منه كنت اعرف منها ذلك فتعلقت به فاخرجنى فاذا هو سبع فمر وهتف بي هاتف يا أبا حمزة أليس هذا احسن نجيناك من التلف فالله تعالى قادر على ذلك وهو على كل شىء وكيل والاشارة فى الآيات ان الله تعالى كما اخرج بماء اللطف والهداية من ارض القلوب لأربابها انواع الكمالات اخرج بماء القهر والخذلان من ارض النفوس لأصحابها انواع الضلالات حتى أشركوا بالله تعالى وقالوا ما قالوا من أسوأ المقال مع انه تعالى متفرد بالذات والصفات والافعال فعلى العاقل ان يستعيذ بالله من مكره وقهره ويستجلب بطاعته مزيد رضاءه ورحمته ويقطع النظر عن الغير فى كل شر وخير فان الكل من الله تعالى وان كان لا يرضى لعباده الكفر گناه اگر چهـ نبود اختيار ما حافظ ... تو در طريق ادب كوش وكو كناه منست اللهم لا تؤمنا مكرك فانه لا يأمن منه الا القوم الكافرون لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ البصر حاسة النظر وقد تطلق على العين من حيث انها محله وادراك الشيء عبارة على الوصول اليه والإحاطة به اى لا تصل اليه الابصار ولا تحيط به وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ اى يحيط بها علمه وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فيدرك ما لا تدركه الابصار ولهذا خص الابصار بإدراكه تعالى إياها مع انه يدرك كل شىء لان الابصار لا تدرك نفسها ولا يجوز فى غيره ان يدرك البصر وهو لا يدركه ففيه دليل على ان الخلق لا يدركون بالأبصار كنه حقيقة البصر وهو الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون ان يبصر من غيرهما من سائر أعضائه اعلم ان الإدراك غير الرؤية لان الإدراك هو الوقوف على كنه الشيء والإحاطة به والرؤية المعاينة وقد تكون الرؤية بلا ادراك لانه يصح ان يقال رآه وما أدركه فالادراك أخص من الرؤية ونفى الأخص لا يستلزم نفى الأعم فالله يجوز ان يرى من غير ادراك واحاطة كما يعرف فى الدنيا ولا يحاط به يعنى ان معرفة الله تعالى ممكنة من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه مالا تفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع به الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة وقالوا ما عرفناك حق معرفتك فذات الله تعالى من حيث تجرده عن النسب والإضافات لايدرك ولهذا سئل النبي عليه السلام هل رأيت ربك قال (نورانى أراه) اى النور المجرد لا يمكن رؤيته وكذا أشار الحق فى كتابه لما ذكر ظهور نوره فى مراتب المظاهر قال الله تعالى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل قال نُورٌ عَلى نُورٍ فاحد النورين هو الضياء

والآخر هو النور المطلق الأصلي ولهذا تمم فقال يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ اى يهدى الله بنوره المتعين فى المظاهر والساري فيها الى نوره المطلق الاحدى فانما تتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب والإضافات فاما فى المظاهر ومن ورائية حجابية المراتب فالادراك ممكن كما قيل كالشمس تمنعك اجتلاءك وجهها ... فاذا اكتست برقيق غيم أمكنا والى مثل هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم فى بيان الرؤية الجنانية المشبهة برؤية الشمس والقمر فاخبر عن اهل الجنة انهم يرون ربهم وانه ليس بينه وبينهم حجاب الا رداء الكبرياء على وجهه فى جنة عدن فنبه صلى الله عليه وسلم على بقاء الرتبة الحجابية وهى رتبة المظهر وتحقيقه ان اهل الاعتزال بالغوا فى نفى الرؤية واستدلوا على مذهبهم بما ورد فى الصحيحين عن ابى موسى (جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم الا رداء الكبرياء على وجهه) قالوا ان الرداء حجاب بين المرتدي والناظرين فلا تمكن الرؤية وجوابهم انهم حجبوا وان المرتدي لا يحتجب عن الحجاب إذ المراد بالوجه الذات وبرداء الكبرياء هو العبد الكامل المخلوق على الصورة الجامعة للحقائق الامكانية والالهية والرداء هو الكبرياء وإضافته للبيان والكبرياء رداؤه الذي يلبسه عقول العلماء بالله يقول الفقير فى شرح هذا المقام قوله ولكنهم حجبوا إلخ وذلك لان المرآة لا تكون حجابا للناظر كما ان اللباس كذلك بالنسبة الى البدن نفسه إذ لا واسطة بينهما فالرداء من المرتدي بمنزلة المرآة من النظر وكذا المرتدي من الرداء بمنزلة الناظر من المرآة إذ المراد بالوجه الذات بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل فالمرتدى وهو الذات لا يحتجب عن حجابه وانما يحتجب به عن الغير كالقناع للعروس فانه كشف بالاضافة إليها وحجاب بالنسبة الى غيرها وبرداء الكبرياء إلخ الحقيقة المحمدية التي هى حقيقة الحقائق ولكل موجود حصة من تلك الحقيقة بقدر قابليته لكنها فى نفسها حقيقة واحدة وهو الوجود العام الشامل كالحيوان الناطق فانه معنى واحد عام شامل لجميع الافراد وكثرته بالنسبة الى تلك الافراد لا تنافى وحدته الحقيقة فمعنى قوله عليه السلام وما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه حقيقة كل منهما التي تجلى الذات فيها بحسب صفاء مرآتها ومعرفتها وتلك الحقيقة ليست بحجاب بين القوم وبين الذات الاحدية إذ ما وراء تلك الحقيقة مع قطع النظر عن التجلي فيها وكونها مرآة له اطلاق صرف لا يتعلق به رؤية رداء أيا كان فكل ناظر ينكشف له جمال الذات من حقيقة نفسه فينظر اليه من تلك الحقيقة وهى ليست بحجاب للنظر ولا للذات إذ هى كالمرآة فالنظر الظاهري قيد تام وما وراء تلك الحقيقة من الذات اطلاق صرف فلا مناسبة بينهما بوجه من الوجوه وتلك الحقيقة بين التقييد والإطلاق برزخ جامع لهما كما قال عليه السلام (من عرف نفسه فقد عرف ربه) فالعارف إذ لم يتعلق عرفانه بنفسه الكلية وحقيقته الجامعة لا يتأتى منه عرفان ربه لان ربه مطلق عن القيود والنسب والإضافات وهو بهذا الاعتبار لا تتعلق به المعرفة واما نفسه المتجلى فيها الرب بحقائق أسمائه فتتعلق بها تلك الرؤية من تلك الحيثية فتكون حقيقة نفسه ومعرفتها مرآة معرفة ربه فلا حجاب بين المرتدي وردائه

أصلا وانما غلط من غلط بقياس الغائب على الشاهد وهو ممنوع باطل لانه لا يلزم ان يكون هناك رداء مانع وبرزخ بين الناظر والمرتدي ولذا قال الكبرياء رداؤه الذي يلبسه عقول العلماء بالله فالتردد فى ان الرداء حجاب بين المرتدي والناظرين فلا يمكن الرؤية انما هو من عمى البصيرة والعياذ بالله وهو فى ثلاثة أشياء إرسال الجوارح فى معاصى الله والتصنع بطاعة الله والطمع فى خلق الله فالحق ليس بمحجوب عنك لثبوت احاطته وانما المحجوب أنت عن النظر اليه بما تراكم على بصيرتك من العيوب العارضة وما يلازم بصرك من العيب اللازم الذي هو الفناء الحسى الذي لا يرتفع الا فى الدار الآخرة فلذلك كانت الرؤية موقوفة عليها والا فالحجاب فى حقه تعالى ممتنع غير متصور فلا تكن ممن يطلب الله لنفسه ولا يطالب نفسه لربه فذلك حال الجاهلين وقال بعض المفسرين ان الإدراك إذا قرن بالبصر كان المراد منه الرؤية فانه يقال أدركت ببصرى ورأيت ببصرى بمعنى واحد فمعنى قوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ اى لا تراه فى الدنيا فهو مخصوص برؤية المؤمنين له فى الآخرة لقوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وحديث الشيخين (انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر) والمراد تشبيه الرؤية بالرؤية فى الجلاء والوضوح لا تشبيه المرئي بالمرئي اى فى الجهة وانما يرونه فى الآخرة لانها قلب الدنيا فالبصيرة هناك كالبصر فى الدنيا فيكون البصر الظاهر فى الدنيا باطنا فى الآخرة والبصيرة الباطنة ظاهرة فيستعد الكل للرؤية بحسب حاله واما فى الدنيا فالرؤية غاية الكرامة فيها وغاية الكرامة فيها لأكرم الخلق وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود الذي شاهد ربه ليلة المعراج بعيني رأسه يعنى رآه بالسر والروح فى صورة الجسم فكان كل وجوده الشريف عينا لانه تجاوز فى تلك الليلة عن عالم العناصر ثم عن عالم الطبيعة ثم عن عالم الأرواح حتى وصل الى عالم الأمر وعين الرأس من عالم الأجسام فانسلخ عن الكل ورأى ربه بالكل فافهم هداك الله الى خير السبل فان العبارة هاهنا لاتسع غير هذا قال فى التأويلات النجمية لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ اى لا تلحقه المحدثات لا الابصار الظاهرة ولا الابصار الباطنة تقدست صمديته عن كل لحوق ودرك ينسب الى مخلوق ومحدث بل وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ بالتجلى لها فيفنى المحدثات فيكون هو بصره الذي يبصر به فاستوت عند التجلي الابصار الظاهرة والباطنة فى الرؤية بنور الربوبية وَهُوَ اللَّطِيفُ من ان يدركه المحدثات او يلحقه المخلوقات الْخَبِيرُ بمن يستحق ان يتجلى له الحق ويدرك ابصارها باطلاعه عليها فيستعدها للرؤية ومن لطف الله انه أوجد الموجودات وكون المكونات فضلا منه وكرما من غير ان يكون استحقاقها للوجود انتهى ولو رآه انسان فى الموطن الدنيوي لوجب عليه شكره ولو شكره لاستحق الزيادة ولا مزيد على الرؤية ولذلك حرمها وهذا هو المعنى فى قوله عليه السلام (لن تروا ربكم حتى تموتوا) قال ابن عطاء إتمام النعيم بالنظر الى وجه الله الكريم على الوجه اللائق بجلاله فى الدار الآخرة حسبما جاء الوعد الصدق بذلك كما فى الدنيا إذ غالب النصوص يقتضى منع ذلك بل يكاد يقع الإجماع على نفى وقوع ذلك ومنعه شرعا وان جاز عقلا انتهى واما الرؤية فى المنام فقد

حكيت عن كثير من السلف كأبى حنيفة وعن ابى يزيد رحمه الله رأيت ربى فى المنام فقلت له كيف الطريق إليك فقال اترك نفسك ثم تعال وروى عن حمزة القارئ انه قرأ على الله القرآن من اوله الى آخره فى المنام حتى إذا بلغ الى قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ قال الله تعالى يا حمزة وأنت القاهر ولاخفاء فى ان الرؤية فى المنام نوع مشاهدة يكون بالقلب دون العين وفى الحديث (رأيت ربى فى المنام فى صورة شاب امرد) وسر تجليه فى صورة الانسانية بصفة الربوبية ان الحقيقة الانسانية اجمع الحقائق فانه تعالى لما استخلف الإنسان وجعله خاتما على خزائن الدنيا والآخرة ظهر جميع ما فى الصورة الإلهية من الأسماء فى النشأة الانسانية الجامعة بين النشأة العنصرية والروحانية واليه يشير قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم على صورته) واطلاق الصورة على الحق مجاز باعتبار اهل الظاهر إذ لا تستعمل فى الحقيقة الا فى المحسوسات ففى المعقولات مجاز واما عند المحققين فحقيقة لان العالم الكبير باسره صورة الحضرة الالهية ومظاهر أسمائها بحضراتها تفصيلا واجمالا والإنسان الكامل صورته جمعا فان قلت ألرؤية أقوى انواع الإدراك أم العلم قلت قد قيل بالأول ولهذا يتلذذ المؤمنون برؤية الله تعالى فوق ما يتلذذون بمعرفته قال الامام فى الاحياء ان الرؤية نوع كشف وعلم الا انها أوضح وأتم من العلم فاذا جاز تعلق العلم به ليس فى جهة جاز تعلق الرؤية من غير جهة وكما جاز ان يعلم من غير كيفية وصورة جاز ان يرى كذلك من غير كيفية وصورة قال بعضهم الرؤية أعلى من المعرفة لان العارفين مشتاقون الى منازل الوصال والواصلون لا يشتاقون الى منازل المعرفة وقال بعضهم المعرفة ألطف والرؤية اشرف قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره وصلة العلماء على قدر علمهم واستدلالهم ووصلة الكمل على قدر مشاهدتهم وعيانهم لكن لا على وجه مشاهدة سائر الأشياء فانه تعالى منزه عن الكيف والأين بل هى عبارة عن ظهورة وانكشاف الوجود الحقيقي عند اضمحلال وجود الرائي وفنائه انتهى أقول فظهر من هذا ان من فنى عن ذاته وصفاته وأفعاله واضمحل عن بشريته وهويته فجائز ان يرى الله تعالى فى الدنيا بالبصيرة بعد الانسلاخ التام چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم وذلك كالشمس فى الجلاء لا يكابر فيه أحد أصلا لان القلب من عالم الملكوت والبصيرة كالبصر له وعالم الملكوت مطلق عن قيود الأمور الوهمية التي هى الزمان والمكان والجهة والكيفية وغيرها لانها من احكام عالم الملك فاين هذا من ذاك ولا يقاس أحدهما على الآخر وحقيقة ذوق هذا المطلب الا على لا تعرف الا بالسلوك: قال الحافظ شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت ... نخست در شكن ننك از ان مكان كيرد ثم اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الإدراك تم معنى اللطيف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله تعالى وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله تعالى والتلطف بهم فى الدعوة الى الله تعالى والهداية الى سعادة الآخرة

[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 إلى 105]

من غير إزراء وعنف ومن غير تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع وألطف من الألفاظ المزينة قال الشيخ الأكبر قدس سره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتمونى أصلي) ولم يقل صلوا كما قلت لكم لان الفعل أرجح فى نفس التابع المقتدى من القول كما قيل وإذا المقال مع الفعال وزنته ... رجح الفعال وخف كل مقال انتهى: وفى المثنوى بند فعلى خلق را جذاب تر ... كه رسد در جان هر با كوش كر والخبير هو الذي لا تعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها وهو بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف الى الخفايا الباطنة سمى خبرة وسمى صاحبه خبيرا وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى عالمه وعالمه قلبه وبدنه والحفايا التي يتصف القلب بها من الغش والخيانة والطواف حول العاجلة وإضمار الشر واظهار الخير والتجمل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه لا يعرفها الا ذو خبرة بالغة قد خبر نفسه ومارسها وعرف مكرها وتلبيسها وخدعها فحادبها وتشمر لمعاداتها وأخذ الحذر منها فذلك من العباد جدير بان يسمى خبيرا قَدْ جاءَكُمْ اى قل يا محمد للناس وخصوصا لاهل مكة قد جاءكم بَصائِرُ كائنة مِنْ رَبِّكُمْ اى دلائل التوحيد وحقية النبوة ودلائل البعث والحساب والجزاء وغير ذلك. والبصائر جمع بصيرة وهى نور تبصر به النفس كما ان البصر نور تبصر به العين فاستعير لفظ البصيرة من القوة المودعة فى القلب لادراك المعقولات للحجة البينة لكون كل واحدة منهما سبب الإدراك فَمَنْ أَبْصَرَ اى الحق بتلك البصائر وآمن به فَلِنَفْسِهِ ابصر لان نفعه لها وَمَنْ عَمِيَ اى لم يبصر الحق بعد ما ظهر له بتلك ظهورا بينا وضل عنه وانما عبر بالعمى عنه تقبيحا له وتنفيرا عنه فَعَلَيْها وباله والاشارة ان الله تعالى اعطى لكل عبد بصيرة لقلبه يبصر بها الحقائق المودعة فى الغيوب والكمالات المعدة لأرباب القلوب كما اعطى بصرا لقالبه يبصر به الأعيان فى الشهادة وما أعد لهم فيها من المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح فمن نظر ببصر البصيرة الى المراتب العلوية الاخروية الباقية وابصر كمالات القرب وما أعد الله مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيشتغل بتحصيله ويقبل على الله بسلوك سبيله ويعرض عن الدنيا الدنية ويترك زينتها وشهواتها الفانية فذلك تحصيل سعادة وكرامة لنفسه فان الله غنى عن العالمين ومن عمى عن النظر بالبصيرة وغير هذه الكمالات لما ابصر ببصر القالب الى الدنيا وزينتها واستلذ بشهواتها واستحلى مراتعها الحيوانية فعميت بصيرته فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي فى الصدور فذلك تحصيل شقاوة وخسارة على نفسه كذا فى التأويلات النجمية وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ وانما انا منذر ومبلغ والله هو الحفيظ عليكم يحفظ أعمالكم ويجازيكم عليها وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ اى ومثل هذا التصريف البديع نصرف الآيات

[سورة الأنعام (6) : الآيات 106 إلى 110]

الدالة على المعاني الرائقة الكاشفة عن المعاني الفائقة ولا تصرف ادنى منه من الصرف وهو نقل الشيء من حال الى حال وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ علة لمحذوف واللام للعاقبة والدرس القراءة والتعلم اى وليقولوا فى عاقبة أمرهم درست صرفنا اى قرأت وتعلمت من غيرك نحو سيار وجبير كانا عبدين لقريش من سبى الروم كان قريش يقولون له عليه السلام انك تتعلم هذه الاخبار منهما ثم تقرأ علينا على زعم انها من عند الله وَلِنُبَيِّنَهُ عطف على ليقولوا واللام على الأصل اى التعليل لان التبين مقصود التصريف والضمير للآيات باعتبار القرآن لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وتخصيص التبيين بهم لما انهم المنتفعون به اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى دم يا محمد على ما أنت عليه من اتباع القرآن الذي عمدة أحكامه التوحيد وان قدحوا فى تصريف آياته لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا شريك له أصلا وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ولا تبال بأقوالهم ولا تلتفت الى آرائهم فانه لا يجوز الفتور فى تبليغ الدعوة والرسالة بسبب جهل الجاهلين بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وَلَوْ شاءَ اللَّهُ توحيدهم وعدم اشراكهم ما أَشْرَكُوا وهو دليل على انه تعالى لا يريد ايمان الكافر لكن لا بمعنى انه تعالى يمنعه عنه مع توجهه اليه بل بمعنى انه تعالى لا يريده منه لعدم صرف اختياره الجزئى نحو الايمان وإصراره على الكفر وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ متعلق بما بعده وكذا عليهم الآتي حَفِيظاً رقيبا مهيمنا من قبلنا تحفظ عليهم أعمالهم وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ من جهتهم تقوم بامورهم وتدبر مصالحهم قال الحدادي وانما جمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معناهما. فان الحافظ للشىء هو الذي يصونه عما يضره. والوكيل بالشيء هو الذي يجلب الخير اليه فقد ظهر ان عدم قبول الحق من الشقاوة الاصلية ولذا لم يشأ الله سعادتهم وهدايتهم. وعلامة الشقاوة جمود العين وقساوة القلب وحب الدنيا وطول الأمل. وعلامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب وعن ابراهيم المهلب السائح رحمه الله قال بينا انا أطوف إذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وأنفق الأموال حتى أخرجني من بلاد الشرك وأدخلني فى بلاد التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى إياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة: قال الحافظ چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند والواجب على العبد ان يسارع الى الأعمال الصالحة فانها من علامات السعادة والتأخير وطول الأمل من علامات الشقاوة- حكى- ان بعض العباد كان يسأل الله تعالى ان يريه إبليس فقيل له اسأل الله العافية فابى الا ذلك فاظهره الله تعالى له فلما رآه العابد قصده بالضرب فقال له إبليس لولا انك تعيش مائة سنة لاهلكتك ولعاقبتك فاغتر بقوله فقال فى نفسه ان عمرى بعيد فافعل ما أريد ثم أتوب فوقع فى الفسق وترك العبادة وهلك وهذه الحكاية تحذرك طول الأمل فانه آفة عظيمة: قال الصائب

[سورة الأنعام (6) : آية 108]

در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه واعلم انه ما على الرسول عليه السلام الا التبليغ ودلالة كل قوم الى ما خلق له. فيدعو العوام الى التوحيد. والخواص الى الوحدانية. وخواص الخواص الى الوحدة وكذا حال الولي الوارث لكن الوصول الى هذه المقامات انما يكون بهداية الله ومشيئته فليس فى وسع المرشد ان يوصل كل من أراد الى ما اراده فيبقى من يبقى فى الاثنينية ويصل من يصل الى عالم الوحدة والسبب الموصل هو التوحيد فكما ان الكافر لا يكون مؤمنا الا بكلمة التوحيد فكذا المؤمن لا يكون مخلصا الا بتكرارها لان الشرك مطلقا جليا كان او خفيا لا يزول الا بالتوحيد مطلقا فالمؤمن الناقص كما انه لا يلتفت الى المشرك بالشرك الجلى وحاله كذلك المؤمن الكامل لا ينظر الى جانب المشرك بالشرك الخفي ولذا قال تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ لكن الاعراض من حيث الحقيقة لا ينافى الإقبال من حيث الظاهر لاجل الدعوة حتى يلزم الحجة ويحصل الافحام وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ فالسلام على من اتبع الهدى والملام على من اتبع الهوى: قال الحافظ چهـ شكرهاست درين شهر كه قانع شده اند ... شاهبازان طريقت بمقام مكسى وَلا تَسُبُّوا اى لا تشتموا ايها المؤمنون الَّذِينَ اى الأصنام يَدْعُونَ اى يدعونها آلهة ويعبدونها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين عبادة الله تعالى والمراد بالداعين كفار مكة وقال المولى ابو السعود رحمه الله اى لا تشتموهم من حيث عبادتهم لآلهتهم كأن تقولوا تبا لكم ولما تعبدونه مثلا فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً اى تجاوزا عن الحق الى الباطل بان يقولوا لكم مثل قولكم لهم وهو منصوب على المصدر لكونه نوعا من عامله لان السبب من جنس العدو او على انه مفعول له اى لاجل العدو بِغَيْرِ عِلْمٍ حال اى يسبونه غير عالمين بالله تعالى وبما يجب ان يذكر به اى مصاحبين للجهل لانهم لو قدروا الله حق قدره لما اقدموا عليه فان قلت انهم كانوا مقرين بالله وعظمته وان الأصنام انما تعبد ليكونوا شفعاء عند الله فكيف يسبونه قلت انهم لا يفعلون ذلك صريحا لكن ربما يفضى فعلهم الى ذلك وايضا ان الغيظ والغضب انما يحمل الإنسان على التكلم بما ينافى العقل ألا يرى ان المسلم قد يتكلم لشدة غضبه بما يؤدى الى الكفر والعياذ بالله وفى الآية دليل على ان الطاعة إذا أدت الى معصية راجحة وجب تركها فان ما يؤدى الى الشرشر ألا يرى ان سب الأصنام وطعنها من اصول الطاعات وقد نهى الله تعالى عنه لكونه مؤديا الى معصية عظيمة وهى شتم الله وشتم رسوله وفتح باب السفاهة قال الحدادي وفى هذا دليل على ان الإنسان إذا أراد ان يأمر غيره بالمعروف ويعلم ان المأمور يقع بذلك فى أشد مما هو فيه من شتم او ضرب او قتل كان الاولى ان لا يأمره ويتركه على ما هو فيه: قال السعدي قدس سره مجال سخن تا نيابى مكوى ... چوميدان نبينى نكهدار كوى كَذلِكَ اى مثل ذلك التزيين القوى وهو تزيين المشركين سب الله تعالى وعبادة الأوثان

زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ من الخير والشر والطاعة والمعصية باحداث ما يمكنهم منه ويحملهم عليه توفيقا او تخذيلا ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مالك أمرهم مَرْجِعُهُمْ اى رجوعهم بالبعث بعد الموت فَيُنَبِّئُهُمْ [پس خبر دهد ايشانرا] من غير تأخير بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا على الاستمرار من السيئات المزينة لهم وهو وعيد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت وفيه نكتة وهى ان كل ما بظهر فى هذه النشأة من الأعيان والاعراض فانما يظهر بصورة مستعارة مخالفة لصورته الحقيقية التي بها يظهر فى النشأة الآخرة فان المعاصي سموم قاتلة قد برزت فى الدنيا بصورة يستحسنها نفوس العصاة كما نطقت به هذه الآية الكريمة وكذا الطاعات فانها مع كونها احسن الاحاسن قد ظهرت عندهم بصورة مكروهة ولذلك قال عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) فاعمال الكفرة قد برزت لهم فى هذه النشأة بصورة مزينة يستحسنها الطغاة وستظهر فى النشأة الآخرة بصورتها الحقيقية المنكرة الهائلة فعند ذلك يعرفون ان أعمالهم ماذا فعبر عن إظهارها بصورها الحقيقية بالأخبار بها لما ان كلامنهما سبب للعلم بحقيقتها كما هى كذا فى تفسير الإرشاد ويظهر صور الأعمال القبيحة لاهل السلوك فى البرزخ الدنيوي فيجتهدون فى تبديلها- حكى- عن الشيخ ابى بكر الضرير رحمه الله قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال يا أستاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا فيهن واحدة شوهاء لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلو مت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول اسأل لمولاك وارددني الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى وقد أردت بخير إذ وعظت بنا ... ابشر فانت من المولى على حال قالت جارية من الحسان نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القرآن بترجيع ورنات وقد قال بعض الكبار انكشاف عيب النفس خير من انكشاف الملكوت إذا المقصود إصلاح الطبيعة والنفس والاكل والشرب والمنام من الصفات البهيمية التي هى مقتضى الطبيعة وفى التأويلات النجمية زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ من المقبولين اعمال اهل القبول ومن المردودين اعمال اهل الرد ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ اى باقدام تلك الأعمال كلا الفريقين يذهبون الى ربهم فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اما اهل القبول فيسلكون على أقدام الأعمال الصالحة طريق اللطف فينبئهم بالفضل والإحسان انهم كانوا يحسنون واما اهل الرد فيقطعون على أقدام المخالفات فى بوادي القهر والهلكات فينبئهم بالعدل والخسران انهم كانوا يسيئون انتهى وفى المثنوى جمله دانند هين اگر تو نكروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى وعن بعض الصالحين قال كانت فى جانبى عجوز قد أضنتها العبادة فسألتها ان ترفق بنفسها

[سورة الأنعام (6) : الآيات 109 إلى 110]

فقالت يا شيخ أما علمت ان رفقى بنفسي غيبنى عن باب المولى ومن غاب عنه مشتغلا بالدنيا عرض نفسه للمحن والبلوى وما قدر عملى إذا اجتهدت فكيف إذا قصرت ثم قالت وا سوأتاه من حسرة السباق وفجعة الفراق. فاما حسرة السباق فاذا قام القائمون من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأنوار وساروا الى قصر من العز والجلال ورفعت لهم منازل المحبين وقدمت بين أيديهم نجائب المقربين وبقي المسبوق فى جملة المحزونين فعند ذلك ينقطع فؤاده حسرة وتأسفا ويذوب ندامة وتلهفا. واما فجعة الفراق فعند تمييز الناس والافتراق وذلك ان الله سبحانه إذا جمع الخلق فى صعيد واحد امر ملكا فنادى ايها المجرمون امتازوا ان المتقين قد فازوا وهو قوله تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيتميز الرجل من زوجته والولد من والدته والحبيب من حبيبه هذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا مغلغلا الى عذاب الجحيم وقد طال منهم التلفت والوداع ودموعهم تجرى كالانهار بفجعة الفراق وانشدوا بالبين والفراق لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... ورأيت كيف نكرر التوديعا لعلمت ان من الدموع لأبحرا ... تجرى وعاينت الدماء دموعا وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ- روى- ان قريشا قالوا يا محمد انك تخبرنا ان موسى عليه السلام كانت معه عصا فيضرب بها الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا وتخبرنا ان عيسى عليه السلام كان يحيى الموتى وان صالحا عليه السلام اخرج الناقة من الجبل فائتنا أنت ايضا بآية بينة فان فعلت ذلك لنصدقنك ونؤمنن لك وحلفوا على ذلك وبالغوا فى تأكيد الحلف فقال عليه السلام (أي شىء تحبون) قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا او ابعث لنا بعض موتانا حتى نسأله عنك أحق ما تقول أم باطل او أرنا الملائكة يشهدون لك فقال عليه السلام (فان فعلت بعض ما تقولون تصدقوننى) قالوا نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين وسأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينزلها عليهم حتى يؤمنوا فهم عليه السلام بالدعاء فجاء جبريل عليه السلام فقال ان شئت كان ذلك ولئن كان فلم يصدقوا عنده ليعذبنهم بعذاب الاستئصال ولئن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم فانزل الله تعالى هذه الآية اى حلف كفار قريش بالله تعالى جَهْدَ أَيْمانِهِمْ مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم وجهد الايمان أغلظها وأشدها لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ من مقترحاتهم لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ لهم إِنَّمَا الْآياتُ كلها عِنْدَ اللَّهِ اى هو قادر عليها يظهر منها ما يشاء وليس شىء منها بقدرتي وإرادتي وانما انا نذير ثم بين تعالى الحكمة فى عدم مجىء الآيات فقال مخاطبا للمسلمين وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ اى أي شىء يعلمكم ان الآية التي يقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بل يبقون على ما كانوا عليه من الكفر والعناد اى لا تعلمون ذلك فتتمنون مجيئها طمعا فى ايمانهم فانكر السبب اى الاشعار مبالغة فى نفى المسبب اى الشعور وفيه بيان ان ايمانهم فاجرة وانه لا يغنى وضوح الادلة لمن لم يساعده سوابق الرحمة وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ عطف على لا يؤمنون اى وما يشعركم انا حينئذ نحول قلوبهم عن الحق فلا يفهمون وَأَبْصارَهُمْ عن اجتلائه فلا يبصرونه

[سورة الأنعام (6) : الآيات 111 إلى 115]

فلا يؤمنون بها كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ اى بما جاء من الآيات أَوَّلَ مَرَّةٍ من انشقاق القمر ونحوه وَنَذَرُهُمْ اى ندعهم عطف على لا يؤمنون داخل فى حكم الاستفهام الإنكاري فِي طُغْيانِهِمْ ضلالهم متعلق بنذرهم يَعْمَهُونَ اى متحيرين لا نهديهم هداية المؤمنين فهو حال من الضمير المنصوب فى نذرهم ووجه هذا التقليب والترك فساد استعدادهم واعراضهم عن الحق بالكلية فان الله تعالى لا يفعل بهم ذلك مع توجههم الى الحق واستعدادهم لقبوله فانه إجبار محض فان كان مقهورا مطبوعا على قلبه فليعلم ان ذلك لعدم تأثير اللطف فيه أصلا فلله الحجة البالغة ومن الله الهداية والتوفيق: تم الجزء السابع فى أوائل شهر ربيع الآخر من سنة الف ومائة الجزء الثامن من الاجزاء الثلاثين وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ تفصيل ما ذكر على الإجمال بقوله وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ اى ولو اننا نزلنا إليهم الملائكة كما سألوه بقولهم لو انزل علينا الملائكة فنراهم عيانا وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وشهدوا بحقية الايمان بعد ان احييناهم حسبما اقترحوه بقولهم فائت بآية قال صاحب التيسير وأحيينا لهم كل الموتى فكلموهم بان شهدوا لك وان كانوا سألوا منك احياء اثنين من موتاهم قصى بن كلاب وجدعان بن عمرو وكانا كبيرين منهم وصدوقين حيث قالوا لئن أحييتهما فشهدا لك بالنبوة لشهدنا نحن ايضا وَحَشَرْنا اى جمعنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا جمع قبيل بمعنى كفيل وانتصابه على الحالية من المفعول اى كفلاء بصحة الأمر وصدق النبي عليه السلام او جمع قبيل الذي هو جمع قبيلة بمعنى جماعات اى وحشرنا كل شىء نوعا نوعا وفوجا فوجا من سائر المخلوقات وفى التيسير اى وبعثنا كل حيوان من الفيل الى البعوض اى أقمنا القيامة ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا فى حال من الأحوال الداعية الى الايمان إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى الا فى حال مشيئة الله لايمانهم وهيهات ذلك وحالهم حالهم من التمادي فى العصيان والغلو فى التمرد والطغيان وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ اى ولكن اكثر المؤمنين يجهلون عدم ايمانهم عند مجيىء الآيات لجهلهم عدم مشيئة الله تعالى لايمانهم فيتمنون مجيئها طمعا فيما لا يكون فالجملة مقررة لمضمون قوله تعالى وَما يُشْعِرُكُمْ الآية واعلم ان الآية وان عظمت لا تضطر الى الايمان ان لم يشأ الله تعالى فانه لا آية أعظم من قيام الساعة والله تعالى يقول وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وجملة الأمر ان المشيئة تغير السجية وعدمها من فساد الاستعداد فلذا بقي اهل الضلال فى يد القهر والجلال: قال السعدي ز وحشي نيايد كه مردم شود ... بسعى اندر او تربيت كم شود توان پاك كردن ز ژنك آيينه ... ولكن نيايد ز سنك آيينه

وقال الحافظ كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد واما قول المولوى قدس سره فى المثنوى كر تو سنك خاره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى كوهر شوى فاشارة الى المستبعد بحكم الأصل فان التربية تنفع فيه فجميع المعجزات من الأنبياء والكرامات من الأولياء علمية كانت او كونية تربية لمن فى زمانهم فمن حسن استعداده مال واهتدى ومن فسد اعرض وضل وترى كثيرا من المغرورين المشغولين باحكام طبائعهم الخبيثة ونفوسهم المتمردة يقولون كالطلبة لو انا صادفنا المرشد الكامل ورأينا منه العلامة واضحة لكنا أول من يسلك بطريقتهم ويتمسك بأذيال حقيقتهم فقل لهم ان الشمس شمس وان لم يرها الضرير والعسل عسل وان لم يجد طعمه الممرور والطالب المستعد لا يقع فى الامنية ولا يضيع نقد عمره بخسارة بل يجتهد كل حين بما أمكن له من الطاعات ويكون فى طريق الطلب فان ما لا يدرك كله لا يترك قله: قال فى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... عاقبت جوينده يابنده بود ثم هذا الاستعداد وانشرح الصدر فى طريق الحق نور من الله تعالى يقذفه فى قلب أي عبد شاء وليس بحداثة السن ولا بالشيخوخة وكم رأيت وسمعت من غلبه الحال فى عنفوان عمره وعنوان امره وعن بعض الصالحين قال حججت سنة من السنين وكانت سنة كثيرة الحر والسموم فلما كان ذات يوم وقد توسطنا ارض الحجاز انقطعت عن الحاج وغفلت قليلا فلم أشعر ليلا الا وانا وحدي فى البرية فلاح لى شخص امامى فاسرعت اليه ولحقته وإذا به غلام امرد لا نبات بعارضيه كأنه القمر المنير والشمس الضاحية وعليه اثر الدلال والترف فقلت له السلام عليك يا غلام فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا ابراهيم فعجبت منه كل العجب ورابنى امره فلم أتمالك ان قلت له يا غلام سبحان الله من اين تعرفنى ولم ترنى قبلها فقال لى يا ابراهيم ما جهلت مذ عرفت ولا قطعت مذ وصلت فقلت ما الذي اوقعك فى هذه البرية فى مثل هذه السنة الكثيرة الحر والقيظ فاجابنى يا ابراهيم ما آنس بسواه ولا رافقت غيره وانا منقطع اليه بالكلية مقر له بالعبودية فقلت له من اين المأكول والمشروب فقال لى تكفل به المحبوب فقلت والله انى خائف عليك لاجل ما ذكرت لك فاجابنى ودموعه تتحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب فلو أجوع فذكر الله يشبعنى ... ولا أكون بحمد الله عطشانا وان ضعفت فوجد منه يحملنى ... من الحجاز الى أقصى خراسانا فقلت له بالله عليك يا غلام ألا ما أعلمتني حقيقة عمرك فقال اثنتا عشرة سنة ثم رجوته فدعا لى باللحوق الى أصحابي فلما وقفنا بعرفة ودخلنا الحرم إذا انا بالغلام وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يبكى ويناجى ثم وقع ساجدا ومات الى رحمة الله تعالى ثم رأيته فى المنام فقلت ما الذي فعل بك إلهك فقال أوقفني بين يديه وقال لى ما بغيتك فقلت الهى وسيدى أنت بغيتي فقال لى

[سورة الأنعام (6) : الآيات 112 إلى 113]

أنت عبدى حقا ولك عندى ان لا احجب عنك ما تريد فقلت أريد ان تشفعنى فى القرن الذي انا فيه قال شفعتك فيه ثم انه صافحنى فاستيقظت بعد المصافحة فلم ار أحدا الا ويقول لى يا ابراهيم لقد از عجت الناس من طيب رائحة يدك قال بعض المحدثين ولم تزل رائحة الطيب تخرج من يد ابراهيم حتى قضى نحبه رحمه الله رحمة واسعة وَكَذلِكَ اى كما جعلنا لك عدوا كأبى جهل وغيره من كفار قريش جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ قبلك عَدُوًّا وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ان عداوتهم وما يبتنى عليها مما لا خير فيه من الأقاويل الكاذبة والأفاعيل الباطلة ليس مختصا به عليه السلام بل كما ابتلى هو وأمته بكيد الأعداء ابتلى جميع الأنبياء وأممهم شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ اى مردة الفريقين على ان الاضافة بمعنى من البيانية وهو بدل من عدوا. والشياطين جمع شيطان وهو يطلق على كل عات متمرد من الانس والجن والشيطان من الجن إذا اعياه المؤمن وعجز عن اغوائه ذهب الى متمرد من الانس فاغراه على المؤمن ليفتنه وعن مالك بن دينار انه قال شياطين الانس أشد علىّ من شياطين الجن وذلك انى ان تعوذت بالله من شياطين الجن ذهبت عنى وشياطين الانس تجيئنى فتجرنى الى المعاصي عيانا يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ كلام مستأنف مسوق لبيان احكام عداوتهم وتحقيق وجه الشبه بين المشبه والمشبه به. والوحى الكلام الخفي والقول السريع الذي يلقى سرا اى يلقى يوسوس شياطين الجن والانس او بعض الجن الى بعض وبعض الانس الى بعض زُخْرُفَ الْقَوْلِ اى المموه منه المزين ظاهره والباطل باطنه يقال فلان زخرف كلامه إذا زينه بالكذب والباطل غُرُوراً مفعول له ليوحى اى ليغرّوهم وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ عدم ما ذكر من العداوة والإيحاء ما فَعَلُوهُ اى ما ذكر فاعيد ضمير الواحد الى الاثنين باعتباره فَذَرْهُمْ اى إذا كان ما فعلوه فى حقك بمشيئته تعالى فاتركهم وَما يَفْتَرُونَ وافتراءهم اى كفرهم وسائر مكائدهم فان لهم فى ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة لابتناء مشيئته تعالى على الحكم البالغة البتة وَلِتَصْغى إِلَيْهِ الى زخرف القول علة اخرى للايحاء معطوفة على غرورا وانما لم ينصب لفقد شرطه إذ الغرور فعل الموحى وإصغاء الافئدة فعل الموحى اليه اى يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول ليغروهم به ولتميل اليه أَفْئِدَةُ قلوب الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ واما المؤمنون بها فلا يتصور منهم الميل الى تلك المزخرفات لعلمهم ببطلانها ووخامة عاقبتها وَلِيَرْضَوْهُ لانفسهم بعد ما مالت اليه افئدتهم وَلِيَقْتَرِفُوا اى يكتسبوا بموجب ارتضائهم له ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ له من القبائح التي لا يليق ذكرها وهى ما قضى عليهم فى اللوح المحفوظ يقال اقترب فلان ذنبا إذا عمله ومالا إذا اكتسبه وفى الآية اشارة الى ان البلايا للسائرين الى الله هى المطايا وان أشد البلاء شماتة الأعداء فلما كانت رتبة الأنبياء أعلى كانت عداوة الكفار لهم اوفى وفى ذلك ترقيات لهم وتجليات: قال الحافظ چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آيد والاشارة فى شطان الانس الى النفس الامارة بالسوء وهى أعدى الأعداء ولهذا قدم

ذكره على الجن هاهنا بخلاف المواضع الأخر وليعلم ان عداوة النفس واصحاب النفوس أشد وأصعب من عداوة شياطين الجن فان كيد الشيطان مع كيد الإنسان ضعيف وارباب القلوب لا يصغون الى زخارف اقوال اصحاب النفوس بل كلما تشتد عداوة الأعداء يقوى ايمان الأولياء وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن وانما يتسلط الشيطان على ابن آدم بفضول النظر والكلام والطعام وبمخالطة الناس ومن اختلط فقد استمع الى الا كاذيب وعن بعض الشيوخ ان الشيطان أشد بكاء على المؤمن إذا مات من بعض اهله لما فاته من افتتانه إياه فى الدنيا وإذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذي نحبى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا فعلى المؤمن ان يحترز من وساوسه وحديث نفسه ايضا كيلا يفتضح عند الله وعند الناس فانه روى ان الوسواس الخناس يخبر بما وقع فى قلب ابن آدم وحدث به نفسه وان لم يخبره لغيره كما حكى ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه ذكر امرأة فى نفسه فجعل الناس يتحدثون به فيما بينهم واعلم ان قرين المرء من الجن إذا اسلم سلم من شره ومن الجن قوم مؤمنون منتفعون بعلوم كل البشر محبون- حكى- عن ابراهيم الخواص قال حججت سنة من السنين فبينا انا امشى مع أصحابي إذا عارضنى عارض من سرى يقتضى الخلوة وخروجا عن الطريق الجادة فاخذت طريقا غير الطريق الذي عليه الناس فمشيت ثلاثة ايام بليالهن ما خطر على سرى ذكر طعام ولا شراب ولا حاجة فانتهيت الى برية خضراء فيها من كل الثمرات والرياحين ورأيت فى وسطها بحيرة فقلت كانها الجنة وبقيت متعجبا فبينا انا أتفكر إذا انا بنفر قد اقبلوا سيماهم سيما الآدميين عليهم المرقعات الحسان فخفوابى وسلموا علىّ فقلت وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فوقع فى خاطرى انهم من الجن فقال قائل منهم قد اختلفنا فى مسألة ونحن نفر من الجن قد سمعنا كلام الله تعالى من محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وسلبتنا نغمة كلامه جميع امور الدنيا وقد عين الله لنا هذه البحيرة فى هذه البرية قلت وكم بيننا وبين الموضع الذي تركت فيه أصحابي فتبسم بعضهم وقال يا أبا اسحق لله عز وجل عجائب واسرار الموضع الذي أنت فيه لم يحضره آدمي قبلك الا شاب من أصحابهم توفى هاهنا وذاك قبره أشار الى قبر على شفير البحيرة حوله روضة ورياحين لم ار مثلها قبل ثم قال بينك وبين القوم الذين فارقتهم مسيرة كذا وكذا شهرا او قال كذا وكذا سنة فقلت أخبروني عن الشاب فقال قائل منهم بينما نحن قعود على شفير البحيرة نتذاكر المحبة إذ بشخص قد اقبل إلينا وسلم علينا فرددنا عليه السلام فقلنا له من اين اقبل الشاب قال من مدينة نيسابور قلنا له ومتى خرجت منها قال منذ سبعة ايام قلنا له وما الذي از عجك على الخروج من وطنك قال سمعت قول الله تعالى وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ قلنا له ما معنى الانابة وما معنى الإسلام وما معنى العذاب فقال الانابة ان ترجع بك منك اليه والإسلام ان تسلم نفسك له وتعلم انه اولى بك منك والعذاب الفرقة ثم صاح صيحة عظيمة فمات فواريناه وهذا قبره رضى الله عنه قال ابراهيم فتعجبت مما وصفوا ثم دنوت من قبره وإذا عند

[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 إلى 115]

رأسه باقة نرجس كأنها رحى عظيمة وعلى قبره مكتوب هذا حبيب الله فتيل الغيرة وعلى ورقها مكتوب صفة الانابة فقرأت ما هو على النرجس مكتوب فسألونى ان أفسره لهم ففسرته فوقع فيهم الطرب فلما أفاقوا وسكنوا قالوا قد كفينا جواب مسألتنا قال ووقع علىّ النوم فما انتبهت الا وانا قريب من مسجد عائشة رضى الله عنها وإذا فى وعائى باقة ريحان فبقيت معى سنة كاملة لم تتغير فلما كان بعد فقدتها رضى الله عنه وعنهم وعن جميع الصالحين أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وغير مفعول ابتغى وحكما حال وتقديم المفعول للايذان بان مدار الإنكار هو ابتغاء غيره حكما لا مطلق الابتغاء والحكم ابلغ من الحاكم وادل على الرسوخ لما انه لا يطلق الا على العادل وعلى من تكرر منه الحكم بخلاف الحاكم وفى الكلام ارادة القول وإضماره- روى- ان مشركى مكة قالوا يا محمد اجعل بيننا وبينك حكما من أحبار اليهود او من اساقفة النصارى يفصل بين المحق والمبطل فانهم قرأوا الكتب قبلك فانزل الله هذه الآية وقال قل يا محمد أأميل عن لحق فاطلب غير الله تعالى حال كون ذلك الغير قاضيا بينى وبينكم وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ الجملة حال من فاعل ابتغى اى والحال ان الله تعالى هو الذي انزل إليكم وأنتم امة امية لا تدرون ما تأتون وما تذرون القرآن الناطق بالحق والصواب مُفَصَّلًا اى مبينا فيه الحق والباطل والحلال والحرام وغير ذلك من الاحكام بحيث لم يبق فى امر الدين شىء من التخليط والإبهام فأى حاجة بعد ذلك الى الحكم وهذا كما ترى صريح فى ان القرآن الكريم كاف فى امر الدين مغن عن غيره بينانه وتفصيله وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ كلام مستأنف غير داخل تحت القول المقدر مبين ان الذين وثقوا بهم ورضوا بحكميتهم من علماء اهل الكتابين عالمون بحقية القرآن ونزوله من عند الله تعالى والمعنى وعلماء اليهود والنصارى الذين فهمناهم التوراة والإنجيل يعلمون ان ذلك الكتاب اى القرآن منزل من ربك حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ والصدق وهو بالفارسي [براستى ودرستى] وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن فى منزل فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ اى من الشاكين فى انهم يعلمون بحقية القرآن لما لا تشاهد منهم آثار العلم واحكام المعرفة فالفاء لترتيب النهى على الاخبار بعلم اهل الكتاب بشأن القرآن وفى انه منزل من ربك بالحق فيكون من باب التوبيخ والالهاب اى الثبات على اليقين كقوله وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فالفاء لترتيب النهى على نفس علمهم بحال القرآن ثم انه تعالى لما بين كمال الكتاب المذكور من حيث إضافته اليه تعالى بكونه منزلا منه بالحق بين ايضا كماله من حيث ذاته فقال وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عبر عن الكتاب اى القرآن بالكلمة لانها الأصل فى الاتصاف بالصدق والعدل وبها يظهر الآثار من الحكم صِدْقاً وَعَدْلًا مصدران نصبا على الحال اى صادقة وعادلة ومعنى تمامها عبارة عن بلوغها الغاية فى كونها كافية فى بيان ما يحتاج اليه المكلفون الى يوم القيامة علما وعملا وفى كونها صدقا وعدلا والمعنى انها بلغت الغاية القاصية صدقا فى الاخبار والمواعيد كالخبر عن وجود ذات الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية وكالخبر عن احكام الله تعالى فى الوعد والوعيد والثواب

والعقاب وكالخبر عن احوال المتقدمين وعن الغيوب المستقبلة وعدلا فى الاقضية والاحكام المتعلقة بالمكلفين من الجن والانس كالصلاة والصوم والزكاة والحج وسائر التكاليف الشرعية سواء كانت امرا او نهيا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ لا أحد يبدل شيأ من ذلك بما هو اصدق واعدل ولا بما هو مثله فكيف يتصور ابتغاء حكم غيره تعالى وَهُوَ السَّمِيعُ لكل ما يتعلق به السمع الْعَلِيمُ بكل ما يمكن ان يعلم فيدخل فى ذلك اقوال المتحاكمين وأحوالهم الظاهرة والباطنة دخولا أوليا ومحصول الآية ان القرآن حكم الله تعالى وحجته الغالبة بين الناس فلا عدول عنه الى غيره إذ لا يعدل عنه الا المنكر سواء كان إنكاره عناديا كالعالم بحقيته او تكذيبيا كالجاهل بها واما المقر فهو له جذبة الهية ينجذب بالعمل بما فيه الى درجات العلم والعرفان وكمال الإيقان إذ هو كلمة حق وصدق والصدق يهدى الى الجنة والقربة والوصلة ولا ترتفع التكليفات عن العبد وان وصل الى تجلى الذات مادام فى عالم الدنيا لا كما زعمه بعض الزاعمين واما فى عالم الآخرة فترتفع التكليفات فعبادة ذلك العالم التوحيد ليس الا ولا بد من رعاية الشريعة فى جميع المراتب فان الكمال فيه والا فهو ناقص ولذلك ترى المجاذيب لا يخلون عن نقصان ألا يرى ان الأنبياء عليهم السلام لم يسمع عن واحد منهم عروض السفه والجنون فكامل العقل يحس صرير الباب وصوت الذباب فى حال استغراقه- حكى- ان الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قال يوما لمريديه هل صدر منى شىء يخالف الشريعة قالوا لا فحمد الله تعالى وقال ما كنت هاهنا منذ ثلاثين سنة والإنسان اشرف المخلوقات واشرف الإنسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك صار مظهرا للفرقان الكريم من المبتدأ القديم وهو الحكم الذي نصبه الله تعالى لاحقاق الحق وابطال الباطل ألا اى احمد مرسل شود هر مشكل از تو حل ... كنم وصف ترا مجمل تويى سلطان هر مولى شريعت از تو روشن شد طريقت هم مبرهن شد ... حقيقت خود معين شد زهى سلطان بي همتا واعلم ان هذه الآية متعلقة بمرتبة النفس وإصلاحها فان ابتغاء حكم غير الله تعالى من هوى النفس فاصلاحها بالانقياد والتسليم وكل من له حظ من علم القرآن ظاهرا او باطنا فهو وارث النبي عليه السلام بقدر حاله والحاكم هو عالم امر الله لا الجاهل قال على كرم الله وجهه من افتى الناس بغير علم لعنه السماء والأرض وسألت بنت علىّ البلخي إياها عن القيء إذا خرج الى الحلق فقال يجب إعادة الوضوء فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يا على حتى يكون ملىء الفم فقال علمت ان الفتوى تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فآليت على نفسى ان لا افتى ابدا وسئل الشعبي عن مسألة فقال لا اعلم فقيل ألا تستحيى وأنت فقيه العراقين قال ولم لا استحيى مما لا تستحيى منه الملائكة حيث قالت لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا فعلى العامة ان يرجوا فى الأمور الظاهرة الى اعلم البلدة او العصر بقدر الإمكان وعلى الخاصة ان يستفتوا فى الأحوال الباطنة من الأعرف وان كان اميا لا يعرف اصطلاحات العلماء إذ له حكمة معنوية تغنى عن الاصطلاحات وهو الذي يليق بان يسمى حكيما وقد اتفق اهل الله تعالى على ان العبد إذا وصل الى الله فالله تعالى يعلمه ويلهمه فيميز بين الحق والباطل ولا

[سورة الأنعام (6) : الآيات 116 إلى 120]

يكون ما يتكلمه خارجا عن الشريعة واليه يشير قول من قال ما اتخذ الله من ولى جاهل ولو اتخذه لعلمه وكما ان الاصحاب ما خرجوا عن حكم النبي عليه السلام كما قال تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ وقال وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ كذلك اهل الارادة ما خرجوا عن امر المرشد الكامل إذ الحكم وان كان لله تعالى فى الحقيقة كما نطقت به الآية الا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خليفة الله تعالى وكذا من ورثه قولا وحالا وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وذلك ان اهل مكة كانوا يستحلون أكل الميتة ويدعون المسلمين الى أكلها وكانوا يقولون انما ذلك ذبح الله فهو أحل مما ذبحتم أنتم بسكاكينكم فانزل الله تعالى هذه الآية والمعنى ان تطع الكفار يا محمد لانهم اكثر من فى الأرض يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دينه وشريعته كأنه قيل كيف يضلون فقيل إِنْ يَتَّبِعُونَ اى ما يتبعون فى امور دينهم ومجادلتهم لك فى امر الميتة إِلَّا الظَّنَّ وهو ظنهم ان آباءهم كانوا على الحق فهم على آثارهم يهتدون فيضلون ضلالا مبينا ولا ريب ان الضال المتصدي للارشاد انما يرشد غيره الى مسلك نفسه فهم ضالون مضلون فان سبيل الحق لا يسلك بالظن والتقليد والهوى وانما يسلك بالصدق والتحقيق والهدى وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ اى ما هم الا يكذبون على الله تعالى فى تحليل الميتة وغيره إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بعلم مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فيجازى كلا منهم بما يستحقون فاحذر ان تكون من الفريق الاول قال الحدادي وانما قال اعلم لان الله يعلم الشيء من كل جهاته وغيره يعلم الشيء من بعض جهاته فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ مسبب عن انكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام. والمعنى كلوا ايها المؤمنون مما ذكر اسم الله تعالى خاصة على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره فقط او مع اسم الله تعالى او مات حتف انفه فان الايمان بالآيات القرآنية يقتضى استباحة ما أحله الله والاجتناب عما حرمه وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وأي سبب حاصل لكم فى ان لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه قال الامام ان المشركين كانوا يبيحون أكل ما ذبح على اسم الله تعالى ولا ينازعون فيه وانما النزاع فى انهم ايضا كانوا يبيحون أكل الميتة والمسلمون كانوا يحرمونها وإذا كان كذلك كان ورود الأمر بإباحة ما ذكر اسم الله عليه عبثا لانه يقتضى اثبات الحكم فى المتفق عليه وترك الحكم فى المختلف فيه فاجاب بان معنى كلوا اجعلوا أكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه ومعنى ان لا تأكلوا ان لا تجعلوا أكلكم مقصورا عليه فيفيد تحريم أكل الميتة فقط وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ اى والحال انه تعالى قد بين لكم ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مما لم يحرمه بقوله تعالى فى هذه السورة قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً الآية فبقى ما عدا ذلك على الحل لا بقوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ الآية لانها مدنية وهذه السورة مكية فان قلت قوله تعالى قُلْ لا أَجِدُ الآية مذكور بعده هذه الآية وصيغة فصل تقتضى التقدم قلت ان التأخر فى التلاوة لا يوجب التأخر فى النزول ويجوز ان يحمل على التفصيل بالوحى

الغير المتلو كما ذهب اليه سعذى چلبى المفتى وجعله اولى عنده إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ مما حرم عليكم فانه ايضا حلال حال الضرورة فالاستثناء متصل والمستثنى منه ما حرم وما مصدرية بمعنى المدة اى وقد فصل لكم الأشياء التي حرمت عليكم فى جميع الأوقات الا وقت الاضطرار إليها وان جعلت موصولة تعين ان يكون الاستثناء منقطعه لان ما اضطر اليه حلال فلا يدخل تحت ما حرم عليهم وَإِنَّ كَثِيراً من الكفار لَيُضِلُّونَ الناس بِأَهْوائِهِمْ بما تهواه أنفسهم من تحليل الميتة وغيرها بِغَيْرِ عِلْمٍ مقتبس من الشريعة الشريفة مستند الى الوحى إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ المتجاوزين الحق الى الباطل والحلال الى الحرام اعلم ان اهل الهوى على انواع فالمعتزلة والشيعة ونحوهما من اهل القبلة اهل هوى لانهم يخالفون اهل السنة والجماعة بتأويل الكتاب والسنة على حسب هو أهم فيضلون الناس بهواهم كما يضل الكفار واهل الشرك. واما أخذ الإشارات من الآيات والأحاديث على وجه يطابق الشرع الشريف فذلك ليس بهوى بل هو عرفان محض: قال فى المثنوى تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست فالتقليد لاصحاب الإشارات ليس كالتقليد لاصحاب الضلالات لانهم بنوا أمرهم على العيان واليقين لا على الظن والتخمين وكذا اهل الدنيا اهل هوى بالنسبة الى اهل العقبى فان الكون كله خيال وتابع الخيال لا يعد من العقلاء والرجال وعن بهلول رحمه الله قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة إذ الصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا انا بصبى ينظر إليهم ويبكى فقلت هذا صبى يتحسر على ما فى أيدي الصبيان ولا شىء معه فيلعب به فقلت له اى بنى ما يبكيك اشتر لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الىّ وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله عز وجل أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ وكذا اهل العقبى اهل هوى بالنسبة الى اهل المولى فاهل المولى تجردوا عن تعلق الكونين وتجاوزوا عن اعتبار الوصل والبين وما نظروا الى شىء غيره: قال صاحب المحمدية سالكان در كهت را هر دو عالم يك نفس ... والهان حضرتت را از حور جنت ملال وقد حرم الله الدنيا على اهل الآخرة والآخرة على اهل الدنيا وحرم كلا منهما على اهل الله تعالى لكن من تناول من الدنيا قدر ما يسد به جوعته ويستر به عورته فانه ليس من اهل الدنيا لان ذلك من الضرورات البشرية وفيه اذن الله تعالى لمحافظة الدائرة البدنية التي هى الاس والاشارة فى قوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ يعنى ان من امارات الايمان ان تأكلوا الطعام بحكم الشرع لا على وفق الطبع وتذيبوه بذكر الله كما قال عليه السلام (أذيبوا طعامكم بذكر الله) فان الاكل على الغفلة والنسيان والاستعانة به على العصيان يورث موت الجنان والحرمان من الجنان وفى هذا الحديث اشارة الى مشروعية

[سورة الأنعام (6) : آية 120]

الجهر إذ ذوبان الطعام فى صورة الجهر اظهر ويدل عليه ما ورد ايضا من الركعتين بعد الطعام او من تلاوة عشر آيات من القرآن إذ الحركة البدنية تفضى الى استمراء الطعام وانهضامه الذي به تحصل قوة البدن وبقوة البدن يقوى المرء على العبادة وفى العبادة بعد الطعام شكر للنعمة والشكر اما بالقلب او باللسان او بالأعضاء والجوارح وَذَرُوا اى اتركوا ايها المؤمنون ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ من اضافة الصفة الى الموصوف اى الإثم الظاهر والإثم الباطن والمراد بالإثم ما يوجب الإثم وهو المعاصي كلها لانها لا تخلو من هذين الوجهين فيدخل فيه ما يعلن وما يسر سواء كان من اعمال القلوب او الجوارح فاعمال الجوارح ظاهرة كالاقوال والافعال واعمال القلوب باطنة كالعقائد الفاسدة والعزائم الباطلة وحقيقة ظاهر الإثم طلب نعم الدنيا وباطنه الميل الى نعم العقبى لان كلا منهما يصير سببا للبعد عن حضرة المولى ظاهر وباطن خود پاك كن از لوث كناه ... تا كه پاكيزه شوى در صف مردان اله إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ اى يعملون المعصية ظاهرا وباطنا سَيُجْزَوْنَ سيعاقبون فى الآخرة بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ اى يكسبون فى الدنيا كائنا ما كان فلا بد من اجتنابهما جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ ميكاريش روزى بد روى والاشارة ان الله تعالى كما خلق للانسان ظاهرا هو بدن جسمانى وباطنا هو قلب روحانى فكذلك جعل للاثم ظاهرا هو كل قول وفعل موافق للطبع مخالف للشرع وباطنا هو كل خلق حيوانى وسبعى وشيطانى جبلت النفس عليه وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ اى اتركوا الأعمال الطبيعية باستعمال الأعمال الشرعية واتركوا الأخلاق الذميمة النفسانية بالتحلق بالأخلاق الملكية الروحانية إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ ظاهره وباطنه بالافعال والأخلاق سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ عاجلا وآجلا اما عاجلا فلكل فعل وقول طبيعى ظلمة تصدأ مرآة القلب بها فيخرف مزاج الأخلاق القلبية الروحانية ويتقوى مزاج الأخلاق النفسانية الظلمانية وبه يغلب الهوى ويميل الى الدنيا وشهواتها فباظهار كل خلق منها على وفق الهوى يزيد رينا وقسوة فى القلب فيحتجب به عن الله تعالى كما قال تعالى كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ واما آجلا فبهذه الموانع والحجب ينقطع العبد عن الله ويبقى محجوبا معذبا فى النار خالدا مخلدا كما قال تعالى كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ كذا فى التأويلات النجمية اعلم ان العصاة كلهم فى خطر المشيئة بل الطائعون لا يدرون بماذا يختم لهم فيا ايها العاصي لا تغتر فان العناية لاتحصل لكل عاص ولا تدرى انك ممن أراد الله تعالى عفوه فان المعفو من أول الأمر وقع قليلا- كما حكى- عن مالك بن دينار قال رأيت بالبصرة قوما يحملون جنازة وليس معهم أحد ممن يشيع الجنازة فسألتهم عنه قالوا هذا رجل من كبار المذنبين قال فصليت عليه وأنزلته فى قبره ثم انصرفت الى الظل فنمت فرأيت ملكين قد نزلا من السماء فشقا قبره ونزل أحدهما اليه وقال لصاحبه اكتبه من اهل النار فما فيه جارحة سلمت من المعاصي والأوزار فقال له صاحبه يا أخي لا تعجل عليه اختبر عينيه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بالنظر الى محارم الله قال فاختبر سمعه قال قد اختبرته فوجدته مملوأ بسماع الفواحش والمنكرات قال فاختبر لسانه قال قد اختبرته فوجدته

[سورة الأنعام (6) : الآيات 121 إلى 125]

مملوأ بالخوض فى المحظورات وارتكاب المحرمات قال فاختبر يديه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بتناول الحرام وما لا يحل من الشهوات واللذات قال فاختبر رحليه قال قد اختبرتهما فوجدتهما مملوءتين بالسعي فى النجاسات والأمور المذمومات قال يا أخي لا تعجل عليه ودعنى انزل اليه فنزل اليه الملك الثاني واقام عنده ساعة وقال يا أخي قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ ايمانا فاكتبه مرحوما سعيدا ففضل الله تعالى يستغرق ما عليه من الذنوب والخطايا: قال السعدي قدس سره عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت يعنى يوم وفاتك يكون يوم فرح وسرور ان كنت ممن قبض على الايمان نسأل الله عفوه ورجاه الهى بحق نبى فاطمه ... كه بر قول ايمان كنم خاتمه وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ اى عمدا إذ الناسي حال نسيانه لا يكون مكلفا وذكر الله تعالى فى قلب كل مؤمن واما العامد فلأنه لما ترك التسمية عمدا فكأنه نفى ما فى قلبه ويدخل فيه الميتة لانها مما لم يذكر اسم الله عليه وكذا ما ذبح على اسم غيره تعالى وَإِنَّهُ اى الاكل منه او عدم ذكر التسمية لَفِسْقٌ اى خروج لما لا يحل فان من ترك التسمية عامدا حال الذبح لا يحل أكل ذبيحته عند الامام الأعظم واعلم ان المشركين جادلوا المسلمين فقالوا أتأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتله الله فانزل الله الآية وأجاب بجواب أعم ونبى الحرمة على وصف يشمل الكل وهو ترك الذكر وَإِنَّ الشَّياطِينَ اى إبليس وجنوده لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ اى يوسوسون الى المشركين. والوحى إلقاء المعنى الى النفس مع الخفية لِيُجادِلُوكُمْ ايها المؤمنون فى تحليل الميتة بالوساوس الشيطانية وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ فى استحلال الحرام وساعدتموهم على أباطيلهم إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ضرورة ان من ترك طاعة الله الى طاعة غيره واتبعه فى دينه فقد أشرك به تعالى بل آثره عليه سبحانه والاشارة لا تأكلوا طعاما الا بامر الله وعلى ذكر الله وفى طلب الله ليندفع بنور الذكر ظلمة الطعام وشهوته وان ظلمة الطعام وشهوته مؤدية الى الفسق الذي هو الخروج من النور الروحاني الى الظلمة النفسانية وفى الحديث (ان الشيطان يستحل الطعام الا بذكر اسم الله عليه) اى لانه لا يذكر اسم الله عليه بعد الشروع وما لم يشرع فيه أحد لا يتمكن الشيطان من استحلاله وفيه اشارة الى انه ان سمى واحد من الآكلين حصل اصل السنة ومن نسى التسمية فى أول الطعام فانه يقول حين يذكر بسم الله اوله وآخره فاذا قال ذلك فقد تدارك تقصيره وهذا بخلاف الوضوء فان التسمية سنة فى اوله بحيث لو نسيها فى اوله ثم تذكر فى وسطه لم يكن هذا تداركا لسنة التسمية وذلك لان الوضوء كله عمل واحد بخلاف الاكل فان كل لقمة أكلة وكان رجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه الا لقمة فلما رفعها الى فيه قال بسم الله اوله وآخره فضحك النبي عليه السلام ثم قال (مازال الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله تعالى استقاء ما فى ما بطنه) وهذا الحديث يدل على ان الشيطان يأكل بمضغ وبلع كما ذهب اليه قوم وقال آخرون أكل الشيطان صحيح لكنه تشمم واسترواح وانما المضغ والبلع لذوى الجثث والشياطين أجسام رقاق قال فى آكام المرجان كل ما لم يسم عليه من طعام او شراب او لباس او غير ذلك مما ينتفع به فللشيطان

[سورة الأنعام (6) : آية 122]

تصرف واستعمال اما بإتلاف عينه كالطعام واما مع بقاء عينه قال ثعلبة بن سهيل كنت اصنع شرابا لى اشربه فى السحر فاذا جاء السحر جئت فلا أجد شيأ فوضعت شرابا آخر وقرأت عليه يس فلما كان السحر جئت فاذا الشراب على حاله وإذا شيطان أعمى يدور حول البيت وفى الحديث (ان الشيطان حساس خاس فاحذروه على أنفسكم من بات وفى يده ريح غمر فاصابه شىء فلا يلومنّ الا نفسه) قال بعض ارباب الاشارة انما حرم أكل ما لم يذكر اسمه عليه لان العارف حبيب الله والحبيب لا يذبح ولا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يفرش ولا يفعل شيأ الا باسم حبيبه ألا ترى ان يعقوب عليه السلام كان يقول فى جميع أحواله يوسف وانما وجبت التسمية عند الذبائح لان مرارة النزع شديدة وذكر اسم الله تعالى احلى من كل شىء فامرنا بالتسمية عند الذبائح كى تسمع الشاة ذكر الله عند الموت فلا تشتد مرارة النزع مع حلاوة اسم الله ولذلك قال عليه السلام (لقنوا موتاكم بشهادة ان لا اله الا الله يسهل عليكم سكرات الموت) فلما كان الاحياء والامانة من الله تعالى وحده لم يجز ان يذبح باسم غيره تعالى ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل ما ذبح للجن وعلى اسمها واستنبط بعض الخلفاء عينا وأراد اجراءها وذبح للجن عليها لئلا يغور ماؤها فاطعم ذلك ناسا فبلغ ذلك ابن شهاب فقال اما انه قد ذبح ما لم يحل له واطعم الناس ما لا يحل لهم وكان من عادة الجاهلية قبل الإسلام تزيين جارية حسناء وإلباسها احسن ثيابها والقاءها فى النيل حتى يطلع ثم قطع تلك السنة الجاهلية على يدى من أخاف الجن وقمعها عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهكذا هذه العين لو حفرها رجل عمرى لم يذبح لهم عصفورا فما فوقه ولكن لكل زمان رجال فلو دوام انسان على اسم الله لا تحرقه النار ولا تغرقه البحار ولا تنهشه الحيات ولا تضره السموم لان كل مضر خلق مخوفا لمن يخاف الله فاذا خاف العبد من الله بكماله فله التسخير والتأثير توهم كردن از حكم داور مپيچ ... كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا وقد ظهر لك من هذا كله ان إحراق البخور وإلقاء ماء الورد ورشه وذبح شىء من مكان يتوهم فيه الجن كله شرك يجب ان يحترز عنه وكذا من ذبح دجاجة لتصويتها مثل الديك او ذبح ديكا لتصويته قبل الوقت وهو السحر والقاها فى مكان فقد ذبح ذلك للجن فى اعتقاده لانه أراد به صيانة نفسه واهله وأولاده وماله من إصابة الجن والبلاء ولو كان لله تعالى لأكلها بل لو كان مخلصا لما فعل مثل هذا أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً- روى- عن ابن عباس ان أبا جهل رمى النبي عليه السلام بفرث فاخبر حمزة بما فعل ابو جهل وهو راجع من الصيد بيده قوس وكان يومئذ لم يؤمن بعد فلقى أبا جهل فضرب رأسه بالقوس فقال ابو جهل أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا فقال حمزة وأنتم أسفه الناس تعبدون الحجارة من دون الله تعالى اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله فنزلت هذه الآيات والهمزة للانكار والنفي والواو لعطف الجملة الاسمية على مثلها الذي يدل عليه الكلام اى أنتم ايها المؤمنون مثل المشركين ومن كان ميتا فَأَحْيَيْناهُ أعطيناه الحياة وما يتبعها من القوى المدركة

والمتحركة وَجَعَلْنا لَهُ مع ذلك من الخارج نُوراً عظيما يَمْشِي بِهِ اى بسببه فِي النَّاسِ اى فيما بينهم آمنا من جهتهم كَمَنْ مَثَلُهُ اى صفته العجيبة فِي الظُّلُماتِ خبر مبتدأ محذوف اى هو فى الظلمات لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها بحال وهو حال من المستكن فى الظرف فمن الاولى موصولة مبتدأة وكمن خبرها وهى ايضا موصولة صلتها الجملة الاسمية الواقعة بعدها فالاولى تمثيل لمن هداه الله تعالى وانفذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل بها فى الأشياء فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل كحمزة رضى الله عنه والثانية تمثيل لمن بقي على الضلالة لا يفارقها أصلا كأبى جهل كَذلِكَ اى كما زين للمؤمن من إيمانه زُيِّنَ اى من جهة الله تعالى بطريق الخلق او من جهة الشيطان بطريق الوسوسة لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ما استمروا على عمله من فنون الكفر والمعاصي وبهذا التزيين بقوا فى ظلمات الكفر والضلالة ولم يهتدوا الى نور الايمان والهداية قال ارباب الحقيقة الموت بهوى النفس والحياة بمحبة الحق وايضا الموت بالنكرة والحياة بالمعرفة وفرق بين حياة المعرفة وحياة البشرية فاهل العموم حى بحياة البشرية لكنه كالميت فى قبر قالبه لا يمكنه الخروج من ظلمات وجوده المجازى واهل الخصوص حى بحياة المعرفة فحياة البشرية تزول لقوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ بخلاف حياة المعرفة لقوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وقوله عليه السلام (المؤمن حى فى الدارين) نميرد هر كرا جانش تو باشى ... خوشا جانى كه جانانش تو باشى : قال الحافظ هركز نميرد آنكه دلش زنده شد بعشق ... ثبت است بر جريده عالم دوام ما وفى التفسير الفارسي [شاه كرمانى اين آيت بر خواند كه أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ كفت نشان اين آيت سه چيز است از خلق عزلت وبا حق دعوت ودوام ذكر بر زبان ودل وبزركى اين معنى را نظم فرموده] بر روى خلائق در صحبت مكشاى ... مى باش بكلى متوجه بخداى غافل مشو از ذوق دل وذكر زبان ... تا زنده جاويد شوى در دو سراى واعلم ان الحي الحقيقي الذي ما كان ميتا ولا يموت ابدا هو الله تعالى وما سواه فهو ميت لانه كان ميتا فى العدم وسيموت ايضا: قال الحافظ من هماندم كه وضو ساختم از چشمه عشق ... چار تكبير زدم يكسره تر هر چهـ كه هست يعنى شاهدت جميع الخلق موتى بسبب الوصول الى مقام العشق والفناء قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من شهد الخلق لا فعل لهم فاز ومن شهدهم لا حياة لهم فقد فاز ومن شهدهم عين العدم فقد وصل وعن عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال مررت براهب فسألته منذ كم أنت فى هذا الموضع فقال منذ اربع وعشرين سنة قلت من أنيسك قال الفرد الصمد قلت ومن المخلوقين قال الوحش فسألته وما طعامك قال ذكر الله تعالى قلت ومن المأكولات قال ثمار هذه الأشجار ونبات الأرض قلت أفلا تشتاق الى أحد قال نعم الى حبيب قلوب

[سورة الأنعام (6) : الآيات 123 إلى 124]

العارفين قلت ومن المخلوقين قال من كان شوقه الى الله تعالى سبحان كيف يشتاق الى غيره قلت فلم اعتزلت عن الخلق قال لانهم سراق العقول وقطاع طريق الهدى قلت ومتى يعرف العبد طريق الهدى قال إذا هرب الى ربه من كل شىء سواه واشتغل بذكره عن ذكر ما سواه ولكل سالك خطوة فى السلوك الى ملك الملوك- كما حكى- ايضا عن الشيخ عبد الواحد بن زيد قال قصدت بيت المقدس فضلت الطريق فاذا بامرأة أقبلت الىّ فقلت لها يا غريبة أنت ضالة فقالت كيف يكون غريبا من يعرفه وكيف يكون ضالا من يحبه ثم قالت خذ رأس عصاى وتقدم بين يدى فاخذت رأس عصاها وتقدمت بين يديها ست أقدام او اقل او اكثر فاذا انا بمسجد بيت المقدس فدلكت عينى وقلت لعل هذا غلط منى فقالت يا هذا سيرك سير الزاهدين وسيرى سير العارفين فالزاهد سيار والعارف طيار ومتى يلحق السيار بالطيار ثم غابت عنى فلم ارها بعد ذلك فظهر من هذه الحكاية ان للعارف نورا يمشى به الى حيث شاء والجاهل يبقى فى وادي الحيرة ولا يجد سبيلا الا بتوفيق الله تعالى وهدايته فكما ان الأعمى والبصير ليسا على سواء فكذلك البصير الجاهل والعالم سواء كان جهله وعلمه فى مرتبة الشريعة او الطريقة او المعرفة او الحقيقة فالله تعالى باين بين اهل الحال كما باين بين اهل المقال وعظم النور وسعته بالنسبة الى فسحة القلب ومعرفته فالقلب بيد الله تعالى يقلبه كيف يشاء ولذلك زين لاهل الايمان وجوه الخير والطاعات وزين لاهل الكفر صنوف الشر والسيئات لكن العباد ليسوا بمجبورين فلهم اختيار فى الخروج من الظلمات فاذا لم يصرفوا استعداداتهم الى ما خلقوا لاجله بقوا فى ظلمات الطبيعة والنفس هذا هو الكلام بالنسبة الى ظاهر الحال واما ان نظرت الى اسناد الاحياء والجعل فى الآية المذكورة الى الله تعالى فمقتضى التوحيد ان الكل بيد الله ولا تأثير الا من عند الله فان وجدت خيرا فلتحمد الله كثيرا فقد سبقت لك العناية وساعدك التوفيق فرب تقليد يوصل الى التحقيق والله الهادي وَكَذلِكَ اى كما صيرنا فى مكة فساقها أكابر جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ متعلق بالفعل أَكابِرَ مفعول ثان جمع اكبر بمعنى عظيم مُجْرِمِيها مفعول أول جمع مجرم. بالفارسية [كنهكار] لِيَمْكُرُوا فِيها اى ليفعلوا المكر فى تلك القرية لانهم لاجل رياستهم اقدر على المكر والغدر وترويج الأباطيل على الناس من غيرهم وكان صناديد قريش ومجرموها اجلسوا على كل طريق من طرق مكة اربعة نفر ليصرفوا الناس عن الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقولون لكل من تقدم إياك وهذا الرجل فانه كاهن ساحر كذاب قال البغوي وذلك سنة الله تعالى ان جعل فى كل قرية اتباع الرسل ضعفاءهم كما قال فى قصة نوح أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ وجعل فساقهم اكابرها ليمكروا فيها والمكر السعى بالفساد فى خفية ومداجاة والآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ لان وباله عليهم وَما والحال انهم لا يَشْعُرُونَ بذلك أصلا بل يزعمون انهم يمكرون بغيرهم وَإِذا جاءَتْهُمْ لما بين ان فساق كل قرية يكونون رؤساءها المتميزين بكثرة المال والجاء بين ما كان من رؤساء مكة من الجرم والفسق وهو انه إذا جاءتهم آيَةٌ دالة على صحة النبوة قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ

حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ من الوحى والكتاب لما روى ان أبا جهل قال زاحمنا بنى عبد مناف فى الشرف حتى إذا صرنا كفرسى رهان قالوا منا نبى يوحى اليه والله لا نرضى به الا ان يأتينا وحي كما يأتيه فارادوا اى قوم مكة ان تحصل لهم النبوة والرسالة كما حصلتا لمحمد عليه السلام وان يكونوا متبوعين لا تابعين قال صاحب التيسير وهذه غاية السفه ان يقال لرجل آمن فيقول لا او من حتى يجعلنى الله نبيا قال الامام الثعلبي المراد برسل الله هو حضرة النبي عليه السلام كما انه المخاطب فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الرُّسُلُ وصيغة الجمع للتعظيم وفى شرح التعرف ان الله تعالى لم يجمع شمائل جميع الأنبياء الا فى النبي صلى الله عليه وسلم خاطبه بقوله يا أَيُّهَا الرُّسُلُ هر چهـ خوبان همه دارند تو تنها دارى واعلم ان ما بين الجلالتين من هذه السورة من الأماكن التي يرجى فيها استجابة الدعاء فليحافظ على ذلك اللَّهُ أَعْلَمُ من كل شىء يعلم حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ اى الموضع الصالح لوضعها فيه ويضعها وهؤلاء ليسوا أهلا لها لان الاهلية بالفضائل النفسانية لا بالنسب والمال فحيث نصب على المفعولية بيعلم المقدر توسعا سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا اى يصيبهم البتة مكان ما تمنوه من عز النبوة وشرف الرسالة صَغارٌ اى ذلة وحقارة بعد كبرهم عِنْدَ اللَّهِ اى يوم القيامة فهو منصوب بقوله سيصيب مجاز عن حشرهم يوم القيامة وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ اى بسبب مكرهم المستمر وحيث كان هذا من معظم مواد اجرامهم صرح بسببيته واعلم ان النبوة اختصاص الهى عطائى غير كسبى كالسلطنة فلا ينالها المجاهد وان اتى بجميع الشرائط والأسباب وكذا الولاية لكنها كالوزارة فيجوز ان ينالها بعض المجاهدين فليس كل مجاهد وأصلا وقد يكون الوصول بدون المجاهدة ايضا إذا كمل الاستعداد وسبقت العناية- كما روى- عن بعض شيوخ اليمن انه خرج يوما من زبيد الى نحو الساحل المعروف بالأهواز ومعه تلميذ له فمر فى طريقه على قصب ذرة كبار فقال للتلميذ خذ معك من هذا القصب ففعل المريد وتعجب فى نفسه وقال ما مراد الشيخ بهذا ولم يقل له الشيخ شيأ حتى إذا بلغ الى محلة لعبيد يقال لهم السناكم يأكلون الميتات ويشربون المسكرات ولا يعرفون الصلوات وإذا بهم يشربون ويلعبون ويلهون ويطربون ويغنون ويضربون فقال الشيخ للتلميذ ائتنى بهذا الشيخ الطويل الذي يضرب الطبل فاتاه التلميذ فقال له أجب الشيخ فرمى الطبل من رقبته ومشى معه الى الشيخ فلما وقف بين يديه قال الشيخ للتلميذ اضربه فضربه حتى استوفى منه الحد ثم قال له الشيخ امش قد أمنا فمشى حتى بلغوا البحر فامره الشيخ ان يغسل ثيابه ويغتسل وعلمه كيفية ذلك وكيفية الوضوء ففعل ثم علمه كيف يصلى وتقدم الشيخ فصلى بهما الظهر فلما فرغوا من الصلاة قام الشيخ ووضع سجادته على البحر وقال له تقدم فقام ووضع قدميه على السجادة ومشى على الماء حتى غاب عن العين فالتفت التلميذ الى الشيخ وقال وا مصيبتاه وا حسرتاه لى معك كذا وكذا سنة ما حصل لى من هذا شىء وهذا فى ساعة واحدة حصل له هذا المقام وهذه

[سورة الأنعام (6) : آية 125]

الكرامات العظام فبكى الشيخ قال يا ولدي وايش كنت انا هذا فعل الله تعالى قيل لى فلان من الابدال توفى فاقم فلانا مقامه فامتثلت الأمر كما يمتثل الخدام وودت انه حصل لى هذا المقام فظهر ان الله تعالى اعلم حيث يجعل ولايته ايضا: قال الحافظ چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند والاشارة وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها ان القرية هى القالب. وأكابر مجرميها اى مفسدى حسن الاستعداد بقبول الشقاوة هى النفس والهوى والشيطان يمكرون فيها بمخالفات الشرع وموافقات الطبع وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ لان فساد استعدادهم عائد الى أنفسهم بحصول الشقاوة وفوات السعادة وَما يَشْعُرُونَ ولا شعور لهم على ما يفعلون بانفسهم وان مرجعهم الى النار وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ اى النفس والهوى والشيطان من دأبهم ان لا يؤمنوا برؤية الآيات إذ جبلوا على التمرد والإباء والإنكار ولسان حالهم يقول لن نؤمن حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اى القلب والسر والروح لانهم مهبط اسرار الحق والهاماته اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ يخص بها القلب والسر والروح ونفسا تطمئن بذكر الله فتستحق رسالة ارجعي الى ربك سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ يعنى اصحاب النفس الامارة بالسوء لهم ذلة البعد من عند الله وَعَذابٌ شَدِيدٌ وهو عذاب الفرقة والانقطاع بِما كانُوا يَمْكُرُونَ اى بما أفسدوا استعداد الوصلة وهو جزاء مكرهم وكيدهم كذا فى التأويلات النجمية فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ معناه بالفارسية [پس هر كرا خواهد خداى] أَنْ يَهْدِيَهُ اى يعرفه طريق الحق ويوفقه للايمان يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فيتسع له وينفسح وهو كناية عن جعل النفس قابلة للحق مهيأة بحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه فالمعنى من أراد الله منه الايمان قوى صوارفه عن الكفر ودواعيه الى الايمان وجعل قلبه قابلا لحلول الايمان مهيئا لتحليه به صافيا خاليا عما ينافيه ويمنعه ولما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرح الصدر فقال (نور يقذفه الله فى قلب المؤمن فينشرح له وينفسح) فقالو هل لذلك امارة يعرف بها فقال (نعم الانابة الى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله) واعلم ان العلم علمان علم المعاملة وعلم المكاشفة فالاول هو العلم بما يقرب اليه تعالى وما يبعد عنه وهو مقدم على الثاني الذي هو نور يظهر فى القلب فيشاهد به الغيب لانه الشرط له قال تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ولا ينفك عنه لان الحديث المذكور صرح بان الانابة والتجافي والاستعداد التي هى من علم المعاملة علامة ذلك النور وفى فضل المكاشفة ورد قوله عليه السلام (فضل العالم على العابد كفضلى على أمتي) إذ غير المكاشفة تبع للعمل لثبوته شرطا له قال فى التأويلات النجمية كلما كان الحجاب ارق كان الايمان أقوى والقلب أنور وأصفى الى ان يصير الايمان إيقانا لكمال رقة الحجاب وتنور القلب الى ان يصير الإيقان عيانا عند رفع الحجاب وتجلى الحق بصفة جماله الى ان يصير العيان عينا يتجلى صفة جلاله وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ اى يخلق فيه الضلال لصرف اختياره اليه يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً بالفارسية [تنك] حَرَجاً بحيث ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الايمان اى من أراد الله منه الكفر قوى صوارفه عن الايمان

[سورة الأنعام (6) : الآيات 126 إلى 130]

وقوى دواعيه الى الكفر. والحرج بالفتح مصدر وصف به مبالغة وبالكسر اسم الفاعل وهو المتزايد فى الضيق فهو أخص من الاول فكل حرج ضيق من غير عكس قيل الحرج موضع الشجر الملتف يعنى ان قلب الكافر لا يصل اليه الايمان كما لا تصل الراعية الى الموضع الذي التف فيه الشجر كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ قال الامام فى كيفية هذا التشبيه وجهان الاول كما ان الإنسان إذا كلف الصعود الى السماء نقل ذلك التكليف عليه وعظم وقعه عليه وقويت نفرته منه فكذلك الكافر يثقل عليه الايمان وتعظم نفرته منه. والثاني ان يكون التقدير ان قلبه يتباعد عن الإسلام ويتباعد عن قبول الايمان فشبه ذلك البعد ببعد من يصعد من الأرض الى السماء انتهى كما قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي [كويى بالا ميرود در آسمان يعنى ميكريزد از قبول حق ميخواهد كه بآسمان رود] واعلم ان القلوب متفاوتة. فمنهما ما يشق عليه الايمان وهى قلوب الكفرة. ومنها ما يشق عليه الذوق والوجدان وهى قلوب اهل النقصان من اهل الايمان فان بعض الناس منهم من يتباعد عن الكلمات العرفانية بل ينكر احوال اصحاب الفضائل النفسانية وهذا لان من انهمك فى الصفات الحيوانية وحكم عليه الصفات السبعية والشيطانية لا يسوغ له الشرب من المشارب الروحانية ولذا يوصى بكتم ما يتعلق بالاسرار عن الأغيار چرا صدف نكند چاك سينه را صائب ... درين زمانه كه جوهر شناس نايابست كَذلِكَ اى مثل الجعل المذكور يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ اى العذاب والخذلان او اللعنة او الشيطان اى يسلطه عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اى عليهم فوضع الظاهر موضع المضمر للاشعار بان جعله تعالى معلل بما فى حيز الصلة من كمال نبوهم عن الايمان وإصرارهم على الكفر والطغيان وَهذا اى البيان الذي جاء به القرآن صِراطُ رَبِّكَ اى طريقه الذي ارتضاه حال كونه مُسْتَقِيماً لمن يسلكه فلا يعوج به حتى يورده الى الجنة قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ اى ذكرناها فصلا فصلا بحيث لا يختلط واحد منها بالآخر لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ اى يتعظون وخصوا بالذكر لانهم المنتفعون بتفصيل الآيات لَهُمْ كأن سائلا يسأل عما أعد الله تعالى للمتذكرين بما فى تضاعيف الآيات فقيل لهم دارُ السَّلامِ اى السلامة من كل المكاره وهى الجنة عِنْدَ رَبِّهِمْ حال من دار السلام اى نزله وضيافته كما تقول نحن اليوم عند فلان اى فى كرامته وضيافته. وقيل العندية كناية عن وعدها والتكفل بها وَهُوَ وَلِيُّهُمْ اى مولهم ومحبهم او ناصرهم على أعدائهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى بسبب الأعمال الصالحة واعلم ان الله تعالى بين حسن الايمان وقبح الكفر وحال السعيد والشقي ورغب فى طريق الأنبياء والأولياء وجعل العمل الصالح وهو ما أريد به وجه الله سببا لمحبة الله ودخول دار السلام وهى دار القرار التي يأمن من دخلها من العذاب مطلقا فالله تعالى ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور- روى- ان عمر بن الخطاب جهز جيشا الى فتح بعض حصون ديار العجم اربعة آلاف فارس وامر عليهم ابنه عبد الله رضى الله عنهما قال فسرنا حتى حاصرنا قلعة على جبل عال لا يصل اليه أسلحتنا فحاصرناها وكان فيها جيش

[سورة الأنعام (6) : آية 128]

من الكفار وكانت اميرتهم امرأة حسناء فحصل لنا تعب شديد ففى ذات يوم نظرت اميرتهم من المنظرة عسكرنا فرأت شابا حسنا من شبان العرب وكان شابا فارسا ماهرا فى الحرب فلما وقع نظرها عليه تأوهت فقالت لها بعض جواريها لم تأوهت يا ملكة وأنت فى حصار ومنعة فقالت ان حصننا هذا يفتحه هذا الشاب قالت وكيف ذلك قالت سترين بعد ساعة ثم أرسلت اليه الملكة رسولا تقول هل أجد إليك سبيلا فتكون لى وأكون لك فقال الشاب نعم بشرطين ان تسلمى الحصن الخارج إلينا والداخل اليه فارسلت مع الرسول تستفهم اما الخارج فعرفنا واما الداخل فما عرفنا قال لها تسلمى قلبك الى الله تعالى وتقرين له بالوحدانية فارسلت اليه قوما ادخل بعسكرك فانى قد فتحت لك الباب فلما دخل الحصن عرض عليها الإسلام فقالت اعلم انى ملكة ذات همة عالية فهل فى عسكرك من هو اكبر منك حتى اسلم على يديه قال نعم أميرنا وكبيرنا وهو ابن امير المؤمنين فلما حضرت بين يدى عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عرض عليها الإسلام فقالت كالاول هل أحد اكبر منك فى المسلمين حتى اسلم بين يديه فقال لها نعم والدي امير المؤمنين عمر رضى الله عنه فقالت أرسلني اليه حتى اسلم بين يديه فارسلها ومعها عسكر واموال جزيلة أخرجتها معها من الحصار فلا زالت حتى وصلت الى عمر رضى الله عنه فقالت له يا امير المؤمنين هل هنا أحد اكبر منك قال نعم محمد رسول الله وهذا قبره الشريف وأشار الى الروضة المطهرة فقالت لا اسلم الا بين يديه فاجابها لما قالت فلما أتت الروضة المنورة سلمت وجلست بأدب ووقار فى حضرة النبي عليه السلام وقالت اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم قالت خرجت من الظلمات الى النور وانا أخشى يا رسول الله ان يدنس إيماني المعاصي فاسأل ربك الذي أرسلك إلينا بالحق ان يقبض روحى قبل ان أعصيه مرة اخرى ثم وضعت رأسها على عتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم فماتت من ساعتها فبكى عمر رضى الله عنه من حسن حالها وامر بغسلها وتجهيزها ودفنها بالبقيع بين الصحابة رضى الله عنهم بروز واقعة تابوت من ز سرو كنيد ... كه ميروم بهواي بلند بالايى اللهم اجعلنا من الذين سلكوا الصراط المستقيم ووصلوا الى جنابك بالقلب السليم فنجوا من عذابك الأليم آمين يا كريم يا رحيم وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً اى واذكر يا محمد لاهل مكة وغيرهم يوم يحشر الله الثقلين جميعا ويجمعهم فى موقف القيامة فيقول بطريق التوبيخ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ اى يا جماعة الشياطين فان المعشر الجماعة التي تضبطهم جهة واحدة وحصل بينهم معاشرتهم ومخالطتهم ويجمع على معاشر. قال بعضهم سميت الجماعة بالمعشر لبلوغها غاية الكثرة فان العشر هو العدد الكامل الكثير الذي لا عدد بعده الا بتركيبه بما فيه من الآحاد فتقول أحد عشر واثنا عشر فاذا قيل معشر فكأنه قيل محل العشر الذي هو الكثرة الكاملة. وسمى الجن جنا لاجتنانهم اى استتارهم عن أعين الناس قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ اى من اغوائهم واضلالهم اى أضللتم خلقا كثيرا من الانس وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ اى اولياء الشياطين الذين أطاعوهم حال كونهم مِنَ الْإِنْسِ فهو حال من أولياؤهم رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ اى انتفع الانس بالجن والجن بالانس. اما انتفاع الانس بالجن فمن حيث

ان الجن كانوا يدلونهم على انواع الشهوات وما يتوصل به إليها ويسهلون طريق تحصيلها عليهم. واما انتفاع بالجن بالانس فمن حيث ان الانس أطاعوهم ولم يضيعوا سعيهم والرئيس المطاع ينتفع بانقياد اتباعه له وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا اى أدركنا الوقت الذي وقت لنا وهو يوم القيامة قالوه اعترافا بما فعلوا من طاعة الشياطين واتباع الهوى وتكذيب البعث وإظهارا للندامة عليها وتحسرا على حالهم واستسلاما لربهم كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آرد ز خوابت چهـ سود چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار ولعل الاقتصار على حكاية كلام الضالين للايذان بان المضلين قد اقحموا بالمرة فلم يقدروا على التكلم أصلا قالَ كأنه قيل فماذا قال الله تعالى حينئذ فقيل قال النَّارُ مَثْواكُمْ اى منزلكم فهو اسم مكان بمعنى مكان الاقامة خالِدِينَ فِيها قال ابن عباس رضى الله عنهما الخلق اربعة. فخلق فى الجنة كلهم. وخلق فى النار كلهم. وخلقان فى الجنة والنار. اما الذي فى الجنة كلهم فالملائكة. واما الذي فى النار كلهم فالشياطين. واما الذي فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ قال فى التأويلات النجمية إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ان يتوب ويرجع الى الله فلا تكون النار مثواه فالاستثناء راجع الى اهل التوبة فى الدنيا لا الى اهل الخلود فى النار انتهى وقال بعضهم ما مصدرية بتقدير مضاف كما فى آتيك خفوق النجم والاستثناء من مضمون الجملة التي قبله وهى قوله النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها كأنه قيل يخلدون فى عذاب النار الابد كله الا اوقات مشيئة الله تعالى ان ينقلوا من النار الى الزمهرير- فقد روى- انهم ينقلون من عذاب النار ويدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض فيتعاوون ويطلبون الرد الى الجحيم ففى الاستثناء تهكم بهم وفى تفسير الجلالين إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ من الأوقات التي يخرجون فيها لشوب من حميم فانه خارجها كما قال الله ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ وقيل يفتح لهم وهم فى النار باب الى الجنة فيسرعون نحوه حتى إذا صاروا اليه سد عليهم الباب وقيل إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ قبل الدخول كأنه قيل النار مثواكم ابدا الا وقت امهالكم الى وقت الإدخال والخلود كما ينتقص من الآخر كذلك ينتقص من الاول هذا ما ذهب اليه علماء الظاهر فى توجيه الاستثناء الا ان حضرة الشيخ نجم الدين قدس سره قال فى ذلك حفظا لظاهر الشرع وللعلماء بالله تحقيق بديع فى هذه المقام لا يتحمله عقول العوام ونحن نشير الى نبذ من ذلك ونوصى بالستر الا على السالك قال المولى رمضان فى شرح العقائد اعلم ان اهل النار لم يقنطوا من الخلاص حتى إذا ذبح كبش الموت بين الجنة والنار ونودى أهلهما بالخلود ايس اهل النار من الخلاص فاعتادوا بالعذاب ولم يتألموا حتى آل أمرهم الى ان يتلذذوا به حتى لوصب عليهم نسيم الجنة استنكروه وتعذبوا به كالجعل يستطيب الروث ويتألم من الورد انتهى كلامه وهذا معنى ما قال الشيخ الأكبر والمسك الأذفر والكبريت الأحمر قدس سره الأطهر تبقى جهنم خالية وان العذاب من العذاب انتهى ولا يغرنك ظاهر هذا الكلام الاكبرى

[سورة الأنعام (6) : آية 129]

فان اتفاق العلماء من الطرفين على ان المخلد لا يخرج من النار ولا تبقى جهنم خالية من جسده قال حضرة شيخنا وسندنا الذي فضله الله تعالى على العالمين بما خصه من كمالات الدين فكما إذا استقر اهل دار الجمال فيها يظهر عليهم اثر الجمال ويتذوقون دائما ابدا ويختفى منهم جلال الجمال واثره بحيث لا يحسونه ولا يرونه ولا يتألمون به قطعا سرمدا فكذلك إذا استقر اهل دار الجلال فيها بعد مرور الاحقاب يظهر على بواطنهم اثر جمال الجلال ويتذوقون به ابدا ويحتفى منهم اثر نار الجلال بحيث لا يحسونه ولا يرونه ولا يتألمون به سرمدا لكن كما عرفت ليس كذلك الا بعد انقطاع إحراق النار بواطنهم وظواهرهم بعد مرور الأيام والاحقاب وكل منهم تخرقه النار خمسين الف سنة من سنى الآخرة لشرك يوم واحد من ايام الدنيا والظاهر عليهم بعد مرور الاحقاب هو الحال الذي يدوم عليهم ابدا وهو الحال الذي كانوا عليه فى الأزل وما بينهما ابتلاءات رحمانية والابتلاء حادث قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ عصمنا الله وإياكم من دار البوار انتهى كلام الشيخ رضى الله عنه إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ فى أفعاله ومنها تخليد اولياء الشياطين فى النار عَلِيمٌ بأحوال الثقلين وأعمالهم وبما يليق بها من الجزاء وَكَذلِكَ اى كما خذلنا عصاة الجن والانس حتى استمتع بعضهم ببعض نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً اى نسلط بعضهم على البعض فنأخذ من الظالم بالظالم بِما كانُوا يَكْسِبُونَ بسبب ما كانوا مستمرين على كسبه من الكفر والمعاصي وجاء (من أعان ظالما سلطه الله عليه) وعن ابن عباس رضى الله عنهما إذا أراد الله بقوم خيرا ولى أمرهم خيارهم وإذا أراد بقوم شرا ولى أمرهم شرارهم وجاء فى بعض الكتب الالهية انى انا الله ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصانى جعلته عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا الى أعطفهم عليكم وفى الحديث (الظالم عدل الله فى الأرض ينتقم به ثم ينتقم منه) وفى المرفوع (يقول الله عز وجل انتقم ممن ابغض بمن ابغض ثم أصير كلا الى النار) وفى الزبور انى لانتقم من المنافق بالمنافق ثم انتقم من المنافقين جميعا وقول القائل كيف يجوز وصفه بالظلم وينسب الى انه عدل من الله تعالى جوابه ان المراد بالعدل هنا ما يقابل بالفضل فالعدل ان يعامل كل أحد بفعله ان خيرا فخير وان شرا فشر والفضل ان يعفو مثلا عن المسيء وهذا على طريق اهل السنة بخلاف المعتزلة فانهم يوجبون عقوبة المسيء ويدعون ان ذلك هو العدل ومن ثمة سموا أنفسهم اهل العدل والى ما صار اليه اهل السنة يشير قوله تعالى قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ اى لا تمهل الظالم ولا تتجاوز عنه بل عجل عقوبته لكن الله تعالى يمهل من يشاء ويتجاوز عمن يشاء ويعطى من يشاء لا يسأل عما يفعل كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي: وفى المثنوى چونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبرو بروياند خداش چند كاهى او بپوشاند كه تا ... آيدت زان بد پشيمان وحيا بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز كيرد از پى اظهار عدل تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود ... آن مبشر كردد اين منذر شود

[سورة الأنعام (6) : آية 130]

واعلم ان الظلم مطلقا مفسد للاستعداد الفطري الروحاني القابل للفيض الرباني ولذا لا ينجع فى الظالم الكلام الحق واكثر ما يكون من ارباب الرياسة للقدرة والغلبة وفى الحديث (ان من اشراط الساعة اماتة الصلوات واتباع الشهوات وان تكون الأمراء خونة والوزراء فسقة) فوثب سلمان فقال بابى وأمي أهذا كائن قال (نعم يا سلمان عندها يذوب قلب المؤمن كما يذوب الملح فى الماء ولا يستطيع ان يغير) قال أو يكون ذلك قال (نعم يا سلمان ان أذل الناس يومئذ المؤمن يمشى بين أظهرهم بالمخافة ان تكلم أكلوه وان سكت مات بغيظه) كذا فى روضة الاخبار: قال السعدي قدس سره خبر دارى از خسروان عجم ... كه كردند بر زير دستان ستم نه آن شوكت و پادشاهى بماند ... نه آن ظلم بر روستايى بماند مكن تا توانى دل خلق ريش ... وكر ميكنى ميكنى بيخ خويش اللهم احفظنا من الظلم والفساد انك حافظ العباد والبلادا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ اى يقول الله تعالى يوم القيامة للثقلين جميعا ألم يأتكم فى الدنيا اى كل فريق منكم سُلٌ اى رسول معين من الله تعالى نْكُمْ صفة لرسل اى كائنة منكم اعلم ان الجن والانس مكلفون بالاتفاق لكن الرسول إليهم يحتمل ان يكون من جنسهم كما كان جبريل ونحوه رسل الملائكة من جنسهم وخواص البشر رسل الانس من أنفسهم لان الجنس الى الجنس أميل والاستفادة والاستئناس فى الجنسية اظهر ويحتمل ان يكون من غير جنسهم بان يكون من البشر وذلك لا يمنع الاستفادة لانه يجوز ان يستفيد خواصهم من الرسل ويكونوا رسل الرسول الى قومهم كاستفادة خواص البشر من خواص الملائكة وقد قام الإجماع على ان نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل الى الثقلين ودعا كل واحد من الفريقين الى الايمان بالله واليوم الآخر وقد كان الأنبياء قبله يبعثون الى قومهم خاصة واما سليمان عليه السلام فانه لم يبعث الى الجن بالرسالة العامة بل بالملك والضبط والسياسة التامة فقوله تعالى سُلٌ مِنْكُمْ اما محمول على المعنى الاول بان يكون الرسل من جنس الفريقين وقد ذهب اليه الضحاك ومن تبعه حيث قالوا لا معنى للعدول عن الظاهر بغير ضرورة وأيدوه بما قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ فى كل ارض نبى مثل نبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوح وابراهيم كابراهيم وعيسى كعيسى وصححه صاحب آكام المرجان كيف وابن عباس رضى الله عنهما سلطان المفسرين بالاتفاق ولا معنى لقول السخاوي فى المقاصد الحسنة انه اخذه من الاسرائيليات وهذا كما قالوا ان فى كل سماء كعبة حيالها يطوفها أهلها وكذا فى كل ارض ويناسب هذا ما قاله حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره خطابا لحضرة الهدائى الآن عوالم كثيرة يتكلم فيها محمود وافتاده كثير واما محمول على المعنى الثاني وهو الذي ادعوا فيه الإجماع وفيه تفصيل شأن البشر فالرسل من الانس خاصة لكن لما جمعوا مع الجن فى الخطاب صح ذلك ونظيره يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ والمرجان يخرج من الملح دون العذب وقيل الرسل يعم رسل الرسل وقد ثبت ان نفرا من الجن قد استمعوا

[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 إلى 135]

القرآن وانذروا به قومهم هذا ما وفقني الله تعالى لترتيبه وتهذيبه فى هذا الباب والله يقول الحق ويهدى الى الصواب قُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي اى يقرأون عليكم كتبى يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا يعنى يوم القيامةالُوا جوابا عند ذلك التوبيخ الشديدهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا ان قد بلغنا وهو اعتراف منهم بالكفر واستحقاق العذاب وشهدنا إنشاء الشهادة مثل بعت واشتريت فلفظ الماضي لا يقتضى تقدم الشهادة غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فلم يؤمنوا شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ فى الآخرةنَّهُمْ كانُوا فى الدنياافِرِينَ اى بالآيات والنذر التي أتى بها الرسل وهو ذم لهم على سوء نظرهم وخطأ رأيهم فانهم اغتروا بالحياة الدنيوية واللذات المخدجة واعرضوا عن الآخرة بالكلية حتى كان عاقبة أمرهم ان اضطروا الى الشهادة على أنفسهم بالكفر والاستسلام للعذاب المخلد تحذير للسامعين من مثل حالهم ذلِكَ اى إرسال الرسل أَنْ اللام مقدرة وهى مخففة اى لان الشأن لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ اى بسبب ظلم منها وَأَهْلُها غافِلُونَ لم يرسل إليهم رسول يبين لهم قال البغوي وذلك ان الله تعالى اجرى السنة اى لا يأخذ أحدا الا بعد وجود الذنب وانما يكون مذنبا إذا امر فلم يأتمر ونهى فلم ينته ويكون ذلك بعد إنذار الرسل وفى التفسير الفارسي [استئصال هيچ قوم نباشد الا بعد از تقدم وعيد واگر نه ايشانرا بر حق حجت باشد كه لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك] قال فى التأويلات النجمية الاستعداد الروحاني لا يفسد باستيفاء الحظ الحيواني فى الطفولية الا بعد ان يصير العبد مستعدا لقبول فيض العقل وفيض الهام الحق عند البلوغ فيخالف الإلهام ويتبع الهوى فيفسد بذلك حسن الاستعداد لقبول الفيض الإلهي كقوله تعالى وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وهذا كما انه تعالى لا يعذب قوما ما بلغتهم الدعوة حتى يبعث فيهم رسولا فيخالفونه فيعذبهم بها وقد عبر لسان الشرع عن هذا المعنى بان لا يجرى عليه قلم تكاليف الشريعة الا بعد البلوغ بالأوامر والنواهي لانه أوان ترقى الروح باستعمال المأمورات ونقصانه باستعمال المنهيات انتهى فعلى العاقل ان يتدارك حاله ويخاف من الخطاب القهرى يوم القيامة كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيا را چهـ جاى معذرتست قال الحسن البصري رحمه الله الناس فى هذه الدنيا على خمسة اصناف. العلماء وهم ورثة الأنبياء. والزهاد وهم الأدلاء. والغزاة وهم اسياف الله. والتجار وهم أمناء الله. والملوك وهم رعاة الخلق فاذا أصبح العالم طامعا وللمال جامعا فبمن يقتدى ولذا قال من قال شيخ چون مائل بمال آيد مريد او معاش ... مائل دينار هركز مالك ديدار نيست وإذا أصبح الزاهد راغبا فبمن يستدل ويهتدى از زاهدان خشك رسائى طمع مدار ... سيل ضعيف واصل دريا نميشود وإذا أصبح الغازي مرائيا والمرائى لا عمل له فمن يظفر بالأعداء عبادت بالإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست وإذا كان التاجر خائنا فمن يؤمن ويرتضى

[سورة الأنعام (6) : الآيات 132 إلى 133]

درين زمانه مكر جبرئيل أمين باشد ... وإذا أصبح الملك ذئبا فمن يحفظ الغنم ويرعى پادشاهى كه طرح ظلم افكند ... پاى ديوار ملك خويش بكند نكند جور پيشه سلطانى ... كه نيايد ز كرك چوپانى والله ما أهلك الناس الا العلماء المداهنون والزهاد الراغبون والغزاة المراءون والتجار الخائنون والملوك الظالمون وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ثم ان الاحكام الالهية قد بلغت الى كل إقليم وبلغ الشاهد الغائب الى يومنا هذا من قديم وامتلاء الآذان من سماع الحق والكلام المطلق فلم يبق للسلطان ولا للوزير ولا لغيرهما من الوضيع والخطير عذر ينجيه من الهلاك وقهر مالك الاملاك والتنبيه مقدم لكل خامل ونبيه فهلاك القرى وأهلها وظهور الظلمات فرعها وأصلها انما هو من غفلة الإنسان أيقظه الله الملك المنان فلا تلومن عند وجود التنزل الا نفسك الآبية وظهور التسفل الا طبيعتك الغبية فقد استبان البرهان والحجة ووضع لسالكيها المحجة ألم تسمع الى قوله تعالى فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ وأراك انك ألقمت الحجر ولا تدرى ما فعل بك بل تتمادى فى تعبك وتتمرغ فى غضبك فعالج نفسك ايها المريض قبل الحلول الى الحضيض وَلِكُلٍّ من المكلفين من الثقلين مؤمنين كانوا او كفارا دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا اى مراتب كائنة من أعمالهم صالحة كانت او مسيئة فلاهل الخير درجات فى الجنة بعضها فوق بعض ولاهل الشرك دركات فى النار بعضها أشد عذابا من بعض وفسروا الدرجات بالمراتب لان الدرجات غلب استعمالها فى الخير والثواب والكفار لاثواب لهم وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ فيخفى عليه عمل من أعمالهم طاعة او معصية والمقصود ان الله يجزى كل عامل بما عمل وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ عن العباد والعبادة. والغنى هو الذي لا يحتاج الى شىء فيكون وجود كل شىء عنده وعدمه سواء وغيره تعالى لا يسمى غنيا الا إذا لم يبق له حاجة الا الى الله تعالى فاصل الحاجة لا ينقطع عن غير الله لانه فى وجوده وغناه يحتاج الى الغنى الحقيقي ذُو الرَّحْمَةِ يترحم عليهم بالتكليف تكميلا لهم ويمهلهم على المعاصي وفى التأويلات النجمية يعنى مع غناه عن الخلق له رحمة قد اقتضت إيجاد الخلق ليربحوا عليه لا ليربح عليهم: قال فى المثنوى چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحي لا لان اربح عليهم جود تست ... كه شود زو جمله ناقصها درست عفو كن اين بندگان تن پرست ... عفو از درياى عفو اولى ترست عفو خلقان همچوجو وهمچوسيل ... هم بدان درياى خود تازند خيل إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ايها العصاة اى يهلككم وَيَسْتَخْلِفْ بالفارسي [خليفه وجانشين شما سازد] مِنْ بَعْدِكُمْ اى من بعد اذهابكم وإهلاككم ما يَشاءُ اى خلقا آخر أطوع لله منكم وإيثار ما على من لاظهار كمال الكبرياء وإسقاطهم عن رتبة العقلاء كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ اى من قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم اهل سفينة نوح عليه السلام لكنه ابقاكم ترحما عليكم وفى التفسير الفارسي [همچنانكه شما را پيدا

[سورة الأنعام (6) : الآيات 134 إلى 135]

كرد از ذرية قومى ديكر كه پدران شما بودند] إِنَّ ما تُوعَدُونَ اى الذي توعدون من البحث والعذاب لَآتٍ لواقع لا محالة لا خلف فيه وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ اى بفائتين ذلك وان ركبتم فى الهرب متن كل صعب وذلول قُلْ لاهل مكة يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ المكانة مصدر بمعنى التمكن وهو القوة والاقتدار اى اعملوا على غاية تمكنكم ونهاية استطاعتكم يعنى اعملوا ما أنتم عاملون واثبتوا على كفركم وعداوتكم إِنِّي عامِلٌ ما كتب على من المصابرة والثبات على الإسلام والاستمرار على الأعمال الصالحة. والأمر للتهديد من قبيل الاستعارة تشبيها للشر المهدد عليه بالمأمور به الواجب الذي لا بد ان يكون قال فى التأويلات النجمية اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ اى على ما جبلتم عليه نظيره قوله قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ استفهامية او موصولة تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ اى أينا تكون له العاقبة المحمودة التي خلق الله تعالى هذه الدار لها او فسوف تعرفون الذي له العاقبة الحسنى فالدار دار الدنيا والعاقبة الاصلية لهذه الدار هى عاقبة الخير واما عاقبة السوء فمن نتائج تحريف الفجار إِنَّهُ اى ان الشان لا يُفْلِحُ يسعد الظَّالِمُونَ اى الكافرون اى لا يظفرون بمرادهم وبالفارسي [بدرستى كه پيروزى ورستكارى نيابند ستمكاران يعنى كفار. صاحب كشف الاسرار فرموده كه هم درين روزى بدانيد كه دنيا كجا رسد ودولت فلاح كرا رسد بينيد كه درويشان شكسته بال را بسراى كرامت چون خوانند وخواجكان صاحب اقبال را سوى زندان ندامت چون رانند] باش تا كل يابى آنها را كه امروزند جزو ... باش تا كل بينى انها را كه امروزند خار تا كه از دار الغرورى ساختن دار السرور ... تا كى از دار الفرارى ساختن دار القرار وليس الفلاح الا فى العلم والعمل وترك الدنيا والكسل والذلل- حكى- عن بعضهم انه دخل عليه بعض الفقراء ولم يجد فى بيته شيأ من المتاع فقال اما لكم شىء قال بلى لنا داران إحداهما دار أمن والاخرى دار خوف فما يكون لنا من الأموال ندخره فى دار الا من يعنى نقدمه للدار الآخرة فقال له انه لا بد لهذا المنزل من متاع فقال ان صاحب هذا المنزل لا يدعنا فيه وذلك ان الدنيا عارية ولا بد للمعير ان يرجع فى عاريته فعاقبة الدار انما هى للاخيار الأبرار الذين عملوا الله فى ليلهم ونهارهم ولم ينقطعوا عن التوجه اليه حال سكونهم وقرارهم وكان شاب يجتهد فى العبادة فقيل له فى ذلك فقال رأيت فى منامى قصرا من قصور الجنة مبنيا بلبنة من ذهب ولبنة من فضة وكذلك شراريفه وبين كل شرافتين حورية لم يرالراؤون مثلها لما بها من الحسن والجمال وقد ارخين ذوائب شعورهن فتبسمت إحداهن فى وجهى فانارت الجنة بنور ثناياها ثم قالت يافتى جد لله تعالى فى طلبى لاكون لك وتكون لى فاستيقظت فحقيق على ان أجد فاذا كان هذا الاجتهاد فى طلب حورية فكيف بمن يطلب رب الحورية فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد فظهر ان الاجتهاد فى طريق الحق له عاقبة حميدة فانه موصل الى الجنة والقربة والوصلة فسيظهر اثره فى الدار الآخرة. واما الظالمون الذين أفسدوا استعداداتهم بما عملوا من المعاصي

[سورة الأنعام (6) : الآيات 136 إلى 140]

فانهم لا يفلحون بمثل هذه السعادة بل يرجعون الى دار البوار وحالهم فى الدنيا هى الخسارة لا غير فان الباطل يفور ثم يغور والدولة فى الدنيا والآخرة لاهل الايمان والخلاص من التنزل لا يحصل الا بالايمان فمن دخل فى حصن الايمان وقوة اليقين يترقى الى ما شاء الله تعالى من الدرجات والشيطان وان كان ينبح عليه خارج الحصن لكنه لا يضره وفى الحديث (جددوا ايمانكم) والمراد الانتقال من مرتبة الى مرتبة فان اصل الايمان قدتم بالأول ولكن الايمان على ثمانى عشرة مرتبة والعناية من الله تعالى وتوحيد كل شخص على قدر يقينه وهو قد يكون على قدر يقينه فى ملك وجوده وقد لا يكون على قدر هذا اليقين فالذين يظهرون الدعوى فتوحيدهم فى ملك وجودهم فقط فلو انهم جاوزوا الى هذا اليقين لندموا عليها ورغبوا عن أنفسهم فعلى العاقل ان لا يسامح فى باب الدين بل يجتهد فى تحصيل اليقين فان الاجتهاد باب لهذا التحصيل ووسيلة فى طريقة التكميل وان كان الله تعالى هو الموصل برحمته الخاصة والمؤثر فى كل الأمور اللهم اجعلنا من اهل التوحيد الحقانى وشرفنا بالايمان العيانى فانك الغنى ونحن الفقراء وَجَعَلُوا اى مشركوا العرب لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ اى خلق مِنَ الْحَرْثِ اى الزرع وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ولشركائهم ايضا نصيبا فَقالُوا هذا النصيب لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ اى بادعائهم الباطل من غير ان يكون ذلك بامر الله تعالى وَهذا لِشُرَكائِنا اى آلهتنا التي شاركونا فى أموالنا من المتاجر والزروع والانعام وغيرها فهو من الشركة لا من الشرك والاضافة الى المفعول- روى- انهم كانوا يعينون شيأ من الحرث والنتاج لله ويصرفونه الى الضيفان والمساكين وشيأ منهما لآلهتهم وينفقونه على سدنتها ويذبحونه عندها ثم ان رأوا ما عينو الله ازكى رجعوا وجعلوه لآلهتهم وان رأوا ما لآلهتهم از كى تركوه معتلين بان الله تعالى غنى وما ذلك الا لحب آلهتهم وإيثارهم لها فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ من نماء الحرث والانعام فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ اى الى المساكين والأضياف وقالوا لو شاء الله زكى نصيب نفسه وَما كانَ لِلَّهِ من ذلك النماء فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ بذبح النسائك عندها والاجراء على سدنتها لانهم إذا لم ينم نصيب الآلهة يبدلون ذلك النامي الذي عينوه لله تعالى ويجعلونه لآلهتهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ اى ساء الذي يحكمون حكمهم فيما فعلوا من إيثار آلهتهم على الله تعالى وعملهم بما لم يشرع لهم وَكَذلِكَ ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك فى قسمة القربان بين الله تعالى وبين آلهتهم زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ اى أولياؤهم من الجن او من السدنة فقوله قتل مفعول زين وشركاؤهم فاعله وكان اهل الجاهلية يدفنون بناتهم احياء خوفا من الفقر او من التزويج او من السبي وكان الرجل منهم يحلف بالله لئن ولد له كذا وكذا غلاما لينحزن أحدهم كما حلف عبد المطلب على ابنه عبد الله- روى- ان عبد المطلب رأى فى المنام انه يحفر زمزم ونعت له موضعها وقام يحفر وليس له ولد يومئذ الا الحارث فنذر لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا لينحرن أحدهم لله تعالى عند الكعبة فلما تموا عشرة أخبرهم بنذره فاطاعوه وكتب كل واحد منهم اسمه فى قدح فخرج على

[سورة الأنعام (6) : الآيات 138 إلى 140]

عبد الله فاخذ الشفرة لينحر فقامت قريش من أنديتها فقالوا لا تفعل حتى ننظر فيه فانطلق به الى عرّافة فقالت قربوا عشرا من الإبل ثم اضربوا عليه وعليها القداح فان خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم وإذا خرجت على الإبل فقد رضى ربكم ونجا صاحبكم فقربوا من الإبل عشرا فخرج على عبد الله فزاد عشرا عشرا فخرجت فى كل مرة على عبد الله الى ان قرب مائة فخرج القدح على الإبل فنحرت ثم تركت لا يصدّ عنها انسان ولا سبع ولذلك قال عليه السلام (انا ابن الذبيحين) يريد أباه عبد الله واسمعيل عليه السلام لِيُرْدُوهُمْ اى ليهلكوهم بالإغواء وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين اسمعيل عليه السلام واللام للتعليل ان كان التزيين من الشياطين وللعاقبة ان كان من السدنة لظهور ان قصد السدنة لم يكن الإرداء واللبس وانما كان ذلك قصد الشياطين وَلَوْ شاءَ اللَّهُ اى عدم فعلهم ذلك ما فَعَلُوهُ اى ما فعل المشركون ما زين لهم من القتل فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ الفاء فصيحة اى إذا كان ما فعلوه بمشيئة الله تعالى فدعهم وافتراءهم على الله انه أمرهم بدفن بناتهم احياء فان الله تعالى مع قدرته عليهم تركهم فاتركهم أنت فان لهم موعدا يحاسبون فيه ولله تعالى فيما شاء حكم بالغة وَقالُوا هذِهِ اشارة الى ما جعلوه لآلهتهم أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ اى حرام لا يَطْعَمُها بالفارسي [نچشد ونخورد آنرا] إِلَّا مَنْ نَشاءُ يعنون خدم الأوثان والرجال دون النساء بِزَعْمِهِمْ اى قالوه ملتبسين بزعمهم الباطل من غير حجة وَأَنْعامٌ خبر مبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله تعالى هذه انعام اى قالوا مشيرين الى طائفة اخرى من أنعامهم اى وهذه انعام حُرِّمَتْ ظُهُورُها يعنون بها البحائر والسوائب والحوامي وَأَنْعامٌ اى وهذه انعام كما مر وقوله تعالى لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صفة لانعام لكنه غير واقع فى كلامهم المحكي كنظائره بل مسوق من جهته تعالى تعييننا للموصوف وتمييزا له عن غيره كما فى قوله تعالى إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ على أحد التفاسير كأنه قيل وانعام ذبحت على الأصنام فانها التي لا يذكر عليها اسم الله وانما يذكر عليها الأصنام افْتِراءً عَلَيْهِ اى افتروا على الله افتراء يعنى انهم يفعلون ذلك ويزعمون ان الله تعالى أمرهم به سَيَجْزِيهِمْ بالفارسي [زود باشد كه خدا جزا دهد ايشانرا] بِما كانُوا يَفْتَرُونَ اى بسبب افترائهم وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ يعنون به اجنة البحائر والسوائب خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا اى حلال للرجال خاصة دون الإناث وتأنيث خالصة محمول على معنى ما وتذكير محرم محمول على لفظه وهذا الحكم منهم ان ولد ذلك حيا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً اى ولدت ميتة فَهُمْ فِيهِ اى ما فى بطون الانعام شُرَكاءُ يأكلون منه جميعا ذكورهم وإناثهم سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ اى جزاء وصفهم الكذب على الله تعالى فى امر التحليل والتحريم إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ تعليل للوعد بالجزاء فان الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحكمة قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ جواب قسم محذوف وهم ربيعة ومضر واضرابهم من العرب الذين كانوا يئدون بناتهم

محافظة السبي والفقر اى خسروا دينهم ودنياهم بالفارسي [زيان كردند] سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بقتلوا على انه علة له وبغير علم صفة لسفها اى لخفة عقلهم وجهلهم بان الله تعالى هو الرزاق لهم ولا ولادهم وَحَرَّمُوا على أنفسهم ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ من البحائر ونحوها افْتِراءً عَلَى اللَّهِ اى افتروا على الله افتراء حيث قالوا ان الله أمرهم بها قَدْ ضَلُّوا عن الطريق المستقيم وَما كانُوا مُهْتَدِينَ اليه وان هدوا بفنون الهدايات- روى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا من أصحابه كان لا يزال مغتما بين يديه فقال عليه السلام (مالك تكون محزونا) فقال يا رسول الله انى قد أذنبت فى الجاهلية ذنبا فاخاف ان لا يغفر لى وان أسلمت فقال عليه السلام (أخبرني عن ذنبك) فقال يا رسول الله انى كنت من الذين يقتلون بناتهم فولدت لى بنت فشفعت الىّ امرأتى ان اتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت فصارت من أجمل النساء فخطبوها فدخلت على الحمية ولم يتحمل قلبى ان أزوجها او اتركها فى البيت بغير زوج فقلت للمرأة انى أريد ان اذهب الى قبيلة كذا فى زيارة اقربائى فابعثيها معى فسرت بذلك وزينتها بالثياب والحلل وأخذت على المواثيق بان لا اخونها فذهبت بها الى رأس بئر فنظرت فى البئر ففطنت الجارية بي انى أريد ان ألقيها فى البئر فالتزمتنى وجعلت تبكى وتقول يا ابى أي شىء تريد ان تفعل بي فرحمتها ثم نظرت فى البئر فدخلت على الحمية ثم التزمتنى وجعلت تقول يا ابى لا تضيع امانة أمي فجعلت مرة انظر الى البئر ومرة انظر إليها وارحمها وغلبنى الشيطان فاخذتها وألقيتها فى البئر منكوسة وهى تنادى فى البئر يا ابى قتلتنى فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت فبكى رسول الله وقال (لو أمرت ان أعاقب أحدا بما فعل فى الجاهلية لعاقبتك بما فعلت) واعلم انهم لما انسد عليهم طريق الثقة بالله حملتهم خشية الفقر على قتل الأولاد ولذلك قال اهل التحقيق من امارات اليقين وحقائقه كثرة العيال على بساط التوكل قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من دخل هذا الطريق وهو ذو زوج فلا يطلق او عزب فلا يتزوج حتى يكمل فاذا كمل فهو فى ذلك على ما يلقى اليه ربه انتهى واختار اكثر الكمل موت أولادهم لان كل ما يشغل الطالب عن الله من الأموال والأولاد فهو فتنة ومنهم ابراهيم بن أدهم حيث اجتمع بولده بمكة فرأى فى قلبه ميلا اليه فقال الهى أمتني او هذا مشيرا الى ولده فمات والأنسب ان يدفعه من قلبه بالتوحيد ولا يدعو عليه بالموت لان الدعاء تصرف من عند نفسه والمتصرف فى الحقيقة هو الله فاذا ادخل عبده فى امر لا يتولى العبد إخراج نفسه منه بل يصير وينتظر الى امر الله تعالى وقلة المال مع كثرة العيال والصبر عليها من المجاهدات المعتبرة عند السلاك قال حضرة الشيخ افتاده افندى خطابا لحضرة الهدايى إذا اظهر اهل بيتك جوعا شديدا ورأيتهم قد أشرفوا على الهلاك فعليك ان تتوكل على الله وتسلم الأمر اليه بان تقول عن صميم قلبك لا بمجرد لسانك الهى انا عبد ذليل مثلهم وهم عبادك فامرى وأمرهم إليك لا أحل انا بينك وبين عبادك يتم المقصود بالسهولة ويقضى الرب جميع حوائجك قال ويكون توكل الطالب على وجه لو ان أولاده ما توا من الجوع لما ترحم

[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 إلى 145]

عليهم بل قال هذا الرب وهذا عبده وأفوض امرى الى الله ان الله بصير بالعباد: قال الصائب فكر آب او دانه در كنج قفس بيحاصلست ... زير چرخ انديشه روزى چرا باشد مراد وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ اى خلق يقال نشأ الشيء نشأة إذا ظهر وارتفع وانشأه الله تعالى اى أظهره ورفعه جَنَّاتٍ اى بساتين من الكروم مَعْرُوشاتٍ اى مرفوعات على ما يحملها من خشب ونحوه وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ملقيات على وجه الأرض فان بعض الأعناب يعرش وبعضها لا يعرش بل يلقى على وجه الأرض منبسطا او المعروشات الأعناب التي يجعل لها عروش وغير المعروشات كل ما نبت منبسطا على وجه الأرض مثل القرع والبطيخ او المعروشات ما يحتاج الى ان يتخذ له عريش يحمل عليه فيمسكه وهو الكرم وما يجرى مجراه وغير المعروش ما لا يحتاج اليه بل يقوم على ساقه كالنخل والزرع ونحوهما من الأشجار والبقول او المعروشات ما يحصل فى البساتين والعمرانات مما يهتم به الناس ويغرسونه وغير المعروشات ما أنبته الله تعالى فى البراري والجبال وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ اى انشأهما وافرادهما بالذكر مع انهما داخلان فى الجنات لكونهما أعم نفعا من جملة ما يكون فى البساتين والمراد بالزرع هاهنا جميع الحبوب التي يقتات بها مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ حال مقدرة إذ ليس كذلك وقت الإنشاء اى انشأ كل واحد منهما فى حال اختلاف ثمره الذي يؤكل فى الهيئة والكيفية قال البغوي ثمره وطعمه منها الحلو والحامض والجيد والردى وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ اى انشأهما مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ نصب على الحالية اى يتشابه بعض افرادهما فى اللون والهيئة والطعم ولا يتشابه بعضها مثل الرمانين لونهما واحد وطعمهما مختلف كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ اى من ثمر كل واحد من ذلك إِذا أَثْمَرَ وان لم يدرك ولم يينع بعد ففائدة التقييد بقوله إذا اثمر اباحة الاكل منه قبل إدراكه وينعه وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ أشهر الأقوال على ان المراد ما كان يتصدق به على المساكين يوم الحصاد اى يوم قطع العنب والنخل ونحوهما بطريق الوجوب من غير تعيين المقدار حتى نسخه افتراض العشر فيما يسقى بماء السماء ونصف العشر فيما يسقى بالدلو والدالية او نحوهما وَلا تُسْرِفُوا اى فى التصدق كما روى ان ثابت بن قيس جذ خمسائة نخلة فقسمها فى يوم واحد ولم يترك لاهله شيأ وقد جاء فى الخبر (ابدأ بمن تعول) وقيل الخطاب للسلاطين اى لا تأخذوا فوق حقكم إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ اى لا يرضى فعلهم وَمِنَ الْأَنْعامِ اى انشأ من الانعام حَمُولَةً ما يحمل عليه الأثقال وَفَرْشاً وما يفرش للذبح او يتخذ من صوفه ووبره وشعره ما يفرش ولعله من قبيل التسمية بالمصدر كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ من تبعيضية وما عبارة عن الحمولة والفرش اى كلوا بعض ما رزقكم الله اى حلاله وفيه تصريح بان انشاءها لاجلهم ومصلحتهم وتخصيص الاكل بالذكر من غير تعرض للانتفاع بالحمل والركوب وغير ذلك مما حرموه فى السائبة وأخواتها لكونه معظم ما ينتفع به ويتعلق به الحل والحرمة وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ اى لا تسلكوا الطريق التي سولها الشيطان لكم فى امر التحليل والتحريم فانه لا يدعوكم الا الى المعصية إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ اى ظاهر العداوة وقد ابان عداوته لابيكم آدم عليه السلام ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ بدل من حمولة وفرشا

[سورة الأنعام (6) : الآيات 144 إلى 145]

والزوج ما معه آخر من جنسه يزاوجه ويحصل منهما النسل فالاثنان المصطحبان يقال لهما زوجان لا زوج فعلى هذا يقول مقراضان ومقصان لا مقراض ومقص لانهما اثنان والمراد بالأزواج الثمانية الأنواع الاربعة لانها باعتبار مزاوجها ثمانية مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ بدل من ثمانية ازواج اى انشأ من الضان زوجين الكبش والنعجة والضأن معروف وهو ذو الصوف من النعم وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ اى انشأ من المعز زوجين التيس والعنز والمعز ذو الشعر من النعم قُلْ لهم يا محمد آلذَّكَرَيْنِ من ذينك النوعين وهما الكبش والتيس حَرَّمَ اى الله تعالى كما تزعمون انه هو المحرم أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ وهما النعجة والعنز أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ اى أم ما حملت إناث النوعين حرم ذكرا كان او أنثى نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ اى أخبروني بامر معلوم من جهة الله تعالى من الكتاب او اخبار الأنبياء يدل على انه تعالى حرم شيأ مما ذكر إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعوى التحريم عليه سبحانه وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ عطف على قوله تعالى من الضأن اثنين اى وانشأ من الإبل اثنين هما الجمل والناقة وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ذكر او أنثى قُلْ إفحاما لهم ايضا آلذَّكَرَيْنِ منهما حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ من ذينك النوعين والمعنى انكار ان الله تعالى حرم عليهم شيأ من الأنواع الاربعة ذكرا وأنثى او ما يحمل إناثها ردا عليهم فانهم كانوا يحرمون ذكور الانعام تارة كالحام فانه إذا نتجت من صلب الفحل عشرة ابطن حرموه ولم يمنعوه ماء ولا مرعى وقالوا انه قد حمى ظهره وكالوصيلة فان الشاة إذا ولدت أنثى فهى لهم وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وان ولدتهما وصلت الأنثى أخاها ويحرمون إناثها تارة كالبحيرة والسائبة فانه إذا نتجت الناقة خمسة ابطن آخرها ذكر بحروا اذنها وخلوا سبيلها فلا تركب ولا تحلب وكان الرجل منهم يقول ان شفيت فناقتى سائبة ويجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها وكانوا إذا ولدت النوق البحائر والسوائب فصيلا حيا حرموا لحم الفصيل على النساء دون الرجال وان ولدت فصيلا ميتا اشترك الرجال والنساء فى لحم الفصيل ولا يفرقون بين الذكور والإناث فى حق الأولاد أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة ومعنى الهمزة الإنكار والتوبيخ ومعنى بل الاضراب عن التوبيخ بما ذكر الى التوبيخ بوجه آخر اى بل أكنتم حاضرين شاهدين إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا اى حين وصاكم بهذا التحريم إذ أنتم لا تؤمنون بنبي فلا طريق لكم حسبما يؤول اليه مذهبكم الى معرفة أمثال ذلك الا المشاهدة والسماع فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فنسب اليه تحريم ما لم يحرم لِيُضِلَّ النَّاسَ متعلق بافترى قال سعدى چلبى المفتى الظاهر ان اللام للعاقبة بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من فاعل يضل اى ملتبسا بغير علم بما يؤدى بهم اليه إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ كائنا من كان الى ما فيه صلاح حالهم عاجلا وآجلا فاذا نفى الهداية عن الظالم فما ظنك بمن هو اظلم قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ طعاما مُحَرَّماً من المطاعم التي حرموها عَلى طاعِمٍ أي طاعم كان من ذكر او أنثى ردا على قولهم ومحرم على أزواجنا وقوله تعالى يَطْعَمُهُ لزيادة التقرير إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذلك الطعام مَيْتَةً لم تذك وهى التي تموت حتف أنفها

أَوْ دَماً مَسْفُوحاً اى مصبوبا كالدماء التي فى العروق لا كالطحال والكبد فانهما جامدان وقد جاء الشرع بإباحتهما وفى الحديث (أحلت لنا ميتتان ودمان) والمراد من الميتتين السمك والجراد ومن الدمين الكبد والطحال وما اختلط باللحم من الدم وقد تعذر تخلصه من اللحم عفو مباح لانه ليس بسائل ايضا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ اى الخنزير رِجْسٌ اى قذر لتعوده أكل النجاسة قال الحدادي كل ما استقذرته فهو رجس ويجوز ان يعود الضمير الى اللحم وتخصيصه مع ان لحمه وشحمه وشعره وعظمه وسائر ما فيه كله حرام لكونه أهم ما فيه فان اكثر ما يقصد من الحيوان المأكول اللحم فالحل والحرمة يضاف اليه أصالة ولغيره تبعا قال سعدى چلبى المفتى الأصل عود الضمير الى المضاف لانه المقصود والمضاف اليه لتعريفه وتخصيصه أَوْ فِسْقاً عطف على لحم خنزير أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ صفة موضحة اى ذبح على اسم الأصنام وانما سمى ذلك فسقا لتوغله فى الفسق فَمَنِ اضْطُرَّ اى أصابته الضرورة الداعية الى تناول شىء من ذلك غَيْرَ باغٍ على مضطر مثله وَلا عادٍ قدر الضرورة فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ مبالغ فى المغفرة والرحمة لا يؤاخذه بذلك والآية محكمة لانها تدل على انه عليه السلام لم يجد فيما اوحى اليه الى تلك الغاية غيره ولا ينافيه ورود التحريم بعد ذلك فى شىء آخر قال فى التأويلات النجمية يشير بالميتة الى ميتة الدنيا فانها جيفة مستحيلة كما قال بعضهم وما هى إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها فان تجتنبها كنت سلما لاهلها ... وان تجتذبها نازعتك كلابها وفى الحديث (اوحى الله الى داود يا داود مثل الدنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب ان تكون كلبا مثلهم فتجر معهم) : قال الحافظ همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا سايه همت كه بر نااهل افكندى والدم المسفوح هو الشهوات واللذات التي يهراق عليها دم الدين ولحم الخنزير هو كل رجس من عمل الشيطان كما قال إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ وحقيقة الرجس الاضطراب عن طريق الحق والبعد منه كما جاء فى الخبر لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس ايوان كسرى اى اضطرب وتحرك حركة سمع لها صوت فالرجس ما يبعدك عن الحق او فسقا اهل لغير الله به اى خروجا عن طلب الحق فى طلب غير الحق: قال السعدي خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا فالشروع فى هذه الأشياء محرم لانها تحرمك من الله وقرباته الا ان يكون بقدر ما يدفع الحاجة الانسانية فان الضرورات تبيح المحظورات قال بعضهم فى قوله عليه السلام (تمعددوا واخشوشنوا) اى اقتدوا بمعدّ بن عدنان والبسوا الخشن من الثياب وامشوا حفاة فهو حث على التواضع ونهى عن الافراط فى الترفه والتنعم كما قال عليه السلام (إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بالمتنعمين) بناز ونعمت دنيا منه دل ... كه دل برداشتن كاريست مشكل

[سورة الأنعام (6) : الآيات 146 إلى 150]

فعلى العاقل ان يكون ازهد الناس فى الدنيا ويتجرد عن الأسباب كالانبياء وكمل الأولياء وعن بعضهم قال رأيت فقيرا ورد على بئر ماء فى البادية فادلى ركوته فيها فانقطع حبله ووقعت الركوة فيها فاقام زمانا وقال وعزتك لا أبرح إلا بركوتي او تأذن لى فى الانصراف عنها قال فرأيت ظبية عطشانة جاءت الى البئر ونظرت فيها وفاض الماء وطفح على البئر وإذا بركوته على فم البئر فاخذها وبكى وقال الهى ما كان لى عندك محل ظبية فهتف به هاتف يا مسكين جئت بالركوة والحبل وجاءت الظبية ذاهبة عن الأسباب لتوكلها علينا ففى هذه الحكاية ما يدل على كمال الانقطاع عن غير الله تعالى وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا اى على اليهود خاصة لا على من عداهم من الأولين والآخرين حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ كل ما له إصبع سواء كان ما بين أصابعه منفرجا كانواع السباع والكلاب والسنانير أو لم يكن منفرجا كالابل والنعام والإوز والبط وكان بعض ذوات الظفر حلالا لهم فلما ظلموا عم التحريم وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ متعلق بقوله حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما لا لحومهما فانها باقية على الحل. والشحوم الثروب وشحوم الكليتين إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما استثناء من الشحوم اى الا ما اشتملت على الظهور والجنوب من شحم الكتفين الى الوركين من داخل وخارج أَوِ الْحَوايا عطف على ظهورهما اى او الا الذي حملته الأمعاء واشتمل عليها. جمع الحوية كما فى الصحاح وهى المباعر والمصارين أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ عطف على ما حملت وهو شحم الالية واختلاطه بالعظم اتصاله بالعصص وهو عجب الذنب اى عظمه وأصله ويقال انه أول ما يخلق وآخر ما يبلى ذلِكَ الجزاء جَزَيْناهُمْ اى اليهود بِبَغْيِهِمْ اى بسبب ظلمهم وهو قتلهم الأنبياء بغير حق وأخذهم الربا وأكلهم اموال الناس بالباطل وكانوا كلما أتوا بمعصية عوقبوا بتحريم شىء مما أحل لهم وقد أنكروا ذلك وادعوا انها لم تزل محرمة على الأمم الماضية فرد عليهم ذلك وأكد بقوله تعالى وَإِنَّا لَصادِقُونَ اى فى الاخبار عن كل شىء لا سيما فى الاخبار عن التحريم المذكور وفى الاخبار عن بغيهم فَإِنْ كَذَّبُوكَ اى اليهود والمشركون فيما فصل من احكام التحليل والتحريم فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ لا يعاجلكم بالعقوبة على تكذيبكم فلا تغتروا بذلك فانه امهال لا إهمال وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عذابه عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ حين ينزل سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ عدم اشراكنا ما أَشْرَكْنا نحن وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ أرادوا به ان ما فعلوه حق مرضى عند الله تعالى كَذلِكَ اى كهذا التكذيب وهو قولهم انا انما أشركنا وحرمنا لكون ذلك مشروعا مرضيا عند الله تعالى وانك كاذب فيما قلت من ان الله تعالى منع من الشرك ولم يحرم ما حرمتموه كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى متقدموهم الرسل حَتَّى ذاقُوا غاية لامتداد التكذيب بَأْسَنا الذي أنزلنا عليهم بتكذيبهم قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ زائدة عِلْمٍ من امر معلوم يصح الاحتجاج به على ما زعمتم فَتُخْرِجُوهُ لَنا فتظهروه لنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ اى ما تتبعون فيما أنتم عليه من الشرك والتحريم الا الظن الباطل من غير علم ويقين وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ تكذبون على الله تعالى قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ الفاء جواب شرط محذوف

[سورة الأنعام (6) : آية 150]

اى وإذا قد ظهر ان لا حجة لكم فلله الحجة البالغة اى البينة الواضحة التي بلغت غاية المتانة والثبات او بلغ بها صاحبها صحة دعواه والمراد بها الكتاب والرسول والبيان فَلَوْ شاءَ هدايتكم جميعا لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ بالتوفيق لها والحمل عليها ولكن شاء هداية قوم لصرف اختيارهم الى سلوك طريق الحق وضلال آخرين لصرف هممهم الى خلاف ذلك قُلْ هَلُمَّ اسم فعل اى احضروا شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا وهم قدوتهم الذين ينصرون قولهم ومذهبهم ولا من يشهد بصحة دعواهم كائنا من كان ولذلك قيد الشهداء بالاضافة إليهم وانما أمروا باستحضارهم ليلزمهم الحجة ويظهر بانقطاعهم ضلالتهم وانه لا متمسك لهم كمن يقلدهم فَإِنْ شَهِدُوا بعد ما حضروا بان الله تعالى حرم هذا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ اى فلا تصدقهم فانه كذب محض وبين لهم فساده وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ كعبدة الأوثان والموصول الثاني عطف على الموصول الاول بطريق عطف الصفة على الصفة مع اتخاذ الموصوف فان من يكذب بآياته تعالى لا يؤمن بالآخرة وبالعكس وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ اى يجعلون له عديلا عطف على لا يؤمنون. والمعنى لا تتبع أهواء الذين يجمعون بين تكذيب آيات الله وبين الكفر بالآخرة وبين الإشراك به سبحانه لكن لا على ان يكون مدار النهى المذكور بل على ان أولئك جامعون لها متصفون بكلها واعلم ان الله تعالى أحل الطيبات ورد ما كان اهل الجاهلية يفعلونه من تحريم من عند أنفسهم لان الدين يبتنى على الوحى لا على الهوى وحرم الخبائث كالخمر والميتة والدم والخنزير وغير ذلك اى تناولها وبيعها لان ما يحرم تناوله يحرم بيعه وأكل ثمنه بخلاف ما إذا كان الانتفاع بغير ذلك كشحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فان ذلك ليس بحرام وما حرمه الله تعالى اما ان يكون بلاء ونقمة كما فعل اليهود وجزاء على أنفسهم واما ان يكون رحمة ومنة لعلمه ان فيه ضررا نفسانيا او روحانيا فالنفسانى كضرر السم وأمثاله والروحاني كضرر لحوم السباع والمؤذيات وأمثالها فانه بتعدي أخلاقها تغير الأخلاق الروحانية كما قال عليه السلام (الرضاع يغير الطباع) ومن ثم لما دخل الشيخ ابو محمد الجويني بيته ووجد ابنه الامام أبا المعالي يرتضع ثدى غير امه اختطفه منها ثم نكس رأسه ومسح بطنه وادخل إصبعه فى فيه ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذلك اللبن قائلا يسهل علىّ موته ولا يفسد طبعه بشرب لبن غير امه ثم لما كبر الامام كان إذا حصلت له كبوة فى المناظرة يقول هذه من بقايا تلك الرضعة فعلم ان من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقهما من خير وشر وكذا لحوم الحيوانات لها تأثير عظيم وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وسمنانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمنانها دواء وشفاء ولحومها داء) وقد صح ان النبي عليه السلام ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاصه ذلك به وهذا التأويل المستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة. ومن فوائد سمن البقر انه لو شرب منه على الريق خمسين درهما

[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 إلى 153]

ينفع للجنون ويؤثر فى دفعه قال الفقيه ابو الليث يستحب للرجل ان يعرف من الطب مقدار ما يمتنع به عما يضر ببدنه لان العلم علمان علم الأبدان ثم علم الأديان وأجاز عامة العلماء التداوى بالمحرمات عند الضرورة كاساغة اللقمة بالخمر إذا غص وفى الأشباه الطعام إذا تغير واشتد تغيره تنجس وحرم واللبن والزيت والسمن إذا نتن لا يحرم أكله والدجاجة إذا ذبحت ونتف ريشها واغليت فى الماء قبل شق بطنها صار الماء نجسا وصارت نجسة بحيث لا طريق لا كلها الا ان تحمل الهرة إليها لا ان تحمل الى الهرة فعلى العاقل ان يحترز عن الحرام وعما يضر بالبدن ومن المضر الامتلاء كما قال عليه السلام (رأس الداء الامتلاء ورأس الدواء الاحتماء) آن حكيمى كه در حكمت سفت ... كل قليلا تعش كثيرا كفت : قال السعدي قدس سره ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى ومن الله التوفيق قُلْ يا محمد لكفار مكة تَعالَوْا امر من تعالى والأصل فيه ان يقوله من فى مكان عال لمن هو أسفل منه ثم اتسع فيه بالتعميم فتكلم به كل من تطلب ان يتقدم ويقبل اليه شخص سواء كان الطالب فى علو او سفل او غيرهما أَتْلُ جواب الأمر اى اقرأ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ اى الذي حرمه ربكم اى الآيات المشتملة عليه عَلَيْكُمْ متعلق بحرم ان مفسرة لا ناهية تُشْرِكُوا بِهِ تعالى شَيْئاً من الأشياء فتقدير الكلام ذلك التحريم هو قوله لا تشركوا به شيأ اعلم ان هذه الآيات الثلاث الى قوله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تشتمل على عشر خصال جامعة للخير كله لم ينسخهنّ شىء من جميع الكتب فهن محرمات على بنى آدم كلهم لم يختلفن باختلاف الأمم والاعصار من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار. اولاهن قوله أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً قدم الشرك لانه رأس المحرمات ولا يقبل الله تعالى معه شيأ من الطاعات وهو ينقسم الى جلى وخفى فالجلى عبادة الأصنام والخفي رؤية الأغيار مع الله الواحد القهار تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش برورق اين وآن وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى وأحسنوا بهما إحسانا اى لا تسيئوا إليهما لان المحرم هو الاساءة والأمر بالشيء مستلزم للنهى عن ضده وكذا معنى أوفوا لا تنجسوا وانما وضع الأمر موضع النهى للمبالغة فى إيجاب مراعاة حقوقهما فان مجرد ترك الاساءة غير كاف فى قضاء حقوقهما وهذا هو الأمر الثاني من الاحكام العشرة وانما ذكر بعد تحريم الشرك تحريم العقوق لان الوالدين سببان قريبان لوجوده كما ان الله تعالى موجوده فالتقاعد عن أداء حقوقهما عقوق فهو اكبر الكبائر بعد الشرك قال بعض الأولياء كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق من أنت قال انا أخوك الخضر قلت بأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك جنت كه سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ اى لا تدفنوا بناتكم حية مِنْ إِمْلاقٍ من أجل فقر. والاملاق

[سورة الأنعام (6) : آية 152]

نفاد الزاد والنفقة يقال املق الرجل إذا نفد زاده ونفقته من الملق وهو بذل المجهود فى طلب المراد نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ لا أنتم فلا تخافوا الفقر بناء على عجزكم عن تحصيل الرزق. وهذا هو الحكم الثالث من الاحكام العشرة وانما حرم قتل الأولاد لما فيه من هدم بنيان الله وملعون من هدم بنيانه وفيه ابطال ثمرة شجرته ومحصوده وقطع نسله وترك التوكل فى امر الرزق يؤدى الى تكذيب الله تعالى لانه قال وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها ما آبروى فقر وقناعت نمى بريم ... با پادشه بكوى كه روزى مقدرست وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ اى الزنى وجيئ بصيغة الجمع قصدا الى النهى عن أنواعها ولذلك أبدل منها بدل اشتمال قوله ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ اى ما يفعل منها علانية فى الحوانيت كما هو دأب ارذالهم وما يفعل سرا باتخاذ الأخدان كما هو عادة اشرافهم. وهذا هو الحكم الرابع منها وتوجبه النهى الى قربانها للمبالغة فى النهى عنها ويدخل فى ذلك ما يبعده من الجنة ويدنيه من النار وهو ما ظهر وما يبعده من الحق ويحجبه عنه وان لم يحجبه عن الجنة ولم يبعده منها وهو ما بطن وايضا ما ظهر منها بالفعل وما بطن بالنية ومن الزنى زنى النظر اين نظر از دور چون تير است وسم ... عشقت افزون ميشود صبر تو كم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الشيطان من الرجل فى ثلاثة منازل فى عينيه وفى قلبه وفى ذكره وهو من المرأة فى ثلاثة منازل فى عينيها وفى قلبها وفى عجزها وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ اى حرم قتلها بان عصمها بالإسلام او بالعهد فيخرج منها الحربي إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا تقتلوها فى حال من الأحوال إلا حال ملابستكم بالحق الذي هو امر الشرع بقتلها وذلك بالكفر بعد الايمان والزنى بعد الإحصان وقتل النفس المعصومة. وهذا هو الحكم الخامس وفى القتل ترك تعظيم امر الحق وترك الشفقة على الخلق وهما ملاك الدين والاشارة ان القتل الحق هو القتل فى طلب الحق والمقتول فى سبيل الله هو حى عند ربه وعن ابى سعيد الخراز كنت بمكة فجزت يوما بباب بنى شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا فنظرت فى وجهه فتبسم فى وجهى وقال لى يا أبا سعيد أما علمت ان الأحباب احياء وان ماتوا وانما ينقلون من دار الى دار مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست ذلِكُمْ اشارة الى ما ذكر من التكاليف الخمسة وَصَّاكُمْ بِهِ اى أمركم ربكم بحفظه امرا مؤكدا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ اى تستعملون عقولكم التي تعقل نفوسكم وتحبسها عن مباشرة القبائح المذكورة وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ اى لا تتعرضوا له بوجه من الوجوه واليتيم من الإنسان من لا اب له ومن الحيوان من لا أم له والخطاب للاولياء والأوصياء إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الا بالخصلة التي هى احسن ما يفعل بما له كحفظه وتثميره حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ غاية لما يفهم من الاستثناء لا للنهى كأنه قيل احفظوه حتى يصير بالغا رشيدا فحينئذ سلموه اليه وجعل ابو حنيفة غاية الأشد خمسا وعشرين سنة فاذا بلغها دفع اليه ماله ما لم يكن معتوها قال الجوهري حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة الى ثلاثين وهو واحد جاء على

بناء الجمع مثل آنك وهو الأسرب ولا نظير لهما وكان سيبويه يقول واحدته شدة. وهذا هو الحكم السادس وانما وصى الله تعالى بحفظ مال اليتيم لانه عاجز فتولى الله امره وامر بالشفقة والنظر فى حقه ألا تا نكريد كه عرش عظيم ... بلرزد همى چون بگريد يتيم وَأَوْفُوا الْكَيْلَ فى المكيلات اى أتموه ولا تنقصوا منه شيأ وَالْمِيزانَ فى الموزونات وهو بالفارسي [ترازو] بِالْقِسْطِ حال من فاعل أوفوا اى اوفوهما مقسطين اى ملتبسين بالقسط وهو العدل فان قيل إيفاء الكيل والميزان هو عين القسط فما فائدة التكرير قلنا ان الله تعالى امر المعطى بايفاء ذى الحق حقه من غير نقصان وامر صاحب الحق بأخذه من غير طلب زيادة لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها الا ما يسعها ولا يعسر عليها. وذكره عقيب الأمر للايذان بان مراعاة العدل عسير فعليكم بما فى وسعكم وما وراءه معفو عنكم فاذا اجتهد الإنسان فى الكيل والوزن ووقعت فيه زيادة يسيرة او نقصان يسير لم يؤاخذه به إذا اجتهد جهده وان أعيد الكيل على ذلك فزاد او نقص لم يثبت التراجع إذا كان ذلك القدر من التفاوت مما يقع بين الكيلين. واما التقصير القصدى فليس بمعفو وينبغى الاحتياط بقدر الإمكان- روى- عن بعضهم انه قال لبعض الناس وهو فى النزع وكان يعامل الناس بالميزان قل لا اله الا الله فقال ما اقدر أقولها لسان الميزان على لسانى يمنعنى من النطق بها قال فقلت له أما كنت توفى الوزن قال بلى ولكن ربما كان يقع فى الميزان شىء من الغبار لا أشعر به وعن مالك بن دينار انه دخل على جار له احتضر فقال يا مالك جبلان من النار بين يدى أكلف الصعود عليهما قال مالك فسألت اهله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر حتى كسرتهما ثم سألت الرجل فقال ما يزداد الأمر إلا شدة. وهذا هو الحكم السابع والاشارة أوفوا بكيل العمر وميزان الشرع حقوق الربوبية واستوفوا بكيل الاجتهاد وميزان الاقتصاد حظوظ العبودية من الالوهية لا نكلف نفسا فى إيفاء الحقوق واستيفاء الحظوظ الا بحسب استعدادها هر كس بقدر بال و پر خويش مى پرد وَإِذا قُلْتُمْ قولا فى حكومة او شهادة او نحوهما فَاعْدِلُوا فيه وَلَوْ كانَ المقول له او عليه ذا قُرْبى اى ذا قرابة منكم ولا تميلوا نحوهم أصلا لان مداد الأمر اتباع الحق المشروع وطلب مرضاة الله تعالى فلا فرق بين ذى قرابة واجنبى. وهذا هو الحكم الثامن وحقيقة العدل فى الكلام ان يذكر الله ولا يذكر معه غيره وان يتكلم لله وفى الله وبالله وهذا لا يتيسر الا لارباب التحقيق فان كلام غيرهم مشوب بالغرض والدعوى بانك هدهد كر بياموزد فتى ... راز هدهد كو و پيغام سبا وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا اى ما عهد إليكم أي عهد كان من ملازمة العدل وتأدية احكام الشرع وغيرهما فهو مضاف الى الفاعل او ما عاهدتم الله عليه من الايمان والنذور فهو مضاف الى المفعول ويحتمل ان يراد به العهد بين الانسانين ويكون إضافته الى الله تعالى من حيث

[سورة الأنعام (6) : آية 153]

انه امر بحفظه والوفاء به وفاء عهد نكو باشد ار بياموزى ... وكرنه هر كه تو بينى ستمكرى داند وهذا هو الحكم التاسع وحقيقة العهد ان لا يعبد الا مولاه ولا يحب الا إياه ولا يرى سواه از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود ذلِكُمْ اشارة الى ما فصل من التكاليف الاربعة وَصَّاكُمْ بِهِ أمركم به امرا مؤكدا لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ تتذكرون ما فى تضاعيفه وتعملون بمقتضاه وَأَنَّ بتقدير اللام علة للفعل المؤخر اى ولان هذا اى ما ذكر فى هذه السورة من اثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة صِراطِي اى مسلكى وشريعتى. وسمى الشرع طريقا لانه يؤدى الى الثواب فى الجنة ومعنى إضافته الى ضمير عليه السلام انتسابه اليه من حيث السلوك لامن حيث الوضع كما فى صراط الله مُسْتَقِيماً حال مؤكدة اى مستويا قويما فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ اى الطرق المختلفة التي عدا هذا الطريق مثل اليهودية والنصرانية وسائر الملل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ منصوب بإضمار أن بعد الفاء فى جواب النهى أصله فتتفرق حذفت منه احدى التاءين والباء للتعدية اى فتفرقكم وتزيلكم عَنْ سَبِيلِهِ اى عن دين الله الذي ارتضى وبه اوصى وهو الإسلام. وفيه تنبيه على ان صراطه عليه السلام عين سبيله تعالى. وهذا هو العاشر من الخصال خلاف پيغمبر كسى ره كزيد ... كه هرگز بمنزل نخواهد رسيد محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جز در پى مصطفا ذلِكُمْ اى اتباع سبيله وترك اتباع سائر السبل وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ اتباع سبيل الكفر والضلالة ولما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية خط خطا فقال (هذا سبيل الله) ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال (هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو اليه) واعلم ان الشرع هاهنا هو الصراط المستقيم وهو احدّ من السيف وادقّ من الشعر ولذا لا نزال فى كل ركعة من الصلاة نقول اهدنا الصراط المستقيم ومن زل عن هذا الصراط فى الدنيا زل عن صراط الآخرة ايضا قال عليه السلام (الزالون عن الصراط كثير واكثر من يزل عنه النساء) واكثر الرجال فى هذا الزمان فى حكم النساء فى اتباع الشهوات والاخذ بالعادات والدين بدأ غريبا وعاد غريبا فلا يوجد من يستأنس به ويستأهل له الا نادرا قال فى التفسير الفارسي [محققان بر آنند كه صراط متعين نكردد الا ميان بدايتى ونهايتى وعارف داند كه بدايت همه از كيست ونهايت همه يكيست وحضرت شيخ صدر الدين قونوى قدس سره در اعجاز البيان فرموده كه احاطه حق بهمه اشيا ثابت است والله بكل شىء محيط وآن احاطه وجودى است يا علمى باختلاف افعال واقوال متنهاى سر صراط وغايت سر سالك خواهد بو چنانچهـ فرمود صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ هر جا قدمى زديم در كوى تو بود ... هر كوشه كه برفتيم سوى تو بود كفتيم مكر سوى ديكر راهى هست ... هر راه كه ديديم همه سوى تو بود

[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 إلى 160]

ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ عطف على مقدر اى فعلنا تلك التوصية باتباع صراط الله ثم آتينا موسى الكتاب اى التوراة وثم للتراخى فى الاخبار كما فى قولك بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس اعجب تَماماً مصدر من أتم بحذف الزوائد اى إتماما للكرامة والنعمة عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ اى على من احسن القيام به كائنا من كان من الأنبياء والمؤمنين وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج اليه فى الدين وهذا لا ينافى الاجتهاد فى شريعتهم كما لا ينافى قوله تعالى فى آخر سورة يوسف وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فى شريعتنا لان التفصيل فى الأصول والاجتهاد فى الفروع وَهُدىً من الضلالة وَرَحْمَةً نجاة من العذاب لمن آمن به وعمل بما فيه لَعَلَّهُمْ اى بنى إسرائيل المدلول عليهم بذكر موسى بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ الباء متعلقة بيؤمنون اى كى يؤمنوا بالبعث ويصدقوا بالثواب والعقاب وَهذا اى القرآن كِتابٌ أَنْزَلْناهُ ليس من قبل الرسول كما يزعم المنكرون مُبارَكٌ اى كثير النفع دينا ودنيا قال فى التأويلات النجمية مُبارَكٌ عليك وبركته انه انزل على قلبك بجعل خلقك القرآن ومبارك على أمتك بانه حبل بينهم وبين ربهم ليوصلهم اليه بالاعتصام فَاتَّبِعُوهُ واعملوا بما فيه وَاتَّقُوا مخالفته لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بواسطة اتباعه والعمل بموجبه أَنْ تَقُولُوا على حذف المضاف كما هو رأى البصريين اى أنزلناه كراهة ان تقولوا يا اهل مكة يوم القيامة لم تنزله إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ اى التوراة والإنجيل عَلى طائِفَتَيْنِ كائنتين مِنْ قَبْلِنا وهما اليهود والنصارى ولعل الاختصاص فى انما اشتهار الكتابين يومئذ فيما بين الكتب السماوية وَإِنْ مخففة اى وانه كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ قرآتهم ولم يقل عن دراستهما لان كل طائفة جماعة لَغافِلِينَ لا ندرى ما فى كتابهم إذ لم يكن على لغتنا فلم نقدر على قرآنه أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ كما انزل عليهم لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ الى الحق الذي هو المقصد الأقصى او الى ما فى تضاعيفه من جلائل الاحكام والشرائع ودقائقها لحدة أذهاننا ونقابة افهامنا ولذلك تلقفنا فنونا من العلم كالقصص والاشعار والخطب مع انا أميون فَقَدْ جاءَكُمْ متعلق بمحذوف معلل به اى لا تعتذروا بذلك القول فقد جاءكم بَيِّنَةٌ كائنة مِنْ رَبِّكُمْ اى حجة واضحة وَهُدىً وَرَحْمَةٌ عبر عن القرآن بالبينة إيذانا بكمال تمكنهم من دراسته لانه على لغتهم ثم بالهدى والرحمة فَمَنْ أَظْلَمُ اى لا أحد اظلم مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ اى القرآن وَصَدَفَ عَنْها اى صرف الناس عنها فجمع بين الضلال والإضلال. فى القاموس صدف عنه يصدق اعرض وفلانا صرفه سَنَجْزِي الَّذِينَ بالفارسي [زود باشد كه جزا دهم آنرا كه] يَصْدِفُونَ الناس عَنْ آياتِنا وعيد لهم ببيان جزاء اضلالهم بحيث يفهم منه جزاء ضلالتهم ايضا سُوءَ الْعَذابِ اى شدته بِما كانُوا يَصْدِفُونَ اى بسبب ما كانوا يفعلون الصدف والصرف على التجدد ولاستمرار فعلى العاقل ان يعمل بالقرآن ويرغب غيره بقدر الإمكان لانه يكون شريكه فى الثواب الفائض من الله الوهاب والمعرض عن القرآن الذي هو غذاء الأرواح كالمعرض عن شراب السكر الذي هو غذاء الأشباح. وله ظاهر فسره العلماء وباطن حققه اهل التحقيق وكل

[سورة الأنعام (6) : آية 158]

قد علم مشربه وفى الحديث (انزل القرآن على سبعة أحرف) اى على سبع لغات وهى لغات العرب المشهورين بالفصاحة من قريش وهذيل وهوازن واليمن وطى وثقيف تسهيلا وتيسيرا ليقرأ كل طائفة بما يوافق لغتهم بشرط السماع من النبي عليه السلام إذ لو كلفوا القراءة بحرف واحد لشق عليهم إذ الفطام عن المألوف شاق او على سبع قراءات وهى التي استفاضت عن النبي عليه السلام وضبطتها الامة واضافت كل حرف منها الى من كان اكثر فراءة به من الصحابة ثم أضيفت كل قراءة منها الى من اختارها من القراء السبعة وهم نافع وابن كثير وابو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويقال ان جاحد القراآت السبع كافر وجاحد الباقي آثم مبتدع ولما تنزل القرآن العظيم من عالم الحقيقة كتب فى جميع الألواح وفى لوح هذا التعين حتى فى لوح وجودك وأودع القابلية فى كل منها لقرآته ومعرفته والمقصود الأصلي هو العمل به والتخلق بأخلاقه دون تصحيح المخرج ورعاية ظاهر النظم فقط: ونعم قول من قال نقد عمرش ز فكرت معوج ... خرج شد در رعايت مخرج صرف كردش همه حيات سره ... در قراءات سبعه وعشره قال الحافظ عشقت رسد بفرياد كر خود بسان حافظ ... قرآن زبر بخوانى در چازده روايت وفى الحديث (لو كان القرآن فى إهاب ما مسته النار) قال القاضي البيضاوي اى لوصور القرآن وجعل فى إهاب والقى فى النار ما مسته ولا أحرقته ببركة القرآن فكيف بالمؤمن الحامل له المواظب على تلاوته وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات- وروى- عن بعض الأخيار من اهل التلاوة للقرآن الكريم انه لما حضرته الوفاة كان كلما قالوا قل لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ قال بسم الله الرحمن الرحيم: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الى قوله اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فلم يزل يعيدها كلما أعادوا عليه حتى مات على هذه الآية الكريمة فظهر ان الموت على ما عاش عليه الشخص وكان حرفة رجل بيع الحشيش وهو غافل عن الله فلما حضرته الوفاة كان كلما قيل له لا اله الا الله قال حزمة بفلس نسأل الله تعالى التوفيق للموت على الإسلام هَلْ يَنْظُرُونَ هل استفهامية معناها النفي وينظرون بمعنى ينتظرون فان النظر يستعمل فى معنى الانتظار كأنه قيل انى أقمت على اهل مكة الحجة وأنزلت عليهم الكتاب فلم يؤمنوا فما ينتظرون إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ اى ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ اى امره بالعذاب والانتقام وقال البغوي أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ بلا كيف لفضل القضاء بين موقف القيامة انتهى. او المراد بإتيان الرب إتيان كل آية يعنى آيات القيامة والهلاك الكلى بقرينة قوله تعالى أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يعنى اشراط الساعة التي هى الدخان ودابة الأرض وخسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف يجزيرة العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من عدن وهم ما كانوا منتظرين لاحد هذه الأمور الثلاثة وهى مجيىء الملائكة او مجيىء الرب او مجيىء الآيات القاهرة من الرب لكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظرين شبهوا

بالمنتظرين يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ظرف لقوله لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها كالمحتضر فان معاينة اشراط الساعة بمنزلة نفسها ووقوع العيان يمنع قبول الايمان لانه انما يقبل إذا كان بالغيب لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ صفة نفسا اى من قبل إتيان بعض الآيات أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً الآية تقتضى ان لا ينفع الايمان بدون العمل الصالح ومذهب اهل السنة انه نافع حيث ان صاحبه لا يخلد فى النار قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي الاسكدارى فى الواقعات لاح لى فى توفيق هذه الآية على مذهب اهل السنة وجهان. الاول ان يكون قوله أَوْ كَسَبَتْ معطوفا على آمنت المقدر لا على آمنت المذكور والتقدير لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل سواء آمنت ايمانا مجردا او كسبت فى إيمانها خيرا. والثاني ان يعطف على آمنت المذكور ولكن يعتبر فى اللف مقدر فيكون النشر ايضا على أسلوبه والتقدير لا ينفع نفسا إيمانها ولا كسبها خيرا لم تكن آمنت من قبل او كسبت فى إيمانها خيرا قُلِ انْتَظِرُوا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور الثلاثة لتروا أي شىء تنتظرون إِنَّا مُنْتَظِرُونَ لذلك وحينئذ لنا الفوز وعليكم الوبال بما حل بكم من سوء العاقبة قال البغوي المراد ببعض الآيات طلوع الشمس من مغربها وعليه اكثر المفسرين قال الحدادي فى تفسيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا غربت الشمس رفع بها الى السماء السابعة فى سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من اين تطلع أمن مطلعها او من مغربها وكذا القمر فلا تزال كذلك حتى يأتى الله بالوقت الذي وقته لتوبة عباده وتكثر المعاصي فى الأرض ويذهب المعروف فلا يأمر به أحد وينتشر المنكر فلا ينهى عنه أحد فاذا فعلوا ذلك حبست الشمس تحت العرش فاذا مضى مقدار ليلة سجدت واستأذنت ربها من اين تطلع فلم يجرلها جوابا حتى يوافيها القمر فيسجد معها ويستأذن من اين يطلع فلا يجر له جوابا فيحبسان مقدار ثلاث ليال فلا يعرف مقدار تلك الليلة الا المتهجدون فى الأرض وهم يومئذ عصابة قليلة فى هوان من الناس فينام أحدهم تلك الليلة مثل ما ينام قبلها من الليالى ثم يقوم فيتهجد وزده فلا يصبح فينكر ذلك فيخرج وينظر الى السماء فاذا هو بالليل مكانه والنجوم مستديرة فينكر ذلك ويظن فيه الظنون فيقول أخففت قراءتى أم قصرت صلاتى أم قمت قبل حينى ثم يقوم فيعود الى مصلاه فيصلى نحو صلاته فى الليلة الثانية ثم ينظر فلا يرى الصبح فيشتد به الخوف فيجتمع المتهجدون من كل بلدة فى تلك الليلة فى مساجدهم ويجأرون الى الله بالبكاء والتضرع فيرسل الله جبريل الى الشمس والقمر فيقول لهما ان الله يأمر كما ان ترجعا الى مغربكما فتطلعا منه فانه لا ضوء لكما عندنا ولا نور فيبكيان عند ذلك وجلا من الله بكاء يسمعه اهل السموات السبع واهل سرادقات العرش ثم يبكى من فيهما من الخلائق من خوف الموت والقيامة فبينما المتهجدون يبكون ويتضرعون والغافلون فى غفلاتهم إذا بالشمس والقمر قد طلعا من المغرب أسودان لاضوء للشمس ولا نور للقمر كصفتهما فى كسوفهما فذلك قوله تعالى وجمع الشمس والقمر فيرتفعان كذلك مثل البعيرين ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا فيتصارخ اهل الدنيا حينئذ ويبكون فاما الصالحون فينفعهم بكاؤهم ويكتب لهم عبادة واما الفاسقون فلا ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب ذلك عليهم حسرة وندامة

[سورة الأنعام (6) : آية 159]

فاذا بلغ الشمس والقمر سرة السماء ومنتصفها جاء جبريل فأخذ بقرونهما فردهما الى المغرب فيغربان فى باب التوبة) فقال عمر رضى الله عنه بابى أنت وأمي يا رسول الله ما باب التوبة فقال (يا عمر خلق الله بابا للتوبة خلف المغرب له مصراعان من ذهب وما بين المصراع الى المصراع أربعون سنة للراكب فذلك الباب مفتوح منذ خلق الله خلقه الى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس من مغربها فاذا غربا فى ذلك الباب رد المصراعان والتأم بينهما فيصير كأن لم يكن بينهما صدع فاذا اغلق باب التوبة لم يقبل للعبد توبة بعد ذلك ولم ينفعه حسنة يعملها إلا من كان قبل ذلك محسنا فانه يجزى كما قبل ذلك اليوم فذلك قوله تعالى يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت فى إيمانها خيرا) وانما لم يقبل الايمان فى ذلك الوقت لانه ليس بايمان اختياري فى الحقيقة وانما هو ايمان لخوف الهلاك قال الله تعالى فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قال السعدي قدس سره چهـ سود از دزد آنكه توبه كردن ... كه نتواند كمند انداخت بر كاخ بلند از ميوه كو كوتاه كن دست ... كه اين كوته ندارد دست بر شاخ وعدم قبول الايمان والتوبة غير مخصوص بمن يشاهد طلوع الشمس من المغرب وهو الأصح والظاهر ان من تولد بعد طلوعها او ولد قبله ولم يكن مميزا بعد ذلك يقبل إيمانه وجعله فى شرح المصابيح أصح قالت عائشة رضى الله عنها إذا خرجت أول الآيات طرحت الأقلام وحبست الحفظة وشهدت الأجساد بالأعمال قال الامام السيوطي رحمه الله يظهر المهدى قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس بعشر سنين ويقوم المهدى سنة مائتين بعد الالف او اربع ومائتين والله اعلم وقبل ظهور المهدى اشراط اخر من خروج نبى الأصفر وغيرها وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى جعل نفس الإنسان وقلبه أرضا صالحا لقبول بذر الايمان وانباته وتربيته كما قال عليه السلام (لا اله الا الله ينبت الايمان فى القلب كما ينبت الماء البقلة) فالبذر هو قول المرء اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله عند تصديق القلب بشهادة اللسان وانما كان زمان هذه الزراعة زمان الدنيا لا زمان الآخرة ولهذا قال عليه السلام (الدنيا مزرعة الآخرة) فلا ينفع نفسا فى زمان الآخرة بذر إيمانها لم تكن بذرت من قبل قى زمان الدنيا او كسبت فى إيمانها خيرا من الأعمال الصالحة التي ترفع الكلمة الطيبة وهى لا اله الا الله وتجعلها شجرة طيبة مثمرة تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها من ثمار المعرفة والمحبة والكشف والمشاهدة والوصول والوصال ونيل الكمال انتهى ما فى التأويلات ونسأل الله ان يرزقنا التوفيق لتحقيق التوحيد إِنَّ الَّذِينَ اى اليهود والنصارى فَرَّقُوا دِينَهُمْ اى بدّدوه وبعضوه فتمسك بكل بعض منه فرقة منهم وَكانُوا شِيَعاً جمع شيعة يقال شايعه على الأمر إذا اتبعه اى فرقا تشيع كل فرقة اماما لها قال عليه السلام (افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة كلهم فى الهاوية الا واحدة وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كلهم فى الهاوية الا واحدة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم فى الهاوية الا واحدة) واستثناء الواحدة من فرق كل من اهل الكتابين انما هو بالنظر الى العصر الماضي قبل النسخ

واما بعده فالكل فى الهاوية لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ لست من البحث عن تفرقهم والتعرض لمن يعاصرك منهم بالمناقشة والمؤاخذة فى شىء إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ تعليل للنفى المذكور اى هو يتولى وحده أولاهم وأخراهم ويدبرهم كيف يشاء حسبما تقتضيه الحكمة ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ اى يوم القيامة بِما كانُوا يَفْعَلُونَ عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه من سوء عاقبته اى يظهر لهم على رؤوس الاشهاد ويعلمهم اى شىء شنيع كانوا يفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء واعلم ان كل فعل شنيع وعمل قبيح فى الدنيا يتصور بصورة قبيحة فى الآخرة وهو قد كان بصورة قبيحة فى الدنيا ايضا لكنه برز لفاعله فى صورة مستحسنة امتحانا وابتلاء فصار كالشهد المختلط بالسم نعوذ بالله من سيآت الأعمال حفت الجنة بمكروهاتنا وحفت النيران بشهواتنا يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكروهة لنا وجعلت النار محاطة بالأشياء التي كانت محبوبة لنا يعنى ان نفوسنا تميل إليها وتحب ان تفعلها لكونها على وفق هواها فكما ان فى الآفاق فرقا مختلفة ينفى بعضهم الصانع وبعضهم صفاته وبعضهم يعتقد فى حقه تعالى ما لا يجوز اعتقاده وبعضهم يجرى على ما جرى عليه الأنبياء والأولياء من حسن العقيدة وصالح العمل كذلك فى الأنفس قوى مختلفة لا تتحد فى البنية ولا تجتمع على امر واحد فالطبيعة على التشهي والنفس على الهوى والروح على الإقبال الى المولى والدين الحقيقي الذي فيه كمالية الإنسان انما يوجد بتوافق الظاهر والباطن فمن فارقه بقلبه وتمسك ببعض شعاره وبظاهره رياء وسمعة فهو من فرق اهل الدعوى من غير المعنى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى مخاطبا لحضرة الهدائى قدس الله اسرارهما اشكر الله على عدم اقترانك بالملاحدة فان الإلحاد كمرض الجذام بعيد عن الإصلاح قال وأظن انهم لا يخرجون من النار لانهم فى دعوى المقال بدون الحال انتهى. ومن المدعين القلندرية وهم الذين يقصون لحاهم وشعورهم بل يحلقون قلندرى نه بريشست وموى ويا ابرو ... حساب راه قلندر بدانكه موى بموست كذشتن از سر مو در قلندرى سهلست ... چوحافظ آنكه ز سر بگذرد قلندر اوست ومن الفرق المبتدعة الجوالقية وهم الذين يحلقون لحاهم ويلبسون الجوالق والكساء الغليظ وقد نهى النبي عليه السلام عن لباس الشهرة سواء كان من جنس الرقيق او الغليظ لانه اشتهار بذلك وامتياز به عن المسلمين وقد قال عليه السلام (كن كواحد من الناس) ولا ينفع الجوالق والكساء إذا كان المرء صاحب الرياء: قال السعدي قدس سره بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت كر آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن كو درون حشو باش وقال در غزا كند مرد بايد بود ... بر مخنث سلاح جنك چهـ سود وكان الشيخ قطب الدين حيدر مجذوبا صاحب حال جدّا حتى حكى انه أخذ حديدا

[سورة الأنعام (6) : آية 160]

حارا من كير حداد صار كقطعة نار وألقاه على عنقه ساعة فلم يحترق فاخذ الحيدرية بذلك ولبسوا الحديد تقليدا ولبس الحديد اكثر اثما من لبس الذهب فعلى العاقل ان يجتنب عن البدعة وأهلها- وروى- ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين واعلم ان اهل الهوى والبدعة ليس مخصوصا بالبشر كما قال الأعمش تزوج إلينا جنى فقلت له ما أحب الطعام إليكم فقال الارز فقال فائتنا به فجعلت ارى اللقم ترفع ولا ارى أحدا فقلت هل فيكم من هذه الأهواء التي فينا قال نعم قلت فما الرافضة فيكم قال شرنا والروافض هم الذين رفضوا زيد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب لعدم تبريه من ابى بكر وعمر رضى الله عنهما ولزم هذا اللقب كل من غلا فى مذهبه واستجاز الطعن فى الصحابة وأصله ان زيدا خرج بالكوفة داعيا لنفسه فبايعه جماعة من أهلها وأتاه طائفة من اهل الكوفة وقالوا تبرأ من ابى بكر وعمر نبايعك فابى فقالوا إذا نرفضك فمن ذلك سموا الروافض وقالت طائفة من اهل الكوفة نتولاهما ونتبرأ ممن تبرأ منهما وخرجوا مع زيد فسموا الزيدية وسبب بغضهم للاصحاب انه لما وقعت الهزيمة فى غزوة أحد ونادى الشيطان ان قدمات محمد اعتقده الاصحاب غير على رضى الله عنه حتى وقع النزاع فقال كرم الله وجهه هل أقتلكم لو لم يكن واقعا قالوا نعم فلما ظهر خلافه عفا عنهم فمن ثم أحبوا عليا وتركوا الباقي وابغضوه چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد فعلى العاقل ان يحب الصالحين حبا شديدا كى ينال منهم شفاعة يوم القيامة فويل لمن كان شفعاؤه خصماءه اللهم اعصمنا ولا تزغ قلوبنا واهدنا وسددنا فمنك التوفيق لسلوك طريق التحقيق مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ اى من جاء يوم القيامة بالأعمال الحسنة من المؤمنين إذ لا حسنة بغير ايمان قال القاضي عياض انعقد الإجماع على ان الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن بعضهم يكون أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم انتهى نعم إذا اسلموا يثابون على الخيرات المتقدمة لما ورد فى الحديث (حسنات الكفار مقبولة بعد إسلامهم) وفى تفسير الكاشفى [هر كه بيايد در دنيا بنكويى] فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها اى فله عشر حسنات أمثالها فضلا من الله تعالى فالامثال ليس مميزا للعشر بل مميزها هو الحسنات والأمثال صفة لمميزها ولذا لم يذكر التاء للعشر. وقيل انما أنت عشر وان كان مضافا الى ما مفرده مذكر لاضافة الأمثال الى مؤنث هو ضمير الحسنة كقوله تعالى يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ اى بالأعمال السيئة كائنا من كان من العاملين فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها بحكم الوعد واحدة بواحدة فان قيل كفر ساعة يوجب عقاب الابد على نهاية التغليظ فما وجه المماثلة وأجيب بان الكافر على عزم انه لو عاش ابدا لبقى على ذلك الاعتقاد فلما كان العزم مؤبدا عوقب بعقاب الابد بخلاف المسلم المذنب فانه يكون على عزم الإقلاع عن ذلك الذنب فلا جرم كانت عقوبته منقطعة وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص الثواب وزيادة العقاب قال الحدادي

وانما قال ذلك لان التفضل بالنعم جائز والابتداء بالعقاب لا يجوز انتهى واعلم ان الحسنات العشر اقل ما وعد من الأضعاف: قال السعدي قدس سره نكوكارى از مردم نيك راى ... يكى را بده مينويسد خداى تو نيز اى پسر هر كرا يك هنر ... به بينى زده عيبش اندر كذر وقد جاء الوعد بسبعين وسبعمائة وبغير حساب ولذلك قيل المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر فى العدد الخاص كما يقول القائل لئن أسديت الىّ معروفا لا كافئنك بعشر أمثاله وحكمة التضعيف لئلا يفلس العبد إذا اجتمع الخصماء فى طاعته فيدفع إليهم واحدة ويبقى له تسع فمظالم العباد توفى من التضعيفات لامن اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة وفى الحديث (ويل لمن غلب آحاده على أعشاره) اى سيآته على حسناته وفى الحديث (الأعمال ستة موجبتان ومثل بمثل وحسنة بحسنة وحسنة بعشر وحسنة بسبعمائة فاما الموجبتان فهو من مات ولا يشرك بالله شيأ دخل الجنة ومن مات وهو مشرك بالله دخل النار واما مثل بمثل فمن عمل سيئة فجزاء سيئة مثلها واما حسنة بحسنة فمن هم بحسنة حتى تشعر بها نفسه ويعلمها الله من قلبه كتبت له حسنة واما حسنة بعشر فمن عمل حسنة فله عشر أمثالها واما حسنة بسبعمائة فالنفقة فى سبيل الله) كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست قال فى اسئلة الحكم اعلم ان الشارع قد يرتب الثواب للعمل لئلا يترك بل يرغب فيه فلا يكون ذلك العمل أفضل من العمل المؤكد عليه الذي لم يترتب عليه ذلك الثواب فمن ذلك قوله عليه السلام (من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا فى الجنة من ذهب) مع ان السنة الراتبة لفرض الظهر أفضل من الضحى ومن ذلك قوله عليه السلام (من صلى ست ركعات بين المغرب والعشاء كتب الله له عبادة اثنتي عشرة سنة) مع ان سنة المغرب أفضل من ذلك وانما رتب الثواب على ذلك لكثرة الغفلة فيه وأمثال ذلك كثيرة فى الاخبار فلا يفضل على الراتب المؤكد وان لم يعين اجره غير الراتب من النوافل وان رتب اجره وقد اتفق اهل العلم انه لا يبلغ حد الفرض واجب وسنة راتبة او غير راتبة فى الاجر والفضيلة فى عمل او حكم ولا يبلغ مرتبة الراتبة نقل من الاحكام وان لم يتعين قدر أجرها فان السنن شرعت لتتميم نقائض الفرائض والنوافل الغير الراتبة لتتميم نقائص السنن الراتبة فلا ينوب نفل مناب فرض يجب قضاؤه فقضاء فرض لا يسقط بالنوافل كما يزعم بعض العوام يترك الفرائض ويرغب فى النوافل مما ورد كثرة الاجر عليه كالصلاة بعد المغرب يزعم سقوط الفرائض بها وتنوب مناب القضاء وذلك غير مشروع أصلا وترتيب أجور الأعمال والاذكار موقوف على الوحى والإلهام لا قدم فيه لتخمين العقول والاشارة فى الآية ان الله تعالى من كمال إحسانه مع العبد احسن اليه بعشر حسنات قبل ان يعمل العبد حسنة واحدة فقال تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يعنى قبل ان يجىء بحسنة احسن اليه بعشر حسنات حتى يقدر ان يجيىء بالحسنة وهى حسنة الإيجاد من العدم وحسنة الاستعداد بان خلقه فى احسن تقويم مستعدا للاحسان

[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 إلى 165]

وحسنة التربية وحسنة الرزق وحسنة بعثة الرسل وحسنة إنزال الكتب وحسنة تبيين الحسنات والسيئات وحسنة التوفيق وحسنة الإخلاص فى الإحسان وحسنة قبول الحسنات وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها والسر فيه ان السيئة بذر يزرع فى ارض النفس والنفس خبيثة لانها امارة بالسوء والحسنة بذر يزرع فى ارض القلب والقلب طيب لان بذكر الله تطمئن القلوب وقد قال تعالى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً واما ما جاء فى القرآن والحديث من تفاوت الجزاء للحسنات فاعلم انه كما ان للاعداد اربع مراتب آحاد وعشرات ومات وألوف والواحد فى مرتبة الآحاد واحد بعينه وفى مرتبة العشرات عشرة وفى مرتبة المآت مائة وفى مرتبة الألوف الف فكذلك للانسان مراتب اربع النفس والقلب والروح والسر فالعمل الواحد فى مرتبة النفس اى إذا صدر منها يكون واحدا بعينه كما قال وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها إذ هى فى مرتبة الآحاد وفى مرتبة القلب يكون بعشر أمثالها لانه بمرتبة العشرات وفى مرتبة الروح يكون بمائة لانه بمرتبة المآت وفى مرتبة السر يكون بألف الى أضعاف كثيرة بقدر صفاء السر وخلوص النية الى ما لا يتناهى لانه بمنزلة الألوف والله اعلم وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ المعنى ان الله تعالى قد احسن إليهم قبل ان يحسنوا بعشر حسنات شاملات للحسنات الكثيرة فلا يظلمهم بعد ان أحسنوا بل يضاعف حسناتهم يدل عليه قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً كذا فى التأويلات النجمية قُلْ يا محمد لكفار مكة الذين يدعون انهم على الدين الحق وقد فارقوه بالكلية إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي اى أرشدني بالوحى وبما نصب فى الآفاق والأنفس من الآيات التكوينية إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى الحق دِيناً بدل من محل الى صراط والمعنى هدانى صراطا قِيَماً مصدر بمعنى القيام وصف به الدين مبالغة والقياس قوما كعوض فاعل لاعلال فعله كالقيام مِلَّةَ إِبْراهِيمَ عطف بيان لدينا والملة من أمللت الكتاب اى أمليته وما شرعه الله لعباده يسمى ملة من حيث انه يدّون ويملى ويكتب ويتدارس بين من اتبعه من المؤمنين ويسمى دينا باعتبار طاعتهم لمن شرعه وسنه اى جعله لهم سننا وطريقا حَنِيفاً حال من ابراهيم اى مائلا عن الأديان الباطلة ميلا لا رجوع فيه وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى ما كان ابراهيم منهم فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا وانما أضاف هذا الدين الى ابراهيم لان ابراهيم كان معظما فى عيون العرب وفى قلوب اهل سائر الأديان إذ اهل كل دين يزعمون انهم ينتحلون الى دين ابراهيم عليه السلام فرد الله تعالى بقوله وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ على الذين يدعون انهم على ملته عليه السلام عقدا وعملا من اهل مكة واليهود المشركين بقولهم عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ والنصارى المشركين بقولهم الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ والمشرك فى الحقيقة هو الذي يطلب مع الله تعالى شيأ آخر ومن الله غير الله: قال السعدي قدس سره خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا قُلْ أعيد الأمر لما ان المأمور به متعلق بفروع الشرائع وما سبق بأصولها إِنَّ صَلاتِي يعنى الصلوات الخمس المفروضة وَنُسُكِي اى عبادتى كلها. واصل النسك كل ما تقربت به

[سورة الأنعام (6) : آية 163]

الى الله تعالى ومنه قولهم للعابد ناسك. ويقال أراد بالصلاة صلاة العيد وبالنسك الاضحية وعن انس رضى الله عنه عن رسول الله انه قرب كبشا أملح اقرن فقال (لا اله الا الله والله اكبر ان صلاتى ونسكى) الى قوله تعالى وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ثم ذبح فقال (شعره وصوفه فداء لشعرى من النار وجلده فداء لجلدى من النار ودمه فداء لدمى من النار ولحمه فداء للحمى من النار وعظمه فداء لعظمى من النار وعروقه فداء لعروقى من النار) فقالوا يا رسول الله هنيئا مريئا هذا لك خاصة قال (لا بل لامتى عامة الى ان تقوم الساعة أخبرني به جبريل عليه السلام عن ربى عز وجل) وَمَحْيايَ وَمَماتِي اى وما انا عليه فى حياتى وأكون عليه عند موتى من الايمان والطاعة فالتقدير ذا محياى وذا مماتى فجعل ما يأتى به فى حياته وعند موته ذا حياته وذا موته كقولك ذا انائك تريد الطعام فاضافته بأدنى ملابسة لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ اى خالصة له تعالى لا أشرك فيها غيره وَبِذلِكَ الإخلاص أُمِرْتُ لا بشىء غيره وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ لان اسلام كل نبى متقدم على اسلام أمته. وفيه بيان مسارعته عليه السلام الى الامتثال بما امر به وان ما امر به ليس من خصائصه عليه السلام بل الكل مأمورون به يقتدى به عليه السلام من اسلم منهم والاشارة إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي اى سيرى على منهاج الصلاة هو معراجى الى الله تعالى وذبيحة نفسى وَمَحْيايَ حياة قلبى وروحى وَمَماتِي اى موت نفسى لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لطلب الحق والوصول اليه لا شَرِيكَ لَهُ فى الطلب من مطلوب سواه وَبِذلِكَ أُمِرْتُ اى ليس هذا الطلب والقصد الى الله من نظرى وعقلى وطبعى انما هو من فضل الله ورحمته وهدايته وكمال عنايته إذ اوحى الى وقال وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا وقال قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ يعنى أول من استسلم عند الإيجاد لامركن وعند قبول فيض المحبة لقوله يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ والاستسلام للمحبة فى قوله يحبونه دل عليه قوله عليه السلام (أول ما خلق الله نورى) كذا فى التأويلات النجمية وفى الآية حث على التوحيد والإخلاص وعلامتهما التبري من كل شىء سواه تعالى ظاهرا وباطنا ولو من نفسه والتحقق بحقائق المحبة الذاتية وعن مالك بن دينار قال خرجت حاجا الى بيت الله الحرام وإذا شاب يمشى فى الطريق بلا زاد ولا راحلة فسلمت عليه فرد على السلام فقلت ايها الشاب من اين قال من عنده قلت والى اين قال اليه قلت واين الزاد قال عليه قلت ان الطريق لا يقطع الا بالماء والزاد وهل معك شىء قال نعم قد تزودت عند خروجى بخمسة أحرف قلت وما هذه الخمسة الا حرف قال قوله تعالى كهيعص قلت وما معنى كهيعص قال اما قوله كاف فهو الكافي. واما الهاء فهو الهادي. واما الياء فهو المؤدى. واما العين فهو العالم. واما الصاد فهو الصادق ومن كان صاحبه كافيا وهاديا ومؤديا وعالما وصادقا لا يضيع ولا يخشى ولا يحتاج الى حمل الزاد والماء قال مالك فلما سمعت هذا الكلام نزعت قميصى على ان ألبسه إياه فابى ان يقبله وقال ايها الشيخ العرى خير من قميص دار الفناء حلالها حساب وحرامها عقاب وكان إذا جن الليل يرفع وجهه نحو السماء ويقول يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصي هب لى ما يسرك واغفر لي ما لا يضرك فلما احرم الناس ولبوا

[سورة الأنعام (6) : آية 164]

قلت لم لا تلى فقال يا شيخ أخشى ان أقول لبيك فيقول لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر إليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم ان الناس ذبحوا وتقربوا إليك بضحاياهم وهداياهم وليس لى شىء أتقرب به إليك سوى نفسى فتقبلها منى ثم شهق شهقة فخر ميتا وإذا قائل يقول هذا حبيب الله هذا قتيل الله قتل بسيف الله فجهرته وواريته وبت تلك الليلة متفكرا فى امره ونمت فرأيته فى منامى فقلت ما فعل الله بك قال فعل بي كما فعل بشهداء بدر قتلوا بسيف الكفار وانا قتلت بسيف الجبار جان كه نه قربانىء جانان بود ... جيفه تن بهتر از آنان بود هر كه نشد كشته شمشير دوست ... لاشه مردار به از جان اوست نسأل الله الكريم ان يجعلنا على الصراط المستقيم قُلْ يا محمد لمن يقول من الكفار ارجع الى ديننا أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي اطلب حال كونه رَبًّا آخر فاشركه فى عبادته وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ اى والحال ان ما سواه مربوب له مثلى فكيف يتصور ان يكون شريكا له فى العبودية وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها كانوا يقولون للمسلمين اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم اما بمعنى ليكتب علينا ما عملتم من الخطايا لا عليكم واما بمعنى لنحمل يوم القيامة ما كتب عليكم من الخطايا فهذا رد له بالمعنى الاول اى لا تكون جناية نفس من النفوس الا عليها ومحال ان يكون صدورها عن شخص وقرارها على شخص آخر حتى يتأتى ما ذكرتم وقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى رد له بالمعنى الثاني اى لا تحمل يومئذ نفس حاملة حمل نفس اخرى حتى يصح قولكم ولنحمل خطاياكم. والوزر فى اللغة هو الثقل ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ اى الى مالك أمركم رجوعكم يوم القيامة فَيُنَبِّئُكُمْ يومئذ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ اى يبين الرشد من الغىّ ويميز المحق من المبطل وفى الآية امور الاول ان غاية المبتغى ونهاية المرام هو الله الملك العلام فمن وجده فقد وجد الكل ومن فقده فقد فقد الكل والعاقل العاشق لا يطلب غير الله لانه الحبيب والمحب لا يتسلى بغير المحبوب: قال الحافظ درد مرا طبيب نداند دوا كه من ... بي دوست خسته خاطر وبا درد خوشترم والثاني ان كل ما تكسب النفس من خير او شر فهو عليها اما الشر فهى مأخوذة به واما الخير فمطلوب منها صحة القصد والخلو من الرياء والعجب والافتخار به: قال السعدي قدس سره چهـ قدر آورد بنده بدرديس ... كه زير قبا دارد أندام پيس والنفس امارة بالسوء فلا تكسب الاسوأ والسوء عليها لالها وهذا دأب النفس ما وكلت الى نفسها الا ان رحمها ربها كما قال إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي ولهذا كان من دعائه عليه السلام (رب لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك) وهى اى النفس مأمورة بالسير الى الله بقدم العبودية والأعمال الصالحة قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن الفضل العجب ممن يقطع الاودية والمفاوز والقفار ليصل الى بيته وحرمه لان فيه آثار أنبيائه كيف لا يقطع بالله نفسه وهواه حتى يصل الى قلبه فان فيه آثار مولاه والثالث ان كل نفس مؤاخذ بذنبه لا بذنب غيره

[سورة الأنعام (6) : آية 165]

فان قلت قوله عليه السلام (من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرض او شىء فليستحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم الا ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) يدل على خلاف ذلك وكيف يجوز فى حكم الله وعدله ان يضع سيآت من اكتسبها على من لم يكتسبها وتؤخذ حسنات من عملها فتعطى من لم يعملها فالجواب على ما قال الامام القرطبي فى تذكرته ان هذا لمصلحة وحكمة لا نطلع عليها والله تعالى لم يبن امور الدين على عقول العباد ولو كان كل ما لا تدركه العقول مردودا لكان اكثر الشرائع مستحيلا على موضوع عقول العباد انتهى يقول الفقيران الذنب ذنبان ذنب لازم وذنب متعد. فالذنب اللازم كشرب الخمر مثلا يؤخذ به صاحبه دون غيره فهذا الذنب له جهة واحدة فقط. والذنب المتعدى كقتل النفس مثلا فهذا وان كان يؤخذ به صاحبه ايضا لكن له جهتان جهة التجاوز عن حد الشرع وجهة وقوع الجناية على العبد فحمل سيآته وطرح حسناته عليه حمل سيآت نفسه فى الحقيقة وما طرح حسنات غيره فى نفس الأمر ولا ظلمه أصلا فالآية والحديث متحدان فى المآل والله اعلم بحقيقة الحال والرابع كما ان الاختلاف واقع بين اهل الكفر والايمان كذلك بين اهل الإخلاص والرياء والشرع وان كان محكا يميز بين المحقق والمبطل الا ان انكشاف حقيقة الحال وظهور باطن الأقوال والافعال انما يكون يوم تبلى السرائر وتبدى الضمائر: وفى المثنوى چون كند جان باز كونه پوستين ... جند واويلا بر آيد ز اهل دين بردكان هر زرنما خندان شده است ... زانكه سنك امتحان پنهان شده است قلب پهلو مى زند بازر بشب ... انتظار روز مى دارد ذهب باز زبان حال زر كويد كه باش ... اى مزور تا بر آيد روز فاش وفى الحديث (يخرج فى آخر الزمان أقوام يجتلبون الدنيا بالدين) يعنى يأخذونها ويلبسون لباس جلود الضأن من اللين (ألسنتهم احلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب فيقول الله تعالى ابى تقترفون أم على تجترئون فبى حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم فيها حيران) فعلى المؤمن ان يصحح الظاهر والباطن ويرفع الاختلاف فان الحق واحد فماذا بعد الحق الا الضلال. واما اختلاف الائمة فرحمة لعامة الناس وليس ذلك من قبيل الاختلاف بحسب المراء والجدال بل بحسب اختلاف الاشخاص والأحوال فالحق أحق ان يتبع عصمنا الله وإياكم من الاختلاف المفسد للدين والجدل المزيل لاصل اليقين وجعلنا من اهل التوفيق للصواب انه الكريم المفيض الوهاب وَهُوَ اى الله تعالى الَّذِي جَعَلَكُمْ ايها الناس خَلائِفَ الْأَرْضِ من بعد نبى الجان او خلائف الأمم السابقة الشرية او خلفاء الله فى ارضه تتصرفون فيها. والخلائف جمع الخليفة كالوصائف جمع الوصيفة وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفته لانه يخلفه قال فى التأويلات النجمية هو جعل كل واحد من بنى آدم آدم وقته وخليفة ربه فى الأرض وسر الخلافة انه صوره على صورة صفات نفسه حيا قيوما سميعا بصيرا عالما قادرا متكلما مريدا آدمي چيست برزخ جامع ... صورت خلق وحق در واقع

متصل با دقائق جبروت ... مشتمل بر حقائق ملكوت وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فى الشرف والغنى فَوْقَ بَعْضٍ الى دَرَجاتٍ كثيرة متفاوتة لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ من المال والجاه اى ليعاملكم معاملة من يبتليكم ويمتحنكم لينظر ماذا تعملون من الشكر وضده- حكى- ان جنيدا كان يلعب مع الصبيان فى صباوته فمر به السرى السقطي فقال ما تقول فى حق الشكر يا غلام قال الشكر ان لا تستعين بنعمه على معاصيه إِنَّ رَبَّكَ يا محمد سَرِيعُ الْعِقابِ اى عقابه سريع الإتيان لمن لم يراع حقوق ما آتاه الله ولم يشكره وانما قال سريع العقاب مع انه موصوف بالحلم والامهال لان كل ما هو آت قريب: قال الحافظ بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كرد وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن راعاها كما ينبغى وفى الحديث (يؤتى بالرجل يوم القيامة وقد جمع مالا من حرام وأنفقه فى حرام فيقال اذهبوا به الى النار ويؤتى بالرجل قد جمع مالا من حلال وأنفقه فى حلال فيقال له قف لعلك فرطت فى هذا فى شىء مما فرض عليك من صلاة لم تصلها لوقتها او فرطت فى ركوعها وسجودها ووضوئها فيقول لا يا رب كسبت من حلال وأنفقت فى حلال ولم أضيع شيأ مما فرضت فيقال لعلك اختلت فى هذا المال فى شىء من مركب او ثوب باهيت به فقال لا يا رب لم اختل ولم أباه فى شىء فيقال لعلك منعت حق أحد امرتك ان تعظيه من ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيقول لا يا رب كسبت من حلال وأنفقت فى حلال ولم أضيع شيأ مما فرضت علىّ ولم اختل ولم أباه ولم أضيع حق أحد أمرتني ان أعطيه قال فجيىء باولئك فيخاصمونه فيقولون يا رب أعطيته وجعلته بين أظهرنا وأمرته ان يعطينا فانه أعطانا وما ضيع شيأ من الفرائض ولم يختل فى شىء فيقال قف الآن هات شكر نعمة أنعمتها عليك فى أكلة او شربة او لذة فلا يزال يسأل) واعلم ان الله تعالى كما اعطى المال والجاه ليتميز من هو على الشكر ومن هو على الكفران كذلك اعطى الحال اى استعداد الخلافة ليظهر من المتخلق بأخلاق الله القائم باوامره فى العباد والبلاد ومن الذي رجع القهقرى الى صفات البهائم والانعام فمن أضاع صفات الحق بتبديلها بصفات الحيوانات عوقب بالختم على قلبه وسمعه وبصره فهو لا يرجع الى مكان الغيب الذي خرج منه بل حبس فى أسفل سافلين الطبيعة ومن تاب عن متابعة النفس والهوى ومخالفة الحق والهدى وآمن وعمل عملا صالحا للخلافة فقد اهتدى ولم يرجع القهقرى- حكى- عن ابراهيم بن أدهم انه حج الى بيت الله الحرام فبينما هو فى الطواف إذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض أصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذي يخالطه البكاء فقال له ابراهيم يا أخي انى عقدت مع الله تعالى عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى واسلم عليه فانه ولدي وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارا الى الله تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من الله سبحانه ان أعود لشىء خرجت عنه قال ثم قال لى امض وسلم عليه لعلى اتسلى بسلامك عليه وأبرد نارا على كبدى قال فاتيت الفتى فقلت له بارك الله لأبيك فيك فقال يا عم واين ابى ان ابى

تفسير سورة الأعراف

خرج فارا الى الله تعالى ليتنى أراه ولو مرة واحدة وتخرج نفسى عند ذلك هيهات وخنقته العبرة وقال والله اودّ انى رأيته وأموت فى مكانى قال ثم رجعت الى ابراهيم وهو ساجد فى المقام وقد بل الحصى بدموعه وهو يتضرع الى الله تعالى ويقول هجرت الخلق طرا فى هواك ... وأيتمت العيال لكى أراك فلو قطعتنى فى الحب اربا ... لما سكن الفؤاد الى سواك قال فقلت له ادع له فقال حجبه الله عن معاصيه وأعانه على ما يرضيه انتهى فانظر الى حال من ترك السلطنة واختار الفقر والقناعة وأنت تؤثر الغنى والمقال على الفقر والحال وفى الحديث (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) اى قدر ما يمسك الرمق وقيل القوت هو الكفاية من غير إسراف وفيه بيان ان الكفاف أفضل من الغنى لان النبي عليه السلام انما يدعو لنفسه بأفضل الأحوال: قال الحافظ درين بازار كر سوديست يا درويش خرسندست ... الهى منعمم كردان بدرويشى وخرسندى جعلنا الله وإياكم من المقتفين لآثار سنة سيد المرسلين وحقق آمالنا من الوصول الى مقام التوكل واليقين انه لا يخيب رجاء سائله وداعيه ولا يقطع اجر عبده فى كل مساعيه تمت سورة الانعام بمعونة الملك العلام فى سلخ جمادى الاولى المنتظم فى سلك شهور سنة الف ومائة ويتلوها سورة الأعراف تفسير سورة الأعراف وهى مكية الا ثمانى آيات من قوله وَسْئَلْهُمْ الى وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ محكم كلها وقيل الى قوله وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وآيها مائتان وخمس وقفنا الله لختمها تقريرا وتحريرا آمين يا معين بسم الله الرحمن الرحيم المص (ا) اشارة الى الذات الاحدية (ل) الى الذات مع صفة العلم (م) الى معنى محمد صلى الله عليه وسلم اى نفسه وحقيقته (ص) الى الصورة المحمدية وهى جسده وظاهره وعن ابن عباس رضى الله عنهما (ص) جبل بمكة كان عليه عرش الرحمن حين لا ليل ولا نهار أشار بالجبل الى جسد محمد صلى الله عليه وسلم. وبعرش الرحمن الى قلبه كما ورد فى الحديث (قلب المؤمن عرش الله) . وقوله حين لا ليل ولانهار اشارة الى الوحدة لان القلب إذا وقع فى ظل ارض النفس واحتجب بظلمة صفاتها كان فى الليل وإذا طلع عليه نور شمس الروح واستضاء بضوئه كان فى النهار وإذا وصل الى الوحدة الحقيقية بالمعرفة والشهور الذاتي واستوى عنده النور والظلمة لفناء الكل فيه كان وقته لا ليل ولا نهار ولا يكون عرش الرحمن الا فى هذا الوقت. فمعنى الآية ان وجود الكل من اوله الى آخره كتاب انزل إليك علمه كذا فى التأويلات القاشانية وقال الشيخ نجم الدين انه تعالى بعد ذكر ذاته وصفاته بقوله بسم الله الرحمن الرحيم عرف نفسه بقوله المص يعنى الله اله من لطفه فرد عبده للمحبة والمعرفة وأنعم عليه بالصبر والصدق لقبول كمالية المعرفة والمحبة بواسطة كتاب انزل إليك انتهى وقال فى تفسير الفارسي [المص: نام قرآنست. يا اسم اين سوره.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 2 إلى 4]

يا هر حرفى اشارتست باسمي از أسماى الهى چون اله ولطيف وملك وصبور. يا هر حرفى كنايتست از صفتى چون إكرام ولطف ومجد وصدق. يا ايمايست باسم المصور. يا بعض حروف دلالت بر اسما دارد بعض بر افعال وتقدير چنان بود كه انا الله اعلم وأفضل منم خداى كه ميدانم وبيان ميكنم يا از همه داناترم وحق از باطل جدا ميكردانم در حقايق سلمى كويد كه. الف ازلست. ولام ابد. وميم ما بين ازل وابد. وصاد اشارتست باتصال هر متصلى وانفصال هر منفصلى وفى الحقيقة نه اتصال را مجال كنجايش ونه انفصال را محل نمايش] اين چهـ راهست اين برون از فصل ووصل ... كاندرونى فرع مى كنجد نه اصل نى معانى نى عبارت نى عيان ... نى حقائق نى اشارت نى بيان بر ترست از مدركات عقل ووهم ... لا جرم كم كشت در وى فكر وفهم چون بكلى روى كفت وكوى نيست ... هيچكس را جز خموشى روى نيست يقول الفقير غفر الله ذنوبه ان الحروف المقطعة من المتشابهات القرآنية التي غاب علمها عن العقول وانما اعطى فهمها لاهل الوصول وكل ما قيل فيها فهو من لوازم معانيها وحقائقها فلنا ان نقول ان فيها اشارة الى ان هذا التركيب الصفاتى والفعلى الواحدي الابدى كان افرادا فى مرتبة الوحدة الذاتية الازلية فبالتجلى الإلهي صار المفرد مركبا والمقطع موصلا والقوة فعلا والجمع فرقا وتعين النسب والإضافات كما ان اصل المركبات الكلامية هو حروف التهجي ثم بالتركيب يحصل اب ثم ابجد ثم الحمد لله وكما ان اصل الإنسان بالنسبة الى تعين الجسم هو النطفة ثم بالتصوير يحصل التركيب الجسمى والله اعلم كِتابٌ اى هذا كتاب أُنْزِلَ إِلَيْكَ اى من جهته تعالى فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ اى شك ما فى حقيقته كما فى قوله تعالى فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ خلا انه عبر عنه بما يلازمه من الحرج فان الشاك يعتريه ضيق الصدر كما ان المتيقن يعتريه انشراحه خاطب به النبي عليه السلام والمراد الامة اى لا ترتابوا ولا تشكوا. قوله منه متعلق بحرج يقال حرج منه اى ضاق به صدره ويجوز ان يكون الحرج على حقيقته اى لا يكن فيك ضيق صدر من تبليغه مخافة ان يكذبوك فانه عليه السلام كان يخاف تكذيب قومه له واعراضهم عنه فكان يضيق صدره من الأداء ولا ينبسط له فامنه الله تعالى ونهاه عن المبالاة بهم لِتُنْذِرَ بِهِ اى بالكتاب المنزل متعلق بانزل وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ اى ولتذكر المؤمنين تذكيرا اتَّبِعُوا ايها المكلفون ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ يعنى القرآن وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ اى من دون ربكم الذي انزل إليكم ما يهديكم الى الحق وهو حال من الفاعل اى لا تتبعوا متجاوزين الله تعالى أَوْلِياءَ من الجن والانس بإطاعتهم فى معصية الله قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ بحذف احدى التاءين وما مزيد لتأكيد العلة اى تذكرا قليلا او زمانا قليلا تذكرون لا كثيرا حيث لا تتأثرون بذلك ولا تعملون بموجبه وتتركون دين الله تعالى وتتبعون غيره ثم شرع فى التهديد ان لم يتعظوا بما جرى على الأمم الماضية بسبب إصرارهم على اتباع دين أوليائهم فقال وَكَمْ للتكثير مبتدأ والخبر هو جملة ما بعدها مِنْ قَرْيَةٍ تمييز أَهْلَكْناها الضمير راجع الى معنى كم اى كثير من القرى أردنا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 5 إلى 9]

اهلاكها او كثيرا منها على ان يكون كم فى موضع نصب باهلكناها كما فى قوله تعالى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فَجاءَها اى فجاء أهلها بَأْسُنا اى عذابنا بَياتاً مصدر بمعنى الفاعل واقع موقع الحال اى بائتين كقوم لوط قال الحدادي سمى الليل بياتا لانه يبات فيه والبيتوتة خلاف الظلول وهو ان يدركك الليل نمت او لم تنم وهى بالفارسية [شب كذاشتن] أَوْ هُمْ قائِلُونَ عطف على بياتا اى قائلين من القيلولة نصف النهار كقوم شعيب اهلكهم الله فى نصف النهار وفى حر شديد وهم قائلون قال فى التفسير الفارسي [تخصيص اين دو وقت بجهت آنست كه زمان آسايش واستراحتند وتصور وتوقع عذاب در ان نيست پس بليه غير منتظر صعبتر وسخت تر است چنانچهـ نعمت غير مترقب خوبتر ولذيذترست] فَما كانَ دَعْواهُمْ اى دعاؤهم وتضرعهم إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا عذابنا وعاينوا اماراته إِلَّا أَنْ قالُوا جميعا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى الا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وشهادتهم ببطلانه تحسرا عليه وندامة وطمعا فى الخلاص وهيهات لانه لا تنفع التوبة وقت نزول العذاب إذ هو وارتفاع التكليف مقارنان وقوم يونس مستثنى من هذا كما يجىء: وفى المثنوى همچوآن مرد مفلسف روز مرك ... عقل را مى ديد بس بي بال وبرك بي غرض مى كرد آندم اعتراف ... كز ذكاوت رانده ايم اسب از كزاف از غرورى سر كشيديم از رجال ... آشنا كرديم در بحر خيال آشنا هيچست اندر بحر روح ... نيست آنجا چاره جز كشتى نوح اينچنين فرموده آن شاه رسل ... كه منم كشتى درين درياى كل با كسى كو در بصيرتهاى من ... شد خليفه راستين بر جاى من كشتىء نوحيم در دريا كه تا ... رو نكردانى ز كشتى اى فتى فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ الفاء لترتيب الأحوال الاخروية على الدنيوية اى لنسألن الأمم قاطبة يوم الحشر قائلين ماذا أجبتم المرسلين وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ عما أجيبوه او المراد بالسؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم والذي نفى بقوله تعالى وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ سؤال الاستعلام او الاول فى موقف الحساب والثاني فى موقف العقاب وفى التفسير الكبير انهم لا يسألون عن الأعمال ولكن يسألون عن الدواعي التي دعتهم الى الأعمال وعن الصوارف التي صرفتهم عنها فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ اى على الرسل حين يقولون لا علم لنا انك أنت علام الغيوب بِعِلْمٍ اى عالمين بظواهرهم وبواطنهم وَما كُنَّا غائِبِينَ عنهم فى حال من الأحوال فيخفى علينا شىء من أعمالهم وأحوالهم واعلم ان الرسل يقولون يوم الحشر اللهم سلم سلم ويخافون أشد الخوف على أممهم ويخافون على أنفسهم والمطهرون المحفوظون الذين ما تدنست بواطنهم بالشبه المضلة ولا ظواهرهم ايضا بالمخالفات الشرعية آمنون يغبطهم النبيون فى الذي هم عليه من الامن لما هم اى النبيون عليه من الخوف على أممهم فمن لقى الله تعالى فى ذلك اليوم شاهدا له بالإخلاص مقرا بنبيه صلى الله عليه وسلم بريئا من الشرك ومن السحر بريئا من اهراق دماء المسلمين ناصحا لله تعالى ولرسوله محبا لمن أطاع الله ورسوله مبغضا لمن عصى الله

[سورة الأعراف (7) : آية 8]

ورسوله استظل تحت ظل عرش الرحمن ونجا من الغم ومن حاد عن ذلك ووقع فى شىء من هذه الذنوب بكلمة واحدة او تغير قلبه او شك فى شىء من دينه بقي الف سنة فى الحر والهم والعذاب حتى يقضى الله فيه بما يشاء- روى- ان ملكا من ملوك كندة كان طويل المصاحبة للهو واللذات كثير العكوف على اللعب فركب يوما للاصطياد او غيره فانقطع عن أصحابه فاذا هو برجل جالس قد جمع عظاما من عظام الموتى وهى بين يديه يقلبها فقال ما قصتك ايها الرجل وما الذي بلغ بك ما ارى من سوء الحال ويبس الجلد وتغير اللون والانفراد فى هذه الفلاة فقال اماما ذكرت من ذلك فلانى على جناح سفر بعيد وبي موكلان مزعجان يحدوان بي الى منزل كبيت النمل مظلم القعر كريه المقر يسلمانى الى مصاحبة البلى ومجاورة الهلكى تحت أطباق الثرى فلو تركت بذلك المنزل مع ضيقه ووحشته وارتعاء حشاش الأرض من لحمى حتى أعود رفاتا وتصير اعظمى رماما لكان للبلى انقضاء وللشقاء نهاية ولكنى ادفع بعد ذلك الى صيحة الحشر واردا طول مواقف الجرائم ثم لا أدرى الى أي الدارين يؤمر بي فأى حال يلتذ به من يكون هذا الأمر مصيره فلما سمع الملك كلامه القى نفسه عن فرسه وجلس بين يدى وقال ايها الرجل لقد كدّر مقالك على صفو عيشى وملك قلبى فاعد علىّ بعض قولك فقال له اما ترى هذه التي بين يدى قال بلى قال هذه عظام ملوك غرتهم الدنيا بزخرفها واستحوذت على قلوبهم بغرورها فالهتهم عن التأهب لهذه المصارع حتى فاجأتهم الآجال وخذلتهم الآمال وسلبتهم بهاء النعمة وستنشر هذه العظام فتعود أجساما ثم تجازى باعمالها فاما الى دار النعيم والقرار واما الى دار العذاب والبوار ثم غاب الرجل فلم يدر اين ذهب وتلاحق اصحاب الملك به وقد تغير لونه وتواصلت عبراته فلما جن عليه الليل نزع ما عليه من لباس الملك ولبس طمرين وخرج تحت الليل فكان آخر العهد به وانشدوا أفنى القرون التي كانت منعمة ... كر اللييلات إقبالا وإدبارا يا راقد الليل مسرورا باوله ... ان الحوادث قد يطرقن اسحارا لا تأمنن بليل طاب اوله ... فرب آخر ليل أجج النارا قال الامام زين العابدين. عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ويكون غدا جيفة. وعجبت كل العجب لمن شك فى الله وهو يرى خلقه. وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى. وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء فعلى العاقل ان يعتبر بمن مضى قبل ان يجيىء على رأسه القضاء ويجتهد فى طريق الحق ذاكرا له فى الغدو والرواح ويتهيأ للموت قبل نزوله والوقت يمضى كالرياح فاين الذين وقعوا فى انكار الرسل وتكذيب الأنبياء مضوا والله الى دار الجزاء وسينقضى الزمان كله فلا يبقى أحد على بساط العالم من ملك وجن وبنى آدم وتطوى صحائف الأعمال وتنشر يوم السؤال ويظهر كل جليل ودقيق فيا شقاوة اهل الخذلان ويا سعادة اهل التوفيق اللهم انا نسألك مراقبة الأوقات ومحافظة الطاعات والتمشى على الصراط السوي فى المسلك الصوري والمعنوي فاعن الضعفاء يا قوى آمين يا معين وَالْوَزْنُ اى وزن الأعمال والتمييز بين

[سورة الأعراف (7) : آية 9]

راجحها وخفيفها وجيدها ورديها والمعنى بالفارسيه (سنجيدن اعمال هر يك) يَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة الْحَقُّ بالفارسية [راستست وبودنى] فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ اى حسناته التي توزن فهو جمع موزون ويجوز ان يكون جمع ميزان باعتبار اختلاف الموزونات وتعدد الوزن وقال فى التأويلات النجمية وانما قال موازينه بالجمع لان كل عبد ينصب له موازين بالقسط تناسب حالاته فلبدنه ميزان يوزن به أوصافه ولروحه ميزان يوزن به نعوته ولسره ميزان يوزن به أحواله ولخفيه ميزان يوزن به أخلاقه والخفي لطيفة روحانية قابلة لفيض الأخلاق الربانية ولهذا قال عليه السلام (ما وضع فى الميزان أثقل من حسن الخلق) وذلك لانه ليس من نعوت المخلوقين بل هو من اخلاق رب العالمين والعباد مأمورون بالتخلق بأخلاقه فَأُولئِكَ الجمع باعتبار معنى من هُمُ ضمير فصل يفيد اختصاص المسند بالمسند اليه الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالنجاة والثواب وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ بالفارسية [عملهاى وزن كرده او وآن سبكى بمعصيت خواهد بود فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بتضييع الفطرة السليمة التي فطرت عليها واقتراف ما عرضها للعذاب قال الحدادي الخسران اذهاب رأس المال ورأس مال الإنسان نفسه فاذا هلك بسوء عمله فقد حسر نفسه بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ يعنى وضعوا التكذيب بها موضع التصديق. قوله بما متعلق بخسروا وما مصدرية وبآياتنا متعلق بيظلمون على تضمين معنى التكذيب قال فى التأويلات النجمية الوزن عند الله يوم القيامة لاهل الحق وارباب الصدق واعمال البر فلا وزن للباطل واهله ويدل عليه قوله تعالى فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً- وروى- انه يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فيوزن فلا يزن جناح بعوضة انتهى وهذه الرواية تدل على ان الموزون هو الاشخاص كما ذهب اليه بعض العلماء ولكن الجمهور على ان صحائف الأعمال هى التي توزن بميزان له لسان وكفتان ينظر اليه الخلائق إظهارا للمعدلة وقطعا للمعذرة كما يسألهم عن أعمالهم فتعترف بها ألسنتهم وجوارحهم وتشهد عليهم الأنبياء والملائكة والاشهاد وكما تثبت فى صحائفهم فيقرأونها فى موقف الحساب ويؤيده ما روى ان الرجل يؤتى به الى الميزان فينشر له تسعة وتسعون سجلا مدى البصر فتخرج له بطاقة فيها كلمتا الشهادة فتوضع السجلات فى كفة والبطاقة فى كفة فيطيش السجلات وتثقل البطاقة والبطاقة رقعة صغيرة وهى ما يجعل فى طى الثوب يكتب فيها ثمنه- روى- ان داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان الذي ينصب يوم القيامة فرأى كل كفة ملىء ما بين المشرق والمغرب فغشى عليه فلما أفاق قال الهى من يقدر ان يملأ كفته بالحسنات فقال الله تعالى يا داود إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة من صدقة وقال فى التفسير الفارسي [در تبيان از ابن عباس نقل ميكند كه درازى عمود ميزان پنجاه هزار ساله راهست وكفين او يكى از نورست ويكى از ظلمت حسنات در پله نور نهند وسيآت در پله ظلمت]- ويحكى- عن بعضهم انه قال رأيت بعضهم فى المنام فقلت ما فعل الله بك فقال وزنت حسناتى فرجحت السيئات على الحسنات فجاءت صرة من السماء وسقطت فى كفة الحسنات فرجحت فحللت

[سورة الأعراف (7) : الآيات 10 إلى 15]

الصرة فاذا فيها كف تراب ألقيته فى قبر مسلم ويجاء بعمل الرجل فيوضع فى كفة ميزانه فيخف فيجاء بشىء أمثال الغمام فيوضع فى كفة ميزانه فترجح فيقال له أتدري ما هذا فيقول لا فيقال له هذا فضل العلم الذي كنت تعلمه الناس وتستوى كفتا الميزان لرجل فيقول الله تعالى لست من اهل الجنة ولا من اهل النار فيأتى الملك بصحيفة فيضعها فى كفة الميزان فيها مكتوب أف فيترجح على الحسنات لانها كلمة عقوق ترجح بها جبال الدنيا فيؤمر به الى النار فيطلب الرجل ان يرد الى الله تعالى فيقول ردوه فيقول ايها العبد العاق لأى شىء تطلب الرد الى فيقول الهى رأيت انى سائر الى النار وان لا بدلى منها وكنت عاقا لأبى وهو سائر الى النار مثلى فضعف على به عذابى وأنقذه منها فيضحك الله تعالى ويقول عققته فى الدنيا وبررته الآخرة خذ بيد أبيك وانطلق الى الجنة: قال الحافظ طمع ز فيض كرامت مبر كه خلق كريم ... كنه ببخشد وبر عاشقان ببخشايد واعلم ان السبعين الالف الذين يدخلون الجنة بلا حساب لا يرفع لهم ميزان وكذا يؤتى باهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان فيصب لهم الاجر صبا حتى ان اهل العافية ليتمنون فى الموقف ان أجسامهم قد قرضت بالمقاريض من حسن ثواب الله فهم يكونون تحت شجرة فى الجنة تسمى شجرة البلوى قال الله تعالى إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ قال ارباب التحقيق التوحيد الرسمى يدخل فى الميزان لانه يوجد له ضد كما أشير اليه بحديث صاحب السجلات واما التوحيد الحقيقي فلا يدخل فى الميزان لانه لا يعادله شىء إذ لا يجتمع ايمان وكفر بخلاف ايمان وسيآت ولهذا كانت لا اله الا الله أفضل الاذكار فالذكر بها أفضل من الذكر بكلمة الله الله وهو هو عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفي والإثبات وحاوية على زيادة العلم والمعرفة فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد أثبت كون الحق حكما وعلما والا له من له جميع الأسماء وما هو الا عين واحدة هى مسمى الله الذي بيده ميزان الرفع والخفض قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره لا تدخل الموازين الا اعمال الجوارح وهى سبع السمع والبصر واللسان واليد والبطن والفرج والرجل. واما الأعمال المعنوية فلا تدخل الميزان المحسوس لكن يقام فيها العدل وهو الميزان المعنوي فحس لحس ومعنى لمعنى يقابل كل شىء بشاكلته قال العلماء إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال لان الوزن للجزاء ينبغى ان يكون بعد المحاسبة فان المحاسبة لتقرير الأعمال والوزن لاظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها كذا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى فعلى العاقل ان يسارع الى الطاعات ويبادر الى الحسنات خصوصا الى احسن الحسنات وهو كلمتا الشهادة ليكون ممن ثقلت موازينه ويدخل فى زمرة المفلحين وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ اى جعلنا لكم منها مكانا وقرارا وأقدرناكم على التصرف فيها على أي وجه شئتم وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ اى انشأنا وأبدعنا لمصالحكم ومنافعكم فيها أسبابا تعيشون بها جمع معيشة وهى ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرهما والخطاب لقريش فانه تعالى فضلهم على العرب بان مكنهم من الرحلة الى الشام او ان الصيف ومن الرحلة الى اليمن او ان الشتاء آمنين بسبب كونهم سكان حرم الله

[سورة الأعراف (7) : آية 11]

تعالى ومجاورى بيته الشريف ويتخطف الناس من حولهم فيتجرون بتينك الرحلتين ويكسبون ما يكون سببا لحياتهم من المآكل والمشارب والملابس وغيرها قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ فيما صنعت إليكم والاشارة ان التمكين لفظ جامع للتمليك والتسليط والقدرة على تحصيل اسباب كل خير وسعادة دنيوية كانت او اخروية وكمال استعداد المعرفة والمحبة والطلب والسير الى الله ونيل الوصول والوصال ما تشرف بهذا التمكين الا الإنسان وبه كرم وفضل وبه يتم امر خلافته ولهذا امر الملائكة بسجود آدم وبه من الله على أولاده بقوله لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ اى سيرناكم ووهبنا لكم فى خلافة الأرض ما لم نمكن أحدا غيركم فى الأرض من الحيوانات ولا فى السماء من الملائكة وجعلنا لكم خاصة فيها معايش اى جعلنا لكل صنف من الملك والحيوان والشيطان معيشة يعيش بها او جعلنا لكم فيها معايش لان الإنسان مجموع من الملكية والحيوانية والشيطانية والانسانية فمعيشة الملك هى معيشة روحه ومعيشة الحيوان هى معيشة بدنه ومعيشة الشيطان هى معيشة نفسه الامارة بالسوء ولما حصل للانسان بهذا التركيب مراتب الانسانية وانها لم تكن لكل واحد من الملك والحيوان والشيطان وهى القلب والسر والخفي فمعيشة قلبه هى الشهود ومعيشة سره هى الكشوف ومعيشة خفيه هى الوصال والوصول قليلا ما تشكرون اى قليلا منكم من يشكر هذه النعم اى نعمة التمكن ونعمة المعايش برؤية هذه النعم والتحدث بها فان رؤية النعم شكرها والتحدث بالنعم ايضا شكر كذا فى التأويلات النجمية نعمت بسى وشكر كزارنده اندكست ... كوينده سپاس الهى ز صد يكست واعلم ان النعمة انما تسلب ممن لا يعرف قدرها ولا يؤدى شكرها- روى- ان بعض الأنبياء عليهم السلام سأل الله تعالى عن امر بلعم وطرده بعد تلك الآيات والكرامات فقال الله تعالى لم يشكرنى يوما من الأيام على ما أعطيته ولو شكرنى على ذلك مرة لما سلبته فتيقظ ايها الرجل واحتفظ بركن الشكر جدا جدا واحمد الله على مننه التي أعلاها الإسلام والمعرفة وأدناها مثلا توفيق لتسبيح او عصمة من كلمة لا تعنيك عسى ان يتم نعمه عليك ولا يبتليك بمرارة الزوال فان امر الأمور وأصعبها الاهانة بعد الكرام والطرد بعد التقريب والفراق بعد الوصال: قال السعدي قدس سره نداند كسى قدر روز خوشى ... مكر روزى افتد بسختى كشى مكن تكيه بر دستكاهى كه هست ... كه باشد كه نعمت نماند بدست بسا اهل دولت ببازى نشت ... كه دولت برفتش ببازى ز دست فضيحت بود خوشه اندوختن ... پس از خرمن خويشتن سوختن تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب اگر بنده كوشش كند بنده وار ... عزيزش ندارد خداوند كار وكر كند رايت در بندگى ... ز جاندارى افتد بجر بندگى اللهم احفظنا من الكفران ووفقنا للشكر كل حين وآن وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ اى

[سورة الأعراف (7) : آية 12]

خلقنا اباءكم آدم طينا غير مصور بصورته المخصوصة ثم صورناه عبر عن خلق نفس آدم وتصويره بخلق الكل وتصويرهم تنزيلا لخلقه وتصويره منزلة خلق الكل وتصويرهم من حيث ان المقصود من خلقه وتصويره تعمير الأرض باولاده فكان خلقه بمنزلة خلق أولاده فالاسناد فى ضمير الجمع مجازى ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ كلهم لعموم اللفظ وعدم المخصص اسْجُدُوا لِآدَمَ سجدة تحية وتكريم لان السجود الشرعي وهو وضع الجبهة على قصد العبادة انما هو لله تعالى حقيقة فَسَجَدُوا اى الملائكة بعد الأمر من غير تلعثم إِلَّا إِبْلِيسَ اى لكن إبليس لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ اى ممن سجد لآدم والا فهو كان ساجدا لله تعالى قالَ استئناف كأنه قيل فماذا قال الله تعالى حينئذ فقيل قال ما اى أي شىء مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ اى ان تسجد ولا صلة كما فى قوله تعالى لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ اى ليتحقق علم اهل الكتاب إِذْ أَمَرْتُكَ اى وقت امرى إياك به قالَ إبليس أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ اى الذي منعنى من السجود هو انى أفضل منه لانك خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ والنار جوهر لطيف نورانى والطين جسم كثيف ظلمانى فهو خير منه ولقد اخطأ اللعين حيث لاحظ الفضيلة باعتبار المادة والعنصر ز آدمي إبليس صورت ديد وبس ... غافل از معنى شد آن مردود خس «1» نيست صورت چشم را نيكو بمال ... تا ببينى شعشع نور جلال «2» ونعم ما قيل ايضا صورت خاك ار چهـ دارد تيركى در تيركى ... نيك بنكر كزره معنى صفا اندر صفاست اين همايون خاك كاندر وصف او صاحب دلى ... نكته كفتش كه از وى ديده جانرا جلاست جستن كو كرد احمر عمر ضايع كردنست ... روى بر خاك سياه آور كه يكسر كيمياست وفى المثنوى كفت نار از خاك بي شك بهترست ... من ز نار واو ز خاك اكدرست پس قياس فرع بر اصلش كنيم ... او ز ظلمت من ز نور روشنيم كفت حق نى بلكه لا انساب شد ... زهد وتقوى فضل را محراب شد اين نه ميراث جهان فانيست ... كه بانسابش بيان جانيست بلكه اين ميراثهاى انبياست ... وارث اين جانهاى اتقياست پور آن بوجهل شد مؤمن عيان ... پور آن نوح نبى از كمرهان زاده خاكى منور شد چوماه ... زاده آتش توئى اى رو سياه اين قياسات وتحرى روز ابر ... يا بشب مر قبله را كردست جبر ليك با خورشيد وكعبه پيش رو ... اين قياس واين تحرى را مجو كعبه ناديده مكن رو زو متاب ... از قياس الله اعلم بالصواب وفى التأويلات النجمية ان شرف مسجودية آدم وفضيلته على ساجديه لم يكن بمجرد خواصه الطينية وان تشرفه بشرف التخمير بغير واسطة كقوله تعالى ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ

_ (1) لم أجد. [.....] (2) در اواخر دفتر ششم در بيان باز آمدن رن جوحى سال ديكر نزد قاضى إلخ در اواخر دفتر يكم در بيان آنكه أول كسى كه در مقابل نص صريح إلخ.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 13 إلى 15]

وكقوله عليه السلام (خمر الله طينة آدم بيده أربعين صباحا) وانما كانت فضيلته عليهم لاختصاصه بنفخ الروح المشرف بالاضافة الى الحضرة فيه من غير واسطة كما قال وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ولاختصاصه بالتجلى فيه عند نفخ الروح كما قال عليه السلام (ان الله تعالى خلق آدم فتجلى فيه) ولهذا السر ما امر الملائكة بالسجود بعد تسوية قالب آدم من الطين بل أمرهم بالسجود بعد نفخ الروح فيه كما قال الله تعالى إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ وذلك لان آدم بعد ان نفخ فيه الروح صار مستعدا للتجلى لما حصل فيه من لطافة الروح ونور انيته التي يستحق بها التجلي ومن إمساك الطين الذي يقبل الفيض الإلهي ويمسكه عند التجلي فاستحق سجود الملائكة فانه صار كعبة حقيقة قالَ الله تعالى فَاهْبِطْ يا إبليس مِنْها اى من الجنة والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها وكانوا فى جنة عدن لا فى جنة الخلد وفيها خلق آدم وهذا امر عقوبة على معصية فَما يَكُونُ لَكَ اى فما يصح ويستقيم لك ولا يليق بشأنك أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها اى فى الجنة ولا دلالة فيه على جواز التكبر فى غيرها فَاخْرُجْ تأكيد للامر بالهبوط إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ اى من الأذلاء واهل الهوان على الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك وفى الآية تنبيه على ان الله تعالى انما طرده واهبطه لتكبره لا لمجرد عصيانه وفى الحديث (من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله) وفى المثنوى علتى بدتر ز پندار كمال ... نيست اندر جانت اى مغرور ضال از دل واز ديده ات بس خون رود ... تا ز تو اين معجبى بيرون شود علت إبليس انا خير بدست ... وين مرض در نفس هر مخلوق هست كرچهـ خود را بس شكسته بيند او ... آب صافى دان وسر كين زير جو چون بشورانى مر او راز امتحان ... آب سركين رنك كردد در زمان در تك جو هست سركين اى فتى ... كر چهـ جو صافى نمايد مر ترا وكان الاصحاب رضى الله عنهم يبكون دما من اخلاق النفس- وذكر- ان قاضيا جاء الى ابى يزيد البسطامي يوما فقال نحن نعرف ما تعرفه ولكن لا نجد تأثيره فقال ابو يزيد خذ مقدارا من الجوز وعلق وعاءه فى عنقك ثم ناد فى البلد كل من يلطمنى ادفع له جوزة حتى لا تبقى منه شيأ فاذا فعلت ذلك تجد التأثير فاستغفر القاضي فقال ابو يزيد قد أذنبت لانى اذكر ما يخلصك من كبر نفسك وأنت تستغفر من ذلك لكمال كبرك قال ابو جعفر البغدادي ست خصال لا تحسن بست رجال. لا يحسن الطمع فى العلماء. ولا العجلة فى الأمراء. ولا الشح فى الأغنياء. ولا الكبر فى الفقراء. ولا السفه فى المشايخ. ولا اللؤم فى ذوى الاحساب فعليك بالتوحيد فانه سيف صارم يقطع عرق كل خلق مذموم قالَ الشيطان بعد كونه مطرودا أَنْظِرْنِي اى أمهلني ولا تمتنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ اى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم وهو وقت النفخة الثانية وأراد اللعين بذلك ان يجد فسحة من اغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت لاستحالته بعد الموت قالَ الله تعالى إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 16 إلى 20]

الى وقت النفخة الاولى لا الى وقت البعث الذي هو المسئول كما بين مدة المهلة فى قوله تعالى فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو يوم النفخة الاولى يموت الخلق فيه ويموت إبليس معهم وبين النفخة الاولى والثانية أربعون سنة فاستجيب بعض دعائه لا كله والفتوى على ان دعاء الكافر يستجاب استدراجا ودل ظاهر قوله إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ على ان ثمة منظرين غير إبليس وعن ابن عباس قال ان الدهر يمر بإبليس فيهرم ثم يعود ابن ثلاثين غافلان از مرك مهلت خواستند ... عاشقان كفتند نى نى زود باد وانما انظره ابتلاء للعباد وتمييزا بين المخلص لله ومتبع الهوى وتعريضا للثواب بمحالفته. وقيل انظره مكافأة له بعبادته التي مضت فى السماء وعلى وجه الأرض ليعلم انه لا يضيع اجر العاملين وقيل أمهله وأبقاه الى آخر الدهر استدراجا له من حيث لا يعلم ليتحمل من الأوزار ما لا يتحمل غيره من الأشرار والكفار فأنظره الى يوم القرار ليحصل الاعتبار به لذوى الابصار بان أطول الأعمار فى هذه الدار لرئيس الكفار وقائد زمرة الفجار واختلف العلماء هل كلم الله تعالى إبليس بغير واسطة اولا والصحيح انه انما كلمه بواسطة ملك لان كلام الباري لمن كلمه رحمة ورضى وتكرم وإجلال ألا ترى ان موسى عليه السلام فضل بذلك على الأنبياء ما عدا الخليل ومحمدا صلى الله عليه وسلم فان قيل أليس رسالته ايضا تشريفا وقد كانت لابليس على غير وجه التشريف كذلك كلامه يكون تشريفا لغير إبليس ولا يكون تشريفا لابليس. قيل مجرد الإرسال ليس بتشريف وانما يكون لاقامة الحجة بدلالة ان موسى عليه السلام أرسله الله الى فرعون وهامان ولم يقصدا إكرامهما واعظامهما لعلمه بانهما عدوان وكان كلامه إياه تشريفا له وقوله تعالى وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ اى على لسان بعض ملائكته قالَ إبليس فَبِما أَغْوَيْتَنِي الباء متعلقة بفعل القسم المحذوف. والإغواء الإضلال عن المنهج القويم والهمزة فيه للصيرورة اى بسبب ان صيرتنى غاويا ضالا عن الهدى محروما من الرحمة لاجلهم اقسم بعزتك لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ اى لآدم وذريته ترصدا بهم كما يقعد القطاع للقطع على السابلة صِراطَكَ اى على صراطك الْمُسْتَقِيمَ الموصل الى الجنة وهو دين الإسلام فالقعود كناية عن الاجتهاد فى إغواء بنى آدم فان من هلك بسبب الاجتهاد فى تكميل امر من الأمور يقعد حتى يصير فارغ البال عما يشغله عن إتمام مقصوده ويتوجه اليه بكليته ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ [پس بيايم بديشان] مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ اى من قبل الآخرة فاشككهم فيها. وايضا من قبل الحسد فازين لهم الحسد على الأكابر من العلماء والمشايخ فى زمانهم ليطعنوا فى أحوالهم وأعمالهم وأقوالهم وَمِنْ خَلْفِهِمْ من جهة الدنيا ارغبهم. فيها وايضا من قبل العصبية ليطعنوا فى المتقدمين من الصحابة والتابعين والمشايخ الماضين ويقدحوا فيهم ويبغضوهم وَعَنْ أَيْمانِهِمْ من جهة الحسنات وأوقعهم فى العجب والرياء. وايضا من قبل الانبساط فاحرض المريدين على سوء الأدب فى صحبة المشايخ وترك الحشمة والتعظيم والتوسع فى الكلام والمزاح لانزلهم عن رتبة القبول وَعَنْ شَمائِلِهِمْ من جهة السيئات فازينها لهم. وايضا من قبل المخالفة فامرهم بترك أوامر المشايخ ونواهيهم لأوردهم به موارد الرد واهلكهم بسطوات غيرة الولاية وردها بعد القبول والمقصود من الجهات

[سورة الأعراف (7) : آية 18]

الأربع التي يعتاد هجوم العدو منها مثل قصده إياهم للتسويل والإضلال من أي وجه يتيسر بإتيان العدو من الجهاد الأربع ولذلك لم يذكر الفوق والتحت وانما عدى الفعل الى الأولين بحرف الابتداء لانه منهما متوجه إليهم والى الآخرين بحرف المجاوزة فان الآتي منهما كالمنحرف المتجافى عنهم المار على عرضهم وجانبهم كما تقول جلست عن يمينه إذا جلست متجافيا عن جانب يمينه غير ملاصق له فكأنك انحرفت عنه وتجاوزت وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ اى مطيعين وفى التفسير الفارسي [يعنى كافران باشند كه منعم را نشناسد] وانما قال ظنا لا علما لقوله تعالى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ لما رأى فيهم مبدأ الشر متعددا وهو الشهوة والغضب ومبدأ الخير واحدا وهو العقل: قال السعدي قدس سره نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كزينان نيايد بجز كار بد فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش بر انداخت از بهر ما كجا سر بر آريم ازين عاروننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ قالَ الله تعالى لابليس اخْرُجْ مِنْها اى من الجنة حال كونك مَذْؤُماً اى مذموما من ذأمه إذا ذمه فالذام من المهموز العين والذم من المضاعف كلاهما بمعنى واحد وهو التعييب البليغ مَدْحُوراً اى مطرودا فاللعين مطرود من الجنة ومن كل خير لعجبه ونظره الى نفسه ففيه عبرة لكل مخلوق بعده لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ اللام لتوطئة القسم ومن شرطية ومعناه بالفارسية [بخداى كه هر كه در پى تو بيايد از أولاد آدم لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ جواب القسم وهو ساد مسد جواب الشرط ومعنى منكم اى منك ومن ذريتك ومن كفار ذرية آدم وفى الحديث (تحاجت النار والجنة فقالت هذه يدخلنى الجبارون المتكبرون وقالت هذه يدخلنى الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه أنت عذابى أعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتى ارحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها) والتابعون للشيطان هم الذين يأتيهم من الجهاد الأربع المذكورة فيقبلون منه ما امره فليحذر العاقل عن متابعته وليجتهد فى طاعة الله وعبادته حتى لا يدخل النار مع الداخلين وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة رفع الى كل مؤمن رجل من اهل الملل فقيل هذا فداؤك من النار) وفى هذا الحديث دليل على كمال لطف الله بعباده وكرامتهم عليه حيث فدى أولياءه باعدائه ويحتمل ان يكون معنى الفداء ان الله تعالى وعد النار ليملأها من الجنة والناس فهى تستنجز الله موعده فى المشركين وعصاة المؤمنين فيرضيها الله تعالى بما يقدم إليها من الكفار فيكون ذلك كالمفاداة عن المؤمنين وقال بعضهم معناه ان المؤمنين يتوقون بالكفار من نفح النار إذا مروا على الصراط فيكونون وقاية وفداء لاهل الإسلام قال بعضهم رأيت أبا بكر بن الحسين المقري فى المنام فى الليلة التي دفن فيها فقلت له ايها الأستاذ ما فعل الله بك قال ان الله تعالى اقام أبا الحسن العامري صاحب الفلسفة فدائى وقال هذا فداؤك من النار وقد كان ابو الحسن توفى فى الليلة التي توفى فيها أبو بكر المقري وفى الحديث (يجيىء يوم القيامة ناس من المسلمين

[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 إلى 20]

بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويصعها على اليهود والنصارى) ولا يستبعد من فضل الله مع اهل الإسلام والايمان ان يفديهم باهل الكفر والطغيان وذلك عدل من الله مع اهل المعصية وفضل على اهل طاعته خلافا للمعزلة فانهم أنكروا هذه واستدلوا بقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى والذي صاروا اليه خلاف الكتاب والسنة قال الله تعالى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ فلا يصح استدلالهم بالآية لان كل كافر معاقب بوزره والله اعلم بحقيقة الحال واليه المآل وَيا آدَمُ اى وقلنا لآدم بعد إخراج إبليس من الجنة يا آدم اسْكُنْ أَنْتَ اى لازم الاقامة على طريق الإباحة والتكريم وَزَوْجُكَ حواء والزوج فى كلام العرب هو العدد الفرد المزاوج لصاحبه فاما الاثنان المصطحبان فيقال لهما زوجان الْجَنَّةَ اى قيها وهى اما جنة الخلد التي جعلت دار الجزاء وعليه اكثر اهل العلم لوجوه ذكروها فى كتبهم او جنة فى السماء هبطا منها او جنة فى الأرض كانت مرتفعة على سائر بقاع الأرض ذات أشجار واثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء وعليه بعض المحققين من اهل الظاهر والباطن لانه كلف فيها ان لا يأكل من تلك الشجرة ولا تكليف فى الجنة الجزائية ولانه نام فيها واخرج منها ودخل عليه إبليس فيها ولا نوم فى الجنة ولا خروج بعد الدخول ولا يجوز دخول الشيطان فيها بعد الطرد والإخراج ولقول قابيل انا من أولاد الجنة كما لا يخفى ولما روى ان آدم لما احتضر اشتهى قطفا من عنب الجنة فانطلق بنوه ليطلبوه فلقيتهم الملائكة فقالوا اين تريدون يا بنى آدم فقالوا ان أبانا اشتهى قطفا من عنب الجنة فقالوا لهم ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا اليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبرائيل وبنوه خلف الملائكة ودفنوه وقالوا هذه سنتكم فى موتاكم قالوا فلولا ان الوصول الى الجنة التي كان فيها آدم التي اشتهى منها القطف كان ممكنا لما ذهبوا يطلبون ذلك فدل على انها فى الأرض لا فى السماء وقد تبت ان النيل يخرج من الجنة ولا شك انها من جنان الأرض وبساتينها والله اعلم فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما من أي مكان شئتما ومن أي شىء شئتما من نعم الجنة وثمارها موسعا عليكما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ اختلفوا فى هذه الشجرة ايضا وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها ولو كان فى ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا كما فى غيرها كذا فى آكام المرجان فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ اى فتصيرا من الذين ظلموا أنفسهم فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ قال فى الصحاح فوسوس لهما الشيطان يريد إليهما ولكن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل انتهى. والوسوسة الكلام الخفي المكرر يلقيه الشيطان الى قلب البشر ليزين له ما هو المنكر شرعا وأول ما ابتدأهما به من كيده إياهما انه ناح عليهما نياحة احزنتهما حين سمعاها فقالا له ما يبكيك قال ابكى عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة فوقع ذلك فى نفسهما ثم أتاهما فوسوس إليهما وقال ما نهاكما كما يجيىء لِيُبْدِيَ لَهُما اى ليظهر لهما. واللام للعاقبة لان اللعين انما وسوس لهما ليوقعهما فى المعصية لا لظهور عورتهما لكن لما كان عاقبة وسوسته ظهور سواتهما شبه ظهورها بالغرض الحامل على الوسوسة ويحتمل ان يكون اللام لام الغرض على انه أراد بوسوسته ان يسوءهما

[سورة الأعراف (7) : الآيات 21 إلى 26]

اى يخزيهما بانكشاف عورتهما عند الملائكة وكان قد علم ان لهما سوءة بقراءته كتب الملائكة ولم يكن آدم يعلم ذلك وفى كون الانكشاف غرضا لابليس دليل على ان كشف العورة فى الخلوة وعند الزوج من غير حاجة قبيح مستهجن فى الطباع ولم يقع نظر على رضى الله عنه الى عورته حذرا من ان يراها بالعين التي يرى بها جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا كان النظر الى سوءته بهذه المرتبة فما ظنك بالنظر الى سوءة الغير وما أشد قبح كشف العورة قالت عائشة رضى الله عنها ما رأى منى ولا رأيت منه الى العورة ما وُورِيَ عَنْهُما اى الذي سترعنهما وهو مجهول وارى مِنْ سَوْآتِهِما اى عورتها وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر لانهما قد البسا ثوبا يستر عورتهما. والسوآت جمع السوءة والتعبير بلفظ الجمع عن اثنين لكراهة اجتماع لفظى التثنية ويحتمل ان يكون الجمع على اصل وضعه باعتبار ان كل عورة هى الدبر والفرج وذلك اربعة فهى جمع وسميت العورة سوءة لانه يسوء الإنسان انكشافها وَقالَ عطف على وسوس بيانا وتفصيلا لكيفية وسوسته ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ اى عن أكلها لامر ما إِلَّا كراهة أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ اى كالملائكة فى لطافة البنية والاستغناء عن التغذي بالاطعمة والاشربة ونحوهما وفضل الملائكة من بعض الوجوه لا يدل على فضلهم على الأنبياء مطلقا لجواز ان يكون لنوع البشر فضائل اخر راجحة على ما للملك فليس المراد انقلاب حقيقتهما البشرية الى الحقيقة الملكية فانه محال قال سعدى المفتى فيه بحث إذ لا مانع منه عند الاشاعرة لتجانس الأجسام انتهى واعلم ان الله تعالى باين بين الملائكة والجن والانس فى الصورة والاشكال فمن حصل على بنية الإنسان ظاهرا وباطنا فهو انسان فلو قلب الإنسان الى بنية الملك لخرج بذلك عن كونه إنسانا لكن الملك والشيطان لا يخرجان بالتشكلات الظاهرية المختلفة عن حقيقتهما أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ الذين لا يموتون ويخلدون فى الجنة وَقاسَمَهُما اى اقسم لهما. فالقسم انما وقع من إبليس فقط الا انه عبر عن اقسامه بزنة المفاعلة للدلالة على انه اجتهد فى القسم اجتهاد المقاسم وهو الذي حلف فى مقابله حلف شخص آخر إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فيما أقول والنصح بذل المجهود فى طلب الخير فى حق غيره فَدَلَّاهُما فنزلهما الى الاكل من الشجرة وحطهما من المرتبة العالية وهى مرتبة الطاعة الى المنزلة السافلة وهى الحالة المغضبة والتدلية إرسال الشيء من الأعلى الى الأسفل كارسال الدلو فى البئر بِغُرُورٍ اى بسبب تغريره إياهما باليمين بالله كاذبا وكان اللعين أول من حلف بالله كاذبا وظن آدم ان أحدا لا يحلف بالله كاذبا فاغتربه فان شأن المؤمن ان يعتقد بصدق من حلف بالله لتمكن عظمة اسم الله تعالى فى قلبه وكان بعض العلماء يقول من خادعنا بالله خدعنا وفى الحديث (المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم) فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما اى فلما وجدا طعمها آخذين فى الاكل منها أخذهما العقوبة وشؤم المعصية فتهافت عنهما لباسهما وظهرت لهما عوراتهما فاستحييا وفى الاخبار ان غيرهما لم ير عورتهما قيل كان لباسهما فى الجنة ظفرا فى أشد اللطافة واللين والبياض يكون حاجبا من النظر الى اصل البدن

[سورة الأعراف (7) : الآيات 23 إلى 24]

فلما أصابا الخطيئة نزع ذلك عن بدنهما وبقي عند رؤس الأصابع تذكيرا لما فات من النعم وتجديدا للندم. وقيل كان لباسهما نورا يحول بينهما وبين النظر الى حد البدن. وقيل كان حلة من حلل الجنة وَطَفِقا يَخْصِفانِ اى أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة عَلَيْهِما اى على بدنهما او على سوءاتهما من قبيل صغت قلوبكما فى التعبير عن المثنى بالجمع لعدم الناس المراد فجاز ان يرجع اليه ضمير التثنية مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ قيل كان ذلك ورق التين ولم يستره من الشجر إلا شجر التين فقال الله تعالى كما سترت آدم اخرج منك المعنى قبل الدعوى وسائر الأشجار يخرج منها الدعوى قبل المعنى فلهذه الحكمة يخرج ثمر سائر الأشجار فى كمامها اولا ثم تظهر الثمرة من الكمام ثانيا وشجرة التين أول ما يبدو ثمره يبدو بارزا من غير كمام وفى الآية دليل على ان كشف العورة قبيح من لدن آدم عليه السلام ألا ترى انهما كيف بادرا الى الستر لما تقرر فى عقلهما من قبح كشف العورة وَناداهُما رَبُّهُما مالك أمرهما بطريق العتاب والتوبيخ يحتمل ان يكون ذلك بان اوحى إليهما بواسطة الملك ذلك الكلام او بان الهمهما ذلك فى قلبهما. قيل كانت حجلتهما بهذا العتاب أشد عليهما من كل محنة أصابتهما أَلَمْ أَنْهَكُما وهو تفسير للنداء فلا محل له من الاعراب عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما عطف على أنهكما اى الم اقل لكما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ اشارة الى قوله تعالى إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ولكما متعلق بعدو لما فيه من معنى الفعل- روى- ان الله تعالى قال لآدم الم يكن فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة فقال بلى وعزتك ولكن ما ظننت ان أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا قال فبعزتى لاهبطنك الى الأرض ثم لا تنال العيش الا كدا فاهبط وعلم صنعة الحديد وامر بالحرث فحرث وسقى وحصد وداس وذرى وطحن وعجن وخبز قالا اعترافا بالخطيئة وتسارعا الى التوبة رَبَّنا اى يا ربنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا اى ضررناها بالمعصية وعرضناها للاخراج من الجنة وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا تستر علينا ذنبنا وَتَرْحَمْنا بقبول توبتنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ اى الهالكين الذين باعوا حظهم فى الآخرة بشهوة ساعة وهو دليل على ان الصغائر معاقب عليها ان لم تغفر والمغفرة مشكوك فيها فكان ذنب آدم صغيرة لانه لم يأكل من الشجرة قصدا لمخالفة حكم الله تعالى بل انما أكل بناء على مقالة اللعين حيث أورثت فيه ميلا طبيعيا ثم انه كف نفسه عنه مراعاة لحكم الله الى ان نسى ذلك وزال المانع عن أكله فحمله طبعه عليه ولانه انما اقدم عليه بسبب اجتهاد اخطأ فيه فانه ظن ان النهى للتنزيه او ان الاشارة فى قوله وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ الى عين تلك الشجرة فتناول من غيرها من نوعها وقد كان المراد بها الاشارة الى النوع كما روى انه عليه السلام أخذ حريرا وذهبا بيده وقال (هذان حرامان على ذكور أمتي حل لاناثها) قالَ الله تعالى اهْبِطُوا خطاب لآدم وحواء وذريتهما او لهما ولابليس بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ جملة حالية من فاعل اهبطوا اى متعادين فطبع إبليس على العداوة كطبع العقرب على اللدغ والذئب على السلب فعادى آدم لذهاب رياسته بين الملائكة بسبب خلافة آدم وأمرنا بمعاداة إبليس لان الابن يعادى عدو أبيه وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ [قراركاهى وآرام جايى] وَمَتاعٌ

[سورة الأعراف (7) : الآيات 25 إلى 26]

اى تمتع وانتفاع إِلى حِينٍ هو حين انقضاء آجالهم فاغتم آدم وظن انه لا يرجع الجنة قالَ الله تعالى فِيها تَحْيَوْنَ اى فى الأرض تعيشون وَفِيها تَمُوتُونَ وتقبرون وَمِنْها تُخْرَجُونَ للجزاء فعلم آدم من مضمون هذا الخطاب انه يعود الى الجنة فصار متسليا بفضل الله تعالى ووعده قال الامام القشيري ونعم ما قال أصبح آدم عليه السلام محسود الملائكة مسجودا لكافتهم على رأسه تاج الوصلة وعلى جسده لباس الكرامة وفى وسطه نطاق القربة وفى جيده قلادة الزلفى لا أحد من المخلوق فوقه من الرتبة ولا شخص مثله فى الرفعة يتوالى عليه النداء كل لحظة يا آدم فلم يمس حتى نزع عنه لباسه وسلب استئناسه وتبدل مكانه وتشوش زمانه فاذا كان شؤم معصية واحدة على من أكرمه الله بكل كرامة هكذا فكيف شؤم المعاصي الكثيرة علينا انتهى: قال الحافظ چهـ كونه دعوىء وصلت كنم بجان كه شدست ... هم وكيل قضا ودلم ضمان فراق وقضاء الله تعالى يجرى على كل أحد نبيا كان او وليا نه من از پرده تقوى پدر افتادم وبس ... پدرم نيز بهشت ابد از دست بهشت واعلم ان آدم تناول من شجرة المحبة حقيقة فوقع فى شبكة المحنة وامر بالصبر على الهجر ووعد بالوجد بعد الفقد فكان ما كان من الترقيات المعنوية بعد التنزلات الصورية مقام عيش ميسر نمى شود بي رنج ... بلى بحكم بلا بسته اند حكم الست وشجرة العلم المجرد منهى عن ان يقربها أحد بدون المكاشفة والمشاهدة والمعاينة فان صاحبه محجوب ومحروم من لذات ثمرات الحقيقة فلتكن المشاهدة همته من أول امره الى ان يصل الى ذروة الكمال قبل مجيىء الآجال فان فاجأه الموت وهو فى الطريق فالله تعالى يوصله الى مطلبه ولو فى البرزخ. وايضا لا ينبغى لاحد ان يقرب من شجرة التدبير فان التقدير كاف لكل غنى وفقير ألا ترى الى قيام الصلاة فانه اشارة الى التقدير الأزلي وهو التفويض. والركوع اشارة الى التدبير الابدى وهو التسليم. والسجدة أشار الى الفناء الكلى عنهما إذ كما لا بد من التخلق بمثل هذه الصفات لا بد من الفناء عنها فى غاية الغايات قال تعالى فِيها تَحْيَوْنَ اى فى المحبة وصدق الطلب وقرع باب الفرج بالصبر والثبات على العبودية وفى طلب الحق تموتون على جادة الشريعة باقدام الطريقة ومنها تخرجون الى عالم الحقيقة يدل عليه قوله عليه السلام (كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون) بكوش خواجه واز عشق بي نصيب مباش ... كه بنده را نخرد كس بعيب بي هنرى مرا درين ظلمات آنكه رهنمايى كرد ... دعاى نيم شبى بود وكريه سحرى يا بَنِي آدَمَ خطاب للناس كافة- روى- ان العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون لا نطوف فى ثياب عصينا الله فيها فنزلت الى آخر الآيات الثلاث قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً اى خلقناه لكم بانزال سببه من السماء وهو ماء المطر فما تنبته الأرض من القطن والكتان من ماء السماء وما يكون من الكسوة من أصواف الانعام فقوام الانعام ايضا من ماء السماء واعلم ان السماء فاعلة والأرض قابلة والحوادث الارضية منسوبة الى السماء فكل ما فى الأرض انما هو

بتدبيرات سماوية يُوارِي سَوْآتِكُمْ اى يستر عوراتكم فكشف العورة مع وجود ما يسترها من اللباس فى غاية القباحة ولا شك ان الشيطان اغوى من فعل ذلك كما اغوى آدم وحواء فبدت لهما سوآتهما ونستعيذ بالله من شره وَرِيشاً هو من قبيل ما حذف فيه الموصوف وأقيمت صفته مقامه كأنه قيل ولباسا ريشا اى ذا ريش وزينة تتجملون به عبر عن الزينة بالريش تشبيها لها بريش الطائر لان الريش زينة الطائر كما ان اللباس زينة لبنى آدم كأنه قيل أنزلنا عليكم لباسين لباسا يوارى سوآتكم ولباسا يزينكم فان الزينة غرض صحيح قال تعالى لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً قال الحسين الكاشفى [در تفسير امام زاهد فرموده كه لباس آنست كه از پنبه باشد وريش از ابريشم وكتان و پشم] وَلِباسُ التَّقْوى اى خشية الله تعالى مبتدأ خبره قوله ذلِكَ خَيْرٌ شبهت التقوى بالملبوس من حيث انها تستر صاحبها وتحفظه مما يضره كما يحفظه الملبوس قال قتادة والسدى هو العمل الصالح لانه يقى من العذاب كأنه قال لباس التقوى خير من الثياب لان الفاجر وان كان حسن الثياب فهو بادى العورة قال الشاعر انى كأنى ارى من لاحياء له ... ولا امانة وسط القوم عريانا قال الحافظ قلندران حقيقت بنيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست وفى التفسير الفارسي [وَلِباسُ التَّقْوى و پوشش تقوى يعنى لباس كه براى تواضع پوشند چون پشيمينها وجامها درشت ذلِكَ خَيْرٌ آن بهتر است كه از لباسهاى نرم] وفى الحديث (من رق ثوبه رق دينه) وقيل أول من لبس الصوف آدم وحواء حين خرجا من الجنة وكان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل من الشجر ويبيت حيث امسى فلبس الصوف والشعر علامة التواضع وفيه تشبيه بالمساكين والعاقل من اختار ما اختاره الصلحاء: قال الصائب جمعى كه پشت كرم بعشق نيند ... ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند واعلم ان لكل جزء من اجزاء الإنسان لباسا يوارى سوآة ذلك الجزء من ظاهره وباطنه فلباس الشريعة يوارى سوآة الافعال القبيحة باحكام الشريعة فى الظاهر. وسوآة الصفات الذميمة النفسانية والحيوانية بآداب الطريقة فى الباطن والتقوى هو لباس القلب والروح والسر والخفي. فلباس القلب من التقوى هو الصدق فى طلب المولى يوارى سوآة طبع الدنيا وما فيها. ولباس الروح من التقوى محبة الحق تعالى يوارى به سوآة التعلق بغير المولى. ولباس السر هو شهود انواع اللقاء يوارى به سوآة رؤية ما سوى الله تعالى. ولباس الخفي هو البقاء بهوية الحق يوارى به سوآة هوية الخلق [يعنى همه تعينات مضمحل ومتلاشى كردد وحجاب پندار از سر وجودات متكثره در كشيده آيد وسر لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ بر غرفه وحدت قهارى جلوه نمايد] ملك ملك اوست او خود مالكست ... غير ذاتش كل شىء هالكست كل شىء ما خلا الله باطل ... ان فضل الله غيم هاطل مالك آيد پيشى وجهش هست نيست ... هستى اندر نيستى خود طرفه ايست

[سورة الأعراف (7) : الآيات 27 إلى 31]

ذلِكَ اى إنزال اللباس مِنْ آياتِ اللَّهِ الدالة على فضله ورحمته لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فيعرفون نعمته حيث أغناهم باللباس عن خصف الورق او يتعظون فيتورعون عن القبائح نحو كشف العورة وفى الاسرار المحمدية العالم مشحون بالأرواح فليس فيه موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله وما يعلم جنود ربك الا هو قال حجة الإسلام فى كتابه معراج السالكين والدليل على ذلك امر النبي عليه السلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين وكان الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر يدخلون الماء وعليهم السراويلات تسترا عن سكان الماء- يحكى- عن احمد بن حنبل قال كنت يوما مع جماعة يتجردون ويدخلون الماء فاستعملت خبر النبي عليه السلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر) فلم اتجرد فرأيت تلك الليلة فى المنام كأن قائلا يقول ابشر يا احمد فان الله تعالى قد غفر لك باستعمال السنة فقلت ومن أنت قال انا جبرائيل فقد جعلك الله اماما يقتدى بك قال فى الشرعة وينوى بلبس الثياب ستر العورة والعيب الواقع فى البدن والتزين بها توددا الى اهل الإسلام لاحظ النفس فان ذلك اللبس بتلك النية يصفى وينور العقل عن الكدورات تصفية بحيث لا يشوبه شىء من اهوية النفس وحظوظها ويؤجر عليه بتلك النية قيل الأعمال البهيمية ما كان بغير نية فعلى العاقل جمع الهمم بحيث لا يسخ فى السر ذكر غيره تعالى يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ اى لا يوقعنكم فى الفتنة والمحنة بان يمنعكم من دخول الجنة باغوائكم كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ نعت لمصدر محذوف اى لا يفتننكم فتنة مثل فتنة إخراج أبويكم آدم وحواء من الجنة فانه إذا قدر بكيده على ازلالهما فان يقدر على ازلال أولاده اولى فوجب عليكم ان تحترزوا عن قبول وسوسته والنهى فى اللفظ للشيطان والمعنى نهيهم عن اتباعه والافتتان به وهو ابلغ من لا تقبلوا فتنة الشيطان يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما حال من أبويكم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان لباسهما كان من الظفر اى كان يشبه الظفر فانه كان مخلوقا عليهما خلقة الظفر وأسند نزع اللباس الى الشيطان مع انه لم يباشر ذلك لكونه سببا فى ذلك النزع لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما اى ليظهر لهما عوراتهما وكانا قبل ذلك لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر كما روى ان آدم كان رجلا طوالا وكأنه نخلة سحوق كثير شعر الرأس فلما وقع بالخطيئة بدت سوآته وكان لا يراها فانطلق هاربا فى الجنة فعرضت له شجرة من شجر الجنة فحبسته بشعره فقال لها ارسلينى فقالت لست مرسلتك فناداه ربه يا آدم أمنى تفرّ قال لا ولكنى استحييت إِنَّهُ اى الشيطان او الشان يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ اى جنوده وذريته مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ من لابتداء غاية الرؤية وحيث ظرف لمكان انتفاء الرؤية ومعناه بالفارسية [از جايى كه شما او را نمى بينيد يعنى أجسام ايشان از غايت رقت ولطافت در نظر شما نمى آيد وايشان أجسام شما را بواسطه غلظت وكثافت مى بينند حذر از چنين دشمن لازمست] : وفى المثنوى از نبى بر خوان كه ديو وقوم او ... مى برند از حال انسى خفيه بو از رهى كه انس از ان آگاه نيست ... زانكه زين محسوس وزين أشباه نيست

مسلكى دارند از ديده درون ... ما ز دزديهاى ايشان سرنكون دمبدم خبط وزيانى ميكنند ... صاحب نقب وشكاف زور بند ورؤيتهم إيانا من حيث لانراهم فى الجملة اى فى بعض أحوالهم وهو حال بقائهم على صورهم الاصلية لا يقتضى امتناع رؤيتنا إياهم بان يتمثلوا لنا كما تواتر من ان بعض الناس رأى الجن جهارا علنا قال فى آكام المرجان فى احكام الجان لو كثف الله أجسامهم وقوى شعاع أبصارنا لرأيناهم او لو كثفهم وشعاع أبصارنا على ما هو عليه من غير ان يقوى لرأيناهم ألا ترى ان الريح مادامت رقيقة لطيفة لا ترى فاذا كشفت باختلاف الغبار رأيناهم ولم يمتنع دخولهم فى أبداننا كما يدخل الريح والنفس المتردد الذي هو الروح فى أبداننا من التخرق والتخلخل وفى الحديث (ان الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم) وقد يحتاج فى إبراء المصروع ودفع الجن عنه الى الضرب فيضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة او اربعمائة ضربة او اقل او اكثر والضرب انما يقع على الجنى ولا يحس به المصروع ولو كان على الانسى لقتله وكذا يجوز دخولهم فى الأحجار إذا كانت مخلخلة كما يجوز دخول الهواء فيها فان قلت لو دخل الجن فى جسد ابن آدم لتداخلت الأجسام ولاحترق الإنسان قلت الجسم اللطيف يجوز ان يدخل الى مخاريق الجسم الكثيف كالهواء الداخل فى سائر الأجسام ولا يؤدى ذلك الى اجتماع الجواهر فى حيز واحد لانها لا تجتمع الا على طريق المجاورة لا على سبيل الحلول وانما يدخل فى أجسامنا كما يدخل الجسم الرقيق فى الظروف والجن ليسوا بنار محرقة بل هم خلقوا من نار فى الأصل كما خلق آدم من التراب فالنسبة باعتبار الجزء الغالب قال فى بحر الحقائق الاشارة انهم انما يرونكم من حيث البشرية التي هى منشأ الصفات الحيوانية وانكم محجوبون بهذه الصفات عن رؤيتهم لا من حيث الروحانية التي هى منشأ علوم الأسماء والمعرفة فانهم لا يرونكم فى هذا المقام وأنتم ترونهم بالنظر الروحاني بل بالنظر الرباني انتهى. ثم قوله إِنَّهُ يَراكُمْ تعليل للنهى ببيان انه عدو صعب الاحتراز عن ضرره فان العدو الذي يراك ولا تراه شديد المئونة لا يتخلص منه الا من عصمه الله فلا بد ان يكون العاقل على حذر عظيم من ضرره فان قيل كيف نحاربهم ونحترز عنهم ونحن لا نراهم قلنا لم نؤمر بمحاربة أعيانهم وانما أمرنا بدفع وسوستهم وعدم قبول ما ألقاه فى قلوبنا بالاستعاذة منه الى الله تعالى- روى- عن ذى النون المصري انه قال ان كان هو يراك من حيث لا تراه فان الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله عليه فان كيد الشيطان كان ضعيفا إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بما أوجدنا بينهم من التناسب فى الخذلان والغواية فصار بعضهم قرين بعض واغواه. فالاولياء جمع ولى بمعنى الصديق ضد العدو يقال منه تولاه اى اتخذه صديقا وخليلا وذكر عن وهب بن منبه انه قال امر الله تعالى إبليس ان يأتى محمدا عليه السلام ويجيبه عن كل ما يسأله فجاء على صورة شيخ وبيده عكازة فقال له (من أنت) قال انا إبليس قال (لماذا جئت) قال أمرني ربى ان آتيك وأجيبك فاخبرك عما تسألنى فقال عليه الصلاة والسلام (فكم اعداؤك من أمتي) قال خمسة عشر أنت يا محمد. وامام عادل. وغنى متواضع. وتاجر صدوق. وعالم متخشع. ومؤمن ناصح. ومؤمن

[سورة الأعراف (7) : آية 28]

رحيم القلب. وثابت على التوبة. ومتورع عن الحرام. ومديم على الطهارة. ومؤمن كثير الصدقة. وحسن الخلق مع الناس. ومن ينفع الناس. وحامل القرآن مديم عليه. وقائم الليل والناس نيام قال (فكم رفقاؤك من أمتي) فقال عشرة. سلطان جائر. وغنى متكبر. وتاجر خائن. وشارب الخمر والقتال. وصاحب الرياء. وآكل مال اليتيم. وآكل الربا. ومانع الزكاة. والذي يطيل الأمل فهؤلاء أصحابي وإخواني فظهر ان الشياطين كما انهم اولياء لاهل الكفر كذلك هم اولياء لمن هو فى حكم اهل الكفر من اهل المعصية ونسأل الله العناية والتوفيق- ويحكى- ان الخبيث إبليس تبدى ليحيى بن زكرياء عليهما السلام فقال انى أريد ان أنصحك قال كذبت أنت لا تنصحنى ولكن أخبرني عن بنى آدم قال هم عندنا على ثلاثة اصناف. اما الصنف الاول منها فاشد الأصناف علينا نقبل عليه حتى نفتنه ونتمكن منه ثم يفزع الى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شىء أدركنا منه ثم نعوذ له فيعود فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن من ذلك فى عناء. واما الصنف الثاني فهم فى أيدينا بمنزلة الكرة فى أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا قد كفونا أنفسهم. واما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لانقدر منهم على شىء قال يحيى بعد ذلك هل قدرت منى على شىء قال لا الا مرة واحدة فانك قدمت طعاما تأكله فلم ازل اشهيه إليك حتى أكلت منه اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة فلم تقم الى الصلاة كما كنت تقوم إليها فقال له يحيى لا جرم انى لا أشبع من طعام ابدا قال له الخبيث لا انصح آدميا بعدك ولقى يحيى بن زكريا إبليس فى صورته ايضا فقال له أخبرني من أحب الناس إليك وابغض الناس إليك فقال أحب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك كذا فى آكام المرجان فى احكام الجان وَإِذا فَعَلُوا اى كفار قريش فاحِشَةً اى فعلة متناهية فى القبح كعبادة الصنم وكشف العورة فى الطواف ونحوهما قالُوا جوابا للناهين عنها محتجين على حسنها بامرين الاول تقليد الآباء وهو قولهم وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا والثاني الافتراء على الله وهو قولهم وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها فاعرض الله تعالى عن رد احتجاجهم الاول لظهور فساده فان التقليد لا يعتبر دليلا على صحة الفعل الذي قام الدليل على بطلانه وان كان معتبرا فى غيره ورد الثاني بقوله قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ لان عادته تعالى جرت على الأمر بمحاسن الافعال والحث على مكارم الخصال أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ انه أمركم بذلك وذلك لان طريق العلم اما السماع من الله تعالى ابتداء اى من غير توسط رسول يبلغهم ان الله تعالى أمرهم بذلك وانتفاؤه ظاهر واما المعرفة بواسطة الأنبياء وهم ينكرون نبوة الأنبياء على الإطلاق فلا طريق لهم الى العلم باحكام الله تعالى فكان قولهم والله أمرنا بها قولا على الله بما لا يعملون وهو اى قوله أتقولون من تمام القول المأمور به والهمزة لانكار الواقع واستقباحه والاشارة فى الآية ان الفاحشة طلب الدنيا وحبها والحرص على جمعها فان افحش الفواحش حب الدنيا لانه رأس كل خطيئة. والمعنى إذا وقع اهل الغفلة فى طلب الدنيا وزينتها

[سورة الأعراف (7) : آية 29]

والتمتع بها بتلقين الشياطين وتدبيرهم وتزيينهم فيدعوهم داع الى الله وطلبه وترك الدنيا وطلبها قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا اى على محبة الدنيا وشهواتها وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها اى بطلبها بالكسب الحلال قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ اى لا يأمر بحب الدنيا والحرص على جمعها وانما يأمر بالكسب الحلال بقدر الحاجة الضرورية لقوام القالب بالقوة واللباس ليقوم بأداء حق العبودية أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ اى تفترون على الله ما لا تعلمون آفته ولا وبال عاقبته ولا تعلمون ان ذلك من فتنة الشيطان وتزيينه واغوائه كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى اين جهان جيفه است ومردار رخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ بيان للمأمور به اثر نفى ما أسند اليه امره به تعالى من الأمور المنهي عنها. والقسط العدل وهو الوسط من كل شىء المتجاوز عن طرفى الافراط والتفريط وفى الخبر (خير الأمور أوساطها) توسط إذا ما شئت امرا فانه ... كلا طرفى قصد الأمور ذميم وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ معطوف على امر بتقدير قل لئلا يلزم عطف الإنشاء على الاخبار اى وقل لهم توجهوا الى عبادته مستقيمين غير عادلين الى غيرها او اقيموا وجوهكم نحو القبلة عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يحتمل ان يكون اسم زمان وان يكون اسم مكان اى فى كل وقت سجود او مكان سجود والمراد بالسجود الصلاة بطريق ذكر الجزء وارادة الكل وقال الكلبي معناه إذا حضرت الصلاة وأنتم فى مسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم أصلي فى مسجدى وإذا لم يكن عند مسجد فليأت أي مسجد شاء وليصل فيه وفى الفروع مسجد المحلة أفضل من الجامع إذا كان الامام عالما ومسجد المحلة فى حق السوقي نهارا ما كان عند خانوته نهارا وليلا ما كان عند منزله قال الحدادي وهذه الآية تدل على وجوب فعل الصلاة المكتوبة فى الجماعة وفى الحديث (من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له الا من عذر وصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وذلك لان كل صلاة أقيمت فى الجماعة كصلاة يوم وليلة إذا أقيمت بغير جماعة لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون قال العلماء كل ما شرعت فيه الجماعة كالفرائض والتراويح ونحوهما فالمسجد فيه أفضل من ثواب المصلين فى البيت بالجماعة لان فيه اظهار شعائر الإسلام كما ان ثواب المصلين فى البيت وحدانا دون ثواب المصلين فى البيت بالجماعة وَادْعُوهُ اى واعبدوه فهو من اطلاق الخاص على العام فان الدعاء من أبواب العبادة وهو الخضوع للبارى مع اظهار الافتقار والاستكانة وهو المقصود من العبادة والعمدة فيها مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الطاعة فان مصيركم اليه فى الآخرة فردا كه پيشگاه حقيقت شود پديد ... شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد كَما بَدَأَكُمْ اى انشأكم ابتداء تَعُودُونَ اليه باعادته فيجازيكم على أعمالكم والكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف تقديره تعودون عودا مثل ما بدأكم وهو بالهمزة بمعنى

[سورة الأعراف (7) : الآيات 30 إلى 31]

انشأ واخترع وانما شبه الاعادة بالابداء تقريرا لامكانها والقدرة عليها. يعنى قيسوا الاعادة بالابداء فلا تنكروها فان من قدر على الإنشاء قدر على الاعادة إذ ليس بعثكم أشد من ابتداء خلقكم فَرِيقاً منصوب بما بعده هَدى بان وفقهم للايمان وَفَرِيقاً نصب بفعل مضمر يفسره ما بعده من حيث المعنى اى وأضل فريقا حَقَّ عَلَيْهِمُ [سزاوار كشت بر ايشان] الضَّلالَةُ بمقتضى القضاء السابق التابع للمشيئة المبنية على الحكم البالغة إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تعليل لما قبله اى حقت عليهم الضلالة لاتخاذهم الشياطين اولياء وقبولهم ما دعوا اليه بدون التأمل فى التمييز بين الحق والباطل وكل واحد من الهدى والضلال وان كان يحصل بخلق الله تعالى إياه ابتداء الا انه يخلق ذلك حسبما اكتسبه العبد وسعى فى حصوله فيه وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ اى يظنون انهم على الهدى. وفيه دلالة على ان الكافر المخطئ والمعاند سواء من حيث انه تعالى ذم المخطئ الذي ظن انه فى دينه على الحق بانه حق عليه الضلالة وجعله فى حكم الجاحد والمعاند فعلم منه ان مجرد الظن والحسبان لا يكفى فى صحة الدين بل لا بد فيه من الجزم واليقين لانه تعالى ذم الكفار بانهم يحسبون انهم مهتدون ولو كفى مجرد الحسبان فيه لما ذمهم بذلك فعلى العاقل تحصيل اليقين وترك التقليد والاقتداء باصحاب التحقيق والتوحيد فان المرء لا يعرف حاله ومقامه الا بالتعريف: ونعم ما قال الصائب واقف نميشوند كه كم كرده اند راه ... تا رهروان براهنمايى نمى رسند وكل واحد من التقليد الباطل والشك والرياء وحب الدنيا وحب الخلق مذموم لا يجدى نفعا وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما انا فى بعض جبال لكان إذا برجل قائم يصلى والسباع حوله ترتبض فلما أقبلت نحوه نفرت عنه السباع فاوجز فى صلاته وقال يا أبا الفيض لو صفوت لطلبتك السباع وحنت إليك الجبال فقلت ما معنى قولك لو صفوت قال تكون لله خالصا حتى يكون لك مريدا قال فقلت فبم الوصول الى ذلك قال لا تصل الى ذلك حتى تخرج حب الخلق من قلبك كما خرج الشرك منه فقلت هذا والله شديد على فقال هذا أيسر الأعمال على العارفين فولاية الخلق مطلقا إذا كانت سبيلا للضلالة فما ظنك بولاية الشياطين سواء كانوا شياطين الانس او شياطين الجن فلا بد من محبة الله تعالى فويل لمن جاوز محبة الله تعالى الى محبة ما سواه وقد ذمه الله بقوله من دون الله نسأل الله تعالى ان لا يزيغ قلوبنا بعد ما هدانا الى محبته وأرشدنا الى طريق طاعته وعبادته يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الزينة وان كانت اسما لما يتزين به من الثياب الفاخرة الا ان المفسرين اجمعوا على ان المراد بالزينة هاهنا الثياب التي تستر العورة استدلالا بسبب نزول الآية وهو ان اهل الجاهلية من قبائل العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة وقالوا لا نطوف فى ثياب أصبنا فيها الذنوب ودنسناها بها فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل عراة فامرهم الله تعالى ان يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا عند كل مسجد سواء دخلوه للصلاة او للطواف وكانوا قبل ذلك يدعون ثيابهم وراء المسجد عند قصد الطواف وفى تفسير الحدادي كانوا

إذا قدموا منى طرح أحدهم ثيابه فى رحله فان طاف وهى عليه ضرب وانتزعت منه وكانت المرأة تطوف بالليل عريانة الا انها كانت تتخذ سيورا مقطعة تشدها فى حقويها فكانت السيور لا تسترها سترا تاما وهذه الآية اصل فى وجوب ستر العورة فى الصلاة والمعنى خذوا ثيابكم لمواراة عورتكم عند كل مسجد لطواف او صلاة قال شيخ الإسلام خواهر زاده فيه دليل على ان اللبس من احسن الثياب مستحب حالة الصلاة لان المراد من الزينة الثوب بطريق اطلاق اسم المسبب على السبب انتهى فاخذ الثوب واجب ولباس التجمل مسنون وكان ابو حنيفة رحمه الله اتخذ لباسا لصلاة الليل وهو قميص وعمامة ورداء وسراويل قيمة ذلك الف وخمسمائة درهم يلبسه كل ليلة ويقول التزين لله تعالى اولى من التزين للناس قال الفقهاء ولا اعتبار لستر الظلمة لان الستر وجب لحق الصلاة وحق الناس وفى التفسير الفارسي [كفته اند بزبان علم ستر عورتست براى نماز وبزبان كشف حضور دلست براى عرض راز ذوق طاعت بي حضور دل نيابد هيچكس ... طالب حق را دل حاضر برين دركاه بس وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ما طاب لكم من الاطعمة والاشربة- روى- ان بنى عامر فى ايام حجهم كانوا لا يأكلون الطعام الا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم فهم المسلمون به فنزلت والاشارة كلوا مما يأكل اهل البيات فى مقام العبودية واشربوا مما يشربون كما قال عليه السلام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) وكان عليه السلام يخص رمضان من العبادات بما لا يخص به غيره من الشهور حتى انه كان يواصل أحيانا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة وكان ينهى أصحابه عن الوصال فيقولون له فانك تواصل فيقول (لست كاحدكم انى أبيت) وفى رواية (أظل عند ربى يطعمنى ويسقينى) وقد اختلف العلماء فى هذا الطعام والشراب المذكور على قولين. أحدهما انه طعام وشراب حسى بالفم قالوا وهذا حقيقة اللفظ ولا يجب العدول عنه وكان يؤتى بطعام من الجنة. والثاني ان المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه لقربه ونعيم محبته وتوابع ذلك من الأحوال التي هى غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة الأعين وبهجة النفوس- حكى- ان مريد اخدم الشيخ منصور الحلاج فى الكعبة حين كان مجاورا سنتين قال كان يجيىء له طعام من ارباب الخيرات فاضعه عنده ثم أجده فى الصبح من غير نقصان فاطعمه فقيرا فما رأيته فى السنتين أكل لقمة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى ان النبي عليه السلام انما أكل فى الظاهر لاجل أمته الضعيفة والا فلا احتياج له الى الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجر فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت فكان يشد الحجر حتى يحصل الاستقرار فى عالم الإرشاد قال يعنى انه صلى الله عليه وسلم كان ينظر الى حدوث العالم فيتنعم بتجل البقاء انتهى كلامه وَلا تُسْرِفُوا بتحريم الحلال فان بتحريم الحلال يتحقق تضييع المال وهو إسراف او بالتعدي الى الحرام بان يتناول ما حرمه الله عليه من المأكول والمشروب والملبوس او بافراط الطعام والشره عليه بان يتناول

[سورة الأعراف (7) : الآيات 32 إلى 37]

ما لا يحتاج اليه البدن فى قوامه فان ذلك ايضا من قبيل الإسراف إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ لا يرتضى فعلهم ولا يثنى عليهم قال بعضهم الإسراف هو ان يأكل الرجل كل ما يشتهيه ولا شك ان من كان تمام همته مصروفا الى فكر الطعام والشراب كان اخس الناس وأذلهم خواجه را بين كه از سحر تا شام ... دارد انديشه شراب وطعام شكم از خوش دلى وخوش حالى ... كاه پر ميكند كهى خالى فارغ از خلد وايمن از دوزخ ... جاى او مزبلست ويا مطبخ [شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري فرموده كه اگر همه دنيا را لقمه سازى ودر دهان درويشى نهى إسراف نباشد إسراف آن بود كه نه برضاى حق تعالى صرف كنى] يك جوانرا كه خير دائم داشت ... پند ميداد راهبى در دير كاى پسر خير نيست در إسراف ... كفت إسراف نيست اندر خير قال فى التأويلات النجمية الإسراف نوعان افراط وتفريط فالافراط ما يكون فوق الحاجة الضرورية او على خلاف الشرع او على وفق الطبع والشهوة او على الغفلة او على ترك الأدب او بالشره او على غير ذلك والتفريط ان ينقص من قدر الحاجة الضرورية ويقصر فى حفظ القوة والطاقة للقيام بحق العبودية او يبالغ فى أداء حق الربوبية باهلاك نفسه فيضيع حقها او يضيع حقوق الربوبية بحظوظ نفسه او يضيع حقوق القلب والروح والسر التي هى مستعدة لحصولها بحظوظ النفس فالمعنى لا تسرفوا اى لا تضيعوا حقوقنا ولا حقوقكم لحظوظكم انتهى- ويروى- ان هرون الرشيد كان له طبيب نصرانى حاذق فقال لعلى بن حسين بن واقد ليس فى كتابكم من علم الطب شىء والعلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان فقال له ان الله تعالى قد جمع الطب كله فى نصف آية من كتابنا قال وما هى قال قوله تعالى وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا فقال النصراني وهل يؤثر عن رسولكم شىء من الطب قال نعم جمع رسولنا صلى الله عليه وسلم الطب فى ألفاظ يسيرة قال وماهى قال قوله (المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وعودوا كل جسم ما اعتاد) فقال النصراني ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا وعن ابن عباس كل ما شئت والبس ما شئت ما اخطأتك خصلتان سرف ومخيلة وينبغى لاهل الرخصة ان يقتصروا على اكلتين فى اليوم والليلة فى غير شهر رمضان ولاهل العزيمة على أكلة واحدة فان ما فوق الاكلتين للطائفة الاولى وما فوق الاكلة للثانية تجاوز عن الحد وميل الى الاتصاف بصفات البهائم. والهند جل معالجتهم الحمية يمتنع المريض عن الاكل والشرب والكلام عدة ايام فيبرأ فجانب الاحتماء اولى قُلْ لما طاف المسلمون فى ثيابهم وأكلوا اللحم والدسم عيرهم المشركون لانهم كانوا يطوفون عراة ولا يأكلون اللحم والدسم حال الإحرام فامر الله حبيبه صلى الله عليه وسلم ان يقول لهم مَنْ استفهام انكار حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ من الثياب وسائر ما يتجمل به الَّتِي أَخْرَجَ بمحض قدرته لِعِبادِهِ من النبات كالقطن والكتاب ومن الحيوان كالحرير والصوف ومن المعادن كالدروع وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ عطف على زينة الله اى من حرم ايضا المستلذات من المآكل والمشارب كاللحوم والدسوم والألبان اعلم ان الرجل إذا ادى الفرائض وأحب ان يتنعم بمنظر حسن

[سورة الأعراف (7) : آية 33]

وجوار جميلة فلا بأس به فمن قنع بأدنى المعيشة وصرف الباقي الى ما ينفعه فى الآخرة فهو اولى لان ما عند الله خير وأبقى لان الاقتصار على ادنى ما يكفيه عزيمة وما زاد عليه من التنعم ونيل اللذة رخصة دلت عليها هذه الآية ودلت ايضا على ان الأصل فى المطاعم والملابس والتجمل بانواع التجملات الإباحة لان الاستفهام فى من إنكاري كما هو مذهب الشافعي واكثر اصحاب ابى حنيفة فانهم قالوا ان الأصل فى الأشياء الإباحة وذهب بعضهم الى التوقف وبعضهم الى الحظر ووجه قول القائلين بالاباحة انه سبحانه وتعالى غنى على الحقيقة جواد على الإطلاق والغنى الجواد لا يمنع مله عن عبيده الا ما كان فيه ضرر فتكون الإباحة هى الأصل باعتبار غناه سبحانه وجوده والحرمة لعوارض فلم تثبت فبقى على الإباحة ووجه القول بالحظر أن الأشياء كلها مملوكة لله تعالى على الحقيقة والتصرف فى ملك الغير لا يثبت الا بإباحة المالك فلما لم تثبت الإباحة بقي على الحظر لقيام سببه وهو ملك الغير ووجه القول بالتوقف ان الحرمة والإباحة لا تثبت الا بالشرع فقبل وروده لا يتصور ثبوت واحدة منهما فلا يحكم فيها بحظر ولا اباحة قال عبد القاهر البغدادي وتفسير الوقف عندهم ان من فعل شيأ قبل ورود الشرع لم يستحق بفعله من الله تعالى ثوابا ولا عقابا قُلْ هِيَ اى الزينة والطيبات كما فى التفسير الفارسي لِلَّذِينَ آمَنُوا اى مستقرة لهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا متعلق بآمنوا او بالاستقرار الذي تعلق به للذين والمقصود الأصلي من خلق الطيبات تقوية المكلفين على طاعة الله تعالى لا تقويتهم على الكفر والعصيان فهى مختصة لاصالة للمؤمنين والكفار تبع لهم فى ذلك قطعا لمعذرتهم ولذا لم يقل هى للذين آمنوا ولغيرهم فى الدنيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يشاركهم فيها غيرهم وان اشترك فيها المؤمنون والكفار فى الدنيا وانتصابها على الحال من المنوي فى قوله للذين آمنوا ويوم القيامة متعلق بخالصة والاشارة فى الآية من يمنعكم عن طلب كمالات أخرجها الله تعالى من غيب الغيب لخواص عباده من الأنبياء والأولياء ومن حرم عليكم نيل هذه الكرامات والمقامات فمن تصدى لطلبها وسعى لها سعيا فهى مباحة له من غير تأخير ولا قصور واضافة الزينة الى الله لانه أخرجها من خزائن الطافه وحقائق أعطافه فزين الأبدان بالشرائع وآثارها وزين النفوس بالآداب وأقدارها وزين القلوب بالشواهد وأنوارها وزين الأرواح بالمعارف واسرارها وزين الاسرار بالطوالع وأثمارها بل زين الظواهر بآثار التوفيق وزين البواطن بانوار التحقيق بل زين الظواهر بآثار السجود وزين البواطن بانوار الشهود بل زين الظواهر بآثار الجود وزين البواطن بانوار الوجود والطيبات من الرزق وان أرزاق النفوس بحكم افضاله وأرزاق القلوب بموجب إقباله والطيبات من الرزق على الحقيقة ما لم يكن مشوبا بحقوق النفس وحظوظها ويكون خالصا من مواهبه وحقوقه قل هى للذين آمنوا فى الحيوة الدنيا اى هذه الكرامات والمقامات لهؤلاء السادات فى الدنيا مشوبة بشوائب الآفات النفسانية وكدورات الصفات الحيوانية خالصة يوم القيامة من هذه الآفات والكدورات كما قال وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اى كتفصيلنا هذا الحكم نفصل سائر الاحكام لقوم يعلمون ما فى تضاعيفها من المعاني الرائقة قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ اى ما تفاحش قبحه من الذنوب وتزايد

[سورة الأعراف (7) : آية 34]

وهى الكبائر ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ بدل من الفواحش اى جهرها وسرها كالكفر والنفاق وغيرهما وَالْإِثْمَ اى ما يوجب الإثم وهو يعم الصغائر والكبائر وَالْبَغْيَ اى الظلم او الكبر أفرده بالذكر مع دخوله فى الإثم للمبالغة فى الزجر عنه بِغَيْرِ الْحَقِّ متعلق بالبغي مؤكد له لان البغي لا يكون بالحق وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ معطوف على مفعول حرم اى وحرم عليكم اشراككم به تعالى ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اى باشراكه وعبادته سُلْطاناً اى حجة وبرهانا وهوتهكم بالمشركين لانه إذا لم يجز إنزال البرهان بالاشراك كان ذكر ذلك تهكما بهم واستهزاء ومعلوم انه لا برهان عليه حتى ينزل وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بالإلحاد فى صفاته والافتراء عليه كقولهم والله أمرنا بها وفى التأويلات النجمية الفواحش ما يقطع على العبد طريق الرب ويمنعه عن السلوك ففاحشة العوام ما ظهر منها ارتكاب المناهي وما بطن خطورها بالبال وفاحشة الخواص ما ظهر منها ما لانفسهم نصيب فيه ولو بذرة وما بطن الصبر عن المحبوب ولو بلحظة وفاحشة الأخص ما ظهر منها ترك ادب من الآداب او التعلق بسبب من الأسباب وما بطن منها الركون الى شىء من الدارين والالتفات الى غير الله من العالمين والإثم هو الاعراض عن الله ولو طرفة عين والبغي هو حب غير الله فانه وضع فى غير موضعه وان تشركوا بالله يعنى وان تستعينوا بغير الله ما لم ينزل به سلطانا اى ما لم يكن لكم به حجة ورخصة من الشريعة المنزلة وان تقولوا على الله ما لا تعلمون اى وان تحكموا بفتوى النفس وهواها او تقولوا بنظر العقل على الله ما لا تعلمون حقيقته وفيه معنى آخر وان تقولوا فى معرفة الله وبيان احوال السائرين وشرح المقامات واثبات الكرامات ما أنتم عنه غافلون ولستم به عارفين انتهى ثم هدد الله المشركين المكذبين للرسل بقوله وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم المهلكة أَجَلٌ حد معين من الزمان مضروب لمهلكهم فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ الضمير لكل امة خاصة حيث لم يقل آجالهم اى إذا جاءها أجلها الخاص بها والوقت المعين لنزول عذاب الاستئصال عليها لا يَسْتَأْخِرُونَ عن ذلك الاجل ساعَةً اى شيأ قليلا من الزمان فانها مثل فى غاية القلة منه اى لا يتأخرون أصلا وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم وحرمانهم من ذلك مع طلبهم له وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون عليه أجل چون فردا آيدت پيش و پس ... پيش و پس نكذار دست يكنفس - روى- ان بعض الملوك كان متنسكا ثم رجع ومال الى الدنيا ورياسة الملك وبنى دارا وشيدها وأمر بها ففرشت ونجدت واتخذ مائدة ووضع طعاما ودعا الناس فجعلوا يدخلون عليه ويأكلون ويشربون وينظرون الى بنائه ويتعجبون من ذلك ويدعون له وينصرفون فمكث بذلك أياما ثم جلس هو ونفر من خاصة أصحابه فقال قد ترون سرورى بداري هذه وقد حدثت نفسى ان اتخذ لكل واحد من أولادي مثلها فاقيموا عندى أياما استأنس بحديثكم وأشاوركم فيما أريد من هذا البناء فاقاموا عنده أياما يلهون ويلعبون ويشاورهم كيف يبنى وكيف يصنع ويرتب ذلك فبينما هم ذات ليلة فى لهوهم إذ سمعوا قائلا من أقصى الدار يقول يا أيها الباني الناسي لميتته ... لا تأمنن فان الموت مكتوب

[سورة الأعراف (7) : الآيات 35 إلى 37]

هذى الخلائق ان سروا وان فرحوا ... فالموت حتف لدى الآمال منصوب لا تبنين ديارا لست تسكنها ... وراجع النسك كيما يغفر الحوب ففزع لذلك وفزع أصحابه فزعا شديدا وراعهم فقال هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال فهل تجدون ما أجد قالوا وما تجد قال مسكة على فؤادى وما أراها إلا علة الموت فقالوا كلا بل البقاء والعافية فبكى ثم امر بالشراب فاهريق وبالملاهي فاخرجت او قال فكسرت وتاب الى الله سبحانه ولم يزل يقول الموت الموت حتى خرجت نفسه رحمه الله: قال السعدي خواجه در بند نقش ايوانست ... خانه از پاى بست ويرانست : وقال آنكه قرارش نكرفتى وخواب ... تا كل ونسرين نفشاندى نخست كردش كيتى كل رويش بريخت ... خاربنان بر سر خاكش برست والاشارة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ اى لكل قوم من السائرين الى الله والى الجنة والى النار مدة معلومة ومهلة موقتة فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ مدتهم كما قدر الله فى الأزل لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ هذا وعد للاولياء استمالة لقلوبهم ووعيد للاعداء سياسة لنفوسهم كذا فى التأويلات النجمية يا بَنِي آدَمَ خطاب لكافة الناس إِمَّا أصله ان ما ضمت كلمة ما الى ان الشرطية تأكيدا لما فيها من معنى الشرط يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ كائنون مِنْكُمْ اى من جنسكم فهو صفة لرسل يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي صفة اخرى لرسل اى يبينون لكم احكامى وشرائعى ومقتضى الظاهر كلمة إذا بدل ان لكون الإتيان محقق الوقوع فى علم الله تعالى لكنه سيق المعلوم مساق المشكوك للتنبيه على ان إرسال الرسل امر جائز لا واجب عقلا حتى لا يقدر على عدم إرساله ولا واجب شرعا حتى يأثم بترك إرساله لانه لا يجب على الله شىء لاعقلا ولا شرعا لكن مقتضى الحكمة إرسال الرسل لما فيه من الحكم والمصالح فَمَنِ شرطية بالفارسية [پس هر كه] اتَّقى منكم التكذيب وَأَصْلَحَ عمله وأطاع رسوله الذي يقص آياته فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ اى لا يخافون ما يلحق العصاة فى المستقبل وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم فى الدنيا لاستغراقهم فى الاستلذاذ بما أعد للمتقين فى دار الكرامة والرضوان وَالَّذِينَ كَذَّبُوا منكم بِآياتِنا يعنى [تكذيب رسل كردند] وَاسْتَكْبَرُوا [وكبر آوردند وتعظم كردند يعنى سركشى نمودند] عَنْها [از ايمان بدلائل وحدت ما] أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ [ملازمان آتش اند] هُمْ فِيها خالِدُونَ [باقى اند ببقاء أبدى] فَمَنْ أَظْلَمُ اى فمن أعظم ظلما اى لا أحد مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً اى ممن تقول عليه ما لم يقل ويدخل فى التقول عليه اثبات الشريك والصاحبة والولد أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ اى كذب ما قاله وقد جعل الله الكذب عليه والتكذيب بآياته مساويا فى الإثم حيث قال أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الافتراء والتكذيب يَنالُهُمْ [برسد بديشان] نَصِيبُهُمْ كائنا مِنَ الْكِتابِ اى مما كتب لهم من الأرزاق والأعمار حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا اى ملك الموت وأعوانه يَتَوَفَّوْنَهُمْ اى حال كونهم متوفين لارواحهم قابضين لها وحتى

[سورة الأعراف (7) : الآيات 38 إلى 41]

وان كانت هى التي يبتدأ بها الكلام لكنها غاية لما قبلها من الفعل اى ينالهم نصيبهم من الكتاب الى ان تأتيهم ملائكة الموت فاذا جاءتهم قالُوا توبيخا لهم أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى اين الآلهة التي كنتم تعبدونها فى الدنيا. وما وصلت باين فى خط المصحف وحقها الفصل لانها موصولة قالُوا اى الكفار ضَلُّوا عَنَّا اى غابوا عنا اى لا ندرى مكانهم وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ عطف على قالوا اى اعترفوا على أنفسهم أَنَّهُمْ كانُوا اى فى الدنيا كافِرِينَ اى عابدين لمن لا يستحق العبادة أصلا حيث شاهدوا مآله وضلاله ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ لاحتمال ذلك من طوائف مختلفة او فى اوقات مختلفة وفى الإرشاد ولعله قصد بيان غاية سرعة وقوع البعث والجزاء كأنهما حاصلان عند ابتداء التوفى كما ينبىء عنه قوله عليه السلام (من مات فقد قامت قيامته) والا فهذا السؤال والجواب وما يترتب عليهما من الأمر بدخول النار وما جرى بين أهلها من التلاعن والتقاول انما يكون بعد البعث لا محالة قالَ الله تعالى لهم يوم القيامة او أحد من الملائكة ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ اى كائنين فى جملة امم مصاحبين لهم قَدْ خَلَتْ اى مضت مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يعنى كفار الأمم الماضية من النوعين فِي النَّارِ متعلق بقوله ادخلوا وانما قدم الجن على الانس لتقدمهم عليهم فى الخلقة وذلك ان الله تعالى لما خلق الجن فمنهم مؤمن ومنهم كافر فلما استولى اهل الكفر منهم على اهل الايمان حتى استأصلوهم بعث الله إليهم جندا من الملائكة كان رئيسهم إبليس فسلطهم الله عليهم حتى اهلكوا جميعهم ثم خلق الله آدم بعدهم فخلق منه ذريته فمنهم كافر كقابيل ومنهم مؤمن كهابيل إذ كان فى كل زمان منهم امة كافرة مستحقة لدخول النار وامة مؤمنة مستحقة لدخول الجنة حتى الآن الى انقراض العالم كما قال عليه السلام (لا تقوم الساعة وفى الأرض من يقول الله الله) كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ من الأمم السابقة واللاحقة اى فى النار لَعَنَتْ أُخْتَها التي ضلت بالاقتداء بها فلعنت المشركون المشركين واليهود اليهود والنصارى النصارى والمجوس المجوس وعلى هذا القياس ويلعن الاتباع القادة يقولون لعنكم الله أنتم غررتمونا فالمراد الاخت فى الدين والملة ولم يقل أخاها لانه أراد الامة والجماعة حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً غاية لما قبلها. والمعنى انهم يدخلونها فوجا فوجا لاعنا بعضهم بعضا الى انتهاء تداركهم وتلاحقهم فى النار واجتماعهم فيها واصل اداركوا تداركوا أدغمت التاء فى الدال فاجتلبت همزة الوصل قالَتْ أُخْراهُمْ اى دخولا وهم الاتباع واخرى هاهنا بمعنى آخرة مؤنث آخر مقابل أول لا مؤنث آخر بمعنى غير كقوله تعالى وِزْرَ أُخْرى لِأُولاهُمْ اى لاجل أولاهم إذا الخطاب مع الله تعالى رَبَّنا- هؤُلاءِ أَضَلُّونا اى سنوا لنا الضلال عن الهدى بإلقاء الشبهة علينا فاقتدينا بهم فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً اى مضاعفا مِنَ النَّارِ لانهم ضلوا وأضلوا قالَ الله لِكُلٍّ من الأولين والآخرين ضِعْفٌ اما القادة فبكفرهم وتضليلهم واما الاتباع فبكفرهم وتقليدهم فليس المراد تضعيف ما يستحق كل واحد من العذاب لانه ظلم بل تضعيفه عذاب الضلال بان يضم اليه عذاب الإضلال والتقليد وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ ما لكم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 39 إلى 40]

وما لكل فريق من العذاب وَقالَتْ أُولاهُمْ اى مخاطبين لِأُخْراهُمْ حين سمعوا جواب الله لهم فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ من حيث الاجتناب عن الكفر والضلال فكيف تطمعون ان يكون عذابكم أخف من عذابنا ويكون عذابنا ضعف عذابكم والحال انا ما الجأناكم على الكفر بل كفرتم لكون الكفر موافقا لهواكم فَذُوقُوا الْعَذابَ المعهود المضاعف وهو قول القادة على سبيل التشفي بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [بسبب آنكه بوديد كه كسب مى كرديد از كفر اكنون حواله عذاب بديگرى ميكنيد] جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى واعلم ان الكفار اهل الإنكار اعرضوا عن ارشاد الاخبار واكتسبوا سننا سيئة وذهلوا عن السنن الحسنة التي سنتها الأنبياء العظام والأولياء الكرام ثم آل أمرهم الى الاعتراف بجرائمهم وضلالهم حين لا ينفع الإقرار فعلى العاقل تدارك الحال قبل حلول الآجال وفى الحديث (جددوا ايمانكم) والمراد الانتقال من مرتبة الى مرتبة فان اصل الايمان قد تم بالأول ولكن الايمان على ثمانى عشرة مرتبة فالعناية من الله تعالى: وفى المثنوى تازه كن ايمان نه از قول زبان ... اى هوا را تازه كرده در نهان تا هوا تازه است وايمان تازه نيست ... كين هوا جز قفل آن دروازه نيست فالله تعالى دعا الخلق الى الايمان بواسطة الأنبياء عليهم السلام فمن أجاب اهتدى الى طريق الجنة ومن لم يجب سقط فى النار قيل انما خلق الله النار لغلبة شفقته وموالاته كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى أكرمته ومن لم يجىء ليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الىّ أكرمته ومن لم يجىء ضربته وحبسته ليبين غاية كرمه وهو آكد وأتم من الإكرام الاول قال بعضهم نار جهنم خير من وجه وشر من وجه كنار نمرود شر فى أعينهم وبرد وسلام على ابراهيم كالسوط فى يد الحاكم السوط خير للطاغى وشر للمطيع فمن أراد ان يسلم من عذاب النار فعليه بطريق الأخيار وكان المولى جلال الدين قدس سره يعظ يوما لاهل قرامان ويحكى ان من كان عاصيا ومات قبل التوبة من العصيان فانه يدخل النار بعدله تعالى فبعد احتراقه بقدر خطاه يخرجه الله تعالى منها ويعتقه ويدخله الجنة فقال شخص كان فى ذلك المجلس ليت هذا حصل قبل ان يهدم عرض المرء وينكسر فادع الله تعالى ايها المولى حتى يشرفنا بالجنة قبل انكسار الاعراض نسأل الله تعالى ان يعاملنا بلطفه وكرمه انه ولى الهداية والتوفيق إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهى الحجج الدالة على اصول الدين من التوحيد ونبوة الأنبياء والبعث والجزاء وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها اى تعظموا وترفعوا عن الايمان بها والعمل بمقتضاها وهم الكفار لا تُفَتَّحُ التشديد لكثرة الأبواب لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ اى لا تقبل ادعيتهم ولا أعمالهم اولا تعرج إليها أرواحهم كما هو شأن ادعية المؤمنين وأعمالهم وأرواحهم وفى الحديث (ان روح المؤمن يعرج بها الى السماء فيستفتح لها فيقال مرحبا بالنفس الطيبة التي كانت فى الجسد الطيب الى ان تنتهى الى السماء السابعة ويستفتح لروح الكافر فيقال لها ارجعي ذميمة فيهوى بها الى سجين) وهو

[سورة الأعراف (7) : آية 41]

مقر إبليس الأبالسة تحت الأرض السابعة فالارواح كلها سعيدها وشقيها متصلة بأجسادها فتعذب الأرواح وتتألم الأجساد منه كالشمس فى السماء ونورها فى الأرض واعلم ان أرواح العصاة من المؤمنين تكون بين السماء والأرض بعضها فى الهواء وبعضها فى أفنية القبور الى سبعة ايام الى سنة الى غير ذلك من الزمان حتى تصعد وتتخلص بدعوات الاحياء وامداد الحسنات وتصل الى المقر السماوي الدنيوي وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ اى حتى يدخل ما هو مثل فى عظم الجرم وهو البعير فى ما هو مثل فى ضيق المسلك وهو ثقب الابرة وذلك مما لا يكون فكذا ما توقف عليه «هر كارى موقوف محالست محالست» والعرب إذا أرادت تأكيد النفي علقته بما يستحيل كونه كما قال الشاعر إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب والجمل زوج الناقة وانما يسمى جملا إذا اربع اى إذا دخل فى السنة السابعة فانه يقال له فى السنة السابعة رباع وللانثى رباعية بالتخفيف. والخياط ما يخاط به فسم الخياط بالفارسية [سوراخ سوزن] وقرىء الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وهو الحبل الغليظ من القنب او حبل السفينة التي يقال له القلس وهى حبال مجموعة مفتولة وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الفظيع وهو الحرمان من الجنة نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ اى جنس المجرمين فدخلوا فى زمرتهم دخولا أوليا لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ من جهنم حال من مهاد ومعناه فراش من النار يضطجعون ويقعدون فيه وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ اى اغطية جمع غاشية وهو ما يغشى الشيء ويستره ومعنى الآية الاخبار عن احاطة النار بهم من كل جانب حيث كانت غطاء لهم ووطاء وفى الحديث (الكافر يكسى لوحين من نار فى قبره) وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الشديد وهو التعذيب بالنار نَجْزِي الظَّالِمِينَ ولما كان التعذيب المؤبد بنار جهنم أشد العقوبات دل ذكر الظلم معه على انه أعظم الاجرام واعلم ان فوت النعيم أيسر من مقاساة الجحيم والمصيبة العظمى هى الخلود وذكر عند الحسن البصري ان آخر من خرج من النار رجل يقال له هناد عذب الف عام ينادى يا حنان ويا منان فبكى الحسن وقال ليتنى كنت هنادا فتعجبوا منه فقال ويحكم أليس يوما يخرج والاشارة إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهى السنن الحسنة المنزلة على الأنبياء وما أظهره الله تعالى على يد الأولياء من الكرامات والعلوم اللدنية فانكروها وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها اى تكبروا عن قبولها والايمان بها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ اى أبواب سماء القلوب الى الحضرة وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ اى جنة القربة والوصلة حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ اى جمل النفس المتكبرة فِي سَمِّ الْخِياطِ وهو مدخل الطريقة التي بها تربى النفوس الامارة وتزكى لتصير مطمئنة فتستحق بها خطاب ارجعي الى ربك. فالمعنى ان النفس المتكبرة لما صارت كالجمل لتكبرها لا تصلح لدخول جنة الحقيقة الا بعد تزكيتها باحكام الشريعة وآداب الطريقة حتى تصير بالتربية فى ازالة الصفات الذميمة وقطع تعلقات ما سوى الله تعالى أدق من الشعر بألف مرة فيلج فى سم خياط الفناء فيدخل الجنة جنة البقاء فافهم جدا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ الذي أجرموا على أنفسهم الضعيفة اللطيفة حتى صارت من الأوزار كالجمل بان نجعل لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ المجاهدة والرياضة فراشا وهو

[سورة الأعراف (7) : الآيات 42 إلى 47]

قوله لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ يعنى من مخالفة النفس وقمع الهوى يكون فراشهم ولحافهم حتى تحيط بهم فتذيبهم وتحرق منهم انانيتهم مع أثقال أوزارهم ليستحقوا دخول الجنة وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ يعنى بهذه الطريقة نضع عنهم أوزارهم ونرد مظالمهم فى الدنيا ليردوا القيامة مستعدين لدخول الجنة ومن لم نجزه فى الدنيا بهذه الطريقة فنجزه فى الآخرة كما قال وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ فى الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فيه كذا فى التأويلات النجمية فالمجاهدة وسلوك طريق التصفية من دأب الأخيار ذكر عن ابراهيم ابن أدهم انه لما أراد ان يدخل البادية أتاه الشيطان فخوفه ان هذه بادية مهلكة ولا زاد معك ولا مركب فعزم على نفسه رحمه الله ان يقطع البادية على تجرده ذلك وان لا يقطعها حتى يصلى تحت كل ميل من اميالها الف ركعة وقام بما عزم عليه وبقي فى البادية اثنتي عشرة سنة حتى ان الرشيد حج فى بعض تلك السنين فرآه تحت ميل يصلى فقيل له هذا ابراهيم بن أدهم فأتاه فقال كيف نجدك يا أبا اسحق فانشد ابراهيم بن أدهم يقول نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع فطوبى لعبد آثر الله ربه وجاء بدنياه لما يتوقع: قال الحافظ دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل ... كه زاد رهروان چستيست و چالاكى وَالَّذِينَ آمَنُوا بالآيات وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحات التي شرعت بالآيات وهى ما أريد به وجه الله تعالى لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها اى طاقتها وقدرتها هو اعتراض بين المبتدأ والخبر للدلالة على ان استحقاق الخلود فى النعيم المقيم بسبب اتصافهم بالايمان والعمل الصالح على حسب ما تسعه طاقتهم وان لم يبذلوا مجهودهم فيه أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ [ملازمان بهشت اند] هُمْ فِيها خالِدُونَ حال من اصحاب الجنة وَنَزَعْنا النزع قلع الشيء عن مكانه ما فِي صُدُورِهِمْ قلوبهم مِنْ غِلٍّ وهو الحقد الكامن والبغض المختفى فى الصدور اى تخرج من قلوبهم اسباب الحقد الذي كان لبعضهم فى حق بعض فى الدنيا فان ذلك الحقد انما نشأ من التعلق بالدنيا وما فيها وبانقطاع تلك العلاقة انتهى ما يتفرع عليه من الحقد ومن جملة أسبابه ايضا ان الشيطان كان يلقى الوساوس الى قلوب بنى آدم فى الدنيا وقد انقطع ذلك فى الآخرة بسبب ان الشيطان لما استغرق فى عذاب النيران لم يتفرغ لالقاء الوسوسة فى قلب الإنسان ويجوز ان يكون المراد نطهر قلوبهم من الغل نفسه حتى لا يكون بينهم الا التواد يعنى لا يحسد بعض اهل الجنة بعضا إذا رآه ارفع درجة منه ولا يغتم بسبب حرمانه من الدرجات الرفيعة العالية قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الآية فى ابى بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وابن مسعود وعمار بن ياسر وسلمان وابى ذر ينزع الله فى الآخرة ما كان فى قلوبهم من غش بعضهم لبعض فى الدنيا من العداوة والقتل الذي كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر الذي اختلفوا فيه فيدخلون إخوانا على سرر متقابلين.

پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ اى من تحت شجرهم وغرفهم الْأَنْهارُ زيادة فى لذتهم وسرورهم وَقالُوا اى اهل الجنة إذا رأوا منازلهم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا بفضله لِهذا اى لدين وعمل جزاؤه هذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ اى لهذا المطلب الأعلى لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ ووفقنا له كر بدرقه لطف تو ننمايد راه ... از راه تو هيچكس نكردد آگاه آنكه كه بره رسند وبايد رفتن ... توفيق رفيق نشد وا ويلاه - روى- عن السدى انه قال فى هذه الآية ان اهل الجنة إذا سيقوا الى الجنة وجدوا عند بابها شجرة فى اصل ساقها عينان فشربوا من إحداهما فينزع ما فى صدورهم من غل وهو الشراب الطهور واغتسلوا من الاخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعده ابدا والشعث انتشار شعر الرأس والأشعث مغبر الرأس ويقال شحب جسمه يشحب بالضم إذا تغير وشربوا واغتسلوا ويبشرهم خزنة الجنة قبل ان يدخلوها بان يقولوا لهم أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فاذا دخلوها واستقروا فى منازلهم منها قالوا الحمد لله الآية واعلم ان الغل ظلمة الصفات البشرية وكدورتها وطهارة القلوب بنور الايمان والأرواح بماء العرفان والاسرار بشراب طهور تجلى صفات الجمال وليس فى صدور اهل الحقيقة من غل وغش أصلا لا فى الدنيا ولا فى العقبى لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا جواب قسم مقدر اى والله لقد جاؤا بِالْحَقِّ فالباء للتعدية او لقد جاؤا ملتبسين بالحق فهى للملابسة يقوله اهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا واستقروا فيه إظهارا لكمال نشاطهم وسرورهم قال الحدادي شهادة منهم بتبليغ الرسل للحق إليهم اى جاؤا بالصدق فصدقناهم وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ يعنى ان الملائكة ينادونهم حين رأى المؤمنون الجنة من بعيد بان يقولوا لهم ان تلك التي رأيتموها هى الجنة التي وعدتم بها فى الدنيا فان مفسرة او مخففة وتلك مبتدأ أشير به الى ما رأوه من بعيد والجنة خبره واللام فيها للعهد أُورِثْتُمُوها اى أعطيتموها والجملة حال من الجنة بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الأعمال الصالحة اى بسبب أعمالكم فان قيل هذه الآية تدل على ان العبد يدخل الجنة بعمله وقد قال عليه السلام (لن يدخل الجنة أحدكم بعمله وانما تدخلونها برحمة الله تعالى وفضله) فما وجه التوفيق بينهما أجيب بان العمل لا يوجب دخول الجنة لذاته وانما يوجبه من حيث انه تعالى وعد للعاملين ان يتفضل بها بمحض رحمته وكمال فضله وإحسانه ولما كان الوعد بالتفضل فى حق العاملين بمقابلة عملهم كان العمل بمنزلة السبب المؤدى إليها فلذلك قيل أورثتموها بأعمالكم كذا فى حواشى ابن الشيخ وفى الخبر انه يقال لهم يوم القيامة (جوزوا الصراط بعفوي وادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم) وهى جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحالة دون المفضول او لم يكن فما من عمل إلا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث

[سورة الأعراف (7) : آية 44]

الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال يا بلال (بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط إلا توضأت وما توضأت إلا صليت ركعتين فقال عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها والتفاضل على مراتب. فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والإسلام فيفضل الكبير السن على الصغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل. ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشوراء أعظم من سائر الزمان. ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد المدينة وهى من الصلاة فى المسجد الأقصى وهى منها فى سائر المساجد. ومنهما بالأحوال فان الصلاة بالجماعة أفضل من صلاة الشخص وحده. ومنها بنفس الأعمال فان الصلاة أفضل من اماطة الأذى ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدى هدية لشريف من اهل البيت أفضل ممن اهدى لغيره او احسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما يبتغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك ومن الجنات جنة اختصاص الهى وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحده من أول ما يولد اى يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء. ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا. ومن أهلها اهل التوحيد العلمي. ومن أهلها اهل الفترات ومن لم يصل إليهم دعوة رسول ومن الجنات جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا ومن المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها وفى الحديث (كل من اهل النار يرى منزله فى الجنة فيقولون لو هدانا الله فيكون عليهم حسرة وكل من اهل الجنة يرى منزله فى النار فيقولون لولا ان الله هدانا) واعلم ان الجنة صورية ومعنوية صورية محسوسة مؤجلة ومعنوية معقولة معجلة وأهلها اهل الفناء فى الله والبقاء بالله: قال الحافظ جنت نقدست اين جا عشرت وعيش وحضور ... زانكه در جنت خدا بر بنده ننويسد كناه اللهم شرفنا بالجنان انك أنت المنان وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ سرورا بحالهم وشماتة باصحاب النار وتحسيرا لهم لا لمجرد الاخبار بحالهم والاستخبار عن حال مخاطبهم ووجه تيسر المناداة والمكالمة بين اهل الجنة واهل النار مع ان بعد ما بين الجنة والنار لا يعلم مقداره الا الله تعالى إذ كل درجة من درجات الجنان يقابلها دركة من دركات النيران فأى درجة فيها العامل بسبب عمله يستحق تارك ذلك العمل بسبب تركه إياه دركة من دركاة الجحيم فيكون اهل الدرجة مشرفا على اهل الدركة التي تقابلها كما قال تعالى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ فامكن لهم تقريع اهل النار وتحسيرهم بقولهم أَنْ تفسيرية للمنادى له لان النداء فى معنى القول او مخففة قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا من الثواب والكرامة حَقًّا بالفارسية [راست

[سورة الأعراف (7) : آية 45]

ودرست] فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ من العذاب. والوعد يستعمل فى الخير والشر حَقًّا حذف المفعول من الفعل الثاني حيث لم يقل ما وعدكم كما قال ما وعدنا إسقاطا لهم عن رتبة التشريف بالخطاب عند الوعد قالُوا نَعَمْ اى وجدناه حقا فاعترفوا فى وقت لا ينفعهم الاعتراف ولذا قيل كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آرد ز خوابت چهـ سود تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب فَأَذَّنَ [پس آواز دهد] مُؤَذِّنٌ [آواز دهنده] وهو ملك ينادى من قبل الله تعالى نداء يسمعه كل واحد من اهل الحنة واهل النار. وقيل هو صاحب الصور اى اسرافيل عليه السلام بَيْنَهُمْ منصوب بإذن اى أوقع ذلك الاذان بين الفريقين اى فى وسطهم أَنْ تفسيرية لان التأذين فى معنى القول او مخففة لَعْنَةُ اللَّهِ استقرت عَلَى الظَّالِمِينَ اى على الكافرين دون المؤمنين لان الظلم إذا ذكر مطلقا يصرف الى الكمال وكمال الظلم هو الشرك وهو اخبار. وقيل هو ابتداء لعن منه عليهم الَّذِينَ يَصُدُّونَ يعرضون فهو لازم لان جعله متعديا بمعنى يمنعون الناس محوج الى تقدير المفعول ولا يصار اليه من غير ضرورة عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى عن الدين الذي هو طريق الله الى جنته. والسبيل الطريق وما وضح منه كذا فى القاموس وَيَبْغُونَها عِوَجاً اى يبغون لها عوجا بان يصفوها بالزيغ والميل عن الحق وهى ابعد شىء منهما وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ جاحدون بالبعث بعد الموت فلما كان الظالمين بمعنى الكافرين كانت الأوصاف الجارية عليه من قبيل الصفات المؤكدة فان الظالم وصف فى الآية بثلاث صفات مختصة بالكفار. الاولى كونهم صادين معرضين عن سبيل الله. والثانية كونهم طالبين امالة سبيل الله ودينه الحق وتغييره الى الباطل بإلقاء الشكوك والشبهات فى دلائل حقيته. والثالثة كونهم منكرين للآخرة مختصين بهذا الوصف وكل واحدة من هذه الصفات الثلاث مقررة لظلمهم بمعنى الكفر والاشارة وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى ارباب المحبة أَصْحابَ النَّارِ يعنى نار القطيعة أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا اى فيما قال (ألا من طلبنى وجدنى) فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا اى فيما قال (ومن يطلب غيرى لم يجدنى) قالُوا نَعَمْ فاجابوهم بلى وجدناه حقا فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ العزة والعظمة بينهم أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الذين وضعوا استعداد الطلب فى غير موضع مطلبه وصرفوه فى غير مصرفه الَّذِينَ يَصُدُّونَ اى وهم الذين يصدون القلب والروح عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وطلبه وَيَبْغُونَها عِوَجاً اى يصرفون وجوههم الى الدنيا وما فيها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ اى وهم ينكرون على اهل المحبة فيما يطلبون مما تأخر من حسهم وهم يطلبون ما يدركون بالحواس الظاهرة دون ما فى الآخرة كذا فى التأويلات النجمية فالناس على مراتب بحسب إقرارهم وانكارهم وسلوكهم وقعودهم: وفى المثنوى كودكان كرچهـ بيك مكتب درند ... در سبق هر يك ز يك بالاترند خود ملائك نيز تا همتا بدند ... زين سبب بر آسمان صف صف شدند

[سورة الأعراف (7) : آية 46]

فعلى السالك الاجتهاد فى طلب الحق الى ظهور كنز الحقيقة فان المطلب الأعلى عند من يميز النقد الجيد من النبهرج والزيوف وعن ذى النون رضى الله عنه قال اوحى الله سبحانه الى موسى عليه السلام يا موسى كن كالطير الوحدانى يأكل من رؤس الأشجار ويشرب الماء القراح او قال من الأنهار إذا جنه الليل أوى الى كهف من الكهوف استئناسا بي واستيحاشا ممن عصانى يا موسى انى آليت على نفسى ان لا أتم لمدعى عملا ولأقطعن امل من امل غيرى ولأقصمنّ من استند الى سواى ولاطيلن وحشة من انس بغيري ولا عرضن عمن أحب حبيبا سواى يا موسى ان لى عبادا ان ناجونى أصغيت إليهم وان نادونى أقبلت عليهم وان اقبلوا على أدنيتهم وان دنوا منى قربتهم وان تقربوا منى كفيتهم وان والونى واليتهم وان صافونى صافيتهم وان عملوا الى جازيتهم انا مدبر أمرهم وسائس قلوبهم ومتولى أحوالهم لم اجعل لقلوبهم راحة فى شىء الا فى ذكرى فهؤلاء سقامهم شفاء وعلى قلوبهم ضياء لا يستأنسون إلا بي ولا يحطون رحال قلوبهم الا عندى ولا يستقر بهم قرار فى الإيواء الا الىّ وَبَيْنَهُما اى بين الفريقين او بين الجنة والنار حِجابٌ كسور المدينة حتى لا يقدر اهل النار ان يخرجوا الى الجنة ولئلا يتأذى اهل الجنة بالنار ولا يتنعم اهل النار بنعيم الجنة لان الحجاب المضروب بينهما يمنع وصول اثر إحداهما الى الاخرى لانه قد جاء ان الحور العين لو نظرت واحدة منهن الى الدنيا نظرة لامتلأت الدنيا من ضوئها وعطرها وجاء فى وصف النار ان شرارة منها لو وقعت فى الدنيا لاحرقتها قال الحدادي فان قيل كيف يصح هذا التأويل فى الحجاب بين الجنة والنار ومعلوم ان الجنة فى السماء والنار فى الأرض قيل لم يبين الله حال الحجاب المذكور فى الآية ولا قدر المسافة فلا يمتنع ان يكون بين الجنة والنار حجاب وان بعدت المسافة وَعَلَى الْأَعْرافِ اى اعراف ذلك الحجاب اى أعاليه وهو السور المضروب بينها قيل هو جبل أحد يوضع هناك جمع عرف وهو كل عال مرتفع ومنه عرف الديك والفرس سمى عرفا لانه بسبب ارتفاعه يكون اعرف مما انخفض منه رِجالٌ طائفة من المؤمنين تساوت حسناتهم وسيآتهم فهم ينظرون الى النار وينظرون الى الجنة وما لهم رجحان بما يدخلهم احدى الدارين فاذا دعوا الى السجود وهو الذي يبقى يوم القيامة من التكليف يسجدون فيرجع ميزان حسناتهم فيدخلون الجنة وهو أحد الأقوال فى تعيين اصحاب الأعراف وسيجيئ الباقي يَعْرِفُونَ صفة رجال كُلًّا اى كل فريق من اصحاب الجنة واصحاب النار بِسِيماهُمْ اى بسبب علاماتهم التي أعلمهم الله بها كبياض الوجه وسواده وهذا فى العرصات قبل دخول الجنة والنار فان المعرفة بعد الدخول تحصل بالمشاهدة والاحساس ولا يحتاج الى الاستدلال بسيماهم واما النداء والصرف والإتيان فبعد الدخول وَنادَوْا اى الرجال وهو صفة ثانية لرجال عدل الى لفظ الماضي تنزيلا للنداء منزلة الواقع أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ تفسيرية او مخففة سَلامٌ عَلَيْكُمْ يعنى إذا نظروا إليهم سلموا عليهم سلام التحية والإكرام وبشروهم بالسلامة من جميع المكاره والآفات لَمْ يَدْخُلُوها حال من فاعل نادوا اى نادوا حال كونهم لم يدخلوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ

[سورة الأعراف (7) : آية 47]

اى والحال انهم طامعون فى دخولها حال من فاعل يدخلوها اى نادوهم وهم لم يدخلوها حال كونهم طامعين فى دخولها مترقبين له اى لم يدخلوها وهم فى وقت عدم الدخول طامعون وسبب طمعهم انهم من اهل لا اله الا الله ولا يرونها فى ميزانهم ويعلمون ان الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة ولو جيىء بذرة لاحدى الكفتين لرجحت بها لانها فى غاية الاعتدال فيطمعون فى كرم الله وعدله وانه لا بد ان يكون لكلمة لا اله الا الله عناية بصاحبها فيظهر لها اثر عليهم فيقفون هناك حتى يقضى الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة برحمته وهم آخر من يدخل الجنة وإذا أراد الله ان يعافيهم انطلق بهم الى نهر يقال له نهر الحياة حافتاه قضب الذهب مكلل باللؤلؤ ترابه المسك فالقوا فيه حتى تصلح ألوانهم وفى نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ثم يؤتى بهم فيدخلون الجنة ويسمون مساكين اهل الجنة: قال الحافظ هست اميدم كه على رغم عدو روز جزا ... فيض عفوش ننهد باركنه بر دوشم وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ اى الى جهنم وفى عدم التعرض لتعلق انظارهم باصحاب الجنة والتعبير عن تعلق أبصارهم باصحاب النار بالصرف اشعار بان التعلق الاول بطريق الرغبة والميل والثاني بخلافه وفى تفسير الزاهدي ان الملك يصرف أبصارهم إليهم بامر الله تعالى قالُوا متعوذين بالله تعالى من سوء حالهم رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى فى النار اى يدعون بذلك خوفا من الله تعالى لاجل معاصيهم والقول الثاني فى تعيين اصحاب الأعراف انهم الأنبياء أجلسهم الله على أعالي ذلك السور تمييزا لهم عن سائر اهل القيامة ليكونوا مشرفين على اهل الجنة واهل النار مطلعين على أحوالهم ومقادير ثوابهم وعقابهم شاهدين على أممهم وعلى هذا فقوله لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ حال من مفعول نادوا وهو اصحاب الجنة لان طمع دخول الجنة لا يليق باشراف اهل الموقف اى نادى اشراف اهل الموقف وهم على الأعراف اصحاب الجنة حال كون أصحابها لم يدخلوها وهم طامعون فى دخولها وكذا التقدير فى صائر الوجوه الآتية المرادة بها اهل الدرجات العالية والقول الثالث هم الشهداء الذين يميزون من بين اهل الموقف بالاستحقاق لمزيد التعظيم والاجلاس فى أعالي السور المضروب ليشاهدوا حكم الله تعالى فى اهل الموقف بمقتضى فضله وعدله والرابع هم أفاضل المؤمنين فرغوا من شغل أنفسهم وتفرغوا لمطالعة احوال الناس وفى الحديث (إذا جمع الخلائق يوم القيامة نادى مناد اين اهل الفضل فيقوم أناس وهم يسيرون فينطلقون سراعا الى الجنة فيقولون نحن اهل الفضل فيقال لهم ما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا غفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين) والخامس قوم صالحون فقهاء علماء وذلك لمزيتهم على غيرهم بشرف الفقه والعلم والسادس هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم وهم فى كل امة والسابع هم العباس وحمزة وعلى بن ابى طالب وجعفر ذو الجناحين رضى الله عنهم يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه والثامن انهم ملائكة موكلون بهذا السور يميزون الكافرين من المؤمنين قبل ادخالهم الجنة والنار عبر عنهم باسم الرجال

لكونهم يرون فى صورة الرجال كما عبر به عن الجن فى قوله تعالى وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ لكونهم فى صورة الرجال يقولون حين أشرفوا على اهل النار ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين لانهم مكلفون كبنى آدم فلا ينكر ان يدعوا الله لانفسهم بالأمن والتاسع هم الشهداء الذين خرجوا الى الغزو وغزوا فى سبيل الله بغير اذن آبائهم فقتلوا شهداء فاعتقوا من النار بان قتلوا فى سبيل الله واحتبسوا عن الجنة بعصيانهم آباءهم والعاشر قوم رضى عنهم آباؤهم دون أمهاتهم او أمهاتهم دون آبائهم والحادي عشر انهم أولاد الزنى والثاني عشر أولاد المشركين والثالث عشر هم الذين ماتوا فى الفترة ولم يبدلوا دينهم وزمان الفترة هو الزمان الذي بين عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما والرابع عشر هم قوم كانت لهم صغائر لم تكفر عنهم بالآلام والمصائب فى الدنيا فوقفوا وليست لهم كبائر فيحبسون عن الجنة لينالهم بذلك غم فيقع فى مقابلة صغائرهم والخامس عشر هم الذين ذكرهم الله فى القرآن اصحاب الذنوب العظام من اهل القبلة- روى- عن بعض الصالحين انه قال أخذتنى ذات ليلة سنة فنمت فرأيت فى منامى كأن القيامة قد قامت وكأن الناس يحاسبون فقوم يمضى بهم الى الجنة وقوم يمضى بهم الى النار قال فاتيت الى الجنة فناديت يا اهل الجنة بماذا نلتم سكنى الجنان فى محل الرضوان فقالوا لى بطاعة الرحمن ومخالفة الشيطان ثم أتيت الى باب النار فناديت يا اهل النار بماذا نلتم النار قالوا بطاعة الشيطان ومخالفة الرحمن قال فنظرت فاذا بقوم موقوفون بين الجنة والنار فقلت ما بالكم موقوفون بين الجنة والنار فقالوا لنا ذنوب جلت وحسنات قلت فالسيئات منعتنا من دخول الجنة والحسنات منعتنا من دخول النار وانشدوا نحن قوم لنا ذنوب كبار ... منعتنا من الوصول اليه تركتنا مذبذبين حيارى ... أمسكتنا عن القدوم عليه هذا ما تيسر لى جمعه من الأقوال والله تعالى اعلم بحقيقة الحال والاشارة ان بين اهل النار واهل الجنة حجابا وهو من أوصاف البشرية والأخلاق الذميمة النفسانية فلا يرى اهل النار اهل الجنة من وراء ذلك الحجاب وبين اهل الجنة واهل الله وهم اصحاب الأعراف حجابا وهو من الأوصاف الخلقية والأخلاق الحميدة الروحانية فلا يرى اهل الجنة اهل الله من وراء ذلك الحجاب كما قال الله تعالى وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ يعنى اصحاب الأعراف يعرفون اهل الجنة والنار بما يتوسمون فى سيماهم من آثار نور القلب وظلمته وسميت الأعراف اعرافا لانها مواطن اهل المعرفة وانما سمى الله اهل المعرفة رجالا لانهم بالرجولية يتصرفون فيما سوى الله تصرف الرجال فى النساء ولا يتصرف فيهم شىء منه كقوله رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وحيث ما ذكر الله الخواص ذكرهم برجال كقوله رِجالٌ صَدَقُوا وكقوله فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا لان وجه الامتياز بين الخواص والعوام بالرجولية فى طلب الحق وعلو الهمة فان اصحاب الأعراف بعلو هممهم ترقوا عن حضيض البشرية ودركات النيران وصعدوا على ذروة الروحانية ودرجات الجنان وما التفتوا الى نعيم الدارين وما ركنوا الى كمالات المنزلين حتى عبروا عن المكونات وأقاموا على الأعراف

[سورة الأعراف (7) : الآيات 48 إلى 53]

وهى مرتبة فوق الجنان فى حظائر القدس عند الرحمن وهم مشرّفون على اهل الجنة والنار فلما رأوا اهل الجنة وانهم فى شغل فاكهون وَقد شغلوا بنعيميها عن المولى نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ يعنى هنيئا لكم ما أنتم فيه من النعيم المقيم والحور والقصور ثم اخبر عن همة اصحاب الأعراف فقال لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ اى شاهدوا نعيم الجنة ودرجاتها ولم يركنوا الى شىء منها فعبروا عليها ولم يدخلوها وهم على الأعراف يطمعون فى الوصول الى الله والدخول فى الجنة التي أضافها الله تعالى الى نفسه بقوله وَادْخُلِي جَنَّتِي وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ ابتلاء ليريهم انه تعالى من أية دركة خلصهم وبأية كرامة خصهم فيعرفوا قدر ما أنعم الله عليهم به ومن هذا القبيل يكون ما سنح لارباب الكمالات من الخواطر النفسانية وما ابتلاهم بشىء من الدنيا والجاه والقبول والاشتغال بالخلق ليعرفوا قدر العزلة والتجريد والانس مع الله فى الخلوات ففى أداء حق الشكر ورؤية النعمة قالُوا مع المنعم رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى بعد ان خلصتنا من اوصافهم واخلاقهم ودركاتهم ومما هم فيه لا تجعلنا مرة اخرى من جهتهم ولا تدخلنا فى زمرتهم كذا فى التأويلات النجمية وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ وهم الذي علت درجاتهم من الأنبياء واشراف اهل الموقف وهو الأنسب بما بعد الآية إذ قولهم ادخلوا الجنة لا يليق بالمقصرين فى العمل رِجالًا من رؤساء الكفار حين رأوهم فيما بين اصحاب النار وهم ابو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة وعاص بن وائل واضرابهم يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ اى علاماتهم الدالة على سوء حالهم حينئذ وعلى رياستهم فى الدنيا والباء سببية قالُوا بدل من نادى اى قال اصحاب الأعراف وهم على السور مخاطبين لرؤساء الكفار توبيخا وشماتة ما أَغْنى عَنْكُمْ ما استفهامية للتقريع او نافية ومعناه على الثانية [دفع نكرد عذاب از شما] جَمْعُكُمْ اى اتباعكم وأشياعكم او جمعكم للمال وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ما مصدرية اى واستكباركم المستمر على الخلق [يعنى استكبار شما مانع عذاب نشد] أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ هو من تمام قول اصحاب الأعراف للرجال الذين هم رؤساء الكفرة فيكون فى محل النصب بالقول المتقدم والاشارة الى ضعفاء المؤمنين الذين كانت الكفرة يحتقرونهم فى الدنيا ويحلفون صريحا انهم لا يدخلون الجنة قوله لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ جواب أقسمتم ومعناه بالفارسية [اين كروه آنانند كه در دنيا سوگند ميخورديد كه البته خداى هركز بديشان نرساند بخشايش خود را] ادْخُلُوا الْجَنَّةَ اى فالتفت اصحاب الأعراف الى فقراء المسلمين مثل بلال وصهيب وسلمان وخباب وأمثالهم وقالوا لهم ادخلوا الجنة على رغم انوف رؤساء الكفار لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ حين يخاف اهل النار وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ حين يحزن اهل النار وفى الآية ذم المال والاستكبار والافتخار بكثرة الخدم والأعوان والأنصار نه منعم بمال از كسى بهترست ... خر ار جل اطلس بپوشد خرست بدين عقل وهمت نخوانم كست ... وكر ميرود صد غلام از پست تكبر كند مرد حشمت پرست ... نداند كه حشمت بحلم اندرست

[سورة الأعراف (7) : آية 50]

چومنعم كند سفله را روزكار ... نهد بر دل تنك درويش بار چوبام بلندش بود خودپرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست واعلم ان حب المال والاستكبار من اخلاق النفس فلا بد للسالك من تزكيتها وكان من دعاء النبي عليه السلام (اللهم حسن خلقى وخلقى) وقد مدحه الله بقوله وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وكان عليه السلام يجالس الفقراء والمساكين ويواكلهم وكان يمر على الصبيان ويسلم عليهم واتى رجل فارتعد من هيبته فقال (هون عليك فلست بملك انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) وكان يجلس مختلطا بأصحابه كأنه أحدهم فيأتى الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل وكان لا يدعوه أحد الا قال لبيك وكل ذلك من تواضعه صلى الله عليه وسلم قال ذو النون المصري علامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب والاشارة ان المؤمنين والعلماء بعلم الظاهر فى بعض الأوقات يقولون لاهل المحبة والمعرفة وارباب الطلب من دناءة هممهم ان أحدا منكم لا ينال درجة الوصول ومرتبة الوصال ويقسمون على ذلك ثم يقول الله لاصحاب الأعراف ادْخُلُوا الْجَنَّةَ المضافة الىّ فى حظائر القدس وعالم الجبروت لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ من الخروج منها وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ على ما فاتكم من نعيم الجنة إذ تفرغتم لشهود جمالنا ووجود وصالنا واعلم ان اهل النار يرون اهل الله وهم اصحاب الأعراف بالصورة ماداموا فى مواطن الكونين فاذا دخلوا جنة الحقيقة المضافة الى الله فى سرادقات العزة وعالم الجبروت انقطع عنهم نظرهم ونظر الملائكة المقربين فافهم جدا وقد حكى عن بابا جعفر الأبهري انه دخل على بابا طاهر الهمذاني فقال اين كنت فانى حضرت البارحة مع الخواص على باب الله فما رأيتك ثم قال بابا طاهر صدقت كنت على الباب مع الخواص وكنت داخلا مع الأخص فما رأيتنى فعلى السالك ان لا ينقطع عنهم وعن اعتقادهم وفى الحديث (لكل شىء مفتاح ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء الصبر هم جلساء الله يوم القيامة) حب درويشان كليد جنت است ... دشمن ايشان سزاى لعنت است : قال فى المثنوى فى حق حسن الظن بالفقراء كر كدايان طامعند وزشت خو ... در شكم خوران تو صاحب دل بجو در تك دريا كهر يا سنكهاست ... فخرها اندر ميان ننكهاست ومن دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني فى زمرة المساكين) وحقيقة المسكين من لا شىء له غير الله تعالى وهو اهل الله واصحاب الأعراف وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ بعد الاستقرار فى الدارين أَنْ مفسرة او مخففة كما سبق غير مرة أَفِيضُوا عَلَيْنا اى صبوا مِنَ الْماءِ اى ماء الجنة حتى يطفىء عنا حر ما نجد من العطش وذلك انهم لما بقوا فيها جياعا عطاشا قالو يا ربنا ان لنا قرابات فى الجنة فائذن لنا حتى نراهم ونكلمهم فيؤذن لهم فى ذلك فينظرون الى قراباتهم فى الجنة والى ما هم فيه من انواع النعيم فيعرفونهم ولا يعرفهم اهل الجنة لسواد وجوههم فينادون قراباتهم من اهل الجنة بعد اخبارهم بقرابتهم ويقولون أفيضوا علينا من الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ من سائر الاشربة ليلائم الافاضة

[سورة الأعراف (7) : آية 51]

فان الأصل فيها ان تستعمل فى المائعات من المشروبات او من الاطعمة فنأكلها لعلها تدفع عنا الجوع على ان الافاضة عبارة عن الإعطاء بكثرة قال ابو حيان الصحيح تضمين أفيضوا معنى القوا وهؤلاء القائلون كانوا فى الدنيا عبيد البطون حريصين على الطعام والشراب حتى ماتوا على ما عاشوا فيه فحشروا على ما ماتوا عليه وان اهل الجنة لما أطالوا الجوع والعطش فى الدنيا وانما جوعوا بطونهم لوليمة الفردوس كان اشتغالهم فى الجنة بشهوات النفس وفى الآية بيان ان الإنسان لا يستغنى عن الطعام والشراب وان كان فى العذاب قال ابو الجوزاء سألت ابن عباس رضى الله عنهما أي الصدقة أفضل قال الماء أرأيت اهل النار لما استغاثوا باهل الجنة قالوا أفيضوا علينا من الماء وعن سعد بن عبادة انه قال يا رسول الله ان أم سعد ماتت فأى صدقة أفضل قال عليه السلام (الماء) فحفر بئرا فقال عليه السلام (هذه لام سعد) يقول الفقير فى الحديث دلالة على نفع الصدقة فى الأموات كما ذهب اليه اهل السنة وتخصيص الماء اما لان ارض الحجاز أحوج شىء اليه فيكون اكثر ثوابا وإما لأن جهنم بيت الحرارة واندفاعها بضدها وهى البرودة التي من أوصاف الماء فان كل شىء يقابل بنقيضه والله اعلم قالُوا روى انه لا يؤذن لاهل الجنة فى الجواب مقدار أربعين سنة ثم يؤذن لهم فى جوابهم فيقولون إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ اى منع طعام الجنة وشرابها عنهم منع المحرم عن المكلف فلا سبيل الى ذلك قطعا وانما جعل شراب الكافرين الحميم الذي يصهر به ما فى بطونهم والجلود وطعامهم الضريع والزقوم الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ الذي أمروا بالتدين به وهو دين الإسلام لَهْواً وَلَعِباً ملعبة يتلاعبون به يحرمون ما شاؤا ويحلون ما شاؤا ولا يتبعون امر الله تعالى وانما يتبعون أهواءهم التي زينها الشيطان لهم وقيل كان دينهم دين إسماعيل عليه السلام فغيروه وتدينوا بما شاؤا او صرفوا همتهم فيما لا ينبغى ان تصرف اليه الهمم وطلبوا ان يفرحوا بما لا ينبغى ان يطلب وفى التفسير الفارسي دِينَهُمْ [عيد خود را لَهْواً وَلَعِباً مشغول وبازيچهـ ايشان در عيد خود بحوالى كعبه مى آمدند ودست ميزدند وبازيچهـ ميكردند] انتهى ويرخص اللعب فى يوم العيد بالسلاح والركض اى التسابق بالافراس والأرجل وغير ذلك مما هو مباح مشروع وكانوا يضربون فى القرن الاول بالدف ولكن لم يكن فيه جلاجل فما يفعلونه فى هذا الزمان وقت العيد والختان وعند اجتماع الاخوان من ضرب المزمار وضرب الدف الذي فيه جلاجل ونحوها هو آلة اللهو ليس بمرخص وقولهم ان فى ديننا فسخة انما هو بالنسبة الى الأمور المرخصة ألا يرى ان المزاج مباح إذا كان بما لا يخالف الشرع وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بزخارفها العاجلة وطول الأمل ولذلك كانوا يستهزئون بالمسلمين كما روى فى الخبر ان أبا جهل بعث الى النبي عليه السلام رجلا يستهزئ به ان أطعمني من عنب جنتك او شيأ من الفواكه فقال أبو بكر رضى الله عنه ان الله حرمهما على الكافرين فعلى العاقل ان لا يغتر بالدنيا لانها غدارة مكارة در ديده اعتبار خوابيست ... بر رهكذر أجل سرابيست مشغول مشو بسرخ وزردش ... انديشه مكن ز كرم وسردش سرمايه آفتست زنهار ... خود را ز فريب او نكهدار

[سورة الأعراف (7) : الآيات 52 إلى 53]

فَالْيَوْمَ اى يوم القيامة والفاء فصيحة نَنْساهُمْ نفعل بهم ما يفعل الناسي بالمنسي من عدم الاعتداد بهم وتركهم فى النار تركا كليا شبه معاملته تعالى مع الكفار بمعاملة من نسى عبده من الخير ولم يلتفت اليه والا فالله تعالى منزه عن حقيقة النسيان كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا فى محل النصب على انه نعت لمصدر محذوف اى ننساهم نسيانا مثل نسيانهم لقاء يومهم هذا فلم يخطروه ببالهم ولم يستعدوا له يعنى انه وان لم يصح وصفهم بنسيانه حقيقة لان النسيان يكون بعد المعرفة وهم لم يكونوا معترفين بلقاء يوم القيامة ومصدقين به لكنه شبه عدم اخطارهم لقاء الله تعالى ببالهم وعدم مبالاتهم به بحال من عرف شيأ ونسيه ومثل هذه الاستعارات كثير فى القرآن لان تفهيم المعاني الواقعة فى عالم الغيب انما يكون بان يعبر عنها بما يماثلها من عالم الشهادة وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ عطف على ما نسوا اى وكما كانوا منكرين بانها من عند الله إنكارا مستمرا فما مصدرية ويظهر ان الكاف فى كما للتعليل فان التشبيه غير ظاهر فى ما كانوا الا باعتبار لازمه وهو الترك وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ اى بيناه معانيه من العقائد والاحكام والمواعظ مفصلة والضمير للكفرة قاطبة والمراد بالكتاب الجنس او للمعاصرين منهم والكتاب هو القرآن عَلى عِلْمٍ حال من فاعل فصلناه اى عالمين بوجه تفصيله حتى جاء حكيما او من مفعوله اى مشتملا على حكم كثيرة هُدىً وَرَحْمَةً حال من هاء فصلناه اى حال كون ذلك الكتاب هاديا وذا رحمة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يصدقون انه من عند الله لانهم المنتفعون بآثار المقتبسون من أنواره هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ اى ما ينتظر هؤلاء الكفرة بعدم ايمانهم به الا ما يؤول اليه امره من تبين صدقه بظهور ما اخبر به من الوعد والوعيد يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ اى يوم يأتيهم عاقبة ما وعدوا فيه وهو يوم القيامة وشاهدوا إتيانه عيانا يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ اى تركوه ترك المنسى من قبل إتيان تأويله قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ الباء للتعدية او للملابسة اى ملتبسين به يعنى اعترفوا بان ما جاءهم الرسل به من حقية البعث والحساب والجزاء حق واضطروا الى ان يتمنوا أمرين أحدهما الخلاص من عذاب القبر بشفاعة الشفعاء كما قال فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا اليوم ويدفعوا عنا العذاب وثانيهما الرد الى الدنيا ليعملوا عملا صالحا كما قال أَوْ نُرَدُّ اى او هل نرد الى الدنيا فَنَعْمَلَ بالنصب على انه جواب الاستفهام الثاني غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ اى فى الدنيا يعنى نصدق الرسل ونعمل الأعمال الصالحة فبين الله تعالى ان الذي تمنوه لا يحصل لهم البتة حيث قال قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بصرف أعمارهم التي هى رأس ما لهم الى الكفر والمعاصي وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ اى ظهر بطلان ما كانوا يفترونه من ان الأصنام شركاء الله تعالى وشفعاؤهم يوم القيامة. دى روز بدو دلم اميدى ميداشت ... امروز برفت ونااميدم بگذاشت واعلم ان الكفار تمنوا الرد الى الدنيا ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه: قال فى المثنوى قصه آن آبگيرست اى عنود ... كه دروسه ماهىء اشكرف بود چند صيادى سوى آن آبگير ... بر كذشتند وبديدند آن ضمير

بس شتابيدند تا دام آورند ... ماهيان واقف شدند وهوشمند آنكه عاقل بود عزم راه كرد ... عزم راه مشكل نا خواه كرد گفت با اينها ندارم مشورت ... كه يقين ستم كنند از مقدرت مهر زاد وبود بر جانشان تند ... كاهلى وجهل شان بر من زنند مشورت را زنده بايد نكو ... كه ترا زنده كند آن زنده كو نيست وقت مشورت هين راه كن ... چون على تو آه اندر چاه كن محرم آن راه كميابست وبس ... شب رو و پنهان روى كن چون عسس سوى دريا عزم كن زين آب گير ... بحر جو وترك اين كرداب گير سينه را پاساخت مى رفت آن حذور ... از مقام با خطر تا بحر نور رنجها بسيار ديد وعاقبت ... رفت آخر سوى أمن وعافيت خويشتن افكند در درياى ژرف ... كه نيابد حد آنرا هيچ طرف پس چوصيادان بياوردند دام ... نيم عاقل را از ان شد تلخكام گفت آه من فوت كردم وقت را ... چون نكشتم همره آن رهنما بر گذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست ليك زان ننديشم وبر خود زنم ... خويشتن را اين زمان مرده كنم همچنان مرد وشكم بالا فكند ... آب مى بردش نشيب وكه بلند هر يكى زان قاصدان بس غصه برد ... كه دريغا ماهىء مهتر بمرد پس كرفتش يك صياد ارجمند ... بر سرش تف كرد وبر خاكش فكند غلط غلطان رفت پنهان اندر آب ... ماند آن أحمق همى كرد اضطراب از چب واز راست مى جست آن سليم ... تا كه بجهد خويش برهاند كليم دام افكندند واندر دام ماند ... احمقى او را در ان آتش نشاند بر سر آتش به پشت تابه ... با حماقت كشت او هم خوابه او همى گفت از شكنجه وز بلا ... همچوجان كافران قالوا بلا باز مى گفت او كه كر اين بار من ... وا رهم ز ين محنت كرددن شكن من نسازم جز بدرياى وطن ... آبگيرى را نسازم من سكن آب بيحد جويم وايمن شوم ... تا ابد در أمن ودر صحت مى روم آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون گنج بود ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا مى زند فعلى العاقل ان يتدارك حاله ولا يطول آماله قال الامام الغزالي قدس سره من زرع واجتهد وجمع بيد را ثم يقول أرجو ان يحصل لى منه مائة قفيز فذلك منه رجاء والآخر لا يزرع زرعا ولا يعمل يوما فذهب ونام واغفل سنته فاذا جاء وقت البيادر يقول أرجو ان يحصل لى مائة

[سورة الأعراف (7) : الآيات 54 إلى 58]

قفيز فهو امنية بلا اصل فكذلك العبد إذا اجتهد فى عبادة الله تعالى والانتهاء عن معصية الله يقول أرجو ان يتقبل الله هذا اليسير ويتم هذا التقصير ويعظم الثواب ويعفو عن الزلل فهذا منه رجاء. واما إذا اغفل ذلك وترك الطاعات فارتكب المعاصي ولم يبال سخط الله ولا رضاه ووعده ووعيده ثم أخذ يقول انا أرجو من الجنة والنجاة من النار فذلك منه امنية لا حاصل تحتها ويبين هذا قوله عليه السلام (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والفاجر من يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله عز وجل) قال بعضهم ان الغموم ثلاثة. غم الطاعة ان لا تقبل. وغم المعصية ان لا تغفر. وغم المعرفة ان لا تسلب قال يوسف بن أسباط دخلت على سفيان فبكى ليله اجمع فقلت بكاؤك هذا على الذنوب فحمل تبنا وقال الذنوب أهون على الله تعالى من هذا انما أخشى ان يسلبنى الله الإسلام فكل الرسل والابدال والأولياء مع كل هذا الاجتهاد فى الطاعة والحذر عن المعصية فأى شىء تقول اما كان لهم حسن الظن بالله قال بلى فانهم كانوا اعلم بسعة رحمة الله واحسن ظن بجوده منك ولكن علموا ان ذلك دون الاجتهاد امنية وغرور جعلنا الله وإياكم من العالمين بكتابه والواصلين الى جنابه دون من نسى الله واتبع هواه آمين آمين الف آمين إِنَّ رَبَّكُمُ الخطاب لكفار مكة المتخذين أربابا. والمعنى [بدرستى كه پروردگار شما] على التحقيق اللَّهُ [خداييست] جامع جميع صفات كمال الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لا على مثال سبق فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى فى ستة اوقات ولو شاء لخلقها فى اسرع من لحظة ولكنه علم عباده التأنى فى الأمور: وفى المثنوى مكر شيطانست تعجيل وشتاب ... خوى رحمانست صبر واحتساب «1» با تأنى كشت موجود از خدا ... تابشش روز اين زمين و چرخها «2» ور نه قادر بود كز كن فيكون ... صد زمين و چرخ آوردى برون اين تأنى از پى تعليم تست ... صبر كن در كار دير آي ودرست قالوا لا يحسن التعجيل الا فى التوبة من الذنوب وقضاء الدين بعد انقضاء مدته وقرى الضيف وتزويج البكر بعد بلوغها ودفن الميت والغسل من الجنابة واعلم ان الله تعالى بالقادرية والخالقية أوجد السموات والأرض وبالمدبرية والحكيمية خلقها فى ستة ايام وانما حصر فى الستة انواع المخلوقات الستة. وهى الأرواح المجردة. والثاني الملكوتيات فمنها الملائكة والجن والشياطين وملكوت السموات ومنها العقول المفردة والمركبة. والثالث النفوس كنفوس الكواكب ونفس الإنسان ونفس الحيوان ونفس النبات والمعادن. والرابع الاجرام وهى البسائط العلوية من أجسام اللطيفة كالعرش والكرسي والسموات والجنة والنار. والخامس الأجسام المفردة وهى العناصر الاربعة. والسادس الأجسام المركبة الكثيفة من العناصر فعبر عن خلق كل منها بيوم والا فالايام الزمانية لم تكن قبل خلق السموات والأرض ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ العرش يطلق على السرير الذي يجلس عليه الملوك وعلى كل ما علاك وأظل عليك وهو بهذين المعنيين مستحيل فى حقه تعالى فجعل الاستواء على العرش كناية عن نفس الملك والعز والسلطنة على طريق ذكر اللازم وارادة الملزوم فالمعنى بعد ان خلق الله عالم الملك

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان بردن روباه خر را پيش شير. (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرى.

فى ستة ايام كما أراد استوى على الملك وتصرف فيه كيف شاء فحرك الافلاك وسير الكواكب وكور الليالى والأيام ودبر امر مصنوعاته على ما تقتضيه حكمته. وهذا معنى قول القاضي استوى امره اى استقر امر ربوبيته وجرى امره وتدبيره ونفذ قدرته فى مصنوعاته وتخصيص العرش لانه أعظم المخلوقات فانه الجسم المحيط بجميع الأجسام فالاستواء عليه استواء على ما عداه ايضا من الجنة والنار والسموات والعناصر وغيرها وفى التفسير الفارسي ثُمَّ اسْتَوى [پس قصد كرد على العرش بآفرينش عرش] قال الحدادي ويقال ثم هنا بمعنى الواو على طريق الجمع والعطف دون التراخي فان خلق العرش كان قبل خلق السموات والأرض وقد ورد فى الخبر (ان أول شىء خلق الله القلم ثم اللوح فامر الله القلم ان يكتب ما هو كائن الى يوم القيامة ثم خلق العرش ثم خلق حملة العرش ثم خلق السموات والأرض) قال شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون بل باعتبار امره الايجادى وتجليه التجلي الاحدى المعبر عنه فى القرآن بالحق واستواء الأمر الإرادي الايجادى على العرش بمنزلة استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع فكما ان كل واحد من الامرين قلب الآخر وعكسه المستوي السوي فكذلك كل واحد من العرش والشرع قلب الآخر وعكسه السوي المستوي انتهى باختصار قال فى التأويلات النجمية لما أتم خلق المكونات من الأنواع الستة استوى على العرش بعد الفراغ من خلقها استواء التصرف فى العالم وما فيه التدبر فى أموره من العرش الى تحت الثرى وانما خص العرش بالاستواء لانه مبدأ الأجسام اللطيفة القابلة للفيض الرحمانى وهذا الاستواء صفة من صفات الله تعالى لا يشبه استواء المخلوقين كالعلم صفة من صفاته لا يشبه علم المخلوقين إذ ليس كمثله شىء وهو السميع العليم ولو أمعنت النظر فى خصوصية خلافتك الحق تعالى لعرفت نفسك فعرفت ربك وذلك ان الله تعالى لما أراد خلق شخصك من النطفة المودعة فى الرحم استعمل روحك بخلافته ليتصرف فى النطفة ايام الحمل فيجعلها عالما صغيرا مناسبا للعالم الكبير فيكون بدنه بمثابة الأرض ورأسه بمثابة السماء وقلبه بمثابة العرش وسره بمثابة الكرسي وهذا كله بتدبير الروح وتصرفه خلافة عن ربه ثم استوى الروح بعد فراغه من الشخص الكامل على عرش القلب استواء مكانيا بل استوى ليتصرف فى جميع اجزاء الشخص ويدبر أموره بافاضة فيضه على القلب فان القلب هو القابل لفيض الحق تعالى الى المخلوقات كلها كما ان القلب مغتنم فيض الروح الى القالب كله فاذا تأملت فى هذا المثال تأملا شافيا وجدته فى نفى الشبيه عن الصفات المنزهة المقدسة كافيا وتحققت حقيقة من عرف نفسه فقد عرف ربه ان شاء الله تعالى ثم انه تعالى لما ذكر استواءه على العرش واخبر بما اخبر من نفاذ امره واطراد تدبيره بين ذلك بطريق الاستئناف فقال يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ اى يجعل الليل غاشيا يغشى النهار بظلمته فيذهب بنور النهار ويغطيه بظلمة الليل ولم يذكر العكس اكتفاء بأحد الضدين وفيه اشارة الى ليل ظلمات النفس عند استيلاء صفاتها وغلبات هواها على نهار أنوار القلب والى نهار القلب عند غلبات أنواره واستيلاء المحبة عليه يَطْلُبُهُ حَثِيثاً حال من الليل اى يجعل الليل غاشيا للنهار حال كون الليل طالبا له اى لمجيئه

[سورة الأعراف (7) : آية 55]

عقيب الليل سريعا وحثيثا منصوب على انه صفة مصدر محذوف اى يطلبه طلبا حثيثا اى سريعا ولما كان كل واحد من الليل والنهار يعقب الآخر ويجىء بعده من غير ان يفصل بينهما بشىء صار كأنه يطلب الآخر على منهاج واحد وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ عطف على السموات اى خلق كل هذه المخلوقات حال كونها مسخرات بقضائه وتصرفه اى مذللات لما يراد منها من الطلوع والأفول والحركات المقدرة والأحوال الطارئة عليها أَلا تنبيه معناه اعلموا لَهُ اى لله تعالى والتقديم للتخصيص الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فانه الموجد للكل والمتصرف فيه على الإطلاق وفى التأويلات النجمية ما خلق بامره تعالى من غير واسطة امر وما خلق بواسطة خلق وذكر الامام ان العالم وهو ما سوى الله تعالى منحصر فى نوعين عالم الخلق وعالم الأمر وان المراد بعالم الخلق عالم الأجساد والجسمانيات وبعالم الأمر عالم الأرواح والمجردات وان قوله تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ اشارة الى هذين العالمين عبر عن العالم الاول بعالم الخلق لان الخلق عبارة عن التقدير وكل ما كان جسما او جسمانيا كان مخصوصا بمقدار معين فعبر عنه بعالم الخلق وكل ما كان مجردا عن الحجم والمقدار كان من عالم الأرواح ومن عالم الأمر مكونات بمجرد امر كن فخص كل واحد منهما باسم مناسب له وقيل ألا له الخلق والأمر انتهى كلام الامام وقال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة الخلق عالم العين والكون والحدوث روحا وجسما والأمر عالم العلم والآلة والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الأمر إذ هو أصله ومبدأه قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي والله غالب على امره تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ اى تعالى بالوحدانية فى الالوهية وتعظم بالتفرد فى الربوبية قال ابن الشيخ اى تعاظم الا له الواحد الموجد للكل المتصرف فيه بالربوبية رد به على الكفرة الذين كانوا يتخذون أربابا فدعاهم الى التوحيد بالحكمة والحجة وصدر الآية بان ردا لانكارهم فقال ان ربكم المستحق للربوبية ليس الا واحدا وهو الله الموجد للكل على الترتيب المحكم المتقن الدال على كمال العلم والحكمة والقدرة وهو الذي انشأ ملكه على ما يشاهد ثم أخذ فى تدبيره كالملك المتمكن فى مملكته بتدبير ملكه انتهى- يروى- ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وتبارك الجبال فاستفسر منهم وعرف ان الرقيم هو الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وان تبارك بمعنى صعد وتعالى وفى الحديث (من لم يحمد الله على عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط عمله ومن زعم ان الله خلق للعباد من الأمر سببا فقد كفر بما انزل الله على أنبيائه) لقوله تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ قال الشاعر الى الله كل الأمر فى خلقه معا ... وليس الى المخلوق شىء من الأمر ادْعُوا رَبَّكُمْ بمعنى المربى من التربية وهى تبليغ الشيء الى كماله شيأ فشيأ وهو تعالى مربى الظواهر بالنعمة وهى النفوس ومربى البواطن بالرحمة وهى القلوب ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة وهو اى الرب اسم الله الأعظم ولذلك كل اسم قلبته بطل معناه الا الرب فان مقلوبه البر

وهو من أسمائه تعالى واليه يشير ما روى عن الخضر عليه السلام انه قال الاسم الأعظم ما دعا به كل نبى وولى وعدو أشار الى انه مقدمة دعوات الأنبياء نحو رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية ونحوه والصحابة نحو رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا الآيات والأعداء نحو رب أَنْظِرْنِي رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً التضرع [زارى كردن] كذا فى تاج المصادر يقال ضرع الرجل يضرع ضراعة من باب فتح اى خضع وذل وهما حالان من فاعل ادعوا اى متضرعين متذللين مخفين الدعاء ليكون اقرب الى الاجابة لكون الإخفاء دليل الإخلاص والاحتراز على الرياء- روى- عن الصحابة رضى الله عنهم انهم كانوا فى غزوة فاشرفوا على واد فجعلوا يكبرون ويهللون رافعى أصواتهم فقال عليه السلام لهم (اربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا بصيرا قريبا وانه لمعكم) اى بالعلم والإحاطة وفى الحديث استحباب الإخفاء فى ذكر الله لكن ذكر شارح الكشاف ان هذا بحسب المقام والشيخ المرشد قد يأمر المبتدى برفع الصوت لينقلع عن قلبه الخواطر الراسخة فيه كذا فى شرح المشارق لابن الملك قال حسين الكاشفى فى الرسالة العلية [اى درويش قومى كه كمين كاه نفس را ديدند ودانستند ذكر بجهر كفتن مناسب نديدند كه بريا انجامد ومخفى بذكر مشغول شدند وقول حق تعالى را كه] وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً [كار بستند وجمعى كه بمرتبه اخلاص رسيدند وباطن خود را از ريا پاك يافتند ذكر را بجهر گفتند وهر يكى را ازين دو طائفه بر عمل خود دلائل است] : وفى المثنوى كفت ادعوا الله بي زارى مباش ... تا بيايد فيضهاى دوست فاش «1» تا سقاهم ربهم آيد خطاب ... تشنه باش الله اعلم بالصواب «2» وعن عمر رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه فى الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه وذلك ليصل شىء من البركة الفائضة على اليد الى الوجه كما قال تعالى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ وذلك المسح فى الحقيقة رجوع الى الحقيقة الجامعة فان الوجه هو الذات كما قال فى الاسرار المحمدية ان الإنسان حال دعائه متوجه الى الله تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح ان اليد الواحدة مترجمة عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لان وجه الشيء حقيقته والوجه الظاهر مظهرها وقال ايضا السنة للداعى فى طلب الحاجة له ان ينشرهما يعنى كفيه الى السماء وللمكروب ان ينصب ذراعيه حتى يقابل بكفيه وجهه وإذا دعا على أحد ان يقلب كفيه ويجعل ظهرهما الى السماء والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه قال سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى والاخرى ما قدرت على إخراجهما من شدة البرد فنمت فرأيت فى منامى ان يدى الظاهرة مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذاك يا رب فنوديت اليد التي خرجت للطلب ملأناها والتي توارت حرمناها ورفع الأيدي الى السماء والنظر إليها وقت الدعاء بمنزلة ان يشير سائل

_ (1) در اواخر دفتر دوم در بيان حكايت آن مرد ابله كه مغرور بود بر تملق خرس. (2) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى هر چهـ داد وآفريد إلخ.

[سورة الأعراف (7) : آية 56]

الى الخزانة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يفيض عليه سجال العطاء من هذه الخزانة قال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فالسماء قبلة الدعاء ومحل نزول البركات والأفضل ان يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عذر او برد فاشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه. والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء بحذاء صدره كذا روى ابن عباس رضى الله عنهما فعل النبي عليه السلام كذا فى القنية إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ اى المجاوزين ما أمروا به فى الدعاء وغيره نبه به على ان الداعي ينبغى ان لا يطلب ما لا يليق كرتبة الأنبياء والصعود الى السماء وقيل هو الصياح فى الدعاء والإسهاب فيه وعن النبي صلى الله عليه وسلم (سيكون قوم يعتدون فى الدعاء وحب المرء ان يقول اللهم انى اسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل ثم قرأ انه لا يحب المعتدين) فاللائق للداعى ان يدعو باهمّ الأمور وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار كما قال النبي عليه السلام للاعرابى الذي قال انى اسأل الله الجنة وأعوذ به من النار انى لا اعرف دندنتك ولا دندنة معاذ وقال (حولهما ندندن) ومعناه انى لا اعرف ما تقول أنت ومعاذ يعنى من الاذكار والدعوات المطولة ولكنى اختصر على هذا المقدار فاسأل الله الجنة وأعوذ به من النار ومعنى قوله عليه السلام (حولهما ندندن) ان القصد بهذا الذكر الطويل الفوز بهذا الاجر الجزيل وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بالكفر والمعاصي بَعْدَ إِصْلاحِها ببعث الأنبياء وشرع الاحكام قال الحدادي وقيل معناه لا تعصوا فى الأرض فيمسك المطر عنها ويهلك الحرث بمعاصيكم وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً مصدران فى موقع الحال اى خائفين من الرد لقصور أعمالكم وعدم استحقاقكم وطامعين فى اجابته تفضلا وإحسانا لفرط رحمته إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وتذكير قريب مع انه مسند الى ضمير الرحمة لتأويل الرحمة بالرحم فان الرحم بضم الراء بمعنى الرحمة قال الله تعالى وَأَقْرَبَ رُحْماً قال الكسائي أراد ان إتيان رحمة الله قريب كقوله وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً اى لعل إتيانها والمعنى ان رحمة الله قريب من الداعين بلسان ذاكر شاكر وقلب حاضر طاهر وترجيح للطمع وتغليب لجانب الرحمة وتنبيه على وسيلة الاجابة اعنى الإحسان المفسر (بان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) وفى الحديث (ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة) يعنى ليكن الداعي ربه على يقين بان الله يجيب لان رد الدعاء اما للعجز فى اجابته او لعدم كرم فى المدعو او لعدم علم المدعو بدعاء الداعي وهذه الأشياء منتفية عن الله تعالى فانه عالم كريم قادر لا مانع له من الاجابة قال سهل ما اظهر عبد فقره الى الله تعالى فى وقت الدعاء فى شىء يحل به الا قال الله تعالى للملائكته لولا انه لا يحتمل كلامى لأجبته لبيك- وحكى- ان موسى عليه السلام مرّ برجل يدعو ويتضرع فقال موسى لو كانت حاجته بيدي لقضيتها فاوحى الله تعالى اليه انا ارحم به منك ولكنه يدعونى وله غنم وقلبه فى غنمه وانا لا اقبل دعوة عبد قلبه عند غيرى فذكر ذلك للرجل فتوجه الى الله بقلبه فقضيت حاجته فيلزم حضور القلب وحسن الظن بالله فى اجابة الدعاء- وحكى- عن بعض البله وهو فى طواف الوداع انه قال له رجل وهو يمازحه

[سورة الأعراف (7) : آية 57]

هل أخذت من الله براءتك من النار فقال الأبله لا وهل أخذ الناس ذلك فقال نعم فبكى ذلك الأبله ودخل الحجر وتعلق بأستار الكعبة وجعل يبكى ويطلب من الله ان يعطيه كتابه بعتقه من النار فجعل أصحابه والناس يلومونه ويعرفونه ان فلانا مزح معك وهو لا يصدقهم بل بقي مستقرا على حاله فبينا هو كذلك إذ سقطت عليه ورقة من جهة الميزاب فيها مكتوب عتقه من النار فسرّ بها وأوقف الناس عليها وكان من آية ذلك الكتاب ان يقرأ من كل ناحية على السواء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لا نقلابها فعلم الناس انه من عند الله. قيل دعاء العامة بالأقوال. ودعاء الزاهدين بالافعال. ودعاء العارفين بالأحوال وإذا وفق الله عبدا الى نطق بامر ما فما وفقه اليه الا وقد أراد اجابته فيه وقضاء حاجته وعدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند اهل الطريقة لانه كالمقاومة مع الله ودعوى التحمل لمشاقه كما قال الشيخ المحقق ابن الفارض قدس سره ويحسن اظهار التجلد للعدى ... ويقبح غير العجز عند الاحبة قال الحافظ فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز [ودر مناجات شيخ الإسلام است كه خدايا اگر وفاداران بتو اميد دارند جفاكاران نيز بغير تو پناهى ندارند] والاشارة ان التضرع ما يطلع عليه الخلق والخفية ما يطلع عليه الحق اى تضرعا بالجوارح وخفية بالقلوب والاعتداء فى الدعاء طلب الغير منه والرضى بما سواه ولا تفسدوا فى الأرض اى فى ارض القلوب بعد إصلاحها اى بعد ان أصلحها الله برفع الوسائط بينه وبين القلوب فان فساد القلوب فى رؤية غير الحق وصلاحها فى رؤية الحق ويقال من إفساد القلوب بعد إصلاحها إرسالها فى اودية المنى بعد إمساكها عن متابعة الهوى ومن ذلك الرجوع الى الحظوظ بعد القيام بالحقوق وادعوه خوفا من الانقطاع وطمعا فى الاصطناع ان رحمة الله وهى بذل المتمنى قريب من المحسنين الذين يرون الله فى الطاعات اى يعبدونه طمعا فيه لامنه كذا فى التأويلات النجمية وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ كل ما كان فى القرآن من ذكر الرياح فهو للرحمة وما كان من ذكر الريح فهو للعذاب ويدل عليه انه عليه الصلاة والسلام كان يجثو على ركبتيه عند هبوب الرياح ويقول (اللهم اجعلها لنا رياحا ولا تحعلها ريحا اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) وفى الحديث (لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به) قال بعض المشايخ لا تعتمد على الريح فى استواء السفينة وسيرها وهذا شرك فى توحيد الافعال وجهل بحقائق الأمور ومن انكشف له امر العالم كما هو عليه يعلم ان الريح لا تتحرك بنفسها بل لها محرك والمحرك له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه بُشْراً تخفيف بشر بضمتين جمع بشير نحو رغيف ورغف اى مبشرات بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ اى قدام رحمته التي هى المطر فان الصبا تثير السحاب والشمال تجمعه والجنوب تدرّه والدبور

تفرقه. الصبا ريح تهب من موضع طلوع الشمس عند استواء الليل والنهار. والدبور ريح تقابل الصبا اى تهب من موضع غروب الشمس. والشمال بالفتح الريح التي تهب من ناحية القطب والجنوب الريح التي تقابل الشمال والجنوب تدر السحاب اى تستحلبه قال ابن عباس رضى الله عنهما يرسل الله الرياح فتحمل السحاب فتمريه كما يمرى الرجل الناقة والشاة حتى تدر وفى الآية اطلاق الرحمة على المطر فقول من قال انى أفر من الرحمة محمول على المطر حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ غاية لقوله يرسل سَحاباً اى حملته ورفعته باليسر والسهولة بان وجدته خفيفا قليلا يقال أقللت كذا اى حملته بالسهولة ومن حمل الشيء بسهولة لا شك انه يعده قليلا فلذلك اشتق هذا الفعل من القلة ثِقالًا جمع ثقيل اى بالماء جمعه مع كونه وصفا للسحاب لان السحاب اسم جنس يصح إطلاقه على سحابة واحدة وما فوقها فيكون بمعنى الجمع اى السحائب والسحاب هو الغيم الجاري فى السماء سُقْناهُ من السوق والضمير للسحاب والافراد باعتبار اللفط والمعنى بالفارسية [برانيم ما آن ابر را] لِبَلَدٍ مَيِّتٍ اى لاحياء بلد لا نبات فيه والبلد يطلق على كل موضع من الأرض سواء كان عامرا اى ذا عمارة او غير عامر خاليا او مسكونا والطائفة منها بلدة والجمع بلاد فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ اى بالبلد والباء للالصاق اى التصق إنزال الماء بالبلد فَأَخْرَجْنا بِهِ اى بسبب ذلك الماء مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ اى من كل أنواعها والظاهر ان الاستغراق عرفى كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى الاشارة فيه الى إخراج الثمرات او الى احياء البلد الميت اى كما نحييه باحداث القوة النباتية فيه وتطريته بانواع النبات والثمرات نخرج الموتى من الاجداس ونحييها برد النفوس الى مواد أبدانها بعد جمعها وتطريتها بالقوى والحواس لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ بطرح احدى التاءين اى تتذكرون فتعلمون ان من قدر على هذا من غير شبهة قال ابن عباس وابو هريرة إذا مات الناس كلهم فى النفخة الاولى مطرت السماء أربعين يوما قبل النفخة الاخيرة مثل منى الرجال فينبتون من قبورهم بذلك المطر كما ينبتون فى بطون أمهاتهم وكما ينبت الزرع من الماء حتى إذا استكملت أجسادهم نفخ فيها الروح ثم يلقى عليهم نومة فينامون فى قبورهم فاذا نفخ فى الصور النفخة الثانية وهى نفخة البعث جاشوا وخرجوا من قبورهم وهم يجدون طعم النوم فى رؤسهم كما يجده النائم إذا استيقظ من نومه فعند ذلك يقولون من بعثنا من مرقدنا فيناديهم المنادى هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون والاشارة فى الآية ان الرياح رياح العناية والسحاب سحاب الهداية والماء ماء المحبة فيخرج الله تعالى بهذا الماء سمرات المشاهدات والمكاشفات وانواع الكمالات كذلك نخرج الموتى اى موتى القلوب من قبور الصدور لعلكم تذكرون اى تذكرون ايام حياتكم دون حياض الانس ورياض القرب عند حظائر القدس واعلم ان العمدة هى العناية الازلية وهى تصل الى العباد فى الخلا والملا- حكى- انه قيل لولى من اولياء الله تعالى اذهب الى دار الشرك فان فيها صديقا فكان ذلك لولى يقدر على الاختفاء فذهب الى دار المشركين فاسره مشرك وباعه لخادم كنيسة فخدم فيها زمانا بالصدق فجاء السلطان يوما الى الكنيسة فخلاها ثم صلى فاستتر الولي ثم ظهر للسلطان فقال من أنت قال مسلم مثلك وقيل للولى

[سورة الأعراف (7) : آية 58]

هو الصديق ثم سأل الولي ذلك السلطان الصديق عن حاله فقال فى احسن الأحوال وارغد عيش آكل الرزق الحلال واعبد خالصا عن الرياء واقتل الكفار وأعين المسلمين بحيث لو كنت سلطانهم ما قدرت ثم خرج من الكنيسة وقعد عند بابها فسأل عنى البطارقة والرهبان والخدام ثم قتل الكل وقال تتكبرون عن خدمة بيت الرب بانفسكم وتستخدمون غير اهل الملة ثم خلى سبيلى وفى هذه الحكاية اشارة الى ان الله تعالى إذا أراد أهلك العدو بأدنى سبب من حيث لا يحتسب فان له الطافا خفية: قال الحافظ تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بي منت سپاهى وقال ايضا دلا طمع مبر از لطف بي نهايت دوست ... كه ميرسد همه را لطف بي نهايت او فنظر اهل التوحيد وارباب البصيرة الى المؤثر الحقيقي والفيض الأزلي لا الى الخلق والوسائط والأسباب نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الذين فازوا بالسعادة الابدية والعناية السرمدية ويسلك بنا مسلك الحقيقة والطريقة الاحمدية انه هو البر الرحيم وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ اى الأرض الكريمة التربة وفى التفسير الفارسي [وزمين پاك از سنك وريك كه شايسته وصالح زراعت باشد] يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ بمشيئته وتيسيره ما اذن الله فى خروجه لا يكون الا احسن اكثر عزيز النفع وَالَّذِي خَبُثَ والبلد الذي خبث ترابه كالحرة والسبخة الحرة ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار والسبخة الأرض المالحة التي لا تنبت شيأ لا يَخْرُجُ نباته فى حال من الأحوال إِلَّا فى حال كونه نَكِداً قليلا عديم النفع فهو مستثنى مفرغ من أعم الأحوال. والنكد بكسر الكاف القليل الخير الممتنع عن إفادة النفع على جهة البخل والضنة والمصدر النكد بفتحتين يقال نكد عيشهم بكسر الكاف ينكد بالفتح نكدا إذا اشتد عيشهم وضاق كَذلِكَ اى مثل ذلك التصريف البديع نُصَرِّفُ الْآياتِ نرددها ونكررها لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ نعمة الله فيتفكرون فيها ويعتبرون بها وتخصيصهم بالذكر لانهم المنتفعون بها كقوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ والآية مثل لارسال الرسل عليهم السلام بالشرائع التي هى ماء حياة القلوب الى المكلفين المنقسمين الى المقتبسين من أنوارها والمحرومين من مغانم آثارها وفى التفسير الفارسي [هرگاه كه باران مواعظ از سحاب كلام رب الأرباب بر دل مؤمن بارد أنوار طاعات وعبادات بر جوارح او ظاهر كردد چون كافر استماع سخن كند زمين دلش تخم نصحيت قبول نكند ازو هيچ صفت كه بكار آيد در ظهور نيايد] : قال السعدي قدس سره زمين شوره سنبل بر نيارد ... در وتخم عمل ضايع مكردان وقال الحافظ قدس سره كوهر پاك بيايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود وعن عبد الله بن مهران قال حج الرشيد فوافى الكوفة فاقام بها أياما ثم امر بالرحيل فخرج الناس وخرج بهلول المجنون فيمن خرج فجلس بالكناسة والصبيان يؤذونه ويولعون به

[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 إلى 64]

إذ أقبلت هوادج هارون فكف صبيان عن الولوع به فلما جاء هارون نادى بأعلى صوته يا امير المؤمنين يا امير المؤمنين فكشف هارون السجاف بيده وقال لبيك يا بهلول فقال يا امير المؤمنين حدثنا ايمن بن نائل عن قدامة بن عبد الله العامري قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمضى على جمل وتحته رحل رث فلم يكن ضرب ولا طرد ولا إليك إليك وتواضعك فى سفرك هذا يا امير المؤمنين خير لك من تكبرك فبكى هارون حتى سقطت الدموع على الأرض وقال يا بهلول زدنا يرحمك الله فقال هب انك قد ملكت الأرض طرا ... وان لك العباد فكان ماذا أليس غدا مصيرك جوف قبر ... ويحثو الترب هذا ثم هذا فبكى هارون ثم قال أحسنت يا بهلول هل غيره قال نعم يا امير المؤمنين رجل آتاه الله مالا وجمالا فانفق فى ماله وعف فى جماله كتب فى خالص ديوان الله من الأبرار فقال أحسنت يا بهلول ثم امر له بجائزة فقال اردد الجائزة الى من أخذتها منه فلا حاجة لى فيها قال يا بهلول ان يكن عليك دين قضيناه قال يا امير المؤمنين لا يقضى دين بدين اردد الحق الى اهله واقض دين نفسك يا امير المؤمنين من نفسك قال يا بهلول فنجرى عليك ما يكفيك فرفع بهلول رأسه الى السماء ثم قال يا امير المؤمنين انا وأنت من عيال الله تعالى فمحال ان يذكرك وينسانى فاسبل هارون السجاف ومضى والمقصود من هذه الحكاية بيان استماع هارون الحق وقبوله وذلك لانه كان كالمكان الزاكي وقلبه حيا بالحياة الطيبة فلذا لم يخرج منه الا الأخلاق الحميدة واما ارض النفس الامارة التي هى البلد الخبيث فلا يخرج منها الا الأخلاق الذميمة والافعال الرديئة فمن كان قلبه حيا بنور الله انعكس نور قلبه على نفسه فتنورت النفس فتبدلت أوصافها باوصاف القلب وتلاشت ظلمتها بنور القلب فيطمئن الى ذكر الله وطاعته كما هو من أوصاف القلوب وان كان القلب ميتا والنفس حية فظلمات صفات النفس تطل على القلب وتبدل صفاته بصفاتها عند استيلاء صفاتها عليه فيحصل اطمئنانه بالدنيا وما فيها نسأل الله تعالى ان يجعل اطمئناننا الى ذكره وفكره وشكره ويجعلنا من الذين يعرفون قدر نعمة الله وحق المنعم لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ جواب قسم محذوف تقديره والله لقد أرسلنا نوحا وهو ابن لملك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي بن يرد بن مهلابيل بن قينان بن انوش بن آدم عليهم السلام ونوح أول نبى بعد إدريس بعد شيث وكان نوح نجارا بعثه الله الى قومه على رأس أربعين سنة وكان عمره الفا ومائتين وأربعين سنة وفى التفسير الفارسي إِلى قَوْمِهِ [بسوى قوم او كه اكثر أولاد قابيل بودند وبت مى پرستيدند] وذلك ان قابيل لما قتل أخاه هابيل طرده آدم فسكن مع أولاده واتباعه فى اليمن وهو أول من عبد الصنم فَقالَ اى نوح يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده فان العبادة بالاشراك ليس من العبادة فى شىء ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى من مستحق للعبادة وغيره بالرفع صفة لا له باعتبار محله الذي هو الرفع على الابتداء ومن زائدة فى المبتدأ والخبر لكم إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ اى ان لم تعبدوه حسبما أمرت به وهو بيان للداعى الى عبادته عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى عذاب يوم القيامة او يوم الطوفان قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ

[سورة الأعراف (7) : الآيات 61 إلى 64]

استئناف اى الرؤساء من قومه والاشراف الذين يملأون صدور المحافل باجرامهم والقلوب بجلالهم وهيبتهم والابصار بجمالهم وبهجتهم إِنَّا لَنَراكَ يا نوح فِي ضَلالٍ ذهاب عن طريق الحق والصواب لمخالفتك لنا والرؤية قلبية مُبِينٍ بين كونه ضلالا قالَ استئناف ايضا يا قَوْمِ ناداهم باضافتهم اليه استمالة لقلوبهم نحو الحق لَيْسَ بِي الباء للملابسة او للظرفية ضَلالَةٌ بالغ فى النفي حيث نفى عن نفسه ملابسة ضلالة واحدة اى ليس بي شىء من افراد الضلال وجزئياته فضلا عن ان يكون بي ضلال عظيم بين كما بالغوا فى الإثبات حيث جعلوه مستقرا فى الضلال الواضح كونه ضلالا وَلكِنِّي رَسُولٌ اى رسول كائن مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ فمن لابتداء الغاية مجازا والرسالة يلزمها الهدى التام الغير القابل للضلال فاستدرك الملزوم ليكون كالبرهان على استدراك اللازم كأنه قال ولكنى على هدى كامل فى الغاية لانى رسول من رب العالمين أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي الرسالة صفة واحدة قائمة بذات الرسول متعلقة بالاضافة الى المرسل والمرسل اليه الا انها جمعت نظرا الى تعددها بحسب تنوع معانيها كالعقائد والمواعظ والاحكام او لان المراد بها ما اوحى اليه والى الأنبياء قبله كصحف شيث وهى خمسون صحيفة وصحف إدريس وهى ثلاثون صحيفة وَأَنْصَحُ لَكُمْ زيادة اللام مع تعدى النصح بنفسه يقال نصحتك للدلالة على إمحاض النصح لهم وانها لمنفعتهم ومصلحتهم خاصة فانه رب نصيحة ينتفع بها الناصح ايضا وليس الأمر هاهنا كذلك والفرق بين تبليغ الرسالة وتقرير النصيحة ان تبليغ الرسالة معناه ان يعرف انواع تكاليف الله وأحكامه والنصيحة المراد بها الترغيب فى الطاعة والتحذير من المعاصي والإرشاد الى ما فيه مصالح المعاد قال الحدادي النصح إخراج الغش من القول والفعل وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ اى اعلم من قدرته القاهرة وبطشه الشديد على أعدائه وان بأسه لا يرد عن القوم المجرمين ما لا تعلمونه قيل كانوا لم يسمعوا بقوم حل بهم العذاب قبلهم فكانوا غافلين آمنين لا يعلمون ما علمه نوح عليه السلام بالوحى أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر اى استبعدتم وعجبتم من ان جاءكم وحي او موعظة من مالك أموركم ومربيكم عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ اى على لسان رجل من جنسكم فانهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ويقولون لا مناسبة بينه تعالى وبين البشر من حيث انه تعالى فى غاية التقدس والتنزه والبشر فى غاية التعلق والتكدر فانكر عليهم نوح عليه السلام لانه لا سبيل الى ان يكلف الله البشر بنفسه من غير واسطة لان حجاب العظمة والكبرياء يمنع من ان يتحقق بينهم الفيض والاستفاضة فتعين ان يكون التكليف بان يرسل بشرا ذا جهتين يستفيض من عالم الغيب بجهة تجرده وصفاء روحانيته ويفيض لبنى نوعه بجهة مشاركته لهم فى الحقيقة النوعية لِيُنْذِرَكُمْ علة للمجىء اى ليحذركم عاقبة الكفر والمعاصي وَلِتَتَّقُوا منها بسبب الانذار وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اى ولتتعلق بكم الرحمة بسبب تقواكم وفائدة حرف الترجي التنبيه على عزة المطلب وان التقوى غير موجبة للرحمة بل هى منوطة بفضل الله تعالى وان المتقى ينبغى ان لا يعتمد على تقواه ولا يأمن من عذاب الله تعالى فَكَذَّبُوهُ

واستمروا على ذلك فى هذه المدة المتطاولة إذ هو الذي يعقبه الانجاء والإغراق لا مجرد التكذيب- روى- ان نوحا عليه السلام دعا بهلاك قومه فامره الله تعالى بصنع الفلك فلما تم دخل فيه مع المؤمنين فارسل الله الطوفان وأغرق الكفار وأنجى نوحا مع المؤمنين فذلك قوله تعالى فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ من المؤمنين وكانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة فِي الْفُلْكِ متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الظرف اى والذين استقروا معه فى الفلك وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اى استمروا على تكذيبها وليس المراد بهم الملأ المتصدين للجواب فقط بل كل من أصر على التكذيب منهم ومن أعقابهم. وتقديم ذكر الانجاء على الإغراق للايذان بسبق الرحمة التي هى مقتضى الذات وتقدمها على الغضب الذي يظهر اثره بمقتضى جرائمهم إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ أصله عميين جمع عم أصله عمى على وزن خضر فأعل كاعلال قاض قال اهل اللغة يقال رجل عم فى البصيرة وأعمى فى البصر والمعنى عمين قلوبهم عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد غير مستبصرين وهذا العمى مانع عن رؤية الآيات ومشاهدة البينات: قال الحافظ جمال يار ندارد نقاب و پرده ولى ... غبار ره بنشان تا نظر توانى كرد بخلاف أعمى البصر إذا كان مستعدا للنظر فانه كم من أعمى قادر على الرؤية من حيث الحقيقة: قال الصائب دل چوبيناست چهـ غم ديده اگر نابيناست ... خانه آيينه را روشنى از روزن نيست وفى الآية اشارة الى نوح الروح الذي أرسله الله الى قومه ببلاد القالب وهو القلب وصفاته والنفس وصفاتها ومن صفة الروح العبودية والطاعة ودعوة القلب والنفس وصفاتهما الى الله وعبوديته ومن صفات النفس وشأنها تكذيب الروح ومخالفته والإباء عن قبول نصحه والروح يحذر قومه من عبادة الدنيا وزينتها لئلا يحرموا من مساعدة الرحمة فكذبه قومه من النفس وصفاتها فانجينا الروح من ظلمات النفس وتمردها والذين معه وهم القلب وصفاته الذين قبلوا دعوة نوح الرسول وركبوا معه فى الفلك وهو فلك الشريعة والدين فاغرقنا الذين كذبوا بآياتنا اى النفس وصفاتها فى بحر الدنيا وشهواتها انهم كانوا قوما عمين عن رؤية الله والوصول اليه هذه حال الأنفس والآفاق وأهليهما ولو أصغوا الى داعى الحق واجتنبوا عما ارتكبوا لنجوا كما حكى ان الشيخ بقا رضى الله عنه كان يوما جالسا على شط نهر الملك فمرت به سفينة فيها جند ومعهم خمر وفواكه ونساء متبرجات وصبيان ومغانى وهم فى غاية من اللهو والطغيان فقال الشيخ بقا للملاح اتق الله وقدم الى الله فلم يلتفتوا الى كلامه فقال ايها النهر المسخر خذا الفجرة فنما الماء عليهم حتى طلع الى السفينة فاشرفوا على الغرق فصاحوا بالشيخ وأعلنوا بالتوبة فعاد الماء الى حاله وحسنت توبتهم وكانوا بعد ذلك يكثرون من زيارته: قال الحافظ امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد فعلى العاقل ان يقبل النصيحة ممن فوقه ودونه فان النصيحة سهلة والمشكل قبولها ونعم ما قال السعدي قدس سره

[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 إلى 70]

مرد بايد كه كيرد اندر كوش ... ور نوشت است پند بر ديوار اللهم اجعلنا ممن قبل دعوتك ودخل جنتك وَإِلى عادٍ اى وأرسلنا الى عاد وهم قوم من اهل اليمن وكان اسم ملكهم عادا فنسبوا اليه وهو عاد بن ارم بن سام بن نوح أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب لا فى الدين كقولهم يا أخا العرب هُوداً عطف بيان لأخاهم وهو هود بن عبد الله بن رياح بن خلود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح وانما جعل الرسول من تلك القبيلة لانهم أفهم لكلامه واعرف بحاله فى صدقه وأمانته واقرب الى اتباعه قالَ استئناف وفى التفسير الفارسي [قبيله عاد مردم تن آور وبلند بالا بودند واز ايشان در تمام روى زمين در ان زمان قبيله عظيمه نبود ومردم بسيار بودند ومال فراوان داشتند وعمر در پرستش بت مى كذرانيدند حق سبحانه وتعالى هود را بديشان فرستاد پس هود بميان قبيله آمد وايشانرا بحق دعوت كرد] قال يا قَوْمِ (اى قوم من) اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ غيره بالرفع صفة لا له باعتبار محله وهو الابتداء ومن زائدة فى المبتدأ ولكم خبره أَفَلا تَتَّقُونَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر اى ألا تتفكرون فلا تتقون عذاب الله تعالى قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ استئناف كما مر وانما وصف الملأ بالكفر إذ لم يكن كلهم على الكفر كملأ قوم نوح بل كان منهم من آمن به عليه السلام كمرثد بن سعد وكتم إيمانه ولم يظهر الا عند مجيىء وقد عاد الى مكة يستغيثون كما سيجيئ قال عصت عاد رسولهمو فأمسوا ... عطاشا ما تبلهم السماء لهم صنم يقال له صمود ... يقابله صداء والبهاء فبصرنا الرسول سبيل رشد ... فأبصرنا الهدى وجلى العماء وان اله هود هو الهى ... على الله التوكل والرجاء والملأ اشراف القوم وهو فى الأصل بمعنى الجماعة إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ اى متمكنا فى خفة عقل راسخا فيها حيث فارقت دين آبائك. والسفاهة فى اللغة خفة الحلم والرأى وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ اى فيما ادعيت من الرسالة وفيه اشارة الى ان قلوب قوم هود وسخة خبيثة كقلوب قوم نوح لم يخرج منها الخبث الا نكدا فلما أراد هود عليه السلام ان يبذر فيها بذر التوحيد والمعرفة ولم تكن صالحة وقلما خرج منها إلا نبت التسفيه والتكذيب سلكوا طريق سلفهم وإخوانهم وصنعوا مثل حالتهم: وفى المثنوى در زمين كر نى شكر ور خود نى است ... باز كويد با تو انواع نبات زانكه خاك اين زمين بإثبات ... ترجمان هر زمين نبت وى است قالَ اى هود عليه السلام سالكا طريق حسن المجادلة مع ما سمع منهم من الكلمة الشنعاء الموجبة لتغليظ القول والمشافهة بالسوء وهكذا ينبغى لكل ناصح يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ اى شىء منها ولا شائبة من شوائبها والباء للملابسة او للظرفية وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ اى لكنى فى غاية الرشد والصدق لانى رسول رب العالمين فالاستدراك باعتبار ما يلزمه وهو كونه فى

[سورة الأعراف (7) : الآيات 68 إلى 70]

الغاية القصوى من الرشد والصدق. والرشد هو الاهتداء لمصالح الدين والدنيا وهو انما يكون بالعقل التام أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ معروف بالنصح والامانة مشهور بين الناس بذلك قد سبق فى القصة المقدمة سرّ جمع الرسالات ومعنى النصح والفرق بين تبليغ الرسالة وتقرير النصيحة وفى قوله وانا لكم ناصح أمين تنبيه على انهم عرفوه بالأمرين لان الجملة الحالية انما يؤتى بها لبيان هيئة ذى الحال والشيء لا يوصف الا بما يعلم المخاطب اتصافه به أو لأن فى جعل ذكر متعلق النصح والامانة من قبل المهجور دلالة على انه أوحدي فيه موجد للحقيقتين كأنه صناعته أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ اى استبعدتم وعجبتم من ان جاءكم وحي من مالك أموركم ومربيكم عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ اى على لسان رجل من جنسكم لِيُنْذِرَكُمْ ويحذركم عاقبة ما أنتم عليه من الكفر والمعاصي فمن فرط الجهالة وغاية الغباوة عجبوا من كون رجل رسولا ولم يتعجبوا من كون الصنم شريكا وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ شروع فى بيان ترتيب احكام النصح والامانة والانذار وتفصيلها وإذ منصوب باذكروا على المفعولية دون الظرفية اى اذكروا وقت استخلافكم قال صاحب الفرائد يشكل هذا بقولهم إذ وإذا وقوعهما ظرفين لازم وأجيب بان باب الاتساع واسع قال المولى ابو السعود ولعله معطوف على مقدر كأن قيل لا تعجبوا من ذلك وتدبروا فى أموركم واذكروا وقت جعله تعالى إياكم خلفاء مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ اى فى مساكنهم او فى الأرض بان جعلكم ملوكا فان شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج الى شحر عمان قال فى التأويلات النجمية جعل الله الخلق بعضهم خلفاء عن بعض وجعل الكل خلفاء فى الأرض ولا يفنى جنسا منهم الا اقام قوما خلفاء عنهم من ذلك الجنس فاهل الغفلة إذا انقرضوا اخلف عنهم قوما واهل الوصلة إذا انقرضوا ودرجوا اخلف عنهم قوما وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ اى فى الإبداع والتصوير بالفارسي [وبيفزود شما] او فى الناس بَصْطَةً قامة وقوة فانه لم يكن فى زمانهم مثلهم فى عظم الاجرام كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة الصغير ستين ذراعا قال وهب كان رأس أحدهم كالقبة العظيمة وكان عين أحدهم يفرخ فيها السباع وكذلك مناخرهم والاشارة كما ان الله تعالى زاد قوما على من تقدمهم فى بسطة الخلق زاد قوما على من تقدمهم فى بسطة الخلق فكما أوقع التفاوت بين شخص وشخص فيما يعود الى المبانى أوقع التباين بين قوم وقوم فيما يرجع الى المعاني قال الفرزدق وقد تلتقى الأسماء فى الناس والكنى ... كثيرا ولكن فرقوا فى الخلائق جمع الخليقة وهى الطبيعة وفى هذا المعنى قال الخاقاني نى همه يك رنك دارد در نيستانها وليك ... از يكى نى قند خيزد وز دگر نى بوريا فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ جمع الى بمعنى النعمة وهو تعميم بعد تخصيص لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لكى يؤديكم ذلك اى ذكر النعم الى الشكر المؤدى الى النجاة من الكروب والفوز بالمطلوب ولما لم يبق للقوم جواب الا التمسك بالتقليد قالُوا مجيبين عن تلك النصائح الجليلة أَجِئْتَنا يا هود لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ اى لنخصه بالعبادة وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 71 إلى 75]

اى نترك الآلهة التي كان آباؤنا يعبدونها ومعنى المجيء فى أجئتنا اما المجيء من مكان اعتزل عن قومه يعبد فيه ربه كما كان يعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء فلما اوحى اليه جاء قومه يدعوهم واما من السماء كمجىء الملك منها استهزاء به عليه السلام لانهم كانوا يعتقدون ان الله تعالى لا يرسل الا الملك واما القصد على المجاز وهو ان يكون مرادهم بالمجيء مجرد قصد الفعل ومباشرته كأنهم قالوا أتريد منا ان نعبد الله وحده وتقصد ان تكلفنا بذلك كما يقال ذهب يشتمنى من غير ارادة معنى الذهاب فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب المدلول عليه بقوله تعالى أَفَلا تَتَّقُونَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ اى فى الاخبار بنزول العذاب قالَ هود عليه السلام قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ اى قد وجب فيكون مجازا من باب اطلاق المسبب على السبب فان نزول العذاب عليهم مسبب عن وجوب نزوله فى علمه تعالى مِنْ رَبِّكُمْ اى من جهته تعالى رِجْسٌ عقاب من الارتجاس الذي هو الاضطراب وَغَضَبٌ ارادة انتقام أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ عارية عن السمى جعل المجادل فيه اسماء مجردة عن المسميات لانهم كانوا يسمون الأصنام آلهة ويزعمون كونهم مستحقين للعبادة والحال انهم بمعزل عن الالوهية واستحقاق العبادة سَمَّيْتُمُوها اى سميتم بها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ اى حجة وبرهان فى عبادتها قوله سميتموها صفة للاسماء وكذا قوله ما انزل الله وقوله من سلطان مفعول انزل ومن مزيدة والمعنى أتجادلونني فى مسميات لها اسم بدون ما يليق بها وتوجه الذم للتسمية الصرفة الخالية عن المعنى فلا يلزم ان يكون الاسم هو المسمى قال فى التفسير الفارسي [فى اسماء در كار اين نامها يعنى اين بتان كه هر يك را نامى نهاده آيد بعضى را سائقه مى كفتند وكمان ايشان آن بود كه باران از ايشان مى بارد وبعضى را حافظه مى خواندند بمظنه آنكه نگهبان در سفر ايشانند وهمچنين رازقه وسالمه واين ألفاظ اسما بودند بي مسما چهـ أصنام را كه جمادات بودند قدرت برينها نبوده پس هود عليه السلام فرموده كه شما جدال ميكنيد بدين چيزها كه از روى جهالت شما نام نهاده آيد ايشانرا] فَانْتَظِرُوا مترتب على قوله تعالى قد وقع عليكم اى فانتظروا ما تطلبونه بقولكم فائتنا بما تعدنا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لما يحل بكم من العذاب فَأَنْجَيْناهُ الفاء فصيحة كما فى قوله تعالى فَانْفَجَرَتْ اى فوقع فأنجينا هودا وَالَّذِينَ مَعَهُ اى فى الدين بِرَحْمَةٍ مِنَّا اى برحمة عظيمة كائنة من جهتنا عليهم وفيه اشارة ان هودا مع رتبته فى النبوة ودرجته فى الرسالة انما نجا برحمة من الله هو والذين آمنوا معه ليعلم ان النجاة لا تكون باستحقاق العمل وانما تكون ابتداء فضل من الله ورحمة فما نجا الا بفضل الحق سبحانه وَقَطَعْنا دابِرَ القوم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اى استأصلناهم اى أهلكناهم جميعا بان قطعنا عرقهم وأصلهم لان دابر الشيء آخره فقطع دابر القوم إهلاكهم من أولهم الى آخرهم وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ عطف على كذبوا داخل معه فى حكم الصلة اى أصروا على الكفر والتكذيب ولم يرعوا عن ذلك أبدا وفيه تنبيه على ان مناط النجاة هو الايمان بالله تعالى وتصديق آياته كما ان مدار البوار هو الكفر والتكذيب وقصتهم ان عادا كانوا يسكنون اليمن بالأحقاف وهى رمال يقال رمل عالج ودهمان ومرين ما بين عمان الى حضر موت وكانوا قد فشوا فى الأرض

وقهروا أهلها بقوتهم التي أعطاها الله إياهم وكانت لهم أصنام يعبدونها صداء وصمود والهباء فبعث الله إليهم هودا نبيا من أوسطهم فى النسب وأفضلهم فى الحسب فامرهم ان يوحدوا الله ولا يعبدوا غيره وان يكفروا عن ظلم الناس فابوا عليه وكذبوه وقالوا من أشد منا قوة وازدادوا عتوا وتجبرا فامسك الله عنهم القطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك وكان الناس إذا نزل بهم بلاء وجهد مضوا الى البيت الحرام بمكة مسلمهم وكافرهم وسألوا الله الفرج وكان اهل مكة يومئذ العماليق أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وكان رئيس العماليق يومئذ بمكة رجلا يقال له معاوية بن بكر وكانت امه من عاد فلما قحط المطر من عاد وجهدوا قالوا جهزوا منكم وفدا الى مكة يستسقوا فجهزوا قيل بن عتر ومرثد بن سعد فى سبعين رجلا فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو فى خارج مكة فانزلهم وأكرمهم وكانوا أخواله واصهاره فاقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان وهما قينتان لمعاوية اسم إحداهما وردة واسم الاخرى جرادة فغلبت جرادة على وردة فسميتا جرادتين فلما رأى معاوية طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه وقال قد هلك أخوالي واصهارى جهدا وعطشا وهؤلاء مقيمون عندى والله ما أدرى كيف اصنع بهم استحيى ان آمرهم بالخروج الى حاجتهم فيظنون ان ذلك لثقل مقامهم على فشكا ذلك الى قينتيه الجرادتين فقالتا قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله لعل ذلك يخرجهم فقال معاوية الا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يسقينا غماما فيسقى ارض عاد ان عادا ... قد أمسوا ما يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس ترجو ... به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهمو بخير ... فقد امست نساؤهمو أيامي وان الوحش تأتيهم جهنارا ... فلا تخشى لعادى سهاما وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم ... نهاركمو وليلكمو التماما فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض يا قوم لقد أبطأتم على أصحابكم فقوموا وادخلوا الحرم واستسقوا لقومكم فقال لهم مرثد والله لا تسقون بدعائكم ولكن ان أطعتم نبيكم هودا وتبتم الى الله سقيتم واظهر إسلامه فقالوا لمعاوية احبس عنا مرثدا لا يقدمن معنا مكة فانه قد اتبع دين هود وترك ديننا ثم دخلوا مكة فقام قيل يستسقى فى المسجد وقال اللهم انى لم أجئ لمريض فاداويه ولا لاسير فافاديه اللهم اسقنا فانا قد هلكنا اللهم اسق عادا ما كنت تسقيهم وقال القوم اللهم أعط قيلا ما يسألك واجعل سؤلنا مع سؤله فانشأ الله تعالى سحابات ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ثم ناداه مناد من السماء يا قيل اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب ما شئت فقال اخترت السوداء فانها اكثر السحاب ماء فنودى اخترت دمارا رمدا لا يبقى من آل عاد ولدا ولا شيوخا الا فصاروا همدا ثم ساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بما فيها من النقمة والبلاء الى عاد حتى خرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث فلما رأوها

[سورة الأعراف (7) : آية 73]

فرحوا وقالوا هذا عارض ممطرنا يقول الله تعالى بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم تدمر كل شىء بامر ربها اى كل شىء مرت به فجاءتهم من تلك السحابة ريح عقيم سخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما اى دائما فكانت الريح تحمل الظعن ما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة وكانوا قد حفروا لارجلهم فى الأرض وغيبوها الى ركبهم فجعلت الريح تدخل أقدامهم وترفع كل اثنين وتضرب بأحدهما الآخر فى الهواء ثم تلقيهما فى الوادي والباقون ينظرون حتى رفعتهم كلهم ثم رمت بالتراب عليهم فكان يسمع أنينهم من تحت التراب فاعتزل هود ومن معه من المؤمنين فى حظيرة فما كان يصيبهم من الريح إلا ما يلين جلودهم وتلذ به أنفسهم قالوا ولما أراد الله إرسال الريح العقيم الى عاد اوحى الى الريح ان تخرج الى عادفتنتقم منهم فخرجت على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب فقالت الخزان يا رب لن نطيقها ولو خرجت على حالها لاهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها فاوحى الله تعالى اخرجى على قدر خرق الخاتم فخرجت على قدر ذلك قال السدى فلما بعث الريح إليهم ودنت منهم نظروا الى الإبل والرحال تطير بهم الريح بين السماء والأرض فتبادروا الى البيوت فاخرجتهم الريح من البيوت حتى أهلكتهم على ما ذكر وسبب هلاك الإبل وغيرها من الحيوانات اتصالها بملك اهل الغضب والبلية إذا نزلت فانما تنزل عامة ولله تعالى حكم ومصالح جليلة فى كل ما يحكم ويريد ولما نجا هود ومن معه من المؤمنين أتوا مكة فعبدوا الله فيها الى ان ماتوا وهكذا فعل كل نبى هلك قومه ونجا هو مع المؤمنين قال بعضهم بين الركن والمقام وزمزم تسعة وتسعون نبيا وان قبر هود وشعيب وصالح وإسماعيل فى تلك البقعة وسبب الهجرة ان ارض اهل الكفر والمعاصي قد حل فيها غضب الله وذهب خيرها فاقتضى كمال الخشية من جلال الله تعالى الرحلة الى دار الامان كما قال تعالى وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً مع ان امكنة العبادات على طبقات مختلفة متفاوتة فى مراتب الثواب فعمل واحد بمكة خير من الف عمل فى غيرها إذ هى محل أنفاس الأنبياء ونفوسهم ومحط رحال الأولياء ورؤسهم كما ان حال الازمنة كذلك فطوبى لعبد هاجر من ارض اهل البدعة والهوى ونزل بأرض اهل السنة والهدى لان نظر الله تعالى على اهل الخير والصلاح واما من اخلد الى ارضه مع جمود أهلها وخمود نار محبتها لمجرد غرض دنيوى من المعاش وغيره فهو ممن اهبطه الله الى ارض طبيعته وزحزحه عن جنته وأراد خسرانه فى تجارته والا فالمهتدى الى سبيل السلام لا يقيم مع الضالين مع وضوح البرهان التام سعديا حب وطن كرچهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم يقول الفقير اللهم انى هاجرت من ارض اهل البغي والفساد واخترت سلوك طريق اهل الرشاد فانتقلت من ديار الروم الى ما يلحق بأرضك المقدسة اعنى بروسة المحروسة اللهم ثبت قدمى فى طريقك الحق فانا الحقي أرشدني الى ما فى الهجرة من السر المطلق آمين يا معين وَإِلى ثَمُودَ اى أرسلنا الى ثمود وهى قبيلة من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عاد بن ارم ابن سام بن نوح وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام الى وادي القرى وثمود فى كتاب

الله مصروف وغير مصروف قال الله تعالى أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ فمن صرفه جعله اسما للحى ومن لم يصرفه جعله اسما للقبيلة أَخاهُمْ من حيث النسب كهود عليه السلام كما تقدم صالِحاً عطف بيان لاخاهم وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر ابن ثمود قالَ استئناف يا قَوْمِ بحذف ياء المتكلم اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فيه اشارة الى ان الله تعالى وان غاير بين الرسل من حيث الشرائع الا انه جمع بينهم فى التوحيد حيث سلك كل واحد منهم فى الدعوة مسلك الآخر فقال نوح وهود وصالح يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره- روى- انه لما هلكت عاد عمرت ثمود بلادها وخلفوهم فى الأرض وكثروا فى خصب وسعة فعتوا على الله وأفسدوا فى الأرض وعبدوا الأصنام فبعث الله إليهم صالحا وكانوا قوما عربا وصالح من أوسطهم نسبا فدعاهم الى الله تعالى حتى شمط وكبر فلم ينبعه الا قليل منهم مستضعفون فحذرهم وانذرهم فسألوه آية تكون مصداقا لقوله فقال أية آية تريدون قالوا تخرج معنا الى عيدنا فى يوم معلوم لهم من السنة فتدعو إلهك وندعو الهتنا فان استجيب لك اتبعناك وان استجيب لنا اتبعتنا فقال صالح نعم فخرج معهم ودعوا أوثانهم وسألوا الاستجابة فلم تجبهم الى سؤلهم ولم يظهر اثم الانجاح فاقتضحوا ثم قال سيدهم جندع ابن عمرو وأشار الى صخرة منفردة فى ناحية الجبل يقال لها الكاتبة اخرج لنا من هذه الصخرة ناقة مخدجة على خلقة الجمل فى الجسامة وغلظة العظام والقوائم شبيهة بالبختى جوفاء وبراء عشراء فان فعلت صدقناك وأجبناك فاخذ عليهم صالح مواثيقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن ولتصدقن قالوا نعم فصلى ركعتين ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها الا الله وهم ينظرون ثم نتجت ولدا مثلها فى العظم فآمن به جندع ورهط من قومه ومنع الباقين من الايمان ذواب بن عمرو والجباب صاحب أوثانهم ورباب كاهنهم يكى بنور عنايت ره هدايت يافت ... يكى بوادي خذلان بماند سر كردان يكى بوسوسه ديو رفت سوى سقر ... يكى ز پيروى حق كرفت ملك جنان فمكشت الناقة مع ولدها فى ارض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء فبعد ظهور هذه المعجزة قال لهم صالح قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ اى آية ومعجزة ظاهرة وشاهدة بنبوتي مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بجاءتكم او بمحذوف هو صفة لبينة قال المولى ابو السعود وليس هذا الكلام منه عليه السلام أول ما خاطبهم اثر دعوتهم الى التوحيد بل انما قاله بعد ما نصحهم وذكرهم بنعم الله فلم يقبلوا كلامه وكذبوه ألا يرى الى ما فى سورة هود من قوله تعالى هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها الى آخر الآيات هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً استئناف كأنه قيل ما هذه البينة فقال هذه ناقة الله انبهكم عليها او أشير إليها فى حال كونها آية وعلامة دالة على صحة نبوتى واضافة الناقة الى الاسم الجليل لتعظيمها كما يقال بيت الله او لمجيئها من جهته تعالى بلا اسباب معهودة ووسائط معتادة يعنى كانت بالتكوين من غير اجتماع ذكر وأنثى ولم تكن فى صلب ولا رحم ولم يكن للخلق فيها سعى ولكم بيان لمن هى آية له وخصوا بذلك لانهم هم الذين طلبوها

[سورة الأعراف (7) : الآيات 74 إلى 75]

وينتفعون بها لو تركوا العناد وطلبوا الاهتداء بالدليل والبرهان فَذَرُوها تفريع على كونها آية من آيات الله تعالى فان ذلك مما يوجب عدم التعرض لها اى دعوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ جواب الأمر اى الناقة الله والأرض فاتركوها ترتع ما ترتع فى ارض الحجر من العشب فليس لكم ان تحولوا بينها وبينها وعدم التعرض للشرب للاكتفاء عنه بذكر الاكل وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ الباء للملابسة اى لا تمسوها ملتبسين بسوء ولا تتعرضوا لها بشىء مما يسوءها أصلا من قتل او ضرب او مكروه إكراما لآية الله تعالى والسوء اسم جامع لانواع الأذى ويجوز ان تكون الباء للتعدية والمعنى بالفارسية [ومرسانيد بوى هيچ بدى] وفيه مبالغة حيث نهى عن المس الذي هو مقدمة الاصابة فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ جواب للنهى قال فى التفسير الفارسي [استحقاق عذاب نه بواسطه ضرر ناقه است بلكه با قامت ايشان بر كفر بعد از شهود معجزه وعقر ناقه دليل عتو ايشانست در كفر] والاشارة ان المعجزة للعوام ان يخرج لهم من حجارة الصخرة ناقة عشراء والمعجزة للخواص ان يخرج لهم من حجارة القلب ناقة السر بسقب سر السر وهو الخفي وناقة الله التي تحمل امانة معرفته وتعطى ساكنى بلد القالب من القوى والحواس لبن الواردات الالهية فذروها تأكل فى ارض الله اى ترقع فى رياض القدس وتشرب فى حياض الانس ولا تمسوها بسوء مخالفات الشريعة ومعارضات الطريقة فيأخذكم عذاب اليم بالانقطاع عن مواصلات الحقيقة وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ اى اذكروا وقت جعله تعالى إياكم خلفاء فى ارض الحجر او خلفاء لقوم عاد من بعد إهلاكهم فنصب إذ على المفعولية كما سبق فى القصة المتقدمة وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ اى أنزلكم فى ارض الحجر بالفارسي [جاى داد شما را] قال ابو السعود اى جعل لكم مباءة ومنزلا فى ارض الحجر بين الحجاز والشام تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً استئناف مبين لكيفية التبوئة اى تبنون فى سهولها قصورا رفيعه على ان من بمعنى فى كما فى قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ او سهولة الأرض بما تعملون منها من اللبن والآجر وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ اى الصخور والنحت نجر الشيء الصلب وانتصاب الجبال على المفعولية بُيُوتاً حال مقدرة من الجبال كما تقول خط هذا الثوب قميصا قيل كانوا يسكنون السهول فى الصيف والجبال فى الشتاء وقيل انهم لطول أعمارهم كانوا يحتاجون الى ان ينحتوا من الجبال بيوتا لان السقوف والابنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ اى احفظوا نعم الله عليكم فان حق آلائه تعالى ان تشكر ولا يغفل عنها وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العثى أشد الفساد فقيل لهم لا تتمادوا فى الفساد حال كونكم مفسدين فالمراد بهذه الحال تعريفهم بانهم على الفساد لا تقييد العامل والا لكان مفهومه مفيدا معنى تمادوا فى الفساد حال كونكم مصلحين وهذا غير جائز وقيل انما قيد به لما ان العثى فى الأصل مطلق التعدي وان غلب فى الفساد فقد يكون فى غير الفساد كما فى مقابلة غير الظالم الظالم المتعدى بفعله وقد يكون فيه صلاح راجح كقتل الخضر عليه السلام للغلام وخرقه السفينة فيكون التقييد بالحال تقييدا للعام بالخاص قالَ استئناف الْمَلَأُ اى الاشراف والرؤساء الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى تعظموا عن الايمان به لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 76 إلى 80]

اللام للتبليغ اى للذين استضعفوهم واستذلوهم لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بدل من الذين استضعفوا بدل الكل والضمير للقوم أَتَعْلَمُونَ [آيا شما ميدانيد] أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالوه بطريق الاستهزاء بهم قالُوا اى المؤمنون المستضعفون إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ من التوحيد والعبادة مُؤْمِنُونَ عدلوا عن الجواب الموافق لسؤالهم بان يقولوا نعم او نعلم انه مرسل منه تعالى تنبيها على ان إرساله امر معلوم مقرر عندهم حيث أوردوه صلة للموصول ومن المعلوم ان الصلة لا بد ان تكون جملة معلومة الانتساب الى ذات الموصول فكأنهم قالوا لا كلام فى إرساله لانه اظهر من ان يشك فيه عاقل ويخفى على ذى رأى لما اتى به من هذا المعجز العظيم الخارق وانما الكلام فى الايمان به فنحن مؤمنون به فهذا الجواب من اسلوب الحكيم وهو تلقى المخاطب بغير ما يترقب قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ عدلوا عن الجواب المطابق وهو انا بما أرسل به كافرون لدلالته على ان إرساله معلوم مسلم عندهم كما دل عليه قول المؤمنين فكأنهم قالوا ليس إرساله معلوما لنا مسلما عندنا وليس هناك إلا دعواه وايمانكم به ونحن بما آمنتم به كافرون فالمؤمنون فرعوا ايمانهم على الإرسال الثابت والكفار فرّعوا كفرهم على ايمان المؤمنين واعلم ان الله تعالى ذم الكفار بوجهين أحدهما الاستكبار وهو رفع النفس فوق قدرها وجحود الحق والآخر انهم استضعوا من كان يجب ان يعظموه ويبجلوه ومدح المؤمنين حيث ثبتوا على الحق وأظهروه مع ضعفهم عن مقاومة الكفار كما دل عليه قوله إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ اى نحروها وبالفارسي [پس پى كردند وبكشتند ناقه را] أسند العقر الى الكل مع ان المباشر بعضهم للملابسة أو لأن ذلك كان برضاهم فكأنه فعله كلهم- روى- ان الناقة كانت ترد الماء غبا فاذا كان يومها وضعت رأسها فى البئر فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيها لا تدع قطرة واحدة ثم تتفحج فيحبلون ما شاؤا حتى تمتلىء أوانيهم كلها فيشربون ويدخرون ثم تصدر من أعلى الفج الذي وردت منه لانها لا تقدر ان تصدر من حيث ترد لضيقه قال ابو موسى الأشعري أتيت ارض ثمود فذرعت مصدر الناقة فوجدته ستين ذراعا وكانوا إذا جاء يومهم وردوا الماء فيشربون ويسقون مواشيهم ويدخرون من الماء ما يكفيهم اليوم الثاني وكانت الناقة إذا وقع الحر تصيفت بظهر الوادي فيهرب منها أنعامهم الى بطنه وإذا وقع البرد تشتت ببطن الوادي فيهرب منه مواشيهم الى ظهره فشق ذلك عليهم وزينت عقرها لهم امرأتان عنيزة أم غنم وصدقة بنت المختار لما أضرت به من مواشيهما وكانتا كثيرتى المواشي قال الحدادي كان فى ثمود امرأة يقال لها صدوق كانت جميلة الخلق غنية ذات ابل وبقر وغنم وكانت من أشد الناس عداوة لصالح وكانت تحب عقر الناقة لاجل انها أضرت بمواشيها فطلبت ابن عم لها يقال له مصدع بن دهر وجعلت له نفسها ان عقر الناقة فاجابها الى ذلك ثم طلبت قدار بن سالف وكان رجلا احمر ازرق قصيرا يزعمون انه ولد زنى ولكنه ولد على فراش سالف فقالت يا قدار أزوجك أي بناتي شئت على ان تعقر الناقة وكان منيعا فى قومه فاجابها ايضا فانطلق قدار ومصدع فاستعووا عواة ثمود فاتاهم تسعة رهط فاجتمعوا على عقر الناقة فاوحى الله تعالى الى صالح ان قومك سيعقرون الناقة فقال لهم

[سورة الأعراف (7) : آية 78]

صالح بذلك فقالوا ما كنا لنفعل ثم تقاسموا بالله لنبيتنه واهله وقالوا نخرج فيرى الناس انا قد خرجنا الى سفر فنأتى الغار فنكون فيه حتى إذا كان الليل وخرج صالح الى مسجده قتلناه ثم رجعنا الى الغار فكنا فيه فاذا رجعنا قلنا ما شهدنا مهلك اهله وانا لصادقون اى يعلمون انا خرجنا فى سفر لنا وكان صالح لا ينام فى القرية وكان له مسجد خارج القرية يقال له مسجد صالح يبيت فيه فاذا أصبح أتاهم فوعظهم وإذا امسى خرج الى المسجد فانطلقوا ودخلوا الغار فلما كان الليل سقط عليهم الغار فقتلهم فلما أصبحوا رآهم رجل فصاح فى القرية فقال ما رضى صالح حتى قتلهم فاجتمع اهل القرية على عقر الناقة وقال ابن اسحق انما اجتمع التسعة الذين عقروا الناقة فقالوا هلموا لنقتل صالحا فان كان صالح صادقا منعنا قتله وان كان كذبا الحقناه بناقته فاتوا ليلا فبيتوه فى اهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة وقال بعضهم انطلق قدار ومصدع وأصحابهما التسعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء وقد كمن لها مصدع فى اصل صخرة اخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها ثم خرج قدار فعقرها بالسيف فخرت ترغو ثم طعنها فى لبتها ونحرها وخرج اهل البلد واقتسموا لحمها فلما رآها سقبها كذلك رقى جبلا اسمه قارة فرغا ثلاثا ودموعه تنحدر حتى اتى الصخرة التي خلق منها فانفتحت فدخلها فذلك قوله تعالى فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى استكبروا عن امتثاله وهو ما بلغهم صالح من الأمر بقوله فذروها ومن النهى بقوله ولا تمسوها او استكبروا عن اتباع امر الله وهو شرعه ودينه ويجوز ان يكون المعنى صدر عتوهم عن امر ربهم كان امر ربهم بترك الناقة كان هو السبب فى عتوهم ونجوا من هذه كما فى قوله وما فعلته عن امرى كذا فى الكشاف وَقالُوا مخاطبين له عليه السلام بطريق التعجيز والافحام يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب على قتل الناقة إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فان كونك من جملتهم يستدعى صدق ما تقول من الوعد والوعيد فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة الشديدة لكن لا اثر ما قالوا بل بعد ما جرى عليهم ما جرى من مبادى العذاب فى الأيام الثلاثة كما سيجيئ ورد فى حكاية هذه القصة فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ وفى موضع فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وفى موضع فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ولا تناقض لان الرجفة مترتبة على الصيحة لانه لما صيح بهم رجفت قلوبهم فماتوا فجاز ان يسند الإهلاك الى كل واحدة منهما وقال الحدادي فأخذتهم الزلزلة ثم صيحة جبريل وفى التفسير الفارسي [پس فرا كرفت ايشانرا بسبب كشتن ناقه زلزله بعد از سفيدن صيحه عظيم] واما قوله بالطاغية فالباء فيها سببية والطاغية مصدر بمعنى الطغيان كالعاقبة والتاء للمبالغة كما فى علامة ومعناه اهلكوا بسبب طغيانهم فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ اى صاروا فى أراضيهم وبلدهم او فى مساكنهم جاثِمِينَ اى خامدين موتى لاحراك بهم واصل الجثوم البروك يقال الناس جثوم اى قعود لاحراك بهم قال ابو عبيدة الجثوم للناس والطير والبروك للابل والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب بهم من غير اضطراب وحركية كما يكون عند الموت المعتاد ولا يخفى ما فيه من شدة الاخذ وسرعة البطش اللهم انا بك نعوذ من نزول سخطك وحلول غضبك قيل حيث ذكرت

[سورة الأعراف (7) : آية 79]

الرجفة وحدت الدار وحيث ذكرت الصيحة جمعت لان الصيحة كانت من السماء فبلوغها اكثر وابلغ من الزلزلة فقرن كل منهما بما هو أليق به- روى- انهم لما عقروا الناقة هرب ولدها الى جبل فرغا ثلاثا وكان صالح قال لهم بعد بلوغ خبر القتل اليه أدركوا الفصيل عسى ان يرفع عنكم العذاب فلم يقدروا عليه فانفجت الصخرة بعد رغائه فدخلها قال صالح لكل رغوة أجل يوم تمتعوا فى داركم اى فى بلادكم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب وقد عقروا الناقة يوم الأربعاء فقال لهم صالح ابشروا بعذاب الله ونقمته فقالوا له وما علامة ذلك فقال تصبحون غداة يوم الخميس ووجوهكم مصفرة ثم تصبحون يوم الجمعة ووجوهكم محمرة ثم تصبحون يوم السبت ووجوهكم مسودة ثم يصبحكم العذاب أول يوم الأحد فكان الأمر كما وصف نبيهم حيث أصبحوا يوم الخميس كأن وجوههم طليت بالزعفران صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم فأيقنوا بالعذاب وعلموا ان صالحا قد صدق فطلبوه ليقتلوه فهرب منهم واختفى فى موضع فلم يجدوه فجعلوا يعذبون أصحابه ليدلوهم عليه فلما أصبحوا يوم الجمعة أصبحت وجوههم محمرة كأنما خضبت بالدماء فصاحوا بأجمعهم وضجوا وبكوا وعرفوا ان العذاب قددنا إليهم وجعل كل واحد منهم يخبر الآخر بما يرى فى وجهه ثم أصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودة كأنها طليت بالقار والنيل فصاحوا جميعا ألا قد حضر العذاب فلما كان ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومن آمن به الى الشام فنزل رملة فلسطين فلما كان يوم الأحد وهو اليوم الرابع وارتفع الضحى تحنطوا بالصبر لئلا يتعرض لهم السباع لمرارته وتكفنوا بالانطاع والقوا نفوسهم على الأرض يقلبون أبصارهم الى السماء مرة والى الأرض اخرى لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فأتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء له صوت ورجفة من الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم فلم يبق منهم صغير ولا كبير الا هلك فان قلت مشاهدة العلامات المذكورة تلجىء المكلف الى الايمان فهل يحتمل ان يبقى العاقل بعدها مصرا على كفره قلت لما شاهدوا علامات نزول العذاب خرجوا عن حد التكليف فلم تقبل توبتهم بعد ذلك فَتَوَلَّى عَنْهُمْ اثر ما شاهد ما جرى عليهم من الهلاك تولى مغتما متحسرا على ما فاتهم من الايمان متحزنا عليهم وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي [پيغام پروردگار من كه بأداء آن مأمور بودم] وَنَصَحْتُ لَكُمْ وقت الدعوة بالترغيب والتزهيب وبذلت فيكم وسعى وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ صيغة المضارع حكاية حال ماضية اى شأنكم الاستهزاء على بعض الناصحين لان قول الناصح ثقل والحق مرّ وهما يفيدان البغضة كما قال قائلهم وكم سقت فى آثاركم من نصيحة ... وقد يستفيد البغضة المتنصح وذلك ايضا من خباثة ارض النفس الخبيثة لم تقبل بذر النصح ولم ينبت فيها- وروى- عن جابر ابن عبد الله انه قال لما مر النبي عليه السلام بالحجر فى غزوة تبوك يعنى مواضع ثمود قال لاصحابه (لا يدخلن أحد منكم هذه القرية ولا تشربوا من مائها ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين الا ان تكونوا باكين ان يصيبكم مثل ما أصابهم) ثم قال (لا تسألوا رسولكم الآيات فان هؤلاء

[سورة الأعراف (7) : آية 80]

قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله إليهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها وأراهم مرتقى الفصيل حيث ارتقى) ثم اسرع رسول الله السير حتى جاوز الوادي وعنه عليه الصلاة والسلام انه قال لعلى (يا على أتدرى من أشقى الأولين) قال الله ورسوله اعلم قال (عاقر الناقة) ثم قال (أتدري من أشقى الآخرين) قال الله ورسوله اعلم قال (قاتلك) : وفى المثنوى ناقه صالح بصورت بد شتر ... پى بريدندش ز جهل آن قوم مر ناقة الله آب خورد از جوى ميغ ... آب حق را داشتند از حق دريغ شحنه قهر خدا زيشان بجست ... خونبهاى اشترى شهرى درست صالح از خلوت بسوى شهر رفت ... شهر ديد اندر ميان دود وتفت ز استخوانهاشان شنيد او نالها ... أشك خون از جان شان چون ژالها صالح آن بشنيد وكريه ساز كرد ... نوحه بر نوحه كنان آغاز كرد كفت اى قومى بباطن ز پسته ... واز شما من پيش حق بگريسته حق بگفته صبر كن بر جورشان ... پندشان ده بس نماند از دورشان من بگفته پند شد پند از جفا ... شير پند از مهر جو شد وز صفا بس كه كرديد از جفا بر جاى من ... شير پند افسرد در ركهاى من حق مرا كفته ترا لطفى دهم ... بر سر آن زخمها مرهم نهم صاف كرده حق دلم را چون سما ... روفته از خاطرم جور شما در نصيحت من شده بار دگر ... كفته أمثال سخنها چون شكر شير تازه از شكر انگيخته ... شير شهدى با سخن آميخته در شما چون زهر كشته اين سخن ... زانكه زهرستان بديد از بيخ وبن چون شوم غمكين كه غم شد سرنكون ... غم شما بوديد اى قوم حرون هيچ كس بر مرك غم نوحه كند ... ريش سر چون شد كسى مو بر كند والاشارة ان صالح الروح أرسل بنفخة الحق الى بلد القلب وساكنيه ليدعوهم من الأوصاف الرديئة السفلية الظلمانية الحيوانية الى الأخلاق الحميدة العلوية النورانية الروحانية والنفس وصفاتها عقروا ناقة سر القلب بسكاكين مخالفات الحق والاستكبار وعتوا عن امر ربهم من التوحيد والمعرفة فصاروا الى الهلاك وبقوا فى اودية الجهل والإنكار عصمنا الله وإياكم من كل ما يسوء الروح ويمنع الفتوح وَلُوطاً اى وأرسلنا لوطا وهو لوط بن هاران ابن تارخ فهو ابن أخي ابراهيم كان من ارض بابل العراق فهاجر مع عمه ابراهيم الى الشام ونزل الأردن وهو كورة بالشام فأرسله الله الى اهل سدوم بلد بحمص قال فى التفسير الفارسي [خداى تعالى ويرا پيغمبرى داد وباهل مؤتفكات فرستاد وآن پنج شهر بوده سدوم أعظم مداين بود وديكر عامه وداود وصابورا وصفود كويند در هر شهرى چهار بار هزار هزار آدمي بودند لوط عليه السلام بسدوم آمد وخلق را بخداى تعالى دعوت كرد وبيست سال

[سورة الأعراف (7) : الآيات 81 إلى 85]

در ميان ايشان بود وبخيرات امر مينمود واز فواحش نهى فرمود ويكى از فواحشها لواطه بود] كما حكى الله تعالى بقوله إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ [مر قوم سدوم را كه لوط عليه السلام در ميان ايشان بود] وهو ظرف لا رسلنا المضمر اى أرسلنا لوطا الى قومه وقت قوله لهم قيل الإرسال قبل وقت القول لا فيه وأجيب بان هذا من قبيل قولك فى ظرف المكان زيد فى ارض الروم فهو هاهنا غير حقيقى فيكفى وقوع المظروف فى بعض اجزائه أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ انكار وتقريع على تلك الفعلة المتمادية فى القبح اى البالغة الى غاية القبح وهى اللواطة والمعنى أتفعلونها ما سَبَقَكُمْ بِها ما فعلها قبلكم على ان الباء للتعدية كما فى قوله عليه السلام (سبقك بها عكاشة) من قولك سبقته بالكرة اى ضربتها قبله مِنْ أَحَدٍ من مزيدة لتأكيد النفي وإفادة الاستغراق مِنَ الْعالَمِينَ من للتبعيض والجملة استئناف نحوى اى مبتدأة جىء بها تأكيدا للانكار السابق كأنه وبخهم اولا بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فانه أسوأ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ بيان لتلك الفاحشة. قرأ نافع وحفص انكم بطريق الخبر والباقون أإنكم بطريق الاستفهام يقال اتى المرأة إذا غشيها وفى إيراد لفظ الرجال دون الغلمان والمردان ونحوهما مبالغة فى التوبيخ شَهْوَةً مفعول له وفى التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة وتنبيه على ان العاقل ينبغى ان يكون الداعي له الى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع لاقضاء الشهوة مِنْ دُونِ النِّساءِ اى متجاوزين النساء اللاتي أباح الله لكم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ إضراب عن الإنكار المذكور الى الاخبار بحالهم التي أدت بهم الى ارتكاب أمثالها وهى اعتياد الإسراف فى كل شىء يعنى انهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحد فى كل شىء فمن ثمة أسرفوا فى باب قضاء الشهوة وتجاوزوا عما عين لها الى غيره وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى ما كان جوابا من جهة قومه شىء من الأشياء الا قول بعضهم لبعض أَخْرِجُوهُمْ اى لوطا ومن معه من المؤمنين مِنْ قَرْيَتِكُمْ اى الا هذا القول الذي يستحيل ان يكون جوابا لكلام لوط وليس المراد لم يصدر عنهم بصدد الجواب عن مقالات لوط ومواعظه الا هذه المقالة الباطلة كما هو المتسارع الى الافهام بل انه لم يصدر عنهم فى المرة الاخيرة من مرات المحاورات الجارية بينهم وبينه عليه السلام الا هذه الكلمة الشنيعة والا فقد صدر عنهم قبل ذلك كثير من الترهات حسبما حكى عنهم فى سائر السور الكريمة وهذا هو الوجه فى نظائره الواردة بطريق القصر وقوله مِنْ قَرْيَتِكُمْ اى من بلدكم فان العرب تسمى المدينة قرية والمراد بلدة سدوم إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ اى يطلبون الطهارة من الفواحش قالوه على وجه الاستهزاء والسخرية بهم فَأَنْجَيْناهُ اى لوطا وَأَهْلَهُ ابنتيه رعوزا وريثا وسائر من آمن به فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع واهل الرجل خاصته الذين ينسبون اليه إِلَّا امْرَأَتَهُ واهله فانها تسر الكفر وتغرى الكفار على انكار لوط وهو استثناء من اهله كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا كان حالها فقيل كانت من الغابرين اى الباقين فى ديارهم الهالكين فيها من الغبور بالفارسي [باقى بماندن] والتذكير مع ان الظاهر ان يقال من الغابرات مبنى على انه بقي فى ديارهم

[سورة الأعراف (7) : آية 84]

رجال ونساء فغلب الرجال فقيل فى حقها انها كانت منهم وَأَمْطَرْنا [بارانيديم] عَلَيْهِمْ [بر كفا قوم لوط] مَطَراً نوعا من المطر عجيبا وهى الحجارة اى أرسلنا عليهم الحجارة إرسال المطر فَانْظُرْ خطاب لكل من يتأتى منه التأمل والنظر تعجيبا من حالهم وتحذيرا من أعمالهم كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ اى تفكر فى آخر امر الكافرين المكذبين كيف فعلنا بهم قيل كان السبب فى اختراعهم هذه الخصلة القبيحة اى اللواطة ان بلادهم وهى ارض الشام أخصبت بانواع الثمار والحبوب فتوجه إليهم الناس من النواحي والأطراف لطلب المعروف فتأذوا من كثرة ورود الفقراء فعرض لهم إبليس فى صورة شيخ وقال ان فعلتم بهم كذا وكذا نجوتم منهم فابوا فلما الحّ الناس عليهم قصدوهم فاصابوا غلمانا صباحا فاخبثوا فاستحكم فيهم ذلك وكانوا لا ينكحون الا الغرباء وقال الكلبي أول من فعل به ذلك الفعل إبليس الخبيث حيث تمثل لهم فى صورة شاب جميل فدعاهم الى نفسه ثم عملوا ذلك العمل بكل من ورد عليهم من المرد قضاء لشهوتهم ودفعا لهجوم الناس عليهم وعاشوا بذلك العمل زمانا فلما كثر فيهم عجت الأرض الى ربها فسمعت السماء فعجت الى ربها فسمع العرش فعج الى ربه فامر الله السماء ان تحصبهم والأرض ان تخسف بهم امطروا اولا بالحجارة ثم خسف بهم الأرض وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم- وروى- ان تاجرا منهم كان فى الحرم فوقف له الحجر أربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه دلت الآية على ان اللواطة افحش الفواحش وأقبحها لان الله تعالى ما أمطر الحجارة على اهل الذنوب العظام مثل الزنى والعقوق والسرقة والقتل بغير الحق وغير ذلك من الكبائر حتى الشرك قال ابن سيرين ليس شىء من الدواب يعمل هذا العمل الا الخنزير والحمار فاللواطة ذنب عظيم يجب ان يحترز عنها وعن مباديها ايضا كاللمس والقبلة قال الامام من قبل غلاما بشهوة فكأنما زنى بامه سبعين مرة ومن زنى مع امه مرة فكأنما زنى بسبعين بكرا ومن زنى من البكر مرة فكأنما زنى مع سبعين الف امرأة وضرر النظر فى الأمرد أشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يحل الاستمتاع بالامرد ابدا: قال الشيخ سعدى قدس سره خرابت كند شاهد خانه كن ... برو خانه آباد كردان بزن نشايد هوس باختن با كلى ... كه هر بامدادش بود بلبلى مكن بد بفرزند مردم نكاه ... كه فرزند خويشت بر آيد تباه چرا طفل يك روزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خر محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوب رويان چين و چكل - وحكى- ان سليمان بن داود عليهما السلام قال يوما لعفريت من الجن ويلك اين إبليس قال يا نبى الله هل أمرت فيه بشىء قال لا قال اين هو قال انطلق يا نبى الله فانطلق ومشى العفريت بين يدى سليمان حتى هجم به على البحر فاذا إبليس على بساط على الماء فلما رأى سليمان ذعر منه وفرق فقام فتلقاه فقال يا نبى الله هل أمرت فىّ بشىء قال لا ولكن جئت لأسألك عن أحب الأشياء إليك وأبغضها الى الله تعالى فقال إبليس اما والله لولا ممشاك الى ما أخبرتك ليس شىء

ابغض الى الله تعالى من ان يأتى الرجل الرجل والمرأة المرأة وفى الحديث (سحاق النساء زنى بينهن) وفى ملتقطة الناصري الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وان كان صبيحا فحكمه حكم النساء وهو عورة من قرنه الى قدمه يعنى لا يحل النظر اليه عن شهوة فاما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولذا لم يؤمر بالنقاب والأمرد إذا كان صبيحا فاراد ان يخرج فى طلب العلم فلا بيه ان يمنعه وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سارية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه حتى ان واحدا من العلماء مات فرؤى فى المنام قد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاما فى موضع كذا فنظرت اليه فاحترق وجهى فى النار قال القاضي سمعت الامام يقول ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ويورث التهمة: قال الشيخ سعدى چوخواهى كه قدرت بماند بلند ... دل اى خواجه در ساده رويان مبند وكر خود نباشد غرض در ميان ... حذر كن كه دارد بحرمت زيان ويكره بيع الأمرد ممن يعلم انه يفضى اليه غالبا لانه اعانة على المعصية فان قلت سلمنا ان الغلام ليس محلا للحرث والتولد لكنه يكون محلا لقضاء الشهوة واستيفاء اللذة فالعقل يقتضى ان يتصرف المالك فى ملكه كيف يشاء قلت الشرع لم يأذن فى هذا المحل بالتصرف لغاية قباحته ونهاية خبائته ومجرد المملوكية لا يقتضى التصرف فى المملوك ألا ترى ان من ملك مجوسية او وثنية لم يجز له تصرف فيهما أصلا ما لم تدخلا فى الإسلام وكذا لا يجوز التصرف للسيدة فى عبدها المملوك فى محل لم يأذن الشرع بالتصرف فيه كالتقبيل والتفخيذ وغيرها من دواعى الوطء فلو جاز للسيد التصرف فى عبده لجاز للسيدة التصرف فى عبدها بطريق الاولى لكونها محلا للحرث والإتيان فى دبر الذكر هو اللواطة الكبرى وفى دبر المرأة هو اللواطة الصغرى وفى الحديث (ملعون من اتى امرأة فى دبرها) وهل تجوز اللواطة فى الجنة قيل ان كان حرمتها عقلا وسمعا لا تجوز وان كان سمعا فقط تجوز والصحيح انها لا تجوز فيها لان الله تعالى استبعدها واستقبحها فقال ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ وسماها خبيثة فقال كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ والجنة منزهة عنها قال المولى زيرك زاده فى حواشى الأشباه رحمه الله تعالى رحمة واسعة قد قال الله تعالى وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً وفى موضع آخر وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ والآية تدل على ان فى الجنة مردا ملاحا وبعيد ان يكونوا غير مشتهين وغير المعقول فى الدنيا ان يكون خلاف الوضع والاستقذار وقطع النسل واما فى النشأة الاخروية فهذه المحذورات منتفية انتهى كلام زيرك زاده يقول الفقير هذا ليس بمرضى عند القلب السليم والعقل المستقيم يأبى عنه من يعرف القبيح من الحسن ويتنفر من يميز الزيوف والتبهرج من النقد الجيد المستحسن. فان الطواف فى الآية الاولى انما يدل على كونهم خدام اهل الجنة وان اهل الجنة يتلذذون بالنظر الى جمالهم وبهجتهم وهذا لا يقتضى التلذذ بالاستمتاع ايضا كما فى حق الحور. والاشتهاء فى الآية الثانية وان كان عاما لكنه يجوز

ان لا تكون اللواطة مشتهاة لاهل الجنة للحكمة التي عليها مدار حرمتها فى جميع الأديان كالزنى بخلاف الخمر فانها كانت حلالا فى بعض الأديان ولذا صارت من نعيم الجنان ايضا ومطلق ارتفاع موانع الحرمة لا يقتضى الحل والجواز ألا ترى الى تستر اهل الجنة عند الوقاع فان أهليهم لا يظهرن لغير المحارم كما فى الواقعات المحمودية هذا واما حكم الوطء بحسب الشرع فذهب الشافعي الى انه يقتل وذهب احمد بن حنبل الى انه يرجم وان كان غير محصن قال فى شرح الوقاية ان من اتى دبر اجنبى او امرأة فعند ابى حنيفة لا يحد بل يعزر ويودع فى السجن حتى يتوب وعندهما يحد حد الزنى فيجلد ان لم يكن محصنا ويرجم ان كان محصنا قال قيدنا بدبر الأجنبي لانه لو فعل ذلك بعبده او أمته او بمنكوحته لا يحد اتفاقا لهما ان الصحابة اجمعوا على حده ولكن اختلفوا فى وجوهه فقال بعضهم يحبس فى أنتن المواضع حتى يموت وقال بعضهم يهدم عليه الجدار انتهى وقد يقال يلقى من مكان عال كالمنارة قال أبو بكر الوراق يحرق بالنار صرح به فى شرح المجمع قال فى الزيادات والرأى الى الامام ان شاء قتله ان اعتاد ذلك وان شاء حبسه كما فى شرح الأكمل والظاهر ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث ان يجازى كالقتل والزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة وفى كتاب الحظر والإباحة رجل وطء بهيمة قال ابو حنيفة ان كانت البهيمة للواطء يقال له اذبحها وأحرقها ان كانت مأكولة وان لم تكن مماتؤ كل تذبح ولا تحرق قال فى ترجمة الجلد الأخير من الفتوحات المكية [واز نكاح بهايم اجتناب كن نه شرع است ونه دين ونه مروت شخصى بود صالح اما قليل العلم در خانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد واو را بدان حاجتى ظاهر نه بعد از چند سال كسى از وى پرسيد تو اين را چهـ ميكنى وترا بوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خود را باين محافظت ميكنم او خود با آن بهيمه جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند او را اعلام كردند كه آن حرامست وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندانستم پس بر تو فرض عين است كه از دين خوم باز جويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو بر طريق استقامت باشد انتهى كلام الترجمة] وفى الحديث (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه ارشد عند العجز عن التزوج الى الصوم الذي يقطع الشهوة فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد اليه أسهل وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لاجل تسكين الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم إذا عالج ذكره حتى امنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد قضاء الشهوة وان قصد تسكين شهوته أرجو ان لا يكون عليه وبال وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ الى قوله فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال البغوي فى الآية دليل على ان الاستمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه فقال سمعت ان قوما

[سورة الأعراف (7) : آية 85]

يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذب الله امة كانوا يعبثون بمذاكيرهم والواجب على فاعله التعزيز كما قال ابن الملقن وغيره نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد رحمهما الله إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد زوجته او جاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه فى معنى العزل وفى التارخانية قال ابو حنيفة حسبه ان ينجو رأسا برأس كذا فى أنوار المشارق لمفتى حلب الشهباء والله اعلم وَإِلى مَدْيَنَ اى وأرسلنا الى قبيلة مدين وهم أولاد مدين بن ابراهيم خليل الله عليه السلام أَخاهُمْ فى النسب اى واحدا منهم شُعَيْباً عطف بيان لاخاهم وهو شعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين الذي تزوج ريثا بنت لوط فولدت له وكثر نسله فصار مدين قبيلتهم قال الضحاك بكى شعيب من خشية الله حتى ذهب عيناه وصار أعمى وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا اهل بخس للمكاييل والموازين مع كفرهم قالَ استئناف بيانى يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ مر تفسيره قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ معجزة مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بجاءتكم او بمحذوف هو صفة لفاعله مؤكدة لفخامة الذاتية المستفادة من تنكيره بفخامته الاضافية اى بينة عظيمة كائنة من مالك أموركم ولم يذكر معجزته فى القرآن كما لم يذكر اكثر معجزات نبينا عليه السلام قال فى التفسير الفارسي [در قران معجزه شعيب مذكور نيست ودر أحاديث نيز بنظر فقير نرسيده اما در آيات باهرات كه ذكر معجزات انبيا ميكنند ميكويد كه معجزه شعيب آن بود كه چون بكوه بلند بر آمدى كوه سر فرود آوردى تا شعيب بآسانى بر وى صعود كردى] وذكر بعض معجزاته فى الكشاف فارجع اليه فَأَوْفُوا الْكَيْلَ الكيل مصدر قولك كلت الطعام كيلا والمعنى المصدري لا يمكن ايفاؤه لان النقص والإتمام من خواص الأعيان فحمله القاضي على حذف المضاف اى آلة الكيل وفسره ابو السعود بالمكيال ويؤيده قوله وَالْمِيزانَ فان المبادر منه الآلة وان جاز كونه مصدرا كالميعاد فحمل الكيل على ما يكال به كما يطلق العيش على ما يعاش به وكان لهم مكيالان وميزانان أحدهما اكبر من الآخر فاذا اكتالوا على الناس يستوفون بالأكبر وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون بالاصغر والمعنى أدوا حقوق الناس بالمكيال والميزان على التمام وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ اى لا تنقصوا أَشْياءَهُمْ التي يشترونها بهما معتمدين على تمامها أي شىء كان وأي مقدار كان فانهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير فالتعبير بالأشياء دون الحقوق للتعميم فان مفهوم الشيء أعم بالنسبة الى مفهوم الحق واعلم ان بخس الناس أشياءهم فى المكيل والموزون من خساسة النفس ودناءة الهمة وغلبة الحرص ومتابعة الهوى والظلم وهذه الصفات الذميمة من شيم النفوس وقد ورد الشرع بتبديل هذه الصفات وتزكية النفس فان الله تعالى يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها وفى الحديث (ما ذئبان جائعان أرسلا فى غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف وفى الحديث (الصلاة امانة والوضوء امانة والوزن امانة والكيل امانة) - وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه (الكيل

[سورة الأعراف (7) : الآيات 86 إلى 91]

والوزن أنتم قد وليتم امرا فيه هلكت الأمم السالفة قبلكم) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ اى بالكفر والحيف بَعْدَ إِصْلاحِها بعد ما أصلح أمرها وأهلها الأنبياء واتباعهم بإجراء الشرائع ذلِكُمْ اشارة الى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه خَيْرٌ لَكُمْ من التطفيف والبخس والإفساد وقيل خير هاهنا ليس على بابه من التفضيل بل بمعنى نافع عند الله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اى مصدقين بي فى قولى هذا وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ الباء للالصاق او المصاحبة لان القعود ملصق بالمكان وان القاعد ملابسه ويحتمل ان تكون بمعنى فى لان القاعد يحل بمكان قعوده وان تكون بمعنى على لاستيلاء القاعد على المكان تُوعِدُونَ حال من فاعل لا تقعدوا ولم يذكر الموعد به ليذهب الذهن كل مذهب. والمعنى ولا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين موعودين اى مخوفين كالشيطان حيث قال لاقعدن لهم صراطك المستقيم وصراط الله وان كان واحدا لكنه يتشعب الى معارف وحدود واحكام وكانوا إذا رأوا أحدا يسعى فى شىء منها منعوه وقيل كانوا يجلسون على المرصد فيقولون لمن يريد شعيبا انه كذاب لا يفتننك عن دينك ويتوعدون من آمن به وقيل يقطعون الطريق وَتَصُدُّونَ عطف على توعدون اى تمنعون وتصرفون عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى السبيل الذي قعدوا عليه مَنْ آمَنَ بِهِ اى بكل صراط وهو مفعول تصدون وَتَبْغُونَها من باب الحذف والإيصال والتقدير وتبغون لها انث ضمير السبيل لانه يذكر ويؤنث. والمعنى وتطلبون لسبيل الله عِوَجاً زيغا وعدولا عن الحق بإلقاء الشبه او بوصفها للناس بانها معوجة وهى ابعد شىء من شائبة الاعوجاج وفيه اشارة الى الذين قطعوا طريق الوصول الى الله على الطالبين بانواع الحيل بالمكايد وطلبوا الاعوجاج فيه بإظهار الباطل كما قطعوا على أنفسهم فان شر المعاصي ما لا يكون لازما لصاحبه بل يكون متعديا عنه الى غيره لان ضرر التعدية عائد الى المبتدئ بقدر الأثر فى التعدي وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ بالبركة فى النسل والمال فصار ضعفكم قوة وفقركم غنى وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ من الأمم الماضية كقوم نوح ومن بعدهم من عاد وثمود واضرابهم واعتبروا بهم واحذروا من سلوك مسالكهم وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ من الشرائع والاحكام وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا اى به قال فى التفسير الفارسي [قومى از مدين بشعيب عليه السلام ايمان آوردند جمعى ديكر انكار كردند وكفتند قوت وثروت ما راست نه مؤمنا را پس حق با ما باشد واگر حق با ايشان بودى بايستى كه توانكرى ووسعت معاش ايشانرا بودى شعيب عليه السلام فرمود كه اگر چهـ شما دو كره شده ايد] فَاصْبِرُوا فتربصوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا اى الفريقين بنصر المحقين على المبطلين فهو وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ إذ لا معقب لحكمه ولا حيف فيه وهو اعدل القاضين تم الجزء الثامن فى اواخر شوال من سنة الف ومائة

[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 إلى 89]

الجزء التاسع من الاجزاء الثلاثين قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ بعد ما سمعوا هذه المواعظ من شعيب عليه السلام وهو استئناف بيانى لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا عطف على الكاف فى لنخرجنك ويا شعيب اعتراض بين المتعاطفين ونسبة الإخراج اليه اولا والى المؤمنين ثانيا تنبيه على اصالته فى الإخراج وتبعيتهم له فيه كما ينبىء عنه قوله تعالى مَعَكَ فانه متعلق بالإخراج لا بالايمان. والمعنى والله لنخرجنك واتباعك مِنْ قَرْيَتِنا بغضا لكم ودفعا لفتنتكم المرتبة على المساكنة والجوار وفيه اشارة الى ان من شأن المتكبرين ودأب المتجبرين الاستعلاء وان يخرج الأعز الأذل وذلك لما فيهم من بطر النعم وطغيان الاستغناء وعمه الاستبداد ولما كان حب الدنيا رأس كل خطيئة وفتنتها أعظم من كل بلية جعل الله تعالى أهلها فى البلاد سببا للهلاك والفساد كما قال الله تعالى إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها الآية: قال الحافظ ايمن مشو ز عشوه دنيا كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا العود هو الرجوع الى الحالة الاولى ومن المعلوم ان شعيبا لم يكن على دينهم وملتهم قط لان الأنبياء لا يجوز عليهم من الصغائر الا ما ليس فيه تنفير فضلا عن الكبائر فضلا عن الكفر الا انه أسند العود اليه والى من معه من المؤمنين تغليبا لهم عليه لان العود متصور فى حقهم. والمعنى والله ليكونن أحد الامرين البتة على ان المقصد الأصلي هو العود وانما ذكر النفي والاجلاء بمحض القسر والإلجاء كما يفصح عنه عدم تعرضه عليه السلام لجواب الإخراج كأنهم قالوا لاندعكم فيما بيننا حتى تدخلوا فى ملتنا وانما لم يقولوا او لنعيدك على طريقة ما قبله لما ان مرادهم ان يعودوا إليها بصورة الطواعية حذر الإخراج باختيار أهون الشرين لا اعادتهم بسائر وجوه الإكراه والتعذيب وفيه اشارة الى ان اهل الخير كما لا يميلون الا الى اشكالهم فكذلك اهل الشر لا يرضون ممن رأوا الا بان يساعدهم على ما هم عليه من أحوالهم والأوحد فى بابه من باين نهج اضرابه همه مرغان كند با جنس پرواز ... كبوتر با كبوتر باز با باز قالَ شعيب ردا لمقالتهم الباطلة وتكذيبا لهم فى ايمانهم الفاجرة أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ تقديره أنعود فيها ولو كنا كارهين اى كيف نعود فيها ونحن كارهون لها على أن الهمزة لانكار الوقوع ونفيه لا لانكار الواقع واستقباحه كالتى فى قوله تعالى أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً عظيما إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ التي هى الشرك وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه اى ان عدنا فى ملتكم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 90 إلى 91]

بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها فقد افترينا على الله كذبا عظيما حيث نزعم حينئذ ان لله تعالى ندا وليس كمثله شىء وانه قد تبين لنا ان ما كنا عليه من الإسلام باطل وان ما كنتم عليه من الكفر حق وأي افتراء أعظم من ذلك وَما يَكُونُ لَنا اى وما يصح وما يستقيم لنا أَنْ نَعُودَ فِيها فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى إلا حالة مشيئة الله تعالى لعودنا فيها وذلك مما لا يكاد يكون كما ينبىء عنه قوله رَبُّنا فان التعرض لعنوان ربوبيته تعالى لهم مما ينبىء عن استحالة مشيئته تعالى لارتدادهم قطعا وكذا قوله تعالى بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها فان تنجيته تعالى لهم منها من دلائل عدم مشيئته تعالى لعودهم فيها وقيل معناه الا ان يشاء الله خذلاننا وفيه دليل على ان الكفر بمشيئة الله تعالى وأياما كان فليس المراد بذلك بيان ان العود فيها فى حيز الإمكان وخطر الوقوع بناء على كون مشيئته تعالى كذلك بل بيان استحالة وقوعها كأنه قيل وما كان لنا ان نعود فيها الا ان يشاء الله ربنا وهيهات ذلك بدليل ما ذكر من موجبات عدم مشيئته تعالى له وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً علما نصب على التمييز منقول عن الفاعلية تقديره وسع علم ربنا كل شىء كقوله وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً والمعنى احاطة علمه بكل ما كان وما سيكون من الأشياء التي من جملتها احوال عباده وعزائمهم ونياتهم وما هو اللائق بكل واحد منهم فمحال من لطفه ان يشاء عودنا فيها بعد ما نجانا منها مع اعتصامنا به خاصة حسبما ينطق به قوله تعالى عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا فى ان يثبتنا على الايمان ويخلصنا من الأشرار ثم اعرض عن المعاندين وتوجه الى مناجاة رب العالمين فقال رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ احكم بيننا وبينهم واقض بما يدل على انا على الحق وهم على الباطل وافصل بما يليق بحال كل من الفريقين وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ والفاتح هو الحاكم بلغة اهل عمان سمى فاتحا لانه يفتح المشكلات ويفصل الأمور ويجوز ان يكون من فتح المشكل إذا بينه. والمعنى اظهر أمرنا حتى ينكشف ما بيننا وبينهم ويتميز المحق من المبطل وفى التأويلات النجمية فاحكم بيننا وبينهم بإظهار حقيقة ما قدرت لنا من خاتمة الخير واظهار ما قدرت لهم من خاتمة السوء وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ عطف على قوله قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى قال اشرافهم الذين أصروا على الكفر لاعقابهم بعد ما شاهدوا صلابة شعيب عليه السلام ومن معه من المؤمنين فى الايمان وخافوا أن يستتبعوا قومهم تثبيطا لهم عن الايمان وتنفيرا لهم منه على طريقة التوكيد القسمي والله لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً ودخلتم فى دينه وتركتم دين آبائكم إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ اى فى الدين لاشترائكم الضلالة بهداكم او فى الدنيا لفوات ما يحصل لكم بالبخس والتطفيف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة الشديدة وهكذا فى سورة العنكبوت وفى سورة هود وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ اى صحيحة جبريل ولعلها من مبادى الرجفة فاسند هلاكهم الى السبب القريب تارة والى البعيد اخرى قال ابن عباس رجفت بهم الأرض وأصابهم حر شديد فرفعت لهم سحابة فخرجوا إليها يطلبون الروح منها فلما كانوا تحتها سالت عليهم بالعذاب ومعه صيحة جبريل عليه السلام فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ اى صاروا فى مدينتهم وفى سورة هود فِي دِيارِهِمْ قال الحدادي اى بقرب دارهم تحت الظلة كما قال تعالى فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ جاثِمِينَ اى ميتين على وجوههم وركبهم لازمين لاماكنهم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 92 إلى 99]

لا براح لهم منها- وروى- انهم احترقوا تحت السحابة فصاروا ميتين بمنزلة الرماد الجاثم أجساما ملقاة على الأرض محترقة وقال ابن عباس فتح الله عليهم بابا من جهنم فارسل عليهم منه حرا شديدا فاخذ بانفاسهم فدخلوا جوف البيوت فلم ينفعهم ماء ولا ظل وأنضجهم الحر فبعث الله سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح وطيبها وظل السحابة فتنادوا عليكم بها فخرجوا نحوها فلما اجتمعوا تحتها رجالهم ونساؤهم وصبيانهم ألهبها الله عليهم نارا ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلى وصاروا رمادا وهو عذاب يوم الظلة قال فى التأويلات النجمية من عنادهم رأوا الحق باطلا والباطل حقا والفلاح خسرانا والخسران فلاحا فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فصارت صورتهم تبعا لمعناهم فانهم كانوا جاثِمِينَ الأرواح فى ديار الأشباح الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً استئناف لبيان ابتلائهم بشؤم قولهم فيما سبق لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا وعقوبتهم بمقابلته والموصول مبتدأ وخبره قوله تعالى كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا اى استأصلوا بالمرة وصاروا كأنهم لم يقيموا بقريتهم أصلا اى عوقبوا بقولهم ذلك وصاروا هم المخرجين من القرية إخراجا لا دخول بعده ابدا والمغني المنزل والمغانى المنازل التي كانوا بها يقال غنينا بمكان كذا اى نزلنا فيه. وفيه اشارة الى ان المكذبين والمتكبرين وان كانت لهم علبة فى وقتهم ولكن تنقضى ايامهم بسرعة ويسقط صيتهم ويخمل ذكرهم ويضمحل آثارهم ويكون اهل الحق مع الحق غالبا فى كل امر والباطل زاهق بكل وصف: وفى المثنوى يك مناره در ثناى منكران ... كو درين عالم كه تا باشد عيان منبرى كو كه بر آنجا مخبرى ... ياد آرد روز كار منكرى يار غالب شو كه تا غالب شوى ... يار مغلوبان مشو هين اى غوى الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ استئناف آخر لبيان ابتلائهم بعقوبة قولهم الأخير اى الذين كذبوه عليه السلام عوقبوا بمقالتهم الاخيرة فصاروا هم الخاسرين للدنيا والدين لا الذين اتبعوه وبهذا الحصر اكتفى عن التصريح بانجائه عليه السلام كما وقع فى سورة هود من قوله تعالى وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ الآية فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ قاله عليه السلام بعد ما هلكوا تأسفا بهم لشدة حزنه عليهم ثم أنكر على نفسه ذلك فقال فَكَيْفَ آسى اى احزن حزنا شديدا بالفارسية [پس چهـ كونه اندوه خورم وغمناك شوم] فهو مضارع متكلم من الاسى من باب علم وهو شدة الحزن عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ مصرين على الكفر ليسوا أهل حزن لاستحقاقهم ما نزل عليهم بكفرهم او قاله اعتذارا من عدم تصديقهم له وشدة حزنه عليهم. والمعنى لقد بالغت فى الإبلاغ والانذار وبذلت وسعى فى النصح والإشفاق فلم تصدقوا قولى فكيف آسى عليكم: وفى المثنوى چون شوم غمكين كه غم شد سرنكون ... غم شما بوديد اى قوم حرون كژ مخوان اى راست خواننده ببين ... كيف آسى خلف قوم ظالمين قال فى التأويلات النجمية يعنى خرجت عن عهدة تكليف التبليغ فانه ما على الرسول الا البلاغ فانه وان نصحت لكم فما على من إقراركم وانكاركم شىء ان أحسنتم فالميراث الجميل لكم وان

[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 إلى 95]

اسأتم فالضرر بالتألم عائد عليكم ومالك الأعيان اولى بها من الأعيان فالخلق خلقه والملك ملكه ان شاء هداهم وان شاء أغواهم فكيف آسى على قوم كافرين فلا تأسف على نفى وفقد ولا اثر من كون ووجود لان الكل صادر من حكيم بالغ فى حكمته كامل فى قدرته انتهى قال الله تعالى لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وهذا انما يحصل عند الفناء الكلى وهو للانبياء عليهم السلام وكمل الأولياء واعلم ان كل اهل ابتلاء ليس بمحل للرحمة عند نظر الحقيقة لان الله تعالى ابتلاه بسبب جفائه إياه فقد اكتسبه بعلمه فكيف يترحم له ولذا كان اهل الحقيقة كالسيف الصارم مع كونهم رحم خلق الله تعالى ألا ترى الى قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ: قال السعدي قدس سره كرا شرع فتوى دهد بر هلاك ... ألا تا ندارى ز كشتنش باك والله تعالى غيور وعبده فى غيرته فالحلم والغضب بقدر ما اذن فيه الشرع من اخلاق الأنبياء وهو لا يقدح فى فراغ القلب عن كل وصف لان رعاية الاحكام الظاهرة لا تنافى التوغل فى الحقيقة فعلى العاقل ان يدور بالأمر الإلهي ويرفع عن لسانه وقلبه لم لا وكيف فان الأمر بيد الله تعالى لا بيده قال ابراهيم بن أدهم لرجل أتحب ان تكون لله وليا قال نعم قال لا ترغب فى شىء من الدنيا والآخرة وفرغ نفسك لله واقبل بوجهك عليه ليقبل عليك ويواليك فعلم من هذا ان من كان إقباله الى نفسه والى هواها لا يجد الحق وإقباله وموالاته فى كل حالاته ومقاماته كما لا يخفى وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ [در شهرى وديهى] مِنْ مزيدة نَبِيٍّ كذبه أهلها إِلَّا قد أَخَذْنا أَهْلَها استثناء مفرغ من أعم الأحوال. والمعنى وما أرسلنا فى قرية من القرى المهلكة نبيا من الأنبياء المكذبين فى حال من الأحوال الا فى حال كوننا آخذين أهلها بِالْبَأْساءِ بالبؤس والفقر وَالضَّرَّاءِ بالضر والمرض لكن لا على معنى ان ابتداء الإرسال مقارن للاخذ المذكور بل على انه مستتبع له غير منفعك عنه بالآخرة لاستكبارهم عن اتباع نبيهم وتعززهم عليه لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ كى يتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر والعزة عن أكتافهم فان الشدة خصوصا الجوع يؤدى الى التواضع والانقياد فى حق اكثر العباد. ومن بلاغات الزمخشري المرض والحاجة خطبان امرّ من نقيع الخطبان وهم بضم الخاء نوع من ورق الحنظل اصفر وهو ابلغ فى المرارة ثُمَّ بَدَّلْنا عطف على أخذنا داخل فى حكمه مَكانَ السَّيِّئَةِ التي أصابتهم الْحَسَنَةَ اى أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة الرخاء والسعة لان ورود النعمة بعد الشدة يدعوا الى الانقياد والاشتغال بالشكر انما سميت الشدة سيئة لانها تسوء الإنسان كما سمى الرخاء حسنة لانه يحسن اثره على الإنسان والا فالسيئة هى الفعلة القبيحة والله تعالى لا يفعل القبيح والحسنة والسيئة من الألفاظ المستغنية عن ذكر موصوفاتها حالة الافراد والجمع سواء كانتا صفتين للاعمال او المثوبة او الحالة من الرخا والشدة حَتَّى عَفَوْا كثروا عددا وعددا وابطرتهم النعمة يقال عفا النبات إذا كثر وتكاثف ومنه إعفاء اللحى فى الحديث وهو (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) : قال الشاعر عفوا من بعد إقلال وكانوا ... زمانا ليس عند همو بعير

[سورة الأعراف (7) : الآيات 96 إلى 99]

وَقالُوا غير واقفين على ان ما أصابهم من الامرين ابتلاء من الله سبحانه قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ كما مسنا ذلك وما هو الا عادة الدهر يسيىء تارة ويحسن اخرى فكما ان آباءنا قد تبتوا على دينهم ولم ينتقلوا عنه مع ما أصابهم فاثبتوا أنتم على دينكم ولا تنتقلوا عنه فَأَخَذْناهُمْ اثر ذلك بَغْتَةً فجأة أشد الاخذ وأفظعه وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بنزول العقاب وهم لا يخطرون ببالهم شيأ من المكاره وهو أشد وحسرته أعظم لان المرء إذا رأى مقدمات الابتلاء يوطن نفسه عليها بخلاف حال الفجأة وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى اى القرى المهلكة المدلول عليها بقوله تعالى مِنْ قَرْيَةٍ آمَنُوا وَاتَّقَوْا مكان كفرهم وعصيانهم لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لو سعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء وبعضها من الأرض واكثر اهل التفسير على ان بركات السماء هى المطر وبركات الأرض النبات والثمار وَلكِنْ كَذَّبُوا الرسل فَأَخَذْناهُمْ هذا الاخذ عبارة عما فى قوله تعالى فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من انواع الكفر والمعاصي وفى الآية دلالة على ان الكفاية والسعة فى الرزق من سعادة المرء إذا كان شاكرا او المراد بقوله لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة الكثرة التي تكون وبالا على من لا يشكر الله تعالى قال فى التفسير الفارسي [در حقايق سلمى فرموده كه اگر بندگان بگرديدندى بمواعد من وحذر كردندى از مخالفت يا بترسيدندى از تهديد من دلهاء ايشانرا بنور مشاهده خود روشنى دادمى كه ببركت سما اشارت بدانست وجوارح وأعضاء ايشانرا بخدمت خود بياراستمى كه بركت زمين عبارت از آنست در زمين وآسمان درهاء جود ... مى كشايند از پى اهل سجود از زمين پر اطاعت باز كن ... بر سماى معرفت پرواز كن أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى الهمزة لانكار الواقع واستقباحه لا لانكار الوقوع ونفيه والفاء للعطف على قوله فاخذناهم بغتة. والمعنى ابعد ذلك الاخذ أمن اهل مكة ومن حولها من المكذبين لك يا محمد أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا عذابنا بَياتاً ليلا وَهُمْ نائِمُونَ فى فرشهم ومنازلهم لا يشعرون بالعذاب لغفلتهم أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى [يا ايمن شدند اهل شهرها] أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى ضحوة النهار وبالفارسي [در وقت چاشت] وهو فى الأصل ضوء الشمس إذا ارتفعت وَهُمْ يَلْعَبُونَ اى يلهون من فرط الغفلة بصرف الهمم فيما لا ينفع لا فى امر الدين ولا فى امر الدنيا او يشتغلون بما لا ينفعهم من امور الدنيا فان من اشتغل بدنياه واعرض عن آخرته فهو كاللاعب [ملخص سخن آنست كه بعد از تكذيب رسل از عذاب الهى ايمن نتوان بود نه بروز ونه بشب] أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ مكر الله استعارة لاستدراجه العبد واخذه من حيث لا يحتسب والمراد به إتيان بأسه تعالى فى الوقتين المذكورين قال الحدادي انما سمى العذاب مكرا على جهة الاتساع والمجاز لان المكر ينزل بالممكور من جهة الماكر من حيث لا يشعر واما المكر الذي هو الاحتيال للاظهار بخلاف الإضمار فذلك لا يجوز على الله فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ الفاء فاء جواب شرط محذوف اى إذا كان استدراجه واخذه على هذا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 100 إلى 105]

الوجه فلا يأمن مكره بهذا المعنى إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ الذين ليسوا من القوم الرابحين قيل معنى الآية ولا يأمن عذاب الله من العصاة او لا يأمن عذاب الله من المذنبين والأنبياء عليهم السلام لا يأمنون عذاب الله على المعصية ولهذا لا يعصون بانفسهم انتهى قال فى التأويلات النجمية مكره تعالى مع اهل القهر بالقهر ومع اهل اللطف باللطف فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ من اهل القهر إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ الذين خسروا سعادة الدارين ومن اهل اللطف الا الخاسرون الذين خسروا الدنيا والعقبى وربحوا المولى فعلى هذا اهل الله هم الآمنون من مكر الله لان مكر الله فى حقهم مكر باللطف دل عليه قوله أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ولهذا قال وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ لان مكرهم مكر فى مستحقيه وغير مستحقيه بالقهر ومكره فى مستحقيه باللطف فافهم واعتبر جدا انتهى واعلم ان الامن من مكر الله تعالى قد عد كفرا لكن هذا بالنسبة الى اهل المكر دون اهل الكرم فان كمل الأولياء مبشرون بالسلامة فى حياتهم الدنيوية كما قال تعالى هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فلهم سلامة دنيوية واخروية كما قال تعالى فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ لكنهم يكتمون سلامتهم لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجه لهم بعلم غيرهم واما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلهم ان يخبروا بسلامتهم لكونهم شارعين فلا بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها عدى فعل الهداية باللام لانها بمعنى التبيين والمفعول محذوف والفاعل قوله ان لو نشاء ومعنى يرثون الأرض من بعد أهلها يخلفون من خلا قبلهم من الأمم المهلكة ويرثون ديارهم والمراد بهم اهل مكة ومن حولها. والمعنى أو لم يبين ويوضح لهم عاقبة أمرهم ان سلكوا طريق أسلافهم أَنْ مخففة اى ان الشان لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ اى بجزاء ذنوبهم وسيآتهم او بسبب ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم قال سعدى چلبى المفتى ويجوز ان يضمن معنى أهلكناهم فلا حاجة الى تقدير المضاف وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ عطف على ما يفهم من قوله تعالى أَوَلَمْ يَهْدِ كأنه قيل لا يهتدون ونطبع على قلوبهم اى نختم عليها عقوبة لهم فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ اى اخبار الأمم المهلكة فضلا عن التدبر والنظر فيها والاغتنام بما فى تضاعيفها من الهدايات قال الكاشفى [كوش دل از استماع سخن حق فائده دارد نه كوش آب وگل] اين سخن از كوش دل بايد شنود ... كوش كل اينجا ندارد هيچ سود كوش سر با جمله حيوان همدم است ... كوش سر مخصوص نسل آدم است كوش سر چون جانب گوينده است ... كوش سر سهلت اگر آكنده است تِلْكَ الْقُرى يعنى قرى الأمم المار ذكرهم قاللام للعهد نَقُصُّ عَلَيْكَ [خوانده ايم بر تو] مِنْ أَنْبائِها من للتبعيض اى بعض اخبارها التي فيها عظة وتذكير وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الباء متعلقة اما بالفعل المذكور على انها للتعدية واما بمحذوف وقع حالا من فاعله اى ملتبسين بالبينات. والمعنى وبالله لقد جاء كل امة من تلك الأمم المهلكة رسولهم الخاص بهم بالمعجزات البينة المتكثرة المتواردة عليهم الواضحة الدلالة على صحة رسالته الموجبة

[سورة الأعراف (7) : آية 102]

للايمان حتما فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا اى فما صح وما استقام لقوم من أولئك الأقوام ان يؤمنوا عند مجىء الرسل بها بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ الباء صلة لم يؤمنوا اى بما كذبوه من قبل مجىء الرسل بل كانوا مستمرين على التكذيب فما كذبوه عبارة عن اصول الشرائع التي أجمعت عليها الرسل قاطبة ودعوا أممهم إليها مثل ملة التوحيد ولوازمها ومعنى تكذيبهم بها قبل مجىء رسلهم انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا كلمة التوحيد قط بل كانت كل امة من أولئك الأمم يتسامعون بها من بقايا من قبلهم فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجىء رسلهم كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد ويجوز ان يكون المراد بعدم ايمانهم المذكور إصرارهم على ذلك وبما أشير بقوله تعالى بما كذبوا من قبل تكذيبهم من لدن مجىء الرسل الى وقت الإصرار والعناد. فالمعنى حينئذ فما كانوا ليؤمنوا مدة عمرهم بما كذبوا به اولا حين جاءتهم الرسل ولم تؤثر فيهم قط دعوتهم المتطاولة والآيات المتتابعة فما كذبوه عبارة عن جميع الشرائع التي جاء بها كل رسول أصولها وفروعها وعلى كلا التقديرين فالضمائر الثلاثة متوافقة فى المرجع. وقيل ضمير كذبوا راجع الى أسلافهم. والمعنى فما كان الأبناء ليؤمنوا بما كذب به الآباء وحمله المولى ابو السعود على التعسف يقول الفقير لو كانت الضمائر الثلاثة متوافقة فى المرجع ايضا وجعل التكذيب تكذيب الآباء فى الحقيقة وانما أسند الى الأبناء ما حقه ان ينسب إليهم من حيث الاتصال بينهم ورضى بعضهم عن بعض فيما فعله لكان معنى لا تعسف فيه أصلا كما سبق أمثاله فى البقرة فى مخاطبات اليهود المعاصرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كَذلِكَ فى محل النصب على انه مفعول يَطْبَعُ اى مثل ذلك الطبع الشديد المحكم يطبع اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ اى من المذكورين وغيرهم فلا يكاد يؤثر فيها الآيات والنذر ويجوز ان يكون اشارة الى ما قبله اى مثل ذلك الطبع الذي طبع الله على قلوب كفار الأمم الخالية يطبع على قلوب الكفرة الذين كتب عليهم ان لا يؤمنوا ابدا وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ لقينا فوجدنا بمعنى صادفنا مِنْ عَهْدٍ من مزيدة فى المفعول والمضاف محذوف إذ لا وجه لنفى نفس العهد اى ما وجدنا لاكثرهم من وفاء عهد فانهم نقضوا ما عاهدوا الله عليه عند مساس البأساء والضراء قائلين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين وتخصيص هذا الشان بأكثرهم ليس لان بعضهم كانوا يفون بعهودهم بل لان بعضهم كانوا لا يعاهدون ولا يفون ويحتمل ان يكون وجدنا بمعنى علمنا ويكون من عهد مفعوله الاول ولاكثرهم مفعوله الثاني وَإِنْ مخففة اى ان الشان وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ اى علمنا اكثر الأمم لَفاسِقِينَ خارجين عن الطاعة ناقضين للعهود وفى ترجمة الجلد الأخير من الفتوحات المكية [حق تعالى بموسى عليه السلام وحي كرد هر كه باميد تو آيد او را بي بهره مكذار وهر كه زينهار خواست او را زينهار ده موسى عليه السلام در سياحت بود ناكاه كبوترى بر كتف نشست وبازي عقب او آمد وقصد آن كبوتر داشت بر كتف ديكر فرود آمد آن كبوتر در آستين موسى عليه السلام در آمد وزينهار ميخواست وباز بزبان فصيح بموسى آواز داد كه اى پسر عمران مرا بي بهره مكذار وميان من ورزق من جدايى ميفكن

[سورة الأعراف (7) : آية 103]

موسى عليه السلام كفت چهـ زود مبتلا شدم ودست كرد تا از ران خود پاره قطع كند براى طعمه باز تا حفظ عهد كرده باشد وبكار هر دو وفا نموده كفتند يا ابن عمران تعجيل مكن كه ما رسولانيم وغرض آن بود كه صحت عهد تو آزمايش كنيم] أيا سامعا ليس السماع بنافع ... إذا أنت لم تفعل فما أنت سامع إذا كنت فى الدنيا عن الخير عاجزا ... فما أنت فى يوم القيامة صانع ولا كلام فى وفاء الأنبياء بعهودهم ونقض الفاسقين لمواثيقهم وانما الكلام فيمن ادعى الايمان والاستسلام ثم لم يف بعهده يوما من الايمان: قال الحافظ وفامجو ز كس ور سخن نمى شنوى ... بهر زه طالب سيمرغ وكيميا ميباش وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة او ثمانية او سبعة فقال (ألا تبايعون رسول الله) وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك قال (ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا) واسر كلمة خفية (ولا تسألوا الناس) فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم لم يسأل أحدا يناوله إياه يعنى خوفا من نقض العهد واهتماما فى امر الوفاء فانظر الى هؤلاء الرجال ومبايعتهم ودخولهم فى طريق الحق ومسارعتهم فاذا احترزوا عن سؤال مناولة السوط الذي سقط من أيديهم فما ظنك فى الاحتراز عما فوقه من الأحوال المتواردة عليهم وأنت يا رجل وكلنا ذلك الرجل تجول فى ميدان الخواطر الفاسدة ثم لا تقنع بذلك بل تطير الى جانب مرادك من الافعال الباطلة والأقوال الكاسدة ولعمرى هذا ليس فى طريق العوام فكيف فى طريق الصوفية الذين عقدوا عقدا على ان لا يخطر ببالهم سوى الله ولا يسألوا منه تعالى غير الوصول الى ذاته اين هم والله ان هذا زمان لم يبق من التصوف الا الاسم ولا من لباس التقوى الا الرسم نسأل الله تعالى ان يوجهنا الى محراب ذاته ويسلك بنا الى طريق أفعاله وصفاته ويفيض علينا من سجال بركاته ويشرفنا بالخاصة من هداياته انه هو الفياض من مشرع عناياته ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى اى أرسلنا من بعد انقضاء وقائع الرسل المذكورين وهم نوح وهود ولوط وصالح وشعيب عليهم السلام والتصريح بذلك مع دلالة ثم على التراخي للايذان بان بعثه عليه السلام جرى على سنن السنة الإلهية من إرسال الرسل تترى فان الله تعالى من كمال رحمته على خلقه يبعث عند انصرام كل قرن وانقراض كل قوم نبيا بعد نبى كما يخلف قوما بعد قوم وقرنا بعد قرن ويظهر المعجزات على يدى النبي ليخرجهم بظهور نور المعجزات من ظلمات الطبيعة الى نور الحقيقة قان اغلب اهل كل زمان وقرن وأكثرهم غافلون عن الدين وحقائقه مستغرقون فى بحر الدنيا مستهلكون فى اودية الشهوات واللذات النفسانية الحيوانية ظلمات بعضها فوق بعض بِآياتِنا حال من مفعول بعثنا وهو موسى اى بعثناه عليه السلام ملتبسا بآياتنا وهى الآيات التسع المفصلات التي هى العصا واليد البيضاء والسنون ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم كما سيأتى إِلى فِرْعَوْنَ هو لقب لكل من ملك مصر من العمالقة كما ان كسرى لقب لكل من ملك فارس. وقيصر

[سورة الأعراف (7) : الآيات 104 إلى 105]

لكل من ملك الروم. وخاقان لكل من ملك الصين. وتبع لكل من ملك اليمن. والقيل لكل من ملك العرب. والنجاشي لكل من ملك الحبش. والخليفة لكل من ملك بغداد. والسلطان لآل سلجوق واسمه قابوس وقيل الوليد بن مصعب بن ريان وكان من القبط وعمر اكثر من اربعمائة سنة وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه وتخصيصهم مع عموم رسالته للقوم كافة لاصالتهم فى تدبر الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَظَلَمُوا بِها عدى بالباء لتضمين ظلموا معنى كفروا اى كفروا بالمعجزات وظلموا عليها بان جعلوها سحرا فوضعوها فى غير موضعها فَانْظُرْ بعين عقلك يا من شأنه النظر والتأمل كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ الى كيفية ما فعلنا بهم فكيف خبر كان وعاقبة اسمها والجملة فى محل النصب بنزع الخافض إذ التقدير فانظر الى كذا ووضع المفسدين موضع ضميرهم للايذان بان الظلم مستلزم للافساد وفى التفسير الفارسي [حضرت موسى عليه السلام چون از مصر فرار نمود ودر مدين بصحبت شعيب عليه السلام رسيد ودختر او صفورا بعقد در آورده عزم مراجعت با مصر نمود در اثناى طريق بوادي ايمن رسيد وخلعت پيغمبرى يافت بمعجزه عصا ويد بيضا اختصاص پذيرفت حق سبحانه وتعالى فرمود كه بمصر رو وفرعون را بخداى تعالى دعوت كن موسى بيامد وبعد از مدتى كه ملاقات فرعون دست داد آغاز دعوت كرد] قال الحدادي نقلا عن ابن عباس كان طول عصا موسى عشرة اذرع على طوله وكانت من آس الجنة يضرب بها الأرض فيخرج بها النبات فيلقيها فاذا هى حية تسعى ويضرب بها الحجر فيتفجر وضرب بها باب فرعون ففزع منها فشاب رأسه فاستحيى فخضب بالسواد وأول من خضب بالسواد فرعون وهو حرام لا يجد فاعله رائحة الجنة قال صاحب المحيط هذا فى حق غير الغزاة اما من فعله من الغزاة ليكون اهيب فى عين العدو لا للتزين فغير حرام وَقالَ مُوسى اى لما دخل على فرعون ومعه اخوه هارون بعثهما الله اليه بالرسالة قال يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ اى إليك مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أدعوك الى عبادة رب العالمين وأنهاك عن دعوى الربوبية فقال له فرعون كذبت ما أنت برسول فقال موسى حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ اى جدير بان لا أقول على الله الا الحق فوضع على موضع الباء لافادة التمكن كقولك رميت على القوس وجئت على حالة حسنة اى رميت بالقوس وجئت بحالة حسنة او ضمن حقيق معنى حريص وفى المدارك ويجوز تعلق على بمعنى الفعل فى الرسول اى انى رسول حقيق جدير بالرسالة أرسلت على ان لا أقول على الله الا الحق انتهى. وقرأ نافع على بتشديد الياء ثم ان موسى لما ادعى انه رسول من رب العالمين ذكر ما يدل على صحة دعواه فقال قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ اى بمعجزة ظاهرة كائنة مِنْ رَبِّكُمْ يعنى العصا واليد فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى فخلهم حتى يذهبوا معى الى الأرض المقدسة التي هى وطن آبائهم وكان قد استعبدهم [وسبب آن بود كه چون يعقوب عليه السلام با أولاد وأحفاد خود بمصر آمدند همانجا قرار گرفتند ونسل ايشان بسيار شد ويعقوب ويوسف با برادران درگذشتند وملك ريان كه فرعون زمان يوسف بود وبمرد پسرش مصعب بنى إسرائيل را حرمت ميداشت ومتعرض

[سورة الأعراف (7) : الآيات 106 إلى 110]

ايشان نمى شد چون او بمرد وليد كه فرعون زمان موسى بود بر تخت سلطنت نشست وزبان بلاف أنا ربكم الأعلى بگشاد بنى إسرائيل دعوى او قبول نكردند كفت پدر شما در مخريده كسان ما بود وشما بنده زادكان ماييد پس ايشانرا ببندگى كرفت] وكان يستعملهم فى الأعمال الشاقة مثل ضرب اللبن ونقل التراب وبناء المنازل وأشباه ذلك فلما جاء موسى أراد أن يرجع بهم الى موطن آبائهم الذين هو الأرض المقدسة وكان بين اليوم الذي دخل فيه يوسف مصر واليوم الذي دخل فيه موسى اربعمائة عام قالَ فرعون وهو استئناف بيانى إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ اى من عند من أرسلك كما تدعيه فَأْتِ بِها قاحضرها عندى ليثبت بها صدقك فان الإتيان والمجيء وان كانا بمعنى واحدا لان بينها فرقا من حيث ان المجيء يلاحظ فيه نقل الشيء من جانب المبدأ والإتيان يلاحظ فيه إيصاله الى المنتهى فان مبدأ المجيء هو جناب المرسل ومنتهى الإتيان هو المرسل اليه إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى دعواك فَأَلْقى عَصاهُ من يده فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ وهو الحية الصفراء الذكر أعظم الحيات لها عرف كعرف الفرس مُبِينٌ اى ظاهر امره لا يشك فى كونه ثعبانا ولا يختلج ببال أحد كونه من جنس العصا- روى- انه لما القاها صارت ثعبانا أشعر اى كان له على ظهره شعور سود مثل الرماح الطوال فاغرا فاه اى فاتحابين لحييه ثمانون ذراعا وضع لحيه الأسفل على الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجه نحو فرعون فهرب منه وأحدث وانهزم الناس مزدحمين فمات منهم خمسة وعشرون الفا فصاح فرعون يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذه وانا أؤمن بك وأرسل معك بنى إسرائيل فاخذه فعاد عصا والاشارة ان الله تعالى جعل عصاه ثعبانا لانه أضافها الى نفسه حين قال هِيَ عَصايَ ثم جعلها محل حاجاته حيث قال وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى ففيه اشارة الى ان كل شىء أضفته الى نفسك ورأيته محل حاجاتك فانه ثعبان يبتلعك ولهذا ف أَلْقِها يا مُوسى يعنى لا تتمسك بها ولا تتوكأ عليها ولا كان قادرا على ان يجعلها فى يده ثعبانا كذا فى التأويلات النجمية ثم قال له فرعون هل معك آية اخرى قال نعم وَنَزَعَ يَدَهُ اى أخرجها من جيبه او من تحت إبطه فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ اى بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادة ويجتمع عليها النظارة تعجبا من أمرها وذلك ما يروى انه ارى فرعون يده وقال ما هذه فقال يدك ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة من صوف ونزعها فاذا هى بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعه شعاع الشمس وكان عليه السلام آدم شديد الادمة وفيه اشارة الى ان الا يدى قبل تعلقها بالأشياء كانت بيضاء فلما تمسكت بالأشياء سارت ظلمانية فاذا نزعت عنها تصير بيضاء كما كانت فافهم جدا فلما شاهد فرعون هذه المعجزة تشاور مع اشراف قومه فى امر موسى قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ اى الاشراف منهم وهم اصحاب مشورته إِنَّ هذا لَساحِرٌ [جادويست] عَلِيمٌ مبالغ فى علم السحر ماهر فيه ولما كان السحر غالبا فى ذلك الزمان ولا شك ان اهل كل صنعة على طبقات مختلفة بحسب الحذاقة والمهارة زعم القوم ان موسى كان حاذقا فى علم السحر بالغا فيه الى أقصى الغاية وانه جعل علمه وسيلة الى طلب الملك والرسالة فلذلك قالوا يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ

[سورة الأعراف (7) : الآيات 111 إلى 114]

بسحره مِنْ أَرْضِكُمْ مصر ويجعل الحكومة لبنى إسرائيل فلما سمع فرعون هذا قال فَماذا تَأْمُرُونَ بفتح النون وما فى فماذا فى محل النصب على انه مفعول ثان لتأمرون بحذف الجار والاول محذوف والتقدير بأى شىء تأمروننى اى فاذا كان كذلك فماذا تشيرون قالُوا لفرعون أَرْجِهْ أصله ارجئه بهمزة ساكنة وهاء مضمومة والارجاء التأخير وَأَخاهُ هارون وعدم التعرض لذكره قيل لظهور كونه معه حسبما تنادى به الآيات الأخر. والمعنى آخر أمرهما ولا تعجل وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ الجار متعلق بأرسل. والمدائن جمع مدينة وهى البقعة المسوّرة المستولى عليها ملك والمدائن صعيد مصر وكان له مدائن فيها السحرة المعدة لوقت الحاجة إليهم. والمعنى وابعث الشرط الى هذه المدائن حاشِرِينَ مفعوله محذوف اى حاشرين السحرة. والمعنى ليحشروا ويجمعوا إليك من فيها من السحرة يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ اى ماهر فى السحر. والسحر فى اللغة لطف الحيلة فى اظهار الاعجوبة واصل ذلك من خفاء الأمر ومن ذلك سمى آخر الليل سحرا لخفاء الشخص ببقاء ظلمته والسحر الرئة سميت بذلك لخفاء أمرها بانتفاخها تارة وضمورها اخرى [آورده اند كه بهيچ قرن چندان ساحر نبوده كه در قرن موسى ورؤساء سحره بأقصى مداين صعيد بودند در تفسير دمياطى آورده كه در مداين صعيد دو برادر بودند كه ايشانرا در فن سحر وقوفي تمام بود چون فرستاده فرعون بديشان رسيد مادر خود را گفتند ما را بسر قبر پدر ما بر چنان كرد وايشان پدر خود را آواز دادند كه يا ابتا ملك مصر ما را طلبيده بجهت آنكه دو كس آمده اند بي لشكر وسپاه وكاربر وبد وننك آورده وايشانرا عصاييست چون مى افكنند اژدرها ميشود وهر چهـ پيش او آيد مى خورد وفرعون داعيه نموده كه ما را با او معارضه فرمايد صاحب قبر جواب داد كه چون بمصر رسيد پرسيد كه وقتى كه ايشان در خواب ميشود آن عصا همان اژدرها ميشود يا نه اگر ميكردد بدانيد كه جادويى نيست چهـ سحر ساحر وقتى كه در خواب باشد اثر ندارد چون حال بدين منوال باشد نه شما وهيچكس از عالميان را قوت معارضه با ايشان نخواهد بود القصة برادران با شاكردان ومصاحبان كه دوازده هزار بودند ودر زاد المسير كويد هفتاد هزار بمصر آمدند وبنزد فرعون جمع شدند] توهموا انهم بالتأخير وحسن التدبير وبذلك الجد والتشمير يغيرون شيأ من التقدير ولم يعلموا ان الحق غالب والحكم سابق وعند حلول الحكم فلا سلطان للعلم والفهم وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ بعد ما أرسل إليهم الحاشرين قالُوا واثقين بغلبتهم إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ بطريق الاخبار بثبوت الاجر وإيجابه كأنهم قالوا لا بدلنا من اجر عظيم حينئذ او بطريق الاستفهام التقريرى بحذف الهمزة وقولهم ان كنا لمجرد تعيين مناط ثبوت الاجر لا لترددهم فى الغلبة وتوسيط الضمير وتحلية الخبر باللام للقصر اى ان كنا نحن الغالبين لا موسى قالَ نَعَمْ اى ان لكم لاجرا وَإِنَّكُمْ مع ذلك لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندى فى المنزلة قال الكلبي قال لهم تكونون أول من يدخل مجلسى وآخر من يخرج منه وفى التأويلات النجمية اجرى الله هذا على لسان فرعون حقا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 115 إلى 119]

وصدقا بانهم صاروا من المقربين عند الله لا عند فرعون انتهى [آورده اند كه مهتر اين جماعت چهار تن بودند وآن دو برادر كه شابور وغادور ميكفتند وديكر حطط ومصفى ودر لباب آورده كه اين چهار نيز مهترى بود شمعون نام چون بمصر آمدند وشابور وغادور واقعه سؤال وجواب پدر با قوم كفتند ايشان از قصه خواب وبيدارىء موسى واژدرها شدن عصا استفسار بليغ نمودند معلوم شد كه هرگاه موسى در خوابست عصا اژدرها شده پاسبانى ميكند ايشانرا ترددى پديد آمد ودغدغه در خاطر خطور كرد نهان ميداشتند تا وقتى كه فرعون موسى را طلبيده ومقرر شد كه جادوان مناظره كنند ومجلس معارضه انتظام يافت ساحران وعصا ور سنى چند بميدان آوردند فرعون بالاى تخت بتفرج بنشست ومردم مصر بنظاره حاضر شدند هفتاد هزار ساحر بر يك طرف وموسى وهارون بر يك جانب بايستادند جادوان بطريق ادب پيش آمده] قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ اى عصاك اولا وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ اى حبالنا وعصينا اوّلا خيروا موسى عليه السلام فان كلمة اما فيها للتخيير ويطلق عليها حرف العطف مجازا قال المفسرون تأدبوا مع موسى عليه السلام فكان ذلك سبب ايمانهم قالَ أَلْقُوا ان قيل كيف قال القوا والأمر بالسحر لا يجوز أجيب يجوز القوا ان كنتم محقين على زعمكم ويجوز ان يكون أمرهم بالإلقاء لتأكيد المعجزة قال القاضي قال القوا كرما وتسامحا وازدراء بهم ووثوقا على شأنه يعنى ليس أمرهم بالإلقاء قبله من قبيل الإباحة للسحر والرضى بالكفر. والمعنى القوا ما تلقون فَلَمَّا أَلْقَوْا ما القوا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ [جادويى كردند بر چشمهاى مردمان] بان خيلوا إليهم ما لا حقيقة له قال ابن الشيخ قلبوها وصرفوها على ان تدرك الشيء على ما هو عليه بسبب ما فعلوه من التمويهات وَاسْتَرْهَبُوهُمْ استفعل هاهنا بمعنى افعل والسين لتأكيد معنى الرهبة اى بالغوا فى ارهابهم وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ فى وقته- روى- انهم جمعوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا كأنها حيات جسام غلاظ ولطخوا تلك الحبال بالزئبق وجعلوا الزئبق داخل تلك العصى فلما اثرت حرارة الشمس فيها تحركت والتوى بعضها على بعض وكانت كثيرة جدا تخيل الناس انها تتحرك وتلتوى باختيارها وصار الميدان كأنه مملوء بالحيات وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ الفاء فصيحة اى فالقاها فصارت حية فاذا هى تلقف اى تلقم وتبتلع من لقف يلقف على وزن علم يعلم يقال لقفته القفة لقفا وتلقفته اتلقفه تلقفا إذا أخذته بسرعة فاكلته وابتلعته ويأفكون اى يزورون من الافك وهو الصرف وقلب الشيء عن وجهه- روى- انها لما تلقفت حبالهم وعصيهم وابتلعتها بأسرها أقبلت على الحاضرين فهربوا وازدحموا حتى هلك جمع عظيم لا يعلم عددهم الا الله تعالى ثم أخذها موسى فصارت عصا كما كانت وأعدم الله بقدرته القاهرة تلك الاجرام العظام او فرقها اجزاء لطيفة فقالت السحرة لو كان هذا سحرا لبقيت حبالنا وعصينا فَوَقَعَ الْحَقُّ اى ثبت وصدق موسى عليه السلام فى قوله انى رسول من رب العالمين حيث صدقه الله تعالى بما اظهر على يده من المعجزة الباهرة وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ظهر بطلان ما كانوا مستمرين على عمله وهو السحر فَغُلِبُوا اى فرعون واتباعه هُنالِكَ

[سورة الأعراف (7) : الآيات 120 إلى 126]

اى فى مجلسهم وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ اى صاروا أذلاء مبهوتين فالانقلاب هنا بمعنى الصيرورة وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ اى خروا سجدا كأنما ألقاهم ملق لشدة خرورهم كيف لا وقد بهرهم الحق واضطرهم الى ذلك. ففى الكلام استعارة تمثيلية حيث شبه حالهم فى سرعة الخرور وشدته حين شاهدوا المعجزة القاهرة بحال من القى على وجهه فعبر عن حالهم بما يدل على حال المشبه به قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ابدلوا الثاني من الاول لئلا يتوهم ان مرادهم فرعون لان فرعون وان ربى موسى وهو صغير الا انه لم يرب هارون قطعا قال ابن عباس آمنت السحرة واتبع موسى من بنى إسرائيل ستمائة الف قالَ فِرْعَوْنُ منكرا على السحرة موبخا لهم على ما فعلوه آمَنْتُمْ بِهِ بهمزة واحدة اما على الاخبار المحض المتضمن للتوبيخ او على الاستفهام التوبيخي بحذف الهمزة كمامر فى ان لنا لأجرا قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ اى بغير ان آذن لكم كما فى قوله تعالى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي لا ان الاذن منه ممكن فى ذلك إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ يعنى ان ما صنعتموه ليس مما اقتضى الحال صدوره عنكم لقوة الدليل وظهور المعجزة بل هو حيلة احتلتموها أنتم وموسى فِي الْمَدِينَةِ يعنى مصر قبل ان تخرجوا الى الميعاد- روى- ان موسى وامير السحرة التقيا فقال له موسى أرأيتك ان غلبتك لتؤمنن بي وتشهدون أن ما جئت به الحق فقال الساحر والله لئن غلبتنى لاؤمنن لك وفرعون يسمعها وهو الذي نشأ عنه هذا القول لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها يعنى القبط وتخلص لكم ولبنى إسرائيل فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة ما فعلتم وهو تهديد مجمل تفصيله لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ اى من كل شق طرفا يعنى ايديكم اليمنى وأرجلكم اليسرى ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ على شاطىء نهر مصر على جذوع النخل تفضيحا لكم وتنكيلا لامثالكم قيل هو أول من سن ذلك فشرعه الله تعالى لقطاع الطريق تعظيما لجرمهم ولذلك سماهم تعالى محاربة الله ورسوله قالُوا ثابتين على ما أحدثوا من الايمان وهو استئناف بيانى إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ راجعون اى بالموت لا محالة سواء كان ذلك من قبلك أم لا فلا نبالى بوعيدك او انا الى رحمة ربنا وثوابه منقلبون ان فعلت بنا ذلك كأنهم استطابوه شغفا على لقاء الله تعالى: وفى المثنوى جانهاى بسته اندر آب وگل ... چون رهند از آب وكلها شاد دل «1» در هواى عشق حق رقصان شوند ... همچوقرص بدر بي نقصان شوند چون نقاب تن برفت از روى روح ... از لقاى دوست دارد صد فتوح «2» ميزند جان در جهان آبگون ... نعره يا ليت قومى يعلمون «3» وَما تَنْقِمُ مِنَّا اى وما تنكر وما تعيب منا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا وهو خير الأعمال واصل المناقب ليس مما يتأتى لنا العدول عنه طلبا لمرضاتك ثم فزعوا الى الله تعالى فقالوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً اى أفض علينا من الصبر على وعيد فرعون ما يغمرنا كما يغمر الماء فافراغ الماء اى صبه من قبيل الاستعارة شبه الصبر على وعيد فرعون بالماء الغامر تشبيها مضمرا فى النفس وجعل نسبة الإفراغ اليه تخييلا للاستعارة بالكناية لان الإفراغ

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان مژده بردن خركوش سوى تخجيران إلخ (2) لم أجد (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان جواب حضرت عزت عزرائيل را كه آنكه نظر بر زحم وتير ندارد إلخ

[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 إلى 131]

من لوازم الماء وملائماته وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ ثابتين على ما رزقتنا من الإسلام غير مفتونين من الوعيد قيل لم يقدر عليهم لقوله تعالى أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ وقال ابن عباس رضى الله عنهما فأخذ فرعون السحرة فقطعهم ثم صلبهم على شاطىء نيل مصر وفى المثنوى ساحران چون حق او بشناختند ... دست و پادر جرمها در باختند وفى القصة اشارة الى ان فرعون النفس ايضا منكر على ايمان سحرة صفاتها ويقول آمَنْتُمْ بِهِ اى بموسى الروح من قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ يعنى بالايمان به إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ يا سحرة الصفات فى موافقة موسى الروح فِي الْمَدِينَةِ مدينة القالب والبدن لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها وهو اللذات والشهوات البدنية الجسمانية فان صفات النفس إذا آمنت ووافقت الروح وصفاته خرجت من البدن لذات الدنيا وشهواتها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ حيلى ومكايدى فى ابطالكم واستيفاء اللذات والشهوات لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ بسكين التسويل عن الأعمال الصالحة ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فى جذوع تعلقات الدنيا وزخارفها قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ لا الى الدنيا وما فيها وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً على قطع تعلقات الدنيا وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ لعبوديتك وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ- روى- ان فرعون بعد ما رأى من موسى عليه السلام ما رأى من معجزة العصا واليد البيضاء خافه أشد الخوف فلذلك لم يجب ولم يتعرض له بسوء بل خلى سبيله فلذلك قال له اشراف قومه أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ اى أتتركهم لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ اى يفسدوا على الناس دينهم فى ارض مصر ويصرفوهم عن متابعتك وَيَذَرَكَ عطف على يفسدوا وَآلِهَتَكَ معبوداتك قيل كان يعبد الكواكب والأصح كما فى التفسير الفارسي انه صنع لقومه أصناما على صورته وأمرهم بان يعبدوها تقربا اليه ولذلك قال انا ربكم الأعلى قالَ فرعون مجيبا لهم سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ [زود باشد كه بكشيم پسران ايشانرا] وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ اى نتركهن احياء ولا نقتلهن بل نستخدمهن والمقصود سنعود الى قتل أبنائهم واستخدام نسائهم كما كنا نفعل وقت ولادة موسى ليعلم انا على ما كنا عليه من القهر والغلبة ولا يتوهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يديه وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ اى مستعلون عليهم بالقوة كما كنا لم يتغير حالنا أصلا وهم مقهورون تحت أيدينا كذلك قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ تسلية لهم وعدة لحسن العاقبة حين سمعوا قول فرعون وعجزوا عنه اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ [يارى خواهيد از خداى تعالى در دفع بلاي فرعون] وَاصْبِرُوا على ما سمعتم من أقاويله الباطلة إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ اى ارض مصر يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ [ميراث دهد هر كرا ميخواهد از بندگان خود] وَالْعاقِبَةُ [عاقبة نيكو يا نصرت وظفر يا بهشت] لِلْمُتَّقِينَ الذين أنتم منهم لانه روى انه لما غلب سحرة فرعون وتبين نبوة موسى بسطوع حجته آمن بموسى من بنى إسرائيل ستمائة الف نفس واتقوا عن الشرك والعصيان وفيه إيذان بان الاستعانة بالله تعالى والصبر من باب التقوى: قال الحافظ آنكه پيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت ... اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم

[سورة الأعراف (7) : آية 129]

قالُوا اى بنوا إسرائيل أُوذِينا اى من جهة فرعون مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا اى بالرسالة يعنون بذلك قتل أبنائهم قبل مولد موسى عليه السلام وبعده وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا اى رسولا يعنون به ما توعدهم به من إعادة قتل الأبناء وسائر ما كان يفعل بهم لعداوة موسى عليه السلام من فنون الجور والظلم والعذاب قالَ اى موسى عليه السلام لما رأى شدة جزعهم مما يشاهدونه مسليا لهم بالتصريح بما لوّح به فى قوله إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ الآية عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ اى يرجى ان ربكم قارب إهلاك عدوكم الذي فعل بكم ما فعل وتوعدكم باعادته. فعسى من العبد لطمع مضمون خبرها ومن الله تعالى اطماع وما أطمع الله فيه فهو واجب لان الكريم إذا أطمع ووعد وفى فيصير كأنه أوجبه على نفسه وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر وفى الأرض المقدسة فَيَنْظُرَ النظر قد يراد به الفكر المؤدى الى العلم وقد يراد به تقليب الحدقة نحو المرئي ليترتب عليه الرؤية وكل واحد من المعنيين مستحيل فى حقه تعالى فهو مجاز عن الرؤية التي هى غاية للنظر اى فيرى كَيْفَ تَعْمَلُونَ أحسنا أم قبيحا فيجازيكم حسبما يظهر منكم من شكر وكفران وطاعة وعصيان وفى الحديث (ان الدنيا حلوة خضرة) يعنى حسنة فى المنظر تعجب الناظر والمراد من الدنيا صورتها ومتاعها وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضرا او لتشبهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة يفتتن الناس بحسنها وطعمها وان الله مستخلفكم فيها اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله تعالى جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء فناظر كيف تعملون اى تتصرفون قيل معناه جاعلكم خلفاء ممن كان قبلكم ومعطى ما فى أيديهم إياكم فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون فى مآلهم: قال السعدي قدس سره نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند والاشارة ان فرعون النفس قال له قوم الهوى والغضب والكبر أَتَذَرُ مُوسى الروح وَقَوْمَهُ من القلب والسر والعقل لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ فى ارض البشرية وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ من الدنيا والشيطان والطبع لا تعبد قالَ فرعون النفس سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وأبناء صفات الروح والقلب والنفس أعمالها الصالحة اى نبطل أعمالهم بالرياء والعجب وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ اى الصفات التي منها تتولد الأعمال وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ بالمكر والخديعة والحيلة قالَ مُوسى الروح لِقَوْمِهِ وهم القلب والعقل والسر اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا على جهاد النفس ومخالفاتها ومتابعة الحق إِنَّ الْأَرْضَ اى ارض البشرية لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يورث ارض بشرية السعداء الروح وصفاته فيتصف بصفاته ويورث ارض بشرية الأشقياء النفس وصفاتها فتتصف بصفاتها وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ يعنى عاقبة الخير والسعادة للاتقياء والسعداء منهم قالُوا يعنى قوم الروح له أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا اى قبل ان تأتينا بالواردات الروحانية قبل البلوغ كنا نتأذى من أوصاف البشرية ومعاملاتها وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 إلى 131]

بالواردات والإلهامات الروحانية بعد البلوغ تتأذى من دواعى البشرية قالَ يعنى الروح عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ النفس وصفاتها بالواردات الربانية ويدفع اذيته عنكم فبه يشير الى ان الواردات الروحانية لا تكفى لا فناء النفس وصفاتها ولا بد فى ذلك من تجلى صفات الربوبية وَيَسْتَخْلِفَكُمْ يعنى إذا تجلى الرب بصفة من صفاته لا يبقى فى ارض البشرية من صفات النفس صفة الا ويبدلها بصفات الروح والقلب ويستخلفها فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فى اقامة العبودية وأداء شكر نعم الربوبية كذا فى التأويلات النجمية وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ اى قوم فرعون واهل دينه وآل الرجل خاصته الذين يؤول امره إليهم وأمرهم اليه بِالسِّنِينَ جمع سنة وهى فى الأصل بمعنى العام مطلقا الا انها غلبت على عام القحط لكثرة ما يذكر عنه ويؤرخ به حتى صارت كالعلم له كالنجم غلب على الثريا وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ باصابة العاهات زيادة فى القحط لان الثمار قوت الناس وغذاؤهم وعن كعب يأتى على الناس زمان لا تحمل النخلة الا تمرة قال ابن عباس اما السنون فكانت لباديتهم واهل ماشيتهم واما نقص الثمرات فكان فى أمصارهم لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ كى يتذكروا ويتعظوا بذلك ويتيقنوا ان ذلك لاجل معاصيهم وينزجروا عما هم عليه من العتو والعناد فلعل علة المأخذ اما بناء على تجويز تعليل أفعاله تعالى بأغراض راجعة الى العباد كما ذهب اليه كثير من اهل السنة. واما تنزيلا لترتب الغاية على ماهى ثمرة له منزلة ترتب الغرض له فان استتباع أفعاله تعالى لغايات ومصالح متقنة جليلة من غيران تكون هى علة غائية لها بحيث لولاها لما اقدم عليها مما لا نزاع فيه دلت الآية على ان المحن والشدائد والمصيبات موجبات الانتباه والاعتبار ولكن لاهل السعادة واولى الابصار فاما اهل الشقاوة فلا ينبههم كثرة النعمة ولا يوقظهم شدة النقمة: قال الشيخ السعدي قدس سره بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى بگرمابه كردد سفيد فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ اى السعة والخصب وغيرهما من الخيرات قالُوا لَنا هذِهِ اى لاجلنا واستحقاقنا لها ولم يروا ذلك فضلا من الله وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ اى جدب وبلاء يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ اى يتشاءموا بموسى وأصحابه ويقولوا ما أصابتنا الا بشؤمهم وأصله يتطيروا أدغمت التاء فى الطاء لقرب مخرجهما واشتقاق التطير من الطير كالغراب وشبهه سمى الشؤم ضد اليمن طيرا وطائرا تسمية للمدلول باسم ما يدل عليه فانهم يجعلون الطير والطائر امارة ودليلا على شؤم الأمر وبناء التفعل فيه للتجنب اى لبعد الفاعل عن أصله كتحوب اى تجنب وتباعد من الحوب وهو الإثم وسيجيئ تفصيل الطيرة قال سعيد بن جبير كان ملك فرعون اربعمائة سنة فعاش ثلاثمائة سنة لا يرى مكروها ولوارى فى تلك المدة جوع يوم او حمى يوم او وجع ساعة لما ادعى الربوبية ولما قالوا سبب ما جاءنا من الخير والحسنة هو استحقاق أنفسنا إياه وسبب ما أصابنا من السيئة والشر هو شأمة موسى ومن معه كذبهم الله تعالى فى كل واحد من الحكمين بقوله أَلا اعلموا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ اى سبب ما أصابهم من الخير والشر انما هو عند الله تعالى وصفة قائمة به وهى قضاؤه وتقديره ومشيئته

وهو الذي أيهما شاء أصابهم به وليس بيمن أحد ولا بشؤمه عبر عما عند الله تعالى بالطائر تشبيها له بالطائر الذي يستدل به على الخير والشر او سببه شؤمهم عند الله تعالى وهو أعمالهم السيئة المكتوبة عنده فانها التي ساقت إليهم ما يسوءهم لا ما عداها فالطائر عبارة عن الشؤم على طريق تسمية المدلول باسم الدليل بناء على انهم يستدلون بالطير على الشؤم وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان ما يصيبهم من الله تعالى او من شؤم أعمالهم فيقولون ما يقولون مما حكى عنهم واسناد عدم العلم الى أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك ولكن لا يعملون بمقتضاه عنادا واستكبارا واعلم ان الطير بمعنى التشاؤم والاسم منه الطيرة على وزن العنبة وهو ما يتشاءم به من الفأل الرديء والأصل فى هذا ان العرب كانوا يتفاءلون بالطير فان خرج أحدهم الى مقصده واتى الطير من ناحية يمينه يتمين به وينبرك ويسميه سانحا وان اتى من ناحية شماله يتشاءم به ويسميه بارحا فيرجع الى بيته ثم كثر قولهم فى الطير حتى استعملوه فى كل ما تشاءموا به وأبطل النبي عليه السلام الطيرة بقوله (الطيرة شرك) قاله ثلاثا وانما قال شرك لاعتقادهم ان الطيرة تجلب لهم نفعا او تدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبها فكأنهم أشركوها مع الله تعالى قال عبد الله من خرج من بيته ثم رجع لم يرجعه الا الطيرة رجع مشركا او عاصيا وذكر فى المحيط إذا صاحت الحمامة فقال رجل يموت المريض كفر القائل عند بعض المشايخ. وإذا خرج الرجل الى السفر فصاح العقعق فرجع من سفره فقد كفر عند بعض المشايخ قال عكرمة كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضى الله عنهما فمر غراب يصيح فقال رجل من القوم خير خير فقال ابن عباس لا خير ولا شر وانما اختص الغراب غالبا بالتشاؤم به أخذا من الاغتراب بحيث قالوا غراب البين لانه بان عن نوح عليه السلام لما وجهه لينظر الى الماء فذهب ولم يرجع ولذا تشاءموا به واستخرجوا من اسمه الغربة قال ابن مسعود لا تضر الطيرة الا من تطير ومعناه ان من تطير تطيرا منهيا عنه او يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه فاما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الالتفات الى الأسباب المخوفة وقال ما امر به من الكلمات ومضى فانه لا يضره فالمراد بالكلمات ما فى قوله عليه السلام (ليس عبد الا سيدخل قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا حول ولا قوة الا بالله ما شاء الله كان لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله واشهد ان الله على كل شىء قدير) ثم يمضى الى حاجته اى كل ما أصاب الإنسان من الخير والشر واليمين والشؤم ليس الا بقضائك وتقديرك وحكمك ومشيئتك وفى الحديث (الشؤم فى المرأة والفرس والدار) . فشؤم المرأة سوء خلقها او غلاء مهرها. وقيل ان لا تلد. وشؤم الفرس عدم انقياده او انه لا يغزى عليه. وشؤم الدار ضيقها او سوء جارها وهذا الحكم على وجه الغلبة لا القطع خص الثلاث بالذكر لان فيها يصل الضرر الكثير الى صاحبها او لانها اقرب الى الآفة فيما يبتلى به الإنسان فمن تشاءم بالمذكورات فليفارقها واعترض عليه بحديث (لا طيرة) أجاب ابن قتيبة بان هذا مخصوص منه اى لا طيرة الا فى

[سورة الأعراف (7) : الآيات 132 إلى 136]

هذه الثلاث وسمع فيلسوف صوت مغن بارد فقال يزعم اهل الكهانة ان صوت البوم يدل على موت الإنسان فان كان ما ذكروه حقا فصوت هذا يدل على موت البومة زيبقم در كوش كن تا نشنوم ... يا درم بگشاى تا بيرون روم وتساقطت النجوم فى ايام بعض الأمراء فخاف من ذلك واحضر المنجمين والعلماء فما أجابوا بشىء فقال جميل الشاعر هذى النجوم تساقطت ... لرجوم اعداء الأمير فتفائل به وامر له بصلة حسنة ولا بأس بان يتفاءل بالفأل الحسن وكان النبي عليه السلام يحب الفأل ويكره الطيرة والفأل الحسن هى الكلمة الصالحة يسمعها من أخيه نحو ان يسمع أحد وهو طالب امر يا واجد يا نجيح او يكون فى سفر فيسمع يا راشد يعنى يا واجد الطريق المستقيم او مريضا فيسمع يا سالم فالتفاؤل بالأمور المشروعة مشروع والطيرة منهى عنها والفرق بين الفأل والطيرة مع ان كل واحد منهما استدلال بالامارة على مآل الأمر وعاقبته ان الأرواح الانسانية أقوى وأصفى من الأرواح البهيمية والطيرية فالكلمة الحسنة التي تجرى على لسان الإنسان يمكن الاستدلال بها بخلاف طيران الطير وحركات البهائم فان أرواحها ضعيفة فلا يمكن الاستدلال بها على شىء من الأحوال ويروى ان النبي عليه السلام حول رداءه فى الاستسقاء وذكر فى الهداية انه كان تفاؤلا يعنى قلب علينا الحال كما قلبنا رداءنا وروى عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال قلت يا رسول الله انى اسمع منك حديثا كثيرا أنساه فقال (ابسط رداءك) فبسطته ففرق بيديه ثم قال (ضمه) فضممته فما نسيت شيأ بعده وهذا البسط والفرق والضم ليس إلا تفاؤلا والا فالعلم ليس مما يسقط على الرداء ويمكن فيه الفرق والضم ولكن التفاؤل يحصل به يعنى كما بسطت ردائى توقيا لما يسقط فيه فكذلك أصغيت سمعى لما يقع فيه من الكلام وكما أعطيت شخصا كثيرا من الرزق يفرق بين اليدين فكذا أعطيته شيأ كثيرا من العلم وكما يؤمن بالضم من سقوط ما فى الرداء كذلك يؤمن من خروج ما فى السمع او نسيان ما فى الخاطر فبعض الأوضاع يدل على بعض الأحوال كما ان بعض الأسماء يدل على بعض الأمور كما حكى ان عمر رضى الله عنه قال لرجل ما اسمك قال جمرة قال ابن من قال ابن شهاب قال من اين قال من الخرقة قال اين تسكن قال فى الحرة وهى ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت فقال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا فرجع فوجدهم قد احترقوا وأراد عمر رضى الله عنه الاستعانة برجل فسأله عن اسمه فقال ظالم بن سراق فقال تظلم أنت ويسرق أبوك ولم يستعن ودل هذا على تبديل الأسماء القبيحة بالأسماء الحسنة فان فى الأسماء الحسنة التفاؤل ونظير ذلك ما يفهم من قوله عليه السلا (لا تمارضوا فتمرضوا) يعنى ان من اظهر المرض وقال انا مريض فهذا القول والفعل منه يثمر المرض ويؤاخذ به كفت پيغمبر كه رنجورى بلاغ ... رنج آرد تا بميرد چون چراغ والله الهادي الى الحسنات وهو دافع السيئات وَقالُوا اى فرعون وقومه بعد ما رأوا

[سورة الأعراف (7) : آية 133]

من شأن العصا والسنين ونقص الثمرات مَهْما اسم شرط يجزم فعلين كقولك مهما تفعل افعل كأن قائلا قال لك لا تقدر على ان تفعل ما افعل فتقول له مهما تفعل افعل ومحله الرفع على الابتداء وخبره فما نحن لك بمؤمنين اى أي شىء وبالفارسية [هر چيز كه] تَأْتِنا بِهِ تظهر لدينا وتحضره والضمير لمهما مِنْ آيَةٍ بيان لمهما وانما سموها آية على زعم موسى لا لاعتقادهم لِتَسْحَرَنا بِها اى لتسحر بتلك الآية أعيننا وتسكرها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين لك ومؤمنين بنبوتك فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ- روى- ان القوم لما عالجهم موسى بالآيات الأربع العصا واليد والسنين ونقص الثمرات فكفروا ودعا وكان حديدا فقال يا رب ان عبدك فرعون علا فى الأرض وبغى وعتا وان قومه نقضوا عهدك فخذهم بعقوبة تجعلها عليهم نقمة ولقومى عظة ولمن بعدهم عبرة فارسل الله عليهم عقوبة لجرائمهم الطُّوفانَ اى الماء الذي طاف بهم وأحاط وغشى أماكنهم وحرثهم من مطر او سيل وَالْجَرادَ فى التفسير الفارسي [ملخ پرنده] وفى حياة الحيوان الجراد البرى إذا خرج من بيضته يقال له الدباء فاذا بدت فيه الألوان واصفرت الذكور واسودت الإناث يسمى جرادا حينئذ وفى الحديث (لا تقتلوا الجراد فانه جند الله الأعظم) وهذا ان صح أراد به إذا لم يتعرض لا فساد الزرع فان تعرض له جاز دفعه بالقتل وغيره ووقعت بين يدى النبي عليه السلام جرادة فاذا مكتوب على جناحيها بالعبرانية نحن جند الله الأكبر ولنا تسع وتسعون بيضة ولو تمت لنا المائة لاكلنا الدنيا وما فيها فقال النبي عليه السلام (اللهم أهلك الجراد اقتل كبارها وامت صغارها وأفسد بيضها وسد أفواهها عن مزارع المسلمين وعن معايشهم انك سميع الدعاء) فجاء جبرائيل عليه السلام فقال انه قد استجيب لك فى بعضه وعن حسن بن على كنا على مائدة نأكل انا وأخي محمد بن الحنفية وبنوا عمى عبد الله وقثم والفضل بن العباس فوقعت جرادة على المائدة فاخذها عبد الله وقال لى ما مكتوب على هذه فقلت سألت ابى امير المؤمنين عن ذلك فقال سألت عنه رسول الله فقال مكتوب عليها انا الله لا اله الا انا رب الجراد ورازقها وان شئت بعثتها رزقا لقوم وان شئت بعثتها بلاء على قوم فقال عبد الله هذا من العلم المكنون وليس فى الحيوان اكثر فسادا لما يقتاته الإنسان من الجراد واجمع المسلمون على اباحة أكله قال الاربعة يحل أكله سواء مات حتف انفه او بذكاة او باصطياد مجوسى او مسلم قطع منه شى اولا والدليل على عموم حله قوله عليه السلام (أحلت لنا ميتتان ودمان الكبد والطحال والسمك والجراد) وإذا تبخر انسان بالجراد البرى نفعه من عسر البول وقال ابن سينا إذا أخذ منها اثنا عشر ونزعت رؤسها وأطرافها وجعل معها قليل آس يابس وشرب للاستسقاء نفعه. واما الجراد البحري فهو من انواع الصدف كثير بساحل البحر ببلاد المغرب ويأكلونها كثيرا مشويا ومطبوخا ولحمها نافع للجذام وَالْقُمَّلَ فى التفسير الفارسي [ملخ پياده] وقيل هو كبار القردان وهو جمع قراد يقال له بالتركى «كنه» مسلط على البعير وفى الأمثال اسمع من قراد وذلك انه يسمع صوت اخفاف الإبل من مسيرة يوم فيتحرك لها وقيل هو السوس الذي يخرج من الحنطة وقيل انه

شىء يقع فى الزرع ليس بجراد فيأكل السنبلة وهى غضة قبل ان تقوى فيطول الزرع ولا سنبل له وقرأ الحسن والقمل بفتح القاف وسكون الميم يريد به القمل المعروف الذي يقع فى بدن الإنسان وثوبه وإذا ألقيت القملة حية أورثت النسيان قال الجاحظ وفى الحديث (أكل الحامض وسؤر الفار ونبذ القمل يورث النسيان) وإذا أردت ان تعلم هل المرأة حامل بذكر او أنثى فخذ قملة واحلب عليها من لبنها فى كف انسان فان خرجت من اللبن فهى جارية وان لم تخرج فهو ذكر وان حبس على انسان بوله فخذ قملة من قمل بدنه واجعلها فى إحليله فانه يبول من وقته والقمل المعروف يتولد من العرق والوسخ إذا أصاب ثوبا او ريشا او شعرا حتى يصير المكان عفنا قال الجاحظ وربما كان للانسان قمل الطباع وان تنطف وتعطر وبدل الثياب كما عرض لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام حين استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى لباس الحرير فاذن لهما فيه ولولا انهما مكانا فى حد ضرورة لما اذن لهما لما فى ذلك من التشديد فيجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لانه لا يقمل بالخاصية قال فى أنوار المشارق والأصح ان الرخصة لا تختص بالسفر انتهى وفى الواقعات المحمودية ان القمل يكون من البرودة ولذلك يكثر فى الشتاء ولا يكون فى الصيف قال السيوطي ولم يقع على ثيابه عليه السلام ذباب قط ولا أذاه القمل وَالضَّفادِعَ جمع ضفدع مثل خنصر وهو الأشهر الصحيح من حيث اللغة والأنثى ضفدعة وناس يقولون بفتح الدال كدرهم وأنكره الخليل حيث قال ليس فى الكلام فعلل الا اربعة أحرف درهم وهجدهم وهبلع وبلعم وهو اسم والضفادع انواع كثيرة ويكون من سفاد وغير سفاد فالذى من سفاد يبيض فى البر ويعيش فى الماء والذي من غير سفاد يتولد فى المياه القائمة الضعيفة الجري ومن العفونات وغب الأمطار الغزيرة حتى يظن انه يقع من السحاب لكثرة ما يرى منه على الاسطحة عقيب المطر والريح وليس ذلك عن ذكر وأنثى وانما الله تعالى يخلقه فى تلك الساعة من طباع تلك التربة وهى من الحيوانات التي لا عظام لها وفيها ما ينق وفيها ما لا ينق والذي ينق منها يخرج صوته من قرب اذنه وتوصف بحدة السمع إذا تركت النقيق وكانت خارج الماء وإذا أرادت ان لا تنق ادخلت فكها الأسفل فى الماء ومتى دخل الماء فى فيها لا تنق وما اظرف قول بعض الشعراء وقد عوتب فى كلامه قالت الضفدع قولا ... فسرته الحكماء فى فمى ماء وهل ... ينطق من فى فيه ماء قال سفيان يقال انه ليس شىء اكثر ذكر الله منه قال الزمخشري تقول فى نقيقها سبحان الملك القدوس- روى- ان داود عليه السلام قال لاسبحن الله الليلة تسبيحا ما سبحه أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية فى داره يا داود أتفخر على الله تعالى بتسبيحك وان لى لسبعين سنة ما جف لى لسان من ذكر الله وان لى لعشر ليال ما طعمت خضراء ولا شربت ماء اشتغالا بكلمتين قال ما هما قالت يا مسبحا بكل لسان ومذكورا بكل مكان فقال داود فى نفسه وما عسى ان أكون ابلغ من هذا وعن انس لا تقتلوا الضفادع فانها صرت بنار ابراهيم عليه السلام فحملت فى أفواهها الماء وكانت ترشه على النار وقال ابن سينا إذا كثرت الضفادع فى سنة وزادت

على العادة يقع الوباء عقيبه وفى الواقعات المحمودية تعبير الضفدع انه نقصان خفى فانه يذكر انه كان فى الأصل كيالا فلاجل نقصانه فى الكيل ادخل فيه. ومن خواصه انه إذا أخذت امرأة ضفدع الماء وفتحت فاه وبصقت فيه ثلاث مرات ورمته الى الماء فانها لا تحبل ودمه إذا طلى به الموضع الذي نتف شعره لم ينبت ابدا وشحم الضفادع الآجامية إذا وضع على الأسنان قلعها من غير وجع قال القزويني ولقد كنت بالموصل ولنا صاحب فى بستان بنى مجلسا وبركة فتولدت فيها الضفادع وتأذى سكان المكان بنقيقها وعجزوا عن ابطاله حتى جاء رجل وقال اجعلوا طشتا على وجه الماء مقلوبا ففعلوا فلم يسمعوا لها نقيقا بعد ذلك وَالدَّمَ- روى- انهم مطروا ثمانية ايام فى ظلمة شديدة لا يستطيع ان يخرج واحد من بيته ودخل الماء بيوتهم حتى قاموا فيه الى تراقيهم وهى جمع ترقوة وهى العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهو موضع الرداء من المنكب ولم يدخل بيوت بنى إسرائيل منه قطرة مع انها كانت مختلطة ببيوت القبط فاض الماء على ارضهم وركد فمنعهم من الحرث والتصرف ودام سبعة ايام فقالوا له عليه السلام ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن بك فدعا فكشف عنهم فنبت من العشب والكلاء ما لم يعهد مثله فقالوا هذا كنا نتمناه وما كان هذا الماء إلا نعمة علينا وخصبا فلا والله لا نؤمن بك يا موسى فنقضوا العهد وأقاموا على كفرهم شهرا فبعث الله عليهم الجراد بحيث وقع على الأرض بعضه على بعض ذراعا فاكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم ولم يدخل بيوت بنى إسرائيل منه شىء ففزعوا اليه عليه السلام كما ذكر فخرج الى الصحراء وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجع الى النواحي التي جاء منها بعد ان اقام فى ارضهم سبعة ايام فلم يبق جرادة واحدة ثم نظروا فاذا فى بعض المواضع من نواحى مصر بقية كلاء وزرع فقالوا هذا يكفنا بقية عامنا هذا والله لا نؤمن بك فسلط الله عليهم القمل فمكث فى ارضهم سبعة ايام فلم يبق لهم عودا اخضر ولحس جميع ما فى أراضيهم مما أبقاه الجراد وكان يقع فى أطعمتهم ويدخل بين ثيابهم وجلودهم فيمصها وينهشهم ويأكل شعورهم وحواجبهم وأشفار عيونهم ومنعهم النوم والقرار وظهر بهم منه الجدري قال الحدادي فى تفسيره هم أول من عذبوا بالجدري وبقي فى الناس الى الآن ثم فزعوا اليه عليه السلام ثالثا فرفع عنهم فقالوا قد تحققنا الآن انك ساحر قالوا وما عسى ربك ان يفعل بنا وقد أهلك كل شىء من نبات ارضنا فعلى أي شىء نؤمن بك اذهب فما استطعت ان تفعل فافعله ثم أرسل الله عليهم الضفادع بحيث لا يكشف ثوب ولا طعام الا وجدت فيه وكانت تمتلىء منها مضاجعهم وتثب الى قدورهم وهى تغلى والى أفواههم عند التكلم وكان بعضهم لا يسمع كلام بعض من كثرة صراخ الضفادع وكانوا إذا قتلوا واحدا منها خافوا ما حول محله حتى لا يستطيعون الجلوس فيه ففزعوا اليه رابعا وتضرعوا فاخذ عليهم العهود فدعا فكشف الله عنهم بريح عظيمة نبذتها فى البحر فنقضوا العهد فارسل الله عليهم الدم فصارت مياههم وآبارها وأنهارها دما احمر عبيطا حتى كان يجتمع القبطي والاسرائيلى على اناء فيكون ما يليه دما وما يلى الاسرائيلى ماء على حاله ويمص الماء من فم الاسرائيلى فيصير دما فيه

[سورة الأعراف (7) : الآيات 134 إلى 136]

قوم موسى شو بخور اين آب را ... صلح كن با مه ببين مهتاب را ثم ان فرعون أجهده العطش وكانوا يأتونه باوراق الأشجار الرطبة فيمصها فتصير دما عبيطا او أجاجا وكانوا لا يأكلون ولا يشربون سبعة ايام الا الدم فقال فرعون اقسم بإلهك يا موسى لئن كشفت عنا هذا الدم لنؤمنن لك فدعا فعذب ماؤهم فعادوا لكفرهم الى ان كان من امر الغرق ما كان آياتٍ مُفَصَّلاتٍ حال من مفعول أرسلنا اى أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها آيات وعلامات مبينات لا يشكل على عاقل انها آيات الله ونقمته وقيل معنى مفصلات مفرقات ومنفصلات بان فصل بعضها عن بعض بزمان لامتحان أحوالهم هل يعتبرون او يستمرون على المخالفة والعناد وما كان بين كل اثنتين منها شهر وكان امتداد كل واحدة منها اسبوعا فَاسْتَكْبَرُوا اى تعظموا عن الايمان بها وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ [گروهى مجرم يعنى معاند در كفر كه با وجود تظاهر آيات وتتابع ان ايمان نياوردند] وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ اى العذاب المذكور من الطوفان وغيره اى كلما وقع عليهم عقوبة من تلك العقوبات قالُوا فى كل مرة يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ الباء صلة لادع وما مصدرية والمراد بالعهد النبوة اى ادع لنا ربك يكشف عنا العذاب بحق ما عندك من عهد الله تعالى وهو النبوة فان حق النبوة ومقتضاها ان يدعو النبي لامته لدفع ما أصابهم من البلايا والمحن سميت النبوة عهدا للمبالغة فى كونها معهودا بها فانه تعالى لما بعثه رسولا وأوصاه بتحمل أعباء الرسالة وميثاق التبليغ فقد جعلت النبوة مما اوصى به وعهده فجعلت نفس العهد للمبالغة فى كونها معهودا بها وفى التفسير الفارسي (بما عهد عندك) [بآنچهـ عهد كرده وآن عهد نزديك تست يعنى خداى تو با تو وعده كرده كه چون او را بخوانى اجابت كند] فما موصولة عبر بها عما يدعو به المتضرع الى الله تعالى فى طلب حاجته والباء ايضا صلة لادع لَئِنْ كَشَفْتَ اى [باز برى وزائل كردانى] عَنَّا الرِّجْزَ الذي وقع علينا لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ الى موطن آبائهم وهو الأرض المقدسة ولنطلقنهم من التسخير والأعمال الشاقة فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ اى الى حد من الزمان معذبون فيه او مهلكون وهو وقت الغرق والى أجل متعلق بقوله لما كشفنا وقوله هم بالغوه فى محل الجر على انه صفة لاجل إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ جواب لما اى فلما كشفنا عنهم فاجأوا النكث من غير تأمل وتوقف والنكث بالفارسي [عهد شكستن] فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ الفاء لسببية لنكث للانتقام والعقاب وأريد بالانتقام نتيجته وهو الإهلاك ومثله الغضب لان التشفي فى حقه تعالى محال قال ابن الشيخ الانتقام العقاب الواقع على مجازاة السيئة بالسيئة وانما أسند الانتقام الى ذاته لان الأنبياء وكمل الأولياء كانوا فانين عما سوى الله باقين بالله فكان الله خليفتهم فى أخذ الانتقام من أعدائهم. والمعنى فاردنا الانتقام منهم اى من فرعون وقومه لما اسلموا من المعاصي والجرائم فان قوله تعالى فَأَغْرَقْناهُمْ عين الانتقام منهم فلا يصح دخول الفاء بينهما فاطلق اسم المسبب على السبب تنبيها على ان الانتقام لم ينفك عن الارادة ويجوز ان يكون المراد مطلق الانتقام. والفاء تفسيرية كما فى قوله تعالى وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إلخ فِي الْيَمِّ اى فى البحر الذي لا يدرك قعره

[سورة الأعراف (7) : الآيات 137 إلى 141]

او فى لجته ولجة البحر معظم مائه قال الحدادي فى اليم اى فى البحر بلسان العبرانية وهى لغة اليهود وفى التفسير الفارسي فِي الْيَمِّ [در درياى قلزم بنزديك مصر] وذلك ان الله تعالى امر موسى ان يخرج ببني إسرائيل فاستعار نسوة بنى إسرائيل من نساء آل فرعون حليهم وقلن ان لنا خروجا الى عيد فخرج ببني إسرائيل فى أول الليل وهم ستمائة الف من رجل وامرأة وصبى فبلغ الخبر فرعون فركب ومعه الف الف ومائتا الف فادركهم فرعون حين طلعت الشمس وانتهى موسى الى البحر فضرب البحر فانفلق اثنى عشر طريقا وكانت بنو إسرائيل اثنى عشر سبطا فعبر كل سبط طريقا فاقبل فرعون ومن معه فدخلوا بعدهم من حيث دخلوا فلما صاروا جميعا فى البحر امر الله البحر فالتطم عليهم فغرقوا بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ تعليل للاغراق اى كان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات التسع التي جاء بها موسى واعراضهم عنها وعدم تفكرهم فيها بحيث صاروا كالغافلين عنها بالكلية والفاء وان دلت على ترتب الإغراق على ما قبله من النكث لكنه صرح بالتعليل إيذانا بان مدار جميع ذلك تكذيب آيات الله والاعراض عنها ليكون ذلك مزجرة للسامعين عن تكذيب الآيات الظاهرة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعراض عنها وَأَوْرَثْنَا [ميراث داديم] الْقَوْمَ الَّذِينَ يعنى بنى إسرائيل والقوم مفعول أول لاورثنا كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ اى يستضعفهم القبط ويقهرونهم ويستذلونهم بذبح الأبناء واستخدام النساء والاستعباد مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا مفعول ثان لأورثنا والأرض ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة وتمكنوا فى نواحيها الَّتِي بارَكْنا فِيها بالخصب وسعة الأرزاق صفة للمشارق والمغارب وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى المراد بالكلمة وعده تعالى إياهم بالنصر والتمكين وهو ما ذكره بقوله وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ وتمامها مضيها وانتهاؤها الى الإنجاز لان العدة بالشيء التزام لا يقاعه بالعبارة واللسان وتمامها لا يكون الا بوقوع الموعود فى الخارج والعيان عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا اى بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من جهة فرعون وقومه وَدَمَّرْنا اى خربنا وأهلكنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ من العمارات والقصور اى ودمرنا الذي كان فرعون يصنعه على ان فرعون اسم كان ويصنع خبر مقدم والجملة الكونية صلة ما والعائد محذوف تقديره ودمرنا الذي كان يصنعه فرعون وَما كانُوا يَعْرِشُونَ اى يرفعون من الجنات اى الكروم والأشجار قال فى زبدة التفاسير العرش سقف فى الكروم والأشجار واشارت الآية الى ان العزيز من أعزه الله والذليل من اذله الله ومن صبر على مقاساة الذل فى الله توجه بتاج العزة وجعل له حسن العاقبة والله تعالى كما وعد لبنى إسرائيل وأنجز وعده فاستخلفهم فى مشارق الأرض ومغاربها كذلك وعد لهذه الامة كما قال تعالى فى سورة النور وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ والمراد بالأرض ارض الكفار من العرب والعجم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 138 إلى 140]

والمراد بالذين من قبلهم بنوا إسرائيل وفى الحديث (ان الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وان ملك أمتي سيبلغ ما زوى لى منها) يقول ان الله تعالى جمع وضم جميع هذه الأرض ليلة المعراج او فى غير ذلك الوقت فرأيت جميع آفاق الأرض من المشارق والمغارب ثم وعد أمته بان الله تعالى يملأ الدنيا كلها عدلا وقسطا كما ملئت قبل ذلك جورا وظلما ويملك المؤمنين جميع الأرض هذا على تقدير حمل اللام فى الأرض على الاستغراق وقيل اللام للعهد الخارجي كما إذا قيل اغلق الباب إذا كان مشاهدا ومن للتبيين ولا دليل على جمع جميع الأرض ولم يبلغ ملك أمته جميع اجزائها فأى موضع من الأرض وقع نظره عليه السلام عليه كان دار الإسلام وأي مكان كان محجوبا عنه كان دار الكفر والله اعلم بحقيقة الحال ومنه الكرم والنوال واليه الرجوع والمآل وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فاعل بمعنى فعل يقال جاوز وجاز بمعنى واحد وجاوز الوادي إذا قطعه وجاوز بغيره البحر عبربه فالباء هنا معدية كالهمزة والتشديد فكأنه قال وجزنا ببني إسرائيل البحر اى اجزناهم البحر وجوزناهم بالفارسية [وبگذرانيديم بنى إسرائيل را از دريا بسلامت] والمراد بحر القلزم واخطأ من قال انه نيل مصر قال فى القاموس القلزم كقنفذ بلد بين مصر ومكة قرب جبل الطور واليه يضاف بحر القلزم لانه على طرفه أو لأنه يبتلع من ركبه لان القلزمة الابتلاع- روى- انه عبر بهم موسى عليه السلام يوم عاشوراء فصاموا شكرا لله تعالى فَأَتَوْا اى مروا عَلى قَوْمٍ كانوا من العمالقة الكنعانين الذين امر موسى عليه السلام بقتالهم وقيل كانوا من لخم وهو حى من اليمن ومنهم كانت ملوك العرب فى الجاهلية وعن الزمخشري انه قبيلة بمصر يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ اى يواظبون على عبادتها ويلازمونها قال فى تاج المصادر العكوف [كرد چيزى در آمدن ودر جايى مقيم شدن] يقال عكفه حبسه وعكف عليه اقبل عليه مواظبا قالُوا عند ما شاهدوا أحوالهم يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً مثالا نعبده كَما لَهُمْ آلِهَةٌ يعبدونها. والكاف متعلقة بمحذوف وقع صفة لآلها وما موصولة ولهم صلتها وآلهة بدل من ما والتقدير اجعل لنا آلها كائنا كالذى استقر هو لهم فالعائد محذوف وكانت أصنامهم تماثيل بقر وهو أول شأن العجل قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ وصفهم بالجهل المطلق حيث لم يذكر المفعول لبعد ما صدر عنهم عن العقل بعد ما شاهدوا من الآية الكبرى والمعجزة العظمى إِنَّ هؤُلاءِ يعنى القوم الذين يعبدون تلك التماثيل مُتَبَّرٌ اسم مفعول من باب التفعيل يقال تبره تتبيرا اى كسره وأهلكه والمعنى مكسر ومهلك ما هُمْ فِيهِ اى من الدين الباطل. يعنى ان الله تعالى يهدم دينهم الذي هم عليه عن قريب ويحطم أصنامهم ويجعلها رضاضا اى فتاتا. قوله ما هم فيه مبتدأ ومتبر خبر له ويجوز ان يكون ما هم فيه فاعل متبر لاعتماده على المسند اليه وَباطِلٌ اى مضمحل بالكلية ما كانُوا يَعْمَلُونَ من عبادتها وان كان قصدهم بذلك التقرب الى الله تعالى فانه كفر محض قالَ موسى أَغَيْرَ اللَّهِ أغير المستحق للعبادة أَبْغِيكُمْ بحذف اللام اى أبغي لكم اى اطلب لكم إِلهاً تمييز من غير

[سورة الأعراف (7) : آية 141]

او حال فانه مفعول أبغي والهمزة فيه للانكار والمنكر هو كون المبغى غيره تعالى وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ اى والحال انه تعالى خصكم بنعم لم يعطها غيركم وهى الآيات القاهرة والمعجزات الباهرة وانما لم يحصل مثلها لاحد من العالمين قال الحدادي على عالمى زمانكم من القبط وغيرهم بعد ما كنتم مستعبدين أذلاء وفيه تنبيه على سوء معاملتهم حيث قابلوا تخصيص الله إياهم من بين أمثالهم بما لم يستحقوه تفضلا بان قصدوا الى اخس شىء من مخلوقاته تعالى فجعلوه شريكا له تعالى: قال الحافظ همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان تا كى ... دريغ آن سايه دولت كه بر نا اهل افكندى فتبا لمن لا يعرف قدره ويعلق همته بما لا ينبغى له خلق را نيست سيرت پدران ... همه بر سيرت زمانه روند ثم ذكر نعمة الانجاء وما يتبعه فقال تعالى وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى واذكروا يا بنى إسرائيل صنيعة الله معكم فى وقت انجائكم وتخليصكم من أيدي آل فرعون باهلاكهم بالكلية ثم استأنف ببيان ما أنجاهم منه فقال يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى يبغونكم أشد العذاب وأفظعه من سام السلعة إذا طلبها ثم أبدل منه وبين فقال يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ اى يذبحونهم وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ اى يستبقونهن للاستخدام وَفِي ذلِكُمْ اى الانجاء او سوء العذاب بَلاءٌ اى نعمة او محنة فان البلاء يطلق على كل واحد منهما قال تعالى وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ مِنْ رَبِّكُمْ من مالك أموركم فان النعمة والنقمة كلتيهما منه سبحانه وتعالى عَظِيمٌ لا يقادر قدره. تقدم الكلام على الانجاء وفضيلة عاشوراء فى سورة البقرة فليطلب ثمة والاشارة ان بنى إسرائيل صفات القلب كانت معذبة فى مصر القالب وصفاتها فلما خلصها الله تعالى من بحر الدنيا وفرعون النفس فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ اى وصلوا الى صفات الروح يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ من المعاني المعقولة والمعارف الروحانية فاستحسنوها وأرادوا العكوف على عتبة عالم الأرواح قالُوا الموسى الوارد الرباني الذي جاوز بهم بحر الدنيا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ يشير الى انه لولا ان فضل الله ورحمته على العبد يثبته على قدم العبودية وصدق الطلب الى ان يبلغه الى المقصد الأعلى لكان العبد يركن الى كل شىء من حسائس الدنيا فضلا عن نفائس العقبى كقوله تعالى لسيد البشر عليه السلام وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا قالَ لهم موسى الوارد الرباني عند ركونهم الى الروحانية إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ قدر الله وعنايته معكم إِنَّ هؤُلاءِ يعنى صفات الروح مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ من الركون والعكوف على استجلاء المعاني المعقولة والمعارف الروحانية وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فى غير طلب الحق والوصول الى المعارف الربانية قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً اى أنزلكم منزلا غير الوصال وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ من الحيوانات والجن والملك تفضيل العبور من الجسمانيات والروحانيات والوصول الى المعارف والحقائق الآلهيات وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يعنى من النفس وصفاتها يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى سوء عذاب البعد يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ اى يبطلون أعمالكم الصالحة التي هى متولدات من صفات القلب بآفة الرياء

[سورة الأعراف (7) : الآيات 142 إلى 145]

والعجب النفساني وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ يعنى صفات القلب لاستخدام النفس وصفاتها وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ يعنى فكان فى استخدام صفات القلب للنفس وصفاتها بان تعمل الصالحات رياء وسمعة لجلب المنافع الدنيوية لحظوظ النفس بلاء عظيم من ربكم فخلصكم منه لئلا تطلبوا غيره ولا تعبدوا سواه فلا تركنوا الى الروحانية والى المعقولات لكى تظفروا بمراتب الوصول ودرجات الوصال كذا فى التأويلات النجمية وعن بعض الكبار أول وصال العبد الحق هجرانه لنفسه وأول هجران الحق العبد مواصلته لنفسه وأول درجات القرب محو شواهد النفس واثبات شواهد الحق ومن طلب الدلالة فانها لا غاية لها ومن طلب الله عز وجل وحده باول خطوة يقصده بها: قال الحافظ غرض ز مسجد وميخانه أم وصال شماست ... جز اين خيال ندارم خدا كواه منست قال بعض الصالحين عرضت على الدنيا بزينتها فاعرضت عنها ثم عرضت الاخرى بحورها وقصورها وزينتها فاعرضت عنها فقيل لى لو أقبلت على الاولى حجبناك عن الاخرى ولو أقبلت على الاخرى حجبناك عنا فها نحن لك وقسمتك فى الدارين تأتيك وقال احمد بن حضرويه رأيت رب العزة فى المنام فقال لى يا احمد كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى وقال ابراهيم بن أدهم رأيت جبريل عليه السلام فى المنام وبيده قرطاس فقلت ما تصنع به قال اكتب اسماء المحبين فقلت اكتب تحتهم محب المحبين ابراهيم بن أدهم فنودى يا جبريل اكتبه فى أولهم وَواعَدْنا الوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها مُوسى اسم أعجمي لا اشتقاق فيه واما موسى الحديد فهو مفعل من اوسيت رأسه إذا حلقته او فعلى من ماس يميس إذا تبختر فى مشيه فسميت موسى لكثرة اضطرابها وتحركها وقت الخلق ثَلاثِينَ لَيْلَةً [سى شبانه روز چون مدار حساب شهور عرب برؤية هلالست وآن بشب مرئى ميشود تاريخ را بشب مقيد كرد] وثلاثين مفعول ثان لواعدنا على حذف المضاف اى تمام او مكث ثلاثين قال ابن الشيخ الموعود يجب ان يكون من فعل الواعد ونفس الثلاثين ليس كذلك فكأنه قيل وواعدنا موسى ما يتعلق بثلاثين ليلة وهو منا إنزال عند إتمام صوم الثلاثين ومن موسى صوم تلك المدة وإتيان الطور انتهى بتغيير عبارته فواعدنا ليس بمعنى وعدنا بل على بابه بناء على تنزيل قبول موسى عليه السلام منزلة الوعد وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ اى زدنا على تلك الثلاثين عشر ليال فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ ما وقت له فى الوقت الذي ضرب له والفرق بين الميقات والوقت ان الميقات وقت تقدر لان يقع فيه عمل من الأعمال وان الوقت ما يقع فيه شىء سواء قدره مقدر لان يقع فيه ذلك الشيء أم لا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حال من قوله ميقات ربه اى تم بالغا هذا العدد وقيل هو مفعول تم لانه بمعنى بلغ- روى- ان موسى عليه السلام وعد بنى إسرائيل وهم بمصر ان أهلك الله عدوهم أتاهم بكتاب فيه بيان ما يأتون وما يذرون فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب فامره بصوم ثلاثين وهو ذو القعدة بتمامه ليكلمه ويوحى اليه ويكرمه بماتيم به امر نبوته فصامهن موسى عليه السلام على طريق المواصلة بين ليلهن ونهارهن وانما لم يجع فى تلك المدة وصبر ولم يصبر نصف

يوم فى سفر الخضر حيث قال آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قيل لان سفر الحضر سفر التأديب والامتحان والابتلاء فزاد البلاء على الابتلاء حتى جاع فى نصف يوم فى صحبة المخلوق وحضوره الجبل وسفره اليه سفر اللقاء وصحبة الحق فانساه هيبة الموقف الطعام والشراب وأغناه من غيره ثم لما أتم الثلاثين وانسلخ الشهر أنكر خلوف فيه اى كره ان يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتسوك بعود خرنوب وتناول شيأ من نبات الأرض فمضغه فقالت الملائكة كنا نشم من فيك رائحة المسك فافسدته بالسواك وقيل اوحى الله تعالى اليه اما علمت ان ريح فم الصائم أطيب عندى من ريح المسك ولذاكره التسوك عند الشافعي فى آخر نهار الصوم بناء على ان السواك يزيل الخلوف فامر الله تعالى بان يزيد عليها عشرة ايام من ذى الحجة ليعودفوه الى ما كان عليه فصام فتشرف بالوحى والكليم يوم النحر كذا قال اهل التفسير وفيه ان الوحى والتكليم إذا كان يوم النحر يلزم ان لا يكون ايام الصوم أربعين كملا وهو مخالف للنص اللهم الا ان تعتبر الليالى او كان صوم يوم النحر مشروعا فى شريعته هكذا لاح بالبال ثم ان موسى عليه السلام لما أراد الانطلاق الى الجبل للمناجاة امره الله تعالى ان يختار سبعين رجلا من قومه من ذوى الحجى والعقل ليشهدوا له على ما يشاهدونه من كرامة الله تعالى إياه ففعل واستخلف هارون أخاه فى قومه كما قال تعالى وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ قبل انطلاقه الى الجبل الذي امر بالعبادة فيه كما فى تفسير الحدادي وهارون عطف بيان اخْلُفْنِي كن خليفتى وقم مقامى فِي قَوْمِي وراقبهم فيما يأتون ويذرون وَأَصْلِحْ ما يحتاج الى الإصلاح من أمورهم وسرفيهم السيرة الصالحة التي لا فساد فيها وثبتهم على ما اخلفهم عليه من الايمان واخلاص العبادة وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ اى ولا تتبع من سألك الإفساد ولا تطع من دعاك اليه وذلك ان موسى عليه السلام كان يشاهد كثرة خلافهم حالا بعد حال فاوصاه فى أمرهم فان قيل ان هارون كان شريك موسى فى النبوة قال تعالى خبرا عن موسى وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي فكيف استخلفه قلنا المأموران بشىء لا ينفرد أحدهما بفعله الا بامر صاحبه فلذلك قال اخلفني ولأن موسى كان أصلا فيها وهارون معينا له قال موسى فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ولهذا كان هو المناجى على الخصوص والمعطى للالواح ولما امر بالذهاب الى فرعون سأل الله ان يشرك معه هارون ولما ذهب الى الطور للمناجاة خلفه فى قومه واستخلفه وهو موضع الاعتراض فى الظاهر ولكن لا اعتراض على الأكابر لان حركاتهم الظاهرة انما تنبعث من دواعى قلوبهم وتلك الدواعي الهامات واردة من الله تعالى لا صنع لهم فيها فمن عرف دورانهم بامر الهى هان عليه التطبيق والتوفيق وسقط عنه الاعتراض على اصحاب التحقيق مع ان درجات الأنبياء متفاضلة كما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ فمن منع الرؤية عن موسى منع المناجاة عن هارون وكون هارون شريكه فى الأمر الظاهر لا يقتضى ان يكون رديفه فى الأمر الباطن فان لكل مقام رجالا رموز مصلحت ملك خسروان دانند ... كداى كوشه نشينى تو حافظا مخروش انظر ان موسى عليه السلام استخلف هارون واعتمد عليه فى حفظ قومه فعبدوا العجل

[سورة الأعراف (7) : آية 143]

فى العشر الذي زيد على الثلاثين ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال الله خليفتى على أمتي فثبتهم الله على الحق واعلم ان ذا القعدة وذا الحجة من الأشهر الحرم ويكفى شرفا لهما ان الله تعالى امر موسى بصومهما وجعلهما محل قبول الحاجات وميقات المناجاة وفى الحديث (صيام يوم من الأشهر الحرم يعدل شهرا وصيام يوم من غير الأشهر الحرم يعدل عشرا) وفى الحديث (من صام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله له عبادة تسعمائة سنة) وقال كعب الأحبار اختار الله الزمان فاحبه اليه الأشهر الحرم وذو القعدة من الأشهر الحرم وبغير خلاف وسمى ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال احتراما له فعلى السالك ان يتهيأ فيه لمناجاة ربه بالصوم الظاهري والإمساك الباطني فان موسى روحه متشوف لنوال الوصال ومتطلب لرؤية الجمال والاشارة فى الآية ان الميعاد فى الحقيقة كان أربعين ليلة وانما اظهر الوعد ثلاثين ليلة لضعف البشرية ولئلا تستكثر النفس الأربعين وتسوّل له ان لا يقوى على ذلك فيداخله خوف البشرية فواعده ثلاثين ليلة ثم أتمها بالعشر وفيه ان للاربعين خصوصية فى استحقاق استماع الكلام للانبياء كما ان لها اختصاصا فى ظهور ينابيع الحكمة من قلوب الأولياء كقوله عليه السلام (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) قال اهل العرفان ان سر التربيع جار فى الحقائق الكلية كتربيع العرش الأعظم والعناصر الاربعة والأركان الاربعة والأربعين الموسوية وكان بين خلق آدم ونفخ روحه اربع جمع من جمع الآخرة فاكمل الاشكال تأثيرا صورة التربيع فى الآحاد والأعشار والمآت والألوف كما أشار صلى الله عليه وسلم بقوله (خير الاصحاب اربعة وخير السرايا اربعمائة) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا اى لوقتنا الذي وقتناه وعيناه وحددناه له وهو تمام الأربعين اى اختص مجيئه بميقاتنا كما فى قولك أتيته لعشر خلون من الشهر فاللام للاختصاص وليست بمعنى عند والميقات بمعنى الوقت وقد سبق الفرق بينهما فى المجلس المتقدم ان قيل لم وعده الله بالكلام فى الجبل وفوق العلى وتحت الثرى واحد عند حضرته وهو منزه عن الجهات قيل ان فى الجبل وصف الثبات والعلو والتفرد لان الأرض ما استقرت بغير الجبال فاثبتها الحق بها واوتدها حكمة منه وعرض الامانة عليها لا تصافها بصفة التثبت والتمكن والتفرد والتعلى ولذلك فضل الجبال فى الامكنة وشرفها بمشهد الكلام وتعلق تجلى الجمال وعرض الامانة عليها وشرح الصدر المحمدي فيها ومناجاة موسى عليها فبدا من ذلك ان فى المقامات فاضلا ومفضولا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى البروسوى خير الجماعة جماعة الأرواح وجماعتهم فى الجبال والمواضع الخالية وعلامة مجمعهم انه لا يذهب خضرة ذلك الموضع ونظارته فى الصيف والشتاء قال ونحن انما جئنا الى هذا المكان فى هذا الجبل بناء على مجيئهم يقول الفقير عنى به موضع زاويته المنيفة فى مدينة بروسة فى سفح الجبل المعروف هناك وقد زرته وزرت مرقده العالي فى داخل القلعة قدس الله سره وقال وهب جاء الى طور سيناء ومعه جبريل فتطهر وطهر ثوبه وانزل الله الظلمة على سبعة فراسخ وطرد عنه الشيطان وطرد عنه هوام الأرض ونحى عنه الملكين وكشط له السماء فرأى

الملائكة قياما فى الهواء ورأى العرش بارزا وسمع صرير القلم وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ من غير واسطة وكيفية كما يكلم الملائكة وكان جبريل معه فلم يسمع ما كلمه ربه ولذا خص باسم الكليم لاختصاصه بذلك من بين البشر فان سائر الأنبياء عليهم السلام انما يكلمهم الله بواسطة الكتاب والملك فان قيل بأى شىء علم موسى انه كلام الله قيل لم ينقطع كلامه بالنفس مع الحق كما ينقطع مع المخلوق بل كلمه بمدد وحداني غير منقطع شاهد نفسه بمنزلة الآلة عند الصانع والآلة يحركها الأستاذ كيف يشاء لانه ليس للآلة تصنع وتعمل وقيل علم انه كلام الحق وميزه عن غيره بانه سمع الكلام من الجوانب الستة فصارت جميع جوارحه كسمعه فصار الوجود كله سمعا فوجد لذة الكلام بوجوده كما وجدها بسمعه قال ابن الشيخ فى حواشيه كلامه تعالى صفة ازلية قائمة بذاته ليست من جنس هذه الحروف والأصوات وكما لا تبعد رؤيته تعالى مع ان ذاته ليست جسما ولا عرضا فكذلك لا يبعد سماع كلامه مع كونه ليس من جنس الحرف والصوت انتهى وفى حل الرموز المؤمن فى الآخرة وجه محض وعين محض وسمع محض ينظر من كل جهة وبكل جهة وعلى كل جهة وكذا يسمع بكل عضو من كل جهة بغير جهة خاصة وإذا شاهد الحق يشهده بكل وجه ليس فيه من الجهات ولا يحتجب سمعه وبصره بالجهات كما أشار سبحانه بقوله (كنت سمعه وبصره) والكامل الواصل له حكم الآخرة فى الدنيا كما قال سيد الواصلين (موتوا قبل ان تموتوا وحاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا) انتهى يقول الفقير هذا ليس بمحل الجرح والإنكار لان الله تعالى وان خلق حاسة السمع لادراك الأصوات لكن يجوز ان يدرك بحاسة ما يدرك بحاسة اخرى كما ذهب اليه علماء الكلام لان ذلك الإدراك بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير للحواس فلا يمتنع ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الأصوات مثلا فثبت ان كل عضو من الأعضاء الانسانية يجوز ان يخلق الله تعالى فيه ما خلق فى السمع من ادراك الأصوات ان قيل لم لم يكلم الله سائر الأنبياء مشافهة الا موسى قيل لانه لم يكن لهم من الأعداء ما لموسى كفرعون وهامان وقارون واليهود ولم يكن قوم أسوأ أدبا وأقسى قلبا من قومه فخصه الله بكلامه ألا ترى سحرة القبط آمنوا فى أول دعوته وكفر قوم من اليهود بعد مشاهدتهم معجزات كثيرة فايده الله بكلامه ليتحمل به ما امتحن به من البلايا فى قومه يقول الفقير كون عدو موسى أقوى وأشد انما هو بالنسبة الى اعداء الأنبياء غير نبينا صلى الله عليه وسلم فانه قد ثبت ان فرعون آمن عند الغرق واما ابو جهل فلا بل اظهر العداوة عند النزع فاعتبر منه قوة حاله وعلو مقامه صلى الله عليه وسلم فى المكالمة والرؤية ليلة المعراج وفى الحديث (ناجى موسى ربه بمائة الف وأربعين الف كلمة فى ثلاثة ايام وصايا كلها) كذا فى الوسيط وقال بعضهم كلم الله موسى أربعين يوما وليلة وهذا والله اعلم غير الأربعين المتقدمة على الوحى والتعليم وعن فضيل بن عياض قال حدثنى بعض أشياخي ان إبليس جاء الى موسى وهو يناجى ربه فقال الملك ويلك ما ترجو منه وهو على هذه الحال يناجى ربه قال أرجو منه مارجوت من أبيه آدم وهو فى الجنة وكذا قال السدى لما كلم الله موسى غاص الخبيث إبليس فى الأرض حتى خرج من بين يدى موسى فوسوس اليه ان مكلمك

شيطان يقول الفقير يرده ما سبق من ان الشيطان طرد عنه وقتئذ وهو الصحيح لان المقام لا يسع الشيطان وانما سلطانه على اهل الملك دون ارباب الملكوت وفرق بينه وهو مناج فى الطور وبين آدم وهو معاشر فى الجنة فان قلت قوله تعالى فى سورة الحج (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى الا إذا تمنى القى الشيطان فى أمنيته) يدل على ان كل نبى مبتلى بذلك خصوصا وقت التلاوة وهى من انواع المناجاة قلت فرق بين التلاوة الظاهرة والمناجاة الباطنة ألا ترى الى قوله عليه السلام (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فما ظنك بالشيطان المردود الى أسفل سافلين البعد هكذا لاح ببالي والله اعلم ولما سمع موسى كلام ربه غلب عليه الشوق الى رؤيته وقال هذه لذة الخبر فكيف لذة النظر مع ان الكل يعمل على شاكلته وشاكلة البشر وفطرته على طلب العلو والترقي إذا ظفر بشىء طلب ما هو أعلى منه ولا أعلى من تجلى الجمال وفيض الوصال فسأل الرؤية وفى التفسير الفارسي [چون موسى كلام حق شنيد واز جام كلام ربانى جرعه ذوق محبت چشيد فراموش كرد كه او در دنياست خيال بست كه در فردوس اعلاست و چون جنت جاى مشاهده لقاست] قالَ رَبِّ أَرِنِي ذاتك اى مكننى من رؤيتك أَنْظُرْ إِلَيْكَ أرك فالنظر بمعنى الرؤية الا ان المطلوب بقوله أرني ليس ان يخلق الله تعالى رؤية ذاته المقدسة فى موسى حتى يلزم كون الشيء غاية لنفسه بان يكون المعنى أرني نفسك حتى أراك لانه فاسد بل المطلوب به ان يمكنه من رؤية ذاته المقدسة وتمكينه تعالى إياه من الرؤية سبب لرؤية موسى إياه تعالى فاطلق عليه اسم الرؤية المسببة عنه مجازا- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما قال موسى عليه السلام أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ كشف الحجاب وابرز له الجبل وقال أَنْظُرْ فنظر فاذا امامه مائة الف نبى واربعة وعشرون الف نبى محرمين ملبين كلهم يقول أرني أرني واعلم ان الأجساد تنمو بنماء الأقوات كذلك الأحوال تصفو بصفاء الأوقات فقوت جسدك ما غذيته من الطيبات وقوت روحك ماربيت به من أقوات الطاعات فى اوقات الخلوات وكلما صفت الأواني جلت ما فيها من جواهر المعاني فاذا كان عين بصيرتك منطمسة وخيول همتك منحبسة فما لك والتطاول الى منازل قوم عيون قلوبهم منبجسة وسرائرهم لانوار معارفهم من جذوة الغيب مقتبسة فلا تدع بما ليس فيك وحسبك ما يعلم الله منك ويكفيك فينبغى لك ان تقف وقوف الأصاغر وتتأدب بآداب الأكابر هذا كليم الله موسى لما كان طفلا فى حجر تربية الحق سبحانه ما تجاوز حده بل قال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فلما بلغ مبلغ الرجال ما رضى بطعام الأطفال بل قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ وهو حجة اهل السنة والجماعة على جواز رؤية الله تعالى فان موسى اعتقد جوازها حين سألها واعتقاد جواز ما لا يجوز على الله تعالى كفر ومن جوز ذلك على موسى او على أحد من الأنبياء فهو كافر كما فى التيسير قال حضرة الشيخ الكبير صدر الدين القنوى فى فك ختم الفص الداودي من شأن الكمل ان كل ما هو متعذر الحصول لاحد من الخلق هو عندهم وبالنسبة الى كمال قابليتهم غير متعذر ولا يستحيل الا ان يخبرهم الحق بأخبار مخصوص خارج من خواص المواد والوسائط فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالته

وحصول ذلك كحال موسى فى طلب الرؤية على وجه مخصوص فلما اخبر بتعذر ذلك ناب وآمن انتهى قالَ الله تعالى وهو استئناف بيانى لَنْ تَرانِي لم يقل لن تنظر الى كقوله انظر إليك لان المطلوب هى الرؤية التي معها ادراك لا النظر الذي هو عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي لانه قد بتخلف عنه الإدراك فى بعض الصور قال فى التفسير لَنْ تَرانِي [نتوانى ديد مرا در دنيا چهـ حكم ازلى بر آن وجه واقع شده كه هر بشرى كه در دنيا بمن نظر كند بميرد] وفى المدارك لَنْ تَرانِي بالسؤال بعين فانية بل بالعطاء والنوال بعين باقية [صاحب كشف الاسرار كويد كه مقام موسى در ان ساعت كه خطاب لن ترانى شنيد عالى بود از ان وقت كه كفت أرني زيرا اين ساعت در عين مراد حق بود وآن وقت در عين مراد خود قائم بمراد حق بود كاملترست ار قيام بمراد خود] لن ترانى ميرسد از طور موسى را جواب ... هر چهـ آن از دوست آيد سر إ كردن متاب وهو دليل لنا ايضا لانه لم يقل لن ارى ليكون نفيا للجواز ولو لم يكن مرئيا لا خبر بانه ليس بمرئى إذا لحالة حالة الحاجة الى البيان فهو لا يدل على امتناع رؤيته فى نفس الأمر بل يدل على قصور الطالب عن رؤيته لتوقف الرؤية على حصول ما يستعد به الطالب لرؤيته وعدم حصول ذلك المعد فيه بعد فانه يجوز ان يبقى فيه حينئذ شىء من الحجاب المانع لرؤيته إياه لم يرتفع ذلك الحجاب بعد يقول الفقير هذا ما عليه اكثر اهل التفسير وهو ليس بمرضى عندى لان إتيان الطور لم يكن فى أوائل حاله عليه السلام بل كان ذلك نظير المعراج المحمدي بالنسبة الى مرتبته والتحقيق بعيد عن درك اهل التقليد وقد سألت حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة عن قولهم فى قوله تعالى لَنْ تَرانِي اى ببشريتك ووجودك فقال ان البشرية تنافى الرؤية وموسى عليه السلام انما سأل الرؤية بالنسبة الى ظاهر البشرية والوجود الكونى وهى لا تمكن ابدا بل لو تعلقت الرؤية بذات الله تعالى لتعلقت حالة الفناء فى الله واضمحلال حال البشرية فقلت يرد عليه ما وقع ليلة المعراج من الرؤية بعين الرأس فقال انه حبيب الله رأى ربه فى تلك الليلة بالسر والروح فى صورة الجسم ولا جسم هناك لانه تجاوز فى سيره عن عالم الأجسام كلها بل عن عالم الأرواح حتى وصل الى عالم الأمر فقلت يرد عليه ان الأنبياء والأولياء مشتركون فى الرؤية بالبصيرة حالة الفناء الكلى فلا فرق بين موسى ومحمد عليهما السلام فأى فائدة فى قوله لَنْ تَرانِي وايضا فى عروجه عليه السلام الى ما فوق العرش فان تلك الرؤية انما تحصل فى مقام العينية الجمعية القلبية لا فى مقام الغيرية الفرقية القالبية فقال ان امر الرؤية وان كان محتاجا الى الانسلاخ التام عن الأكوان مطلقا الا ان الانسلاخ بالقلب والقالب مختص بنبينا عليه السلام فان موسى وكذا غيره من الأنبياء عليهم السلام انما يرون بالانسلاخ حين كون قوالبهم فى عالم العناصر. واما محمد صلى الله عليه وسلم فقد تجاوز عن عالم العناصر ثم عن عالم الطبيعة وذلك بالقلب والقالب جميعا فأنى يكون هذا لغيره فافهم جدا انتهى ما جرى بينى وبين حضرة الشيخ من السؤال والجواب وما تحاورناه فى المجلس الخاص المفتوح بابه للاحباب لا للاغيار واهل الإنكار والارتياب وقد كان ذلك كالقطرة من البحر الزاخر بالنسبة الى ما يحويه قلبه الحاضر قدس الله

سره ورزقنى وجميع الأحباب شفاعته قال مرجع طريقتنا الجلوتية بالجيم حضرة الشيخ الشهير بافتاده البروسوى كما ان للانسان عينين فى الظاهر كذلك له عينان فى قلبه فاذا انفتحتا يشاهد بهما تجلى الصفات ولهما ايضا حدقتان لكنهما فى غاية اللطافة وانما قلنا يشاهد بهما تجلى الصفات لان تجلى الذات لا يشاهد إلا بعين معنوية وراء عين القلب لا حدقة لها لا كما زعمت الملاحدة والعياذ بالله تعالى فان الممكن الحقيقي غير الواجب الحقيقي كيف والسالك الواصل إذا أفنى وجوده يصير معدوما والمعدوم لا يحكم عليه بشىء فضلا عن الحلول والاتحاد بل إذا عبر بالاتحاد يراد به التقرب التام على وفق رضاه تعالى كما يراد ذلك فى قولهم فلان متحد مع فلان إذ لا شك انهما شخصان مستقلان حقيقة ومعنى كونه معدوما إذ ذاك انه يتلاشى ويغيب فى بحر الاستغراق وأنوار التجلي بحيث يغيب عن نظره ما سوى الله تعالى حتى ينظر ولا يجد نفسه للتوجه التام الى جنابه والاعراض الكلى عما سوى الله تعالى كمن جعل نظره الى جانب السماء لا ترى له الأرض ومن نظر الى المشرق لا يرى له المغرب لا انه يعدم وجوده الخارجي ويضمحل والأنبياء عليهم السلام وان تجلى لهم الذات الا ان تعين نبينا فوق الكل حتى ان موسى لما سأل ربه التجلي عن تعين نبينا قال تعالى لَنْ تَرانِي كذا اوله بعضهم وليس بشىء لانه عالم بمرتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبها فخاطب موسى لَنْ تَرانِي لقطع طمع قومه حيث فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً لانه إذا خوطب بذلك فهم اولى به فهذا فى الحقيقة ليس بالنسبة الى موسى عليه السلام فانه قد نال سعادة التجلي مرارا واصطفاه برسالته وبكلامه الى هنا كلام افتاده افندى كما فى الواقعات المحمودية وقال الشيخ على دده فى اسئلة الحكم فان قلت ما الحكمة الربانية فى منعه الرؤية فى الموطن الدنيوي قيل لان الرؤية غاية الكرامة فى الدنيا وغاية الكرامة فيها لاكرم الخلق وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود الذي شاهد ربه ليلة المعراج بعيني رأسه على هذا فابحث وقيل لو أعطاه الرؤية بالسؤال لكانت الرؤية مكافأة لسؤاله والرؤية فضل لا مكافأة وهى ربانية لا مدخل للسؤال والتعمل فيها فهى امتنان محض من الله تعالى قال الامام الواحدي كون كلمة لن مفيدة لتأبيد النفي دعوى باطلة على اهل اللغة لا يشهد لصحتها كتاب معتبر ولا نقل صحيح ويدل على فساده قوله تعالى فى صفة اليهود وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً مع انهم يتمنون الموت يوم القيامة ويقولون فيه يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ. ويا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ اى الموت فالاخبار بان موسى لا يرى الله لا يدل على انه لا يراه ابدا كما ذهبت اليه المعتزلة: قال المولى الجامى جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات : قال الحافظ چومستعد نظر نيستى وصال مجوى ... كه جام جم نكند سود وقت بي بصرى وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ اى لا تطلب النظر الىّ فانك لا تطيقه ولكن اجعل بينى وبينك ما هو أقوى منك وهو الجبل الذي بحضرتك قال الكلبي هو أعظم جبل بمدين يقال له زبير وفى القاموس زبير كامير الجبل الذي كلم الله عليه موسى وقال ابن الجوزي فى مرآة الزمان

والأصح انما خوطب موسى على جبل الطور الذي بقرب بحر القلزم فلما سمعت الجبال تعاظمت رجاء ان يتجلى لها وجعل زبير او الطور يتواضع فلما رأى الله تواضعه رفعه من بينها وخصه بالتجلى كذا فى عقد الدرر واللآلى: وفى المثنوى اى خنك آنرا كه ذلت نفسه ... واى آن كز سركشى شد چون كه او وقال اهل الاشارة ان موسى عليه السلام لما أراد الخروج الى الميقات جعل بين قومه وبين ربه واسطة بقوله لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي فلما سأله الرؤية جعل الله بينه وبينها واسطة وهى الجبل فقال لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فقال ان لم أصلح لخلافتك دون أخيك فانت لا تصلح لرؤيتى دون الجبل فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ اى سكن وثبت فَسَوْفَ تَرانِي فسوف تطيق ان تنظر الىّ وان لم يستقر مكانه فانك لا تطيق النظر الىّ فان الجبل مع صلابته لما تأثر من التجلي ولم يطق ذلك بل اندك وتفتت وتلاشى فكيف يطيق الإنسان الذي يدهش عند مشاهدة الأمور الهائلة فكيف عند مشاهدة ذى العظمة والجلال المطلق الذي لا يوصف جلاله وكبرياؤه وهو دليل لنا ايضا لانه علق الرؤية باستقرار الجبل وهو ممكن وتعليق الشيء بما هو ممكن يدل على إمكانه كالتعليق بالممتنع يدل على امتناعه ألا ترى ان دخول الكفار الجنة لما استحال علقه بمستحيل قال حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ والدليل على انه ممكن قوله جَعَلَهُ دَكًّا ولم يقل اندك وما أوجده تعالى كان جائزا ان لا يوجد لانه مختار فى فعله ولانه تعالى ما أيأسه من ذلك ولا عاتبه عليه ولو كان ذلك محالا لعاتبه كما عاتب نوحا عليه السلام بقوله إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ حين سأل إنجاء ابنه من الغرق فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ طهر له عظمته وتصدى له اقتداره وامره ومعنى ظهور عظمته واقتداره للجبل تعلقها به وظهور اثرها فيه وانما حمل على هذا المعنى لان ظهور ذاته للجمال غير معقول قال فى التفسير العيون كشف نوره من حجبه قدر ما بين الخنصر والإبهام إذا جمعتهما اى إذا وضعت الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر وعن سهل بن سعد الساعدي ان الله اظهر من سبعين الف حجاب نورا قدر الدرهم وفى التفسير الفارسي: يعنى [ظاهر كردانيد از نور خود يا از نور عرش بمقدار سوفار سوزنى] وقال الشيخ ابو منصور معنى التجلي للجبل ما قال الأشعري انه تعالى خلق فى الجبل حياة وعلما ورؤية حتى رأى ربه وهذا ايضا فيه اثبات كونه مرثيا جَعَلَهُ دَكًّا مصدر بمعنى المفعول اى صيره مدكوكا مفتتا وإذا حل بالجبل ما حل مع عظم خلقه فما ظنك بابن آدم الضعيف كما فى تفسير الكواشي قال بعض الكبار جعل الله الجبل فداء لموسى ولولا ان موسى كان مدهوشا لذاب كما ذاب الجبل قالوا عذب إذ ذاك كل ماء وأفاق كل مجنون وبرىء كل مريض وزال الشوك عن الأشجار واخضرت الأرض وازهرت وحمدت نيران المجوس وخرت الأصنام لوجوههن وانقطعت أصوات الملائكة وجعل الجبل ينهدم وينهال ويضطرب من تحت موسى حتى اندق كله فصار ذرات فى الهواء والذر هو الذي يرى إذا دخل الشعاع فى الكوى بتلك الكوة وفى بعض التفاسير صار لعظمته ستة اجبل وقعت ثلاثة بالمدينة أحد ورقان ورضوى وثلاثة بمكة ثور وثبير وحراء وفى تفسير

الحدادي فصار ثمانى فرق اربع قطع منه وقعن بمكة ثور وثبير وحراء وغار ثور واربع قطع وقعن بالمدينة أحد ورقان ورضوى والمهراس وقال الحسن صار الجبل ثلاث فرق ساخت فرقة منه فى الأرض وطارت فرقة فى البحر وطارت فرقة فوقعت بعرفات فهو شاحب مقشعر من مخافة الله تعالى وفى التفسير الفارسي [عجب سريست كه كوه بآن عظمت تحمل ديدار نداشت ودل انسان را بحكم (ولكن ينظر الى قلوبكم) طاقت آن نظر هست نكته درين آنست كه تجلى بر كوه بنظر وهيبت بود وتجلى بر دل بنظر رحمت آن نظر كوهرا ويران ساخت واين نظر دلرا معمور سازد] والاشارة ان الجبل صورة الجسم الحجابى والجسم غير مستعد للتجلى ما لم يندك وينحل بالرياضة والفناء وانما التجلي للروح فى مقام القلب والجبل صورة التحيز الكونى والحصر الجسماني ومشهد التجلي غير متحيز والسر فافهم وعليه فابحث كذا فى اسئلة الحكم وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً اى سقط مغشيا عليه من هول ما رأى من عشية الخميس وهو يوم عرفة الى عشية يوم الجمعة وهو قول ابن عباس رضى الله عنهما وقال قتادة ميتا وقول ابن عباس اظهر لان الله تعالى قال فَلَمَّا أَفاقَ ولا يقال للميت أفاق من موته ولكن يقال بعث من موته كما قال فى حديث السبعين ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ: وفى المثنوى جسم خاك از عشق بر أفلاك شد ... كوه در رقص آمد و چالاك شد عشق جان طور آمد عاشقا ... طور مست وخرّ موسى صعقا قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره الجبل المذكور وان احترق ظاهره ولكن له وجود معنوى كان ذلك لعلا خالصا بانعكاس التجلي من موسى ولذلك رآه كاللعلل وكالمه وذلك الجبل يدخل الجنة وان كان من الدنيا بسبب كونه مظهرا للتجلى كما ان الكعبة ومسجد المدينة وبيت المقدس تدخل الجنة فَلَمَّا أَفاقَ من صعقته قال المولى ابو السعود رحمه الله الافاقة رجوع العقل والفهم الى الإنسان بعد ذهابهما بسبب من الأسباب قالَ تعظيما لما شاهده سُبْحانَكَ اى تنزيها لك من ان اسألك بغير اذن منك تُبْتُ إِلَيْكَ اى من الجراءة والاقدام على السؤال بغير ازن او من السؤال فى الدنيا فانك انما وعدتها فى الآخرة وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ اى بعظمتك وجلالك او أول من آمن بانك لا ترى فى الدنيا [اى كه زيك لمعه ات كوه بصد پاره شد چهـ عجب از مشت كل عاجز وبيچاره شد] قال وهب بن اسحق لما سأل موسى ربه الرؤية أرسل اليه الضباب والصواعق والظلمة والرعد والبرق وأحاطت بالجبل الذي عليه موسى اربعة فراسخ من كل جانب وامر الله عز وجل ملائكة السموات ان يعرضوا على موسى فمرت به ملائكة السماء الدنيا كثيران البقر تنبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد ثم امر الله ملائكة السماء الثانية ان اهبطوا على موسى فهبطوا عليه أمثال الأسود ولهم لجب بالتسبيح والتقديس ففزع موسى مما رأى وسمع واقشعرت كل شعرة فى رأسه وجسده ثم قال لقد ندمت على مسألتى فهل ينجينى من مكانى الذي انا فيه شىء فقال له خير الملائكة ورأسهم يا موسى اصبر لما سألت فقليل من كثير ما رأيت ثم امر الله ملائكة السماء الثالثة ان اهبطوا على موسى فهبطوا عليه أمثال النسور لهم لجب شديد وأفواههم تنبع بالتسبيح

والتقديس كجلبة الجيش العظيم ألوانهم كلهب النار ففزع موسى واشتد نفسه وايس من الحياة وقال له خير الملائكة مكانك يا ابن عمران حتى ترى ما لا تصبر عليه ثم امر الله ملائكة السماء الرابعة فهبطوا ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج الأبيض أصواتهم عالية مرتفعة بالتسبيح والتقديس لا يشبههم شىء من الذين مروا به قبلهم فاصطكت ركبتاه وارتعد قلبه واشتد بكاؤه فقال له رئيس الملائكة اصبر يا ابن عمران لما سألت فقليل من كثير ما أريت ثم امر الله ملائكة السماء الخامسة فهبطوا ولهم سبعة ألوان فلم يستطع موسى ان يتبعهم بصره ولم يرمثلهم ولم يسمع مثل أصواتهم فامتلأ جوفه خوفا واشتد حزنه وكثر بكاؤه فقال له خير الملائكة يا ابن عمران مكانك حتى ترى بعض ما لا تصبر عليه ثم امر الله ملائكة السماء السادسة فهبطوا وفى يد كل ملك منهم نار مثل النخلة الطويلة أشد ضوأ من الشمس ولباسهم كلهب النار كلهم يقولون بشدة أصواتهم سبوح قدوس رب العزة ابدا لا يموت فى رأس كل ملك منهم اربعة أوجه فجعل يسبح موسى معهم وهو يبكى ويقول رب اذكرني ولا تنس عبدك فقال كبير الملائكة يا ابن عمران اصبر لما سألت ثم امر الله ان يحمل عرشه فى السماء السابعة وقال اروه إياه فلما بدا نور العرش انفرج الجبل من عظمة الرب ورفعت ملائكة السموات جميعا أصواتهم يقولون سبحان الله القدوس رب العزة ابدا لا يموت فاندك الجبل وكل شجرة كانت فيه وخر موسى على وجهه ليس معه روح فارسل الله برحمته الروح فتغشاه وقلب الحجر الذي عليه موسى وجعله كهيئة القبة لئلا يحترق موسى ثم اقامه كما تقيم الام جنينها إذا وضعته فقام موسى يسبح الله تعالى ويقول آمنت بك رب وصدقت انه لا يراك أحد فى الدنيا فيحيى من نظر الى ملائكتك انخلع قلبه فما أعظمك وأعظم ملائكتك أنت رب الأرباب وملك الملوك لا يعدلك شىء ولا يقوم لك شىء تبت إليك الحمد لك لا شريك لك قال فى التيسير قد روى فى هذا أحاديث فيها ذكر نزول الملائكة والتعنيف على موسى بما سأل ولكن ليس ورودها على وجه يصح ولا يجوز قبولها لانها لا تليق بحال الأنبياء انتهى قال بعض المحققين من ارباب المكاشفة ان موسى عليه السلام طلب رؤية ذاته تعالى مع هوية نفسه حيث قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ مشيرا الى هويته بصيغة المتكلم فرد الله تعالى بقوله لَنْ تَرانِي اى مع بقاء هويتك التي تخاطب بها وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ اى بذاتك وهويتك فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ ولم يكن فانيا فَسَوْفَ تَرانِي بهويتك فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ اى القى عليه من نوره فاصطرب بدنه من رهبته جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً وفنى عن هويته فرأى الحق بعين الحق فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ الان من مسألة الرؤية مع بقاء الهوية وقال فى التأويلات النجمية وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ يعنى ولما حصل على بساط القرب تتابع عليه كاسات الشراب من صفو الصفات ودارت أقداح المكالمات واثر فيه لذاذات الكلمات فطرب واضطرب إذ سكر من شراب الواردات وتساكر من سماع الملاطفات فى المخاطبات فطال لسان انبساطه عند التمكن على بساطه وعند استيلاء سلطان الشوق وغلبات دواعى المحبة فى الذوق قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قيل هيهات أنت فى بعد الاثنينية منكوب وبحجب جبل الانانية محجوب وانك إذا نظرت بك الى لَنْ تَرانِي لانه لا يرانى الا من كنت له يصر افبى يبصر وَلكِنِ انْظُرْ الى الجبل جبل الانانية

فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ عند التجلي فَسَوْفَ تَرانِي ببصر انانيتك فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جبل انانيته جَعَلَهُ دَكًّا فانيا كان لم يكن وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً بلا انانية وكان ما كان بعد ان بان ما بان فأشرقت الأرض بنور ربها وجاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا قد كان ما كان سرا لا ابوح به ... فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر ولو لم يكن جبل انانية النفس بين موسى الروح وتجلى الرب لطاش فى الحال وما عاش ولولا القلب كان خليفته عند الفناء بالتجلى لما امكنه الافاقة والرجوع الى الوجود فافهم جدا ولو لم يكن تعلق الروح بالجسد لما استسعد بالتجلى ولا بالتحلي تفهم ان شاء تعالى فَلَمَّا أَفاقَ من غشية الانانية بسطوة تجلى الربوبية قالَ موسى بلا هويته سُبْحانَكَ تنزيها لك من خلقك واتصال الخلق بك تُبْتُ من انانيتى إِلَيْكَ الى هويتك بك وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بانك لا ترى بالانانية ولا ترى الا بنور هويتك بك انتهى وقال القشيري وَلَمَّا جاءَ مُوسى مجيىء المشتاقين ومجيىء المغلوبين جاء موسى بلا موسى ولم يبق من موسى لموسى وآلاف آلاف رجال قطعوا مسافات وتحملوا مخافات فلم يذكرهم أحد وهذا موسى خطى خطوات والى يوم القيامة يقرأ الصبيان ولما جاء موسى لميقاتنا باسطه الحق بالكلام فلم يتمالك ان قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فان غلبات الوجد استنطقته بكمال الوصلة من الشهود وقالوا لا يؤاخذ المغلوب بما يقول وقالوا انه لا يشكر ثم ينكر قال وأشد الخلق شوقا الى الحبيب أقربهم من الحبيب هذا موسى وقف فى محل المناجاة وحفت به الكرامات وكلمه بلا واسطة ولا جهات قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ كأنه غائب هو شاهد لكن ما ازداد القوم شربا الا ازدادوا عطشا ولا ازدادوا قربا الا ازدادوا شوقا وقال سأل موسى الرؤية بالكلام فاجيب لَنْ تَرانِي بالكلام واسر المصطفى فى قلبه ما كان يرجوه من تحويل القبلة من ربه فقيل له قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها وقال انه سأل الله الرؤية فقال لَنْ تَرانِي وقال للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً فصار جوابه لن من الحق ومن الخلق ليبقى موسى بلا موسى ويصفو موسى عن كل نصيب لموسى بموسى وانشد فى معناه فقيل ابني أبينا نحن اهل منازل ... ابدا غراب البين فينا يزعق والبلاء الذي ورد عليه بقوله تعالى فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا أشد من قوله لَنْ تَرانِي لانه صريح فى الرؤية وفى اليأس راحة وقوله فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي هذا اطماع فيما يمنعه فلما اشتد توقعه جعل الجبل دكا وكان قادرا على إمساك الجبل لكنه قهر الأحباب وبه سبق الكتاب وفى قوله انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ بلاء شديد لموسى لانه منع عن رؤية مقصوده وامر برؤية غيره ولوامر بان يغمض عينيه لا ينظر الى شىء بعده لكان الأمر أسهل عليه ولكنه قيل له لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ثم أشد من ذلك ان الجبل اعطى التجلي ثم امر موسى عليه السلام بالنظر الى الجبل الذي قدم عليه فى هذا السؤال وهذا صعب شديد ولكن موسى رضى به وانقاد لحكمه وفى معناه انشدوا أريد وصاله ويريد هجرى ... فاترك ما أريد لما يريد

[سورة الأعراف (7) : آية 144]

وقيل بل هو لطف به حيث لم يصرح برده بل علله عونا له على صبره وقيل قددنا اصبر قليلا قليلا ولما منع النظر رجع الى رأس الأمر فقال تبت إليك ان لم تكن الرؤية التي هى غاية الرتبة من رأس الأمر وهو التوبة ثم هذا اناخة لعقوق العبودية وشرطها ان لا تبرح عن محل الخدمة ان حال بينك وبينى وجود القربة لان القربة حظ نفسك والخدمة حق ربك ولأن تكون بحق ربك أتم من ان تكون بحظ نفسك كذا فى تفسير التيسير نقلا عن القشيري ذكر بعضهم ان رؤية الله تعالى ممكنة فى الدنيا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى الرؤية فى الآخرة موعودة واما فى الدنيا وان كانت فى حيز الإمكان لكنها غير موعودة ولم تجر عادة الله عليها انتهى وقد ذكرنا موانع الرؤية فى سورة البقرة وانواع الرؤية فى سورة الانعام وفى الواقعات المحمودية سأل بعض الكبار من العلماء وقال الذي لا زمان له ولا مكان فى أي مكان والأدب فى السؤال ان يقال المنزه ذاته عن الزمان والمكان بأى وجه يطلب وبأى طريق يوجد ويوصل اليه وكذا الأدب فى الجواب ان يقال من أراد رؤية جماله فلينظر فى قلوب أوليائه فان قلوبهم مظاهر ومرايا لجماله واعلم ان المعتزلة أنكروا رؤية الله تعالى حتى قال صاحب الكشاف تشنيعا وتقبيحا وتضليلا لاهل السنة والجماعة ثم تعجب من المتسمين بالإسلام المتسمين باهل السنة والجماعة كيف اتخذوا هذه العظيمة مذهبا ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة فانه من مصوبات اشياخهم والقول ما قال بعض العدلية فيهم لجماعة سموا هواهم سنة ... لكنهم حمر لعمرى مؤكفه قد شبهوه بخلقه وتخوفوا ... شنع الورى فتستروا بالبلكفه وقال بعضهم جوابا عنهم عجبا لقوم ظالمين تلقبوا ... بالعدل ما فيهم لعمرى معرفه قد جاءهم من حيث لا يدرونه ... تعطيل ذات الله مع نفى الصفة قال المولى ابراهيم الاروسقى رضينا كتاب الله للفصل بيننا ... وقول رسول الله أوضح فاصل وتحريف آيات الكتاب ضلالة ... وليس بعدل رد نص الدلائل وتضليل اصحاب الرسول وذمهم ... وتصويب آراء النظام وواصل ولو كان تكذيب الرسول عدالة ... فاعدل خلق الله عاص بن وائل فلولاك جار الله من فرقة الهوى ... لكنت جديرا باجتماع الفضائل قالَ الله تعالى لموسى حين قال تبت إليك وانا أول المؤمنين يا مُوسى ان منعتك الرؤية لصلاح حالك وبقاء ذاتك فلا تكن مغموما محزونا لذلك إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ اى اخترتك واتخذتك صفوة وآثرتك عَلَى النَّاسِ اى الموجودين فى زمانك وهارون وان كان نبيا واكبر منه سنا كان مأمورا باتباعه وما كان كليما ولا صاحب شرع او على الناس جميعا لان الرسالة مع الكلام ولم يحصل هذا المجموع لغيره وانما قال على الناس ولم يقل على الخلق لان الملائكة قد سمعوا كلامه تعالى من غير واسطة كما سمعه موسى عليه السلام بِرِسالاتِي جمع الرسالة وهى فى الأصل مصدر بمعنى الإرسال والمراد به هنا الشيء المرسل به الى الغير

[سورة الأعراف (7) : آية 145]

وهو اسفار التوراة جمع سفر بمعنى الكتاب يقال سفره إذا كتبه والواح التوراة اسفار من حيث انها كتب فيها التوراة وَبِكَلامِي اى وبتكلمى إياك بلا واسطة وقيل المضاف محذوف اى وسماع كلامى وهذا يرد قول من يقول ان السبعين الذين اختارهم موسى سمعوا كلام الله تعالى لان فى الآية بيان الاصطفاء وهو تنصيص على التخصيص واعلم ان كل نبى قد اصطفاه الله على الخلق بنوع او نوعين او انواع من الكمال عند خلقته وركب فى ذرة طينته استعداده لظهور ذلك النوع من الكمال حين خمر طينة آدم بيده فاصطفى موسى بالرسالة والمكالمة دون نوح وكمال الرؤية مخصوص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته حتى استدعى موسى لنيل مقام رؤية ربه فقال اللهم اجعلنى من أصحابه- روى- انه لما كلم الله تعالى موسى عليه السلام يوم الطور كان على موسى جبة من صوف مخللة بالعيدان محزوم وسطه بشريط ليف وهو قائم على الجبل وقد أسند ظهره الى صخرة من الجبل فقال الله يا موسى انى قد اقمتك مقاما لم يقمه أحد قبلك ولا يقومه أحد بعدك وقربتك نجيا فقال موسى عليه السلام يا رب فلم أقمتني هذا المقام قال لتواضعك يا موسى فلما سمع موسى لذاذة الكلام من ربه نادى الهى أقريب فاناجيك أم بعيد فاناديك قال يا موسى انا جليس من ذكرنى وكان موسى عليه السلام بعد ما كلمه الله تعالى لا يستطيع أحد ان ينظر اليه لما غشى وجهه من النور ولم يزل على وجهه برقع حتى مات- ويروى- ان امرأته قالت له انا ايم منك اى كأنى بلا زوج منذ كلمك ربك فكشف لها عن وجهه فاخذها مثل شعاع الشمس فوضعت يدها على وجهها ساعة وقالت ادع الله ان يجعلنى زوجتك فى الجنة قال ذاك ان لم تتزوجى بعدي فان المرأة لآخر أزواجها. وقيل ان الرجل إذا تبكر بالمرأة تزوجها فى الجنة. وقيل انها تكون لا حسن أزواجها خلقا ومن خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم تحريم أزواجه اللاتي توفى عنهن على غيره ابدا فَخُذْ ما آتَيْتُكَ اى أعطيتك من شرف النبوة والحكمة وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ على النعمة وفى التأويلات النجمية فَخُذْ ما آتَيْتُكَ يعنى ما ركبت فيك استعداده واصطفيتك به من الرسالة والمكالمة وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ فان الشكر يبلغك الى ما سألت من الرؤية لان الشكر يستدعى الزيادة لقوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ والزيادة هى الرؤية لقوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وقال عليه السلام (الزيادة هى الرؤية والحسنى هى الجنة) وَكَتَبْنا [ونوشتيم ما يعنى قلم أعلى را فرموديم كه كتابت كرد يا جبريل را كفتيم كه بقلم ذكر امداد نهر النور نوشت] لَهُ [براى موسى] فِي الْأَلْواحِ اى فى تسعة الواح من الزمرد الأخضر وهو الأصح وفيها التوراة كنقش الخاتم طول كل لوح عشرة اذرع وفى القاموس اللوح كل صفيحة عريضة خشبا او عظما جمعه الواح- روى- ان سؤال الرؤية كان يوم عرفة وإعطاء التوراة يوم النحر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مما يحتاجون اليه من امور دينهم مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ بدل من الجار والمجرور لانه فى محل النصب على انه مفعول كتبنا ومن مزيدة لا تبعيضية اى كتبنا له كل شىء من المواعظ وتفصيل الاحكام قال مقاتل كتب فى الألواح انى انا الله الرحمن الرحيم لا تشركوا بي شيأ ولا تقطعوا السبيل ولا تزنوا ولا تعقوا الوالدين فَخُذْها على إضمار القول عطفا على كتبنا اى فقلنا خذها اى الألواح

[سورة الأعراف (7) : الآيات 146 إلى 150]

بِقُوَّةٍ بجد وعزيمة وَأْمُرْ قَوْمَكَ اى على طريق الندب والحث على اختيار الأفضل يَأْخُذُوا اى ليأخذوا بِأَحْسَنِها الباء زائدة فى المفعول به. الأحسن العزائم والحسن الرخص يعنى ليعلموا ان ما هو عزيمة يكون ثوابه اكثر كالجمع بين الفرائض والنوافل والصبر بالاضافة الى الانتصار وغير ذلك قال قطرب اى بحسنها وكلها حسن كقوله تعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ سَأُرِيكُمْ يا بنى إسرائيل دارَ الْفاسِقِينَ دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها ومنازل عاد وثمود واضرابهم لتعتبروا فلا تفسقوا بمخالفة ما أمرتم به من العمل باحكام التوراة او ارض مصر وارض الجبابرة والعمالقة بالشام. ومعنى الاراءة الإدخال بطريق الايراث فعلى الاول يكون وعيدا وترهيبا وعلى الثاني وعدا وترغيبا وفى الآية اشارة الى ان طلب الآخرة كان احسن من طلب الدنيا كذلك طلب الله احسن من طلب الآخرة فعلى العاشق ان يختار الأحسن وقوله سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ يعنى الخارجين من طلب الآخرة فدارهم الجنة ودار الخارجين من طلب الآخرة الى طلب الله فى مقعد صدق عند مليك مقتدر: قال الحافظ سايه طوبى ودلجويىء حور ولب حوض ... بهواي سر كوى تو برفت از يادم نيست بر لوح دلم جز الف قامت دوست ... چهـ كنم حرف دكر ياد نداد استادم سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ المراد بالآيات ما كتب فى الواح التوراة من المواعظ والاحكام وغيرها من الآيات التكوينية التي من جملتها ما وعد إراءته من دار الفاسقين ومعنى صرفهم عنها الطبع على قلوبهم بحيث لا يكادون يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها لاصرارهم على ما هم عليه من التكبر والتجبر. والمعنى ساطبع على قلوب الذين يعدون أنفسهم كبراء ويرون لهم على الخلق مزية وفضلا فلا ينتفعون بآياتى التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الأنفس والآفاق ولا يغتنمون بمغانم آثارها فلا تسلكوا يا بنى إسرائيل مسلكهم فتكونوا أمثالهم بِغَيْرِ الْحَقِّ صلة للتكبر اى يتكبرون بما ليس بحق وهو دينهم الباطل وظلمهم المفرط قال ابن الشيخ لما كان التكبر مؤديا الى الحرمان من الانتفاع بالآيات المذكورة وتضييعها كان المقصود من الآية تحذير بنى إسرائيل عن التكبر المفضى الى ان يصرفهم الله عن التفكر فى الآيات والاهتداء بها حتى يأخذوا احكام التوراة بجد ورغبة انتهى فالآية متصلة بقصة بنى إسرائيل ويحتمل ان تكون كلاما معترضا خلال قصتهم اخبر به رسول الله انه حرم المتكبرين من أمته فهم معانى القرآن والتدبر فيها كما قيل ابى الله تعالى ان يكرم قلوب الظالمين بتمكينهم من فهم حكمة القرآن والاطلاع على عجائبه حيفست چنين كنج در ان ويرانه وَإِنْ يَرَوْا يشاهدوا كُلَّ آيَةٍ من الآيات كانت معجزة لا يُؤْمِنُوا بِها اى كفروا بكل واحدة منها لعدم اجتلائهم إياها كما هى وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا اى لا يتوجهون الى الحق ولا يسلكون سبيله أصلا لاستيلاء الشيطنة عليهم ومطبوعيتهم على الانحراف والزيغ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا اى يختارونه لانفسهم مسلكا مستمرا لا يكادون يعدلون عنه لموافقته لاهوائهم الباطلة وافضائه بهم الى

[سورة الأعراف (7) : آية 147]

شهواتهم ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من تكبرهم وعدم ايمانهم بشىء من الآيات واعراضهم عن سبيل الرشد وإقبالهم التام على سبيل الغى بِأَنَّهُمْ اى حاصل بسبب انهم كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على بطلان ما اتصفوا به من القبائح وعلى حقية أضدادها وهى الآيات المنزلة والمعجزة وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ لا يتفكرون فيها والا لما فعلوا ما فعلوا من الأباطيل فالمراد بالغفلة عنها عدم التفكر والتدبر فيها عبر عن عدم تدبر الآيات بالغفلة عنها تشبيها للمعرض عن الشيء بمن غفل عنه وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ من اضافة المصدر الى مفعوله والفاعل محذوف اى ولقائهم الدار الآخرة حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ اى ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الأرحام واغاثة الملهوفين ونحو ذلك فلا ينتفعون بها هَلْ يُجْزَوْنَ استفهام بمعنى النفي والإنكار يعنى لا يجزون إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى الاجزاء ما كانوا يعملون من الكفر والمعاصي قال فى التأويلات النجمية يعنى لما حبطت اعمالنا عندهم من بعثة الأنبياء وإنزال الكتب واظهار المعجزات لتكبرهم عنها جازيناهم بان حبطت أعمالهم عندنا لكبريائنا وغنانا عن اهل الشرك وشركهم نظيره قوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها وفى الآية ذم التكبر وانه من أعظم أوصاف البشر حجبا لانه يزيد فى الانانية وما لعن إبليس وطرد الا للتكبر وصف بعض البلغاء متكبرا فقال كأن كسرى حامل غاشيته وقارون وكيل نفقته وبلقيس احدى داياته وكأن يوسف لم ينظر الا بمقلته ولقمان لم ينطق الا بحكمته كأن الخضراء له عرشت والغبراء باسمه فرشت: وفى المثنوى اين تكبر زهر قاتل دانكه هست ... از مى پر زهر شد آن گيج مست چون مى پر زهر نوشد مدبرى ... از طرب يكدم بجنباند سرى بعد يكدم زهر بر جانش زند ... زهر بر جانش كند داد وستد كر ندارى زهريش را اعتقاد ... كرچهـ زهر آمد نكر در قوم عاد چونكه شاهى دست يابد بر شهى ... بكشدش يا باز دارد در چهى ور بيابد خسته افتاده را ... مرهمش سازد شه وبدهد عطا كه نه زهر است اين تكبر پس چرا ... كشت شه را بي كناه وبي خطا وين دكر را پى ز خدمت چون نواخت ... زين دو جنبش زهر را شايد شناخت نردبان خلق اين ما ومنيست ... عاقبت زين نردبان افتاد نيست هر كه بالاتر رود ابله ترست ... كاستخون او بتر خواهد شكست اين فروعست واصولش آن بود ... كه ترفع شركت يزدان بود چون نمردى ونكشتى زنده زو ... باغىء باشى بشركت ملك جو چون بدو زنده شدى آن خود ويست ... وحدت محض است آن شركت كى است فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الكبر ويأخذ التواضع فى طريق الحق ويخلص العمل لله تعالى فان من أخلص فى العمل وان لم ينو ظهرت آثار بركته عليه وعلى عقبه الى يوم القيامة كما قيل انه لما اهبط آدم عليه السلام الى الأرض جاءت وحوش الفلاة تسلم عليه وتزوره فيدعو لكل جنس بما يليق به فجاءت طائفة من الظباء فدعا لهن ومسح على ظهورهن فظهر فيهن نوافج

[سورة الأعراف (7) : آية 148]

المسك فلما رأى بواقيها ذلك قلن من اين هذا لكن فقلن زرنا صفى الله آدم فدعالنا ومسح على ظهورنا فمضى البواقي اليه فدعا لهن ومسح على ظهورهن فلم يظهر لهن من ذلك شىء فقالوا قد فعلنا كما فعلتم فلم نرشيأ مما حصل لكن فقالوا أنتم كان عملكم لتنالوا كما نال إخوانكم وأولئك كان عملهم لله من غير شوب فظهر ذلك فى نسلهم وعقبهم الى يوم القيامة فظهر ان الخلق لا يجزون الا ما كانوا يعملون والجزاء لا بد وان يكون من جنس العمل نسأل الله تعالى دفع الكسل ورفع الزلل وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد ذهابه الى الطور ومن للابتداء الغاية مِنْ للتبعيض حُلِيِّهِمْ جمع حلى كثدى وثدى وهو ما تزين به من الذهب والفضة واضافة الحلي إليهم مع انها كانت للقبط لادنى الملابسة حيث كانوا استعاروها من أربابها حين هموا بالخروج من مصر عِجْلًا مفعول أول لقوله اتخذ لانه متعدالى اثنين بمعنى التصيير والمفعول ثانى محذوف اى صيروه آلها والعجل ولد البقر وابو العجل الثور والجمع العجاجيل والأنثى عجلة سمى عجلا لاستعجال بنى إسرائيل عبادته وكانت مدة عبادتهم له أربعين يوما فعوقبوا فى التيه أربعين سنة فجعل الله تعالى كل سنة فى مقابلة يوم جَسَداً بدل من عجلا اى جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لا روح معه فان الجسد اسم لجسم له لحم ودم ويطلق على جثة لا روح لها لَهُ خُوارٌ اى صوت البقر وذلك ان موسى كان وعد قومه بالانطلاق الى الجبل ثلاثين يوما فلما تأخر رجوعه قال لهم السامري رجل من قرية يقال لها سامرة وكان رجلا مطاعا من قوم موسى انكم أخذتم الحلي من آل فرعون فعاقبكم الله بتلك الجناية ومنع موسى عنكم فاجمعوا الحلي حتى أحرقها لعل الله يرد علينا موسى او سألوه آلها يعبدونه وقد كان لهم ميل الى عبادة البقر منذ مروا على العمالقة التي كانوا يعبدون تماثيل البقر وذلك بعد عبور النهر وقد مرت قصته فجعل السامر الحلي بعد جمعها فى النار وصاغ لهم من ذلك عجلا لانه كان صاغا والقى فى فمه ترابا من اثر فرس جبريل عليه السلام وكان ذلك الفرس فرس الحياة ما وضع حافره فى موضع الا اخضر وكان قد أخذ ذلك التراب عند فلق البحر او عند توجهه الى الطور فانقلب ذلك الجسد لحما ودما وظهر فيه خوار وحركة ومشى فقال السامري هذا آلهكم واله موسى فعبدوه الا اثنى عشر الفا من ستمائة الف وقيل انه جعل ذلك العجل مجوفا وجعل فى جوفه أنابيب على شكل مخصوص وكان وضع ذلك التمثال على مهب الريح فكانت الريح تدخل فى تلك الأنابيب فظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل فاهوم بنى إسرائيل انه حى يخور فزفنوا حوله اى رقصوا نقل القرطبي عن الطرشوشى انه سئل عن قوم يجتمعون فى مكان يقرأون شيأ من القرآن ثم ينشد لهم منشد شيأ من الشعر يرقصون ويطربون ويضربون بالدف والشنانير هل الحضور معهم حلال أو لا قال مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة وما الإسلام الا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واما الرقص والتواجد فاول من أحدثه اصحاب السامري فلما اتخذوا عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله ويتواجدون فهو دين الكفار وعباد العجل وانما كان يجلس النبي عليه السلام مع أصحابه كأنما على رؤسهم الطير من الوقار فينبغى للسلطان ونوابه ان يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها ولا يحل لاحد

يؤمن بالله واليوم الآخر ان يحضر معهم ولا يعينهم على باطلهم هذا مذهب مالك والشافعي وابى حنيفة واحمد وغيرهم من ائمة المسلمين كذا فى حياة الحيوان قال فى نصاب الاحتساب هل يجوز له الرقص فى السماع الجواب لا يجوز ذكر فى الذخيرة انه كبيرة ومن اباحه من المشايخ فذلك للذى صارت حركاته كحركات المرتعش وهل يجوز السماع الجواب ان كان السماع سماع القرآن او الموعظة يجوز وان كان السماع الغناء فهو حرام لان التغني واستماع الغناء حرام ومن اباحه من مشايخ الصوفية فلمن تخلى عن الهوى وتحلى بالتقوى واحتاج الى ذلك احتياج المريض الى الدواء وله شرائط. احداها ان لا يكون فيهم امرد. والثانية ان لا يكون جمعيتهم الا من جنسهم ليس فيهم فاسق ولا اهل دنيا ولا امرأة. والثالثة ان يكون نية القوال الإخلاص لا أخذ الاجرة والطعام. والرابعة ان لا يجتمعوا لاجل طعام او نظر الى فتوح والخامسة لا يقومون الا مغلوبين. والسادسة لا يظهرون الوجد الا صادقين قال الشيخ عمر ابن الفارض فى القصيدة الموسومة بنظم الدر إذ هام شوقا بالمناغى وهمّ ان ... يطير الى أوطانه الاولية يسكن بالتحريك وهو بمهده ... إذا ناله أيدي المربى بهزة قال الامام القاشاني فى شرحه إذا هام الولي واضطرب شوقا الى مركزه الأصلي ووطنه الاولى بسبب مناغاة المناغى وهم طائر روحه الى ان يطير الى عشه ووكره الاولى تهزه أيدي من يربيه فى المهد فيسكن بسبب التحريك من قلقه وهمه بالطيران والمقصود من إيراد هذا المعنى ان يشير الى فائدة الرقص والحركة فى السماع وذلك ان روح السامع يهم عند السماع ان يرجع الى وطنه المألوف ويفارق النفس والقالب فتحركه يدالحال وتسكنه عما يهم به بسبب التحريك الى حلول الاجل المعلوم وذلك تقدير العزيز العليم انتهى: قال السعدي قدس سره مكن عيب درويش مدهوش ومست ... كه غرقست از آن مى زند پاودست نكويم سماع اى برادر كه چيست ... مكر مستمع را بدانم كه كيست كر از برج معنى پرد طير او ... فرشته فرو ماند از سير او اگر مرد بازي ولهوست ولاغ ... قوى تر شود ديوش اندر دماغ چهـ مرد سماعست شهوت پرست ... بآواز خوش خفته خيزد نه مست قال السروري [چون سماع آواز خوش سبب حركت شد حركت را سماع كفتند] بطريق تسمية المسبب باسم السبب [و چون كسى آوازى خوش شنود درو حالتى پيدا شود اين حالت را وجد كويند] : وفى المثنوى پس غداى عاشقان آمد سماع ... كه در او باشد خيال واجتماع قوتى كيرد خيالات ضمير ... بلكه صورت كردد از بانك صفير واعلم ان الرقص والسماع حال المتلون لا حال المتمكن ولذا تاب سيد الطائفة الجنيد البغدادي قدس سره عن السماع فى زمانه فمن الناس من هو متواجد ومنهم من هو اهل وجد ومنهم من هو اهل وجود. فالاول المبتدى الذي له انجذاب ضعيف. والثاني المتوسط الذي له انجذاب قوى. والثالث

المنتهى الذي له انجذاب قوى وهو مستغن عن الدوران الصوري بالدوران المعنوي بخلاف الأولين ولا بد من العشق فى القلب والصدق فى الحركة حتى يصح الدوران والعلماء وان اختلفوا فى ذلك فمن مثبت ومن ناف لكن الناس متفاوتون والجواز للاهل المستجمع لشرائطه لا لغيره قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره ليس فى طريقتنا رقص ولا فى طريق الشيخ الحاج بيرام ولى ايضا لان الرقص والأصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثير أمن التوحيد ونبينا عليه الصلاة والسلام لم يلقن الا التوحيد- ذكر- ان عليا قال يوما لا أجد لذة العبادة يا رسول الله فلقنه التوحيد ووصاه ان لا يكلم أحدا بما ظهر له من آثار التوحيد فلما امتلأ باطنه من أنوار التوحيد واضطر الى التكلم جاء الى بئر فتكلم فيها فنبت منها قصب فأخذه راع وعمل منه المزمار وكان ذلك مبدأ لعلم الموسيقى وقال وقد يقال ان رجلا يقال له عبد المؤمن سمع صوت الافلاك فى دورها فأخذ منه العلم الموسيقى ولذلك كان أصله اثنى عشر على عدد البروج ولكن صداها على طرز واحد فالانسان لقابليته الحق به زيادات كذا فى الواقعات المحمودية فقد عرفت من هذا البيان انه ليس فى الطريقة الجلوتية بالجيم دور ورقص بل توحيد وذكر قياما وقعودا بشرائط وآداب وانما يفعله الخلوتية بالخاء المعجمة ما يتوارثون من أكابر اهل الله تعالى لكن انما يقبل منهم ويمدح إذا قارن شرائطه وآدابه كما سبق والا يرد ويذم وقد وجدنا فى زماننا اكثر المجالس الدورية على خلاف موضوعها فالعاقل يختار الطريق الأسلم ويجتنب عن القيل والقال وينظر الى قولهم لكل زمان رجال ولكل رجال مقام وحال قال الشيخ ابو العباس من كان من فقراء هذا الزمان آكلا لاموال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال الله تعالى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ وقال الحاتمي السماع فى هذا الزمان لا يقول به مسلم ولا يفتدى بشيخ يعمل السماع وقد عرفت وشاهدت فى هذا الزمان ان المجالس الدورية يحضرها المرادان الملاح والنساء وحضورهم آفة عظيمة فانهم والاختلاط بهم والصحبة معهم كالسم القاتل ولا شىء اسرع إهلاكا للمرء فى دينه من صحبتهم فانهم حبائل الشيطان ونعوذ بالله من المكر بعد الكرم ومن الحور بعد الكور انه هو الهادي الى طريق وصاله وكاشف القناء عن ذاته وجماله والمواصل الى كماله بعد جماله وجلاله وهو الصاحب والرفيق فى كل طريق أَلَمْ يَرَوْا [آيا نديدند ونداستند أَنَّهُ اى العجل لا يُكَلِّمُهُمْ اى ليس فيه شىء من احكام الالوهية حيث لا يقدر على كلام ولا امر ولا نهى وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اى ولا يرشدهم طريقا الى خير ليأتوه ولا الى شر لينتهوا عنه اتَّخَذُوهُ آلها ولو كان آلها لكلمهم وهداهم لان الإله لا يهمل عباده قوله اتخذوه تكرير للذم اى اتخذوه آلها وحسبوا انه خالق الأجسام والقوى والقدر وَكانُوا ظالِمِينَ اى واضعين الأشياء فى غير موضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعا منهم وفى التفسير الفارسي [در لطائف قشيرى مذكورست كه چهـ دورست ميان أمتي كه مصنوع خود را پرستند وأمتي كه عبادت صانع خود كنند] آنرا كه تو ساختى نسازد كارت ... سازنده توست در دو عالم يا رب

[سورة الأعراف (7) : الآيات 149 إلى 150]

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ كناية عن شدة ندمهم فان الذي يشتد ندمه وتحسره يعض يده مسقوطا فيها كأنّ فاه وقع فيها. والمعنى ندموا على ما فعلوا من عبادة العجل غاية الندم وسقط مسند الى فى أيديهم وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا باتخاذ العجل آلها اى تبينوا بحيث تيقنوا بذلك حتى كأنهم رأوه بأعينهم قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا بانزال التوراة المكفرة وَيَغْفِرْ لَنا بالتجاوز عن الخطيئة لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [از زيانكاران وهلاك شدكان] وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول وان كان بعد ما رجع موسى عليه السلام إليهم كما ينطق به الآيات الواردة فى سورة طه لكن أريد بتقديمه عليه حكاية ما صدر عنهم من القول والفعل فى موضع واحد وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى من جبل الطور إِلى قَوْمِهِ حال كونه غَضْبانَ أَسِفاً اى شديد الغضب يقال آسفنى فاسفت اى أغضبني فغضبت ومنه قوله تعالى فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ وهو يدل على انه عليه السلام كان عالما باتخاذهم العجل آلها قبل مجيئه إليهم بسبب انه تعالى أخبره فى حال المكالمة بما كان من قومه من عبادة العجل قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي اى ساء ما عملتم خلفى ايها العبدة بعد غيبتى وانطلاقى الى الجبل لانه يقال خلفه بما يكره إذا عمل خلفه ذلك. وما نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس المستكن فيه والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس خلافة خلفتمونيها من بعد خلافتكم أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ الهمزة للانكار اى أتركتموه غير تام كأنه ضمن عجل معنى سبق وإلا فعجل يتعدى بعن يقال عجل عن الأمر إذا تركه غير تام ونفيضه تم عليه. والمعنى أعجلتم عن امر ربكم وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصاكم به الى ان يجيىء. فالامر واحد الأوامر او انه بمعنى المأمور به. والعجلة العمل بالشيء قبل وقته ولذلك صارت مذمومة بخلاف السرعة فانها غير مذمومة لكونها عبارة عن العمل بالشيء فى أول وقته وفى التأويلات النجمية استعجلتم يا صفات الروح بالرجوع الى الدنيا وزينتها والتعلق بها قبل أوانه من غير ان يأمر به ربكم وفيه اشارة الى ان ارباب الطلب واصحاب السلوك لا ينبغى ان يلتفتوا الى شىء من الدنيا ولا يتعلقوا بها فى أثناء الطلب والسلوك لئلا ينقطعوا عن الحق اللهم الا إذا قطعوا مفاوز النفس والهوى ووصلوا الى كعبة وصال المولى فلهم ان يرجعوا الى الدنيا لدعوة الخلق الى المولى وتسليكهم فى طريق الدنيا والعقبى وَأَلْقَى الْأَلْواحَ التي كانت فيها التوراة من يده وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ اى بشعر رأس هارون حال كونه اى موسى يَجُرُّهُ إِلَيْهِ [بطرف خود كشيد او را بطريق معاتبه نه از روى اهانت] توهما انه قصر فى كفهم وهارون كان اكبر منه بثلاث سنين وكان حمولا لينا ولذلك كان أحب الى بنى إسرائيل قالَ اى هارون مخاطبا لموسى ابْنَ أُمَّ بحذف حرف النداء وأصله يا ابن اما حذفت الالف المبدلة من الياء اكتفاء بالفتحة زيادة فى التخفيف لطوله باشتماله على اضافة بعد اضافة وكان هارون أخاه لاب وأم ولكنه ذكر الام ليرفقه عليه اى يحمله على الرفق والشفقة وعلى هذا طريق العرب إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ازاحة لتوهم التقصير فى حقه. والمعنى بذلت وسعى فى كفهم حتى قهرونى واستضعفوني

[سورة الأعراف (7) : الآيات 151 إلى 155]

وقاربوا قتلى فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ اى فلا تفعل بي ما يكون سببا لشماتتهم بي وبالفارسي [پس شادمان مكردان بمن دشمنانرا و چنان مكن كه آرزوى ايشان حاصل شود از اهانت من] يقال شمت به شمت شماتة من باب علم يعلم إذا فرح ببلية أصابت عدوه ثم ينقل الى باب الافعال للتعدية فالشماتة [شادى كردن بمكروهى كه دشمن را رسد] ويعدى بالباء. والاشمات [شاد كام كردن دشمن] كما فى تاج المصادر وشماتة العدو أشد من كل بلية فلذلك قيل والموت دون شماتة الأعداء وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى معدودا فى عدادهم بالمؤاخذة او النسبة الى التقصير والاشارة ان هارون القلب أخ موسى الروح والأعداء النفس والشيطان والهوى والقوم الظالمون هم الذين عبدوا عجل الدنيا وهم صفات القلب يشير الى ان صفات القلب تتغير وتتلون بلون صفات النفس ورعوناتها ومن هنا يكون شنشنة الشطار من ارباب الطريقة ورعوناتهم وزلات أقدامهم ولكن القلب من حيث هو هو لا يتغير عما جبل عليه من محبة الله وطلبه وانما تتغير صفاته كما ان النفس لا تتغير من حيث هى هى عما جبلت عليه من حب الدنيا وطلبها وانما تتغير صفاتها من الامارية الى اللوامية والملهمية والمطمئنية والرجوع الى الحق ولو وكلت الى نفسها طرفة عين لعادت المشومة الى طبعها وجبلتها سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا قالَ موسى وهو استئناف بيانى رَبِّ اغْفِرْ لِي اى ما فعلت بأخي من غير ذنب مقرر من قبله وَلِأَخِي اى ان فرط فى كفهم استغفر عليه السلام لنفسه ليرضى أخاه ويظهر للشامتين رضاه لئلا تتهم به ولاخيه للايذان بانه محتاج الى الاستغفار حيث كان عليه ان يقاتلهم وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ بمزيد الانعام علينا بعد غفران ما سلف منا قال الحدادي اى فى جنتك وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وأنت ارحم بنا منا على أنفسنا ومن آبائنا وأمهاتنا- حكى- انه اعتقل لسان فتى عن الشهادة حين اشرف على الموت فاخبروا النبي عليه السلام فدخل عليه وعرض الشهادة فاضطرب ولم يعمل لسانه فقال عليه السلام اما كان يصلى اما كان يزكى اما كان يصوم قالوا بلى قال فهل عق والديه قالوا نعم قال هاتوا بامه فجاءت وهى عجوز عوراء فقال عليه السلام هلا عفوت عنه فقالت لا أعفو لانه لطمنى ففقاء عينى قال هاتوا بالحطب والنار قالت ما تصنع قال أحرقه بالنار بين يديك جزاء لما عمل قالت عفوت عفوت أللنار حملته تسعة أشهر أللنار ارضعته سنتين فأين رحمة الام فعند ذلك انطلق لسانه بالكلمة والنكمة انها كانت رحيمة لارحمانة فللقليل من رحمتها ما جوزت إحراقه بالنار فالله الذي لا يتضرر بجناية العباد كيف يستجيز إحراق المؤمن المواظب على كلمة الشهادة سبعين سنة وهو ارحم الراحمين: قال الحافظ لطف خدا بيشتر از جرم ماست ... نكته سربسته چهـ دانى خموش وقال دلا طمع مبر از لطف بى نهايت دوست ... كه ميرسد همه را لطف بى نهايت او قال بعض اهل التفسير ان قابيل لما قتل أخاه هابيل اشتد ذلك على آدم فقال الله تعالى يا آدم

[سورة الأعراف (7) : الآيات 152 إلى 153]

جعلت الأرض فى أمرك مرها فلتفعل ما تهوى بمكان ابنك قابيل فقال آدم عليه السلام يا ارض خذيه فاخذت الأرض قابيل فقال قابيل يا ارض بحق الله ان تمهلينى حتى أقول قولى ففعلت فقال يا رب ان ابى قد عصاك فلم تخسف به الأرض فقال الله تعالى نعم ولكنه ترك امرا واحدا وأنت تركت امرى وامر أبيك وقتلت أخاك فقال آدم ثانيا يا ارض خذيه فقال قابيل بحرمة محمد عليه السلام ان تمهلينى حتى أقول قولى ففعلت فقال يا رب ان إبليس ترك أمرك وعاداك ولم تخسف به الأرض فما بالى تخسف بي الأرض فاجاب الله تعالى مثل الاولى فقال الهى أليس لك تسعة وتسعون اسما فقال الله تعالى بلى فقال أليس الرحمن الرحيم من جملة ذلك قال بلى قال ألست سميت نفسك رحمانا رحيما لكثرة الرحمة قال بلى قال يا رب ان أردت إهلاكي فاخرج هذين الاسمين من بين أسمائك ثم أهلكني لان أخذ العبد بجريمة واحدة لا يكون رحمة فامر الله الأرض حتى خلت سبيله ولم تهلكه فاعتبر إذا كانت رحمته بهذه المرتبة للكافر فما ظنك للمؤمن فينبغى للمقصر ان يرفع حاجته الى المولى ويستغفر من ذنبه الأخفى والاجلى كى يدخل فى الرحمة التي هى الفردوس الأعلى: قال الحافظ سياه نامه تراز خود كسى نمى بينم ... چكونه چون قلمم دود دل بسر نرود وفى قوله تعالى رَبِّ اغْفِرْ لِي الآية اشارة الى السير فى الصفات لان المغفرة والرحمة من الصفات فيشير الى ان لموسى الروح ولاخيه هارون القلب استعداد لقبول الجذبة الالهية التي تدخلهما فى عالم الصفات وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لان غيرك من الراحمين عاجز عن إدخال غيره فى صفاته وأنت قادر على ذلك لمن تشاء ويدل عليه قوله يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ اى آلها واستمروا على عبادته كالسامرى وأشياعه من الذين اشربوه فى قلوبهم سَيَنالُهُمْ اى فى الآخرة غَضَبٌ عظيم كائن مِنْ رَبِّهِمْ اى مالكهم لما ان جريمتهم أعظم الجرائم وأقبح الجرائر والمراد بالغضب هاهنا غايته وهى الانتقام والتعذيب لان حقيقة الغضب لا تتصور فى حقه تعالى وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا هى ذلة الاغتراب والمسكنة المنتظمة لهم ولاولادهم والذلة التي اختص بها السامري من الانفراد بالناس والابتلاء بلا مساس كما روى ان موسى عليه السلام هم بقتل السامري فاوحى الله اليه لا تقتل السامري فانه سخى ولكن أخرجه من عندك فقال له موسى فاذهب من بيننا مطرودا فان لك فى الحياة اى فى عمرك ان تقول لمن أراد مخالطتك جاهلا بحالك لا مساس اى لا يمسنى أحد ولا أمس أحد او ان مسه أحدهما جميعا فى الوقت وروى ان ذلك موجود فى أولاده الى الآن وإيراد مانالهم فى حيز السين مع مضيه بطريق تغليب حال الأخلاف على حال الاسلاف وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ على الله ولا فرية أعظم من فريتهم هذا إلهكم واله موسى ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ أية سيئة كانت ثُمَّ تابُوا من تلك السيئات مِنْ بَعْدِها اى من بعد عملها وَآمَنُوا ايمانا صحيحا خالصا واشتغلوا بما هو من مقتضياته من الأعمال الصالحة ولم يصروا على ما فعلوا كالطائفة الاولى إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها اى من بعد تلك التوبة

[سورة الأعراف (7) : آية 154]

المقرونة بالايمان لَغَفُورٌ للذنوب وان عظمت وكثرت رَحِيمٌ مبالغ فى افاضة فنون الرحمة الدنيوية والاخروية والاشارة إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ عجل الهوى آلها يدل عليه قوله أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يعنى عبادة الهوى موجبة لغضب الله تعالى دل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام (ما عبد فى الأرض اله ابغض على الله من الهوى) وان عابد الهوى يكون ذليل شهوات النفس وأسير صفاتها الذميمة من الحيوانية والسبعية والشيطانية مادام يميل الى الحياة الدنيوية وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ يعنى وكذلك نجازى بالغضب والطرد والابعاد والذلة عباد الهوى المدعين الذين يفترون على الله انه أعطانا قوة لا تضربنا عبادة الهوى والدنيا ومتابعة النفس وشهواتها وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ يعنى سيآت عبادة الهوى والدنيا والافتراء على الله تعالى ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا بعبودية الحق تعالى وطلبه بالصدق إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها اى من بعد ترك عبادة الهوى والرجوع الى طلب الحق لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يعنى يعفو عنهم تلك السيئات ويرحمهم بنيل القربات والكرامات كذا فى التأويلات النجمية واعلم ان التوبة عند المعتزلة علة موجبة للمغفرة وعندنا سبب محض للمغفرة والتوبة الرجوع فاذا وصف بها العبد كان المراد بها الرجوع عن المعصية وإذا وصف بها الباري تعالى أريد بها الرجوع عن العذاب بالمغفرة والتوبة على ضربين ظاهر وباطن. فالظاهر هو التوبة من الذنوب الظاهرة وهى مخالفات ظواهر الشرع وتوبتها ترك المخالفات واستعمال الجوارح بالطاعات. والباطن هو توبة القلب من ذنوب الباطن وهى الغفلة عن الذكر حتى يتصف به بحيث لوصمت لسانه لم يصمت قلبه وتوبة النفس قطع علائق الدنيا والاخذ باليسير والتعفف. وتوبة العقل التفكر فى بواطن الآيات وآثار المصنوعات. وتوبة الروح التحلي بالمعارف الإلهية. وتوبة السر التوجه الى الحضرة العليا بعد الاعراض عن الدنيا والعقبى: قال حضرة جلال الدين الرومي قدس سره كرسيه كردى تو نامه عمر خويش ... توبه كن زانها كه كردستى تو پيش «1» عمر اگر بگذشت بيخش اين دم است ... آب توبش ده اگر او بي نم است چون بر آرند از بشيمانى انين ... عرش لرزد از انين المذنبين «2» والعبد إذا رجع عن السيئة وأصلح عمله أصلح الله تعالى شأنه وأعاد عليه نعمه الفائتة عن ابراهيم بن أدهم بلغني ان رجلا من بنى إسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس إذ سقط فرح من وكره وهو يتبصبص فاخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع فينبغى للمؤمن ان يسارع الى التوبة والعمل الصالح فان الحسنات يذهبن السيئات عن ابى ذر رضى الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله علمنى عملا يقربنى الى الجنة ويباعدنى عن النار (قال إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها عشر أمثالها قال الله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فقلت يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات قال (هى احسن الحسنات) كار نيكوتر بدان جز ذكر نيست والله الهادي وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ اى لما سكن عنه الغضب باعتذار أخيه وتوبة القوم

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زن بخانه وجدا شدن زاهد بدان كنيزك. (2) در اواخر دفتر ششم در بيان استمداد عارف از چشمه حيات أبدى إلخ

والسكوت قطع الكلام وقطع الكلام فرع ثبوته وهو لا يتصور فى الغضب فلا يتصور قطعه ايضا فهو محمول على المعنى المجازى الذي هو السكون شبه الغضب بانسان يغرى موسى عليه السلام ويقول له ان أخاك قصر فى كف قومك عن الكفر فاستحق اهانتك وعقوبتك فخذ بشعر رأسه فجره الى نفسك وقل له كذا وكذا والق ما فى يدك من الألواح ثم يقطع الإغراء ويترك الكلام ففيه استعارة مكنية وسكت قرينة الاستعارة قال الحدادي قيل معناه سكت موسى عن الغضب وهذا من المقلوب كما يقال ادخلت قلنسوة فى رأسى يريد ادخلت رأسى فى قلنسوة أَخَذَ الْأَلْواحَ التي القاها وهو دليل على انها لم تتكسر حين القاها وعلى انه لم يرفع منها شىء كما ذهب اليه بعض المفسرين وَفِي نُسْخَتِها اى والحال انه فيما نسخ فيها وكتب نقلا عن الأصل وهو اللوح المحفوظ فان النسخ عبارة عن نقل إشكال الكتابة وتحويلها من الأصل المنقول عنه فاذا كتبت كتابا من كتاب آخر حرفا بعد حرف قلت نسخت هذا الكتاب من ذلك الكتاب اى نقلته منه هُدىً اى بيان للحق وهو مبتدأ وفى نسختها خبره وَرَحْمَةٌ للخلق بإرشادهم الى ما فيه الخير والصلاح كائنة لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ اى يخشون واللام فى لربهم لتقوية عمل الفعل المؤخر كما فى قوله تعالى إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ يعنى انها دخلت جابرة للضعف العارض للفعل بسبب تأخره عن مفعوله وانما خص اهل الرهبة بالذكر لانهم هم المنتفعون بآيات الكتاب فالعبد إذا رغب الى الله بصدق الطلب والى الجنة بحسن العمل ورهب من اليم عذاب فرقته والانقطاع ومن دخول النار فقد أخذ بالخوف والرجاء ووصل بهما الى ما هوى واعلم ان الخشية انما تنشأ عن العلم بصفات الحق سبحانه وعلامة خشية الله تعالى ترك الدنيا والخلق ومحاربة النفس والشيطان قالوا رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وذلك لان التخلية قبل التحلية ومن الترهيبات ما حكى عن يحيى بن زكريا عليهما السلام انه شبع مرة من خبز شعير فنام عن حزبه تلك الليلة فاوحى الله تعالى اليه يا يحيى هل وجدت دارا خيرا لك من دارى او جوارا خيرا لك من جوارى وعزتى وجلالى لو اطلعت على الفردوس اطلاعة لذاب جسمك ولزهقت نفسك اشتياقا الى الفردوس الأعلى ولو اطلعت على نار جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع وللبست الحديد بعد المنسوج قال الحسن البصري الكلب إذا ضرب وطرد وجفى عليه وطرح له كسرة أجاب ولم يحقد على ما مضى وذلك من علامة الخاشعين فينبغى لكل مؤمن ان تكون فيه تلك الصفة: قال الحافظ وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن وفى الحديث (من لم يخف الله خف منه) قال الامام السخاوي معناه صحيح فان عدم الخوف من الله تعالى يوقع صاحبه فى كل محذور ومكروه: وفى المثنوى لا تخافوا هست نزل خائقان ... هست در خور از براى خائف آن هر كه ترسد مرورا ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون كويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس

[سورة الأعراف (7) : آية 155]

وَاخْتارَ مُوسى الاختيار افتعال من لفظ الخير يقال اختار الشيء إذا أخذ خيره وخياره قَوْمَهُ اى من قومه بحذف الجار وإيصال الفعل الى المجرور وهو مفعول ثان سَبْعِينَ رَجُلًا مفعول أول لِمِيقاتِنا اى للوقت الذي وقتناه له وعيناه ليأتى فيه بسبعين رجلا من خيار بنى إسرائيل ليعتذروا عن ما كان من القوم من عبادة العجل فهذا الميقات ميقات التوبة لا ميقات المناجاة والتكليم وكان قد اختار موسى عليه السلام عند الخروج الى كل من الميقاتين سبعين رجلا من قومه وكانوا اثنى عشر سبطا فاختار من كل سبط ستة فزاد اثنان فقال موسى ليتخلف منكم رجلان فانى انما أمرت بسبعين فتنازعوا فقال ان لمن قعد مثل اجر من خرج فقعد كالب ويوشع وذهب مع الباقين الى الجبل فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ مما اجترءوا عليه من طلب الرؤية حيث قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً والرجفة هى الارتعاد والحركة الشديدة والمراد اخذتهم رجفة الجبل فصعقوا منها اى ماتوا واكثر المفسرين على انهم سمعوه تعالى يكلم موسى يأمره بقتل أنفسهم توبة فطمعوا فى الرؤية وقالوا ما قالوه ويرده قوله تعالى يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي كما ذهب اليه صاحب التيسير قالَ موسى رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ اى حين فرطوا فى النهى عن عبادة العجل وما فارقوا عبدته حين شاهدوا إصرارهم عليها وَإِيَّايَ ايضا حين طلبت منك الرؤية اى لو شئت أهلا كنا بذنوبنا لاهلكتنا حينئذ أراد به تذكر العفو السابق لاستجلاب العفو اللاحق أَتُهْلِكُنا الهمزة لانكار وقوع الإهلاك ثقة بلطف الله تعالى اى لا تهلكنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ حال كونهم مِنَّا من العناد والتجاسر على طلب الرؤية وكأن ذلك قاله بعضهم اى لا يليق بشأنك ان تهلك جما غفيرا بذنب صدر عن بعضهم الذي كان سفيها خفيف الرأى إِنْ هِيَ اى ما الفتنة التي وقع فيها السفهاء إِلَّا فِتْنَتُكَ اى محنتك وابتلاؤك حيث اسمعتهم كلامك فافتتنوا بذلك ولم يتثبتوا فطمعوا فى الرؤية يقول الفقير هذا يدل على انهم سمعوا كلامه تعالى على وجه الامتحان والابتلاء لا على وجه التكرمة والإجلال وذلك لا يقدح فى كون موسى عليه السلام مصطفى بالرسالة والكلام مع انه فرق كثير بين سماعهم وسماعه عليه السلام والله اعلم [ودر فصل الخطاب مذكورست كه حق تعالى موسى عليه السلام را در مقام بسط بداشت تا بكمال حال انس رسيده واز روى دلال بدين جراءت أقدام نمود ودلال در مرتبه محبوبيت است وحضرت مولوى قدس سره فرموده كه كستاخى عاشق ترك ادب نيست بلكه عين ادبست] كفت وكوى عاشقان در كار رب ... جوشش عشقست نه ترك ادب هر كه كرد از جام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درو نه عقل وهوش تُضِلُّ بِها اى بسبب تلك الفتنة مَنْ تَشاءُ ضلاله فيتجاوز عن حده بطلب ما ليس له وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ هدايته الى الحق فلا يتزلزل فى أمثالها فيقوى بها إيمانه أَنْتَ وَلِيُّنا اى القائم بامورنا الدنيوية والاخروية وناصرنا وحافظنا لا غير فَاغْفِرْ لَنا اى ما اقترفناه من المعاصي وَارْحَمْنا بافاضة آثار الرحمة الدنيوية والاخروية قال ابن الشيخ المغفرة هى إسقاط

[سورة الأعراف (7) : الآيات 156 إلى 160]

العقوبة والرحمة إيصال الخير وقدم الاول على الثاني لان دفع المضرة مقدم على تحصيل المنفعة وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ تغفر السيئة وتبدلها بالحسنة. وايضا كل من سواك انما يتجاوز عن الذنب اما طلبا للثناء الجميل او للثواب الجزيل او دفعا للقسوة من القلب واما أنت فتغفر ذنوب عبادك لا لاجل غرض وعوض بل بمحض الفضل والكرم فلا جرم أنت خير الغافرين وارحم الراحمين وتخصيص المغفرة بالذكر لانها الأهم بحسب المقام وَاكْتُبْ لَنا اى اثبت وعين لنا وذكر الكتابة لانها أدوم فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً حسن معيشة وتوفيق طاعة وَفِي الْآخِرَةِ اى واكتب لنا فيها ايضا حسنة وهى المثوبة الحسنى او الجنة إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ تعليل لطلب الغفران والرحمة من هاد يهود إذا رجع اى تبنا ورجعنا إليك عما صنعنا من المعصية العظيمة التي جئناك للاعتذار عنها وعما وقع هاهنا من طلب الرؤية فبعيد من لطفك وفضلك ان لا تقبل توبة التائبين. قيل لما اخذتهم الرجفة ماتوا جميعا فاخذ موسى عليه السلام يتضرع الى الله حتى أحياهم وقد تقدم فى سورة البقرة قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال الله تعالى عند دعاء موسى عليه السلام فقيل قال عَذابِي [عذاب من وصفت او آنست كه] أُصِيبُ بِهِ الباء للتعدية معناه بالفارسية [ميرسانم] مَنْ أَشاءُ تعذيبه من غير دخل لغيرى فيه وَرَحْمَتِي [ورحمت من وصفت او آنست كه] وَسِعَتْ فى الدنيا معناه [رسيده است] كُلَّ شَيْءٍ المؤمن والكافر بل المكلف وغيره من كل ما يدخل تحت الشيئية وما من مسلم ولا كافر الا وعليه آثار رحمته ونعمته فى الدنيا فبها يتعيشون وبها ينقلبون ولكنها تخص فى الآخرة بالمؤمنين كما قال تعالى فَسَأَكْتُبُها اى أثبتها وأعينها فى الآخرة لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الكفر والمعاصي وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ خصها بالذكر لانها كانت أشق عليهم وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا جميعا يُؤْمِنُونَ ايمانا مستمرا فلا يكفرون بشىء منها قال ابن عباس رضى الله عنهما لما أنزلت هذه الآية تطاول لها إبليس فقال انا شىء من الأشياء فاخرجه الله تعالى من ذلك بقوله فَسَأَكْتُبُها إلخ فقالت اليهود والنصارى نحن نتقى ونؤتى الزكاة ونؤمن بآيات ربنا فاخرجهم الله تعالى منها بقوله الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فى محل الجر على انه صفة للذين يتقون او بدل منه يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم الذي نوحى اليه كتابا مختصا به النَّبِيَّ اى صاحب المعجزة وقال البيضاوي انما سماه رسولا بالاضافة الى الله ونبيا بالاضافة الى العباد الْأُمِّيَّ الذي لا يكتب ولا يقرأ وكونه عليه السلام اميا من جملة معجزاته فانه عليه السلام لو كان يحسن الخط والقراءة لصار متهما بانه ربما طالع فى كتب الأولين والآخرين فحصل هذه العلوم بتلك المطالعة فلما اتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على علوم الأولين والآخرين من عير تعلم ومطالعة كان ذلك من جملة معجزاته الباهرة. نكار من كه بمكتب نرفت وخط ننوشت ... بغمزه مسأله آموز صد مدرس شد من كان القلم الأعلى يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره لا يحتاج الى تصوير الرسوم وقد وصف الله تعالى هذه الامة فى الإنجيل امة محمد أناجيلهم فى صدورهم ولو لم يكن رسم الخطوط لكانوا يحفظون شرائعه صلى الله عليه وسلم بقلوبهم لكمال قوتهم وظهور استعداداتهم. والام

الأصل وعنده أم الكتاب الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً باسمه وصفته عِنْدَهُمْ متعلق يجدون او بمكتوبا وكذا قوله فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ اللذين تعبد بهما بنوا إسرائيل سابقا ولا حقا: وفى المثنوى پيش از انكه نقش احمد رو نمود ... نعت او هر كبر را تعويذ بود سجده مى كردند كارى رب بشر ... در عيان آريش هر چهـ زودتر نقش او مى كشت اندر راهشان ... در دل ودر كوش در أفواه شان اين همه تعظيم وتفخيم ووداد ... چون بديدنش بصورت برد باد قلب آتش ديد در دم شد سياه ... قلب را در قلب كى بودست راه فان قيل الرحمة المذكورة لو اختصت بهم لزم ان لا تثبت لغيرهم من المؤمنين وليس كذلك أجيب بان هذا الاختصاص بالاضافة الى بنى إسرائيل الموجودين فى زمان النبي الأمي ولم يؤمنوا به لا بالاضافة الى جميع ما عداهم يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ اى بالتوحيد وشرائع الإسلام وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ اى عن كل ما لا يعرف فى شريعة ولا سنة وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ التي حرمت عليهم بشؤم ظلمهم كالشحوم وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ كالدم ولحم الخنزير. فالمراد بالطيبات ما يستطيبه الطبع ويستلذه. وبالخبائث ما يستخبثه الطبع ويتنفر منه فتكون الآية دليلا على أن الأصل فى كل ما يستطيبه الطبع الحل وكل ما يستخبثه الطبع الحرمة الا لدليل منفصل. ويجوز ان يراد بهما ما طاب فى حكم الشرع. وما خبث كالربا والرشوة ومدلول الآية حينئذ ان ما يحكم الشرع بحله فهو حلال وما يحكم بحرمته فهو حرام ولا حكم لاستطابة الطبع واستخباثه فيهما وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ اى يخفف عنهم ما كلفوا به من التكاليف الشاقة كتعين القصاص فى العمد والخطأ من غير شرع الدية وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب وعدم الاكتفاء بغسله وإحراق الغنائم وتحريم العمل يوم السبت بالكلية شبهت هذه التكاليف الشاقة بالحمل الثقيل وبالاغلال التي تجمع اليد الى العنق واصل الإصر الثقل الذي يأصر صاحبه اى يحبسه من الحراك لثقله فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ اى بنبوة الرسول النبي الأمي وأطاعوه فى أوامره ونواهيه وَعَزَّرُوهُ اى عظموه ووقروه وأعانوه بمنع أعدائه عنه وَنَصَرُوهُ على أعدائه فى الدين وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ يعنى القرآن الذي ضياؤه فى القلوب كضياء النور فى العيون قال صاحب الكشاف فان قلت ما معنى قوله انزل معه وانما انزل مع جبريل قلت انزل مع نبوته لان استنباءه كان مصحوبا بالقرآن مشفوعا به انتهى فمعه متعلق بانزل حال من ضميره بتقدير المضاف اى انزل ذلك النور مصاحبا لنبوته أُولئِكَ المنعوتون بتلك النعوت الجلية هُمُ الْمُفْلِحُونَ اى الفائزون بالمطلوب الناجون من الكروب لا غيرهم من الأمم فيدخل فيهم قوم موسى دخولا أوليا حيث لم ينجوا مما فى توبتهم من المشقة الهائلة وبه يتحقق التحقيق ويتأتى التوفيق والتطبيق بين دعائه عليه السلام وبين الجواب وهو من قوله عذابى الى هنا فقد علم ان اتباع القرآن وتعظيم النبي عليه السلام بعد الايمان سبب للفوز والفلاح

عند الرحمن ونصرته عليه السلام على العموم والخصوص فالعموم للعامة من اهل الشريعة والخصوص للخاصة من ارباب الطريقة واصحاب الحقيقة وهم الواصلون الى كمال أنوار الايمان واسرار التوحيد بالإخلاص والاختصاص واعلم ان المقصود الإلهي من ترتيب سلسلة الأنبياء عليهم السلام هو وجود محمد صلى الله عليه وسلم فوجود الأنبياء قبله كالمقدمة لوجوده الشريف فهو الخلاصة والنتيجة والزبدة واشرف الأنبياء والمرسلين كما قال عليه السلام (فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لى الغنائم وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت الى الخلق كافة وختم بي النبيون) وكذلك المقصود من الكتب الالهية السالفة هو القرآن الذي انزل على النبي عليه السلام فهو زبدة الكتب الالهية وأعظمها ومصدق لما بين يديه لانه بلفظ قد أعجز البلغاء ان يأتوا بسورة من مثله وبمعناه جامع لما فى الكتب السالفة من الاحكام والآداب والفضائل متضمن للحجج والبراهين والدلائل وكذا المقصود من الأمم السالفة هو هذه الامة المرحومة اعنى امة محمد صلى الله عليه وسلم فهى كالنتيجة لما قبلها وهى الامة الوسط كما قال تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً وكذا المقصود من الملوك الماضية والسلاطين السالفة هو الملوك العثمانية فهم زبدة الملوك ودولتهم زبدة الدول حيث لا دولة بعدها لغيرهم الى ظهور المهدى وعيسى ويقاتلون من هم مبادى الدجال من الكفرة الفجرة من الافرنج والانكروس وغيرهم ولهم الجمعية الكبرى واليد الطولى والدولة العظمى فى الأقاليم السبعة وأطراف البلاد من المغرب والمشرق ولم يعط هذا لواحد قبل دولتهم ويدل على هذه الجمعية كون اسم جدهم الأعلى عثمان فان عثمان رضى الله عنه جامع القرآن فهم مظاهر لاسم الحق كما كان عمر رضى الله عنه كذلك حيث انه لما اسلم قال يا رسول الله ألسنا على الحق قال عليه السلام (والذي بعثني بالحق نبيا كلنا على الحق) قال انا والذي بعثك بالحق نبيا لا نعبد الله بعد اليوم سرا فاظهر الله الدين بايمانه فكان ظهور الدين مشروطا بايمانه فهذا أول الظهور ثم وثم الى ان انتهى الى زمن الدولة العثمانية ولذلك يقاتلون على الحق فالسيف الذي بيدهم قد ورثوه كابرا عن كابر ومجاهدا عن مجاهد- حكى- ان عثمان الغازي جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من أسخياء زمانه يبذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته وانعكس اليه ذلك وذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاج بكتاش او غيره من الرجال فنزل فى بيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الأدب ان نقعد عند كلام الله فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم تزل الى الصبح فلما أصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل وقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط برأسها منديلا وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل أول غزوته الى بلاجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ثم بعد ارتحاله صار ولده او رخان سلطانا ففتح هو بروسة المحروسة بالعون الإلهي فالدولة العثمانية من ذلك الوقت الى هذا الآن على الازدياد

بسبب تعظيم كلام الله القديم وكما ان الله تعالى اظهر لطفه للاولين كذلك يظهره للآخرين وان كان فى بعض الأوقات بظهر القهر والجلال تأديبا وتنبيها فتحته لطف وجمال: قال السعدي قدس سره ز ظلمت مترس اى پسنديده دوست ... كه ممكن بود كاب حيوان دروست دل از بي مرادى بفكرت مسوز ... شب آبستن است اى برادر بروز والاشارة فى الآيات ان الله تعالى امتحن موسى عليه السلام باختيار قومه ليعلم ان المختار من الخلق من اختاره الله لا الذي اختاره الخلق وان الله الاختيار الحقيقي لقوله وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ وليس للخلق الاختيار الحقيقي لقوله ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ثم استخرج من القوم المختار ما كان موجبا للرجفة والصعقة والهلاك وهو سوء الأدب فى سؤال الرؤية جهارا وكان ذلك مستورا عن نظر موسى متمكنا فى جبلتهم وكان الله المتولى للسرائر وحكم موسى بظاهر صلاحيتهم فاراه الله ان الذي اختاره يكون مثلك كقوله تعالى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى والذي تختاره يكون كالقوم فلما تحقق لموسى ان المختار من اختاره الله حكم بسفاهة القوم واظهر الاستكانة والتضرع والاعتذار والتوبة والاستغفار والاسترحام كما قال فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا وفيه اشارة اخرى الى ان نار شوق الرؤية كما كانت متمكنة فى قلب موسى بالقوة وانما ظهرت بالفعل بعد ان سمع كلام الله تعالى فان من اصطكاك زناد الكلام وحجر القلب ظهر شرر نار الشوق فاشتعل منه كبريت اللسان الصدوق وشعلت شعلة السؤال فقال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ كذلك كانت نار الشوق متمكنة فى أحجار قلوب القوم فباصطكاك زناد سمع الكلام ظهر شرر الشوق فاشتعل منه كبريت اللسان ولما لم يكن اللسان لسان النبوة صعد منه دخان السؤال الموجب للصعقة والرجفة والسر فيه ان يعلم موسى وغيره ان قلوب العباد مختصة بكرامة إيداع نار المحبة فيها لئلا يظن موسى انه مخصوص به ويعذر غيره فى تلك المسألة فانها من غلبات الشوق تطرأ عند استماع كلام المحبوب ولذا قال عليه السلام (ما خلق الله من بنى آدم من بشر الا وقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن ان شاء اقامه وان شاء ازاغه) وبالاصبعين يشير الى صفتى الجمال والجلال وليس لغير الإنسان قلب مخصوص بهذه الكرامة واقامة القلب وازاغته فى ان يجعله مرآة صفات الجمال فيكون الغالب عليه الشوق والمحبة لطفا ورحمة وفى ان يجعله مرآة صفات الجلال فيكون الغالب عليه الحرص على الدنيا والشهوة قهرا وعزة فانكتة فيه ان قلب موسى عليه السلام لما كان مخصوصا بالاصطفاء للرسالة والكلام دون القوم كان سؤاله لرؤية شعلة نار المحبة مقرونا بحفظ الأدب على بساط القرب بقوله رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قدم عزة الربوبية واظهر ذلة العبودية وكان سؤال القوم من القلوب الساهية اللاهية فان نار الشوق تصاعدت بسوء الأدب فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قدموا الجحود والإنكار وطلبوا الرؤية جهارا فاخذتهم الصاعقة بظلمهم فشتان بين صعقه موسى وصعقة قومه فان صعقته كانت صعقة اللطف مع تجلى صفة الربوبية وان صعقتهم كانت صعقة القهر عند اظهار صفة العزة والعظمة ولما كان موسى عليه السلام ثابتا فى مقام

التوحيد كان ينظر بنور الوحدة فيرى الأشياء كلها من عند الله فرأى سفاهة القوم وما صدر منهم من آثار صفة قهره فتنة واختبارا لهم فلما دارت كؤوس شراب المكالمات وسكر موسى باقداح المناجاة زل قدمه على بساط الانبساط فقال إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ اى تزيغ قلب من تشاء بإصبع صفة القهر وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ اى تقيم قلب من تشاء بإصبع صفة اللطف أَنْتَ وَلِيُّنا اى المتولى لامورنا والناصر فى هدايتنا فَاغْفِرْ لَنا ما صدر منا وَارْحَمْنا بنعمة الرؤية التي سألنا كها وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ اى خير من يستر على ذنوب المذنبين يعنى انهم يسترون الذنب ولا يعطون سؤلهم فانت الذي تستر الذنب وتبدله بالحسنات وتعطى سؤل اهل الزلات وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً يعنى حسنة الرؤية كما كتبت لمحمد عليه السلام ولخواص أمته هذه الحسنة فى الدنيا وفى الآخرة يعنى خصنا بهذه الفضيلة فى الدنيا وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ رجعنا إليك فى طلب هذه الفضيلة بالسر لا بالعلانية وأنت الذي تعلم السر والأخفى وأجابهم الله تعالى سرا بسر وإضمارا بإضمار قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ اى بصفة قهرى آخذ من أشاء وبقراءة من قرأ من أساء اى من أساء فى الأدب عند سؤال الرؤية حيث قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة آخذهم على سوء أدبهم فادبهم بتأديب عذاب الفرقة وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ نعمة وإيجادا وتربية فَسَأَكْتُبُها يعنى حسنة الرؤية والرحمة بها التي أنتم تسألونها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعنى يتقون بالله عن غيره ويؤتون من نصاب هذا المقام الزكاة الى طلابه وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ يعنى الذين هم يؤمنون بانوار شواهد الآيات لا بالتقليد بل بالتحقيق وهم خواص هذه الامة كما عرف أحوالهم وصرح أعمالهم بقوله الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ وفيه اشارة الى ان فى أمته من يكون مستعدا لاتباعه فى هذه المقامات الثلاثة وهى مقامات الرسالة والنبوة التي هى مشتركة بينه وبين الرسول والأنبياء والمقام الأمي الذي هو مخصوص به صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء والرسل عليهم السلام ومعنى الأمي انه أم الموجودات واصل المكونات كما قال (أول ما خلق الله روحى) وقال حكاية عن الله (لولاك لما خلقت الكون) فلما كان هو أول الموجودات وأصلها سمى اميا كما سميت مكة أم القرى لانها كانت مبدأ القرى وأصلها وكما سمى أم الكتاب اما لانه مبدأ الكتب وأصلها فاما اتباعه فى مقام الرسالة والنبوة فبان يأخذ ما آتاه الرسول وينتهى عما نهاه عنه كما قال تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فان الرسالة تتعلق واحكام الظاهر والنبوة تتعلق بأحوال الباطن فللعوام شركة مع الخواص فى الانتفاع من الرسالة وللخواص اختصاص بالانتفاع من النبوة فمن ادى حقوق احكام الرسالة فى الظاهر يفتتح له بها احوال النبوة فى الباطن من مقام تنبئة الحق تعالى بحيث يصير صاحب الإشارات والإلهامات الصادقة والرؤيا الصالحة والهواتف الملكية وربما يؤول حاله الى ان يكون صاحب المكالمة والمشاهدة والمكاشفة ولعله يصير مأمورا بدعوة الخلق الى الحق بالمتابعة لا بالاستقلال كما قال عليه السلام (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) يشير الى هذا القوم وذلك ان المتقدمين من بنى إسرائيل فى زمن الأنبياء عليهم السلام لما وصلوا الى مقام

[سورة الأعراف (7) : آية 158]

الأنبياء اعطوا النبوة والله اعلم وكانوا مقررين لدين رسولهم حاكمين بالكتب المنزلة على رسلهم فكذلك هذا القوم كما قال تعالى وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا الآية واما اتباعه فى مقام أميته صلى الله عليه وسلم فذلك مخصوص بأخص الخواص من متابعيه وهو انه صلى الله عليه وسلم رجع من مقام بشريته الى مقام روحانيته الاولى ثم بجذبات الوحى انزل فى مقام التوحيد ثم اختطف بانوار الهوية عن انانيته الى مقام الوحدة كما قال تعالى قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وكما قال ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فقاب قوسين عبارة عن مقام التوحيد وأو أدنى عن مقام الوحدة تفهم ان شاء الله تعالى فمن رجع بالسير فى متابعته من مقام البشرية الى ان بلغ مقام روحانيته ثم بجذبات النبوة انزل فى مقام التوحيد ثم اختطف بانوار المتابعة عن انانيته الى مقام الوحدة فقد حظى بمقام أميته صلى الله عليه وسلم وبقوله تعالى الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يشير الى انه مكتوب عندهم والا فهو مكنون عنده فى مقعد صدق يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وهو طلب الحق والنيل اليه وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو طلب ما سواه والانقطاع عنه وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ اى القربات الى الله وان الطيب هو الله وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وهى الدنيا وما يباعدهم عن الله وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ يعنى إصرهم من العهد الذي كان بين الله تعالى وبين حبيبه صلى الله عليه وسلم بان لا يصل أحد الى مقام أميته وحبيبيته الا أمته واهل شفاعته بتبعيته كما قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي الآية وقال عليه السلام (الناس يحتاجون الى شفاعتى حتى ابراهيم) فكان من هذا العهد عليهم شدة وأغلال تمنعهم من الوصول الى هذا المقام فقد وضع النبي عليه السلام عنهم هذا الإصر والاغلال بالدعوة الى متابعته ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ اى وقروه باختصاص هذا المقام فانه مخصوص به من بين سائر الأنبياء والرسل ونصروه بالمتابعة وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ يعنى حين اختطف بانوار الهوية عن انانيته فاستفاد نور الوحدة فلم يبق من ظلمة انانيته شىء وكان نورا صرفا فلما أرسل الى الخلق انزل معه نور الوحدة كما قال تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم وكتاب مبين يعنى القرآن فامروا بمتابعة هذا النور ليقتبسوا منه نور الوحدة فيفوزوا بالسعادة الكبرى والنعمة العظمى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فى حجب الانانية الفائزون بنور الوحدة كذا فى التأويلات النجمية قُلْ يا محمد يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الخطاب عام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة من الثقلين الى من وجد فى عصره والى من سيوجد بعده الى يوم القيامة بخلاف سائر الرسل فانهم بعثوا الى أقوامهم اهل عصرهم ولم تستمر شرائعهم الى يوم القيامة وإليكم متعلق بقوله رسول وجميعا حال من ضمير إليكم قال الحدادي انى رسول الله إليكم كافة أدعوكم الى طاعة الله وتوحيده واتباعه فيما اؤديه إليكم وفى آكام المرجان لم يخالف أحد من طوائف المسلمين فى ان الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى الجن والانس والعرب والعجم فان قلت فى بعثة سليمان عليه السلام مشاركة له لانه ايضا كان مبعوثا الى الانس والجن وحاكما عليهما بل على جميع الحيوانات قلت ان سليمان لم يبعث

الى الجن بالرسالة بل بالملك والضبط والسياسة والسلطنة لانه عليه السلام استخدمهم وقضى بينهم بالحق وما دعاهم الى دينه لان الشياطين والعفاريت كانوا يقومون فى خدمته وينقادون له مع انهم على كفرهم وطغيانهم كذا حققه والهى الاسكوبى قال ابن عقيل الجن داخلون فى مسمى الناس لغة وهو من ناس ينوس إذا تحرك قال الجوهري وصاحب القاموس الناس يكون من الانس ومن الجن جمع انس أصله أناس جمع عزيز ادخل عليه ال الَّذِي منصوب او مرفوع على المدح اى اعنى الله الذي او هو الذي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [مر او راست پادشاهى آسمانها وزمينها وتدبير وتصرف در ان] لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [هيچ معبودى نيست مستحق عبادت جز او] وهو بدل من الصلة التي قبله وفيه بيان لها لان من ملك العالم كان هو الا له المتفرد بالالوهية واسم هو ضمير غيبة وهو من أخص أسمائه تعالى إذا الغيبة الحقيقية انما هى له إذ لا تتصوره العقول ولا تحده الأوهام وهو اسم لحضرة الغيب الثانية التي هى أول تعينات الذات الذي هو برزخ جامع بين حكمى الاسم الباطن والظاهر وحيث تخفى فيه الواو فهو اسم لحضرة غيب الغيب وهى الحضرة الاولى من حضرات الذات وهو فاتحة الأسماء وأم كتابها تنزل منزلة الالف من الحروف كذا فى ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامي قدس سره واعلم ان المقربين لا يرون موجودا سوى الله تعالى فاذا قالوا هو اشاروا به الى الحق سبحانه سواء تقدم له مرجع او لا وتحقيقه فى حواشى ابن الشيخ فى سورة الإخلاص يُحيِي وَيُمِيتُ زيادة تقرير للالوهية لانه لا يقدر على الاحياء والاماتة الا الذي لا اله الا هو قال الحدادي يحيى الخلق من النطفة ويميتهم عند انقضاء آجالهم لا يقدر على ذلك أحد سواه وقيل معناه يحيى الأموات للبعث ويميت الاحياء فى الدنيا فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الفاء لتفريع الأمر على ما تمهد وتقرر من رسالته عليه الصلاة والسلام النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مدح له عليه السلام ومعنى الأمي لا يقرأ ولا يكتب فيؤمن من جهته ان يقرأ الكتب وينقل إليهم اخبار الماضين ولكن يتبع لما يوحى اليه الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ اى ما انزل عليه من اخبار سائر الرسل ومن كتبه ووحيه وانما وصف به لحمل اهل الكتابين على الامتثال بما أمروا به والتصريح بايمانه بالله تعالى للتنبيه على ان الايمان به تعالى لا ينفك عن الايمان بكلماته ولا يتحقق الا به وَاتَّبِعُوهُ اى فى كل ما يأتى وما يذر من امور الدين لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ علة للفعلين او حال من فاعليهما اى رجاء لاهتدائكم الى المطلوب او راجين له وفى تعليقه بهما إيذان بان من صدقه ولم يتبعه بالتزام احكام شريعته فهو بمعزل من الاهتداء مستمر على الغى والضلالة قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الطرق كلها مسدودة على الخلق الأعلى من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته لان طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه وعلى المقتفين اثره والمتابعين سنته قال الشيخ العارف الواصل الوارث الكامل محيى الدين ابن العربي قدس سره فى بيان السنة والسنى الإنسان لا يخلو ان يكون واحدا من ثلاثة بالنظر الشرعي وهو اما ان يكون باطنيا محضا وهو القائل بتجريد التوحيد عندنا حالا وفعلا وهذا يؤدى الى تعطيل احكام الشرائع وقلب أعيانها وكل ما يؤدى الى هدم قاعدة من قواعد الدين او سنة من سننه ولو فى العادات كالاكل والشرب والوقاع فهو مذموم بالإطلاق عصمنا الله وإياكم

من ذلك واما ان يكون ظاهريا محضا متقلقلا بحيث ان يؤديه ذلك الى التجسيم والتشبيه نعوذ بالله منهما فى باب الاعتقادات او يكون معتمدا على مذهب فقيه من الفقهاء اصحاب علوم الاحكام المحجوبة قلوبهم بحب الدنيا عن معاينة الملكوت فتراه خائفا من الخروج عن مذهبه فاذا سمع سنة من سنن النبي عليه السلام يحيلها على مذهب فقيه آخر فيترك العمل بها ولو أوردت الف حديث مأثور فى فضائلها فيتصامم عن سماعها بل يسيىء الظن برواية المتقدمين من التابعين والسلف بناء على عدم إيراد ذلك الفقيه إياها فى كتابه فمثل ذلك ايضا ملحوق بالذم شرعا والى الله نفزع ونلتجىء من ان يجعلنا وإياكم منهم واما ان يكون جاريا مع الشريعة على فهم اللسان حيث ما مشى الشارع مشى وحيث ما وقف وقف قد ما بقدم حتى فى اقل شىء من الفضائل فى العبادات والعادات صارفا جل عنايته وباذلا كل مجهوده فى ان لا يفوته شىء من الافعال المحمدية فى عباداته وعاداته على حسب ما سنح له فى أثناء مطالعاته من كتب الأحاديث المعول عليها او القى فى اذنه من استاذه وشيخه المعتمد عليه ان لم يكن من اهل المطالعة فهذا هو الوسط وهو السنة والآخذ به هو السني وبهذا يصح محبة الله له- وحكى- ان الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قال راعيت جميع ما صدر عن النبي عليه السلام سوى واحد وهو انه عليه السلام زوج بنته عليا رضى الله عنه وكان يبيت فى بيتها بلا تكلف ولم يكن لى بنت حتى افعل كذلك- وحكى- عن سلطان العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال ذات يوم لاصحابه قوموا بنا حتى ننظر الى ذلك الذي قد سهر نفسه بالولاية قال فمضينا فاذا بالرجل قد قصد المسجد فرمى بزاقه نحو القبلة فانصرف ابو يزيد ولم يسلم عليه وقال هذا ليس بمأمون على ادب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مأمونا على ما يدعيه من مقامات الأولياء والصديقين- وحكى- عن احمد بن حنبل رحمه الله قال كنت يوما مع جماعة تجردوا ودخلوا الماء فعملت بالحديث وهو (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر) ولم اتجرد فرأيت تلك الليلة قائلا يقول لى يا احمد ابشر فان الله قد غفر لك باستعمالك السنة وجعلك اماما يقتدى بك فقلت من أنت قال جبريل عليه السلام وعن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقبل الحجر الأسود ويقول انى لا علم انك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا انى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك واتفق المشايخ على ان من القى زمامه فى يد كلب مثلا حتى لا يكون تردده بحكم طبعه فنفسه أقوم لقبول الرياضة ممن جعل زمامه فى حكم نفسه يسترسل بها حيث شاء كالبهائم فالواجب عليك ان تكون تابعا لا مسترسلا سك اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم كرفت ومردم شد فاذا اتبعت فاتبع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي آدم ومن دونه من الأنبياء والأولياء تحت لوائه فاذا اتبعت واحدا من أمته فلا تتبعه لمجرد كونه رجلا مشهورا بين الناس مقبولا عند الأمراء والسلاطين بل كان الواجب عليك ان تعرف اولا الحق ثم تزن الرجال به وفيه قال باب العلم الرباني على رضى الله عنه من عرف الحق بالرجال حارفى متاهات الضلال بل اعرف الحق تعرف اهله وبقدر متابعتك للنبى صلى الله عليه وسلم تستحكم مناسبتك به وتتأكد علاقة المحبة بينك وبينه وبكل

[سورة الأعراف (7) : آية 159]

ما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه او زيارة قبره او جواب المؤذن والدعاء له عقيبه كنت مستحقا لشفاعته قالوا لو وضع شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم او عصاه او سوطه على قبر عاص لنجا ذلك العاصي ببركات تلك الذخيرة من العذاب وان كانت فى دار انسان او بلدة لا يصيب سكانها بلاء ببركاتها وان لم يشعروا بها ومن هذا القبيل ماء زمزم والكفن المبلول به وبطانة أستار الكعبة والتكفن بها قال الامام الغزالي رحمه الله وإذا أردت مثالا من خارج فاعلم ان كل من أطاع سلطانا وعظمه فاذا دخل بلدته ورأى فيها سهما من جعبته او سوطا له فانه يعظم تلك البلدة وأهلها فالملائكة يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم فاذا رأوا ذخائره فى دار او بلدة او قبر عظموا صاحبه وخففوا عنه العذاب ولذلك السبب ينفع الموتى ان توضع المصاحف على قبورهم ويتلى عليهم القرآن ويكتب القرآن على القراطيس وتوضع فى أيدي الموتى كذا فى الاسرار المحمدية: قال فى الجلد الثالث من المثنوى از انس فرزند مالك آمدست ... كه بمهمانى او شخصى شدست او حكايت كرد كز بعد طعام ... ديد انس دستار خوانرا زرد فام چرك آلوده وكفت اى خادمه ... اندر افكن در تنورش يكدمه در تنور پر ز آتش در فكند ... آن زمان دستار خوانرا هوشمند جمله مهمانان در ان حيران شدند ... انتظار دود كندورى بدند بعد يكساعت بر آورد از تنور ... پاك واسپيد واز ان أوساخ دور قوم كفتند اى صحابىء عزيز ... چون نسوزيد ومنقا كشت نيز كفت زانكه مصطفى دست ودهان ... بس بماليد اندرين دستار خوان اى دل ترسنده از نار وعذاب ... با چنان دست ولبى كن اقتراب چون جمادى را چنين تشريف داد ... جان عاشق را چها خواهد كشاد اللهم اجعل حرفتنا محبته وارزقنا شفاعته وَمِنْ قَوْمِ مُوسى لما ذكر الله تعالى عبدة العجل ومن قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً وهم الأشقياء اتبع ذكرهم بذكر أضدادهم السعداء فالمراد بالقوم بنوا إسرائيل الموجودون فى زمن موسى عليه السلام أُمَّةٌ اى جماعة يَهْدُونَ [راه مينمايند خلق را] فالمفعول محذوف بِالْحَقِّ ملتبسين به اى محقين وَبِهِ اى بالحق يَعْدِلُونَ اى فى الاحكام الجارية بينهم وصيغة المضارع فى الفعلين لحكاية الحال الماضية والأشهر ان المراد بهذه الامة قوم وراء الصين بأقصى المشرق وذلك ان بنى إسرائيل لما بالغوا فى العتو والطغيان بعد وفاة موسى ووفاة خليفة يوشع حتى اجترءوا على قتل أنبيائهم ووقع الهرج والمرج تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله تعالى ان يفرق بينهم وبين أولئك الطاغين ففتح الله لهم وهم فى بيت المقدس نفقا فى الأرض وجعل امامهم المصابيح لتضىء لهم بالنهار فاذا امسوا اظلم عليهم النفق فنزلوا فاذا أصبحوا أضاءت لهم المصابيح فساروا ومعهم نهر من ماء يجرى واجرى الله تعالى عليهم أرزاقهم فساروا فيه على هذا الوجه سنة ونصف سنة حتى خرجوا من وراء الصين الى ارض بأقصى المشرق طاهرة طيبة فنزلوها وهم مختلطون بالسباع والوحوش والهوام

لا يضر بعضهم بعضا وهم متمسكون بالتوراة مشتاقون الى الإسلام لا يعصون الله تعالى طرفة عين تصافحهم الملائكة وهم فى منقطع من الأرض لا يصل إليهم أحد منا ولا أحد منهم إلينا اما لان بين الصين وبينهم واديا جاريا من رمل فيمنع الناس من إتيانهم كما قال ابن عباس رضى الله عنهما او نهرا من شهد كما قال السدى وانهم كبنى اب وأحد ليس لاحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ويضحون بالنهار ويزرعون ويحصدون جميعا فيضعون الحاصل فى أماكن من القرية فيأخذ كل رجل منهم قدر حاجته ويدع الباقي- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبرائيل ليلة المعراج انى أحب ان ارى القوم الذين اننى الله عليهم بقوله وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ الآية فقال ان بينك وبينهم مسيرة ست سنين ذهابا وست سنين إيابا ولكن سل ربك حتى يأذن لك فدعا النبي عليه السلام وأمن جبريل فاوحى الله تعالى الى جبريل انه أجيب الى ما سأل فركب البراق فخطا خطوات فاذا هو بين اظهر القوم فسلم عليهم وردوا عليه سلامه وسألوه من أنت فقال (انا النبي الأمي) قالوا أنت الذي بشر بك موسى عليه السلام واوصانا بان قال لنا من أدرك منكم احمد عليه الصلاة والسلام فليقرأ عليه منى السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على موسى سلامه وقالوا فمن معك قال (أو ترون قالوا) نعم قال هو جبريل قال (فرأيت قبورهم على أبواب دورهم فقلت فلم ذلك) قالوا أجدر ان نذكر الموت صباحا ومساء فقال (ارى بنيانكم مستويا) قالوا ذلك لئلا يشرف بعضنا على بعض ولئلا يسد أحد على أحد الريح والهواء قال (فمالى لا ارى لكم قاضيا ولا سلطانا) قالوا أنصف بعضنا بعضا وأعطينا الحق فلم نحتج الى قاض ينصف بيننا قال (فمالى ارى أسواقكم خالية) قالوا نزرع جميعا ونحصد جميعا فيأخذ كل أحد منا ما يكفيه ويدع الباقي لاخيه فلا نحتاج الى مراجعة الأسواق قال (فمالى ارى هؤلاء القوم يضحكون قالوا مات لهم ميت فيضحكون سرورا بما قبضه الله على التوحيد قال (فما لهؤلاء القوم يبكون) قالوا ولد لهم مولود فهم لا يدرون على أي دين يقبض فيغتمون لذلك قال (فاذا ولد لكم ذكر فماذا تصنعون) قالوا نصوم لله شكرا شهرا قال (فالانثى) قالوا نصوم لله شكرا شهرين قال (ولم) قالوا لان موسى عليه السلام أخبرنا ان الصبر على الأنثى أعظم اجرا من الصبر على الذكر قال (أفتزنون) قالوا وهل يفعل ذلك أحد لو فعل ذلك أحد لحصبته السماء وخسفت به الأرض من تحته قال (أفترابون) قالوا انما يرابى من لا يؤمن برزق الله قال (أفتمرضون) قالوا لا نمرض ولا نذنب انما تذنب أمتك فيمرضون ليكون ذلك كفارة لذنوبهم قال (هل فى أرضكم سباع وهوام) قالوا نعم تمر بنا ونمر بها ولا تؤذينا ولا نؤذيها فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعته والصلوات الخمس عليهم وعلمهم الفاتحة وسورا من القرآن قال الحدادي اقرأهم عشر سور من القرآن نزلت بمكة ولم يكن يومئذ نزلت فريضة غير الصلاة والزكاة فامرهم بالصلاة والزكاة وان يتركوا تحريم السبت ويجمعوا وأمرهم ان يقيموا مكانهم فهم اليوم هناك حنفاء مسلمون مستقبلون قبلتنا يقول الفقير التجميع وهو بالفارسي [نماز آذينه آمدن وكزاردن آن] انما شرع بعد الهجرة فتناقض أول الكلام مع آخره وكذا امر القبلة ولعل النبي عليه السلام علمهم

[سورة الأعراف (7) : آية 160]

اولا ما نزل بمكة من الشرائع والاحكام ثم أكمل لهم الدعوة بطريق آخر فان المعراج بالروح والجسد معاوان حصل له عليه السلام مرة واحدة بمكة وفى ليلته فرضت الصلاة على ما عليه الكل الا انه عليه السلام كان يصل جسده الشريف فى لمحة الى حيث يصل اليه بصره وكان عنده القريب والبعيد على السواء هذا ما خطر بالضمير بعد ما رأيت من اهل التفسير ما يتنافى الاول منه بالأخير والله هو العليم الخبير والاشارة فى الآية وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعنى خواصهم يهدون بالحق يرشدون الخلق بالكتاب المنزل بالحق على موسى عليه السلام وَبِهِ يَعْدِلُونَ اى به يحكمون بين العوام وشتان بين امة امية بلغوا أعلى مراتب الروحانية بالسير فى متابعة النبي الأمي ثم اختطفوا عن انانية روحانيتهم بجذبات أنوار المتابعة الى مقام الوحدة التي هى مصدر وجودهم فى بقاء الوحدة كما قال تعالى كنت له سمعا وبصرا ولسانا فى يسمع وبى يبصر وبى ينطق وبالرجوع الى هذا المقام سموا أميين فانهم رجعوا الى أصلهم الذي صدروا عنه إيجادا وبين امة كان نبيهم محجوبا بحجاب الانانية عند سؤال الرؤية بقوله أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فاجيب لَنْ تَرانِي لانك كنت بك لابى فانه لا يرانى الا من كان بي لابه فاكون بصره الذي يبصر به وهذا مقام الامة الامية فلهذا قال موسى عليه السلام اللهم اجعلنى من امة احمد شوقا الى لقاء ربه فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية مصطفى را انبيا امت شدند ... جمله در زير لواء او بدند پايه اين امت مرحومه بين ... كى يقالوا بين ارباب اليقين رفعتش بين الأمم چون آفتاب ... در ميان أنجم اى عالى جناب پيشه كن اى حقى شرع اين نبى ... تا نباشد فوت از تو مطلبى وَقَطَّعْناهُمُ اى قوم موسى لا الامة المذكورة منهم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثانى مفعولى قطع لتضمنه معنى التصيير والتأنيث للحمل على الامة او القطعة اى صيرناهم اثنتي عشرة امة او قطعة متميزا بعضها من بعض أَسْباطاً بدل منه ولذلك جمع لان مميز أحد عشر الى تسعة عشر يكون مفردا منصوبا وأسباطا جمع فلا يصلح ان يكون مميزا له وهى جمع سبط والسبط من ولد اسحق كالقبيلة من ولد إسماعيل وهو فى الأصل ولد الولد أُمَماً بدل بعد بدل جمع امة وهى بمعنى الجماعة وانحصر فرق بنى إسرائيل فى اثنتي عشرة فرقة لانهم تشعبوا من اثنى عشر رجلا من أولاد يعفوب فانعم الله عليهم بهذا التقطيع والتمييز لتنتظم أحوالهم ويتيسر عيشهم وكانوا أقواما متباغضة متعصبة وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ اى طلبوا منه الماء حين استولى عليهم العطش فى التيه الذي وقعوا فيه بسوء صنيعهم أَنِ مفسرة لفعل الإيحاء اضْرِبْ بِعَصاكَ كان عصاه من آس الجنة وكان آدم حملها معه من الجنة الى الأرض فتوارثها الأنبياء صاغرا عن كابر حتى وصلت الى شعيب فاعطاها موسى الْحَجَرَ قد سبق فى البقرة على الاختلاف الواقع فيه وقال فى التفسير الفارسي [آن سنك را كه چون بتيه در آمدى با تو بسخن در آمد كه مرا بردار كه ترا بكار آيم وتو برداشتى وحالا در تو بره دارى موسى عليه السلام عصا بر ان سنك زد] فَانْبَجَسَتْ [پس شكافته شد وكشاده

[سورة الأعراف (7) : الآيات 161 إلى 166]

كشت] مِنْهُ [از آن سنك] اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً [دوازده چشمه] بعدد الأسباط قال الحدادي الانبجاس خروج الماء قليلا والانفجار خروجه واسعا وانما قال فانجبست لان الماء كان يخرج من الحجر فى الابتداء قليلا ثم يتسع فاجتمع فيه صفة الانجباس والانفجار قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ كل سبط عبر عنهم بذلك إيذانا بكثرة كل واحد من الأسباط مَشْرَبَهُمْ اى عينهم الخاصة بهم وكان كل سبط يشربون من عين لا يخالطهم فيها غيرهم للعصبية التي كانت بينهم قال ابن الشيخ كان فى ذلك الحجر اثنتا عشرة حفرة فكانوا إذا نزلوا وضعوا الحجر وجاء كل سبط الى حفرته فحفروا الجداول الى أهلهم فذلك قوله تعالى قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ اى موضع شربهم وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ اى جعلناها بحيث تلقى عليهم ظلها تسير فى التيه بسيرهم وتسكن بإقامتهم لتقيهم حر الشمس فى النهار وكان ينزل بالليل عمود من نار يسيرون بضوئه وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ الترنجبين قال فى القاموس المن كل طل ينزل من السماء على شجر او حجر ويحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ كالشير خشت والترنجبين وَالسَّلْوى قال القزويني وابن البيطار انه السمانى وقال غيرهما طائر قريب من السمانى قال فى التفسير الفارسي [مرغى بر شكل سمانى وآن طائريست در طرف يمن از كنجشك بزركتر واز كبوتر خردتر] وانما سمى سلوى لان الإنسان يسلو به عن سائر الادام وفى الحديث (أطيب اللحم لحم الطير) وفى الحديث ايضا (سيد الادام فى الدنيا والآخرة اللحم وسيد الشراب فى الدنيا والآخرة الماء وسيد الرياحين فى الدنيا والآخرة الفاغية) ويدل على كون اللحم سيد الطعام ايضا قوله صلى الله عليه وسلم (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) قيل كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع وتبعث الجنوب عليهم السمانى فيذبح الرجل منه ما يكفيه كُلُوا اى قلنا لهم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى مستلذاته وما موصولة كانت او موصوفة عبارة عن المن والسلوى قال فى التفسير الفارسي [از پاكيزها آنچهـ بمحض عنايت روزى كرديم شما را يعنى هر چهـ روزى ميرسد بخوريد وبراى خود ذخيره منهيد پس ايشان خلاف كرده وذخيره مى نهادند همه متعفن ومتغير ميشد] وَما ظَلَمُونا عطف على جملة محذوفة للايجاز اى فظلموا بان كفروا بتلك النعم الجليلة وما ظلمونا بذلك وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إذ لا يتخطاهم ضرره قال الحدادي اى يضرون أنفسهم باستيجابهم عذابى وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا كلفة ولا مشقة فى الدنيا ولا حساب ولا تبعة فى العقبى وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اى واذكر لهم يا محمد وقت قوله تعالى لاسلافهم اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ منصوبة على المفعولية يقال سكنت الدار وقيل على الظرفية اتساعا وهى بيت المقدس او اريحاء وهى قرية الجبارين بقرب بيت المقدس وكان فيها قوم من بقية عاد يقال لهم العمالقة رأسهم عوج بن عنق وَكُلُوا مِنْها اى من مطاعمها وثمارها حَيْثُ شِئْتُمْ اى من نواحيها من غير ان يزاحمكم فيها أحد وَقُولُوا حِطَّةٌ اى مسألتنا حطة ذنوبنا عنا فعلة من الحط كالردة

[سورة الأعراف (7) : آية 162]

من الرد. والحط وضع الشيء من أعلى الى أسفل والمراد هنا بالحط المغفرة وحط الذنوب وَادْخُلُوا الْبابَ اى باب القرية سُجَّداً منحنين متواضعين او ساجدين شكرا على إخراجهم من التيه. ثم ان كان المراد بالقرية اريحاء فقد روى انهم دخلوها حيث سار إليها موسى عليه السلام بمن بقي من بنى إسرائيل او بذرياتهم على اختلاف الروايتين ففتحها كما مر فى سورة المائدة. وان كان بيت المقدس فقد روى انهم لم يدخلوه فى حياة موسى فقيل المراد بالباب باب القبة التي كانوا يصلون فيها كذا فى الإرشاد نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ ما سلف من ذنوبكم باستغفاركم وخضوعكم سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا لهم بعد الغفران فقيل سنزيد المحسنين إحسانا وثوابا فالمغفرة مسببة عن الامتثال والاثابة محض تفضل فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ما أمروا به من التوبة والاستغفار حيث اعرضوا عنه ووضعوا موضعه قَوْلًا آخر مما لا خير فيه- روى- انهم دخلوا زاحفين على أستاههم وقالوا مكان حطة حنطة استخفافا بامر الله تعالى واستهزاء بموسى عليه السلام وعدولا عن طلب عفو الله تعالى ورحمته الى طلب ما يشتهون من اعراض الدنيا الفانية الدنية غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ نعت لقولا صرح بالمغايرة مع دلالة التبديل عليها قطعا تحقيقا للمخالفة وتنصيصا على المغايرة من كل وجه فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ اى على الذين ظلموا اثر ما فعلوا من غير تأخر والإرسال من فوق كالانزال رِجْزاً مِنَ السَّماءِ عذابا كائنا منها والمراد الطاعون- روى- انه مات منهم فى ساعة واحدة اربعة وعشرون ألفا بِما كانُوا يَظْلِمُونَ بسبب ظلمهم المستمر السابق واللاحق لا بسبب التبديل فقط كذا من لم يعرف قدر النعماء يقرع باب البلاء ليجرى عليه احكام القضاء فامتحن بانواع المحن والوباء واعلم ان الذين ظلموا من بنى إسرائيل أفسدوا عليهم النعمتين نعمة الدنيا وهى المن والسلوى وغيرهما ونعمة العقبى وهى المغفرة والاثابة وبعد فوت زمان التدارك لا ينفع نفسا إيمانها ولا تحسرها وندمها- حكى- ان أخوين فى الجاهلية خرجا مسافرين فنزلا فى ظل شجرة تحت صفاة فلما دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته إليهما فقالا ان هذا لمن كنز فاقاما عليه ثلاثة ايام كل يوم تخرج لهما دينارا فقال أحدهما للآخر الى متى ننتظر هذه الحية الا نقتلها ونحفر عن هذا الكنز فنأخذه فنهاه اخوه فقال ما تدرى لعلك تعطب ولا تدرك المال فابى عليه فأخذ فأسا معه ورصد الحية حتى خرجت وضربها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها فبادرت الحية فقتلته ورجعت الى حجرها فدفنه اخوه واقام حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوبا رأسها ليس معها شىء فقال يا هذه انى والله ما رضيت بما أصابك ولقد نهيت أخي عن ذلك فهل لك ان نجعل الله بيننا لا تضرينى ولا اضرك وترجعين الى ما كنت عليه فقالت الحية لا فقال ولم قالت لانى اعلم ان نفسك لا تطيب لى ابدا وأنت ترى قبر أخيك ونفسى لا تطيب لك وانا اذكر هذه الشجة كذا فى حياة الحيوان: قال فى المثنوى بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست

[سورة الأعراف (7) : الآيات 163 إلى 164]

اللهم اجعلنا من المتيقظين قبل طلوع صبح الآخرة ولا تجعلنا غافلين عما يهمنا من الأمور الباطنة والظاهرة ووفقنا كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا انك كنت بنا بصيرا وعن بواطننا خبيرا وَسْئَلْهُمْ عطف على واذكر المقدر عند قوله وَإِذْ قِيلَ والضمير البارز عائد الى اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس المقصود من السؤال استعلام ما ليس معلوما للسائل لانه عليه السلام كان قد علم هذه القصة من قبل الله تعالى بالوحى بل المقصود منه ان يحملهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ان يقروا بقديم كفرهم وتجاوزهم لحدود الله تعالى ومخالفتهم الأنبياء على طريق التوارث من أسلافهم وتقريعهم بذلك وان يظهر بذلك معجزة دالة على انه نبى حق اوحى اليه ما لا يعلم الا بتعليم او وحي فانه عليه السلام لما كان اميا ولم يخالط اهل الكتب السابقة وبين هذه القصة على وجهها من غير زيادة ولا نقصان تعين انه علم ذلك بالوحى فكان بيانها على ما وقعت معجزة ظاهرة من جملة معجزاته عليه السلام عَنِ الْقَرْيَةِ اى عن حالها وخبرها وما جرى على أهلها من الداهية الدهياء وهى ايلة بين مدين والطور والعرب تسمى المدينة قرية الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ اى قريبة منه مشرفة على شاطئه إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ اى يتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتعال فيه بغير العبادة وإذ ظرف للمضاف المحذوف إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ ظرف ليعدون. والحيتان جمع حوت قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كنون ونينان لفظا ومعنى. وكان على بن ابى طالب يقول سبحان من يعلم اختلاف النينان فى البحار الغامرات واضافتها إليهم لان المراد بالحيتان الكائنة فى تلك الناحية يَوْمَ سَبْتِهِمْ ظرف لتأتيهم اى تأتيهم يوم تعظيمهم لامر السبت فالسبت هنا مصدر سبتت اليهود إذا عظمت السبت بالتجرد للعبادة وفى التفسير الفارسي [روز شنبه ايشان] فهو اسم لليوم شُرَّعاً جمع شارع من شرع عليه إذا دنا واشرف وهو حال من حيتانهم اى تأتيهم يوم سبتهم ظاهرة على وجه الماء قريبة من الساحل وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ اى لا يراعون امر السبت لكن لا بمجرد عدم المراعاة مع تحققق يوم السبت كما هو المتبادر بل مع انتفائهما معا اى لا سبت ولا مراعاة لا تَأْتِيهِمْ كما كانت تأتيهم يوم السبت جذارا من صيدهم فان الله تعالى قوى دواعيها الى الشروع فى يوم السبت معجزة لنبى ذلك الوقت وابتلاء لتلك التي فصلت بين يوم السبت وغيره من الأيام كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ الكاف فى موضع النصب بقوله نبلوهم اى مثل ذلك البلاء العجيب الفظيع نعاملهم معاملة من يختبرهم ليظهر عدوانهم ونؤاخذهم به بِما كانُوا يَفْسُقُونَ اى بسبب فسقهم المستمر فى كل ما يأتون وما يذرون وَإِذْ قالَتْ عطف على إذ يعدون أُمَّةٌ مِنْهُمْ اى جماعة من صلحائهم الذين ركبوا فى عظتهم متن كل صعب وذلول حتى يئسوا من احتمال القبول لآخرين لا يقلعون عن التذكير رجاء للنفع والتأثير مبالغة فى الاعذار وطمعا فى فائدة الانذار لِمَ تَعِظُونَ [چرا پند ميدهيد] قَوْماً [كروهى را كه بي شبهه] اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ اى مستأصلهم ومطهر الأرض منهم أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً دون الاستئصال بالمرة. والمفهوم من بقية الآية كون المراد عذاب

[سورة الأعراف (7) : الآيات 165 إلى 166]

الدنيا قالوه مبالغة فى ان الوعظ لا ينجح فيهم لا إنكارا لوعظهم ورضى بالمعصية منهم قالُوا اى الوعاظ مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ مفعول له اى نعظم معذرة اليه تعالى. والمعذرة اسم مصدر بمعنى العذر وهو بضم فسكون فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وهذا الثالث التوبة فكل توبة عذر بلا عكس وقيل المعذرة بمعنى الاعتذار يقال اعتذرت الى فلان من جرمى ويعدى بمن والمعتذر قد يكون محقا وغير محق كذا فى تاج المصادر: قال السعدي قدس سره كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيا را چهـ جاى معذرتست پرده از لطف كو كه بردارد ... كاشقيا را اميد مغفرتست وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ عطف على معذرة اى ورجاء لان يتقوا بعض التقاة ويتركوا المعصية لان قبول الحق الواضح يرجى من العاقل واليأس لا يحصل الا بالهلاك وهذا صريح فى ان القائلين لم تعظون إلخ ليسوا من الفرقة الهالكة والا لوجب الخطاب اى ولعلكم فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ اى تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسي للشىء واعرضوا عنه إعراضا كليا بحيث لم يخطر ببالهم شىء من تلك المواعظ أصلا فيكون من ذكر المسبب وارادة السبب أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ اى خلصنا الذين ينهون عن الاصطياد وهم الفريقان المذكوران قال ابن عباس رضى الله عنهما نزل والله بالمداهن ما نزل بالمستحل وقال الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وأنكر القول الذي ذكر له عن ابن عباس وقال ما هلك الا فرقة لانه ليس شىء ابلغ فى الأمر بالمعروف والوعظ من ذكر الوعيد وقد ذكرت الفرقة الثالثة الوعيد فقالت لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا وقول الحسن اقرب الى ظاهر الآية كذا فى تفسير الحدادي وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بالاعتداء ومخالفة الأمر بِعَذابٍ بَئِيسٍ اى شديد وزنا ومعنى بِما كانُوا يَفْسُقُونَ متعلق باخذنا كالباء الاولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى اى أخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب تماديهم فى الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة وهو الظلم والعدوان ايضا ولعله تعالى قد عذبهم بعذاب شديد دون الاستئصال فلم يقلعوا عما كانوا عليه بل ازدادوا فى الغى فمسخهم بعد ذلك لقوله تعالى فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ اى تمردوا وتكبروا وأبوا عن ترك ما نهوا عنه قدر المضاف إذ التكبر والإباء من نفس المنهي عنه لا يذم فهو كقوله تعالى وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى عن امتثال امر ربهم والعاتي هو شديد الدخول فى الفساد المتمرد الذي لا يقبل الموعظة قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ صاغرين أذلاء بعداء عن الناس. فى القاموس خسأ الكلب كمنع طرده والكلب بعد. والقردة جمع قرد بالفارسي [پوزينه] والأنثى قردة وجمعها قرد مثل قربة وقرب والمراد هو الأمر التكويني لا القولى التكليفي لانهم لا يقدرون على قلب أنفسهم قردة وتكليف العاجز غير معقول فليس ثمة قول ولا امر ولا مأمور حقيقة وانما هو تعلق قدرة وارادة بمسخهم نعوذ بالله تعالى- روى- ان اليهود أمروا باليوم الذي أمرنا به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت وهو المعنى بقوله تعالى إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فابتلوا

به وحرم عليهم الصيد وأمروا بتعظيمه فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت كأنها المخاض والكباش البيض السمان تنتطح لا يرى وجه الماء لكثرتها ولا تأتيهم فى سائر الأيام فكانوا على ذلك برهة من الدهر ثم جاءهم إبليس فقال لهم انما نهيتم عن أخذها يوم السبت فاتخذوا حياضا سهلة الورود صعبة الصدور ففعلوا فجعلوا يسوقون الحيتان إليها يوم السبت فلا تقدر على الخروج ويأخذونها يوم الأحد وأخذ رجل منهم حوتا وربط فى ذنبه حيطا الى خشبة فى الساحل ثم شواه يوم الأحد فوجد جاره ريح السمك فتطلع على تنوره فقال له انى ارى الله سيعذبك فلما لم يره عذاب أخذ فى السبت القابل حوتين فلما رأوا ان العذاب لا يعاجلهم استمروا على ذلك فصادوا وأكلوا وملحوا وباعوا وكانوا نحوا من سبعين الفا فكان اهل القرية أثلاثا. ثلث استمروا على النهى. وثلث ملوا التذكير وشموه وقالوا للواعظين لم تعظون إلخ. وثلث باشروا الخطيئة فلما لم ينتهوا قال المسلمون نحن لا نساكنكم فباعوا الدور والمساكن وخرجوا من القرية فضربوا الخيام خارجا منها او اقتسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ولعنهم داود عليه السلام فاصبح الناهون ذات يوم فخرجوا من أبوابهم وانتشروا لمصالحهم ولم يخرج من المعتدين أحد فقالوا لعل الخمر غلبتهم أو إن لهم لشأنا من خسف او مسخ او رمى بالحجارة فعلوا الجدر فنظروا فاذا هم قردة او صار الشبان قردة والشيوخ خنازير ففتحوا الباب ودخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابهم من الانس وهم لا يعرفونها فجعل القرد يأتى نسيبه فيشم ثيابه فيبكى ويقول له نسيبه ألم ننهكم فيقول القرد برأسه بلى ودموعهم تسيل على خدودهم ثم ماتوا عن مكث ثلاثة ايام كما قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يعش ممسوخ قط اكثر من ثلاثة ايام وعليه الجمهور. واما قوله عليه السلام (فقدت امة من بنى إسرائيل لا يدرى ما فعلت ولا أراها الا الفأر ألا ترونها إذا وضع لها البان الإبل لم تشربها وإذا وضع لها البان غيرها شربتها) وما روى ان النبي عليه السلام اتى بضب فابى ان يأكله وقال (لا أدرى لعله من القرون التي مسخت) فالجواب عنهما ان ذلك كان قبل ان يوحى اليه ان الله لم يجعل لممسوخ نسلا فلما اوحى اليه زال عنه ذلك المتخوف وعلم ان الضب والفأر ليسا مما مسخ فعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن القردة والخنازير أهي مما مسخ فقال (ان الله لم يهلك قوما او يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وان القردة والخنازير كانوا قبل ذلك وثبت النصوص بأكل الضب بحضرته وعلى مائدته ولم ينكره) كذا فى حياة الحيوان وعن مجاهد وانما مسخت قلوبهم فقط وردت افهامهم كافهام القردة وهذا قول تفرد به عن جميع المسلمين يقول الفقير مسخ القلب مشترك بين عصاة جميع الأمم وعادة الله تعالى فى النبوة الاولى تعجيل عقوبة الدنيا على أقبح وجه وأفظعه ولا عقوبة أدهى من تبديل الصورة الحسنة الانسانية الى صورة اخس الحيوانات وهى صورة القردة والخنازير القبيحة نعم مسخ القلب والمعنى سبب لمسخ القالب والصورة نعوذ بالله وعن الحسن وايم الله ما حوت اخذه قوم فاكلوه أعظم عند الله من قتل رجل مسلم ولكن الله جعل ذلك موعدا والساعة أدهى وامر قال انس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سئل هل فى أمتك خسف (قال

[سورة الأعراف (7) : الآيات 167 إلى 171]

نعم) قيل ومتى ذلك يا رسول الله قال (إذا لبسوا الحرير واستباحوا الزنى وشربوا الخمور وطففوا المكيال والميزان واتخذوا القينات والمعازف وضربوا بالدفوف واستحلوا الصيد فى الحرم) والاشارة ان القرية هى قرية الجسد الحيواني على شاطىء بحر البشرية واهل قرية الحس الصفات الانسانية وهى على ثلاثة اصناف. منها صنف روحانى كصفات الروح. وصنف قلبى كصفات القلب. وصنف نفسانى كصفات النفس الامارة بالسوء وكل قد نهوا عن صيد حيتان الدواعي البشرية فى سبت محارم الله. فصنف امسك عن الصيد ونهى عنه وهو الصفات الروحانية وصنف امسك ولم ينه وهو الصفات القلبية. وصنف انتهك الحرمة وهو الصفات النفسانية قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة يوم طور النفس الامارة بالسوء يوم السبت لانقطاع اهله باتباع الطاغوت والجبت وشهره شهر المحرم لحرمانه من القربة والنيل والوصلة ونجمه القمر وفلكه فلك السماء الدنيا وآيته قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ انتهى وتتوفر الدواعي البشرية فيما حرم الله بإغراء الشيطان وتزيينه لان الإنسان حريص على ما منع ولا يرغب فيما لم يحرم الله فمن كان الغالب عليه صفات الروح وقهر النفس وتبديل صفاتها بالتزكية والتحلية فانه من اهل النجاة وارباب الدرجات واصحاب القربات. ومن كان الغالب عليه النفس وصفاتها فانه من اهل الهلاك وارباب الدركات واصحاب المباعدات: وفى المثنوى نفس تو تامست وتازه است وقديد ... دانكه روحت حاسه غيبى نديد كه علاماتست زان ديدار نور ... التجافي منك عن دار الغرور واى آنكه عقل او ماده بود ... نفس زشتش نرو آماده بود لا جرم مغلوب باشد عقل او ... جز سوى خسران نباشد نقل او وصف حيوانى بود بر زن فزون ... زانكه سوى رنك وبو دارد ركون وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ بمعنى آذن مثل توعد بمعنى أوعد. والإيذان الاعلام وبمعنى عزم لان من عزم على الأمر وصمم نيته عليه يحدث به نفسه ويؤذنها بفعله وعزم الله تعالى على الأمر عبارة عن تقرر ذلك الأمر فى علمه وتعلق إرادته بوقوعه فى الوقت المقدر له. والمعنى واذكر يا محمد لليهود وقت إيجابه تعالى على نفسه لَيَبْعَثَنَّ البتة عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بقوله ليبعثن واللام فيه لام جواب القسم لان قوله وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ جار مجرى القسم كعلم الله وشهد الله من حيث دلالته على تأكد الخبر المؤذن به مَنْ يَسُومُهُمْ السوم [رنج بخشانيدن] كذا فى تاج المصادر فالمعنى [كسى كه بخشاند ايشانرا] سُوءَ الْعَذابِ [عذابى سخت] كالاذلال وضرب الجزية وغير ذلك من فنون العذاب. وقد بعث الله تعالى عليهم بعد سليمان عليه السلام بخت نصر فخرب ديارهم وقتل مقاتليهم وسبى نساهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم وكانوا يؤدونها الى المجوس حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ففعل ما فعل ثم ضرب الجزية فلا تزال مضروبة الى آخر الدهر قال الحدادي وفى هذه الآية دلالة على ان اليهود لا ترفع لهم راية عز الى يوم القيامة إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ يعاقبهم فى الدنيا

[سورة الأعراف (7) : آية 168]

وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تاب وآمن منهم وفى الآية اشارة الى ان الشيطان وهو المنظر الى يوم القيامة يبعث ليسوم الخلق سوء العذاب وهو الابعاد من القربة والإغراء فى الضلالة والاقعاد عن العبودية والإضلال عن الصراط المستقيم ان ربك لسريع العقاب يعاقبهم فى الدنيا ويملى لهم ليزدادوا اثما هذا عقوبة فى الدنيا وهى تورث العقوبة فى الآخرة وانه لغفور يغفر ذنوب من يرجع اليه ويتوب اى الأرواح والقلوب لو رجعت عن متابعة النفس وهواها وتابت الى الله واستغفرت لغفر لها لانه رحيم يرحم من تاب اليه وفيه معنى آخر انه لسريع العقاب اى يعاقب المؤمنين فى الدنيا بانواع البلاء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ويوفقهم الى الصبر على ذلك ليجعله كفارة لذنوبهم حتى إذا خرجوا من الدنيا خرجوا أنقياء لا يعذبون فى الآخرة وانه لغفور رحيم لهم فى الآخرة لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى فى وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال الآخر مالى أراك عابسا كانك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الى احسنكما ظنابى: قال السعدي نه يوسف كه چندان بلا ديد وبند ... چوحكمش روان كشت وقدرش بلند كنه عفو كرد آل يعقوب را ... كه معنى بود صورت خوب را بكردار بدشان مقيد نكرد ... بضاعات مزجات شان رد نكرد ز لطفت همى چشم داريم نيز ... برين بي بضاعت ببخش اى عزيز فينبغى للعاقل ان يحسن الظن بربه ولا يتكاسل فى باب العبادة فان السفينة لا تجرى على اليبس وعن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون المجنون فقلت كيف حالك وكيف أنت قال يا مالك كيف يكون حال من امسى وأصبح يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولازاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك قال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى لا يحسن فيه عمل أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدرى بعد ذلك أصير الى الجنة أم الى النار فسمعت منه كلام حكمة فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال وأنت اغتررت بما اغتر به بنوا إسرائيل زعم الناس انى مجنون وما بي جنة ولكن حب مولاى قد خالط قلبى واحشائى وجرى بين لحمى ودمى وعظامى فانا والله من حبه هائم مشغوف فقلت يا سعدون فلم تجالس الناس وتخالطهم فانشأ يقول كن من الناس جانبا ... وارض بالله صاحبا قلب الناس كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا كذا فى روض الرياحين لليافعى وَقَطَّعْناهُمْ اى فرقنا بنى إسرائيل فِي الْأَرْضِ وجعلنا كل فرقة منهم فى قطر من أقطارها بحيث لا تخلو ناحية منها منهم تتميما لجزاء ادبارهم واعراضهم عن الحق حتى لا يكون لهم شوكة بالاجتماع ابدا أُمَماً حال من مفعول قطعناهم اى حال كونهم جماعات او مفعول ثان لقطعنا باعتبار تضمنه معنى صيرنا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ صفة لامما وهم المتدينون بدين موسى وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ تقديره ومنهم ناس دون ذلك

[سورة الأعراف (7) : آية 169]

على ان دون ذلك صفة لموصوف محذوف مرفوع على الابتداء. وقوله منهم خبر قدم عليه قال التفتازانيّ قد شاع فى الاستعمال وقوع المبتدأ والخبر ظرفين واستمر النحاة على جعل الاول خبرا والثاني مبتدأ بتقدير موصوف دون العكس وان كان ابعد من جهة المعنى والتأخير بالخبر اولى وكأنهم يرون المصير الى ان الحذف فى أوانه اولى انتهى وذلك اشارة الى الصلاح المدلول عليه بقوله الصالحون بتقدير المضاف ليصح المعنى اى ومنهم دون اهل ذلك الصلاح منحطون عنهم وهم كفرتهم وفسقتهم وجوز بمعنى أولئك فالاشارة الى الصالحين وقد ذكر النحويون ان اسم الاشارة المفرد قد يستعمل للمثنى والمجموع كذا فى حواشى سعدى چلبى وَبَلَوْناهُمْ اى عاملناهم معاملة المبتلى المختبر بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ بالنعم والنقم حيث فتحنا عليهم تارة باب الخصب والعافية وتارة باب الجدب والشدائد لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ينتهون فيرجعون عما كانوا عليه من الكفر والمعاصي فان كل واحد من الحسنات والسيئات يدعو الى الطاعة اما الحسنات فللترغيب فيها واما السيئات فللترهيب عن المعصية قال الكاشفى [ايشانرا در نعمت شكر بايست كرد بطر واستغنا ظاهر كردند وگفتند ان الله فقير ونحن اغنياء ودر محنت صبرى بايست كرد آغاز ناسزا كردند وكفتند يد الله مغلولة بر محك اختبار تمام عيار بيرون نيامدند] خوش بود كر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد وفى التأويلات النجمية وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ اى بكثرة الطاعات ورؤيتها والعجب بها كما كان حال إبليس وَالسَّيِّئاتِ اى المعاصي ورؤيتها والندامة عليها والتوبة منها والخوف والخشية من ربهم كما كان حال آدم عليه السلام رجع الى الله تعالى وقال رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد المذكورين خَلْفٌ اى بدل سوء وهم الذين كانوا فى عصر النبي صلى الله عليه وسلم الذين خلفوا من اليهود الذين فرقهم الله فى الأرض امما موصوفين بانهم منهم الصالحون ومنهم دون ذلك. والخلف مصدر نعت به ولذلك يقع على الواحد والجمع يقال خلف فلان فلانا إذا كان خليفته وخلفه فى قومه خلافة اى قام مقامه فى تدبير احوال قومه قال ابن الاعرابى الخلف بفتح اللام الصالح وبإسكان اللام الصالح ومنه قيل لرديىء الكلام خلف وقال محمد بن جرير اكثر ما جاء فى المدح بفتح اللام وفى الذم بتسكينها وقد يحرك فى الذم ويسكن فى المدح قال واحسبه فى الذم مأخوذا من خلف اللبن إذا حمض من طول تركه فى السقاء حتى يفسد ومنه قولهم خلف فم الصائم إذا تغيرت ريحه وفسدت فكان الرجل الفاسد مشبه به والحاصل ان كليهما يستعملان فى الشر والخير الا ان اكثر الاستعمال فى الخير بالفتح كذا فى تفسير الحدادي وَرِثُوا الْكِتابَ اى التوراة من أسلافهم يقرأونها ويقفون على ما فيها. والميراث ما صار للباقى من جهة الهالك وهو فى محل الرفع على انه نعت لقوله خلف يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى استئناف اى يأخذون حطام هذا الشيء الأدنى يعنى الدنيا وهو من الدنو اى القرب سميت هذه الدار وهذه الحياة دنيا لدنوها وكونها عاجلة يقال دنوت منه دنوا اى قربت والداني القريب او من الدناءة يقال دنا الرجل دناءة اى صار

[سورة الأعراف (7) : آية 170]

دنيئا خسيسا لا خير فيه والمراد ما كانوا يأخذونه من الرشى فى الحكومات وعلى تحريف الكلام قال الحدادي سمى متاع الدنيا عرضا لقلة بقائه كأنه يعرض فيزول قال الله تعالى هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا يريدون بذلك السحاب وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا لا يؤاخذنا الله بذلك ويتجاوز عنه يقال غفر الله له ذنبه غطى عليه وعفا عنه. قوله سيغفر اما مسند الى الجار والمجرور بعده وهو لنا واما الى ضمير الاخذ فى يأخذون كقوله اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ اى سيغفر لنا أخذ العرض الأدنى وفى التأويلات النجمية من شأن النفوس ان يجعلوا المواهب الربانية والكشوف الروحانية ذريعة العروض الدنيوية ويصرفها فى تحصيل المال والجاه واستيفاء اللذات والشهوات ويقولون سيغفر لنا لانا وصلنا الى مقام ورتبة يغفر لنا مثل الزلات والخطيئات كما هو مذهب اهل الإباحة جهالة وغرورا منهم وفيه معنى آخر وهوانهم يقولون سيغفر لنا إذا استغفرنا منها وهم يستغفرون باللسان لا بالقلب وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ حال من فاعل يقولون اى يأخذون الرشى فى الاحكام وعلى تحريف الكلم للتسهيل على العامة ويقولون انه تعالى لا يؤاخذنا بأخذ ما أخذناه من عرض الدنيا ويتجاوز عنه والحال انهم مصرون على اخذه عائدون الى مثله غير تائبين عنه أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ اى العهد المذكور فى التوراة أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ عطف بيان للميثاق اى لا تفتروا على الله مثل القطع على المغفرة مع الإصرار على الذنب وَدَرَسُوا ما فِيهِ [وخوانده اند آنچهـ دروست واين حكم در وى نديده اند] وهو معطوف على ألم يؤخذ من حيث المعنى فانه تقرير اى أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه ولك ان تقول درسوا عطف على لم يؤخذ فالاستفهام التقريرى متعلق بهما وَالدَّارُ الْآخِرَةُ [ورستكارى سراى ديكر كه عقابست خَيْرٌ بهترست از عرض دنيا] لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ المعاصي والشرك وأكل الحرام والافتراء على الله تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ تعلمون ذلك فلا تستبدلوا الأدنى المؤدى الى العقاب بالنعيم المخلد وَالَّذِينَ اى وخير ايضا للذين يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ اى يتمسكون به فى امور دينهم يقال مسك بالشيء وتمسك به قال مجاهد هم الذين آمنوا من اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه تمسكوا بالكتاب الذي جاء به موسى عليه السلام فلم يحرفوه ولم يكتموه ولم يتخذوه مأكلة اى وسيلة وسببا لاكل اموال الناس وقال عطاء هم امة محمد عليه السلام فالمراد بالكتاب القرآن وَأَقامُوا الصَّلاةَ من قبيل ذكر الخاص بعد ذكر العام للتنبيه على شرف الخاص وفضله فان اقامة الصلاة أعظم العبادات وأفضلها بعد الايمان فافردت بالذكر لعلو قدرها بالنسبة الى سائر انواع التمسكات خانه دين خويش را چوخدا ... بر ستون نماز كرد بنا بي شكى تا ستون بجاى بود ... خانه دين حق بپاى بود إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ اى نعطيهم أجرهم فى القول والعمل قال الكاشفى [مزد كار بصلاح آرندگان كردار خود را بلكه بتمام بديشان رسانيم] والإصلاح اما إصلاح الظواهر واما إصلاح السرائر وذلك بالتقيد بالأعمال الظاهرة وتربية النفس الى ان تصلح لقبول فيض

[سورة الأعراف (7) : آية 171]

نور الله واعلم ان الغالب فى آخر الزمان ترك العمل بالقرآن ولقد خلف من بعد السعداء أشقياء اطمأنوا الى زخارف الدنيا قال الحسن رأيت سبعين بدريا كانوا فيما أحل الله لهم ازهد منكم فيما حرم الله عليكم وكانوا بالبلاء أشد منكم فرحا بالرخاء لو رأيتموهم قلتم مجانين ولو رأوا اخياركم قالوا ما لهؤلاء من خلاق ولو رأوا أشراركم حكموا بانهم ما يؤمنون بيوم الحساب إذا عرض عليهم الحلال من المال تركوه خوفا من فساد قلوبهم قال هرم لاويس اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة قال من قال خانه پر كندم ويك جو نفرستاده بكور ... غم مركت چوغم برك زمستانى نيست وهذا الشك لا يزول الا بالتوفيق الخاص الإلهي ولا بد من تربية المرشد الكامل فانه اعرف بمصالح النفس ومفاسدها ز من اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ النتق قلع الشيء من موضع والجبل هو الطور الذي سمع موسى كلام الله واعطى الألواح وهو عليه او جبل من جبال فلسطين او الجبل الذي كان عند بيت المقدس وفوقهم منصوب بنتقنا باعتبار تضمنه لمعنى رفعنا كأنه قيل رفعنا الجبل فوق بنى إسرائيل بنتقه وقلعه من مكانه فالنتق من مقدمات الرفع وسبب لحصوله كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ اى سقيفة وهى كل ما اظلك بالفارسية [سايبان] وَظَنُّوا اى تيقنوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ اى ساقط عليهم لان الجبل لا يثبت فى الجو ولانهم كانوا يوعدون به على تقدير عدم قبولهم احكام التوراة- روى- ان موسى عليه السلام لما اتى بنى إسرائيل بالتوراة وقرآها عليهم وسمعوا ما فيها من التكاليف الشاقة أبوا ان يقبلوها ويتدينوا بما فيها فامر الله الجبل فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم بحيث حاذى معسكرهم جميعا ولم يبق منهم أحد الا والجبل فوقه وكان معسكرهم فرسخا فى فرسخ وقيل لهم ان قبلتموها بما فيها والا ليقعن عليكم فلما نظروا الى الجبل خر كل رجل منهم ساجدا على جانبه الا يسر وهو ينظر بعينه اليمنى الى الجبل خوفا من سقوطه فلذلك لا ترى يهوديا يسجد الأعلى جانبه الا يسر ويقولون هى السجدة التي رفعت بها عنا العقوبة فقبلوها جبرا قيل كل من اتى بشىء جبرا ينكص على عقبيه حين يجد فرصة كذلك اهل التوراة لما قبلوها جبرا ما لبثوا حتى شرعوا فى تحريفها خُذُوا على إضمار القول اى قلنا خذوا ما آتَيْناكُمْ من الكتاب بِقُوَّةٍ بجد وعزم على تحمل مشاقه وهو حال من الواو وَاذْكُرُوا ما فِيهِ بالعمل ولا تتركوه كالمنسى لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ بذلك قبائح الأعمال ورذائل الأخلاق وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لو وكل الى نفسه وطبيعته لا يقبل شيأ من الأمور الدينية طبعا ولا يحمل أثقاله قطعا الا ان يعان على القبول والحمل بامر ظاهر او باطن فيضطر الى القبول والحمل فالله تعالى أعان ارباب العناية حتى حملوا أثقال المجاهدات والرياضيات وأخذوا ما آتاهم الله بقوة منه لا بقوتهم وإرادتهم: وفى المثنوى چشمها وكوشها را بسته اند ... جز مر آنها را كه از خود رسته اند

جز عنايت كه كشايد چشم را ... حز محبت كه نشايد خشم را جهد بي توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره مخاطبا لحضرة الهدايى ان كثيرا قد اجتهدوا ثلاثين سنة فلم يتيسر ما حصل لك فقال الهدايى ان بابنا الذي نخدم فيه أعلى مما خدموا فينبغى ان تكون لنا العناية بهذا القدر فتبسم حضرة الشيخ- يحكى- ان أبا يزيد البسطامي لم يأكل البطيخ الأخضر زمانا لعدم وقوفه على ان النبي عليه السلام بأى وجه قطعه والشمس التبريزي قال ان البسطامي كان فى الحجاب بسبب قصة البطيخ قال افتاده افندى كأنه أراد ان قوة زهد البسطامي جعلته محجوبا ولكن التحقيق ان كلا منهما على الكمال غايته ان أبا يزيد البسطامي وصل من طريق الرياضة والشمس التبريزي وصل من طريق المعرفة والطرق الى الله كثيرة ولكن طريق الرياضة احكم واثبت فصاحب الزهد الغالب وان لم ينفتح له الطريق زمانا ولكنه إذا انفتح يكون دفعة وبذلك لم يقدر الحلاج على ضبطه لكماله فى الشريعة والطريقة فظهر حقيقة الحال على الأسلوب المذكور فعناية الله تعالى تهدى اولا الى القبول ثم الى الزهد والرياضة ثم الى العشق والحالة ثم الى عالم الحقيقة والطرق الى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق فكل أحد يصل الى الله تعالى من طريق وهى غير متعينة وليست هى كما يزعمها الناس إذ ليست على الأسلوب الظاهر قال الله تعالى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها فالمراد بها الطريق المناسب لكل أحد وطريق الوصول هو التقوى والذكر واعلم ان الكتب الالهية انما جاءت رحمة من الله تعالى وعناية وكذا الأنبياء عليهم السلام فمن اتبعهم وقبل ما جاؤا به فقد نجا من العقبات وخرج من محبس هذا العالم وطار الى الملكوت الأعلى وللهمة تأثير عظيم- ذكر- ان فى الهند قوما إذا اهتموا بشىء اعتزلوا عن الناس وصرفوا همتهم الى ذلك الشيء فيقع على وفق اهتمامهم ومن هذا القبيل ما ذكر ان السلطان محمود غزا بلاد الهند وكانت فيها مدينة كلما قصدها مرض فسأل عن ذلك فقيل له ان عندهم جمعا من الهند إذا صرفوا همتهم الى ذلك يقع المرض على وفق ما اهتموا فاشار اليه بعض أصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة لتشوش همتهم ففعل ذلك فزال المرض واستخلصوا المدينة فانت ايها السالك بضرب طبول الذكر وجهره وتشوش همّ النفس وخواطرها الفاسدة تخلص مدينة القلب من يدها بعناية الله تعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته الأعلى (لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) قال الشيخ ابو النجيب السهروردي المراد بقوله تعالى إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ الجهر بالذكر وقال عمر النسفي والامام الواحدي فى تفسيريهما الذكر من جملة الفرائض وإعلان الفرائض اولى وأحب دفعا للتهمة والجهر يوقظ قلب الذاكر ويجمع همه الى الفكر ويصرف سمعه اليه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط: وفى المثنوى يا دهان خويشتن را پاك كن ... روح خود را چاپك و چالاك كن ذكر حق پاكست چون پاكى رسيد ... رخت بر بندد برون آيد پليد مى كريزد ضدها از ضدها ... شب كريزد چون بر افروزد ضيا

[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 إلى 176]

چون در آيد نام پاك اندر دهان ... نى پليدى ماند ونى اندهان قوله تعالى وَاذْكُرُوا ما فِيهِ يتناول الذكر اللفظي والحفظ الظاهري وان كان العمدة هى العمل كما قال سعدى قدس سره [مراد از نزول قرآن تحصيل سيرت خوبست نه ترتيل سوره مكتوب عامىء متعبد پياده رفتست وعالم متهاون سوار خفته] أيقظنا الله وإياكم من منام الغفلة والجهالة وختم عواقب أمورنا بأحسن الخاتمة والحالة آمين وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ اى واذكر يا محمد لبنى إسرائيل وقت أخذ ربك مِنْ بَنِي آدَمَ اى آدم وأولاده كأنه صار اسما للنوع كالانسان والبشر والمراد بهم الذين ولدهم كائنا من كان نسلا بعد نسل سوى من لم يولد له بسبب من الأسباب كالعقم وعدم التزوج والموت صغيرا مِنْ ظُهُورِهِمْ بدل من بنى آدم بدل البعض اى من أصلابهم وفيه تنبيه على ان الميثاق قد أخذ منهم وهم فى أصلاب الآباء ولم يستودعوا فى أرحام الأمهات ذُرِّيَّتَهُمْ مفعول أخذ أي نسلهم قرنا بعد قرن يعنى اخرج بعضهم من بعض كما يتوالدون فى الدنيا بحسب الأصلاب والأرحام والأدوار والأطوار الى آخر ولد يولد وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ اى اشهد كل واحد من أولئك الذريات المخصوصين المأخوذين من ظهور آبائهم على نفسه لا على غيره تقريرا لهم بربوبيته التامة وما تستتبعه من العبودية على الاختصاص وغير ذلك من أحكامها أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ على ارادة القول اى قائلا ألست بربكم ومالك أمركم ومربيكم على الإطلاق من غير ان يكون لاحد مدخل فى شأن من شؤونكم قالُوا استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قالوا فقيل قالوا بَلى شَهِدْنا اى على أنفسنا بانك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك والفرق بين بلى ونعم ان بلى اثبات لما بعد النفي اى أنت ربنا فيكون ايمانا ونعم لتقرير ما سبق من النفي اى لست بربنا فيكون كفرا وهذا تمثيل وتخييل نزل تمكينهم من العلم بربوبيته بنصب الدلائل الآفاقية والانفسية وخلق الاستعداد فيهم منزلة الاشهاد وتمكينهم من معرفتها والإقرار بها منزلة الاعتراف فلم يكن هناك أخذ وإشهاد وسؤال وجواب وباب التمثيل باب واسع وارد فى القرآن والحديث وكلام البلغاء قال الله تعالى فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ أَنْ تَقُولُوا مفعول له لما قبله من الاخذ والاشهاد اى فعلنا ما فعلنا كراهة ان تقولوا يَوْمَ الْقِيامَةِ عند ظهور الأمر إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا اى عن وحدانية الربوبية وأحكامها غافِلِينَ لم ننبه عليه بدليل فانهم حيث جبلوا على الفطرة ومعرفة الحق فى القوة القريبة من الفعل صاروا محجوجين عاجزين عن الاعتذار بذلك ولو لم تكن الآية على طريقة التمثيل بل لو أريد حقيقة الاشهاد والاعتراف وقد انسى الله تعالى بحكمته تلك الحال لم يصح قوله ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين كما فى حواشى سعدى چلبى المفتى أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا عطف على ان تقولوا واو لمنع الخلو دون الجمع اى اخترعوا الإشراك وهم سنوه مِنْ قَبْلُ من قبل زماننا وَكُنَّا نحن ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ لا نهتدى الى السبيل ولا نقدر على الاستدلال بالدليل فاقتدينا بهم أَفَتُهْلِكُنا اى أتؤاخذنا فتهلكنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ من آبائنا المضلين بعد ظهور انهم المجرمون ونحن عاجزون عن التدبر والاستبداد بالرأى فان ما ذكر من

[سورة الأعراف (7) : آية 174]

استعدادهم الكامل يسد عليهم باب الاعتذار بهذا ايضا فان التقليد بعد قيام الدلائل والقدرة على الاستدلال بها مما لا مساغ له أصلا وَكَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعده ومحله النصب على المصدرية اى مثل ذلك التفصيل البليغ المستتبع للمنافع الجليلة نُفَصِّلُ الْآياتِ المذكورة لا غير ذلك وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وليرجعوا عما هم عليه من الإصرار على الباطل وتقليد الآباء نفعل التفصيل المذكور. فالوا وان ابتدائيتان ويجوز ان تكون الثانية عاطفة على مقدر مرتب على التفصيل اى وكذلك نفصل الآيات ليقفوا على ما فيها ومن المرغبات والزواجر وليرجعوا إلخ هذا والأكثر على ان المقاولة المذكورة فى الآية حقيقة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما من انه لما خلق الله آدم عليه السلام مسح ظهره فاخرج منه كل نسمة هو خالقها الى يوم القيامة فقال ألست بربكم قالوا بلى فنودى يومئذ جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة وقد روى عن عمر رضى الله عنه انه سئل عن الآية الكريمة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال (ان الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل اهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال هؤلاء للنار وبعمل اهل النار يعملون) فقال رجل ففيم العمل يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل اهل الجنة حتى يموت على عمل من اعمال اهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا حلق العبد للنار استعمله بعمل اهل النار حتى يموت على عمل من اعمال اهل النار فيدخل به النار) وليس المعنى انه تعالى اخرج الكل من ظهره عليه السلام بالذات بل اخرج من ظهره عليه السلام أبناءه الصلبية ومن ظهورهم أبناءهم الصلبية وهكذا الى آخر السلسلة لكن لما كان الظهر الأصلي ظهره عليه السلام وكان مساق الحديثين الشريفين بيان حال الفريقين اجمالا من غير ان يتعلق بذكر الوسائط غرض علمى نسب إخراج الكل اليه واما الآية الكريمة فحيث كانت مسوقة للاحتجاج على الكفرة المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان عدم إفادة الاعتذار بإسناد الإشراك الى آبائهم اقتضى الحال نسبة إخراج كل واحد منهم الى ظهر أبيه من غير تعرض لاخراج الأبناء الصلبية لآدم عليه السلام من ظهره قطعا كذا فى الإرشاد وقال الحدادي فان قيل كيف يكون الميثاق حجة على الكفار منهم وهم لا يذكرون ذلك حين أخرجهم من صلب آدم قيل لما أرسل الله الرسل فاخبروهم بذلك الميثاق صار قول الرسل حجة عليهم وان لم يذكروا ألا ترى ان من ترك من صلاته ركعة ونسى ذلك فذكرت له ذلك الثقات كان قولهم حجة عليه قال المولى ابو السعود على القول الثاني وهو ما ذهب اليه الأكثر من حقيقة المقاولة ان قوله تعالى أَنْ تَقُولُوا إلخ ليس مفعولا له لقوله تعالى وَأَشْهَدَهُمْ وما يتفرع عليه من قولهم بَلى شَهِدْنا حتى يجب كون ذلك الاشهاد والشهادة محفوظا لهم فى إلزامهم بل لفعل مضمر ينسحب الكلام عليه والمعنى فعلنا ما فعلنا من الأمر بذكر الميثاق وبيانه كراهة ان تقولوا ايها الكفرة يوم القيامة انا كنا غافلين عن ذلك الميثاق لم ننبه عليه فى دار التكليف والا لعملنا بموجبه انتهى

وقال الكاشفى [اى درويش اين آيت مركز عهد ازلست بي خبران سر كوچهـ غفلت را متنبه سازد والا هوشمندان بيدار دل از ان سؤال وجواب غافل نيستند] ألست از ازل همچنانش بكوش ... بفرياد قالوا بلى در خروش [در نفحات مذكورست كه على سهل اصفهانى را كفتند كه روز بلى را ياد دارى كفت چون ندارم كوئى دى بود شيخ الإسلام خواجه انصارى فرمود كه درين سخن نقض است صوفى را دى وفردا چهـ بود آن روز را هنوز شب در نيامده وصوفى در همان روزست] روز امروز است اى صوفى وشان ... كى بود از دى واز فردا نشان آنكه از حق نيست غافل يكنفس ... ماضى ومستقبل وحالست وبس وسئل ذو النون رضى الله عنه عن سر ميثاق مقام ألست بربكم هل تذكره فقال كأنه الآن فى اذنى واعلم ان لبعض أرواح الكمل تحقق الاتصاف بالعلم قبل تعينه بهذا المزاج الجزئى العنصري فى مرتبة العين والخارج من جهة كلية الروحانية المتعينة قبله فى مرتبة النفس الكلى بنفس تعين الروح الإلهي الأصلي فالروح الكلى الوصف والذات من أرواح الكمل يتعين فى كل مرتبة وعالم من المراتب والعوالم التي يمر عليها عند النزول والهبوط الى مرتبة الحس الظاهر وعالم المزاج العنصري الى حين اتصاله بهذه النشأة العنصرية تعينا يقتضيه حكم الروح الأصلي فى ذلك العالم وفى تلك المرتبة فيعلم حالتئذ اى حالة إذ تعين حين الاتصال بهذه النشأة العنصرية مما يعلم الروح الإلهي الأصلي ما شاء الله ان يعلمه من علومه ومتى كشفت هذا السر عرفت سر قوله عليه السلام (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) وسر قول ذى النون كما سبق وان شئت زيادة تحقيق هذا المقام فارجع الى مطالعة مفتاح الغيب للصدر القنوى قدس سره وقال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان أخذ المخلوقين يكون أخذ الشيء الموجود من الشيء الموجود وان أخذ الخالق تارة هو أخذ الشيء المعدوم من العدم كقوله خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً وتارة هو أخذ الشيء المعدوم من الشيء المعدوم كقوله وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فكان بنوا آدم معدومين وظهورهم معدومين وذرياتهم معدومين فاخذ بكمال قدرته ذرياتهم المعدومة الى يوم القيامة من ظهورهم المعدومة من بنى آدم المعدومين فاوجدهم الله فى تلك الحالة وأعطاهم وجودا مناسبا لتلك الحالة فلما استخرج الله من ظهر آدم ذرات بنيه واستخرج من ظهورهم ذرات ذرياتهم المودعة فيها الى يوم القيامة والأرواح فى تلك الحالة جنود مجندة فى ثلاثة صفوف. الصف الاول أرواح السابقين. والصف الثاني أرواح اصحاب الميمنة. والصف الثالث أرواح اصحاب المشأمة تنورت الذرات بانوار أرواحها ولبست تلك الذرات الموجودة بالوجود الرباني لباس الوجود الروحاني ولبست الاسماع والابصار والافئدة لباسا روحانيا ثم خاطبهم الحق بخطاب ألست بربكم فسمع السابقون بسمع نورانى روحانى خطابه وشاهدوا بأبصار نورانية جماله واحبوه بافئدة روحانية ربانية نورانية بنور المحبة للقائه فاجابوه على المحبة فقالوا بلى أنت ربنا المحبوب والمعبود شهدنا اى شاهدنا محبوبيتك وربوبيتك فاخذ مواثيقهم ان لا يحبوا ولا يعبدوا الا إياه وسمع اصحاب الميمنة بسمع روحانى خطابه وطالعوا بابصار

[سورة الأعراف (7) : آية 175]

روحانية جلاله وآمنوا بافئدة ربانية الهية فاجابوه على العبودية وقالوا بلى أنت ربنا المعبود سمعنا واطعنا فاخذ مواثيقهم ان لا يعبدوا الا إياه وسمع اصحاب المشأمة خطابه بسمع روحانى من وراء حجاب العزة وفى آذانهم وقر الغرة وعلى أبصارهم غشاوة الشقاوة وعلى افئدتهم ختم المحنة فاجابوه على الكلفة وقالوا بلى أنت ربنا سمعنا كرها فاخذ مواثيقهم على العبودية فالآن يرجع التفاوت بين الخليقة فى الكفر والايمان الى تفاوت الاستعدادات الروحانية والربانية فافهم جدا ثم اعلم انا لا نجد ان الله تعالى ذكر انه كلم أحدا وهو بعد فى العدم الا بنى آدم فانه كلمهم وهم غير موجودين وأجابوه وهم معدومون فجرى بالجود ما جرى لا بالوجود فهذا بدايتهم والى هذا تنتهى نهايتهم بان يكون الله تعالى هو سمعهم وأبصارهم وألسنتهم كما قال (كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبى يسمع وبي يبصر وبي ينطق) والى هذا أشار الجنيد حين سئل ما النهاية قال الرجوع الى البداية انتهى كلام التأويلات النجمية باختصار وقد عرفت من هذا ان اهل الحقيقة جار فى هذا المسك على حقيقته لان من غلب روحانيته على جسمائيته يرى الأمر سهلا ولا يصعب عليه شىء خلافا لاهل الظاهر والمعتزلة أنكروا هذه الرواية وقالوا ان البينة شرط لحصول الحياة والعقل والفهم فتلك الذريات المأخوذة من ظهور بنى آدم لا يكون أحد منهم عالما فاهما عاقلا الا إذا حصل له قدر من الجسامة والبنية اللحمية والدموية وإذا كان كذلك فمجموع تلك الاشخاص الذين خرجوا الى الوجود من أول تخليق آدم الى قيام الساعة لا تحويهم عرصة الدنيا فكيف يمكن ان يقال انهم حصلوا باسرهم دفعة واحدة فى صلب آدم فانظر الى هذا القول الضعيف والرأى السخيف ولو قلت لهم هل يستطيع الله ان يجعل السموات والأرضين والجبال والشجر والماء فى بيضة من عير ان يزيد فى البيضة شيأ ومن غير ان ينقص من هذا شيأ لقالوا لا والعياذ بالله فعليك برعاية عهد ألست حتى ينكشف لك ما هو مستور عنك وعن امثالك وينجلى الغيب كالشمس فى مرآة بالك فتنظر كيف الصورة والمعنى والظهور والخفاء وَاتْلُ اقرأ يا محمد عَلَيْهِمْ اى على اليهود نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا اى خبره الذي له شأن وخطر فان النبأ خبر عن امر عظيم ومعنى آتيناه آياتنا اى علمناه دلائل الوهيتنا ووحدانيتنا وفهمناه تلك الدلائل وفيه اقوال والأنسب بمقام توبيخ اليهود ببهتانهم انه أحد علماء بنى إسرائيل كما فى الإرشاد او هو بلعم بن باعورا كما فى منهاج العابدين للامام الغزالي وقولهم انه من الكنعانيين الجبارين انما هو لكونه ساكنا فى دارهم والمرء ينسب الى منشأة ومولوده كما هو اللائح فافهم والأسلم فى تقرير القصة ما ذكره الحدادي فى تفسيره نقلا عن ابن عباس وابن مسعود حيث قال كان عابدا من عباد بنى إسرائيل وكان فى المدينة التي قصدها موسى عليه السلام وكان اهل تلك المدينة كفارا وكان عنده اسم الله الأعظم فسأله ملكهم ان يدعوا على موسى بالاسم الأعظم ليدفعه عن تلك المدينة فقال لهم دينه ودينى واحد وهذا شىء لا يكون وكيف ادعو عليه وهو نبى الله ومعه الملائكة والمؤمنون وانا اعلم من الله ما اعلم وانى ان فعلت ذلك أذهبت دنياى وآخرتي فلم يزالوا به يفتنونه بالمال والهدايا حتى فتنوه

فافتتن قيل كان لبلعم امرأة يحبها ويطيعها فجمع قومه هدايا عظيمة فأتوا بها إليها وقبلتها فقالوا لها قد نزل بنا ماترين فكلمى بلعم فى هذا فقالت لبلعم ان لهؤلاء القوم حقا وجوارا عليك وليس مثلك يخذل جيرانه عند الشدائد وقد كانوا محسنين إليك وأنت جدير ان تكافئهم وتهتم بامرهم فقال لها لولا انى اعلم ان هذا الأمر من عند الله لاجبتهم فلم تزل به حتى صرفته عن رأيه فركب أتانا له متوجها الى الجبل ليدعو على موسى فما سار على الأتان الا قليلا فربضت فنزل عنها فضربها حتى كاد يهلكها فقامت فركبها فربضت فضربها فانطقها الله تعالى فقالت يا بلعم ويحك اين تذهب ألا ترى الى هؤلاء الملائكة امامى يردوننى عن وجهى فكيف أريد ان تذهب لتدعو على نبى الله وعلى المؤمنين فخلى سبيلها وانطلق حتى وصل الى الجبل وجعل يدعو فكان لا يدعو بسوء إلا صرف الله به لسانه على قومه ولا يدعو بخير الا صرف الله به لسانه الى موسى فقال له قومه يا بلعم انما أنت تدعو علينا وتدعو له فقال هذا والله الذي أملكه وانطق الله به لسانى ثم امتد لسانه حتى بلغ صدره فقال لهم قد ذهبت والله منى الآن الدنيا والآخرة فلم يبق الا المكر والحيلة فسأمكر لكم واحتال حلوا النساء وزينوهن وأعطوهن الطيب وارسلوهن الى العسكر وأمروهن لا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها فانهم ان زنى منهم رجل واحد كفيتموهم ففعلوا فلما دخلت النساء المعسكر مرت امرأة منهم برجل من عظماء بنى إسرائيل فقام إليها وأخذ بيدها حين أعجبته بحسنها ثم اقبل بها الى موسى وقال له انى لأظنك ان تقول هذه حرام قال نعم هى حرام عليك لا تقربها قال فو الله لا نطيعك فى هذا ثم دخل بها قبة فوقع عليها فارسل الله على بنى إسرائيل الطاعون فى الوقت وكان فخاض بن العيزار صاحب امر موسى رجلا له بسطة فى الخلق وقوة فى البطش وكان غائبا حين صنع ذلك الرجل بالمرأة ما صنع فجاء والطاعون يجوس فى بنى إسرائيل فاخبر الخبر فاخذ حربته وكانت من حديد كلها ثم دخل على القبة فوجدهما متضاجعين فدفهما بحريته حتى انتظمهما بها جميعا فخرج بهما يحملهما بالحربة رافعا بهما الى السماء والحربة قد أخذها بذراعه واعتمد بمرفقه وأسند الحربة الى لحيته وجعل يقول اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك فرفع الطاعون من حينئذ عنهم فحسب من هلك من بنى إسرائيل فى ذلك الطاعون فوجدهم سبعين الفا فى ساعة من نهار وهو ما بين ان زنى ذلك الرجل بها الى ان قتل ثم ان موسى عليه السلام أفتاه يوشع بن نون حاربوا أهل تلك البلدة وغلبوهم وقتلوا منهم وأسروا وأتوا ببلعم أسيرا فقتل فجاؤا بما قبل من العطايا الكثيرة وغنموها فَانْسَلَخَ مِنْها اى من تلك الآيات انسلاخ الجلد من الشاة والحية ولم يخطرها بباله أصلا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ اتبع وتبع بمعنى واحد كاردف وردف. والمعنى ان الشيطان كان وراءه طالبا لإضلاله وهو يسبقه بالايمان والطاعة لا يدركه الشيطان ثم لما انسلخ من الآيات لحقه وأدركه فَكانَ [پس كشت آن داننده آيات] اى فصار مِنَ الْغاوِينَ من زمرة الضالين الراسخين فى الغواية بعد ان كان من المهتدين. والغى يذكر بمعنى الهلاك ويذكر بمعنى الخيبة وفى القاموس غوى ضل قال الامام الغزالي كان بلعم بن باعورا بحيث إذا

[سورة الأعراف (7) : آية 176]

نظر رأى العرش ولم يكن له الا زلة واحدة مال الى الدنيا وأهلها ميلة واحدة ولم يترك لولى من أوليائه حرمة واحدة فسلبه معرفته وكان فى أول امره بحيث يكون فى مجلسه اثنا عشر الف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه ثم صار بحيث كان أول من صنف كتابا ان ليس للعالم صانع نعوذ بالله من سخطه انتهى فلا يأمن السالك المحق مكر الله ولو بلغ أقصى مقامات الأنبياء والمرسلين فلا يغلق على نفسه أبواب المجاهدات والرياضات ومخالفات النفس وهواها فى كل حال كما كان حال النبي عليه السلام والائمة الراشدين والصحابة والتابعين وائمة السلف والمشايخ المتقدمين ولا يفتح على نفسه التنعم والتمتع الدنيوي فى المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمركب والمسكن لانه كما ان لله تعالى فى مكامن الغيب للسعداء الطافا خفية مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كذلك له فيها بلايا لهم فليحترز السالك الصادق بل البالغ الواصل والكامل الحاذق من ان يتعرض لتلك البلايا بالتوسع فى الدنيا والتبسط فى الأحوال وتتبع الهوى كما فى التأويلات النجمية قال الكاشفى [شيخ الإسلام فرمود تا باد تقدير از كجا بر آيد و چهـ بو العجبى نمايد اگر از جانب فضل وزد زنار بهرام كبر را كمر عشقبازى راه دين كرداند واگر از طرف عدل وزد توحيد بلعم را بر انداخته با سك خسيس برابرى دهدى] انرا برى از صومعه بر دير كبران افكنى ... وين را كشى از بتكده سر حلقه مردان كنى چون و چرا در كار تو عقل زبونرا كى رسد ... فرمان ده مطلق تويى حكمى كه خواهى آن كنى وَلَوْ شِئْنا رفعه لَرَفَعْناهُ الى منازل الأبرار من العلماء بِها اى بسبب تلك الآيات وملازمتها وقال بعضهم هى صحف ابراهيم عليه السلام وكان بلعم قد قرأها او الكلمات التي اشتملت على الاسم الأعظم وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ اى مال الى الدنيا فلم نشأ رفعه لمباشرته لسبب نقيضه. والإخلاد الى الشيء الميل اليه مع الاطمئنان وعبر عن الدنيا بالأرض لان ما فيها من العقار والرباع كلها ارض وسائر متاعها مستخرج من الأرض والإخلاد الى الأرض كناية عن الاعراض عن ملازمة الآيات والعمل بمقتضاها والكناية ابلغ من التصريح وَاتَّبَعَ هَواهُ فى إيثار الدنيا واسترضاه قومه فانحط ابلغ انحطاط وارتد أسفل سافلين والى ذلك أشير بقوله تعالى فَمَثَلُهُ اى فصفته التي هى مثل فى الخسة والرذالة. والمثل لفظ مشترك بين الوصف وبين ما يضرب مثلا والمراد هاهنا الوصف كذا فى البحر كَمَثَلِ الْكَلْبِ اى كصفته فى اخس أحواله وهو إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ [اگر حمله كنى برو وبرانى او را] والخطاب لكل أحد ممن له حظ من الخطاب فانه ادخل فى اشاعة فظاعة حاله يَلْهَثْ اللهث ادلاع اللسان اى إخراجه بالنفس الشديد أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ اى يلهث دائما سواء حمل عليه بالزجر والطرد او ترك ولم يتعرض له فان فى الكلاب طبعا لا تقدر على نفض الهواء السخن وجلب الهواء البارد بسهولة لضعف قلبها وانقطاع فؤادها بخلاف سائر الحيوانات فانها لا تحتاج الى التنفس الشديد ولا يلحقها الكرب والمضايقة الا عند التعب والاعياء فكما ان الكلب دائم اللهث ضيق الحال فكذا هذا الكافر ان زجرته

[سورة الأعراف (7) : الآيات 177 إلى 181]

ووعظته لم ينزجر ولم يتعظ وان تركته لم يهتد ولم يعقل فهو متردد الى ما لا غاية وراءه فى الحسة والدناءة فانظر حب الدنيا وشؤمها ماذا يجلب للعلماء خاصة وفى الحديث (من ازداد علما ولم يزدد هدى لم يزدد من الله تعالى الا بعدا) والنعمة انما تسلب ممن لا يعرف قدرها وهو الكفور الذي لا يؤدى شكرها وكما ان الكلب لا يعرف الإكرام من الاهانة والرفعة والشرف من الحقارة وانما الكرامة كلها عنده فى كسرة يطعمها او عراق مائدة يرمى اليه سواء تقعده على سرير معك او فى التراب والقذر فكذا العبد السوء لا يعرف قدر الكرامة ويجهل حق النعمة فينسلخ عن لباس الفضل والكرم ويرتدى برداء القهر والمكر قال فى التأويلات النجمية فلا يغترن جاهل مفتون بان اتباع الهوى لا يضره فان الله تعالى حذر الأنبياء عن اتباع الهوى وأوعدهم عليه بالضلال كقوله يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: قال الحافظ مباش غره بعلم وعمل فقيه مدام ... كه هيچكس ز قضاى خداى جان نبرد ذلِكَ اى ذلك المثل السيّء مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وهم اليهود وكما ان بلعم بعد ما اوتى آيات الله انسلخ منها ومال الى الدنيا حتى صار كالكلب كذلك اليهود بعد ما أوتوا التوراة المشتملة على نعت الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر القرآن المعجز وبشرى الناس باقتراب مبعثه وكانوا يستفتحون به انسلخوا مما اعتقدوا فى حقه وكذبوه وحرفوا اسمه فَاقْصُصِ الْقَصَصَ [پس بخوان بر ايشان اين خبر را] والقصص مصدر سمى به المفعول كالسلب واللام للعهد لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ راجيا تفكرهم تفكرا يؤدى بهم الى الاتعاظ ساءَ مَثَلًا ساء بمعنى بئس ومثلا تمييز من الفاعل المضمر فى ساء مفسر له الْقَوْمُ مخصوص بالذم بتقدير المضاف لوجوب التصادف بينه وبين الفاعل والتمييز اى ساء مثلا مثل القوم وبئس الوصف وصف القوم قال الحدادي وهذا السوء انما يرجع الى فعلهم لا الى نفس المثل كأنه قال ساء فعلهم الذي جلب إليهم الوصف القبيح فاما المثل فهو من الله حكم وصواب الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بعد قيام الحجة عليها وعلمهم بها وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ اى ما ظلموا بالتكذيب الا أنفسهم فان وباله لا يتخطاها مَنْ يَهْدِ اللَّهُ اى يخلق فيه الاهتداء فَهُوَ الْمُهْتَدِي لا غير كائنا من كان وانما العظة والتذكير من قبيل الوسائط العادية فى حصول الاهتداء من غير تأثير لها فيه سوى كونها دواعى الى صرف العبد اختياره نحو تحصيله وَمَنْ يُضْلِلْ بان لم يخلق فيه الاهتداء بل خلق الله فيه الضلالة لصرف اختياره نحوها فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ اى الكاملون فى الخسران لا غير وفيه اشارة الى ان من أدركته العناية ولحقته الهداية اليوم لم ينزل عن المراتب العلوية الى المدارك السفلية فهم الذين أصابهم رشاش النور الذي رش عليهم من نوره ومن خذله حتى اتبع هواه فاضله الهوى عن سبيل الله فهم الذين اخطأهم ذلك النور ولم يصبهم فوقعوا فى الضلالة والخسران وكان سفيان الثوري يقول اللهم سلم سلم كأنه فى سفينة يخشى الغرق ولما قدم البشير على يعقوب عليه السلام

[سورة الأعراف (7) : آية 179]

قال على أي دين تركته قال على دين الإسلام قال الآن تمت النعمة وقيل ما من كلمة أحب الى الله تعالى ولا ابلغ عنده فى الشكر من ان يقول العبد الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا الى الإسلام وإياك ان تغفل عن الشكر وتغتر بما أنت عليه فى الحال من الإسلام والمعرفة والتوفيق والعصمة فانه مع ذلك لا موضع للامن والغفلة فان الأمور بالعواقب قال بعض العارفين ان بعض الأنبياء عليهم السلام سأل الله تعالى عن امر بلعم وطرده بعد تلك الآيات والكرامات فقال الله تعالى لم يشكرنى يوما من الأيام على ما أعطيته ولو شكرنى على ذلك مرة لما سلبته فمن كان له جوهر نفيس يمكنه ان يأخذ فى ثمنه الف الف دينار فباعه بفلس أليس يكون ذلك خسرانا عظيما وغبنا فظيعا ودليلا بينا على خسة الهمة وقصور العلم وضعف الرأى وقلة العقل فتيقظ حتى لا تذهب عنك الدنيا والآخرة وتنبه فان الأمر خطير والعمر قصير وفى العمل تقصير والناقد بصير فان ختم الله بالخير اعمالنا وأقال عثراتنا فما ذلك عليه بعسير اللهم حقق رجاء عبدك الفقير وَلَقَدْ ذَرَأْنا اى وبالله قد خلقنا قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين لِجَهَنَّمَ اى لدخولها والتعذيب بها وهى سجن الله فى الآخرة سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر وهى تحتوى على حرور وزمهرير ففيها الحر والبرد على أقصى درجاتهما وبين أعلاها وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين كَثِيراً كائنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يعنى المصرين على الكفر فى علم الله تعالى فاللام فى لجهنم للعاقبة لان من علم الله ان يصر على الكفر باختياره فهو يصير من اهل النار. والجن أجسام هوائية قادرة على التشكل باشكال مختلفة لها عقول وإفهام وقدرة على الأعمال الشاقة وهى خلاف الانس سميت بذلك لاستجنانهم واستتارهم عن العيون يقال جنه الليل ستره والانس البشر كالانسان من آنس الشيء أبصره وقدم الجن على الانس لانهم اكثر عددا واقدم خلقا ولان لفظ الانس أخف بمكان النون الخفيفة والسين المهموسة فكان الأثقل اولى باول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم وراحته والإجماع على ان الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص وان نبينا صلى الله عليه وسلم مبعوث الى الثقلين ولا شك انهم مكلفون فى الأمم الماضية كما هم مكلفون فى هذه الامة لقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ وجمع الفريقين انما هو باعتبار استعدادهم الكامل الفطري للعبادة والسعادة والألم يصح التكليف عليهم فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى جعل الكفار اكثر من المؤمنين قلت ليريهم انه مستغن عن طاعتهم وليظهر عز المؤمنين فيما بين ذلك لان الأشياء تعرف بأضدادها والشيء إذا قل وجوده عز فان قلت ان رحمته غلبت غضبه فيقتضى الأمر ان يكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب واهل الغضب تسع وتسعون وتسعمائة من كل الف وواحد يؤخذ للجنة قلت هذه الكثرة بالنسبة الى بنى آدم واما بالنسبة الى الملائكة واهل الجنة فكثير لان بنى آدم قليل بالنسبة الى الملائكة والحور والغلمان فيكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب وقيل اكثر الكفار بشارة للاخيار بكثرة الفداء لانه ورد فى الخبر الصحيح (ان كل مؤمن يأخذ كافرا بناصيته ويرميه الى النار فداء عن نفسه) وفى الحديث (ان الله لما زرأ لجهنم ما زرأ كان ولد الزنى ممن

زرأ لجهنم) قال فى المقاصد حديث (لا يدخل الجنة ولد زنية) ان صح فمعناه إذا عمل بمثل عمل أبويه واتفقوا على انه لا يحمل على ظاهره وقيل فى تأويله ايضا ان المراد به من يواظب الزنى كما يقال للشهود بنوا الصحف وللشجعان بنوا الحرب ولاولاد المسلمين بنوا الإسلام واتفق المشايخ من اهل الوصول ان ولد الزنى لا يكون أهلا للولاية الخاصة لَهُمْ قُلُوبٌ فى محل النصب على انه صفة اخرى لكثيرا لا يَفْقَهُونَ بِها فى محل الرفع على انه صفة لقلوب اى لا يعقلون بها إذ لا يلقونها الى معرفة الحق والنظر فى دلائله والقلب كالمرآة يصدأ من الإنكار والغفلة وجلاؤه التصديق والانابة: قال السعدي قدس سره غبار هوا چشم عقلت بدوخت ... سموم هوا كشت عمرت بسوخت بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها اى لا ينظرون الى ما خلق الله نظر اعتبار دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها الآيات والمواعظ سماع تأمل وتذكر كذركاه قرآن وبندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش أُولئِكَ الموصوفون بالأوصاف المذكورة كَالْأَنْعامِ [مانند چهارپايانند] فى عدم الفقه والابصار للاعتبار والاستماع للتدبر اوفى ان مشاعرهم وقواهم متوجهة الى اسباب التعيش مقصورة عليها. والانعام جمع نعم بالتحريك وقد يسكن عينه وهى الإبل والشاة او خاص بالإبل كذا فى القاموس بَلْ هُمْ أَضَلُّ بل للاضراب وليس ابطالا بل هو انتقال من حكم وهو التشبيه بالانعام الى حكم آخر وهو كونهم أضل من الانعام طريقا فانها تدرك ما يمكن لها ان تدرك من المنافع والمضار وتجهد فى جلبها ودفعها غاية جهدها وهم ليسوا كذلك وهى بمعزل من الخلود وهم يتركون النعيم المقيم ويقدمون على العذاب الخالد وقيل لانها تعرف صاحبها وتذكره وتطيعه وهؤلاء لا يعرفون ربهم ولا يذكرونه ولا يطيعونه وفى الخبر (كل شىء أطوع لله من بنى آدم) دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ عن امر الآخرة وما أعد فيها للعصاة وفى الإنسان جهة روحانية وجهة جسمانية وقد ركب فيه عقل وشهوة فان كان عقله غالبا على هواه كان أفضل من الملائكة وان كان مغلوبا للنفس والهوى كان أخس وأرذل من البهائم: كما قيل فى هذا المعنى بهره از ملكت هست ونصيبى از ديو ... ترك ديويى كن وبگذر بفضيلت ز ملك واعلم ان الله تعالى خلق الخلق أطوارا. فخلق طورا منها للقرب والمحبة وهم اهل الله وخاصته إظهارا للحسن والجمال وكانوا به يسمعون كلامه وبه يبصرون جماله وبه يعرفون كماله. وخلق طورا منها للجنة ونعميها إظهارا للطف والرحمة فجعل لهم قلوبا يفقهون بها دلائل التوحيد والمعرفة وأعينا يبصرون بها آيات الحق. وخلق طورا منها للنار وجحيمها وهم اهل النار إظهارا للقهر والعزة أولئك كالانعام لا يحبون الله ولا يطلبونه بل هم أضل لانه لم يكن للانعام

[سورة الأعراف (7) : آية 180]

استعداد المعرفة والطلب وانهم كانوا مستعدين للمعرفة والطلب فابطلوا الاستعداد الفطري للمعرفة والطلب بالركون الى شهوات الدنيا وزينتها واتباع الهوى فباعوا الآخرة بالأولى والدين بالدنيا وتركوا طلب المولى فصاروا أضل من الانعام لا فساد الاستعداد أولئك هم الغافلون عن الله وكمالات اهل المعرفة وعزتهم كما قال فى التأويلات النجمية قدس الله سره وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى تأنيث الأحسن اى الأسماء التي هى احسن الأسماء وأجلها لانها دالة على معانى هى احسن المعاني وأشرفها والمراد بها الألفاظ الدالة الموضوعة على المعاني المختلفة دل على ان الاسم غير المسمى ولو كان هو المسمى لكان المسمى عدد الأسماء وهو محال قال الامام الغزالي الحق ان الاسم غير التسمية وغير المسمى فان هذه ثلاثة اسماء متباينة غير مترادفة فَادْعُوهُ بِها فسموه بتلك الأسماء واذكروه بها وفى الحديث (ان لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدا من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا اله الا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلى الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوى المتين الولي الحميد المحصى المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الاول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغنى المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور) واستحسن المشايخ المتقدمون ان يبدأ اولا ويقول اللهم انى اسألك يا رحمن يا رحيم الى آخره فيجيىء بجميع الأسماء بحرف النداء ثم يقول فى آخر الكل ان تصلى على محمد وآله وان ترزقنى وجميع من يتعلق بي بتمام نعمك ودوام عافيتك يا ارحم الراحمين كما فى الاسرار المحمدية قال عبد الرحمن البسطامي فى ترويح القلوب ان العارفين يلاحظون فى الأسماء آلة التعريف واصل الكلمة. والملامية يطرحون منها آلة التعريف لانها زائدة على اصل الكلمة ومن السر المكنون فى الدعاء ان تأخذ حروف الأسماء التي تذكر بها مثل قولك الكبير المتعال ولا تأخذ الالف واللام بل تأخذ كبير متعال وتنظر كم لها من الاعداد بالجمل الكبير فتذكر ذلك العدد فى موضع خال من الأصوات بالشرائط المعتبرة عند اهل الخلوات لا تزيد على العدد ولا تنقص منه فانه يستجاب لك للوقت وهو الكبريت الأحمر بإذن الله تعالى فان الزيادة على العدد المطلوب إسراف والنقص منه إخلال والعدد فى الذكر بالأسماء كأسنان المفتاح لانها ان زادت او نقصت لا تفتح باب الاجابة البتة فافهم السر وحسن الدر واعلم انه لما كانت المقامات الدنية ثلاثة. مقام الإسلام. ومقام الايمان. ومقام الإحسان. ومراتب الجنان

المرتبة على الإحصاء لاهل الدين ثلاثا. جنة الأعمال. وجنة الميراث. وجنة الامتنان لا جرم كانت انواع الإحصاء ثلاثة. التعلق فى مقام الإسلام. والتخلق فى مقام الايمان. والتحقق فى مقام الإحسان فاحصاؤها بالتعلق فى مقام الإسلام هو ان يتطلب السالك آثار كل اسم منها فى نفسه وبدنه وجميع فواه وأعضائه واجزائه وجزئياته فى جميع حالاته وهيآته النفسانية والجسمانية وفى جملة تطوراته وانواع ظهوراته فيرى جميع ذلك من احكام هذه الأسماء وآثارها فيقابل كل اثر بما يليق به كمقابلة الانعام بالشكر والبلاء بالصبر وغير ذلك فبمثل هذا الإحصاء يدخل جنة الأعمال التي هى محل ستر الأغراض الزائلة بالأعيان الثابتة الباقية وهى التي اخبر عنها ابراهيم الخليل عليه السلام بانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله واحصاؤها بالتخلق فى مقام الايمان يكون بتطلع الروح الروحانية الى حقائق هذه الأسماء ومعانيها ومفهوماتها والتخلق بكل اسم منها على نحو ما امر به من قوله عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) بحيث يكون المتخلق هو عين ذلك الاسم اى بنفعل عنه ما ينفعل عن ذلك الاسم فبمثل هذا الإحصاء يدخل هذا المتخلق جنة الميراث التي هى أعلى من الجنة الاولى بل هى باطنها المنزل منها بمنزلة عالم الملكوت من عالم الملك وهى المشار إليها بقوله عليه السلام (ما منكم من أحد إلا وله منزل فى الجنة ومنزل فى النار فاذا مات ودخل النار ورث منزله اهل الجنة وان شئتم فاقرأوا أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) واحصاؤها بالتحقق فى مقام الإحسان يكون بالتقوى والانخلاع عما قام بك او ظهر فيك من الصور والمعاني المتسمة بسمة الحدوث والاستتار بسبحات الحضرة الحقية والاحتجاب بسجف أستارها وأعيانها: كما قال تسترت عن دهرى بظل جناحه ... بحيث ارى دهرى وليس يرانى فلو تسأل الأيام ما اسمى مادرت ... واين مكانى مادرين مكانى فبمثل هذا الإحصاء يدخل المتحقق جنة الامتنان التي هى محل سرغيب الغيب المشار إليها بقوله عليه الصلاة والسلام (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وإليها الاشارة ايضا بقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) قال ابن ملك من أحصاها اى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء وعمل بمقتضاها بان وثق بالرزق إذا قال الرزاق وعلم ان الخير والشر من الله تعالى إذا قال الضار النافع فشكر على المنفعة وصبر على المضرة وعلى هذا سائر الأسماء وقيل معناه من عقل معانيها وصدقها وقيل معناه من عدها كلمة كلمة تبركا وإخلاصا وقال البخاري المراد به حفظها وهذا هو الأظهر لانه جاء فى الرواية الاخرى من حفظها مكان من أحصاها انتهى ولا يظن ان اسماء الله تعالى منحصرة فى هذا المقدار بل هى أشهر الأسماء ويجوز ان تتفاوت فضيلة اسماء الله تعالى بتفاوت معانيها كالجلال والشرف ويكون التسعة والتسعون منها تجمع أنواعا للمعانى المنبئة عن الجلال لا يجمع ذلك غيرها فتختص بزيادة شرف ويدل على ان اسماء الله تعالى كثيرة قوله عليه السلام (ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال اللهم انى عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتى بيدك ماض فىّ حكمك اسألك

بكل اسم هو لك سميت به نفسك او أنزلته فى كتابك او علمته أحدا من خلقك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى وذهاب همى الا اذهب الله عنه كل همه وحزنه وأبدل مكانه فرحا) وعن بريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم انى اسألك بانك أنت الله لا اله الا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به اعطى وإذا دعى به أجاب) واعلم ان اسم الله أعظم الأسماء التسعة والتسعين لانه دال على الذات الجامعة لصفات الالهية كلها حتى لا يشذ منها شىء وسائر الأسماء لا يدل آحادها الا على آحاد المعاني من علم او قدرة او فعل او غيره ولانه أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا وسائر الأسماء قد يسمى بها غيره كالقادر والعليم والرحيم وغيرها وقد جعل العلماء من خصائص هذا الاسم انه ينسب جميع اسماء الحق اليه كما قال الله تعالى وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته واعلم ان الهوية الالهية السارية فى جميع المراتب تعينت اولا فى مرتبة الحياة تعين تلك المرتبة بالاولية الكبرى فتعينت نسبة عالم الغيب ثم فى مرتبة العلم تعينت تلك المرتبة ثانيا بالآخرية العظمى فتعينت نسبة عالم المعاني ثم فى مرتبة الارادة بصورة تلك المرتبة تعينت ثالثا بالظاهرية الاولى فتعينت نسبة عالم الأرواح ثم فى مرتبة القدرة تعينت تلك المرتبة رابعا بالباطنية الاولى فتعينت نسبة عالم الشهادة هو الحي العليم المريد القدير وهو الاول والآخر والظاهر والباطن وبذلك السريان ظهرت الحقائق الأربع التي هى أمهات جميع الحقائق والأسماء الالهية الكلية التي هى تسعة وتسعون او الف وواحد وتلك الحقائق الكلية تعينت من دوران تعين الأمهات الأربع فى عوالمها الاربعة فبضرب الاربعة فى الاربعة كانت ستة عشر ثم باعتبار الظهور والبطون صارت اثنين وثلاثين ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت ثلاثا وثلاثين ثم باعتبار دوران تعينها بعالم السمع ورتبة البصر ورتبة الكلام فيها صارت تسعة وتسعين ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت مائة لذلك سن رسول الله عليه السلام فى دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين تسبيحة وثلاثا وثلاثين تحميدة وثلاثا وثلاثين تكبيرة ثم تمم المائة بقوله لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ثم كانت الفا باعتبار تعيناتها فى الحضرات الخمس من جهة الظهور والبطون حاصلة من ضرب المائة فى العشرة الكائنة من تلك الحضرات الخمس باعتبار ظواهرها وبواطنها ثم باعتبار احدية جمع الجميع كانت الفا وواحدا فامهات الأسماء والحقائق سبع وكلياتها تسع وتسعون او الف وواحد وجزئيات تلك الأسماء الحسنى لا تعد ولا تحصى انتهى باختصار وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ الإلحاد واللحد الميل والانحراف عن القصد اى واتركوا الذين يميلون فى شأنها عن الحق الى الباطل اما بان يسموه تعالى بما لم يسم به نفسه ولم ينطق به كتاب سماوى ولا ورد فيه نص نبوى او بما يوهم معنى فاسدا وان كان له محمل شرعى كما فى قول اهل البدو يا أبا المكارم يا ابيض الوجه فان أبا المكارم وان كان عبارة عن المستجمع لصفات الكمال الا انه يوهم معنى لا يصح فى شأنه تعالى وكذا

ابيض الوجه وان كان عبارة عن تقدس ذاته عن النقائص المكدرة الا انه يوهم معنى فاسدا فالمراد بالترك المأمور به الاجتناب عن ذلك وبأسمائه ما اطلقوه عليه تعالى وسموه به على زعمهم لا أسماؤه حقيقة واما بان يعدلوا عن تسميته تعالى ببعض أسمائه الكريمة كما قالوا وما الرحمن ما نعرف سوى رحمان اليمامة. فالمراد بالترك الاجتناب ايضا. وبالأسماء أسماؤه تعالى حقيقة فالمعنى سموه تعالى بجميع الأسماء الحسنى واجتنبوا إخراج بعضها من البعض- روى- ان رجلا من الصحابة دعا الله تعالى فى صلاته باسم الله وباسم الرحمن فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه انهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا الرجل يدعو ربين اثنين فانزل الله تعالى هذه الآية فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ادعوا الله او ادعوا الرحمن رغما لانوف المشركين) فان تعدد الاسم لا يستلزم تعدد المسمى سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى اجتنبوا الحادهم كيلا يصيبكم ما أصابهم فانه سينزل بهم عقوبة الحادهم فقوله وَذَرُوا الَّذِينَ إلخ معناه واتركوا تسمية الزائغين فيها بتقدير المضاف إذ لا معنى لترك نفس الملحدين وقال بعض العلماء المراد بالأسماء الا لحسنى الصفات العلى فان لفظ الاسم قد يطلق على ما يسمونه الذات من صفاتها العظام يقال طار اسمه فى الآفاق اى انتشرت صفته ونعته فكأنه قيل ولله الأوصاف قال فى التأويلات النجمية وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يشير الى ان اسم الله له بمثابة اسم العلم للخلق وهو اسم ذاته تبارك وتعالى والباقي من الأسماء هو اسماء الصفات لانه قال ولله الأسماء الحسنى فاضاف الأسماء الى اسم الله وأسماؤه كلها مشتقة من صفاته الا اسم الله فانه غير مشتق عندنا وعند الأكثرين لانه اسم الذات فكما ان ذاته تعالى غير مخلوق من شىء كذلك اسمه غير مشتق من شىء فان الأشياء مخلوقة فاسماء صفاته تعالى بعضها مشتق من الصفات الذاتية فهو غير مخلوق وبعضها مشتق من صفات الفعل فهو مخلوق لان صفات الذات كالحياة والسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة والارادة والبقاء قديمة غير مخلوقة وصفات الفعل مخلوقة تضاف اليه عند الإيجاد فلما أوجد الخلق وأعطاهم الرزق سمى خالقا ورازقا الا انه تعالى كان فى الأزل قادرا على الخالقية والرازقية فقوله ولله الأسماء الحسنى اى الصفات الحسنى فَادْعُوهُ بِها اى فادعوا الله بكل اسم مشتق من صفة من صفاته بان تتصفوا وتتخلقوا بتلك الصفة فالاتصاف بها بالأعمال والنيات الصالحات كصفة الخالقية فان الاتصاف بها بان تكون مناكحته للتوالد والتناسل بخلاف الخالق كما قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسان. والاتصاف بصفة الرازقية بان ينفق ما رزقه الله على المحتاجين ولا يدخر منه شيأ وعلى هذا فقس البواقي. واما التخلق بها فالاحوال وذلك بتصفية مرآة القلب ومراقبته عن التعلق بما سوى الله والتوجه اليه ليتجلى له بتلك الصفات فيتخلق بها وهذا تحقيق قوله (كنت له سمعا وبصرا فى يسمع وبي يبصر) وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ اى يميلون فى صفاته اى لا يتصفون بها وتسميته تعالى باسم لم يسم به نفسه ايضا من الإلحاد كما يسمونه الفلاسفة بالعلة الاولى والموجب بالذات يعنون به انه تعالى غير مختار فى فعله وخلقه وإيجاده تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ومن وصفه تعالى بوصف او بصفة لم يرد بها النص فايضا الحاد سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

[سورة الأعراف (7) : آية 181]

يعنى سيجزون الخذلان ليعملوا بالطبع والهوى ما كانوا يعملون بالإلحاد فى الأسماء والصفات انتهى كلام التأويلات پيچيده شود بپاى هر كس عملش قال الحافظ دهقان سالخورده چهـ خوش گفت با پسر ... اى نور چشم من بجز از كشته ندروى وَمِمَّنْ خَلَقْنا اعلم ان الله تعالى كما جعل من قوم موسى ائمة هادين مهديين كما قال وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ جعل من هذه الامة المرحومة ايضا كذلك فقال وممن خلقنا ومحل الظرف الرفع على انه مبتدأ اما باعتبار مضمونه او تقدير الموصوف وما بعده خبره اى وبعض من خلقنا او وبعض ممن خلقنا أُمَّةٌ اى طائفة كثيرة يَهْدُونَ الناس ملتبسين بِالْحَقِّ اى محقين او يهدونهم بكلمة الحق ويدلونهم على الاستقامة وَبِهِ اى وبالحق يَعْدِلُونَ اى يحكمون فى الحكومات الجارية فيما بينهم ولا يجورون فيها وعنه عليه الصلاة والسلام (ان من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى) والمراد لا يخلوا الزمان منهم وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله) قال الشيخ الكبير صدر الدين القنوى قدس سره أكده بالتكرار ولا شك ان لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الأعظم الجامع المنعوت بجميع الأسماء الا الذي يعرف الحق بالمعرفة التامة وأتم الخلق معرفة بالله فى كل عصر خليفة الله وهو كامل ذلك العصر فكأن يقول صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة وفى الأرض انسان كامل وهو المشار اليه بانه العمد المعنوي الماسك وان شئت قلت الممسك لاجله فاذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم ونشرت الصحف وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة انتهى كلامه فى الفكوك ورووا عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان لله فى الأرض ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم وله أربعون قلوبهم على قلب موسى وله سبعة قلوبهم على قلب ابراهيم وله خمسة قلوبهم على قلب جبريل وله ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل وله واحد قلبه على قلب اسرافيل فاذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة يدفع الله بهم البلاء عن هذه الامة) والواحد المذكور فى هذا الحديث هو القطب وهو الغوث ومكانه ومكانته من الأولياء كالنقطة من الدائرة التي هى مركزها به يقع صلاح العالم ورووا عن ابى الدرداء انه قال (ان لله عبادا يقال لهم الابدال لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتخشع وحسن الحلية ولكن بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدور والرحمة لجميع المسلمين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم أربعون رجلا على مثل قلب ابراهيم لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد انشأ من يخلفه) واعلم انهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا لا تدركهم الخيل المجراة ولا الرياح العواصف فيما بينهم وبين ربهم انما قلوبهم

تصعد فى السقوف العلى ارتياحا الى الله تعالى فى استباق الخيرات أولئك حزب الله ألا ان حزب الله ألا ان حزب الله هم المفلحون انتهى كلامه فى روض الرياحين للامام اليافعي رحمه الله تعالى واعلم ان اهل الحق انما نالوا ما نالوا بهدايتهم للناس وعدلهم فيما بين الخلق بعد ما كانوا مهديين وعادلين فى أنفسهم- وروى- عن عبد الله بن المبارك انه كان يتجر ويقول لولا خمسة ما اتجرت السفيانان وفضيل وابن السماك وابن علية ليصلهم فقدم سنة فقيل له قد ولى ابن علية القضاء فلم يأته ولم يصله بشىء فاتاه ابن علية فلم يرفع رأسه اليه ثم كتب اليه ابن المبارك يا جاعل العلم له بازيا ... يصطاد اموال المساكين احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين اين رواياتك فى سردها ... لترك أبواب السلاطين ان قلت أكرهت فذا باطل ... زلّ حمار العلم فى الطين فلما وقف إسماعيل بن علية على الأبيات ذهب الى الرشيد ولم يزل به الى ان استعفاه من القضاء فاعفاه ونعم ما قيل ابو حنيفة قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى وقيل اعدل تكن من صروف الدهر ممتنعا ... فالصرف ممتنع للعدل فى عمر والعدل من اسماء الله تعالى ومعناه العادل وهو الذي يصدر منه فعل العدل المضاد للجور والظلم ولن يعرف العادل من لم يعرف عدله ولا يعرف عدله من لم يعرف فعله وحظ العبد من العدل لا يخفى وأول ما عليه من العدل فى صفات نفسه هو ان يجعل الشهوة والغضب اسيرين تحت اشارة العقل والدين ومهما جعل العقل خادما للشهوة والغضب فقد ظلم نفسه هذا جملة عدله فى نفسه. وتفصيله مراعاة حدود الشرع كله وعدله فى كل عضو ان يستعمله على الوجه الذي اذن الشرع فيه. واما عدله فى اهله وذويه ثم فى رعيته ان كان من اهل الولاية فلا يخفى وربما ظن ان الظلم هو الإيذاء والعدل هو إيصال النفع الى الناس وليس كذلك بل لو فتح الملك خزائنه المشتملة على الاسلحة والكتب وفنون الأموال ولكن فرق الأموال على الأغنياء ووهب الاسلحة للعلماء وسلم إليهم القلاع ووهب الكتب للاجناد واهل القتال وسلم إليهم المساجد والمدارس فقد نفع ولكنه قد ظلم وعدل عن العدل إذ وضع كل شىء فى غير موضعه اللائق به ولو آذى المريض بسقى الادوية والحجامة والفصد بالإجبار عليه وآذى الجناة بالعقوبة قتلا وقطعا وضربا كان عادلا لانه وضعها فى موضعها وحظ العبد دينا من هذا الوصف انه لا يعترض على الله تعالى فى تدبيره وحكمه وسائر أفعاله وأفق مراده او لم يوافق لان كل ذلك عدل وهو كما ينبغى وعلى ما ينبغى ولو لم يفعل ما فعله لحصل منه امر آخر هو أعظم ضررا مما حصل كما ان المريض لو لم يحتجم ابصر ضررا يزيد على ألم الحجامة وبهذا يكون الله تعالى عدلا والايمان يقطع الإنكار والاعتراض ظاهرا وباطنا. وتمامه ان لا يسب الدهر ولا ينسب الأشياء الى الفلك ولا يعترض عليه كما جرت به العادة بل يعلم ان كل ذلك اسباب مسخرة وانها رتبت ووجهت

[سورة الأعراف (7) : الآيات 182 إلى 186]

الى المسببات احسن ترتيب وتوجيه بأقصى وجوه العدل واللطف كذا فى المقصد الأقصى فى شرح معانى اسماء الله الحسنى للامام الغزالي عليه رحمة الملك المتعالي وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اضافة الآيات الى نون العظمة لتشريفها واستعظام الاقدام على تكذيبها اى بآياتنا التي هى معيار الحق ومصداق الصدق والعدل سَنَسْتَدْرِجُهُمْ اى سنقربهم البتة الى الهلاك على التدريج واصل الاستدراج اما الاستصعاد وهو النقل من سفل الى علو درجة درجة. واما الاستنزال وهو النقل من علو الى سفل كذلك والأنسب هو النقل الى أعلى درجات المهالك ليبلغ أقصى مراتب العقوبة والعذاب مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ صفة لمصدر الفعل المذكور اى سنستدرجهم استدراجا كائنا من حيث لا يعلمون انه كذلك بل يحسبون انه إكرام من الله تعالى وتقريب منه او لا يعلمون ما نريد بهم وذلك ان يتواتر عليهم النعم فيظنوا انها لطف من الله بهم فيزدادوا بطرا وانهماكا فى الغى الى ان تحق عليهم كلمة العذاب على أفظع حال واشنعها مده خود را فريب از رنك وبويم ... كه هست از خنده من كريه آميز : قال الحافظ بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كفت وَأُمْلِي لَهُمْ الاملاء اطالة مدة أحدهم بإبقائه على ما هو عليه وعدم الاستعجال فى مؤاخذته قال المولى ابو السعود عطف على سنستدرجهم غير داخل فى حكم السين لما ان الاملاء وهو عبارة عن الامهال والاطالة وليس من الأمور التدريجية كالاستدراج الحاصل فى نفسه شيأ فشيأ بل هو فعل يحصل دفعة وانما الحاصل بطريق التدريج آثاره وأحكامه لانفسه كما يلوّح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ اى ان أخذي شديد وانما سماه كيدا لان ظاهره احسان وباطنه خذلان قال سعدى چلبى المفتى الاولى ان يقول سماه كيدا لنزوله بهم من حيث لا يشعرون والكيد الاخذ بخفية وقال الحدادي الكيد هو الإضرار بالشيء من حيث لا يشعر به قال فى الحكم العطائية خف من وجود إحسانه إليك ودوام اسائتك معه ان يكون ذلك استدراجا لك قال الله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم أخذوا وقال ابو العباس بن عطاء يعنى كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة وقال الشيخ ابو القاسم القشيري رحمه الله. الاستدراج تواتر المنة بغير خوف الفتنة الاستدراج انتشار الذكر دون خوف المكر. الاستدراج التمكن من المنية والصرف عن البغية. الاستدراج تعليل برجاء وتأميل بغير وفاء. الاستدراج ظاهر مضبوط وسر بالاغيار منوط انتهى. ومن وجوه الاستدراج ان يجهل المريد بنفسه وبحق ربه فيسيىء الأدب بإظهار دعوى او تورط فى بلوى فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن من قطع المدد عنه من حيث لا يشعر الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان وكان احمد بن حنبل رضى الله عنه

[سورة الأعراف (7) : الآيات 184 إلى 185]

يوصى بعض أصحابه ويقول خف من سطوة العدل وارج رقة الفضل ولا تأمن مكره ولو أدخلك الجنة وقع لابيك آدم ما وقع فان قلت ما الحكمة فى امهال الله العصاة فى الدنيا قلت ليرى العباد ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه وامهاله تعالى من اخلاق كرمه وجوده. وقيل يمهل من يشاء حكمة ليأخذ الظالم أخذ عزيز مقتدر ويجعل عقوبة من يشاء رحمة منه وتخفيفا بالنسبة الى عذاب الآخرة فعلى العاقل ان يخاف من المكر الإلهي ويرى الفقر والانكسار نعمة وإكراما فان الله تعالى يحب الفقراء وهو عند المنكسرة قلوبهم وحال الدنيا ليس على القرار تسلب كما تهب وتهب كما تسلب: ونعم ما قيل زمانه به نيك وبد آبستن است ... ستاره كهى دوست وكه دشمن است أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ- روى- انه عليه الصلاة والسلام كان كثيرا ما يحذر قريشا عقوبة الله تعالى ووقائعه النازلة فى الأمم الماضية فقام ليلا على الصفا وجعل يدعوهم الى عبادة الله تعالى قبيلة قبيلة يا بنى فلان يا بنى فلان الى الصباح يحذرهم بأس الله فقال قائلهم ان صاحبكم هذا يعنى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم لمجنون بات يهوت الى الصباح فنزلت والهمزة للانكار والتعجب والتوبيخ والواو للعطف على مقدر وما اما استفهامية انكارية فى محل الرفع بالابتداء والخبر بصاحبهم واما نافية اسمها جنة وخبرها بصاحبهم والجملة معلقة لفعل التفكر لكونه من افعال القلوب ومحلها على الوجهين النصب على نزع الجار والجنة بناء نوع من الجنون ودخول من يدل على انه ليس به نوع من انواع الجنون. والمعنى أكذبوا بالآيات ولم يتفكروا فى أي شىء من جنون ما كائن بصاحبهم او فى انه ليس بصاحبهم شىء من جنة حتى يؤديهم التفكر فى ذلك الى الوقوف على صدقه وصحة نبوته فيؤمنوا به وبما انزل عليه من الآيات فالتصريح بنفي الجنون للرد على عظيمتهم الشنعاء والتعبير عنه عليه الصلاة والسلام بصاحبهم وارد على شاكلة كلامهم مع ما فيه من الإيذان بان طول مصاحبتهم له عليه السلام مما يطلعهم على نزاهته عليه السلام عن شائبة الجنة وقد كانوا يسمونه قبل اظهار النبوة محمدا الامين صلى الله تعالى عليه وسلم إِنْ هُوَ اى ما هو عليه السلام إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ اى مبالغ فى الانذار مظهر له غاية الإظهار ابرازا لكمال الرأفة ومبالغة فى الاعذار أَوَلَمْ يَنْظُرُوا الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر اى أكذبوا بها ولم ينظروا نظر تأمل واستدلال فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فيما تدل عليه السموات والأرض من عظم الملك وكمال القدرة فيعلموا انه لم يخلقهما عبثا ولم يترك عباده سدى قال بعضهم ملكوت السموات النجوم والشمس والقمر وملكوت الأرض البحور والجبال والشجر والملكوت الملك العظيم من الملك كالرهبوت من الرهب زيدت التاء للمبالغة يقال له ملكوت العراق اى الملك الأعظم متعلق به وَما خَلَقَ اللَّهُ عطف على ملكوت اى وفيما خلق الله مِنْ شَيْءٍ بيان لما خلق مفيد لعدم اختصاص الدلالة المذكورة بجلائل المصنوعات دون دقائقها اى من جليل ودقيق مما يقع عليه اسم الشيء

[سورة الأعراف (7) : آية 186]

من الأجناس التي لا يمكن حصرها اى ان كل فرد فرد من الموجودات محل للنظر والاعتبار والاستدلال على الصانع ووحدانيته كما قيل وفى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ عطف على ملكوت وان مخففة من ان واسمها ضمير الشان والخبر قد اقترب أجلهم. والمعنى أولم ينظروا فى ان الشان عسى ان يكون الشان قد اقترب أجلهم لعلهم يموتون عن قريب فما لهم لا يسارعون الى طلب الحق والتوجه الى ما ينجيهم قبل مجىء الموت ونزول العذاب زان پيش كاجل فرا رسد تنك ... وايام عنان ستاند از چنك بر مركب فكر خويش نه زين ... مردانه در آي در ره دين فَبِأَيِّ حَدِيثٍ هو فى اللغة الجديد وفى عرف العامة الكلام بَعْدَهُ اى بعد القرآن يُؤْمِنُونَ إذا لم يؤمنوا به وهو النهاية فى البيان وليس بعده كتاب منزل ولا نبى مرسل وهو قطع لاحتمال ايمانهم ونفى له بالكلية والباء متعلقة بيؤمنون مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ [هر كرا كمراه كرداند خداى تعالى وبقرآن نكرود] فَلا هادِيَ لَهُ [پس هيچ راه نماينده نيست كه او را براه آرد] وَيَذَرُهُمْ بالياء والرفع على الاستئناف اى وهو تعالى يتركهم فِي طُغْيانِهِمْ فى مجاوزتهم الحد فى كفرهم يَعْمَهُونَ حال من مفعول يذرهم اى حال كونهم مترددين ومتحيرين فى القاموس العمه محركة التردد فى الضلال والتحير فى منازعة او طريق او ان لا يعرف الحجة وفى الآية حث على التفكر ودلالة على ان العاقل لو تفكر بالعقل السليم من آفات الوهم والخيال والتقليد والهوى فى حال النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وسيره فضلا عن معجزاته لتحقق عنده انه النبي الصادق وان ما يدعوه اليه كله حق وصدق وانه لينجو بهذا التفكر من النار كما اخبر الله تعالى عن حال اهل النار بقوله وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ وفى قوله تعالى أَوَلَمْ يَنْظُرُوا إلخ اشارة الى ان المكونات على نوعين نوع منها ما خلق من غير شىء وهو الملكوت الذي هو باطن الكون والكون به قائم وهو قائم بيد القدرة كقوله تعالى فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ونوع منها ما خلق من شىء وهو الملك الذي هو ظاهر الكون فكما ان النظر الى الملك بحسن البصر فالنظر الى الملكوت بالعقل والقلب فنظر ارباب العقول فيه يفيد رؤية الآيات والاستدلال بها على معرفة الخالق واثبات الصانع ونظر اصحاب القلوب فيه يفيد شهود شواهد الغيب بالولوج ليصير إيمانه إيقانا بل عيانا كقوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ وهذه الاراءة سنة آلهية قديمة للحق سبحانه يرى بها كل من جعله نبيا او وليا ناسوت العالم وملكوته وجبروته ولاهوته سواء كان عالما صغيرا او عالما كبيرا ولا تزال تلك السنة باقية الى يوم القيامة ما دام لم ينقطع السير والسلوك الى الحق سبحانه فلولاها لنوع الإنسان لكان كسائر الحيوان الا ان الله الرحمن من بها على نوع الإنسان وسار وسلك بها من شاء من اهل عنايته الى قبل الملك المنان حتى ترقى عن جميع الأكوان ونال

[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 إلى 195]

الشهود والعيان ووصل الى الحق المحسان وأتاه كمال الإيقان وتمام الإحسان ثم جاء نبيا او وليا لارشاد الاخوان فقام بالحكمة والبيان وبين الإسلام والايمان ودعا الى الله الحليم الحنان وبشر بالجنان وانذر بالنيران فمن أجاب نال اللطف والإحسان ومن لم يجب خسر خسرنا مبينا وقال عليه الصلاة والسلام عن عيسى (لن يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين) فالولوج لاصحاب القلوب والمشاهدة والنظر لارباب العقول والاستدلال كذا فى التأويلات النجمية مع مزج من كلام شيخنا العلامة أحياه الله بالسلامة [روزى امام ابى حنيفة رحمه الله در مسجد نشسته بود جماعتى از زنادقه در آمدند وقصد هلاك او كردند امام كفت يك سؤال را جواب دهيد بعد از ان تيغ ظلم را آب دهيد كفتند مسئله چيست كفت من سفينه ديدم پربار كران بر روى دريا روان بي آنكه هيچ ملاحى محافظت ميكرد كفتند اين محالست زيرا كه كشتى بي ملاح بر يك نسق رفتن محال باشد كفت سبحان الله سير جمله أفلاك وكواكب ونظام عالم علوى وسفلى از سير يك سفينه عجبترست همه ساكت كشتند واكثر مسلمان شدند] : قال الحافظ الشيرازي در حشمت سليمان هر كس كه شك نمايد ... بر عقل ودانش او خندند مرغ وماهى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ اى عن القيامة وهى من الأسماء الغالبة فيها كالنجم فى الثريا وسميت القيامة ساعة لوقوعها بغتة او لكون الحساب الواقع فيها يتم وينقضى فى ساعة يسيرة لانه تعالى لا يشغله شأن عن شأن أو لأنها على طولها عند الله تعالى كساعة من الساعات عند الخلق وأصلها ساعة قيام الناس من الأجداث فلما غلبت تعينت فاستغنت عن الاضافة- روى- ان قوما من اليهود قالوا يا محمد أخبرنا متى الساعة ان كنت نبيا فانا نعلم متى هى وكان ذلك امتحانا منهم مع علمهم انه تعالى قد استأثر بعلمها فنزلت أَيَّانَ مُرْساها أيان ظرف زمان متضمن لمعنى الاستفهام محله الرفع على انه خبر مقدم ومرساها مبتدأ مؤخر اى متى ارساؤها اى إثباتها وتقريرها فانه مصدر ميمى من ارساه إذا أثبته وأقره ولا يكاد يستعمل الا فى الشيء الثقيل كما فى قوله تعالى وَالْجِبالَ أَرْساها ولما كان أثقل الأشياء على الخلق هو الساعة سمى الله تعالى وقوعها وثبوتها بالارساء ومحل الجملة النصب بنزع الخافض فانها بدل من الجار والمجرور لا من المجرور فقط كأنه قيل يسألونك عن الساعة عن أيان مرسيها قُلْ إِنَّما عِلْمُها لم يقل انما علم وقت ارسائها لان المقصد الأصلي من السؤال نفسها باعتبار حلولها فى وقتها المعين لا وقتها باعتبار كونه محلالها ولذلك أضاف العلم المطلوب بالسؤال الى ضميرها عِنْدَ رَبِّي خاصة قد استأثر به لم يطلع عليه ملكا مقربا ولانبيا مرسلا لا يُجَلِّيها اى لا يظهر أمرها من التجلية وهو اظهار الشيء والتجلي ظهوره لِوَقْتِها اى فى وقتها فاللام للتأقيت كاللام فى قوله أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَّا هُوَ والمعنى انه تعالى يخفيها على غيره إخفاء مستمرا الى وقت وقوعها ولا يظهرها الا فى ذلك الوقت الذي وقعت فيه بغتة بنفس الوقوع لا بالأخبار عنها لكون اخفائها ادعى الى الطاعة وازجر عن المعصية كاخفاء الاجل الخاص الذي هو وقت الموت كتم الله تعالى وقت قيام الساعة عن الخلق ليصير المكلف مسارعا الى التوبة والطاعة فى جميع الأوقات فانه لو علم وقت

[سورة الأعراف (7) : آية 188]

قيام الساعة لتقاصر الخلق عنها وأخروها. وكذلك أخفى ليلة القدر ليجتهد المكلف فى العبادة فى ليالى الشهر كلها وأخفى ساعة الاجابة من يوم الجمعة ليكون المكلف مجدا فى الدعاء فى جميع ساعاته ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى كبرت وشقت على أهلهما من الملائكة والثقلين كل منهم أهمه خفاؤها وخروجها عن دائرة العقول وقيل عظمت على أهلهما خوفا من شدائدها وما فيها من الأهوال ومن جملة أهوالها فناء من فى السموات والأرض وهلاكهم وذلك ثقيل على القلوب لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً الا فجأة على غفلة فتقوم والرجل يسقى ما شيته والرجل يصلح حوضه والرجل يقوم سلعته فى سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه والرجل يهوى لقمة فى فمه فما يدرك ان يضعها فى فمه يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها اى عالم بها من حفى عن الشيء إذا بالغ فى السؤال عنه ومن استقصى فى تعلم الشيء وبالغ فى السؤال عنه لزمه ان يستحكم علمه به ويعلمه بأقصى ما يمكن ويكون ماهرا فى العلم فلذلك كنى بقوله تعالى كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها عن كونه عليه السلام عالما بها بأقصى ما يمكن والتعدية بعن مع كونه بمعنى العالم وهو يتعدى بالباء لكونه متضمنا لمعنى بليغ فى السؤال عنها حتى أحكمت علمها والجملة التشبيهية فى محل النصب على انها حال من الكاف اى يسألونك مشبها حالك عندهم بحال من هو حفى عنها اى مبالغ فى العلم بها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ الفائدة فى إعادته رد المعلومات كلها الى الله تعالى فيكون التكرار على وجه التأكيد والتمهيد للتعريض بجهلهم بقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ اختصاص علمها به تعالى فبعضهم ينكرونها رأسا وبعضهم يعلمون انها واقعة البتة ويزعمون انك واقف على وقت وقوعها فيسألونك جهلا وبعضهم يدعون ان العلم بذلك من مواجب الرسالة فيتخذون السؤال عنها ذريعة الى القدح فى رسالتك قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا اى جلب نفع ولا دفع ضر فمن لا يعلم ان نفعه فى أي الأشياء ومضرته فى أيها كيف يعلم وقت قيام الساعة واللام متعلق باملك قال سعدى چلبى المفتى والظاهر انه متعلق بنفعا ولا ضرا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ان أملكه من ذلك بان يلهمنيه فيمكننى منه ويقدرنى عليه فالاستثناء متصل او لكن ما شاء الله من ذلك كائن فالاستثناء منقطع وهذا ابلغ فى اظهار العجز عن علمها وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ اى جنس الغيب لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ اى لجعلت المال والمنافع كثيرا على ان يكون بناء استفعل للتعدية كما فى نحو استذله وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ من كيد العدو والفقر والضر وغيرها إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ اى ما انا الا عبد مرسل للانذار والبشارة شأنى ما يتعلق بهما من العلوم الدينية والدنيوية لا الوقوف على الغيوب التي لا علاقة بينها وبين الاحكام والشرائع وقد كشفت من امر الساعة ما يتعلق به الانذار من مجيئها لا محالة واقترابها واما تعيين وقتها فليس مما يستدعيه الانذار بل هو مما يقدح فيه لما مر من ان إبهامه ادعى الى الانزجار عن المعاصي لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اما متعلق بهما جميعا لانهم ينتفعون بالإنذار كما ينتفعون بالبشارة واما بالبشير فقط وما يتعلق بالنذير محذوف اى نذير للكافرين اى الباقين على الكفر وبشير لقوم يؤمنون اى فى أي وقت كان ففيه ترغيب للكفرة فى احداث الايمان وتحذير عن الإصرار على الكفر والطغيان قال الحدادي فى تفسيره فى الآية دلالة على بطلان قول

من يدعى العلم بمدة الدنيا ويستدل بما روى ان الدنيا سبعة آلاف سنة لانه لو كان كذلك كان وقت قيام الساعة معلوما واما قوله صلى الله عليه وسلم (بعثت انا والساعة كهاتين) وأشار الى السبابة والوسطى فمعناه تقريب الوقت لا تحديده كما قال تعالى فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها اى مبعث النبي عليه السلام من أشراطها انتهى يقول الفقير رواية عمر الدنيا وردت من طرق شتى صحاح لكنها لا تدل على التحديد حقيقة فلا يلزم ان يكون وقت قيام الساعة معلوما لاحد أيا من كان من ملك او بشر وقد ذهب بعض المشايخ الى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف وقت الساعة باعلام الله تعالى وهو لا ينافى الحصر فى الآية كما لا يخفى وفى صحيح مسلم عن حذيفة قال أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن الى ان تقوم الساعة وفى الحديث (ان لله ديكا جناحاه موشيان بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب وقوائمه فى الأرض السفلى ورأسه مثنى تحت العرش فاذا كان السحر الأعلى خفق بجناحيه ثم قال سبوح قدوس ربنا الله لا اله غيره فعند ذلك تضرب الديكة أجنحتها وتصيح فاذا كان يوم القيامة قال الله تعالى ضم جناحك وغض صوتك فيعلم اهل السموات والأرض ان الساعة قد اقتربت) ومن اشراط الساعة كثرة السبي والتسرى وذلك دليل على استعلاء الدين واستيلاء المسلمين الدال على التراجع والانحطاط إذا بلغ الأمر كماله. ومنها كون الغنم دولا يعنى إذا كان الأغنياء واصحاب المناصب يتداولون باموال الغنيمة ويمنعون عنها مستحقيها وكون الزكاة مغرما يعنى يشق عليهم أداء الزكاة ويعدونها غرامة وكون الامانة مغنما يعنى إذا اتخذ الناس الأمانات الموضوعة عندهم مغانم يغتنمونها ومن الامانة الفتوى والقضاء والامارة والوزارة وغيرها فاذا آتوها الى غير أهاليها كما ترى فى زماننا فانتظر الساعة وفى رواية عن ابى هريرة (لا تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية والورع تصنعا ولا تقوم الساعة الا على شرار الخلق) فان قيل قد ورد فى الصحيح عن ابن عمر رضى الله عنهما (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) قيل معناه الى قريب قيام الساعة لان قريب الشيء فى حكمه واعلم ان القيامة ثلاث حشر الأجساد والسوق الى المحشر للجزا وهى القيامة الكبرى وموت جميع الخلائق وهى الوسطى ولا يعلم وقته يقينا الا الله تعالى وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا بعضا منها وموت كل أحد وهى الصغرى وفى الحديث (من مات فقد قامت قيامته) - وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يوما احوال جهنم فقال واحد من الاصحاب رضى الله عنه ادع لى يا رسول الله ان ادخل فيها فتعجبوا من قوله فقال عليه الصلاة والسلام (انه يريد ان يكون صاحب القيامة الكبرى) قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره نحن لا نعرف حقيقة مراده عليه السلام الا انا نوجهه بان يريد ان يشاهد القيامة الكبرى بان يصل الى مرتبة يتجلى فيها معنى قوله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فان السالك إذا جاوز عن مرتبة الطبيعة والنفس والروح والسر يغيب عنه ما سوى الله تعالى فلا يرى له غير الله تعالى فاضمحلال ما سواه وفناؤه هو القيامة الكبرى وهذه مرتبة عظمى لا يصل إليها الا اهل العناية: قال الحافظ

[سورة الأعراف (7) : آية 189]

عنقا شكار كس نشود دام باز چين ... كانجا هميشه باد بدستست دام را فعلى العاقل الاجتهاد وبذل المجهود ليترقى الى ما ترقى اليه اهل الخير والجود بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى كاروان رفت وتو در راه كمين كاه بخواب ... وه كه بس بيخبرى زين همه بانك جرسى ونعم ما قيل عاشق شورانه روزى كار جهان سر آيد ... تا خوانده نقش مقصود از كاركاه هستى نسأل الله تعالى ان يوفقنا لما يحب ويرضى ويداوى هذه القلوب المرضى وهو المعين على كل حال وفى كل حين هُوَ اى الله تعالى الَّذِي اى العظيم الشأن الذي خَلَقَكُمْ جميعا وحده من غير ان يكون لغيره مدخل فى ذلك بوجه من الوجوه مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هو آدم عليه السلام فكما ان النفوس خلقت من نفس واحدة هى نفس آدم فكذا الأرواح خلقت من روح واحد هو روح محمد صلى الله عليه وسلم فكان هو أبا الأرواح كما كان آدم أبا البشر لقوله عليه السلام (انما انا لكم كالوالد لولده) وقوله (أول ما خلق الله روحى) فان أول كل نوع هو المنشأ منه ذلك النوع من الحيوان والنبات كر بصورت من ز آدم زاده ام ... من بمعنى جد جد افتاده ام وَجَعَلَ انشأ مِنْها اى من جنس تلك النفس الواحدة زَوْجَها حواء او من جسدها لما يروى ان الله تعالى خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم عليه الصلاة والسلام والاول هو الأنسب إذ الجنسية هى المؤدية الى الغاية الآتية لا الجزئية لِيَسْكُنَ تلك النفس والتذكير باعتبار المعنى يعنى آدم إِلَيْها اى الى الزوج وهى حواء اى ليستأنس بها ويطمئن إليها اطمئنانا مصححا للازدواج فَلَمَّا تَغَشَّاها لم يقل تغشتها باعتبار آدم ايضا. والتغشى والتغشية التغطية بالفارسي [چيزى بر كسى پوشانيدن] كنى به عن الجماع لان الرجل يغطى المرأة ويسترها حال الوقاع لاستعلائه عليها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فى مبادى الأمر فانه عند كونه نطفة او علقة او مضغة أخف عليها بالنسبة الى ما بعد ذلك من المراتب فانتصاب حملا على المصدرية او حملت محمولا خفيفا وهو ما فى البطن من النطفة ونفس الجنين فانتصابه على المفعول به كقوله حملت زيدا وهو الظاهر والمشهور ان الحمل بالفتح ما كان فى البطن او على رأس الشجر وبالكسر ما كان على ظهر انسان او على الدابة فَمَرَّتْ بِهِ اى فاستمرت به كما كان قبل حيث قامت وقعدت وأخذت وتركت ولم تكثرث بحملها فمرت من المرور بمعنى الذهاب والمضي لا من المر بمعنى الاجتياز والوصول يقال مر عليه وبه يمر مرا اى اجتاز ومر يمر مر او مرورا اى ذهب واستمر مثله والسين فيه للطلب التقديري كما فى استخرجته فَلَمَّا أَثْقَلَتْ اى صارت ذا ثقل بكبر الولد فى بطنها دَعَوَا اللَّهَ اى آدم وحواء عليهما السلام لما دهمهما امر لم يعهداه ولم يعرفا مآله فاهتماما به وتضرعا اليه تعالى رَبَّهُما اى مالك أمرهما الحقيق بان يخص به الدعاء ومتعلق الدعاء محذوف اى دعواه تعالى فى ان يؤتيهما ولدا صالحا ووعدا بمقابلته الشكر وقالا لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً اى ولدا سوىّ الأعضاء او صالحا فى امر الدين

[سورة الأعراف (7) : الآيات 190 إلى 195]

لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ لك على هذه النعمة المجددة ووجه دعائهما بذلك ان آدم رأى حين أخذ الميثاق على ذريته ان منهم سوىّ الأعضاء وغير السوىّ وان منهم التقى وغير التقى فسألا ان يكون هذا الولد سوىّ الأعضاء او تقيا نقيا عن المعصية فلما أعطاهما صالحا شكرا لانهما ليسا بحيث يعدان من أنفسهما بذلك ثم لا يفعلان ذلك يقال ان حواء كانت تلد فى كل بطن ذكرا وأنثى ويقال ولدت لآدم فى خمسمائة بطن الف ولد ثم شرع فى توبيخ المسلمين بقوله فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً اى فلما اعطى أولادهما المشركين البالغين مبلغ الوالد ولدا صالحا سوىّ الأعضاء جَعَلا اى جعل هذان الأبوان لَهُ اى لله تعالى شُرَكاءَ فِيما آتاهُما بان سميا أولادهما بعبد العزى وعبد مناف ونحو ذلك وسجدا للاصنام شكرا على هذه النعمة والأظهر تقرير ابى السعود حيث قال فى تفسيره فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً اى لما آتاهما ما طلباه أصالة واستتباعا من الولد وولد الولد ما تناسلوا جعلا اى جعل أولادهما له تعالى شُرَكاءَ فِيما آتاهُما اى فيما اتى أولادهما من الأولاد ففى الكلام حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه والا لزم نسبتهما اى آدم وحواء الى الشرك وهما بريئان منه بالاتفاق ويدل على الحذف المذكور صيغة الجمع فى قوله تعالى فَتَعالَى اللَّهُ [پس بزركست خداى تعالى و پاك] عَمَّا يُشْرِكُونَ اى عن اشراكهم وهو تسميتهم المذكورة ولو كان المراد بالآية آدم وحواء لقال عما يشركان أَيُشْرِكُونَ به تعالى ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً اى لا يقدر على ان يخلق شيأ من الأشياء أصلا ومن حق المعبود ان يكون خالقا لعابده وَهُمْ يُخْلَقُونَ عطف على ما لا يخلق يعنى الأصنام وإيراد الضميرين بجمع العقلاء مبنى على اعتقاد الكفار فيها ما يعتقدونه فى العقلاء وكانوا يصورونها على صورة من يعقل ووصفها بالمخلوقية بعد وصفها بنفي الخالقية لا بانة كمال منافاة حالها لما اعتقدوه فى حقها وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ اى لعبدتهم إذا حز بهم امر مهم نَصْراً اى نصرا ما بجلب منفعة او دفع مضرة وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ فيدفعون عنها ما يعتريها من الحوادث كما إذا أراد أحد ان يكسرها او يلطخها بالالواث والأرواث قال الحدادي وكانوا يلطخون أفواه الأصنام بالخلوف والعسل وكان الذباب يجتمع عليها فلا تقدر على دفع الذباب عن أنفسها وَإِنْ تَدْعُوهُمْ ايها المشركون إِلَى الْهُدى الى ان يهدوكم الى ما تحصلون به مقاصدكم لا يَتَّبِعُوكُمْ الى مرادكم ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله سَواءٌ عَلَيْكُمْ ايها المشركون أَدَعَوْتُمُوهُمْ اى الأصنام أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ساكتون اى مستوى عليكم فى عدم الافادة دعاؤكم لهم وسكوتكم فانه لا يتغير حالكم فى الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية ولم يقل أم صمتم لرعاية رؤوس الآي إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى تعبدونهم من دونه تعالى من الأصنام وتسمونهم آلهة عِبادٌ أَمْثالُكُمْ اى مماثلة لكم من حيث انها مملوكة لله تعالى مسخرة لامره عاجزة عن النفع والضر وقال الحدادي سماها عبادا لانهم صوروها على صورة الإنسان فَادْعُوهُمْ فى جلب نفع وكشف ضر فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ صيغته صيغة الأمر ومعناه التعجيز إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى زعمكم انهم قادرون على ما أنتم عاجزون عنه أَلَهُمْ اى للاصنام أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها حتى يمكن استجابتهم لكم والاستجابة من

[سورة الأعراف (7) : الآيات 196 إلى 202]

الهياكل الجسمانية انما تتصور إذا كان لها محرك حياة وقوى محركة ومدركة وما ليس له شىء من ذلك فهو بمعزل من الأفاعيل بالمرة ووصف الأرجل بالمشي بها للايذان بان مدار الإنكار هو الوصف أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة والبطش الاخذ بقوة. والمعنى بل ألهم أيد يأخذون بها ما يريدون اخذه وبل للاضراب المفيد للانتقال من فنّ من التبكيت بعد تمامه الى فن آخر منه أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قدم المشي لانه حالهم فى أنفسهم والبطش حالهم بالنسبة الى الغير. واما تقديمه على قوله أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ إلخ مع ان الكل سواء فى انها من أحوالهم بالنسبة الى الغير فلمراعاة المقابلة بين الأيدي والأرجل. واما تقديم الأعين فلما انها أشهر من الآذان واظهر عينا واثرا ثم ان الكفار كانوا يخوفونه عليه السلام بآلهتهم قائلين نخاف ان يصيبكم بعض آلهتنا بسوء فقال الله تعالى قُلِ ادْعُوا ايها المشركون شُرَكاءَكُمْ واستعينوا بهم فى عداوتى ثُمَّ كِيدُونِ فبالغوا فيما تقدرون عليه من مكر وهى أنتم وشركاؤكم فالخطاب فى كيدون للاصنام وعبدتها فَلا تُنْظِرُونِ فلا تمهلون ساعة فانى لا أبالي بكم لوثوقى على ولاية الله وحفظه اگر هر دو جهانم خصم كردند ... نترسم چون نكهبانم تو باشى إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهاما جليا قوله وَلِيِّيَ بثلاث يا آت. الاولى ياء فعيل وهى ساكنة. والثانية لام الفعل وهى مكسورة أدغمت فيها الياء الاولى. والثالثة ياء الاضافة وهى مفتوحة. والولي هنا بمعنى الناصر والحافظ أضيف الى ياء المتكلم. والمعنى ان الذي يتولى نصرتى وحفظى هو الذي أكرمني بتنزيل القرآن وايحائه الىّ وايحاء الكتاب اليه يستلزم رسالته لا محالة وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ اى ومن عادته تعالى ان يتولى الصالحين من عباده وينصرهم لا يخذلهم فضلا عن أنبيائه وَالَّذِينَ تَدْعُونَ يا عبدة الأصنام مِنْ دُونِهِ اى متجاوزين الله تعالى ودعاءه ومضمون هذه الآية ذكر اوّلا لتقريع عبدة الأصنام وذكر هاهنا إتماما لتعليل عدم مبالاته بهم فلا تكرار لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ فى امر من الأمور وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ إذا نابتهم ناثبة وَإِنْ تَدْعُوهُمْ اى الأصنام إِلَى الْهُدى الى ان يهدوكم الى ما تحصلون به مقاصدكم من الكيد وغيره لا يَسْمَعُوا اى دعاءكم فضلا عن المساعدة والامداد وهذا بخلاف التوجه الى روحانية الأنبياء والأولياء وان كانوا مخلوقين فان الاستمداد منهم والتوسل بهم والانتساب إليهم من حيث انهم مظاهر الحق ومجالى أنواره ومرائى كمالاته وشفعاؤه فى الأمور الظاهرة والباطنة له غايات جليلة وليس ذلك بشرك أصلا بل هو عين التوحيد ومطالعة الأنوار من مطالعها ومكاشفة الاسرار من مصاحفها: قال الصائب مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست وَتَراهُمْ الرؤية بصرية والخطاب لكل واحد من المشركين اى وترى الأصنام ايها الرائي رأى العين يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حال من المفعول اى يشبهون الناظرين إليك ويخيل إليك انهم يبصرونك لما انهم صنعوا لها أعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلالئة وصوروها تصوير من

قلب حدقته الى الشيء ينظر اليه وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ حال من فاعل ينظرون اى والحال انهم غير قادرين على الابصار وهو بيان عجزهم عن الابصار بعد بيان عجزهم عن السمع وقيل ضمير الفاعل فى تراهم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وضمير المفعول للمشركين على ان التعليل قدتم عند قوله تعالى لا يَسْمَعُوا اى وترى المشركين يا محمد ينظرون إليك بأعينهم وهم لا يبصرونك ببصائرهم اى كما أنت عليه فهم غائبون عنك فى الحقيقة الا ان يقروا بالتوحيد وصدق الرسالة- ذكر- ان السطر الاول من خاتم سليمان عليه الصلاة والسلام كان بسم الله الرحمن الرحيم. والسطر الثاني لا اله الا الله. والسطر الثالث محمد رسول الله فلما ادخله جبريل فى إصبعه لم يقدر أصحابه ان يروه فتضرعوا فقال قولوا لا اله الا الله محمد رسول الله فلما قالوه رأوه. وسره انه احاطه المهابة فلما اشتغلوا بالتوحيد حصل لهم الاستعداد والقدرة- وحكى- ان السلطان محمود الغازي دخل على الشيخ الرباني ابى الحسن الخرقاني قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتصل بالسعادة ولم يتخلص من الشقاوة فقال الشيخ فى جوابه ان أبا جهل ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لخرج من الشقاوة ودخل فى السعادة ثم قال الشيخ ومصداق ذلك قول الله تعالى وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السر والقلب يورث ذلك فمن رأى أبا يزيد بهذه العين فاز بالسعادة براى ديدن روى تو چشم ديكرم باشد ... كه اين چشم كه من دارم جمالت را نمى شايد وفى الحديث (طوبى لمن رآنى ولمن رآى من رآنى ولمن رأى من رأى من رآنى ولمن رأى من رأى من رأى من رآنى) كما فى الرسالة العلية للكاشفى: وفى المثنوى كفت طوبى من رآنى مصطفى ... والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغى نور شمعى را كشيد ... هر كه ديد آنرا يقين آن شمع ديد همچنين تا صد چراغ از نقل شد ... ديدن آخر لقاى اصل شد خواه نور از واپسين بستان بجان ... هيچ فرقى نيست خواه از شمع دان وظهر من هنا ان رؤية الأولياء ايضا انما تفيد إذا كانت بالبصيرة ثم ان الرؤية تتناول ما فى اليقظة وما فى المنام قال بعضهم فى قوله عليه السلام (من رآنى فقد رأى الحق) من رآنى مطلقا اى سواء كانت الرؤية فى اليقظة او فى المنام فقد رأى الرسول الحق وقال بعضهم من رآنى فى المنام فقد رأى الرؤيا الصادقة لا الرؤيا التي يلعب بها الشيطان قال الشيخ الأكمل فى شرح المشارق المنام الحق هو الذي يريه الملك الموكل على الرؤيا فان الله تعالى قد وكل بالرؤيا ملكا يضرب من الحكمة والأمثال وقد اطلعه الله سبحانه على قصص ولد آدم من اللوح المحفوظ فهو ينسخ منها ويضرب لكل قصة مثلا فاذا نام يمثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة لتكون بشارة له او نذارة او معاتبة ليكونوا على بصيرة من أمرهم كذا قيل

[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 إلى 200]

انتهى واعلم ان جميع الأنبياء معصومون من ان يظهر شيطان بصورهم فى النوم واليقظة لئلا يشتبه الحق بالباطل يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من حضرة شيخى المتفرد فى زمانه بعلمه وعرفانه ان الشيطان لا يتمثل ايضا بصور الكمل من الأولياء الكرام كقطب الوجود فى كل عصر فانه مظهر تام للهدى سار فى سره سر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا فعلى العاقل ان يترك القيل والقال ويدع الاعتراض بالمقال والحال ويستسلم لامر الله الملك المتعال الى ان يبلغ مبلغ الرجال ويتخلص من مكر الشيطان البعيد عن ساحة العز والإجلال ويكون هاديا بعد كونه مهديا ان كان ذلك امرا مقضيا اللهم اهدنا الى رؤية الحق وأرنا الأشياء كما هى وخلصنا من الاشغال بالمناهي والملاهي انك أنت الجواد لكل صنف من العباد منك المبدأ وإليك المعاد خُذِ الْعَفْوَ- روى- انه صلى عليه وسلم سأل جبريل (ما الاخذ بالعفو) فقال لا أدرى حتى اسأل ثم رجع فقال يا محمد ان ربك أمرك ان تعطى من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وان تحسن الى من أساء إليك هر كه زهرت دهد بدوده قند ... وآنكه از تو برد بدو پيوند والعفو من أخلاقه تعالى قال سعيد بن هشام دخلت على عائشة فسألتها عن اخلاق النبي عليه السلام قالت اما تقرأ القرآن قلت بلى قالت كان خلق رسول الله القرآن وانما أدبه بالقرآن بمثل قوله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وبقوله وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وبقوله (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) وغير ذلك من الآيات الدالة على مكارم أخلاقه وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ بالجميل المستحسن من الافعال لانها قريبة من قبول الناس من غير نكير قال فى التيسير قالوا فى العرف تقوى الله صلة الأرحام وصون اللسان عن الكذب ونحوه وغض البصر عن المحارم وكف الجوارح عن المآثم وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عنهم واغضض عما يسوءك منهم وذلك لانه ربما اقدم بعض الجاهلين عند الترغيب والترهيب على السفاهة والأذى والضحك والاستهزاء فلهذا السبب امر الله تعالى حبيبه فى آخر الآية بتحمل الأذى والحلم عمن جفا فظهر بهذا ان الآية مشتملة على مكارم الأخلاق فيما يتعلق بمعاملة الناس معه ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا فى الأسواق ولا يجزى السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح كذا فى الكواشي- روى- انه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف يا رب والغضب) فنزل قوله تعالى وَإِمَّا كلمتان ان التي هى للشرط وما التي هى صلة زائدة يَنْزَغَنَّكَ النزغ والنخس الغرز يقال نزعه طعن فيه ونزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس ونخس الدابة غرز مؤخرها او جنبها بعود ونحوه مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ اى نازغ كرجل عدل بمعنى عادل وشبهت وسوسته للناس وإغراؤه لهم على المعاصي بغرز السائق لما يسوقه. والمعنى واما يحملنك من جهته وسوسة ما على خلاف ما أمرت به من اعتراء غضب او نحوه فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ فالتجىء اليه تعالى من شره واعتصم إِنَّهُ تعالى سَمِيعٌ يسمع استعاذتك به قولا عَلِيمٌ يعلم تضرعك اليه قلبا فى ضمن القول

او بدونه فيعصمك من شره قال فى البحر وختم بهاتين الصفتين لان الاستعاذة التي تكون باللسان لا تجدى الا باستحضار معناها. فالمعنى سميع للاقوال عليم بما فى الضمائر واختلفوا هل المراد الشيطان او القرين فقط والظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعده فلا يضر شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فان قرينه قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ان يكون إبليس او أكابر جنوده لانه قدورد فى الحديث (ان عرش إبليس على البحر الأخضر وجنوده حوله وأقربهم اليه أشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الأمور العظام) والظاهر ان امر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته كما ورد (ان عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله فى وجهى فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت العنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت اخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لاصبح موثقا يلعب به ولدان اهل المدينة) والدعوة قوله رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي وانما لم يشده ولم يأخذه لان التسخير التام مختص بسليمان عليه السلام فان قلت لم لم يمنع إبليس عن النبي صلى الله عليه وسلم كما منع به عن السماء الشياطين قلت ان الله تعالى جعل اكثر الأشياء كذلك يمنع بها ولا يمنع عنها ألا ترى ان الليل يمنع النهار والنهار يمنع الليل ولا يمنع عنهما النور والظلمة وكذلك احياء الموتى لعيسى عليه السلام ولم يمنع عنه الموت وايضا لما منع الشياطين عن السماء ظنوا انهم لا يقدرون على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فسلطهم عليه ثم عصمه منهم ليعلموا انه ليس بايديهم شىء وقال النيسابورى أراد ان يظهر لخلقه ان غيره مقهور غير معصوم ولا قاهر الا الله تعالى وعن بعض العلماء ان الخطاب فى قوله وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ وان كان للنبى عليه السلام الا ان المراد أمته وتشريع الاستعاذة لهم يقول الفقير حفظه الله القدير يعضده ما قال بعض الأولياء من أمته وهو ابو سليمان الداراني قدس سره ما خلق الله خلقا أهون على من إبليس لولا ان الله أمرني ان أتعوذ منه ما تعوذت منه ابدا وما قال البعض الآخر حين قيل له كيف مجاهدتك للشيطان وما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا الى الله فكفانا من دونه فاذا كان هذا حال الولي فما ظنك بحال النبي ويدل عليه ايضا كلمة ان الدالة على عد الجزم واعلم ان الغضب لغير الله من نزغات الشيطان وانه بالاستعاذة يسكن- روى- انه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يخاصم أخاه قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه من الغضب فقال عليه السلام (انى لا علم كلمة لوقالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان لذهب عنه ما يجده) وفى الحديث (ان الغضب من الشيطان وان الشيطان من النار وانما تطفأ النار بالماء فاذا غضب أحدكم فليتوضأ) : وفى المثنوى چون ز خشم آتش تو در دلها زدى ... مايه نار جهنم آمدى آتشت اينجا چهـ آدم سوز بود ... آنچهـ از وى زاد مرد افروز بود

[سورة الأعراف (7) : الآيات 201 إلى 202]

آتش تو قصد مردم ميكند ... نار كز وى زاد بر مردم زند اين سخنهاى چومار وكژ دست ... مار وكژدم كشت وميكردد دمت خشم تو تخم سعير ودوزخست ... هين بكش اين دوزخت را كين فخست وفى الحديث (لما أراد الله ان يخلق لابليس نسلا وزوجة القى عليه الغضب فطارت منه شظية من نار فخلق منها امرأته) كذا فى حياة الحيوان والاشارة خُذِ الْعَفْوَ اى تخلق بخلق الله فان العفو من أخلاقه تبارك وتعالى وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ اى بالمعروف وهو طلب الحق تعالى لانه معروف العارفين وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ يعنى عن كل ما يدعوك الى غير الله وعمن يطلب ما سوى الله فان الجاهل هو الذي لا يعرف الله ولا يطلبه والعالم من يطلبه ويعرفه وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فى طلب غير الله فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من غير الله بان تفر الى الله وتترك ما سواه إِنَّهُ سَمِيعٌ يسمع القول والاجابة لما تدعوه اليه عَلِيمٌ بما ينفعك ويضرك فيسمع ما ينفعك دون ما يضرك كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا اى اتصفوا بوقاية أنفسهم عما يضرها إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ ادنى لمة منه وهى الوسوسة والمس. والطائف اسم فاعل من طاف يطوف إذا دار حول الشيء كأنها تطوف بهم وتدور حولهم لتوقع بهم او من طاف به الخيال يطيف طيفا اى ألمّ فالطائف بمعنى الجائى والنازل. وفى الصحاح طيف الخيال مجيئه فى النوم وطيف من الشيطان وطائف منه لمم منه والخيال فى الأصل اسم بمعنى التخيل وارتسام السورة فى محل القوة المتخيلة ويطلق على نفس تلك الصورة وطيفه نزوله فى محل المتخيلة تَذَكَّرُوا اى ما امر به ونهى عنه وقال المولى ابو السعود اى الاستعاذة به تعالى والتوكل عليه فَإِذا هُمْ بسبب ذلك التذكر مُبْصِرُونَ مواقع الخطأ ومكائد الشيطان فيتحرزون عنها ولا يتبعونه فيها وَإِخْوانُهُمْ اى اخوان الشياطين وهم المنهمكون فى الغى المعرضون عن وقاية أنفسهم عن المضار فضمير إخوانهم للشيطان والجمع لكون المراد به الجنس يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ اى يكون الشياطين مددا لهم فيه ويعضدونهم بالتزيين والحمل عليه والغى الضلال ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ اى لا يمسكون عن الإغواء حتى يردونهم بالكلية يقال اقصر عن الشيء إذا كف عنه وانتهى فعلى العاقل مباعدة اهل الطغيان ومجانبة وسوسة الشيطان- حكى- ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق تعالى هيكل الإنسان فى سورة بلور وبين كتفيه خال اسود كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله تعالى فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الإلهي احتجم صلى الله تعالى عليه وسلم بين كتفيه وامر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه عليه السلام اشارة الى عصمته عليه السلام من وسوسته لقوله عليه السلام (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الإلهي أيده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك واعلم ان اصل الخواطر اثنان ما يكون بإلقاء الملك وما يكون

[سورة الأعراف (7) : الآيات 203 إلى 206]

بإلقاء الشيطان والفرق ان كل ما يكون سببا للخير بحيث يكون مأمون الغائلة اى الآفة فى العاقبة ولا يكون سريع الانتقال الى غيره ويحصل بعده توجه تام الى الحق ولذة عظيمة مرغبة فى العبادة فهو ملكى وبالعكس شيطانى قال بعضهم قد يلبس الشيطان ويرى الباطل فى صورة الحق فاجمع المشايخ على ان من كان قوته من الحرام لا يفرق بين الخواطر الملكية والشيطانية بل منهم من قال من كان قوته غير معلوم لا يفرق بينهما: وفى المثنوى طفل جان از شير شيطان باز كن ... بعد از آنش با ملك انباز كن تا تو تارك وملول وتيره ... دانكه با ديو لعين همشيره لقمه كان نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال چون ز لقمه تو حسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام زايد از لقمه حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان قال حضرة شيخنا الفريد امده الله بالمزيد فى كتاب اللائحات البرقيات الملك الموكل بامر الله على قلوب اهل الحق يلقى إليهم الحق دائما فاذا مسهم طائف من الشيطان فيذكرهم بذلك الطائف الشيطاني فهم يتذكرون ويبصرون ويمحون والشيطان المتسلط بخذلان الله على صدور اهل الباطل يلقى إليهم الباطل دائما فاذا مسهم طائف من الرحمن فينسيهم ذلك فهم لا يتذكرون ولا يبصرون ولا يمحون فالشان الرحمانى دائما اراءة الحق حقا والباطل باطلا والشان الشيطاني اراءة الحق باطلا والباطل حقا وهذا هو السر والحكمة فى كون عباد الرحمن هادين ومهديين وعباد الشيطان ضالين ومضلين لان الاراءة الاولى هى الهداية بعينها والثانية هى الإضلال بعينه والإضلال لا بد من انه يستلزم الضلال كما ان الهداية لا بد من انها تستلزم الاهتداء انتهى كلامه قال فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا هم ارباب القلوب والتقوى من شان القلب كما قال عليه الصلاة والسلام (التقوى هاهنا) وأشار الى صدره والتقوى نور يبصرون به الحق حقا والباطل باطلا فلذا قال إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ اى إذا طاف حول القلب التقى النقي نوع طيف من عمل الشيطان براه القلب بنور التقوى ويعرفه فيتذكر انه يفسده ويكدر صفاءه ويقسيه فيجتنبه ويحترز منه فذلك قوله تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ يعنى النفوس اخوان القلب فان النفس والقلب توأمان ولدا من ازدواج الروح والقالب فالقلب يمد النفس فى الطاعة ولولا ذلك ما صدر من القلب معصية لانه جبل على الا طمئنان بذكر الله وطاعته ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ لا يسأم كل واحد منهما من فعله ولا يدع ما جبل عليه لئلا يأمن ارباب القلوب من كيد النفوس ابدا ولا يقنط ارباب النفوس المسرفين على أنفسهم من رحمة الله من إصلاح احوال قلوبهم وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ اى اهل مكة بِآيَةٍ من القرآن عند تراخى الوحى او بآية مما اقترحوه كقولهم احى لنا فلانا الميت يكلمنا ويصدقك فيما تدعونا اليه ونحو ذلك قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها اجتبى الشيء بمعنى حباه لنفسه اى جمعه. فالمعنى هلا جمعتها من تلقاء نفسك تقوّلا كسائر ما تقرأه من القرآن فانهم يقولون كله افك او هلا ميزتها واصطفيتها عن سائر مهماتك وطلبتها من الله

تعالى فيكون الاجتباء بمعنى الاصطفاء قُلْ ردا عليهم إِنَّما أَتَّبِعُ اى ما افعل الا اتباع ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي لست بمختلق للآيات ولست بمقترح لها هذا القرآن بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ بمنزلة البصائر للقلوب بها تبصر الحق وتدرك الصواب اخبر عن المفرد بالجمع لاشتماله على سور وآيات وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إذ هم المقتبسون من أنواره والمغتنمون من آثاره والجملة من تمام القول المأمور به وفى الآية اشارة الى انه كما ان النبي يتبع الوحى الإلهي كذلك الولي يتبع الإلهام الرباني فلا قدرة على تزكية النفوس الا بالوحى والإلهام وايضا لو لم يتبع الهدى لكان اهل هوى غير صالح للارشاد وخائنا والخائن لا يكون أمينا على اسرار النبوة والولاية وعن بعض اهل العلم قال كنت بالمصطبة وإذا برجلين يتكلمان فى الخلوة مع الله تعالى فلما أرادا ان ينصرفا قال أحدهما للآخر تعال نجعل لهذا العلم ثمرة ولا يكون حجة علينا فقال له اعزم على ما شئت فقال عزمت على ان لا آكل ما للمخلوق فيه صنع قال فتبعتهما فقلت انا معكما فقالا على الشرط قلت على أي شرط شرطتما فصعدا جبل لكام ودلانى على كهف وقالا تعبد فيه فدخلت فيه وجعل كل واحد منهما يأتينى بما قسم الله تعالى وبقيت مدة ثم قلت الى متى أقيم هاهنا أسير الى طرطوس وآكل من الحلال واعلم الناس العلم واقرأ القرآن فخرجت ودخلت طرسوس وأقمت بها سنة وإذا انا برجل منهما قد وقف علىّ وقال يا فلان خنت فى عهدك ونقضت الميثاق اما انك لو صبرت كما صبرنا لوهب لك ما وهب لنا قلت ما الذي وهب لكما قال ثلاثة أشياء طى الأرض من المشرق الى المغرب بقدم واحد والمشي على الماء والحجبة إذا شئنا ثم احتجب عنى فقلت بالذي وهب لكما هذا الحال ألا ما ظهرت لى فقد شويت قلبى فظهر وقال سل فقلت هل لى الى ذلك الحال عودة فقال هيهات لا يؤمن الخائن: قال الحافظ وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى ... بهرزه طالب سيمرغ وكيميا ميباش وفى الحكاية اشارة الى ان الله تعالى يمن على من يشاء- حكى- ان الشيخ جوهر المدفون فى عدن كان مملوكا فعتق وكان يبيع ويشترى فى السوق ويحضر مجالس الفقراء ويعتقدهم وهو أمي فلما حضرت وفاة الشيخ الكبير سعد الحداد المدفون فى عدن قالت له الفقراء من يكون الشيخ بعدك قال الذي يقع على رأسه الطائر الأخضر فى اليوم الثالث من موتى عند ما يجتمع الفقراء فلما توفى اجتمع الفقراء عند قبره ثلاثة ايام فلما كان اليوم الثالث وفرغوا من الذكر والقرآن قعدوا ينتظرون ما وعدهم الشيخ وإذا بطائر أخضر وقع قريبا منه فبقى كل واحد من كبار الفقراء يترجى ذلك ويتمناه فبينماهم كذلك إذا بالطائر قد طار ووقع على رأس الشيخ جوهر ولم يكن يخطر له ولا لاحد من الفقراء ذلك فقام اليه الفقراء ليزفوه الى زاوية الشيخ وينزلوه منزلة المشيخة فبكى وقال كيف أصلح للمشيخة وانا رجل سوقى وانا لا اعرف طريق الفقراء وآدابهم وعلى تبعات وبينى وبين الناس معاملات فقالوا له هذا امر سماوى ولا بدلك منه والله يتولى تعليمك فقال أمهلوني حتى امضى الى السوق وابرأ من حقوق الخلق فامهلوه فذهب الى دكانه ووفى كل ذى حق حقه ثم ترك السوق ولزم الزاوية ولازمه الفقراء فصار جوهرا كاسمه: قال الحافظ

[سورة الأعراف (7) : آية 204]

طالب لعل وگهر نيست وگر نه خورشيد ... همچنان در عمل معدن وكانست كه بود وقال كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود ولما عظم سبحانه وتعالى شأن القرآن بقوله هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ اردفه بقوله وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ الذي ذكرت شؤونه العظيمة فَاسْتَمِعُوا لَهُ استماع قبول وعمل بما فيه فان شأنه يوجب الاستماع مطلقا ولما فى الافتعال من التصرف والسعى والاعتمال فى ذلك الفعل فرقوا بين المستمع والسامع بان المستمع من كان قاصدا للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس وَأَنْصِتُوا اى واسكتوا فى خلال القراءة وراعوها الى انقضائها تعظيما له وتكميلا للاستماع والفرق بين الإنصات والسكوت ان الإنصات مأخوذ فى مفهومه الاستماع والسكوت فلا يقتصر فى معناه على السكوت بخلاف السكوت لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اى تفوزون بالرحمة التي هى أقصى ثمراته قال ابن عباس رضى الله عنها كان المسلمون قبل نزول هذه الآية يتكلمون فى الصلاة ويأمرون بحوائجهم ويأتى الرجل الجماعة وهم يصلون فيسألهم كم صليتم وكم بقي فيقولون كذا فانزل الله تعالى هذه الآية وأمرهم بالإنصات عند الصلاة بقراءة القرآن لكونها أعظم أركانها استدل الامام ابو حنيفة بهذه الآية على ان انصات المقتدى واجب وان قراءة الامام قراءة المأموم فلا يقرأ خلف الامام سواء اسر الامام أم جهر لانه تعالى أوجب عليه أمرين الاستماع والإنصات فاذا فات الاستماع بقي الإنصات واجبا وجه الاستدلال ان المراد بالإنصات المأمور به وان كان هو النهى عن الكلام لا عن القراءة لكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب على ان جماعة من المفسرين قالوا ان الآية نزلت فى الصلاة خاصة حين كانوا يقرأون القرآن خلفه عليه السلام وجعله الحدادي فى تفسيره أصح قال فى الأشباه أسقط ابو حنيفة القراءة عن المأموم بل منعه منها شفقة على الامام دفعا للتخليط عليه كما يشاهد بالجامع الأزهر انتهى فقراءة المأموم مكروهة كراهة التحريم وهو الأصح كما فى شرح المجمع لابن ملك قال على رضى الله عنه من قرأ خلف الامام فقد اخطأ الفطرة اى السنة- يحكى- ان جماعة من اهل السنة جاؤا الى ابى حنيفة رضى الله عنه ليناظروه فى القراءة خلف الامام ويبكتوه ويشنعوا عليه فقال لهم لا يمكننى مناظرة الجميع ففوضوا امر المناظرة الى أعلمكم لا ناظره فاشاروا الى واحد فقال هذا أعلمكم فقالوا نعم قال والمناظرة معه مناظرة لكم قالوا نعم قال والإلزام عليه كالالزام عليكم قالوا نعم قال وان ناظرته وألزمته الحجة فقد لزمتكم الحجة قالوا نعم قال وكيف قالوا لانا رضينا به اماما فكان قوله قولنا فقال ابو حنيفة فنحن لما اخترنا الامام فى الصلاة كانت قراءته قراءة لنا وهو ينوب عنا فاقر واله بالالزام. قال الفقهاء المطلوب من القراءة التدبر والتفكر والعمل به ولا يحصل ذلك الا بالاستماع والإنصات فيجب على المؤتم ذلك وهو كالخطبة يوم الجمعة لما شرعت وعظا وتذكيرا وجب الاستماع ليحصل فائدتها لا ان يخطب كل لنفسه بخلاف سائر الأركان لانها شرعت للخشوع ولا يحصل لهم

الخشوع الا بالسجود معه والركوع اعلم ان ظاهر النظم الكريم يقتضى وجوب الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن فى الصلاة وغيرها وعامة العلماء على استحبابها خارج الصلاة كما فى التفاسير قال الحدادي ولا يجب على القوم الإنصات لقراءة كل من يقرأ فى غير الصلاة وقال الحلبي رجل يكتب الفقه وبجنبه رجل يقرأ القرآن ولا يمكن للكاتب الاستماع فالاثم على القارئ لقراءته جهرا فى مواضع اشتغال الناس بأعمالهم وعلى هذا لو قرأ على السطح فى الليل جهرا والناس نيام يأثم كذا فى الخلاصة. صبى يقرأ فى البيت واهله مشغولون بالعمل يعذرون فى ترك الاستماع ان افتتحوا العمل قبل القراءة وإلا فلا. وكذا قراءة الفقه عند قراءة القرآن ولو كان القارئ فى المكتب واحدا يجب على المارين الاستماع وان اكثر ويقع الخلل فى الاستماع لا يجب عليهم. ويكره للقوم ان يقرأوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات. وقيل لا بأس به والأصل فيه ان الإنصات والاستماع للقرآن فرض كفاية على ما حققه الحلبي فى الشرح الكبير قال فى القنية ولا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى. ورجل يكتب من الفقه او يكرر منه وغيره يقرأ القرآن لا يلزمه الاستماع لان النبي عليه السلام دخل على أصحابه وهم فى المسجد حلقتان حلقة فى مذاكرة الفقه وحلقة فى قراءة القرآن وجلس فى حلقة مذاكرة الفقه ولو لزم الاستماع لما فعل ذلك وفيه اشارة فضيلة الفقه ومذاكرته علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث قال فى نصاب الاحتساب قراءة القرآن فى القبور تكره عند ابى حنيفة وعند محمد لا تكره ومشايخنا أخذوا بقول محمد لكن لا يقرأ جهرا إذا كان اهل المصيبة مشتغلين بالناس فان القراءة جهرا عند قوم مشاغيل مكروهة ثم اعلم انه يدخل فى الآية الخطبة لانها ملتبسة بقراءة القرآن فنعمل بظاهره فى حق قراءة القرآن وفى حق الخطبة بطريق الاحتياط اثباتا للحرمة بدليل فيه شبهة فيسمع الخطبة وينصت وان صلى الخطيب على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لان ذلك جزء من الخطبة فنعمل فيه ما نعمل فى الباقي الا إذا قرأ صلوا عليه فيصلى المستمع سرا اى فى نفسه وقلبه ولا يحرك لسانه لانه توجه عليه أمران صلوا عليه وقوله انصتوا فيصلى فى نفسه وينصت بلسانه حتى يكون آتيا بهما. واختلفوا فى البعيد عن المنبر والأحوط السكوت اقامة لفرض الإنصات وان تعذر الاستماع ولان فيه تشبها بالمستمعين ولان صوت كلامه قد يبلغ الصفوف التي امامه فيشغلهم ويمنعهم عن استماع الخطبة قال فى التتارخانية إذا شرع الخطيب فى الدعاء لا يجوز للقوم رفع الأيادي ولا ان يكون بلسانه وكذا الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام باللسان جهرا فان فعلوا أثموا ويجوز بالقلب ويجب على العلماء منعهم فان لم يمنعوا أثموا وقال فى نصاب الاحتساب ولا يتكلم حال الخطبة وان كان امرا بمعروف او نهيا عن منكر ولو لم يتكلم لكن أشار بيده او بعينه حين رأى منكرا الصحيح انه لا بأس به وفى الحديث (إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت) اى تكلمت بما لا ينبغى قال النووي فيه نهى عن جميع انواع الكلام لان قوله انصت إذا كان لغوا مع انه امر

[سورة الأعراف (7) : آية 205]

بمعروف فغيره من الكلام اولى وانما طريق النهى هنا الإنكار بالاشارة. وفى قوله والامام يخطب اشعار بان هذا النهى انما هو فى حال الخطبة وهو مذهب الشافعي وقال ابو حنيفة يجب الإنصات بخروج الامام لقوله عليه السلام (إذا خرج الامام فلا صلاة ولا كلام) اى مطلقا سواء خطب او لم يخطب والترجيح للمحرم وقال لا بأس بالكلام إذا خرج الامام قبل ان يخطب وإذا فرغ قبل ان يشتغل بالصلاة لان التكلم بما لا اثم فيه انما كره للاستماع إذ الكلام يخل بفرض استماعها ليقصر على حال الخطبة إذ لا استماع قبلها وبعدها وفى القنية الكلام فى خطبة العيدين غير مكروه لان خطبة العيدين سنة فخطبة الجمعة شرط لصحة الصلاة بخلاف خطبة العيدين لقوله عليه السلام (يوم العيد من شاء منكم ان يخرج فليخرج) والحاصل انه إذا خرج الامام حرم كلام الناس والناقلة اما الفائتة فلا كراهة فى قضائها وقت الخطبة نص عليه فى النهاية وكذا التسبيح ونحوه جائز بالاتفاق قال فى الأشباه خرج الخطيب بعد شروعه متنفلا قطع على رأس الركعتين يعنى ان صلى ركعة ضم إليها اخرى وسلم كما فى الكافي وان كان شرع فى الشفع الثاني أتمه كما فى الاختيار ولو كان شرع فى سنة الجمعة يتمها أربعا على الصحيح كما فى الأشباه وغيره وعبارة الخروج واردة على عادة العرب لانهم يتخذون للامام مكانا خاليا تعظيما لشانه فيخرج منه حين أراد الصعود الى المنبر واما القاطع عن الصلاة والكلام فى ديارنا فهو قيام الامام للصعود قال فى التأويلات النجمية الإنصات شرط فى حسن الاستماع وحسن الاستماع شرط فى الاسماع والاشارة أَنْصِتُوا بألسنتكم الظاهرة لتستمعوا له بآذانكم الظاهرة وانصتوا بألسنتكم الباطنة لتستمعوا بآذانكم الباطنة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بالاستماع بالسمع الحقيقي وهو قوله (كنت له سمعا فى يسمع) فمن سمع القرآن بسمع بارئه فقد سمع من قارئه وهذا سر الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ: قال المولى الجامى كوينده سنائى غزنوى است عجب نبود كه از قرآن نصيبت نيست جز حرفى ... كه از خرشيد جز كرمى نبيند چشم نابينا وَاذْكُرْ يا محمد رَبَّكَ ويجوز ان يكون المراد جميع الخلق والذكر طرد الغفلة ولذا لا يكون فى الجنة لانها مقام الحضور الدائم فِي نَفْسِكَ وهو الذكر بالكلام الخفي فان الإخفاء ادخل فى الإخلاص واقرب من الاجابة وهذا الذكر يعم الاذكار كلها من القراءة والدعاء وغيرها كما قال فى الاسرار المحمدية ليس فضل الذكر منحصرا فى التهليل والتسبيح والتكبير والدعاء بل كل مطيع لله فى عمل فهو ذاكر تَضَرُّعاً مصدر واقع موقع الحال من فاعل اذكر اى متضرعا ومتذللا. والضراعة الخضوع والذل والاستكانة يقال تضرع الى الله اى ابتهل وتذلل والابتهال الاجتهاد فى الدعاء وإخلاصه قال بعض العارفين بالله الصلاة أفضل الحركات والصوم أفضل السكنات والتضرع فى هياكل العبادات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات لو لم ترد نيل ما ارجوا واطلبه ... من فضل جودك ما علمتنى الطلبا وَخِيفَةً بكسر الخاء أصلها خوفة قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها اى وحال كونك خائفا قال ابن الشيخ وهذا الخوف يتناول خوف التقصير فى الأعمال وخوف الخاتمة

وخوف السابقة فان ما يكون فى الخاتمة ليس الا ما سبق به الحكم فى الفاتحة ولذلك قال عليه السلام (جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة) انتهى يقول الفقير هذا بالنسبة الى ان يكون المراد بالخطاب فى الآية هو الامة والا فالانبياء بل وكمل الأولياء آمنون به من خوف الخاتمة والفاتحة نعم لهم خوف لكن من نوع آخر يناسب مقامهم ولما كان أكمل احوال الإنسان ان يظهر عزة ربوبية الله وذلة عبودية نفسه امر الله بالذكر ليتم المقصود الاول وقيده بالتضرع والخيفة ليتم المقصود الثاني اى خنك آنرا كه ذلت نفسه ... واى آنكسى را كه بردى رفسه وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ صفة لمحذوف هو الحال اى ومتكلما كلاما هو دون الجهر فانه اقرب الى حسن التفكر فمن أم فى صلاة الجهر ينبغى له ان لا يجهر جهرا شديدا بل يقتصر على قدر ما يسمعه من خلفه قال فى الكشف لا يجهر فوق حاجة الناس والا فهو مسيىء. والفرق بين الكراهة والاساءة هو ان الكراهة افحش من الاساءة ولما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته فسأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام (ارفع من صوتك قليلا) وقد جمع النووي بين الأحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر أفضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همه الى الفكر ويصرف سمعه اليه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وبالجملة ان المختار عند الأخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والإخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء كذا فى أنوار المشارق وقد سبق من شارح الكشاف ان الشيخ المرشد قد يأمر المبتدى برفع الصوت لتنقلع من قلبه الخواطر الراسخة فيه بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ متعلق باذكر اى اذكره فى هذين الوقتين وهما البكرات والعشيات فان الغدو جمع غدوة وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. والآصال جمع اصيل وهو الوقت بعد العصر الى المغرب والعشى والعشية من صلاة المغرب الى العتمة وخص هذان الوقتان لان فيهما تتغير احوال العالم تغيرا عجيبا يدل على ان المؤثر فيه هو الإله الموصوف بالحكمة الباهرة والقدرة القاهرة فكل من شاهد هذه التغيرات ينبغى له ان يذكر المؤثر فيها بالتضرع والابتهال والخوف من تحويل حاله الى سوء الحال. وقيل الغدو والآصال عبارتان عن الليل والنهار اكتفى عن ذكرهما بذكر طرفيهما والمراد بذكره تعالى فيهما المواظبة عليه بقدر الإمكان وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ عن ذكر الله تعالى امر اولا بان يذكر ربه على وجه يستحضر فى نفسه معانى الاذكار التي يقولها بلسانه فان المراد بذكر الله فى نفسه ان يذكره تعالى عارفا بمعاني ما يقول من الاذكار ثم اتبعه بقوله وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ للدلالة على ان الإنسان ينبغى له ان لا يغفل قلبه عن استحضار جلال الله

تعالى وكبريائه وفى الحديث (ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من ان تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله) اى ما هو خير لكم مما ذكر ذكر الله سبحانه لان ثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال (انا جليس من ذكرنى) والجليس لا بد ان يكون مشهودا فالحق مشهود الذاكر وشهود الحق أفضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وكمال تلك النعمة. والذكر المطلوب من العبدان يذكر الله باللسان ويكون حاضرا بقلبه وروحه وجميع قواه بحيث يكون بالكلية متوجها الى ربه فتنتفى الخواطر وتنقطع أحاديث النفس عنه. ثم إذا داوم عليه ينتقل الذكر من لسانه الى قلبه ولا يزال يذكر بذلك حتى يتجلى له الحق من وراء أستار غيوبه فينور باطن العبد بحكم وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها ويعده الى التجليات الصفاتية والاسمائية ثم الذاتية فيفنى العبد فى الحق فيذكر الحق نفسه بما يليق بجلاله وجماله فيكون الحق ذاكرا ومذكورا وذلك بارتفاع الثنوية وانكشاف الحقيقة الاحدية كذا فى شرح الفصوص لداود القيصري فى الكلمة اليونسية چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم واعلم ان من اشتغل باسم من الأسماء وداوم فيه فلا ريب ان يحصل بينه وبين سر هذا الاسم المشتغل به وروحه بعناية الله تعالى وفضله مناسبة ما بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة وكملت بحسب قوة الاشتغال وكماله يحصل بينه وبين مدلوله من الأسماء الحقية بواسطة هذه المناسبة الحاصلة مناسبة بقدرها قوة وكمالا ومتى بلغت الى حد الكمال ايضا هذه المناسبة الثانية الحاصلة بينه وبين هذا الاسم بجود الحق سبحانه وعطائه يحصل بينه وبين مسماه الحق تعالى مناسبة بمقدار المناسبة الثانية من جهة القوة والكمال لان العبد بسبب هذه المناسبة يغلب قدسه على دنسه ويصير مناسبا لعالم القدس بقدر ارتفاع حكم الدنس فحينئذ يتجلى الحق سبحانه له من مرتبة ذلك الاسم بحسبها وبقدر استعداده ويفيض عليه ما شاء من العلوم والمعارف والاسرار الالهية والكونية حسبما يقتضيه الوقت ويسعه الموطن وتستدعيه القابلية فيطلع بعد ذلك على ما لم يطلع عليه قبله فيحصل له العلم والمعرفة بعد الجهل والغفلة كذا فى حواشى تفسير الفاتحة لحضرة شيخنا الاجل أمدنا الله بمدده الى حلول الاجل واتفق المشايخ والعلماء بالله على ان من لا ورد له لا وارد له وانقطاعه عن بعض ورده بسبب من الأسباب سوى السفر والمرض والهرم والموت علامة البعد من الله تعالى والخذلان. فينبغى لمن كان له ورد ففاته ذلك ان يتداركه ويأتى به ولو بعد أسبوع ومن هنا تقضى الصوفية التهجد مع انه ليس من الفرائض والسر فى هذا ان المراد من الأوراد بل من سائر العبادات تغيير صفات الباطن وقمع رذائل القلب وآحاد الأعمال يقال آثارها بل لا يحس بآثارها وانما يترتب الأثر على المجموع وإذا لم يكن يعقب العمل الواحد اثرا محسوسا ولم يردف بثان وثالث على القرب والتوالي انمحى الأثر الاول ايضا ولهذا السر قال صلى الله عليه وسلم (أحب الأعمال الى الله أدومها وان قل) اى العمل قال ابن ملك وانما كان العمل الذي يداوم عليه أحب لان النفس تألف به ويدوم بسببه الإقبال على الله تعالى ولهذا ينكر اهل التصوف ترك الأوراد كما ينكرون

[سورة الأعراف (7) : آية 206]

ترك الفرائض انتهى قال بعض العلماء بالله لا يستحقر الورد الا جهول يعنى بحق ربه وحظ نفسه ووجه وصوله إليهما ان الوارد يوجد فى الدار الآخرة على حسب الورد إذ جاء فى الحديث (ان الله تعالى يقول ادخلوا الجنة برحمتي وتقاسموها بأعمالكم) والورد ينطوى بانطواء هذه الدار فيفوت ثوابه بحسب فواته إذ هو مرتب عليه. واولى ما يعتنى به عند العقلاء الأكياس ما لا يخلف وجوده إذ تذهب فائدته بذهابه فاذا تعللت نفسك بعدم طلب الثواب فقل لها الورد هو طالب ذكره منك إذ هو حق العبودية وان ركنت الى طلب العوض فقل والوارد أنت تطلبينه منه لامن حظ نفسك واين ما هو طالبه منك من واجب حقه مما هو مطلبك منه من غرضك وحظك فطب نفسا بالعمل لمولاك وسلم له فيما به يتولاك فقد قالوا كن طالب الاستقامة ولا تكن طالب الكرامة فان نفسك تهتز وتطلب الكرامة ومولاك يطالبك بالاستقامة ولان تكون بحق ربك اولى لك من ان تكون بحظ نفسك: قال الحافظ. صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دكرى پردازم قال فى التأويلات النجمية وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ اى اذكره بالافعال والأخلاق والذات فى نفسك بان تبدل افعال نفسك بالأعمال التي امر الله بها وتبدل أخلاقها بأخلاق الله ونفنى ذاتها فى ذات الله وهذا كما قال (وان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى) وهو سر قوله فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ألا ترى ان الفراش لما ذكر الشمعة فى نفسه بافناء ذاته فى ذاتها كيف ذكرته الشمعة بإبقائه ببقائها على ان تلك الحضرة منزهة عن المثل والمثال تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ التضرع من باب التكلف اى بداية هذا الذكر بتبديل افعال النفس باعمال الشريعة تكون بالتكلف ظاهرة ووسطه بالتخلق بأخلاق الله وبآداب الطريقة يكون مخفيا باطنا ونهايته بافناء ذاتها فى ذاته بانوار الحقيقة تكون منهيا عن جهر القول بها وهذا حقيقة قوله عليه السلام (افشاء سر الربوبية كفر) بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ يشير الى غدو الأزل وآصال الابد فان الذكر الحقيقي والمذكور الحقيقي هو الذاكر الحقيقي والذاكر والمذكور فى الحقيقة هو الله الأزلي الابدى لانه تعالى قال فى الأزل فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ففى الأزل ذكرهم لما خاطبهم وكان هو الذاكر والمذكور على الحقيقة على انا نقول ما ذكره الا هو وهذا حقيقة قول يوسف بن حسين الرازي ما ذكر أحد الله الا الله ولهذا قال تعالى وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ الذين لا يعلمون ان الذاكر والمذكور هو الله فى الحقيقة انتهى ما فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ قال الكاشفى [آورده اند كه كفار مكه تعظم ميكردند از سجده نمودن مر خدايرا وتنفر نموده ميكفتند أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً [حق سبحانه وتعالى ميفرمايد اى محمد اگر كافران از سجود من سركشى ميكنند بدرستى آنانكه] عِنْدَ رَبِّكَ اى الملائكة المقربين لديه قرب الشرف والمكانة لا قرب المسافة والمكان لا يَسْتَكْبِرُونَ [كردن نمى كشند] عَنْ عِبادَتِهِ بل يؤدونها حسبما أمروا به وَيُسَبِّحُونَهُ اى ينزهونه عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وَلَهُ تقديم الجار على الفعل للحصر يَسْجُدُونَ اى يخصونه بغاية العبودية والتذلل لا يشركون به شيأ وهو تعريض بسائر المكلفين ولذلك

شرع السجود عند قراءتها واعلم ان السجدة نهاية الخضوع وانما شرعت فى موضع جبرا للنقصان كسجود السهو وفى موضع لمخالفة الكفار والموافقة للمسلمين قال الكاشفى [سجده تلاوت چهارده موضع است در قرآن واختلاف درد وموضع است يكى در آخر سوره حج بمذهب امام شافعى وامام احمد سجده هست وبمذهب امام أعظم نيست ودوم در سوره ص بمذهب امام أعظم هست لان النبي عليه السلام قرأ سورة ص وسجد وبمذهب باقى ائمه نه] لان المذكور فيها ركوع لا سجود واختلف فى موضع السجود فى فصلت فعند على رضى الله عنه هو قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ وبه أخذ الشافعي وعند عمر وابن مسعود رضى الله عنهما هو قوله لا يَسْأَمُونَ فاخذنا به احتياطا فان تأخير السجدة لازم لا تقديمها [ونزد امام أعظم سجده تلاوت بر خواننده وشنونده در نماز وغير نماز واجبست در حال واگر فوت شود قضا لازمست وبمذهب ائمه ديكر سنت وقضا لازم نه] ويكره تأخير السجدة من غير ضرورة ويستحب ان يقوم القاعد فيكبر ويسبح تسبيح الصلاة ويكبر ويقوم ثم يقعد لكون الخرور فيه أكمل. قوله تسبيح الصلاة اى يقول «سبحان ربى الأعلى» ثلاثا وهو الأصح وقيل يقول «خضعت للرحمن فاغفر لى يا رحمن» وقيل يقول «يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك وطاعتك» وهو مختار صاحب الاسرار المحمدية ويروى فيه عن نفسه سماع هاتف يأمره بالدعاء بذلك وكان صلى الله عليه وسلم يقول فى سجود التلاوة (سجد وجهى للذى خلقه وصوره فاحسن صورته وشق سمعه وبصره بحوله وقوته) يقولها مرارا ثم يقول (فتبارك الله احسن الخالقين اللهم اكتب لى بها عندك اجرا وضع عنى بها وزرا واجعلها لى عندك ذخرا وتقبلها منى كما تقبلت من عبدك داود عليه الصلاة والسلام) قال ابن فخر الدين الرومي ان قرأ سجدة سبحان ضم إليها ما ذكره سبحانه وتعالى عن الطائفة الساجدين واستحسن عنهم بقوله سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وان قرأ آية التنزيل او الأعراف قال «اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك ان أكون من المستكبرين عن أمرك» وان رأ الم السجدة قال «اللهم اجعلنى من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة كتابك» وان قرأ سجدة والنجم قال «اللهم اجعلنى من الباكين إليك الخاشعين لك» وكذا فى غيره قال المولى أخي چلبى وان لم يذكر فيها شيأ اجزأه لانها لا تكون أقوى من السجدة الصلاتية ويستحب للسامع ان يسجد مع التالي ولا يرفع رأسه قبله لانه بمنزلة امامه ويشترط نية السجود للتلاوة لا التعيين حتى لو كان عليه سجدات متعددة فعليه ان يسجد عددها وليس له ان يعين ان هذه السجدة لآية كذا وهذه لآية كذا ويستحب للتالى اخفاؤها إذا لم يكن السامع متهيئا للسجود تحرزا عن تأثيمه وإذا كان متهيئا يستحب له ان يجهر حثاله على العبادة قال الامام الخبازى فى حواشى الهداية يستحب ان يصلى على النبي عليه السلام كلما ذكر ولا تستحب السجدة كلما تليت تلك الآية إذا كان المجلس واحدا والفرق ان الرسول عليه السلام محتاج والرب عز وجل غير محتاج قال الامام محمد بن العربي قدس سره فى روح القدس له اعلم ان لا شىء انكأ على إبليس من ابن آدم فى جميع أحواله فى صلاته من سجوده لانه خطيئته فكثرة السجود وتطويله يحزن الشيطان

تفسير سورة الأنفال

وليس الإنسان بمعصوم من إبليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنك ولهذا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (إذا قرأ ابن آدم السجد فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتى امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فابيت فلى النار (فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود كلها اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا قام من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه فاشتغل بك انتهى كلامه يقول الفقير فيه اشارة الى ان الشيطان انما ابى عن السجود لاستكباره فكل من استكبر عنه كالكفار كان الشيطان قرينه فى جميع أحواله وكل من تواضع فسجد كالمؤمنين اعتزل عنه الشيطان فى تلك الحال لا فى جميع الأحوال الا ان يزكى نفسه عن رذيلة الكبر فحينئذ يتخلص فى جميع أحواله ويكون من العباد المخلصين زينت تو پس كمر بندگى ... تاج تو در سجده سرافكندگى شرم تو بادا كه ببالا وبست ... سجده طاعت بردش هر چهـ هست تو كنى از سجده او سركشى ... به كه ازين شيوه قدم در كشى [وحضرت شيخ الإسلام قدس سره فرمود سرى كه درو سجودى نيست سفچهـ به از دست وكفى كه در وجودى نيست كفچهـ به از دست] ونعم ما قال شرف نفس بجودست وكرامت بسجود ... هر كه اين هر دو ندارد عدمش به ز وجود قال فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يعنى الذين أفنوا أفعالهم واخلاقهم وذواتهم فى أوامر الله وأخلاقه وذاته فما بقوا عند أنفسهم وانما بقوا ببقاء الله عنده لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ لان الاستكبار من اخلاقهم وقد أفنوها فى أخلاقه فما بقي لهم الاستكبار فكيف يستكبرون عن عبادته وقد أفنوا أفعالهم فى أوامر الله وهى عبادته فاعمالهم قائمة بالعبادة لا بالفعل وهم فى حال الفناء عن أنفسهم والبقاء بالله وَيُسَبِّحُونَهُ اى ينزهونه عن الحلول والاتصال والاتحاد وعن ان يكون هو العبد او العبد إياه بل هو هو كما كان فى الأزل لم يكن شيأ مذكورا وَلَهُ يَسْجُدُونَ فى الوجود والعدم من الأزل والابد سجدوا له من الأزل فى العدم منقادين مسخرين قابلين لاحكام القدرة فى الإيجاد للوجود وسجدوا له الى الابد فى الوجود ببذل الموجود منقادين مسخرين قابلين لاحكام القدرة فى تصاريف الاعدام والإيجاد والإبقاء. ت مت سورة الأعراف بالرحم والرأف مع ما يتعلق بها من التفسير والتأويل على وجه عديل سوىّ من غير تطويل وذلك فى العشر الاول من صفر الخير المنتظم فى سلك شهور سنة احدى ومائة والف من هجرة من له العز والشرف ويتلوها سورة الأنفال وقد حان الاغتنام بغنائمها بعون الله الملك العزيز القوى المتعال تفسير سورة الأنفال مدنية وآيها ست وسبعون وقيل مكية بسم الله الرحمن الرحيم يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ اى عن حكم الغنائم فالسؤال استفتائى ولهذا عدى بكلمة

عن لا استعطائى كما يقال سألته درهما لان السؤال قد يكون لاقتضاء معنى فى نفس المسئول فبتعدى إذ ذاك بعن كما قال سلى ان جهلت الناس عنى وعنهمو وقد يكون لاقتضاء مال ونحوه فيتعدى إذ ذاك الى المفعولين كالمثال المذكور. والنفل الزيادة وسميت الغنيمة به لانها عطية من الله زائدة على ما هو الاجر فى الجهاد من الثواب الأخروي وعلى ما أعطاه لسائر الأمم حيث لم بحل لهم الغنائم وكانت تنزل نار من السماء فتأكلها والنافلة من الصلاة مازاد على الفرض ويقال لولد الولد نافلة لانه زيادة على الولد ويطلق على ما يشرطه الامام لمقتحم خطر عطية له وزيادة على سهمه من الغنم- روى- ان المسلمين اختلفوا فى غنائم بدر وفى قسمتها فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقسم والى اين تصرف ومن الذين يتولون قسمتها أهم المهاجرون أم الأنصار أم هم جميعا فنزلت فضمير يسألون لاصحاب بدر لتعينهم حال نزول الآية فلا حاجة الى سبق الذكر صريحا. والمعنى يستفتونك فى حكم الأنفال قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ اى أمرها وحكمها مختص به تعالى يقسمها الرسول كيفما امر به من غير ان يدخل فيه رأى أحد قال الحدادي اضافة الغنائم الى الله على جهة التشريف لها واضافتها الى الرسول لانه كان بيان حكمها وتدبيرها اليه فَاتَّقُوا اللَّهَ اى إذا كان امر الغنائم لله ورسوله فاتقو الله تعالى واجتنبوا ما كنتم فيه من المشاجرة فيها والاختلاف الموجب لسخطه تعالى وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ذات البين هى الأحوال التي تقع بين الناس كما ان ذات الصدور هى المضرات الكائنة فيها وذات الإناء هى ما حل فيه من الطعام والشراب ولما كان ما حل فى الشيء ملابسا له قيل انه صاحب محله وذوه مثل ان يقال اسقني ذا انائك اى الماء الذي فيه اى وأصلحوا ما بينكم من الأحوال بالمواساة والمساعدة فيما رزقكم الله تعالى وتفضل به عليكم وذلك لان المقاتلة قالوا لنا الغنائم وأرادوا ان لا يواسوا الشيوخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات قال عبادة بن الصامت نزلت فينا معشر اصحاب بدر حين اختلفنا فى النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله لرسوله فقسمه بين المسلمين على السواء وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بتسليم امره ونهيه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ متعلق بالأوامر الثلاثة والمراد بالايمان كماله فان اصل الايمان لا يتوقف على التحلي بمجموع تلك الأمور كلها بل يتحقق بمجرد الطاعة بقبول ما حكم الله ورسوله به والاعتقاد بحقيته. والمعنى ان كنتم كاملى الايمان فان كمال الايمان يدور على هذه الخصال الثلاث واعلم ان كثرة السؤال توجب الملال ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات والمنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال) ففى الحديث فوائد. منها النهى عن عقوق الوالدين لانه من الكبائر وانما اقتصر على الام اكتفاء بذكر أحدهما كقوله تعالى وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ او لان حقها اكثر وخدمتها أوفر. وفيه نهى عن وأد البنات وهو فعل الجاهلية كان الواحد منهم إذا ولد له ابن تركه وإذا ولد له بنت دفنها حية وانما حملهم على ذلك خوف الاملاق ودفع العار والانفة عن أنفسهم وأراد بالمنع الامتناع عن أداء ما يجب ويستحب. وبهات الاقدام على أخذ ما يكره ويحرم. وفيه نهى عن المقاولة

بلا ضرورة وقصد ثواب فانها تقسى القلوب. وفيه نهى عن كثرة السؤال قال ابن ملك يجوز ان يراد به سؤال اموال الناس وان يراد به سؤال الإنسان عما لا يعنيه. وفيه نهى عن اضاعة المال وهى إنفاقه فى المعاصي والإسراف به فى غيرها كالاسراف فى النفقة والبناء والملبوس والمفروش وتمويه الأواني والسيوف بالذهب قال فى التأويلات النجمية فلما أكثروا السؤال قال عليه السلام (درونى ما تركتكم فانه انما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) ومن كثرة سؤالهم قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وانما سألوا ليكون الأنفال لهم فقال على خلاف ما تمنوا قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ يعملان فيها ما شا آلا كما شئتم لتتأدبوا ولا تعترضوا على الله والرسول بطريق السؤال وتكونوا مستسلمين لاحكامهما فى دينكم ودنياكم ولا تحرصوا على الدنيا لئلا تشوبوا أعمالكم الدينية بالاعراض الدنيوية فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ اى اتقوا بالله عن غير الله وأصلحوا ما بينكم من الأخلاق الرديئة والهمم الدنيئة وهى الحرص على الدنيا والحسد على الاخوان وغيرهما من الصفات الذميمة التي يحجب بها نور الايمان عن القلوب وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بالتسليم لاحكامهما والائتمار باوامرهما والانتهاء عن نواهيهما إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ تحقيقا لا تقليدا فان المؤمن الحقيقي هو الذي كتب الله بقلم العناية فى قلبه الايمان وأيده بروح منه فهو على نور من ربه: وفى المثنوى بود كبرى در زمان با يزيد ... كفت او را يك مسلمان سعيد كه چهـ باشد كر نو اسلام آورى ... تا بيابى صد نجات وسرورى كفت اين ايمان اگر هست اى مريد ... آنكه دارد شيخ عالم با يزيد من ندارم طاقت آن تاب آن ... كان فزون آمد ز كوششهاى جان گرچهـ در ايمان ودين ناموقنم ... ليك در ايمان او بس مؤمنم مؤمن ايمان اويم در نهان ... گرچهـ مهرم هست محكم بر دهان باز ايمان كر خود ايمان شماست ... نى بدان ميلستم ونى اشتهاست آنكه صد مبلش سوى ايمان بود ... چون شما را ديد آن باطل شود زانكه نامى بيند ومعنيش نى ... چون بيابان را مفازه كفتنى اللهم اجعلنا متحققين بحقائق الايمان وأوصلنا الى درجات العرفان والإحسان إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اى انما الكاملون فى الايمان المخلصون فيه الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ عندهم وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ من هيبة الجلال وتصور عظمت المولى الذي لا يزال وهذا الخوف لازم لاهل كمال الايمان سواء كان ملكا مقربا او نبيا مرسلا او مؤمنا تقيا نقبيا وهذا بخلاف خوف العقاب فانه لا يحصل بمجرد ذكر الله بل بملاحظة المعصية وذكر عقاب الله انتقاما من العصاة واين من يهم بمعصية فيقال له اتق الله فينزع عنها خوفا من عقابه ممن ينزع بمجرد ذكره من غير ان يذكر هناك ما يوجب النزع من صفاته وأفعاله استعظاما لشأنه الجليل وتهيبا منه واعلم ان شأن نور الايمان ان يرق القلب ويصفيه عن كدورات صفات النفس وظلماتها ويلين قسوته فيلين الى ذكر الله ويجد شوقا الى الله وهذا حال اهل النهايات فالطمأنينة والسكون

[سورة الأنفال (8) : الآيات 3 إلى 4]

بالذكر ولما جاء قوم حديثوا عهد بالإسلام فسمعوا القرآن كانوا يبكون ويتأوّهون فقال أبو بكر رضى الله عنه هكذا كنا فى بداية الإسلام ثم قست قلوبنا يشير بذلك الى نهايته فى الاطمئنان وَإِذا تُلِيَتْ قرئت عَلَيْهِمْ آياتُهُ اى آيات الله يعنى القرآن امر او نهيا وغير ذلك زادَتْهُمْ اى تلك الآيات والاسناد مجازى إِيماناً اى يقينا وطمأنينة نفس فان تظاهر الادلة وتعاضد الحجج والبراهين موجب لزيادة الاطمئنان وقوة اليقين قال الفاضل التفتازانيّ وتبعه المولى ابو السعود فى تفسيره ان نفس التصديق مما يقبل الزيادة والنقصان للفرق الظاهر بين يقين الأنبياء وارباب المكاشفات وبين يقين الامة ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» وكذا بين ما قام عليه دليل واحد من التصديقات وما قامت عليه ادلة كثيرة قال الكاشفى [در حقايق سلمى مذكورست كه ببركت تلاوت نور يقين در باطن ايشان ظاهر كردد وزيادتى طاعت بر ظاهر ايشان هويدا شود. ودر بحر الحقائق فرموده كه ايمان حقيقى نوريست كه بقدر سعت روزنه دل در وى مى تابد پس چون قرآن بر ارباب قلوب خوانند روزنه دل ايشان ببركت قرائت كشاده تر كردد ونور ايمان بيشتر در وى افتد پس در نور جمال مستغرق كردند] وَعَلى رَبِّهِمْ مالكهم ومدبر أمورهم خاصة يَتَوَكَّلُونَ يفوضون أمورهم ولا يخشون ولا يرجون الا إياه قال فى التأويلات النجمية عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ لا على الدنيا وأهلها فان من شاهد بنور الايمان جمال الحق وجلاله فقد استغرق فى بحر لجى من شهود الحق بحيث لا يتفرغ لغيره ويرى الأشياء مضمحلة تحت سطوات جلاله فيكون توكلهم عليه لا على غيره هر كه او در بحر مستغرق شود ... فارغ از كشتى واز زورق شود غرقه دريا بجز دريا نديد ... غير دريا هست بر وى ناپديد ولما ذكر اولا من الأعمال الحسنة اعمال القلوب من الخشية والوجل عند ملاحظة عظمة الله تعالى وجلاله والإخلاص والتوكل عقب بافعال الجوارح التي هى العيار عليها كالصلاة والصدقة فقال الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بوضوئها وركوعها وسجودها فى مواقيتها وهو مرفوع على انه نعت للموصول الاول وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ أعطيناهم من الأموال يُنْفِقُونَ فى طاعة الله وانما خص الله الصلاة والزكاة لعظم شأنهما وتأكيد أمرهما أُولئِكَ الجامعون لاعمال القلب والقالب هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ايمانا حَقًّا لانهم حققوا ايمانهم بان ضموا اليه الأعمال الصالحة لَهُمْ دَرَجاتٌ كائنة عِنْدَ رَبِّهِمْ اى كرامة وزلفى وعلو مرتبة وقيل درجات عالية فى الجنة على قدر أعمالهم قال فى أنوار المشارق الدرجة ان كانت بمعنى المرقاة فجمعها درج وان كانت بمعنى المرتبة والطبقة فجمعها درجات وَمَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [وروزى بزرك صافى باشد از كدّ اكتساب وخالى از خوف حساب] لا ينتهى ولا ينقطع كارزاق الدنيا قال فى القاموس رزقا كريما كثيرا وقولا كريما سهلا لينا وأكرمه وكرمه عظمه ونزهه [امام قشيرى قدس سره فرموده كه رزق كريم آنست كه مرزوق را از شهود رازق باز ندارد]

[سورة الأنفال (8) : آية 5]

تو ز روزى ده بروزى واممان ... از سبب بگذر مسبب بين عيان «1» از مسبب ميرسد هر خير وشر ... نيست ز اسباب وسائط اى پدر «2» اصل بيند ديده چون أكمل بود ... فرع بيند ديده چون أحول بود «3» قال فى المجالس المحمودية اعلم ان الصلاة أعظم الأعمال القالبية والصدقة خير العبادات المالية- وروى- ان فاطمة اعطت قميصها عليا ليشترى لها ما اشتهاه الحسن فباعه بستة دراهم فسأله سائل فاعطاه إياها فاستقبله رجل ومعه ناقة فاشتراها على المدة بستين دينارا ثم استقبله رجل فاشترى منه الناقة بستين دينار او ستة دراهم ثم طلب بائع الناقة ليدفع له ثمنها فلم يجده فعرض القصة على النبي عليه السلام فقال عليه السلام (اما السائل فرضوان واما البائع فميكائيل واما المشترى فجبرائيل) وفى الحديث (يأتى يوم القيامة اربعة على باب الجنة بغير حساب الحاج الذي حج البيت بغير إفساد والشهيد الذي قتل فى المعركة والسخي الذي لم يلتمس بسخاوته رياء والعالم الذي عمل بعلمه فيتنازعون فى دخول الجنة اولا فيرسل الله جبرائيل ليحكم بينهم بالعدل فيقول للشهيد ما فعلت فى الدنيا حتى تريد ان تدخل الجنة او لا فيقول قتلت فى المعركة لرضى الله تعالى فيقول ممن سمعت ان من قتل فى سبيل الله يدخل الجنة فيقول من العلماء فيقول احفظ الأدب ولا تتقدم على معلمكما ثم يسأل الحجاج والسخي كذلك ثم يقول لهما احفظا الأدب ولا تقدما على معلمكما ثم يقول العالم إلهى أنت تعلم انى ما حصلت العلم الا بسخاوة السخي وأنت لا تضيع اجر المحسنين فيقول الله صدق العالم يا رضوان افتح الباب وادخل السخي اولا) وفى ذلك اشارة الى ان المراد بالعالم هو الذي يعمل بعلمه فان الانصاف من شأنه إذ الانصاف لا يحصل الا بصلاح النفس ولا يمكن ذلك الا بالعمل فلا يغترّ اهل الهوى من علماء الظاهر بذلك فان كون العلم المجرد منجيا مذهب فاسد فان العالم الفاجر أشد عذابا من الجاهل بل العالم هو الذي يعمل بعلمه ويصل الى العرفان بتصفية القلب ولا شك ان كون المذكورين فى الآية مؤمنين حقا بسبب خدمتهم لله تعالى بانفسهم وأموالهم وتجردهم عن العلائق البدنية والمالية وبقائهم مع الله تعالى وإيثارهم له على جميع ما سواه حتى على أنفسهم فمن آثر الحق على ما سواه فقد وصل الى أقصى مراداته فلا بد ان الله تعالى يدبر امره ويقضى حاجاته كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ المراد بإخراج الله تعالى إياه كونه سببا آمر اله بالخروج وداعيا اليه فان جبرائيل عليه السلام أتاه وامره بالخروج مِنْ بَيْتِكَ فى المدينة بِالْحَقِّ حال من مفعول اخرجك اى اخرجك ملتبسا بالحق وهو اظهار دين الله وقهر اعداء الله والكاف فى محل الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه الحال وهى قسمة غنائم بدر بين الغزاة على السواء من غير تفرقة بين الشبان المقاتلين وبين الشيوخ الثابتين تحت الرايات كحال اخراجك يعنى ان حالهم فى كراهتهم لما رأيت فان فى طبع المقاتلة شيأ من الكراهة لهذه القسمة مع كونها حقا كحالهم فى كراهتهم لخروجك للحرب وهو حق وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ اى والحال ان فريقا منهم كارهون للخروج اما لنفرة الطبع عن القتال او لعدم الاستعداد قال سعدى چلبى المفتى الظاهر ان المراد هى الكراهة الطبيعة التي لا تدخل تحت القدرة والاختيار فلا يرد انها لا تليق بمنصب

_ (1) لم أجد (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان آنكه عطاى حق وقدرت او موقوف بر قابليت نيست إلخ (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان آنكه مخلوقى كه توارا از او ظلمى رسد إلخ

الصحابة رضى الله عنهم- روى- ان عير قريش اى قافلتهم أقبلت من الشام وفيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكبا منهم ابو سفيان وعمرو بن العاص ومحرمة بن نوفل وكان فى السنة الثانية من الهجرة فاخبر جبريل رسول الله بإقبالها فاخبر المسلمين فاعجبهم تلقيها لكثرة المال وقلة الرجال فلما خرجوا سمعه ابو سفيان فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه الى مكة وامره ان يأتى قريشا فيستفزهم ويخبرهم ان محمدا قد اعترض لعيركم فادركوها فلما بلغ اهل مكة هذا الخبر نادى ابو جهل فوق الكعبة يا اهل مكة النجاء النجاء على كل صعب وذلول عيركم وأموالكم اى تداركوها ان أصابها محمد لن تفلحوا بعدها ابدا وقد رأت عاتكة اخت العباس بن عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا فقالت لاخيها انى رأيت عجبا كأن ملكا نزل من السماء فاخذ صخرة من الجبل ثم حلق بها اى رمى بها الى فوق فلم يبق بيت من بيوت مكة الا أصابه حجر من تلك الصخرة فحدث بها العباس صديقا له يقال له عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وذكرها عتبة لا بنته ففشا الحديث فقال ابو جهل للعباس يا أبا الفضل ما يرضى رجالكم ان يتنبأوا حتى تنبأت نساؤكم فخرج ابو جهل باهل مكة وهم النفير فقيل له ان العير أخذت طريق الساحل ونجت فارجع بالناس الى مكة فقال لا والله لا يكون ذلك ابدا حتى ننحر الجزور ونشرب الخمور ونقيم القينات والمعازف ببدر فتتسامع جميع العرب بمخرجنا وان محمدا لم يصب العير وانا قد أغضضناه فمضى بهم الى بدر وبدر ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوما فى السنة فنزل جبريل فقال يا محمد ان الله وعدكم احدى الطائفتين اما العير واما قريشا فاستشار النبي عليه السلام أصحابه فقال (ما تقولون ان القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير أحب إليكم أم النفير) فقالوا بل العير أحب إلينا من لقاء العدو فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ردد عليهم فقال ان العير قد مضت على ساحل البحر وهذا ابو جهل قد اقبل) يريد صلى الله عليه وسلم بذلك ان تلقى النفير وجهاد المشركين آثر عنده وانفع للمؤمنين من الظفر بالعير لما فى تلقى النفير من كسر شوكة المشركين واظهار الدين الحق على الأديان كلها فقالوا يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو فقام عند ما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما فاحسنا الكلام فى اتباع مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام سيد الخزرج سعد بن عبادة فقال انظر فى أمرك وامض فو الله لو سرت الى عدن أبين ما تخلف عنك رجل من الأنصار ثم قال المقداد ابن عمرو يا رسول الله امض لما أمرك الله فانا معك حيثما أحببت لا نقول لك كما قالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون ما دامت عين منا تطرف فتبسم رسول الله ثم قال (أشيروا على ايها الناس) وهو يريد الأنصار اى بينوا لى ما فى ضميركم فى حق نصرتى ومعاونتى فى هذه المعركة وذلك لان الأنصار كانوا عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ان ينصروه مادام فى المدينة وإذا خرج منها لا يكون عليهم معاونة ونصرة فاراد عليه السلام ان يعاهدهم على النصرة فى تلك المعركة ايضا فقام سعد بن معاذ فكأنك تريدنا يا رسول الله قال (أجل) قال قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا

[سورة الأنفال (8) : الآيات 6 إلى 12]

ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما نخلف منا رجل وما نكره ان تلقى بنا عدونا انا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ولعل الله تعالى يربك منا ما تقربه عينك فسربنا على بركة الله ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشطه قول سعد ثم قال (سيروا على بركة الله وابشروا فان الله وعدنى احدى الطائفتين والله لكأنى الآن انظر الى مصارع القوم) فالمعنى اخرجك ربك من بيتك لان تترك التوجه الى العير وتؤثر عليه مقاتلة النفير فى حال كراهة فريق من أصحابك ما آثرته من محاربة النفير يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ الذي هو تلقى النفير لايثارهم عليه تلقى العير بَعْدَ ما تَبَيَّنَ منصوب بيجادلونك وما مصدرية اى يخاصمونك بعد تبين الحق وظهوره لهم باعلامك انهم ينصرون أينما توجهوا ويقولون ما كان خروجنا الا للعير وهلا قلت لنا ان الخروج لمقاتلة النفير لنستعد ونتأهب فمن قال ذلك انما قال كراهة لاخراجه عليه الصلاة والسلام من المدينة وكراهتهم القتال كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ الكاف فى محل النصب على الحالية من الضمير فى لكارهون اى مشبهين بالذين يساقون بالعنف والصغار الى القتل وَهُمْ يَنْظُرُونَ حال من ضمير يساقون اى والحال انهم ينظرون الى اسباب الموت ويشاهدونها عيانا وما كانت هذه المرتبة من الخوف والجزع الا لقلة عددهم وعدم تأهبهم وكونه رجالة- وروى- انهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ليس فيهم الا فارسان الزبير والمقداد ولهم سبعون بعير اوست ادرع وثمانية اسياف وكان المشركون اكثر عددا وعددا بالأضعاف والاشارة ان الله تعالى اخرج المؤمنين الذين هم المؤمنون حقا من أوطان البشرية الى مقام العندية بجذبات العناية كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ اى من وطن وجودك بالحق اى بمجىء الحق من تجلى صفات جماله وجلاله وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ اى القلب والروح يعنى للفناء عند التجلي فان البقاء محبوب والفناء مكروه على كل ذى وجود يجادلونك اى الروح والقلب فى الحق اى مجيىء الحق من بعد ما تبين مجيئه لكراهة الفناء كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون يعنى كأنهم ينظرون الى الفناء ولا يزول البقاء بعد الفناء كمن يساق الى الموت كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى شير دنيا جويد آشكاري وبرك ... شير مولى جويد آزادى ومرك «1» چونكه اندر مرك بيند صد وجود ... همچو پروانه بسوزاند وجود كل شىء هالك جز وجه او ... چون نه در وجه او هستى مجو «2» هر كه اندر وجه ما باشد فنا ... كل شىء هالك نبود جزا ز انكه در «الا» ست او از «لا» كذشت ... هر كه در «الا» ست او فانى نكشت واعلم انه كمالا اعتراض على الأنبياء فى وحيهم وعباراتهم كذلك لا اعتراض على الأولياء فى ألهامهم وإشاراتهم وان السعادة فى العمل والاخذ بآياتهم والوجود وان كان محبوبا لاهل الوجود لكن الفناء محبوب لاهل الشهود فعلى السالك ان ينقطع عن جميع اللذات الدنيوية ويطهر نفسه عن لوث الأغراض الدنية ويكون الرسول وامره أحب اليه من نفسه الى

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان فتح طلبيدن پيغمبر صلى الله عليه وسلم در مكه وغيرها إلخ [.....] (2) در اواخر دفتر يكم در بيان امتحان كردن شير كرك را إلخ

[سورة الأنفال (8) : الآيات 7 إلى 9]

ان ينفد عمره روى البخاري عن عبد الله بن هشام انه قال كنا مع النبي عليه السلام وهو أخذ بيد عمر رضى الله عنه فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله أنت أحب الى من كل شىء إلا نفسي فقال صلى الله عليه وسلم (لا والذي نفس محمد بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك) اى لا يكون إيمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك فقال عمر الآن والله أنت أحب الى من نفسى فقال (الآن يا عمر) يعنى صار إيمانك كاملا قال ابن ملك والمراد من هذه المحبة محبة الاختيار لا محبة الطبع لان كل أحد مجبول على حب نفسه أشد من غيرها انتهى. قوله محبة الاختيار وهو ان يختار رضى النبي عليه السلام على رضى نفسه فالمراد هو الإيثار كما قال تعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ فكما ان هذا الإيثار لا يقتضى عدم احتياج المؤثر فكذلك إيثار رضى الغير لا يستدعى ان تكون المحبة له أشد من كل وجه هذا ولكن فوق هذا كلام فان من فنى عن طبيعته ونفسه بل عن قالبه وقلبه فقد فنى عن محبتها ايضا وتخلص من الاثنينية ووصل الى مقام المحبوبية الذي لا غاية وراءه ورزقنا الله وإياكم ذلك بفضله وكرمه وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ اى اذكروا ايها المؤمنون وقت وعد الله تعالى إياكم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ اى الفريقين إحداهما ابو سفيان مع العير والاخرى ابو جهل مع النفير أَنَّها لَكُمْ بدل اشتمال من احدى الطائفتين مبين لكيفية الوعد اى يعدكم ان احدى الطائفتين كائنة لكم مختصة بكم مسخرة لكم تتسلطون عليها تسلط الملاك على املاكهم وتتصرفون فيها كيف شئتم وَتَوَدُّونَ عطف على يعدكم داخل تحت الأمر بالذكر اى تحبون أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ من الطائفتين لا ذات الشوكة وهى النفير ورئيسهم ابو جهل وهم الف مقاتل وغير ذات الشوكة هى العير إذ لم يكن فيها الا أربعون فارسا ورئيسهم ابو سفيان ولذلك يتمنونها. والشوكة الحدة اى السلاح الذي له حدة كسنان الرمح والسيف ونصل السهم مستعار من واحدة الشوك والشوك نبت فى طرفه حدة كحدة الابرة وَيُرِيدُ اللَّهُ عطف على تودون منتظم معه فى سلك التذكير اى اذكروا وقت وعده تعالى إياكم احدى الطائفتين وودادتكم لادناهما وقوله تعالى أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ اى يثبته ويعليه بِكَلِماتِهِ بامره لكم بالقتال وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ اى آخرهم ويستأصلهم بالمرة. والمعنى انكم تريدون ان تصيبوا مالا ولا تلقوا مكروها والله يريد إعلاء الدين واظهار الحق وما يحصل لكم فوز الدارين لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ اللام متعلقة بفعل مقدر مؤخر عنها اى لهذه الغاية الجليلة وهى اظهار الدين الحق وابطال الكفر فعل ما فعل لا لشى آخر وليس فيه تكرار إذ الاول مذكور لبيان تفاوت ما بين الإرادتين ارادة الله وارادة المؤمنين والثاني لبيان الداعي الى حمل الرسول صلى الله عليه وسلم على اختيار التوجه الى ذات الشوكة ونصره عليها وقطع دابر المشركين ومعنى احقاق الحق اظهار حقيته لا جعله حقا بعد ان لم يكن كذلك وكذا حال ابطال الباطل وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ اى المشركون ذلك اى احقاق الحق وابطال الباطل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ اى اذكروا وقت استغاثتكم وهى طلب الفوز والنصر والعون وذلك انهم لما علموا انه لا بد من القتال جعلوا يدعون الله

[سورة الأنفال (8) : آية 10]

تعالى قائلين اى رب انصرنا على عدوك يا غياث المستغيثين أغثنا وعن عمر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نظر الى المشركين وهم الف والى أصحابه وهم ثلاثمائة وبضعة عشر فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو (اللهم أنجز لى ما وعدتني اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض) فما زال كذلك حتى سقط رداؤه فاخذه أبو بكر فالقاه على منكبه والتزمه من ورائه وقال يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز ما وعدك فهذه الاستغاثة كانت من النبي عليه السلام ومن المؤمنين واسناد الفعل الى الجماعة لا ينافى كونه من النبي عليه السلام لانه دعا وتضرع والمؤمنون كانوا يؤّمنون فَاسْتَجابَ لَكُمْ اى أجاب عطف على تستغيثون داخل معه فى حكم التذكير أَنِّي بانى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ اى جاعلين غيرهم من الملائكة رديفا لانفسهم فالمراد رؤساؤهم المستتبعون لغيرهم حتى صاروا ثلاثة آلاف ثم خمسة آلاف وَما جَعَلَهُ اللَّهُ عطف على مقدر اى فامدكم الله بانزال الملائكة عيانا وما جعل ذلك الامداد لشىء من الأشياء إِلَّا بُشْرى اى الا للبشارة لكم بانكم تنصرون فهو استثناء مفرغ من أعم العلل وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ اى بالامداد قُلُوبُكُمْ فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم وفى قصر الامداد عليها اشعار بعدم مباشرة الملائكة للقتال وانما كان امدادهم بتقوية قلوب المباشرين وتكثير سوادهم ونحوه ولو بعثهم الله بالمحاربة لكان يكفى ملك واحد فان جبريل أهلك بريشة واحدة من جناحه سبعا من مدائن قوم لوط وأهلك بصيحة واحدة جميع بلاد ثمود قال الحدادي وهذا القول اقرب الى ظاهر الآية وقيل نزل جبرائيل فى خمسمائة من الملائكة على الميمنة وفيها أبو بكر رضى الله عنه ونزل ميكائيل فى خمسمائة على الميسرة وفيها على بن ابى طالب رضى الله عنه فقاتلوا وقيل قاتلوا يوم بدر ولم يقاتلوا يوم الأحزاب ويوم حنين- وروى- ان رجلا قال تبعت رجلا من المشركين لأضربه يوم بدر فوقع رأسه بين يدى قبل ان يصل اليه سيفى وَمَا النَّصْرُ اى حقيقة النصر على الإطلاق إِلَّا كائن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ من غير ان يكون فيه شركة من جهة الأسباب فان امداد الملائكة وكثرة العدد والأهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها ونعم ما قيل النصر ليس باجناد مجندة ... لكنه بسعادات وتوفيق إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يغالب فى حكمه ولا ينازع فى أقضيته حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة واعلم ان للملائكة امدادا فى كل جيش حق وان لم يكونوا مرئيين ومشاهدين بحسب أبصارنا وهم فى الحقيقة اشارة الى القوى الروحانية الغالبة فانها إذا ظهرت فى وجود المجاهر بالجهاد الأكبر لا يقابلها شىء من القوى الانفسية الشريرة المغلوبة وكذا ما كان مظاهرها من كفار الظاهر وانما العمدة هى اليقين والاطمئنان- روى- ان بنى إسرائيل اعطوا السكينة وهى ريح ساكنة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا إذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم وللسكينة معنيان آخران. أحدهما شىء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان محدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الأنبياء مع ترويح

[سورة الأنفال (8) : آية 11]

الاسرار وكشف السر. وثانيهما ما انزل على قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين وهو شىء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين وقد ورثه المجاهدون فى سبيل الله بعدهم الى قيام الساعة وانما لا يظهر فى بعض الأحيان والوقائع لحكمة أخفاها الله عن الغافلين هر خلل كاندر عمل بينى ز نقصان دلست ... رخنه كاندر قصر بينى از قصور قيصرست وكل عصر على التنزل بالنسبة الى ما قبله ولهذا لا يظهر النصر فى بعض السرايا بل يقال يا ايها الكفرة اقتلوا الفجرة قيل لعلى رضى الله عنه ما بال خلافة عثمان مع خلافتك كانت متكدرة بخلاف خلافة الشيخين قال كنت انا وعثمان من اعوانهما وأنت وامثالك من اعواننا فعلى المجاهدين ان يسعيثوا ربهم ويتضرعوا اليه كما تضرع الاصحاب رضى الله عنهم ومن يليهم لعل الله تعالى يظهر نصره دعاى ضعيفان اميدوار ... ز بازوى مردى به آيد بكار ألا يا ايها المرء الذي فى عسره أصبح ... إذا اشتد بك الأمر فلا تنس ألم نشرح واعلم ان اصدق المقال قول الله تعالى وقول رسوله وقد وعد وأمد فعليك بقوة الايمان واليقين قال الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فى وصايا الفتوحات ولقد ابتلى عندنا رجل من اعيان الناس بالجذام نعوذ بالله منه وقال الأطباء باسرهم لما ابصروه وقد تمكنت العلة فيه ما لهذا المرض دواء فرأه شيخ من اهل الحديث يقال له سعد السعود وكان عنده ايمان بالحديث عظيم فقال له يا هذا لم لا تطيب نفسك فقال له الرجل ان الأطباء قالوا ليس لهذه العلة دواء فقال سعد السعود كذبت الأطباء والنبي عليه السلام احذق منهم وقد قال فى الحبة السوداء انها شفاء من كل داء وهذا الداء الذي نزل بك من جملة ذلك ثم قال على بالحبة السوداء والعسل فخلط هذا بهذا وطلى بهما بدنه كله ووجهه ورأسه الى رجليه وألعقه من ذلك وتركه ساعة ثم انه غسل فانسلخ من جلده ونبت له جلد آخر ونبت ما كان قد سقط من شعره وبرىء وعاد الى ما كان عليه فى حال عافيته فتعجب الأطباء والناس من قوة إيمانه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان رحمه الله يستعمل الحبة السوداء فى كل داء يصيبح حتى فى الرمد إذا رمدت عينه اكتحل بها فبرى من ساعته انتهى كلام الشيخ فقد عرفت ان الاطمئنان وقوة الايمان يجلب للمرء ما يهواه بعناية الملك المنان لكنه قليل اهله خصوصا فى هذا الزمان والله المعين إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ قال جماعة من المفسرين لما امر الله النبي عليه السلام بالمسير الى الكفار سار بمن معه حتى إذا كان قريبا من بدر لقى رجلين فى الطريق فسألها هل مرت بكما العير قالا نعم مرت بنا ليلا وكان بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من المسلمين فاخذوا الرجلين وكان أحدهما عبدا للعباس بن عبد المطلب يقال له ابو رافع والآخر عبدا لعقبة بن ابى معيط يقال له اسلم كانا يسقيان الماء فدفع اسلم الى أصحابه يسألونه وأخذ هو يسأل أبا رافع عمن خرج من اهل مكة فقال ما بقي بها أحد الا وقد خرج فقال عليه السلام تأتى مكة اليوم بافلاذ كبدها ثم قال هل رجع منهم أحد قال نعم أبيّ بن سريق فى ثلاثمائة من بنى زهرة وكان خرج لمكان العير فلما أقبلت العير رجع فسماه النبي عليه السلام الأخنس حين خنس بقومه ثم اقبل على

أصحابه وهم يسألون اسلم وكان يقول لهم خرج فلان وفلان وابو بكر يضربه بالعصا ويقول له كذبت أتجبن الناس فقال عليه السلام (ان صدقكم ضربتموه وان كذبكم تركتموه) فعلموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرف أمرهم فساروا حتى نزلوا فى كثيب اعفر اى فى تل من الرمل الأحمر تسوخ فيه الاقدام اى تدخل وتغيب على غير ماء بالجانب الأقرب من المدينة من الوادي ونزل المشركون بجانبه الا بعد من المدينة الأقرب الى مكة والوادي بينهما ثم باتوا ليلتهم تلك وناموا ثم استيقظوا وقد اجنب أكثرهم وغلب المشركون على ماء بدر وليس معهم ماء فتمثل لهم الشيطان فوسوس إليهم وقال أنتم يا اصحاب محمد تزعمون انكم على الحق وانكم اولياء الله وفيكم رسوله وانكم تصلون على غير وضوء وعلى الجنابة وقد عظشتم ولو كنتم على الحق ما سبقكم المشركون الى الماء وغلبوكم عليه وما ينتظرون الا ان يضعفكم العطش فاذا قطع أعناقكم مشوا إليكم فقتلوا من أحبوا وساقوا بقيتكم الى مكة فحزنوا حزنا شديدا فاشفقوا فانزل الله عليهم المطر ليلا حتى سال الوادي وامتلأ من الماء فاغتسل المسلمون وتوضأوا وشربوا وسقوا دوابهم وبنوا على عدوته اى جانبه حياضا واشتد الرمل وتلبدت بذلك ارضهم واوحل ارض عدوهم حتى ثبتت عليها الاقدام وزالت وسوسة الشيطان وطابت النفوس وقويت القلوب وتهيأوا للقتال من الغد فذلك قوله تعالى إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ اى اذكروا ايها المؤمنون وقت جعل الله النعاس وهو أول النوم قبل ان يثقل عاشيا لكم ومحيطا وملقى عليكم أَمَنَةً مِنْهُ منصوب على العلية بفعل مترتب على الفعل المذكور اى يغشيكم النعاس فتنعسون أمنا كائنا من الله تعالى لا كلالا واعياء فيتحد الفاعلان لان الامن فعل النعاس قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان النعاس فى المعركة عند مواجهة العدو والامن منه بدل الخوف انما هو من تقليب الحال الى ضده بامر التكوين كما قال تعالى للنار يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فكانت كذلك قال للخوف كن أمنا على محمد وأصحابه فكان انتهى وعن ابن مسعود رضى الله عنه النعاس عند القتال أمن من الله تعالى وهو فى الصلاة من الشيطان قال الحسن ان للشيطان ملعقة ومكحلة فملعقته الكذب ومكحلته النوم عند الذكر وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ اى بذلك الماء يعنى المطر من الحدث والجنابة وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ اى وسوسته وتخويفه إياكم من العطش ويقال أراد بالرجز الجنابة التي أصابتهم بالاحتلام فان الاحتلام انما يكون من رجز الشيطان اى تخييله ووسوسته ولذلك قال بعضهم من كتب اسم عمر على صدره لم يحتلم فان الشيطان كان يفر منه ويسلك فجا غير الفج الذي اقبل هو منه وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ الربط الشد والتقوية وعلى صلة. والمعنى وليربط قلوبكم ويشدها ويقويها بجعلها واثقة بلطف الله تعالى وكرمه وجىء بكلمة على للايذان بان قلوبهم امتلأت من ذلك الربط حتى كأنه علا عليها وارتفع فوقها وَيُثَبِّتَ بِهِ اى بذلك الماء الْأَقْدامَ حتى لا تسوخ فى الرمل ويجوز ان يكون الضمير للربط فان الاقدام انما تثبت فى الحرب بقوة القلب وتمكن الصبر والجراءة فيه دلا در عاشقى ثابت قدم باش ... كه در اين ره نباشد كار بي اجر

[سورة الأنفال (8) : آية 12]

وبمثل الصدق والصبر وارتباط القلب وثبات الاقدام سادت الصحابة الكرام من عداهم الى يوم القيام ولا فضل لاحد على أحد الا بالديانة والتقوى قال الزهري قدمت على عبد الملك بن مروان قال من اين قدمت يا زهرى قلت من مكة قال فمن خلفت فيها يسود أهلها قال قلت عطاء بن رباح قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال بم سادهم قلت بالديانة والرواية قال ان اهل الديانة والرواية ينبغى ان يسودوا الناس قال فمن يسود اهل اليمن قلت طاووس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال فبم سادهم قلت بما ساد به عطاء قال من كان كذلك ينبغى ان يسود الناس قال فمن يسود اهل مصر قلت يزيد بن ابى حبيب قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي فقال كما قال فى الأولين ثم قال فمن يسود اهل الشام قلت مكحول الدمشقي فقال من العرب أم من الموالي قلت من الموالي عبد نوبى أعتقته امرأة من هذيل فقال كما قال ثم قال فمن يسود اهل الجزيرة قلت ميمون بن مهران قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي فقال كما قال ثم قال فمن يسود اهل حرمنا قلت الضحاك بن مزاحم فقال من العرب أم من الموالي قلت من الموالي فقال كما قال ثم قال فمن يسود اهل البصرة قلت الحسن بن ابى الحسن قال من العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال ويلك فمن يسود أهل الكوفة قلت ابراهيم النخعي قال من العرب أم من الموالي قلت من العرب قال ويلك يا زهرى فرجت عنى والله ليسودن الموالي على الأكابر حتى يخطب لها على المنابر وان العرب تحتها قال قلت يا امير المؤمنين انما هو امر الله ودينه فمن حفظه ساد ومن ضيعه سقط وفى الآية بيان نعمة الماء وان الخوف من العطش وكذا من الجوع من الشيطان ووسوسته فان المرء إذا كان قوى التوكل يستوى عنده الفقد والوجود والله تعالى من اسمه الخالق والرازق قالوا وللاسد من الصبر على الجوع وقلة الحاجة الى الماء ما ليس لغيره من السباع ولا يأكل من فريسة غيره وإذا شبع من فريسة تركها ولم يعد إليها وإذا امتلأ بالطعام ارتاض ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب فينبغى للمؤمن ان لا يكون أدون من الأسد فى هذه الصفات على المرء ان يسعى لتحسين حاله ... وليس عليه ان يساعده الدهر والله تعالى قد سن الاعانة بإعانته للمؤمنين فالمؤمن الكامل يساعد المؤمن حسب الطاقة- وحكى- ان فيروز بن يزد جرد بن بهرام من آل ساسان لما ملك عدل وأنصف ولما مضى سبع سنين من ملكه ولم ينزل من السماء مطر أرسل الى كل بلد بان يقسم طعام كل بلد بين الأغنياء والفقراء وإذا مات فقير من الجوع قتل من الأغنياء رجلا بدلا منه: قال الحافظ توانكرا دل درويش خود بدست آور ... كه مخزن زر وكنج درم نخواهد ماند اللهم احفظنا من البخل والكسل الى حلول الاجل إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ الوحى إلقاء المعنى الى النفس من وجه خفى. والمعنى اذكر يا محمد وقت ايحائه تعالى الى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ مفعول يوحى اى بالامداد والتوفيق فى امر التثبيت فليس القصد ازالة الخوف كما فى لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا إذ لا خوف للملائكة من الكفار حتى يقال لهم انى معكم

[سورة الأنفال (8) : الآيات 13 إلى 17]

فلا تخافوهم وما يشعر به دخول كلمة مع من متبوعية الملائكة انما هو من حيث انهم المباشرون للتثبيت صورة فلهم الاصالة من تلك الحيثية كما فى أمثال قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا بالبشارة وتكثير السواد ونحوهما مما تقوى به قلوبهم والتثبيت عبارة عن الحمل على الثبات فى مواطن الحرب والجد فى مقاساة شدائد القتال سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ اى سأقذف فى قلوبهم المخافة من المؤمنين وهو تلقين للملائكة ما يثبتونهم به كأنه قيل قولوا لهم قولى سألقى إلخ فَاضْرِبُوا ايها المؤمنون فلا دلالة فى الآية على قتال الملائكة فَوْقَ الْأَعْناقِ أعاليها التي هى المذابح او الرؤوس قال الحدادي وانما امر الله بضرب الأعناق لان أعلى جلدة العنق هو المقتل وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ البنان فى اللغة هو الأصابع وغيرها من الأعضاء التي بها يكون قوام الإنسان وحياته والمقصود اضربوهم فى جميع الأعضاء من أعاليها الى أسافلها. وقيل الوجه ان يراد بها المدافعة والمقاتلة وكذا قال التفتازانيّ لِكَ الضرب والقتل والعقاب واقع عليهم أَنَّهُمْ اى بسبب انهم اقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى خالفوا وغالبوا من لا سبيل الى مغالبته أصلا قال ابن الشيخ معنى شاقوا الله شاقوا اولياء الله واشتقاق المشاقة من الشق لما ان كلا من المشاقين فى شق خلاف شق الآخر كما ان المحادة ان بصير أحدهما فى حد غير حد الآخر وفى الآية اشارة الى ان كل سعادة وشقاوة تحصل للعبد فى الدنيا والآخرة يكون للعبد فيها مدخل بالكسب مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى ومن يخالف اولياء الله ورسوله إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ له قال الحدادي اما اظهار التضعيف فى موضع الجزم فى قوله شاقِقِ اللَّهَ فهو لغة اهل الحجار وغيرهم يدغم أحد الحرفين فى الآخر لاجتماعهما من جنس واحد كما قال تعالى فى سورة الحشر وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ بقاف واحدة ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ قوله ذلكم خبر مبتدأ محذوف وقوله وان إلخ معطوف عليه. وقوله فذوقوه اعتراض والضمير لما فى ضمن المشار اليه من العقاب والتقدير حكم الله ذلكم اى ثبوت هذا العقاب لكم عاجلا وثبوت عذاب النار آجلا وانما قال فى عذاب الدنيا فذوقوه لان الذوق يتناول اليسير من الشيء فكل ما يلقى الكفار من ضرب او قتل او اسر او غيرها فى الدنيا فهو بالنسبة الى ما أعد لهم فى الآخرة بمنزلة ذوق المطعوم بالنسبة الى أكله قال فى التأويلات النجمية فَذُوقُوهُ اى ذوقوا العاجل منه صورة ومعنى اما صورة فبا لقتل والاسر والمصائب والمكروهات واما معنى فبالبعد والطرد عن الحضرة وتراكم الحجب وموت القلب وعمى البصيرة وضعف الروح وقوة النفس واستيلاء صفاتها وغلبة هواها وما يبعده عن الحق ويقربه الى الباطل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال سوى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهم وقدموا راياتهم فوضعوها مواضعها فوقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على بعير له يدعو الله ويستغيث فهبط جبريل عليه السلام فى خمسمائة على ميمنتهم وميكائيل عليه السلام فى خمسمائة على ميسرتهم فكان الملك يأتى الرجل من المسلمين على صورة رجل ويقول له دنوت من عسكر المشركين فسمعتهم يقولون والله لئن حملوا علينا

[سورة الأنفال (8) : الآيات 15 إلى 16]

لا نثبت لهم ابدا والقى الله فى قلوب الكفرة الرعب بعد قيامهم للصف فقال عتبة بن ربيعة يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا من قريش نقاتلهم فقام إليهم بنوا عفراء من الأنصار عوذ ومعوذ امّهم عفراء وأبوهم الحارث فمشوا إليهم فقالوا لهم ارجعوا وأرسلوا إلينا أكفانا من بنى هاشم فخرج عليهم حمزة وعلى وعبيدة بن الحارث فقال على مشيت الى الوليد بن عتبة ومشى الى فضربته بالسيف اطرت يده ثم بركت عليه فقتلته فقام شيبة بن ربيعة الى عبيدة بن الحارث فاختلفا بضربتين ثم ضرب عبيدة ضربة اخرى فقطع ساق شيبة ثم قام حمزة الى عتبة فقال انا اسد الله واسد رسوله ثم ضربه حمزة فقتله فقام ابو جهل فى أصحابه يحرضهم يقول لا يهولنكم ما لقى هؤلاء فانهم عجلوا فاستحقوا ثم حمل هو بنفسه ثم حمل المسلمون كلهم على المشركين فهزموهم بإذن الله تعالى وفى حق هؤلاء السادات ورد (اطلع الله على اهل بدر) يعنى نظر إليهم بنظر الرحمة والمغفرة (فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) المراد به اظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ما شئت فعلى العاقل ان يقتفى باثرهم فى باب المجاهدة مطلقا: قال الحافظ درره نفس كزو سينه ما بتكده شد ... تير آهى بگشاييم وغزايى بكنيم وقال فى حق اهل الجزع ترسم كزين چمن نبرى آستين كل ... كز كلشنش تحمل حارى نميكنى اللهم اجعلنا من الصابرين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لقيه اى رآه زَحْفاً الزحف الدبيب يقال زحف الصبى زحفا من باب فتح إذا دب على استه قليلا قليلا سمى به الجيش الدهم المتوجه الى العدو لانه لكثرته وتكاثفه يرى كأنه يزحف وذلك لان الكل يرى كجسم واحد متصل فيحس حركته بالقياس اليه فى غاية البطيء وان كانت فى نفس الأمر فى غاية السرعة ونصبه على انه حال من مفعول لقيتم بمعنى زاحفين نحوكم. والمعنى إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جم وأنتم قليل فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فلا تولوهم أدباركم فضلا عن الفرار بل قابلوهم وقاتلوهم مع قتلكم فضلا عن ان تدانوهم فى العدد وتساووهم عدل عن لفظ الظهور الى لفظ الأدبار تقبيحا لفعل الفار وتشنيعا لا نهزامه والتولية جعل الشيء يلى غيره وهو متعد الى مفعولين وولاه دبره إذا جعله اليه وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ اى ومن يجعل ظهره إليهم وقت اللقاء والقتال فضلا عن الفرار فيومئذ هنا بمعنى حينئذ لان اليوم وان كان اسما لبياض النهار إذا اطلق لكنه إذا قرن به فعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ اما بالتوجه الى قتال طائفة اخرى أهم من هؤلاء واما بالفر للكر بان يخيل لعدوه انه منهزم ليغره ويخرجه من بين أعوانه ثم يعطف عليه وحده او مع من فى المكمن من أصحابه وهو باب من خدع الحرب ومكايدها يقال انحرف وتحرف إذا مال من جانب الى جانب آخر والحرف الطرف والجانب وانتصابه على الحالية والتقدير ومن يولهم ملتبسا بحال من الأحوال اية حال كانت الا فى حال كذا أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ اى منجازا الى جماعة اخرى من المؤمنين قريبة او بعيدة لينضم إليهم ثم يقاتل معهم العدو فالانهزام حرام

الا فى هاتين الحالتين فان كل واحدة منهما ليست انهزاما فى الحقيقة بل من قبيل التهيؤ والتقوى للحرب فمن ولى ظهره لغير أحد هذين الغرضين فَقَدْ باءَ اى رجع بِغَضَبٍ عظيم كائن مِنَ اللَّهِ تعالى وَمَأْواهُ فى الآخرة جَهَنَّمُ اى بدل ما أراد بفراره ان يأوى اليه من مأوى ينجيه من القتل والمأوى المكان الذي يأوى اليه الإنسان اى يأتيه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى المرجع جهنم وهذا الوعيد وان كان بحسب الظاهر متناولا لكل من يولى دبره وقت ملاقاة الكفار الا انه مخصوص بما إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين لقوله تعالى فى آخر هذه السورة الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ قال ابن عباس رضى الله عنه من فرمن ثلاثة لم يفر ومن فرمن اثنين فقد فر اى ارتكب المحرم وهو كبيرة الفرار من الزحف: وفى المثنوى اين چنين هوشى كه از موشى پريد ... اندر آن صف تيغ چون خواهد كشيد چالش است آن حمزه خوردن نيست اين ... تا تو بر مالى بخوردن آستين نيست حمزه خودن اينجا تيغ بين ... حمزه بايد درين صف آهنين كار هر نازك دلى نبود قتال ... كه كر يزد از خيالى چون خيال كار تركانست نى تركان برو ... جاى تركان هست خانه خانه شو وعد بعض العلماء الكبائر الى سبعين منها الفرار من الجيش فى الغزو إذا كان مثلا او ضعفا وكل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الله والدين فهى كبيرة تسقط العدالة فى الشهادة فعلى العاقل ان يقدم على الحرب بقلب جريىء ويعلم ان الجبن لا يؤخر اجله وان الاقدام على القتال لا يعجل موته ويتشبه الغازي فى أوان المقاتلة بأصناف من الخلق فيكون كقلب الأسد لا يجبن ولا يفر كما ان الأسد مقدام غير جبان وكرار غير فرار وفى كبر النمر بالفارسية [پلنگ] لا يتواضع للعدو وفى شجاعة الدب يقاتل بجميع جوارحه وفى جملة الخنزير لا يولى دبره إذا حمل اى لا يعرض وجهه عما توجه اليه وفى إغارة الذئب إذا يئس من وجه أغار من وجه آخر والاغارة بالفارسية [يغما كردن] وفى حمل السلاح الثقيل كالنملة تحمل أضعاف وزن بدنها وفى الثبات كالحجر لا يزول عن مكانه وفى الصبر كالحمار وفى الوفاء كالكلب لو دخل سيده النار يتبعه وفى التماس الفرصة والظفر كالديك ويكون فى الصف ساكنا كالمصلى الخاشع ويكون فى متابعة امير العسكر كمتابعة المأموم امامه فى الصلاة اى لا يخالفه أصلا ويغطى نفسه بالسلاح كتغطية البكر نفسها بالثياب إذا زفت اى أرسلت الى الزوج وفى تكثير قليل سلاحه وماله كالمرائى إذا قل ماله وعبادته ويكون فى المكر والخيلة إذا هزمه العدو اى غلب عليه كالثعلب إذا اضطره الكلب فان مدار الحرب على الخداع وفى التبختر والخيلاء بين الصفين كالعروس وفى الخفة فى تحريف القتال من جانب الى آخر كالصبى وفى صياحه إذا صاح بالعدو كالرعد وهو اسم ملك على قول وفى سوء ظنه اى فى الحذر عما يهلكه فى جميع أحواله كالغراب الا بقع وهو الذي فيه سواد وبياض وفى حراسته والاحتراز عن المكاره كالكركى وهو طير معروف لا زوردى اللون يشابه اللقلق فى الهيئة بالفارسية [كلتك] ومن الحيوان الذي لا يصلح الا برئيس لان فى طبعه الحرس والتحارس بالنوبة والذي يحرس يهتف بصوت خفى كأنه يندر بانه حارس

[سورة الأنفال (8) : آية 17]

فاذا قضى نوبته قام الذي كان نائما يحرس مكانه حتى يقضى كل ما يلزمه من الحراسة قال القزويني والكركي لا يمشى على الأرض الا بإحدى رجليه ويعلق الاخرى وان وضعها وضعها خفيفا مخافة ان تخسف به الأرض كذا فى حياة الحيوان والاشارة ايها القلوب المؤمنة إذا لقيتم كفار النفوس وصفاتها مجتمعين على قهر القلوب وصفاتها فلا تنهزموا من سطوات النفوس وغلبات صفاتها بل اثبتوا بالصبر عند صدمات النفوس فان الصبر عند الصدمة الاولى كما روى ان النبي عليه السلام اتى على امرأة تبكى على صبى ميت لها فقال (اتقى الله واصبري) فقالت وما تبالي على مصيبتى فلما ذهب عليه السلام قيل لها انه رسول الله فاخذها مصيبة مثل موت صبيها فجاءت بابه تستعذره وتقول لم أعرفك يا رسول الله فقال عليه السلام (الصبر عند الصدمة الاولى) الصدم ضرب الشيء الصلب بمثله والصدمة مرة منه يعنى الصبر المأجور عليه صاحبه ما كان عند فجأة المصيبة وحدتها لانه إذا طالت الأيام عليه صار الصبر أيسر له ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة يعنى إلا قلبا ينحرف ليهيىء اسباب القتال مع النفس او راجعا الى الاستمداد من الروح وصفاتها او الى ولاية الشيخ يستمد منها الى الحضرة الربانية فى قمع النفس وقهرها بطريق المجاهدة والرياضة فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ يعنى بطرد وابعاد منه وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى مرجعه جهنم البعد عن الحضرة ونار القطيعة وبئس المرجع والمعاد فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ اى ان افتخرتم بقتل الكفار يوم بدر فاعلموا انكم لم تقتلوهم بقوتكم وقدرتكم وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بنصركم وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب فى قلوبهم- روى- انه لما طلعت قريش من العقنقل وهو الكثيب الذي جاؤا منه الى الوادي قال عليه السلام (هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهم انى اسألك ما وعدتني) فاتاه جبريل فقال خذ قبضة من تراب فارمهم بها فلما التقى الجمعان قال لعلى رضى الله عنه (أعطني من حصباء الوادي) فرمى بها فى وجوههم وقال (شاهت الوجوه) اى قبحت فما من المشركين أحد الا أصاب عينيه ومنخريه تراب فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ثم لما انصرفوا من المعركة غالبين غانمين اقبلوا على التفاخر يقولون قتلت وأسرت وفعلت وتركت فنزلت والظاهر ان قوله فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ رجوع الى بيان بقية قصة بدر والفاء جواب شرط مقدر يستدعيه ما مر من ذكر إمداده تعالى وامره بالتثبيت وغير ذلك كأنه قيل إذا كان الأمر كذلك فلم تقتلوهم أنتم كما هو محتار المولى ابى السعود فى تفسيره وَما رَمَيْتَ يا محمد حقيقة إِذْ رَمَيْتَ صورة والا لكان اثر الرمي من جنس آثار الأفاعيل البشرية وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى اتى بما هو غاية الرمي فاوصل اجزاء تلك القبضة الى عيون جميع المشركين حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم فصورة الرمي صدرت منه عليه السلام الا ان اثرها انما صدر من الله تعالى إذ ليس فى وسع البشر ان يرمى كفا من الحصباء فى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عين الا ويصيبها منه شىء. واللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه كاطلاق المؤمن على المؤمن الكامل قال فى التأويلات النجمية ان الله نفى عن الصحابة القتل بالكلية واحاله الى نفسه لانه تعالى كان مسبب اسباب القتل من امداد الملائكة وإلقاء الرعب فى قلوب الكفار وتقوية

قلوب المؤمنين وغير ذلك فالفعل يحال الى السبب كقولهم القلم يكتب مليحا والكاتب يكتب مليحا وهو المسبب للكتابة: قال فى المثنوى هرچهـ خواهد آن مسبب آورد ... قدرت مطلق سببها بر درد از مسبب ميرسد هر خبر وشر ... نيست اسباب ووسائط را اثر اين سببها بر نظرها پردهاست ... كه نه هر ديدار صنعش را سزاست ديده بايد سبب سوراخ كن ... تا حجب را بر كند از بيخ وبن تا مسبب بيند اندر لا مكان ... هرزه بيند جهدوا ساب ودكان والفرق فيما بين النبي عليه السلام وبين الصحابة رضى الله عنهم ان الله تعالى نفى القتل عن الصحابة بالكلية واحاله الى نفسه فجعلهم سببا للقتل وهو المسبب وما نفى الرمي عن النبي عليه السلام بالكلية بل أسند اليه الرمي ولكن نفى وجوده بالكلية فى الرمي وأثبته لنفسه تعالى اى وما رميت بك إذ رميت ولكن رميت بالله وذلك فى مقام التجلي فاذا تجلى الله لعبد بصفة من صفاته يظهر على العبد منه فعلا يناسب تلك الصفة كما كان من حال عيسى عليه السلام لما تجلى الله له بصفة الاحياء كان يحيى الموتى باذنه اى به وهذا كقوله تعالى (كنت له سمعا وبصرا) الحديث فلما تجلى الله للنبى عليه السلام بصفة القدرة كان قد رمى به حين رمى وكان يده يد الله فى ذلك كما كشف القناع عن هذه الحقيقة فى قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ واعلم ان الله أسند القتل الى داود عليه السلام فى قوله وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وفرق كثير بين عبد أضيف فعله الى نفسه والعبد محل الآفات والحوادث وبين عبد أضيف فعله الى الله تعالى والله منزه عن الآفات والحوادث ما رميت إذ رميت كفت حق ... كار حق بر كار حق بر كارها دارد سبق «1» كر بپرانيم تيران نى ز ماست ... ما كمان وتير اندازش خداست «2» تا نشد مغلوب كس اين سر نيافت ... كر تو خواهى آن طرف بايد شتافت وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ اى ليعطيهم من عنده تعالى وينعم عليهم بَلاءً حَسَناً اى عطاء جميلا ونعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات غير مشوبة بمقاساة الشدائد والمكاره. والبلاء يطلق على النعمة وعلى المحنة لان أصله الاختيار وهو كما يكون بالمحنة لاظهار الصبر يكون بالنعمة ايضا لاظهار الشكر والاختبار من الله تعالى اظهار ما علم كما علم لا تحصيل علم ما لم يعلم لانه تعالى منزه عنه. واللام متعلقة بمحذوف مؤخر أي وللاحسان إليهم بالنصر والغنيمة والاجر العظيم فعل ما فعل لا لشىء غير ذلك مما لا يجديهم نفعا. واما برمى فالواو للعطف على علة محذوفة اى ولكن الله رمى ليمحق الكافرين وليبلى المؤمنين قال ابن الشيخ والظاهر ان بلاء اسم مصدر ليبلى اى ليبليهم إبلاء حسنا والمتبادر من عبارة القاضي انه حمله على نفس الشيء المبلوّ به على طريق اطلاق المصدر على المفعول حيث قال ولينعم عليهم نعمة عظيمة: قال الكاشفى [در حقائق سلمى از امام جعفر صادق رضى الله عنه نقل ميكند كه بلاء حسن آنست كه ايشانرا از نفوس ايشان فانى

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان معنى فى التأخير آفات (2) لم أجد در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه عطاى حق وقدرت او موقوف بر قابليت نيست ألح

[سورة الأنفال (8) : الآيات 18 إلى 23]

كرداند وبعد از فنا بهويت خود شان باقى سازد امام. قشيرى كويد بلاء حسن آنست كه مبتلى مشاهده كند ميلى را در عين بلا] چودانستى كه اين درد تو از كيست ... ز رنج خويشتن مى باش خرم كر او زهرت دهد بهتر ز شكر ... ور او زحمت زند خوشتر ز مرهم إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لاستغاثتهم ودعائهم عَلِيمٌ بنياتهم وأحوالهم الداعية الى الاجابة ذلِكُمْ اشارة الى البلاء الحسن ومحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وقوله تعالى وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ معطوف على ذلكم اى المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وابطال حيلهم. والايهان [سست كردن] والنعت موهون كذا فى تاج المصادر. والوهن الضعف والكيد المكر والحيلة والحرب وفى الآية اشارة الى ان التأثير من الله تعالى والعبد آلة فى البين فينبغى للمرء ان لا يعجب بنفسه وعمله ولذا قال الله تعالى فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ واظهر منته عليهم والعجب استعظام العمل الصالح من غير ذكر التوفيق قال المسيح عليه السلام يا معشر الحواريين كم من سراج قد أطفأته الريح وكم من عابد قد أفسده العجب واعلم ان الناس فى العجب ثلاثة اصناف. صنف هم معجبون بكل حال وهم المعتزلة والقدرية الذين لا يرون الله تعالى عليهم منة فى أفعالهم وينكرون العون والتوفيق الخاص واللطف وتلك الشبهة استولت عليهم. وصنف هم الذاكرون المنة بكل حال وهم المستقيمون لا يعجبون بشىء من الأعمال وذلك لبصيرة أكرموا بها وتأييد خصوا به. والصنف الثالث المخلطون وهم عامة اهل السنة تارة يتنبهون فيذكرون منة الله تعالى وتارة يغفلون فيعجبون وذلك لمكان الغفلة العارضة والفترة فى الاجتهاد والنقص فى البصيرة فحق للعاقل ان يرى حقارة عمله وقلة مقداره من حيث هو وان يرى ان منة الله عليه اشرف من قدر عمله وأعظم من جزائه وان يحذر على فعله من ان يقع على وجه لا يصلح لله تعالى ولا يقع منه موقع الرضى فتذهب عنه القيمة التي حصلت له ويعود الى ما كان فى الأصل من الثمن الحقير من دراهم او دوانق ومثاله ان العنقود من العنب او الاضبارة من الريحان تكون قيمته فى السوق دانقا فاذا أهداه واحد الى الملك دستجة فوقع منه موقع الرضى يهب له على ذلك الف دينار فصار ما قيمته حبة بألف دينار فاذا لم يرضه الملك أورده عليه رجع الى قيمته الخسيسة من حبة او دانق فكذلك ما نحن فيه قال وهب كان فيمن قبلكم رجل عبد الله سبعين سنة يفطر من سبت الى سبت فطلب من الله حاجة فلم يقض فاقبل على نفسه وقال لو كان عندك خير قضيت حاجتك فانزل الله تعالى ملكا فقال يا ابن آدم ساعتك التي أزريت بنفسك فيها خير من عبادتك التي مضت: ونعم ما قال الحافظ الشيرازي در راه ما شكسته دلى ميخرند وبس ... بازار خود فروشى از ان سوى ديگرست اللهم اجعلنا من اهل التوفيق ومن السالكين بطريق التحقيق إِنْ تَسْتَفْتِحُوا الخطاب لاهل مكة على سبيل التهكم بهم وذلك انهم حين أرادوا الخروج الى بدر تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين واهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدين- وروى- ان أبا جهل

قال يوم بدر اللهم انصر أفضل الفريقين وأحقهما بالنصر اللهم أينا اقطع للرحم وأفسد للجماعة فاهلكه دعا على نفسه لغاية حماقته فاستجاب الله دعائه حيث ضربه ابنا عفراء عوذ ومعاذ واجهز عليه ابن مسعود رضى الله عنه. فالمعنى ان تستنصروا يا اهل مكة لا على الجندين فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ حيث نصر أعلاهما وقد زعمتم انكم الأعلى فالتهكم فى المجيء او فقد جاءكم الهزيمة والقهر والخزي فالتكهم فى نفس الفتح حيث وضع موضع ما يقابله وَإِنْ تَنْتَهُوا عن الكفر ومعاداة الرسول فَهُوَ اى الانتهاء خَيْرٌ لَكُمْ اى من الحراب الذي ذقتم غائلته لما فيه من السلامة من القتل والاسر ومبنى اعتبار اصل الخيرية فى المفضل عليه هو التكهم وَإِنْ تَعُودُوا لمحاربته نَعُدْ لنصره وَلَنْ تُغْنِيَ اى لن تدفع ابدا عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ اى جماعتكم التي تجمعونهم وتستغيثون بهم شَيْئاً اى من الإغناء فنصب شيأ على المصدر او من المضار فنصبه على المفعولية وَلَوْ كَثُرَتْ فئتكم فى العدد وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ اى ولان الله مع المؤمنين بالنصر والمعونة فعل ذلك وفى الآية اشارة الى ان النجاة فى الايمان والإسلام والتسليم لامر الله الملك العلام وان غاية الباطل هو الزوال والاضمحلال وان ساعده الامهال: قال الحافظ اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود واعلم ان المحاربة مع الأولياء الكرام كالمحاربة مع الأنبياء العظام وكل منهم منصور على أعدائه لان الله معهم وهو لا ينساهم ولا يتركهم بحال- حكى- ان دانيال عليه السلام طرح فى الجب وألقيت عليه السباع فجعلت السباع تلحسه وتتبصبص اليه فاتاه رسول فقال يا دانيال فقال من أنت قال انا رسول ربك إليك أرسلني إليك بطعام فقال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره وإذا السعادة لا حظتك عيونها ... ثم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهى حبالة ... واقتد بها الجوزاء فهى عنان - وحكى- الماوردي فى كتاب ادب الدنيا والدين ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف فخرج له قوله تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فمزق المصحف وانشأ يقول أتوعد كل جبار عنيد ... فها انا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقنى الوليد فلم يلبث أياما حتى قتل شرّ قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده جزم القاضي ابو بكر فى الاحكام فى سورة المائدة بتحريم أخذ الفأل من المصحف. ونقله القرافي عن الطرطوشى وأقره واباحه ابن بطة من الحنابلة. وقال بعضهم بكراهته كذا فى حياة الحيوان للامام الدميري والاشارة فى الآية إِنْ تَسْتَفْتِحُوا أبواب قلوبكم بمفتاح الصدق والإخلاص وترك ما سوى الله تعالى فى طلب التجلي فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ بالتجلى فان الله تعالى متجل فى ذاته ازلا وابدا فلا تغير له وانما التغير فى احوال الخلق فانهم عند انغلاق أبواب قلوبهم الى الله محرومون من التجلي وعند

[سورة الأنفال (8) : الآيات 20 إلى 23]

انفتاح ابوابها محفوفون به وَإِنْ تَنْتَهُوا اى عن غير الله فى طلب الله فهو خير لكم مما سواه وَإِنْ تَعُودُوا الى الدنيا وطلب لذاتها وشهواتها وزخارفها والى ما سوى الله تعالى نَعُدْ الى خذلانكم الى أنفسكم وهواها ودواعيها وغلبات صفاتها وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً اى تقوم لكم الدنيا والآخرة وما فيهما مقام شىء من مواهب الله والطافه ولو كثرت يعنى وان كثرت نعم الله من الدنيوية والاخروية فلا توازى شيأ مما أنعم الله على اهل الله وخاصته وان الله بأصناف الطافه مع المؤمنين بهذه المقامات وطالبيها ليبلغهم إليها بفضله ورحمته لا بحولهم وقوتهم كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا بحذف احدى التاءين اى لا تتولوا والتولي الاعراض. وبالفارسية [روى بگردانيدن] عَنْهُ اى عن الرسول ولم يقل عنهما لان طاعة الله انما تكون بطاعة رسوله وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ اى والحال انكم تسمعون القرآن الناطق بوجوب طاعته والمواعظ الزاجرة عن مخالفته سماع فهم وتصديق وَلا تَكُونُوا بمخالفة الأمر والنهى كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا على جهة القبول وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ للقبول وانما سمعوا به للرد والاعراض عنه كالكفار الذين قالوا سمعنا وعصينا وكالمنافقين الذين يدعون السماع والقبول بألسنتهم ويضمرون الكفر والتكذيب: قال فى المثنوى نبست را چهـ خوانده چهـ نا خوانده ... هست پاى او بكل درمانده كر سرش جنبد بسير باد رو ... تو بسر جنبانيش غره مشو آن سرش كويد سمعنا اى صبا ... پاى او كويد عصينا خلنا إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ اى شر ما يدب على الأرض فلفظ الدابة محمول على معناه اللغوي او شر البهائم فهو محمول على معناه العرفي والبهيمة كل ذات اربع من حيوانات البر والبحر عِنْدَ اللَّهِ اى فى حكم قضائه الصُّمُّ الذين لا يسمعون الحق الْبُكْمُ الذين لا ينطقون به الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ الحق عدهم من البهائم ثم جعلهم شرها لابطالهم ما ميزوا به وفضلوا لاجله. وانما وصفهم بعدم العقل لان الأصم الأبكم إذا كان له عقل ربما يفهم بعض الأمور ويفهمه غيره بالاشارة ويهتدى بذلك الى بعض مطالبه. واما إذا كان فاقدا للعقل ايضا فهو الغاية فى الشرية وسوء الحال: قال السعدي بهائم خموشند وكويا بشر ... پراكنده كوى از بهائم بتر بنطق است وعقل آدمي زاده فاش ... چوطوطى سخن كوى ونادان مباش وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً شيأ من جنس الخير الذي من جملته صرف قواهم الى تحرى الحق واتباع الهدى لَأَسْمَعَهُمْ سماع تفهم وتدبر ولو قفوا على حقيقة الرسول وأطاعوه وآمنوا به ولكن لم يعلم فيهم شيأ من ذلك لخلوهم عنه بالمرة فلم يسمعهم لذلك لخلوه عن الفائدة وخروجه عن الحكمة قال ابن الشيخ عبر عن عدم استقرار الخير فيهم بعدم علم الله تعالى بوجوده فيهم لان كل ما وقع واستقر يجب ان يعلم الله تعالى بحصوله ووجوده فعدم علم الله تعالى بوجود الشيء من لوازم عدمه فى نفسه فعبر باللازم عن الملزوم فقيل لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ مقام ان يقال لو كان فيهم خيرا لأسمعهم لكونه ابلغ فى الدلالة على انعدام الخير فيهم

[سورة الأنفال (8) : الآيات 24 إلى 29]

لان نفى لازم الشيء نفى لنفس ذلك الشيء ببينة فيكون ابلغ من نفى نفس ذلك الشيء وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ سماع تفهم وهم على هذه الحالة العارية عن الخير بالكلية لَتَوَلَّوْا عما سمعوه من الحق ولم ينتفعوا به قط او ارتدوا بعد ما صدقوه وصاروا كأن لم يسمعوه أصلا وَهُمْ مُعْرِضُونَ اى لتولوا على ادبارهم والحال انهم معرضون عما سمعوه بقلوبهم لعنادهم وفيه اشارة الى ان من قدر له الشقاوة فانه يتولى عن المتابعة فى أثناء السلوك ويعرض عن الله وطلبه ويقبل على الدنيا وزخارفها واعلم ان الإنسان خلق فى احسن تقويم قابلا للتربية والترقي مستعدا لكمال لا يبلغه الملك المقرب فهو فى بدء الخلقة دون الملك وفوق الحيوان فبتربية الشريعة يصير فوق الملك فيكون خير البرية وبمخالفة الشريعة ومتابعة الهوى يصير دون الحيوان فيكون شر البرية فيؤول حال من يكون خيرا من الملك الى ان يكون شر الدواب فعلى العاقل ان لا يخالف امر الرسول وشريعته فان الحيوان يستسلم لامره فكيف بالإنسان- حكى- انه جاء رجل فى بعض أسفاره صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انه كان لى حائط فيه عيشى وعيش عيالى ولى فيه ناضحان والناضخ البعير الذي يستسقى عليه فمنعانى أنفسهما وحائطى وما فيه فلا نقدر ان ندنو منهما فنهض النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى اتى الحائط فقال لصاحبه (افتح) قال أمرهما عظيم قال (افتح) فلما حرك الباب أتيا ولهما جلبة فلما انفرج الباب نظرا الى النبي عليه السلام وبركا ثم سجدا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤوسهما ثم دفعهما الى صاحبهما وقال (استعملهما واحسن إليهما) فقال القوم تسجد لك البهائم أفلا تأذن لنا فى السجود لك فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (ان السجود ليس الا للحى القيوم ولو أمرت أحدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها) وكل ما امر به النبي عليه السلام او نهى عنه ففيه حكمة ومصلحة ولست بمأمور بالتفتيش عنها وانما يلزم عليك الاطاعة والانقياد فقط. أفترضى لنفسك ان تصدق ابن البيطار فيما ذكره فى العقاقير والأحجار فتبادر الى امتثال ما أمرك به ولا تصدق سيد البشر صلى الله تعالى عليه وسلم فيما يخبر عنه وتتوانى بحكم الكسل عن الإتيان بما امر به او فعل وأنت تحقق انه عليه السلام مكاشف من العالم بجميع الاسرار والحكم كما اخبر عن نفسه وقال (فعلمت علم الأولين والآخرين) ولما اخرجك الله من صلب آدم فى مقام ألست رددت الى أسفل السافلين ثم منه دعيت لترتفع بسعيك وكسبك الى أعلى عليين حيث ما قدر لك على حسب قابليتك ولا يمكنك ذلك الا بأمرين. أحدهما بمحبته صلى الله عليه وسلم وبان تؤثر حبه على نفسك وأهلك ومالك. والثاني بمتابعته صلى الله عليه وسلم فى جميع ما امر به ونهى عنه وبذلك تستحكم مناسبتك به وبكمال متابعتك يحصل لك الارتفاع الى اوج الكمال ومن علامات المحبة حب القرآن وحب تلاوته والا كان من المعرضين عن سلوك طريقته صلى الله عليه وسلم ومن تمام محبته إيثار الفقر والزهد فى الدنيا كين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص اللهم اعصمنا من المهالك واجعلنا من السالكين الى خير المسالك يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا

لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ اى أجيبوا الله ورسوله بان تطيعوهما إِذا دَعاكُمْ اى الرسول إذ هو المباشر لدعوة الله تعالى ودعاؤه بامر الله فهو دعاء الله تعالى ولذا وحد الفعل لِما يُحْيِيكُمْ اللام بمعنى الى اى الذي يحييكم وهو انواع منها العلوم الدينية فانها حياة القلب والجهل موته: قال لا تعجبن الجهول حلته ... فذاك ميت وثوبه كفن وقال جاهلى كان بعلم زنده نشست ... ميتش دان ومسكنش مدفن از جنازه نشان جمازه او ... جامهاى تنش بجاى كفن وفى الخبر ان الله تعالى ليحيى القلب الميت بالعلم كما يحيى الأرض الميتة بوابل المطر والعلوم الدينية الشرعية هى التفسير والحديث والأصول والفقه والفرائض علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث «1» ومنها العقائد والأعمال فانها تورث الحياة الابدية فى النعيم الدائم. ومنها الجهاد فانه سبب البقاء إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم كما فى قوله تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ. ومنها الشهادة فان الشهداء احياء عند ربهم سواء كانوا مقتولين بسيف الكفار او بسيف الرياضات الشاقة والمجاهدات القوية دانه مردن مرا شيرين شد است ... بل هم احياء پى من آمده است «2» اقتلوني يا ثقاتى لائما ... ان فى قتلى حياتى دائما فالموت هو الفناء عن الكل والحياة هو البقاء بنور الله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ قال فى القاموس كل ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما وهو تمثيل لغاية قربه من العبد وهو اقرب الى قلبه منه لان ما حال بينك وبين الشيء فهو أقرب الى الشيء منك وتنبيه على انه مطلع من مكنونات القلوب على ما عسى يغفل عنه صاحبها قال على رضى الله عنه اللهم اغفر لى ما أنت اعلم به منى او حث على المبادرة الى اخلاص القلوب وتصفيتها قبل ان يحول الله بينه وبين القلب بالموت او غيره من الآفات كأنه قيل بادر الى تكميل النفوس وتصفية القلوب بإجابة الرسول المبعوث من علام الغيوب قبل فوات الفرصة فانها قد ثفوت بان يحدث الله أسبابا لا يتمكن العبد معها من تصريف القلب فيما يشاؤه من إصلاح امره فيموت غير مستجيب لله ورسوله ويحتمل ان يكون المراد بالحيلولة تصوير تملكه تعالى قلب العبد وغلبته عليه فيفسخ عزائمه ويغير نيانه ومقاصده ولا يمكنه من إمضائها على حسب إرادته فيحول بينه وبين الكفر ان أراد سعادته وبينه وبين الايمان ان قضى شقاوته وكان عليه السلام يقول كثيرا (يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبى على دينك) ويبدل بالأمن خوفا وبالذكر نسيانا وما أشبه ذلك من الأمور المعترضة المفوّتة للفرصة [در كشف الاسرار فرموده كه علما دلرا پايند ولمن كان له قلب اشارت بدانست وعرفا دلرا كم كنند يحول بين المرء وقلبه عبارت از آنست در بدايت از دل ناچارست ودر نهايت حجاب ديدارست]

_ (1) لم أجد (2) در اواخر دفتر يكم در بيان بقيه قصة امير المؤمنين على رضى الله عنه إلخ

[سورة الأنفال (8) : آية 25]

زيد پيش همى ديدمش اندر دل خويش ... دل نيز حجاب بود برداشت ز پيش فالله تعالى يحول بتجلى صفاته بين المرء وقلبه يعنى إذا تجلى الله على قلب المرء يحول بسطوات أنوار جماله وجلاله بين مرآت قلبه وظلمة أوصافه وَأَنَّهُ اى واعلموا ايضا ان الله تعالى إِلَيْهِ تعالى لا الى غيره تُحْشَرُونَ تبعثون وتجمعون فيجازيكم على حسب أعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا الى طاعة الله وطاعة رسوله وبالغوا فى الاستجابة لهما واعلم ان الاستجابة لله بالسرائر وللرسول بالظواهر وايضا الاستجابة لله اجابة الأرواح للشهود واستجابة القلوب للشواهد واجابة الاسرار للمشاهدة واجابة الخفي للفناء فى الله والاستجابة للرسول بالمتابعة فى الأقوال والأحوال والافعال- وروى- انه عليه السلام مر على ابى وهو يصلى فدعاه فعجل فى صلاته ثم جاء فقال عليه السلام (ما منعك عن إجابتي) قال كنت أصلي (قال ألم تخبر فيما اوحى الى استجيبوا لله وللرسول) واختلف العلماء فى جواز قطع الصلاة لاجابة الداعي. فقال بعضهم انه مختص باستجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز قطع الصلاة لاجابة غيره لان قطعها ابطال لها وابطال العمل حرام. وقال بعضهم يجوز لكل مصل ان يقطع صلاته لامر لا يحتمل التأخير كما إذا خاف ان يسقط أحد من سطح او تحرقه النار او يغرق فى الماء وجب عليه ان يقطع الصلاة وان كان فى الفريضة كذا فى غنية الفتاوى. ويجيب فى صلاة النافلة دعاء امه دون نداء أبيه اى يقطع الصلاة ويقول لبيك مثلا وذلك لان مشقة الام وتحملها التعب من الولد اكثر ولذا ورد (الجنة تحت أقدام الأمهات) معناه ان التواضع للامهات سبب دخول الجنة. وقال بعض المشايخ الأب يقدم على الام فى الاحترام والام فى الخدمة حتى لو دخلا عليه يقوم للاب واجابة الدعوة من قبيل الخدمة غالبا قال الطحاوي مصلى النافلة إذا ناداه أحد أبويه ان علم انه فى الصلاة وناداه لا بأس بان لا يجيبه وان لم يعلم يجيب واما مصلى الفريضة إذا دعاه أحد أبويه فلا يجيب ما لم يفرغ من صلاته الا ان يستغيثه لشىء فان قطع الصلاة لا يجوز الا لضرورة وكذا الإفطار فى صوم النفل فانه إذا الحّ عليه أحد بالإفطار يجوز قبل الزوال واما إذا كان بعده فلا يفطر الا إذا كان فى ترك الإفطار عقوق الوالدين او أحدهما كذا فى شرح التحفة والوقاية. واما فى صوم القضاء فيكره الإفطار مطلقا كذا فى الزاهدي ثم اعلم ان استجابة الرسول يدخل فيها بطريق الاشارة استجابة الأولياء العلماء الأدباء الأمناء لانهم الورثة وطريقتهم طريقة النبي عليه السلام ولا بد لمن أراد الوصول الى الله تعالى من صحبة مرشد كامل عارف بالمقامات والمراتب وقبول ما دعا اليه سواء كان محبوبا له اولا فان هذا ليس طريق العقل بل طريق الكشف والإلهام كر در سرت هواى وصالست حافظا ... بايد كه خاك در كه اهل نظر شوى واهل الطريقة ثلاثة عباد ومريدون وعارفون. فطريق العباد كثرة الأعمال والتجنب من الزنى والضلال. وطريق المريدين تخليص الباطن من الشوائب والنفور عن المشغلات وطريق العارفين تخليص القلب لله وبذل الدنيا والآخرة فى طلب رضاه اللهم اجعلنا من المستجيبين للدعوة الحقة وأذقنا من حلاوة الاسرار المحققة آمين وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا

مِنْكُمْ خَاصَّةً قال الحدادي فى تفسيره نزلت فى عثمان وعلى رضى الله عنهما اخبر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بالفتنة التي تكون بسببهما انها ستكون بعدك تلقاها أصحابك تصيب الظالم والمظلوم ولا تكون للظلمة وحدهم خاصة ولكنها عامة فاخبر النبي عليه السلام بذلك أصحابه فكان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن بسبب على وعثمان رضى الله عنهما ما لا يخفى على أحد انتهى. والمعنى لا تختص أصابتها بمن يباشر الظلم منكم بل تعمه وغيره كاقرار المنكر بين أظهرهم والمداهنة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل فى الجهاد وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ولذلك يصيب بالعذاب من لم يباشر سببه وفيه تحذير من شدّة العقوبة لمن أهاج الفتن وفى الحديث (الفتنة راتعة فى بلاد الله واضعة خطامها فالويل لمن اهاجها) وفى بعض الاخبار (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) : قال السعدي از ان همنشين تا توانى كريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز قال القرطبي فان قيل قال الله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ وهذا يوجب ان لا يؤاخذ أحد بذنب غيره وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب فالجواب ان الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على من رآه ان يغيره فان سكت عليه فكلهم عاص هذا بفعله وهذا برضاه وقد جعل الله فى حكمه وحكمة الراضي بمنزلة العامل فانتظم فى العقوبة قاله ابن العربي انتهى قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدّس سره فى شرح الأربعين حديثا وأحيانا تظهر سلطنة العمل الفاسد فيسرى حكمها فى حال ذى العمل الصالح فيتضرر بذلك وان لم يتعد الضرر الى اعماله والاشارة الى ذلك قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا الآية وليس هذا بمخالف للاصل المترجم عنه بقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فان هذا الأثر لا يقع ولا يسرى بحكم ما به امتاز الصالح من الطالح بل بموجب ما به يثبت الاتحاد والاشتراك بينهما وقوله وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى لسان غلبته حكم ما به الامتياز وايضا ففعل الحق من حيث صدوره من جنابه وحداني كلى شامل لا تخصيص فيه بل التخصيص من القوابل المتأثرة وهذا عام فى الشر والخير ففى الشر ما ذكر فى قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً الآية وفى الخير ما أشار اليه عليه السلام فى الحديث المذكور فى حق الذين يجتمعون لذكر الله وكون الحق يباهى بهم الملائكة ويقول أشهدكم انى قد غفرت لهم وقول بعض الملائكة ان فيهم فلانا ليس منهم وانما أتاهم لحاجة فيقول الحق سبحانه وتعالى وله قد غفرت هم القوم لا يشقى جليسهم فهذا اثر عموم الحكم من جهة الحق وكليته واثر صلاح الحال الفاسد بمجاورة ذى الحال والعمل الصالح والحضور معه فتذكر انتهى كلام القنوى: وفى المثنوى اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد «1» واى آن زنده كه با مرده نست ... مرده كشت وزندكى از وى بجست حق ذات پاك الله الصمد ... كه بود به مار بد از يار بد «2» مار بد جانى ستاند از سليم ... يار بد آرد سوى نار مقيم

_ (1) در اوائل دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان مجلس مع الله إلخ (2) در اوسط دفتر پنجم در بيان پاسخ دادن روباه إلخ

[سورة الأنفال (8) : آية 26]

والاشارة فى الآية وَاتَّقُوا يا ايها الواصلون فِتْنَةً يعنى ابتلاء النفوس بشىء من حظوظها الدنيوية والاخروية لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً يعنى لا تصيب تلك الفتنة النفوس الظالمة فقط بل تصيب ظلمتها الأرواح النورانية والقلوب الربانية فتجتذبها من حظائر القدس ورياض الانس الى حضائض صفات الانس كما قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فيعاقب الواصلين بالانقطاع والاستدراج عند الالتفات الى ما سواه كذا فى التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا ايها المهاجرون إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ اى وقت كونكم قليلا فى العدد مُسْتَضْعَفُونَ خبر ثان اى مقهورون تحت أيدي قريش فِي الْأَرْضِ اى ارض مكة تَخافُونَ خبر ثالث أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ التخطف الاخذ والاستلاب بسرعة وهم كانوا يخافون ان يخرجوا من مكة حذرا من ان يستلبهم كفار قريش ويدهبوا بهم فَآواكُمْ اى جعل لكم مأوى ترجعون اليه وهو المدينة دار الهجرة وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ على الكفار وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من الغنائم التي لم تكن حلالا للامم السالفة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم قال الجنيد قدس سره كنت عند السرى وانا ابن سبع سنين وبين يديه جماعة يتكلمون فى الشكر فقال لى يا غلام ما الشكر فقلت ان لا تعصى الله بنعمه فقال يوشك ان يكون حظك من الله لسانك فلا أزال ابكى على هذه الكلمة واعلم ان الدولة العثمانية التي هى آخر الدول الاسلامية كانت على الضعف فى الأوائل وأهلها قليلون مستضعفون تحت أيدي فارس والروم حتى قوّاهم الله بالعدد والعدد ونصرهم على أعدائهم فكانوا يستفتحون من مشارق الأرض ومغاربها ويأوون الى الأماكن فى الأقطار الى ان آل الأمر الى ما آل فكل ذلك نعم جسيمة وستعود هذه الحال الى ما كانت عليه فى الابتداء فان الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا وما ذلك الا بالغرور والكفران وادعاء الاستحقاق من غير برهان: قال السعدي قدس سره ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روزى پسين سر بر آرى بهيچ ثم اعلم ان الروح والقلب فى بدء الخلقة وتعلقهما بالقالب وكذا صفاتهما مستضعفون من غلبات النفس لاعواز التربية بألبان آداب الطريقة وانعدام جريان احكام الشريعة عليهم الى أوان البلوغ والتربية فى هذه المدة للنفس وصفاتها لاستحكام القالب لحمل أعباء تكاليف الشريعة وهما اعنى الروح والقلب يخافون ان تستلبهم النفس وصفاتها ويغتالهم الشيطان وأعوانه فآواكم الى حظائر القدس وأيدكم بنصره بالواردات الربانية وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى من المواهب الطاهرة من لوث الحدوث لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فتستحقون المزيد شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند والعمدة قلة الاكل وكثرة الشكر والطاعة. ويقال اربع فى الطعام فريضة. ان لا يأكل إلا من الحلال. وان يعلم انه من الله تعالى. وان يكون راضيا. وان لا يعصى الله ما دامت قوة ذلك الطعام فيه. واربع سنة. ان يسمى الله فى الابتداء. وان يحمد الله فى الانتهاء. وان يغسل يديه قبل الطعام

[سورة الأنفال (8) : الآيات 27 إلى 28]

وبعده. وان يثنى رجله اليسرى وينصب اليمنى على الجلوس. واربع آداب. ان يأكل مما يليه وان يصغر اللقمة. وان يمضغها مضغا ناعما. وان لا ينظر الى لقمة غيره. واثنان دواء. ان يأكل ما سقط من المائدة. وان يلعق القصعة. واثنان مكروهان. ان يشم الطعام. وان ينفخ فيه ولا يأكل حارا حتى يبرد فان اللذة فى الحار والبركة فى البارد فعلى العاقل الساعي فى طلب مرضاة الله تعالى تحصيل القوت الحلال وكثرة شكر المنعم المفضال ولله على العبد نعم ظاهرة وباطنة والطاف جليلة وخفية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ اصل الخون النقص كما ان اصل الوفاء التمام واستعماله فى ضد الامانة لتضمنه إياه فانك إذا خنت الرجل فقد ادخلت عليه النقصان- روى- انه عليه السلام حاصر بنى قريظة احدى وعشرين ليلة فسألوه الصلح كما صالح إخوانهم بنى النضير على ان يسيروا الى إخوانهم بأذرعات وأريحا من الشام فأبى الا ان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ رضى الله عنه فأبوا وقالوا أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر وكان مناصحا لهم لان عياله وماله كانت فى أيديهم فبعثه إليهم فقالوا ما ترى هل ننزل على حكم سعد فاشار الى حلقه بالذبح اى ان حكم سعد فيكم ان تقتلوا صبرا فلا تنزلوا على حكمه يقال فلان مقتول صبرا إذا صار محبوسا على القتل حتى يقتل قال ابو لبابة فما زالت قدماى من مكانهما حتى علمت انى قد خنت الله ورسوله وذلك لانه عليه السلام أراد منهم ان ينزلوا على حكم سعد ويرضوا بما حكم فيهم وهو صرفهم عنه فنزلت هذه الآية فشد نفسه على سارية من سوارى المسجد وقال والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت او يتوب الله على فمكث سبعة ايام حتى خر مغشيا عليه ثم تاب الله عليه فقيل له قد ينب عليك فحل نفسك فقال لا والله لا أحلها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلنى فجاءه عليه السلام فحله فقال ان من تمام توبتى ان اهجر دار قومى التي أصبت فيها الذنب وان انخلع من مالى فقال عليه السلام (يجزنك الثلث ان تتصدق به) وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ فيما بينكم اى لا تخونوها فهو مجزوم معطوف على الاول وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ انكم تخونون يعنى ان الخيانة توجد منكم عن عمد لا عن سهو ولما نهى عن الخيانة نبه على ان الداعي إليها انما هو حب المال والأولاد ألا يرى ان أبا لبابة انما حمله على ما فعل ماله واهله وولده الذين كانوا فى بنى قريظة لانه انما ناصحهم لاجلهم وخان المسلمين بسببهم فقال وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ الفتنة قد تطلق على الآفة والبلاء وقد تطلق على الابتلاء والامتحان فالمعنى على الاول انما أموالكم وأولادكم اسباب مؤدية الى الوقوع فى الآفة التي هى ارتكاب المعصية فى الدنيا والوقوع فى عقاب الآخرة وعلى الثاني انها اسباب لوقوع العبد فى محن الله تعالى واختباراته حيث يظهر من اتبع الهوى ممن آثر رضى المولى وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ لمن آثر رضى الله وراعي حدوده فيهم فأنيطوا اى علقوا هممكم بما يؤديكم اليه ولا يحملنكم حبهما على الخيانة [احمد انطاكى فرموده كه حق سبحانه وتعالى مال وفرزند انرا فتنه كفت تا از فتنه بيكسو رويم وما پيوسته بخلاف حكم خداوند آن فتنه را زيادت ميخواهيم] جوان و پير كه در بند مال وفرزندند ... نه عاقلند كه طفلان نا خردمندند

قال بعض السلف كل ما شغلك عن الله سبحانه من مال وولد فهو مشئوم عليك واما ما كان من الدنيا يقرب من الله ويعين على عبادته فهو المحمود بكل لسان المحبوب لكل انسان: قال فى المثنوى چيست دنيا از خدا غافل بدن ... نى قماش ونقره وميزان وزن مال را كز بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پشتى است چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جز مسكين نخواند وفى الحديث (ان البد إذا قال لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله من عصى ربه) فعلى العاقل ان لا يشتغل بسبب الدنيا ولعنها بل يلوم نفسه ولعنها فى حب الدنيا قال ابو يزيد قدس سره جمعت فكرى وأحضرت ضميرى ومثلت نفسى واقفا بين يدى ربى فقال لى يا أبا يزيد بأى شىء جئتنى قلت يا رب بالزهد فى الدنيا قال يا أبا يزيد انما كان مقدار الدنيا عندى مثل جناح بعوضة ففيم زهدت منها فقلت الهى وسيدى استغفرك من هذه الحالة جئت بالتوكل عليك قال يا أبا يزيد ألم أكن ثقة فيما ضمنت لك حتى توكلت على قلت الهى وسيدى استغفرك من هاتين الحالتين جئتك بالافتقار إليك فقال عند ذلك قبلناك فهذه حال العارفين بالله تعالى وفوا عهودهم فى طلبه فجعلهم الله أمناء لاسراره واعلم ان الخيانة على انواع فالفرائض والسنن اعمال ائتمن الله تعالى عليها عباده ليحافظوا على أدائها فى أوقاتها برعاية حدودها وحقوقها فمن ضيعها فقد خان الله تعالى فيها. والوجود وما يتبعه من الأعضاء والقوى أمانات والأهل والأولاد والأموال أمانات والإماء والعبيد وسائر الخدم أمانات والسلطنة والوزارة والامارة والقضاء والفتوى وما يلحقها أمانات وفى الحديث (من قلد إنسانا عملا وفى رعيته من هو اولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين) : قال السعدي قدس سره كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا ميدهى چوب وسنك سك آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى تا استخوانش دهند وفى الحديث (انا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فاذا خان خرجت من بينهما وجاء الشيطان) ففى كل ذلك يلزم العبد ان يكون أمينا غير خائن وإلا فقد تعرض لسخط الله تعالى ونعوذ بالله منه قال ابن عباس رضى الله عنهما كلب أمين خير من صاحب خاءن وكان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم وكان شديد المحبة لهم فخرج فى بعض منتزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فاكلا وشربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليهما فلما رجع الحارث الى منزله وجدهما قتيلين فعرف الأمر فانشد يقول وما زال يرعى ذمتى ويحوطنى ... ويحفط عرسى والخليل يخون فيا عجبا للخل تحليل حرمتى ... ويا عجبا للكلب كيف يصون والاشارة فى الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اى يا أيها الأرواح والقلوب المنورة بنور الايمان المستعدة بسعادات العرفان لا تَخُونُوا اللَّهَ فيما آتاكم من المواهب فتجعلوها شبكة الدنيا واصطياد

[سورة الأنفال (8) : آية 29]

أهلها وَالرَّسُولَ يترك السنة والقيام بالبدعة وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ فالامانة هى محبة الله وخيانتها تبديلها بمحبة المخلوقات يشير الى ان ارباب القلوب واصحاب السلوك إذا بلغوا الى أعلى مراتب الطاعات والقربات ثم التفتوا الى شىء من الدنيا وزينتها وخانوا الله بنوع من التصنع وخانوا الرسول بالتبدع وترك التتبع بتعدي الخيانة وآفاتها الى الامانة التي هى المحبة فتسلب منهم بالتدريج فيكون لهم ركونهم الى الدنيا وسكونهم الى جمع الأموال حرصا على الأولاد وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ انكم تبيعون الدين بالدنيا والمولى بالأولى وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ التي تعرضون عن الله لها فِتْنَةٌ يختبركم الله بها لكى يتميز الموافق من المنافق والصديق من الزنديق فمن اعرض عن الدنيا وما فيها صدق فى طلب المولى وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فمن ترك ما عنده فى طلب ما عند الله يجده عنده او ان الله عنده اجر عظيم والعظيم هو الله فى الحقيقة فيجد الله تعالى كذا فى التأويلات النجمية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ اى فى كل ما تأتون وتذرون يَجْعَلْ لَكُمْ بسبب ذلك فُرْقاناً هداية فى قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل او نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين كما قال تعالى يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وأراد به يوم عز المؤمنين وخذلان الكافرين وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ اى يسترها والفرق بين السيئة والخطيئة ان السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات والخطيئة تغلب فيما يقصد بالعرض لانها من الخطأ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبكم بالعفو والتجاوز عنها وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ اى عظيم الفضل على عباده وهو تعليل لما قبله وتنبيه على ان وعد الله لهم على التقوى تفضل واحسان لا انه مما توجب التقوى كما إذا وعد السيد عبده انعاما على عمل وفى الآية امور. الاول التقوى وهو فى مرتبة الشريعة ما أشير اليه بقوله تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وفى مرتبة الحقيقة ما أشير اليه بقوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [متقى آنست كه حق سبحانه وتعالى را وقايه خود كرفته باشد در ذات وصفات وافعال فعل او در افعال حق فانى شاه باشد وصفت او در صفات حق مستهلك كشته] كم شده چون سايه نور آفتاب ... يا چوبوى كل در اجزاى كلاب قال ابن المبارك سألت النوري من الناس فقال العلماء قلت من الاشراف قال المتقون قلت من الملوك قال الزهاد قلت من الغوغاء قال القصاص الذين يستأكلون اموال الناس بالكلام قلت من السفلة قال الظلمة. الثاني ان التقوى أسندت الى المخاطبين وجعل الفرقان الى الله تعالى فالله تعالى إذا أراد بالعبد خيرا اصطفاه لنفسه وجعل فى قلبه سراجا من نور قدسه يفرق به بين الحق والباطل والوجود والعدم والحدوث والقدم ويتبصر به عيوب نفسه كما حكى عن احمد بن عبد الله المقدسي قال صحبت ابراهيم بن أدهم فسألته عن بداية امره وما كان سبب انتقاله من الملك الفاني الى الملك الباقي فقال لى يا أخي كنت جالسا يوما فى أعلى قصر ملكى والخواص قيام على رأسى فاشرفت من الطاق فرأيت رجلا من الفقراء جالسا بفناء القصر وبيده رغيف يابس فبله بالماء وأكله بالملح الجريش وانا انظر اليه الى ان فرغ من أكله ثم شرب شيأ من الماء وحمد الله تعالى واثنى عليه ونام فى فناء القصر فالهمنى الله سبحانه وتعالى

[سورة الأنفال (8) : الآيات 30 إلى 35]

الفكر فيه فقلت لبعض مما ليكى إذا قام ذلك الفقير فائتنى به فلما استيقظ من نومه قال له الغلام يا فقير ان صاحب هذا القصر يريد ان يكلمك قال بسم الله وبالله وتوكلت على الله لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم وقام معه ودخل على فلما نظر الى سلم على فرددت عليه السلام وأمرته بالجلوس فجلس فلما اطمأن قلت له يا فقير أكلت الرغيف وأنت جائع فشبعت قال نعم قلت وشربت الماء على شهوة فرويت قال نعم قلت ثم نمت طيبا بلاهم وغم فاسترحت قال نعم فقلت فى نفسى وانا أعاتبها يا نفس ما اصنع بالدنيا والنفس تقنع بما رأيت وسمعت فعقدت التوبة مع الله تعالى فلما انصرم النهار واقبل الليل لبست مسحا من صوف وقلنسوة من صوف وخرجت حافيا سائحا الى الله تعالى وهذه احدى الروايتين فى بداية امره. والثالث ان المغفرة فضل عظيم من الله تعالى فلا بد للمرء من حسن الظن بالله تعالى فانها ليست بمقطوعة قيل اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام (انى أعلمك خمس كلمات هن عماد الدين ما لم تعلم ان قد زال ملكى فلا تترك طاعتى) همه تحت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمانده لا يزال (وما لم تعلم ان خزائنى قد نفدت فلا تهتم برزقك) در دائره قسمت ما نقطه تسليم ... لطف آنچهـ تو انديشى وحكم آنچهـ تو فرمايى (وما لم تعلم ان عدوك قدمات يعنى إبليس فلا تأمن مفاجأته ولا تدع محاربته) كچاسر بر آريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ (وما لم تعلم انى قد غفرت لك فلا تعب المذنبين) مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگه است كه تقدير بر سرش چهـ نوشت (وما لم تدخل جنتى فلا تأمن مكرى) زاهد ايمن مشو از بازى غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست فعلى العاقل ان يجتهد الى آخر العمر كى يكفر الله عنه سيآت وجوده الفاني ويستره بانوار جماله وجلاله والله ذو الفضل العظيم لمن تجاوز عما عنده راغبا فيما عند الله والفضل العظيم هو البقاء بالله بعد الفناء فيه كما فى التأويلات النجمية وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا تذكير لمكر قريش حين كان بمكة ليشكر نعمة الله فى خلاصه من مكرهم واستيلائه عليهم قال ابن اسحق لما رأوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة واصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا انهم قد نزلوا دارا وأصابوا سعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا انه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له فى دار الندوة وهى الدار التي بناها قصىّ بن كلاب بمكة وكانت قريش لا تقضى امرا الا فيها وسميت دار الندوة لانهم ينتدون فيها اى يجتمعون للمشاورة والندىّ والندوة والنادي مجلس القوم ومتحدثهم فان تفرق القوم عنه لا يسمى نديا كما لا يسمى الظرف كأسا إذا لم يكن فيه شراب فتشاوروا فى امر النبي عليه السلام منهم عتبة وشيبة ابنا ابى ربيعة وابو جهل وابو سفيان والنضر بن الحارث وابو البختري بن هشام وابى بن خلف وزمعة بن الأسود وغيرهم

من الرؤساء والأكابر فدخل عليهم إبليس فى صورة شيخ كبير عليه ثياب اطمار فجلس بينهم فقالوا ما لك يا شيخ دخلت فى حلوتنا بغير اذننا فقال انا رجل من اهل نجد قدمت مكة فاراكم حسنة وجوهكم طيبة روائحكم فاحببت ان اسمع حديثكم فاقتبس منكم خيرا فدخلت وان كرهتم مجلسى خرجت وما جئتكم الا انى سمعت باجتماعكم فاردت ان احضر معكم ولن تعدموا منى رأيا ونصحا فقالوا هذا رجل لا بأس عليكم منه فتكلموا فيما بينهم فبدأ عمرو بن هشام فقال اما انا فأرى ان تأخذوا محمدا فتجعلوه فى بيت تسدون عليه بابه وتشدون عليه وثاقه وتجعلون له كوة تدخلون عليه طعامه وشرابه فيكون محبوسا عندكم الى ان يموت فقال إبليس بئس الرأى يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من ايديكم فقالوا صدق والله الشيخ ثم تكلم ابو البختري فقال ارى ان تحملوه على بعير فتشدوا وثاقه عليه ثم تخرجوه من أرضكم حتى يموت او يذهب حيث شاء فقال إبليس بئس الرأى تعمدون الى رجل أفسد جماعتكم ومعه منكم طائفة فتخرجوه الى غيركم فيأتيهم فيفسد منهم ايضا جماعة بما يرون من حلاوة كلامه وطلاقة لسانه وتجتمع اليه العرب وتستمع الى حسن حديثه ثم ليأتينكم بهم فيخرجكم من دياركم ويقتل اشرافكم فقالوا صدق والله الشيخ فتكلم ابو جهل فقال ارى ان يجتمع من كل بطن منكم رجل ويأخذون السيوف فيضربونه جميعا ضربة رجل واحد فيتفرق دمه فى القبائل فلا يدرى قومه من يأخذونه ولا يقومون على حرب قريش كلهم فاذا طلبوا العقل عقلناه واسترحنا فقال إبليس صدق والله هذا الشاب وهو اجودكم رأيا القول قوله لا ارى غيره فتفرقوا على رأيه فنزل جبرائيل عليه السلام فاخبر النبي بذلك وامره ان لا يبيت فى مضجعه الذي كان يبيت فيه وامره بالهجرة الى المدينة فبيت عليا رضى الله عنه على مضجعه وخرج هو مع ابى بكر الصديق رضى الله عنه الى الغار. والمكر حيلة وتدبير فى إهلاك أحد وإفساد امره بطريق الخفية بحيث لا يعلم المرء ذلك الا عند وقوعه. والمعنى اذكر يا محمد وقت مكرهم بك لِيُثْبِتُوكَ بالوثاق والحبس فان اثبات الشيء وتثبيته عبارة عن إلزامه بموضع ومن شد فقد اثبت لانه لا يقدر على الحركة والمراد ما قال عمرو بن هشام أَوْ يَقْتُلُوكَ اى بسيوفهم المختلفة وهو ما قال ابو جهل أَوْ يُخْرِجُوكَ اى من مكة من بين أظهرهم الى غيرهم وهو ما قال ابو البختري وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ اى يرد مكرهم عليهم والمكر وأمثاله لا يسند اليه تعالى الأعلى طريق المقابلة والمشاكلة ولا يحسن ابتداء لتضمنه معنى الحيلة والخدعة وهى لا تليق بعظمة الله تعالى وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ لا يعبأ بمكرهم عند مكره قال الحدادي لانه لا يمكر الا بحق وصواب ومكرهم باطل وظلم واعلم ان للخلق مكرا وللحق مكرا فمكر الخلق من الحيلة والعجز ومكر الخالق من الحكمة والقدرة فمكر الخلق مع مكر الحق باطل زاهق ومكر الحق حق ثابت: قال الحافظ سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست دست از يد بيضا ببرد وقال آخر صعوه كو با عقاب سازد جنك ... دهد از خون خود پرش را رنك

[سورة الأنفال (8) : آية 31]

قال ابو العيناء كانت لى خصماء ظلمة فشكوتهم الى احمد بن ابى دؤاد وقلت قد تظاهروا فصاروا يدا واحدة فقال يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فقلت لهم مكر فقال وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فقلت هم كثير فقال كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ هر كرا اقبال باشد رهنمون ... دشمنش كردد بزودى سر نكون وجد فى وقائع الإسكندر مكتوبا بالذهب إذا كان الله هو غاية الغايات فالمعرفة به أجل العبادات وإذا كان الموت حقا فالركون الى الدنيا غرور. وإذا كان القدر حقا فالحرص على الدنيا باطل وإذا كان الغدر فى النفوس طبعا فالثقة بكل أحد عجز. وإذا كان الله عدلا فى أحكامه فعقوبات الخلق بما كسبت أيديهم. ولما قصد ابو جهل إضرار النبي عليه السلام بالقتل قتله الله فى بدر وأزال شره عن المسلمين وذلك عدل محض منه تعالى فانظر الى قريش حيث شاهدوا الآيات العظام من جهة النبي عليه السلام فما زادوا الا كفرا وعنادا وعداوة فهم أشد الناس فى ذلك. ولو رأى اليوم واحد من الكفرة كرامة لولى امسك عن الأذى بل سارع الى التبجيل كما حكى ان بعض سلاطين الكفار استولى على بعض المسلمين بسفك دمائهم ونهب أموالهم وأراد ان يقتل فقراء بعض المشايخ فاجتمع به الشيخ ونهاه عن ذلك فقال لهم السلطان ان كنتم على الحق فاظهروا لى آية فاشار الشيخ الى بعر الجمال هناك فاذا هى جواهر تضىء وأشار الى كيزان الأرض فارغة عن الماء فتعلقت فى الهواء وامتلأت ماء وأفواهها منكسة الى الأرض ولا يقطر منها قطرة فدهش السلطان من ذلك فقال له بعض جلسائه لا يكبر هذا فى عينك فانه سحر فقال له السلطان أرني غير هذا فامر الشيخ بالنار وامر الفقراء بالسماع فلما عمل فيهم الوجد دخل بهم الشيخ الى النار وكانت نارا عظيمة ثم خطف الشيخ ولد السلطان ودار به فى النار ثم غاب به ولم يدر اين ذهبا والسلطان حاضر فبقى متفجعا على ولده فلما كان بعد ساعة ظهرا وفى احدى يدى ابن السلطان تفاحة وفى الاخرى رمانة فقال له السلطان اين كنت فقال كنت فى بستان فاخذت منه هاتين الحبتين وخرجت فتحير السلطان من ذلك فقال له جلساء السوء وهذا عمل بصنعة باطلة فقال السلطان عند ذلك كل ما تظهره لا اصدق به حتى تشرب من هذه الكأس واخرج له كأسا مملوءة سما تقتل القطرة منه فى الحال فامر الشيخ بالسماع حتى وصل اليه الحال فاخذ الكأس حينئذ وشرب جميع ما فيها فتمزقت ثيابه التي عليه فالقوا اليه ثيابا اخرى فتمزقت كذلك ثم اخرى مرارا عديدة ثم ترشح عرقا وبقيت الثياب بعد ذلك ولم تتقطع فاعتقه السلطان وعظمه وبجله ورجع عن ذلك القتل والإفساد ولعله اسلم والله اعلم وَإِذا تُتْلى - روى- ان النضر بن الحارث من بنى عبد الدار كان يختلف تاجرا الى فارس والروم والحيرة فيسمع اخبار رستم وإسفنديار وأحاديث العجم واشترى أحاديث كليلة ودمنة وكان يمر باليهود والنصارى فيراهم يقرأون التوراة والإنجيل ويركعون ويسجدون فجاء مكة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ويقرأ القرآن فطفق يقعد مع المستهزئين وهو منهم ويقرأ عليهم أساطير الأولين اى ما سطروه فى كتبهم من اخبار الأمم الماضية واسمائهم وكان يزعم انها مثل ما يذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصص الأولين فقال تعالى وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ

[سورة الأنفال (8) : الآيات 32 إلى 33]

اى على النضر ومتابعيه آياتُنا القرآنية قالُوا قَدْ سَمِعْنا هذا الكلام لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا وهذا كما ترى غاية المكابرة ونهاية العناد وكيف لا ولو استطاعوا شيأ من ذلك فما الذي كان يمنعهم من المشيئة وقد تحدّاهم عشر سنين فما استطاعوا معارضته مع فرط استنكافهم ان يغلبوا خصوصا فى باب ما يتعلق بالفصاحة والبيان فلما تحقق افحامهم دعتهم شدة المكابرة والعناد الى ان علقوا معارضته بمشيئتهم إِنْ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى ما سطره الأولون من القصص جمع اسطورة وهى المسطورة المكتوبة وفى التأويلات النجمية قالوا قد سمعنا وما سمعوا على الحقيقة فانها قرآن يهدى الى الرشد كما سمعت الجن وانهم سمعوا أساطير الأولين ولهذا قالوا ما قالوا فانهم يقدرون على ان يقولوا أساطير الأولين ولكن لا يقدرون على ان يقولوا مثل القرآن لان القرآن كلام الله وصفته القديمة وما يقولون هو كلام المحدث المخلوق فلا يكون مثل القرآن فى الصورة والمعنى والحقيقة والاسرار والأنوار ولا يقدر على مثله الخلائق كلهم كما قال قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً: وفى المثنوى چون كتاب الله بر آمد هم بران ... اين چنين طعنه زدند آن كافران كه أساطير است وافسانه نژند ... نيست تعميقى وتحقيقي بلند كودكان خرد فهمش ميكند ... نيست جز امر پسند وناپسند ذكر يوسف ذكر زلف پر خمش ... ذكر يعقوب وزليخا وغمش ظاهر است وهر كسى پى ميبرد ... كو بيان كه كم شود در روى خرد گفت اگر آسان نمايد اين بتو ... اينچنين يك سوره كو اى سخت رو جنيان وإنسيان واهل كار ... تو يكى آيت ازين آسان بيار وَإِذْ قالُوا اى واذكر وقت قول النضر ومتابعيه- روى- انه لما قال إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قال النبي صلى الله عليه وسلم ويلك انه كلام الله تعالى فقال اللَّهُمَّ [بار خدايا] إِنْ كانَ هذا القرآن هُوَ ضمير فصل لا محل له من الاعراب الْحَقَّ المنزل مِنْ عِنْدِكَ ومعنى الحق بالفارسية [راست ودرست] فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً نازلة مِنَ السَّماءِ عقوبة علينا كما أمطرتها على قوم لوط واصحاب الفيل أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ سواه مما عذب به الأمم والمراد به التهكم واظهار اليقين والجزم التام على كونه باطلا وحاشاه قيل نزل فى النضر ابن الحارث بضع عشرة آية فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر فانه عليه السلام قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرا وهم طعيمة بن عدى وعقبة بن ابى معيط والنضر بن الحارث وكان قد اسره المقداد ابن الأسود فانظر انه من غاية ضلالته وجهالته قال ما قال ولم يقل بدلا عنه اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا اليه ومتعنا به واجعله شفاء قلوبنا ونور به صدورنا وأمثال هذا فكيف بمن يكون هذا حاله ان يكون مثل القرآن مقاله وَما كانَ اللَّهُ مريدا لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ لان العذاب إذا نزل عم ولم يعذب امة الا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها وفيه تعظيم للنبى عليه السلام وحفظ لحرمته وقد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين والرحمة والعذاب

[سورة الأنفال (8) : الآيات 34 إلى 35]

ضدان والضدان لا يجتمعان قيل ان الرسول عليه السلام هو الامان الأعظم ما عاش ودامت سنته باقية والآية دليل على شرفه عليه السلام واحترامه عند الله حيث جعله سببا لامان العباد وعدم نزول العذاب وفى ذلك ايماء الى ان الله تعالى يرفع عذاب قوم لاقتراتهم باهل الصلاح والتقى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره جميع الانتظام بوجوده الشريف فانه مظهر الذات وطلسم العوالم حتى قيل فى وجه عدم ارتحال جسده الشريف من الدنيا مع ان عيسى عليه السلام قد عرج الى السماء بجسده انه انما بقي جسمه الطاهر هنا لاصلاح عالم الأجساد وانتظامه: قال الشيخ العطار قدس سره خويشتن را خواجه عرصات كفت ... انما انا رحمة مهداة كفت رزقنا لله شفاعته وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ المراد استغفار من بقي فيهم من المؤمنين المستضعفين الذين لا يستطيعون المهاجرة عنهم وقيل معناه وفى أصلابهم من يستغفر وقيل معناه وفيهم من يأول امره الى الاستغفار من الكفر قال امير المؤمنين على المرتضى رضى الله عنه كان فى الأرض أمانان فرفع أحدهما وبقي الآخر. فاما الذي رفع فهو رسول الله. اما الذي بقي فالاستغفار وقرأ بعده هذا الآية وفى نفائس المجالس المؤمن الصادق فى إيمانه لا يعذبه الله فى الآخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة واقسم الله سبحانه ان لا يعذب أمته مادام هو بينهم والصدق فى التوبة يؤدى الى النجاة وهو الندم مع الإقلاع لا باللسان فقط واستغفار العوام من الذنوب واستغفار الخواص من رؤية الأعمال دون رؤية المنة والفضل واستغفار الأكابر من رؤية شىء سوى الله كفت حق كآمرزش از من مى طلب ... كان طلب مر عفو را باشد سبب از پى زهر كناه ار بشنوى ... هست استغفار ترياق قوى وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ اى أي شىء حصل لهم فى انتفاء العذاب عنهم يعنى لا حظ لهم فى ذلك وهم معذبون لا محالة بعد زوال المانع والموجب لامهالهم وهما الأمران المذكوران وكيف لا يعذبون وَهُمْ اى والحال انهم يَصُدُّونَ يمنعون الرسول والمؤمنين عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى عن طواف الكعبة شرفها الله كما وقع عام الحديبية ومن صدهم عنه الجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الهجرة وكانوا يقولون نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء فرد الله عليهم بقوله وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ اى مستحقين ولاية امر المسجد الحرام مع شركهم إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ من الشرك الذين لا يعبدون فيه غيره وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان لا ولاية لهم عليه، وفيه اشعار بان منهم من يعلم ذلك ولكنه يعاند وقيل أريد بأكثرهم كلهم كما يراد بالقلة العدم وفى التأويلات إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ فيه اشارة الى ان الولي هو المتقى بالله عما سواه وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ اى ولكن الأكثرين من الأولياء لا يعلمون انهم اهل الولاية وبه يشير الى ان بعض الأولياء يجوز ان يعلم انه ولى ولكن الأكثرين من الأولياء لا يعلمون انهم اولياء الله وَما كانَ صَلاتُهُمْ اى دعاء المشركين عِنْدَ الْبَيْتِ اى بيت الله وهو الكعبة إِلَّا مُكاءً

[سورة الأنفال (8) : الآيات 36 إلى 40]

صفيرا من مكا يمكو مكوا ومكاء إذا صفر وقال الحدادي المكاء طائرا بيض يكون فى الحجاز يصفر فسمى تصويته باسمه وَتَصْدِيَةً تصفيقا وهو تصويت اليدين يضرب إحداهما على الاخرى وأصلها احداث الصدى وهو ما يسمع من رجع الصوت فى الامكنة الخالية الصلبة يقال صدى يصدى تصدية وكان تقرب المشركين الى الله بالصفير والتصفيق يفعلونهما عند البيت مكان الدعاء والتسبيح ويعدونهما نوعا من العبادة والدعاء لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال كانت قريش يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون فمساق الآية لتقرير استحقاقهم العذاب وعدم ولايتهم المسجد فانها لا تليق بمن هذه صلاته وقال مقاتل كان النبي عليه السلام إذا صلى فى المسجد قام رجلان من بنى عبد الدار عن يمينه ورجلان عن يساره فيصفرون كما يصفر المكاء ويصفقون بايديهم ليخلطوا على النبي عليه السلام صلاته وقراءته وكانوا يفعلون كذلك بصلاة من آمن به ويريدون انهم يصلون ايضا فالمراد بالصلاة على هذا التقدير هى المأمور بها فَذُوقُوا الْعَذابَ اى عذاب القتل والاسر يوم بدر ويقال أراد بهذا انه يقال لهم يوم القيامة فذوقوا العذاب بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ اعتقادا وعملا فالكفر والمعصية سبب للوقوع فى العذاب والتوبة والاستغفار وسيلة الى فيض الرحمة من الوهاب وهى صابون الأوزار فحيث لا توبة ولا طهارة كان كل مسلم لا يسلح لان يلى امر مسجد القلب وانما يليق بولايته من كان فارغا من الشواغل معرضا عن العلائق طاهرا من العيوب والله تعالى لا يعذب اولياء بعد ادخالهم جنات التجليات العالية والأذواق والحالات المتوالية فانهم تخلصوا من الوجود المضاف الى النار المشابه للحطب وما بقي فيهم غير النور الإلهي المضيء فى بيت القلب الحقانى وانما يعذب بعدله من لم يستعد للرحمة او من خلط عملا صالحا بآخر سيئا ليخلصه من ذلك اللوث فالاقتداء بالنبي عليه السلام قبول ما جاء به من الاحكام والشرائع مؤد الى الخلاص وسبب للتصفية فعليك بالاختيار والاجتناب فانهما فرضان وحقيقة التقوى عبارة عن كليهما وبالاحتماء يصح المريض ومعالجة القلوب المرضى اولى من كل امر واهمّ من كل شىء للعبد العاقل وذلك بالتقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث (من احيى سنتى فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة يوم القيمة) وفى الحديث ايضا (من حفظ سنتى أكرمه الله بأربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين) فان فاتت صحبة الرسول فقد تيسرت صحبة سنته وصحبة من أحب سنته وذلك ماض الى يوم القيامة ولصحبة الكبار واقتران المتقين تأثير عظيم ولاستماع كلام الحق والرسول نفع تام ولكن العمدة توفيق الله وهدايته نسأل الله تعالى ان يصحح أغراضنا ويكثر صالحات اعمالنا واعواضنا ويؤيدنا بنور الكتاب والسنة ويشرفنا بالمقامات العالية فى الجنة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا نزلت فى المطعمين يوم بدر وكانوا اثنى عشر رجلا من اشراف قريش يطعم كل واحد منهم عسكر الكفار كل يوم عشر جزر وهو جمع جزور وهو البعير ذكرا كان او أنثى الا ان لفظه مؤنث تقول هذه الجزور وان أردت ذكرا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ على عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم لِيَصُدُّوا اى

[سورة الأنفال (8) : آية 37]

يمنعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دين الله واتباع رسوله لانه طريق ثوابه والخلود فى جنته لمن سلكه على ما امر به واللام فى ليصدوا لام الصيرورة وهى لام العاقبة والمآل فَسَيُنْفِقُونَها بتمامها ولعل الاول اخبار عن انفاقهم وهو انفاق بدر والثاني اخبار عن انفاقهم فيما يستقبل هو انفاق أحد ويحتمل ان يراد بهما واحد بان يكون ينفقون للاستمرار التجددي ويكون السين فى قوله فسينفقونها للتأكيد لا للتسويف فيتحد الانفاقان الا ان مساق الاول لبيان غرضهم من الانفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته ثُمَّ تَكُونُ تلك الأموال عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ندما وغما لفواتها من غير حصول المقصود ولما كانت عاقبة إنفاقها حسرة فى قلوبهم جعلت ذوات الأموال كأنها عين الحسرة للمبالغة قال الحدادي والحسرة مأخوذة من الكشف يقال حسر رأسه إذا كشفه والحاسر كاشف الرأس فيكون المعنى ثم يكشف لهم عن ذلك ما يكون حسرة عليهم ثُمَّ يُغْلَبُونَ آخر الأمر وان كانت الحرب بينهم سجالا قبل ذلك وَالَّذِينَ كَفَرُوا وأصروا على الكفر إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ اى يساقون لا الى غيرها لِيَمِيزَ اللَّهُ اللام متعلقة بيحشرون او يعلبون والميز بالفارسية [جدا كردن] الْخَبِيثَ فريق الكفار مِنَ الطَّيِّبِ فريق المؤمنين وَيَجْعَلَ الفريق الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً اى يجمعهم ويضم بعضهم الى بعض حتى يتراكموا ويتزاحموا فالركم ليس عبارة عن الجمع مطلقا بل هو الجمع بين أشياء بحيث يتراكب بعضها فوق بعض ومنه السحاب المركوم فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ كله أُولئِكَ الفريق الخبيث هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون فى الخسران لانهم خسروا أموالهم وأنفسهم والاشارة ان الله تعالى خلق الروح نورانيا علويا وخلق النفس ظلمانية سفلية ثم أشرك بينهما وجعل رأس مالهما الاستعداد الفطري القابل للترقى والكمال فى القربة والمعرفة والخسارة والنقصان فمن اتجر فآمن وجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله وطلبه وبلغ مبلغ الرجال البالغين فقد وبخ روحه ونفسه جميعا ومن آمن بالله ورسوله لكن وجد منه العصيان ومخالفة الشريعة فقد ربح روحه وخسر نفسه ومن لم يؤمن بالله ورسوله وكفر بهما فقد خسر روحه ونفسه جميعا قيل دخل على الشبلي قدس سره فى وقت وفاته وهو يقول يجوز يجوز فقيل له ما معنى قولك يجوز فقال خلق الله الروح والنفس وأشرك بين الروح والنفس فعملا واتجرا سنين كثيرة فحوسبا فاذا هما قد خسرا وليس معهما ربح فقد عزما على الافتراق وانا أقول شركة لا ريح فيها يجوز ان يقع بين الشريكين افتراق: قال السعدي كوس رحلت بكوفت دست أجل ... اى دو چشمم وداع سر بكنيد اى كف ودست وساعد وبازو ... همه توديع يكدكر بكنيد بر من افتاده مرك دشمن كام ... آخر اى دوستان حذر بكنيد روز كارم بشد بنادانى ... من نكردم شما حذر بكنيد فعلى العاقل ان يجتهد قبل مجيىء الفوت ويربح فى تجارته ببذل النفس والمال والطيب من الأموال ما يبذل فى طلب الله على الطالبين والخبيث ما يلتفت اليه الطالب من غير حاجة ضرورية فيشغله عن الله وطلبه فيكون قاطع طريقه- ويروى- ان الله تعالى يضم الأموال

[سورة الأنفال (8) : الآيات 38 إلى 40]

الخبيثة بعضها الى بعض فيلقيها فى جهنم ويعذب أربابها كقوله تعالى يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ- وروى- ان أبا سفيان استأجر ليوم أحد ألفين من العرب على محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب اى صار جيشا وأنفق عليهم أربعين اوقية والاوقية اثنان وأربعون مثقالا وفى القاموس سبعة مثاقيل فانظر الى الكفار وجسارتهم على الانفاق لغرض فاسد وهو الصد عن سبيل الله واقل من القليل من المسلمين من يبذل ماله ولو قليلا لجذب القلوب والوصول الى رضى المحبوب فلا بد للمرء من قطع النفس عن مألوفها وهو حب المال ومن كلمات الجنيد قدس سره ما أخذنا التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات وعن ابى سعيد الخدري قال قال رجل يا رسول الله أي الناس أفضل قال مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله قال ثم من قال رجل معتزل فى شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره وفيه دليل على فضل العزلة وهى مستحبة عند فساد الزمان وتغير الاخوان وتقلب الأحوال ووقوع الفتن وتراكم المحن كما فعله جماعة من الصحابة رضى الله عنهم وقد كان النبي عليه السلام عند تقلب الأحوال واختلاف الرجال وكثرة القيل والقال يأمر بالاعتزال وملازمة البيوت وكسر السيوف واتخاذها من العراجين والخشب قال الامام الغزالي ان السلف الصالح اجمعوا على التحذير من زمانهم واهله وآثروا العزلة وأمروا بذلك وتواصوا بها ولا شك انهم كانوا بصدد النصح وان الزمان لم يصر بعدهم خيرا مما كان بل أدهى وامر: قال الحافظ تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبد باز ... هزار بازي ازين طرفه تر بر انگيزد ان دام هذا ولم يحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود اللهم اجعلنا من الصابرين قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اللام للتعليل اى لاجلهم والمراد ابو سفيان وأصحابه إِنْ يَنْتَهُوا عن معاداة الرسول بالدخول فى الإسلام يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ من ذنوبهم قبل الإسلام وَإِنْ يَعُودُوا الى قتاله انتقمنا منهم وأهلكناهم فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ الذين تجزبوا على الأنبياء بالتدمير كما جرى على اهل بدر فليتوقعوا مثل ذلك وانشد بعضهم يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ... ثم انتهى عما أتاه واقترف لقوله قل للذين كفروا ... ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وَقاتِلُوهُمْ [وكار زار كنيد اى مؤمنان باهل كفر] حَتَّى الى ان لا تَكُونَ توجد منهم فِتْنَةٌ اى شرك يعنى [مشرك نماند از وثنى واهل كتاب] وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وتضمحل الأديان الباطلة اما باهلاك أهلها جميعا او برجوعهم عنها خشية القتل فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم وَإِنْ تَوَلَّوْا اى اعرضوا عن قبول الحق فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم نِعْمَ الْمَوْلى لا يضيع من تولاه وَنِعْمَ النَّصِيرُ لا يغلب من نصره وفى الآية

حث على الجهاد وفى الحديث موقف ساعة فى سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الاسود وعن معاذ بن جبل قال عهد إلينا رسول الله فى خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله تعالى من عاد مريضا او خرج مع جنازة او خرج غازيا فى سبيل الله او دخل على امام يريد بذلك تعزيره وتوقيره او قعد فى بيته فسلم وسلم الناس منه وعن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من خرج حاجا فمات كتب الله له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب الله له اجر المعتمر الى يو القيامة ومن خرج غازيا فمات كتب الله له اجر الغازي الى يوم القيامة) فعلى العاقل ان يجتهد فى احياء الدين بما أمكن له من الأسباب ويتوقع النصرة الموعودة من رب الأرباب ولا يلتفت الى مخلوق مثله فانهما سيان فى باب العجز خصوصا إذا كان استمداده من الفسقة كما يفعل ولاة الزمان فانه لا يجيىء خير لاهل الخير من اهل الشر والعدوان ونعم ما قيل در كار دين ز مردم بي دين مدد مخواه ... از ماه منخسف مطلب نور صبحكاه ثم ان حقيقة النصرة ان ينصرك الله تعالى على نفسك التي هى أعدى عدوك بقهر هواها وقمع مشتهاها فان انفتاح باب الملك فى الأنفس سبب وطريق لانفتاح باب الملك فى الآفاق وكذا الملكوت دوستىء نفس را بگذار وبگذار از هوس ... همچومردان طالب حق باش بي جوياى نفس والاشارة وَقاتِلُوهُمْ كفار النفوس والهوى بسيف الصدقة حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ النفس والهوى آفة مانعة لكم عن الوصول الى عالم الحقيقة وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ببذل الوجود وفقد الموجود لنيل الجود فَإِنِ انْتَهَوْا اى النفوس عن معاملاتها وتبدلت عن أوصافها وطاوعت القلوب والأرواح وصارت مأمورة مطمئنة تحت الاحكام فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ فى عبوديته وصدق طلبه بَصِيرٌ لا يخفى عليه نقيرها وقطميرها فيجازيهم على قدر مساعيهم وَإِنْ تَوَلَّوْا اى وان اعرضوا عن الحقوق واقبلوا الى الشهوات والحظوظ فاعلموا ايها القلوب والأرواح أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ فى الهداية وناصركم على قهر النفوس وقمع الهوى نِعْمَ الْمَوْلى الذي هو وليكم لتهتدوا به اليه وَنِعْمَ النَّصِيرُ فى دفع ما يقطعكم عنه وناصركم فى الوصول اليه واعلم ان النور الذي هو حقائق ما يستفاد من معانى الأسماء والصفات جند القلب الذي يقابل النفس والهوى والشيطان ونحو ذلك كما ان الظلمة التي هى معانى ما يستفاد من الهوى والعوائد الرديئة جند النفس التي به تتقوى آثارها والحرب بينهما سجال فاذا أراد الله ان ينصر عبده على ما طلب منه امده بجنود الأنوار فكلما اعترته ظلمة قام لها نور فأذهبها وقطع عنه مواد الظلم والأغيار فلم يبق للهوى مجال ولا للشهوة والأخلاق الذميمة مقال ولا حال كذا فى التأويلات النجمية وفى شرح الحكم العطائية نسأ الله سبحانه ان يمدنا بما أمد به اخياره ويفيض علينا من سجال فيضه أنواره تم الجزء التاسع فى اواسط شهر ربيع الاول من سنة الف ومائة وواحدة

[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 إلى 45]

الجزء العاشر من الاجزاء الثلاثين وَاعْلَمُوا ايها المؤمنون أَنَّما حق ما هذه ان تكتب منفصلة عن ان لكونها موصولة كما فى قوله تعالى إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ لكنها كتبت متصلة اتباعا للرسم اى الذي غَنِمْتُمْ أخذتموه وأصبتموه من الكفر قهرا وغلبة. والغنم الفوز بالشيء واصل الغنيمة إصابة الغنم من العدو ثم اتسع واطلق على كل ما أصيب منهم كائنا ما كان قالوا إذا دخل الواحد والاثنان دار الحرب مغيرين بغير اذن الامام فأخذوا شيأ لم يخمس لان الغنيمة هو المأخوذ قهرا وغلبة لا اختلاسا وسرقة هذا عند ابى حنيفة ويخمس عند الشافعي مِنْ شَيْءٍ حال من عائد الموصول اى ما غنمتموه كائنا مما يقع عليه اسم الشيء حتى الخيط والمخيط خلا ان سلب المقتول للقاتل إذا نفله الامام وان الأسارى يخير فيها الامام وكذا الأراضي المغنومة والآية نزلت ببدر وقال الواقدي كان الخمس فى غزوة بنى قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة ايام للنصف من شوال على رأس عشرين شهرا من الهجرة فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ مبتدأ خبره محذوف اى حكمه ثابت فيما شرعه الله وبينه لعباده ان خمسه لله او خبر مبتدأ محذوف اى فالحكم ان لله خمسه والخمس بالفارسية [پنج يك] وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى أعاد اللام فى لذى القربى دون غيرهم من الأصناف الثلاثة لدفع توهم اشتراكهم فى سهم النبي صلى الله عليه وسلم لمزيد اتصالهم به عليه الصلاة والسلام وهم بنوا هاشم وبنو المطلب دون بنى عبد شمس وبنى نوفل واعلم انه عليه السلام هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وكان لعبد مناف اربعة بنين هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل وكان لهاشم ولدان عبد المطلب واسد وكان لعبد المطلب عشرة بنين منهم عبد الله وابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب والحارث وزبير فكلهم وما يتفرع منهم هاشميون لكونهم من أولاد هاشم وعبد مناف هو ابن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكل من كان من ولد النضر فهو قرشى دون ولد كنانة ومن فوقه فقريش قبيلة أبوهم النضر وانما خص ذووا قرابة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ببني هاشم وبنى المطلب لانهم لم يفارقوه عليه السلام فى جاهلية ولا فى اسلام فكانت قرابتهم قرابة كاملة وهى القرابة نسبا وتواصلا فى حال العسر واليسر فاعطوا الخمس واما بنوا عبد شمس وبنوا نوفل فمع مساواتهما بنى المطلب فى القرب حرموا الخمس لان قرابة نوفل بالتواصل والتناصر لم تنضم الى قرابتهم النسبية وَالْيَتامى جمع يتيم وهو الصغير المسلم الذي مات أبوه يصرف اليه سهم من الخمس إذا كان فقيرا وَالْمَساكِينِ جمع مسكين وهو الذي اسكنه الضعف عن النهوض لحاجته اى اهل الفاقة والحاجة من المسلمين وَابْنِ السَّبِيلِ اى المسافر

[سورة الأنفال (8) : آية 42]

البعيد عن ماله قال الكاشفى ومسافران مسلمانان يا قومى كه بر مسلمانان نزول كنند واعلم ان اللام فى الآية لام الاستحقاق لخمس الغنيمة فاقتضى الظاهر ان تكون المصارف سنة اقسام لكن الجمهور على ان ذكر الله تعالى للتعظيم وافتتاح الكلام باسمه تعالى على طريق التبرك لا لان لله نصيبا من الخمس فان الدنيا والآخرة كلها له سبحانه فلا يسدس خمس الغنيمة بان يصرف سهم منها الى الله تعالى بصرفه الى عمارة الكعبة ان كانت قريبة وإلا فإلى مسجد كل بلدة ثبت فيها الخمس كما ذهب اليه البعض او بضمه الى سهم الرسول كما ذهب اليه الآخر وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط بوفاته لان الأنبياء لا يورثون قال ابن الشيخ لانه عليه السلام لم يخلفه أحد فى الرسالة فلا يخلفه فى سهمه هذا عند الامام الأعظم واما الشافعي فيصرف سهمه عليه السلام الى مصالح المسلمين وما فيه قوة الإسلام وكذا سقط سهم ذوى القربى بوفاته عليه السلام فلا يعطى لهم لاجل قرابتهم بل يعطى لفقرهم وكان عليه السلام يعطيهم غنيهم وفقيرهم لقرابتهم لا لفقرهم حتى كان يعطى العباس بن عبد المطلب مع كثرة ماله. والحاصل ان ذوى القربى أسوة لسائر الفقراء اى يدخلون فيهم ويقدمون على غيرهم ولا يعطى اغنياؤهم وفى شرح الآثار عن ابى حنيفة ان الصدقات كلها اى فرضها ونفلها جائزة على بني هاشم والحرمة كانت فى عهد النبي عليه السلام لوصول خمس الخمس إليهم فلما سقط ذلك بموته حلت لهم الصدقة قال الطحاوي وبالجواز نأخذ ولما سقط السهمان وهما سهم الرسول وسهم ذوى القربى فخمس الغنيمة اليوم يجعل ثلاثة اقسام ويصرف الى ثلاثة اصناف اليتامى والمساكين وأبناء السبيل وتقسم الأخماس الاربعة بين الغانمين للفارس سهمان وللراجل سهم وفى حياة الحيوان ان الفيل يقاتل به وراكبه يرضخ له اكثر من راكب البغل وفى التحفة هذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق حتى لو صرفت الى صنف واحد منهم جاز إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ متعلق بمحذوف دل عليه واعلموا اى ان كنتم آمنتم بالله فاعلموا انه جعل الخمس لهؤلاء فسلموه إليهم واقطعوا اطماعكم منه واقتنعوا بالأخماس الاربعة الباقية ووجه دلالته عليه انه تعالى انما امر بالعلم بهذا الحكم ليعمل به لان العلم بمثل هذا المعلوم ليس مما يقصد لنفسه بل انما يقصد للعمل به وَما أَنْزَلْنا اى وبما أنزلناه عَلى عَبْدِنا محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والنصر على ان المراد بالانزال مجرد الإيصال والتيسير فينتظم الكل انتظاما حقيقيا يَوْمَ الْفُرْقانِ ظرف لانزلنا اى يوم بدر فانه فرق فيه بين الحق والباطل بنصر المؤمنين وكبت الكافرين يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ اى المسلمون والكفار وهو بدل من الظرف الاول [وآن روز جمعه بود هفدهم رمضان در سنه ثانيه از هجرت] وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين لاعلاء الحق والدين وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على نصر القليل على الكثير والذليل على العزيز كما فعل بكم ذلك اليوم إِذْ أَنْتُمْ نازلون بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا اى شفير الوادي الأدنى من المدينة وهو بدل ثان من يوم الفرقان وَهُمْ اى وعدوكم نازلون بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى اى فى جانبها الأبعد منها وهو الجانب الذي يلى مكة والعدوة شط الوادي اى جانبه وشفيره

[سورة الأنفال (8) : آية 43]

وسميت بذلك لانها عدت ما فى الوادي من ماء عن ان يتجاوز اى منعته والدنيا من دنا يدنو دنوا والقصوى من قصا المكان بقصوا قصوا إذا بعد والقياس القصيا بقلب الواو ياء كالدنيا الا ان واوها بقيت على حالها كواو القود وَالرَّكْبُ جمع راكب مثل صحب وصاحب والراكب هو راكب البعير خاصة كما ان الفارس من على الفرس والمراد بالركب هاهنا العير اى القافلة المقبلة المتوجهة من الشام او قوادها وهم ابو سفيان وأصحابه وكانوا جميعا على البعير أَسْفَلَ مِنْكُمْ اى نازل فى مكان أسفل من مكانكم وكانوا بقرب ساحل البحر بينهم وبين المسلمين ثلاثة أميال وأسفل وان كان منصوبا على الظرفية واقعا موقع خبر المبتدأ الا انه فى الحقيقة صفة لظرف مكان محذوف والجملة حال من الظرف قبله وفائدتها الدلالة على قوة العدو واستظهارهم بالركب وضعف حال المسلمين ولهذه الفائدة ذكر مراكز الفريقين فان العدوة الدنيا كانت رخوة تسوخ فيها الأرجل ولا يمشى فيها الا بتعب ولم يكن فيها ماء بخلاف العدوة القصوى فورد النظم على هذا الوجه الدال على القوة والضعف ليتحققوا ان ما اتفق لهم من الفتح ليس إلا صنعا من الله خارقا للعادة فيزدادوا ايمانا وشكرا وَلَوْ تَواعَدْتُمْ أنتم وهم القتال ثم علمتم حالكم وحالهم لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ [در وعده خود را] هيبة منهم ويأسا من الظفر عليهم وَلكِنْ ما اختلفتم وما تخلفتم عن القتال بل جمع بينكم على هذه الحال من غير ميعاد لِيَقْضِيَ اللَّهُ ليتم الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا حقيقا بان يفعل وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه جعل ما اقتضت الحكمة ان يفعل مفعولا لقوة ما يستدعى ان يفعل لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ بدل من ليقضى قال سعدى چلبى المفتى الظاهر والله اعلم ان عن هنا بمعنى بعد كقوله تعالى عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ انتهى. والمعنى ليكون هلاك من شارف الهلاك بعد مشاهدة بينة واضحة الدلالة على ان الدين المرضى عند الله تعالى هو الإسلام لا عن مخالجة شبهة حتى لا تبقى له عند الله تعالى معذرة وحجة فى عدم تحليه بحلية الإسلام وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ اى يعيش من يعيش عن حجة شاهدها حتى يقوى يقينه ويكمل إيمانه فان وقعة بدر كانت من الآيات الواضحة الدالة على حقيقة الإسلام فمن كفر بعد مشاهدتها كان مكابرا معاندا عادلا عن الحق الذي وضحت حقيته والمراد بمن هلك ومن حى المشارف للهلاك والحياة قال سعدى چلبى المراد هو الاستمرار على الحياة بعد وقعة بدر فيظهر صحة اعتبار معنى المشارفة فى الحياة ايضا وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ اى بكفر من كفر وعقابه وايمان من آمن وثوابه. ولعل الجمع بين وصفي السميع والعليم لاشتمال كل واحد من الكفر والايمان على القول والاعتقاد [نقلست كه حضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم در ان شب كه روزش جنك بدر واقع شده بود در واقعه ديد لشكر قريش را در غايت قلت وذلت تأويل فرمود كه دوستان غالب ودشمنان مغلوب خواهند شد مؤمنان بعد از استماع اين رؤيا وتعبير آن بغايت مسرور وفرحان شدند وحق سبحانه وتعالى تذكار آن نعمت ميفرمايد وميكويد] إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ اى اذكر يا محمد وقت اراءة الله المشركين إياك فِي مَنامِكَ مصدر ميمى بمعنى النوم قَلِيلًا حال من المفعول الثاني اى حال كونهم قليلا والاراءة بصرية

[سورة الأنفال (8) : آية 44]

تتعدى الى اثنين- روى- عن مجاهد انه قال ارى الله تعالى كفار قريش لنبيه صلى الله عليه وسلم فى منامه قليلا فاخبر بذلك أصحابه فقالوا رؤيا النبي حق والقوم قليل فكان ذلك سببا لقوة قلوبهم وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ اى لجبنتم وتأخرتم عن الصف قال الحدادي الفشل هو الضعف مع الوجل وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ اى امر القتال وتفرقت آراؤكم بين الثبات والفرار. والتنازع ان يحاول كل واحد من الاثنين ان ينزع صاحبه مما هو عليه وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ اى أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعلم ما سيكون فيها من الجراءة والجبن والصبر والجزع ولذلك دبر ما دبر وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ الضميران مفعولا يرى وفاعل الاراءة هو الله تعالى. والمعنى بالفارسية [وآنرا ياد كنيد اى صحابه كه بنمود خداى تعالى دشمنانرا بشما] إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ حال كونهم قَلِيلًا وانما قللهم فى أعين المسلمين حتى قال ابن مسعود رضى الله عنه لمن الى جنبه أتراهم سبعين قال أراهم مائة مع انهم كانوا الفا وتسعمائة وخمسين تثبيتا لهم وتقوية لقلوبهم وتصديقا لرؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم فانها وحي لا خلف فيه أصلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ حتى قال ابو جهل ان محمدا وأصحابه أكلة جزور وهو مثل يضرب فى القلة اى قلتهم بحيث يشبعهم جزور واحد قللهم فى أعينهم قبل التحام القتال ليجترئوا عليهم ولا يبالغوا فى الاجتهاد والاستعداد والتأهب والحذر ثم كثرهم حتى رأوهم مثليهم لتفاجئهم الكثرة فتبهتهم وتكسر قلوبهم قال فى التأويلات النجمية وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لانهم ينظرون إليكم بالأبصار الظاهرة لا يرون كثرة معناكم وقوة قلوبكم ومددكم من الملائكة فانهم عمى البصائر والقلوب ولئلا يفروا من القتال كما فر إبليس لما رأى مدد الملائكة وهو قد جاء مع الكفار فى صورة سراقة فقالوا له اين تفر فقال لهم انى ارى ما لا ترون لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا كرره لاختلاف الفعل المعلل به وهو الجمع بين الفريقين على الحالة المذكورة فى الاول وتقليل كل واحد من الفريقين فى عين الآخر فى الثاني وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ كلها يصرفها كيف يريد لا رادّ لامره ولا معقب لحكمه. وفيه تنبيه على ان احوال الدنيا غير مقصودة لذاوتها وانما المراد منها ما يكون وسيلة الى سعادة الآخرة ومؤديا الى مرضاة الرحمن وفى الآيات إشارات. منها ان اركان الإسلام خمسة وهى غنائم دينية لكن التوحيد أعلى من الكل ولذا كان خمسا راجعا الى الله تعالى وباقى الأخماس حظ الجوارح فعلى العاقل ان يحرز غنائم العبادات وما يتعلق بالمعارف والكمالات التي تتحقق بها السادات ليكون الروح والجوارح كلاهما محفوظين غير محرومين وفى التأويلات النجمية ما غنمتم عند رفع الحجب من أنوار المشاهدات واسرار المكاشفات فلكم اربعة أخماس تعيشون بها مع الله وتكتمونها عن الأغيار داند و پوشد بامر ذو الجلال ... كه نباشد كشف راز حق حلال ولا تنفقون اكثر من خمسها فى الله مخلصا وللرسول متابعا ولذى القربى يعنى الاخوان فى الله مواصلا واليتامى يعنى اهل الطلب من الذين غاب عنهم مشايخهم قبل بلوغهم الى حد الكمال والمساكين يعنى الطالبين الصادقين إذا أمسكوا بأيدى الارادة أذيال إرشادكم وابن السبيل

[سورة الأنفال (8) : آية 45]

يعنى الصادر الوارد من اهل الصدق والارادة من اغيار جانب كل طائفة منهم على حسب صدقهم وإرادتهم وطلبهم واستعدادهم واستحقاقهم مؤديا حقوقهم لله وفى الله وبالله فى متابعة رسول الله وقانون سيرته وسنته. ومنها ان الله تعالى كما جمع بين الفريقين بحيث لو تركهم على حالهم لما اجتمعوا ليظهر عز الإسلام وذل الكفر كذلك جمع بين الأرواح والنفوس فى هذه إليها كل والقوالب بحيث لو تركهما على حالهما وهما على تلك الضدية واختلاف الطبيعة لما اجتمعت ليحصل الأرواح فى مقعد صدق والنفوس مع الملائكة المقربين كما قال فَادْخُلِي فِي عِبادِي بعد ما كانت محبوسة فى سجن الدنيا والأجساد فى جنات النعيم وأعلى عليين بعد ما كانت فى أسفل سافلين هذا بالنسبة الى السعداء المخلوقين للتحيات والقربات واما الأشقياء المذروءون لجهنم فعلى خلاف ذلك وقد خلق الله الاستعداد للترقى والتنزل ولله على الناس الحجة البالغة قال الكاشفى [در ترجمه شفا مذكورست كه كوهر شب آنكه فروز عقل را همچنانچهـ در حقه سينه دوستان مى سپارند در استين دشمنان تر دامن تيز مى نهند «ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة» يعنى بارقه نور عقل اگر از جانب عنايت وتوفيق لا مع شود دوستان بدان مهتدى كردند واگر از طرف قهر وخذلان استضاءت پذيرد سبب اختطاف أبصار بصائر دشمنان شود «يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا» ] كرت صورت حال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست ومنها ان من سنة الله ان يرى النبي عليه السلام حقائق الأشياء حقا وصدقا وهو يخبر بها ثم يراها ارباب الصورة فى الظاهر بضدها ابتلاء واختبارا للمؤمن والمنافق فالمؤمن يثبت على إيمانه بتصديق النبي عليه السلام وتسليمه فى أقواله واعماله وأحواله من غير اعتراض فيزيده الله ايمانا مع إيمانه والمنافق نزل قدمه وتشوش حاله بالاعتراض ويزيد نفاقه على النفاق وعماه على العمى والى الله ترجع الأمور فحال المؤمن وامره يرجع الى رضاه وحال المنافق وامره يرجع الى سخطه والرضى والسخط من آثار لطفه وقهره يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد وقس على هذا الهامات الأولياء وأحوالهم مع معتقديهم ومنكريهم فان الاختبار والابتلاء سنة قديمة وكم ترى من الصوفية من يزعم انه يحب فلانا ويعتقده وطريقته حقا فاذا جاء سطوة القهر بإراءة ما هو غير ملائم لطبعه نكص على عقبيه واتخذه غرضا لطعنه وتشنيعه واين هو من المحبة وهو مقام عال يجتمع عنده اللطف والقهر والجمال والجلال فلا يتشوش صاحبه من الأحوال العارضة المرئية فى صورة التنزل والتدلي ولذا كثر ارباب الصورة وقل اصحاب المعنى ويكفى لكل مرشد كامل واحد ممن يلزم طريقته وينبع هداه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً اى حاربتم جماعة كافرة لان اللقاء مما غلب فى الحرب والقتال وهم ما كانوا يحاربون الا الكفار فَاثْبُتُوا وقت لقائهم وقتالهم ولا تنهزموا وفى الحديث (لا تتمنوا لقاء العدو فاذا لقيتموهم فاصبروا) وانما نهى عن تمنى لقاء العدو لما فيه من صورة الاعجاب والوثوق بالقوة ولانه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو وتحقيرهم وهذا يخالف الاحتياط كما قالوا فى آداب المناظرة انه ينبغى ان لا يحسب المناظر الخصم حقيرا

اى صغيرا ذليلا لان استحقار الخصم ربما يؤدى الى صدور الكلام الضعيف من المناظر لعدم المبالاة فيكون سببا لغلبة الخصم الضعيف عليه فيكون الضعيف قويا والقوى ضعيفا والشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أعم فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فانه لا يدرى ما يفعل به أول شكسته باش كه اوج سرير ملك ... يوسف پس از مجاورت قعر چاه يافت وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً اى فى تضاعيف القتال ومواطن الشدة بالتكبير والتهليل وغيرهما وادعوه بنصر المؤمنين وخذلان الكافرين كالذين قالوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى تفوزون بمرامكم وتظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة. وفيه تنبيه على ان العبد ينبغى ان لا يشغله شىء عن ذكر الله وان يلتجىء اليه عند الشدائد ويقبل اليه بالكلية فارغ البال واثقا بان لطفه لا ينفك عنه فى حال من الأحوال وعلى ان ذكر الله تعالى له تأثير عظيم فى دفع المضار وجلب المنافع تو بهر حالى كه باشى روز وشب ... يك نفس غافل مباش از ذكر رب در خوشى ذكر تو شكر نعمتست ... در بلاها التجا با حضرتست قال بعض الحكماء ان لله جنة فى الدنيا من دخلها يطيب عيشه وهى مجالس الذكر وفى الحديث (ان لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فاذا أتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا رائدهم الى السماء الى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون ربنا اتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم فيقول الله تبارك وتعالى غشوهم رحمتى فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم) قال فى أنوار المشارق وكما يستحب الذكر يستحب الجلوس فى حلق اهله والعادة جرت فى حلق الذكر بالعلانية إذ لم يعرف فى كرّ الدهور حلقة ذكر اجتمع عليها قوم ذاكرون فى أنفسهم فالذكر برفع الصوت أشد تأثيرا فى قمع الخواطر الراسخة على قلب المبتدى وايضا يغتنم الناس بإظهار الدين بركة الذكر من السامعين فى الدور والبيوت ويشهد له يوم القيامة كل رطب ويابس سمع صوته خصوصا فى مواضع الازدحام بين الغافلين من العوام لتنبيه الغافلين وتوفيق الفاسقين وفى بعض الفتاوى لو ذكر الله فى مجلس الفسق ناويا انهم يشتغلون بالفسق وانا اشتغل بالذكر فهو أفضل كالذكر فى السوق أفضل من الذكر فى غيره وحضور مجلس الذكر يكفر سبعين مجلسا من مجالس السوء وقد نهى عن ان يجلس الإنسان مجلسا لا يذكر الله فيه ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك المجلس حسرة عليه يوم القيامة وفى الحديث (من جلس مجلسا كثر فيه لغطه فقال قبل ان يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك غفر له ما كان فى مجلسه ذلك) فعلى العاقل ان يكون رطب اللسان بالذكر والدعاء الاستغفار دائما خصوصا فى الأوقات المباركة- روى- ان النبي عليه السلام بعث بعثا الى نجد فعسروا واسرعوا وقال رجل ما رأينا بعثا أفضل غنيمة واسرع رجعة فقال النبي عليه السلام (ألا أدلكم على قوم أفضل غنيمة واسرع رجعة الذين شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى تطلع الشمس

ثم يصلون ركعتين ثم يرجعون الى أهاليهم وهى صلاة الاشراق وهو أول وقت الضحى وذلك بعد ان تطلع الشمس ويصلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) ذكر فى شرح المصابيح ان فى قوله ثم قعد يذكر الله تعالى دلالة على ان المستحب فى هذا الوقت انما هو ذكر الله تعالى لا القراءة لان هذا وقت شريف وان للمواظبة للذكر فيه تأثيرا عظيما فى النفوس وقال فى المنية ناقلا عن جمع العلوم ومن وقت الفجر الى طلوع الشمس ذكر الله تعالى اولى من القراءة ويؤيده ما ذكره فى القنية من ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ساعة من ساعات الجنة الظل فيها ممدود والرزق فيها مقسوم والرحمة فيها مبسوطة والدعاء مستجاب قالوا بلى يا رسول الله قال ما بين طلوع الفجر الى الى طلوع الشمس) قال على المرتضى رضى الله عنه مر النبي عليه السلام بعائشة رضى الله عنها قبل طلوع الشمس وهى نائمة فحركها برجله فقال (قومى لتشاهدى رزق ربك ولا تكونى من الغافلين ان الله يقسم أرزاق العابد بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس) واختلف فى ان التهليل والتسبيح ونحوهما بمجرد القلب أفضل او باللسان مع حضور القلب احتج من رجح الاول بان عمل السر أفضل واحتج من رجح الثاني بان العمل فيه اكثر فافتضى زيادة والصحيح هو الثاني ذكره النووي فى شرح مسلم والذكر الكثير ما كان بصفاء القلب فصفاء القلب جنة العارف فى الدنيا فانه يجاوز بذكر الله تعالى عن جحيم النفس الامارة وهاويتها فيترقى الى نعيم الحضور قال ابو بكر الفرغاني كنت أسقط فى بعض الأيام عن القافلة فقلت يا رب لو علمتنى الاسم الأعظم فدخل على رجلان وقال أحدهما للآخر الاسم الأعظم ان تقول يا الله ففرحت به فقال ليس كما تقول بل بصدق اللجأ اى الالتجاء والاضطرار كما يقول من كان فى لجة البحر ليس ملجأ غير الله واعلم ان الجهاد من أعظم الطاعات ولذلك لا يجتمع غبار المجاهد مع دخان جهنم وبخطوة من المجاهد يغفر ذنب وبأخرى تكتب حسنة ولكن ينبغى للمجاهد ان يصحح نيته ويثبت فى مواطن الحرب فان بثبات القلب والقدم يتبين أقدار الرجال كما كان للصديق رضى الله عنه حين صدمته الوجيعة بوفاة رسول الله حين قال من كان يعبد محمدا فان محمدا قدمات ومن كان يعبد رب محمد فانه حى لا يموت ويجتنب عن الظلم وارتكاب المعاصي فان الغلبة على الأعداء بالقوة القدسية والتأييد الإلهي لا بالقوة الجسمانية وكثرة العدد والعدد ألا يرى الى الله تعالى كيف أيد المؤمنين بالملائكة فى غزوة بدر مع قتلهم وكثرة الكافرين فالذين جاهدوا فى سبيل الله بالتقى والصبر والثبات فقد غلبوا على الأعداء ووصلوا الى الدرجات كه شتاب چوصرصر كه قرار چوكوه ... كه نشيب كبوتر كه فراز عقاب واستعرض الإسكندر جنده فتقدم اليه رجل بفرس اعرج فامر بإسقاطه فضحك الرجل فاستعظم ضحكه فى ذلك المقام فقال له ما اضحكك وقد اسقطتك قال العجب منك قال كيف قال تحتك آلة الهرب وتحتى آلة الثبات ثم تسقطنى فاعجب بقوله وأثبته ثم اعلم ان الفئة الباغية ظاهرة كالطائفة الكافرة والجماعة الفاجرة وباطنة كطائفة القوى النفسانية وجماعة النفس الامارة فكما ان المؤمن مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغة الظاهرة فكذلك مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغية

[سورة الأنفال (8) : الآيات 46 إلى 52]

الباطنة بالمجاهدات والجهاد مع الكفار جهاد أصغر والجهاد مع النفس جهاد اكبر والأكبر أفضل من الأصغر ولذلك يكون القتيل فى الأكبر صديقا وفى الأصغر شهيدا فالصديق فوق الشهيد كما قال الله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ والخلاص من ظلمات الخلقية والفوز بانوار الذكر الذي الاشتغال به من اكبر انواع الجهاد واسرع قدم فى الوصول الى رب العباد نسأل الله تعالى ان يحققنا بحقائق الذكر والتوحيد وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى كل ما تأتون وما تذرون خصوصا فى امر الجهاد وثبات القدم فى معركة القتال وَلا تَنازَعُوا باختلاف الآراء كما فعلتم ببدر واحد فَتَفْشَلُوا جواب للنهى يقال فشل اى كسل وضعف وتراخى وجبن وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ بالنصب عطف على جواب النهى اى تذهب دولتكم وشوكتكم فانها مستعارة للدولة من حيث انها فى تمشى أمرها ونفاذه مشبهة بها فى هبوبها وجريانها. وقيل المراد بها الحقيقة فان النصرة لا تكون الا بريح يبعثها الله تعالى ويقال لها ريح النصرة- وروى- انه حاصر المدينة قريش وغطفان وبنوا قريظة وبنوا النضير يوم الخندق فهبت ريح الصبا شديدا فقلعت خيامهم واراقت قدورهم وهربوا فقال عليه السلام (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور) والصبا بفتح الصاد وبالقصر ريح تهب من المشرق والدبور هى ما يقابل الصبا فى الهبوب يعنى الريح مأمورة تجيىء تارة للنصرة وتارة للاهلاك وفى المثنوى جمله ذرات زمين وآسمان ... لشكر حقند كاه امتحان باد را ديديكه با عادان چهـ كرد ... ابرا ديديكه با طوفان چهـ كرد وَاصْبِرُوا على شدائد الحرب وقتال المشركين ولا تولوهم الأدبار إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصرة والكلاءة وما يفهم من كلمة مع من اصالتهم انما هى من حيث انهم المباشرون للصبر فهم متبوعون من تلك الحيثية ومعيته تعالى انما هى من حيث الامداد والاعانة وَلا تَكُونُوا ايها المؤمنون كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعنى اهل مكة حين خرجوا منها لحماية العير اى القافلة المقبلة من الشام بَطَراً مفعول له اى افتخارا بمآثر الأصول من الآباء والأمهات وأشرا وهو مقابلة النعمة بالتكبر والخيلاء وَرِئاءَ النَّاسِ ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وذلك انهم لما بلغوا الجحفة أتاهم رسول ابى سفيان وقال ارجعوا فقد سلمت عيركم من اصحاب محمد ومن نهبهم فقال ابو جهل لا والله حتى نقدم بدرا ونشرب بها الخمور وتعزف علينا القيان ونطعم بها من حضرنا من العرب فوافوها اى أتوا بدرا ولكن سقوا كأس المنايا بدل كأس الخمور وناحت عليهم النوائح مكان تغنى القيان فنهى المؤمنون ان يكونوا أمثالهم بطرين مرائين وأمرهم بالتقوى والإخلاص لان النهى عن الشيء مستلزم للامر بضده وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عطف على بطرا بتأويل المصدر اى وصدا ومنعا للناس عن دين الله المؤدى الى الجنة والثواب وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ فيجازيهم عليه. وفيه تهديد على الأعمال القبيحة خصوصا ما ذكر فى هذه الآية من البطر. والرثاء هو اظهار الجميل وابطان القبيح وهو من الصفات المذمومة للنفس

[سورة الأنفال (8) : آية 48]

- وحكى- عن بعض الصالحين انه قال كنت ليلة فى وقت السحر فى غرفة لى على الطريق اقرأ سورة طه فلما ختمتها غفوت غفوة فرأيت شخصا نزل من السماء بيده صحيفة فنشرها بين يدى فاذا فيها سورة طه وإذا تحت كل كلمة عشر حسنات مثبتة الا كلمة واحدة فانى رأيت مكانها محوا ولم أر تحتها شيأ فقلت والله لقد قرأت هذه الكلمة ولا ارى ثوابا ولا أراها أثبتت فقال الشخص صدقت قد قرأتها وكتبناها الا انا قد سمعنا مناديا ينادى من قبل العرش امحوها واسقطوا ثوابها فمحوناها قال فبكيت فى منامى فقلت لم فعلتم ذلك فقال مر رجل فرفعت بها صوتك لاجله فذهب ثوابها وفى الحديث (ان النار وأهلها يعجون من اهل الرياء) اى يتضرعون ويرفعون الصوت قيل يا رسول الله وكيف تعج النار قال (من ضر الناس الذين يعذبون بها) فويل للمرائى فى عمله ومن الرياء التزيي بزى القوم تصنعا ودوران البلاد تفرجا ليتباهى بذلك على الاخوان كما يفعله اكثر المتسمين بالصوفية فى هذا الزمان فان مقصودهم ليس التقليد بلباس القوم تبركا مع التحقق بمعانيهم فهم محرومون من أنوار المعرفة واسرار الحقيقة خارجون عن دائرة الطريقة: قال الحافظ مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبر سينه نا محرم زد فعلى العاقل اخلاص العمل وهو ارادة التقرب الى الله تعالى وتعظيم امره واجابة دعوته سواء كان من العبادات المالية او البدنية وفى التتارخانية لو افتتح الصلاة خالصا لله تعالى ثم دخل فى قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء انه لو خلا عن الناس لا يصلى ولو كان مع الناس يصلى فاما لو صلى مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب اصل الصلاة دون الإحسان ولا رياء فى الصوم الا ان يكون مراده من الرياضة اصفرار الوجه وهزال البدن ليظنه الناس رجلا صالحا متقيا مريدا للآخرة فانظر الى تعبه لاجل الناس ولو كان له عقل صحيح وفكر ثاقب لما فعل هذا وفى مثل هذا قالوا أخف حلما من عصفور قال حسان ابن ثابت الأنصاري رضى الله عنه لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير وما الدنيا حتى يطلبها العاقل بعمله ويضيع عمره الى حلول اجله وعن ابى الدرداء رضى الله عنه ان النبي عليه السلام مر بدمنة قوم فيها سخلة ميتة فقال مالاهلها فيها حاجة قالوا يا نبى الله لو كان لاهلها فيها حاجة ما نبذوها قال (فو الله الدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أهلها) : قال السعدي قدس سره وگر سيم اندوده باشد نحاس ... توان خرج كردن بر ناشناس منه آب زرجان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز چهـ قدر آورد بنده خورد پيس ... كه زير قبا دارد أندام پيس نسأل الله تعالى ان يعصمنا من الزلل فى مسالك الدين ويوصلنا الى رضاه فى كل قول وعمل وهو المعين آمين بجاه النبي الامين وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [آورده اند كه چون قريش از مكه برون آمده بحوالى منزل بنى كنانه رسيدند بجهت كيفيت قديمى كه

ميان ايشان بود انديشه ناك شده خواستند باز كردند إبليس بصورة سراقة بن مالك مهتر كنانه بود بر آمد بر ايشان ملاقات نمود وكفت شما نيكو حمايتى ميكنيد برويد من ضامن كه از بنى كنانه ضرر بشما نرسد ومن نيز طريق رفاقه مرعى دارم پس إبليس با جمعى از شياطين همراه ايشان روى ببدر آوردند حق سبحانه وتعالى ازين قصه خبر ميدهد] والمعنى واذكر يا محمد وقت تزيين الشيطان اعمال كفار مكة فى معاداة المؤمنين وغيرها [ودر حقائق سلمى فرموده كه قوة ايشانرا بنظر ايشان در آورد تا اعتماد بدان كردند] وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ فانكم كثير وهم قليل. قوله لكم خبر لا غالب اى لا غالب كائن لكم واليوم منصوب بما تعلق به الخبر ومن الناس حال من الضمير فيه والمراد من الناس المؤمنون وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ اى مجيركم من بنى كنانة ومعين لكم فمعنى الجار المجير الحافظ الذي يدفع عن صاحبه انواع الضر كما يدفع الجار عن جاره تقول العرب انا جار لك من فلان اى حافظ لك من مضرته فلا يصل إليك منه مكروه وقال فى القاموس الجار المجاور والذي أجرته من انه يظلم والمجير واجاره أنقذه فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ اى تلافى الفريقان يوم بدر قال الكاشفى [پس آن هنكام كه بديدند هر دو كروه لشكر يكديكر را] نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ رجع القهقرى وهو اصل معنى النكوص لان الغالب فيمن يفر عن موضع القتال ان يرجع قهقرى لخوفه من جهة العدو. وقوله على عقبيه حال مؤكدة لان رجوع القهقرى انما يكون على العقبين [واين عبارتست از هزيمت كردن بمكر وحيله آورده اند كه چون روز بدر ملائكة فرود آمدند إبليس ايشانرا ديد روى بفرار نهاد در آن محل دست بر دست حارث بن هشام بود حارث كفت اى سراقه در چنين حال ما را فرو ميكذارى إبليس دست بر سينه او زد] وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ [من بيزارم از زنهار شما] إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ من نزول الملائكة للامداد فقال الحارث وما نرى الا جعاشيش اهل يثرب والجعشوش الرجل القصير إِنِّي أَخافُ اللَّهَ من ان يصيبنى بمكروه من الملائكة او يهلكنى على ان يكون الوقت هو الوقت المعلوم الذي انظر اليه وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن يخاف منه وقد صدق الكذاب انه يخاف من شدة عذاب الله فان عقابه لو وقع عليه لتلاشى ولذلك كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وما سلك فجا الا وسلك الشيطان فجا آخر لئلا يقع عليه عكس نور ولاية عمر فيحرقه وقد علم الشيطان انه من المعذبين المعاقبين وانما خوفه من الله من شدة عقابه لانه يعلم انه لا نهاية لشدة عقابه والله قادر على ان يعاقبه بعقوبة أشد من الاخرى. وفيه اشارة الى ان خوفه من الله يدل على انه غير منقطع الرجاء منه كذا فى التأويلات النجمية [نقلست كه منهزمان بدر بعد از رجوع بمكة سراقه را پيغام فرستادند كه لشكر ما را تو منهزم ساختى سراقه سوكند ياد كرد كه تا هزيمت شما نشنيدم از عزيمت شما وقوف نيافتم پس همه را معلوم شد كه آن شيطان بود كه خود را بر صورت سراقه نموده] فان قيل كيف يجوز ان يتمكن إبليس من ان يخلع صورة نفسه ويلبس صورة سراقة ولو كان قادرا على ان يجعل نفسه فى مثل صورة انسان لكان قادرا على ان يجعل غيره إنسانا

قيل إذا صحت هذه الرواية فالجواب ان الله خلق إبليس فى صورة سراقة والله تعالى قادر على خلق انسان فى مثل صورة سراقة ابتداء فكان قادرا على ان يصور إبليس فى مثل صورة سراقة كما فى التفسير الحدادي وقال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال فى الصور وانما يجوز ان يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الافعال إذا فعله او تكلم بها نقله الله تعالى من صورة الى صورة فيقال انه قادر على التصوير والتخييل على معنى انه قادر على قول إذا قاله او فعل إذا فعله نقله الله تعالى من صورته الى صورة اخرى بجرى العادة واما ان يصور نفسه فذاك محال لان انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء وإذا انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل بالجملة فكيف بنقل نفسها قال والقول فى تشكيل الملائكة مثل ذلك والذي روى ان إبليس تصور فى صورة سراقة بن مالك وان جبريل تمثل فى صورة دحية وقوله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا محمول على ما ذكرنا وهو انه قدره الله تعالى على قول قاله فنقله الله تعالى من صورته الى صورة اخرى كذا فى آكام المرجان ونظر فيه والهى الاسكوبى بان من قال تمثل جبريل عليه السلام وتصور إبليس عليه ما يستحق ليس مراده انهما أحدثا تلك الصورة والمثال من قدرتهما نفسهما بل باقدار الله لهما على التصور والتمثل كيف شاءا فلا منافاة بين القولين غاية ما فى الباب ان العمل من طريق ما اقدره الله به من الأسباب المخصوصة انتهى يقول الفقير ان الملائكة والشياطين من قبيل الأرواح اللطيفة وللارواح التصور بانواع الصور كما ان للاجسام التلون بألوان الالبسة وكل ذلك باقدار الله تعالى فى الحقيقة لكن هذا المعنى صعب المسلك فلا يهتدى الى دركه الا الأنبياء والأولياء المكاشفون عن حقيقة الأمر والله اعلم ثم ان من عادة الشيطان ان يقحم من أطاعه ورطة الهلاك ثم يتبرأ منه- حكى- ان عابدا عبد الله فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة فانف الملك ان يمسها الرجال فاخرجها الى صومعته وأسكنها معه كيلا يعرف أحد مكانها ويستخطبها منه فكبرت الابنة فحضر إبليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه فقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زىّ العلماء فاخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والقتل وقال ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانبش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو مصداق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى ففعل الملك ذلك فاذا الأمر كما قال فاخذ الزاهد واركبه الإبل وحمله الى بلده فصلبه فجاءه الشيطان وهو مصلوب فقال له انك زنيت بامرى وقتلت نفسا بامرى فآمن بي انجك من عذاب الملك فادركته الشقاوة فآمن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى فقال الشيطان انى أخاف الله رب العالمين فعلى العاقل الحذر من كيده وفى المثنوى آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست واعلم ان الشيطان إذا ظفر بالسالك يغره بالقوة والكمال والبلوغ الى مرتبة الرجال وانه

[سورة الأنفال (8) : آية 49]

لا يضره التصرف فى الدنيا وارتكاب بعض المنهيات بل ينفعه فى نفى الرياء والعجب كما هو طريقة اهل الملامة قال بعض ارباب الحقيقة يجوز ان تظهر لنفسك ما يوجب نفى دعواها من مباح مستبشع او مكروه لم يمنع دواء لعلة العجب لا محرما متفقا عليه انتهى فليكن هذا على ذكر منك فان صوفية الزمان قد تجاوزوا الحلال الى الحرام وتركبوا العهود بينهم وبين المشايخ الكرام ولم يعرفوا ان السلامة فى الاخذ بالكتاب وسنة النبي عليه السلام والتأدب بآداب وضعها الخواص من الأنام لمن يطلب الدخول الى حرم اسرار الله الملك العلام: قال الحافظ در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن إِذْ منصوب باذكر يَقُولُ الْمُنافِقُونَ من اهل المدينة من الأوس والخزرج وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ من قريش كانوا قد اسلموا ولم يهاجروا لعدم قوة إسلامهم ولمنع اقربائهم إياهم من الهجرة فلما خرجت قريش الى بدر أخرجوهم معهم كرها ولما رأوا قلة عدد المسلمين ارتابوا وارتدوا وقالوا لاهل مكة غَرَّ هؤُلاءِ يعنون المؤمنين دِينُهُمْ إذ خرجوا مع قلة عددهم وعددهم لحرب قريش مع كثرتهم وشوكتهم ولم يشكوا بل قطعوا بان قريشا تغلبهم لانهم زهاء الالف والمؤمنون ثلاثمائة وبضعة عشر فقال الله تعالى جوابا لهم وَمَنْ [هر كه] يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اى ومن يسلم امره الى الله تعالى ويثق به وبقضائه فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب لا يذل من توكل عليه واستجار به وان قل حَكِيمٌ يفعل بحكمته البالغة ما تستبعده العقول وتحار فى فهمه الباب الفحول- روى- ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان إذ ذاك بمكة فقال على بالرجل فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الإسلام سألتك قال نعم سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى أخاه قال تركته عظيما جسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا قال ليس عن هذا سألتك قال فعم سألت قال سألتك عن سيرته قال تركته ظلمو ما غشوما مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وأنت تعلم مكانه منى قال الرجل أترى مكانه منك أعز منى بمكاني من الله وانا وافد بيته وزائر نبيه وقاضى دينه ومتبع دينه فسكت الحجاج ولم يجر جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم بك أعوذ وبك الوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فانظر الى هذا الرجل كيف اظهر الحق ولم يخف من المخلوق خصوصا من الحجاج الذي كان اظلم خلق الله فى زمانه حتى كسر الاعراض وسفك الدماء وفعل ما فعل الى حيث يضيق نطاق البيان عنه فلما توكل على الله واستجار به نصره الله وهو بانفراده على الحجاج وهو مع جمعه لان الصحيح السالم وهو المؤمن غالب على السقيم المبتلى وهو المنافق والحجاج كان من منافق هذه الامة واعلم ان مرض القلوب على نوعين. نوع منه الشك فى الايمان والدين وحقيقته فذلك مرض قلوب الكفار والمنافقين. والثاني ميلها الى الدنيا وشهواتها وملاحظة الحظوظ النفسانية وهو مرض قلوب المسلمين والاشارة فيه ان المعالجة لما يكون فى قلوب الكفار والمنافقين بالايمان والتصديق واليقين وان ماتوا فى مرضهم فهم من الهالكين. ومعالجة

[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 إلى 52]

مرض قلوب المسلمين بالتوبة والاستغفار والزهد والطاعة والورع والتقوى وان ماتوا فى مرضهم فهم من اهل النجاة من النار بعد العذاب وشفاعة الأنبياء وربما يؤدى مرضهم بترك المعالجة والاحتماء الى الهلاك وهو الكفر ألا ترى الى حال بعض المسلمين من اهل مكة لما تركوا العلاج وانقطعوا عن الطبيب وهو النبي عليه السلام وما احتموا عن الغذاء المخالف وهو قولهم غر هؤلاء دينهم هلكوا مع الهالكين ظاهرا وباطنا فعلى العاقل تحصيل حسن الحال قبل حلول الاجل وهو انما يكون بصحبة واصل الى الله عز وجل والله تعالى يجود على الخلق عامة فكيف على العقلاء والعشاق: قال الحافظ عاشق كه شد كه يار بحالش نظر نكرد ... اى خواجه درد نيست وكرنه طبيب هست وقال آخر مكو اصحاب دل رفتند وشهر عشق شد خالى ... جهان پر شمس تبريز است ومردى كو چومولانا اللهم وفقنا لما تحب وترضى وسهل علينا مداواة هذه القلوب المرضى وَلَوْ تَرى يا محمد حال الكفرة اى لو رأيت فان لو تجعل المضارع ماضيا عكس ان إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ اى حين تقبض أعوان ملك الموت أرواح الكفار ببدر فالملائكة فاعل يتوفى يَضْرِبُونَ اى حال كون الملائكة يضربون بمقامع من حديد كلما ضربوا التهب النار منها وُجُوهَهُمْ اى ما اقبل من أعضائهم وَأَدْبارَهُمْ اى ما أدبر منها وَذُوقُوا اى يضربون ويقولون ذوقوا بعد السيف فى الدنيا عَذابَ الْحَرِيقِ اى العذاب المحرق الذي هو مقدمة عذاب الآخرة فهو فعيل بمعنى مفعل يقال حرقه بالنار وأحرقه وحرقه فاحترق وتحرق وجواب لو محذوف للايذان بخروجه عن حدود البيان اى لرأيت امرا فظيعا لا يكاد يوصف ذلِكَ المذكور من الضرب والعذاب واقع بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ اى بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصي فاليد عبارة عن النفس الدراكة عبر عنها باسم اغلب آلاتها فى اكتساب الافعال وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبلها اى والأمر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم فلا يجازى اهل الايمان بجهنم وعذابها وانما يجازى اهل الكفر والنفاق والارتداد بظلمهم على أنفسهم وسر التعبير عن نفى التعذيب بنفي الظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعا عند اهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا قد مر فى سورة آل عمران فان قلت ظلام أخص من ظالم لانه للمبالغة المقتضية للتكثير ولا يلزم من نفى الأخص نفى الأعم قلت المراد بكثرة الظلم كثرته باعتبار كثرة متعلقه فان لفظ العبيد يدل على الكثرة فيكون ما أصابهم من الظلم كثيرا نظرا الى كثرتهم فالمنفى عن كل واحد منهم اصل الظلم. فالمعنى انه تعالى لا يظلم أحدا من عبيده وايضا انه إذا نفى الظلم الكثير انتفى القليل لان الذي يظلم انما يظلم للانتفاع بالظلم فاذا ترك كثيره مع زيادة نفعه فى حق من يجوز عليه النفع والضر كان لقليله مع قلة نفعه اترك. وايضا ان الظلام للنسبة كما فى بزاز وعطار اى لا ينسب اليه ظلم البتة كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى عادة كفار قريش فى كفرهم وعنادهم كعادة آل فرعون المشهورين بقباحة

[سورة الأنفال (8) : الآيات 53 إلى 58]

الأعمال. واصل الدأب فى اللغة ادامة العمل يقال فلان يدأب فى كذا اى يداوم عليه ويواظب ويتعب نفسه فيه ثم سميت العادة دأبا لان الإنسان يداوم على عادته وآل الرجل الذين يرجعون اليه باوكد الأسباب ولهذا لا يقال لقرابة الرجل آل الرجل ولا يقال لاصحابه آله والمقصود هنا كدأب فرعون وآله اى اتباعه وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل آل فرعون كقوم نوح وثمود وعاد وغيرهم من اهل الكفر والعناد كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ تفسير للدأب والآيات هى دلائل التوحيد المنصوبة فى الأنفس والآفاق او معجزات الأنبياء على الإطلاق فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ اى عاقبهم الله تعالى بسبب كفرهم وسائر معاصيهم إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ لا يغلبه فى دفعه شىء ذلِكَ اى ترتب العقاب على أعمالهم السيئة دون ان يقع ابتداء مع قدرته تعالى على ذلك بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه تعالى لَمْ يَكُ فى حد ذاته. وأصله يكن فحذفت النون تخفيفا لشبهها بحرف اللين من حيث كونها حرف غنة فكما يحذف حرف اللين حال الجزم حذفت النون الساكنة ايضا للتخفيف لكثرة استعمال فعل الكون ولم يحذف فى نحو لم يصن ولم يخن لقلة استعمالهما بالنسبة الى لم يكن وكثرة الاستعمال تستدعى التخفيف مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها اى لم ينبغ له سبحانه ولم يصح فى حكمته ان يكون بحيث يغير نعمة انهم بها عَلى قَوْمٍ من الأقوام أي نعمة كانت جلت او هانت حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من الأعمال والأحوال التي كانوا عليها وقت ملابستهم للنعمة ويتصفوا بما ينافيها سوآء كانت أحوالهم السابقة مرضية صالحة او قريبة من الصلاح بالنسبة الى الحادثة كدأب هؤلاء الكفرة حيث كانوا قبل البعثة كفرة عبدة الأصنام مستمرين على حالة مصححة لافاضة نعمة الامهال وسائر النعم الدنيوية عليهم فلما بعث إليهم النبي عليه السلام بالبينات غيروها الى أسوأ منها وأسخط حيث كذبوه عليه الصلاة والسلام وعادوه ومن تبعه من المؤمنين وتحزبوا عليهم يبغونهم الغوائل فغير الله تعالى ما أنعم به عليهم من نعمة الامهال وعاجلهم بالعذاب والنكال وقال الحدادي أطعمهم الله من جوع وآمنهم من خوف وأرسل إليهم رسولا منهم وانزل عليهم كتابا بألسنتهم ثم انهم غيروا هذه النعم ولم يشكروها ولم يعرفوها من الله فغير الله ما بهم وأهلكهم وعاقبهم ببدر وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اى وبسبب ان الله تعالى يسمع ويعلم جميع ما يأتون وما يذرون من الأقوال والافعال السابقة واللاحقة فيرتب على كل منها ما يليق بها من ابقاء النعمة وتغييرها كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ تكرير للتأكيد وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وعطف قوله تعالى وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ على أهلكنا مع اندراجه تحته للايذان بكمال هول الإغراق وفظاعته كعطف جبرائيل على الملائكة وَكُلٌّ من غرقى القبط وقتلى قريش كانُوا ظالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي حيث عرّضوها للهلاك او واضعين للكفر والتكذيب مكان الايمان والتصديق والاشارة ان فرعون وقومه اختصوا بالاستغراق فى بحر الهلاك عن غيرهم لا دعاء فرعون الربوبية واقرار قومه وتصديقهم إياه بها وهذا غاية فساد جوهر الروحانية باستيلاء الصفات النفسانية وكل ممن كفر بالله وكذب بآياته كانوا

[سورة الأنفال (8) : آية 55]

ظالمى أنفسهم لافساد استعدادهم وان لم يبلغوا. فى الظلم والكفر ما بلغ فرعون وقومه فعليك بمحافظة الاستعداد الفطري وإكثار الشكر عليه وإياك وشؤم المعاملات السيئة المؤدية الى الإفساد والإهلاك ولا يحملك العناد على مخالفة الحق وعدم قبوله فانه لا ينبغى لاحد خصوصا للسلاك كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود قال الامام الغزالي قدس سره ان النعمة انما تسلب ممن لا يعرف قدرها واقنع فى هذا الباب بمثال ملك يكرم عبدا له فيخلع عليه خاصة ثيابه ويقربه منه ويجعله فوق سائر حجابه وخدامه ويأمره بملازمة بابه ثم يأمر ان يبتنى له فى موضع آخر القصور وتوضع له الاسرة وتنصب له الموائد وتزين له الجواري ويقام له الغلمان حتى إذا رجع من الخدمة اجلس هنالك ملكا مخدوما مكرّما ما وما بين حال خدمته الى ملكه وولايته الا ساعة من نهار او اقل فان ابصر هذا العبد بجانب باب الملك سائسا للدواب يأكل رغيفا او كلبا يمضع عضما فجعل يشتغل عن خدمة الملك بنظره اليه وإقباله عليه ولا يلتفت الى ماله من الخلع والكرامة فيسعى الى ذلك السائس ويمد يده ويسأله كسرة من رغيفه او يزاحم الكلب على العظم ويعظمهما ويعظم ماهما فيه أليس الملك إذا نظر اليه على مثل هذه الحالة يقول هذا السفيه لم يعرف حق كرامتنا ولم ير قدر إعزازنا إياه بخلعنا والتقرب الى حضرتنا مع صرفنا اليه من عنايتنا وأمرنا له من الذخائر وضروب الأيادي ما هذا الا ساقط عظيم الجهل قليل التمييز اسلبوه الخلع واطردوه عن بابنا فهذا حال العالم إذا مال الى الدنيا والعابد إذا اتبع الهوى فعليك ايها الرجل ببذل المجهود حتى تعرف نعم الله تعالى عليك واحذر من ان تكون النعمة نقمة والولاء بلاء والعز ذلا والإقبال إدبارا واليمين يسارا فان الله تعالى غيور: وفى المثنوى هر كه شد مر شاه را او جامه وار ... هست خسران بهر شاهش اتجار هر كه با سلطان شود او همنشين ... بر درش شستن بود حيف وغبين دست بوسش چون رسيد از پادشاه ... كر كزيند بوس پاباشد كناه كرچهـ سر بر پانهادن خدمتست ... پيش آن خدمت خطا وزلتست شاه را غيرت بود بر هر كه او ... بو كزيند بعد از انكه ديد رو والمقصود ان من عرف الله وعرف قدر نعمته عليه ترك الالتفات الى الدنيا بل الى الكونين فان الله أجل من كل شىء وذكره أفضل من كل ذكر وكلام- وحكى- ان سليمان بن داود عليهما السلام مر فى موكبه والطير تظله والدواب من الوحوش والانعام والجن والانس وسائر الحيوانات عن يمينه ويساره فمر بعابد من عباد بنى إسرائيل فقال والله يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما فسمع ذلك سليمان فقال لتسبيحة فى صحيفة مؤمن خير مما اعطى ابن داود فان ما اعطى ابن داود يذهب والتسبيحة تبقى فهذا ارشاد عظيم لمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وتوجه الى الحضرة العليا فارغا عن شواغل الدنيا إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ

[سورة الأنفال (8) : الآيات 56 إلى 58]

اى شر ما يدب على الأرض ويتحرك من الحيوانات عِنْدَ اللَّهِ اى فى حكمه وقضائه الَّذِينَ كَفَرُوا اى أصروا على الكفر ورسخوا فيه فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلا يتوقع منهم ايمان لكونهم من اهل الطبع وجعلوا شر الدواب لا شر الناس ايماء الى انهم بمعزل عن مجانستهم وانما هم من جنس الدواب ومع ذلك هم شر من جميع افرادها كما قال تعالى إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ بدل من الموصول الاول بدل البعض للبيان او للتخصيص اى الذين أخذت منهم عهدهم فمن لابتداء الغاية ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ الذي أخذته منهم عطف على عاهدت فِي كُلِّ مَرَّةٍ من مرات المعاهدة وَهُمْ لا يَتَّقُونَ اى يستمرون على النقض والحال انهم لا يتقون سيئة الغدر ولا يبالون فيه من العار والنار وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان لا يعينوا عليه عدوا فنقضوا العهد وأعانوا اهل مكة يوم بدر بالسلاح ثم قالوا نسينا واخطأنا ثم عاهدهم مرة اخرى فنكثوا ومالأوهم عليه يوم الخندق اى ساعدوا وعاونوا وذلك انهم لما رأوا غلبة المسلمين على المشركين يوم بدر قالوا انه هو النبي الموعود بعثه فى آخر الزمان فلا جرم يتم امره ولا يقدر أحد على محاربته ثم انهم لما رأوا يوم أحد ما وقع من نوع ضعف المسلمين شكوا وقد كان احترق كبدهم بنار الحسد من ظهور دينه وقوة امره فركب كعب بن اسد سيد بنى قريظة مع أصحابه الى مكة وواثقوا المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادى ذلك الى غزوة الخندق وفيه ذم بطريق الاشارة للذين عاهدوا الله على ترك المعاصي والمنكرات ثم نقضوا العهد مرة بعد اخرى نه ما را در ميان عهد وفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى هنوزت ار سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ ثقفه كسمعه صادفه او اخذه او ظفر به او أدركه كما فى القاموس واما مركبة من ان للشرط وما للتأكيد اى فاذا كان حالهم كما ذكر فاما تصادفنهم وتظفرنّ بهم فِي الْحَرْبِ اى فى تضاعيفها فَشَرِّدْ فرق قال الكاشفى [پس رميده كردان ومتفرق ساز] بِهِمْ اى بسبب قتلهم مَنْ خَلْفَهُمْ مفعول شرد اى من وراءهم من الكفرة من أعدائك والتشريد الطرد وتفريق الشمل وتبديد الجمع يعنى ان صادفت هؤلاء الناقضين فى الحرب افعل بهم وأوقع فيهم من النكاية والقهر ما يضطرب به حالهم ويخاف منك أمثالهم بحيث يذهب عنهم بالكلية ما يخطر ببالهم من مناصبتك اى معاداتك ومحاربتك لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ اى لعل المشردين وهم من خلفهم يتعظون بما شاهدوا مما نزل بالمنافقين فيرتدعون عن النقض او عن الكفر نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند وَإِمَّا تَخافَنَّ تعلمن فالخوف مستعار للعلم مِنْ قَوْمٍ من المعاهدين خِيانَةً نقض

[سورة الأنفال (8) : الآيات 59 إلى 63]

عهد فيما سيأتى بما لاح لك منهم من علامات الغدر فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ اى فاطرح إليهم عهدهم حال كونك عَلى سَواءٍ اى ثابتا على طريق سوىّ فى العداوة بان تظهر لهم النقض وتخبرهم اخبارا مكشوفا بانك قد قطعت ما بينك وبينهم من الوصلة فلا تناجز هم الحرب وهم على توهم بقاء العهد كيلا يكون من قبلك شائبة خيانة أصلا فالجار متعلق بمحذوف وهو حال من النابذ او على استواء فى العلم بنقض العهد بحيث يستوى فيه أقصاهم وأدناهم فهو حال من المنبوذ إليهم او تستوى فيه أنت وهم فهو حال من الجانبين إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ تعليل للامر بالنبذ على طريقة الاستئناف كأنه قيل لم امرتنا بذلك ونهيتنا عن المحاربة قبل نبذ العهد فاجيب بذلك ويحتمل ان يكون طعنا على الخائنين الذين عاهدهم الرسول عليه السلام كأنه قيل واما تعلمن من قوم خيانة فانبذ إليهم ثم قاتلهم ان الله لا يحب الخائنين وهم من جملتهم لما علمت حالهم واعلم ان النبذ انما يجب على الامام إذا ظهرت خيانة المعاهدين بامارات ظنية واما إذا ظهر انهم نقضوا العهد ظهورا مقطوعا به فلا حاجة الى نبذ العهد كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم باهل مكة لما نقضوا العهد بقتل خزاعة وهم فى ذمة النبي عليه السلام ولما امر الله بنبذ العهد والتصريح به قبل المحاربة خطر بالبال ان يقال كيف نوقظ العدو ونعلمهم بطرح العهد إليهم قبل المحاربة مع انهم ان علموا ذلك اما ان يتأهبوا للقتال ويستجمعوا أقصى ما يمكن لهم من اسباب التقوى والغلبة او يفروا ويتخلصوا وعلى التقديرين يفوت المقصود وهو الانتقام منهم اما يكفى لصحة المحاربة معهم بغير نبذ العهد إليهم واعلامهم به ظهور امارات الخيانة منهم فازاح الله تعالى هذا المحذور بقوله وَلا يَحْسَبَنَّ اى لا يظن الَّذِينَ كَفَرُوا وهو فاعل والمفعول الاول محذوف اى أنفسهم حذف هربا من تكرار ذكرهم سَبَقُوا مفعول ثان اى فاتوا وافلتوا من ان يظفر بهم ويدخل فيه من لم يظفر به يوم بدر وغيره من معارك القتال من الذين آذوه عليه السلام وبالغوا فى عصيانه إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ تعليل للنهى على سبيل الاستئناف المبنى على تقدير السؤال اى لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزا عن ادراكهم على ان همزة أعجز لوجود المفعول على فاعلية اصل الفعل وهو العجز كما تفول أبخلته إذا وجدته بخيلا يقال أعجزه الشيء إذا فاته وأعجزت الرجل إذا وجدته عاجزا وفى الآية تهديد للنفوس التي اجترأت على المعاصي وهو فى الحقيقة مجترئة على الله تعالى وعن السرى السقطي رضى الله عنه قال كنت يوما أتكلم بجامع المدينة فوقف علىّ شاب حسن الشباب فاخر الثياب ومعه أصحابه فسمعنى أقول فى وعظي عجبا لضعيف يعصى قويا فتغير لونه وانصرف فلما كان الغد جلست فى مجلسى وإذا به قد اقبل فسلم وصلى ركعتين وقال يا سري سمعتك بالأمس تقول عجبا لضعيف كيف يعصى قويا فما معناه قلت لا أقوى من الله ولا أضعف من العبد وهو يعصيه كر چهـ شاطر بود حروس بجنگ ... چهـ زند پيش باز رويين چنك فنهض وخرج ثم اقبل من الغد وعليه ثوبان أبيضان وليس معه أحد فقال يا سري كيف الطريق الى الله فقلت ان أردت العبادة فعليك بصيام النهار وقيام الليل وان أردت الله فاترك

[سورة الأنفال (8) : آية 60]

كل شىء سواه تصل اليه وليس الا المساجد والخراب والمقابر فقام وهو يقول والله لا سلكت الا أصعب الطرق وولى خارجا فلما كان بعد ايام اقبل الى غلمان كثير فقالوا ما فعل احمد ابن يزيد الكاتب فقلت لا اعرف الا رجلا جاءنى من صفته كذا وكذا وجرى لى معه كذا وكذا ولا اعلم حاله فقالوا بالله عليك متى عرفت حاله فعرفنا ودلنا على داره فبقيت سنة لا اعرف حاله ولا اعرف له خبرا فبينا انا ذات ليلة بعد العشاء الاخيرة جالس فى بيتي إذا بطارق يطرق الباب فأذنت له فى الدخول فاذا بالفتى عليه قطعة من كساء فى وسطه واخرى على عاتقه ومعه زنبيل فيه نوى فقبل بين عينى وقال يا سري اعتقك الله من النار كما أعتقتني من رق الدنيا فاومأت الى صاحبى ان امض الى اهله فاخبرهم فمضى فاذا زوجته قد جاءت ومعها ولده وغلمانه فدخلت والقت الولد فى حجره وعليه حلى وحلل وقالت له يا سيدى ارملتنى وأنت حى وأيتمت ولدك وأنت حى قال السرى فنظر الىّ فقال يا سري ما هذا وفاء ثم اقبل عليها وقال والله انك لثمرة فؤادى وحبيبة قلبى وان هذا ولدي لاعز الخلق على غير ان هذا السرى أخبرني ان من أراد الله قطع كل ما سواه ثم نزع ما على الصبى وقال ضعى هذا فى الأكباد الجائعة والأجساد العارية وقطع قطعة من كسائه فلف فيها الصبى فقالت المرأة لا ارى ولدي فى هذه الحالة وانتزعته منه فحين رآها قد اشتغلت به نهض وقال ضيعتم على ليلتى بينى وبينكم الله وولى خارجا وضجت الدار بالبكاء فقالت ان عاد يا سري وسمعت له خيرا فاعلمنى فقلت ان شاء الله فلما كان بعد ايام أتتني عجوز فقالت يا سري بالشونيزية غلام يسألك الحضور فمضيت فاذا به مطروح تحت رأسه لبنة فسلمت عليه ففتح عينيه وقال يا سري ترى تغفر تلك الجنايات فقلت نعم قال أيغفر لمثلى قلت نعم قال انا غريق قلت هو منجى الغرقى قال علىّ مظالم فقلت فى الخبر انه يؤتى بالتائب يوم القيامة ومعه خصومه فيقال لهم خلوا عنه فان الله تعالى يعوضكم فقال يا سري معى دراهم من لقط النوى إذا أنا مت فاشتر ما احتاج اليه وكفنى ولا تعلم أهلي لئلا يغيروا كفنى بحرام فجلست عنده قليلا ففتح عينيه وقال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مات فاخذت الدراهم فاشتريت ما يحتاج اليه ثم سرت نحوه فاذا الناس يهرعون فقلت ما الخبر فقيل مات ولى من اولياء الله نريد ان نصلى عليه فجئت فغسلته ودفناه فلما كان بعد مدة وفد اهله يستعملون خبره فاخبرتهم بموته فاقبلت امرأته باكية فاخبرتها بحاله فسألتنى ان أريها قبره قلت أخاف ان تغيروا أكفانه قالت لا والله فاريتها القبر فبكت وأمرت بإحضار شاهدين فاحضرا فاعتقت جواريها ووقفت عقارها وتصدقت بمالها لزمت قبره حتى ماتت رحمة الله عليهما فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد وَأَعِدُّوا [وآماده سازيد اى مؤمنان] لَهُمْ اى لقتال الكفار وهيئوا لحرابهم مَا اسْتَطَعْتُمْ اى ما استطعتموه حال كونه مِنْ قُوَّةٍ من كل ما يتقوى به فى الحرب كائنا ما كان من خيل وسلاح وقسى وغيرها. والحصر المستفاد من تعريف الطرفين فى قوله عليه السلام (ألا ان القوة الرمي) من قبيل حصر الكمال لان الرمي أكمل افراد ما يتقوى به فى الحرب- روى- ان سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه رمى يوم أحد الف سهم ما منها

سهم الا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال (فداك ابى وأمي يا سعد) كره بعض العلماء تفدية المسلم بابويه المسلمين قالوا انما فداه عليه السلام بابويه لانهما كانا كافرين قال النووي الصحيح انه جائز مطلقا لانه ليس فيه حقيقة الفداء وانما هو تلطف فى الكلام واعلام بمحبته وفى الحديث فضيلة الرمي والدعاء لمن فعل خيرا وجاء فى الحديث (ان الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه الذي يحتسب فى صنعته الخير والمهدى له والرامي به) وفى الحديث (من شاب شيبة فى الإسلام كانت له نورا يوم القيامة ومن رمى بسهم فى سبيل الله فبلغ العدو او لم يبلغ كان له كعتق رقبة مؤمنة كانت له فداء من النار عضوا بعضو) وفى الحديث (من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة) والغرض بفتح الغين المعجمة والراء بعدهما الضاد المعجمة هو ما يقصده الرماة بالاصابة وفى الحديث (كل شىء ليس من ذكر الله تعالى فهو لهو الا اربع خصال مشى الرجل بين الغرضين وتأديب فرسه وملاعبة اهله وتعليم السباحة) [رمى برسه كونه است. رمى ظاهر به تير وكمان. ورمى باطن به تير آه در صبحكاه از كمان خضوع. ورمى سهام حظوظ از دل وتوجه بحق وفراغت از ما سوى] : قال الحافظ نيست بر لوح دلم جز الف قامت دوست ... چهـ كنم حرف دكر ياد نداد استادم واعلم ان صاحب المجاهدة الباطنة يتقوى على فتال النفس وهواها بذكر الله تعالى فهو القوة فى حقه وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ فعال بمعنى مفعول كلباس بمعنى ملبوس. فرباط الخيل بمعنى خيل مربوطة كما قيل جرد قطيفة بمعنى قطيفة جرد أضيف العام الى الخاص للبيان او التخصيص كخاتم فضة وعطفها على القوة مع كونها من جملتها للايذان بفضلها على بقية افرادها كعطف جبريل وميكائيل على الملائكة. ويقال ان الجن لا تدخل بيتا فيه فرس ولا سلاح وفى الحديث (من نقى شعيرا لفرسه ثم جاء به حتى يعلفه كتب الله له بكل شعيرة حسنة) والفرس يرى المنامات كبنى آدم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الفرس يقول إذا التقت الفئتان سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح ولذلك كان لهم فى الغنيمة سهمان وفى الحديث (عليكم باناث الخيل فان ظهورها حرز وبطونها كنز) وفى الحديث (من احتبس فرسا فى سبيل الله ايمانا به وتصديقا بوعده فان شبعه وريه وروثه وبوله فى ميزانه يوم القيامة) يعنى كفة حسناته قال موسى للخضر أي الدواب أحب إليك قال الفرس والحمار والبعير لان الفرس مركب اولى العزم من الرسل والبعير مركب هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم السلام والحمار مركب عيسى وعزير عليهما السلام وكيف لا أحب شيأ أحياه الله تعالى بعد موته قبل الحشر واعلم ان الخيل ثلاثة. فرس للرحمن وهو ما اتخذ فى سبيل الله وقتل عليه اعداء الله. وفرس للانسان وهو ما يلتمس بطنه وهو ستر من الفقر. وفرس للشيطان وهو ما يقامر عليه ويراهن تُرْهِبُونَ بِهِ حال من فاعل اعدوا اى حال كونكم مرهبين مخوفين بالاعداد عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وهم كفار مكة خصوا بذلك من بين الكفار مع كون الكل كذلك لغاية عتوهم ومجاوزتهم الحد فى العداوة. وفيه اشارة الى ان المجاهد الباطني يرهب بالذكر والمراقبة أعدى العدو وهو النفس والشيطان وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ اى ترهبون به ايضا عدوا آخرين من غيرهم من الكفرة

[سورة الأنفال (8) : آية 61]

كاليهود والمنافقين والفرس ومنهم كفار الجن فان صهيل الفرس يخوفهم لا تَعْلَمُونَهُمُ العلم بمعنى المعرفة لتعديته الى مفعول واحد ومتعلق المعرفة هو الذات اى لا تعرفونهم بأعيانهم ولو كان النسب كالعلم لكان المعنى لا تعرفونهم من حيث كونهم اعداء اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ اى يعرفهم لا غيره تعالى فان قلت المعرفة تستدعى سبق الجهل فلا يجوز إسنادها الى الله تعالى قلت المراد بالمعرفة فى حقه تعالى مجرد تعلق علمه بالذوات دون النسب مع قطع النظر عن كونها مجهولة قبل تعلقه بها ودلت الآية على ان الإنسان لا يعرف كل عدوله آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىّ با حذر عاقل كسيست وَما شرطية تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ لاعداد العتاد قل أو جل فِي سَبِيلِ اللَّهِ الذي أوضحه الجهاد يُوَفَّ إِلَيْكُمْ اى جزاؤه كاملا وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ بترك الاثابة او بنقص الثواب والتعبير عن تركها بالظلم مع ان الأعمال غير موجبة للثواب حتى يكون ترك ترتيبه عليها ظلما لبيان كمال نزاهته سبحانه عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من القبائح وإبراز الاثابة فى معرض الأمور الواجبة عليه تعالى- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بفرس يجعل كل خطوة منه أقصى بصره فسار وسار معه جبريل عليه السلام فاتى على قوم يزرعون فى يوم ويحصدون فى يوم كلما حصدوا شيأ عاد كما كان فقال (يا جبريل من هؤلاء) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شىء فهو يخلفه وفى الحديث (من أعان مجاهدا فى سبيل الله او غارما فى عسرته او مكاتبا فى رقبته اظله الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله) : قال الحافظ احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد نازا نهان ندارد وقال ايضا چهـ دوزخى چهـ بهشتى چهـ آدمي چهـ ملك ... بمذهب همه كفر طريقتست إمساك وَإِنْ جَنَحُوا الجنوح الميل ومنه الجناح لان الطائر يميل به الى أي جهة شاء ويعدى باللام والى اى مال الكفار لِلسَّلْمِ للصلح والاستسلام بوقوع الرهبة فى قلوبهم بمشاهدة ما لكم من الاستعداد واعتاد العتاد فَاجْنَحْ لَها اى للسلم والتأنيث لحمله على نقيضه الذي هو الحرب وهى مؤنثة او لكونه بمعنى المسالمة اى مصالحة وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اى لا تخف من ابطان مكرهم فى الصلح فان الله يعصمك إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ فيسمع ما يقولون فى خلواتهم من مقالات الخداع الْعَلِيمُ فيعلم نياتهم فيؤاخذهم بما يستحقونه ويرد كيدهم فى نحرهم والآية عامة لاهل الكتاب وغيرهم. والأمر فى قوله فاجنح للاباحة والأمر فيه مفوض لرأى الامام وليس يجب عليه ان يقاتلهم ابدا ولا ان يسعفهم الى الصلح عند طلبهم ذلك ابدا بل يبنى الأمر على ما فيه صلاح المسلمين فاذا كان للمسلمين قوة فلا ينبغى ان يصالحهم وينبغى ان يحاربهم حتى يسلموا او يعطوا الجزية وان رأى المصلحة فى المصالحة ومال إليها لا يجوز ان يصالحهم سنة كاملة الا إذا كانت القوة والغلبة للمشركين فحينئذ جازله ان يصالحهم عشر سنين ولا تجوز الزيادة عليها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فانه عليه السلام فعل كذلك ثم

[سورة الأنفال (8) : الآيات 62 إلى 63]

انهم نقضوا العهد قبل تمام المدة وكان ذلك سببا لفتح مكة وَإِنْ يُرِيدُوا اى الذين يطلبون منك الصلح أَنْ يَخْدَعُوكَ بإظهار الصلح لتكف عنهم فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ فان محسبك الله وكافيك من شرورهم وناصرك عليهم يقال احسبنى فلان اى أعطاني حتى أقول حسبى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ اى قواك بامداد من عنده بلا واسطة سبب معلوم مشاهد وَبِالْمُؤْمِنِينَ من المهاجرين والأنصار ثم انه تعالى بين كيف أيده بالمؤمنين فقال وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ [و پيوند افكند بدوستى ميان دلهاى ايشان] مع ما كان بينهم قبل ذلك من العصبية والضغينة والتهالك على الانتقام بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان وكان إذا لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنها قبيلته حتى يدركوا ثاره فكان دأبهم الخصومة الدائمة والمحاربة ولا تتوقع بينهم الالفة والاتفاق ابدا فصاروا بتوفيقه تعالى كنفس واحدة هذا من ابهر معجزاته عليه السلام قال الكاشفى [أوس وخزرج صد وبيست سال در ميان ايشان تعصب وستيزه بود همواره بقتل وغارت هم اشتغال مى نمودند حق تعالى ببركت تو دلهاى ايشانرا الفت داد] يك حرف صوفيانه بگويم اجازتست ... اى نور ديده صلح به از جنك آورى لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً اى لتأليف ما بينهم ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ اى تناهت عداوتهم الى حد لو أنفق منفق فى إصلاح ذات بينهم جميع ما فى الأرض من الأموال والذخائر لم يقدر على التأليف والإصلاح وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ قلبا وقالبا بقدرته الباهرة فانه المالك للقلوب فيقلبها كيف يشاء إِنَّهُ عَزِيزٌ كامل القدرة والغلبة لا يستعصى عليه شىء مما يريده حَكِيمٌ يعلم كيفية تسخير ما يريده واعلم ان التودد والتألف والموافقة مع الاخوان مع ائتلاف الأرواح وفى الحديث (المؤمن الف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) وفى الحديث (مثل المؤمنين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الاخرى وما التقى المؤمنان الا استفاد أحدهما من صاحبه خيرا) وقال ابو إدريس الخولاني لمعاذ انى أحبك فى الله فقال ابشر ثم ابشر فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (تنصب لطائفة من الناس كراسى حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فقيل من هؤلاء يا رسول الله فقال (المتحابون فى الله) قيل لو تحاب الناس وتعاطوا المحبة لاستغنوا بها عن العدالة فالعدالة خليفة المحبة تستعمل حيث لا توجد المحبة. وقيل طاعة المحبة أفضل من طاعة الرهبة فان طاعة المحبة من داخل وطاعة الرهبة من خارج ولهذا المعنى كانت صحبة الصوفية مؤثرة من البعض فى البعض لانهم لما تحابوا فى الله تواصوا بمحاسن الأخلاق ووقع القبول لوجود المحبة فانتفع لذلك المريد بالشيخ والأخ بالأخ ولهذا المعنى امر الله تعالى باجتماع الناس فى كل يوم خمس مرات فى المساجد من اهل كل درب وكل محلة وفى الجامع فى الأسبوع مرة من اهل كل بلد وانضمام اهل السواد الى البلدان فى الأعياد فى جميع السنة مرتين واهل الأقطار من البلدان فى العمر مرة للحج كل ذلك لحكم بالغة منها تأكيد الالفة والمودة بين المؤمنين وفى الحديث (ألا ان

[سورة الأنفال (8) : الآيات 64 إلى 69]

مثل المؤمنين فى توادهم وتحابهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى) : قال السعدي قدس سره بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك جوهرند چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار والتألف والتودد يؤكد الصحبة مع الأخيار مؤثرة جدا بل مجرد النظر الى اهل الصلاح يؤثر صلاحا والنظر فى الصور يؤثر أخلاقا مناسبة لخلق المنظور اليه كدوام النظر الى المحزون يحزن ودوام النظر الى المسرور يسر. وقد قيل من لا ينفعك لفظه والجمل الشرود يصير ذلولا بمقارنة الجمل الذلول فالمقارنة لها تأثير فى الحيوان والنبات والجماد والماء والهواء يفسدان بمقارنة الجيف والزروع تنقى من انواع العروق فى الأرض والنبات لموضع الإفساد بالمقارنة وإذا كانت المقارنة مؤثرة فى هذه الأشياء ففى الصور الشريفة البشرية اكثر تأثيرا. وقيل سمى الإنسان إنسانا لانه يأنس بما يراه من خير او شر والتألف والتودد مستجلبان للمزيد وانما العزلة والوحدة تحمد بالنسبة الى اراذل الناس واهل الشر فاما اهل العلم والصفاء والوفاء والأخلاق الحميدة فتغتنم مقارنتهم والاستئناس بهم استئناس بالله تعالى كما ان محبتهم من محبة الله تعالى والجامع معهم رابطة الحق ومع غيرهم رابطة الطبع فالصوفى مع غير الجنس كائن بائن ومع الجنس كائن معاين والمؤمن مرآة المؤمن إذا التقى مع أخيه يستشف من وراء أقواله واعماله وأحواله تجليات الهية وتعريفات وتلويحات من الله الكريم خفية غابت عن الأغيار وأدركها اهل الأنوار كذا فى عوارف المعارف يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من بعض العلماء المتورعين والمشايخ المتزهدين ممن له زوجتان متباغضتان انه قال قرأت هذه الآية وهى قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ الى آخرها على ماء فى كوز ونفخت فيه ثم اشربته إياهما فوقع التودد والالفة بينهما بإذن الله تعالى وزال التباغض والتنافر الى الآن يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المخبر عن الله تعالى المرتفع شأنه حَسْبُكَ اللَّهُ اى كافيك فى جميع أمورك وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الواو بمعنى مع اى كفاك وكفى اتباعك ناصرا كقولك حسبك وزيدا درهم او عطف على اسم الله تعالى اى كفاك الله والمؤمنون والكافي الحقيقي هو الله تعالى واسناد الكفاية الى المؤمنين لكونهم أسبابا ظاهرة لكفاية الله تعالى والآية نزلت بالبيداء فى غزوة بدر قبل القتال تقوية للحضرة النبوية وتسلية للصحابة رضى الله عنهم فالمراد بالمؤمنين الأنصار وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت فى اسلام عمر رضى الله عنه فتكون الآية مكية كتبت فى سورة مدنية بامر رسول الله صلى الله عليه وسلم- روى- انه اسلم مع النبي عليه السلام ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم اسلم عمر رضى الله عنه فكمل الله الأربعين بإسلامه فنزلت وكان صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول (اللهم أعز الإسلام) وفى رواية (أيد الإسلام بأحد الرجلين اما بابى جهل بن هشام واما بعمر بن الخطاب) وكان دعاؤه بذلك يوم الأربعاء فاسلم عمر رضى الله عنه يوم الخميس وكان وقتئذ ابن ست وعشرين سنة وسبقه حمزة بن عبد المطلب بالإسلام بثلاثة ايام او بثلاثة أشهر- روى- انه لما نزل

قوله تعالى إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ قام ابو جهل بن هشام وكان يكنى فى الجاهلية بابى الحكم لانهم يزعمون انه عالم ذو حكمة ثم كناه النبي عليه السلام بابى جهل وغلبت عليه كنيته وكان خال عمر لان أم عمر اخت ابى جهل لان أم عمر بنت هشام بن المغيرة والد ابى جهل فابو جهل خال عمر او لان أم عمر بنت عم ابى جهل وعصبة الام أخوال الابن فلما قام خطب فقال يا معشر قريش ان محمدا قد شتم آلهتكم وسفة أحلامكم وزعم انكم وآباءكم وآلهتكم فى النار فهل من رجل يقتل محمدا وله على مائة ناقة حمراء وسوداء والف اوقية من فضة فقام عمر بن الخطاب وقال أتضمن ذلك يا با الحكم فقال نعم يا عمر فاخذ عمر بيد ابى جهل ودخلا الكعبة وكان عندها صنم عظيم يسمونه هبل فتحالفا عنده واشهدا على أنفسهما هبل فانهم كانوا إذا أرادوا امرا من سفر او حرب او سلم او نكاح لم يفعلوا شيأ حتى يستأمروا هبل ويشهدوه عليه وتلك الأصنام التي كانت حوله كانت الف صنم وخمسمائة صنم ثم خرج عمر متقلدا سيفه منتكبا كنانته اى واضعا لها فى منكبه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي عليه السلام مختفيا مع المؤمنين فى دار الأرقم رضى الله عنه تحت الصفا يعبدون الله تعالى فيها ويقرأون القرآن فلما اتى الى البيت الذي هم فيه قرع الباب فنظر اليه رجل من خلال الباب فرآه متوشحا سيفه فرجع الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو فزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا سيفه ولم يرد إلا سفك الدم وهتك العرض فقال حمزة فائذن له فان جاء يريد خيرا بذلنا له وان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه فاذن له فى الدخول فلما رآه النبي عليه السلام قال (ما أنت منتهى يا عمر حتى ينزل الله بك قارعة) ثم أخذ بساعده او بمجامع ثوبه وحمائل سيفه وانتهره فارتعد عمر هيبة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجلس فقال اعرض علىّ الإسلام الذي تدعوا اليه فقال النبي عليه السلام (تشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله) فقال اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة وضرب النبي عليه السلام صدر عمر بيده حين اسلم ثلاث مرات وهو يقول (اللهم اخرج ما فى صدر عمر من غل وابد له ايمانا) ونزل جبرائيل عليه السلام فقال يا محمد لقد استبشر اهل السماء بإسلام عمر ولما اسلم قال المشركون لقد انتصف القوم منا وقيل له رضى الله عنه ما تسمية النبي عليه السلام لك بالفاروق قال لما أسلمت والنبي عليه السلام وأصحابه مختفون قلت يا رسول الله ألسنا على الحق ان متنا وان حيينا قال (بلى) فقلت ففيم الاختفاء والذي بعثك بالحق ما بقي مجلس كنت اجلس فيه بالكفر الا أظهرت فيه الإسلام غير هائب ولا خائف والله لا نعبد الله سرا بعد اليوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون وعمر رضى الله عنه امامهم معه سيف ينادى لا اله الا الله محمد رسول الله حتى دخل المسجد ثم صاح مسمعا لقريش كل من تحرك منكم لا مكنن سيفى منه ثم تقدم امام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف والمسلمون ثم صلوا حول الكعبة وقرأوا القرآن جهرا وكانوا قبل ذلك لا يقدرون على الصلاة عند الكعبة ولا يجهرون بالقرآن فسماه النبي عليه السلام الفاروق

لانه فرق الله به الحق والباطل. وجاء بسند حسن (ان أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب) وكان عمر شديدا من حيث مظهريته للاسم الحق وجاء (ما ترك الحق لعمر من صديق) لما لزمت النصح والتحقيقا ... لم يتركا لى فى الوجود صديقا قال إسماعيل بن حماد بن ابى حنيفة كان لنا جار طحان رافضىّ ملعون وكان له بغلان سمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر فرمحه ذات ليلة أحد البغلين فقتله فاخبر جدى ابو حنيفة فقال انظروا فانى إخال ان البغل الذي اسمه عمر هو الذي رمحه فنظروا فكان كما قال واستأذن عمر رضى الله عنه فى العمرة فاذن له عليه السلام وقال (يا أخي لا تنسنا من دعائك) قال ما أحب ان لى بقوله يا أخي ما طلعت عليه الشمس وجاء (أول من يصافحه الحق عز وجل عمر بن الخطاب وأول من يسلم عليه) وجاء (لو كان بعدي نبى لكان عمر بن الخطاب) وجاء (ان الله تعالى أيدني باربعة وزراء اثنين من اهل السماء جبرائيل وميكائيل عليهما السلام واثنين من اهل الأرض ابى بكر وعمر رضى الله عنهما) فكانا بمنزلة الوزيرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يشاورهما فى الأمور كلها وفيهما نزل وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ وجاء (انه كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه الشيء فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملا الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فانه ان كان فى أمتي هذه فهو عمر بن الخطاب) لم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتي التردد فى ذلك فان أمته أفضل الأمم فاذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد به التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه بكمال الصداقة لا نفى سائر الأصدقاء وقد قيل فى فضيلة عمر له فضائل لا تخفى على أحد ... الا على أحد لا يعرف القمرا وجاء (انه يا ابن الخطاب والذي نفسى بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك) والفج طريق واسع. وفيه دليل على علو درجة عمر رضى الله عنه حيث لا يقدر الشيطان ان يسلك طريقا فيه عمر والطريق واسع فكيف يتصور ان يجرى منه مجرى الدم كما يجرى فى سائر الخلق. وفيه تنبيه على صلابته فى الدين واستمرار حاله على الحق المحض. وكان نقش خاتم ابى بكر نعم القادر الله وكان نقش خاتم عمر كفى بالموت واعظا يا عمر. وكان نقش خاتم عثمان آمنت بالله مخلصا. وكان نقش خاتم على رضى الله عنه الملك لله. وكان نقش خاتم ابى عبيدة بن الجراح الحمد لله هذا هو النقش الظاهر المضاف الى البدن واما نقش الوجود فنفسه فقد قيل كرت صورت حال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست وقيل نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل كفت بكن آن كردم نسأل الله تعالى ان يحفظ نقش أيماننا فى لوح القلب من مس يد الشك والريب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب واجعلنا من اهل الإيقان الذين قلت فيهم أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ فما نقشه قبضة جمالك لا يطرأ عليه محو

[سورة الأنفال (8) : الآيات 65 إلى 66]

من جلالك وان تطاول الزمان وامتد عمر الإنسان يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا رفيع القدر حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ اى بالغ فى حثهم على قتال الكفار ورغبهم فيه بوعد الثواب او التنفيل عليه. والتحريض على الشيء ان يحث الإنسان غيره ويحمله على شىء حتى يعلم منه انه ان تخلف عنه كان حارضا اى قريبا من الهلاك فتكون الآية اشارة الى ان المؤمنين لو تخلفوا عن القتال بعد حث النبي عليه السلام إياهم على القتال لكانوا حارضين مشرفين على الهلاك والحث انما يكون بعد الاقدام بنفسه ليقتدى القوم به ولهذا كان النبي عليه السلام إذا اشتدت الحرب اقرب الى العدو منهم كما قال على رضى الله عنه كنا إذا أحر البأس ولقى القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فما يكون أحد اقرب الى العدو منه: قال السلطان سليم فاتح مصر كر لشكر عدو بود از قاف تا بقاف ... بالله كه هيچ روى نمى تابم از مصاف چون آفتاب ظلمت كفر از جهان برم ... كاهى چوصبح تيغ برون آرم از غلاف وفى الآية بيان فضلة الجهاد والا لما وقع الترغيب عليه وفى الحديث (ما جميع اعمال العباد عند المجاهدين فى سبيل الله الا كمثل خطاف أخذ بمنقاره من ماء البحر) إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ ايها المؤمنون عِشْرُونَ صابِرُونَ فى معارك القتال يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بيان للالف وهذا القيد معتبر فى المائتين ايضا كما ان قيد الصبر معتبر فى كل من المقامين بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ متعلق بيغلبوا اى بسبب انهم قوم جهلة بالله باليوم الآخر لا يقاتلون احتسابا وامتثالا لامر الله وإعلاء لكلمته وابتغاء لمرضاته وانما يقاتلون للحمية الجاهلية واتباع الشهوات وخطوات الشيطان واثارة ثائرة البغي والعدوان فيستحقون القهر والخذلان وهذا القول وعد كريم منه تعالى متضمن لا يجاب مقاومة الواحد للعشرة وثباته لهم. وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فى ثلاثين راكبا فلقى أبا جهل فى ثلاثمائة راكب فهزمهم فثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة فنسخ الله هذا الحكم بقوله الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ففرض على الواحد ان يثبت لرجلين قال ابن عباس رضى الله عنهما من فر من ثلاثة لم يفر ومن فر من اثنين فقد فر اى ارتكب المحرم وهو كبيرة الفرار من الزحف قال الحدادي وهذا إذا كان للواحد المسلم من السلاح والقوة ما لكل واحد من الرجلين الكافرين كان فارا. واما إذا لم يكن لم يثبت حكم الفرار وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً اى ضعف البدن قال التفتازانيّ تقييد التخفيف بقوله الآن ظاهر الاستقامة لكن فى تقييد العلم به إشكال توهم انتفاء العلم بالحادث قبل وقوعه. والجواب ان العلم متعلق به ابدا اما قبل الوقوع فبانه سيقع وحال الوقوع بانه يقع وبعد الوقوع بانه وقع وقال الحدادي وعلم فى الأزل ان فى الواحد منكم ضعفا عن قتال العشرة والعشرة عن قتال المائة والمائة عن قتال الالف فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ بتيسيره وتسهيله وهذا القيد معتبر فيما سبق ايضا ترك ذكره تعويلا على ذكره هاهنا وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصر والتأييد فكيف لا يغلبون وما تشعر به كلمة مع من متبوعية مدخولها لاصالتهم من حيث انهم المباشرون للصبر دلت الآية على ان من صبر ظفر فان الصبر مطية الظفر

[سورة الأنفال (8) : آية 67]

صبر وظفر هر دو دوستان قديمند ... صبر كن اى دل كه بعد زان ظفر آيد از چمن صبر رخ متاب كه روزى ... باغ شود سبز وشاخ كل ببر آيد : قال السلطان سليم الاول سليمى خصم سيه دل چهـ داند اين حالت ... كه از ظهور الهيست فتح لشكر ما قال فى التأويلات النجمية فى قوله تعالى بِإِذْنِ اللَّهِ يعنى ان الغلبة والظفر ليس من قوتكم لانكم ضعفاء وانما هو بحكم الله الأزلي ونصره. واما الأقوياء وهم محمد عليه السلام وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ لقوة توكلهم ويقينهم وفقه قلوبهم لا يفر واحد منهم من مائة من العدو كما كان حال النبي عليه السلام ومن معه من اهل القوة على ما قال عباس بن عبد المطلب شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم أفارقه ورسول الله على بغلة بيضاء فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق النبي عليه السلام يركض بغلته قبل الكفار وانا آخذ بلجام بغلته اكفها ارادة ان لا يسرع وابو سفيان آخذ بركاب رسول الله فلما كان رسول الله ومن معه صابرين اولى قوة لم يفروا مع القوم: قال السلطان سليم سيمرغ جان ما كه رميدست از دو كون ... منت خدايرا كه بجان رام مصطفاست وفى ترجمة وصايا الفتوحات المكية [آدمي از جهت انسانيت مخلوقست بر هلع و پر دلى واما از روى ايمان مخلوقست بر قوت وشجاعت وأقدام ودر روايت آمده است از بعضى از صحابه رسول الله عليه السلام رسول او را خبر داده بود كه تو والى شوى در مصر وحكم كنى وقتى قلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بود سائر أصحاب را كفت مرا در كفه منجنيق نهيد وسوى كفار در قلعه انداز يد چون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار بگشايم چون از سبب اين جرأت پرسيدند كفت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مرا خبر داده است كه در مصر والى شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا از روى عرف معلومست كه چون كسى را در كفه منجنيق نهند وبيندازند حال او چهـ باشد پس دل مؤمن قوى ترين دلهاست] ألا انما الإنسان غمد لقلبه ولا خير فى غمد إذا لم يكن نصل وجاء فى دعاء النبي عليه السلام (اللهم انى أعوذ بك من الشك فى الحق بعد اليقين وأعوذ بك من الشيطان الرجيم وأعوذ بك من شر يوم الدين) قال بعضهم العمل سعى الأركان الى الله والنية سعى القلوب الى الله تعالى والقلب ملك والأركان جنوده ولا يحارب الملك الا بالجنود ولا الجنود الا بالملك ما كانَ ما صح وما استقام لِنَبِيٍّ من الأنبياء عليهم السلام أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى اى يثبت له فكان هذه تامة. واسرى جمع أسير كجرحى جمع جريح وأسارى جمع الجمع- روى- انه عليه السلام اتى يوم بدر بسبعين أسيرا فيهم العباس وعقيل بن ابى طالب فاستشار فيهم فقال ابو بكر هم قومك وأهلك استبقهم لعل الله يهديهم الى الإسلام وخذ منهم فدية تقوى بها أصحابك وقال عمر كذبوك وأخرجوك من ديارك وقاتلوك فاضرب أعناقهم فانهم ائمة الكفر مكنى من فلان لنسيب له ومكن عليا من عقيل وحمزة من العباس فلنضرب أعناقهم فلم يهو ذلك رسول الله صلى الله عليه

[سورة الأنفال (8) : آية 68]

وسلم وقال (ان الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن وان الله ليشدد قلوب الرجال حتى تكون أشد من الحجارة وان مثلك يا أبا بكر مثل ابراهيم قال فمن تبعني فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم ومثلك يا عمر مثل نوح قال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) فخير أصحابه بان قال لهم (ان شئتم قتلتموهم وان شئتم اطلقتموهم) بان تأخذوا من كل أسير عشرين اوقية والأوقية أربعون درهما فى الدراهم وستة دنانير فى الدنانير (الا ان يستشهد منكم بعدتهم) فقالوا بل نأخذ الفداء ويدخل منا الجنة سبعون وفى لفظ ويستشهد منا عدتهم فاستشهدوا يوم أحد بسبب قولهم هذا وأخذهم الفداء فنزلت الآية فى فداء أسارى بدر فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو وابو بكر يبكيان فقال يا رسول الله أخبرني فان أجد بكاء بكيت وإلا تباكيت فقال (ابكى على أصحابك فى أخذهم الفداء ولقد عرض علىّ عذابهم ادنى من هذه الشجرة) لشجرة قريبة منه قال فى السيرة الحلبية اسرى بدر منهم من فدى ومنهم من خلى سبيله من غير فداء وهو ابو العاص ووهب بن عمير ومنهم من مات ومنهم من قتل وهو النضر بن الحارث وعقبة بن ابى معط حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ يكثر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الإسلام ويستولى اهله وحتى لانتهاء الغاية فدل الكلام على ان له ان يقدم على الاسر والشد بعد حصول الإثخان وهو مشتق من الثخانة وهى الغلظة والكثافة فى الأجسام ثم استعير فى كثرة القتل والمبالغة فيه لان الامام إذا بالغ فى القتل يكون العدو كشىء ثقيل يثبت فى مكانه ولا يقدر على الحركة يقال أثخنه المرض إذا أضعفه وأثقله وسلب اقتداره على الحركة تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا استئناف مسوق للعتاب اى تريدون حطامها بأخذكم الفداء وسمى المال عرضا لقلة لبثه فمنافع الدنيا وما يتعلق بها لا ثبات لها ولا دوام فصارت كأنها تعرض ثم تزول والخطاب لهم لا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واجلة أصحابه فان مراد ابى بكر كان إعزاز الدين وهداية أسارى وفيه اشارة الى ان أخذ الفداء من أسارى المشركين ما كان شيمة للنبى عليه السلام ولا لسائر الأنبياء فانه رغبة فى الدنيا ومن شيمة النبي عليه السلام انه قال (مالى وللدنيا) كين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص وانما رغب فيها بعضهم بعد ان شاورهم بامر الله تعالى إذا مره بقوله وشاورهم فى الأمر وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ يريد لكم ثواب الآخرة الذي لا مقدار عنده للدنيا وما فيها قال سعدى چلبى المفتى لعل المراد والله اعلم والله يرضى فاطلق الارادة على الرضى على سبيل المشاكلة فلا يرد ان الآية تدل على عدم وقوع مراد الله تعالى خلاف مذهب اهل السنة وَاللَّهُ عَزِيزٌ يغلب أولياؤه على أعدائه حَكِيمٌ يعلم بما يليق بكل حال ويخصها به كما امر بالاثخان ومنع عن الافتداء حين كانت الشوكة للمشركين وخير بينه وبين المنّ بقوله تعالى فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً لما تحولت الحال وصار الغلبة للمؤمنين قال بعضهم دلت الآية على ان الأنبياء مجتهدون لان العتاب الذي فيها لا يكون فيما صدر عن وحي ولا فيما كان صوابا وانه قد يكون خطأ ولكن لا يتركون عليه بل ينبهون على الصواب لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ

[سورة الأنفال (8) : آية 69]

لولا حكم من الله سبق إثباته فى اللوح المحفوظ وهو ان لا يعاقب المخطئ فى اجتهاد وان لا يعذب اهل بدر او قوما لم يصرح لهم بالنهى وفى التأويلات النجمية لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ باستبقاء هؤلاء الأسارى ليؤمن بعضهم ويؤمن أولاد بعضهم وذراريهم لَمَسَّكُمْ اى لاصابكم فِيما أَخَذْتُمْ اى لاجل ما أخذتم من الفداء عَذابٌ عَظِيمٌ لا يقادر قدره- روى- انه عليه السلام قال (لو نزل العذاب لما نجامنه غير عمر وسعد بن معاذ) وذلك لانه ايضا أشار بالاتخاذ. وفيه دليل على انه لم يكن أحد من المؤمنين ممن حضر بدرا الا أحب أخذ الفداء غيرهما قال عبد الله بن عمر ما نزل بالناس امر فقال الناس وقال عمر إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر وفى الحديث (ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) وقد وافق الوحى فى مواضع منها ما فى هذه القصة ومنها انه قال يا رسول الله ان نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو امرتهن ان يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الغيرة فقال لهن عمر عسى ربه ان طلقكن ان يبدله أزواجا خيرا منكن فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ- روى- انهم أمسكوا عن الغنائم فقال تعالى قد ابحت لكم الغنائم فكلوا مما غنمتموه [از آنچهـ غنيمت كرفتيد وفديه از ان جمله است] حَلالًا حال من المغنوم وفائدته ازاحة ما وقع فى نفوسهم من عدم حل المغنوم بسبب تلك المعاتبة فان من سمع العتاب المذكور وقع فى قلبه اشتباه فى امر حله طَيِّباً الطيب المستلذ ويوصف الحلال بذلك على التشبيه فان المستلذ ما لا يكون فيه كراهية فى الطبع وكذا الحلال ما لا يكون فيه كراهية فى الدين وَاتَّقُوا اللَّهَ اى فى مخالفة امره ونهيه إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لكم ما فرط منكم من استباحة الفداء قبل ورود الاذن فيه ويرحمكم ويتوب عليكم إذا اتقيتموه قال الكاشفى [رحيم مهر بانست كه غنيمت بر شما حلال كرده وبر امم ديكر حرام بوده] كما قال ابن عباس رضى الله عنهما كانت الغنائم حراما على الأنبياء فكانوا إذا أصابوا مغنما جعلوه للقربان فكانت تنزل نار من السماء فتأكله ولله تعالى عنايات لهذه الامة لا تحصى- روى- عن النبي عليه السلام انه قال لآدم ليلة المعراج (أنت خير الناس لان الله تعالى قد فعل معك ستة أشياء. خلقك بيده. وأكرمك بالعلم. واسجد لك ملائكته. ولعن من لم يسجد لك. وكرمك بامرأة منك حواء. وأباح لك الجنة بحذافيرها) فقال لابل أنت خير الناس لانه اعطاك ستة أشياء لم يعطها أحدا غيرك. جعل شيطانك مسلما. وقهر عدوك. واعطاك زوجة مثل عائشة تكون سيدة نساء الجنة. واحيى جميع الأنبياء لاجلك. وجعلك مطلعا على سرائر أمتك وعامل أمتك بستة أشياء. أولها أخرجني من الجنة بمعصية واحدة ولا يخرج أمتك من المسجد بالمعصية. ونزع منى الحلة ولم ينزع الستر من أمتك. وفرق عنى زوجتى ولا يفرق عن أمتك أزواجهم. ونقص من قامتى ولا ينقص من قامتهم وفضحنى بقوله وعصى آدم وستر على أمتك. وبكيت مائتى سنة حتى غفر لى ويغفر لامتك بعذر واحد: قال السعدي قدس سره محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت نهى بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عفوم مكن نا اميد

[سورة الأنفال (8) : الآيات 70 إلى 75]

وينبغى للمؤمن ان يأخذ الحذر فان عتاب الله تعالى إذا كان بهذه المرتبة فى صورة الخطأ فى الأمور الاجتهادية فما ظنك فى عتابه بل بعقابه فى الأمور العمدية المخالفة لكتاب الله تعالى ألا ترى ان الهدهد لما خالف سليمان فى الغيبة استحق التهديد والزجر والعقوبة فانك ان خالفت امر سلطانك تستحق العقوبة فان أنت واظبت على الخدمة والطاعة أقمت عذرك وفى القصة بيان لزوم البكاء عند وقوع الخطأ لان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضى الله عنه بكيا قيل ان النار تقرب يوم القيامة فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم بالانصراف فلا تنصرف حتى يأتى جبريل بقدح من الماء ويقول اضربه على وجهها فيضربه فتفر النار فيقول (يا جبرائيل من اين هذا الماء) فيقول انه من دموع العصاة: وفى المثنوى تا نكريد ابر كى خندد چمن ... تا نكريد طفل كى جوشد لبن «1» طفل يك روزه همى داند طريق ... كه بكريم تا رسد دايه شفيق تو نمى دانى كه دايه دايكان ... كم دهد بي كريه شير او را يكان چون بر آرند از پشيمانى انين ... عرش لرزد از أنين المذنبين «2» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ من الألقاب المشرفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى يا ايها المخبر عن الله وعن أحكامه قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى جمع أسير- روى- انها نزلت فى العباس ابن عبد المطلب عم النبي عليه السلام وكان اسر يوم بدر وكان أحد العشرة الذين ضمنوا اطعام من خرج من مكة لحماية العير وكان يوم بدر قد خرج بعشرين اوقية من ذهب ليطعم بها الكفار فوقع القتال قبل ان يطعم بها وبقيت العشرون اوقية معه فاخذت منه فى الحرب فكلم النبي عليه السلام فى ان يحتسب العشرين اوقية من فدائه فابى وقال (اما شىء خرجت تستعين به علينا فلا اتركه لك) فكلفه ان يفدى نفسه بمائة اوقية زائد على فداء غيره لقطع الرحم وكلفه ان يفدى ايضا ابني أخويه عقيل بن ابى طالب ونوفل بن الحارث كل واحد بأربعين اوقية فقال يا محمد تركتنى اى صيرتنى اتكفف قريشا ما بقيت والتكفف هو ان يمد كفه يسأل الناس يعنى غنم المسلمون مالى وما بقي لى شىء حتى افدى نفسى وابني أخوي فقال (فاين الذهب الذي دفعته الى أم الفضل) يعنى زوجته (وقت خروجك من مكة وقلت لها انى لا أدرى ما يصيبنى فى وجهى هذا فان حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله والفضل وقنم) وهم ابناؤه فقال العباس وما يدريك قال (أخبرني به ربى) قال اشهد انك صادق وان لا اله الا الله وانك رسول الله والله لم يطلع عليه أحد الا الله ولقد دفعته إليها فى سواد الليل ولقد كنت مرتابا فى أمرك فاما إذا خبرتنى بذلك فلا ريب. والآية وان نزلت فى حق العباس خاصة الا ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب اى قل للعباس وعقيل وغيرهما من الأسارى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً ايمانا وإخلاصا هذا الشك بالنسبة إلينا كما فى قوله عليه السلام (ان كنت تعلم) فى دعاء الاستخارة فان معناه ان تعلق علمك وإرادتك فلما كان تعلق هذا العلم مشكوكا بالنسبة الى العبد عبر عن هذا المعنى بما ترى هكذا سمعته من حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ من الفداء وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال العباس

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب رجوع كردن مهمان بخانه مصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ. (2) در اواسط دفتر ششم دو بيان استعداد عارف سرچشمه حيات أبدى إلخ.

[سورة الأنفال (8) : آية 71]

فابدلنى الله خيرا مما أخذ منى لى الآن عشرون عبدا وان ادباهم ليضرب اى يتجر فى عشرين الف درهم وأعطاني سقاية زمزم ما أحب ان لى بها جميع اموال اهل مكة أنجز لي أحد الوعدين وانا ارجوا ان ينجز لى الوعد الثاني اى انتظر المغفرة من ربى فانه لا خلاف فى وعد الكريم خلاف وعده محالست كز كريم آيد ... لئيم اگر نكند وعده وفا شايد وَإِنْ يُرِيدُوا يعنى الأسرى خِيانَتَكَ اى نقض ما عاهدوك عليه من الإسلام بالارتداد على دين آبائهم فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ بكفرهم ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه فى الأزل فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ان اقدر عليهم كما فعل يوم بدر فان أعادوا الخيانة فيمكنك منهم ايضا يقال مكنه من الشيء وامكنه منه اى اقدره عليه فتمكن منه وَاللَّهُ عَلِيمٌ فيعلم ما فى نياتهم وما يستحقونه من العقاب برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه حكمته البالغة وفى بعض الروايات ان العباس كان قد اسلم قبل وقعة بدر ولكن لم يظهر إسلامه لانه كان له ديون متفرقة فى قريش وكان يخشى ان اظهر إسلامه ضياعها عندهم وانما كلفه النبي عليه السلام الفداء لانه كان عليه ظاهر الا له ولما كان يوم فتح مكة وقهرهم الإسلام اظهر إسلامه ولم يظهر النبي عليه السلام اسلام العباس رفقا به كيلا يضيع ماله عند قريش وكان قد استأذن النبي عليه السلام فى الهجرة فكتب اليه (يا عم أقم مكانك الذي أنت فيه فان الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة) فكان كذلك وفى الآية بيان قدرة الله تعالى وان مريد الخلاص من يد قهره فى الدنيا والآخرة لا يجد اليه سبيلا الا بالايمان والإخلاص فهو القادر القوى الخالق وما سواه العاجز الضعيف المخلوق وفى الخبران النبي عليه السلام قال (ان الله تعالى قال قل للقوى لا يعجبنك قوتك فان أعجبتك قوتك ادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان أعجبك فاخبرنى متى أجلك وقل للغنى لا يعجبنك غناك فان أعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا) وفى الآية اشارة الى النفوس المأسورة التي أسرت فى الجهاد الأكبر عند استيلاء سلطان الذكر عليها والظفر بها ان اطمأنت الى ذكر الله والعبودية والانقياد تحت أحكامه يؤتها الله نعيم الجنة ودرجاتها وهى خير من شهوات الدنيا ونعيمها وزينتها فان الدنيا ونعيمها فانية والجنة ونعيمها باقية وخيانة النفس التجاوز عن حد الشريعة والطريقة يقال ان متابعة سبعة اصناف أورثت سبعة أشياء. الاول ان متابعة النفس أورثت الندامة كما قال تعالى فى قتل قابيل هابيل فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ. والثاني ان متابعة الهوى أورثت البعد كما قال لبلعام وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يعنى فى البعد والخساسة والثالث ان متابعة الشهوات أورثت الكفر كما قال تعالى وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا يعنى الكفر. والرابع ان متابعة فرعون أورثت الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة كما قال تعالى فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ الى قوله فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ. والخامس ان متابعة القادة الضالة أورثت الحسرة كما قال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا الى قوله كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ. والسادس ان محبة النبي عليه السلام أورثت المحبة كما قال الله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.

[سورة الأنفال (8) : آية 72]

والسابع ان متابعة الشيطان أورثت جهنم كما قال تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله تعالى وبمحمد عليه الصلاة والسلام وبالقرآن وَهاجَرُوا أوطانهم وهى مكة حبا لله ولرسوله وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ بان صرفوها الى الكراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج وَأَنْفُسِهِمْ بمباشرة القتال واقتحام المعارك والخوض فى المهالك ولعل تقديم الأموال على الأنفس لان المجاهدة بالأموال اكثر وقوعا وأتم دفعا للحاجة حيث لا تتصور المجاهدة بالنفس بلا مجاهدة بالمال هكذا فى تفسير الإرشاد يقول الفقير أصلحه الله القدير وجه التقديم عندى ان المال من توابع النفس والوجود وتوابعها اقدم منها فى البذل. وفى الآية اسلوب الترقي من الأدنى الى الأعلى ولذا قال سادات الصوفية قدس الله أسرارهم بذل المال فى مقابلة توحيد الافعال وبذل الوجود فى مقابلة توحيد ذات المعبود فِي سَبِيلِ اللَّهِ متعلق بجاهدوا قيد لنوعى الجهاد والمراد بسبيل الله الطريق الموصل الى ثوابه وجناته ودرجاته وقرباته وهو انما يكون موصلا بالإخلاص فبذل المال والنفس بطريق الرياء لا يوصل الى رضى الله ذى العظمة والكبرياء اللهم اجعلنا من الذين جاهدوا فى سبيلك لا فى سبيل غيرك: قال الشيخ المغربي قدس سره كل توحيد نرويد ز زمينى كه درو ... خار شرك وحسد وكبر وريا وكين است وَالَّذِينَ آوَوْا النبي والمهاجرين معه اى أعطوهم المأوى وانزلوهم ديارهم بالمدينة والإيواء الضم وَنَصَرُوا اى نصروهم على أعدائهم وأعانوهم بالسيف على الكفار فالاول فى حق المهاجرين والثاني فى حق الأنصار والأنصار كالعلم للقبيلتين الأوس والخزرج ولهذا جازت النسبة الى لفظ الجمع حيث قالوا الأنصاري نسبة الى الأنصار وسمعوا الأنصار لانهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد الأنصار نصير كشريف واشراف: قال السلطان سليم الاول شاهنشه آن كدا كه بود خاك راه او ... آزاد بنده كه كرفتار مصطفاست آن سينه شاد كز غم او ساخت دل حزين ... وآن جان عزيز كز پى إيثار مصطفاست أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من النعوت الفاضلة بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ فى الميراث وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب حتى نسخ بقوله وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ اى اولى بميراث بعض من الأجانب. والحاصل ان التوارث فى الابتداء بالهجرة والنصرة لا بمجرد القرابة فكان المهاجر يرثه اخوه الأنصاري إذا لم يكن بالمدينة ولىّ مهاجرى ولا توارث بينه وبين قريبه المسلم غير المهاجري واستمر أمرهم كذلك الى ان فتحت مكة فسقطت فرضية الهجرة ثم توارثوا بالقرابة. فالاولياء جمع ولى كصديق وأصدقاء والولي من الولي بمعنى القرب والدنو فكأنه قيل بعضهم أقرباء بعض لاقرابة بينهم وبين من لم يؤمن ولا بين من آمن ولم يهاجر كما قال تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا كسائر المؤمنين ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ اى من توليهم فى الميراث وان كانوا من اقرب

[سورة الأنفال (8) : آية 73]

أقاربكم حَتَّى يُهاجِرُوا ولما بين تعالى ان منكم المؤمن الذي لم يهاجر انقطاع الولاية بينه وبين المؤمنين وتوهم انه يجب ان يتحقق بينهم التقاطع التام لتحققه بينه وبين الكفار أزال هذا الوهم بقوله وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ اى ان طلب منكم المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ اى فوجب عليكم نصرهم على من يعاديهم فى الدين إِلَّا عَلى قَوْمٍ منهم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ اى الا إذا كان من يعاديهم ويحاربهم من الكفار بينهم وبينكم عهد موثق فحينئذ يجب عليكم الوفاء بالعهد وترك المحاربة معهم ولا يلزمكم نصر الذين آمنوا ولم يهاجروا عليهم بل الإصلاح بينهم على وجه غير القتال وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فلا تخالفوا امره كيلا يحل بكم عقابه وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ آخر فى الميراث منطوق الآية اثبات الموالاة بين الكفار والكفار ليسوا بمخاطبين بفروع الايمان فالمراد منه بطريق المفهوم المخالف نهى المسلمين عن موالاتهم وموارثتهم وإيجاب المباعدة بينهم ان وجد بينهم قرابة نسبية لان الموالاة بين الكفار مبنية على التناسب فى الكفر كما انها بين المؤمنين مبنية على التناسب فى الايمان فكما لا مناسبة بين الكفر والايمان من حيث ان الاول ظلمة والثاني نور فكذا لا مناسبة بين أهلهما فان الكافر عدو الله والمؤمن ولى الله فوجب التقاطع وازالة الوصلة من غير الجنس: قال الحافظ نخست موعظه پير صحبت اين پندست ... كه از مصاحب نا جنس احتراز كنيد إِلَّا اى ان لا إِلَّا تَفْعَلُوهُ اى ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولى بعضكم بعضا حتى فى التوارث ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار تَكُنْ تامة فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ اى تحصل فتنة عظيمة فيها وهى ضعف الايمان وظهور الكفر وَفَسادٌ كَبِيرٌ فى الدارين وفيه اشارة الى مساعدة طالب النصرة بأى وجه كان فان تركها يؤدى الى الخسران وارتفاع الامان وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) ونصرة الظالم بنهيه عن الظلم وفى فتاوى ضيخان إذا وقع النفير من قبل الروم فعلى كل من يقدر على القتال ان يخرج الى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف الا بعذر بين انتهى. وكما انه لا كلام فى فضيلة الاعانة والامداد كذلك لا كلام فى الهجرة الى ما يقوم به دين المرء من البلاد- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش مع عدم قدرته على إنقاذهم مما هم فيه قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين تذهب قال (هاهنا) وأشار بيده الى جهة الحبشة وفى رواية قال لهم (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة انه قال لو كان لى مال لهاجرت من قسطنطينية الى ارض الهند لانه لا فائدة فى الاقامة مع سلطان لا غيرة له أصلا من جهة الدين ثم ذكر تورع سلطان الهند وهذا الكلام مطابق للشريعة والطريقة. وقد قال بعض الكبار ان الأولياء لا يقيمون فى بلاد الظلم وجاء فى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليهما الصلاة والسلام)

[سورة الأنفال (8) : آية 74]

فهاجر الى الحبشة ناس من مخافة الفتنة وفرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله ومنهم من هاجر بنفسه وهى الهجرة الاولى فمن آمن بان طلب الله تعالى حق واجب هاجر من غير الله فهاجر من أفعاله القبيحة الطبيعية الى الافعال الحسنة الشرعية ومن الأوصاف الذميمة الى الأخلاق الحميدة ومن الوجود المجازى الى الوجود الحقيقي وبذل ماله ونفسه فى طلب الحق وترك كل باطل هو غير الحق: قال السيد البخاري قدس سره هست تاج عارفان اندر جهان از چار ترك ... ترك دنيا ترك عقبا ترك هستى ترك ترك وفى الحديث (كان فيما كان قبلكم رجل قتل تسعا وتسعين نفسا فسال عن اعلم اهل الأرض فدل على راهب فاتاه فقال انه قتل تسعا وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به المائة ثم سأل عن اعلم اهل الأرض فدل على رجل عالم فقال انه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينك وبين التوبة انطلق الى ارض كذا وكذا فان بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع الى أرضك فانها ارض سوء فانطلق حتى إذا بلغ نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه الى الله وقالت ملائكة العذاب انه لم يعمل خيرا قط فاتاهم ملك فى صورة آدمي فجعلوه بينهم حكما فقال قيسوا ما بين الأرضين فالى أيتهما كان ادنى فهو لها فقاسوه فوجدوه ادنى الى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة) وفى رواية (فاوحى الله الى هذه ان تباعدى والى هذه ان تقربى) فان قلت الظاهر من الحديث انه قبلت توبة ذلك الرجل وهذا مخالف لما ثبت فى الشرع من ان حقوق العباد لا تسقط بالتوبة قلنا إذا تاب ظالم لغيره وقبل الله توبته يغفر له ذنب مخالفة امر الله وما بقي عليه من حق العبد فهو فى مشيئة الله ان شاء أخذ حقه منه والحديث من القسم الاول وعلى تقدير الإرضاء لا يكون ساقطا ايضا لاخذه عوضه من الله وفى الحديث استجاب ان يفارق التائب موضع الذنب والمساعدين ويستبدل منهم صحبة اهل الصلاح اللهم اجعلنا من المهاجرين والحقنا بعبادك الصالحين وَالَّذِينَ آمَنُوا بجميع ما يجب ان يؤمن به اجمالا وتفصيلا وَهاجَرُوا أوطانهم تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبا لمرضاة الله وَجاهَدُوا الكفار والمجاهدة. والجهاد [با كسى كار زار كردن در راه خداى] فِي سَبِيلِ اللَّهِ هو دين الإسلام والإخلاص الموصلان الى الجنة ودرجاتها وَالَّذِينَ آوَوْا اى ضموا المؤمنين الى أنفسهم فى مساكنهم ومنازلهم وواسوهم يقال أويت منزلى واليه او يا نزلته بنفسي وسكنته واوّيته أنزلته والمأوى المكان فالايواء بالفارسية [جايكاه دادن] وَنَصَرُوا اى أعانوهم على أعدائهم فالموصول الاول عبارة عن المهاجرين الأولين والثاني عن الأنصار كما سبق أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ايمانا حَقًّا لانهم حققوا ايمانهم بتحصيل مقتضاه من الهجرة والجهاد وبذل المال ونصرة الحق. فالآية الاولى مذكورة لبيان حكمهم وهو انهم يتوارثون ويتولى بعضهم بعضا فى الميراث. وهذه الآية مذكورة لبيان ان الكاملين فى الايمان منهم هم الهاجرون الأولون والأنصار لا غيرهم فلا تكرار لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ اى واسع كثير يطعمهم الله تعالى

[سورة الأنفال (8) : آية 75]

فى الجنة طعاما يصير كالمسك وشجا ولا يستحيل فى أجوافهم نجوا وهو ما يخرج من البطن من ريح او غائط تم ألحق بهم فى الامرين من سيلحق بهم ويتسم بسمتهم فقال وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ اى من بعد الهجرة الاولى وَهاجَرُوا بعد هجرتكم وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فى بعض مغازيكم فَأُولئِكَ مِنْكُمْ اى من جملتكم ايها المهاجرون والأنصار وهم الذين جاؤا من بعدهم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ألحقهم الله بالسابقين وجعلهم منهم تفضلا منه وترغيبا فى الايمان والهجرة- روى- ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار فكان المهاجر يرثه اخوه الأنصاري دون قريبه الغير المهاجر وان كان مسلما فنسخ الله تعالى ذلك الحكم بقوله وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ آخر منهم فى التوارث من الأجانب فِي كِتابِ اللَّهِ اى فى حكمه إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ومن جملته ما فى تعليق التوارث بالقرابة الدينية اولا وبالقرابة النسبية آخرا من الحكم البالغة نه در احكام اوست چون و چرا ... نه در افعال او چكونه و چند اعلم ان المهاجرين الأولين من حيث انهم أسسوا قاعدة الايمان واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنصار يدل عليه قوله عليه السلام (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) فان المراد منه إكرام الأنصار بان لا رتبة بعد الهجرة أعلى من نصرة الدين. والمهاجرون على طبقات منهم من هاجر معه عليه السلام او بعد هجرته قبل صلح الحديبية وهو فى سنة ثنتين من الهجرة وهم المهاجرون الأولون. ومنهم من هاجر بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة وهم اهل الهجرة الثانية. ومنهم ذو هجرتين هجرة الى الحبشة وهجرة الى المدينة وكانت الهجرة الى المدينة بعد ان هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضا على المؤمن المستطيع ليكون فى سعة امر دينه ولينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى إعلاء كلمة الله فلما فتح مكة أعلمهم بان الهجرة المفروضة قد انقطعت وانه ليس لاحد بعد ذلك ان ينال فضيلة الهجرة وان ينازع المهاجرين فى مراتبهم واما الهجرة التي تكون من المسلم لصلاح دينه الى مكة او الى غيرها فانها باقية ابد الدهر غير منقطعة وفى الحديث (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد دينى) وفى الحديث (من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة) وروى الامام فى الاحياء ان النبي عليه الصلاة والسلام لما عاد الى مكة استقبل الكعبة وقال انك خير ارض الله وأحب بلاد الله الىّ ولولا انى أخرجت منك ما خرجت فما هو محبوب للنبى عليه السلام محبوب لامته ايضا فالاقامة بمكة مع الوفاء بحق المقام أفضل كيف لا والنظر الى البيت عبادة والحسنات فيها مضاعفة وللقاصر عن القيام بحق الموضع ترك الاقامة فان بعض العلماء كرهها لمثله- حكى- ان عمر بن عبد العزيز وأمثاله من الأمراء كان يضرب فسطاطين فسطاطا فى الحل وفسطاطا فى الحرم فاذا أراد ان يصلى او يعمل شيأ من الطاعات دخل فسطاط الحرم رعاية لفضل المسجد الحرام وإذا أراد ان يأكل او يتكلم او غير ذلك خرج الى فسطاط الحل ومقدار الحرم من قبل المشرق ستة أميال ومن الجانب الثاني اثنى عشر

تفسير سورة التوبة

ميلاد ومن الجانب الثالث ثمانية عشر ميلا ومن الجانب الرابع اربعة وعشرون ميلا هكذا قال الفقيه ابو جعفر. وكما ان للاماكن الشريفة والبقاع المنيفة قدرا وحرمة عند الله تعالى وعند الناس فكذا القلوب الصافية لاهل الكمالات الوافية بل خطرها أعظم مسجدى كو اندرون اولياست ... سجده كاه جمله است آنجا خداست آن مجاز است اين حقيقت اى خران ... نيست مسجد جز درون سروران وفى قوله تعالى فَأُولئِكَ مِنْكُمْ اشارة الى ان كل سالك صادق سلك طريق الحق من المتأخرين على قدم الايمان والهجرة والجهاد الحقيقي فهو من المتقدمين لانه ليس عند الله صباح ولا مساء فالواصلون كلهم كنفس واحدة وهم متبرئون من الزمان والمكان استوى عندهم الأمس واليوم والغد والقرب والبعد والعلو والسفل ولهذا قال عليه السلام (أمتي كالمطر لا يدرى أولهم خير أم آخرهم) وعد المتأخرين من إخوانه وقال (ووا شوقاه الى لقاء إخواني) هذا وكان الحسن إذا قرأ سورة الأنفال قال طوبى لجيش قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبارزهم اسد الله وجهادهم طاعة الله ومددهم ملائكة الله وثوابهم رضوان الله نسأل الله تعالى ان يوفقنا لصالحات الأعمال وحسنات الأقوال والأحوال وان تجعلنا مشغولين بطاعة الله فى كل آن وحال تمت سورة الأنفال بفضل الله المتعال فى اواخر شهر ربيع الآخر من شهور سنة الف ومائة وواحد تفسير سورة التوبة مائة وثلاثون آية وهى مدينة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم انما تركت التسمية أول براءة لعدم المناسبة بين الرحمة التي تدل عليها البسملة والتبري الذي يدل عليه أول براءة ورده فى الفتوحات بانها جاءت فى أوائل السور المبدوءة بويل قال واين الرحمة من الويل وقال فى التأويلات النجمية الحكمة فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم فى أول سورة براءة وكتابتها فى سورة النمل ليعلم انها آية مكررة فى القرآن واكثر ما أنزلت فى أوائل السور لتكون فاصلة بين السورتين ولتكون كل سورة متوجّة بتاج اسم الله تعالى وصفة جماله وجلاله فحيث نزلت كتبت وحيث لم تنزل لم تكتب فلما لم تنزل فى أول براءة ما كتبت فى أولها ونزلت فى أول النمل واثنائها فكتبت فى الموضعين جميعا اه [در ترجمه اسباب نزول از بستان فقيه ابو الليث نقلى ميكند كه ثقات مشايخ بعنعنه از ذى النورين رضى الله عنه روايت كرد كه كاتب خاتمه يسألونك عن الأنفال وفاتحه براءة من الله من بودم حضرت مصطفى عليه الصلاة والسلام ميان اين دو سوره إملاء بسم الله نفرمودند] كذا فى تفسير الكاشفى وهو مؤيد لكلام التأويلات وقال حضرة الشيخ الأكبر والمسك الأذفر قدس سره الأطهر اعلم ان بسملة سورة براءة هى التي فى سورة النمل فان الحق سبحانه إذا وهب شيأ لم يرجع فيه ولا يرده الى العدم فلما خرجت رحمة براءة وهى البسملة وحكم التبري من أهلها برفع الرحمة الاختصاصية عنهم ووقف الملك بها لا يدرى اين يضعها فان كل

[سورة التوبة (9) : الآيات 1 إلى 5]

امة من الأمم الانسانية أخذت رحمتها بايمانها قال تعالى اعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان عليه السلام وهى لا يلزمها ايمان الا برسولها فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الانسانية حظا وهو بسم الله الرحمن الرحيم الذي سلب من المشركين فلما وسعت الرحمة الرحمانية كل شىء فى الوجود الكونى أقيمت الباء فى براءة مقامها لانها من حروف آية الرحمة والامان لان كل شىء فى الوجود الكونى لا يخلو من رحمة الله عامة او خاصة انتهى واعلم ان الاستعاذة واجبة على كل من شرع فى قراءة القرآن سواء بدأ من أوائل السور او من اجزائها مطلقا وان أراد بها افتتاح الكتب والدرس كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ ثم ان البسملة لا بد منها فى أول الفاتحة مطلقا وفى أول كل سورة ابتدأت بها سوى براءة فانها لا تسمية فى أولها اجماعا والقارئ مخير فى التسمية وعدمها فيما بين اجزاء السور سوى اجزاء براءة فانه لا بسملة فى اجزائها ايضا كذا فى شرح الشاطبية للجعبرى بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اى هذه براءة مبتدأة من جهة الله ورسوله واصلة إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ ايها المسلمون مِنَ الْمُشْرِكِينَ فمن لابتداء الغاية والى لانتهاء الغاية متعلقان بمحذوف كما تقول هذا كتاب من فلان الى فلان اى واصل منه اليه وليست كلمة من صلة براءة كما فى قولك برئت من فلان والبراءة من الله انقطاع العصمة ونقض العهد ولم يذكر ما تعلق به البراءة كما فى ان الله بريىء من المشركين اكتفاء بما فى حيز الصلة واحترازا عن تكرير لفظة من ولما كانت المعاهدة غير واجبة بل مباحة مأذونة وكان الاتفاق للعهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب إليهم مع ان مباشرة أمرها انما تتصور من المسلمين لامن الله تعالى وان كانت بإذن الله تعالى بخلاف البراءة فانها واجبة أوجبها الله تعالى وامر منوط بجناب الله تعالى كسائر الأوامر غير متوقفة على رأى المخاطبين. والمعنى ان الله ورسوله قد برئا من العهد الذي عاهدتم به المشركين فانه منبوذ إليهم والعهد العقد الموثق باليمين وقد كانوا عاهدوا مشركى العرب من اهل مكة وغيرهم بإذن الله واتفاق الرسول فنكثوا الا بنى ضمرة وبنى كنانة فامر المسلمون بنبذ العهد الى الناكثين وأمهلوا اربعة أشهر كما قال تعالى فَسِيحُوا اى فقولوا لهم سيحوا وسيروا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مقبليين مدبرين آمنين من القتال غير خائفين من النهب والغارة. والسيح والسياحة الذهاب فى الأرض والسير فيها بسهولة على مقتضى المشيئة كسيح الماء على موجب الطبيعة ففيه من الدلالة على كمال التوسعة والترفيه ما ليس فى سيروا ونظائره وزيادة فى الأرض لقصد التعميم لا قطارها من دار الإسلام وغيرها والمراد اباحة ذلك لهم وتخليتهم وشأنهم للحرب او تحصين الأهل والمال او تحصيل الحرب او غير ذلك لا تكليفهم بالسياحة فيها والمراد بالأشهر الاربعة هى الأشهر الحرم التي علق القتال بانسلاخها هى شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم لان السورة نزلت فى شوال سنة تسع من الهجرة بعد فتح مكة فانه كان فى السنة الثامنة منها أمروا بان لا يتعرضوا للكفار بتلك المدة صيانة للاشهر الحرم عن القتال فيها ثم نسخ وجوبها ليتفكروا ويعلموا ان ليس لهم بعد هذه المدة الا الإسلام او السيف فيصير ذلك حاملا لهم على الإسلام ولئلا ينسبوا المسلمين الى الخيانة ونقض العهد على غفلة المعاهدين وقيل هى عشرون

من ذى الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشر من شهر ربيع الآخر لان التبليغ كان يوم النحر كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى سنة الفتح عتاب بن أسيد الوقوف بالناس فى الموسم واجتمع فى تلك السنة فى الوقوف المسلمون والمشركون فلما كانت سنة تسع بعث أبا بكر رضى الله عنه أميرا على الموسم فلما خرج منطلقا نحو مكة اتبعه عليا رضى الله عنه راكب العضباء ليقرأ هذه السورة على اهل الموسم فقيل له عليه السلام لو بعثت بها الى ابى بكر فقال (لا يؤدى عنى الأرجل منى) وذلك لان عادة العرب ان لا يتولى امر العهد والنقض على القبيلة إلا رجل منها سيدهم او واحد من رهطه وعترته فبعث عليا ازاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا فى العهد والنقض فلما دنا على سمع أبو بكر الرغاء وهو صوف ذوات الحوافر فوقف وقال هذا رغاء ناقة رسول الله فلما لحقه قال أمير أم مأمور قال مأمور فمضيا فلما كان قبل يوم التروية خطب أبو بكر وحدثهم عن مساكنهم وقام علىّ يوم النحر عند جمرة العقبة فقال (يا ايها الناس انى رسول الله إليكم فقالوا بماذا فقرأ عليهم ثلاثين او أربعين آية من أول هذه السورة ثم قال أمرت بأربع ان لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة الا كل نفس مؤمنة وان يتم الى كل ذى عهد عهده) وقال الحدادي كان الحج فى السنة التي قرأ على رضى الله عنه فيها هذه السورة فى العاشر من ذى القعدة ثم صار الحج فى السنة الثانية فى ذى الحجة وكان السبب فى تقديم الحج فى سنة العهد ما كان يفعله بنوا كناية فى النسيء وهو التأخير انتهى فعلى هذا كان المراد بالأشهر الاربعة من عشر ذى القعدة الى عشر من شهر ربيع الاول كما ذهب اليه البعض وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بسياحتكم فى أقطار الأرض فى العرض والطول وان ركبتم متن كل صعب وذلول غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لا تفوتونه بالهرب والتحصين قال فى ربيع الأبرار غير معجزى الله سابقى الله وكل معجز فى القرآن سابق بلغة كنانة وَأَنَّ اللَّهَ اى واعلموا انه تعالى مُخْزِي الْكافِرِينَ اى مذلكم فى الدنيا بالقتل والاسر وفى الآخرة بالعذاب وما يحصل لكم من الافتضاح. والاخزاء هو الازلال بما فيه فضيحة وعار قال القشيري قطع لهم مدة على وجه المهلة على انهم ان أقلعوا عن الضلال وجدوا فى المال ما فقدوا من الوصال وان أبوا الا التمادي فى الحرمة والجريمة انقطع ما بينهم وبينه من العصمة ثم ختم الآية بما معناه ان أصررتم على قبيح آثاركم مشيتم الى هلاككم بقدمكم وسعيتم فى عاجلكم فى اراقة دمكم وحصلتم فى آجلكم على ندمكم فما خسرتم الا فى صفقتكم تبدلت وتبدلنا واخسرنا ... من ابتغى عوضا يسعى فلم يجد ففى الآية دعوة الى الصلح والايمان بعد الحراب والكفران فمن كفر وعصى فقد خاصم ربه فجاء الندم فى تأخيره التوبة والاستغفار وعدم مبالاته بمباغتة قهر الملك الجبار قال بعض العرفاء ان شئت ان تصير من الابدال فحول خلقك الى بعض خلق الأطفال ففيهم خمس خصال لو كانت فى الكبار لكانوا ابدالا لا يهتمون للرزق: قال الصائب فكر آب ودانه در كنج قفس بي حاصلست ... زير چرخ انديشه روزى چرا باشد مرا

[سورة التوبة (9) : آية 3]

ولا يشكون من خالقهم إذا مرضوا حافظ از جور تو حاشاك بنالد روزى ... كه از ان روز كه در بند توام دلشادم ويأكلون الطعام مجتمعين اگر خواهى كه يابى ملك ودولت ... بخور شاها بدرويشان نعمت وإذا تخاصموا تسارعوا الى الصلح: قال السلطان سليم الاول خواهى كه كنج عشق كنى لوح سينه را ... از دل بشوى آينه سان كرد كينه را وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع: وفى المثنوى سوز مهر وكريه ابر جهان ... چون همى دارد جهانرا خوش دهان آفتاب عقل در سوز دار ... چشم را چون ابر أشك افروز دار چشم كريان بايدت چون طفل خرد ... كم خور اين نانرا كه نان آب تو برد واشارت الآية الكريمة الى النفوس المتمردة المشركة التي اتخذت الهوى الها وعبدت صنم الدنيا فهادنها الروح والقلب فى أوان الطفولية وعاهداها على ان لا يجاهداها ولا يقاتلاها الى حد البلوغ وهى ايضا لا تتعرض لهما الى استكمال القالب واستواء القوى البشرية التي بها تتحمل حمل الامانة وأعباء اركان الشريعة وظهور كمال العقل الذي به يستعد لقبول الدعوة وإجابتها وبه يعرف الرسل ومعجزاتهم وبه يثبت الصانع ويرى تعبده واجبا لاداء شكر نعمة الله وان الله ورسوله بريىء من تلك المعاهدة بعد البلوغ فانه أوان نقض عهد النفوس مع القلوب والأرواح لان النفس قبل البلوغ كانت تتصرف فى المأكول والمشروب والملبوس لتربية القالب ودفع الحاجة الماسة غالبا وذلك لم يكن مضرا جدا للقلب والروح فاما بعد البلوغ فزادت فى تلك التربية بالمأكول والمشروب والملبوس الضروري لاجل الشهوة ولما ظهرت الشهوة شملت آفتها المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح واشتعلت نيرانها يوما فيوما وفيها مرض القلب والروح وبعثت الأنبياء لدفع هذا المرض وعلاجه كما قال عليه السلام (بعثت لدفع العادات وترك الشهوات) وفى قوله فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اشارة الى ان للنفوس فى ارض البشرية سيرا وسياحة لتكميل الأوصاف الاربعة من النباتية والحيوانية والشيطانية والانسانية التي تتولد بازدواج الروح العلوي الروحاني المفرد والقالب السفلى المركب من العناصر الاربعة. فالنباتية تولد الماء. والحيوانية تولد الريح. والشيطانية تولد النار. والانسانية تولد التراب فلتكميل هذه الصفات أرخيت ازمة النفوس فى مراتع الدنيا ونعيمها الى البلاغة ثم قال وَاعْلَمُوا يعنى نفوس اهل السعادة أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لا تعجزونه ان ينزعكم عن المراتع الدنيوية ويمتعكم بالمنافع الاخروية وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ يعنى مهلك اهل الشقاوة فى تيه الغفلات والشهوات كذا فى التأويلات النجمية وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الاذان بمعنى الإيذان كالعطاء بمعنى الإعطاء اى هذا اعلام واصل منهما إِلَى النَّاسِ كافة المؤمنين والكافرين ناكثين او غيرهم فالاذان عام والبراءة خاصة بالناكثين من المعاهدين والجملة عطف على قوله براءة يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ منصوب بما يتعلق

[سورة التوبة (9) : آية 4]

به الى الناس وفيه قولان. أحدهما انه يوم العيد فانه يتم فيه اركان الحج كطواف الزيادة وغيره ويتم فيه معظم أفعاله كالنحر والرمي وغيرهما واعلام البراءة كان فيه- وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر عند الجمرات فى حجة الوداع فقال هذا يوم الحج الأكبر- وروى- ان عليا رضى الله عنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء الى الجبانة فجاء رجل فاخذ بلجامها وسأله عن يوم الحج الأكبر فقال هو يومك هذا خل سبيلها. والثاني انه يوم عرفة لقوله عليه الصلاة والسلام (الحج عرفة) حصر النبي عليه السلام افعال الحج فى الوقوف بعرفة لانه معظم أفعاله من حيث ان من أدرك الوقوف بعرفة فقد أدرك الحج ومن فاته الوقوف فاته الحج ووصف الحج بالأكبر لان العمرة تسمى الحج الأصغر ولاجتماع المسلمين والمشركين فى ذلك اليوم وموافقته لاعياد اهل الكتاب ولم يتفق ذلك قبله وبعده فعظم ذلك اليوم فى قلوب جميع الطوائف والملل وورد (ان الوقفة يوم الجمعة تعدل سبعين حجة) وهو الحج الأكبر أَنَّ اللَّهَ اى بان الله والباء صلة الاذان حذفت تخفيفا بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى من عهدهم الذي نقضوه فالمراد بالمشركين المعاهدون الناكثون وَرَسُولِهِ قال المفسرون هو مرفوع معطوف على المستكن فى بريىء او منصوب على ان الواو بمعنى مع اى بريىء معه منهم او مجرور على القسم ولا تكرير فى ذكر بريىء لان قوله براءة اخبار بثبوت البراءة وهذا اخبار بوجوب الاعلام بذلك ولذلك علقه بالناس ولم يخصه بالمعاهدين كما قال اولا إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ فَإِنْ تُبْتُمْ من الكفر والغدر فَهُوَ اى فالتوبة خَيْرٌ لَكُمْ فى الدارين من الاقامة على الكفر والغدر وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن التوبة فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ غير سابقين ولا فائتين اى لا تفوتونه طلبا ولا تعجزونه هربا فى الدنيا. وبالفارسية [شما نه عاجز كنندكانيد خدايرا يعنى توانيد كه ازو بكر يزيد يا با او ستيزيد] وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ فى الآخرة والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر التبشير فى مقام الانذار تهكم بهم وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال كنت مع علىّ رضى الله عنه حين بعثه رسول الله بالبراءة الى مكة فقيل لابى هريرة بماذا كنتم تنادون قال كنا ننادى انه لا يدخل الجنة الا مؤمن ولا يحجن هذا البيت بعد هذا العام مشرك ولا عريان ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله الى اربعة أشهر فاذا مضت اربعة أشهر فان الله بريىء من عهد المشركين ورسوله إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ استدراك اى استثناء منقطع من النبذ السابق الذي اخر فيه القتال اربعة أشهر كأنه قيل لا تمهلوا الناكثين فوق اربعة أشهر لكن الذين لم ينكثوا عهدهم فلا تجروهم مجرى الناكثين فى المسارعة الى قتلهم بل أتموا إليهم عهدهم ثُمَّ للدلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادى المدة لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً من شروط العهد ولم ينكثوا وينقص يتعدى الى اثنين فكم مفعول أول وشيأ مفعول ثان والى واحد فشيأ منصوب على المصدرية اى شيأ من النقصان قال الكاشفى [پس ايشان كم نكردند چيزى از عهدهاء شما يعنى نشكستند پيمان شما را] وَلَمْ يُظاهِرُوا لم يعاونوا عَلَيْكُمْ أَحَداً من أعدائكم كما عدت بنوا بكر على خزاعة حلفاء النبي عليه السلام فظاهرتهم قريش بالسلاح فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ عدى أتموا بالى

لتضمنه معنى فأدوا اى فأدوه إليهم تاما كاملا إِلى مُدَّتِهِمْ ولا تفاجئوهم بالقتال عند مضىّ الاجل المضروب للناكثين ولا تعاملوهم معاملتهم- روى- ان بنى ضمرة وهم حى من بنى كنانة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية عند البيت وكان بقي لهم من عهدهم تسعة أشهر فأتم عليه الصلاة والسلام إليهم عهدهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ تعليل لوجوب الامتثال وتنبيه على ان مراعاة حقوق العهد من باب التقوى وان التسوية بين الوفى والغادر منافية لذلك وان كان المعاهد مشركا: قال الحافظ وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وكرنه هر كه تو بينى ستمكرى داند قال الشيخ نصرآباديّ للمتقى علامات اربع حفظ الحدود وبذل المجهود والوفاء بالعهود والقناعة بالموجود: قيل فى الترجمة متقى را بود چهار نشان ... حفظ احكام شرع أول آن ثانيا آنچهـ دست رس باشد ... بر فقيران وبي كسان باشد عهد را با وفا كند پيوند ... هر چهـ باشد بدان شود خرسند واعلم ان الحج الأكبر يوم الوصول الى كعبة الوصال والحج الأصغر يوم الوصول الى كعبة القلب. وزيارة كعبة الوصال وطوافها حرام على مشركى الصفات الناسوتية لانها تميل الى غير الله وتركن الى ما سواه فلا تطوف الناسوتية حول كعبة اللاهوتية الا بعد فنائها وفناؤها انما يكون بالجذبات الالهية فاذا تداركت العناية الازلية العبد يخاطب يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ اما فى حال الحياة واما فى وقت الوفاة لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أما ترى الى سحرة فرعون كيف قالوا إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وفى حديث المعراج (ثم ذهبت الى الجنة فرأيت رضوان خازنها فلما رآنى فرح بي ورحب بي وأدخلني الجنة وأراني فيها من العجائب ما وعد الله فيها لاوليائه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ورأيت فيها درجات أصحابي ورأيت فيها الأنهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وسمعت صوتا آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال أرواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة فسمعت التسبيح فقال هؤلاء الأنبياء ورأيت قصور الصالحين ثم بلغت الى سدرة المنتهى) وسميت المنتهى لان علم الخلائق ينتهى إليها (ثم تخلف عنى جبريل فقلت له أتتركني وحيدا فقال يا أكرم الخلق على الله ما جاوز هذا المكان أحد قبلك ولا يجاوز بعدك فاذا نادانى ربى فقال لى ادن منى يا محمد فلم ازل ادنو وهو يقول ادن الف كرة حتى قربت منه كما قال تعالى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى وما من مرة ادنو من ربى إلا قضى لى فيها حاجة ثم وقفت فقطرت على لسانى قطرة كانت احلى من العسل وأبرد من الثلج فعلمت علم الأولين والآخرين وقال لى يا محمد قد جعلت الإسلام حلوا فى قلوب أمتك حتى احبوه وجعلت الكفر مرا فى قلوبهم حتى ابغضوه) يقول الفقير ومنه يعرف ان الله تعالى جعل الكفر حلوا فى قلوب امة الدعوة حتى احبوه وجعل الايمان مرا فى قلوبهم حتى ابغضوه فحب الايمان من الجذبة الالهية والعناية الازلية وبه اتقى المؤمن من الكفر ثم من

[سورة التوبة (9) : آية 5]

العصيان ثم من الجهل ثم من رؤية ما سوى الله والميل اليه. فيا اهل الايمان ادركتكم العناية العامة. ويا اهل العرفان جذبتكم الهداية الخاصة فقوموا واشكروا الله تعالى على ما أنعم عليكم وأوصله من كمال كرمه إليكم وقد نص على انه يحب المتقين فتارة تكون محبا وهو محبوب وتارة تكون محبوبا وهو محب ومقام المحبوبية أعلى المقامات ولو كان فوقه ما هو أعلى منه لما قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حبيب الله فعليك ايها العاقل بالرجوع الى المولى قبل تمام المدة وهو حلول الاجل وقبل ان تكتنفك الموانع من الجبن والكسل وطريق الاختيار مقبولة دون طريق الاضطرار فان أقبلت فلك سعادة الوقت وان أعرضت فلك الشقاوة والمقت نسأل الله تعالى ان يهدينا الى طريق الرضى ويقيل عثرتنا فيما مضى آمين فَإِذَا انْسَلَخَ اى انقضى استعير له من الانسلاخ الواقع بين الحيوان وجلده الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وانفصلت عما كانت مشتملة عليه ساترة له انفصال الجلد عن الشاة وانكشفت عنه انكشاف الحجاب عما وراءه وتحقيقه ان الزمان محيط بما فيه من الزمانيات مشتمل عليه اشتمال الجلد للحيوان وكذا كل جزء من اجزاءه الممتدة من الأيام والشهور والسنين فاذا مضى فكأنه انسلخ عما فيه ووصفت الأشهر بالحرم وهى جمع حرام لان الله تعالى حرم فيها القتال وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم التي أبيح للناكثين ان يسيحوا فيها لا الأشهر الدائرة فى كل سنة وهى رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم لان نظم الآية يقتضى توالى الأشهر المذكورة وهذه ليست كذلك لان ثلاثة منها سرد وواحد فرد فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الناكثين ابد الآباد فهذه الآية ناسخة لكل آية فى القرآن فيها ذكر الاعراض عن المشركين والصبر على إيذائهم على وفق ما اجمع عليه جمهور العلماء حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ادركتموهم فى حل او حرم وَخُذُوهُمْ اى ائسروهم والأخيذ الأسير وَاحْصُرُوهُمْ الحصر المنع والمراد اما حبسهم ومنعهم عن التبسط والتقلب فى البلاد او منعهم عن المسجد الحرام وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ اى كل ممر ومجتاز يجتازون منه فى أسفارهم وانتصابه على انه ظرف لاقعدوا اى ارصدوهم فى كل مكان يرصد فيه وارقبوهم حتى لا يمروا به وهذا امر لتضييق السبيل عليهم فليس معناه حقيقة القعود قال الكاشفى [بسته كردانيد بر ايشان راهها تا منتشر نشوند در بلاد وقرى] فَإِنْ تابُوا عن الشرك بالايمان حسبما اضطروا بما ذكر من القتل والاسر والحصر وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ تصديقا لتوبتهم وايمانهم واكتفى بذكرهما عن بقية العبادات لكونهما رئيسى العبادات البدنية والمالية فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ فدعوهم وشأنهم لا تتعرضوا لهم بشىء مما ذكر قال القاضي فى تفسيره فيه دليل على ان تاركي الصلاة ومانعى الزكاة لا يخلى سبيلهم انتهى وعن ابى حنيفة رحمه الله ان من ترك الصلاة ثلاثة ايام فقد استحق القتل قال الفقهاء الكافر إذا اكره على الإسلام فأجرى كلمة الإسلام على لسانه يكون مسلما فاذا عاد الى الكفر لا يقتل ويجبر على الإسلام كما فى هدية المهديين للمولى أخي چلبى وفيه ايضا كافر لم يقر بالإسلام الا انه إذا صلى مع المسلمين بجماعة يحكم بإسلامه وبلا جماعة لا وان صام او حج او ادى الزكاة لا يحكم بإسلامه فى ظاهر الرواية وفى اخرى انه ان حج على وجه الذي

[سورة التوبة (9) : الآيات 6 إلى 12]

يفعله المسلمون فى الإتيان بجميع الاحكام والتلبية وشهود كل المناسك يصير مسلما إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل للامر بتخلية السبيل اى فخلوهم فان الله يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر لان الايمان يجب ما قبله اى يقطعه كالحج ويثيبهم بايمانهم وطاعتهم واعلم ان الله تعالى امر فى هذه الآية بالجهاد وهو اربعة انواع. جهاد الأولياء بالقلب بتحليته بالأخلاق الحميدة. وجهاد الزهاد بالنفس بتزكيتها عن الأوصاف الرذيلة. وجهاد العلماء بإظهار الحق خصوصا عند سلطان جائر وامام ظالم. وجهاد الغزاة ببذل الروح بهر روز مرك اين دم مرده باش ... تا شوى با عشق سرمد خواجه تاش «1» كشته ومرده به پيشت اى قمر ... به كه شاه زندكان جاى دكر «2» فالقتل اما قتل النفوس المشركة بالسيف الظاهر واما قتل النفوس العاصية بالسيف الباطن وقتلها فى نهيها عن هواها ومنعها عن مشتهاها واستعمالها على خلاف طبعها وضد طبيعتها قيل للحسين بن على رضى الله عنهما أي الجهاد أفضل قال مجاهدتك هواك ووصى رجل ولده فقال يا بنىّ اعص هواك والنساء واصنع ما شئت وقوله تعالى حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ يشير الى قتلها فى الطاعة والمعصية فقتلها فى الطاعة بملازمتها ومداومتها عليها وفطامها غن مشاربها فيها وإعجابها وتخليصها إياها: قال فى القصيدة الشهيرة بالبردة وراعها وهى فى الأعمال سائمة ... وان هى استحلت المرعى فلا تسم اى راع النفس فى اشتغالها بالأعمال عما هو مفسد ومنقص للكمال من الرياء والعجب والغفلة والضلال وان عدت النفس بعض التطوعات حلوا واعتادت به وألفته فاجتهد فى ان تقطع نفسك عنه واشتغل بما هو أشق عليها لان اعتبار العبادة انما هو بامتيازها من العادة فَإِنْ تابُوا ورجعوا الى الله اى رجعت النفوس عن هواها الى طلب الحق تعالى وَأَقامُوا الصَّلاةَ وداومت على العبودية والتوجه الى الحق وَآتَوُا الزَّكاةَ اى تزكت عن أوصافها الذميمة فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ عن مقاساة الشدائد بالرياضات والمجاهدات ليعملوا بالشريعة بعد الوصول الى الحقيقة فان النهاية هى الرجوع الى البداية كما فى التأويلات النجمية يقول الفقير ظهر من هذا ان السالك وان بلغ الى غاية المراتب ونهاية المطالب فهو متقيد فى إطلاقه بمرتبة الشريعة والعمل باحكامها بحيث لو انخلع عن الاحكام والآداب كان ملحدا سيىء الأدب مطرودا عن الباب مهجورا عن حريم قرب رب الأرباب فالشريعة الشريفة محك لكل سالك مبتدىء ولكل واصل منتهى يظهر بها صدق الطلب وخدمة الشكر وفى الكتب الكلامية ولا يصل العبد مادام عاقلا بالغا الى حيث يسقط الأمر والنهى لعموم الخطابات الواردة فى التكاليف واجماع المجتهدين على ذلك اللهم اجعلنا من المتقيدين بوثاق عبوديتك والمراعين لحقوق ربوبيتك وَإِنْ أَحَدٌ رفع بفعل يفسره ما بعده لا بالابتداء لان ان من عوامل الفعل مِنَ الْمُشْرِكِينَ الذين امرتك بقتلهم اسْتَجارَكَ اى طلب منك الامان والجوار بعد انسلاخ الأشهر الحرم فَأَجِرْهُ فآمنه ولا نسارع الى قتله حَتَّى يَسْمَعَ اى الى ان يسمع او ليسمع كَلامَ اللَّهِ اى القرآن فيما له وما عليه من الثواب والعقاب استدل الأشعري بهذه الآية الى انه يجوز ان يسمع

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي إلخ. (2) در اواخر دفتر سوم در بيان عزم كردن آن وكيل از عشق كه رجوع كند بخارا.

[سورة التوبة (9) : آية 7]

الكلام القديم الذي هو صفة الله تعالى ومنعه الشيخ ابو منصور. فمعنى حتى يسمع كلام الله يسمع ما يدل عليه كما يقال سمعت علم فلان فان حقيقة العلم لا تسمع بل سمعت خبرا دالا على علمه وكما يقال انظر الى قدرته تعالى اى الى ما يدل على قدرته تعالى والتفصيل فى كتب الكلام ثُمَّ أَبْلِغْهُ بعد استماعه له ان لم يؤمن مَأْمَنَهُ اى مسكنه الذي يأمن فيه وهو دار قومه [وبعد از ان باو مقاتله نماى] ذلِكَ يعنى الأمر بالاجارة وإبلاغ المأمين بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ما الإسلام وما حقيقته او قوم جهلة فلا بد من إعطاء الامان حتى يفهموا الحق ولا يبقى لهم معذرة أصلا. ومن هاهنا قال الفقهاء حربى اسلم فى دار الحرب ولا يعلم بالشرائع من الصوم والصلاة ونحوهما ثم دخل دار الإسلام لم يكن عليه قضاؤها ولا يعاقب عليه إذا مات ولو اسلم فى دار الإسلام ولم يعلم بالشرائع يلزمه القضاء واعلم كما ان الكفار قوم لا يعلمون احكام الله فكذا النفس وصفاتها قوم لا يعلمون الله والطافه فلا يقبلون اليه ويعلمون الدنيا وشهواتها فيرغبون فيها وقد أمهل الله تعالى بفضله ليرجع العبد اليه والى طاعته- روى- انه كان فى بنى إسرائيل شاب قد عبد الله عشرين سنة ثم عصاه عشرين سنة ثم نظر فى المرآة فراى الشيب فى لحيته فساءه ذلك فقال الهى أطعتك عشرين سنة وعصيتك عشرين سنة فان رجعت إليك تقبلنى فسمع هاتفا من وراء البيت ولم ير شخصا وهو يقول احببتنا فاحببناك وتركتنا فتركناك وعصيتنا فامهلناك فان رجعت إلينا قبلناك وينبغى للعبد ان يسارع الى التوبة والاستغفار فان توبة الشاب احسن من توبة الشيخ فان الشاب ترك الشهوة مع قوة الداعي إليها والشيخ قد ضعفت شهوته وقل داعيه فلا يستويان: قال السعدي قدس سره [قحبه پير از نابكارى چهـ كند توبه نكند] لانه لا رغبة فى مجامعتها فانها تؤدى الى موت الفجأة [وشحنه معزول از مردم إزاري] لانه لا ولاية له على الناس جوان كوشه نشين شير مرد راه خداست ... كه پير خود نتواند ز كوشه برخاست شيخ كبير له ذنوب ... تعجز عن حملها المطايا قد بيضت شعره الليالى ... وسودت قلبه الخطايا يا من يأتى عليه عام بعد عام وقد غرق فى بحر الخطايا وهام. يا من يشاهد الآيات والعبر كلما توالت عليه الأعوام والشهور ويسمع الآيات والسور ولا ينتفع بما يسمع ولا بما يرى من عظائم الأمور ما الحيلة فيمن سبق عليه الشقاء فى الكتاب المسطور فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي فى الصدور ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور اللهم اجعلنا من المتلذذين بحسن خطابك والمستسعدين بقرب جنابك والمتصفين بمعرفة آيات صفاتك والواصلين الى اسرار ذاتك انك أنت الفياض كَيْفَ فى محل النصب على التشبيه بالحال والظرف والاستفهام إنكاري لا بمعنى انكار الواقع كما فى قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ بل بمعنى انكار الوقوع يَكُونُ من الكون التام لِلْمُشْرِكِينَ هم الناكثون. والمعنى على أي حال يوجد لهم عَهْدٌ معتد به عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ يستحق ان يراعى حقوقه ويحافظ عليه الى تمام المدة ولا يتعرض لهم بحسبه قتلا وأخذا اى مستنكر مسنبعد ان يكون لهم عهد يجب الوفاء به

[سورة التوبة (9) : آية 8]

إِلَّا الَّذِينَ استدراك من النفي المفهوم من الاستفهام المتبادر شموله لجميع المعاهدين اى لكن الذين عاهَدْتُمْ يعنى بنى ضمرة وبنى كنانة عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [نزديك مسجد حرام يعنى در حديبية كه قريبست بمكه معظمه] والتعرض لكون المعاهدة عند المسجد الحرام لزيادة بيان أصحابها والاشعار بسبب وكادتها ومحل الموصول الرفع على الابتداء خبره قوله تعالى فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ والفاء لتضمنه معنى الشرط وما اما مصدرية منصوبة المحل على الظرفية بتقدير المضاف اى فاستقيموا لهم بوفاء أجلهم مدة استقامتهم لكم فى وفاء العهد فلم ينقضوه كما نقض غيرهم واما شرطية منصوبة المحل على الظرفية الزمانية اى أي زمان استقاموا لكم فى عهدهم فاستقيموا لهم بالوفاء او مرفوعة على الابتداء والعائد محذوف اى أي زمان استقاموا لكم فيه فاستقيموا لهم فيه إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ لنقض العهد تعليل للامر بالاستقامة واشعار بان المحافظة على العهد من لوازم التقوى وفى الحديث (لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف بقدر غدره) قال فى شرح الشهاب المراد باللواء التشهير يعنى يفتضح الغدّار يوم. القيامة بقدر غدره: وفى المثنوى سوى لطف بيوفايان هين مرو ... كان پل ويران بود نيكو شنو نقض ميثاق وعهود از احمقيست ... حفظ ايمان ووفا كار تقيست كَيْفَ يكون للمشركين عهد حقيق بالمراعاة عند الله سبحانه وعند رسوله عليه الصلاة والسلام وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ اى وحالهم انهم ان يظفروا بكم لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ اى لا يراعوا فى شأنكم. واصل الرقوب النظر بطريق الحفظ والرعاية ومنه الرقيب ثم استعمل فى مطلق الرعاية إِلًّا اى حلفا او قرابة وقيل الال اسم عبرى بمعنى الا له قال الأزهري ايل من اسماء الله تعالى بالعبرانية فجاز ان يكون معرب ال اى لا يراعوا حق الله تعالى وَلا ذِمَّةً اى عهدا حقا يعاقب على إغفاله واضاعته مع ما سبق لهم من تأكيد الايمان والمواثيق يعنى ان وجوب مراعاة حقوق العهد على كل من المتعاهدين مشروطة بمراعاة الآخر لها فاذا لم يراعها المشركون فكيف تراعونها يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ استئناف بيانى كأنه قيل بأى وجه لا يراعون الحلف او القرابة فكيف يقدمون على عدم المراعاة فاجيب بانهم يرضونكم بأفواههم حيث يظهرون الوفاء والمصافاة ويعدون لكم بالايمان والطاعة ويؤكدون ذلك بالايمان الفاجرة ويتعللون عند ظهور خلافه بالمعاذير الكاذبة ونسبة الإرضاء للافواه للايذان بان كلامهم مجرد ألفاظ يتفوهون بها من غير ان يكون لها مصداق فى قلوبهم وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ ما تتفّوه به أفواههم يعنى ان ألسنتهم تخالف قلوبهم وما فى بواطنهم من الضغائن ينافى ما أظهروه بألسنتهم من وعد الايمان والطاعة والوفاء بالعهد فهم انما يقولون كلاما حلوا مكرا وخديعة وفى الحديث (المكر والخديعة فى النار) يعنى أربابهما وفى الحديث (اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع) وهى جمع بلقمة وهى الأرض القفر التي لا شىء فيها وامرأة بلقعة إذا كانت خالية من كل خير والمعنى يفتقر الحالف ويذهب ماله وجاهه فينبغى للعاقل ان لا يجعل عادنه ان يحلف فى كل صغير وكبير فانه ربما يحلف كاذبا فيستحق العقوبة- ورد- ان البياع الحلاف إذا كان كاذبا

فى يمينه يكون ثمن ما باعه أشد حرمة من لحم الخنزير وَأَكْثَرُهُمْ اى اكثر المشركين فاسِقُونَ خارجون عن الطاعة فان مراعاة حقوق العهد من باب الطاعة متمردون فى الكفر ليست لهم عقيدة تمنعهم ولا مروءة تردعهم وتخصيص الأكثر لما فى بعض الكفرة من التفادى عن الغدر والتعفف عما يجر احدوثة السوء والاحدوثة ما يتحدث الناس فى حقه من المثالب والمعائب يفول الفقير ذكر عند حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة مروءة بعض اهل الذمة فقال انه من آثار السعادة الازلية ويرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى النجاة والفلاح: وفى المثنوى من نديدم در جهان جست وجو ... هيچ اهليت به از خوى نكو «1» در پى خوباش وبا خوشخو نشين ... خو پذيرى روغن وكل را ببين «2» پس يقين دان صورت خوب ونكو ... با خصال بد نيرزد يك طسو «3» ور بود صورت حقير وناپذير ... چون بود خلقش نكو در پاش مير وقد اوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا بوصية جامعة لمحاسن الأخلاق فقال (يا معاذ أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والوفاء بالعهد وأداء الامانة وترك الخيانة وحفظ الجوار ورحمة اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وحسن العمل وقصر الأمل ولزوم الايمان والتفقه فى القرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وخفض الجناح وإياك ان تسب حكيما او تكذب صادقا او تطيع آثما او تعصى اماما عادلا او تفسد أرضا. أوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر وان تحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية بذلك ادب الله عباده ودعاهم الى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب) كذا فى العوارف اعلم ان النفس خلقت من السفليات وجبلت ميالة الى الدنيا وشهواتها ولذاتها والى الجفاء والغدر والرياء والنفاق وقد عاهدها الله يوم الميثاق على الصدق والإخلاص فهى ما دامت حية باقية على صفاتها الذميمة لا يمكنها العبودية الخالصة من شوب الطمع فى المقاصد الدنيوية والاخروية فاذا تنورت بالأنوار المنعكسة من تجلى صفات الجمال والجلال لمراءة القلب تفنى عن أوصافها المخلوقة وتبقى بالأنوار الخالقية فيثبتها الله بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة فتسلم من نقض العهد والمسجد الحرام اشارة الى مقام الوصول الذي هو حرام على اهل الدنيا والآخرة وهو مقام اهل الله وخاصته نسأل الله الوصول الى هذا المقام المكين والدخول فى هذا الحرم الامين: قال بعضهم الزم الصدق والتقى ... واترك العجب والريا واغلب النفس والهوى ... ترزق السؤل والمنى فعلى العاقل المجاهدة مع النفس ورعاية العهود والحقوق ومجانبة الفسوق والعقوق قال الشبلي قدس سره عقدت وقتا ان لا آكل الا من الحلال فكنت أدور فى البراري فرأيت شجرة تين فمددت يدى إليها لآكل فنادتنى الشجرة احفظ عليك عقدك لا تأكل منى فانى ليهودى يقول الفقير فى هذه الحكاية شيآن. الاول ظهور الكرامة وهو تكلم الشجرة. والثاني

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت سخن واطلاع بر كشف آن. (2) در اواسط دفتر ششم در بيان قصه عبد الغوث وربودن پريان او را إلخ. (3) در أوائل دفتر دوم باز پرسيدن شاه حال از غلام ديكر. [.....]

[سورة التوبة (9) : الآيات 9 إلى 12]

تذكير الله تعالى إياه عقده وذلك بسبب صدقه فى إرادته وإخلاصه فى طلبه فمن أراد ان يصل الى هذه الرتبة فليحافظ وقته وليراقب فان فى المراقبة حصول المطالب عصمنا الله وإياكم من تجاوز الحد والخروج عن الطريق وشرفنا بالوقوف فى حد الحق والثبات فى طريق التحقيق اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ يعنى المشركين الناقضين تركوا الآيات الآمرة بالايفاء بالعهود والاستقامة فى كل امر وأخذوا بدلها ثَمَناً قَلِيلًا اى شيأ حقيرا من حطام الدنيا وهو اهواؤهم وشهواتهم التي اتبعوها فَصَدُّوا اى عدلوا واعرضوا من صد صدودا فيكون لازما او منعوا وصرفوا غيرهم من صده عن الأمر صدا فيكون متعديا عَنْ سَبِيلِهِ اى دينه الموصل اليه او سبيل بيته الحرام حيث كانوا يصدون الحجاج والعمار عنه ويحصرونهم إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى بئس العمل عملهم المستمر فما المضدرية مع ما فى حيزها فى محل الرفع على انها فاعل ساء والمخصوص بالذم محذوف وقيل ان أبا سفيان بن حرب جمع الاعراب وأطعمهم ليصدهم بذلك عن متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحملهم على نقض العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله فنقضوه بسبب تلك الاكلة ففاعل اشتروا الاعراب والثمن القليل هو ما أطعمهم ابو سفيان يقول الفقير هذا جار الى الآن فان بعض اهل الهوى والظلم يضيف بعض اهل الطمع والمداهنة ممن يعد من اعيان القوم ليشهدوا له عند السلطان او القاضي بالحق والعدل فيشترون بآيات الله ثمنا قليلا هو الضيافة لهم لا يَرْقُبُونَ اى لا يراعون ولا يحفظون فِي مُؤْمِنٍ اى فى شأنه وحقه إِلًّا اى حلفا او حق قرابة وَلا ذِمَّةً اى عهدا هذا ناعى عليهم عدم مراعاة حقوق عهد المؤمنين على الإطلاق فلا تكرار وَأُولئِكَ الموصوفون بما عدّ من الصفات السيئة هُمُ الْمُعْتَدُونَ المجاوزون الغاية القصوى من الظلم والشرارة فَإِنْ تابُوا عن الكفر وسائر العظائم وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ اى التزموا اقامتهما واعتقدوا فرضيتهما فَإِخْوانُكُمْ اى فهم إخوانكم فِي الدِّينِ متعلق بإخوانكم لما فيه من معنى الفعل اى لهم ما لكم وعليهم ما عليكم فعاملوهم معاملة الاخوان ومتى لم توجد هذه الثلاثة لا تحصل الاخوة فى الدين ولا عصمة الدماء والأموال وَنُفَصِّلُ الْآياتِ اى نبين الآيات المتعلقة بأحوال المشركين الناكثين وغيرهم وأحكامهم حالتى الكفر والايمان لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اى ما فيها من الاحكام ويتفكرونها ويحافظون عليها وَإِنْ نَكَثُوا عطف على قوله تعالى فَإِنْ تابُوا اى وان لم يفعلوا ذلك بل نقضوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ الموثق بها وأظهروا ما فى ضمائرهم من الشر وأخرجوه من القوة الى الفعل وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ عابوه وقدحوا فيه بتصريح التكذيب وتقبيح الاحكام فَقاتِلُوا [پس بكشيد] أَئِمَّةَ الْكُفْرِ اى فقاتلوهم فوضع الظاهر موظع الضمير للاشارة الى علة وجوب مقاتلهم اى للايذان بانهم صاروا بذلك ذوى رياسة وتقدم فى الكفر أحقاء بالقتل وقيل المراد بأئمتهم رؤساؤهم كابى سفيان والحرث ابن هشام وابى جهل بن هشام وسهل بن عمرو وعكرمة بن ابى جهل واشاههم وتخصيصهم بالذكر ليس لنفى الحكم عما عداهم بل لان قتلهم أهم من حيث انهم هم المعتدون فى الشرارة

ويدعون اتباعهم الى الافعال الباطلة كأنه قيل فقاتلوا من نكث الوفاء بالعهود لا سيما أئمتهم والرؤساء منهم. واصل ائمة أءممة جمع امام نحو مثال وامثلة إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ اى على الحقيقة حيث لا يراعونها ولا يعدون نقضها محذورا وان اجروها على ألسنتهم فالمراد بالايمان المثبتة لهم بقوله تعالى وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ما أظهروه من الايمان وبالمنفية ما هو ايمان على الحقيقة فانهم إذا لم يراعوها فلا وجود لها فى الحقيقة ولا اعتبار بها لان ما لم يترتب عليه أحكامه ولوازمه فهو فى حكم المعدوم وهو تعليل لاستمرار القتال المأمور به المستفاد من سياق الكلام كأنه قيل فقاتلوهم الى ان يؤمنوا لانهم لا ايمان لهم حتى تعقدوا معهم عقدا آخر لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ متعلق بقوله فقاتلوا اى قاتلوهم ارادة ان ينتهوا اى ليكن غرضكم من القتال انتهاءهم عما هم عليه من الكفر وسائر العظائم التي يرتكبونها لا إيصال الاذية كما هو ديدن المؤذين والاذية هو المكروه اليسير أقول فيه اشارة الى ان الفاعل ينبغى ان يكون له غرض صحيح شرعى فى فعله كدفع المضرة فى قتل القملة والنملة وأشباههما لا ارادة التشفي والانتقام وإيصال الأذى والآلام للقرص او لغيره وليكن هذا على ذكر من الصوفية المحتاطين فى كل الأمور والساعين فى طريق الفناء الى يوم ينفخ فى الصور قال الحدادي فى الآية بيان ان اهل العهد متى خالفوا شيأ مما عاهدوهم عليه فقد نقضوا العهد واما إذا طعن واحد منهم فى الإسلام فان كان شرط فى عهودهم ان لا يذكروا كتاب الله ولا يذكروا محمدا صلى الله عليه وسلم بما لا يجوز ولا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يقطعوا عليه طريقا ولا يعينوا اهل الحرب بدلالة على المسلمين فانهم إذا فعلوا ذلك فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسول الله فان فعلوا شيأ من هذه الأشياء حل دمهم وان كان لم يشرط ذلك عليهم فى عهودهم وطعنوا فى القرآن وشتموا النبي عليه الصلاة والسلام ففيه خلاف من الفقهاء قال أصحابنا يعزرون ولا يقتلون واستدلوا بما روى انس بن مالك ان امرأة يهودية أتت النبي عليه السلام بشاة مسمومة ليأكل منها فجيىء بها وقيل له أنقتلها فقال لا ولحديث عائشة رضى الله عنها (فان الله عز وجل يحب الرفق فى امره كله) فقالت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا فقال (بلى قد قلت عليكم) ولم يقتلهم النبي عليه السلام بذلك وذهب مالك الى ان من شتم النبي عليه السلام من اليهود والنصارى قتل الا ان يسلم انتهى ما فى تفسير الحدادي قال ابن الشيخ فى الآية دليل على ان الذمي إذا طعن فى الإسلام اى عابه وازدراه جاز قتله لانه عوهد على ان لا يطعن فى الدين فاذا طعن فقد خرج عن الذمة وعند ابى حنيفة يستتاب الذمي بطعنه فى الدين ولا ينقض عهده بمجرد طعنه ما لم يصرح بالنكث انتهى قال المولى أخي چلبى فى هدية المهديين الذمي إذا صرح بسبه عليه السلام او عرض او استخف بقدره او وصفه بغير الوجه الذي كفر به فلا خلاف عند الشافعي فى قتله ان لم يسلم لانه لم يعط له الذمة او العهد على هذا وهو قول عامة العلماء الا ان أبا حنيفة والثوري واتباعهما من اهل الكوفة قالوا لا يقتل لان ما هو عليه من الشرك أعظم لكن يعزر ويؤدب. وقيل لا يسقط اسلام الذمي الساب قتله لانه حق النبي عليه السلام وجب عليه لهتكه حرمته وقصده لحاق النقيصة والمعرة به عليه السلام فلم يكن

[سورة التوبة (9) : الآيات 13 إلى 18]

رجوعه الى الإسلام مسقطاله كما لم يسقط سائر حقوق المسلمين من قبل إسلامه من قتل او قذف وإذا كنا لا نقبل توبة المسلم فلان لا نقبل توبة الكافر اولى كما فى الاسرار والحاوي فالمختار ان من صدر منه ما يدل على تخفيفه عليه السلام بعمد وقصد من عامة المسلمين يجب قتله ولا تقبل توبته بمعنى الخلاص من القتل وان اتى بكلمتي الشهادة والرجوع والتوبة لكن لو مات بعد التوبة او قتل حدّا مات ميته الإسلام فى غسله وصلاته ودفنه ولو أصر على السب وتمادى عليه وابى التوبة منه فقتل على ذلك كان كافرا وميراثه للمسلمين ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن بل تستر عورته ويوارى كما يفعل بالكفار. والفرق بين من سب الرسول وبين من سب الله على مشهور القول باستتابته ان النبي عليه السلام بشر والبشر من جنس تلحقهم المعرة إلا من أكرمه الله تعالى بنبوته والباري منزه عن جميع المعائب قطعا وليس من جنس تلحقهم المعرة بجنسه واعلم انه قد اجتمعت الامة على ان الاستخفاف بنبينا وبأى نبى كان من الأنبياء كفر سواء فعله فاعل ذلك استحلالا أم فعله معتقدا بحرمته ليس بين العلماء خلاف فى ذلك والقصد للسب وعدم القصد سواء إذ لا يعذر أحد فى الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان إذا كان عقله فى فطرته سليما. فمن قال ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اسود او يتيم ابى طالب او زعم ان زهده لم يكن قصدا بل لكمال فقره ولو قدر على الطيبات أكلها ونحو ذلك يكفر وكذا من عيره برعاية الغنم او السهو او النسيان او السحر او بالميل الى نسائه او قال لشعره شعير بطريق الاهانة وان أراد بالتصغير التعظيم لا يكفر ومن قال جن النبي ساعة يكفر ومن قال أغمي عليه لا يكفر- وحكى- عن ابى يوسف انه كان جالسامع هارون الرشيد على المائدة فروى عن النبي عليه السلام انه كان يحب القرع فقال حاجب من حجابه انا لا أحبه فقال لهارون انه كفر فان تاب واسلم فبها والا فاضرب عنقه فتاب واستغفر حتى أمن من القتل ذكره فى الظهيرية قالوا هذا إذا قال ذلك على وجه الاهانة اما بدونها فلا كما فى الخاقانية ولو قال رجل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل يلحس أصابعه الثلاث فقال الآخر [اين بي ادبيست] فهذا كفر والحاصل انه إذا استخف سنة او حديثا من أحاديثه عليه السلام يكفر ولو قال لو كانت الصلاة زائدة على الأوقات الخمسة او الزكاة على خمسة دراهم والصوم على شهر لا افعل منها شيأ يكفر ولو قال لآخر صل فقال الآخر ان الصلاة عمل شديد الثقل يكفر ولو صلى رجل فى رمضان لا فى غيره فقال [اين خود بسيارست] يكفر ولو ترك الصلاة متعمدا ولم ينو القضاء ولم يخف عقاب الله فانه يكفر ولو قال عند مجيىء شهر رمضان [آمد آن ماه كران] او جاء الضيف الثقيل يكفر ومن إشارات الآيات ان الطعن فى الدين هو الإنكار على مذهب السلوك والطلب وائمة الكفر هم النفوس كما ان ائمة الايمان هم القلوب والأرواح والنفوس لا وفاء لهم بالعهد على طلب الحق تعالى وترك ما سواه فلا بد من جهادهم حق جهادهم كى ينتهوا عن طبيعتهم وعما جبلوا عليه من الامارية بالسوء أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً [آيا كار زار نميكنيد با كروهى كه] نَكَثُوا [بشكنند] أَيْمانَهُمْ التي حلفوها مع الرسول والمؤمنين على ان لا يعاونوا عليهم فعاونوا بنى بكر

[سورة التوبة (9) : الآيات 14 إلى 16]

على خزاعة قال الكاشفى [ديكر از عهدها ميان پيغمبر وقريش آن بود كه حلفا يكديكر را نرنجانند وبر قتال ايشان با يكديكر مظاهره نكنند قريش ببني بكر را كه حلفاء ايشان بودند بسلاح ومرد مدد دادند با بنى خزاعه كه حلفاى رسول بودند جنك كردند] وَهَمُّوا [وقصد كردند مشركان] بِإِخْراجِ الرَّسُولِ حين تشاوروا فى امره بدار الندوة فيكون نعيا عليهم جنايتهم القديمة وقيل هم اليهود نكثوا عهد الرسول وهموا بإخراجه من المدينة وَهُمْ بَدَؤُكُمْ اى بدأوا نقض العهد بالمعاداة والمقاتلة أَوَّلَ مَرَّةٍ لان رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم اولا بالكتاب المبين وتحداهم به فعدلوا عن المحاجة لعجزهم عنها الى المقاتلة فما يمنعكم ان تعارضوهم وتصادموهم أَتَخْشَوْنَهُمْ أتتركون قتالهم خشية ان ينالكم مكروه منهم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ فقاتلوا أعداءه ولا تتركوا امره. قوله فالله مبتدأ خبره أحق وان تخشوه بدل من الله اى أي خشية أحق من خشيتهم فان تخشوه فى موضع رفع ويجوز ان يكون فى موضع نصب او جر على الخلاف إذا حذف حرف الجر وتقديره بان تخشوه اى أحق من غيره بان تخشوه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فان قضية الايمان ان لا يخشى الا منه قال فى التأويلات النجمية أتخشون فوات حظوظ النفس فى اجتهادها وخشية فوات حقوق الله والوصول اليه اولى ان كنتم مؤمنين بالوصول اليه قاتِلُوهُمْ [كارزار كنيد با مشركان] يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ يعنى [بشمشيرهاى شما مقتول شوند] وَيُخْزِهِمْ [ورسوا سازد شان بمقهوريت ومغلوبيت] وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ اى يجعلكم جميعا غالبين عليهم أجمعين ولذلك اخر عن التعذيب وَيَشْفِ [شفا بخشد] صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ممن لم يشهد القتال وهم خزاعة قال ابن عباس رضى الله عنهما هم بطن من اليمن وسبأ قدموا مكة فاسلموا فلقوا من أهلها أذى كثيرا فبعثوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون اليه فقال عليه السلام (ابشروا فان الفرج قريب) : قال الحافظ آنكه پيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت ... اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم وَيُذْهِبْ [وببرد خداى تعالى بنصرت شما بر كفار] غَيْظَ قُلُوبِهِمْ [اندوه دلهاء آنان را كه بواسطه اذاء كفار ملول بودند] ولقد أنجز الله ما وعدهم به على أجمل ما يكون وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ كلام مستأنف ينبىء عما سيكون من بعض اهل مكة من التوبة المقبولة فكان كذلك حيث اسلم ناس منهم وحسن إسلامهم مثل ابى سفيان وعكرمة بن ابى جهل وسهل بن عمر وغيرهم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما كان وما سيكون حَكِيمٌ لا يفعل ولا يأمر الا على وفق الحكمة أَمْ حَسِبْتُمْ [آيا مى پنداريد اى مؤمنان] وأم منقطعة. والمعنى بل أحسبتم ومعنى بل الاضراب عن أمرهم بالقتال الى توبيخهم على الحسبان أَنْ تُتْرَكُوا مهملين غير مأمورين بالجهاد وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ اى والحال انه لم يتبين الخلص وهم الذين جاهدوا من غيرهم وفائدة التعبير عن عدم التبين بعدم علم الله تعالى ان المقصود هو التبيين من حيث كونه متعلقا للعلم ومدارا للثواب قال

[سورة التوبة (9) : آية 17]

الحدادي وكان الله تعالى قد علم قبل أمرهم بالقتال من لا يقاتل ممن يقاتل ولكنه يعلم ذلك غيبا وأراد العلم الذي يجازى عليه وهو علم المشاهدة لانه يجازيهم على علمهم لا على علمه فيهم انتهى وعدم التعرض لحال المقصرين لما ان ذلك بمعزل من الاندراج تحت ارادة أكرم الأكرمين وَلَمْ يَتَّخِذُوا عطف على جاهدوا داخل فى حيز الصلة اى ولما يعلم الله الذين لم يتخذوا مِنْ دُونِ اللَّهِ متعلق بالاتخاذ ان أبقى على حاله او مفعول ثان له ان جعل بمعنى التصيير وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً اى بطانة وصاحب سر وهو الذي تطلعه على ما فى ضميرك من الاسرار الخفية من الولوج وهو الدخول قال ابو عبيدة كل شىء أدخلته فى شىء وليس منه فهو وليجة تكون للواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ اى بجميع أعمالكم لا يخفى عليه شىء منها فيعلم غرضكم من الجهاد هل فيه اخلاص او هو مشوب بالعلل كاحراز الغنيمة او جلب الثناء او نحو ذلك: قال السعدي منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز زر اندود كانرا بآتش برند ... پديد آيد آنكه كه مس يا زرند وفى الآية حث على الجهاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لرباط يوم فى سبيل الله محتسبا من غير شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم اجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم فى سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم اجرا من عبادة الفى سنة صيامها وقيامها فان رده الله الى اهله سالما لم يكتب عليه سيئة الف سنة ويكتب له الحسنات ويجرى له اجر الرباط الى يوم القيامة) وفى الحديث (من آمن بالله وبرسوله واقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله ان يدخل الجنة جاهد فى سبيل الله او جلس فى ارضه التي ولد فيها) قالوا أفلا نبشر الناس قال (ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فانه اوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة) وفى الحديث (المجاهد من جاهد نفسه لله تعالى جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم أشجع الناس اقهرهم لهواه) كم عاقل أسير هواه عليه امير عبد الشهوات أذل من عبد الرق ان المرآة لا تريك خدوش وجهك مع صداها وكذلك نفسك لا تريك عيوب نفسك مع هواها وفى الآية بيان ان المؤمن المخلص يجتنب عن الكافر والمنافق ولا يتخذهما صاحبى سر- روى- عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت قالا بينما كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال (هل فيكم غريب) يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فامر يغلق الباب فقال (ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال (الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد) ثم قال (ابشروا فان الله قد غفر لكم) أقول هذا التلقين تلقين خاص قد توارثه الخواص من لدنه عليه السلام الى هذا اليوم ولم يطلعوا عليه العوام ولم يفشوا أسرارهم الى الأجانب فان ذلك من الخيانة وكذا ولاية المؤمن للكافر ومحبته له من الخيانة وما الاختلاط الا من محبة الكفر والعياذ بالله تعالى من ذلك ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ نزلت الآية فى جماعة من رؤساء قريش

أسروا يوم بدر فبهم العباس عم النبي عليه السلام فاقبل عليهم نفر من اصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك وجعل على رضى الله عنه يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع رحمه وعون المشركين عليه واغلظ القول له فقال العباس مالكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا فقال له على وهل لكم من محاسن قال نعم نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقى الحاج فقال الله تعالى ردا ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ اى ما صح وما استقام على معنى نفى الوجود والتحقق لا نفى الجواز كما فى قوله تعالى أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ اى ما وقع وما تحقق لهم أَنْ يَعْمُرُوا عمارة معتدا بها مَساجِدَ اللَّهِ اى المسجد الحرام وانما جمع لانه قبلة المساجد وامامها فعامره كعامرها أو لأن كل ناحية من نواحيه المختلفة الجهات مسجد على حاله بخلاف سائر المساجد إذ ليس فى نواحيها اختلاف الجهة قيل لعكرمة لم تقرأ مساجد وانما هو مسجد واحد قال إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ اى شيأ من المساجد فضلا عن المسجد الحرام الذي هو أفضل افراد الجنس على ان تعريف الجمع بالاضافة للجنس فالآية على هذا الوجه كناية عن عمارة المسجد على وجه آكد من التصريح بذلك ذكر فى القنية ان أعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد الشوارع فانها أخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها إذا لم يكن لها امام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فانه لا يجوز الاعتكاف فيها الا للنساء انتهى وهذه المساجد هى المساجد المجازية. واما المساجد الحقيقة فهى القلوب الطاهرة عن لوث الشرك مطلقا كما قال من قال مسجدى كو اندرون اولياست ... سجده كاه جمله است آنجا خداست آن مجازست اين حقيقت اى خران ... نيست مسجد جز درون سروران ولهذا يعبر عن هدم المسجد بهدم قلب المؤمن شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ اى بإظهار آثار الشرك من نصب الأوثان حول البيت للعبادة فان ذلك شهادة صريحة على أنفسهم بالكفر وان أبوا ان يقولوا نحن كفار كما نقل عن الحسن وقال السدى شهادتهم على أنفسهم بالكفر ان اليهودي لو قيل له ما أنت قال يهودى ويقول النصراني هو نصرانى ويقول المجوسي هو مجوسى او قولهم نعبد الأصنام ليقربونا الى الله زلفى وهو حال من الضمير فى يعمروا اى محال ان يكون ما سموه عمارة عمارة بيت الله مع ملابستهم لما ينافيها ويحبطها من عبادة غيره تعالى فانها ليست من العمارة فى شىء أُولئِكَ الذين يدعون عمارة المسجد وما يضاهيها من اعمال البر مع ما بهم من الكفر حَبِطَتْ [تباه وباطل شده است بواسطه كفر] أَعْمالُهُمْ التي يفتخرون بها وان كانت من جنس طاعة المسلمين وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ لكفرهم ومعاصيهم قال القاضي عياض انعقد الإجماع على ان الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا بتخفيف عذاب لكن بعضهم يكون أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد مما ورد فى الآيات والاخبار فى بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر

[سورة التوبة (9) : آية 18]

ووافقه المازري قال الواحدي دلت الآية على ان الكفار ممنوعون من عمارة مسجد المسلمين ولو اوصى لم تقبل وصيته وهو مجمع عليه بين الحنفية ويمنع من دخول المساجد فان دخل بغير اذن مسلم استحق التعزير وان دخل باذنه لم يعزر والاولى تعظيم المساجد ومنعها منهم إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ شامل للمسجد الحرام وغيره مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وحده والايمان بالرسول داخل فى الايمان بالله لما علم من تقارنهما وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر فى مثل الشهادة والاذان والاقامة وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بما فيه من البعث والحساب والجزاء وَأَقامَ الصَّلاةَ مع الجماعة واكثر المشايخ على انها واجبة وفى الحديث (صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه خمسا وعشرين ضعفا) والجماعة فى التراويح أفضل وكل ما شرع فيه الجماعة فالمسجد فيه أفضل فثواب المصلين فى البيت بالجماعة دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وَآتَى الزَّكاةَ اى الصدقة المفروضة عن طيب نفس وقرن الزكاة بالصلاة فى الذكر لما ان إحداهما لا تقبل الا بالأخرى اى انما تستقيم عمارتها ممن جمع هذه الكمالات العلمية والعلمية وَلَمْ يَخْشَ فى امور الدين إِلَّا اللَّهَ فعمل بموجب امره ونهيه غير آخذ له فى الله لومة لائم ولا خشية ظالم فيندرج فيه عدم الخشية عند القتال ونحو ذلك. واما الخوف الجبلي من الأمور المخوفة كالظلمة والسباع المهلكة والدواهي العظيمة فهو لا يقدح فى الخشية من الله إذ الخشية من الله ارادة ناشئة من تصور عظمة الله واحاطة علمه بجميع المعلومات وكمال قدرته على مجازاة الأعمال مطلقا وهذا الخوف الجبلي لا يدخل تحت القصد والارادة فَعَسى أُولئِكَ [پس آن كروه شايد] أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ الى مباغيهم من الجنة وما فيها من فنون المطالب العلية وإبراز اهتدائهم مع ما بهم من الصفات السنية فى معرض التوقع لقطع اطماع الكفرة عن الوصول الى مواقف الاهتداء والانتفاع بأعمالهم التي يحسبون انهم لها محسنون ولتوبيخهم بقطعهم بانهم مهتدون فان المؤمنين مع ما بهم من هذه الكمالات إذا كان أمرهم دائرا بين لعل وعسى فما بال الكفرة وهم هم وأعمالهم أعمالهم جايى كه شير مردان در معرض عتابند ... روباه سيرتان را آنجا چهـ تاب باشد [وديكر منع مؤمنانست از اغترار باعمال خويش وبر ان اعتماد نمودن] كما قال الحدادي كلمة عسى من الله واجبة والفائدة فى ذكرها فى آخر هذه الآية ليكون الإنسان على حذر من فعل ما يحبط ثواب عمله [كه هر كه بعمل مغرورست از فيض ازل مهجورست] مباش غره بعلم وعمل كه شد إبليس ... بدين سبب ز در باركاه عزت دور واعلم ان عمارة المساجد تعم أنواعا منها البناء وتجديد ما انهدم منها وفى الحديث (سبع يجرى للعبد أجرهن وهو فى قبره بعد موته من تعلم علما او كرى نهرا او حفر بئرا او غرس نخلا او بنى مسجدا او ورث مصحفا او ترك ولدا يستغفر له بعد موته) وفى الحديث (من بنى مسجدا لله تعالى أعطاه الله بكل شبر او بكل ذراع أربعين الف الف مدينة من ذهب وفضة وياقوت وزبر جد ولؤلؤ فى الجنة فى كل مدينة الف الف بيت فى كل بيت الف الف سرير على كل

سرير زوجة من الحور العين فى كل بيت أربعون الف مائدة على كل مائدة أربعون الف قصة فى كل قصعة أربعون الف الف لون من طعام ويعطى الله له من القوة حتى يأتى على تلك الأزواج وعلى ذلك الطعام والشراب) ذكره الزندوستى فى الروضة. فان خرب المسجد وتعطل او خربت المحلة ولا يصلى فيه أحد صار المسجد ميراثا لورثة الباني عند محمد. وقال ابو يوسف هو على حاله مسجد وان تعطل ولو أرادوا ان يجعلوا المسجد مستغلا والمستغل مسجدا لم يجز يقول الفقير من الناس من جعل المسجد إصطبل الدواب او مطمورة الغلة او نحوه وكذا الكتاب ونحوه من محال العلم والعبادات وقد شاهدناه فى ديار الروم والعياذ بالله تعالى قال على رضى الله عنه ست من المروءة ثلاث فى الحضر وثلاث فى السفر. فاما اللاتي فى الحضر فتلاوة كتاب الله وعمارة مسجد الله واتخاذ الاخوان فى الله. واما اللاتي فى السفر فبذل الزاد وحسن الخلق والمزاح فى غير معاصى الله ذكره الخطيب فى الروضة ومنها قمها اى كنسها وتنظيفها قال الحسن مهور الحور العين كنس المساجد وعمارتها وفى الحديث (نظفوا أفنيتكم ولا تتشبهوا باليهود بجمع الاكباء) اى الكناسات فى دورها وفى الحديث (غسل الانا وطهارة الفنا يورثان الغنى) فاذا كان الأمر فى طهارة الفناء وهو فناء البيت والدكان ونحوهما هكذا فما ظنك فى تنظيف المسجد والكتاب ونحوهما ومنها تزيينها بالفرش قال بعضهم أول من فرش الحصير فى المساجد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكانت قبل ذلك مفروشة بالحصى وهو بالفارسية [سنك ريزه] اى فى زمنه صلى الله عليه وسلم وذلك ان المطر جاء ذات ليلة فاصبحت الأرض مبتلة فجعل الرجل يأتى بالحصباء فى ثوبه فيبسطها تحته ليصلى عليها فلما قضى رسول الله الصلاة قال ما احسن هذا البساط ثم امر ان يحصب جميع المسجد فمات قبل ذلك فحصبه عمر رضى الله عنه وفى الاحياء اكثر معروفات هذه الاعصار منكرات فى عصر الصحابة إذ من عد المعروف فى زماننا من فرش المساجد بالبسط الرقيقة وقد كان يعد فرش البواري فى المسجد بدعة كانوا لا يرون ان يكون بينهم وبين الأرض حائل انتهى قال الفقهاء يستحب له ان يصلى على الأرض بلا حائل او ما تنبته كالحصير والبوريا لانه اقرب الى التواضع وفيه خروج عن خلاف الامام مالك فان عنده يكره السجود على ما ليس من جنس الأرض ولا بأس بان يصلى على اللبود وسائر الفرش إذا كان المفروش رقيقا بحيث يجد الساجد تمكنه من الأرض وقد روى انه عليه السلام سجد على فروة مدبوغة ولا بأس بتبييض المسجد بالجص او بالتراب الأبيض- ذكر- ان الوليد بن عبد الملك أنفق على عمارة مسجد دمشق فى تزيينه مثل خراج الشام ثلاث مرات- وروى- ان سليمان بن داود عليهما السلام بنى مسجد بيت المقدس وبالغ فى تزيينه حتى نصب الكبريت الأحمر على رأس القبة وكان ذلك أعز ما يوجد فى ذلك الوقت وكان يضيىء من ميل وكانت الغزالات يغزلن فى ضوئه من مسافة اثنى عشر ميلا وكان على حاله حتى خربه بخت نصر ونقل جميع ما فيه من الذهب والفضة والجواهر والآنية الى ارض بابل وحمل مائة الف وسبعين عجلة ومنها تعليق القناديل فى المساجد وإسراج المصابيح والشموع وفى الحديث (من علق

قنديلا صلى عليه سبعون الف ملك حتى ينكسر ذلك القنديل) كما فى الكشف وقال انس رضى الله عنه من أسرج فى مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له مادام فى ذلك المسجد ضوؤه. وكان سليمان عليه السلام امر باتخاذ الف وسبعمائة قنديل من الذهب فى سلاسل الفضة. ذكر ان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءت العتمة يوقد فيه سعف النخل فلما قدم تميم الداري المدينة صحب معه قناديل وحبالا وزيتا وعلق تلك القناديل بسوارى المسجد وأوقدت فقال صلى الله عليه وسلم (نورت مسجدنا نور الله عليك اما والله لو كان لى بنت لأنكحتها هذا) وفى كلام بعضهم أول من جعل فى المسجد المصابيح عمر بن الخطاب ويوافقه قول بعضهم والمستحب من بدع الافعال تعليق القناديل فيها يعنى المساجد وأول من فعل ذلك عمر بن الخطاب فانه لما جمع الناس على ابى بن كعب رضى الله عنه فى صلاة التراويح علق القناديل فلما رأها على كرم الله وجهه تزهر قال نورت مسجدنا نور الله قبرك يا ابن الخطاب ولعل المراد تعليق ذلك بكثرة فلا يخالف ما تقدم عن تميم الداري. وعن بعضهم قال أمرنا المأمون ان اكتب بالاستكثار من المصابيح فى المساجد فلم أدر ما اكتب لانه شىء لم اسبق اليه فاريت فى المنام اكتب فان فيه أنسا للمتهجدين ونفيا لبيوت الله تعالى عن وحشة الظلم فانتبهت وكتبت بذلك قال بعضهم لكن زيادة الوقود كالواقع ليلة النصف من شعبان ويقال لها ليلة الوقود ينبغى ان يكون ذلك كتزيين المساجد ونقشها وقد كرهه بعضهم والله اعلم الكل من انسان العيون فى سيرة النبي المأمون قال الشيخ عبد الغنى النابلسى فى كشف النور عن اصحاب القبور ما خلاصته ان البدعة الحسنة الموافقة لمقصود الشرع تسمى سنة فبناء القباب على قبور العلماء والأولياء والصلحاء ووضع الستور والعمائم والثياب على قبورهم امر جائز إذا كان القصد بذلك التعظيم فى أعين العامة حتى لا يحتقروا صاحب هذا القبر وكذا إيقاد القناديل والشمع عند قبور الأولياء والصلحاء من باب التعظيم والإجلال ايضا للاولياء فالمقصد فيها مقصد حسن. ونذر الزيت والشمع للاولياء يوقد عند قبورهم تعظيما لهم ومحبة فيهم جائز ايضا لا ينبغى النهى عنه ومنها الدخول والقعود فيها والمكث والعبادة والذكر ودراسة العلوم ونحو ذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما ألا أدلكم على ما هو خير لكم من الجهاد قالوا بلى قال ان تبنوا مسجدا فيتعلم فيه القرآن والفقه فى الدين او السنة كما فى الاسرار المحمدية ومنها صيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش) ويقال حديث الدنيا فى المسجد وفى مجلس العلم وعند الميت وفى المقابر وعند الاذان وعند تلاوة القرآن يحبط ثواب عمل ثلاثين سنة وفى الحديث (قال الله تعالى ان بيوتى فى ارضى المساجد وان زوارى فيها عمارها فطوبى لعبد تطهر فى بيته ثم زارنى فى بيتي) فحق على المزور ان يكرم زائره قال الامام القشيري قدس سره عمارة المساجد التي هى مواقف العبودية لا تتأتى الا بتخريب أوطان البشرية فالعابد يعمر المسجد بتخريب أوطان شهوته والزاهد يعمره بتخريب أوطان ملاحظته ولكل منهم

[سورة التوبة (9) : الآيات 19 إلى 24]

صنف مخصوص وكذلك رتبهم بالايمان مختلفة فايمان من حيث البرهان وايمان من حيث البيان وايمان من حيث العيان وشتان ما بينهم انتهى كلامه نسأل الله الغفار ان يجعلنا من العمار والزوار أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ- روى- ان المشركين قالوا القيام على السقاية وعمارة المسجد الحرام خير ممن آمن وجاهد وكانوا يفتخرون بالحرم ويستكثرون به من أجل انهم اهله وعماره فانزل الله هذه الآية قال الكاشفى [آورده اند كه بعض از اهل حرم در جاهليت زمره حاج را نبيذ زبيب با عسل وسويق ميدادند ودر زمان آن حضرت رسالت پناه صلى الله عليه وسلم آن منصب سقايت بعباس تعلق داشت ومتصدىء عمارة مسجد الحرام شيبة بن طلحة بود روزى اين هر دو با مرتضى على بمقام مفاخرت در آمده عباس بسقايت وشيبه بعمارت مباهات مى نمودند وعلى بإسلام وجهاد مفتخر مى بود حق سبحانه وتعالى بتصديق على آيت فرستاد]- وروى- النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول الله فقال رجل ما أبالي ان لا اعمل بعد ان أسقي الحاج وقال آخر ما أبالي ان لا أعمل عملا بعد ان اعمر المسجد الحرام وقال آخر الجهاد فى سبيل الله أفضل مما قلتما فزجرهم عمر رضى الله عنه وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله وهو يوم الجمعة ولكن إذا صليتم استفتيت رسول الله فيما اختلفتم فيه فدخل فأنزل الله هذه الآية، والمعنى أجعلتم ايها المشركون او المؤمنون المؤثرون للسقاية والعمارة ونحوهما على الهجرة والجهاد ونظائرهما سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام فى الفضيلة وعلو الدرجة كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ السقاية والعمارة مصدران لا يتصور تشبيههما بالجثث فلا بد من تقدير مضاف فى أحد الجانبين اى أجعلتم أهلهما كمن آمن او أجعلتموها كايمان من آمن فان السقاية والعمارة وان كانتا فى أنفسهما من اعمال البر والخير لكنهما بمعزل عن صلاحية ان يشبه أهلهما باهل الايمان والجهاد او يشبه نفسهما بنفس الايمان والجهاد وذلك قوله تعالى لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ اى لا يساوى الفريق الاول الثاني من حيث اتصاف كل واحد منهما بوصفيهما ومن ضرورته عدم التساوي بين الوصفين الأولين وبين الآخرين لان المدار فى التفاوت بين الموصوفين وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى الكفرة الظلمة بالشرك ومعاداة الرسول منهمكون فى الضلالة فكيف يساوون الذين هداهم الله ووفقهم للحق والصواب الَّذِينَ آمَنُوا استئناف لبيان مراتب فضلهم اثر بيان عدم الاستواء وضلال المشركين وظلمهم وَهاجَرُوا من أوطانهم الى رسول الله وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ العدو فى طاعة الله بِأَمْوالِهِمْ [ببذل كردن مالهاى خود بمجاهدان وتهيه اسباب قتال ايشان] وَأَنْفُسِهِمْ [در باختن نفسهاى خود در معارك حرب] اى هم باعتبار اتصافهم بهذه الأوصاف الجليلة أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ اى أعلى رتبة واكثر كرامة ممن لم يتصف بها كائنا من كان وان حاز جميع ما عداها من الكمالات التي من جملتها السقاية والعمارة قال الحدادي وانما قال أعظم وان لم يكن للكفار درجة عند الله لانهم كانوا يعتقدون ان لهم درجة عند الله وهذا كقوله تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا وَأُولئِكَ

[سورة التوبة (9) : الآيات 21 إلى 22]

المنعوتون بتلك النعوت هُمُ الْفائِزُونَ المختصون بالفوز العظيم او بالفوز المطلق كأن فوز من عداهم ليس بفوز من نسبة الى فوزهم واما على الثاني فهو لمن يؤثر الثقاية والعمارة من المؤمنين على الهجرة والجهاد يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ فى الدنيا على ألسنة الرسل بِرَحْمَةٍ عظيمة مِنْهُ هى النجاة من العذاب فى الآخرة وَرِضْوانٍ [خشنودى كامل ازيشان] وَجَنَّاتٍ اى بساتين عالية لَهُمْ فِيها اى فى تلك الجنات نَعِيمٌ مُقِيمٌ نعم لانفاد لها خالِدِينَ فِيها اى فى الجنات أَبَداً تأكيد للخلود لزيادة توضيح المراد إذ قد يراد به المكث الطويل إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ اى ثواب كثير فى الجنة لا قدر عنده لا جور الدنيا [در كشف الاسرار فرموده كه رحمت براى عاصيانست ورضوان براى مطيعان وجنت براى كافه مؤمنان رحمت را تقديم كرد تا اهل عصيان رقم نا اميدى بر صفحات احوال خود نكشند كه هر چند گناه عظيم بود رحمت از ان أعظم است] كنه ما فزون بود ز شمار ... عفوت افزونتر از كناه همه قطره ز آب رحمت تو بس است ... شستن نامه سياه همه اعلم انه كما ان الكفار بالكفر الجلى لا يساوون المؤمنين فى أعمالهم وطاعاتهم كذلك المشركون بالشرك الخفي لا يساوون المخلصين فى أحوالهم ومقاماتهم فالزهد والتصوف والتعرف والتعبد المشوبة بالرياء والهوى والأغراض لا ثمرة لها عند اهل الطلب لانها خدمة فاسدة كبذر فاسد دنيا دارى وآخرت مى طلبى ... اين ناز بخانه پدر بايد كرد قيل لا تطمع فى المنزلة عند الله وأنت تريد المنزلة عند الناس وفرقوا بين الخادم والمتخادم بان المتخادم من كانت خدمته مشوبة بهواه فلا يراعى واجب الخدمة فى طرفى الرضى والغضب لانحراف مزاج قلبه بوجود الهوى وبحب المحمدة والثناء من الخلق والخادم من ليس كذلك قال السرى الزهد ترك حظوظ النفس من جميع ما فى الدنيا ويجمع هذه الحظوظ المالية والجاهلية حب المنزلة عند الناس وحب المحمدة والثناء. وجاء فى الأثر (لا يزال لا اله الا الله يدفع عن العباد سخط الله ما لم يبالوا بما نقص من دنياهم فاذا فعلوا ذلك وقالوا لا اله الا الله قال الله تعالى كذبتم لستم بها صادقين) - روى- ان عابدا من بنى إسرائيل راودته ملكة عن نفسه فقال اجعلوا لى ماء فى الخلاء اتنظف به ثم صعد أعلى موضع فى القصر فرمى بنفسه فاوحى الله تعالى الى ملك الهواء ان الزم عبدى قال فلزمه ووضعه على الأرض وضعا رفيقا فقيل لابليس ألا اغويته قال ليس لى سلطان على من خالف هواه وبذل نفسه لله فهذا هو الجهاد فى الله وثمرته الخلاص من الهلاك مطلقا قال العلماء بالله ينبغى للمريد ان يكون له فى كل شىء نية لله تعالى حتى فى أكله وشربه وملبوسه فلا يلبس الا لله ولا يأكل الا لله ولا ينام الا لله وقد ورد فى الخبر (من تطيب لله جاء يوم القيامة وريحه أطيب من المسك الأذفر ومن تطيب لغير الله جاء يوم القيامة وريحه أنتن من الجيفة) فالمريد ينبغى ان يتفقد جميع أقواله وأفعاله ولا يسامح نفسه ان تتحرك بحركة او تتكلم بكلمة الا لله تعالى. وفى الأخير من الآيات اشارة الى من جاهد النفس وبذل الوجود والموجود جميعا فانه

[سورة التوبة (9) : الآيات 23 إلى 24]

أعظم قربة فى مقام العندية من النفوس المتمردة ومن وصل الى مقام العندية فالله يعظم اجره اى يجده فى مقام العندية فافهم واسأل ولا تغفل عن حقيقة الحال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا سبب نزولها انه لما امر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة الى المدينة كان من الناس من يتعلق به زوجته وولده وأقاربه فيقولون ننشدك الله ان لا تروح وتدعنا الى غير شىء فنضيع بعدك فيرق لهم ويدع الهجرة فقال الله تعالى أيها المؤمنون لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ الكفرة بمكة أَوْلِياءَ يعنى [اين كروه بدوستى مگيريد] إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ اى اختاروه عَلَى الْإِيمانِ عدى استحب بعلى لتضمنه معنى اختار وحرص وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ [وهر كرا از شما ايشانرا دوست دارد يعنى اين عمل ازيشان پسندد] ومن للجنس لا للتبعيض فَأُولئِكَ المتولون هُمُ الظَّالِمُونَ بوضعهم الموالاة فى غير موضعها كأن ظلم غيرهم كلاظلم عند ظلمهم قال الامام الصحيح ان هذه السورة انما نزلت بعد فتح مكة فكيف يمكن حمل هذه الآية على إيجاب الهجرة والحال ان الهجرة انما كانت واجبة قبل فتح مكة. والأقرب ان تكون هذه الآية محمولة على إيجاب التبري من اقربائهم المشركين وترك الموالاة معهم باتخاذهم بطانة وأصدقاء بحيث يفشون إليهم أسرارهم ويؤثرون المقام بين أظهرهم على الهجرة الى دار الإسلام ويدل عليه قوله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى المشركون مثلهم قال الحدادي انما جعلوا ظالمين لموالاة الكفار لان الراضي بالكفر يكون كافرا قال الكاشفى [چواين آيت آمد متخلفان از هجرت گفتند كه حالا ما در ميان قبائل وعشائر خوديم وبمعاملات وتجارات اشتغال نموده اوقات ميگذرانيم چون عزيمت هجرت كنيم بالصرورة قطع پدر وفرزند بايد كرد تجارت از دست برود وما بي كسبى وبي مالى بمانيم آيت ديگر آمد كه] قُلْ يا محمد للذين تركوا الهجرة إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ اى اقرباؤكم من المعاشرة وهى المخالطة وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها اى اكتسبتموها وأصبتموها بمكة وانما وصفت بذلك ايماء الى عزتها عندهم لحصولها بكدّ اليمين وَتِجارَةٌ اى امتعة اشتريتموها للتجارة والربح تَخْشَوْنَ كَسادَها بفوات وقت رواجها بغيبتكم عن مكة المعظمة فى ايام الموسم وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها اى منازل تعجبكم الاقامة فيها لكمال نزاهتها من الدور والبساتين أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اى من طاعة الله وطاعة رسوله بالهجرة الى المدينة وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ اى وأحب إليكم من الجهاد فى طاعة الله والمراد الحب الاختياري المستتبع لاثره الذي هو الملازمة وعدم المفارقة لا الحب الجبلي الذي لا يخلو عنه البشر فانه غير داخل تحت التكليف الدائر على الطاقة فَتَرَبَّصُوا اى انتظروا جواب للشرط حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ [تا بيارد خداى تعالى] بِأَمْرِهِ هى عقوبة عاجلة او آجلة وهو وعيد لمن آثر حظوظ نفسه على مصلحة دينه وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن الطاعة فى موالاة المشركين اى لا يرشدهم الى ما هو خير لهم وفى الآية الكريمة وعيد شديد لا يتخلص منه الا اقل قليل فانك لو تتبعت اخوان زماننا من الزهاد الورعين لوجدتهم يتحيرون ويتحزنون بفوات احقر شىء من الأمور الدنيوية ولا يبالون بفوات اجلّ حظ

من الحظوظ الدينية فان محصول الآية ان من اثر هذه المشتهيات الدنيوية على طاعة الرحمن فليستعد لنزول عقوبة آجلة او عاجلة ولينظر ان ما آثره من الحظوظ العاجلة هل يخلص من الأهوال والدواهي النازلة اللهم عفوك وغفرانك يا ارحم الراحمين قال الكاشفى [اى عزيز مردى بايد كه ابراهيم وار روى از كون بگرداند فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ مال را بذل مهمان. وفرزند را قصد قربان وخود را فداى آتش سوزان كند تا درو دعوىء دوستى صادق باشد] آنكس كه ترا شناخت جانرا چهـ كند ... فرزند وعيال وخانمانرا چهـ كند ديوانه كنى هر دو جهانش بخشى ... ديوانه تو هر دو جهانرا چهـ كند [آورده نماند كه حضرت صلى الله عليه وسلم فرموده است كه] (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ماله وولده والناس أجمعين) قال ابن ملك المراد به نفى كمال الايمان وبالحب الحب الاختياري مثلا لو امر رسول الله مؤمنا بان يقاتل الكافر حتى يكون شهيدا او امر بقتل أبويه وأولاده الكافرين لاحب ان يختار ذلك لعلمه ان السلامة فى امتثال امره عليه السلام وان لا يخير كما ان المريض ينفر بطبعه عن الدواء ولكن يميل اليه ويفعله لظنه ان صلاحه فيه كيف ونينا عليه السلام اعطف علينا منا ومن آبائنا وأولادنا لانه عليه السلام يسعى لنا لا لغرض قال القاضي ومن محبته عليه السلام نصرة سنته والذب اى المنع والدفع عن شريعته [از حضرت شيخ الإسلام قدس سره منقولست كه احمد بن يحيى دمشقى روزى پيش مادر و پدر نشسته بود قصه قربان كردن حضرت إسماعيل از قرآن بريشان ميخواند گفتند اى احمد از پيش ما بر خيز وبرو كه ما ترا در كار خدا كرديم احمد برخاست وگفت الهى اكنون جز تو كسى ندارم رو بكعبه نهاد وبعد از ان كه بيست و چهار موقف ايستاده بود قصد زيارت والدين كرد چون بدمشق آمد وبدر سراى خود رسيد حلقه در بجنبانيد مادرش آواز داد كه من على الباب جواب داد كه انا احمد ابنك مادرش گفت پيش ازين ما را فرزندى بود او را در كار خدا كرديم احمد ومحمود را با ما چهـ كار ما هر چهـ داشتيم فداى تو كرده ايم ... جانرا اسير بند هواى تو كرده ايم ما كرده ايم ترك خود وهر دو كون نيز ... وينها كه كرده ايم براى تو كرده ايم وهذا لما ان المهاجرين كانوا يكرهون الموت فى بلدة هاجروا منها وتركوها لله تعالى لئلا ينقص ثواب الهجرة إذ في العود نقض العمل الا ان يكون لضرورة دون اختيار قال فى التأويلات اصل الدين هو محبة الله تعالى وان صرف استعداد محبة الله فى هذه الأشياء المذكورة فيه فسق وهو الخروج من محبة الخالق الى محبة المخلوق وان من آثر محبة المخلوق على محبة الخالق فقد أبطل الاستعداد الفطري لقبول الفيض الإلهي واستوجب الحرمان وأدركه القهر والخذلان فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ اى بقهره وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن حسن الاستعداد يعنى لا يهديهم الى حضرت جلاله وقبول فيض جماله بعد ابطال حسن الاستعداد وعن بشر بن الحارث رضى الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال لى يا بشر أتدري لم رفعك الله تعالى على اقرانك قلت لا يا رسول الله قال باتباعك لسنتى وخدمتك الصالحين ونصحك لاخوانك ومحبتك لاصحابى واهل بيتي هو الذي بلغك منازل الأبرار

[سورة التوبة (9) : الآيات 25 إلى 30]

أقول المحبة الخالصة باب عظيم لا يفتح الا لاهل القلب السليم وتأثيرها غريب وأمرها عجيب نسأل الله تعالى سبحانه ان يجعلنا من الذين آثروا حب الله وحب رسوله على حب ما سواهما آمين لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ اى بالله قد أعانكم يا اصحاب محمد على عدوكم وأعلاكم عليهم مع ضعفكم وقلة عددكم وعددكم فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ من الحروب وهى مواقعها ومقاماتها. جمع موطن وهو كل موضع اقام به الإنسان لأمر والمراد بها واقعات بدر والأحزاب وقريظة والنضير والحديبية وخيبر وفتح مكة وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عطف على محل فى مواطن بحذف المضاف فى أحدهما اى وموطن يوم حنين ليكون من عطف المكان على المكان او فى ايام مواطن كثيرة ويوم حنين ليكون من عطف الزمان على الزمان وأضيف اليوم الى حنين لوقوع الحرب يومئذ بها فيوم حنين هى غزوة حنين ويقال لها غزوة هوازن ويقال لها غزوة أوطاس باسم الموضع الذي كانت به الواقعة فى آخر الأمر وحنين واد بين مكة والطائف إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [چون بشگفت آورد شما را] اى سرتكم كثرة عددكم ووفور عددكم والاعجاب هو السرور بالتعجب رهو بدل من يوم حنين وكانت الواقعة فى حنين بين المسلمين وهم اثنا عشر الفا عشرة آلاف منهم ممن شهد فتح مكة من المهاجرين والأنصار والفان من الطلقاء وهم اهل مكة سموا بذلك لانه عليه السلام اطلقهم يوم فتح مكة عنوة ولم يقيدهم بالاسار وبين هوازن وثقيف وكانوا اربعة آلاف سوى الجم الغفير من امداد سائر العرب- روى- انه عليه السلام فتح مكة فى اواخر رمضان وقد بقيت منه ثلاثة ايام وقيل فتحها لثلاث عشرة ليلة مضت من رمضان ومكث فيها الى ان دخل شوال فغدا يوم السبت السادس منه خارجا الى غزوة حنين واستعمل على مكة عتاب بن أسيد يصلى بهم ومعاذبن جبل يعلمهم السنن والفقه وحين فتحت مكة أطاعه عليه الصلاة والسلام قبائل العرب الا هوازن ونقيفا فان أهلهما كانوا طغاة مردة فخافوا ان يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وظنوا انه عليه السلام يدعوهم الى الإسلام فثقل ذلك عليهم فحشدوا وبغوا وقالوا ان محمدا لاقى قوما لا يحسنون القتال فاجمعوا أمرهم على ذلك فاخرجوا معهم أموالهم ونساءهم وأبناءهم وراءهم فحملوا النساء فوق الإبل وراء صفوف الرجال ثم جاؤا بالإبل والغنم والذراري وراء ذلك كى يقاتل كل منهم عن اهله وماله ولا يفر أحد بزعمهم فساروا كذلك حتى نزلوا باوطاس وقد كان عليه السلام بعث إليهم عينا ليتجسس عن حالهم وهو عبد الله بن ابى حدر من بنى سليم فوصل إليهم فسمع مالك بن عوف امير هوازن يقول لاصحابه أنتم اليوم اربعة آلاف رجل فاذا لقيتم العدو فاحملوا عليهم حملة رجل واحد واكسروا جفون سيوفكم فو الله لا تضربون باربعة آلاف سيف شيأ الا فرج فاقبل العين الى النبي عليه السلام فاخبره بما سمع من مقالتهم فقال سلمة ابن سلامة الوقسى الأنصاري يا رسول الله لن نغلب اليوم من قلة معناه بالفارسية [ما امروز از قلت لشكر مغلوب نخواهم شد] فساءت رسول الله كلمته وقيل ان هذه الكلمة قالها أبو بكر رضى الله عنه وقيل قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الامام صاحب التفسير الكبير وهو بعيد لانه عليه السلام كان فى اكثر الأحوال متوكلا على الله منقطع القلب عن الدنيا وأسبابها

قال ابن الشيخ فى حواشيه الظاهر ان القول بها لا ينافى التوكل على الله ولا يستلزم الاعتماد على الأسباب الظاهرة فان قوله لن نغلب اليوم من قلة نفى للقلة وإعجاب بالكثرة. والمعنى ان وقعت مغلوبية فلامر آخر غير القلة فركب صلى الله عليه وسلم بغلته دلدل ولبس درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت ووضع الالوية والرايات مع المهاجرين والأنصار فلما كان بحنين وانحدروا فى الوادي وذلك عند غبش الصبح يوم الثلاثاء خرج عليهم القوم وكانوا كمنوالهم فى شعاب الوادي ومضايقه وكانوا رماة فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم المشركون وخلوا الذراري فاكب المسلمون فتنادى المشركون يا حماة السوء اذكروا الفضائح فتراجعوا وحملوا عليهم فادركت المسلمين كلمة الاعجاب اى لحقهم شؤم كلمة الاعجاب فانكشفوا ولم يقوموا لهم مقدار حلب شاة وذلك قوله تعالى فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً [پس دفع نكرد از شما آن كثرت شما] والإغناء إعطاء ما تدفع به الحاجة اى لم تعطكم تلك الكثرة مما تدفعون به حاجتكم شيأ من الإغناء وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ اى رحبها وسعتها على ان ما مصدرية والباء بمعنى مع اى لا تجدون فيها مقرا تطمئن اليه نفوسكم من شدة الرعب ولا تثبتون فيها كمن لا يسعه مكانه: قال الشاعر كان بلاد الله وهى عريضة ... على الخائف المطلوب كفة حابل اى حبالة صيد ثُمَّ وَلَّيْتُمْ الكفار ظهوركم مُدْبِرِينَ اى منهزمين لا تلوون على أحد يقال ولى هاربا اى أدبر. فالادبار الذهاب الى خلف خلاف الإقبال- روى- انه بلغ فلهم اى منهزمهم مكة وسر بذلك قوم من اهل مكة وأظهروا الشماتة حتى قال أخو صفوان ابن امية لامه ألا قد أبطل الله السحر اليوم فقال له صفوان وهو يومئذ مشرك اسكت فض الله فاك اى أسقط اسنانك والله لان يربنى من الربوبية اى يملكنى ويدبر امرى رجل من قريش أحب الى من ان يربنى رجل من هوازن ولما انهزموا بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وليس معه إلا عمه العباس آخذا بلجام بغلته وابن عمه ابو سفيان بن حرب بن عبد المطلب أخذا بركابه وهو يركض البغلة نحو المشركين ويقول انا النبي لا كذب ... انا ابن عبد المطلب وهذا ليس بشعر لانه لم يقع عن قصد وانما قال انا ابن عبد المطلب ولم يقل انا ابن عبد الله لان العرب كانت تنسبه صلى الله عليه وسلم الى حده عبد المطلب لشهرته ولموت عبد الله فى حياته فليس من الافتخار بالآباء الذي هو من عمل الجاهلية وقال الخطابي انه عليه السلام انما قال انا ابن عبد المطلب لا على سبيل الافتخار ولكن ذكرهم عليه السلام بذلك رؤيا رأها عبد المطلب ايام حباته وكانت القصة مشهورة عندهم فعرفهم بها وذكرهم إياها وهى احدى دلائل نبوته عليه السلام وقصة الرؤيا على ما فى عقد الدرر واللآلى ان عبد المطلب جد النبي عليه السلام بينا هو مائم فى الحجر انتبه مذعورا قال العباس فتبعته وانا يومئذ غلام اعقل ما يقال فاتى كهنة قريش فقال رأيت كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهرى ولها اربعة أطراف طرف قد بلغ مشارق الأرض وطرف قد بلغ مغاربها وطرف قد بلغ عنان السماء وطرف قد جاوز الثرى فبينا انا انظر عادت شجرة خضراء لها نور فبينا انا كذلك قام علىّ شيخان فقلت لاحدهما من أنت قال

[سورة التوبة (9) : آية 26]

انا نوح نبى رب العالمين وقلت للآخر من أنت قال انا ابراهيم خليل رب العالمين ثم انتبهت قالوا ان صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك نبى يؤمن به اهل السموات واهل الأرض ودلت السلسلة على كثرة اتباعه وأنصاره لتداخل حلق السلسلة ورجوعها شجرة يدل على ثبات امره وعلو ذكره وسيهلك من لم يؤمن به كما هلك قوم نوح وستظهر به ملة ابراهيم والى هذا وقعت اشارة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال انا النبي لا كذب ... انا ابن عبد المطلب كانه يقول انا ابن صاحب تلك الرؤيا مفتخرا بها لما فيها من علم نبوته وعلو كلمته انتهى- روى- انه عليه السلام كان يحمل على الكفار فيفرون ثم يحملون عليه فيقف لهم فعل ذلك بضع عشرة مرة قال العباس كنت اكف البغلة لئلا تسرع به نحو المشركين وناهيك بهذا شهادة على تناهى شجاعته حيث لم يخف اسمه فى تلك الحال ولم يخف الكفار على نفسه وما ذلك الا لكونه مؤيدا من عند الله العزيز الحكيم فعند ذلك قال (يا رب ائتنى بما وعدتني) وقال للعباس وكان صيتا جمهورىّ الصوت (صح بالناس) يروى من شدة صوته انه أغير يوما على مكة فنادى وا صباحاه فاسقطت كل حامل سمعت صوته وكان صوته يسمع من ثمانية أميال فنادى الأنصار فخذا فخذا ثم نادى يا اصحاب الشجرة وهم اهل بيعة الرضوان يا اصحاب سورة البقرة وهم المذكورون فى قوله آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ وكانوا يحفظون سورة البقرة ويقولون من حفظ سورة البقرة وآل عمران فقد جد فينا فكروا عنقا واحدا اى جماعة واحدة يعنى دفعة وهم يقولون لبيك لبيك وذلك قوله تعالى ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ اى رحمته التي تسكن بسببها القلوب وتطمئن إليها اطمئنانا كليا مستتبعا للنصر القريب واما مطلق السكينة فقد كانت حاصلة له عليه السلام قبل ذلك ايضا وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ شامل للمنهزمين وغيرهم فعاد المنهزمون وظفروا وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها اى بأبصاركم كما يرى بعضكم بعضا وهم الملائكة عليهم البياض على خيول بلق وكان يراهم الكفار دون المؤمنين فنظر النبي عليه السلام الى قتال المشركين فقال (هذا حين حمى الوطيس) والوطيس حجارة توقد العرب تحتها النار يشوون عليها اللحم وهو فى الأصل التنور وهذه من الكلمات التي لم تسمع إلا منه صلى الله عليه وسلم. وحمى الوطيس كناية عن شدة الحرب ثم نزل عن بغلته وقيل لم ينزل بل قال (يا عباس ناولنى من الحصباء) او انخفضت بغلته حتى كادت بطنها تمس الأرض ثم قبض قبضة من تراب فرمى به نحو المشركين وقال (شاهت الوجوه) فلم يبق منهم أحد الا امتلأت به عيناه ثم قال عليه السلام (انهزموا ورب الكعبة) وهو أعظم من انقلاب العصا حية لان ابتلاعها لحبالهم وعصيهم لم يقهر الغدو ولم يشتت شمله بل زاد بعدها طغيانه وعتوه على موسى بخلاف هذا الحصى فانه أهلك العدو وشتت شمله وكان من دعائه عليه السلام يومئذ (اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان) فقال له جبريل عليه السلام لقد لقنت الكلمات التي لقنها الله موسى يوم فلق البحر. واختلفوا فى عدد الملائكة يومئذ فقيل خمسة آلاف وقيل ثمانية آلاف وقيل ستة عشر الفا. وفى قتالهم ايضا فقيل قاتلوا وقيل لم يقاتلوا الا يوم بدر وانما كان نزولهم لتقوية قلوب المؤمنين بإلقاء الخواطر الحسنة وتأييدهم

[سورة التوبة (9) : آية 27]

بذلك وإلقاء الرعب فى قلوب المشركين وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالقتل والاسر والسبي وَذلِكَ اى ما فعل بهم مما ذكر جَزاءُ الْكافِرِينَ فى الدنيا ولما هزم الله المشركين بوادي حنين ولوا مدبرين ونزلوا باوطاس وبها عيالهم وأموالهم فبعث رسول الله رجلا من الأشعريين يقال له ابو عامر وامره على جيش الى أوطاس فسار إليهم فاقتتلوا وهزم الله المشركين وسبى المسلمون عيالهم وهرب أميرهم مالك بن عوف فاتى الطائف وتحصن بها وأخذوا اهله وماله فيمن أخذ وقتل امير المؤمنين ابو عامر ثم انه عليه السلام اتى الطائف فحاصرهم بقية ذلك الشهر فلما دخل ذو القعدة وهو شهر حرام انصرف عنهم فاتى الجعرانة وهو موضع بين مكة والطائف سمى المحل باسم امرأة وهى ريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهى المرادة فى قوله تعالى كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها فاحرم منها بعمرة بعد ان قام بها ثلاث عشرة ليلة وقال اعتمر منها سبعون نبيا وقسم بها غنائم حنين وأوطاس وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل اربعة وعشرين الفا والغنم اكثر من أربعين واربعة آلاف اوقية قضة وتألف أناسا فجعل يعطى الرجل الخمسين والمائة من الإبل ولما قسم ما بقي خص كل رجل اربع من الإبل وأربعون شاة فقال طائفة من الأنصار يا للعجب ان اسيافنا تقطر من دمائهم وغنائمنا ترد عليهم فبلغ ذلك النبي عليه السلام فجمعهم فقال (يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني عنكم) فقالوا هو الذي بلغك وكانوا لا يكذبون فقال (الم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي وكنتم اذلة فأعزكم الله بي وكنتم وكنتم اما ترضون ان ينقلب الناس بالشاء والإبل وتنقلبون برسول الله الى بيوتكم) فقالوا بلى رضينا يا رسول الله والله ما قلنا ذلك الا محبة لله ولرسوله فقال صلى الله عليه وسلم (ان الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ [از پس اين جنك] عَلى مَنْ يَشاءُ ان يتوب عليه منهم لحكمة تقتضيه اى يوفقه للاسلام وَاللَّهُ غَفُورٌ يتجاوز عما سلف منهم من الكفر والمعاصي رَحِيمٌ يتفضل عليهم ويثيبهم- روى- ان ناسا منهم جاؤا رسول الله وبايعوه على الإسلام وقالوا يا رسول الله أنت خير الناس وابرّ الناس وقد سبى أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا فقال عليه السلام (ان عندى ما ترون ان خير القول أصدقه اختاروا اما ذراريكم ونساءكم واما أموالكم) قالوا ما كنا نعدل بالاحساب شيأ هو جمع حسب وهو ما بعد من المفاخر كنوا بهذا القول عن اختيار ما سبى منهم من الذراري والنسوان على استرجاع الأموال فان ترك الذراري والنسوان فى ذل الاسر واختيار استرجاع الأموال عليها يفضى الى الطعن فى أحسابهم وينافى المروءة فقام النبي عليه السلام فقال (ان هؤلاء جاؤنا مسلمين وانا خيرناهم بين الذراري والأموال فلم يعدلوا بالاحساب شيأ فمن كان بيده سبى وطابت نفسه ان يرد فشأنه) اى فيلزم شأنه (وليفعل ما طاب له ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيأ فنعطيه مكانه) قالوا رضينا وسلمنا فقال عليه السلام (انا لا ندرى لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا) فرفعت اليه العرفاء انهم قد رضوا ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم (لوفد هوازن ما فعل مالك بن عوف) قالوا يا رسول الله هرب فلحق بحصن الطائف مع ثقيف فقال صلى الله عليه وسلم (اخبروه انه ان أتاني مسلما رددت عليه اهله

وماله وأعطيته مائة من الإبل) فلما بلغه هذا الخبر نزل من الحصن مستخفيا خوفا ان تحبسه ثقيف إذا علموا الحال وركب فرسه وركضه حتى اتى الدهناء محلا معروفا وركب راحلته ولحق برسول الله فادركه بالجعرانة واسلم فرد عليه أهله وماله واستعمله عليه السلام على من اسلم من هوازن وكان مالك بن عوف بعد ذلك ممن افتتح عامة الشام ثم فى القصة إشارات منها ان عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الواقعة كانوا فى غاية الكثرة والقوة فلما اعجبوا بكثرتهم صاروا منهزمين فلما تضرعوا فى حال الانهزام الى الله تعالى قواهم حتى هزموا عسكر الكفار وذلك يدل على ان الإنسان متى اعتمد على الدنيا فاته الدين ومتى أطاع الله ورجح الدين على الدنيا آتاه الله الدين والدنيا على احسن الوجوه. وكما ان اكثر الأسباب الصورية وان كان مدارا للفتح الصوري لكنه فى الحقيقة لا يحصل الا بمحض فضل الله. فكذا كثرة الأعمال والطاعات وان كانت سببا للفتح المعنوي لكنه فى الحقيقة ايضا لا يحصل الا بخصوص هداية الله تعالى فلا بد من العجز والافتقار والتضرع الى الله الغفار: قال الحافظ تكيه بر تقوى ودانش در طريقت كافريست ... راهرو كر صد هنر دارد توكل بايدش ومنها ان المؤمن لا يخرج من الايمان وان عمل الكبيرة لانهم قد ارتكبوا الكبيرة حيث هربوا وكان عددهم اكثر من عدد المشركين فسماهم الله تعالى مؤمنين فى قوله ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وذلك لان حقيقة الايمان هو التصديق القلبي فلا يخرج المؤمن عن الاتصاف به الا بما ينافيه ومجرد الاقدام على الكبيرة لغلبة شهوة او غيرة جاهلية او عار أو كسل او خوف خصوصا إذا اقترن به خوف العقاب ورجاء العفو والعزم على التوبة لا ينافيه قال الحافظ بپوش دامن عفوى بزلت من مست ... كه آب روى شريعت بدين قد نرود وقال السعدي پرده از روى لطف كو بردار كه اشقيا را اميد مغفرتست ومنها انه صلى الله عليه وسلم لم ينهزم قط فى موطن من المواطن واما ما روى عن سلمة ابن الأكوع رضى الله عنه مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما فمنهزما حال من سلمة لامن النبي عليه السلام قال القاضي عبد الله بن المرابط من قال ان نبى الله عليه السلام هزم فى بعض غزاوته يستتاب فان تاب فيها ونعمت وإلا قتل فانه نسب اليه ما لا يليق بمنصبه وألحق به نقصا وذلك لا يجوز عليه إذ هو على بصيرة من امره، ويقين من عصمته وقد أعطاه الله تعالى من الشجاعة ورباطة الجاش ما لم يعط أحدا من العالمين فكيف يتصور الانهزام فى حقه شاهى وملائكه سپاهست ... خلق تو عظيم وحق كواهست ومنها ان ذا القعدة شهر شريف ينبغى ان يعرف قدره ويجاهد المرء فيه نفسه وهو الثلاثون يوما التي واعد الله فيها موسى عليه السلام وامره ان يصومها حتى يجيىء بعدها الى طور المناجاة والمكالمات والمشاهدات قال كعب الأحبار. رضى الله عنه اختار الله الزمان فاحبه اليه الأشهر الحرم وذو القعدة من الأشهر الحرم بلا خلاف وسمى ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال

[سورة التوبة (9) : آية 28]

وعن قتادة قال سألت انساكم اعتمر النبي عليه السلام قال أربعا. عمرة الحديبية فى ذى القعدة حيث صده المشركون. وعمرة من العام القابل حيث صالحهم. وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة أراها حنين قلت كم حج قال واحدة ومعناه بعد الهجرة الى المدينة فانه صلى الله عليه وسلم قد حج قبلها كما فى عقد الدرر واللآلى وكذا قال صاحب الروضة وفى السنة التاسعة حج أبو بكر رضى الله عنه بالناس. وفى العاشرة كانت حجة الوداع ولم يحج النبي عليه السلام بعد الهجرة سواها وحج قبل النبوة وبعدها حجات لم يتفق على عددها واعتمر بعد الهجرة اربع عمر وفى هذه السنة مات ابراهيم ابن النبي عليه السلام. وفى الحادية عشرة فاته صلى الله عليه وسلم انتهى اللهم اختم لنا بالخير واجعل لنا فى رياض انسك مبوأ ومنزلا وفى حظائر قدسك مستقرا ومقاما وموئلا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ النجس بفتحتين مصدر بمعنى النجاسة وصفوا بالمصدر مبالغة كأنهم عين النجاسة يجب الاجتناب عنهم والتبري منهم وقطع مودتهم قال الحدادي سمى المشرك نجسا لان الشرك يجرى مجرى القذر فى انه يجب تجنبه كما يجب تجنب النجاسات او لانهم لا يتطهرون من الجنابة والحدث ولا يجتنبون عن النجاسة الحقيقية فهم ملابسون لها غالبا فحكم عليهم بانهم نجس بمعنى ذوى نجاسة. حكمية وحقيقية فى أعضائهم الظاهرة او انهم نجس بمعنى ذوى نجاسة فى باطنهم حيث تنجسوا بالشرك والاعتقاد الباطل. فعلى هذا يحتمل ان يكون نجس صفة مشبهة كحسن فيجوز ترك تقدير المضاف فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ الفاء سببية اى فلا يقربوه بسبب انهم عين النجاسة فضلا عن ان يدخلوه فان نهيهم عن اقترابه للمبالغة فى نهيهم عن دخوله قال فى التبيان اى لا يدخلوا الحرم كله وحدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على تسعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال انتهى بَعْدَ عامِهِمْ هذا وهو السنة التاسعة من الهجرة التي حج فيها أبو بكر رضى الله عنه أميرا وكانت حجة الوداع فى السنة العاشرة هو الظاهر الذي عليه الامام الشافعي واما على مذهب الامام الأعظم فالمراد من الآية المنع من الدخول حاجا او معتمرا فالمعنى لا يحجوا ولا يعتمروا بعد هذا العام ويدل عليه قول على رضى الله عنه حين نادى ببراءة ألا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك فلا يمنع المشرك عنده من دخول الحرم والمسجد الحرام وساتر المساجد قال فى الأشباه فى احكام الذمي ولا يمنع من دخول المسجد جنبا بخلاف المسلم ولا يتوقف دخوله على اذن مسلم عندنا ولو كان المسجد الحرام. ثم قال فى احكام الحرم ولا يسكن فيه كافر وله الدخول فيه انتهى يقول الفقير لعل الحكمة فى ان الجنب المسلم يمنع من دخول المسجد دون الجنب الكافر ان ما هو عليه الكافر من الشرك او الخبث القلبي والجنابة المعنوية أعظم من حدثه الصوري فلا فائدة فى منعه نعم إذا كان عليه نجاسة حقيقية يمنع لانا مأمورون بتطهير المساجد عن القاذورات ولذا قالوا بحرمة إدخال الصبيان والمجانين فى المساجد حيث غلب تنجيسهم وإلا فيكره كما فى الأشباه هذا فلما منعوا من قربان المسجد الحرام. قال أناس من تجار بكر بن وائل وغيرهم من المشركين بعد قراءة على هذه الآية ستعلمون يا اهل

مكة إذا فعلتم هذا ماذا تلقون من الشدة ومن اين تأكلون اما والله لنقطعن سبلكم ولا نحمل إليكم شيأ فوقع ذلك فى انفس اهل مكة وشق عليهم والقى الشيطان فى قلوب المسلمين الحزن وقال لهم من اين تعيشون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم الميرة فقال المسلمون قد كنا نصيب من تجاراتهم فالآن تنقطع عنا الأسواق والتجارات ويذهب عنا الذي كنا نصيبه فيها فانزل الله تعالى قوله وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً اى فقرا بسبب منعهم من الحج وانقطاع ما كانوا يجلبونه إليكم من الأرزاق والمكاسب فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ من عطائه او من تفضله بوجه آخر وقد أنجز وعده بان أرسل السماء عليكم مدرارا اكثر من خيرهم وميرهم ووفق اهل تبالة وجرش واسلموا وامتاروا لهم ثم فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجه إليهم الناس من أقطار الأرض إِنْ شاءَ ان يغنيكم قيده بالمشيئة مع ان التقييد بها ينافى ما هو المقصود من الآية وهو ازالة خوفهم من العيلة لفوائد الفائدة الاولى ان لا يتعلق القلب بتحقق الموعود بل يتعلق بكرم من وعد به ويتضرع اليه فى نيل جميع المهمات ودفع جميع الآفات والبليات والثانية التنبيه على ان الإغناء الموعود ليس يجب على الله تعالى بل هو متفضل فى ذلك لا يتفضل به الا عن مشيئته وإرادته والثالثة التنبيه على ان الموعود ليس بموعود بالنسبة الى جميع الاشخاص ولا بالنسبة الى جميع الامكنة والأزمان إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمصالحكم حَكِيمٌ فيما يعطى ويمنع قال الكاشفى [حكم كننده است بتحقيق آمال ايشان اگر درى در بندد ديگرى بگشايد] كمان مدار اگر ضايعم تو بگذارى ... كه ضايعم نگذارد مسبب الأسباب براى من در احسان اگر تو در بندى ... درى دگر بگشايد مفتح الأبواب - روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصري رضى الله عنه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجد ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادي لعلى أجد شيأ ليسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فوجدت فى قلبى منها وحشة وكأن قائلا يقول لى جعت عشرة ايام فآخرها يكون حظك سلحمة مطروحة متغيرة فرميت بها فدخلت المسجد فقعدت فاذا برجل جاء فجلس بين يدى ووضع قمطرة وقال هذه لك قلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشىء ونذرت انا ان خلصنى الله ان أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصرى من المجاورين وأنت أول من لقيته قلت افتحها فاذا فيها كعك سميذ ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضه من ذا وقلت رد الباقي الى صبيانك هدية منى إليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير إليك مند عشرة ايام وأنت تطلبه من الوادي ... قال الصائب فكر آب ودانه در كنج قفس بي حاصلست ... زير چرخ انديشه روزى چرا باشد مرا وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى قد رفع قلم التكليف عن الإنسان الى ان يبلغ استكمال القالب ففى تلك المدة كانت النفس وصفاتها يطفن حول كعبة القلب مستمدة من القوى

[سورة التوبة (9) : آية 29]

العقلية والروحانية وبهذا يظفرن بمشتهياتهن من الدنيا ونعيمها حتى صار تعبد الدنيا دأبهن والإشراك بالله طبعهن وبذلك تكامل القالب واستوت أوصاف البشرية الحيوانية عند ظهور الشهوة بالبلوغ ثم اجرى الله عليهم قلم التكليف ونهى القلب عن اتباع النفوس وامره بقتالها ونهاها عن تطوافها لئلا تنجس كعبة القلب بنجاسة شرك النفس والأوصاف الذميمة فلما منعت النفس عن تطوافها بحوالى القلب خاف القلب من فوات حظوظه من الشهوات بتبعية النفس فاغناه الله عن تلك الحظوظ بما يفتح عليه من فضل مواهبه من الواردات الربانية والشواهد والكشوف الرحمانية وفى قوله إِنْ شاءَ اشارة الى ان ما عند الله لا ينال الا بمشيئة الله كذا فى التأويلات النجمية: قال الحافظ سكندر را نمى بخشند آبى ... بزورو زر ميسر نيست اين كار قاتِلُوا [بكشيد اى مؤمنان وكارزار كنيد] الَّذِينَ [با آنانكه] لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ كما ينبغى فان اليهود مثنية والنصارى مثلثة فايمانهم بالله كلا ايمان وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كما ينبغى فان اليهود ذهبوا الى نفى الاكل والشرب فى الجنة والنصارى الى اثبات المعاد الروحاني فعلمهم بأحوال الآخرة كلا علم فكذا ايمانهم المبنى عليه ليس بايمان والمؤمن الكامل هو الذي يصف الله تعالى بما يليق به فيوحده وينزهه ويثبت المعاد الجسماني والروحاني كليهما والنعيم الصوري والمعنوي ايضا فان لكل من الجسم والروح حظا من النعيم يليق بحاله ويناسب لمقامه وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ما ثبت تحريمه بالوحى المتلو وهو الكتاب او غير المتلو وهو السنة وذلك مثل الدم والميتة ولحم الخنزير والخمر ونظائرها وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ يجوز ان يكون مصدر يدينون وان يكون مفعولا به ويدينون بمعنى يعتقدون ويقبلون. والحق صفة مشبهة بمعنى الثابت واضافة الدين اليه من قبيل اضافة الموصوف الى صفته واصل الكلام ولا يدينون الدين الحق وهو دين الإسلام فانه دين ثابت نسخ جميع ما سواه من الأديان وعن قتادة ان الحق هو الله تعالى. والمعنى ولا يدينون دين الله الذي هو الإسلام فان الدين عند الله الإسلام مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ من التوراة والإنجيل وهو بيان للذين لا يؤمنون حَتَّى للغاية يُعْطُوا اى يقبلوا ان يعطوا فان غاية القتال ليست نفس هذا الإعطاء بل قبوله الْجِزْيَةَ فعلة من جزى دينه إذا قضاه سمى ما يعطيه المعاهد مما تقرر عليه بمقتضى عهده جزية لوجوب قضائه عليه أو لأنها تجزى عن الذمي اى تقضى وتكفى عن القتل فانه إذا قبلها يسقط عنه القتل عَنْ يَدٍ حال من الضمير فى يعطوا اى عن يدهم بمعنى مسلمين بايديهم غير باعثين بايدى غيرهم ولذلك منع من التوكيل فيه او عن يد مطيعة غير ممتنعة اى منقادين مطيعين فاذا احتيج فى أخذها منهم الى الجبر والإكراه لا يبقى عقد الذمة بل يعود حكم القتل والقتال فالاعطاء عن يد كناية عن الانقياد والطوع يقال اعطى فلان بيده إذا استسلم وانقاد وعلاقة المجاز ان من ابى وامتنع لا يعطى بيده بخلاف المطيع او عن غنى. ولذلك قيل لم تجب الجزية على الفقير العاجز عن الكسب او عن انعام عليه فان ابقاء مهجتهم بما بذلوا من الجزية نعمة عظيمة عليهم او عن يد قاهرة مستولية عليهم وهى

يد الآخذ فعن سببية كما فى قولك يسمنون عن الاكل والشرب اى يبلغون الى غاية السمن وحسن الهيئة بسبب الاكل والشرب وَهُمْ صاغِرُونَ اى أذلاء وذلك بان يأتى بها بنفسه ماشيا غير راكب ويسلمها وهو قائم والمتسلم جالس ويؤخذ بتلبيبه اى بجيبه ويجر ويقال له أد الجزية يا ذمى او يا عدو الله وان كانوا يؤدونها واعلم ان الكفار ثلاثة انواع نوع منهم يقاتلون حتى يسلموا إذ لا يقبل منهم الا الإسلام وهم مشركوا العرب والمرتدون. اما مشركوا العرب فلان النبي عليه السلام بعث منهم فظهرت المعجزات لديهم فكفرهم يكون افحش. واما المرتدون فلانهم عدلوا عن دين الحق بعد اطلاعهم على محاسنه فيكون كفرهم أقبح فالعقوبة على قدر الجناية وفى وضع الجزية تخفيف لهم فلم يستحقوه ونوع آخر يقاتلون حتى يسلموا او يعطوا الجزية وهم اليهود والنصارى والمجوس. اما اليهود والنصارى فهذه الآية. واما المجوس فبقوله عليه السلام (سنوابهم سنة اهل الكتاب غير ناكحى نسائهم وآكلى ذبائحهم) والنوع الثالث منهم الكفرة الذين ليسوا مجوسا ولا اهل كتاب ولا من مشركى العرب كعبدة الأوثان من الترك والهند ذهب ابو حنيفة وأصحابه رحمهم الله الى جواز أخذ الجزية منهم لجواز اجتماع الدينين فى غير جزيرة العرب وهم من غير العرب ومقدارها على الفقير المعتمل اثنا عشر درهما فى كل شهر درهم هذا إذا كان فى اكثر الحول صحيحا اما إذا كان فى أكثره او نصفه مريضا فلا جزية عليه وعلى المتوسط الحال اربعة وعشرون درهما فى كل شهر درهمان وعلى الغنى ثمانية وأربعون درهما فى كل شهر اربعة دراهم ولا شىء على فقير عاجز عن الكسب ولا على شيخ فان او زمن او مقعد او أعمى او صبى او امرأة او راهب لا يخالط الناس وانما لم توضع عليهم الجزية لان الجزية شرعت زجرا عن الكفر وحملاله على الإسلام فيجرى مجرى القتل فمن لا يعاقب بالقتل وهم هؤلاء لا يؤاخذ بالجزية لان الجزية خلف من القتال وهم ليسوا باهله فاذا حصل الزاجر فى حق المقاتلة وهم الأصل انزجر التبع قال الحدادي اما طعن الملحدة كيف يجوز أقدار الكفار على كفرهم بأداء الجزية بدلا من الإسلام فالجواب انه لا يجوز ان يكون أخذ الجزية منهم رضى بكفرهم وانما الجزية عقوبة لهم على إقامتهم على الكفر وإذا جاز إمهالهم بغير الجزية للاستدعاء الى الايمان كان إمهالهم بالجزية اولى انتهى فعلى الولاة والمتسلمين ان لا يتعدوا ما حد الله تعالى فى كتابه فان الظلم لا يجوز مطلقا ويعود وباله على الظالم بل يسرى الى غيره ايضا وفى الحديث (خمس بخمس إذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة وإذا جار الحكام قحط المطر وإذا ظهر الزنى كثر الموت وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية وإذا تعدى على اهل الذمة كانت الدولة لهم) كذا فى الاسرار المحمدية لابن فخر الدين الرومي: وفى المثنوى جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى يقول الفقير رأينا من السنة الرابعة والتسعين بعد الالف الى هذا الآن وهى السنة الاولى بعد المائة والالف من استيلاء الكفار على البلاد الرومية وعلى البحر الأسود والأبيض ما لم يره أحد قبلنا ولا يدرى أحد ماذا يكون غدا والأمر بيد الله تعالى وذلك بسبب الظلم

[سورة التوبة (9) : آية 30]

المفرط على اهل الإسلام واهل الذمة الساكنين فى تلك الديار فعاد الصغار والذل من الكفار الى المسلمين الكاذبين فصاروا هم صاغرين والعياذ بالله تعالى وليس الخبر كالمعاينة نسأل الله تعالى اللحوق بأهل الحق والدخول فى الأرض المقدسة ثم ان مما حرم الله على اهل الحق الدنيا ومحبتها فان حب الدنيا رأس كل خطيئة والكفار لما قصروا انظارهم على الدنيا وأخذوها بدلا من الآخرة وضعت عليهم الجزية وجزية النفس الامارة معاملاتها على خلاف طبعها لتكون صاغرة ذليلة تحت احكام الشرع وآداب الطريقة فلا بد من جهادها وتذليلها ليعود العز والدولة الى طرف الروح: وفى المثنوى آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست فهذه حال النفس فلا بد من قهرها الى ان تفنى عن دعواها واسناد العز إليها وعند ذلك تكون فانية مطمئنة مستسلمة لامر الله منقادة مسخرة تحت حكمه وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ يقرأ بالتنوين على ان عزيز مبتدأ وابن خبره ولم يحذف التنوين إيذانا بان الاول مبتدأ وان ما بعده خبره وليس بصفة [وعزيز بن شرحيا از نسل يعقوبست از سبط لاوى وبچهارده پشت بهارون بن عمران ميرسد] وهو قول قدمائهم ثم انقطع فحكى الله تعالى عنهم ذلك ولا عبرة بانكار اليهود وفى البحر وتذم طائفة او تمدح بصدور ما يناسب ذلك من بعضهم- روى- ان بخت نصر البابلي لما ظهر على بنى إسرائيل قتل علماءهم ولم يبق فيهم أحد يعرف التوراة وكان عزير إذ ذاك صغيرا فاستصغره فلم يقتله وذهب به الى بابل مع جملة من اخذه من سبايا بنى إسرائيل فلما نجا عزير من بابل ارتحل على حمارله حتى نزل بدير هر قل على شط دجلة فطاف فى القرية فلم يرفيها أحدا وعامة شجرها حامل فاكل من الفاكهة واعتصر من العنب فشرب منه وجعل فضل الفاكهة فى سلة وفضل العصير فى زق فلما رأى خراب القرية وهلاكها قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها قالها تعجبا لا شكا فى البعث فالقى الله تعالى عليه النوم ونزع منه الروح وبقي ميتا مائة عام وأمات حماره وعصيره وتينه عنده وأعمى الله تعالى عنه العيون فلم يره أحد ثم انه تعالى أحياه بعد ما أماته مائة سنة واحيى حماره ايضا فركب حماره حتى اتى محلته فانكره الناس وأنكر هو ايضا الناس ومنازله فتتبع اهله وقومه فوجد ابنا له شيخا ابن مائة سنة وثمانى عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ فوجد من دونهم عجوزا عمياء مقعدة اتى عليها مائة وعشرون سنة كانت امة لهم وقد كان خرج عزيز عنهم هى بنت عشرين سنة فقال لهم انا عزيز كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني قالت العجوز ان عزيرا كان مستجاب الدعوة يدعو للمريض وصاحب البلاء بالعافية فادع الله يرد الى بصرى حتى أراك فان كنت عزيرا عرفتك فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحت وأخذ بيدها وقال لها قومى بإذن الله تعالى فاطلق رجلها فقامت صحيحة فنظرت فقالت اشهد انك عزير وقال ابنه كان لابى شامة مثل الهلال بين كتفيه فكشف عن كتفيه فاذا هو عزير قال السدى والكلبي لما رجع عزير الى قومه وقد احرق بخت نصر التوراة

[سورة التوبة (9) : الآيات 31 إلى 35]

ولم يكن من الله عهد بين الخلق بكى عزير على التوراة فاتاه ملك باناء فيه ماء فسقاه من ذلك الماء فمثلت التوراة فى صدره فقال لبنى إسرائيل يا قوم ان الله بعثني إليكم لاجدد لكم توراتكم قالوا فاملها علينا فاملاها عليهم من ظهر قلبه ثم ان رجلا قال ان أبى حدثنى عن جدى ان التوراة جعلت فى خابية ودفنت فى كرم كذا فانطلقوا معه حتى أخرجوها فعارضوها بما كتب لهم عزير فلم يجدوه غادر منها حرفا فقالوا ان الله تعالى لم يقذف التوراة فى قلب رجل الا انه ابنه فعند ذلك قالت اليهود المتقدمون عزير ابن الله وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ هو ايضا قول بعضهم وانما قالوه استحالة لان يكون ولد بلا أب أو لأن يفعل ما فعله من إبراء الأكمه والأبرص واحياء الموتى من لم يكن الها ذلِكَ اشارة الى ما صدر عنهم من العظيمتين قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ اى ليس فيه برهان ولا حجة وانما هو قول بالفم فقط كالمهمل قال الحدادي معناه انهم لا يتجاوزون فى هذا القول عن العبارة الى المعنى إذ لا برهان لهم لانهم يعترفون ان الله لم يتخذ صاحبة فكيف يزعمون ان له ولدا يُضاهِؤُنَ اى يضاهى ويشابه قولهم فى الكفر والشناعة فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه فانقلب مرفوعا قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ اى من قبلهم وهم المشركون الذين يقولون الملائكة بنات الله او اللات والعزى بنات الله قاتَلَهُمُ اللَّهُ دعاء عليهم جميعا بالإهلاك فان من قاتله الله هلك فهو من قبيل ذكر الملزوم وارادة اللازم لتعذر ارادة الحقيقة ويجوز ان يكون تعجبا من شناعة قولهم من قطع النظر عن العلاقة المصححة للانتقال من المعنى الأصلي الى المعنى المراد أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يصرفون من الحق الى الباطل والحال انه لا سبيل اليه أصلا والاستفهام بطريق التعجب اتَّخَذُوا اى اليهود أَحْبارَهُمْ اى علماءهم جمع حبر بالكسر وهو افصح وسمى العالم حبرا لكثرة كتابته بالجر أو لتحبره المعاني او بالبيان الحسن وغلب فى علماء اليهود من أولاد هارون وَرُهْبانَهُمْ اى اتخذوا النصارى علماء هم جمع راهب وهو الذي تمكنت الرهبة والخشية فى قلبه وظهرت آثارها فى وجهه ولسانه وهيئته وغلب فى عباد النصارى واصحاب الصوامع منهم أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ اى كالارباب فهو من باب التشبيه البليغ. والمعنى أطاعوا علماءهم وعبادهم فيما امروهم به طاعة العبيد للارباب فحرموا ما أحل الله وحللوا ما حرم الله وفى الحديث (ان محرم الحلال كمحلل الحرام) اى ان عقوبة محرم الحلال كعقوبة محلل الحرام وذلك كفر محض ومثاله ان من اعتقد ان اللبن حرام يكون كمن اعتقد ان الخمر حلال ومن اعتقد ان لحم الغنم حرام يكون كمن اعتقد ان لحم الخنزير حلال وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ عطف على رهبانهم اى اتخذه النصارى ربا معبودا بعد ما قالوا انه ابن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وجمع اليهود والنصارى فى ضمير اتخذوا لا من اللبس وَما أُمِرُوا اى والحال ان أولئك الكفرة ما أمروا فى التوراة والإنجيل وبادىء العقل إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً عظيم الشأن هو الله تعالى ويطيعوا امره ولا يطيعوا امر غيره بخلافه فان ذلك مخل بعبادته فان جميع الكتب السماوية متفقة على ذلك قاطبة واما إطاعة الرسول وسائر من امر الله بطاعته فهى فى الحقيقة إطاعة الله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ صفة ثانية لالها سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ما مصدرية اى

[سورة التوبة (9) : الآيات 32 إلى 33]

تنزيها له عن الإشراك به فى العبادة والطاعة يُرِيدُونَ اى يريد اهل الكتابين أَنْ يُطْفِؤُا يخمدوا نُورَ اللَّهِ اى يردوا القرآن ويكذبوه فيما نطق به من التوحيد والتنزه عن الشرك والأولاد والشرائع التي من جملتها ما خالفوه من امر الحل والحرمة بِأَفْواهِهِمْ بأقاويلهم الباطلة الخارجة منها من غير ان يكون لها مصداق تنطبق عليه واصل تستند اليه حسبما حكى عنهم وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ انما صح الاستثناء المفرغ من الموجب لكونه بمعنى النفي اى لا يريد الله شيأ من الأشياء الا إتمام نوره بإعلاء كلمة التوحيد وإعزاز دين الإسلام وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ جواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدرة كلتاهما فى موقع الحال اى لا يريد الله الا إتمام نوره ولو لم يكره الكافرون ذلك بل ولو كرهوا اى على كل حال مفروض وقد حذفت الاولى فى الباب حذفا مطردا لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لان الشيء إذا تحقق عند المانع فلان يتحقق عند عدمه اولى چراغى را كه ايزد بر فروزد ... كسى كش پف كند سبلت بسوزد هُوَ الَّذِي اى الذي لا يريد شيأ الا إتمام نوره ودينه هو الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ملتبسا بِالْهُدى اى القرآن الذي هو هدى للمتقين وَدِينِ الْحَقِّ اى الدين الحق وهو دين الإسلام لِيُظْهِرَهُ اى ليغلب الرسول عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى على اهل الأديان كلهم فالمضاف محذوف او ليظهر الدين الحق على سائر الأديان بنسخه إياها حسبما تقتضيه الحكمة واللام فى ليظهره لاثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليله. فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ذلك الإظهار ووصفهم بالشرك بعد وصفهم بالكفر للدلالة على انهم ضموا الكفر بالرسول الى الكفر بالله قال ابن الشيخ وغلبة دين الحق على سائر الأديان تكون على التزايد ابدا وتتم عند نزول عيسى عليه السلام لما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى نزول عيسى ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الإسلام وقيل ذلك عند خروج المهدى فانه حينئذ لا يبقى أحد إلا دخل فى الإسلام والتزم أداء الخراج وفى الحديث (لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا الا إدبارا ولا الناس الا شحا ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس ولا مهدى الا عيسى بن مريم) ومعناه لا يكون أحد صاحب المهدى الا عيسى بن مريم فانه ينزل لنصرته وصحبته والمهدى الذي من عترة النبي عليه السلام امام عادل ليس بنبي ولا رسول والفرق بينهما ان عيسى هو المهدى المرسل الموحى اليه والمهدى ليس بنبي موحى اليه وايضا ان عيسى خاتم الولاية المطلقة والمهدى خاتم الخلافة المطلقة وكل منهما يخدم هذا الدين الذي هو خير الأديان وأحبها الى الله تعالى وعن بعض الروم قال كان سبب إسلامي انه غزانا المسلمون فكنت أساير جيشهم فوجدت غزاة فى الساقة فاسرت نحو عشرة نفر وحملتهم على البغال بعد ان قيدتهم وجعلت مع كل واحد منهم رجلا موكلابه فرأيت فى بعض الأيام رجلا من الأسرى يصلى فقلت للموكل به

[سورة التوبة (9) : آية 34]

فى ذلك فقال لى انه فى كل وقت صلاة يدفع الىّ دينارا فقلت وهل معه شىء قال لا ولكنه إذا فرغ من صلاته ضرب بيده الى الأرض ودفع لى ذلك فلما كان الغد لبست ثوبا خلقا وركبت فرسادونا وسرت مع الموكل لا تعرف صحة ذلك فلما دنا وقت صلاة الظهر أومى الى ان يدفع لى دينارا حتى اتركه يصلى فاشرت اليه انى لا آخذ إلا دينارين فاومى برأسه نعم فلما فرغ من صلاته رأيته قد ضرب بيده الى الأرض فدفع الى منها دينارين فلما كان وقت العصر أشار كالمرة الاولى فاشرت اليه انى لا آخذ الا خمسة دنانير فاشار الى بالاجابة فلما فرغ من صلاته فعل كفعله الاول فدفع الىّ خمسة دنانير فلما كان وقت المغرب أشار كذلك فقلت لا آخذ الا عشرة فاجابنى فلما صلى فعل كما تقدم فدفع الىّ عشرة فلما نزلنا وأصبحنا دعوت به وسألته عن خبره وخيرته فى رجوعه الى بلاد الإسلام فاختار الرجوع فاركبته بغلا ودفعت له زادا وحملته بنفسي على البغل فقال أماتك الله تعالى على أحب الأديان اليه فوقع فى قلبى من ذلك الوقت الإسلام فعلى المؤمن المخلص ان يعظم الرسول الذي أرسله الله بهذا الدين الحق وقد عظمه الله ورفع ذكره وكتب اسمه على صفحات الكون قال بعض الشيوخ دخلت بلاد الهند فوصلت الى مدينة رأيت فيها شجرة تحمل ثمرا يشبه اللوز له قشرة فاذا كسرت خرجت منها ورقة خضراء مطوية مكتوب عليها بالحمرة لا اله الا الله محمد رسول الله كتابة هندية واهل الهند يتبركون بها ويستسقون بها إذا منعوا الغيث ويتضرعون عندها فحدثت بهذا الحديث أبا يعقوب الصياد فقال لى ما استعظم هذا كنت بالأيلة فاصطدت سمكة مكتوب على اذنها اليمنى لا اله الا الله وعلى اليسرى محمد رسول الله فقذفت بها الى الماء وانما قذف بها احتراما لها لما عليها من اسم الله تعالى واسم رسوله عليه السلام شهباز هواى قاب قوسين ... پر شد ز تو آشيان كونين وفى الحديث (لا تجعلونى كقدح الراكب) اى لا تنسونى فى حالة الشدة والرخاء (ولا تذكرونى كصنيع الراكب مع قدحه المعلق فى مؤخر رحله إذا احتاج اليه من العطش استعمله وإذا لم يحتج اليه تركه) وقيل لا تجعلونى فى آخر الدعاء فان اللائق ان يذكر اسمه الشريف اولا وآخرا ويجعل الدعاء له عنوان الادعية هر چند شد آخرين مقدم ... شد بر همه نور تو مقدم جعلنا الله وإياكم من خدام عتبة بابه والمتقربين بكل وسيلة الى عالى جنابه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ اى علماء اليهود وهم من ولد هارون وَالرُّهْبانِ وهم اصحاب الصوامع من النصارى جمع راهب وقد سبق لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ يأخذونها بطريق الرشوة لتغيير الاحكام والشرائع والتخفيف والمسامحة فيها ويوهمون الناس انهم حذاق مهرة فى تأويل الآية وبيان مراد الله تعالى منها يقول الفقير وهكذا يفعل المفتون الماجنون والقضاة الجائرون فى هذا الزمان يفتون على مراد المستفتى طمعا لما له ويقضون بمرجوح الأقوال بل على خلاف الشرح ويرون ان لهم فى ذلك سندا

[سورة التوبة (9) : آية 35]

قويا قاتلهم الله وانما عبر عن الاخذ بالأكل مع ان المذموم منهم مجرد أخذها بالباطل اى بطريق الارتشاء سواء أكلوا ما أخذوه أو لم يأكلوا بناء على ان الاكل معظم الغرض من الاخذ وَيَصُدُّونَ اى يمنعون الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن دين الإسلام او يعرضون عنه بانفسهم بأكلهم الأموال بالباطل وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اى يجمعونهما ويحفظونهما سواء كان ذلك بالدفن او بوجه آخر والكنز فى كلام العرب هو الجمع وكل شىء جمع بعضه الى بعض فهو مكنوز يقال هذا جسم مكتنز الاجزاء إذا كان مجتمع الاجزاء وسمى الذهب ذهبا لانه يذهب ولا يبقى وسميت فضة لانها تنفض اى تنفرق ولا تبقى وحسبك بالاسمين دلالة على فنائهما وانه لا بقاء لهما- يقال- لما خرج آدم عليه السلام من الجنة بكى له كل شىء فيها إلا شجرة العود والذهب والفضة فقال الله تعالى لو كان فى قلوبكم رأفة لبكيتم من خوفى ولكن من قسا قلبه أحرقته بالنار وعزتى وجلالى لا يصاغ منكم حلقة ولا دينار ولا درهم ولا سوار الا بتوقد النار وأنت يا شجرة العود لا تبرحي فى النار والأحزان الى يوم القيامة. ثم المراد بالموصول ما يعم الكثير من الأحبار والرهبان وغيرهم من المسلمين الكانزين الغير المنفقين وهو مبتدأ خبره فبشرهم وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى لا ينفقون منها اى يؤدون زكاتها ولا يخرجون حق الله منها فحذف من وأريد إثباتها بدليل قوله تعالى فى آية اخرى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وقال عليه السلام (فى مائتى درهم خمسة دراهم وفى عشرين مثقالا من الذهب نصف مثقال) ولو كان الواجب انفاق جميع المال لم يكن لهذا التقدير وجه كما فى تفسير الحدادي وانما قيل ولا ينفقونها مع ان المذكور شيآن لان المراد بهما دنانير ودراهم كثيرة وقيل الضمير يعود على الأموال او على الكنوز المدلول عليها بالفعل او على الفضة لكونها اقرب فاكتفى ببيان أحدهما عن بيان الآخر ليعلم بذلك كقوله تعالى وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وكذا الكلام فى قوله عَلَيْها الآتي فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وضع الوعيد لهم بالعذاب موضع البشارة بالتنعم لغيرهم يَوْمَ منصوب بعذاب يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ يقال حميت النار اى اشتدت حرارتها اى يوم توقد النار الحامية اى الشديدة الحرارة على تلك الدنانير والدراهم وعليها فى موضع رفع لقيامه مقام الفاعل فَتُكْوى [پس داغ كرده شود] بِها [بدان دينارها ودرمهاى سوزان] جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ وانما تكوى هذه الأعضاء دون غيرها لان الغنى إذا رأى الفقير الطالب للزكاة كان يعبس جبهته وإذا بالغ فى السؤال يعرض عنه بجنبه وإذا بالغ يقوم من موضعه ويولى ظهره ولم يعطه شيأ غالبا أو لأن مقصود الكانز من جميع المال لما كان طلب الوجاهة بالغنى تعلق الكي بأعلى وجهه وهو الجبهة ولما قصد به ايضا التنعم بالمطاعم الشهية التي ينتفخ بسببها جنباه وبالملابس البهية التي يلقيها على ظهره تعلق الكي بالجنوب والظهور ايضا هذا ما كَنَزْتُمْ اى يقال لهم حين الكي فى ذلك اليوم هذا ما جمعتم فى دار الدنيا لِأَنْفُسِكُمْ اى لمنفعتها فكان عين مضرتها وسبب تعذيبها فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ

تَكْنِزُونَ اى وبال كنزكم فما مصدرية والمضاف محذوف لان المعنى المصدري ليس بمذوق وانما يذاق وباله وعذابه وانما ذاقوه فى الآخرة لانهم فى الدنيا فى منام الغفلة عن الآخرة والنائم لا يذوق ألم الكي فى النوم وانما يذوقه عند الانتباه والناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا مردمان غافلند از عقبى ... همه كويا بخفتگان مانند ضرر غفلتى كه مى ورزند ... چون بميرند آنگهى دانند [در امالى امام ظهير الدين ولواجى مذكور است كه. اگر ديگران خزينه مال كنند تو خزانه اعمال كن. واگر ديگران كنوز اعراض فانيه جويند تو رموز اسرار باقيه جوى] يكدرم كان دهى بدرويشى ... بهتر از كنجهاى مدخرست زانچهـ دارى تمتعى بر دار ... كان دكر روزى كسى دكرست وفى الحديث (ما من صاحب كنز لا يؤدى زكاته الا احمى عليها فى نار جهنم فتجعل صفائح فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره حتى يحكم الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار وما من صاحب ابل لا يؤدى زكاتها الأبطح لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها واخفافها) اى ترفع يديها (وتطرحهما معا على صاحبها كلما مضى عليه آخرها رد عليه أولها حتى يحكم الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار وما من صاحب غنم لا يؤدى زكاتها الأبطح لها بقاء قرقر تطأه باظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها جماع ولا منكسر قرنها كلما مضى عليه آخرها رد عليها أولها حتى يقضى الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار) واعلم ان الزكاة شكر لنعمة المال كما ان الصوم والصلاة والحج شكر لنعمة الأعضاء ولذا صارت صلاة الضحى شكر النعمة ثلاثمائة وستين مفصلا فى البدن وهى اى الزكاة تمليك خمسة دراهم فى مائتين للفقير المسلم لله تعالى ولرضاه فالتمليك رجاء للعوض ليس بزكاة وعائل يتيم لو أطعمه من زكاته صح خلافا لمحمد لوجود الركن وهو التمليك وهذا إذا سلم الطعام اليه واما إذا لم يدفع اليه فلا يجوز لعدم التمليك وهذا ايضا إذا لم يستخدمه فلو دفع شيأ من زكاته الى خادمه الغير المملوك وجاء للعوض وهو خدمته لم يكن لله تعالى وهذا غافل عنه اكثر الناس ولو أنفق على أقاربه بنية الزكاة جاز الا إذا حكم عليه بنفقتهم قالوا الأفضل فى صرف الزكاة ان يصرفها الى اخوته ثم أعمامه ثم أخواله ثم ذوى الأرحام ثم جيرانه ثم اهل سكنه ثم اهل مصره والفرق بين الزكاة وصدقة الفطر انه لا يجوز دفع الزكاة لذمى بخلاف صدقة الفطر ولا وقت لها ولصدقة الفطر وقت محدود يأثم بالتأخير عن اليوم الاول قال الفقهاء افتراض الزكاة عمرى وقيل فورى وعليه الفتوى فيأثم بتأخيرها وترد شهادته. أي رجل يستحب له اخفاؤها فقل الخائف من الظلمة حتى لا يعلموا كثرة ماله. أي رجل غنى عند الامام فلا تحل له فقير عند محمد فتحل له فقل من له دور يستغلها ولا يملك نصابا فمن

[سورة التوبة (9) : الآيات 36 إلى 40]

كان له دار لا تكون للسكنى ولا للتجارة وقيمتها تبلغ النصاب يجب بها صدقة الفطر دون الزكاة ولو اشترى زعفرانا ليجعله على كعك التجارة لا زكاة فيه ولو كان سمسما وجبت والفرق ان الاول مستهلك دون الثاني والملح والحطب للطباخ والحرض والصابون للقصار والشب والقرظ للدباغ كالزعفران والعصفر والزعفران للصباغ كالسمسم كذا فى الأشباه ثم المعتبر فى الذهب والفضة الوزن وجوبا وأداء لا الذي يروج بين الناس من ضرب الأمير وجاز دفع القيمة فى زكاة وكفارة غير الاعتاق وعشر ونذر وإذا قال الناذر على ان أتصدق اليوم بهذا الدرهم على هذا الفقير فتصدق غدا بدرهم آخر على غيره يجزئه عندنا ولا تؤخذ الزكاة من تركته بغير وصية وان اوصى اعتبرت من الثلث والمريض إذا خاف من ورثته يخرجها سرا عنهم إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ العدة مصدر بمعنى العدد أي ان عدد الشهور التي تتعلق بها الاحكام الشرعية من الحج والعمرة والصوم والزكاة والأعياد وغيرها وهى الشهور العربية القمرية التي تعتبر من الهلال الى الهلال وهى تكون مرة ثلاثين يوما ومرة تسعة وعشرين ومدة السنة القمرية ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم دون الشهور الرومية والفارسية التي تكون تارة ثلاثين يوما وتارة أحدا وثلاثين ومدة السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم وللشمس اثنا عشر برجا تسير فى كلها فى سنة والقمر فى كل شهر وهى حمل ثور جوزاء سرطان اسد سنبلة ميزان عقرب قوس جدى دلو حوت واصطلحوا على ان جعلوا ابتداء السنة الشمسية من حين حلول مركز الشمس نقطة رأس الحمل الى عودها الى تلك النقطة لان الشمس إذا حلت هناك ظهر فى النبات قوة ونشو ونماء وتغير الزمان من رثاثة الشتاء الى نضارة الربيع واعتدل الزمان فى كيفيتى الحر والبرد. ولما كانت السنة عند العرب عبارة عن اثنى عشر شهرا من الشهور القمرية وكانت السنة القمرية اقل من السنة الشمسية بمقدار وبسبب ذلك النقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل الى فصل كان الحج والصوم والفطر يقع تارة فى الصيف واخرى فى الشتاء. ولما كانت عند سائر الطوائف عبارة عن مدة تدور فيها الشمس دورة تامة كانت أعيادهم وصومهم تقع فى موسم واحد ابدا عِنْدَ اللَّهِ اى فى حكمه وهو ظرف لقوله عدة اثْنا عَشَرَ خبر لان شَهْراً تمييز مؤكد كما فى قولك عندى من الدنانير عشرون دينارا فِي كِتابِ اللَّهِ صفة لاثنا عشر والتقدير اثنا عشر شهرا مثبتة فى كتابه وهو اللوح المحفوظ وانما قال فى كتاب الله لان كثيرا من الأشياء توصف بانها عند الله ولا يقال انها فى كتاب الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ظرف منصوب بما تعلق به قوله فى كتاب الله اى مثبتة فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض اى منذ خلق الاجرام اللطيفة والكثيفة وانما قال ذلك لان الله تعالى اجرى الشمس والقمر فى السموات يوم خلق الله السموات والأرض فمبلغ عدد الشهور اثنا عشر من غير زيادة أولها المحرم وآخرها ذو الحجة وانما خصت باثنى عشر لانهم كانوا ربما جعلوها ثلاثة عشر وذلك انهم كانوا يؤخرون الحج فى كل عامين من شهر الى آخر ويجعلون الشهر الذي انسأوا فيه اى أخروا ملغى فتكون تلك السنة ثلاثة عشر شهرا ويكون العام الثاني على ما كان عليه

الاول سوى ان الشهر الملغى فى الاول لا يكون فى العام الثاني وعلى هذا تمام الدورة فيستدير حجهم فى كل خمس وعشرين سنة الى الشهر الذي بدىء منه ولذا خرج الحساب من أيديهم وربما يحجون فى بعض السنة فى شهر ويحجون من قابل فى غيره الى ان كان العام الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصادف حجهم ذا الحجة فوقف بعرفة يوم التاسع وأعلمهم بطلان النسيء كما سيجيئ وهذه الشهور قد نظمها بعضهم بقوله چون محرم بگذرد آيد بنزد تو صفر ... پس ربيعين وجمادين ورجب آيد ببر باز شعبانست وماه صوم وعيد وذى القعد ... بعد از ان ذى الحجة نام ماهها آيد بسر . اما المحرم فسمى بذلك لانهم كانوا يحرمون القتال فيه حتى ان أحدهم كان يظفر بقاتل أبيه او ابنه فلا يكلمه ولا يتعرض له. واما صفر فسمى بذلك لخلوهم من الطعام وخلو منازلهم من الزاد ولذلك كانوا يطلبون الميرة فيه ويرحلون لذلك يقال صفر السقاء إذا لم يكن فيه شىء والصفر الخالي من كل شىء كذا فى التبيان وقال فى شرح التقويم سمى بذلك لخلوه عن التحريم الذي كان فى المحرم. واما الربيعان فسميا بذلك لان العرب كانت تربع فيهما لكثرة الخصب فيهما. والربيع عند العرب اثنان ربيع الشهور وربيع الازمنة. اما ربيع الشهور فهو شهران بعد صفر اى ربيع الاول وربيع الآخر بتنوين ربيع على ان الاول صفته وكذا الآخر والاضافة غلط. واما ربيع الازمنة فهو ايضا اثنان الربيع الاول وهو الذي تأتى فيه الكماة والنور ويسمونه ربيع الكلاء والربيع الثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثمار فربيعا الشهور لا يقال فيهما الأشهر ربيع الاول وشهر ربيع الآخر ليمتازا عن الربيعين فى الازمنة. واما الجماديان فسميا بذلك لان الماء كان يجمد فيهما لشدة البرد فيهما كذا فى التبيان وقال فى شرح التقويم جمادى الاولى بضم الجيم وفتح الدال فعالى من الجمد بضم الجيم والميم وسكون الميم لغة فيه وهو المكان الصلب المرتفع الخشن وانما سمى بذلك لان الزمان فى أول وضع هذا الاسم كان حارا والامكنة فى الصلابة والارتفاع والخشونة من تأثير الحرارة وجمادى الآخرة تالية للشهر المتقدم فى المعنى المذكور قال ابن الكمال جمادى الاولى والآخرة فعالى كحبارى والدال مهملة والعوام يستعملونها بالمعجمة المكسورة ويصفونها بالأول فيكون فيها ثلاث تحريفات قلب المهملة معجمة والفتحة كسرة والتأنيث تذكيرا. وكذا جمادى الآخرة يقولون جمادى الآخر بلا تاء والصحيح الآخرة بالتاء او الاخرى وهما معرفتان من اسماء الشهور فادخال اللام فى وصفهما صحيح. وكذا ربيع الاول وربيع الآخر فى الشهور واما ربيع الازمنة فالربيع الاول باللام انتهى. واما رجب فسمى بذلك لان العرب فى الجاهلية كانوا يعظمونه ويتركون فيه القتال والمحاربة يقال رجبته بالكسر اى عظمته والترجيب التعظيم وكانوا يسمونه رجب مضر وهو اسم قبيلة لكونه أشد تعظيما له من بقية العرب ولذلك قال عليه السلام فيه (رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) وانما وصف رجب بقوله الذي للتأكيد او لبيان ان رجب الحرام هو الذي بينهما الا ما كانوا يسمونه رجب على حساب النسيء او يسمون رجب وشعبان رجبين فيغلبون رجب عليه وربما يقال شعبانان تغليبا له على رجب. واما شعبان فسمى بذلك

لانهم كانوا يتفرقون ويتشعبون من التشعيب وهو التفريق. واما رمضان فسمى بذلك لشدة الحر الذي كان يكون فيه حتى ترمض الفصال كما قيل للشهر الذي يحج فيه ذو الحجة قال فى شرح التقويم الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره وسبب تسمية هذا الشهر بهذا الاسم ان العرب كانت تسمى الشهور بلوازم الازمنة التي كانت الشهور واقعة فيها وكانت اللوازم وقت التسمية هاهنا رمض الجر اى شدته انتهى. وقيل سمى رمضان لانه ترمض فيه الذنوب رمضا اى تغفر. وكان مجاهد يكره ان يقول رمضان ويقول لعله اسم من اسماء الله فالوجه ان يقال شهر رمضان لما روى (لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان ولكن قولوا جاء شهر رمضان فان رمضان اسم من اسماء الله تعالى) على ما فى التيسير قال فى التلويح العلم هو شهر رمضان بالاضافة ورمضان محمول على الحذف للتخفيف ذكره فى الكشاف وذلك لانه لو كان رمضان علما لكان شهر رمضان بمنزلة انسان زيد ولا يخفى قبحه ولهذا كثر فى كلام العرب شهر رمضان ولم يسمع شهر رجب وشهر شعبان على الاضافة انتهى قال المولى حسن چلبى قد يمنع القبح بان الاضافة البيانية شائعة عرفا فلا مجال لاستقباحها بعد ان تكون مطردة انتهى. واما شوال فسمى بذلك لانه يشول الذنوب اى يرفعها ويذهبها لانه من شال يشول إذا رفع الشيء ومن ذلك قولهم شالت الناقة بذنبها اى رفعته إذا طلبت الضراب كذا فى التبيان وقال فى شرح التقويم هو من الشول وهو الخفة من الحرارة فى العمل والخدمة وانما سمى بذلك لخروج الإنسان فيه عن مخالفة النفس الامارة وقمع شهواتها اللذين كانا فى الإنسان فى رمضان بإطلاق طوع المستلذات والمشتهيات فعند خروجه عن ذلك كان يجد خفة فى نفسه ويستريح. واما ذو القعدة فسمى بذلك لانهم كانوا يقعدون فيه لكثرة الخصب فيه او يقعدون عن القتال قال فى شرح التقويم انما سمى هذا الشهر بهذا الاسم لانه زمان يحصل فيه قعود مكة. والقعدة بفتح القاف وسكون العين المهملة قال ابن ملك قولهم ذو القعدة وذو الحجة يجوز فيهما فتح القاف والحاء وكسرهما لكن المشهور فى القعدة الفتح وفى الحجة الكسر. واما ذو الحجة فسمى بذلك لانهم كانوا يحجون فيه وقال فى كتاب عقد الدرر واللآلي فى فضائل الأيام والشهور والليالى تكلم بعض اهل العلم على معانى اسماء الشهور فقال كانت العرب إذا رأوا السادات تركوا العادات وحرموا الغارات قالوا المحرم. وإذا مرضت أبدانهم وضعفت اركانهم واصفرت ألوانهم قالوا صفر. وإذا نبتت الرياحين واخضرت البساتين قالوا ربيعين. وإذا قلت الثمار وبرد الهواء وانجمد الماء قالوا جماديين. وإذا ماجت البحار وجرت الأنهار ورجبت الأشجار قالوا رجب. وإذا تشعبت القبائل وانقطعت الوسائل قالوا شعبان. وإذا حر الفضاء ورمضت الرمضاء قالوا رمضان. وإذا ارتفع التراب وكثر الذباب وشالت الإبل الاذناب قالوا شوال. وإذا رأوا التجار قعدوا من الاسفار والمماليك والأحرار قالوا ذو القعدة. وإذا قصدوا الحج من كل فج ووج وكثر العج والثج قالوا ذو الحجة انتهى مِنْها اى من تلك الشهور الاثني عشر أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ واحد فرد وهو رجب وثلاثة سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم. والحرم بضمتين جمع الحرام اى اربعة أشهر حرم

يحرم فيها القتال جعلت انفس الأشهر حرما لكونها ازمنة لحرمة ما حل فيها من القتال وهو من قبيل اسناد الحكم الى ظرفه اسنادا مجازيا واجزاء الزمان وان كانت متشابهة فى الحقيقة الا انه تعالى له ان يميز بعض الأمور المتشابهة بمزيد حرمة لم يجعلها فى البعض الآخر. كما ميز يوم الجمعة. ويوم عرفة بحرمة لم يجعلها فى سائر الأيام حيث خصهما بعبادة مخصوصة تميزا بها عن سائر الأيام. وكذا ميز شهر رمضان عن سائر الشهور بمزيد حرمة لم يجعلها لسائر الشهور. وميز بعض ساعات الليل والنهار بان جعلها اوقاتا لوجوب الصلاة فيها. وكما ميز الأماكن والبلدان وفضلها على سائرها كالبلد الحرام والمسجد الحرام فخص الله تعالى بعض الأوقات وبعض الأماكن بمزيد التعظيم والاحترام فلا بعد فى تخصيص بعض الأشهر بمزيد الحرمة بان جعل انتهاك المحارم فيها أشد وأعظم من انتهاكها فى سائر الأشهر ويضاعف فيها السيئات بتكثير عقوباتها ويضاعف فيها الحسنات بتكثير مثوباتها وفى اسئلة الحكم فضل الأشهر والأيام والأوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والأمم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى إدراكها واحترامها وتتشوق الأرواح الى إحيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها. واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية وفى الاسرار المحمدية ان الله تعالى إذا أحب عبدا استعمله فى الأوقات الفاضلات بفواضل الأعمال الصالحات وإذا مقته والعياذ بالله شتت همه واستعمله بسيىء الأعمال وأوجع فى عقوبته وأشد لمقته بحرمان بركة الوقت وانتهاك حرمته فليبذل المريد كل وسعه حتى لا يغفل عنها اى عن الأوقات الفاضلة فانها موسم الخيرات ومظانّ التجارات ومتى غفل التاجر عن المواسم لم يربح ومتى غفل عن فضائل الأوقات لم تنحج دع التكاسل تغنم قد جرى مثل [كه زاد راهروان جستيست و چالاكى] واتفق اهل العلم على افضلية شهر رمضان لانه انزل فيه القرآن. ثم شهر ربيع الاول لانه مولد حبيب الرحمن. ثم رجب لانه فرد لانه فرد أشهر الحرم. ثم شعبان لانه شهر حبيب الرحمن مقسم الأعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين ليس لغيره. ثم ذو الحجة لانه موطن الحج والعشر التي تعادل كل ليلة منها ليلة القدر. ثم المحرم شهر الأنبياء عليهم السلام ورأس السنة واحد الأشهر الحرم ثم الأقرب الى أفضل الأشهر من وجوه ذلِكَ اى تحريم الأشهر الاربعة المعينة هو الدِّينُ الْقَيِّمُ المستقيم دين ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام والعرب ورثوه منهما حتى أحدثت النسيء فغيروا فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بهتك حرمتهن وارتكاب ما حرم فيهن قال فى التبيان قال فى الاثني عشر منها فوحد الضمير لانه للكثرة. وقال فى الاربعة فيهن فجمع الضمير لانه للقلة وسببه ان الضمير فى القلة للمؤنث يرجع بالهاء والنون وفى الكثرة يرجع بالهاء والالف للفرق بين القلة والكثرة والجمهور على ان حرمة القتال فيهن منسوخة واوّلوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهن فانه أعظم وزرا كارتكابها فى الحرم وخلال الإحرام يعنى ان هذه الأشهر الاربعة خصت بالنهى عن ظلم النفس فيها مع ان الظلم حرام فى كل وقت لبيان ان الظلم فيها اغلظ كأنه قيل فلا تظلموا فيهن خصوصا أنفسكم وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً مصدر كف فان

مصدر الثلاثي قد يجىء على فاعلة نحو عافية ومعناه معنى كل وجميع وهو منصوب على الحال اما من الفاعل وهو الواو فالمعنى قاتلوا جميعا المشركين اى مجتمعين على قتالهم متعاونين متناصرين ومن التعاون الدعاء بالنصرة إذ هو سلاح معنوى كما ان السيف سلاح صورى فمن تأخر ودعا فقلبه مجتمع بمن اقدم وغزا إذ التفرق الصوري لا يقدح فى الاجتماع المعنوي: كما قال الحافظ در راه عشق مرحله قرب وبعد نيست ... مى بينمت عيان ودعا مى فرستمت كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً كذلك اى مجتمعين واما من المفعول فالمعنى قاتلوا المشركين جميعا اى بكليتهم ولا تتركوا القتال مع بعضهم كما انهم يستحلون قتال جميعكم واما منهما معها نحو ضرب زيد عمرا قائمين فان المصدر عام للتثنية والجمع. فجميع المؤمنين يقاتل جميع الكافرين ويجوز ان يكون منصوبا على الظرف اى فى الحل والحرم وفى جميع الأزمان فى الأشهر الحرم وفى غيرها والى الابد فان الجهاد مستمر الى آخر الزمان وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ اى معكم بالنصر والامداد فيما تباشرون من القتال وانما وضع المظهر موضعه مدحالهم بالتقوى وحثا للقاصرين عليه وإيذانا بانه المدار فى النصر كذا فى الإرشاد وقال القاضي هى بشارة وضمان لهم بالنصرة بسبب تقواهم فان السلاح والدعاء لا ينفذان الا بالتقوى على مراتبها فكلمة التقوى هى كلمة الشهادة وبها بقي المؤمن نفسه وماله وعياله من التعرض فى الدنيا ومن العذاب فى العقبى ثم انها إذا قارنت بشرائطها الظاهرة والباطنة يحصل تقوى القلب وهو التخلي عن الأوصاف الذميمة ثم يحصل تقوى السر وهو التخلي عما سوى الله فمن كان لله كان الله له بالنصرة والامداد واعلم ان السيف سيفان سيف ظاهر وهو سيف الجهاد الصوري وسيف باطن وهو سيف الجهاد المعنوي فبالاول تنقطع عروق الكفرة الظاهرة الباغية وبالثاني عروق القوى الباطنة الطاغية والاول بيد مظهر الاسم الظاهر وهو السلطان وجنوده والثاني بيد مظهر الاسم الباطن وهو القطب وجنوده فنسأل الله تعالى ان ينصر سلطاننا بالاسم الممد والناصر والمعين ويخذل أعدائنا بالاسم المنتقم والقهار وذى الجلال: وقد قال السعدي دعاى ضعيفان اميدوار ... ز بازوى مردى به آيد بكار ففى الآية حث على المجاهدة مع الأعداء وفى الحديث (القتل فى سبيل الله مصمصة) اى مطهرة غاسلة من الذنوب يقال مصمص الإناء إذا جعل فيه الماء وحركه ومضمضه كذلك عن الأصمعي كذا فى تاج المصادر وفى الحديث (ان أبواب الجنة تحت ظلال السيوف) يعنى كون المجاهد فى القتال بحيث يعلوه سيوف الأعداء سبب للجنة حتى كان ابوابها حاضرة معه او المراد بالسيوف سيوف المجاهد هذا كناية عن الدنو من العدو فى الضراب لانه إذا دنا منه كان تحت ظل سيفه حين رفعه ليضربه وانما ذكر السيوف لانها اكثر سلاح العرب ومن التقوى الاحتراز عن الرياء والسمعة فى حضور معارك الحروب ومحافل الدعاء: قال خسرو الدهلوي غازىء رسمى كه بغارت رود ... هست چوحاجى كه تجارت رود آنكه غزا خوانى وجويى رضا ... كر غرضى هست نباشد غزا رو بغزا دل غرض آلوده واى ... جهد خود است اين نه جهاد خداى

[سورة التوبة (9) : آية 37]

والاشارة إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ اى تعديد عدة الشهور عِنْدَ اللَّهِ فى الأزل اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ فى علم الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ يعنى اقتضت الحكمة الإلهية الازلية ان يكون من الشهور يوم خلق السموات والأرض اربعة أشهر حرم اى يعظم انتهاك المحارم فيها باشد مما يعظم فى غيرها بل هى أشهر الطاعات والعبادات محرمة فيها الشواغل الدنيوية والحظوظ النفسانية على الطلاب. وفيه اشارة الى ان ايام الطالب واوقات عمره ينبغى ان تصرف جملتها فى الطلب فان لم يتيسر له ذلك فثلثها والا فنصفها وان لم يكن فمحرم صرف ثلثها فى غير الطلب ولا يفلح من نقص من صرف الثلث شيأ فى الطلب إذ لا بد له من صرف بعض عمره فى تهيىء معاشه ومعاش اهله وعياله ومن استغنى عن هذا المانع فمحرم عليه صرف لحظة من عمره فى غير الطلب وتوابعه كما قال ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ اى المستقيم يعنى من صرف شيأ من عمره فى شىء غير طلب الحق ما استقام دينه بل فيه اعوجاج بقدر ذلك فافهم جدا ثم قال فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ اى فى ثلث العمر لان الاربعة هى ثلث الاثني عشر يعنى ان صرفتم شيأ من ثلث اعماركم المحرم فى شىء من المصالح الدنيوية فقد ظلمتم أنفسكم باستيلائها على القلوب والأرواح عند غلبات صفاتها لانه مهما يكن صرف اكثر العمر فى الدنيا ومصالحها واستيفاء الحظوظ النفسانية تكون النفس غالبة على القلب والروح فتخالفهما وتنازعهما بجميع صفاتها الذميمة وتميل الى الدنيا وشهواتها وتعبد هواها فتكون مشركة بالله فلهذا قال وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً اى قلوبكم وصفاتها وأرواحكم وصفاتها كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً اى النفوس وصفاتها جميعا ومقاتلة النفوس بمخالفتها وردعها عن هواها وكسر صفاتها ومنعها عن شهواتها وشغلها بالطاعات والعبادات واستعمالها فى المعاملات الروحانية والقلبية وجملتها التزكية عن الأوصاف الذميمة والتحلية بالأخلاق الحميدة ثم قال وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ وهم القلوب والأرواح المتقية عن الشرك يعنى عن الالتفات لغير الله ولو لم يكن الله معهم بالنصر والتوفيق لما اتقوا وانما اتقوا بالله عما سواه كذا فى التأويلات النجمية إِنَّمَا النَّسِيءُ مصدر نسأه اى أخره كمس مسيسا كانت العرب إذا جاء شهر حرام وهم محاربون احلوه وحرموا مكانه شهرا آخر حتى رفضوا خصوص الأشهر واعتبروا مجرد العدد قال الكاشفى [آورده اند كه طباع اهل جاهليت بقتل وغارت مستأنس شده بود ودر ماههاى حرام قتال نميكردند و چون سه ماه متصل حرام بود بتنك آمده گفتند ما سه ماه پى در پى بى تاراج وغارت تحمل نداريم پس قلمش كنانى صورتى بر انگيخت ودر موسم ندا كرد وايستاده شد وخطبه خواند كه يا معشر العرب خداى شما را درين محرم حلال كردانيد وحرمت او را تأخير كرد بماه صفر مردمان قول او را قبول نمودند باز سال ديگر منادى فرمود كه خداى تعالى درين سال محرم را حرام ساخت وصفر را حلال كرد وكاه بودى كه در اثناى محاربات ايشان حرام نوشتى حرمت او را تأخير كردندى بما هى بعد ازو او را حلال داشتندى ودر هر سالى چهار ماه را حرام ميدانستند اما اختصاص أشهر حرم را فرو گذاشته مجرد عدد را اختيار كردندى واعتبار داشتندى واين عمل را نسىء مى گفتند حق سبحانه وتعالى فرمود] إِنَّمَا النَّسِيءُ اى انما تأخير حرمة شهر الى شهر آخر زِيادَةٌ [افزونيست]

فِي الْكُفْرِ لانه تحليل ما حرمه الله وتحريم ما حلله فهو كفر آخر مضموم الى كفرهم وبدعة زائدة على بدع سائر الكفار يُضَلُّ على بناء المفعول من أضل بِهِ [بدين عمل] وهو النسيء الَّذِينَ كَفَرُوا والمضل هو الله تعالى اى يخلق فيهم الضلال عند مباشرتهم لمباديه وأسبابه او الرؤساء فالموصول عبارة عن الاتباع اى الاتباع يضلون به بإضلال الرؤساء او الشيطان فانه مظهر الاسم المفضل يقول الفقير سمعت من حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة ان الشيطان والنفس والضلال امر واحد فى الحقيقة لكن الاول بحسب الشريعة والثاني بحسب الطريقة والثالث بحسب الحقيقة فلكل مقام تعبير لا يناسب تعبير المقام الآخر يُحِلُّونَهُ اى الشهر المؤخر فالضمير الى النسيء المدلول عليه بالنسيىء عاماً من الاعوم ويحرمون مكانه شهرا آخر مما ليس بحرام وَيُحَرِّمُونَهُ اى يحافظون على حرمته كما كانت والتعبير عن ذلك بالتحريم باعتبار احلالهم له فى العام الماضي عاماً آخر إذا لم يتعلق بتغييره غرض من أغراضهم لِيُواطِؤُا المواطأة عبارة عن الموافقة والاجتماع على حكم اى ليوافقوا قال الكاشفى [تا موافق سازند وتمام كنند] عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ اى عدد ما حرمه من الأشهر الاربعة فانهم كانوا يقولون الأشهر الحرم اربعة وقد حرمنا اربعة أشهر فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ اى يتوصلوا بهذه الحيلة الى إحلال الشهر الذي حرمه الله بخصوصه من الأشهر المعينة فهم وان راعوا أحد الواجبين وهو نفس العدد الا انهم تركوا الواجب الآخر وهو رعاية حكم خصوص الشهر زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ اى جعل أعمالهم مشتهاة للطبع محبوبة للنفس والمزين هو الله تعالى فى الحقيقة او الشيطان او النفس على تفاوت المراتب وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ هداية موصلة الى المطلوب البتة وانما يهديهم الى ما يوصل اليه عند سلوكه وهم قد أعرضوا عنه بسوء اختيارهم فتاهوا فى تيه الضلال [در ينابيع آورده كه جاهلان عرب در سالى چهار ماه حرام ميداشتند وخلق را از دست وزبان خود ايمن ميساختند مؤمنان مؤدب بدان سزاوارترند كه در همه ماهها مسلمانانرا از ضرر خود سالم دارند وايذا وآزار خلق بزبان ودست فرو گذارند كه مجازات إضرار همان اضرارست ومكافات آزار آزار] آزار دل خلق مجو بي سببى ... تا بر نكشند يا ربى نيمشبى بر مال وجمال خويشتن تكيه مكن ... كانرا بشبى برند واين را به تبى يقول الفقير سامحه الله التقدير بلغت مسامحات الناس فى هذا الزمان الى حيث تساوت عندهم الأشهر الحرم وغيرها أما ترى إليهم فى شهر رمضان الذي جعله الله شهر هذه الامة المرحومة وفضله على سائر الشهور كيف لا يبالون من ارتكاب المحرمات فيه وأمسكوا عنها فى النار بسبب نوم او غيره من الموانع البشرية وأكبوا عليها فى الليالى فوا أسفا على غربة هذا الدين وزوال أنوار اليقين ومن الله التوفيق الى الأعمال المرضية خصوصا فى الأوقات الفاضلة نهارا أو ليالي ثم ان النسيء المذكور وقعت اليه الاشارة فى قوله عليه السلام (لا عدوى ولا هامة ولا صفر) اما العدوى فهو اسم من الأعداء كالدعوى من الادعاء وهو مجاوزة العلة من صاحبها

الى غيره وكانت العرب فى الجاهلية تعتقد ان الأمراض تعدى بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك. فالمعنى ليس نفى سراية العلة فان السراية والتعدية واقعة بل اضافتها الى العلة من غير ان يكون ذلك بفعل الله تعالى ويدل عليه قوله عليه السلام (لا يورد ممرض على مصحح) والممرض صاحب الإبل المريضة والمصحح صاحب الإبل الصحيحة والمراد النهى عن إيراد الإبل المريضة على الصحيحة وهو من باب اجتناب الأسباب التي هى سبب البلاء إذا كان فى عافية منه فكما انه مأمور ان لا يلقى نفسه فى الماء او فى النار او يدخل تحت ما اشرف على الانهدام ونحوه مما جرت العادة بانه يهلك او يؤذى فكذلك مأمور بالاجتناب عن مقاربة المريض كالمجزوم والقدوم على بلد الطاعون فان هذه كلها اسباب المرض والتلف والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها ففى الأمر بالاجتناب صيانة للمؤمن الضعيف يقينه لئلا يعتقد التأسير من الأسباب اى عند وقوع البلاء او يعتقدان السراية كانت بالطبع لا بقضاء الله تعالى وقدره واما إذا قوى التوكل على الله والايمان بقضائه وقدره فتجوز مباشرة بعض هذه الأسباب كما ورد ان النبي عليه السلام أكل مع مجذوم وقال (بسم الله ثقة بالله توكلت على الله) ونظيره ما روى عن خالد بن الوليد وعمر رضى الله عنهما من شرب السم وانما لم يؤثر فيهما لانهما انما شرباه فى مقام الحقيقة لا ببشريتهما وانما اثر فى النبي عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشرية وذلك ان إرشاده عليه السلام كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان من مرتبة الروح وهى اعدل المراتب ولم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه فليفهم هذا المقام فانه من مزالق الاقدام. واما قوله (ولا هامة) بالتخفيف ففيه تأويلان. أحدهما ان العرب كانت تتشاءم بالهامة وهى الطير المعروف من طير الليل وقيل هى البومة كانت إذا سقطت على دار أحدهم قالوا نعت اليه نفسه او بعض اهله هذا تفسير مالك بن انس. والثاني ان العرب كانت تعتقد ان روح القتيل الذي لم يؤخذ بثاره تصير هامة فتنشر جناحيها عند قبره وتصحيح اسقوني اسقوني من دم قاتلى فاذا أخذ بثاره طارت وقيل كانوا يزعمون ان عظام الميت إذا بليت تصير هامة ويسمونها الصدى بالفارسية [كوف] وتخرج من القبر وتتردد وتأتى الميت بأخبار اهله وهذا تفسير اكثر العلماء وهو المشهور ويجوز ان يكون المراد النوعين وانه عليه السلام نهى عنهما جميعا وفى فتاوى قاضى خان إذا صاحت الهامة فقال أحد يموت رجل قال بعضهم يكون ذلك كفرا وكذا لو رجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند بعضهم. واما قوله (ولا صفر) ففيه تأويلان ايضا. الاول ان الجاهلية كانت تعتقد ان فى الجوف حية يقال لها الصفر تعض كبد الإنسان عضا إذا جاع. والثاني ان المراد تأخيرهم تحريم المحرم الى صفر وهو النسيء الذي كانوا يفعلونه ويجوز ان يكون المراد هذا والاول جميعا وان الصفرين جميعا باطلان لا اصل لهما وقيل كانوا يتشاءمون بصفر فنفاه النبي عليه السلام بقوله ولا صفر يحكى ان بعض الاعراب أراد السفر فى أول السنة فقال ان سافرت فى المحرم كنت جديرا ان احرم وان رحلت فى صفر خشيت على يدى ان نصفر فاخر السفر الى شهر ربيع

[سورة التوبة (9) : آية 38]

الاول فلما سافر مرض ولم يحظ بطائل فقال ظننته من ربيع الرياض فاذا هو من ربيع الأمراض. وكانت وقعة صفين بين على ومعاوية غرة صفر سنة سبع وثلاثين قيل لذلك احترز عن صفر قال فى روضة الاخبار ذهب الجمهور الى ان القعود فى صفر اولى من الحركة عن النبي عليه السلام (من بشرنى بخروج صفر أبشره بالجنة) انتهى يقول الفقير هذا الحديث لا يدل على مدعاه وهو اولوية القعود فى صفر فان النبي عليه السلام انما قال كذلك شغفا بشهر ولادته ووفاته وحبا لدخوله فان الأنبياء والأولياء يستبشرون بالموت لكونه تحفة لهم وينتظرون زمانه إذ ليس انتقالهم الا الى جوار الله تعالى وفى الحديث (لا تسافروا فى محاق الشهر ولا إذا كان القمر فى العقرب) وكان على يكره التزوج والسفر إذا نزل القمر فى العقرب وهو اسناد صحيح قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى ان نحوسة الأيام قد ارتفعت عن المؤمنين بشرف نبينا عليه السلام واما ما نقل عن على من انه عد سبعة ايام فى كل شهر نحسا فعلى تقدير صحة النقل محمول على نحوسة النفس والطبيعة فليست السعادة والشقاوة الا لسعادتهما وشقاوتهما فاذا تخلصتا من الشقاوة لم يبق نحوسة انتهى قال فى عقد الدرر واللآلى وكثير من الجهال يتشاءم من صفر وربما ينهى عن السفر والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها وكذا التشاؤم بيوم من الأيام كيوم الأربعاء وايام العجائز فى آخر الشتاء وكذا تشاؤم اهل الجاهلية بشوال فى النكاح فيه خاصة. وقد قيل ان طاعونا وقع فى شوال فى سنة من السنين فمات فيه كثير من العرائس فتشاءم بذلك اهل الجاهلية وقد ورد الشرع بابطاله قالت عائشة رضى الله عنها تزوجنى رسول الله فى شوال وبنى بي فى شوال فأى نسائه كان أحظى عنده منى فتخصيص الشؤم بزمان دون زمان كصفر او غيره غير صحيح وانما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع اعمال بنى آدم فكل زمان اشتغل فيه المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه وكل زمان اشتغل فيه بمعصية الله فهو مشئوم عليه فالشؤم فى الحقيقة هو المعصية كما قال ابن مسعود رضى الله عنه ان كان الشؤم فى شىء ففيما بين اللحيين يعنى اللسان وفى الحديث (الشؤم فى ثلاث فى المرأة والدار والفرس) وتفسيره ان شؤم المرأة إذا كانت غير ولود وشؤم الدار جار السوء فان المرء يتأذى به كما جاء فى الحديث (ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين فان الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء) وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه فى سبيل الله فان الخيل ثلاثة فرس للرحمن وفرس للانسان وفرس للشيطان فاما الذي للرحمن فما اتخذ فى سبيل الله وقوتل عليه اعداؤه واما الذي للانسان فهو الذي يرتبطها يلتمس بطنها فهو ستر من الفقر واما الذي للشيطان فهو مار وهن عليه وقومر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شروع فى بيان غزوة تبوك وهى ارض بين الشام والمدينة ويقال لها غزوة العسرة ويقال لها الفاضحة لانها أظهرت حال كثير من المنافقين- وروى- انه عليه السلام لما فتح مكة وغزا هوازن وثقيفا بحنين وأوطاس وحاصر الطائف وفتحها واتى الجعرانة واحرم بها للعمرة واعتمر ثم اتى المدينة فامر بالخروج الى غزوة الروم قبل الشام وذلك فى شهر رجب سنة تسع بلغه عليه السلام ان الروم قد جمعت له جموعا كثيرة بالشأم وانهم قدموا مقدماتهم الى البلقاء المحل المعروف

[سورة التوبة (9) : آية 39]

وقيل للروم بنوا الأصفر لانهم ولد روم بن العيص بن اسحق نبى الله عليه الصلاة والسلام وكان يسمى الأصفر لصفرة به. فقد ذكر العلماء بأخبار القدماء ان العيص تزوج بنت عمه إسماعيل فولدت له الروم وكان به صفرة فقيل له الأصفر وقيل الصفرة كانت بابيه العيص وكان ذلك فى زمان عسرة من الناس وجدب فى البلاد وشدة من الحر حين طابت ثمار المدينة وأينعت واستكملت ظلالها وطالت المسافة بينهم وبين العدو فشق عليهم الخروج فانزل الله تعالى هذه الآية وقال ايها المؤمنون ما لَكُمْ استفهام فى اللفظ وانكار وتوبيخ فى المعنى إِذا قِيلَ لَكُمُ من طرف رسول الله الآمر بامر الله انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [بيرون رويد در راه خداى تعالى وجهاد كنيد] ومعناه بالعربية اخرجوا الى الغزو يقال نفر القوم ينفرون نفرا ونفيرا إذا خرجوا الى مكان لمصلحة توجب الخروج والقوم الذين يخرجون يقال لهم النفير واستنفر الامام الناس لجهاد العدو اى طلب منهم الخروج الى الغزو وحثهم عليه اثَّاقَلْتُمْ أصله تثاقلتم وهو ماض لفظا مضارع معنى لانه حال من مالكم إِلَى الْأَرْضِ متعلق باثاقلتم على تضمينه معنى الميل والإخلاد. والمعنى أي سبب وغرض حصل لكم واستقر إذا قيل لكم ذلك كنتم متثاقلين اى مائلين الى الدنيا وشهواتها الفانية عما قريب وكرهتم مشاق السفر والجهاد المستتبعة للراحة الخالدة فالارض هى الدنيا وشهواتها وقيل ملتم الى الاقامة بأرضكم ودياركم أَرَضِيتُمْ باستفهام التوبيخ [آيا راضى شديد وخوشدل گشتيد] بِالْحَياةِ الدُّنْيا ولذاتها من الثمار والظلال مِنَ الْآخِرَةِ اى بدل الآخرة ونعيمها فكلمة من بمعنى البدل كما فى قوله تعالى لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً اى بدلكم فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى فما التمتع بها وبلذائذها فِي الْآخِرَةِ اى فى جنب الآخرة إِلَّا قَلِيلٌ اى مستحقر لا يعتدبه لان متاع الدنيا فان معيوب ومتاع الآخرة باق مرغوب- روى- انه عليه السلام قال (والله ما الدنيا فى الآخرة الأمثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه فى اليم فلينظر بم يرجع) إِلَّا كلمتان ان للشرط ولا للننفى اى ان لم تَنْفِرُوا تخرجوا الى الغزو يُعَذِّبْكُمْ اى الله تعالى عَذاباً أَلِيماً وجيعا لابدانكم وقلوبكم اى يهلككم بسبب فظيع كقحط وظهور عدو وَيَسْتَبْدِلْ بكم بعد إهلاككم قَوْماً غَيْرَكُمْ اى قوما مطيعين مؤثرين للآخرة على الدنيا ليسوا من أولادكم ولا أرحامكم كاهل اليمن وأبناء فارس وَلا تَضُرُّوهُ اى الله تعالى بترك الجهاد شَيْئاً اى لا يقدح تثاقلكم فى نصرة دينه أصلا فانه الغنى عن كل شىء فى كل شىء وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على إهلاككم والإتيان بقوم آخرين واعلم ان البطالة تقسى القلب كما جاء فى الحديث [زيرا مرد بايد بشغل معاد مشغول باشد يا بشغل معاش از وجه مباح تا در شغل دين فضل وثواب مى ستاند ودر شغل معاش خانه را آبادان مى دارد پس چون نه باين شغل مشغول شود ونه بآن بي كار ماند واز بى كارى سياه دل وسخت طبع شود] فلا بد من الحركة فان البركات فى الحركات الحضرية والسفرية والسفر على نوعين سفر الدنيا وسفر الآخرة وفى كليهما مشقة وان كان الثاني أشق وفى الحديث (السفر قطعة من العذاب) [بعض مشايخ گفته اند كه اگر نه آنستى كه لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم نشايد گردانيدن

[سورة التوبة (9) : آية 40]

من گفتمى السفر قطعة من السقر و پيغمبر عليه السلام سفر را پاره از دوزخ گفت از مرگ نگفت زيرا كه در مرگ رنج تن باشد رنج دل نبود ودر سفر رنج دل وتن باشد وحجاج گفتى كه اگر نه شادى بخانه آمدن بودى كه مسافر چون بخانه رسد همه رنج سفر فراموش كند من مردمانرا نكشتمى بسفر عذاب دادمى] ومن سفر الدين الخروج الى الغزو وفى الحديث (لغدوة فى سبيل الله) وهو الذهاب فى أول النهار (او روحة) وهو الذهاب فى آخره (خير من الدنيا وما فيها) يعنى ان فضل الغدوة والروحة فى سبيل الله وثوابهما خير من نعيم الدنيا بأسرها لانه زائل ونعيم الآخرة باق وحق الجهاد ان ينوى نصرة الدين بقهر اعداء الله وبذل النفوس فى رضاه تعالى ويكثر ذكره تعالى ويكف عن ذكر النساء والأولاد والأموال والموطن فهو يفتره فالجهاد بهذا الوجه أفضل الأعمال [على مرتضى رضى الله عنه كويد كه معصيت غازيان زيان ندارد وطاعت سخن چينان سود ندارد ودعاى مخنث نشنوند ونماز خمر خواره نپذيرند] فعلى المرء ان يغتنم ايام حياته ويجتهد فى تحصيل مرضاة ربه وفى الحديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) شبه النبي عليه السلام المكلف بالتاجر والصحة والفراغ برأس المال لانهما من اسباب الأرواح ومقدمات نيل النجاح فمن عامل الله تعالى بامتثال أوامره يربح كما قال تعالى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ومن عامل الشيطان باتباعه يضيع رأس ماله ولا ينفعه ندم باله وفى امتثال امر الله عاقبة حميدة إذ رب شىء تكرهه النفس كالجهاد وهو عند الله محبوب فبترك الراحة واختيار المشقة ينال العبد أمانيه الدنيوية والاخروية والتوفيق اليه من الله تعالى وليس كل أحد من لا يبالى بانتقاص دنياه إذا كان التكامل فى طرف دينه: قال الحافظ حام را طاقت پروانه پر سوخته نيست ... ناز كانرا نرسد شيوه جان افشانى ثم اعلم انه كما ان الله تعالى يستبدل بذوات ذواتا اخر كذلك يستبدل بصفات صفات اخر فالذاهب خلف مشتهياته والتابع لهواه فى كل حركاته وسكناته يهلك فى وادي الطبيعة والنفس ولا يصل الى مقامات رجال عالم القدس والانس ولا يتفق له معهم الصحبة فى مقالهم ومقامهم وحالهم إذ بينهما بون بعيد من حيث ان صفاته صفات النفس وأحواله احوال الطبيعة وصفاتهم صفات الروح واخلاقهم اخلاق الله ولذا يحشر كثير من الناس فى صورة صفاته الغالبة المذمومة الا ان يتداركه الله تعالى بفضله ويكسوه كسوة الوجود الإنساني على الحقيقة إِلَّا تَنْصُرُوهُ ان لم تنصروا محمدا فى غزوة تبوك فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ فسينصره الله كما نصره إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى تسببوا لخروجه بان هموا بقتله والا فهو عليه السلام انما خرج بإذن الله تعالى وامره لا بإخراج الكفرة إياه ثانِيَ اثْنَيْنِ حال من ضميره عليه السلام اى أحد اثنين من غير اعتبار كونه عليه السلام ثانيا فان معنى قولهم ثالث ثلاثة ورابع اربعة ونحو ذلك أحد هذه الاعداد مطلقا لا الثالث والرابع خاصة والاثنان أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ هُما فِي الْغارِ بدل من إذ أخرجه بدل البعض إذ المراد به زمان متسع والغار ثقب فى أعلى ثور وثور جبل فى يمنى مكة على مسير ساعة وقال فى التبيان

على فرسخين او نحوهما وفى القاموس ويقال له ثور اطحل واسم الجبل اطحل نزله ثور بن عبد مناة فنسب اليه وفى انسان العيون وانما قيل للجبل ذلك لانه على صورة الثور الذي يحرث عليه- وتحرير القصة- انه لما ابتلى المسلمون بأذى الكفار اذن صلى الله عليه وسلم لهم فى الهجرة وقال (انى رأيت دار هجرتكم ذات نخيل بين لابتين) وهما الحرتان وقال (انى لارجو ان يؤذن لى فى الهجرة إليها) فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بابى أنت قال (نعم) فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه عند هجرته فلم يتخلف الا هو وعلىّ وصهيب ومن كان محبوسا او مريضا او عاجزا عن الخروج فابتاع أبو بكر بعد هذا المقال النبوي راحلتين بثمانمائة درهم فحبسهما فى داره يعلفهما الخبط إعدادا لذلك والخبط محركة ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق او غيره ويعجن بالماء فتوجره الإبل اى تأكله فكانتا عنده قريبا من ثلاثة أشهر لان الهجرة كانت فى ذى الحجة ومهاجرته عليه السلام كانت فى ربيع الاول ولما رأت قريش قوة امر رسول الله حيث بايعه الأوس والخزرج وصار له أنصار فى القبائل والأقطار خافوا من ان يخرج ويجمع الناس على حربهم وقد وقعوا فيما خافوا منه ولو كان بعد حين ونعم ما قيل إذا أدبر الأمر كان العطب فى الحيلة فاجتمعوا فى دار الندوة ليتشاوروا فى امره عليه السلام ودار الندوة هى أول دار بنيت بمكة كانت منزل قصى بن كلاب وكانت جهة الحجر عند مقام الحنفي الآن وكان لها باب للمسجد وقيل لها دار الندوة لاجتماع الندوة وهى الجماعة فيها وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة لانه اجتمع فيه اشراف بنى عبد شمس وبنى نوفل وبنى عبد الدار وبنى اسد وبنى محزوم وغيرهم ممن لا يعد من قريش ولم يتخلف من اهل الرأى والحجى أحد وكانت مشاورتهم فى يوم السبت فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم السبت فقال (يوم مكرو خديعة) قالوا ولم يا رسول الله قال (ان قريشا أرادوا ان يمكروا فيه) وجاء إليهم إبليس فى صورة شيخ نجدى وقال انا من اهل نجد وانما قال ذلك لان قريشا قالوا لا يدخلن معكم فى المشاورة أحد من اهل تهامة لان هواهم كان مع محمد فعند ذلك قالوا هو من اهل نجد لامن مكة فلا يضركم حضوره معكم وعند المشورة قال بعضهم بالحبس وبعضهم بالنفي كما بين فى تفسير قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا فى سورة الأنفال فمنعه إبليس واتفقت آراؤهم على قول ابى جهل وهو ان يخرجوا اليه من كل قبيلة من قريش شابا جليدا اى قويا بسيف صارم ويقتلوه فيفرق دمه فى القبائل بحيث لا يقدر بنوا عبد مناف على حرب قومهم جميعا فيرضون بالدية واستحسن الشيخ النجدي هذا الرأى وتفرقوا عن تراض فلما امسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فاخبره بمكر قريش وامره بمفارقة مضجعه تلك الليلة فلما علم ما يكون منهم قال لعلى رضى الله عنه (نم على فراشى واتشح بردائي هذا الحضرمي فانه لن يخلص إليك شىء تكرهه منهم) وكان عليه السلام يشهد العيدين فى ذلك الرداء وكان طوله اربعة اذرع وعرضه ذراعين وشبرا وهل كان اخضر او احمر يدل للثانى قول جابر رضى الله عنه كان يلبس رداء احمر فى العيدين والجمعة وفى سيرة الحافظ الدمياطي وارتد بردائي هذا الأحمر والحضرمي منسوب الى حضر موت التي هى القبيلة او البلدة باليمن كان عليه السلام يتسجى بذلك البرد عند نومه وانما امر عليا رضى الله عنه

ان يضطجع على فراشه ليمنعهم سواد علىّ عن طلبه حتى يبلغ هو وصاحبه الى ما امره الله ان يبلغا اليه فلما مضى عتمة من الليل اى الثلث الاول منه اجتمعوا على باب رسول الله وكانوا مائة فجعلوا يتطلعون من شق الباب ويرصدون متى ينام فيثبون عليه فيقتلونه فخرج عليه السلام عليهم وهم ببابه وقرأ قوله تعالى يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ الى قوله فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فاخذ الله أبصارهم عنه عليه السلام فلم يبصروه حتى خرج من بينهم. وعن النبي عليه السلام انه ذكر فى فضل يس انها (إذا قرأها خائف أمن او جائع شبع او عار كسى او عاطش سقى او سقيم شفى) وعند خروجه عليه السلام أخذ حفنة من تراب فذرها عليهم فاتاهم آت فقال ما تنتظرون قالوا محمدا قال قد خيبكم الله والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك رجلا منكم الا وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته فما ترون ما بكم فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فاذا عليه تراب فدخلوا على علىّ فقالوا له يا على اين محمد فقال لا أدرى اين ذهب وكان قد انطلق الى بيت ابى بكر باشارة جبرائيل عليه السلام فلما دخل عليه قال (قد اذن لى فى الخروج) فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله بابى أنت اى اسألك الصحبة قال (نعم) فبكى أبو بكر سرورا ولله در القائل ورد الكتاب من الحبيب بانه سيزورنى فاستعبرت اجفانى هجم السرور على حتى انه من فرط ما قد سرنى أبكاني يا عين صار الدمع عندك عادة تبكين من فرح ومن احزان قال ابو بكر فخذ بابى أنت احدى راحلتى هاتين فانى اعددتهما للخروج فقال عليه السلام (نعم بالثمن) وذلك لتكون هجرته عليه السلام الى الله بنفسه وماله وإلا فقد أنفق أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله اكثر ماله. فعن عائشة رضى الله عنها أربعين الف درهم. وفى رواية أربعين الف دينار وهى الناقة القصوى او الجدعاء وقد عاشت بعده عليه السلام وماتت فى خلافة ابى بكر واما ناقته عليه السلام العضباء فقد جاء ان ابنته فاطمة رضى الله عنها تحشر عليها ثم استأجر رسول الله وابو بكر رجلا من بنى الدئل وهو عبد الله بن أريقط ليدلهما على الطريق للمدينة وكان على دين قريش فدفعا اليه راحلتيهما وواعداه غار جبل ثور بعد ثلاث ليال ان يأتى بالراحلتين صباح الليلة الثالثة فمكث عليه السلام فى بيت ابى بكر الى الليلة القابلة فخرجا الى طرف الغار وجعل ابو بكر يمشى مرة امام النبي ومرة خلفه فسأله رسول الله عن ذلك فقال يا رسول اذكر الرصد فاكون امامك واذكر الطلب فاكون خلفك لا كون فداءك فمشى عليه السلام ليلته على أطراف أصابعه اى لئلا يظهر اثر رجليه على الأرض حتى حفيت رجلاه فلما رآهما ابو بكر قد حفيتا حمله على كاهله وجعل يشتد به حتى اتى فم الغار فانزله وفى رواية كانت قدما رسول الله قد قطرتا دما ويشبه ان يكون ذلك من خشونة الجبل والا فبعد المكان لا يحتمل ذلك ولعلهم ضلوا طريق الغار حتى بعدت المسافة ويدل عليه قوله فمشى ليلته او انه عليه السلام ذهب الى جبل حنين فناداه اهبط عنى فانى أخاف ان تقتل على ظهرى فاعذب فناداه جبل ثور الى يا رسول الله وكان الغار معروفا بالهوام فلما أراد رسول الله دخوله قال له أبو بكر مكانك يا رسول حتى أستبرئ الغار فدخل واستبرأه وجعل يسد الحجرة بثيابه خشية

ان يخرج منها شىء يؤذيه اى رسول الله فبقى جحر وكان فيه حية فوضع رضى الله عنه عقبه عليه ثم دخل رسول الله فجعلت تلك الحية تلسعه وصارت دموعه تتحدر فتفل رسول الله على محل اللدغة فذهب ما يجده وقال بعضهم والسر فى اتخاذ رافضة العجم اللباد المفضض على رؤسهم تعظيما للحية التي لدغت أبا بكر فى الغار وذلك لانهم يزعمون ان ذلك على صورة تلك الحية ولما دخل رسول الله وأبو بكر الغار امر الله شجرة وهى التي يقال لها القتاد وقيل أم غيلان فنبتت فى وجه الغار فسترته بفروعها ويقال انه عليه السلام دعا تلك الليلة الشجرة وكانت امام الغار فاقبلت حتى وقفت على باب الغار وانها كانت مثل قامة الإنسان وقال الحدادي وكان عليه السلام مر على ثمامة وهى شجرة صغيرة ضعيفة فامر أبا بكر ان يأخذها معه فلما صار الى باب الغار امره ان يجعلها على باب الغار وبعث الله العنكبوت فنسجت ما بين فروعها نسجا متراكما بعضه على بعض كنسج اربع مسنين كما قال فى القصيدة البردية ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على ... خير البرية لم تنسج ولم تحم اى ظنوا ان الحمام ما وكر وما باض على باب الغار الذي فيه خير البرية وظنوا ان العنكبوت لم تنسج ولم تحم اى لم تطف من حام حوله اى طاف ودار فهو من قبيل علفتها تبنا وماء باردا: وقال المولى الجامى شد دو سه تارى كه عنكبوت تنيد ... بر دران غار پرده دار محمد وقد نسج العنكبوت ايضا على نبى الله داود عليه السلام لما طلبه جالوت. ونسج ايضا على عورة سيدنا زيد بن على بن الحسين بن ابى طالب وهو أخو الامام محمد الباقر وعم جعفر الصادق وقد كان يوسف بن عمر الثقفي امير العراقين من قبل هشام بن عبد الملك صلبه عريانا للخروج عليه وذلك فى سنة ست وعشرين ومائة واقام مصلوبا اربع سنين وقيل خمس سنين فلم تر عورته وقيل بطنه الشريف ارتخى على عورته فغطاها ولا مانع من وجود الامرين وكانوا عند صلبه وجهوه الى غير القبلة فدارت خشبته التي عليها الى ان صار وجهه الى القبلة ثم احرقوا خشبته وجسده رضى الله عنه قال العلماء ويكفى للعنكبوت شرفا نسجها على الغار ونهى النبي عليه السلام يومئذ عن قتل العنكبوت وقال (انها جند من جنود الله تعالى) : قال فى المثنوى جمله ذرات زمين وآسمان ... لشكر حقنده كاه امتحان واما قوله عليه السلام (العنكبوت شيطان فاقتلوه) وفى لفظ (العنكبوت شيطان مسخه الله فاقتلوه) فان صح فلعله صدر قبل وقعة الغار فهو منسوخ. وعن على طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فان تركه فى البيوت يورث الفقر وهذا لا يقدح فى شرفها وذكر فى حياة الحيوان ان ما تنسجه العنكبوت يخرج من خارج جلدها لا من جوفها. ومن خواصها انها إذا وضع نسجها على الجراحة الطرية فى ظاهر البدن حفظها بلا ورم ويقطع سيلان الدم إذا وضع عليه والعنكبوت التي تنسج على الكنيف إذا علقت على المحموم يبرأ قاله ابن زهير. وامر الله تعالى حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار وباضتا وبارك عليه السلام على الحمامتين وانحدرتا فى الحرم وهل حمام الحرم من نسل تينك الحمامتين اولا ففيه اختلاف والظاهر انه ليس من نسلهما لانه

روى فى قصة نوح عليه السلام انه بعث الحمامة من السفينة لتأتيه بخبر الأرض ووقعت بوادي الحرم فاذا الماء قد نضب من موضع الكعبة وكانت طينتها حمراء فاختضبت رجلها ثم جاءته فمسح عنقها وطوّقها طوقا ووهب لها الحمرة فى رجليها وأسكنها الحرم ودعالها بالبركة. وذكر ان حمام مكة أظلته عليه السلام يوم فتحها فدعا لها بالبركة. وكان المسيح عليه السلام يقول لاصحابه ان استطعتم ان تكونوا بلها فى الله مثل الحمام فافعلوا وكان يقال انه ليس شىء ابله من الحمام انك تأخذ فرخه من تحته فتذبحه ثم يعود الى مكانه ذلك فيفرخ فيه ومن طبعه انه يطلب وكره ولو أرسل من الف فرسخ يحمل الاخبار ويأتى بها من المسافة البعيدة فى المدة القريبة كما قال فى المغرب الحمام بأرض العراق والشام تشترى باثمام غالية وترسل من الغايات البعيدة بكتب الاخبار فتؤديها وتعود بالاجوبة قال الجاحظ لولا الحمام لما عرف بالبصرة ما حدث بالكوفة فى بياض يوم واحد واليه الاشارة فى اشعار البلغاء: كما قال المولى جلال الدين قدس سره فى المثنوى رقعه كر بر پرّ مرغى دوختى ... پرّ مرغ از تفّ رقعه سوختى : قال السلطان سليم الاول يعنى فاتح مصر مرغ چشم من كه پروازش بجز سوى تو نيست ... بسته أم از أشك صد جا نامه شوقش ببال وقال فى حياة الحيوان اتخاذ الحمام للبيض والفراخ وللانس ولحمل الكتب جائز بلا كراهة واما اللعب بها والتطير والمسابقة فقيل يجوز لانه يحتاج إليها فى الحرب لنقل الاخبار والأصح كراهيته فان قامر بالحمام ردت شهادته ولما فقد المشركون رسول الله شق عليهم ذلك وخافوا وطلبوه بمكة أعلاها وأسفلها وبعثوا القافة اى الذين يقفون الأثر فى كل وجه ليقفوا اثره فوجد الذي ذهب الى جبل ثور وهو علقمة بن كرز اسلم عام الفتح اثره انتهى الى الغار فقال هاهنا انقطع الأثر ولا أدرى أخذ يمينا أم شمالا أم صعد الجبل وكان عليه السلام شثن الكفين والقدمين يقال شثنت كفه شثنا وشثونة خشنت وغلظت فهو شثن الأصابع بالفتح كذا فى القاموس فاقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وسيوفهم فلما انتهوا الى فم الغار قال قائل منهم ادخلوا الغار فقال امية بن خلف وما اربكم اى حاجتكم الى الغار ان عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد ولو دخل لما نسج ذلك العنكبوت وتكسر البيض وعند ما حاموا حول الغار حزن ابو بكر رضى الله عنه خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى إِذْ يَقُولُ بدل ثان او ظرف ثان والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لِصاحِبِهِ وهو أبو بكر الصديق رضى الله عنه ولذلك قالوا من أنكر صحبة ابى بكر فقد كفر لانكاره كلام الله تعالى وكذا الروافض إذا كانوا يسبون الشيخين اى أبا بكر وعمر رضى الله عنهما ويلعنونهما يكفرون وإذا كانوا يفضلون عليا عليهما يكونون مبتدعين والمبتدع صاحب الكبيرة والبدعة الكبيرة كما فى هدية المهديين وعن ابى بكر رضى الله عنه انه قال لجماعة أيكم يقرأ سورة التوبة قال رجل انا اقرأ فلما بلغ الى قوله إذ يقول لصاحبه الآية بكى رضى الله عنه وقال انا والله صاحبه لا تَحْزَنْ ولم يقل لا تخف لان حزنه على رسول الله يغفله عن حزنه

على نفسه وهذا النهى تأنيس وتبشير له كما فى قوله تعالى له عليه السلام وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ وبه يرد ما زعمته الرافضة ان ذلك كان غضبا من ابى بكر وذماله لان حزنه ان كان طاعة فالنبى عليه السلام لا ينهى عن الطاعة فلم يبق الا انه معصية كذا فى انسان العيون إِنَّ اللَّهَ مَعَنا بالعون والعصمة والمراد بالمعية الولاية التي لا تحوم حولها شائبة من الحزن وما هو المشهور من اختصاص مع بالمتبوع فالمراد ما فيه من المتبوعية فى الأمر المباشر وتأمل الفرق بين قوله عليه السلام إِنَّ اللَّهَ مَعَنا وبين قول موسى عليه السلام إِنَّ مَعِي رَبِّي كيف تجده دقيقا والله الهادي- روى- ان المشركين لما طلعوا فوق الغار وعلوا على رؤسهما اشفق ابو بكر على رسول الله عليه السلام فقال عليه السلام (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) فاعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه وذكر ان أبا بكر لما قال للنبى عليه السلام لو ان أحدهم نظر الى قدميه لا بصرنا قال له النبي عليه السلام (لو جاؤنا من هاهنا لذهبنا من هاهنا) فنظر الصديق الى الغار فاذا هو قد انفرج من الجانب الآخر وإذا البحر قد اتصل به وسفينة مشدودة الى جانبه قال ابن كثير وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة وفى الآية دلالة على علو طبقة الصديق وسابقة صحبته وهو ثانى رسول الله فى عالم الأرواح حين خرج من العدم وثانيه حين خرج مهاجرا وثانيه فى الغار وثانيه فى الخلافة وثانية فى القبر بعد وفاته وثانيه فى انشقاق الأرض عنه يوم البعث وثانيه فى دخول الجنة كما قال عليه السلام (اما انك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي) وقال ايضا (ألا أبشرك) قال بلى بابى أنت وأمي قال (ان الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة ويتجلى لك خاصة) - وروى- ان أبا بكر عطش فى الغار فقال عليه السلام (اذهب الى صدر الغار فاشرب فانطلق ابو بكر الى صدر الغار فوجد ماء احلى من العسل وابيض من اللبن واذكى رائحة من المسك فشرب منه فقال عليه السلام (ان الله امر الملك الموكل بانهار الجنة ان يخرق نهرا من جنة الفردوس الى صدر الغار لتشرب يا أبا بكر) قال أبو بكر يا رسول الله ولى عند الله هذه المنزلة فقال عليه السلام (نعم وأفضل والذي بعثني بالحق نبيا لا يدخل الجنة مبغضك ولو كان عمله عمل سبعين نبيا) فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ أمنته التي تسكن عندها القلوب وقال الكاشفى [رحمت خود را كه سبب آرامش است] عَلَيْهِ اى على النبي عليه السلام فالمراد بها ما لا يحوم حوله شائبة الخوف أصلا او على صاحبه وهو الأظهر إذ هو المنزعج وكان رسول الله ساكنا وعلى طمأنينة من امره واليه أشار الشيخ فريد الدين العطار قدس سره خواجه أول كه أول يار اوست ... ثانى اثنين إذ هما فى الغار اوست چون سكينه شد ز حق منزل برو ... كشت مشكلهاى عالم حل برو وقال سعدى چلبى المفتى فى حواشيه بل الاول هو الأظهر المناسب للمقام وإنزال السكينة لا يلزم ان يكون لرفع الانزعاج بل قد يكون لدفعه كما سبق فى قصة حنين والفاء للتعقيب الذكرى انتهى. وفى مصحف حفصة فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ اى قوّى النبي عليه السلام بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وهم الملائكة النازلون يوم بدر والأحزاب وحنين ليعينوه على العدو

والجملة معطوفة على نصره الله وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى يعنى جعل الله الشرك مقهورا مغلوبا ابدا الى يوم القيامة او دعوتهم الى الكفر: يعنى [دعوت كفر را كه از ايشان صادر مى شد خوار وبيمقدار ساخت وَكَلِمَةُ اللَّهِ اى التوحيد او الدعوة الى الإسلام وهى بالرفع على الابتداء هِيَ ضمير فصل لدفع توهم انه قد يفوق غير كلمة الله الْعُلْيا الى يوم القيامة وهو خبر المبتدأ وجعل الله ذلك بان اخرج رسوله من بين الكفر. وقرأ يعقوب كلمة الله بالنصب عطفا على كلمة الذين وهو ضعيف لانه يشعر بان كلمة الله كانت سفلى ثم صارت عليا وليس كذلك بل هى عالية فى نفسها ابدا. وفى مناظرات المكي لو قال أحد وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله وقطع ولم يقل وكلمة الله هى العليا كان كافرا ان كان عمدا وَاللَّهُ عَزِيزٌ [وخداى تعالى عاليست عزيز كند اهل توحيد را] حَكِيمٌ فى امره وتدبيره وحكمه قال الكاشفى [داناست خوار ساز داهل كفر را ومقصود از إيراد قصه غار در اثناى امر بغزوه تبوك آنست كه اگر شما اى كارهاى جهاد يارى نكنيد پيغمبر مرا من او را يارى كنم چنانچهـ در آن محل كه با او يك كس بيش نبود تمام صناديد قريش بقصد او بر خواسته بودند من او را يارى كردم واز ميان دشمنانش بسلامت بيرون آوردم پس مفتاح نصرت بقبضه منست: وما النصر إلا من عند الله] يارى از من جو نه از خيل وسپاه ... راز با من كوى نه بامير وشاه هر كرا يارى كنم برتر شود ... هر كرا دور افكنم ابتر شود وتمام القصة انه لما انصرف قريش من الغار وايسوا منهما أرسلوا لاهل السواحل ان من اسر او قتل أحدهما كان له مائة ناقة وفى رواية مائتان ومكثا فى الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن ابى بكر وهو غلام يعرف يأتيهما حين يختلط الظلام ويخبرهما بما وعاه من اخبار اهل مكة ويدلج من عندهما بفجر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فى بيته وكان عامر بن فهيرة مولى ابى بكر يرعى لابى بكر اغناما له نهاره ثم يروح عليهما فيحلبها لهما وكانت اسماء بنت ابى بكر تأتيهما إذا امست بطعامهما وشرابهما فلما طلع صبح الليلة الثالثة اتى الدليل بالراحلتين فركباهما وانطلقا نحو المدينة وانطلق معهما عامر بن فهيرة رديفا لابى بكر وانزل الله عليه وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قال زيد بن اسلم جعل الله له مدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة وسلطانا نصيرا الأنصار رضى الله عنهم ولما خرج من مكة التفت إليها وبكى وقال (انى لا خرج منك وانى لاعلم انك أحب بلاد الله وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني ما خرجت) وهو يدل على ان مكة أفضل من سائر البلاد وفى الحديث (من صبر على حرمكة ساعة من نهار تباعدت عنه جهنم مسيرة مائة عام والحسنة فيها بمائة الف حسنة) والكلام فى غير ما ضم أعضاءه الشريفة من ارض المدينة والا فذاك أفضل بقاع الأرض بالإجماع حتى من العرش والكرسي- ذكر- ان الطوفان موّج تلك التربة المكرمة عن محل الكعبة حتى أرساها بالمدينة فهى من جملة ارض مكة ولما سمع سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ان الكفار جعلوا فيهما ان قتلا او اسرا مائة

[سورة التوبة (9) : الآيات 41 إلى 47]

ناقة ركب خلفهما حتى أدركهما فى طريق الساحل فصاح وقال يا محمد من يمنعك منى اليوم فقال عليه السلام (يمنعنى الجبار الواحد القهار) ونزل جبريل وقال يا محمد ان الله يقول لك قد جعلت الأرض مطيعة لك فائمرها بما شئت فقال عليه السلام (يا ارض خذيه) فاخذت ارجل جواده الى الركب فقال يا محمد الامان فقال عليه السلام (يا ارض اطلقيه) فاطلقته يقال عاهد سبع مرات ثم نكث العهد وكلما نكث تغوص قوائم فرسه فى الأرض وفى السابعة تاب توبة صدق ورجع الى مكة وصار لا يرى واحدا من طلابه عليه السلام إلا رده يقول اختبرت الطريق فلم ار أحدا وقصة نزوله المدينة مذكورة فى السير انْفِرُوا اى اخرجوا ايها المؤمنون مع النبي عليه السلام الى غزوة تبوك قال تاج المصادر النفير والنفور [بسفر بيرون شدن] خِفافاً وَثِقالًا جمع خفيف وثقيل اى حال كونكم شبانا وشيوخا او فقراء واغنياء او ركبانا ومشاتا او أصحاء ومرضى او عزبا او متأهلين او خفافا مسرعين خارجين ساعة استماع النفير وثقالا بعد التروية فيه والاستعداد له او مقلين من السلاح ومكثرين منه او نشاطا وغير نشاط اى خفت عليكم الحركة او ثقلت او مشاغيل وغير مشاغيل او مهازيل وسمانا او أقوياء وضعفاء يا غريبان وكدخدايان كما فى الكاشفى وهذا ليس لتخصيص الامرين المتقابلين بالارادة من غير مقارنة للباقى قال المولى ابو السعود اى على أي حال كان من يسر او عسر بأى سبب كان من الصحة والمرض او الغنى والفقر او قلة العيال وكثرتهم او غير ذلك مما ينتظمه مساعدة الأسباب وعدمها بعد الإمكان والقدرة فى جملة. وعن ابن أم مكتوم أعليّ ان انفر فقال عليه السلام (نعم) فرجع الى اهله فلبس سلاحه ووقف بين يديه فنزل قوله تعالى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وعن ابن عباس رضى الله عنهما نسخت بقوله تعالى لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى الآية [سلمى ميكويد سبك روحان بارتكاب طاعات وكران باران از مباشرت مخالفات. امام قشيرى ميفرمايد كه خفاف آنانند كه از بند شهود ما سوى آزادند وثقال ايشانند كه بقيد تعلقات مقيدانند] وفى بحر الحقائق انفروا ايها الطلاب فى طلب الحق خفافا مجردين عن علائق الأولاد والاهالى منقطعين عن عوائق الأموال والاملاك وثقالا متمولين ومتأهلين وايضا خفافا مجذوبين بالعناية وثقالا سالكين بالهداية [يعنى خفاف مجذوبانند از كشش عنايت براه سلوك در آمده وثقال سالكانند كه بپرورش متوجه جذبه حقانى شده هر دو طائفه در راهند اما يكى ببال كشش مى پرد ويكى بپاى كوشش راه ميبرد آنكه بپاميره د در هر قدمى عالمى زير پاميكند وآنكه ببال اقبال مى پرديدم بساط مشاهده ما سوى را طى مى كند] مرد عارف چون بدان پر مى پرد ... در دمى از نه فلك مى بگذرد سير زاهد در دمى يك روزه راه ... سير عارف هر زمان تا تخت شاه وَجاهِدُوا [وجهاد كنيد] والجهاد فى الاصطلاح قتال الكفار لتقوية الدين كما فى شرح الترغيب المنذرى وهو المراد بما فى خالصة الحقائق نقلا عن اهل الحكمة الجهاد بذل المجهود وقتال المتمردين حملا لهم على الإسلام ومنعا لهم عن عبادة الأصنام واعلم ان الجهاد لا ينافى كونه عليه السلام نبى الرحمة وذلك انه مأمور بالجهاد مع من خالفه من الأمم

بالسيف ليرتدعوا عن الكفر وقد كان عذاب الأمم المتقدمة عند مخالفة أنبياءهم بالهلاك والاستئصال فاما هذه الامة فلم يعاجلوا بذلك كرامة لنبيهم عليه السلام ولكن يجاهدوا بالسيف وله بقية بخلاف العذاب المنزل وقد روى ان قوما من العرب قالوا يا رسول الله أفنانا السيف فقال (ذلك أبقى لآخركم) كذا فى أبكار الافكار بِأَمْوالِكُمْ [بمالهاى خود كه تهيه زاد وسلاح كنيد] وَأَنْفُسِكُمْ [وبنفسهاى خود كه مباشر كارزار كرديد] فهو إيجاب للجهاد بهما ان أمكن وبأحدهما عند إمكانه وإعواز الآخر حتى ان من ساعده النفس والمال يجاهد بهما ومن ساعده المال دون النفس يغزى مكانه من حاله على عكس حاله وفى التأويلات النجمية وانما قدم انفاق المال فى طلب الحق على بذل النفس لان بذل النفس مع بقاء الصفات الذميمة غير معتبر وهى الحرص على الدنيا والبخل بها قاشار بانفاق المال الى ترك الدنيا وفى الحديث (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم) قوله تعس بفتح العين وكسرها عثر او هلك او لزمه الشر او سقط لوجهه او انتكب وهو دعاء عليه اى أتعسه الله وانما دعا عليه السلام على عبد الدنيا والدرهم لانه حرص على تحصيل المال من الحرام والحلال وبخل بالإنفاق فى سبيل الملك الخلاق فوقف على متاع الدنيا الفاني وترك العمل لنعيم الآخرة الباقي: قال السلطان ولد قدس سره بگذار جهان را كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست فِي سَبِيلِ اللَّهِ هذا اللفظ عام يقع على كل عمل خالص لله تعالى سلك به طريق التقرب الى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وانواع الطاعات وإذا اطلق فهو فى الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه كما فى شرح الترغيب يقول الفقير فمعنى فى سبيل الله اى فى الطريق الموصل الى الجنة والقربة والرضى وهو ان لا يكون بهوى وغرض وان كان حصول الجنة كما فى المفاتيح- حكى- انه كتب واحد الى يوسف بن أسباط وهو من متقدمى الصوفية ان نفسى تنازعنى الى الغزو فما تقول فيه فكتب فى الجواب لان ترد نفسك عن هواها خير من ان تقتل او تقتل فى المعركة- وحكى- انه لما دنا قتيبة بن مسلم من بلدة بخارى ليفتحها فانتهى الى جيحون أخذ الكفار السفن حتى لا يعبر جيش المسلمين عليها فقال قتيبة اللهم ان كنت تعلم انى ما خرجت الا للجهاد فى سبيلك ولاعزاز دينك ولو جهك فلا تغرقنى فى هذا البحر وان خرجت لغير هذا فاغرقنى فى هذا البحر ثم أرسل دابته فى جيحون فعبره مع أصحابه بإذن الله- روى- ان بعضهم رأى إبليس فى صورة شخص يعرفه وهو ناحل الجسم مصفر اللون باكى العين محقوقف الظهر فقال له ما الذي انحل جسمك قال صهيل الخيل فى سبيل الله ولو كان فى سبيلى لكان أحب الىّ فقال له فما الذي غير لونك فقال تعاون الجماعة على الطاعة ولو تعاونوا على المعصية لكان أحب الىّ قال فما الذي ابكى عينك قال خروج الحاج اليه لا بتجارة أقول قد قصدوه وأخاف ان لا يخيبهم فيحزننى ذلك وفى الصحيحين عن ابى سعيد يرفعه قيل يا رسول الله اى الناس أفضل فقال رسول الله (مؤمن مجاهد بنفسه وماله) قالوا ثم من قال (مؤمن فى شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره) ذلِكُمْ اى ما ذكر

من النفير والجهاد خَيْرٌ لَكُمْ من القعود وترك الامداد فان قيل ما معنى كون الجهاد خيرا من تركه والحال انه لا خير فى تركه أجيب بان معناه ان ما يستفاد من الجهاد من ثواب الآخرة خير مما يستفيده القاعد عنه من الراحة وسعة العيش والتنعم بهما كما قال فى البحر الخيرية فى الدنيا بغلبة العدو ووراثة الأرض وفى الآخرة بالثواب ورضوان الله تعالى قال سعد چلبى وفى الترك خير دنيوى فيه الراحة إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الخير علمتم انه خير لان فيه استجلاب خير الدنيا وخير الآخرة وفى خلافه مفاسد ظاهرة وفى بحر الحقائق ترك الدنيا وبذل النفس خير لكم فى طلب الحق من المال والنفس إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قدر طلب الحق وعزة السير اليه فان الحاصل من المال والنفس الوزر والوبال والحاصل من الطلب الوصول والوصال انتهى قال فى زبدة التفاسير عن انس رضى الله عنه ان أبا طلحة رضى الله عنه قرأ سورة براءة فاتى على هذه الآية انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فقال اى بنى جهزونى فقال بنوه رحمك الله قد غزوت مع النبي عليه السلام حتى مات ومع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما حتى ماتا فنحن نغزو عنك فقال لا جهزونى فغزا بحرا فمات فى البحر فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها الا بعد سبعة ايام فدفنوه فيها ولم يتغير يقول الفقير وذلك لان أجساد الأنبياء والأولياء والشهداء لا تبلى ولا تتغير لما ان الله تعالى قد نقى أبدانهم من العفونة الموجبة للتفسخ وبركة الروح المقدس الى البدن كالا كسير ثم ان الناس صنفان ارباب رخصة واصحاب عزيمة ولله در اصحاب العزيمة فى مسابقتهم ومسارعتهم فعليك بطريقتهم وسيرتهم وهذه الآية الكريمة متعلقة بمرتبة النفس وإصلاحها فان النفس مجبولة على حب المال وفى بذله تزكيتها عن هذه الرذيلة فمن علم ان الغنى والفقر من الله تعالى وآمن بالقدر ايمانيا عيانيا هان عليه البذل ولم يبق عنده مقدار للمال كما ان من علم ان الموت بالأجل وان المرء لا يموت قبل حلول ذلك الاجل لا يفر من محاربة العدو وحفظ المال وإمساكه انما يحسن لاجل الانفاق وقت الحاجة والا فكنزه مذموم [گويند كه نافع مولاى عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كه استاد امام شافعى بود در وقت مردن گفت اين جايكه را بكنيد بكندند بيست هزار درم در سبويى پديد آمد گفت آنگاه كه از جنازه من باز آمده باشيد بدرويش دهيد او را گفتند يا شيخ چون تو كسى درم نهد گفت بحق اين وقت تنگ كه زكاة وى بر گردن من نيست وهرگز عيالان خود را بسختى نداشتم لكن هرگاه كه مرا آرزويى بودمى آنچهـ بدان آرزو بايستى دادن در سبو افكند مى تا اگر مرا سختى پيش آيد بدر سفله نبايد رفتن] كذا فى شرح الشهاب وفى هذه الحكاية امور. الاول ان من كان اماما للناس ومقتدى فى الدين لا ينبغى له ان يدخر ويكنز المال طمعا وحرصا لان الناس على دين ملوكهم وقد قيل [شيخ چون مائل بمال آيد مريد او مباش مائل دينار هرگز مالك ديدار نيست] . والثاني ان من غلبت عليه شهوته فمنع طبيعته عن مقتضاها بامساك ماله عن الصرف لها رجاء بذله لخير منه فقد جاهد مع نفسه وطبيعته اما مع نفسه فلانه ما كتم المال لا جل الكنز بل لا جل البذل لا نفع شىء فى وقت ما. واما مع طبيعته فلانه منعها من مقتضاها وراضها ومثل هذا هو الجهاد الأكبر. والثالث ان عرض الاحتياج على اللئيم ملوم مذموم شرعا وطريقة ولذا من جاع

[سورة التوبة (9) : الآيات 42 إلى 43]

واحتاج فكتمه عن الناس واقبل الى الله تعالى كان على الله ان يفتح له رزق سنة والشكاية من الحبيب الى الحبيب عين التوحيد والى غيره شرك تعلق به الوعيد فعلى العاقل ان يختار طريق اصحاب الصفة فانهم كانوا مع الحق وفى معاونته دائما ببذل أموالهم ان منحوا وأنفسهم ان منعوا لان ما لا يدرك كله لا يترك كله فكل مأمور بمقدار طاقته الا بقدر الطاقة هذا هو اللائح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لبذل المجهود وترك ملاحظة المفقود ويوصلنا الى جنابه انه هو المروم والمقصود لَوْ كانَ [آورده اند كه چون حضرت رسول صلى الله عليه وسلم مردمانرا بغزوه تبوك اشارت فرمود ايشان سه فرقه شدند. جمعى مسارعت نمودند وفرمانرا بسمع اطاعت شنودند وآن أكابر مهاجرين وأنصار بودند. وبعضى ضعفاء مؤمنانرا كران آمد فرمان خدا وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بر هواى نفس اختيار كردند. وبرخى دستورى اقامت وتخلف طلبيدند وآنها منافقان بودند ودرشان ايشان نازل شد كه] لو كان يا محمد ما دعوتهم اليه فاسم كان محذوف دل عليه ما قبله عَرَضاً قَرِيباً العرض ما عرض لك من نافع الدنيا اى غنما سهل المأخذ قريب المنال وَسَفَراً قاصِداً ذا قصد وتوسط بين القريب والبعيد ففاعل بمعنى ذى قصد كلابن وتامر بمعنى ذى لبن وذى تمر وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال لَاتَّبَعُوكَ فى الخروج طمعا فى المال وتعليق الاتباع بكلا الامرين يدل على عدم تحققه عند توسط السفر فقط وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ اى المسافة الشاقة التي تقطع بمشقة وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ السين للاستقبال اى سيحلف المتخلفون عن الغزو إذا رجعتم إليهم من غزوة تبوك وقد صنع كما اخبر فهو من جملة المعجزات النبوية لَوِ اسْتَطَعْنا اى قائلين لو كان لنا استطاعة من جهة العدة او من جهة الصحة او من جهتهما جميعا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ اى الى الغزاة. فقوله بالله متعلق بسيحلفون. وقوله لخرجنا ساد مسد جوابى القسم والشرط جميعا لان قولهم لو استطعنا فى قوة بالله لو استطعنا فيكون بالله قسما يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بدل من سيحلفون لان الحلف الكاذب إهلاك للنفس ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع) جمع بلقع وبلقعة وهى الأرض القفر التي لا شىء بها والمرأة البلقعة الخالية من الخير يعنى من حلف عمدا كذبا لاجل الدنيا وزيادة المال وبقاء الجاه فقد تعرض لزوال ما فى يده من المال والجاه وبزواله يفتقر وتخرب داره من البركة وفى الحديث (اليمين الكاذبة منفقة للسلعة) اى سبب لنفاقها ورواجها فى ظن الحالف (ممحقة للكسب) اى سبب لمحق بركة المسكوب وذهابها اما بتلف يلحقه فى ماله او بانفاقه فى غير ما يعود نفعه اليه فى العاجل او ثوابه فى الآجل او بقي عنده وحرم نفعه او ورثه من لا يحمده وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ اى فى مضمون الشرطية وفيما ادعوا ضمنا من انتفاء تحقيق المقدم حيث كانوا مستطيعين للخروج ولم يخرجوا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ لام لم ولام لهم متعلقتان بالاذن لاختلافهما فى المعنى فان الاولى للتعليل والثانية للتبليغ والضمير المجرور لجميع المستأذنين اى لأى سبب أذنت لهم فى التخلف حين اعتلوا بعللهم واعلم ان قوله تعالى لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ دل على

ان قوما تخلفوا عن اتباعه عليه السلام لان لو لانتفاء الجواب لانتفاء الشرط وقوله عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ دل على ان ذلك التخلف كان بإذن رسول الله والعفو يستدعى سبق الخطأ وهذا الخطأ ليس من قبيل الذنب بل من ترك الاولى والأفضل الذي هو التأنى والتوقف الى انجلاء الأمر وانكشاف الحال. فقوله عفا خبر: يعنى [در گذار پند خداى از تو] . وقوله لم أذنت لهم بيان لما أشير اليه بالعفو من ترك الاولى وانما قدم الله العفو على العتاب تصديقا وتحقيقا لقوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وقوله لم أذنت لهم ما كان على وجه العتاب حقيقة بل كان على اظهار لطفه به وكمال رأفته فى حقه كما فى التأويلات النجمية قال سفيان ابن عيينة انظروا الى هذا اللطف بدا بالعفو قبل ذكر المعفو ولقد اخطأ وأساء الأدب وبئسما فعل فيما قال وكتب من زعم ان الكلام كناية عن الجناية وان معناه اخطأت وبئسما فعلت كما فى الإرشاد ويجوز ان يكون إنشاء كما قال الكاشفى فى تفسيره عَفَا اللَّهُ عَنْكَ [دعاء له است حق سبحانه وتعالى پيغمبر خود را ميفرمايد كه عفو كناد از تو خداى وعادت مردم مى باشد كه دعا كند كسى را بعفو ورحمت ومغفرت بي وقوع خطايى از وى چنانچهـ مثلا يكى تشنه را آب دهد او در جواب ميگويد غفر الله لك يا در جواب عاطس ميگويد يرحمك الله] انتهى أقول ولقد أصاب فى تفسيره وأجاد فى تقريره فان خطأ النبي عليه السلام وسهوه ونسيانه ليس من قبيل خطأ الامة وسهوهم ونسيانهم فالاولى للتأدب ان يسكت عما يشين بحاله او لا يليق بكماله حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا اى فيما أخبروا به عند الاعتذار من عدم الاستطاعة من جهة المال او من جهة البدن او من جهتهما معا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ فى ذلك فتعامل كلا من الفريقين بما يستحقه وهو بيان لذلك الاولى والأفضل. وحتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره لم سارعت الى الاذن لهم وهلا أخرتهم وتأنيت الى ان يتبين الأمر وينجلى او ليتبين كما هو قضية الجزم فحتى بمعنى الى او بمعنى اللام ولا يجوز ان يتعلق بأذنت لان ذلك يوجب ان يكون اذن لهم الى هذه الغاية او لاجل التبين وهذا لا يعاتب عليه واعلم ان الآية الاولى اشارت الى ان من كان مطلوبه الدنيا وزينتها يجد له مساعدا ومصاحبا كثيرا ومن كان مطلوبه الحق والوصول اليه لا يجد له مرافقا وموافقا الا اقل من القليل لصعوبة الانقطاع عن الحظوظ والأماني: وفى المثنوى حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكروهة لنا وجعلت لنار محاطة بالأمور التي كانت محبوبة لنا وإتيان الحظوظ أسهل من تركها ولذا ترى الرجل يدخل النار بألف درهم ولا يدخل الجنة بدرهم واحد والآية الاخيرة أفادت التحري والتأنى فى الأمور وفى حديث انس رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى أوصني فقال النبي عليه السلام (خذ الأمر بالتدبر فان رأيت فى عاقبته خيرا فامضه وان خفت غيا فامسك) والعجلة صفة من صفات الشيطان- روى- انه لما رأى خلقة آدم من الطين قبل ان ينفخ فيه الروح عجل فى امره وقال وعزة ربى ان جعل هذا خيرا وفضله على فلا أطيعه وان جعلنى خيرا منه لاهلكنه فلما نفخ فيه الروح وامر الملائكة

[سورة التوبة (9) : الآيات 44 إلى 47]

وإبليس بالسجود له عجل إبليس بالاباء لاظهار العداوة والسعى فى هلاكه على ما عزم عليه اولا ولم يتأن وينظر فى امره. واما التأنى فمن أوصاف الرحمن ولذا خلق السموات والأرض فى ستة ايام وان كان قادرا على ان يخلقها فى مقدار طرفة عين فعلى العاقل العمل بالتأنى والأفضل والجهاد الى آخر العمر وحلول الاجل كيلا يكون من المتخلفين قال شقيق ان الله تعالى اظهر هذا الدين وجعل عزه فى الجهاد فمن أخذ منه حظه فى زمانه كان كمن شاهده كله وشارك من مضى قبله من الغزاة ومن تبطأ عنه فى زمانه فقد شارك المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اثمهم وعارهم والتبطؤ والتخلف انما هو من الكسل الطبيعي البدني ومن كان له حظ روحانى يجد فى نفسه المسارعة الى الخيرات: وفى المثنوى هر كرانى وكسل خود از تنست ... جان ز خفت جمله در پريدنست اللهم اعصمنا من الكسل فى باب الدين وأعنا انك أنت المعين لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فى أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وان الخلص منهم يبادرون اليه من غير توقف على الاذن فضلا عن ان يستأذنوك فى التخلف وحيث استأذنك هؤلاء فى التخلف كان مظنة للتأنى فى أمرهم بل دليلا على نفاقهم وعلة عدم الاستئذان الايمان كما ان علة الاستئذان عدم الايمان بناء على قاعدة ان تعليق الحكم بالوصف يشعر بعلية الوصف له وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ شهادة لهم بالانتظام فى زمرة المتقين وعدة لهم باجزال الثواب واشعار بان ما صدر عنهم معلل بالتقوى إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ فى التخلف الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قال فى التبيان كان الاستئذان فى ذلك الوقت علامة النفاق قيل كانوا تسعة وثلاثين رجلا وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ عطف على الصلة والماضي للدلالة على تحقق الريب والريب شك مع اضطراب القلب ودل على ان الشاك المرتاب غير مؤمن فَهُمْ حال كونهم فِي رَيْبِهِمْ وشكهم المستقر فى قلوبهم يَتَرَدَّدُونَ اى يتحيرون فان التردد [ديدن المتحير] كما ان الثبات [ديدن المستبصر] وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ يدل على ان بعضهم قالوا عند الاعتذار كنا نريد الخروج لكن لم نتهيأ له وقد قرب الرحيل بحيث لا يمكننا فكذبهم الله وقال لو أرادوا الخروج معك الى العدو فى غزوة تبوك لَأَعَدُّوا لَهُ اى للخروج فى وقته عُدَّةً اى اهبة من الزاد والراحلة والسلاح وغير ذلك مما لا بد منه للسفر وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ ولكن ما أرادوه لما انه تعالى كره نهوضهم للخروج لما فيه من المفاسد الآتية. والانبعاث [برانگيخته شدن] كما فى التاج فلكن للاستدراك من المقدم وفى حواشى سعدى چلبى الظاهر ان لكن هاهنا للتأكيد انتهى فَثَبَّطَهُمْ اى حبسهم بالجبن والكسل فتثبطوا عنه ولم يستعدوا له والتثبيط صرف الإنسان عن الفعل الذي يهم به وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ الذين شأنهم القعود وملازمة البيوت وهم الزمنى والمرضى والعميان والنساء والصبيان ففيه ذم لهم وظاهره يخالف قوله تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فلذا حملوه على التمثيل بان يشبه إلقاء الله تعالى فى قلوبهم كراهة الخروج بامر آمر أمرهم بالقعود ثم بين سر كراهته تعالى لانبعاثهم فقال لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ [در ميان شما] اى مخالطين لكم ما زادُوكُمْ اى ما اورثوكم شيأ من الأشياء

[سورة التوبة (9) : الآيات 48 إلى 52]

إِلَّا خَبالًا اى فسادا وشرا كالتجبين وتهويل امر الكفار والسعى للمؤمنين بالنميمة وإفساد ذات البين وإغراء بعضهم على بعض وتحسين الأمر لبعضهم وتقبيحه للبعض الآخر ليتخلفوا وتفترق كلمتهم فهو استثناء مفرغ من أعم العام الذي هو الشيء فلا يلزم ان يكون فى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خبال وفساد ويزيد المنافقون ذلك الفساد بخروجهم فيما بينهم لان الزيادة المستثناة انما هى الزيادة بالنسبة الى أعم العام لا بالنسبة الى ما كان فيهم من القبائح والمنكرات وفى البحر قد كان فى هذه الغزوة منافقون كثير ولهم لا شك خبال فلو خرج هؤلاء لا لتأموا فزاد الخبال انتهى وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ اى لسعوا بينكم واسرعوا بإلقاء ما يهيج العداوة او ما يؤدى الى الانهزام. والإيضاع تهيج المركوب وحمله على الاسراع من قولهم وضع البعير وضعا إذا اسرع واوضعته انا إذا حملته على الاسراع. والمعنى لأوضعوا ركائبهم بينكم على حذف المفعول والمراد به المبالغة فى الاسراع بالنمائم لان الراكب اسرع من الماشي. والخلال جمع خلل وهو الفرجة بين الشيئين وهو بمعنى بينكم منصوب على انه ظرف اوضعوا يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ حال من فاعل اوضعوا اى حال كونهم باغين اى طالبين الفتنة لكم وهى افتراق الكلمة وَفِيكُمْ [ودر ميان شما] سَمَّاعُونَ لَهُمْ اى نمامون يسمعون حديثكم لاجل نقله إليهم فاللام للتعليل أو فيكم قوم ضعفة يسمعون للمنافقين اى يطيعونهم فاللام لتقوية العمل لكون العامل فرعا كقوله تعالى فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ علما محيطا بضمائرهم وظواهرهم وما فعلوا فيما مضى وما يأتى منهم فيما سيأتى وهو شامل للفريقين السماعين والقاعدين لَقَدِ ابْتَغَوُا اى طلب هؤلاء المنافقون الْفِتْنَةَ تشتيت شملك وتفريق أصحابك عنك مِنْ قَبْلُ اى قبل غزوة تبوك يعنى يوم أحد فان أبيا انصرف يوم أحد مع ثلاثمائة من أصحابه وبقي النبي عليه السلام مع سبعمائة من خلص المؤمنين وقد تخلف بمن معه عن تبوك ايضا بعد ما خرج النبي عليه السلام الى ذى جدة أسفل من ثنية الوداع وكذا ابتغوا الفتنة فى حرب الخندق حيث قالوا يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا وفى ليلة العقبة ايضا حيث القوا شيأ بين قوائم ناقة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالليل حتى تنفر وتلقى النبي عليه السلام عن ظهرها وايضا وقف اثنا عشر رجلا من المنافقين على ثنية الوداع ليلة العقبة ليفتكوا به عليه السلام فاخبره الله بذلك وسلمه منهم والفتك ان يأتى الرجل صاحبه وهو غارّ غافل حتى يشد عليه فيقتله وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ تقليب الأمر تصريفه من وجه الى وجه وترديده لاجل التدبير والاجتهاد فى المكر والحيلة يقال للرجل المتصرف فى وجوه الحيل حول قلب اى اجتهدوا ودبروا لك الحيل والمكايد ورددوا الآراء فى ابطال أمرك حَتَّى جاءَ الْحَقُّ اى النصر والتأييد الإلهي وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ غلب دينه وعلا شرفه وَهُمْ كارِهُونَ والحال انهم كارهون لذلك اى على رغم منهم وقال الكاشفى [وايشان ناخواهانند نصرت ودولت ترا اما چون خداى تعالى مى خواهد كراهت ايشانرا اثرى نيست] چون ترا اندر حريم قرب خود ره داده شاه ... از نفير پرده دار وطعن دربان غم مخور

[سورة التوبة (9) : آية 49]

انظر الى ما فى هذه الآيات من تقبيح حال المنافقين وتسلية رسول الله والمؤمنين وبيان كون العاقبة للمتقين ولن يزال الناس مختلطا مخلصهم بمنافقهم من ذلك الوقت الى هذا الحين لكن من كان له نية صادقة صالحة يختار فراق اهل الهوى والرياء أجمعين لان صحبة غير الجنس لا تزيد الا تشويشا وتفرقه فى باب الدين وكسلا فى عزيمة اهل اليقين فاجهد ان لا ترى الاضداد ولا تجاورهم فكيف ان تعاشرهم وتخالطهم يا مسكين: وفى المثنوى چون ببندى تو سر كوزه تهى ... در ميان حوض ويا جوئى تهى «1» تا قيامت او فرو نايد ببست ... كه دلش خاليست دروى باد هست ميل بادش چون سوى بالا بود ... ظرف خود را هم سوى بالا كشد باز آن جانها كه جنس انبياست ... سوى ايشان كش كشان چون سايه هاست جان هامان جاذب قبطى شده ... جان موسى جاذب سبطى شده «2» معدهء خركه كشد در اجتذاب ... معدهء آدم جذوب كندم آب ثم فى قوله تعالى وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ذم للنمام والنميمة وهى كشف ما يكره كشفه يقال ان ثلث عذاب القبر من النميمة قال عبد الله بن المبارك ولد الزنى لا يكتم الحديث قال الامام الغزالي أشار به الى ان كل من لم يكتم الحديث ومشى بالنميمة دل على انه ولد الزنى وفى حديث المعراج (قلت لمالك أرني جهنم فقال لا تطيق على ذلك فقلت مثل سم الخياط فقال انظر فنظرت فرأيت قوما على صورة القردة قال هم القتاتون) اى النمامون وفرق بعضهم بين القتات والنمام بان النمام هو الذي يتحدث مع القوم والقتات هو الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينم كذا فى شرح المصابيح- روى- ان الحسن البصري جاء اليه رجل بالنميمة وقال ان فلانا وقع فيك فقال له الحسن متى قال قال اليوم قال اين رأيته قال فى منزله قال ما كنت تصنع فى منزله قال كانت له ضيافة قال ماذا أكلت فى منزله قال كيت وكيت حتى عدد تمانية ألوان من الطعام فقال الحسن يا هذا قد وسع بطنك ثمانية ألوان من الطعام أوسع حديثا واحدا قم من عندى يا فاسق. وفيه اشارة الى ان النمام ينبغى ان يبغض ولا يوثق بصداقته- وذكر- ان حكيما من الحكماء زاره بعض إخوانه وأخبره بخبر عن غيره فقال له الحكيم قد ابطأت فى الزيارة وأتيتني بثلاث جنايات بغضت الىّ أخي وشغلت قلبى الفارغ واتهمت نفسك الامينة كذا فى الروضة والاحياء وهذا عادة الاخوان خصوصا فى هذا الزمان سامحهم الله الملك الديان فعلى العاقل حفظ اللسان وحفظ الجوارح من مساوى الكلام وانواع الآثام فان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا وَمِنْهُمْ اى من المنافقين مَنْ يَقُولُ لك يا محمد ائْذَنْ لِي فى القعود عن غزوة تبوك وَلا تَفْتِنِّي من فتنه يفتنه أوقعه فى الفتنة كفتنه وافتتنه- يلزم ويتعدى كما قال فى تاج المصادر الفتون والفتن [دو فتنه افكندن وفتنه شدن] والمعنى لا توقعنى فى الفتنة وهى المعصية والإثم يريد انى متخلف لا محالة أذنت أو لم تأذن لى حتى لا أقع فى المعصية بالمخالفة اولا تلقنى فى الهلكة فانى ان خرجت

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان قصه آن زن كه طفل او بر سر إلخ. (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا كه زبان حال وبيوفائى إلخ.

معك هلك مالى وعيالى لعدم من يقوم بمصالحهم أَلا [بدانكه] فِي الْفِتْنَةِ اى فى عينها ونفسها وأكمل افرادها سَقَطُوا لا فى شىء مغاير لها وهى فتنة التخلف ومخالفة الرسول وظهور النفاق. يعنى انهم وقعوا فيما زعموا انهم محترزون عنه فالفتنة هى التي سقطوا فيها لا ما احترزوا عنه من كونهم مأمورين بالخروج الى غزوة تبوك وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ معطوف على الجملة السابقة داخل تحت التنبيه اى جامعة للمنافقين وغيرهم من الكفار يوم القيامة من كل جانب اى انهم يدخلون جهنم لا محالة لان الشيء إذا كان محيطا بالإنسان فانه لا يفوته كما فى الحدادي او جامعة لهم الآن لا حاطة أسبابها من الكفر والمعاصي وقيل تلك المبادي المتشكلة بصور الأعمال والأخلاق هى النار بعينها ولكن لا يظهر ذلك فى هذه النشأة وانما يظهر عند تشكلها بصورها الحقيقة فى النشأة الآخرة وقس عليها الأعمال والأخلاق المرضية ألا ترى ان دم الشهيد يتشكل بصورة المسك فلا يفوح منه الا المسك كما ورد فى الشرع وقال بعضهم هذه الآية نزلت فى جد بن قيس من المنافقين دعاه النبي عليه السلام الى الخروج الى العدو وحرضه على الجهاد (فقال له يا جد بن قيس هل لك فى جلاد بنى الأصفر) يعنى طوال القدّ منهم فان الجلاد من النخل هى الكبار الصلاب (نتخذ منهم سرارى ووصفاء) فقال جد ائذن لى فى القعود ولا تفتنى بذكر نساء الروم فانه قد علمت الأنصار انى رجل مولع بالنساء اى مفرط فى التعلق بهن فاخشى ان ظفرت ببنات الأصفر ان لا اصبر عنهن فاواقعهن قبل القسمة فاقع فى الفتنة والإثم فلما سمع النبي عليه السلام قوله اعرض عنه وقال (أذنت لك) ولم يقبل الله تعالى عذر جد وبين انه قد وقع فى الفتنة بمخالفة النبي عليه السلام والمراد ببني الأصفر الروم وهم جبل من ولد روم بن عيصو بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام والوجه فى تسمية الروم ببني الأصفر ان ملوك الروم انقضوا فى الزمان الاول فبقيت منهم امرأة فتنافسوا فى الملك حتى وقع بينهم شر عظيم فاتفقوا على ان يملكوا أول من اشرف عليهم فجلسوا مجلسا لذلك وأقبل رجل من اليمن معه عبد له حبشى يريد الروم فابق العبد فاشرف عليهم فقالوا انظروا فى أي شىء وقعتم فزوجوه تلك المرأة فولدت غلاما فسموه الأصفر فخاصمهم المولى فقال صدق انا عبده فارضوه فذلك قيل للروم بنوا الأصفر لصفرة لون هذا الولد لكونه مولدا بين الحبشي والمرأة البيضاء وفى الروض قيل لهم بنوا الأصفر لان عيصو بن اسحق كان به صفرة وهو جدهم وقيل ان الروم بن عيصو هو الأصفر وهو أبوهم وامه تسمة بنت إسماعيل عليه السلام وليس كل الروم من ولد بنى الأصفر فان الروم الاول فيما زعموا من ولد يونان بن يافث بن نوح عليهم السلام انتهى وقيل قيل لهم بنوا الأصفر لان جدهم روم بن عيصو ابن اسحق بن ابراهيم تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر وقيل لاولاده بنوا الأصفر وقيل لان جيشا من الحبشة غلب على ناحيتهم فى وقت فوطئ نساءهم فولدت أولادا صفراء بين سواد الحبشة وبياض الروم- حكى- عن بعض العارفين انه رأى النبي عليه السلام فى المنام فقال يا رسول الله انى أريد ان أتوجه الى الروم

[سورة التوبة (9) : الآيات 50 إلى 51]

فقال عليه السلام الروم لا يدخله المعصوم فاختلج فى صدره ان فى الروم العلماء والصلحاء والأولياء اكثر من ان يحصى ثم تتبع فوجد ان المراد من المعصوم الأنبياء واما هؤلاء فيسمون المحفوظين الكل من أنوار المشارق وثبت فى الصحيح انه (لا يبقى مسلم وقت قيام الساعة) لكن يكون الروم وهم قوم معروف اكثر الكفرة فى ذلك الوقت كما كانوا اليوم أكثرهم ثم ان القعود عن الغزو من بخل الرجل وهو من اذم الصفات قال ابراهيم بن أدهم إياك والبخل قبل وما البخل قال اما البخل عند اهل الدنيا فهو ان يكون الرجل شحيحا بماله واما الذي عند اهل الآخرة فهو الذي يبخل بنفسه عن الله تعالى ألا وان العبد إذا جاد بنفسه لله تعالى أورث قلبه الهدى والتقى وأعطاه السكينة والوقار والعلم الراجح والعقل الكامل فعلى العاقل الجود بماله ونفسه فى الجهاد الأصغر والأكبر حتى ينال الرضى من الله تعالى والجود من امدح الصفات- وحكى- عن ابى جهيم بن حذيفة قال انطلقت يوم تبوك اطلب عمى ومعى ماء أردت ان اسقيه ان كان به رمق فرأيته ومسحت وجهه فقلت له أسقيك الماء فاشار برأسه نعم فاذا رجل يقول آه من العطش فاومى برأسه ان اذهب اليه فاذا هو هشام بن العاص فقلت أسقيك قال نعم فلما دنوت منه سمعت صوتا يقول آه من العطش فاشار الى ان اذهب به اليه فذهبت فاذا هو ميت فرجعت بالماء الى هشام فاذا هوميت فرجعت الى عمى فاذا هو ميت كذا فى خالصة الحقائق: قال الحافظ الشيرازي قدس سره فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد : قال السعدي قدس سره اگر كنج قارون بچنك آورى ... نماند مگر آنچهـ بخشى برى إِنْ تُصِبْكَ فى بعض غزواتك حَسَنَةٌ ظفر وغنيمة كيوم بدر تَسُؤْهُمْ تلك الحسنة اى تورثهم يعنى المنافقين مساءة وحزنا لفرط حسدهم وعداوتهم لك وَإِنْ تُصِبْكَ فى بعضها مُصِيبَةٌ جراحة وشدة كيوم أحد او قتل وهزيمة على ان يكون المراد بالخطاب المؤمنين كما يدل عليه ما بعد الآية من إيراد ضمائر المتكلم مع الغير والا فمن قال ان النبي عليه السلام هزم فى بعض غزواته يستتاب فان تاب فيها ونعمت والا قتل لانه نقص ولا يجوز ذلك عليه خاصة إذ هو على بصيرة من امره ويقين من عصمته كما فى هدية المهديين نقلا عن القاضي عبد الله بن المرابط يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا [احتياط كار خود را] مِنْ قَبْلُ اى من قبل إصابة المصيبة: يعنى [دور انديشى كرديم وبدين حرب نرفتيم] وَيَتَوَلَّوْا اى يدبروا عن مجلس الاجتماع والتحدث الى أهاليهم وَهُمْ فَرِحُونَ بما صنعوا من الاعتزال عن المسلمين والقعود عن الحرب والجملة حال من الضمير فى يقولوا او يتولوا لامن الأخير فقط لمقارنة الفرح لهما معا قُلْ بيانا لبطلان ما بنوا عليه مسرتهم من الاعتقاد لَنْ يُصِيبَنا ابدا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ فى اللوح المحفوظ لَنا اللام للتعليل اى لا جلنا من خير وشر وشدة ورخاء لا يتغير بموافقتكم ومخالفتكم وامور العباد لا تجرى الأعلى تدبير قد احكم وأبرم هُوَ مَوْلانا ناصرنا ومتولى أمورنا وَعَلَى اللَّهِ

[سورة التوبة (9) : آية 52]

وحده وهو من تمام الكلام المأمور به ويجوز ان يكون ابتداء كلام من الله تعالى فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ التوكل تفويض الأمر الى الله تعالى والرضى بما فعله وان كان ذلك بعد ترتيب المبادي العالية والمعنى ان حق العبد ان يتوكل على مولاه ويبتغى رضوانه ويعتقد انه لن يصيبه شىء من الأشياء الا ما قدر له پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد وفى الحديث (ان العبد لا يبلغ حقيقة الايمان حتى يعلم ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه) قُلْ للمنافقين هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا التربص التمكث مع انتظار مجيىء شىء خيرا كان او شرا والباء للتعدية واحدى التاءين محذوفة إذ الأصل تتربصون. والمعنى ما تنتظرون بنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ اى العاقبتين اللتين كل واحدة منهما من حسنى العواقب وهما النصر والشهادة وهذا نوع بيان لما أبهم فى الجواب الاول وكشف لحقيقة الحال باعلام ان ما يزعمونه مضرة للمسلمين من الشهادة انفع مما يعدونه منفعة من النصر والغنيمة. والمعنى فما تفرحون الا بما نلنا مما هو احسن العواقب وحرمانكم من ذلك فأين أنتم من التيقظ والعمل بالحزم كما زعمتم وفى الحديث (يضمن الله لمن خرج فى سبيله لا يخرج الا ايمانا بالله وتصديقا برسوله ان يدخله الجنة او يرجعه الى منزله الذي خرج منه نائلا مانال من اجر أو غنيمة) دولت اگر مدد دهد دامنش آورم بكف ... گر بكشد زهى طرب ور بكشد زهى شرف وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أحد السوأيين من العواقب أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ [آنكه برساند خداى تعالى بشما] بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ كما أصاب من قبلكم من الأمم المهلكة من الصيحة والرجفة والخسف وكون العذاب من عند الله عبارة عن عدم كونه بايدى العباد أَوْ بعذاب بِأَيْدِينا وهو القتل بسبب الكفر فَتَرَبَّصُوا الفاء فصيحة اى إذا كان الأمر كذلك فتربصوا بنا ما هو عاقبتنا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ما هو عاقبتكم فاذا القى كل منا ومنكم ما يتربصه لا تشاهدون الا ما يسرنا ولا نشاهد الا ما يسوؤكم وفى الحديث (مثل المؤمن مثل السنبلة تحركها الريح فتقوم مرة وتقع اخرى ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال قائمة حتى تنقعر) أي تنقطع يقال قعر الشجرة قلعها من أصلها فانقعرت. والأرزة شجر يشبه الصنوبر يكون بالشام وبلاد الأرمن وقيل هو شجر الصنوبر: يعنى [مؤمن را عيش خوش نبود شادى با غم ونعمت با شدت ودرستى با بيمارى و چنين بسيار بماند وكافر تن درست ودل خوش بود لكن بيك كرت بسر اندر آيد وهلاك شود] وفى الحديث (من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) يعنى ان الولي وهو المؤمن المطيع ينصر الله تعالى فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد بارز بمحاربة الله وكل كافر ومنافق فهو مهين الأولياء واهانتهم بذر محصوله الهلاك والاستئصال وفى المثنوى قصه عاد وثمود از بهر چيست ... تا بدانى كانبيا را ناز كيست اين نشان خسف وقذف وصاعقه ... شد بيان عز نفس ناطقه جمله حيوانرا پى انسان بكش ... جمله انسان را بكش از بهرهش هش چهـ باشد عقل كل هوشمند ... هوش جزئى هش بود اما نژند

[سورة التوبة (9) : الآيات 53 إلى 58]

وقد ذم الله المنافقين بتغيير الحال وعدم مواطأة الحال بالمقال وفى الحديث (لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) وفى الحديث (طوبى لمن طاب كسبه وصلحت سريرته وكرمت علانيته وعزل عن الناس شره) وفى الحديث (من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه آخر ومن كان ذا وجهين فى الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار) كما فى أبكار الافكار قُلْ جوابا لجد بن قيس من المنافقين وهو قد استأذن فى التخلف عن غزوة تبوك وقال أعينك بمالى أَنْفِقُوا ايها المنافقون أموالكم فى سبيل الله حال كونكم طَوْعاً اى طائعين من قبل أنفسكم أَوْ كَرْهاً او كارهين مخافة القتل كما فى الحدادي وقال فى الإرشاد طَوْعاً اى من غير الزام من جهته عليه السلام ولا رغبة من جهتكم او هو فرضى لتوسيع الدائرة انتهى اى فلا يخالفه قوله وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ كما سيأتى لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ يحتمل ان يكون المراد منه انه عليه السلام لا يقبله منهم بل يرد عليهم ما يبذلونه او انه تعالى لا يقبله منهم ولا يثيبهم عليه قوله أنفقوا امر فى معنى الخبر اى أنفقتم وذلك لان قوله لن يتقبل منكم يأبى عن حمله على معناه الظاهر إذ لا وجه لان يؤمر بشىء ثم يخبر بانه عبث لا يجدى نفعا بوجه ما- روى- انه لما اعتذر من الخروج لامه ولده عبد الله عنه وقال له والله لا يمنعك الا النفاق وسينزل الله فيك قرآنا فاخذ نعله وضرب به وجه ولده فلما نزلت الآية قال له ألم اقل لك فقال له اسكت يا لكع فو الله لأنت أشد علىّ من محمد ثم علل رد انفاقهم بقوله إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ اى كافرين فالمراد بالفسق ما هو الكامل منه لا الذي هو دون الكفر كما قال الكاشفى [بدرستى كه شما هستيد گروهى بيرون رفتگان از دائره اسلام ونفقه كافر قبول نيست] فالتعليل هنا بالفسق وفيما بعده بالكفر حيث قال ألا انهم كفروا بالله واحد- روى- انه تاب من النفاق وحسنت توبته ومات فى خلافة عثمان رضى الله عنه وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ استثناء من أعم الأشياء اى ما منعهم من قبول نفقاتهم منهم شىء من الأشياء الا كفرهم فالمستثنى المفرغ مرفوع المحل على انه فاعل منع. وقوله ان تقبل مفعوله الثاني بنزع الخافض او بنفسه فانه يقال منعت الشيء ومنعت فلانا حقه ومنعته من حقه وقال ابو البقاء ان تقبل فى موضع نصب بدلا من المفعول فى منعهم وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ [ونمى آيند بنماز جماعت] وهو معطوف على كفروا إِلَّا وَهُمْ كُسالى اى لا يأتونها فى حال من الأحوال الا حال كونهم متثاقلين قال الكاشفى [مگر ايشان كاهلانند بنماز مى آيند بكسالت وكراهت نه بصدق وأرادت] والكسالى جمع كسلان كما يقال سكارى وسكران قال البغوي كيف ذكر الكسل فى الصلاة ولا صلاة لهم أصلا قيل الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل فان الكفر مكسل والايمان منشط وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ قال ابن الشيخ الرغبة والنشاط فى أداء العبادات متفرعة على رجاء الثواب بها وخوف العقاب على تركها المتفرعين على الايمان بما جاء به النبي عليه السلام من عند الله والمنافق لا يؤمن بذلك فلا يرجو ثواب الآخرة ولا يخاف عقابها فيكون كسلان فى إتيان الصلاة وكارها للانفاق لزعمه انهما اتعاب للبدن وتضييع للمال بلا فائدة وفيه ذم الكسل قيل من دام كسله خاب أمله: قال أبو بكر الخوارزمي

لا تصحب الكسلان فى حالاته ... كم صالح بفساد آخر يفسد عدوى البليد الى الجليد سريعة ... والجمر يوضع فى الرماد فيخمد : وفى المثنوى كر هزاران طالبند ويك ملول از رسالت باز مى ماند رسول كى رسانند آن امانت را بتو تا نباشى پيششان راكع دو تو فَلا تُعْجِبْكَ الاعجاب استحسان على وجه التعجب من حسنه قال الكاشفى [پس بايد كه ترا بشكفت نيارد خطاب بآن حضرتست ومراد امت اند مؤمنانرا ميفرمايد كه متعجب نگردانند شما را] أَمْوالُهُمْ اى اموال المنافقين وَلا أَوْلادُهُمْ فان ذلك وبال عليهم واستدراج لهم كما قال إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ضمير بها راجع الى الأموال دون الأولاد. والمعنى ليعذبهم بالتعب فى جمعها والوجل فى حفظها والكره فى إنفاقها ويجوز ان يرجع إليهما معا بناء على ان الأولاد ايضا اسباب للتعذيب الدنيوي من حيث انهم ان عاشوا يبتلى أصولهم بمتاعب تربيتهم وتحصيل اسباب معاشهم من المآكل والمشارب والملابس وان ماتوا يبتلى أصولهم بحسرة فراقهم فان من أحب شيأ كان تألمه على فراقه شديدا يقول الفقيران قلت ان المؤمن والكافر يشتركان فى هذا التعب والحسرة فما معنى تخصيص الكافر اى المنافق قلت نعم الا ان المؤمن أخف حالا لايمانه وأمله ثواب الآخرة وصبره على الشدائد فيكون التعذيب بتربية الأولاد وحسرة فراقهم كلا تعذيب بالنسبة اليه وَتَزْهَقَ اصل الزهوق خروج الشيء بصعوبة أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ اى فيموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع عن النظر فى العاقبة فيكون ذلك لهم نقمة لا نعمة [نه مال ايشانرا دست گيرد ونه فرزند بفرياد رسد] وفى ارادة الله زهوق أنفسهم على الكفر لينالوا وباله اشارة الى جواز الرضى بكفر الغير وموته عليه إذا كان شريرا مؤذيا ينتقم الله منه اى من غير استحسان واستجازة كما قال الفقهاء إذا دعا على ظالم أماتك الله على الكفر او قال سلب الله عنك الايمان او دعا عليه بالفارسية [خدا جان تو بكافرى بستاند] فهذا لا يكون كفرا إذا كان لا يستحسنه ولا يستجيزه ولكن تمنى ان يسلب الله الايمان منه حتى ينتقم الله منه على ظلمه وإيذائه الخلق واعلم ان الطاعة فى العبودية بثلاثة انواع بالمال والبدن والقلب اما بالمال فهو الانفاق فى سبيل الله وفى الحديث (من جهز غازيا ولو بسلك ابرة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن جهز غازيا ولو بدرهم أعطاه الله سبعين درجة فى الجنة من الدر والياقوت) وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بفرس يجعل كل خطوة منه أقصى بصره فسار ومعه جبريل فأتى على قوم يزرعون فى يوم ويحصدون فى يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال (يا جبرائيل من هؤلاء) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه واما بالبدن فهو القيام بالأوامر والنواهي والسنن والآداب المستحسنة المستحبة واما بالقلب فهو الايمان والصدق والإخلاص فى النية فالطاعة بالمال والبدن لا تقبل عند إعواز طاعة القلب كطاعة المنافقين وطاعة القلب عند إعواز الطاعة

[سورة التوبة (9) : الآيات 56 إلى 57]

بالمال والبدن مقبولة لقوله عليه السلام (نية المؤمن ابلغ من عمله) فالقربة لا تقبل الأعلى حقيقة الايمان وهو شرط اقامة الطاعات المالية والبدنية وفى الحديث (ان إعطاء هذا المال فتنة وإمساكه فتنة) وذلك لان إنفاقه على طريق الرياء او بالمنة والأذى فتنة وكذا إمساكه إذ فى الإمساك ملامة وذلالة بل ضلالة وفى الحديث (ان لكل امة فتنة وان فتنة أمتي المال) [حقيقت فتنه آنست كه هر چيزى كه آن مرورا از دين ورشد مشغول دارد آنرا كه از توفيق محرومست وآنرا كه موافقيست اگر پادشاه دنيا شود آن پادشاهى او را از دين مشغول ندارد] : وفى المثنوى چيست دنيا از خدا غافل بدن ... نى قماش ونقره وميزان وزن مال را كز بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پستى است چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جز مسكين نخواند [ومعاويه زنى را پرسيد كه على را ديده گفت بلى گفت چهـ گونه مردى بود على گفت لم يبطره الملك ولم تعجبه النعمة وعمر بن الخطاب رضى الله عنه گويد كه هر كه مال او را نفريبد هيچ جادويى وديوى او را نفريبد ومردى پيغمبر را صلى الله عليه وسلم گفت مرا چاره بياموز كه ديو مرا نفريبد گفت دوستىء مال در دل مدار وبا هيچ زن نا محرم خالى مباش] كذا فى شرح الشهاب مكن تكيه بر ملك وجاء وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم وَيَحْلِفُونَ اى المنافقون بِاللَّهِ يحتمل ان يتعلق بيحلفون ويحتمل ان يكون من كلامهم إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ اى لمن جملة المسلمين وَما هُمْ مِنْكُمْ لكفر قلوبهم وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ اى يخافون منكم ان تفعلوا بهم ما تفعلون بالمشركين فيظهرون الإسلام تقية ويؤكدونه بالايمان الفاجرة يقال فرق كفرح اى فزع والفرق بفتحتين الفزع لَوْ يَجِدُونَ [اگر بيابيد] وإيثار صيغة الاستقبال فى الشرط وان كان المعنى على المضي لافادة استمرار عدم الوجدان مَلْجَأً اى مكانا حصينا يلجأون اليه من رأس جبل او قلعة او جزيرة مفعل من لجأ اليه يلجأ اى انضم اليه ليتحصن به أَوْ مَغاراتٍ هى الكهوف الكائنة فى الجبال الرفيعة اى غير انا وكهوفا يخفون فيها أنفسهم جمع مغارة وهى مفعلة اسم للموضع الذي يغور فيه الإنسان اى يغيب ويستتر أَوْ مُدَّخَلًا هو السرب الكائن تحت الأرض كالبئر اى نفقا يندسون فيه وينحجرون او قوما يمكنهم الدخول فيما بينهم يحفظونهم منكم كما فى الحدادي وهو مفتعل من الدخول أصله مدتخل قال ابن الشيخ عطف المغارات والمدخل على الملجأ من قبيل عطف الخاص على العام لتحقيق عجزهم عن الظفر بما يتحصنون فيه فان الملجأ هو المهرب الذي يلتجىء اليه الإنسان ويتحصن به من أي نوع كان لَوَلَّوْا اى لصرفوا وجوههم واقبلوا إِلَيْهِ اى الى أحد ما ذكر وَهُمْ يَجْمَحُونَ اى يسرعون اسراعا لا يردهم شىء كالفرس الجموح لئلا يجتمعوا معكم ويتبعدوا عنكم

[سورة التوبة (9) : آية 58]

والجموح النفور باسراع يقال فرس جموح إذا لم يرده لجام. والمعنى انهم وان كانوا يحلفون لكم انهم منكم الا انهم كاذبون فى ذلك وانما يحلفون خوفا من القتل لتعذر خروجهم من بلادهم ولو استطاعوا ترك دورهم وأموالهم والالتجاء الى بعض الحصون او الغيران التي فى الجبال او السروب التي تحت الأرض لفعلوه تسترا عنكم واستكراها لرؤيتكم ولقائكم وفيه بيان لكمال عتوهم وطغيانهم واشارة الى ان المنافق يصعب عليه صحبة المخلص فان الجنس الى الجنس يميل لا الى خلافه: قال السعدي فى كتاب الگلستان [طوطى را با زاغى همقفس كردند از قبح مشاهده او مجاهده برده مى گفت اين چهـ طلعت مكروهست وهيأت ممقوت ومنظر ملعون وشمائل ناموزون يا غراب البين يا ليت بينى وبينك بعد المشرقين على الصباح بروى تو هر كه بر خيزد ... صباح روز سلامت برو مسا باشد بداخترى چوتو در صحبت تو بايستى ... ولى چنانكه تو در جهان كجا باشد عجبتر انكه غراب هم از محاورت طوطى بجان آمده بود لا حول كنان از گردش گيتى همى ناليد ودستهاى تغابن يكديگر همى ماليد وميگفت اين چهـ بخت نكونست وطالع دون وايام بوقلمون لايق قدر من آنستى كه با زاغى در ديوار باغي حرامان همى رفتمى پارسا را بس اين قدر زندان ... كه بود هم طويله رندان تا چهـ كنه كرده ام روزگارم بعقوبت آن در سلك صحبت چنين ابلهى خود رأى وناجنس ويافه دراى بچنين بند بلا كرده است كس نيايد بپاى ديوارى ... كه بران صورتت نكار كنند كر ترا در بهشت باشد جاى ... ديگران دوزخ اختيار كنند اين مثل براى ان آوردم تا بدانى كه صد چندانكه دانا را زنادان نفرتست نادانرا از دانا وحشتست] قيل أضيق السجون معاشرة الاضداد وقال الأصمعي دخلت على الخليل وهو جالس على الحصير الصغير فاشار الى بالجلوس فقلت أضيق عليك فقال مه ان الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين وان شبرا بشبر يسع المتحابين قال بعضهم الصديق الموافق خير من الشقيق المخالف فعلى العاقل ان يراعى جانب الآفاق والأنفس بقدر الإمكان ويجتهد فى إصلاح الظاهر والباطن فى كل زمان ويجانب الأعداء وان ادعوا انهم من جملة الاخوان ومن الأعداء النفس وصفاتها وهى تدعى انها على سيرة الروح والقلب والسر وسجيتها وليست كذلك لان منشأ هذه عالم الأمر والأرواح ومنشأ تلك عالم الحلق والأشباح فلا بد من إصلاحها وازالة أخلاقها الرديئة لتكون لائقة بصحبة الروح ويحصل بسببها انواع الذوق والفتوح وَمِنْهُمْ اى من المنافقين مَنْ يَلْمِزُكَ ان يعيبك فان اللمز والهمز العيب واللامز كالهامز واللماز واللمزة كالهماز والهمزة بمعنى العياب وقيل اللامز هو من يعيبك فى وجهك والهامز من يعيبك بالغيب فِي الصَّدَقاتِ اى فى شأن الزكاة ويطعن عليك فى قسمتها جمع صدقة من الصدق يسمى بها عطية يراد بها المثوبة لا التكرمة لان بها يظهر صدقه فى العبودية كما فى الكرامانى والآية نزلت فى ابى الجواظ المنافق حيث قال

[سورة التوبة (9) : الآيات 59 إلى 64]

ألا ترون الى صاحبكم يقسم صدقاتكم فى رعاة الغنم ويزعم انه يعدل فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها بيان لفساد لمزهم وانه لا منشأ له سوى حرصهم على حطام الدنيا اى ان اعطوا من تلك الصدقات قدر ما يريدون رَضُوا بما أعطوه وما وقع من القسمة واستحسنوها وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها ذلك المقدار بل اقل مما طمعوا إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ اى يفاجئون السخط دلت إذا الفجائية على انهم إذا لم يعطوا فاجأسخطهم ولم يمكن تأخره لما جبلوا عليه أمن محبة الدنيا والشره فى تحصيلها وفى التأويلات النجمية النفاق تزيين الظاهر بأركان الإسلام وتعطيل الباطن عن أنوار الايمان والقلب المعطل عن نور الايمان يكون مزينا بظلمة الكفر بحب الدنيا ولا يرضى الا بوجدان الدنيا ويسخط بفقدها: قال السعدي نكند دوست زينهار از دوست دل نهادم بر آنچهـ خاطر اوست كر بلطفم بنزد خود خواند ور بقهرم براند او داند وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ما أعطاهم الرسول من الصدقات طيبى النفوس به وان قل وذكر الله تعالى للتعظيم والتنبيه على ان ما فعله الرسول عليه السلام كان بامره سبحانه فلا اعتراض عليه لكون المأمور به موافقا للحكمة والصواب وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ اى كفانا فضله وصنعه بنا وما قسمه لنا فان جميع ما أصابنا انما هو تفضل منه سواء كان لكسبنا مدخل فيه او لم يكن سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ صدقة اخرى وَرَسُولُهُ فيعطينا منها اكثر مما أعطانا اليوم إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ ان يغنينا من فضله والآية بأسرها فى حيز الشرط والجواب محذوف بناء على ظهوره ولتذهب فيه النفس كل مذهب ممكن اى لكان خيرا لهم [زيرا كه رضا بقسمت سبب بهجت است وجزع در ان موجب محنت. سلمى از ابراهيم أدهم نقل ميكند كه هر كه بمقادير خرسند شد از غم وملال بازرست] رضا بداده بده وز جبين كره بگشا ... كه بر من وتو در اختيار نگشادست ودرين معنى فرموده است بشنو اين نكته كه خود را ز غم آزاده كنى خون خورى گر طلب روزىء ننهاده كنى يقال إذا كان القدر حقا كان السخط حمقا ولما قدم سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه مكة بعد ما كف بصره قيل له أنت مجاب الدعوة لم لا تسأل رد بصرك فقال قضاء الله تعالى أحب الىّ من بصرى قيل لحكيم ما السبب فى قبض الكف عند الولادة وفتحه عند الموت فانشد ومقبوض كف المرء عند ولادة دليل على الحرص المركب فى الحي ومبسوط كف المرء عند وفاته يقول انظروا انى خرجت بلا شىء- حكى- ان نباشا تاب على يد ابى يزيد البسطامي قدس سره فسأله ابو يزيد عن حاله فقال نبشت عن ألف فلم ار وجوههم الى القبلة الا رجلين فقال ابو يزيد مساكين أولئك نهمة الرزق حولت وجوههم عن القبلة فعلى العاقل التوكل على الله والاعتماد بوعده فان الله كاف لعبده ومن وجد الله فقد ما دونه لان فقدان الله فى وجدان ما سواه ووجدانه

[سورة التوبة (9) : آية 60]

فى فقدان ما سواه ومن وجده يرضى به ويقول سيؤتينا الله من فضله ما نحتاج اليه فى كمال الدين ونظام الدنيا انا الى الله راغبون لا الى الدنيا والعقبى وما فيهما غير المولى- روى- ان عيسى عليه السلام مر بقوم يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الرغبة فى ثواب الله فقال أصبتم ومر على قوم آخرين يذكرون الله تعالى فقال لهم ما الذي حملكم عليه قالوا الخوف من عقاب الله تعالى فقال أصبتم ومر على قوم ثالث مشتغلين بذكر الله فسألهم عن سببه فقالوا لا نذكره للخوف من العقاب ولا للرغبة فى الثواب بل لاظهار ذلة العبودية وعزة الربوبية وتشريف القلب بمعرفته وتشريف اللسان بالألفاظ الدالة على صفات قدسه وعزته فقال أنتم المتحققون وفى هذا المعنى: قال الحافظ پدرم روضه جنت بدو كندم بفروخت ... نا خلف باشم اگر من بجوى نفروشم إِنَّمَا الصَّدَقاتُ اى جنس الزكوات المشتملة على الأنواع المختلفة من النقدين وغيرهما سميت الزكاة صدقة لدلالتها على صدق العبد فى العبودية كما فى الكافي وذكر فى الأزاهير ان تركيبها يدل على قوة فى الشيء قولا وفعلا وسمى بها ما يتصدق به لان بقوته يرد البلاء وقيل لان أول عامل بعثه صلى الله عليه وسلم لجمع الزكاة رجل من بنى صدق بكسر الدال وهم قوم من كندة والنسبة إليهم صدقى بالفتح فاشتقت الصدقة من اسمهم لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ اى مخصوصة بهؤلاء الأصناف الثمانية الآتية لا تتجاوزهم الى غيرهم من المنافقين والفقير من له شىء دون نصاب والمسكين من لا شىء له وهو المروي عن ابى حنيفة وقيل بالعكس وفائدة الخلاف تظهر فى الوصية للفقير او المسكين وَالْعامِلِينَ عَلَيْها الساعي فى جمعها وتحصيلها فيعطى العامل مما فى يده من مال الزكاة بقدر عمله فقيرا كان او غنيا او هاشميا فلو ضاع ذلك المال لم يعط شيأ وكذا لو اعطى المالك بنفسه زكاته الى الامام لا يستحق العامل شيأ وفى التبيين لو استغرقت كفاية الزكاة لا يزاد على النصف لان التنصيف عين الانصاف وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وهم طائفة مخصوصة من العرب لهم قوة واتباع كثيرة منهم مسلم ومنهم كافر قد اعطوا من الصدقة تقريرا على الإسلام او تحريضا عليه او خوفا من شرهم وَفِي الرِّقابِ اى وللصرف فى فك الرقاب اى فى تخليصها من الرق بان يعان المكاتبون بشىء منها على أداء بدل كتابتهم لا للرقاب فان المكاتب لا يستحق المال ولا يملكه بل يملكه مولاه وكذا مال المديون يملكه الدائن فالعدول عن اللام للدلالة على ان استحقاق الاربعة الاخيرة ليس لذواتهم اى لكونهم مكاتبا ومديونا ومجاهدا ومسافرا حتى يتصرفوا فى الصدقة كيف شاؤا كالاربعة الاول بل لجهة استحقاقهم كفك الرقبة من الرق وتخليص الذمة من مطالبة من له الحق والاحتياج الى ما يتمكن به من الجهاد وقطع المسافة ووجه الدلالة ان فى قد تستعمل لبيان السبب كما يقال عذب فلان فى سرقة لقمة اى بسببها والمراد مكاتب غيره ولو غنيا فيعطى ما عجز عنه فيؤدى الى عنقه. والرقاب جمع رقبة وهى يعبر بها عن الجملة وتجعل اسما للمملوكة وَالْغارِمِينَ اى الذين تدينوا لانفسهم فى غير معصية إذا لم يكن لهم نصاب فاضل عن ديونهم والغارم والغريم وان كان يطلق كل واحد منهما على من له

الدين الا ان المراد بالغارم فى الآية الذي عليه الدين وان المديون قسمان. الاول من ادّان لنفسه فى غير معصية فيعطى له من الزكاة ما يفى بدينه بشرط ان لا يكون له من المال ما يفى بدينه وان كان له ذلك فلا يعطى. والثاني من أدان فى المعروف وإصلاح ذات البين فانه يعطى من مال الزكاة ما يقضى به دينه وان كان غنيا واما من ادّان فى معصية او فساد فانه لا يعطى له شىء منها وعن مجاهد ان الغارم من احترق بيته او ذهب السيل بماله او ادّان على عياله وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ اى فقراء الغزاة عند ابى يوسف وهم الذين عجزوا عن اللحوق بجيش الإسلام لفقرهم اى لهلاك النفقة او الدابة او غيرهما فتحل لهم الصدقة وان كانوا كاسبين إذ الكسب يقعدهم عن الجهاد فى سبيل الله. وسبيل وان عم كل طاعة الا انه خص بالغزو إذا اطلق وعند محمد هو الحجيج المنقطع بهم وَابْنِ السَّبِيلِ اى المسافر الكثير السير المنقطع عن ماله سمى به لملازمة الطريق فكل من يريد سفرا مباحا ولم يكن له ما يقطع به المسافة يعطى من الصدقة قدر ما يقطع به تلك المسافة سواء كان له فى البلد المنتقل اليه مال او لم يكن وهو متناول للمقيم الذي له مال فى غير وطنه فينبغى ان يكون بمنزلة ابن السبيل وللدائن الذي مديونه مقر لكنه معسر فهو كابن السبيل كما فى المحيط فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ مصدر لما دل عليه صدر الآية لان قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ فى قوة ان يقال فرض الله لهم الصدقات فريضة قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى براى اين جماعت فرض كرده است زكاترا فريضه فرض كردنى من الله ثابت از نزديك خداى تعالى] وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال الناس ومراتب استحقاقهم حَكِيمٌ لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة من الأمور الحسنة التي من جملتها سوق الحقوق الى مستحقيها حق تعالى چون در قسمت گشاد هر كسى را هر چهـ مى بايست داد نيست واقع اندر ان قسمت غلط بنده را خواهى رضا خواهى سخط واعلم ان سهم المؤلفة قلوبهم ساقط بإجماع الصحابة لما ان ذلك كان لتكثير سواد الإسلام فلما أعزه الله وأعلى كلمته استغنى عن ذلك كما قال عمر رضى الله عنه فى زمن خلافة ابى بكر رضى الله عنه الإسلام أعز من ان يرشى عليه فان ثبتم على الإسلام بغير رشوة فبها والا فبيننا وبينكم السيف فبقيت المصارف السبعة على حالها فللمتصدق ان يدفع صدقته الى كل واحد منهم وان يقتصر على صنف منهم بل لو صرف الى شخص واحد منهم جاز فان اللام فى للفقراء لبيان انهم مصارف لا يخرج عنهم كما يقال الخلافة لبنى العباس وميراث فلان لقرابته اى ليست الخلافة لغيرهم لا أنها بينهم بالسوية فاللام لام الاختصاص لا التمليك لعدم جواز التمليك للمجهول قال مشايخنا من أراد ان يتصدق بدرهم يبتغى فقيرا واحدا ويعطيه ولا يشترى به فلوسا ويفرقها على المساكين كما فى المحيط وكذلك الأفضل فى الفطر ان يؤدى صدقة نفسه وعياله الى واحد كما فعله ابن مسعود كما فى التمر تاشى وكره دفع نصاب او اكثر الى فقير غير مديون اما إذا كان مديونا او صاحب عيال او إذا فرق عليهم لم يخص كلا منهم نصاب فلا يكره كما فى الأشباه. وقوله كره اى جاز مع الكراهة اما الجواز فلان الأداء يلاقى

الفقر لان الزكاة انما تتم بالتمليك وحالة التمليك المدفوع اليه فقير وانما يصير غنيا بعد تمام التمليك فيتأخر الغنى عن التمليك ضرورة فيجوز واما الكراهة فلان الانتفاع به صادف حال الغنى ولو صادف حال الفقر لكان أكمل وندب دفع ما يغنى عن السؤال يومه لقوله عليه السلام (اغنوهم عن المسألة) والسؤال ذل فكان فيه صيانة المسلم عن الوقوع فيه ولا يسأل من له قوت يومه لان فى السؤال ذلا ولا يحل للمسلم ان يذل نفسه وبغير الاحتياج نكد والتكدي حرام ثم اعلم ان الأوصاف التي عبر بها عن الأوصاف المذكورة وان كانت تعم المسلم والكافر الا ان الأحاديث خصتها بالمسلم منهم وقال ابو حفص لا يصرف الى من لا يصلى الا أحيانا. والتصدق على الفقير العالم أفضل من الجاهل. وصدقة التطوع يجوز صرفها الى المذكورين وغيرهم من المسلم والذمي والى بناء المساجد والقناطر وتكفين الميت وقضاء دينه ونحوها لعدم اشتراط التمليك فى التطوع وان أريد صرف الفرض الى هذه الوجوه صرف الى الفقير ثم يؤمر بالصرف إليها فيثاب المزكى والفقير ولو قضى دين حى اى من مال الزكاة وان كان بأمره جاز كأنه تصدق على المديون فيكون القابض كالوكيل له فى قبض الصدقة وان كان بغير امره يكون متبرعا فلا يجوز من زكاة ماله ولا تصرف الزكاة الى مجنون وصبى غير مراهق الا إذا قبض لهما من يجوز له قبضها كالاب والوصي وغيرهما وتصرف الى مراهق يعقل الاخذ كما فى المحيط قال فى مجمع الفتاوى جملة ما فى بيت المال اربعة اقسام الاول الصدقات وما ينضم إليها تصرف الى ما قال الله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ الآية. والثاني الغنائم تصرف الى اليتامى والمساكين وابن السبيل. والثالث الجزية والخراج تصرف الى ما فيه صلاح دار الإسلام والمسلمين نحو سد الثغور والمقاتلة وعطياتهم وسلاحهم وكراعهم ويصرف الى أمن الطريق والى إصلاح القناطر وكرى الأنهار والى أرزاق الولاة والقضاة والائمة والمؤذنين والقراء والمحتسبين والمفتين والمعلمين. والرابع ما أخذ من تركة الميت إذا مات بلا وارث او الباقي من فرض الزوج او الزوجة إذا لم يترك سواه يصرف الى نفقة المرضى وأدويتهم وعلاجهم ان كانوا فقراء والى نفقة من هو عاجز عن الكسب انتهى والاشارة انما الصدقات اى صدقات الله كما قال عليه السلام (ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة الا لله فيها صدقة يتصدق بها على من يشاء من عباده) والفقراء هم الأغنياء بالله الفانون عن غيره الباقون به وهذا حقيقة قوله عليه الصلاة والسلام (الفقراء الصبر هم جلساء الله يوم القيامة) وهو سر ما قال الواسطي الفقير لا يحتاج الى الله وذلك لانه غنى به والغنى بالشيء لا يحتاج اليه والمساكين وهم الذي لهم بقية أوصاف الوجود لهم سفينة القلب فى بحر الطلب وقد خرقها خصر المحبة وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وهم ارباب الأعمال كما كان الفقراء والمساكين اصحاب الأحوال وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وهم الذين تتألف قلوبهم بذكر الله الى الله المتقربون اليه بالتباعد عما سواه وَفِي الرِّقابِ وهم المكاتبون قلوبهم عن رق الموجودات تحريا لعبودية موجدها والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم وَالْغارِمِينَ وهم الذين استقرضوا من مراتب المكونات أوصافها وطبائعها وخواصها وهم محبوسون فى سجن

[سورة التوبة (9) : آية 61]

الوجود بقروضهم وانهم فى استخلاص ذممهم عن القروض بردها فهم معاونون بتلك الصدقات للخلاص من حبس الوجود وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم الغزاة المجاهدون فى الجهاد الأكبر وهو الجهاد مع كفار النفوس والهوى والشيطان والدنيا وَابْنِ السَّبِيلِ وهم المسافرون عن أوطان الطبيعة والبشرية السائرون الى الله على أقدام الشريعة والطريقة بسفارة الأنبياء والأولياء فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ اى هذا السير والجهاد ورد القرض والحرية عن رق الموجودات وتألف القلوب الى الله واستعمال آمال الشريعة والتمسكن والافتقار الى الله طلبا للاستغناء به امر واجب على العباد من الله وهذه الصدقات من المواهب الربانية والألطاف الالهية للطالبين الصادقين امر أوجبه الله تعالى فى ذمة كرمه لهم كما قال تعالى (ألا من طلبنى وجدنى) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بطالبيه حَكِيمٌ فيما يعاونهم على الطلب للوجدان كما قال تعالى (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) كذا فى التأويلات النجمية فعلى السالك الفناء عن أوصاف الموجودات والحرية عن رق الكائنات وعرض الافتقار الى هذه النفحات والصدقات وَمِنْهُمُ اى من المنافقين كالجلاس بن سويد وأحزابه الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ بان يقولوا فى حقه ما يتأذى به الإنسان وَيَقُولُونَ إذا قيل لهم من قبل بعضهم لا تفعلوا هذا الفعل فانا نخاف ان يبلغه ما تقولون فتفضحوا هُوَ اى النبي عليه السلام أُذُنٌ يسمع كل ما قيل له يعنى انا نقول ما شئنا ثم نأتيه فننكر ما قلنا ونحلف فيصدقنا بما نقول انما محمد اذن سامعة اى صاحبها وانما سموه اذنا مبالغة فى وصفه باستماعه كل ما يقال وتصديقه إياه حتى صار بذلك كأنه نفس الاذن السامعة يريدون بذلك انه ليس له ذكاء ولا بعد غور بل هو سليم القلب سريع الاغترار بكل ما يسمع فيسمع كلام المبلغ اولا فيتأذى منه ثم إذا وقع الإنكار او الحلف والاعتذار يقبله ايضا صدقا كان او كذبا وانما قالوه لانه عليه السلام كان لا يواجههم بسوء ما صنعوا ويصفح عنهم حلما وكرما فظن أولئك انه عليه السلام انما يفعله لقلة فطنته وقصور شهامته قُلْ هو أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ من اضافة الموصوف الى صفته كرجل صدق والمعنى نعم انه اذن لكنه نعم الاذن فان من يسمع العذر ويقبله خير ممن لا يقبله خير ممن لا يقبله لانه انما ينشأ من الكرم وحسن الخلق سلم الله تعالى قول المنافقين فى حقه عليه السلام انه اذن الا انه اذن الا انه حمل ذلك القول على ما هو مدح له وثناء عليه وان كانوا قصدوا به المذمة يُؤْمِنُ بِاللَّهِ تفسير لكونه اذن خير لهم اى يقربه لما قام عنده من الادلة الموجبة له فيسمع جميع ما جاء من عنده ويقبله وكون ذلك خيرا للمخاطبين كما انه خير للعالمين مما لا يخفى وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ اى يسلم لهم قولهم ويصدقهم فيما أخبروا به لما علم من خلوصهم وصدقهم ولا شك ان ما اخبر به المؤمنون الخلص يكون حقا فمن استمعه وقبله يكون اذن خير. واللام مزيدة للتفرقة بين الايمان المشهور وهو ايمان الامان من الخلود فى النار الذي هو نقيض الكفر بالله فانه يعدى بالباء حملا للنقيض على النقيض فيقال آمن بالله ويؤمنون بالغيب وبين الايمان بمعنى التصديق والتسليم والقبول فانه يعدى باللام مثل وما أنت بمؤمن لنا اى بمصدق وَرَحْمَةٌ عطف على اذن خير اى وهو رحمة بطريق اطلاق المصدر على الفاعل للمبالغة لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ

[سورة التوبة (9) : آية 62]

اى للذين أظهروا الايمان منكم وهم المنافقون حيث يقبله منهم لكن لا تصديقا لهم فى ذلك بل رفقا بهم وترحما عليهم ولا يكشف أسرارهم ولا يهتك استارهم قال الكاشفى: يعنى [نه آنست كه بقول شما دانا نيست صدق وكذب شما را ميداند اما پرده از روى كار شما بر نميدارد واز روى رحمت با شما رفق مينمايد] فالواجب على المؤمن الاقتداء بالرسول المختار فى التحفظ عن كشف الاسرار والتحقق بالاسم الستار وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ بالقول او الفعل لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك در آخرت بسبب إيذائه] فانه قد تبين انه عليه السلام خير ورحمة لهم فاذاه مقابلة لاحسانه بالاساءة فيكون مستوجبا للعذاب الشديد وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن ثم يأتون المؤمنين فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذيرهم بالايمان ليعذورهم ويرضوا عنهم فقال تعالى يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ ايها المؤمنون انهم ما قالوا ما نقل إليكم مما يورث اذية النبي عليه السلام لِيُرْضُوكُمْ بذلك وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ بالتوبة وترك الطعن والعيب والمبالغة فى باب الإجلال والإعظام مشهدا ومغيبا واما قبول عذرهم وعدم تكذيبهم فهو ستر عيوبهم لا عن رضى بما فعلوا. وضمير يرضوه الى الله فافراده للايذان بان رضاه عليه السلام مندرج تحت رضاه سبحانه وهما متلازمان فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر لعدم انفكاك الآخر أو إلى الرسول فان الكلام فى أذاه وأرضاه وذكر الله للتعظيم وللتنبيه على ان إرضاء الرسول إرضاء الله فاكتفى بذكر ارضائه عليه السلام عن ذكر ارضائه تعالى كما فى قوله تعالى وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ اكتفى بذكر حكم الرسول للتنبيه على ان حكم الرسول حكم الله او الى الله والرسول باستعارته لاسم الاشارة الذي يشار به الى الواحد والمتعدد بتأويل المذكور لا يقال أي حاجة الى الاستعارة بعد التأويل لانا نقول لولا الاستعارة لم يتسن التأويل لما ان الضمير لا يتعرض الا لذات ما يرجع اليه من غير تعرض لوصف من أوصافه التي من جملتها المذكورية وانما المتعرض لها اسم الاشارة قال الحدادي لم يقل يرضوهما لانه يكره الجمع بين ذكر اسم الله وذكر اسم رسول له فى كناية واحدة كما روى ان رجلا قام خطيبا عند النبي عليه السلام فقال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال عليه السلام (بئس الخطيب أنت هلا قلت ومن يعص الله ورسوله) قال فى أبكار الافكار انما أراد بذلك تعليم الأدب فى المنطق وكراهة الجمع بين اسم الله واسم غيره تحت حرفى الكناية لانه يتضمن نوعا من التسوية: قال السعدي قدس سره متكلم را تا كسى عيب نگيرد ... سخنش صلاح نپذيرد مشو غره بر حسن گفتار خويش ... بتحسين نادان و پندار خويش وفى الحديث (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان) قال الخطابي وهذا ارشاد الى الأدب لان الواو للجمع والتشريك وثم للعطف مع الترتيب والتراخي فارشدهم عليه السلام الى تقديم مشيئة الله على مشيئة من سواه. ومن هذا قال النخعي يكره ان يقول الرجل أعوذ بالله وبك ويجوز أعوذ بالله ثم بك ويقال لولا الله ثم فلان لفعلت كذا ولا يقال لولا الله وفلان وانما يقال من يطع الله ورسوله لان الله تعبد العباد بان فرض عليهم

[سورة التوبة (9) : الآيات 63 إلى 64]

طاعة رسول الله فاذا اطيع رسول الله فقد اطيع الله بطاعة رسوله إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ اى صادقين فيما أظهروه من الايمان فليرضوا الله ورسوله بالطاعة واخلاص الايمان فانهما أحق بالارضاء أَلَمْ يَعْلَمُوا اى أولئك المنافقون والاستفهام للتوبيخ على ما اقدموا عليه من العظمة مع علمهم بسوء عاقبتهم أَنَّهُ اى الشان مَنْ شرطية معناها بالفارسية [هر كس كه] يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [خلاف كند با خداى تعالى وبا رسول او واز حد در گذراند. والمحادة با كسى حرب يا خلاف كردن] كما فى تاج المصادر مفاعلة من الحد وهو الطرف والنهاية وكل واحد من المتخالفين والمتعاندين فى حد غير حد صاحبه فَأَنَّ لَهُ بالفتح على انه مبتدأ حذف خبره اى فحق ان له نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ العذاب الخالد الْخِزْيُ الْعَظِيمُ الخزي الذل والهوان المقارن للفضيحة والندامة وهى ثمرات نفاقهم حيث يفتضحون على رؤوس الاشهاد بظهورها ولحوق العذاب الخاص بهم واعلم ان كل نبى أوذي بما لا يحيط به نطاق البيان وكان النبي عليه السلام أشدهم فى ذلك كما قال (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) ولما كانت الاذية سبب التصفية كان المعنى ما صفى نبى مثل ما صفيت واما قوله عليه السلام حين قسم غنائم الطائف فقال بعض المنافقين بعدم العدل (من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحمة الله على أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) فيحتمل ان يكون بالنسبة الى ذلك الوقت وقد زاد أذاه الى آخر العمر كمية واشتد كيفية هذا هو اللائح بالبال فاذا كان الأنبياء عليهم السلام مبتلين بالاذية والنفي من البلد والقتل فما ظنك بالأولياء الكرام وهم أحوج منهم الى التصفية لان قدس الأنبياء اغلب وبواطنهم أنور وسرائرهم أصفى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره وانما كان الحسن مسموما والحسين مذبوحا رضى الله عنهما بسبب ان كمال تعينهما كان بالشهادة وكان النبي عليه السلام قادرا على تخليصهما بالشفاعة من الله تعالى ولكنه رأى كما لهما فى مرتبتهما راجحا على الخلاص حتى انه عليه السلام دفع قارورتين لواحدة من الأزواج المطهرة وقال (إذا أصفر ما فى إحداهما يكون الحسن شهيدا بالسم وإذا احمر ما فى الاخرى يكون الحسين شهيدا بالذبح) فكان كذلك فعلى العاقل الاطاعة والتسليم وتحمل الأذى من كل منافق لئيم فان الله تعالى مع المؤمن المتقى أينما كان فاذا كان الله معه وكاشف عن ذلك هان عليه الابتلاء لمشاهدته المبتلى على كل حال فى فرح وترح: وفى المثنوى هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط هر كجا يوسف رضى باشد چوماه ... جنتست او گر چهـ باشد قعر چاه يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ اى على المؤمنين سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ اى تخبر تلك السورة المؤمنين بِما فِي قُلُوبِهِمْ اى قلوب المنافقين من الشرك والنفاق فتفضحهم وتهتك عليهم استارهم فالضميران الأولان للمؤمنين. والثالث للمنافقين ولا يبالى بالتفكك عند ظهور الأمر ويجوز ان تكون الضمائر كلها للمنافقين. فالمعنى يحذر المنافقون ان تنزل عليهم اى فى شأنهم فان ما نزل فى حقهم نازل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم من الاسرار الخفية فضلا

[سورة التوبة (9) : الآيات 65 إلى 70]

عما كانوا يظهرونه فيما بينهم من أقاويل الكفر والنفاق ومعنى تنبيئها إياهم مع انها معلومة لهم وان المحذور عندهم اطلاع المؤمنين على أسرارهم لا اطلاع أنفسهم عليها انها تذيع ما كانوا يخفونه من أسرارهم فتنتشر فيما بين الناس فيسمعونها من أفواه الرجال فان قلت كيف يحذر المنافقون نزول الوحى الكاشف عن نفاقهم مع انهم ينكرون نبوته عليه السلام فكيف يجوزون نزول الوحى عيله قلت ان بعض المنافقين كانوا يعلمون النبوة لكنهم كانوا يكفرون عند اهل الشرك عنادا وحسدا وبعضهم كانوا شاكين مترددين فى امره صلى الله تعالى عليه وسلم والشاك يجوز نزول الوحى فيخاف ان ينزل عليه ما يفضحه وقال ابو مسلم كان اظهار الحذر منهم بطريق الاستهزاء فانهم كانوا إذا سمعوا رسول الله يذكر كل شىء ويقول انه بطريق الوحى يكذبونه ويستهزئون به بان يقولوا فيما بينهم على وجه الاستهزاء به عليه السلام انا نحدر ونخاف ان ينزل عليه ما يفصحنا ولذلك قيل قُلِ اسْتَهْزِؤُا اى افعلوا الاستهزاء وهو امر تهديد: يعنى [استهزا مكنيد كه جزا خواهيد يافت وجزا آنست كه براى تفضيح شما] إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ اى من القوة الى الفعل او من الكمون الى البروز ما تَحْذَرُونَ اى ما تحذرونه من إنزال السورة او ما تحذرون إظهاره من مساويكم ومن هذا سميت هذه السورة الفاضحة لانها فضحت المنافقين وتسمى ايضا الحافرة لانها حفرت عن قلوب المنافقين وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ عما قالوا بطريق الاستهزاء لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ فى الكلام ونتحدث كما يفعل الركب لقطع الطريق بالحديث وَنَلْعَبُ كما يلعب الصبيان- روى- انه عليه الصلاة والسلام كان يسير فى غزوة تبوك وبين يديه ركب من المنافقين يستهزئون بالقرآن وبالرسول عليه السلام ويقولون انظروا الى هذا الرجل يريد ان يفتتح حصون الشام وقصوره وهيهات هيهات يحسب محمد أن قتال بنى الأصفر معه اللعب والله لكأنهم يعنى الصحابة غدا مفرقون فى الجبال فاطلع الله نبيه على ذلك فقال (احبسوا علىّ الركب) فاتاهم فقال (قلتم كذا وكذا) فقالوا يا نبى الله لا والله ما كنا فى شىء من أمرك ولا من امر أصحابك انما كنا نخوض ونلعب فلما أنكروا ما هم فيه من الاستهزاء والتخفيف امر الله تعالى رسوله فقال قُلْ يا محمد على طريق التوبيخ غير ملتفت الى اعتذارهم أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ عقب حرف التقرير بالمستهزأ به اشارة الى تحقق الاستهزاء وثبوته فانه فرق بين ان يقال تستهزئ بالله وبين ان يقال أبا لله تستهزئ فان الاول يقتضى الإنكار على ملابسة الاستهزاء والثاني يقتضى الإنكار على إيقاع الاستهزاء فى الله لا تَعْتَذِرُوا لا تشتغلوا بالاعتذار فانه معلوم الكذب بين البطلان والاعتذار عبارة عن محواثر الذنب قال فى التبيان اصل الاعتذار القطع يقال اعتذرت اليه اى قطعت ما فى قلبه من الموجدة قَدْ كَفَرْتُمْ الكفر بأذى الرسول والطعن فيه بَعْدَ إِيمانِكُمْ اى بعد اظهاركم له فانهم قط لم يكونوا مؤمنين ولكن كانوا منافقين إِنْ نَعْفُ [اگر عفو كنيم] عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ لتوبتهم وإخلاصهم او لتجنبهم عن الاذية والاستهزاء نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كانُوا مُجْرِمِينَ مصرين على الاجرام وهم غير التائبين او مباشرين له وهم غير المجتنبين واعتذر النبي عليه السلام لمن قال ألا تقتلهم لظهور كفرهم

بقوله اكره ان تقول العرب قاتل أصحابه بل يكفيناهم الله بالدبيلة اى بالداهية وفى الآيات إشارات الاولى ان المنافقين وان اعتقدوا نزول الوحى على النبي عليه السلام واعتقدوا نبوته لكن لم ينفعهم مجرد الاعتقاد والإقرار باللسان فى ثبوت الايمان مع ادنى شك داخلهم ولم ينفعهم الحذر مع القدر وهذا تحقيق قوله (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وفى هدية المهديين من قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلم أآدم نبى أم لا يكفرو من لم يعرف ان سيدنا محمدا عليه السلام خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا والثانية ان اظهار اللطف والرحمة بلا سبب محتمل ولكن اظهار القهر والفرق لا يكون الا بسبب جرم من المجرمين كما قال بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ: وفى المثنوى چونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبروياند خداش چند گاهى او بپوشاند كه تا ... آيدت زان بد پشيمان وحيا بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز گيرد از پى اظهار عدل تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود ... آن مبشر گردد اين منذر شود والثالثة ان الاستهزاء بالله وبرسوله وبالآيات القرآنية كفر والاستهزاء استحقار الغير بذكر عيوبه على وجه يضحك قولا او فعلا وقد يكون الاستهزاء بالاشارة والايمان وبالضحك على كلامه إذا تخبط فيه او غلط او على صنعته ونحو ذلك وهو حرام بالإجماع معدود من الكبائر عند البعض كما قال علاء الدين التركستانى فى منظومته العادّة لكبائر الذنوب وهى سبعون ويل لمن من الأنام يسخر ... مقامه يوم الجزاء سقر وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم فى الآخرة باب من الجنة فيقال له هلم هلم فيجيىء بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه ثم يفتح له باب آخر فيقال له هلم هلم فيجيىء بغمه وكربه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة فيقال له هلم فلما يأتيه من الإياس) وفى الحديث (ثلاثة لا يستخف بهم الا منافق ذو الشيبة فى الإسلام وذو العلم وامام مقسط) كما فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى وانما خص هذه الثلاثة لان اوصافهم راجعة الى أوصاف الله تعالى فذو الشيبة حصل له كبر السن والباري له الكبرياء والعالم اتصف بصفة العلم والامام المقسط اتصف بصفة العدل وهما من صفات الله تعالى ايضا فمن إجلال الله تعالى وإكرامه إجلال هذه الثلاثة وإكرامهم ومن استخفافه استخفافهم وفى الحديث (ارحموا عزيز قوم ذل وغنى قوم افتقر وعالما بين الأقوام الجهال لا يعرفون حقه) گفت پيغمبر كه با اين سه گروه ... رحم آريد ارنه سنگيدونه كوه آنكه او بعد از عزيزى خوار شد ... وان توانكر هم كه بي دينار شد وان سوم آن عالمى كاندر جهان ... مبتلا گردد ميان ابلهان زانكه از عزت بخوارى آمدن ... همچوقطع عضو باشد از بدن عضو گردد مرده كز تن وا بريد ... كو بريده جنبد اما نى مديد ومن تعظيم الرسول تعظيم أولاده- قيل- ركب زيد بن ثابت رضى الله عنه فدنا ابن عباس

[سورة التوبة (9) : الآيات 67 إلى 69]

رضى الله عنه ليأخذ ركابه فقال لا يا ابن عم رسول الله فقال هكذا أمرنا ان نفعل بكبرائنا فقال زيد أرني يدك فاخرجها اليه فقبلها فقال هكذا أمرنا ان نفعل باهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أولاده المعنوية من اقتدى به قولا وفعلا وحالا فتعظيمه تعظيم الرسول وتحقيره تحقيره فعليك التعظيم والتبجيل الْمُنافِقُونَ [مردان منافق كه سيصد نفر بودند] وَالْمُنافِقاتُ [وزنان منافقه كه صد وهفتاد بودند] بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ اى متشابهون فى النفاق والبعد عن الايمان كابعاض الشيء الواحد بالشخص يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ اى بالكفر والمعاصي وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ اى عن الايمان والطاعة استئناف مقرر لمضمون ما سبق ومفصح عن مضادة حالهم لحال المؤمنين وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ اى عن الانفاق فى سبيل الله وعن الصدقة وعن كل خير فان قبض اليد كناية عن الشح او عن رفعها للدعاء والمناجاة كما فى الكاشفى نَسُوا اللَّهَ صاروا غافلين عن ذكره وتركوا امره حتى صار كالمنسى عندهم ذكر الملزوم وهو النسيان وأريد اللازم وهو الترك لان النسيان ليس من الافعال الاختيارية فلا يذم عليه فَنَسِيَهُمْ فتركهم من لطفه وفضله لا من قهره وتعذيبه وفسر النسيان ايضا بالمعنى المجازى الذي هو الترك لانه محال فى حقه تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى التمرد والفسق الذي هو الخروج عن الطاعة والانسلاخ عن كل خير وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ الوعد يستعمل فى الخير بمعنى الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وفى الشر بمعنى الاخبار بايصال المضرة قبل وقوعها يقال وعدته خيرا ووعدته شرا فاذا سقط الخير والشر قالوا فى الخير الوعد والعدة وفى الشر الإيعاد والوعيد وقد أوعده ويوعده اى وعد العقاب وَالْكُفَّارَ اى المجاهرين نارَ جَهَنَّمَ وهى من اسماء النار تقول العرب للبئر البعيدة القعر جهنام فيجوز ان يكون جهنم مأخوذة من هذا اللفظ لبعد قعرها- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوتا هاله فاتاه جبريل فقال عليه السلام (ما هذا الصوت يا جبرائيل) قال هذه صخرة هوت من شفير جهنم منذ سبعين عاما فهذا حين بلغت قعرها فاحب الله ان يسمعك صوتها فما رؤى رسول الله ضاحكا ملىء فيه حتى قبضه الله خالِدِينَ فِيها اى مقدرا خلودهم فيها هِيَ حَسْبُهُمْ عقابا وجزاء ولا شىء ابلغ من تلك العقوبة ولا يمكن الزيادة عليها وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ اى ابعدهم من رحمته وأهانهم وهو بيان لبعض ما تضمنه الخلود فى النار فان النار المخلد فيها مع كونها كافية فى الإيلام تتضمن شدائد آخر من اللعن والاهانة وغيرهما وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ لا ينقطع والمراد به ما وعدوه وهو الخلود فى نار جهنم ذكر بعده تأكيدا له لان الخلود والدوام بمعنى واحد كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى أنتم ايها المنافقون مثل الذين من قبلكم من الأمم المهلكة كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً [يعنى بتن از شما قوى تر بودند] وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ اى تمتعوا بنصيبهم من ملاذ الدنيا سمى النصيب خلاقا لانه مشتق من الخلق بمعنى القدير ونصيب كل واحد هو الخير المقدر له فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ الكاف فى محل النصب على انه نعت لمصدر محذوف اى استمتاعا كاستمتاعهم وليس فى الآية تكرار

[سورة التوبة (9) : آية 70]

لان قوله فاستمتعوا بخلاقهم ذم للاولين بالاشتغال بالحظوظ الفانية وذمهم بذلك تمهيد لذم المخاطبين بسلوكهم سبيل الأولين وتشبيه حالهم بحالهم وَخُضْتُمْ اى دخلتم فى الباطل وشرعتم فيه كَالَّذِي اى كالفوج الذي خاضُوا ويجوز ان يكون أصله الذين حذفت النون تخفيفا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الافعال الذميمة من المشبهين والمشبه بهم والخطاب لرسول الله او لكل من يصلح للخطاب حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ التي كانوا يستحقون بها الأجور لو قارنت الايمان مثل الانفاق فى وجوه الخير وصلة الرحم وغير ذلك اى ضاعت وبطلت بالكلية ولم يترتب عليها اثر فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. اما فى الآخرة فظاهر. واما فى الدنيا فلأن ما يترتب على أعمالهم فيها من الصحة والسعة وغير ذلك حسبما ينبىء عنه قوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ليس ترتيبه عليها على طريق المثوبة والكرامة بل بطريق الاستدراج وَأُولئِكَ الموصوفون بحبوط الأعمال فى الدارين هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون فى الخسران فى الدارين الجامعون لمباديه وأسبابه طرا فانه قد ذهبت رؤوس أموالهم فيما ضرهم ولم ينفعهم قط ولو انها ذهبت فيما لا يضرهم ولا ينفعهم لكفى به خسرانا: قال السعدي قدس سره قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو نهند بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى كه بازار چندانكه آكنده تر ... تهى دست را دل پراكنده تر أَلَمْ يَأْتِهِمْ اى المنافقين نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى خبرهم الذي له شأن وهو ما فعلوا وما فعل بهم والاستفهام للتقرير والتحذير اى قد اتاهم خبر الأمم السالفة وسمعوه فليحذروا من الوقوع فيما وقعوا قَوْمِ نُوحٍ اغرقوا بالطوفان وهو بدل من الذين وَعادٍ اهلكوا بريح صرصر وَثَمُودَ اهلكوا بالرجفة والصيحة وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ أهلك نمرود ببعوضة وأهلك أصحابه بالهدم وَأَصْحابِ مَدْيَنَ اى واهل مدين وهم قوم شعيب اهلكوا بالنار يوم الظلة ومدين هو مدين بن ابراهيم نسبت القربة اليه وَالْمُؤْتَفِكاتِ الظاهر انه عطف على مدبن وهى قريات قوم لوط ائتفكت بهم اى انقلبت بهم فصار عاليها سافلها وامطروا حجارة من سجيل أَتَتْهُمْ اى جميع من تقدم من المهلكين رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالحجج والبراهين فكذبوهم فاهلكهم الله فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ اى لم يكن من عادته ما يشابه ظلم الناس كالعقوبة بلا جرم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث عرضوها للعقاب بالكفر والتكذيب: قال الصائب چرا زغير شكايت كنم كه همچوحباب ... هميشه خانه خراب هواى خويشتنم فعلى العاقل ان لا يغتر بالقوة والأولاد والأموال فان كلها فى معرض الزوال: قال الحافظ ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى ... هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست يعنى لا تغتر بقدرتك وقوتك البدنية والدنيوية ولا تخرج بسببها عن الصراط المستقيم فان حالك مشابه لحال السهم فانه وان علا على الهواء زمانا لكنه يسقط على الأرض فآخر كل علو هو

[سورة التوبة (9) : الآيات 71 إلى 75]

السفل وآخر كل قدرة هو العجز فلا بد من تدارك الأمر بالتوبة والاستغفار قبل نزول ما نزل بالقوم الأشرار قال بعض الصالحين خرجت الى السوق ومعى جارية حبشية فاجلستها فى مكان وقلت لها لا تبرحي حتى أعود إليك فذهبت ثم عدت الى المكان فلم أجدها فيه فانصرفت الى منزلى وانا شديد الغضب عليها فجاءتنى وقالت لى يا مولاى لا تعجل علىّ فانك أجلستني بين قوم لا يذكرون الله تعالى فخشيت ان ينزل بهم خسف وانا معهم فقلت ان هذه امة قد رفع عنها الخسف إكراما لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم فقالت ان رفع عنها خسف المكان فما رفع عنها خسف القلوب يا من خسف بمعرفته وقلبه وهو فى غفلته من بلائه وكربه بادر الى حميتك ودوائك قبل موتك وفنائك وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والناس حوله (ايها الناس استحيوا من الله حق الحياء) فقال رجل يا رسول الله انا نستحيى من الله فقال (من كان منكم مستحييا فلا يبيتن ليلة الا واجله بين عينيه وليحفظ البطن وما وعى والرأس وما حوى وليذكر الموت والبلى وليترك زينة الدنيا) قال الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام ولو أشاء ان ازينكما بزينة علم فرعون حين يراها ان مقدرته تعجز عنها لفعلت ولكنى از وى عنكما وكذلك افعل باوليائى وليس ذلك لهو انهم علىّ ولكن ليستكملوا حظهم من كرامتى مگو جاهى از سلطنت بيش نيست ... كه ايمن تر از ملك درويش نيست فقد تقرر حال اهل الدنيا وحال اهل الآخرة فالعاقل يعتبر ويتبصر الى ان يموت ويقبر وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ اى بعضهم على دين بعض فى الحق اى متفقون فى التوحيد وبعضهم معين بعض فى امر دينهم ودنياهم وبعضهم موصل بعض الى الدرجات العالية بسبب التربية وتزكية النفس وهم المرشدون فى طريق الله تعالى يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ اى جنس المعروف الشامل لكل خير ومنه الايمان والطاعة ويهيج بعضهم بعضا فى طلب الله وهو المعروف الحقيقي كما قال (فاحببت ان اعرف) وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ اى جنس المنكر المنتظم لكل شر ومنه الكفر والمعاصي التي تقطع العبد عن الله من الدنيا وغيرها وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ فلا يزالون يذكرون الله تعالى ويديمون مراقبة القلب وحضوره مع الله بحيث لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وهم ارباب المكاشفة واصحاب القلوب وهذا بمقابلة ما سبق من قوله نسوا الله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ بمقابلة قوله تعالى وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ فهم يؤدون الزكاة الواجبة بل ينفقون ما فضل عن كفافهم الضروري ويطهرون أنفسهم عن محبة الدنيا بالإنفاق وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى فى كل امر ونهى وهو بمقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة قال فى التأويلات النجمية يشير الى الإخلاص فى معاملتهم فان المنافقين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ولكن لا يطيعون الله ورسوله فى ذلك وانما يطيعون النفس والهوى رعاية لمصالح دنياهم أُولئِكَ الموصوف بهذه الأوصاف الكريمة سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ اى يفيض عليهم آثار رحمته من التأييد والنصرة البتة وينجيهم من العذاب الأليم سواء كان عذاب النار او عذاب البعد من الملك الجبار بالادخال الى الجنة

[سورة التوبة (9) : آية 72]

والإيصال الى القربة والوصلة وعن بعض اهل الاشارة سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ فى خمسة مواضع عند الموت وسكراته يهون عليهم سكرات الموت ويحفظ ايمانهم من الشيطان وفى القبر وظلماته ينور قبورهم ويحفظهم من العذاب القبر وعند قراءة الكتاب وحسراته يؤتيهم كتابهم بيمينهم وبمحو سيآتهم من كتابهم كيلا يتحسروا على سيآتهم وعند الميزان وندماته يثقل موازينهم وعند الوقوف بين يدى الله وسؤالاته يسهل عليهم جوابهم ولا يؤاخذهم بعيوبهم وفى الحديث (من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضمته ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبته ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته) إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ تعليل الوعد اى قوى قادر على إعزاز أوليائه وقهر أعدائه ذو النعمة لمن يطيعه حَكِيمٌ بنى أحكامه على أساس الحكمة الداعية الى إيصال الحقوق من النعمة والنقمة الى مستحقيها من اهل الطاعة واهل المعصية حكم للمؤمنين بالجنة فى مقابلة تصديقهم وإقرارهم وللمحسنين بالوصلة فى مقابلة طلبهم فى جميع الحال رضى الله وتركهم ما سواه وحكم للكافرين والمنافقين بالنار لانكارهم وتكذيبهم الأنبياء وعبادتهم للاوثان والأصنام وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ اى وعدهم وعدا شاملا لكل واحد منهم على اختلاف طبقاتهم فى مراتب الفضل كيفا وكما والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها جَنَّاتٍ جمع جنة وهى الحديقة ذات النخل والشجر تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى أشجارها وغرفها الْأَنْهارُ انهار الماء والعسل والخمر واللبن خالِدِينَ فِيها اى مقدرا خلودهم ودوامهم فيها فكل واحد من المؤمنين فائز بهذه الجنات لا محالة وَمَساكِنَ طَيِّبَةً اى وعد بعض الخواص الكمل منهم منازل تستطيبها النفوس او يطيب فيها العيش وفى الخبر انها قصور من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت الأحمر فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ هى ابهى أماكن الجنات وأسناها عن النبي عليه السلام (عدن دار الله لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاث النبيون والصديقون والشهداء طوبى لمن دخلها) - روى- ان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيها مقام الوسيلة مقام المصطفى صلى الله عليه وسلم وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن وأطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظللة على سائر الجنات كلها وليس فى أكمامها ثمر الا الحلي والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم زائدة فى الحسن والبهاء لها اختصاص فضل لكونها خلقها الله بيده وهى اجمع الحقائق الجنانية نعمة وأتمها بركة فانها اصل لجميع أشجار الجنة كآدم عليه السلام لما ظهر منه من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الشجرة وهى محمدية المقام وهى فى الدار النبي عليه السلام يقال عدن بالمكان إذا اقام به ومنه المعدن لمستقر الجواهر وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ اى وشىء يسير من رضوانه تعالى أَكْبَرُ وأعظم من الجنان ونعيمها لانه مبدأ جميع السعادات ومنشأ تمام الكمالات [محققان راه وعارفان آگاه را درگاه وبيگاه جز رضاى حضرت الله مطلوبى نيست]

[سورة التوبة (9) : آية 73]

يكى مى خواهد از تو جنت وحور ... يكى خواهد كه از دوزخ شود دور وليكن ما نخواهيم اين وآن جست ... مراد ما همين خشنودى تست چوتو خشنود كردى در دو عالم ... همين مقصود بس والله اعلم : قال الحافظ صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دگرى پردازم - روى- انه تعالى يقول لاهل الجنة (هل رضيتم فيقولون ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول انا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون وأي شىء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم ابدا) ذلِكَ المذكور من النعيم والرضى هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ دون ما يعده الناس فوزا من حظوظ الدنيا فانها مع قطع النظر عن فنائها وتغيرها وتنغضها وتكدرها ليست بالنسبة الى ادنى شىء من نعيم الآخرة الا بمثابة جناح البعوض قال عليه السلام (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء) قال يحيى بن معاذ الدنيا دار خراب وأخرب منها قلب من يعمرها والآخرة دار عمران واعمر منها قلب من يطلبها وقال ايضا فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وما هى قال معرفة الله تعالى وهى الجنة المعنوية قال ابو يزيد البسطامي حلاوة المعرفة الالهية خير من جنة الفردوس وأعلى عليين لو فتحوا لى أبواب الجنان الثماني وأعطوني الدنيا والآخرة لم تعدل أنينا وقت السحر فعلى العاقل الاجتهاد والتوجه الى الحضرة العليا والاعراض عن الدنيا والفوز بالمطلب الأعلى والمقصد الأسنى نسأل الله الدخول الى حرم الوصول يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اعلم ان الله تعالى خاطب الأنبياء عليهم السلام بأسمائهم الشريفة مثل يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى وخاطب نبينا صلى الله تعالى وسلم بالألقاب الشريفة مثل ايها النبي ويا ايها الرسول وذلك يدل على علو جنابه عليه السلام مع ان كثرة الألقاب والأسماء تدل على شرف المسمى ايضا قال ابو الليث فى آخر سورة النور عند قوله تعالى لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً اى لا تدعوا محمدا صلى الله عليه وسلم باسمه ولكن وقروه وعظموه فقولوا يا رسول الله ويا نبى الله ويا أبا القاسم وفى الآية بيان توقير معلم الخير فامر الله تعالى بتوقيره وتعظيمه. وفيه معرفة حق الأستاذ. وفيه معرفة حق اهل الفضل اه أقول ولذا يطلق على اهل الإرشاد عند ذكرهم ألفاظ دالة على تعظيمهم على أي لغة كانت لانه إذا ورد النهى عن التصريح بأسماء الآباء الصورية لكونه سوء ادب فما ظنك بتصريح اسماء الآباء المعنوية: والمعنى يا ايها المبلغ عن الله والمخبر أو يا صاحب علو المكانة والزلفى لان لفظ النبي ينبىء عن الانباء والارتفاع جاهِدِ الْكُفَّارَ اى المجاهرين منهم بالسيف والجهاد عبارة عن بذل الجهد فى صرف المبطلين عن المنكر وإرشادهم الى الحق وَالْمُنافِقِينَ بالحجة واقامة الحدود فانهم كانوا كثيرى التعاطي للاسباب الموجبة للحدود ولا تجوز المحاربة معهم بالسيف لان شريعتنا تحكم بالظاهر وهم يظهرون الإسلام وينكرون الكفر وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ اى على الفريقين جميعا فى ذلك واعنف بهم ولا ترفق

هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى ميبرد جان خارپشت قال عطاء نسخت هذه الآية كل شىء من العفو والصفح لان لكل وقت حكما وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جملة مستأنفة لبيان آجل أمرهم اثر بيان عاجله وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى بئس الموضع موضعهم الذي يصيرون اليه ويرجعون. والفرق بين المرجع والمصير ان المصير يجب ان يخالف الحالة الاولى ولا كذلك المرجع وفى الحديث (أوصيك بتقوى الله فانها رأس أمرك) يعنى اصل الطاعة وهو الخوف من الله تعالى فان المرء لا يميل الى الطاعة ولا يرغب عن المعصية الا بالتقوى فاذا غرس شجرة التقوى فى القلب تميل أطراف الإنسان الى جانب الحسنات ولا يقدم على ارتكاب السيئات (وعليك بالجهاد فانه رهبانية أمتي) الرهبانية الخصال المنسوبة الى الرهبان من التعبد فى الصوامع والغيران وترك أكل اللحم والطيبات ولبس الخاص من الثياب فقد أفاد النبي عليه السلام ان الثواب الذي يحصل للامم السالفة بالرهبانية يحصل لهذه الامة المرحومة بالغزو وان لم يترهبوا بل رب آكل ما يشتهيه خير من صائم نبت حب الدنيا فيه: قال السعدي قدس سره خورنده كه خيرى بر آيد ز دست ... به از صائم الدهر دنيا پرست قال الأوزاعي خمس كان عليها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لزوم الجماعة واتباع السنة وعمارة المسجد وتلاوة القرآن والجهاد فى سبيل الله وفى الحديث (أفضل رجال أمتي الذين يجاهدون فى سبيل الله وأفضل نساء أمتي اللاتي لا يخرجن من البيوت الا لامر لا بد لهن منه) وفى الحديث (اتقوا أذى المجاهدين فى سبيل الله فان الله تعالى يغضب لهم كما يغضب للرسل ويستجيب لهم كما يستجيب للرسل) وفى الحديث (إذا أخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا الى دينكم) دل هذا على ان ترك الجهاد والاعراض عنه والسكون الى الدنيا خروج من الدين وكفى بهذا اثما وذنبا مبينا وفى الآية اشارة الى القلب الذي له نبأ من مقام الأنبياء يأمره بالجهاد مع كفار النفس وصفاتها وهذا مقام المشايخ يجاهدون مع نفوسهم او نفوس مريدهم كما قال عليه السلام (الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته) : قال فى المثنوى گفت پيغمبر كه شيخى رفته پيش ... چون نبى باشد ميان قوم خويش فامر بالجهاد مع كافر النفس وصفاتها بسيف الصدق فجهاد النفوس بمنعها عن شهواتها واستعمالها فى عمل الشريعة على خلاف الطبيعة والنفوس بعضها كفار لم يسلموا اى لم يستسلموا للمشايخ فى تربيتها فجهادها بالدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبعضها منافقون وهم الذين ادعوا الارادة والاستسلام للمشايخ فى الظاهر ولم يعرفوا بما عاهدوا عليه فجهادها بالزامها مقاساة شدائد الرياضات فى التزكية على قانونها ممتثلة أوامر الشيخ ونواهيه ولو يرى عليها الإباء والامتناع فلا ينفعها الا التشديد والغلظة كما قال تعالى وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ فالواجب ان يبالغ فى مخالفتها ومؤاخذتها فى احكام الطريقة فان فاءت الى امر الله فهو المراد والا استوجبت لما خلقت له وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ اى مرجعهم جهنم البعد

[سورة التوبة (9) : آية 74]

ونار القطيعة وبئس المصير مرجعهم كذا فى التأويلات النجمية فعلى السالك ان يجاهد مع هواه اولا فان السلطان يلزم عليه ان يحارب البغاة الذين فى مملكته ثم الذين وراءهم من الكفار نسأل الله تعالى ان يقوينا وينصرنا على القوم الكافرين أياما كانوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقام فى غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المنافقين المتخلفين فيسمعه من كان منهم معه عليه السلام فقال الجلاس ابن سويد منهم لئن كان ما يقول محمد حقا لاخواننا الذين خلفناهم وهم ساداتنا واشرافنا فنحن شر من الحمير فقال عامر بن قيس الأنصاري للجلاس أجل والله والله ان محمدا لصادق وأنت شر من الحمير فبلغ ذلك رسول الله فاستحضره فحلف بالله ما قال فرفع عامر يده فقال اللهم انزل على عبدك ونبيك تصديق الصادق وتكذيب الكاذب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون آمِّينَ فنزل جبريل قبل ان يتفرقوا بهذه الآية وصيغة الجمع فى قالوا مع ان القائل هو الجلاس للايذان بان بقيتهم لرضاهم بقوله صاروا بمنزلة القائل وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ هى ما حكى آنفا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ اى وأظهروا ما فى قلوبهم من الكفر بعد اظهارهم الإسلام وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا الهم بالشيء فى اللغة مقارنته دون الوقوع فيه اى قصدوا الى ما لم يصلوا الى ذلك من قتل الرسول وذلك ان خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه عليه السلام من تبوك على ان يفتكوا به فى العقبة التي هى بين تبوك والمدينة فقالوا إذا أخذ فى العقبة دفعناه عن راحلته الى الوادي فاخبر الله تعالى رسوله بذلك فلما وصل الجيش الى العقبة نادى منادى رسول الله ان رسول الله يريدان يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فانه أسهل لكم وأوسع فسلك الناس بطن الوادي وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة فلما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا وسلكوا العقبة وامر عليه السلام عمار بن ياسر رضى الله عنه ان يأخذ بزمام الناقة يقودها وامر حذيفة بن اليمان رضى الله عنه ان يسوقها من خلفها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع اخفاف الإبل وبقعقعة السلاح فرجع إليهم ومعه محجن فجعل يضرب وجوه رواحلهم وقال إليكم إليكم يا اعداء الله اى تمنعوا عن رسول الله وتنحوا فهربوا وفى رواية انه عليه السلام خرج بهم فولوا مدبرين فعلموا انه عليه السلام اطلع على مكرهم فانحطوا من العقبة مسرعين الى بطن الوادي واختلطوا بالناس فرجع حذيفة يضرب الناقة فقال عليه السلام (هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم) قال لا كان القوم ملثمين والليلة مظلمة فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء اليه أسيد بن حفير رضى الله عنه فقال يا رسول الله ما منعك البارحة من سلوك الوادي فقد كان أسهل من سلوك العقبة فقال (أتدري ما أراد المنافقون) وذكر له القصة فقال يا رسول الله قد نزل الناس واجتمعوا فمر كل بطن ان يقتل الرجل الذي هم بهذا فان أحببت بين بأسمائهم والذي بعثك بالحق لا أبرح حتى آتيك برؤسهم فقال (انى اكره ان يقول الناس ان محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم اقبل عليهم يقتلهم) فقال يا رسول الله هؤلاء ليسوا باصحاب فقال عليه السلام (أليس يظهرون الشهادة) ودعا عليهم رسول الله فقال (اللهم ارمهم بالدبيلة) وهى

سراج من نار يظهر بين أكتافهم حتى ينجم من صدورهم. وفى لفظ شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلكه وَما نَقَمُوا قال فى القاموس نقم الأمر كرهه اى وما كرهوا وما عابوا وما أنكروا شيأ من الأشياء إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ سبحانه وتعالى وذلك انهم كانوا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فى غاية ما يكون من شدة العيش لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة فآثروا بالغنائم اى استغنوا وكثرت أموالهم وقتل للجلاس مولى فامر رسول الله بديته اثنى عشر الف درهم فاستغنى قال سعدى چبلى يجوز ان يكون زيادة الألفين شنقا اى تكر مالانهم كانوا يعطون الدية ويتكرمون بزيادة عليها ويسمونها شنقا انتهى وهذا الكلام من قبيل قولهم مالى عندك ذنب الا إحساني إليك اى ان كان ثمة ذنب فهذا هوتهكم بهم وتوبيخ وقيل الضمير فى أغناهم للمؤمنين اى غاظهم اغناؤه للمؤمنين كذا قال ابن عبد السلام فَإِنْ يَتُوبُوا عماهم عليه من الكفرة والنفاق يَكُ ذلك التوب خَيْراً لَهُمْ فى الدارين قيل لما تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جلاس يا رسول الله لقد عرض الله على التوبة والله لقد قبلت وصدق عامر بن قيس فتاب جلاس وحسنت توبته وَإِنْ يَتَوَلَّوْا اى استمروا على ما كانوا عليه من التولي والاعراض عن الدين يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا بالقتل والاسر والنهب وغير ذلك من فنون العقوبات وَالْآخِرَةِ بالنار وغيرها من أفانين العقاب وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مع سعتها وتباعد أقطارها وكثرة أهلها المصححة لوجدان ما نفى بقوله تعالى مِنْ وَلِيٍّ [دوستى كه دست گيرد] وَلا نَصِيرٍ [ونه يارى كه عذاب ايشان باز دارد] اى ينقذهم من العذاب بالشفاعة والمدافعة فالعاصى لا ينجو من العذاب وان كان سلطانا ذا منعة الا بالاستغفار من الذنوب واخلاص التوحيد والتوجه الى علام الغيوب- حكى- عن محمد بن جعفر انه قال كنت مع الخليفة فى زورق فقال الخليفة انا واحد وربى واحد فقلت له اسكت يا امير المؤمنين لو قلت ما قلت مرة اخرى لنغرق جميعا قال لم قلت لانك لست بواحد انما أنت اثنان الروح والجسد من الاثنين الأب والأم فى الاثنين الليل والنهار بالاثنين الطعام والشراب مع الاثنين الفقر والعجز والواحد هو الله الذي لا اله الا هو وقال حكيم لاصحاب الجنة ثلاثة أشياء يدخلون بها الجنة قول لا اله الا الله محمد رسول الله والاستغفار من الذنوب والندم عليها وتحميد الله تعالى فى الدنيا وان أول ما يقولون إذا دخلوا الجنة الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن اى حزن القبر والكتاب والنيران ان ربنا لغفور للذنوب والمعصية شكور لقليل العمل والطاعة وفى الحديث (أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله: قال المولى الجامى قدس سره دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست صيقلى وار صيقلى ميزن ... باشد آيينه آت شود روشن صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله وفى قوله يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ اشارة الى ان بعض المريدين عند استيلاء النفوس وغلبة هواها وظفر الشيطان بهم شأنهم ان

[سورة التوبة (9) : آية 75]

ينكروا على مشايخهم ويقولوا فى حقهم كلمة الكفر اى كلمة الإنكار والاعتراض ويعرضوا عنهم بقلوبهم بعد الارادة والاستسلام فاذا وقف المشايخ على احوال ضمائرهم وخلل الارادة فى سرائرهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ انهم ما قالُوا وما أنكروا وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا يعنى وهم بعضهم ان يثبت لنفسه مرتبة الشيخوخة قبل أوانها ويظهر الدعوة الى نفسه وان لم ينلها وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ اى وما أنكروا على الشيخ وخرجوا من امره الا كون الشيخ غنى بلبان فضل الله عن حلمة الولاية ليروا آثار الرشد على أنفسهم فلم يحتملوا لضيق حوصلة الهمة فزين لهم الشيطان سوء أعمالهم فاصمهم بذلك وأعمى أبصارهم فَإِنْ يَتُوبُوا يرجعوا الى ولاية الشيخ بطريق الالتجاء يَكُ خَيْراً لَهُمْ بان يتخلصوا من غيرة الولاية وردها فانها مهلكة ويتمسكوا بحبل الارادة فانها منجية وَإِنْ يَتَوَلَّوْا اى يعرضوا عن ولاية الشيخ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ بعد رد الولاية فان مرتد الطريقة أعظم ذنبا من مرتد الشريعة قال الجنيد لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله فاما عذابه فى الدنيا فبسلب الصدق والرد عن باب الطلب وإرخاء الحجاب وذله وتقوية الهوى وتبديل الإخلاص بالرياء والحرص على الدنيا وطلب الرفعة والجاه واما عذابه فى الآخرة فباشتعال نيران الحسرة والندامة على قلبه المعذب بنار القطيعة وهى نار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ يشير الى ان من ابتلى برد ولاية شيخ كامل ولو امتلأت الأرض بالمشايخ وارباب الولاية وهو يتمسك بذيل إرادتهم غير ان شيخه رده لا يمكن لاحدهم اعانته وإخراجه من ورطة الرد الا ما شاء الله كما فى التأويلات النجمية وَمِنْهُمْ اى من المنافقين مَنْ عاهَدَ اللَّهَ المعاهدة المعاقدة واليمين لَئِنْ آتانا اى الله تعالى مِنْ فَضْلِهِ [از فضل خود مالى] لَنَصَّدَّقَنَّ اى لنؤتين الزكاة وغيرها من الصدقات وأصله لنتصدقن أدغمت التاء فى الصاد والمتصدق معطى الصدقة وسميت صدقة لدلالتها على صدق العبد فى العبودية وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ قال ابن عباس رضى الله عنهما يريد الحج نزلت فى ثعلبة بن حاطب الأنصاري كان ملازما لمسجد رسول الله ليلا ونهارا وكان يلقب لذلك حمامة المسجد وكانت جبهته كركبة البعير من كثرة السجود على الأرض والحجارة المحماة بالشمس ثم جعل يخرج من المسجد كلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفجر بالجماعة من غير لبث واشتغال بالدعاء فقال له عليه السلام يوما (مالك صرت تعمل عمل المنافقين بتعجيل الخروج) فقال يا رسول الله انى فى غاية الفقر بحيث لى ولامرأتى ثوب واحد وهو الذي على وانا أصلي فيه وهى عريانة فى البيت ثم أعود إليها فانزعه وهى تلبسه فتصلى فيه فادع الله ان يرزقنى مالا فقال عليه السلام (ويحك يا ثعلبة) وهى كلمة عذاب وقيل كلمة شفقة (قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه) فراجعه فقال عليه السلام (اما ترضى ان تكون مثل نبى الله فو الذي نفسى بيده لو شئت ان تسير معى الجبال ذهبا وفضة لسارت) وأشار الى علم الكيمياء (ولكن اعرف ان الدنيا حظ من لا حظ له وبها يغتر من لا عقل له) فراجعه وقال يا رسول الله والذي بعثك

[سورة التوبة (9) : الآيات 76 إلى 80]

بالحق نبيا لو دعوت الله ان يرزقنى مالا لاؤدين كل ذى حق حقه فقال عليه السلام (اللهم ارزق ثعلبة مالا) ثلاث مرات فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت بها ازقة المدينة فنزل واديا حتى فاتته الجماعة لا يصلى بالجماعة الا الظهر والعصر ثم نمت وكثرت فتنحى مكانا بعيد حتى انقطع عن الجماعة والجمعة فسأل عنه رسول الله فقيل كثر ماله حتى لا يسعه واد اى واد واحد بل يسعه اودية وصحارى فخرج بعيدا فقال عليه السلام يا ويح ثعلبة فلما نزل قوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً استعمل النبي عليه السلام رجلين على الصدقات رجلا من الأنصار ورجلا من نبى سليم وكتب لهما الصدقة واسنانها وأمرهما ان يأخذاها من الناس فاستقبلهما الناس بصدقاتهم ومرا بثعلبة فسألاه الصدقة وأقرءاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الفرائض فقال ما هذه الاجزية ما هذه الا اخت الجزية وقال ارجعا حتى أرى رأيى وذلك قوله تعالى فَلَمَّا آتاهُمْ الله تعالى المال مِنْ فَضْلِهِ وكرمه بَخِلُوا بِهِ اى منعوا حق الله منه وَتَوَلَّوْا اى اعرضوا عن طاعة الله والعهد معه وَهُمْ مُعْرِضُونَ وهو قوم عادتهم الاعراض فلما رجعا قال لهما رسول الله قبل ان يكلماه (يا ويح ثعلبة) مرتين فنزلت فركب عمر رضى الله عنه راحلته ومضى الى ثعلبة وقال ويحك يا ثعلبة هلكت قد انزل الله فيك كذا وكذا فجاء ثعلبة بالصدقة فقال عليه السلام (ان الله منعنى ان اقبل منك فجعل يحثو التراب على رأسه لا لانه تاب عن النفاق بل للحوق العار من عدم قبول زكاته مع المسلمين فقال عليه السلام (هذا) اى عدم قبول صدقتك (عملك) اى جزاء عملك أراد قوله هذه جزية امرتك فلم تطعنى فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها الى أبي بكر رضى الله عنه فلم يقبلها ثم جاء بها الى عمر رضى الله عنه فى خلاقته فلم يقبلها وهلك فى خلافة عثمان رضى الله عنه قال الحدادي لم يقبل منه عثمان صدقته انتهى فَأَعْقَبَهُمْ اى جعل الله عاقبة فعلهم ذلك فالمعنى على تقدير المضاف اى أعقب فعلهم نِفاقاً راسخا فِي قُلُوبِهِمْ وسوء اعتقاد يقال أعقبه الله خيرا اى صير عاقبة امره ذلك خيرا ويقال أكلت سمكة واعقبتنى سقما اى صيرت تلك الاكلة او السمكة عاقبة امرى سقما إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ اى الى يوم موتهم الذي يلقون الله عنده دل على تأييد نفاقهم وان البخل ومنع حق الله تعالى مما أعطاه إياه يؤدى الى ان يموت وهو منافق ولا يثبت له حكم الإسلام أبدا نعوذ بالله كابليس ترك له امرا واحدا فطرده عن بابه وضرب وجهه بعبادته ثمانين الف سنة ولعنه الى يوم الدين وأعد له عذابا أليما أبد الآبدين: قال الحافظ زاهد أيمن مشو از بازى غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ بسبب اخلافهم ما وعدوه من التصدق والصلاح وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ اى لكونهم مستمرين على الكذب فى جميع المقالات التي من جملتها وعدهم المذكور أَلَمْ يَعْلَمُوا اى من عاهدوا الله والاستفهام للتقرير اى قد علموا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ اى ما أسروه فى أنفسهم من العزم على الأخلاف ولم يتكلموا به سرا ولا جهرا وَنَجْواهُمْ وما يتناجون به فيما بينهم من تسمية الزكاة جزية وغير ذلك مما لا

خير فيه. والتناجى [با يكديگر راز كردن] يقال نجاه نجوى وناجاه مناجاة ساره والنجوى السر كالنجى وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ فلا يخفى عليه شىء من الأشياء فكيف يجترئون على ما هم عليه من النفاق والعزم على الأخلاف مكن انديشه عصيان چوميدانى كه ميداند مبين در روى اين وآن چوميدانى كه مى بيند وفى الآيات إشارات منها ان من نذر نذرا فيه قربة نحو ان يقول ان رزقنى الله الف درهم فعلى ان تصدق بخمسائة لزمه الوفاء به ومن نذر ما ليس بقربة او بمعصية كقوله نذرت ان ادخل الدار او قال لله على ان اقتل فلانا اليوم فحنث يلزمه الكفارة وهى عتق رقبة او اطعام عشرة مساكين او كسوتهم فالواجب واحد من هذه الثلاثة والعبد مخير فيه فان عجز عن أحد هذه الأشياء الثلاثة صام ثلاثة ايام متتابعات وان علق النذر بشرط يريد وجوده نحو ان يقول ان قدم فلان او ان قدمت من سفرى او ان شفى الله من مريضى او قضى دينى فلله على صيام او صدقة او ان ملكت عبدا او هذا العبد فعلى ان اعتقه يلزمه الوفاء بما نذر لانه نذر بصيغة وليس فيه معنى اليمين وان علقه بشرط لا يريد وجوده كقوله ان كلمت فلانا او دخلت الدار فعلى صوم سنة يجزئه كفارة يمين والمنذور إذا كان له اصل فى الفروض اى واجب من جنسه لزم الناذر كالصوم والصلاة والصدقة والاعتكاف وما لا اصل له فى الفروض فلا يلزم الناذر كعيادة المريض وتشييع الجنازة ودخول المسجد وبناء القنطرة والرباط والسقاية وقرآة القرآن ونحوها والأصل فيه ان إيجاب العبد معتبر بايجاب الله تعالى تحصيلا للمصلحة المعلقة بالنذر والنذر الغير المعلق لا يختض بزمان ومكان ودرهم وفقير بخلاف المعلق فلو قال الناذر على ان أتصدق فى هذا اليوم بهذا الدرهم على هذا الفقير فتصدق غدا بدرهم آخر على غيره اجزأه عندنا ولا يجزئه عند زفر واعلم ان المساجد الثلاثة المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى لكونها ابنية الأنبياء عليهم السلام لها فضيلة تامة ولهذا قال الفقهاء لو نذر ان يصلى فى أحد هذه الثلاثة تعين بخلاف سائر المساجد فان من نذر ان يصلى فى أحدها له ان يصلى فى الآخر ومنها ان النفاق عبارة عن الكذب وخلف الوعد والخيانة الى ما ائتمن كما ان الايمان عبارة عن الصدق وملازمة الطاعة لان الله تعالى خلق الصدق فظهر من ظله الايمان وخلق الكذب فظهر من ظله الكفر والنفاق وفى الحديث (ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم انه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان) يعنى من يحدث عالما بانه كذب وتعهد عازما على عدم الوفاء وينتظر الامانة للخيانة ولعل هذا يكون فى حق من اعتاد بهذه الخصال لا فى حق من ندرت منه كما هو مذهب البخاري وبعض العلماء ومذهب الجمهور على ان هذه الخصال خصال المنافقين وصاحبها شبيه لهم فاطلاق اسم المنافق عليه على سبيل التجوز تغليظا كما ان الله تعالى قال ومن كفر مكان ومن لم يحج لكمال قبحه قال صاحب التحفة ليس الغرض ان آية المنافق محصورة فى الثلاث بل من ابطن خلاف ما اظهر فهو من المنافقين واعلم ان المنافقين صنفان صنف معلنوا الإسلام ومسروه فى بدء الأمر وذلك

[سورة التوبة (9) : آية 79]

لغلبة صفات النفاق وقوتها فى النفس وصنف معلنوا الإسلام ومسروه فى بدء الأمر الى ان استعملوا هذه الصفات المستكنة فى النفس فيظهر بالفعل كما كان بالقوة وذلك لضعفها فى النفس فيعقبهم النفاق الى الابد بالشكوك الواقعة فى قلوبهم وهم عن هذا النوع من النفاق غافلون وهم يصومون ويصلون ويزعمون انهم مسلمون قال عمر بن عبد العزيز لو جاءت كل امة بمنافقيها وجئنا بالحجاج فضلناهم يقول الفقير سامحه الله القدير هذا الكلام بالنسبة الى ذلك الوقت ولو انه رأى وزراء آل عثمان ووكلاءهم فى هذا الزمان لوجدهم أرجح من كل منافق لانه بلغ نفاقهم الى حيث أخذوا الرشوة من الكفار ليسامحوهم فى مقاتلتهم ومحاربتهم خذ لهم الله ودمرهم ومنها ذم البخل والحرص على الدنيا وفى الحديث (ثلاثة لا يحبهم الله ورسوله وهم فى لعنة الله والملائكة والناس أجمعين البخيل والمتكبر والأكول) وفى الحديث (ويل للاغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله تعالى بعزتي وجلالى لأبعدنهم ولأقربنكم: قال الحافظ گنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست وفى الحديث (ما جبل ولى لله الا على السخاء) وأجود الأجواد هو الله تعالى ألا ترى انه كيف خلع خلعة الوجود على عامة الكائنات مجانا وأنعم عليهم انواع النعم الظاهرة والباطنة اى حيث منع الخلق عن المهالك كالشهوات لا بخلا بل شوقا الى اللذات الباقية الَّذِينَ رفع على الذم اى المنافقون هم الذين يَلْمِزُونَ قال فى القاموس اللمز العيب والاشارة بالعين ونحوها اى يعيبون ويغتابون الْمُطَّوِّعِينَ اى المتطوعين المتنفلين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حال من المطوعين فِي الصَّدَقاتِ متعلق بيلمزون- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم حين أراد الخروج الى غزوة تبوك يحث الناس على الانفاق والاعانة فى تجهيز العسكر فكان أول من جاء بالصدقة ابو بكر الصديق رضى الله عنه جاء بجميع ماله اربعة آلاف درهم فقال له رسول الله (هل أبقيت لا هلك شيأ) قال أبقيت لهم الله ورسوله وجاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه بنصف ماله فقال له عليه السلام (هل أبقيت لاهلك شيأ) قال النصف الثاني فقال (ما بينكما ما بين كلاميكما) ومنه يعرف فضل أبي بكر على عمر رضى عنه وأنفق عثمان بن عفان رضى الله عنه نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها فانه جهز عشرة آلاف أنفق عليها عشرة آلاف دينار وصب فى حجر النبي عليه السلام الف دينار واعطى ثلاثمائة بعير باحلاسها وأقتابها وخمسين فرسا وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم (اللهم ارض عن عثمان فانى عنه راض) وفى الحديث (سألت ربى ان لا يدخل النار من صاهرته او صاهرنى) وقد كان عليه السلام زوج بنته رقية من عثمان فماتت بعد ما خرج رسول الله الى بدر فلما رجع من بدر زوجه أم كلثوم ولذا سمى عثمان بذي النورين ولما ماتت أم كلثوم قال عليه السلام (لو كان عندى ثالثة لزوجتكها) وجاء عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه باربعة آلاف درهم فقال عليه السلام (بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت) فبارك الله له حتى بلغ ماله حين مات وصولحت احدى نسائه الأربع عن ربع ثمنها على ثمانين الف درهم ونيف فكان ثمن

[سورة التوبة (9) : آية 80]

ماله اكثر من ثلاثمائة الف وعشرين الفا وفى رواية جاء بأربعين اوقية من ذهب ومن ثمة قيل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف كانا خزانتين من خزائن الله فى الأرض ينفقان فى طاعة الله تعالى وجاء العباس بمال كثير وكذا طلحة وتصدق عاصم بن عدى بمائة وسق من تمر والوسق ستون صاعا بصاع النبي عليه السلام وهو اربعة امداد وكل مد رطل وثلث رطل بالبغدادي عند ابى يوسف والشافعي والرطل مائة وثلاثون درهما وعند ابى حنيفة كل مد رطلا وبعثت النساء بكل ما يقدرون عليه من حليهن وجاء ابو عقيل الأنصاري بصاع من تمر وقال يا رسول الله بت ليلتى كلها اجر بالجرير على صاعين اما أحدهما فامسكته لعيالى واما الآخر فاقرضته ربى فامره رسول الله ان ينثره فى الصدقات فطعن فيهم المنافقون وقالوا ما اعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء وسمعة وان أبا عقيل جاء ليذكر بنفسه ويعطى من الصدقة بأكثر مما جاء به وان الله لغنى عن صاع ابى عقيل فانزل الله هذه الآية وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ عطف على المطوعين اى ويلمزون الذين لا يجدون الا طاقتهم من الصدقة قال الحدادي عابوا المكثر بالرياء والمقل بالاقلال يقال الجهد بالفتح المشقة والجهد بالضم الطاقة وقيل الجهد فى العمل والجهد فى القوة فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ عطف على يلمزون اى يستهزئون بهم والمراد بهم الفريق الأخير كابى عقيل سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ اى جازاهم على سخريتهم فيكون تسمية جزاء السخرية سخرية من قبيل المشاكلة لوقوعه فى صحبة قوله فيسخرون منهم وَلَهُمْ اى ثابت لهم عَذابٌ أَلِيمٌ على كفرهم ونفاقهم اى كه دارد نفاق اندر دل ... خار بادش خليده اندر حلق هر كه سازد نفاق پيشه خويش ... خوار گردد بنزد خالق وخلق قال الحدادي ولما نزلت هذه الآية اتى المنافقون الى رسول الله وقالوا يا رسول الله استغفر لنا فكان عليه السلام يستغفر لقوم منهم على ظاهر الإسلام من غير علم منه بنفاقهم وكان إذا مات أحد منهم يسألون رسول الله الدعاء والاستغفار لميتهم فكان يستغفر لهم على انهم مسلمون فاعلمه الله انهم منافقون واخبر ان استغفاره لا ينفعهم فذلك قوله تعالى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ خرج الكلام مخرج الأمر ومعناه الشرط اى ان شئت استغفر لهم وان شئت لا تستغفر فالامران متساويان فى عدم النفع الذي هو المغفرة والرحمة إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً قوله مرة انتصب على المصدر اى سبعين استغفارة او على الظرف اى سبعين وقتا وتخصيص السبعين بالذكر لتأكيد نفى المغفرة لان الشيء إذا بولغ فى وصفه أكد بالسبع والسبعين وهذا كما يقول القائل لو سألتنى حاجتك سبعين مرة لم اقضها لا يريد انه إذا زاد على السبعين قضى حاجته فالمراد التكثير لا التحديد فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ اى امتناع المغفرة لهم ولو بعد المبالغة فى الاستغفار ليس لعدم الاعتداد باستغفارك بل بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ اى كفرا متجاوزا عن الحد كما يلوح به وصفهم بالفسق فى قوله تعالى وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ فان الفسق فى كل شىء عبارة عن التمرد والتجاوز عن حدوده اى لا يهديهم هداية موصلة الى المقصد البتة لمخالفة ذلك

[سورة التوبة (9) : الآيات 81 إلى 85]

للحكمة التي عليها يدور فلك التكوين والتشريع. واما الهداية بمعنى الدلالة على ما يوصل اليه فهى متحققة لا محالة ولكنهم بسوء اختيارهم لم يقبلوها فوقعوا فيما وقعوا وفيه اشارة الى ان استغفار النبي عليه السلام لاحد من غير استغفاره لنفسه لا ينفعه فاليأس من المغفرة وعدم قبول استغفاره ليس لبخل من الله ولا لقصور فى النبي عليه الصلاة والسلام بل لعدم قابليتهم بسبب الكفر الصارف عنها كما قال المولى جلال الدين فى شرح إليها كل المحال لا يدخل تحت قدرة قادر ولا يلزم من ذلك النقص فى القادر بل النقص فى المحال حيث لا يصلح لتعلق القدرة انتهى ومنه يعرف معنى قول العرفي الشيرازي ذات تو قادرست بايجاد هر محال الا بآفريدن چون تو يگانه وفى عبارته سوء ادب كما لا يخفى واعلم ان من كفرهم وفسقهم سخريتهم فى امر الصدقات ولو كان لهم ايمان وإصلاح لبالغوا فى الانفاق وجدّوا فى البذل كالمخلصين وفى التأويلات النجمية قلب المؤمن منور بالايمان وروحه متوجه الى الحق تعالى فالحق يؤيد روحه بتأييد نظر العناية وتوفيق العبودية فيسطع من الروح نور روحانى مؤيد بنور ربانى فتنبعث منه الخواطر الرحمانية الداعية الى الله تعالى باعمال موجبة للقربة من الفرائض والنوافل فتارة تكون الأعمال بدنية كالصوم والصلاة وتارة تكون تلك الأعمال مالية كالزكاة والصدقة فيتطوع بالصدقة فضلا عن الزكاة وفى الحديث (ان النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) وقلب المنافق مظلم بظلمات صفات النفس لعدم نور الايمان وروحه متوجه الى الدنيا وزخارفها بتبعية النفس الامارة بالسوء مطرود بالخذلان لان قرينه الشيطان فبتأثير الخذلان ومقارنة الشيطان يصعد من النفس ظلمة نفسانية تمنع القلب من قبول الدعوة واجابة الرسل واتباع الأوامر واجتناب النواهي بالصدق وتنبعث منه الخواطر الظلمانية النفسانية وبذلك يمتنع عن أداء الفرائض فضلا عن النوافل والتطوعات ويهزأ بمن يفعل ذلك- روى- ان داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان فاراه إياه فى المنام فلما رأى عظمته غشى عليه فلما أفاق قال الهى من الذي يقدر ان يملأ گفته من الحسنات فقال يا داود انى إذا رضيت عن عبدى املأها بتمرة- وروى- ان الحسن مر به نخاس ومعه جارية جميلة فقال للنخاس أترضى فى ثمنها بدرهم او در همين قال لا قال فاذهب فان الله يرضى فى الحور العين بالفلس والفلسين: قال السعدي قدس سره بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى واعلم ان النوافل مقبولة بعد أداء الفرائض والا فهى من علامات اهل الهوى فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ المخلف ما يتركه الإنسان خلفه والمتخلف الذي تأخر بنفسه والمراد المنافقون الذين خلفهم النبي عليه السلام بالمدينة حين الخروج الى غزوة تبوك بالاذن لهم فى القعود عند استئذانهم بِمَقْعَدِهِمْ مصدر ميمى بمعنى القعود متعلق بفرح اى بقعودهم وتخلفهم عن الغزو خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ظرف للمصدر اى خلفه وبعد خروجه حيث خرج ولم يخرجوا فالخلاف بمعنى خلف كما فى قوله تعالى وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا يقال اقام زيد خلاف القوم اى تخلف عنهم بعد ذهابهم ظعن او لم يظعن ويجوز ان يكون بمعنى المخالفة

فيكون انتصابه على العلة لفرح اى فرحوا لاجل مخالفتهم إياه عليه السلام بان مضى هو للجهاد وتخلفوا عنه وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيثارا للدعة والخفض اى الراحة وسعة العيش على طاعة الله مع ما فى قلوبهم من الكفر والنفاق. وفى ذكر الكراهة بعد الفرح الدال عليها تعريض بالمؤمنين الذين بذلوا أموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وآثروا تحصيل رضاه تعالى وفى قوله كرهوا مقابلة معنوية مع فرح لان الفرح من ثمرات المحبة وَقالُوا اى قال بعضهم لبعض تثبيتا لهم على التخلف والقعود وتواصيا فيما بينهم بالشر والفساد او قالوا للمؤمنين تثبيطا لهم عن الجهاد ونهيا لهم عن المعروف فقد جمعوا ثلاث خصال من خصال الكفر والضلال الفرح بالقعود وكراهة الجهاد ونهى الغير عن ذلك لا تَنْفِرُوا اى لا تخرجوا فِي الْحَرِّ فانه لا تستطاع شدته وكانوا دعوا الى غزوة تبوك فى وقت نضج الرطب وهو أشد ما يكون من الحر وقول عروة بن الزبير ان حروجه عليه السلام لتبوك كان فى زمن الخريف لا ينافى وجود الحر فى ذلك الزمن لان أوائل الخريف وهو الميزان يكون فيه الحر وكان ممن تخلف عن مسيره معه صلى الله عليه وسلم ابو خيثمة ولما سار عليه السلام أياما دخل ابو خيثمة على اهله فى يوم حار فوجد امرأتين له فى عريشتين لهما فى حائط قدرشت كل منهما عريشتها وبردت فيها ماء وهيأت طعاما فلما دخل نظر الى امرأتيه وما صنعتا فقال رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحر وابو خيثمة فى ظل وماء بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء ما هذا بالنصف ثم قال والله لا ادخل عريشة واحدة منكما حتى ألحق برسول الله فهيئالى زادا ففعلتا ثم قدم ناضحة فارتحلها وأخذ سيفه ورمحه ثم خرج فى طلب رسول الله حتى أدركه: قال الحافظ ملول از همرهان بودن طريق كاردانى نيست ... بكش دشوارىء منزل بياد عهد آسانى وقال مقام عيش ميسر نميشود بي رنج ... بلى بحكم بلا بسته اند حكم الست وقال من از ديار حبيبم نه از ديار غريب ... مهيمنا بعزيزان خود رسان باشم قُلْ ردا عليهم وتجهيلا نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا من هذا الحر وقد آثرتموها بهذه المخالفة فما لكم لا تحذرونها لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ اى يعلمون انها كذلك لما خالفوا وفى الحديث (ان ناركم هذه جزء من سبعين جزا من اجزاء نار جهنم) وبيانه انه لو جمع حطب الدنيا فاوقد كله حتى صار نارا لكان الجزء الواحد من اجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزأ أشد من حر نار الدنيا وفى الخبر لما اهبط آدم عليه السلام مضى جبرائيل الى مالك وأخذ منه جمرة لآدم فلما تناولها أحرقت كفه فقال ما هذه يا جبرائيل قال جمرة من جهنم غسلتها سبعين مرة ثم آتيتها إليك فالق عليها الحطب واخبز وكل ثم بكى آدم وقال كيف (تقوى أولادي على حرها فقال له جبرائيل ليس لها على أولادك المطيعين من سبيل كما ورد فى الحديث تقول جهنم للمؤمن جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى) ومن كان مع الله لا يحرقه شىء ألا ترى الى حال النبي عليه السلام

[سورة التوبة (9) : آية 82]

ليلة المعراج كيف تجاوز عن كرة الأثير ولم يحترق منه شعر وكانت النار بردا وسلاما على ابراهيم عليه السلام فَلْيَضْحَكُوا ضحكا قَلِيلًا فى الدنيا وهو اشارة الى مدة العمر وعمر الدنيا قليل فكيف عمر من فى الدنيا فانه اقل من القليل وَلْيَبْكُوا بكاء كَثِيراً فى الآخرة فى النار جَزاءً مفعول له للفعل الثاني اى ليبكوا جزاء بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من فنون المعاصي وهذا لفظ امر ومعناه خبر اى يضحكون قليلا ويبكون دائما وانما اخرج فى صورة الأمر للدلالة على تحتم وقوع المخبر به فان امر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عند المأمور به- يروى- ان اهل النفاق يبكون فى النار عمر الدنيا لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم وفى الحديث (يرسل الله البكاء على اهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى ترى وجوههم كهيئة الأخدود) ويجوز ان يكون الضحك كناية عن الفرح والبكاء عن الغم وان تكون القلة عبارة عن العدم والكثرة عن الدوام: يعنى [فردا ايشانرا غمى باشد بي فرح واندوهى بي سرور] فيكون وقت الضحك والبكاء فى الآخرة. ويجوز ان يكون وقتهما فى الدنيا اى هم لما هم عليه من الخطر مع رسول الله وسوء الحال بحيث ينبغى ان يكون ضحكهم قليلا وبكاؤهم من أجل ذلك كثيرا نحو قوله عليه السلام لامته (لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا) قال ابن عمر رضى الله عنهما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاذا قوم يتحدثون ويضحكون فوقف وسلم عليهم فقال (أكثروا ذكرها ذم اللذات) قلنا وماها ذم اللذات قال (الموت) : قال الصائب بر غفلت سياه دلان خنده ميزند ... غافل مشو ز خنده داندن نماى صبح ومر الحسن البصري بشاب وهو يضحك فقال له يا بنى هل مررت على الصراط فقال لا فقال هل تدرى الى الجنة تصير أم الى النار فقال لا فقال ففيم هذا الضحك فما رؤى الفتى بعد ذلك يضحك- قيل- لما فارق موسى الخضر عليهما السلام قال إياك واللجاجة ولا تكن مشاء الا لحاجة ولا ضحاكا من غير عجب كان وابك على خطيئتك يا ابن عمران قال محمد بن واسع إذا رأيت رجلا فى الجنة يبكى ألست تتعجب من بكائه قال بلى قال فالذى يضحك فى الدنيا ولا يدرى الى م يصير هو اعجب منه وعن وهب بن منبه انه قال ان زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى عليه السلام فوجده مضطجعا على قبر يبكى فقال يا بنى ما هذا البكاء قال أخبرتني أمي ان جبريل أخبرك ان بين الجنة والنار مفازة ذات لهب لا يطفىء حرها الا الدمع فقال زكريا ابك يا بنى ابك وعن كعب الأحبار انه قال ان العبد لا يبكى حتى يبعث الله اليه ملكا فيمسح كبده بجناحه فاذا فعل ذلك بكى وعن انس قال ثلاثة أعين لا تمسها النار عين فقئت فى سبيل الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله وعين دمعت من خشية الله وفى الحديث (لان ادمع دمعة من خشية الله أحب الى من ان تصدق بألف دينار) وفى التوراة يا ابن آدم إذا دمعت عيناك فلا تمسح الدموع بثوبك ولكن امسحها بكفك فانها رحمة قال العلماء البكاء على عشرة انواع. بكاء فرح. وبكاء حزن وبكاء رحمة. وبكاء خوف مما يحصل. وبكاء كذب كبكاء النائحة لانها تبكى لشجو غيرها وجاء (تخرج النائحة من قبرها يوم القيامة شعثاء غبراء عليها جلباب

[سورة التوبة (9) : آية 83]

من لعنة ودرع من جرب وضعت يدها على رأسها تقول وا ويلاه وتنبح كما ينبح الكلب) . وبكاء موافقة بان يرى جماعة يبكون فيبكى مع عدم علمه بالسبب. وبكاء المحبة والشوق. وبكاء الجزع من حصول ألم لا يحتمله. وبكاء الجور والضعف. وبكاء النفاق وهو ان تدمع العين والقلب قاس واما التباكي فهو تكلف البكاء وهو نوعان محمود ومذموم. والاول ما يكون لاستجلاب رقة القلب. والثاني ما يكون لاجل الرياء والسمعة كما فى انسان العيون والحاصل ان طالب الآخرة ينبغى له تقليل الضحك وتكثير البكاء ولا يغفل عن الموت ولقاء الجزاء فانه كم ضاحك وكفنه عند القصار: قال الحافظ ديد آن قهقهه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ من الرجع المتعدى دون الرجوع اللازم يقول رجع رجوعا اى انصرف ورجع الشيء عن الشيء اى صرفه ورده كارجعه. والمعنى فان ردك الله من غزوة تبوك إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ الطائفة من الشيء القطعة منه وضمير منهم الى المنافقين المتخلفين فى المدينة دون المتخلفين مطلقا منافقا كان او مخلصا فان تخلف بعضهم انما كان لعذر عائق مع الإسلام او الى من بقي من المنافقين لان منهم من مات ومنهم من غاب عن البلد ومنهم من تاب ومنهم من لم يستأذن وعن قتادة انهم كانوا اثنى عشر رجلا قيل فيهم ما قيل فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ معك الى غزوة اخرى بعد غزوتك هذه وهى تبوك فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً اى لا تأذن لهم بحال وهو اخبار فى معنى النهى للمبالغة وكذا قوله وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا من الأعداء إِنَّكُمْ تعليل لما سلف اى لانكم رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ اى عن الغزو وفرحتم بذلك أَوَّلَ مَرَّةٍ هى الخرجة الى غزوة تبوك وتذكير اسم التفضيل المصاف الى المؤنث هو الأكثر الدائر على الالسنة فانك لا تكاد تسمع قائلا يقول هى كبرى امرأة او اولى مرة فَاقْعُدُوا من بعد مَعَ الْخالِفِينَ اى المتخلفين الذين ديدنهم القعود والتخلف دائما لعدم لياقتهم للجهاد كالنساء والصبيان ففى الخالفين تغليب الذكور على الإناث فان قيل كانت اعمال المنافقين من الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد مقبولة عند النبي عليه السلام وان لم تكن مقبولة عند الله تعالى فكان النبي عليه السلام يقول نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر فما الحكمة فى ان الله تعالى امر النبي عليه السلام بان لا يقبل من المتخلفين أعمالهم من الخروج معه والقتال مع العدو وغير ذلك قلنا ان الحكمة فى ذلك والله اعلم ان المنافقين لما كانوا يظهرون الإسلام والائتمار باوامر النبي عليه السلام مع كانوا يضمرون من الكفر والنفاق كانت أعمالهم مقبولة عند النبي عليه السلام وسرائرهم موكولة الى الله تعالى طمعا فى انابتهم ورجوعهم من النفاق الى الوفاق فلما أظهروا ما اضمروا ردت إليهم أعمالهم فكان الحكم بالظاهر ايضا فافهم قال العلماء أخرجهم الله تعالى من ديوان الغزاة ومحا أساميهم من دفتر المجاهدين وابعد محلهم من محفل صحبة النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة لهم على تخلفهم لما فيه من الاهانة واظهار نفاقهم وبيان انهم ليسوا ممن يتقوى به الدين ويعز الإسلام كالمؤمنين

[سورة التوبة (9) : آية 84]

الخلص نسأل الله تعالى صحبة الدين وصحبة اهل الدين الى يوم الدين- روى- ان زيد بن حارثة كان لخديجة اشترى لها بسوق عكاظ فوهبته لرسول الله فجاء أبوه يريد شراءه منه فقال عليه السلام (ان رضى بذلك فعلت) فسئل زيد فقال ذل الرقبة مع صحبة أحب الخلق الى الحق أحب الى من الحرية مع مفارقته فقال عليه السلام (إذا اختارنا اخترناه) فأعتقه وزوجه أم ايمن وبعدها زينب بنت جحش: قال الحافظ گدايى در جانان بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بافتاب رود والمنافقون لما لم يكن لهم استعداد لهذه الصحبة الشريفة فارقوه عليه السلام فى السفر والحضر لان كل امرئ يصبو الى من يجانس وقدم ناس الى مكة وقالوا قدمنا الى بلدكم فعرفنا خياركم من شراركم فى يومين قيل كيف قالوا لحق خيارنا بخياركم وشرارنا بشراركم فالف كل شكله: قيل وإذا الرجال توسلوا بوسيلة ... فوسيلتى حبى لآل محمد قال الكاشفى [جهاد كار مردان مرد ومبارزان ميدان نبرد است از هر تردامنى اين كار نيايد ونامرد بي درد مبارزت معركه مجاهدت را نشايد] يا برو همچون زنان رنكى وبويى پيش گير ... يا چومردان اندر آي وكوى در ميدان فكن قال السعدي قدس سره ندهد هوشمند روشن رأى ... بفرومايه كارهاى خطير بوريا باف اگر چهـ بافندست ... نبرندش بكار كاه حرير ومن بلاغات الزمخشري لا تصلح الأمور الا باولى الألباب والأرحاء لا تدور الا على الاقطاب جمع قطب وهو وتد الرحى وَلا تُصَلِّ يا محمد عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ اى من المنافقين وهو صفة لاحد ماتَ صفة اخرى ويجوز ان يكون منهم حالا من الضمير فى مات كذا فى تفسير ابى البقاء أَبَداً ظرف للنهى اى لا تدع ولا تستغفر لهم ابدا وهو الأظهر. وقيل منصوب بمات على ان يكون المعنى لا تصل على أحد منهم ميت مات ابدا بان مات على الكفر فان من مات على الكفر ميت ابدا وان إحياءه للتعذيب دون التمتع فكأنه لم يحى وكان حذيفة رضى الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (يوما انى مسر إليك سرا فلا تذكرنه انى نهيت ان أصلي على فلان وفلان) وعد جماعة من المنافقين ولما توفى رسول الله كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى خلافته إذا مات الرجل ممن يظن انه من أولئك أخذ بيد حذيفة فناداه الى الصلاة عليه فان مشى معه حذيفة صلى عليه عمر وان انتزع يده من يده ترك الصلاة عليه وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ اى ولا تقف عند قبره للدفن او للزيارة والدعاء وكان النبي عليه السلام إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ تعليل للنهى على ان الاستغفار للميت والوقوف على قبره انما يكون لاستصلاحه وذلك مستحيل فى حقهم لانهم استمروا على الكفر بالله وبرسوله مدة حياتهم قال الحافظ قدس سره

بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى را كه بافتند سياه وقال السعدي قدس سره توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ اى متمردون فى الكفر خارجون عن حدوده- روى- عن ابن عباس ان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول دعا رسول الله صلى الله عليه السلام فى مرضه فلما دخل عليه سأله ان يستغفر له ويصلى عليه إذا مات ويقوم على قبره ثم انه أرسل اليه عليه السلام يطلب منه قميصه ليكفن فيه فارسل اليه القميص الفوقاني فرده فطلب الذي يلى جلده فقال عمر رضى الله عنه تعطى فميصك لرجس النجس فقال عليه السلام (ان قميصى لا يغنى عنه من الله شيأ وارجوا من الله تعالى ان يدخل به الف فى الإسلام) وذلك ان المنافقين كانوا لا يفارقون ابن ابى فلما رأوه يطلب منه عليه السلام قميصه يتبرك به ويرجو ان ينفعه القميص فى دفع عذاب الله وجلب رحمته وفضله اسلم الف من الخروج وانما قال عليه السلام ان قميصى لا يغنى لعدم الأساس الذي هو الايمان ومثله انما يؤثر عند صلاح المحل ويدل عليه قوله عليه السلام (ادفنوا امواتكم وسط قوم صالحين فان الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء) وما يروى الأرض المقدسة لا تقدس أحدا انما يقدس المرء عمله وقد ثبت ان عبد الله بن أنيس رضى الله عنه لما قتل سفيان بن خالد الهذلي ووضع بين يديه عليه السلام دفع اليه عصا كانت بيده وقال تخصر بهذه فى الجنة أي توكأ عليها فكانت تلك العصا عنده فلما حضرته الوفاة اوصى اهله ان يجعلوها بين جلده وكفنه ففعلوا وثبت انه عليه السلام حلق رأسه الشريف معمر بن عبد الله فاعطى نصف شعر رأسه لابى طلحة وفرق النصف الآخر بين الاصحاب شعرة وشعرتين فكانوا يتبركون بها وينصرون ما داموا حاملين لها ولذا قال فى الاسرار المحمدية لو وضع شعر رسول الله او عصاه او سوطه على قبر عاص لنجا ذلك العاصي ببركات تلك الذخيرة من العذاب وان كان فى دار انسان او بلدة لا يصيب سكانها بلاء ببركته وان لم يشعروا به ومن هذا القبيل ماء زمزم والكفن المبلول به وبطانة أستار الكعبة والتكفن بها وكتابة القرآن على القراطيس والوضع فى أيدي الموتى انتهى أقول ان قلت قد ثبت ان فى خزانة السلاطين خصوصا فى خزانة آل عثمان شيأ مما يتبرك به من خرقة النبي عليه السلام وغيرها ورأيناهم قد لا ينصرون ومعهم شىء من لوائه عليه السلام ويصبب بلدتهم آفات كثيرة قلت لذلك لهتكم الحرمة ألا ترى ان مكة والمدينة كان لا يدخلهما طاعون فلما هتك السكان حرمتهما دخلهما والله الغفور فلما مات ابن ابى انطلق ابنه وكان مؤمنا صالحا الى النبي عليه السلام ودعاه الى جنازة أبيه فقال له عليه السلام (ما اسمك) قال الحباب بن عبد الله فقال عليه السلام (أنت عبد الله بن عبد الله ان الحباب هو الشيطان) اى اسمه كما فى القاموس ثم قال (صل عليه وادفنه) فقال ان لم تصل عليه يا رسول الله لا يصلى عليه مسلم أنشدك الله ان لا تشمت بي الأعداء فاجابه عليه السلام تسلية له ومراعاة لجانبه فقام ليصلى عليه فجاء عمر رضى الله عنه فقام بين رسول الله وبين القبلة لئلا يصلى عليه وقال أتصلي على عدو

[سورة التوبة (9) : آية 85]

الله القائل كذا يوم كذا وكذا وكذا وعد أيامه الخبيثة فنزلت الآية وأخذ جبرائيل عليه السلام بثوبه وقال لا تصلى على أحد منهم مات ابدا فاعرض عن الصلاة عليه وهذا يدل على منقبة عظيمة من مناقب عمر رضى الله عنه فان الوحى كان ينزل على وفق قوله فى آيات كثيرة منها هذه الآية وهو منصب عال ودرجة رفيعة له فى الدين فلذا قال عليه السلام فى حقه (لو لم ابعث لبعثت نبيا يا عمر) وقال (انه كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) رضى الله عنه. والمحدث بفتح الدلال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه الشيء فيخبر به فراسة وهى الاصابة فى النظر ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء ولم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتى التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد به التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يراد به اختصاصه بكمال الصداقة لا نفى سائر الأصدقاء وقد قيل فى فضيلة عمر رضى الله عنه له فضائل لا تخفى على أحد الا على أحد لا يعرف القمرا كذا فى شرح المشارق لابن ملك فان قيل كيف يجوز ان يقال انه عليه السلام رغب فى ان يصلى عليه بعد ان علم انه كافر مات على الكفر وان صلاته عليه دعاء له بالمغفرة وقد منعه الله من ان يستغفر للمشركين واعلمه انه لا يغفر للكفار وايضا الصلاة عليه ودفع قميصه اليه توجب إعزازه وهو مأمور باهانة الكفار فالجواب ان الخبيث لما طلب منه ان يرسل اليه قميصه الذي يمس جلده الشريف ليدفن فيه غلب على ظنه انه قد تاب عن نفاقه وآمن لان ذلك الوقت وقت توبة الفاجر وايمان الكافر فلما رأى منه اظهار الإسلام وشاهد منه هذه الأمارات الدالة على إسلامه غلب على ظنه انه صار مسلما فرغب فى ان يصلى عليه فلما أتى جبريل وأخبره بانه مات على كفره ونفاقه امتنع من الصلاة عليه. وقيل نزلت الآية بعد ما صلى ولبث يسيرا فما صلى بعد ذلك على منافق ولا قام على قبره واما دفع القميص اليه فذكروا فيه وجوها منها ان العباس عم النبي عليه السلام لما أخذ أسيرا يوم بدر ولم يجدوا له قميصا يساوى قده وكان رجلا طويلا كساه عبد الله قميصه فهو عليه السلام انما دفع اليه قميصه مكافاة لاحسانه ذلك لا إعزازا له ومنها انه تعالى امره ان لا يرد سائلا حيث قال وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ فالضنة بالقميص وعدم إرساله سيما وقد سئل فيه مخل بالكرم ومنها انه لعله اوحى اليه انك ان دفعت اليه قميصك صار ذلك حاملا لدخول الف نفر من المنافقين فى الإسلام ففعل ذلك بناء عليه والله اعلم بحقيقة الحال وما علينا الا القبول وطى المقال وهو الهادي الى طريق التحقيق وَلا تُعْجِبْكَ الاعجاب [شكفتى نمودن وخوش آمدن خطاب بآن حضرتست ومراد امت اند يعنى در عجب ندارد شما را] أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ الضمير للمنافقين قال الكاشفى [مالهاى منافقانى اگر چهـ بسيارست وفرزندان ايشان كه قوى وبا اقتدارند] وتقديم الأموال فى أمثال هذه المواقع على الأولاد مع كونهم أعز منها اما لعموم مساس الحاجة إليها بحسب

[سورة التوبة (9) : الآيات 86 إلى 90]

الذات وبحسب الافراد والأوقات فانها مما لا بد منه لكل أحد من الآباء والأمهات والأولاد فى كل وقت وحين حتى ان من له أولاده ولا مال له فهو وأولاده فى ضيق ونكال واما الأولاد فانما يرغب فيهم من بلغ مبلغ الابوة واما لان المال مناط لبقاء النفس والأولاد لبقاء النوع واما لانها اقدم فى الوجود من الأولاد لان الاجزاء المنوية انما تحصل من الاغذية إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ بما متعهم به من الأموال والأولاد أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا [بسبب جمع مال ومحافظت آن پيوسته در رنج باشند وبراى رونق احوال أولاد وتهيه اسباب ايشان همواره محنت ومشقت كشند] وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ الزهوق [بر آمدن جان] اى تخرج ويموتوا وَهُمْ كافِرُونَ اى كافرون بسبب اشتغالهم بالتمتع بها والإلهاء عن النظر والتدبر فى العواقب [درويشى ميگفت اغنيا أشقى الاشقيااند مال دنيا جمع ميكنند بانواع پريشانى وزحمت ونگاه ميدارند بأصناف بليت ومشقت وميگذارند بصد هزار حسرت] در أول چوخواهى كنى جمع مال ... بسى رنج بر خويش بايد كماشت پس از بهر آن تا بماند بجاى ... شب وروز مى بايدت پاس داشت وزين جمله آن حال مشكلترست ... كه آخر بحسرت ببايد گذشت واعلم ان هذه الآية مرت فى هذه السورة الكريمة مع التغاير فى بعض الألفاظ فالتكرير لتأكيد النصيحة بها والاعتناء بشأنها تنبيها على ان هذه النصيحة مما لا ينبغى ان يذهل السامع عنها وان الناصح لا بد له ان يرجع إليها فى أثناء كلامه دائما ولا سيما إذا تباعد أحد الكلامين عن الآخر بناء على ان الابصار طامحة اى مرتفعة ناظرة الى الأموال والأولاد وان النفوس مغتبطة اى متمنية لهما حريصة عليهما والأموال والأولاد وان كانت نعمة فى حق المؤمنين فانها نقمة فى حق المنافقين لكونها شاغلة لقلوبهم عن الله وطلبه وأشد عذاب القلوب من الحجاب ومن عذب بالحجاب فقد حرم من الايمان كما قال تعالى وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ اى مستوروا القلوب بحجاب حب الأموال والأولاد كما فى التأويلات النجمية وفى الحديث (الدنيا محفوفة بالذات والشهوات فلا تلهينكم شهوات الدنيا ولذاتها عن الآخرة فانه لا دنيا لمن لا آخرة له ولا آخرة لمن لا دنيا له يعمل فيها بطاعة الله تعالى) يعنى ان المؤمن يتزود لآخرته بالعبادات المالية وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من القرآن أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ ان مصدرية حذف منها الجار اى بان آمنوا بالله وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ لاعزاز دينه وإعلاء كلمته اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ اى ذووا الفضل والسعة والقدرة على الجهاد بدنا ومالا من المنافقين قال الحدادي الطول فى الحقيقة هو الفضل الذي يتمكن به من مطاولة الأعداء قال الرازي فى سورة النساء اصل هذه الكلمة من الطول الذي هو خلاف القصر لانه إذا كان طويلا ففيه كمال وزيادة كما انه إذا كان قصيرا ففيه قصور ونقصان وسمى الغنى ايضا طولا لانه ينال به من المرادات ما لا ينال عند الفقر كما انه ينال بالطول ما لا ينال بالقصر انتهى وَقالُوا ذَرْنا دعنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ اى الذين قعدوا عن الغزو لما بهم من عذر رَضُوا اى المنافقون بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ اى مع النساء المتخلفات فى البيوت

[سورة التوبة (9) : الآيات 88 إلى 89]

والحي بعد أزواجهن جمع خالفة فالتاء للتأنيث وقد يقال الخالفة الذي لا خير فيه فالتاء للنقل من الوصفية الى الاسمية لا للتأنيث ولعل الوجه فى تسمية من لا خير فيه من الرجال خالفة كونه غير مجيب الى ما دعى اليه من المهمات وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ [ومهر نهاده شده بر دلهاى ايشان] قال الحدادي معنى الطبع فى اللغة جعل الشيء كالطابع نحو طبع الدينار والدرهم قال فى المصادر والتركيب يدل على نهاية ينتهى إليها الشيء حتى يختم عندها ويقاس على هذا طبع الإنسان وطبيعته وطباعه اى سجيته التي جبل عليها وخص القلب بالختم لانه محل الفهم ولذا قال فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ما فى الايمان بالله وطاعته فى أوامره ونواهيه وموافقة الرسول والجهاد من السعادة وما فى أضداد ذلك من الشقاوة لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بالله وبما جاء من عنده تعالى اى آمنوا كما آمن هو عليه السلام إذ لا شك ان زمان ايمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان ايمان الرسول فهو كقوله تعالى أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ اى اسلام سليمان اى أسلمت كما اسلم سليمان جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ لكن لم يختل امر الجهاد بتخلفهم لانه قد جاهد من هو خير منهم وأخلص نية ومعتقدا وَأُولئِكَ [وآن كروه] لَهُمُ بواسطة نعوتهم المذكورة الْخَيْراتُ اى منافع الدارين النصر والغنيمة فى الدنيا والجنة والكرامة فى العقبى. ويجوز ان يكون معناه الزوجات الحسان فى الجنة وهن الحور لقوله تعالى فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ وهى جمع خيرة تخفيف خيرة وخيرات العابدين هى الحسنات فهى متعلقة بأعمالهم وخيرات العارفين مواهب الحق تعالى فهى متعلقة بأحوالهم وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ اى الفائزون بالمطلوب لا من حار بعضا من الحظوظ الفانية عما قريب أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ اى هيأ لهم فى الآخرة جَنَّاتٍ جمع جنة وهى البستان الذي فيه أشجار متمرة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من أسافل ارضها او من تحت أشجارها او من تحت القصور والغرف لا تحت الأرض الْأَنْهارُ جمع نهر وهو مسيل الماء سمى به لسعته وضيائه وفى الحديث (فى الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر) ثم تشتق الأنهار منها بعد وقيل النهر واحد ويجرى فيه الخمر والماء والعسل واللبن لا يخالط بعضها بعضا وقال بعضهم الجاري واحد ويختلف باختلاف الامنية خالِدِينَ فِيها اى مقدرا خلودهم فى تلك الجنات الموصوفة ذلِكَ اشارة الى ما فهم من اعداد الله سبحانه لهم الجناة المذكورة من نيل الكرامة العظمى الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه فازوا بالجنة ونعيمها ونجوا من النار وحجميها وفى الحديث (من شهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله حرم الله عليه النار) وفى الخبر (من قال لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة) فقد اشترط فى هذا القول الإخلاص ولا يكون الإخلاص الا بمنعه من الذنوب والا فليس بمخلص ويخاف ان يكون ذلك القول عنده عارية والعارية تسترد منه والإخلاص من صفات القلب وتحليته بالأوصاف الحميدة انما هى بعد تزكية النفس عن الرذائل قال فى التأويلات النجمية الخلاص من حجب النفس وصفاتها هو الفوز العظيم لان عظم الفوز على قدر عظم الحجب ولا حجاب أعظم من حجاب النفس والفوز منها يكون فوزا عظيما انتهى: وفى المثنوى

[سورة التوبة (9) : آية 90]

جمله قرآن شرح خبث نفسهاست ... بنكر اندر مصحف آن چشمت كجاست «1» هين مرو اندر پى نفس چوزاغ ... كو بگورستان برد نى سوى باغ «2» نفس اگر چهـ زير كست وخرده دان ... قبله اش دنياست او را مرده دان «3» وفى الحديث (ان فى الجنة مائة درجة) المراد بالمائة هنا الكثرة وبالدرجة المرقاة (أعدها الله للمجاهدين فى سبيله) وهم الغزاة او الحجاج او الذين جاهدوا أنفسهم لمرضاة ربهم (كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض) وهذا التفاوت يجوز ان يكون صوريا وان يكون معنويا فيكون المراد من الدرجة المرتبة فالاقرب الى الله تعالى يكون ارفع درجة ممن دونه (فان سألتم الله فاسألوه الفردوس) وهو بستان فى الجنة جامع لانواع الثمر (فانه اوسط الجنة) يعنى أشرفها (وأعلى الجنة) قيل فيه دلالة على ان السموات كرية فان الأوسط لا يكون أعلى الا إذا كان كرياوان الجنة فوق السموات تحت العرش قال الامام الطيبي النكتة فى الجمع بين الأوسط والأعلى انه أراد بأحدهما الحسى وبالآخر المعنوي وأقول يحتمل ان يكونا حسيين لان كونهما احسن وازين مما يحس (وفوقه عرش الرحمن) هذا يدل على انه فوق جميع الجنان (ومنه تفجر) أصله تتفجر فحذف احدى التاءين (انهار الجنة) وهى اربعة مذكورة فى قوله تعالى فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى المراد منها اصول انهار الجنة كذا فى شرح المشارق لابن ملك نسأل الله سبحانه الرفيق الأعلى والنظر الى وجهه الابهى وجماله الأسنى وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ من عذر فى الأمر إذا قصر فيه وتوانى ولم يجدوا حقيقته ان يوهم ان له عذرا فيما يفعل ولا عذر له. فالمعذر اسم فاعل من باب التفعيل او من اعتذر إذا مهد العذر بإدغام التاء فى الذال ونقل حركتها الى العين فيكون اسم فاعل من باب الافتعال والاعتذار قد يكون بالكذب وقد يكون بالصدق وذلك لان الاعتذار عبارة عن الإتيان بما هو فى صورة العذر سواء كان للمعتذر عذر حقيقة او لم يكن. والاعراب سكان البوادي من العرب لا واحد له والعرب خلاف العجم وهم سكان الأمصار او عام والعربة ناحية قرب المدينة واقامت قريش بعربة فنسبت العرب إليها وهى باحة العرب وباحة دار ابى الفصاحة إسماعيل عليه السلام كما فى القاموس. والمراد بالمعذرين اسد وغطفان واستأذنوا فى التخلف حين الخروج الى غزوة تبوك معتذرين بالجهد اى ضيق العيش وكثرة العيال او رهط عامر بن الطفيل قالوا ان غزونا معك أغارت اعراب طى على أهالينا ومواشينا فقال عليه السلام (سيغنينى الله عنكم) واختلفوا فى انهم كانوا معتذرين بالتصنع او بالصحة والظاهر الثاني ويدل عليه كلام القاموس حيث قال قوله تعالى وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ بتشديد الذال المكسورة هم المعتذرون الذين لهم عذر وقد يكون المعذر غير محق فالمعنى المقصرون بغير عذر انتهى أقول وعلى كل حال لا يثبت النفاق إذا المقصر وهو المعتذر للفتور والكسل لا يكون كافرا وان كان مذموما وقد اضطرب كلام المفسرين هناك فعليك بضبط المبنى وأخذ المعنى وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وهم منافقوا الاعراب الذين لم يجيبوا ولم يعتذروا

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان رجوع بقصه پروردن حق تعالى نمرود را إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاغ إلخ (3) در اواسط دفتر چهارم در بيان خطاب با مغرور از دنيا وگرفتار از نفس اماره

[سورة التوبة (9) : الآيات 91 إلى 95]

ولم يستأذنوا فى القعود فظهر انهم كذبوا الله ورسوله فى ادعاء الايمان والطاعة قال فى انسان العيون وجاء المعذرون وهم الضعفاء والمقلون من الاعراب ليؤذن لهم فى التخلف فاذن لهم وكانوا اثنين وثمانين رجلا وقعد آخرون من المنافقين بغير عذر واظهار علة وجراءة على الله ورسوله وقد عناهم الله بقوله وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ انتهى سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ اى من الاعراب او من المعذرين وعلى كل تقدير فمن تبعيضية لا بيانية إذ ليس كلهم كفرة وقد علم الله تعالى ان بعض الاعراب سيؤمن وان بعض المعذرين يعتذر لكسله لا لكفره عَذابٌ أَلِيمٌ بالقتل والاسر فى الدنيا والنار فى الآخرة قال فى التأويلات النجمية الخلق ثلاث طبقات. الاولى المعذرون وهم المقصرون المعترفون بتقصيرهم وذنوبهم التائبون عن ذنوبهم المتداركون بالرحمة والمغفرة. والثانية القاعدون وهم الكاذبون الكذابون الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله من الكافرين والمنافقين المتداركون بالخذلان والعذاب الأليم كما قال وَقَعَدَ الَّذِينَ الآية. والثالثة المؤمنون المخلصون الصادقون الناصحون ولكن فيهم اهل العذر واليه الاشارة بقوله تعالى لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ [نيست بر ناتوانان وعاجزان] كالهرمى والزمنى جمع هرم بكسر الراء وهو كبير السن وجمع زمن وهو المقعد وَلا عَلَى الْمَرْضى [ونه بر بيماران ومعلول] جمع مريض وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ لفقرهم كمزينة وجهينة وبنى عذرة حَرَجٌ اثم فى التخلف والتأخر عن الغزو ثم انه تعالى شرط فى انتفاء الحرج عنهم شرطا معينا فقال إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ قال ابو البقاء العامل فيه معنى الكلام اى لا يخرجون حينئذ. والنصح اخلاص العمل من الغش يقال نصح الشيء إذا خلص ونصح له فى القول إذا كلمه بما هو خير محض له والناصح الخالص وفى الحديث (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة) ذكرها ثلاث مرات قيل هذا الكلام مدار الإسلام لان النصيحة هى ارادة الخير معناه عماد الدين النصيحة كما يقال الحج عرفة اى عماده (قالوا لمن يا رسول الله قال لله) معنى نصيحته تعالى الايمان به واخلاص العمل فيما امر به (ولرسوله) نصيحته تصديقه بكل ما علم مجيئه به واحياء طريقه (ولكتابه) نصيحته الاعتقاد بانه كلام الله والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابهه وفى الحقيقة هذه النصائح راجعة الى العبد (ولائمة المسلمين) نصيحتهم اطاعتهم فى المعروف وتنبيههم عند الغفلة (وعامتهم) نصيحة عامة المسلمين دفع المضار عنهم وجلب المنافع إليهم بقدر الوسع كذا فى شرح المشارق لابن ملك. فمعنى الآية ان المتخلفين من اصحاب الاعذار لا اثم عليهم فى تخلفهم إذا أخلصوا الايمان لله ولرسوله وامتثلوا أمرهما فى جميع الأمور ومعظمها ان لا يفشوا ما سمعوه من الأراجيف فى حق الغزاة وان لا يثيروا الفتن وان يسعوا فى إيصال الخير الى المجاهدين ويقوموا بإصلاح مهمات بيوتهم ويسعوا فى إيصال الاخبار السارة من بيوتهم إليهم ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ استئناف مقرر لمضمون ما سبق اى ليس عليهم جناح ولا الى معاتبتهم سبيل ومن زائدة لعموم النفي ووضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على انتظامهم بنصحهم لله ورسوله فى سلك المحسنين وقد اشتهر ان تعليق الحكم على الوصف

[سورة التوبة (9) : الآيات 92 إلى 93]

المناسب يشعر بعلية الوصف له وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ يشير الى ان بهم حاجة الى المغفرة وان كان تخلفهم بعذر فان الإنسان محل التقصير والعجز فلا يسعه الا العفو: وفى المثنوى شمس هم معده زمين را كرم كرد ... تا زمين باقى حدثها را بخورد جزؤ خاكى كشت ورست از وى نبات ... هكذا يمحو الا له السيئات اى كه من زشت وخصالم نيز زشت ... چون شوم كل چون مرا او خار گشت نو بهارا حسن كل ده خار را ... زينت طاوس ده آن مار را وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ عطف على المحسنين اى ليس شىء ثابتا على المحسنين ولا على الذين إذا ما أتوك [چون بيامدند بسوى تو ودرخواست كردند لِتَحْمِلَهُمْ تا ايشانرا دستورى دهى ويا خود بحرب برى] وهم البكاءون سبعة من الأنصار معقل بن يسار وصخر بن الخنساء وعبد الله بن كعب وسالم بن عميرة وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن مغفل وعلية بن زيد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة فنغزو معك فقال عليه السلام (لا أجد) فتولوا وهم يبكون وقيل هم بنوا مقرن كمحدث وكانوا سبعة اخوة كلهم صحبوا النبي عليه السلام وليس فى الصحابة سبعة اخوة غيرهم كذا فى تفسير القرطبي قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ حال من الكاف فى أتوك بإضمار قد اى إذا ما أتوك قائلا لا أجد وما عامة لما سألوه عليه السلام وغيره مما يحمل عليه عادة من النفقة والظهر وفى إيثار لا أجد على ليس عندى من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفى كأنه عليه السلام يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده تَوَلَّوْا جواب إذا [كشتند از پيش تو] وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ اى تسيل بشدة مِنَ الدَّمْعِ [از أشك يعنى أشك از ديدهاى ايشان ميريخت] واسناد الفيض الى العين مجازى كسال الميزاب والأصل يفيض دمعها عدل الى هذه الصور للدلالة على المبالغة فى فيضان الدمع كان العين كلها دمع فياض حَزَناً نصب على العلية والعامل تفيض لا يقال فاعل الفيض مغاير لفاعل الحزن فكيف نصب لا نانقول ان الحزن يجوز اسناده الى العين مجازا فيقال عين حزينة وعين مسرورة أَلَّا يَجِدُوا ان مصدرية بتقدير لام متعلقة بحزنا اى لئلا يجدوا ما يُنْفِقُونَ فى شراء ما يحتاجون اليه إذ لم يجدوه عندك قال الكاشفى [عمر وعباس وعثمان رضى الله عنهم ايشانرا زاد وتوشه ومركب داده همراه بردند پس حق تعالى ميفرمايد كه بدين نوع مردم اگر تخلف كنند حرجى وعنابى نيست] إِنَّمَا السَّبِيلُ بالمعاتبة عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ فى التخلف وَهُمْ أَغْنِياءُ واجدون لاهبة الغزو مع سلامتهم رَضُوا استئناف تعليل لما سبق كأنه قيل ما بالهم استأذنوا وهم اغنياء فقيل رضوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ اى النساء رضى بالدناءة وإيثارا للدعة وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [ومهر نهاد خداى تعالى از خذلان بر دلهاى ايشان] حتى غفلوا عن وخامة العاقبة فَهُمْ بسبب ذلك لا يَعْلَمُونَ ابدا غائلة ما رضوا به وما يستتبعه آجلا كما لم يعلموا بخساسة شانه آجلا قال ارسطوا الارتقاء الى السؤدد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل وسئل عيسى عليه السلام أي الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال أي هذين

اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله اتقاهم فالعلو والشرف فى التقوى واختيار المجاهدة على الراحة والحزن والبكاء على الفرح والسرور وفى الحديث (اقرب الناس الى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه) وقال حكيم الدنيا سوق الآخرة والعقل قائد الخير والمال زداء التكبر والهوى مركب المعاصي والحزن مقدمة السرور: قال الصائب هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت وقد ذم الله تعالى اهل النفاق بالفرح والاستهزاء ومدح اهل الإخلاص بالحزن والبكاء وادي ضحك أولئك الى البكاء الكثير وبكاء هؤلاء الى الضحك الوفير: وفى المثنوى تا نكريد ابر كى خندد چمن ... تا نكريد طفل كى جوشد لبن «1» هر كجا آب روان سبزه بود ... هر كجا أشك روان رحمت شود «2» باش چون دولاب نالان چشم تر ... تا ز صحن جانت بر رويد خضر ثم ان الله تعالى انما يمنع المرء عن مراده ليستعد له وليزداد شوقه الا ترى الى النبي عليه السلام كيف قال لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ عزة وترفعا واستغناء ودلالا كما قال تعالى لموسى عليه السلام عند سؤاله بقوله رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ليزيد بهذا المنع والتعزر شوق موسى عليه السلام فكان منع النبي عليه السلام عنهم من هذا القبيل فزادهم الشوق والحرص على الغزو فلما غلب الشوق وزاد الطلب اعطوا مامولهم وأجيب سؤلهم كاسبق وهذه حال الصورة وقس عليها حال المعنى فكما ان الفرح فى عالم الصورة لا يقدر على الطيران قبل نبات الجناح وهو من الشعر فكذا العاشق لا يقدر على الطيران فى عالم المعنى قبل وجود الجناح وهو من العلم والعمل والشوق الى المولى والتوجه الى الحضرة العليا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت جعفر بن ابى طالب ملكا يطير فى الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاه مخضوبة قوادمه بالدماء) قال الامام المنذرى وكان جعفر قد ذهبت يداه فى سبيل الله يوم موته فابدله الله بهما جناحين فمن أجل ذا سمى جعفر الطيار قال السهيلي ما ينبغى الوقوف عليه فى معنى الجناحين انهما ليسا كما سبق الى الوهم على مثل جناحى الطائر وريشه لان الصورة الآدمية اشرف الصور وأكملها وفى قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم على صورته) تشريف لها عظيم وحاش لله من التشبيه والتمثيل ولكنها عبارة عن صورة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة وقد قال الله تعالى لموسى عليه السلام وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ فعبر عن العضد بالجناح توسعا وليس ثمة طيران فكيف بمن اعطى القوة على الطيران مع الملائكة اخلق به اذن بوصف الجناح مع كمال الصورة الآدمية وتمام الجوارح البشرية وقد قال اهل العلم فى اجنحة الملائكة ليست كما يتوهم من اجنحة الطير ولكنها صفات ملكية لا تفهم الا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فكيف تكون كاجنحة الطير على هذا ولم ير طائر له ثلاثة اجنحة ولا اربعة فكيف بستمائة جناح كما جاء فى صفة جبريل فدل على انها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر ولا ورد ايضا فى بيانها خبر فيجب علينا

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب رجوع آن كافر وديدن پيغمبر را در شستن (2) در أوائل دفتر يكم در بيان كثر ماندن دهان آن شخصى گستاخ إلخ

[سورة التوبة (9) : الآيات 94 إلى 95]

الايمان بها ولا يفيدنا اعمال الفكر فى كيفيتها علما وكل امرئ قريب من معاينة ذلك فاما ان يكون من الذين تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ واما ان يكون من الذين تقول لهم الْمَلائِكَةُ وهم باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ كذا فى فتح القريب والله يهدى كل مريب تم الجزء العاشر فى اليوم الثاني من ذى الحجة المنتظم فى سلك شهور سنة احدى ومائة والف وذلك فى دارى الواقعة ببلدة بروسة حماها الله والحمد لله تعالى الجزء الحادي عشر من الاجزاء الثلاثين يَعْتَذِرُونَ اى يعتذر المنافقون إِلَيْكُمْ فى التخلف وكانوا بضعة وثمانين رجلا والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والآية نزلت قبل وقوع الاعتذار ولذا قال الكاشفى [إلقاء اعتذار خواهد كرد منافقان بسوى شما] إِذا رَجَعْتُمْ من غزوة تبوك منتهين إِلَيْهِمْ وانما لم يقل الى المدينة إيذانا بان مدارا الاعتذار هو الرجوع إليهم لا الرجوع الى المدينة فلعل منهم من بادر بالاعتذار قبل الرجوع إليها قُلْ يا محمد والتخصيص لما ان الجواب من وظيفته عليه السلام لا تَعْتَذِرُوا اى لا تفعلوا الاعتذار لانه لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ لن نصدقكم فى اعتذاركم لانه قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ اى أعلمنا بالوحى بعض اخباركم المنافية للتصديق وهو ما فى ضمائركم من الشر والفساد: وفى المثنوى از منافق عذر رد آمد نه خوب ... ز انكه در لب بود آن نى در قلوب «1» كذب چون خس باشد ودل چودهان ... خس نكردد در دهان هرگز نهان «2» وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فيما سيأتى وَرَسُولُهُ أتتوبون عن الكفر والنفاق أم تثبتون عليه وكأنه استتابة وامهال للتوبة ثُمَّ تُرَدُّونَ يوم القيامة إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وهو ما غاب عن العباد وَالشَّهادَةِ وهو ما علمه العباد فَيُنَبِّئُكُمْ عند ردكم اليه ووقوفكم بين يديه بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من الأعمال السيئة السابقة واللاحقة والمراد بالتنبئة بذلك المجازاة به وايثارها عليها للايذان بانهم ما كانوا عالمين فى الدنيا بحقيقة أعمالهم وانما يعلمونها يومئذ حين يرونها على صورها الحقيقة سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ تأكيدا لمعاذيرهم الكاذبة القائلين والله ما قدرنا على الخروج ولو قدرنا عليه لما تخلفنا إِذَا انْقَلَبْتُمْ اى انصرفتم من الغزو إِلَيْهِمْ وهم جد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ اعراض صفح وهو الاعراض عن الذنب وتتركوا لومهم وتعنيفهم فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ لكن لا اعراض رضى كما هو طلبتهم بل اعراض اجتناب ومقت وتحقير إِنَّهُمْ رِجْسٌ اى كالنتن الذي يجب الاجتناب عنه وفيهم رجس روحانى وقال فى التبيان اى نجس وعملهم

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان مثل در آنكه در مخبر دولتى چون فرق اثر نبينى جاى متهم داشتن إلخ (2) در اواسط دفتر ششم در بيان منادى كردن سيد ملك ترمد كه إلخ

[سورة التوبة (9) : الآيات 96 إلى 100]

قبيح لا يتطهرون بالتقريع وَمَأْواهُمْ اى مصيرهم جَهَنَّمُ من تمام التعليل فان كونهم من اهل النار من دواعى الاجتناب وموجبات ترك استصلاحهم باللوم والعتاب جَزاءً اى يجزون جزاء بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فى الدنيا من فنون السيئات يَحْلِفُونَ به تعالى لَكُمْ [براى شما] لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ بحلفتهم الكاذبة ولتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ المتمردين فى الكفر فان رضاكم لا يستلزم رضى الله ورضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كانوا فى سخط الله وبصدد عقابه والمقصود من الآية نهى المخاطبين عن الرضى عنهم والاغترار بمعاذيرهم الكاذبة على ابلغ وجه وآكده فان الرضى عمن لا يرضى عنه الله تعالى مما لا يكاد يصدر عن المؤمن كما فى الإرشاد- روى- ان النبي عليه السلام حين قدم المدينة قال (لا تجالسوهم ولا تكلموهم) وفيه اشارة الى هجر المنافق والمصر على ذنبه الى ان يتوب قال محمد الباقر رضى الله عنه أوصاني ابى زين العابدين رضى الله عنه فقال لا تصحبن خمسة ولا تحاد بهم ولا ترافقهم فى الطريق. لا تصحبن فاسقا فانه يبيعك باكلة فمادونها. قلت يا أبت وما دونها قال يطمع فيها ثم لا ينالها. ولا تصحبن البخيل فانه يقطع بك أحوج ما تكون اليه. ولا تصحبن كذابا فانه بمنزلة السراب ببعد عنك القريب ويقرب منك البعيد. ولا تصحبن أحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك وقد قيل عدو عاقل خير من صديق أحمق. ولا تصحبن قاطع رحم فانى وجدته ملعونا فى كتاب الله تعالى فى ثلاثة مواضع ثم فى الآيات بيان ان الاعتذار الباطل مردود على صاحبه وان كان قبول العذر من اخلاق الكرام فى نفس الأمر: وفى المثنوى عذر أحمق بد ترا از جرمش بود ... عذر نادان زهر هر دانش بود وبيان ان اليمين الكاذبة لترويج عذره وغرضه باطلة ومذمومة بل رب يمين صادقة لا يتجاسر عليها من هو بصدد التقوى حذرا من ابتذال اسم الله تعالى فلا بد من ضبط اللسان وفى الحديث (لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) وبيان ان المنافقين رجس اى جعلوا على طينة خبيثة غير طيبة ولذا كسبوا بخباثة تلك الطينة أعمالا خبيثة واوصافا ذميمة وبها صاروا مستحقين للنار مطلقا اى صورية وهى نار جهنم ومعنوية وهى نار القطيعة والهجران من الله تعالى ومن الرسول عليه السلام والمؤمنين أجمعين [شبلى ديد زنى را كه مى كريد وميگويد يا ويلاه من فراق ولدي شبلى گريست وگفت يا ويلاه من فراق الأخدان زن گفت چرا چنين ميگويى شبلى گفت تو گريه ميكنى بر مخلوقى كه هر آيينه فانى خواهد شد من چرا گريه نكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد] فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت ... اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت فعلى العاشق المهجور ان يبكى من ألم الفراق ويبالغ فى الوجد والاشتياق لعل الله تعالى يزيل البين من البين ويجعله بعد غمه وهمه قرير العين ويرضى عنه كما رضى عن الأبرار والمقربين ولا يسخط عليه الى ابد الآبدين الْأَعْرابُ جمع أعرابي كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة فى الجمع والفرق بين العرب والاعراب

ان العرب صنف خاص من بنى آدم سواء سكن البوادي أم القرى. واما الاعراب فلا يطلق الا على من يسكن البوادي فالعرب أعم. وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فيكونان متباينين اى اصحاب البدو أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً من اهل الحضر لان اهل البدو تشبه الوحوش من حيث انهم مجبولون على الامتناع عن الطاعة والانقياد لان استيلاء الهواء الحار اليابس عليهم يزيدهم قساوة لقلوبهم وهى تستتبع التكبر والفخر والطيش عن الحق ولان من لم يدخل تحت تأدب مؤدب ولم يخالط اهل العلم والمعرفة ولم يستمع كتاب الله ومواعظ رسوله كيف يكون مساويا لمن أصبح وامسى فى صحبة اهل العلم والحكمة مستمعا لمواعظ الكتاب والسنة ولذا ورد فى الحديث (اهل الكفور اهل القبور) الكفور جمع كفر وهى القرية لسترها الناس. والمعنى ان سكان القرى بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأمصار والجمع وفى الفردوس الأعلى يريد بها القرى البعيدة عن الأمصار ومجتمع اهل العلم لكون الجهل عليهم اغلب وهم الى البدع اسرع: قال فى المثنوى ده مرو ده مرد را أحمق كند ... عقل را بي نور وبي رونق كند قول پيغمبر شنو اى مجتبى ... كور عقل آمد وطن در روستا وان شئت تعرف الفرق بين اهل الحضر والبادية فقابل الفواكه الجبلية بالفواكه البستانية قال فى الإرشاد هذا من باب وصف الجنس بوصف بعض افراده كما فى قوله تعالى وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً إذ ليس كل الاعراب كما ذكر على ما ستحيط به خبرا قال الكاشفى [مراد بنو تميم وبنو اسد وغطفان واعراب حوالىء مدينه اند نه تمام اهل باديه بلكه اين جمع مخصوص] وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا اى أحق واولى ان لا يعلموا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ اى حدود العبادات والشرائع المنزلة من الله تعالى على رسوله فرائضها وسننها وذلك لكونهم ابعد عن استماع القرآن والسنن ولذلك تكره امامة الاعرابى فى الصلاة كما فى الحدادي قال العلماء إذا كان الامام يرتكب المكروهات فى الصلاة كره الاقتداء به وينبغى للناظر وولى الأمر عزله كما فى فتح القريب وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال كل من اهل الوبر والمدر حَكِيمٌ فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم من العقاب والثواب قال فى التأويلات النجمية ان فى عالم الإنسان بدوا وهو نفسه وحضرا وهو قلبه كما ان فى عالم الصورة بدوا وحضرا والاعراب اشارة الى النفس وهواها وهو الكفر والنفاق لها ذاتى كما ان الايمان للقلب ذاتى من فطرة الله التي فطر الناس عليها فيحتمل ان يصير القلب كافرا بسراية صفة النفس اليه فيتلوّن بلون النفس: وفى المثنوى اندك اندك آب را دزدد هوا ... وين چنين دزددهم أحمق از شما گر ميت را دزدد وسردى دهد ... همچنان كو زير خود سنگى نهد كما يحتمل ان تصير النفس مؤمنة لسراية صفة القلب فتلون بلون القلب مكو زنهار اصل عود چوبست ... ببين دودش چهـ مستثنى وخوبست يعنى بسب مجاورة كلاب وذلك مشهور والنفس تكون أشد كفرا ونفاقا من القلب وان كان

[سورة التوبة (9) : الآيات 98 إلى 99]

كافرا كما ان القلب يكون أشد ايمانا من النفس وان كانت مؤمنة وَأَجْدَرُ يعنى النفس وصفاتها اولى من القلب أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ اى من الواردات النازلة على الأرواح فان الروح بمثابة الرسول فى عالم الصورة وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فى ان يجعل بعض النفس الكافرة مؤمنة وبعض القلب المؤمن كافرا وَمِنَ الْأَعْرابِ اى ومن جنس الاعراب الذي نعت بنعت بعض افراده مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ من المال اى يعد ما يصرفه فى سبيل الله ويتصدق به صورة مَغْرَماً مصدر بمعنى الغرامة والغرم وهو ما ينوب الإنسان فى ماله من ضرر لغير جناية ومن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يرجو على إنفاقه فى سبيل الله ثوابا ولا يخاف على تركه عقابا فلا جرم يعد ما أنفقه غرامة وضياع مال بلا فائدة وانما ينفق رياء او تقية وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ والتربص الانتظار. والدوائر جمع دائرة وهى ما يدور حول الإنسان من المصائب والآفات ومعنى تربص الدوائر انتظار المصائب بان تنقلب دولة المسلمين بموت الرسول صلى الله عليه وسلم وغلبة الكفار عليهم فيتخلصوا من الانفاق يقول الفقير وهذا النفاق موجود الآن ألا ترى الى بعض المتسمين بسمة الإسلام كيف يتمنى ظهور الكفار ليتخلص من الانفاق والتكاليف السلطانية ولذا يتصدق الا كرها خلصه الله وإيانا من كيد النفس والشيطان وجعله الله وإيانا من المتحققين بحقيقة الايمان عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ [بر ايشان باد گردش روزگار بدايشان منقلب شود] فهو دعاء عليهم بنحو ما أرادوا بالمؤمنين. والسوء بالفتح مصدر ساء نقيض سر ثم اطلق على كل ضرر وشر وأضيف اليه الدائرة ذاتا كما يقال رجل سوء لان من دارت عليه يذمها وهى من باب اضافة الموصوف الى صفته فوصفت فى الأصل بالمصدر مبالغة ثم أضيفت الى صفتها وَاللَّهُ سَمِيعٌ لما يقولون عند الانفاق مما لا خبر فيه عَلِيمٌ بما يضمرونه من الأمور الفاسدة التي من جملتها ان يتربصوا بكم الدوائر وَمِنَ الْأَعْرابِ اى من جنسهم على الإطلاق كما فى الإرشاد من اسد وجهينة وغفار واسلم كما فى التبيان مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قال فى الروضة سمع أعرابي قوله تعالى الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً فانقبض ثم سمع وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فقال الله اكبر هجانا الله ثم مدحنا وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ اى ينفقه فى سبيل الله قُرُباتٍ اى سبب قربات وذرائع إليها وهى ثانى مفعولى يتخذ عِنْدَ اللَّهِ صفتها قال الحدادي اى يتخذ نفقته فى الجهاد تقربا الى الله تعالى فى طلب المنزلة عنده والثواب والجمع باعتبار انواع القربات او افرادها وفيه اشارة الى الحديث القدسي (من تقرّب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) وَصَلَواتِ الرَّسُولِ اى وسائل إليها وسببها فانه عليه السلام كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم ولذلك سن للمتصدق عليه وهو من يأخذ الصدقة ان يدعو للمتصدق اى معطى الصدقة عند أخذ صدقته لكن ليس له ان يصلى عليه كما فعله عليه السلام حين قال (اللهم صل على آل ابى اوفى) فان ذلك منصبه فله ان يتفضل به على من يشاء أَلا كلمة تنبيه إِنَّها اى النفقة المدلول عليها بما ينفق والتأنيث باعتبار الخير قُرْبَةٌ عظيمة لَهُمْ اى سيقربهم الله بهذا الانفاق إذا فعلوه وهو شهادة لهم من جناب الله تعالى بصحة ما اعتقدوه من كون ما ينفقونه

[سورة التوبة (9) : آية 100]

فى سبيل الله سبب قربات وتصديق لرجائهم سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ وعد لهم بإحاطة رحمته الواسعة بهم وتفسير للقربة. والسين لتحقيق الوعد لانها فى الإثبات بمنزلة لن فى النفي وقال الكاشفى [زود باشد كه در آرد خداى تعالى ايشانرا در بهشت خود كه محل نزول رحمتست] إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ [آمر زنده است مر متصدقانرا] رَحِيمٌ [مهربانيست بر مقربان] واعلم ان فضل الصدقة والانفاق لا يخفى على أحد- حكى- انه وقع القحط فى بنى إسرائيل فدخل فقير سكة من السكك وكان فيها بيت غنى فقال تصدقوا علىّ لاجل الله فاخرجت اليه بنت الغنى خبزا حارا فاستقبله الغنى فقال من دفع إليك هذا الخبز فقال ابنة من هذا البيت فدخل وقطع يد ابنته اليمنى فحول الله حاله فافتقر ومات فقيرا ثم ان شابا غنيا استحسن الابنة لكونها حسناء فتزوجها وأدخلها داره فلما جن الليل أحضرت مائدة فمدت اليد اليسرى فقال الغنى سمعت ان الفقراء يكونون قليلى الأدب فقال مدى يدك اليمنى فمدت اليسرى ثانيا وثالثا فهتف بالبيت هاتف اخرجى يدك اليمنى فالرب الذي أعطيت الخبز لاجله رد عليك يدك اليمنى فاخرجت يدها اليمنى بامر الله تعالى وأكلت كذا فى روضة العلماء ففى الحكاية ان من آتاه الله تعالى نعمة فلم يؤد شكرها عوقب بزوالها ألا ترى الى بلعم لم يشكر نعمة الإسلام فقبضه الله على ملة الكفر كما فى منهاج العابدين فان من طلب رضى الله تعالى فى كل فعل وترك جبر الله كسره وان الاكل باليسرى خلاف الأدب فان الشيطان يأكل بيساره الا ان يكون معذورا بسبب من الأسباب: وفى المثنوى گفت پيغمبر كه دائم بهر پند ... دو فرشته خوش منادى ميكنند «1» كاى خدايا منفقانرا سيردار ... هر درمشان را عوض ده صد هزار اى خدايا ممسكانرا در جهان ... تو مده الا زيان اندر زيان آن درم دادن سخى را لائق است ... جان سپردن خود سخاى عاشق است «2» نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند هر كه كارد گردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اسبش وموش وحوادثهاش خورد قيل ما منع مال من حق إلا ذهب فى باطل أضعافه قال على رضى الله عنه فرض فى اموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير الا بما منع غنى والله سائلهم عن ذلك وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ والمراد قدماء الصحابة وهم الذين سبقوا الى الايمان وصلوا الى القبلتين وشهدوا بدرا وكان أول من اسلم خديجة رضى الله عنها وعليه الجمهور وَالْأَنْصارِ اهل بيعة العقبة الاولى وكانوا سبعة نفر واهل العقبة الثانية وكانوا سبعين والذين آمنوا حين قدم عليهم ابو زرارة مصعب بن عمير كما سيأتى وانما مدح السابقين لان السابق امام للتالى والفضل للمتقدم وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ اى ملتبسين به والمراد به كل خصلة حسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين. وقيل المراد بهم جميع الصحابة من المهاجرين والأنصار فانهم سابقون الى الإسلام بالنسبة الى سائر المسلمين فمن بيانية والتابعون هم اهل الايمان الى يوم القيامة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير دعاى آن دو فرشته إلخ (2) در اواسط دفتر يكم در بيان قربانى كردن سروران عرب باميد قبول افتادن

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خبر للمبتدأ اى رضى عنهم بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم وَرَضُوا عَنْهُ بما نالوا من نعمه الدينية والدنيوية وَأَعَدَّ لَهُمْ [وآماده كرد خداى تعالى مر ايشانرا] جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ [بستانها كه ميرود در زير درختان آن جويها] القراء يقرأون تحتها الأنهار فى هذا الموضع بغير من الا ابن كثير فانه يقرأ من تحتها كما هو فى سائر المواضع خالِدِينَ فِيها مقدرا خلودهم فى تلك الجنات أَبَداً من غير انتهاء فهو لاستغراق المستقبل كما ان الأزل لاستغراق الماضي ولاستعمالهما فى طول الزمانين جدا قد يضافان الى جمعهما فيقال ابدا الآباد وازل الآزال واما السرمد فلاستغراق الماضي والمضارع ذلِكَ اشارة الى ما فهم من اعداد الله سبحانه لهم الجنات المذكورة من نيل الكرامة العظمى الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه واعلم انه عليه السلام اوحى اليه وهو ابن أربعين سنة فى مكة فبايعه جماعة من الناس فعدا عليهم كفار قريش فظلموهم ليردوهم الى ما كانوا عليه فامرهم النبي عليه السلام بالهجرة الى ارض الحبشة وملكها وهو النجاشي فخرجوا نحوا من ثمانين رجلا من رجب من السنة الخامسة من النبوة وهذه هى الهجرة الاولى ثم بايعه فى كل واحدة من العقبتين جمع من الأنصار وكانت بيعة العقبة الاولى فى سنة احدى عشرة من النبوة وبيعة العقبة الثانية فى السنة الثانية عشرة ولما انصرف اهل العقبة الثانية الى المدينة بعث عليه السلام معهم مصعب ابن عمير ليفقه أهلها ويعلمهم القرآن فاسلم خلق كثير منهم وسمى اهل المدينة أنصارا مع ان المهاجرين ايضا نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانهم نصروه عليه السلام والذين هاجروا إليهم من المؤمنين لما جاؤهم آووهم ونصروهم ثم اجتمعوا جميعا على نصرته صلى الله عليه وسلم فى الغزوات ثم هاجر عليه السلام الى المدينة فى السنة الرابعة عشرة من النبوة وهى الهجرة الثانية. واما تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة فهو وقع يوم الثلاثاء من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقامه بالمدينة وفى هذه السنة وقعت غزوة بدر الكبرى فى شهر رمضان فى تاسع عشرة وكانت غزوة الحديبية فى سنة ست من الهجرة وفيها وقعت بيعة الرضوان قيل اجمع أصحابنا على ان أفضل هذه الامة الخلفاء الاربعة. ثم الستة الباقون الى تمام العشرة. ثم البدريون. ثم اصحاب أحد. ثم اهل بيعة الرضوان بالحديبية وفى السابقون وجوه اخر السابقون اى الذين سبقت لهم العناية الازلية كما قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الأولون فى سبق العناية لهم. وايضا السابقون فى الخروج من العدم الأولون عند الخروج وهم اهل الصف الاول فى عالم الأرواح إذ كانت الأرواح صفوفا كالجنود المجندة. وايضا السابقون فى الخروج من صلب آدم عند أخذ ذرات ذرياته من صلبهم الأولون عند استماع خطاب ربهم. وايضا السابقون الأولون عند تخمير طينة آدم بيده أربعين صباحا بمماسة ذراتهم بيد القدرة وباستكمال تصرف القدرة فى كمال الأربعين. وايضا السابقون عند رجوعهم بقدم السلوك الى حضرة الربوبية على اقرانهم الأولون بالوصول الى سرادقات الجلال واعلم ان هذا السبق مخصوص بالنبي عليه السلام وأمته كما اخبر بقوله (نحن الآخرون السابقون) اى الآخرون خروجا فى الصورة السابقون دخولا فى المعنى قال فى فتح القريب نحن الآخرون فى الزمان

[سورة التوبة (9) : الآيات 101 إلى 105]

والوجود وإعطاء الكتاب (والأولون يوم القيامة) اى بالفضل ودخول الجنة وفصل القضاء فتدخل هذه الامة الجنة قبل سائر الأمم انتهى فالسبق اما بالقدم واما بالهمم والثاني هو المرجح المقدم- يحكى- عن ابى القاسم الجنيد قدس سره قال كنت ابكر الجامع فاسمع قد سبقت يا أبا القاسم فاقدم الوقت فى الجمعة الثانية فاسمع قد سبقت يا أبا القاسم فلم ازل كذلك حتى اصل الصبح فى الجامع فسمعت قد سبقت يا أبا القاسم فسألت الله ان يعرفنى من يسبقنى مع بكورى فهتف بي هاتف من زاوية المحراب الذي سبقك هو الذي يخرج آخر الناس فصليت الجمعة ثم جلست الى العصر فصليت جماعة ثم جلست الى ان خرج الناس وفى آخرهم شيخ همّ اى كبير فتعلقت به فقلت له يا شيخ متى تحضر الجماعة قال وقت الزوال قلت فبأى شىء تسبقنى فقد دللت عليك فقال يا أبا القاسم انا إذا خرجت من الجامع نويت ان بقيت الى يوم مثله حضرت الجامع قال فعرفت ان السبق بالهمم لا بالقدم: قال فى المثنوى أول فكر آخر آمد در عمل ... خاصه فكرى كو بود وصف ازل دل بكعبه ميرود در هر زمان ... جسم طبعى دل بگيرد ز امتنان اين دراز وكوتهى مر جسم راست ... چهـ دراز وكوته آنجا كه خداست چون خدا مر جسم را تبديل كرد ... رفتنش بي فرسخ وبي ميل كرد وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ خبر مقدم لقوله منافقون اى حول بلدتكم يعنى المدينة مِنَ الْأَعْرابِ من اهل البوادي وقد سبق الفرق بينه وبين العرب مُنافِقُونَ وهم جهينة ومزينة واسلم وأشجع وغفار كانوا نازلين حولها وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قوم مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ [خو كرده اند واقامت نموده بر نفاق يا در منافقى ماهر شده اند] والمرود على الشيء التمرن عليه والمهارة فيه باعتياده والمدينة إذا أطلقت أريد بها دار الهجرة التي فيها بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبره من مدن بالمكان إذا اقام به فتكون الميم اصلية. والجمع مدن بضم الدال وإسكانها ومدائن بالهمزة او من دان إذا أطاع والدين الطاعة فتكون الميم زائدة والجمع مداين بلا همز كمعايش بالياء. ولها اسماء كثيرة منها طابة وطيبة بفتح الطاء وسكون الياء لخلوها من الشرك او لطيبها بساكنيها لامنهم ودعتهم او لطيب عيشها فيها او لكونها طاهرة التربة او من النفاق وفى الحديث (تنفى الناس) اى شرارهم (كما ينفى الكير خبث الحديد) وفى الحديث (ان الايمان لبأرز الى المدينة كما تأرز الحية الى جحرها تدخل بلا عوج) والمراد بالمدينة جميع الشام فانها من الشام خص المدينة بالذكر لشرفها فعلى هذا تكون المدينة شامية كما ذهب اليه ابن ملك قال النووي ليست شامية ولا يمانية بل هى حجازية وقال الشافعي مكة والمدينة يمانيتان لا تَعْلَمُهُمْ بيان لقوله مردوا على النفاق اى بلغوا من المهارة فى النفاق الى حيث خفى نفاقهم عليك مع كمال فطنتك وقوة فراستك فالمراد لا تعرف حالهم ونفاقهم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ منافقين ونطلع على أسرارهم ان قدروا ان يلبسوا عليك لم يقدروا ان يلبسوا علينا سَنُعَذِّبُهُمْ السين للتأكيد مَرَّتَيْنِ- روى- انه عليه السلام قام خطيبا يوم الجمعة فقال (اخرج يا فلان فانك منافق اخرج يا فلان فانك منافق)

[سورة التوبة (9) : آية 102]

فاخرج ناسا وفضحهم فهذا هو العذاب الاول والعذاب الثاني عذاب القبر وفى بعض الآثار ان المنافق يسأل أربعين يوما فلا يقدر على الجواب ويجوز ان يكون المراد بالمرتين مجرد التكثير كما فى قوله تعالى ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ اى كرة بعد اخرى ثُمَّ يُرَدُّونَ يوم القيامة إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ هو عذاب النار [وبحقيقت عذاب عظيم بعد ايشانست از درگاه عزت ومحجوبيت ايشان از نور لقا ورؤيت وهيچ عذابى از نكبت حرمان ومشقت هجران بزرگتر نيست] از فراق تلخ ميگوئى سخن ... هر چهـ خواهى كن وليكن آن مكن «1» تلخ تر از فرقت تو هيچ نيست ... بي پناهت غير پيچاپيچ نيست «2» صد هزاران مرگ تلخ از دست تو ... نيست مانند فراق روى تو «3» جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتر از بعد حق وغفلتست «4» زانكه اينها بگذرد وآن نگذرد ... دولت آن دارد كه جان آگه برد از فراق اين خاكها شوره بود ... آب زرد وكنده وتيره بود «5» دوزخ از فرقت چنان سوزان شده است ... بيد از فرقت چنان لرزان بده است كر بگويم از فراق چون شرار ... تا قيامت يك بود از هزار وَآخَرُونَ اى ومن اهل المدينة قوم آخرون اعْتَرَفُوا أقروا بِذُنُوبِهِمْ التي هى تخلفهم عن الغزو وإيثار الدعة عليه والرضى بسوء جوار المنافقين وندموا على ذلك ولم يعتذروا بالمعاذير الكاذبة وهم طائفة من المتخلفين أوثقوا أنفسهم على سوارى المسجد عند ما بلغهم ما نزل فى المتخلفين فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره فدخل المسجد اولا فصلى ركعتين حسب عادته الكريمة ورآهم كذلك فسأل عن شأنهم فقالوا هؤلاء تخلفوا عنك فعاهدوا الله واقسموا ان لا يطلقوا أنفسهم حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقهم فقال عليه السلام (وانا اقسم ان لا أحلهم حتى أومر فيهم) فنزلت فاطلقهم واعذرهم خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً هو ما سبق منهم من الأعمال الصالحة والخروج الى المغازي السابقة وما لحق من الاعتراف بذنوبهم فى التخلف عن هذه المرة وتذممهم وندامتهم على ذلك وَآخَرَ سَيِّئاً هو ما صدر عنهم من الأعمال السيئة اولا وآخرا فيدخل فيه التخلف عن غزوة تبوك وتبديل الواو بالباء حيث لم يقل بآخر يؤذن بكون كل منهما مخلوطا به وهو ابلغ فان قولك خلطت الماء باللبن يقتضى إيراد الماء على اللبن دون العكس وقولك خلطت الماء واللبن معناه إيقاع الخلط بينهما من غير دلالة على اختصاص أحدهما بكونه مخلوطا والآخر بكونه مخلوطا به قال الحدادي يقال خرجوا الى الجهاد مرة وتخلفوا مرة فجمعوا بين العمل الصالح والعمل السيّء كما يقال خلط الدنانير والدراهم اى جمعهما وخلط الماء واللبن اى أحدهما بآخر عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ان يقبل توبتهم المفهومة من اعترافهم بذنوبهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يتجاوز عن سيآت التائب ويتفضل عليه وهو تعليل لما يفيده كلمة عسى من وجوب القبول فانها للاطماع الذي هو من أكرم الأكرمين

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان مراعات كردن زن شورا إلخ: ودر اواخر دفتر پنجم در بيان قصد كردن شاه بكشتن أميران. (2) در اواخر دفتر يكم در بيان تعجب كردن آدم از فعل إبليس (3) در اواخر دفتر پنجم در بيان قصد كردن شاه بكشتن أميران إلخ [.....] (4) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب دادن قاضى صوفى را (5) در اواخر دفتر سوم در بيان قصه وكيل صدر جهان كه متهم شد إلخ

[سورة التوبة (9) : آية 103]

إيجاب وأي إيجاب قال ادى وانما ذكر لفظ عسى ليكون الإنسان بين الطمع والإشفاق فيكون ابعد من الاتكال والإهمال چون بدى كناهرا دانى ... كشدت جانب پشيمانى ور ندانى كناهرا كه بدست ... آن نشان شقاوت ابدست اعلم ان بعض النفوس منافق وبعضها كافر وبعضها مؤمن فالمنافق منها كالصفة الحيوانية من الشهوات فانها تتبدل بالعفة عند استيلاء القلب على النفس بسياسة الشريعة وتربية الطريقة ظاهرا لا حقيقة لانها لا تتبدل بالكلية بحيث تنتزع عنها الشهوة بل تكون مغلوبة والكافر منها كالصفة البهيمية فى طلب الاغتذاء من طلب المأكول والمشروب فانها لا تتبدل بضدها وهو الاستغناء عن الاكل والشرب لحاجة الجسد الى الغذاء بدل ما يتحلل من الجسد والمؤمن منها كالصفة السبعية والشيطانية من الغضب والكبر والعداوة والخيانة فانها تحتمل ان تتبدل بأضدادها من الحلم والتواضع والمحبة والصدق والامانة عند استنارة النفس بنور الإسلام وترشح نور الايمان على القلب وانشراح الصدر بنور ربها وهذه الصفات وغيرها من صفات النفس إذا لم تتبدل بالكلية او لم تكن مغلوبة بانوار صفات القلب ففيها بعض النفاق كما جعل النبي عليه السلام الكذب والخيانة وخلف الوعد والغدر من النفاق فقال (اربع من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم انه مسلم إذا حدّث كذب وإذا ائتمن خان وإذا وعد اخلف وإذا عاهد غدر ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها) فعلى العاقل ان يجتهد باحكام الشريعة وآداب الطريقة الى ان يحصل الخلاص من النفاق بالكلية ثم ان الاعتراف بالخطيئة ميراث للمؤمن من أبيه آدم عليه السلام- روى- انه بكى على ذنبه مائتى سنة حتى قبل الله توبته وغفر ذنبه ولذا قالوا ينبغى للنائب ان يكثر البكاء والتذلل عند التوبة ويصلى على النبي عليه السلام فانه شفيع لكل نبى وولى ولذا توسل به آدم الى الله تعالى حيث قال الهى بحق محمد ان تغفر لى ويستغفر لجميع المؤمنين والمؤمنات ومعنى الاستغفار سؤال العبد ربه ان يغفر له ذنوبه ومعنى مغفرته لذنوب عباده ان يسترها عليهم بفضله ولا يكشف أمورهم لخلقه ولا يهتك سترهم ومن شرط التوبة ان لا يتعمد ذنبا فان وقع منه بسهو او خطأ فهو معفو عنه بفضل الله تعالى: قال الحافظ جايى كه برق عصيان بر آدم صفى زد ... ما را چگونه زيبد دعوىء بي گناهى خُذْ يا محمد مِنْ أَمْوالِهِمْ اى من اموال هؤلاء المتخلفين المعترفين بذنوبهم صَدَقَةً حال كونك تُطَهِّرُهُمْ اى عما تلطخوا به من اوضار التخلف وَتُزَكِّيهِمْ بِها اى تنمى بتلك الصدقة وأخذها حسناتهم وترفعهم الى مراتب المخلصين- روى- انه لما حلهم النبي عليه السلام من وثاقهم وتاب الله عليهم راحوا الى منازلهم وجاؤا باموالهم كلها وقالوا يا رسول الله هذه أموالنا خلفتنا عنك خذها فتصدق بها عنا فكره النبي عليه السلام ذلك فنزلت هذه الآية فاخذ رسول الله ثلث أموالهم لتكمل به توبتهم ويكون جاريا مجرى الكفارة لتخلفهم فهذه الصدقة ليست الصدقة المفروضة فانها

لا تؤخذ هكذا وقيل هذا كلام مبتدأ نزل لا يجاب أخذ الزكاة من الأغنياء عليه وان لم يتقدم ذكر لهم كقوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ لدلالة الحال على ذلك والمعنى. خذ من اموال اغنياء المسلمين صدقة اى زكاة وسميت بها لدلالتها على صدق العبد فى العبودية واليه ذهب اكثر الفقهاء قال فى الاختيار من امتنع عن أداء الزكاة أخذها الامام كرها ووضعها موضعها لقوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وفى الأشباه المعتمد فى المذهب عدم الاخذ كرها قال فى المحيط ومن امتنع من أداء الزكاة فالساعى لا يأخذ منه كرها ولو أخذ لا يقع عن الزكاة لكونها بلا اختيار ولكن يجبره بالحبس ليؤدى بنفسه انتهى قال فى المبسوط وما يأخذ ظلمة زماننا من الصدقات والعشور والجزية والخراج والجبايات والمصادرات فالاصح ان يسقط جميع ذلك عن ارباب الأموال إذا نووا عند الدفع التصدق عليهم وقيل علم من يأخذه بما يأخذ شرط فالاحوط ان يعاد وَصَلِّ عَلَيْهِمْ اى ادع لهم بالخير والبركة واستغفر لهم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ تسكن إليها نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم فهو فعل بمعنى مفعول كالنقض بمعنى المنقوض وَاللَّهُ سَمِيعٌ باعترافهم عَلِيمٌ بندامتهم قال فى الكافي الصلاة على الميت مشروعة بقوله تعالى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وقوله عليه السلام (صلوا على كل بر وفاجر) - روى- ان آدم عليه السلام لما توفى اتى بحنوط وكفن من الجنة ونزلت الملائكة فغسلته وكفنته فى وتر من الثياب وحنطوه وتقدم ملك منهم فصلى عليه وصلت الملائكة خلفه وفى رواية قال ولده شيث لجبريل عليه السلام صلى عليه فقال له جبريل تقدم أنت فصل على أبيك فصلى عليه وكبر ثلاثين تكبيرة ثم اقبروه ثم الحدوه ونصبوا اللبن عليه وابنه شيث الذي هو وصيه معهم فلما فرغوا قالوا له هكذا فاصنع بولدك وإخوتك فانها سنتكم ومنه يعلم ان الغسل والتكفين والصلاة والدفن واللحد من الشرائع القديمة وقال بعضهم صلاة الجنازة من خصائص هذه الامة ولا منافاة لانه لا يلزم من كونها من الشرائع القديمة ان تكون معروفة لقريش إذ لو كانت كذلك لفعلوا ذلك وفى كلام بعضهم كانوا فى الجاهلية يغسلون موتاهم وكانوا يكفنونهم ويصلون عليهم وهو ان يقوم ولى الميت بعد ان يوضع على سريره فيذكر محاسنه كلها ويثنى ثم يقول عليك رحمة الله ثم يدفن- روى- ان النبي عليه السلام لما قدم المدينة وجد البراء بن معرور رضى الله عنه قد مات فذهب رسول الله وأصحابه فصلى على قبره وكبر فى صلاته أربعا فصلاة الجنازة فرضت فى السنة الاولى من الهجرة على ما قالوا ومن أنكر فرضية صلاة الجنازة كفر كما فى القنية وهاهنا ابحاث الاول ان غسل الميت شريعة ماضية والنية لا تشترط لصحة الصلاة عليه وتحصيل طهارته وانما هى شرط لاسقاط الفرض عن ذمة المكلفين اى بغسله فان غسل الميت فرض كفاية فاذا تركوا أثموا فبنية الغسل يسقط الفرض عن ذمة الغاسل وغيره فيقول نويت الغسل لله تعالى وانما يغسل الميت لانه يتنجس بالموت كسائر الحيوانات الدموية الا انه يطهر بالغسل كرامة له ولو وجد ميت فى الماء فلا بد من غسله لان الخطاب بالغسل توجه لبنى آدم ولم يوجد منهم فعل وقيل ان الميت إذا فارقته الروح

وارتاح من شدة النزع انزل فوجب على الاحياء غسله كما فى اسئلة الحكم يقول الفقير فيه نظر لانه انما يجب الاغتسال بالمنى إذا كان بشهوة عند الحنيفة ولم يوجد فى الميت اللهم الا ان يحمل على مذهب الشافعي فان المنى عنده كيفما كان يوجب الاغتسال حتى لو حمل حملا ثقيلا فخرج منه المنى يجب عنده وينبغى ان يكون المغسول مسلما تام البدن او أكثره وفى حكمه النصف مع الرأس فلا يغسل الكافر والنصف بلا رأس وان يكون الغاسل يحل له النظر الى المغسول فلو ماتت امرأة فى السفر يممها ذو رحم محرم منها وان لم يوجد لف اجنبى على يده خرقة ثم يممها وان ماتت امة ييممها اجنبى بغير ثوب وكذا لو مات رجل بين النساء يممته ذات رحم محرم منه او اومته بغير ثوب ولو مات غير المشتهى او المشتهاة غسله الرجل والمرأة وعن ابى يوسف ان الرضيعة يغسلها ذو الرحم وكره غيره ولا يغسل زوجته وتغسل زوجها الا إذا ارتفعت الزوجية بوجه ويستحب ان يكون الغاسل اقرب الى الميت فان لم يعلم فاهل الورع والامانة وان يوضع الميت عند الغسل بموضع خال من الناس مستور عنهم لا يدخله الا الغاسل ومن يعينه كما فى السيرة الحلبية ولو اختلط موتى المسلمين وموتى الكفار فمن كانت عليه علامة المسلمين صلى عليه ومن كانت عليه علامة الكفار ترك ومن لم يكن عليه علامة والمسلمون اكثر غسلوا وكفنوا وصلى عليهم وينوون بالصلاة والدعاء للمسلمين دون الكفار ويدفنون فى مقابر المسلمين وان كان الفريقان سواء او كانت الكفار اكثر لم يصل عليهم ويغسلون ويكفنون ويدفنون فى مقابر المشركين ومن استهل بعد الولادة غسل وسمى وصلى عليه وإلا غسل فى المختار وأدرج فى خرقة ولا يصلى عليه ولو مات لمسلم قريب كافر غسله غسل النحاسة ولفه فى خرقة وألقاه فى حفرة او دفعه الى اهل دينه قال القهستاني لا يجب غسل كافر أصلا وانما يباح غسل كافر غير حربى له ولى مسلم كما فى الجلابي والشهيد لا يغسل ويغسل الشهيد الجنب عنده خلافا لهما وإذا انقطع الحيض والنفاس فاستشهدت فعلى هذا الخلاف وإذا استشهدت قبل الانقطاع تغسل على الأصح ولو مات بغير قتل ولو فى المعركة غسل ولو قتل برجم او قصاص او تعزير او افتراس سبع او سقوط بناء او غرق او طلق او نحوها غسل بلا خلاف كما لو قتل لبغى او قطع طريق غسل فى رواية ولا يصلى عليه فى ظاهر الرواية وعند ابى حنيفة فى الصلاة على المصلوب روايتان ولو قتل نفسه خطأ يصلى عليه بلا خلاف ولو تعمد فالاصح لا يصلى عليه لانه لا توبة له والصلاة شفاعة والثاني ان الصلاة على الميت فرض كفاية عند العامة ووقتها وقت حضوره ولذا قدمت على سنة المغرب كما فى الخزانة وفى الحديث (اسرعوا بالجنازة) واهل مكة فى غفلة عن هذا فانهم غالبا يجيئون بالميت بعيد الظهر او وقت التسبيح فى السحر وقد يكون مات قبل هذا الوقت بكثير فيضعونه عند باب الكعبة حتى يصلى العصر او الصبح ثم يصلى عليه كما فى المقاصد الحسنة يقول الفقير واهل كل بلدة فى غفلة عن هذا فى هذا الزمان سامحهم الله تعالى. وتجوز صلاة الجنازة حين طلوع الشمس واستوائها وغروبها بلا كراهة ان حضرت فى هذه الأوقات وان حضرت قبلها أخرت ويقوم الامام حذاء الصدر لانه محل العلم ونور الايمان ويكبر ويثنى اى يقول

الامام والمؤتم والمنفرد سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ولا اله غيرك قوله وجل ثناؤك لم يذكر فى الأحاديث المشهورة فلم يأت به مصلى الفرض ولا بأس للمتنقل بإتيانه به لان النفل مبنى على التوسيع فيجوز فيه ما لا يجوز فى الفرض قال الحلبي الاولى تركه الا فى صلاة الجنازة ثم يكبر ويصلى على النبي عليه السلام بما يحضره كما فى الجلابي او بما يصلى به فى الفرض كما فى المستصفى فيقول اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك. حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد. والمعنى اللهم صل على محمد صلاة كاملة كما دل عليه الإطلاق. وقوله وعلى آل محمد من عطف الجملة اى وصل على آله مثل الصلاة على ابراهيم وآله فلا يشكل بوجوب كون المشبه به أقوى كما هو المشهور كما فى القهستاني ثم يكبر ويدعو للميت او لكل مسلم ولو حيا ويسن الدعاء المعروف اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فاحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الايمان وخص هذا الميت بالرحمة والغفران والروضة والرضوان اللهم ان كان محسنا فزد فى إحسانه وان كان مسيئا فتجاوز عنه برحمتك يا ارحم الراحمين كما فى عيون الحقائق وفى الصبى والمجنون لا يستغفر لهما لعدم ذنبهما بل يقول اللهم اجعله لنا فرطا واجعله لنا اجرا وذخرا واجعله لنا شافعا مشفعا اى مقبول الشفاعة ومن لم يحسن قال اللهم اغفر لى ولوالدى ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات برحمتك يا ارحم الراحمين- وروى- انه صلى الله عليه وسلم لما أدرج فى أكفانه ووضع على سريره ثم وضع على شفير قبره المنور وذلك يوم الثلاثاء دخل عليه ابو بكر رضى الله عنه مع نفر من المهاجرين والأنصار بقدر ما يسع البيت وذلك بعد ما بويع له بالخلافة وصلى على النبي عليه السلام بأربع تكبيرات وضمن صلاته هذا الدعاء وهو اللهم انا نشهد انه صلى الله عليه وسلم قد بلغ ما انزل الله عليه ونصح لامته وجاهد فى سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته فاجعلنا الهنا ممن تبع القول الذي انزل معه واجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا وتعرفنا فانه كان بالمؤمنين رؤفا رحيما لا نبتغى بالايمان به بدلا ولا نشترى به ثمنا ابدا وانما خصوا هذا الدعاء بالذكر لانه الذي يليق به صلى الله عليه وسلم ومن ثمة استشاروا كيف يدعون له فاشير بمثل ذلك ثم يكبر ويسلم تسليمتين عن يمين وشمال بنية من ثمة الا الميت غير رافع صوته مثل سائر الصلوات وبسن خفض الثانية ويرسل بعد الرابعة يديه لانه ليس بعدها ذكروا الركن هو التكبيرات الأربع واما الثناء والصلاة والدعاء والسلام فسنن كما فى الجلابي ولا يرفع يديه الا فى التكبير الاول لانه شرع بين كل تكبيرتين ذكر مقتدر فاذا فرغ منه علم انه جاء أوان الآخر قال فى الأشباه لو قرأ الفاتحة فى صلاته على الجنازة ان قصد الثناء والدعاء لم يكره وان قصد القراءة كره انتهى. وإذا أدرك الامام فى الصلاة وقد سبق ببعض تكبيراتها ينتظر تكبيرة اخرى فيتابع الامام فيها ثم يأتى بما سبق به بعد سلام الامام متواليا وعند ابى يوسف والشافعي لا ينتظر بل يكبر ويشرع معه واما إذا أدرك بعد الرابعة لا يكبر عندهما لفوات الصلاة عليه ويكبر عند ابى يوسف فاذا سلم الامام قضى ثلاث تكبيرات ولو كان حاضرا وقت

التحريمة ولم يكبر مع الامام للافتتاح فهو لا ينتظر تكبر الامام بل يشرع ويكبر ولو اجتمعت الجنائز يصلى عليهم دفعة واحدة كذا فى المحيط. والصلاة على الكبير أفضل من الصلاة على الصغير كما فى المضمرات والثالث ما الحكمة فى عدم فرض الركوع والسجود فى صلاة الجنازة قيل لان صلاة الجنازة دعاء وثناءه واستشفاع للميت والركوع والسجود خاص بالتعبد لله تعالى من غير واسطة اختص به الملة المحمدية لان السجدة كانت تجوز لتعظيم المخلوق فى الملة السالفة ونحن نهينا عن الركوع والسجود لغير الله تعالى. وقيل لان الميت اعترض بين المصلى وبين الله تعالى فلو امر بالركوع والسجود لتوهم الأعداء والجهلة انه للميت كما توهم الشيطان من سجود الملائكة انه لآدم عليه السلام فأبى حسدا وعصى جهلا وان كان ساجدا متعبدا قبل ذلك فافتتن بجهله وحسده باحتجابه عن كون المسجود له فى الحقيقة هو الحق وقالب آدم بمنزلة المحراب: قال الجامى اى آنكه بقبله بتان روست ترا ... بر مغز چرا حجاب شد پوست ترا دل در پى اين وآن نه نيكوست ترا ... يكدل دارى بسست يك دوست ترا وقال غيره از ان محراب ابرو رو مگردان ... اگر در مسجدى ور در خرابات والرابع انه يستحب جعل الصفوف فى الصلاة على الميت ثلاثة وفى الحديث (ما من مسلم يموت فيصلى عليه امة يبلغون ثلاثة صفوف الا غفر الله له) قال الطبراني فى معجمه الامة أربعون الى المائة وجاء التصريح بالعدد فى حديث مسلم وهو (ما من مسلم يصلى عليه أربعون إلا شفعوا فيه) اما سر تثليث الصفوف فلان ذلك من باب التوسع فى الرجاء كأنهم يقولون جئناك بثلاثة صفوف شافعين فلا تردنا خائبين وهذا ميل تكثير الخطى الى المساجد فانه يستحب تقصير الخطى فى المشي الى المسجد لانه يكتب له بكل خطوة حسنة ويحط عنه سيئة ويرفع له درجة فهو من باب التوسع فى الرجاء وإذا استحب جعل الصفوف ثلاثة فالظاهر انهم فى الفضيلة سواء ولا مزية حينئذ للصف المقدم لانهم مأمورون بالتأخر وقال الحلبي أفضل صفوف الجنازة آخرها بخلاف سائر الصلوات فان الصف الاول اعلم بحال الامام فتكون متابعته اكثر وثوابه أوفر وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (أول زمرة تدخل المسجد هم اهل الصف الاول وان صلوا فى نواحى المسجد) كما فى خالصة الحقائق واما سر الأربعين فلانه لم يجتمع قط أربعون الا وفيهم عبد صالح كما فى اسئلة الحكم وتحصل الشفاعة باقل الامرين من الثلاثة الصفوف والأربعين كما فى فتح القريب والمستحب هو الاول كما سبق والخامس ان فى الدعاء والاستغفار نفعا للميت ويصل ثواب جميع القرب اليه بدنيا كان او ماليا كالصدقة والعتق والصلاة والصيام والحج والقراءة واجمع المسلمون على ان قضاء الدين يسقط عن ذمة الميت التبعة وينفعه ذلك حتى لو كان من اجنبى او من غير تركته واجمعوا على ان الحي إذا كان له على الميت حق من الحقوق فاحله منه ينفقه ويبرأ منه كما يسقط من ذمة الحي قال ابن الملك اعلم ان جعل الإنسان ثواب عمله لغيره صلاة

[سورة التوبة (9) : آية 104]

كان او صدقة او غيرهما جائز عند اهل السنة خلافا للمعتزلة لهم ان الثواب هو الجنة ولا قدرة للانسان على تمليكها ولنا انه عليه السلام ضحى بكبشين أملحين أحدهما لنفسه والآخر عن أمته المؤمنين فالاعتراض على الشارع باطل إذ العبادة انواع بدنية محضة كالصلاة فالنيابة لا تجوز فيها لان الغرض منها وهو اتعاب النفس الامارة لا يحصل ونوع منها مالية محضة كالزكاة فالنيابة فيها تجوز لان الغرض منها وهو إغناء الفقير يحصل بالنيابة لكن لا تؤخذ من تركته بغير وصية ونوع منها مركبة منهما كالحج فمن حيث انه متعلق بالبدن لا تجوز فيه النيابة عند الاختيار ومن حيث انه متعلق بالمال جاز فيه النيابة عند الاضطرار وهو العجز الدائم عن ادائه هذا فى الحج الفرض واما فى النفل فالنيابة جائزة مع القدرة لان فى النفل سعة قال فى فوائد الفتاوى الاولى ان يوصى بإسقاط صلاة عمره بعد البلوغ وان صلاها بغير ترك لاحتمال الفساد او النقصان فى أركانها انتهى وإذا اوصى رجل ان يطعم عنه وليه لصلاة الفائتة بعد موته فالوصية جائزة ووجب تنفيذها من ثلث ماله يعطى عن كل مكتوبة نصف صاع من الحنطة وفى صوم النذر كذلك ولا يجوز ان يصوم عنه الولي كما لا يجوز صلاته له لقوله عليه السلام (لا يصوم ولا يصلى أحد عن أحد) قال القهستاني والقياس انه لا يجوز الفداء عن الصلاة واليه ذهب البلخي كما فى قاضى خان والاستحسان ان يجوز الفداء عنهما اما فى الصوم فلورود النص واما فى الصلاة فلعموم الفضل ولذا قال محمد انه يجزى بها ان شاء الله تعالى وينبغى ان يفدى قبل الدفن وان جاز بعده وقال فى الأشباه إذا أراد الفدية عن صوم أبيه او صلاته وهو فقير يعطى منوين من الحنطة فقيرا ثم يستوهبه ثم يعطيه وهكذا وذلك بعد ان يسقط من عمره اثنتي عشرة سنة ويسقط من عمرها تسعة لان اقل مدة بلوغ الرجل اثنتا عشرة سنة ومدة بلوغ المرأة تسع سنين كما ذكره فى الوقاية فى آخر كتاب الحجر ومما ينبغى ان يعلم ان المعتبر فى الطعام للصلاة قدر الطعام دون عدد المساكين حتى لو اعطى مسكينا واحدا فى يوم واحد اكثر من نصف صاع من البر يجوز ولا يجوز ذلك فى كفارة الصوم والظهار لان المعتبر فيهما عدد المسكين كذا فى شرح النقاية. وكره دفع نصاب او اكثر الى فقير غير مديون لان الانتفاع به صادف حال الغنى ولو صادف حال الفقر لكان أكمل فلو كان مديونا او صاحب عيال لا يكره لانه لا يكون به غنيا أَلَمْ يَعْلَمُوا الاستفهام للتقرير اى ألم يعلم أولئك التائبون أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ الصحيحة الخالصة عَنْ عِبادِهِ المخلصين فيها ويتجاوز عن سيآتهم كما يفصح عنه كلمة عن قال الحدادي قبول التوبة إيجاب الثواب عليها وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ اى جنس الصدقات صدقاتهم وصدقات غيرهم أراد به أخذ النبي عليه السلام والائمة بعده لان أخذهم لا يكون الا بامر الله وكان الله هو الآخذ قال البيضاوي يقبلها قبول من يأخذ شيأ ليؤدى بدله ففيه استعارة تبعية لان الآخذ حقيقة هو الرسول عليه السلام لامن عينه لاخذها. والصدقات جمع صدقة تطلق على الواجب والتطوع وغلب على أفواه العامة تسمية الواجب من الماشية صدقة ومن النبات عشرا ومن النقود زكاة كما فى فتح القريب وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ اى المتجاوز عمن تاب وهو الذي يرجع بالانعام على

[سورة التوبة (9) : آية 105]

كل مذنب رجع الى التزام الطاعة وفى التأويلات النجمية هو التواب هو الموفق للتوبة بلطفه وكرمه ولولا توفيقه ما تاب مذنب قط كما لا يتوب إبليس لعدم التوفيق: وفى المثنوى جز عنايت كه كشايد چشم را جز محبت كه نشاند خشم را جهد بي توفيق خود كس را مباد در جهان والله اعلم بالرشاد الرَّحِيمُ من مات على التوبة ورحمة الله على العباد ارادة الانعام عليهم ومنع الضرر عنهم. ويجوز ان يرجع ضمير أَلَمْ يَعْلَمُوا الى غير التائبين من المؤمنين فالآية إذا ترغيب للعصاة فى التوبة والصدقة وَقُلِ لهم بعد ما بان لهم شأن التوبة اعْمَلُوا ما شئتم من الأعمال فظاهره ترخيص وتخيير وباطنه ترغيب وترهيب فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فانه لا يخفى عليه خيرا كان او شرا تعليل لما قبله وتأكيد للترغيب والترهيب والسين للتأكيد وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ فى الخبر (لو ان رجلا عمل فى صخرة لا باب لها ولا كوة لخرج عمله الى الناس كائنا ما كان) والمعنى انه تعالى لا يخفى عليه عملهم كما رأيتم وتبين لكم ثم ان كان المراد بالرؤية معناها الحقيقي فالامر ظاهر وان أريد بها مآلها من الجزاء خيرا او شرا فهو خاص بالدنيوى من اظهار المدح والثناء والذكر الجميل والإعزاز ونحو ذلك من الاجزية وأضدادها وَسَتُرَدُّونَ اى بعد الموت إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ قدم الغيب على الشهادة لسعة عالمه وزيادة خطره وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيب ما يسترونه من الأعمال والشهادة ما يظهرونه كقوله تعالى يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ فالتقديم حينئذ لتحقيق ان نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة على ابلغ وجه وآكده لا إيهام ان علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته منزه عن ان يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شىء وتحققه فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمور البارزة والكامنة قال فى التأويلات النجمية وَسَتُرَدُّونَ باقدام أعمالكم الى الله الذي هو عالم بما غاب عنكم وغبتم عنه فاما ما غاب فهو نتائج أعمالكم من الخير والشر وجزاؤها فانها ان لم تغب عنكم زدتم فى الخير وما عملتم شرا واما ما غبتم عنه فهو التقدير الأزلي والحكمة فيما جرى به القلم من اعمال الخير والشر وعالم بما تشاهده العيون والقلوب فى الملك والملكوت فَيُنَبِّئُكُمْ عقيب الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد الى يوم القيامة بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قبل ذلك فى الدنيا والمراد بالتنبئة الإظهار لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم اى شىء شنيع كانوا يعملونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء انتهى فعلى العاقل ان يسعى فى طريق الأعمال الصالحة ويجتنب عن ارتكاب الافعال الفاضحة كيلا يفتضح عند الله وعند الرسول وكافة المؤمنين قال فى التأويلات النجمية ان لعمل المحسن وخلوصه نورا يصعد الى السموات بقدر قوة صدقه وإخلاصه فالله تعالى يراه بنور ألوهيته وروح الرسول عليه السلام يراه بنور نبوته وأرواح المؤمنين يرونه بنور ايمانهم فاستعلاء ذلك بصفائه وضوئه يكون على قدر علو همة المحسن وخلوص نيته وصفاء طويته. وان لعمل المسيء ظلمة تصعد الى السموات بقدر

[سورة التوبة (9) : الآيات 106 إلى 110]

قوة غفلته وخباثة نفسه فالله تعالى يراها وروح رسوله وأرواح المؤمنين وفى الحديث (تصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى وتشيعه ملائكة السموات السبع حتى يقطعون به الحجب كلها الى الله تعالى فيقفون بين بدى الرب جل جلاله ويشهدون بالعمل الصالح المخلص لله فيقول الله لهم أنتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على ما فى نفسه انه لم يردنى بهذا العمل ولا أخلصه لى وانا اعلم بما أراد بعلمه غر الآدميين وغركم ولم يغرنى وانا علام الغيوب المطلع على ما فى القلوب لا تخفى على خافية ولا تعزب عنى عازبة علمى بما كان كعلمى بما لم يكن وعلمى بما مضى كعلمى بما بقي وعلمى بالأولين كعلمى بالآخرين اعلم السر وأخفى فكيف يعرّنى عبدى بعمله وانما يغر المخلوقين الذين لا يعلمون وانا علام الغيوب عليه لعنتى وتقول الملائكة السبعة او الثلاثة الآلاف المشيعون يا ربنا عليه لعنتك ولعنتنا فيقول اهل السماء عليه لعنة الله ولعنة اللاعنين) : قال السعدي وگر سيم اندوده باشد نحاس ... توان خرج كردن بر ناشناس منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز اعلم ان الأقلام كتبت على الألواح احوال العالم كلها من السرائر والظواهر ثم سلمت الألواح للحزنة وجعل لكل شىء خزائن ووكلت عليها حوافظ وكوالىء كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ فتستنسخ السفرة من الخزنة والحفظة من السفرة فللاعمال كلها مخازن تقسم منها وتنتهى إليها وغاية خزائن الأعمال الصالحة سدرة المنتهى فعلم من هذا ان الحفظة مطلعون على اعمال العباد قلبية كانت او قالبية وليسوا بمطلعين على المقبول منها وغير المقبول الا بعد العرض والرفع فكل عمل مضبوط مجزى به فان أخفاه العبد عن الخلق لا يقدر على اخفائه عن الله تعالى وعن الملائكة: قال السعدي قدس سره در بسته ز روى خود بمردم ... تا عيب نكسترند ما را در بسته چهـ سود عالم الغيب ... داناى نهان وآشكارا وَآخَرُونَ عطف على آخرون قبله اى ومن المتخلفين من اهل المدينة ومن حولها من الاعراب قوم آخرون غير المعترفين المذكورين مُرْجَوْنَ قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص مرجون بالواو على ان يكون أصله مرجيون بالياء والباقون مرجأون بالهمزة يقال ارجيته وارجأته بالياء والهمزة إذا أخرته والنسبة الى المهموز مرجئىّ كمرجعى لامرج كمعط والى غير مرجى بياء مشددة عقيب الجيم وهم المرجئة بالهمزة والمرجية بالياء مخففة كما فى القاموس والمرجئة قوم لا يقطعون على اهل الكبائر بشىء من عفو او عقوبة بل يرجئون الحكم فى ذلك اى يؤخرونه الى يوم القيامة كما فى المغرب والمعنى مؤخرون لِأَمْرِ اللَّهِ فى شأنهم اى حتى ينزل الله فيهم ما يريد إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ ان بقوا على ما هم عليه من الحال وهو عدم المسارعة الى التوبة والاعتذار دون النفاق فانهم كانوا غير مخلصين وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ان خلصت نيتهم وصحت توبتهم والجملة فى محل النصب على الحالية اى منهم هؤلاء اما معذبين واما متو با عليهم فان قلت اما للشك والله تعالى منزه عنه إذ هو عالم بما يصير اليه أمرهم

قلت الترديد راجع الى العباد. والمعنى ليكن أمرهم عندكم بين الخوف والرجاء وقال ابو البقاء إذا كانت اما للشك جاز ان يليها الاسم وجاز ان يليها الفعل فان كانت للتخيير وقع الفعل بعدها وكانت معه ان كقوله اما ان تلقى وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوالهم حَكِيمٌ فيما فعل بهم من الارجاء وغيره والآية نزلت فى ثلاثة نفر من المتخلفين وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع العمرى وهلال بن امية كانوا من اهل بدر ومياسير ومع ذلك تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك قال كعب بن مالك انا أفره اهل المدينة جملا فمتى شئت لحقت العسكر فتأخر أياما وأيس بعدها من اللحوق بهم فندم على ما صنعه وكذلك صاحباه ولكن لم يفعلوا ما فعله ابو لبابة وأصحابه من شد أنفسهم على السواري واظهار الغم والجزع فوقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ونهى الناس ان يجالسوهم او يؤاكلوهم او يشاربوهم وأمرهم باعتزال نسائهم وارسالهن الى اهليهن فجاءت امرأة هلال تسأل ان تأتيه بطعامه فانه شيخ كبير فاذن لها فى ذلك خاصة وجاء رسول من الشام الى كعب برغبة فى اللحاق بهم فقال كعب بلغ من خطيئتى الى ان طمع فىّ المشركون قال فضاقت علىّ الأرض بما رحبت وبكى هلال بن امية حتى خيف على بصره فجعل ناس يقولون هلكوا ان لم ينزل الله لهم عذرا وآخرون يقولون عسى الله ان يغفر لهم فصاروا عندهم مرجئين لامر الله اما يعذبهم واما يرحمهم حتى نزلت توبتهم بعد ما مضى خمسون يوما بقوله لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ الى قوله وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا الآية اخر الله تعالى أمرهم مدة ثم بين توبتهم على أجمل الوجوه حيث قرن توبتهم بتوبته تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وعلم منه ان الهجران للتربية جائز ولوفوق ثلاثة ايام ألا ترى الى الاصحاب كيف قطعوا سلامهم وكلامهم من أولئك الثلاثة الى ان بلغ الكتاب اجله وان اخلاص النية وتفويض الأمور الى الله تعالى سبب لرحمة الله تعالى وان البكاء ايضا مدار لقبول التوبة واخلاص الحال فلا بد من الاستغفار والبكاء على الأوزار- حكى- عن بعض اصحاب فتح الموصلي قدس سره قال دخلت يوما على فتح فوجدته يبكى وقد خالطت دموعه صفرة فقلت له بالله عليك يا سيدى هل بكيت الدم فقال والله لولا انك أقسمت على بالله عز وجل ما أخبرتك بكيت الدمع وبكيت الدم فقلت علام بكيت الدم قال على تخلفى عن الله تعالى فعلام بكيت الدم قال على الدموع ان لا تصح لى ان لا تقبل منى قال فلما توفى رأيته فى المنام فقلت ما فعل الله بك قال غفر لى وقربنى ربى وقال بافتح بكيت كل هذا البكاء على ماذا فقلت يا رب على تخلفى عن حقك قال والدم لم بكيته قلت يا رب على الدموع ان لا تصح لى قال يا فتح فما أردت بهذا كله وعزتى وجلالى لقد صعد الىّ حافظاك أربعين سنة بصحيفتك وما فيها خطيئة فهذه حال أكابر اولياء الله تعالى يسيئون الظن بانفسهم ويجتهدون فى الله وان علموا العفو والمغفرة ووقف الفضيل فى بعض حجاته ولم ينطق بشىء فلما غربت الشمس قال وا سوأتاه وان عفوت يقول الفقير وهذا كلام حق فان من الفضاحة العصيان ومن الفضاحة ايضا بقاء اثره الدنيوي بعد الغفران ألا ترى ان عتقاء جهنم لا يستريحون يوم القيامة وان دخلوا الجنة الى ان يمحو الله تعالى ما كتب على جباهم من الأثر: قال الحافظ قدس سره

[سورة التوبة (9) : آية 107]

هر چند كه هجران ثمر وصل بر آرد ... دهقان ازل كاشكه اين تخم نكشتى : وقال السعدي قدس سره بسا نام نيكوى پنجاه سال ... كه يك نام زشتش كند پايمال وفى الآية اشارة الى ان الحكمة الالهية اقتضت أقدام بعض النفوس على الذنوب وتأخير توبتهم وهم مترددون بين الخوف والرجاء ولهم فيما بين ذلك تربية ليطيروا بجناحي الخوف والرجاء الى ان يصلوا الى مقام القبض والبسط الى ان يبلغوا سرادقات الانس والهيبة ثم ليطيروا بجناحي الانس والهيبة الى قاب قوسى السير والتجلي او ادنى الوحدة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بتربية عباده حَكِيمٌ بمن يصلح للقرب والقبول وبمن يصلح للبعد والرد كذا فى التأويلات النجمية وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً اى ومن المتخلفين عن غزوة تبوك المنافقون الذين اتخذوا مسجد قبا وهو بضم القاف ويذكر ويقصر قرية قرب المدينة على نصف فرسخ منها كما فى التبيان اعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة وقدم قبا نزل فى بنى عمرو ابن عوف وهم بطن من الأوس على كلثوم بن الهدم وكان شيخ بنى عمرو بن عوف وهل كان اسلم قبل وصوله صلى الله عليه وسلم الى قبا او بعده ففيه اختلاف فلما نزل وذلك فى يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول قال عمار بن ياسر رضى الله عنه مالرسول الله بدّ من ان يجعل له مكان يستظل به إذا استيقظ ويصلى فيه فجمع حجارة فاسس رسول الله مسجدا واستتم بنيانه عمار فعمار أول من بنى مسجدا لعموم المسلمين وكان مسجد قبا أول مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه جماعة ظاهرين اى آمنين وبعد تحوله عليه السلام الى المدينة وذلك فى يوم الجمعة بعد ان لبث فى قبا بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس او بضع عشرة ليلة وهو المنقول عن البخاري او اربعة عشر يوما وهو المنقول عن مسلم كان يأتيه يوم السبت ماشيا وراكبا ويصلى فيه ثم ينصرف وفى الحديث (من توضأ وأسبغ الوضوء ثم جاء مسجد قبا فصلى فيه له اجر عمرة) كما فى السيرة الحلبية فهذا المسجد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار بمعاونة بنى عمرو بن عوف خالصا لله تعالى كما عليه الأكثرون وفى الحديث (من بنى مسجد الا يريد به رياء ولا سمعة نبى الله له بيتا فى الجنة) قال القرطبي هذه المسألة ليست على ظاهرها من كل الوجوه وانما معناه بنى له بثوابه بناء اشرف وأعظم وارفع لان أجور الأعمال متضاعفة وان الحسنة بعشر أمثالها وهذا كما قال فى التمرة انها تزاد حتى تكون مثل الجبل ولكن هذا التضعيف انما هو بحسب ما يقترن بالفعل من الإخلاص فان نبى على غير الإخلاص او على وجه غير مرضى فلا ثواب له ولا يعبأ الله به وان كان فى ظاهر الشرع له حكم المساجد من الاحترام والتعظيم وغير ذلك وكذا الربط والخوانق والقناطر والمطاهر وكل بناء فهو مشروط بذلك قاله فى شرح الإلمام قال النووي يدخل فى هذا الحديث من عمر مسجدا قد استهدم وإذا اشترك جماعة فى عمارة مسجد فهل يحصل لكل منهم بيت فى الجنة كما لو اعتقد جماعة عبدا مشتركا بينهم فانهم يعتقون من النار ويجوزون العقبة لقوله تعالى وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ وقد فسر النبي عليه السلام فك الرقبة بعتق البعض والقياس الحاق المساجد

بالعتق لان فيه ترغيبا وحملا للناس على إنشاء المساجد وعمارتها وهل يمكن الكافر من بناء المسجد فذهب بعضهم الى ان الصحيح جوازه لقوله عليه السلام (ان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) كما فى تفسير البغوي قال الواحدي عند قوله تعالى ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ دلت الآية على ان الكفار ممنوعون من عمارة مسجد المسلمين ولو اوصى لم تقبل وصيته انتهى قال سعدى چلبى المفتى عدم قبول وصيته مجمع عليه بين أصحابنا الحنفية انتهى ولا يصير الكافر ببناء المسجد مسلما وان عظمه حتى يأتى بالشهادتين بخلاف المسلم إذا اتى كنيسة واعتقد تعظيمها فانه يكفر لان الكفر يحصل بمجرد النية والإسلام لا يحصل الا بالتلفظ بالشهادتين كما فى فتح القريب يقول الفقير سامحه الله القدير علم منه ان بعض القبط فى الديار الرومية ممن اظهر الإسلام رأيناهم يصلون ويصومون كصلاة المخلصين وصيامهم ثم انهم يدخلون كنائس النصارى فى مواسمهم فهم مرتدون بذلك ولا تصح الصلاة على موتاهم ان ماتوا على تلك الحالة لانه لا شك فى تعظيمهم الكنائس وموافقتهم النصارى فى أفعالهم فى ايامهم ولياليهم المعهودة فلا نتوقف فى كفرهم واما تلفظهم بالشهادة فهو بحسب العادة ولا يغنى عنهم ذلك شيأ فى اعتقادهم وبعض المعاصرين من العلماء يتوقفون فى كفرهم جهلا العياذ بالله تعالى ثم نرجع ونقول ان بنى عمرو بن عوف لما بنوا ذلك المسجد حسدتهم إخوتهم بنو غنم بن عوف وقالوا أنصلى فى مربط حمار لامرأة عمرو وذلك لانه كانت امرأته تربط فيه حمارها وقيل كان مكان مسجد قبا محلا يجفف فيه التمر لكلثوم بن هدم رضى الله عنهما فبنوا مسجدا آخر فى قبا على قصد الفساد وتفريق جماعة المؤمنين وان يؤمهم فيه ابو عامر الراهب إذا قدم من الشام وفى الحدادي انهم بنوه بإذن النبي عليه السلام أقول هذا يخالف سوق القصة كما لا يخفى وبعيد ان يأذن رسول الله قبل اشارة الله فى ذلك. وقصة ابى عامر الراهب انه كان من اشراف قبيلة الخزرج تنصر فى الجاهلية وترهب ولبس المسوح وكان ماهرا فى علم التوراة والإنجيل قال الكاشفى [و پيوسته نعت وصفت سيد عالم صلى الله عليه وسلم بر اهل مدينه مى خواند چون آن حضرت بمدينه هجرت كرد اهل آن خطه شيفته جمال وكمال وى شده واز صحبت ابو عامر برميدند و پرواى او نكردند] با وجود لب جان بخش تو اى آب حيات ... حيفم آيد سخن از چشمه حيوان گفتن فحسده وعاداه لانه زالت به عليه السلام رياسته وقال له لا أجد قوما يقاتلونك الا قاتلتك فلم يزل يتقاتل معه عليه السلام الى ان تقاتل معه يوم هوازن فلما انهزمت هوازن خرج الى الشام قال الكاشفى [بنزد هر قل كه ملك روم بود برفت ومى خواست از روم لشكر ساز كرده بجنگ مسلمانان آيد نامه نوشت بمنافقان چون ثعلبه بن حاطب وأمثال او كه شما در مقابله مسجد قبا در محله خويش براى من مسجدى بسازيد كه چون من بمدينه آيم آنجا بافاده علم اشتغال نمايم ايشان مسجدى ساختند وحضرت رسالت پناه چون عازم غزوه تبوك شد بانيان مسجد آمده گفتند يا رسول الله ما براى ضعيفان وبيچارگان در وقت سرما وبارندگى مسجدى ساخته ايم والتماس داريمكه در آن مسجد نمازگزارى وغرض ايشان آن بود كه بواسطه نماز آن حضرت صلى الله عليه وسلم مهم خود را در استحكام دهند چنانچهـ در مثنوى معنوى هست]

مسجد واصحاب مسجد را نواز ... تو مهى ما شب دمى با ما بساز تا شود شب از جمالت همچوروز ... اى جمالت آفتاب جان فروز اى دريغا كان سخن از دل بدى ... تا مراد آن نفر حاصل شدى قال فى السيرة الحلبية كانوا يجتمعون فيه ويعيبون النبي عليه السلام ويستهزئون به فقال النبي صلى الله عليه وسلم (انى على جناح سفر وحال شغل ولو قدمنا لاتيناكم فصلينا لكم فيه) فلما رجع من تبوك أتوه فسألوه إتيان مسجدهم فدعا عليه السلام بقميصه ليلبسه ويأتيهم فانزل الله هذه الآية فقال وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً مفعول له اى مضارة للمؤمنين قال الكاشفى [براى ضرر مؤمنان وستيزه ايشان] وَكُفْراً وتقوية للكفر الذي يضمرونه وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الذين كانوا يجتمعون فى مسجد قبا فانهم أرادوا ببنائهم المسجد صرف بعض الجماعة اليه وتفريق كلمة المؤمنين وَإِرْصاداً اى ترقبا وانتظارا لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ اى من قبل اتخاذ هذا المسجد وهو ابو عامر الراهب اى لاجله حتى يجيىء فيصلى فيه ويظهر على رسول الله وقد سبق حضوره فى الوقائع كلها فمن متعلق بحارب او باتخذوا اى اتخذوا مسجدا من قبل ان يظهر هؤلاء النفاق بالتخلف وَلَيَحْلِفُنَّ والله ليحلفن فهو جواب قسم مقدر قال الكاشفى [وهر آيينه سوگند ميخورند چون كسى گويد چرا اين مسجد ساختيد] إِنْ نافية أَرَدْنا اى ما أردنا ببناء هذا المسجد إِلَّا الْحُسْنى الا الخصلة الحسنى وهى الصلاة وذكر الله والتوسعة على المصلين وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى حلفهم ذلك ولما نزلت هذه الآية واعلمه الله بخبرهم وما هموا به دعا اى رسول الله الوحشي قاتل حمزة وجماعة معه فقال لهم (انطلقوا الى هذا المسجد الظالم اهله فاهدموه وأحرقوه) فخرجوا سراعا وأخذوا سعفا من النخل واشعلوا فيه النار وذلك بين المغرب والعشاء وهدموه الى الأرض وامر النبي عليه السلام ان يتخذ كناسة يلقى فيها القمامة والجيف ثم بعد زمان أعطاه صلى الله عليه وسلم لثابت بن أرقم يجعله بيتا فلم يولد فى ذلك البيت مولود قط وحفر فيه بقعة فخرج منها الدخان ومات ابو عامر بالشام وحيدا غريبا وذلك انه عليه السلام لما قدم المدينة اقبل اليه ابو عامر فقال ما هذا الذي جئت به قال (جئت بالحنيفة دين ابراهيم) قال ابو عامر وانا عليها فقال عليه السلام (انك لست عليها) قال بلى ولكنك ادخلت فى الحنفية ما ليس فيها فقال عليه السلام (ما فعلت ذلك ولكن جئت بها بيضاء نقية) فقال ابو عامر أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا غريبا فقال عليه السلام (آمين) فسماه أبا عامر الفاسق مكان الراهب فمات كافرا بقنسرين وهى بكسر القاف وتشديد النون المفتوحة او المكسورة اسم بلدة فى الشام ومع هذه الخباثة كان له ولد صالح يقال له ابو حنظلة استشهد يوم أحد فغسلته الملائكة عليهم السلام: قال السعدي قدس سره هنر بنماى اگر دارى نه گوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وفى الآية اشارة الى ان اهل الطبيعة اتَّخَذُوا مزبلة النفس مَسْجِداً ضِراراً لارباب الحقيقة وَكُفْراً بأحوالهم كما انهم اتخذوا بستان القلب مسجدا يذكرون الله فيه ويطلبونه وهذا

[سورة التوبة (9) : آية 108]

وصف مدعى الطلب الكذابين فى دعواهم المتشبهين بزى ارباب الصدق والطلب وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الطالبين الصادقين بإظهار الدعوى من غير المعنى اى يفرقون بين الاخوان فى الله فى طلب انواع الحيل تارة بطلب صحبة معهم ومرافقتهم فى الاسفار وتارة بذكر البلدان وكثرة النعم فيها وطيب هوائها وكرم أهلها وإرادتهم لهذه الطائفة ليزعجوهم عن خدمة المشايخ وصحبة الاخوان وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ليوقعوهم فى بلاء صحبة الإباحية من مدعى الفقر والمعرفة وهم يحاربون الله بترك دينه وشريعته ورسوله بترك متابعته واحياء سنته وَلَيَحْلِفُنَّ لهم إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى فيما دعوناكم اليه وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما يدعون ويحلفون كذا فى التأويلات النجمية لا تَقُمْ يا محمد للصلاة فِيهِ اى فى مسجد هؤلاء المنافقين أَبَداً قال سعدى المفتى اى لا تصل فيه عبر بالقيام عن الصلاة كما فى قولهم فلان يقوم الليل ومنه الحديث الصحيح (من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) لَمَسْجِدٌ مسجد قبا واللام للابتداء او القسم أُسِّسَ التأسيس احكام أس البناء وهو أصله يعنى أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه ايام مقامه بقبا عَلَى التَّقْوى قال فى التبيان اى بيت حدوده ورفعت قواعده على طاعة الله وفى الحدادي لوجه الله وعلى هاهنا للمصاحبة بمعنى مع كما فى قوله تعالى وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ كما فى حواشى سعدى المفتى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ من ايام وجوده وتأسيسه متعلق باسس وكلمة من الجارة إذا كانت للابتداء تجر المكان كثيرا كما فى قولك جئت من البصرة وقد تجر الزمان ايضا عند الكوفيين كما فى هذه الآية فالمعنى منذ أول يوم بنى لان منذ لابتداء الغاية فى الزمان تقول ما رأيته منذ شهر وقال الرضى من فى الآية بمعنى فى وذلك كثير فى الظروف. ويقال أراد بالمسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة والاول أشهر وأوفق للقصة إذ المسجد بقبا فالموازنة بينهما اولى من الموازنة بين ما بقبا وما بالمدينة قال الحدادي لا يمتنع ان يكون المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى كلا المسجدين مسجد النبي عليه السلام ومسجد قبا أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ اى اولى ان تصلى فيه فان قيل لم قال الله تعالى أحق ان تقوم فيه مع ان المفاسد الأربع المذكورة بقوله ضرارا وكفرا وتفريقا وارصادا تمنع جواز قيامه فى الآخر والجواب ان الكلام مبنى على النزول والمعنى لو فرضنا جواز القيام فى مسجد الضرار لكان القيام فى مسجد التقوى أحق واولى لكونه على قاعدة محكمة فكيف والقيام فيه باطل لكونه مبنيا لاغراض فاسدة ويجوز ان يقال أحق ليس للتفضيل بل بمعنى حقيق كما قال المولى ابو السعود والمراد بكونه أحق كونه حقيقا به إذ لا استحقاق فى مسجد الضرار رأسا وانما عبر عنه بصيغة التفضيل لفضله وكماله فى نفسه او الافضلية فى الاستحقاق المتناول ما يكون باعتبار زعم الباني ومن يتابعه فى الاعتقاد وهو الأنسب بما سيأتى فِيهِ اى فى المسجد المؤسس على التقوى رِجالٌ يعنى الأنصار جملة مستأنفة مبينة لا حقيته لقيامه عليه السلام فيه من جهة الحال بعد بيان احقيته له من حيث المحل يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا من الأنجاس والاخباث مطلقا بدنية كانت او عملية كالمعاصى والخصال الذميمة وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ اى يرضى عن

المتطهرين ويدنيهم من جنابه ادناء المحب حبيبه- روى- ان هذه الآية لما نزلت مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قبا فاذا الأنصار جلوس فقال (أمؤمنون أنتم) فسكت القوم ثم أعادها فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله انهم لمؤمنون وانا معهم فقال عليه السلام (أترضون بالقضاء) قالوا نعم قال (أتصبرون على البلاء) قالوا نعم قال (أتشكرون فى الرخاء) قالوا نعم قال عليه السلام (مؤمنون ورب الكعبة) فجلس ثم قال (يا معشر الأنصار ان الله قد اثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء وعند الغائط) فقالوا نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء فتلا فيه رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وفى كلام بعضهم أول من استنجى بالماء ابراهيم عليه السلام والاستنجاء مسح موضع النجو اى ما خرج من البطن وهو فى الأصل أعم منه ومن غسله كما فى المغرب فيطهر موضع النجو بثلاثة امداد فان لم يجد فبالاحجار فان لم يجد فكفه ولا يستنجى بما سوى الثلاثة لانه يورث الفقر والمقصود التنقية فلو حصل بالواحد كفاه ولم يحصل بالثلاثة زاد ولا يستنجى من النوم والريح فانه بدعة وليس على المستحاضة استنجاء لكل صلاة بلا بول وغائط كما فى النوازل واستعمال المنشفة ادب وذلك قبل ان يقوم وبعد الغسل ليزول اثر الماء المستعمل بالكلية وكان الأنصار يتبعون الماء اثر البول ايضا وعن بعضهم ان المراد التطهر من الجنابة فلا ينامون عليها وفى الحديث (ثلاثة لا تقربهم الملائكة) المراد بالملائكة هنا هم الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة فانهم لا يفارقونه على أي حال من الأحوال وقال بعض العلماء المراد بالملائكة غير الحفظة وغير ملائكة الموت وقيل أراد لا تحضره الملائكة بخير (جيفة الكافر) المراد بها ذاته حيا وميتا لان الكافر نجس بعيد من الرحمة فى الحياة وبعد الموت (والمتضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين اى المتلطخ المتدهن بالخلوق بفتح الخاء المعجمة طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من انواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وقال ابو عبيدة عند العرب هو الزعفران وحده ووجه النهى عن الخلوق لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء والنهى عن الخلوق مختص بالرجال دون النساء كما فى المفاتيح (والجنب) الجنابة لغة البعد وسمى الإنسان جنبا لانه نهى ان يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر وقيل لمجانبته الناس حتى يغتسل (الا ان يتوضأ) وهذا فى حق كل من اخر الغسل لغير عذر او لعذر إذا امكنه الوضوء فلم يتوضأ وقيل لم يرد بالجنب من أصابته جنابة فاخر الاغتسال ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد وفى الشرعة وينام بعد الوطء نومة خفيفة فانه أروح للنفس لكن السنة فيه ان يتوضأ اولا وضوءه للصلاة ثم ينام كما فى شرح ابن السيد على قال فى فتح القريب المراد بالوضوء الشرعي بلا خلاف وفى رواية شعبة (اغسل ذكرك ثم نوضأ وارقد) هذا هو الصحيح يعنى الأمر بغسل الذكر ثم الوضوء ومن نام ولم يتوضأ فليستغفر الله تعالى ولو أراد العود اى من غير نوم فليتوضأ اى ليتنظف بغسل الذكر واليدين فليس المراد بالوضوء الشرعي المشهور كما ذهب اليه المالكية كما فى شرح المشارق. والوضوء يطلق على غسل اليدين كما فى قوله عليه السلام (الوضوء قبل الطعام ينفى

الفقر. وإذا توضأ وضوءه للصلاة وأراد ان ينام فهل الاولى ان ينوى رفع الحدث الأصغر او ينوى سنة العود او رفع الجنابة او ما أصابه من الأعضاء المغسولة الظاهر الاول ليكون عبادة مستقلة او مخففة للحدث بزوال أحد الحدثين كذا فى فتح القريب. وفيه ايضا اختلف فى علة الوضوء فقيل لانه يخفف الحدث وقيل ليبيت على احدى الطهارتين خشية ان يموت فى نومه ذلك لان الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب فيزول ذلك بالوضوء ومذهب الشافعي ومالك استحباب الوضوء للجنب قبل النوم لانه عليه السلام كان يفعل ذلك. وعن بعض المالكية لا تسقط العدالة بتركه لاختلاف العلماء فيه وقال بعضهم فى الآية يحبون ان يتطهروا بالحمى المكفرة لذنوبهم فحموا عن آخرهم- روى- ان جابرا قال استأذنت الحمى على رسول الله عليه وسلم فقال (من هذه) قيل أم ملدم فامر بها عليه السلام الى اهل قبا فلقوا فيها ما لا يعلمه الا الله فشكوا اليه عليه السلام فقال (ان شئتم دعوت الله ليكشفها عنكم وان شئتم تكون لكم طهورا) قالوا أو تفعل ذلك قال (نعم) قالوا فدعها وقد (جاء ان حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوما كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه) وعن عائشة رضى الله عنها لما قدمت المدينة أخذتها الحمى فسبتها فقال عليه السلام (لا تسبيها فانها مأمورة ولكن ان شئت علمتك كلمات إذا قلتهن اذهبها الله تعالى عنك) قالت علمنى قال (قولى اللهم ارحم جلدى الرقيق وعظمى الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم ان كنت آمنت بالله العظيم فلا تصدعى الرأس ولا تنتنى الفم ولا تأكلى اللحم ولا تشربى الدم وتحولي عنى الى من اتخذ مع الله الها آخر) فقالتها فذهبت عنها ولما استوخم المهاجرون هواء المدينة ولم يوافق أمزجتهم فمرض كثير منهم وضعفوا تشوقوا الى مكة المكرمة ولذا نظر عليه السلام يوما الى السماء لانها قبلة الدعاء وقال (اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وبارك لنا فى مدها وصاعها وصححها لنا ثم انقل وباءها الى مهيعة) اى الجحفة وهى قرية قريبة من رابغ محل إحرام من يجيىء من جهة مصر حاجا وكان سكانها إذ ذاك يهودا ودعاؤه عليه السلام ان يجبب إليهم المدينة انما هو لما جبلت عليه النفوس من حب الوطن والحنين اليه ومن ثم جاء فى حديث عائشة رضى الله عنها انها سألت رجلا بحضور النبي عليه السلام قدم المدينة من مكة فقالت له كيف تركت مكة فذكر لها من أوصافها الحسنة ما غر غرت منه عينا رسول الله عليه السلام وقال (لا تشوقها يا فلان) فتنها در انجمن پيدا شود از سوز من ... چون مرا در خاطر آيد مسكن ومأواى دوست وفى اسئلة الحكم ان الختان للتطهر لانه يوجب المحبة الالهية كما قال تعالى وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ فيحصل الاحتراز والتطهر من البول بالختان قال الفقهاء الأقلف يجب عليه إيصال الماء الى القلفة إذ لا حرج فيه وفى الحديث (اتقوا البول فان عامة عذاب القبر من البول فانه أول ما يحاسب به العبد فى القبر) كما فى الترغيب اعلم ان مسجد المنافقين اشارة الى مزبلة النفس والمسجد المؤسس على التقوى اشارة الى مسجد القلب وهو قد أسس على العبودية والطاعة والإقرار بالوحدانية من أول يوم الميثاق عند خطاب ألست بربكم وجواب قالوا بلى واهله متطهرون عن الصفات الذميمة والأخلاق اللئيمة بل عن دنس الوجود ولوث الحدوث والله يحب المطهرين الفانين

[سورة التوبة (9) : آية 109]

عن وجودهم الباقين بالله ولولا محبته إياهم ما وفقهم للتطهير فتطهرهم مطلقا اثر من آثار محبة الله لهم: قال الحافظ طهارت ارنه بخون جكر كند عاشق ... بقول مفتى عشق اش درست نيست نماز : وفى المثنوى روى ناشسته نبيند روى حور ... لا صلاة كفت الا بالطهور وهو بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه (مفتاح الصلاة الطهور) واسم لما يتطهر به كذا فى المغرب أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ جملة مستأنفة مبينة لخيرية الرجال المذكورين من اهل مسجد الضرار وهمزة الاستفهام للانكار والفاء للعطف على مقدر. والتأسيس احكام أس البناء وهو أصله والبنيان مصدر كالغفران أريد به المفعول اى المبنى. والمعنى ابعد ما علم حالهم فمن أسس بنيان مسجده إذا الكلام فيه ويؤيده أسس على التقوى وقال الكاشفى [آيا هر كس كه أساس افكند بناى دين خود را] عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ المراد بالتقوى درجتها الثانية التي هى التقوى عن كل ما يؤثم من فعل او ترك فيكون غير منصرف كحبلى فلا تنوين فيه إذا. وقرىء بالتنوين على ان يكون الفه للالحاق كالف ارطى وَرِضْوانٍ وطلب مرضاته بالاشتغال بالطاعة خَيْرٌ اطلاق خير على معتقد اصحاب مسجد الضرار من اعتقاد الاشتراك فى الخيرية أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ والمعنى أي الفريقين خير وأحق بالمصاحبة والصلاة معهم من أسس بناء مسجده مريدا به تقوى الله وطاعته وهم اهل مسجد قبا أم من أسس بنيان مسجده على النفاق والكفر وتفريق المؤمنين وارصاد كافر شأنه كيد المسلمين وتوهين امر الدين وترك الإضمار للايذان باختلاف البنيانين ذاتا واختلافهما وصفا واضافة عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ شفا الشيء بالقصر طرفه وشفيره وتثنيته شفوان والجرف بالضم والإسكان وهما لغتان الأرض التي جرفت السيول أصلها اى حفرته وأكلته والهارى المتصدع المشرف على السقوط يقال هار الجرف يهور او يهير إذا انشق من خلفه وهو ثابت بعد مكانه فهو هائر فهارى مقلوب هاير نقلت لامه الى مكان العين كما فعل فى شاك أصله شايك فصار هارى فاعل كقاضى قال ابو البقاء أصله هاور او هاير ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين فوزنه بعد القلب فالع وبعد الحذف فال وعين الكلمة واو او ياء يقال تهور البناء وتهير فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ يقال هار البناء هدمه فالانهار والانهيار [ريهيده شدن] كما فى تاج المصادر وفاعل انهار ضمير البنيان وضمير به للمؤسس الباني اى تساقط بنيانه وتناثر به اى بصاحبه فى النار قال قتادة ذكر لنا انه حفرت بقعة من مسجد الضرار فرؤى الدخان يخرج منها وقال جابر بن عبد الله رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار قال الحدادي كما ان من بنى على جانب نهر صفته ما ذكرنا انهار بناؤه فى الماء فكذلك بناء اهل النفاق مسجد الشقاق كبناء على جرف جهنم يهور باهله فيها وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى لانفسهم او الواضعين للاشياء فى غير موضعها اى لا يرشدهم الى ما فيه نجاتهم وصلاحهم إرشادا موصلا لا محالة واما الدلالة على

[سورة التوبة (9) : آية 110]

ما يرشدهم اليه ان استرشدوا به فهو متحقق بلا اشتباه. والظلم فى الحقيقة وضع عبادة الدنيا ومحبتها والحرص فى طلبها فى موضع عبادة الله تعالى ومحبته والصدق فى طلبه لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا البنيان مصدر أريد به المفعول ووصفه بالموصول الذي صلته فعله للايذان بكيفية بنائهم له وتأسيسه على اوهن قاعدة وأو هي أساس وللاشعار بعلة الحكم اى لا يزال مسجدهم ذلك مبنيا ومهدوما رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ اى سبب ريبة وشك فى الدين كأنه نفس الريبة. اما حال بنائه فظاهر لما ان اعتزالهم من المؤمنين وإجماعهم فى مجمع على حياله يظهرون فيه ما فى قلوبهم من آثار الشرك والنفاق ويدبرون فيه أمورهم ويتشاورون فى ذلك ويلقى بعضهم الى بعض ما سمعوا من اسرار المؤمنين مما يزيدهم ريبة وشكا فى الدين. واما حال هدمه فلما انه رسخ به ما كان فى قلوبهم من الشر والفساد وتتضاعفت آثاره وأحكامه إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ من التفعل بحذف احدى التاءين اى الا ان تقطع قُلُوبِهِمْ قطعا وتتفرق اجزاء بحيث لا يبقى لها قابلية ادراك وإضمار قطعا وهو استثناء من أعم الأوقات او أعم الأحوال محله النصب على الظرفية اى لا يزال بنيانهم ريبة فى كل وقت من الأوقات او كل حال من الأحوال الا وقت تقطع قلوبهم فحينئذ يسلون عنها. واما ما دامت سالمة فالريبة باقية فيها فهو تصوير لامتناع زوال الريبة عن قلوبهم الى الموت ويجوز ان يكون المراد حقيقة تقطعها عند قتلهم او فى القبور بالبلى او فى النار وَاللَّهُ عَلِيمٌ [وخداى تعالى داناست بتأسيس بنا وايشان كه بچهـ نيت بوده] حَكِيمٌ فيما حكم وامر من هدم مسجدهم واظهار نفاقهم واعلم ان فى الآيتين المذكورتين إشارات منها ان صفاء الطوية وحسن الاعتقاد كالاساس فى باب الأعمال فكما ان البناء لا يقوم على الماء بل يقوم على الأرض الصلبة كذلك الأعمال لا تقوم الأعلى محكم الاعتقاد وهو الباعث على الإخلاص العمل الذي هو ارادة التقرب الى الله تعالى وتعظيم امره واجابة دعوته وضده النفاق وهو التقرب الى الخلق من دون الله تعالى. واما اخلاص طلب الاجر فهو ارادة نفع الآخرة بعمل الخير وضده الرياء وهو ارادة نفع الدنيا بعمل الآخرة سواء اراده من الله او من الناس لان الاعتبار فى الرياء بالمراد لا بالمراد منه فعلى العاقل ان يجعل أساس دينه على الاعتقاد الصحيح والإخلاص والتقوى حتى يكون كشجرة أصلها ثابت وفرعها فى السماء ومنها ان المنافقين بنوا مسجدا للصلاة صورة فهم انما بنوا متحدثا لهم حقيقة ومحلا لقاذورات أقوالهم وأفعالهم ولذا كان حريا بإلقاء الجيف فيه بعد الهدم فتتمتعوا قليلا ثم وقعوا فى النار جميعا كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ فكما ان من جالسهم القذرة العذرة شقى شقاوة حقيقية كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة سعد سعادة ابدية وتطهر طهارة اصلية وقد قال عليه السلام (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمراد السامع او الجالس لان المجالسة والسماع ينتجان عن المحبة قال عليه السلام (المرء مع من أحب) وهنا سرّ صوفى يريد صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي ومنها انهم أرادوا ببنيانهم مكرا وخديعة وغفلوا عن مكر الله تعالى بهم ولذا افتضحوا

[سورة التوبة (9) : الآيات 111 إلى 116]

مكر حق سرچشمه اين مكرهاست ... قلب بين الإصبعين كبرياست آنكه سازد در دلت مكر وقياس ... آتشى داند زدن اندر پلاس ومنها ان من كانت شقاوته اصلية ازلية فهو لا يزداد بما ابتلاه الله تعالى به الا ضلالا وغيظا وإنكارا والعاقل يختار فضوح الدنيا لانه أهون من فضوح الآخرة ازين هلاك مينديش وباش مردانه ... كه اين هلاك بود موجب خلاص ونجات ومنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يذب الناس عن النار وعن الوقوع فيها ولذا هدم مسجد الضرار إذ لو تركه على حاله لعاد الضرر على العامة بنزول البلية وهى نار معنى ولافتتن به بعض الناس والفتنة الدينية سبب للنار حقيقة فاهل الفساد والشر لا يقرون على ما هم عليه بل ينكر عليهم أشد الإنكار بهتك اعراضهم وإخراجهم من مساكنهم ان مست الحاجة الى الإخراج وكذا هدم بيوتهم ومنازلهم. ذكر فى فتاوى ابى الليث رجل بنى رباطا للمسلمين على ان يكون فى يده مادام حيا فليس لاحد ان يخرجه من يده ما لم يظهر منه امر يستوجب الإخراج من يده كشرب الخمر فيه وما أشبه ذلك من الفسق الذي ليس فيه رضى الله لان شروط الوقف يجب اعتبارها ولا يجوز تركها الا للضرورة. وقال فى نصاب الاحتساب فاذا كان الخانقاه يخرج من يد بانيه لفسقه فكيف يترك فى الخانقاه فاسق او مبتدع. مثل الحديدية الذين يلبسون الحديد لان الحديد حلية اهل النار سواء اتخذ خاتما او حلقة فى اليد او فى الاذن او فى العنق او غير ذلك. ومثل الجوالقية الذين يلبسون الجوالق والكساء الغليظ ويحلقون اللحية وكلاهما منكر. فاما الاول فلانه لباس شهرة وقد نهى عنه. واما الثاني فلانه من فعل الافرنج وفيه تغيير خلق الله تعالى والتشبه بالنساء. ومثل القلندرية الذين يقصون الشعور حتى الحاجب والاهداب وفيهم يقول الحافظ قلندرى نه بريشست وموى يا ابرو ... حساب راه قلندر بدانكه موى بموست گذشتن از سر مو در قلندرى سهلست ... چوحافظ آنكه ز سر بگذرد قلندر اوست وقس عليهم سائر فرق اهل البدعة وفى الحديث (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت الذي يتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا علم جواز إحراق البيت على ترك السنة المؤكدة فما ظنك فى إحراق البيت على ترك الواجب والفرض عصمنا الله وإياكم من الأقوال والافعال المنكرة إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى - روى- ان الأنصار لما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفسا او اربعة وسبعون من اهل المدينة قال عبد الله بن رواحة يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال (اشترطت لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيأ واشترطت لنفسى ان تمنعونى ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم) قال فاذا فعلنا ذلك فما لنا قال (الجنة) قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل اى لا نفسخه ولا ننقضه آن بيع را كه روز ازل با تو كرده ايم ... أصلا در ان حديث اقاله نميرود فنزلت إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لامن المنافقين والكافرين فانهم غير مستعدين لهذه

المبايعة. قال الحسن اسمعوا الى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن والله ما على وجه الأرض مؤمن الا وقد دخل فى هذه البيعة وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية. قال ابن ملك فى شرح المشارق المبايعة من جهة الرسول عليه السلام هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته أَنْفُسَهُمْ [نفسهاى ايشانرا كه مباشر جهاد شوند] فالمراد بالنفس هو البدن الذي هو المركب والآلة فى اكتساب الكمالات للروح المجرد الإنساني وَأَمْوالَهُمْ [ومالهاى ايشانرا كه در راه نفقه كنند] فالمال الذي هو وسيلة الى رعاية مصالح هذا المركب بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [با آنكه مر ايشانرا باشد بهشت] اى باستحقاقهم الجنة فى مقابلتها وهو متعلق باشترى ودخلت الباء هنا على المتروك على ما هو الأصل فى باء المقابلة والعوض ولم يقل بالجنة مبالغة تقرر وصول الثمن إليهم واختصاصه بهم كأنه قيل بالجنة الثابتة لهم المختصة بهم فان قيل كيف يشترى أحد ملكه بملكه والعبد وماله لمولاه. قيل انما ذكر على وجه التحريض فى الغزو: يعنى [اى بنده از تو بذل كردن نفس ومال واز من عطا دادن بهشت بي زوال] ففيه تلطف للمؤمنين فى الدعاء الى الطاعة البدنية والمالية وتأكيد للجزاء كما قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فذكر الصدقة بلفظ القرض للتحريض على ذلك والترغيب فيه إذ القرض يوجب رد المثل لا محالة وكأن الله تعالى عامل عباده معاملة من هو غير مالك فالاشتراء استعارة عن قبول الله تعالى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم التي بذلوها فى سبيله واثابته إياهم بمقابلتها الجنة فالله تعالى بمنزلة المشترى والمؤمن بمنزلة البائع وبدنه وأمواله بمنزلة المبيع الذي هو العمدة فى العقد والجنة بمنزلة الثمن الذي هو الوسيلة وانما لم يجعل الأمر على العكس بان يقال ان الله باع الجنة من المؤمنين بانفسهم وأموالهم ليدل على ان المقصد فى العقد هو الجنة وما بذله المؤمنون فى مقابلتها من الأنفس والأموال وسيلة إليها إيذانا بتعلق كمال العناية بانفسهم وأموالهم. وعن جعفر الصادق رضى الله عنه انه كان يقول يا ابن آدم اعرف قدر نفسك فان الله عرفك قدرك لم يرض ان يكون لك ثمن غير الجنة: وفى المثنوى خويشتن نشناخت مسكين آدمي ... از فزونى آمد وشد در كمى خويشتن را آدمي ارزان فروخت ... بود اطلس خويش را بر دلق دوخت قال الكاشفى [نفس سرمايه سر وشورست ومال سبب طغيان وغرور اين دو ناقص معيوب را در راه خدا كن وبهشت باقى مرغوبرا بستان] سنگ بينداز وكهر مى ستان ... خاك زمين مى ده وزر مى ستان در عوض فانىء خوار وحقير ... نعمت پاكيزه باقى بكير وفى التفسير الكبير- حكى- فى الخبر ان الشيطان يخاصم ربه بهذه الآية ويحتج بالمسألة الشرعية فى البيع إذا اشترى المشترى متاعا معيوبا يرده الى البائع يقول يا رب أنت اشتريت نفوسهم وأموالهم فنفوسهم وأموالهم كلها معيوبة ردّ لى عبادك بشرعك وعدلك يكونوا معى حيث أكون فيقول الله تعالى أنت جاهل بشرعى وعدلى وفضلى إذا اشترى المشترى متاعا بكل عيب فيه بفضله وكرمه لا يجوز رده فى شرعى فى مذهب من المذاهب فيخسأ الشيطان حجلا طريدا مخذولا: وفى المثنوى

كاله كه هيچ خلقش ننگريد ... از خلاقت آن كريم آنرا خريد هيچ قلبى پيش حق مردود نيست ... زانكه قصدش از خريدن سود نيست [پس حق سبحانه وتعالى ما را خريده وبعيوب ما دانا اميد است كه از درگاه كرم رد نكند. ودر نفحات الانس مذكورست از ابو زجانى نقل ميكند كه] تو بعلم ازل مرا ديدى ... ديدى آنكه بعيب بخريدى تو بعلم آن ومن بعيب همان ... رد مكن آنچهـ خود پسنديدى يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ استئناف لبيان البيع الذي يستدعيه الاشتراء المذكور كأنه قيل كيف يبيعون أنفسهم وأموالهم بالجنة فقيل يقاتلون فى سبيل الله: يعنى [در راه خدا وطلب رضاى او] وهو بذل منهم لانفسهم وأموالهم الى جهة الله تعالى وتعريض لهما للهلاك. وقال الحدادي فيه بيان الغرض لاجل اشترائهم وهو ان يقاتلوا العدو فى طاعة الله انتهى. أقول هل الافعال الالهية معللة بالأغراض او لا ففيه اختلاف بين العلماء فانكره الاشاعرة وأثبته اكثر الفقهاء لان الفعل الخالي عن الغرض عبث والعبث من الحكيم محال وتمامه فى التفاسير عند قوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فَيَقْتُلُونَ [پس گاهى مى كشند دشمنانرا] فهم الغزاة فلهم الجنة وَيُقْتَلُونَ [وگاهى كشته ميشوند در دست ايشان] فهم الشهداء فلهم الجنة. قال فى الإرشاد هو بيان لكون القتل فى سبيل الله بذلا للنفس وان المقاتل فى سبيله باذل لها وان كانت سالمة غانمة فان الاسناد فى الفعلين ليس بطريق اشتراط الجمع بينهما ولا اشتراط الانصاف بأحدهما البتة بل بطريق وصف الكل بحال البعض فانه يتحقق القتال من الكل سواء وجد الفعلان او أحدهما منهم او من بعضهم بل يتحقق ذلك وان لم يصدر منهم أحدهما ايضا كما إذا وجدت المضاربة ولم يوجد القتل من أحد الجانبين او لم توجد المضاربة ايضا فانه يتحقق الجهاد بمجرد العزيمة والنفير وتكثير السواد وتقديم حالة القاتلية على حالة المقتولية للايذان بعدم الفرق بينهما فى كونهما مصداقا لكون القتال بذلا للنفس. وقرئ بتقديم المبنى للمفعول رعاية لكون الشهادة عريقة فى الباب وإيذانا بعدم مبالاتهم بالموت فى سبيل الله بل بكونه أحب إليهم من السلامة واختار الحسن هذه القراءة لانه إذا قرئ هكذا كان تسليم النفس الى أسراء اقرب وانما يستحق البائع تسليم الثمن اليه بتسليم المبيع وانشد الأصمعي لجعفر رضى الله عنه أثامن بالنفس النفيسة ربها ... وليس لها فى الخلق كلهمو ثمن بها تشترى الجنات ان انا بعتها ... بشىء سواها ان ذلكمو غبن إذا ذهبت نفسى بشىء أصيبه ... فقد ذهب الدنيا وقد ذهب الثمن وانشد ابو على الكوفي من يشترى قبة فى عدن عالية ... فى ظل طوبى رفيعات مبانيها دلالها المصطفى والله بائعها ... ممن أراد وجبريل مناديها واعلم ان من بذل نفسه وماله فى طلب الجنة فله الجنة وهذا هو الجهاد الأصغر ومن بذل قلبه

وروحه فى طلب الله فله رب الجنة وهذا هو الجهاد الأكبر لان طريق التصفية وتبديل الأخلاق أصعب من مقاتلة الأعداء الظاهرة فالقتل اما قتل العدو الظاهر واما قتل العدو الباطن وهو النفس وهواها وَعْداً مصدر مؤكد لما يدل عليه كون الثمن مؤجلا إذ الجنة يستحيل وجودها فى الدنيا فمضمون الجملة السابقة ناصب له. قال سعدى المفتى لان معنى اشترى بان لهم الجنة وعدهم الله على الجهاد فى سبيله عَلَيْهِ حال من قوله حَقًّا لانه لو تأخر عنه لكان صفة له فلما تقدم عليه انتصب حالا وأصله وعدا حقا اى ثابتا مستقرا عليه تعالى. قال الكاشفى [حقا ثابت وباقى كه خلاف در ان نيست] فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ متعلق بمحذوف وقع صفة لوعدا اى وعدا مثبتا مذكورا فى التوراة والإنجيل كما هو مثبت مذكور فى القرآن. يعنى ان الوعد بالجنة للمقاتلين فى سبيل الله من هذه الامة مذكور فى كتب الله المنزلة وجوز تعلقه باشترى فيدل على ان اهل التوراة والإنجيل ايضا مأمورون بالقتال موعودون بالجنة وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ من استفهام بمعنى الإنكار واوفى افعل تفضيل وقوله من الله صلته اى لا يكون أحد وافيا بالوعد والعهد وفاء الله بعهده ووعده لانه تعالى قادر على الوفاء وغيره عاجز عنه الا بتوفيقه إياه كما فى التأويلات النجمية فَاسْتَبْشِرُوا الاستبشار اظهار السرور والسين فيه ليس للطلب كاستوقد وأوقد والفاء لترتيب الاستبشار على ما قبله اى فاذا كان كذلك فسروا نهاية السرور وافرحوا غاية الفرح بما فزتم به من الجنة وانما قيل بِبَيْعِكُمُ مع ان الابتهاج به باعتبار ادائه الى الجنة لان المراد ترغيبهم فى الجهاد الذي عبر عنه بالبيع وانما لم يذكر العقد بعنوان الشراء لان ذلك من قبل الله لامن قبلهم والترغيب انما يكون فيما يتم من قبلهم. قال الحدادي ببيعكم أنفسكم من الله فانه لا مشترى ارفع من الله ولا ثمن أعلى من الجنة وقوله تعالى الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ [آنكه مبايعه كرديد بآن] لزيادة تقرير بيعهم وللاشعار بكونه مغايرا لسائر البياعات فانه بيع للفانى بالباقي ولان كلا البدلين له سبحانه وتعالى وَذلِكَ اى الجنة التي جعلت ثمنا بمقابلة ما بذلوا من أنفسهم وأموالهم هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز أعظم منه. قال الحدادي اى النجاة العظيمة والثواب الوافر لانه نيل الجنة الباقية بالنفس الفانية ويجوز ان يكون ذلك اشارة الى البيع الذي أمروا بالاستبشار به ويجعل ذلك كأنه نفس الفوز العظيم او يجعل فوزا فى نفسه. واعلم ان الخلق كلهم ملك الله وعبيده. وان الله يفعل فى ملكه وعبيده ما يريد. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ولا يقال لم لم يرد ولم لا يكون. ومع هذا فقد اشترى من المؤمنين أنفسهم لنفاستها لديه إحسانا منه. ثم اعلم ان الاجل محكوم ومحتوم. وان الرزق مقسوم ومعلوم. وان من اخطأ لا يصيب. وان سهم المنية لكل أحد مصيب. وان كل نفس ذائقة الموت. وان ما قدر ازلا لا يخشى من الفوت. وان الجنة تحت ظلال السيوف. وان الري الأعظم فى شرب كؤوس الحتوف. وان من اغبرت قد ماه فى سبيل الله حرمه الله على النار. ومن أنفق دينارا كتب بسبعمائة دينار وفى رواية بسبعمائة الف دينار. وان الشهداء حقا عند الله من الاحياء. وان أرواحهم فى جوف طيور خضر تتبوأ من الجنة حيث تشاء. وان الشهيد يغفر له جميع ذنوبه وخطاياه. وانه يشفع فى سبعين من اهل بيته وأولاده. وانه آمن يوم القيامة من الفزع الأكبر. وانه

لا يجد كرب الموت ولا هول المحشر. وانه لا يحس بالم القتل. وان الطاعم النائم فى الجهاد أفضل من الصائم القائم فى سواه. ومن حرس فى سبيل الله لا تبصر النار عيناه. وان المرابط يجرى له اجر عمله الصالح الى يوم قيامه. وان الف يوم لا تساوى يوما من أيامه. وان رزقه يجرى عليه كالشهيد ابدا لا يقطع. وان رباط يوم خير من الدنيا وما فيها. وانه يأمن من فتنة القبر وعذابه. وان الله يكرمه فى القيامة بحسن مآبه. الى غير ذلك وإذا كان الأمر كذلك. فيتعين على كل عاقل التعرض لهذه الرتبة وصرف عمره فى طلبها والتشمير للجهاد. عن ساق الاجتهاد. والنفير الى ذوى العناد. من كل العباد. وتجهيز الجيوش والسرايا. وبذل الصلات والعطايا. واقراض الأموال لمن يضاعفها ويزكيها. ودفع سلع النفوس من غير مماطلة لمشتريها. وان ينفر فى سبيل الله خفافا وثقالا. ويتوجه الى جهاد اعداء الله ركبانا ورجالا. حتى يخرجوا الى الإسلام من اديانهم. او يعطوا الجزية صغرة بايمانهم. او تستلب نفوسهم من أبدانهم. وتجتذب رؤسهم من تيجانهم. فجموع ذوى الإلحاد مكسرة. وان كانت بالتعداد مكثرة. وجيوش اولى العناد مدبرة مدمرة. وان كانت بعقولهم مقدمة مدبرة. وعزمات رجال الضلال مؤنثة مصغرة. وان كانت ذواتهم مذكرة مكبرة. ألا ترى ان الله تعالى جعل كل مسلم يغلب منهم اثنين. وللذكر من العقل مثل حظ الأنثيين. فوجب علينا ان نطير إليهم ونغير عليهم رجالا وفرسانا. ونجهد فى خلاص أسير ومكروب. واغتنام كل خطير ومحبوب. ونبيد بايدى الجلاد حماة الشرك وأنصاره. ونصول بالنصول الحداد على دعاة الكفر انهتك استاره. ونتطهر بدماء المشركين والكفار. من أرجاس الذنوب وانحاس الأوزار. هناك فتحت من الجنة ابوابها. وارتفعت فرشها ووضعت أكوابها. وبرزت الحور العين عربها واترابها. وقام للجلاد على قدم الاجتهاد خطابها. فضربوا ببيض المشرفية فوق الأعناق. واستعذبوا من المنية مر المذاق. وباعوا الحياة الفانية بالعيش الباق. فوردوا من مورد الشهادة موردا لم يظمأوا بعده ابدا. وربحت تجارتهم فكانوا اسعد السعداء. أولئك فى صفقة بيعهم هم الرابحون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون. إليك اللهم نمدّ اكف الضراعة ان تجعلنا منهم. وان لا تحيد بنا عند قيام الساعة عنهم. وان ترزقنا من فضلك شهادة ترضيك عنا. وغفرا للذنب الذي انقض الظهر وعنى. وقبولا لنفوسنا إذ عرضناها رحمة منك وتفضلا ومنا. وحاشى كرمك ان نأوب بالخيبة مما رجوناه وأملنا. وأنت ارحم الراحمين. وعن الشيخ عبد الواحد بن زيد قدس سره قال بينما نحن ذات يوم فى مجلسنا هذا قد تهيأنا للخروج الى الغزو قد أمرت أصحابي بقراءة آيتين فقرأ رجل فى مجلسنا إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ إذ قام غلام فى مقدار خمس عشرة سنة او نحو ذلك وقدمات أبوه وورثه مالا كثيرا فقال يا عبد الواحد بن زيد إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ فقلت نعم حبيبى فقال انى أشهدك انى قد بعت نفسى ومالى بان لى الجنة فقلت له ان حد السيف أشد من ذلك وأنت صبى وانى أخاف

[سورة التوبة (9) : آية 112]

عليك ان لا تصبر او تعجز عن ذلك فقال يا عبد الواحد أبايع الله بالجنة ثم أعجز اشهد الله انى قد بايعته او كما قال رضى الله عنه قال عبد الواحد فتقاصرت إلينا أنفسنا وقلنا صبى يعقل ونحن لا نعقل فخرج من ماله كله وتصدق به الا فرسه وسلاحه ونفقته فلما كان يوم الخروج كان أول من طلع علينا فقال السلام عليك يا عبد الواحد فقلت وعليك السلام ربح البيع ان شاء الله ثم سرنا وهو معنا يصوم النهار ويقوم الليل ويخدمنا ويخدم دوابنا ويحرسنا إذا نمنا حتى إذا انتهينا الى دار الروم فبينما نحن كذلك إذا به قد اقبل وهو ينادى ووا شوقاه الى العياء المرضية فقال أصحابي لعله وسوس هذا الغلام واختلط عقله فقلت حبيبى وما هذه العيناء المرضية فقال قد غفوت غفوة فرأيت كأنه قد أتاني آت فقال لى اذهب الى العيناء المرضية فهجم بي على روضة فيها بحر من ماء غير آسن وإذا على شاطئ النهر جوار عليهن من الحلل ما لا اقدر ان أصفه فلما رأيننى استبشرن بي وقلن هذا زوج العيناء المرضية فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية فقلن لا نحن خدمها واماؤها امض امامك فمضيت امامى فاذا انا بنهر من لبن لم يتغير طعمه فى روضة فيها من كل زينة فيها جوار لما رأيتهن افتتنت بحسنهن وجمالهن فلما رأيننى استبشرن وقلن والله هذا زوج العيناء المرضية فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية فقلن وعليك السلام يا ولى الله نحن خدمها واماؤها فتقدم امامك فتقدمت فاذا انا بنهر من خمر وعلى شط الوادي جوار انسيننى من خلفت فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية قلن لا نحن خدمها واماؤها امض امامك فمضيت فاذا انا بنهر آخر من عسل مصفى امامى فوصلت الى خيمة من درة بيضاء وعلى باب الخيمة جارية عليها من الحلي والحلل ما لا اقدر ان أصفه فلما رأتنى استبشرت بي ونادت من الخيمة أيتها العناء المرضية هذا بعلك قد قدم قال فد نوت من الخيمة ودخلت فاذا هى قاعدة على سرير من ذهب مكلل بالدر والياقوت فلما رأيتها افتتنت بها وهى تقول مرحبا بك يا ولى الله قددنا لك القدوم علينا فذهبت لاعانقها فقالت مهلا فانه لم يأن لك ان تعانقنى لان فيك روح الحياة وأنت تفطر الليلة عندنا ان شاء الله تعالى فانتبهت يا عبد الواحد ولا صبر لى عنها قال عبد الواحد فما انقطع كلامنا حتى ارتفعت لنا سرية من العدو فحمل الغلام فعددت تسعة من العدو قتلهم وكان هو العاشر فمررت به وهو يتشحط فى دمه وهو يضحك ملىء فيه حتى فارق الدنيا ولله در القائل يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ... يمسى ويصبح مغرورا وغرارا هلا تركت من الدنيا معانقة ... حتى تعانق فى الفردوس أبكارا ان كنت تبغى جنان الخلد تسكنها ... فينبغى لك ان لا تأمن النارا التَّائِبُونَ قال الزجاج هو مبتدأ خبره مضمر. والمعنى التائبون الى آخر الآية من اهل الجنة كالمجاهدين فيما قبل هذه الآية فيكون الوعد بالجنة حاصلا للمجاهدين وغيرهم من المؤمنين وان لم يجاهدوا إذا كانوا غير معاندين ولا قاصدين لترك الجهاد والمراد التائبون عن الشرك والنفاق وكل معصية صغيرة كانت او كبيرة. واصل التوبة الرجوع فاذا وصف بها العبد يراد بها الرجوع من العقوبة الى المغفرة والرحمة وهى واجبة على الفور ويتقدمها معرفة الذنب

المرجوع عنه انه ذنب وعلامة قبولها اربعة أشياء. ان ينقطع عن الفاسقين. ويتصل بالصالحين بالتردد الى مجالسهم الشريفة أينما كانوا. وان يقبل على جميع الطاعات إذ الرجوع إذا صح من القلب ترى الأعضاء تنقاد لما خلقت له كالشجرة إذا صلح أصلها اثمر فرعها وان يذهب عنه فرح الدنيا إذ المقبل على الله لا يفرح بشىء مما سواه وكان عليه السلام متواصل الأحزان دائم الفكر. وان يرى نفسه فارغا عما ضمن الله له يعنى الرزق مشتغلا بما امر الله تعالى قال الله تعالى (يا ابن آدم خلقتك من تراب ثم من نطفة ولم يعينى خلقك من العدم أفيعييني رغيف اسوقه لك فى حين وجودك) فاذا وجدت هذه العلامات وجب على الناس ان يحبوه فان الله قد أحبه ويدعوا له ان يثبته الله على التوبة ولا يعيروه بذنوبه ويجالسوه ويكرموه وليحذر التائب من نقض العهد والرجوع الى المعصية [يحيى بن معاذ گفت يك گناه بعد از توبه قبيحترست از هفتاد گناه پيش از توبه] . قال القشيري قدس سره التائبون اصناف فمن راجع يرجع عن زلته الى طاعته ومن راجع يرجع عن شهود نفسه الى شهود لطفه ومن راجع يرجع عن الإحسان بنفسه وأبناء جنسه الى الاستغراق بحقائق ربه الْعابِدُونَ الذين عبدوا الله تعالى مخلصين له عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگرنه چهـ آيد ز بي مغز پوست والعبادة عبارة عن الإتيان بفعل يشعر بتعظيم الله تعالى [گويند امام أعظم رحمه الله بيست سال بوضوء شب نماز روز گزارد وهرگز پهلو بر زمين ننهاد وجامه خواب نداشت وسر برهنه نشست و پاى دراز نكرد] وفى الحديث (ان ابغض الخلق الى الله الصحيح الفارغ) وقال القشيري قدس سره الْعابِدُونَ الخاضعون لله بكل وجه الذين لا يسترقهم كرائم الدنيا ولا يستعبدهم عظائم العقبى فلا يكون العبد عبد الله على الحقيقة الا بعد تجرده عن كل حادث الْحامِدُونَ اى المثنون عليه بآلاءه الشاكرون له على نعمائه المادحون له بصفاته وأسمائه وعمم بعضهم الحمد فاوجبه على النعم الدينية والدنيوية وكذا على الشدائد والمصائب فى الدنيا فى اهل او نفس او مال لانها نعم بالحقيقة بدليل انها تعرض العبد لمثوبات جزيلة حتى ما يقاسيه الأطفال عند الموت من الكرب الشديد ترجع فائدته الى الولي الصابر وقد صح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الحمد لله على ما ساء وسرّ) كما فى منهاج العابدين. ومما ينبغى ان يعلم ان التوفيق للتوحيد نعمة عظيمة من الله تعالى فليقل المؤمن دائما الحمد لله على دين الإسلام وتوفيق الايمان. قال مجاهد فى تفسير قوله تعالى أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ يعنى بالشاكرين على التوحيد فاذا عرفت هذا فلا يغرنك قول من قال ان نفس الدين وكذا الإسلام والايمان ليس بنعمة فكيف يحمد عليه. وقال القشيري الْحامِدُونَ هم الذين لا اعتراض لهم على ما يحصل بقدرته ولا انقباض لهم عما يجب من طاعته السَّائِحُونَ عن ابن عباس رضى الله عنهما كل ما ذكر فى القرآن من السياحة فهو الصيام وفى الحديث (سياحة أمتي الصوم) قال الشاعر تراه يصلى ليله ونهاره ... يظل كثير الذكر لله سائحا

اى صائما وشبه الصوم بالسياحة لانه عائق عن الشهوات كالسائح لا يتوسع فى استيفاء ما يميل اليه طبعه لان الصوم رياضة نفسانية يتوسل بها الى العثور على خفايا الملك والملكوت كما ان السائح يصل الى ما لم يعرفه ولم يره. وقال بعض العرفاء النكتة ان السياح يسيح فى الأرض فأى بلد استطاب المقام فيه اقام وإذا لم يستطب خرج منه الى بلد آخر فكذا الصائم إذا دخل الجنة يقال له ادخل من أي باب شئت وأي غرفة وقصر استطبتها فانزلها فيسيح فى قصور الجنة ومنازلها اين ما شاء كالسياح فى الأرض. وقال الحسن السَّائِحُونَ الذين صاموا عن الحلال وأمسكوا عن الحرام وهاهنا والله أقوام رأيناهم يصومون عن الحلال ولا يمسكون عن الحرام والله ساخط عليهم. وقال القشيري هم الصائمون عن شهود غير الله المكتفون من الله بالله وقال فى التأويلات النجمية السَّائِحُونَ السائرون الى الله بترك ما شغلهم عنه. وقال عطاء المراد الغزاة فى سبيل الله يقطعون المنازل والمراحل الى ان يصلوا الى ديار الكفرة فيجاهدوهم. وقال عكرمة هم طلاب العلم ينتقلون من بلد الى بلد. ورحل جابر رضى الله عنه من المدينة الى مصر لحديث واحد ولذا لا يعد أحد كاملا الا بعد رحلته ولا يصل الى مقصوده الا بعد هجرته وقالوا كل من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الاتباع ويكشف عن قلبه القناع فهو فى هذا الشأن سبط لا اب له دعىّ لا نسب له الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ فى الصلاة وانما كنى بالركوع والسجود عن الصلاة لكون جهة العيادة اظهر فيهما بالنسبة الى باقى اركان الصلاة فان هيئتى القيام والقعود قد يؤتى بهما على وفق العادة بخلاف الركوع والسجود فانهما ليسا من الهيآت الطبيعية الموافقة للعادة فلا يؤتى بهما الأعلى سبيل العبادة فكان لهما مزيد اختصاص بالصلاة. وقال القشيري الرَّاكِعُونَ الخاضعون لله فى جميع الأحوال بخمودهم تحت سلطان التجلي وفى الخبر (ان الله إذا تجلى لشىء خضع له) والسَّاجِدُونَ بنفوسهم فى الظاهر على بساط العبودية وبقلوبهم فى الباطن عند شهود الربوبية. وقال فى التأويلات النجمية الرَّاكِعُونَ الراجعون عن مقام القيام بوجودهم الى القيام بموجودهم السَّاجِدُونَ الساقطون عن هم على عتبة الوحدة بلاهم چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ اى بالايمان والطاعة وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ اى عن الشرك والمعاصي. وقال الحدادي المعروف هو السنة والمنكر هو البدعة. قال ابن ملك عند قوله عليه السلام (وكل بدعة ضلالة) يعنى كل خصلة جديدة اتى بها ولم يفعلها النبي عليه السلام ضلالة لان الضلالة ترك الطريق المستقيم والذهاب الى غيره والطريق المستقيم الشريعة خص من هذا الحكم البدعة الحسنة كما قال عمر رضى الله عنه فى التراويح نعمت البدعة. قال العلماء البدع خمس واجبة كنظم الدلائل لرد شبه الملاحدة وغيرهم. ومندوبة كتصنيف الكتب وبناء المدارس ونحوها. ومباحة كالبسط فى ألوان الاطعمة وغيرها. ومكروهة. وحرام وهما ظاهران انتهى. يقول الفقير البناء اما لدرس العلم الظاهر واما لتعليم علم الباطن فاذا كان بناء المدارس من البدعة الحسنة فليكن بناء الخانقاه منها ايضا بل بناء الخانقاه اشرف لشرف

معلومه فمن قال انه ليس فى مكة والمدينة خانقاه فما هذه الخوانق فى البلاد الرومية. وغيرها ونهى عن الخانقاه والتردد اليه لجمعية الذكر وإصلاح الحال بالخلوة والرياضة فانما قاله من جهله وحماقته ونهى عن ضلالته وشقاوته فهو ليس بآمر بالمعروف ولاناه عن المنكر بل بالعكس كما لا يخفى ولقد كثر أمثال هذا المنكر الطاعن فى هذا الزمان مع انهم لا حجة لهم ولا برهان والله المستعان وقال القشيري الآمرون والناهون هم الذين يدعون الخلق الى الله تعالى ويحذرونهم عن غير الله يتواصون بالإقبال على الله وترك الاشتغال بغير الله ثم انه انما تخللت الواو الجامعة بين الآمرون والناهون للدلالة على انهما فى حكم خصلة واحدة لا يعتبر أحدهما بدون الآخر وعلى هذا فثامن الأوصاف هو قوله وَالْحافِظُونَ وواوه واو الثمانية وقيل الصفة الثامنة هى قوله وَالنَّاهُونَ وواوه واو الثمانية وذلك ان العرب إذا ذكروا اسماء العدد على سبيل التعداد يقولون واحد اثنان ثلاثة اربعة خمسة ستة سبعة ثم يدخلون الواو على الثمانية ويقولون وثمانية تسعة عشرة للايذان بان الاعداد قد تمت بالسابع من حيث ان السبعة هو العدد التام وان الثامن ابتداء تعداد آخر قال القرطبي هى لغة فصيحة لبعض العرب وعليها قوله ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً وقوله وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وقوله وَفُتِحَتْ أَبْوابُها لان أبواب الجنة ثمانية واليه ذهب الحريري فى درة الغواص وغيره من العلماء وقال النسفي فى تفسيره المسمى بالتيسير لا اصل لهذا القول عند المحققين فليس فى هذا العدد ما يوجب ذلك والاستعمال على الاطراد كذلك قال الله تعالى الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ بغير واو وقال تعالى وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ الآية بغير واو فى الثامنة وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ اى فيما بينه وعينه من الحقائق والشرائع عملا وحملا للناس عليه وقال القشيري هم الواقفون حيث وقفهم الله الذين يتحركون إذا حركهم ويسكنون إذا سكنهم ويحفظون مع الله أنفاسهم ثم انه لما كانت التكاليف الشرعية غير منحصرة فيما ذكر بل لها اصناف واقسام كثيرة لا يمكن تفصيلها وتبيينها الا فى مجلدات ذكر الله تعالى سائر اقسام التكاليف على سبيل الإجمال بقوله وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ والفقهاء ظنوا ان الذي ذكروه فى بيان التكاليف واف وليس كذلك لان الافعال المكلفين قسمان افعال الجوارح وافعال القلوب وكتب الفقه مشتملة على شرح اقسام التكاليف المتعلقة باعمال الجوارح. واما التكاليف المتعلقة باعمال القلوب فليس فى كتبهم منها الا قليل نادر وبعض مباحثها مدون فى الكتب الكلامية والبعض الآخر منها فصله الامام الغزالي وأمثاله فى علم الأخلاق ومجموعها مندرج فى قوله تعالى وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ [شيخ احمد غزالى ببرادرش امام محمد غزالى گفت جمله علم ترا بدو كلمه آورده ام التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله] قال الحدادي وهذه الصفة من أتم ما يكون من المبالغة فى وصف العباد بطاعة الله والقيام باوامره والانتهاء عن زواجره لان الله تعالى بين حدوده فى الأمر والنهى وفيما ندب اليه فرغب اليه او خير فيه وبين ما هو الاولى فى مجرى موافقة الله تعالى فاذا قام العبد بفرائض الله تعالى وانتهى الى ما أراد الله منه كان من الحافظين لحدود الله كما روى عن خلف بن أيوب انه أمر

[سورة التوبة (9) : آية 113]

امرأته ان تمسك عن إرضاع ولده فى بعض الليل وقال قد تمت له السنتان فقل له لو تركتها حتى ترضعه هذه الليلة قال فاين قوله تعالى وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يعنى هؤلاء الموصوفين بتلك الفضائل. ووضع المؤمنين موضع ضميرهم للتنبيه على ان ايمانهم دعاهم الى ذلك وان المؤمن الكامل كان كذلك وحذف المبشر به للتعظيم كانه قيل وبشرهم بما يجل عن احاطة الافهام وتعبير الكلام وأعلى ذلك رؤية الله تعالى فى دار السلام واعلم ان كل عمل له جزاء مخصوص يناسبه كالصوم مثلا جزاؤه الاكل والشرب كما قال تعالى كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ وقس على هذا باقى الأعمال واجتهد فى تحصيل حسن الحال وفقنا الله وإياكم الى اسباب مرضاته ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا بالله وحده اى ما صح لهم وما استقام فى حكم الله تعالى وحكمته أَنْ يَسْتَغْفِرُوا اى يطلبوا المغفرة لِلْمُشْرِكِينَ به سبحانه وَلَوْ كانُوا اى المشركون أُولِي قُرْبى اى ذوى قرابة لهم مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ اى ظهر للنبى عليه السلام والمؤمنين أَنَّهُمْ اى المشركين أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى اهل النار بان ماتوا على الكفر او نزل الوحى بانهم يموتون على ذلك- روى- انه لما مرض ابو طالب وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وبعد مضى عشر سنين من بعثته عليه السلام وبلغ قريشا اشتداد مرضه قال بعضهم لبعض ان حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا امر محمد فى قبائل قريش كلها فانطلقوا بنا الى ابى طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا فانا والله ما نأمن ان يسلبوا أمرنا وفى رواية انا نخاف ان يموت هذا الشيخ فيكون منا شىء اى قتل محمد فتعيرنا العرب ويقولون تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه فمشى اليه اشرافهم منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وابو جهل وامية بن خلف وابو سفيان فانه اسلم ليلة الفتح فارسلوا رجلا فاستأذن لهم على ابى طالب فقال هؤلاء اشراف قومك يستأذنون عليك قال أدخلهم فدخلوا عليه فقالوا يا أبا طالب أنت سيدنا وكبيرنا وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك فادعه فخذ له منا وخذ لنا منه ليدعنا وديننا وندعه ودينه فبعث اليه عليه السلام ابو طالب فجاء ولما دخل عليه السلام على ابى طالب وكان بين ابى طالب وبين القوم فرجة تسع الجالس فخشى ابو جهل ان يجلس النبي عليه السلام فى تلك الفرجة فيكون ارقى منه وثب لعنه الله فجلس فيها فلم يجد عليه السلام مجلسا قريبا الى ابى طالب فجلس عند الباب فقال ابو طالب لرسول الله عليه السلام يا ابن أخي هؤلاء اشراف قومك أعطهم ما سألوك فقد انصفوك سألوا ان تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك فقال عليه السلام (أرأيتكم ان أعطيتكم ما سألتم فهل تعطوننى كلمة واحدة تملكون بها العرب ويدين لكم بها العجم) اى يطيع ويخضع فقال ابو جهل نعطيكها وعشرا معها فما هى قال (تقولون لا اله الا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه) فصفقوا بايديهم ثم قالوا سلنا يا محمد غير هذه الكلمة فقال (لو جئتمونى بالشمس حتى تضعوها فى يدى ما سألتكم غيرها) ثم قال بعضهم لبعض والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيأ مما تريدون فامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه ثم تفرقوا وعند ذلك قال عليه السلام (اى عم فانت فقلها اشهد لك

[سورة التوبة (9) : آية 114]

بها عند الله) فقال والله يا ابن أخي لولا مخافة العار عليك وعلى بنى أبيك من بعدي وان تظن قريش انى انما قلتها خوفا من الموت لقلتها فلما ابى عن كلمة التوحيد قال عليه السلام (لا أزال استغفر لك ما لم انه عنه) وذلك لغلبة همته على مغفرته لانه كان يحفظه عليه السلام وينصره ولما مات نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع فيه فى حياة ابى طالب حتى ان بعض سفهاء قريش نثر على رأس النبي عليه السلام التراب فدخل بيته والترات على رأسه فقام اليه بعض بناته وجعلت تزيله عن رأسه وتبكى ورسول الله يقول لها (لا تبكى يا بنية فان الله مانع أباك) فبقى عليه السلام يستغفر لأبى طالب من ذلك الوقت الى وقت نزول هذه الآية وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن أبويه أيهما اقرب به عهدا فقيل له أمك آمنة فقال (هل تعلمون موضع قبرها لعلى آتيه فاستغفر لها فان ابراهيم عليه السلام استغفر لابويه) فقال المسلمون ونحن ايضا نستغفر الله لآبائنا وأهلينا فانطلق رسول الله وذلك فى سنة الفتح فانتهى الى قبر امه فى الأبواء منزل بين مكة والمدينة وذلك انه عليه السلام ولد بعد ان توفى أبوه عبد الله ودفن بالمدينة لما انه قد خرج إليها لحاجة فادركه الموت هناك وكان عليه السلام مع امه آمنة فلما بلغ ست سنين خرجت آمنة الى اخوالها بالمدينة تزورهم ثم رجعت به الى مكة فلما كانت بالأبواء توفيت هناك وقيل دفنت بالحجون ويمكن الجمع بينهما بانها دفنت اولا بالأبواء ثم نقلت من ذلك المحل الى مكة كما فى السيرة الحلبية فلما جلس عليه السلام عند قبر امه ناجى طويلا ثم بكى بكاء شديدا فبكينا لبكائه فقلنا يا رسول الله ما الذي أبكاك قال (استأذنت ربى فى زيارة قبر أمي فاذن لى فاستأذنته فى الاستغفار لها فلم يأذن لى وانزل علىّ الآيتين) آية ما كانَ لِلنَّبِيِّ وآية وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ قال بعضهم لا مانع من تكرر سبب النزول فيجوز ان تنزل الآيتان لما استغفر لامه ولما استغفر لعمه يقول الفقير سامحه القدير فيه بعد لانه ان سبق النزول لاستغفار امه فكيف يبقى النبي عليه السلام على استغفار عمه وقد ثبت ان هذه السورة الكريمة من آخر القرآن نزولا وكذا العكس ومن ادعى الفرق بين الاستغفارين فعليه البيان وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ بقوله وَاغْفِرْ لِأَبِي اى بان توفقه للايمان وتهديه اليه كما يلوح به تعليله بقوله إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ استثناء مفرغ من أعم العلل اى لم يكن استغفاره لأبيه آزر ناشئا عن شىء من الأشياء الا عن موعدة وَعَدَها ابراهيم إِيَّاهُ اى أباه بقوله لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وقوله سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي بناء على رجاء إيمانه لعدم تبين حقيقة امره فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ اى لابراهيم بان اوحى اليه انه مصر على الكفر غير مؤمن ابدا وقيل بان مات على الكفر والاول هو الأنسب بقوله أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ فان وصفه بالعداوة مما يأباه حالة الموت تَبَرَّأَ مِنْهُ اى تنزه عن الاستغفار له وتجانب كل التجانب إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ لكثير التأوه وهو ان يقول الرجل عند التضجر والتوجع آه من كذا او يقول آوه بالمد والتشديد وفتح الواو وسكون الهاء لتطويل الصوت بالشكاية والأواه الخاشع المتضرع وقيل انه كلما ذكر تقصيرا او ذكر له شىء من شدائد الآخرة كان يتأوه إشفاقا واستعظاما كما قال كعب الأواه

[سورة التوبة (9) : الآيات 115 إلى 116]

هو الذي إذا ذكرت عنده النار قال آه وقيل معناه الموقر بلغة الحبشة الا ان من قال لا يجوز ان يكون فى القرآن شىء غير عربى قال هذا موافق للعربية بلغة الحبشة والملائم انه كناية عن كمال الرأفة ورقة القلب لانه ذكر فى معرض التعليل لاستغفاره لابيه المشرك. والمعنى انه مترحم متعطف ولفرط رحمته ورأفته كان يتعطف لابيه الكافر حَلِيمٌ صبور على الاذية ولذلك كان يحلم على أبيه ويتحمل أذاه ويستغفر له مع صعوبة خلقه وغلظ قلبه وقوله لارجمنك ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه وهو مشرك كما استغفر ابراهيم عليه السلام لابيه المشرك ثم نهى عن الاستغفار للكافر نزلت هذه الآية لبيان عذر من استغفر لاسلافه المشركين قبل المنع عنه وهو قوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً اى ليس من عادته ان يصفهم بالضلال عن طريق الحق ويجرى عليهم أحكامه بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ للاسلام حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ بالوحى صريحا او دلالة ما يَتَّقُونَ اى يجب اتقاؤه من محظورات الدين فلا ينزجروا عما نهوا عنه واما قبل ذلك فلا يسمى ما صدر عنهم ضلالا ولا يؤاخذون به. وفيه دليل على ان العاقل غير مكلف بما لا يستبد بمعرفته العقل إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اى انه تعالى عليم بجميع الأشياء التي من جملتها حاجتهم الى بيان قبح ما لا يستقل العقل معرفته فبين لهم ذلك كما فعل هاهنا إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من غير شريك له فيه: قال جلال الدين الرومي قدس سره واحد اندر ملك واو را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى يُحْيِي وَيُمِيتُ اى يحيى الأموات ويميت الاحياء اى يوجد الحياة والموت فى الأرض والأجساد وقلوب الأمم وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين ولايته ونصرته مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ لما منعهم من الاستغفار للمشركين وان كانوا اولى قربى وضمن ذلك التبري منهم رأسا بين لهم ان الله مالك كل موجود ومتولى امره والغالب عليه ولا يتأنى لهم ولاية ولا نصرة الا منه تعالى ليتوجهوا اليه بشراشرهم ويتبرأوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه بقي هاهنا ان الجم الغفير من العلماء ذهبوا الى ان النبي عليه السلام مر على عقبة الحجون فى حجة الوداع فسأل الله ان يحيى امه فاحياها فآمنت به وردها الله تعالى اى روحها قال فى انسان العيون لا يقال على ثبوت هذا الخبر وصحته التي صرح بها غير واحد من الحفاظ ولم يلتفتوا الى من طعن فيه كيف ينقع الايمان بعد الموت ولا يعترض لانا نقول هذا من جملة خصوصياته صلى الله عليه وسلم وفى كلام القرطبي قد احيى الله تعالى على يده جماعة من الموتى فاذا ثبت ذلك فما يمنع ايمان أبويه بعد احبائهما ويكون زيادة فى كرامته وفضيلته ولو لم يكن احياء أبويه نافعا لايمانهما وتصديقهما لما احييا كما ان رد الشمس لو لم يكن نافعا فى بقاء الوقت لم ترد والله اعلم انتهى يقول الفقير قد أشبعنا الكلام فى ايمان أبوي النبي عليه السلام وكذا ايمان عمه ابى طالب وجده عبد المطلب بعد الاحياء فى سورة البقرة عند قوله تعالى وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ فارجع اليه. وجاء ابن عبد المطلب رفض فى آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله وتؤثر عنه سنين جاء القرآن باكثرها وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع

من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهى عن قتل الموءودة وتحريم الخمر والزنى وان لا يطوف بالبيت عريان كذا فى كلام سبط ابن الجوزي وقال فى أبكار الافكار فى مشكل الاخبار ان عبد المطلب قد كان يتعبد فى كثير من أحواله بشريعة ابراهيم عليه السلام ويتمسك بسنن إسماعيل عليه السلام ولم ينكر نبوة محمد عليه السلام إذ لم يكن قد بعث فى أيامه ولا يقطع بكفر من مات فى زمن الفترة فلم يكن حكمه حكم الكفار المشركين الذين شهد النبي عليه السلام بانهم فحم فى جهنم انتهى قال فى السيرة الحلبية منع الاستغفار لامه عليه السلام انما يأتى على القول بان من بدل دينه او غيره او عبد الأصنام من اهل الفترة معذب وهو قول ضعيف مبنى على وجوب الايمان والتوحيد بالعقل. والذي عليه اكثر اهل السنة والجماعة ان لا يجب ذلك الا بإرسال الرسل ومن المقرر ان العرب لم يرسل إليهم رسول بعد إسماعيل عليه السلام وان إسماعيل انتهت رسالته بموته كبقية الرسل لان ثبوت الرسالة بعد الموت من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم وان اهل الفترة من العرب لا تعذيب عليهم وان غيروا او بدلوا او عبدوا الأصنام والأحاديث الواردة بتعذيب من ذكر او من بدل او غير او عبد الأصنام مؤولة او خرجت مخرج الزجر للحمل على الإسلام. ثم رأيت بعضهم رجح ان التكليف بوجوب الايمان بالله تعالى وتوحيده اى بعدم عبادة الأصنام يكفى فيه وجود رسول دعا الى ذلك وان لم يكن الرسول مرسلا لذلك الشخص بان لم يدرك زمنه حيث بلغه انه دعا الى ذلك او امكنه علم ذلك وان التكليف بغير ذلك من الفروع لا بد فيه من ان يكون ذلك الرسول مرسلا لذلك الشخص وقد بلغته دعوته وعلى هذا فمن بدرك زمن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا زمن من قبله من الرسل معذب على الإشراك بالله بعبادته الأصنام لانه على فرض ان لا تبلغه دعوة أحد من الرسل السابقين الى الايمان بالله وتوحيده ولكنه كان متمكنا من علم ذلك فهو تعذيب بعد بعث الرسل لا قبله وحينئذ لا يشكل ما أخرجه الطبراني فى الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما بعث الله نبيا الى قوم ثم قبضه إلا جعل بعده فترة يملأ من تلك الفترة جهنم) ولعل المراد المبالغة فى الكثرة وإلا فقد اخرج الشيخان عن انس رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيرتد بعضها الى بعض وتقول قط قط) اى حسبى بعزتك وكرمك واما بالنسبة لغير الايمان والتوحيد من الفروع فلا تعذيب على تلك الفروع لعدم بعثة رسول إليهم فاهل الفترة وان كانوا مقرين بالله الا انهم أشركوا بعبادة الأصنام فقد حكى الله عنهم ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ووجه التفرقة بين الايمان والتوحيد وغير ذلك ان الشرائع بالنسبة للايمان بالله والتوحيد كالشريعة الواحدة لاتفاق جميع الشرائع عليه هذا. وقد جاء انهم اى اهل الفترة يمتحنون يوم القيامة فقد اخرج البزاز عن ثوبان ان النبي عليه السلام قال (إذا كان يوم القيامة جاء اهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم فيسألهم ربهم فيقولون ربنا لم ترسل إلينا رسولا ولم يأتنا لك امر ولو أرسلت إلينا رسولا لكنا أطوع عبادك فيقول لهم ربهم أرأيتم ان أمرتكم بامر ان تطيعونى فيقولون نعم فيأخذ

[سورة التوبة (9) : الآيات 117 إلى 120]

على ذلك مواثيقهم فيرسل إليهم ان ادخلوا النار فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا ورجعوا فقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع ان ندخلها فيقول ادخلوها داخرين) فقال النبي عليه السلام (لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما) قال الحافظ ابن حجر فالظن بآله صلى الله عليه وسلم يعنى الذين ما توا قبل البعثة انهم يطيعون عند الامتحان إكراما للنبى عليه السلام لتقر عينه ونرجوا ان يدخل عبد المطلب الجنة فى جماعة من يدخلها طائعا الا أبا طالب فانه أدرك البعثة ولم يؤمن به بعد ان طلب منه الايمان انتهى كلامه ولعله لم يذهب الى مسألة الاحياء ولذا قال ما قال فى حق ابى طالب نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل ... تو چهـ دانى كه پس پرده كه خوبست وكه زشت لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ قال ابن عباس رضى الله عنهما هو العفو عن اذنه للمنافقين فى التخلف عنه وهذا الاذن وان صدر عنه عليه السلام وحده الا انه أسند الى الكل لان فعل البعض يسند الى الكل لوقوعه فيما بينهم كما يقال بنوا فلان قتلوا زيدا وهذا الذنب من قبيل الزلة لان الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر عندنا لان ركوب الذنوب مما يسقط حشمة من يرتكبها وتعظيمه من قلوب المؤمنين والأنبياء يجب ان يكونوا مهابين موقرين ولذا عصموا من الأمراض المنفرة كالجذام وغيره فليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره حسنات الأبرار سيآت المقربين وقال السلمى ذكر توبة النبي عليه السلام لتكون مقدمة لتوبة الامة وتوبة التابع انما تقبل التصحيح بالمقدمة وقال فى التأويلات النجمية التوبة فضل من الله ورحمة مخصوصة به لينعم بذلك على عباده فكل نعمة وفضل يوصله الله الى عباده يكون عبوره على ولاية النبوة فمنها يفيض على المهاجرين والأنصار وجميع الامة فلهذا قال لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ يدل عليه قوله عليه السلام ما صب الله فى صدرى شيأ الا وصببته فى صدر ابى بكر رضى الله عنه والأنصار جمع نصير كشريف واشراف او جمع ناصر كصاحب واصحاب وهم عبارة عن الصحابة الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل المدينة وهو اسم إسلامي سمى الله تعالى به الأوس والخزرج ولم يكونوا يدعون بالأنصار قبل نصرتهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قبل نزول القرآن بذلك وحبهم واجب وهو علامة الايمان وفى الحديث (آية المؤمن حب الأنصار. وحب الأنصار آية الايمان. وآية النفاق بغض الأنصار) كذا فى فتح القريب والمهاجرون أفضل من الأنصار كما يدل عليه قوله عليه السلام (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) قال ابن الملك المراد منه إكرام الأنصار فانه لارتبة بعد الهجرة أعلى من نصرة الدين انتهى وباقى الكلام سبق عند قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الآية فارجع الى تفسيرها الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ اى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخلفوا عنه ولم يخلوا بأمر من أوامره فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ اى وهو الزمان الذي وقع فيه غزوة

تبوك فانه قد أصابتهم فيها مشقة عظيمة من شده الحر وقلة المركب حتى كانت العشرة تعتقب على بعير واحد ومن قلة الزاد حتى قيل ان الرجلين كانا يقتسمان تمرة وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء المتغير ومن قلة الماء حتى شربوا الفظ وهو ماء الكرش عن عمر رضى الله عنه خرجنا فى قيظ شديد وأصابنا فيه عطش شديد حتى ان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه قال الكاشفى [وبر طوبات أجواف وامعاى آن دهن خويش را تر ميساختند] ولذلك سميت غزوة العسرة وسمى من جاهد فيها بجيش العسرة وهذه صفة مدح لاصحاب النبي عليه السلام باتباعهم إياه فى وقت الشدة ومع ذلك فقد كانوا محتاجين الى التوبة فما ظنك بغيرهم ممن لم يقاس ما قاسوه مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ اى يميل قلوب طائفة منهم عن الثبات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بان هموا ان ينصرفوا فى غير وقت الانصراف من غير ان يؤذن لهم فى ذلك لشدائد أصابتهم فى تلك الغزوة لكنهم صبروا واحتسبوا وندموا على ما ظهر على قلوبهم فتاب الله عليهم وفى كاد ضمير الشأن وجملة يزيغ فى محل النصب على انها خبر كاد وخبر كاد إذا كان جملة لا بد ان يكون فيه ضمير يعود على اسمها الا إذا كان اسمها ضمير الشان فحينئذ لا يجب ان يكون فيه ضمير يعود الى اسمها ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ اى تجاوز عن ذنبهم الذي فرط منهم وهو تكرير للتأكيد وتنبيه على انه يتاب عليهم من أجل ما كابدوا من العسرة: قال الحافظ مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد إِنَّهُ اى الله تعالى بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ استئناف تعليل فان صفة الرأفة والرحمة من دواعى التوبة والعفو ويجوز كون الاول عبارة عن ازالة الضرر والثاني عن إيصال المنفعة وان يكون أحدهما للسوابق والآخر للواحق ومن كمال رحمته إرسال حبيبه واظهار معجزاته- روى- انهم شكوا للنبى عليه السلام عسرة الماء فى غزوة تبوك فقال أبو بكر رضى الله عنه يا رسول الله ان الله تعالى عودك فى الدعاء خيرا فادع الله لنا قال (أتحب ذلك) قال نعم فرفع عليه السلام يديه فلم يرجعهما حتى أرسل الله سحابة فمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا ما يحتاجون اليه وتلك السحابة لم تتجاوز العسكر- وروى- انهم نزلوا يوما فى غزوة تبوك على غير ماء بفلاة من الأرض وقد كادت عتاق الخيل والركاب تقع عطشا فدعا عليه السلام وقال (اين صاحب الميضاة) قيل هو ذا يا رسول الله قال (جئنى بميضاتك) فجاء بها وفيها شىء من ماء فوضع أصابعه الشريفة عليها فنبع الماء بين أصابعه العشر وأقبل الناس واستقوا وفاض الماء حتى رووا ورووا خيلهم وركابهم وكان فى العسكر من الخيل اثنا عشر الف فرس ومن الإبل خمسة عشر الف بعير والناس ثلاثون الفا وفى رواية سبعون: قال السلطان سليم الاول من الخواقين العثمانية كوثر نمى ز چشمه احسان رحمتش ... آب حيات قطره از جام مصطفاست - روى- انهم لما أصابهم فى غزوة تبوك مجاعة قالوا يا رسول الله لو أذنت لنا نحرنا نواضحنا وادّهنا فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله ان فعلت فنى الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم

[سورة التوبة (9) : آية 118]

وادع الله لهم فيها بالبركة لعل الله ان يجعلها فى ذلك فقال عليه السلام (نعم) فدعا بنطع فبسطه ثم دعاهم بفضل أزوادهم فجعل الرجل يأتى بكف من درة ويجيىء الآخر بكف من تمر ويجيىء الآخر بميرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شىء يسير فدعا عليه السلام بالبركة ثم قال (خذوا فى اوعيتكم) فاخذوا حتى ما تركوا فى العسكر وعاء إلا ملأوه وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال صلى الله عليه وسلم (اشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله لا يلقى الله بها عبد غير شاك إلا وقاه الله النار) : قال الشيخ المغربي قدس سره كل توحيد نرويد ز زمينى كه درو ... خار شرك وحسد وكبر وريا وكين است والاشارة فى الآية لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ اى نبى الروح بمنزلة النبي يأخذ بالهام الحق حقائق الدين ويبلغها الى أمته من القلب والنفس والجوارح والأعضاء. فالمعنى أفاض الله على نبى الروح ومهاجرى صفاته الذين هاجروا معه من مكة الروحانية الى المدينة الجسدانية والأنصار من القلب والنفس وصفاتها وهم ساكنوا مدينة الجسد فيوضات الرحمة الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ الروح ساعة رجوعه الى عالم العلو بالعسرة إذ هم نشأوا فى عالم السفل يعسر عليهم السير الى عالم العلو من بعد ما كاد بزيغ قلوب فريق من النفس وصفاتها وهواها فان ميلها طبعا الى عالم السفل ثم تاب عليهم بافاضة الفيض الرباني لتعليهم عن طبعهم انه بهم روف رحيم ليجعلهم باكسير الشريعة قابلين للرجوع الى عالم الحقيقة كذا فى التأويلات النجمية وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا اى وتاب الله على الثلاثة الذين اخر أمرهم ولم يقطع فى شأنهم بشىء الى ان نزل فيهم الوحى وهم كعب بن مالك الشاعر ومرادة بن الربيع العنبري وهلال بن امية الأنصاري يجمعهم حروف كلمة «مكه» وآخر اسماء آبائهم «عكه» حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ غاية للتخفيف اى اخر أمرهم الى ان ضاقت عليهم الأرض بِما رَحُبَتْ اى برحبها وسعتها لاعراض الناس حتى عن المكالمة معهم ولو بالسلام ورده وكانوا يخافون ان يموتوا فلا يصلى النبي عليه السلام ولا المؤمنون على جنازتهم وهو مثل لشدة الحيرة كأنه لا يستقر به قرار ولا تطمئن له دار وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ اى امتلأت قلوبهم بفرط الوحشة والغم بحيث لم يبق فيها ما يسع شيأ من الراحة والانس والسرور عبر عن الراحة والسرور بضمير عليهم حيث قيل ضاقت عليهم تنبيها على ان انتفاء الراحة والسرور بمنزلة انتفاء ذواتهم وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ اى علموا وأيقنوا ان لا ملاذ ولا خلاص من سخطه تعالى الا الى استغفاره فظنوا بمعنى علموا لانه تعالى ذكر هذا الوصف فى معرض المدح والثاء وذا لا يكون الا مع علمهم بذلك. وقوله ان مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر ولا مع ما فى حيزها خبران ومن الله خبر لا وان مع ما فى حيزها ساد مسد مفعولى ظنوا والا استثناء من العام المحذوف اى وعلموا ان الشان لا التجاء من سخط الله الى أحد الا اليه قال بعض المتقدمين من تظاهرت عليه النعم فليكثر الحمد لله ومن كثرت همومه فليكثر الاستغفار واعلم ان من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يلتجىء الا الى الله فالفرار ليس الا اليه على كل حال واما المظاهر او المحال فليست الا أسبابا: وفى المثنوى

گرچهـ سايه عكس شخص است اى پسر هيچ از سايه نتانى خورد بر هين ز سايه شخص را مى كن طلب در مسبب رو گذر كن از سبب ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ اى وفقهم للتوبة لِيَتُوبُوا ليرجعوا عن المعصية واعلم ان هاهنا أمورا ثلاثة. التوفيق للتوبة وهو ما دل عليه قوله ثم تابَ. ونفس التوبة وهو ما دل عليه قوله لِيَتُوبُوا. وقبول الله تعالى إياها وهو ما دل عليه قوله وَعَلَى الثَّلاثَةِ وانما عطف الأمر الاول على الثالث بكلمة ثم لكونه اصل الجميع مقدما على الأمر الثالث بمرتبتين فتكون كلمة ثم للتراخى الرتبى ويجوز ان يكون المعنى ثم تاب عليهم اى انزل قبول توبتهم ليتوبوا اى ليصيروا من جملة التوابين ويعدوا منهم فتكون كلمة ثم على اصل معناها لان إنزال القبول متفرع على نفس القبول المذكور بقوله وعلى الثلاثة إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ اى المبالغ فى قبول التوبة لمن تاب وان عاد فى اليوم مائة مرة المتفضل عليهم بفنون الآلاء مع استحقاقهم لافانين العقاب كر لطف تو يارى ننمايد ز نخست ... هم توبه شكسته است وهم پيمان سست چون تو به باميد پذيرفتن تست ... تا تو نپذيرى نشود توبه درست - روى- ان ناسا من المؤمنين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم من بدا له وكره مكانه فلحق به عليه السلام عن الحسن انه قال بلغني انه كان لاحدهم حائط كان خيرا من مائة الف درهم فقال يا حائطاه ما خلفنى الا ظلك وانتظار ثمارك اذهب فانت فى سبيل الله ولم يكن لآخر الا اهله فقال يا اهلاه ما بطأنى ولا خلفنى الا الضن بك فلا جرم والله انى لأكابدنّ المفاوز حتى الحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فركب ولحق ولم يكن لآخر الا نفسه لا اهل ولا مال فقال يا نفسى ما خلفنى الا حب الحياة لك والله لأكابدنّ الشدائد حتى الحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فتأبط زاده ولحق به عليه السلام وعن ابى ذر الغفاري بعيره ابطأه فحمل متاعه على ظهره واتبع اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا راه نزديك وبما ندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سير سير فقال صلى الله عليه وسلم لما رأى سواده (كن أبا ذر) فقال الناس هو ذاك فقال عليه السلام (رحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده) ومنهم من بقي ولم يلحق به عليه السلام وهم الثلاثة وكان كعب شهد بيعة العقبة وهلال ومرارة شهدا بدرا قال كعب لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته وسلمت عليه فرد علىّ كالمغضب بعد ما ذكرنى وقال (يا ليت شعرى ما خلف كعبا) فقيل له ما خلفه الأحسن برديه والنظر فى عطفيه قال (ما اعلم الا فضلا وإسلاما) وقال (ما خلفك عنى ألم تكن قد ابتعت ظهرك) فقلت ما خلفنى عنك عذر وانما تخلفت بمجرد الكسل وقلة الاهتمام فقال عليه السلام (قم عنى حتى يقضى الله فيك) وكذا قال لصاحبيه ونهى عن كلامهم فاجتنبهم الناس ولم يكلمهم أحد من قريب ولا بعيد فاما الرجلان فمكثا فى بيوتهما يبكيان واما كعب فكان يحضر الصلاة مع المسلمين ويطوف فى الأسواق فلا يكلمه أحد منهم قال كعب وبينما انا امشى بسوق المدينة إذا نبطى من أنباط الشام ممن قدم

بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدلنى على كعب بن مالك فطفق اى جعل الناس يشيرون له حتى إذا جاءنى دفع الى كتابا من ملك غسان الىّ وهو الحارث بن ابى شمر وكان الكتاب ملفوفا فى قطعة من الحرير فاذا فيه اما بعد فانه قد بلغني ان صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هو ان ولا بضيعة ذل فالحق بنا نواسك فقلت لما قرأته وهذا ايضا من البلاء فتيممت اى قصدت به التنور فسجرته به اى ألقيته فيه والأنباط قوم يسكنون البطائح بين العراقين قال حتى إذا مضت أربعون ليلة جاءنى رسول من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك ان تعتزل امرأتك فقلت أطلقها أم ماذا قال لابل اعتزلها ولا تقربها وأرسل الى صاحبى وهما هلال ومرارة بمثل ذلك فقلت لامرأتى الحقي باهلك فكونى عندهم حتى يقضى الله فى هذا الأمر فجاءت امرأة هلال رسول الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان هلالا شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره ان اخدمه فقال عليه السلام (لا ولكن لا يقربك) وقالت والله انه ما به حركة الى شىء والله ما زال يبكى منذ كان من امره ما كان الى يومه هذا فمضى بعد ذلك عشر ليال حتى كملت خمسون ليلة من حين النهى عن الكلام قال كعب فلما كان صلاة الفجر صبح تلك الليلة سمعت صوتا من ذروة جبل سلع يقول با على صوته يا كعب بن مالك ابشر ابشروا يا قوم إذ جاء الفرج ... افرحوا يا قوم قد زال الحرج مى دمد در گوش هر غمگين بشير ... خيز اى مدبر ره اقبال گير اى درين حبس ودرين كند وشپش ... هين كه تا كس نشود رسنى خمش چون كنى خامش كنون اى يار من ... كزين هرمو بر آمد طبل زن فخررت ساجدا وعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلم بتوبة الله علينا فلما جاءنى الرجل الذي سمعت صوته يبشرنى وهو حمزة بن عمرو الأوسي نزعت ثوبى فكسوته إياهما ببشراه والله ما املك غيرهما يومئذ بعيد نيست كه صد جان بمژده بستانند ... برين بشارت دولت كه عن قريب آمد واستعرت من ابن عمى ابى قتادة ثوبين فلبستهما. وكان المبشر لهلال بن امية اسعد بن سعد. ولمرارة بن ربيع سلكان بن سلامة قال كعب انزل الله توبتنا على نبيه حين بقي الثلث الأخير من الليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة رضى الله عنها وكانت أم سلمة محسنة فى شأنى معينة فى امرى فقال عليه السلام (يا أم سلمة تيب على كعب) قالت أفلا أرسل اليه فابشره (قال إذا يحطم الناس فيمنعوكم النوم سائر الليلة) حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر اعلم بتوبة الله علينا قال فانطلقت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقانى الناس فوجا فوجا يهنئونى بالتوبة يقولون ليهنئك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحوله الناس فقام الى طلحة بن عبد الله يهرول حتى صافحنى وهنأنى والله ما قام الى رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة وذلك لانه عليه السلام كان آخى بينهما حين قدم المدينة قال فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه

[سورة التوبة (9) : آية 119]

وسلم وهو يبرق وجهه من السرور وكان عليه السلام إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر: قال السلطان سليم الاول من السلاطين العثمانية كر آگهى ز معنى والشمس والضحى ... تعريف ماه روى دلاراى مصطفاست بنكر بچرخ وكوكبه لشكر نجوم ... كأنها فروغ كوهر والاى مصطفاست فلما جلست بين يديه صلى الله عليه وسلم قال (أبشر يا كعب بخير يوم ما مر عليك منذ ولدتك أمك) ثم تلا علينا الآية وهى لَقَدْ تابَ اللَّهُ الى قوله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فقلت يا رسول الله ان من توبتى ان انخلع من مالى صدقة الى الله والى رسوله قال (امسك عليك بعض مالك فهو خير لك) وعن ابى بكر الوراق انه سئل عن التوبة النصوح فقال ان تضيق على التائب الأرض بما رحبت وتضيق عليه نفسه كتوبة كعب بن مالك وصاحبيه توبه كردم حقيقت با خدا ... نشكنم نا جان شدن از تن جدا واعلم ان فى قصة هؤلاء الثلاثة اشارة الى ان الهجران بين المسلمين إذا كان فيه صلاح لدين المهجور لا يحرم هجره حتى يزول ذلك وتظهر توبته وكذا إذا كان المهجور مذموم الحال لبدعة او فسق او نحوهما فانه لا يحرم الهجران الى ظهور التوبة لانه لحق الله لما كان فى جانب الدين فيجوز فوق ثلاثة ايام ولا يجوز الزيادة عن الثلاثة فيما كان بينهم من الأمور الدنيوية وحظوظ النفس وانما عفى عنه فى الثلاثة لان الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك فعفى عن الهجر فى الثلاثة ليذهب ذلك العارض فعلى العاقل ان يسارع الى تحصيل الاخوة فى الله ويجتنب عن التحاسد والتباغض والتدابير هيچ رحمى نه برادر ببرادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را بپسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قولا وتصديقا اتَّقُوا اللَّهَ فيما لا يرضاه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فى كل شأن من الشؤون اى قائلين بالحق العاملين به ومع الصادقين فى معنى من الصادقين او فى الصادقين لان مع للمصاحبة وفى للوعاء ومن للتبعيض فاذا كانوا فى جهتهم فهم على المعاني الثلاثة اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم او لبعضهم وفى الآية دليل على فضل الصدق وعلو درجته وحث عليه قال بعض اهل المعرفة من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض الموقت قيل ما الفرض الدائم قال الصدق از كجا افتى بكم وكاستى ... از همه غم رستى اگر راستى راستىء خويش نهان كس نكرد ... بر سخن راست زيان كست نكرد وفى الحديث (التجار يحشرون يوم القيامة فجارا الا من اتقى وبر وصدق) الفجار جمع فاجر وهو المنبعث فى المغانى والمحارم سماهم فجارا لما فى البيع والشراء من الايمان الكاذبة والغبن والتدليس والربا الذي لا يتحاشاه أحدهم ولذا قال فى تمام الحديث الا من اتقى اى الكذب وبرّ فى يمينه اى صدق وصدق فى حديثه. وقيل الا من خاف الله فلا يترك او امره ولا يفعل المناهي وبرّ اى احسن فلا يؤذى أحدا ولا يوصل ضررا الى أحد وصدق فى ثمن المتاع

فلم ينفق سلعته بالحلف الكاذب مثل ان يقول للمشترى اشتريت هذا بمائة درهم والله ولم يشتره بها بل اقل منها وبالحلف الكاذب يمحق الله البركة من الثمن وفى الحديث (ان أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا اشتروا لم يدموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان عليهم لم يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا) فالصدق فى كل الأحوال ممدوح وصاحبه محمود فى الدنيا والآخرة دانى ز چهـ رو سرور وآن سر سبزست پيوسته چرا ببوستان سر سبزست چون مذهب اوست راستى در همه وقت بر طرف چمن هميشه زان سر سبزست ثم المطل العارفين فى الصدق فى العبودية والقيام بحقوق الربوبية قال احمد بن الحوارى قلت لابى سليمان الداراني قدس سرهما انى قد غبطت بنى إسرائيل قال بأى شىء قلت بثمانمائة سنة من العمر حتى يصيروا كالشنان البالية وكالحنايا وكالاوتار قال ما ظننت الا وقد جئت بشىء والله ما يريد منا ان تيبس جلودنا على عظامنا ولا يريد منا الا صدق النية فيما عنده هذا إذا صدق فى عشرة ايام نال ما ناله ذاك فى عمره الطويل انتهى فرب عمر اتسعت آماده وقلت إمداده كاعمار بنى إسرائيل إذا كان الواحد منهم يعيش الفا ونحوها ولم يتحصل له شىء مما تحصل لهذه الامة مع كثرة أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده كعمر من فتح عليه من هذه الامة فوصل الى عناية الله بلمحه كما قال الامام الغزالي قدس سره فى منهاج العابدين منهم من يقطع هذه العقبات فى سبعين سنة ومنهم من يقطعها فى عشرين سنة ومنهم من يقطعها فى عشر سنين ومنهم من تحصل له فى سنة ومنهم من يقطعها فى شهر بل فى جمعة بل فى ساعة كسحرة موسى- حكى- ان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة لا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم فاعتقها فاختارت هذا الطريق فاقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها علماء البصرة وقراؤها لعظم منزلتها وفى التأويلات النجمية وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ الذين صدقوا يوم الميثاق فيما أجابوا الله عند خطاب ألست بربكم قالوا بلى وصدقوا الله على ما عاهدوه عليه ان لا يعبدوا الا الله ولا يشركوا به شيأ من مقاصد الدنيا والآخرة ويتجردوا عن كل حادث حتى عن الجسم: وفى المثنوى جوهر صدقت خفى شد در دروغ ... همچوطعم روغن اندر طعم دوغ آن دروغت اين تن فانى بود ... راستت آن جان ربانى بود يقول الفقير أصلحه الله القدير كتب الى حضرة الشيخ قدس سره فى بعض مكاتيبه الشريفة وقال عليكم بالصدق مطلقا نية وعملا وهو يرجع الى الإخلاص جدا بان لا يكون للعبد أصلا باعث فى الحركات والسكنات الا الله تعالى فان مازجه شوب من حظوظ النفس بطل الصدق ويجوز ان يسمى كاذبا ودرجاته لا نهاية لها وقد يكون للعبد صدق فى بعض الأمور دون بعض فان كان صادقا فى الجميع فهو الصديق حقا والصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من

[سورة التوبة (9) : آية 120]

واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس ثم ذيل كلاما طويلا يتضمن تأويل سورة الانشراح رزقنا الله ذوق كلامه وألحقنا به فى مقامه. ثم الصادقون هم المرشدون الى طريق الوصول فاذا كان السالك فى جملة احبابهم ومن زمرة الخدام فى عتبة بابهم فقد بلغ بمحبتهم وتربيتهم وقوة ولايتهم الى مراتب فى السير الى الله وترك ما سواه قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ان لم تجر افعالك على مراد غيرك لم يصح لك انتقال عن هواك ولو جاهدت نفسك عمرك فاذا وجدت من يحصل فى نفسك حرمته فاخدمه وكن ميتابين يديه يصرفك كيف يشاء لا تدبير لك فى نفسك معه تعش سعيدا مبادرا لامتثال ما يأمرك به وينهاك عنه فان أمرك بالحرفة فاحترف عن امره لاعن هواك وان أمرك بالقعود قعدت عن امره لا عن هواك فهو اعرف بمصالحك منك فاسع يا بنىّ فى طلب شيخ يرشدك ويعصم خواطرك حتى تكمل ذاتك بالوجود الإلهي وحينئذ تدبر نفسك بالوجود الكشفى الاعتصامى كذا فى مواقع النجوم: وفى المثنوى چون كزيدى پير نازك دل مباش ... سست ورزيده چوآب وگل مباش «1» چون گرفتى پيرهن تسليم شو ... همچوموسى زير حكم خضر رو شيخ را كه پيشوا ورهبرست ... كر مريدى امتحان كرد او خرست «2» نسأل الله تعالى ان يحفظنا من زيغ الاعتقاد ويثبتنا فى طريق اهل الرشاد ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ اى ما صح وما استقام لهم والمدينة علم بالغلبة لدار الهجرة كالنجم للثريا إذا أطلقت فهى المرادة وان أريد غيرها قيد والنسبة إليها مدنى ولغيرها من المدن مدينى للفرق بينهما كما فى انسان العيون قال الامام النووي لا يعرف فى البلاد اكثر اسماء منها ومن مكة وفى كلام بعضهم لها نحو مائة اسم منها دار الاخبار ودار الأبرار ودار السنة ودار السلامة ودار الفتح والبارة وطابة وطيبة لطيب العيش بها ولان لعطر الطيب بها رائحة لا توجد فى غيرها وترابها شفاء من الجذام ومن البرص بل ومن كل داء وعجوتها شفاء من السم وقد خص الله تعالى مكة والمدينة بانهما لا يخلو ان من اهل العلم والفضل والدين الى ان يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وهى اى المدينة تخرب قبل يوم القيامة بأربعين عاما ويموت أهلها من الجوع وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ [باديه نشينان] كمزينة وجهينه وأشجع وغفار واضرابهم قال الكاشفي [وتخصيص اهالى مدينة وحوالى بجهت قرب بوده ومعرفت ايشان بخروج آن حضرت عليه السلام بطرف تبوك] أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عند توجهه الى الغزو وإذا استنفرهم واستنهضهم كما فى حواشى ابن الشيخ وهذا نهى ورد بلفظ النفي للتأكيد وَلا ان يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ الباء للتعدية فقولك رغبت عنه معناه أعرضت عنه فعدى بالباء فاذا قلت رغبت بنفسي عنه كأنك قلت جعلت نفسى راغبة عنه. فالمعنى اللغوي فى الآية ولا يجعلوا أنفسهم راغبة ومعرضة عن نفسه عليه السلام وحاصل المعنى لا يصرفوا أنفسهم عن نفسه الكريمة اى عما القى فيه نفسه من شدائد الغزو

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان وصيت كردن رسول خدا صلى الله عليه وسلم مر على را إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان گفتن جمهودى على رضى الله عنه را كه اگر اعتماد إلخ

[سورة التوبة (9) : الآيات 121 إلى 125]

وأهوالها ولا يصونها عما لا يصون عنه نفسه بل يكابدوا معه ما يكابده فانه لا ينبغى ان يختاروا لانفسهم الخفض والدعة ورغد العيش ورسول الله فى الحر والمشقة قال الحدادي لا ينبغى ان يكونوا بانفسهم آثر واشفق عن نفس محمد صلى الله عليه وسلم بل عليهم ان يجعلوا أنفسهم وقاية للنبى عليه السلام لما وجب له من الحقوق عليهم بدعائه لهم الى الايمان حتى اهتدوا به ونجوا من النار ذلِكَ اى وجوب المتابعة فان النهى عن التخلف امر بضده الذي هو الأمر بالمتابعة والمشايعة بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم إذا كانوا معه عليه السلام لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ اى عطش يسير وَلا نَصَبٌ ولا تعب ما فى أبدانهم وَلا مَخْمَصَةٌ اى مجاعة ما فِي سَبِيلِ اللَّهِ وإعلاء كلمته وَلا يَطَؤُنَ ولا يدوسون بأرجلهم وحوافر خيولهم واخفاف رواحلهم مَوْطِئاً دوسا فهو مصدر كالموعد او مكانا على ان يكون مفعولا يَغِيظُ الْكُفَّارَ [بخشم آرد كافرانرا] اى لا يبلغون موضيعا من أراضي الكفار من سهل او جبل يغيظ قلوبهم مجاوزة ذلك الموضع فان الإنسان يغيظه ان يطأ ارضه غيره والغيظ انقباض الطبع برؤية ما يسوءه والغضب قوة طلب الانتقام وَلا يَنالُونَ [ونيابند] فان النيل بالفارسية [يافتن] مِنْ عَدُوٍّ من قبلهم نَيْلًا بمعنى الميل على ان يكون مفعولا به اى أي آفة محنة كالقتل والاسر والهزيمة والخوف إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ اى بكل واحد من الأمور المعدودة. قوله الا كتب فى محل النصب على انه حال من ظمأ وما عطف عليه اى لا يصيبهم ظمأ ولا كذا ولا كذا فى حال من الأحوال الا فى حال كونه مكتوبا لهم بذلك عَمَلٌ صالِحٌ وحسنة مقبولة اى استوجبوا به الثواب الجزيل وقال الكاشفى يعنى [بهر يك أزينها كه بديها رسد مستحق ثواب شوند اين عباس كويد بهر ترسى كه از دشمن بدل ايشان رسد هفتاد درجه مى نويسند] هذا ما يدل عليه عامة التفاسير وقال ابن الشيخ فى حواشيه يقال نال منه إذا ازراه ونقصه وصرح بنيل شىء مما يتأذى الكفار من نيله وهذا المعنى غير المعنى الاول كما لا يخفى إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم وهو تعليل لكتب وتنبيه على ان الجهاد احسان اما فى حق الكفار فلانه سعى فى تكميلهم بأقصى ما يمكن كضرب المداوي للمجنون سفيهانرا بود تأديب نافع ... جنونرا شربت چوبست دافع واما فى حق المؤمنين فلانه صيانة لهم من سطوة الكفار واستيلائهم وَلا يُنْفِقُونَ فى الجهاد نَفَقَةً صَغِيرَةً [نفقه اندك] ولو تمرة او علافة سوط او نعل فرس وَلا كَبِيرَةً [ونه نفقه بزرگ] مثل ما أنفق عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهما فى جيش العسرة وقد سبق عند قوله تعالى الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ الآية فى هذه السورة وَلا يَقْطَعُونَ اى لا يجتازون فى مسيرهم الى ارض الكفار مقبلين ومدبرين وادِياً من الاودية وهو فى الأصل كل منفرج من الجبال والآكام ينفذ فيه المسيل اسم فاعل من ودى يدى إذا سال ثم شاع فى الأرض على الإطلاق إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ اى اثبت لهم فى صحائفهم ذلك الذي فعلوه من الانفاق والقطع لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ بذلك متعلق بكتب أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

مفعول ثان ليجزيهم وما مصدرية اى ليجزيهم جزاء احسن أعمالهم بحذف المضاف فان نفس العمل لا يكون جزاء [درينا بيع فرموده كه اگر مثلا غازى را هزار طاعت باشد ويكى از همه نيكوتر بود حق سبحانه وتعالى آنرا ثوابى عظيم دهد ونهصد ونود ونه ديگر را بطفيل آن قبول كند وهر يك را برابر آن ثوابى ارزانى دارد تا كرم او بنسبت مجاهدان بر همه كس ظاهر گردد] ففى الجهاد فضائل لا توجد فى غيره وهو حرفة النبي عليه السلام وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال مر رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذب فاعجبته فقال لو اعتزلت الناس فاقمت فى هذا الشعب ولن افعل حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله فقال (لا تفعل فان مقام أحدكم فى سبيل الله أفضل من صلاته سبعين عاما ألا تحبون ان يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة اغزوا فى سبيل الله من قاتل فى سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة) قوله فواق ناقة وهو ما بين رفع يدك عن ضرعها وقت الحلبة ووضعها وقيل هو ما بين الحلبتين. وفى الحديث دلالة على ان الجهاد والتصدي له أفضل من العزلة للعبادة وقال فى فتح القريب يا هذا ليت شعرى من يقوم مقام هذا الصحابي فى عزلته وعبادته وطيب مطعمه ومع هذا قال النبي عليه السلام (لا تفعل) وأرشده الى الجهاد فكيف لواحد منا ان يتركه مع اعمال لا يوثق بها مع قلتها وخطايا لا ينجى معها لكثرتها وجوارح لا تزال مطلقة فيما منعت منه ونفوس جامحة الا عما نهيت عنه ونيات لا يتحقق إخلاصها وتبعات لا يرجى بغير العناية خلاصها: قال الحافظ كارى كنيم ور نه حجالت بر آورد ... روزيكه رخت جان بجهان دگر كشيم واعلم ان المتخلف بعذر إذا كانت نيته خالصة يشارك المجاهد فى الاجر والثواب كما روى انه عليه السلام لما رجع من غزوة تبوك قال (ان أقواما خلفناهم بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر) يعنى يشاركوننا فى استحقاق الثواب لكونهم معنانية وانما تخلفوا عنا للعذر ولولاه لكانوا معنا ذواتا قال ابن الملك ولا يظن منه التساوي فى الثواب لان الله قال فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً انتهى يقول الفقير أصلحه الله القدير هذه الآية مطلقة ساكتة عن بيان العذر وعدمه وقد قيدها الحديث المذكور ولا بعد فى ان يشترك المجاهد والمتخلف لعذر فى الثواب بل تأثير الهمة أشد ورب نية خير من عمل ولهذا شواهد لا تخفى على اولى الألباب والاشارة ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مدينة القلب وأهلها النفس والهوى وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ اعراب الصفات النفسانية والقلبية أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عن رسول الروح إذ هو راجع الى الله وسائر اليه وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ اى عن بذل وجودهم عند بذل وجوده بالفناء فى الله ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ من ماء الشهوات وَلا نَصَبٌ من انواع المجاهدات وَلا مَخْمَصَةٌ بتر اللذات وحطام الدنيا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طلب الله وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً مقاما من مقامات الفناء يَغِيظُ الْكُفَّارَ كفار النفس والهوى وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ عدو الشيطان والدنيا والنفس نَيْلًا اى بلاء ومحنة وفقرا وفاقة وجهدا وهما وحزنا وعير ذلك من اسباب الفناء إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ من البقاء بالله بقدر الفناء فى الله إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ

[سورة التوبة (9) : آية 122]

الفانين فى الله فيبقيهم بالله ليعبدوه على المشاهدة لان الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً من بذل الوجود صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً الصغيرة بذل وجود الصفات والكبيرة بذل وجود الذات فى صفات الله تعالى وذاته وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً من اودية الدنيا والآخرة والنفس والهوى والقلب والروح إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بقطع كل واحد من هذه الاودية قربة ومنزلة ودرجة كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ بالبقاء والفناء عن أنفسهم أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى احسن مقام كانوا يعملون العبودية فى طلبه لان طلبهم على قدر معرفتهم ومطمح نظرهم وجزاؤه يضيق عنه نطاق عقولهم وفهو مهم كما قال اعدت لعبادى الصالحين الحديث كما فى التأويلات النجمية وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً اللام لتأكيد النفي اى ما صح وما استقام لهم ان ينفروا اى يخرجوا جميعا لنحو غزو او طلب علم كما لا يستقيم لهم ان يتثبطوا جميعا فان ذلك مخل بامر المعاش فَلَوْلا نَفَرَ [پس چرا بيرون نرود] فلولا تحضيضية مثل هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي يفيد التوبيخ على ترك الفعل والتوبيخ انما يكون على ترك الواجب فعلم منه ان الفعل واجب وان قوله فلولا نفر معناه الأمر بالنفير وإيجابه مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ اى من كل جماعة كثيرة كقبيلة واهل بلدة جماعة قليلة ودلت الآية على الفرق بين الفرقة والطائفة بان الفرقة اكثر من الطائفة لان القياس ان ينتزع القليل من الكثير والطائفة تتناول الواحد فما فوقه لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ليتكلفوا الفقاهة فى الدين ويتجشموا مشاق تحصيلها والفقه معرفة أحكام الدين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ وليجعلوا غاية سعيهم ومعظم غرضهم من الفقاهة ارشاد القوم وإنذارهم وذكر الانذار دون التبشير لانه أهم والتخلية بالمعجمة اقدم من التحلية بالمهملة لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ارادة ان يحذر قومهم عما ينذرون منه وفى الآية دليل على ان التفقه والتذكير من فروض الكفاية وانه ينبغى ان يكون غرض المتعلم الاستقامة والاقامة لا الترفع على الناس بالتصدر والترؤس والتبسط فى البلاد بالملابس والمراكب والعبيد والإماء كما هو ديدن أبناء الزمان والله المستعان. فينبغى ان يطلب المتعلم رضى الله والدار الآخرة وازالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال واحياء الدين وابقاء الإسلام فان بقاء الإسلام بالعلم ولا يصح الزهد والتقوى بالجهل علم آمد دليل آگاهى ... جهل برهان نقص وگمراهى پيش ارباب دانش وعرفان ... كى بود اين تمام وآن نقصان وينبغى لطالب العلم ان ينوى به الشكر على نعمة العقل وصحة البدن وسلامة الحواس عملا بقوله تعالى وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وينبغى لطالب العلم ان يختار الأستاذ الأعلم والأورع والأسن بعد التأمل التام كما اختار ابو حنيفة رضى الله عنه حماد قال دخلت البصرة فظننت ان لا اسأل عن شىء الا أجبت عنه فسألونى عن أشياء لم يكن عندى جوابها فحلفت على نفسى ان لا أفارق حمادا فصحبته عشرين سنة وما صليت قط الا ودعوت لشيخى حماد مع والدي ففى

أنفاس الاساتذة الصالحين ودعوات الرجال الكاملين تأثيرات عجيبة- كما حكى- ان أبا ابى حنيفة ثابتا اهدى الفالوذج لعلى بن ابى طالب يوم النيروز ويوم المهرجان فدعا له ولا ولاده بالبركة وكان ثابت يقول انا فى بركة دعوة صدرت من على رضى الله عنه حتى كان يفتخر أولاده العلماء بذلك فاذا وجد الطالب الأستاذ العالم العامل فعليه ان يختار من كل علم أحسنه وأنفعه فى الآخرة فيبدأ بفرض العين وهو علم ما يجب من اعتقاد وفعل وترك ظاهرا وباطنا ويقال له علم الحال اى العلم المحتاج اليه فى الحال قال العز بن عبد السلام العلم الذي هو فرض لازم ثلاثة انواع. الاول علم التوحيد فالذى يتعين عليك منه مقدار ما تعرف به اصول الدين فيجب عليك اولا ان تعرف المعبود ثم تعبده وكيف تعبد من لا تعرفه بأسمائه وصفات ذاته وما يجب له وما يستحيل فى نعته فربما تعتقد شيأ فى صفاته يحالف الحق فتكون عبادتك هباء منثورا. والنوع الثاني علم السر وهو ما يتعلق بالقلب ومساعيه فيفترض على المؤمن علم احوال القلب من التوكل والانابة والخشية والرضى فانه واقع فى جميع الأحوال واجتناب الحرص والغضب والكبر والحسد والعجب والرياء وغير ذلك وهو المراد بقوله عليه السلام (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) إذ لو أريد بالعلم فيه التوحيد فهو حاصل ولو أريد به الصلاة فيجوزان يتأهلها شخص وقت الضحى ويموت قبل الظهر فلا يستقيم العموم المستفاد من لفظ كل واما غيرهما فلا يظهر فلم يبق الا المعاملة القلبية إذ فرضية علمها متحققة فى كل زمان ومكان فى كل شخص. والنوع الثالث علم الشريعة وهو ما يجب عليك فعله من الواجبات الشرعية فيجب عليك علمه لتؤديه على جهة الشرع كما أمرت به وكذا علم كل ما يلزمك تركه من المناهي الشرعية لتتركه وذلك شامل للعبادات والمعاملات فكل من اشتغل بالبيع والشراء وايضا بالحرفة فيجب عليه علم التحرز عن الحرام فى معاملاته وفيما يكسبه فى حرفته واما حفظ ما يقع فى بعض الأحايين ففرض على سبيل الكفاية. والعلوم الشرعية خمسه الكلام والتفسير والحديث والفقه واصول الفقه قال فى عين المعاني المراد بقوله لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ علم الآخرة لاختصاصه بالإنذار والحذر به وعلم الآخرة يشمل علم المعاملة وعلم المكاشفة اما علم المعاملة فهو العلم المقرب اليه تعالى والمبعد عنه ويدخل فيه اعمال الجوارح واعمال القلوب واما علم المكاشفة فهو المراد فيما ورد (فضل العالم على العابد كفضلى على أمتي) إذ غيره تبع للعمل لثبوته شرطا له فاذا فرغ علما وعملا ساغ ان يشرع فى فروض الكفاية كالتفسير والاخبار والفتاوى غير متجاوز الى نوادر المسائل ولا مستغرق مشتغل عن المقصود وهو العمل ويجوز ان يتعلم من علم النجوم قدر ما يعرف به القبلة واوقات الصلاة ويتعلم من علم الطب قدر ما يمكن بمعرفته تداوى الأمراض قال فى الأشباه تعلم العلم يكون فرض عين وهو بقدر ما يحتاج اليه لدينه وفرض كفاية وهو ما زاد عليه لنفع غيره ومندوبا وهو التبحر فى الفقه وعلم القلب وحراما وهو علم الفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر ودخل فى الفلسفة المنطق ومن هذا القسم علم الحروف والموسيقى ومكروها وهو اشعار المولدين من الغزل والبطالة ومباحا كاشعارهم التي لا سخف فيها قال على الخناوى لم أر في

كتب أصحابنا القول بتحريم المنطق ولا يبعد ان يكون وجهه ان يضيع العمر وايضا ان من اشتغل به يميل الى الفلسفة غالبا فكان المنع منه من قبيل سد الذرائع والا فليس فى المنطق ما ينافى الشرع انتهى قال القهستاني ذكر فى المهمات للاسنوى لا يستنجى بما كتب عليه علم محترم كالنحو واحترز بالمحترم من غيره من الحكميات مثل المنطق انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم ولا يكثر مما لا يحتاج اليه فان التكثير مما لا حاجة فيه سبب فى تضييع الوقت على ما هو أهم وذلك ان من لم يعول على ان يلقى نفسه فى درجة الفتيا فى الدين لان فى البلد من ينوب عنه فى ذلك لا يتعين عليه طلب الاحكام كلها إذ هو فى حق الغير طلب فضول العلم انتهى فعلى العاقل ان يتعلم قدر الحاجة ويشتغل بالعمل وفى الحديث (من أحب ان ينظر الى عتقاء الله من النار فلينظر الى المتعلمين فو الذي نفسى بيده ما من متعلم يختلف الى باب العالم الا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل قدم مدينة فى الجنة ويمشى على الأرض والأرض تستغفر له ويمشى ويصبح مغفورا له وشهدت له الملائكة بانه من عتقاء الله من النار) وفى نشر العلم والإرشاد به فضائل ايضا قال عليه السلام لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حين بعثه الى اليمن (لان يهدى الله بك رجلا خير لك مما تطلع عليه الشمس) والعلماء ورثة الأنبياء فكما انهم اشتغلوا بالابلاغ والإرشاد كذلك ورثتهم فكل مرشد من الورثة ينبغى ان يكون غرضه اقامة جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه بتكثير اتباعه وقد قال (انى مكاثر بكم الأمم) قال فى العوارف الصوفية أخذوا حظا من علم الدراسة فافادهم علم الدراسة العمل بالعلم فلما عملوا بما علموا أفادهم العمل علم الوراثة فهم مع سائر العلماء فى علومهم وتميزوا عنهم بعلوم زائدة هى علوم الوراثة وعلم الوراثة هو الفقه فى الدين قال الله تعالى فَلَوْلا نَفَرَ الآية فصار الانذار مستفادا من الفقه والانذار احياء المنذر بماء العلم والاحياء رتبة الفقيه فى الدين فصار الفقه فى الدين من أكمل الرتب وأعلاها وهو علم العالم الزاهد فى الدنيا المتقى الذي يبلغ رتبة الانذار بعلمه فمورد الهدى والعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم اولا ورد عليه الهدى والعلم من الله تعالى فارتوى بذلك ظاهرا وباطنا وانتقل من قلبه الى القلوب ومن نفسه الى النفوس ولا يدرك المرء هذا العلم بالتمني بل بالجد والطلب ألا ترى الى الجنيد قيل له بم نلت ما نلت فقال بجلوسى تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة وأشار الى درجة فى داره هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود وفى الآية تحريض للمؤمنين على الخروج من الأوطان لطلب العلم النافع ورحل جابر من المدينة الى مصر لحديث واحد ولذا لم يعد أحد كاملا الا بعد رحلته ولا وصل مقصده الا بعد هجرته وقيل سافر تجد عوضا عمن تفارقه ... وانصب فان اكتساب المجد فى النصب فالاسد لولا فراق الخيس ما فرست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب : قال سعدى قدس سره جفا نبرده چهـ دانى تو قدر يار ... تحصيل كام دل بتكاپوى خوشترست قال فى التأويلات النجمية الاشارة فى الآية ان الله تعالى يندب خواص عباده الى رحلة

[سورة التوبة (9) : آية 123]

الصورة والمعنى فاما رحلة الصورة ففى طلب اهل الكمال الكاملين المتكملين الواصلين الموصلين كما ندب موسى الرحلة فى طلب الخضر عليهما السلام واما رحلة المعنى فكما كان حال ابراهيم عليه السلام قال انى ذاهب الى ربى فهو السير من القالب وصفاته الى القلب وصفاته ومن القلب الى الروح وصفاته ومن الروح الى التخلق بأخلاق الله بقدم فناء أوصافه وهو السير الى الله ومن اخلاق الله الى ذات الله بقدم فناء ذاته بتجلى صفات الله وهو السير بالله ومن انانيته الى هويته ومن هويته الى ألوهيته الى ابد الآباد وهو السير بالله من الله الى الله تعالى وتقدس انتهى باختصار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أقروا بالله وبوحدانيته وصدقوا بحضرة صاحب الرسالة وحقانيته قاتِلُوا الَّذِينَ [كار زار كنيد آنانكه] يَلُونَكُمْ الولي القرب والدنو مِنَ الْكُفَّارِ اى قاتلوا من نحوكم وبقربكم من العدو وجاهدوا الأقرب فالاقرب ولا تدعوا الأقرب وتقصدوا الا بعد فيقصد الأقرب بلادكم وأهاليكم وأولادكم وفيه انهم إذا أمنوا الأقرب كان لهم محاربة الأبعد واعلم ان القتال واجب مع كافة الكفرة قريبهم وبعيدهم ولكن الأقرب فالاقرب أوجب ولذا حارب عليه السلام قومه اولا ثم انتقل الى غزو سائر العرب ثم انتقل عنهم الى غزو الشام وكذا الصحابة رضى الله عنهم لما فرغوا من امر الشام دخلوا العراق وهكذا المفروض على اهل كل ناحية ان يقاتلوا من وليهم ما لم يضر بهم اهل ناحية اخرى وقد وقع امر الدعوة ايضا على هذا الترتيب فانه عليه السلام امر اولا بانذار عشيرته فان الأقرب أحق بالشفقة والاستصلاح لتأكد حقه واختلفوا فى أفضل الأعمال بعد الفرائض. فقال الشافعي رضى الله عنه الصلاة أفضل اعمال البدن وتطوعها أفضل التطوع. وقال احمد لا اعلم شيأ بعد الفرائض أفضل من الجهاد لانه كان حرفة النبي عليه السلام. وقال ابو حنيفة ومالك لا شىء بعد فروض الأعيان من اعمال البر أفضل من العلم لان الأعمال ثبتنى عليه ثم الجهاد وبلغ من علم ابى حنيفة رحمه الله الى ان سمع فى المنام انا عند علم ابى حنيفة بعد ما قيل اين أطلبك يا رسول الله وفى الحديث (اقرب الناس من درجة النبوة اهل العلم واهل الجهاد) اما اهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل واما اهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل والجهاد سبب البقاء إذ لو تركه الناس لغلبهم العدو وقتلهم وفيه الحياة الدائمة فى الآخرة لانه سبب الشهادة التي تورث تلك الحياة والشهداء احياء غير أموات: وفى المثنوى پس زيادتها درون نقصهاست مر شهيدانرا حيات اندر فناست «1» وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً اى شدة وصبرا على القتال قال فى القاموس الغلظة مثلثة ضد الرقة وهذا الكلام من باب لا ارينك هاهنا فانه وان كان على صورة ان ينهى المتكلم نفسه عن رؤية المخاطب هاهنا الا ان المراد نهى المخاطب عن ان يحضر هاهنا فكذا الآية فانها على صورة امر الكفار بان يجدوا من المؤمنين غلظة لكن المعنى على امر المؤمنين بان يعاملوا الكفار بالغلظة والخشونة على طريق الكناية حيث ذكر اللازم وأريد الملزوم: وفى المثنوى هر پيمبر سخت روبد در جهان ... يكسواره گفت بر جيش شهان «2» رو نكردانيد از ترس وغمى ... يك تن تنها بزد بر عالمى

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان گفتن پيغمبر بگوش ركابدار امير المؤمنين على رضى الله عنه إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب گفتن مهمان ايشانرا إلخ

گوسفندان گر برونند از حساب ... زانبهشان كى بترسد آن قصاب قيل للاسكندر فى عسكر دارا الف الف مقاتل فقال ان القصاب لا تهوله كثرة الأغنام والعرب تقول الشجاعة وقاية والجبن مقتلة فاعتبروا بان من يقتل مدبرا اكثر ممن يقتل مقبلا: قال السعدي قدس سره آنكه چنك آرد بخون خويش بازي ميكند ... روز ميدان وانكه بگريزد بخون لشكرى : ونعم ما قيل زهره مردان ندارى چون زنان در خانه باش ... ور بميدان ميروى از تير باران بر مگرد واعلم ان السلاطين والوزراء والوكلاء بالنسبة الى العسكر كالقلب بالنسبة الى الأعضاء فكما ان القلب إذا صلح الجسد كله فكذا الرئيس إذا ثبت واظهر الشجاعة ثبت الجيش كله [بهرام گفت هر آنكه سر تاج دارد بايد كه دل از سر بر دارد هر آنكه پاى نهد در نگار خانه ملك يقين كه مال وسر وهر چهـ هست دربازد] وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ بالحراسة والاعانة والمراد بالمعية الولاية الدائمة وادخل مع على المتقين مع اختصاصه بالمتبوع لكونهم المباشرين للقتال ووضع المظهر موضع المضمر اى معكم اشارة الى علة النصرة وهى التقوى كأنه قيل واعلموا ان نصرة الله معكم بسبب تقواكم بالتوحيد والإسلام والايمان والطاعة عن الإشراك والكفر والنفاق والعصيان فى مرتبة الشريعة وبالله عن جميع ما سوى الله فى مرتبة الحقيقة لا مع الكفار المشركين المنافقين العاصين وان أعطاهم لوازم القتال مكرا واستدراجا كما أعطاكموه كموها كرما وإحسانا وبقدر تقواكم بالحق عن الخلق يسخر الله لكم الخلق وبقدر تسخيركم لله قواكم النفسانية يسخر الله لكم الكفار وبقدر تسخيركم لله قواكم الروحانية يسخر الله لكم المؤمنين قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم اعلم يا بنى ان الله جل ثناؤه لما أراد ان يرقى عبده الخصوصى الى المقامات العلية قرب منه أعداءه حتى يعظم جهاده لهم ويشتغل بمحاربتهم اولا قبل محاربة غيرهم من الأعداء الذين هم منه ابعد قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ الآية وحظ الصوفي وكل موفق من هذه الآية ان ينظر فيها الى نفسه الامارة بالسوء التي تحمله على كل محظور ومكروه وتعدل به عن كل واجب ومندوب للمخالفة التي جبلها الله عليها وهى اقرب الكفار والأعداء اليه فاذا جاهدها وقتلها او أسرها فحينئذ يصح له ان ينظر فى الاعيار على حسب ما يقتضيه مقامه وتعطيه منزلته فالنفس أشد الأعداء شكيمة وأقواهم عزيمة فجهادها هو الجهاد الأكبر ومعنى الجهاد مخالفة هواها وتبديل صفاتها وحملها على طاعة الله: وفى المثنوى اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصم زو بتر در اندرون قد رجعنا من جهاد الاصغريم ... با عدو اندر جهاد الاكبريم سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آن ست آنكه خود را بشكند وللنفس سيفان ما ضيان تقطع بهما رقاب صناديد الرحال وعظمائهم وهما شهوتا البطن والفرج وشهوة البطن أقوى وأشد من شهوة الفرج لانه ليس لها تأييد إلا من سلطان شهوة البطن

[سورة التوبة (9) : الآيات 124 إلى 125]

زان ندارى ميوه مانند بيد ... كآب روبردى پى نان سپيد فما ملىء وعاء شر من بطن ملىء بالحلال هذا إذا كان القوت حلالا فكيف إذا كان حراما فالطعام والإكثار منه قاطع عن الطريق وعن عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين جوعوا بطونكم وعطشوا أكبادكم لعل قلوبكم ترى الله تعالى وكذا الكلام وكذا التأذى بأذى الأنام فعليه بالصبر وان لا يجدهم مؤذين لانه موحد فيستوى عنده المسيء والمحسن فى حقه بل ينبغى ان يرى المسيء محسنا وكذا المنام قال بعض العلماء من سهر أربعين ليلة خالصا كوشف بملكوت السموات أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغفلة انه مجيب الدعوة وَإِذا ما كلمه ما صلة مؤكدة لارتباط الجزاء بالشرط أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من سور القرآن وعددها مائة واربع عشرة بالإجماع والسورة طائفة من كلامه تعالى فَمِنْهُمْ اى المنافقين مَنْ يَقُولُ لاخوانه إنكارا واستهزاء أَيُّكُمْ مبتدأ وما بعده خبره زادَتْهُ هذِهِ السورة إِيماناً مفعول زادته وإيراد الزيادة مع انه لا ايمان فيهم أصلا باعتبار اعتقاد المؤمنين. وفيه اشارة الى ان الاستهزاء من علامات النفاق وامارات الإنكار ثم أجاب الله تعالى عن انكارهم واستهزائهم من يعتقد زيادة الايمان بزيادة العلم الحاصل بالوحى والعمل به فقال فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله تعالى وبما جاء من عنده فَزادَتْهُمْ إِيماناً هذا بحسب المتعلق وهو مخصوص بزمان النبي عليه السلام واما الآن فالمذهب على الايمان لا يزيد ولا ينقص وانما تتفاوت درجاته قوة وضعفا فانه ليس من يعرف الشيء اجمالا كمن يعرفه تفصيلا كما ان من رأى الشيء من بعيد ليس كمن يراه من قريب فصورة الايمان هو التصديق القلبي اجمالا وتفصيلا وحقيقته الإحسان الذي هو ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وحقيقة الإحسان مرتبة كنت سمعه وبصره التي هى قرب النوافل وفوقها مرتبة قرب الفرائض المشار اليه بقوله سمع الله لمن حمده. والحاصل ان من اعتقد الكعبة إذا رآها من بعيد فوى يقينه ثم إذا قرب منها كمل ثم إذا دخل ازداد الكمال ولا تفاوت فى اصل الاعتقاد وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بنزولها وبما فيه من المنافع الدينية والدنيوية وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى كفرو سوء عقيدة قال الحدادي سمى الله النفاق مرضا لان الحيرة فى القلب مرض القلب كما ان الوجع فى البدن مرض البدن يقول الفقير كل منهما مؤد الى الهلاك. اما المرض الظاهر فالى هلاك الجسم. واما المرض الباطن فالى هلاك الروح فلا بد من معالجة كل منهما بحسب ما يليق به فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ اى كفرا بها مضموما الى الكفر وعقائد باطلة وأخلاقا ذميمة كذلك والفرق بين الرجس والنجس ان الرجس اكثر ما يستعمل فيما يستقذر عقلا والنجس اكثر ما يستعمل فيما يستقذر طبعا وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ اى واستحكم ذلك الى ان يموتوا عليه بين الله تعالى ان بنزول سورة من السماء حصل للمؤمنين أمران زيادة الايمان والاستبشار وحصل للمنافقين أمران مقابلان لهما زيادة الرجس والموت على الكفر وفى الحديث (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) يعنى ان من آمن بالقرآن وعظم شأنه وعمل به يرفع الله درجته فى الآخرة ويرزقه عزة وشرفا ومن لم يؤمن به او لم

[سورة التوبة (9) : الآيات 126 إلى 129]

يعمل به او لم يعظم شأنه خذله الله فى الدنيا والآخرة أَوَلا يَرَوْنَ الهمزة للانكار والتوبيخ والواو للعطف على مقدر اى لا ينظر المنافقون ولا يرون أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ من الأعوام بالفارسية [در هر سالى] مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ والمراد مجرد التكثير لا بيان الوقوع حسب العدد المزبور اى يبتلون بأصناف البليات من المرض والشدة وغير ذلك مما يذكر الذنوب والوقوف بين يدى رب العزة فيؤدى الى الايمان به تعالى ثُمَّ لا يَتُوبُونَ عطف على لا يرون داخل تحت الإنكار والتوبيخ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ والمعنى أولا يرون افتتانهم الموجب لايمانهم ثم لا يتوبون عماهم عليه من النفاق ولا هم يتذكرون بتلك الفتن الموجبة للتذكر والتوبة قال فى التأويلات النجمية هذه الفتنة موجبة لانتباه القلب الحي وقلوبهم ميتة والقلب الميت لا يرجع الى الله ولا يؤثر فيه نصح الناصحين كما قال إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وقال لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا: وفى المثنوى ور نكوئى عيب خود بارى خمش ... از نمايش واز دغل خود را مكش «1» كر تو نقدى يافتى مكشا دهان ... هست در ره سنگهاى امتحان گفت يزدان از ولادت تا بحين ... يفتنون كل عام مرتين امتحان بر امتحانست اى پسر ... هين بكمتر امتحان خود را محر ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون «2» وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ بيان لاحوالهم عند نزولها فى محفل تبليغ الوحى كما ان الاول بيان لمقالاتهم وهم غائبون عنه نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ المراد بالنظر النظر المخصوص الدال على الطعن فى تلك السورة والاستهزاء بها اى تغامزوا بالعيون إنكارا لها وسخرية هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ اى قائلين هل يراكم من أحد من المسلمين لينصرفوا من المسجد والمجلس مظهرين انهم لا يضطربون عند استماعها ويغلب عليهم الضحك فيفتضحون ثُمَّ انْصَرَفُوا عطف على نظر بعضهم والتراخي باعتبار وجدان الفرصة والوقوف على عدم رؤية أحد من المؤمنين اى انصرفوا جميعا عن محفل الوحى خوفا من الافتضاح. والمعنى يقول بعضهم لبعض هل يراكم من أحد من المؤمنين ان قمتم من مجلسكم فان لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وان علموا ان أحد يراهم أقاموا فيه وثبتوا حتى يفرغ عليه السلام من خطبته ثم انصرفوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ اى عن الايمان حسب انصرافهم عن المجلس والجملة اخبارية او دعائية بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ لسوء الفهم او لعدم التدبر وفى التأويلات النجمية ليس فقه القلب فان فقه القلب من امارات حياة القلب وهو نور يهتدى به الى الحق كما ان الجهل ظلمة يقيم عندها ولا يدرى ماذا يفعل اللهم اجعلنا من المتدبرين والمتذكرين والمعتبرين قال بعض العلماء اصحاب القلوب من الانس ثلاثة اصناف. صنف كالبهائم قال الله تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها. وصنف أجسادهم أجساد بنى آدم وأرواحهم أرواح الشياطين. وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله وعن ابى بكر الوراق رحمه الله انه قال للقلب ستة أشياء حياة وموت وصحة وسقم ويقظة

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان چرب كردن مرد لا فى لب وسبلت خود را إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود وانس غلام در نماز ومناجات

[سورة التوبة (9) : آية 128]

ونوم فحياته الهدى ونومه الضلالة وصحته الصفاء وعلته العلاقة ويقظته الذكر ونومه الغفلة وفى المثنوى هر صباحى چون سليمان آمدى ... خاضع اندر مسجد أقصى شدى «1» نو گياهى رسته ديدى اندرو ... پس بگفتى نام ونفع خود بگو تو چهـ داروئى و چهـ تامت چهـ است ... تو زيان كه ونفعت بر كيست پس بگفتى هر كيوهى فعل ونام ... كه من آنرا جانم واين را حمام پس سليمان ديد اندر كوشه ... نو گياهى رسته همچون خوشه «2» گفت نامت چيست بر كوبى دهان ... گفت خروبست اى شاه جهان گفت اندر تو چهـ خاصيت بود ... گفت من رستم مكان ويران شود من كه حروبم خراب منزلم ... هادم بنياد اين آب وكلم پس سليمان آن زمان دانست زود ... كه أجل آمد سفر خواهد نمود گفت تا من هستم اين مسجد يقين ... در خلل نايد ز آفات زمين پس خراب مسجد ما بيكمان ... نبود الا بعد مرك ما بدان مسجدست اين دل كه چشمش ساجدست ... يار بد خروب هر جا مسجدست يار بد چون رست در تو مهر او ... هين ازو بگريز وكم كن گفت وكو بر كن از بيخش كه گر سر بر زند ... مر ترا ومسجدت را بر كند لَقَدْ جاءَكُمْ يحتمل ان يكون الخطاب للعرب والعجم جميعا. فالمعنى بالله قد جاءكم ايها الناس رَسُولٌ اى رسول عظيم الشان والرسول انسان بعثه الله تعالى الى الخلق لتبليغ الاحكام مِنْ أَنْفُسِكُمْ اى من جنسكم آدمي مثلكم لامن الملائكة ولا من غيرهم وذلك لئلا يتنفروا عنه ويمتنعوا من متابعته ويقولوا لا طاقة لنا بمتابعته لانه ليس من جنسنا يؤيده قوله تعالى قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وقوله تعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ إذ لفظ المؤمنين عام لكل مؤمن من كل صنف فيكون معنى من أنفسهم اى من جنسهم لان الملك وكذا الجن لعدم جنسيته ولكونه غير مدرك بالحواس الخمس لا ينتفع به فاحتاج الى واسطة جنسية ذى جهتين جهة التجرد لتمكن الاستفاضة من جانب القدس وجهة التعلق لتمكن الافاضة الى جانب الخلق وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ومنه يظهر انه لكمال لطافته يمكن ان يستفيض منه الجن ايضا لكونهم أجساما لطفية ولذا دعاهم دعوة البشر مشعله افروز شب خاكيان ... سمع سرا پرده افلاكيان ويحتمل ان يكون الخطاب للعرب خاصة. فالمعنى بالله قد جاءكم أيتها العرب رسول عربى مثلكم وعلى لغتكم وذلك اقرب الى الالفة وابعد من اللجاجة واسرع الى فهم الحجة فان الإرشاد لا يحصل الا بمعرفة اللسان- حكى- ان اربعة نفر عجمى وعربى وتركى ورومى وجدوا فى طريق درهما فاختلفوا فيه ولم يعرف ولم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسأل منهم رجل

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان در آمدن سليمان هر روز در مسجد أقصى إلخ (2) در أوائل دفتر جهارم در بيان غمگين شدن سليمان عليه السلام از خروب رستن إلخ

آخر يعرف الالسنة فقال للعربى ايش تريد وللعجمى [چهـ ميخواهى] مثلا وعلم ان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا فاخذ العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم. وقرىء من أنفسكم بفتح الفاء اى من أشرفكم وأفضلكم من النفاسة وبالفارسية [عزيز شدن] وشىء نفيس اى خطير وذلك لان محمدا صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب وفى كلاب يجتمع نسب أبيه وامه لان امه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وبنوا هاشم أفضل القبائل الى إسماعيل عليه السلام من جهة الخصال الحميدة وكلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر واجمع النسابون على ان قريشا انما تفرقت عن فهر فهو جماع قريش وانما سمى فهر قريشا لانه كان يقرش اى يفتش عن حاجة المحتاج فيسدها بماله وكان بنوه يقرشون اهل الموسم عن حوائجهم فيرفدونهم فسموا بذلك قريشا والرفادة طعام الحاج ايام الموسم حتى يتفرقوا فان قريشا كانت على زمن قصى تخرج من أموالها فى كل موسم شيأ فتدفعه الى قصى فيصنع به طعاما للحاج يأكل منه من لم يكن له سعة ولا زاد حتى قام بها ولده عبد مناف ثم بعد عبد مناف ولده هاشم ثم بعد هاشم ولده عبد المطلب ثم ولده ابو طالب وقيل ولده العباس ثم استمر ذلك الى زمنه صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء بعده ثم استمر ذلك فى الخلفاء الى ان انقرضت الخلافة من بغداد ثم من مصر وعن انس بن مالك رضى الله عنه (حب قريش ايمان وبغضهم كفر) وفى الحديث (عالم قريش يملأ طباق الأرض علما) وعن الامام احمد رحمه الله هذا العالم هو الشافعي لانه لم ينتشر فى طباق الأرض من علم علماء قريش من الصحابة وغيرهم ما انتشر من علم الامام الشافعي ويجتمع نسبه مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عبد مناف وهو الجد التاسع للشافعى رحمه الله وفى الحديث (انه أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا ليس فى آبائي من لدن آدم سفاح كلها نكاح) وذلك لانه لا يجيىء من الزنى ولى فكيف نبى والاشارة فيه الى نفاسة جوهره فى اصل الخلقة لانه أول جوهر خلقه الله تعالى وعن ابى هريرة انه عليه السلام سأل جبريل عليه السلام فقال (يا جبريل كم عمرك من السنين) فقال يا رسول الله لست اعلم غير ان فى الحجاب الرابع نجما يطلع فى كل سبعين الف سنة مرة رأيته اثنين وسبعين الف مرة فقال عليه السلام (يا جبريل وعزة ربى انا ذلك الكوكب) ولما خلق الله آدم جعل نور حبيبه فى ظهره فكان يلمع فى جبينه ثم انتقل الى ولده شيث الذي هو وصيه والثالث من ولده وكانت حواء تلد ذكرا وأنثى معا ولم تلد ولدا منفردا الا شيث كرامة لهذا النور ثم انتقل الى واحد بعد واحد من أولاده الى ان وصل الى عبد المطلب ثم الى ابنه عبد الله ثم الى آمنة وكان عليه السلام علة غائية لوجود كل كون فوجوده الشريف وعنصره اللطيف أفضل الموجودات الكونية وروحه المطهر أمثل الأرواح القدسية وقبيلته أفضل القبائل ولسانه خير الالسنة وكتابه خير الكتب الإلهية وآله وأصحابه خير الآل وخير الاصحاب وزمان ولادته خير الأزمان وروضته المنورة أعلى الأماكن مطلقا والماء الذي نبع من أصابعه الشريفة أفضل المياه مطلقا

ثم بعده الأفضل ماء زمزم لانه غسل منه صدره عليه السلام ليلة المعراج ولو كان ماء أفضل منه يغسل به صدره عليه السلام. ثم ان فى قوله لَقَدْ جاءَكُمْ اشارة الى انه صلى الله عليه وسلم هدية عظيمة من الله تعالى وتحفة جسيمة ولا يعرض عن هدية الله تعالى الا الكافرون والمنافقون: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره خويشتن را خواجه عرصات گفت ... انما انا رحمة مهداة گفت عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ العزيز الغالب الشديد وكلمة ما مصدرية والعنت الوقوع فى امر شاق وأشق الأمور دخول النار والجملة من الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر صفة رسول. والمعنى شاق شديد عليه عنتكم اى ما يلحقكم من المشقة والألم بترك الايمان فهو يخاف عليكم سوء العاقبة والوقوع فى العذاب وهذا من نتائج ما سلف من المجانسة قال الكاشفى [وبعضى بر لفظ عزيز وقف كرده اند وآنرا صفة رسول دانند ومعنى عليه ما عنتم برين فرود آرند كه بر اوست آنچهـ بكنيد از گناه يعنى اعتذار آن برويست در روز قيامت بشفاعت تدارك آن خواهد نمود ودرين معنى گفته اند] نماند بعصيان كسى در گرو ... كه دارد چنين سيدى پيش رو اگر دفترت از كنه پاك نيست ... چواو عذر خواهت بود باك نيست حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ اى على ايمانكم وصلاح أحوالكم إذ من البين انه عليه السلام ليس حريصا على ذواتهم والحرص شدة الطلب للشىء مع اجتهاد فيه كما فى تفسير الحدادي بِالْمُؤْمِنِينَ متعلق بقوله رَؤُفٌ رَحِيمٌ قدم الأبلغ منهما وهو الرؤوف لان الرأفة شدة الرحمة مع ان مقام المدح يقتضى الترقي من الفاضل الى الأفضل محافظة على الفواصل وقدم بالمؤمنين على متعلقه وهو رؤف ليفيد الاختصاص اى لا رأفة ولا رحمة الا بالمؤمنين واما الكفار فليس له عليهم رأفة ولا رحمة قال فى التأويلات النجمية بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ لتربيتهم فى الدين المتين بالرفق كما قال عليه السلام (ان هذا الدين متين فاوغلوا فيه بالرفق وبالرحمة يعفو عنهم سيآتهم) كما امره الله تعالى بقوله فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ وفى قوله بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فى حق نبيه عليه السلام وفى قوله لنفسه تعالى إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ دقيقة لطيفة شريفة وهى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما كان مخلوقا كانت رأفته ورحمته مخلوقة فصارت مخصوصة بالمؤمنين لضعف الخلقة وان الله تعالى لما كان خالقا كانت رأفته ورحمته قديمة فكانت عامة للناس لقوة خالقيته كما قال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فمن تداركته الرأفة والرحمة الخالقية من الناس كان قابلا للرأفة والرحمة النبوية لانها كانت من نتائج الرأفة والرحمة الخالقية كما قال فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ انتهى كلام التأويلات قال بعض الحكماء ان الله تعالى خلق محمدا اى روحه وجعل له صورة روحانية كهيئته فى الدنيا فجعل رأسه من البركة وعينيه من الحياء واذنيه من العبرة ولسانه من الذكر وشفتيه من التسبيح ووجهه من الرضى وصدره من الإخلاص وقلبه من الرحمة وفؤاده من الشفقة وكفيه من السخاوة وشعره من نبات الجنة وريقه من عسل الجنة ألا ترى انه تفل فى بئر رومة فى المدينة وكان ماؤها زعاقا

[سورة التوبة (9) : آية 129]

فصار عذبا ولما أكمله بهذه الصفات أرسله الى هذه الامة- روى- انه لما مات ابو طالب ونالت قريش من النبي عليه السلام ما لم تكن نالته منه فى حياته خرج الى الطائف وهو مكروب مشوش الخاطر مما لقى من قريش من قرابته وعترته خصوصا من عمه ابى لهب وزوجته أم جميل حمالة الحطب من الهجو والسب والتكذيب يقولون له أنت الذي جعلت الآلهة الها واحدا فجعل أبو بكر يضرب هذا ويدفع هذا ويقول أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وكان خروجه فى شوال سنة عشر من النبوة وحده وقيل معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه يلتمس من ثقيف الإسلام رجاء ان يسلموا وان يناصروه على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه وكان ثقيف أخواله عليه السلام فلما انتهى الى الطائف عمد الى اشراف ثقيف وكانوا اخوة ثلاثة فجلس إليهم وكلمهم فيما جاءهم به فقال أحدهم هو يقطع ثياب الكعبة ولا يسرقها وقال آخر ما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال له الثالث والله لا أكلمك ابدا لئن كنت رسولا من عند الله كما تقول لانت أعظم خطرا اى قدرا من ان أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغى لى ان أكلمك فقام عليه السلام من عندهم مأيوسا وقال لهم اكتموا على وكره ان يبلغ قومه ذلك فيشتد أمرهم عليه وقالوا له عليه السلام اخرج من بلدنا وسلطوا عليه سفهاءهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وقعدوا له صفين على طريقه فلما مر عليه السلام بين الصفين دقوا رجليه بالحجارة حتى ادموهما وشجوا رأس زيد فلما خلص ورجلاه يسيلان دما عمد الى بستان فاستظل فى شجرة كرم ودعا بقوله (اللهم انى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا ارحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى الى من تكلنى ان لم يكن لك غضب على فلا أبالي) ثم انطلق عليه السلام وهو مهموم حتى اتى بقرن الثعالب وهو ميقات اهل نجد او اليمن وبينه وبين مكة يوم وليلة فارسل الله تعالى جبريل ومعه ملك الجبال فقال ان شئت أطبقت على ثقيف هذين الجبلين فقال عليه السلام (بل ارجوا ان يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى لا يشرك به شيأ) وعند ذلك قال له عليه السلام ملك الجبالة أنت كما سماك ربك رؤف رحيم: وفى المثنوى بندگان حق رحيم وبردبار ... خوى حق دارند در إصلاح كار «1» مهربان بي رشوتان يارى گران ... در مقام سخت ودر روز كران اى سليمان در ميان زاغ وباز ... حلم حق شو با همه مرغان بساز «2» اى دو صد بلقيس حلمت را زبون ... كه اهد قومى انهم لا يعلمون صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميائى همچوصبر آدم نديد «3» نسأل الله سبحانه ان يلحقنا باهل الحلم والكرم ويزكينا من سوء الأخلاق والشيم فَإِنْ تَوَلَّوْا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى ان اعرضوا عن الايمان بك وقبول نصحك ولم يتبعوك فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ كافينى فانه يكفيك معرتهم اى المساءة التي تلحقك من قبلهم ويعينك عليهم. وفيه اشارة الى ان تبليغ الرسالة من النبي عليه السلام كان موجبا لقربه الى الله وقبوله إياه فلما بلغ رسالته فقد حصل على القبول من الله وقربته ان قبلوا

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا وشفقت دقوقى در خلاصى كشتى (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان تحمل كردن از هر بي إلخ (3) در اواسط دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ

وان اعرضوا لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كالدليل على ما قبله يقول الفقير أصلحه الله القدير هذه الكلمة الطيبة فى حكم لا اله الا الله لان الضمير عائد الى المذكور من لفظ الجلالة وكون هو ضميرا لا ينافى كونه اسما لان المضمرات من قبيل الأسماء فما اشتهر بين الصوفية السالكين من الذكر به بناء على كونه اسما ولما كان وجود الكون موهوما ووجود الحق محققا معلوما صح ان يشار به الى الله تعالى سيما اطلق لعدم المزاحم فى الحقيقة والذكر به مناسب للمبتدىء لكونه فى حال الغيبة فاذا ترقى الترقي الكلى فلا يشار به اى بهو الا الى الهوية المطلقة نسأل الله التوفيق للوصول الى مراتب التحقيق عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اى وثقت فلا أرجو ولا أخاف إلا منه والتوكل اعتماد القلب على الله وسكونه وعدم اضطرابه لتعلقه بالله تعالى وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [پروردگار عرش بزرگ مراد ملك عظيم است يا عرش كه قبله دعا ومطاف ملائكه باشد اشارت بكمال قدرت وحفظ حق تعالى راست: يعنى آن خدايى كه عرش را بدان همه عظمت كه هشت هزار ركن دارد وبروايتى سيصد هزار قاعده واز قاعده تا قاعده سيصد هزار سال راه وهمه آن مملو از خافات وصافات بقدرت كامله نكاه ميدارد قادرست كه مرا نيز از شر منافقان در پناه آرد كه حافظ بندگان وناصر سرافكندگان اوست] ازو خواه يارى كه يارى ده اوست ... بدو التجا كن كه اينها ازوست كسى را كه او آورد در پناه ... چهـ غم دارد از فتنه كينه خواه قال الحدادي رب العرش العظيم اى خالق السرير العظيم الذي هو أعظم من السموات والأرض وانما خص العرش بذلك لانه إذا كان رب العرش العظيم مع عظمته كان رب ما دونه فى العظم. وقيل انما خص العرش تشريفا للعرش وتعظيما لشأنه واعلم ان العناصر والافلاك مرتبة فالارض ثم الماء ثم الهواء ثم النار ثم فلك القمر ثم فلك عطارة ثم فلك الزهرة ثم فلك الشمس ثم فلك المريخ ثم فلك المشترى ثم فلك زحل ثم فلك الثوابت ثم فلك الافلاك ويسمى الفلك الأعظم وهو محيط بجميع الأجسام من الفلكيات والعناصر ليس وراءه شىء لاخلاء ولا ملاء وكل محيط من الافلاك والعناصر يماس المحاط الذي يليه فى الترتيب المذكور لاستحالة الخلاء وجملة هذه الاجرام من الافلاك والعناصر وما فيها يطلق عليها اسم العالم قال بعض اهل التحقيق خلق الله العرش لاظهار شرف محمد صلى الله عليه وسلم وهو قوله عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وهو مقام تحت العرش ولان العرش معدن كتاب الأبرار لقوله تعالى إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وايضا العرش مرآة الملائكة يرون الآدميين وأحوالهم منه كى يشهدوا عليهم يوم القيامة فان عالم المثال والتمثال فى العرش كالاطلس فى الكرسي قال حضرة شيخنا قدس سره فى الرسالة العرفانية التي صنفها فى سنة تسع وثمانين بعد الالف العرش العظيم هو الإنسان الكبير والعرش الكريم هو الإنسان الصغير فظاهر العرش العظيم والإنسان الكبير على التبدل والتغير وباطنهما على الدوام والثبات وباطن العرش الكريم والإنسان الصغير على التبدل والتغير وظاهرهما على الدوام والثبات انتهى اجمالا يقول الفقير المباهي بالانتساب الى ذلك السيد الخطير لعل مراده رضى الله عنه ان باطن

العرش العظيم هو العرش المحيط الذي يقال له الملكوت وظاهره ما تحته من الاجرام ويقال له عالم الكون والفساد فظاهر العرش لكونه عالم الكون والفساد على التبدل والتغير وباطنه وهو العرش نفسه على حاله بخلاف العرش الكريم الذي هو الإنسان فان ظاهره من أول عمره الى آخره على الثبات وباطنه على التغير لان قلبه لا يخلو عن الافكار والتقلبات والله تعالى رب العرش العظيم ورب العرش الكريم فى الظاهر والباطن والاول والآخر هذا وقد ذكر فى فضائل هاتين الآيتين اللتين إحداهما لَقَدْ جاءَكُمْ الآية والاخرى فَإِنْ تَوَلَّوْا الآية- روى- ان أبا بكر بن مجاهد المقري رحمه الله اتى اليه أبو بكر الشبلي قدس سره فدخل عليه فى مسجده فقام اليه فتحدث اصحاب ابن مجاهد بحديثهما وقالوا أنت لم تقم لعلى بن عيسى الوزير وتقوم للشبلى فقال الا أقوم لمن يعظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم فقال لى يا أبا بكر إذا كان فى غد فسيدخل عليك رجل من اهل الجنة فاذا دخل فاكرمه قال ابن مجاهد قلما كان بعد ذلك بليلتين رأيت النبي عليه السلام فقال لى يا أبا بكر أكرمك الله كما أكرمت رجلا من اهل الجنة قلت يا رسول الله بم استحق الشبلي هذا منك فقال هذا رجل يصلى خمس صلوات يذكرنى اثر كل صلاة ويقرأ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الى آخر السورة وذلك منذ ثمانين سنة أفلا أكرم من فعل هذا كذا فى عقد الدرر واللآلى وفيه ايضا حكى عن بعض الصالحين انه حصل له ضيق شديد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال له يا فلان لا تغتم ولا تحزن إذا كان الغد ادخل على على بن عيسى الوزير فاقرئه منى السلام وقل له بعلامة انك صليت على عند قبرى اربعة آلاف مرة يدفع لك مائة دينار عينا فلما أصبح ذهب اليه وقص عليه الرؤيا فاغر ورقت عينا علىّ بن عيسى بالدموع وقال صدق الله ورسوله وصدقت أنت يا رحل هذا شىء ما كان علم به الا الله ورسوله يا غلام هات الكيس فاحضره بين يديه فاخرج منه ثلاثمائة دينار وقال هذه المائة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه المائة الاخرى بشارة وهذه المائة الاخرى هدية لك فخرج الرجل من عنده ومعه ثلاثمائة دينار وقد زال همه وغمه ومن الله على الوزير المذكور فترك الوزارة وعلو الرياسة وظلم السلطنة وعظمة الجبابرة وذهب الى مكة وجاور فيها ببركة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وتخصيصه بإرسال ذلك الرجل لما سبق له فى علم الله تعالى بما يؤول امره اليه من الخير وحسن الخاتمة خدايا بحق نبى فاطمه كه بر قول ايمان كنم خاتمه وعن أبيّ رضى الله عنه (ان آخر ما نزل هاتان الآيتان) وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ما نزل القرآن علىّ الا آية آية وحرفا حرفا ما خلا سورة براءة وسورة قل هو الله أحد فانهما أنزلتا علىّ ومعهما سبعون الف صف من الملائكة) واعلم ان الأحاديث التي ذكرها صاحب الكشاف فى اواخر السورة وتبعه القاضي البيضاوي والمولى ابو السعود رحمهم الله من اجلة المفسرين قد اكثر العلماء القول فيها فمن مثبت ومن ناف بناء على زعم وضعها كالامام الصغاني وغيره واللائح لهذا العبد الفقير سامحه الله القدير ان تلك الأحاديث لا تخلوا اما ان تكون صحيحة قوية او سقيمة ضعيفة او مكذوبة موضوعة فان كانت صحيحة قوية فلا كلام

فيها وان كانت ضعيفة الأسانيد فقد اتفق المحدثون على ان الحديث الضعيف يجوز العمل به فى الترغيب والترهيب فقط كما فى الاذكار للنووى وانسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبي والاسرار المحمدية لابن فخر الدين الرومي وغيرها وان كانت موضوعة فقد ذكر الحاكم وغيره ان رجلا من الزهاد انتدب فى وضع الأحاديث فى فضل القرآن وسوره فقيل له فلم فعلت هذا فقال رأيت الناس زهدوا فى القرآن فاحببت ان ارغبهم فيه فقيل له ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) اى فليتخذ يقال تبوأ الدار اتخذها مباءة اى مسكنا ومنزلا ولفظه امر ومعناه خبر يعنى فان الله بوأه مقعده اى موضع قعوده منها فقال انا ما كذبت عليه انما كذبت له كما فى شرح الترغيب والترهيب المسمى بفتح القريب أراد ان الكذب عليه يؤدى الى هدم قواعد الإسلام وإفساد الشريعة والاحكام وليس كذلك الكذب له فانه للحث على اتباع شريعته واقتفاء اثره فى طريقته قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك المقصود مباحا وواجب ان كان ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه انتهى: قال الشيخ سعدى خردمندان گفته اند دروغ ... مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز : وقال اللطيفى دروغى كه جان ودلت خوش كند ... به از راستى كان مشوش كند وبالجملة المرء مخير فى هذا الباب فان شاء عمل بتلك الأحاديث بناء على حسن الظن بالاكابر حيث أثبتوها فى كتبهم خصوصا فى صحف التفاسير الجليلة وظاهر انهم لا يضعون حرفا الا بعد التصفح الكثير وان شاء ترك العمل بها وحرم من منافع جمة ولا محاجة معه وربما يتفق المحدثون على صحة بعض الأحاديث ولا صحة له فى نفس الأمر فان الإنسان مركب من السهو والنسيان وحقيقة العلم عند الله الملك المنان ولذا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قد يظهر من الخليفة الآخذ الحكم من الله ما يخالف حديثا ما فى الحكم فيتخيل انه من الاجتهاد وليس كذلك وانما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ثبت الحكم به وان كان طريق الاسناد العدل عن العدل فالعدل ليس بمعصوم من الوهم الذي هو مبدأ السهو والنسيان ولا من النقل على المعنى الذي هو مبدأ التأويلات والتحريفات فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم انتهى فهذا كلام حق بلا مرية وليس وراء عبادان قريه بقي هاهنا شىء وهو ان بعض المتقدمين جعل القرآن أثلاثا فالثلث الاول ينتهى عند قوله فى سورة التوبة وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ والثلث الثاني عند قوله فى سورة العنكبوت إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وعند العامة الثلث الاول ينتهى عند قوله تعالى وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وهو منتهى الجزء العاشر ولعل الاول قول تحقيقي والثاني تقريبى والله اعلم بالصواب

يقول الفقير سمى الذبيح إسماعيل حقى شرفه الله سبحانه باعالى التجليات والترقي وغفر ذنب وجوده وجاوز به عن انانياته واحسن الى آبائه وأمهاته وأعقابه وذرياته قد كنت اصمم حين ما باشرت هذا الأمر الخطير النبيه وهو هذا الجمع المسمى بالإلهام الذي لا شك فيه ب (روح البيان فى تفسير القرآن) ان أطويه فى مجلد او مجلدين ان ساعدنى الحين الى الحين فلما جاء بحمد الله بعض منه بما حواه من فنون المعرفة كبيرا الحجم والمقدار رأيت ان اجعله أثلاثا فختمت الدفتر الاول عند تمام سورة التوبة الجليلة الآثار وذلك فى احدى البلاد الثلاث المسماة ببروسة المحروسة فى الدار المشروطة لى المشهورة بدار السيد محمد سبزى المدرسى المأنوسه يوم الأحد وهو العشر العاشر من الثلث الاول من السدس الثاني من النصف الاول من العشر الثاني من العشر الاول من العقد الثاني من الالف الثاني من الهجرة النبوية فلله الحمد على نعمة الإتمام ولرسوله أفضل الصلاة والسلام ولآله وأصحابه أكمل التحيات والإكرام حمد لله روز يكشنبه وهم ماه صفر ... چون نخستين دفتر از روح البيان فارغ شدم حقيا تاريخ وى كردم بحرف جوهرى ... حاليا از جلد أول فارغ البال آمدم تم الجلد الثالث بتوفيق الله تعالى من تفسير القرآن المسمى ب «روح البيان» ويليه الجلد الرابع ان شاء الله اوله تفسير سورة يونس

الجزء الرابع من تفسير روح البيان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي انزل القرآن موعظة وشفاء لما فى الصدور وجعله منهلا عذبا للورود والصدور أظهره من مقام الجمع والتنزيه والنون فالزمه حجة لاهل الظواهر والبطون جمع فيه علوم الأولين والآخرين فلا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين والصلاة والسلام على من اوحى اليه ذلك القرآن من لوح الوجوب والأمر والشان سيدنا محمد الذي اجرى من مسجله ما يحاكى السلسبيل والرحيق وأفحم بلاغته كل متكلم منطيق وفسر الآيات فى الأنفس والآفاق على مراد الله الملك الخلاق وعلى آله وأصحابه المقتبسين من مشكاة أنواره المغترفين من بحار أسراره المتفردين فى رياض البيان بالخطب العرفانية المترنمين فى مروج العيان بالكلمات الحقانية ومن تبعهم ممن تخلق بالقرآن فى كل زمان ما طلع المر زمان (وبعد) فيقول العبد المعترف بذنبه وخطاه المنادى لربه فى عفوه وعطاه الراجي فى اسبال سجاف الندى عليه المناجى فى إرسال رسول الهدى اليه الشيخ سمى الذبيح إسماعيل حقى الجلوتى بالجيم حفظه الله سبحانه واخلاءه وأعاذه وإياهم من الشيطان الرجيم وجعل يومه خيرا من امسه الى الإياس من حياة نفسه وخلع عليه خلعة الترقي وأسعده بالمقام الحقي ان علم التفسير لا يقحم فى معاركه كل ذمير وان كان أسدا ولا يحمل لواءه كل امير وان مات حسدا وذلك اظهر من ان يورد عليه دليل كالنيرين لغير كليل ومع خطر هذا الأمر فالامد قصير وفى العبد تقصير وكم ترى من تحرير كامل فى التحرير والتقرير قد أصابه سهم القضاء قبل بلوغ الأمل وذلك بحلول ريب المنون والاجل او بتطاول يد الزمان فان الدنيا لا تصفو لشارب وان كانت ماء الحيوان وأي وجود

الجزء الرابع

لا ينسج عليه عنا كب العاهات وأي نعيم لا يكدره الدهر هيهات وانى لما أتممت الدفتر الاول من هذا الجمع المعول المسمى ب (روح البيان فى تفسير القرآن) على ما القى فى روعى من نفث روح القدس وألهم لى من مقام الملكوت وحضرة الانس وأوقفت القلم عند منتهاه من السير على وجه لم يسبقنى اليه الغير رأيت رؤيا هالتنى واذعرتنى وعن خطب جليل أخبرتني فلما تفكرت فى تعبيرها والمراد منها واستفتيت قلبى فى كشف القناع عنها استبان لى ان الله تعالى فسح فى مدتى وانسأ حمامى الى حصول منيتى لكن لم يعرّف الحد بل أبهم لكونه بالنسبة الىّ مرو ما غير أهم الا انى وجدت السن قد ناهزت الأربعين وقد اشمط الرأس ولهزم الشيب الخدّ على اليقين ورأيت ان اركان الوجود تضعضعت من ضعف الكبر وقوة الفتور وان شمس القوى قد توجهت الى الأفول بعد الظهور وان الفكرة قد فهدت كعبود وان القلب كانما غرز بابر بل بسفود ومن ثم دمست وجوه المحابر وانشقت جيوب الأقلام وتطايرت الصحف كايادى سبا كأنهن فى مأتم الآلام فوضعت الديباجة على عتبة الباب واتربت الجبهة لمسبب الأسباب ووجهت ركاب التوجه الى جنابه الرفيع وادمعت العين رجاء ان يكون لى خير شفيع فى ان يشد عضدى فى إتمام الدفتر الثاني والثالث ويعوق عنى صروف الدهر والحوادث ويحرك من عطفى الى قضاء هذا الوطر وان كان جسيما وكان فضل الله عظيما ومن ديدنى فى هذا الجمع ان لا اكثر من وجوه التفسير بل اقتصر على ما ينحل به عقد الآي على وجه يسير مع توشيحات خلت عنها التفاسير الاول من المجلدات الصغر والكبر والطول وتذييلات ينسرّ بذكرها صدور اهل التذكير والعظة مع نبذ مزجت فى كل مجلس من الأبيات الفارسية الدرية لتكون عبرة موقظة ومن دأبى ايضا ان لا أغير عبارات المآخذ الا لان يتجاوب الكلم او يكون المقام مما يقال فيه لا أو لم وأشرت الى بعض اللوائح بقولي يقول الفقير وأدرجت بعضها فى خلال التقرير ووقع الشروع فى هذا الجلد فى العشر الثاني من الثلث الثالث من السدس الثاني من النصف الثاني من العشر الثاني من العشر الاول من العقد الثاني من الالف الثاني من الهجرة النبوية على صاحبها الف الف سلام وتحية وكان البدء كالاول فى مهاجرى ومراغمى بلدة بروسة المحروسة لا زالت أقطارها بالأرواح القدسية مأنوسة اللهم كما عودتنى فى الاول خيرا كثيرا يسر لى الأمر فى الآخر تيسيرا واجعل رقيمى هذا سببا لبياض الوجه كما تبيض وجوه أوليائك وامح مسودات صحائف أعمالي بجاه حبيبك محمد أحب أنبيائك ولم أكن بدعائك رب شقيا بكرة وعشيا مادمت حيا فلك الحمد فى الاولى والاخرى على عناياتك الكبرى وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين تفسير سورة يونس مكية وهى مائة وتسع آيات بينات بسم الله الرحمن الرحيم الر الظاهر ان الر اسم للسورة وانه فى محل الرفع على انه مبتدأ حذف خبره او خبر مبتدأ محذوف اى الر هذه السورة او هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم ولله ان يسمى السور بما أراد ورجحه المولى ابو السعود رحمه الله حيث قال وهو اظهر من الرفع على

الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب والاشارة إليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت فى حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهى اجزاء الجمل وهى اجزاء الآيات وهى اجزاء السور وهى اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وهى الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهى الى النقاط كما ان البحر يأول الى الأنهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها وقول اهل الظاهر فى الر وأمثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف إذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين وقد ثبت ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اوتى علوم الأولين والآخرين. فمن علوم آدم وإدريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هى لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد بأحدهما خارج عن دائرة المعرفة الالهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض فى الحقيقة الى الله والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود فى العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر انا الله ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه إذا جمعت الر وحم ون انتظم حروف الرحمن وقال فى التأويلات النجمية ان فى قوله الر إشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائى عليك فى الأزل وأنت فى العدم وبلطفي معك فى الوجود ورحمتى ورأفتى لك من الأزل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معى حين خلقت روحك أول شىء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي أجبتني به فى العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى يا سيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك تِلْكَ محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهى اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ اى آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان الله تعالى أودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين- حكى- ان الامام محمدا رحمه الله غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان أعطيتني شربة أعلمك مسألتين من الفقه فقال الفقاعى لا حاجة الى المسألة قيمت در گرانمايه چهـ دانند عوام ... حافظا گوهر يكدانه مده جز بخواص فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما فى الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محمد فقال الامام لما طلبت منك شربة كان فى عزيمتى ان أعلمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا أعلمها الا بعد أخذ الف دينار

[سورة يونس (10) : آية 2]

تعظما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا فى يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان الله تعالى قال وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فوقع هذا الجواب عندهم فى حيز القبول علم دريست نيك با قيمت ... جهل درديست سخت بى درمان وفى التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك فى الأزل وأورثته لك ولا متك وقلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الأمم وأورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا فى هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً الهمزة لانكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لكونه فى غير محله والمراد بالناس كفار مكة قال ابو البقاء للناس حال من عجبا لان التقدير أكان عجبا للناس وعجبا خبر كان واسمه قوله أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ اى بشر من جنسهم فأنهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ولم يتعجبوا من ان يكون الا له صنما من حجر او ذهب او خشب او نحاس او ممن لا يعرف بكونه ذا جاه ومال ورياسة ونحو ذلك مما يعدونه من اسباب العز والعظمة فانهم كانوا يقولون العجب ان الله تعالى لم يجد رسولا يرسله الى الناس الا يتيم ابى طالب وهو من فرط حماقتهم وقصر نظرهم على الأمور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحى والنبوة فانه عليه السلام لم يكن يقصر عن عظمائهم فى النسب والحسب والشرف وكل ما يعتبر فى الرياسة من كرم الخصال الا فى المال ولا مدخل له فى شرف النفس ونجابة جوهرها الا انهم لعظم الغنى فى أعينهم تعجبوا من اصطفائه للرسالة وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ: قال الحافظ قدس سره تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... در خود از گوهر جمشيد فريدون باشى : وقال السعدي قدس سره هنر بايد وفضل ودين ... كه گاه آيد وگه رود جاه ومال قال فى التأويلات النجمية يشير الى انهم يتعجبون من ايحائنا الى محمد عليه السلام لانه كان رجلا منهم وفيه رأينا رجوليته قبل الوحى وتبليغ الرسالة من بينهم ولهذا السر ما اوحى الى امرأة بالنبوة قط انتهى. والرجولية هى صدق اللسان ودفع الأذى عن الجيران والمواساة مع الاخوان هذا فى الظاهر واما فى الحقيقة فالتنزه عن جميع ما سوى الله تعالى. وفى حديث المعراج (ان الله تعالى نظر الى قلوب الخلق فلم يجد اعشق من قلب محمد عليه السلام فلذا أكرمه بالرؤية) فالعبرة لحال الباطن لا لحال الظاهر واعلم ان حال الولاية كحال النبوة ولو رأيت اكثر اهل الولاية فى كل قرن وعصر لوجدتهم ممن لا يعرف بجاه ومن عجب من ذلك القى فى ورطة الإنكار وحجت بذلك الستر عن رؤية الأخيار أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا اليه شيأ هو أَنْذِرِ النَّاسَ اى جميع الناس كافة لا ما أريد بالأول عمم الانذار لانه ينفع جميع

المكلفين من الكفار وعوام المؤمنين وخواصهم فالبعض ينذر بنار الجحيم والبعض الآخر بانحطاط الدرجات فى دار النعيم والبعض الثالث بنار الحجاب عن مطالعة جمال الرب الكريم وقدم الانذار على التبشير لان ازالة ما لا ينبغى متقدمة فى الرتبة على فعل ما ينبغى وهو لا يفيد مادامت النفس ملوثة بالكفر والمعاصي فان تطييب البيت بالبخور انما يكون بعد الكنس وازالة القاذورات ألا ترى ان الطبيب الذي يباشر معالجة الأمراض البدنية يبدأ اولا بتنقية البدن من الاخلاط الرديئة ثم يباشر المعالجة بالمقويات فكذلك الطبيب الذي يباشر معالجة مرض القلب لا بد له ان يبدأ اولا بتنقيته من العقائد الزائغة والأخلاق الرديئة والأعمال القبيحة المكدرة للقلب بان يسقيه شربة الانذار بسوء عاقبة تلك الأمور وبعد تنقيته من المهلكات يعالجه بما يقويه على الطاعات بان يسقيه شربة التبشير بحسن عاقبة الأعمال الصالحات ولهذا اقتصر على ذكر الانذار فى مبدأ امر النبوة حيث قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا دون الذين كفروا إذ ليس لهم ما يبشرون به من الجنة والرحمة ماداموا على كفرهم أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى أعمالا صالحة سابقة قدموها ذخرا لآخرتهم ومنزلة رفيعة يقدمون عليها سميت قدما على طريق تسمية الشيء باسم آلته لان السبق والقدوم يكون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد واضافة قدم الى الصدق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته للمبالغة فى صدقها وتحققها كأنها فى صدقها وتحققها مطبوعة منه وإذا قصد تبيينها لا تبين إلا به وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال قَدَمَ صِدْقٍ شفاعة نبيهم لهم هو امامهم الى الجنة وهم بالأثر گفتى كنم شفاعت عاصى عذر خواه ... دل بر اميد آن كرم افتاد در گناه قالَ الْكافِرُونَ هم المتعجبون اى كفار مكة مشيرين الى رسول الله عليه السلام إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ [جادويست آشكارا] وفيه اعتراف بانهم صادفوا من الرسول أمورا خارقة للعادة معجزة إياهم عن المعارضة واعلم ان الكفار سحرهم سحرة صفات فرعون النفس ولذا صاروا صما بكما عميا عن الحق فهم لا يعقلون الحق ولا يتبعون داعى الحق والنفس جبلت على حب الرياسة وطلب التقدم فلا ترضى ان تكون مرؤوسة تحت غيرها فاصلاحها انما هو بالعبودية التي هى ضد الرياسة والانقياد للمرشد: وفى المثنوى همچواستورى كه بگريزد زبار ... او سر خود گيرد اندر كوهسار صاحبش از پى دوان كاى خيره سر ... هر طرف گرگيست اندر قصد خر استخوانت را بخايد چون شكر ... كه نبينى زندگانى را دگر هين بمگريز از تصرف كردنم ... وز گرانى بار چون جانت منم تو ستورى هم كه نفست غالبست ... حكم غالب را بود اى خود پرست مير آخر بود حق را مصطفا ... بهر استوران نفس پر جفا لا جرم اغلب بلا بر انبياست ... كه رياضت دادن خامان بلاست قال عيسى عليه السلام للحواريين اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة

[سورة يونس (10) : آية 3]

لا تنبت الا فى القلب مثل الأرض يشير الى التواضع والى هذه الاشارة بقول سيد البشر من اخلص لله اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء فظهر ان الكفار لما لم ينزلوا أنفسهم الى مرتبة التواضع والعبودية. ولم يقبلوا الانذار بحسن النية. حرموا من الورود الى المنهل العذب الذي هو القرآن. فبقوا عطشى الأكباد فى زوايا الهجران. واين المتكبرون المتصعدون الى جوّ هواهم. من الشرب من ينبوع الهدى الذي أجراه من لسان حبيبه مولاهم. وكما ان الكفار بالكفر الجلى ادعوا كون القرآن سحرا وأنكروا مثل ذلك الخارق لعاداتهم. فكذا المشركون بالشرك الخفي أنكروا الكرامات المخالفة لمعاملاتهم قال الام اليافعي رحمه الله ثم ان كثيرا من المنكرين لو رأوا الأولياء والصالحين يطيرون فى الهواء لقالوا هذا سحر وهؤلاء شياطين ولا شك ان من حرم التوفيق وكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا فواعجبا كيف نسب السحر وفعل الشياطين الى الأنبياء العظام والأولياء الكرام نسأل الله العفو والعافية سرا وجهارا. وان يحفظنا من العقائد الزائغة والأعمال الموجبة بوارا إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خطاب لكفار مكة اى مربيكم ومدبر أموركم خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ التي هى اصول الممكنات وجسام الأجسام فان قيل الموصولات موضوعة لان يشاربها الى ما يعرفه المخاطب باتصافه بمضمون الصلة والعرب لا يعلمون كونه تعالى خالق السموات والأرض أجيب بان ذلك امر معلوم مشهور عند اهل الكتاب والعرب كانوا يتخالطون معهم فالظاهر انهم سمعوه منهم فحسن هذا التعريف لذلك قال فى ربيع الأبرار تفكروا ان الله خلق السموات سبعا والأرضين وثخانة كل ارض خمسمائة عام وثخانة كل سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء خمسمائة عام وفى السماء السابعة بحر عمقه مثل ذلك كله فيه ملك لم يتجاوز الماء كعبه فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى فى ستة اوقات فان اصل الأيام هو يوم الآن المشار اليه بقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وهو الزمن الفرد الغير المنقسم وسمى يوما لان الشان يحدث فيه فبالآن تتقدر الدقائق وبالدقائق تتقدر الدرج وبالدرج تتقدر الساعات وبالساعات يتقدر اليوم فاذا انبسط الآن سمى اليوم وإذا انبسط اليوم سمى أسابيع وشهورا وسنين ادوارا فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة اى ادنى مقدار ستة ايام لان اليوم عبارة عن زمان مقدر مبدأه طلوع الشمس ومنتهاه غروبها فكيف تكون حين لا شمس ولا نهار ولو شاء لخلقها فى اقل من لحظة لكنه أشار الى التأنى فى الأمور فلا يحسن التعجيل الا فى التوبة وقضاء الدين وقرى الضيف وتزويج البكر ودفن الميت والغسل من الجنابة: وفى المثنوى مگر شيطانست تعجيل وشتاب ... خوى رحمانست صبر واحتساب «1» با تأنى كشت موجود از خدا ... تابشش روز اين زمين و چرخها «2» ور نه قادر بود كز كن فيكون ... صد زمين و چرخ آوردى برون اين تأنى از پى تعليم تست ... طلب آهسته بايد بى شكست

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان بردن روباه ضررا پيش شير إلخ [.....] (2) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرا

وقد جاء فى الصحيح (ان الله خلق التربة) يعنى الأرض (يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق فى آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل) فان قيل القرآن يدل على ان خلق الأشياء فى ستة ايام والحديث الصحيح المذكور على انها سبعة فالجواب ان السموات والأرض وما بينهما خلق فى ستة ايام وخلق آدم من الأرض فالارض خلقت فى ستة ايام وآدم كالفرع من بعضها كما فى فتح القريب والحكمة فى تأخير خلق آدم ليكون خليفة فى الأرض لان الأشياء قبله بمنزلة الرعية فى مملكة الكون ولا يكون خليفة الا بالجنود والرعية فتقدم الرعية على الخليفة تشريف وتكريم للخلافة واعلم ان أول فلك دار بالزمان قلب الميزان وفيه حدثت الأيام دون الليل والنهار فكان أول حركته بالزمان واما حدوث الليل والنهار فبحدوث الشمس فى السماء الرابعة ودورانها على طريقة واحدة من الشرق الى الغرب كذا فى عقلة المستوفز وأول المخلوقات من الأيام هو يوم الأحد فالاحد فيه بمعنى الاول فلما أوجد الله الثاني سمى الاثنين لانه ثانى يوم الأحد وأول الأيام التي خلق فيها الخلق السبت وآخر الأيام الستة إذ الخميس فالجمعة سابع والسبت بمعنى الراحة زعم اليهود انه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السموات والأرض وما فيهن وكذبوا لقوله تعالى وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ اى اعياء فيكون أول الأسبوع عندهم يوم الأحد وكذا عند النصارى ولذا اختاروه وقد سئل عليه السلام عن يوم السبت فقال (يوم مكر وخديعة) لان قريشا مكرت فيه فى دار الندوة ولا يقطع اللباس يوم السبت والأحد والثلاثاء قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس إذا فصلت وخيطت فى وقت رديئ اتصل بها خواص رديئة وكذا الأمر فى باب المآكل والمشارب وكذلك ما ورد التنبيه عليه فى الشريعة من شئوم المرأة والفرس والدار وشهدت بصحته التجارب المكررة فان لجميع هذه فى بواطن اكثر الناس بل وفى ظواهرهم ايضا خواص مضرة تتعدى من بدن المغتذى والمباشر والمصاحب الى نفسه وأخلاقه وصفاته فيحدث بسببها للقلوب والأرواح تلويثات هى من اقسام النجاسات وقد نبهت الشريعة على كراهتها دون الحكم عليها بالحرمة وسئل حضرة مولانا قدس سره عما ورد (بارك الله فى السبت والخميس) فقال بركتهما لوقوعهما جارين ليوم الجمعة وسئل عليه السلام عن يوم الأحد فقال (يوم غرس وعمارة) لان الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها وفى رواية (بنيت الجنة فيه وغرست) وسئل عن يوم الاثنين فقال (يوم سفر وتجارة) لان فيه سافر شعيب فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال يوم دم لان فيه خاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه وقتل فيه چرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى إسرائيل ونهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهى وقال (فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم) اى لا ينقطع إذا احتجم او فصد وربما يهلك الإنسان بعد انقطاع الدم (وفيه نزل إبليس الى الأرض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بنى آدم وفيه

ابتلى ايوب) وقال بعضهم ابتلى فى يوم الأربعاء. قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة رحمه الله إن يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين والثلاثاء ومات الخصاف ببغداد سنة احدى وستين ومائتين يقول الفقير ثم صار يوم البطالة يوم الثلاثاء والجمعة واستمر الى يومنا هذا فى اكثر البلاد وكان شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة يعد الدرس فيهما افراطا ويقول يعرض للانسان من الاشتغال فتور وانقباض فلا بد من يوم البطالة ليصل نشاط وانبساط لئلا ينقطع الطالب عن تحصيل المطلوب ومن هنا أبيح ورخص التفرج والتبسط أحيانا ولو للسالك وسئل عن يوم الأربعاء قال يَوْمِ نَحْسٍ لان فيه أغرق فرعون وقومه وأهلك فيه عاد وثمود وقوم صالح ونهى فيه عن قص الأظفار لانه يورث البرص وكره بعضهم عيادة المريض يوم الأربعاء وفى منهاج الحليمي ان الدعاء مستجاب يوم الأربعاء بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب فى ذلك اليوم فى ذلك الوقت قيل يحمد فيه الاستحمام وذكر انه ما بدئ شىء يوم الأربعاء الا وقد تم فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يتوقف فى ابتداء الأمور على الأربعاء ويروى هذا الحديث ويقول هكذا كان يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد وسئل عليه السلام عن يوم الخميس (فقال يوم قضاء الحوائج والدخول على السلطان) لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك مصر فقضى حاجته واهدى اليه هاجر وسئل عن يوم الجمعة فقال (يوم نكاح) نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس ونكح عليه السلام خديجة وعائشة رضى الله عنهما وعن ابن مسعود رضى الله عنه من قلم أظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء وادخل فيه الشفاء ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قال فى التبيان ثم فى كتاب الله تعالى على خمسة أوجه. الوجه الاول أتت عاطفة مرتبة وهو قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا. والوجه الثاني بمعنى قبل وهو قوله ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ معناه قبل ذلك استوى على العرش لان قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ يدل على ان وجود العرش سابق على تخليق السموات والأرض ومثله ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ معناه قبل ذلك مرجعهم ومثله قول الشاعر قل لمن ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده والوجه الثالث بمعنى الواو وهو قوله ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا معناه ومع ذلك كان من الذين آمنوا. والرابع بمعنى الابتداء وهو قوله أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ معناه نحن نتبعهم والوجه الخامس تكون بمعنى التعجب وهو قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ معناه تعجبوا منهم كيف يكفرون بربهم انتهى بزيادة يقول الفقير ثم هاهنا لتفخيم شان منزلة العرش وتفضيله على السموات والأرض لا للتراخى فى الوقت كما ذهبوا اليه عند قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فى أوائل سورة البقرة فلا حاجة الى التأويل واعلم ان الافلاك تسع طبقات بعضها فوق بعض والفلك المحيط

وهو العرش محيط بها كلها وكذلك جسم الإنسان خلق من تسعة جواهر بعضها فوق بعض ليكون جسم الإنسان مشاكلا للافلاك بالكمية والكيفية وهى اى الجواهر المخ والعظام والعصب والعروق وفيها الدم واللحم والجلد والشعر والظفر وهو اى العرش أول الموجود الجسماني كما ان روح نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أول الموجود الروحاني وهو من ياقوتة حمراء وله الف شرفة وفى كل شرفة الف عالم مثل ما فى الدنيا بأسرها قال ابن الشيخ ومعنى الاستواء عليه الاستيلاء عليه بالقهر ونفاذ التصرف فيه وخص العرش بالأخبار عن الاستواء عليه لكونه أعظم المخلوقات فيفيد انه استولى على ما دونه قال الحدادي ودخلت ثم على الاستواء وهى فى المعنى داخلة على التدبير كأنه قال ثم يُدَبِّرُ الْأَمْرَ وهو مستو على العرش فان تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش ولذا ترفع الأيدي فى دعاء الحوائج نحو العرش قال القاضي يدبر الأمر اى يقدر امر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه والتدبير النظر فى ادبار الأمور لتجيئ محمودة العاقبة وعن عمرو بن مرة يدبر امر الدنيا بامر الله اربعة. جبرائيل وميكائيل وملك الموت واسرافيل. اما جبرائيل فعلى الرياح والجنود. واما ميكائيل فعلى القطر والنبات. واما ملك الموت فعلى الأنفس. واما اسرافيل فينزل عليهم ما يؤمرون به قال فى التأويلات النجمية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فى عالم الصورة وهو العالم الأكبر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من انواع ستة وهى الافلاك والكواكب والعناصر والحيوان والنبات والجماد ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ والعرش جسمانى روحانى ذو جهتين جهة منه تلى العالم الروحاني وجهة منه تلى العالم الجسماني يُدَبِّرُ الْأَمْرَ لفيضان فيض رحمانيته على العرش فانه أول قابل لفيض الروحانية وهذا أحد تفاسير الرحمن على العرش استوى ثم من العرش ينقسم الفيض فانه مقسم الفيض فيجرى فى مجارى جعلها الله من العرش الى ما دونه من المكونات وانواع المخلوقات فبذلك الفيض تدور الافلاك كما تدور الرحى بالماء به تؤثر الكواكب وبه تولد العناصر وتظهر خواصه وبه يتولد الحيوان ذا حس وحركة وبه ينبت النبات ذا حركة بلا حس وبه تغير المعادن بلا حس ولا حركة وفيه اشارة اخرى إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي يربيكم هو الذي خَلَقَ السَّماواتِ سموات أرواحكم وَالْأَرْضَ ارض نفوسكم فى عالم المعنى وهو العالم الأصغر فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى من ستة انواع وهى الروح والقلب والعقل والنفس التي هى الروح الحيواني والنفس النباتية التي هى النامية وخواص المعادن وهى فى الإنسان قوة قابلة لتغير الأحوال والأوصاف والألوان ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ على عرش القلب يُدَبِّرُ الْأَمْرَ امر السعادة والشقاوة ويهيئ أسبابهما من الأخلاق والأحوال والأعمال والافعال والأقوال والحركات والسكنات والى هذا يشير قوله (قلوب العباد بيدي الله يقلبها كيف يشاء) ما مِنْ شَفِيعٍ يشفع لاحد فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ المبنى على الحكمة الباهرة وهو جواب قول الكفار ان الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين الله تعالى انه ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل يشفع لاحد إلا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى فكيف تشفع الأصنام التي ليس لها عقل ولا تمييز وفيه اثبات الشفاعة لمن اذن له ذلِكُمُ اى ذلك العظيم الشان المنعوت بما ذكر من نعوت الكمال والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس بالله

[سورة يونس (10) : آية 4]

تعالى قال فى البهجة واما نحو تلك الجنة فذلك لصيرورتها كالمشاهد بمعرفة أوصافها اللَّهُ خبر ذلكم ويجوز ان يكون صفة على ان الخبر ما بعده كما قال الكاشفى [آن خداوندى كه موصوف است بصفات خلق وتدبير واستيلاء] رَبَّكُمُ [پروردگار شماست نه غير او] إذ لا يشاركه أحد فى شىء من ذلك قال المولى ابو السعود رحمه الله ربكم بيان له او بدل منه او خبر ثان لاسم الاشارة فَاعْبُدُوهُ وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك او انسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع أَفَلا تَذَكَّرُونَ تتفكرون فان ادنى التفكر والنظر ينبهكم على انه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً بالموت والنشور لا الى غيره فاستعدوا للقائه. وانتصب جميعا على انه حال من الضمير المجرور لكونه فاعلا فى المعنى اى اليه رجوعكم مجتمعين وفى التأويلات النجمية رجوع المقبول والمردود الى حضرته. فاما المقبول فرجوعه اليه بجذبات العناية التي صورتها خطاب ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ وحقيقتها انجذاب القلب الى الله تعالى ونتيجتها غروب النفس عن الدنيا واستواء الذهب والمدر عندها وانزعاج القلب مما سوى الله واستغراق الروح فى بحر الشوق والمحبة والتبري مما سوى الله وهيمان السر وحيرته فى شهود الحق ورجوعه من الخلق. واما المردود فرجوعه بغير اختياره مغلولا بالسلاسل والاغلال يسحبون فى النار على وجوههم وهى صورة صفة قهر الله ومن نتائج قهر الله تعلقاته بالدنيا وما فيها واستيلاء صفات النفس عليه من الحرص والبخل والأمل والكبر والغضب والشهوة والحسد والحقد والعداوة والشره فان كل واحدة منها حلقة من تلك السلاسل وغل من تلك الاغلال بها يسحبون الى النار وَعْدَ اللَّهِ اى وعد الله البعث بعد الموت وعدا حَقًّا كائنا لا شك فيه فوعد الله مصدر مؤكد لنفسه لان قوله اليه مرجعكم وعد من الله بالبعث والاعادة لا محتمل له غير كونه وعدا وقوله حقا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وعد الله لان لهذه الجملة محتملا غير الحقية نظرا الى نفس مفهومها اى حق ذلك حقا إِنَّهُ اى الله تعالى يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يقال بدأ الله الخلق اى خلقهم كما فى القاموس ثُمَّ يُعِيدُهُ اى يبدأ الخلق اولا فى الدنيا ليكلفهم ويأمرهم بالعبادة ثم يميتهم عند انقضاء آجالهم ثم يبعثهم بعد الموت وهذا استئناف بمعنى التعليل لوجوب الرجوع اليه لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ متعلق بيعيده اى يثيبهم بما يليق بلطفه وكرمه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بِالْقِسْطِ متعلق بيجزى اى بالعدل فلا ينقص من ثواب محسن ولا يزيد على عقاب مسيئ بل يجازى كلا على قدر عمله كما قال تعالى جَزاءً وِفاقاً وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ اى من ماء حار قد انتهت حرارته [چون بخورند احشا وامعاى ايشان پاره پاره گردد] وَعَذابٌ أَلِيمٌ وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم بِما كانُوا يَكْفُرُونَ وهو فى موضع رفع صفة اخرى لعذاب ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المذكور من الشراب والعذاب حاصل لهم بسبب كفرهم بالله ورسوله وغير النظم ولم يقل وليجزى الكافرين بشراب إلخ تنبيها على ان المقصود بالذات من الإبداء والاعادة هو الاثابة والعقاب واقع بالعرض واعلم ان الدنيا مزرعة الآخرة فالله تعالى

[سورة يونس (10) : آية 5]

بقدرته يعيد الخلق بعد الموت ليحصدوا فيها ما زرعوه فى الدنيا فمن زرع الخير يحصد السلامة ومن زرع الشر يحصد الندامة جمله دانند اين اگر تو نگروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى وانما اخر الجزاء الى دار الآخرة لان الدنيا لا تسعه ولله تعالى فى كل شىء حكمة فاذا عرفت الحال فخف من الله المتعال فانه غيور لا يرضى اقامة عبده على مخالفته وخروجه من دائرة طاعته وعن وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج فى ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون أخي قد عرفت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لو ان قطرة من الزقوم قطرت فى الأرض لامرت على اهل الأرض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه من زقوم وشرابه من حميم. ومن تذكر المبدأ والمعاد وتفكر ان الرجوع الى رب العباد تاب من الخطايا والسيئات وصار من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وفى الحديث (إذا بلغ العبد أربعين سنة ولم يغلب خيره شره قبل الشيطان بين عينيه وقال فديت وجهالا يفلح ابدا) فان من الله عليه وتاب واستخرجه من غمرات الجهالة واستنقذه من ورطات الضلالة يقول الشيطان واويلاه قطع عمره فى الضلالة وأقر عينى فى المعاصي ثم أخرجه الله بالتوبة من ظلمة المعصية الى نور الطاعة: وفى المثنوى مرد أول بسته خواب وخورست ... آخر الأمر از ملائك بر ترست در پناه پنبه وكبريتها ... شعله نورش برآيد برسها يعنى ان الشرارة تصير نارا عظيمة بمعونة القطن والكبريت فكذا الإنسان فى أول حاله كالشرارة فاذا قارن المربى أو رباه الله من غير وساطة أحد من الناس يرقى الى حيث يعظم قدره عند الله ويصير بين اقرانه كالمسك بين الدماء نسأل الله العناية والتوفيق هُوَ الَّذِي [اوست آن خداونديكه بقدرت] جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً اى صيرها ذات ضياء للعالمين بالنهار لان المعنى لا يحمل على العين او خلقها وانشأها حال كونها ذات ضياء وأصله ضواء قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها والشمس مأخوذ من شمسة القلادة وهى أعظم جواهرها جرما وأنفسها قيمة وهى التي يقال لها بالفارسية [ميانگين] وانما سميت بذلك لتوسطها بين الكواكب كذا فى شرح التقويم وَالْقَمَرَ سمى بذلك لكون لونه بياضا فى صفرة يقال حمار اقمر إذا كان ابيض فى صفرة نُوراً اى ذا نور بالليل والضياء أقوى بحكم الوضع والاستعمال ولذا نسب الضياء الى الشمس والنور الى القمر. وعند الحكماء الضياء ما يكون بالذات كما للشمس والنور بالعرض كما على وجه الأرض فيكون نور القمر مستفادا من الشمس. يعنى ان القمر فى نفسه جرم مظلم صقيل يقبل النور فعند المقابلة يمتلئ نورا من الشمس بطريق الانعكاس فيقع ذلك الشعاع على وجه الأرض

نور هستى جمله ذرات عالم تا ابد ميكنند ... از مغربى چون ماه از مهر اقتباس قال فى اسئلة الحكم هذا مدفوع بالخبر الوارد ان الله تعالى خلق شمسين نيرين قبل خلق الافلاك فالشمس والقمر خلقهما الله من نور عرشه وكان فى سابق علمه ان يطمس نور القمر كما روى ان الله خلق نور القمر سبعين جزأ وكذا نور الشمس ثم امر جبريل فمسحه بجناحيه فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس فاذهب عنه الضوء وأبقى فيه النور والشمس مثل الأرض مائة وستا وستين مرة وربعاثم جرم الأرض والقمر جزء من تسعة وثلاثين وربع على ما فى الواقع وفى الخبر ان وجوههما الى العرش وظهورهما الى الأرض تضيئ وجوههما لاهل السموات السبع وظهورهما لاهل الأرضين السبع والمشهور انه إذا كان على وجه الأرض نهار يكون فيما تحت الأرض ليل وبالعكس كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان فى الأرض الثانية خلقا وجوههم وأبدانهم وأيديهم كوجوه بنى آدم وأبدانهم وأيديهم وأفواههم كافواه الكلاب وأرجلهم وآذانهم كارجل البقر وآذانها وشعور هم كصوف الضأن لا يعصون الله طرفة عين ليلنا نهارهم ونهار ناليلهم كما فى ربيع الأبرار. وبعضهم فضل القمر على الشمس لان القمر مذكر والشمس مؤنث والتذكير اصل والتأنيث فرع فالفضل للاصل على الفرع وهو الأصح الأشهر وتقدم الشمس فى الذكر لا يوجب الافضلية إذ قد يتأخر الأشرف فى القرآن كقوله تعالى فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ. وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ كما فى اسئلة الحكم يقول الفقير الكلام فى التذكير والتأنيث الحقيقي دون اللفظي وكون القمر مذكرا لفظا لا يوجب الفضل على ما هو مؤنث لفظا وقد يسمى الرجل بطلحة وهو مؤنث لفظى مع ان الرجل أفضل من المرأة: ونعم ما قيل ولا التأنيث عار لاسم شمس ... ولا التذكير فخر للهلال وجعل الله للشمس سلطانا على جميع الطبائع النباتية والمعدنية والحيوانية ما نبت زرع ولا خرجت فاكهة ولا يكون فى العالم طعم ولذة الا والشمس تربيها بامر الواحد القهار ويقال الثمرة ينضجها الشمس ويلونها القمر ويعطى طعمها الكواكب قيل اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ان كن للناس فى الحلم كالارض تحتهم وفى السخاء كالماء الجاري وفى الرحمة كالشمس والقمر فانهما يطلعان على البر والفاجر: قال الحافظ قدس سره نظر كردن بدرويشان منافئ بزرگى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش قال فى التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق الروح نورانيا له ضياء كالشمس وخلق القلب صافيا كالقمر قابلا للنور والظلمة وخلق النفس ظلمانية كالارض فمهما وقع قمر القلب فى مواجهة شمس الروح يتنور بضيائها ومهما وقع فى مقابلة ارض النفس تنعكس فيه ظلمتها ويسمى القلب قلبا لمعنيين. أحدهما انه خلق بين الروح والنفس فهو قلبهما. والثاني لتقلب أحواله تارة يكون نورانيا لقبول فيض الروح وتارة يكون ظلمانيا لقبول النفس انتهى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته نحن بين النورين نور شمس الحقيقة ونور قمر الشريعة فاذا جاء نهار الحقيقة نستضيئ بنور شمسها وإذا جاء ليل الشريعة نستضيئ بنور

قمرها ونحن ارباب النورين من النور الى النور نسير وبالنور الى النور نطير وحالنا بين التعجلى والاستتار فعند تجلى النور الإلهي لقلوبنا وأرواحنا وأسرارنا يكفى لنا هذا النور ولا حاجة الى غيره وعند استتاره عن قلوبنا وأرواحنا وأسرارنا يكفى لنا بدله وهو نور قمر الشريعة ولا حاجة الى غيره انتهى باجمال وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ اى وهيأ لكل من الشمس والقمر منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها فحذف حرف الجر ومنازل الشمس هى البروج الاثنا عشر ثلاثة بروج منها بروج الربيع. وهى الجمل والثور والجوزاء. فهذه الثلاثة ربيعية شمالية والشمال يسار القبلة وانما سميت بهذه الأسامي لان الكواكب المركوزة فى الفلك مشكلة فى كل برج بشكل مسماه وقت التسمية وثلاثة منها بروج الصيف. وهى السرطان والأسد والسنبلة. وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي فهذه الثلاثة صيفية شمالية وثلاثة منها بروج الخريف. وهى الميزان والعقرب والقوس. وابتداء الميزان من نقطة الاعتدال الخريفي فهذه الثلاثة خريفية جنوبية وثلاثة منها بروج الشتاء. وهى الجدى والدلو والحوت. وابتداء الجدى من الانقلاب الشتوي فهذه الثلاثة شتوية جنوبية والجنوب يمين القبلة ويجمعها هذان البيتان فى نصاب الصبيان برجها دائم كه از مشرق بر آوردند سر ... جمله در تسبيح ودر تهليل حى لا يموت چون حمل چون ثور چون جوزا وسرطان واسد ... سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت تسير الشمس فى كل واحد من هذه البروج شهرا وتنقضى السنة بانقضائها ويعلم مدة سكون الشمس فى كل بزج حتما: قال فى النصاب ايضا خور بجوز است سى ودو ويكبيست ... حمل وثور وشير با پس و پيش دلو وميزان وحوت وعقرب سى ... بيست نه قوس وجدى بي كم وبيش فتكون السنة الشمسية وهى مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم على ما فى صدر الشريعة ومنازل القمر ثمان وعشرون منزلة وهذه المنازل مقسومة على البروج الاثني عشر لكل برج منزلتان وثلث فينزل القمر كل ليلة منها منزلة فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين وليلة واحدة ان كان الشهر تسعة وعشرين ويكون مقام الشمس فى كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما وهذه المنازل هى مواقع النجوم التي نسبت إليها العرب الأنواء المستمطرة وستأتى عند قوله وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ الآية وأول هذه المنازل السرطان والثاني البطين كزبير وهى ثلاثة كواكب صغار كأنها أثافي وهو بطن الحمل والثالث الثريا بالضم وفتح الراء والياء المشددة وهى ستة كواكب وقع كل اثنين منها فى مقابلة الآخر والرابع الدبران محرّكة والخامس الهقعة وهى ثلاثة كواكب بين منكبى الجوزاء كالاثافى إذا طلعت مع الفجر اشتد حر الصيف والسادس الهنعة منكب الجوزاء الأيسر وهى خمسة أنجم مصطفة ينزلها القمر والسابع الذراع وهى ذراع الأسد المبسوطة وللاسد ذراعان مبسوطة ومقبوضة وهى تلى الشام والقمر ينزل بها والمبسوطة تلى اليمن وهى ارفع من السماك

وامدّ من الاخرى وربما عدل القمر فنزل بها تطلع لا ربع يخلون من تموز وتسقط لاربع يخلون من كانون الاول والثامن النثرة وهى كوكبان بينهما مقدار شبر وفوقهما شىء من بياض كأنه قطعة سحاب ويقال لهما ايضا عند اهل النجوم انف الأسد والتاسع الطرف من القوس ما بين السية والانهران او قريب من عظم الذراع من كبدها والانهران العواء والسماك لكثرة مائهما والعاشر الجبهة وهى اربعة كواكب ثلاثة منها مثلثة كالاثافى وواحد منفرد والحادي عشر الزبرة بالضم كوكبان نيران بكاهل الأسد ينزلهما القمر والثاني عشر الصرفة وهى نجم واحد نير يتلو الزبرة سميت لانصراف البرد بطلوعها والثالث عشر العواء وهى خمسة كواكب او اربعة كأنها كتابة الف والرابع عشر السماك ككتاب نجمان نيران والخامس عشر الغفر وهى ثلاثة أنجم صغار والسادس عشر الزباني بالضم كوكبان نيران فى قرنى العقرب والسابع عشر الإكليل بالكسر اربعة أنجم مصطفة والثامن عشر القلب وهو نجم من المنازل والتاسع عشر الشولة وهى كوكبان نيران ينزلهما القمر يقال لها ذنب العقرب والعشرون النعائم بالفتح اربعة كواكب نيرة والحادي والعشرون البلدة بالضم ستة كواكب صغار تكون فى برج القوس وتنزلها الشمس فى اقصر ايام السنة. قال فى القاموس البلدة رقعة من السماء لا كواكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح ينزلها القمر وربما عدل عنها فنزل بالقلادة وهى ستة كواكب مستديرة تشبه القوس اه والثانى والعشرون سعد الذابح كوكبان نيران بينهما قيد ذراع وفى نحر أحدهما كوكب صغير لقربه منه كأنه يذبحه والثالث والعشرون سعد بلع كزفر معرفة منزل للقمر طلع لما قال الله تعالى يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وهو كوكبان مستويان فى المجرى أحدهما خفى والآخر مضيئ يسمى بلع كأنه بلع الآخر وطلوعه لليلة تمضى من آب والرابع والعشرون سعد السعود والخامس والعشرون سعد الاخبية وهى كواكب مستديرة. قال فى القاموس سعود النجوم عشرة سعد بلع وسعد الاخبية وسعد الذابح وسعد السعود وهذه الاربعة من منازل القمر وسعد ناشرة وسعد الملك وسعد البهام وسعد الهمام وسعد البارع وسعد مطرو هذه الستة ليست من المنازل كل منها كوكبان بينها فى المنظر نحو ذراع والسادس والعشرون فرغ الدلو المقدم والسابع والعشرون فرغ الدلو المؤخر. قال فى القاموس فى الغين المعجمة فرغ الدلو المقدم والمؤخر منزلان للقمر كل واحد كوكبان كل كوكبين فى المرأى قدر رمح والثامن والعشرون الرشاء ويقال له ايضا بطن الحوت وهى كواكب صغار مجتمعة فى صورة الحوت وفى سرتها نجم نير والسنة القمرية عبارة عن اجتماع القمر مع الشمس اثنتي عشرة مرة وزمان هذه يتم فى ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما وكسر وهو ثمان ساعات وثمان وأربعون دقيقة قال فى شرح التقويم ارباب هذه الصناعة ما وجدوا زمان شهر واحد اقل من تسعة وعشرين يوما واكثر من ثلاثين وكذا ما وجدوا زمان سنة واحدة اقل من ثلاثمائة واربعة وخمسين يوما واكثر من ثلاثمائة وخمسة وخمسين فعدد ايام كل سنة اما ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما او ثلاثمائة وخمسة وخمسون واعلم ان الله تعالى جعل الدورة المحمدية دورة قمرية كما قال إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً تنبيها منه

تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر ممحوّة عن العالم الظاهر لمن اعتبر وتدبر فى قوله لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى فى علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي أعطاها للمحدثين العربيين وأجراها وأخفاها فيهم كذا فى عقلة المستوفز لحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى كتاب اللامحات البرقيات له مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفى المراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر انتهى باجمال ثم لحروف ظاهر النفس الرحمانى منازل عدد منازل القمر ويقال لها التعينات وهى العقل الاول ثم النفس الكلية ثم الطبيعة الكلية ثم الهباء ثم الشكل الكلى ثم الجسم الكلى ثم العرش ثم الكرسي ثم الفلك الأطلس ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشترى ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهواء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الإنسان ثم المرتبة وفى مقابلتها على الترتيب حروف باطن النفس الرحمانى وهى الاسم البديع ثم الباعث ثم الباطن ثم الآخر ثم الظاهر ثم الحكيم ثم المحيط ثم الشكور ثم الغنى ثم المقتدر ثم الرب ثم العليم ثم القاهر ثم النور ثم المصور ثم المحصى ثم المبين ثم القابض ثم المحيي ثم المميت ثم العزيز ثم الرزاق ثم المذل ثم القوى ثم اللطيف ثم الجامع ثم الرفيع ولو تفطنت حروف التهجي وجدتها على هذا الترتيب كما رتب اهل الآراء وهى الهمزة ثم الهاء ثم العين ثم الحاء المهملة ثم الغين المعجمة ثم القاف ثم الكاف ثم الجيم ثم الشين المنقوطة ثم الياء المثناة ثم الضاد المعجمة ثم اللام ثم النون ثم الراء المغفلة ثم الطاء المهملة ثم الدال المهملة ثم التاء المثناة من فوق ثم الزاى ثم السين المهملة ثم الصاد المهملة ثم الظاء المعجمة ثم الثاء المثلثة ثم الذال المنقوطة ثم الفاء ثم الباء الموحدة ثم الميم ثم الواو فسبحان من اظهر بالنفس الرحمانى هذه المنازل فى الأنفس والآفاق ارادة كمال الوفاق لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ اى حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالى والساعات لصلاح معاشكم ودينكم من فرض الحج والصوم والفطر والصلاة وغيرها من الفروض ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ المذكور من الشمس والقمر على ما حكى بحال ما من الأحوال إِلَّا ملتبسا بِالْحَقِّ مراعيا لمقتضى الحكمة البالغة وهو ما أشير اليه اجمالا من العلم بأحوال السنين والأوقات المنوط به امور معاملاتهم وعباداتهم فليس فى خلقه عبث باطل أصلا- حكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بدّ لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع

[سورة يونس (10) : الآيات 6 إلى 10]

رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات أعز الادوية وان فى كل خلقه حكمة يُفَصِّلُ الْآياتِ التكوينية المذكورة الدالة على وحدانيته وقدرته ويذكر بعضها عقيب بعض مع مزيد الشرح والبيان لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الحكمة فى إبداع الكائنات فيستدلون بذلك على شئون مبدعها وخص العلماء بالذكر لانهم المنتفعون بالتأمل فيها إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فى اختلاف ألوانهما بالنور والظلمة او فى اختلافهما بذهاب الليل ومجيئ النهار وبالعكس واختلف فى أيهما أفضل قال الامام النيسابورى الليل أفضل لانه راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق. وقيل النهار أفضل لانه محل النور والليل محل الظلام يقول الفقير الليل اشارة الى عالم الذات وله الرتبة العليا والنهار اشارة الى عالم الصفات وله الفضيلة العظمى ويختلفان بان من ولد فى الليل يصير اهل فناء فى الله ومن ولد فى النهار يصير اهل بقاء بالله ففيهما سردار الجلال ودار الجمال وسر أهلهما وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ من انواع الكائنات كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح وَالْأَرْضِ من أنواعها ايضا كالجبال والبحار والأشجار والأنهار والدواب والنبات لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ خص المتقين لانهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر الى النظر والتدبر وعن على رضى الله عنه من اقتبس علما من النجوم من حملة القرآن ازداد به ايمانا ويقينا ثم تلا إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ الى لَآياتٍ يقول الفقير أصلحه الله القدير هذا بالنسبة الى ما أبيح من تعلم النجوم وتوسل به الى معرفة الآيات السماوية واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية فى مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الأزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى- وسمع- ذو النون المصري شخصا قائما على الجبل وسط البحر يقول سيدى سيدى انا خلف البحور والجزائر وأنت الملك الفرد بلا حاجب ولا زائر من ذا الذي انس بك فاستوحش من ذا الذي نظر الى آيات قدرتك فلم يدهش اما فى نصبك السموات الطرائق ونظمك الفلك فوق رؤس الخلائق ورفعك العرش المحيط بلا علائق واجرائك الماء بلا سائق وارسالك الريح بلا عائق ما يدل على فردانيتك اما السموات فتدل على منعتك واما الفلك فيدل على حسن صنعتك واما الرياح فتنشر من نسيم بركاتك واما الرعد فيصوت بعظيم آياتك واما الأرض فتدل على تمام حكمتك واما الأنهار فتتفجر بعذوبة كلمتك واما الأشجار فتخبر بجميل صنائعك واما الشمس فتدل على تمام بدائعك: قال الشيخ المغربي قدس سره

[سورة يونس (10) : الآيات 7 إلى 8]

جمله نقش تعينات ويند ... هر چهـ هستند در زمين وسما وله مغربى زان ميكند ميلى بگلشن كاندرو ... هر چهـ را رنگى وبويى هست رنگ وبوى اوست إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا المراد بلقائه تعالى اما الرجوع اليه بالبعث او لقاء الحساب كما فى قوله إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وبعدم الرجاء عدم اعتقاد الوقوع المنتظم لعدم الأمل وعدم الخوف فان عدمهما لا يستدعى عدم اعتقاد وقوع المأمول والمخوف اى لا يتوقعون الرجوع إلينا او لقاء حسابنا المؤدى اما الى حسن الثواب او الى سوء العذاب فلا يأملون الاول واليه أشير بقوله وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا فانه منبئ عن إيثار الأدنى الخسيس على الأعلى النفيس ولا يخافون الثاني واليه أشير بقوله وَاطْمَأَنُّوا بِها كما فى الإرشاد وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي وَاطْمَأَنُّوا بِها وسكنوا إليها قاصرين هممهم على لذائذها وزخارفها او سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديدا وأملوا بعيدا: يعنى [در دنيا ساكن گشتند بر وجهى كه گوييا هرگز ايشانرا از آنجا رحلت نخواهد بود وندانستند كه لحظه بلحظه دست أجل طبل رحيل فرو خواهد كوفت] آن كيست كه دل نهاد وفارغ بنشست ... پنداشت كه مهلتى وتأخيرى هست گو خيمه مزن كه ميخ مى بايد كند ... گو رخت منه كه بار مى بايد بست - روى- ان الله تعالى قال عجبت من ثلاثة. ممن آمن بالنار ويعلم انها وراءه كيف يضحك. وممن اطمأنت نفسه بالدنيا وهو يعلم انه يفارقها كيف يسكن إليها. وممن هو غافل وليس بمغفول عنه كيف يلهو) ونزل النعمان بن المنذر تحت شجرة ليلهو فقال عدى ايها الملك أتدري ما تقول هذه الشجرة ثم انشأ يقول رب ركب قد أناخوا حولنا يمزجون الخمر بالماء الزلال ثم اضحوا عصف الدهر بهم وكذاك الدهر حالا بعد حال فتنغص على النعمان يومه كذا فى ربيع الأبرار وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا عن آيات القرآن فيكون المراد الآيات التشريعية او عن دلائل الصنع فيكون المراد الآيات التكوينية غافِلُونَ لا يتفكرون فيها لانهما كهم فيما يضادها والعطف لتغاير الوصفين اى للجمع بين الوصفين المتغايرين الانهماك فى لذات الدنيا وزخارفها والذهول عن آيات الله ودلائل المعرفة او لتغاير الذاتين كما قال فى التأويلات النجمية ان الذين لا يعتقدون السير إلينا والوصول بنا لدناءة همتهم ورضوا بالتمتعات الدنيوية وركنوا الى مالها وجاهها وشهواتها والذين هم عن آياتنا غافلون وان لم يركنوا الى الدنيا وتمتعاتها وكانوا اصحاب الرياضات والمجاهدات من اهل الأديان والملل وهم البراهمة والفلاسفة والإباحية لكن كانوا معرضين عن متابعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم او كانوا من اهل الأهواء والبدع أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من صفات السوء مَأْواهُمُ اى مسكنهم ومقرهم الذي لابراح لهم منه النَّارُ نار جهنم او نار البعد والطرد والحسرة لا ما اطمأنوا بها من الحياة الدنيا ونعيمها بِما كانُوا يَكْسِبُونَ اى جوزوا بما واظبوا عليه وتمرنوا به من الأعمال القلبية المعدودة وما يستتبعه

[سورة يونس (10) : الآيات 9 إلى 10]

من اصناف المعاصي والسيئات إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فعلوا الايمان او آمنوا بما تشهد به الآيات التي غفل عنها الغافلون وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحة فى أنفسها اللائقة بالايمان وهى ما كان لوجه الله تعالى ورضاه وانما ترك ذكر الموصوف لجريانها مجرى الأسماء يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ فى الآخرة بِإِيمانِهِمْ اى بسبب ايمانهم وبنوره الى مأواهم ومقصدهم وهى الجنة وفى الحديث (ان المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله فى صورة حسنة فيقول انا عملك فيكون له نورا وقائدا الى الجنة والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله فى صورة سيئة فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار) ويحتمل ان تكون الهداية الى سلوك سبيل يؤدى الى ادراك الحقائق الكونية والالهية وهى هداية خاصة يلقاها الخواص واليه الاشارة بقوله (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) فالعلم الاول هو علم المعاملة الذي يكون بطريق الدراسة والعلم الثاني هو علم المكاشفة الذي يكون بطريق الوراثة وهو أعلى وأجل من الاول لان الاول منه بمنزلة القشر من اللب نسأل الله الفيض الخاص الذي ذاقه اهل الاختصاص تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ من تحت سررهم المرفوعة الموضوعة فى البساتين والرياض الْأَنْهارُ الاربعة فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بتجرى اى فى جنات يتنعمون فيها ويترفهون قال الكاشفى فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [در بوستانها با نعيم وبا نعمت] والنعيم النعمة والخفض والدعة كما فى القاموس وسميت جنة لاستتار ارضها باشجارها ومنه سمى الجن لاستتارهم عن الابصار ومنه سمى الجن للتستر به دَعْواهُمْ فِيها اى دعاؤهم فى تلك الجنات سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ اى يا الله نسبحك تسبيحا وننزهك عن الخلف فى الوعد والكذب فى القول فقد وجدنا ما وعدتنا وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها التحية التكرمة بالحالة الجليلة أصلها أحياك الله حياة طيبة وهى من اضافة المصدر الى فاعله اى تحية بعضهم لبعض فى الجنة سَلامٌ اى سلامة من كل مكروه او من إضافته الى المفعول اى تحية الملائكة إياهم كما قال تعالى وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ او تحية الله إياهم كما قال سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ سلام دوست شنيدن سعادتست وسلامت ... بوصل يار رسيدن فضيلتست وكرامت وَآخِرُ دَعْواهُمْ اى خاتمة دعائهم أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اى ان يقولوا ذلك نعتاله تعالى بصفات الإكرام اثر نعته بصفات الجلال اى دعاؤهم منحصر فيما ذكر إذ ليس لهم مطلب مترقب حتى ينظموه فى سلك الدعاء وان هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف والجملة الاسمية التي بعدها فى محل الرفع على انها خبر لها وان مع اسمها وخبرها فى محل الرفع خبر للمبتدأ الاول- روى- ان اهل الجنة إذا اشتهوا شيأ يقولون سبحانك اللهم فيأتيهم الخدم بالطعام والشراب وكل ما يشتهون فاذا طعموا قالوا الحمد لله رب العالمين واعلم انه لا تكليف فى الجنة ولا عبادة وما عبادة اهل الجنة الا ان يسبحوا الله ويحمدوه وذلك ليس بعبادة وانما يلهمونه فينطقون به تلذذا بلا كلفة [وهر آيينه لذت تسبيح وتحميد ايشانرا از جميع لذاتهاى بهشت خوبتر آيد] ذوق نامش عاشق مشتاقرا ... از بهشت جاودانى خوشتر است گر چهـ در فردوس نعمتها بسى ست ... وصل او از هر چهـ دانى خوشترست

[سورة يونس (10) : الآيات 11 إلى 15]

وفيه اشارة الى ان اللسان انما خلق للذكر والدعاء لا لكلام الدنيا والغيبة والبهتان زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس وقد كان أول كلام تكلم به أبونا آدم عليه السلام حين عطس الحمد لله وآخر الدعاء ايضا كان ذلك. ففيه اشارة الى ان العبد غريق فى بحر نعم الله اولا وآخرا فعليه استغراق أوقاته بالحمد ونعم الله فى الدنيا متناهية وفى الآخرة غير متناهية فالحمد لا نهاية له ابد الآباد وهو منتهى مراتب السالكين: وفى المثنوى حمدشان چون حمد گلشن از بهار ... صد نشانى دارد وصد گير ودار بر بهارش چشمه ونخل وگياه ... وان گلستان ونگارستان گواه تو ملاف از مشك كان بوى پياز ... از دم تو ميكند مكشوف راز گلشكر خوردم همى گوئى وبوى ... مى زند از سير كه ياوه مگوى يعنى ان لحمد العارف علامة فانه يشهد لحمده كل أعضائه بخلاف حمد غيره فلا بد من تحقيق الدعوى بالحجة والبرهان فان الدعوى المجردة لا تنفع كما لا يخفى على اهل الإيقان تسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الحامدين فى السراء والضراء بلسان الجهر والإخفاء وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ [واگر تعجيل كند خداى تعالى] لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ التعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة والمراد بالشر العذاب وسمى به لانه أذى مكروه فى حق المعاقب- روى- ان النضر بن الحارث قال منكرا لنبوته عليه السلام اللهم ان كان محمد حقا فى ادعاء الرسالة فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم وكانوا يستعجلون العذاب المتوعد به من لسان النبوة فقال تعالى وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ والعذاب حين استعجلوه استعجالا مثل اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ والرحمة والعافية لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ لادى إليهم الاجل الذي عين لعذابهم وأميتوا واهلكوا بالمرة وما أمهلوا طرفة عين لان تركيبهم فى الدنيا لا يحتمل ما استعجلوه من العذاب ولكن لا نعجل ولا نقضى فَنَذَرُ الَّذِينَ اى نترك فالفاء للعطف على مقدر لا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل فى الامتناع الذي يقتضيه لو وليس كذلك لان التعجيل لم يقع وتركهم فى طغيانهم يقع كما فى تفسير ابى البقاء لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لا يتوقعون جزاءنا فى الآخرة التي هى محل اللقاء لانكارهم البعث فِي طُغْيانِهِمْ الذي هو عدم رجاء اللقاء وانكار البعث والجزاء وهو متعلق بنذر او بقوله يَعْمَهُونَ اى حال كونهم متحيرين ومترددين وذلك لانه لاصلاح ولا حكمة فى اماتتهم وإهلاكهم عاجلا إذ ربما آمنوا بعد ذلك او ربما خرج من أصلابهم من يكون مؤمنا ولذلك لا يعاجلهم الله تعالى بايصال الشر إليهم بل يتركهم امهالا لهم واستدراجا قال الحدادي الآية عامة فى كل من يستعجل العقاب الذي يستحقه بالمعاصي ويدخل فيها دعاء الإنسان على نفسه وولده وقومه بما يكره ان يستجاب له مثل قول الرجل إذا غضب على ولده اللهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لنفسه رفعنى الله من بينكم وفى الحديث (دعاء المرء على محبوبه غير مقبول) وعن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه (انى سئلت الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه) ولكن قد صح (ان دعاء الوالد على ولده لا يرد) فيجمع بينهما كما فى المقاصد الحسنة وقال شهر بن حوشب قرأت فى بعض الكتب ان الله تعالى يقول للملكين

[سورة يونس (10) : الآيات 12 إلى 14]

الموكلين لا تكتبا على عبدى فى حال ضجره شيأ ثم بين الله تعالى انهم كاذبون فى استعجال العذاب بناء على انه لو نزل بالإنسان ادنى شىء يكرهه لا يصبر عليه بل يتضرع الى الله فى إزالته عنه فقال وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ أصابه الضُّرُّ جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد إصابة يسيرة دَعانا [بخواند ما را بإخلاص براى ازاله او] لِجَنْبِهِ اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ اى دعانا كائنا على جنبه اى مضطجعا او ملقى لجنبه على الأرض لما به من المرض واللام على بابها أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً وذلك ان من الضرر ما يغلب الإنسان ويجعله صاحب فراش يضطره الى الاضطجاع ومنه ما يكون أخف من ذلك ويجعله بحيث يقدر على القعود ومنه ما يتمكن الإنسان معه على القيام لا غير. ففائدة الترديد تعميم الدعاء لجميع اصناف الضرر. ويجوز ان يكون لجميع الأحوال اى دعانا فى جميع أحواله مما ذكر وما لم يذكر لازالة ما يضر عنه فى حال ما من أحواله. وتخصيص المعدودات بالذكر لعدم خلو الإنسان عنها عادة فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ رفعناه وأزلناه بسبب إخلاصه فى الدعاء مَرَّ مضى على طريقته التي كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسى حالة الجهد والبلاء واستمر على كفره كَأَنْ اى كأنه لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ اى مشبها بمن لم يدع الى كشف ضره فهو حال من فاعل مر وهذا وصف للجنس باعتبار حال بعض افراده ممن هو متصف بهذه الصفات كَذلِكَ اى مثل ذلك التزيين. فالكاف اسم منصوب المحل على انه صفة مصدر محذوف لقوله زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الاعراض عن التضرع والانهماك فى الشهوات حين انكشاف الضر عنهم. وسمى الكافر مسرفا لكونه مسرفا فى امر دينه متجاوزا عن الحد فى الغفلة عنه فانه لا شبهة فى ان المرء كما يكون مسرفا فى الانفاق فكذا يكون مسرفا فى اتباع الهوى وتضييع العمر فيما لا يعنيه بل يضره: قال الصائب ازين چهـ سود كه در گلستان وطن دارم ... مرا كه عمر چونرگس بخواب ميگذرد وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ يعنى الأمم الماضية مثل قوم نوح وعاد مِنْ قَبْلِكُمْ متعلق باهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان اى أهلكناهم من قبل زمانكم يا اهل مكة لَمَّا ظَلَمُوا حين ظلموا بالتكذيب واستعمال القوى والجوارح لا على ما ينبغى وَجاءَتْهُمْ اى والحال انهم قد جاءتهم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالحجج الدالة على صدقهم وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا وما استقام لهم ان يؤمنوا لفساد استعدادهم وخذلان الله لهم وعلمه بانهم يموتون على كفرهم وهو عطف على ظلموا كأنه قيل لما ظلموا وأصروا على الكفر بحيث لم يبق فائدة فى إمهالهم أهلكناهم كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء وهو إهلاكهم بسبب تكذيبهم للرسل وإصرارهم عليه بحيث تحقق انه لا فائدة فى إمهالهم نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ نجزى كل مجرم ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ استخلفنا كم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر لان الله تعالى لا يحتاج فى العلم بأحوال الإنسان الى الاختبار والامتحان فى الحقيقة ولكن يعامل معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم ليجازيهم بحسبه لِنَنْظُرَ النظر فى اللغة عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي طلبا لرؤيته وهو فى حقه

[سورة يونس (10) : آية 15]

تعالى مستعار للعلم المحقق الذي لا يتطرق اليه شك ولا شبهة بان يشبه هذا العلم بنظر الناظر وإدراكه عين المرئي على سبيل المعاينة والمشاهدة ويطلق عليه لفظ النظر والرؤية على سبيل الاستعارة التصريحية ثم تسرى الاستعارة الى الفعل تبعا قال الكاشفى [تا به بينيم در صورت شهادت بعد از انكه دانستيم در غيب شما كه] كَيْفَ تَعْمَلُونَ [چهـ گونه عمل خواهيد كرد از خير وشر تا با شما بمقتضاى اعمال شما معامله كنيم ان خيرا فخير وان شرا فشر] چرا آيينه فعلست گويى ... كه در وى هر چهـ كردى مينمايد اگر كردى نكوئى نيك بينى ... وگر بد كرده بد پيشت آيد وكيف معمول تعملون فان معنى الاستفهام يحجب ان يعمل فيه ما قبله وفائدته الدلالة على ان المعتبر فى الجزاء جهات الافعال وكيفياتها لا من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح اخرى وفى الحديث (ان الدنيا حلوة خضرة) يعنى حسنة فى المنظر (تعجب الناظر) والمراد من الدنيا صورتها ومتاعها وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضراء ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة يفتتن الناس بحسنها: قال الحافظ خوش عروسست جهان از ره صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد قال فى فتح القريب حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة فان النفس تطلبها طلبا حثيثا فكذلك الدنيا وهى فى الحال حلوة خضراء وفى المآل مرة كدرة نعمت المرضعة وبئست الفاطمة (وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعملون) اى تتصرفون قيل معناه جاعلكم خلفا ممن قبلكم واعطى ما بايديهم إياكم فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون فى مآلهم قال قتادة ذكر لنا عمر رضى الله عنه قال صدق ربنا جعلنا خلفاء الأرض لينظر الى اعمالنا فاروه من أعمالكم خيرا بالليل والنهار والسر والعلانية وفى الآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليرتدعوا عن انكار النبوة واستعجال الشر حذرا من ان ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن قبلهم من المكذبين وهذا الوعيد والتهديد لا يختص بهم فان اهل كل قرن خليفة لمن قبله الى قيام الساعة فعلى العاقل ان يعتبر بمن مضى ويتدارك حاله قبل نزول القضاء قال فى التأويلات النجمية ان لهذه الامة اختصاصا باستحقاق الخلافة الحقيقة التي أودعها الله فى آدم عليه السلام بقوله إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولهذا السر ما كان فى امة من الأمم من الخلفاء ما كان فى هذه الامة بالصورة والمعنى وللخلافة صورة ومعنى فكما ان صورة الخلافة مبنية على الحكم بين الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون الشرع والاجناب عن متابعة الهوى والطبع كذلك معنى الخلافة مبنى على الحكم بين الرعية المعنوية وهى الجوارح والأعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاتها وأخلاقها والحواس الخمس والقوى النفسانية بالحق كما كان سيرة الأنبياء وخواص الأولياء فى طلب الحق ومجانبة الباطل وترك ما سوى الله والوصول الى الله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ

[سورة يونس (10) : الآيات 16 إلى 20]

اى على مشركى مكة آياتُنا القرآنية الدالة على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على ذلك قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا: يعنى [اميد ندارند ديدار ما را ورسيدن بما] وهو عبارة عن كونهم مكذبين للحشر قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه ليس لهم شوق الى الله وطلبه إذ الشوق من شان القلب الحي وقلوبهم ميتة ونفوسهم حية فلما فى القرآن مما يوافق القلوب ويخالف النفوس ما قبله ارباب النفوس ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا القرآن المنزل بان لا يكون على ترتيب هذا ونظمه وبان يكون خاليا عما نستبعده من امر البعث والجزاء وعما نكرهه من ذم آلهتنا وتحقيرها أَوْ بَدِّلْهُ بان يكون هذا القرآن المنزل باقيا على نظمه وترتيبه لكن يوضع مكان الآيات الدالة على ما نستبعده ونستكرهه آيات اخر موافقة لطريقتنا كما بدل أحبار اليهود التوراة ورهبان النصارى الإنجيل بما كان موافقا لهواهم ولعلهم سألوا ذلك طمعا فى ان يسعفهم الى إتيانه من قبل نفسه فيلزموه بان يقولوا قدتبين لنا انك كاذب فى دعوى ان ما تقرأه علينا كلام الهى وكتاب سماوى اوحى إليك بواسطة الملك وانك تقوله من عند نفسك وتفترى على الله كذبا قُلْ ما يَكُونُ لِي اى ما يصح لى ولا يمكننى أصلا أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي اى من قبل نفسى وانما اكتفى بالجواب عن التبديل لاستلزام امتناعه امتناع الإتيان بقرآن آخر كذا قال البيضاوي وهو اولى مما فى الكشاف. والبيان ان التبديل داخل تحت قدرة الإنسان واما الإتيان بقرآن آخر فغير مقدور عليه للانسان وذلك لان التبديل ربما يحتاج الى تغيير سورة او مقدارها واعجاز القرآن يمنع من ذلك كما لا يخفى وهو اللائح بالبال إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ تعليل لما يكون فان المتبع لغيره فى امر لم يستبد بالتصرف فيه بوجه اى ما اتبع فى شىء الا ما يوحى الى من غير تغيير له فى شىء أصلا على معنى قصر حاله عليه السلام على اتباع ما يوحى اليه لا قصر اتباعه على ما يوحى اليه كما هو المتبادر من ظاهر العبارة كأنه قيل ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ وقد مر تحقيق المقام فى سورة الانعام إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي اى بالتبديل عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هو يوم القيامة وفيه اشارة الى ان التبديل إذا كان عصيانا مستوجبا للعذاب يكون اقتراحه كذلك لانه نتيجته والنتيجة مبنية على المقدمة فعلم منه ان المؤدى الى المكروه او الحرام مكروه او حرام ألا ترى ان بعض الكيوف التي يستعملها ارباب الشهوات فى هذا الزمان مؤد الى استثقال الصوم الفرض واستثقال امر الله تعالى ليس من علامات الايمان تسأل الله تعالى ان يجذب عناننا من الوقوع فى مواقع الهلاك قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ان لا اتلو عليكم ما اوحى الىّ من القرآن ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ لانى أمي وليس التلاوة والقراءة من شأنى كما كان حالى مع جبريل أول ما نزل فقال (اقرأ قلت لست بقارئ فغطنى جبريل ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق فقرأته لما جعلنى قارئا ولو شاء الله ان لا اقرأه ما كنت قادرا على قرآته عليكم) - حكى- ان واحدا من المشايخ الأميين استدعى منه بعض المنكرين الوعظ بطريق التعصب والعناد زعما منهم انه لا يقدر عليه فيفتضح لانه كان كرديا لا يعرف لسان العرب ولا يحسن الوعظ والتذكير فنام بالغم فاذن له صلى الله تعالى عليه وسلم فى المنام بذلك فلما أصبح جلس

[سورة يونس (10) : آية 17]

مجلس الوعظ والتذكير وقرر من كل تأويل وتفسير وقال «أمسيت كرديا وأصبحت عربيا» وذلك من فضل الله وهو على كل شىء قدير: قال الحافظ فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... ديگران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد وَلا أَدْراكُمْ بِهِ ماض من دريت الشيء ودريت به اى علمته وادرانيه غيرى اى أعلمنيه والمعنى ولا أعلمكم الله القرآن على لسانى ولا أشعركم به أصلا فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ اى مكثت بين ظهرانيكم عُمُراً يضمتين الحياة والجمع أعمار كما فى القاموس قال ابو البقاء ينصب نصب الظروف اى مقدار عمر او مدة عمر قال ابن الشيخ اى مدة متطاولة وهى أربعون سنة مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن لا اتلوه ولا اعلمه وكان عليه السلام لبث فيهم قبل الوحى أربعين سنة ثم اوحى اليه فاقام بمكة بعد الوحى ثلاث عشرة سنة ثم هاجر الى المدينة فاقام بها عشر سنين وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة فمن عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشئ قريضا ولا خطبة ثم قرأ عليهم كتابا بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلى كل منثور ومنظوم واحتوى على قواعد علمى الأصول والفروع وأعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هى عليه علم انه معلم به من عند الله وان ما قرأه عليه معجز خارق للعادة امىء دانا كه بعلم فزون ... راند رقم بر ورق كاف ونون بى خط وقرطاس ز علم ازل ... مشكل لوح وقلمش گشت حل أَفَلا تَعْقِلُونَ أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا انه ليس الا من الله فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً احتراز مما أضافوه اليه عليه السلام كناية وهو انه عليه السلام نظم هذا القرآن من عند نفسه ثم قال انه من عند الله افتراء عليه فأن قولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله كناية عنه فقوله عليه السلام فمن اظلم ممن افترى كناية عن نفسه كأنه قيل لو لم يكن هذا القرآن من عند الله كما زعمتم لما كان أحد فى الدنيا اظلم على نفسه من حيث افتريته على الله لكن الأمر ليس كذلك بل هو وحي الهى أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ فكفر بها إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ لا ينجون من محذور ولا يظفرون بمطلوب وفى التأويلات النجمية اى لا يتخلص الكذابون والمكذبون من قيد الكفر وحجب الهوى وعذاب البعد وجحيم النفس انتهى وذلك لان الطريق طريق الصدق والإخلاص لا طريق الكذب والرياء فمن سلك سبيل الصدق أفلح ونجاو وصل ومن سلك سبيل الكذب خاب وهلك وضل وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها إذا صحت ففيها النجاة ولا يتم بعضها الا ببعض الإسلام الخالص من الظلم وطيب الغذاء والصدق لله فى الأعمال وفى الحديث (ان من أعظم الفرية ثلاثا ان يفترى الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير) يعنى فى المنام (او يفترى على والديه فيدعى الى غير أبيه او يفترى علىّ يقول سمعت من رسول الله ولم يسمع منى) يقول الفقير فاذا لم يصح هذا الواحد من أمته فكيف يصح لرسول الله عليه الصلاة والسلام والأنبياء عليهم السلام أمناء الله على ما اوحى إليهم لا يزيدون فيه ولا ينقصون ولا يبدلون فكذا الأولياء قدس الله أسرارهم أمناء الله على ما ألهم إليهم يبلغونه

[سورة يونس (10) : آية 18]

الى من هو اهل له من غير زيادة ولا نقصان ومن أنكر كون الأمي وليا فلينكر كونه نبيا فان ذلك مفض الى ذلك ومستلزم له قال الامام السخاوي قوله (ما اتخذ الله من ولى جاهل ولو اتخذه لعلمه) ليس بثابت ولكن معناه صحيح والمراد بقوله ولو اتخذه لعلمه يعنى لواراد اتخاذه وليا لعلمه ثم اتخذه وليا انتهى وقال الامام الغزالي فى شرح الاسم الحكيم من الأسماء الحسنى ومن عرف الله تعالى فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها انتهى فظهر ان العلم الزائد على ما يقال له علم الحال ليس بشرط فى ولاية الولي وان الله تعالى إذا أراد بعبده خيرا يفقهه فى الدين ويعلمه من لدنه علم اليقين قال عمر رضى الله عنه يا نبى الله مالك افصحنا فقال عليه السلام (جاءنى جبريل فلقننى لغة ابى إسماعيل وان الله أدبني فاحسن تأديبى ثم أمرني بمكارم الأخلاق فقال خذ العفو وأمر بالعرف) الآية فقد استبان الحق والله اعلم حيث يجعل رسالته فاياك ان تنكر ولاية مثل يونس وغيره من الأميين فان شواهدهم تنادى على صحة دعواهم بل وإياك ان تطلق لسانك بالطعن على لحنهم فان سين بلال أحب الى الله من شين غيره فى اشهد: وفى المثنوى قدس سره گر حديثت كژ بود معنيت راست ... آن كژئ لفظ مقبول خداست وذلك لان خطأ الأحباب اولى من صواب الأغيار كما فى المثنوى وعن ابى الدرداء رضى الله عنه انه قال (ان لله عبادا يقال لهم الابدال لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتمتع وحسن الحلية وانما بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدور والرحمة لجميع المسلمين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم أربعون رجلا على مثل قلب ابراهيم عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد انشأ من يخلفه واعلم انهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا لا تدركهم الخيل المجراة ولا الرياح العواصف فيما بينهم وبين ربهم انما قلوبهم تصعد فى السقوف العلى ارتياحا الى الله فى استباق الخيرات أولئك حزب الله ألا ان حزب الله هم المفلحون) كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي: وفى المثنوى فى وصف الأولياء مرده است از خود شده زنده برب ... زان بود اسرار حقش در دو لب وَيَعْبُدُونَ اى كفار مكة مِنْ دُونِ اللَّهِ حال من الفاعل اى متجاوزين الله لا بمعنى ترك عبادته بالكلية بل بمعنى عدم الاكتفاء بها وجعلها قريبا لعبادة الأصنام ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ اى الأصنام التي لا قدرة لها على إيصال الضرر إليهم ان تركوا عبادتها ولا على إيصال المنفعة ان عبدوها لان الجماد بمعزل عن ذلك والمعبود ينبغى ان يكون مثيبا ومعاقبا حتى تعود عبادته بجلب نفع او دفع ضر وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ الأصنام شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ تشفع لنا فيما يهمنا من امور الدنيا لانهم كانوا لا يقرون بالمعاد او فى الآخرة ان يكن بعث كما قال الكاشفى [يا اگر فرضا حشر ونشر باشد چنانچهـ معتقد مؤمنانست ما را از خداى درخواست ميكنند واز عذاب ميرهانند] واعلم ان أول ما حدثت عبادة الأصنام فى قوم نوح عليه السلام وذلك ان آدم كان له خمسة أولاد صلحاء وهم ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر. فمات ودّ فحزن الناس

[سورة يونس (10) : آية 19]

عليه حزنا شديدا فاجتمعوا حول قبره لا يكادون يفارقونه وذلك بأرض بابل فلما رأى إبليس ذلك جاء إليهم فى صورة انسان وقال لهم هل لكم ان اصور لكم صورة إذا نظرتم إليها ذكرتموه قالوا نعم فصور لهم صورته ثم صار كلما مات منهم واحد صور صورته وسموا تلك الصور بأسمائهم ثم لما تقادم الزمن وتناست الآباء والأبناء وأبناء الأبناء قال لمن حدث بعدهم ان الذين كانوا قبلكم يعبدون هذه الصور فعبدوها فارسل الله إليهم نوحا فنهاهم عن عبادتها فلم يجيبوه لذلك وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق ثم ان تلك الصور دفنها الطوفان فى ساحل جدة فاخرجها اللعين وأول من نصب الأوثان فى العرب عمرو بن لحى من خزاعة وذلك انه خرج من مكة الى الشام فى بعض أموره فرأى بأرض البلقاء العماليق ولد عملاق بن لاود بن سام ابن نوح وهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه قالوا هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم أفلا تعطوننى منها صنما فاسير به الى ارض العرب فاعطوه سنما يقال له هبل من العقيق على صورة انسان فقدم به مكة فنصبه فى بطن الكعبة على يسراها وامر الناس بعبادته وتعظيمه فكان الرجل إذا قدم من سفره بدأ به قبل اهله بعد طوافه بالبيت وحلق رأسه عنده كذا فى انسان العيون وكان اهل الطائف يعبدون اللات واهل مكة العزى ومناة وهبل واسافا قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ أتخبرونه بِما لا يَعْلَمُ اى بالذي لا يعلمه كائنا فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ فما عبارة عن ان له شريكا والظرف حال من العائد المحذوف وفى الاستفهام الإنكاري تقريع لهم وتهكم بهم حيث نزلوا منزلة من يخبر علام الغيوب بما ادعوه من المحال الذي هو وجود الشركاء وشفاعتهم عند الله. وفى الظرف تنبيه على ان ما يعبدونه من دون الله اما سماوى. كالملائكة والنجوم واما ارضى كالاصنام المنحوتة من الشجر والحجر لا شىء من الموجودات فيهما الا وهو حادث مقهور مثلهم لا يليق ان يشرك به سبحانه قال الكاشفى [انتفاء علم بجهت معلومست يعنى شما ميگوييد كه خدايرا شريك هست. واثبات بشفاعت بتان ميكنيد وخداوند كه عالمست بجميع معلومات اين را نمى دانيد پس معلوم شد كه شريك نيست وشفاعت نخواهد بود] كما قال ابن الشيخ فان شيأ من ذلك لو كان موجودا لعلمه الله وما لا يعلمه الله استحال وجوده سُبْحانَهُ [پاكست] وَتَعالى [برترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ لما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري اى تبرأ وجل عن اشراكهم واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً اى على ملة واحدة فى عهد آدم عليه السلام الى ان قتل قابيل هابيل او فى زمن نوح بعد الطوفان حين لم يبق على وجه الأرض من الكافرين ديارا فان الناس كانوا متفقين على الدين الحق فَاخْتَلَفُوا اى تفرقوا الى مؤمن وكافر وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ اى لولا الحكم الأزلي بتأخير العذاب الفاصل بينهم الى يوم القيامة فانه يوم الفصل والجزاء لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ عاجلا فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ باهلاك المبطل وابقاء المحق قال الكاشفى [هر آينه حكم كرده شدى ميان ايشان ران چيزى كه ايشان در ان اختلاف

ميكنند عذاب بيامدى ومبطل هلاك شدى ومحق بماندى] ويحتمل ان يكون المعنى ان الناس كانوا امة واحدة فى بدء الخلقة موجودين على اصل الفطرة التي فطر الناس عليها فاختلفوا بحسب تربية الوالدين كما قال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) ثم اختلفوا بعد البلوغ بحسب المعاملات الطبيعية والشرعية ثم هذا الاختلاف كما كان بين الأمم السالفة كذلك كان بين هذه الامة فمن مؤمن ومن كافر ومن مبتدع وفى اختلافهم فائدة جليلة وحكمة عظيمة حيث ان الكمال الإلهي انما يظهر بمظاهر جماله وجلاله لكن ينبغى للناس ان يكونوا على التآلف والتوافق دون التباغض والتفرق لان يد الله مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة المنفردة- واوصى حكيم- أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها وقال اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها وقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وفى الحديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) والمراد بالخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان الله عليهم أجمعين. والراشدون جمع راشد اسم فاعل وهو الذي اتى بالرشد واتصف به وهو ضد الغى فالراشد ضد الغاوي والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه. والنواجذ آخر الأسنان والمعنى واظبوا على السنة والزموها واحرصوا عليها كما يفعل العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته وقد وقع هذا الاختلاف وسيقع الى ان يقوم المهدى وينزل عيسى عليه السلام: قال الحافظ تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبده باز ... هزار بازي ازين طرفه تر بر انگيزد : وقال روزى اگر غمى رسدت تنگ دل مباش ... روشكر كن مباد كه از بد بتر شود قال بعض العلماء فى هذه الامة فرقة مختلفة تبغض العلماء وتعادى الفقهاء ولم يكن ذلك فيمن تقدم قبلنا من الأمم بل كانوا منقادين لهم محبين كما وصفهم الله تعالى فى كتابه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والفقيه إذا كان مبغوضا بين الناس فما ظنك بالعالم بالله ألا تراهم إذا وجدوا الرجل كاملا فى العلوم الظاهرة والباطنة متفردا فى فنه متميزا من جنسه متفوقا على اقرانه فمن قائل فى حقه انه زنديق ومن قائل انه مبتدع وقلما تسمع من يقول انه صديق فانظر الى غيرة الله تعالى كيف ستره عن الأغيار وأخفى سره عن الأشرار: قال الحافظ معشوق عيان ميگذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست قال رويم من المشايخ الكرام لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا فاذا اصطلحوا هلكوا وذلك لانه لو قبل بعضهم بعضا لبقى بعضهم مع بعض وسكن بعضهم الى بعض والسكون الى غير الله تعالى عند الخواص من قبيل عبادة الأصنام عند العوام وهذا التبري بين الصوفية المحققين ليس كالتبرى بين اليهود والنصارى لان تبريهم فى الحق للحق وتبرى هؤلاء فى الباطل للباطل والحاصل ان من الاختلاف ما كان مذموما وما كان ممدوحا فالمذموم هو ما كان فى العقائد واصول

[سورة يونس (10) : آية 20]

الدين والممدوح هو ما كان فى الأعمال وفروع الدين كما قال عليه السلام (اختلاف الأئمة رحمة) وعن على كرم الله وجهه قال له يهودى ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقال انما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا آلها كما لهم آلهة وهذا من الاجوبة المسكتة والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وَيَقُولُونَ اى كفار مكة لَوْلا للتحضيض مثل هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ على محمد عليه الصلاة والسلام آيَةٌ معجزة مِنْ رَبِّهِ كانوا يقولون ان القرآن يمكن معارضته كما دل عليه قولهم لو تشاء لقلنا مثل هذا ويقترحون أشياء اخر سوى القرآن لتكون معجزة مثل اليد والعصا وتفجير الأنهار وغيرها گفت اگر آسان نمايد اين بتو ... اينچنين يك سوره گو اى سخت رو فَقُلْ لهم فى الجواب إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ اللام للاختصاص العلمي دون التكويني فان الغيب والشهادة فى ذلك الاختصاص سيان. والمعنى ان ما اقترحتموه وزعمتم انه من لوازم النبوة وعلقتم عليه ايمانكم من الغيوب المختصة بالله سبحانه لا وقوف لى عليه ولو علم الصلاح فى زيادة الآيات لا نزل وفى التأويلات النجمية الغيب هو عالم الملكوت الذي ينزل منه الآيات ويظهر منه المعجزات بانزال الله تعالى وإظهاره فهو لله وبحكمه ينزل الآيات منه متى شاء كما شاء فَانْتَظِرُوا لنزول ما اقترحتموه إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لما يفعل الله بكم بجحودكم ما نزل علىّ من الآيات العظام واقتراحكم غيره وقد امهلهم الله سبحانه ليأخذ الظالم منهم أخذ عزيز مقتدر وقد يعجل عقوبة من يشاء [آورده اند كه سپهسالارى بود ظالم وبا اتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خداوند خانه گفت من منشورى دارم بخانه من فرود ميا گفت منشورى بنماى شيخ در خانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودر پيش بياورد وباز كرد اين آيت بر آمد كه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها سپهسالار گفت من پنداشتم كه منشور امير دارى بدان التفات نكرد ودر خانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بگرفت وهلاك شد] وفيه اشارة الى ان حضرة القرآن ليس كسائر الآيات فمن رده واستحقره فقد تعرض لسخط الله تعالى أشد التعرض كما ان من قبله وعظمه صورة بالرفع والمس على الطهارة ونحو ذلك ومعنى بالعمل بما فيه والتخلق بأخلاقه نال من الله كل ما يتمناه- حكى- ان عثمان الغازي جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من أسخياء زمانه يبذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته ونغصوا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاج بكتاش او غيره من الرجال فنزل بيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الأدب ان نقعد عند كلام الله تعالى فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل قائما الى الصبح فلما أصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل وقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط برأسها منديلا وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل أول غزوته بلاجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ثم بعد ارتحاله صار ولده

[سورة يونس (10) : الآيات 21 إلى 25]

اورخان سلطانا ففتح هو بروسة المحروسة بالعون الإلهي فمن ذلك الوقت الى هذا الآن الدولة العثمانية على الازدياد بسبب تعظيمه كتاب الله وكلامه القديم كذا فى الواقعات المحمودية فليلازم العاقل تعظيم القرآن العظيم ليزداد جاهه ورتبته وليحذر من تحقيره لئلا ينتقص شأنه وهيبته ألا ترى ان السلطان محمد الرابع وأعوانه لما رفضوا العمل بالقرآن وأخذوا بالظلم والعدوان سلط الله عليهم وعلى الناس بسببهم القحط والخوف فخرج من أيديهم اكثر القلاع المعمورية الرومية واستولى الكفار الى ان طمعوا فى القسطنطينية واشتد الخوف الى ان قال الناس اين المفرّ وكل ذلك وقع من القرناء السوء فانهم كانوا يحثون السلطان على الجريان بخلاف الشرع اى فغان از يار ناجنس اى فغان ... همنشين نيك جوييد اى مهان «1» اى بسا مهتر بچهـ از شور وشر ... شد ز فعل زشت خود ننگ پدر «2» اللهم اجعلنا من المعتبرين واجعلنا من المتبصرين وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ اى اهل مكة رَحْمَةً صحة وسعة مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ كقحط ومرض مَسَّتْهُمْ أصابتهم وخالطتهم حتى أحسوا بسوء اثرها فيهم واسناد المساس الى الضراء بعد اسناد الاذاقة الى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما فى قوله تعالى وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ونظائره وإذا للشرط وجوابه قوله إِذا للمفاجأة لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا اى فاجأوا فى وقت اذاقة الرحمة وقوع المكر منهم بالطعن فى الآيات والاحتيال فى دفعها وسارعوا اليه قبل ان ينفضوا عن رؤسهم غبار الضراء قيل قحط اهل مكة سبع سنين حتى كادوا يهلكون ثم رحمهم الله وانزل الغيث على أراضيهم فطفقوا يقدحون فى آيات الله ويكيدون رسوله قال مقاتل لا يقولون هذا رزق الله وانما يقولون سقينا بنوء كذا وكانت العرب نضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط من الأنواء جمع نوء وهى ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة فى منزل منها ويسقط فى المغرب نجم واحد من تلك المنازل الثمانية والعشرين فى كل ثلاثة عشر يوما مع طلوع الفجر ويطلع رقيبه من المشرق فى ساعته فى مقابلة ذلك الساقط وهذا فى غير الجبهة فان لها اربعة عشر يوما فينقضى الجميع بانقضاء السنة اى مع انقضاء ثلاثمائة وخمسة وستين يوما لان ثلاثة عشر فى ثمانى وعشرين مرة تبلغ هذا القدر من العدد وانما سمى النجم نوأ لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب فالطالع بالمشرق ينوء اى ينهض ويطلع فلما أنجاهم الله من القحط لبسوا الأمر على اتباعهم وأضافوا ذلك المطر الى الأنواء لا الى الله لئلا يشكروا الله ولا يؤمنوا بآياته فقيل هذا هو المراد بمكرهم فى آيات الله ومن لا يرى الأمطار إلا من الأنواء كان كافرا بخلاف من يرى انها بخلق الله والأنواء وسائط وامارات بجعله تعالى كما قال فى الروضة المؤثر هو الله تعالى والكواكب اسباب عادية: قال الحافظ گر رنج پيشت آيد وگر راحت اى حكيم ... نسبت مكن بغير كه اينها خدا كند قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً اى اعجل عقوبة اى عقابه اسرع وصولا إليكم مما يأتى منكم فى دفع الحق وتسمية العقوبة بالمكر لوقوعها فى مقابلة مكرهم وجودا فيكون من باب تسمية الشيء باسم سببه او ذكرا فيكون من باب المشاكلة- روى- عن مقاتل انه تعالى قتلهم يوم بدر

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان رجوع بقصه موش وجغز إلخ (2) در أوائل دفتر ششم در بيان حكايت غلام هندو كه بخواجه زاده خود إلخ

وجازى مكرهم فى آياته بعقاب ذلك اليوم فكان اسرع فى إهلاكهم من كيدهم فى إهلاكه عليه السلام وابطال آياته والمكر إخفاء الكيد وارادة الله خفية عليهم وإرادتهم ظاهرة توكل على الرحمن واحتمل الردى ... ولا تخش مما قد يكيد بك العدى إِنَّ رُسُلَنا الذين يحفظون أعمالكم وهم الكرام الكاتبون وفيه التفاوت إذ لو جرى على اسلوب قوله قُلِ اللَّهُ لقيل ان رسله يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى مكركم او ما تمكرونه وهو تحقيق للانتقام وتنبيه على ان ما دبروا إخفاءه لم يخف على الحفظة فضلا عن ان يخفى على الله وفيه تصريح بان للكفار حفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه أي شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال ان الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما فى البستان واختلفوا فى عددهم فقال عبد الله بن المبارك هم خمسة اثنان بالنهار واثنان بالليل وواحد لا يفارقه ليلا ولا نهارا فثبت بهذا ان افعال الناس وأقوالهم سواء كانوا مؤمنين او كافرين مضبوطة مكتوبة للالزام عليهم يوم القيامة وان المكر والحيلة لا مدخل له فى تخليص الإنسان من مكروه بل قد قالوا إذا أدبر الأمر كان العطب فى الحيلة فمن ظن نجاته فى المكر كان كثعلب ظن نجاته فى تحريك ذنبه وانما المنجى هو القدم وهو هاهنا العمل الصالح بعد الايمان الكامل والعاقل يتدارك حاله قبل وقوع القضاء [علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد] قال زياد وليس العاقل الذي يحتال للامر إذا وقع فيه ولكن العاقل الذي يحتال للامور حذرا ان يقع فيها: قال السعدي قدس سره تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب كنون كرد بايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور گردد كتاب والاشارة فى الآية وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً اى اذقناهم ذوق توبة او انابة او صدق طلب او وصول الى بعض المقامات او ذوق كشف وشهود مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ وهو الفسق والفجور والأخلاق الذميمة وحجب أوصاف البشرية وصفات الروحانية إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا باظهارها مع غير أهلها للشرف بين الناس وطلب الجاه والقبول عند الخلق واستتباعهم والرياسة عليهم وجذب المنافع منهم قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً اى اسرع فى إيصال مجازاة مكرهم إليهم باستدراجهم من تلك المقامات والمكرمات الى دركات العبد وتراكم الحجب من حيث لا يعلمون إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى غير خاف علينا قدر مراتب مكرهم فنجازيهم على حسب ما يمكرون كما فى التأويلات النجمية وقد رؤى من اهل هذه الطريقة كثير ممن مشى على الماء والهواء وطويت له الأرض ثم رد الى حاله الاولى وقد يمشى المستدرج على الماء والهواء وتزوى له الأرض وليس عند الله بمكان لانه ليست عنده هذه المراتب نتائج مقامات محمودة وانما هى نتائج مقامات مذمومة قامت به ارادة الحق سبحانه ان يمكر به فى ذلك الفعل الخارق للعادة وجعله فتنة عليه وتخيل انه انما أوصله إليها ذلك الفعل الذي هو معصية شرعا وانه لولاه ما وقف على حقيقة ما اتفق له هذا وغفل المسكين عن موازنة نفسه بالشريعة نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فيستمر على ذلك الفعل كذا فى مواقع النجوم: قال الحافظ قدس سره

[سورة يونس (10) : آية 22]

زاهد ايمن مشو از بازئ غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست وقل من تخلص من العقبات ألا ترى ان الواصل قليل بالنسبة الى المنقطع ولا بد فى قطعها من مرشد كامل ومؤدب حاذق: وفى المثنوى در پناه شير كم نايد كباب ... روبها تو سوى جيفه كم شتاب [1] چون گرفتى پيرهن تسليم شو ... همچوموسى زير حكم خضر رو [2] هُوَ اى الله تعالى الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ من التسيير والتضعيف فيه للتعدية يقال سار الرجل وسيرته انا وهو بالفارسية [برفتن آوردن] والمعنى [مى راند وقدرت مى دهد در قطع مسافت شما را] فِي الْبَرِّ على الاقدام وظهر الدواب من الخيل والبغال والحمير والإبل وَالْبَحْرِ على السفن الكبيرة والصغيرة المعبر عنهما بالفارسية [كشتى وزورق] وفيه اشارة الى ان المسير فى الحقيقة هو الله تعالى لا الريح فان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى ومن عرف ذلك وقطع الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها تحقق بحقائق توحيد الافعال والا بقي فى الشرك الخفي: قال السعدي قدس سره قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وگر ناخدا جامه بر تن درد : وقال الحافظ قدس سره من از بيگانگان ديگر ننالم ... كه با من هر چهـ كرد آن آشنا كرد حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ غاية لقوله يسيركم فى البحر فان قيل غاية الشيء تكون بعده والحال ان السير فى البحر يكون بعد الكون فى الفلك قلنا ليس الغاية مجرد الكون فى الفلك بل هى الكون فى الفلك مع ما عطف عليه من قوله وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها فان هذا المجموع بعد السير فى البحر وَجَرَيْنَ اى الفلك لانه جمع مكسر بمعنى السفن وتغييره تقديرى بناء على ان ضمته كضمة اسد جمع اسد وضمة مفرده كضمة قفل بِهِمْ اى بالذين فيها والالتفات فى بهم للمبالغة فى التقبيح والإنكار عليهم كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويحملهم على الإنكار والتقبيح بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ لينة الهبوب موافقة لمقصدهم وَفَرِحُوا بِها بتلك الريح لطيبها وموافقتها جاءَتْها اى تلقت الريح الطيبة واستولت عليها من طرف مخالف لها فان الهبوب على وفقها لا يسمى مجيئا لريح اخرى عادة بل هو اشتداد للريح الاولى رِيحٌ عاصِفٌ يقال عصفت الريح اى اشتدت فهى ريح عاصف اى شديدة الهبوب ولم يقل عاصفة لاختصاص الريح بالعصوف فلا حاجة الى الفارق وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ وهو ما ارتفع من الماء مِنْ كُلِّ مَكانٍ اى من امكنة مجيئ الموج عادة ولا بعد فى مجيئه من جميع الجوانب ايضا إذ لا يجب ان يكون مجيئه من جهة هبوب الريح فقط بل قد يكون من غيرها بحسب اسباب تتفق واليه مال الكاشفى حيث قال: يعنى [از چپ وراست و پيش و پس] وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ اى هلكوا فان ذلك فى الهلاك وأصله احاطة العدو بالحي دَعَوُا اللَّهَ بدل من ظنوا بدل اشتمال لان دعاءهم ملا بس لظنهم الهلاك ملابسة الملزوم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ

[سورة يونس (10) : آية 23]

من غير ان يشركوا به شيأ من آلهتهم فان اخلاص الدين والطاعة له تعالى عبارة عن ترك الشرك وهذا الإخلاص ليس مبنيا على الايمان بل جار مجرى الايمان الاضطراري وقيل المراد بذلك الدعاء قولهم اهيا شراهيا فان تفسيره يا حى يا قيوم وهذان الاسمان من أوراد البحر كما سبق فى تفسير آية الكرسي لَئِنْ أَنْجَيْتَنا اللام موطئة للقسم على ارادة القول اى دعوا حال كونهم قائلين والله لئن أنجيتنا مِنْ هذِهِ الورطة لَنَكُونَنَّ البتة بعد ذلك ابدا مِنَ الشَّاكِرِينَ لنعمك التي من جملتها هذه النعمة المسئولة وهى نعمة الانجاء وذلك باتباع أوامرك والاجتناب عن مساخطك لا نكفر نعمتك بعبادة غيرك فَلَمَّا أَنْجاهُمْ مما غشيهم من الكربة اجابة لدعائهم والفاء للدلالة على سرعة الاجابة إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ اى فاجأوا الفساد فيها وسارعوا الى ما كانوا عليه من التكذيب والشرك والجراءة على الله تعالى وزيادة فى الأرض للدلالة على شمول بغيهم لاقطارها بِغَيْرِ الْحَقِّ اى حال كونهم ملتبسين بغير الحق قال الكاشفى [تأكيدست يعنى فساد ايشان بغير حق است هم باعتقاد ايشان چهـ ميدانند كه در ان عمل مبطلند] فيكون كما فى قوله تعالى وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقد سبق فى سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ الباغون إِنَّما بَغْيُكُمْ الذي تتعاطونه وهو مبتدأ خبره قوله تعالى عَلى أَنْفُسِكُمْ اى وباله راجع عليكم وجزاؤه لا حق بكم لا على الذين تبغون عليهم وان ظن كذلك مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا نصب على انه مصدر مؤكد لفعل مقدر بطريق الاستئناف اى تتمتعون متاع الحياة الدنيا أياما قلائل فتفنى الحياة وما يتبعها من اللذات وتبقى العقوبات على اصحاب السيئات هر كه او بد ميكند بى شبهه با خود ميكند ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فى يوم القيامة لا الى غيرنا فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا على الاستمرار من البغي وهو وعيد بالجزاء كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم وفى الآية الكريمة إشارات. منها ان الفلك نعمة من الله تعالى إذ قد يحتاج الناس الى عبور البحر به ولذا امتن الله عليهم بالتسيير فى البحر قال فى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء كذا قاله الجمهور وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال انتهى وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يرفعه الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا تركب البحر الا حاجا او معتمرا او غازيا فى سبيل الله فان تحت البحر نار او تحت النار بحرا) قوله فان تحت البحر نارا اشارة الى ان راكبه متعرض للآفات المهلكة كالنار. وقوله وتحت النار بحرا أراد به تهويل امر البحر وخوف الهلاك منه كما يخاف من ملامسة النار وان اختيار ذلك لغرض من الأغراض الفانية سفه وجهل لان فيه تلف النفس وبذل النفس لا يجمل الا فيما يقرب العبد الى الله وهذا الحديث يدل على وجوب ركوب البحر للحج والجهاد إذا لم يجد طريقا آخر ومن ركب البحر وأصابه نصب ومشقة كدوران الرأس وغثيان المعدة وغير ذلك فله اجر شهيد ان كان يمشى الى طاعة الله كالغزو والحج وطلب العلم

وزيارة الأقارب واما التجار فان لم يكن طريق سوى البحر وكانوا يتجرون للقوت لا لجمع المال فهم داخلون فى هذا الاجر. والغريق له اجر شهدين. أحدهما لقصد ما فيه طاعة. وثانيهما للاغراق وفى الحديث (حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج وغزوة فى البحر خير من عشر غزوات فى البر ومن فاته الغزو معى فليغز فى البحر) يقول الفقير واما الصوم فعلى عكس ذلك والله اعلم لان الصوم فى البحر سهل حيث لا يشتهى الطبع الطعام لاجل الدوران والغثيان بخلافه فى البر وقوة الاجر بكثرة التعب وكذا الغزو فى البر سهل بالنسبة الى البحر لسعة الأرض وإمكان التحفظ من العدو وقوة المزاج ولم يكن ذلك فى البحر قيل لبحار ما اعجب ما رأيت من عجائب البحر قال سلامتى منه ونعم ما قيل بدريا در منافع بي شمارست اگر خواهى سلامت در كنارست: قال السعدي قدس سره سود دريا نيك بودى گر نبودى بيم موج صحبت كل خوش بدى گر نيستى تشويش خار- لطيفة- ركب نحوى سفينة فقال للملاح أتعرف النحو قال لا قال ذهب نصف عمرك فهاجت الريح واضطربت السفينة فقال الملاح أتعرف السباحة قال لا قال ذهب كل عمرك: وفى المثنوى محو مى بايد نه نحو اينجا بدان گر تو محوى بى خطر در آب ران آب دريا مرده را بر سر نهد ور بود زنده ز دريا كى رهد چون بمردى تو ز أوصاف بشر بحر اسرارت نهد بر فرق سر اى كه خلقان را تو خر مى خوانده اين زمان چون خر برين يخ مانده ومنها ان البغي والفساد والتعصب والعناد وكفران نعمة رب العباد انما هو من نسيان العهد مع الله ذى الامداد ونتيجة النسيان والإصرار على الآثام المؤاخذة والانتقام وفى الحديث (ثنتان يعجلهما الله فى الدنيا البغي وعقوق الوالدين) وفى الحديث (لا تمكر ولا تغن ما كرا ولا تبغ ولا تعن باغيا ولا تنكث ولا تعن ناكثا) فالبغاة من القضاة والولاة لا يجوز اعانتهم فى امر من الأمور الا فى اجراء الاحكام الشرعية فقد ورد (من أعان ظالما سلطه الله عليه) وفى الحديث (ما من عبد ولاه الله امر رعيته فغشهم ولم ينصح لهم ولم يشفق عليهم الا حرم الله عليه الجنة) : قال السعدي قدس سره رعيت چوبيخند سلطان درخت درخت اى پسر باشد از بيخ سخت مكن تا توانى دل خلق ريش وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش گر انصاف پرسى بداختر كسست كه در راحتش رنج ديگر كسست نماند ستمكار بد روزگار بماند برو لعنت پايدار ومنها ان لكل عمل صورة حقيقية بها يظهر فى النشأة الآخرة فان كان خيرا فعلى صورة حسنة وان كان شرا فعلى صورة قبيحة وهذه الصور المختلفة برزت فى هذه النشأة على خلاف ما هى عليه فى الآخرة ولذا استحسن العصاة المعاصي واستحلوها وان كانت سموما قاتلة واستكرهوا الطاعات ووجدوها مرة المذاق وان كانت معاجين نافعة فالبغى برز فى هذه الدار بصورة

[سورة يونس (10) : آية 24]

مشتهاة عند البغاة لتمتعهم به من حيث أخذ المال والتشفي من الأعداء ونحو ذلك وسينبئهم الله بأعمالهم اى يظهر هالهم على صورها الحقيقية فيرون ان الأمر على خلاف ما ظنوا إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى حالها العجيبة وسميت الحال العجيبة مثلا تشبيها لها بالمثل السائر فى الغرابة كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ اى اختلط بسبب المطر نبات الأرض واشتبك بعضه فى بعض وكثف مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ حال من النبات اى كائنا مما يأكل الناس من الزروع والبقول وَالْأَنْعامُ من الحشيش حَتَّى غاية للاختلاط باعتبار الجزاء الذي هو إتيان الأمر الإلهي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها زينتها وحسنها وَازَّيَّنَتْ بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها فالارض استعارة بالكناية حيث شبهت بالعروس واثبت لها ما يلائم العروس وهو أخذ الزينة وهو قرينة الاستعارة بالكناية. وقوله وازينت ترشيح وأصله تزينت فادغمت التاء فى الزاى فاجتلبت همزة الوصل لضرورة تسكين الزاى عند الإدغام وَظَنَّ أَهْلُها اى اهل تلك الأرض أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها متمكنون من حصدها ورفع غلتها أَتاها أَمْرُنا جواب إذا قال الكاشفى [ناگاه آمد بدان زمين عذاب ما يعنى فرمان ما بخرابى آن زمين در رسيد] لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها اى زروع تلك الأرض وسائر ما عليها فالمضاف محذوف للمبالغة حَصِيداً شبيها بما حصد من أصله كَأَنْ لَمْ تَغْنَ زروعها اى لم تنبت بِالْأَمْسِ وهو مثل فى الزمان القريب وليس المراد أمس يومه كأنه قيل لم تغن آنفا ويقال للشئ إذا فنى كان لم يغن بالأمس اى كأن لم يكن وهو من باب علم يقال غنى بالمكان إذا اقام به والجملة حال من مفعول جعلناها كَذلِكَ الكاف صفة مصدر محذوف اى مثل ذلك التفصيل البديع نُفَصِّلُ الْآياتِ القرآنية التي من جملتها هذه الآيات المنبهة على احوال الحياة الدنيا اى نوضحها ونبينها لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى تضاعيفها ويقفون على معانيها وتخصيص تفصيلها بهم لانهم المنتفعون بها واعلم ان التشبيه الواقع فى هذه الآية تشبيه مركب وان دخل الكاف على المفرد وهو الماء لانه شبهت الهيئة المنتزعة من اجتماع الحياة وبهائها وسرعة انقضائها بعد اغترار الناس بها بالهيئة المنتزعة من اجتماع خضرة الأرض ونضارتها وانعدامها عقيبها بآفة سماوية ومشيئة آلهية بنگر بآنكه روى زمين فصل نوبهار ... مانند نقش خامه ما نى مزينست وقت خزان ببرك رياحين چوبنگرى ... منصف شوى كه لائق بر باد دادنست وقال بعضهم مثلت الحياة الدنيا بالماء لان الماء يتغير بالمكث فكذا المال بالإمساك اى يصير مذموما عند البخل: كما قال فى المثنوى مال چون آبست وتا باشد روال ... فيضها يابند از واهل جهان چند روزى چون كند يكجا درنگ ... كنده وبيحاصلست وتيره رنگ يقول الفقير من البخل ايضا حبس الكتب ممن يطلبها للانتفاع بها لا سيما مع عدم التعدد لنسخها الذي هو أعظم اسباب المنع والوعيد المذكور فى قوله عليه السلام (من كتم علما يعلمه

[سورة يونس (10) : آية 25]

الجم يوم القيامة بلجام من نار يشمل ما ذكرنا كما فى المقاصد الحسنة. وقد رأينا فى زماننا من يمنع الكتب عن المستحقين ويحبس بعض الثياب فى الصندوق الى ان يبلى ويفنى لا يلبس ولا يبيع ولا يهب ولو قلت فيه لقال انى ورثته من ابى او أمي فاحفظه تبركا فانظر الى هذا الجهل الذي لا يغنى عنه شيأ وقال بعضهم فى وجه المماثلة المطر إذا نزل بقدر الحاجة نفع وإذا جاوز حد الاعتدال ضر فكذا المال إذا كان قدر ما يندفع به الضرورة ويحصل به مقاصد الدين والدنيا كان نافعا وإذا كان زائدا على قدر الحاجة صار موجبا لارتكاب المعاصي ووسيلة للتفاخر على الأداني والأقاصي قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى توانگرى كشدت سوى عجب ونخوت وناز ... خوشست فقر كه دارد هزار سوز ونياز وقال بعضهم [چون باران بنهال گل رسد لطافت وطراوت او بيفزايد و چون بخار بن گذرد حدت وشوكت او زيادت كند مال دنيا نيز چون بمصلح رسد صلاح او بيفزايد] (كما فى الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح) [واگر بدست مفسد افتد مايه فساد وعناد او روى بازدياد نهد] كما ان العلم النافع سيف قاطع لصاحبه فى قتل الهوى والعلم الغير النافع سبب لقطع طريق صاحبه عن الحق فما احسن الاول وما أقبح الثاني وقال بعضهم [چون آب باران بزمين رسد قرار نگيرد وبلكه باطراف وجوانب روان گردد مال دنيا نيز يكجا قرار نگيرد بلكه هر روز در دست ديگرى باشد وهر شب با يكى عقد مواصلت بندد نه عهد او را وفايى ونه وفاى او را بقائي] كنج أمان نيست درين خاكدان ... مغز وفا نيست درين استخوان كهنه سراييست بصد جا كرو ... كهنه واندر كرو نوبنو وسئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الدنيا فقال (دنياك ما يشغلك عن ربك) أقول ان الدنيا كالامّ تربى الناس كالاولاد فمن اشتغل بالأم كالطفل عن المعلم بقي جاهلا وصار كأنه اتخذها صنما لنفسه يعبده ومن اشتغل بالمعلم عن الام صار عالما وتخلص من عبادة الهوى ووصل الى المقصود. فذم الدنيا انما هو بحسب اشتغاله عن الله تعالى لا بحسب نفسها. قيل حد الدنيا من القاف الى القاف وقال اهل التحقيق حدها فى الحقيقة من مقعر الكرسي الى تحت الثرى فما يتعلق بعالم الكون والفساد فمن حد الدنيا فالسموات والأرضون وما فيهما من عالم الكون والفساد يدخل فى حد الدنيا واما العرش والكرسي وما يتعلق بهما من الأعمال الصالحة والأرواح الطيبة والجنة وما فيها فمن حد الآخرة عصمنا الله وإياكم من التعلق بغيره أيا كان وشرفنا بالتجرد التام عن عالم الإمكان وَاللَّهُ اسم للذات الاحدية جامع لجميع الأسماء والصفات ومن ثمه توسل به بعضهم الى دخول عالم الحقيقة وقال رجل للشبلى قدس سره لم تقول الله ولا تقول لا اله الا الله فقال أخشى ان أوخذ فى وحشة الجحد يَدْعُوا الناس جميعا على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى ألسنة ورثته الكمل الذين اتبعوه قولا وفعلا وحالا من الدار التي أولها البكاء وأوسطها العناء وآخرها الفناء إِلى دارِ السَّلامِ اى الى دار السلامة من كل مكروه وآفة وهى الجنة أولها العطاء وأوسطها الرضاء وآخرها

اللقاء- حكى- ان بعض ملوك الأمم السالفة بنى مدينة وتأنق وتغالى فى حسنها وزينتها ثم صنع طعاما ودعا الناس اليه واجلس أناسا على ابوابها يسألون كل من خرج هل رأيتم عيبا فيقولون لا حتى جاء أناس فى آخر الناس عليهم اكسية فسألوهم هل رأيتم عيبا فقالوا عيبين اثنين فحبسوهم ودخلوا على الملك فاخبروه بما قالوا فقال ما كنت ارضى بعيب واحد فائتونى بهم فادخلوهم عليه فسألهم عن العيبين ما هما فقالوا تخرب ويموت صاحبها فقال أفتعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها قالوا نعم فذكروا له الجنة ونعيمها وشوقوه إليها وذكروا النار وعذابها وخوفوه منها ودعوه الى عبادة الله تعالى فاجابهم الى ذلك وخرج من ملكه هاربا تائبا الى الله تعالى والله يدعو آمده آزادى زندانيان ... زندانيان غمگين شده گويى بزندان ميكشى شاهان سفيهانرا همه در بند زندان ميكشند ... تو از چهـ از زندان شان سوى گلستان ميكشى وفى الحديث (ما من يوم تطلع فيه الشمس الا وبجنبيها ملكان يناديان بحيث يسمع كل الخلق الا الثقلين ايها الناس هلموا الى ربكم والله يدعو الى دار السلام) والمقصود الى العمل المؤدى الى دخول الجنة ولذا قال بعض المشايخ أوجب الله عليك وجود طاعته فى ظاهر الأمر وما أوجب عليك بالحقيقة إلا دخول جنته إذ الأمر آيل إليها والأسباب عدمية وانما احتاجوا الى الدعوة والإيجاب إذ ليس فى أكثرهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة بخلاف اهل المروءة والمحبة والوفاء فانه لو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية وراعوا ما يجب ان يراعى من حرمة الربوبية ويجوز ان يكون المعنى الى دار الله تعالى فان السلام اسم من أسمائه سبحانه والاضافة للتشريف كبيت الله ومعنى السلام فى حقه تعالى انه سلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وأفعاله من الشر وفى حق العبد انه سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلم من الآثام والمحظورات جوارحه ولن يوصف بالسلام والإسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده. او المعنى الى دار يسلم الله تعالى والملائكة على من يدخلها او يسلم بعضهم على بعضهم يقول الفقير دار السلام اشارة الى دار القلب السليم الذي سلم من التعلق بغير الله تعالى ومن دخلها كان آمنا من التكدر مطلقا بشئ من الأمور المكروهة صورة وصارت النار عليه نورا وقد قيل جنة معجلة وهى جنة المعارف والعلوم وجنة مؤجلة وهى الموعودة فى دار القرار والجنة مطلقا دار السلامة لاولياء الله تعالى وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته منهم إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل إليها وهو الإسلام والتزود بالتقوى عم بالدعوة لاظهار الحجة وخص بالهداية لاستغنائه عن الخلق وهذا العموم والخصوص فى سماع الدعوة وقبولها بالنسبة الى من كان له سمع كالعموم والخصوص فى رؤية المسك وشمه بالاضافة الى من كان له بصر فرب رائى مزكوم ليس له الا الرؤية وكذا رب سامع ليس له من القبول شىء فمن تعلقت بهدايته ارادة الحق تعالى يسرت أسبابه وطوى له الطريق وحمل على الجادة فالداعى اولا وبالذات هو الله تعالى وثانيا وبالعرض هو الأنبياء ومن اتبعهم على الحق اتباعا كاملا والمدعو هو الناس والمدعو اليه هو الجنة وكذا الهادي

هو الله والمهدى بالهداية الخاصة هو الخواص والمهدى اليه هو الصراط المستقيم ومشيئته تعالى إرادته وهى صفة قديمة اتصفت بها ذاته تعالى كعلمه وقدرته وكلامه وسائر صفاته ويسمى متعلقها المراد المعبر عنه بالعناية فمن سأل بلسان الاستعداد كونه مظهرا للجلال امسك فى هذه النشأة عن اجابة الدعوة ومن سأل كونه مظهرا للجمال اسرع للاجابة والله تعالى يعطى كل شىء ما يستعده وهذه المشيئة والسؤال لا بد فى توفيقهما من قوة الحال: قال الحافظ درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم مى دهند مى رويم واعلم ان قبول الدعوة لا بد فيه من علامة وهى التزهد فى الدنيا والسلوك الى طريق الفردوس الأعلى والتوجه الى الحضرة العليا ألا ترى الى ابن أدهم خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا أو أرنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي وهى من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن والانتباه الصوري اى من المنام مثال للانتباه القلبي اى من الغفلة فالقاعدون فى مقامات طبائعهم ونفوسهم كمن بقي فى النوم ابدا واليه الاشارة بقوله تعالى فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ والسالكون هم المنتبهون من رقدة هذه الغفلة واليه الاشارة بقوله تعالى وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو اللائح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال قال فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ يدعو الله ازلا وابدا عباده الى دار السلام وهى العدم صورة ظاهرا وعلم الله وصفته معنى وحقيقة وانما سمى العدم والعلم دار السلام لان العدم كان دارا قد سلم المعدوم فيها من آفة الاثنينية والشركة مع الله فى الوجود وهى دار الوحدانية وايضا لان السلام هو الله تبارك وتعالى والعلم صفته القائمة بذاته فالله تعالى بفضله وكرمه يدعو عباده ازلا من العدم الى الوجود ومن العلم وهو الصفة الى الفعل وهو الخلق ويدعوهم ابدا من الوجود الى العدم ومن الفعل الى العلم يدعوهم الى الوجود بالنفخة وهى قوله تعالى وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ويدعوهم من الوجود الى العدم والعلم بالجذبة وهى قوله تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ ولمادعى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالجذبة الى علم الله الأزلي الابدى قال (قد علمت ما كان وما سيكون) وذلك لانه صار عالما بعلم الله تعالى لا بعلم نفسه وهو سر قوله تعالى عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وانما علمه ذلك حين قال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى فاعلم بعلم الله الذي دعيت بالجذبة اليه ان لا اله فى الوجود الا الله فان العلم الإلهي محيط بالوجود كله قال قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً فانت بعلمه محيط بالوجود كله فتعلم حقيقة ان ليس فى الوجود اله غير الله انتهى يقول الفقير المتلقف من فم حضرة الشيخ سلمه الله تعالى ان الانتباه الصوري اشارة الى يقظة القلب ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الإلهي فحاله من الانتباه الى هنا اشارة الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت والدخول فى عالم

[سورة يونس (10) : الآيات 26 إلى 30]

الملكوت ثم الانتقال الى الركوع اشارة الى عبوره من عالم الملكوت الى عالم الجبروت ثم الانتقال الى السجدة اشارة الى عبوره من عالم الجبروت والوصول الى عالم اللاهوت وهو مقام الفناء الكلى وعند ذلك يحصل الصعود الى وطنه الأصلي العلوي فالانتقالات تصعد فى صورة التنزل ثم القيام من السجدة اشارة الى حالة البقاء فانه رجوع الى القهقرى وفيه تنزل فى صورة التصعد والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الصفات اى الذات الواحدية والسجدة مقام أو أدنى وهو مقام الذات الاحدية ومن هذا التفصيل عرفت ما فى التأويلات من الصعود والهبوط مرة بالدعوة من العلم الى الوجود ومرة بالدعوة من الوجود الى العلم فاذا لم يقطع السالك عقبات العروج والنزول فهو ناقص وفى برزخ بالنسبة الى من قطعها كلها وتلك العقبات هى تعينات الأجسام والأرواح والعلم والعين على حسب تفصيل المراتب فيها فانظر الى قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تجد الاشارة الى ان الهوية الذاتية لا يمسها الا المطهرون من دنس تعلق كل تعين روحانيا كان او جسمانيا والله المعين قال فى التأويلات وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فلما جعل الله دعوة الخلق من العلم الى الفعل ومن الوجود الى العدم والعلم عامة جعل الهداية بالمشيئة الى العلم وهى الصراط المستقيم خاصة يعنى هو يهديهم بالجذبة الكاملة الى علمه القديم بمشيئته الازلية خاصة وهذا مقام السير فى الله بالله انتهى كلامه لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا أعمالهم اى عملوها على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله (ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) يقول الفقير العبادة على وجه رؤية الله تعالى وشهوده والحضور معه لا تكون إلا بعد غيبوبة الغير عن القلب وارتفاع ملاحظته جدا فيأول المعنى الى قولنا للذين أخلصوا أعمالهم عن الرياء وقلوبهم عن غير الله تعالى الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى فى اللغة تأنيث الأحسن والعرب تطلق هذا اللفظ على الخصلة المرغوب فيها وَزِيادَةٌ اى وما يزيد على تلك المثوبة تفضلا لقوله تعالى وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ فالمثوبة ما أعطاه الله فى مقابلة الأعمال والزيادة ما أعطاه الله لا فى مقابلتها والكل فضل عندنا وقيل الحسنى مثل حسناتهم والزيادة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف واكثر جمهور المحققين على ان الحسنى الجنة والزيادة اللقاء والنظر الى وجه الله الكريم وفى الحديث (إذا دخل اهل الجنة الجنة يقول الله تعالى تريدون شيأ أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف لهم الحجاب فما اعطوا شيأ أحب إليهم من النظر الى ربهم ثم تلاهذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) رواه مسلم والترمذي والنسائي فان قيل لم سمى الله الرؤية زيادة والجنة الحسنى والنظر الى وجهه اكبر من الجنة والزيادة فى الدنيا تكون اقل من رأس المال قيل المراد بالزيادة فى الآية الزيادة الموعودة والموعودة الجنة فالزيادة هاهنا ليست من جنس المزيد عليه وهى الجنة ودرجاتها فالزيادة من العزيز الأكبر اكبر وأعز كما ان الرضوان من الكريم الأجود اكبر وأجل وفى الخبر (ان اهل الجنة إذا رأوا الحق نسوا نعيم الجنة) وهذه الرؤية بعين الرأس واما فى الدنيا فبعين العين لغير نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق عند قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ الآية وانما تحصل بارتفاع الموانع وهى حجب التعينات جسمانية او روحانية: قال الحافظ

[سورة يونس (10) : آية 27]

جمال يار ندارد نقاب و پرده ولى ... غبار ره بنشان تا نظر توانى كرد وذلك لان الله تعالى ليس بمحجوب لانه لوحجبه شىء لستره وهو ليس فى جهة ولا مكان وانما المحجوب أنت ولو أزال الحق الحجاب عنا وشاهدناه نسينا الكون وما فيه كما ينسى اهل الجنة نعيمها عند التجلي فكان يفوت آن التعبد الشرعي ولذا لا نشاهد الحق فى دار الدنيا لانها مقام التكليف وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ اى لا يغشاها. وبالفارسية [پوشيده نكرداند رويهاى بهشتيانرا] قَتَرٌ غبرة فيها سواد والقتر أشد من الغبار وَلا ذِلَّةٌ اى اثر هوان وكسوف بال والغرض من نفى هاتين الصفتين نفى اسباب الخوف والحزن والذل عنهم ليعلم ان نعيمهم الذي ذكره الله خالص لا يشوبه شىء من المكروهات وانه لا يتطرق إليهم ما إذا حصل بغير صفحة الوجه ويزيل ما فيها من النضارة والحسن. والجملة مستأنفة لبيان امنهم من المكاره اثر بيان فوزهم بالمطالب والثاني وان اقتضى الاول الا انه ذكر اذكارا بما ينقذهم الله منه برحمته وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام ببيان ان المصون من الرهق اشرف أعضائهم أُولئِكَ [آن كروه محسنان] أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ بلا زوال دائمون بلا انتقال وفى التأويلات النجمية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ اى للذين عاملوا الله على مشاهدته فان الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه الحسنى وهى شواهد الحق والنظر اليه وزيادة والزيادة مازاد على النظر بالوصول الى العلم الأزلي مجذوبا من انانيته الى هويته بافناء الناسوتية فى اللاهوتية وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ اى لا يصيبهم غبار الحجاب وَلا ذِلَّةٌ وجود يقتضى الاثنينية أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ جنة السير فى الله هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون فى السير بجذبات العناية وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ اى ارتكبوا الشرك والمعاصي وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها والجزاء مصدر من المبنى للمفعول والباء فى بمثلها متعلقة بجزاء. والمعنى وجزاء الذين كسبوا السيئات ان يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها كما يزاد فى الحسنة قال فى الكشاف فى هذا دليل على ان المراد بالزيادة الفضل لانه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله ودل ثمة بإثبات الزيادة على المثوبة على فضله انتهى يقول الفقير تبعه على هذا جمهور المفسرين ولكن تفسير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق أحق بان يتبع ويرجح ويقدم على الكل ولا مانع من ان يراد بالزيادة الفضل واللقاء فان اللقاء الذي هو أفضل الكرامات إذا حصل فلأن يحصل ما هو دونه من الفضل والتضعيف اظهر وَتَرْهَقُهُمْ [وبپوشد ايشانرا] إذا عاينوا النار ذِلَّةٌ [خوارى ورسوايى يعنى آثار مذلت بر ايشان هويدا كردد] وفى اسناد الرهق الى أنفسهم دون وجوههم إيذان بانها محيطة بهم غاشية لهم جميعا ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ اى لا يعصمهم أحد من سخطه تعالى وعذابه ولا يمنعه كَأَنَّما أُغْشِيَتْ ألبست. وبالفارسية [كوييا پوشيده شده است] وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ لفرط سوادها وظلمتها مُظْلِماً حال من الليل والعامل فيه معنى الفعل اى قطعا كائنة من الليل فى حال كونه مظلما: يعنى [سياه كردد رويهاى ايشان از غم واندوه چون شب تيره] وقطعا بفتح الطاء جمع قطعة مفعول ثان لأغشيت وقرئ

[سورة يونس (10) : آية 28]

قطعا بسكون الطاء وهو مفرد اسم للشئ المقطوع فحينئذ يصح ان يكون مظلما صفة له لتطابقهما فى الافراد والتذكير أُولئِكَ [آن كروه كه كاسب سيآتند] يعنى مشركان ومنافقان أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ اعلم ان دخول الجنة برحمة الله تعالى وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالأعمال وخلودهم بالنيات. يعنى ان المؤمن لما كانت نيته فى الدنيا ان يعبد الله ابدا ما عاش وكذا الكافر لما كانت نيته عبادة الأصنام ابدا ما عاش جوزى كل أحد بتأبيد النية واصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة ما عذبهم الله شرعا نسأل الله لنا ولك وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الأعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى قال ابو العباس الأقليشي لم أجد فى مقدار بقاء العصاة فى النار حدا فى صحيح الآثار غير ان الغزالي ذكر فى الاحياء حال عصاة الموحدين فقال ان بقاء العاصي فى النار لحظة وأكثره سبعة آلاف عام لما ورد به الاخبار انتهى يقول الفقير لعل الحكمة فى ذلك كون تلك المدة عمر النوع الإنساني فاقتضى التشديد فى التربية بقاءه فى النار تلك المدة فالظاهر ان تلك السنين انما هى باعتبار سنى الآخرة التي كل يوم منها الف سنة كما فى حق الكفرة الا ان يتفضل الله تعالى على المؤمنين والله اعلم. وعذاب كل عاص كيفية وكمية انما هو على حسب حجابه كيفية وكمية ألا ترى الى قوله تعالى كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً فانه باعتبار توجههم الى السفليات وهى الصفات الحيوانية والسبعية والشيطانية ظلمات بعضها فوق بعض نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الذين انتقلوا من معادنهم الطينية وخرجوا من رعونة البشرية والتحقوا بالعالم الأعلى وكل من صفت جوهرته ولطف معناه يكون هكذا بخلاف من انكدرت جوهرته وكشف معناه فلا بد لك من ان تضرم على النفس نار المجاهدة وتلقيها فى ابواط الرياضة فان الرجال الانجاد رضى الله عنهم ما اشتغلوا بتدبير جسومهم من حيث الشهوات وانما اشتغلوا بنفوسهم ان يخلصوها من رعونة الطبع حتى يلحقوها بعالمها ألا ترى سهلا التستري وهو من رؤساء هذا الطريق وساداته لما قيل له ما القوت فقال ذكر الحي الذي لا يموت قيل له هذا قوت الأرواح فما قوت الأشباح فقال دع الديار الى بانيها ان شاء عمرها وان شاء خربها فما احرم عبدا لم يوفقه الله لتخليص جوهرته نعوذ بالله من الحرمان: وفى المثنوى اين رياضتهاى درويشان چراست ... كان بلا بر تن بقاى جانهاست «1» مردن تن در رياضت زند كيست ... رنج اين تن روح را پايند كيست پس رياضت را بجان شو مشترى ... چون سپردى تن بخدمت جان برى «2» وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ يوم منصوب على المفعولية بفعل مضمر اى انذرهم او ذكرهم وضمير نحشرهم لكلا الفريقين الذين أحسنوا والذين كسبوا السيئات لانه المتبادر من قوله جَمِيعاً حال من الضمير اى مجتمعين لا يشذ منهم فريق ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا اى نقول للمشركين من بينهم مَكانَكُمْ نصب على انه فى الأصل ظرف لفعل أقيم مقامه لا على انه اسم فعل وحركته حركة بناء كما هو رأى الفارسي اى الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان خبر دادن خروس از مرك خواجه (2) در اواخر دفتر سوم در بيان دعا كردن موسى عليه السلام جهة سلامتى ايمان آن شخصى

[سورة يونس (10) : الآيات 29 إلى 30]

أَنْتُمْ تأكيد للضمير المنتقل اليه من عامله لسده مسده وَشُرَكاؤُكُمْ عطف عليه فَزَيَّلْنا من زلت الشيء عن مكانه ازيله أي أزلته والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية لان ثلاثيه متعد بنفسه وهذا التزييل وان كان مما سيكون يوم القيامة الا انه لتحقق وقوعه صار كالكائن الآن فلذلك جاء بلفظ الماضي بعد قوله نحشر ونقول اى ففرقتا بَيْنَهُمْ وبين الآلهة التي كانوا يعبدونها وقطعنا العلائق والوصل التي كانت بينهم فى الدنيا فخابت أعمالهم وانصرمت عرى اطماعهم وحصل لهم اليأس الكلى من حصول ما كانوا يرجونه من جهتهم والحال وان كانت معلومة لهم من حين الموت والابتلاء بالعذاب لكن هذه المرتبة من اليقين انما حصلت عند المشاهدة والمشافهة وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ التي كانوا يعبدونها ويثبتون الشركة لها وهم الملائكة وعزير والمسيح وغيرهم ممن عبدوه من اولى العلم. وقيل الأصنام ينطقها الله الذي انطق كل شىء ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ مجاز عن براءة الشركاء من عبادة المشركين حيث لم تكن تلك العبادة بامر الشركاء وإرادتهم وانما الآمر بها هو اهواؤهم والشياطين فالمشركون انما عبدوا فى الحقيقة أهواءهم وشياطينهم الذين أغووهم فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فانه العالم بكنه الحال إِنْ مخففة من ان واللام فارقة كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لنا لَغافِلِينَ والغفلة عبارة عن عدم الارتضاء وإلا فعدم شعور الملائكة بعبادتهم لهم غير ظاهر وهذا يقطع احتمال كون المراد بالشركاء الشياطين كما قيل فان ارتضاءهم باشراكهم مما لا ريب فيه وان لم يكونوا مجبرين لهم على ذلك كذا فى الإرشاد وهذا بالنسبة الى كون المراد بالشركاء ذوى العلم واما ان كان المراد الأصنام فمن أعظم اسباب الغفلة كونها جمادات لا حس لها ولا شعور البتة هُنالِكَ ظرف مكان اى فى ذلك المقام الدهش او فى ذلك الوقت على استعارة ظرف المكان للزمان تَبْلُوا من البلوى والاختبار. فى الفارسية [بيازمودن] اى تختبر وتذوق كُلُّ نَفْسٍ مؤمنة كانت او كافرة سعيدة او شقية ما أَسْلَفَتْ اى قدمت من العمل فتعاين نفعه وضره واما ما عملت من حالها من حين الموت والابتلاء بالعذاب فى البرزخ فامر مجمل وَرُدُّوا الضمير للذين أشركوا على انه معطوف على زيلنا وما عطف عليه وقوله تعالى هُنالِكَ تَبْلُوا إلخ اعتراض فى أثناء المقرر لمضمونها إِلَى اللَّهِ اى جزائه وعقابه فان الرجوع الى ذاته تعالى مما لا يتصور مَوْلاهُمُ ربهم الْحَقِّ اى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا قال الشيخ فى تفسيره مولاهم الحق اى الذي يتولى ويملك أمرهم حقيقة ولا يشكل بقوله وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ لان المعنى فيه المولى الناصر وفى الاول المالك وَضَلَّ عَنْهُمْ وضاع اى ظهر ضياعه وضلاله لا انه كان قبل ذلك غير ضال او ضل فى اعتقادهم الجازم ايضا ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان آلهتهم تشفع لهم او ما كانوا يدعون انهم شركاء الله واعلم ان اكثر ما اعتمد عليه اهل الايمان يتلاشى ويضمحل عند ظهور حقيقة الأمر يوم القيامة فكيف ما استند اليه اهل الشرك والعصيان- كما حكى- ان الجنيد قدس سره رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال طاحت تلك الإشارات وفنيت تلك العبارات وأبيدت تلك الرسوم وغابت تلك العلوم وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها فى السحر

[سورة يونس (10) : الآيات 31 إلى 35]

هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود ثم ان الآية الشريفة اشارت الى ان النفس انما تعبد الهوى ولا محراب لها فى توجهها الا ما سوى المولى قال بعض السادة رحمه الله تحت الجبال بالاظافر أيسر من زوال الهوى إذا تمكن وكما لا يحب الله العمل المشترك بالالتفات لغيره نفسا كان او غيرها كذا لا يحب القلب المشترك بمحبة غيره من شهوة او غيرها قال محمد بن حسان رحمه الله بينا انا أدور فى جبل لبنان إذ خرج على شاب قد أحرقته السموم والرياح فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وقلت عظنى بكلمة انتفع بها قال احذره فانه غيور لا يحب ان يرى فى قلب عبده سواه قال ابن نجيد رحمه الله لا يصفو لاحد قدم فى العبودية حتى يكون أفعاله كلها عنده رياء وأحواله كلها عنده دعاوى وانما يفتضح المدعون بزوال الأحوال: وفى المثنوى چون بباطن بنگرى دعوى كجاست ... او ودعوى پيش آن سلطان فناست : وقال الحافظ قدس سره حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زر دوز وبوريا بافست فعلى العبد ان يفنى عن جميع الأوصاف ويغتسل عن كل الأوساخ وينقطع عن التشبث بكل حجر وشجر فان الظفر انما هو بعناية الله خالق القوى والقدر ونعم ما قال بعضهم استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون وفى التأويلات النجمية وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً اى اجتماع أرواح الإنسان وحقائق الأشياء التي يعبدون من دون الله مثل الدنيا والهوى والأصنام ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ اى نخاطب أرواح المشركين بان قفوا مكانكم الذي اخترتم بالجهل بعد ان كنتم فى علو المكان أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ اى انزلوا أنتم وشركاؤكم الى المكان السفل وهو مكان شركائكم إذا تعلقتم بهم فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ اى فرقنا بين المشركين وشركائهم بان نعذب المشركين بعذاب البعد والطرد عن الحضرة والم المفارقة وحسرة ابطال استعداد المواصلة ولا نعذب الشركاء بهذه العقوبات لعدم استعدادهم فى قبول كمال القرب وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ بل كنتم تعبدون هواكم لانه ما عبد فى الأرض اله ابغض الا بالهوى فلهذا قال عليه الصلاة والسلام (ما عبد فى الأرض اله ابغص على الله من الهوى) وقال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فيما شاهد إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ اى كنا فى غفلة عن ذوق عبادتكم إيانا وحظها ومشربها بل كان الحظ والمشرب والذوق لهواكم فى استيفاء اللذات والشهوات والتمتعات الدنيوية والاخروية عند عبادتنا بلا شعور منا بخلاف عبادة الله فان فى عبادة الله رضاه وشعوره بها ومنه المدد والتوفيق وعليه الجزاء والثواب هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ اى فى ذلك الحال تبتلى كل نفس ما قدمت من التعلقات بالأشياء والتمسكات بها وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ فى الحكم والقرب والبعد واللذة والألم مَوْلاهُمُ الْحَقِّ اى متوليهم فى ذلك هو الله اى فى اذاقة اللذات من القرب والألم من البعد لا غيره من الشركاء وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ان للشركاء اثرا فى القربة والشفاعة انتهى ما فى التأويلات النجمية قُلْ للمشركين احتجاجا على حقيقة التوحيد وبطلان الشرك مَنْ يَرْزُقُكُمْ [كيست كه شما را

[سورة يونس (10) : الآيات 32 إلى 33]

روزى ميدهد] مِنَ السَّماءِ [از آسمانكه باران مى باراند] وَالْأَرْضِ [واز زمين كه كياه مى روياند] أَمَّنْ أم منقطعة لانه لم يتقدمها همزة استفهام ولا همزة تسوية وتقدر هناببل وحده دون الهمزة بعدها كما فى سائر المواضع لانها وقع بعدها اسم استفهام صريح وهو من فلا حاجة الى الهمزة وبل إضراب انتقال من الاستفهام الاول الى استفهام آخر لا إضراب ابطال إذ ليس فى القرآن ذلك. والمعنى بالفارسية [آيا كيست كه] يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ اى يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة او من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من ادنى شىء يصيبهما. وكان على رضى الله عنه يقول سبحان من بصر بشحم واسمع بعظم وانطق بلحم ولما كانت حاجة الإنسان الى السمع والبصر اكثر من حاجته الى الكلام خلق الله له أذنين وعينين ولسانا واحدا وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ اى من ينشئ الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان وكذا من يخرج الطائر من البيضة ويخرج البيضة من الطائر وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ اى امر جميع العالم علويا كان او سفليا روحانيا او جسمانيا فَسَيَقُولُونَ بلا تأخير اللَّهُ يفعل ما ذكر من الأفاعيل لا غيره إذ لا مجال للمكابرة لغاية وضوحه فَقُلْ عند ذلك تبكيتا لهم أَفَلا تَتَّقُونَ اى أتعلمون ذلك فلا تتقون عقابه باشراككم به الأصنام فَذلِكُمُ اللَّهُ الذي يفعل هذه الأشياء هو رَبُّكُمُ الْحَقُّ اى الثابت ربوبيته لا ما أشركتم معه. فقوله فذلكم مبتدأ والجلالة صفته وربكم الحق خبره ويجوز ان يكون الجلالة خبره وربكم بدل منه والاشارة محمولة على التجوز لاستحالة تعلق الاحساس به تعالى فَماذا يجوز ان يكون الكل اسما واحدا قد غلب فيه الاستفهام على اسم الاشارة وان يكون موصولا بمعنى الذي اى ما الذي بَعْدَ الْحَقِّ اى غيره بطريق الاستعارة اى ليس غير التوحيد وعبادة الله تعالى إِلَّا الضَّلالُ الذي لا يختاره أحد وهو عبادة الأصنام وانما سميت ضلالا مع كونها من اعمال الخوارج باعتبار ابتنائها على ما هو ضلال من الاعتقاد والرأى فَأَنَّى تُصْرَفُونَ استفهام إنكاري بمعنى انكار الوقوع واستبعاده والتعجب اى كيف تصرفون من التوحيد وعبادة الله الى الإشراك وعبادة الأصنام الذي هو ضلال عن الطريق الواضح: قال السعدي قدس سره ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كين ره كه تو ميروى بتركستانست فقد نبه الله على ضلالهم على لسان رسوله عليه السلام وهو الهادي الى طريق الحق والصواب والفارق بين اهل التصديق والارتياب: قال الصائب اقف نميشوند كه كم كرده اند راه ... تا رهروان برهنمايى نمى رسند كَذلِكَ الكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف والاشارة بذلك الى المصدر المفهوم من الحق فى قوله ربكم الحق اى كما حقت الربوبية لله تعالى حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ حكمه وقضاؤه. يعنى [واجب شد عذاب الهى] عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا اى تمردوا فى كفرهم وخرجوا عن حد الاستصلاح أَنَّهُمْ تعليل لحقية تلك الكلمة والأصل لانهم لا يُؤْمِنُونَ

[سورة يونس (10) : الآيات 34 إلى 35]

فالكفر اذاهم الى العذاب فان كل نتيجة مبنية على المقدمات والأسباب. والقمح لا ينبت من الزوان ولا يثمر الثمر أم غيلان قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ البدء بالفارسية [ابتدا كردن] اى يخلق الخلق اولا ثم يعيده بعد الموت ولما كانوا مقرين بالبدء ومنكرين للاعادة عنادا ومكابرة امر صلى الله تعالى عليه وسلم بان يبين لهم من يفعل ذلك فقيل له قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ اى هو يفعلهما لا غير كائنا من كان فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ اى كيف تصرفون وتقلبون عن قصد السبيل والاستفهام إنكاري قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ ولو كانت الهداية بوجه من الوجوه فان ادنى مراتب العبودية هداية المعبود لعبدته الى ما فيه صلاح أمرهم وهدى كما يستعمل بكلمة الى لتدل على انتهاء ما قبلها الى مدخولها كذلك يستعمل باللام التعليلية لتدل على ان الهداية لا تتوجه نحو ما دخل عليه اللام الا لاجل ان تؤدى اليه ويترتب هو عليها كما هو شأن العلة والمعلل بها وقد جمع بين التعديتين فى هذه الآية قُلِ اللَّهُ يَهْدِي من يشاء لِلْحَقِّ دون غيره بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب والتوفيق للنظر الصحيح والتدبر الصائب فان العقول مضطربة والافكار مختلطة وتعيين الحق صعب ولا يسلم من الغلط الا الأقل من القليل فالاهتداء لادراك الحقائق لا يكون الا باعانة الله وهدايته وإرشاده أَفَمَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ هو الله تعالى أَحَقُّ أَنْ اى بان يُتَّبَعَ والمفضل عليه محذوف اى ممن لا يهدى أَمَّنْ لا يَهِدِّي بكسر الهاء وتشديد الدال أصله لا يهتدى وادغم وكسر الهاء لالتقاء الساكنين اى لا يهتدى فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يُهْدى الا حال هدايته تعالى له الى الاهتداء فان قلت الأصنام جمادات لا تقبل الهداية فكيف يصح ان يقال فى حقها الا ان يهدى وايضا كلمة من تستعمل فى ذوى العقول دون الجمادات فلا يليق ان يقال فى حقها أم من لا يهدى قلت هذا اى انتفاء الاهتداء الا ان يهدى حال اشراف شركائهم كالملائكة والمسيح وعزير عليهم السلام فهذا بيان لفساد مذهب من يتخذ العقلاء الذين يقبلون الهداية أربابا بعد ما بين فساد مذهب مطلق اهل الشرك من عبدة الأوثان وغيرها بقوله قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ الآية فانه لا شك ان المراد بالشركاء فيه ما يتناول الأصنام وغيرها وقال فى التبيان الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يقدر على شىء فى نفسه الا ان يهدى يعنى يدخل ويخرج وينقل ويتصرف فيه والله تعالى جل عن ذلك وظاهر هذا الكلام يدل على ان الأصنام ان هديت اهتدت وليس كذلك لانها حجارة لا تهتدى الا انهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعقل ويفعل فَما لَكُمْ اى أي شىء لكم فى اتخاذكم هؤلاء شركاء لله تعالى كَيْفَ تَحْكُمُونَ بما يقضى صريح العقل ببطلانه وهو انكار لحكمهم الباطل حيث سوّوا بين من يحتاجون هم اليه وهو الله تعالى وبين من يحتاج هو إليهم وهو ما عبدوه من دون الله من الأصنام ولا مساواة بين القادر والعاجز جدا عجز وقدرت كه هر دو ضدانند ... عقل كركويدت كه يكسانند عجز بر خلق مى دراند پوست ... قادرى بر كمال حضرت اوست

[سورة يونس (10) : الآيات 36 إلى 42]

وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ فيما يعتقدون من ان الأصنام آلهة إِلَّا ظَنًّا من غير تحقيق وانما قلدوا فى ذلك آباءهم. وفيه اشعار بان بعضهم قد يتبعون العلم فيقفون على حقية التوحيد وبطلان الشرك لكن لا يقبلونه مكابرة وعنادا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي بى نياز نكرداند كسى را] مِنَ الْحَقِّ [از علم واعتقاد درست يعنى ظن وتخمين بجاى حق ويقين نتواند] شَيْئاً من الإغناء فيكون مفعولا مطلقا ويجوز ان يكون مفعولا به ومن الحق حالا منه فمعنى لا يغنى حينئذ لا ينوب وقال بعضهم ان الظن بان الأصنام شفعاء لا يدفع عنهم العذاب فقولهم بانها شفعاء باطل محض مبنى على خيال فاسد وظن واه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ وعيد على اتباعهم للظن واعراضهم عن البرهان. وفى الآية دلالة على وجوب العلم فى الأصول وعدم جواز الاكتفاء بالتقليد: وفى المثنوى وهم افتد در خطا ودر غلط ... عقل باشد در أصابتها فقط «1» كشتئ بي لنكر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر «2» لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى در يوزه كن از عاقلان وقد نادى قوله تعالى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ على كونهم محرومين من كمال العقل فان العاقل بالعقل الكامل لا يتبع الباطل والجهل بل الحق والعلم وكون الآباء على صفة الشرك لا ينهض حجة فان الله تعالى قد خلق الناس وهداهم الى تمييز الخير والشر بتركيب العقل فيهم فالاتباع ليس الا الى الهدى وكما ان المشركين ضلوا عن طريق الشريعة بتقليد الجهلة فكذا السالكون ضلوا عن طريق الحقيقة بتقليد الغفلة قال بعض الكبار أوصيكم بوصية لا يعرفها الا من عقل وجرب ولا يهملها الا من غفل فحجب وهو ان لا تأخذوا فى هذا العلم مع متكبر ولا صاحب بدعة ولا مقلد. اما الكبر فانه عقال عن فهم الآية والعبر. واما البدعة فتوقع صاحبها فى البلايا الكبار. واما التقليد فعقال يمنع من الظفر وبلوغ الوطر ثم ان ما وصل المرء اليه بنور العقل والبرهان فالعلم المكسوب بالعقل بمنزلة الظن والتخمين عند ارباب اليقين والحق الذي لا غاية وراءه وراء طور العقل وما يلى ظاهر القلب هو الايمان وما يلى باطنه هو الإيقان قال بعض العارفين إذا كان الايمان فى ظاهر القلب كان العبد محبا للآخرة والدنيا وكان مرة مع الله ومرة مع نفسه فاذا دخل الايمان باطن القلب ابغض العبد دنياه وهجر هواه والوصول الى هذه المرتبة لا يكون الا بجذبة الهية وبصحبة مرشد كامل: قال الحافظ من بسر منزل عنقانه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم ومن شرائطه الاحتراز عن صحبة خلاف الجنس فانها مؤثرة وما ضاع من ضاع الا بمساعدة الهوى والقعود مع اهل الإنكار فقد ظهر الحق وحقيقة الحال وماذا بعد الحق الا الضلال نسأل الله المتعال ان يوفقنا للاجتهاد الى وقت الارتحال وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ مع ما فيه من دلائل الاعجاز من حسن نظمه ومعانيه الدقيقة وحقائقه الجامعة أَنْ يُفْتَرى فى محل النصب على انه خبر كان اى افتراء اى مفترى يفترى به على الله وسمى بالمصدر مبالغة والافتراء فى الأصل افتعال من فريت الأديم إذا قدرته للقطع ثم استعمل فى الكذب مِنْ دُونِ اللَّهِ

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه هر چهـ غفلت وكاهلى إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان مثل زدن در رميدن كره اسب إلخ

[سورة يونس (10) : الآيات 38 إلى 39]

خبر آخر اى صادرا من دون الله لانه لا يتكلم بمثله الا الله وَلكِنْ كان تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى مصدقا لما تقدمه من الكتب الالهية بسبب كون مضمونه مطابقا لمضمون تلك الكتب فيما أخبر به من اصول الدين وقصص الأولين ظهر فى يد من لم يمارس شيأ من العلوم ويجالس علماء تلك الكتب فاذا كان ما جاء به مطابقا لها يعلم انه ليس افتراء بل من الله تعالى وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ من كتب بمعنى فرض وقدر وحكم اى وتفصيل ما حقق واثبت من الحقائق والشرائع وفى التأويلات النجمية اى تفصيل الجملة التي هى المقدر المكتوبة فى الكتاب الذي عنده لا يتطرق اليه المحو والإثبات لانه ازلى أبدى كما قال يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ يعنى فى اللوح المحفوظ وهو مخلوق قابل التغير وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ يعنى الأصل الذي لا يقبل التغير وهو علمه القائم بذاته القديم لا رَيْبَ فِيهِ خبر ثالث داخل فى حكم الاستدراك اى منتفيا عنه الريب. يعنى [از ظهور حجت ووضوح دلالت بمثابه ايست كه هر كه درو ادنى تأملى كند زريب باز استد وداند كه بشبه در ومجال نيست] مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ خبر آخر تقديره كائنا من رب العالمين فهو وحي نازل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من عنده تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة. والمعنى بل أيقولون كفار مكة افتراه محمد والهمزة لانكار الواقع واستبعاده وجوز الزمخشري ان تكون للتقرير لالزام الحجة قُلْ لهم ان كان الأمر كما تقولون فَأْتُوا أنتم على وجه الافتراء والأمر من باب التعجيز والقام الحجر بِسُورَةٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم وقوة المعنى فانكم مثلى فى العربية والفصاحة وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به ليعاونكم على إتيان مثله ان لم يف عقل الواحد والاثنين منكم فى استخراج ما يعارض القرآن مِنْ دُونِ اللَّهِ متعلق بادعوا ودون جار مجرى اداة الاستثناء اى ادعوا متجاوزين الله اى سواه تعالى من استطعتم من خلقه فانه لا يقدر عليه أحد إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افتراه أحد من المخلوقين يفتريه غيره لانه فوق كل ذى علم عليم فاذا عرفتم عجزكم حال الاجتماع وحال الانفراد عن هذه المعارضة فحينئذ يظهر ان نظمه وتنزيله ليس الا من قبل الله تعالى واعلم ان اعجاز القرآن اى جعله الغير عاجزا كونه فى غاية البلاغة ونهاية الفصاحة بحيث يصرف الناس عن قدرة معارضته لاعن نفس المعارضة مع القدرة بان عقد الله لسان البيان من بلغاء الزمان لطفا منه بنبيه وفضلا عليه كما توهمه البعض كذا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ اى سارعوا الى تكذيب القرآن قبل فهمه فان تكذيب الكلام قبل الإحاطة بمعانيه مسارعة اليه فى أول وهلة ومعنى الاضطراب فى بل ذمهم على التقليد وترك النظر كأنه قيل دع تحديهم وإلزامهم فانهم لا يستأهلون الخطاب لانهم مقلدون متهافتون فى الأمر لا عن خبر وتعقل ولو كان لهم وقوف على ما فى تضاعيف القرآن من شواهد الاعجاز لعلموا انه ليس مما يمكن ان يكون له نظير يقدر عليه المخلوق وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ عطف على الصلة او حال من الموصول اى لم يجئهم ما يأول اليه امره. والمعنى ان القرآن معجز من جهة النظم والمعنى ومن جهة الاخبار بالغيب وهم قد فاجأوا تكذيبه قبل ان يتدبروا نظمه

[سورة يونس (10) : الآيات 40 إلى 42]

وينتظروا وقوع ما اخبر به من الأمور المستقبلة التي يظهر بعضها فى الدنيا ويظهر بعضها فى الآخرة ليستدلوا بذلك على صحة القرآن وصدق قول النبي عليه السلام ونفى إتيان التأويل بكلمة لما الدالة على التوقع بعد نفى الإحاطة بعلمه بكلمة لم لتأكيد الذم وتشديد التشنيع فان الشناعة فى تكذيب الشيء قبل علمه المتوقع إتيانه افحش منها فى تكذيبه قبل علمه مطلقا والمعنى انه كان يجب عليهم ان يتوقفوا الى زمان وقوع المتوقع فلم يفعلوا كَذلِكَ اى مثل ذلك التكذيب الواقع من قومك كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أنبياءهم فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ فيه وعيد لهم بمثل ما عوقب به من قبلهم وانما وصفهم بالظلم لانهم وضعوا التكذيب فى موضع التصديق فكان مآل أمرهم الى ما اخبر به الكتب والأنبياء من العذاب والهلاك وَمِنْهُمْ اى من المكذبين مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ من يصدق بالقرآن فى نفسه ويعلم انه حق ولكنه يعاند وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ فى نفسه كما لا يؤمن به ظاهرا لفرط غباوته وقلة تدبره او منهم من سيؤمن به ويتوب عن كفره لكونه مستعدا لقبول الايمان ومنهم من لا يؤمن به فيما يستقبل بل يموت على كفره لعدم استعداده لقبوله وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ بالمعاندين او بالمصرين وانما وصفهم بالإفساد لانهم أفسدوا استعدادهم الفطري بالأعمال الفاسدة وَإِنْ كَذَّبُوكَ وان أصروا على تكذيبك بعد الزام الحجة فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ فتبرأ منهم فقد أعذرت اى بالغت فى العذر كقوله تعالى فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ والمعنى لى جزاء عملى ولكم جزاء عملكم حقا كان او باطلا وتوحيد العمل المضاف إليهم باعتبار الاتحاد النوعي ولمراعاة كمال المقابلة أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ تأكيد لما أفاده لام الاختصاص من عدم تعدى جزاء العمل الى غير عامله اى لا تؤاخذون بعملي ولا اؤاخذ بعملكم وعمله صرف الاستعداد الفطري فى استعمال العبودية لقبول فيض الربوبية وجزاؤه الجنة والوصلة وعملهم إفساد الاستعداد فى استيفاء اللذات والشهوات النفسانية وابطال القلب عن قبول الفيض الإلهي وجزاؤه النار والقطيعة وايضا عمله التصديق والإقرار وعملهم التكذيب والإنكار وكل بريئ من صاحبه فى الدنيا والآخرة لا يجتمعان ابدا لانه لا يجتمع الضب والنون فان الضب غذاؤه الهواء والنون غذاؤه الماء ولاحدهما وهو الضب القبض واليبوسة لانه برى ومن طبع التراب ذلك وللآخر وهو النون البسط والرطوبة لانه بحرىّ ومن طبع الماء ذلك: وفى المثنوى طوطيان خاص را قنديست ژرف ... طوطيان عام ازين خود بسته طرف «1» كى چشد درويش صورت زان نكات ... معنى است آن نى فعولن فاعلات از خر عيسى دريغش نيست قند ... ليك خر آمد بخلقت كه پسند بال بازان را سوى سلطان برد ... بال زاغان را بگورستان برد «2» وَمِنْهُمْ اى من المكذبين مَنْ اى ناس يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ عند قراءتك القرآن وتعليمك للشرائع بسمع الظاهر وفى سمع قلوبهم صمم من محبة الدنيا وشهواتها فان حب الشيء يعمى ويصم عن غيره أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الهمزة الاستفهامية انكارية والفاء

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى كه مرغى إلخ (2) در أوائل دفتر ششم در بيان بر تخت نشاند سلطان محمود غلام هندو را إلخ

[سورة يونس (10) : الآيات 43 إلى 47]

للعطف على مقدر والتقدير أيستمعون إليك فانت تسمعهم اى تقدر على أسماعهم وقد اصمهم الله بسوء أعمالهم والمنكر هو وقوع الاسماع لا الاستماع فانه امر محقق وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ اى ولو انضم الى صممهم عدم تعلقهم لان الأصم العاقل ربما تفرس إذا وصل الى صماخه صوت واما إذا اجتمع فقدان السمع والعقل جميعا فقدتم الأمر وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ بنظر الحس ويعائن دلائل نبوتك الواضحة وفى بصيرته عمى أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ جمع الأعمى اى عقيب ذلك أنت تهديهم وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ اى ولو انضم الى عدم البصر عدم البصيرة فان المقصود من الابصار هو الاعتبار والاستبصار والعمدة فى ذلك البصيرة ولذلك يحدس الأعمى المستبصر ويتفطن لما يدركه البصير الأحمق فحيث اجتمع فيهم الحمق والعمى فقد انسد عليهم باب الهدى فقد شبه الله المكذبين الذين أصروا على التكذيب بالأصم والأعمى من حيث ان شدة بغضهم وكمال نفرتهم عن رسول الله منعهم عن ادراك محاسن كلامه ومشاهدة دلائل نبوته كما يمنع الصمم فى الاذن عن ادراك محاسن الكلام ويمنع العمى فى العين عن مشاهدة محاسن الصورة وقرن عدم العقل بعدم السمع وبعدم البصر عدم الإدراك تفضيلا لحكم الباطن على الظاهر فلما بلغوا فى معرض العقل الى حيث لا يقبلون الفلاح والطبيب إذا رأى مريضا لا يقبل العلاج اعرض عنه ولا يستوحش من عدم قبوله للفلاح فقد وجب التبري منهم وعدم الانفعال من إصرارهم على التكذيب قال يونان وزير كسرى خمسة أشياء ضائعة. المطر فى الأرض السبخة. والسراج المشتعل فى ضوء الشمس. والمرأة الحسنة الصورة عند الرجل الأعمى. والطعام الطيب عند المريض. والرجل العاقل عند من لا يعرف قدره إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً [الله ظلم نكند بر مردمان هيچ چيز يعنى سلب نكند حواس وعقول ايشانرا] وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [ستم كنند بر نفسهاى خود وحس وعقل كه آلت ادراك آيات قدرتست در ملاهى استعمال نمايند ومنافع وفوائد آن بدركات از ايشان فائت كردد] چشم از براى ديدن آيات قدرتست ... گوش از پى شنيدن اخبار حضرتست هر كه كه حق نبيند وحق نشنود كسى ... كور وكرست بلكه از آن هم بتر بسى وفى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً بان لا يعطيهم استعداد الهداية وقبول فيض الايمان ثم يجبرهم على الهداية وقبول الايمان بل أعطاهم استعداد الهداية وقبول الايمان بفطرة الله التي فطر الناس عليها وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بإفساد الاستعداد الفطري فى مخالفات الأوامر والنواهي الشرعية انتهى. وفيه دليل على ان للعبد كسبا وانه ليس مسلوب الاختيار بالكلية كما زعمت الجبرية وان كل ما ابتلى به فانما اتى من جانبه: وفى المثنوى عاشق بوده است در ايام پيش ... پاسبان عهد اندر عهد خويش سالها در بند وصل ماه خود ... شاه مات ومات شاهنشاه خود عاقبت جوينده يابنده بود ... كه فرج از صبر زاينده بود

[سورة يونس (10) : آية 45]

كفت روزى يار او كامشب بيا ... كه به پختم از پى تو لوبيا در فلان حجره نشين تا نيم شب ... تا بيايم نيمشب من بى طلب مرد قربان كرد ونانها بخش كرد ... چون پديد آمد مهش از زير كرد شب دران حجره نشست آن كرم دار ... بر اميد وعده آن يار غار بعد نصف الليل آمد يار او ... صادق الوعدانه آن دلدار او عاشق خود را فتاده خفته ديد ... اندكى از آستين او دريد كرد كانى چندش اندر جيب كرد ... كه تو طفلى كير اين مى باز نرد چون سحر از خواب عاشق بر جهيد ... آستين وكردكانها را بديد كفت شاه ما همه صدق ووفاست ... آنچهـ بر ما مى رسد آن هم زماست خوابرا بگذار امشب اى پدر ... يك شبى بر كوى بى خوابان كذر بنكر اينها را كه مجنون كشته اند ... همچو پروانه بوصلت كشته اند أيقظنا الله وإياكم ونور محيانا ومحياكم ولا يجعلنا من الغافلين الضالين الظالمين آمين آمين وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ يوم منصوب بفعل مقدر والضمير لكفار مكة اى اذكر لهم يا محمد او انذرهم يوم يحشرهم الله ويجمعهم وهو يوم القيامة كَأَنْ مخففة اسمها محذوف اى كأنهم لَمْ يَلْبَثُوا لم يمكثوا فى الدنيا او فى القبور إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ اى شيأ قليلا منه فانها مثل فى غاية القلة وتخصيصها بالنهار لان ساعاته اعرف حالا من ساعات الليل والجملة التشبيهية حال من ضمير المفعول اى يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة استقصروا المدة لهول ما رأوا والإنسان إذا عظم خوفه ينسى الأمور الظاهرة [در تفسير زاهدى آورده كه معتزله در نفى عذاب قبر بدين آيت استدلال نموده كويند اگر كفار در قبر معذب بودندى مدتى بدين درازى ايشانرا ساعتى نه نمودى وجواب ميكويند كه اين صورت بسبب صعوبت اهوال وشدت احوال قيامتست كه مدت عذاب قبر در جنب آن يكساعت نمايد] يقول الفقير استقلوا مدة اللبث فى الدنيا لانهم كانوا فى النعيم صورة وأيامه تمضى كالرياح واستقلوا مدة المكث فى القبور لان عذابهم فيها كان على النصف بالنسبة الى عذاب الآخرة إذا التنعم البرزخى وكذا التألم على الروح والبدن البرزخى بخلاف التنعم والتألم الحشريين فافهم هداك الله قال فى التأويلات النجمية تشير الآية الى الخروج من مضيق عالم الأجسام الذي هو عالم الكون والفساد والتناهى الى متسع عالم الأرواح الذي هو عالم الكون بلا فساد وتناه فان مدة عمر الدنيا الفانية بالنسبة الى الآخرة الباقية ترى كساعة من نهار بل اقل من لحظة ثم اعلم ان الحشر يكون عاما وخاصا وأخص فالعام هو خروج الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور والحشر الخاص هو خروج أرواحهم الاخروية من قبور أجسامهم الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية لانهم ماتوا بالارادة عن صفات النفسانية قبل ان يموتوا بالموت عن صورة الحيوانية والحشر الأخص هو الخروج من قبور الانانية الروحانية الى هويته الربانية كما قال تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ يعرف

[سورة يونس (10) : الآيات 46 إلى 47]

بعضهم بعضا كما كانوا يعرفون فى الدنيا فكأنهم لم يتفارقوا بسبب الموت إلا مدة قليلة لا تؤثر فى زوال ذلك التعارف أول ما خرجوا من القبور ثم ينقطع التعارف إذا عاينوا العذاب ويتبرأ بعضهم من بعضهم وهو حال اخرى مقدرة لان التعارف بعد الحشر يكون قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ شهادة من الله على خسرانهم وتعجب منه اى قد غبن المكذبون بالحساب والجزاء وَما كانُوا مُهْتَدِينَ فى تجارتهم إذ باعوا الايمان بالكفر والتصديق بالتكذيب فلم يكونوا على نفع وقد مضى الوقت چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ أصله ان نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط اى ان نبصرنك بان نظهر لك بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب ونعجله فى حياتك كما أراه ببدر والجواب محذوف لظهوره اى فذاك هو المأمول وانا عليهم مقتدرون أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان نريك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ اى رجوعهم رجوعا اضطراريا فنريكه فى الآخرة وانا منهم منتقمون وهو جواب نتوفينك لان الرجوع انما يكون فى الآخرة بعد الموت فهو لا يصلح ان يكون جوابا للشرط وما عطف عليه ولان قوله تعالى فى حم الزخرف فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ يدل على ما ذكرنا والقرآن يفسر بعضه بعضا هكذا لاح ببال الفقير أصلحه الله القدير ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ اى مجاز على أفعالهم السيئة. ذكر الشهادة وأراد نتيجتها ومقتضاها ولذلك رتبها على الرجوع بثم الدالة على التراخي ولو كان المراد من الشهادة نفسها لم يصح الترتيب المذكور لانه تعالى شهيد على ما يفعلونه من التكذيب والمحاربة حال رجوعهم اليه تعالى وقبله وقال فى الكواشي ثم بمعنى الواو او لترتيب الاخبار نحو زيد قائم ثم هو كريم وليس التأخير عجزا بل للايذان بانه تعالى قادر عليهم فى كل آن وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم الماضية رَسُولٌ يبعث إليهم بشريعة خاصة مناسبة لاحوالهم ليدعوهم الى الحق فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ بالبينات فكذبوه قُضِيَ بَيْنَهُمْ اى بين كل امة ورسولها بِالْقِسْطِ بالعدل وحكم بنجاة الرسول والمؤمنين به وهلاك المكذبين وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى ذلك القضاء المستوجب لتعذيبهم لانه من نتائج أعمالهم يقول الفقير ان قلت يرد على ظاهر الآية زمان الفترة فانها بظاهرها ناطقة بانه لم يهمل امة قط ولم يبعث لاهل الفترة رسول كما يشهد عليه قوله تعالى لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قلت مساق الآية الكريمة على ان كل امة قضى لها بالهلاك قد انذروا اولا على لسان رسول من الرسل ولم يعذب اهل الفترة لان العرب لم يرسل إليهم رسول بعد إسماعيل غير رسول الله عليهما الصلاة والسلام فعذب أعقابهم ببدر وغيره لتكذيبهم رسول الله كما دل عليه قوله تعالى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وقد انتهت رسالة إسماعيل بموته كبقية الرسل لان ثبوت الرسالة بعد الموت من خصائص نبينا عليه السلام كما فى انسان العيون وبهذا ظهر بطلان قول ابن الشيخ فى حواشيه ان عموم الآية لا يقتضى ان يكون الرسول حاضرا مع كل واحدة منهم لان تقدم الرسول على بعض منهم لا يمنع من كونه رسولا الى ذلك البعض كما لا يمنع

[سورة يونس (10) : الآيات 48 إلى 54]

تقدم رسولنا عليه السلام من كونه مبعوثا إلينا الى آخر الابد انتهى واما كون اهل الفترة معذبين فى الآخرة أم لا فقد سبق فى اواخر سورة التوبة ثم الرسول يأتى بالوحى الظاهر والباطن ووارث الرسول يأتى بالوحى الباطن وهو الإلهام الإلهي وكل ما جاز وقوعه للانبياء من المعجزات جاز للاولياء مثله من الكرامات والله تعالى لا يحكم بين العباد الا بعد مجيئ رسولهم بالظاهر والباطن فان صدقوه قضى بينهم بالسعادة على قدر تصديقهم وان كذبوه قضى بينهم بالشقاوة على قدر تكذيبهم هر كسى از همت والاى خويش ... سود دارد در خور كالاى خويش فعليك بالصدق والتصديق فى حق الأنبياء والأولياء واتباع ما جاؤا به من الوحى والإلهام لتظفر بكل مرام وَيَقُولُونَ استبعادا واستهزاء [آورده اند كه بعد از نزول واما نرينك الآية كفار مكة استعجال عذاب موعود نمودند اين آيت نازل شد] مَتى هذَا الْوَعْدُ بالعذاب فليأتنا عجلة إِنْ كُنْتُمْ اى أنت واتباعك صادِقِينَ فانه يأتينا قُلْ لا أَمْلِكُ لا اقدر لان الملك يلزمه القدرة لِنَفْسِي ضَرًّا بان ادفعه وَلا نَفْعاً بان اجلبه فكيف املك لكم فاستعجل فى جلب العذاب إليكم إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء منقطع اى لكن ما شاء الله كائن فالله هو المالك للضر والنفع وهو لم يعين لوعده زمانا ثم اخلف فاذا حضر الوقت فانه لا بد وان يقع الموعود كما قال لِكُلِّ أُمَّةٍ ممن قضى بينهم وبين رسولهم أَجَلٌ معين خاص بهم لا يتعدى الى امة اخرى مضروب لعذابهم جزاء على تكذيبهم رسلهم يحل بهم عند حلوله إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ اى زمانهم الخاص المعين فَلا يَسْتَأْخِرُونَ اى لا يتأخرون عن ذلك الاجل وصيغة الاستقبال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له ساعَةً اى شيأ قليلا من الزمان وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون عليه فلا يستعجلون فسيحين وقتكم وينجز وعدكم وهو عطف على يستأخرون لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه فى نفسه كالتأخر بل للمبالغة فى انتفاء التأخر بنظمه فى سلك المستحيل عقلا قُلْ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني لان الرؤية سبب للاخبار إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ الذي تستعجلون به بَياتاً اى وقت بيات واشتغال بالنوم أَوْ نَهاراً حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ جواب للشرط بحذف الفاء فان جواب الشرط إذا كان استفهاما لا بد فيه من الفاء الا فى الضرورة اى أي شىء ونوع من العذاب يستعجلونه وليس شىء من العذاب يستعجل به لمرارته وشدة أصابته فهو مقتص لنفور الطبع منه او أي شىء يستعجلون منه سبحانه والشيء لا يمكن استعجاله بعد إتيانه والمراد به المبالغة فى انكار استعجاله بإخراجه عن حيز الإمكان وتنزيله فى الاستحالة منزلة استعجاله بعد إتيانه بناء على تنزيل تقرر إتيانه ودنوه منزلة إتيانه حقيقة والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الإنكار ببيان مباينة حالهم للاستعجال فان حق المجرم ان يهلك فزعا من إتيان العذاب فضلا عن استعجاله أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ دخول حرف الاستفهام على ثم لانكار التأخر وما مزيدة. اى قل لهم ابعد ما وقع العذاب وحل بكم حقيقة آمنتم به حين

[سورة يونس (10) : الآيات 52 إلى 54]

لا ينفعكم الايمان آلْآنَ بابدال الهمزة الثانية الفا مع المد اللازم وأصله أألان على ان تكون الاولى استفهامية وهو منصوب بآمنتم المقدر دون المذكور لان ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده كالعكس وهو استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت القول الملقن اى قيل لهم عند ايمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به إنكارا للتأخير وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ اى تكذيبا واستهزاء ثُمَّ قِيلَ عطف على ما قدر قبل آلآن لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى وضعوا التكذيب موضع التصديق والكفر موضع الايمان ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ [عذاب جاويدى كه آن دائم بود] وذلك انهم يعذبون فى قبورهم ثم يصيرون الى جهنم فيعذبون فيها ابدا نپندارى كه بد كو رفت وجان برد ... حسابش با كرام الكاتبين است هَلْ تُجْزَوْنَ اليوم يعنى لا تجزون إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ فى الدنيا من الكفر والمعاصي وفيه تنبيه على ان العذاب لم يصدر منه تعالى ابتداء فانه لم يخلق عباده الا ليرحمهم بل هو نتيجة عملهم الباطل بمنزلة الهلاك المترتب على تناول السم چرا ز غير شكايت كنم كه همچوحباب ... هميشه خانه خراب هواى خويشتنم وَيَسْتَنْبِئُونَكَ اى يستخبرونك فيقولون على طريق الاستهزاء والإنكار أَحَقٌّ هُوَ والهمزة للاستفهام وحق خبر قدم على المبتدأ الذي هو الضمير والجملة فى موضع النصب بيستنبئونك لان انبأ بمعنى اخبر يتعدى الى اثنين بنفسه والأشهر ان يتعدى الى الثاني بكلمة عن بان يقال استنبأت زيدا عن عمرو اى طلبت منه ان يخبرنى عن عمرو قُلْ لهم غير ملتفت الى استهزائهم بانيا للامر على أساس الحكمة إِي وَرَبِّي اى بكسر الهمزة وسكون الياء من حروف الإيجاب بمعنى نعم فى القسم خاصة كما ان هل بمعنى قد فى الاستفهام خاصة فالواو للقسم. والمعنى بالفارسية [آرى بحق پروردگار من] إِنَّهُ اى العذاب الموعود لَحَقٌّ ثابت البتة وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ربكم حين أراد تعذيبكم حتى يفوتكم العذاب بالهرب فهو لا حق بكم لا محالة وفى الآية اشارة الى ان اهل الغفلة لاحتجاب بصائرهم بحجب التعلقات الكونية ليس الأمور الاخروية عندهم بمنزلة المحسوس واما اهل اليقظة فلتنورهم بنور الله تعالى يشاهدون بعين القلب الآخرة وأهوالها كما تشاهد عين القالب الدنيا وأحوالها فهى عندهم بمنزلة المحسوس بل النبي عليه السلام قد عبر ليلة المعراج على الجنة والنار فشاهد ما شاهد بعين الرأس وكشف حقائق الأشياء ولذا حكم على الموعود بالحقية وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ أشركت صفة نفس ما فِي الْأَرْضِ اى فى الدنيا من خزائنها وأموالها لَافْتَدَتْ بِهِ اى جعلته فدية لها من العذاب وبذلته مقابلة نجاتها من افتداه بمعنى فداه اى اعطى فداءه وَأَسَرُّوا اى النفوس المدلول عليها بكل نفس وإيثار صيغة جمع المذكر لحمل لفظ النفس على الشخص او لتغليب ذكور مدلوله على إناثه النَّدامَةَ على ما فعلوا من الظلم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ والمعنى اخفوها ولم يظهروها عند معاينة العذاب عجزا عن النطق لكمال الحيرة كمن يذهب به ليصلب فانه يبقى مبهوتا لا ينطق بكلمة وفى

[سورة يونس (10) : الآيات 55 إلى 59]

الكواشي وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ أظهروها لانه ليس بيوم تصبر قال فى التبيان الاسرار من الاضداد وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى أوقع القضاء والحكم بين الظالمين من المشركين وغيرهم من اصناف اهل الظلم بان اظهر الحق سواء كان من حقوق الله او من حقوق العباد من الباطل وعومل اهل كل منهما بما يليق به بِالْقِسْطِ بالعدل وَهُمْ اى الظالمون لا يُظْلَمُونَ فيما فعل بهم من العذاب بل هو من مقتضيات ظلمهم ولوازمه الضرورية كذا فى الإرشاد وقال القاضي ليس تكريرا لان الاول قضاء بين الأنبياء ومكذبيهم والثاني مجازاة للمشركين على الشرك أَلا قال الامام كلمة ألا انما تذكر لتنبيه الغافلين واهل هذا العالم مشغولون بالنظر الى الأسباب الظاهرة فيضيفون الأشياء الى ملاكها الظاهرة المجازية فيقولون الدار لزيد والغلام لعمرو والسلطنة للخليفة والتصرف للوزير ونحو ذلك فكانوا مستغرقين فى نوم الجهل والغفلة حيث يظنون صحة تلك الإضافات فلذلك نادى الحق هؤلاء الناثمين بقوله ألا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه قد ثبت ان جميع ما سواه تعالى ممكن لذاته وان الممكن لذاته مستند الى الواجب لذاته اما ابتداء او بواسطة فثبت ان جميع ما سواه مملوك له تعالى يتصرف فيه كيفما يشاء إيجادا واعداما واثابة وعقابا وكلمة ما لتغلب غير العقلاء على العقلاء أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ اى ما وعده من الثواب والعقاب كائن لا خلف فيه فالوعد بمعنى الموعود والحق بمعنى الثابت والواقع ويجوز ان يكون بمعناه المصدري والحق بمعنى المطابق للواقع اى وعده بما ذكر مطابق للواقع وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لقصور عقلهم واستيلاء الغفلة عليهم والفهم بالافعال المحسوسة المعتادة لا يَعْلَمُونَ ذلك وانما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا فيقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون مانده در تنكناى اين مجلس ... غير دنيا نديده ديده حس چشم دل كو كه پردها بدرد ... جانب ملك آخرت نكرد مرغ او در قفس زبون باشد ... چهـ شناسد كه باغ چون باشد هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فى الدنيا من غير دخل لاحد فى ذلك وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فى الآخرة بالبعث والحشر وفى التأويلات النجمية هُوَ يُحيِي من العدم بالإيجاد وَيُمِيتُ من الوجود بالاعدام وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وجودا وعدما. انتهى وفى الآية اشارة الى انه لا بد من الرجوع وان كان اضطراريا ونعم ما قيل إذا جاء الموت لا ينفع العلم كما لم ينفع آدم ولا الخلة كما لم تنفع ابراهيم ولا القربة كما لم تنفع موسى ولا الملك كما لم ينفع داود وسليمان وذا القرنين ولا المحبة كما لم تنفع محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ولا المال كما لم ينفع قارون ولا الجنود كما لم تنفع نمرود ولا الجمال كما لم ينفع يوسف قيل فى الموت ستمائة الف واربعة وعشرون الف غم كل غم لو وضع على اهل الدنيا لماتوا منه وبعد الموت ثلاثمائة وستون هو لا كل هول أشد من الموت فمن عرف هذا بطريق اليقين جاهد الى ان تجد كل ذرة منه الم الموت فحينئذ لا يبقى للالم حين الفوت مجال أصلا لانه مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار ورجع الى المولى بنفسه وفنى عن جملة القيود والإضافات وبقي ببقاء الله تعالى فهذا يقال له موت النفس

[سورة يونس (10) : الآيات 57 إلى 58]

وحياة القلب أحيانا الله تعالى وإياكم. والموت بالاختيار حال الأحرار والموت بالاضطرار حال اهل الدناءة والأغيار والاول رجوع بوصال والثاني رجوع بفراق: وفى المثنوى اى برادر صبر كن بر درد نيش ... تا رهى از نيش نفس كبر خويش «1» هر كه مرد اندر تن او نفس كبر ... مرد را فرمان برد خرشيد وابر نى بگفتست آن سراج امتان ... اين جهان وآن جهان چون ضرتان «2» پس وصال اين فراق آن بود ... صحت اين تن سقام جان بود سخت مى آيد فراق اين مقر ... پس فراق آن مقردان سخت تر چون فراق آن نقش سخت آيد ترا ... تا ز سخت آيد ز نقاش جدا يا أَيُّهَا النَّاسُ نداء عام كما فى تفسير الكاشفى وخصصه فى الإرشاد بكفار مكة قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ هى التذكير بالعواقب سواء كان بالزجر والترهيب او بالاستمالة والترغيب اى كتاب مبين لما يجب لكم وعليكم مرغب فى الأعمال الحسنة منفر عن الافعال السيئة وهو القرآن مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بجاءتكم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ ودواء من امراض القلوب كالجهل والشك والشرك والنفاق وغيرها من العقائد الفاسدة وَهُدىً الى طريق الحق واليقين بالإرشاد الى الاستدلال بالدلائل المنصوبة فى الآفاق والأنفس وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حيث نجوا بمجىء القرآن من ظلمات الكفر والضلال وهذه المصادر وصف بها القرآن للمبالغة كأنه عينها زهى كلام تو محض هدايت وحكمت ... زهى پيام تو عين عنايت ورحمت كشد كمند كلام تو اهل عرفانرا ... ز شوره زار خساست بگلشن همت يقال القرآن موعظة للنفوس وشفاء للصدور وهدى للارواح. ويقال الموعظة للعوام والشفاء للخواص والهدى للاخص والرحمة للكل حيث أوصلهم الى مراتبهم قُلْ يا محمد للناس بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ عبارتان عن إنزال القرآن والباء متعلقة بمحذوف واصل الكلام ليفرحوا بفضل الله وبرحمته وتكرير الباء فى رحمته للايذان باستقلالها فى استيجاب الفرح ثم قدم الجار والمجرور على الفعل لافادة القصر ثم ادخل عليه الفاء لافادة معنى السببية فصار بفضله وبرحمته فليفرحوا ثم قيل فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا للتأكيد والتقرير ثم حذف الفعل الاول لدلالة الثاني عليه والفاء الاولى جزائية والثانية للدلالة على السببية والأصل ان فرحوا بشئ فبذلك ليفرحوا لا بشئ آخر ثم ادخل الفاء للدلالة على السببية ثم حذف الشرط وأشير بذلك الى اثنين اما لا تحادهما بالذات او بالتأويل المشهور فى اسماء الاشارة هُوَ اى ما ذكر من فضل الله ورحمته خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من الأموال الفانية قال بعض الكبار فضل الله إيصال إحسانه إليك ورحمته ما سبق لك منه من الهداية ولم تك شيأ فكأن الله تعالى يقول عبدى لا تعتمد على طاعتك وخدمتك واعتمد على فضلى ورحمتى فان رأس المال ذلك [هر كسى را سرمايه ايست وسرمايه مؤمنان فضل من وهر كسى را خزانه ايست وخزانه مؤمنان رحمت من]

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن قزوينى بر شانه كاه إلخ (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه آن شاهزاده آدمي زاده است إلخ

[سورة يونس (10) : آية 59]

گر شاه را خزانه نهادن بود هوس ... درويش را خزانه همين لطف دوست بس ولو كان فى جمع حطام الدنيا منفعة لا تنفع قارون قال مالك بن دينار كنت فى سفينة مع جماعة فنبه العشار ان يخرج أحد فخرجت فقال ما اخرجك فقلت ليس معى شىء فقال اذهب فقلت فى نفسى هكذا امر الآخرة فالعلائق قيد والتجرد حضور وراحة: قال الحافظ غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست أشار بهذا البيت الى الحرية عن جميع ما سوى الله تعالى فان العالم جسما او روحا عينا او علما مما يقبل التعلق لكن لما كان الف الناس بالمحسوس اكثر خص ما تحت الفلك الأرزق بالذكر اعلم ان الاتعاظ بالموعظة القرآنية يوصل العبد الى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية- حكى- ان ابراهيم بن أدهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله وموعظة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة ثم فى عبارة جاءَتْكُمْ اشارة الى ان حضرة القرآن تحفة من الله تعالى جسيمة وهدية منه عظيمة وصلت إلينا فلم يبق الا القبول وقبوله الائتمار باوامره والانتهاء عن نواهيه قال بعض القراء قرأت القرآن على شيخ لى ثم رجعت لا قرأ ثانيا فانتهرنى وقال جعلت القراءة على عملا اذهب فاقرأ على غيرى فانظر ماذا يأمرك وينهاك وماذا يفهمك كذا فى الاحياء: ونعم ما قيل نقد عمرش ز فكرت معوج ... خرج شد در رعايت مخرج صرف كردش همه حيات سره ... در قراءات سبع وعشره والمقصود من البيت انه يلزم بعد تحصيل قدر ما يتحصل به تصحيح الحروف ورعاية المخرج صرف باقى العمر الى الأهم وهو معرفة الله تعالى وهو متعلق القلب الذي هو اشرف من اللسان وسائر الأعضاء ومعرفة الله انما تحصل غالبا بالذكر ثم بالفكر بانكشاف حقائق الأشياء وحقائق القرآن فكما ان الله تعالى أيد النبي عليه السلام بجبريل فكذا أيد الولي بالقرآن وهو جبريل وعلم الشريعة يبقى هنا لان متعلقه على الفناء وانما يذهب الى الآخرة ثوابه بحسب العمل بالخلوص. واما علم الحقيقة فيذهب الى الآخرة لانه على البقاء وهو ازلى أبدى لا زوال له فى كل موطن ومقام كما أفاده لى حضرة شيخى وسندى قدس الله نفسه الزاكية ونفعنى وإياكم بعلومه النافعة قُلْ أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها المشركون ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ ما استفهامية منصوبة المحل بانزل سادة مسد المفعولين لأرأيتم جعل الرزق منزلا من السماء مع ان الأرزاق انما تخرج من الأرض اما لانه مقدر فى السماء كما قال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ ولا يخرج من الأرض الا على حسب ما قدر فيها فصار بذلك كأنه منزل منها أو لأنه انما يخرج من الأرض بأسباب متعلقة بالسماء كالمطر والشمس. والقمر فان المطر سبب الإنبات والشمس سبب النضج والقمر سبب اللون واللام للمنفعة فدلت على ان المراد منه ما حل فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ اى جعلتم بعضه حَراماً اى حكمتم بانه حرام وَحَلالًا اى وجعلتم

[سورة يونس (10) : الآيات 60 إلى 64]

بعضه حلالا اى حكمتم بحله مع كون كله حلالا. والمعنى أي شىء انزل الله من رزق فبعضتموه والمقصود الإنكار لتجزئتهم الرزق وذلك قولهم هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ وقولهم ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وهى البحيرة والسائبة والوصيلة والحام قُلْ لهم آللَّهُ [آيا خدا] أَذِنَ لَكُمْ فى ذلك الجعل فانتم فيه ممتثلون لأمره قائلون بالتحريم والتحليل بحكمه أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ فى نسبة ذلك اليه وفى الكواشي هذه الآية من ابلغ الزواجر عن التجوز فيما يسأل عنه من الحكم وباعثة على الاحتياط فيه ومن لم يحتط فى الحكم فهو مفتر انتهى قال على كرم الله وجهه «من افتى الناس بغير علم لعنته السماء والأرض» وسألت بنت على البلخي أباها عن القيء إذا خرج الى الحلق فقال يجب إعادة الوضوء فرأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لا يا على حتى يكون ملء الفم فقال علمت ان الفتوى تعرض على رسول الله فآليت على نفسى ان لا افتى ابدا وفى الآية اشارة الى انه لا يجوز للمرء ان يعتقد ويقول ان الرزق المعنوي من الواردات الالهية والشواهد الربانية حرام على ارباب النفوس وحلال على اصحاب القلوب وان تحصيل هذه السعادات ونيل هذه الكرامات ليس من شأننا وانما هو من شأن الأخيار الكبراء وخواص الأنبياء والأولياء فان هذا افتراء على الله فان الله تعالى ما خص قوما بالدعوة الى الدرجات والمقامات العلية بل جعل الدعوة عامة لقوله وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وقوله يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ فتحريمه هذا الرزق على نفسه من خساسة نفسه وركاكة عقله ودناءة همته والا فالله تعالى لم يسد عليه هذا الباب بل هو الفياض الوهاب: قال الحافظ عاشق كه شد كه يار بخالش نظر نكرد ... اى خواجه درد نيست وگر نه طبيب هست : وقال طالب لعل وكهر نيست وگر نه خورشيد ... همچنان در عمل معدن وكانست كه بود : وفى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... عاقبت جوينده يابنده بود وفى الحكم العطائية وشرحها من استغرب ان ينقذه الله من شهوته التي اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية ومن استعجزها فقد كفر أو كاد ودليل ذلك ان الله تعالى يقول وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً أبان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شىء وهذا أمس الأشياء وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلى ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ما استفهامية فى محل الرفع على الابتداء وظن خبرها ومفعولاه محذوفان وزيادة الكذب مع ان الافتراء لا يكون الا كذبا لاظهار كمال قبح ما افتعلوا وكونه كذبا فى اعتقادهم ايضا يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف لنفس الظن اى أي شىء ظنهم فى ذلك اليوم يوم عرض الافعال والأقوال والمجازاة عليها مثقالا بمثقال والمراد تهويله

[سورة يونس (10) : آية 61]

وتفظيعه بهول ما يتعلق به مما يصنع بهم يومئذ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ جميعا حيث أنعم عليهم بالعقل المميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح ورحمهم بانزال الكتب وإرسال الرسل وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ تلك النعمة الجليلة فلا يصرفون قواهم ومشاعرهم الى ما خلقت له ولا يتبعون دليل العقل فيما يستبدبه ولا دليل الشرع فيما لا يدرك الا به وَما نافية تَكُونُ يا محمد فِي شَأْنٍ اى فى امر والجمع شؤون من قولك شأنت شأنه قصدت قصده مصدر بمعنى المفعول ويكون الشأن بمعنى الحال ايضا يقال ما شأن فلان بمعنى ما حاله وَما تَتْلُوا مِنْهُ الضمير للشأن والظرف صفة لمصدر محذوف اى تلاوة كائنة من الشأن لان تلاوة القرآن معظم شأن الرسول مِنْ قُرْآنٍ من مزيدة لتأكيد النفي وقرآن مفعول تتلو وَلا تَعْمَلُونَ [اى آدميان] مِنْ عَمَلٍ من الأعمال تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير قال ابن الشيخ الخطاب وان خص به عليه السلام اولا بحسب الظاهر الا ان الامة داخلون فيه لان رئيس القوم إذا خوطب دخل قومه فى ذلك الخطاب كما فى قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً استثناء مفرغ من أعم احوال المخاطبين بالافعال الثلاثة اى ما تلابسون بشئ منها فى حال من الأحوال الا حال كوننا رقباء مطلعين عليه حافظين له إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ظرف لشهودا إذ تخلص المضارع لمعنى الماضي والافاضة الدخول فى العمل يقال أفاض القوم فى العمل إذا اندفعوا فيه اى تخوضون وتندفعون فيه وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ اى لا يبعد ولا يغيب عن علمه الشامل مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ من مزيدة لتأكيد النفي اى ما يساوى فى الثقل نملة صغيرة او هباء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ اى فى دائرة الوجود والإمكان وَلا لنفى الجنس أَصْغَرَ اسمها مِنْ ذلِكَ الذرة وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ خبرها وهو اللوح المحفوظ فاذا كان كل شىء مكتوبا فى اللوح فكيف يغيب عن علمه شىء وكيف يخفى عليه امر فلا يظن أحد انه لا يجازى على أقواله وأفعاله خيرا كانت او شرا وفيه اشارة الى طريق المراقبة وحث على المحافظة فان المرء إذا علم يقينا اطلاع الله عليه فى كل آن وحافظ على أوقاته سلم من الخلاف وعامل بالانصاف- حكى- عن عمر البناني رحمه الله قال مررت براهب فى مقبرة فى كفه اليمنى حصى ابيض وفى كفه اليسرى حصى اسود فقلت يا راهب ما تصنع هاهنا قال إذا فقدت قلبى أتيت المقابر فاعتبرت بمن فيها فقلت ما هذا الحصى الذي فى كفك فقال اما الحصى الأبيض إذا عملت حسنة ألقيت واحدة منها فى الأسود وإذا عملت سيئة ألقيت واحدة من هذا الأسود فى الأبيض فاذا كان الليل فنظرت فان فضلت الحسنات على السيئات أفطرت وقمت الى وردى وان فضلت السيئات على الحسنات لم آكل طعاما ولم اشرب شرابا فى تلك الليلة هذه حالتى والسلام عليك وعن بعض الكبار من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المراقبات وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لان الحياة تقتضى الاحساس والعكس صفة الميت وكل معصية من الغفلة والنسيان فذاكر الحق سالم فى الدنيا والآخرة- حكى- ان وليسا اشتاق الى رؤية حبيب

[سورة يونس (10) : آية 62]

من أحباء الله فقيل له اذهب الى القصبة الفلانية ففيها حبيبى فجاء إليها ورأى رجلا يذكر الله وأسدا فاذا تغافل يختطفه الأسد حتى يقطع قطعة لحم من أعضائه فلما قرب اليه وسأل عن حاله قال أردت ان لا تغافل عن ذكر الله فاذا وقعت الغفلة سلط على كلبا من كلاب الدنيا فانا الازمه مخافة ان يسلط كلبا من كلاب الآخرة علىّ للغفلة يقول الفقير فى هذه القصة إشارات. منها ان فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة وان مقاساة شدائد طريق الحق فى هذه النشأة أسهل من المؤاخذات الاخروية فعلى المرء ملازمة الطاعة والعبادة وان كانت شاقة عليه: وفى المثنوى اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش ومنها انه لا بد من المراقبة فان عجز بنفسه عنها استعان عليها من خارج فانه لا بد للنائم من محرك وموقظ إذ النوم طويل والنفس كسلى ولذا جعلوا من شرط الصحبة ان لا يصطحب إلا مع من فوقه: وفى البستان ز خود بهترى جوى وفرصت شمار ... كه با چون خودى كم كنى روزكار ومنها ان الأسد الذي سلطه الله عليه انما سلطه فى الحقيقة على نفسه ليفترسها فان من لم يمت نفسه فى هذه الدار سلطها الله عليه فى دار البوار أَلا تنبهوا واعلموا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ اى أحباء الله واعداء نفوسهم فان الولاية هى معروفة الله ومعرفة نفوسهم فمعرفة الله رؤيته بنظر المحبة ومعرفة النفس رؤيتها بنظر العداوة عند كشف غطاء أحوالها وأوصافها فاذا عرفتها حق المعرفة وعلمت انها عدوة لله ولك وعالجتها بالمعاندة والمكابدة أمنت مكرها وكيدها وما نظرت إليها بنظر الشفقة والرحمة كما فى التأويلات النجمية قال المولى ابو السعود رحمه الله الولي لغة القريب والمراد باولياء الله خلص المؤمنين لقربهم الروحاني منه سبحانه انتهى لانهم يتولونه تعالى بالطاعة اى يتقربون اليه بطاعته والاستغراق فى معرفته بحيث إذا رأوا رأوا دلائل قدرته وان سمعوا سمعوا آياته وان نطقوا نطقوا بالثناء عليه وان تحركوا تحركوا فى خدمته وان اجتهدوا اجتهدوا فى طاعته لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فى الدارين من لحوق مكروه والخوف انما يكون من حدوث شىء من المكاره فى المستقبل وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات مطلوب والحزن انما يكون من تحقق شىء مما كرهه فى الماضي او من فوات شىء أحبه فيه اى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا انه يعتريهم لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا انه لا يعتريهم خوف وحزن بل يستمرون على النشاط والسرور كيف لا واستشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال الله وهيبته واستقصارا للجد والسعى فى اقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين ولذا قال فى الكواشي لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ فى الآخرة والا فهم أشد خوفا وحزنا فى الدنيا من غيرهم انتهى وانما يعتريهم ذلك لان مقصدهم ليس الاطاعة الله ونيل رضوانه انه المستتبع للكرامة والزلفى وذلك مما لا ريب فى حصوله ولا احتمال لفواته بموجب الوعد بالنسبة اليه تعالى واما ما عدا ذلك من الأمور الدنيوية المترددة بين الحصول والفوات فهى بمعزل من الانتظام فى سلك مقصدهم وجودا وعدما حتى يخافوا من حصول ضارها او يحزنوا

[سورة يونس (10) : آية 63]

بفوات نافعها كما فى الإرشاد. والتحقيق انهم لفنائهم فى عين الهوية الاحدية لم يبق فيهم بقية ولا غاية ما وراء ما بلغوا حتى يخافوا ويحزنوا كما فى نفائس المجالس لحضرة الهدائى قدس سره الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ استئناف مبنى على السؤال ومحل الموصول الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف كأنه قيل من أولئك وما سبب فوزهم بتلك الكرامة فقيل هم الذين جمعوا بين الايمان بكل ما جاء من عند الله والتقوى المفضيين الى كل خير المنحيين عن كل شر قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة وكانوا يتقون الله تعالى من صدور سيآت الأعمال والأخلاق فى مرتبة الشريعة والطريقة ومن ظهور الغفلات والتلوينات فى مرتبة المعرفة والحقيقة لانهم يصلحون طبائعهم بالشريعة وأنفسهم بالطريقة وقلوبهم بالمعرفة وأرواحهم وأسرارهم بالحقيقة فلا جرم انهم يتقون من جميع ما سوى الله انتهى يقول الفقير يشير رضى الله عنه بذلك الى ان المراد بالتقوى المرتبة الثالثة منها وهو تنزه الإنسان عن كل ما يشغل سره عن الحق والتبتل اليه بالكلية وهذه المرتبة جامعة لما تحتها من مرتبة التوقي عن الشرك التي يفيدها الايمان ايضا ومرتبة التجنب عن كل ما يؤثم من فعل وترك وللاولياء فى شأن التبتل والتنزه درجات متفاوتة حسب تفاوت درجات استعداداتهم أقصاها ما انتهى اليه همم الأنبياء عليهم السلام جمعوا بين رياستى النبوة والولاية وما عاقهم التعلق بعلم الأشباح عن العروج الى عالم الأرواح ولم يصدهم الملابسة بمصالح الخلق عن الاستغراق فى شؤون الحق لكمال استعداد نفوسهم الزكية المؤيدة بالقوة القدسية ومن هنا يعرف فضل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على عيسى عليه السلام إذ ليس عروجه الى الرابعة ببديع بالنسبة الى عروج رسولنا عليه السلام الى العرش وما فوقه إذ كان تعلقه بهذه النشأة من جهة الام فقط وتعلق رسول الله من جهة الأبوين ومع ذلك ما عافه التعلق حتى انتهى فى عروجه الى ما انتهى من نهايات العنصريات وغايات الطبيعيات ودوام الاتصال بالأنوار العالية ممكن كما يحكى عن بعض المتألهين وان لم يمكن فيجعل هذه الحالة ملكة له فيصير بدنه كقميص يلبسه تارة ويخلعه اخرى ألا ترى ان من قدر على النفقة فهو متى جاع فبيده الشبع يأكل ما شاء فقس عليه الرزق المعنوي والعروج الى مبدأه بل هو اولى من ذلك لانه مستغن عن آلة وسبب وليس بين الطالب والمطلوب مسافة: وفى المثنوى اين دراز وكوتهى مر جسم راست ... چهـ دراز وكوته آنجا كه خداست چون خدا مر جسم را تبديل كرد ... رفتنش بي فرسخ وبي ميل كرد فاذا عرفت ان اولياء الله تعالى هم المؤمنون المتقون بالتقوى الحقيقية فاعرف ايضا انه قد جاء فى الأولياء أوصاف اخر بعضها متقارب وبعضها باعتبار البداية وبعضها باعتبار النهاية الى غير ذلك مما روى على كرم الله وجهه هم صفر الوجوه من السهر عمش العيون من العبر خمص البطون من الطوى يبس الشفاه من الذوى وعن سعيد بن جبير ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سئل من اولياء الله فقال (هم الذي يذكر الله برؤيتهم) اى بسمتهم واخباتهم وسكينتهم نحو سيماهم فى وجوهم وقال بعضهم علامة الأولياء أن همومهم مع الله وشغلهم بالله وفرارهم اليه فنوا فى أحوالهم ببقائهم فى مشاهدة مالكهم فتوالت عليهم أنوار الولاية فلم يكن لهم عن

[سورة يونس (10) : آية 64]

نفوسهم اخبار ولا مع واحد غير الله قرار وهم المتحابون فى الله قال صلى الله تعالى عليه وسلم (ان الله عبادا ليسوا بانبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله) قيل يا رسول الله من هم وما أعمالهم فلعلنا نحبهم قال (هم قوم تحابوا فى الله على غير أرحام منهم ولا اموال يتعاطونها فو الله ان وجوههم لنور وانهم لعلى منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس) قوله يغبطهم الأنبياء تصوير لحسن حالهم على طريقة التمثيل قال الكواشي وهذا مبالغة والمعنى لو فرض قوم بهذه الصفة لكانوا هؤلاء والا فلا خلاف ان أحدا من غير الأنبياء لا يبلغ منزله الأنبياء وفى تفسير الفاتحة للفنارى ان النبيين يفزعون على أممهم للشفقة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون يوم القيامة اللهم سلم سلم ويخافون أشد الخوف على أممهم والأمم يخافون على أنفسهم واما الآمنون على أنفسهم فيغبطهم النبيون فى الذي هم عليه من الامن لما هم اى النبيون عليه من الخوف على أممهم وان كانوا آمنين على أنفسهم يقول الفقير وحين الانتهاء فى التحرير الى هذا المحل ظهر لى وجه آخر وهو ان الحديث المذكور ناطق عن المحبة فى الله والمحبة مقام اختص به عليه السلام من بين الأنبياء والرسل وهو لا ينافى تحقق الكمل من ورثته بحقائقه إذ كمال التابع تابع لكمال متبوعه فمن الجائز ان يحصل لهم من ذلك المقام وآثاره ما به يغبطهم بعض الأنبياء وقد ورد (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) ولا يلزم من ذلك بلوغهم منزلة الأنبياء ورجحانهم عليهم مطلقا وقد تقرر ان الأفضل قد يكون مفضولا من وجه وبالعكس ألا ترى قوله عليه السلام (أنتم اعلم بامور دنياكم) ودرجات المعرفة لا نهاية لها والى الله المنتهى وقال ابو يزيد قدس سره اولياء الله تعالى عرائس ولا يرى العرائس الا من كان محرما لهم واما غيرهم فلا وهم مخدرون عنده فى حجاب الانس لا يراهم أحد فى الدنيا ولا فى الآخرة وقال سهل اولياء الله لا يعرفهم الا اشكالهم او من أراد ان ينفعه بهم ولو عرفهم حتى يعرفهم الناس لكانوا حجة عليهم فمن خالف بعد علمه بهم كفر ومن قعد عنهم خرج وقال الشيخ ابو العباس معرفة الولي أصعب من معرفة الله فان الله معروف بكماله وجماله ومتى يعرف مخلوق مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب وهم ظاهرهم مزين باحكام الشرع وباطنهم مشتغل بانوار الفقر: وفى المثنوى رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود قال الكاشفى فى وصف الأولياء رخش ز ميدان ازل تاخته ... گوى بچوگان ابد بأخته معتكفان حريم كبريا ... شسته دل از صورت كبر وريا راه نوردان شكسته قدم ... راز كشايان فرو بسته دم : وقال السعدي اسيرش نخواهد رهايى ز بند ... شكارش نجويد خلاص از كمند دلارام در بر دلاراى جوى ... لب از تشنكى خشك بر طرف جوى هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ بيان لما أولاهم من خيرات الدارين بعد بيان

انجائهم من شرورهما ومكارههما. والجملة مستأنفة كأنه قيل هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة فقيل لهم ما يسر هم فى الدارين وتقديم الاول لما ان التخلية سابقة على التحلية. والبشرى مصدر أريد به المبشر به من الخيرات العاجلة كالنصر والفتح والغنيمة وغير ذلك والآجلة الغنية عن البيان والظرفان فى موقع الحال منه والعامل ما فى الخبر من معنى الاستقرار اى لهم البشرى حال كونها فى الحياة الدنيا وحال كونها فى الآخرة اى عاجلة وآجلة او من الضمير المجرور اى حال كونهم فى الحياة إلخ ومن البشرى العاجلة الثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس هذا ما اختاره المولى ابو السعود بناء على انها بشارة ناجزة مقصودة بالذات. وقيل البشرى مصدر والظرفان متعلقان به اما البشرى فى الدنيا فهى البشارات الواقعة للمؤمنين المتقين فى غير موضع من الكتاب المبين وعن النبي عليه السلام (هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له) اى يراها مسلم لاجل مسلم آخر ولا يخفى ان كون الرؤيا الصالحة مبشرة للمؤمن يمنع ان تكون بنبوة فتكون بوجه آخر من صلاح وتنبيه غفلة وفرح وغيرها كما فى شرح المشارق لابن الملك وهذه البشارة لا تحصل الا لاولياء الله لانهم مستغرقوا القلب والروح فى ذكر الله ومعرفة الله فمنامهم كاليقظة لا يفيد الا الحق واليقين واما من يكون متوزع الخاطر على احوال هذا العالم الكدر المظلم فانه لا اعتماد على رؤياه وفى التأويلات النجمية لهم المبشرات التي هى تلو النبوة من الوقائع التي يرون بين النوم واليقظة والإلهامات والكشوف وما يرد عليهم من المواهب والمشاهدات كما قال عليه السلام (لم يبق من النبوة الا المبشرات) انتهى وفى الحديث (الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة) ومعناه ان النبي عليه السلام حين بعث اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين فمدة الوحى اليه فى اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحى فى المنام ستة أشهر من ثلاث وعشرين سنة فهى جزء من ستة وأربعين جزأ وانما ابتدئ رسول الله بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحملها القوى البشرية فكانت الرؤيا تأنيسا له وقال بعضهم لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة. واما البشرى فى الآخره فتلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحف بايمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات فى كل موطن من المواطن الاخروية فتكون هذه بشارة بما سيقع من البشارات العاجلة والآجلة المطلوبة لغاياتها لا لذواتها [سلمى فرموده كه بشارت دنيا وعده لقاست ومژده آخرت تحقيق آن وعده. وشيخ الإسلام فرموده كه ولى را دو بشارتست. در دنيا شناخت ودر عقبى نواخت. درين سراى سرور مجاهده ودر ان سراى نور مشاهده. اينجا صفا ووفا وآنجا رضا ولقا] وفى التأويلات النجمية بشراهم فى الآخرة بكشف القناع عن جمال العزة عند سطوات نور القدم وزهق ظلمة الحدوث وبلقاء الحق رحمة منه كما قال يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ وفى حديث (الرؤية فى النشأة الكثيبية يقول الله تعالى لهم بعد التجلي هل بقي لكم شىء بعد هذا فيقولون يا ربنا وأي شىء بقي وقد نجيتنا من النار وادخلتنا دار رضوانك وأنزلتنا بجوارك وخلعت علينا ملابس كرمك وأريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقي لكم

فيقولون يا ربنا وما ذاك الذي بقي فيقول دوام رضاى عليكم فلا أسخط عليكم ابدا) فما أحلاها من كلمة وما ألذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال كن فاول شىء كان لنا منه السماع فختم بما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع وهو هذه البشرى تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ اى لمواعيده الواردة فى حقهم إذ لا خلف لمواعيده أصلا وفى التأويلات النجمية لا يتغير أحكامه الازلية حيث قال للولى كن وليا وللعدو كن عدوا وكانوا كما أراد للحكمة البالغة فلا تغير لكلمة الولي وكلمة العدولِكَ التبشيروَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا يصل الى كنهه العقول وكيف لا وفيه سعادة الدارين اعلم ان الولاية على قسمين عامة وهى مشتركة بين جميع المؤمنين كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وخاصة وهى مختصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك والولاية عبارة عن فناء العبد فى الحق والبقاء به ولا يشترط فى الولاية الكرامات الكونية فانها توجد فى غير الملة الاسلامية لكن يشترط فيها الكرامات القلبية كالعلوم الالهية والمعارف الربانية فهاتان الكرامتان قد تجتمعان كما اجتمعتا فى الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ ابى مدين المغربي قدس الله سرهما فانه لم يأت من اهل الشرق مثل عبد القادر فى الخوارق ومن اهل الغرب مثل ابى مدين مع مالهما من العلوم والمعارف الكلية وقد تفترقان فتوجد الثانية دون الاولى كما فى اكثر الكمل من اهل الفناء. واما الكرامات الكونية كالمشى على الماء والطيران فى الهواء وقطع المسافة البعيدة فى المدة القليلة وغيرها فقد صدرت من الرهابنة والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون كما سبق فى سورة البقرة عند قوله تعالى ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً الآية. والنبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لا مدخل لكسب العبد فيها. واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما يمكن الوزارة بالكسب كذلك يمكن الولاية بالكسب وفى الحقيقة كل منهما اختصاص عطائى غير كسبى حاصل للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل فاول الولاية انتهاء السفر الاول الذي هو السفر من الخلق الى الحق بازالة التعشق عن المظاهر والأغيار والخلاص من القيود والأستار والعبور على المنازل والمقامات والحصول على المراتب والدرجات وبمجرد حصول العلم اليقيني للشخص لا يلحق باهل المقام لانه انما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه وزال عنه اسمه ولما كانت المراتب متميزة قسم ارباب هذه الطريقة المقامات الكلية الى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين متصور الأمر على ما هو عليه وعين اليقين بشهوده كما هو وحق اليقين بالفناء فى الحق والبقاء به علما وشهودا وحالا لا علما فقط ولا نهاية لكمال الولاية فمراتب الأولياء غير متناهية والطريق التوحيد وتزكية النفس عن الأخلاق الذميمة وتطهيرها من الأغراض الدنيئة فمن جاهد فى طريق الحق فقد سعى فى الحلق نفسه بزمرة الأولياء ومن اتبع الهوى فقد اجتهد فى الالتحاق بفرقة الأعداء والسلوك الارادة لاجل الفناء فان المريد من يفنى إرادته فى ارادة الشيخ فمن عمل برأيه امرا فهو ليس بمريد: وفى المثنوى مكسل از پيغمبر ايام خويش ... تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش

[سورة يونس (10) : الآيات 65 إلى 70]

كر چهـ شيرى چون روى ره بيدليل ... همچوروبه ودر ضلالى وذليل هين مپر الا كه با پرهاى شيخ ... تا به بينى عون ولشكرهاى شيخ وينبغى للمؤمن ان يجتهد فى تحصيل سير اولياء الله واقل الأمر أن لا يقصر فى حبهم فان المرء مع من أحب ان يحشر معه فلا بد من الجهة الجامعة من وجه خاص وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ هو فى الحقيقة نهى له عليه السلام عن الحزن كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بتكذيبهم وتشاورهم فى تدبير هلاكك وابطال أمرك وسائر ما يتفوهون به فى شأنك مما لا خير فيه وانما وجه النهى الى قولهم للمبالغة فى نهيه عليه السلام عن الحزن لما ان النهى عن التأثير نهى عن التأثر بأصله قال الكواشي يتم الوقف هنا ويختار الاستئناف بان العزة كأنه قيل فما لى لا احزن فقيل إِنَّ الْعِزَّةَ اى الغلبة والقهر لِلَّهِ جَمِيعاً اى فى مملكته وسلطانه لا يملك أحد شيأ منهما أصلا لا هم ولا غيرهم ويعصمك منهم وينصرك عليهم هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يسمع ما يقولون فى حقك ويعلم ما يعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك وفى التأويلات النجمية إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً فى الدنيا والآخرة يعز من يشاء فى الدنيا دون الآخرة ويعز من يشاء فى الآخرة دون الدنيا ويعز فى الدنيا والآخرة جميعا فلا يضره هواجس النفس ووساوس الشيطان فى احتظاظه بشهوات الدنيا ونعيمها والتزين بزينتها ولا يمنعه نعيم الدنيا عن نعيم الآخرة كما قال تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ. فيكون من خواص عباده الذين آتاهم الله فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة بل يكون لبعضهم نعيم الدنيا معينا على تحصيل نعيم الآخرة كما جاء فى الحديث الرباني (وان من عبادى من لا يصلحه الا الغنى فان أفقرته يفسده ذلك) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اى العقلاء من الملائكة والثقلين وإذا كان هؤلاء الذين هم اشرف الممكنات عبيد اله سبحانه مقهورين تحت قدرته وملكيته فما عداهم من الموجودات اولى بذلك فهو تعالى قادر على نصرك عليهم ونقل أموالهم وديارهم إليك وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ ما نافية وشركاء مفعول يتبع ومفعول يدعون محذوف لظهوره والتقدير وما يتبع الذين يدعون آلهة من دون الله شركاء فى الحقيقة وان سموها شركاء لان شركة الله تعالى فى الربوبية محال إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ اى ما يتبعون الا ظنهم انها شركاء وَإِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَخْرُصُونَ يكذبون فيما ينسبونه الى الله سبحانه يقال خرص يخرص خرصا اى كذب وهو من باب نصر والخراص الكذاب. ثم نبه على تفرده بالقدرة الكاملة والنعمة الشاملة ليدلهم على توحده باستحقاق العبادة فقال هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ مظلما لِتَسْكُنُوا فِيهِ وتستريحوا من تعب الطلب وَالنَّهارَ مُبْصِراً لتتحركوا فيه لتحصيل اسباب معاشكم فحذف مظلما لدلالة مبصرا عليه وحذف لتتحركوا لدلالة لتسكنوا عليه. واسناد الابصار الى النهار مجازى والمراد يبصر فيه كقوله نهاره صائم وليله قائم اى صام فى نهاره وقام فى ليله وفيه اشارة الى ان الله تعالى جعل بعض الأوقات للاستراحة من نصب المجاهدات وتعب الطاعات لنزول ملالة النفوس وكلالة القلوب ويستجد الشوق الى جانب المطلوب ومن ثمة جعل اهل التدريس يوم التعطيل ليحصل النشاط الجديد للتحصيل كما قال ابن خيام

[سورة يونس (10) : الآيات 68 إلى 70]

زمانى بحث ودرس وقيل وقالى ... كه انسان را بود كسب كمالى زمانى شعر وشطرنج وحكايات ... كه خاطر را شود دفع ملالى ففى الانتقال من اسلوب الى اسلوب تجديد كتقلب اهل الكهف من اليمين الى اليسار من عهد بعيد: قال الحافظ از قال وقيل مدرسه حال دلم كرفت ... يك چند نيز خدمت معشوق ومى كنم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى جعل كل منهما كما وصف لَآياتٍ عجيبة كثيرة لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ اى سماع تدبر واعتبار لمواعظ القرآن وتخصيص الآيات بهم مع انها منصوبة لمصلحة الكل لما انهم المنتفعون بها قالُوا اى بنوا مدلج كما فى الكاشفى اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً اى تبناه وفى التبيان قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله وقالت قريش الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ تنزيه وتقديس له عما نسبوا اليه من الولد وتعجب لكلمتهم الحمقاء اما انه تنريه فلان تقديره أسبحه تسبيحا اى انزهه تنزيها واما انه تعجب فلانه يقال فى مقام التعجب سبحان الله واستعمال اللفظ فى الاول حقيقى وفى الثاني مجازى فان قلت لفظ واحد فى معنيين حقيقى ومجازى ممنوع قلت لا يلزم ان يكون استفادة معنى التعجب منه باستعمال اللفظ فيه بل هى من المعاني الثواني كما فى حواشى سعدى چلبى ورد فى الاذكار لكل اعجوبة سبحان الله ووجه اطلاق هذه الكلمة عند التعجب هو ان الإنسان عند مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كأنه استقصر قدرة الله فلذلك خطر على قلبه ان يقول قدر عليه وأوجده ثم تدارك انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان الله تنزيها لله تعالى عن العجز عن خلق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بانه تعالى على كل شىء قدير كذا فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النصر هُوَ الْغَنِيُّ عن كل شىء وهو علة لتنزهه سبحانه فان اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة فيتخذه الضعيف ليتقوى به والفقير ليستعين به والذليل ليتعزز به والحقير ليشتهر به وكل ذلك علامة الاحتياج لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى من العقلاء وغيرهم وهو تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا اى ما عندكم حجة وبرهان بهذا القول الباطل الذي صدر منكم فان نافية ومن زائدة لتأكيد النفي وسلطان مبتدأ والظرف المتقدم خبره وبهذا متعلق بسلطان أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم. وفيه تنبيه على ان كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وان العقائد لا بدلها من برهان قطعى وان التقليد فيها غير جائز قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ باتخاذ الولد واضافة الشريك اليه لا يُفْلِحُونَ لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب أصلا مَتاعٌ فِي الدُّنْيا جواب سؤال كأن قائلا قال كيف لا يفلحون وهم فى الدنيا بانواع ما يتلذذون به متمتعون فقيل ذلك متاع يسير فى الدنيا زائل لا بقاء له وليس بفوز بالمطلوب ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ اى بالموت ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ فيبقون فى الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر فى الدنيا فاين هم من الفلاح قال فى التأويلات النجمية فى الدنيا ماذا قوا ألم العذاب لانهم

[سورة يونس (10) : الآيات 71 إلى 75]

كانوا نياما والنائم لا يجد ألم شىء من الجراحات والناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا مردمان غافلند از عقبى ... همه كويى بخفتگان مانند ضرر غفلتى كه مى وزرند ... چون بميرند آنگهى دانند وفى الآيات نهى عن الشرك والذب وفى الحديث (ألا أخبركم بشئ امر به نوح عليه السلام ابنه فقال يا بنى آمرك بامرين وأنهاك عن أمرين آمرك ان تقول لا اله الا الله وحده لا شريك له فان السماء والأرض لو جعلتا فى كفة ولا اله الا الله فى كفة لرجح لا اله الا الله وآمرك ان تقول سبحان الله وبحمده فانها صلاة الملائكة ودعاء الخلق وبها يرزق الخلق وأنهاك ان لا تشرك بالله شيأ فان من أشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وأنهاك عن الكبر فان أحدا لا يدخل الجنة وفى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر اى ان الله إذا أراد ان يدخله الجنة نزغ ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر او لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه او لا يدخلها مع المتقين أول وهلة يقول الفقير الظاهر أنه زجر بطريق التشديد وليس المراد كبر الكفر لانه جاء فى مقابلته. والحاصل ان الكبر وهو الارتفاع على الناس واحتقارهم من الكبائر التي تقرب من الكفر فى الجزاء ومثله ترك الصلاة كما جاء (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) رواه الاصبهانى. اما الاول فوارد على طريق الفرض وحث على البر بطريق المبالغة بان له من الأثر فى الخير ما لو أمكن ان يبسط فى عمر البار لكان ذلك ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك حكمة قال تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ. واما الثاني فمعناه ان الكذب يمحق بركة الكذاب فيكون فى حكم الناقص ويجوز على فرض المحال اى لو كان شىء ينقص الرزق لكان هو الكذب واما الثالث فالمراد ان الدعاء يرد القضاء المعلق الذي توقف رده على اسباب وشروط لا القضاء المبرم الذي لا يقبل التغير أصلا فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل التوحيد الحقانى برعاية الأوامر الشرعية والانتهاء عما نهى الله تعالى عنه من المحرمات القولية والفعلية والاجتناب عن المشاغل القلبية والاحتراز عن الميل الى ما سوى الحضرة الاحدية فان الرجوع الى تلك الحضرة لا الى غيرها والتوحيد تحفة مقبولة ولا يقبل الله أحدا الا به والشرك سبب لعذابه كما قال تعالى ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ وفيه اشارة الى ان عذاب الدنيا بالنسبة الى عذاب الآخرة كلا عذاب إذ كلما انتقل المرء من طور الى طور وجد الأمر على الشدة وهو كذلك مبدأ ومعادا الا من تداركه الله تعالى بعنايته وخصه بتوفيق خاص من حضرته وَاتْلُ عَلَيْهِمْ اى على المشركين من اهل مكة نَبَأَ نُوحٍ خبره مع قومه لينزجروا بذلك عما هم عليه من الكفر والعناد وقال فى البستان كان اسم نوح شاكرا وانما يسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله وهو أول من امر بنسخ الاحكام وامر بالشرائع وكان قبله نكاح الاخت حلالا فحرم ذلك على عهده وبعثه الله نبيا وهو يومئذ ابن اربعمائة وثمانين سنة إِذْ قالَ معمول لنبأ لا لقوله اتل لانه مستقبل وإذ ماض والمراد بعض نبأه عليه السلام لا كل ما جرى بينه وبين قومه لِقَوْمِهِ اللام

[سورة يونس (10) : آية 72]

للتبلغ يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ اى أعظم وشق مَقامِي اى نفسى كما يقال فعلته لمكان فلان اى لفلان ومنه قوله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ اى خاف ربه او قيامى ومكثى بين ظهرانيكم مدة طويلة وهو الف سنة إلا خمسين عاما او قيامى وَتَذْكِيرِي [پند دادن من شما را] بِآياتِ اللَّهِ [بعلامتهاى روشن بر وحدانيت خدا] فانهم كانوا إذا وعظوا الجماعة يقومون على أرجلهم لكون ذلك ادخل فى الاسماع كما يحكى عن عيسى عليه السلام انه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود. فيحتمل ان يستثقلوا ذلك وكان سحبان وهو رجل بليغ من العرب يقوم ويتكئ على عصاه ويسرد الألفاظ وكراسى الوعاظ اليوم بدل من القيام وكان عليه السلام يخطب على منبر من طين قبل ان يتخذ المنبر الذي هو من الشجر وكان له ثلاث درجات ولم يزل على حاله حتى زاد مروان فى خلافة معاوية ست درجات من أسفله فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ جواب للشرط اى دمت على تخصيص التوكل به وتفويض الأمور اليه فانه معينى وناصرى فيما أردتم بي من القتل والأذى وانما حمل على دوام التوكل واستمراره لئلا يرد انه عليه السلام متوكل على الله دائما كبر عليهم مقامه او لم يكبر وقال ابن الشيخ الأظهر ان يقال الجواب محذوف اى فافعلوا ما شئتم والمذكور تعليل لعدم مبالاته بهم فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ بقطع الهمزة من الإجماع وهو العزم يقال أجمعت على الأمر إذا عزمت عليه فهو يتعدى بعلى الا ان حرف الجر حذف فى الآية وأوصل الفعل الى المجرور بنفسه وقال ابو الهيثم اجمع امره جعله مجموعا بعد ما كان متفرقا وتفرقه انه يقول مرة افعل كذا واخرى كذا وإذا عزم على امر واحد فقد اجمعه اى جعله جميعا. والمعنى فاعزموا على أمركم الذي تريدون بي من السعى فى إهلاكي وَشُرَكاءَكُمْ بالنصب على ان الواو بمعنى مع اى مع آلهتكم التي تزعمون ان حالكم تقوى بالتقرب إليها واجتمعوا فيه على أي وجه يمكنكم قال الكاشفى [ملخص آيت آنكه شما همه بقصد من اتفاق كنيد] ثُمَّ للتراخى فى الرتبة لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ ذلك عَلَيْكُمْ غُمَّةً اى مستورا من غمه إذا ستره واجعلوه ظاهرا مكشوفا تجاهروننى به فان الستر انما يصار اليه لسد باب تدارك الخلاص بالهرب او نحوه فحيث استحال ذلك فى حقى لم يكن للستر وجه ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ اى أدوا الىّ وأوصلوا ذلك الأمر الذي تريدون بي وامضوا ما فى أنفسكم أو أدوا الى ما هو حق عليكم عندكم من إهلاكي كما يقضى الرجل غريمه وَلا تُنْظِرُونِ ولا تمهلونى بل عجلوا ذلك باشد ما تقدرون عليه من غير انتظار وانما خاطبهم بذلك إظهارا لعدم المبالاة بهم وانهم لن يجدوا اليه سبيلا وثقة بالله سبحانه وبما وعده من عصمته وحفظه فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى ان أعرضتم عن نصيحتى وتذكيرى ودمتم عليه وجواب الشرط محذوف اى فلا باعث لكم على التولي ولا موجب وقوله تعالى فَما سَأَلْتُكُمْ بمقابلة وعظي وتذكيرى علة له مِنْ أَجْرٍ اى شىء من حطام الدنيا تؤدونه الىّ حتى يؤدى ذلك الى توليكم اما لثقله عليكم او لكونه سببا لاتهامكم إياي بان تقولوا انما يعظنا ويذكرنا طمعا لنيل الاجر والمال قبلنا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ اى ما ثوابى على العظة

[سورة يونس (10) : الآيات 73 إلى 74]

والتذكير الا عليه يثيبنى به آمنتم او توليتم وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ممن اسلم وجهه لله فلا يأخذ على تعليم الدين شيأ. وايضا ان المتعين لخدمة لا يجوز له ان يأخذ عليها اجرة والأنبياء والأولياء متعينون لخدمة الإرشاد ومن علم بالحسبة ولم يأخذ له عوضا فقد عمل عمل الأنبياء عليهم السلام. وقد جوز المتأخرون أخذ الاجرة على التعليم والتأذين والامامة والخطابة وغير ذلك لكن ينبغى للآخذ اخلاص النية فى عمله والا فقد جاء الوعيد: قال السعدي زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب ميفروشد بنان بدين اى فرومايه دينى مخر ... چوخر بانجيل عيسى مخر واعلم ان المعلم الناصح إذا رغب فى إصلاحك وإصلاح غيرك حتى يودّ لو ان الناس كلهم صلحوا على يديه فانما يرغب فى ذلك ليكثر اتباع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لما سمعه يقول (انى مكاثر بكم الأمم) وهذا مقام رفيع لغناه عن عظة فى إرشاده وانما غرضه اقامة جاه محمد وتعظيمه كما يحكى ان رابعة العدوية كانت تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها فى اليوم والليلة فاذا تعلقت نية المعلم والعامل بهذا يجازيهما الله على ذلك من حيث المقام فَكَذَّبُوهُ عطف على قوله قال لقومه اى اتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه كذا وكذا فاصروا على تكذيبه تمردا وعنادا فتولوا عن تذكيره فحقت عليهم كلمة العذاب فاغرقوا فَنَجَّيْناهُ من الغرق والفاء فصيحة تفصح عن كون الكلام مشتملا على الحذف والتقدير كما قدرنا وَمَنْ استقر مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وكانوا ثمانين أربعين رجلا وأربعين امرأة كما فى البستان. او فنجيناهم فى هذا المكان فان انجاءهم وقع فى الفلك فعلى هذا يتعلق فى الفلك بنجيناه وعلى الاول يتعلق بالاستقرار الذي تعلق به معه وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ اى سكان الأرض وخلفا ممن غرق وهلك قال فى البستان لما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم الا أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم كما قال تعالى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ فتوالدوا حتى كثروا فالعرب والعجم والفرس والروم كلهم من ولد سام والحبش والسند والهند من أولاد حام ويأجوج ومأجوج والصقلاب والترك من أولاد يافث وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بالطوفان قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ وهم قوم نوح وفيه تحذير لمن كذب الرسول وتسلية له محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا ثُمَّ بَعَثْنا اى أرسلنا مِنْ بَعْدِهِ اى بعد نوح رُسُلًا التكثير للتفخيم ذاتا ووصفا اى رسلا كراما ذوى عدد كثير إِلى قَوْمِهِمْ كل رسول الى قومه خاصة كما يستفاد من اضافة القوم الى ضميرهم مثل هود الى عاد وصالح الى ثمود وابراهيم الى قوم بابل وشعيب الى قوم الايكة واهل مدين وغير ذلك ممن قص منهم ومن لم يقص فَجاؤُهُمْ اى جاء كل رسول قومه المخصوصين به بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة مثبتة لدعواهم

[سورة يونس (10) : آية 75]

والباء اما متعلقة بالفعل المذكور على انها للتعدية او بمحذوف وقع حالا من ضمير جاؤا اى ملتبسين بالبينات. والمراد جاء كل رسول بالبينات الكثيرة فان مراعاة انقسام الآحاد الى الآحاد انما هى فيما بين ضميرى جاؤهم فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا اى فما صح وما استقام لقوم من أولئك الأقوام فى وقت من الأوقات ان يؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم لشدة شكيمتهم فى الكفر والعناد بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ما موصولة عبارة عن جميع الشرائع التي جاء بها كل رسول أصولها وفروعها والمراد بيان استمرار تكذيبهم من حين مجيئ الرسل الى زمان الإصرار والعناد فان المحكي آخر حال كل قوم او عبارة عن اصول الشرائع التي أجمعت عليها الرسل قاطبة. والمراد بيان استمرار تكذيبهم من قبل مجيئ الرسل الى زمان مجيئهم الى آخره فالمحكى جميع احوال كل قوم ومعنى تكذيبهم بها قبل مجيئ رسلهم انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا بكلمة التوحيد قط بل كان كل قوم من أولئك الأقوام يتسامعون بها من بقايا من قبلهم كثمود من بقايا عاد وعاد من بقايا قوم نوح فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجيئهم الرسل كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد. وفيه اشارة الى ان اهل الفترة مؤاخذون من جهة الأصول كَذلِكَ الكاف نعت مصدر محذوف اى مثل ذلك الطبع والختم المحكم الممتنع زواله نَطْبَعُ [مهر مى نهيم] عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين باختيار الإصرار على الكفر اعلم ان الله تعالى قددعا الكل الى التوحيد يوم الميثاق ثم لما وقع التنزل الى هذه النشأة الجسمانية لم يزل الروح الإنساني داعيا الى قبول تلك الدعوة الالهية والعمل بمقتضاها لكن من كان شقيا بالشقاوة الاصلية الازلية لما لم يقبلها فى ذلك اليوم استمر على ذلك فلم يؤمن بدعوة الأنبياء ومعجزاتهم فتكذيب الأنبياء مسبب عن تكذيب الروح وتكذيبه مسبب عن تكذيب الله تعالى يوم الميثاق وهم وان كانوا ممن قال بلى لكن كان ذلك من وراء الحجب حيث سمعوا نداء ألست بربكم من ورائها فلم يفهموا حقيقته وأجابوا بما أجاب به غيرهم لكن تقليدا لا تحقيقا وكما ان الله تعالى طبع على قلوب المكذبين للرسل بسوء اختيارهم وانهماكهم فى الغى والضلال كذلك طبع على قلوب المنكرين للاولياء بسوء معاملاتهم وتهالكهم على التقليد فما دخل فى قلوبهم الاعتقاد وما جرى على ألسنتهم الإقرار كما لم يدخل فى قلوب الأولين التصديق ولم يصدر من ألسنتهم ما يستدل به على التوفيق ثم هم مع كثرتهم قد جاؤا وذهبوا ولم يبق منهم أثر ولا اسم وسيلحق بهم الموجودون ومن يليهم الى آخر الزمان: وفى المثنوى منبرى كو كه بر آنجا مخبرى ... ياد آرد روزكار منكرى سكه شاهان همى كردد دكر ... سكه احمد ببين تا مستقر برزخ نقره ويا روى زرى ... وانما بر سكه نام منكرى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التوحيد ويخلصنا وإياكم من ورطة التقليد ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء الرسل مُوسى ابن عمران وَهارُونَ وهو أخو موسى اكبر منه بثلاث سنين إِلى فِرْعَوْنَ [بسوى وليد بن مصعب با قابوس كه فرعون آن زمان بود]

[سورة يونس (10) : الآيات 76 إلى 80]

وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه وهو اكتفاء بذكر الجل عن الكل بِآياتِنا بالآيات التسع وهى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس وفلق البحر وأضافها الى نفسه تنبيها على خروجها عن حيز استطاعة العبد فَاسْتَكْبَرُوا الاستكبار ادعاء الكبر من غير استحقاق والفاء فصيحة اى فأتياهم فبلغاهم الرسالة فاستكبروا عن اتباعهما وذلك قول اللعين لموسى عليه السلام أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ اى كانوا معتادين لارتكاب الذنوب العظام فان الاجرام مؤذن بعظم الذنب ومنه الجرم اى الجثة فلذلك استهانوا برسالة الله تعالى عز وجل فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا المراد بالحق الآيات التسع التي هى حق ظاهر من عند الله بخلقه وإيجاده لا تخييل وتمويه كصنعتهم قالُوا إِنَّ هذا [اين كه تو آورده ومعجزه نام كرده] لَسِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر كونه سحرا قالَ مُوسى على طريقة الاستفهام الإنكاري التوبيخي وهو استئناف بيانى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ الذي هو ابعد شىء من السحر الذي هو الباطل البحت لَمَّا جاءَكُمْ اى حين مجيئه إياكم ووقوفكم عليه او من أول الأمر من غير تأمل وتدبر وكلا الحالين مما ينافى القول المذكور والمقول محذوف لدلالة ما قبله عليه اى أتقولون له انه لسحر وهو مما لا يمكن ان يقوله قائل ويتكلم به متكلم ويجوز ان يكون القول بمعنى العيب والطعن من قولهم فلان يخاف القالة اى العيب وبين الناس تقاول إذا قال بعضهم لبعض ما يسوءه ونظيره الذكر فى قوله تعالى سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ اى يعيبهم فيستغنى عن المفعول اى أتعيبونه وتطعنون فيه أَسِحْرٌ هذا الذي امره واضح مكشوف وشأنه مشاهد معروف بحيث لا يرتاب فيه أحد ممن له عين مبصرة وهو انكار مستأنف من جهة موسى لكونه سحرا وتقديم الخبر للايذان بانه مصب الإنكار وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ جملة حالية من ضمير المخاطبين اى أتقولون انه سحر والحال انه لا يفلح فاعله اى لا يظفر بمطلوب ولا ينجو من مكروه فكيف يمكن صدوره من مثلى من المؤيدين من عند الله الفائزين بكل مطلب الناجين من كل محذور قالُوا استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال فرعون وأصحابه لموسى عند ما قال لهم ما قال فقيل قالوا عاجزين عن المحاجة أَجِئْتَنا خطاب لموسى وحده لانه هو الذي ظهرت على يده معجزة العصا واليد البيضاء لِتَلْفِتَنا اى لتصرفنا واللام متعلقة بالمجيء اى أجئتنا لهذا الغرض عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا اى من عبادة الأصنام وقال سعدى المفتى الظاهر من عبادة غير الله تعالى فانهم كانوا يعبدون فرعون وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ اى الملك لان الملوك موصوفون بالكبر والتعظم فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر فلا نؤثر رياستكما على رياسة أنفسنا فلما بينوا ان سبب اعراضهم عن قبول دعوتهما هذان الأمران صرحوا بالحكم المتفرع عليهما فقالوا وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين فيما جئتما به وَقالَ فِرْعَوْنُ لملائه يأمرهم بترتب مبادى الزامهما عليهما السلام بالفعل بعد اليأس عن الزامهما بالقول ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ بفنون السحر حاذق ماهر فيه ليعارض موسى فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فأتوا به فلما جاؤا فى مقابلة موسى قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ

[سورة يونس (10) : الآيات 81 إلى 87]

اى ملقون له كائنا ما كان من اصناف السحر. وفى إبهام ما أنتم تخسيس له وتقليل واعلام انه لا شىء يلتفت اليه فان قيل كيف أمرهم بالسحر والعمل بالسحر كفر والأمر بالكفر كفر فالجواب انه أمرهم بإلقاء الحبال والعصى ليظهر للخلق ان ما أتوا به عمل فاسد وسعى باطل لا انه أمرهم بالسحر فَلَمَّا أَلْقَوْا ما القوا من العصى والحبال واسترهبوا الناس وجاؤا بسحر عظيم قالَ لهم مُوسى غير مكترث بهم وبما صنعوا ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ اى الذي جئتم به هو السحر لا ما سماه فرعون وقومه سحرا من آيات الله سبحانه فما موصولة وقعت مبتدأة والسحر خبرها والحصر مستفاد من تعريف الخبر إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ اى سيمحقه بالكلية بما يظهره على يدى من المعجزة فلا يبقى له اثر أصلا او سيظهر بطلانه للناس والسين للتأكيد إذا جاء موسى والقى العصا ... فقد بطل السحر والساحر سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ اى لا يثبته ولا يكمله ولا يديمه بل يمحقه ويهلكه ويسلط عليه الدمار قال القاضي وفيه دليل على ان السحر إفساد وتمويه لا حقيقة له انتهى. وفيه بحث فانه عند اهل الحق ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وكون اثره هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ [آنچهـ من آورده ام] اى يثبته ويقويه بِكَلِماتِهِ باوامره وقضاياه وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ذلك والمراد بهم كل من اتصف بالاجرام من السحرة وغيرهم قال الكاشفى [يعنى حق سبحانه وتعالى بوعده نصرت وفا كند واز خشم وكراهت دشمنان باك ندارد ودر مثنوى معنوى اشارتى بدين معنى هست] حق تعالى از غم وخشم خصام ... كى كذارد أوليا را در عوام «1» مه فشاند نور وسگ وع وع كند ... سگ ز نور ماه كى مرتع كند «2» خس خسانه ميرود بر روى آب ... آب صافى ميرود بي اضطراب «3» مصطفى مه ميشكافد نيمشب ... ژاژ مى خايد ز كينه بو لهب آن مسيحا مرده زنده ميكند ... وآن جهود از خشم سبلت ميكند وفى الآيات اشارة الى موسى القلب وهارون السر وفرعون النفس وصفاتها وما يجرى بينهما من الدعوة وعدم القبول فان موسى القلب وهارون السر يدعو ان النفس الى كلمة التوحيد وعبادة الله تعالى والنفس تدعى الربوبية ولا تثبت آلها غير هواها وتمتنع ان تكون السلطنة والتصرف لهما فى ارضها والله تعالى يحق الحق بكلمة لا اله الا الله ولو كره المجرمون من اهل الهوى من النفوس المتمردة الامارة بالسوء: قال الحافظ اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود - يحكى- ان الشيخ الجنيد العجمي اجتهد أربعين سنة لينال السلطنة فلم يتيسر ثم جاء من أولاده سلاطين روافض كشاه إسماعيل وشاه عباس وشاه طهماس فهزمهم الله تعالى على أيدي الملوك العثمانية فاندفع شرهم وارتفعت فتنتهم من الأرض فقد ظهر ان الحق من اهل الحق فهم كموسى وهارون واهل الباطل كفرعون وقد ثبت ان لكل فرعون موسى وذلك

_ (1) لم أجد فى نسخ المثنوى [مه فشاند نور وسگ عوعو كند ... هر كسى بر خلقت خود مى تند (2) در ديباجه دفتر شيشم: نيز در أوائل دفتر شيشم در بيان جواب مريد وز زجر كردن آن طعام إلخ (3) در أوائل دفتر دوم صلوا خريدن شيخ احمد حضرويه إلخ [.....]

[سورة يونس (10) : آية 83]

فى كل عصر الى ان ينزل عيسى عليه السلام ويقتل الدجال فان قلت ما الحكمة فى تسليط الظلمة على اهل الأرض وقد استعبد فرعون بنى إسرائيل سنين كثيرة قلت تحصيل جوهرهم مما أصابهم من غش الآثام ان كانوا أهلا لذلك والا فهو عذاب عاجل- يحكى- ان عمر رضى الله عنه لما بلغه ان اهل العراق حصبوا أميرهم اى رموه بالحجارة خرج غضبان فصلى فسها فى صلاته فلما سلم قال اللهم انهم لبسوا علىّ فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم وكان ذلك قبل ان يولد الحجاج فلما ولد كان من امره ما كان وفى الحديث (يلحد بمكة تيس من قريش اسمه عبد الله عليه مثل أوزار الناس) قال صاحب انسان العيون هو عبد الله الحجاج ولا مانع من ان يكون الحجاج من قريش وفى حياة الحيوان ان العرب إذا أرادوا مدح الإنسان قالوا كبش وإذا أرادوا ذمه قالوا تيس ومن ثمة قال صلى الله تعالى عليه وسلم فى المحلل (التيس المستعار) فَما آمَنَ لِمُوسى فى مبدأ امره قبل إلقاء العصا واما ايمان السحرة فقد وقع بعده فلا ينافى الحصر المذكور هنا إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ اى الا أولاد من أولاد قومه بنى إسرائيل حيث دعا الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون واجابته طائفة من شبانهم وذلك ان لفظ الذرية يعبر به عن القوم على وجه التحقير والتصغير ولا سبيل لحمله على التحقير والاهانة هاهنا فوجب حمله على التصغير بمعنى قلة العدد او حداثة السن عَلى خَوْفٍ اى كائنين على خوف عظيم مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ اى ملأ الذرية ولم يؤنث لان الذرية قوم فذكر على المعنى. تلخيصه آمنوا وهم يخافون من فرعون ومن اشراف بنى إسرائيل لانهم كانوا يمنعون أعقابهم خوفا من فرعون عليهم وعلى أنفسهم ويجوز ان يكون الضمير لفرعون على ان المراد بفرعون آله كثمود اسم قبيلة أَنْ يَفْتِنَهُمْ ان يعذبهم فرعون او يرجع آباؤهم الى فرعون ليردهم الى الكفر وهو بدل اشتمال تقديره على خوف من فرعون فتنته كقولك أعجبني زيد علمه واسناد الفعل الى فرعون خاصة لانه الآمر بالتعذيب قال فى التأويلات النجمية فما آمن لموسى القلب إلا ذرية من قومه وهى صفاته ويجوز ان تكون الهاء فى قومه راجعة الى فرعون النفس اى ما آمن لموسى القلب الا بعض صفات فرعون النفس فانه يمكن تبديل أخلاقها الذميمة بالأخلاق الحميدة القلبية على خوف من فرعون وملائهم يعنى على خوف من فرعون النفس والهوى والدنيا وشهواتها بان يبدلوها باخلاقها الطبيعية التي جبلت النفس عليها وبهذا يشير الى ان النفس وان تبدلت صفاتها الامّارية الى المطمئنة لا يؤمن مكرها وتبدلها من المطمئنة الى الامارية كما كان حال بلعام وبرصيصا ان يفتنهم بالدنيا وشهواتها ويرجع النفس قهقرى الى اماريتها انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم وعلامة المدعى فى الوصول رجوعه الى رعونة النفس واعراضها ولهذا قال ابو سليمان الداراني من رؤساء المشايخ لو وصلوا ما رجعوا وانما حرموا الوصول لتضييعهم الأصول فمن لم يتخلق لم يتحقق وعلامة من صح وصوله الخروج عن الطبع والأدب مع الشرع واتباعه حيث سلك انتهى وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ لغالب فى ارض مصر ومتكبر وطاغ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ فى الظلم والفساد بالقتل وسفك

[سورة يونس (10) : الآيات 84 إلى 87]

الدماء او فى الكبر والعتو حتى ادعى الربوبية واسترق أسباط الأنبياء وهم بنوا إسرائيل فانهم من فروع يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السلام وَقالَ مُوسى لما رأى تخوف المؤمنين منه يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ اى صدقتم به وبآياته وعلمتم ان إيصال المنافع ودفع المضار بقبضة اقتداره فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا وثقوا به واعتمدوا عليه ولا تخافوا أحدا غيره قال بعضهم وصف نوح عليه السلام نفسه بالتوكل على وجه يفيد الحصر فقال فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ وموسى عليه السلام امر قومه بذلك فظاهر ان هذه الدرجة فوق درجة نوح انتهى يقول الفقير كان الكلام فى القصة الاولى مع نوح وفى الثانية مع قوم موسى ولذا اقتصر نوح فى تخصيص التوكل بالله تعالى على نفسه وموسى امر بذلك وذا لا يدل على رجحان درجته على درجة نوح فى هذا الباب لتغاير الجهتين كما لا يخفى على اولى الألباب إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مستسلمين لقضاء الله مخلصين له وليس هذا من تعليق الحكم الذي هو وجوب التوكل بشرطين مختلفين هما الايمان بالله والإسلام والا لزم ان لا يجب التوكل بمجرد الايمان بالله بل هما حكمان علق كل واحد منهما بشرط على حدة علق وجوب التوكل على الايمان بالله فانه المقتضى له وعلق حصول التوكل ووجوده على الإسلام فان الإسلام لا يتحقق مع التخليط ونظيره ان احسن إليك زيد فاحسن اليه ان قدرت فَقالُوا مجيبين له من غير تلعثم فى ذلك عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا لانهم كانوا مؤمنين مخلصين ولذلك أجيبت دعوتهم ثم دعوا ربهم قائلين رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى موضع عذاب لهم بان تسلطهم علينا فيعذبونا ويفتنونا عن ديننا وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ من كيدهم وشؤم مشاهدتهم وسوء جوارهم: قال المتنبي ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى ... عدوا له ما من صداقته بد وفى تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على ان الداعي ينبغى ان يتوكل اولا لتجاب دعوته وحقيقة التوكل إسقاط الخوف والرجاء عما سوى الله تعالى والاستغراق فى بحر شهود المسبب والانقطاع عن ملاحظة الأسباب وقال بعضهم التوكل تعلق القلب بمحبة القادر المطلق ونسيان غيره يعنى لم يثبت لنفسه ولا لغيره قوة وتأثيرا بل كان منقادا للحكم الأزلي بمثابة الميت فى يد الغسال هر كه در بحر توكل غرقه كشت ... همتش از ما سوى الله درگذشت اين توكل كر چهـ دارد رنجها ... فهو حسبه بخشد از وى كنجها ولما آمن هؤلاء الذرية بموسى واشتغلوا بعبادة الله تعالى لزمهم ان يبنوا مساجد للاجتماع فيها للعبادة فان فرعون كان قد خرب مساجد بنى إسرائيل حين ظهر عليهم لكن لما لم يقدروا على اظهار شعائر دينهم خوفا من أذى فرعون أمروا باتخاذ المساجد فى بيوتهم كما كان المؤمنون فى أول الإسلام يعبدون ربهم سرا فى دار الأرقم بمكة وذلك قوله تعالى وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ هارون أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا إليهما شيأ هو تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً يقال تبوأ المكان إذا اتخذه مباءة ومنزلا. والمعنى اجعلا بمصر المعروفة او الاسكندرية كما فى الكواشي بيوتا من بيوته مباءة لقومكما ومرجعا يرجعون إليها

للسكنى والعبادة وَاجْعَلُوا أنتما وقومكما بُيُوتَكُمْ تلك قِبْلَةً مساجد متوجهة نحو القبلة وهى الكعبة فان موسى عليه السلام كان يصلى إليها وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها وهذا ينبئ ان الصلاة كانت مفروضة عليهم دون الزكاة ولعل ذلك لفقرهم وَبَشِّرِ يا موسى لان بشارة الامة وظيفة صاحب الشريعة الْمُؤْمِنِينَ بالنصرة فى الدنيا اجابة لدعوتهم والجنة فى العقبى وفى الآية اشارة الى ان السلاك ينبغى ان لا يتخذوا المنازل فى عالم النفس السفلية بل يتخذوا المقامات فى مصر عالم الروحانية ويقيموا الصلاة اى يديموا العروج من المقامات الروحانية الى القربات والمواصلات الربانية فان سير الممكنات متناه وذوقها منقطع واما سير الواجب فغير متناه وذوقه دائم فى الدنيا والآخرة وذرة من سيره وذوقه لا يساويها لذة الجنان الثمان وجميع ذوق الرجال بانواع الكرامات لا يعادل محنة اهل الفناء عند الله وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بألم بل أشد والألم فيما إذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم. وغبطة موسى عليه السلام ليلة المعراج بنبينا عليه السلام من هذا القبيل ثم هذا بالنسبة الى من كان فى التنزل والإرشاد واما من بقي فى الوصلة فلا تألم له من شىء ولا مفخر فوق الحقيقة كما فى الواقعات المحمودية. ثم ان الابتلاء ماض الى يوم القيامة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اعلم انه لا بد لجميع بنى آدم من العقوبة والألم شيأ بعد شىء الى دخولهم الجنة لانه إذا نقل الى البرزخ فلا بد له من الألم وأدناه سؤال منكر ونكير فاذا بعث فلا بد من الم الخوف على نفسه او غيره وأول الألم فى الدنيا استهلال المولود حين ولادته صارخا لما يجده من مفارقة الرحم وسخونته فيضربه الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالم البرد فيبكى فان مات فقد أخذ حظه من البلاء انتهى كلامه وكان امية بن خلف يعذب بلالا رضى الله عنه لا سلامه فيطرحه على ظهره فى الرمضاء اى الرمل إذا اشتدت حرارته لو وضعت فيه قطعة لحم لنضجت ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدر وهو يقول أحد أحد اى الله أحد فيمزج مرارة العذاب بحلاوة الايمان وقد وقع له رضى الله تعالى عنه انه لما احتضر وسمع امرأته تقول وا حزناه صار يقول وا طرباه نلقى غدا الاحبه ... محمدا وحزبه فكان يمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وقد أشير الى هذه القصة فى المثنوى كفت جفت امشب غريبى ميروى ... از تبار خويش غائب ميشوى كفت نى نى بلكه امشب جان من ... ميرسد خود از غريبى در وطن كفت رويت را كجا بينيم ما ... كفت اندر حلقه خاص خدا كفت ويران كشت اين خانه دريغ ... كفت اندر مه نكر منكر بميغ كرد ويران تا كند معمور تر ... قومم أنبه بود وخانه مختصر من كدا بودم درين خانه چو چاه ... شاه كشتم قصر بايد بهر شاه قصرها خود مرشهانرا مأنس است ... مرده را خانه ومكان كورى بس است انبيا را تنك آمد اين جهان ... چون شهان رفتند اندر لامكان مردكان را اين جهان بنمود فر ... ظاهرش زفت؟؟؟ وبمعنى تنك تر

[سورة يونس (10) : الآيات 88 إلى 93]

كر نبودى تنك اين افغان ز چيست ... چون دو تا شد هر كه در وى پيش زيست در زمان خواب چون آزاد شد ... زان ز مكان بنكر كه جان چون شاد شد وحاصله ان الله تعالى خلق العوالم على التفاوت وجعل بعضها أوسع من بعض وأضيق الكل الدنيا وأوسعه عالم الأمر والشان ولكون الأنبياء وكمل الأولياء اصحاب السلوك والعروج كانوا بأجسادهم فى الدنيا وأرواحهم عند الحضرة العليا فلا جرم ان كل العوالم بالنسبة إليهم على السواء فلذا لا يتأذون بشئ أصلا ولا يخافون غير الله تعالى واما غيرهم فليسوا بهذه المرتبة فلهذا اختلفت أحوالهم فى السر والعلانية وغفلوا عن التوجه وحسن النية ومن الله العصمة والتوفيق وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً اى ما يتزين به من اللباس والمراكب ونحوهما وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وأنواعا كثيرة من المال كالنقود والمتاع والضياع [ابن عباس فرموده كه از فسطاط مصر تا زمين حبشه كوهها كه در او معادن ذهب وفضه وزبرجد بود همه تعلق بفرعون داشت وفرمان او درين مواضع بود بدين سبب مال بسيار بتصرف قبط در آمد ومتمول ومتجمل شدند وسبب ضلال وإضلال شد] كما قال رَبَّنا تكرير للاول اى آتيته وملأه هذه الزينة والأموال لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ اى ليكون عاقبة أمرهم ان يضلوا عبادك عن طريق الايمان فاللام للعاقبة كما فى قوله أموالنا لذوى الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها او لاجل ان يضلوا عن سبيلك فاللام للتعليل لا حقيقة بل مجازا لان الله تعالى آتاهم ذلك ليؤمنوا ويشكروا نعمته فتوسلوا به الى مزيد البغي والكفر فاشبهت هذه الحالة حال من اعطى المال لا جل الإضلال فورد الكلام بلفظ التعليل بناء على هذه المشابهة وفى الآية بيان ان حطام الدنيا سبب للضلال والإضلال فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى ومن رأى الغير فى زينة ورفاهية حال يتمنى ان يكون له مثل ذلك كما قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتى قارون لما خرج فى زينته ولذا حذر عن صحبة الأغنياء وأبناء الملوك وفى الحديث (لا تجالسوا الموتى) يعنى الأغنياء وعن ابى الدرداء رضى الله عنه لان أقع من فوق قصر فانحطم اى انكسر أحب الى من مجالسة الغنى وذلك لان مجالسته سارية وصحبته مؤثرة باد چون بر فضاى بد كذرد ... بوى بد كيرد از هواى خبيث وقال ابو بكر رضى الله عنه اللهم ابسط لى الدنيا وزهدنى فيها ولا تزوها عنى وترغبنى فيها رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ دعاء عليهم بعد الانذار وعلمه ان لا سبيل الى ايمانهم وانما عرض اضلالهم اولا ليكون تقدمة لهذا الدعاء وانهم مستحقون له بسببه. واصل الطمس المحو وازالة الأثر والمعنى اذهب منفعتها وامسخها وغيرها عن هيئتها لانهم يستعينون بنعمتك على معاصيك وانما امرتهم بان يستعينوا بها على طاعتك وسلوك سبيلك قالوا صارت دراهمهم ودنانيرهم وطعامهم من الجوز والفول والعدس وغيرها كلها حجارة مصورة منقوشة على هيئتها وكذلك البيض والمقانى وسائر أموالهم وهذه احدى الآيات التسع وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ اصل الشد الايثاق: والمعنى اجعلها قاسية واختم عليها لئلا يدخلها الايمان

[سورة يونس (10) : آية 89]

فَلا يُؤْمِنُوا جواب للدعاء حَتَّى يَرَوُا اى ليروا او الى ان يروا الْعَذابَ الْأَلِيمَ اى يعاينوه ويوقنوا به بحيث لا ينفعهم ذلك إذ ذاك وكان كذلك فانهم لم يؤمنوا الى الغرق وكان ذلك ايمان يأس فلم يقبل قالَ الله تعالى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما يعنى موسى وهارون لانه كان يؤمن والتأمين دعاء ايضا لان معناه استجب فَاسْتَقِيما فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزام الحجة ولا تستعجلا فان ما طلبتماه كائن فى وقته لا محالة وفى الكواشي الاستقامة فى الدعاء ان لا يرى الاجابة مكرا واستدراجا وتأخيرها طردا وابعادا وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ اى بعادات الله تعالى فى تعليق الأمور بالحكم والمصالح او سبيل الجهلة فى الاستعجال كارها موقوف وقت آيد نكهداريد وقت- روى- ان موسى عليه السلام او فرعون وهو الاولى كما فى حواشى سعدى المفتى مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة قال على رضى الله عنه جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسألته فما شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقنطك إبطاء اجابته فان العطية على قدر النية وربما أخرت عنك الاجابة ليكون ذلك أعظم لاجر السائل وأجزل لعطاء الآمل وفى الحديث (ما من داع يدعو إلا استجاب الله له دعوته او صرف عنه مثلها سوأ او حط من ذنوبه بقدرها ما لم يدع بإثم او قطيعة رحم) اى لم يدع حال مقارنة اثم او قطيعة رحم كما فى شرح العقائد لرمضان: وفى المثنوى جز تو پيش كه بر آرد بنده دست ... هم دعا وهم اجابت از تو است «1» هم ز أول تو دهى ميل دعا ... تو دهى آخر دعاها را جزا : وفيه ايضا داد مر فرعونرا صد ملك ومال ... تا بكرد او دعوى عز وجلال «2» در همه عمرش نديد او درد سر ... تا ننالد سوى حق آن بد كهر درد آمد بهتر از ملك جهان ... تا بخوانى مر خدا را در نهان ومن شرائط الدعاء الذلة فان الاجابة مترتبة عليها كالنصر كما قال تعالى وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار كما قال الحافظ فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز وفى الآية بيان جواز الدعاء السوء عند مساس الحاجة اليه وقد صدر من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ايضا حيث دعا على مضر حين بالغوا فى الاذية له عليه السلام فقال (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف) يعنى خذهم أخذا شديدا وعنى بسنى يوسف السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه عليه السلام فاصابتهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع ثم ان العذاب الأليم للنفس فطامها عن شهواتها

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در خواستن قبطى دعاى خير وهدايت إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان انكه الله كفتن نيازمند عين لبيك كفتن حق است

[سورة يونس (10) : الآيات 90 إلى 91]

ومألوفاتها فهى لا تؤمن بالآخرة على الحقيقة ولا تسلك سبيل الطلب حتى تذوق الم ذلك العذاب فان ذلك موت لها معنى ولا ينتبه الناس الا بعد الموت أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغفلات وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ هو من جاوز المكان إذا تخطاه وخلفه والباء للتعدية اى جعلناهم مجاوزين البحر بان جعلناه يبسا وحفظناهم حتى بلغوا الشط قال الكاشفى [چون عذاب آن قوم رسيد وحي آمد بموسى عليه السلام با قوم خود از مصر برون رو كه قبطيان را هنكام عذاب رسيد موسى عليه السلام با جماعت بنى إسرائيل متوجه شام شدند وبكناره درياى قلزم رسيده دريا شكافته شد وبنى إسرائيل بسلامت آن دريا را بگذشتند چنانچهـ حق سبحانه وتعالى ميفرمايد وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ وبگذرانيديم فرزندان يعقوب را از درياى قلزم بسلامت] فَأَتْبَعَهُمْ يقال تبعته حتى اتبعته إذا كان سبقك فلحقته اى أدركهم ولحقهم فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ حتى تراءت الفئتان وكاد يجتمع الجمعان بَغْياً وَعَدْواً اى حال كونهم باغين فى القول ومعتدين فى الفعل او للبغى والعدوان على انهما مفعولان من اجلهما كما قال الكاشفى [بغيا براى ستم كردن بنى إسرائيل وعدوا از جهت واز حد بيرون بردن از جفاى ايشان] وذلك ان موسى عليه السلام خرج ببني إسرائيل على حين غفلة من فرعون فلما سمع به تبعهم حتى لحقهم ووصل الى الساحل وهم قد خرجوا من البحر ومسلكهم باق على حاله يبسا فسلكه بجنوده أجمعين قال الكاشفى [پس چون بكنار دريا رسيدند واسب فرعون بسبب بوى باديان كه جبريل سوار بود بدريا در آمد ولشكر متابعت نموده همه خود را در دريا افكندند وفرعون نمى خواست كه بدريا در آمد اما مركب او را مى برد] فلما دخل آخرهم وهم أولهم بالخروج غشيهم من اليم ما غشيهم حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ اى لحقه وألجمه وأحاط به قالَ فرعون آمَنْتُ أَنَّهُ اى بانه والضمير للشان لا إِلهَ [نيست معبودى مستحق عبادت] إِلَّا الَّذِي [مكر آن خدايى كه بدعوت موسى عليه السلام] آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ لم يقل كما قاله السحرة آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ بل عبر عنه بالموصول وجعل صلته ايمان بنى إسرائيل به للاشعار برجوعه عن الاستعصاء وباتباعه لمن كان يستتبعهم طمعا فى القبول والانتظام معهم فى سلك النجاة كذا فى الإرشاد يقول الفقير بل فى قول ذلك المخذول رائحة التقليد ولذا لم يقبل ولو نمسك بحبل التحقيق لقال آمنت بالله الذي لا اله الا هو وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اى الذين اسلموا نفوسهم لله اى جعلوها سالمة خالصة له تعالى آلْآنَ مقول لقول مقدر معطوف على قال اى فقيل آلآن تؤمن حين يئست من الحياة وأيقنت بالممات وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ حال من فاعل الفعل المقدر اى والحال قد عصيت قبل ذلك مدة عمرك وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ اى الغالين فى الضلال والإضلال عن الايمان فالاول عبارة عن عصيانه الخاص به والثاني عن فساده الراجع الى نفسه والساري الى غيره من الظلم والتعدي وصد بنى إسرائيل عن الايمان جاء فى الاخبار عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال غار النيل على عهد فرعون فاتاه اهل مملكته

[سورة يونس (10) : آية 92]

فقالوا ايها الملك اجر لنا النيل فقال انى لست براض عنكم حتى قالوا ذلك ثلاث مرات فذهبوا فأتوه فقالوا ايها الملك ماتت البهائم وهلكت الصبيان والابكار فان لم تجر لنا النيل اتخذنا الها غيرك فقال لهم اخرجوا الى الصعيد فخرجوا فتنحى عنهم بحيث لا يرونه ولا يسمعون كلامه والصق خده بالأرض وأشار بالسبابة فقال اللهم انى خرجت إليك خروج العبد الذليل الى سيده وانى اعلم انه لا يقدر على اجرائه غيرك فاجره فقام فجرى النيل جريا فاتاهم فقال لهم انى أجريت لكم النيل فقال خروا له سجدا يقول الفقير هذا لا يدل على ايمان فرعون وذلك لان الايمان وان كان عبارة عن التصديق والإقرار وصاحبه ينبغى ان لا يكون كافرا بشئ من افعال الكفر وألفاظه ما لم يتحقق منه التكذيب والإنكار الا ان من المعاصي ما جعله الشارع امارة التكذيب ومنه دعوة فرعون الى عبادة نفسه ورضاه عن سجود قومه له ونحو ذلك فمع ذلك لا يكون مؤمنا البته قالوا عرض له جبريل يوما فقال ايها الملك ان عبدا ملكته على عبيدى وأعطيته مفاتيح خزائنى وعادانى وأحب من عاديته وعادى من أحببته فقال له فرعون لو كان لى ذلك العبد لغرقته فى بحر القلزم فقال جبريل ايها الملك اكتب لى بذلك كتابا قال فدعا بدواة وقلم وقرطاس فكتب فرعون فيه يقول ابو العباس الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماءه ان يغرق فى البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه فقال جبريل هذا ما حكمت به على نفسك قالوا نكب عن الايمان اى عدل واعرض عنه او ان بقاء التكليف والاختيار وبالغ فيه حين لا يقبل حرصا على القبول حيث كرر المعنى الواحد ثلاث مرات بثلاث عبارات حيث قال اولا آمنت وقال ثانيا لا اله الا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وقال ثالثا وانا من المسلمين وكانت المرة الواحدة كافية حين بقاء التكليف والاختيار وايمان اليأس موقوف من جهة الرد والقبول وان كان من مقام الاحتضار فمردود وإلا فلا والاحتضار لا يكون الا فى النفسين من الداخل والخارج كما فى اسئلة الحكم وهو مقبول عند الامام مالك حكما بالظاهر كالمؤمن عند سل السيف والمؤمن عند اقامة الحد عليه يقبل إيمانه وعلى هذا بنى كلامه حضرة الشيخ الأكبر المالكي فى الفصوص ذهب الى ايمان فرعون ثم فوض فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ اى نبعدك ونخرجك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا او نلقيك على نجوة من الأرض ليراك بنوا إسرائيل ويتحققوا بهلاكك. والنجوة المكان المرتفع الذي تظن انه نجاؤك لا يعلوه السيل بِبَدَنِكَ الباء للمصاحبة كما فى قولك خرج زيد بعشيرته وهذه الباء يصلح فى موضعها مع وهى مع مدخولها فى موضع الحال من ضمير المخاطب اى ننجيك ملابسا ببدنك فقط لامع روحك كما هو مطلوبك فهو قطع لطمعه بالكلية او كاملا سويا من غير نقص لئلا يبقى شبهة فى انه بدنك او عريانا من غير لباس او بدرعك وكانت له درع من الذهب يعرف بها والعرب تطلق البدن على الدرع قال الليث البدن الدرع الذي يكون قصير الكمين لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً لمن وراءك علامة وهم بنوا إسرائيل إذ كان فى نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم انه لا يهلك حتى كذبوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بغرقه الى ان عاينوه مطروحا على ممرهم من الساحل قصيرا احمر كأنه ثور إذ يروى ان قامته كانت سبعة أشبار ولحيته ثمانية أشبار او لمن

يأتى بعدك من الأمم إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك آية عبرة ونكالا على الطغيان او حجة تدلهم على ان الإنسان وان بلغ الغاية القصوى من عظم الشان وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية [بنده كه خود را از غرقه شدن در كرداب فنا نرهاند چرا صداى انا ربكم الأعلى بسمع چهانيان ساند عاجز اى كو أسير خواب وخورست ... لاف قدرت زند چهـ بيخبرست آنكه در نفس خود زبون باشد ... صاحب اقتدار چون باشد ثم قوله تعالى آلْآنَ الى قوله آيَةً من كلام جبريل كما قال الكاشفى [بعد از انكه فرعون اين سخن كفت حق تعالى بجبريل در جواب او فرموده] آلآن إلخ وقال فى الكواشي وخاطبه كخطاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اهل القليب انتهى وذلك ان الله تعالى لما هزم المشركين يوم بدر امر صلى الله تعالى عليه وسلم ان يطرح قتلاهم فى القليب ثم جاء بعد ثلاثة ايام حتى وقف على شفير القليب وجعل يقول (يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجد ما وعدني الله حقا بئس عشيرة النبي كنتم كذبتمونى وصدقنى الناس وأخرجتموني وآوانى الناس وقاتلتمونى ونصرنى الناس) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم) وفى رواية (لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) وعن قتادة أحياهم الله حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والمراد باحيائهم شدة تعلق أرواحهم بأجسادهم حتى صاروا كالاحياء فى الدنيا للغرض المذكور لان الروح بعد مفارقة جسدها يصير لها تعلق به او بما يبقى منه ولو عجب الذنب فانه لا يفنى وان اضمحل الجسم بأكل التراب او بأكل السباع او الطير او النار وبواسطة ذلك التعلق يعرف الميت من يزوره ويأنس به ويرد سلامه إذا سلم عليه كما ثبت فى الأحاديث والغالب ان هذا التعلق لا يصير به الميت حيا فى الدنيا بل يصير كالمتوسط بين الحي والميت الذي لا تعلق لروحه بجسده وقد يقوى ذلك حتى يصير كالحى فى الدنيا ولعله مع ذلك لا يكون فيه القدرة على الافعال الاختيارية. فلا يخالف ما حكى عن السعد اتفقوا على انه تعالى لم يخلق فى الميت القدرة والافعال الاختيارية هذا كلامه والكلام فى غير الأنبياء وشهداء المعركة واما هما فتعلق أرواحهم بأجسادهم تصير به أجسادهم حية كحياتها فى الدنيا وتصير لهم القدرة والافعال الاختيارية كذا فى انسان العيون وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها: وفى المثنوى نى ترا از روى ظاهر طاعتى ... نى ترا در سر وباطن نيتى نى ترا شبها مناجات وقيام ... نى ترا روزان پرهيز وصيام نى ترا حفظ زبان ز آزار كس ... نى نظر كردن بعبرت پيش و پس پيش چهـ بود ياد مرك ونزع خويش ... پس چهـ باشد مردن ياران پيش قالوا فرعون مع شدة شكيمته وفرط عناده آمن ولو حال اليأس واما فرعون هذه الامة فقد قتله الله يوم بدر شر قتلة ولم يصدر منه ما يؤذن بايمانه بل اشتد غيظه وغضبه فى حق رسول الله وفى

[سورة يونس (10) : آية 93]

حق المؤمنين الى ان خرج روحه لعنه الله فصار أشد من فرعون فليعتبر العاقل بهذا وليقس عليه كل من سلك مسلكه فى الكفر والظلم والعناد فنعوذ بالله رب العباد من كل شر وفساد ثم ان الله تعالى أهلك العدو وأنجى بنى إسرائيل وذلك لصدق ايمانهم وبركة يقينهم- كما يحكى- انه صاح رجل فى مجلس الشبلي قدس سره فطرحه فى دجلة فقال ان صدق ينجه صدق كما نجا موسى وان كذب غرق كما غرق فرعون كما فى ربيع الأبرار. فدل على ان النجاة فى الايمان والعدل والصدق. والهلاك فى الكفر والظلم والكذب ولما كذب فرعون فى دعوى الربوبية واستمر على إضلال الناس دعا عليه موسى كما سبق فاستجاب الله دعاءه ولا كلام فى تأثير الدعاء مطلقا- يحكى- ان معاوية استجاب الله دعاء فى حق ابنه يزيد وذلك انه ليم على عهده الى يزيد فخطب وقال اللهم ان كنت انما عهدت ليزيد لما رأيت من فعله فبلغه ما أملته وأعنه وان كنت انما حملنى حب الوالد لولده وانه ليس لما صنعت به أهلا فاقبضه قبل ان يبلغ ذلك فكان كذلك لان ولايته كانت سنة ستين ومات سنة اربع وستين كما فى الصواعق لابن حجر. والحاصل ان الآفاق والأنفس مملوءة بالآيات والعبر فمن له عين مبصرة واذن واعية يرى الآثار المختلفة ويسمع الاخبار المتواترة فيعتبر اعتبارا الى ان يأتى اليقين ويسلم من آثار القهر المتين ولا يكون عبرة للغير بما اقترفه كل حين وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ اى اسكناهم وأنزلناهم بعد ما أنجيناهم وأهلكنا أعداءهم فرعون وقومه مُبَوَّأَ صِدْقٍ منزلا صالحا مرضيا ومكانا محمودا وهو الشام ومصر فصاروا ملوكا بعد الفراعنة والعمالقة وتمكنوا فى نواحيها. ومبوأ اسم مكان وصف بالصدق مدحا له فان عادة العرب إذا مدحت شيأ إضافته الى الصدق تقول رجل صدق قال الله تعالى رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى اللذائذ من الثمار وغيرها من المن والسلوى كما فى التبيان فَمَا اخْتَلَفُوا فى امور دينهم حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى الامن بعد ما قرأوا التوراة وعلموا أحكامهم وما هو الحق فى امر الدين ولزمهم الثبات عليه واتحاد الكلمة فيه يعنى انهم تشعبوا فى كثير من امور دينهم بالتأويل طلبا للرياسة وبغيا من بعضهم على بعضهم حتى أداهم ذلك الى القتال كما وقع مثله بين علماء هذه الامة حيث افترقوا على الفرق المختلفة وأولوا القرآن على مقتضى اهوائهم كالمعتزلة وغيرها من اهل الأهواء وفيهم من يقول بالظاهر: وفى المثنوى كرده تأويل حرف بكر را ... خويش را تأويل كن نى ذكر را بر هوا تأويل قرآن ميكنى ... پست وكژ شد از تو معنىء سنى او المراد ببني إسرائيل معاصروا النبي عليه السلام كقريظة والنضير وبنى قينقاع أنزلهم الله ما بين المدينة والشام من ارض يثرب ورزقهم من النخل وما فيها من الرطب والتمر الذي لا يوجد مثله فى البلاد فما اختلفوا فى امر محمد عليه السلام الا من بعد ما علموا صدق نبوته وتظاهر معجزاته فآمن به بعضهم كعبد الله بن سلام وأصحابه وكفر آخرون وقال ابن عباس رضى الله عنهما المراد بالعلم القرآن العظيم وسمى القرآن علما لكونه سبب العلم وتسمية السبب باسم المسبب مجاز مشهور إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ [حكم كند ميان ايشان] يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فيميز المحق من المبطل بالاثابة والتعذيب واما فى الدنيا فيجرون على

[سورة يونس (10) : الآيات 94 إلى 98]

الستر والامهال فانها ليست بدار جزاء الأعمال. وفيه تهديد بيوم القيامة الذي هو يوم الامتحان چون محك ديدى سيه كشتى چوقلب ... نقش شپرى رفت و پيدا كشت كلب «1» فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ اى فى شك ما يسير على الفرض والتقدير فان مضمون الشرطية انما هو تعليق شىء بشئ من غير تعرض لامكان شىء منهما كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعا كقوله تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ من القصص التي من جملتها قصة فرعون وقومه واخبار بنى إسرائيل فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ فان ذلك محقق عندهم ثابت فى كتبهم على نحو ما ألقينا إليك والمراد اظهار نبوته عليه السلام بشهادة الأحبار حسبما هو المسطور فى كتبهم وان لم يكن اليه حاجة أصلا او وصف اهل الكتاب بالرسوخ فى العلم بصحة نبوته او تهييجه عليه السلام وزيادة تثبيته على ما هو عليه من اليقين لا تجويز صدور الشك منه عليه السلام ولذلك قال عليه السلام (لا شك ولا اسأل) [ودر زاد المسير آورده كه ان بمعنى ماى نافيه است يعنى تو در شك نيستى اما براى زيادتئ بصيرت سؤال كن از اهل كتاب] وقيل الخطاب للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم والمراد أمته فانه محفوظ ومعصوم من الشكوك والشبهات فيما انزل وعادة السلطان الكبير إذا كان له امير وكان تحت راية ذلك الأمير جمع فاراد السلطان ان يأمر الرعية بامر مخصوص بهم فانه لا يوجه خطابه لهم بل يوجه ذلك الخطاب لذلك الأمير الذي جعله أميرا عليهم ليكون أقوى تأثيرا فى قلوبهم او الخطاب لكل من يسمع اى ان كنت ايها السامع فى شك مما أنزلنا إليك على لسان نبينا وفيه تنبيه على ان من خالجه شبهة فى الدين ينبغى ان يسارع الى حلها بالرجوع الى اهل العلم چون چنين وسواس ديدى زود زود ... با خدا كرد ودرا اندر سجود «2» سجده كه را تر كن از أشك روان ... كاى خدا يا وا رهانم زين كمان كو ندانستى مراد حق ازين ... فاسأل اهل العلم حتى تطمئن «3» لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ الذي لا ريب فى حقيقته مِنْ رَبِّكَ وظهر ذلك بالآيات القاطعة فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ بالتزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقين ودم على ذلك كما كنت من قبل والامتراء التوقف فى الشيء والشك فيه وامره أسهل من امر المكذب فبدأ به اولا ونهى عنه واتبع به ذكر المكذب ونهى ان يكون منهم كما قال وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ من باب التهييج والالهاب والمراد به اعلام ان التكذيب من القبح والمحذورية بحيث ينبغى ان ينهى عنه من لا يتصور إمكان صدوره عنه فكيف بمن يمكن اتصافه به وفيه قطع لاطماع الكفرة فَتَكُونَ بذلك مِنَ الْخاسِرِينَ أنفسا وأعمالا واعلم ان تصديق الآيات سواء كانت آيات الوحى كالقرآن وآيات الإلهام كالمعارف الإلهية من اربح المتاجر الدينية وتكذيبها من أخسر المكاسب الانسانية ولذا قال بعض العارفين من لم يكن له نصيب من هذا العلم اى العلم الوهبي الكشفى أخاف عليه سوء الخاتمة وادنى النصيب منه التصديق به وتسليمه لاهله واقل عقوبة من ينكره ان لا يرزق منه شيأ وهو علم الصديقين والمقربين كذا فى احياء العلوم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر علم النبوة

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان دعوى كردن فرعون لوهيت را إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان كفتن جهودى على را كه اگر اعتماد بر حفيظ إلخ (3) لم أجد

[سورة يونس (10) : الآيات 96 إلى 98]

والولاية وراء طور العقل ليس للعقل دخول فيه بفكره ولكن له القبول خاصة عند سليم العقل الذي لم يغلب عليه شبهة خيالية فما لنا الا ما نص عليه الشرع فانك تعلم ان دليل. الأشعري شبهة عند المعتزلي وبالعكس والناظر بفكره لا يبقى على طور واحد فيخرج من امر الى نقيضه كما فى الفتوحات: وفى المثنوى تنكتر آمد خيالات از عدم ... زان سبب باشد خيال اسباب غم فلا بد من التصديق وكثرة الاجتهاد فى طريق التوحيد ليتخلص المريد من الشك والشبهة والتقليد ويصل بإقراره الى ما لم يصل اليه العنيد إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ ثبتت ووجبت كَلِمَتُ رَبِّكَ وهى قوله (هؤلاء فى النار ولا أبالي) اى وجبت عليهم النار بسبق هذه الكلمة كما فى التأويلات النجمية. او حكمه وقضاؤه بانهم يموتون على الكفر ويخلدون فى النار كقوله تعالى وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ إلخ كما فى الإرشاد وقال الكاشفى [يعنى قولى كه در لوح محفوظ نوشته كه ايشان بر كفر ميرند وملائكه را بران خبر داده] فهذه ثلاثة اقوال لا يُؤْمِنُونَ ابدا إذ لا كذب لكلامه ولا انتقاض لقضائه اى لا يؤمنون ايمانا نافعا واقعا فى أوانه فيندرج فيهم المؤمنون عند معاينة العذاب مثل فرعون باقيا عند الموت فيدخل فيهم المرتدون وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ سألوها واقترحوها وانث فعل كل لاضافته الى مؤنث وذلك ان سبب ايمانهم وهو تعلق ارادة الله به مفقود لكن فقدانه ليس لمنع منه سبحانه استحقاقه له بل لسوء اختيارهم المتفرع على عدم استعدادهم لذلك حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ الى ان يروه وحينئذ لا ينفعهم كما لم ينفع فرعون فَلَوْلا حرف لولا تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي يكون للتوبيخ على ترك الفعل كانَتْ تامة قَرْيَةٌ من القرى المهلكة والمراد أهاليها آمَنَتْ قبل معاينة العذاب ولم تؤخر إيمانها الى حين معاينته كما اخر فرعون وقومه وهو صفة لقرية فَنَفَعَها إِيمانُها بان يقبله الله منها ويكشف بسببه العذاب عنها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لكن قوم يونس بن متى ولم ينصرف يونس لعجمته وتعريفه وان قيل باشتقاقه فلتعريفه ووزن الفعل المختص ومتى بالتشديد اسم أبيه وقال بعضهم اسم امه ولم يشتهر باسم امه غير عيسى ويونس عليهما السلام لَمَّا آمَنُوا أول ما رأوا امارة العذاب ولم يؤخروا الى حلوله كَشَفْنا عَنْهُمْ رفعنا وأزلنا عَذابَ الْخِزْيِ اى الذل والهوان الذي يفضح صاحبه وهو لا يدل على حصولهم فى العذاب بل يقع ذلك على اشراف العذاب عليهم كما قال تعالى وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كان الانقاذ منها حالة الاشراف عليها لا الحصول فيها كما فى التيسير فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فنفعهم ايمانهم لوقوعه فى وقت الاختيار وبقاء التكليف لا حال اليأس وَمَتَّعْناهُمْ بمتاع الدنيا بعد كشف العذاب عنهم إِلى حِينٍ مقدر لهم فى علم الله سبحانه: والمعنى بالفارسية [چرا اهل قرى ايمان نياوردند قبل از معاينه عذاب وتعجيل نكردند پيش از حلول آن تا نفع كردى ايشانرا ايمان ايشان ليكن قوم يونس چون امارات عذاب مشاهده نمودند تأخير نكردند ايمان خود را تا بوقت حلول وايمان آوردند] فالاستثناء على هذا

منقطع ويجوز ان يكون متصلا والجملة فى معنى النفي لتضمن حرف التحضيض معناه يعنى ان لولا كلمة التحضيض فى الأصل استعملت هنا للنفى لان فى الاستفهام ضربا من الجحد كأنه قيل ما آمنت اهل قرية من القرى المشرفة على الهلاك فنفعهم ايمانهم الا قوم يونس فيكون قوله تعالى لما آمنوا استئنافا لبيان نفع ايمانهم وفيه دلالة على ان الايمان المقبول هو الايمان بالقلب: وفى المثنوى بندگى در غيب آمد خوب وكش ... حفظ غيب آيد در استبعاد خوش طاعت وايمان كنون محمود شد ... بعد مرك اندر عيان مردود شد - روى- ان يونس عليه السلام بعث الى نينوى من ارض الموصل وهو بكسر النون الاولى وفتح الثانية وقيل بضمها قرية على شاطئ دجلة فى ارض الموصل وهر بفتح الميم وكسر الصاد المهملة اسم بلدة فدعاهم الى الله تعالى مدة فكذبوه وأصروا عليه فضاق صدره فقال اللهم ان القوم كذبونى فانزل عليهم نقمتك وذلك انه كان فى خلقه ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة تفسخ تحتها وقد قالوا لا يستطيع حمل أثقال النبوة الا أولوا العزم من الرسل وهم نوح وهود وابراهيم ومحمد عليهم السلام. اما نوح فلقوله يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ الآية وقد سبق. واما هود فلقوله إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ الآية. واما ابراهيم فلقوله هو والذين آمنوا معه إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. واما محمد فلقول الله تعالى له فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فصبر فقيل له أخبرهم ان العذاب مصبحهم بعد ثلاث او بعد أربعين قال الكاشفى [يونس ايشانرا خبر داد از ميان قوم يونس بيرون رفته در شكاف كوهى پنهان شد چون زمان موعود نزديك رسيد حق تعالى بمالك دوزخ خطاب كرد كه بمقدار شعيره از سموم دوزخ باين قوم فرست مالك فرمان الهى بجا آورد وآن سموم بصورت ابر سياه با دود غليظ وشراره آتش بيامده كرد مدينه نينوى را فرا كرفت اهل آن شهر دانستند كه يونس راست كفته روى بملك خود آوردند واو مرد عاقل بود فرمود كه يونس را طلب كنيد چندانكه طلبيدند نيافتند ملك كفت اگر يونس برفت خدائى كه ما را بدو دعوت ميكرد باقيست ودانا وشنوا اكنون هيچ چاره نيست الا آنكه عجز وشكستكى وتضرع بدرگاه او بريم پس ملك سر و پابرهنه پلاسى در پوشيد ورعايا بهمين صورت روى بصحرا نهادند مرد وزن وخرد وبزرك خروش وفرياد در كرفتند كودكانرا از مادران جدا كردند] قال فى الكواشي فحنّ بعضهم الى بعض وعجوا وتضرعوا واختلطت أصواتهم وفعلوا ذلك ليكون ارق لقلوبهم وأخلص للدعاء واقرب الى الاجابة وترادوا المظالم حتى كان الرجل يقلع الحجر قد وضع عليه بنيانه فيرده وقالوا جملة بالنية الخالصة آمنا بما جاء به يونس او قالوا يا حى حين لا حى محيى الموتى ويا حى لا اله الا أنت او قالوا اللهم ان ذنوبنا قد عظمت وجلت وأنت أعظم منها وأجل من اميدوارم ز لطف كريم ... كه خوانم كنه پيش عفو عظيم افعل بنا ما أنت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله [واز أول ذى الحجة تا عاشر محرم برين وجه

مى ناليدند ودرين چهل روزه از افغان وناله نياسوده درماندكى وبيچارگى بموقف عرض ميرسانيدند] چاره ما ساز كه بي ياوريم ... گ ر تو برانى بكه رو آوريم بي طربيم از همه سازنده ... جز تو نداريم نوازنده پيش تو كربى سرو پاآمديم ... هم باميد تو خدا آمديم [قومى ميكفتند خداوندا يونس ما را كفته بود كه خداى من گفته بندگان بخريد وآزاد كنيد ما بندگان توايم تو بكرم خود ما را از عذاب آزاد كن. جماعتى ديكر مى ناليدند كه الهنا ما را يونس خبر داد كه تو خداوند فرموده كه بيچارگان ودرماند كانرا دستكيرى ما بيچاره ودر مانده ايم بفضل خود ما را دستكير بعض ديكر بعرض ميرسانيدند كه اى پروردگار ما يونس از قول تو ميفرمود كه هر كه بر شما ستم كند ازو در كذرانيد خدايا ما بگناه بر خود ستم كرده ايم از ما عفو كن برخى ديكر بدين كونه ادا ميكردند كه خدايا يونس ماراى كفت كه پروردگار من كفته است كه سائلانرا رد مكنيد ما سائلان روى بدرگاه كرمت آورده ايم ما را رد مكن ما تهى دستان بر آورديم دستى در دعا ... نقد فيضى نه برين دست كنهكاران همه قاضى حاجات درويشان ومحتاجان توئى ... پس روا كن از كرم حاجات بسيار همه القصة روز چهلم كه آذينه بود وعاشورا اثر مناجات دلسوز ايشان ظهور نموده برات نجات از ديوان رحمت نوشته شد وظلمت سحاب مرتفع كشته ابر رحمت سايه رأفت بر مفارق ايشان افكنده يونس بعد از چهل روز متوجه نبينوى كشته ميخواست كه از حال قوم خبر گيرد چون بنزديك شهر رسيد وبر صورت واقعه مطلع شد ملال بسيار برو غلبه كرده با خود كفت من ايشانرا بعذاب ترسانيدم وعذاب بر رحمت مبدل شد اگر من بدين شهر روم مرا بكذب نسبت دهند] فذهب مغاضبا ونزل السفينة فلم تسر فقال لهم ان معكم عبدا آبقا من ربه وانها لا تسير حتى تلقوه فى البحر وأشار الى نفسه فقالوا لا نلقيك يا بنى الله ابدا فاقترعوا فخرجت القرعة عليه ثلاث مرات فالقوه فالتقمه الحوت وقيل قائل ذلك بعض الملاحين وحين خرجت القرعة عليه ثلاثا ألقى نفسه فى البحر قال الشعبي التقمه الحوت ضحوة يوم عاشوراء ونبذه عشية ذلك اليوم اى بعد العصر وقاربت الشمس الغروب وفيه بيان فضيلة يوم عاشوراء فانه الذي كشف الله العذاب فيه عن قوم يونس واخرج يونس من بطن الحوت وأزال عنه ذلك الابتلاء- حكى- انه هرب أسير من الكفار يوم عاشوراء فركبوا فى طلبه فلما رأى الفرسان خلفه وعلم انه مأخوذ رفع رأسه الى السماء وقال اللهم بحق هذا اليوم المبارك اسألك ان تنجينى منهم فاعمى الله أبصارهم جميعا حتى تخلص منهم فصام ذلك اليوم فلم يجد شيأ يفطر ويتعشى به فنام فاطعم وسقى فى المنام فعاش بعد ذلك عشرين سنة لم يكن له حاجة الى الطعام والشراب كما فى روضة العلماء. ومن صامه أعطاه الله ثواب عشرة آلاف ملك وثواب عشرة آلاف حاج ومعتمر وثواب عشرة آلاف شهيد كما فى تنبيه الغافلين ذكر ان الله عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ أمن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق. والمستحب فى ذلك اليوم

[سورة يونس (10) : الآيات 99 إلى 103]

فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا يجعل ذلك يوم عيدا ويوم مأتم كالشيعة والروافض والناصبة كما فى عقد الدرر. والاكتحال ونحوه وان كان له اصل صحيح لكن لما كان شعارا لاهل البدعة صار تركه سنة كالتختم باليمين فانه لما كان شعار اهل البدعة صار السنة ان يجعل فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستاتى وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ايمان من فى الأرض من الثقلين لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ بحيث لا يشذ منهم أحد جَمِيعاً مجتمعين على الايمان لا يختلفون لكنه لا يشاؤه لكونه مخالفا للحكمة التي عليها بنى أساس التكوين والتشريع فشاء ان يؤمن به من علم منه انه لا يختار الكفر وان لا يؤمن به من علم منه انه لا يؤمن به تكميلا لحكم القبضتين وتحصيلا لأهل النشأتين وجعل الكل مستعدا ليصح التكليف عليهم وكان عليهم السلام حريصا على ايمان قومه شديد الاهتمام به لان نشأة الكامل حاملة للرحمة الكلية بحيث لا يريد الا ايمان الكل ومغفرته- كما حكى- ان موسى عليه السلام حين قصد الى الطور لقى فى الطريق وليا من اولياء الله تعالى فسلم عليه فلم يرد سلامه فلما وصل الى محل المناجاة قال الهى سلمت على عبد من عبادك فلم يرد على سلامى قال الله تعالى يا موسى ان هذا العبد لا يكلمنى منذ ستة ايام قال موسى لم يا رب قال لانه كان يسأل منى ان اغفر لجميع المذنبين وأعتق العصاة من عذاب جهنم أجمعين فما أجبت لسؤاله فما كلمنى منذ ستة ايام كذا فى الواقعات المحمودية والحاصل ان الله تعالى لما رأى من حبيبه عليه السلام ذلك الحرص انزل هذه الآية وعلق ايمان قومه على مشيئته وقال له أَفَأَنْتَ اى أربك لا يشاء ذلك فانت تُكْرِهُ النَّاسَ على ما لم يشأ الله منهم حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ليس ذلك إليك كما فى الكواشي فيكون الإنكار متوجها الى ترتيب الإكراه المذكور على عدم مشيئته تعالى كما فى الإرشاد. وفى إيلاء الاسم حرف الاستفهام إيذان بان اصل الفعل وهو الإكراه امر ممكن مقدور لكن الشان فى المكره من هو وما هو الا هو وحده لا يشارك فيه لانه القادر على ان يفعل فى قلوبهم ما يضطرهم الى الايمان وذلك غير مستطاع للبشر وقال السيد الشريف فى شرح المفتاح المقصود من قوله أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ انكار صدور الفعل من المخاطب لا انكار كونه هو الفاعل مع تقرر اصل الفعل انتهى والتقديم لتقوية حكم الإنكار كما فى حواشى سعدى المفتى قال الكاشفى [اين آيت منسوخ است بآيت قتال] وقال فى التبيان والصحيح انه لا نسخ لان الإكراه على الايمان لا يصح لانه عمل القلب وَما كانَ اى وما صح وما استقام لِنَفْسٍ من النفوس التي علم الله انها تؤمن أَنْ تُؤْمِنَ فى حال من أحوالها إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى الا حال كونها ملابسة باذنه تعالى وتسهيله وتوفيقه فلا تجهد نفسك فى هداها فانه الى الله: قال الحافظ رضا بداده بده وزجبين گره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ اى الكفر بقرينة ما قبله عبر عنه بالرجس الذي هو عبارة عن القبيح المستقذر المستكره لكونه علما فى القبح والاستكراه اى يجعل الكفر ويبقيه عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ لا يستعملون عقولهم بالنظر فى الحجج والآيات فلا يحصل لهم الهداية

[سورة يونس (10) : الآيات 101 إلى 103]

التي عبر عنها بالاذن فيبقون مغمورين بقبائح الكفر والضلال وفى التأويلات النجمية وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ اى عذاب الحجاب عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ سنة الله فى الهداية والخذلان فان سنته ان تهتدى العقول المؤيدة بنور الايمان الى توحيد الله ومعرفته ولا تهتدى العقول المجردة عن نور الايمان الى ذلك وهذا رد على الفلاسفة فانهم يحسبون ان للعقول المجردة عن الايمان سبيلا الى التوحيد والمعرفة انتهى: قال الحافظ اى كه از دفتر عقل آيت عشق آموزى ... ترسيم اين نكته تحقيق ندانى دانست قُلِ انْظُرُوا تفكروا يا اهل مكة ماذا مرفوع المحل على الابتداء فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبره اى أي شىء بديع فيهما من عجائب صنعه الدالة على وحدته وكمال قدرته فماذا جعل بالتركيب اسما واحدا مغلبا فيه الاستفهام على اسم الاشارة ويجوز ان يكون اسمين بمعنى ما الذي على ان تكون ما استفهامية مرفوعة على الابتداء والظرف صلة الذي والجملة خبر للمبتدأ وعلى التقديرين فالمبتدأ والخبر فى محل النصب بإسقاط الخافض وفعل النظر معلق بالاستفهام وَما نافية تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ جمع نذير على انه فعيل بمعنى منذر او على انه مصدر اى لا تنفع الآيات الانفسية والآفاقية الدالة على الوحدانية والرسل المنذرون او الانذارات شيئا عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ فى علم الله تعالى وحكمه فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ اى فما ينتظر كفار مكة واضرابهم إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا اى الا يوما مثل ايام الذين مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ من مشركى الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود واصحاب الايكة واهل المؤتفكة اى مثل وقائعهم ونزول بأس الله بهم إذ لا يستحقون غيره وهم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظر والعرب تسمى العذاب والنعم أياما وكل ما مضى عليك من خير وشر فهو ايام قُلْ تهديدا لهم فَانْتَظِرُوا ما هو عاقبتكم من العذاب إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لذلك او فانتظروا إهلاكي انى معكم من المنتظرين لهلاككم فان العاقبة للمتقين على ما هى السنة القديمة الالهية ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا عطف على محذوف دل عليه قوله مثل ايام الذين خلوا كأنه قيل نهلك الأمم ثم ننجى رسلنا ومن آمن بهم عند نزول العذاب على حكاية الحال الماضية فان المراد أهلكنا ونجينا كَذلِكَ اى مثل ذلك الانجاء حَقًّا عَلَيْنا اعتراض بين الفعل ومعموله ونصبه بفعله المقدر اى حق ذلك حقا نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ من كل شدة وعذاب ولم يذكر إنجاء الرسل إيذانا بعدم الحاجة اليه وفيه تنبيه على ان مدار النجاة هو الايمان وهذه سنة الله تعالى فى جميع الأمم فان الله تعالى كما أنجى الرسل المتقدمين ومن آمن بهم وأنجز ما وعد لهم كذلك أنجى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من أصحابه وحقق لهم ما وعد لهم وسينجى الى قيام الساعة جميع المؤمنين من أيدي الكفرة وشرورهم ما دام الشرع باقيا والعمل به قائما: قال السعدي قدس سره محالست چون دوست دارد ترا ... در دست دشمن كذارد ترا واقل النجاة الموت فان الموت تحفة المؤمن ألا ترا الى قوله عليه السلام حين مرّ بجنازة مستريح

[سورة يونس (10) : الآيات 104 إلى 109]

او مستراح منه فالاول هو الرجل الصالح يتخلص من تعب الدنيا ويستريح فى البرزخ بالثواب الروحاني وهو نصف النعيم والثاني هو الرجل الفاسق يستريح بموته الخلق ويتخلصون بموته من أذاه ويصل هو الى العذاب الروحاني البرزخى وهو نصف الجحيم نعوذ بالله تعالى منه والحديث المناسب لآية الانتظار والانجاء قوله صلى الله تعالى عليه وسلم (أفضل العبادة انتظار الفرج) وذلك لان فيه استراحة القلب وثواب الصبر إذا المؤمن المبتلى يعتقد ان المبتلى هو الله تعالى وانه لا كاشف له الا هو وذلك يخفف ألم البلاء عنه ويهون عليه الصبر فيرفع الجزع ويجد الاستراحة فى قلبه بخلاف حال الجاهل الذي لا يخطر بباله ان ما يجرى عليه انما هو بقضاء الله وان الله لطيف بعباده إذ ربما يعتقد انه لا يتخلص من بلائه ابدا فينسب العجز الى الله تعالى من حيث لا يحتسب ويتقلب فى ألم البلاء صباحا ومساء فنعوذ بالله منه: قال الحافظ اى دل صبور باش مخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح گردد واين شب سحر شود وفى الحديث (اشتدى ازمة تنفرجى) خاطب عليه السلام السنة المجدبة فقال ابلغى فى الشدة والمشقة الغاية تنكشفى وفيه تنبيه على ان لا بقاء للمحنة فى دار الدنيا كما لا بقاء للنعمة. والازمة القحط والشدة وقيل ازمة امرأة وقعت فى الطلق فقال عليه السلام اى ازمة اشتدى يعنى ابلغى فى الشدة الغاية تنفرجى حتى تجدى الفرج عن قريب بالوضع والعرب تقول إذا تناهت الشدة انفرجت. وقد عمل ابو الفضل يوسف بن محمد الأنصاري المعروف بابن النحوي لفظ الحديث مطلع قصيدة فى الفرج بديعة فى معناها كذا فى المقاصد الحسنة لخاتمة الحافظ والمحدثين الامام السخاوي رحمه الله سبحانه قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لاهل مكة إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي الذي أتعبد الله به وأدعوكم اليه ولم تعلموا ما هو وما صفته فَلا أَعْبُدُ اى فانا لا اعبد والا لا نجزم الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فى وقت من الأوقات وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ يقبض أرواحكم بواسطة الملك ثم يفعل بكم ما يفعل من فنون العذاب اى فاعلموا تخصيص العبادة به تعالى ورفض عبادة ما سواه من الأصنام وغيرها مما تعبدونه جهلا وذلك لان شكهم ليس سببا لعدم عبادة الأوثان وعبادة الله بل سبب للاعلام والاخبار بان الدين كذا ومثله وما بكم من نعمة فمن الله فان استقرار النعمة فى المخاطبين ليس سببا لحصولها من الله تعالى بل الأمر بالعكس وانما هو سبب للاخبار بحصولها من الله تعالى وَأُمِرْتُ أَنْ اى بان أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وفى الانتقال من العبادة التي هى جنس من اعمال الجوارح الى الايمان والمعرفة دلالة على انه ما لم يصر الظاهر مزينا بالأعمال الصالحة لا يستقر فى القلب نور الايمان والمعرفة فان الله تعالى جعل احكام الشريعة أساس المعرفة فاذا زال الأساس زال ما بنى عليه وايضا العمل لباس المعرفة فاذا انسلخت المعرفة عن هذا اللباس صارت كسراج على وجه الريح علم آبست وعمل سد چون سبو ... چون سبو بشكست ريزد آب ازو وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ عطف على ان أكون وان مصدرية اى موصول حرفى وصلته لا تجب ان تكون خبرية بخلاف الموصول الاسمى. والمعنى وأمرت بالاستقامة فى الدين

[سورة يونس (10) : الآيات 106 إلى 107]

والاشتداد فيه بأداء الفرائض والانتهاء عن القبائح كما فى تفسير القاضي قال ابن الشيخ فى حواشيه وفيه اشارة الى ان اقامة الوجه للدين كناية عن توجيه النفس بالكلية الى عبادة الله تعالى والاعراض عما سواه فان من أراد ان ينظر الى شىء نظرا بالاستقصاء فانه يقيم وجهه فى مقابلته بحيث لا يلتفت يمينا ولا شمالا فانه لو التفت الى جهة بطلت تلك المقابلة واختل النظر المراد ولذلك كنى باقامة الوجه عن صرف القوى بالكلية الى الدين انتهى قال فى الكواشي والمعنى كن مؤمنا وأخلص عملك لله عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگرنه چهـ آيد ز بى مغز پوست حَنِيفاً حال من الدين اى مائلا عن الأديان الباطلة مستقيما لا اعوجاج فيه بوجه ما وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اعتقادا وعملا عطف على أقم داخل تحت الأمر قال الامام من عرف مولاه لو التفت بعد ذلك الى غيره كان ذلك شركا وهذا هو الذي تسميه اصحاب القلوب بالشرك الخفي: قال المغربي اگر بغير تو كردم نگاه در همه عمر ... بياد جرم غرامت ز ديده ام بستان وَلا تَدْعُ عطف على قوله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ غير داخل تحت الأمر مِنْ دُونِ اللَّهِ استقلالا ولا اشتركا ما لا يَنْفَعُكَ إذا دعوته بدفع مكروه او جلب محبوب وَلا يَضُرُّكَ إذا تركته بسلب المحبوب دفعا او رفعا او بايقاع المكروه فَإِنْ فَعَلْتَ اى ما نهيت عنه من دعاء ما لا ينفع ولا يضر فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ الضارين بانفسهم فانه إذا كان ما سوى الحق معزولا عن التصرف كان اضافة التصرف الى ما سوى الحق وضعا للشئ فى غير موضعه فيكون ظلما فلا نافع ولا ضار الا الحق وكل شىء هالك الا وجهه خيال جمله جهانرا بنور چشم يقين ... بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ [واگر برساند خداى بتو مرضى يا شدتى يا فقرى] فَلا كاشِفَ لَهُ عنك إِلَّا هُوَ وحده وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ [واگر خواهد بتو صحت وراحت وغنا] فَلا رَادَّ فلا دافع لِفَضْلِهِ من جملة ما أرادك به من الخير كائنا من كان فيدخل فيه الأصنام. وفيه إيذان بان فيضان الخير منه تعالى بطريق التفضل من غير استحقاق عليه سبحانه ولعل ذكر الارادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الامرين للايذان بان الخير مراد بالذات وان الضر انما يمس من يمسه لما يوجبه من الدواعي الخارجية لا بالقصد الاولى ولم يستثن مع الارادة كما استثنى مع المس بأن يقول الا هو لانه قد فرض ان تعلق الخير به واقع بارادة الله تعالى فصحة الاستثناء تكون بارادة ضده فى ذلك الوقت وهو محال إذ لا يتعلق الارادتان للضدين فى وقت واحد بخلاف مس الضر فان ارادة كشفه لا تستلزم المحال يُصِيبُ بِهِ [ميرساند فضل خود را] اى بفضله الشامل لما أرادك به من الخير ولغيره مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فتعرضوا لرحمته بالطاعة ولا تيأسوا من غفرانه بالمعصية وفى التأويلات النجمية وَهُوَ الْغَفُورُ يستر بنور وجهه ظلمة وجود الصديقين الرَّحِيمُ يتقرب برحمته الى الطالبين الصادقين وهم الذين دينهم عبادة الله وطاعته ومحبته

[سورة يونس (10) : الآيات 108 إلى 109]

وطلبه لا عبادة الهوى والدنيا وطاعتها ومحبتها وقال فى المفاتيح معنى الغفور يستر القبائح والذنوب باسبال الستر عليها فى الدنيا وترك المؤاخذة والعقاب عليها فى الآخرة وحظ العارف من هذا الاسم ان يستر من أخيه ما يحب ان يستر منه وقد قال عليه السلام (من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة) والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل عن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق الله الا احسن ما فيه- يروى- ان عيسى عليه السلام مر مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما أنتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو احسن كما فى شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي: وقال فى المثنوى فى الاسم الرحيم بندگان حق رحيم وبردبار ... خوى حق دارند در إصلاح كار مهربان بي رشوتان يارى گران ... در مقام سخت ودر روز گران نسأل الله تعالى ان يفيض علينا سجال رحمته ويديم دوران كاسات فضله ومغفرته قُلْ لكفار مكة يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وهو القرآن العظيم واطلعتم على ما فى تضاعيفه من البينات والهدى لم يبق لكم عذر ولا عليه تعالى حجة فَمَنِ اهْتَدى بالايمان به والعمل بما فى مطاويه فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ اى منفعة اهتدائه لها خاصة وَمَنْ ضَلَّ بالكفر به والاعراض عنه فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها اى فوبال الضلال مقصور عليها. والمراد تنزيه ساحة الرسول عن شائبة غرض عائد اليه عليه السلام من جلب نفع او دفع ضر كما يلوح به اسناد المجيء الى الحق من غير اشعار يكون ذلك بواسطة وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ بحفيظ موكول الى أمركم وانما انا بشير ونذير وفى التأويلات النجمية قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ القرآن وهو الحبل المتين فَمَنِ اهْتَدى الى الاعتصام به فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ بان يخلصها من أسفل السافلين ويعيدها الى أعلى عليين مقاما وَمَنْ ضَلَّ عن الاعتصام به فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لانها تبقى فى أسفل الدنيا بعيدة عن الله معذبة بعذاب البعد وألم الفراق وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ فاوصلكم الى تلك المقامات والدرجات واخلصكم من هذه السفليات والدركات بغير اختياركم وانما انا مأمور بتبليغ الوحى والرسالة والتذكير والموعظة وَاتَّبِعْ اعتقادا وعملا وتبليغا ما يُوحى إِلَيْكَ على نهج التجدد والاستمرار من الحق المذكور المتأكد يوما فيوما وَاصْبِرْ على دعوتهم وتحمل اذيتهم حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ يقضى لك بالنصر واظهار دينك وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ إذ لا يمكن الخطأ فى حكمه لاطلاعه على السرائر اطلاعه على الظواهر از سپيدى تا سياهى گير وتا لوح وقلم ... يك رقم از خط حكمش وهو خير الحاكمين قال فى التأويلات النجمية وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ فيما حكم بقبول الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن سبقت له العناية الازلية وبرد الدعوة والقرآن والاحكام والعمل بها لمن أدركته الشقاوة الازلية وقال فى المفاتيح ومرجع الاسم الحاكم اما الى القول الفاصل بين الحق والباطل والبر والفاجر والمبين لكل نفس جزاء ما عملت من خير او شر واما الى التمييز من السعيد والشقي بالاثابة والعقاب. وحظ العبد منه ان يستسلم لحكمه وينقاد لامره فان من لم يرض بقضائه اختيار

امضى فيه اجبارا ومن رضى به طوعا عاش راضيا مرضيا ويكفى لنا موعظة حال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فانه رضى بقضاء الله وصبر على بلائه فعاش حميدا وصار عاقبة امره الى النصرة: وفى المثنوى صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد «1» چونكه قبض آمد تو در وى بسط بين ... تازه باش و چين ميفكن بر جبين «2» چشم كودك همچوخر در آخرست ... چشم عاقل در حساب آخرست او در آخر چرب مى بيند علف ... وين ز قصاب آخرش بيند تلف آن علف تلخست كين قصاب داد ... بهر لحم ما ترا زويى نهاد صبر مى بيند ز پرده اجتهاد ... روى چون گلنار وزلفين مراد ومما وقع له صلى الله تعالى عليه وسلم من الاذية ما حدث به عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله فى المسجد وهو يصلى وقد نحر جزور وبقي فرثه اى روثه فى كرشه فقال ابو جهل أيكم يقوم الى هذا القذر ويلقيه على محمد فقام عقبة بن ابى معيط وجاء بذلك الفرث فالقاه على النبي عليه السلام وهو ساجد فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك فهممنا اى خففنا ان نلقيه عنه حتى جاءت فاطمة رضى الله عنها فالقته عنه وأقبلت عليهم تشتمهم وكان بجواره صلى الله تعالى عليه وسلم جماعة منهم ابو لهب والحكم بن العاص ابن امية وعقبة بن ابى معيط وكانو يطرحون عليه الأذى فاذا طرحوه عليه اخذه عليه السلام وخرج به ووقف على بابه ويقول يا ابن عبد مناف أي جوار هذا ثم يلقيه فى الطريق وقال عليه عليه السلام مرة فيمن التزم اذية له من رؤساء قريش مخاطبا لاصحابه (ابشروا فان الله تعالى مظهر دينه ومتمم كلمته وناصر نبيه ان هؤلاء الذين ترون مما يذبح على ايديكم عاجلا) فوقع كما قال حيث ذبحهم الاصحاب بأيديهم يوم بدر وهذه الاذية لا يظن ظان انها منقصة له عليه السلام بل هى رفعة له ودليل على فخامة قدره وعلو مرتبته وعظيم رفعته ومكانته عند ربه لكثرة صبره عليه السلام وحلمه واحتماله مع علمه باستجابة دعائه ونفوذ كلمته عند الله تعالى وقد قال (أشد الناس بلاء الأنبياء) عليهم السلام فالانبياء كالذهب والشدائد التي تصيبهم كالنار التي يعرض عليها الذهب فان ذلك لا يزيد الذهب إلا حسنا فكذا الشدائد لا تزيد الأنبياء الا رفعة: وفى المثنوى طبع را كشتند در حمل بدى ... تا حمولى كر بود هست ايزدى «3» اى سليمان در ميان زاغ وباز ... حلم حق شو با همه مرغان بساز اى دو صد بلقيس حلمت را زبون ... كه اهد قومى انهم لا يعلمون نسأل الله تعالى ان يثبتنا على الحق المبين ويحكم لنا بالنصر على نفوسنا وهو خير الحاكمين تمت سورة يونس بالامداد الرحمانى والتأييد الرباني فى اليوم الحادي عشر يوم الاثنين فى ذى القعدة الشريفة من سنة اثنتين ومائة والف ويتلوها سورة هود

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر آوردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدوس بصورت آدمي بر مريم إلخ (3) در أوائل دفتر چهارم در بيان تحمل كردن از هر بى ادبى إلخ

تفسير سورة هود

تفسير سورة هود وهى مكية وآيها مائة وثلاث وعشرون او اثنتان وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم قال فى التأويلات النجمية قوله بِسْمِ اللَّهِ اشارة الى الذات الرَّحْمنِ يشير الى صفة الجلال الرَّحِيمِ الى صفة الجمال. والمعنى ان هاتين الصفتين قائمتان بذاته جل جلاله وباقى الأسماء مشتملة على هاتين الصفتين وهمان من صفات القهر واللطف الر اى هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم فيكون خبر مبتدأ محذوف او لا محل له من الاعراب مسرود على نمط تعديد الحروف للتحدى والاعجاز وهو الظاهر فى هذه السورة الشريفة إذ على الوجه الاول يكون كتاب خبرا بعد خبر فيؤدى الى ان يقال هذه السورة كتاب وليس ذاك بل هى آيات الكتاب الحكيم كما فى سورة يونس وحمل الكتاب على المكتوب او على البعض تكلف وهو اللائح بالبال قالوا الله اعلم بمراده من الحروف المقطعة فانها من الاسرار المكتومة كما قال الشعبي حين سئل عنها سر الله فلا تطلبوه والله تعالى لا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول او وارث رسول. وفى الحديث (ان من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه الا العلماء بالله فاذا نطقوا به لا ينكره الا اهل الغرة بالله) رواه ابو منصور الديلمي وابو عبد الرحمن السلمى كما فى الترغيب قال الرقاشي هى اسرار الله يبديها الى أمناء أوليائه وسادات النبلاء من غير سماع ولا دراسة وهى من الاسرار التي لم يطلع عليها الا الخواص كما فى فتح القريب وعن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال حفظت من رسول الله وعاءين فاما أحدهما فبثثته فيكم واما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم قال البخاري البلعوم مجرى الطعام كما فى شرح الكردي على الطريقة المحمدية وقال سلطان المفسرين والمؤولين ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر أنا الله ارى [منم خداى كه مى بينم طاعت مطيعانرا ومعصيت عاصيانرا وهر كس را مناسب عمل او جزا خواهم داد پس اين كلمه مشتمل است بر وعد ووعيد كما فى تفسير الكاشفى] ويقال الالف آلاؤه واللام لطفه والراء ربوبيته كما فى تفسير ابى الليث وسيأتى فى التأويلات غير هذا كِتابٌ اى هذا القرآن كتاب كما ذهب اليه غير واحد من المفسرين أُحْكِمَتْ آياتُهُ نظمت نظما محكما لا يعتريه نقض ولا حلل لفظا ومعنى كالبناء المحكم المرصف او منعت من النسخ بمعنى التغيير مطلقا: وفى المثنوى مصطفى را وعده كرد ألطاف حق ... گر بميرى تو نميرد اين سبق كس نتاند بيش وكم كردن درو ... تو به از من حافظى ديگر مجو هست قرآن مر ترا همچون عصا ... كفرها را دركشد چون اژدها تو اگر در زير خاكى خفته ... چون عصايش دان تو آنچهـ گفته قاصدانرا بر عصايت دست نى ... تو بخسب اى شه مبارك خفتنى ثُمَّ فُصِّلَتْ يقال عقد مفصل إذا جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والمعنى زينت آياته بالفوائد كما تزين القلائد بالفرائد اى ميزت وجعلت تفاصيل فى مقاصد مختلفة ومعان متميزة من العقائد والاحكام والمواعظ والأمثال وغير ذلك وثم للتفاوت فى الحكم اى الرتبة لا للتراخى فى الوجود

[سورة هود (11) : الآيات 2 إلى 3]

والوقوع فى الزمان او للتراخى فى الاخبار لا فى الوقت فان الشائع فى الجمل ان يراد بها نفس مفهومها الا انه قد يراد بها الاخبار. بمفهومها كما تقول فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل والمراد بالتراخي مجرد الترتيب مجازا لظهور ان حقيقة التراخي منتفية بين الاخبارين ضرورة ان الاخبار بالتفصيل وقع عقيب الاخبار بالاحكام او يقال بوجود التراخي باعتبار ابتداء الخبر الاول وانتهاء الثاني والفعلان من قبيل قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل يعنى انه لم يكن البعوض كبيرا اولا ثم جعله الله صغيرا لكنه كان ممكنا فنزل هذا الإمكان منزلة الوجود كما فى شرح الهندي على الكافية مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ صفة ثانية للكتاب وصف اولا بجلالة الشان من حيث الذات ثم وصف من حيث الاضافة. ولدن بمعنى عند لكنها مختصة بأقرب مكان وعند للبعيد والقريب ولهذا تقول عندى كذا لما تملكه حضرك او غاب عنك ولا تقول لدى كذا الا لما هو بحضرتك. والحكيم الخبير هو الله تعالى حكيم فيما انزل خبير بمن أقبل على امره او اعرض عنه أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مفعول له حذف منه اللام مع فقدان الشرط اعنى كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل بناء على القياس المطرد فى حذف حرف الجر مع ان المصدرية كأنه قيل كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لاجل ان لا تعبدوا الا الله اى تتركوا يا اهل مكة عبادة غير الله وتتمحضوا فى عبادته دل على ان لا مقصود من هذا الكتاب الشريف الا هذا الحرف الواحد فكل من صرف عمره الى سائر المطالب فقد خاب وخسر إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ كلام على لسان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله منه اما حال من نذير وبشير اى كائنا من جهة الله تعالى او متعلق بنذير اى أنذركم من عذابه ان كفرتم اى بقيتم على الكفر وعبادة غير الله تعالى وأبشركم بثوابه ان أمنتم وتقديم النذير لان التخويف هو الأهم إذ التخلية قبل التحلية وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ عطف على ان لا تعبدوا سواء كان نهيا او نفيا وان مصدرية وسوغ سيبويه ان توصل ان بالأمر والنهى لان الأمر والنهى دالان على المصدر دلالة غيرهما من الافعال والاستغفار طلب المغفرة وهى ان يستر على العبد ذنوبه فى الدنيا ويتجاوز عن عقوبته فى العقبى ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ثم أخلصوا التوبة واستقيموا عليها كما فى بحر العلوم للسمرقندى وقال فى الإرشاد المعنى فعل ما فعل من الاحكام والتفصيل لتخصوا الله بالعبادة وتطلبوا منه ستر ما فرط منكم من الشرك ثم ترجعوا اليه بالطاعة انتهى فثم ايضا على بابها فى الدلالة على التراخي الزمانى ويجوز ان يكون ثم لتفاوت ما بين الامرين وبعد المنزلة بينهما من غير اعتبار تعقيب وتراح فان بين التوبة وهى انقطاع العبد اليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيدا كذا ذكره الرضى قال الفراء ثم هاهنا بمعنى الواو لان الاستغفار توبة انتهى يقول الفقير فرقوا بينهما كما قال الحدادي عند قوله تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ اى بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة لان الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت وأسأت ولا أعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً انتصابه على انه مصدر بمعنى تمتيعا حذف منه الزوائد. والتمتيع جعل الشخص متمتعا منتفعا بشئ. والمعنى يعيشكم عيشا مرضيا لا يفوتكم فيه شىء مما تشتهون ولا ينغصه شىء من المكدرات إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى الى آخر الأعمار المقدرة وتموتوا على فرشكم- كما حكى- ان الله

تعالى اوحى الى موسى عليه السلام قل لفرعون ان آمنت بالله وحده عمرك فى ملكك وردك شابا طريا فمنعه هامان وقال له انا اردك شابا طريا فاتاه بالوسمة فخضب لحيته بها وهو أول من خضب بالسواد ولذا كان الخضاب بالسواد حراما وقال العتبى اصل الامتاع الاطالة فيقال جبل ماتع وقد متع النهار إذا طال. والمعنى لا يهلككم بعذاب الاستئصال الى آخر ايام الدنيا وهاهنا سؤالان. الاول ان قوله عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وقوله (وخص البلاء بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) ونحوهما يدل على ان نصيب المطيع عدم الراحة فى الدنيا فكيف يكون فى أمن وسعة الى حين الموت. والجواب ان من ربط قلبه بالله ورضى بما قضاه الله فى حقه حيى حياة طيبة ولذا قال بعضهم متاعا حسنا [رضاست بر آنچهـ هست از نعمت وصبر بر آنچهـ رو نمايد از سخت] ومن ربط قلبه بالأسباب كان ابدا فى الم الخوف من فوات محبوبه فيتنغص عيشه ويضطرب قلبه وكون الدنيا سجنا انما هو بالاضافة الى ما أعد للمؤمن من نعيم الآخرة وهو لا ينافى الراحة فى الجملة- كما حكى- انه كان قاض من اهل بغداد ما را بزقاق كلخان مع خدمه وحشمه كالوزير فطلع الكلخانى فى صورة جهنمى رث الهيئة كان القطران يقطر من جوانبه فاخذ بلجام بغلة القاضي فقال أيد الله القاضي ما معنى قول نبيكم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) اما ترى ان الدنيا جنة لك وأنت مؤمن محمدى والدنيا سجن لى وانا كافر يهودى فقال القاضي الدنيا وما ترى من زينتها وحشمتها سجن للمؤمنين بالنسبة الى الجنة وما أعد لهم فيها من الدرجات وجنة للكافرين بالنسبة الى جهنم وما أعد لهم فيها من الدركات فعقل اليهودي فاسلم وأخلص. والثاني ان قوله تعالى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يدل على ان للعبد اجلين كما قال الكعبي ان للمقتول اجلين أجل القتل وأجل الموت وان المقتول لو لم يقتل لعاش الى اجله الذي هو أجل الموت وكما قال الفلاسفة ان للحيوان أجلا طبيعيا هو وقت موته لتحلل رطوبته وانطفاء حرارته الغريزيتين وأجلا اختراميا بحسب الآفات والأمراض. والجواب ان الاجل واحد عند اهل السنة والجماعة فان الأرزاق والأعمار وان كانت متعلقة بالأعمال كالاستغفار والتوبة فى هذه الآية وكالصلة فى قوله (صلة الرحم تزيد العمر) لكنها مسماة بالاضافة فى كل أحد بناء على علم الله باشتغاله بما يزيد فى العمر من القرب فلا يثبت تعدد الاجل وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فى الأعمال والأخلاق والكمالات فَضْلَهُ والضمير راجع الى كل اى جزاء فضله من الثواب والدرجات العالية ولا يبخس منه قال سعيد بن جبير فى هذه الآية من عمل حسنة كتب له عشر حسنات ومن عمل سيئة كتب عليه سيئة واحدة فان لم يعاقب بها فى الدنيا أخذ من العشرة واحدة وبقيت له تسع حسنات [وجورجانى گفته كه ذو فضل آنست كه در ديوان ازل بنام او نشان فضل نوشته باشند وهر آينه بعد از وجود بدان شرف خواهد رسيد آنرا كه بدادند ازو باز نگيرند وَإِنْ تَوَلَّوْا اى تتولوا او تعرضوا عما القى إليكم من التوحيد والاستغفار والتوبة وتستمروا على الاعراض وانما اخر عن البشارة جريا على سنن تقدم الرحمة على الغضب فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ بموجب الشفقة والرحمة او أتوقع عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ شاق وهو يوم القيامة قال

[سورة هود (11) : آية 4]

فى التبيان وهو كبير لما فيه من الأهوال فوصف بوصف ما يكون فيه إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالموت ثم بالبعث للجزاء فى مثل ذلك اليوم لا الى غيره وهو شاذ عن القياس لان المصدر الميمى من باب ضرب قياسه ان يجيئ بفتح العين وهو لا يمنع الفصاحة نحو ويأبى الله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على تعذيبكم إذ من جملة مقدوراته العذاب والثواب واعلم ان الآية تدل على فضل التوحيد وشرف الاستغفار ألا يرى ان الموحد المستغفر كيف ينال العيش الطيب فى الدنيا والدرجات العالية فى العقبى فهما مفتاح سعادة الدارين وفى الحديث (لا اله الا الله ثمن الجنة) وفى خبر آخر (مفتاح الجنة) وفى الخبر (قال آدم يا رب انك سلطت على إبليس ولا أستطيع ان امتنع منه الا بك قال الله تعالى لا يولد لك ولد الا وكلت عليه من يحفظه من مكر إبليس ومن قرناء السوء قال يا رب زدنى قال الحسنة عشر وأزيد والسيئة واحدة وامحوها قال يا رب زدنى قال التوبة مقبولة مادام الروح فى الجسد قال يا رب زدنى قال الله تعالى قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم) ثم الاستغفار لا يختص بكونه من الذنوب بل يكون من العبادة التي لا يؤتى بها على الوجه اللائق كما قال بعضهم ان الصحابة كانوا يستغفرون من عبادتهم استقلالا لها وما يقع فيها: قال العرفي ما لب آلوده بهر توبه بگشاييم ليك ... بانك عصيان ميزند ناقوس استغفار ما وفى التأويلات النجمية قوله الر يشير بالألف الى الله وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ يعنى القرآن كتاب أحكمت بالحكم آياته كقوله وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ فالكتاب هو القرآن والحكمة هى الحقائق والمعاني والاسرار التي أدرجت فى آياته ثُمَّ فُصِّلَتْ اى بينت لقلوب العارفين تلك الحقائق والحكم مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ أودع فيها الحكمة البالغة التي لا يقدر غيره على ايداعها فيها وهذا سر من اسرار اعجاز القرآن خَبِيرٍ على تعليمها من لدنه لمن يشاء من عباده كقوله فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً يشير الى ان للقرآن ظهرا يطلع عليه اهل اللغة وبطنا لا يطلع عليه الا ارباب القلوب الذين أكرمهم الله بالعلم اللدني ورأس الحكمة وسرها ان تقول يا محمد لامتك أمرتم أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى لا تعبدوا الشيطان ولا الدنيا ولا الهوى ولا ما سوى الله تعالى إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ أنذركم بالقطيعة من الله تعالى ان تعبدوا وتطيعوا وتحبوا غيره وعذاب العبد فى الجحيم وَبَشِيرٌ أبشركم ان تعبدوه وتطيعوه وتحبوه بالوصول ونعم الوصال فى دار الجلال وكان النبي عليه السلام مخصوصا بالدعوة الى الله من بين الأنبياء والمرسلين يدل عليه قوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ فيما فرطتم من ايام عمركم فى طلب غير الله وترك طلبه وتحصيل الحجب وابطال الاستعداد الفطري ليكون الاستغفار تزكية لنفوسكم وتصفية لقلوبكم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ارجعوا بقدم السلوك الى الله تعالى لتكون التوبة تحلية لكم بعد التزكية بالاستغفار وهى قوله يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً وهو الترقي فى المقامات من السفليات

[سورة هود (11) : آية 5]

الى العلويات ومن العلويات الى حضرة العلى الكبير إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو انقضاء مقامات السلوك وابتداء درجات الوصول وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ ذى صدق واجتهاد فى الطلب فَضْلَهُ فى درجات الوصول فان المشاهدات بقدر المجاهدات وَإِنْ تَوَلَّوْا تعرضوا عن الطلب والسير الى الله فَإِنِّي قل فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ عذاب يوم الانقطاع عن الله الكبير فانه اكبر الكبائر وعذابه أعظم المصائب إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ طوعا او كرها فان كان بالطوع يتقرب إليكم بجذبات العنايات كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) وان كان بالكره تسحبون فى النار على وجوهكم وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من اللطف والقهر قَدِيرٌ أَلا اى تنبهوا ايها المؤمنون إِنَّهُمْ اى مشركى مكة يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ من ثنى يثنى اى عطف وصرف. والمعنى يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والاعراض عن الحق وعداوة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بحيث يكون ذلك مخفيا مستورا فيها كما تعطف الثياب على ما فيها من الأشياء المستورة لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ الاستخفاء الاستتار الى ليختفوا ويستتروا من الله تعالى لجهلهم بما لا يجوز على الله تعالى- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انها نزلت فى اخنس بن شريق الزهري وكان رجلا حلو المنطق حسن السياق للحديث يظهر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المحبة ويضمر فى قلبه ما يضادها وقال ابن شداد انها نزلت فى بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا براه النبي عليه السلام فكأنه انما كان يصنع ما يصنع لانه لو راه النبي عليه السلام لم يمكنه التخلف عن حضور مجلسه والمصاحبة معه وربما يؤدى ذلك الى ظهور ما فى قلبه من الكفر والنفاق فان قلت الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة قلت لك ان تمنع ذلك بل ظهوره انما كان فيها ولو سلم فليكن هذا من باب الاخبار عن الغيب وهو من جملة المعجزات أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ اى يتغطون بها للاستخفاء على ما نقل عن ابن شداد وحين يأوون الى فراشهم ويتدثرون ثيابهم وكان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخى ستره ويحنى ظهره ويتغشى ثوبه ويقول هل يعلم الله ما فى قلبى قال فى الكواشي حين توقيت للتغطى لا للعلم انتهى اى لئلا يلزم تقييد علمه تعالى بسرهم وعلنهم بهذا الوقت الخاص وهو تعالى عالم بذلك فى كل وقت. والجواب انه تعالى إذا علم سرهم وعلنهم فى وقت التغشية الذي يخفى فيه السر فاولى ان يعلم ذلك فى غيره وهذا بحسب العادة والا فالله تعالى لا يتفاوت علمه بتفاوت احوال الخلق يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ اى يضمرون فى قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ بأفواههم وما مصدرية اى أسرارهم واعلانهم او بمعنى الذي والعائد محذوف وقدم السر على العلن لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه قبل ذلك مضمر فى القلب فتعلق علمه سبحانه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية إِنَّهُ اى الله تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ مبالغ فى الإحاطة بمضمرات جميع الناس وأسرارهم الخفية المستكنة فى صدورهم بحيث لا تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما يسرون وما يعلنون اى كه در دل نهان كنى سرى ... آنكه دل آفريد ميداند

[سورة هود (11) : الآيات 6 إلى 10]

ومعنى الآية ان الذين اضمروا الكفر والعداوة لا يخفون علينا وسنجازيهم على ما ابطنوا من سوء أعمالهم حق جزائهم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترئ على شىء مما يخالف رضاه صورت ظاهر ندارد اعتبار ... باطني بايد مبرا از غبار واعلم ان إصلاح القلب أهم من كل شىء إذ هو كالملك المطاع فى إقليم البدن النافذ الحكم وظاهر الأعضاء كالرعية والخدم له والنفاق صفة من صفاته المذمومة وهو عدم موافقة الظاهر للباطن والقول للفعل وقال ناس لا بن عمر انا لندخل الى سلطاننا وامرائنا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال حذيفة ان المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله قالوا وكيف ذلك قال كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون هر كه سازد نفاق پيشه خويش ... خوار گردد بنزد خالق وخلق ومن آفات القلب العداوة وعن على رضى الله عنه انه قال العداوة شغل هر كه پيشه كند عداوت خلق ... از همه خيرها جدا گردد كه دلش خسته عنا باشد ... كه تنش بسته بلا گردد وفى هذا المعنى قال حضرة الشيخ السعدي قدس سره دلم خانه مهر يارست وبس ... از ان جا نكنجد درو كين كس وفى الآية اشارة الى حال اهل الإنكار فان كفار الشريعة كانوا يتغطون بثيابهم لئلا يسمعوا القرآن وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا كفار الحقيقة لا يصغون الى ذكر الصوفية بالجهر ولا يقبلون على استماع اسرار المشايخ وحقائق القرآن بل يثنون صدورهم ويظنون ان الله تعالى لا يعلم سر هم ونجواهم ولا يجازيهم على اعراضهم عن الحق وعداوتهم لاهله تم الجزء الحادي عشر فى الثامن عشر من ذى القعدة من سنة اثنتين ومائة والف الجزء الثاني عشر من الاجزاء الثلاثين وَما نافية مِنْ صلة دَابَّةٍ عام لكل حيوان يحتاج الى الرزق صغيرا كان او كبيرا ذكرا او أنثى سليما او معيبا طائرا او غيره لان الطير يدب اى يتحرك على رجليه فى بعض حالاته فِي الْأَرْضِ متعلق بمحذوف هو صفة لدابة اى ما فرد من افراد الدواب يستقر فى قطر من أقطار الأرض إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها غذاؤها ومعاشها اللائق لتكفله إياه تفضلا ورحمة قال فى التبيان هو إيجاب كرم لا وجوب حق انتهى لانه لا حق للمخلوق على الخالق ولذا قال فى الجامع الصغير يكره ان يقول الرجل فى دعائه بحق نبيك او بيتك او عرشك او نحوه الا ان يحمل على معنى الحرمة كما فى شرح الطريقة وقال فى بحر العلوم انما قال على الله بلفظ الوجوب

دلالة على ان التفضل رجع واجبا كنذور العباد وقال غيره اتى بلفظ الوجوب مع ان الله تعالى لا يجب عليه شىء عند اهل السنة والجماعة اعتبارا لسبق الوعد وتحقيقا لوصوله إليها البتة وحملا للمكلفين على الثقة به تعالى فى شان الرزق والاعراض عن اتعاب النفس فى طلبه ففى كلمة على هنا استعارة تبعية شبه إيصال الله رزق كل حيوان اليه تفضلا وإحسانا على ما وعده بايصال من يوصله وجوبا فى انتفاء التخلف فاستعملت كلمة على [وگفته اند بمعنى من است يعنى روزى همه از خداست يا بمعنى الى يعنى روزى مفوض بخداى تعالى است اگر خواهد بسط كند واگر اراده نمايد قبض كند] وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها يحتمل وجوها الاول ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان مستقرها المكان الذي تأوى اليه ليلا او نهارا او تستقر فيه وتستكن ومستودعها الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت بلا اختيار منها كالشئ المستودع قال عبد الله إذا كان مدفن الرجل بأرض ادته الحاجة إليها حتى إذا كان عند انقضاء امره قبض فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني والثاني مستقرها محل قرارها فى أصلاب الآباء ومستودعها موضعها فى الأرحام وما يجرى مجراها من البيض ونحوه وسميت الأرحام مستودعا لانها يوضع فيها من قبل شخص آخر بخلاف وضعها فى الأصلاب فان النطفة بالنسبة الى الأصلاب فى حيزها الطبيعي ومنشأها الخلقي والثالث مستقرها مكانها من الأرض حين وجودها بالفعل ومستودعها حيث تكون مودعة فيه قبل وجودها بالفعل من صلب او رحم او بيضة ولعل تقديم محلها باعتبار حالتها الاخيرة لرعاية المناسبة بينها وبين عنوان كونها دابة فى الأرض والرابع مستقرها فى العدم يعلم انه كيف قدرها مستعدة لقبول تلك الصورة المختصة بها ومستودعها لغرض تؤول اليه عند استكمال صورتها. وايضا يعلم مستقر روح الإنسان خاصة فى عالم الأرواح لانهم كانوا فى اربعة صفوف كان فى الصف الاول أرواح الأنبياء وأرواح خواص الأولياء وفى الصف الثاني أرواح الأولياء وأرواح خواص المؤمنين وفى الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين وفى الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين ويعلم مستودع روحه عند استكمال مرتبة كل نفس منهم من دركات النيران ودرجات الجنان الى مقعد صدق عند مليك مقتدر كُلٌّ اى كل واحد من الدواب ورزقها ومستقرها ومستودعها فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ البين لمن ينظر فيه من الملائكة او المظهر لما ثبت فيه للناظرين وفى التأويلات النجمية فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى عنده فى أم الكتاب الذي لا تغير فيه من المحو والإثبات انتهى وقد اتفقوا على ان اربعة أشياء لا تقبل التغير أصلا وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة فعلى العاقل ان لا يهتم لاجل رزقه ويتوكل على الله فانه حسبه مكن سعديا ديده بر دست كس ... كه بخشنده پروردگارست وبس اگر حق پرستى ز درها بست ... كه گر وى براند نخواند كست - روى- ان موسى عليه السلام عند نزول الوحى عليه بالذهاب الى فرعون للدعوة الى الايمان تعلق قلبه بأحوال اهله قائلا يا رب من يقوم بامر عيالى فامره الله تعالى ان يضرب بعصاه

[سورة هود (11) : آية 7]

صخرة فضربها فانشقت وخرج منها صخرة ثانية ثم ضرب بعصاه عليها فانشقت وخرجت منها صخرة ثالثة ثم ضربها بعصاه فخرجت منها دودة وفى فمها شىء يجرى مجرى الغذاء لها ورفع الحجاب عن سمع موسى فسمع الدودة تقول سبحان من يرانى ويسمع كلامى ويعرف مكانى ويذكرنى ولا ينسانى وعن انس رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوما الى المفازة فى حاجة لنا فرأينا طيرا يلحن بصوت جهورى فقال عليه السلام (أتدري ما يقول هذا الطير يا انس) قلت الله ورسوله اعلم بذلك قال (انه يقول يا رب أذهبت بصرى وخلقتنى أعمى فارزقنى فانى جائع) قال انس فبينما نحن ننظر اليه إذ جاء طائر آخر وهو الجراد ودخل فى فم الطائر فابتلعه ثم رفع الطائر صوته وجعل يلحن فقال عليه السلام (أتدري ما يقول الطير يا انس) قلت الله ورسوله اعلم قال (انه يقول الحمد لله الذي لم ينس من ذكره) وفى رواية (من توكل على الله كفاه) كما فى انسان العيون قيل كان مكتوبا على سيف الحسين بن على رضى الله عنه اربع كلمات. الرزق مقسوم. والحريص محروم. والبخيل مذموم. والحاسد مغموم وفى الحديث (من جاع واحتاج وكتمه عن الناس وافضى به الى الله تعالى كان حقا على الله ان يفتح له رزق سنة) كما فى روضة العلماء. وحقيقة التوكل فى الرزق وغيره عند المشايخ الانقطاع عن الأسباب بالكلية ثقة بالله تعالى وهذا لاهل الخصوص فاما اهل العموم فلا بد لهم من التسبب: كما قال فى المثنوى گر توكل ميكنى در كار كن ... كسب كن پس تكيه بر جبار كن «1» ثم رزق الإنسان يعم جسده وغذاء روحه: وفى المثنوى اين دهان بستى دهانى باز شد ... كو خورنده لقمهاى راز شد «2» گر ز شير ديو تن را وا برى ... در فطام او بسى نعمت خورى وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ السبع. السماء الدنيا وهو فلك القمر من الموج المكفوف المجتمع وهو مقر أرواح المؤمنين. والسماء الثانية وهو فلك عطارد من درة بيضاء وهو مقر أرواح العباد. والسماء الثالثة وهو فلك الزهرة من الحديد وهو مقر أرواح الزهاد. والسماء الرابعة وهو فلك الشمس من الصفر وهو مقام أرواح اهل المعرفة. والسماء الخامسة وهو فلك المريخ من النحاس وهو مقام أرواح الأنبياء. والسماء السادسة وهو فلك المشترى من الفضة وهو مقام أرواح الأنبياء. والسابعة وهو فلك زحل من الذهب وهو مقام أرواح الرسل وفوق هذه السموات الفلك الثامن وهو فلك الثوابت ويقال له الكرسي وهو مقام أرواح اولى العزم من الرسل وفوقه عرش الرحمن وهو مقام روح خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وجمع السموات لاختلاف العلويات أصلا كما ذكرنا وذاتا لانها سبع طبقات بين كل اثنتين منها مسيرة خمسمائة عام على ما ورد فى الخبر وكذا ما بين السابعة والكرسي وبين الكرسي والعرش على ما نقل عن ابن مسعود رضى الله عنهما قدم السموات لانها منشأ أحكامه تعالى ومصدر قضاياه ومتنزل أوامره ونواهيه وارزاقه ووعده ووعيده فان يؤمرون به وينهون عنه وما يرزقونه فى الدنيا وما يوعدونه فى العقبى كله مقدر مكتوب فى السماء ولانها وما فيها من الآثار العلويات اظهر دلالة على القدرة الباهرة وأبين شهادة على الكبرياء والعظمة

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ديكر بار بيان كردن شير ترجيح جهد بر توكل (2) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي بر مريم إلخ

وَالْأَرْضَ اى الأرضين السبع بدليل قوله السموات وأفردت فان السفليات واحدة بالأصل والذات وقوله تعالى وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أول بالأقاليم السبعة كما فى حواشى سعدى المفتى وبين المشرق والمغرب خمسمائة عام كما بين السماء والأرض واكثر الأرض مفازة وجبل وبحار والقليل منها العمران ثم اكثر العمران اهل الكفر والقليل منها اهل الايمان والإسلام واكثر اهل الإسلام اهل البدع والأهواء وكلها على الضلالة والباطل والقليل منهم على الحق وهم اهل السنة والجماعة وحول الدنيا ظلمة ثم وراء الظلمة جبل قاف وهو جبل محيط بالدنيا من زمردة خضراء وأطراف السماء ملتصقة به ووسط الأرض كلها عامرها وخرابها قبة الأرض وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى فيه الليل والنهار ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر ولا ينقص واما الكعبة فهى وسط الأرض المسكونة وارفع الأرضين كلها الى السماء مهبط آدم عليه السلام بأرض الهند وهو جبل عال يراه البحريون من مسافة ايام وفيه اثر قدم آدم مغموسة فى الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له فى كل يوم من مطر يغسل قدمى آدم وذروة هذا الجبل اقرب ذرى جبال الأرض الى السماء كما فى انسان العيون فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ السموات فى يومين والأرض فى يومين وما عليها من انواع الحيوان والنباتات وغير ذلك فى يومين حسبما قيل فى سورة حم السجدة ولم يذكر خلق ما فى الأرض لكونه من تتمات خلقها. والمراد فى ستة اوقات على ان يكون المراد باليوم يوم الشان وهو الآن وهو الزمان الفرد الغير المنقسم وقد مر تحقيقه او فى مقدار ستة ايام من ايام الدنيا أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة فان الأيام فى المتعارف زمان كون الشمس فوق الأرض ولا يتصور ذلك حين لا ارض ولا سماء او من ايام الآخرة كل يوم كالف سنة مما تعدون على ما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما وفى خلقها على التدريج مع انه لو شاء لكان ذلك فى اقل من لمح البصر حث على التأنى فى الأمور ولعل تخصيص ذلك بالعدد المعين باعتبار اصناف الخلق من الجماد والمعدن والنبات والحيوان والإنسان والأرواح وَكانَ عَرْشُهُ العرش فى اصل اللغة السرير والعرش المضاف اليه تعالى عبارة عن مخلوق عظيم موجود هو أعظم المخلوقات قال مقاتل جعل الله تعالى للعرش اربعة اركان بين كل ركن وركن وجوه لا يعلم عددها الا الله تعالى اكثر من نجوم السماء وتراب الأرض وورق الشجر ليس لطوله وعرضه منتهى لا يعلمه أحد الا الله تعالى فان قيل لم خلق الله تعالى العرش وهو سبحانه لا حاجة له به أجيب بوجوه. أحدها انه جعله موضع خدمة ملائكته لقوله تعالى وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ. وثانيها انه أراد اظهار قدرته وعظمته كما قال مقاتل السموات والأرض فى عظم الكرسي كحلقة فى فلاة والكرسي مع السموات والأرض فى عظم العرش كحلقة فى فلاة وكلها فى جنب عظمة الله تعالى كذرة فى جنب الدنيا فخلقه كذلك ليعلم ان خالقه أعظم منه. وثالثها انه خلق العرش إرشادا لعباده الى طريق دعوته ليدعوه من الفوق لقوله تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ. ورابعها انه خلقه لاظهار شرف محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو قوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وهو مقام تحت العرش. وخامسها انه جعله معدن كتاب الأبرار

لقوله تعالى إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وفيه تعظيم لهم ولكتابهم. وسادسها انه جعله مرآة الملائكة يرون الآدميين وأحوالهم كى يشهدوا عليهم يوم القيامة لان عالم المثال والتمثال فى العرش كالاطلس فى الكرسي. وسابعها انه جعله مستوى الاسم الرحمن اى محل الفيض والتجلي والإيجاد الاحدى كما جعل الشرع الذي هو مقلوبه مستوى الأمر التكليفي الارشادى لا مستوى نفسه تعالى الله عن ذلك عَلَى الْماءِ اى العذب كما فى انسان العيون قال كعب الأحبار أصله ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد من مخافة الله تعالى فلذلك يرتعد الماء الى الآن وان كان ساكنا ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها اى ظهرها ثم وضع العرش على الماء وليس ذلك على معنى كون أحدهما على الآخر ملتصقا بالآخر بل ممسك بقدرته كما فى فتح القريب قال الأصم هذا كقولهم السماء على الأرض وليس ذلك على سبيل كون إحداهما ملتصقة بالأخرى فالمعنى وكان عرشه تعالى قبل خلق السموات والأرض على الماء لم يكن حائل محسوس بينهما وانما قلنا محسوس فان بين السماء والأرض حائلا هو الهواء لكن لما لم يكن محسوسا لم يعد حائلا وفيه دليل على ان العرش والماء خلقا قبل السموات والأرض والجمهور على ان أول ما خلق الله من الأجسام هو العرش ومن الأرواح الروح المحمدي الذي يقال له العقل الاول والفلك الأعلى ايضا. وفيه دليل ايضا على إمكان الخلاء فان الخلاء هو الفراغ الكائن بين الجسمين اللذين لا يتماسان وليس بينهما ما يماسهما فاذا لم يكن بين العرش والماء حائل يثبت الخلاء والحكماء ذاهبون الى امتناع الخلاء والمتكلمون الى إمكانه قال فى كتب الهيئة مقعر سطح الفلك الأعظم يماس محدب فلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ إذ ليس وراءه شىء لا خلاء ولا ملاء بل عنده ينقطع امتدادات العالم كلها. وقيل من ورائه أفلاك من أنوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الأعظم بل هو الملاء وقال المولى ابو السعود رحمه الله وكان عرشه قبل خلقهما على الماء ليس تحته شىء غيره سواء كان بينهما فرجة او كان موضوعا على متنه كما ورد فى الأثر فلا دلالة فيه على إمكان الخلاء كيف لا ولو دل لدل على وجوده لا على إمكانه فقط ولا على كون الماء أول ما حدث فى العالم بعد العرش وانما يدل على ان خلقهما اقدم من خلق السموات والأرض من غير تعرض للنسبة بينهما انتهى قال الكاشفى [در وقوف عرش بر آب واستقرار آب بر باد اعتبار عظيم است مر اهل تفكر را از عباد] لِيَبْلُوَكُمْ متعلق بخلق واللام لام العلة عقلا ولام الحكمة والمصلحة شرعا بمعنى ان الله تعالى فعل فعلا لو كان يفعله من يراعى المصالح لم يفعله الا لتلك المصلحة اى خلق السموات والأرض وما فيهما من المخلوقات التي من جملتها أنتم ورتب فيهما جميع ما تحتاجون اليه من مبادى وجودكم واسباب معايشكم وأودع فى تضاعيفهما من أعاجيب الصنائع والعبر ما تستدلون به على مطالبكم الدينية ليعاملكم معاملة من يبتليكم ويمتحنكم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فيجازيكم بالثواب والعقاب بعد ما تبين المحسن من المسيئ فان قلت الاختبار يتعلق بجميع العباد محسنين كانوا او مسيئين واحسن عملا يخصصه بالمحسنين منهم لان العمل الأحسن يخص بالمحسنين ولا يتحقق فى اهل القبائح فيلزم ان يعتبر عموم الابتلاء وخصوصه معا وهما متنافيان قلت الابتلاء وان كان

يعم الفرق المكلفين الا ان المراد خصوصه بالمحسنين تنبيها على ان المقصود الأقصى من خلق المخلوقات ان يتوسلوا بأحسن الأعمال الى أجل المثوبات وتحريضا لهم على ترك القبائح والمنكرات والمراد بالعمل ما يعم عمل القلب والجوارح ولذلك فسره عليه السلام بقوله (أيكم احسن عقلا وأورع عن محارم الله واسرع فى طاعة الله) فان لكل من القلب والقالب عملا مخصوصا به فكما ان الاول اشرف من الثاني فكذا الحال فى عمله فكيف لا ولا عمل بدون معرفة الله تعالى الواجبة على العباد وانما طريقها النظري التفكر فى عجائب صنعه ولا طاعة بدون فهم الأوامر والنواهي. وقد روى عن النبي عليه السلام انه قال (لا تفضلونى على يونس بن متى فانه كان يرفع له كل يوم مثل عمل اهل الأرض) قالوا وانما كان ذلك التفكر فى امر الله تعالى الذي هو عمل القلب لان أحدا لا يقدر على ان يعمل فى اليوم بجوارحه مثل عمل اهل الأرض واما ذات الله تعالى فلا يسعها التفكر: وفى المثنوى بي تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيچون اى عمو اين تعلق را خرد چون ره برد ... بسته فصلست ووصلست اين خرد زين وصيت كرد ما را مصطفى ... بحث كم جوئيد در ذات خدا آنكه در ذاتش تفكر كردنيست ... در حقيقت آن نظر در ذات نيست هست آن پندار او زيرا براه ... صد هزاران پرده آمد تا اله وفى التأويلات النجمية الابتلاء على قسمين. قسم للسعداء وهو بلاء حسن وذلك ان السعيد لا يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي بل يجعل ذلك حضرة المولى والرفيق الأعلى ويجعل ما سوى المولى بإذن مولاه وامره ونهيه وسيلة الى القربات وتحصيل الكمالات فهو احسن عملا. وقسم للاشقياء وهو بلاء سيئ وذلك ان الشقي يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي ويتقيد بشهواتها ولذاتها ولم يتخلص من نار الحرص عليها والحسرة على فواتها ويجعل ما أنعم الله عليه به من الطاعات والعلوم التي هى ذريعة الى الدرجات والقربات وسيلة الى نيل مقاصده الفانية واستيفاء شهواته النفسانية فهو أسوأ عملا انتهى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته نية الإنسان لا تخلو اما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الدنيا فهو سيئ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه هو الآخرة وفى جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو وجه الله تعالى فهو احسن نية وعملا فالاول حال الكفار والثاني حال المنافقين والثالث حال الأبرار والرابع حال المقربين وقد أشار الحق سبحانه الى احوال المقربين عبارة والى احوال غيرهم اشارة فى قوله تعالى إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا انتهى باجمال: قال الحافظ صحبت خور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دگرى پردازم اللهم اجعلنا من الفارين إليك والحاضرين لديك وَلَئِنْ قُلْتَ يا محمد لقومك وهم اهل مكة واللام لام التوطئة للقسم إِنَّكُمْ ايها المكلفون مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ

[سورة هود (11) : آية 8]

يعنى يوم القيامة لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا منهم وهو جواب القسم وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه إِنْ هذا ما هذا القرآن الناطق بالبعث إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ اى مثله فى البطلان فان السحر لا شك تمويه وتخييل باطل وإذا جعلوه سحرا فقد اندرج تحته انكار ما فيه من البعث وغيره وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ الموعود إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ الى طائفة من الأيام قليلة لان ما يحصره العد قليل لَيَقُولُنَّ اى الكفار ما يَحْبِسُهُ اى أي شىء يمنع العذاب من المجيء والنزول فكأنه يريده فيمنعه مانع وانما كانوا يقولونه بطريق الاستعجال استهزاء ومرادهم انكار المجيء والحبس رأسا لا الاعتراف به والاستفسار عن حابسه أَلا [بدانيد] يَوْمَ يَأْتِيهِمْ العذاب كيوم بدر لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ اى مدفوعا عنهم يعنى لا يدفعه عنكم دافع بل هو واقع بكم. ويوم منصوب بخبر ليس وهو دليل على جواز تقديم خبر ليس على ليس فانه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها كان ذلك دليلا على جواز تقديم خبرها إذ المعمول تابع للعامل فلا يقع الا حيث يقع العامل وَحاقَ بِهِمْ ونزل بهم وأحاط وهو بمعنى يحيق فعبر عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى العذاب الذي كانوا يستعجلون به استهزاء واعلم ان السبب الموجب للعذاب كان الاستهزاء والباعث على الاستهزاء كان الإنكار والتكذيب والناس صنفان فى طريق الآخرة صنف مبتاع نفسه من عذاب الله تعالى بالايمان والأعمال الصالحة وصنف مهلكها باتباع الهوى وترك الأعمال الصالحة والكفار أمنوا من عذاب الله تعالى وسخطه فوقعوا فيما وقعوا من العذاب العاجل والآجل وفى الحديث القدسي (وعزتى لا اجمع على عبدى خوفين وامنين إذا خافنى فى الدنيا آمنته يوم القيامة وإذا أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة) . ولشدة الأمر قال الفضيل بن عياض انى لا أغبط ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى احوال القيامة وشدائدها وعن السرى السقطي اشتهى ان أموت ببلدة غير بغداد مخافة ان لا يقبلنى قبرى فافتضح عندهم فعلى العاقل ان يتدارك امره قبل حلول الاجل كما قيل علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد ويخاف من ربه ويستغفر من ذنبه ويحترز عن الإصرار وفى الحديث (المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه) والله تعالى يريد من كل جزء من اجزاء الإنسان ما خلقه له فمن القلب المعرفة والتوحيد ومن اللسان الشهادة والتلاوة وترك الاذية بالاستهزاء وغيره فمن ترك الوفاء بما تعهد له من استعمال كل عضو فيما خلق هو لأجله فقد تعرض لسخط الله تعالى وعذابه وقد استهزأ ابو جهل بالنبي عليه السلام فى بعض الأوقات حيث سار خلفه عليه السلام فجعل يخلج انفه وفمه يسخر به فاطلع عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات لعنه الله واستهزأ به عليه السلام عتبة بن ابى معيط فبصق فى وجهه فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا ومر عليه السلام بجماعة من كفار اهل مكة فجعلوا يغمزون فى قفاه ويقولون هذا يزعم انه نبى وكان معه عليه السلام جبريل فغمز جبريل بإصبعه فى أجسادهم فصاروا جروحا

[سورة هود (11) : الآيات 9 إلى 10]

وأنتنت فلم يستطع أحد ان يدنو منهم حتى ماتوا وقس عليه التعرض لاهل الحق بشئ مكروه كما يفعله اهل الإنكار فى حق سادات الصوفية ولا يدرون انه يوجب المقت وربما يبتلى أحدهم بمرض هائل فى بدنه وهو غافل عن سببه وجهة نزوله به وكل عمل لا بد وان يصل جزاؤه الى عامله فى الحال ولكن لا يرى فى الدنيا بعين اليقين وانما يرى فى الآخرة إذا قيل له فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديدا ألا ترى ان عذاب البعد واقع لاهل الغفلة والحجاب ولكن ما ذاقوا ألمه لانهم نيام فاذا ماتوا انتبهوا وذاقوا ذلك حسا ولئن قلت للاشقياء موتوا عن الطبيعة باستعمال الشريعة ومزاولة الطريقة لتحيوا بالحقيقة فان الحياة الحقيقة تكون بعد الموت عن الحياة الطبيعية ليقولن الذي ستروا حسن استعدادهم الفطري بتعلق المكونات ومحبتها وهم الأشقياء ان هذا الا كلام مموه لا اصل له كما فى التأويلات النجمية: قال السعدي بگوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وفى المثنوى منقبض كردند بعضى زين قصص ... زانكه هر مرغى جدا دارد قفص «1» كودكان گر چهـ بيك مكتب درند ... در سبق هر يك ز يك بالاترند مرگ پيش از مرگ اينست اى فتى ... اين چنين فرمود ما را مصطفى «2» گفت موتوا كلكم من قبل ان ... يأتى الموت تموتوا بالفتن وَلَئِنْ اللام موطئة للقسم أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً اى أعطيناه نعمة من صحة وأمن وجدة وغيرها واوصلناها اليه بحيث يجد لذتها والمراد مطلق الإنسان وجنسه الشامل للمؤمن والكافر بدلالة الاستثناء الآتي. وقوله منا حال من رحمة اى لا باستحقاق منه ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ اى سلبنا تلك النعمة منه وأزلناها عنه وإيراد النزع للاشعار بشدة تعلقه بها وحرصه عليها قال سعدى المفتى الظاهر ان من صلة نزعناها اى قلعناها منه ولا يبعد ان يقال والله اعلم ان من للتعليل يعنى ان منشأ النزع شؤم نفسه بارتكاب معصية الله إِنَّهُ لَيَؤُسٌ شديد اليأس من ان يعود اليه مثل تلك النعمة المسلوبة قطوع رجاءه من فضل الله تعالى لقلة صبره وتسليمه لقضائه وعدم ثقته به وهو جواب القسم ساد مسد جواب الشرط كَفُورٌ عظيم الكفران لما سلف له من النعم نساءله: قال السعدي قدس سره سگى را لقمه گر دادى فراموش ... نگردد گر زنى صد نوبتش سنگ وگر عمرى نوازى سفله را ... بكمتر تندى آيد با تو در جنگ ومعنى الكفران انكار النعمة والمعروف وستره وترك شكره وحمده وعدم الثناء على فاعله ومعطيه وفيه اشارة الى ان النزع انما كان بسبب كفرانهم وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ كصحة بعد سقم وجدة بعد عدم وفرج بعد شدة أضاف سبحانه وتعالى اذاقة النعماء الى ذاته الكريمة ومس الضراء إليها لا الى ذاته الجليلة تنبيها على ان القصد الاول إيصال الخير الى العباد تفضلا منه تعالى ورحمة ومساس الشر ليس إلا لشؤم نفسه وفساد

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير گردانيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوان هذيلى را إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان چاره انديشيدن آن ماهى نيم عاقل إلخ

[سورة هود (11) : الآيات 11 إلى 15]

حاله مجازاة وانتقاما قال الله تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وهذا هو المراد من قول البيضاوي وفى اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى وفى التعبير عن ملابسة الرحمة والنعماء بالذوق الذي هو ادراك الطعم وعن ملابسة الضراء بالمس الذي هو مبدأ الوصول كأنما يلاصق البشرة من غير تأثير تنبيه على ان ما يجده الإنسان فى الدنيا من النعم والمحن كالا نموذج لما يجده فى الآخرة لَيَقُولَنَّ الإنسان ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي اى المكاره والمصائب التي ساءتنى اى فعلت بي ما اكره ولن يعترينى بعد أمثالها فان الترقب لورود أمثالها مما يكدر السرور وينغص العيش إِنَّهُ لَفَرِحٌ [شادمانست مغروريان] وهو اسم فاعل من فعل اللازم. والفرح إذا اطلق فى القرآن كان للذم وإذا كان للمدح يأتى مقيدا بما فيه خير كقوله تعالى فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير يرده قوله تعالى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً والظاهر ان كونه للمدح او للذم انما هو بحسب المقام والقرائن واعلم ان الفرح بالنعمة ونسيان المنعم فرح الغافلين والعطب الى هذا اقرب من السلامة والاهانة او فى من الكرامة قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه انتهى باجمال يشير قدس سره الى الفرح بالله تعالى على كل حال فَخُورٌ على الناس بما اوتى من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها: قال السعدي قدس سره چومنعم كند سفله را روزگار ... نهد بر دل تنگ درويش بار چوبام بلندش بود خودپرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست وقال كه اندر نعمتى مغرور وغافل ... گهى از تنگ دستى خسته وريش چودر سرا وضرا حالت اينست ... ندانم كى بحق پردازى از خويش [يعنى كى فارغ شوى از خود وبحق مشغول شوى] إِلَّا الَّذِينَ [مگر آنان كه] والاستثناء متصل صَبَرُوا على الضراء ايمانا بقضاء الله وقدره وفى الحديث (ثلاثة لا تمسهم فتنة الدنيا والآخرة المقر بالقدر والذي لا ينظر بالنجوم والمتمسك بسنتى) ومعنى الايمان بالقدر ان يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وان جميع الكائنات بقضائه وقدره وهو مريد لها كلها واما النظر فى النجوم فقد كان حقا فى زمن إدريس عليه السلام يدل عليه قوله تعالى خبرا عن ابراهيم عليه السلام فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ استدل بالنظر فى النجوم على انه سيسقم ثم نسخ فى زمن سليمان عليه السلام كما فى بحر الكلام وفى كتاب تعليم المتعلم علم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لانه يضر ولا ينفع والهرب من قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن انتهى فينبغى ان لا يصدق اهل النجوم فيما زعموا ان الاجتماعات والاتصالات الفلكية تدل على حوادث معينة وكوائن مخصوصة فى هذا العالم قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد

[سورة هود (11) : آية 12]

على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوّفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا إليها الماء والأزواد وتهيئوا فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون للخراب بمثل ريح عاد كنا جلوسا عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة مثلها فى ركودها ذكره الامام اليافعي وقال فى انسان العيون أول من استخرج علم النجوم إدريس عليه السلام اى علم الحوادث التي تكون فى الأرض باقتران الكواكب قال الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذي يخطئ لعدم استيفائه النظر انتهى وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ شكرا لنعمائه الظاهرة والباطنة او السالفة والآنفة والعمل الصالح هو ما كان لوجه الله تعالى وعن عمر رضى الله عنه الشكر والصبر مطيتان ما باليت أيهما اركب يشير رضى الله عنه الى ان كل واحد من طريق الصبر والشكر موصل الى الله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات الحميدة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ عظيمة لذنوبهم وان جمت وَأَجْرٌ ثواب لاعمالهم الحسنة كَبِيرٌ اقله الجنة كما فى تفسير البيضاوي وهو الجنة كما فى الكواشي قال سعدى المفتى وصف الاجر بقوله كبير لما احتوى عليه من النعيم السرمدي ورفع التكاليف والأمن من العذاب ورضى الله عنهم والنظر الى وجهه الكريم انتهى يقول الفقير الظاهر ان المراد بالأجر الكبير هو الجنة لان نعم الله تعالى أدناها متاع الدنيا وأعلاها رضوان الله لقوله وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ وأوسطها الجنة ونعميها فاذا وصف الرضى بالاكبرية لزم ان توصف الجنة بالكبيرية قال الكاشفى [شيخ الإسلام فرموده كه در جنت نعمتى هست كه همه نعيم بهشتى در جنب آن محقر ومختصر باشد يعنى مشاهده أنوار لقاى خدا] ما را بهشت بهر لقاى تو در خورست ... بي پرتو جمال تو جنت محقرست وفى الآيتين إشارتان. الاولى ان من ذاق طعم بعض المقامات الالهية وشهد بعض المشاهد الربانية ثم نزع ذلك منه بشئوم خطاياه وسوء أدبه ينبغى ان لا ييأس من روح الله ولا يكفر بنعمته كأبليس بل إذا ابتلى بسدل الحجاب ورد الباب كان من شرط عبوديته ان يرجع الى ربه معترفا بظلمه على نفسه كآدم عليه السلام ليجتبيه ربه فيتوب عليه ويهديه فان من رحمة الله ونعمته على عبده انه إذا أسرف على نفسه ثم تاب ورجع الى ربه وجده غفورا رحيما. والثانية ان من ذاق برد العفو وحلاوة الطاعة ينبغى ان لا يقول صرت معصوما مطهرا مرفوع الحجاب فتعجبه نفسه فينظر إليها بنظر الاعجاب وينظر الى غيره بنظر الحقارة ويأمن مكر الله فهو فى كلتا الحالتين مذموم فى حالة اليأس وكفران النعمة وفى حالة الاعجاب بنفسه وامنه من مكر الله: قال الحافظ زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه ... رند از ره نياز بدار السلام رفت وقال زاهد ايمن مشو از بازي غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست فالآيتان تناديان على النفس الامارة بصفاتها الرذيلة فلا بد من معالجتها وإصلاحها بما أمكن من المجاهدات أصلحها الله سبحانه وتعالى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ- روى-

[سورة هود (11) : آية 13]

ان مشركى مكة لما قالوا ائت بقرآن غير هذا ليس فيه سب آلهتنا ولا مخالفة آبائنا همّ النبي عليه السلام ان يدع سب آلهتهم ظاهرا فانزل الله تعالى هذه الآية ولعل اما للترجى ومعناه توقع امر مرجو لا وثوق بحصوله كقوله تعالى لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ واما للاشفاق وهو توقع امر مخوف كقوله تعالى لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ والرجاء والإشفاق يتعلقان بالمخاطبين دون الله سبحانه والمراد هنا اما الاول فالمعنى لعظم ما يرد على قلبك من تخليطهم تتوهم انهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من تبليغ ما اوحى إليك ولا يلزم من توقع الشيء وجود ما يدعو اليه ووقوعه لجواز ان يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسل عن الخيانة فى الوحى والثقة فى التبليغ هاهنا واما الثاني فالمعنى اشفق على نفسك ان تترك تبليغ ما يوحى إليك وهو ما يخالف رأى المشركين مخافة ردهم له واستهزائهم وهو أوجه من الاول كما فى بحر العلوم للسمرقندى قال الكاشفى فَلَعَلَّكَ تارِكٌ [پس شايد كه تو ترك كننده باشى. امام ما تريدى رحمه الله ميگويد استفهام بمعنى نهى است: يعنى ترك مكن] وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ اى عارض لك ضيق صدر بتلاوته عليهم وتبليغه إليهم فى أثناء الدعوة والمحاجة وضمير به يعود الى بعض ما يوحى وعدل عن ضيق الى ضائق ليدل على انه كان ضيقا عارضا غير ثابت لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان افسح الناس صدرا ونحوه فلان سائد لمن عرضه له السودد وسيد لمن هو عريق فيه أَنْ يَقُولُوا اى مخافة ان يقولوا مكذبين لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ هلا القى عليه كَنْزٌ مال من السماء يستعين به فى أموره وينفقه فى الاستتباع كالملوك قال ابن الشيخ كنز اى مال كثير من شأنه ان يجعل كنزا اى مالا مدفونا فان الكنز اسم للمال المدفون فهو لا ينزل فوجب ان يكون المراد به هاهنا ما يكنز وقد جرت العادة بان يسمى المال الكثير بهذا الاسم أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يشهد له على صدق قوله ويعينه على تحصيل مقصوده فتزول الشبهة عن امره كما قال رؤساء مكة يا محمد اجعل لنا جبال مكة ذهبا ان كنت رسولا وقال آخرون ائتنا بالملائكة ليشهدوا بنبوتك إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ليس عليك الا الانذار بما اوحى إليك ولا عليك ردوا او تهكموا او اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ فتوكل عليه فانه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم قال الكواشي تلخيصه ادّ الرسالة غير ملتفت إليهم فانى حافظك وناصرك عليهم در شبى مهتاب مه را بر سماك ... از سگان وعوعو ايشان چهـ باك قال فى المفاتيح الوكيل القائم بامور العباد وتحصيل ما يحتاجون اليه. وقيل الموكول اليه تدبير البرية وحظ العبد منه ان يكل اليه ويتوكل عليه ويلقى بالاستعانة اليه أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ الضمير راجع الى ما يوحى إليك وأم منقطعة مقدرة ببل والهمزة ومعنى الهمزة فيه التوبيخ والإنكار والتعجب اما التوبيخ فكأنه قيل أيتها الكون ان ينسبوا مثله الى الافتراء ثم الى الاقتدار على الذي هو أعظم الفري وأفحشها إذ يقوله ويفتريه على الله ولو قدر عليه دون عامة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة وإذا كانت معجزة كان تصديقا من الله له والعليم الحكيم لا يصدق الكاذب فلا يكون مفتريا. والمعنى بل أيقولون افتراه وليس من عند الله قُلْ ان كان الأمر كما تقولون

[سورة هود (11) : آية 14]

فَأْتُوا أنتم ايضا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم قال هنا بعشر وفى يونس والبقرة بسورة لان نزول هذه السورة الكريمة مقدم عليهما لانهم تحدوا اولا بالإتيان بعشر فلما عجزوا تحدوا بسورة واحدة. وقوله مثله نعت لسور اى أمثال وتوحيده باعتبار كل واحد وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يقال انه صفة للمضاف المقدر فان المراد بقدر عشر سور مثله والله اعلم مُفْتَرَياتٍ صفة اخرى لسور. والمعنى فائتوا بعشر سور ممائلة له فى البلاغة مختلقات من عند أنفسكم ان صح انى اختلقته من عند نفسى فانكم فصحاه مثلى تقدرون على ما اقدر عليه بل أنتم اقدر لتعلمكم القصص والاشعار وتعودكم النثر والنظم وفى الآية دلالة قاطعة على ان الله تعالى لا يشبهه شىء فى صفة الكلام وهو القرآن كما لا يشبهه بحسب ذاته وَادْعُوا للاستظهار فى المعارضة مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به من آلهتكم التي تزعمون انها ممدة لكم ومدارهكم التي تلجأون الى آرائهم فى الملمات ليسعدوكم فيها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افترى انسان يقدر انسان آخر ان يفترى مثله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ الضمير فى لكم للرسول عليه السلام وجمع للتعظيم اوله وللمؤمنين لانهم اتباع له عليه السلام فى الأمر بالتحدي وفيه تنبيه لطيف على ان حقهم ان لا ينفكوا عنه ويناصبوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه فى الجهاد قال سعدى المفتى اختلف فى تناول خطاب النبي عليه السلام لامته فقال الشافعية لا وقال الحنفية والحنابلة نعم الا ما دل الدليل فيه على الفرق انتهى. والمعنى فان لم يستجب هؤلاء المشركون لكم يا محمد ويا اصحاب محمد عليه السلام اى ما دعوتموهم اليه من معارضة القرآن وإتيان عشر سور مثله وتبيين عجزهم عنه بعد الاستعانة بمن استطاعوا بالاستعانة منه من دون الله تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ما فى انما كافة وضمير انزل يرجع الى ما يوحى وبعلم الله حال اى ملتبسا بما لا يعلمه الا الله تعالى من المزايا والخواص والكيفيات وقال الكاشفى [يعنى ملتبس بعلمي كه خاصه اوست وآن علمست بمصالح عباد وآنچهـ ايشانرا بكار آيد در معاش ودر معاد] وقال فى التأويلات النجمية بِعِلْمِ اللَّهِ لا بعلم الخلق فان فيه الاخبار عما سيأتى وهو بعد فى الغيب ولا يعلم الغيب الا الله انتهى والمراد الدوام والثبات على العلم اى فدوموا ايها المؤمنون واثبتوا على العلم الذي أنتم عليه لتزدادوا يقينا وثبات قدم على انه منزل من عند الله وانه من جملة المعجزات الدالة على صدقه عليه السلام فى دعوى الرسالة وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى ودوموا على هذا العلم ايضا يعنى هو ينزل الوحى وليس أحد ينزل الوحى غيره لانه الا له ولا اله غيره فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثابتون على الإسلام راسخون فيه اى فاثبتوا عليه فى زيادة الإخلاص وفى الآيات امور. منها ان الوحى على ثلاثة انواع نوع امر عليه السلام بكتمانه إذ لا يقدر على حمله غيره ونوع خير فيه ونوع امر بتبليغه الى العام والخاص من الانس والجن وهو ما يتعلق بمصالح العباد من معاشهم ومعادهم فلا يجوز تركه وان ترتب عليه مضرة وضاق به الصدر وسبيل تبليغ الرسالة هو اللسان فلا رخصة فى الترك وان خاف قال صاحب التيسير فهذا دليل قولنا فى المكره على الطلاق والعتاق ان تكلم به نفذ لان تعلق ذلك باللسان

[سورة هود (11) : آية 15]

لا بالقلب والإكراه لا يمنع فعل اللسان فلا يمنع النفاذ انتهى وفى الحديث (ان الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعا فاوحى الله تعالى الى ان لم تبلغ رسالتى عذبتك وضمن لى العصمة فقويت) ويدخل فيه العلماء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فانهم إذا عملوا بما علموا وتصدوا للتبليغ وخافوا الله دون غيره فان الله تعالى يحفظهم من كيد الأعداء- حكى- ان زاهدا كسر خوابى الخمر لسليمان بن عبد الملك الخليفة فاتى به يعاقبه وكان للخليفة بغلة تقتل من ظفرت به واتفق رأى وزرائه ان يلقى الزاهد بين يدى البغلة فالقى بين يديها فخضعت له فلم تقتله فلما أصبحوا نظروا اليه فاذا هو صحيح فعلموا ان الله تعالى حفظه فاعتذورا اليه وخلوا سبيله گرت نهى منكر برآيد ز دست ... نشايد جوبى دست و پايان نشست ومنها ان المؤمنين ينبغى ان يعاونوا أئمتهم ومن اقتدى بهم فى تنفيذ الحق واجرائه والزام الخصم واسكاته كما كان الاصحاب رضى الله عنهم يفعلون ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد وغيره من الأمور الدينية وفى الحديث (المؤمن للمؤمن كبنيان يشد بعضه بعضا) يعنى المؤمن لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة أخيه كما ان بعض البناء يقوى ببعضه وفيه حث على التعاضد فى غير الإثم كذا فى شرح المشارق لابن الملك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا فى المسجد فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدفع عن المسلمين ويقويهم على المشركين وكان روح القدس اى جبريل يمده بالجواب ويلهمه الصواب هجا گفتن ار چهـ پسنديده نيست ... مبادا كسى كآلت آن ندارد چهـ آن شاعرى كو هجا گو نباشد ... چوشيرى كه چنگال ودندان ندارد ومنها لزوم الثبات على التوحيد ومن علاماته التكرير باللسان جهرا وإخفاء جمعية وانفرادا وفى الحديث (جددوا ايمانكم) والمراد الانتقال من مرتبة الى مرتبة فان اصل الايمان قديم بالأول كما فى الواقعات المحمودية: قال المولى الجامى قدس سره دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست صيقلى دار صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله وفى الحديث (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ومن مات يعلم انه لا اله الا الله دخل الجنة) واعلم ان كلمة هو فى قوله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اسم تام بمنزلة لفظة الجلالة ولذا جعلها الصوفية قدس الله أسرارهم وردّ الهم فى بعض أوقاتهم قال فى فتح القريب من خواص اسم الله انك إذا حذفت من خطه حرفا بقي دالا على الله تعالى فان حذفت الالف بقي لله وان حذفت اللام الاولى وأبقيت الالف بقي اله وان حذفتهما معا بقي له ملك السموات والأرض وان حذفت الثلاثة بقي هو الله الحي القيوم لا اله الا هو انتهى مَنْ كانَ [هر كه باشد كه از دنائت همت] وكان صلة اى زائدة كما فى التبيان وقال فى الإرشاد للدلالة على الاستمرار يُرِيدُ بما عمله من اعمال البر والإحسان الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها اى ما يزينها ويحسنها من الصحة والامن

[سورة هود (11) : الآيات 16 إلى 20]

والسعة فى الرزق وكثرة الأولاد والرياسة وغير ذلك لا وجه الله تعالى والمراد بالارادة ما يحصل عند مباشرة الأعمال لا مجرد الارادة القلبية لقوله تعالى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها اى توصل إليهم ثمرات أعمالهم فى الحياة الدنيا كاملة وليس المراد بأعمالهم اعمال كلهم فانه لا يجد كل متمن ما تمناه فان ذلك منوط بالمشيئة الالهية كما قال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ولا كل أعمالهم بل بعضها الذي يترتب عليه الاجر والجزاء وَهُمْ فِيها اى فى الحياة الدنيا لا يُبْخَسُونَ لا ينقصون شيأ من أجورهم أُولئِكَ المريدون للحياة الدنيا وزينتها الموفون فيها ثمرات أعمالهم من غير بخس الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ لان هممهم كانت مصروفة الى الدنيا وأعمالهم مقصورة على تحصيلها فقد اجتنبوا ثمراتها فلم يبق فى الآخرة الا العذاب المخلد وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها يعنى بطل ثواب أعمالهم التي صنعوها فى الدنيا لانها لم تكن لوجه الله تعالى والعمدة فى اقتضاء ثواب الآخرة هو الإخلاص وَباطِلٌ [وناچيز است] فى نفس الأمر ما كانُوا يَعْمَلُونَ رياء وسمعة. فقوله باطل خبر مقدم وما كانوا يعملون مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها والآية فى حق الكفار كما يفصح عنه الحصر فى كينونة النار لهم واعلم ان حسنات الكفار من البر وصلة الرحم والصدقة وبناء القناطر وتسوية الطرق والسعى فى دفع الشرور واجراء الأنهار ونحو ذلك مقبولة بعد إسلامهم يعنى يحسب ثوابها ولا يضيع واما قبل الإسلام فانعقد الإجماع على انهم لا يثابون على أعمالهم بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن يكون بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد بما فى الآيات والاخبار من بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر ووافقه المازري كما فى شرح المشارق لابن الملك وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الآية فى اهل الرياء من اهل القبلة فمعنى قوله تعالى لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ليس يليق لهم الا النار ولا يستحقون بسبب الأعمال الريائية الا إياها كقوله تعالى فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ وجائز ان يتغمدهم الله برحمته فليس فى الآية دلالة على الخلود والعذاب البتة والظاهر ان الآية عامة لاهل الرياء مؤمنا كان او كافرا او منافقا كما فى زاد المسير والرياء مشتق من الرؤية وأصله طلب المنزلة فى قلوب الناس برؤيتهم خصال الخير كما فى فتح القريب وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال (الرياء يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء) مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از آن گفتند مشرك قال فى شرح الترغيب المشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ومجوسى ويهودى ونصرانى ومرتد وزنديق وعلى المرائى وهو الشرك الأصغر والشرك الخفي يقال للقراء من اهل الرياء أردت ان يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ولمن وصل الرحم وتصدق فعلت حتى يقال فقيل ولمن قاتل فقتل قاتلت حتى يقال فلان جريئ فقد قيل ذلك فهؤلاء الثلاثة أول خلق يسعر؟؟؟ بهم

النار كما فى الحديث (ويصعد الحفظة بعمل العبد الى السماء السابعة من صلاة وصوم ونفقة واجتهاد وورع فيقول لهم الملك الموكل بها اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه فانه أراد بعمله غير الله تعالى ويصعد الحفظة يعمله من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها فيقول لهم الله تعالى أراد به غيرى فعليه لعنتى فيقول الملائكة كلها عليه لعنتك ولعنتنا ويلعنه السموات السبع ومن فيهن) كما ورد فى الحديث: قال الحافظ گوييا باور نمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند قال الفضيل ترك العمل لاجل الناس رياء والعمل لاجل الناس شرك والإخلاص الخلاص من هذين معنى كلامه ان من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة ان يطلع الناس عليه فهو مرائ لانه لو كان عمله لله تعالى لم يضره اطلاع الناس عليه ومن عمل لاجل ان يراه الناس فقد أشرك فى الطاعة ويستثنى من كلامه مسألة لا يكون ترك العمل فيها لاجل الناس رياء وهى إذا كان الشخص يعلم انه متى فعل الطاعة بحضرة الناس آذوه واغتابوه فان الترك من أجلهم لا يكون رياء بل شفقة عليه ورحمة كما فى فتح القريب وقال فى شرح الطريقة من مكايد الشيطان ان الرجل قد يكون ذاورد كصلاة الضحى والتهجد وتلاوة القرآن والادعية المأثورة فيقع فى قوم لا يفعلونه فيتركه خوفا من الرياء وهذا غلط منه إذ مداومته السابقة دليل الإخلاص فوقوع خاطر الرياء فى قلبه بلا اختيار ولا قبول لا يضر ولا يخل بالإخلاص فترك العمل لاجله موافقة للشيطان وتحصيل لغرضه نعم عليه ان لا يزيد على معتاده ان لم يجد باعثا وقد يترك لا خوفا من الرياء بل خوفا من ان ينسب اليه ويقال انه مرائ وهذا عين الرياء لانه تركه خوفا من سقوط منزلته عند الناس وفيه ايضا سوء الظن بالمسلمين وقد يقع فى خاطره ان تركه لاجل صيانتهم من الغيبة لا لاجل الفرار من المذمة وسقوط المنزلة وهذا ايضا سوء الظن بهم إذ صيانة الغير من المعصية انما يكون فى ترك المباحات دون السنن والمستحبات انتهى كلامه قال فى التأويلات النجمية وَحَبِطَ ما صَنَعُوا من اعمال الخير فِيها فى الدنيا للدنيا وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال وان كانت حقا لانهم عملوها لغير وجه الله وهو باطل وبه يشير الى ان كل من يعمل عملا يطلب به غير الله فان عمله ومطلوبه باطل كما قال صلى الله عليه وسلم (ان اصدق كلمة قالتها العرب ألا كل شىء ما خلا الله باطل) قال حضرة الشيخ الأكبر قد سنا الله بسره الأطهر اعلم ان الموجودات كلها وان وصفت بالباطل فهى حق من حيث الوجود ولكن سلطان المقام إذا غلب على صاحبه يرى ما سوى الله تعالى باطلا من حيث انه ليس له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهذا معنى قولهم قوله باطل اى كالباطل لان العالم قائم بالله لا بنفسه فهو من هذا الوجه باطل والعارف إذا وصل الى مقامات القرب فى بداية عرفانه ربما تلاشت هذه الكائنات وحجب عن شهودها بشهود الخلق لانها زالت من الوجود بالكلية ثم إذا كمل عرفانه شهد الحق تعالى والخلق معا فى آن واحد وما كل أحد يصل الى هذا المقام فان غالب الناس ان شهد الخلق لم يشهد الحق وان شهد الحق لم يشهد الخلق ولا يدرك الوحدة الا من أدرك اجتماع الضدين ولعل

[سورة هود (11) : آية 17]

من المشهد الاول قول الأستاذ الشيخ ابى الحسن البكري قدس سره استغفر الله مما سوى الله تعالى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته كذا فى انسان العيون فى سيرة الامين المأمون: قال الشيخ المغربي سايه هستى مى نمايد ليك اندر اصل نيست ... نيست را از هست ار بشناختى يابى نجات : وقال ايضا بيدار شو از خواب كه اين جمله خيالات ... اندر نظر ديده بيدار چوخوابيست نسأل الله سبحانه ان يكشف القناع عن وجه المقصود ويتجلى لنا بجماله فى وجه كل مظهر وموجود وهو الرحيم الودود ذو الفضل والفيض والجود أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ الهمزة للانكار والبينة الحجة والبرهان وعلى للاستعلاء المجازى وهو الاستيلاء والاقتدار على إقامتها والاستدلال بها ومن شرطية او موصولة مبتدأ حذف خبره والتقدير أفمن كان على برهان ثابت من ربه يدل على الحق والصواب فيما يأتيه ويذره وهو كل مؤمن مخلص كمن ليس على بينة يعنى سواء بل الاول على السعادة وحسن العاقبة والثاني على الشقاوة وسوء الخاتمة وَيَتْلُوهُ من التلو وهو التبع ذلك البرهان الذي هو دليل العقل فتذكير الضمير الراجع الى البينة انما هو بتأويل شاهِدٌ مِنْهُ اى شاهد من الله تعالى يشهد بصحته وهو القرآن وَمِنْ قَبْلِهِ اى ومن قبل القرآن الشاهد كِتابُ مُوسى وهو التوراة فانها ايضا تتلو ذلك البرهان فى التصديق إِماماً كتابا مؤتما به فى الدين ومقتدى وانتصابه على الحال وَرَحْمَةً اى نعمة عظيمة على من انزل إليهم ومن بعدهم الى يوم القيامة باعتبار أحكامه الباقية المؤيدة بالقرآن العظيم قال فى انسان العيون التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك وانما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز انتهى أُولئِكَ اشارة الى من كان على بينة يُؤْمِنُونَ بِهِ اى يصدقون بالقرآن وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ [وهر كه كافر شود بقرآن] مِنَ الْأَحْزابِ من اهل مكة ومن تحزب معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال تحزبوا عليه اى اجتمعوا فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ اى مكان وعده الذي يصير اليه وفى جعلها موعدا اشعار بان له فيها ما يوصف من أفانين العذاب فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى فى شك من امر القرآن وكونه من عند الله إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ الذي يربيك فى دينك ودنياك وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بان ذلك حق لا شبهة فيه اما لقصور انظارهم واختلال افكارهم واما لعنادهم واستكبارهم هذا ما اختاره البيضاوي وتبعه فى ذلك اكثر المفسرين وقال المولى ابو السعود فى الإرشاد ما حاصله ان المراد بالبينة البرهان الدال على حقية الإسلام وهو القرآن والكون على بينة من الله عبارة عن التمسك بها ويتلوه اى يتبعه شاهد من القرآن شهيد بكونه من عند الله وهو اعجازه وما وقع فيه من الاخبار بالغيب او شاهد من الله تعالى كالمعجزات الظاهرة على يديه عليه السلام ولما كان المراد بتلو الشاهد للبرهان اقامة الشهادة بصحته وكونه من عند الله تعالى تا تابعا له بحيث لا يفارقه فى مشهد من المشاهد فان القرآن بينة باقية على وجه الدهر مع شاهدها

الذي يشهد بامرها الى يوم القيامة عند كل مؤمن وجاحد عطف كتاب موسى فى قوله تعالى وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى على فاعله مع كونه مقدما عليه فى النزول فكأنه قيل أفمن كان على بينة من ربه ويشهد به شاهد آخر من قبل هو كتاب موسى وقال فى التأويلات النجمية وحمل الآية فى الظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم وابى بكر اولى وأحرى فانه عليه السلام كما كان على بينة من ربه كان ابو بكر شاهدا يتلوه بالايمان والتصديق يدل عليه قوله وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ يعنى النبي عليه السلام وصدق به يعنى أبا بكر رضى الله عنه وهو الذي كان ثانيه فى الغار وتاليه فى الامامة فى مرضه عليه السلام حين قال (مر أبا بكر فليصل بالناس) وكان تاليه بالخلافة بإجماع الصحابة وكان منه حيث قال صلى الله عليه وسلم لابى بكر وعمر رضى الله عنهما (انهما منى بمنزلة السمع والبصر وَمِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ابى بكر وشهادته بالنبوة كان كِتابُ مُوسى وهو التوراة إِماماً يأتم به قومه بعده وفى ايام محمد صلى الله عليه وسلم كما ائتم به عبد الله بن سلام وسلمان وغيرهما من أحبار اليهود ولانه كان فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وَرَحْمَةً اى الكتاب كان رحمة لاهل الرحمة وهى الذين يؤمنون بالكتاب وبما فيه كما قال أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يعنى اهل الرحمة وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ اى بالكتاب وبما فيه مِنَ الْأَحْزابِ اى حزب اهل الكتاب وحزب الكفار وحزب المنافقين وان زعموا انهم مسلمون لان الإسلام بدعوى اللسان فحسب وانما يحتاج مع دعوى اللسان الى صدق الجنان وعمل الأركان فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى من ان يكون الكافر بك وبما جئت به من اهل النار لان الايمان بك ايمان بي وان طاعتك طاعتى فلا يخطرن ببالك انى من سعة رحمتى لعلى ارحم من كفر بك كائنا من كان فانى لا ارحمهم لانهم مظاهر قهرى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى يكون له مظاهر صفات القهر كما يكون له مظاهر صفات اللطف وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بصفات قهره كما يؤمنون بصفات لطفه لرجائهم المذموم ولغرورهم المشئوم بكرم الله فانه غرهم بالله وكرمه الشيطان الغرور انتهى: قال الحافظ در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوز دگر بو لهب نباشد واعلم ان حضرة القرآن انما نزل لتمييز اهل اللطف واهل القهر فهو البرهان النير العظيم الشان وبه يعلم اهل الطاعة من اهل العصيان ولما كان الكلام صفة من الصفات القديمة له تعالى قال اهل التأويل فى اشارة قوله أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ اى كشف بيان من تجلى صفة من صفات ربه وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ اى ويتبع الكشف شاهد من شواهد الحق فان الكشف يكون مع الشهود ويكون بلا شهود. والمعنى أفمن كان على بينة من كشوف الحق وشواهده كمن كان على بينة من العقل والنقل مع احتمال السهو والغلط فيها ولذا: قال الحافظ عشق ميورزم واميد كه اين فن شريف ... چون هنرهاى دگر موجب حرمان نشود : وقال الصائب طريق عقل را بر عشق رجحان مى دهد زاهد ... عصايى بهتر از صد شمع كافورست أعمى را : وقال جمعى كه پشت گرم بعشق ازل نيند ... ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند

[سورة هود (11) : الآيات 18 إلى 20]

جعلنا الله وإياكم من المستبصرين لشواهد الحق وأوصلنا وإياكم الى شهود النور المطلق وحشرنا وإياكم تحت لواء الفريق الاسبق وَمَنْ أَظْلَمُ اى لا أحد اظلم مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان نسب اليه ما لا يليق به كقولهم للملائكة بنات الله وقولهم لآلهتهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله أُولئِكَ المفترون يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ المراد عرضهم على الموقف المعد للحساب والسؤال وحبسهم فيه الى ان يقضى الله تعالى بين العباد لانه تعالى ليس فى مكان حتى يعرضون عليه وأسند العرض إليهم والمقصود عرض أعمالهم لان عرض العامل بعمله وهو الافتراء هنا أفظع من عرض عمله مع غيبته وَيَقُولُ الْأَشْهادُ عند العرض وهم الملائكة والنبيون والمؤمنون جمع شاهد او شهيد كاصحاب واشراف هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ المحسن إليهم والمالك لنواصيهم بالافتراء عليه وهؤلاء اشارة الى تحقيرهم واصغارهم بسوء صنيعهم أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عذابه وغضبه عَلَى الظَّالِمِينَ بالافتراء المذكور وفى الحديث (ان الله تعالى يدنى المؤمن يوم القيامة فيستره من الناس فيقول اى عبدى أتعرف ذنب كذا وكذا فيقول نعم يا رب فاذا قرره بذنوبه قال فانى قد سترتها عليك فى الدنيا وقد غفر تهالك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته واما الكفار والمنافقون فيقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين يفضحونهم بما كانوا عليه فى الدنيا ويبينون انهم ملعونون عند الله بسبب ظلمهم) وفى الحديث (من سمع سمع الله به) اى من اظهر عمله للناس رياء اظهر الله نيته الفاسدة فى عمله يوم القيامة وفضحه على رؤس الاشهاد وهم الملائكة الحفظة. وقيل عموم الملائكة. وقيل عموم الخلائق أجمعين ثم وصفهم بالصد فقال الَّذِينَ يَصُدُّونَ اى يمنعون كل من يقدرون على منعه بالتحريف وإدخال الشبه عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن دين الله وطريق طاعته وَيَبْغُونَها عِوَجاً السبيل مؤنث سماعى فلذلك انث ضمير يبغونها يقال بغيت الشيء طلبته وبغيتك خيرا او شرا اى طلبت لك اى ويصفونها بالانحراف عن الحق والصواب فيكون من قبيل اطلاق اسم السبب على المسبب قال فى الإرشاد وهذا شامل لتكذيبهم بالقرآن وقولهم انه ليس من عند الله وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ اى يصفونها بالعوج والحال انهم كافرون بها لا انهم مؤمنون بها ويزعمون ان لها سبيلا سويا يهدون الناس اليه وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به كأن كفر غيرهم ليس بشئ عند كفرهم أُولئِكَ الكاذبون لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ الله تعالى ان يعاقبهم لو أراد عقابهم فِي الْأَرْضِ مع سعتها وان هربوا منها كل مهرب وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ينصرونهم ويمنعونهم من العقاب ولكن اخر ذلك الى اليوم تحقيقا للامهال كما قال تعالى أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً والجمع باعتبار افراد الكفرة كأنه قيل وما كان لاحد منهم من ولى يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ استئناف كأنه قيل هؤلاء الذين شأنهم ذلك ما مصير أمرهم وعقبى حالهم فقيل يضاعف لهم عذاب الابد ضعفين ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ النافع وَما كانُوا يُبْصِرُونَ الحق والآيات المنصوبة فى الأنفس والآفاق وهو استئناف وقع تعليلا لمضاعفة العذاب وليس المراد بالمضاعفة الزيادة بمرتبة واحدة لشمولها الزيادة بمراتب كما فى الحواشي السعدية ولما كان قبح حالهم

[سورة هود (11) : الآيات 21 إلى 25]

فى عدم إذعانهم للقرآن الذي طريق تلقيه السمع أشد منه فى عدم قبولهم لسائر الآيات المنوطة بالأبصار بالغ فى نفى الاول حيث نفى عنهم الاستطاعة واكتفى فى الثاني بنفي الابصار أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى فى البحرانه على حذف مضاف اى راحة او سعادة أنفسهم والا فانفسهم باقية معذبة انتهى ولعل الإبقاء على حاله انسب لمرام المقام وان البقاء معذبا كلا بقاء إذا لمقصود من البقاء انتفاع به وَضَلَ بطل وضاع عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ من الهية الآلهة وشفاعتها لا جَرَمَ فيه ثلاثة أوجه. الاول ان لا نافية لما سبق وجرم فعل بمعنى حق وان مع ما فى حيزه فاعله. والمعنى لا ينفعهم ذلك الفعل اى حق أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وهذا مذهب سيبويه. والثاني ان جرم بمعنى كسب وما بعده مفعوله وفاعله ما دل عليه الكلام اى كسب ذلك خسرانهم فالمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور خسرانهم. والثالث ان لا جرم بمعنى لا بد انهم فى الآخرة هم الأخسرون وأياما كان فمعناه انهم أخسر من كل خاسر قال الكاشفى [بي شك وشبهه ايشان دران سراى ايشان زيانكارتر از همه زيانكاران چهـ پرستش بتان را بپرستش خداى تعالى خريده اند ومتاع دنياى فانى را بر نعيم عقباى باقى اختيار كرده ودرين سودا غبن فاحش است] مايه اين را بدنيا دادن از دون همتيست ... زانكى دنيا جملگى رنج است ودين آسايش است نعمت فانى ستانى دولت باقى دهى ... اندرين سودا خرد داند كه غبن فاحش است - وروى- ابن ابى الدنيا عن الضحاك انه قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك زينة الدنيا واثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (بادروا بالأعمال فان بين ايديكم فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا) ومن البائع دينه بالدنيا المدعى مع الله رتبة طلبا للرياسة واستجلاب حظوظ النفس بطريق التزهد والشيخوخة وهو ملعون على ألسنة الأولياء الذين هم شهداء الله فى الأرض لانه نزل نفسه منزلة السادة الكبراء فظلم واستحق اللعنة: وفى المثنوى تو ملاف از مشك كان بوى پياز ... از دم تو ميكند مكشوف راز گلشكر خوردم همى گوئى وبوى ... ميزند از سير كه ياوه مگوى ومن أوصاف المدعين انهم بادعائهم الشيخوخة يقطعون سبيل الله على طالبيه بالدعوة الى أنفسهم ويمنعونهم ان يتمسكوا بذيل ارادة صاحب ولاية يهديهم الى الحق وهم بالآخرة هم كافرون على الحقيقة لان من يؤمن بالآخرة ولقاء الله والحساب والجزاء على الأعمال لا يجرى مع الله بمثل هذه المعاملات ولهم عذاب الضلال عن سبيل الله بطلب الدنيا والقدوة فيها وعذاب إضلال اهل الارادة عن طريق الحق باستتباعهم وهم مؤاخذون بخسرانهم وخسران اتباعهم وبحسبان انهم يحسنون صنعا فهم الأخسرون ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كين ره كه تو ميروى بتركستانست إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى بكل ما يجب ان يؤمن به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فيما بينهم وبين

[سورة هود (11) : آية 24]

ربهم وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ الإخبات الخضوع والخشوع ويستعمل باللام يقال اخبت لله واستعماله بالى فى الآية لتضمينه معنى الاطمئنان والانقطاع. والمعنى اطمأنوا وسكنوا اليه وانقطعوا الى عبادته بالخشوع والتواضع أُولئِكَ المنعوتون بتلك النعوت أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون لم يأت هنا ضمير الفصل للاشارة والله اعلم الى ان الخلود فيها ليس بمختص بهؤلاء الموصوفين فان المؤمن وان لم يعمل الصالحات مآله الخلود فى الجنة على ما هو مذهب اهل السنة كذا فى حواشى سعدى المفتى وقال فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بطلب الله وطلبوه على أقدام المعاملات الصالحات للطلب المفيدات للوصول الى المطلوب وانابوا الى ربهم بالكلية ولم يطلبوا منه الا هو واطمأنوا به أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى ارباب الجنة كما يقال رب الدار لصائب الدار وهم مطلوبوا الجنة لا طلابها وانما هم طلاب الله هم فيها خالدون طلابا مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ الكافر والمؤمن اى حالهما العجيب لان المثل لا يطلق الا على ما فيه غرابة من الأحوال والصفات قال ابن الشيخ لفظ المثل حقيقة عرفية فى القول السائر المشبه مضربه بمورده ثم يستعار للصفة العجيبة والخال الغريبة تشبيها لهما بالقول المذكور فى الغرابة فانه لا يضرب الا ما فيه غرابة كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ اى كهؤلاء فيكون ذواتهم كذواتهم فان تشبيه حال الشيء بحال شىء آخر يستلزم تشبيه الشيء الاول بالثاني فالاعمى والأصم هم الكافرون والبصير والسميع هم المؤمنون. والواو فى والأصم والسميع لعطف الصفة على الصفة كقولك هو الجواد والشجاع فان الادخل فى المبالغة ان يشبه الكافر بالذي جمع بين العمى والصمم كالموتى وذلك ان الكفرة حين لا ينظرون الى ما خلق الله نظر اعتبار ولا يسمعون ما يتلى عليهم من آيات الله سماع تدبر كان بصرهم كلا بصر وسماعهم كلا سماع فكان حالهم لانتفاء جدوى البصر والسماع كحال الموتى الذي فقدوا مصحح البصر والسمع قال ابن الشيخ الأعمى إذا سمع شيأ ربما يهتدى الى الطريق والأصم ربما ينتفع بالاشارة ومن جمع بينهما فلا حيلة له وقس عليه الشخص الذي جمع بين الوصفين الشريفين اللذين هما البصر والسمع فانه يكون بذلك على احسن حال. وقدم الأعمى لكونه اظهر وأشهر فى سوء الحال من الأصم هَلْ يَسْتَوِيانِ يعنى الفريقين المذكورين والاستفهام إنكاري مَثَلًا اى حالا وصفة وهو تمييز من فاعل يستويان منقول من الفاعلية والأصل هل يستوى مثلهما أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى أتشكون فى عدم الاستواء وما بينهما من التباين او أتغفلون عنه فلا تتذكرون بالتأمل فيما ضرب لكم من المثل فيكون الإنكار واردا على المعطوفين معا او أتسمعون هذا فلا تتذكرون فيكون راجعا الى عدم التذكر بعد تحقق ما يوجب وجوده وهو المثل المضروب وفى التأويلات النجمية الأعمى الذين لا يبصر الحق حقا والباطل باطلا بل يبصر الباطل حقا والحق باطلا. والأصم من لا يسمع الحق حقا والباطل باطلا بل يسمع الباطل حقا والحق باطلا. والبصير الذي يرى الحق حقا ويتبعه ويرى الباطل باطلا ويجتنبه. والسميع الذي من كان الله سمعه فيسمع به ومن ابصر بالله لا يبصر غير الله ومن

[سورة هود (11) : آية 25]

سمع بالله لا يسمع الا من الله انتهى يعنى يسمع من الحق تعالى ولا يرى ان أحدا فى الوجود يخاطبه غير الله تعالى فهو ممتثل لكل ما يؤمر به- حكى- ان خير النساج لقيه انسان فقال له أنت عبدى واسمك خير فسمع ذلك من الحق سبحانه واستعمله الرجل فى النسج أعواما ثم بعد ذلك قال له ما أنت عبدى ولا اسمك خير كوشى كه بحق باز بود در همه جاى ... از هيچ سخن نشنود الا ز خداى وان ديده كزو نور پذيرد او را ... هر ذره بود آيينه دوست نماى وفى كل من مقام الرؤية والسماع ابتلاء والطالب الصادق يقف عند الحد الذي حد له فلا ينظر الى الحرام ولا يرتكب المحذور كشرب الخمر وان قيل له من لسان واحد اشرب هذه الخمر لان هذا القول ابتلاء من الله تعالى هل يقف عند حده اولا فلا بد من التحقق فى الطريق ليكون تابعا لامر مولاه لا أسيرا لشهوته وعبدا لهواه وذلك التحقق والتبعية انما يكون ويحصل بالاجتهاد والتشبث بذيل واحد من اهل الإرشاد: وفى المثنوى آن سواريكه سپهـ را شد ظفر ... اهل دين را كيست سلطان بصر با عصا كوران اگر ره ديده اند ... در پناه خلق روشن ديده اند گرنه بينايان بدندى وشهان ... جمله كوران مرده اندى در جهان نى ز كوران گشت آيد نى درود ... نى عمارت نى تجارتها وسود وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ الواو ابتدائية واللام جواب قسم محذوف وحرفه الباء لا الواو كما فى سورة الأعراف لئلا يجتمع واوان اى بالله لقد بعثنا نوحا وهو ابن ملك ابن متوشلخ بن إدريس عليهما السلام وهو أول نبى بعث بعده قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث نوح على رأس أربعين من عمره ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين سنة وكان عمره الفا وخمسين سنة وقيل غير ذلك ولد نوح بعد الف وستمائة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وكانت دمشق داره ودفن فى الكوفة وقال بعضهم فى الكرك وقال بعضهم فى مغارة ابراهيم عليه السلام فى القدس ويقال كان اسمه شاكرا وسمى نوحا لكثرة نياحته على نفسه واختلفوا فى سبب نياحته على ثلاثة أوجه. الاول قلة رحمته حين قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فلم يرض الله ذلك منه. والثاني انه مر بكلب فقال ما أقبحك من خلق فعاتبه الله على ذلك أعبتني أم عبت الكلب فقام وناح على نفسه وذهب فى البراري والجبال. والثالث الميل والهوى الى ولده ومراجعته الى ربه حين قال إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فقال الله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ فقام وناح على نفسه او شفقة على الولد وخوفا على نفسه كذا فى التبيان يقول الفقير عامله الله بلطفه الخطير ان بعض الزلات وان كان سببا للنياحة كما وقع ايضا لداود عليه السلام وغيره الا ان نياحة الأنبياء والأولياء انما هى من جلال الله تعالى وهيبته الآخذة بقلوبهم فهى من صفات العاشقين وسمات العارفين ألا ترى الى يحيى عليه السلام لم ير اكثر نوحا وبكاء منه فى زمانه مع انه لم يهم بذنب قط وبكاء يعقوب عليه السلام لم يكن لمجرد فراق يوسف عليه السلام بل كان فراقه سببا صوريا

[سورة هود (11) : الآيات 26 إلى 31]

ظاهر يا له والله تعالى إذا أراد بكاء عبده وحنينه الى جنابه ابتلاء بالفراق او بالجوع او بغيرهما كما لا يخفى على اهل القلوب وفى ذلك ترقيات له عجيبة وتجليات له غريبة قد شاهدت هذه الحال من بعض اهل الكمال وهاهنا سؤال وهو انه كيف يستقيم الاخبار فى الأزل عن إرسال نوح عليه السلام بلفظ الماضي ونوح وقومه لم يجد بعد والجواب ان هذا الاخبار بالنسبة الى الأزل لا يتصف بشئ من الازمنة إذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى واتصافه به انما هو بالنسبة الى توجه الخطاب للسامع فان كان معنى الكلام سابقا على توجه الخطاب له كان ماضيا وان كان معه او بعده فالحال او الاستقبال إِنِّي اى فقال لقومه انى لَكُمْ نَذِيرٌ مخوف مُبِينٌ مظهر وذلك الانذار على أكمل طرقه اى أبين لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه بيانا ظاهرا لا شبهة فيه ولم يقل وبشير لان البشارة انما تكون لمن آمن ولم يكن أحد آمن كما اقتصر على الانذار فى قوله تعالى قُمْ فَأَنْذِرْ تقديما للتخلية على التحلية أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى بان لا تعبدوا على انّ ان مصدرية والباء متعلقة بأرسلنا ولا ناهية اى أرسلناه ملتبسا بنهيهم عن الشرك قال فى التأويلات النجمية قال نوح الروح لقومه القلب والنفس والبدن ان لا تعبدوا الدنيا وشهواتها والآخرة ودرجاتها فان عبادة الله مهما كانت معلولة بشئ من الدنيا والآخرة فانه عبد ذلك الشيء لا الله على الحقيقة انتهى ولذا قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيدة: قال الشيخ المغربي قدس سره در جنت ديدار تماشاى جمالت ... باشد ز قصور ار بودم ميل بحورى إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ يوم القيامة او يوم الطوفان. واليم يجوز ان يكون صفة يوم وصفة عذاب على ان يكون جره للجوار ووصفه بالأليم على الاسناد المجازى للمبالغة يعنى ان اسناد الأليم الى اليوم اسناد الى الظرف كقولك نهاره صائم واسناده الى العذاب اسناد الى الوصف كقولك جد جده والمتألم حقيقة هو الشخص المعذب المدرك لا وصفه ولا زمانه وإذا وصفا بالتألم دل على ان الشخص بلغ فى تألمه الى حيث سرى ما به من التألم الى ما يلابسه من الزمان والأوصاف فالاليم بمعنى المؤلم على انه اسم مفعول من الإيلام ويجوز ان يكون بمعنى المؤلم على انه اسم فاعل وهو صفة الله تعالى فى الحقيقة إذ هو الخالق للألم- روى- ان الله تعالى أرسل نوحا الى قومه فجاءهم يوم عيد لهم وكانوا يعبدون الأصنام ويشربون الخمور ويواقعون النساء كالبهائم من غير ستر فنادهم بصوت عال ودعاهم الى التوحيد ففزعوا ثم نسبوه الى الجنون وضربوه وكذبوه كما قال تعالى فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى الاشراف منهم الذين ملأوا القلوب هيبة والمجالس ابهة ووصفهم بالكفر لذمهم والتسجيل عليهم بذلك من أول الأمر لا لان بعض اشرافهم ليسوا بكفرة ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا لا مزية لك علينا نخصك من دوننا بالنبوة ووجوب الطاعة ولو كان كذلك لرأيناه فالرؤية بصرية والا بشرا حال من المفعول ويجوز ان تكون قلبية وهو الظاهر فالا بشرا

مفعول ثان وتعلق الرأى بالمثلية لا بالبشرية فقط قال الكاشفى [ايشان هياكل بشر ديدند واز درك حقائق اشيا غافل ماندند] : مثنوى همسرى با انبيا بر داشتند ... أوليا را همچوخود پنداشتند گفت اينك ما بشر ايشان بشر ... ما وايشان بسته خوابيم وخور اين ندانستند ايشان از عمى ... هست فرقى در ميان بي منتهى هر دو كون زنبور خوردند از محل ... ليك شد زان نيش وز اين ديگر عسل هر دو كون آهو كيا خوردند وآب ... ز اين يكى سر كين شد وزان مشكناب هر دو نى خوردند از يك آبخور ... اين يكى خالى وآن پر از شكر والاشارة ان النفس سفلية وطبعها سفلى ونظرها سفلى والروح علوى وله طبع علوى ونظر علوى فالروح العلوي من خصائصه دعوة غيره الى عالمه لانه بنظره العلوي يرى شرف العبادات وعزتها ويرى السفليات وخستها وذلتها فمن طبعه العلوي يدعو السفلى الى العلويات والنفس السفلية بنظرها السفلى لا ترى العلويات ولا تميل بطبعها السفلى الى العلويات بل تميل الى السفليات وترى بنظرها السفلى كل شىء سفليا فتدعو غيرها الى عالمها فمن هنا ترى الروح العلوي بنظر المثلية فكذلك صاحب هذه النفس يرى صاحب الروح العلوي بنظر المثلية فيقول ما نراك الا بشرا مثلنا فلهذا ينظرون الى الأنبياء ولا يرونهم بنظر النبوة بل يرونهم بنظر الكذب والسحر والجنون ويرون اتباع الأنبياء بنظر الحقارة كما قالوا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ الرؤية ان كانت بصرية يكون اتبعك حالا من المفعول بتقدير قد وان كالت قلبية يكون مفعولا ثانيا إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ اخساؤنا وادانينا كالحاكة والاساكفة واهل الصنائع الخسيسة ولو كنت صادقا لا تبعك الأكياس والاشراف من الناس. فالاراذل جمع اسم تفضيل اى أرذل كقوله «أكابر مجرميها وأحاسنكم أخلاقا» جمع اكبر واحسن فان قلت يلزم الاشتراك إذا بين الاشراف وبينهم فى مأخذ الاشتقاق الذي هو الرذالة قلت هو للزيادة المطلقة والاضافة للتوضيح فلا يلزم ما ذكرت وانتصاب بادى الرأى على الظرفية على حذف المضاف اى اتبعك وقت حدوث بادى الرأى وظاهره او فى أول الوهلة من غير تعمق وتدقيق تفكر من البدو او من البدء والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها وانما استرذلوهم مع كونهم اولى الألباب الراجحة لفقرهم وكان الاشراف عندهم من له جاه ومال كما ترى اكثر اهل زمانك يعتقدون ذلك ويبنون عليه إكرامهم واهانتهم فلك بمردم نادان دهد زمام مراد ... تو اهل فضلى ودانش همين گناهت بس وما اعجب شان اهل الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر ولا اتباعه وقد رضوا للالهية بحجر وعبادته قال فى التأويلات النجمية اما الأراذل من اتباع الروح البدن وجوارحه الظاهرة فان الغالب على الحق ان البدن يقبل دعوة الروح ويستعمل الجوارح بالأعمال الشرعية ولكن النفس الامارة بالسوء تكون على كفرها ولا تخلى البدن يستعمل بالأعمال الشرعية الدينية الا لغرض فاسد ومصلحة دنيوية كما هو المعتاد لاكثر الخلق وَما نَرى لَكُمْ اى لك ولمتبعيك فغلب

[سورة هود (11) : الآيات 28 إلى 29]

المخاطب على الغائبين عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ من زيادة شرف فى الملك والمال تؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة واتباعهم لك لا يدل على نبوتك ولا نجد بكم فضيلة تستتبع اتباعنا لكم قال فى الكواشي وما نرى لكم علينا من فضل لانكم بشر تأكلون وتشربون مثلنا بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ جميعا لكون كلامكم واحدا ودعواكم واحدة قالَ نوح يا قَوْمِ [اى گروه من] أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني فان الرؤية سبب للاخبار إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ برهان ظاهر مِنْ رَبِّي وشاهد يشهد بصحة دعواى وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ هى النبوة فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ اى أخفيت تلك البينة عليكم أَنُلْزِمُكُمُوها اى أنلزمكم قبول تلك البينة ونوجبها عليكم ونجبركم على الاهتداء بهاء وهذا استفهام معناه الإنكار يقول لا نقدر ان نلزمكم من ذات أنفسنا وهو جواب أرأيتم وساد مسد جواب الشرط وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ والحال انكم لا تختارونها ولا تتأملون فيها ومحصول الجواب أخبروني ان كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة الدعوى الا انها خافية عليكم غير مسلمة عندكم أيمكننا ان نكرهكم على قبولها وأنتم معرضون عنها غير متدبرين فيها اى لا يكون ذلك قال سعدى المفتى المراد الزام جبر بالقتل ونحوه فاما الزام الإيجاب فهو حاصل قال قتادة لو قدر الأنبياء ان يلزموا قومهم الايمان لالزموهم ولكن لم يقدروا يكى را بخوانى كه مقبول ماست ... يكى را برانى كه مخذول ماست بدو نيك امر ترا بنده اند ... بتسليم حكمت سر افكنده اند وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ على تبليغ الرسالة وهو ان لم يذكر فمعلوم من قوله انى لكم نذير مبين ان لا تعبدوا الا الله مالًا تؤدونه الى بعد ايمانكم واتباعكم لى فيكون ذلك اجرا لى فى مقابلة اهتدائكم إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وهو الثواب الذي يثيبنى فى الآخرة اى ما بلغتكم من رسالة الله الا لوجه الله لا لغرض من اغراض الدنيا وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا لانهم طلبوا منه ان يطرد من عنده من الفقراء والضعفاء حتى يجالسوه كما طلب رؤس قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم طرد فقراء المؤمنين الملازمين لمجلسه الشريف استنكافا منهم ان ينتظموا معهم فى سلك واحد: قال الحافظ آنچهـ زر ميشود از پرتو آن قلب سياه ... كيمياييست كه در صحبت درويشانست : وقال نظر كردن بدرويشان منافىء بزرگى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش قيل ان الله تعالى اختار الفقر لرسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله وليدل على هوان الدنيا عند الله تعالى إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ يوم القيامة فيقتص لهم ممن ظلمهم كما فى الكواشي او انهم فائزون فى الآخرة بلقاء الله تعالى وحسن جزائه كأنه قيل لا اطردهم ولا ابعدهم عن مجلسى لانهم مقربون فى حضرة القدس وكيف أذل من أعزه الله تعالى وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ما أمرتكم به وما جئتكم به قاله ابو الليث وقال فى الإرشاد تجهلون بكل ما ينبغى ان يعلم ويدخل فيه جهلهم بلقائه تعالى

[سورة هود (11) : الآيات 30 إلى 31]

وبمنزلتهم عنده وباستيجاب طردهم لغضب الله تعالى وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ يدفع عنى غضب الله تعالى ويمنعنى من انتقامه إِنْ طَرَدْتُهُمْ وهم بتلك الصفة والمثابة من الكرامة والزلفى أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى أتستمرون على ما أنتم عليه من الجهل المذكور فلا تتذكرون ما ذكر من حالهم حتى تعرفوا ان ما تأتون بمعزل من الصواب وفى الحديث (حب الفقراء والمساكين من اخلاق الأنبياء والمرسلين وبغض مجالستهم من اخلاق المنافقين والاشارة يقول نوح الروح للنفس من يمنعك من عذاب الله تعالى وقهره ان منعت البدن من الطاعة والعبودية واقتصر على مجرد ايمان النفس وتخلقها بأخلاق الروح كما هو معتقد اهل الفلسفة واهل العناد فانهم يقولون ان اصل العبودية معرفة الربوبية وجمعية الباطن والتحلية بالأخلاق الحميدة فلا عبرة للاعمال البدنية كذبوا والله وكذبوا الله ورسوله فضلوا كثيرا والقول ما قال المشايخ رحمهم الله الظاهر عنوان الباطن وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يستقيم ايمان أحدكم حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يستقيم لسانه حتى يستقيم اعماله) يعنى اركان الشريعة تسرى الى الباطن عند استعمال الشريعة فى الظاهر وان الله تعالى أودع النور فى الشرع والظلمة فى الطبع وانما بعث الأنبياء ليخرجوا الخلق من ظلمات الطبع الى نور الشرع وَلا أَقُولُ لَكُمْ حين ادعى النبوة عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ اى عندى رزق الله وأمواله حتى تستدلوا بعدمها على كذبى بقولكم وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين فان النبوة أعز من ان تنال بأسباب دنيوية ودعواها بمعزل عن ادعاء المال والجاه قال سعدى المفتى يعنى لا ادعى وجوب اتباعى بكثرة المال والجاه الدنيوي حتى تنكروا فضلى وانما ادعى وجوبه لانى رسول من الله وقد جئت بينة تشهد على ذلك وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ اى لا ادعى فى قولى انى لكم نذير مبين انى أخاف عليكم عذاب يوم اليم العلم على الغيب حتى تسارعوا الى الإنكار والاستبعاد وقال سعدى المفتى الظاهر انهم حين ادعى النبوة سألوه عن المغيبات وقالوا ان كنت صادقا فى دعواك فاخبرنا عن كذا وكذا فقال انا ادعى النبوة وقد جئتكم بآية من ربى ولا اعلم الغيب الا بإعلامه ولا يلزم من ان يكون سؤالهم مذكورا فى النظم ان سؤال طردهم كذلك وَلا أَقُولُ لكم إِنِّي مَلَكٌ حتى تقولوا ما نراك الا بشرا مثلنسا فان البشرية ليست من موانع النبوة بل من مباديها. يعنى انكم اتخذتم فقدان هذه الأمور الثلاثة ذريعة الى تكذيبى والحال انى لا ادعى شيأ من ذلك ولا الذي أدعية يتعلق بشئ منها وانما يتعلق بالفضائل النفسانية التي بها تتفاوت مقادير البشر وَلا أَقُولُ مساعدة لكم كما تقولون لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ زراه إذا عابه واستصغره اى لاجل المؤمنين الذي تزدريهم أعينكم لفقرهم وفى شأنهم ولو كانت اللام للتبليغ لكان القياس لن يؤتيكم بكاف الخطاب واسناد الازدراء الى الأعين للمبالغة والتنبيه على انهم استرذلوهم بادى الرؤية من غير روية وبما عاينوا من رثاثة حالهم وقلة منالهم دون تأمل فى معانيهم وكما لاتهم: قال السعدي معانيست در زير حرف سياه ... چودر پرده معشوق ودر ميغ ماه پسنديده ونغز بايد خصال ... كه گاه آيد وكه رود جاه ومال

[سورة هود (11) : الآيات 32 إلى 36]

يقول الفقير الظاهر ان اسناد الازدراء الى الأعين انما هو بالنسبة الى ظهوره فيها كما يقال فلان نظر الى فلان بعين التحقير دون عين التعظيم وهذا لا ينافى كونه من صفات القلب فى الحقيقة لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً فى الدنيا او فى الآخرة فعسى الله ان يؤتيهم خير الدارين وقد وقع كما قال فان نطق الأنبياء عليهم السلام انما هو من الوحى والإلهام حيث أورثهم الله ارضهم وديارهم بعد عزتهم اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من الايمان والمعرفة ورسوخهم فيه إِنِّي إِذاً اى إذ قلت ذلك لَمِنَ الظَّالِمِينَ لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم او من الظالمين لانفسهم بذلك فان وباله راجع الى أنفسهم. وفيه تعريض بانهم ظالمون فى ازدرائهم واسترذالهم وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المسلم أخو المسلم) المراد اخوة الإسلام (لا يظلمه) بنقصه حقه او بمنعه إياه (ولا يخذله) بترك الاعانة والنصرة إذا استعان به فى دفع ظالم ونحوه (ولا يحقره) اى لا يحتقره ولا يستكبر عليه. والاحتقار بالفارسية [خوار داشتن] (التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا) ويشير الى صدره واصل التقوى الاجتناب والمراد هاهنا اجتناب المعاصي وكان المتقى يتخذ له وقاية من عذاب الله تعالى بترك المخالفة. وقوله هاهنا اشارة الى ان الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى وانما تحصل بما يقع من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته فمن كانت التقوى فى قلبه فلا ينظر الى أحد بعين الحقارة (بحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم) يعنى يكفيه من الشر احتقاره أخاه المسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) العرض موضع المدح والذم من الإنسان كما فى فتح القريب وقال ابن الملك عرض الرجل جانبه الذي يصونه قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا خاصمتنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا اى أطلته. والمجادلة روم أحد الخصمين إسقاط كلام صاحبه وهو من الجدل وهو شدة الفتل فَأْتِنا بِما تَعِدُنا اى تعدناه من العذاب المعجل إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى الدعوى والوعيد فان مناظرتك تؤثر فينا قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ عاجلا او آجلا وليس موكولا الىّ ولا مما يدخل تحت قدرتى. وفيه اشارة الى ان وقوع العذاب بمشيئة الله لا بالأعمال الموجبة للوقوع وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ بالهرب او بالمدافعة كما تدافعون فى الكلام قال الامام فان أحدا لا يعجزه اى يمنعه مما أراد يفعله والمعجز هو الذي يفعل ما عنده فيتعذر به مراد الغير فيوصف بانه أعجزه فقوله تعالى وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ اى لا سبيل لكم الى ان تفعلوا ما عندكم فيمتنع على الله تعالى ما يشاء من العذاب ان أراد انزاله بكم وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي النصح كلمة جامعة لكل ما يدور عليه الخير من فعل او قول وحقيقته الخاصة ارادة الخير والدلالة عليه ونقيضه الغش وقيل هو اعلام موضع الغى ليتقى وموضع الرشد ليقتفى إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق عليه والتقدير ان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى وهذه الجملة دالة على ما حذف من جواب قوله تعالى إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ والتقدير ان كان الله يريدان يغويكم فان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى. وفيه اشارة الى ان نصح الأنبياء ودعوتهم لا تفيد الهداية مع ارادة الله الغواية والكل بيد الله تعالى: قال الحافظ مكن بچشم حقارت نگاه بر من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او

[سورة هود (11) : آية 35]

يقول الفقير قد سبق ان نوحا عليه السلام وصفهم بالجهل والجاهل لا ينفع فيه النصح والوعظ كما فى المثنوى پند گفتن با جهول خوابناك ... تخم افكندن بود در شوره خاك چاك حمق وجهل نپذيرد رفو ... تخم حكمت كم دهش اى پندگو هُوَ رَبُّكُمْ خالقكم والمتصرف فيكم وفق إرادته وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم على أعمالكم لا محالة أَمْ يَقُولُونَ قوم نوح افْتَراهُ الضمير المستتر المرفوع لنوح عليه السلام والبارز للوحى الذي بلغه إليهم قُلْ يا نوح إِنِ افْتَرَيْتُهُ بالفرض البحت فهو لا يدل على انه كان شاكا بل هو قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول فَعَلَيَّ إِجْرامِي اى وبال اجرامى وهو كسب الذنب فالمضاف محذوف وان كنت صادقا فكذبتمونى فعليكم عقاب ذلك التكذيب فحذف لدلالة قوله تعالى وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ عليه اى من اجرامكم فى اسناد الافتراء الىّ فلا وجه لاعراضكم عنى ومعاداتكم لى. وفيه اشارة الى ان ذنوب النفس لا تنافى صفاء الروح ولا يتكدر الروح بها مادام متبرئا منها لكن كل من القوى يتكدر بما قارفه من ذنوب نفسه فالجهل يكدر الروح والميل الى ما سوى الله تعالى يكدر القلب والهوى يكدر النفس والشهوة تكدر الطبيعة فعلى العاقل تجلية هذه المرائى وتصقيلها له تعالى والتوجه الى الحضرة العلياء والعمل على وفق الهدى وترك المشتهيات قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة الإنسان. اما حيوانى وهم الذين غلب عليهم أوصاف الطبيعة واحوال الشهوة. واما شيطانى وهم الذين غلب عليهم أوصاف النفس واحوال الشيطنة. واما ملكى وهم الذين غلب عليهم أوصاف الروح واحوال الملكية. واما صاحب الجانبين وهم الذين استوى واشترك فيهم وصف الطبيعة والنفس ووصف الملكية والروح. واما رحمانى وهم الذين غلب عليهم وصف السر وحاله ثم الثلاثة الاول من يخرج منهم بالايمان من الدنيا فهم يدخلون الجنة بالفضل او بعد اقامة العدل وهم اصحاب اليمين وارباب الجمال ومن يخرج من الدنيا بلا ايمان فيدخلون الجحيم بالعدل وهم اصحاب الشمال وارباب الجلال والرابع من يخرج منهم بالايمان فهم اهل الأعراف والخامس هم ارباب الكمال السابقون المقربون وما منا الا له مقام معلوم ورزق مقسوم ثم الحيوانيون بعد ما خرجوا من الدنيا يحشرون مع الشياطين والملكيون يحشرون مع الملائكة واصحاب الجانبين يحشرون بين الطرفين والرحمانيون يحشرون مع قرب الرحمن قال عليه السلام (تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون) انتهى كلامه قال يحيى بن معاذ الرازي الناس ثلاثة اصناف. رجل شغله معاده عن معاشه. ورجل شغله معاشه عن معاده. ورجل مشتغل بهما جميعا فالاول درجة الفائزين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين وفى الحديث (ان لله خواص يسكنهم الرفيع من الجنان كانوا اعقل الناس) قالوا يا رسول الله كيف كانوا اعقل الناس قال (كان نهمتهم المسابقة الى ربهم والمسارعة الى ما يرضيه وزهدوا فى الدنيا وفى رياستها وفى فضولها ونعميها فهانت عليهم فصبروا قليلا واستراحوا طويلا) تا كى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست ز خوبى كه شود عاشق زشتى

[سورة هود (11) : آية 36]

وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ اى المصرين على الكفر وهو اقناط له عليه السلام من ايمانهم واعلام لكونه كالمحال الذي لا يصح توقعه إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ الا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه وقد للتوقع وقد أصابت محزها وقال المولى ابو السعود رحمه الله هذا الاستثناء على طريقة قوله تعالى إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وقد سبق فى اواخر سورة النساء وقال سعدى المفتى ان قيل من قد آمن لا يحدث الايمان بل يستمر عليه فكيف صح اتصال الاستثناء قلنا قد تقرر ان لدوام الأمور المستمرة حكم الابتداء ولهذا لو حلف لا البس هذا الثوب وهو لا بسه فلم ينزعه فى الحال يحنث ومبنى الايمان على العرف وقال القطب العلامة إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ قد استعد للايمان وتوقع منه ولا يراد الايمان بالفعل والا لكان التقدير الا من قد آمن فانه يؤمن فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ هو تفتعل من البؤس ومعناه الحزن فى استكانة وهى الخضوع اى لا تحزن حزن بائس مستكين ولا تغتم بما كانوا يتعاطون من التكذيب والإيذاء فى هذه المدة الطويلة فقد انتهى أفعالهم وحان وقت الانتقام منهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (ان نوحا كان إذا جادل قومه ضربوه حتى يغشى عليه فاذا أفاق قال اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) انتهى ولما جاء هذا الوحى من عند الله تعالى دعا عليهم فقال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً: وفى المثنوى ناحمولى انبيا را از امر دان ... ور نه حمالست بدرا حلمشان طبع را كشتند اندر حمل بد ... ناحمولى گر كند از حق بود قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أول ما يتخلق المتخلق بعدم التأذى بأذى الأنام باحتماله صبرا وواسطته ان لا يجدهم مؤذين لانه موحد فيستوى عنده المسيئ والمحسن فى حقه وخاتمته ان يرى المسيئ محسنا اليه فانه عالم بالحقائق متحقق بالتجلى الإلهي وهى بداية التحقيق والاشارة فى الآية ان نوح الروح لا يؤمن من قومه الا القلب والسر والبدن وجوارحه فاما النفس فانها لا تؤمن ابدا اللهم الا نفوس الأنبياء وخواص الأولياء فانها تسلم أحيانا دون الايمان وحال النفوس كاحوال الاعراب كقوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فان معدن الايمان القلوب ومظهر الإسلام النفوس لان الإسلام الحقيقي الذي قال تعالى فيه أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ هو ضوء قد انعكس من مرآة القلب المنور بنور الايمان فاما اسلام الاعراب إذ قال تعالى لهم ولما يدخل الايمان فى قلوبكم لم يكن ضوأ منعكسا من مرآة القلب المنور ولكن هو ضوء منعكس من النور المودع فى كلمة التوحيد والأعمال الصالحة عند إتيانها بالصدق علم ان ايمان الخواص ينزل من الحق تعالى بنظر عنايته على القلوب القابلة للفيض الإلهي بلا واسطة وايمان العوام يدخل فى قلوبهم من طريق الإقرار باللسان والعمل بالأركان فَلا تَبْتَئِسْ على نفوس السعداء بِما كانُوا يَفْعَلُونَ من اعمال الشر فانها لهم كالجسد للاكسير ينقلب ذهبا مقبولا عند طرح الروح فلذلك تنقلب اعمال الشر خيرا عند طرح التوبة عليها كما قال تعالى فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فَلا تَبْتَئِسْ على نفوس الأشقياء بِما كانُوا يَفْعَلُونَ لانها حجة الله على

[سورة هود (11) : الآيات 37 إلى 41]

شقاوتهم وبتلك السلاسل يسحبون فى النار على وجوههم كذا فى التأويلات النجمية وَاصْنَعِ الْفُلْكَ [چون فائده دعوت از ايشان منقطع كشته زمان نزول عذاب در رسيد حكم شد كه اى نوح ميان اجتهاد دربند وبساز كشتى را] والأمر للوجوب إذ لا سبيل الى صيانة الروح من الغرق الا به فيجب كوجوبها. واللام اما للعهد بان يحمل على ان هذا مسبوق بالوحى اليه انه سيهلككم بالغرق وينجيه ومن معه بشئ سيصنعه بامره تعالى ووحيه من شأنه كيت وكيت واسمه كذا واما للجنس والصنعة بالفارسية [كار كردن] والمراد هاهنا نجر الخشب اى نحته ليتحصل منه صورة السفينة بِأَعْيُنِنا العين ليست من الآلات التي يستعان بها على مباشرة العمل بل هى سبب لحفظ الشيء فعبر بها عنه مجازا وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة والكثرة اسباب الحفظ والرعاية فالاعين فى معنى محفوظا على انه حال من فاعل اصنع اى اصنعه محفوظا من ان يمنعك أحد من أعدائك عن ذلك العمل وإتمامه ومن ان تزيغ فى صنعته عن الصواب وقال الكاشفى [بأعيننا بنگاه داشتن ما يا با عين ملائكه كه مددكار وموكل تواند] يقول الفقير الاول انسب لما فى سورة الطور من قوله تعالى وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا اى فى حفظنا وحمايتنا بحيث نراقبك ونكلؤك واتحاد القضية ليس بشرط وَوَحْيِنا إليك كيف نصنعها وتعليمنا والهامنا اى موحى إليك كيفية صنعتها قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يعلم كيف صنعة الفلك فاوحى الله اليه ان يصنعها مثل جؤجؤ الطائر بالفارسية [چون سينه مرغ وبر او] فاخذ القدوم وجعل يضرب ولا يخطئ [ودر اخبار آمده كه نوح عليه السلام چوب كشتى بطلبيد فرمان برسيد تا درخت ساج بكاشت ودر مدت بيست سال كه درخت برسيد مطلقا هيچ فرزند متولد نشد تا أطفال قوم بالغ شدند وايشان نيز متابعت آبا كرده از قبول دعوت نوح أبا كردند پس نوح بساختن كشتى اشتغال فرمود] ونحتها فى سنتين واستأجر اجراء ينحتون معه وقيل فى اربعمائة سنة ومن الغرائب ما فى حياة الحيوان من ان أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام قال يا رب أمرتني ان اصنع الفلك وانا فى صناعته اصنع أياما فيجيئون بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يلتئم لى ما أمرتني به قد طال علىّ امرى فاوحى الله تعالى اليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل فاذا جاء قومه ليفسدوا بالليل ينبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة ويثب إليهم فينهزمون منه فالتأم ما أراد وفعل السفينة برشاد: وفى المثنوى قابل تعليم وفهمست اين خرد ... ليك صاحب وحي تعليمش دهد جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود هيچ حرفت را ببين كين عقل ما ... ماند او آموختن بي اوستا گر چهـ اندر فكر موى اشكاف بد ... هيچ پيشه رام بي اوستا نشد وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع والذراع الى المنكب وعرضها خمسين ذراعا وسمكها اى ارتفاعها فى الهواء ثلاثين ذراعا وبابها فى عرضها او كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها

ستمائة ذراع كما قيل ان الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة يحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى الى كثيب من تراب فاخذ كفا من ذلك التراب فقال أتدرون من هذا قالوا الله ورسوله اعلم قال هذا كعب بن حام فضرب بعصاه وقال قم بإذن الله فاذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى أهكذا هلكت قال لا مت وانا شاب ولكنى ظننت انها الساعة فمن ثم شبت فقال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات طبقة للدواب والوحش وطبقة للانس وطبقة للطير ثم قال عد بإذن الله تعالى كما كنت فعاد ترابا قال فى الكواشي وطلاها بالقار فلما أتمها أنطقها الله فقالت لا اله الا الله فى الأولين والآخرين انا السفينة التي من ركبنى نجا ومن تخلف عنى هلك ولا يدخلنى الا اهل الايمان والإخلاص فقال قومه يا نوح هذا قليل من سحرك وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لا تراجعنى فيهم ولا تدعنى فى استدفاع العذاب عنهم. وفى وضع المظهر موضع المضمر تسجيل عليهم بالظلم ودلالة على انه انما نهى عن الدعاء لهم بالنجاة لتصميمهم على الظلم وان العذاب انما لحقهم لذلك إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ محكوم عليهم بالاغراق قد مضى به القضاء وجف القلم فلا سبيل الى كفه ولزمتهم الحجة فلم يبق الا ان يجعلوا عبرة للمعتبرين ومثلا للآخرين ويقال للذين ظلموا يعنى ابنه كنعان كما فى تفسير ابى الليث وزاد فى التبيان امرأته والعة او واعلة بالعين المهملة وهى أم كنعان يقول الفقير لعله هو الأصوب لانه روى ان الأرض صاحت وقال يا رب ما أحلمك على هؤلاء الكفرة يمشون على ظهرى ويأكلون رزقك ويعبدون غيرك ثم نطقت السباع كذلك فلما اشتد الأمر وعلم نوح انه لا يؤمن من قومه أحد بعد دعا عليهم بالهلاك فكيف يخاطب الله فيهم وفى نجاتهم. واما كنعان وامه فهما وان كانا كافرين لكن لا يسوى بينهما وبينهم من حيث ان الشفقة على الأهل والأولاد أشد وكان من شأنه المخاطبة فى حقهم ولذلك نهى عنها وسيجئ زيادة البيان فى ذلك قال فى التأويلات النجمية وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى النفوس فان الظلم من شيمتها انه كان ظلوما جهولا لانها تضع الأشياء فى غير موضعها تضع عبادة الحق فى هواها والدنيا وشهواتها وفى هذا الخطاب حسم مادة الطمع عن ايمان النفوس وفيه حكم يطول شرحها منها ترقى اهل الكمالات الى الابد فافهم جدا وان النفس مكمن مكر الحق حتى لا تأمن منها ومن صفاتها انهم مغرقون فى طوفان الفتن الا من سلمه الله منه والسلامة فى ركوب سفينة الشريعة فان نوح الروح ان لم يركبها كان من المغرقين انتهى. وفى الحديث (مثلى ومثل أمتي كمثل سفينة نوح من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق) : وفى المثنوى بهر اين فرمود پيغمبر كه من ... همچوكشتى أم بطوفان زمن ما واصحابيم چون كشتى نوح ... هر كه دست اندر زند يابد فتوح چونكه با شيخى تو دور از زشتىء ... روز وشب سيارى ودر كشتىء مكسل از پيغمبر ايام خويش ... تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش گر چهـ شيرى چون روى ره بي دليل ... خويش رو به در ضلالى وذليل

[سورة هود (11) : آية 38]

وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ينجرها وهى حكاية حال ماضية لاستحضار صورتها العجيبة وَكُلَّما اى يصنعها والحال انه كلما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ اشراف ورؤساء مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ استهزؤا به لعمله السفينة اما لانهم ما كانوا يعرفونها ولا كيفية استعمالها والانتفاع بها فقالوا يا نوح ما تصنع قال اصنع بيتا يمشى على الماء فتعجبوا من قوله وسخروا منه واما لانه كان يصنعها فى برية بهماء فى ابعد موضع من الماء فى وقت عزته عزة شديدة وكانوا يتضاحكون ويقولون يا نوح صرت نجارا بعد ما كنت نبيا ويقولون أتجعل للماء إكافا فاين الماء او لانه كان ينذرهم الغرق فلما طال مكثه فيهم ولم يشاهدوا منه عينا ولا اثرا عدوه من باب المحال ثم لما رأوا اشتغاله بأسباب الخلاص من ذلك فعلوا ما فعلوا ومدارا الجميع انكار ان يكون لعمله عاقبة حميدة مع ما فيه من تحمل المشاق العظيمة من اگر نيكم وبد تو برو وخود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت قوله كلما ظرف وما مصدرية ظرفية تقديره وكل وقت مرور سخروا منه والعامل سخروا منه قالَ استئناف كأن سائلا سأل فقال فما صنع نوح عند بلوغ اذاهم الغاية فقيل قال إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا [اگر سخريه وأفسوس ميكنيد با ما] فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق فى الدنيا والحرق فى الآخرة قال المولى ابو السعود رحمه الله اى نعاملكم معاملة من يفعل ذلك لان نفس السخرية مما لا يكاد يليق بمنصب النبوة انتهى يقول الفقير المقصود من هذه السخرية إصابة جزاء السخرية وكل أحد انما يجازى من جنس عمله لا من خلاف جنسه ألا ترى الى قوله تعالى فى حق الصائمين كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ فانه يقال لهم يوم القيامة كلوا يا من جوعوا بطونهم واشربوا يا من عطشوا أكبادهم ولا يقال كلوا يا من قطعوا الليل واشربوا يا من ثبتوا يوم الزحف إذ ليس فيه المناسبة بين العمل وجزائه فالآية نظير قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ألا ترى الى ما قال فى الجزاء فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ثم تمم بقوله هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ وفى الآية اشارة الى ان اهل النفس وتابعي هواها يستهزئون بمن يستعمل اركان الشريعة الظاهرة ويضحكون منهم فى اتعابهم بها نفوسهم إذ هم بمعزل عن اسرارها وأنوارها فان سخروا منهم بجهلهم لفائدة هذه السفينة فسوف يسخر بهم من ركبها إذ نجوا وهلكوا قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب الله تعالى فكذلك العارف الغير العامل والغافل الغير العامل سواء فى كونهما مردودين عن باب الله تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والفلاح ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجرد هما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية انتهى كلامه المقبول المفيد كارى كنيم ور نه حجالت برآورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم قال السعدي قدس سره

[سورة هود (11) : الآيات 39 إلى 40]

كنون كوش كآب از كمر درگذشت ... در وقت سيلابت از سر گذشت فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ عبارة عنهم وهى اما استفهامية فى حيز الرفع او موصولة فى محل النصب بتعلمون وما فى حيزها ساد مسد المفعولين قال سعدى المفتى من موصولة ويعدى تعلمون الى واحد استعمالا لها استعمال عرف فى التعدية الى واحد يَأْتِيهِ عَذابٌ وهو عذاب الغرق يُخْزِيهِ يهينه ويذله وصف العذاب بالاخزاء لما فى الاستهزاء والسخرية من لحوق الخزي والعار عادة وَيَحِلُّ عَلَيْهِ حلول الدين الذي لا انفكاك عنه ففى الكلام استعارة مكنية حيث شبه العذاب الأخروي الذي قضى الله تعالى به فى حقهم بالدين المؤجل الواجب الحلول واثبت له الحلول الذي هو من لوازمه عَذابٌ مُقِيمٌ دائم هو عذاب النار حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا للتنور بالفوران او للحساب بالإرسال وحتى هى التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية وهى مع ذلك غاية لقوله ويصنع فان كونها حرف ابتداء لا ينافى كون ما بعدها غاية لما قبلها. والمعنى وكان يصنعها الى ان جاء وقت الطوفان وَفارَ التَّنُّورُ [وبجوشيد آب از تنور] والتنور اسم أعجمي عربته العرب لان اصل بنائه تنر وليس فى كلام العرب نون قبل راء ذكره القرطبي اى نبع منه الماء وارتفع بشدة كما يفور القدر بغليانها. والتنور تنور الخبز لاهله وهو قول الجمهور- روى- انه قيل لنوح إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب ومن معك فى السفينة فلما نبع الماء أخبرته امرأته فركب وقيل كان تنور آدم وكان من حجارة فصا الى نوح وانما نبع منه وهو ابعد شىء من الماء على خرق العادة واختلفوا فى مكان التنور ايضا فقيل كان فى الكوفة فى موضع مسجدها عن يمين الداخل مما يلى باب الكنيسة وكان عمل السفينة فى ذلك الموضع وفى القاموس الغارقون مسجد الكوفة لان الغرق كان فيه وفى زاوية له فار التنور وقيل فى الهند وقيل فى موضع بالشام يقال له عين وردة وقيل التنور وجه الأرض او اشرف موضع فى الأرض اى أعلاه وعن على رضى الله عنه فار التنور طلع الفجر قُلْنَا جواب إذا وان جعلت حتى جارة متعلقة بيصنع فاذا ليست بشرطية بل مجرورة بحتى وقلنا استئناف احْمِلْ فِيها الضمير راجع الى الفلك والتأنيث باعتبار السفينة مِنْ كُلٍّ اى من كل نوع من الحيوانات لا بد منه فى الأرض زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ مفعول احمل واثنين صفة مؤكدة له وزيادة بيان كقوله تعالى لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ والزوجان عبارة عن كل اثنين لا يستغنى أحدهما عن الآخر ويقال لكل واحد منهما زوج يقال زوج خف وزوج نعل قال فى الإرشاد الزوج ما له شماكل من نوعه فالذكر زوج للانثى كما هى زوج له وقد يطلق على مجموعهما فيقابل الفرد ولا زالة ذلك الاحتمال قيل اثنين كل منهما زوج الآخر وقدم ذلك على اهله وسائر المؤمنين لانه انما يحمل بماشرة البشر وهم انما يدخلونها بعد حملهم إياه- روى- ان نوحا قال يا رب كيف احمل من كل زوجين اثنين فحشر الله اليه السباع والطير فجعل يضرب يديه فى كل جنس فيقع الذكر فى يده اليمنى والأنثى فى اليسرى فيجعلهما فى السفينة قال الحسن لم يحمل فى السفينة الا ما يلد ويبيض واما ما يتولد من التراب كالحشرات والبق والبعوض فلم يحمل منه شيأ قال الشيخ السمرقندي فى بحر الكلام وأول ما حمل نوح الذرة وآخر ما حمله الحمار فلما دخل صدره

تعلق إبليس بذنبه فلم يستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح ادخل والشيطان معك فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال نوح ما أدخلك علىّ يا عدو الله قال ألم تقل ادخل والشيطان معك قال اخرج عنى يا عدو الله قال مالك بدّ من ان تحملني معك وكان فيما يزعمون فى ظهر الفلك انتهى وقال فى التبيان ان إبليس أراد ان يدخل السفينة فلم يمكن ان يدخل من غير اذن فتعلق بذنب حمار وقت دخوله فى السفينة فلم يدخل الحمار فى السفينة فالح عليه نوح عليه السلام فقال نوح للحمار ادخل يا ملعون فدخل الحمار السفينة ودخل معه إبليس فلما كان بعد ذلك رأى نوح إبليس فى السفينة فقال له دخلت السفينة بغير امرى فقال له إبليس ما دخلت الا بأمرك فقال له فانا ما امرتك فقال أمرتني حين قلت للحمار ادخل يا ملعون ولم يكن ثمه ملعون الا انا فدخلت فتركه وفى الحديث (إذا سمعتم نهاق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فانها رأت شيطانا وإذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فانها رأت ملكا) قالوا صوت كل حيوان تسبيح منه الا الحمار فان صوته من رؤية الشيطان وذلك يدل على كمال دناءته فى نفسه ولذا تعلق الشيطان بذنبه وجاء صديقاله واما الديك فهو عدوله لانه يصبح فى اوقات الصلاة عند استماع صوت ديك العرش ولا بعد فى تفاوت الحيوانات العجم كالانسان وقد صح ان البغال كانت اسرع الدواب فى نقل الحطب لنار ابراهيم عليه السلام ولذلك دعا عليها فقطع الله نسلها وان الوزغ كان ينفخ فى ناره ولذا ورد (من قتل وزغة فى أول ضربة كتبت له مائة حسنة) قال فى حياة الحيوان إذا ذبح الديك الأبيض الأفرق أحد لم يزل ينكب فى اهله وماله وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال لما ركب نوح عليه السلام فى السفينة رأى فيها شيخا لم يعرفه فقال له نوح ما أدخلك قال دخلت لا صيب قلوب أصحابك فيكون قلوبهم معى وأبدانهم معك قال نوح اخرج يا عدو الله فقال إبليس خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاث ولا أحدثك باثنتين فاوحى الى نوح انه لا حاجة بك الى الثلاث مره يحدثك بالثنتين قال الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما والحرص أبيح لآدم الجنة كلها فاصبت حاجتى منه بالحرص: وفى المثنوى حرص تو در كار بد چون آتشست ... اخگر از رنگ خوش آتش خوشست آن سياهئ فحم در آتش نهان ... چون شد آتش آن سياهى شد عيان اخگر از حرص تو شد فحم سياه ... حرص چون شد ماند آن فحم تباه آن زمان آن فحم اخگر مينمود ... آن نه حسن كار نار حرص بود حرص كارت را بيارائيده بود ... حرص رفت وماند كار تو كبود وقيل ان الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا احملنا فقال أنتما سبب الضرر والبلاء فلا احملكما قالتا احملنا فنحن نضمن لك ان لا نضر أحدا فمن قرأ حين خاف مضرتهما سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ما ضرتاه وعن وهب بن منبه امر نوح بان يحمل من كل زوجين اثنين قال يا رب كيف اصنع بالأسد والبقرة وبالعناق والذئب وبالحمام والهرة قال يا نوح من القى بينهم العداوة قال أنت يا رب قال فانى اؤلف بينهم حتى يتراضوا وعن ابن عباس رضى الله عنهما كثر الفار فى السفينة

حتى خافوا على حبال السفينة فاوحى الله تعالى الى نوح ان امسح جبهة الأسد فمسحها فعطس فخرج منها سنوران فأكلا الفار وكثرت العذرة فى السفينة فشكوا الى نوح فاوحى الله تعالى ان امسح ذنب الفيل فمسحه فخرج منه خنزيران فاكلا العذرة وفى خبر آخر خنزير واحد ودل خبر وهب على ان الهرة كانت من قبل وهذا الخبر على انها لم تكن من قبل الا ان يقال ان قصة التأليف وقعت بعد خروج الهرة من انف الأسد والله اعلم وَأَهْلَكَ عطف على زوجين والمراد امرأته المؤمنة فانه كان له امرأتان أحدهما مؤمنة والاخرى كافرة وهى أم كنعان وبنوه ونساؤهم إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بانه من المغرقين بسبب ظلمهم والمراد به ابنه كنعان وامه واعلة فانهما كانا كافرين والاستثناء منقطع ان أريد بالأهل الأهل ايمانا وهو الظاهر لقوله تعالى إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ او متصل ان أريد به الأهل قرابة ويكفى فى صحة الاستثناء المعلومية عند المراجعة الى أحوالهم والتفحص عن أعمالهم وجيئ بعلى لكون السابق ضارا لهم كما جيئ باللام فيما هو نافع لهم فى قوله تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ وقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى وَمَنْ آمَنَ عطف على وأهلك اى واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم وافراد الأهل منهم للاستثناء المذكور وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ [وايمان نياورده بودند وموافقت نكرده با نوح مكر اندكى از مردمان]- روى- عن النبي عليه السلام انه قال كانوا ثمانية نوح واهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم قال العتبى قرأت فى التوراة ان الله تعالى اوحى اليه ان اصنع الفلك وادخل أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شىء من الحيوان زوجان اثنان فانى منزل المطر أربعين يوما وليلة فأتلف كل شىء خلقته على وجه الأرض وعن مقاتل كانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وأولاد نوح ونساؤهم فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان فى سفينة نوح ثمانون رجلا وامرأة أحدهم جرهم يقال ان فى ناحية الموصل قرية يقال لها قرية الثمانين سميت بذلك لانهم لما خرجوا من السفينة بنوها فسميت بهم والاشارة حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وهو حد البلاغة التي يكون العبد مأمورا بالركوب على سفينة الشريعة وَفارَ التَّنُّورُ اى يفور ماء الشهوة من تنور القالب قُلْنَا احْمِلْ فِيها فى سفينة الشريعة مِنْ كُلٍّ صفة من صفات النفس زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اى كل صفة وزوجها كالشهوة وزوجها العفة. والحرص وزوجه القناعة. والبخل وزوجه السخاوة والغضب وزوجه الحلم. والحقد وزوجه السلامة. والعداوة وزوجها المحبة. والتكبر وزوجه التواضع والتأنى وزوجه العجلة وَأَهْلَكَ اى واحمل معك أهلك صفات الروح إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ من النفس وَمَنْ آمَنَ اى آمن معك من القلب والسر وَما آمَنَ مَعَهُ غالبا إِلَّا قَلِيلٌ من صفات القلب فيه اشاره الى ان كل ما كان من هذه الصفات وأزواجها فى معزل عن سفينة الشريعة فهو غريق فى طوفان الفتن وهذا رد على الفلاسفة والإباحية فانهم يعتقدون ان من أصلح أخلاقها الذميمة وعالجها بضدها من الأخلاق الحميدة فلا يحتاج الى الركوب فى سفينة الشرع ولا يعلمون ان الإصلاح والعلاج إذا صدرا من طبيعة لا يفيد ان النجاة لان الطبيعة لا تعلم كيفية الإصلاح والعلاج ولا مقدار تزكية النفس وتحليتها وان كانت الطبيعة

[سورة هود (11) : آية 41]

واقفة على صلاح النفس وفسادها لعالجتها فى ابتداء أمرها وما كانت النفس محتاجة الى طبيب عالم بالامراض ومعالجتها وهم الأنبياء عليهم السلام حيث قال هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ ليعلموا المرض من الصحة والداء من الدواء وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والحكمة فبالتزكية عن الصفات الطبيعية يستحقون تحلية اخلاق الشريعة الربانية كذا فى التأويلات النجمية وَقالَ اى نوح لمن معه من المؤمنين بعد إدخال ما امره بحمله فى الفلك من الأزواج قال الكاشفى [نوح ايشانرا بنزديك كشتى آورد وسرپوشى كه ترتيب داده بود بالاى كشتى پوشيد واز زمين آب عذاب جوشيدن كرفت واز آسمان آب بلا فرود آمدن آغاز كرد]- وروى- انه حمل معه تابوت آدم وجعله معترضا بين الرجال والنساء ارْكَبُوا فِيها اى فى السفينة وهو متعلق باركبوا وعدى بفي لتضمنه معنى ادخلوا وصيروا فيها راكبين قال فى الإرشاد الركوب العلو على الشيء المتحرك ويتعدى بنفسه واستعماله هنا بكلمة فى ليس لان المأمور به كونهم فى جوفها لا فوقها كما ظن فان اظهر الروايات انه عليه السلام جعل الوحوش والسباع والهوام فى البطن الأسفل من الطبقات الثلاث للسفينة والانعام والدواب فى الأوسط وركب هو ومن معه مع ما يحتاجون اليه من الزاد فى الأعلى بل رعاية لجانب المحلية والمكانية فى الفلك والسر فيه ان معنى الركوب العلو على شىء له حركة اما ارادية كالحيوان او قسرية كالسفينة والعجلة ونحوهما فاذا استعمل فى الاول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وان استعمل فى الثاني يلوح لمحلية المفعول بكلمة فى فيقال ركبت فى السفينة قيل انهم ركبوا السفينة يوم العاشر من رجب وكان يوم الجمعة فاتت السفينة البيت فطافت اسبوعا فسارت بهم مائة وخمسين يوما واستقرت بهم على الجودي شهرا وكان خروجهم من السفينة يوم عاشوراء من محرم بِسْمِ اللَّهِ متعلق باركبوا حال من فاعله اى اركبوا مسمين الله او قائلين بسم الله قال سعدى المفتى كان اصل التقدير ملتبسين او متبركين باسم الله وهو تأويل مسمين الله او قائلين بسم الله وعلى التقديرين فهو حال مقدرة لان وقت الجري والارساء بعد الركوب مَجْراها بفتح الميم من جرى وبكسر الراء على الامالة نصب على الظرفية اى وقت جريها وَمُرْساها اى وقت ارسائها وحبسها وثبوتها وقال فى الكواشي بسم الله مجراها خبر ومبتدأ ومرساها عطف عليه اى بسم الله اجراؤها وارساؤها فكان عليه السلام إذا أراد ان تجرى قال بسم الله فجرت وإذا أراد ان ترسو قال بسم الله فرست ومجراها ضما وفتحا مصدر أجريته وجريت به لغتان بمعى كاذهبته وذهبت به ومرساها بضم الميم من ارست السفينة ترسى وقفت انتهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ للذنوب والخطايا رَحِيمٌ لعباده ولهذا نجاكم من هذه الداهية ولولا ذلك لما فعله وفيه دلالة على ان نجاتهم ليست بسبب استحقاقهم لها بل بمحض فضل الله وغفرانه ورحمته على ما عليه رأى اهل السنة- حكى- ان عجوزا مرت على نوح وهو يصنع السفينة وكانت مؤمنة به فسألته عما يصنعه فقال ان الله تعالى سيهلك الكفار بالطوفان وينجى المؤمنين بهذه السفينة فاوصت ان يخبرها نوح إذا جاء وقتها لتركب فى السفينة من

[سورة هود (11) : الآيات 42 إلى 47]

المؤمنين فلما جاء ذلك الوقت اشتغل نوح بحمل الخلق فيها ونسى وصية العجوز وكانت بعيدة منه ثم لما وقع ما وقع من إهلاك الكفار ونجاة المؤمنين وخرجوا من السفينة جاءت اليه تلك العجوز فقالت يا نوح انك قلت لى سيقع الطوفان ألم يأن ان يقع قال قد وقع وكان امر الله مفعولا وتعجب من امر العجوز فان الله تعالى قد أنجاها فى بيتها من غير ركوب السفينة ولم تر الطوفان قط وهكذا حماية الله تعالى لعباده المؤمنين وقد صح عن بعض اهل الكشف ان موضع الجامع الكبير فى بلدة بروسه كان بيتا للعجوز المذكورة كما فى الواقعات المحمودية: وفى المثنوى كاملان از دور نامت بشنوند ... تا بقعر باد وبودت در روند «1» بلكه پيش از زادن تو سالها ... ديده باشندت ترا با حالها هر كسى اندازه روشن دلى ... غيب را بيند بقدر صيقلى «2» والاشارة ان سفينة الشريعة معمولة للنجاة لراكبيها من طوفان فتن النفس والدنيا والأمر بالركوب فى قوله تعالى ارْكَبُوا فِيها يشير الى كشف سر من اسرار الشريعة وهو ان من ركب سفينة الشرع بالطبع وتقليد الآباء والاستاذين لم ينفعه للنجاة الحقيقية كما ركب المنافقون بالطبع لا بالأمر فلم ينفعهم وكما ركب إبليس فى سفينة نوح فلم ينفعه وانما النجاة لمن ركب فيها بالأمر وحفظا لادب المقام قال بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها اى يكون مجريها من الله ومرساها الى الله كقوله أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ بالنجاة لمن ركبها رَحِيمٌ لمن ركبها بالأمر لا بالطبع كذا فى التأويلات النجمية وَهِيَ اى الفلك تَجْرِي حكاية حال ماضية بِهِمْ حال من فاعل تجرى اى وهم فيها اى ملتبسة بهم ولك ان تجعل الباء للتعدية يقال أجريته وجريت به كأذهبته وذهبت به فالمعنى بالفارسية [همى برد ايشانرا] والجملة عطف على محذوف دل عليه الأمر بالركوب اى فركبوا فيها مسمين وهى تجرى بهم فِي خلال مَوْجٍ يعنى موج الطوفان والطوفان من كل شىء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كالمطر الغالب فى هذا المقام. والموج جمع موجة وهو ما ارتفع من الماء إذا اشتد عليه الريح كَالْجِبالِ شبه كل موجة من ذلك بالجبل فى عظمها وارتفاعها على الماء وتراكمها وظاهره يدل على ان السفينة تجرى داخل الموج ولكن المراد ان الأمواج لما أحاطت السفينة من الجوانب شبهت بالتي تجرى فى داخل الأمواج فان قلت ان الماء ملأ ما بين السماء والأرض وإذا كان كذلك لم يتصور الموج فيه فما معنى جريها فيه قلت هذا الجريان كان قبل ان يغمر الطوفان الجبال ثم كانت السفينة تجرى فى جوف الماء كما تسبح السمكة كما قالوا ولا يلزم الغرق لان الله تعالى قادر على إمساك الماء عن الدخول فى السفينة ألا ترى الى الحوت الذي اتخذ سبيله فى البحر سربا [يعنى هر جا كه ماهى ميرفت اب بالاى ومرتفع مى ايستاد] ومثله من الخوارق فلق البحر لموسى عليه السلام وقومه وجعله تعالى فى الماء كوى متعددة وَنادى [وآواز داد] نُوحٌ ابْنَهُ قيل اسم ابنه كنعان وقيل يام واختلفوا ايضا فى انه كان ربيبه او ابنه لظهره فذهب اكثر علماء

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان دريافتن طبيبان الهى امراض دل إلخ (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان تفسير آيه كريمه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ إلخ [.....]

[سورة هود (11) : آية 43]

الرسوم الى الاول لان ولد الرسول المعصوم يستبعد ان يكون كافرا ولقراءة على رضى الله عنه ابنها على ان يكون الضمير لامرأته واعلة بالعين المهملة او والعة كما فى التبيان ولقوله إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي دون ان يقول منى. وذهب بعضهم وجمهور علماء الحقيقة قدس الله أسرارهم الى الثاني لقوله تعالى ابْنَهُ وقول نوح يا بُنَيَّ يقول الفقير اما قولهم ولد الرسول يستبعد ان يكون كافرا فمنقوض بابن آدم وهو قابيل والله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وعلى هذا تدور حكمته فى مظاهر جلاله وجماله وإذا ثبت ان والدي الرسول ووالد ابراهيم عليهما الصلاة والسلام كانوا كافرين فكيف يبعد ان يكون ولد نوح كافرا. واما قراءة على رضى الله عنه فانما أسند فيها الابن الى الام لكونها كافرة مثله عادلة عن طريقة نوح فحق ان ينسب الكافر الى الكافر لا الى المؤمن لا لانه اى عليا اعتبر قوله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ فانه وهم. واما قوله إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فلمواقفة قوله تعالى وَأَهْلَكَ كما لا يخفى فان قيل انه عليه السلام لما قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً كيف ناداه مع كفره أجيب بان شفقة الابوة لعلها حملته على ذلك النداء. والذي تقدم من قوله إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ كان كالمجمل فلعله جوز ان لا يكون هو داخلا فيه كذا فى حواشى ابن الشيخ وَكانَ ابنه فِي مَعْزِلٍ مكان منقطع عن نوح وعن دينه لكونه كافرا كما فى الكواشي وقال فى الإرشاد اى فى مكان عزل فيه نفسه عن أبيه واخوته وقومه بحيث لم يتناوله الخطاب باركبوا واحتاج الى النداء المذكور وهو فى محل النصب على انه حال من ابنه والحال يأتى من المنادى لانه مفعول به. والمعزل بكسر الزاى اسم لمكان العزل وهو التنحية والابعاد يقال عزله عنه إذا أبعده [پس از فرط شفقت كفت] يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا بإدغام الباء فى الميم لتقاربهما فى المخرج [اى پسرك من سوار شو در كشتى با ما تا ايمن شوى] ولم يقل اركب فى الفلك لتعينها مع إغناء المعية عن ذكرها وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فتهلك مثلهم اى لا تكن معهم فى المكان وهو وجه الأرض خارج الفلك لا فى الدين وان كان ذلك مما يوجبه كما يوجب ركوبه معه كونه معه فى الايمان لانه عليه السلام بصدد التحذير عن المهلكة فلا يلائمه النهى عن الكفر كذا فى الإرشاد يقول الفقير الذي يلوح ان المعنى وكان فى معزل اى بمكان عزل فيه نفسه عن أبيه بناء على ظن ان الجبل يعصمه من الغرق يا بنى اركب معنا بان تؤمن بالله ونعوت جماله وجلاله ولا تكن مع الكافرين اى منهم لانه إذا كان معهم مصاحبا لهم فقد كان منهم وبعضهم كقوله تعالى وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فان قلت قوله تعالى وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ يقطع رجاء الايمان فكيف نادى نوح ابنه فى إيمانه قلت ذلك ليس بنص فى حق ابنه مثل قوله إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مع ان من شأن الكمل انه لا يستحيل عندهم مطلوب الى ان يخبرهم الحق بأخبار مخصوص فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالة حصول ذلك المطلوب كحال موسى عليه السلام فى طلب الرؤية لما اخبر بتعذر ذلك تاب وآمن قالَ ابنه سَآوِي اصيرو التجئ إِلى جَبَلٍ من الجبال يَعْصِمُنِي يمنعنى بارتفاعه مِنَ الْماءِ فلا أغرق ولا أومن ولا اركب السفينة زعما منه ان ذلك

كسائر المياه والسيول المعتادة التي ربما يتقى منها بالصعود الى الربى وجهلا بان ذلك انما كان لإهلاك الكفرة ان لا محيص من ذلك سوى الالتجاء الى ملجإ المؤمنين قالَ نوح لا عاصِمَ ذاتا وصفة الْيَوْمَ زاد اليوم تنبيها على انه ليس كسائر الأيام التي تقع فيها الوقائع التي ربما يخلص من ذلك بالالتجاء الى بعض الأسباب مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى عذابه الذي هو الطوفان وفيه تنبيه لابنه على خطاه فى تسميته ماء وتوهمه انه كسائر المياه التي يتفصى منها بالهرب الى بعض الامكنة المرتفعة وتمهيد لحصر العصمة فى جنابه عز جاره بالاستثناء كأنه قيل لا عاصم من امر الله الا هو وانما قيل إِلَّا مَنْ رَحِمَ اى الا الراحم وهو الله تعالى تفخيما لشأنه الجليل بالإبهام ثم التفسير وبالإجمال ثم التفصيل واشعارا بعلية رحمته فى ذلك بموجب سبقها على غضبه فهو استثناء متصل وعاصم على معناه وقيل بمعنى المعصوم كقوله تعالى مِنْ ماءٍ دافِقٍ اى مدفوق وعيشة راضية بمعنى مرضية اى لا معصوم من عذاب الله الا من رحم الله وقيل لا عاصم بمعنى لاذا عصمة على حذف المضاف على ان يكون بناء النسبة وذو عصمة يطلق على عاصم وعلى معصوم والمراد هنا المعصوم فهو مصدر من عصم المبنى للمفعول ويكون من رحم بمعنى المرحومين والاستثناء متصلا كالاولين لان المرحوم من جنس المعصوم وَحالَ [وحائل شد] بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ اى بين نوح وبين ابنه فانقطع ما بينهما من المجاوبة فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ من المهلكين بالماء وفيه دلالة على هلاك سائر الكفرة على ابلغ وجه فكان ذلك امرا مقرر الوقوع غير مفتقر الى البيان وفى إيراد كان دون صار مبالغة فى كونه منهم: وفى المثنوى همچوكنعان كآشنا ميكرد او ... كه نخواهم كشتىء نوح عدو هين بيا در كشتى بابا نشين ... تا نكردى غرق طوفان اى مهين كفت نى من آشنا آموختم ... من بجز شمع تو شمع افروختم هين مكن كين موج طوفان بلاست ... دست و پاى آشنا امروز لاست باد قهرست وبلاي شمع كش ... جز كه شمع حق نمى بايد خمش كفت مى رفتم بران كوه بلند ... عاصمست آن كه مرا از هر كزند هين مكن كه كوه كاهست اين زمان ... جز حبيب خويش را ندهد أمان كفت من كى پند تو بشنوده ام ... كه طمع كردى كه من زين دوده ام خوش نيامد كفت تو هركز مرا ... من برى ام از تو در هر دو سرا اين دم سرد تو در كوشم نرفت ... خاصه اكنون كه شدم دانا وزفت كفت بابا چهـ زيان دارد اگر ... بشنوى يكبار تو پند پدر همچنين مى كفت او پند لطيف ... همچنان ميكفت او دفع عنيف نى پدر از نصح كنعان سير شد ... نى دمى در كوش ان ادبير شد اندرين كفتن بدند وموج تيز ... بر سر كنعان زد وشد ريز ريز وقيل انه بنى قبة فى أعلى الجبل وسدها عليه حتى لا يدخل فيها ماء فجاءه البول فبال داخل

القبة فما برح البول يتزايد حتى غرق فيه والكفار غرقوا بالماء- روى- عن ابن عباس انه قال أمطرت السماء أربعين يوما وليلة وخرج ماء الأرض كذلك وذلك قوله تعالى فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ فارتفع الماء على أطول جبل فى الأرض بخمسة عشر زراعا او بثلاثين او بأربعين وطافت بهم السفينة الأرض كلها فى خمسة أشهر لا تستقر على شىء حتى أنت الحرم فلم تدخله ودارت حول الحرم اسبوعا وقد أعتق الله البيت من الغرق كما فى بحر العلوم وقال فى تفسير ابى الليث ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام الى السماء السادسة وهو البيت المعمور واستودع الحجر الأسود أبا قبيس الى زمن ابراهيم عليه السلام وسمى أبا قبيس باسم رجل من جرهم اسمه قبيس هلك فيه كما فى انسان العيون قال الحكيم خرج قوس قزح بعد الطوفان أمانا لاهل الأرض من ان يغرقوا جميعا وسمى به لانه أول مارؤى فى الجاهلية على قزح جبل بالمزدلفة او لان قزح هو الشيطان ومن ثمة قال على رضى الله عنه لا تقل قوس قزح لان قزح هو الشيطان ولكنها قوس الله هى علامة كانت بين نوح وبين ربه تعالى وهى أمان لاهل الأرض من الغرق كما فى الصواعق لابن حجر قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره تأثير طوفان نوح يظهر فى كل ثلاثين سنة مرة واحدة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل وفى الحديث (سألت ربى ثلاثا) اى ثلاث مسائل (فاعطانى اثنتين ومنعنى واحدة سألت ربى ان لا يهلك أمتي بالسنة) اى القحط أراد به قحطا يعم أمته (فاعطانيها وسألته ان لا يجعل بأسهم بينهم) أراد بها الحرب والفتن (فمنعنيها) وفى التأويلات النجمية وَهِيَ تَجْرِي يعنى سفينة الشريعة بِهِمْ بمن ركبها بالأمر فِي مَوْجٍ اى موج الفتن كَالْجِبالِ من عظمتها وَنادى نُوحٌ الروح ابْنَهُ كنعان النفس المتولدة بينه وبين القلب وَكانَ فِي مَعْزِلٍ من معرفة الله وطلبه يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا سفينة الشريعة وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ من الشياطين المتمردة والا بالسنة الملعونة المطرودة قالَ يعنى كنعان النفس سَآوِي إِلى جَبَلٍ اى جبل العقل يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ من ماء الفتن قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يعنى إذا نبع ماء الشهوات من ارض البشرية ونزول ماء ملاذ الدنيا وفتنها من سماء القضاء لا يتخلص منه الا بسفينة الشريعة فلا عاصم منه غيرها وذلك قوله إِلَّا مَنْ رَحِمَ اى يرحمه الله بالتوفيق للاعتصام بسفينة الشريعة وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ اى بين كنعان النفس المعتصم بجبل العقل وبين العقل موج الشهوات النفسانية الحيوانية وفتن زخارف الدنيا فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ يعنى كل نفس لا تعتصم بسفينة الشريعة وتريد ان تعتصم بجبل العقل لتتخلص به من طوفان الفتن المهلكة كما هو حال الفلاسفة لا يتهيأ له متمناه وهو من الهالكين: وفى المثنوى پس بكوشى وباخر از كلال ... خود بخود كوئى كه العقل عقال همچوآن مرد مفلسف روز مرك ... عقل را مى ديدى پس بى بال وبرك بى غرض ميكرد آن دم اعتراف ... كز زكاوت را ندايم اسب از كزاف از غرورى سر كشيديم از رجال ... آشنا كرديم در بحر خيال

[سورة هود (11) : آية 44]

آشنا هيچست اندر بحر روح ... نيست آنجا چاره جز كشتىء نوح همچوكنعان سوى هر كوهى مرو ... از نبى لا عاصم اليوم شنو مى نمايد پست آن كشتى ز بند ... مى نمايد كوه فكرت پس بلند در بلندى كوه فكرت كم نكر ... كه يكى موجش كند زير وزبر كر تو كنعانى ندارى باورم ... كرد وصد چندين نصيحت آورم كوش كنعان كى پذيرد اين كلام ... كه بر او مهر خدايست وختام آخر اين اقرار خواهى كرد هين ... هم ز أول روز آخر را ببين هر كه آخر بين بود مسعود بود ... نبودش هر دم بره رفتن عثور كر نخوائى هر دمى اين خفت وخيز ... كن ز خاك پاى مردى چشم تيز وقال الحافظ يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بابى نخرد طوفانرا ومن اللطائف المناسبة لهذا المحل ما قال خسرو دهلوى ز درياى شهادت چون نهنك لا بر آرد سر ... نيم فرض كردد نوح را در وقت طوفانش قوله [ز درياى شهادت] هو قول المؤمنين اشهد [چون نهنك لا برآرد سر] هو ارتفاع لا والمراد من التميم الضربتان ضربة الا وضربة الله. والمراد من نوح اللسان ومن الفم السفينة وطوفانه تلفظه بان لا اله الا الله وإذا قال اشهد ان لا اله الا الله رفع لا رأسه من بحر الشهادة ووقع الطوفان على اللسان فوجب عليه هاتان الضربتان فاذا ضربهما نجا وان لم يضربهما ووقف ساعة غرق فى بحر الطوفان والوقف كفر كذا شرحه حضرة الشيخ بالى الصوفيوى شارح الفصوص قدس سره وَقِيلَ بنى على المفعول كأخواته الآتية لتعين الفاعل وهو الله تعالى إذ لا يقدر أحد غيره على مثل هذا القول البدائع والفعل العجيب اى قال الله تعالى بعد مدة الطوفان تنزيلا للارض والسماء منزلة من له صلاحية النداء يا أَرْضُ قدم امر الأرض على امر السماء لابتداء الطوفان منها ابْلَعِي اى انشفى فان البلع حقيقة إدخال الطعام فى الحلق بعمل الجاذبة فهو استعارة لغور الماء فى الأرض ووجه الشبه الذهاب الى مقرّ خفى يقال نشف الثوب العرق بكسر الشين اى شربه. وفيه دلالة على انه ليس كالنشف المعتاد التدريجي ماءَكِ اى ما على وجهك من ماء الطوفان دون المياه المعهودة فيها من العيون والأنهار وانما لم يقل ابلعي بدون المفعول لئلا يستلزم تركه ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال والتلال والبحار وساكنات الماء بأسرهن نظرا الى مقام ورود الأمر الذي هو مقام عظمة وكبرياء كذا فى المفتاح يقول الفقير تفسير الإرشاد يدل على ان الماء المضاف الى الأرض مجموع الماء الذي خرج من بطنها ونزول من السماء والظاهر الذي لا محيص عنه انه ماء الأرض بخصوصه فانها لما نشفته صار ما نزل من السماء هذه البحور على ما فى تفسير التيسير ثم رأيت فى بعض الكتب المعتبرة ما يوافق هذا وهو ان الله تعالى لما نزل الطوفان على قوم نوح عليه السلام انزل عليهم

المطر من السماء أربعين يوما بمياه كثيرة وامر عيون الأرض فانفجرت فكان الماءان سواء فى اللين غير ان ماء السماء كان مثل الثلج بياضا وبردا وماء الأرض مثل الحميم حرارة حتى ارتفع الماء على أعلى جبل فى الدنيا ثمانين ذراعا ثم امر الأرض فابتعلت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض فهذه البحور التي على وجه الأرض منها واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده انتهى وَيا سَماءُ أَقْلِعِي اى أمسكي عن إرسال المطر يقال اقلع الرجل عن عمله إذا كف وأقلعت السماء إذا انقطع مطرها فالاقلاع يشترك بين الحيوانات والجمادات قال العلماء قيل مجاز مرسل عن الارادة كأنه قيل أريد ان يرتد ما انفجر من الأرض الى بطنها وان ينقطع طوفان السماء وذلك بعد أربعين يوما وليلة- روى- انه لا ينزل من السماء قطرة من ماء إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان فانزل بغير كيل ووزن. واصل الكلام قيل يا ارض ابلعي ماءك فبلغت ماءها ويا سماء أقلعي عن إرسال الماء فاقلعت عن إرساله وغيض الماء النازل من السماء فغاض وترك ذكره لظهور انفهامه من الكلام وَغِيضَ الْماءُ اى نقص ما بين السماء والأرض من الماء فظهرت الجبال والأرض والغيض النقصان يقال غاض الماء قل ونضب وغاضه الله نقصه يتعدى ويلزم وهو فى الآية من المتعدى لان الفعل لا يبنى للمفعول بغير واسطة حرف الجر الا إذا كان متعديا بنفسه وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى أنجز الموعود من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين فالقضاء هاهنا بمعنى الفراغ كأنه قيل تم أمرهم وفرغ من إهلاكهم وإغراقهم قال فى المفتاح قيل الأمر دون ان يقال امر نوح لقصد الاختصار والاستغناء بحرف التعريف عن ذلك قال السيد اما لان اللام بدل من المضاف اليه كما هو مذهب الكوفية واما لانها تغنى غناء الاضافة فى الاشارة الى المعهود وَاسْتَوَتْ واستقرت الفلك واختير استوت على سويت اى أقرت مع كونه انسب باخواته المبنية للمفعول اعتبارا لكون الفعل المقابل للاستقرار اعنى الجريان منسوبا الى السفينة على صيغة المبنى للفاعل فى قوله وهى تجرى بهم مع ان استوت اخصر من سويت عَلَى الْجُودِيِّ هو جبل بالجزيرة بقرب الموصل او بالشام او بآمد- وروى- فى الخبر ان الله تعالى اوحى الى الجبال انى انزل السفينة على جبل فتشامخت الجبال وتواضع الجودي لله تعالى فارست عليه السفينة: قال السعدي قدس سره طريقت جز اين نيست درويش را ... كه افكنده دارد تن خويش را بلنديت بايد تواضع كزين ... كه آن نام را نيست راهى جز اين والتواضع آخر مقام ينتهى اليه رجال الله تعالى وحقيقته العلم بعبودية النفس ولا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ قدس الله أسرارهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق لسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع سر من اسرار الله تعالى لا يهبه على الكمال الا لنبى او صديق كما فى المواقع وعن على رضى الله أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها إذ ينحت به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى

النار والسحاب يحمل الماء والريح تحمل السحاب والإنسان يغلب الريح بالبنيان والنوم يغلب الإنسان والموت يغلب الكل وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا وفى زهرة الرياض ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى اسؤلة الحكم جعل الله الجبال كراسى أنبيائه كاحد لنبينا والطور لموسى وسر نديب لآدم والجودي لنوح عليهم السلام وكفى بذلك شرفا وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجل الكامل جبل واختلفوا فى ان أي الجبال أفضل فقيل ابو قبيس لانه أول جبل وضع على الأرض وقيل عرفة وقيل جبل موسى وقيل قاف وقال السيوطي أفضل الجبال جبل واحد وهو جبل من جبال المدينة وسمى بذلك لتوحده وانفراده عن غيره من الجبال التي هناك وهذا الجبل يقصد لزيارة سيدنا حمزة رضى الله عنه ومن فيه من الشهداء رضى الله عنهم وهو على نحو ميلين او على نحو ثلاثة من المدينة واستدل على أفضليته بانه مذكور فى القرآن باسمه فى قراءة من قرأ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ اى بضم الهمزة والحاء وبقوله عليه السلام (أحد ركن من اركان الجنة) اى جانب عظيم من جوانبها وقوله (الآخر ان أحدا هذا جبل يحبنا ونحبه فاذا مررتم به فكلوا من شجره ولو من عضاهه) وهى كل شجرة عظيمة لها شوك والقصد الحث على عدم إهمال الاكل من شجره تبركا به ولا مانع ان تكون المحبة من الجبل على حقيقتها وضع الحب فيه كما وضع التسبيح فى الجبال مع داود عليه السلام وكما وضعت الخشية فى الحجارة قال الله تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ كما فى انسان العيون يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى كما قال فى المثنوى باد را بى چشم اگر بينش نداد ... فرق چون ميكردد اندر قوم عاد كر نبودى نيل را آن نور ديد ... از چهـ قبطى را ز سبطى ميكزيد گرنه كوه سنك با ديدار شد ... پس چرا داود را او يار شد اين زمين را كر نبودى چشم جان ... از چهـ قارونرا فرو خوردى چنان ومن هذا عرفت النداء فى قوله تعالى يا ارض ويا سماء حقيقة عند العلماء بالله وكذا مقاله تعالى المنفهم من قوله وقيل قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر وكما نقول تجلى الله تعالى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك نقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وكلام الله تعالى عين المتكلم فى مرتبة ومعنى قائم به فى الاخرى كالكلام النفسي ومركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس بحسبهما كما فى الدرة الفاخرة للمولى الجامى رحمه الله ثم ان نوحا هبط من السفينة الى الجودي يوم عاشوراء وعن قتادة استقلت بهم السفينة لعشر خلون من رجب وكانت فى الماء خمسين ومائة يوم واستقرت بهم على الجودي شهرا وذلك ستة أشهر وهبطت بهم يوم عاشوراء وسيأتى ما يتعلق بذلك وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قوله بعدا مصدر مؤكد لفعله المقدر اى بعدوا بعدا اى هلكوا من قولهم بعدا وبعدا إذا أرادوا البعد البعيد من حيث الهلاك والموت. والمعنى الدعاء عليهم بذلك وهو تعليم من الله تعالى لعباده ان يدعوا

على الظالمين به اى ليبعد القوم بعدا وليهلكوا وهو بالفارسية [دورى وهلاكى باد مر قوم ستمكارانرا] واللام فى للقوم لبيان من دعى عليهم كاللام فى هيت لك وسقيا لك متعلق بالفعل المحذوف او بقوله قيل اى قيل لاجلهم هذا القول والتعرض لوصف الظلم للاشعار بعليته للهلاك وفيه تعريض بان سالكى مسالكهم فى الظلم والتكذيب يستحقون مثل هذا الإهلاك والدعاء عليهم قال فى المفتاح وختم الكلام ختم اظهار لمكان السخط ولجهة استحقاقهم إياه لان الدعاء بالهلاك بعد هلاكهم. قيل ما نجا من الكفار غير عوج بن عنق كان فى الماء الى حجزته وهو معقد الإزار وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وقد سبق فى سورة المائدة وكان سبب نجاته ان نوحا عليه السلام احتاج الى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها فحملها عوج اليه من الشام فنجاه الله من الغرق بذلك وقد ثبت ايضا ان واحدا من آل فرعون كان يلبس قلنسوة مثل قلنسوة موسى عليه السلام ويسخر منه وقد نجاه الله تعالى من الغرق فى بحر القلزم بمجرد تشبهه الصوري ولو تاب من جنايته لنجا من عذاب الدارين وعن ابى العالية قال لمارست سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوثل السفينة اى مؤخرها فقال له نوح ويلك قد غرق اهل الأرض من أجلك قد أهلكتهم قال له إبليس فما اصنع قال تتوب قال فسل ربك هل لى من توبة فدعا نوح ربه فاوحى الله تعالى اليه ان توبته ان يسجد لقبر آدم عليه السلام فقال له نوح قد جعلت لك قال وما هى قال تسجد لقبر آدم قال تركته حيا واسجد له ميتا وفيه اشارة الى ان السجدة لآدم وهو مقبور كالسجدة له وهو غير مقبور إذ الأنبياء عليهم السلام احياء عند ربهم وكذا كمل الأولياء قدس الله أسرارهم كما قال الصائب مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست والشيطان الرجيم غفل عن هذا فنكل عن قبول الحق الصريح ومثله من ينكر الأولياء او زيارة قبورهم والاستمداد منهم نسأل الله العصمة ونعوذبه من الخذلان اعلم ان القرآن بجميع سوره وآياته معجز فى غاية طبقات الفصاحة والبلاغة لكن بين بعض اجزائه تفاوت بحسب الاشتمال على الخواص والمزايا فان بعض المقام لا يتحمل ما تحمله مقام كلام فوقه من اللطائف والخفايا فمن المرتفع شأنه فى الحسن والقبول هذه الآية الكريمة وهى قوله تعالى وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي الى آخره ولذا لما سمعها من تبوأ اسرّة الفصاحة القحطانية وركب متن البلاغة فى بدوّ الخطب العدنانية من العرب العرباء ومصاقع الخطباء سجدوا لفصاحتها وتططأوا دون سرادقات احاطتها ونسوا قصائدهم المعلقة ورجعوا عن منشآتهم المقررة المحققة ولقد احسن من نبه على التفاوت المذكور وقال على ما هو المشهور در بيان ودر فصاحت كى بود يكسان سخن ... گر چهـ گوينده بود چون جاحظ و چون أصمعي از كلام ايزد بيچون كه وحي منزلست ... كى بود تبت يدا چون قيل يا ارض ابلعي ألا ترى ان الله سبحانه جعل الأنبياء عليهم السلام متساوية الاقدام فى درجة النبوة وجعل استعدادات أممهم مختلفة فاختلافهم انما هو لمعنى فى نفسهم لا لمعنى فى الذي أرسل إليهم فلما كانت

[سورة هود (11) : آية 45]

هذه الآيات الآفاقية والانفسية الواقعة فى مصحف الفرقان متفاوتة متباينة كانت الآيات البينات المندرجة فى مصحف القرآن كذلك إذ هو جامع لحقائق جميع النسخ الوجوبية والامكانية موافق لما فصله الكتب العلمية والاعيانية ولله در شأن التنزيل فى الاشارة الى المراتب والله الغالب قال فى التأويلات النجمية وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ اى يا ارض البشرية ماء شهواتك ويا سماء القضاء أقلعي عن إنزال مطر الآفات وَغِيضَ الْماءُ ماء الفتن اى نقصت ظلمتها بنور الشرع وسكنت سورتها وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى انقضى ما كان مقدرا من طوفان الفتن للابتلاء وَاسْتَوَتْ اى سفينة الشريعة عَلَى الْجُودِيِّ وهو مقام التمكين يعنى ايام الطوفان كانت من مقامات التلوين فى معرض الآفات والهلاك فلما مضت تلك الأيام آل الأمر الى مقام التمكين وفيه النجاة والثبات ونيل الدرجات وَقِيلَ بُعْداً اى غرقة وهلاكا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الذين ظلموا أنفسهم بالتقاعد عن ركوب سفينة الشريعة انتهى وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ [وبخواند پروردگار خود را] فَقالَ الفاء لتفصيل ما فى النداء من الإجمال رَبِّ [اى پروردگار من إِنَّ ابْنِي كنعان وسمى الابن ابنا لكونه بناء أبيه اى مبنى أبيه مِنْ أَهْلِي وقد وعدتني انجاءهم فى ضمن الأمر بحملهم فى الفلك ومن تبعيضية لانه كان ابنه من صلبه على ما هو الأرجح او كان ربيباله فهو بعض اهله والأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن ملك قال ابن الكمال الأهل خاصة الشيء وما ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ذلك والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها الْحَقُّ الثابت الذي لا يتطرق اليه الخلف ولا يشك فى إنجازه والوفاء به والظاهر ان هذا النداء كان قبل غرق ابنه فان الواو لا تدل على الترتيب والمقصود منه طلب نجاته لا طلب الحكمة فى عدم نجاته حين حال الموج بينهما ولم يعلم بهلاكه بعد اما بتقريبه الى الفلك بتلاطم الأمواج او بتقريبها اليه ومجرد حيلولة الموج بينهما لا يستوجب هلاكه فضلا عن العلم به لظهور إمكان عصمة الله إياه برحمته والله على كل شىء قدير ويؤيده ما فى بحر الكلام ان ذكر المسألة اى فى قوله تعالى فَلا تَسْئَلْنِ كما يستاتى دليل على ان النداء كان قبل ان يغرق حتى يخاف عليه وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ اى اعلم الحكام واعدلهم إذ لافضل الحاكم على غيره الا بالعلم والعدل ورب جاهل ظالم من متقلدى الحكومة فى زمانك لقد لقب أقضي القضاة ومعناه احكم الحاكمين فاعتبر واستعبر قال جار الله قضاة زماننا صاروا لصوصا ... عموما فى القضايا لا خصوصا خشينا منهمو لو صافحونا ... للصوا من خواتمنا فصوصا وفى الحديث (القضاة ثلاثة واحد فى الجنة واثنان فى النار فاما الذي فى الجنة فرجل عرف الحق فقضى به واما الآخران فرجل عرف الحق فجار فى الحكم فهو فى النار ورجل قضى للناس على جهل فهو فى النار) اى لا يعرف الحق فيخلط الحلال بالحرام: قال الشيخ السعدي مها زورمندى مكن بر كهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان

[سورة هود (11) : الآيات 46 إلى 47]

لب خشك مظلوم را كو بخند ... كه دندان ظالم بخواهند كند قالَ الله تعالى يا نُوحُ إِنَّهُ اى ابنك لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذين عمهم الوعد بالانجاء لخروجه منهم بالاستثناء فان مدار الاهلية هو القرابة الدينية ولا علاقة بين المؤمن والكافر وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة انه ابنه غير انه خالفه فى العمل قال بعض الحكماء الابن إذا لم يفعل ما فعل الأب انقطع عنه والامة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيهم أخاف ان ينقطعوا عنه فظهر ان لا فائدة فى نسب من غير علم وعمل وفى فخر بمجرد الآباء: قال السعدي قدس سره چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وفى الحديث (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) والغرض تقبيح الافتخار لديه عليه السلام بالأنساب حين يأتى الناس بالأعمال وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله وهى قبيلة معروفة بالدناءة لانهم كانوا يأكلون نقى عظام الميتة إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أصله انه ذو عمل غير صالح فجعل نفس العمل مبالغة فى مداومته على العمل الفاسد ولم يقل عمل فاسد مع انهما متلازمان للايذان بان النجاة انما كانت بسبب الصلاح يقول الفقير لاح لى حين المطالعة معنى آخر وهو ان العمل بمعنى الكسب والفعل ولا يبعد ان يكون المعنى انه كسب غير صالح من غير احتياج الى تقدير مضاف وقد ورد فى الحديث تسمية الولد كسبا فى قوله (ان أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه) وفى قوله (أنت ومالك لابيك) قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسانا فَلا تَسْئَلْنِ سمى نداؤه سؤالا لما فيه من السؤال والطلب اى إذا وقفت على جلية الحال فلا تطلب منى ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى مطلبا لا تعلم يقينا ان حصوله صواب وموافق للحكمة إِنِّي أَعِظُكَ [پند ميدهم ترا] أَنْ تَكُونَ اى كراهة ان تكون مِنَ الْجاهِلِينَ عبر عن ترك الاولى بالجهل لان استثناء من سبق عليه القول قد دله على الحال وأغناه عن السؤال اشغله حب الولد عنه حتى اشتبه الأمر عليه فعوتب على ان اشتبه عليه ما يجب ان لا يشتبه قالَ عند ذلك قبلت يا ربى هذا التكليف فلا أعود اليه الا انى لا اقدر على الاحتراز منه الا باعانتك وهدايتك فلهذا بدأ اولا بقوله رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ اى من ان اطلب منك من بعد ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ اى مطلوبا لا اعلم ان حصوله مقتضى الحكمة يعنى احفظني بعد اليوم من المعاودة الى مثل السؤال وكان على قدم الاستغفار الى ان توفى وهذه عادة الصالحين انهم إذا وعظوا اتعظوا وإذا نبهوا للخطأ استغفروا وتعوذوا وحكى تعالى ما كان من الأنبياء عليهم السلام ليقتدى بهم فى الاستغفار وان لا يقطع الرجاء من رحمة الله تعالى وقد قبل الله تعالى توبة نوح عليه السلام كما يدل عليه قوله تعالى قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ ثم حقيقة التوبة تقتضى أمرين أحدهما العزم على ترك الفعل فى المستقبل واليه الاشارة بقوله إِنِّي أَعُوذُ بِكَ الخ والآخر الندم والاستغفار لما مضى واليه الاشارة بقوله وَإِلَّا مركب من ان ولا ثم ادغم أحدهما

فى الآخر تَغْفِرْ لِي اى وان لم تغفر لى ما صدر منى من السؤال المذكور وَتَرْحَمْنِي بقبول توبتى أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ أعمالا بسبب ذلك فان الذهول عن شكر الله لا سيما عند وصول مثل هذه النعمة الجليلة التي هى النجاة وهلاك الأعداء والاشتغال بما لا يعنى خصوصا بمبادى خلاص من قيل فى شأنه انه عمل غير صالح والتضرع الى الله تعالى فى امره معاملة غير رابحة وخسران مبين واعلم ان التوبة والاستغفار والالتجاء الى الملك الغفار ورد لا ينقطع الى الموت وفعل يستمر الى زمان الفوت لان المؤمن لا يزال متقلبا بين التنزلات والترقيات والسالك لا يبرح مبتلى بالاستتار والتجليات والكامل لا ينفك يتدرج الى غايات مراتب السير فى عوالم الصفات والذات. وهذا نوح قد سأل ما سأل ثم تاب. وهذا موسى قد طلب ما طلب ثم أناب والكل جار بقضاء الله وقدره فانه إذا جاء يتعطل العبد عن قواه وقدره: وفى المثنوى اين هم از تأثير حكمست وقدر ... چاه مى بينى ونتوانى حذر نيست خود از مرغ پران اين عجب ... كو نبيند دام وافتد در عطب اين عجب كه دام بيند هم وتد ... كر بخواهد ور نخواهد مى فتد چشم باز وكوش باز ودام پيش ... سوى دامى مى برد با پر خويش ألا ترى الى نوح عليه السلام فانه لما ابتدر الى سؤال ابنه نبه على تركه مرات والاشارة وَنادى نُوحٌ اى نوح الروح رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي اى النفس المتولدة من ازدواج الروح والقالب من أهلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وذلك ان الله تعالى لما أراد بحكمته ان ينزل الأرواح المقدسة العلوية من أعلى عليين جواره وقربه الى أسفل سافلين القالب قال أرواح الأنبياء والأولياء وخواص المؤمنين يا ربنا والهنا تنزلنا من أعلى مقامات قربك الى أسفل دركات بعدك ومن عالم البقاء الى عالم الفناء ومن دار السرور واللقاء الى دار الحزن والبلاء ومن منزل التجرد والتواصل الى منزل التوالد والتناسل ومن رتبة الاصطفاء والاجتباء الى رتبة الاجتهاد والابتلاء فوعدهم الله من عواطف إحسانه بان ينجيهم وأهليهم من ورطات الهلاك فكما ان من قضية حكمته ان يكون لنوح اربعة بنين ثلاثة منهم مؤمنون وواحد كافر فكذلك حكمته اقتضت ان يكون للروح اربعة بنين ثلاثة منهم مؤمنون وهم القلب والسر والعقل وواحد كافر وهو النفس فكما كان ثلاثة من بنى نوح معه فى السفينة وكان واحد فى معزل منه فكذلك ثلاثة من بنى الروح معه كانوا فى سفينة الشريعة وكان واحد وهو كافر النفس فى معزل منه ومن الدين والشريعة فلما اشرف ولده الكافر على العرق فى بحر الدنيا وطوفان الفتن قال رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ يعنى فان أنجيته او أغرقته أنت اعدل العادلين فيما تفعله لانك حكيم واحكم الحكماء لا تخلو افعالك من عدل وحكمة أنت اعلم بها قالَ اى الرب تعالى للروح يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ اى من اهل دينك وملتك والاهلية على نوعين اهلية القرابة واهلية الملة والدين وما نفى هنا اهلية القرابة لتولدها من الروح ثم اظهر علة نفى الاهلية الدينية فقال إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ اى خلق للامارية بالسوء وهذه سيرتها ابدا ثم ادب الروح بآداب اهل القربة فقال فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى علم

[سورة هود (11) : الآيات 48 إلى 52]

حقيقى بان يجوز لاهل القربة على بساط القرب هذا الانبساط أم لا إِنِّي أَعِظُكَ يا روح القدس أَنْ تَكُونَ على البساط بهذا الانبساط مِنَ الْجاهِلِينَ اى من النفوس الجاهلة الظالمة. وفيه اشارة الى ان الروح العالم العلوي يصير بمتابعة النفس وهواها جاهلا سفلىّ الطبع دنئ الهمة قالَ اى الروح رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ من التماس نجاة النفس الممتحنة بآفات الدنيا وشهواتها من طوفان الفتن وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي تؤيدنى بانورا المغفرة وَتَرْحَمْنِي على عجزى عن الاهتداء بغير هداك أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ يشير الى ان الرحمة هى المانعة للروح من الخسران كذا فى التأويلات النجمية قِيلَ القائل هو الله تعالى يا نُوحُ اهْبِطْ هبط لازم ومتعد الا ان مصدر اللازم الهبوط ومصدر المتعدى الهبط كالرجوع والرجع والمراد هنا الاول والهبوط بالفارسية [فرود آمدن] اى انزل من الفلك الى جبل الجودي الذي استقرت السفينة عليه شهرا او من الجودي الى الأرض المستوية بِسَلامٍ ملتبسا بسلامة من المكاره كائنة مِنَّا فسلام بمعنى السلامة حال من فاعل اهبط ومنا صفة له دالة على تعظيمه وكماله لان ما كان من الله العظيم عظيم او بسلام وتحية منا عليك كما قال سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ فالسلام بمعنى التسليم والاول أوجه لان المقام مقام النجاة من الغرق وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ اى خيرات نامية فى نسلك وما يقوم به معاشك ومعاشهم من انواع الأرزاق وَعَلى أُمَمٍ ناشئة مِمَّنْ مَعَكَ متشعبة منهم فمن ابتدائية. والمراد الأمم المؤمنة المتناسلة ممن معه من أولاده الى يوم القيامة فهو من اطلاق العام وارادة الخاص هذا على رواية من قال كان معه فى السفينة أولاده وغيرهم مع الاختلاف فى العدد فمات غير الأولاد اى بعد الهبوط ولم ينسل وهو الأرجح. واما على رواية من قال ما كان معه فى السفينة الا أولاده ونساؤهم على ان يكون المجموع ثمانية فلا يحتاج الى التأويل وأياما كان فنوح ابو الخلق كلهم ولذا سمى آدم الثاني وآدم الأصغر لانه لم يحصل النسل الا من ذريته وقد اخرج الله الكثير من القليل بقدرته كما اخرج من صلب زين العابدين الكثير الطيب وذلك انه قتل مع سلطان الشهداء الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته ولم ينج الا ابنه زين العابدين على انه رضى الله عنه أصغرهم فانمى الله تعالى ذريته السادة قال فى نفائس المجالس لما ارتفع الطوفان قسم نوح الأرض بين أولاده الثلاثة فاما سام فاعطاه بلاد الحجاز واليمن والشام فهو ابو العرب واما حام فاعطاه بلاد السودان فهو ابو السودان واما يافث فاعطاه بلاد المشرق فهو ابو الترك قال فى اسولة الحكم اما ممالك الا قاليم السبعة التي ضبط عددها فى زمن المأمون فثلاثمائة وثلاث وأربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى أضيقها وثلاثة أشهر وهى أوسعها ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتاآن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار وبعضها حر وبعضها برد واما جميع مدائن الأقاليم فهو اربعة آلاف مدينة وخمسمائة وست وخمسون وقيل غير ذلك وما العمران فى الخراب الا كخردلة فى كف أحدكم وفى الخبر (ان لله دابة فى مرج من مروجه رزقها كل يوم بقدر رزق العالم باسره) فانظر الى سعة رحمة الله وبركاته ولا تغتم لاجل الرزق: وفى المثنوى

جمله را رزاق روزى ميدهد ... قسمت هر كس كه پيشش مينهد «1» سالها خوردى وكم نامد ز خور ... ترك مستقبل كن وماضى نكر «2» وَأُمَمٌ مبتدأ سَنُمَتِّعُهُمْ صفة والخبر محذوف وهو منهم اى ليس جميع من تشعب منهم مسلما ومباركا عليهم بل منهم امم سنمتعهم فى الدنيا معناه بالفارسية [زود باشد كه برخوردارى دهيم ايشانرا در دنيا بفراخي عيش وسعت رزق] ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا [پس برسد ايشانرا از ما] عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك] اما فى الآخرة او فى الدنيا ايضا وهم الكفار واهل الشقاوة يشير سبحانه وتعالى الى ان كون كل الناس سعداء او أشقياء مخالف لحكمته فانه أودع فيهم جماله وجلاله على مقتضى تدبيره فلا بد من ظهور آثار كل منهما كما قال الحافظ در كار خانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد كر بو لهب نباشد - حكى- فى التفاسير انه لمارست السفينة على الجودي كشف نوح الطبق الذي فيه الطير فبعث الغراب لينظر هل غرقت البلاد كما فى حياة الحيوان او كم بقي من الماء فيأتيه بخبر الأرض كما فى تفسير ابى الليث فابصر جيفة فوقع عليها واشتغل بها فلم يرجع ولذا قالوا فى المثل ابطأ من غراب نوح ثم أرسل الحمامة فلم تجد موضعا فى الأرض فجاءت بورق الزيتون فى منقارها فعرف نوح ان الماء قد نقص وظهرت الأشجار ثم أرسلها فوقعت على الأرض فغابت رجلاها فى الطين قدر حمرتهما فجاءت الى نوح وارته فعرف ان الأرض قد ظهرت فبارك على الحمامة وطوقها الخضرة التي فى عنقها ودعالها بالأمان فمن ثم تألف البيوت ودعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت وتشاءم العرب بالغراب واستخرجوا من اسمه الغربة قالوا غراب البين لانه بان عن نوح واعلم ان نوحا عليه السلام هبط بمن معه فى السفينة يوم عاشوراء فصام وامر من معه بصيامه شكرا لله تعالى وكان قد فرغت أزوادهم فجاء هذا بكف حنطة وهذا بكف عدس وهذا بكف حمص الى ان بلغت سبعة حبوب فطبخها نوح عليه السلام لهم فافطروا عليها وشبعوا جميعا ببركات نوح وكان أول طعام طبخ على وجه الأرض بعد الطوفان هذا فاتخذه الناس سنة يوم عاشوراء وفيه اجر عظيم لمن يفعل ذلك ويطعم الفقراء والمساكين وذكر ان الله عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ أمن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق ومن وسع فيه على عياله فى النفقة وسع الله له سائر سنته قال ابن سيرين جربناه ووجدناه كذلك كما فى الاسرار المحمدية قال فى عقد الدرر واللآلى المستحب فى ذلك يوم فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا ينبغى للمؤمن ان يتشبه بيزيد الملعون فى بعض الافعال وبالشيعة والروافض والخوارج ايضا يعنى لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد او يوم مأتم فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه وان كان للاكتحال فى ذلك اليوم اصل صحيح فان ترك السنة سنة إذا كانت شعارا لاهل البدعة كالتختم باليمن فانه فى الأصل سنة لكنه لما كان شعار اهل البدعة والظلمة صارت السنة ان يجعل الخاتم فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستاني ومثله تقصير الثياب

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان جواب دادن ضرر وباه را كه امر است باكتساب إلخ (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان حكايت آن كاو حريصى كه هر روزه إلخ

وتطويلها اللهم الا ان يفعل بعض الافعال كالاغتسال وزيارة الاخوان وتوسيع النفقة ونحوها من غير ان يخطر بباله التشبيه وعدمه كما إذا خرج بطريق التنزه والتفرج يوم نيروز النصارى او نيروز العجم واهدى شيأ الى بعض إخوانه بطريق الاتفاق او بمصلحة داعية اليه من غير ان يخطر بقلبه الموافقة فانه لا بأس به ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرم مقتل الحسين رضى الله عنه فقد تشبه بالروافض خصوصا إذا كان بألفاظ مخلة بالتعظيم لاجل تحزين السامعين وفى كراهية القهستاني لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغى ان يذكر اولا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض انتهى قال حجة الإسلام الغزالي يحرم على الواعظ وغيره راوية مقتل الحسين وحكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة ولعل ذلك لخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة والدنيا كما لا يخفى وقال عز الدين بن عبد السلام فى فصل آفات اللسان الخوض فى الباطل هو الكلام فى المعاصي كحكاية احوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وكحكاية مذاهب اهل الأهواء وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضى الله عنهم انتهى قال فى عقد الدرر ويح قاتل الحسين كيف حاله مع أبويه وجده وانشدوا لا بد ان ترد القيامة فاطم ... وقميصها بدم الحسين ملطخ ويل لمن شفعاؤه خصماؤه ... والصور فى يوم القيامة ينفخ وفى الحديث (قاتل الحسين فى تابوت من نار عليه نصف عذاب اهل الدنيا) قال فى انسان العيون أرسل اهل الكوفة الى الحسين ان يأتيهم ليبايعوه فاراد الذهاب إليهم فنهاه ابن عباس وبين له غدرهم وقتلهم لابيه وخذلانهم لاخيه الحسن فأبى الا ان يذهب فبكى ابن عباس رضى الله عنهما وقال واحسيناه ولم يبق بمكة الا من حزن على مسيره وقدم امامه الى الكوفة مسلم بن عقيل فبايعه من اهل الكوفة للحسين اثنا عشر الفا وقيل اكثر من ذلك ولما شارف الكوفة جهز اليه أميرها من جانب يزيد وهو عبد الله بن زياد عشرين الف مقاتل وكان أكثرهم ممن بايع لاجل السحت العاجل على الخير الآجل فلما وصلوا اليه ورأى كثرة الجيوش طلب منهم احدى ثلاث اما ان يرجع من حيث جاء أو يذهب الى بعض الثغور او يذهب الى يزيد يفعل فيه ما أراد فابوا وطلبوا منه نزوله على حكم ابن زياد وبيعته ليزيد فابى فقاتلوه الى ان أثخنته الجراحة فسقط الى الأرض فحزوا رأسه وذلك يوم عاشوراء عام احدى وستين ووضع ذلك الرأس بين يدى عبد الله بن زياد قال فى روضة الأخيار قبر الحسين رضى الله عنه بكربلاء وهى من ارض العراق ورأسه بالشام فى مسجد دمشق على رأس اسطوانة وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصالحين فى النوم فقال يا رسول الله بابى أنت وأمي ما ترى فتن أمتك فقال زادهم الله فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظونى ولم يراعوا حقى فيه وعن الشعبي مر على رضى الله عنه بكربلاء عند مسيره الى صفين فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فبكى حتى بل الأرض من دموعه ثم قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكى فقال (كان عندى جبريل آنفا وأخبرني ان ولدي الحسين يقتل بشاطئ

[سورة هود (11) : آية 49]

الفرات بموضع يقال له كربلاء ثم قبض جبريل قبضة من تراب أشمني إياها فلم املك عينى ان فاضتا) - روى- ان تلك التربة جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قارورة وقال لام سلمة رضى الله عنها (ان هذا من تربة الأرض التي يقتل بها الحسين فمتى صار دما فاعلمى انه قد قتل) قالت أم سلمة فلما كان ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول ايها القاتلون جهلا حسينا ... أبشروا بالعذاب والتذليل قد لعنتم على لسان ابن داو ... دو موسى وحامل الإنجيل قالت فبكيت وفتحت القارورة فاذا التربة قد جرت دما. حكى ان السماء احمرت لقتله قال ابن سيرين والحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين وحكمته على ما قال ابن الجوزي ان غضبنا يؤثر حمرة الوجه والحق منزه عن الجسمية فاظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهارا لعظيم الجناية ولم يرفع حجر فى الدنيا يوم قتله الا وجد تحته دم عبيط واخرج ابو الشيخ ان جمعا تذاكروا انه ما من أحد أعان على قتل الحسين الا أصابه بلاء قبل ان يموت فقال شيخ انا أعنت وما أصابني شىء فقام ليصلح السراج فاخذته النار فجعل ينادى النار النار وانغمس فى الفرات ومع ذلك لم يزل ذلك به حتى مات. وبعضهم ابتلى بالعطش فكان يشرب راوية ولا يروى. وبعضهم عوقب بالقتل او العمى او سواد الوجه او زوال الملك فى مدة يسيرة وغير ذلك فاذا عرفت فكن على جانب ممن يعادى اهل البيت ومن صحبتهم فان موالاتهم معاداة لاهل البيت وبغض لهم واحفظ الحرمة يحفظك الله تعالى وفى الحديث (ان لله تعالى ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ الله دينه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله تعالى دينه ولا دنياه حرمة الإسلام وحرمتى وحرمة رحمى ومن لم يعرف حق عترتى والأنصار والعرب فهو لا حدى ثلاث اما منافق واما لزنية واما حملت به امه فى غير طهر) در كار دين ز مردم بى دين مدد مخواه ... از ماه منخسف مطلب نور صبحكاه اللهم احفظنا من الانقطاع عن الوسائل الحقة والحقنا فى الدنيا والآخرة بالطائفة المحقة تِلْكَ اشارة الى قصة نوح عليه السلام ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها قوله مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ اى بعض اخباره فانه لتقادم عهده لم يبق علمه الا عند الله تعالى نُوحِيها اى تلك القصة بواسطة جبريل خبر ثان إِلَيْكَ ليكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء عليهم السلام ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ خبر آخر اى مجهولة عندك وعند قومك مِنْ قَبْلِ هذا اى من قبل ايحائنا إليك واخبارنا بها. وفى ذكر جهلهم تنبيه على انه عليه السلام لم يتعلمه إذ لم يخالط غيرهم وانهم مع كثرتهم لم يسمعوه فكيف يؤخذ منهم قال سعدى المفتى أعلمناهم بها ليكون لهم مثالا وتحذيرا ان يصيبهم إذا كذبوك ما أصاب أولئك فَاصْبِرْ متفرع على الإيحاء اى وإذ قد أوحيناها وفى تفسير ابى الليث يعنى ان لم يصدقوك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة واذية قومك وتكذيبهم كما صبر نوح فى هذه المدة المتطاولة إِنَّ الْعاقِبَةَ اى آخر الأمر بالظفر فى الدنيا وبالفوز فى الآخرة

[سورة هود (11) : آية 50]

لِلْمُتَّقِينَ اى المؤمنين الموحدين الصابرين كما شاهدته فى نوح وقومه ولك فيه أسوة حسنة. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين: قال الحافظ سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه كرفتار غم نخواهد ماند قال الكاشفى [پير طريقت فرمود كه صبر كليد همه بستكيها است وشكيبايى علاج همه خستكيها است نتيجه شكيبايى ظفر است وكار بى صبر از هر روز بترست صبر است كليد كنج مقصود ... بى صبر در مراد نكشود كر صبر كنى مراد يابى ... وز پاى در افتى از شتابى - روى- عن خباب بن الأرت قال اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردائه فى ظل الكعبة فشكونا اليه فقلنا يا رسول الله ألا تدعو الله لنا وتستنصرنا فجلس محمارا لونه ثم قال (ان من كان قبلكم ليؤتى بالرجل فيحفر له فى الأرض حفرة فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه) وفى الحديث (يؤتى يوم القيامة بانعم اهل الأرض فيغمس فى النار غمسة فيخرج اسود محترقا فيقال له هل مر بك نعيم قط او كنت فيه فيقول لا لم ازل فى هذا البلاء منذ خلقنى الله تعالى ويؤتى باشد اهل الدنيا بلاء فيغمس فى الجنة غمسة) يعنى يدخل فيها ساعة (فيخرج كأنه القمر ليلة البدر فيقال له هل مر بك شدة قط فيقول لا لم ازل فى هذا النعيم منذ خلقنى الله تعالى) يقول الفقير هذا إذا صبر ولم يظفر ببغيته فى الدنيا مع ان من الظفر والنصر الموت على ما قال بعض العلماء فى قوله تعالى أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ فان الميت اما مستريح او مستراح منه ولكن غالب العادة الالهية إنزال النصر للعاجز ولقد شاهدت فى عصرى كثيرا من مواد هذا الباب. منها انى كنت فى الاسكوب من الديار الرومية انهى عن المنكر فلقبنى من القوم فى مدة ست سنين ما يضيق نطاق البيان عنه حتى آل الأمر الى الهجرة من تلك البلدة فاخرجونى من بينهم فانقلب الابتلاء الى مقاساة شدائد الهجرة مع الأهل والأولاد حتى إذا دخلت مدينة بروسة باشارة حضرة الشيخ قدس سره ووجدت فيها الراحة العظمى استولى الكفار على البلاد الرومية واحرقوا الاسكوب وجعل الله من فيها من المستكبرين كأن لم يكن شيأ مذكورا. ومنها ان ابراهيم الوزير فى اواخر دولة السلطان محمد الرابع نفى حضرة شيخنا الاجل الذي جعله الله آية من آيات هذه الدورة القمرية الى بلدة المعروفة بشمنى وكان حين النفي متمكنا فى القسطنطينية فلم يلبث حتى نفاه الله اى الوزير ثم قتل ثم لما آلت الوزارة الى مصطفى المعروف بابن كوپريلى فى دولة السلطان سليمان الثاني اخرج حضرة الشيخ ايضا لغرض فاسد الى جزيرة قبرس فما مضى سنة الا قتل الوزير وجعل عبرة للمعتبرين ومثلا للآخرين وكنت اتحزن فى امر حضرة الشيخ حين كان فى الجزيرة المذكورة فبينما انا فى تفكره يوما إذ ورد لى كتاب من جنابه مندرج فيه قوله تعالى وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ فصادف قتل الوزير وهو من كراماته العجيبة حفظه الله سبحانه ومتعنا بعلومه الالهية ووارداته الربانية وَإِلى عادٍ قبيلة من

[سورة هود (11) : آية 51]

العرب بناحية اليمن فهو متعلق بمضمر معطوف على قوله تعالى أرسلنا فى قصة نوح وهو الناصب لقوله أَخاهُمْ وتقديم المجرور على المنصوب هاهنا للحذار من الإضمار قبل الذكر. والمعنى وأرسلنا الى عاد أخاهم اى واحدا منهم فى النسب من قولهم ويا أخا العرب يا أخا بنى تميم يريدون يا واحدا منهم هُوداً وكان عليه السلام من جملتهم فانه هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عوص بن ارم بن سام بن نوح. وقيل هود بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح ابن عم ابى عاد قال الكاشفى [عاد چهارم پدر هودست وعاد پسر عوص بن ارم بن سام بن نوح است وبرين قول از أبناء عم عاد باشد] قال بعضهم عاد هو اسم القبيلة وهى الفروع المنشعبة من اصل واحد فيكون اسم الأب الكبير فى الحقيقة والتعبير بأخص الأوصاف التي هى الاخوة بمعنى انتساب شخصين الى صلب واحد او رحم واحد او الى صلب ورحم معا ككونه كذلك بالنسبة الى اتحاد الأب. وقال بعضهم هو اسم ملكهم وكانوا يسمون باسم ملكهم وانما جعل واحدا منهم لانهم افهم لقوله واعرف بحاله فى صدقه وأمانته وارغب فى اقتفائه قيل ان هودا مكث فى ديار قومه أربعين سنة يعبد الله ويتجنب أصنامهم فنزل عليه جبريل بالرسالة الى بنى عاد فذهب هود إليهم وهم بالأحقاف متفرقون وهى الرمال والتلال وجعل يدعوهم الى عبادة الله تعالى وترك عبادة الأصنام كما قال تعالى قالَ استئناف بيانى كأنه قيل ماذا قال لهم فقيل قال يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فخصوه بالعبادة ولا تشركوا به شيأ وغيره بالرفع صفة لاله باعتبار محله إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ اى ما أنتم باتخاذكم الأصنام شركاء الا مفترون على الله الكذب قال فى التأويلات النجمية يشير بهود الى القلب وبعاد الى النفس وصفاتها فان القلب أخو عاد النفس لانهما قد تولدا من ازدواج الروح والقالب. فالمعنى انا أرسلنا هود القلب الى عاد النفس كما أرسلنا نوح الروح الى قومه وبهذا المعنى يشير الى ان القلب قابل لفيض الحق تعالى كما ان الروح قابل لفيضه قال يا قوم اعبدوا الله يشير الى النفس وصفاتها ان يتوجهوا لعبودية الحق وطلبه ما لكم من اله غيره اى شىء دونه لاستحقاق معبوديتكم ومحبوبيتكم ومطلوبيتكم ان أنتم الا مفترون فيما تتخذون الهوى والدنيا معبودا ومطلوبا يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغ الرسالة أَجْراً يعنى جعلا ورشوة ومعناه لست بطامع فى أموالكم إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي خلقنى جعل الصلة فعل الفطرة لكونه اقدم النعم الفائضة من جناب الله تعالى المستوجبة للشكر أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أتغفلون عن هذه القصة فلا تعقلونها واعلم ان المال والجاه وثناه الخلق وغيرها من مشارب النفس عند اهل الله تعالى ولذا قالوا ما من رسول الا خاطب قومه بهذا القول ازاحة للتهمة وتمحيضا للنصيحة فانها لا تنجع ولا تنفع الا إذا كانت خالصة غير مشوبة بشئ من المطامع طمع بند ودفتر ز حكمت بشوى ... طمع بگسل وهر چهـ خواهى بكوى كما روى عن بعض المشايخ انه كان له سنور وكان يأخذ من قصاب فى جواره شيأ من الغدد لسنوره فرأى على القصاب منكرا فدخل الدار فاخرج السنور اولا ثم جاء واحتسب على

[سورة هود (11) : آية 52]

القصاب فقال له القصاب لا أعطيك بعد اليوم لسنورك شيأ فقال ما احتسب عليك الا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك والطمع سكون القلب الى منفعة مشكوكة مكن سعديا ديده بر دست كس ... كه بخشنده پروردگارست وبس طمع آب روى موقر بريخت ... براى دو جو دامن در بريخت وساحة قلوب الأنبياء عليهم السلام وكذا الأولياء قدس سرهم مطهرة من دنس التعلق بغير الله فى دعوتهم وإرشادهم وانما يريد اهل الإرشاد من هذه الامة تعظيم جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكثير اتباعه لا المال والمنافع الدنيوية فان الآخرة خير وأبقى. وفى المثل أجهل من داعى ثمانين من الضأن. قال ابن خالويه انه رجل قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فاتاه فقال (أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او ادعو الله ان يجعلك معى فى الجنة) قال بل ثمانون من الضأن قال (أعطوه إياها) ثم قال (ان صاحبة موسى عليه السلام كانت اعقل منك) وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكونى معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة ولكمال المحافظة على الدين لم يقبل العلماء المتقدمون اجرة على الوعظ والتعليم والامامة والخطابة والتأذين وغيرها زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ آمنوا به ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ من عبادة غيره لان التوبة لا تصح إلا بعد الايمان كما فى بحر العلوم واللائح للبال ان المعنى اطلبوا مغفرة الله تعالى لذنوبكم السالفة من الشرك والمعاصي بان تؤمنوا به فان الايمان يجب ما قبله اى يقطع ثم ارجعوا اليه بالطاعة فان التحلية بالمهملة بعد التخلية بالمعجمة فيكون ثم على بابها فى التراخي ايضا يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ اى المطر مِدْراراً من ابنية مبالغة الفاعل يستوى فيه المذكر والمؤنث وأصله من در اللبن درورا وهو كثرة وروده على الحالب يقال سحاب مدرار ومطر مدرار إذا تتابع منه المطر فى اوقات الاحتياج اليه. والمعنى حال كونه متتابعا دائما كلما تحتاجون وقال الكاشفى [تا بفرستد از آسمان بارانى پيوسته] وَيَزِدْكُمْ [وبيفزايد وزياده كند] قُوَّةً مضافة منضمة إِلى قُوَّتِكُمْ اى يضاعفها لكم وانما رغبهم فى الايمان بكثرة المطر وزيادة القوة لانهم كانوا اصحاب زروع وبساتين وعمارات حراصا عليها أشد الحرص فكانوا أحوج شىء الى الماء وكانوا مدلين بما أوتوا من شدة القوة والبطش والبأس والنجدة ممنوعين بها من العدو مهيبين فى كل ناحية وقال الكاشفى [آورده اند كه عاديان دعوت هود قبول نكردند وحق سبحانه وتعالى بشآمت آن سه سال باران از ايشان باز كرفت وزنان ايشانرا عاقره وعقيمه ساخت و چون اصحاب زراعت بودند ودشمنان نيز داشتند براى زراعت به باران وبراى دفع أعادي باولاد محتاج شدند هود عليه السلام فرمود كه يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا إلخ فيكون معنى قوله وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قوتى با قوت شما يعنى فرزندان دهد شما را تا بمدد ايشان بر دفع أعادي قادر شويد] وعن الحسن بن على انه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال انى رجل ذو مال ولا يولدلى فعلمنى شيأ لعل الله يرزقنى ولدا فقال عليك بالاستغفار فكان يكثر

[سورة هود (11) : الآيات 53 إلى 57]

الاستغفار حتى ربما استغفر فى يوم واحد سبعمائة مرة فولدله عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال هلا سألته مم قال ذلك فوفد وفدة اخرى فسأله الرجل فقال ألم تسمع قول هود وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وقول نوح وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَلا تَتَوَلَّوْا ولا تعرضوا عما أدعوكم اليه وأرغبكم فيه مُجْرِمِينَ اى حال كونكم مصرين على الاجرام والآثام والاجرام كسب الجرم كالاذناب بكسر الهمزة كسب الذنب قالُوا استئناف بتقدير سؤال سائل كأنه قيل ما قال له قومه بعد ان أمرهم ونهاهم فقيل قالوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ اى بحجة تدل على صحة دعواك وانما قالوه لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بماء جاءهم من المعجزات كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم لولا انزل عليه آية من ربه مع فوات آياته الحصر وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا اى بتاركي عبادتهم وأصله تاركين سقطت النون بالاضافة عَنْ قَوْلِكَ حال من الضمير فى تاركي كأنه قيل وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك اى صادرا تركنا عن ذلك بإسناد حال الوصف الى الموصوف ومعناه التعليل على ابلع وجه لدلالته على كونه علة فاعلية ولا يفيده الباء واللام قال السعدي المفتى قد يقال عن للسببية كما فى قوله تعالى إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فيتعلق بتاركي اى بقولك المجرد عن حجة وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين فيما تدعونا اليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وهو اقناط له من الاجابة والتصديق إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ قوله اعتراك جملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره ما نقول فى شأنك الا قولنا اعتراك اى أصابك من عراه يعره إذا أصابه بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ الباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [مكر آنكه رسانيده اند بتو برخى از خدايان ما رنجى وكزندى وعلتى] اى بجنون لسبك إياها وصدك عنها وعداوتك مكافاة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء فمن ثم تتكلم بكلام المجانين وتهذى بهذيان المبرسمين قالَ هود إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا اى وأقول اشهدوا لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر أَنِّي بَرِيءٌ تنازع فيه اشهد الله واشهدوا اى على انى بريئ مِمَّا تُشْرِكُونَ اى من اشراككم مِنْ دُونِهِ اى من دون الله او مما تشركون من آلهة غير الله فما موصولة وإشهاد الله تعالى حقيقة واشهادهم استهزاء بهم واستهانة إذ لا يقول أحد لمن يعاديه أشهدك على انى برئ منك الا وهو يريد عدم المبالاة ببراءته والاستهانة بعداوته واعلم انهم لما سموا أصنامهم آلهة واثبتوا لها الضرر نفى هود بقوله انى اشهد الله الآية كونهم آلهة رأسا ثم نفى الضرر بقوله فَكِيدُونِي الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق اى ان صح ما تفوهتم به من كون آلهتكم مما تقدر على إضرار من يسبها ويصد عن عبادتها فانى بريئ منها فكونوا أنتم وآلهتكم جَمِيعاً حال من ضمير كيدونى على قصد إهلاكي بكل طريق ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ لا تمهلونى ولا تسامحونى فى ذلك فالفاء لتفريع الأمر على زعمهم فى قدرة آلهتهم على ما قالوا وعلى البراءة كليهما كما فى الإرشاد وفيه اشارة الى ان النفس وصفاتها والشيطان والهوى والدنيا فى كيد القلب على الدوام والقلب المؤيد بالتأييد الرباني لا يناله كيدهم جمله عالم اگر دريا شود ... چون تو با حق تر نكردد پاى تو

[سورة هود (11) : الآيات 56 إلى 57]

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ يعنى انكم والهتكم لا تقتدرون على ضررى فانى متوكل على الله القادر القوى وهو مالكى ومالك كل شىء إذ ما مِنْ دَابَّةٍ نسمة تدب على الأرض إِلَّا هُوَ اى رب تعالى آخِذٌ بِناصِيَتِها الناصية عند العرب منبت الشعر فى مقدس الرأس ويسمى الشعر النابت هناك ايضا ناصية تسمية له باسم منبته والاخذ بناصية الإنسان عبارة عن قهره والغلبة عليه وكونه فى قبضة الآخذ بحيث يقدر على التصرف فيه كيف يشاء والعرب إذا وصفوا إنسانا بالذلة والخضوع لرجل قالوا ما ناصيته الابيد فلان اى انه مطيع له لان كل من أخذت بناصيته فقد قهرته وأخذ الله بناصية الخلائق استعارة تمثيلية لنفاذ قدرته فيهم. والمعنى الا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها والغرض من هذا الكلام الدلالة على عظمته وجلالة شأنه وكبرياء سلطانه وباهر قدرته وان كل مقدور وان عظم وجل فى قوته وجثته فهو مستضغر الى جنب قدرته مقهور تحت قهره وسلطانه منقاد لتكوينه فيه ما يشاء غير ممتنع عليه إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعنى انه على الحق والعدل فى ملكه لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده معتصم به وفى التأويلات النجمية ما مِنْ دَابَّةٍ تدب فى طلب الخير والشر إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها يجرها بها الى الخير والشر وهى فى قبضة قدرته مذللة له إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فى إصلاح حال اهل الخير وإفساد حال اهل الشر وفيه اشارة اخرى ان ربى على صراط مستقيم يدل طالبيه به عليه يقول من طلبه فليطلبه على صراط مستقيم الشريعة على أقدام الطريقة فانه يصل اليه بالحقيقة وايضا يعنى الصراط المستقيم هو الذي ينتهى اليه لا الى غيره كقوله وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [ودر نقد النصوص قدس سر جامعه مذكور است در باب احديت افعال وبيان تأثيرات ومؤثرات كه آن ذات متعاليه كه فى الحقيقة مصدر جميع افعال ومؤثر در تمام منفعلاتست بحكم تربيت هر يكى را بحسب قابليات بسوى حضرت خود مى كشاند اينست سر آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم] كش كشاند مى كشد كانا اليه راجعون ... چوروى جاى دگر فكر غلط باشد جنون وازين مقوله ها است قول قائل چون همه راه اوست از چپ وراست ... تو بهر ره كه ميروى او راست چون از وبود ابتداى همه ... هم بدو باشد انتهاى همه فَإِنْ تَوَلَّوْا فان تتولوا بحذف احدى التاءين اى وان تستمروا على التولي والاعراض فلا تفريط منى فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ اى لانى قد أديت ما علىّ من الإبلاغ والزام الحجة وكنتم محجوجين بان بلغكم الحق فابيتم الا التكذيب والجحود فالمذكور دليل الجزاء وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ كلام مستأنف اى ويهلككم الله ويجيئ بقوم آخرين يخلفونكم فى دياركم وأموالكم وَلا تَضُرُّونَهُ بتوليكم واعراضكم شَيْئاً من ضرر قط لانه لا يجوز عليه المضار والمنافع وانما تضرون أنفسكم إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ رقيب فلا يخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مجازاتكم واعلم انه بين وجوب التوكل على الله وكونه حفيظا حصينا اولا بان ربوبيته عامة لكل أحد ومن يرب يدبر امر المربوب ويحفظه فلا يحتاج حفظ الغير وثانيا بان كل ذى نفس تحت قهره أسير عاجز عن الفعل والتأثير فى غيره

[سورة هود (11) : الآيات 58 إلى 62]

فلا حاجة الى الاحتراز منه وثالثا بانه على طريق العدل فى عالم الكثرة الذي هو ظل وحدته فلا يسلط أحدا على أحد الا عن استحقاق لذلك بسبب ذنب وجرم ولا يعاقب أحدا من غير زلة ولو صغيرة نعم قد يكون لتزكية ورفع درجة فالمستفاد فى ضمن ذلك كله نفى القدرة عنهم وعن آلهتهم فلا حول ولا قوة الا بالله والله تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة وما يرى فى صورة الظلم فمن خفأ سره وحكمته والعارف ينظر الى الاسرار الإلهية ويحمل الوقائع على الحكم- حكى- انه كان رجل سقاء بمدينة بخارى يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان للذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت فالحت فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فاعجبنى بياض يدها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان من الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن إلا من الشيخ الذي فى الدكان فاقتص الله منه فى الدنيا وأمثال ذلك من عدل الله تعالى فليكن العباد على العدالة خصوصا الحكام والسلاطين فان العدل ينفع فى الدنيا والآخرة- حكى- ان ذا القرنين سأل من ارستطاليس أي شىء أفضل للملوك الشجاعة أم العدل فقال إذا عدل السلطان لم يحتج الى الشجاعة فمن آمن بالملك الديان وخشى من عذابه كل آن فقد عدل واحترز عن الظلم والطغيان وفاز بالدرجات فى أعلى الجنان والا فقد عرض نفسه لعذاب النيران بل ولعذاب الدنيا ايضا على أشد ما كان ألا ترى الى قوله تعالى حكاية وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ مع ماله من انواع اللعنة: قال السعدي قدس سره نماند ستمكار بد روزكار ... بماند برو لعنت پايدار خنك روز محشر تن دادكر ... كه در سايه عرش دارد مقر وَلَمَّا [آن هنكام كه] جاءَ أَمْرُنا اى عذابنا فيكون واحد الأمور أو أمرنا بالعذاب فيكون مصدر امر نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وكانوا اربعة آلاف بِرَحْمَةٍ عظيمة كائنة مِنَّا اى نجيناهم بمجرد رحمة وفضل لا بأعمالهم لانه لا ينجو أحد وان اجتهد فى الأعمال والعمل الصالح الا برحمة الله تعالى كما هو مذهب اهل السنة وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ شديد وهو تكرير لبيان ما نجيناهم منه اى كانت تلك التنجية نتجية من عذاب غليظ وهى السموم التي كانت تدخل انوف الكفرة وتخرج من ادبارهم فتقطعهم اربا اربا وقد سبق تفصيل القصة فى سورة الأعراف فارجع إليها وفيه اشارة الى ان العذاب نوعان خفيف وغليظ فالخفيف هو عذاب الشقاوة المقدرة قبل خلق الخلق والغليظ هو عذاب الشقي بشقاوة معاملات الأشقياء التي تجرى عليه مع شقاوته المقدرة له قبل الوجود كما فى التأويلات النجمية- روى- ان الله تعالى لما أهلك عادا ونجى هودا والمؤمنين معه أتوا مكة وعبدوا الله تعالى فيها حتى ماتوا قال فى انسان العيون كل نبى من الأنبياء كان إذا كذبه قومه خرج

[سورة هود (11) : الآيات 59 إلى 60]

من بين أظهرهم واتى مكة يعبد الله تعالى حتى يموت وجاء (ما بين الركن اليماني والركن الأسود روضة من رياض الجنة) وان قبر هود وشعيب وصالح وإسماعيل عليهم السلام فى تلك البقعة وفى فتوح الحرمين هيچ نبى هيچ ولى هم نبود ... كونه برين در رخ اميد سود كعبه بود نوكل مشكين من ... تازه ازو باغ دل ودين من وَتِلْكَ القبيلة يا قوم محمد عادٌ قال العلامة الطيبي كأنه تعالى اذن بتصوير تلك القبيلة فى الذهن ثم أشار إليها وجعلها خبرا للمبتدأ لمزيد الإبهام فيحسن التفسير بقوله جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ كل الحسن لمزيد الإجمال والتفصيل انتهى ويجوز ان تكون اشارة الى قبورهم وآثارهم كأنه تعالى قال سيروا فى الأرض فانظروا إليها واعتبروا ففى الكلام مجاز حذف اما قبل المبتدأ اى اصحاب تلك واما قبل الخبر اى قبور عاد كفروا بآيات ربهم بعد ما استيقنوها يعنى انهم كانوا يعرفون انها حق لكنهم جحدوها كما يجحد المودع الوديعة ويستمر على جحوده ولا يرعوى وَعَصَوْا رُسُلَهُ لانهم عصوا رسولهم ومن عصى رسوله فقد عصى الكل لاتفاق كلمتهم على التوحيد واصول الشرائع. قيل لم يرسل إليهم الا هود وحده وهذا الجحود والعصيان شامل لكل فرد منهم اى لرؤسائهم وأسافلهم وَاتَّبَعُوا اى الأسافل أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ [فرمان هر سركشى] عَنِيدٍ [ستيزه كار را] قال فى التبيان الجبار المتعظم فى نفسه المتكبر على العباد والعنيد الذي لا يقول الحق ولا يقبله وقال القاضي اى من كبرائهم الطاغين قال سعدى المفتى أشار الى ان الجبار بمعنى المتكبر فانه يأتى بمعنى المتكبر الذي لا يرى لاحد عليه حقا ويقال عند إذا طغى. والمعنى عصوا من دعاهم الى الايمان وما ينجيهم وأطاعوا من دعاهم الى الكفر وما يرديهم وَأُتْبِعُوا اى التابعون والرؤساء فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً اى ابعادا عن الرحمة وعن كل خير اى جعلت تابعة لهم ولازمة تكبهم فى العذاب كمن يأتى خلف شخص فيدفعه من خلف فيكبه وانما عبر عن لزوم اللعنة لهم بالتبعية للمبالغة قكأنها لا تفارقهم وان ذهبوا كل مذهب بل تدور معهم حيثما داروا ولوقوعه فى صحبة اتباعهم رؤساءهم يعنى انهم لما اتبعوا اتبعوا ذلك جزاء لصنيعهم جزاء وفاقا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ اى اتبعوا فى يوم القيامة ايضا لعنة وهى عذاب النار المخلد حذفت لدلالة الاولى عليها أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ جحدوه كأنهم كانوا من الدهرية وهم الذين يرون محسوسا ولا يرون معقولا وينسبون كل حادث الى الدهر قال فى الكواشي كفر يستعل متعديا ولازما كشكرته وشكرت له أَلا بُعْداً لِعادٍ [بدانيد كه دوريست مر عاديانرا يعنى از رحمت دورند] كما قال فى التبيان ابعدهم الله فبعدوا بعدا قَوْمِ هُودٍ عطف بيان لعاد لان عادا عادان عاد هود القديمة وعاد ارم الحديثة وانما كرر ألا ودعاءه عليهم وأعاد ذكرهم تهويلا لامرهم وتفظيعا له وحثا على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم: وفى المثنوى بس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان تا شنيديم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق

استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او ثم قوله أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ دعاء عليهم بالهلاك اى ليبعد عاد بعدا وليهلكوا والمراد به الدلالة على انهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكى عنهم وذلك لان الدعاء بالهلاك بعد هلاكهم ففائدته ما ذكر ثم اللام تدل ايضا على الاستحقاق وعلى البيان كأنه قيل لمن فقيل لعاد قال سعدى المفتى ويجوز ان يكون دعاء عليهم باللعن وفى القاموس البعد والبعاد اللعن انتهى وفى الكفاية شرح الهداية اللعن على ضربين. أحدهما الطرد من رحمة الله تعالى وذلك لا يكون الا للكافر. والثاني الابعاد عن درجة الأبرار ومقام الصالحين وهو المراد بقوله عليه السلام (المحتكر ملعون) لان اهل السنة والجماعة لا يخرجون أحدا من الايمان بارتكاب الكبيرة وجاء فى اللعن العام (لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض) . قوله محدثا بكسر الدال معناه الآتي بالأمر المنكر مما نهى عنه وحرم عليه اى من آواه وحماه وذب عنه ولم يكن ينكر عليه ويردعه. ومنار الأرض العلامات التي تكون فى الطرق والحد بين الأراضي وفى الحديث (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده والواشمة والموشومة ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له) . الوشم هو الزرقة الحاصلة فى البدن بغرز الابرة فيه وجعل النيلة او الكحل فى موضعه. والواشمة الفاعلة. والموشومة المفعول بها ذلك وفى الحديث (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) اى الذي يسعى بينهما وفى الحديث (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وأكل ثمنها) ويكره للمسلم ان يؤجر نفسه من كافر لعصر العنب كما فى الأشباه ويجوز بيع العصير لمن يتخذه خمرا لان عين العصير عار عن المعصية وانما يلحقه الفساد بعد تغيره بخلاف بيع السلاح فى ايام الفتنة لان عينه آلة بلا تغيير يعنى يكره بيع السلاح ايام الفتنة إذا علم ان المشترى من اهل الفتنة لانه يكون سببا للمعصية وإذا باع مسلم خمرا وقبض الثمن وعليه دين كره لرب الدين اخذه منه لان الخمر ليست بمال متقوم فى حق الذمي فملك الثمن فحل الاخذ منه وفى الحديث (لعن المسلم كقتله) قال ابن الصلاح فى فتاواه قاتل الحسين رضى الله عنه لا يكفر بذلك وانما ارتكب ذنبا عظيما وانما يكفر بالقتل قاتل نبى من الأنبياء ثم قال والناس فى يزيد ثلاث فرق. فرقة تتولاه وتحبه. وفرقة تسبه وتلعنه. وفرقة متوسطة فى ذلك لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به مسالك سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين فى ذلك وهذه الفرقة هى المصيبة ومذهبها هو اللائق بمن يعرف سير الماضين ويعلم قواعد الشريعة المطهرة انتهى وقال سعد الدين التفتازانيّ اللعن على يزيد فى الشرع يجوز ... واللاعن يجزى حسنات ويفوز قد صح لدى انه معتل ... واللعن مضاعف وذلك مهموز وباقى البحث فيه قد سبق فى سورة البقرة ألا لعنة الله على الظالمين قال فى حياة الحيوان

[سورة هود (11) : آية 61]

ان الله تعالى لم يجعل الدنيا مقصودة لنفسها بل جعلها طريقة موصلة الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الأنبياء والأولياء والابدال وحسبك بها هوانا انه سبحانه صغرها وحقرها وأبغضها وابغض أهلها ومحبها ولم يرض لعاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله ومن والاه وعالما او متعلما) ولا يفهم من هذا اباحة لعن الدنيا وسبها مطلقا كما روى ابو موسى الأشعري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر ان العبد إذا قال لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله من عصى ربه) وهذا يقتضى المنع من سب الدنيا ولعنها. ووجه الجمع بينهما ان المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله تعالى وشاغلا عنه كما قال السلف كل ما شغلك عن الله سبحانه من مال وولد فهو مشئوم عليك واما ما كان من الدنيا يقرب من الله ويعين على عبادته فهو المحمود بكل لسان المحبوب لكل انسان فمثل هذا لا يسب بل يرغب ويحب واليه الاشارة حيث قال (الا ذكر الله ومن والاه او عالما او متعلما) وهو المصرح به فى قوله (نعمت مطية المؤمن) إلخ وبهذا يرتفع التعارض بين الحديثين واعلم ان حقيقة اللعن هو الطرد عن الحضرة الإلهية الى طلب شهوات الدنيا وتعب وجدانها وتعب فقدانها فهو اللعنة الدنيوية واما اللعنة يوم القيامة فبالبعد والخسران والحرمان وعذاب النيران فالنفس إذا لم تقبل نصيحة هود القلب وتركت مشارب القلب الدينية الباقية من لوامع النورانية وطوامع الروحانية وشواهد الربانية وأقبلت على المشارب الدنيوية الفانية من الشهوات والمستلذات الحيوانية وثناء الخلق والجاه عندهم وأمثال هذا فقد جاء فى حقها ألا بعدا اى طردا وفرقة وقطيعة وحسرة لها عصمنا الله وإياكم من مكايد النفس الامارة وشرفنا بصلاح الحال الى آخر الأعمار والآجال وَإِلى ثَمُودَ اى وأرسلنا الى ثمود وهى قبيلة من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عاد بن ارم بن سام. وقيل انما سموا بذلك لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل. فى تفسير ابى الليث انما لم ينصرف لانه اسم قبيلة وفى الموضع الذي ينصرف جعله اسما للقوم أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب صالِحاً عطف بيان لاخاهم وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسخ بن عبيد بن خاور ابن ثمود قالَ استئناف بيانى كأن قائلا قال فما قال لهم صالح حين أرسل إليهم فقيل قال يا قَوْمِ [اى قوم من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ [نيست شما را معبودى جزوى] هُوَ لا غيره لانه فاعل معنوى وتقديمه يدل على القصر أَنْشَأَكُمْ كونكم وخلقكم مِنَ الْأَرْضِ من لابتداء الغاية اى ابتداء انشاءكم منها فانه خلق آدم من التراب وهو أنموذج منطو على جميع ذرياته التي ستوجد الى يوم القيامة انطواء اجماليا لان كل واحد منهم مخلوق من المنى ومن دم الطمث والمنى انما يتولد من الدم والدم انما يتولد من الاغذية وهى اما حيوانية او نباتية والنباتية انما تتولد من الأرض والاغذية الحيوانية لا بد ان تنتهى الى الاغذية النباتية المتولدة من الأرض فثبت انه تعالى

انشأ الكل من الأرض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها من العمر يقال عمر الرجل يعمر عمرا بفتح العين وسكون الميم اى عاش زمانا طويلا واستعمره الله اى أطال بقاءه ونظيره بقي الرجل واستبقاه الله من البقاء اى ابقاء الله فبناء استفعل للتعدية. والمعنى عمركم واستبقاكم فى الأرض وبالفارسية [وزندكانى وبقا داد شما را در زمين. در مدارك مذكورست كه سال عمر هر يك از ثمود از سيصد تا هزار بوده] ويجوز ان يكون من العمارة بالفارسية [آبادان كردن] قال كعب قوله تعالى وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها يدل على وجوب عمارة الأرض لان الاستعمار طلب العمارة والطلب المطلق منه تعالى يحمل على الأمر والإيجاب. والمعنى أمركم بالعمارة فيها وأقدركم على امارتها كما قال الكاشفى [شما را قدرت داد بر عمارت زمين تا منازل نزه ساختيد وبر حفر انهار وغرس أشجار اشتغال نموديد] فَاسْتَغْفِرُوهُ فاطلبوا مغفرة الله بالايمان يعنى [ايمان آريد تا شما را بيامرزد] فان ما فصل من فنون الإحسان داع الى الاستغفار ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ من عبادة غيره لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان وقد سبق تحقيق «ثم» هذه غير مرة إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ اى قريب الرحمة لقوله تعالى إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ مُجِيبٌ لمن دعاء وسأله قال سعدى المفتى والذي يلوح للخاطر ان قوله تعالى قريب ناظر لتوبوا ومجيب لاستغفروا اى ارجعوا الى الله فانه قريب ما هو بعيد واسألوا منه المغفرة فانه مجيب لسائله لا يخيبه محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى وحظ العبد من الاسم المجيب ان يجيب ربه فيما امره ونهاه ويتلقى عباده بلطف الجواب واسعاف السؤال والعبد إذا أجاب ربه فالله تعالى يجيبه كما قال ابو طالب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما أطوع ربك فقال عليه السلام (وأنت يا عم لو أطعته لأطاعك) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر الدعاء يوذن بالبعد وهو تعالى القريب وإذا كان القريب فلم تدعو وان سكت قال لك لم تدعو هل استكبرت فلم تبق الغبطة الا للاخرس وهم البكم صم بكم عمى طوبى لهم وحسن مآب انتهى وهذا وصف العلماء بالله وهم الذين قيل فيهم من عرف الله كل لسانه چوبيت المقدس درون بر قباب ... رها كرده ديوار بيرون خراب بخود سر فرو برده همچون صدف ... نه ماند ز دريا بر آورده كف واعلم ان عمارة الظاهر بافعال الشريعة من اسباب عمارة الباطن بأخلاق الربانية. قال العلماء العمارة متنوعة الى واجب ومندوب ومباح وحرام فالواجب مثل سد الثغور وبناء القناطر على الانهر المهلكة وبناء المسجد الجامع فى المصر وغير ذلك والمندوب كبناء القناطر على الانهر الصغيرة والمساجد والمدارس والرباطات ونحو ذلك تيسيرا للناس والمباح كالزوايا والخانقاهات والبيوت التي تقى الحر والبرد وربما تكون الاخيرة واجبة قال فى الاسرار المحمدية الغرض من المسكن دفع المطر والبرد واقل الدرجات فيه معلوم ومازاد عليه فهو من الفضول والاقتصار على الأقل والأدنى يمكن فى الديار الحارة واما فى البلاد الباردة فى

[سورة هود (11) : آية 62]

غلبة البرد ونفوذه من الجدران الضعيفة حتى كاد يهلك او يمرض فالبناء بالطين وأحكامه لا يخرجه عن حد الزاهدين وكذا فى ايام الصيف عند اشتداد الحر واستضراره واستضرار أولاده بالبيت الشتوي السفلى لعدم نفوذ الهواء البارد فيه ومن براغيثه فى الليل المزعجات عن النوم وانواع الحشرات فيه فلا يجوز حملهم على الزهد بان يتركهم على هذه الحال بل عليه ان يبنى لهم صيفيا علويا لما روينا عن النبي عليه السلام (من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء او غرس غرسا فى غير ظلم ولا اعتداء كان له اجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن) انتهى والحرام كابنية الجهلة الذين بنوا للمباهاة وابنية الظلمة وغير ذلك مما ليس به حاجة. وفى الخبر (من بنى فوق ما يكفيه جاء يوم القيامة وهو حامله على عنقه) وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ما كان منها لله تعالى) وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما كان فيهم من عسف الرعايا فسأل نبى من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فاوحى اليه انهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادى وعن معاوية انه أخذ فى احياء الأرض فى آخر امره فقيل له فقال ما حملنى عليه الأقوال القائل ليس الفتى بفتى يستضاء به ... ولا يكون له فى الأرض آثار والمراد بهذه الآثار ما يتناول العمارة الواجبة والمندوبة: قال سعدى قدس سره نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى ... پل ومسجد وخان ومهمان سراى هر آن كو نماند از پسش يادگار ... درخت وجودش نياورد بار وگر رفت آثار خيرش نماند ... نشايد پس از مرك الحمد خواند قالُوا اى قوم صالح بعد دعوتهم الى الله تعالى وعبادته يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا فيما بيننا مَرْجُوًّا مأمولا قَبْلَ هذا الوقت وهو وقت الدعوة كانت تلوح فيك مخايل الخير وامارات الرشد والسداد فكنا نرجوك ان تكون لنا سيدا ننتفع بك ومستشارا فى الأمور ومسترشدا فى التدابير فلما سمعنا منك هذا القول انقطع رجاؤنا عنك وعلمنا ان لا خير فيك كما يقول بعض اهل الإنكار لبعض من يسلك طريق الارادة والطلب ان هذا قد فسد بل جن وكان قبل هذا رجلا صالحا عاقلا فلا يرجى منه الخير: وفى المثنوى عقل جزوى عشق را منكر بود ... كر چهـ بنمايد كه صاحب سر بود قال الحافظ مبين حقير كدايان عشق را كين قوم ... شهان بي كمر وخسروان بي كلهند غلام همت دردى كشان يك رنكيم ... نه زين گروه كه ازرق ردا ودل سيهند أَتَنْهانا معنى الهمزة الإنكار اى أتمنعنا من أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا اى عبدوه والعدل الى صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية وَإِنَّنا من قال انا أسقط النون الثانية من ان دون كناية المتكلمين نا وهو المختار لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد وترك عبادة الأوثان مُرِيبٍ موقع فى الريبة اى قلق النفس وانتفاء الطمأنينة: يعنى [كمانى كه نفس را مضطرب ميسازد ودل آرام نمى دهد وعقل را شوريده مى كرداند] من ارابه اى

[سورة هود (11) : الآيات 63 إلى 68]

أوقعه فى الريبة واسناد الارابة الى الشك وهو ان يبقى الإنسان متوقفا بين النفي والإثبات مجازى لان الريب هو انتفاء ما يرجح أحد طرفى النسبة او تعارض الادلة لا نفس الشك وقال سعدى المفتى يجوز ان يعتقدوا ان الشك يوقع فى القلق والاضطراب فيكون الاسناد حقيقيا وان كان الموقع عند الموحدين هو الله تعالى قالَ صالح يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني إِنْ كُنْتُ فى الحقيقة عَلى بَيِّنَةٍ حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة مِنْ رَبِّي مالكى ومتولى امرى وَآتانِي مِنْهُ من جهته رَحْمَةً نبوة وانما اتى بحرف الشك مع انه متيقن انه على بينة وانه نبى لان خطابه للجاحدين وهو على سبيل الفرض والتقدير كأنه قال افرضوا وقدروا انى على بينة من ربى وانى نبى بالحقيقة وانظروا ان تابعتكم وعصيت ربى فيما أمرني فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ اى فمن يمنعنى من عذاب الله ففيه تضمين ينصر معنى يمنع وتقدير المضاف قبل اللفظة الجليلة وقال فى الإرشاد فمن ينصرنى منجيا من عذابه تعالى إِنْ عَصَيْتُهُ فى تبليغ رسالته والنهى عن الإشراك به فَما تَزِيدُونَنِي إذا باستتباعكم إياي كما ينبئ عنه قولهم قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا اى لا تفيدوننى إذ لم يكن فيه اصل الخسران حتى يزيدوه غَيْرَ تَخْسِيرٍ اى غير ان تجعلونى خاسرا بابطال أعمالي وتعريضى لسخط الله تعالى او فما تزيدوننى بما تقولون لى وتحملوننى عليه غير ان أنسبكم الى الخسران وأقول لكم انكم لخاسرون فالزيادة على معناها وصيغة التفعيل للنسبة يقال فسقه وفجره إذا نسبه الى الفسق والفجور فكذا خسره إذا نسبه الى الخسران وفى الآية اشارة الى ان لا رجوع عن الحق بعد ما استبان فانه ماذا بعد الحق الا الضلال والخذلان والخسران قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وفى شرح التجليات البيعة لازمة الى ان يلقى الله تعالى ومن نكث الاتباع فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب اليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره حظه فى الآخرة واما الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فعاد عليه بردا وسلاما وهذا نتيجة الوفاء واعلم ان المبايع فى الحقيقة وهو معطى البيعة هو الله تعالى لكن خلق الوسائط والوسائل ليسهل الاخذ والعهد فجعل الأنبياء والشيوخ الورثة والسلاطين اللاحقين بالشيوخ مبايعين فهم معصومون محفوظون لا يأمرون بمعصية أصلا ولا يتصور منهم نكث العهد قطعا فبقى الاتباع فمن لزم منهم الباب استسعد بحسن المآب ومن رجع القهقرى ونعوذ بالله اذله الله وأخزاه: وفى المثنوى مرسكانرا چون وفا آمد شعار ... روسكانرا ننك بدنامى ميار بي وفائى چون سكانرا عار بود ... بي وفائى چون روا دارى نمود

[سورة هود (11) : آية 64]

فعلى العاقل ان لا يكون فى تردد وشك مما دعا اليه الأنبياء والأولياء من التوحيد وحقائقه بل يتبع الحق الى ان يصل الى دقائقه فان التردد والشك من أوصاف الكفرة والقلق والاضطراب من احوال الفجرة اين تردد عقبه راه حقست ... اى خنك آنرا كه پايش مطلقست «1» بى تردد مى رود بر راه راست ... ره نمى دانى بجو كامش كجاست كام آهو را بگير ورو معاف ... تا رسى از كام آهو تا بناف كر كران وكر شتابنده بود ... عاقبت جوينده يابنده بود «2» وقد رأينا فى زماننا اشخاصا يطلبون شيوخا ورثة هم على بينة من ربهم فلا يجدونهم لان فى الطلب ضعفا وترددا وفى الاعتقاد والهمة توزعا وتفرقا فاذا لم يكن الطالب على بصيرة من الأمر لا يجد اهل البصيرة وان كانوا نصب عينيه بل تزداد خسارته ونعم ما قيل الشمس شمس وان لم يرها الضرير ألا ترى الى طغاة الأمم السالفة كيف أنكروا الأنبياء مع ظهور حججهم وبراهينهم اللهم انا نسألك العصمة والتوفيق وَيا قَوْمِ- روى- عن النبي عليه السلام انه قال ان صالحا لما دعا قومه الى الله تعالى كذبوه فضاق صدره فسأل ربه ان يأذن له فى الخروج من عندهم فاذن له فخرج وانتهى الى ساحل البحر فاذا رجل يمشى على الماء فقال له صالح ويحك من أنت فقال انا من عباد الله كنت فى سفينة كان قومها كفرة غيرى فاهلكهم الله ونجانى منهم فخرجت الى جزيرة أتعبد هناك فاخرج أحيانا واطلب شيأ من رزق الله ثم ارجع الى مكانى فمضى صالح فانتهى الى تل عظيم فرأى رجلا فانتهى اليه وسلم عليه فرد عليه السلام فقال له صالح من أنت قال كانت هاهنا قرية كان أهلها كفارا غيرى فاهلكهم الله تعالى ونجانى منها فجعلت على نفسى ان اعبد الله تعالى هاهنا الى الموت وقد أنبت الله لى شجرة رمان واظهر عين ماء آكل من الرمان واشرب من ماء العين واتوضأ منه فذهب صالح وانتهى الى قرية كان أهلها كفارا كلهم غير أخوين مسلمين يعملان عمل الخوص فضرب النبي عليه السلام مثلا فقال لو ان مؤمنا دخل قرية فيها الف رجل كلهم كفار وفيهم مؤمن واحد فلا يسكن قلبه مع أحد حتى يجد المؤمن ولو ان منافقا دخل قرية فيها الف رجل كلهم مؤمنون وفيهم منافق واحد فلا يسكن قلب المنافق مع أحد ما لم يجد المنافق فدخل صالح وانتهى الى الأخوين فمكث عندهما أياما وسأل عن حالهما فاخبرا انهما يصبران على أذى المشركين وانهما يعملان عمل الخوص ويمسكان قوتهما ويتصدقان بالفضل فقال صالح الحمد لله الذي أراني فى الأرض من عباده الصالحين الذي صبروا على أذى الكفار فانا ارجع الى قومى واصبر على اذاهم فرجع إليهم وقد كانوا خرجوا الى عيد لهم فدعاهم الى الايمان فسألوه آية فقال أية آية تريدون فاشار سيدهم جندع بن عمرو الى صخرة منفردة يقال لها الكاثبة وقال له اخرج من هذه الصخرة ناقة واسعة الجوف كثيرة الوبر عشراء اى أتت عليها من يوم أرسل الفحل عليها عشرة أشهر فان فعلت صدقناك فاخذ عليهم مواثقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن فقالوا نعم فصلى ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان قصه اصحاب ضروان وحيله كردند إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت آن مرد كه در عهد داود عليه السلام إلخ

[سورة هود (11) : آية 65]

بولدها فانشقت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا فقال يا قوم هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ الاضافة للتشريف والتنبيه على انها مفارقة لسائر ما يجانسها من حيث الخلقة ومن حيث الخلق لان الله تعالى خلقها من الصخرة دفعة واحدة من غير ولادة وكانت عظيمة الجثة جدا لَكُمْ آيَةً معجزة دالة على صدق نبوتى فآمن جندع به فى جماعة وامتنع الباقون وانتصاب آية على الحال من ناقة الله وعاملها ما فى اسم الاشارة من معنى الفعل اى أشير إليها آية ولكم حال من آية متقدمة عليها لكونها نكرة لو تأخرت لكانت صفة لها فلما تقدمت انتصبت حالا فَذَرُوها اى خلوها وشأنها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ترع نباتها وتشرب ماءها فهو من قبيل الاكتفاء نحو تقيكم الحر والمراد انه عليه السلام رفع عن القوم مؤونتها يعنى [روزىء او بر شما نيست ونفع او را شما راست] كما روى انها كانت ترعى الشجرة وتشرب الماء ثم تفرج بين رجليها فيحلبون ما شاؤا حتى تمتلئ أوانيهم فيشربون ويدخرون وهم تسعمائة اهل بيت ويقال الف وخمسمائة ثم انه عليه السلام لما خاف عليها منهم لما شاهد من إصرارهم على الكفر فان الخصم لا يحب ظهور حجة خصمه بل يسعى فى اخفائها وابطالها بأقصى ما يمكن من السعى فلهذا احتاط وقال وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ [ومرسانيد بوى آزارى] فالباء للتعدية بولغ فى النهى عن التعرض لها بما يضرها حيث نهى عن المس الذي هو من مبادى الاصابة ونكر السوء ليشمل جميع انواع الأذى من ضرب وعقر وغير ذلك اى لا تضربوهما ولا تطردوها ولا تقربوها بشئ من الأذى فضلا عن عقرها وقتلها فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ اى قريب النزول وكانت تصيف بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم الى بطنه وتشتو ببطنه فتهرب مواشيهم الى ظهره فشق عليهم ذلك فَعَقَرُوها عقرها قدار بامرهم ورضاهم وقسموا لحمها على جميع القرية. والعقر قطع عضو يؤثر فى النفس وقدار كهمام بالدال المهملة اسم رجل وهو قدار بن سالف وتفصيل القصة سبق فى سورة الأعراف قال الكاشفى [صالح عليه السلام در ان وقت در ميان قوم نبود و چون بيامد حال با او تقريد كردند] فَقالَ لهم صالح تَمَتَّعُوا اى عيشوا فِي دارِكُمْ فى بلدكم ومنازلكم وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها اى يتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد كما فى بحر العلوم ثَلاثَةَ أَيَّامٍ الأربعاء والخميس والجمعة فانهم عقروها ليلة الأربعاء واهلكوا صبيحة يوم السبت كما فى التبيان قيل قال لهم تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب وكان كما قال ذلِكَ اشارة الى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة ايام من نزول العذاب عقيبها وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ اى غير كذب كالمجلود بمعنى الجلد الذي هو الصلابة والجلادة او غير مكذوب فيه فحذف حرف الجر فاتصل الضمير باسم المفعول بإقامته مقام المفعول به توسعا كما يقال شهدناه والأصل شهدنا فيه فاجرى الظرف مجرى المفعول وذلك لان الوعد انما يوصف بكونه غير مكذوب إذا كان من شأنه ان يكون مكذوبا وليس كذلك لان المصدوق والمكذوب من كان مخاطبا بالكلام المطابق للواقع وغير

[سورة هود (11) : آية 66]

الواقع وقلما يوصف بهما الا الإنسان الصالح للخطاب والاشارة ان القوم انما فعلوا ذلك جهلا منهم بحقيقة الأمر ولا داء ادوأ من الجهل والدنيا مسكن النفس ومقرها والتمتع فيها ثلاثة ايام اليوم الاول هو يوم الجهل وفيه تصفر الوجوه واليوم الثاني هو يوم الغفلة وفيه تحمر الوجوه واليوم الثالث هو يوم الرين والختم على القلوب وفيه تسود الوجوه فلا يبقى الا العذاب فعلى العاقل ان يزيل حجاب الجهل بمعرفة الله تعالى والغفلة يا ليقظة قبل حصول الرين فانه عند حصوله لا يوجد له العلاج فانه الداء العضال ونعوذ بالله تعالى وكما تتلون الوجوه بنار الجلال كذلك تتلون بنور الجمال كما قال ذو النون المصري بينما انا فى طريق البصرة إذ سمعت قائلا يقول يا شفيق يا رفيق ارفق بنا فطلبت الصوت فاذا انا بجارية متطلعة من قصر مشرف فقلت أراك مسفرة بغير خمار فقالت ما يصنع بالخمار وجه قد علاه الصفار قلت ومم الصفار قالت من الخمار قلت يا جارية عساك تناولت من الشراب قالت نعم شربت البارحة بكأس الودّ مسرورة فاصبحت غداة صباحى هذا من شوقه مخمورة قلت أراك حكيمة فعظينى قالت عليك بالسكوت ولزوم خدمته فى ظلم البيوت حتى يتوهم الناس انك مبهوت وارض من الله بالقوت واستعد ليوم تموت لكى يبنى لك بيت فى الملكوت أساسه من الزبرجد والياقوت: وفى المثنوى روح همچون صالح وتن ناقه است ... روح اندر وصل وتن در فاقه است روح صالح قابل آفات نيست ... زخم بر ناقه بود بر ذات نيست روح صالح قابل آزار نيست ... نور يزدان سغبه كفار نيست جسم خاكى را بدو پيوسته جان ... تا بيازارند وبينند امتحان بى خبر كازار اين آزار اوست ... آب اين خم متصل با آب جوست ناقه جسم ولى را بنده باش ... تا شوى با روح صالح خواجه تاش فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا [پس آن هنكام كه آمد فرمان ما بعذاب ايشان] نَجَّيْنا التنجية [نجات دادن] صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ متعلق بنجينا او بآمنوا وهو الأظهر إذ المراد آمنوا كما آمن صالح واتبعوه فى ذلك لا ان زمان ايمانهم مقارن لزمان إيمانه فان ايمان الرسول مقدم على ايمان من اتبعه من المؤمنين بِرَحْمَةٍ اى ملتبسين بمجرد رحمة عظيمة مِنَّا وفضل لا بأعمالهم كما هو مذهب اهل السنة قال فى التأويلات النجمية هى توفيق اعمال النجأة وقال فى الإرشاد هى بالنسبة الى صالح النبوة والى المؤمنين الايمان وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ عطف على نجينا اى ونجيناهم من خزى يومئذ اى من زله ومهانته وفضيحته ولا خزى أعظم من خزى من كان هلاكه بغضب الله وانتقامه قال ابن الشيخ كرر نجينا لبيان ما نجاهم منه وهو هلاكهم يومئذ اى يوم إذ جاء أمرنا فان إذ مضافة الى جملة محذوفة عوض عنها التنوين او هو الذل والهوان الذي نزل بهم فى ذلك اليوم ولزمهم بحيث بقي ما لحقهم من العار بسببه مأثورا عنهم ومنسوبا إليهم الى يوم القيامة فان معنى الخزي العيب الذي تظهر فضيحته ويستحيى من مثله واعلم ان ظرف الزمان إذا أضيف الى مبنى جاز فيه البناء والاعراب فمن قرأ بفتح الميم بناه لاضافته الى مبنى وهو إذ الغير المتمكن ومن قرأ بكسرها أعربه لاضافة الخزي اليه

[سورة هود (11) : الآيات 67 إلى 68]

والقراءة الأولى لنافع والكسائي والثانية لغيرهما إِنَّ رَبَّكَ يا محمد هُوَ الْقَوِيُّ القادر على كل شىء الْعَزِيزُ الغالب عليه لا غيره وقال الكاشفى هُوَ الْقَوِيُّ [اوست توانا بنجات مؤمنان الْعَزِيزُ غالب بر دشمنان بر هلاك ايشان] ولكون الاخبار بتنجية الأولياء لا سيما عند الانباء بحلول العذاب أهم ذكرها اولا ثم اخبر بهلاك الأعداء فقال وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم الصَّيْحَةُ اى صيحة جبرائيل عليه السلام وهو فاعل أخذ والموصول مفعوله والصيحة فعلة تدل على المرة من الصياح وهو الصوت الشديد يقال صاح يصيح صياحا اى صوت بقوة وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة ولعلها وقعت عقيب الصيحة المستتبعة لتموج الهواء قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه در آن سه روز كه وعده حيات داشتند در خانهاى خود ساكن شده قبرها كنديدند ومنتظر عذاب مى بودند چون روز چهارم آفتاب طالع شده وعذاب نيامد از منازل بيرون آمده يكديكر را مى خواندند واستهزا ميكردند كه ناكاه جبرائيل بر صورت اصل خويش پايش بر زمين وسر بر آسمان پرهاى خويش نشر كرده از مشرق تا مغرب پايهاى وى زرد وبالهايش سبز ودندانهاى سفيد وبراق و پيشانى با جلا ونورانى ورخسارى برافروخته وموى سروى سرخ برنك مرجان ظاهر شده وأوفق را بپوشيد وقوم ثمود آن حالرا مشاهده نمودند وروى بمساكن نهاده بقبور در آمدند جبرائيل نعره زد كه موتوا عليكم لعنة الله بيكبار همه مردند وزلزله در خانها افتاده سقفها بر ايشان فرود آمد] فَأَصْبَحُوا اى صاروا فِي دِيارِهِمْ فى بلادهم او فى مساكنهم جاثِمِينَ خامدين ميتين لا تحركون والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب بهم من غير اضطراب وحركة كما يكون ذلك عند الموت المعتاد. ولا يخفى ما فيه من الدلالة على شدة الاخذ وسرعته اللهم انا نعوذ بك من حلول غضبك. وجثومهم سقوطهم على وجوههم او الجثوم السكون يقال للطير إذا باتت فى او كارها جثمت ثم ان العرب أطلقوا هذا اللفظ على ما لا يتحرك من الموت قال فى بحر العلوم يقال الناس جثم اى قعود لا حراك بهم ولا ينبسون بنبسة ومنه المجثمة التي نهى الشرع عنها وهى البهيمة تربط وتوجمع قوائمها لترمى: وفى المثنوى شحنه قهر خدا ايشان بجست ... خونبهاى اشترى شهرى درست چون همه در نااميدى سر زدند ... همچواشتر در دو زانو آمدند در نبى آورد جبريل أمين ... شرح اين زانو زدن را جاثمين زانو آندم زن كه تعليمت كنند ... وز چنين زانو زدن بيمت كنند كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها اى كأنهم لم يقيموا فى ديارهم ولم يكونوا احياء مترددين متصرفين وهو فى موقع الحال اى أصبحوا جاثمين مماثلين لمن لم يوجد ولم يقم فى مقام قط. والمغني المنزل والمقام الذي يقيم الحي به يقال غنى الرجل بمكان كذا اى اقام به وغنى اى عاش أَلا [بدانيد] إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ جحدوا بوحدانية الله تعالى فهذا تنبيه وتخويف لمن بعدهم أَلا بُعْداً [دورى وهلاك] لِثَمُودَ فقوله بعدا مصدر وضع موضع فعله فان معناه بعدوا اى هلكوا واللام لبيان من دعى عليهم وفائدة الدعاء عليهم بعد هلاكهم الدلالة على استحقاقهم عذاب

[سورة هود (11) : الآيات 69 إلى 73]

الاستئصال بسبب كفرهم وتكذيبهم وعقرهم ناقة الله تعالى وعن جابر رضى الله عنه ان رسول الله لما نزل الحجر فى غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال (يا ايها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها فعتوا عن امر ربهم فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام وكان وعدا من الله غير مكذوب ثم جاءتهم الصيحة فاهلك الله من كان فى مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان فى حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله يقال له ابو رغال) قيل له يا رسول الله من ابو رغال قال (ابو ثقيف) الاشارة فيه انه أشار الى إهلاك النفس وصفاتها بعذاب البعد وصاعقة القهر الا ما كان فى حرم الله تعالى وهو الشريعة يعنى النفس وصفاتها ان لم تكن آمنت ولكن التجأت الى حرم الشريعة آمنت من عذاب البعد فتكون بقدر التجائها فى القرب وجوار الحق وهو الجنة ولهذا قال تعالى للنفس المطمئنة فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي كما فى التأويلات النجمية. والناس فى القرب والبعد والسلوك والترك على طبقات. فمنهم من اختار الله له فى الأزل البلوغ اليه بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده. ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله تعالى حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه. ومنهم من بقي فى الطريق ولم يصل الى المقصد الأقصى لكون نشأته غير حاملة لما اراده. ومنهم من لم يدر ما الطريق وما الدخول فيها فبقى فى مقامه الطبيعي: قال الحافظ قومى بجد وجهد خريدند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند اما الاول فاخذوا بقول الله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فالوصل إذا مما للكسب مدخل فيه فيكون كالوزارة الممكن حصولها بالأسباب. واما الثاني فجعلوا الوصل من الاختصاصات الالهية التي ليس للكسب مدخل فيها عند الحقيقة فهو كالسلطنة قال الله تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وقال يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وقال وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ هكذا لاح للخاطر والله اعلم بالبواطن والظواهر وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ اى وبالله لقد جاء جبريل وجمع من الملائكة معه فى صورة الغلمان الذين يكونون فى غاية الحسن والبهاء والجمال الى ابراهيم عليه السلام بِالْبُشْرى اى ملتبسين بالبشارة بالولد من سارة بدليل ذكره فى سور اخرى ولانه اطلق البشرى هنا وقيد فى قوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ والمطلق محمول على المقيد قالُوا استئناف بيانى سَلاماً اى سلمنا عليك سلاما او نسلم. وبالفارسية [سلام ميكنيم بر تو سلام كردنى] قالَ ابراهيم عليكم سَلامٌ حياهم بأحسن من تحيتهم لان الجملة الفعلية دالة على التجدد والحدوث والاسمية دالة على الثبات والاستمرار قال الكافي [ابراهيم عليه السلام ندانست كه فرشتگانند ايشانرا در مهمانخانه نشانيد] فَما نافية لَبِثَ مكث ابراهيم أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ ولد البقرة حَنِيذٍ يعنى [پس درنك نكرد تا آنكه آورد كوساله بريان كرده بر سنك كرم] والحنيذ هو المشوى فى حفرة من الأرض بالحجارة المحماة بغير تنور ومن غير ان تمسه النار

[سورة هود (11) : الآيات 70 إلى 71]

كفعل اهل البادية فانهم يشوون فى الأخدود بالحجارة المحماة وفى الكواشي حنيذ مشوى فى حفيرة يقطر دسما من حنذت الفرس إذا وضعت اليه جلاله ليسيل عرقه وفى التأويلات النجمية قالُوا سَلاماً اى نبلغك سلاما قولا من رب رحيم قالَ سَلامٌ اى علينا سلام الجليل وهذا كما كان حال الحبيب ليلة اسرى به قال (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) قال الحبيب (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) والفرق بين الحبيب والخليل ان سلام الحبيب بلا واسطة وسلام الخليل بواسطة الرسل وفى سلام الحبيب زيادة رحمة الله وبركاته فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ تكرمة لسلام الخليل وإعزازا لرسله انتهى قاصد دلبر كه آرد يك پيام ... از حبيب من كه آمد يك سلام مژدكانه مال وجانم مى دهم ... هر چهـ ميدارم براهش مى نهم قال مقاتل انما جاءهم بالعجل لانه كان اكثر ماله البقر فلما قرب إليهم ووضع بين أيديهم كفوا عنه فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ لا يمدون الى العجل أيديهم للاكل نَكِرَهُمْ أنكر ذلك منهم ولم يعرف سبب عدم تناولهم منه وامتناعهم عنه وَأَوْجَسَ الإيجاس الإدراك. وفى التهذيب [بيم در دل كرفتن] اى أحس وأدرك مِنْهُمْ من جهتهم خِيفَةً لما وقع فى نفسه انهم ملائكة وان نزولهم لامر أنكره الله عليه او لتعذيب قومه قال فى التأويلات النجمية ما كان خوف ابراهيم خوف البشرية بان خاف على نفسه فانه حين رمى بالمنجنيق الى النار ما خاف على نفسه وقال أسلمت لرب العالمين وانما كان خوفه خوف الرحمة والشفقة على قومه يدل عليه قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا بالعذاب إِلى قَوْمِ لُوطٍ خاصة ما أرسلنا الى قومك فكن طيب النفس وكان أخا سارة او ابن أخي ابراهيم عليهما السلام وَامْرَأَتُهُ سارة بنت هاران بن ناخور وهى ابنة عمه قائِمَةٌ وراء الستر بحيث تسمع محاوراتهم او على رؤسهم للخدمة وكانت نساؤهم لا تحجب كعادة الاعراب ونازلة البوادي والصحراء ولم يكن التبرج مكروها وكانت عجوزا وخدمة الضيفان مما يعد من مكارم الأخلاق والجملة حال من ضمير قالوا اى قالوا لابراهيم لا تخف فى حال قيام امرأته فَضَحِكَتْ سرورا بزوال الخوف فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ اى عقبنا سرورها بسرور أتم منه على ألسنة رسلنا وإسحاق بالعبرانية الضحاك وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام فهو من الاضداد وقد يستعار للزمان كما فى هذا المكان. والمعنى وهبنا لها بعد إسحاق يَعْقُوبَ فهو من عطف جملة على جملة ولا يكون يعقوب على هذا مبشرا به وقال فى التبيان اى بشروها بانها تلد إسحاق وانها تعيش الى ان ترى ولد الولد وهو يعقوب بن إسحاق والاسمان يحتمل وقوعهما فى البشارة كيحيى حيث سمى به فى البشارة قال الله تعالى إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ويحتمل وقوعهما فى الحكاية بعد ان ولد فسميا بإسحاق ويعقوب وتوجيه البشارة إليها لا اليه مع انه الأصل فى ذلك للدلالة على ان الولد المبشر به يكون منها ولانها كانت عقيمة حريصة على الولد وكان لابراهيم ولده إسماعيل من هاجر لان المرأة أشد فرحا بالولد وقال ابن عباس ووهب

[سورة هود (11) : الآيات 72 إلى 73]

فضحكت تعجبا من ان يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها وعلى هذا تكون الآية من التقديم والتأخير تقديره وامرأة قائمة فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فضحكت كما فى بحر العلوم وتفسير ابى الليث وقال فى التأويلات النجمية هذه البشارة لها ما كانت بشارة تتعلق ببشريتها وحيوانيتها وما كان ضحكها للسرور بحصول الابن الذي هو من زينة الدنيا وانما كان ضحكها لسرور نجاة القوم من العذاب وكانت بشارتها بنبوة ابنها إسحاق بعد ابراهيم ومن وراء إسحاق يعقوب اى بعد إسحاق يكون يعقوب نبيا وتكون النبوة فى عقبهم الى عهد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فانه يكون من عقب إسماعيل قال الكاشفى عند قوله تعالى بِالْبُشْرى [در حقايق آورده كه مژده بود بظهور حضرت سيد أنبياء از صلب وى بآنكه خاتم پيغمبران وصاحب لواء حمد است وجه بشارت در مقابله اين تواند بود كه پدرى را چنين پسر باشد] خوش وقت آن پدر كه چنين باشدش پسر ... ساباش از آن صدف كه چنين پرورد كهر آبا ازو مكرم وابنا ازو عزيز ... صلوا عليه ما طلع الشمس والقمر قالَتْ كأنه قيل فماذا قالت إذ بشرت بذلك فقيل قالت يا وَيْلَتى اى يا عجبا أصله يا ويلتى فابدل من الياء الالف ومن كسرة التاء الفتحة لان الالف مع الفتحة أخف من الياء مع الكسرة واصل هذه الكلمة فى الشر لأن الشخص ينادى ويلته وهى هلكته يقول لها تعالى واحضرى فهذا أوان حضورك ثم اطلق فى كل امر عجب كقولك يا سبحان الله وهو المراد هنا قال سعدى المفتى اصل الدعاء بالويل ونحوه فى التفجع لشدة مكروه يدهم النفس ثم استعمل فى عجب يدهم النفس آلد [آيا من بزايم] وَأَنَا عَجُوزٌ بنت تسعين او تسع وتسعين سنة لم الد قط وَهذا الذي تشاهدونه بَعْلِي اى زوجى وأصله القائم بالأمر شَيْخاً ابن مائة سنة او مائة وعشرين ونصبه على الحال والعامل معنى الاشارة قال فى الكواشي كأنها اشارت الى معروف عندهم اى هذا المعروف بعلى ثم قالت شيخا اى أشير اليه فى حال شيخوخته ولو لم يكن معروفا عندهم لكان يجب ان يكون بعلها مدة شيخوخته ولم يكن بعلها مدة شبيبته ونحوه هذا زيد قائما ان أخبرت من يعرفه صح المعنى وان أخبرت من لا يعرفه لا يصح لانه انما يكون زيدا ما قام فاذا ترك القيام فليس بزيد وقدمت بيان حالها على بيان حال بعلها لان مباينة حالها لما ذكر من الولادة اكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب ولا يولد للعجائز من الشبان إِنَّ هذا اى حصول الولد من هرمين مثلنا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ بالنسبة الى سنة الله المسلوكة فيما بين عباده ومقصدها استعظام نعمة الله عليها فى ضمن الاستعجاب العادي لا استبعاد ذلك بالنسبة الى قدرة الله تعالى لان التعجب من قدرة الله يوجب الكفر لكونه مستلزما للجهل بقدرة الله تعالى قالُوا منكرين عليها أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى من شأن الله تعالى بايجاد الولد من كبيرين قال الكاشفى [از كار خداى تعالى هيچ عجب نيست كه از صنع بي آلت واز فضل بي علت از ميان دو پير فرزندى بيرون آرد قدرتى را كه بر كمال بود ... كى چنينها از ومحال بود

[سورة هود (11) : الآيات 74 إلى 78]

قال سعدى المفتى أخذ جبريل عمودا من الأرض يابسا فدلكه بين إصبعيه فاذا هى شجرة تهتز فعرفت انه من الله تعالى وفى التأويلات النجمية مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى من قدرة الله تعالى فان لله تعالى سنة وقدرة فيجرى امر العوام بسنته وامر الخواص إظهارا للآية والاعجاز بقدرته فاجرى أمركم بقدرته ومثلها امرأة عمران وهى حنة كانت عاقرا لم تلد الى ان عجزت اى صارت عجوزا ثم حملت بمريم وقد سبق فى آل عمران فاذا كان هذا الحمل بقدرة الله تعالى خارقا للعادة لم يحتج الى الحيض ولا يبعد الحيض ايضا فى كبر السن كما فسر بعض العلماء قوله تعالى فَضَحِكَتْ بحاضت قيل لما صلب الحجاج عبد الله بن الزبير جاءته امه اسماء بنت ابى بكر الصديق فلما رأته حاضت مع كبر سنها وقد بلغت مائة سنة وخرج اللبن من ثدييها وقالت حنت اليه مراتعه ودرت عليه مراضعه رَحْمَةِ اللَّهِ التي وسعت كل شىء واستبقت كل خير وَبَرَكاتُهُ خيراته النامية المتكاثرة فى كل باب التي من جملتها هبة الأولاد حالتان عَلَيْكُمْ لازمتان لكم لاتفارقاكم يا أَهْلَ الْبَيْتِ أرادوا ان هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالانعام به يا اهل بيت النبوة فليست بمكان عجب. والجملة مستأنفة فقيل خبر وهو الأظهر وقيل دعاء وقيل الرحمة النبوة والبركات الأسباط من بنى إسرائيل لان الأنبياء منهم وكلهم من ولد ابراهيم عليه السلام ومثله فى قصة نوح عليه السلام قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وقد سبق إِنَّهُ اى الله تعالى حَمِيدٌ فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده لا سيما فى حقها مَجِيدٌ كثير الخير والإحسان الى عباده خصوصا فى ان جعل بيتها مهبط البركات وفى التأويلات النجمية حَمِيدٌ على ما يجرى من السنة والقدرة مَجِيدٌ فيما ينعم به على العوام والخواص واصل المجد فى كلامهم السعة قال ابن الشيخ المجد الكرم والمجيد صيغة مبالغة منه وقال الامام الغزالي رحمه الله المجيد الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شريف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ اى زال الخوف والفزع الذي أصابه لما لم يأكلوا من العجل واطمأن قلبه بعرفانهم بحقيقتهم الملكية وعرفان سبب مجيئهم وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بنجاة قومه كما قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ او بالولد إسحاق كما قال فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وابراهيم اصل فى التبشير كما قال فى سورة اخرى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ يُجادِلُنا اى جادل وخاصم رسلنا لانه صرح فى سورة العنكبوت بكون المجادلة مع الرسل وجيئ بجواب لما مضارعا مع انه ينبغى ان يكون ماضيا لكونها موضوعة للدلالة على وقوع امر فى الماضي لوقوع غيره فيه على سبيل الحكاية الماضية فِي قَوْمِ لُوطٍ فى شأنهم وحقهم لرفع العذاب جدال الضعيف مع القوى لا جدال القوى مع الضعيف بل جدال المحتاج الفقير مع الكريم الغنى وجدال الرحمة والمعاطفة وطلب النجاة للضعفاء والمساكين الهالكين وكان لوط ابن أخيه وهو لوط بن آزور ابن آزر وابراهيم بن آزر ويقال ابن عمه وسارة كانت اخت لوط فلما سمعا بهلاك قوم لوط اغتما لاجل لوط فطفق ابراهيم يجادل الرسل حين قالوا انا مهلكوا اهل هذه القرية فقال أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلا من المؤمنين أتهلكونها قالوا لا قال فاربعون قالوا لا قال فثلاثون قالوا لا حتى بلغ خمسة قالوا لا قال أرأيتم ان كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها

[سورة هود (11) : الآيات 75 إلى 76]

قالوا لا فعند ذلك قال فان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه واهله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ غير عجول على الانتقام ممن أساء اليه أَوَّاهٌ كثير التأوه على الذنوب والتأسف على الناس وفى ربيع الأبرار معنى التأوه الدعاء الى الله بلغة توافق النبطية مُنِيبٌ راجع الى الله تعالى بما يجب ويرضى اى كان جداله بحلم وتأوه عليهم فان الذي لا يتعجل فى مكافاة من يؤذيه يتأوه اى يقول أوه وآه إذا شاهد وصول الشدائد الى الغير وانه مع ذلك راجع الى الله فى جميع أحواله اى ما كان بعض أحواله مشوبا بعلة راجعة الى حظ نفسه بل كان كله لله فتبين ان رقة القلب حملته على المجادلة فيهم رجاء ان يرفع عنهم العذاب ويمهلوا لعلهم يحدثون التوبة والانابة كما حملته على الاستغفار لابيه يقول الفقير دلت الآية على ان المجادلة وقعت فى قوم لوط ودلت التفاسير على انها وقعت فى لوط نفسه والمؤمنين معه ولا تنافى بينهما فان عموم الرحمة التي حملته عليها نشأة الأنبياء عليهم السلام لا يميز بين شخص وشخص فان الامة بالنسبة الى النبي كالاولاد بالنسبة الى الأب وكفرهم لا يرفع الرحمة فى حقهم ويدل عليه حال نوح مع ابنه كنعان كما وقفت عليه فيما سبق وانما مجيئ البشرى فى حق قومه فقط فبقى الألم فى حق الغير على حاله واتصال القرابة بين ابراهيم ولوط يقتضى ان يكون قوم لوط فى حكم قوم ابراهيم فافهم يا إِبْراهِيمُ على ارادة القول اى قالت الملائكة يا ابراهيم أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال بالحلم والرحمة على غير اهل الرحمة إِنَّهُ اى الشان قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ قدره بمقتضى قضائه الأزلي بعذابهم وهو اعلم بحالهم والقضاء هو الارادة الازلية والعناية الالهية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص والقدر تعلق الارادة بالأشياء فى أوقاتها وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ غير مصروف عنهم بجدال ولا بدعاء ولا بغير ذلك وانك مأجور مثاب فيما جادلتنا لنجاتهم وهذا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اشفعوا تؤجروا وليقصنّ الله على لسان نبيه ما شاء) قال ابن الملك فى شرح الحديث لا يخفى ان مطلق الشفاعة لا يكون سببا للاجر فيحمل على ان تكون الشفاعة لارباب الحوائج المشروعة كدفع ظلم وعفو عن ذنب ليس فيه حد انتهى والحد واجب فى اللواطة عند الإمامين لانهما الحقاها بالزنى. وعند ابى حنيفة يعزر فى ظاهر الرواية وزاد فى الجامع الصغير ويودع فى السجن حتى يتوب. وروى عنه الحد فى دبر الاجنبية ولو فعل هذا بعبده او أمته او منكوحته لا يحد بلا خلاف وفى الشرح الاكملى والظاهر ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث يجازى بما يجازى القتل او الزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة يقول الفقير الظاهر ان إتيان العذاب الغير المردود لاصرارهم على الكفر والتكذيب بعد استبانة الحق واللواطة من جملة اسباب الإتيان كالعقر لناقة الله بالنسبة الى قوم صالح- روى- ان الرسل الذين بشروا ابراهيم خرجوا بعد هذه المجادلة من عنده وانطلقوا الى قرية لوط سدوم وما بين القريتين اربعة فراسخ فانتهوا إليها نصف النهار فاذاهم بجوار يستقين من الماء فابصرتهم ابنة لوط وهى تستقى الماء فقالت لهم ما شأنكم واين تريدون قالوا أقبلنا من مكان

[سورة هود (11) : الآيات 77 إلى 78]

كذا ونريد كذا فاخبرتهم عن حال اهل المدينة وخبثهم فاظهروا الغم من أنفسهم فقالوا هل أحد يضفنا فى هذه القرية قالت ليس فيها أحد يضيفكم الا ذاك الشيخ فاشارت الى أبيها لوط وهو قائم على بابه فاتوا اليه وقال الكاشفى [چون نزديك شهر سدوم رسيدند كه لوط در آنجا مى بود نكاه كردند ديدند كه وى در زمين كار ميكرد پيش وى رفتند وسلام كردند] فلما رآهم وهيئتهم ساءه ذلك وهو قوله تعالى وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ [اندوهگين شد بديشان] وهو فعل مبنى للمفعول والقائم مقام الفاعل ضمير لوط من قولك ساءنى كذا اى حصل لى منه سوء وحزن وغم وبهم متعلق به اى بسببهم. والمعنى ساءه مجيئهم لا لانهم جاؤا مسافرين وهو لا يود الضيف وقراه فحاشى بيت النبوة عن ذلك بل لانهم جاؤا فى صورة غلمان حسان الوجوه فحسب انهم أناس فخاف عليهم ان يقصدهم قومه فيعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم وفيه اشارة الى عروض الهمّ والحزن له لهلاك قومه بالعذاب فانظر الى التفاوت بين ابراهيم ولوط وبين قومهما حيث كان مجيئهم لابراهيم للمسرة وللوط للمساءة مع تقديم المسرة لان رحمة الله سابقة على غضبه- وروى- ان الله تعالى قال لهم لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط اربع شهادات فلما أتوا اليه قال لهم أما بلغكم امر هذه القرية قالوا وما أمرها قال اشهد بالله انها لشرّ قرية فى الأرض عملا يقول ذلك اربع مرات فدخلوا منزله ولم يعلم بذلك أحد فاذاع خبرهم امرأته الكافرة كما ستقف عليه وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً [وتنك دل شد بجهت ايشان] وذرعا نصب على التمييز اى ضاق بمكانهم صدره او قلبه او وسعه وطاقته وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه يقال ضاق ذرع فلان بكذا إذا وقع فى مكروه ولا يطيق الخروج منه. وفى الاخترى ضاق به ذرعا اى طاقة وضاق بالأمر اى لم يطقه ولم يقو عليه وكان مد اليه يده فلم تنله. قال الأزهري الذرع يوضع موضع الطاقة والأصل فيه البعير يذرع بيديه فى سيره ذرعا على قدر سعة خطوته فاذا حمل عليه اكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه وجعل ضيق الذرع عبارة عن قلة الوسع والطاقة فيقال مالى به ذرع ولا ذراع اى مالى به طاقة وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ اى شديد علىّ وهو لغة جرهم كما فى ربيع الأبرار ثم قال لوط لامرأته ويحك قومى اخبزى ولا تعلمى أحدا وكانت امرأته كافرة منافقة فانطلقت لطلب بعض حاجتها فجعلت لا تدخل على أحد الا أخبرته وقالت ان فى بيت لوط رجالا ما رأيت احسن وجوها منهم ولا أنظف ثيابا ولا أطيب رائحة فلما علموا بذلك جاؤا الى باب لوط مسرعين فذلك قوله تعالى وَجاءَهُ اى لوطا وهو فى بيته مع أضيافه قَوْمُهُ والحال انهم يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ يسرعون اليه كأنما يدفعون دفعا طلبا للفاحشة من أضيافه غافلين عن حالهم جاهلين بمآلهم والاهراع الاسراع قال فى التهذيب الهرع [براندن سخت وشتابانيدن] يقال اهرع القوم وهرعوا وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ الجملة حال ايضا من قومه اى جاؤا مسرعين والحال انهم كانوا من قبل هذا الوقت وهو وقت مجيئهم الى لوط منهمكين فى عمل الفواحش [عملهاى بد از لواطه وكبوتر بازي وصفير زدن در مجالس وبراى استهزا نشستن

بر سر راهها] فتمرنوا بها اى تعودوا واستمروا حتى لم تعب عندهم قباحتها ولذلك لم يستحيوا مما فعلوا من مجيئهم مهرعين مجاهرين وفى التأويلات النجمية كانوا يعملون السيئات الموجبة للهلاك والعذاب فجاوا مسرعين مستقبلى العذاب وطلبوا من بيت النبوة من اهل الطهارة معاملة ساءتهم بخباثة نفوسهم ليستحقوا بذلك كمال الشقاوة وسرعة العذاب انتهى ودل ما ذكر على ان جهار الفسق فوق اخفائه ولذا رد شهادة الفاسق المعلن وفى الحديث (كل أمتي معافى الا المجاهرون) اى لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون بل يؤخذون فى الدنيا ان كانت مما يتعلق بالحدود واما فى الآخرة فمطلقا: قال السعدي قدس سره نه هركز شنيدم درين عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد بپيش نه إبليس بد كرد ونيكى نديد ... بر پاك نايد ز تخم پليد قالَ يا قَوْمِ [اى قوم من] هؤُلاءِ مبتدأ خبره قوله بَناتِي الصلبية فتزوجوهن وكانوا يطلبونهن من قبل ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعيته فان تزويج المسلمات من الكفار كان جائزا فى شريعته وهكذا كان فى أول الإسلام بدليل انه عليه السلام زوج ابنتيه من ابى العاص بن وائل وعتبة بن ابى لهب قبل الوحى وهما كافران ثم نسخ ذلك بقوله تعالى وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه وأياما كان فقد أراد به وقاية ضيفه وذلك غاية فى الكرم هُنَّ مبتدأ خبره قوله أَطْهَرُ لَكُمْ هذا لا يدل على ان إتيان الذكور كان طاهرا كما لا يدل قولك النكاح اطهر من الزنى على كون الزنى طاهرا لانه خبث ليس فيه شىء من الطهارة لكن هؤلاء القوم اعتقدوا ذلك طهارة فبنى ذلك على زعمهم الفاسد واعتقادهم الباطل وهو مثل ما قال النبي عليه السلام لعمر رضى الله عنه (الله أجل وأعلى) جوابا لابى سفيان حيث قال اعل هبل اعتقد علو صنمه وذلك اعتقاد فاسد لا شبهة فيه يقول الفقير عرض عليهم اولا بناته لكى يرغبوا فيهن فينسد باب الفتنة ففيه حسن دفع لهم من أول الأمر وبناته وان لم تف للجمع الكثير لانه على ما روى كان له بنتان لكنه إذا رضى بهن البعض ممن كان مطاعا انقطع عرق النزاع من الاتباع ولئن سلم انه لم يكن فيهم مطاع فلقد شاهدنا اندفاع شر كثير بخير يسير ثم حكم بكونهن اطهر وهو للزيادة المطلقة على ما ذهب اليه الرازي فى الكبير تأكيدا للترغيب وتقبيحا لحالهم فى استطابة الخبائث لينزجروا ويتركوا ما هم عليه من اللواطة فانه إذا كان المحيض أذى وقذرا يجب التجنب عنه مع كون المحل مباح الأصل فلأن يكون الجزاء كذلك اولى مع كون المحل حرام الأصل فَاتَّقُوا اللَّهَ بترك الفواحش او بايثارهن عليهم وَلا تُخْزُونِ [مرا رسواى نكنيد] فِي ضَيْفِي فى حقهم وشأنهم فان إخزاء ضيف الرجل اخزاؤه كما ان إكرام من يتصل به إكرامه. والضيف مصدر فى الأصل يكون للقليل والكثير أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ رجل واحد يهتدى الى الحق ويرعوى عن القبيح وقال الكاشفى [آيا نيست از شما مردى راه يافته كه شما را پند دهد واز عملهاى بد باز دارد] وفى التأويلات النجمية رجل رشيد يقبل نصحى ويتوب الى

[سورة هود (11) : الآيات 79 إلى 83]

الله بالصدق فينجيكم من العذاب ببركته انتهى وذلك لان الواحد على الحق كالسواد الأعظم وكالاكسير قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ من حاجة اى لا رغبة لنا فيهن فلا ننكحهن ومقصودهم ان نكاح الإناث ليس من عادتنا ومذهبنا ولذا قالوا علمت فان لوطا كان يعلم ذلك ولا يعلم عدم رغبتهم فى بناته بخصوصهن ويؤيده قوله وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ وهو إتيان الذكور وهو فى الحقيقة طلب ما أعد الله لهم فى الأزل من قهره يعنى الهلاك بالعذاب ولما يئس من ارعوائهم عما هم عليه من الغى قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً لو للتمنى وهو الأنسب بمثل هذا المقام فلا يحتاج الى الجواب وبكم حال من قوة اى بطشا والمعنى بالفارسية [كاشكى مرا باشد بدفع شما قوتى] أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ عطف على ان لى بكم لما فيه من معنى الفعل والركن بسكون الكاف وضمها الناحية من الجبل وغيره اى لو قويت على دفعكم ومقاومتكم بنفسي او التجأت الى ناصر عزيز قوى استند اليه واتمنع به فيحمينى منكم شبه بركن الجبل فى الشدة والمنعة وقال الكاشفى [يا پناه كيرم وباز كردم بركنئ سخت يعنى عشيره وقبيله كه بديشان منع شما توانم كرد] وكان لوط رجلا غريبا فيهم ليس له عشيرة وقبيلة يلتجئ إليهم فى الأمور الملمة والغريب لا يعينه أحد غالبا فى اكثر البلدان خصوصا فى هذا الزمان: قال الحافظ تيمار غريبان سبب ذكر جميلست ... جانا مكر اين قاعده در شهر شما نيست وانما تمنى القوة لان الله تعالى خلق الإنسان من ضعف كما قال خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ والعارف ينظر الى هذا الضعف ذوقا وحالا ولذا قيل ان العارف التام المعرفة فى غاية العجز والضعف عن التأثير والتصرف لانقهاره تحت الوحدة الجمعية وقد قال تعالى فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا والوكيل هو المتصرف فان الهم التصرف بجزم تصرف وان منع امتنع وان خير اختار ترك التصرف الا ان يكون ناقص المعرفة: وفى المثنوى ما كه باشيم اى تو ما را جان جان ... تا كه ما باشيم با تو در ميان دست نى تا دست جنباند بدفع ... نطق نى تا دم زند از ضر ونفع پيش قدرت خلق جمله باركه ... عاجزان چون پيش سوزن كاركه وفى الحديث (رحم الله أخي لوطا كان يأوى الى ركن شديد) وهو نصر الله ومعونته واختلف فى معناه فقال الكاشفى يعنى [بخداى پناه كرفت وخدا او را يارى داد كه ملجأ درماندكان جز درگاه او نيست] آستانش كه قبله همه است ... در پناهش ز ماهى تا بمه است هر كه دل در حمايتش بستست ... از غم هر دو كون وارستست وقال ابن الشيخ اى كان يريد او يتمنى ان يأوى الى ركن شديد وفى قوله (رحم الله) اشارة الى ان هذا الكلام من لوط ليس مما ينبغى من حيث انه يدل على قنوط كلى ويأس شديد من ان يكون له ناصر ينصره والحال انه لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوى اليه أليس الله بكاف عبده انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بعث الله نبيا بعد لوط الا فى عز من قومه يعنى استجيب دعوته

[سورة هود (11) : آية 81]

ضرورة وكان صلى الله عليه وسلم يحميه قبيلته كأبى طالب فانه كان يتعصب للنبى ويذب عنه دائما وانما اضطر الى الهجرة بعد وفاته- روى- ان لوطا اغلق بابه دون أضيافه حين جاؤا وأخذ يحاولهم من وراء الباب فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة ما بلوط من الكرب قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بضرر ولا مكروه ولن يخزوك فينا وان ركنك شديد فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبرائيل ربه تعالى فى عقوبتهم فاذن له فقام فى الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال تعالى فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فان فى بيت لوط سحرة وهددوا لوطا وقالوا مكانك حتى نصبح فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ الاسراء بالفارسية [رفتن بشب] وهو لازم ومتعد وكذا السرى فان معناه [رفتن بشب] والمصدر على فعل خص به المعتل كما فى التهذيب والمعنى كما قال الكاشفى [ببركسان خود را] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ القطع فى آخر الليل وقال ابن عباس بطائفة من الليل والمعنى [بپاره از شب يعنى بعد از كذشتن برخى از شب] فالباء فى باهلك للتعدية ويجوز ان تكون للحال اى مصاحبابهم وفى قوله بقطع للحال اى مصاحبين بقطع على ان المراد به ظلمة الليل وقيل الباء فيه بمعنى فى اى اخرجوا ليلا لتستبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ منك ومن أهلك اى لا يتخلف ولا ينصرف عن امتثال المأمور به او لا ينظر الى ورائه فالظاهر على هذا انه كان لهم فى البلد اموال وأقمشة وأصدقاء فالملائكة امروهم بان يخرجوا ويتركوا تلك الأشياء ويقطعوا تعلق قلوبهم كما قال فى التأويلات النجمية وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ الى ما هم فيه من الدنيا وزينتها ومتاعها أراد به تجرد الباطن عن الدنيا وما فيها فان النجاة من العذاب والهلاك منوط به انتهى وفى الحديث (اللهم امض لاصحابى هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم) اى انفذها وتممهالهم ولا تمسهم فى بلدة هاجروا منها لئلا ينتقض الثواب بالركون الى الوطن قال ابو الليث فى تفسيره جمع لوط اهله وابنتيه ريثا ورعورا فحمل جبريل لوطا وبناته وماله على جناحه الى مدينة زغر وهى احدى مدائن لوط وهى خمس مدائن وهى على اربع فراسخ من سدوم ولم يكونوا على مثل عملهم انتهى ويخالفه الأمر بالاسراء كما لا يخفى وقال فى بحر العلوم وانما نهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم ويجوز ان يكون النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التوقف لان من يلتفت الى ما وراءه لا بدله من ادنى وقفة إِلَّا امْرَأَتَكَ استثناء من قوله تعالى فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِنَّهُ اى الشان مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد يعنى وقعت اهل بيت نبوته فى الضلالة فهلكت والمراد امرأته فانها مع تشرفها بالاضافة الى بيت النبوة لما اتصلت باهل الضلالة صارت ضالة وادّى ضلالها وكفرها الى الهلاك معهم ففيه تنبيه على ان لصحبة الأغيار ضررا عظيما إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ اى موعد عذابهم وهلاكهم وهو تعليل للامر بالاسراء والنهى عن الالتفات المشعر بالحث على الاسراع كما فى الإرشاد- وروى-

[سورة هود (11) : الآيات 82 إلى 83]

انه قال للملائكة متى موعدهم قالوا الصبح فقال أريد اسرع من ذلك فقالوا أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [آيا نيست صبح نزديك نفى نزديكست] وانما جعل ميقات هلاكهم الصبح لانه وقت الدعة والراحة فيكون حلول العذاب حينئذ أفظع ولانه انسب بكون ذلك عبرة للناظرين وفيه اشارة الى ان صبح يوم الوفاة قريب لكل أحد فاذا أدركه فكأنه لم يلبث فى الدنيا إلا ساعة من نهار: قال السعدي قدس سره چرا دل برين كاروان مى نهيم ... كه ياران برفتند وما بر رهيم پس اى خاكسار كنه عن قريب ... سفر كرد خواهى بشهر غريب برين خاك چندان صبا بگذرد ... كه هر ذره از ما بجايى برد فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا اى وقت عذابنا وموعده وهو الصبح جَعَلْنا قدرتنا الكاملة عالِيَها اى عالى قرى قوم لوط وهى التي عبر عنها بالمؤتفكات وهى اربع مدائن فيها اربعمائة الف او اربعة آلاف قال الكاشفى [در هر يكى صد هزار مرد شمشير زن] وهى سدوم وعامورا وكادوما ومذوايم كانت على مسيرة ثلاثة ايام من بيت المقدس سافِلَها اى قلبناها على تلك الهيآت. وبالفارسية [نكون ساختيم]- روى- ان جبريل جعل جناحه فى أسفلها فاقتلعها من الماء الأسود ثم رفعها الى السماء حتى سمع اهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة لم يكفأ اناء ولم ينتبه نائم ثم قلبها عليهم فاقبلت تهوى من السماء الى الأرض وَأَمْطَرْنا عَلَيْها على اهل المدائن من فوقهم [اى بعد از سر نكون شدن] وكان حقه جعلوا وامطروا اى الملائكة المأمورون به فاسند الى نفسه من حيث انه المسبب تعظيما للامر وتهويلا للخطب حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر كقوله حجارة من طين وأصله [سنك كل] فعرب مَنْضُودٍ نضد فى الإرسال بتتابع بعضه بعضا كقطار الأمطار. والنضد وضع الشيء بعضه على بعض وهو نعت لسجيل مُسَوَّمَةً نعت حجارة اى معلمة لا تشبه حجارة الدنيا او باسم صاحبها الذي تصيبه ويرمى بها عِنْدَ رَبِّكَ اى جاءت من عند ربك قال الكاشفى [آماده كشته در خزائن پروردگار تو براى عذاب ايشان]- روى- ان الحجر اتبع شذاذهم أينما كانوا فى البلاد ودخل رجل منهم الحرم وكان الحجر معلقا فى السماء أربعين يوما حتى خرج فاصابه فاهلكه [در تفسير زاهدى آورده كه سنك كلان او برابر خمى بود وخردى مساوى اسبويى] يقول الفقير لعل الأمطار على تلك القرى بعد القلب انما هو لتكميل العقوبة كالرجفة الواقعة بعد الصيحة لقوم صالح ولتحصيل الهلاك لمسافريهم الخارجين من بلادهم لمصالحهم وهو الظاهر والله اعلم وَما هِيَ اى الحجارة الموصوفة مِنَ الظَّالِمِينَ من كل ظالم فهم بسبب ظلمهم مستحقون لها ملا بسون بها بِبَعِيدٍ تذكيره على تأويل الحجارة بالحجر. وفيه وعيد لاهل الظلم كافة وعنه عليه السلام انه سأل جبرائيل فقال يعنى ظالمى أمتك ما من ظالم منهم الا وهو بعرضة حجر يسقط من ساعة الى ساعة يقال فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه وجعلت فلانا عرضة لكذا اى نصبته؟؟؟ فلا تظن الظالمين انهم يتخلصون ويسلمون من هذه الحجارة بل تسقط عليهم وقت وفاتهم وحصولهم الى صباح موتهم ونظيره

[سورة هود (11) : الآيات 84 إلى 89]

ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قاعدا مع أصحابه فى المسجد فسمعوا هدّة عظيمة وهى صوت انهدام الحائط فارتاعوا اى خافوا وفزعوا فقال عليه السلام (أتعرفون ما هذه الهدة) قالوا الله ورسوله اعلم قال (حجر القى من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل الى قعرها وكان وصوله الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة) فما فرغ من كلامه الا والصراخ فى دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل فى قعرها قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم الله ليعتبروا وفى الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليلة اسرى بي الى السماء رأيت فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسألت عن ذلك جبريل فقال لا تسأل عنها فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة وقلت أخبرني عن الحجارة فقال هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك ثم تلا وما هى من الظالمين ببعيد) كذا فى زهرة الرياض چون عالم از ستمكر ننك دارد ... عجب نبود كه بر وى سنك بارد وفى التبيان والبعيد الذي ليس بكائن ولا يتصور وقوعه وكل ما هو كائن فهو قريب وعن محمد بن مروان قال صرت الى جزيرة النوبة فى آخر ممرنا فامرت بالمضارب فضربت فخرج النوب يتعجبون واقبل ملكهم رجل طويل أصلع حاف عليه كساء فسلم وجلس على الأرض فقلت له مالك لا تقعد على البساط قال انا ملك وحق لمن رفعه الله ان يتواضع له إذا رفعه تواضع ز كردن فرازان نكوست ... كدا گر تواضع كند خوى اوست ثم قال ما بالكم تطاون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم فى كتابكم فقلت عبيدنا فعلوه بجهلهم قال ما بالكم تشربون الخمر وهى محرمة عليكم فى دينكم قلت أشياعنا فعلوه بجهلهم قال فما بالكم تلبسون الديباج وتتحلون بالذهب والفضة وهى محرمة عليكم على لسان نبيكم قلت فعل ذلك أعاجم من خدمنا كرهنا الخلاف عليهم فجعل ينظر فى وجهى ويكرر معاذرى على وجه الاستهزاء ثم قال ليس كما تقول يا ابن مروان ولكنكم قوم ملكتم فظلمتم وتركتم ما أمرتم فاذاقكم الله وبال أمركم ولله فيكم نعم لم تحص وانى أخشى ان ينزل بك وأنت فى ارضى مصيبة فتصيبنى معك فارتحل عنى واعلم ان الظلم من نتائج القساوة التي تمطر على كل قلب مقدار ما قدر له فلا يزال يزداد ظلم المرء بحسب ازدياد قساوة قلبه فاذا أحاطت بمرآة قلبه قساوته ابعد من ان يكون مرجوا نجاته وكان من المهلكين بحجر القساوة النازلة من سماء القهر والجلال عصمنا الله وإياكم من البغي والفساد وأرشدنا الى العدل والصلاح انه ولى الإرشاد وَإِلى مَدْيَنَ هو اسم ابن ابراهيم عليه السلام ثم صار اسما للقبيلة او اسم مدينة بناها مدين فسميت باسمه اى وأرسلنا الى قبيلة مدين او ساكنى بلدة مدين أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب شُعَيْباً عطف بيان له وهو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين قالَ استئناف بيانى يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ولا تشركوا به شيأ من الأصنام لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى ليس لكم اله سوى الله تعالى وكانت كلمة جميع الأنبياء فى التوحيد واحدة فدعوا الى الله الواحد

[سورة هود (11) : الآيات 85 إلى 86]

وعبادته فامرهم شعيب بالتوحيد اولا لانه ملاك الأمر وقوامه ثم نهاهم عما اعتادوه من النقص فى الكيل والوزن لانه يورث الهلاك فقال وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى آلة الوزن والكيل وكان لهم مكيالان وميزانان أحدهما اكبر من الآخر فاذا اكتالوا على الناس يستوفون بالأكبر وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون بالاصغر والمراد لا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود وكذا الصنجات كى تتوسلوا بذلك الى بخس حقوق الناس ويجوز ان يكون من ذكر المحل وارادة الحال. والمعنى بالفارسية [مكاهيد وكم مكنيد پيمانه را در پيمودن مكيلات وترازو را در سنجيدن موزونات] وكل من البخسين شائع فى هذا الزمان ايضا كأنه ميراث من الكفرة الخائنين إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ علة للنهى اى ملتبسين بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف. يعنى [درمانده ومحتاج نيستيد كه داعى باشد شما را بخيانت بلكه منعم وتوانكريد رسم حق كزارى آنست كه مردم را از مال خود بهره مند كنيد نه آنكه از حقوق ايشان باز گيريد] وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ ان لم ترجعوا عن ذلك النقص عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ لا يشذ منه أحد منكم. والمراد منه عذاب يوم القيامة او عذاب الاستئصال ووصف اليوم بالاحاطة وهى حال العذاب لاشتماله عليه ففيه اسناد مجازى واصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش والعذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إيفاء الحق إعطاؤه تاما كاملا اى اسعوا فى إعطاء الحق على وجه التمام والكمال بحيث يحصل لكم اليقين بالخروج عن العهدة بِالْقِسْطِ حال من فاعل او فوا اى ملتبسين بالعدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان فان الزيادة فى الكيل والوزن وان كانت تفضلا مندوبا اليه لكنها فى الآلة محظورة كالنقص فلعل الزائد للاستعمال عند الاكتيال والناقص للاستعمال وقت الكيل كذا فى الإرشاد. وصرح بالإيفاء بعد النهى عن ضده لان النهى عن نقص حجم المكيال وصنجات الميزان والأمر بايفاء المكيال والميزان حقهما بان لا ينقص فى الكيل والوزن وهذا الأمر بعد مساواة المكيال والميزان للمعهود فلا تكرار فى الآية كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ مطلقا اى سواء كانت من جنس المكيل والموزون او من غيره وسواء كانت جليلة او حقيرة وكانوا يأخذون من كل شىء يباع شيأ كما يفعل السماسرة ويمكنون الناس وينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العثى أشد الفساد اى ولا تتمادوا فى الفساد فى حال فسادكم لانهم كانوا متمادين فيه فنهوا عن ذلك ومن الفساد نقص الحقوق ومن الإفساد قص الدراهم والدنانير وترويج الزيوف ببعض الأسباب وغير ذلك بَقِيَّتُ اللَّهِ اى ما أبقاه الله لكم من الحلال بعد ترك الحرام فهى فعيلة بمعنى المفعول واضافتها للتشريف كما فى بيت الله وناقة الله فان ما بقي بعد إيفاء الكيل والوزن من الرزق الحلال يستحق التشريف خَيْرٌ لَكُمْ مما تجمعون بالبخس والتطفيف فان ذلك هباء منثور بل شر محض وان زعمتم ان فيه خيرا كما قال تعالى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ قال فى شرح الشرعة

ولا يخون أحد فى مبايعته بالحيل والتلبيس فان الرزق لا يزيد بذلك بل تزول بركته فمن جمع المال بالحيل حبة حبة يهلكه الله جملة قبة قبة وييقى عليه وزره ذرة ذرة كرجل كان يحلط اللبن بالماء ليرى كثيرا فجاء السيل وقتل بقره فقالت صبيته يا أبت قد اجتمع المياه التي جعلتها فى اللبن وقتلت البقر إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بشرط ان تؤمنوا وانما شرط الايمان فى خيرية ما بقي بعد الإيفاء لان فائدته وهى حصول الثواب والنجاة من العقاب انما تظهر مع الايمان فان الكافر مخلد فى عذاب النيران ومحروم من رضوان وثواب الرحمن سواء اوفى الكيل والميزان او سلك سبيل الخوّان ان كنتم مصدقين لى فى مقالتى لكم وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ اى ما بعثت لا حفظكم عن المعاصي والقبائح وانما بعثت مبلغا ومنبها على الخير وناصحا وقد بلغت من آنچهـ شرط بلاغست با تو ميكويم ... تو خواه از سخنم پند كير وخواه ملال اعلم ان العدل ميزان الله فى الأرض سواء كان فى الاحكام او فى المعاملات والعدول عنه يؤدى الى مؤاخذة العباد فينبغى ان يجتنب الظلم والمراد بالظلم ان يتضرر به الغير والعدل ان لا يتضرر منه أحد بشئ ما قال عكرمة اشهد ان كل كيال ووزان فى النار قيل له فمن اوفى الكيل والميزان قال ليس رجل فى المدينة يكيل كما يكتال ولا يزن كما يتزن والله تعالى يقول وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وقال سعيد بن المسيب إذا أتيت أرضا يوفون المكيال والميزان فاطل المقام فيها وإذا أتيت أرضا ينقصون المكيال والميزان فاقل المقام فيها وفى الحديث (ما ظهر الغلول فى قوم الا القى الله فى قلوبهم الرعب ولا فشا الزنى فى قوم الأكثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع الله عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم ولاختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو) قوله ولاختر اى غدر ونقض العهد كما فى الترغيب وفى التأويلات النجمية وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى مكيال المحبة وميزان الطلب فان للمحبة مكيالا وهو عداوة ما سوى الله تعالى كما قال الخليل عند اظهار الخلة فانهم عدو لي إلا رب العالمين فانك ان تحب أحدا وشيأ مع الله فقد نقصت فى مكيال محبة الله وان للطلب ميزانا وهو السير على قدمى الشريعة والطريقة كما قيل خطوتان وقد وصلت فان خطوت خطوتين دونهما فقد نقصت من الميزان انتهى فعلى السالك ان يتأدب بآداب الأولياء والأنبياء ويضع القدم فى هذا الطريق الاولى كما امر به وشرط له ولا بد من الامانة والاستقامة وإيتاء كل ذى حق حقه قائما بالعدل والقسط القويم وازنا بالقسطاس المستقيم كائلا بالكيل السليم فعند ذلك يتفضل له المولى بالقبول والمدح فى الدنيا والثواب والانعام فى الآخرة فيعيش سعيدا ويموت سعيدا واما إذا غدر وظلم وخان واستكبر وأصر يعدل له المولى بالرد والذم فى الدنيا والعقاب والانتقام فى الآخرة ان لم يتداركه الفضل والعفو فيعيش شقيا ويموت شقيا ويحشر شقيا: وفى المثنوى چون ترازوى تو كژ بود ودغا ... راست چون جوئى ترازوى جزا چونكه پاى چپ بود در غدر وكاست ... نامه چون آيد ترا در دست راست

[سورة هود (11) : الآيات 87 إلى 88]

چون جزا سايه است اى قد توخم ... سايه تو كژ فتد در پيش هم قالُوا يا شُعَيْبُ [آورده اند كه انبيا بر دو قسم بوده اند بعضى آنكه ايشانرا فرمان حرب بود چون موسى وداود وسليمان عليهم السلام وبرخى آنكه ايشانرا بحرب نفرمودند وشعيب از آن جمله بود كه رخصت حرب نداشت قوم خود را موعظه ميكفت وخود همه شب نماز مى كرد گفتند قوم او كه اى شعيب] أَصَلاتُكَ [آيا نماز تو] تَأْمُرُكَ اسندوا الأمر الى صلاته قصدا الى الاستهزاء فمرادهم السخرية لا حقيقة الاستفهام. والمعنى أصلاتك تدعوك الى أمرنا أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا من الأوثان وقد توارثنا عبادتها أبا عن جد أجابوا بذلك امره عليه السلام إياهم بعبادة الله وحده المتضمن لنهيهم عن عبادة الأوثان أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا جواب عن امره بايفاء الحقوق ونهيه عن البخس والنقص معطوف على ما وأو بمعنى الواو لان ما كلفهم به شعيب هو مجموع الامرين لاحدهما. والمعنى ان نترك ان نفعل فى أموالنا ما نشاء من التصرفات وقال بعضهم كان ينهاهم عن تقطيع أطراف الدراهم والدنانير وقصها فارادوا به ذلك. والمعنى ما نشاء من تقطيعها واعلم ان أول من استخرج الحديد والفضة والذهب من الأرض «هوشنك» فى عصر إدريس عليه السلام وكان ملكا صالحا داعيا الى الإسلام. وأول من وضع السكة على النقدين الضحاك وإفساد السكة بأى وجه كان إفساد فى الأرض وسئل الحجاج عما يرجوبه النجاة فذكر أشياء منها ما أفسدت النقود على الناس إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ الأحمق السفيه بلغة مدين كما فى ربيع الأبرار وقال فى الكواشي تتعاطى الحلم والرشد ولست كذلك اى ما أنت بحليم ولا رشيد فيما تأمرنا وترشدنا اليه وقال اكثر اهل التفسير أرادوا السفيه الضال الغاوي فتهكموا به كما يتهكم بالشحيح فيقال لو أبصرك حاتم لتعلم منك الجود. وبالمستجهل والمستخف فيقال يا عالم يا حليم فهو إذا من قبيل الاستعارة التبعية نزلوا التضاد منزلة التناسب على سبيل الهزؤ فاستعاروا الحلم والرشد للسفه والغواية ثم سرت الاستعارة منهما الى الحليم الرشيد قالَ شعيب يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كُنْتُ إيراد حرف الشك باعتبار حال المخاطبين عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي اى حجة واضحة وبرهان نير من مالك امرى عبر بهما عما أتاه الله تعالى من النبوة والحكمة ردا على مقالتهم الشنعاء فى جعلهم امره ونهيه غير مستند الى سند وَرَزَقَنِي مِنْهُ اى من لدنه رِزْقاً حَسَناً هو النبوة والحكمة ايضا عبر عنهما بذلك تنبيها على انهما مع كونهما بينة رزق حسن كيف لا وذلك مناط الحياة الابدية له ولامته وقال بعضهم هو ما رزقه الله من المال الحلال من غير شائبة حرام اى من غير بخس وتطفيف وكان كثير المال وجواب الشرط محذوف لان إثباته فى قصة نوح ولوط دل على مكانه ومعنى الكلام ينادى عليه. والمعنى أخبروني ان كنت على حجة واضحة ويقين من ربى وكنت نبيا على الحقيقة فهل يصح لى ان اتبعكم وآشوب الحلال بالحرام ولا آمركم بتوحيد الله وترك عبادة الأصنام والكف عن المعاصي والقيام بالقسط والأنبياء لا يبعثون الا لذلك وَما أُرِيدُ بنهيى إياكم عن التطفيف أَنْ أُخالِفَكُمْ مخالفتكم حال كونى مائلا إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ يقال خالفت

زيدا الى كذا إذا قصدته وهو مول عنه وخالفته عنه إذا كان الأمر بالعكس اى لا انهى عن شىء وارتكبه من نقصان الكيل والوزن اى اختار لكم ما اختار لنفسى فانه ليس بواعظ من يعظ الناس بلسانه دون عمله قال فى الاحياء اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحى منى: قال الحافظ واعظان كين جلوه در محراب ومنبر ميكنند ... چون بخلوت ميروند آن كار ديكر ميكنند مشكلى دارم ز دانشمند مجلس باز پرس ... توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر ميكنند إِنْ أُرِيدُ اى ما أريد بما أبا شره من الأمر والنهى إِلَّا الْإِصْلاحَ الا ان أصلحكم بالنصيحة والموعظة مَا اسْتَطَعْتُ اى مقدر ما استطعته من الإصلاح قال فى بحر العلوم ما مصدرية واقعة موقع الظرف اى مدة استطاعتي الإصلاح ومادمت متمكنا منه لا اترك جهدى فى بيان ما فيه مصلحة لكم: قال السعدي قدس سره بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند وَما تَوْفِيقِي مصدر من المبنى للمفعول اى كونى موفقا لتحقيق ما اقصده من إصلاحكم إِلَّا بِاللَّهِ الا بتأييده ومعونته بل الإصلاح من حيث الخلق مستند اليه وانما انا من مباديه الظاهرة. والتوفيق يعدى بنفسه وباللام وبالباء وهو تسهيل سبل الخير وأصله موافقة فعل الإنسان القدر فى الخير والاتفاق هو موافقة فعل الإنسان خيرا كان او شرا القدر وقال فى التأويلات النجمية التوفيق اختصاص العبد بعناية ازلية ورعاية ابدية عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اعتمدت فى ذلك معرضا عما عداه فانه القادر على كل مقدور وما عداه عاجز محض فى حد ذاته بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار بمعزل عن رتبة الاستمداد به فى الاستظهار وَإِلَيْهِ أُنِيبُ اى ارجع فيما انا بصدده فى جميع أموري ويجوز ان يكون المراد وما كونى موفقا لاصابة الحق والصواب فى كل ما آتى وما اذر الا بهدايته ومعونته عليه توكلت وهو اشارة الى محض التوحيد الذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدأ واليه أنيب اى عليه اقبل بشراشر نفسى فى مجامع أموري وفيه اشارة الى معرفة المعاد والتوكل على ثلاثة أوجه. توكل المبتدى وهو ترك الأسباب فى طلب المعاش. وتوكل المتوسط وهو ترك طلب المعاش فى طلب العيش مع الله وتوكل المنتهى وهو استهلاك الوجود فى وجود الله وإفناء الاختيار فى اختيار الله ليبقى فى هويته بلا هو متصرفا فى الأسباب وان لا يرى التصرف والأسباب الا لمسبب الأسباب قال فى التأويلات القاشانية أول مراتب التوحيد توحيد الافعال ثم توحيد الصفات ثم توحيد الذات فان الذات محجوبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالآثار والأكوان. فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الأكوان توكل. ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلم. ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فهو فى الوحدة فصار موحدا مطلقا انتهى تا نخوانى «لا» و «الا الله» را ... در نيابى منهج اين راه را «1» عشق آن شعله است كو چون بر فروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت «2» تيغ «لا» در قتل غير حق براند ... در نكر آخر كه بعد از «لا» چهـ ماند

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ثواب عمل عاشق إلخ

[سورة هود (11) : آية 89]

ماند «الا الله» وباقى جمله رفت ... شاد باش اى عشق شركت سوز ورفعت فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق بالاذكار النافعة والأعمال الصالحة الى ان يصل الى مقام التوحيد الحقيقي ثم إذا وصل اليه اقتفى بأثر الأنبياء وكمل الأولياء فى طريق النصح والدعوة ولم يرد الا الإصلاح تكثيرا للاتباع المحمدية وتقويما لاركان العالم بالعدل ونظما للناس فى سلك الرشاد والله ولى الإرشاد وهو المبدأ واليه الرجوع والمعاد وَيا قَوْمِ [اى كروه من] لا يَجْرِمَنَّكُمْ يقال جرم زيد ذنبا اى كسبه وجرمته ذنبا اى اكسبته إياه فهو يتعدى الى واحد والى اثنين والاول فى الآية الكاف والميم. والمعنى لا يكسبنكم شِقاقِي فاعل لا يجر من اى شقاقكم وعداوتكم إياي أَنْ يُصِيبَكُمْ اى ينالكم وهو الثاني من مفعولى لا يجر منكم ويقال جرمنى فلان على ان صنعت كذا اى حملنى فيقدر حرف الجر بعد ان. والمعنى لا يحملنكم بغضكم إياي على ان يصيبكم قال الكاشفى [شما بر ان نداد ودشمنى وستيزه كارى با من كه برسد شما را] مِثْلُ فاعل ان يصيب مضاف الى قوله ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ من الغرق أَوْ قَوْمَ هُودٍ من الريح أَوْ قَوْمَ صالِحٍ من الصيحة وَما قَوْمُ لُوطٍ قال الجوهري القوم يذكر ويؤنث مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ يعنى انهم اهلكوا بسبب الكفر والمعاصي فى عهد قريب من عهدكم فهم اقرب الهالكين منكم فان لم تعتبروا بمن قبلهم من الأمم المعدودة فاعتبروا بهم ولا تكونوا مثلهم كيلا يصيبكم مثل ما أصابهم والاشارة ان فى طبيعة الإنسان مركوزا من صفات الشيطنة الإباء والاستكبار ومن طبعه انه حريص على ما منع كما ان آدم عليه السلام لما منع من أكل الشجرة حرص على أكلها فلهاتين الصفتين إذا امر بشئ ابى واستكبر وإذا نهى عن شىء حرص على إتيانه لا سيما إذا صدر الأمر والنهى عن انسان مثله فان طاعة الله هينة القبول بالنسبة الى طاعة المخلوق لان فى الطاعة ذلة وهوانا وكسرا للنفس وان ما يحتمل المخلوق من خالقه اكثر مما يحتمله من مخلوق مثله ولهذا السر بعث الله الأنبياء وامر الخلق بطاعتهم وقال أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فمن كان موفقا من الله تعالى بالعناية الازلية يأتمر بما امر به وينتهى عما نهى عنه ويطيع الرسل فيما جاؤا به أخرجته الطاعة من ظلمات صفاته المخلوقة الى نور صفاته الخالقية ومن سبقته الشقاوة فى الأزل تداركه الخذلان ووكل الى نفسه وطبعه فلا يطيع الله ورسوله ويتمرد عن قبول الدعوة ويستكبر على الرسول ويعاديه بمعاداته ما أمره الله به فيصيبه قهر الله وعذابه مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ اى وما معاملة قوم لوط من معاملتكم وذنوبهم من ذنوبكم ببعيد لان الكفر كله من جنس واحد وصفات الكفر قريب بعضها من بعض كذا فى التأويلات النجمية: قال فى المثنوى پس وصيت كرد وتخم وعظ كاشت ... چون زمين شان شوره بد سودى نداشت گرچهـ ناصح را بود صد داعيه ... پند را اذنى ببايد واعيه تو بصد تلطيف و پندش ميدهى ... او ز پندت ميكند پهلو تهى يك كس نا مستمع ز استيز ورد ... صد كس كوينده را عاجز كند

[سورة هود (11) : الآيات 90 إلى 95]

ز انبيا ناصحتر وخوش لهجه تر ... كى بود كه رفت دمشان در حجر زانچهـ كوه وسنك در كار آمدند ... مى نشد بدبخت را بگشاده بند آنچنان دلها كه بدشان ما ومن ... تعتشان شد بل أشد قسوة وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ بالايمان ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ مما أنتم عليه من المعاصي وعبادة الأوثان لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان او استغفروا بالايمان ثم ارجعوا اليه بالطاعة او استغفروا بالأعمال الصالحة وتوبوا بالفناء التام قال فى التأويلات النجمية واستغفروا من صفات الكفر ومعاملاته كلها وبدلوها بصفات الإسلام ومعاملاته فانها تزكية النفوس عن الصفات الذميمة ثم ارجعوا اليه على قدمى الشريعة والطريقة سائرين منكم اليه ليحليكم بتحلية الحقيقة وهى الفناء عنكم والبقاء به إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ عظيم الرحمة للمؤمنين والتائبين وَدُودٌ فاعل بهم من اللطف والإحسان كما يفعل البليغ المودة بمن يوده قال فى المفاتيح الودود مبالغة الوادّ ومعناه الذي يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن إليهم فى الأحوال كلها. وقيل المحب لاوليائه وحاصله يرجع الى ارادة مخصوصة وحظ العبد منه ان يريد للخلق ما يريد لنفسه ويحسن إليهم حسب قدرته ووسعته ويحب الصالحين من عباده وأعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم أريد ان أكون جسرا على النار يعبر عليه الخلق ولا يتأذون بها كما فى المقصد الأسنى للغزالى قال الكاشفى فى تفسيره [قطب الأبرار مولانا يعقوب چرخى قدس سره در شرح اسماء الله تعالى معنى الودود را برين وجه آورده است كه دوست دارنده نيكى بهمه خلق ودوست در دلهاى بحق يعنى او نيك را دوست ميدارد ونيكان او را دوست ميدارند وفى الحقيقة دوستىء ايشان فرع دوستى اوست زيرا كه چون بنظر تحقيق در نكرند اصل حسن واحسان كه سبب محبت مى باشد غير او را ثابت نيست پسر خود خود را دوست ميدارد واز ين باب نكتة چند در آيت يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ بر منظر عيان جلوه نمود وللوالد الأعز زيدت حقائقه اى حسن تو داده يوسفانرا خوبى ... وز عشق تو كرده عاشقان يعقوبى كر نيك نظر كند كسى غير تو نيست ... در مرتبه محبى ومحبوبى واعلم ان الله تعالى لو لم يكن له ود لما هدى عباده ولما فرح بتوبة عبده المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم (لا لله افرح بتوبة عبد المؤمن من رجل نزل فى ارض دوية مهلكة معه راحلة عليها طعامه وشرا به فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهب راحلته فطلبها حتى اشتد عليه الحر والعطش قال ارجع الى مكانى الذي كنت فيه فانام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فاذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه فلا لله أشد فرحابتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده) فمن أضاع راحلته فى برية الهوى بغلبة الغفلة فعليه الرجوع الى مكانه الاول اعنى الفطرة الاولى بالتسليم والموت الاختياري حتى يجد ما إضاعة. وفى الحديث اشارة الى الطريق من البداية الى النهاية اما الى البداية فبقوله عليه السلام فاستيقظ لان اليقظة ابتداء حال السالك واما الى النهاية فبقوله عليه السلام ليموت لان الفناء غاية السير الى الله ثم ان قوله فاستيقظ فاذا راحلته عنده اشارة الى البقاء بعد الفناء والرجوع الى البشرية ثم اعلم ان التوبة على مراتب أعلاها الرجوع عن جميع ما سوى الله تعالى الى الله سبحانه وهذا المقام يقتضى نسيان المعصية والتوبة عن التوبة

[سورة هود (11) : آية 91]

فان وقت الصفاء يقتضى نسيان الجفاء وايضا إذا تجلى الحق للسالك ورأى كل شىء هالكا الا وجهه فنى الذوات كلها فما ظنك بالأعمال والله تعالى تواب يقبل التوبة الا ان يكون العبد كذوبا- يحكى- ان مالك ابن دينار مر بشابين يلهوان فوعظهما فقال أحدهما انا اسد من الأسود فقال مالك سيأتيك اسد تكون عنده ثعلبا فمرض الشاب وعاده مالك فبكى الشاب وقال قد جاء الأسد الذي صرت عنده ثعلبا فقال مالك تب الى الله تعالى فانه تواب فنودى من زاوية البيت جربناه مرارا فوجدناه كذوبا: وفى المثنوى توبه آرند وخدا توبه پذير ... امر او كيرند او نعم الأمير قالُوا استئناف بيانى يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ الفقه معرفة غرض المتكلم من كلامه اى لا نعرف ولا نفهم كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ اى كل ما تقول من التوحيد ومن إيفاء الكيل والوزن وغير ذلك كما فى قوله تعالى وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا اى كلهم على أحد الوجهين وذلك استهانة بكلامه واحتقارا به كما يقول الرجل لصاحبه إذا لم يعبأ بحديثه ما ندرى ما تقول والا فشعيب كان يخاطبهم بلسانهم وهم يفهمون كلامه لكن لما كان دعاؤه الى شىء خلاف ما كانوا عليه وآباؤهم قالوا ما قالوا وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا اى فيما بيننا ضَعِيفاً هو فى المشهور من ليس له قوة جسمانية اى لا قوة لك فتمتنع منا ان أردنا بك سوءا او مهينا لاعز لك وهذا لا يتعلق بالقوة الجسمانية فان ضعيف الجسم قد يكون وافر الحرمة بين الناس وهو الظاهر لان الكفرة كانوا يزدرون بالأنبياء وباتباعهم المؤمنين وفى التأويلات النجمية ضَعِيفاً اى ضعيف الرأى ناقص العقل وذلك لانه كما يرى العاقل السفيه ضعيف الرأى يرى السفيه العاقل ضعيف الرأى وَلَوْلا رَهْطُكَ ولولا حرمة قومك ومراعاة جانبهم وقالوا ذلك كرامة لقومه لانهم كانوا على دينهم لا خوفا منهم لان الرهط من الثلاثة الى السبعة او التسعة او العشرة وهم ألوف فكيف يخافون من رهطه لَرَجَمْناكَ لقتلناك برمى الحجارة وقد يوضع الرجم موضع القتل وان لم يكن بالحجارة من حيث انه سببه ولان أول القتل وهو قتل قابيل هابيل لما كان بالحجارة سمى كل قتل رجما وان لم يكن بها قال عمر رضى الله عنه تعلموا انسابكم تعرفوا بها أصولكم وتصلحوا بها أرحامكم. قالوا ولو لم يكن فى معرفة الأنساب الا الاحتراز بها من صولة الأعداء ومنازعة الأكفاء لكان تعلمها من احزم الرأى وأفضل الصواب ألا ترى الى قول قوم شعيب ولولا رهطك لرجمناك فابقوا عليه لرهطه يقال أبقيت على فلان إذا أرعيت عليه ورحمته وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ مكرم محترم حتى تمنعنا عزتك من رجمك بل رهطك هم الاعزة علينا لكونهم من اهل ديننا فانما نكف عنك للمحافظة على حرمتهم وهذا ديدن السفيه المحجوج يقابل الحجج والآيات بالسب والتهديد وتقديم الفاعل المعنوي لافادة الحصر والاختصاص وان كان الخبر صفة لا فعلا وعلينا متعلق بعزيز وجاز لكون المعمول ظرفا والباء مزيدة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من كان على الله بعزيز فانه ليس على الجاهل بعزيز انتهى أقول وذلك لان العزة والشرف عند الجهلاء بالجاه والمال لا بالدين والكمال وقد قال النبي عليه السلام (ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل ينظر الى قلوبكم وأعمالكم) يعنى إذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا: وفى المثنوى

[سورة هود (11) : الآيات 92 إلى 93]

وقت بازي كودكان را ز اختلال ... مى نمايد اين خزفها زر ومال «1» عارفانش كيميا كر كشته اند ... تا كه شد كانها پريشان ونژند باغها وقصرها وآب رود ... پيش چشم از عشق كلخن مى نمود «2» قالَ شعيب فى جوابهم يا قَوْمِ أَرَهْطِي [أيا عشيره وقوم من] وهمزة الاستفهام للانكار والتوبيخ أَعَزُّ عَلَيْكُمْ [عزيز ترند بر شما ودوسترند نزد شما] مِنَ اللَّهِ كان الظاهر ان يقال منى الا انه قيل من الله للايذان بان تهاونهم به وهو نبى الله تهاون بالله تعالى وانما أنكر عليهم اعزية رهطه منه تعالى مع ان ما أثبتوه انما هو مطلق عزة رهطه لا اعزيتهم منه تعالى مع الاشتراك فى اصل العزة لتكرير التوبيخ حيث أنكر عليهم اولا بترجيح جنب الله تعالى وثانيا بنفي العزة بالمرة. والمعنى أرهطى أعز عليكم من الله تعالى فانه مما لا يكاد يصح والحال انكم لم تجعلوا له حظا من العزة أصلا وَاتَّخَذْتُمُوهُ اى الله تعالى وَراءَكُمْ [از پس پشت خود] ظِهْرِيًّا [همچومرد فراموش شده] اى شيأ منبوذا وراء الظهر منسيالا يبالى به اى جعلتموه مثله باشراككم به والاهانة برسوله فلا تبقون على الله وتبقون على رهطى اى فلا تحفظوننى ولا ترحموننى لله وتراعون نسبة قرابتى الى الرهط وتضيعون نسبتى الى الله بالنبوة فكأنكم زعمتم ان القوم أعز من الله حيث تزعمون انكم تركتم قتلى إكراما لرهطى والله اولى بان يتبع امره كأنه يقول حفظكم إياي فى الله اولى منه فى رهطى والعرب تقول لكل مالا يعبأ بامره قد جعل فلان هذا الأمر بظهره فالظهرى منسوب الى الظهر والكسر لتغيير النسب كقولهم فى النسبة الى أمس امسىّ بكسر الهمزة والى الدهر دهرى بضم الدال إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال السيئة التي من جملتها عدم مراعاتكم لجانبه مُحِيطٌ لا يخفى عليه منها خافية وان جعلتموه منسيا فيجازيكم عليها والإحاطة ادراك الشيء بكماله واحاطة الله بالأعمال مجاز وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ مصدر من مكن مكانة فهو مكين إذا تمكن ابلغ التمكن والجار والمجرور فى موقع النصب على الحال. والمعنى اعملوا حال كونكم موصوفين بغاية المكنة والقدرة كل ما فى وسعكم وطاقتكم من إيصال الشرور الى او بمعنى المكان كمقام ومقامة فاستعيرت من العين للمعنى كما يستعار حيث للزمان وهو للمكان. والمعنى على ناحيتكم وجهتكم التي أنتم عليها من الشرك والعداوة لى إِنِّي ايضا عامِلٌ على مكانتى فحذف للاختصار اى عامل بقدر ما آتاني الله من القدرة وعلى حسب ما يؤتينى الله من النصرة والتأييد فكأنهم قالوا ماذا يكون إذا عملنا على قوتنا فقال سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ استفهام اى أينا او موصولة اى تعرفون الذي يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ يذله ويهينه وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ عطف على من يأتيه لما اوعدوه وكذبوه أراد ان يدفع ذلك عن نفسه ويلحقه بهم فسلك سبيل إرخاء العنان لهم وقال سَوْفَ تَعْلَمُونَ من المعذب والكاذب منى ومنكم وأينا الحانى على نفسه والمخطئ فى فعله يريد ان المعذب والكاذب أنتم لا انا وَارْتَقِبُوا اى انتظروا مآل ما أقول لكم سيظهر صدقه إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ منتظر فعيل بمعنى الراقب وكان شعيب عليه السلام يسمى خطيب الأنبياء لحسن محاورته مع قومه وكمال اقتداره فى مراجعته

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ

[سورة هود (11) : آية 94]

جوابهم وكان كثير البكاء حتى عمى ثم رد الله عليه عليه السلام بصره فاوحى اليه يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا الى الجنة أم خوفا من النار فقال الهى وسيدى انك تعلم انى ما ابكى شوقا الى الجنة ولا خوفا من النار ولكن اعتقدت حبك بقلبي فاذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي فاوحى الله تعالى يا شعيب ان يكن ذلك حقا فهنيئا لك لقائى يا شعيب لذلك اخدمتك موسى بن عمران كليمى: قال المولى الجامى زهاد خلد خواهد وأوباش عيش نقد ... ما خود بدولت غمت از هر دو رسته ايم وهذه حال المقربين فانهم جعلوا الله تعالى بين أعينهم وجعلوا الخلق وراء ظهورهم خلاف ما عليه اهل الغفلة فلم يلتفتوا الى شىء من الكونين حبا لله تعالى وقصرا للنظر عليه وهم العبيد الأحرار والناس فى حقهم على طبقات فاما اهل الشقاء فلم يعرفوهم من هم ولم يروهم أصلا لانطماس بصيرتهم وعدم استعدادهم لهذا الانكشاف ألا ترى الى قوم شعيب كيف حجبهم كونه أعمى فى الصورة عن رؤية جمال نبوته وظنوا ان لهم ابصارا ولا بصر له ولذا عدوه ضعيفا ولم يعرفوا انهم عمى فى الحقيقة وان أبصارهم الظاهرة لا تستجلب لهم شرفا وان الحق مع اهل الحق سواء ساعده الأسباب الصورية والآلات الظاهرة اولا فان الناس مشتركون فيما يجرى على ظواهرهم من انواع الابتلاء مفترقون فيما يرد على بواطنهم من اصناف النعماء والله تعالى أرسل الأنبياء عليهم السلام الى الناس الغافلين ليفتحوا عيون بواطنهم من نوم الغفلة ويدعوهم الى الله تعالى ووصاله ولقاء جماله فمن كان له منهم استعداد لهذا الانفتاح رضى بالتربية والإرشاد وقام فى طريق الحق بالسعي والاجتهاد ومن لم يكن له منهم ذلك ابى واستكبر عن أخذ التلقين وامتنع عن الوصول الى حد اليقين فبقى فى الظلمات كالاعمى لا يدرى اين يذهب فيا ايها الاخوان ارجعوا الى ربكم مع القوافل الروحانية فعن قريب ينقطع الطريق ولا يوجد الرفيق ونعم ما قال من قال خيز دلا مست شو از مى قدسى از آنك ... ما نه درين تيره جام بهر نشست آمديم وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا الذي قدرناه فى الأزل من العذاب والهلاك لقوم شعيب فالامر واحد الأمور نَجَّيْنا شُعَيْباً قدم تنجيته إيذانا بسبق الرحمة التي هى مقتضى الربوبية على الغضب الذي يظهر اثره بموجب الجرائم وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى ونجينا الذي اتبعوا شعيبا فى الايمان وآمنوا كما آمن هو بِرَحْمَةٍ ازلية صدرت مِنَّا فى حقهم ومجرد فضل لا بسبب أعمالهم كما هو مذهب اهل السنة. وقال بعضهم هى الايمان الذي وفقناهم له يقول الفقير وجه هذا القول ان العذاب والهلاك الذي هو من باب العدل قد أضيف الى الكفر والظلم فاقتضى ان يضاف الخلاص والنجاة الذي هو من باب الفضل الى الايمان ولما كان الايمان والعمل الصالح امرا موقوفا على التوفيق كان مجرد فضل ورحمة فافهم وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالاباء والاستكبار عن قبول دعوة شعيب الصَّيْحَةُ فاعل أخذت والمراد صيحة جبرائيل عليه السلام بقوله موتوا جميعا. وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة ولعلها من روادف الصيحة المستتبعة لتموج الهواء المفضى إليها عن ابن عباس

[سورة هود (11) : آية 95]

رضى الله عنهما لم يعذب الله أمتين بعذاب واحد الا قوم شعيب وصالح وذلك انه أصابهم حر شديد فخرجوا الى غيضة لهم فدخلوا فيها فظهرت لهم سحابة كهيئة الظلة فاحدقت بالأشجار وأخذت فيها النار وصاح بهم جبريل ورجفت بهم الأرض فماتوا كلهم واحترقوا فذلك قوله تعالى فَأَصْبَحُوا اى صاروا فِي دِيارِهِمْ بلادهم او مساكنهم جاثِمِينَ ميتين لازمين لاماكنهم لابراح لهم منها اى لا زوال كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها اى لم يقيموا فى ديارهم احياء متصرفين مترددين أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ اى هلاكا لاهل مدين واعلم ان بعدا وسحقا ونحوهما مصادر قد وضعت مواضع افعالها التي لا يستعمل إظهارها. ومعنى بعدا بعدوا اى هلكوا. وقوله لمدين بيان لمن نبه عليه بالبعد نحو هيت لك قال الكاشفى [بدانيد كه هلاكيست قوم مدين را ودورى از رحمت من] كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ اى هلكت شبه هلاكهم بهلاكهم لانهما أهلكتا بنوع من العذاب وهو الصيحة كما مر آنفا. والجمهور على كسر العين من بعدت على انها من بعد يبعد بكسر العين فى الماضي وفتحها فى المضارع بمعنى هلك يهلك أرادت العرب ان تفرق بين البعد بمعنى الهلاك وبين البعد الذي هو ضد القرب ففرقوا بينهما بتغيير البناء فقالوا بعد بالضم فى ضد القرب وبعد بالكسر فى ضد السلامة والبعد بالضم والسكون مصدر لهما والبعد بفتحتين انما يستعمل فى مصدر مكسور العين وفى الآية اشارة الى ان الكفرة واهل الهوى أفسدوا الاستعداد الروحاني الفطري فى طلب الدنيا واستيفاء شهواتها والاستكبار عن قبول الحق والهدى وادي تمردهم عن الحق وتماديهم فى الباطل الى الهلاك صورة ومعنى. اما صورة فظاهر. واما معنى فلانهم ابعدوا عن جوار الله وطيب العيش معه الى أسفل سافلين القطيعة فبقوا فى نار الفرقة لا يحيون ولا يموتون وما انتفعوا بحياتهم فصاروا كالاموات وكما ان الصيحة من جبرائيل أهلكتهم فكذا النفخة من شعيب احيت المؤمنين لان أنفاس الأنبياء والأولياء كنفخ اسرافيل فى الاحياء إذا كان المحل صالحا لطرح الروح فيه كجسد الإكسير: قال فى المثنوى سازد اسرافيل روزى ناله را ... جان دهد پوسيده صد ساله را «1» هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را ز يشان حياتست ونما جان هر يك مرده از كور تن ... برجهد ز آواز شان اندر كفن سركشى از بندگان ذو الجلال ... وانكه دارند از وجود تو ملال «2» كهربا دارند چون پيدا كنند ... كاه هستىء ترا شيدا كنند كهرباى خويش چون پنهان كنند ... زود تسليم ترا طغيان كنند قد سبق ان قوم شعيب عدوه ضعيفا فيما بينهم وما عرفوا ان الله القوى معه كر تو پيلى خصم تو از تو رميد ... نك جزا طيرا ابابيلت رسيد «3» كر ضعيفى در زمين خواهد أمان ... غلغل افتد در سپاه آسمان كر بدندانش كزى پر خون كنى ... درد دندانت بگيرد چون كنى هر پيمبر فرد آمد در جهان ... فرد بود وصد جهانش در نهان «4»

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان داستان پير جنگى كه در عهد عمر إلخ (2) در اواسط دفتر يكم در بيان سبب حرمان اشقيا از دو جهان إلخ (3) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن شير وايس كشيدن إلخ (4) در اواسط دفتر يكم در بيان سبب حرمان اشقيا از دو جهان كه إلخ

[سورة هود (11) : الآيات 96 إلى 101]

ابلهان كفتند مردى بيش نيست ... واى آن كو عاقبت انديش نيست فعلى الصالحين ان يعتبروا بأحوال الطالحين فانهم قد أخذوا الدنيا وآثروها على الآخرة ثم سلبهم الله أموالهم وديارهم كأن لم ينتفعوا بشئ ولم يقيموا فى دار وعن جابر بن عبد الله انه قال شهدت مجلسا من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل ابيض الوجه حسن الشعر واللون عليه ثياب بيض فقال السلام عليك يا رسول الله فقال عليه السلام (عليك السلام) فقال يا رسول الله ما الدنيا قال (هى حلم المنام وأهلها مجازون ومعاقبون) قال يا رسول الله وما الآخرة قال (عيش الابد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) فقال يا رسول الله فما الجنة قال (بذل الدنيا لطالبها نعيمها لاهلها ابدا) قال فما جهنم قال (بذل الآخرة لطالبها لا يفارقها أهلها ابدا) قال فما خير هذه الامة قال (الذي يعمل بطاعة الله) قال فكيف يكون الرجل فيها قال (مشمرا كطالب القافلة) قال فكم القرار بها قال (كقدر المتخلف عن القافلة) قال فكم ما بين الدنيا والآخرة قال (غمضة عين) قال فذهب الرجل فلم ير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا جبريل أتاكم ليزهدكم فى الدنيا ويرغبكم فى الآخرة) كذا فى تنبيه الغافلين: قال السعدي قدس سره يكى بر سر كور كل ميسرشت ... كه حاصل كند زان كل كور خشت بانديشه لختى فرو رفت پير ... كه اى نفس كوته نظر پند كير چهـ بندى درين خشت زرين دلت ... كه يك روز خشتى كند از كلت تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديگر كسست وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع التي هى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الأموال والأنفس وَسُلْطانٍ برهان مُبِينٍ واضح هو من قبيل عطف الصفة مع اتحاد الموصوف اى ولقد أرسلنا موسى بالجامع بين كونه آياتنا وبين كونه سلطانا له على صدق نبوته واضحا فى نفسه او موضحا إياها فان ابان جاء لازما ومتعديا كقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والفرقان اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل ويجوز ان يراد بسلطان مبين الغلبة والاستيلاء كقوله تعالى وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه ورؤسائه. وتخصيص ملئه بالذكر مع عموم رسالته لقومه كافة لاصالتهم فى الرأى وتدابير الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ اى امره بالكفر بما جاء به موسى من البينات وأطاعوا قوله حين قال لهم ما علمت لكم من اله غيرى وخالفوا امر موسى بالتوحيد وقبول الحق وانما لم يصرح بكفر فرعون بآيات الله للايذان بوضوح حاله فكان كفره وامر ملئه بذلك محقق الوجود غير محتاج الى الذكر صريحا وانما المحتاج الى ذلك شأن ملئه المترددين بين هاد الى الحق وداع الى الضلال وإيراد الفاء للاشعار

[سورة هود (11) : الآيات 98 إلى 99]

بمسارعتهم الى الاتباع فكأنه لم يتراخ من الإرسال والتبليغ بل وقعا فى وقت واحد وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ قال الكاشفى [نبود كار فرعون بر نهج رشد وصواب] وقال غيره الرشد مستعمل فى كل ما يحمد ويرتضى كما استعمل الغى فى كل ما يذم ويتسخط فهو ضد الغى والرشيد بمعنى المرشد والاسناد مجازى. والمعنى وما هو مرشد الى خير وهو عى محض وضلال صريح وانما يتبع العقلاء من يرشدهم ويهديهم لا من يضلهم ويغويهم وفيه تجهيل لمتبعيه يَقْدُمُ فى الصحاح قدم بالفتح يقدم قدما اى تقدم وهو استئناف لبيان حاله فى الآخرة قَوْمَهُ جميعا من الاشراف وغيرهم يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يتقدمهم يوم الآخرة الى النار وهم خلفه ويقودهم الى النار كما كانوا يتبعونه فى الدنيا ويقودهم الى الضلال فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ اى يوردهم ويدخلهم فيها. وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع لا محالة لان الماضي متيقن الوجود واعلم ان الورود عبارة عن المجيء الى الماء والا يراد إحضار الغير والمورد الماء فشبه فرعون بالفارط الذي يتقدم الواردة الى الماء واتباعه بالواردة والنار بالماء الذي يردونه ثم قيل وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ اى بئس المورد الذي يردونه النار لان الورد انما يورد لتسكين العطش وتبريد الأكباد والنار على ضد ذلك وَأُتْبِعُوا اى الملأ الذين اتبعوا امر فرعون فِي هذِهِ اى فى الدنيا لَعْنَةً لعنة عظيمة حيث لعنهم من بعدهم من الأمم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ اى حيث يلعنهم اهل الموقف قاطبة فهى تابعة لهم حيثما ساروا دائرة معهم أينما داروا فكما اتبعوا امر فرعون اتبعتهم اللعنة فى الدارين جزاء وفاقا او يلعنون ويطردون من رحمة الله تعالى فى الدنيا بالغرق والآخرة بما فيها من عذاب فان كل معذب ملعون مطرود من الرحمة كما ان كل مخذول محروم من التوفيق والعناية كذلك واكتفى ببيان حالهم الفظيع عن بيان حال فرعون إذ حين كان حالهم هكذا فما ظنك بحال من أغواهم وألقاهم فى هذا الضلال البعيد وحيث كان شان الاتباع ان تكون أعوانا للمتبوع جعلت اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم فقيل بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ الرفد قد جاء بمعنى العون وبمعنى العطية والملائم هنا هو الاول قال الزجاج كل شىء جعلته عونا لشئ وأسندت به شيأ فقد رفدته. والمعنى بئس العون المعان رفدهم وهى اللعنة فى الدارين وذلك ان اللعنة فى الدنيا رفد للعذاب ومددله وقد رفدت باللعنة فى الآخرة. وفى الآية بيان شقاء فرعون وانه لم ينفعه إيمانه حين الغرق ولو نفعه لما كان قائد قومه الى النار وفى الفتوحات فى الباب الثاني والستين المجرمون اربع طوائف كلها فى النار لا يخرجون منها وهم المتكبرون على الله تعالى كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ونفاها عن الله تعالى فقال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وقال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى يريد انه ليس فى السماء اله غيرى وكذلك نمرود وغيره وقال فى الفتوحات فى موضع آخر هو معتقدى وغير هذا قلت على سبيل البحث والاستكشاف انتهى وعلى هذا يحمل ما فى فصوص الحكم من كونه مقبوضا على الطهارة فتدبر وامسك لسانك عن الشيخ فان لكلمات الكبار محامل كثيرة والقرآن لا ينقضى عجائبه وهى بكر بالنسبة الى ارباب الرسوم هدانا الله وإياكم الى حقيقة العلم والعمل

[سورة هود (11) : الآيات 100 إلى 101]

وأرشدنا وإياكم الى طريقة الكمل وفى الآية ايضا ذم لاتباع اهل الهوى وصحبة اهل الفسق فان العرق دساس والطبع جذاب والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية اى فغان از يار ناجنس اى فغان ... همنشين نيك جوئيد اى مهان وفى الحديث (لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا يسرى إليكم اخلاقهم الخبيثة وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة فقوم فرعون لما اتبعوا فرعون أوردهم النار ولو اتبعوا موسى لاوردهم الجنة: وفى المثنوى اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد سيل چون آمد بدريا بحر كشت ... دانه چون آمد بمزرع كشت كشت چون تعلق يافت نان بأبو البشر ... نان مرده زنده كشت وبا خبر موم وهيزم چون فداى نار شد ... ذات ظلمانئ او أنوار شد سنگ سرمه چونكه شد در ديدگان ... كشت بينائى شد آنجا ديده بان واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزندگى از وى بجست ذلِكَ اى الخبر السابق با محمد مِنْ أَنْباءِ الْقُرى بعض انباء القرى المهلكة بما جنت أيدي أهلها نَقُصُّهُ عَلَيْكَ خبر بعد خبر اى مقصوص عليك ليكون فيه دلائل نبوتك مِنْها اى من تلك القرى قائِمٌ باق اثره وجدرانه كالزرع القائم على ساقه مثل ديار عاد وثمود وَحَصِيدٌ مبتدأ حذف خبره اى ومنها عافى الأثر كالزرع المحصود مثل بلاد قوم نوح ولوط وقال الكاشفى [قائم باقيست وآبادان وحصيد مفقود است يا خراب] وفى التأويلات النجمية من الأجساد ما هو قائم قابل لتدارك ما فات عنها وإصلاح ما أفسد النفس منها ومنها و؟؟؟ هو محصود بمحصد الموت مأيوس من التدارك وَما ظَلَمْناهُمْ باهلاكنا إياهم والضمير الى الأهل المحذوف المضاف الى القرى وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بارتكاب ما يوجب الهلاك من الشرك وغيره فانهم أكلوا رزق الله وعبدوا غيره وكذبوا رسله. وفيه اشارة الى انه تعالى أعطاهم استعدادا روحانيا وآلة لتحصيل كمالات لا يدركها الملائكة المقربون فاستعملوا تلك الآلة على وفق الطبيعة لا على حكم الشريعة فعبدوا طاغوت الهوى ووثن الدنيا وأصنام شهواتها فجاءهم الهلاك من أيدي الأسماء الجلالية فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ ما نافية اى فما نفعتهم ولا قدرت ان ترد بأس الله عنهم آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ اى يعبدون وهى حكاية حال ماضية وانما أريد بالدعاء العبادة لانه منها ومن وسائطها ومنه قوله عليه السلام (الدعاء هو العبادة) مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الله مِنْ شَيْءٍ فى موضع المصدر اى شيأ من الإغناء وهو القليل منه لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ منصوب باغنت اى حين مجيئ عذابه ونقمته وهى المكافاة بالعقوبة وَما زادُوهُمْ الضمير المرفوع للاصنام والمنصوب لعبدتها وعبر عن الأصنام بواو العقلاء لانهم نزلوها منزلة العقلاء فى عبادتهم إياها واعتقادهم انها تنفع غَيْرَ تَتْبِيبٍ من تب إذا هلك وخسر وتبه غيره إذا

[سورة هود (11) : الآيات 102 إلى 107]

أهلكه اواقعه فى الخسران اى غير إهلاك وتخسير فانهم انما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها وكانوا يعتقدون فى الأصنام جلب المنافع ودفع المضار فزال عنهم بسبب ذلك الاعتقاد منافع الدنيا والآخرة وجلب ذلك إليهم مضار الدنيا والآخرة وذلك من أعظم الهلاك وأشد الخسران وَكَذلِكَ الكاف فى محل الرفع على انها خبر مقدم للمصدر المذكور بعده اى مثل ذلك الاخذ الذي مر بيانه أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى اى أهلها وانما أسند إليها للاشعار بسريان اثره إليها وَهِيَ ظالِمَةٌ حال من القرى وهى فى الحقيقة لاهلها لكنها لما أقيمت مقامهم فى الاخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الاشعار بانهم أخذوا بظلمهم وكفرهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ اى عقوبة مؤلمة شديدة صعبة على المأخوذ والمعاقب لا يرجى منها الخلاص وعن ابى موسى رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك) الآية كسى كر صرصر ظلمش دمادم ... چراغ عيش مظلومان بميرد نميترسد از ان كايزد تعالى ... اگر چهـ دير گيرد سخت گيرد والله تعالى لا يجير الظالم ولكن يمهله ويكله الى نفسه فمن امارية نفسه يظلم على نفسه وعلى نفس غيره فيؤاخذه الله تعالى بظلمه عدلا منه ولكنه إذا نظر بفضله ورحمته الى عبد بنظر العناية يزيل بنور العناية ظلمات امارية نفسه فتصير نفسه مأمورة لامر الشريعة فلا يعمل الا للنجاة من عذاب الآخرة ونيل الدرجات والقربات فعلى كل من أذنب ان يحذر أخذ ربه فيبادر الى التوبة ويترك التسويف فانه ورد (هلك المسوفون) قبول توبه بر رب كريمست ... فعجل ان فى التأخير آفات إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما نزل بالأمم الهالكة بذنوبهم او فيما قصه الله من قصصهم لَآيَةً لعبرة بينة وموعظة بالغة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ اى أقربه وآمن لانه يعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على احوال عذاب الآخرة واما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم ولم يقل بالفاعل المختار وجعل تلك الوقائع لاسباب فلكية اتفقت فى تلك الأيام لا لذنوب المهلكين فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبالهم ولما لهم من الافكار: قال الحافظ سير سپهر ودور قمر را چهـ اختيار ... در گردشند بر حسب اختيار دوست ذلِكَ اشارة الى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ اى يجمع له الأولون والآخرون للمحاسبة والجزاء واستعمال اسم المفعول حقيقة فيما تحقق فيه وقوع الوصف وقد استعمل هاهنا فيما لم يتحقق مجازا تنبيها على تحقق وقوعه وَذلِكَ اى يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه حيث يشهد فيه اهل السموات والأرضين للموقف لا يغيب عنه أحد فالمشهود هو الموقف والشاهدون اى الحاضرون الخلائق والمشهود فيه اليوم فاتسع فيه اجراء للظرف مجرى المفعول به واليوم

[سورة هود (11) : الآيات 104 إلى 105]

كما يصح ان يوصف بانه مشهود فيه بمعنى يشهد فيه الخلائق من كل ناحية لامر له شأن او لخطب يهمهم كيوم الجمعة والعيد وعرفة وايام الحروب وقدوم السلطان كذلك يصح ان يوصف بانه مشهود اى مدرك كما تقول أدركت يوم فلان فاريد فى هذا المقام اليوم المشهود فيه لما فيه من تهويل ذلك اليوم لا اليوم المشهود لان سائر الأيام كذلك وَما نُؤَخِّرُهُ اى وما نؤخر أحدا فى ذلك اليوم الملحوظ بعنوانى الجمع والشهود إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ الا لانقضاء مدة قليلة بحذف المضاف قال الكاشفى [مگر از براى گذشتن مدتى شمرده يعنى تا وقت وى در نرسد قائم نگردد] حسما يقتضيه الحكمة. وفى الآيات تهديد وتخويف من الله وحث على تصحيح الحال وتصفية البال وتزكية الأعمال ومحاسبة النفوس قبل بلوغ الآجال فان العبد لا يحصد الا ما يزرع ولا يشرب الا بالكأس التي يسقى وفى الحديث القدسي (يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظلموا. يا عبادى كلكم ضال الا من هديته فاستهدونى أهدكم. يا عبادى كلكم جائع الا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم. يا عبادى كلكم عار الا من كسوته فاستكسونى اكسكم. يا عبادى انكم تخطئون بالليل والنهار وانى اغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى اغفر لكم. يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى. يا عبادى لو ان او لكم وآخركم وجنكم وانسكم كانوا على قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ. يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وجنكم وانسكم قاموا فى صعيد واحد فسألنى كل واحد منكم مسألة وأعطيته ما نقص ذلك مما عندى الا كما ينقص المخيط إذا غمس فى البحر غمسة واحدة. يا عبادى انما هى أعمالكم أحصيها لكم واو فيكم إياها يوم القيامة فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) فعلى العاقل ان يتدارك ما فات ولا يضيع الأوقات: قال المولى الجامى قدس سره هر دم از عمر گرامى هست گنج بي بدل ... ميرود گنج چنين هر لحضه باد آخ آخ وقد خسر من فات عنه نفس فى طلب غير الله فكيف يكون حال من أضاع أنفاسه فى هواه يَوْمَ يَأْتِ اى حين يأتى ذلك اليوم المؤخر بانقضاء اجله وهو يوم القيامة فلا يلزم ان يكون للزمان زمان وذلك لان الحين مشتمل على ذلك اليوم وغيره من الأوقات ولا محذور فى كون الزمان جزأ من زمان آخر ألا ترى ان الساعة جزء من اليوم واليوم من الأسبوع والأسبوع من الشهر وعلى هذا ويأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة كما قالوا لا أدر ولا أبال وهو كثير فى لغة هذيل- روى- عن عثمان رضى الله عنه انه عرض عليه المصحف فوجد فيه حروفا من اللحن فقال لو كان الكاتب من ثقيف والمملى من هذيل ما وجد فيه هذه الحروف فكأنه مدح هذيلا بالفصاحة والناصب للظرف قوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ لا تتكلم بما ينفع وينجى من جواب او شفاعة إِلَّا بِإِذْنِهِ اى بإذن الله تعالى كقوله تعالى لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً وقوله مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ويوم القيامة يوم مقداره الف سنة من سنى الدنيا ففيه مواقف وازمنة واحوال مختلفة يتكلمون فى بعضها ويتساءلون كما قال يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى بعضها لشدة

الهول والفزع وظهور سطوة آثار القهر او لعدم الاذن لهم فى الكلام كما قال هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ويختم فى بعضها على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم تمكثون الف عام فى الظلمة لا تتكلمون: قال السعدي قدس سره [اگر تيغ قهر بر كشد ولى وبنى سر در كشد وگر غمزه لطف بجنباند بدانرا بنيكان رساند] گر بمحشر خطاب قهر بود ... انبيا را چهـ جاى معذرتست پرده از لطف كو بردار ... كاشقيا را اميد مغفرتست فَمِنْهُمْ اى من الناس المذكور فى قوله مجموع له الناس او من اهل الموقف المدلول عليهم بقوله لا تكلم نفس شَقِيٌّ وجبت له النار بموجب الوعيد وَسَعِيدٌ اى ومنهم سعيد وجبت له الجنة بمقتضى الوعد. وتقديم الشقي على السعيد لان المقام مقام التحذير والانذار قال فى التبيان علامة الشقاوة خمسة أشياء قساوة القلب وجمود العين والرغبة فى الدنيا وطول الأمل وقلة الحياء. وعلامة السعادة خمسة أشياء لين القلب وكثرة البكاء والزهد فى الدنيا وقصر الأمل وكثرة الحياء وفى التأويلات النجمية شَقِيٌّ محكوم عليه بالشقاوة فى الأزل وَسَعِيدٌ محكوم عليه بالسعادة فى الأزل. وعلامة الشقاء الاعراض عن الحق وطلبه والإصرار على المعاصي من غير ندم عليها والحرص على الدنيا حلالها وحرامها واتباع الهوى والتقليد والبدعة. وعلامة السعادة الإقبال على الله وطلبه والاستغفار من المعاصي والتوبة الى الله والقناعة باليسير من الدنيا وطلب الحلال منها واتباع السنة واجتناب البدعة ومخالفة الهوى انتهى [شيخ ابو سعيد خراز قدس سره فرموده كه حق سبحانه وتعالى درين سوره دو كار عظيم بيان فرموده يكى سياست جبارى وسطوت قهارى كه دمار از روزگار كفار بر آورده ديگر حكم ازلى كه بشقاوت وسعادت خلق شرف نفاذ يافته وحضرت رسالت از هيبت آن خبر وسطوت اين حكم فرموده كه (شيبتنى سورة هود) آن يكى را از ازل لوح سعادت بر كنار ... وين يكى را تا ابد داغ شقاوت بر جبين عدل او ميراند اين را سوى اصحاب شمال ... فضل او ميخواند آنرا نزد اصحاب يمين قال ابن الشيخ فى حواشيه قوله تعالى فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ظاهره يدل على ان اهل الموقف لا يخرجون عن هذين القسمين اللذين. أحدهما مخلد فى النار ابدا الا ما شاء ربك. وثانيهما مخلد فى الجنة ابدا الا ما شاء ربك فيلزم ان يكون أطفال المشركين والمجانين الذين لم يعلموا صالحا غير خارجين عنهما فان قلت انهم من اهل الجنة فبلا ايمان وان قلت انهم من اهل النار فبلا ذنب فاعلم ان أمرهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية تبع لا شرف الأبوين وفيما يتعلق بامر الآخرة من الثواب والعقاب معلوم مما روى عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين أهم من اهل الجنة أم من اهل النار فقال عليه السلام (الله اعلم بما كانوا عاملين من الكفر والايمان ان عاشوا وبلغوا) وتحقيق هذا المقام ان الله تعالى يحشر يوم القيامة اصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين فى صعيد واحد لا قامة

[سورة هود (11) : الآيات 106 إلى 107]

العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب للعمل فى اصحاب الجنة فاذا حشروا فى صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبى من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتى بها هذا النبي المبعوث فى ذلك اليوم فيقول لهم انا رسول الله إليكم فيقع عند بعضهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ويقول لهم اقتحموا هذه النار لانفسكم فمن إطاعتي نجا ومن عصانى وخالف امرى هلك وكان من اهل النار فمن امتثل امره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال ثواب العمل ووجد تلك النار بردا وسلاما ومن عصاه استحق العقوبة ودخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من الله تعالى فى عباده هكذا ورد فى صحيح الاخبار فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا اى سبقت لهم الشقاوة وقضى لهم بالنار فَفِي النَّارِ اى مستقرون فى جهنم كأن سائلا قال ما شأنهم فيها فقيل لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ الزفير إخراج النفس بقوة وشدة والشهيق رده واستعمالهما فى أول ما ينهق الحمار وآخر ما يفرغ من نهيقه وفيه استعارة تصريحية فان المراد تشبيه صراخهم بأصوات الحمير فكما ان الحمير لها أصوات منكرة كذلك لهم أصوات منكرة فى جهنم كما يشاهد ذلك فى اهل الابتلاء فى الدنيا لا سيما عند الصلب او الخنق او ضرب العنق او قطع اليد او نحوها فان لبعض المجرمين حينئذ خوارا كخوار البقر يتغير صوته كما يتغير لونه وحال الآخرة أشد من حال الدنيا الف مرة خالِدِينَ فِيها مقيمين دائمين فيها حال مقدرة من ضمير الاستقرار فى الظرف وهو قوله فى النار هذا ان أريد حدوث كونهم فى النار وقال بعضهم لا حاجة هنا الى جعل الحال مقدرة كما فى قوله تعالى فَادْخُلُوها خالِدِينَ لان الخلود بعد الدخول وهى هاهنا حال من استقر فيها فلا حاجة الى التقدير ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ما مصدرية والمصدر المؤول قائم مقام الظرف. والمعنى مدة دوامهما وهو عبارة عن التأبيد ونفى الانقطاع على عادة العرب وذلك انهم إذا وصفوا شيأ بالابد والخلود قالوا ما دامت السموات والأرض لانهما باقيتان ابد الآباد على زعمهم فمثلوا ما قصد تأبيده بهما فى عدم الزوال فورد القرآن على هذا المنهاج وان أريد تعليق قرارهم فيها بدوام السموات والأرض فالمراد سموات الآخرة وارضها وهى دائمة مخلدة ويدل عليه قوله يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وقوله وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ وان اهل الآخرة لا بدلهم من مظل ومقل اما سماء يخلقها الله فتظلهم او يظلهم العرش وكل ما علاك فاظلك فهو سماء وكل ما استقرت عليه قدمك فهو ارض ولا فساد فى التشبيه بما لا يعرف اكثر الخلق وجوده ولا مانع ونظيره تشبيه الشيء بالكيمياء او بمدينة ارم وغير ذلك [حضرت شيخ قدس سره در فتوحات آورده كه دوام آسمان وزمين از حيثيت جوهر ايشان مرا دست نه از حيثيت صورت ايشان] وقال اهل التأويل سموات الأرواح والقلوب وارض النفوس والبشرية إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ استثناء من الخلود فى النار لان بعض اهل النار وهم فساق الموحدين يخرجون منها وذلك كاف فى صحة الاستثناء لان زوال الحكم عن الكل يكفيه زواله عن البعض ويجوز اجتماع الشقاوة والسعادة فى شخص واحد باعتبارين كما قال فى التأويلات النجمية إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ من الأشقياء وذلك لان اهل الشقاوة على ضربين شقى وأشقى

[سورة هود (11) : الآيات 108 إلى 112]

فيكون من اهل التوحيد شقى بالمعاصي سعيد بالتوحيد فالمعاصى تدخله النار والتوحيد يخرجه منها ويكون من اهل الكفر والبدعة أشقى يصليه كفره وتكذيبه النار فيبقى خالدا مخلدا انتهى وعن ابن مسعود رضى الله عنه ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا وعن ابى هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص مثله ومعناه عند اهل السنة ان لا يبقى فيها أحد من اهل الايمان فتبقى طبقتهم خالية واما مواضع الكفار فممتلئة ابدا: قال الحافظ دلا طمع مبر از لطف بى عنايت دوست ... كه ميرسد همه را لطف بى نهايت او وفى هذا البيت اشارة الى سر خفى لا يدركه الا اهل الإلهام قال بعض الكبار الترقي والتدلي انما يجرى فى هذا العالم واما فى الآخرة فلا ترقى فيها فان قلت فقد ترقى العاصي الى مرتبة الجنة بعد الخروج من النار قلت ذلك الترقي كان فى الدنيا بسبب الايمان غير ان ظهوره كان فى الآخرة فعذب اوّلا ثم دخل الجنة إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ من تخليد البعض كالكفار وإخراج البعض كالفساق من غير اعتراض عليه. وانما قيل فعال لان ما يريد ويفعل فى غاية الكثرة وقال المولى ابو السعود إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ استثناء من الخلود على طريقة قوله تعالى لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وقوله ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وقوله حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ غير ان استحالة الأمور المذكورة معلومة بحكم العقل واستحالة تعلق المشيئة بعدم الخلود معلومة بحكم النقل يعنى انهم مستقرون فى النار فى جميع الازمنة الا فى زمان مشيئة الله تعالى لعدم قرارهم فيها وإذ لا إمكان لتلك المشيئة ولا لزمانها بحكم النصوص القاطعة الموجبة للخلود فلا إمكان لانتهاء مدة قرارهم فيها ولدفع ما عسى يتوهم من كون استحالة تعلق المشيئة بطريق الوجوب على الله تعالى قال إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ يعنى انه فى تخليد الأشقياء فى النار بحيث يستحيل وقوع خلافه فعال بموجب إرادته قاض بمقتضى مشيئته الجارية على سنن حكمته الداعية الى ترتب الاجزئة على افعال العباد ولك ان تقول انهم ليسوا بمخلدين فى العذاب الجسماني بل لهم من العقوبات والآلام الروحانية ما لا يعلمه الا الله تعالى وهذه العقوبات وان كانت تعتريهم وهم فى النار لكنهم ينسون بها عذاب النار ولا يحسون بها ألا ترى ان من دهمه الغم المفرط وأدهشه خطب جليل فانه لا يحس بقرص النملة والبرغوث ونحوهما وقس عليه الحال فى جانب السرور كما سيأتى وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا من سعد بمعنى اسعد لغتان حكاهما الكسائي اى قدر لهم السعادة وخلقوا لها فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قال قتادة الله اعلم بثنياه وقال الضحاك الا ما مكثوا فى النار حتى ادخلوا الجنة فان التأبيد من مبدأ معين كما ينقص باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره ان حمل على طريقة التعليق بالمحال فقوله عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ نصب على المصدرية من معنى الجملة لان قوله فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يقتضى إعطاء وانعاما فكأنه قيل يعطيهم إعطاء غير مقطوع بل ممتدا لا الى نهاية وهو اما اسم مصدر هو الإعطاء او مصدر بحذف الزوائد كقوله تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وان حمل على ما أعد الله لعباده الصالحين من النعيم الروحاني الذي عبر عنه (بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فهو

نصب على الحالية من المفعول المقدر للمشيئة قال بعض الكبار اهل الجنة يبقى فى مرتبة الجنة واهل الترقي يتجاوز ويترقى الى ما فوقها وتحقيقه على ما فى التأويلات النجمية ان اهل السعادة على ضربين سعيد واسعد فالسعيد من يبقى فى الجنة ودرجاتها وغرفاتها الى العليين بحسب العبادة والعبودية والأسعد من يدخل الجنة ويعبر عن درجاتها وغرفاتها الى مقامات القربة بحسب المعرفة والتقوى والمحبة كقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وقال صلى الله عليه وسلم (ان اهل الجنة ليرون اهل العليين كما يرى أحدكم الكوكب الدري فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم فى أنعم مكان فمن كان من اهل الجنة واهل العليين فلهم خلود فى الجنة ومن كان فى مقام مقعد الصدق فهو فى أنعم مقام من الجنة فلهم الخروج من الجنة من بجذبات العناية الى عالم الوحدة) والسر فى هذا ان السالك يسلك بقدم المعاملات الى أعلى مقام الروحانية من حضيض البشرية وهو بعد فى مقام الاثنينية وهو سدرة المنتهى عندها جنة المأوى فلا عبور عن هذا المقام للملك المقرب ولا للنبى المرسل الا برفرف جذبة العناية فانها توازى عمل الثقلين وبها يصل العبد الى عالم الوحدة فافهم جدا فما بقي هناك الدخول والخروج والاستثناء بقوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ راجع الى هذا المقام ولهذا قال عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لانه لا انقطاع له ولا تغيير فيه انتهى يقول الفقير على ما تلقف من فم حضرة الشيخ العلامة أبقاه الله بالسلامة ان اهل الجنة يصلون بمقتضى الاستثناء الذي هو قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ الى مقام لا يشابه ما قبله أصلا وذلك بعد تطاول الزمان وتباعد التنعم فى الجنان وعند ذلك يظهر سر الأزل فى مرآة الابد فكما ان مبدأ التعينات وهو شئونات الغيبية ازل الازال كذلك مقام هذا التجلي المخصوص ابد الآباد فالأبد المضاف هو ما بعد هذا التجلي لا الى نهاية والمضاف اليه ما كان قبله مذ دخولهم الجنة وكذا الأزل فان ما فوق المبدأ المذكور هو الأزل المضاف وما تحته هو الأزل المضاف اليه ونظير هذا هو ما يصل اليه اهل الفناء الكلى فى الدنيا وذلك انهم استوفوا حظهم من الأرزاق المعنوية بحيث لم يبق لهم بحسب مرتبتهم وتعينهم الخاص شىء لم يصلوا اليه من اسرار الافعال والصفات والذات فى جميع المراتب والتعينات فعند ذلك يتجلى الله لهم بصورة اخرى لا تشابه ما قبلها أصلا فيحيون حياة ابدا باقية. ثم السر المذكور المنسوب الى اهل الجنة والعليين جار على اهل النار لكنهم اهل الجلال ومقامهم مقام الفردية ولذا لا تزوج لهم ولا تنعم بما يتنعم به اهل الجنان واهل الجنة اهل الجمال ومقامهم مقام الصفة ومقتضاه التنعم والتلذذ. فالفرق بين اهل الجنة واهل النار ان لاهل الجنة ظهورا بالصفات وفى الظهور بطون وهو سر الذات وان لاهل النار بطونا وليس فى البطون ظهور ولاهل الكمال احاطة وسعة بحيث لا توصف وذلك فى الدارين فالمقربون واقفون على احوال الأبرار ومكاشفون عن مقاماتهم ومواطنهم وهم محجوبون عن المقربين فى ذلك وكذا الأبرار واقفون على احوال اصحاب المشأمة وهم محجوبون عن الأبرار فقس على حال الدنيا حال البرازخ والآخرة ولذا قال بعض الكبار ان الروح بعد خلاصه من حبس البدن ان كان علويا بعضه يقطع برزخا وبعضه اكثر الى ان يسموا

[سورة هود (11) : آية 109]

البرازخ فكلما قطع برزخا ازداد احاطة حتى يصل الى المحيط الحقيقي فهناك يضمحل الكل فهو محيط الكل واما إذا كان سفليا فانه فى البلاء والعياذ بالله تعالى ثم ان العلم الإلهي انما يستكمل بعد أربعين سنة من أول المكاشفة والظهور كما ان العقل انما يستكمل فى سن الأربعين يعنى ان الوصول الى منتهى المراتب انما يحصل فى تلك المدة وقد اجرى الله عادته على ذلك فلا يطمع أحد فيه قبلها فان العلم يزداد الى ذلك الحد ثم يحصل التحقق وتصير الأوصاف الطبيعية والنفسانية كلها تحت تسخيره وفى يده غالبا عليها بإذن الله تعالى وعونه فانظر الى طول الطريق وعزة المطلب فاختر لك دليلا الى ان تصل الى الله الرب: وفى المثنوى پير را بگزين بي پير اين سفر ... هست ره پر آفت وخوف وخطر آن رهى كه بارها تو رفته ... بي قلاوز اندر آن آشفته پس رهى را كه نديدستى تو هيچ ... هين مرو تنها ز رهبر سر مپيچ گر نباشد سايه پير اى فضول ... پس ترا سرگشته دارد بانگ غول اللهم خذ بايدينا وجد علينا كل حين فَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون لكثرة الاستعمال اى إذا تبين عندك ما قصصت عليك من قصص المتقدمين وسوء عاقبتهم فلا تكن فِي مِرْيَةٍ اى فى شك مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما مصدرية اى من جهة عبادة هؤلاء الحاضرين من المشركين وكن على يقين فى انها ضلال سيئ العاقبة كأنه قيل لم لا أكون فى شك فاجيب لانهم ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما كان يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ اى حالهم كحال آبائهم من غير تفاوت فهم على الباطل والتقليد لا على الحق والتحقيق وفيه اشارة الى ان اهل الفترة الذين عبدوا الأصنام من اهل النار فان الذم ينادى على ذلك وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ توفية الشيء تأديته وإعطاؤه على وجه التمام والضمير لهؤلاء الكفرة نَصِيبَهُمْ اى حظهم المتعين لهم من العذاب الدنيوي والأخروي كما وفينا آباءهم أنصباءهم المقدرة حسب جرائمهم فسيلحقهم مثل ما لحق بآبائهم فان التماثل فى الأسباب يقتضى التماثل فى المسببات فان قيل لا سبب عندنا الا الله قلنا يكفينا السببية العادية وهو ما يفضى الى الشيء بحسب جريان العادة غَيْرَ مَنْقُوصٍ حال مؤكدة من النصيب كقوله هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً وفائدته مع دفع توهم التجوز تقرير ذى الحال اى جعله مقررا ثابتا لا يظن انه غيره وفى الآية ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه ولا يحصل اليقين الا بترك التقليد وبالوصول الى عين التوحيد: قال المولى الجامى قدس سره سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سر آب ريب ثم ان اهل التقليد وارباب الطبيعة انما يعبدون الدنيا والهوى فى الحقيقة فلا بد من ترك الهوى

[سورة هود (11) : الآيات 110 إلى 111]

واتباع الهدى يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء وقع الازدواج بين إبليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثاني الهوى فجميع الأديان الباطلة والأخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى قال بعض المحققين لما جعل الله سلطان الروح ملكا فى ملك البدن وجعل العقل وريره جعل النفس خليلة الروح فمالت النفس الى الهوى فسئل الوزير عن حالها فقال وزير العقل ايها الملك ان هاهنا مسمى بالهوى قد أضل النفس فتوجه الروح الى الله تعالى بالتضرع والابتهال فانقادت النفس للروح بالصلاح وحسن الحال فمن أراد إصلاح نفسه فليرجع الى القادر المتعال يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر ويتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى ثم ان البدعة والهوى عندنا معاشر الصوفية خلاف العمل بسنة النبي عليه السلام وسنة الاصحاب العظام وسنة المشايخ الكرام والاتباع بالعقل الجزئى والطبع فى كل فعل وترك. فعلى السالك ان لا يخالف السنن مطلقا ولا يخرج عن آثار الأخيار ولا يلتفت الى طعن الأغيار فان الحق أحق ان يتبع دين ما عشقست اى زاهد مگو بيهوده پند ... ما بترك دين خود گفتن نخواهيم از گذاف وَلَقَدْ اى وبالله لقد آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة وهو أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع واما ما قبله من الكتب فانما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز فَاخْتُلِفَ فِيهِ اى فى شأنه وكونه من عند الله وآمن به قوم وكفر به آخرون فلا تبال يا محمد باختلاف قومك فيما آتيناك من القرآن واصبر على تكذيبهم كما صبر موسى على تكذيب قومه. ففيه تسلية له صلى الله عليه وسلم ولما قسم صلى الله عليه وسلم غنائم الطائف وأطال بعض المنافقين الكلام فى انه لم يعدل فى القسمة قال عليه السلام (من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحمه الله على أخي موسى لقد او ذى بأكثر من هذا فصبر) يعنى ان موسى أصابه الأذى الكثير من جهة قومه فصبر على اذاهم فلم يجزع فانا أحق بالصبر منه لان الجمعية الكمالية فى ذاته عليه السلام أتم فحظه من الصفات الالهية والأخلاق الحميدة الربانية اكثر وأوفر: قال المولى الجامى قدس سره فى نعته بر دفتر جلال تو تورات يك رقم ... وز مصحف جمال تو إنجيل يك ورق وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ هى كلمة القضاء بانظارهم الى يوم القيامة قال سعدى المفتى الأظهر ان لا تقيد بيوم القيامة فان اكثر طغاتهم نزل بهم العذاب يوم بدر وغيره لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى لا وقع القضاء بين المختلفين من قومك بانزال العذاب الذي يستحقه المبطلون ليتميزوا به عن المحقين وَإِنَّهُمْ اى وان كفار مكة أريد به بعض من رجع إليهم ضمير بينهم للامن من الإلباس لَفِي شَكٍّ عظيم مِنْهُ اى من القرآن وان لم يجر له ذكر فان مقام التسلية ينادى على ذلك نداء غير خفى مُرِيبٍ وصف لشك يقال ارابه أوقعه فى الريبة. يعنى [نفس را مضطرب ودل را شوريده كننده] وَإِنَّ كُلًّا التنوين عوض عن المضاف اليه اى وان كل المختلفين فيه المؤمنين منهم والكافرين لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ

أَعْمالَهُمْ اللام الاولى موطئة للقسم والثانية جواب للقسم المحذوف ولما بتشديد الميم أصله لمن ما بكسر الميم على انها من الجارة دخلت على ما الموصولة او الموصوفة فلما اجتمعت النون ساكنة مع ميم ما وجب ادغامها فقلبت ميما فاجتمع فى اللفظ ثلاث ميمات فحذفت إحداهن اولاهن كانت المحذوفة أم وسطاهن على اختلاف الأقوال. والمعنى ان جميعهم لمن الذي او لمن خلق او لمن فريق والله ليوفينهم ربك أعمالهم من الايمان وسائر الحسنات والكفر وسائر السيئات اى ليعطينهم ويؤدينهم جزاء أعمالهم خيرا او شرا تاما وافيا كاملا إِنَّهُ اى الله تعالى بِما يَعْمَلُونَ اى بما يعمله كل فرد من المختلفين من الخير والشر خَبِيرٌ بحيث لا يخفى عليه شىء من جلائله ودقائقه فيجازى كلا بحسب عمله وتوفية جزاء الطاعات وعد عظيم وتوفية جزاء المعاصي وعيد عظيم فعلى العاقل ان ينتبه من الغفلة ويجانب ما يخالف امر الله تعالى فان الله تعالى لا يفوته منه شىء بهمه كار بنده دانا اوست ... بمكافات او توانا اوست واعلم ان الكلمة الالهية الازلية سبقت بسعادة اهل الايمان وشقاوة اهل الكفر فهم فى قبضتى الكفر والقهر وإمهالهم وتأخيرهم انما هو لاستكمال السعادة والشقاوة لنفوسهم ولغيرهم فكتاب الله تعالى هو محك النفوس فمن آمن به وعمل باحكامه فقد كملت سعادته ومن كفر به وترك العمل باحكامه فقد كملت شقاوته وكل واحد من الفريق الاول اهل يقين ونجاة وكل واحد من الفريق الثاني اهل شك وهلاك وعادة الله تعالى جارية على تسليط اهل الإنكار على اهل الإقرار لاستخراج ما فى معادن نفوسهم من جواهر أوصافه الشريفة كالصبر على الأذى والتحمل على البلاء والحلم على السفهاء والعفو عن الجهلاء والصفح عمن ليس له حياء لكى يتخلقوا بأخلاق الله تعالى ويظهر بها صدق عبوديتهم وتفاوت درجاتهم فان المراتب ليست بالدعاوى والأماني بل بالحقائق والمعاني: قال المولى الجامى بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج ... آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام قدس سره مبانى طريق الصوفية على اربعة أشياء وهى اجتهاد وسلوك وسير وطير فالاجتهاد التحقق بحقائق الايمان والسير التحقق بحقائق الإحسان والطير الجذبة بطريق الجود والإحسان الى معرفة الملك المنان فمنزلة الاجتهاد من السلوك منزلة الاستنجاء من الوضوء فمن لا استنجاء له لا وضوء له فكذا من لا اجتهاد له لا سلوك له ومنزلة السلوك من السير منزلة الوضوء من الصلاة فمن لا وضوء له لا صلاة له فكذا من لا سلوك له لا سير له وبعده الطير وهو الوصول وادنى الانتساب فى هذا الباب محبة اهل الاجتهاد وتصديق الواصلين الى سر المبدأ والمعاد ورعاية جانب المتحققين بحقائق القرآن دون العداوة والبغض والشنآن وفى الحديث القدسي (من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب) اى أعلمته انى محارب له حيث كان محاربا لى بمعاداة أوليائي فاذا كان معادى الولىّ ورافض علومه محاربا لله تعالى فما ظنك بمعادى النبي وتارك كتابه ولا يفلح أحد ممن حارب الله تعالى ورسوله ووارث رسوله فان الله تعالى ذو البطش الشديد فاذا أخذه لم يفلته نسأل الله العافية والوفاء والصفاء ونعوذ به

[سورة هود (11) : آية 112]

من الخذلان واهل الجفاء فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ يقول الفقير اى إذا تبين عندك يا محمد احوال القرون الاولى وان اخوانك الأنبياء ومؤمنيهم تحملوا من قومهم الأذى وصبروا واستقاموا على طريقتهم المثلى الى ان يأتى امر الله تعالى فدم أنت ايضا على الاستقامة على التوحيد والدعوة اليه كما أمرك الله تعالى وَمَنْ تابَ مَعَكَ معطوف على المستكن فى فاستقم من غير تأكيد بالمنفصل لوجود الفاصل القائم مقامه اى ومن تاب من الشرك والكفر وشاركك فى الايمان هو المعنى بالمعية والا فليس لهم مصاحبة له فى التوبة عما ذكر إذا الأنبياء معصومون عن الكفر وكذا عن تعمد الكبائر قبل الوحى وبعده بالإجماع لكن الظاهر ان الاشتراك فى نفس التوبة يكفى فى الاصطحاب ولا يلزم الاشتراك فى المتوب عنه وقد كان عليه السلام يستغفر الله كل يوم اكثر من سبعين مرة على ما ورد فى الحديث كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لعل التوبة فى مثل هذا المقام هى الرجوع عن الحالة الاولى ومفارقتها سواء صدر فيها الكفر كسجود الصنم وغيره وهو حال اكثر المؤمنين او لم يصدر وهو حال الأقلين ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صح انه عليه السلام شهد بان عليا رضى الله عنه لم يكفر بالله قط طرفة عين مع قوله له فى دعوة الإسلام (وأدعوك الى الكفر باللات والعزى) فان هذا القول لا يقتضى كفره رضى الله عنه إذ قد يدعى الرجل الى كفر ما لم يتصف به إذا كان من شأنه الكفر به والإنكار عليه وَلا تَطْغَوْا اى ولا تنحرفوا عما حد لكم بافراط وتفريط فان كلا طرفى قصد الأمور ذميم. وانما سمى ذلك طغيانا وهو تجاوز الحد تغليظا او تغليبا لحال سائر المؤمنين على حاله. وفى سورة شورى وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ والنهيان متقاربان إذ المراد عدم الاتباع لاهواء اهل الكفر لان فى الاتباع الطغيان وفى عدمه الاستقامة المحضة إِنَّهُ اى الله تعالى بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عالم لا يخفى عليه شىء فيجازيكم على ذلك فاتقوه فى المحافظة على حدوده وهو فى معنى التعليل للامر والنهى وعن بعض الصلحاء وهو ابو على السنوسى رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم فقلت له روى عنك انك قلت (شيبتنى سورة هود) فقال نعم فقلت فما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء وهلاك الأمم قال لا ولكن قوله فاستقم كما أمرت وذلك لان حقيقة الاستقامة هى الوفاء بالعهود كلها وملازمة الصراط المستقيم برعاية حد التوسط فى كل الأمور من الطعام والشراب واللباس فى كل امر دينى ودنيوى ترغيب او ترهيب او حال او حكم او صفة او معاملة وذلك هو الصراط المستقيم كالصراط المستقيم فى الآخرة والتمشى على هذا الصراط الذي يقال لها الاستقامة الاعتدالية عسير جدا كما قال فى بحر العلوم الاستقامة على جميع حدود الله على الوجه الذي امر الله بالاستقامة عليه مما يكاد يخرج عن طوق البشر ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) ولن يطيق مثل هذه المخاطبة بالاستقامة الا من أيد بالمشاهدات القوية والآثار الصادقة ثم بالتثبت كما قال لَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ ثم حفظ وقت المشاهدة ومشافهة الخطاب ولولا هذه المقدمات لتفسخ دون هذا الخطاب ألا تراه كيف قال للامة (استقيموا ولن تحصوا) اى لن تطيقوا الاستقامة التي أمرت بها قيل لمحمد بن فضل حاجة

[سورة هود (11) : الآيات 113 إلى 118]

العارفين الى ماذا قال حاجتهم الى الخصلة التي كملت بها المحاسن كلها ألا وهى الاستقامة فكل من كان أتم معرفة كان أتم استقامة قال ابن عطاء فاستقم اى افتقر الى الله مع تبريك من الحول والقوة وفى التفسير الفارسي للامام القشيري [فرمود كه مستقيم آنكس است كه از راه حق باز نگردد تا بسر منزل وصال برسد. وشيخ ابو على دقاق گفته استقامت آنست كه سر خود را از ما سوى محفوظ دارى. وخواجه عصمت بخارى در صفت اهل استقامت فرموده] كسى را دانم اهل استقامت ... كه باشد بر سر كوى ملامت ز أوصاف طبيعت پاك برده ... بإطلاق هويت جان سپرده تمام از كرد تن دامن فشانده ... برفته سايه وخوشيد مانده وقال ابو على الجرجاني كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فان نفسك متحركة فى طلب الكرامة ويطلب منك الاستقامة فالكرامة الكبرى الاستقامة فى خدمة الخالق لا بإظهار الخوارق قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره فى نفائس المجالس لا تتيسر الاستقامة الا بايفاء حق كل مرتبة من الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة فمن رعاية حق الشريعة العدالة فى الاحكام فالاستقامة فى مرتبة الطبيعة برعاية الشريعة وفى مرتبة النفس برعاية الطريقة وفى مرتبة الروح برعاية المعرفة وفى مرتبة السر برعاية المعرفة والحقيقة فمراعاة تلك الأمور فى غاية الصعوبة ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) فالكمال الإنساني بتكميل تلك المراتب لا بإظهار الخوارق كما حكى انه قيل للشيخ ابى سعيد ان فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك وقيل ان فلانا يطير فى الهواء فقال ان الطيور كذلك وقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد قال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق واعلم ان النفوس جبلت على الاعوجاج عن طريق الاستقامة الا ما اختص منها بالعناية الازلية والجذبة الالهية: قال المولى الجامى قدس سره سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها گر چهـ درين راه تك و پوى كنند وَلا تَرْكَنُوا الركون هو الميل اليسير والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين اى ولا تميلوا ادنى ميل إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى الى الذين وجد منهم الظلم فى الجملة فَتَمَسَّكُمُ بسبب ذلك وهو منصوب بإضمار ان فى جواب النهى يعنى [بشما برسد] النَّارُ [آتش دوزخ] وإذا كان الركون الى من صدر منهم ظلم مرة فى الإفضاء الى مساس النار هكذا فما ظنك بالركون الى من صدر منهم الظلم مرارا ورسخوا فيه ثم بالميل إليهم كل الميل وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ اى من أنصار ينقذونكم من النار على ان يكون مقابلة الجمع بالجمع بطريق انقسام الآحاد على الآحاد. والجملة نصب على الحالية من مفعول فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة وهى انتفاء ناصركم ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ جملة فعلية معطوفة على الاسمية قبلها. وكلمة ثم لاستبعاد نصرة الله تعالى إياهم مع استحقاقهم العذاب بسبب ركونهم ثم لا ينصركم الله إذ سبق فى حكمه ان يعذبكم ولا يبقى عليكم. والآية

ابلغ ما يتصور فى النهى عن الظلم والتهديد عليه والعجب من قوم يقرأون هذه الآية ويرون ما فيها ثم لا يرتدعون عن الظلم والميل الى اهله ولا يتدبرون انهم مؤاخذون غير منصورين: قال السعدي قدس سره كرازى بچاه اندر افتاده بود ... كه از هول او شير نر مانده بود بد انديش مردم بجز بد نديد ... بيفتاد وعاجز تر از خود نديد همه شب ز فرياد وزارى نخفت ... يكى بر سرش كوفت سنگى وگفت تو هرگز رسيدى بفرياد كس ... كه ميخواهى امروز فريادرس كه بر ريش جانت نهد مرهمى ... كه دلها ز دردت بنالدهمى تو ما را همى چاه كندى براه ... بسر لا جرم در فتادى بچاه اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هرگز نيارد كژ انگور بار وفى الحديث (إياكم والظلم فانه يخرب قلوبكم) وفى تخريب القلب تخريب سائر الجسد فالظالم يظلم على نفسه حيث يخرب أعضاءه الظاهرة والباطنة وعلى الله حيث يخرب بنيان الله ويغيره ويفسده ولانه إذا ظلم غيره وآذاه فقد ظلم على الله ورسوله وآذاه. والدليل عليه قوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى فمن آذى مؤمنا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى) ودخل فى الركون الى الظالمين المداهنة والرضى بأقوالهم وأعمالهم ومحبة مصاحبتهم ومعاشرتهم ومد العين الى زهرتهم الفانية وغبطتهم فيما أوتوا من القطوف الدانية والدعاء لهم بالبقاء وتعظيم ذكرهم وإصلاح دواتهم وقلمهم ودفع القلم او الكاغذ الى أيديهم والمشي خلفهم والتزيي بزيهم والتشبه بهم وخياطة ثيابهم وحلق رؤسهم. وقد امتنع بعض السلف عن رد جواب الظلمة فى السلام وقد سئل سفيان عن ظالم اشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء فقال لا فقيل له يموت فقال دعه فانه اعانة للظالم وقال غيره يسقى الى ان يثوب الى نفسه ثم يعرض عنه وفى الحديث (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فاذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم) فاذا علمت هذا فاعلم ان الواجب عليك ان تعتزل عنهم بحيث لا تراهم ولا يرونك إذ لا سلامة الا فيه وان لا تفتش عن أمورهم ولا تتقرب الى من هو من حاشيتهم ومتصل بهم من امامهم ومؤذنهم فضلا عن غيرهم من عمالهم وخدمهم ولا تتأسف على ما يفوت بسبب مفارقتهم وترك مصاحبتهم واذكر كثيرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه فى الدين ثم اتى باب السلطان تملقا اليه وطمعا لما فى يديه خاض بقدر خطاه فى نار جهنم) والحديث كأنه مأخوذ من الآية فهما متطابقان معنى كما لا يخفى- وروى- ان الله تعالى اوحى الى يوشع بن نون انى مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال ما بال الأخيار فقال انهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلونهم ويشاربونهم وبهذا تبين ان بغض الظلمة والغضب عليهم لله واجب وانما ظهر الفساد فى الرعايا وجميع أقطار الأرض برا وبحرا بفساد الملوك وذلك بفساد العلماء اولا إذ لولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك بل لو اتفق العلماء فى كل عصر على الحق ومنع الظلم مجتهدين فى ذلك

[سورة هود (11) : آية 114]

مستفرغين مجهودهم لما اجترأ الملوك على الفساد ولا ضمحل الظلم من بينهم رأسا وبالكلية ومن ثم قال النبي عليه السلام (لا تزال هذه الامة تحت يد الله وكنفه ما لم يمالئ قرّاؤها أمراءها) وانما ذكر القراء لانهم كانوا هم العلماء وما كان علمهم الا بالقرآن ومعانيهم الا بالسنة وماوراء ذلك من العلوم انما أحدثت بعدهم كذا فى بحر العلوم للشيخ على السمرقندي قدس سره يقول الفقير أصلحه الله القدير ذكر فى الاحياء ان من دخل على السلطان بلا دعوة كان جاهلا ومن دعى فلم يجب كان اهل بدعة وتحقيق المقام ان الركون فى الآية أسند الى المخاطبين والمخالطة وإتيان الباب والممالأة الى العلماء والقراء فكل منها انما يكون مذموما إذا كان من قبل العلماء واما إذا كان من جانب السلاطين والأمراء بان يكونوا مجبورين فى ذلك مطالبين بالاختلاط لاجل الانتفاع الديني فلا بأس حينئذ بالمخالطة لان المجبور المطالب مؤيد من عند الله تعالى خال عن الأغراض النفسانية بخلاف ما إذا كان مقارنا بالأغراض النفسانية فيكون موكولا الى نفسه فتختطفه الشياطين نعوذ بالله تعالى وَأَقِمِ الصَّلاةَ فى الأمر بافعال الخير جاء موحدا موجها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الظاهر وان كان المأمور به من حيث المغني عاما وفى النهى عن المحظورات موجها الى غير الرسول مخاطبا به أمته فهذا من جليل البلاغة القرآنية والمراد باقامة الصلاة أداؤها وانما عبر عنه بها اشارة الى ان الصلاة عماد الدين طَرَفَيِ النَّهارِ اى غدوة وعشية وانتصابه على الظرفية لكونه مضافا الى الوقت فيعطى حكم المضاف اليه وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ منصوب على الظرفية لعطفه على طرفى النهار اى ساعات من الليل وهى الساعات القريبة من النهار فانه من ازلفه إذا قربه جمع زلفة كغرف جمع غرفة. والمراد بصلاة الغدوة صلاة الفجر. وبصلاة العشية الظهر والعصر لان ما بعد الزوال عشى. وبصلاة الزلف المغرب والعشاء وفيه دلالة بينة على اطلاق لفظ الجمع وهو الزلف على الاثنين فالآية مشتملة على الصلوات الخمس ونظيرها قوله تعالى فى سورة ق وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اى بصلاة الصبح وَقَبْلَ الْغُرُوبِ اى بصلاة العصر والظهر فالعصر اصل فى ذلك الوقت والظهر تبع لها كما فى تفسير المناسبات وَمِنَ اللَّيْلِ فى بعض أوقاته فَسَبِّحْهُ بصلاتى المغرب والعشاء وفسر بعضهم طرفى النهار بالصبح والمغرب وزلف الليل بالعشاء والتهجد فانه كان واجبا عليه فيوافق قوله وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ او الوتر على ما ذهب اليه ابو حنيفة او مجموع العشاء والوتر والتهجد على ما يقتضيه ظاهر صيغة الجمع فى زلفا إِنَّ الْحَسَناتِ على الإطلاق لا سيما الصلوات الخمس يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ اى يكفرن الصغائر يعنى لا انها تذهب السيئات نفسها إذ هى قد وجدت بل ما كان يترتب عليها وفى الحديث الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن اذا اجتنب الكبائر ويمنعن من اقترافها كقوله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ- روى- فى سبب النزول ان أبا اليسر الأنصاري كان يبيع التمر فاتته امرأة فاعجبته فقال لها ان فى البيت أجود من هذا التمر فذهب بها الى نحو بيته فضمها الى نفسه وقبلها وفعل بها كل شىء الا الجماع فقالت له اتق الله فتركها وندم فاتى أبا بكر رضى الله عنه فاخبره فقال استر على نفسك وتب الى الله تعالى

فلم يصبر فاتى عمر رضى الله عنه فقال له مثل ذلك فلم يصبر ثم اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بما فعل فقال (انتظر امر ربى فاستر على نفسك) فلما صلى صلاة العصر نزلت هذه الآية فقال عليه السلام (صليت العصر معنا) قال نعم فقال (اذهب فانها كفارة لما فعلت) فقال الحاضرون من الصحابة (هذا له خاصة أم للناس عامة) قال (بل للناس كافة) وفى الحديث (أرأيتم لو ان نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من دونه شىء) قالوا لا قال (فذلك مثل صلاة الخمس يمحو الله بها الخطايا) واعلم ان الذنوب كلها نجاسات والطاعات مطهرات وبماء أعضاء الوضوء تتساقط الأوزار ولذا كانت الغسالة فى حكم النجاسة. ومن هنا أخذ بعض الفقهاء كراهة الصلاة بالخرقة التي يتمسح بها أعضاء الوضوء وقال الله تعالى لموسى عليه السلام (يا موسى يتوضأ احمد وأمته كما امرتهم وأعطيهم بكل قطرة تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء) فانظر الى ما سلبه الوضوء وجلبه: قال الحافظ خوشا نماز ونياز كسى كه از سر درد ... بآب ديده وخون جگر طهارت كرد واحسن الحسنات وأفضل الطاعات العلم بالله وطريقه التوحيد وخلاف هوى النفس فبذكر الله يتخلص العبد من الذنوب وبه يحصل تزكية النفوس وتصفية القلوب وبه يتقوى العبد على طاعة الرحمن ويتخلص من كيد الشيطان قالوا يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات قال (هى احسن الحسنات) وفى الآية اشارة الى ادامة الذكر والطاعة والعبادة فى الليل والنهار الا ان يكون له ضرورة من الحاجات الانسانية فيصرف بعض الأوقات إليها كطلب المعاش فى النهار والاستراحة فى الليل فانه يحصل للقوى البشرية والحواس كلال فيلزم دفعه بالمنام ليقوم فى أثناء الليل نشيطا للذكر والطاعة إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ اى ان أنوار الحسنات وهى الأعمال الصالحة والذكر والمراقبة طرفى النهار وزلفا من الليل يذهبن ظلمات سيآت الأوقات التي تصرف فى قضاء الحوائج النفسانية الانسانية وما يتولد من الاشتغال بها واعلم ان تعلق الروح النورانى العلوي بالجسد الظلماني السفلى موجب لخسران الروح الا ان تتداركه أنوار الأعمال الصالحة الشرعية فتربى الروح وترقيه من حضيض البشرية الى ذروة الروحانية بل الى الوحدانية الربانية وتدفع عنه ظلمة الجسد السفلى كما ان إلقاء الحبة فى الأرض موجب لخسران الحبة الا ان يتداركها الماء فيربيها الى ان تصير الحبة الواحدة الى سبعمائة حبة والله يضاعف لمن يشاء فعلى العاقل ان يصبر على مشاق الطاعات والعبادات فان له فيها أنوار او حياة باقية مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دو سه روز از غم ابد بگريز ذلِكَ اى المذكور من الاستقامة والاقامة وغيرهما ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ اى موعظة للمتعظين فمن امتثل الى امر الله تعالى فاستقام واقام فقد تحقق بحقيقة الحال والمقام قال بعض الحكماء علامة الذي استقام ان يكون مثله كمثل الجبل لان الجبل له اربع علامات. احداها ان لا يذيبه الحر. والثانية ان لا يجمده البرد. والثالثة ان لا تحركه الريح. والرابعة ان لا يذهب به السيل فكذا المستقيم إذا احسن اليه انسان لا يحمله إحسانه على ان يميل اليه بغير الحق كما يفعله ارباب الجاه والمناصب فى هذا الزمان فانهم بالشيء اليسير من الدنيا الواصل إليهم من يد رجل

[سورة هود (11) : آية 115]

او امرأة يتخطون الحد ويتركون الاستقامة وليس الاتعاظ وقبول النصيحة من شأنهم. والثاني إذا أساء اليه انسان لا يحمله ذلك على ان يقول بغير الحق. والثالث ان هوى نفسه لا يحوله عن امر الله تعالى. والرابع ان حطام الدنيا لا يشغله عن طاعة الله: فقال الحافظ ببال و پر مروازره كه تير پرتابى ... هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست يعنى لا تخرج بالقدرة الدنيوية والمكنة المالية عن حد الطريق المستقيم فان لكل ترق تنزلا ألا ترى الى حال السهم كيف صعد الى جو السماء زمانا ثم سقط على الأرض فالانسان لا بد وان يسقط على الأرض فى آخر امره ونهاية عمره وَاصْبِرْ يا محمد على مشاق الأوامر ويدخل فيه الامة بالتبعية وقد كانت العادة القرآنية على اجراء اكثر خطابات الأوامر على النبي عليه السلام واكثر خطابات النهى على الامة اعتبارا للاصالة فى الاتصاف والتنزه والاجتناب فافهم فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فى أعمالهم صلاة كانت او صبرا او غيرهما من فرائض الإسلام ومندوبات الأعمال ومكارم الأخلاق ومحاسن الشيم اى يوفيهم أجور أعمالهم من غير بخس أصلا وانما عبر عن ذلك بنفي الاضاعة مع ان عدم إعطاء الاجر ليس باضاعة حقيقة كيف لا والأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه عنها ضياعها لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يمتنع صدوره عنه سبحانه من القبائح وإبراز الاثابة فى معرض الأمور الواجبة وهو تعليل للامر بالصبر. وفيه ايماء الى ان الصبر من باب الإحسان وهو ان تعبد الله كأنك تراه لانه إذا قدر المرء على هذه المشاهدة هان عليه الصبر وغيره من مر الاحكام ولا يكون هذا الإحسان الا بالإخلاص واخلاص السريرة گر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل وكان اهل الخير يكتب بعضهم الى بعض بثلاث كلمات من عمل لآخرته كفاه الله امر دنياه ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته. ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس واعلم ان الله تعالى امر ونهى ومراده إطاعة عباده له فى كل ما يأتون وما يدرون فان فلاحهم فى ذلك ولا يرضى الله منهم الا بالطاعة والتسليم والقبول: قال الحافظ مزن ز چون و چرا دمكه بنده مقبول ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان گفت وعن ابى بكر الوراق قال طلبنا اربعة أشياء سنين فوجدناها فى اربعة. طلبنا رضى الله تعالى فوجدناه فى طاعته. وطلبنا السعة فى المعيشة فوجدناها فى صلاة الضحى. وطلبنا سلامة الدين فوجدناها فى حفظ اللسان. وطلبنا نور القبر فوجدناه فى صلاة الليل فعلى العاقل السعى فى طريق الطاعات وتنوير القلب بنور العبادات وفى التأويلات النجمية وَاصْبِرْ ايها الطالب الصادق والعاشق الوامق على صرف الأوقات فى طلب المحبوب بدوام الذكر ومراقبة القلب وترك الشهوات ومخالفة الهوى والطبيعة فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ اى سعى الطالبين كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) لان من سنة كرمه قوله (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) والمقصود من الحديث القدسي بيان سعة فيضه وجوده على عباده والتقرب الى الله تعالى انما يكون بقطع التعينات ورفع حجب الكثرة عن وجه الوحدة الذاتية الا ان ذلك مشروط

[سورة هود (11) : آية 116]

بشرائط ومربوط بالأسباب فى الصورة الظاهرة ولا تقيد تلك الشرائط والأسباب الا بالجذبة الالهية والدعوة الربانية فمن دعاه وأزال الموانع عن طريقه فقد وصل وإلا فقد انقطع دونه الطريق وبقي متحيرا مبهوتا داد حق را قابليت شرط نيست ... بلكه شرط قابليت داد اوست اللهم ارحمنا فان ذنوبنا قد جلت وحجبنا قد كثفت وحيلنا قد انقطعت وما بقي الا التوفيق منك والعفو والغفران واللطف والكرم والإحسان انك أنت المحسن فى كل زمان ومكان فَلَوْلا كانَ لولا بمعنى هلا وكان بمعنى وجد. والمعنى بالفارسية [پس چرا نبود] مِنَ الْقُرُونِ الهالكة الكائنة مِنْ قَبْلِكُمْ على رأى من جوز حذف الموصول مع بعض صلته او كائنة من قبلكم على ان يكون حالا وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم قال فى القاموس القرن مائة سنة وهو الأصح لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة سنة وكل امة هلكت فلم يبق منها أحد أُولُوا بَقِيَّةٍ اصحاب فضل وخير وسمى الفضل والجودة بقية على ان يكون الهاء للنقل كالذبيحة لان الرجل انما يستبقى مما يكسبه عادة أجوده وأفضله فصار مثلا فى الجودة والفضل يقال فلان من بقية القوم اى من خيارهم ومنه ما قيل فى الزوايا خبايا وفى الرجال بقايا يَنْهَوْنَ المفسدين نعت لا ولوا عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ الواقع منهم حسبما حكى عنهم ومعناه جحد اى لم يكن فيهم أولوا بقية ينهون حتى لا ينزل العذاب بهم إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ استثناء منقطع اى لكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وهم اتباع الأنبياء وسائرهم تاركوا النهى. ومن فى ممن للبيان لا للتبعيض لان جميع الناجين ناهون وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا عطف على مضمر دل عليه الكلام اى لم ينهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا بمباشرة الفساد وترك النهى عنه فيكون العدول الى المظهر لادراج المباشرين معهم فى الحكم والتسجيل عليهم بالظلم وللاشعار بعلية ذلك لما حاق بهم من العذاب ما أُتْرِفُوا فِيهِ الإتراف الانعام من الترف وهو النعمة اى انعموا فيه من الشهوات واللذات وآثروها على امر الآخرة. ويقال أترفته النعمة اى أطغته. فالمعنى ما اطغوا فيه على ان يكون فيه للسببية والمراد هو الأموال والاملاك قال الله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى يعنى اهتموا بكسبها وبذلوا وسعهم فى تحصيلها وجمعها واعرضوا عما وراءها. اما المباشرون فظاهر. واما المتساهلون فلما لهم فى ذلك من نيل حظوظهم الفاسدة وَكانُوا مُجْرِمِينَ عطف على اتبع وهذا بيان لسبب استئصال الأمم المهلكة وهو ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واتباع الشهوات وفى الحديث (ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروا فلا ينكرون فاذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة فكل قوم لم يكن فيهم آمر بالمعروف وناه عن المنكر من ارباب الصدق وهم مجتمعون على الفساد او لا يأتمرون بالأمر بالمعروف ولا ينتهون بالنهى عن المنكر فانهم هالكون) : قال السعدي گرت نهى منكر برآيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست بگو آنچهـ دانى سخن سودمند ... وگر هيچ كس را نيايد پسند

[سورة هود (11) : الآيات 117 إلى 118]

چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمايند مردى رجال وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى اللام لام الجحود عند البصريين وينتصب الفعل بعدها بإضمار ان وهى متعلقة بخبر كان المحذوف اى مريدا لاهلاك اهل القرى وقال الكوفيون يهلك خبر كان زيدت اللام دلالة على التأكيد بِظُلْمٍ حال من الفاعل اى ظالما لها بغير ذنب واستحقاق للهلاك بل استحال ذلك فى الحكمة وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ غير ظالمين حال من المفعول. والمراد تنزيه الله تعالى عن الظلم بالكلية بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى والا فلا ظلم فيما فعل الله بعباده كائنا ما كان. وقيل قوله بِظُلْمٍ متعلق بالفعل المتقدم والمراد به الشرك. والمعنى ليهلك القرى بسبب شرك أهلها وبمجرده وهم مصلحون فيما بينهم لا يضمون الى شركهم فسادا آخر وذلك لفرط رحمته ومسامحته فى حقوقه ولهذا قال الفقهاء حقوق الله تعالى مبنية على المساهلة وحقوق العباد مبنية على المضايقة وقدموا عند تزاحم الحقوق حقوق العباد والحاصل ان عذاب الاستئصال لا ينزل لاجل كون القوم معتقدين للشرك والكفر بل انما ينزل ذلك العذاب إذا خانوا فى المعاملات وسعوا فى أذى الخلق وظلمهم وانما لم يهلكهم بمجرد شركهم لان مكافاة الشرك النار لا ما دونها وانما يهلكهم بمعاصيهم زيادة على شركهم مثل قوم صالح بعقر الناقة وقوم لوط بالافعال الخبيثة وقوم شعيب بنقصان الكيل والوزن وقوم فرعون بايذائهم موسى وبنى إسرائيل قال بعضهم الملك يبقى مع الشرك ولا يبقى مع الظلم واشتهر انوشروان بالعدل اشتهار حاتم بالجود حتى صار العادل لقباله فلفظ العادل انما يطلق عليه لعدم جوره وظهور عدله لا لمجرد المدح له والثناء عليه واما سلاطين الزمان فلظهور جورهم وعدم اتصافهم بالعدل منعوا عن اطلاق العادل عليهم إذ إطلاقه عليهم حينئذ يكون بمجرد المدح لهم والثناء عليهم فيكون كذبا وكفرا- حكى- ان انوشروان لما مات كان يطاف بتابوته فى جميع مملكته وينادى مناد من له علينا حق فليأت فلم يوجد أحد فى ولايته له عليه حق من درهم شه كسرى از ظلم از ان ساده است ... كه در عهد او مصطفى زاده است وذكر عن ابى ميسرة قال اتى الى رجل فى قبره بعد ما دفن منكر ونكير فقالا له انا ضارباك مائة سوط فقال الميت انى كنت كذا وكذا فتشفع حتى حطا عنه عشرة ثم لم يزل بهما حتى حطا عنه عشرة اخرى الى ان صار الى ضربة واحدة فقالا انا ضارباك ضربة فضرباه واحدة فالتهب القبر نارا فقال لم ضربتمانى فقالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه فهذه حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم. فعلى السلاطين والحكام العدل على كافة الأنام وتفتيش احوال اهل الإسلام نيايد بنزديك دانا پسند ... شبان خفته وگرگ در گوسفند مكن تا توانى دل خلق ريش ... وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مشيئة قسر كما فى الكواشي لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً متفقة على الحق ودين الإسلام بحيث لا يكاد يختلف فيه أحد كما كانوا قبل الاختلاف قال الله تعالى

[سورة هود (11) : الآيات 119 إلى 123]

وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وكما يكونون بعد الاختلاف فى آخر الزمان فى عهد عيسى عليه السلام على ما فى بعض الروايات ولكن لم يشأ ذلك لما علم انهم ليسوا باهل لذلك فلم يكونوا امة متفقة على الحق يقول الفقير وقع الاتفاق فى أول النشأة الانسانية ثم آل الأمر الى الاختلاف بمقتضى الحكمة الالهية الى عهد عيسى عليه السلام ويعود فى زمانه على ما كان عليه قبل. ففيه اشارة الى اتحاد سر الأزل والابد فافهم جدا. واما الاختلاف الواقع قبل آدم فغير معتبر لكونه من غير جنس الناس وكذا بعد عيسى عليه السلام لكونه بعد انقطاع الولاية المطلقة وانتقالها الى نشأة اخرى وَلا يَزالُونَ اى الناس مُخْتَلِفِينَ فى الحق ودين الإسلام اى مخالفين له كقوله تعالى وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ او على أنبيائهم كما قال عليه السلام (ان الله بعثني رحمة للعالمين كافة فادوا عنى رحمكم الله ولا تختلفوا كما اختلف الحواريون على عيسى فانه دعاهم الى الله مثل ما أدعوكم اليه) وفى الاية اثبات الاختيار للعبد لما فيها من النداء على انهم صرفوا قدرتهم وإرادتهم الى كسب الاختلاف فى الحق فان وجود الفعل بلا فاعل محال سواء كان موجبا او لا وهو جبر متوسط وقول بين القولين وذلك لان الجبرية اثنتان متوسطة تثبت كسبا فى الفعل كالاشعرية من اهل السنة والجماعة وخالصة لا تثبته كالجهمية وان القدرية يزعمون ان كل عبد خالق لفعله لا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى فنحن معاشر اهل السنة نقول العبد كاسب والله خالق اى فعل العبد حاصل بخلق الله إياه عقيب ارادة العبد وقصده الجازم بطريق جرى العادة بان الله يخلقه عقيب قصد العبد ولا يخلقه بدونه فالمقدور الواحد داخل تحت القدرتين المختلفتين لان الفعل مقدور الله من جهة الإيجاد ومقدور العبد من جهة الكسب يقول الفقير قوله تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ونحوه لا ينافى الاختيار لان ذلك بالنسبة الى فناء العبد فى الحق ولا كلام فى ان المؤثر على كل حال هو الله تعالى: كما قال المولى الجامى قدس سره حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود ... تأثير ز آلت از محالات بود هستى مؤثر حقيقى است يكيست ... باقى همه أوهام وخيالات بود إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ استثناء متصل من الضمير فى مختلفين وان شئت من فاعل لا يزالون اى الا قوما هداهم الله بفضله الى الحق فاتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه اى لم يخالفوه وَلِذلِكَ اى وللرحمة بتأويل ان مع الفعل خَلَقَهُمْ الضمير لمن قاله ابن عباس اى خلق اهل الرحمة للرحمة كما خلق اهل الاختلاف للاختلاف: وفى المثنوى چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحي لا لان تربح عليهم جودتست ... كه شود زو جمله ناقصها درست عفو كن زين بندگان تن پرست ... عفو از درياى عفو اوليترست وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى وجب قول ربك للملائكة او حكمه وهو لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ اى من عصاتهما أجمعين او منهما أجمعين لا من أحدهما فهو لتأكيد العموم للنوعين والثلان هما النوعان المخلوقان للاختلاف فى دين الله الموصوفان بكفران نعم الله

[سورة هود (11) : آية 120]

ونسيان حقه وهما سيان فى الحكم فلا شقياء الجن ما لا شقياء الانس من العقاب واعلم ان الناس فى الأديان على اربعة اقسام سعيد. بالنفس والروح فى لباس السعادة وهم الأنبياء واهل الطاعة. والثاني شقى بالنفس فى لباس الشقاوة وهم الكفرة المصرون. والثالث شقى بالنفس فى لباس السعادة مثل بلعم بن باعورا وبرصيصا وإبليس. والرابع سعيد بالنفس فى لباس الشقاوة كبلال وصهيب وسلمان فى أوائل أمرهم ثم بدل الله لباسهم بلباس التقوى والهداية فاصل الأصول هو العناية الازلية والهداية الالهية والسعادة الاصلية قال فى الاحياء المانع من الوصول عدم السلوك والمانع من السلوك عدم الارادة والمانع من الارادة عدم الايمان وسبب عدم الايمان عدم الهداية انتهى قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت قال فى التأويلات النجمية وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً فى طلب الحق وَلا يَزالُونَ الخلق مُخْتَلِفِينَ فى الطلب فمنهم من طلب الدنيا ومنهم من طلب الآخرة ومنهم من طلب الحق إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فاخرجهم بنور رحمته من ظلمة طبيعتهم الجسمانية والروحانية الى نور طلب الربوبية فلا يكونون طلابا للدنيا والعقبى بل يكونون طلاب جمال الله وجلاله وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ اى ولطلب الله تعالى خلقهم وأكرمهم بحسن استعداد الطلب ورحمهم على توفيق الطلب وفضلهم على العالمين بفضيلة الوجدان وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ فى الأزل إذ قال (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي وهؤلاء فى النار ولا أبالي) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ اى من الأرواح المستهلكة المتمردة وهم إبليس واتباعه وَالنَّاسِ وهم النفوس الأمارات بالسوء أَجْمَعِينَ كلهم من الفريقين المعرضين عن الله تعالى وطلبه انتهى: قال المولى الجامى قدس سره يا من ملكوت كل شىء بيده ... طوبى لمن ارتضاك ذخرا لغده اين بس كه دلم جز تو ندارد كامى ... تو خواه بده كام دلم خواه مده : وقال المغربي قدس سره نيست در باطن ارباب حقيقت جز حق ... جنت اهل حقيقت بحقيقت اينست فاذا عرفت حقيقة الحال وسر هذا الكلام فجرد همتك من لباس علاقة كل حال ومقام وصر وأصلا الى الله حاصلا عنده وهو غاية المرام وَكُلًّا مفعول به لنقص وتنوينه عوض عن المضاف اليه المحذوف اى كل نبأ وخبر نَقُصُّ عَلَيْكَ نخبرك به مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ بيان لكل او صفة لما أضيف اليه كل لا لكلا لان الفصيح وصف المضاف اليه ومن للتبعيض ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ بدل من كلا او صفة لما أضيف اليه والأظهر ان يكون المضاف اليه المحذوف فى كلا المفعول المطلق لنقص اى كل اقتصاص اى كل اسلوب من اساليبه نقص عليك من انباء الرسل. وقوله ما نثبت به فؤادك مفعول نقص اى ما نشد به قلبك حتى يزيد يقينك ويطيب به نفسك وتعلم ان الذي فعل بك قد فعل بالأنبياء قبلك والإنسان إذا ابتلى بمحنة وبلية فرأى جماعة يشاركونه فيها خف على قلبه بليته كما يقال البلية إذا عمت خفت وطابت قال القاشاني رحمه الله فى شرح التائية للقلب وجه الى الروح يسمى فؤادا وهو محل الشهود كما قال سبحانه ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ووجه الى النفس يسمى صدرا وهو محل صور العلوم والقلب عرش

[سورة هود (11) : الآيات 121 إلى 122]

الروح فى عالم الغيب كما ان العرش قلب الكائنات فى عالم الشهادة انتهى وَجاءَكَ فِي هذِهِ السورة على ما فسره ابن عباس رضى الله عنهما فى منبر البصرة وعليه الأكثر الْحَقُّ ما هو حق وبيان صدق وتخصيصها بالحكم بمجىء الحق فيها مع ان ما جاءه فى جميع السور حق يحق تدبره وإذعانه والعمل بمقتضاه تشريفا لها ورفعا لمنزلتها وَمَوْعِظَةٌ ونصيحة عظيمة وَذِكْرى وتذكرة لِلْمُؤْمِنِينَ لانهم هم المنتفعون بالموعظة والتذكير بايام الله وعقوبته قال فى الإرشاد اى الجامع بين كونه حقا فى نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين ولكون الوصف الاول حالا له فى نفسه حلى باللام دون ما هو وصف له بالقياس الى غيره وتقديم الظرف اعنى فى هذه على الفاعل لان المقصود بيان منافع السورة لا بيان ذلك فيها لا فى غيرها وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بهذا الحق ولا يتعظون به ولا يتذكرون من اهل مكة وغيرهم اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ اى حالكم وجهتكم التي هى عدم الايمان إِنَّا عامِلُونَ على حالنا وهو الايمان به والاتعاظ والتذكير به وَانْتَظِرُوا بنا الدوائر والنوائب على ما يعدكم الشيطان إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ان ينزل بكم ما نزل بامثالكم من الكفرة على ما وعد الرحمن فهذا تهديد لهم لا ان الآية منسوخة بآية السيف واعلم ان تثبيت القلوب على الدين والطاعة الى الله تعالى لا الى غيره لانه تعالى أسنده الى ذاته الكريمة وان التثبت يكون منه بالواسطة وبغير الواسطة فاما بالواسطة فههنا كما قال ما نُثَبِّتُ بِهِ اى بالانباء عن أقاصيص الرسل كقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ واما بغير الواسطة فكقوله تعالى وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا وهذا التثبيت من إنزال السكينة فى قلبه بغير واسطة كقوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وكقوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ واعلم انه كما يزداد الايمان بالسكينة فكذلك يزداد اليقين على اليقين باستماع قصص الانبيا والأمم السالفة كما قيل حكايات الصالحين جند من جنود الله تعالى وهذا لمن يثبت الله به قلبه لا لمن يزداد شكه على الشك وكفره على الكفر كأبى جهل ونحوه لان الله تعالى أودع فى كل شىء لطفه وقهره فمن فتح عليه باب لطفه اغلق عليه باب قهره ومن فتح عليه باب قهره اغلق عليه باب لطفه: قال فى المثنوى ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون «1» اصل ماهى ز اب وحيوان از كاست ... حيله وتدبير اينجا باطلست قفل رفتست وگشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا ومن فتح الله عليه باب لطفه جاءه الحق من هذا الباب كما قال الله تعالى وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ اى انك لست بقادر ان تجيئ فى هذه بالحق لان أبواب اللطف والقهر مغلوقة والمفتاح بيد الفتاح لا يقدر غير المفتاح ان يفتحه فاذا هو الذي يفتح باب لطفه فى كل شىء على العبد ويجيئ بكرمه فيه اليه بلا كيف ولا اين وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ليطلبوا الحق من باب لطفه فى كل شىء ولا يطلبوا من باب قهره اطلبوا الأرزاق من أسبابها ... ادخلوا الأبيات من ابوابها «2»

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه غاز باره بود إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان آن مرد كه در عهد داود عليه السلام شب وروز إلخ [.....]

[سورة هود (11) : آية 123]

وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بطلب الحق ووجدانه اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ فى طلب المقاصد من باب قهر الحق تعالى إِنَّا عامِلُونَ فى طلب الحق من باب لطفه وَانْتَظِرُوا قهر الحق من باب قهره إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وجدان الحق من باب لطفه وقد ثبت عند اهل التحقيق ان الوجود العيني تابع لعلم الله تعالى وهو تابع للمعلوم الذي هو عين ثابتة لكل فرد من افراد الإنسان وهم قد سألوا بلسان الاستعداد فى تلك المرتبة اى حين كونهم أعيانا ثابتة كل ما لهم وعليهم فسلوكهم فى هذه النشأة الى طريق الأعمال القهرية ودقهم باب الجلال الإلهي انما هو من نتائج استعداداتهم ومقتضيات اسئلتهم السابقة وقس عليه اهل اللطف والجمال وكما ان الله تعالى نصر أنبياءه كذلك ينصر أولياءه وصالح المؤمنين ويفتح عليهم أبواب لطفه وكرمه ويؤيدهم ويثبتهم ويحفظهم من تزلزل الاقدام بحسب مراتبهم ويدفع عن قلوبهم الألم وانما الألم من فقدان العيان- يحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعين سوطا فما صاح ولا استغاث الا فى واحدة بعدها فتبعه الشبلي رحمه الله فسأله عن امره فقال ان العين التي ضربت من أجلها كانت تنظر الىّ فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عنى: وفى المثنوى هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا گر بود سم الخياط هر كجا يوسف رخى باشد چوماه ... جنتست آن گرچهـ باشد قعر چاه فالكلام انما هو فى كون المرء مع الحق وشهوده فى كل وقت وَلِلَّهِ اللام للاختصاص غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الغيب فى الأصل مصدر واضافة المصدر من صيغ العموم والاضافة بمعنى فى اى يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه فكيف يخفى عليه أعمالكم وَإِلَيْهِ تعالى وحده يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ بضم الياء وفتح الجيم بمعنى يرد وبفتح الياء وكسر الجيم بمعنى يعود عواقب الأمور كلها يوم القيامة فيرجع أمرك يا محمد وامر الكفار اليه فينتقم لك منهم فَاعْبُدْهُ اى أطعه واستقم على التوحيد وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فوض اليه جميع أمورك فانه كافيك وعاصمك من شرهم فعليك تبليغ ما أوحينا إليك بقلب فسيح غير مبال بعداوتهم وعتوهم وسفههم وفى تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة اشعار بانه لا ينفع بدونها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وكل عمل تعمله أنت وهم اى الكفار فالله تعالى عالم به غير فاعل عنه لان الغفلة والسهو لا يجوزان على من لا يخفى عليه شىء فى السماوات والأرض فيجازى كلا منك ومنهم بموجب الاستحقاق وعن كعب الأحبار ان فاتحة التوراة سورة الانعام وخاتمتها هذه الآية وهى وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلخ اعلم ان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الأنبياء والأولياء صلوات الله عليهم أجمعين فبواسطة الوحى والإلهام وتعليم الله تعالى. ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن حال العشرة المبشرة. وكذا عن حال بعض الناس وعن محمد بن كعب انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة) فدخل عبد الله ابن سلام فقام اليه الناس من اصحاب رسول الله فاخبروه بذلك قالوا لو اخبرتنا باوثق عمل ترجوبه فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنى. وكذا اخباره عليه السلام

عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واماتة الصلاة واتباع الشهوات وعن سيد الطائفة جنيد البغدادي رحمه الله قال لى خالى سرى السقطي تكلم على الناس وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك ورأيت النبي عليه السلام وكان ليلة الجمعة فقال تكلم على الناس فانتبهت وأتيت بابه العامي فقال لم تصدقنا حتى قيل لك فقعدت من غد للناس اى بطريق العظة والتذكير فقعد على غلام نصرانى متنكرا وقال ايها الشيخ ما معنى قوله عليه السلام (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) قال فاطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت إسلامك فاسلم الغلام فمثل هذا العلم والوقوف على احوال الناس لا يحصل الا بأخبار الله تعالى والا فكل ولى متحير فى امره وامر غيره كما قال المولى الجامى اى دل تو كه آن فضولى وبو العجبى ... از من چهـ نشان عافيت مى طلبى سرگشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادي ما أدرى ما يفعل بي ثم ان التوكل عبارة عن الاعتصام به تعالى فى جميع الأمور ومحله القلب وحركة الظاهر لا تنافى توكل القلب بعد ما تحقق عند العبد ان التقدير من قبل الله تعالى فان تعسر شىء فبتقديره فالواجب على كافة العباد ان يعبدوا الله تعالى ويعتمدوا عليه كل الاعتماد لا على الجاه والعقل والأموال والأولاد فان الله تعالى خالق كل مخلوق ورازق كل مرزوق وفى الحديث (ما من زرع على الأرض ولا ثمر على الأشجار الا وعليه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم هذا رزق فلان ابن فلان) وفى الحديث (خلق الله الأرزاق قبل الأجساد بألف عام فبسطها بين السماء والأرض فضربتها الرياح فوقعت فى مشارق الأرض ومغاربها فمنهم من وقع رزقه فى الف موضع ومنهم من وقع فى مائة ومنهم من وقع على باب داره يغدو ويروح حتى يأتيه) : قال المولى الجامى قدس سره حرص چهـ ورزى كه نبودت او سود ... هيچ دو شش كرد دو هشت تونه رنج طلب را همه بر خود مگير ... يطلبك الرزق كما تطلبه وأفضل العبادات فى مقام التوكل هو التوكل وفى مقام الرضى هو الرضى وفى مقام الفناء هو الفناء وعلى هذا ثم ان العبادة وان كثرت أنواعها ولكن العبادة فى الحقيقة ترك العادات ومخالفة النفس بالمجاهدات والانقطاع عما سوى الله تعالى حتى يترقى العبد من مقام العبادة الى مقام العبودية ولا يحصل ذلك الا بكمال التوحيد وكمال التوحيد لا يحصل الا بالمداومة للعبادات والملازمة الى ذكر الله تعالى فى جميع الحالات يا رب ز دو كون بي نيازم گردان ... واز أفسر فقر سر فرازم گردان در راه طلب محرم رازم گردان ... زان ره كه نه سوى تست بازم گردان والله ولى التوفيق واليه تعود العواقب على التحقيق تمت سورة هود بفضل الله الودود فى سحر ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الاول من سنة ثلاث ومائة والف

تفسير سورة يوسف

تفسير سورة يوسف وهى مكية وآيها مائة واحدي عشرة على ما هو المضبوط بسم الله الرحمن الرحيم- روى- عن ابى بن كعب رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (علموا ارقاءكم سورة يوسف فانه أيما مسلم املاها وعلمها اهله وما ملكت يمينه هون الله عليه سكرات الموت وأعطاه القوة وان لا يحسد مسلما) كذا فى تفسير التبيان وذلك ان يوسف عليه السلام ابتلى بحسد الاخوان وشدائد البئر والسجن فارسل الله تعالى جبرائيل فسلاه وهون عليه تلك الشدائد بايصاله الى مقام الانس والحضور ثم أعطاه القوة والعزة والسلطنة فآل امره الى الصفاء بعد انواع الجفاء فمن حافظ على تلاوة سورة يوسف وتدبر فى معانيها وصل الى ما وصل يوسف من انواع السرور كما قال ابن عطاء رحمه الله تعالى لا يسمع سورة يوسف محزون الا استراح كما فى تفسير الكواشي نسأل الله الراحة من جميع الحواشي- روى- ان أحبار اليهود قالوا لرؤساء المشركين سلوا محمدا لماذا انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر وعن قصة يوسف ففعلوا ذلك فنزلت هذه السورة الر اى انا الله ارى واسمع سؤالهم إياك عن هذه القصة ويقال انا الله ارى صنيع اخوة يوسف ومعاملتهم معه. ويقال انا الله ارى ما يرى الخلق وما لا يرى الخلق. ويقال الر تعديد للحروف على سبيل التحدي فلا محل له من الاعراب او خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم يقول الفقير أصلحه الله القدير الحروف المقطعة من الاسرار المكتومة التي يحرم افشاؤها لغير أهلها. وقول بعضهم هذه الحروف من المتشابهات القرآنية لا يعلم معانيها الا الله سلوك الى الطريق الا سلم وتسليم للامر الى اهله وليس ببعيد من كرم الله تعالى ان يفيض معانيها على قلوب الكمل لكنهم انما يرمزون بها ويشيرون بغير تصريح بحقائقها صونا للعقول الضعيفة وحفظا للعهد المأخوذ منهم قدر گوهر چوگوهرى داند ... چهـ نهى در دكان خرده فروش قال الحافظ قيمت در گرانمايه چهـ دانند عوام ... حافظا گوهر يكدانه مده جز بخواص وعن على رضى الله عنه لو حدثتكم ما سمعتة من فم ابى القاسم لخرجتم من عندى وتقولون ان عليا أكذب الكذابين وافسق الفاسقين كما فى شرح المثنوى: قال حضرت الشيخ العطار قدس سره دلى پر گوهر اسرار دائم ... ولى اندر زبان مسمار دارم وقال حضرة مولانا قدس سره هر كه را اسرار كار آموختند ... مهر كردند ودهانش دوختند وكون هذه الحروف المبسوطة مما ليس لها وضع لغوى او عرفى معلوم لا ينافى ان يكون لها معان حقيقية فى الحقيقة فان الواضع هو الله تعالى فيحتمل انه وضع لها معانى معلومة لخلص عباده بل الاحتمال مرفوع حيث ان نزول حرف التهجي على أبينا آدم عليه السلام

[سورة يوسف (12) : آية 2]

يحقق موضعيتها فقول العلماء انها تعديد على نمط التحديد ليس له كثير معنى فافهم جدا وفى الحديث (سألنى ربى) اى ليلة المعراج (فلم أستطع ان أجيبه فوضع يده بين كتفى بلا تكييف ولا تحديد) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة (فوجدت بردها فاورثنى علوم الأولين والآخرين وعلمنى علوما شتى فعلم أخذ علىّ كتمانه إذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم أمرني بتبليغه الى العام والخاص من أمتي) وهى الانس والجن والملك كما فى انسان العيون تِلْكَ السورة وأشير إليها بما يشير الى البعيد لانه وصل من المرسل الى المرسل فصار كالمتباعد او لان الاشارة لما كانت الى الموجود فى الذهن أشير به ايماء الى بعده عن حيز الاشارة لما انها تكون بمحسوس مشاهد وهو مبتدأ خبره قوله آياتُ الْكِتابِ اى القرآن الْمُبِينِ من ابان بمعنى بان اى وضح وظهر اى الظاهر امره فى كونه من عند الله تعالى وفى اعجازه او بمعنى بين وأوضح اى المبين لما فيه من الاحكام والشرائع وخفايا الملك والملكوت واسرار النشأتين وغير ذلك من الحكم والمعارف والقصص وفى بحر العلوم الكتاب المبين هو اللوح وإبانته انه قد كتب وبين فيه كل ما هو كائن فهو يبينه للناظرين فيه ابانة ولما وصف الكتاب بما يدل على الشرف الذاتي عقب ذلك بما يدل على الشرف الإضافي فقيل إِنَّا أَنْزَلْناهُ اى الكتاب المتضمن قصة يوسف وغيرها فى حال كونه قُرْآناً عَرَبِيًّا بلغتكم فعربيا نعت لقرآنا نعت نسبة لا نعت لزوم لانه كان قرآنا قبل نزوله فلما نزل بلغة العرب نسب إليها كما فى الكواشي. وقرآنا حال موطئة اى توطئة للحال التي هى عربيا لانه فى نفسه لا يبين الهيئة وانما بينها للغير وهى ما يتبعها من الصفة فان الحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة فكان الاسم الجامد وطأ الطريق لما هو حال فى الحقيقة بمجيئه قبلها موصوفا بها كما فى شرح الكافية للعلامة لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ اى لكى تفهموا معانيه وتحيطوا بما فيه وتطلعوا على انه خارج عن طوق البشر منزل من عند خلاق القوى والقدر والعقل ادراك معنى الكلام والعلة على التشبيه والاستعارة فان افعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض عند اهل السنة وقال فى بحر العلوم لعل مستعار لمعنى الارادة لتلاحظ العرب معناه او معنى الترجي اى أنزلنا قرآنا عربيا ارادة ان تعقله العرب ويفهموا منه ما يدعوهم اليه فلا يكون لهم حجة على الله ولا يقولوا لنبيهم ما خوطبنا به كما قال وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ وفى التأويلات النجمية الر يشير بألف الى الله وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول اى ما انزل الله تعالى على لسان جبريل على قلب الرسول دلالات الكتاب من المحبوب الى المحب ليهتدى المحب بالبيان طريق الوصول الى المحبوب انا كسوناه للقراءة كسوة العربية لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ حقائق معانيه وأسراره ومبانيه وإشاراته بها إذ هى لغتكم كما أنزلنا التوراة على أهلها بلغة العبرى والإنجيل بلغة السرياني يشير به الى ان حقيقة كلام الله تعالى منزهة فى كلاميته عن كسوة الحروف والأصوات واللغات ولكن الخلق يحتاجون فى تعقل معانيه الى كسوة الحروف واللغات وفى الآيات دليل على شرف اللسان العربي وفى كلام الفقهاء العرب اولى الأمم لانهم المخاطبون اولا والدين عربى وفى

[سورة يوسف (12) : آية 3]

الحديث (أحب العرب لثلاث لانى عربى والقرآن عربى وكلام اهل الجنة عربى) وفى الحديث (ان لواء الحمد يوم القيامة بيدي وان اقرب الخلق من لوائى يومئذ العرب) وفى الحديث (إذا ذلت العربي ذل الإسلام) وفى الحديث (ان الله حين خلق الخلق بعث جبريل فقسم الناس قسمين قسم العرب قسما وقسم العجم قسما وكانت خيرة الله فى العرب ثم قسم العرب قسمين قسم اليمن قسما وقسم مضر قسما وكانت خيرة الله فى مضر وقسم مضر قسمين فكانت قريش قسما وكانت خيرة الله فى قريش ثم أخرجني من خير من انا منه) تازى يثربى لقب مكئ هاشمى نسب ... معتكف سراى وحي امئ أمتي سراى يقول الفقير ولكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عربيا جاء وارثه الأكمل من العرب وهو حضرة الشيخ الأكبر والمسك الأذفر والكبريت الأحمر محيى الدين بن عربى قدس الله نفسه الزاكية وانما قلت بكونه الوارث الأكمل لكونه خاتمة الولاية الخاصة المحمدية فهو من أكمل مظاهر هذه المرتبة وفيه ظهر التفضيل الذي لم يظهر فى غيره ومن عداه طفيلى مائدته فى هذا الباب وبهذا المعنى نصرح به ولا نكنى وليمت المنكر بغيظه وغضبه ونعوذ بالله من سوء الاعتقاد نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نخبرك ونحدثك. وبالفارسية [ما ميخوانيم بر تو] من قصى اثره إذا اتبعه لان من يقص الحديث ويرويه يتبع ما حفظ منه شيأ فشيأ كما يقال تلا القرآن إذا قرأه لان من يتلو يتبع ما حفظ منه آية بعد آية أَحْسَنَ الْقَصَصِ مفعول به لنقص على ان يكون القصص مصدرا بمعنى المقصوص اى نبين لك احسن ما يقص من الانباء والأحاديث وهو قصة آل يعقوب والظاهر أنه احسن ما يقص فى بابه كقولك فلان اعلم الناس وأفضلهم تريد فى فنه كما فى بحر العلوم اى فلا يلزم ان يكون احسن من قصة سيد الكونين والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ويمكن ان يقال قد يراد بافعل الزيادة من وجه كما فى قوله تعالى أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها كما فى حواشى سعدى المفتى قال محيى السنة سمى الله قصة يوسف احسن القصص لما فيها من العبر والحكم والنكت والفوائد التي تصلح للدين والدنيا من سير الملوك والمماليك ومكر النساء والصبر على أذى الأعداء والتجاوز عنهم بعد الاقتدار وغير ذلك من الفوائد وقال بعضهم لان يوسف عليه السلام كان احسن أبناء بنى إسرائيل ونسبه احسن الأنساب كما قال صلى الله عليه وسلم (ان الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم) والكرم اسم جامع لكل ما يحمد به واجتمع فى يوسف مع كونه ابن ثلاثة أنبياء متراسلين شرف النبوة وحسن الصورة وعلم الرؤيا ورياسة الدنيا وحياطة الرعايا فى القحط والبلايا فأى رجل أكرم من هذا وقال بعضهم لان دعاءه كان احسن الادعية توفنى مسلما والحقنى بالصالحين وهو أول من تمنى لقاء الله تعالى بالموت غافلان از موت مهلت خواستند ... عاشقان گفتند نى نى زود باش وتزويجه احسن التزويج وفى قصة تزويجه صفة فرقة ووصلة وصلة وغربة وتلطيف وتعنيف وعشق وعاشق ومعشوق وحبس وخلاص وقيد وعبودية وعتق وتعارف وتناكر واقبال

وفرار ونفحة وجذبة واشارة وبشارة وتعبير وتفسير وتعسير وتيسير وأودع فى قصته ما لم يودع فى غيرها من اللطائف وانواع المعاملات مما يروح الأرواح ويهيج الأشباح يقول الفقير لا يبعد ان يقال ان قصة يوسف احسن الأقاصيص السالفة فى سورة هود فى باب تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وفى نفسها ايضا إذ ما يتعلق بالمحبوب محبوب وما ينبئ عن الأحسن احسن كما قال المولى الجامى بس دلكش است قصه خوبان وزان ميان ... تو يوسفى وقصه تو احسن القصص وسيجيئ ذكر الملاحة المتعلقة بجناب يوسف وحضرة الرسالة عليهما السلام وقال بعضهم هى أول قصة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى او جز لفظا واجمع معنى مترجمة فى الحقيقة عن اسرار الوراثة والخلافة والروح والقلب والقوى وتصفية النفس الامارة التي ظهرت. اولا فى صورة زليخا ثم أسلمت وتزكت وصفت الى ان وصلت الى مقام الرضى والامتنان بعد همها باماريتها ثم اجتمعت بالروح اليوسفى بعد انقياد قواها فى صورة الاخوة وقال فى التأويلات النجمية انما كانت احسن القصص لان لها مناسبة ومشابهة بأحوال الإنسان ورجوعه الى الله ووصوله اليه وذلك لانها تشير الى معرقة تركيب الإنسان من الروح والقلب والسر والنفس وحواسه الخمس الظاهرة وقواء الست الباطنة والبدن وابتلائه بالدنيا وغير ذلك الى ان يبلغ الإنسان أعلى مراتبه فاشارة يوسف الى القلب ويعقوب الى الروح وراحيل الى النفس واخوة يوسف الى القوى والحواس ثم ان القرآن مع اشتماله على مثل هذه القصة البديعة وغيرها من عجائب البيان طعن فيه الكفار لكونهم عن غير اولى الابصار: وفى المثنوى چون كتاب الله بيامد هم بران ... اينچنين طعنه زدند آن كافران كه أساطير است وافسانه نژند ... نيست تعميقى وتحقيقي بلند ذكر يوسف ذكر زلف و پرچمش ... ذكر يعقوب وزليخاى غمش ونعم ما قال حضرة الشيخ السعدي قدس سره كسى بديده انكار اگر نگاه كند ... نشان صورت يوسف دهد بنا خوبى وگر بچشم أرادت نگه كند در ديو ... فرشته اش بنمايد بچشم كروبى بِما أَوْحَيْنا متعلقة بنقص وما مصدرية اى بايحائنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ مخففة من الثقيلة اى وان الشان كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ايحائنا إليك هذا القرآن لَمِنَ الْغافِلِينَ الغفلة عن الشيء هى ان لا يخطر ذلك بباله اى لمن الغافلين عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط وهو تعليل لكونه موحى والتعبير عن عدم العلم بالغفلة لاجلال شأنه عليه السلام كما فى الإرشاد فليست هى الغفلة المتعارفة بين الناس ولله ان يخاطب حبيبه بما شاء ألا ترى الى قوله ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وقوله وَوَجَدَكَ ضَالًّا ونحو هما فان مثل هذا التعبير انما هو بالنسبة الى الله تعالى وقد تعارفه العرب من غير ان يخطر ببالهم نقص ويجب علينا حسن الأداء فى مثل هذا المقام رعاية للادب فى التعبير وتقرير

[سورة يوسف (12) : آية 4]

الكلام مع ان الزمان واهله قد مضى وانقضت الأيام والأنام اللهم اجعلنا فيمن هديتهم الى لطائف البيان ووفقتهم لما هو الأدب فى كل أمر وشان انك أنت المنان إِذْ قالَ يُوسُفُ اى اذكر يا محمد وقت قول يوسف وهو اسم عبرى ولذا لم ينصرف للعجمة والتعريف ولو كان عربيا لا نصرف والعبرى والعبراني لغة ابراهيم عليه السلام كما ان السرياني هى اللغة التي تكلم بها آدم عليه السلام قال السيوطي السرياني منسوب الى سريانة وهى ارض الجزيرة التي كان نوح وقومه قبل الغرق فيها وكان لسانهم سريانيا الا رجلا واحدا يقال له جرهم وكان لسانه عربيا قال فى أنوار المشارق من اللطائف الاتفاقية ان الأسف فى اللغة الحزن والاسيف العبد وقد اتفق اجتماعهما فى يوسف لِأَبِيهِ يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم قال بعض من مال الى الاشتقاق فى هذه الأسماء انما سمى يعقوب لان يعقوب وعيصا كانا توأمين فاقتتلا فى بطن أمهما حيث أراد يعقوب ان يخرج فمنعه عيص وقال لئن خرجت قبلى لاعترضن فى بطن أمي فلا قتلنها فتأخر يعقوب فخرج عيص فاخذ يعقوب بعقب عيص فخرج بعده فلهذا سمى به وسمى الآخر عيصا لما عصى وخرج قبل يعقوب وكان عيص رجلا أشعر وكان يعقوب أجرد وكان عيص أحبهما الى أبيه وكان يعقوب أحبهما الى امه وكان عيص صاحب صيد وكان يعقوب صاحب غنم فلما كبر إسحاق وعمى قال لعيص يوما يا بنى أطعمني لحم صيد واقترب منى ادع لك بدعاء دعالى به ابى هو دعاء النبوة وكان لكل نبى دعوة مستجابة واخر رسولنا صلى الله عليه وسلم دعاءه للشفاعة العظمى يوم القيامة فخرج عيص لطلب صيد فقالت امه ليعقوب يا بنى اذهب الى الغنم فاذبح منها شاة ثم اشوها والبس جلدها وقدمها الى أبيك قبل أخيك وقل له انا ابنك عيص لعله يدعو لك ما وعده لاخيك فلما جاء يعقوب بالشواء قال يا أبت كل قال من أنت قال انا ابنك عيص فمسه فقال المس مس عيص والريح ريح يعقوب يقول الفقير والأسلم ان يقال ان امه أحضرت الشواء بين يدى إسحاق وقالت ان ابنك جاءك بشواء فادع له فظن إسحاق انه عيص فاكل منه ثم دعا لمن جاء به ان يجعل الله فى ذريته الأنبياء والملوك فذهب يعقوب ولما جاءه عيص قال يا أبت قد جئتك بالصيد الذي أردت فعلم إسحاق الحال وقال يا بنى قد سبقك أخوك ولكن بقيت لك دعوة فهلم ادعو لك بها فدعا ان يكون ذريته عدد التراب فاعطى الله له نسلا كثيرا وجملة الروم من ولده روم وكان إسحاق متوطنا فى كنعان وإسماعيل مقيما فى مكة فلما بلغ إسحاق الى مائة وثمانين من العمر وحضرته الوفاة وصى سرا بان يخرج يعقوب الى خاله فى جانب الشام حذرا من ان يقتله اخوه عيص حسدا لانه اقسم بالله فى قصة الشواء ان يقتل يعقوب فانطلق الى خاله ليابن ناهز واقام عنده وكان لخاله بنتان إحداهما لايا وهى كبراهما والاخرى راحيل وهى صغراهما فخطب يعقوب الى خاله بان يزوجه إحداهما فقال له خاله هل لك مال قال لا ولكن اعمل لك فقال نعم صداقها ان تخدمنى سبع سنين فقال يعقوب أخدمك سبع سنين على ان تزوجنى راحيل قال ذلك بينى وبينك فرعى له يعقوب سبع سنين فزوجه الكبرى وهى لا يا قال له يعقوب انك خدعتنى انما أردت راحيل فقال له خاله انا لا ننكح الصغيرة قبل الكبيرة فهلم فاعمل سبع سنين

اخرى فازوجك أختها وكان الناس يجمعون بين الأختين الى ان بعث الله موسى عليه السلام فرعى له سبع سنين اخرى فزوجه راحيل فجمع بينهما وكان خاله حين جهزها دفع الى كل واحدة منهما امة تخدمها اسم إحداهما زلفة والاخرى بلهة فوهبتا الامتين ليعقوب فولدت لايا ستة بنين وبنتا واحدة روبيل. شمعون. يهودا. لاوى. يسجر. زيالون. دنية وولدت زلفة ابنين دان. يغثالى وولدت بلهة ايضا ابنين جاد. آشر وبقيت راحيل عاقرا سنين ثم حملت وولدت يوسف وليعقوب من العمر احدى وتسعون سنة وأراد يعقوب ان يهاجر الى موطن أبيه إسحاق بكل الحواشي وكان ليوسف خال له أصنام من ذهب فقالت لايا ليوسف اذهب واسترق منه صنما لعلنا نستنفق منه فذهب يوسف فأخذ صنما يقول الفقير والأسلم ان خاله وهو ابو امرأته جهزه كما فى بعض الكتب فخرج وقد رفع الله ما فى قلب عيص من العداوة كفر ايمان كشت وديو اسلام يافت ... آن طرف كان نور بى اندازه يافت فلما التقيا تعانقا وكانا على المصافاة وفى سنة الهجرة حملت راحيل ببنيامين وماتت فى نفاسها ويوسف ابن سنتين وكان أحب الأولاد الى يعقوب وحين صار ابن سبع سنين رأى فى المنام ان احدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة فى الأرض كهيئة الدائرة وإذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها فوصف ذلك لابيه فقال إياك ان تذكر هذا لاخوتك ثم رأى ليلة الجمعة وكانت ليلة القدر وهو ابن ثنتى عشرة سنة او سبع عشرة ما حكى الله تعالى عنه بقوله يا أَبَتِ [كويند يوسف در كنار پدر در خواب بود ناكاه سراسيمه از خواب در آمد پس يعقوب كفت اى پسر ترا چهـ رسيد كفت] يا أبت واصله يا ابى فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما فى ان كل واحدة زيادة مضمومة الى آخر الاسم أو لأن التاء تدل فى بعض المواضع على التفخيم كما فى علامة ونسابة والأب والام مظنتا التفخيم كما اختاره الرضى. والمعنى بالفارسية [اى پدر خواب عجب ديدم] إِنِّي رَأَيْتُ فى المنام فهو من الرؤيا لا من الرؤية لقوله لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ قال فى الكواشي الرؤيا فى المنام والرؤية فى العين والرأى فى القلب أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ومن بر سر كوهى بلند بودم كه حوالىء او انهار جارى وأشجار سبز بود] وعطف الشمس والقمر على كوكبا تخصيصا اى لاظهار شرفهما على سائر الطوالع كعطف الروح على الملائكة ثم استأنف على تقدير كيف رأيت فقال رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [اين ستاركان ونيرين فرود آمدند ومن در ايشان نكرستم ديدم مرا سجود كنندكان] اى سجدة تحية لا سجدة عبادة قال ابن الشيخ لفظ السجود يطلق على وضع الجبهة على الأرض سواء كان على وجه التعظيم والإكرام او على وجه العبادة ويطلق ايضا على التواضع والخضوع وانما أجريت مجرى العقلاء فى الضمير لوصفها بوصف العقلاء اعنى السجود- روى- عن جابر ان يهوديا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف فسكت النبي عليه الصلاة والسلام فنزل جبريل فاخبره بذلك فقال عليه السلام (إذا أخبرتك بذلك هل تسلم) قال نعم قال عليه السلام (جريان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفليق والمصبح والضروح والفرغ ووثاب وذو الكتفين رآها يوسف والشمس

والقمر نزلن من السماء وسجدن له) فقال اليهودي اى والله انها لا سماؤها واعلم ان يوسف رأى اخوته فى صورة الكواكب لانه يستضاء بالاخوة ويهدى كما يهدى بالكواكب ورأى أباه وخالته ليا فى صورة الشمس والقمر وانما قلنا خالته لان امه ماتت فى نفاس بنيامين كما مر وسجودهم له دخولهم تحت سلطنته وانقيادهم كما سيأتى فى آخر القصة قال فى الإرشاد ولا يبعد ان يكون تأخير الشمس والقمر اشارة الى تأخر ملاقاته لهما عن ملاقاته لاخوته والاشارة بالأحد عشر كوكبا الى الحواس الخمس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والقوى الست الباطنة من المفكرة والمذكرة والحافظة والمخيلة والواهمة والحس المشترك فان كل واحدة من هذه الحواس والقوى كوكب مضيئ يدرك به معنى مناسب له وهو اخوة يوسف القلب لانهم تولدوا بازدواج يعقوب الروح وراحيل النفس كلهم بنوا اب واحد والاشارة بالشمس والقمر الى الروح والنفس ومقام كمالية الإنسان ان يكون للقلب سلطان يسجد له الروح والنفس والحواس والقوى كما سجد الملائكة لآدم اى تنقاد وتصير مسخرة مقهورة تحت يده وهذا هو الفتح المطلق الذي اشارت اليه سورة النصر وليس لوارث هذا المقام بقاء فى الدنيا غالبا اى بعد ان تحقق بحقيقته فافهم جدا وكان شيخنا الاجل الأكمل من هذا القسم روح الله روحه وأفاض علينا فتوحه وهم يختارون المقام عند ربهم إذا وصلوا الى نهاية مطالبهم كما قال المولى الجامى اگر كنند بمن عرض دينى وعقبى ... من آستان تو بر هر دو جاى بگزينم والموت انسب لكونهم فى مقام العندية لكون التفصيل البرزخى اكثر من التفصيل الدنيوي والافهم ليسوا فى الدنيا ولا فى العقبى فى حياتهم ومماتهم ثم اعلم ان الرؤيا عبارة عن ارتسام صورة المرئي وانتقاشها فى مرآة القلب فى النوم دون اليقظة فالرؤيا من باب العلم ولكل علم معلوم ولكل معلوم حقيقة وتلك الحقيقة صورته والعلم عبارة عن وصول تلك الصورة الى القلب وانطباعها فيه سواء كان فى النوم او فى اليقظة فلا محل له غير القلب ولما كان عالم الأرواح متقدما بالوجود والمرتبة على عالم الأجسام وكان الامداد الرباني الواصل الى الأجسام موقوفا على توسط الأرواح بينها وبين الحق وتدبير الأجسام مفوض الى الأرواح وتعذر الارتباط بين الأرواح والأجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب والبسيط فان الأجسام كلها مركبة والأرواح بسيطة فلا مناسبة بينهما فلا ارتباط وما لم يكن ارتباط لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا امداد ولا استمداد فلذلك خلق الله عالم المثال برزخا جامعا بين عالم الأرواح وعالم الأجسام ليصح ارتباط أحد العالمين بالآخر فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الامداد والتدبير وهكذا شان روح الإنسان مع جسمه الطبيعي العنصري الذي يدبره ويشتمل عليه علما وعملا فانه لما كانت المباينة ثابتة بين روحه وبدنه وتعذر الارتباط الذي يتوقف عليه التدبير ووصول المدد اليه خلق الله نفسه الحيوانية برزخا بين البدن والروح المفارق فنفسه الحيوانية من حيث انها قوة معقولة هى بسيطة تناسب الروح المفارق ومن حيث انها مشتملة بالذات على قوى مختلفة متكثرة منبثة فى أقطار البدن متصرفة بتصرفات مختلفة ومحمولة ايضا فى البخار الضبابي الذي

فى التجويف الأيسر من القلب الصنوبري تناسب المزاج المركب من العناصر فحصل الارتباط والتأثر والتأثير وتأتى وصول المدد وإذا وضح هذا فاعلم ان القوة الخالية التي فى نشأة الإنسان من كونه نسخة من العالم بالنسبة الى العالم المثالي المطلق كالجزء بالنسبة الى الكل وكالجدول بالنسبة الى النهر الذي هو مشرعه وكما ان طرف الجدول الذي يلى النهر متصل به كذلك عالم الخيال الإنساني من حيث طرفه الأعلى متصل بعالم المثال والمثال نوعان مطلق ومقيد. فالمطلق ما حواه العرش المحيط من جميع الآثار الدنيوية والاخروية. والمقيد نوعان نوع هو مقيد بالنوم ونوع غير مقيد بالنوم مشروط بحصول غيبة وفتور ما فى الحس كما فى الواقعات المشهورة للصوفية وأول ما يراه الأنبياء عليهم السلام انما هو الصور المثالية المرئية فى النوم والخيال ثم يترقون الى ان يروا الملك فى المثال المطلق او المقيد فى غير حال النوم لكن مع نوع فتور فى الحس وكونهم مأخوذين عن الدنيا عند نزول الوحى انما هو مع بقاء العقل والتمييز ولذا لا ينتقض حينئذ وضوؤهم ولانهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم لكون بواطنهم محلاة بصفات الله متخلقة بأخلاقه مطهرة عن أوصاف البشرية من الحرص والعجز والأمل والضعف وغير ذلك مما فيه نقص ظاهر بالاضافة الى ذروة الكمال فضلا عن النوم لان النوم عجز وضعف وآفة ولو حلت الآفة قلب النبي لجاز ان يحله سائر الآفات من توهم فى الوحى وغفلة عنه وسآمة منه وفزع يمنعه عن واجب عليه قال بعضهم ان الله قد وكل بالرؤيا ملكا يضرب من الحكمة الأمثال وقد اطلعه الله سبحانه على قصص ولد آدم من اللوح المحفوظ فهو ينسخ منها ويضرب لكل قصة مثلا فاذا نام يمثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة لتكون بشارة له او نذارة او معاتبة ليكونوا على بصيرة من أمرهم وفى شرح الشرعة ان اللوح المحفوظ فى المثال كمرآة ظهر فيها الصور ولو وضع مرآة فى مقابلة اخرى ورفع الحجاب بينهما كانت صورة تلك المرآة تتراءى فى تلك والقلب مرآة تقبل رسوم العلوم واشتغاله بشهواته ومقتضى حواسه كأنه حجاب مرسل بينه وبين مطالعة اللوح الذي هو من عالم الملكوت فان هبت ريح الرحمة حرك هذا الحجاب ورفع فيتلألأ فى مرآة القلب شىء من عالم الملكوت كالبرق الخاطف وقد يثبت ويدوم ومادام متيقظا فهو مشغول بما يورده الحس عليه من عالم الشهادة الا من شاء الله تعالى من المؤيدين من عند الله تعالى فاذا ركدت الحواس عند النوم وتخلص القلب من شغلها ومن الخيال وكان صافيا فى جوهره وارتفع الحجاب وقع فى القلب شىء مما فى اللوح بحسب صفاته الا ان النوم لا يمنع الخيال عن عمله وحركته فما وقع فى القلب من اللوح يبتدره الخيال فيحاكيه بمثال يقاربه وتكون التخيلات اثبت فى الحفظ من غيرها فاذا انتبه من النوم لا يتذكر الا الخيال فيحتاج الرائي الى معبر لينظر بفراسته ان هذا الخيال حكاية أي معنى من المعاني ولهذا السرّ كان من السنة لمن يرى فى منامه شيأ ان يقصه على عالم ناصح والرؤيا ثلاثة. أحدها حديث النفس كمن يكون فى امر او حرفة يرى نفسه فى ذلك الأمر وكالعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك. وثانيها تخويف الشيطان بان يلعب بالإنسان فيريه ما يحزنه ومن لعبه به الاحتلام الموجب للغسل وهذان لا تأويل لهما. وثالثها بشرى من الله تعالى بان يأتيك ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب

[سورة يوسف (12) : الآيات 5 إلى 6]

يعنى من اللوح المحفوظ وهو الصحيح وما سوى ذلك أضغاث أحلام قالَ استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة فقيل قال يا بُنَيَّ تصغير ابن صغره للشفقة والمحبة وصغر السن فانه كان ابن ثنتى عشرة سنة كما مر وأصله يا بنيا الذي أصله يا بنيى فابدلت ياء الاضافة ألفا كما قيل فى يا غلامى يا غلاما بناء على ان الالف والفتحة أخف من الياء والكسرة قال فى الإرشاد ولما عرف يعقوب من هذه الرؤيا ان يوسف يبلغه تعالى مبلغا جلبلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الاخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك وله من معاناة المشاق ومقاساة الأحزان وان كان واثقا من الله تعالى بان سيتحقق ذلك لا محالة وطمعا فى حصوله بلا مشقة لا تَقْصُصْ [مخوان و پيدا مكن] رُؤْياكَ كلا او بعضا عَلى إِخْوَتِكَ وهم بنوا علاته العشرة كما هو المشهور إذ عدّ دنية من الرجال سهو فان الأصح انها بنت ليا كما سبق فقوله فى تفسير الإرشاد المراد بإخوته هاهنا الذين يخشى غوائلهم ومكايدهم من بنى علاته الأحد عشر. واما بنيامين الذي هو شقيق يوسف وأمهما راحيل فليس بداخل تحت هذا النهى لانه لا يتوهم مضرته ولا يخشى معرته ولم يكن معهم معدودا فى الرؤيا إذ لم يكن معهم فى السجود ليوسف انتهى ليس بوجيه بل ليس بسديد إذ ليس فى الاخوة من يسمى دنية كما فى حواشى سعدى المفتى ولا يلزم من عدم كون بنيامين داخلا معهم فى الرؤيا ان لا يكون منهم باعتبار التغليب فهو حادى الأحد عشر فَيَكِيدُوا نصب بإضمار ان اى فيفعلوا لَكَ اى لاجلك ولا هلاكك كَيْداً خفيا عن فهمك لا تقدر على مدافعته وهذا أوفق بمقام التحذير وان كان يعقوب يعلم انهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه والكيد الاحتيال للاغتيال او طلب إيصال الشر بالغير وهو غير عالم به إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ استئناف كأن يوسف قال كيف يصدر ذلك عن إخوتي الناشئين فى بيت النبوة فقيل ان الشيطان ظاهر العداوة للانسان او مظهرها قد بانت عداوته لك ولا بناء جنسك إذا خرج أبويكم آدم وحواء من الجنة ونزع عنهما لباس النور وحلف انه ليعلمن فى نوع الإنسان كل حيلة وليأتينهم من كل جهة وجانب فلا يزال مجتهدا فى إغواء إخوتك واضلالهم وحملهم على الاضرّ فبه علم انهم يعلمون تأويلها فقال ما قال قال بعض العارفين برأ أبناءه من ذلك الكيد فالحقه بالشيطان لعلمه ان الافعال كلها من الله تعالى. ولما كان الشيطان مظهرا لاسم المضل أضاف الفعل السببى اليه وهذه الاضافة ايضا كيد ومكر فان الله تعالى هو الفاعل فى الحقيقة لا المظهر الشيطاني حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود ... تأثير ز آلت از محالات بود وَكَذلِكَ اى مثل اجتبائك واختيارك من بين إخوتك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز وكبرياء شأنك فالكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ يختارك ويصطفيك لما هو أعظم منها كالنبوة ويبرز مصداق تلك الرؤيا فى عالم الشهادة إذ لا بد لكل صورة مرئية فى عالم المثال حقيقة واقعة فى عالم الشهادة وان كانت الدنيا كلها خيالا كما سيأتى تحقيقه

خيال جمله جهانرا بنور چشم يقين ... بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم وَيُعَلِّمُكَ كلام مبتدأ غير داخل فى حكم التشبيه كأنه قيل وهو يعلمك لان الظاهر ان يشبه الاجتباء بالاجتباء والتعليم غير الاجتباء فلو كان داخلا فى حكم التشبيه كان المعنى وبعلمك تعليما مثل الاجتباء بمثل هذا الرؤيا وظاهر سماجته فان الاجتباء وجه الشبه بين المشبه والمشبه به ولم يلاحظ فى التعليم ذلك كذا قالوا يقول الفقير هذا هو منهما نعمة جسيمة من الله تعالى كما يدل عليه مقام الامتنان فلا سماجة مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ اى ذلك الجنس من العلوم فتطلع على حقيقة ما أقول فان من وفقه الله تعالى لمثل هذه الرؤيا لا بد من توفيقه لتعبيرها فان علم التعبير من لوازم الاجتباء غالبا والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤى جمع الرؤيا إذ هي اما أحاديث الملك ان كانت صادقة او أحاديث النفس والشيطان ان لم تكن كذلك وتسميتها تأويلا لانه يؤول أمرها اليه اى يرجع الى ما يذكره المعبر من حقيقتها. والأحاديث اسم جمع للحديث ومنه أحاديث الرسول والحديث فى اللغة الجديد وفى عرف العامة الكلام وفى عرف المحدثين ما يحدث عن النبي عليه السلام فكأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن إذ ذاك قديم وهذا حادث. وفى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ يا يوسف يجوز ان يتعلق بقوله يتم وان يتعلق بنعمته اى بان يضم الى النبوة المستفادة من الاجتباء الملك ويجعله تتمة لها وتوسيط التعليم لرعاية الوجود الخارجي وَعَلى كرر على ليمكن العطف على الضمير المجرور آلِ يَعْقُوبَ الآل وان كان أصله الأهل الا انه لا يستعمل الا فى الاشراف بخلاف الأهل وهم اهله من بيته وغيرهم فان رؤية يوسف اخوته كواكب يهتدى بانوارها من نعم الله عليهم لدلالتها على مصير أمرهم الى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة الى الفعل إتماما لتلك النعمة وقال سعدى المفتى غاية ما تدل رؤيتهم على صور الكواكب مجرد كونهم هادين للناس ولا يلزم ان يكون ذلك بالنبوة والظاهر انه عليه السلام علم ذلك بالوحى انتهى يقول الفقير لعل يعقوب انتقل من كونهم على صور الكواكب الى نبوتهم لان الفرد الكامل للهداية ان يكون ذلك بالنبوة ولذلك قد قال الله تعالى فى حق الأنبياء وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا فاعرف ذلك كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ نصب على المصدرية اى ويتم نعمته عليك إتماما كائنا كاتمام نعمته على أبويك وهى نعمة الرسالة والنبوة مِنْ قَبْلُ اى من قبل هذا الوقت او من قبلك إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ عطف بيان لابويك والتعبير عنهما بالأب مع كونهما أبا جده وأبا أبيه للاشعار بكمال ارتباطه بالأنبياء الكرام قال فى الكواشي الجد اب فى الاصالة يقال فلان ابن فلان وبينهما عدة آباء انتهى اما إتمامها على ابراهيم فباتخاذه خليلا وبانجائه من النار ومن ذبح الولد. واما على إسحاق فباخراج يعقوب والأسباط من صلبه وكل ذلك نعم جليلة وقعت تتمة لنعمة النبوة ولا يجب فى تحقيق التشبيه كون ذلك فى جانب المشبه به مثل ما وقع فى جانب المشبه من كل وجه والاشارة ان إتمام النعمة على يوسف القلب بان يتجلى له ويستوى عليه إذ هو عرش حقيقى للرب تعالى دون ما سواه كما قال تعالى (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن)

[سورة يوسف (12) : الآيات 7 إلى 10]

در دل مؤمن بكنجم اى عجب ... گر مرا جوئى دران دلها طلب ولهذا الاستحقاق كان يوسف القلب مختصا بكمال الحسن وإذا تجلى الله تعالى للقلب تنعكس أنوار التجلي من مرآة القلب على جميع المتولدات من الروح كالحواس والقوى وغيرهما من آل يعقوب الروح إِنَّ رَبَّكَ اى يفعل ما ذكر لان ربك عَلِيمٌ أي عليم حَكِيمٌ أي حكيم وهو معنى مجيئهما نكرتين اى واسع العلم باهر الحكمة يعلم من يحق له الاجتباء ولا يتم نعمته الا على من يستحقها او يفعل كل ما يفعل على مقتضى الحكمة والصواب اعلم ان الله تعالى قدم فى بعض المواضع الاسم الحكيم على الاسم العليم وعكس فى بعضها كما فى هذا المقام. اما الاول فباعتبار حضرة العلم لان العلم فى تعلقه فى الأعيان والحقائق العلمية تابع للحكمة وذلك عبارة عن كونه تابعا للمعلوم حيث تعلق به فى تلك الحضرة على وجه ما أعطاه إياه من نفسه. واما الثاني فهو باعتبار حضرة العين لان الحكمة فى تعلقها بالتعينات والصور المعينة تابعة للعلم وهذا عبارة عن كون المعلوم تابعا للعلم حيث انما تعلقت بها فى هذه الحضرة على وجه ما أعطاه العلم إياها من نفسه على الوجه الاول فلا جرم ان المتبوع فى أية مرتبة كان له التقدم والتابع كذلك له التأخر جدا ولا شك ان المعتبر انما هو تقدم المعلومات على تعلق العلم بها بالذات فى الحضرة الاولى وتأخرها عنه فى الثانية والحكمة انما هى ترتب تلك المعلومات فى مراتبها ووضعها فى مواضعها فى أية حضرة كانت وهذا الترتيب والوضع فى أي مرتبة كان إذا وقع من الحكيم العليم والعليم الحكيم بحسب اقتضاءات استعداداتها الكلية الازلية وبقدر استدعاآت قابليتها الجزئية الابدية فى النشئات الدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والجسمانية والروحانية وغير ذلك من سائر النشئات فافهم هداك الله الى الفهم عن الله كذا فى بعض تحريرات شيخنا الاجل ومرشدنا الأكمل قدس الله نفسه الزاكية وروح روحه فى جميع المواطن كلها آمين لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ اى بالله قد كان فى قصة يوسف وحكاية اخوته الأحد عشر آياتٌ علامات عظيمة الشأن دالة على قدرة الله القاهرة وحكمته الباهرة لِلسَّائِلِينَ لكل من سأل عن قصتهم وعرفها فان كبار أولاد يعقوب بعد ما اتفقوا على إذلال أصغر أولاده يوسف وفعلوا به ما فعلوا قد اصطفاه الله للنبوة والملك وجعلهم خاضعين له منقادين لحكمه وان وبال حسدهم له قد انقلب عليهم وهذا من أجل الدلائل على قدرة الله القاهرة وحكمته الباهرة وفى التفسير الفارسي [آورده اند كه چون يوسف خواب مذكور را با پدر تقرير كرد ويعقوب بكتمان آن وصيت فرمود وباجتباء وإتمام نعمت او مژده داد بعض از زنان برادران او شنودند ونماز شام كه ايشان بخانه باز آمدند صورت حال را باز نمودند ايشانرا عرق حسد در حركت آمد بتدبير مهم مشغول شدند وقال يهودا وروبيل وشمعون ما رضى ان يسجد له اخوته حتى يسجد له أبواه فدبروا لاخراجه من البين كما حكى الله عنهم بقوله إِذْ قالُوا [ياد كن آنرا كه كفتند برادران يوسف با يكديكر] لَيُوسُفُ [هر آينه يوسف] فلام الابتداء لتحقيق مضمون الجملة وتأكيده اى ان زيادة محبته لهما امر محقق ثابت لا شبهة فيه وَأَخُوهُ اى شقيقه بنيامين والشقيق الأخ من الأب والام وقد يقال للاخ

[سورة يوسف (12) : آية 9]

لاب شقيق كأنه شق معك ظهر أبيك وللاخ من الام لانه شق معك بطن أمك وفى القاموس الشقيق كامير الأخ كأنه شق نسبه من نسبه انتهى وانما لم يذكر باسمه تلويحا بان مدار المحبة اخوته ليوسف من الطرفين الأب والام فالمآل الى زيادة الحب ليوسف ولذلك دبروا لقتله وطرحه ولم يتعرضوا لبنيامين أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا أحب افعل تفضيل مبنى من المفعول شذوذا وحد الخبر مع تعدد المبتدأ لان افعل من كذا لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ولا بين المذكر والمؤنث لان تمامه بمن ولا يثنى اسم التفضيل ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه قال بعض العارفين مال يعقوب الى يوسف لظهور كمال استعداده الكلى فى رؤياه حين رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين فعلم أبوه من رؤياه انه يرث أباه وجده ويجمع استعدادات اخوته فكان يضمه كل ساعة الى صدره ولا يصبر عنه فتبالغ حسدهم حتى حملهم على التعرض له. وقيل لأن الله تعالى أراد ابتلاءه بمحبته اليه فى قلبه ثم غيبه عنه ليكون البلاء أشد عليه لغيرة المحبة الإلهية إذ سلطان المحبة لا يقبل الشركة فى ملكه والجمال والكمال فى الحقيقة لله تعالى فلا يحتجب أحد بما سواه ولا كيد أشد من كيد الولد ألا ترى ان نوحا عليه السلام دعا على الكفار فاغرقهم الله تعالى فلم يحترق قلبه فلما بلغ ولده الغرق صاح ولم يصبر وقال إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَنَحْنُ عُصْبَةٌ اى والحال انا جماعة قادرون على الحل والعقد أحقاء بالمحبة وما معنى اختيار صغيرين ضعيفين على العشرة الأقوياء والعصبة والعصابة العشرة من الرجال فصاعدوا سموا بذلك لان الأمور تعصب بهم وتشتد والنفر ما بين الثلاثة الى الخمسة والرهط ما بين الخمسة الى العشرة إِنَّ أَبانا فى ترجيحهما علينا فى المحبة مع فضلنا عليهما وكونهما بمعزل من الكفاية بالصغر والقلة لَفِي ضَلالٍ اصل الضلال العدول عن القصد اى ذهاب عن طريق التعديل اللائق وتنزيل كل منا منزلته مُبِينٍ ظاهر الحال نظروا الى صورة يوسف ولم يحيطوا علما بمعناه فقالوا ما قالوا ولم يعرفوا ان يوسف اكبر منهم بحسب الحقيقة: وفى المثنوى عارفى پرسيد از آن پير كشيش ... كه تو اى خواجه مسن ترياك ريش كفت نى من پيش ازو زائيده ام ... بي زريشى بس چهانرا ديده ام كفت ريشت شد سفيد از حال كشت ... خوى زشت تو نكرديده است وشت او پس از تو زاد واز تو بگذريد ... تو چنين خشكى ز سوداى ثريد تو بدان رنكى كه أول زاده ... يك قدم زان پيشتر ننهاده همچنان دوغى ترش در معدنى ... خود نكردى زو مخلص روغنى قال فى الكواشي لا وقف من السائلين الى صالحين لان الكلام جملة محكية عنهم انتهى اى للتعلق المعنوي بين مقدم الكلام ومؤخره الا ان يكون مضطرا بان ينقطع نفسه فحينئذ يجب عليه ان يرجع الى ما قبله ويوصل الكلام بعضه ببعض فان لم يفعل اثم كما فى بعض شروح الجزري وقرئ مبين اقْتُلُوا يُوسُفَ بكسر وضم والمشهور الكسر وجه الضم التبعية لعين الفعل وهى مضمومة فان قلت الحسد من أمهات الكبائر لا سيما وقد اقدموا بسبب ذلك على القتل

[سورة يوسف (12) : آية 10]

ونحوه وكل ذلك ينافى العصمة والنبوة قلت المعتبر عصمة الأنبياء فى وقت حصول النبوة فاما ما قبلها فذلك غير واجب كذا أجاب الامام وفى شرح العقائد الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بالإجماع وكذا من تعمد الكبائر انتهى [در تيسير آورده كه چون شيطان اين كلمات از ايشان استماع كرد بصورت پيرى پريشان ظاهر شد وكفت يوسف ميخواهد كه شما را ببندگى كيرد كفتند اى پير تدبير چيست كفت اقتلوا يوسف] أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً منكورة مجهولة بعيدة من العمران ليهلك فيها او يأكله السباع وهو معنى تنكيرها وابهامها لا ان معناه أي ارض كانت ولذلك نصبت نصب الظروف المبهمة وهى ما ليس له حدود تحصره ولا أقطار تحويه وفيه اشارة الى ان التغريب يساوى القتل كما فى قوله تعالى وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا فسلاطين الزمان كأنهم قاتلون العلماء لا سيما المشايخ منهم بتغريبهم وإقصائهم الى البلاد البعيدة وتفريقهم من أولادهم واتباعهم وذلك لكونه من غير سبب موجب غالبا أصلحنا الله تعالى وإياهم يَخْلُ بالجزم جواب للامر اى يخلص لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ فيقبل عليكم بكليته ولا يلتفت عنكم الى غيركم وتتوفر محبته فيكم فذكر الوجه لتصوير معنى إقباله عليهم لان الرجل إذا اقبل على الشيء اقبل بوجهه ويجوز ان يراد بالوجه الذات وَتَكُونُوا بالجزم عطف على يخل مِنْ بَعْدِهِ من بعد يوسف اى من بعد الفراغ من امره قَوْماً صالِحِينَ صلحت حالكم عند أبيكم او تائبين الى الله تعالى مما جئتم [واين نيز زمكائد إبليس بود كه ناشكيبان باديه آرزو را از روى تسويف ميكويد مصراع امروز كنه كنيد وفردا توبه آخر تأمل ميكند كه عذر فردا را عمر فردا مى بايد وبر عمر اعتمادي نيست] كار امروز بفردا نكذارى زنهار ... كه چوفردا برسد نوبت كار دكرست يقول الفقير اما قول بعض الحكماء هكذا يكون المؤمن يهيئ التوبة قبل المعصية فمعناه ان يصمم التوبة على ما سيصدر عنه من الزلات سهوا بحسب غلبة البشرية والا فلا معنى لتلويث لباس طاهر ثم تطهيره ورب ملسوع يموت قبل ان يصل الى الترياق فأكل السم على ظن ان الترياق يدفع مضرته ليس من ديدن اهل القلب السليم والعقل المستقيم قالَ استئناف مبنى على سؤال من سأل وقال اتفقوا على ما عرض عليهم من الامرين أم خالفهم فى ذلك أحد فقيل قال قائِلٌ مِنْهُمْ وهو يهودا وكان أحسنهم فيه رأيا حيث جوزوا قتله ولم يساعدهم عليه لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ فان قتله عظيم لكونه من غير جرم ولا تطرحوه أرضا لكونه فى حكم القتل وَأَلْقُوهُ يعنى بدل الطرح فِي غَيابَتِ الْجُبِّ فى قعره وغوره وما اظلم منه من أسفله سمى به لغيبته عن عين الناظر والجب البئر التي لم تطو بعد لانه ليس فيها غير جب الأرض وقطعها فاذا طويت فهو بئر يَلْتَقِطْهُ يأخذه على وجه الصيانة من الضياع والتلف فان الالتقاط أخذ شىء مشرف على الضياع بَعْضُ السَّيَّارَةِ جمع سيار وهو بناء المبالغة اى بعض طائفة تسير فى الأرض. وبالفارسية [بعضى از راه كذريان كه بدانجا رسند وببرندش بناحيتى ديكر وشما ازو باز رهيد] إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ [بمشورتى

[سورة يوسف (12) : الآيات 11 إلى 15]

يعنى چون غرض شما بودن اوست برين وجه ميبايد كرد] لم يبت القول عليهم بل انما عرض ذلك عليهم تأليفا لقلبهم وتوجيها لهم الى رأيه وحذرا من نسبتهم له الى التهكم والافتيات اى الاستبداد والتفرد قال سعدى المفتى انما قال هذا القائل ذلك لكونه أوجه مما ذكروه فى التدبير فان من التقطه من السيارة يحمله الى موضع بعيد ويحصل المقصود بلا احتياج الى الحركة بانفسهم فربما لا يأذن لهم أبوهم وربما يطلع على قصدهم انتهى فانظر الى هؤلاء الاخوان الذين ارحمهم له لا يرضى الا بإلقاء يوسف فى أسفل الجب وهكذا اخوان الزمان وابناؤه فان ألسنتم دائرة بكل شر ساكتة عن كل خير جامى ابناى زمان از قول حق صمند وبكم ... نام ايشان نيست عند الله بجز شر الدواب در لباس دوستى سازند كار دشمنى ... حسب الإمكان واجبست از كيد ايشان اجتناب شكل ايشان شكل انسان فعلشان فعل سباع ... هم زئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب وفى الآية اشارة الى ان الحواس والقوى تسعى فى قتل يوسف القلب بسكين الهوى فان موت القلب منشأه الهوى وهو السم القاتل للقلب او تسعى فى طرحه فى ارض البشرية فانه بعد موت القلب يقبل الروح بوجهه الى الحواس والقوى لتحصيل شهواتها ومراداتها وتكون هى بعد موته قوما صالحين للتنعم الحيواني والنفساني قال قائل منهم وهو يهودا المتفكرة لا تقتلوا يوسف والقوه فى غيابة جب القالب وسفل البشرية يلتقتطه سيارة الحوادث النفسانية ان كنتم فاعلين ساعين به كذا فى التأويلات النجمية فالحياة الحقيقية انما هى فى حياة القلب والقلب بيت الله ومحل استوائه عليه قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن الفضل العجب ممن يقطع الاودية والمفاوز والقفار ليصل الى بيته وحرمه لان فيه آثار أنبيائه كيف لا يقطع بالله نفسه وهواه حتى يصل الى قلبه فان فيه آثار مولاه وذكر الله تعالى هو طريق الوصول قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن على الترمذي الحكيم رضى الله عنه ذكر الله يرطب القلب ويلينه فاذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسا ويبس وامتنعت الأعضاء من الطاعة فاذا مددتها انكسرت كالشجرة إذا يبست لا تصلح الا للقطع وتصير وقودا للنار أعاذنا الله منها قالُوا [آورده اند كه برادران يوسف بر قول يهودا متفق شدند ونزد پدر آمده كفتند فصل بهار رسيده وسبزها از زمين دميده چهـ شود كه يوسف را با ما بصحرا فرستى تا روزى بتماشا وتفرج بگذارند يعقوب فرمود كه از هجر حسن بهار رخسار يوسف چون بلبل خزان ديده خواهم بود روا مداريد كه شما در كلزار باشيد ومن در خانه بخار هجر كرفتار باشم] حريفان در بهار عيش خندان ... من اندر كنج غم چون دردمندان [فرزندان يعقوب نااميد شده پيش يوسف آمدند واز تماشاى سبزه وصحرا شمه با وى در ميان آورده وكفتند موسم كل دو سه روزيست غنيمت دانيد ... كه دكر نوبت تاراج خزان خواهد بود يوسف چون نام تماشا شنيد خاطر مباركش متوجه صحرا شد وبا برادران پيش پدر آمده التماس اجازت نمود ومضمون اين مقال بزبان حال بعرض رسانيده] زين تنكناى خلوتم خاطر بصحرا مى كشد ... كز بوستان باد سحر خوش ميدهد بيغامرا [يعقوب در فكر دور ودراز افتاد] وعند ذلك قالوا يا أَبانا خاطبوه بذلك تحريكا

[سورة يوسف (12) : الآيات 12 إلى 14]

لسلسلة النسب بينه وبينهم وتذكيرا لرابطة الاخوة بينهم وبين يوسف ليتسببوا بذلك الى استنزاله عن رأيه فى حفظه منهم لما أحس منهم بامارات الحسد والبغي فكأنهم قالوا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا اى أي عذر لك فى ترك الامن اى فى الخوف عَلى يُوسُفَ مع انك أبونا ونحن بنوك وهو أخونا. قوله لا تأمنا حال من معنى الفعل فى مالك كما تقول مالك قائما بمعنى ما تصنع قائما وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ الواو للحال من مفعول لا تأمنا اى والحال انا لمريدون له الخير ومشفقون عليه ليس فينا ما يخل بالنصيحة والمقة وبالفارسية [نيك خواهانيم وبغايت بر وى مهربان] أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً الى الصحراء يَرْتَعْ اى يتسع فى أكل الفواكه ونحوها فان الرتع هو الاتساع فى الملاذ وَيَلْعَبْ بالاستباق والتناضل ونحوهما مما يكون الغرض منه تعلم المحاربة مع الكفار وانما سموه لعبا لانه فى صورته وايضا لم يكونوا يومئذ أنبياء وايضا جاز ان يكون المراد من اللعب الاقدام على المباحات لاجل انشراح الصدر كما روى عنه عليه السلام انه قال لجابر رضى الله عنه (فهلا بكرا) اى فهلا تزوجت بكرا (تلاعبها وتلاعبك) قال ابو الليث لم يريدوا به اللعب الذي هو منهى عنه وانما أرادوا به المطايبة فى المزاح فى غير مأثم. وفيه دليل على انه لا بأس بالمطايبة قال امير المؤمنين على رضى الله عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الإنسان من حد العبوس- روى- انه أتى رجل برجل الى على فقال ان هذا زعم انه احتلم على أمي فقال أقمه فى الشمس واضرب ظله وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من ان يناله مكروه ثم استأنف عمن يسأل ويقول فماذا قال يعقوب قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ [آنكه شما ببريد او را از پيش من] وذلك لشدة مفارقته علىّ وقلة صبرى عنه فان قيل لام الابتداء تخلص المضارع للحال عند جمهور النحاة والذهاب هاهنا مستقبل فيلزم تقدم الفعل على فاعله مع انه اثره قلنا ان التقدير قصدان تذهبوا به والقصد حال او تصور ذهابكم وتوقعه والتصور موجود فى الحال كما فى العلة الغائية وَمع ذلك أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ لان الأرض كانت مذابة واللام للعهد الذهني والحزن الم القلب بفوت المحبوب والخوف انزعاج النفس لنزول المكروه ولذلك أسند الاول الى الذهاب به المفوت لاستمرار مصاحبته ومواصلته ليوسف والثاني الى ما يتوقع نزوله من أكل الذئب- وروى- انه رأى فى المنام كأنه على رأس جبل ويوسف فى صحراء فهجم عليه أحد عشر ذئبا فغاب يوسف بينهن ولذا حذرهم من أكل الذئب ومع ذلك فقد دفعه الى اخوته لانه إذا جاء القضاء عمى البصر اين هم از تأثير حكمست وقدر ... چاه مى بينى ونتوانى حذر وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ [ازو بيخبران باشيد بسبب تماشا] از ان ترسم كزو غافل نشينيد ... ز غفلت صورت حالش نبينيد درين ديرينه دشت محنت انگيز ... كهن گرگى برو دندان كند تيز قالُوا والله لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ [وحال آنكه ما كروهى توانا وقوى هيكليم كه هر يكى از ما با ده شير در محار به مقاومت ميتواند كرد] إِنَّا إِذاً [بدرستى كه ما آن وقت كه برادر را بكرك دهيم] لَخاسِرُونَ [هر آيينه زيانكاران باشيم] من الخسار

[سورة يوسف (12) : آية 15]

بمعنى الهلاك اى لهالكون ضعفا وخورا وعجزا وفى الكواشي مغبونون بترك حرمة الوالد والأخ وانما اقتصروا على جواب خوف يوسف من أكل الذئب ولم يجيبوا عن الاعتذار الاول لانه السبب القوى فى المنع دون الحزن لقصر مدته بناء على انهم يأتون به عن قريب وعن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قال لا ينبغى للرجل ان يلقن الخصم الحجة لان اخوة يوسف كانوا لا يعلمون ان الذئب يأكل الناس الى ان قال ذلك يعقوب ولقنهم العلة فى كيد يوسف وفى الحديث (البلاء موكل بالمنطق ما قال عبد لشئ والله لا افعله الا ترك للشيطان كل شىء فولع به حتى يوشمه) وفى حديث (انى لأجد نفسى تحدثنى بالشيء فما يمنعنى ان أتكلم به الا مخافة ان ابتلى به) - يحكى- ان ابن السكيت من ائمة اللغة جلس مع المتوكل يوما فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال أيما أحب إليك ابناى أم الحسن والحسين قال والله ان قنبر خادم على رضى الله عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات فى تلك الليلة ومن العجب انه انشد قبل ذلك الى المعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل والاشارة ان القلب مادام فى نظر الروح مراقبا له غير مشغول باستعمال الحواس والقوى من الروح ان يرسل يوسف القلب معهم الى مراتعهم الحيوانية ليتمتعوا به فى غيبة يعقوب الروح وهو لا يأمنهم عليه لانه واقف فى مكيدتهم وانهم يدعون نصحه وحفظه من الآفات والقلب إذا بعد من الروح ونظره يقرب منه ذئب الشيطان ويتصرف فيه ويهلكه وخسران جميع اجزاء الإنسان فى هلاك القلب وربحها فى سلامته فعلى العاقل ان لا يلعب بالدنيا كالصبيان ويحترز عن فتنتها وآفاتها ولا يرى ترك عنان النفس حذرا من الوقوع فى بئر الهوى ويجتهد فى قمع الهوى ودفع الميل الى ما سوى الله تعالى وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريد نست عصمنا الله وإياكم من الاستماع الى حديث النفس والشيطان وجعلنا وإياكم محفوظين من موجبات القطيعة والخذلان انه هو الكريم المنان المحسان فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ متصل بمحذوف اى فاذن له وأرسله معهم فلما ذهبوا به [پس آن هنكام كه برادران ببردند يوسف را] والجواب محذوف وهو فعلوا به من الاذية ما فعلوا وتفصيل المقام ان يعقوب عليه السلام لما رأى إلحاح اخوة يوسف فى خروجه معهم الى الصحراء ومبالغتهم بالعهد واليمين ورأى ايضا ميل يوسف الى التفرج والتنزه رضى بالقضاء فاذن فامر ان يغسل بدن يوسف فى طست كان اتى به جبريل الى ابراهيم حين مجيئ الفداء فاجرى فيه دم الكبش وان يرجل شعره ويدهن بدهن إسماعيل الذي جاء به جبريل من الجنة وان يكحل ففعلوا ويروى ان ابراهيم عليه السلام حين القى فى النار وجرد عن ثيابه أتاه جبريل بقميص من حرير الجنة فالبسه إياه فدفعه ابراهيم الى إسحاق وإسحاق الى يعقوب فجعله يعقوب فى تميمة وعلقها فى عنق يوسف وقال الكاشفى [چون تعويذى بر بازويش بست وبمشايعه فرزندان تا شجرة الوداع كه بر دروازه كنعان بود بيرون آمد ويوسف را در كنار كرفته كريه كنان آغاز وداع كرد]

دل نمى خواست جدايى ز تو اما چهـ كنم ... دور ايام نه بر قاعده دلخواهست تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن [يوسف كفت اى پدر سبب كريه چيست كفت اى يوسف ازين رفتن تو رايحه اندوهى عظيم بمشام دل من ميرسد ونمى دانم كه سرانجام كار بكجا خواهد كشيد بارى لا تنسانى فانى لا أنساك مرا فراموش مكن كه من ترا نيز فراموش نخواهم كرد] فراموشى نه شرط دوستانست [پس فرزندانرا در باب محافظه يوسف مبالغه بسيار فرمود] وهم جعلوا يحملونه على عواتقهم إكراما له وسرو را به فذهبوا به [يعقوب در ايشان مينكريست واز شوق لقاى فرزند ارجمند مى گريست] هنوز سرو روانم ز چشم ناشده دور ... دل از تصور دورى چوبيد لرزانست [چون فرزندان از پيش نظر وى غائب شدند روى بكنعان نهاد] فلما بعدوا به عن العيون تركوا وصايا أبيهم فالقوه على الأرض وقالوا يا صاحب الرؤيا الكاذبة اين الكواكب التي رأيتهم لك ساجدين حتى يخلصوك من أيدينا اليوم فجعلوا يؤذونه ويضربونه وكلما لجأ الى واحد منهم ضربه ولا يزدادون عليه الا غلظة وحنقا وجعل يبكى بكاء شديدا وينادى يا أبتاه ما اسرع ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك لو تعلم ما يصنع بابنك أولاد الإماء قال الكاشفى [در خاك خوارى كرسنه وتشنه بر وى مى كشيدند تا بهلاك نزديك رسيد] وقال بعضهم فاخذه روبيل فجلد به الأرض ووثب على صدره وأراد قتله ولوى عنقه ليكسرها فنادى يوسف يا يهودا وكان ارفقهم به اتق الله وجل بينى وبين من يريد قتلى فاخذته رقة ورحمة فقال يهودا ألستم قد أعطيتموني موثقا ان لا تقتلوه قالوا بلى قال أدلكم على ما هو خير لكم من القتل القوه فى الجب فسكن غضبهم وقالوا نفعل وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وعزموا على إلقاء يوسف فى قعر الجب وكان على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب بكنعان التي هى من نواحى الاردنّ حفره شداد حين عمر بلاد الاردنّ وكان أعلاه ضيقا وأسفله واسعا وقال الكاشفى [هفتاد كز عمق يافت يا زياده] فأتوا به الى رأس البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه فدلوه فيها بحبل مربوط على وسطه فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم الكذب احتيالا لابيه فقال يا إخوتاه ردوا على قميصى اتوارى به فى حياتى ويكون كفنا بعد مماتى فلم يفعلوا فلما بلغ نصفها قطعوا الحبل والقوه ليموت وكان فى البثر ماء فسقط فيه ثم أوى الى صخرة بجانب البئر فقام عليها وهو يبكى فنادوه وظن انها رحمة أدركتهم فاجابهم فارادوا ان يرضخوه فمنعهم يهودا قال الكاشفى [از حضرت ملك أعلى خطاب مستطاب بطائر آشيان سدرة المنتهى رسيد كه (أدرك عبدى جبريل) پيش از انكه يوسف به تك چاه رسد بوى رسيد واو را با پنجه مقدسه خود كرفت وبر بالاى صخره كه در تك چاه بود بنشانيد واز طعام وشراب بهشت بوى داد پيراهن خليل كه تعويذوار بر بازو داشت او را پوشانيد] قال الحسن القى يوسف فى الجب وهو ابن ثنتى عشرة سنة ولقى أباه بعد ثمانين سنة وقيل كان يوسف ابن

سبع عشرة سنة وقيل ابن ثمانى عشرة سنة- وروى- ان هوام البئر قال بعضها لبعض لا تخرجن من مساكنكن فان نبيا ممن الأنبياء نزل بساحتكن فانجحرن الا الأفعى فانها قصدت يوسف فصاح بها جبريل فصمت وبقي الصمم فى نسلها ولما القى فى الجب قال يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ويا غالبا غير مغلوب اجعل لى من امرى فرجا ومخرجا- وروى- اجعل لى فرجا مما انا فيه فما بات فيه قال الكواشي لبث فى البئر ثلاثة ايام او خرج من ساعته انتهى وعلم جبريل يوسف هذا الدعاء اى فى البئر (اللهم يا كاشف كل كربة ويا مجيب كل دعوة ويا جابر كل كسير ويا ميسر كل عسير ويا صاحب كل غريب ويا مؤنس كل وحيد يا لا اله الا أنت سبحانك اسألك ان تجعل لى فرجا ومخرجا وان تقذف حبك فى قلبى حتى لا يكون لى هم ولا ذكر غيرك وان تحفظني وترحمنى يا ارحم الراحمين) - روى- ان يوسف لما القى فى الجب ذكر الله بأسمائه الحسنى فسمعه الملائكة فقالوا يا رب نسمع صوتا حسنا فى الجب فامهلنا ساعة فقال الله ألستم قلتم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها فحفته الملائكة فانس بهم وكذلك إذا اجتمع المؤمنون على ذكر الله تعالى يقول الملائكة الهنا انظرنا نستأنس بهم فيقول الله تعالى ألستم قلتم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها فالآن تتمنون الاستئناس بهم فعلم ان الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما فى نفائس المجالس ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را هر يكى چون كهرباست «1» ضد را با ضد إيناس از كجا ... با امام الناس نسناس از كجا «2» اين قدر كفتيم باقى فكر كن ... فكر اگر جامد بود رو ذكر كن «3» ذكر آرد فكر را در اهتزاز ... ذكر را خورشيد اين افسرده ساز كما فى المثنوى وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ تبشير اله بما يؤول اليه امره وازاله. لوحشته وإيناسا له وكان وحي نبوة ورسالة كما عليه المحققون وقد صح ان الله تعالى اوحى الى يحيى وعيسى عليهما السلام قبل ادراكهما وذلك لان الله تعالى قد فتح باب الولاية الخاصة لبعض الآحاد فى صغرهم كالشيخ سهل قدس سره فلان يكون باب النبوة مفتوحا اولى لكمال استعداد الأنبياء عليهم السلام فامر الولاية والنبوة لا يتوقف على البلوغ وعلى الأربعين وان استنبئ اكثر الأنبياء بعد الأربعين على ما جرى عليه عادة الله الغالبة هكذا لاح بالبال قال الكاشفى [وما وحي فرستاديم سوى او كه اندوهناك مباش بيرون زحضيض جاه رسانيم وبرارانرا بحاجتمندى نزديك تو آريم] لَتُنَبِّئَنَّهُمْ لتحدثن إخوتك فيما يستقبل بِأَمْرِهِمْ هذا بما فعلوا لك وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بانك يوسف لتباين حاليك حالك هذه وحالك يومئذ لعلو شانك وكبرياء سلطانك وبعد حالك عن اوهامهم ولطول المبدل للاشكال والهيآت وذلك انهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطنّ فقال انه ليخبرنى هذا الجام انه كان أخ لكم من أبيكم يقال له يوسف وكان يدنيه دونكم وانكم انطلقتم به وألقيتموه فى غيابة الجب وقلتم لا بيكم أكله الذئب والاشارة ان من خصوصية تعلق الروح بالقالب ان يتولد منها القلب العلوي والنفس السفلية والقوى والحواس فيكون ميل الروح والقلب ونزاعهما الى عالم الروحانية وميل النفس والقوى والحواس الى عالم

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان محمود غزنوى إلخ (2) در اواسط دفتر ششم در بيان واكشتن مريد از وثاق شيخ وبرشيدن از مردم إلخ (3) در أوائل دفتر ششم در بيان فى معنىء قوله عليه السلام ليس للماضين هم الموت إلخ

الحيوانية فان وكل الإنسان الى طبعه تكون الغلبة للنفس والبدن على الروح والقالب وهذا حال الأشقياء وان أيد القلب بالوحى فى غيابة جب القلب إذا سبقت له العناية الازلية تكون الغلبة للروح والقلب على النفس والبدن وهذا حال السعداء فالانبياء وكذا الأولياء مؤيدون من عند الله تعالى بالوحى والإلهام والصبر والاحتمال وان كانوا فى صورة الجفاء والجلال وقد قضى الله تعالى على يعقوب ويوسف ان يوصل إليهما تلك الغموم الشديدة والهموم العظيمة ليصبرا على مرارتها ويكثر رجوعهما الى الله تعالى وينقطع تعلق فكرهما عما سوى الله تعالى فيصلا الى درجة عالية لا يمكن الوصول إليها الا بتحمل المحن العظيمة كما قال بعض الكبار سبب حبس يوسف فى السجن اثنتي عشرة سنة تكميل ذاته بالخلوة والرياضة الشاقة والمجاهدات مما تيسر له عند أبيه ومن هذا المقام اغترب الأنبياء والأولياء عن أوطانهم: قال المولى الجامى بصبر كوش دلا روز هجر فائده چيست ... طبيب شربت تلخ از براى فائده ساخت وقال بعضهم ابتلى أبوه بفراقه لما فى الخبر انه ذبح جديا بين يدى امه فلم يرض الله تعالى ذلك منه وارى دما بدم وفرقة بفرقة لعظمة احترام شأن النبوة ومن ذلك المقام حسنات الأبرار سيآت المقربين وقال بعضهم استطعمه يوما فقير فما اهتم باطعامه فانصرف الفقير حزينا وفيه نظر كما قاله البعض لان ذلك لا يليق بأخلاق النبوة وقال بعضهم لما ولد يوسف اشترى يعقوب له ظئرا وكان لها ابن رضيع فباع ابنها تكثير اللبن على يوسف فبكت وتضرعت وقالت يا رب ان يعقوب فرق بينى وبين ولدي ففرق بينه وبين ولده يوسف فاستجاب الله دعاءها فلم يصل يعقوب الى يوسف الا بعد ان لقيت تلك الجارية ابنها وفى الحديث (لا توله والدة بولدها) اى لا تجعل والهة بتفريقه منها وذلك فى السبايا كما فى الجوهري ومن أحاديث المقاصد الحسنة (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) ومثل هذا وان كان بعيدا بالنسبة الى الأنبياء عليهم السلام الا ان القضاء يفعل ما يفعل قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره إذا شاء الحق إنفاذ قوله تعالى وكان امر الله قدرا مقدورا على عموم الافعال فى العبد بايفاء زلة منه يجرى عليه القدر بما اراده ثم يرده الى مقامه ان كان من اهل العناية والوصول قيل لابى يزيد قدس سره أيعصى العارف فقال وكان امر الله قدرا مقدورا: قال الحافظ جايى كه برق عصيان بر آدم صفى زد ... ما را چهـ كونه زيبد دعوئ بي كناهى هذا بالنسبة الى حال يعقوب وابتلائه واما بالنسبة الى يوسف فقد حكى انه أخذ يوما مرآة فنظر الى صورته فاعجبه حسنه وبهاؤه فقال لو كنت عبدا فباعونى لما وجد لي ثمن فابتلى بالعبودية وبيع بثمن بخس وكان ذلك سبب فراقه من أبيه وفيه اشارة الى ان الجمال والكمال كله لله تعالى وإذا أضيف الى العبد مجازا فلا بد للعبد ان يجتهد الى ان يصير حرا عما سوى الله تعالى ويتخلص من الإضافات والقيود ويرى الأمر كله لله تعالى ويكون عبدا محضا حقا لله تعالى: قال المولى الجامى كسوت خواجكى وخلعت شاهى چهـ كند ... هر كرا غاشيه بندگيت بر دوش است

[سورة يوسف (12) : الآيات 16 إلى 20]

وبالجملة ان طريق التصفية طريقة صعبة ومن أسبابها الأدب والمحنة ولذلك ورد (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) اى ما صفى نبى مثل ما صفيت وذرة من محنة هذه الطريقة العلية أعلى من كثير من الكشف والكرامات وما ابتلى الله أحدا بمثل ما ابتلى به أصفياءه الا اختاره لذاته ولعبوديته فافهم والله الهادي الى الحقائق وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً ظرف اى فى آخر النهار فان العشاء آخر النهار الى نصف الليل وفى تفسير ابى الليث بعد العصر قال فى الكواشي وانما جاؤا عشاء ليقدموا على المبالغة فى الاعتذار يَبْكُونَ حال اى متباكين. والتباكي بالفارسية [كريستن پيدا كردن]- روى- ان امرأة خاصمت زوجها الى شريح فبكت فقال له الشعبي يا أبا امية أظنها مظلومة اما تراها تبكى فقال شريح قد جاء اخوة يوسف يبكون وهم ظلمة ولا ينبغى ان يقضى الا بما امر ان يقضى به من السنة المرضية: وفى المثنوى زارئ مضطر نشسته معنويست ... زارئ نزد دروغ آن غويست كريه اخوان يوسف حيلتست ... كه درونشان پر ز رشك وعلتست - روى- انه لما سمع صوتهم فزع وقال ما لكم يا بنى هل أصابكم فى غنمكم شىء قالوا الأمر أعظم قال فما هو واين يوسف قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ متسابقين فى العدو او الرمي يقال استبق الرجلان وتسابقا إذا عارضا فى السبق طلبا للغلبة كما يقال انتضلا وتناضلا إذا عارضا فى الرمي طلبا للغلبة وَتَرَكْنا يُوسُفَ [وبگذاشتيم يوسف را تنها] عِنْدَ مَتاعِنا اى ما نتمتع به من الثياب والأزواد وغيرهما فان المتاع فى اللغة كل ما انتفع به وأصله النفع الحاضر وهو اسم من متع كالسلام من سلم والمراد به فى قوله تعالى وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ اوعية الطعام فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ عقيب ذلك من غير مضى زمان يعتاد فيه التفقد والتعهد وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا بمصدق لنا فى مقالتنا وَلَوْ كُنَّا عندك فى اعتقادك صادِقِينَ موصوفين بالصدق والثقة لفرط محبتك ليوسف فكيف وأنت سيئ الظن بنا غير واثق بقولنا. والصدق هو الاخبار عن الشيء على ما هو به والكذب لا على ما هو به والتصديق باللسان الاخبار بكون القائل صادقا وبالقلب الإذعان والقبول لذلك والتكذيب بخلاف ذلك وَجاؤُ [آمدند] عَلى قَمِيصِهِ محله النصب على الظرفية من قوله بِدَمٍ اى جاؤا فوق قميصه بدم او على الحالية منه والخلاف فى تقدم الحال على المجرور فيما إذا لم يكن الحال ظرفا كَذِبٍ مصدر وصف به الدم مبالغة كأن مجيئهم من الكذب نفسه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته او مصدر بمعنى المفعول اى مكذوب فيه لانه لم يكن دم يوسف وقرأت عائشة رضى الله عنها بغير المعجمة اى كدب بمعنى كدر او طرىّ- روى- انهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وزل عنهم ان يمزقوه فلما سمع يعقوب بخبر يوسف صاح بأعلى صوته فقال اين القميص فاخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص قال تالله ما رأيت كاليوم ذئبا احلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه قال كأنه قيل ما قال يعقوب هل صدقهم فيما قالوا اولا فقيل قالَ لم يكن ذلك بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ اى زينت وسهلت قاله ابن عباس رضى الله عنهما. والتسويل

تقدير شىء فى الأنفس مع الطمع فى إتمامه قال الأزهري كان التسويل تفعيل من سؤال الأشياء وهى الامنية التي يطلبها فيزين لطالبها الباطل وغيره أَمْراً من الأمور منكرا لا يوصف ولا يعرف فصنعتموه بيوسف استدل يعقوب على انهم فعلوا بيوسف ما أرادوا وانهم كاذبون بشيئين بما عرف من حسدهم الشديد وبسلامة القميص حيث لم يكن فيه خرق ولا اثر ناب فقوله بل سولت رد لقولهم أكله الذئب وبل للاعراض عما قبله واثبات ما بعده على سبيل التدارك نحو جاء زيد بل عمرو كما فى بحر العلوم فَصَبْرٌ جَمِيلٌ اى فامرى صبر جميل وهو الذي لا شكوى فيه الى الخلق والا فقد قال يعقوب نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ : قال الكمال الخجندي بوصل صحبت يوسف عزيز من مشتاب ... جمال يار نبينى مكر بصبر جميل قال شيخنا الاجل الأكمل روح الله روحه اعلم ان الصبر إذا لم يكن فيه شكوى الى الخلق يكون جميلا وإذا كان فيه مع ذلك شكوى الى الخالق يكون أجمل لما فيه من رعاية حق العبودية ظاهرا حيث امسك عن الشكوى الى الخلق وباطنا حيث قصر الشكوى على الخالق والتفويض جميل والشكوى اليه أجمل انتهى: قال الشيخ عمر بن الفارض قدس سره فى تائيته ويحسن اظهار التجلد للقوى ... ويقبح غير العجز عند الاحبة اى لا يحسن اظهار التجلد والصبر على صدمات المحن مطلقا بل يحسن للاعادى كما اظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم للكفار فى غزواته ومناسكه. واما عند الاحبة فلا يحسن الا العجز لان اظهار التجلد عندهم قبيح جدا كما أظهره سمنون فى بعض مناجاته وقال وليس لى فى سواك حظ ... فكيفما شئت فاختبرنى فادب بتسليط عسر البول عليه فاعترف بعجزه وطاف فى سكك بغداد يستأجر الصبيان وبأمرهم ان ادعوا عمكم الكذاب فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى وقال بعضهم الصبر الجميل تلقى البلاء بقلب رحيب ووجه مستبشر وقيل لا أعايشكم على كآبة الوجه بل أكون لكم كما كنت وذلك لان الموحد الحقيقي يطوى بساط الوسائط والأسباب فلا يرى التأثير الا من الله تعالى فى كل باب مع ان التغافل من اخلاق الكرام والعفو والصفح وقبول العذر من ديدن الأخيار اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... ان بر عندك فيما قال او فجرا وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ اى المطلوب منه العون وهو إنشاء الاستعانة المستمرة عَلى ما تَصِفُونَ على اظهار حال ما تصفون من شأن يوسف وبيان كونه كذبا واظهار سلامته كأنه علم منهم الكذب قال تعالى سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ قال البيضاوي هذه الجريمة كانت قبل استنبائهم ان صح انتهى وذلك لانهم قالوا لا دليل على امتناع صدور الكبيرة من الأنبياء قبل الوحى وقوله ان صح يدل على الشك فى صحة استنبائهم وأصاب فى ذلك لان الأنبياء محفوظون قبل نبوتهم كما انهم معصومون بعدها من الأمور الموجبة للنفرة الغير اللائقة بشأنهم وليس همّ يوسف كما سيأتى من قبيل ما صدر من اخوته من الحسد وضربه والقائه فى الجب بالفعل والكذب عمدا من غير تأويل. واما قوله تعالى وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ

[سورة يوسف (12) : آية 19]

فلا يدل على نبوة غيره من الاخوان الموجودين إذ يكفى فى إتمام النعمة على آل يعقوب ان لا تنقطع سلسلة النبوة من أعقابهم كما قال تعالى فى كلمة التوحيد كلمة باقية فى عقبه فانه لا ينافى وجود الشرك من بعض الأحفاد كما لا يخفى. وكذا تمثلهم فى صورة الكواكب لا يدل على نبوتهم لانه إذا كان يعقوب بمنزلة الشمس التي تعينه بالنبوة ودعوة الخلق وهدايتهم الى الله تعالى كان أولاده بمنزلة الكواكب التي تتبع الشمس والقمر ولو كان كلهم أنبياء لا ستدعى ان يكون محبة يعقوب لهم على السوية اى من أول الأمر بناء على وراثة كلهم لنبوته. ولما ظهر ما ظهر من تفضيل يوسف عليهم فيوسف من بينهم كشيث من بين بنى آدم عليه السلام هكذا لاح ببال الفقير أيده الله القدير وفى الآيات إشارات الى تزوير الحواس والقوى وتلبيسها وتمويهاتها وتخيلاتها الفلسفية وكذباتها وحيلها ومكرها وكيدها وتوهماتها وتسويلاتها المجبولة عليها وان كانت للانبياء وان الروح المؤيد بنور الايمان يقف على النفس وصفاتها وما جبلت الحواس والقوى عليه ولا يقبل منها تمويهاتها وتسويلاتها ويرى الأمور كلها من عند الله وأحكامه الازلية فيصبر عليها صبرا جميلا وهو الصبر على ظهور ما أراد الله فيها بالارادة القديمة والتسليم لها والرضى بها وبقوله وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ يشير الى الاستعانة بالله على الصبر الجميل فيما يجرى من قضائه وقدره كذا فى التأويلات النجمية نفعنا الله تعالى بها وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ جماعة يسيرون من جهة مدين الى مصر فنزلوا قريبا من جب يوسف وكان ذلك بعد ثلاثة ايام من القائه فيه قال الكاشفى [روز چهارم مژده نجات بوى رسيد] قال السمرقندي فى بحر العلوم كان الجب فى قفرة بعيدة من العمران لم يكن الا للرعاة فاخطأوا الطريق فنزلوا قريبا منه انتهى فهذا يخالف قوله تعالى يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ فانه يقتضى كون الجب فى الامن والجادة والسير هو السير المعتاد فَأَرْسَلُوا اى الى الجب وارِدَهُمْ اى الذي يرد الماء اى يحضره ليستقى لهم وكان ذلك مالك بن دعر الخزاعي قال فى القاموس مالك بن دعر بالدال المهملة فَأَدْلى دَلْوَهُ الأدلاء بالفارسية [فروهشتن دلو] اى أرسلها الى الجب ليملأها فاوحى الى يوسف بالتعلق بالحبل اى يوسف آخر بهر تست اين دلو در چاه آمده [در معالم آورده كه ديوارهاى چاه بر فراق يوسف بگريستند] وذلك لان للجمادات حياة حقانية لا يعرفها الا العلماء بالله فلها انس الذكر والتوحيد والتسبيح ومجاورة اهل الحق وقد صح ان الجزع الذي كان يعتمد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين الموعظة للناس انّ انين بنى آدم لما فارقه رسول الله وذلك بعد ان عمل له المنبر: قال فى المثنوى استن حنانه از هجر رسول ... ناله مى زد همچوارباب عقول كفت پيغمبر چهـ خواهى اى ستون ... كفت جانم از فراقت كشت خون فلما خرج يوسف إذا هو بغلام احسن ما يكون وقد كان اعطى شطر الحسن فلما رآه مالك قالَ مبشرا نفسه وأصحابه يا بُشْرى هذا غُلامٌ [اى مژده وشادمانى] كأنه نادى البشرى وقال تعالى وهذا أوانك حيث فاز بنعمة نادرة وأي نعمة مكان ما يوجد مباحا من الماء

[سورة يوسف (12) : آية 20]

وقيل هو اسم صاحب له ناداه ليعينه على إخراجه كما قال الكاشفى [او را آواز داد وكفت اين پسريست كه دلو را كران ساخته پس بمدد كارئ او يوسف را از چاه بر آورده] چون آن ماه جهان آرا بر آمد ... ز جانش بانك يا بشرى بر آمد بشارت كز چنين تاريك چاهى ... بر آمد پس جهان افروز ماهى وذلك لان ماء الحياة لا يوجد الا فى الظلمات كما ان العلم الإلهي انما يوجد فى ظلمات هذا القلب والقالب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القلب كما له بشارة من تعلق الجذبة وخلاصه من الجب فكذلك للجذبة بشارة فى تعلقها بالقلب وخلاصه من الجب وهى من اسرار يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَأَسَرُّوهُ اى أخفاه الوارد وأصحابه عن بقية الرفقة لئلا يطالبوا بالشركة فيه بِضاعَةً حال كونه بضاعة اى متاعا للتجارة فانها قطعة من المال بصعت منه اى قطعت للتجارة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ لم يخف عليه أسرارهم وَشَرَوْهُ اى باعوه وهو من الاضداد والضمير للوارد وأصحابه يقول الفقير أيده الله القدير جعلوه عرضة للابتذال بالبيع والشراء لانهم لم يعرفوا حاله اما لان الله تعالى اغفلهم عن السؤال ليقضى امرا كان مفعولا او لانهم سألوا عن حاله ولم يفهموا لغته لكونها عبرية. وهاهنا روايات واهية بعيدة ينبغى ان لا يلتفت إليها وان ذهب إليها الجم الغفير من المفسرين ولله در المولى ابى السعود فى إرشاده بِثَمَنٍ بَخْسٍ زيف ناقص العيار قال الكاشفى [ببهاى اندك وبى اعتبار] وهو بمعنى المبخوس لان الثمن لا يوصف بالمعنى المصدري ووصف بكونه مبخوسا اما لرداءته وغشه او لنقصان وزنه من بخسه حقه اى نقصه كما فى حواشى ابن الشيخ. وقال بعضهم بثمن بخس اى حرام منقوص لان ثمن الحر حرام انتهى حمل البخس على المعنى لكون الحرام ممحوق البركات والقول الاول هو الأصح دَراهِمَ بدل من ثمن اى لا دنانير مَعْدُودَةٍ اى غير موزونة فهو بيان لقلته ونقصانه مقدارا بعد بيان نقصانه فى نفسه لانهم كانوا يزنون الاوقية وهى أربعون درهما وبعدون ما دونها. فعن ابن عباس انها كانت عشرين درهما. وعن السدى اثنين وعشرين درهما قيل ان الصبيان أخذوا النبي عليه السلام فى طريق المسجد وقالوا كن لنا جملا كما تكون للحسن والحسين قال لبلال اذهب الى البيت وائت بما وجدته لاشترى نفسى منهم فاتى بثماني جوزات فاشترى بها نفسه وقال (أخي يوسف باعوه بثمن بخس دراهم معدودة وباعوني بثماني جوزات) كذا فى روضة الاخبار وَكانُوا اى البائعون فِيهِ فى يوسف مِنَ الزَّاهِدِينَ الزهد والزهادة قلة الرغبة فى الشيء اى من الذين لا يرغبون فيما بايدهم فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخس وسبب ذلك انهم التقطوه والملتقط للشئ متهاون به او غير واثق بامره يخاف ان يظهر له مستحق فينتزعه منه فيبيعه من أول مساوم باوكس ثمن هذا مع الجمال الظاهر وفيه اشارة الى ان الجمال الظاهر لا خطر له عند الله تعالى وانما الجمال هو الجمال الباطن وفى الحديث (ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم) يعنى إذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا وليس بيع يوسف بثمن بخس بأعجب من بيعك نفسك بأدنى شهوة فلا بد من الإمساك والاحتماء والقناعة: قال المولى الجامى قدس سره

[سورة يوسف (12) : الآيات 21 إلى 25]

هر آنكه كنج قناعت بكنج دنيا داد ... فروخت يوسف مصرى بكمترين ثمنى [كويند كه نافع مولاى عبد الله بن عمر كه استاد امام شافعى بود آنگاه كه مرد كفت اين چايكه را بكنيد بكنيدند بيست وده هزار درم در سبوى پديد آمد كفت آنگاه كه از جنازه من باز امده باشيد اين بدرويش دهيد او را كفتند يا شيخ چون تو كسى درم نهد كفت بحق اين وقت شك زكاة وى بر كردن من نيست وهركز عيالان خود را بسختى نداشتم لكن هر كاه كه مرا آرزويى بودى آنچهـ بدان آرزو بايستى دادن درين سؤال افكندمى تا اگر مرا روز سختى پيش آيد بدر سفله نبايد رفتن] ففى هذه الحكاية ما يدل على المجاهدة النفسية والطبعية. اما الاولى فلانه ما كتم المال وادخره لاجل الكنز بل لاجل البذل. واما الثانية فلانه منع عن طبيعته مقتضاها وشهواتها والحواس والقوى لا تعرف قدر القلب وتبيعه بأدنى حظ نفس فان لانها مستعدة للاحتظاظ بالتمتعات الدنيوية الفانية والقلب مستعد للاحتظاظ بالتمتعات الاخروية الباقية بل هو مستعد للاحتظاظ بالشواهد الربانية وانه إذا سقى بشراب طهور تجلى الجمال والجلال يهريق سؤره على ارض النفس والقوى والحواس فيحتظون به فانه للارض من كأس الكرام نصيب وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر وصاحب جنود الملك واسمه قطفير وكان يقال له العزيز قال فى القاموس العزيز الملك لغلبته على اهل مملكته ولقب من ملك مصر مع الاسكندرية انتهى وبيان كونه من مصر للاشعار بكونه غير من اشتراه من الملتقطين مما ذكر من الثمن البخس كما فى الإرشاد وقال الكاشفى [وكفت آنكس كه خريد يوسف را از اهل مصر] يعنى عزيز انتهى وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد من العماليق مات فى حياة يوسف بعد ان آمن به وملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه الى الإسلام فابى قال فى القاموس قابوس ممنوع للعجمة والمعرفة معرب كاووس انتهى وهذا غير قابوس الذي قيل فى خطه هذا خط قابوس أم جناح طاووس فانه كان ملكا عظيما مات فى ثلاث واربعمائة كما فى الروضة. وكان فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف فقوله تعالى وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء قال الكاشفى [چون خبر كاروان مدين بمصر آمد وكماشتكان عزيز بسر راه كاروان آمده يوسف را ديدند از لمعه جمال او شيفته وحيران باز كشته خبر بعزيز مصر بردند واو عاشق يوسف بود از كوش] والاذن تعشق قبل العين أحيانا فالتمسوا من مالكه عرض يوسف للبيع فزينه وأخرجه الى السوق فلما رآه اهل مصر افتتنوا به آراسته آن يار نبا زار بر آمد ... فرياد وفغان از در وديوار بر آمد وعرض فى بيع من يزيد ثلاثة ايام فزاد الناس بعضهم على بعض حتى بلغ ثمنه شيأ لا يقدر عليه أحد خريداران ديكر لب به بستند ... پس زانوى خاموشى نشستند فاشتراه عزيز مصر بوزنه مرة مسكا ومرة لؤلؤا ومرة ذهبا ومرة فضة ومرة حريرا وكان وزنه اربعمائة رطل- وحكى- ان عجوزا أحضرت شيأ من الغزل وأرادت ان تشترى به يوسف والى هذا يشير المولى الجامى بقوله

بي سر عرفان متن تار فكرت ... خريدار يوسف مشو زين كلابه وفيه اشارة الى انه ينبغى لكل أحد بذل ما فى ملكه مما قدر عليه فى طريق المطلوب فانه من علامات العاشق هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش وكان سن يوسف إذ ذاك سبع عشرة سنة واقام فى منزل العزيز مع ما مر عليه من مدة لبثه فى السجن ثلاث عشرة سنة واستوزره الريان وهو ابن ثلاثين وآتاه الله العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ونوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة وهو أول من عمل القراطيس لِامْرَأَتِهِ اللام متعلقة بقال لا باشترى اى قال لامرأته راعيل بنت رعاييل او بنت هيكاهرو ان كما فى التبيان ولقبها زليخا بضم الزاى المعجمة وفتح اللام كما فى عين المعاني والمشهور فى الالسنة فتح الزاى وكسر اللام أَكْرِمِي مَثْواهُ اجعلي محل إقامته كريما حسنا مرضيا والمعنى أحسني تعهده فى المطعم والمشرب وغيرهما فهو كناية عن إكرام نفسه واحسان تعهده كما يقال المقام العالي ويكنى به عن السلطان قال الامام الغزالي رحمه الله يكنى عن الشريف بالجناب والحضرة والمجلس فيقال السلام على حضرته المباركة ومجلسه الشريف والمراد به السلام عليه لكن يكنى عنه بما يتعلق به نوع التعلق إجلالا انتهى عَسى أَنْ يَنْفَعَنا فيما نحتاج اليه ويكفينا بعض المهمات. وبالفارسية [شايد آنكه سود رساند ما را در كار ضياع وعقار وسر انجام مصالح روز كار ما] أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً اى نتبناه ونقيمه مقام الولد وأنه لم يكن لها ولد وقد تفرس فيه الرشد فقال ذلك ولذلك قيل افرس الناس ثلاثة عزيز مصر وابنة شعيب التي قالت يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ وابو بكر حين استخلف عمر رضى الله عنه ان تفرس فى عمرو ولاه من بعده وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ اى جعلنا له فيها مكانا والمراد ارض مصر وهى أربعون فرسخا فى أربعين فرسخا وذلك اشارة الى مصدر الفعل المؤخر على ان يكون عبارة عن التمكين فى قلب العزيز او فى منزله وكون ذلك تمكينا فى الأرض بملابسة انه عزيز فيها لا عن تمكين آخر يشبه به فالكاف مقحم للدلالة على فخامة شأن المشار اليه اقحاما لا يترك فى لغة العرب ولا فى غيرها ومن ذلك قولهم مثلك لا يبخل اى مثل ذلك التمكين البديع مكنا ليوسف فى الأرض وجعلناه محبا فى قلب العزيز ومكر ما فى منزله ليترتب عليه ما ترتب بما جرى بينه وبين امرأة العزيز وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ اى نوفقه لتعبير بعض المنامات التي عمدتها رؤيا الملك وصاحبى السجن لقوله تعالى ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي فيؤدى ذلك الى الرياسة العظمى وفى تفسير ابى الليث من تأويل الأحاديث يعنى تعبير الرؤيا وغير ذلك من العلوم وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ الهاء راجعة الى الله اى على امر نفسه لا يرده شىء ولا ينازعه أحد فيما شاء ويحكم فى امر يوسف وغيره بل انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كذلك فيأتون ويذرون زعما منهم ان لهم من الأمر شيأ وانى لهم ذلك بود هر كسى را دكركونه راى ... نباشد مكر آنچهـ خواهد خداى

[سورة يوسف (12) : آية 22]

وجاء فى بعض الآثار ان الله تعالى يقول (ابن آدم تريد وأريد ولا يكون الا ما أريد فان سلمت لى فيما أريد أعطيتك ما تريد) وان نازعتنى فيما أريد اتبعتك فيما تريد ثم لا يكون الا ما أريد) فالادب مع الله تعالى ان يستسلم العبد لما أظهره الله تعالى فى الوقت ولا يريد احداث غيره وفى التأويلات النجمية لما أخرجوه من جب الطبيعة ذهبوا به الى مصر الشريعة وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو عزيز مصر الشريعة اى الدليل والمربى على جادة الطريقة ليوصله الى عالم الحقيقة لِامْرَأَتِهِ وهى الدنيا أَكْرِمِي مَثْواهُ اخدمي له فى منزل الجسد بقدر حاجته الماسة عَسى أَنْ يَنْفَعَنا حين يكون صاحب الشريعة وملكا من ملوك الدنيا يتصرف فينا باكسير النبوة فتصير الشريعة حقيقة والدنيا آخرة أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً نربيه بلبان ثديى الشريعة والطريقة والفطام عن الدنيا الدنية وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يشير الى ان تمكين يوسف القلب فى ارض البشرية انما هو ليعلم علم تأويل الرؤيا وهو علم النبوة كما قال وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فكما ان الثمرة على الشجرة انما تظهر إذا كان اصل الشجرة راسخا فى الأرض فكذلك على شجرة القلب انما تظهر ثمرات العلوم الدينية والمشهادة الربانية إذا كان قدم القلب ثابتا فى طينة الانسانية وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ بمعنيين أحدهما. ان يكون الله غالبا على امر القلب اى يكون الغالب على امره ومحبة الله وطلبه والثاني ان يكون الغالب على امر القلب جذبات العناية لتقيمه على صراط مستقيم الفناء منه والبقاء بالله فيكون تصرفاته بالله ولله وفى الله لانه باق بهويته فانى عن انانية نفسه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم خلقوا مستعدين لقبول هذه الكمالية يصرفون استعدادهم فيما يورثهم النقصان والخسران انتهى ما فى التأويلات ثم ان الله تعالى مدح العلم فى هذه الآية وذم الجهل. اما الاول فلان الله تعالى ذكر العلم فى مقام الامتنان حيث قال وَلِنُعَلِّمَهُ واما الثاني فلانه قال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وعلم منه ان أقلهم يعلمون. والعلم علمان علم الشريعة وعلم الحقيقة ولكل منهما فضل فى مقامه وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل أي الأعمال يزيد مرتبة قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل تجيب عن العلم فقال (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن وتجلية مرآة القلب وكان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر دون القوالب والظواهر لان الظواهر مظهر نظر الخلق والبواطن مظهر نظر الحق وإصلاح ما يتعلق بالحق اولى من إصلاح ما يتعلق بالخلق كعبه بنياد خليل آز رست ... دل نظر كاه جليل اكبرست نسأل الله التوفيق وَلَمَّا بَلَغَ يوسف أَشُدَّهُ قال فى القاموس اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين. واحد جاء على بناء الجمع كأنك ولا نظير لهما او جمع لا واحد له من لفظه وقال اهل التفسير اى منتهى اشتداد جسمه وقوته واستحكام عقله وتمييزه وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين الى الأربعين والعقلاء ضبطوا مراتب أعمار الناس فى اربع. الاولى سن النشو والنماء ونهايته الى ثلاثين سنة. والثانية سن الوقوف وهو سن الشباب ونهايته الى ان

تتم أربعون سنة من عمره. والثالثة سن الكهولة وهو سن الانحطاط اليسير الخفي وتمامه الى ستين سنة. والرابعة سن الشيخوخة وهو سن الانحطاط العظيم الظاهر وتمامه عند الأطباء الى مائة وعشرين سنة. والأشد غاية الوصول الى الفطرة الاولى بالتجرد عن غواشى الخلقة التي يسميها الصوفية بمقام الفتوة قال فى التعريفات الفتوة فى اللغة السخاء والكرم وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى ان تؤثر الخلق على نفسك بالدنيا والآخرة آتَيْناهُ حُكْماً كمالا فى العلم والعمل استعد به الحكم بين الناس بالحق ورياستهم قال القشيري من جملة الحكم الذي آتاه الله نفوذ حكمه على نفسه حتى غلب شهوته فامتنع عما راودته زليخا عن نفسه ومن لا حكم له على نفسه لم ينفذ حكمه على غيره قال الامام نقلا عن الحسن كان نبيا من الوقت الذي ألقى فيه فى غيابة الجب لقوله تعالى وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ ولذا لم يقل هاهنا ولما بلغ أشده واستوى كما قال فى قصة موسى لان موسى اوحى اليه عند منتهى الأشد والاستواء وهو أربعون سنة واوحى الى يوسف عند اوله وهو ثمان عشرة سنة وَعِلْماً قالوا المراد من الحكم الحكمة العملية ومن العلم الحكمة النظرية وذلك لان اصحاب الرياضات والمجاهدات يصلون اولا الى الحكمة العملية ثم يترقون منها الى الحكمة النظرية. واما اصحاب الافكار والانظار العقلية فانهم يصلون اولا الى الحكمة النظرية ثم ينزلون منها الى الحكمة العملية وطريقة يوسف عليه السلام هى الاول لانه صبر على المكاره والبلاء والمحن ففتح الله له أبواب المكاشفات: قال الحافظ مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد : وقال چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آمد والحاصل ان طريقة يوسف طريقة السالك المجذوب لا طريقة المجذوب السالك والاولى هى سنة الله الغالبة فى أنبيائه وأوليائه ففى قوله حُكْماً وَعِلْماً اشارة الى استكمال النفس فى قوتها العملية والنظرية وعن الحسن من احسن عبادة ربه فى شبيبته آتاه الله الحكمة فى اكتهاله وفيه اشارة الى ان المطيع تفتح له ينابيع الحكمة وتنبيه على ان العطية الالهية تصل الى العبد وان طال العهد إذا جاء أوانها فلطالب الحق ان ينتظر احسان الله تعالى ولا ييأس منه وفى الحديث (أفضل اعمال أمتي انتظارهم فرج الله) قال النصر لما عقل يوسف عن الله او امره ونواهيه واستقام معه على شروط الأدب أعطاه حكما على الغيب فى تعبير الرؤيا وعلما بنفسه فى مخالفة هواها قال بعض الأكابر الكمال العلمي أفضل من الكمال العملي والتقصير من جهة العلم أشد من التقصير من جهة العمل فان حسن العقيدة وصفاء القريحة بسبب العلم والكمال ولشرفه امر الله تعالى سيد الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم وسلامه بطلب الزيادة منه فقال وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وقد ذكر اهل الاشارة ان آدم عليه السلام وصل الى رياسة سجود الملائكة بعلم الأسماء وسليمان الى الملك العظيم بالفهم وعلم منطق الطير ويوسف الى النجاة والشرف والعز بعلم التعبير فالعالم بعلم التوحيد كيف لا ينجو من الجحيم وينال شرف لقاء الله تعالى فى دار النعيم وَكَذلِكَ اى مثل الجزاء العجيب الذي

[سورة يوسف (12) : آية 23]

جزينا يوسف نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ كل من يحسن فى عمله وفى تعليق الجزاء المذكور بالمحسنين اشعار بعلية الإحسان له وتنبيه على انه سبحانه انما آتاه الحكم والعلم لكونه محسنا فى اعماله متقيا فى عنفوان امره هل جزاء الإحسان الا الإحسان قال بعض الأكابر نجزى المحسنين الذين يحسنون لانفسهم فى الطلب والارادة والاجتهاد والرياضة فمن ادخل نفسه فى زمرة اهل الإحسان جزاه الله بأحسن الجزاء وأحبه كما قال الله تعالى وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فمن أحبه الله نال سعادة الدارين وفى الحديث (إذا أحب الله العبد نادى جبريل ان الله يحب فلانا فاحبه فيحبه جبريل فينادى فى اهل السماء ان الله يحب فلانا فاحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول فى اهل الأرض) وفى التأويلات النجمية وَلَمَّا بَلَغَ يوسف القلب أَشُدَّهُ مبلغ كمالية استعداده لقبول فيض الالوهية آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً أفضنا عليه سجال الحكمة الإلهية والعلم اللدني وكما أفضنا على القلب ما هو مستحقه من الحكمة والعلم بفضلنا وَكرمنا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الأعضاء الرئيسة والجوارح إذا أحسنوا الأعمال والأخلاق على قاعدة الشريعة والطريقة خير الجزاء وهو التبليغ الى مقام الحقيقة انتهى ثم ان الجزاء ينبغى ان يكون مترتبا على انقضاء العمل فتارة يظهر بعد تمام الأعمال كلها وتارة يظهر لكل عمل منقض جزاء وهكذا الى الوصول الى غاية الاجزية فعلم تعبير رؤيا الملك وصاحبى السجن اوتى يوسف فى السجن وتمامه مع انضمام العلوم الكلية بعد انتهاء الابتلاء فافهم المقام وكن على بصيرة من ادراك دقائق الكلام وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ المراودة المطالبة من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شىء وهى مفاعلة من واحد لكن لما كان سبب هذا الفعل صادرا من الجانب المقابل لجانب فاعله فان مراودتها انما هى لجمال يوسف كمداواة الطبيب انما هى للمرض الذي هو من جانب المريض عبر عنه بالمسبب وجيئ بصيغة المفاعلة وتعديتها بعن لتضمنها معنى المخادعة. فالمعنى خادعت زليخا يوسف عن نفسه لتنال غرضها اى فعلت ما يفعل المخادع لصاحبه عن شىء لا يريد إخراجه عن يده وهو يحتال ان يأخذه منه وهى عبارة عن التمحل فى مواقعته إياها والمحل طلب بحيلة وتكلف كما فى القاموس وإيراد الموصول لتقرير المراودة فان كونه فى بيتها مما يدعو الى ذلك. قيل لواحدة ما حملك على ما أنت عليه مما لا خير فيه قالت قرب الوساد وطول السواد ولاظهار كمال نزاهته فان عدم ميله إليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها وامتناعه منها مع كونه تحت مملكتها ينادى بكونه فى أعلى معارج العفة والنزاهة- حكى- ان زليخا كانت من أجمل النساء وكانت بنت سلطان المغرب واسمه طيموس فرأت ذات ليلة فى المنام غلاما على احسن ما يكون من الحسن والجمال فسألت عنه فقال انا عزيز مصر فلما استيقظت افتتنت بما رأت فى الرؤيا وادي ذلك الى تغير حالها ولكنها كتمت حالها عن الأغيار دهرا نهان ميداشت رازش در دل تنك ... چوكان لعلى ولعل اندر دل سنك ثم تفطن من فى البيت من الجواري وغيرها ان بها امرا فقال بعض باصابة العين وبعض باصابة السحر وبعض بمس الجن وبعض بالعشق صح عند الناس انى عاشق ... غير ان لم يعرفوا عشقى لمن ففتش عن أمرها فما وجد من غير العشق

زليخا عشق را پوشيده مى داشت ... بسينه تخم را پوشيده ميكاشت ولى سر ميزد آن هر دم ز جايى ... همى كرد از برون نشو ونمايى خوشست از بخردان اين نكته كفتن ... كه مشك عشق را نتوان نهفتن اگر بر مشك كر در پرده صد توى ... كند غمازى از صد پرده اش بوى وقد كان خطبها ملوك الأطراف فابت إلا عزيز مصر فجهزها أبوها بما لا يحصى من العبيد والجواري والأموال وأرسلها مع حواشيه الى جانب مصر فاستقبلها العزيز بجمع كثير فى زينة عظيمة فلما رأته زليخا علمت انه ليس الذي رأته فى المنام فاخذت تبكى وتتحسر على ما فات من المطلوب نه آنست آنكه من در خواب ديدم ... بجست وجويش اين محنت كشيدم خدا را اى فلك بر من ببخشاى ... بر روى من درى از مهر بگشاى مسوز از غم من بي دست و پارا ... مده بر كنج من اين اژدها را فسمعت من الهاتف لا تحزنى يا زليخا فان مقصودك انما يحصل بواسطة هذا زليخا چون زغيب اين مژده بشنود ... بشكرانه سر خود بر زمين سود ثم لما دخلوا مصرا نزلوا زليخا فى دار العزيز بالعز والاحترام وهى فى نفسها على الفراق والآلام بظاهر با همه كفت وشنو داشت ... ولى دل جاى ديكر در كرو داشت نهى صد دسته ريحان پيش بلبل ... نخواهد خاطرش جز نكهت كل وكانت هذه الحال سنين وبقيت بكرا لان العزيز كان عنينا لا يقدر على المواقعة بيا جامى كه همت بر كماريم ... ز كنعان ماه كنعانرا برآريم زليخا با دل اميد وارست ... نظر بر شاهراه انتظارست فكان ما كان من حسد الاخوان ووصول يوسف الى مصر بالعبودية فلما رأته زليخا علمت انه الذي رأته فى المنام وقالت بخوابم روى زيبا وى نمودست ... شكيب از جان شيداوى ربودست درين كشور ز سودايش فتادم ... بدين شهر از تمنايش فتادم [چون يوسف بخانه عزيز در آمد سلطان عشق رخت بخانه زليخا فرستاد ولشكر حسنش متاع صبر وسكون او را بيغما داد] زليخا چون برويش ديده بگشاد ... بيك ديدارش افتاد آنچهـ افتاد ز حسن صورت ولطف شمائل ... اسيرش شد بيك دل نى بصد دل بمعشوقان چويوسف كس نبوده ... جمالش از همه خوبان فزوده نبود از عاشقان كس چون زليخا ... بعشق از جمله بود افزون زليخا ز طفلى تا به پير عشق ورزيد ... بشاهى واسيرى عشق ورزيد [بعد از آنكه عشق بغايت كشيد وشوق بنهايت انجاميد صورت حال بميان آورد با يوسف]

- روى- ان يوسف كان يأوى الى بستان فى قصر زليخا يعبد الله فيه وكان قد قسم نهاره ثلاثة اقسام ثلثا لصلواته وثلثا يبكى فيه وثلثا يسبح الله فيه ويذكره فلما أدرك يوسف مبالغ الرجال جعلت زليخا تراوده عن نفسها وهو يهرب منها الى البستان فلما طال ذلك عليها تغير لونها واصفر وجهها ودخلت عليها داية من داياتها فاخبرتها بذلك فاشارت عليها ان تبنى له بيتا مزينا بكل ما تقدر عليه من الزينة والطيب ليكون وسيلة الى صحبة يوسف ولما فرغ الصناع من عمله دعت العزيز فدخل فاعجبه لكونه على اسلوب عجيب وقال لهاسميه بيت السرور ثم خرج فاستدعت يوسف فزينوه بكل ما يمكن من الزينة وتزينت هى ايضا وكانت بيضاء حسناء بين عينيها خال يتلألأ حسنا ولها اربع ذوائب قد نظمتها بالدر والياقوت وعليها سبع خلل وأرسلت قلائدها على صدرها بزيورها نبودش احتياجى ... ولى افزود از آن خود را رواجى بخوبى گ ل ببستانها سمر شد ... ولى از عقد شبنم خوبتر شد فجاؤا بيوسف در آمد ناكهان از در چوماهى ... عطارد حشمتى خورشيد جاهى وجودى از خواص آب وكل دور ... جبين طلعتى نور على نور فلما دخل عليها فى القسم الاول من البيت أغفلته وراودته عن نفسه بكل حيلة ثم أدخلته فى الذي يليه فاغلقته وراودته بكل ما يمكن فلم يساعدها يوسف فدفعها بما قدر عليه ثم وثم الى ان انتهى الى البيت السابع فاغلقته وذلك قوله تعالى وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ عليها وعليه وكانت سبعة أبواب ولذلك جاء الفعل بصيغة التفعيل الدالة على التكثير وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ اسم فعل معناه اقبل وبادر. وبالفارسية [بشتاب پيش من آي كه من ترا أم] واللام للبيان متعلقة بمحذوف اى لك أقول هذا- روى- عن ابن عباس انه قال كان يوسف إذا تبسم رأيت النور فى ضواحكه وإذا تكلم رأيت شعاع النور فى كلامه يذهب من بين يديه ولا يستطيع آدمي ان ينعت نعته. فقالت له يا يوسف انما صنعت هذا البيت المزين من أجلك. فقال يوسف يا زليخا انما دعيتنى للحرام وحسبى ما فعل بي أولاد يعقوب البسونى قميص الذل والحزن يا زليخا انما انى أخشى ان يكون هذا البيت الذي سميته بيت السرور بيت الأحزان والثبور وبقعة من بقاع جهنم. فقالت زليخا يا يوسف ما احسن عينيك. قال هما أول شىء يسيلان الى الأرض من جسدى. قالت ما احسن وجهك. قال هو للتراب يأكله. قالت ما احسن شعرك. قال هو أول ما ينتشر من جسدى. قالت ان فراش الحرير مبسوط فقم فاقض حاجتى. قال إذا يذهب نصيبى من الجنة. قالت ان طرفى سكران من محبتك فارفع طرفك الى حسنى وجمالى. قال صاحبك أحق بحسنك وجمالك منى قالت هيت لك قالَ مَعاذَ اللَّهِ هو من جملة المصادر التي ينصبها العرب بافعال مضمرة ولا يستعمل إظهارها كقولهم سبحان الله وغفرانك وعونك اى أعوذ بالله معاذا مما تدعوننى اليه من العصيان والخيانة ثم علل الامتناع بقوله إِنَّهُ اى الشأن الخطير هذا وهو رَبِّي اى سيد العزيز الذي اشترانى أَحْسَنَ مَثْوايَ اى احسن

[سورة يوسف (12) : آية 24]

تعهدى ورعايتى حيث أمرك باكرامى فما جزاؤه ان أسيئ اليه بالخيانة فى حرمه وفيه ارشاد لها الى رعاية حق العزيز بالطف وجه إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ اى لا يدخل فى دائرة الفلاح والظفر كل ظالم كائنا من كان فيدخل فى ذلك المجازون للاحسان بالاساءة والعصيان لامر الله تعالى [واز زبان حال يوسف كه با زليخا خطاب مى كرد كفته اند] زهى خجلت كه در روز قيامت ... كه افتد بر زنا كاران غرامت جزاى آن جفا كيشان نويسند ... مرا سر دفتر ايشان نويسند وفى الآية دليل على ان معرفة الإحسان واجب لان يوسف امتنع لاجل شيئين لاجل المعصية والظلم ولاجل احسان الزوج اليه: قال الجامى كه چون نوبت بهفتم خانه افتاد ... زليخا از جان برخاست فرياد مرا تا كى درين محنت پسندى ... كه چشم رحمت از رويم ببندى بگفتا مانع من اين دو چيزست ... عتاب ايزد وقهر عزيزست زليخا كفت زان دشمن مينديش ... كه چون روز طرب بنشسته ام پيش دهم جامى كه با جانش ستيزد ... ز مستى تا قيامت بر نخيزد تو ميكويى خداى من كريمست ... هميشه بر كنهكاران رحيمست مرا از كوهر وزر صد خزينه ... درين خلوت سرا باشد دفينه فدا سازم همه بهر كناهت ... كه تا باشد ز ايزد عذر خواهت بكفت آنكس نيم كافتد پسندم ... كه آيد بر كس ديكر كزندم خداى من كه نتوان حقكزاريش ... برشوت كى توان آمرزگاريش زليخا در تقاضا كرم يوسف ... همى انگيخت اسباب توقف دلش ميخواست در سفتن بألماس ... ولى ميداشت حكم عصمتش پاس كما قال تعالى وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ الهم عقد القلب على فعل شىء قبل ان يفعل من خير او شر وهو القصد والمراد همت بمخالطته ومجامعته إذا لهم لا يتعلق بالأعيان اى قصدتها وعزمت عليها عزما جازما بعد ما باشرت مباديها وفعلت ما فعلت من المراودة وتغليق الأبواب ودعوته الى نفسها بقولها هيت لك ولعلها تصدت هنالك لافعال اخر من بسط يدها اليه وقصد المعانقة وغير ذلك مما يضطره الى الهرب نحو الباب والتأكيد لدفع ما عسى يتوهم من اختصاص اقلاعها عما كانت عليه بما فى مقالته من الزواجر وَهَمَّ بِها بمخالطتها اى مال إليها بمقتضى الطبيعة البشرية وشهوة الشباب ميلا جبليا لا يكاد يدخل تحت التكليف لا قصدا اختياريا لانه كما انه برئ من ارتكاب نفس الفاحشة والعمل الباطل كذلك برئ من الهمّ المحرم وانما عبر عنه بالهمّ لمجرد وقوعه فى صحبة همها فى الذكر بطريق المشاكلة لا لشبهه به ولقد أشير الى تباينهما بانه لم يقل ولقدهما بالمخالطة او هم كل منهما بالآخر قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره وَهَمَّ بِها اى هجم للطبيعة البشرية فقمع مقتضاها ولم يعط حكمها فان عدم تقاضيها نقصان بل الكمال ان لا يعطى لها حكمها مع غاية التوقان فيترقى به الإنسان وينال المراتب العالية

عند الرحمن ألا ترى ان العنين لا يمدح على ترك الجماع: وفى المثنوى هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... زانكه عفت هست شهوترا كرو بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... هم غزابا مرد كان نتوان نمود قال الشافعي اربعة لا يعبا الله بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة- وروى- فى الخبر انه ليس من نبى الا وقد اخطأ وهم بخطيئة غير يحيى بن زكريا ولكنهم كانوا معصومين من الفواحش. فمن نسب الى الأنبياء الفواحش كالعزم على الزنى ونحوه الذي يقوله الحشوية فى يوسف كفر لانه شتم لهم كذا فى القنية قال بعض ارباب الأحوال كنت بمجلس بعض القصاص فقال ما سلم أحد من هوى ولا فلان وسمى من لا يليق ذكره فى هذا المقام العظم الشأن فقلت اتق الله فقال ألم يقل (حبب الىّ) فقلت ويحك قال حبب ولم يقل أحببت قال ثم خرجت بالهمّ فرأيت النبي عليه السلام فقال لاتهتم فقد قتلناه قال فخرج ذلك القاص الى بعض القرى فقتله بعض قطاع الطريق لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ اى حجته الباهرة الدالة على كمال قبح الزنى. والمراد برؤيته لها كمال ايقانه ومشاهدته لها مشاهدة واصلة الى مرتبة عين اليقين التي تتجلى هناك حقائق الأشياء بصورها الحقيقية وتنخلع عن صورها المستعارة التي بها تظهر فى هذه النشأة على ما نطق به قوله عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) وكأنه قد شاهد الزنى بموجب ذلك البرهان النير على ما هو عليه فى حد ذاته أقبح ما يكون. وجواب لولا محذوف يدل عليه الكلام اى لولا مشاهدته برهان ربه فى شأن الزنى لجرى على موجب ميله الجبلي لعدم المانع الظاهر ولكنه حيث كان شاهد اله من قبل استمر على ما هو عليه من قضية البرهان وفائدة هذه الشرطية بيان ان امتناعه لم يكن لعدم مساعدة من جهة الطبيعة بل بمحض العفة والنزاهة مع وفور الدواعي الداخلية وترتب المقدمات الخارجية الموجبة لظهور الاحكام الطبيعية هذا وقد نص ائمة الصناعة على ان لو فى أمثال هذه المواقع جار من حيث المعنى لا من حيث الصيغة مجرى التقييد للحكم المطلق كما فى مثل قوله تعالى إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها فلا يتحقق هناك همّ أصلا وقالوا البرهان ما رأى فى جانب البيت مكتوبا ولا تقربوا الزنى او قال له ملك تهمّ بفعل السفهاء وأنت مكتوب فى ديوان الأنبياء او انفرج له سقف البيت فرأى يعقوب عاضا على يديه وبه كان يخوف صغيرا او رأى شخصا يقول له يا يوسف انظر الى يمينك فنظر فرأى ثعبانا أعظم ما يكون فقال هذا يكون فى بطن الزاني غدا كَذلِكَ الكاف منصوب المحل وذلك اشارة الى الاراءة المدلول عليها بقوله تعالى لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ اى مثل ذلك التبصير والتعريف عرفناه برهاننا فيما قبل لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ خيانة السيد وَالْفَحْشاءَ والزنى لانه مفرط فى القبح. وفيه آية بينة وحجة قاطعة على انه لم يقع منه هم بالمعصية ولا توجه إليها قط وإلا لقيل لنصرفه عن السوء والفحشاء وانما توجه اليه ذلك من خارج فصرفه تعالى عنه بما فيه من موجبات العفة والعصمة كما فى الإرشاد إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصهم الله لطاعة بان عصمهم مما هو قادح فيها وفيه دليل على ان الشيطان لم يجد الى اغوائه سبيلا ألا يرى الى قوله فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

[سورة يوسف (12) : آية 25]

قال فى بحر العلوم واعلم انه تعالى شهد ببراءته من الذنب ومدحه بانه من المحسنين وانه من عباده من المخلصين فوجب على كل أحد ان لا يتوقف فى نزاهته وطهارة ذيله وعفته وتثبته فى مواقع العثار قال الحسن لم يقص الله عليكم ما حكى من اخبار الأنبياء تعييرا لهم لكن لئلا تقنطوا من رحمته لان الحجة للانبياء الزم فاذا قبلت توبتهم كان قبولها من غيرهم اسرع وعدم ذكر توبة يوسف دليل على عدم معصيته لانه تعالى ما ذكر معصية عن الأنبياء وان صغرت الا وذكر توبتهم واستغفارهم منها كآدم ونوح وداود وابراهيم وسليمان عليهم السلام والاشارة ان يوسف القلب وان بلغ أعلى مراتبه فى مقام الحقيقة وفنائه عن صفات الانانية واستغراقه فى بحر صفات الهوية لا ينقطع عنه تصرفات زليخا الدنيا مادام هو فى بيتها وهو الجسد فان الجسد للقلب بيت دنيوى. فالمعنى انه وَراوَدَتْهُ يوسف القلب زليخا الدنيا الَّتِي هُوَ يوسف القلب فِي بَيْتِها اى فى الجسد الدنيوي اى عَنْ نَفْسِهِ لما رأت فى نفسه لتعلقه بالجسد داعية الاحتظاظ من الحظوظ الدنيوية ليحتظ منها وتحتظ منه وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وهى أبواب اركان الشريعة يعنى إذا فتحت الدنيا على القلب أبواب شهواتها وحظوظها غلقت عليه أبواب الشريعة التي تدخل منها أنوار الرحمة والهداية ونفحات الألطاف والعناية وَقالَتْ اى الدنيا هَيْتَ لَكَ اقبل الى واعرض عن الحق قالَ يعنى القلب الفاني عن نفسه الباقي بربه مَعاذَ اللَّهِ اى عياذى بالله مما سواه إِنَّهُ رَبِّي الذي ربانى بلبان الطاف ربوبيته أَحْسَنَ مَثْوايَ اى مقامى فى عالم الحقيقة فلا اعرض عنه إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ الذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن المولى وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ اى همت الدنيا بالقلب لما ترى فيه من الحاجة الضرورية الانسانية إليها وَهَمَّ بِها اى هم القلب بها فوق الحاجة الضرورية إليها لمشاركة النفس الحريصة على الدنيا ولذاتها لَوْلا أَنْ رَأى القلب بُرْهانَ رَبِّهِ وهو نور القناعة التي من تنائج نظر العناية الى قلوب الصادقين كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ عن القلب بنظر العناية السُّوءَ هو الحرص على الدنيا وَالْفَحْشاءَ وهو تصرف حب الدنيا فيه إِنَّهُ قلب كامل مِنْ عِبادِنَا لا من عباد الدنيا وغيرها الْمُخْلَصِينَ مما سوانا اى المخلصين من جنس الوجود المجازى الموصلين الى الوجود الحقيقي وهذا مقام كمالية القلب ان يكون عبد الله حرا عما سواه فانيا عن أوصاف وجوده باقيا باوصاف ربه كذا فى التأويلات النجمية- حكى- عن على بن الحسن انه كان فى البيت صنم فقامت زليخا وسترته بثوب فقال لها يوسف لم فعلت هذا قالت استحييت منه ان يرانى على المعصية درون پرده كردم جايكاهش ... كه تا نبود بسوى من نكاهش زمن آيين بي دينى نبيند ... درين كارم كه مى بينى نبيند فقال يوسف أتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه وانا أحق ان استحيى من ربى الذي خلقنى فاحسن خلقى قال فى التبيان ان يوسف لما رأى البرهان قام هاربا مبادرا الى الباب فتبعته زليخا وذلك قوله تعالى وَاسْتَبَقَا الْبابَ بحذف حرف الجر اى تسابقا الى الباب البراني الذي هو المخرج من الدار ولذلك وحد بعد الجمع فيما سلف اما يوسف فللفرار منها

[سورة يوسف (12) : الآيات 26 إلى 30]

واما هى فلتصده عن الخروج والفتح وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ اى اجتذبته من ورائه وخلفه فانشق طولا نصفين وهو القد كما ان الشق عرضا هو القط وَأَلْفَيا وجدا وصادفا سَيِّدَها زوجها وهو قطفير تقول المرأة لزوجها سيدى ولم يقل سيدهما لان ملك يوسف لم يصح فلم يكن له سيدا على الحقيقة لَدَى الْبابِ اى عند الباب البراني مقبلا ليدخل او كان جالسا مع ابن عم لزليخا يقال له يمليحا- روى- عن كعب انه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناسر ويسقط حتى خرج من الأبواب كما قال المولى الجامى چوكش اندر دويدن كام تيزش ... كشاد از هر درى راه كريزش بهر در كامدى بي در كشايى ... پريدى قفل جايى پره جايى زليخا چون بديدان از عقب جست ... بوى در آخرين دركاه پيوست پى باز آمدن دامن كشيدش ... ز سوى پشت پيراهن دريدش برون رفت از كف آن غم رسيده ... بسان غنچهـ پيراهن دريده برون آمد پيش آمد عزيزش ... كروهى از خواص خانه نيزش قالَتْ كأنه قيل فماذا كان حين ألفيا العزيز عند الباب فقيل قالت منزهة نفسها ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً من الزنى ونحوه وما نافية اى ليس جزاؤه إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ الا السجن او العذاب الأليم مثل الضرب بالسوط ونحوه او استفهامية اى أي شىء جزاؤه غير ذلك كما تقول من فى الدار الا زيد قال العزيز من أراد باهلى سوأ قالت زليخا كنت نائمة فى الفراش فجاء هذا الغلام العبراني وكشف عن ثيابى وراودنى عن نفسى چودزدان بر سر بالينم آمد ... بقصد حرمن نسرينم آمد خيالش آنكه من از وى نه آگاه ... بحرم كلستانم آورد راه بإذن باغبان ناكشته محتاج ... برد تا سنبل وكل را بتاراج فالتفت العزيز اليه وقال يا غلام هذا جزائى منك حيث أحسنت إليك وأنت تخزننى ثمى شايد درين دير پر آفات ... جز احسان اهل احسان را مكافاة ز كوى حقكزارى رخت بستى ... نمك خوردى نمكدانرا شكستى كأنه قيل فماذا قال يوسف حينئذ فقيل قالَ دفعا عن نفسه وتنزيها لعرضه هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي طالبتنى للمواقعة لا انى أردت بها سوأ كما قالت زليخا هر چهـ ميكويد دروغست ... دروغ او چراغ بي فروغست زن از پهلوى چپ شد آفريده ... كس از چپ راستى هركز نديده فقال العزيز ما اقبل قولك الا ببرهان وفى رواية نظر العزيز الى ظاهر قول زليخا وتظلمها فامر بان يسجن يوسف وعند ذلك دعا يوسف بانزال البراءة وكان لزليخا خال له ابن فى المهد ابن ثلاثة أشهر او اربعة أو ستة على اختلاف الروايات فهبط جبريل الى ذلك الطفل وأجلسه فى مهده وقال له اشهد ببراءة يوسف فقام الطفل من المهد وجعل يسعى حتى قام بين يدى العزيز وكان فى حجرانه

فغان زد كاى عزيز آهسته تر باش ... ز تعجيل عقوبت بر حذر باش سزاوار عقوبت نيست يوسف ... بلطف ومرحمت او ليست يوسف عزيز از كفتن كودك عجب ماند ... سخن با او بقانون ادب راند كه اى ناشسته لب زالايش شير ... خدايت كرد تلقين حسن تقرير بگو روشن كه اين آتش كه افروخت ... كزانم پرده عز وشرف سوخت كما قال الله تعالى وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها اى ابن خالها الذي كان صبيا فى المهد وانما القى الله الشهادة على لسان من هو من أهلها ليكون أوجب للحجة عليها وأوثق لبراءة يوسف وانفى للتهمة عنه وفى الإرشاد ذكر كونه من أهلها لبيان الواقع إذ لا يختلف الحال فى هذه الصورة بين كون الشاهد من أهلها او من غيرهم واعلم انه تكلم فى المهد جماعة. منهم شاهد يوسف هذا. ومنهم نبينا صلى الله عليه وسلم فانه تكلم فى المهد فى أوائل ولادته وأول كلام تكلم به ان قال (الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا) . ومنهم عيسى عليه السلام ويأتى تكلمه فى سورة مريم ومنهم مريم. والدة عيسى عليهما السلام. ومنهم يحيى عليه السلام. ومنهم ابراهيم الخليل عليه السلام فانه لما سقط على الأرض استوى قائما على قدميه وقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد الحمد لله الذي هدانا لهذا. ومنهم نوح عليه السلام فانه تكلم عقيب ولادته فان امه ولدته فى غار خوفا على نفسها وعليه فلما وضعته وأرادت الانصراف قالت وا نوحاه فقال لها لا تخافي أحدا علىّ يا امّاه فان الذي خلقنى يحفظنى. ومنهم موسى عليه السلام فانه لما وضعته امه استوى قاعدا وقال يا أماه لا تخافي اى من فرعون ان الله معنا. وتكلم يوسف عليه السلام فى بطن امه فقال انا المفقود والمغيب عن وجه ابى زمانا طويلا فاخبرت امه والده بذلك فقال لها اكتمي أمرك. وأجاب واحد امّه بالتشميت وهو فى بطنها حين عطست وسمع الحاضرون كلهم صوته من جوفها. ومنهم ابن المرأة التي مر عليها بامرأة يقال انها زنت فشهد بالبراءة. ومنهم طفل لذى الأخدود. ومنهم ابن ماشطة بنت فرعون عن ابن الجوزي ان ماشطة بنت فرعون لما أسلمت أخبرت الابنة أباها بإسلامها فامر بإلقائها وإلقاء أولادها فى النقرة المتخذة من النحاس المحماة فلما بلغت النوبة الى آخر ولدها وكان مرضعا قال اصبري يا أماه فانك على الحق. ومنهم مبارك اليمامة قال بعض الصحابة دخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله وسمعت منه عجبا جاءه رجل بصبى يوم ولد وقد لفه فى خرقة فقال النبي عليه السلام (يا غلام من انا) قال الغلام بلسان طلق أنت رسول الله قال (صدقت بارك الله فيك) ثم ان الغلام لم يتكلم بشئ فكنا نسميه مبارك اليمامة وكانت هذه القصة فى حجة الوداع. ومنهم صاحب جريج الراهب وقصته ان جريجا كان يتعبد فى صومعة فقالت بنية من بنى إسرائيل لافتننه فعرضت له نفسها فلم يلتفت إليها فمكنت نفسها من راعى غنم كان يأوى بغنمه الى اصل صومعته فولد غلاما وقالت انه من جريج فضربوه وهدموا صومعته فصلى جريج وانصرف الى الغلام ووضع يده على رأسه فقال بحق الذي خلقك ان تخبرني من أبوك فتكلم بإذن الله تعالى ان ابى فلان الراعي فاعتذروا الى جريج

[سورة يوسف (12) : الآيات 27 إلى 29]

وبنوا صومعته. ومنهم ما ذكره الشيخ محيى الدين ابن العربي قدس سره قال قلت لبنتى زينب مرة وهى فى سن الرضاعة قريبا عمرها من سنة ما تقولين فى الرجل يجامع حليلته ولم ينزل فقالت عليه الغسل فتعجب الحاضرون من ذلك ثم انى فارقت تلك البنت وغبت عنها سنة فى مكة وكنت أذنت لوالدتها فى الحج وجاءت مع الحج الشامي فلما خرجت لملاقاتها رأتنى من فوق الجمل وهى ترضع فقالت قبل ان ترانى أمها هذا ابى وضحكت ورمت نفسها الىّ كما فى انسان العيون إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ الشرطية محكية على ارادة القول كأنه قيل وشهد شاهد من أهلها فقال ان كان قميصه وجمع بين ان الذي هو للاستقبال وبين كان لان المعنى ان يعلم ان قميصه قد من قبل اى من قدام فالشرط وان كان ماضيا بحسب اللفظ لكنه فى تأويل المضارع فان قلت كيف اطلق الشهادة على تقوّل هذه الشرطية مع ان الشهادة فى عرف الشرع عبارة عن الاخبار بثبوت حق الغير على غيره بلفظ اشهد قلت هذه الشرطية تقوم مقام الشرطية وتؤدى مؤداها من حيث ان تقولها ثبت به صدق يوسف وبطل قولها فَصَدَقَتْ اى فقد صدقت زليخا فى قولها وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ فى قوله لانه إذا طلبها دفعته عن نفسها فشقت قميصه من قدام او يسرع خلفها ليدركها فيتعثر بذيله فينشق جيبه وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ من خلف فَكَذَبَتْ فى قولها وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ لانه يدل على انها تبعته فاجتذبت ثوبه فقدته فَلَمَّا رَأى العزيز قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ وعلم براءة يوسف وصدقه كما قال الجامى عزيز از طفل چون كوش اين سخن كرد ... روان تفتيش حال پيرهن كرد چوديد از پس دريده پيرهن را ... ملامت كرد آن مكاره زن را قالَ إِنَّهُ اى الأمر الذي وقع فيه التشاجر مِنْ كَيْدِكُنَّ من جنس حيلتكن ومكر كن أيتها النساء لا من غير كن فخجلت زليخا وتعميم الخطاب للتنبيه على ان ذلك خلق لهن عريق إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ فانه الصق واعلق بالقلب وأشد تأثيرا فى النفس اى من كيد الرجال فعظم كيد النساء على هذا بالنسبة الى كيد الرجال ولان الشيطان يوسوس مسارقة وهن يواجهن به الرجال فالعظم بالنسبة الى كيد الشيطان وعن بعض العلماء انا أخاف من النساء ما لا أخاف من الشيطان فانه تعالى يقول إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً وقال للنساء إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ز كيد زن دل مردان دو نيمست ... زنانرا كيدهاى بس عظيمست عزيزانرا كند كيد زنان خوار ... بكيد زن بود دانا كرفتار ز مكر زن كسى عاجز مبادا ... زن مكاره خود هركز مبادا يُوسُفُ اى قال العزيز يا يوسف أَعْرِضْ عَنْ هذا الأمر وعن التحديث به واكتمه حتى لا يشيع فيعيرونى قدم از راى غمازى بدر نه ... كه باشد پرده پوش از پرده در به وَاسْتَغْفِرِي أنت يا زليخا لِذَنْبِكِ الذي صدر عنك وثبت عليك إِنَّكِ كُنْتِ

بسبب ذلك مِنَ الْخاطِئِينَ من جملة القوم الذين تعمدوا للخطيئة والذنب يقال خطىء إذا أذنب عمدا والتذكير لتغليب الذكور على الإناث وفى الحديث (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) وكان العزيز رجلا حليما فاكتفى بهذا القدر فى مؤاخذتها كما قال المولى الجامى عزيز اين كفت وبيرون شد ز خانه ... بخوش خوبى سمر شد در زمانه تحمل دلكش است اما نه چندين ... نكر خويى خوشست اما نه چندين چومرد از زن بخوش خويى كشد بار ... ز خوش خويى ببد رويى كشد كار مكن با كار زن چندان صبورى ... كه افتد رخنه در سد غيورى وقيل كان قليل الغيرة- وروى- انه حلف ان لا يدخل عليها الى أربعين يوما واخرج يوسف من عندها وشغله فى خدمته وبقيت زليخا لا ترى يوسف دريغ آن صيد كز دامم برون رفت ... دريغ آن شهد كزكامم برون رفت عزيمت كرد روزى عنكبوتى ... كه بهر خود كند تحصيل قوتى بجايى ديد شهبازى نشسته ... ز قيد دست شاهان باز رسته بكرد او تنيدن كرد آغاز ... كه بندد بال و پرش را ز پرواز زمانى كار در پيكار او كرد ... لعاب خود همه در كار او كرد چون آن شهباز كرد از وى كناره ... نماند غير تارى چند پاره منم آن عنكبوت زارو رنجور ... فتاده از مراد خويشتن دور رك جانم كسسته همچوتارش ... نكشته مرغ اميد شكارش كسسته تارم از هر كار وبارى ... بدستم نيست جز بگسسته تارى والاشارة ان يوسف القلب لما رأى برهان ربه وهو نظر نور العناية التي من نتائجها القناعة وهرب من زليخا الدنيا وما انخدع من زينتها وشهواتها اتبعته زليخا الدنيا وَاسْتَبَقَا الْبابَ وهو الموت فان الموت باب بين الدنيا والآخرة وكل الناس داخله فمن زحزح عن باب دار الدنيا دخل باب الدار الآخرة لان من مات قامت قيامته فتعلقت زليخا الدنيا بيد شهواتها بذيل قميص بشرية يوسف القلب قبل خروجه من باب الموت الحقيقي وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ فقدت قميص بشريته مِنْ دُبُرٍ فلما خرج يوسف القلب من باب موت البشرية والصفات الحيوانية واتبعته زليخا الدنيا وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ وهو صاحب ولاية تربية يوسف القلب وزوج زليخا الدنيا وانما سمى سيدها لان اصحاب الولايات هم سادة الدنيا والآخرة وهم الرجال الحقيقية المتصرفون فى الدنيا كتصرف الرجل فى امرأته قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً ما جزاء قلب يتصرف فى الدنيا بالسوء وهو على خلاف الشريعة ووفق الطبيعة إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ فى سجن الصفات الذميمة النفسانية أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ اى يعذب بالم البعد والفراق قالَ يوسف القلب واظهر عداوة زليخا الدنيا بعد ان تخرق قميص بشريته وخرج من باب الموت عن صفاتها هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي لانها كانت مأمورة بخدمتي كما قال يا دنيا اخدمى من خدمنى وانى

[سورة يوسف (12) : آية 30]

كنت فارا منها لقوله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها اى حكم بينهما حاكم وهو العقل الغريزي دون العقل المجرد فان الغريزي دنيوى والمجرد اخروى. فالمعنى ان حاكم العقل الغريزي الذي هو من اهل زليخا حكم إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ اى ان كان قميص بشرية يوسف القلب قد من قبل يدل على ان التابع كان يوسف القلب على قدمى الهوى والحرص فعدل عن الصراط المستقيم العصمة وقد قميص بشريته من قبل فَصَدَقَتْ زليخا الدنيا انها متبوعة وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ فى دعواه انها راودتنى عن نفسى واتبعتنى وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ زليخا الدنيا انها متبوعة وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ يعنى يوسف القلب صادق فى ان زليخا الدنيا راودته عن نفسه واتبعته وانه متبوع فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ميز حاكم العقل ان يد تصرف زليخا الدنيا لا تصل الى يوسف القلب الا بواسطة قميص بشريته قالَ إِنَّهُ اى التعلق بقميص بشريته يوسف القلب مِنْ كَيْدِكُنَّ اى من كيد الدنيا وشهواتها إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ لأنكن تكدن فى امر عظيم وهو قطع طريق الوصول الى الله العظيم على القلب السليم يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا اى يا يوسف القلب اعرض عن زليخا الدنيا فان كثرة الذكر تورث المحبة وحب الدنيا رأس كل خطيئة وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ يا زليخا الدنيا إِنَّكِ كُنْتِ بزينتك وشهواتك قاطعة طريق الله تعالى على يوسف القلب وأنت فى ذلك مِنَ الْخاطِئِينَ الذين ضلوا عن الطريق وأضلوا كثيرا كذا فى التأويلات النجمية نفعنا الله بحقائقها وَقالَ نِسْوَةٌ اى جماعة من النساء وكن خمسا امرأة الخباز وامرأة الساقي وامرأة صاحب الدواب وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب والنسوة اسم مفرد لجميع المرأة وتأنيثه غير حقيقى ولذا لم يلحق فعله تاء التأنيث وقال الرضى النسوة جمع لانها على وزن فعلة فيقدر لها مفرد وهو نساء كغلام وغلمة لا انها اسم جمع [آورده اند كه اگر چهـ عزيز اين قصه را تسكين داد اما سخن عشق نهان كى ميماند شمه ازين واقعه در السنه عوام افتاد] زليخا را چوبشكفت آن كل راز ... جهانى شد بطعنش بلبل آواز [وبعض از خواتين مصر زبان ملامت بر زليخا دراز كردند وهر آيينه عشق را غوغاى ملامت در كارست نه سوداى سلامت] : قال الحافظ من از آن حسن روز افزون كه يوسف داشت دانستم ... كه عشق از پرده عصمت برون آرد زليخا را وقال الجامى نسازد عشق را كنج سلامت ... خوشا رسوايى وكويى ملامت غم عشق از ملامت تازه كردد ... وزين غوغا بلند آوازه كردد فِي الْمَدِينَةِ ظرف لقال اى اشعن الأمر فى مصر او صفة للنسوة وقال الكاشفى [با يكديكر نشسته كفتند در شهر مصر بموضعي كه عين الشمس مضمون سخن ايشان آنكه] امْرَأَتُ الْعَزِيزِ والعزيز بلسان العرب الملك والمراد به قطفير وزير الريان وبامرأته زليخا ولم يصرحن باسمها على ما عليه عادة الناس عند ذكر السلطان والوزير ونحوهما وذكر من يتبعهم من خواص حرمهم وقال سعدى المفتى صرحن بإضافتها الى العزيز مبالغة للتشنيع لان النفوس اقبل الى سماع اخبار ذوى الاخطار وما يجرى لهم تُراوِدُ فَتاها

اى تطالب غلامها بمواقعته لها وتحتال فى ذلك وتخادعه عَنْ نَفْسِهِ والفتى من الناس الشاب ويستعان للملوك وان كان شيخا كالغلام وهو المراد هنا وفى الحديث (لا يقولن أحدكم عبدى وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى) قال ابن الملك انما كره النبي عليه السلام ان يقول السيد عبدى لان فيه تعظيما لنفسه ولان العبد فى الحقيقة انما هو لله قيل انما يكره إذا قاله على طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه والا فقد جاء القرآن به قال الله تعالى وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ قَدْ شَغَفَها حُبًّا [بدرستى كه بشكافته است غلاف دل او از جهت دوستى يعنى محبت يوسف بدرون دل او در آمده] وهو بيان لاختلال أحوالها القلبية كاحوالها القالبية خبر ثان وحبا تمييز منقول من الفاعلية اى شق حبه شغاف قلبها حتى وصل الى فؤادها. والشغاف حجاب القلب وقرئ شعفها بالعين المهملة يقال شعفه الحب احرق قلبه كما فى الصحاح اعلم ان المحبة هو الميل الى امر جميل وهو إذا كان مفر طايسمى عشقا وهو إذا كان مفر طايسمى سكر او هيمانا وصاحب العشق المفرط معذور غير ملوم لانه آفة سماوية كالجنون والمرض مثلا والمحبة اصل الإيجاد وسببه كما قال تعالى (كنت كنزا مخفيا فاجببت ان اعرف) قال القاشاني العشق أخص لانه محبة مفرطة ولذلك لا يطلق على الله لانتفاء الافراط عن صفاته انتهى قال الجنيد قالت النار يا رب لو لم أطعك هل كنت تعذبنى بشئ هو أشد منى قال نعم كنت أسلط عليك نارى الكبرى قالت وهل نار أعظم منى قال نعم نار محبتى أسكنها قلوب أوليائي المؤمنين كذا فى فتح القريب قال يحيى بن معاذ لو وليت خزائن العذاب ما عذبت عاشقا قط لانه ذنب اضطرار لا ذنب اختيار وفى الحديث (من عشق فعف وكتم ثم مات مات شهيدا) : قال الحافظ عاشق شو ارنه روزى كار جهان سر آيد ... ناخوانده نقش مقصود از كاركاه هستى وعشق زليخا وان كان عشقا مجازيا لكن لما كان تحققها به حقيقة وصدقا جذبها الى المقصود وآل الأمر من المجاز الى الحقيقة لانه قنطرتها: قال العطار فى منطق الطير هر كه او در عشق صادق آمدست ... بر سرش معشوق عاشق آمدست كر بصدقى عشق پيش آيد ترا ... عاشقت معشوق خويش آيد ترا إِنَّا لَنَراها اى نعلمها علما مضاهيا للمشاهدة والعيان فيما صنعت من المراودة والمحبة المفرطة مستقرة فِي ضَلالٍ فى خطأ وبعد عن طريق الرشد والصواب مُبِينٍ واضح لا يخفى كونه ضلالا على أحد او مظهر لامرها فيما بين الناس وانما لم يقلن انها لفى ضلال مبين اشعارا بان ذلك الحكم غير صادر عنهن مجازفة بل عن علم ورأى مع التلويح بانهن متنزهات عن أمثال ما هى عليه ولذا ابتلاهن الله تعالى بمارمين به الغير لانه ما عير؟؟؟ أحد أخاه بذنب الا ارتكبه قبل ان يموت وهذه اعنى ملامة الخلق وتضليلهم علامة كمال المحبة ونتيجته لان الله تعالى إذا اصطفى عبدا لجنابه رفع محبته الذاتية عن قلوب الأغيار غيرة منه عليه ولذا ترى ارباب الأحوال واصحاب الكشوف مذكورين غالبا بلسان الذم والتعيير إذ هم قد تجاوزوا حد الجمهور فكانوا كالمسك بين الدماء فكما ان المسك خرج بذلك الوصف الزائد عن كونه جنس

[سورة يوسف (12) : الآيات 31 إلى 35]

الدم فكذا العشاق خرجوا بما هم عليه من الحالة الجمعية الكمالية عن كونهم من جنس العباد ذوى التفرقة والنقصان والجنس الى الجنس يميل لا الى خلافه فافهم حقيقة الحال وهو اللائح بالبال فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ باعتيابهن وسوء قولهن وقولهن امرأة العزيز عشقت عبدها الكنعانى وهو مقتها وتسميته مكرا لكونه خفية منها كمكر الماكر وان كان ظاهرا لغيرها أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ تدعوهن للضيافة إكراما لهن ومكرا بهن ولتعذر فى يوسف لعلمها انهن إذا رأينه دهشن وافتتن به. قيل دعت أربعين امرأة منهن الخمس المذكورات وَأَعْتَدَتْ اى أحضرت وهيأت لَهُنَّ مُتَّكَأً اى ما يتكئن عليه من النمارق والوسائد وغيرها عند الطعام والشراب كعادة المترفهين ولذلك نهى عن الاكل بالشمال او متكأ. وقرئ متكأ وهو الأترج او الزماورد بالضم وهو طعام من البيض واللحم معرب والعامة تقول البزماورد كما فى القاموس وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ بعد الجلوس على المتكأ سِكِّيناً لتستعمله فى قطع ما يعهد فيما قدم بين أيديهن وقرب إليهن من اللحوم والفواكه ونحوها وقصدت بتلك الهيئة وهى قعودهن متكئات والسكاكين فى أيديهن ان يدهشن ويبهتن عند رؤيته ويشغلن عن نفوسهن فيقع أيديهن على أيديهن فيقطعنها لان المتكئ إذا بهت لشئ وقعت يده على يده- روى- انها اتخذت لهن ضيافة عظيمة من ألوان الاطعمة وانواع الاشربة بحيث لا توصف روان هر سو كنيزان وغلامان ... بخدمت همچوطاوسان خرامان پرى رويان مصرى حلقه بسته ... بمسندهاى زركش خوش نشسته چوخوان برداشتند از پيش آنان ... زليخا شكر كويان مدح خوانان نهاد از طبع حيلت ساز پر فن ... ترنج وكزلكى بر دست هر زن وَقالَتِ ليوسف وهن مشغولات بمعالجة السكاكين وأعمالها فيما بايديهن من الفواكه وأضرابها اخْرُجْ يا يوسف عَلَيْهِنَّ اى ابرز لهن: قال المولى الجامى بپاى خود زليخا سوى او شد ... دران كاشانه هم زانوى او شد بزارى كفت كاى نور دو ديده ... تمناى دل محنت رسيده فتادم در زبان مردم از تو ... شدم رسوا ميان مردم از تو كرفتم آنكه در چشم تو خوارم ... بنزديك تو بس بي اعتبارم مده زين خوارى وبى اعتبارى ... ز خاتونان مصرم شرمسارى شد از افسون آن افسونگر كرم ... دل يوسف به بيرون آمدن نرم پى تزيين او چون باد برخاست ... چوسرو از حله سبزش بياراست فرود آويخت كيسوى معنبر ... به پيش حله اش چون عنبر تر ميانش را كه با مو همسرى كرد ... ز زرين منطقه زيور كرى كرد بسر تاج مرصع از جواهر ... ز هر جوهر هزارش لطف ظاهر بپانعلينى از لعل وكهر پر ... برو بسته دوال از رشته در فَلَمَّا رَأَيْنَهُ عطف على مقدر فحرج عليهن

ز خلوت خانه آن كنج نهفته ... برون آمد چوكلزار شكفته فرأينه فلما رأينه أَكْبَرْنَهُ عظمنه وهبن حسنه الفائق وجماله الرائق فان فضل جماله على جمال كل جميل كان كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وسيأتى مزيد البيان فى هذا الشأن او حضن ليوسف من شدة الشبق على حذف اللام. والشبق شدة شهوة الضراب والمرأة إذا اغتلمت واشتدت شهوتها سال دم حيضها من أكبرت المرأة إذا حاضت لانها تدخل الكبر بالحيض او امنين لتوقهن اليه كما فى الكواشي وفى الشرعة ويستحب من اخلاق الزوجة ما قال على بن ابى طالب «خير نساؤكم العفيفة الغليمة المطيعة لزوجها» وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ اى جرحنها بالسكاكين لفرط وحشتهن وخروج حركات جوارحهن عن منهج الاختيار والاعتياد حتى لم يعلمن ما فعلن أوابنها كما فى التبيان وقال وهب ماتت جماعة منهن كما قال المولى الجامى چوهر يك را دران ديدار ديدن ... تمنا شد ترنج خود بريدن ندانسته ترنج از دست خود باز ... ز دست خود بريدن كرد آغاز يكى از تيغ انكشتان قلم كرد ... بدل حرف وفاى او رقم كرد يكى برساخت از كف صفحه سيم ... كشيدش جدول از سرخى چوتقويم بهر جدول روانه سيلى از خون ... ز حد خود نهاده پاى بيرون كروهى زان زنان كف بريده ... ز عقل وصبر وهوش ودل رميده ز تيغ عشق يوسف جان نبردند ... از آن مجلس نرفته جان سپردند كروهى از خرد بيكانه كشتند ... ز عشق آن پرى ديوانه كشتند كروهى آمدند آخر بخود باز ... ولى با درد وسوز عشق دمساز جمال يوسف آمد خمى از مى ... بقدر خود نصيب هر كس از وى وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ لدهشتهن والمدهوش لا يدرك ما يفعل ولم تقطع زليخا يديها لان حالها انتهت الى التمكين فى المحبة كاهل النهايات وحال النسوة كانت فى مقام التلوين كاهل البدايات فلكل مقام تلون وتمكن وبداية ونهاية قال القاشاني خرج يوسف بغتة على النسوة فقطعن أيديهن لما أصابهن من الحيرة لشهود جماله والغيبة عن اوصافهن كما قيل غابت صفات القاطعات اكفها ... فى شاهد هو فى البرية أبدع ولا شك ان زليخا كانت ابلغ فى محبته منهن لكنها لم تغب عن التمييز بشهود جماله لتمكن حال الشهود فى قلبها انتهى در حقائق سلمى [مذكور است كه حق تعالى بدين آيت مدعيان محبت را سرزنش ميكند كه مخلوقى در رؤيت مخلوقى بدان مرتبه ميرسد كه احساس الم قطع نميكند شما در شهود پذير جمال خالق بايد كه بهر هيچ كس از بلا وعنا متألم نشويد] كر با تو دمى دست در آغوش توان كرد ... بيداد تو سهلست فراموش توان كرد وقال فى شرح الحكم العطائية ما تجده القلوب من الهموم والأحزان يعنى عند فقدان مرادها وتشويش معتادها فلاجل ما منعت من وجود العيان إذ لو عاينت جمال الفاعل جمل عليها الم

البعد كما اتفق فى قصة النسوة اللاتي فطعن أيديهن انتهى وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ [پاكست خداى تعالى از صفت عجز در آفريدن چنين مخلوقى] وأصله حاشا حذفت الالف الاخيرة تخفيفا وهو حرف جر يفيد معنى التنزيه فى باب الاستثناء تقول أساء القوم حاشا زيد فوضع موضع التنزيه والبراءة فمعناه تنزيه الله وبراءة الله واللام لبيان المبرأ والمنزه كما فى سقيا لك والدليل فى وضعه موضع المصدر قراءة ابى السماك حاشا لله بالتنوين ما هذا بَشَراً اى آدميا مثلنا لان هذا الجمال غير معهود للبشر إِنْ نافية بمعنى ما هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ يعنى على ربه كما فى تفسير ابى الليث وهو من باب قصر القلب لقلبه حكم السامعين حيث اعتقدوا انه بشر لا ملك وقصرنه على الملكية مع علمهن انه بشر لانه ثبت فى النفوس لا أكمل ولا احسن خلقا من الملك يعنى ركز فى العقول من ان لا حى احسن من الملك كما ركز فيها ان لا أقبح من الشيطان ولذلك لا يزال يشبه بهما كل متناه فى الحسن والقبح وغرضهن وصفه بأقصى مراتب الحسن والجمال چوديدندش كه جز والا كهر نيست ... بر آمد بانك كين هذا بشر نيست نه چون آدم ز آب وگل سرشتست ... ز بالا آمده قدسى فرشتست قال بعضهم ان من لطف الله بنا عدم رؤيتنا للملائكة على الصورة التي خلقوا عليها لانهم خلقوا على احسن صورة فلو كنا نراهم لطارت أعيننا وأرواحنا لحسن صورهم ولذا ابتدئ رسول الله بالرؤيا تأنيسا له إذ القوى البشرية لا تتحمل رؤية الملك فجأة وقد رأى جبريل فى أوائل البعثة على صورته الاصلية فخر مغشيا عليه فنزل اليه فى صورة الآدميين كما فى انسان العيون قالوا كان يوسف إذا سار فى ازقة مصر يرى تلألؤ وجهه كما يرى نور الشمس من السماء عليها وكان يشبه آدم يوم خلقه ربه وكانت امه راحيل وجدته سارة جميلتين جدا چهـ گويم كان چهـ حسن ودلبرى بود ... كه بيرون از حد حور و پرى بود مقدس نورى از قيد چهـ و چون ... سر از جلباب چون آورده بيرون چون آن بيچون درين چون كرد آرام ... پى رو پوش كرده يوسفش نام زليخايى كه رشك حور عين بود ... بمغرب پرده عصمت نشين بود ز خورشيد رحمش ناديده تابى ... گرفتار جمالش شد بخوانى قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي صاحب وسيط بإسناد خود از جابر انصارى نقل ميكند كه حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم فرمود كه جبرائيل بر من فرود آمد وگفت خداى تعالى ترا سلام ميرساند وميگويد حبيب من حسن روى يوسف را از نور كرسى كنوت دادم وكسوت حسن ترا از نور عرش مقرّر كردم وما خلقت خلقا احسن منك يوسف را جمال بود وآن حضرت را كمال در شهود جمال يوسف دستها بريده شد در ظهور كمال محمدى زنارها قطع يافت از حسن روى يوسف دست بريده سهلست ... در پاى دلبر من سرها بريده باشد [از عايشه صديقه نقل ميكنند كه در صفت جمال حضرت رسالت پناه فرمود كه]

لوائم زليخا لو رأين جبينه ... لآثرن فى القطع القلوب على اليد زنان مصر بهنگام جلوه يوسف ... ز روى بيخودى از دست خويش ببريدند مقرر است كه دل پاره پاره ميكردند ... اگر جمال تو اى نور ديده ميديدند وفى الحديث (ما بعث الله نبيا الأحسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا) . يقول الفقير أيده الله القدير الظاهر ان بعض الأنبياء مفصل على البعض فى بعض الأمور وان الحسن بمعنى بياض البشرة مختص بيوسف وان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسمر اللون لكن مع الملاحة التامة وهو لا ينافى الحسن واليه يشير قول الحافظ آن سيه چرده كه شيرينىء عالم با اوست ... چشم ميكون لب خندان رخ خرم با اوست وقول المولى الجامى دبير صنع نوشتست كرد عارض تو ... بمشكناب كه الحسن والملاحة لك فالحسن امر والملاحة امر آخر وبالملاحة يفضل النبي عليه السلام على يوسف وعليه يحمل قول الجامى ز خوبئ تو بهر جا حكايتى گفتند ... حديث يوسف مصرى فسانه باشد وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لى جبريل ان أردت ان تنظر من اهل الأرض شبيها بيوسف فانظر الى عثمان بن عفان) وجاء (هو أشبه الناس يجدك ابراهيم وأبيك محمد) والخطاب لرقية بنت رسول الله زوجة عثمان وكانت رقية ذات جمال بارع ايضا ومن ثم كان النساء تغنيهما بقولهن احسن شىء يرى انسان رقية وبعلها عثمان وجاء فى حق رومان أم عائشة رضى الله عنها بضم الراء وفتحها (من أراد ان ينظر الى امرأة من الحور العين فلينظر الى رومان) وفيه بيان حسنها وكونها من اهل الجنة كما لا يخفى والاشارة وَقالَ نِسْوَةٌ صفات البشرية النفسانية من البهيمية والسبعية والشيطانية فِي الْمَدِينَةِ فى مدينة الجسد امْرَأَتُ الْعَزِيزِ وهى الدنيا تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ تطالب عبدها وهو القلب كان عبدا للدنيا فى البداية للحاجة إليها فى التربية فلما كمل القلب وصفا وصقل عن دنس البشرية واستاهل للنظر الإلهي فتجلى له الرب تعالى فتنور القلب بنور جماله وجلاله احتاج اليه كل شىء وسيجد له حتى الدنيا قَدْ شَغَفَها حُبًّا اى أحبته الدنيا غاية الحب لما ترى عليه آثار جمال الحق ولما لم يكن لنسوة صفات البشرية اطلاع على جمال يوسف القلب كن يلمن الدنيا على محبته فقلن إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فَلَمَّا سَمِعَتْ زليخا الدنيا بِمَكْرِهِنَّ فى ملامتها أَرْسَلَتْ الى الصفات وهيأت أطعمة مناسبة لكل صفة منها وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً سكين الذكر وَقالَتِ زليخا الدنيا ليوسف القلب اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ وهو اشارة الى غلبات احوال القلب على الصفات البشرية فَلَمَّا رَأَيْنَهُ فلما وقفن على جماله وكماله أَكْبَرْنَهُ أكبرن جماله ان يكون جمال البشر وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ بسكين الذكر عن تعلق ما سوى الله وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً اى جمال بشر إِنْ هذا إِلَّا جمال مَلَكٌ كَرِيمٌ وهو الله تعالى بقراءة من قرأ ملك

[سورة يوسف (12) : آية 32]

بكسر اللام قالَتْ فَذلِكُنَّ كن للنسوة وذا ليوسف ولم تقل فهذا مع انه حاضر رفعا لمنزلته فى الحسن واسم الاشارة مبتدأ والموصول خبره وهو الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ فى شأنه فالآن علمتن من هو وما قولكن فينا قال الكاشفى [واكنون دانستيد كه حق بطرف من بود] : قال سعدى ملامت كن مرا چندانكه خواهى ... كه نتوان شستن از زنگى سياهى وقال فى كتاب گلستان [يكى را از ملوك عرب حديث ليلى ومجنون بگفتند وشورش حال او كه با كمال فضل وبلاغت سر در بيابان نهاده است وزمام اختيار از دست داده بفرمودش تا حاضر آوردند وملامت كردن گرفت كه در شرف نفس انسانى چهـ خلل ديديكه خوى حيوانى گرفتى وترك عيش آدمي گفتى مجنون بناليد وگفت ورب صديق لامنى فى ودادها ... ألم يرها يوما فيوضح لى عذرى كاش كانانكه عيب من جستند ... رويت اى دلستان بديدندى تا بجاى ترنج در نظرت ... بيخبر دستها بريدندى [تا حقيقت معنى بر صورت دعوى گواهى دادى كه] قوله تعالى فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وفى القصيدة البردية يا لائمى فى الهوى العذرى معذرة ... منى إليك ولو أنصفت لم تلم والهوى العذرى عبارة عن الحب الشديد الفرط نسبة الى بنى عذرة بضم العين وسكون الذال المعجمة قبيلة فى اليمن مشهورة بالابتلاء بداء العشق وكثير من شبانهم يهلكون بهذا المرض كما يحكى ان واحدا سأل منهم عن سبب انهماكهم فى أودية المحبة والمودة وموجب هلاكهم من شدة المحبة فاجابوا بان فى قلوبنا خفة وفى نسائنا عفة [أصمعي گفت وقت از اوقات در أثناء اسفار بقبيله بنى عذره نزول كردم ودر وثاقي كه بودم دخترى ديدم در غايت حسن وجمال روزى از سبيل تفرج از آنجا بيرون آمدم وطوفى ميكردم جوانى را ديدم ضعيف تر از هلالى اين أبيات ميخواند وقطرات عبرات از ديدگان مى راند] فلا عنك لى صبر ولا فيك حيلة ... ولا منك لى بد ولا منك مهرب فلو كان لى قلبان عشت بواحد ... وأفردت قلبا فى هواك يعذب ولى ألف باب قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب الى اين اذهب [از آن جماعت پرسيدم كه اين جوان كيست وحال او چيست گفتند او بدان دختر كه در ان خانه كه تو نزول كرده عاشقست وبا آنكه بنت عم اوست ده سالست تا يكديگر را نديده اند أصمعي ميگويد كه بخانه بازگشتم وحال آن جوان با اين دختر تقرير كردم وگفتم شك نيست كه مهمان غريب را در عرب حرمتى هر چهـ تمامترست التماس آنست كه امروز جمال خود را بدو نمايى دختر گفت صلاح او درين نيست أصمعي گفت پنداشتم كه بخل ميكند ودفع ميدهد گفتم از براى دل مهمان يك دو قدم بردار تا از مشاهده جمال راحتى يابد گفت مرا رحمت وشفقت در حق عم زاده بيش از آنست اميد دارى

وليك ميدانم كه مصلحت او در ديدن من نيست اما چون باور نمى دارى تو برو در بيت برايم من أصمعي ميگويد كه برفتم و پيش آن جوان بنشستم وگفتم حاضر باش مشاهده دلدار را كه بالتماس من مى آيد تا بحضور خود مسكن ترا پر نور گرداند درين سخن بوديم كه دختر از دور پيدا شد ودامن در زمين ميكشيد وگرد آن بر هوا ميرفت جوان چون آن گرد بديد نعره بزد وبر زمين افتاد آندامن او چند جا سوخته شد چون بخانه مراجعت كردم دختر با من عتاب كرد وگفت] آنچهـ امروز يافت او ز تو يافت ... وآنچهـ ديد او رهگذار تو ديد انه لا يطيق مشاهدة غبار من آثار ذيلنا فكيف يطيق مشاهدة جمالنا ولقائنا ثم بعد ما اقامت زليخا عليهن الحجة وأوضحت لديهن عذرها وقد أصابهن من قبله عليه السلام ما أصابها باحت لهن ببقية سرها لان شان العشاق ان يظهر بعضهم لبعض ما فى قلوبهم غير ملتفت الى تعيير أحد ولا خائف لومة لائم ولا مبال بزجر وسفاهة من جهل ولم يعلم حالهم فقالت وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ طلبت منه ان يمكننى من نفسه حسبما قلتن وسمعتن فَاسْتَعْصَمَ [پس خويش را نگا داشت وسر بمن نياورد] اى طلب العصمة من الله مبالغا فى الامتناع لانه يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد كأنه فى عصمة وهو مجتهد فى الاستزادة منها وفيه برهان نير على انه لم يصدر عنه شىء مخل باستعصامه بقوله معاذ الله من الهم وغيره وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ من حذف الجار وإيصال الفعل الى الضمير اى ما آمر به من موافقتى فالضمير للموصول لَيُسْجَنَنَّ بالنون الثقيلة آثرت بناء الفعل للمفعول جريا على رسم الملوك. والمعنى بالفارسية [هر آينه بزندان كرده شود] وَلَيَكُوناً بالنون الخفيفة وانما كتبت بالألف اتباعا لخط المصحف مثل لنسفعا على حكم الوقف يعنى ان النون الخفيفة يبدل منها فى الوقف الالف وذلك انما يكون فى الخفيفة لشبهها بالتنوين مِنَ الصَّاغِرِينَ اى الأذلاء فى السجن وهو من صغر بالكسر والصغير من صغر بالضم: قال الجامى اگر ننهد بكام من دگر پاى ... ازين پس كنج زندان سازمش جاى نگردد مرغ وحشي جز بدان رام ... كه گيرد در قفس يك چند آرام ولقد أتت بهذا الوعيد المنطوى على فنون التأكيد بمحضر منهن ليعلم يوسف انها ليست فى أمرها على خفية ولا خيفة من أحد فتضيق عليه الحيل وينصحن له وير شدن الى موافقتها: قال الجامى بدو گفتند اى عمر گرامى ... دريده پيرهن در نيك نامى درين بستان كه گل با خار جفت است ... گل بى خار چون تو كم شكفت است زليخا خاك شد در راهت اى پاك ... همى كش كه گهى دامن برين خاك حذر كن زانكه چون مضطر شود دوست ... بخوارى دوست را از سر كشد پوست

[سورة يوسف (12) : آية 33]

چواز سر بگذرد سيل خطرمند ... نهد مادر بزير پاى فرزند دهد هر لحظه تهديدت بزندان ... كه هست آرامگاه ناپسندان كجا شايد چنين محنت سرايى ... كه باشد چاى چون نو دلربايى خدا را بر وجود خود ببخشاى ... بروى او درى از مهر بگشاى وگر باشد ترا از وى ملالى ... كه چندانش نمى بينى جمالى چوزو ايمن شوى دمساز ما باش ... نهانى همدم وهمراز ما باش كه ما هريك بخوبى بي نظيريم ... سپهر حسن را ماه منيريم چوبگشاييم لبهاى شكرخا ... ز خجلت لب فرو بندد زليخا چنين شيرين وشكرخا كه ماييم ... زليخا را چهـ قدر آنجا كه ماييم چويوسف كوش كرد افسون كز ايشان ... پى كام زليخا ياوريشان گذشتند از ره دين وخرد نيز ... نه تنها بهر وى از بهر خود نيز قالَ مناجيا لربه رَبِّ السِّجْنُ الذي او عدتنى بالإلقاء فيه وهوه بالفارسية [زتدان] أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ اى آثر عندى من موافقتها لان للاول حسن العاقبة دون الثاني عجب درمانده ام در كار ايشان ... مرا زندان به از ديدار إينان به از صد سال در زندان نشينم ... كه يكدم طلعت إينان به بينم بنا محرم نظر دلرا كند كور ... ز دولتخانه قرب افكند دور وعند ذلك بكت الملائكة رحمة له وهبط اليه جبريل فقال له يا يوسف ربك يقرئك السلام ويقول لك اصبر فان الصبر مفتاح الفرج وعاقبته محمودة واسناد الدعوة إليهن جميعا لانهن تنصحن له وخوفنه من مخالفتها أو لأنهن جميعا دعونه الى انفسهن كما ذكر قال بعض الحكماء لو قال رب العافية أحب الىّ لعافاه الله ولكن لما نجا بدينه لم يبال ما أصابه فى الله والبلاء موكل بالمنطق وعن معاذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول اللهم انى اسألك الصبر قال (سألت البلاء فاسأله العافية) قال الشيخ سعدى [فى كتاب الگلستان پارسايى را ديدم كه بر كنار دريا زحم پلنگ داشت وبه هيچ دارو به نمى شد ومدتها دران رنجورى بود ومدام شكر خدا مى گزاريد پرسيدندش كه چهـ شكر كنى گفت شكر آنكه بمصيبتى گرفتارم نه بمعصيتي بلى مردان خدا مصيبت را بر معصيت اختيار كنند نه بينى كه يوسف صديق در ان حالت چهـ گفت قال رب السجن الآية] كرمى آزار بكشتن دهد آن يار عزيز ... تا نكويى كه در ان دم غم جانم باشد گويم از بنده مسكين چهـ گنه صادر شد ... گو دل آزرده شد از من غم آنم باشد وَإِلَّا وان لم تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ [واگر نگردانى از من مكر وفريب ايشانرا يعنى مرا در پناه عصمت نگيرى] أَصْبُ إِلَيْهِنَّ امل الى جانبهن على قضية الطبيعة وحكم القوة الشهوية اى ميلا اختياريا قصديا والصبوة الميل الى الهوى ومنه الصبا لأن

[سورة يوسف (12) : الآيات 34 إلى 35]

النفوس تصبو إليها لطيب نسيمها وروحها. وهذا فزع منه الى الطاف الله جريا على سنن الأنبياء والصالحين فى قصر نيل الخيرات والنجاة من الشرور على جناب الله وسلب القوى والقدر عن أنفسهم ومبالغة فى استدعاء لطفه فى صرف كيدهن بإظهار ان لا طاقة له بالمدافعة كقول المستغيث أدركني والا هلكت لانه يطلب الإجبار والإلجاء الى العصمة والعفة وفى نفسه داعية تدعوه الى هواهن وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ اى الذين لا يعملون بما يعلمون لان من لم يعمل بعلمه هو والجاهل سواء او من السفهاء بارتكاب ما يدعوننى اليه لان الحكيم لا يفعل القبيح وفيه دلالة بينة على ان ارتكاب الذنب والمعصية عن جهل وسفاهة وان من زنى فقد دخل من جملة الكاذبين فى الجهل فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ دعاءه الذي تضمنه قوله وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ إلخ فان فيه استدعاء لصرف كيدهن والاستجابة تتعدى الى الدعاء بنفسها نحو استجاب الله تعالى دعاءه والى الداعي باللام ويحذف الدعاء إذا عدى الى الداع فى الغالب فيقال استجاب له ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه كما فى بحر العلوم فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ حسب دعائه وثبته على العصمة والعفة حتى وطن نفسه على مقاساة السجن ومحنته واختارها على اللذة المتضمنة للمعصية إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لدعاء المتضرعين اليه الْعَلِيمُ بأحوالهم وما يصلحهم وعن الشيخ ابى بكر الدقاق قدس سره قال بقيت بمكة عشرين سنة وكنت اشتهى اللبن فغلبتنى نفسى فخرجت الى عسفان وهو كعثمان موضع على مرحلتين من مكة فاستضفت حيا من احياء العرب فوقعت عينى على جارية حسناء أخذت بقلبي فقالت يا شيخ لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن فرجعت الى مكة وطفت بالبيت فاريت فى منامى يوسف الصديق عليه السلام فقلت له يا نبى الله أقر الله عينك بسلامتك من زليخا فقال يا مبارك بل أقر الله عينك بسلامتك من العسفانية ثم تلا يوسف ولمن خاف مقام ربه جنتان وانشدوا وأنت إذا أرسلت طرفك رائدا ... لقلبك يوما أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر قال بعضهم لا يمكن الخروج من النفس بالنفس وانما يمكن الخروج عن النفس بالله وقال الشيخ ابو تراب النخشبى قدس سره من شغل مشغولا بالله عن الله أدركه المقت فى الوقت فليس للعصمة شىء يعادلها والاشارة ان القلب إذا لم يتابع امر الدنيا وهوى نفسه ولم يجب الى ما تدعوه دواعى البشرية يكون مسجونا فى سجن الشرع والعصمة من الله تعالى والقلب وان كان فى كمالية قلب نبى من الأنبياء لو خلى وطبعه ولم يعصمه الله من مكايد الدنيا وآفات دواعى البشرية وهواجس النفس ووساوس الشيطان يميل الى ما يدعونه اليه ويكون من جملة النفوس الظلومة الجهولة كما فى التأويلات النجمية: قال الحافظ دام سخت است مگر لطف خدا يار شود ... ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم نسأل الله القوة والغلبة على الأعداء الظاهرة والباطنة انه هو المعين ثُمَّ بَدا لَهُمْ اى ظهر للعزيز وأصحابه المتصدين للحل والعقد رأى وثم يدل على تغير رأيهم فى حقه مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ اى الشواهد على براءة يوسف كشهادة الصبى وقد القميص وغيرهما

لَيَسْجُنُنَّهُ [هر آينه در زندان كنند او را] اى قائلين والله ليسجننه حَتَّى حِينٍ حتى جارة بمعنى الى اى الى حين انقطاع قالة الناس وهذا بادى الرأى عند العزيز وخواصه واما عندها فحتى يذلله السجن ويسخره لها ويحسب الناس انه المجرم فلبث فى السجن خمس سنين او سبع سنين والمشهور انه لبث اثنتي عشرة سنة كما سيأتى عند قوله تعالى فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وقال ابن الشيخ لا دلالة فى الآية على تعيين مدة حبسه وانما القدر المعلوم انه بقي محبوسا مدة طويلة لقوله تعالى وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ والحين عند اهل اللغة وقت من الزمان غير محدود ويقع على القصير منه والطويل واما عند الفقهاء فلو حلف والله لا أكلم فلانا حينا او زمانا بلا نية على شىء من الوقت فهو محمول على نصف سنة ومع نية شىء معين من الوقت فما نوى من الوقت. وفى الآية محذوف والتقدير لما تغير رأيهم فى حقه ورأوا حبسه حبسوه وحذف لدلالة قوله وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ وذلك ان زوج المرأة قد ظهر له براءة يوسف فلا جرم لم يتعرض له واحتالت المرأة فى طريق آخر فقالت لزوجها هذا العبد العبراني فضحنى فى الناس درين قولند مرد وزن موافق ... كه من بر وى بجانم كشته عاشق كما قال هى راودتنى عن نفسى وانا لا اقدر على اظهار عذرى فارى ان الأصلح ان تحبسه لينقطع عن الناس ذكر هذا الحديث. وكان العزيز مطاعا لها وجملا ذلولا زمامه فى يدها فاغتر بقولها ونسى ما عاين من الآيات وعمل برأيها والحاق الصغار به كما او عدته به وقال الكاشفى [آورده اند كه بعد از نوميدئ زنان از وى زليخا را گفتند صلاح آنست كه او را دو سه روزى بزندان باز دارى شايد بسبب رياضت رام گردد وقدر نعمت وراحت را دانسته سر تسليم را بر خط فرمان نهد] چوكوره ساز زندانرا برو كرم ... بود زان كوره گردد آهنش نرم چوگردد گرم ز آتش طبع فولاد ... ازو چيزى تواند ساخت استاد نه كرمى نرم اگر نتواندش كرد ... چهـ حاصل زانكه گويد آهن سرد زليخا را چوزان جادو زبانان ... شد از زندان اميد وصل جانان براى راحت خود رنج او خواست ... دران ويران اميد گنج او خواست چونبود عشق عاشق را كمالى ... نه بندد جز مراد خود خيالى طفيل خويش خواهد يار خود را ... بكام خويش خواهد كار خود را ببوى يك گل از بستان معشوق ... زند صد خار غم بر جان معشوق وكان للعزيز ثلاثة سجون سجن العذاب وسجن القتل وسجن العافية. فاما سجن العذاب فانه محفور فى الأرض وفيه الحيات والعقارب وهو مظلم لا يعرف فيه الليل من النهار. واما سجن القتل فانه محفور فى الأرض أربعين زراعا وكان الملك إذا سخط على أحد يلقيه فيه على أم رأسه فلا يصل الى قعره إلا وقد هلك. واما سجن العافية فانه كان على وجه الأرض الى جانب قصره فاذا غضب على أحد من حاشيته حبسه فى ذلك السجن فلما أرادت

زليخا ان يسجن يوسف أرسلت الى سجان سجن العافية وأمرته ان يصلح فيه مكانا منفردا ليوسف ثم قالت ليوسف لقد اعييتنى وانقطعت فيك حيلتى فلا سلمنك الى المعذبين يعذبونك كما عذبتنى ولألبسنك بعد الحلي والحلل جبة صوف تأكل جلدك ولأقيدنك بقيد من حديد يأكل رجليك ثم نزعت ما كان عليه من اللباس وألبسته جبة صوف وقيدته بقيد من حديد كما قال المولى الجامى ز آهن بند بر سيمش نهادند ... بگردن طوق تسليمش نهادند بسان عيسى اش بر خر نشاندند ... بهر كويى ز مصران خر براندند منادى زن منادى بر كشيده ... كه هر سركش غلام شوخ ديده كه گيرد شيوه بي حرمتى پيش ... نهد پادر فراش خواجه خويش بود لائق كه همچون ناپسندان ... بدين خوارى برندش سوى زندان ولى خلقى زهر سو در تماشا ... همى گفتند حاشا ثم حاشا كزين روى نكو بد كارى آيد ... وزين دلدار دل آزارى آيد فرشتست اين بصد پاكى سرشته ... نيايد كار شيطان از فرشته چنان كز زشت نيكويى نيايد ... ز نيكو نيز بد خويى نيايد بدينسان تا بزندانش ببردند ... بعياران زندانش سپردند فلما دنا من باب السجن نكس رأسه فلما دخل قال بسم الله وجلس وأحاط به اهل السجن وهو يبكى وأتاه جبريل وقال له مم بكاؤك وأنت اخترت السجن لنفسك فقال انما بكائي لانه ليس فى السجن مكان طاهر أصلي فيه فقال له جبريل صل حيث شئت فان الله قد طهر خارج السجن وداخله أربعين ذراعا لا جلك فكان يصلى حيث شاء وكان يصلى ليلة الجمعة عند باب السجن: قال المولى الجامى چون آن دل زنده در زندان در آمد ... بجسم مرده گويى جان بر آمد دران محنت سرا افتاد جوشى ... بر آمد زان گرفتاران خروشى بشادى شد بدل اندوه ايشان ... كم از كاهى غم چون كوه ايشان بهر چايار گلرخسار گردد ... اگر گلخن بود گلزار گردد - حكى- ان يوسف عليه السلام دعا لاهل السجن فقال اللهم اعطف عليهم الأخيار ولا تخف عنهم الاخبار فيقال انهم اعلم الناس بكل خبر چون در زندان گرفت از جنبش آرام ... بزندانيان زليخا داد پيغام كزين پس محنتش مپسند بر دل ... ز گردن غل ز پايش بند بگسل تن سيمينش از پشمين مفرساى ... بذر كش حله سروش بياراى بشوى از فرق او كرد نژندى ... ز تاج حشمتش ده سر بلندى يكى خانه براى او جدا كن ... جدا از ديگران آنجاش جا كن زمينش راز سندس فرش انداز ... ز إستبرق بساط دلكش انداز

در ان خانه چومنزل ساخت يوسف ... بساط بندگى انداخت يوسف رخ آورد آنچنان كش بود عادت ... در ان منزل بمحراب عبادت چومردان در مقام صبر بنشست ... بشكرانه كه از كيد زنان رست نيفتد در جهان كس را بلايى ... كه نايد زان بلا بوى عطايى اسيرى كز بلا باشد هراسان ... كند بوى عطا دشوارش آسان ثم ان زليخا اثر فى قلبها الفراق وإحراق نار الاشتياق چوقدر نعمت ديدار نشناخت ... بداغ دورى از ديدار بگداخت وصارت دارها عين السجن فى عينها به تنگ آمد دران زندان دل او ... يكى صد شد ز هجران مشكل او چهـ آسايش در ان گلزار ماند ... كزان كل رخت بندد خار ماند ز دل خونين رقم بر رو همى زد ... بحسرت دست بر زانو همى زد كه اين كارى كه من كردم كه كردست ... چنين زهرى كه من خوردم كه خوردست درين محنت سرا يك عشق پيشه ... نزد چون من بپاى خويش تيشه وكانت تتفكر فى إلقاء نفسها من أعلى القصر او شرب السم حتى تهلك وكانت لها داية تسليها وتحثها على الصبر ز من بشنو كه هستم پير اين كار ... شكيبايى بود تدبير اين كار بصبر اندر صدف باران شود در ... بصبر از لعل وگوهر كان شود پر ثم انها عيل صبرها فجاءت ليلة مع دايتها الى السجن وطالعت جمال يوسف من بعيد بديدش بر سر سجاده از دور ... چوخورشيد درخشان غرقه نور گهى چون شمع بر پاايستاده ... ز رخ زندانيانرا نور داده گهى خم كرده قامت چون مه نو ... فكنده بر بساط از چهره پرتو گهى سر بر زمين از عذر تقصير ... چوشاخ تازه گل از باد شبگير گهى طرح تواضع در فكنده ... نشسته چون بنفشه سرفكنده ثم لما أصبحت جعلت تنظر من رزونة القصر الى جانب السجن نبودى هيچكه خالى ازين كار ... گهى ديوار ديدى گاه ديدار ز نعمتهاى خوش هر لحظه چيزى ... نهادى بر كف محرم كنيزى فرستادى بزندان سوى يوسف ... كه تا ديدى بجايش روى يوسف بگشت از حال خود روزى مزاجش ... بزخم نشتر افتاد احتياجش ز خونش بر زمين در ديده كس ... نيامد غير يوسف يوسف وبس بكلك نشتر استاد سبك دست ... بلوح خاك نقش اين حرف را بست چنان از دوست پر بودش رگ و پوست ... كه بيرون نامدش از پوست جز دوست خوش آنكس كورهايى يابد از خويش ... نسيم آشنايى يابد از خويش

[سورة يوسف (12) : الآيات 36 إلى 40]

نه بويى باشدش از خود نه رنگى ... نه صلحى باشدش با كس نه جنگى نيارد خويشتن را در شمارى ... نگيرد پيش غير از عشق كارى وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ اى ادخل يوسف السجن واتفق ان ادخل حينئذ آخران من عبيد الملك الأكبر وهو ريان بن الوليد إحداهما شرابيه واسمه أبروها او يونا والآخر خبازه واسمه غالب او مخلب- روى- ان جماعة من اهل مصر ضمنوا لهما ما لا ليسما الملك فى طعامه وشرابه فاجاباهم الى ذلك ثم ان الساقي نكل عن ذلك ومضى عليه الخباز فسم الخبز فلما حضر الطعام قال الساقي لا تأكل ايها الملك فان الخبز مسموم وقال الخباز لا تشرب ايها الملك فان الشراب مسموم فقال الملك للساقى اشربه فشربه فلم يضره وقال للخباز كله فابى فجربه بدابة فهلكت فامر بحبسهما فاتفق ان أدخلاه معه وكأنه قيل ماذا صنعا بعد ما دخلا معه السجن فاجيب بان قالَ أَحَدُهُما وهو الشرابي إِنِّي أَرانِي فى المنام كأنى فى بستان فاذا انا بأصل حبلة حسنة فيها ثلاثة أغصان عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وكان كأس الملك بيدي فعصرتها فيه وسقيت الملك فشربه وذلك قوله تعالى أَعْصِرُ خَمْراً اى عنبا سماه بما يؤول اليه لكونه المقصود من العصر وَقالَ الْآخَرُ وهو الخباز إِنِّي أَرانِي كأنى فى مطبخ الملك أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً فوق بمعنى على اى على رأسى ومثله فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ كما فى التبيان ثم وصف الخبز بقوله تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ يعنى كأن فوق رأسى ثلاث سلال فيها خبز وألوان الاطعمة وارى سباع الطير يأكلن من السلة العليا واختلف فى انهما هل رأيا رؤيا او لم يريا شيأ فتحا لما اختبارا ليوسف لانه لما دخل السجن قال لاهله انى اعبر الأحلام ورأى أحدهما وهو الناجي وكذب الآخر وهو المصلوب نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ اى أخبرنا بتفسير ما ذكر من الرؤييين وما يؤول اليه أمرهما وعبارة كل واحد منهما نبئنى بتأويله مستفسرا لما رآه وصيغة المتكلم مع الغير واقعة فى الحكاية دون المحكي على طريقة قوله تعالى يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ فانهم لم يخاطبوا بذلك دفعة بل خوطب كل منهم فى زمانه بصيغة مفردة خاصة به إِنَّا نَراكَ يجوز ان يكون من الرؤية بالعين وان يكون من الرؤية بالقلب كما فى بحر العلوم مِنَ الْمُحْسِنِينَ الذين يجيدون عبارة الرؤيا لما رأياه يقص عليه بعض اهل السجن رؤياه فيؤولها له تأويلا حسنا ويقع الأمر على ما عبر به او من المحسنين الى اهل السجن اى فاحسن إلينا بكشف غمتنا ان كنت قادرا على ذلك كما قال المولى الجامى چوزندان بر گرفتاران زندان ... شد از ديدار يوسف باغ خندان همه از مقدم او شاد گشتند ... ز بند درد ورنج آزاد گشتند بگردن غلشان شد طوق اقبال ... بپازنجير شان فرخنده خلخال اگر زندانئ بيمار گشتى ... أسير محنت وتيمار گشتى كمر بستى پى بيمار داريش ... خلاصى دادى از تيمار داريش اگر جابر گرفتارى شدى تنگ ... سوى تدبير كارش كردى آهنگ گشاده رو شدى او را دوا جوى ... ز تنگى در گشاد آورديش روى

وگر بر مفلسى عشرت شدى تلخ ... زنا دارى نموده غره اش سلخ ز زرداران كليد زر گرفتى ... ز عيشش قفل تنگى بر گرفتى وگر خوابى بديدى تنگ بختي ... بگرداب بلا افتاده رختى شنيدى از لبش تعبير آن خواب ... بخشكى آمدى رختش ز گرداب وكان فى السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول ابشروا واصبروا تؤجروا صبورى مايه اميدت آرد ... صبورى دولت جاويدت آرد فقالوا بارك الله عليك ما احسن وجهك وما احسن خلقك لقد بورك لنا فى جوارك فمن أنت يافتى قال انا يوسف ابن صفى الله يعقوب ابن ذبيح الله إسحاق ابن خليل الله ابراهيم عليهم السلام فقال له عامل السجن لو استطعت خليت سبيلك ولكنى احسن جوارك فكن فى أي بيوت السجن شئت- وروى- ان الفتيين قالا له انا لنحبك من حين رأيناك فقال انشد كما بالله ان لا تحبانى فو الله ما أحبني أحد قط الا دخل علىّ من حبه بلاء لقد أحبتني عمتى فدخل علىّ من حبها بلاء ثم أحبني ابى فدخل علىّ من حبه بلاء ثم أحبني زوجة صاحبى فدخل علىّ من حبها بلاء فلا تحبانى بارك الله فيكما قال بعضهم ابتلى يوسف بالعبودية والسجن ليرحم المماليك والمسجونين إذا صار خليفة وملكا فى الأرض وابتلى بجفاء الأقارب والجساد ليعتاد الاحتمال من القريب والبيد وابتلى بالغربة ليرحم الغرباء وفى الخبر (يجاء بالعبد يوم القيامة فيقال له ما منعك ان تكون عبدتنى فيقول ابتليتني فجعلت على أربابا فشغلونى فيجاء بيوسف عليه السلام فى عبوديته فيقال أنت أشد أم هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالغنى فيقال ما منعك ان تكون عبدتنى فيقول يا رب كثرت لى من المال فيذكر ما ابتلى به فيجاء بسليمان عليه السلام فيقال ءانت اغنى أم هذا فيقول بل هذا فيقول لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالمريض فيقال له ما منعك ان تعبدنى فيقول رب ابتليتني فيجاء بايوب عليه السلام فيقال ءانت أشد ضرا وبلاء أم هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بيائس من رحمة الله بسبب عصيانه فيقال لم يئست من رحمتى فيقول لكثرة عصيانى فيجاء بفرعون فيقال ءانت كنت اكثر عصيانا أم هذا فيقول بل هذا فيقال له ما هو يائس من الرحمة التي وسعت كل شىء حيث اجرى كلمة التوحيد على لسانه عند الغرق. فيوسف حجة على من ابتلى بالرق والعبودية إذا قصر فى حق الله تعالى. وسليمان حجة على الملوك والأغنياء. وأيوب حجة على اهل البلاء. وفرعون حجة على اهل اليأس نعوذ برب الناس اى بالنسبة الى ظاهر الحال عند الغرق وان كان كافرا فى الحقيقة بإجماع العلماء وليس ما جرى على الأنبياء والأولياء من المحن والبلايا عقوبات لهم بل هى تحف وهدايا وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا صب عليه البلاء صبا) جاميا دل بغم ودرد نه اندر ره عشق ... كه نشد مرد ره آنكس كه نه اين درد كشيد والاشارة انه لما دخل يوسف القلب سجن الشريعة ودخل معه السجن نتيان وهما ساقى النفس وخباز البدن غلامان لملك الروح أحدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه فالنفس صاحب شرابه تهيئ لملك الروح ما يصلح له شربه منه فان الروح العلوي الأخروي

[سورة يوسف (12) : آية 37]

لا يعمل عملا فى السفلى البدني الا بشرب يشربه النفس والبدن صاحب طعامه الذي يهيئ من الأعمال الصالحة ما يصلح لغذاء الروح والروح لا يبقى إلا بغذاء روحانى باق كما ان الجسم لا يبقى إلا بغذاء جسمانى وانما حبسا فى سجن الشريعة لانهما مهتمان بان يجعلا السم فى شراب ملك الروح وطعامه فيهلكاه وهو سم الهوى والمعصية فاذا كانا محبوسين فى سجن الشريعة أمن ملك الروح من شر هما والنفس والبدن كلاهما دنيوى واهل الدنيا نيام فاذا ماتوا انتبهوا وكل عمل يعمله اهل الدنيا هو بمثابة الرؤيا التي يراها النائم فاذا انتبه بالموت يكون لها تأويل يظهر لها فى الآخرة ويوسف القلب بتأويل مقامات اهل الدنيا عالم لانه من المحسنين اى الذين يعبدون الله على الرؤية والمشاهدة بقلوب حاضرة عند مولاهم وجوه ناضرة الى ربها ناظرة وكل حكم صدر من تلك الحضرة فهم شاهدوه فى الغيب كما قبل نزوله الى عالم الغيب فكسته القوة المتخيلة عند عبوره عليها كسوة خيالية تناسب معناه فصاحب الرؤيا ان كان عالما بلسان الخيال يعبره ولا يعرضه على المعبر ليكون ترجمانا له فيترجم له بلسان الخيال فيخبره عن الحكم الصادر من الحضرة الالهية فلهذا كانت الرؤيا الصالحة جزأ من اجزاء النبوة لانها فرع من الوحى الصادر من الله وتأويل الرؤيا جزء ايضا من اجزاء النبوة لانه علم لدنى يعلمه الله من يشاء من عباده قالَ يوسف أراد ان يدعو الفتيين الى التوحيد الذي هو اولى بهما وأوجب عليهما مما سألا منه ويرشد هما الى الايمان ويزينه لهما قبل ان يسعفهما بذلك كما هو طريقة الأنبياء والعلماء الصالحين فى الهداية والإرشاد والشفقة على الخلق فقدم ما هو معجزة من الاخبار بالغيب ليدلهما على صدقه فى الدعوة والتعبير لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ تطعمانه فى مقامكما هذا حسب عادتكما المطردة إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا يأتيكما طعام فى حال من الأحوال إلا حال ما نبأتكما به بان بينت لكما ماهيته من أي جنس هو ومقداره وكيفيته من اللون والطعم وسائر أحواله واطلاق التأويل عليه بطريق الاستعارة فان ذلك بالنسبة الى مطلق الطعام المبهم بمنزلة التأويل بالنظر الى ما رؤى فى المنام وشبيه له قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما قبل ان يصل اليكما وكان يخبر بما غاب مثل عيسى عليه السلام كما قال وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ: وفى المثنوى اين طبيبان بدن دانشورند ... بر سقام تو ز تو واقفترند تا ز قاروره همى بينند حال ... كه ندانى تو از ان رو اعتدال هم ز نبض وهم ز رنگ وهم ز دم ... بو برند از تو بهر گونه سقم پس طبيبان الهى در جهان ... چون ندانند از تو بي گفت دهان هم ز نبضت هم ز چشمت هم ز رنگ ... صد سقم بينند در تو بى درنگ اين طبيبان نو آموزند خود ... كه بدين آياتشان حاجت بود كاملان از دور نامت بشنوند ... تا بقعر تا رو بودت در روند بلكه پيش از زادن تو سالها ... ديده باشندت ترا با حالها

[سورة يوسف (12) : آية 38]

ذلِكُما اى ذلك التأويل والاخبار بالمغيبات ايها الفتيان مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي بالوحى والإلهام وليس من قبل التكهن والتنجم وذلك انه لما نبأهما بما يحمل إليهما من الطعام فى السجن قبل ان يأتيهما ويصفه لهما ويقول اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت وكم تأكلان فيجدان كما اخبر هما قالا هذا من فعل العرافين والكهان فمن اين لك هذا العلم فقال ما انا بكاهن وانما ذلك العلم مما علمنى ربى وفيه دلالة على ان له علوما جمة ما سبمعاه قطعة من جملتها وشعبة من دوحتها وكأنه قيل لماذا علمك ربك تلك العلوم البديعة فقيل إِنِّي اى لانى تَرَكْتُ رفضت مِلَّةَ قَوْمٍ أي قوم كان من قوم مصر وغيره لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والمراد بتركها الامتناع عنها رأسا لا تركها بعد ملابستها وانما عبر عنه بذلك لكونه ادخل بحسب الظاهر فى اقتدائهما به عليه السلام وَهُمْ بِالْآخِرَةِ وما فيها من الجزاء هُمْ كافِرُونَ على الخصوص دون غيرهم لافراطهم فى الكفر قال فى بحر العلوم هذا التعليل من أبين دليل على ان افعال الله معللة بمصالح العباد كما هو رأى الحنفية مع ان الأصلح لا يكون واجبا عليه قالوا وما ابعد عن الحق قول من قال انها غير معللة بها فان بعثة الأنبياء لاهتداء الخلق واظهار المعجزات لتصديقهم وايضا لو لم يفعل لغرض يلزم العبث تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا انتهى قال فى التأويلات النجمية يعنى لما تركت هذه الملة علمنى ربى وفيه اشارة الى ان القلب مهما ترك ملة النفس والهوى والطبيعة علمه الله علم الحقيقة وملتهم انهم قوم لا يؤمنون بالله لان النفس تدعى الربوبية كما قال نفس فرعون انا ربكم الأعلى والهوى يدعى الالوهية كما قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ والطبيعة هى التي ضد الشريعة وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ عرف شرف نسبه وانه من اهل بيت النبوة لتتقوى رغبتهما فى الاستماع منه والوثوق عليه وكان فضل ابراهيم وإسحاق ويعقوب امرا مشهورا فى الدنيا فاذا ظهر انه ولدهم عظموه ونظروا اليه بعين الإجلال وأخذوا منه ولذلك جوز للعالم إذا جهلت منزلة فى العلم ان يصف نفسه ويعلم الناس بفضله حتى يعرف فيقتبس منه وينتفع به فى الدين وفى الحديث (ان الله يسأل الرجل عن فضل علمه كما يسأل عن فضل ماله) وقدم ذكر ترك ملة الكفرة على ذكر اتباعه لملة آبائه لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة. وفيه اشارة الى ان الاتباع سبب للفوز بالكمالات والظفر بجميع المرادات والاشارة ان ملة ابراهيم السر وإسحاق الخفاء ويعقوب الروح التوحيد والمعرفة ما كانَ اى ما صح وما استقام فضلا عن الوقوع لَنا معاشر الأنبياء لقوة نفوسنا ووفور علومنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ أي شىء كان من ملك او جنى او انسى فضلا عن الجماد الذي لا يضر ولا ينفع ذلِكَ التوحيد المدلول عليه بقوله ما كان لنا إلخ ناشئ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا بالوحى يعنى [بوحي ما را آگاهى داده] وَعَلَى النَّاسِ كافة بواسطتنا وارسالنا لارشاهم إذ وجود القائد للاعمى رحمة من الله أية رحمة وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المبعوث إليهم لا يَشْكُرُونَ هذا فيعرضون عنه ولا ينتهون ولما كان الأنبياء وكمل الأولياء وسائط بين الله وخلقه لزم شكرهم تأكيدا للعبودية وقياما

[سورة يوسف (12) : الآيات 39 إلى 40]

بحق الحكمة يا صاحِبَيِ السِّجْنِ الاضافة بمعنى فى اى يا صاحبى فى السجن لما ذكر ما هو عليه من الدين القويم تلطف فى حسن الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفتيين من عبادة الأصنام فناداهما باسم الصحبة فى المكان الشاق الذي يخلص فيه المودة ويتمحض فيه النصيحة أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ الاستفهام إنكاري [آيا خدايان پراكنده كه شما داريد از زر ونقره وآهن و چوب وسنگ] او من صغير وكبير ووسط كما فى التبيان خَيْرٌ لكما أَمِ اللَّهُ المعبود بالحق الْواحِدُ المنفرد بالالوهية الْقَهَّارُ الغالب الذي لا يغالبه أحد. وفيه اشارة الى ان الله يقهر بوحدته الكثرة وان الدنيا والهوى والشيطان وان كان لها خيرية بحسب زعم أهلها لكنها شر محض عند الله تعالى لكونها مضلة عن طريق طلب أعلى المطالب واشرف المقاصد ما تَعْبُدُونَ الخطاب لهما ولمن على دينهما مِنْ دُونِهِ اى من دون الله شيأ إِلَّا أَسْماءً مجردة لا مطابق لها فى الخارج لان ما ليس فيه مصداق اطلاق الاسم عليه لا وجود له أصلا فكانت عبادتهم لتلك الأسماء فقط سَمَّيْتُمُوها جعلتموها اسماء أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمحض جهلكم وضلالتكم ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بتلك التسمية المستتبعة للعبادة مِنْ سُلْطانٍ من حجة تدل على صحتها إِنِ الْحُكْمُ فى امر العبادة المتفرعة على تلك التسمية إِلَّا لِلَّهِ لانه المستحق لها بالذات إذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لامره فكأنه قيل فماذا حكم الله فى هذا الشأن فقيل أَمَرَ على ألسنة الأنبياء أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا إِلَّا إِيَّاهُ الذي دلت عليه الحجج ذلِكَ تخصيصه تعالى بالعبادة الدِّينُ الْقَيِّمُ اى الثابت او المستقيم وهو دين الإسلام الذي لا عوج فيه وأنتم لا تميزون الثابت من غيره ولا المعوج من القويم قال تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وهو باعتبار الأصول واحد وباعتبار الفروع مختلف ولا يقدح الكثرة العارضة بحسب الشرائع المبنية على استعدادات الأمم فى وحدته وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فيخبطون فى جهالتهم واعلم ان ما سوى الله تعالى ظل زائل والعاقل لا يتبع الظل بل يتبع من خلق الظل وهو الله تعالى واتباعه به هو تدينه بما امر به ومن جملته قصر العبادة له بالاجتناب عن الشرك الجلى والخفي وهو الإخلاص التام الموصل الى الله الملك العلام قال بعض الفضلاء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد انتهى- وحكى- ان أمرة قالت لجماعة ما السخاء عندكم قالوا بذل المال قالت هو سخاء اهل الدنيا والعوام فما سخاء الخواص قالوا بذل المجهود فى الطاعة قالت ترجون الثواب قالوا نعم قالت تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فأين السخاء قالوا فما عندك قالت العمل لله تعالى لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب وذلك لا يمكن الا بالتجريد والتفريد والوصول الى حقيقة الوجود وبمثل هذا العمل يصل المرء الى الله تعالى ويجد الله أطوع له فيما أراد ولا تزال العوالم فى قبضته بإذن الله تعالى فيحكم بحكم الله تعالى ويعلم بعلم الله تعالى فيخبر عن المغيبات كما وقع ليوسف عليه السلام قال ابو بكر الكتاني قال

[سورة يوسف (12) : الآيات 41 إلى 44]

لى الخضر كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وأنت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقال أنت الخضر فلله عباد قد بدلوا الحياة الفانية بالحياة الباقية وذلك ببذل الكل وافنائه فى تحصيل الوجود الحقانى وعملوا لله فى الله بإسقاط ملاحظة الدارين فكوشفوا عن صور الأكوان وحقائق المعاني وعن قدوة العارفين الشيخ عبد الله القرشي رحمه الله قال دخلت مصر فى ايام الغلاء الكبير فعزمت ان ادعو الله لرفعه فنوديت بالمنع فسافرت الى الشام فلما دنوت من قبر خليل الله تلقانى الخليل عليه السلام فقلت يا خليل الله اجعل ضيافتى الدعاء لاهل مصر فدعالهم ففرج الله عنهم فقال الامام اليافعي قول الشيخ تلقانى الخليل حق لا ينكره الا جاهل بمعرفة ما يرد عليهم من الأحوال التي يشاهدون فيها ملكوت السموات ثم اعلم ان جميع الأنبياء أمروا بالايمان واخلاص العبادة والايمان يقبل البلى كما دل عليه قوله عليه السلام (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) وذلك بزوال الحب فلا بد من تجديد عقد القلب بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فتنفى ما سوى المعبود وتثبت ما هو المقصود ويصل الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة مع اهل الصدق واليقين واقل الأمر ملازمة المجالس وربط القلب بواحد منهم نسأل الله تعالى ان يوفقنا لتحصيل المناسبة المعنوية بعد المجالسة الصورية انه وهاب العطايا فياض المعاني والحقائق يا صاحِبَيِ السِّجْنِ الاضافة بمعنى فى كما سبق. والمعنى بالفارسية [اى ياران زندان] أَمَّا أَحَدُكُما وهو الشرابي ولم يعينه لدلالة التعبير عليه فَيَسْقِي [بياشاماند] رَبَّهُ سيده خَمْراً كما كان يسقيه قبل- روى- انه عليه السلام قال له اما ما رأيت من الكرمة وحسنها فهو الملك وحسن حالك عنده او قال له ما احسن ما رأيت اما حسن الحبلة وهى اصل من اصول الكرم فهو حسن حالك وسلطانك وعزك واما القضبان الثلاثة فثلاثة ايام تمضى فى السجن ثم يوجه الملك إليك عند انقضائهن فيردك الى عملك فتصير كما كنت بل احسن وَأَمَّا الْآخَرُ وهو الخباز فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ [از كله سر وى]- روى- انه عليه السلام قال له بئس ما رأيت اما خروجك من المطبخ فخروجك من عملك واما السلال الثالث فثلاثة ايام تمر ثم يوجه الملك إليك عند انقضائهن فيصلبك فتأكل الطير من رأسك وفى الكواشي أكل الطير من أعلاها إخراجه فى اليوم الثالث قُضِيَ الْأَمْرُ فرغ منه وأتم واحكم وهو ما رأياه من الرؤييين واسناد القضاء اليه مع انه من احوال مآله وهو نجاة أحدهما وهلاك الآخر لانه فى الحقيقة عين ذلك المآل وقد ظهر فى عالم المثال بتلك الصورة الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ تطلبان فتواه وتأويله- روى- انه لما عبر رؤياهما جحدا وقالا ما رأينا شيأ فاخبر ان ذلك كائن صدقتما او كذبتما ولعل الجحود من الخباز إذ لا داعى الى جحود الشرابي الا ان يكون ذلك لمراعاة جانبه فكان كما عبر يوسف حيث اخرج الملك صاحب الشراب ورده الى مكانه وخلع عليه واحسن اليه لما تبين عنده حاله فى الامانة واخرج الخباز ونزع ثيابه وجلده بالسياط حتى مات لما ظهر عنده خيانته وصلبه

[سورة يوسف (12) : آية 42]

على قارعة الطريق وأقبلت طيور سود فاكلت من رأسه وهو أول من استعمل الصلب ثم استعمله فرعون موسى كما حكى عنه من قوله لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ- وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بدر الى المدينة ومر بعرق الظبية وهى شجرة يستظل بها امر فصلب عقبة بن ابى معيط من الأسارى وهو أول مصلوب من الكفار فى الإسلام وكان يفترى على رسول الله فى مكة وبزق مرة فى وجهه والصلب أصعب انواع اسباب الهلاك لانحباس النفس فى البدن ويفعله الحاكم بحسب ما رأى فى بعض المجرمين تشديدا للجزاء وليكون عبرة للناس والاشارة اما النفس فسقى الروح خمرا وهو ما خامر العقل مرة من شراب الشهوات واللذات النفسانية وتارة باقداح المعاملات والمجاهدات شراب الكشوف والمشاهدات الربانية وهى باقية فى خدمة ملك الروح ابدا واما البدن فيصلب بحبل الموت فتأكل طير اعوان الملك من رأسه الخيالات الفاسدة التي جمعت فى أم دماغه واعلم ان الموت أشد شىء وان المرء ينقطع عنده عن كل شىء ولا يبقى معه إلا ثلاث صفات صفاء القلب وأنسه بذكر الله وحبه لله ولا يخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد وفى الحديث (ذكر الله علم الايمان وبراءة من النفاق وحصن من الشيطان وحرز من النار) : قال المولى الجامى دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست صيقلى دارى صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله وَقالَ يوسف لِلَّذِي ظَنَّ يوسف أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا [از آن هر دو يعنى ساقيرا] اى وثق وعلم لان الظن من الاضداد يكون شكا ويقينا فالتعبير بالوحى كما ينبئ عنه قوله قُضِيَ الْأَمْرُ إذ لو بنى جوابه على التعبير لما قال قضى لان التعبير على الظن والقضاء هو الإلزام الجازم والحكم القاطع الذي لا يصح ابتناؤه على الظن اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ اى سيدك وقل له فى السجن غلام محبوس ظلما طال حبسه لعله يرحمنى ويخلصنى من هذه الورطة بگو هست اندر آن زندان غريبى ... ز عدل شاه دوران بى نصيبى چنينش بى گنه مپسند رنجور ... كه هست اين از طريق معدلت دور [اما چون تقرب برسيد واز ساغر جاه ودولت سرخوش كرديد از زندان واز اهل آن غافل شد] فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ اى انسى الشرابي بوسوسته والقائه فى قلبه إشغالا تعوقه عن الذكر والا فالانساء فى الحقيقة الله تعالى والفاء للسببية فان توصيته عليه السلام المتضمنة للاستعانة بغيره تعالى كانت باعثة لما ذكر من الانساء ذِكْرَ رَبِّهِ اى ذكر الشرابي له عليه السلام عند الملك والاضافة لادنى ملابسة. يعنى ان الظاهر ان يقال ذكره لربه على اضافة المصدر الى مفعوله لان الشائع فى إضافته ان يضاف الى الفاعل او المفعول به الصريح الا انه أضيف الى غير الصريح للملابسة: قال المولى الجامى چنان رفت آن وصيت از خيالش ... كه بر خاطر نيامد چند سالش

نهال وعده اش مأيوسى آورد ... بزندان بلا محبوسى آورد بلى آنرا كه ايزد برگزيند ... بصدر عز معشوقى نشيند ره اسباب درويشى به بندد ... رهين اين وآتش كم پسندد نخواهد دست او در دامن كس ... أسير دام خويشش خواهد وبس وفى القصص ان زليخا سألت العزيز ان يخرج يوسف من السجن فلم يفعل وأنساهم الله امر يوسف فلم يذكره فَلَبِثَ يوسف بسبب ذلك الانساء او القول فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ نصب على ظرف الزمان اى سبع سنين بعد الخمس لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اذكرني عند ربك لما لبث فى السجن سبعا بعد الخمس) قال فى الفتح لبث يوسف فى السجن اثنتي عشرة سنة عدد حروف اذكرني عند ربك فصاحباه اللذان دخلا معه السجن بقيا محبوسين فيه خمس سنين ثم رأيا رؤياهما قبل انقضاء تلك المدة بثلاثة ايام وفى هذا العدد كمال القوة والتأثير كالائمة الاثني عشر على عدد البروج الاثني عشر وملائكة البروج الاثني عشر ائمة العالم والعالم تحت احاطتهم وفى الخبر اشارة الى قوة هذا العدد معنى إذ اثنا عشر الفا لن يغلب عن قلة ابدا ولذلك وجب الثبات على العسكر إذا وجد العدد المذكور ولا اله الا الله اثنا عشر حرفا وكذا محمد رسول الله ولكل حرف الف باب فيكون للتوحيد اثنا عشر الف باب يقول الفقير حبس الله تعالى يوسف فى السجن اثنى عشر عاما لتكميل وجوده بكمالات اهل الأرض والسماء ففى العدد المذكور اشارة اليه مع اخوته الأحد عشر فله القوة الجمعية الكمالية فافهم قال بعضهم فانساه الشيطان ذكر ربه اى انسى يوسف ذكر الله حتى استعان بغيره وليس ذلك من باب الإغواء حتى يخالف الا عبادك منهم المخلصين فان معناه الإضلال بل هو من ترك الاولى وفى بحر العلوم والاستعانة بغير الله فى كشف الشدائد وان كانت محمودة فى الجملة لكنها لا تليق بمنصب الأنبياء الذين هم أفضل الخلق واهل الترقي فهى تنزل من باب ترك الاولى والأفضل ولا شك ان الأنبياء يعاتبون على الصغائر معاتبة غيرهم على الكبائر كما فى الكواشي. وليس ما روى عن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذه النوم ليلة من الليالى وكان يغلب من يحرسه حتى جاء سعد فسمعت غطيطه مخالفاله إذ ليس فيه استعانة فى كشف الشدة النازلة بغير الله بل هو استئناس كما فى حواشى سعدى المفتى- وحكى- ان جبريل دخل على يوسف فى السجن فلما رآه يوسف عرفه فقال له يا أخا المنذرين مالى أراك بين الخاطئين فقال له جبريل يا طاهر الطاهرين ان الله كرمنى بك وبآبائك وهو يقرئك السلام ويقول لك اما استحييت منى إذ استعنت بغيري وعزتى لا لبثنك فى السجن بضع سنين قال يا جبريل وهو عنى راض قال نعم إذا لا أبالي وكان الواجب عليه ان يقتدى بجده ابراهيم فى ترك الاستعانة بالغير كما روى انه قال له جبريل حين رمى به فى النار هل لك حاجة فقال أما إليك فلا قال فسل ربك قال حسبى من سؤالى علمه بحالي وعن مالك بن دينار لما قال يوسف للشرابى اذكرني عند ربك قال الله تعالى يا يوسف اتخذت من دونى وكيلا لاطيلن حبسك فبكى يوسف وقال يا رب أقسى قلبى كثرة الأحزان

[سورة يوسف (12) : آية 43]

والبلوى فقلت كلمة ولا أعود وعن الحسن انه كان يبكى إذا قرأها ويقول نحن إذا نزل بنا امر فزعنا الى الناس: قال الكمال الخجندي كيست در خور كه رسد دوست بفرياد دلش ... آنكه فرياد ز جور وستم او نكند پارسا پشت فراغت ننهد بر محراب ... گر كند تكيه چرا بر كرم او نكند والاشارة وقال يوسف القلب المسجون فى حبس الصفات البشرية للنفس اذكرني عند الروح يشير الى ان القلب المسجون فى بدء امره يلهم النفس بان يذكره بالمعاملات المستحسنة الشرعية عند الروح ليتقوى بها الروح وينتبه من نوم الغفلة الناشئة من الحواس الخمس ويسعى فى استخلاص القلب من اسر الصفات البشرية بالمعاملات الروحانية مستمدا من الألطاف الربانية والشيطان بوساوسه يمحو عن النفس اثر الهامات القلب لينسى النفس ذكر الروح بتلك المعاملات وفيه معنى آخر وهو ان الشيطان انسى القلب ذكر ربه يعنى ذكر الله حتى استغاث بالنفس ليذكره عند الروح ولو استغاث بالله لخلصه فى الحال فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ يشير الى الصفات البشرية السبع التي بها القلب محبوس وهى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغضب والكبر كما فى التأويلات النجمية وَقالَ الْمَلِكُ اى ملك مصر وهو الريان بن الوليد إِنِّي أَرى فى المنام سَبْعَ بَقَراتٍ جمع بقرة بالفارسية [كاو] سِمانٍ جمع سمينة نعت لبقرات يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ [هفت گاو لاغر] اى سبع بقرات عجاف جمع عجفاء والقياس عجف لان افعل وفعلاء لا يجمع على فعال لكنه حمل على نقيضه وهو سمان والعجف الهزال والأعجف المهزول- روى- انه لما قرب خروج يوسف من السجن جعل الله لذلك سببا لا يخطر بالبال بسا قفلا كه ناپيدا كليدست ... برو راه گشايش ناپديدست زنا كه دست صنعى در ميان نى ... بفتحش هيچ صانع را كمان نى پديد آيد ز غيب آنرا گشادى ... وديعت در گشادش هر مرادى چويوسف دل ز حيلتهاى خود كند ... بريد از رشته تدبير پيوند بجز ايزد نماند او را پناهى ... كه باشد در نوائب تكيه گاهى ز پندار خودى وبخردى رست ... گرفتش فيض فضلى ايزدى دست وذلك ان الملك اكبر كان يتخذ فى كل سنة عيدا على شاطئ النيل ويحشر الناس اليه فطعمهم أطيب الطعام ويسقيهم ألذ الشراب وهو جالس على سريره ينظر إليهم فرأى ليلة الجمعة فى منامه سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس او من البحر كما فى الكواشي وخرج عقيبهن سبع بقرات مهازيل فى غاية الهزال فابتلعت العجاف السمان فدخلن فى بطونهن فلم ير منهن شىء وَسَبْعَ اى وارى سبع سُنْبُلاتٍ جمع سنبلة خُضْرٍ جمع خضراء نعت لسنبلات والمعنى بالفارسية [هفت خوشه سبز وتازه كه دانهاى ايشان منعقد شده بود] وَأُخَرَ اى سبعا اخر يابِساتٍ قد أدركت الحصاد والتوت على الخضر حتى غلبن عليها وانما استغنى عن بيان حالها بما قص من حال البقرات فلما استيقظ من منامه اضطرب بسبب انه شاهد

ان الناقص الضعيف استولى على الكامل القوى فشهدت فطرته بان هذه الرؤيا صورة شر عظيم يقع فى المملكة الا انه ما عرف كيفية الحال فيه فاشتاق ورغب فى تحصيل المعرفة بتعبير رؤياه فجمع اعيان مملكته من العلماء والحكماء فقال لهم يا أَيُّهَا الْمَلَأُ فهو خطاب للاشراف من العلماء والحكماء او للسحرة والكهنة والمنجمين وغيرهم كما قال الكاشفى [اى گروه كاهنان ومعبران واشراف قوم] أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ هذه اى عبروها وبينوا حكمها وما يؤول اليه من العاقبة. وبالفارسية [فتوى دهيد يعنى جواب گوييد مرا] إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ اى تعلمون عبارة جنس الرؤيا علما مستمرا وهى الانتقال من الصور الخيالية المشاهدة فى المنام الى ما هى صور امثلة لها من الأمور الآفاقية والانفسية الواقعة فى الخارج فالتعبير والعبارة الجواز من صورة ما رأى الى امر آخر من العبور وهى المجاوزة وعبرت الرؤيا اثبت من عبرتها تعبيرا واللام للبيان كأنه لما قيل كنتم تعبرون قيل لأى شىء فقيل للرؤيا وهذه اللام لم تذكر فى بحث اللامات فى كتب النحو واعلم ان الرؤيا تطلب التعبير لان المعاني تظهر فى الصور الحسية منزلة على المرتبة الخيالية. واما ابراهيم عليه السلام فقد جرى على ظاهر ما ارى فى ذبح ابنه لان شأن مثله ان يعمل بالعزيمة دون الرخصة ولو لم يفعل ذلك لما ظهر للناس تسليمه وتسليم ابنه لامر الحق تعالى- وحكى- ان الامام تقى ابن مخلد صاحب المسند فى الحديث رأى النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام وقد سقاه لبنا فلما استيقظ استقاء وقاء لبنا اى ليعلم حقيقة هذه الرؤيا وتحقيق قوله عليه السلام (من رآنى فى المنام فقدر آنى فى اليقظة فان الشيطان لا يتمثل على صورتى) ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب من اللبن ثم قاء ووجه كون اللبن علما انه أول ما يظهر بصورة الحياة ويغتذى به الحيوان فيصير حيا كما ان العلم أول ما يتعين به الذات فيظهر عالما ثم ان رآه عليه السلام أحد فى المنام بصورته التي مات عليها من غير نقصان من اجزائه ولا تغير فى هيئته فانه يأخذ عنه جميع ما يأمره به او ينهاه او يخبره من غير تعبير وتأويل كما كان يأخذ عنه من الاحكام الشرعية لو أدركه فى الحياة الدنيا الا ان يكون اللفظ مجملا فانه يؤوله فان أعطاه شيأ فى المنام فان ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير فان خرج فى الحس كما كان فى الخيال فتلك الرؤيا لا تعبير لها- وحكى- ان رجلا من الصلحاء رأى فى المنام انه لطم النبي عليه السلام فانتبه فزعا وهاله ما رأى مع جلالة النبي عليه السلام عنده فاتى بعض الشيوخ فعرض عليه رؤياه فقال له الشيخ اعلم انه عليه السلام أعظم من ان يكون عليه يدلك او لغيرك والذي رأيته لم يكن النبي عليه السلام انما هو شرعه قد أخللت بحكم من أحكامه وكون اللطم فى الوجه يدل على انك ارتكبت امرا محرما من الكبائر فافتكر الرجل فى نفسه فلم يذكر انه اقدم على محرم من الكبائر وكان من اهل الدين ولم يتهم الشيخ فى تعبيره لعلمه باصابته فيما كان يعبره فرجع الى بيته حزينا فسألته زوجته عن سبب حزنه فاخبرها برؤياه وتعبير الشيخ فتعجبت الزوجة وأظهرت التوبة وقالت انا أصدقك كنت حلفت انى ان دخلت دار فلان أحد معارفك فانى طالق فعبرت على بابهم فحلفوا علىّ فاستحييت من الحاحهم فدخلت إليهم وخشيت ان

[سورة يوسف (12) : آية 44]

اذكر لك ما جرى فكتمت الحال فتاب الرجل واستغفر وتضرع الى الحق واعتدت المرأة ثم جدد العقد عليها ومن رأى الحق تعالى فى صورة يردها الدليل لزم ان يعبر تلك الصورة التي توجب النقصان ويردها الى الصورة الكمالية التي جاء بها الشرع فما لم يكن عليه لا ينسب اليه تعالى كما فى الأسماء فما لم يطلق الشرع عليه ما لنا ان ننسبه اليه وتلك الصورة التي ردها الدليل وجعلها مفتقرة الى التعبير ما فى حق حال الرائي يحسب مناسبته لتلك الصورة المردودة او المكان الذي يراه فيه او فى حقهما معا- حكى- ان بعض الصالحين فى بلاد الغرب رأى الحق تعالى فى المنام فى دهليز بيته فلم يلتفت اليه فلطمه فى وجهه فلما استيقظ قلق قلقا شديدا فاخبر الشيخ الأكبر قدس سره بما رأى وفعل فلما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم قال له اين رأيته قال فى بيت لى قد اشتريته قال الشيخ ذلك الموضع مغصوب وهو حق للحق المشروع اشتريته ولم تراع حاله ولم تف بحق الشرع فيه فاستدركه فتفحص الرجل عن ذلك فاذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ولم يعلم الرجل ولم يلتفت الى امره فلما تحقق رده الى وقف المسجد واستغفر الله ولعل الشيخ علم من صلاح الرائي وشدة قلقه انه ليس من قبيل الرائي فسأله عن المكان الذي رأى فيه فمثل هذا إذا رؤى يجب تأويله. واما إذا كان التجلي فى الصورة النورية كصورة الشمس او غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك أبقينا تلك الصورة المرئية على ما رأينا كما نرى الحق فى الآخرة فان تلك الرؤية تكون على قدر استعدادنا فافهم المراتب والمواطن حتى لا تزل قدمك عن رعاية الظاهر والباطن وقد جاء فى الحديث (ان الحق يتجلى بصورة النقصان فينكرونه ثم يتحول ويتجلى بصورة الكمال والعظمة فيقبلونه ويسجدون له) فمن صورة مقبولة ومن صورة مردودة فما يحتاج الى التعبير ينبغى ان لا يترك على حاله فان موطن الرؤيا وهو عالم المثال يقتضى التعبير ولذا قال ملك مصر أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ قالُوا استئناف بيانى فكأنه قيل فماذا قال الملأ للملك فقيل قالوا هى أَضْغاثُ أَحْلامٍ تخاليطها اى أباطيلها وأكاذيبها من حديث نفس او وسوسة شيطان فان الرؤيا ثلاث رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما حدث المرء نفسه على ما ورد فى الحديث. والأضغاث جمع ضغث قال فى القاموس الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها انتهى. والأحلام جمع حلم بضم اللام وسكونها وهى الرؤيا الكاذبة لا حقيقة لها لقوله عليه السلام الرؤيا من الله والحلم من الشيطان واضافة الاضغاث الى الأحلام من قبيل لجين الماء وهو الظاهر كما فى حواشى سعد المفتى وجمعوا الضغث مع ان الرؤيا واحدة مبالغة فى وصفها بالبطلان فان لفظ الجمع كما يدل على كثرة الذوات يدل ايضا على المبالغة فى الاتصاف كما تقول فلان يركب الخيل لمن لا يركب إلا فرسا واحدا او لتضمنها أشياء مختلفة من السبع السمان والسبع العجاف والسنابل السبع الحضر والآخر اليابسات فتأمل حسن موضع الأضغاث مع السنابل فله در شأن التنزيل وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ اى المنامات الباطلة التي لا اصل لها بِعالِمِينَ لا لان لها تأويلا ولكن لا نعلمه بل لانه لا تأويل لها وانما التأويل للمنامات

[سورة يوسف (12) : الآيات 45 إلى 50]

الصادقة ويجوز ان يكون ذلك اعترافا منهم بقصور علمهم وانهم ليسوا بنحارير فى تأويل الأحلام مع ان لها تأويلا فكأنهم قالوا هذه الرؤيا مختلطة من أشياء كثيرة والانتقال فيها من الأمور المخيلة الى الحقائق العقلية الروحانية ليس بسهل وما نحن بمتبحرين فى علم التعبير حتى نهتدى الى تعبير مثلها ويدل على قصورهم قول الملك ان كنتم للرؤيا تعبرون فانه لو كان هناك متبحر لبت القول بالإفتاء ولم يعلقه بالشرط وهو اللائح بالبال وعلى تقدير تبحرهم عمى الله عليهم وأعجزهم عن الجواب ليصبر ذلك سببا لخلاص يوسف من الحبس وظهور كماله وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما اى من صاحبى يوسف وهو الشرابي وَادَّكَرَ أصله اذتكر فقلبت التاء دالا والذال دالا وأدغمت والمعنى تذكر يوسف وما قاله بَعْدَ أُمَّةٍ اى مدة طويلة حاصلة من اجتماع الأيام الكثيرة وهى سبع سنين كما ان الامة انما تحصل من اجتماع الجمع العظيم فالمدة الطويلة كأنها امة من الأيام والساعات والجملة حال من الموصول قال الكاشفى [ملك ريان وليد از جواب ايشان متحير گشته در درياى تفكر غوطه خورده كه آيا اين مشكل من كه گشايد وراه تعبير اين واقعه كه بمن نمايد] يا رب اين خواب پريشان مرا تعبير چيست [ساقى كه ملك را متفكر ديد از حال يوسفش ياد آمدى] اى تذكر الناجي يوسف وتأويله رؤياه ورؤيا صاحبه وطلبه ان يذكره عند الملك فجثا بين يدى الملك اى جلس على ركبتيه فقال أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ اى أخبركم به خاطبه بلفظ الجماعة تعظيما فَأَرْسِلُونِ فابعثون الى السجن فان فيه رجلا حكيما من آل يعقوب يقال له يوسف يعرف تعبير الرؤيا قد عبر لنا قبل ذلك بود بيدار در تعبير هر خواب ... دلش از غوص اين دريا گهر يأب اگر گويى برو بگشايم اين راز ... وزو تعبير خوابت آورم باز بگفتا اذن خواهى چيست از من ... چهـ بهتر كور را از چشم روشن مرا چشم خرد اين لحظه كورست ... كه از دانستن اين راز دورست فارسلوه الى يوسف فاتاه فاعتذر اليه وقال يا يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ البليغ فى الصدق وانما وصفه بذلك لانه جرب أحواله وعرف صدقه فى تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ اى فى رؤيا ذلك فان الملك قد رأى هذه الرؤيا ففى قوله أفتنا مع ان المستفتى واحد اشعار بان الرؤيا ليست له بل لغيره ممن له ملابسة بامور العامة وانه فى ذلك سفير ولم يغير لفظ الملك وأصاب فيه إذ قد يكون بعض عبارات الرؤيا متعلقة باللفظ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ [تا باشد كه باز كردم بآن جواب تمام بسوى مردمان يعنى ملك وملازمان او] لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [تا باشد كه ايشان ببركت تو بدانند تأويل اين واقعه را] كأنه قيل فماذا قال يوسف فى التأويل فقيل قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً مصدر دأب فى العمل إذا جدّ فيه وتعب وانتصابه على الحالية من فاعل تزرعون بمعنى دائبين اى مستمرين على الزراعة على عادتكم بجد

[سورة يوسف (12) : الآيات 48 إلى 49]

واجتهاد والفرق بين الحرث والزرع ان الحرث إلقاء البذر وتهيئة الأرض والزرع مراعاته وانباته ولهذا قال أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ فاثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع فالزرع أعم لانه يقال زرع اى طرح البذر وزرع الله اى أنبت كما فى القاموس أخبرهم انهم يواظبون سبع سنين على الزراعة ويبالغون فيها إذ بذلك يتحقق الخصب الذي هو مصداق البقرات السمان وتأويلها ودلهم فى تضاعيف ذلك على امر نافع لهم فقال فَما حَصَدْتُمْ [بس آنچهـ بدرويد از غلات در هر سال] فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ اى اتركوه فيه ولا تذروه كيلا يأكله السوس كما هو شأن غلال مصر ونواحيها ولعله استدل على ذلك بالسنبلات الحضر وانما أمرهم بذلك إذ لم يكن معتادا فيما بينهم وحيث كانوا معتادين للزراعة لم يأمرهم بها وجعلها امرا محقق الوقوع وتأويلا للرؤيا ومصداقا لما فيها من البقرات السمان إِلَّا قَلِيلًا [مگر اندكى بقدر حاجت] مِمَّا تَأْكُلُونَ فى تلك السنين فانتم تدرسون وقت حاجتكم اليه. وفيه ارشاد منه عليه السلام لهم الى التقليل فى الاكل والاقتصار على استثناء المأكول دون البذر لكون ذلك معلوما من قوله قال تزرعون سبع سنين وبعد إتمام ما أمرهم به شرع فى بيان بقية التأويل التي يظهر منها حكمة الأمر المذكور فقال ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين المذكورات وهو عطف على تزرعون سَبْعٌ شِدادٌ جمع شديدة اى سبع سنين صعاب على الناس لان الجوع أشد من الاسر والقتل يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ اى يأكل أهلهن ما ادخرتم من الحبوب المتروكة فى سنابلها. وفيه تنبيه على ان امره بذلك كان لوقت الضرورة واسناد الاكل إليهن مع انه حال الناس فيهن مجاز كما فى نهاره صائم. وفيه تلويح بانه تأويل لا كل العجاف السمان واللام فى لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر فى السنابل من الحبوب شىء قد هيئ وقدم لهن كالذى يقدم للنازل والا فهو فى الحقيقة مقدم للناس فيهن إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ تحرزون وتدخرون للبذر ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين الموصوفة بما ذكر من الشدة وأكل الغلال المدخرة عامٌ فِيهِ سالى كه درو] يُغاثُ النَّاسُ من الغيث اى يمطرون فيكون بناؤه من ثلاثى والفه مقلوبة من الياء يقال غاثنا الله من الغيث وبابه باع ويجوز ان يكون من الغوث اى ينقذون من الشدة فيكون بناؤه من رباعى تقول اغاثنا من الغوث فالالف مقلوبة من الواو وَفِيهِ يَعْصِرُونَ اى ما شأنه ان يعصر من العنب والقصب والزيتون والسمسم ونحوها من الفواكه لكثرتها وتكرير فيه لان الغيث والغوث من فعل الله والعصر من فعل الناس واحكام هذا العام المبارك ليست مستتبطة من رؤيا الملك وانما تلقاه من جهة الوحى فبشرهم بها. أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة. والعجاف واليابسات بسنين مجدبة. وابتلاع العجاف للسمان بأكل ما جمع فى السنين المخصبة فى السنين المجدبة وبيانه ان البقر فى جنس الحيوانات هو المخصوص بالعجافة وتناول النباتات حلوها ومرها وشرب المياه صافيها وكدرها كما ان السنة هى التي تسع الأمور كلها مرغوبها ومكروهها وتأتى بالحوادث حسنها وسيئها وايضا المعتبر فى امر التعبير هو عبارة الرائي وقد عبر الملك عن رؤياه ببقرات وسنبلات

[سورة يوسف (12) : آية 50]

فاستشعر يوسف من الاول بالاشتقاق الكبير على ما هو المعول عليه عند الأكابر آت قرب ومن الثاني سنة بلاء ثم ان البلاء مشترك بين الخير والشر والخضر فيه حرفان من الخير مع ظهور ضاد الضوء بها واليابس هو البائس كذا فى شرح القصوص للشيخ مؤيد الدين الجندي قدس سره يقول الفقير أصلحه الله القدير وجه تخصيص البقرات والسنابل ان البقر عليه فى الاكل والحنطة معظم معاش الناس فاشارت الرؤيا الى ان الناس يقعون فى ضيق معاش من جهة الحنطة التي هى أول مأكولاتهم ومعظم اغذيتهم ولا ينافيه وجود قحط آخر من سائر الأنواع والاشارة ان السبع البقرات السمان صفات البشرية السبع التي هى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغصب والكبر والعجاف صفات الروحانية السبع التي هى أضداد صفات البشرية وهى القناعة والسخاء والعفة والغبطة والشفقة والحلم والتواضع والملك الروح وهو ملك مصر القالب والملأ الأعضاء والجوارح والحواس والقوى وليس التصرف فى الملكوت ومعرفة شواهده من شأنها والناجي هى النفس الملهمة وهى إذا أرادت ان تعلم شيأ مما يجرى فى الملكوت ترجع بقوة التفكر الى القلب فتستخبر منه فالقلب يخبرها لانه يشاهد الملكوت ويطالع شواهده وهو واقف بلسان القلب وهو ترجمان بين الروحانيات والنفس فيما يفهم من لسان الغيب الروحاني يؤول للنفس ويفهمها تارة بلسان الخيال وتارة بالفكر السليم وتارة بالإلهام وقوله تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً يشير الى تربية صفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة وذلك فى سنى أوان الطفولية قبل البلوغ وظهور العقل وجريان قلم التكليف عليه فَما حَصَدْتُمْ من هذه الصفات عند كماله فلا تستعملوه فَذَرُوهُ فى أماكنه إِلَّا قَلِيلًا مما تعيشون به وهو بمنزلة الغذاء لمصالح قيام القالب الى ان تبلغوا حد البلاغة ويظهر نور العقل فى مصباح السر عن زجاجة القلب كأنه كوكب درىّ ونور العقل إذا أيد بتأييد أنوار تكاليف الشرع بعد البلوغ وشرف بالهام الحق فى اظهار فجور النفس وهو صفات البشرية السبع وتقواها وهو الاجتناب بالتزكية عن هذه الصفات والتحلية بصفات الروحانية السبع وكان السبع العجاف قد أكلن السبع السمان وانما سمى السبع العجاف لانها من عالم الأرواح وهو لطيف وصفات البشرية من عالم الأجساد تنشأ وهو كثيف فسميت السمان ولا يبقى من صفات البشرية عند غلبات صفات الروحانية الا قليلا يحصن به الإنسان حياة قالبه وبقاء صورته وبعد غلبات صفات الروحانية واضمحلال صفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية وفيه يتبرا العبد من معاملاته وينجو من حبس وجوده وحجب انانيته وكان حصنه وملجأه الحق تعالى كذا فى التأويلات النجمية: قال الكمال الخجندي جامه بده جان ستان روى مپيچ از زيان ... عاشق بي مايه را عين زيانست سود سر فنا گوش كن جام بقا نوش كن ... حاجت تقرير نيست كز عدم آمد وجود اللهم اجعلنا من اصحاب الفناء والبقاء وارباب اللقاء وَقالَ الْمَلِكُ اى ملك مصر وهو الريان ائْتُونِي بِهِ اى بيوسف وذلك ان الساقي لما رجع بتعبير الواقعة من عند يوسف

الى الملك وفى محضره الاشراف اعجب به تعبيره وعلم ان له علما وفضلا فاراد ان يكرمه ويقربه ويستمع التعبير المذكور من فمه بالذات سخن كز دوست آرى شكر است آن ... ولى گر خود بگويد خوشتر است آن ولذا قال ائتوني به فعاد الساقي فَلَمَّا جاءَهُ اى يوسف الرَّسُولُ وهو الساقي ليخرجه كه اى سرو رياض قدس بخرام ... سوى بستان سراى شاه نه كام وقال ان الملك يدعوك فابى ان يخرج معه قالَ للرسول ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ اى سيدك فَسْئَلْهُ ليسأل ويتفحص ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي [كه چهـ حال بود حال آن زنان كه] قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فى مجلس زليخا كما سبق مفصلا بگفتا من چهـ آيم سوى شاهى ... كه چون من بيكسى را بي گناهى بزندان سالها محبوس كردست ... ز آثار كرم مأيوس كردست اگر خواهد كه من بيرون نهم پاى ... ازين غمخانه گو أول بفرماى كه آنانى كه چون رويم بديدند ... ز حيرت در رحم كفها بريدند كه جرم من چهـ بود از من چهـ ديدند ... چرا رختم سوى زندان كشيدند بود كين سر شود بر شاه روشن ... كه پاكست از خيانت دامن من مرا به كر زنم ثقب خزائن ... كه باشم در فراش خانه خائن ولم يذكر سيدته تأدبا ومراعاة لحقها واحترازا عن مكرها حيث اعتقدها مقيمة فى عدوة العداوة واما النسوة فقد كان يطمع فى صدعهن بالحق وشهادتهن باقرارها بانهار راودته عن نفسه فاستعصم قال العلماء انما ابى يوسف عليه السلام ان يخرج من السجن الا بعد ان يتفحص الملك عن حاله مع النسوة لتنكشف حقيقة الحال عنده لا سيما عند العزيز ويعلم انه سجن ظلما فلا يقدر الحاسد الى تقبيح امره وليظهر كمال عقله وصبره ووقاره فان من بقي فى السجن ثنتى عشرة سنة إذا طلبه الملك وامر بإخراجه ولم يبادر الى الخروج وصبر الى ان تتبين براءته من الخيانة فى حق العزيز واهله دل ذلك على براءته من جميع انواع التهم وعلى ان كل ما قيل فيه كان كذبا وبهتانا وفيه دليل على انه ينبغى ان يجتهد فى نفى التهمة ويتقى مواضعها وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعن مواقع التهم) ومنه قال عليه السلام للمارين به فى معتكفه وعنده بعض نسائه (هى فلانة) نفيا للتهمة وروى عن النبي عليه السلام انه استحسن حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر الى الخروج حيث قال عليه السلام (لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتم حتى اشترطت ان يخرجونى ولقد عجبت حين أتاه الرسول فقال ارجع الى ربك الآية ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لأسرعت الاجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر انه كان حليما ذا اناة) الحلم بكسر الحاء تأخير مكافاة الظالم. والاناة على وزن القناة التأنى وترك العجلة قال ابن الملك هذا ليس اخبارا عن نبينا عليه السلام بتضجره وقلة صبره بل فيه دلالة على مدح صبر يوسف

[سورة يوسف (12) : الآيات 51 إلى 55]

وترك الاستعجال بالخروج ليزول عن قلب الملك ما كان متهما به من الفاحشة ولا ينظر اليه بعين مشكوكة انتهى وقال الطيبي هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع لا انه كان مستعجلا فى الأمور غير متأن والتواضع لا يصغر كبيرا ولا يضع رفيعا بل يوجب لصاحبه فضلا ويورثه جلالا وقدرا إِنَّ رَبِّي ان الله بِكَيْدِهِنَّ بمكر زنان وفريب ايشان عَلِيمٌ حين قلن لى أطع مولاتك. وفيه استشهاد بعلم الله على انهن كدنه وانه بريئ من التهمة كأنه قيل احمله على التعرف يتبين له براءة ساحتى فان الله يعلم ان ذلك كان كيدا منهن جوانمرد اين سخن چون گفت با شاه ... زنان مصر را كردند آگاه كه پيش شاه يكسر جمع گشتند ... همه پروانه آن شمع گشتند فلما حضرن قالَ الملك لهن ما خَطْبُكُنَّ اى شأنكن العظيم إِذْ راوَدْتُنَّ ظاهر الآية يدل على انهن جميعا قد راودن لا امرأة العزيز فقط فلا يعدل عنه الا بدليل والمراودة المطالبة يُوسُفَ وخادعتنه عَنْ نَفْسِهِ هل وجدتن منه ميلا إليكن كزان شمع حريم جان چهـ ديديد ... كه بر وى تيغ بدنامى كشيديد ز رويش در بهار وباغ بوديد ... چرا ره سوى زندانش نموديد بتى كازار باشد بر تنش كل ... كى از دانا سزد بر گردنش غل كلى كش نيست تاب باد شبگير ... بپايش چون نهد جز آب زنجير قُلْنَ اى جماعة النساء مجيبة للملك حاشَ لِلَّهِ أصله حاشا بالألف فحذفت للتخفيف وهو فى الأصل حرف وضع هنا موضع المصدر اى التنزيه واللام لبيان من يبرأ وينزه وقد سبق فى هذه السورة فهو تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله. والمعنى بالفارسية [پاكست خداى تعالى از آنكه عاجز باشد از آفريدن مرد پاكيزه چويوسف] ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ من ذنب وخيانة ز يوسف ما بجز پاكى نديديم ... بجز عز وشرفناكى نديديم نباشد در صدف گوهر چنان پاك ... كه بود از تهمت آن جان جهان پاك قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ اى زليخا وكانت حاضرة فى المجلس قال الكاشفى [چون زليخا ديد كه جز راستى فائده ديگر نيست وى نيز بپاكى يوسف اقرار كرد] الْآنَ أرادت بالآن زمان تكلمها بهذا الكلام لا زمان شهادتهن حَصْحَصَ الْحَقُّ اى وضح وانكشف وتمكن فى القلوب والنفوس أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ [مى جستم يوسف را از نفس او وآرزوى وصال كردم] لا انه راودنى عن نفسى وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ اى فى قوله هى راودتنى عن نفسى: قال المولى الجامى بجرم خويش كرد اقرار مطلق ... برآمد زو صداى حصحص الحق بگفتا نيست يوسف را گناهى ... منم در عشق او گم كرده راهى نخست او را بوصل خويش خواندم ... چوكام من نداد از پيش راندم

[سورة يوسف (12) : آية 52]

بزندان از ستمهاى من افتاد ... در ان غمها ز غمهاى من افتاد غم من چون گذشت از حد وغايت ... بجانش كرد حال من سرايت جفايى گر رسيد او را ز جافى ... كنون واجب بود او را تلافى هر احسان كايد از شاه نكوكار ... بصد چندان بود يوسف سزاوار قال ابن الشيخ لما علمت زليخا ان يوسف راعى جانبها حيث قال ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فذكر هن ولم يذكر إياها مع ان الفتن كلها انما نشأت من جانبها وجزمت بان رعايته إياها انما كانت تعظيما لجانبها وإخفاء للامر عليها فارادت ان تكافئه على هذا الفعل الحسن فلذلك اعترفت بان الذنب كله كان من جانبها وان يوسف كان بريئا من الكل- روى- ان امرأة جاءت بزوجها الى القاضي وادعت عليه المهر فامر القاضي بان تكشف عن وجهها حتى يتمكن الشهود من أداء الشهادة على وجهها فقال الزوج لا حاجة الى ذلك فانى مقر بصدقها فى دعواها فقالت المرأة لما أكرمتني الى هذا الحد فاشهدوا انى ابرأت ذمتك عن كل حق كان لى عليك قال فى الإرشاد فانظر ايها المتصف هل ترى فوق هذه المرتبة نزاهة حيث لم تتمالك الخصماء عدم الشهادة بها والفضل ما شهدت به الخصماء قال بعض ارباب التأويل ان قول نسوة القوى حاشَ لِلَّهِ وقول امرأة العزيز التي هى النفس الامارة الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ اشارة الى تنور النفس والقوى بنور الحق واتصافها بصفة الانصاف والصدق وحصول ذلك انما هو بتكميل الأسماء السبعة او الاثني عشر فى سجن الخلوة فان القلب بهذه الخلوة والتكميل يصل الى نور الوحدة ويحصل للنفس التزكية والاطمئنان والإقرار بفضيلة القلب وصدقه وبراءته فان من كمال اطمئنان النفس اعترافها بالذنب واستغفارها مما فرط منها حالة كونها امارة والصدق فى الأعمال كونها موافقة لرضى الله تعالى وخالية عن الأغراض وفى الأحوال كونها على وفق رضى الله تعالى وطاهرة عن الصفات النفسانية ذلِكَ من كلام يوم يوسف اى طلب البراءة او ذلك التثبت والتشمر لظهور البراءة قال الكاشفى [ملك يوسف را پيغام داد كه زنان بگناه معترف شدند بيا تا بحضور تو ايشانرا عقوبت كنم يوسف فرمود كه غرض من عقوبت نبود اين خواست براى آن كردم كه] لِيَعْلَمَ اى العزيز أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ فى حرمه لان المعصية خيانة بِالْغَيْبِ بظهر الغيب وهو حال من الفاعل اى لم اخنه وانا غائب عنه خفى على عينه او من المفعول اى وهو غائب عنى خفى عن عينى او ظرف اى بمكان الغيب اى وراء الأستار والأبواب المغلقة وَأَنَّ اللَّهَ اى وليعلم ان الله لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ اى لا ينفذه ولا يسدده بل يبطله ويزهقه كما لم يسدد كيد امرأته حتى أقرت بخيانة امانة زوجها وسمى فعل الخائن كيدا لان شأنه ان يفعل بطريق الاحتيال والتلبيس فمعنى هداية الكيد إتمامه وجعله مؤديا الى ما قصد به. وفيه تعريض بامرأة العزيز فى خيانتها أمانته وبنفس العزيز فى خيانة امانة الله حين ساعدها على حبس يوسف بعد ما رأوا آيات نزاهته ويجوز ان يكون ذلك لتأكيد أمانته وانه لو كان خائنا لما هدى الله امره واحسن عاقبته. وفيه اشارة الى ان الله تعالى يوصل عباده الصادقين بعد الغم الى السرور ويخرجهم من الظلمات الى النور قال

[سورة يوسف (12) : آية 53]

بعصهم كنت اقرأ الحديث من الشيخ ابى حفص وكان بقربنا حانوت عطار فجاء رجل فاخذ منه العطر بعشرة دراهم فسقط من يده ففزع الرجل فقلنا تفزع على يسير من الدنيا قال لو فزعت على الدنيا لفزعت حين سقط منى ثلاثة آلاف دينار مع جوهرة قيمتها كذلك ولكن الليلة ولد ولد لى فكلفت بلوازمه ولم يكن لى غير هذه العشرة وقد ضاعت فلم يبق لى غير الفرار ففزعى لفراق الأهل والأولاد فسمع جندى قوله فاخرج كيسا فيه الدنانير والجوهرة بالعلامة التي اخبر بها الرجل ولم يؤخذ منه شىء فسبحان من ابتلى عبده اولا بالشدائد ثم أنجاه: قال المولى الجامى درين دهر كهن رسميست ديرين ... كه بي تلخى نباشد عيش شيرين خورد نه ماه طفلى در رحم خود ... كه آيد با رخ چون ماه بيرون بسا سختى كه بيند لعل در سنگ ... كه خورشيد درخشانش دهد رنگ وفى الآية دلالة على ان الخيانة من الصفات الذميمة كما ان الامانة من الخصائل المحمودة فالصلاة والصوم والوزن والكيل والعبيد والإماء والودائع كلها أمانات وكذا الامامة والخطابة والتأذين ونحوها أمانات يلزم على الحكام تأديتها بان يقلدوها ارباب الاستحقاق ثم فى الوجود الانفسى أمانات مثل السمع والبصر واليد والرجل ونحوها وكل أولئك كان عنه مسئولا والقلب امانة فاحفظه عن الميل الى ما سوى المولى: قال الصائب ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نگاه دار مخسب فمن تيقن انه تعالى حاضر لديه ناظر عليه لم يجترئ على سوء الأدب بموافقة النفس التي هى منبع القباحة والخيانة- وحكى- ان شابا كان له رائحة طيبة فقيل له لك مصرف عظيم فى تلك الرائحة فقال هى عطاء من الله تعالى وذلك ان امرأة أدخلتني بحيلة فى بيتها وراودتنى فلطخت نفسى وثيابى بالنجاسة فخلتنى بظن الجنون فاعطانى الله تعالى تلك الرائحة ورأى الشاب فى المنام يوسف الصديق فقال له طوبى لك حيث خلصك الله من كيد امرأة العزيز فقال عليه السلام طوبى لك خلصك الله من تلك المرأة بدون هم منك وقد صدر منى هم اى هجوم الطبيعة البشرية وان لم يكن هناك وجود مقتضاها نسأل الله العصمة والتوفيق فى الدارين تم الجزء الثاني عشر فى العشرين من جمادى الاولى سنة ثلاث ومائة والف الجزء الثالث عشر من الاجزاء الثلاثين وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي من كلام يوسف عليه السلام اى لا أنزهها عن السوء ولا اشهد لها بالبراءة الكلية قاله تواضعا لله تعالى وهضما لنفسه الكريمة لا تزكية لها وعجبا بحاله فى الامانة ومن هذا القبيل قوله عليه السلام (انا سيد ولد آدم ولا فخر لى) او تحديثا بنعمة الله تعالى عليه فى توفيقه

وعصمته اى لا أنزهها عن السوء من حيث هى هى ولا أسند هذه الفضيلة إليها بمقتضى طبعها من غير توفيق من الله تعالى إِنَّ النَّفْسَ اللام للجنس اى جميع النفوس التي من جملتها نفسى فى حد ذاتها لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ تأمر بالقبائح والمعاصي لانها أشد استلذاذا بالباطل والشهوات وأميل الى انواع المنكرات ولولا ذلك لما صارت نفوس اكثر الخلق مسخرة لشهواتهم فى استنباط الحيل لقضاء الشهوة وما صدرت منها الشرور اكثر ومن هاهنا وجب القول بان كل من كان او فر عقلا وأجل قدرا عند الله كان ابصر بعيوب نفسه ومن كان ابصر بعيوبها كان أعظم اتهاما لنفسه واقل إعجابا إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي من النفوس التي يعصمها من الوقوع فى المهالك ومن جملتها نفسى ونفوس سائر الأنبياء ونفوس الملائكة اما الملائكة فانه لم تركب فيهم الشهوة واما الأنبياء فهم وان ركبت هى فيهم لكنهم محفوظون بتأييد الله تعالى معصومون فما موصولة بمعنى من. وفيه اشارة الى ان النفس من حيث هى كالبهائم والاستثناء من النفس او من الضمير المستتر فى امارة كأنه قيل ان النفس لامارة بالسوء الا نفسا رحمها ربى فانها لا تأمر بالسوء او بمعنى الوقت اى هى امارة بالسوء فى كل وقت الا وقت رحمة ربى وعصمته لها ودل على عموم الأوقات صيغة المبالغة فى امارة يقال فى اللغة أمرت النفس بشئ فهى آمرة وإذا أكثرت الأمر فهى امارة إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ عظيم المغفرة لما يعترى النفوس بموجب طباعها رَحِيمٌ مبالغ فى الرحمة لها بعصمتها من الجريان بمقتضى ذلك قال فى التأويلات النجمية خلقت النفس على جبلة الامارية بالسوء طبعا حين خليت الى طبعها لا يأتى منها الا الشر ولا تأمر الا بالسوء ولكن إذا رحمها ربها ونظر إليها بنظر العناية يقلبها من طبعها ويبدل صفاتها ويجعل اماريتها مبدلة بالمأمورية وشريرتها بالخيرية فاذا تنفس صبح الهداية فى ليلة البشرية وأضاء أفق سماء القلب صارت النفس لوامة تلوم نفسها على سوء فعلها وندمت على ما صدر عنها من الامارية بالسوء فيتوب الله عليها فان الندم توبة وإذا طلعت شمس العناية من أفق الهداية صارت النفس ملهمة إذ هى تنورت بانوار شمس العناية فالهمها نورها فجورها وتقواها وإذا بلغت شمس العناية وسط سماء الهداية وأشرقت الأرض بنور ربها صارت النفس مطمئنة مستعدة لخطاب ربها بجذبة ارجعي الى ربك راضية مرضية انتهى يقول الفقير سلوك الأنبياء عليهم السلام وان كان من النفس المطمئنة الى الراضية والمرضية والصافية الا ان طبع النفوس مطلقا اى سواء كانت نفوس الأنبياء او غيرهم على الامارية وكون طبعها عليها لا يوجب ظهور آثار الامارة بالنسبة الى الأنبياء ولذا لم يقل يوسف عليه السلام ان نفسى لامارة بالسوء بعد ما قال وما أبرئ نفسى بل اطلق القول فى الامارية واستثنى النفوس المعصومة فلولا العصمة لوقع من النفس ما وقع ولذا قال عليه السلام (رب لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك) فالدليل على امارية مطلق النفوس هذه الآية وقد قال ابن الشيخ فى هذه السورة عند قوله تعالى وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً يحتمل ان يكون المراد من الحكم صيرورة نفسه المطمئنة حاكمة على نفسه الامارية بالسوء مستعلية عليها قاهرة لها انتهى فاثبت الامارية لنفس يوسف وقال سعدى المفتى عند قوله تعالى أَصْبُ إِلَيْهِنَّ فى هذه السورة ايضا

[سورة يوسف (12) : آية 54]

على قول البيضاوي اى امل الى جانبهن او الى انفسهن بطبعي ومقتضى شهوتى قوله بطبعي اى بسبب طبعى ونفسى الامارة بالسوء انتهى وقال حضرة الشيخ نجم الدين دايه قدس سره عند قوله تعالى فى سورة الانعام وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فشيطان الانس نفسه الامارة بالسوء وهى أعدى الأعداء انتهى وصرح ايضا بذلك فى مواضع اخر من تأويلاته وهكذا ينبغى ان يفهم هذا المقام فانه من مزالق الاقدام وقد رأيت من تحير فيه وزلق ووقع فى هاوية الاضطراب والقلق مع شهرته التامة والعامة فى الأفواه القائلة بمكاشفاته ووصوله الى الله فليجتهد العبد مع النفس الامارة حتى يصل الى الاطمئنان فيتخلص من كيدها والتوحيد أقوى الأمور فى هذا الباب لانه أشد تأثيرا فى تزكية النفس وطهارتها من الشرك الجلى والخفي قال فى نفائس المجالس النفس منبع العناد والخيانة ومعدن الشر والجناية فهى منشأ الفتن فى الأنفس والآفاق وسبب ظهور الظلم على الإطلاق فلو حصل بين سلطان الروح ووزير العقل ومفتى القلب اتفاق لارتفع من القوى النفسانية والطبيعية خلاف وشقاق- وحكى- ان ثلاثة أثوار أحدها اصفر والثاني ارزق والثالث اسود استولت على جبل باتفاق منها بحيث لم يقدر غيرها ان يرعى فى ذلك الجبل فتشاور الحيوانات يوما فى ذلك فقال أسد أنا اتدارك الأمر فجاء الى سفح الجبل فلما هجم الاثوار لمنعه قال الأسد يا إخوتي الاثوار أتركنني حتى أكون معكن فانه يحصل بسببى زيادة قوة فرضين بإخوته وكونه بينهن فيوما قال للثور الأصفر والأزرق ايها الاخوان ألا تريان ان لا مناسبة بيننا وبين الأسود فلو دبرنا فيه لكان خيرا قالا ماذا نفعل قال افعل ما ارى ان سامحتما وسكتتما قالا فافعل ما شئت فاتاه الأسد وهو يرعى فصال عليه فاستمد الثور الأسود من أخويه فلم يلتفتا فافترسه الأسد وأكله ثم بعد زمان قال للاصفر يا أخي شعرك يشابه شعرى فبينى وبينك مناسبة تامة ولكن أي مناسبة فى ان يكون هذا الأزرق بيننا فتعال حتى ترفعه من البين ويخلو لنا الجبل فقال افعل ما شئت فاتاه وهو يرعى فلما أراد ان يتعرض له خار واستمد من أخيه فلم يرفع له اخوه رأسا فاكله ثم بعد زمان قال للاصفر تهيأ فانى آكلك فانه أي مناسبة فى ان يكون بيننا اخوة واتفاق فتضرع ولكن لم يسمعه الأسد فقال الثور قد كنت أتصور مجيئ هذا الى رأسى منذ ما جاء الى رأس أخي الثور الأسود ما جاء فافترسه وأكله فالنفس مثل هذا الأسد إذا ظهرت فى جبل الوجود غلبت على القوى واكلتها وفى هذا التمثيل مواعظ كثيرة لمن تأمل فيه: قال المولى جلال الدين الرومي قدس سره بيت من بيت نيست اقليمست ... هزل من هزل نيست تعليمست وَقالَ الْمَلِكُ [آورده اند كه چون با ملك مصر سخنان يوسف باز گفتند آرزومندىء وى بديدار يوسف زياده شد] ائْتُونِي بِهِ [بياريد يوسف را پيش من] أَسْتَخْلِصْهُ اجعله خالصا لِنَفْسِي وخاصابى قال سعدى المفتى كان استدعاء الملك يوسف اولا بسبب علم الرؤيا فلذلك قال ائتوني به فقط فلما فعل يوسف ما فعل وظهرت أمانته وصبره وهمته وجودة نظره وتأنيه فى عدم التسرع اليه باول طلب عظمت منزلته عنده وطلبه ثانيا بقوله ائتوني به استخلصه لنفسى فَلَمَّا كَلَّمَهُ اى فاتوا به فلما كلمه يوسف اثر ما أتاه

فاستنطقه وشاهد منه ما شاهد من الرشد والدهاء وهو جودة الرأى قالَ له ايها الصديق إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا عندنا وبحضرتنا مَكِينٌ ذو مكانة ومنزلة رفيعة أَمِينٌ مؤتمن على كل شىء واليوم ليس بمعيار لمدة المكانة بل هو آن التكلم والمراد تحديد مبدأهما احترازا عن احتمال كونهما بعد حين- روى- ان الرسول اى الساقي جاء الى يوسف فقال أجب الملك: قال الحافظ ماه كنعانئ من مسند مصر آن تو شد ... گاه آنست كه بدرود كنى زندانرا قال المولى الجامى شب يوسف بگذشت از درازى ... طلوع صبح گردش كار سازى چوشد كوه گران بر جانش اندوه ... برآمد آفتابش از پس كوه فخرج من السجن وودع اهل السجن ودعا لهم وقال لهم اعطف قلوب الصالحين عليهم ولا تستر الاخبار عنهم فمن ثم تقع الاخبار عند اهل السجن قبل ان تقع عند عامة الناس وكتب على باب السجن هذه منازل البلوى وقبور الاحياء وشماتة الأعداء وتجربة الأصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا جددا [در تيسير آورده كه ملك هفتاد حاجب را با هفتاد مركب آراسته با تاج ولباس ملوكانه بزندان فرستاد] چويوسف شد سوى خسرو روانه ... بخلعتهاى خاص خسروانه فراز مركبى از پاى تا فرق ... چوكوهى گشته در درو گهر غرق بهر جا طبلهاى مشك وعنبر ... زهر سو بدرهاى زر وگوهر براه مركب او مى فشاندند ... گدا را از گدايى مى رهاندند [و چون نزديك ملك رسيد او را احترام تمام نموده استقبال فرمود] ز قرب مقدمش شه چون خبر يافت ... باستقبال او چون بخت بشتافت كشيدش در كنار خويشتن تنگ ... چوسرو گلرخ وشمشاد گلرنگ به پهلوى خودش بر تخت بنشاند ... به پرسشهاى خوش با او سخن راند - روى- انه لما دخل على الملك قال اللهم انى اسألك بخيرك من خيره وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعا له بالعبرانية وكان يوسف يتكلم باثنتين وسبعين لسانا فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان آبائي ابراهيم وإسحاق ويعقوب ثم كلمه بالعربية فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان عمى إسماعيل وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه. وفيه اشارة الى حال اهل الكشف مع اهل الحجاب فان اصحاب الحقيقة يتكلمون فى كل مرتبة شريعة كانت او طريقة او معرفة او حقيقة واما ارباب الظاهر فلا قدرة لهم على التكلم الا فى مرتبة الشريعة وعلمان خير من علم واحد. وقال الملك ايها الصديق انى أحب ان اسمع رؤياى منك فحكاها فعبرها يوسف على وجه بديع وأجاب لكل ما سأل بأسلوب عجيب جوابى دلكشن ومطبوع گفتش ... چنان كامد از ان گفتن شكفتش

[سورة يوسف (12) : آية 55]

وفى الآية إشارتان. الاولى ان الروح يسعى فى خلاص القلب من سجن صفات البشرية ليكون خالصا له فى كشف حقائق الأشياء ولم يعلم انه خلق لصلاح جميع رعايا مملكته روحانية وجسمانية كما قال عليه السلام (ان فى جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد ألا وهى القلب) . والثانية ان الله استحسن من الملك إحسانه مع يوسف واستخلاصه من السجن فاحسن اليه بان رزقه الايمان واستخلصه من سجن الكفر والجهل وجعله خالصا لحضرته بالعبودية وترك الدنيا وزخارفها وطلب الآخرة ودرجاتها قال مجاهد اسلم الملك على يده وجمع كثير من الناس لانه كان مبعوثا الى القوم الذين كان بين أظهرهم يقول الفقير أيده الله القدير إذا كان الإحسان الى يوسف والإكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب عنه مادام حيا وهو عمه ابو طالب فالاصح انه ممن أحياه الله للايمان كما سبق فى الجلد الاول واعلم ان اللطف والكرم من آثار السعادة الازلية فلو صدر من الكافر يرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح والنجاح ولو صدر من اهل الإنكار اداه الى الاستسعاد بسعادة التوفيق الخاص كما لا يخفى على اهل المشاهدة قالَ يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ اى ارض مصر فاللام للعهد اى ولنى أمرها من الإيراد والصرف [يعنى مرا بر آنچهـ حاصل ولايت مصر باشد از نقود وأطعمه خازن گردان] إِنِّي حَفِيظٌ لها عمن لا يستحقها عَلِيمٌ بوجوه التصرف فيها وذلك انه لما عبر رؤيا الملك واخبر بإتيان السنين المجدبة قال له فما ترى يا يوسف قال تزرع زرعا كثيرا وتأخذ من الناس خمس زروعهم فى السنين المخصبة وتدخر الجميع فى سنبله فيكفيك واهل مصر مدة السنين المجدبة وفى بحر العلوم قال له من حقك ان تجمع الطعام فى الاهراء فيأتيك الخلق من النواحي ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد قبلك فقال الملك ومن لى بذاك فقال اجْعَلْنِي الآية ولى هر كار را بايد كفيلى ... كه از دانش بود با وى دليلى بدانش غايت آن كار داند ... چوداند كار را كردن تواند ز هر چيزى كه در عالم توان يافت ... چومن دانا كفيلى كم توان يافت بمن تفويض كن تدبير اين كار ... كه نابد ديگرى چون من بديدار وذلك لانه علم فى الرؤيا التي رآها الملك ان الناس يصيبهم القحط فخاف عليهم القحط والتلف فاحب ان تكون يداه على الخزانة ليعينهم وقت الحاجة شفقة على عباد الله وهى من اخلاق الخلفاء وكانت خدمته معجزة لفراعنة مصر ولهذا قال فرعون زمانه حين بنى الفيوم له هذا من ملكوت السماء وهو أول من دون الدفاتر وعين علوم الحساب والهندسة بانواع الأقلام والحروف وفى الآية دليل على جواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل واجراء احكام الشريعة قال العلماء سؤال تولية الأوقاف مكروه كسؤال تولية الامارة والقضاء- روى- ان قوما جاؤا الى النبي عليه السلام فسألوه ولاية فقال (انا لن نستعمل على عملنا من اراده) وذلك لان الله تعالى يعين المجبور ويسدده ويكل الطالب

الى نفسه والولاية امور ثقيلة فلا يقدر الإنسان على رعاية حقوقها وإذا تعين أحد للقضاء او الامارة او نحو هما لزمه القبول لانها من فروض الكفاية فلا يجوز إهمالها ويوسف عليه السلام كان أصلح من يقوم بما ذكر من التدبير فى ذلك الوقت فاقتضت الحال تقلده وتطلبه إصلاحا للعالم وفى الآية دلالة ايضا على جواز التقلد من يد الكافر والسلطان الجائر إذا علم انه لا سبيل الى الحكم بامر الله ودفع الباطل واقامة الحق الا بالاستظهار به وتمكينه وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه- وحكى- الشيخ العلامة ابن الشحنة ان تيمور لنك ذكروا عنه كان يتعنت على العلماء فى الاسئلة ويجعل ذلك سببا لقتلهم وتعذيبهم مثل الحجاج فلما دخل حلب فتحها عنوة وقتل واسر كثيرا من المسلمين وصعد نواب المملكة وسائر الخواص الى القلعة وطلب علماءها وقضاتها فحضرنا اليه وأوقفنا ساعة بين يديه ثم أمرنا بالجلوس فقال لمقدم اهل العلم عنده وهو المولى عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفي قل لهم انى سائلهم عن مسألة سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التي افتتحتها ولم يفصحوا عن الجواب فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبنى الا أعلمكم وأفضلكم وليعرف ما يتكلم به فقال لى عبد الجبار سلطاننا يقول بالأمس قتل منا ومنكم فمن الشهيد قتيلنا أم قتيلكم ففتح الله علىّ بجواب حسن بديع فقلت جاء أعرابي الى النبي عليه السلام فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فى سبيل الله ومن قتل منا ومنكم لاعلاء كلمة الله فهو الشهيد فقال تيمور لنك «خوب خوب» وقال عبد الجبار ما احسن ما قلت وانفتح باب المؤانسة فتكررت الاسئلة والاجوبة وكان آخر ما سأل عنه ما تقولون فى على ومعاوية ويزيد فقلت لا شك ان الحق كان مع على وليس معاوية من الخلفاء فقال قل علىّ على الحق ومعاوية ظالم ويزيد فاسق قلت قال صاحت الهداية يجوز تقليد القضاء من ولاة الجور فان كثيرا من الصحابة والتابعين تقلدوا القضاء من معاوية وكان الحق مع على فى توبته فسر لذلك واحسن إلينا والى من يتعلق بنا فى البلدة- وروى- ان الملك لما عين يوسف عليه السلام لامر الخزائن توفى قطفير فى تلك الليالى كما قال المولى الجامى چويوسف را خدا داد اين بلندى ... بقدر اين بلندى ارجمندى عزيز مصر را دولت زبون گشت ... لواى حشمت او سر نگون گشت دلش طاقت نياورد اين خلل را ... بزودى شد هدف تير أجل را زليخا روى در ديوار غم كرد ... ز بار هجر يوسف پشت خم كرد نه از جاى عزيزش خانه آباد ... نه از اندوه يوسف خاطر آزاد فلك كو دير مهر وتيز كين است ... درين حرمان سرا كار وى اينست يكى را بركشد چون حور بافلاك ... يكى را افكند چون سايه بر خاك خوش آن دانا بهر كارى وبارى ... كه از كارش بگيرد اعتباري نه از اقبال او گردن فرازد ... نه از ادبار او جانش گدازد - حكى- ان زليخا بعد ما توفى قطفير انقطعت عن كل شىء وسكنت فى خرابة من خرابات

مصر سنين كثيرة وكانت لها جواهر كثيرة جمعت فى زمان زوجها فاذا سمعت من واحد خبر يوسف او اسمه بذلت منها محبة له حتى نفدت ولم يبق لها شىء وقال بعضهم أصاب زليخا ما أصاب الناس من الضر والجوع فى ايام القحط فباعت حليها وحللها وجميع ما كانت تملكه وذهب نعمتها وبكت بكاء الشوق ليوسف وهرمت جوانى تيره گشت از چرخ پيرش ... برنگ شير شد موى چوقيرش بر آمد صبح وشب هنگامه برچيد ... بمشكستان او كافور باريد به پشت خم از آن بودى سرش پيش ... كه جستى گم شده سرمايه خويش ثم لما غيرها الجهد واشتد حالها بمقاساة شدائد الخلوة فى تلك الخرابة اتخذت لنفسها بيتا من القصب على قارعة الطريق التي هى ممر يوسف وكان يوسف يركب فى بعض الأحيان وله فرس يسمع صهيله على ميلين ولا يصهل الا وقت الركوب فيعلم الناس انه قد ركب فتقف زليخا على قارعة الطريق فاذا مربها يوسف تناديه بأعلى صوتها فلا يسمع لكثرة اختلاط الا صوات ز بس بر كوشها ميزد ز هر جا ... صهيل مركبان باد پيما ز بس بر آسمان ميشد زهر سوى ... نفير چاوشان طرقوا كوى كس از غوغا بحال او نيفتاد ... بحالي شد كه او را كس مبيناد چوكردى گوش آن حيران ومهجور ... ز چاووشان صداى دور شو دور زدى افغان كه من عمريست دورم ... بصد محنت در ان دورى صبورم ز جانان تا بكى مهجور باشم ... همان بهتر كه از خود دور باشم بگفتى اين وبيهوش او فتادى ... ز خود كرده فراموش او فتادى فاقبلت يوما على صنمها الذي كانت تعبده ولا تفارقه وقالت له تبا لك ولمن يسجد لك أما ترحم كبرى وعماى وفقرى وضعفى فى قواى فانا اليوم كافرة بك بگفت اين را بزد بر سنگ خاره ... خليل آسا شكستش پاره پاره تضرع كرد ورو بر خاك ماليد ... بدرگاه خداى پاك ناليد اگر رو در بت آوردم خدايا ... بآن بر خود جفا كردم خدايا بلطف خود جفاى من بيامرز ... خطا كردم خطاى من بيامرز ز پس راه خطا پيمايى از من ... ستاندى گوهر بينايى از من چوآن كرد خطا از من فشاندى ... بمن ده باز آنچهـ از من ستاندى بود دل فارغ از داغ تأسف ... بچينم لاله از باغ يوسف فآمنت برب يوسف وصارت تذكر الله تعالى صباحا ومساء فركب يوسف يوما بعد ذلك فلما صهل فرسه علم الناس انه ركب فاجتمعوا لمطالعة جماله ورؤية احتشامه فسمعت زليخا الصهيل فخرجت من بيت القصب فلما مربها يوسف نادت بأعلى صوتها سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصية وجعل العبيد ملوكا بالطاعة فامر الله تعالى الريح فالقت كلامها فى مسامع يوسف

فاثر فيه فبكى ثم التفت فرآها فقال لغلامه اقض لهذه المرأة حاجتها فقال لها ما حاجتك قالت ان حاجتى لا يقضيها الا يوسف فحملها الى دار يوسف فلما رجع يوسف الى قصر نزع ثياب الملك ولبس مدرعة من الشعر وجلس فى بيت عبادته يذكر الله تعالى فذكر العجوز ودعا بالغلام وقال له ما فعلت العجوز فقال انها زعمت ان حاجتها لا يقضيها غيرك فقال ائتنى بها فاحضرها بين يديه فسلمت عليه وهو منكس الرأس فرق لها ورد عليها السلام وقال لها يا عجوز انى سمعت منك كلاما فاعيديه فقالت انى قلت سبحان من جعل العبيد ملوكا بالطاعة وجعل الملوك عبيدا بالمعصية فقال نعم ما قلت فما حاجتك قالت يا يوسف ما اسرع ما نسيتنى فقال من أنت ومالى بك معرفة بگفت آنم كه چون روى تو ديدم ... ترا از جمله عالم بر گزيدم فشاندم گنج وگوهر در بهايت ... دل وجان وقف كردم در هوايت جوانى در غمت بر باد دادم ... بدين پيرى كه مى بينى فتادم گرفتى شاهد ملك اندر آغوش ... مرا يكبار تو كردى فراموش أما انا زليخا فقال يوسف لا اله الا الله الذي يحيى ويميت وهو حى لا يموت وأنت بعد فى الدنيا يا رأس الفتنة وأساس البلية فقالت يا يوسف أبخلت علىّ بحياة الدنيا فبكى يوسف وقال ما صنع حسنك وجمالك ومالك قالت ذهب به الذي اخرجك من السجن وأورثك هذا الملك فقال لها ما حاجتك قالت او تفعل قال نعم وحق شيبة ابراهيم فقالت لى ثلاث حوائج الاولى والثانية ان تسأل الله ان يرد علىّ بصرى وشبابى وجمالى فانى بكيت عليك حتى ذهب بصرى ونحل جسمى فدعا لها يوسف فرد الله عليها بصرها وشبابها وحسنها سفيدى شد ز مشكين مهره اش دور ... در آمد در سواد نرگسش نور جوانى پيريش را گشت هاله ... پس از چل سالگى شد هـژده ساله وقال بعضهم كان عمرها يومئذ تسعين سنة والحاجة الثالثة ان تتزوجنى فسكت يوسف واطرق رأسه زمانا فاتاه جبريل وقال له يا يوسف ربك يقرأك السلام ويقول لك لا تبخل عليها بما طلبت كه ما عجز زليخا را چوديديم ... بتو عرض نيازش را شنيديم دلش ار تيغ نوميدى نخستيم ... بتو بالاى عرشش عقد بستيم فتزوج بها فانها زوجتك فى الدنيا والآخرة چوفرمان يافت يوسف از خداوند ... كه بندد با زليخا عقد و پيوند دعا سلطان مصر وجميع الاشراف وضاف لهم بقانون خليل ودين يعقوب ... بر آيين جميل وصورت خوب زليخا را بعقد خود در آورد ... بعقد خويش يكتا گوهر آورد ونزلت عليه الملائكة تهنئه بزواجه بها وقالوا هناك الله بما اعطاك فهذا ما وعدك ربك وأنت فى الجب فقال يوسف الحمد لله الذي أنعم على واحسن الىّ وهو ارحم الراحمين ثم قال

الهى وسيدى اسألك ان تتم هذه النعمة وترينى وجه يعقوب وتقر عينه بالنظر الىّ وتسهل لاخوتى طريقا الى الاجتماع بي فانك سميع الدعاء وأنت على كل شىء قدير وأرسلت زليخا الى بيت الخلوة فاستقبلتها الجواري بانواع الحلي والحلل فتزينت بها فلما جن الليل ودخل يوسف عليها قال لها أليس هذا خيرا مما كنت تريدين فقالت ايها الصديق لا تلمنى فانى كنت امرأة حسناء ناعمة فى ملك ودنيا وكان زوجى عنينا لا يصل الى النساء وكنت كما جعلك الله فى صورتك الحسنة فغلبتنى نفسى شكيبايى نبود از تو حد من ... بكش دامان عفوى از بد من ز جرمى كز كمال عشق خيزد ... كجا معشوق با عاشق ستيزد فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء وأصابها وفك الخاتم كليد حقه از ياقوت تر ساخت ... گشادش قفل در وى گوهر انداخت فحملت من يوسف وولدت له ابنين فى بطن أحدهما افرائيم والآخر ميشا وكانا كالشمس والقمر فى الحسن والبهاء وباهى الله بحسنهما ملائكة السموات السبع وأحب يوسف زليخا حبا شديدا وتحول عشق زليخا وحبها الاول اليه حتى لم يبق له بدونها قرار چوصدقش بود بيرون از نهايت ... در آخر كرد بر يوسف سرايت وحول الله تعالى عشق زليخا المجازى الى العشق الحقيقي فجعل ميلها الى الطاعة والعبادة وراودها يوسف يوما ففررت منه فتبعها وقدّ قميصها من دبر فقالت فان قددت قميصك من قبل فقد قددت قميصى الآن فهذا بذاك درين كار از تفاوت بي هراسيم ... به پيراهن درى رأسا برأسيم چويوسف روى او در بندگى ديد ... وزان نيت دلش را زندگى ديد بنام او ز زر كاشانه ساخت ... نه كاشانه عبادت خانه ساخت ووضع فى البيت الذي بناه سريرا مرصعا بالجواهر فاخذ بيدها وأجلسها عليه وقال درو بنشين پى شكر خدايى ... كزو دارى بهر مويى عطايى توانگر ساختت بعد از فقيرى ... جوانى داد بعد از ضعف پيرى بچشم نور رفته نور دادت ... وزان بر رو در رحمت گشادت پس از عمرى كه ز هر غم چشاندت ... بترياك وصال من رساندت زليخا هم بتوفيق الهى ... نشسته بر سرير پادشاهى در ان خلوت سرامى بود خرسند ... بوصل يوسف وفضل خداوند وسيأتى وفاتهما فى آخر السورة فانظر ايها المنصف ان الدنيا ما شغلتهما عن الله تعالى فاستعملا الأعضاء والجوارح فى خدمة الله تعالى والاشارة قال يوسف القلب لملك الروح اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ ارض الجسد فان لله تعالى فى كل شىء وعضو من أعضاء ظاهر الجسد وباطنه خزانة من القهر واللطف فيها نعمة اخرى كالعين فيها نعمة البصر فان استعملها فى رؤية العين ورؤية الآيات والصنائع فيجد اللطف وينتفع به وان استعملها فى مستلذاتها وشهوات النفس ولم يحفظ

[سورة يوسف (12) : الآيات 56 إلى 61]

نفسه منها فيجد القهر ويضره ذلك فقس الباقي على هذا المثال ولهذا قال يوسف إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ اى حافظ نفسى فيها عما يضرها عليم بنفعها وضرها واستعمالها فيما ينفع ولا يضر وَكَذلِكَ الكاف منصوبة بالتمكين وذلك اشارة الى ما أنعم الله به عليه من انجائه من غم الحبس وجعل الملك الريان إياه خالصا لنفسه مَكَّنَّا لِيُوسُفَ اى جعلنا له مكانا فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر وكانت أربعين فرسخا فى أربعين كما فى الإرشاد وقال فى المدارك التمكين الاقدار وإعطاء القدرة وفى تاج المصادر مكنه فى الأرض بوأه إياها يتعدى بنفسه واللام كنصحته ونصحت له وقال ابو على يجوز ان يكون على حدردف لكم يَتَبَوَّأُ مِنْها حال من يوسف اى ينزل من بلادها حَيْثُ يَشاءُ ويتخذه مباءة ومنزلا وهو عبارة عن كمال قدرته على التصرف فيها ودخولها تحت سلطانه فكأنها منزله يتصرف فيها كما يتصرف الرجل فى منزله وفى الحديث (رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلنى على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكنه اخر ذلك سنة) وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما انصرمت السنة من يوم سأل الامارة دعاه الملك فتوجه وختمه بخاتمه وردّاه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت وطول السرير ثلاثون ذراعا وعرضه عشرة اذرع عليه ثلاثون فراشا فقال يوسف اما السرير فاشدّ به ملكك واما الخاتم فادبر به أمرك واما التاج فليس من لباسى ولالباس آبائي فقال الملك فقد وضعته أجلا لا لك وإقرارا بفضلك فجلس على السرير وأتت له الملوك وفوض اليه الملك امره كما قال المولى الجامى چوشاه از وى بديد اين كار سازى ... بملك مصر دادش سرفرازى سپهـ را بنده فرمان او كرد ... زمين را عرصه ميدان او كرد ونعم ما قيل پيرست چرخ واختر بخت تو نوجوان ... آن به كه پير نوبت خود با جوان دهد وكان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة كما فى التبيان واقام العدل فى مصر وأحبته الرجال والنساء وامر اهل كل قرية وبلدة بالاشتغال بالزرع وترك غيره فلم يدعوا مكانا الا زرعوه حتى بطون الاودية ورؤس الجبال مدة سبع سنين وهو يأمرهم ان يدعوه فى سنبله فاخذ منهم الخمس وجعله فى الاهراء وكذا ما زرعه السلطان ثم أقبلت السنون المجدبة فحبس الله عنهم القطر من السماء والنبات من الأرض حتى لم ينبت لهم حبة واحدة فاجتمع الناس وجاؤا له وقالوا له يا يوسف قد فنى ما فى بيوتنا من الطعام فبعنا مما عندك فامر يوسف بفتح الاهراء وباع من اهل مصر فى سنى القحط الطعام فى السنة الاولى بالدراهم والدنانير وفى الثانية بالحلى والجواهر وفى الثالثة بالدواب وفى الرابعة بالعبيد والإماء وفى الخامسة بالضياع والعقار وفى السادسة باولادهم وفى السابعة برقابهم حتى استرقهم جميعا فقالوا ما رأينا ملكا أجل وأعظم منه فقال يوسف للملك كيف رأيت صنع ربى فيما خولنى فما ترى فقال ارى رأيك ونحن لك فقال انى اشهد الله وأشهدك انى قد اعتقت اهل مصر عن آخرهم ورددت عليهم املاكهم قال الكاشفى [حكمت درين آن بود كه مصريان

[سورة يوسف (12) : آية 57]

يوسف را بوقت خريد وفروخت در صورت بندگى ديده بودند قدرت ازلى همه را طوق بندگىء او در گردن نهاد تا كسى را كه درباره او سخنى بى ادبانه نرسد] وكان لا يبيع من أحد من الممتارين اكثر من حمل بعير تقسيطا بين الناس وكان لم يشبع مدة القحط مخافة نسيان الجياع: قال السعدي قدس سره آنكه در راحت وتنعم زيست ... او چهـ داند كه حال گرسنه چيست حال درماندگى كسى داند ... كه بأحوال خود فرو ماند نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا [ميرسانيم برحمت خود از نعيم دينى ودنيوى وصورى ومعنوى] فالباء للتعدية مَنْ نَشاءُ كل من نريد له ذلك لا يمنعنا منه شىء وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ عملهم بل نوفيه بكماله فى الدنيا والآخرة- روى- عن سفيان بن عيينة المؤمن يثاب على حسناته فى الدنيا والآخرة والفاجر يعجل له الخير فى الدنيا وماله فى الآخرة من خلاق وتلاهذه الآية وفى الحديث (ان للمحسنين فى الجنة منازل حتى المحسن الى اهله واتباعه) والإحسان وان كان يعم أمورا كثيرة ولكن حقيقته المشاهدة والعيان وهى ليست رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله تعالى وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله تعالى وسميت هذه الحالة مشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله خيالك فى عينى وذكرك فى فمى ... وحبك فى قلبى فاين تغيب وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ اى أجرهم فى الآخرة فالاضافة للملابسة وهو النعيم المقيم الذي لا نفاد له خَيْرٌ لانه أفضل فى نفسه وأعظم وأدوم لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ الكفر والفواحش [چون يوسف بإحسان وتقوى از قعر چاه بتخت وجاه رسيد] بدنيا وعقبى كسى قدر يافت ... كه او جانب صبر وتقوى شتافت وفى الآية اشارة الى ان غير المؤمن المتقى لا نصيب له فى الآخرة قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خذف فان والآخرة ذهب باق وعن ابى هريرة قال قلنا يا رسول الله مم خلق الجنة قال من الماء قلنا أخبرنا عن بنائها قال (لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه وان اهل الجنة ليزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزدادون فى الدنيا هرما) ولا بد من الطاعات فانها بذر الدرجات واجرة الجنات- حكى- ان ابراهيم بن أدهم أراد ان يدخل الحمام فمنعه الحمامي ان يدخله بدون الاجرة فبكى ابراهيم وقال إذا لم يؤذن ان ادخل فى بيت الشيطان مجانا فكيف لى بالدخول فى بيت النبيين والصديقين يقول الفقير فان كان المراد ببيت النبيين الجنة فلا بد فى دخولها من صدق الأعمال وان كان المراد القلب فلا بد فى دخوله من صدق الأحوال وعلى كلا التقديرين لا بد من العبودية لانها مقتضى الحكمة ولذا قال لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ فمن لا عبودية له لم تكن الآخرة عنده خيرا من الدنيا إذ لو علم خيريتها يقينها لاجتهد فى العبودية لله تعالى والامتثال

[سورة يوسف (12) : آية 58]

بالأمر والاجتناب عن النهى وقد جعل الله التصرف فى عالم الملك والملكوت فى العمل على وفق الشرع وخلاف الطبع إذ فيه المجاهدة التي هى حمل النفس على المكاره وترك الشهوات ألا ترى ان يوسف عليه السلام لما خالف الطبع ومقتضاه ونهى النفس عن الهوى ورضى بما قسم المولى وصبر على مقاساة شدائد الجب والسجن والعبودية جعله الله تعالى سلطانا فى ارض مصر ففسخ له فى مكانه فكان مكافاة لضيق الجب والسجن وسخر له اهل مصر مجازاة للعبودية وزوجه زليخا بمقابلة كف طبعه عن مقتضاه والتقوى لا بد منها لاهل النعمة والمحنة اما اهل النعمة فتقواهم الشكر لانه وقاية من الكفران وجنة منه واما اهل المحنة فتقواهم الصبر لانه جنة من الجزع والاضطراب فعلى العاقل ان يتمسك بعروة التقوى فانها لا انفصام لها ولها عاقبة حميدة واما غيرها من العرى فلها انفصام وانقطاع وليس لها نتيجة مفيدة كما شوهد مرة بعد اخرى اللهم اعصمنا من الزلل فى طريق الهدى واحفظنا عن متابعة النفس والهوى واجعلنا من الذين عرفوك فوقفوا عند أمرك وتوجهوا إليك فرفضوا علاقة المحبة لغيرك وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ [آورده اند كه اثر قحط بكنعان وبلاد شام رسيده كار بر أولاد يعقوب تنك كرديد وگفتند اى پدر در شهر مصر ملكيست كه همه قحط زد كانرا مى نوازد وكار غربا وأبناء سبيل بدلخواه ايشان مى سازد] ز احسانش آسوده برنا و پير ... وزو گشته خوش دل غريب وفقير ببخشش ز ابر بهارى فزون ... صفات كمالش ز غايت برون [اگر فرمايى برويم وطعامى جهت گرسنگان كنعان بياريم يعقوب اجازت فرمود وبنيامين را جهت خدمت خود باز گرفت وده فرزند ديگر هر يك با شترى وبضاعتى كه داشتند روى براه آوردند ويك شتر جهت بنيامين با بضاعت او همراه بردند] وقال بعضهم لما أجدبت بلاد الشام وغلت أسعارها جمع يعقوب بنيه وقال لهم يا بنى أما ترون ما نحن فيه من القحط فقالوا يا أبانا وما حيلتنا قال اذهبوا الى مصر واشتروا منها طعاما من العزيز قالوا يا نبى الله كيف يطيب قلبك ترسلنا الى فراعنة الأرض وأنت تعلم عداوتهم لنا ولا نأمن ان ينالنا منهم شر وكانت تسمى ارض مصر بأرض الجبابرة لزيادة الظلم والجور فقال لهم يا بنى قد بلغني انه ولى اهل مصر ملك عادل فاذهبوا اليه واقرئوه منى السلام فانه يقضى حاجتكم ثم جهز أولاده العشرة وأرسلهم فذلك قوله تعالى وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ اى ممتارين قالوا لما دنا ملاقاة يعقوب بيوسف وتحول الحال من الفرقة الى الوصلة ومن الألم الى الراحة ابتلى الله الخلق ببلاء القحط ليكون ذلك وسيلة الى خروج أبناء يعقوب لطلب المعاش وهو الى المعارفة والمواصلة وكانت بين كنعان ومصر ثمانى مراحل لكن أبهم الله تعالى ليعقوب عليه السلام مكان يوسف ولم يأذن ليوسف فى تعريف حاله له الى مجيئ الوقت المسمى عند الله تعالى فجاؤا بهذا السبب الى يوسف فى مصر فَدَخَلُوا عَلَيْهِ اى على يوسف وهو فى مجلس حكومته على زينة واحتشام فَعَرَفَهُمْ فى بادئ الرأى وأول النظر لقوة فهمه وعدم مباينة أحوالهم السابقة لحالهم يومئذ لمفارقته إياهم وهم رجال وتشابه هيآتهم وزيهم فى الحالين

[سورة يوسف (12) : آية 59]

ولكون همته معقودة بهم وبمعرفة أحوالهم لا سيما فى زمان القحط وقد أخبره الله حين ما إلقاء اخوته فى الجب لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون فعلم بذلك انهم يدخلون عليه البتة فلذلك كان مترصدا لوصولهم اليه فلما رآهم عرفهم وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ اى والحال انهم منكرون ليوسف لطول العهد لما قال ابن عباس رضى الله عنهما انه كان بين ان قذفوه فى البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة ومفارقته إياهم فى سن الحداثة ولاعتقادهم انه قد هلك ولذهابه عن اوهامهم لقلة فكرهم فيه ولبعد حاله التي رأوه عليها من الملك والسلطان عن حاله التي فارقوه عليها طريحا فى البئر مشريا بدراهم معدودة وقلة تأملهم فى حلاه من الهيبة والاستعظام وفى التأويلات النجمية عرفهم بنور المعرفة والنبوة وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ لبقاء ظلمة معاصيهم وحرمانهم من نور التوبة والاستغفار ولو عرفوه حق المعرفة ما باعوه بثمن بخس وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ اى أصلحهم بعدتهم وهى عدة السفر من الزاد وما يحتاج اليه المسافر واوقر ركائبهم اى أثقل بما جاؤا لاجله من الميرة وهى بكسر الميم وسكون الياء طعام يمتاره الإنسان اى يجلبه من بلد الى بلد قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ [بياريد بمن برادرى كه شما راست از پدر شما يعنى علاتيست نه أعياني] والعلة الضرة وبنوا العلات بنوا أمهات شتى من رجل لان الذي تزوجها على الاولى قد كانت قبلها تأهل ثم عل من هذه وبنوا الأعيان اخوة لاب وأم وبنوا الاخياف اخوة أمهم واحدة والآباء شتى ولم يقل بأخيكم مبالغة فى اظهار عدم معرفته لهم فانه فرق بين مررت بغلامك ومررت بغلام لك فانك فى التعريف تكون عارفا بالغلام وفى التنكير أنت جاهل به ولعله انما قاله لما قيل من انهم سألوه حملا زائدا على المعتاد لبنيامين فاعطاهم ذلك وشرطهم ان يأتوا به ليعلم صدقهم وكان يوسف يعطى لكل نفس حملا لا غير تقسيطا بين الناس وقال الكاشفى [هر يك را يك شتر بار گندم دادند گفتند يك شتر وار ديگر بجهت برادر ما كه در خدمت پدر است بدهيد يوسف گفت من شمار مردم ميدهم نه بشمار شتر ايشان مبالغه نمودند قال ائتوني] الآية وقال فى بحر العلوم لا بد من مقدمة سبقت له معهم حتى اجترأ القول هذه المسألة- روى- انه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم أخبروني من أنتم وما شأنكم فانى أنكركم قالوا نحن قوم من اهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي قالوا معاذ الله نحن اخوة بنوا اب واحد وهو شيخ صديق نبى من الأنبياء اسمه يعقوب قال كم أنتم قالوا كنا اثنى عشر فهلك منا واحد قال فكم أنتم هاهنا قالوا عشرة قال فاين الآخرة الحادي عشر قالوا عند أبيه ليتسلى به من الهالك قال فمن يشهد لكم انكم لستم بعيون وان الذي تقولون حق قالوا انا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا قال فدعوا بعضكم عندى رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم فاقترعوا بينهم فاصابت القرعة شمعون فخلفوه عنده أَلا تَرَوْنَ [آيا نمى بينيد] أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ أتمه لكم قال الكاشفى [من تمام مى پيمايم پيمانه را وحق كسى باز نمى گيرم] وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ والحال انى فى غاية الإحسان فى انزالكم وضيافتكم وقد كان الأمر كذلك [يعنى در إنزال مهمانان وإكرام واحسان

[سورة يوسف (12) : الآيات 60 إلى 61]

با ايشان دقيقه فرو نميگذاريم] ولم يقله عليه السلام بطريق الامتنان بل لحثهم على تحقيق ما أمرهم به فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ [پس اگر نياريد بمن آن برادر را] فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي من بعد اى فى المستقبل فضلا عن ايفائه والمقصود عدم إعطاء الطعام كيلا وَلا تَقْرَبُونِ بدخول بلادي فضلا عن الإحسان فى الانزال والضيافة قالوا الله امره بطلب أخيه ليعظم اجر أبيه على فراقه وهو اما نهى او نفى معطوف على الجزاء كأنه قيل فان لم تأتونى به تحرموا ولا تقربوا يعنى انه سواء كان خبرا او نهيا يكون داخلا فى حكم الجزاء معطوفا عليه لكن جزمه على الثاني بلا الناهية وعلى الاول بالعطف على ما هو فى محل الجزم قال فى الإرشاد وفيه دليل على انهم كانوا على نية الامتياز مرة بعد اخرى وان ذلك كان معلوما له عليه السلام قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ سنخادعه عنه ونحتال فى انتزاعه من يده ونجتهد فى ذلك وفيه تنبيه على عزة المطلب وصعوبة مناله وَإِنَّا لَفاعِلُونَ ذلك غير مفرطين ولا متوانين عبروا بما يدل على الحال تنبيها على تحقق وقوعه كما فى قوله تعالى وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ وفيه اشارة الى ان لطائف الحيل وسائل فى الوصول الى المراد وان الانخداع كما انه من شأن العامة كذلك هو من شأن خواص العباد بموجب البشرية التي ركبها الله على السوية بين الافراد [آورده اند كه چهار كس در باغي رفتند بي اجازت مالك وبخوردن ميوه مشغول گشتند. يكى از ان جمله دانشمندى بود. ودوم علوى. وسوم لشگرى. و چهارم بازارى خداوند باغ درآمد چون ديد كه دست خيانت دراز كرده اند وميوه بسيار تلف شده با خود انديشه كرد كه اگر نه بنوع از فريب ومكر وحيلت در پيش آيم با ايشان برنيايم. أول روى بمرد عالم آورد وگفت تو مرد دانشمندى ومقتداى مايى ومصالح معاش ومعاد ما ببركت أقلام وحركت أقدام شما منوطست واين بزرگ ديگر از خاندان نبوت واز اهل فتوت است وما از جمله چاكران خاندان وييم ودوستى ايشان بر ما واجبست چنانكه حق تعالى ميفرمايد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى واين عزيز ديگر مرد لشگريست وخانمان وجان ما بتيغ بران وسعى وتدبير ايشان آبادان وباقيست شما اگر در باغ من آييد وتمام ميوها بمصلحت خود صرف كنيد جان ما وباغ ما فداى شما باد اين مرد بازارى كيست واو را حجت چيست وبچهـ سبب در باغ من آمده است ودست دراز كرده گريبان وى بگرفت واو را دست بردى تمام نمود كه آواز پاى درآمد ودست و پايش محكم ببست وبينداخت بعد از ان روى بلشگرى نهاد وگفت من بنده سادات وعلماام تو ندانسته كه من خراج اين باغ بسلطان داده ام اگر سادات وائمه بجان ما حكم فرمايند حاكم باشند اما بگوى كه تو كيستى وبچهـ سبب در باغ من آمدى او را نيز بگرفت وگوشمالى تمام بتقديم رسانيد واو را نيز محكم در بست بعد از ان روى بدانشمند آورد كه همه عالم بندگان ساداتند وحرمت داشتن ايشان بر همه كس واجبست اما تو كه مرد عالمى اين قدر ندانى كه در ملك ديگران بي اجازت نبايد رفت ومال مسلمانان بغصب نبايد برد جان من وخانمان من فداى سادات باد هر جاهل كه خود را دانشمند خواند وهيچ نداند در خور تأديب ومستحق تعذيب باشد او را نيز تمام برنجانيد ومقيد گردانيد بعد از ان

[سورة يوسف (12) : الآيات 62 إلى 65]

روى بعلوي آورد وگفت اى لا سيد مكار واى مدعى نابكار اى ننگ سادات عظام واى عاروشين شرفاء كرام بچهـ سبب در باغ من آمده وبكدام دل وزهره اين دليرى نموده رسول فرموده است كه مال امت من بر لا علويان حلالست او را نيز ادب بليغ بتقديم رسانيد ومحكم دست و پاى وى دربست وبلطف حيل هر چار را تأديب كرد وبهاى ميوه كه خورده بودند از ايشان بستاد وبشفاعت ديگران دست از ايشان بداشت اگر حيله در امور دنيوى نبودى صاحب باغ كه يك تن بود تأديب چهار مرد نتوانستى كرد ومقصود او بحصول موصول نگشتى] فاذا انقطع اسباب الحيل يلزم حينئذ الغلظة فى المعاملة ان اقتضت الحال ذلك وإلا يسكت ويسلم چودست از همه حيلتى در گسست ... حلالست بردن بشمشير دست وَقالَ يوسف لِفِتْيانِهِ غلمانه الكيالين اى الموكلين على خدمة الكيل جمع فتى وهو المملوك شابا كان او شيخا اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ دسوها فى جواليقهم وذلك بعد أخذها وقبولها وإعطاء بدلها من الطعام. والبضاعة من البضع بمعنى الشق والقطع لانها قطعة من المال. والرحل الوعاء ويقال لمنزل الإنسان ومأواه رحل ايضا ومنه نسى الماء فى رحله وكل بكل رحل من يعبى فيه بضاعتهم التي شروا بها الطعام وكانت نعالا وأدما وقيل دراهم فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد بالآحاد وانما فعله عليه السلام تفضلا عليهم وخوفا من ان لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة اخرى لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها اى يعرفون حق ردها وحق التكرم بإعطاء البدلين إِذَا انْقَلَبُوا اى رجعوا إِلى أَهْلِهِمْ وفتحوا أوعيتهم فالمعرفة مقيدة بالرجوع وتفريغ الاوعية لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لعل معرفتهم بذلك تدعوهم الى الرجوع إلينا مرة اخرى بأخيهم بنيامين فان التفضل عليهم بإعطاء البدلين ولا سيما عند إعادة البضاعة من أقوى الدواعي الى الرجوع فَلَمَّا رَجَعُوا من مصر إِلى أَبِيهِمْ فى كنعان قالُوا قبل ان يشتغلوا بفتح المتاع يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ مصدر كلت الطعام إذا أعطيته كيلا ويجوز ان يراد به المكيال ايضا على طريقة ذكر المحل وارادة الحال اى منع ذلك فيما بعد فى المستقبل وفيه ما لا يخفى من الدلالة على كون الامتيار مرة بعد اخرى معهودا فيما بينهم وبينه عليه السلام قال الكاشفى [يعنى ملك مصر حكم كرد كه ديگر طعام بر ما نه پيمانند اگر بنيامين را نبريم] وذكروا له إحسانه وقالوا انا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا بكرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا كرامته وذكروا انه ارتهن شمعون فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا بنيامين الى مصر وفيه إيذان بان مدار المنع عدم كونه معهم نَكْتَلْ بسببه ما نشاء من الطعام من الاكتيال يقال اكتلت عليه اى أخذت منه كيلا وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من ان يصيبه مكروه ضامنون برده قالَ يعقوب هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ استفهام فى معنى النفي وآمن فعل مضارع والامن والائتمان بمعنى وهو بالفارسية [أمين داشتن كسى را] إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ منصوب على انه نعت مصدر منصوب اى الا أمنا كامنى إياكم على أخيه يوسف مِنْ قَبْلُ وقد قلتم فى حقه ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا أثق بكم

ولا بحفظكم وانما أفوض الأمر الى الله تعالى فَاللَّهُ خَيْرٌ منى ومنكم حافِظاً تمييز او حال مثل لله دره فارسا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ من اهل السموات والأرضين فارجو ان يرحمنى بحفظه ولا يجمع علىّ مصيبتين وهذا كما ترى ميل منه الى الاذن والإرسال لما رأى فيه من المصلحة قال كعب لما قال يعقوب فالله خير حافظا قال الله تعالى وعزتى لا ردنّ عليك كليهما بعد ما توكلت علىّ فينبغى ان يتوكل على الله ويعتمد على حفظه دون حفظ ما سواه فان ما سواه محتاج فى حفظه الى الأسباب والآلات والله تعالى غنى بالذات مستغن عن الوسائط فى كل الأمور وفى جميع الحالات ولذا حفظ يوسف فى الجب وكذا دانيال عليه السلام فان بخت نصر طرحه فى الجب والقى عليه أسدين فلم يضراه وجعلا يلحسانه ويتبصبصان اليه فاتاه رسول فقال يا دانيال فقال من أنت قال انا رسول ربك إليك أرسلني إليك بطعام فقال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ومن حفظه تعالى ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة ابعد فذهب يوما تحت شجرة فنزع خفيه قال ولبس أحدهما فجاء طائر فاخذ الخف الآخر فحلق به فى السماء فانفلت منه اسود سالخ وهو نوع من الأفعوان شديد السواد وسمى بذلك لانه يسلخ جلده كل عام فقال النبي عليه السلام (هذه كرامة أكرمني الله بها اللهم انى أعوذ بك من شر من يمشى على رجلين ومن شر من يمشى على اربع ومن شر من يمشى على بطنه) ومن لطائف الاخبار ما ذكر فى أنيس الوحدة بالفارسية [مردى را زنى بود صاحب جمال واو از غايت غيرت كه از لوازم محبت است طاقتى نداشتى كه باد بر سر زلف او گذر يافتى يا آفتاب جهان تاب در وى تافتى باد را گر خبر از غيرت عاشق بودى ... بر سر سنبل زلفش نگذشتى از بيم أطراف وجوانب خانه چنان محفوظ ومضبوط گردانيده كه از نظر غير دائما مصون ومستور بودى زن چون روزى چند در ان خانه ضيق بماند بتنگ آمد شوهر را گفت مرا تا اين غايت چرا در بند ميدارى در قفص طلبد هر كجا گرفتاريست پيش ازين مرا گرفتار مدار زن اگر بدكار ونابكار باشد هيچ آفريده او را نگاه نتواند داشت وندارد واگر پارسا وعفيفه ونيكوكار باشد سر بهر كه در جهان بلكه بماه آسمان فرو نيارد ازين بند وحبس دست بدار ومرا با مستورى من سپار كه عفت من مرا حافظى بي مثل وراقبى بي نظيرست ازين نوع چندانكه گفت در نگرفت بلكه در محافظت او بيشتر مى كوشيد زن خواست كه او را برهانى نمايد در جوار او زالى بود كه گاه گاهى از شكاف در با او سخن گفتى روزى او را بخواند وبجوانى كه در ان همسايه بود پيغام فرستاد وگفت مدتى است تا در عشق گرفتارم و پى تو عاشق زارم وخواهان دولت مواصلت وآرزومند سعادت ملاقات زال تبليغ رسالت كرد جوان چون وصف حسن وجمال او شنيده بود از شادى در طرب واهتزاز آمد واز مسرت وابتهاج در هواى عشق چون باز بپرواز جواب فرستاد كه

[سورة يوسف (12) : آية 65]

جانا بزبان من سخن ميگويى ... با خود سخن از زبان تو ميگويى كيست آنكس كه نخواهد كه تو جانش باشى من بعد در سر اين كارم وعشق ترا بجان خريدار اما شوهر مردى عظيم غيورست وتمناى وصالت انديشه دور گفت راه وصل ما بپاى عاشقان ... گر ترا رغبت بود كامى بود مصلحت آنست كه بعزم سفر آوازه در اندازى وصندوقى بزرگ بسازى وبشوهر من فرستى كه بسفر ميروم وصندوقى پر از متاع دارم وبجز از تو بهيچ كس اعتماد ندارم ميخواهم كه بخانه تو آرم وبامانت بسپارم اگر قبول كنى لطفى بموقع خود بود ورهين منت كردم او را وداع كنى وبروى وبعد از ان درين صندوق روى وغلامت بخانه ما آرد وهرگاه كه شوهرم بيرون رود تو ز صندوق خويش بيرون آي ... وز جمالم هميشه مى آساى جوانرا اين تدبير خوش آمد وبران موجب كار پيش گرفت چون صندوق را بخانه آن فرستاد وموضعى معين كرد كه صندوق بنهد زن پيش شوهر آمد وگفت اين چيست وصندوق كيست شوهر حال باز گفت زن گفت ميدانى كه در صندوق چيست گفت نمى دانم گفت از عقل دور باشد كه صندوقى مقفل بخانه آرى وندانى كه در آنجا چيست اگر فردا خصم بيايد وگويد در آنجا انواع جواهر ولآلى بود وخلاف آن باشد چون از عهده آن بيرون آيى صواب آن باشد كه يكى را از خانه او بيارى وجمعى از محلت حاضر گردانى تا سر صندوق بگشايند وهر چهـ در آنجا باشد بنمايند تا در وقت مطالبت امانت طرق قيل وقال مسدود باشد مرد چون سخن مقبول شنيد صلاح درين ديد غلام آن مرد وجماعتى چند حاضر گردانيد وسر صندوق بگشادند وجوانرا ديدند در آنجا چون مغز در پسته نشسته واز غايت خجالت وشرمسارى زبان نطق بسته شوهر زن صاحب جمال نيك متحير ومتغير شد زن گفت اى خواجه اين جوانرا هيچ گناهى نيست اين كار منست و پيشه من غرض آن بود كه چون پيوسته مرا مقيد ومعذب ميداشتى خواستم كه با تو نمايم كه زنانرا هرگز نگاه نتوان داشت زن بايد كه خود مستور ونيك نام بود اگر چهـ از آنچهـ احتراز ميكردى مرا بدان ميل والتفاتى بودى يا نه عفت من مانع آن حالت كشتى تو بدست خود يارى آورده بودى اما غرض من نمودن برهانست واظهار عفت خود اكنون مرا با عفت خود سپار ودست از محافظت ومراقبت من بدار مرد چون آن حال مشاهده كرد دست از رعايت او بداشت وبيش از ان او را مقيد نداشت وبحفظ حق حواله كرد] وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ الذي حملوه من مصر وهو اسم من متع كالكلام والسلام من كلم وسلم وهو فى الأصل كل ما انتفع به والمراد به هنا اوعية الطعام مجازا إطلاقا للكل على بعض مسمياته ويسمى بعضهم هذا النوع من المجاز اعنى اطلاق الكل على البعض حقيقة قاصرة وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ [يافتند بضاعت خود را كه تسليم ملك كرده بودند] رُدَّتْ إِلَيْهِمْ تفضلا وقد علموا ذلك بدلالة الحال كأنه قيل ماذا قالوا حينئذ فقيل قالُوا لابيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح كما فى الإرشاد

[سورة يوسف (12) : الآيات 66 إلى 70]

ويؤيده ما فى القصص من ان يعقوب قال لهم يا بنى قدموا احمالكم لا دعو لكم فيها بالبركة فقدموا أحمالهم وفتحوها بين يديه فرأوا بضاعتهم فى رؤس أحمالهم فقالوا عند ذلك يا أَبانا ما نَبْغِي ما استفهامية منصوبة بنبغي وهو من البغي بمعنى الطلب اى أي شىء نطلب وراء هذا من الإحسان هذِهِ بِضاعَتُنا [اينست بضاعت ما كه غله بدين بضاعت بما فروخته اند] رُدَّتْ إِلَيْنا اى حال كونها مردودة إلينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا بالمنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه أرادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لامره والالتجاء اليه فى استجلاب المزيد وَنَمِيرُ أَهْلَنا اى نجلب إليهم الطعام من عند الملك وهو معطوف على مقدر اى ردت إلينا فنستظهر بها ونمير أهلنا فى رجوعنا الى الملك يقال مار اهله يميرهم ميرا إذا أتاهم بالميرة وهى الطعام المجلوب من بلد الى بلد ومثله امتار وَنَحْفَظُ أَخانا من الجوع والعطش وسائر المكاره وَنَزْدادُ [وزياده بستانيم بواسطه او] كَيْلَ بَعِيرٍ اى حمل بعير يكال لنا من أجل أخينا لانه كان يعطى باسم كل رجل حمل بعير كأنه قيل أي حاجة الى الازدياد فقيل ذلِكَ اى ما يحمله اباعرنا كَيْلٌ يَسِيرٌ اى مكيل قليل لا يقوم باودنا اى قوتنا قالَ ابو هم لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ بعد ما عاينت منكم ما عاينت حَتَّى تُؤْتُونِ [تا بدهيد مرا] مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ اى عهدا موثوقا به اى معتمدا مؤكدا بالحلف وذكر الله وهو مصدر ميمى بمعنى الثقة استعمل فى الآية بمعنى اسم المفعول اى الموثوق به وانما جعله موثقا منه تعالى لان توكيد العهود به مأذون فيه من جهته تعالى فهو اذن منه تعالى لَتَأْتُنَّنِي بِهِ جواب القسم إذا المعنى حتى تحلفوا بالله لتأتننى به فى كل الأوقات إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ إلا وقت الإحاطة بكم وكونهم محاطا بهم اما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على إتيانه البتة او عن هلاكهم وموتهم جميعا وأصله من العدو فان من أحاط به العدو يصير مغلوبا عاجزا عن تنفيذ مراده او هالكا بالكلية ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم البلاء موكل بالمنطق فان يعقوب عليه السلام قال اولا فى حق يوسف وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فابتلى من ناحية هذا القول حيث قالوا أكله الذئب وقال هاهنا لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فابتلى ايضا بذلك واحيط بهم وغلبوا عليه كما سيأتى قال الكاشفى [در تبيان فرموده كه او را بشما ندهم تا سوگند خوريد بحق محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين ايشان قبول نموده بمنزلت حضرت پيغمبر ما سوگند خوردند كه در مهم بنيامين غدر نكنند] فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ عهدهم من الله حسبما أراد يعقوب قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ اى على ما قلنا فى أثناء طلب الموثق وايتائه من الجانبين وكيل مطلع رقيب يريد به عرض ثقته بالله وحثهم على مراعاة ميثاقهم وفيه اشارة الى ان التوكل بعد التوكيد كقوله تعالى فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وفى الكواشي فى قول يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب الظاهرة مع صحة التوكل: وفى المثنوى گر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن فينبغى للانسان ان يجمع بين رعاية الأسباب المعتبرة فى هذا العالم وبين ان لا يعتمد عليها وان

[سورة يوسف (12) : آية 67]

لا يراعيها الا لمحض التعبد بل يربط قلبه بالله وبتقديره ويعتمد عليه وعلى تدبيره ويقطع رجاه عن كل شىء سواء وليس الشأن ان لا تترك السبب بل الشأن ان تترك السبب وإرادتك الأسباب مع اقامة الله إياك فى التجريد انحطاط عن الهمة العلية لان التجريد حال الآخذ من الله بلا واسطة فالمتجرد فى هذه الحالة كمن خلع عليه الملك خلعة الرضى فجعل يتشوق لسياسة الدواب قال بعض المشايخ مثل المتجرد والمتسبب كعبدين للملك قال لاحدهما اعمل وكل من عمل يدك وقال للآخر الزم أنت حضرتى وانا أقوم لك بقسمتي فمتى خرج واحد منهما عن مراد السيد منه فقد أساء الأدب وتعرض لاسباب المقت والعطب والأسباب على انواع فقد قيل من وقع فى مكان بحيث لم يقدر على الطعام والشراب فاشتغل باسم الصمد كفاه والصمدية هى الاستغناء عن الاكل والشرب وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله سبحانه ان لا يسأل أحدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه شىء فعجز عن المشي ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن الإلقاء الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما همّ بذلك انبعث من خاطره رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله تعالى فمرت القافلة وانقطع واستقبل القبلة مضجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له أتريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هنا والقافلة تأتيك فوقف وإذا بالقافلة مقبلة من خلفه فانظر أن البقاء فرع الفناء فما دام لم يحصل للمرء الفناء عن الوجود لم يجد البقاء من الله ذى الفيض والجود يكجو از خرمن هستى نتواند برداشت ... هر كه در كوى فنا در ره حق دانه نكشت وَقالَ يعقوب ناصحا لبنيه لما از مع على ارسالهم جميعا يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مصر مِنْ بابٍ واحِدٍ وكان لها اربعة أبواب وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ اى من طرق شتى وسكك مختلفة مخافة العين فان العين والسحر حق اى كائن اثرهما فى المعين والمسحور وصاهم بذلك فى هذه الكرة لانهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة مشتهرين فى مصر بالقربة عند الملك فخاف عليهم ان دخلوا جماعة واحدة ان يصابوا بالعين ولم يوصهم فى الكرة الاولى لانهم كانوا مجهولين حينئذ مغمورين بين الناس غير متجملين تجملهم فى الثانية وكان الداعي إليها خوفه على بنيامين [در لطائف آورده كه يعقوب در أول مهر پدرى پيدا كرد وآخر عجز بندگى آشكار كرد كه گفت] وَما أُغْنِي عَنْكُمْ اى لا أنفعكم ولا ادفع عنكم بتدبيري مِنَ اللَّهِ وقضائه مِنْ من رائدة لتأكيد النفي شَيْءٍ اى شيأ فان الحذر لا يمنع القدر من جهد مى كنم قضا ميگويد ... بيرون ز كفايت تو كار دگرست ولم يرد به الغاء الحذر بالمرة كيف لا وقد قال تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وقال خُذُوا حِذْرَكُمْ بل أراد بيان ان ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير فى الجملة وانما التأثير وترتب المنفعة عليه من العزيز القدير وان ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة بالله وهرب منه اليه إِنِ الْحُكْمُ اى ما الحكم مطلقا إِلَّا لِلَّهِ لا يشاركه أحد ولا يمانعه شىء فلا يحكم

أحد سواه بشئ من السوء وغيره عَلَيْهِ لا على أحد سواء تَوَكَّلْتُ فى كل ما آتى واذر. وفيه دلالة على ان ترتيب الأسباب غير مخل بالتوكل وَعَلَيْهِ دون غيره فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ الفاء لافادة التسبب فان فعل الأنبياء سبب لان يقتدى بهم قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره للعباد على الله ثلاثة أشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت. ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف إذ لا يتصور وجودها بسبب منه ولا يجب على الله شىء. والثلاثة الاخر لا بد من قيام العبد بها إذ لا بد من تسببه فيها واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الأقدم وتطابق ألسنة الأنبياء على حقيتها: قال الكمال الخجندي عقل باطل شمرد چشم تو هر خون كه كند ... ظاهرا بى خبر از نكته العين حقست وفى الحديث ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر وعن على رضى الله عنه ان جبريل اتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذي أراه فى وجهك فقال (الحسن والحسين أصابهما عين) فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لايعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقص بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها فالتأثير الحاصل عقيبه هو فعل الله على وفق اجراء عادته إذ لا تأثير للعين حقيقة على ما هو مذهب اهل السنة وقال بعضهم تأثير المؤثر فى غيره لا يجب ان يكون مستندا الى القوى الجسمانية بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا ويدل عليه ان اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الأرض يقدر الإنسان على المشي عليه ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين يعجز عن المشي عليه وما ذلك الا لان خوفه من السقوط يوجب سقوطه منه فعلمنا ان التأثيرات النفسانية موجودة من غير ان يكون للقوى الجسمانية مدخل لها وايضا إذا تصور الإنسان كون فلان مؤذيا له حصل فى قلبه غضب يسخن بذلك مزاجه جدا فمبدأ تلك السخونة ليس الا ذاك التصور النفساني ولان مبدأ الحركات البدنية ليس الا التصورات النفسانية فلما ثبت ان تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد ايضا ان يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثيراتها الى سائر الأبدان فثبت انه لا يمتنع فى العقل ان يكون بعض النفوس مؤثرا فى سائر الأبدان فان جواهر النفس مختلفة بالماهية فجاز ان يكون بعض النفوس بحيث يؤثر فى تغيير بدن حيوان آخر بشرط ان يراه ويتعجب منه وقال بعضهم وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى روية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء من الله لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيواخذ الناظر لكونه سببا وقال بعضهم صاحب العين إذا شاهد الشيء واعجب به كانت المصلحة له فى تكليفه ان يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب المكلف متعلقا به وقال بعضهم لا يستبعد ان ينبعث من عين من بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين فيتضرر بالهلاك والفساد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات فان من انواع الأفاعي ما إذا وقع بصرها على عين انسان مات من ساعته والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضها

بالمقابلة والرؤية وبعضها لا يحتاج الى المقابلة بل يتوجه الروح اليه ونحوه. ومن هذا القبيل شر الحسود المستعاذ منه حتى قال بعضهم ان بعض العائنين لا يتوقف عينهم على الرؤية بل ربما يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير رؤية قال القزويني ويختص بعض النفوس من الفطرة بامر غريب لا يوجب مثله لغيرها كما ذكر ان فى الهند قوما إذا اهتموا بشئ اعتزلوا عن الناس وصرفوا همتهم الى ذلك الشيء فيقع على وفق اهتمامهم. ومن هذا القبيل ما ذكر ان السلطان محمود غزا بلاد الهند وكانت فيها مدينة كلما قصدها مرض فسأل عن ذلك فقيل له ان عندهم جمعا من الهند إذا صرفوا همتهم الى ذلك يقع المرض على وفق ما اهتموا فاشار اليه بعض أصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة لتشويش همتهم ففعل ذلك فزال المرض واستخلصوا المدينة فهذا تأثير الهمة. واما تأثير المحبة فقد حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبه رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر شقيقك غيب فى لحده ... وتطلع يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف ... لباس الحداد على فقده فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق هذه المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب وتأثير الأرواح فى الأجسام امر مشاهد محسوس فالتأثير للارواح ولشدة ارتباطها بالعين نسبت إليها قال بعض الحكماء ودليل ذلك ان ذوات السموم إذا قلت بعد لسعها خف اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية السم وصار قابلا للانحراف فما دامت حبة فان نفسها تمده بامتزاج الهواء بنفسها وانتشاق الملسوع به وهذا مشاهد ولا أقول ان خاصية قتلها من حصرة فيها فقط بل هى احدى فوائدها المنقولة عنها واصل ذلك كله من إعجاب العائن بالشيء فيتبعه كيفية نفسه الخبيثة فيستعين على تنفيذ سميتها بعينه وقد يعين الرجل نفسه بغير ارادة منه وهذا أردى ما يكون وينبغى ان يعلم ان ذلك لا يختص بالانس بل قد يكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من أسنة الرماح وعن أم سلمة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام رأى فى بيتها جارية وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين أصابتها من الجن قال الفقهاء من عرف بذلك حبسه الامام واجرى له النفقة الى الموت فلما كان اصل ذلك استحسانه قال عثمان رضى الله عنه لما رأى صبيا مليحا دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكرو ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليه او لا فتنكسر سورته فلا يظهر اثره وقد جعل الله لكل داء دواء ولكل شىء ضدا فالدعوات والأنفاس الطيبة تقابل الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والحواس الفاسدة فتزيله- وروى- عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فرأيته معافى فقال (ان جبريل عليه السلام أتاني فرقانى وقال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال عليه السلام فافقت) وفيه وفيما ذكر

من حديث أم سلمة دلالة على جواز الاسترقاء وعليه عامة العلماء هذا إذا كانت الرقى من القرآن او الاذكار المعروفة اما الرقى التي لا يعرف معناها فمكروهة وعن عائشة رضى الله عنها انها قالت له صلى الله عليه وسلم (هلا تنشرت) اى تعلمت النشرة وهى الرقية قال بعضهم وفيه دليل على عدم كراهة استعمال النشرة حيث لم ينكر عليه السلام ذلك عليها وكرهها جمع واستدلوا بحديث فى سنن ابى داود مرفوعا (النشرة من عمل الشيطان) وحمل ذلك على النشرة التي تصحبها العزائم المشتملة على الأسماء التي لا تفهم كما قال المطرزي فى المغرب انما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخل فيه سحرا وكفرا واماما كان من القرآن وشىء من الدعوات فلا بأس به واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله لدفع البلاء فلا بأس به ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستورا بشئ والاولى النزع. وكان عليه السلام يعوذ الحسن والحسين رضى الله عنهما فيقول (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة فعوذوا بها أولادكم فان ابراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق) رواه البخاري فى صحيحه. وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وغيرهما وكونها تامة لعرائها عن النقص والانفصام. وكان احمد بن حنبل يستدل بقوله بكلمات الله التامة على ان القرآن غير مخلوق ويقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق وما من كلام مخلوق الا وفيه نقص فالموصوف منه بالتمام غير مخلوق وهو كلام الله تعالى يقول الفقير جاءت الاستعاذة بمخلوق فى قول على رضى الله عنه إذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل أعوذ بدانيال وبالجب من شر الأسد وذلك ان دانيال لما ابتلى بالسباع كما ذكرناه عند قوله تعالى فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ جعل الله الاستعاذة به فى ذلك تمنع شر الذي لا يستطاع كما فى حياة الحيوان قال بعضهم هذا مقام من بقي له التفات الى غير الله فاما من توغل فى بحر التوحيد حيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال (أعوذ بك منك) والهامة احدى الهوام وهى حشرات الأرض وقال الخطابي ذوات السموم كالحية والعقرب ونحو هما واما حديث ابن عجرة (أيؤذيك هو أم رأسك) فالمراد بها القمل على الاستعارة واللامة الملمة من المت به اى نزلت وجيئ على فاعلة ولم يقل ملمة للازدواج بهامة ويجوز ان يكون على ظاهرها بمعنى جامعة للشر على المعيون من لمه يلمه إذا جمعه يقال ان دارك تلم الناس اى تجمعهم وفى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر استخراج خواص الأشياء وعن عائشة رضى الله عنها يؤمر العائن ان يتوضأ ثم يغتسل منه المعين وهو الذي أصيب بالعين وعن الحسن دواء إصابة العين ان تقرأ هذه الآية وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وليس فى الباب انفع من هذه الآية لدفع العين وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام كان إذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فقرأ قل هو الله

[سورة يوسف (12) : آية 68]

أحد والمعوذتين فنفث فيهما ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه يفعل ذلك ثلاث مرات وقد قيل ان ذلك أمان من السحر والعين والهوام وسائر الأمراض والجراحات والسنة لمن رأى شيأ فاعجبه فخاف عليه العين ان يقول ما شاء الله لا قوة الا بالله ثم يبرك عليه تبريكا فيقول بارك الله فيك وعليك وذكر أن اعجب ما فى الدنيا ثلاثة. البوم لا تظهر بالنهار خوف ان تصيبها العين لحسنها كما قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسها انها احسن الحيوان لم تظهر الا بالليل. والثاني الكركي لا يطأ الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوف ان تخسف الأرض. والثالث الطائر الذي يقف على سوقه فى الماء من الأنهار ويعرف بمالك حزين يشبه الكركي لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا. ونظيره ان دودا بطبرستان يكون بالنهار من المثقال الى الثلاثة يضيئ فى الليل كضوء الشمع ويطير بالنهار فيرى له اجنحة وهى خضراء ملساء لا جناحين له فى الحقيقة غذاؤه التراب لم يشبع قط منه خوفا من ان يفنى تراب الأرض فيهلك جوعا يقول الفقير ذلك الطائر وهذا الدود اشارة الى اهل الحرص والبخل من اهل الثروة فانهم لا يشبعون من الطعام بل من الخبز خوفا من نفاد أموالهم مع كثرتها ونعوذ بالله وقد التقطت الى هنا من انسان العيون وشرح المشارق لابن الملك وشرح الشرعة لابن السيد على أنوار المشارق وشرح الطريقة لمحمد الكردي والاسرار المحمدية ولغة المغرب وحياة الحيوان وشرح الحكم وحواشى ابن الشيخ وحواشى سعد المفتى وَلَمَّا دَخَلُوا [آن هنگام كه در آمدند أولاد يعقوب] مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ من الأبواب المتفرقة فى البلد والجار والمجرور فى موضع الحال اى دخلوا متفرقين ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ رأى يعقوب ودخولهم متفرقين مِنَ اللَّهِ من جهته تعالى مِنْ شَيْءٍ اى شيأ مما قضاه عليهم والجملة جواب لما إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها حاجة منصوبة بالا لكونها بمعنى لكن وقضاها بمعنى أظهرها ووصى بها خبر لكن. والمعنى ان رأى يعقوب فى حق بنيه وهو ان يدخلوا من الأبواب المتفرقة واتباع بنيه له فى ذلك الرأى ما كان يدفع عنهم شيأ مما قضاه الله عليهم ولكن يعقوب اظهر بذلك الرأى ما فى نفسه من الشفقة والاحتراز من ان يعانوا اى يصابوا بالعين ووصى به اى لم يكن للتدبير فائدة سوى دفع الخاطر من غير اعتقاد ان للتدبير تأثيرا فى تغيير التقرير واما إصابة العين فانما لم تقع لكونها غير مقدرة عليهم لا لانها اندفعت بذلك مع كونها مقتضية عليهم: قال فى المثنوى گر شود ذرات عالم حيله پيچ ... با قضاى آسمان هيچست هيچ «1» هر چهـ آيد ز آسمان سوى زمين ... نى مقر دارد نه چاره نه كمين حيله ها و چارها كز اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست «2» وَإِنَّهُ اى يعقوب لَذُو عِلْمٍ جليل لِما عَلَّمْناهُ بالوحى ونصب الادلة ولذلك قال وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لان العين لو قدر ان تصيبهم أصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ اسرار القدر ويزعمون ان يغنى الحذر

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان رجوع بحكايت خواجه وروستايى (2) در أوائل دفتر سوم در بيان باز دمى آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ

[سورة يوسف (12) : آية 69]

تدبير كند بنده وتدبير نداند ... تقدير خداوند بتدبير نماند وفى التأويلات النجمية وَلكِنَّ ارباب الصورة لا يَعْلَمُونَ ان ما يجرى على خواص العباد انما هو بوحينا والهامنا وتعليمنا فهم يعلمون بما نأمرهم ونحن نفعل ما نشاء بحكمتنا وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ [وآن وقت كه در آمدند أولاد يعقوب بر يوسف ببارگاه او رسيدند يوسف بر تخت نشسته بود ونقاب فرو گذاشته پرسيد كه چهـ كسانيد گفتند كنعانيانيم كه ما را فرموده بوديد كه برادر خود را بياريد او را از پدر خواستيم وبعهد و پيمان آورديم] فقال لهم أحسنتم وستجدون ذلك عندى فاجلسوا فجلسوا على حاشية البساط فاكرمهم ثم أضافهم وأجلسهم مثنى مثنى اى كل اثنين منهم على قصعة وفى التبيان على خوان قال الكاشفى [يوسف فرمود كه هر دو برادر كه از يك پدر ومادرند بر يك خوان طعام خورند هر دو كس بر يك خوان بنشستند بنيامين تنها مانده بگريه در آمد وميگريست تا بيهوش شد يوسف بفرمود تا گلاب بروى او زدند چون بهوش آمد پرسيد كه اى جوان كنعانى ترا چهـ شد كه بيهوش شدى گفت اى ملك حكم فرموديد كه هر كس با برادر أعياني طعام خورد مرا برادرى از مادر و پدر بود كه يوسف نام داشت بياد آمد با خود گفتم لو كان أخي يوسف حيا لا جلسنى معه از شوق اين حال بى طاقت شدم سبب گريه وبيهوشىء من اين بود گفت بيا تا من برادر تو باشم وبا تو بر يك خوان نشينم پس بفرمود تا خوان وبرابر داشتند ودر پس پرده آوردند واو را نيز طلبيده وبدين بهانه] آوى إِلَيْهِ فى الطعام أَخاهُ بنيامين وكذا فى المنزل والمبيت وانزل كل اثنين منهم بيتا ثم قال له هل تزوجت قال نعم ولى عشرة بنين اشتققت أسماءهم من اسم أخ لى هلك وفى القصص رزقت ثلاثة أولاد ذكور قال فما اسماؤهم قال اسم أحدهم ذئب فقال له يوسف أنت ابن نبى فكيف تسمى ولدك بأسماء الوحوش فقال ان إخوتي لما زعموا ان أخي أكله الذئب سميت ابني ذئبا حتى إذا صحت به ذكرت أخي فابكى فبكى يوسف وقال ما اسم الآخر قال دم قال ولم سميت بهذا الاسم فقال إخوتي جاؤا بقميص أخي متضمخا بالدم فسميته بذلك حتى إذا صحت به ذكرت أخي يوسف فابكى فبكى يوسف وقال وما اسم الثالث قال يوسف سميت به حتى إذا صحت به ذكرت أخي فابكى فبكى يوسف وقال فى نفسه الهى وسيدى هذا أخي أراه بهذا الحزن فكيف يكون حال الشيخ يعقوب اللهم اجمع بينى وبينه قبل فراق الدنيا ثم قال له أتحب ان أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال من يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف وقام اليه وعانقه وتعرف اليه وعند ذلك قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ يوسف قال الكاشفى [يوسف نقاب بسته دست بطعام كرد چون بنيامين را نظر بر دست يوسف افتاد بگريست يوسف او را پرسيد كه اين چهـ گريه است گفت اى ملك چهـ مانندست دست تو بدست برادرم يوسف كه اين كلمه را شنيد طاقتش نماند نقاب از چهره برداشت وبنيامين را گفت منم برادر تو] وفى القصص جعل بنيامين يأكل ويغص باكله ويطيل النظر الى يوسف فقال له يوسف أراك تطيل النظر الىّ فقال ان أخي الذي أكله الذئب يشبهك فقال له يوسف أنا أخوك فَلا تَبْتَئِسْ فلا تحزن قال فى تهذيب المصادر [الابتئاس: اندوهگين شدن]

[سورة يوسف (12) : آية 70]

بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بنا فيما مضى فان الله قد احسن إلينا وجمعنا بخير وامره ان لا يخبرهم بل يخفى الحال عنهم. وفيه تنبيه على ان إخفاء المرام وكتمه مما يستحب فى بعض المكان ويعين على تحصيل المقاصد ولذلك ورد فى الأثر (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) وايضا فى الضيافة المذكورة اشارة الى ان اطعام الطعام من سنن الأنبياء العظام كان ابراهيم عليه السلام مضيافا لا يأكل طعاما بلا ضيف وعن جابر رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ألا أحدثكم بغرف الجنة) قلنا بلى يا رسول الله بأبينا وأمنا قال (ان فى الجنة غرفا من اصناف الجواهر يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وفيها من النعيم واللذات والسرور ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) قال قلت لمن هذه الغرف يا رسول الله قال (لمن أفشى السلام واطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام) ثم ان فى قوله فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اشارة الى ان الله تعالى لا يهدى كيد الحاسدين بل النصر الإلهي والتأييد الرباني مع القوم الصالحين ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه فى الغار لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا لا ترى الى ما فعل أولاد يعقوب فى حق يوسف وأخيه من الحسد والأذى فما وصلوا الى ما أملوا بل الله تعالى جمع بينهما اى الأخوين ولو بعد حين وكذا بين يعقوب ويوسف فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ الجهاز المتاع وهو كل ما ينتفع به اى كال كيلهم واعطى كل واحد منهم حمل بعير وأصلحهم بعدتهم وهى الزاد فى السفر وفى القصص قال يوسف لاخوته أتحبون سرعة الرجوع الى أبيكم قالوا نعم فامر الكيال بكيل الطعام وقال له زدهم وقر بعير ثم جهزهم بأحسن جهاز وأمرهم بالمسير- روى- ان يوسف لما تعرف الى أخيه بنيامين [از هوش برفت وبا خود آمده دست در كردن يوسف افكند وبزبان حال كفت اين كه مى بينم به بيداريست يا رب يا بخواب ... خويشتن را در چنين راحت پس از چندين عذاب آنكه دست در دامن زد] قائلا له فانا لا أفارقك قال يوسف قد علمت اغتمام والدي بي فاذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل الى ذلك الا ان أشهرك بامر فظيع قال لا أبالي فافعل ما بدا لك قال أدس صاعى فى رحلك ثم أنادي عليك بانك سرقته ليتهيألى ردك بعد تسريحك معهم قال افعل فلما جهزهم بجهازهم جَعَلَ السِّقايَةَ هى مشربة بكسر الميم اى اناء يشرب منه جعلت صواعا يكال به وكانت من فضة وكان الشرب فى اناء الفضة مباحا فى الشريعة الاولى او من بلور او زمردة خضراء او ياقوتة حمراء تساوى مائتى الف دينار ويشرب يوسف منها وقال فى الكواشي كانت من ذهب مرصعة بالجواهر كال بها لاخوته إكراما لهم وقال الكاشفى [ملك از ان آب خوردى درين وقت بجهت عزت ونفاست طعام آنرا پيمانه ساخته بود] فِي رَحْلِ أَخِيهِ بنيامين ولما انفصلوا عن مصر نحو الشام أرسل يوسف من استوقفهم فوقفوا ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ اى نادى مناد من فتيان يوسف واسمه افرائيم أَيَّتُهَا الْعِيرُ [اى كاروانيان] وهى الإبل التي عليها الأحمال لانها تعير اى تذهب وتجيئ والمراد اصحاب الإبل إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال بعضهم هذا الخطاب بامر يوسف

[سورة يوسف (12) : الآيات 71 إلى 75]

فلعله أراد بالسرقة أخذهم له من أبيه ودخول بنيامين فيه يطريق التغليب وهو من قبيل المبالغة فى التشبيه اى أخذتم يوسف من أبيه على وجه الخيانة كالسراق وقد صدر التعريض والتورية من الأنبياء عليهم السلام- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل قريبا من بدر ركب هو وابو بكر حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان فسأله عليه السلام عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما فقال له عليه السلام إذا اخبرتنا أخبرناك فاخبر الشيخ حسبما بلغه خبرهم فلما فرغ قال من أنتما فقال عليه السلام (نحن من ماء دافق) وأوهم انه من ماء العراق ففيه تورية وأضيف الماء الى العراق لكثرته به- وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من الغار وتوجه الى المدينة كان ابو بكر رضى الله عنه رديفا له وإذا سأله اى أبا بكر سائل من هذا الذي معك يقول هذا الرجل يهدينى الطريق يعنى طريق الخير كذا فى انسان العيون قال فى حواشى سعدى المفتى الكذب إذا تضمن مصلحة يرخص فيه [دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز] وقال بعضهم هذا الخطاب من قبل المؤذن بناء على زعمه وذلك ان يوسف وضع السقاية بنفسه فى رحل أخيه وأخفى الأمر عن الكل او امر بذلك بعض خواصه قال فى القصص انه ابنه وامره بإخفاء ذلك عن الكل ثم ان اصحاب يوسف لما طلبوا السقاية وما وجدوها وما كان هناك أحد غير الذين ارتحلوا غلب على ظنهم انهم هم الذين أخذوها فنادى المنادى من بينهم على حسب ظنه انكم لسارقون قالُوا اى الاخوة وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ جملة حالية من قالوا جيئ بها للدلالة على ازعاجهم مما سمعوه لمباينته لحالهم اى وقد اقبلوا على طالبى السقاية ماذا تَفْقِدُونَ اى تعدمون تقول فقدت الشيء إذا عدمته بان ضل عنك لا بفعلك والمآل ما الذي ضاع منكم قالُوا فى جوابهم نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وصيغة المضارع فى كلا المحلين لاستحضار الصورة ثم قالوا تربية لما تلقوه من قبلهم واراءة لاعتقاد انه انما بقي فى رحلهم اتفاقا وَلِمَنْ جاءَ بِهِ من عند نفسه مظهرا له قبل التفتيش وفى البحر ولمن دل على سارقه وفضحه حِمْلُ بَعِيرٍ من البر جعلاله وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل اؤديه الى من جاء به ورده لان الملك يتهمنى فى ذلك وهو قول المؤذن وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان من يكون مستأهلا لحمل البعير الذي هو علف الدواب متى يكون مستحقا لمشربة هى من مشارب الملوك قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم والجمهور على ان التاء بدل من الواو مختصة باسم الله تعالى. والمعنى ما اعجب حالكم أنتم تعلمون علما جليا من ديانتنا وفرط أمانتنا اننا بريئون مما تنسبون إلينا فكيف تقولون لنا انكم لسارقون. وقوله لنفسد اى لنسرق فانه من أعظم انواع الفساد وَما كُنَّا سارِقِينَ اى ما كنا نوصف بالسرقة قط وانما حكموا بعلمهم ذلك لان العلم بأحوالهم الشاهدة يستلزم العلم بأحوالهم الغائبة قالُوا اى اصحاب يوسف فَما جَزاؤُهُ على حذف المضاف اى فما جزاء سرقة الصواع عندكم وفى شريعتكم إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ فى جحودكم ونفى كون الصواع فيكم قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ اى أخذ من وجد الصواع فِي رَحْلِهِ واسترقاقه

[سورة يوسف (12) : الآيات 76 إلى 81]

وكان حكم السارق فى شرع يعقوب ان يسترق سنة بدل القطع فى شريعتنا فَهُوَ جَزاؤُهُ تقرير لذلك الحكم اى فاخذه جزاؤه كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الأدنى نَجْزِي الظَّالِمِينَ بالسرقة تأكيد للحكم المذكور غب تأكيد وبيان بقبح السرقة ولقد فعلوا ذلك ثقة بكمال براءتهم منها وهم عما فعل بهم غافلون فَبَدَأَ يوسف بعد ما رجعوا اليه التفتيش بِأَوْعِيَتِهِمْ باوعية الاخوة العشرة اى بتفتيشها قَبْلَ تفتيش وِعاءِ أَخِيهِ بنيامين لنفى التهمة- روى- ان اصحاب يوسف قالوا أنيخوا نفتش رحالكم فاناخوا واثقين ببراءتهم ففتشوا رحل الأخ الأكبر ثم الذي يليه ثم وثم الى ان بلغت النوبة الى رحل بنيامين فقال يوسف ما أظن أخذ هذا شيأ فقالوا والله لا نتركه حتى ننظر فى رحله فانه أطيب لنفسك وأنفسنا فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه وذلك قوله ثُمَّ اسْتَخْرَجَها اى الصواع لانه يذكر ويؤنث مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فلما وجد الصاع مدسوسا فى رحل بنيامين واستخرج منه نكسوا رؤسهم وانقطعت ألسنتهم فاخذوا بنيامين مع ما معه من الصواع وردوه الى يوسف وأخذوا يشتمونه بالعبرانية وقالوا له يا لص ما حملك على سرقة صاع الملك ولا يزال ينالنا منك بلاء كما لقينا من ابن راحيل فقال بنيامين بل ما لقى ابنا راحيل البلاء الا منكم فاما يوسف فقد عملتم به ما فعلتم واما انا فسرّقتمونى اى نسبتمونى الى السرقة قالوا فمن جعل الإناء فى متاعك أليس قد خرج من رحلك قال ان كنتم سرقتم بضاعتكم الاولى وجعلتموها فى رحالكم فكذلك انا سرقت الصاع وجعلته فى رحلى فقال روبيل والله لقد صدق وأراد بنيامين ان يخبرهم بخبر يوسف فذكر وصيته له فسكت كَذلِكَ نصب على المصدرية والكاف مقحمة للدلالة على فخامة المشار اليه وكذا ما فى ذلك من معنى البعد اى مثل ذلك الكيد العجيب وهو عبارة عن ارشاد الاخوة الى الإفتاء المذكور باجرائه على ألسنتهم وبحملهم عليه بواسطة المستفتين من حيث لم يحتسبوا فمعنى قوله تعالى كِدْنا لِيُوسُفَ صنعنا له ودبرنا لاجل تحصيل غرضه من المقدمات التي رتبها من دس الصواع وما يتلوه فاللام ليست كما فى قوله فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً فانها داخلة على المتضرر على ما هو الاستعمال الشائع. والكيد فى الأصل عبارة عن المكر والخديعة وهو ان توهم غيرك خلاف ما تخفيه ما كانَ يوسف لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه كأنه قيل لماذا فعل يوسف ذلك فقيل لانه لم يكن ليأخذ أخاه بما فعل فى دين ملك مصر فى امر السارق اى فى حكمه وقضائه الا به لان جزاء السارق فى دينه انما كان ضربه وتغريمه ضعف ما أخذ دون الاسترقاق والاستعباد كما هو شريعة يعقوب فلم يكن يتمكن بما صنعه من أخذ أخيه بالسرقة التي نسبها اليه فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى إلا حال مشيئته التي هى عبارة عن إرادته لذلك الكيد وإلا حال مشيئته للاخذ بذلك الوجه قال الكواشي لولا شريعة أبيه لما تمكن من أخذ أخيه انتهى قال فى بحر العلوم وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها الى مصالح ومنافع دينية كقوله لايوب وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ليتخلص من جلدها ولا يحنث وكقول ابراهيم هى اختى لتسلم من يد الكافر وما الشرائع كلها الا مصالح وطرق الى. التخلص من الوقوع فى المفاسد وقد علم الله فى هذه الحيلة التي لقنها يوسف مصالح عظيمة

[سورة يوسف (12) : آية 77]

فجعلها سلما وذريعة إليها فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح نَرْفَعُ دَرَجاتٍ اى رتبا كثيرة عالية من العلم وانتصابها على المصدرية او الظرفية او على نزع الخافض اى الى درجات والمفعول قوله تعالى مَنْ نَشاءُ اى نشاء رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة كما رفعنا يوسف وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من الخلق عَلِيمٌ ارفع درجة منه فى العلم يعنى ليس من عالم الا وفوقه اعلم منه حتى ينتهى العلم الى الله تعالى دست شد بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن وعن محمد بن كعب ان رجلا سأل عليا رضى الله عنه عن مسألة فقال فيها قولا فقال الرجل ليس هو كذا ولكنه كذا وكذا فقال على أصبت واخطأت وفوق كل ذى علم عليم وفى التأويلات النجمية نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ من عبادنا بان نؤتيه علم الصعود من حضيض البشرية الى ذروة العبودية بتوفيق الربوبية وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ آتيناه علم الصعود عَلِيمٌ يجذبه من المصعد الذي يصعد اليه بالعلم المخلوق الى مصعد لا يصعد اليه الا بالعلم القديم وهو السير فى الله بالله الى الله وهذا صواع لا يسعه اوعية الانسانية انتهى كلام التأويلات قالُوا ان الصواع لما خرج من رحل بنيامين افتضح الاخوة ونكسوا رؤسهم حياء فقالوا تبرئة لساحتهم إِنْ يَسْرِقْ بنيامين فلا عجب فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يريدون به يوسف واختلف فيما أضافوا الى يوسف من السرقة فقيل كان أخذ فى صباه صنما كان لجده ابى امه لانه كان يعبد الأصنام بحران وهى بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء قرية فى جانب دمشق فقالت راحيل لابنها يوسف خذ الصنم واكسره لعله يترك عبادة الصنم فاخذه يوسف وكسره وألقاه بين الجيف فى الطريق وهو الأصح لما ذكر فى الفردوس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (سرق يوسف صنما لجده ابى امه من فضة وذهب فكسره وألقاه على الطريق) وعيره اخوته بذلك وفيه اشارة الى ان الإنسان الكامل قابل لتهمة السرقة فى بدء الأمر وهى الاستراق من الشهوات الدنيوية النفسانية ويخلص فى النهاية للامور الاخروية الروحانية فبين أول الأمر وآخره فرق كثير وقيل كانت لابراهيم منطقة يتوارثها أكابر ولده فورثها إسحاق ثم وقعت الى ابنته وكانت اكبر أولاده فحضنت يوسف وهى عمته بعد وفاة امه راحيل وكانت تحبه حبا شديدا بحيث لا تصبر عنه فلما شب أراد يعقوب ان ينزعه منها فاحتالت بان شدت المنطقة على وسط يوسف تحت ثيابه وهو نائم وقالت فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها ففتشوا فوجدوها مشدودة على يوسف تحت ثيابه فقالت انه سرقها منى فكان سلما لى وكان حكمهم ان من سرق يسترق فتوسلت بهذه الحيلة الى إمساكه عند نفسها فتركه يعقوب عندها الى ان ماتت فَأَسَرَّها يُوسُفُ اى أكن الحزازة الحاصلة مما قالوا والحزازة وجع فى القلب من غيظ ونحوه كما فى القاموس وقال فى الكواشي فاسرها اى كلمتهم انه سرق فِي نَفْسِهِ لا انه أسرها فى بعض أصحابه كما فى قوله وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ اى لم يظهرها لهم لا قولا ولا فعلا صفحا عنهم وحلما كأنه قيل فماذا قال فى نفسه عند تضاعيف ذلك الاسرار

[سورة يوسف (12) : الآيات 78 إلى 79]

فقيل قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً اى منزلة حيث سرقتم أخاكم من أبيكم ثم طفقتم تفترون على البريء وعن ابن عباس رضى الله عنهما عوقب يوسف بثلاث حين همّ بزليخا فسجن وحين قال اذكرني عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين وحين قال انكم لسارقون فردوا عليه وقالوا فقد سرق أخ له من قبل وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ اى عالم علما بالغا الى أقصى المراتب بان الأمر ليس كما تصفون من صدور السرقة منا بل انما هو افتراء علينا فالصيغة لمجرد المبالغة لا لتفضيل علمه على علمهم كيف لا وليس لهم بذلك من علم وفى البحر اعلم بما تصفون منكم لانه عالم بحقائق الأمور وكيف كانت سرقة أخيه الذي احلتم سرقته عليه انتهى فاعلم على ما قرره على معناه التفضيلى فان قيل لم يكن فيهم علم والتفضيل يقتضى الشركة قلنا يكفى الشركة بحسب زعمهم فانهم كانوا يدعون العلم لانفسهم ألا يرى الى قولهم فقد سرق أخ له من قبل على سبيل الجزم كما فى الحواشي السعدية- روى- انهم كلموا العزيز فى اطلاق بنيامين فقال روبيل ايها الملك لتردّن إلينا أخانا اولا صيحنّ صيحة تضع منها الحوامل فى مصر وقامت شعور جسده فخرجت من ثيابه وكان بنوا يعقوب إذا غضبوا لا يطاقون خلا انه إذا مس من غضب واحد منهم سكن غضبه فقال يوسف لابنه قم الى جنبه فمسه ويروى خذ بيده فمسه فسكن غضبه فقال روبيل ان هنا لبذرا من بذر يعقوب فقال يوسف من يعقوب وروى انه غضب ثانيا فقام اليه يوسف فركضه برجله وأخذ بتلابيبه فوقع على الأرض فقال أنتم معشر العبرانيين تظنون ان لا أحد أشد منكم خدايى كه بالا وبست آفريد ... ز بر دست هر دست دست آفريد قال السعدي كر چهـ شاطر بود خروس بجنگ ... چهـ زند پيش باز رويين چنك گربه شيرست در گرفتن موش ... ليك موشست در مصاف پلنگ ولما رأوا ان لا سبيل لهم الى تخليصه خضعوا حيث قالُوا مستعطفين يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فى السن لا يكاد يستطيع فراقه [وبعد از هلاك پسر خود يوسف بدو انس والفت دارد] فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ بدله على وجه الاسترهان او الاسترقاق فلسنا عنده بمنزلته من المحبة والشفقة إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إلينا فى الكيل والضيافة فاتمم إحسانك بهذه النعمة قالَ يوسف مَعاذَ اللَّهِ من اضافة المصدر الى المفعول به اى نعوذ بالله معاذا من أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ غير من وجد الصواع فى رحله لان أخذنا له انما هو بقضية فتواكم فليس لنا الإخلال بموجبها إِنَّا إِذاً اى إذا أخذنا غير من وجد متاعنا عنده ولو برضاه لَظالِمُونَ فى مذهبكم وما لنا ذلك قال فى بحر العلوم وإذا جواب لهم وجزاء لان المعنى ان أخذنا بدله ظلمنا هذا ظاهره واما باطنه فهو ان الله أمرني بالوحى ان آخذ بنيامين لمصالح علمها الله فى ذلك فلو أخذت غيره لكنت ظالما وعاملا بخلاف الوحى وفيه اشارة الى ان العمل بخلاف الإلهام ايضا ظلم لان كل وارد يرد من الله تعالى لا بد ان يعمل به النبي والولي ويضعه فى المحل الذي عينه الله فالانبياء والأولياء منتظرون لامر الله

[سورة يوسف (12) : الآيات 80 إلى 81]

فى كل حادثة فما لم يأمروا به ولم يخبروا لا يصدقونه ولا يتبعونه وكان لسرى تلميذة ولها ولد عند المعلم فبعث به المعلم الى الرحى فنزل الصبى فى الماء فغرق فاعلم المعلم سريا بذلك فقال السرى قوموا بنا الى امه فمضوا إليها وتكلم السرى عليها فى علم الصبر ثم تكلم فى علم الرضى فقال يا أستاذ وأي شىء تريد بهذا فقال لها ان ابنك قد غرق فقالت ابني فقال نعم فقالت ان الله تعالى ما فعل هذا ثم عاد السرى فى كلامه فى الصبر والرضى فقالت قوموا بنا فقاموا معها حتى انتهوا الى النهر فقالت اين غرق قالوا هاهنا فصاحت ابني محمد فاجابها لبيك يا أماه فنزلت وأخذت بيده فمضت به الى منزلها فالتفت السرى الى الجنيد وقال أي شىء هذا فقال أقول قال قل قال ان المرأة مراعية لما لله عليها وحكم من كان مراعيا لما لله عليه ان لا تحدث حادثة حتى يعلم بها فلما لم تكن تعلم هذه الحادثة أنكرت فقالت ان ربى ما فعل هذا ثم ان الظلم على انواع فالحكم بغير ما حكم الله به ظلم وطلب الظلم ظلم والصحبة بغير المجانس ظلم ومن ابتلى بالظلم وسائر الأوزار فعليه التدارك بالتوبة والاستغفار قال سهل إذا أحب الله عبدا جعل ذنبه عظيما فى نفسه وفتح له بابا من التوبة الى رياض أنسه وإذا غضب على عبد جعل ذنبه صغيرا فى عينيه فكلما أدبه لا يتعظ نسأل الله التوبة فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ يئسوا غاية اليأس بدلالة صيغة الاستفعال قال الكاشفى [پس آن وقت كه نوميد شدند از يوسف ودانستند كه برادر را بديشان نمى دهد] خَلَصُوا اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم نَجِيًّا متناجين فى تدبير أمرهم على أي صفة يذهبون وماذا يقولون لابيهم فى شأن أخيهم قال فى الكواشي جماعة يتناجون سرا لان النجى من تساره وهو مصدر يعم الواحد والجمع والذكر والأنثى قالَ كَبِيرُهُمْ فى السن وهو روبيل او فى العقل وهو يهودا او رئيسهم وهو شمعون وكانت له الرياسة على اخوته كأنهم اجمعوا عند التناجي على الانقلاب جملة ولم يرض فقال منكرا عليهم أَلَمْ تَعْلَمُوا اى قد علمتم يقينا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ عهدا وثيقا وهو حلفهم بالله وكونه من الله لاذنه فيه وقال الكاشفى [وشما سوكند خوريد بمحمد آخر زمان كه درشان وى غدر نكنيد اكنون اين صورت واقع شد] وَمِنْ قَبْلُ اى من قبل هذا وهو متعلق بالفعل الآتي ما مزيدة فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ اى قصرتم فى شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم وقد قلتم وانا لناصحون وانا له لحافظون فنحن متهمون بواقعة يوسف فليس لنا مخلص من هذه الورطة فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ ضمن معنى المفارقة فعدى الى المفعول اى لن أفارق ارض مصر ذاهبا منها فلن أبرح تامة لا ناقصة لان الأرض لا تحمل على المتكلم حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي فى العود اليه وكأن ايمانهم كانت معقودة على عدم الرجوع بغير اذن يعقوب أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالخروج منها على وجه لا يؤدى الى نقض الميثاق او بخلاص أخي بسبب من الأسباب وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ إذ لا يحكم الا بالحق والعدل قال الكاشفى [وميل ومداهنه در حكم او نيست] ارْجِعُوا أنتم إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ على ظاهر الحال وَما شَهِدْنا عليه بالسرقة إِلَّا بِما عَلِمْنا وشاهدنا ان الصواع استخرج من وعائه وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ اى باطن

[سورة يوسف (12) : الآيات 82 إلى 86]

الحال حافِظِينَ فما ندرى أحقيقة الأمر كما شاهدنا أم هى بخلافه: يعنى [بظاهر دزدى او ديدم اما از نفس الأمر خبر نداريم كه برو تهمت كردند وصاع را دربار او نهادند يا خود مباشر اين امر بوده] ثم انهم لما كانوا متهمين بسبب واقعة يوسف أمرهم كبيرهم بان يبالغوا فى ازالة التهمة عن أنفسهم ويقولوا وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها اى وقولوا لابيكم أرسل الى اهل مصر واسألهم عن كنه القصة لتبين لك صدقنا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها العير الإبل التي عليها الأحمال اى اصحاب العير التي توجهنا فيهم وكنا معهم وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب وَإِنَّا لَصادِقُونَ ثم رجع كبيرهم فدخل على يوسف فقال له لم رجعت قال انك اتخذت أخي رهينة فخذنى معه فجعله عند أخيه واحسن إليهما كأنه قيل فماذا كان عند قول المتوقف لاخوته ما قال فقيل قالَ يعقوب عند ما رجعوا اليه فقالوا له ما قال لهم أخوهم بَلْ إضراب عما يتضمن كلامهم من ادعاء البراءة من التسبب فيما نزل به وانه لم يصدر منهم ما يؤدى الى ذلك من قول او فعل كأنه قيل لم يكن الأمر كذلك بل سَوَّلَتْ لَكُمْ زينت وسهلت أَنْفُسُكُمْ أَمْراً من الأمور أردتموه ففعلتموه وهو فتواكم ان جزاء السارق ان يؤخذ ويسترق والا فما أدرى الملك ان السارق يؤخذ بسرقته لان ذلك انما هو من دين يعقوب لامن دين الملك ولولا فتواكم وتعليمكم لما حكم الملك بذلك ظن يعقوب عليه السلام سوأبهم كما كان فى قصة يوسف قبل فاتفق ان صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا قال السعدي [دروغ كفتن بضربت لازب ماند كه اگر نيز جراحت درست شود نشان بماند چون برادران يوسف بدروغى موسوم شدند بر راست كفتن ايشان نيز اعتماد نماند] قال الله تعالى بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ الآية كسى را كه عادت بود راستى ... خطا كر كند در كذارند ازو وكر نامور شد بنا راستى ... دكر راست باور ندارند ازو فَصَبْرٌ جَمِيلٌ اى فامرى صبر جميل وهو ان لا يكون فيه شكوى الى الخلق وعن ابى الحسن قال خرجت حاجا الى بيت الله الحرام فبينا انا أطوف وإذا بامرأة قد أضاء حسن وجهها فقلت والله ما رأيت الى اليوم قط نضارة وحسنا مثل هذه المرأة وما ذاك الا لقلة الهم والحزن فسمعت ذلك القول منى فقالت كيف قلت يا هذا الرجل والله انى لوثيقة بالاحزان مكلومة الفؤاد بالهموم والأشجان ما يشركنى فيها أحد فقلت وكيف ذلك قال ذبح زوجى شاة ضحينا بها ولى ولدان صغيران يلعبان وعلى يدى طفل يرضع فقمت لا صنع لهم طعاما إذ قال ابني الكبير للصغير ألا أريك كيف صنع ابى بالشاة قال بلى فاضطجعه وذبحه وخرج هاربا نحو الجبل فاكله ذئب فانطلق أبوه فى طلبه فادركه العطش فمات فوضعت الطفل وخرجت الى الباب انظر ما فعل أبوهم فدب الطفل الى البرمة وهى على النار فالقى يده فيها وصبها على نفسه وهى تغلى فانتشر لحمه عن عظمه فبلغ ذلك ابنة لى كانت عند زوجها فرمت بنفسها الى الأرض فوافقت أجلها فافردنى الدهر من بينهم فقلت لها فكيف صبرك على هذه المصائب العظيمة فقالت ما من أحد ميز الصبر والجزع الا وجد بينهما منهاجا متفاوتا فاما

[سورة يوسف (12) : آية 84]

الصبر بحسن العلانية فمحمود العاقبة واما الجزع فصاحبه غير معوض ثم أعرضت وهى تنشدنى صبرت وكان الصبر خير معول ... وهل جزع يجدى علىّ فاجزع صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال غرور أصبحت تتصدع ملكت دموع العين حتى رددتها ... الى ناظرى فالعين فى القلب تدمع عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً [شايد كه خداى تعالى آورد همه ايشانرا بمن] اى بيوسف وأخيه والمتوقف بمصر فانهم حين ذهبو الى البادية أول مرة كانوا اثنى عشر فضاع يوسف وبقي أحد عشر ولما أرسلهم الى مصر فى الكرة الثانية عادوا تسعة لان بنيامين حبسه يوسف واحتبس ذلك الكبير الذي قال فلن أبرح الأرض فلما بلغ الغائبون ثلاثة لاجرام أورد صيغة الجمع إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بحالي فى الحزن والأسف الْحَكِيمُ الذي لم يبتلنى الا لحكمة بالغة واعلم ان البلاء على ثلاثة اضرب. منها تعجيل عقوبة للعبد. ومنها امتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه. ومنها كرامة ليزداد عنده قربة وكرامة. واما تعجيل العقوبة فمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ومثل ما نزل بيعقوب كما قال وهب اوحى الله الى يعقوب أتدري لما عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال لا الهى قال لانك شويت عناقا وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه- وروى- ان سبب ابتلاء يعقوب انه ذبح عجلا بين يدى امه وهو يخور وقيل اشترى چارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت- وروى- انه اوحى اليه انما وجدت عليكم لانكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه منها شيأ. واما الامتحان فمثل ما نزل بايوب عليه السلام قال تعالى إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ. واما الكرامة فمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وفى الكل عظم الاجر والثواب بالصبر وعدم الاضطراب وقام بعضهم ليقضى ورده من الليل فاصابه البرد فبكى من شدته فجازت عليه سنة فقال له قائل ما جزاء ان أنمناهم وأقمناك الا ان تبكى علينا فانتبه واستغفر قال ابو القاسم القشيري سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول فى آخر عمره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله وهو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت ساكن خامد: قال الحافظ عاشقانرا كر در آتش مى پسندد لطف يار ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم وَتَوَلَّى عَنْهُمْ اعرض يعقوب عنهم كراهة لما سمع منهم قال الكاشفى [پس يعقوب از غايت ملال توجه به بيت الأحزان فرمود] قال الجامى رواى همدم تو در بزم طرب با دوستان خوش زى ... مرا بگذار تا تنها درين بيت الحزن ميرم

وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ الأسف أشد الحزن والحسرة وأصله يا أسفي باضافة الأسف الى ياء المتكلم فقلبت الياء الفا طلبا للتخفيف لان الفتحة والالف أخف من الكسرة والياء نادى أسفه وقال يا أسفا تعالى واحضر فهذا أوانك: قال الجامى كر چويوسف ز ما شوى غائب ... همچويعقوب ما ويا أسفا : وقال الحافظ يوسف عزيزم رفت اى برادران رحمى ... كز غمش عجب ديده ام حال پير كنعانى وانما تأسف على يوسف مع ان الحادث مصيبة أخويه بنيامين والمحتبس والحادث أشد على النفس دلالة به على تمادى أسفه على يوسف وان زرأه اى مصيبته مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا ولان زرأ يوسف كان قاعدة المصيبات ولانه كان واثقا بحياتهما عالما بمكانهما طامعا فى إيابهما واما يوسف فلم يكن فى شأنه ما يحرك سلسلة رجائه سوى رحمة الله وفضله وفى الحديث (لم تعط امة من الأمم انا لله وانا اليه راجعون عند المصيبة الا امة محمد صلى الله عليه وسلم) الا يرى الى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع بل قال يا أسفا على يوسف وعن ابى ميسرة قال لو ان الله أدخلني الجنة لعاتبت يوسف بما فعل بابيه حيث لم يكتب كتابا ولم يعلم حاله ليسكن ما به من الغم انتهى يقول الفقير هذا كلام ظاهرى وذهول عما سيأتى من الخبر الصحيح ان هذا كان بامر جبرائيل عن امر الله تعالى والا فكيف يتصور من الأنبياء قطع الرحم وقد كان بين مصر وكنعان ثمانى مراحل وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ الموجب للبكاء فان العبرة إذا كثرت محقت سواد العين وقلبته الى بياض وقد تعميها كما اخبر عن شعيب عليه السلام فانه بكى من حب الله تعالى حتى عمى فرد الله عليه بصره وكذا بكى يعقوب حتى عمى وهو الأصح لقوله تعالى فَارْتَدَّ بَصِيراً: قال الكمال الخجندي ز كريه بر سر مردم يقين كه خانه چشم ... فرو رود شب هجران ز بس كه بارانست - روى- انه ما جفت عينا يعقوب من يوم فراق يوسف الى حين لقائه ثمانين سنة وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب فان قلت لم ذهب بصر يعقوب بفراقه واشتياقه الى يوسف قلت لئلا يزيد حزنه النظر الى أولاده ولسر شهود الجمال لما ورد فى الخبر النبوي يرويه عن جبريل عن ربه قال (يا جبريل ما جزاء من سلبت كريمتيه) يعنى عينيه قال (سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال تعالى جزاؤه الخلود فى دارى والنظر الى وجهى وفى الخبر أول من ينظر الى وجه الرب تعالى الأعمى) قال بعض الكبار أورث ذلك العمى بذهاب بصره النظر الى الجمال اليوسفى الذي هو مظهر من مظاهر الجمال المطلق لان الحق تعالى تجلى بنور الجمال فى المجلى اليوسفى فاحبه أبوه وابتلى بحبه اهل مصر من وراء الحجاب وفيه اشارة الى انه ما لم يفن العارف العين الكونى الشهادى لا يصل الى شهود الجمال المطلق هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت فالعارف يشاهد الجمال المطلق بعين السر فى مصر الوجود الإنساني وينقاد له القوى والحواس جميعا واستدل بالآية على جواز التأسف والبكاء عند النوائب فان الكف عن ذلك مما لا يدخل

[سورة يوسف (12) : الآيات 85 إلى 86]

تحت التكليف فانه قل من يملك نفسه عند الشدائد قال انس رضى الله عنه دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابى سيف القين وكان ظئرا لابراهيم ولده عليه السلام فاخذ رسول الله ابراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله قال (يا ابن عوف انها رحمة) ثم اتبعها اخرى اى دمعة اخرى فقال (ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون) قال فى الروضة وابراهيم بنى النبي عليه السلام مات فى المدينة وهو ابن ثمانية عشر شهرا انتهى وانما الذي لا يجوز ما يفعله الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الحدود والصدور وشق الجيوب وتمزيق الثياب وعنه عليه السلام انه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود بنفسه فقيل يا رسول الله تبكى وقد نهيتنا عن البكاء فقال (ما نهيتكم عن البكاء وانما نهيتكم عن صوتين أحمقين صوت عند الفرح وصوت عند الترح) قال فى المغرب الحمق نقصان العقل وانما قيل لصوتى النياحة والترنم فى اللعب احمقان لحمق صاحبهما والبكاء على ثلاثة أوجه من الله وعلى الله والى الله فالبكاء من توبيخه وتهديده والبكاء اليه من شوقه ومحبته والبكاء عليه من خوف الفراق وفرق الله بين يوسف وأبيه لميله اليه ومحبته عليه والمحبوب يورث المحنة والعميان من الأنبياء إسحاق ويعقوب وشعيب ومن الاشراف عبد المطلب بن هاشم وامية بن عبد شمس وزهرة بن كلاب ومطعم بن عدى ومن الصحابة سواء كان أعمى فى عهده او حدث له بعد وفاته عليه السلام البراء بن عازب وجابر بن عبد الله وحسان بن ثابت والحكم بن ابى العاص وسعد بن ابى وقاص وسعيد بن يربوع وصخر بن حرب ابو سفيان والعباس بن عبد المطلب وعبد الله بن الأرقم وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله عمير وعبد الله بن ابى اوفى وعتبان بن مالك وعتبة بن مسعود الهذلي وعثمان بن عامر ابو قحافة وعقيل بن ابى طالب وعمرو بن أم مكتوم المؤذن وقتادة بن النعمان فَهُوَ كَظِيمٌ مملوء من الغيظ على أولاده ممسك له فى قلبه درديست درين سينه كه كفتن نتوانيم قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا اى لا تفتأ ولا تزال وحذفت لا لعدم الالتباس لانه لو كان اثباتا للزمه اللام والنون او إحداهما تَذْكُرُ يُوسُفَ تفجعا عليه حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً مريضا مشرفا على الهلاك أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ اى الميتين وفيه اشارة الى انه لا بد للمحب من ملامة الخلق فاول ملامتى فى العالم آدم عليه السلام حين طعن فيه الملائكة قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ولو أمعنت النظر رأيت أول ملامتى على الحقيقة حضرة الربوبية لقولهم أَتَجْعَلُ فِيها وذلك لانه تعالى كان أول محب ادعى المحبة وهو قوله يُحِبُّهُمْ فطالما يلوم اهل السلوّ المحبين ومن علامة المحب ان لا يخاف فى الله لومة لائم ملامت كن مرا چندانكه خواهى ... كه نتوان شستن از زنگى سياهى الَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي البث أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه فيبثه الى الناس اى ينشره فكأنهم قالوا له ما قالوا بطريق التسلية والاشكاء فقال لهم انى لا أشكو ما بي إليكم

أو إلى غيركم حتى تتصدوا للتسلى وانما أشكو همي حُزْنِي إِلَى اللَّهِ ملتجئا الى جنابه نضرعا لدى بابه فى دفعه راز كويم بخلق وخوار شوم ... با تو كويم بزركوار شوم والحزن أعم من البث فاذا عطف على الخاص يراد به الافراد الباقية فيكون المعنى لا اذكر الحزن العظيم والحزن القليل الا مع الله فان قيل لم قال يعقوب فصبر جميل ثم قال يا أسفا على يوسف وقال انما أشكو بثي وحزنى الى الله فكيف يكون الصبر مع الشكوى قيل ليس هذا الا شكاية من النفس الى خالقها وهو جائز ألا ترى ان أيوب عليه السلام قال رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وقال تعالى مع شكواه الى ربه فى حقه إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ لانه شكا منه اليه وبكى منه عليه فهو المعذور لديه لان حقيقة الصبر ومعناه الحقيقي حبس النفس ومنعها عن الشكوى الى الغير وترك الركون الى الغير وتحمل الأذى والابتلاء لصدوره من قضائه وقدره كما قيل بلسان الحقيقة كل شىء من المليح مليح ... لكن الصبر عنه غير مليح وقيل والصبر عنك فمذموم عواقبه ... والصبر فى سائر الأشياء محمود وذلك لان المحب لا يصبر عن حضرة المحبوب فلا يزال يعرض حاله وافتقاره الى حضرته ولسان العشق لسان التضرع والحكاية لا لسان الجزع والشكاية كما أشار العاشق بشنو از نى چون حكايت ميكند ... از جداييها شكايت ميكند يعنى شكاية العارف الواقف فى صورة الشكوى حكاية حاله وتضرعه وافتقاره الى حبيبه وعن انس رضى الله عنه رفعه الى النبي عليه الصلاة والسلام (ان رجلا قال ليعقوب ما الذي اذهب بصرك وحنى ظهرك قال اما الذي اذهب بصرى فالبكاء على يوسف واما الذي حنى ظهرى فالحزن على أخيه بنيامين فاتاه جبريل فقال أتشكو الى غير الله قال انما أشكو بثي وحزنى الى الله قال جبريل الله اعلم بما قلت منك قال ثم انطلق جبريل ودخل يعقوب بيته فقال اى رب اما ترحم الشيخ الكبير أذهبت بصرى وحنيت ظهرى فرد على ريحانتى فاشمهما شمة واحدة ثم اصنع بي بعد ما شئت فاتاه جبريل فقال يا يعقوب ان الله يقرئك السلام ويقول ابشر فانهما لو كانا ميتين لنشرتهما لك لاقر بهما عينك ويقول لك يا يعقوب أتدري لم أذهبت بصرك وحنيت ظهرك ولم فعل اخوة يوسف بيوسف ما فعلوه قال لا قال انه أتاك يتيم مسكين وهو صائم جائع وزبحت أنت وأهلك شاة فطعمتوها ولم تطعموه ويقول انى لم أحب من خلقى شيأ حبى اليتامى والمساكين فاصنع طعاما وادع المساكين) قال انس قال عليه السلام (فكان يعقوب كلما امسى نادى مناديه من كان صائما فليحضر طعام يعقوب وإذا أصبح نادى مناديه من كان مفطرا فليفطر على طعام يعقوب) ذكره فى الترغيب والترهيب: قال السعدي قدس سره نخواهى كه باشى پراكنده دل ... پراكندگان را ز خاطر مهل كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ من لطفه ورحمته الا تَعْلَمُونَ فارجو ان يرحمنى ويلطف بي ولا يخيب

[سورة يوسف (12) : الآيات 87 إلى 93]

رجائى او اعلم من الله بنوع من الإلهام ما لا تعلمون من حياة يوسف- وروى- انه رأى ملك الموت فى منامه فسأله عنه فقال هو حى وقيل علم من رؤيا يوسف انه لا يموت حتى يخروا له سجدا- وروى- ان يوسف قال لجبريل ايها الروح الامين هل لك علم بيعقوب قال نعم وهب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فما قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلى قال فما له من الاجر قال اجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة قط وقال السدى لما أخبره ولده بسيرة الملك احست نفسه فطمع وقال لعله يوسف فقال يا بَنِيَّ اذْهَبُوا الى مصر فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ اى تعرفوا من خبرهما بحواسكم فان التحسس طلب الشيء بالحاسة قال فى تهذيب المصادر [التحسس مثل التجسس: آگاهى جستن] وفى الاحياء بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء فى المراقبة بالعين وقال فى انسان العيون ما بالحاء ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وما بالجيم ان يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى والمراد بأخيه بنيامين ولم يذكر الثالث وهو الذي قال فلن أبرح الأرض واحتبس بمصر لان غيبته اختيارية لا يعسر إزالتها قال ابن الشيخ فان قلت كيف خاطبهم بهذا اللطف وقد تولى عنهم فالجواب ان التولي التجاء الى الله والشكاية اليه والاعراض عن الشكاية الى أحد منهم ومن غيرهم لا ينافى الملاطفة والمكالمة معهم فى امر آخر انتهى قالوا له البنيامين فلا نترك الجهد فى امره واما يوسف فانه ميت وانا لا نطلب الأموات فانه أكله الذئب منذ زمان فقال لهم يعقوب وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه واليأس والقنوط انقطاع الرجاء وعن الأصمعي ان الروح ما يجد الإنسان من نسيم الهواء فيسكن اليه وتركيب الراء والواو والحاء يفيد الحركة والاهتزاز فكل ما يلتذ الإنسان ويهتز بوجوده فهو روح قال فى الكواشي أصله استراحة القلب من غمه. والمعنى لا تقنطوا من راحة تأتيكم من الله انتهى وقرئ من روح الله بالضم اى من رحمته التي يحيى بها العباد إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ لعدم علمهم بالله وصفاته فان العارف لا يقنط فى حال من الأحوال اى فى الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فصنع الله عجيب وفرج الله قريب وفى الحديث (الفاجر الراجي اقرب الى الله من العابد القانط) - وروى- ان رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى يا رب أنت تسمع مقالة الناس فى حقه فقال الله تعالى يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل بها جميع المذنبين لغفرت. الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بفعل الشيطان والقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي. والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين كان أحب الى. والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح وفى رواية وهب بن منبه قال يا رب لو عفوت عنى لفرح أنبياؤك وأولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتنى لكان الأمر بالعكس ولا ريب ان فرح الأولياء أحب إليك من فرح الأعداء فارحمنى وتجاوز عنى قال الله تعالى فرحمته فانى غفور رحيم خاصة لمن أقر بالذنب فعلى العاقل ان لا يقنط من رحمة ربه فانه تعالى

[سورة يوسف (12) : آية 88]

يكشف الشدائد فى الدنيا والآخرة- حكى- ان رجلا بقي فى جزيرة بلا زاد فقال بطريق اليأس إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب فسمع قائلا يقول عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب فلما نظر رأى سفينة فوصل بها الى اهله قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان الواجب على كل مسلم ان يطلب يوسف قلبه وبنيامين سره ولا ييأس ان يجد روح الله اى ريحه منهما بل من وجد قلبه وجد فيه ربه إذ هو سبحانه متجل لقلوب أوليائه المؤمنين وقد وعد الله بوجدانه الطالبين فقال (الا من طلبنى وجدنى) والسر فيه ان طلب الحق تعالى يكون بالقلب لا بالقالب ووجدانه ايضا يكون فى القلب كما قال موسى عليه السلام الهى اين أطلبك قال (انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى) اى من محبتى وفى قوله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ اشارة الى ان ترك طلب الله واليأس من وجدانه كفر انتهى: وفى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه جويندست يابنده بود در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست لنك ولوك وخفته شكل بى ادب ... سوى او مى غيثر واو را مى طلب كه بكفت وكه بخاموشى وكه ... بوى كردن كير هر سو بوى شه كفت آن يعقوب با أولاد خويش ... جستن يوسف كنيد از حد بيش هر خسى خود را درين جستن بجد ... هر طرف رانيد شكل مستعد كفت از روح خدا لا تيأسوا ... همچوكم كرده پسر رو سو بسو از ره حس دهان پرسان شويد ... كوش را بر چار راه او نهيد هر كجا بوى خوش آيد بو بريد ... سوى آن سر كاشناى آن سريد هر كجا لطفى ببينى از كسى ... سوى اصل لطف ره يابى عسى اين همه خوشها ز درياييست ژرف ... جزو را بگذار وبر كل دار طرف فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ- روى- ان يعقوب امر بعض أولاده فكتب بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن ابراهيم خليل الله الى عزيز مصر اما بعد فانا اهل بيت موكل بنا البلاء اما جدى ابراهيم فانه ابتلى بنار النمرود فصبر وجعلها الله عليه بردا وسلاما واما ابى إسحاق فابتلى بالذبح فصبر ففداه الله بذبح عظيم واما انا فابتلانى الله بفقد ولدي يوسف فبكيت عليه حتى ذهب بصرى ونحل جسمى وقد كنت اتسلى بهذا الغلام الذي أمسكته عندك وزعمت انه سارق وانا اهل بيت لا نسرق ولانلد سارقا فان رددته علىّ والا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام [پس نامه بفرزندان داد واندك بضاعتى از پشم وروغن وأمثال آن ترتيب نموده ايشانرا بمصر فرستاد ايشان بمصر آمده برادريرا كه آنجا بود ملاقات كردند وباتفاق روى ببارگاه يوسف نهادند پس آن هنكام در آمدند برادران

يوسف بروى] قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ اى الملك القادر الغالب مَسَّنا أصابنا وَأَهْلَنَا وهم من خلفوهم الضُّرُّ الفقر والحاجة وكثرة العيال وقلة الطعام وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ [وآورده ايم بضاعتى] مُزْجاةٍ [اندك وبى اعتبار] اى مردودة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارا لها من أزجيته إذا دفعته وطردته وكانت بضاعتهم من متاع الاعراب صوفا وسمنا وقيل هى الصنوبر والحبة الخضراء وهى الفستق او دراهم زيوف لا تؤخذ الا بنقصانها فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ فاتم لنا الكيل الذي هو حقنا قال بعضهم أعطنا بالزيوف كما تبيع بالدراهم الجياد ولا تنقصنا شيأ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا تفضل بالمسامحة وقبول المزجاة فان التصدق التفضل مطلقا واختص عرفا بما يبتغى به ثواب الله ولذا لا يقال فى العرف اللهم تصدق علىّ لانه لا يطلب الثواب من العبد بل يقال أعطني او تفضل علىّ وارحمني ثم هذا اى حمل التصدق على المساهلة فى المعاملة على قول من يرى تحريم الصدقة على جميع الأنبياء وأهليهم أجمعين واما على قول من جعله مختصا بنبينا عليه السلام فالمراد حقيقة الصدقة إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ يثيب المتفضلين احسن الجزاء والثواب قال الضحاك لم يقولوا ان الله يجزيك لانهم لم يعلموا انه مؤمن يقول الفقير دخل يوسف فى لفظ الجمع سواء شافهوه بالجزاء اولا مع ان الجزاء ليس بمقصور على الجزاء الأخروي بل قد يكون دنيويا وهو أعم فافهم ومن آثار الثواب الدنيوي ما حكى عن الشيخ ابى الربيع انه قال سمعت امرأة فى بعض القرى أكرمها الله بشاة تحلب لبنا وعسلا فجئت إليها وحلبت الشاة فوجدتها كما سمعت وسألت عن سببها قالت كانت لنا شاة نتقوّت بلبنها فنزلت علينا ضيف وقد أمرنا بإكرامه فذبحناها له لوجه الله تعالى فعوضنا الله تعالى هذه الشاة ثم قالت انها ترعى فى قلوب المريدين يعنى لما طابت قلوبنا طاب ما عندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم فالاعتقاد الصحيح والنية الخالصة وطيب الخاطر لها تأثير عظيم- حكى- ان السلطان محمود مر على ارض قوم يكثر فيها قصب السكر وكان لم يره بعد فقشر له بعض القصبات فلما مص منه السكر استحسنه والتذ منه فى الغاية فخطر بباله ان يضع فيه شيأ من الرسوم كالباج والخراج حتى يحصل له من هذا القصب فى كل سنة كذا وكذ فلما مص بعد هذه الخاطرة وجده قصبا يابسا خاليا عن السكر فسمعه من تلك القبيلة شيخ عتيق وقال قدهمّ الملك بان يفعل بدعة وظلما فى مملكته او فعلها فلذلك نفد سكر القصب فاستتاب السلطان فى نفسه ورجع عما خطر بباله فلما مصه ثانيا بعد ذلك وجده مملوأ من السكر كما كان فهذا من تأثير النية والهمة ثم ان الصدقة لا تختص بالمال بل كل معروف صدقة ومنها العدالة بين الاثنين والاعانة والكلمة الطيبة والمشي الى الصلاة واماطة الأذى عن الطريق ونحوها وكذا النوافل لا تختص عند اهل الاشارة بالصلوات بل تعم كل خير زائد وفى الحديث القدسي (لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه وبصره) فعلى العاقل الاشتغال بنوافل الخيرات من الصدقات وغيرها: قال السعدي قدس سره يكى در بيابان سكى تشنه يافت ... برون از رمق در حياتش نه يافت

[سورة يوسف (12) : آية 89]

كله دلو كرد آن بسنديده كيش ... چوحبل اندر آن بست دستار خويش به خدمت ميان بست وباز وكشاد ... سك ناتوان را دمى آب داد خبر داد پيغمبر از حال مرد ... كه داور كناهان او عفو كرد ألا كر جفا كارى انديشه كن ... وفا پيش كيرو كرم پيشه كن كسى با سكى نيكوى كم نكرد ... كجا كم شود خير با نيك مرد كرم كن چنان كت بر آيد ز دست ... جهانبان در خير بر كس نبست كرت در بيابان نباشد چهى ... چراغى إ در زيارتكهى به قنطار زر بخش كردن ز كنج ... نباشد چوقيراطى از دست رنج برد هر كسى بار در خورد زور ... كرانست پاى ملخ پيش مور ثم فى قوله وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ الآية اشارة الى ان طالب الحق ينبغى له عرض الحاجة والفقر والافتقار ورؤية تقصيره فان الفناء محبوب المحبوب وطريق حسن لنيل المطلوب ولذلك لما سمع يوسف كلامهم هذا أدركته الرحمة فرفع الحجاب وخلصهم من ألم الفرقة والاضطراب ومن هذا المقام ما قيل لابى يزيد البسطامي قدس سره خزائننا مملوءة بالأعمال فأين العجز والافتقار والتضرع والسؤال ولا يلزم من هذا ترك العمل فانه لا بد منه فى مقامه ألا ترى ان الاخوة انما قالوا ما قالوا بعد ان جاؤا ببعض الامتعة فللطالب ان يعمل قدر طاقته ولكن لا يغتر بعلمه بل يتقرب اليه بالفناء وترك الرؤية ليكون ذلك وسيلة الى المعرفة والقربة والوصلة: قال ابو بزيد البستامى قدس سره چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام - قال- لما رأى يوسف تمسكن اخوته رق لهم فلم يتمالك من ان عرفهم نفسه قال الكاشفى [آن نامه يعقوب بر كوشه تخت نهادند يوسف نامه را بخواند كريه بر وى غلبه كرد عنان تمالك از دست داده كفت اى برادران] هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ اى هل تبتم عن ذلك بعد علمكم بقبحه فهو سؤال عن الملزوم والمراد لازمه وفعلهم بأخيه بنيامين افراده عن يوسف وأذاه بانواع الأذى واذلاله حتى كان لا يقدر ان يكلمهم الا بعجز وذلة إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ [چهـ آن وقت نادان بوديد بقبح آن] فلذلك اقدمتم على ذلك او جاهلون بما يؤول اليه امر يوسف وانما كان كلامه هذا شفقة عليهم وتنصحا لهم فى الدين وتحريضا على التوبة لا معاتبة وتثريبا إيثارا لحق الله على حق نفسه- روى- انه لما قرأ الكتاب بكى وكتب اليه (بسم الله الرحمن الرحيم الى يعقوب إسرائيل الله من ملك مصر اما بعد ايها الشيخ فقد بلغني كتابك وقرأته وأحطت به علما وذكرت فيه آباءك الصالحين وذكرت انهم كانوا اصحاب البلايا فانهم ان ابتلوا وصبروا ظفروا فاصبر كما صبروا والسلام فلما قرأ يعقوب الكتاب قال والله ما هذا كتاب الملوك ولكنه كتاب الأنبياء ولعل صاحب الكتاب هو يوسف) قال الكاشفى [آنكه نقاب افكند وتاج از سر برداشت ايشانرا نظر بر ان

[سورة يوسف (12) : الآيات 90 إلى 92]

شكل وشمائل افتاد] قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ استفهام تقرير [يعنى البته تويى يوسف كه باين جمال وكمال ديكرى نتواند بود] كه دارد از همه خوبان رخى چنين كه تو دارى ... تبارك الله ازين روى نازنين كه تو دارى قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي من ابى وأمي ذكره مبالغة فى تعريف نفسه وتفخيما لشأن أخيه وادخالا له فى قوله قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا فكأنه قال هل علمتم ما فعلتم بنا من التفريق والاذلال فانا يوسف وهذا أخي قد أنعم الله علينا بالخلاص مما ابتلينا به والاجتماع بعد الفرقة والانس بعد الوحشة إِنَّهُ اى الشأن مَنَّ [هر كه] يَتَّقِ اى يفعل التقوى فى جميع أحواله أو يقي نفه عما يوجب سخط الله وعذابه وَيَصْبِرْ على المحن كمفارقة الأوطان والأهل والعشائر والسجن ونحوها او على مشقة الطاعات او عن المعاصي التي تستلذها النفس فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ اى أجرهم وانما وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على ان المحسن من جمع بين التقوى والصبر [چون برادران يوسف را بشناختند روى بتخت آورده خواستند كه در پاى وى افتند يوسف از تخت فروده آمده ايشانرا در كنار كرفت] قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا اختارك وفضلك علينا بالجمال والكمال والجاه والمال وَإِنْ اى وان شأننا وحالنا كُنَّا لَخاطِئِينَ يقال خطئ فعل الإثم عمدا واخطأ فعله غير عمد اى لمتعمدين بالذنب إذ فعلنا بك ما فعلنا ولذلك أعزك وأذلنا وفيه اشعار بالتوبة والاستغفار ولذلك قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ [هيچ سرزنش نيست بر شما امروز ومن هركز ديكر كناه شما را با روى شما نيارم] وهو تفعيل من الثرب وهو الشحم الذي يغشى الكرش ومعناه ازالة الثرب فكان التعبير والاستقصاء فى اللوم يذيب جسم الكريم وثربه لشدته عليه كما فى الكواشي وقال ابن الشيخ سمى التقريع تثريبا تشبيها له بالتثريب فى اشتمال كل منهما على معنى التمزيق فان التقريع يمزق العرض ويذهب ماء الوجه. واليوم منصوب بالتثريب اى لا تثريب عليكم اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بسائر الأيام باليوم الزمان مطلقا ثم ابتدأ فقال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم او منصوب بيغفر وذلك ان يوسف صفح عن جريمتهم يومئذ فسقط حق العبد وتابوا الى الله فلم يبق حق الله لان الله تعالى يقبل التوبة عن عباده فلذلك قال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وفى التأويلات النجمية اخبر بصنيعهم فى البداية ولكنه كان سبب رفعة منزلته ونيل مملكته فى النهاية فلذلك قال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ انتهى ومن كرم يوسف ان اخوته أرسلوا اليه انك تدعونا الى طعامك بكرة وعشيا ونحن تستحيى منك بما فرط منا فيك فقال ان اهل مصر وان ملكت فيهم كانوا ينظرون الىّ بالعين الاولى ويقولون سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ولقد شرفت بكم الآن وعظمت فى العيون حيث علم الناس انكم إخوتي وانى من حفدة ابراهيم عليه السلام- وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح فقال لقريش (ما تروننى فاعلابكم) قالوا نظن خيرا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت فقال (أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم) - وروى- ان أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس إذا أتيت الرسول فاتل عليه لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ففعل فقال عليه السلام

[سورة يوسف (12) : آية 93]

(غفر الله لك ولمن علمك) وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لان رحمة الراحمين ايضا برحمته أو لأن رحمتهم جزء من مائة جزء من رحمته تعالى والمخلوق إذا رحم فكيف الخالق بآهى بسوزد جهانى كناه ... بأشكى بشويد درون سياه بدر مانده تخت شاهى دهد ... پدر ماندكان هر چهـ خواهى دهد : قال السعدي قدس سره نه يوسف كه چندان بلا ديد وبند ... چوحكمش روان كشت وقدرش بلند كنه عفو كرد آل يعقوب را ... كه معنى بود صورت خوب را بكر دار بدشان مقيد نكرد ... بضاعات مزجات شان رد نكرد ز لطف همين چشم داريم نيز ... درين بي بضاعت ببخش اى عزيز بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عفوم مكن نا اميد قال فى بحر العلوم الذنب للمؤمن سبب للوصلة والقرب من الله فانه سبب لتوبته وإقباله على الله قال ابو سليمان الداراني ما عمل داود عليه السلام عملا انفع له من الخطيئة ما زال يهرب منها الى الله حتى اتصل وقال فى التأويلات النجمية فى قوله وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اشارة الى انه ارحم من ان يجرى على عبد من عباده المقبولين امرا يكون فيه ضرر لعبد آخر فى الحال وانفع فى المآل ثم لا يوفقه لاسترضاء الخصم ليعفو عنه ما جرى منه ويستغفر له حتى يرحمه الله وايضا انه تعالى ارحم للعبد المؤمن من والديه وجميع الرحماء انتهى- حكى- انه اعتقل لسان فتى عن الشهادة حين اشرف على الموت فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وعرض الشهادة فاضطرب ولم يعمل لسانه فقال عليه السلام (أما كان يصلى أما كان يزكى أما كان يصوم) قالوا بلى قال (فهل عق والديه) قالوا نعم قال (هاتوا بامه) فجاءت وهى عجوز عوراء فقال عليه السلام (هلا عفوت أللنار حملته تسعة أشهر أللنار ارضعته سنتين فأين رحمة الام) فعند ذلك انطلق لسانه بالكلمة والنكتة انها كانت رحيمة لا رحمانة فللقليل من رحمتها ما جوزت إحراقه بالنار فالرحمن الرحيم الذي لا يتضرر بجناية العباد كيف يستجيز إحراق المؤمنين المواظب على كلمة الشهادة سبعين سنة اذْهَبُوا لما عرفهم يوسف نفسه وعرفوه سألهم عن أبيه فقال ما فعل ابى بعدي قالوا أذهبت عيناه فاعطاهم فميصه وقال اذهبوا يا إخوتي بِقَمِيصِي هذا حال والباء للملابسة والمصاحبة ويجوز ان تكون للتعدية. فالمعنى بالفارسية [ببريد اين پيراهن مرا] وهو القميص المتوارث كما روى عن انس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اما قوله اذهبوا بقميصي هذا فان نمرود الجبار لما القى ابراهيم فى النار نزل الله جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فالبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه فكسا ابراهيم ذلك القميص إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكساه يعقوب يوسف فجعله فى قصبة من فضة وعلقها اى للحفظ من العين وغيرها وفى التبيان مخافة من اخوته عليه فالقى فى الجب والقميص فى عنقه وكان فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى او سقيم الأصح وعوفى وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان قميص يوسف القلب من ثياب الجنة وهو كسوة كساه الله تعالى

[سورة يوسف (12) : الآيات 94 إلى 100]

من أنوار جماله إذا القى على وجه يعقوب الروح الأعمى يرتد بصيرا ومن هذا السر ارباب القلوب من المشايخ يلبسون المريدين خرقتهم لتعود بركة الخرقة الى أرواح المريدين فيذهب عنهم العمى الذي حصل من حب الدنيا والتصرف فيها انتهى قال بعض الحفاظ من الكذب قول من قال ان عليا البس الخرقة الحسن البصري فان ائمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن ان يلبسه الخرقة انتهى يقول الفقير هذا من سنة المشايخ قدس الله أسرارهم فانهم لبسوا الخرقة وألبسوها تبركا وتيمنا وهم قد فعلوا ذلك بالهام من الله تعالى واشارة فليس لاحد ان يدعى انه من الزيادات والبدع القبيحة وزرت فى بلدة قونية مرقد حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره وله فى حجرة الكتب خرقة لطيفة محفوظة يقال انها من البسة الجنة وغسلت طرفا من ذيلها فى طست له يستشفى بمائه وشربت على نية زوال الأمراض الظاهرة والباطنة والحمد لله فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً يصير بصيرا كقولك جاء البناء محكما بمعنى صار ويشهد له فارتد بصيرا ويأت الىّ حال كونه بصيرا ذاهبا بياض عينه وراجعا إليها الضوء وينصره قوله وَأْتُونِي [وبياييد بمن] اى أنتم وابى ففيه تغلب المخاطبين بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ بنسائكم وذراريكم ومواليكم فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع- روى- ان يهودا حمل القميص وقال انا احزنته بحمل القميص الملطخ بالدم اليه فافرحه كما احزنته فحمله وهو حاف حاسر من مصر الى كنعان ومعه سبعة ارغفة لم يستوف أكلها حتى أتاه وكانت المسافة ثمانين فرسخا قال الكاشفى [پيراهن بوى داد واسباب راه جهت پدر ومتعلقان مهيا ساخته برادران تسليم كرد] وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ يقال فصل من البلد فصولا إذا انفصل منه وجاوز حيطانه وعمرانه قال الكاشفى [وآن وقت كه جدا شد يعنى بيرون آمد كاروان از عمارت مصر وبفضاء صحرا رسيده] قالَ أَبُوهُمْ يعقوب لمن عنده من ولد ولده وغيرهم إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أوجده الله اى جعله واجدا ريح ما عبق اى لزق ولصق من ريح يوسف من ثمانين فرسخا حين اقبل به يهودا ايها السالون قوموا واعشقوا ... تلك ريا يوسف فاستنشقوا : قال فى المثنوى بوى پيراهان يوسف را ثديد ... آنكه حافظ بود يعقوبش كشيد وهذا البيت اشارة الى حال اهل السلوك والسكر واصحاب الزهد والعشق وذلك لان الزاهد ذاهل عما عنده كالحمار الغافل عما استصحبه من الكتب فكيف يعرف ما عند غيره والعاشق يستنشق من كل مظهر ريح سر من الاسرار ويدخل فى خيشومه من روائح النفس الرحمانى ما لو عاش الزاهد الف سنة على حاله ماشم شيأ منها قال اهل المعاني ان الله أوصل اليه رائحة يوسف عند انقضاء المحنة ومجيئ وقت الروح والفرح من المكان البعيد ومنع من وصول خبره اليه مع قرب احدى البلدتين من الاخرى وذلك يدل على ان كل سهل فهو فى زمان المحنة صعب وكل صعب فهو فى زمان الإقبال سهل وذكر أن ريح الصبا استأذنت ربها فى ان تأتى

يعقوب بريح يوسف قبل ان يأتيه البشير بالقميص فأذن لها فأتته بها: قال المولى الجامى دير مى جنبد بشير اى باد بر كنعان كذر ... مژده پيراهن يوسف ببر يعقوب را ولذلك يستروح كل محزون بريح الصبا ويتنسمها المكروبون فيجدون لها روحا وهى التي تأتى من ناحية المشرق وفيها لين إذا هبت على الأبدان نعمتها ولينتها وهيجت الأسواق الى الأحباب والحنين الى الأوطان قال الشاعر أيا جبلى نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص الى نسيمها فان الصبا ريح إذا ما تنفست ... على نفس مهموم تجلت همومها : قال الحافظ با صبا همراه بفرست از رحت كلدسته ... بو كه بويى بشنويم از خاك بستان شما وفى التبيان هاجت الريح فحملت ريح القميص من مسافة ثمانين فرسخا واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة فعلم انه ليس فى الدنيا من ريح الجنة الا ما كان من ذلك القميص انتهى يقول الفقير هذا موافق لما ذكر من انه كان فى القميص ريح الجنة لا يقع على مبتلى الأصح فالخاصية فى ريح الجنة لا فى ريح يوسف كما ذهب اليه البيضاوي واما الاضافة فى قوله رِيحَ يُوسُفَ فللملابسة كما لا يخفى قال الامام الجلدكى فى كتاب الإنسان من كتاب البرهان لعمرى كلما كثفت طينة الإنسان وزادت كثافتها نقصت حواسه فى مدركاتها لحجب الكثافة الطارية على ذات الإنسان من اصل فطرته واما جوهر ذات الإنسان إذا لطف وتزايدت لطافته فان جميع حواسه تقوى ويزيد إدراكها وكثير من اشخاص النوع الإنساني يدركون بحاسة الشم الروائح العطرة من بعد المسافة على مسافة ميل او اكثر من ذلك على مسيرة أميال ولعل من تزايدت لطافته يدرك رائحة ما لا رائحة له من الروائح المعتادة كما قال الله تعالى حكاية عن يعقوب إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ وهذه الحاسة مخصوصة باهل الكشف لا بغيرهم من الناس انتهى: وفى المثنوى بود واى چشم باشد نور ساز ... شد زبويى ديده ديده يعقوب باز «1» بوى بد مرديده را تارى كند ... بوى يوسف ديده را يارى كند بوى كل ديدى كه آنجا كل نبود ... جوش مل ديدى كه آنجا مل نبود آن شنيدى داستان با يزيد ... كه زحال بو الحسن پيشين چهـ ديد «2» روزى آن سلطان تقوى ميكذشت ... با مريدان جانب صحرا ودشت بوى خوش آمد مر او را ناكهان ... از سوادرى ز سوى خارقان هم بر آنجا ناله مشتاق كرد ... بوى را از باد استنشاق كرد چون در وآثار مستى شد پديد ... يك مريد او را از ان دم بر رسيد پس بپرسيدش كه اين احوال خوش ... كه برونست از حجاب پنج وشش كاه سرخ وكاه زرد وكه سپيد ... مى شود رويت چهـ حالست ونويد مى كشى بوى وبظاهر نيست كل ... بى شك از غيبست واز كلزار كل

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير آيه ما شاء الله كان إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان مژده دادن با يزيد از زادن ابو الحسن خرقانى إلخ

[سورة يوسف (12) : الآيات 95 إلى 96]

كفت بوى بو العجب آمد بمن ... همچنانكه مصطفى را از يمن كه محمد كفت برست صبا ... از يمن مى آيدم بوى خدا از اويس واز قرن بوى عجب ... مر نبى را مست كرد و پر طرب كفت ازين سو بوى يارى مى رسد ... اندرين ده شهريارى مى رسد بعد چندين سال مى زايد شهى ... مى زند بر آسمانها خر كهى رويش از كلزار حق كلبون بود ... از من او اندر مقام افزون بود چيست نامش كفت نامش بو الحسن ... حليه اش وا كفت از كيسو ذقن قد او ورنك او وشكل او ... يك بيك وا كفت از كيسو ورو حليهاى روح او را هم نمود ... از صفات واز طريق وجا وبود لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ اى تنسبونى الى الفند وهو الخرف ونقصان العقل وفساد الرأى من هرم يقال شيخ مفند ولا يقال عجوز مفندة إذ لم تكن فى شبيبتها ذات رأى فتفند فى كبرها اى نقصان عقلها ذاتى لا حادث من عارض الهرم وجواب لولا محذوف تقديره لولا تفنيدكم لصدقتمونى واعلم ان الخرف بالفارسية [فرتوت شدن] لا يطرأ على الأنبياء والورثة لانه نوع من الجنون الذي هو من النقائص وهم مبرأون مما يشين بهم من الآفات قالُوا اى الحاضرون عنده تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [در همان حيرت قديمى در افراط محبت يوسف وبسيارى ذكر او وتوقع ملاقات او بعد از چهل سال يا هشتاد سال] وكان عندهم قدمات وفيه اشارة الى انه لا بد للعاشق من لائم يا عاذل العاشقين دع فئة ... اضلها الله كيف ترشدها مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت فَلَمَّا أَنْ ان صلة اى زائدة لتأكيد الفعلين واتصالهما حتى كأنهما وجدا فى جزء واحد من الزمان من غير وقت جاءَ الْبَشِيرُ [مژده دهنده] وهو يهودا أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ طرح البشير القميص على وجه يعقوب فَارْتَدَّ الارتداد انقلاب الشيء الى حال كان عليها وهو من الافعال الناقصة اى عاد ورجع بَصِيراً بعد ما كان قد عمى ورجعت قوته وسروره بعد الضعف والحزن داشت در بيت حزن جامى جاى ... جاءه منك بشير فنجا قال فى التأويلات النجمية فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ من حضرة يوسف القلب الى يعقوب الروح بقميص أنوار الجمال أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً يشير الى ان الروح كان بصيرا فى بدو الفطرة ثم عمى لتعلقه بالدنيا وتصرفه فيها ثم ارتد بصيرا بوارد من القلب ورد البشير بما أقر الاعينا ... وشفى النفوس فنلن غايات المنى وتقاسم الناس المسرة بينهم ... قسما فكان أجلهم حظا انا وفيه اشارة الى ان القلب فى بدو الأمر كان محتاجا الى الروح فى الاستكمال فلما كمل وصلح لقبول فيضان الحق بين الإصبعين ونال مملكة الخلافة بمصر القربة فى النهاية صار الروح

[سورة يوسف (12) : الآيات 97 إلى 98]

محتاجا إليها لاستنارته بانوار الحق وذلك لان القلب بمثابة المصباح فى قبول نار نور الالهية والروح بمثابة الزبت فيحتاج المصباح فى البداية الى الزيت فى قبول النار ولكن الزيت يحتاج الى المصباح وتركيبه فى النهاية ليقبل بواسطته النار فان الزيت بلا مصباح وآلاته ليس قابلا للنار فافهم جدا قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ اى ألم اقل لكم يا بنى حين ارسلتكم الى مصر وأمرتكم بالتجسس ونهيتكم عن اليأس من روح الله انى اعلم من الله ما لا تعلمون من حياة يوسف وإنزال الفرج- وروى- انه سأل البشير كيف يوسف فقال هو ملك مصر قال ما اصنع بالملك وعلى أي دين تركته قال على دين الإسلام قال الآن تمت النعمة قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا [آمرزش طلب براى ما از خدا عز وجل] إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ متعمدين للخطيئة والإثم مذنبين بما فعلنا بك وبيوسف وبنيامين ومن حق شفقتك علينا ان تستغفر لنا ذنوبنا فانه لولا ذلك لكنا هالكين قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ سوف وعسى ولعل فى وعد الأكابر والعظماء يدل على صدق الأمر وجده ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت وانما يعنون بذلك اظهار وقارهم وترك استعجالهم فعلى ذلك جرى وعد يعقوب كأنه قال انى استغفر لكم لا محالة وان تأخر كما فى بحر العلوم وعن شعبى قال سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال اسأل يوسف ان عفا عنكم استغفر لكم ربى فان عفو المظلوم شرط المغفرة فاخر الاستغفار الى وقت الاجتماع بيوسف فلما قدموا عليه فى مصر قام الى الصلاة فى السحر ليلة الجمعة وكانت ليلة عاشوراء فلما فرغ رفع يديه وقال اللهم اغفر جزعى على يوسف وقلة صبرى عنه واغفر لولدى ما أتوا به أخاهم وقام يوسف خلفه يؤمن وقام اخوته خلفهما اذلة خاشعين فاوحى الله اليه ان الله قد غفر لك ولهم أجمعين ثم لم يزل يدعو لهم كل ليلة جمعة فى نيف وعشرين سنة الى ان حضره الوفاة والتحقيق فى هذا المقام ما قاله حضرة شيخى وسندى قدس الله سره فى بعض تحريراته وهو انه تعالى قال فى حكاية قول يوسف عليه السلام يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وقال فى حكاية قول يعقوب عليه السلام سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وذلك لانه انبعث من غيب قلب يوسف النظر الى ما نال اليه بسبب اخوته من النعماء والآلاء وانبعث ايضا من غيب قلبه النية والارادة للاستغفار لهم فقال بلا توقف ولا تأخر يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اى وهو ارحم بكم منى ومن ابى ومنكم ومن سائر الراحمين وهو يرحمكم ويغفر لكم بسبب استغفاري لكم قدر مانلت اليه بسبب ابتلائى بكم بل فوقه إذ لولا رحمته ومغفرته لكم لما ابتلاني بكم ولما انالنى الى ما رأيتم من السلطنة الظاهرة والباطنة والنعمة التامة الكاملة ولم ينبعث من غيب قلب يعقوب عليه السلام ذلك بل انبعث النظر الى ما وصل اليه بسببهم من العناء والمحن ولم ينبعث النية للاستغفار لهم بل توقف وتأخر الى انبعاث النية من جانب الغيب حتى يستغفر لهم بالنية الصادقة المأذونة من قبل الحق تعالى فقال اشارة الى هذا وتنبيها لهم عليه سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربى حين تنبعث نية الاستغفار الى قلبى من قبل العزيز الغفار ولا تستعجلوا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لانه كما انزل علىّ هذه المنح فى صورة المحن من قبلكم

[سورة يوسف (12) : آية 99]

يرحمكم ويغفر لكم ولولا إرادته الرحمة والمغفرة لكم لما ابتلاكم بهذا البلاء ولكن هذه الوقعة نعمة فى صورة النقمة ورحمة فى صورة الغضب الحمد لله على ما أنعم وهو الأكرم والأرحم واصل ذلك ارادة الحق سبحانه ان يتجلى لهم بالقبض والجلال من جانب أبيهم وبالبسط والجمال من جانب أخيهم حتى ينالوا الى مرتبة الصبر بالتجلى الاول ويصلوا الى مرتبة الشكر التجلي الثاني وتكون تربيتهم بالقبضتين واليدين ومرتبتهم جامعة بين المرتبتين فلو كان التجلي من كلا الجانبين بالقبضة واليد الواحدة لكان مخالفا لسنته القديمة فانه لا يتجلى لاحد من مجليين الا بصورتين مختلفتين وكذا لا يتجلى لشخصين من مجليين الا بصورتين ألا ترى انه لا يوجد شخصان فى صورة واحدة وان كانا من اب واحد لان فى اتحاد التجلي فيهما تحصيل حاصل وهو نوع عبث تعالى شأنه عن العبث علوا كبيرا فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ- روى- ان يوسف وجه الى أبيه جهازا كثيرا ومائتى راحلة وسأله ان يأتيه باهله أجمعين فتهيأ يعقوب للخروج الى مصر: قال الخجندي كرد شيرين دهن ما خبر يار عزيز ... كه ز مصرت دكر اينك شكرى مى آيد فتوجه مع أولاده وأهاليهم الى مصر على رواحلهم فلما قربوا من مصر اخبر بذلك يوسف صبا ز دوست پيامى بسوى ما آورد ... بهمدمان كهن دوستى بجا آورد براى چشم ضعيف رمد كرفته ما ... ز خاك مقدم محبوب توتيا آورد فاستقبله يوسف والملك الريان فى اربعة آلاف من الجند او ثلاثمائة الف فارس والعظماء واهل مصر بأجمعهم ومع كل واحد من الفرسان جنة من فضة وراية من ذهب فتزينت الصحراء بهم واصطفوا صفوفا وكان الكل غلمان يوسف ومراكبه ولما صعد يعقوب تلا ومعه أولاده وحفدته اى أولاد أولاده ونظر الى الصحراء مملوءة من الفرسان مزينة بالألوان نظر إليهم متعجبا فقال له جبريل انظر الى الهواء فان الملائكة قد حضرت سرورا بحالكم كما كانوا محزونين مدة لاجلك. يعنى [ازين لشكر وتجمل عجب ميدارى ببالا نكر جنود ملك از زمين تا فلك بتفرج آمده بشادئ تو مبتهج ومسرورند چنانچهـ درين مدت از اندوه تو محزون ورنجور بودند] ثم نظر يعقوب الى الفرسان فقال أيهم ولدي يوسف فقال جبريل هو ذاك الذي فوق رأسه ظلة فلم يتمالك ان أوقع نفسه من البعير فجعل يمشى متوكئا على يهودا راه نزديك وبماندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سير سير سر نكون خود را ز اشتر در فكند ... كفت سوزندم ز غم تا چند چند فقال جبريل يا يوسف ان أباك يعقوب قد نزل لك فانزل له فنزل من فرسه وجعل كل واحد منهما يعد والى الآخر فلما تقربا قصد يوسف ان يبدأ بالسلام فقال جبريل لا حتى يبدأ يعقوب به لانه أفضل وأحق فابتدأ به وقال السلام عليك يا مذهب الأحزان چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آيد فتعانقا وبكيا سرورا وبكت ملائكة السموات وماج الفرسان بعضهم فى بعض وصهلت الخيول وسبحت الملائكة وضرب بالطبول والبوقات فصار كأنه يوم القيامة

[سورة يوسف (12) : آية 100]

چهـ خوش حاليست روى دوست ديدن ... پس از عمرى بيك ديكر رسيدن بكام دل زمانى آرميدن ... بهم كفتن سخن وز هم شنيدن قال يوسف يا أبت بكيت علىّ حتى ذهب بصرك ألم تعلم ان القيامة تجمعنا فقال بلى ولكن خشيت ان يسلب دينك فيحال بينى وبينك نسأل الله الثبات على الايمان انه الكريم المنان عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ الجمهور على ان المراد بابويه أبوه وخالته ليا لان امه راحيل كانت قد ماتت فى ولادة بنيامين ولذلك سمى بنيامين فان يامين وجع الولادة بلسانهم كما فى تفسير ابى الليث. والرابة وهى موطوءة الأب تدعى اما لقيامها مقام الام او لان الخالة أم كما ان العم اب. والمعنى ضمهما الى نفسه فاعتنقهما وكأنه عليه السلام حين استقبلهم نزلهم فى خيمة او بيت كان له هنالك فدخلوا عليه فى ذلك البيت او الخيمة وضمهما اليه وقال الكاشفى [پس در نزديك مصر موضعى بود از ان يوسف وقصر رفيع در آنجا ساخته بودند يوسف در آنجا نزول فرمود پس آن هنكام كه در آمد بر يوسف در ان منزل آوى اليه أبويه جاى داد بسوى خود پدر وخاله خود را كه بجاى مادرش بود وديكر باره برادران را در كنار كرفت خالته را پرسش فرمود وبرادر زاد كانرا نوازش كرد] وَقالَ لهم قبل ان يدخلوا مصر ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ من الجوع والخوف وسائر المكاره قاطبة لانهم كانوا قبل ولاية يوسف يخافون ملوك مصر ولا يدخلونها الا بإجازتهم لكونهم جبابرة والمشيئة متعلقة بالدخول والامن معا كقولك للغازى ارجع سالما غانما ان شاء الله فالمشيئة متعلقة بالسلامة والغنم معا والتقدير ادخلوا مصر آمنين وذو الحال هو فاعل ادخلوا وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عند نزولهم بمصر وكانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وكانوا حين خرجوا منها مع موسى عليه السلام ستمائة الف وخمسمائة وبضعا وتسعين او سبعين رجلا سوى الذرية والهرمى وكانت الذرية الف الف ومائتى الف عَلَى الْعَرْشِ وهو السرير الرفيع الذي كان يجلس عليه يوسف وهو بالفارسية [تخت] اى أجلسهما معه على سرير الملك تكرمة لهما فوق ما فعله لاخوته واشتركوا فى دخول دار يوسف لكنهم تباينوا فى الإيواء فانفرد الأبوان بالجلوس معه على سرير الملك لبعدهما من الجفاء كذا غدا إذا وصلوا الى الغفران يشتركون فيه فى دخول الجنة ولكنهم يتباينون فى بساط القربة فيختص به اهل الصفاء دون من اتصف اليوم بالالتواء هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش وَخَرُّوا لَهُ [وبروى در افتادند پدر وخاله وبرادران مرورا] سُجَّداً حال مقدرة لان السجود بعد الخرور يكون اى حال كونهم ساجدين تحية وتكرمة له فانه كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير والرفع مؤخر عن الخرور إذ السجود له كان قبل الصعود على السرير فى أول الملاقاة لان ذلك هو وقت التحية الا انه قدم لفظا للاهتمام بتعظيمه لهما والترتيب الذكرى لا يجب كونه على وقف الترتيب الوقوعى وليصل به ذكر كونه تعبير

الرؤيا قال الكاشفى [يوسف كه آن حال مشاهده نمود اظهار مسرت وبهجت فرمود] وَقالَ يا أَبَتِ [اى پدر من] هذا [اين سجده كردن شما را] تَأْوِيلُ رُءْيايَ التي رأيتها وقصصتها عليك مِنْ قَبْلُ فى زمن الصبى يريد قوله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا صدقا فى اليقظة واقعا بعينها قال بعضهم وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة وإليها ينتهى الرؤيا يقول الفقير فيكون القول بان الاجتماع كان بعد ثمانين سنة مرجوحا واعلم ان السبب فى تأخير ظهور المنامات الجيدة وسرعة الرديئة هو آن القدرة الالهية المظهرة لهذه المنامات تعجل البشارة بالخيرات الكامنة قبل أوانها بمدة طويلة لتكون مدة السرور أطول وتؤخر الانذار بالشرور الكامنة الى زمان يقرب من حصولها ليقصر زمان الهم والحزن قال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح قوله عليه السلام (اصدق المنامات ما رؤى فى السحر) اعلم ان السحر هو زمان اواخر الليل واستقبال أول النهار والليل مظهر الغيب والظلمة والنهار هو زمان الكشف والوضوح ومنتهى سير المغيبات والمقدرات الغيبية فى العلم الإلهي ثم فى عالم المعاني والأرواح ولما كان زمان السحر هو مبدأ زمان السحر هو مبدأ زمان استقبال كمال الانكشاف والتحقق لزم ان الذي يرى إذ ذاك يكون قريب الظهور والتحقق والى ذلك أشار يوسف بقوله هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا اى ما كملت حقية الرؤيا الا بظهورها فى الحس فان فيه ظهر المقصود من تلك الصورة الممثلة وأينعت ثمراتها انتهى وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا اى أظهرها فى الحس بعد ما كانت فى صورة الخيال فقال النبي عليه السلام (الناس نيام) اى جعل النبي عليه السلام اليقظة ايضا نوعا من انواع النوم لغفلة الناس فيها عن المعاني الغيبية والحقائق الالهية كما يغفل النائم عنها فكان قول يوسف قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا بمنزلة من رأى فى نومه انه استيقظ من رؤيا رآها ثم ذكرها وعبرها ولم يعلم انه فى النوم عينه ما برح فاذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأنى استيقظت وأولتها بكذا هذا مثل ذلك كما قال فى المثنوى اين جهانرا كه بصورت قائمست ... كفت پيغمبر كه حلم نائمست او كمان برده كه اين دم خفته أم ... بى خبر زان كوست در خواب دوم فانظركم بين ادراك محمد وبين ادراك يوسف عليهما السلام فى آخر امره حين قال هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا معناه ثابتا حسا اى محسوسا وما كان الا محسوسا فان الخيال لا يعطى ابدا الا المحسوسات ليس له غير ذلك فالنبى عليه السلام جعل الصورة الحسية ايضا كالصورة الخيالية التي تجلى الحق والمعاني الغيبية فيها وجعل يوسف الصور الحسية حقا ثابتا والصور الخيالية غير ذلك فصار الحس عنده مجالى للحق والمعاني الغيبية دون الخيال فانظر ما اشرف علم ورثة سيد الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وهم اى الورثة الأولياء الكاملون المطلعون على هذه الاسرار والاشارة ان يعقوب هو الروح وزوجته النفس وأولاده أوصاف البشرية والقوى والحواس ويوسف هو القلب والقلب

بمثابة العرش وهو على الحقيقة عرش الرحمن والسجدة كانت على الحقيقة لرب العرش لا للعرش وقوله ان شاء الله لانه لا يصل الى مصر حضرة الملك العزيز أحد الا بجذبة مشيئته وقوله آمنين اى من الانقطاع عن تلك الحضرة فانها منزهة عن الاتصال والانفصال والانقطاع عنها فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الوصول الى ان تنفتح بصيرته ويتخلص من الظلمة ولا يقول اين هو كما قال فى المثنوى اين جهان پر آفتاب ونور ماه ... او بهشت سر فرو برده بچاه كه اگر حقست پس كو روشنى ... سر ز چهـ بردار وبنكر اى دنى جمله عالم شرق وغرب آن نور يافت ... تا تو در چاهى نخواهد بر تو تافت وصحبة هذا النور انما تحصل بالصبر على المعاصي والشرور وإصلاح الطبيعة والنفس بالشريعة والطريقة وحبس الوجود فى ظلمة بيت الخلوة الى اشراق نور الحقيقة ألا ترى الى قول الحافظ الشيرازي آنكه پيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت ... اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم اللهم اجعلنا من الواصلين وَقَدْ أَحْسَنَ بِي قال فى الكواشي المفعول محذوف تقديره احسن بي صنعه والمشهور استعمال الإحسان بالى وقد يستعمل بالباء ايضا كما فى قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً والمعنى بالفارسية [وبدرستى كه نيكويى كرده است بمن آفرين كار من] إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [چون بيرون آورد مرا از زندان] ولم يذكر الجب لئلا يستحيى اخوته ومن تمام الصفح والعفو ان لا يذكر ما تقدم من الذنب ولانه كان فى السجن مع الكفار وفى الجب مع جبرائيل ولانه كان فى وقت دخول الجب صغيرا ولا يجب الشكر على الصبيان ولان عهده بالسجن اقرب من الجب فلذا ذكره والوجه الاول أرجح وقد سبق مثله فى حق زليخا ايضا حيث قال ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ولم يذكر زليخا قال لقمان رضى الله عنه خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات. ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك. وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك. وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك. وإذ كراثنين. وانس اثنين. اما اللذان تذكرهما فالله والموت. واما اللذان تنساهما إحسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك وفى التأويلات أخرجني من سجن الوجود ولهذا لم يقل من الجب جب البشرية ونعمة إخراجه من سجن الوجود اكبر من نعمة إخراجه من جب البشرية وَجاءَ بِكُمْ [وآورد شما را] مِنَ الْبَدْوِ قال فى القاموس والبدو والبادية خلاف الحضر لكون الصحراء بادية على العين اى ظاهرة سميت بها وكانوا اصحاب المواشي والعمد اى الاخبية ينتقلون فى الماء والمرعى وقال الكاشفى [وآن موضعى بود از زمين فلسطين در زمين شام كه يعقوب آنجا نشستى وآن نزديك كنعان بود يوسف جهت شكر نعمت فرمود كه حق سبحانه وتعالى مرا از زندان بتخت رسانيد وشما را از باديه نزديك من آورد تا با يكديكر برنشينيم] مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي اى أفسد بيننا وحرش واغرى من نزغ الرائض الدابة إذا نخسها وحملها على

الجري والحركة ولقد بالغ فى الإحسان حيث نسب ذلك الى الشيطان يقول الفقير الأدب ان يسند الشر الى النفس والشيطان لانهما معدنه ومنشأه وان كان الكل بخلق الله تعالى إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ اى لطيف التدبير لاجله رفيق حتى يجيئ على وجه الحكمة والصواب ما من صعب الا وهو بالنسبة الى تدبيره سهل وقال فى الكواشي ذو لطف بمن يشاء واللطف الإحسان الخفي قال الامام الغزالي رحمه الله انما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها ومادق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الإدراك تم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله تعالى وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله تعالى والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير از راء وعنف ومن غير تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع والطف من الألفاظ المزينة: وفى المثنوى پند فعلى خلق را جذابتر ... كه رسد در جان هربا كوش كر إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بليغ العلم بوجوه المصالح والتدابير الْحَكِيمُ الذي يفعل كل شىء على قضية الحكمة وقد سبق فى أوائل هذه السورة سر التقدم والتأخر بين اسمى العليم والحكيم- روى- ان يوسف أخذ بيد يعقوب فطاف به فى خزائنه فادخله فى خزائن الورق والذهب وخزائن الحلي وخزائن الثياب وخزائن السلاح وغير ذلك فلما ادخله خزائن القراطيس وهو أول من عملها قال يا بنى ما اعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت الىّ على ثمانى مراحل صد بار شد از عشق توام حال دكركون ... يكبار نكفتى فلان حال تو چون شد قال أمرني جبريل قال أو ما تسأله قال أنت ابسط اليه منى فاسأله قال جبريل الله أمرني بذلك لقولك أخاف ان يأكله الذئب قال فهلا خفتنى: قال المولى الجامى زليخا چون ز يوسف كام دل يافت ... بوصل دائمش آرام دل يافت تمادى يافت ايام وصالش ... در ان دولت ز چل بگذشت سالش پياپى داد آن نخل برومند ... بر فرزند بل فرزند فرزند مرادى در جهان در دل نبودش ... كه بر خوان امل حاصل نبودش وولد ليوسف من راعيل اى زليخا افرائيم وميشا وحمة امرأة أيوب عليه السلام وولد لافراييم نون ولنون يوشع فتى موسى ولما نزل يعقوب فى قصر يوسف جاء أولاد يوسف فوقفوا بين يدى يعقوب ففرح بهم وقبلهم وحدثه يوسف بحديثه مع زليخا وما كان منه ومنها وأخبره ان هؤلاء أولاده منها فاستدعاها يعقوب فحضرت وقبلت يده وسألته زليخا ان ينزل عندها فقال لا ارضى بزينتكم هذه ولكن اصنعوا لى عريشا من البردي والقصب مثل عريشى بأرض كنعان فصنعوا له عريشا كما أراد ونزل فيه فى أتم سرور وغبطة قال السهيلي كان مساكن نبينا صلى الله عليه وسلم مبنية من جريد النخل عليه طين وبعضها من

[سورة يوسف (12) : الآيات 101 إلى 106]

حجارة مرصوصة وسقفها كلها من جريد وعن الحسن البصري كنت وانا مراهق ادخل بيوت ازواج النبي عليه السلام فى خلافة عثمان رضى الله عنه فاتناول سقفها بيدي وهدمها عمر بن عبد العزيز بعد موت أزواجه عليه السلام وأدخلها فى المسجد قال بعضهم ما رأيت باكيا اكثر من ذلك اليوم وليتها تركت ولم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء ويرضون بما رضى الله لنبيه عليه السلام ومفاتيح خزائن الأرض بيده عليه السلام اى فان ذلك مما يزهد الناس فى التكاثر والتفاخر فى البنيان وفى الحديث (ان شر ما ذهب فيه مال المرء المسلم البنيان) وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان الله لا يحب الظالمين رَبِّ- روى- ان يعقوب اقام مع يوسف أربعا وعشرين سنة واوصى ان يدفنه بالشام الى جنب أبيه إسحاق فنقله يوسف بنفسه فى تابوت من ساج فوافق يوم وفاة عيص فدفنا فى قبر واحد وكانا فى بطن واحد وكان عمرهما مائة وسبعا وأربعين سنة كما فى تفسير ابى الليث ثم عاد الى مصر وعاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة وكان عمره مائة وعشرين سنة فلما جمع الله شمله وانتظمت أسبابه واطردت أحواله ورأى امره على الكمال علم انه اشرف على الزوال وان نعيم الدنيا لا يدوم على كل حال قال قائلهم إذا تم امردنا نقصه ... توقع زوالا إذا قيل تم فسأل الله الموت بحسن العاقبة قال الكاشفى [يوسف پدر را بخواب ديد كه ميكويد اى يوسف بغايت مشاق لقاى توام بشتاب تا سه روز ديكر نزد من آيى يوسف از خواب در آمد وبرادرانرا طلبيد ووصيتها كرد ويهودا ولى عهد ساخته فرزندانرا برو سپرد وبطريق مناجات كفت اى پروردگار من] قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ اى أعطيتني بعضا منه عظيما وهو ملك مصر إذ لم يكن له ملك كل الدنيا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره كان فى وجود يوسف عليه السلام قابلية السلطنة واما سلطان الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقد أفنى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شىء فظهر مكانه شىء لا يوصف بحيث وقع تجلى الذات فملكه وسلطانه لا يدانيه شىء ولذا لو قال أحد على وجه التحقير انه كان فقيرا يكفر شمع سراچهـ أبيت اختر برج لو دنوت ... تارك دينئ دنى مالك ملكت دنا وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ [وبياموختى مرا از تعبير خوابها] ومن للتبعيض ايضا لانه لم يؤت علم كل التأويل على التفصيل وان جاز ان يؤتى ملكته ويقال من هنا لابانة الجنس لا للتبعيض قال ابن الكمال الأحاديث مبنى على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على أحاديث كقطيع واقعة وأقاطيع والمراد بالأحاديث الرؤى جمع الرؤيا وتأويلها بيان ما تؤول هى اليه فى الخارج وعلم التعبير من العلوم الجليلة لكنه ليس من لوازم النبوة والولاية فقد يعطيه الله بعض خواصه على التفصيل وبعضهم على

الإجمال فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى خالقهما وموجدهما من العدم الى الوجود قال ابن عباس رضى الله عنهما كان معنى الفاطر غير ظاهر لى الى ان تقدم رجلان من العرب يدعى كل منهما الملكية فى بئر فقال أحدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها فعرفت ذلك أَنْتَ وَلِيِّي سيدى وانا عبدك وقال الكاشفى [تويى يار من ومتولئ كار من] اى القائم بامرى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [درين سراى ودران سراى] واعلم ان من عرض له حاجة فاراد ان يدعو فعليه ان يقدم الثناء على الله تعالى ولذا قدم يوسف عليه السلام الثناء ثم قال داعيا تَوَفَّنِي مُسْلِماً وهو طلب للوفاة على حال الإسلام لانها تمام النعمة ونحوه وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ويجوز ان يكون تمنيا للموت اى اقبضنى إليك مخلصا بتوحيدك قيل ما تمنى الموت نبى قبله ولا بعده الا هو: وفى المثنوى پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقااش شادمان اين كودكان «1» همچنين باد أجل بر عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان «2» آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد وفى الحديث (الموت تحفة المؤمن) لان الدنيا سجنه لا يزال منها فى عناء بمقاساة نفسه ورياضتها فى شهواتها ومدافعة شيطانه فالموت إطلاقه واستراحته كما قيل موت الأمراء فتنة وموت العلماء مصيبة وموت الأغنياء محنة وموت الفقراء راحة وفى الحديث (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) وقالوا يا رسول الله كلنا نكره الموت قال (ليس ذلك بكراهة للموت ولكن المؤمن إذا احتضر جاء البشير من الله بما يرجع اليه فليس شىء أحب اليه من لقاء الله فاحب الله لقاءه وان الفاجر او الكافر إذا احتضر جاءه النذير بما هو صائر اليه من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه) ومعنى محبة الله افاضة فضله على المؤمن وإكثار العطايا له ومعنى كراهته تبعيد الكافر عن رحمته وارادة نقمته وانما دعا يوسف بهذا الدعاء وهو التوفى مسلما ليقتدى به قومه ومن بعده ممن ليس بآمن على ختمه فلا يترك الدعاء امتثالا له لان ظواهر الأنبياء عليهم السلام كانت لنظر الأمم إليهم ليعلموا موضع الشكر من موضع الاستغفار وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ اى بآبائى المرسلين فى الجنه او بعامة الصالحين فى النعمة والكرامة وهو اسم للانبياء لكمال حالهم واستجماع خصال الخير فيهم قال تعالى وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ قال سعدى المفتى فيه بحث فان يوسف من أكابر الأنبياء والصلاح أول درجات المؤمنين فكيف يليق به ان يطلب اللحاق بمن هو فى البداية ثم قال ويمكن ان يقال سبيله سبيل الاستغفار عن نبينا عليه السلام فان أمثاله تصدر عن الأنبياء هضما للنفس انتهى يقول الفقير هذا معنى ساقط ذهول عن حقيقة الحال وكأنه ذهب بوهمه الى ترتيب قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ولم يعرف ان مرتبة الصلاح مرتبة عظيمة جامعة لجميع المراتب ان الصالح إذا ترقى من مقامه يسمى شهيدا ثم صديقا ثم نبيا ويلزم منه ان لا يتصف الشهيد مثلا بالصلاح فان تسميته شهيدا انما هى باعتبار صفة غالبة كتسمية الإنسان أميرا ثم وزيرا باعتبار تفاوت درجات

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان معنى حديث من بشرنى بخروج الصفر بشرته بالجنة (2) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كردن باد قوم هود عليه السلام را

ولايته مع كونه إنسانا فى نفسه فكما ان ارباب البداية يسمون صلحاء كذلك اصحاب النهاية بشهادة الله تعالى كما قال إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ وقال وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ووجهه ان النهاية هى الرجوع الى البداية فالتوفى مسلما اشارة الى مرتبة الفناء فى الله والإلحاق بالصالحين اشارة الى مرتبة البقاء بالله فان المعنى عند اهل الاشارة توفنى مسلما اى أفنني عنى بك مستسلما والحقنى بالصالحين للبقاء بك بان تغنينى عنى وتبقيني ببقائك الأزلي الابدى فافهم وفقك الله- روى- ان يوسف عليه السلام قص رؤياه المذكورة كما نقل عن الكاشفى على زليخا ودعا بهذا الدعاء فعلمت ان الله يقبل دعاءه وان الأمر يصير الى الفرقة بعد الوصلة فبكت وقالت الهى ندارم طاقت هجران يوسف ... ز تن كش جان من با جان يوسف بقانون وفا نيكو نباشد ... كه من باشم بدنيا او نباشد وكر با من نسازى همره او را ... مرا بيرون بر أول آنكه او را بديگر او ز يوسف بامدادان ... كه شد دلها ز فيض صبح شادان ببر كرده لباس شهريارى ... برون آمد بآهنگ سوارى چو پادر يك ركاب آورد جبريل ... بدو كفتا مكن زين بيش تعجيل أمان نبود ز چرخ عمر فرساى ... كه سايد در ركاب ديكرت پاى عنان بگسل ز آمال أماني ... بكش پااز ركاب زندكانى چويوسف اين بشارت كرد ازو كوش ... ز شادى شد برو هستى فراموش ز شاهى دامن همت برافشاند ... يكى از وارثان ملك بر خواند بجاى خود شه آن مر ز كردش ... بخصلتهاى نيك اندرز كردش دكر كفتار زليخا را بخوانيد ... بميعاد وداع من رسانيد بگفتند او ز دست غم زبونست ... فتاده در ميان خاك وخونست ندارد طاقت اين باد جانش ... بحال خويش بگذار آنچنانش بكف جبريل حاضر داشت سيبى ... كه باغ خلد از آن ميداشت زيبى چويوسف را بدست آن سيب بنهاد ... روان آن سيب را بوييد وجان داد چويوسف را از ان بو جان بر آمد ... ز جان حاضران افغان بر آمد زليخا كفت اين سوز وفغان چيست ... پر از غوغا زمين وآسمان چيست بدو كفتند كان شاه جوان بخت ... بسوى تخته رو كرد از سر تخت وداع كلبه تنك جهان كرد ... وطن بر اوج كاخ لا مكان كرد ز هول اين سخن آن سرو چالاك ... سه روز افتاد همچون سايه بر خاك چو چارم روز شد زان خواب بيدار ... سماع آن ز خود بردش دكر بار سه بار اينسان سه روز از خود همى رفت ... بداغ سينه سوز خود همى رفت چهارم بار چون آمد بخود باز ... ز يوسف كرد أول پرسش آغاز جز اين از وى خبر بازش ندادند ... كه همچون كنج در خاكش نهادند

بيك جنبش ازين اندوه خانه ... برحلت گاه يوسف شد روانه كهى فرقش همى بوسيد وكه پاى ... فغان ميزد ز دل كاى واى من واى فرو رفته تو همچون آب در خاك ... به بيرون مانده من چون خار وخاشاك چودرد وحسرتش از حد برون شد ... برسم خاك بوسى سر نكون شد بچشمان خود انكشتان در آورد ... دو نركس را ز نركسدان بر آورد بخاك وى فكند از كاسه سر ... كه نركس كاشتن در خاك بهتر بخاكش روى خون آلوده بنهاد ... بمسكينى زمين بوسيد وجان داد خوش آن عاشق كه در هجران چنان مرد ... بخلوتگاه جانان جان چنان برد نخست از غير جانان ديده بركند ... وزان پس نقد جان بر خاكش افكند هزاران فيض بر جان وتنش باد ... بجانان ديده جان روشنش باد حريفان حال او را چون بديدند ... فغان وناله بر كردون كشيدند ز كرد فرقتش رخ پاك كردند ... بجنب يوسفش در خاك كردند وقال فى القصص ماتت زليخا قبله فحزن عليها ولم يتزوج بعدها ولما دنت وفاة يوسف وصى الى ولده افرائيم ان يسوس الناس وقال ان يوسف خرج باهله وأولاده واخوته ومن آمن معه من مصر ونزل عليه جبريل فخرق له من النيل خليجا الى الفيوم ولحق به كثير من الناس وبنوا هناك مدينتين وسموهما الحرمين فكان يوسف هناك سنين الى ان مات فتخاصم المصريون فى مدفنه من جانبى النيل كل طائفة أرادت ان يدفن يوسف فى جانبه وسمته تبركا بقبره الشريف وجلبا للخصب حتى هموا بالقتال ثم تصالحوا على ان يدفن سنة فى جانب مصر وسنة فى جانب آخر من البدو فدفن فى الجانب المصري فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر من البدو ثم نقل الى الجانب البدوي فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر المصري ثم اتفقوا على دفنه فى وسط النيل وقدروا ذلك بسلسلة وعملوا له صندوقا من مرمر شكاف سنك قيرانداى كردند ... ميان قعر نيلش جاى كردند يكى شد غرق بحر آشنايى ... يكى لب تشنه در بر جدايى به بين حيله كه چرخ بى وفا كرد ... كه بعد مركش از يوسف جدا كرد نمى دانم كه با ايشان چهـ كين داشت ... كه زير خاكشان آسوده نكذاشت وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما قال ان الله تعالى حين امر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل امره ان يحمل معه عظام يوسف وان لا يخلفها بأرض مصر وان يسير بها حتى يضعها فى الأرض المقدسة اى وفاء بما اوصى به يوسف فقد ذكر انه لما أدركته الوفاة اوصى ان يحمل الى مقابر آبائه فمنع اهل مصر أولياءه من ذلك فسأل موسى عمن يعرف موضع قبر يوسف فما وجد أحدا يعرفه الا عجوزا فى بنى إسرائيل فقالت له يا نبى الله انا اعرف مكانه وادلك عليه ان أنت أخرجتني معك ولم تخلفنى بأرض مصر قال افعل. وفى لفظ انها قالت أكون معك فى الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له أعطها طلبتها فاعطاها وقد كان موسى وعد بنى إسرائيل

[سورة يوسف (12) : الآيات 102 إلى 103]

ان يسير بهم إذا طلع القمر فدعا ربه ان يؤخر طلوع القمر حتى يفرغ من امر يوسف ففعل فخرجت به العجوز حتى ارته إياه فى ناحية من النيل. وفى لفظ فى مستنقعة ماء اى وتلك المستنقعة فى ناحية من النيل فقالت لهم انضبوا عنها الماء اى ارفعوه عنها ففعلوا فقالت احفروا فحفروا وأخرجوه. وفى لفظ انها انتهت به الى عمود على شاطئ النيل اى فى ناحية منه فلا يخالفه ما سبق فى أصله سكة من حديد فيها سلسلة. ويجوز ان يكون حفرهم الواقع فى تلك الرواية كان على اظهار تلك السلسلة فلا مخالفة ووجده فى صندوق من حديد فى وسط النيل فى الماء استخرجه موسى وهو فى صندوق من مرمر اى داخل ذلك الصندوق الذي من الحديد فاحتمله وفى أنيس الجليس ان موسى جاءه شيخ له ثلاثمائة سنة فقال له يا نبى الله ما يعرف قبر يوسف الا والدتي فقال له موسى قم معى الى والدتك فقام الرجل ودخل منزله واتى بقفة فيها والدته فقال لها ألك علم بقبر يوسف قالت نعم ولا ادلك على قبره الا ان دعوت الله ان يرد علىّ شبابى الى سبع عشرة سنة ويزيد فى عمرى مثل ما مضى فدعا موسى لها وقال لهاكم عمرك قالت تسعمائة سنة فعاشت الفا وثمانمائة سنة فارته قبر يوسف وكان فى وسط نيل مصر ليمر النيل عليه فيصل الى جميع مصر فيكونوا شركاء فى بركته فاخصب الجانبان وكان بين دخول يوسف مصر الى يوم خروج موسى اربعمائة سنة وهو اى يوسف أول نبىّ من بنى إسرائيل قال فى بحر العلوم ولقد توارثت الفراعنة من العمالقة بعده مصر ولم تزل بنوا إسرائيل تحت أيديهم على بقايا دين يوسف وآبائه الى ان بعث الله موسى فنجاهم من الفراعنة بعونه وتيسيره وعن عمر بن عبد العزيز ان ميمون بن مهران بات عنده فرآه كثير البكاء والمسألة للموت فقال صنع الله على يديك خيرا كثيرا أحييت سننا وامت بدعا وفى حياتك خير وراحة للمسلمين فقال أفلا أكون كالعبد الصالح لما أقر الله عينه وجمع له امره قال توفنى مسلما والحقنى بالصالحين كرت ملك جهان زير نكين است ... بآخر جاى تو زير زمين است ذلِكَ المذكور من نبأ يوسف يا محمد مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ من الاخبار التي غاب عنك علمها نُوحِيهِ إِلَيْكَ على لسان جبريل وهو خبر ثان لقوله ذلك وَما كُنْتَ حاضرا لَدَيْهِمْ اى عند اخوة يوسف إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ حين عزموا على القائه فى غيابة الجب فان الإجماع العزم على الأمر يقال أجمعت الأمر وعليه وَهُمْ يَمْكُرُونَ به وبابيه ليرسله معهم وانما نفى الحضور وانتفاؤه معلوم بغير شبهة تهكما بالمنكرين للوحى من قريش وغيرهم لانه كان معلوما عند المكذبين علما يقينا انه عليه السلام ليس من جملة هذا الحديث وأشباهه ولا قرأ على أحد ولا سمع منه وليس من علم قومه فاذا اخبر به لم يبق شبهة فى انه من جهة الوحى لا من عنده فاذا أنكروه تهكم بهم وقيل لهم قد علمتم يا مكابرين انه لا سماع له من أحد ولا قراءة ولا حضور ولا مشاهدة لمن مضى من القرون الخالية- روى- ان كفار قريش وجماعة من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف على سبيل التعنت فلما أخبرهم على موافقة التوراة لم يسلموا فحزن النبي عليه السلام فعزاه الله بقوله وَما أَكْثَرُ النَّاسِ عام لاهل مكة وغيرهم وَلَوْ حَرَصْتَ على ايمانهم وبالغت فى اظهار الآيات لهم

[سورة يوسف (12) : الآيات 104 إلى 106]

والحرص طلب شىء باجتهاد فى أصابته بِمُؤْمِنِينَ لعنادهم وتصميمهم على الكفر وهذا فى الحقيقة من اسرار القدر لان عدم ايمانهم من مقتضيات استعداداتهم الازلية الغير المجعولة واحوال أعيانهم الثابتة فان قلت فما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما فان قلت لم كان الكفرة اكثر مع ان الله تعالى خلق الخلق للعبادة قلت المقصود ظهور الإنسان الكامل وهو واحد كالف وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ اى على الانباء او الإرشاد بالقرآن مِنْ أَجْرٍ مال يعطونك كما يفعله حملة الاخبار والمراد انا ارخينا العلة فى التكذيب حيث بعثناك مبلغا بلا اجر إِنْ هُوَ اى ما القرآن إِلَّا ذِكْرٌ عظة من الله وإنذار لِلْعالَمِينَ عامة بعثالهم على طلب النجاة وفيه اشارة الى ان الدعوة والإرشاد وسائر افعال الخير لا يطلب فيها المنفعة من الناس فانها لله تعالى وما كان لله لا يجوز ان يشوبه شىء من اعراض الدنيا والآخرة: وفى المثنوى عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اللاهوتية غير محتاجة الى الناسوتية وان دعتها الى الاستكمال لانها كاملة فى ذاتها مكملة لغيرها وَكَأَيِّنْ قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كأين وانما نبى لان كاف التشبيه دخلت على أي وأي كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان نون التنوين لا صورة لها فى الخط اه مِنْ آيَةٍ اى كثير من الآيات الدالة على وجود الصانع وتوحيده وصفاته من العلم والقدرة وغير ذلك فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صفة آية كالشمس والقمر والنجوم والمطر والشجر والدواب والبحار والأنهار يَمُرُّونَ عَلَيْها خبر كأين اى يمرون على الآيات ويشاهدونها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها والقرآن هو المبين لتلك الآيات فمن لم يكن متصفا بأخلاقه إذا قرأ القرآن ناداه الله مالك ولكلامى وأنت معرض عنى دع عنك كلامى ان لم تتب الىّ ولما سمع المشركون قوله وكأين من آية الآية قالوا انا نؤمن من بالله الذي خلق هذه الأشياء فانزل الله وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ حيث يثبت له شريكا فى المعبودية تقول العرب فى تلبيتهم لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك تملكه وما ملك ويقول اهل مكة الله ربنا وحده لا شريك له والملائكة بناته فلم يوحدوه بل أشركوا ويقول عبدة الأصنام الله ربنا وحده والأصنام شركاؤه فى استحقاق العبادة وقالت اليهود ربنا الله وحده وعزيز ابن الله وقالت النصارى ربنا الله وحده والمسيح ابنه وفى التأويلات وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ اكثر الخلق بِاللَّهِ وطلبه إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ برؤية الايمان والطلب انهما منهم لا من الله فان من يرى السبب فهو مشرك ومن يرى المسبب فهو موحد وان كل شىء هالك فى نظر الموحد إلا وجهه انتهى ولما دخل الواسطي نيسابور سأل اصحاب الشيخ ابى عثمان المغربي بم يأمركم شيخكم قالوا يأمرنا بالتزام الطاعة ورؤية التقصير عنها فقال أمركم

[سورة يوسف (12) : الآيات 107 إلى 111]

بالمجوسية المحضة هلا أمركم بالغيبة عنها بشهود منشأها ومجراها أَفَأَمِنُوا يعنى المشركون أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ عقوبة تغشاهم وتشملهم أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً مصدر فى موضع الحال بالفارسية [ناكاه] اى فجأة من غير سابقة علامة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها غير مستعدين لها فان قيل اما يؤدّى قوله بغتة مؤدّى قوله وهم لا يشعرون فيستغنى عنه قيل لا فان معنى قوله وهم لا يشعرون وهم غافلون لاشتغالهم بامور دنياهم كقوله تأخذهم وهم يخصمون وفى الحديث (موت الفجأ اخذة أسيف) بكسر السين اى غضبان يعنى موت الفجأة اثر غضب الله على العبد والفجاءة بالمد مع الضم وبالقصر مع فتح الفاء هى البغتة دون تقدم مرض ولا سبب وفى الحديث (اكره موتا كموت الحمار) قيل وما موت الحمار قال (موت الفجأة) وانما كره لئلا يلقى المؤمن ربه على غفلة من غير ان يقدم لنفسه عذرا ويجدد توبة ويرد مظالمه- وروى- ان ابراهيم وداود وسليمان عليهم السلام ماتوا فجأة ويقال انه موت الصالحين وحمل الجمهور الاول على من له تعلقات يحتاج الى الإيصاء اما المنقطعون المستعدون فانه تخفيف ورفق بهم كذا فى شرح الترغيب المسمى بالفتح القريب ذكر بعض السلف ان الخضر عليه السلام هو الذي يقتل الذين يموتون فجأة كما فى انسان العيون قال فى التأويلات النجمية وفى الحقيقة يشير بالساعة الى عشق ومحبة من الله بلا سبب من الأسباب وقيل العشق عذاب الله والعشق أخص من المحبة لانه محبة مفرطة والعشق عبارة عن هيجان القلب عند ذكر المحبوب والشوق عبارة عن انزعاج القلب الى لقاء المحبوب وقال حكيم الشوق نور شجرة المحبة والعشق ثمرتها وقال بعض اهل الرياضة الشوق فى قلب المحب كالفتيل فى المصباح والعشق كالدهن: قال المولى الجامى أسير عشق شو كآزاد باشى ... غمش بر سينه نه تا شاد باشى نى عشقت دهد گرمى وهستى ... دگر افسردگى وخود پرستى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي اى هذه السبيل التي هى الدعوة الى الايمان والتوحيد سبيلى اى طريقى وهما يذكران ويؤنثان ثم فسرها بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ الى دينه وطاعته وثوابه الموعود يوم البعث عَلى بَصِيرَةٍ بيان وحجة بصيرة اى واضحة مرشدة الى المطلوب فان الدليل إذا كان بصيرا يتمكن من الإرشاد والهداية بخلاف ما إذا كان أعمى أَنَا تأكيد للمستتر فى ادعو وَمَنِ اتَّبَعَنِي عطف عليه اى ادعو اليه انا ويدعو اليه من اتبعنى وَسُبْحانَ اللَّهِ اسم من التسبيح منصوب بفعل مضمر وهو اسبح اى اسبح الله تسبيحا اى انزهه تنزيها من الشركاء وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عطف على وسبحان الله عطف الجملة على الجملة وفى نفائس المجالس قل هذه سبيلى اى الدعوة الى التوحيد الذاتي طريقى المخصوصة بي ثم فسر السبيل بقوله ادعو الى الله الى الذات الاحدية الموصوفة بجميع الصفات على بصيرة انا ومن اتبعنى فكل من يدعو الى ذلك السبيل فهو من اتباعى: قال فى المثنوى اين چنين فرمود آن شاه رسل ... كه منم كشتى درين درياى كل با كسى كو در بصيرتهاى من ... شد خليفه راستى بر جاى من

[سورة يوسف (12) : آية 109]

كشتى نوحيم در دريا كه نا ... رو نكردانى ز كشتى اى فتا وكان الأنبياء قبله عليه السلام يدعون الى المبدأ والمعاد والى الذات الواحدية الموصوفة ببعض الصفات الالهية الا ابراهيم عليه السلام فانه قطب التوحيد ولذا امر الله نبينا عليه السلام باتباعه بقوله ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً فهو من اتباع ابراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذا لم يكن غيره خاتما وَسُبْحانَ اللَّهِ انزهه عن اشتراك الغير بل هو الداعي الى ذاته وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ المثبتين للغير فى مقام التوحيد قال بعضهم الداعي الى الله يدعو الخلق به والداعي الى سبيله يدعوهم بنفسه ولذلك كثرت الاجابة الى الثاني لمشاركته الطبع ثم الاتباع شامل للاتباع على الظاهر كما هو حال العامة وللاتباع على الحقيقة كما هو حال الخاصة ولا سبيل الى الدعوة على بصيرة الا بعد الاتباع قولا وفعلا وحالا وهو النتيجة من الاتباع على الظاهر- حكى- ان فقيها قصد الى زيارة ابى مسلم المغربي فسمعه يلحن فى القرآن فقال فى نفسه قد ضاع سعيى ثم سلط أسدين على الفقيه حين خرج للوضوء وقت التهجد فهرب وصاح ودفعهما ابو مسلم ثم قال للفقيه ان كنت لحنت فى القرآن فقد لحنت فى الايمان فنحن نسعى فى تصحيح الباطن فيخاف منا المخلوق وأنتم تسعون فى الظاهر فتخافون الخلق- وحكى- ان ابن الرشيد اختار البقاء على الفناء فعيره أبوه يوما وقال لحقنى العار منك بين الملوك فدعا طيرا فاجابه ثم قال لابيه ادع أنت فدعاه فلم يجب فقال لحقنى العار بين اولياء الله لانك كنت أسير الدنيا والبصيرة قوة للقلب المنور بنور القدس يرى بها حقائق الأشياء وبواطنها بمثابة البصر للنفس يرى به صور الأشياء وظواهرها وهى التي يسميها الحكماء العاقلة النظرية والقوة القدسية وجميع قلوب بنى آدم فى الأصل مائلة للبصيرة بحسب الفطرة لكنها لاشتغالها بالذات والشهوات والاعراض عن الطاعات والعبادات اظلمت وبنور البصيرة والتوفيق آمنت بلقيس وسحرة فرعون ونحوهم واعلم ان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم باب النجاة وطريق السعادة العظمى قال سهل محب الله على الحقيقة يكون اقتداؤه فى أحواله وأقواله وأفعاله بالنبي عليه السلام قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره سأل امام ابراهيم پاشا منى يوما عن تأويلات السلمى لاجل الاذية فقلت له نخلى ذلك فاننا لسنا من اهله ولكن نفتح المثنوى بنيتك ففتحت فجاء رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود فتعجب المرحوم وترك الإنكار بعد ذلك على اولياء الله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا لا ملائكة فهو رد لقولهم لو شاء ربنا لا نزل ملائكة قالوا ذلك تعجبا وإنكارا لنبوته فقال تعالى كيف يتعجبون من أرسلناك إياك والحال ان من قبلك من الرسل كانوا على مثل حالك لان الاستفاضة منوطة بالجنسية وبين البشر والملك مباينة من جهة اللطافة والكثافة ولو أرسل ملك لكان فى صورة البشر كما قال تعالى وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وقس عليه الجن فلا يكون من الجن رسول الى البشر وفى عبارة الرجال دلالة على ان الله تعالى ما بعث رسولا الى الخلق من النسوان لان مبنى حالهن على التستر ومنتهى كما لهن هى الصديقية لا النبوة فمنها آسية

ومريم وخديجة وفاطمة وعائشة رضى الله عنهن أجمعين قال الكاشفى [ودر باب سجاح كاهنه كه دعوئ نبوت مى كرده كفته اند] أصحت نبيتنا أنثى نطوف بها ... ولم تزل أنبياء الله ذكرانا نُوحِي إِلَيْهِمْ على لسان الملك كما نوحى إليك مِنْ أَهْلِ الْقُرى من اهل الأمصار دون اهل البوادي لغلبة الجهل والقسوة والجفاء عليهم. والمراد بالقرية الحضر خلاف البادية فتشمل المصر الجامع وغيره اى ما يسمى بالفارسية [ده وشهر] لكنه فرق كثير بين المصر الجامع وغيره ولذا قال عليه السلام (لا تسكنوا الكفور فان ساكنى الكفور ساكنوا القبور) والكفور القرى واحدها كفر يريديها القرى النائية البعيدة عن الأمصار ومجتمع اهل العلم لكون الجهل عليهم اغلب وهم الى التبدع اسرع: وفى المثنوى ده مرو ده مر درا أحمق كند ... عقل را بي نور وبي رونق كند «1» قول پيغمبر شنو اى مجتبى ... كور عقل آمد وطن در روستا هر كه در رستا بود روزى وشام ... تا بماهى عقل او نبود تمام تا بماهى احمقى با او بود ... از حشيش ده جز اينها چهـ درود وانكه ماهى باشد اندر روستا ... روزكارى باشدش جهل وعمى فان قيل فما تقول فى قوله تعالى وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ قلنا لم يكن يعقوب وبنوه من اهل البادية بل خرجوا إليها لمواشيهم وفى التأويلات النجمية ان الرسالة لا تستحقها الا الرجال البالغون المستعدون للوحى من اهل قرى الملكوت والأرواح لا من اهل المدائن الملك والأجساد ولذا قيل الرجال من القرى انتهى: وفى المثنوى ده چهـ باشد شيخ واصل ناشده ... دست در تقليد در حجت زده «2» پيش شهر عقل كلى اين حواس ... چون خران چشم بسته در خراس أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ آيا سير نمى كنند كافران در زمين شام ويمن وبر ديار عاد وثمود نميكذرند يعنى بايد كه بگذرند] فَيَنْظُرُوا [پس به بينند بنظر عبرت] كَيْفَ كانَ [چهـ كونه بود] عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من المشركين المكذبين الذين اهلكوا بشؤم اشراكهم وتكذيبهم فيحذروهم وينتهوا عنهم والا يحيق بهم مثل ما حاق بهم لان التماثل فى الأسباب يوجب التماثل فى المسببات وَلَدارُ الْآخِرَةِ [وهر آيينه سراى آخرت يعنى بهشت ونعمت او] وهو من اضافة الموصوف الى صفته وأصله وللدار الآخرة كما فى قوله تعالى تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ بهتر است از لذات فانيه دنيا] لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي أَفَلا تَعْقِلُونَ تستعملون عقولكم لتعرفوا انها خير چهـ نسبت چاه سفلى را بنزهتگاه روحانى ... چهـ ماند كلخن تيره بكاشنهاى سلطانى - روى- ان عيسى عليه السلام قال لاصحابه لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم قالوا ومن الموتى قال الراغبون فى الدنيا والمحبون لها وقال بعض الصحابة رضى الله عنهم لصدر التابعين انكم اكثر أعمالا واجتهادا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم قيل ولم ذاك

_ (1- 2) در أوائل دفتر سوم در بيان روان شدن خواجه بسوى ده بمهمانى

[سورة يوسف (12) : الآيات 110 إلى 111]

قال كانوا از هدمنكم فى الدنيا وارغب فى الآخرة حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ حتى غاية محذوف دل عليه الكلام اى لا يغررهم تمادى ايامهم فان من قبلهم أمهلوا حتى ايس الرسل من النصر عليهم فى الدنيا او من ايمانهم لانهماكهم فى الكفر مترفهين متمادين فيه من غير رادع وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا بتخفيف الذال وبناء الفعل للمفعول والمكذوب من كان مخاطبا بالكلام الغير المطابق للواقع حتى القى خبر كاذب. والمعنى وظنوا انهم قد كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بانهم ينصرون وعن ابن عباس رضى الله عنهما وظنوا حين ضعفوا وغلبوا انهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر وقال كانوا بشرا وتلا قوله وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ فاراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس فى القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية دون ترجح أحد الجائزين على الآخر لان ذلك غير جائز على المسلمين فما بال رسل الله الذين هم اعرف الخلق بربهم وانه متعال عن خلف الميعاد جاءَهُمْ نَصْرُنا فجأة من غير احتساب. والمعنى ان زمان الامهال قد تطاول عليهم حتى توهموا ان لا نصر لهم فى الدنيا فجاءهم نصرنا بغتة بغير سبق علامة فَنُجِّيَ بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء مَنْ نَشاءُ قائم مقام الفاعل وهم الأنبياء والمؤمنون التابعون لهم وانما لم يعينهم للدلالة على انهم الذين يستأهلون ان شأن نجاتهم لا يشاركهم فيه غيرهم وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عذابنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ إذا نزل بهم قال فى التأويلات النجمية وفى قوله تعالى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ اشارة الى ان النصر كان للرسل منجيا من الابتلاء وللامم المكذبة مهلكا بالعذاب ثم أكد هذا المعنى بقوله وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ اى المكذبين. والمعنى ويرد بأسنا عن القوم المطيعين لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ الضمير للرسل وأممهم اى اخبارهم. وقرئ بكسر القاف جمع قصة عِبْرَةٌ اسم من الاعتبار وهو الاتعاظ حقيقته تتبع الشيء بالتأمل لِأُولِي الْأَلْبابِ لذوى العقول المبرأة من شوائب الالف والركون الى الحس قال فى بحر العلوم اى عظة يتعظ بها ذووا العقول بعدهم فلا يجترئون على نحو ما اخبر هؤلاء من اسباب بأس الله والإهلاك بل يجتنبون عن مثلها لانهم ان أتوا بمثلها يترتب على فعلهم مثل ذلك الجزاء ويسعون فى اسباب النصرة والنجاة إذا سمعوا بحال الأمم الماضية وهوانهم على الله والحاصل ان فى قصص اخوة يوسف فكرة وتدبرا لاولى الألباب وذلك ان من قدر على إعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد ما كان عبدا لبعض أهلها قادر على ان يعز محمدا وينصره قال الكاشفى [سلمى از جعفر صادق نقل ميكند كه مراد از اولى الألباب ارباب اسرارست پس اعتبار ازين قصها ارباب اسرار باشد وحقائق الكلام در آيينه دل بي غل ايشان روى نمايد] ولى در يابد اسرار معانى ... كه روشن شد بنور جاودانى ما كانَ القرآن وما ذكر فيه حَدِيثاً يُفْتَرى يتقوله بشر وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى ولكن كان تصديق ما تقدمه من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء ودليل صحتها لانه معجزة وتلك ليست بمعجزات فهى مفتقرة الى شهادته على صحة ما فيها افتقار المجتمع

تفسير سورة الرعد

عليه الى شهادة الحجة وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وتبيين كل شىء من امور الدين لاستنادها كلها اليه على التفصيل او الإجمال إذ ما من امر منها الا وهو مبتنى على الكتاب والسنة او الإجماع او القياس والثلاثة الاخيرة مستندة اليه بوسط او بغير وسط وَهُدىً من الضلالة وَرَحْمَةً من العذاب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ من آمن وأيقن وانتصاب الاربعة بعد لكن للعطف على خبر كان واعلم ان القرآن جامع لجميع المراتب ففيه تفصيل ظاهر الدين وباطنه. فالاول للمؤمن بالايمان الرسمى البرهاني. والثاني للمؤمن بالايمان الحقيقي العيانى. وايضا هو هدى على العموم والخصوص ورحمة من عذاب جهنم وعذاب الفرقة والقطيعة فان من اهتدى الى أنواره واطلع على أسراره دخل جنة الذوق والحضور والشهود وأمن من بلاء البشرية والوجود ولله تعالى عباد لهم تجلى حقائق الآفاق ثم تجلى حقائق الأنفس ثم تجلى حقائق القرآن فهذه نسخ ثلاث لا بد للواصل من تلاوة آياته واصل تلك النسخ الثلاث ومبدأها نسخة حقائق الرحمن والى تلك النسخ الأربع الاشارة بالكتب الاربعة الالهية فعلى العاقل ان يتعظ بمواعظ القرآن ويهتدى الى حقائقه ويتخلق بأخلاقه ولا يقتصر على تلاوة نظمه وانشد ذو النون المصري منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها لا تهجع فهموا عن الملك العظيم كلامه ... فهما تذل له الرقاب وتخضع اللهم اجعل القرآن خلق الجنان وسائر الأركان تمت سورة يوسف فى اواسط شهر الله رجب من سنة ثلاث ومائة والف تفسير سورة الرعد وهى مدنية وقيل مكية الا قوله وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقوله وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا وآيها خمس وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم المر فى كلام الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فى قوله تعالى وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ان الشعر محل للاجمال واللغز والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلى الله عليه وسلم شيأ ولا لغزنا ولا خاطبناه بشئ ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهمه وأطال فى ذلك وهل يشكل على ذلك الحروف المقطعة فى أوائل السور ولعله رضى الله عنه لا يرى ان ذلك من المتشابه أو أن المتشابه ليس مما استأثر الله بعلمه كذا فى انسان العيون قال ابن عباس معناه انا الله اعلم وارى ما لا يعلم الخلق وما لا يرى من فوق العرش الى ما تحت الثرى فتكون الالف واللام مختصرتين من انا الله الدالين على الذات والميم والراء من اعلم وارى الدالين على الصفة وقال الكاشفى [الف آلاى اوست ولام لطف بي منتهاى او وميم ملك بي زوال وراء رأفت بر كمال] فتكون كل واحدة منها مختصرة من الكلمات الدالة على الصفات الالهية وفى التبيان الالف الله واللام جبريل والميم محمد والراء الرسل اى انا الله الذي أرسل جبريل الى محمد بالقرآن والى الرسل بغيره من الكتب الالهية والصحف الربانية وقال ابن

الشيخ الظاهر ان المر كلام مستقل والتقدير هذه السورة مسماة بالمر تِلْكَ اى آيات هذه السورة آياتُ الْكِتابِ اى القرآن وفى التأويلات النجمية ان حروف المر آيات القرآن. فبالالف يشير الى قوله اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ الآية. وباللام يشير الى قوله لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وبالميم الى قوله مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وبالراء الى قوله رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كما ان ق اشارة الى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وهو مرتبة الاحدية التي هى التعين الاول. وص اشارة الى اللَّهُ الصَّمَدُ وهو مرتبة الصمدية التي هى التعين الثاني وَالصَّافَّاتِ صَفًّا اشارة الى التعينات التابعة له وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى القرآن وهو مبتدأ خبره قوله الْحَقُّ ليس كما يقول المشركون انك تأتى به من قبل نفسك باطلا فالايمان به والعمل باحكامه واجب فمن اعتصم به وهو حبل الله ينجيه من الأسفل الذي هبط اليه بقوله اهْبِطُوا مِنْها واعلم ان المنزل من عند الله أعم من الحكم المنزل صريحا كالاحكام الثابتة بصريح نص القرآن ومن الحكم المنزل ضمنا كالتى تثبت بالسنة والإجماع والقياس فالكل حق وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بالقرآن ويجحدون بحقيته وانه حبل من الله يوصل المعتصم به اليه لافراطهم فى العناد وخروجهم عن طريق السداد وعدم تفكرهم فى معانيه واحاطتهم بما فيه وكفرهم به لا ينافى كونه حقا منزلا من عند الله تعالى فان الشمس شمس وان لم يرها الضرير والشهد شهد وان لم يجد طعمه المرور والتربية انما تفيد المستعد والقابل دون المنكر والباطل: قال المولى الجامى هيچ سودى نكند تربيت ناقابل ... كر چهـ برتر نهى از خلق جهان مقدارش سبز وخرم نشود از نم باران هركز ... خار خشكى كه نشانى بسر ديوارش ثم بين دلائل ربوبيته واحديته بقوله اللَّهُ مبتدأ خبره قوله الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ خلقها مرفوعة بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة عام لا ان تكون موضوعة فرفعها بِغَيْرِ عَمَدٍ بالفتح جمع عماد او عمود وهو بالفارسية [استون] حال من السموات اى رفعها خالية من عمد وأساطين تَرَوْنَها الضمير راجع الى عمد والجملة صفة لها اى خالية من عمد مرئية وانتفاء العمد المرئية يحتمل ان يكون لانتفاء العمد والرؤية جميعا اى لا عمد لها فلا ترى ويحتمل ان يكون لانتفاء الرؤية فقط بان يكون لها عماد غير مرئى وهو القدرة فانه تعالى يمسكها مرفوعة بقدرته فكأنها عماد لها او العدل لان بالعدل قامت السموات اى العلويات والسفليات آسمان وزمين بعدل بپاست ... شد ز شاهان بغير عدل نخاست كر نباشد ستون خيمه بجاى ... كى بود خيمه بى ستون بر پاى ويجوز ان يكون ترونها جملة مستأنفة فالضمير راجع الى السموات كأنه قيل ما الدليل على ان السموات مرفوعة بغير عمد فاجيب بانكم ترونها غير معمودة ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ثم لبيان تفاضل الخلقين وتفاوتهما فان العرش أفضل من السموات لا للتراخى فى الوقت لتقدمه عليها والاستواء فى اللغة بالفارسية [راست بيستادن] والعرش سرير الملك وهو هنا مخلوق عظيم موجود

هو أعظم المخلوقات وتحته الماء العذب كما قال تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ وهو بحر عظيم لا يعلم مقدار عظمته الا الله. والمعنى على ما فى بحر العلوم ثم اوفى على العرش يقال اوفى على الشيء إذا اشرف عليه اى اطلع عليه من فوق وفى الحديث (ان الله كبس عرصة جنة الفردوس بيده ثم بناها لبنة من ذهب مصفى ولبنة من مسك مذرى وغرس فيها من كل طيب الفاكهة وطيب الريحان وفجر فيها أنهارها ثم او فى ربنا على عرشه فنظر إليها فقال وعزتى وجلالى لا يدخلك مدمن خمر ولا مصرّ على زنى ولا ديوث ولا قتات ولا قلاع ولا جياف ولاختار) وقال البيضاوي ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بالحفظ والتدبير فالاستواء على العرش عبارة عن الاستيلاء على الملك والتصرف فيما رفعه بلا عمد يقال استوى فلان على العرش إذا ملك وان لم يقعد عليه البتة قال ابن الشيخ الظاهر ان كلمة ثم لمجرد العطف والترتيب مع قطع النظر عن معنى التراخي لان استيلاءه تعالى على التصرف فيما رفعه ليس بمتراخ عن رفعه والتحقيق ان المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون بل باعتبار امره الايجادى وتجليه الحبى الاحدى وانما كان العرش محلى هذه الاستواء لان التجليات التي هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والأمور البارزة والشئون المتحققة فى السماء والأرض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالأمر الإلهي والإيجاد الأزلي انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع أركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وحركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق فى هذه العوالم بتجليه الحبى وامره الايجادى من الأمور الاربعة التي هى من هذه التجليات الحبية والايجادية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الأكبر ولما استوى امر تمام حصول الأركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف الله التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجبات قابليات اصحاب الزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما أشير اليه بقوله تعالى يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ وقوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فى العرش كان العرش مستوى الحق بهذا الاعتبار واستواء الأمر الايجادى على العرش بمنزلة استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع وكل منهما مقلوب الآخر كذ فى الأبحاث البرقيات لحضرة شيخنا الاجل قدس الله سره وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ذللهما لما يراد منهما وهو انتفاع الخلق بهما كما قال فى بحر العلوم معينى تسخيرهما نافعتين للناس حيث يعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر وينوران لهم فى الليل والنهار ويدر آن الظلمات ويصلحان الأرض والأبدان والأشجار والنباتات كُلٌّ منهما يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى اللام بمعنى الى اى الى وقت معلوم وهو فناء الدنيا او تمام دوره وللشمس والقمر منازل كل منهما يغرب فى كل ليلة فى منزل ويطلع فى منزل حتى ينتهى الى أقصى المنازل يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يقضى ويدبر امر ملكوته من الإعطاء والمنع والاحياء والاماتة ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب ورفع قوم ووضع آخرين وغير ذلك وفى التأويلات يُدَبِّرُ الْأَمْرَ امر العالم وحده وهو يدل على ان الاستواء اى العلو على العرش بالقدرة لتدبير المكونات لا للتشبيه يُفَصِّلُ الْآياتِ يبين البراهين الدالة على التوحيد والبعث

[سورة الرعد (13) : آية 3]

وكمال القدرة والحكمة لَعَلَّكُمْ [شايد كه شما] بِلِقاءِ رَبِّكُمْ [بديدار پروردگار خود يعنى بديدن جزا كه خواهد داد در قيامت] تُوقِنُونَ [بي كمان كرديد ودانيد كه هر كه قادرست بر آفريدن اين اشيا قدرت دارد بر إعادة وأحيا] قال فى بحر العلوم لعل مستعار لمعنى الارادة لتلاحظ معناها ومعنى الترجي اى يفصل الآيات ارادة ان تتأملوا فيها وتنظروا فتستدلوا بها عليه ووحدته وقدرته وحكمته وتتيقنوا ان من قدر على خلق السموات والعرش وتسخير الشمس والقمر مع عظمها وتدبير الأمور كلها كان على خلق الإنسان مع مهانته وعلى إعادته وجزائه اقدر واعلم انه كان ما كان من إيجاد عالم الإمكان ليحصل للناس المشاهدة والاطمئنان والإيقان: قال المولى الجامى سير آب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين پيش خشك لب منشين بر سر آب ريب وعن سيدنا على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وذلك ان اهل المكاشفة وصلوا من علم اليقين الى عين اليقين الذي يحصل لاهل الحجاب يوم القيامة فلو ارتفع الغطاء وهو دار الدنيا وظهرت الآخرة ما ازدادوا يقينا بل كانوا على ما كانوا عليه فى الدنيا بخلاف اهل الحجاب فان علمهم انما يكون عين اليقين يوم القيامة ويدل عليه قوله عليه السلام (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) اى ماتوا موتا اختياريا او اضطراريا حصل لهم اليقظة فعلى العاقل تحصيل اليقين والنظر بالعبرة فى آيات رب العالمين قال الفقيه لاغنية للمؤمن عن ست خصال. أولاها علم يدله على الآخرة والثانية رفيق يعينه على طاعة الله ويمنعه عن معصية الله. والثالثة معرفة عدوه والحذر منه. والرابعة عبرة يعتبر بها فى آيات الله وفى اختلاف الليل والنهار. والخامسة انصاف الخلق لكيلا يكون له يوم القيامة خصماء. والسادسة الاستعداد للموت ولقاء الرب قبل نزوله كيلا يكون مفتضحا يوم القيامة وَهُوَ الَّذِي [اوست آن قادر مطلق كه] مَدَّ الْأَرْضَ بسطها طولا وعرضا ووسعها لتثبت عليها الاقدام ويتقلب الحيوان اى انشأها ممدودة لا انها كانت مجموعة فى مكان فبسطها وكونها بسيطة لا ينافى كريتها لان جميع الأرض جسم عظيم والكرة إذا كانت فى غاية الكبر كان كل قطعة منها يشاهد كالسطح وفى تفسير ابى الليث بسطها من تحت الكعبة على الماء وكانت تكفأ باهلها كما تكفأ السفينة باهلها فارساها بالجبال الثقال وفى بعض الآثار ان الله تعالى قبل ان يخلق السموات والأرض أرسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الريح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز منه خشفة بالخاء المعجمة وهى حجارة يبست بالأرض فى موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها والعرض فهى اصل الأرض وسرتها فى الكعبة وسط الأرض المسكونة واما وسط الأرض كلها عامرها وخرابها فهى قبة الأرض وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر ولا ينقص واصل طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرة الأرض بمكة ولما تموج الماء رمى بتلك الطينة الى محل مدفنه بالمدينة فلذلك دفن عليه السلام فيها قال بعضهم الأرض مضجعنا وكانت أمنا فيها معايشنا وفيها نقبر وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ من رسا الشيء إذا ثبت جمع راسية والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث إذ لا يقال جبل راسية. والمعنى وجعل فيها

جبالا ثابتة أوتادا للارض لئلا تضطرب فتستقر ويستقر عليها وكان اضطرابها من عظمة الله تعالى قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ابو قبيس أول جبل وضع على الأرض قال فى القاموس ابو قبيس جبل بمكة سمى برجل حداد من مذحج كمجلس لانه أول من بنى فيه وكان يسمى الامين لان الركن كان مستودعا فيه قال فى انسان العيون وكان أول جبل وضع عليها أبا قبيس وحينئذ كان ينبغى ان يسمى أبا الجبال وان يكون أفضلها مع ان أفضلها كما قال السيوطي أحد لقوله عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) وهو بضمتين جبل بالمدينة. ذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ ويقال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وليس فيها جبل إلا وله عروق من جبل قاف فاذا أراد الله تعالى ان يزلزل الأرض اوحى الى جبل قاف فيحرك ذلك العرق من الجبل فتزلزل: وفى المثنوى رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديد كه را كز زمرد بود صاف كرد عالم حلقه كشته او محيط ... ماند حيران اندر آن خلق بسيط كفت تو كوهى دكرها چيستند ... كه به پيش عظم تو باز ايستند كفت ركهاى منند آن كوهها ... مثل من نبود در حسن وبها من بهر شهرى ركى دارم نهان ... بر عروقم بسته أطراف جهان حق چوخواهد زلزله شهرى مرا ... كويد او من بر جهانم عرق را پس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر چون بگويد بس شود ساكن ركم ... ساكتم وز روى فعل اندر تكم همچومرهم ساكن وبس كار كن ... چون خرد ساكن وزوجنبان سخن نزد آنكس كه نداند عقلش اين ... زلزله هست از يخارات زمين وَأَنْهاراً جارية ضمها الى الجبال وعلق بهما فعلا واحدا من حيث ان الجبال اسباب لتولدها وذلك ان الحجر جسم صلب فاذا تصاعدت الابخرة من قعر الأرض ووصلت الى الجبل احتبست هناك فلا تزال تتزاحم وتتضاعف حتى تحصل بسبب الجبل مياه عظيمة ثم انها لكثرتها وقوتها تنقب الجبل وتخرج وتسيل على وجه الأرض وفى الملكوت ان الله يرسل على الأرض التلوج والأمطار فتشربها الأرض حتى يعدلها فى طبعها ومشربها فتصير عيونا فى عروق الأرض ثم تنشق الأرض عنها فى المكان الذي يؤمر بالانشقاق فيه فتظهر على وجه الأرض منفعة للخلائق والملك الموكل بذلك ميكائيل وأعوانه ومن الأنهار العظيمة الفرات وهو نهر الكوفة ودجلة وهو نهر بغداد وسيحان بفتح السين المهملة نهر المصيصة وسيحون وهو نهر بالهند وجيحان بفتح الجيم نهر اذنه فى بلاد الأرمن وجيحون وهو نهر بلخ والنيل وهو نهر مصر يقال ان واحدا من الملوك جمع قوما وهيأ لهم السفن ومكنهم من زاد سنة وأمرهم ان يسيروا فى النيل حتى يقفوا على آخره فخرجوا ستة أشهر ولم يصلوا الى آخره الا انهم رأوا هناك قبة فيها خلق على صورة الآدميين خضر الأبدان فاصطادوا منه ليحملوه فلم يزل يضطرب

عليهم حتى مات فعالجوه وملحوه واحتملوه ليراه الناس وفى الواقعات المحمودية ان ذا القرنين طلب رأس النيل فلم يجد- وحكى- انهم وصلوا الى جبل فكل من نظر وراءه لم يأت فربطوا فى وسط شخص حبلا فبعد ان نظر جذبوه وسألوا منه فلم ينطق حتى مات قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذي يقال له البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط بملوحته لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته ولذا يقال ان النيل نهر العسل فى الجنة ومن الأنهار نهر أرس كما قال الشاعر أرس را در بيابان جوش باشد ... بدريا چون رسد خاموش باشد وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ متعلق بقوله جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اثنين تأكيد للزوجين كما هو دأب العرب فى كلامهم اى وخلق فيها من جميع انواع الثمرات زوجين زوجين كالحلو والحامض والأسود والأبيض والأصفر والأحمر والصغير والكبير يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ اى يجعل الليل غاشيا يغشى النهار بظلمته فيذهب بنور النهار اى يجعله مستورا بالليل ويغطيه بظلمته ولم يذكر العكس اكتفاء بأحد الضدين قال البيضاوي يلبسه مكانه فيصير الجوّ مظلما بعد ما كان مضيئا يعنى ان الاغشاء إلباس الشيء الشيء ولما كان اللباس الليل النهار وتغطية النهار به غير معقول لانهما متضادان لا يجتمعان واللباس لا بد ان يجتمع مع اللابس قدر المضاف وهو مكانه ومكان النهار هو الجو وهو الذي يلبس ظلمة الليل شبه احداث الظلمة فى الجو الذي هو مكان الضوء بإلباسها إياه وتغطيته بها فاطلق عليه اسم الاغشاء والإلباس فاشتق منه لفظ يغشى فصار استعارة تبعية إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كل من الأرض والجبال والأنهار والثمار والملوين لَآياتٍ تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره اما فى الأرض فمن حيث هى ممدودة مدحوة كالبساط لما فوقها وفيها المسالك والفجاج للماشين فى مناكبها وغير ذلك مما فيها من العيون والمعادن والدواب مثلا واما الجبال فمن جهة رسوها وعلوها وصلابتها وثقلها وقد أرسيت الأرض بها كما يرسى البيت بالأوتاد واما الأنهار فحصولها فى بعض جوانب الجبال دون بعض لا بد ان يستند الى الفاعل المختار الحكيم واما الثمار فالحبة إذا وقعت فى الأرض واثرت فيها نداوة الأرض ربت وكبرت وبسبب ذلك ينشق أعلاها وأسفلها فتخرج من الشق الأعلى الشجرة الصاعدة وتخرج من الشق الأسفل العروق الغائصة فى أسفل الأرض وهذا من العجائب لان طبيعة تلك الحبة واحدة وتأثير الطبائع والافلاك والكواكب فيها واحد ثم انه خرج من أحد جانبى تلك الحبة جرم صاعد الى الهواء ومن الجانب الآخر منها جرم غائص فى الأرض ومن المحال ان يتولد من طبيعة واحدة طبيعتان متضادتان فعلمنا ان ذلك انما كان بسبب تدبير المدبر الحكيم ثم ان الشجرة النابتة من تلك الحبة بعضها يكون خشبا وبعضها يكون نورة وبعضها يكون ثمرة ثم ان تلك الثمرة ايضا يحصل فيها أجسام مختلفة الطبائع فالجوز له اربعة انواع من القشور قشره الأعلى وتحته القشرة الخشبية وتحته القشرة المحيطة باللب وتحت تلك القشرة قشرة اخرى فى غاية الرقة تمتاز عما فوقها حال كون الجوز واللوز رطبا وايضا قد يحصل فى الثمرة الواحدة الطبائع المختلفة فالعنب مثلا

[سورة الرعد (13) : آية 4]

وعجمه باردان يابسان ولحمه وماؤه حاران رطبان فتولد هذه الطبائع المختلفة من الحبة الواحدة مع تساوى تأثيرات الطبائع وتأثيرات الأنجم والافلاك لا بد وان يكون لاجل تدبير الحكيم القدير. واما الملوان فلا يخفى ما فى اختلافهما ووجودهما من الآية اى الدلالة الواضحة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فيستدلون والتفكر تصرف القلب فى طلب معانى الأشياء وكما ان فى العالم الكبير أرضا وجبالا ومعادن وبحارا وأنهارا وجداول وسواقى فكذلك فى الإنسان الذي هو العالم الصغير مثله فجسده كالارض وعظامه كالجبال ومخه كالمعادن وجوفه كالبحر وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وأنسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد وأصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولاته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والأسابيع كالفراسخ وأيامه كالاميال وأنفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كان يخطو خطوة الى اجله فلا بد من التفكر فى هذه الأمور ويقال اخلاق الابدال عشرة أشياء. سلامة الصدور. وسخاوة فى المال. وصدق اللسان. وتواضع النفس. والصبر فى الشدة. والبكاء فى الخلوة. والنصيحة للخلق. والرحمة للمؤمنين، والتفكر فى الأشياء، وعبرة من الأشياء وعن النبي عليه السلام انه مر على قوم يتفكرون فقال لهم (تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق) كذا فى تنبيه الغافلين: وفى المثنوى بي تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيچون اى عمو اين تعلق را خرد چون ره برد ... بسته وصلست وفصلست اين خرد زين وصيت كرد ما را مصطفى ... بحث كم جوئيد در ذات خدا آنكه در ذاتش تفكر كرد نيست ... در حقيقت آن نظر در ذات نيست هست آن پندار او زيرا براه ... صد هزاران پرده آمد تا اله هر يكى در پرده موصول جوست ... وهم او آنست كان خود عين هوست پس پيمبر دفع كرد اين وهم ازو ... تا نباشد در غلط سودا پز او وَفِي الْأَرْضِ خبر مقدم لقوله قِطَعٌ جمع قطعة بالفارسية [پاره] مُتَجاوِراتٌ اى بقاع متلاصقات بعضها طيبة تنبت شيأ وبعضها سبخة لا تنبت وبعضها قليلة الريع وبعضها صلبة وبعضها كثيرة الريع وبعضها رخوة وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس ولولا تخصيص قادر موقع لا فعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك لاشتراك تلك القطع وانتظامها فى جنس الارضية وَجَنَّاتٌ عطف على قطع اى بساتين مِنْ أَعْنابٍ جمع عنب بالفارسية [انگور] وسمت العرب العنب الكرم لكرم ثمرته وكثرة حمله وتذلله للقطف ليس بذي شوك ولا بشاق المصعد ويؤكل غضا ويابسا واصل الكرم الكثرة والجمع للخير وبه سمى الرجل كرما لكثرة خصال الخير فيه واعلم ان قلب المؤمن لما فيه من نور الايمان اولى بهذا الاسم ولذا قال عليه السلام (لا يقولن أحدكم الكرم فانما الكرم قلب

المؤمن) قال ابن الملك سبب النهى ان العرب كانوا يسمون العنب وشجرته كرما لان الخمر المتخذة منه تحمل شاربها على الكرم فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسمية لئلا يتذاكروا به الخمر ويدعوهم حسن الاسم الى شربها وجعل المؤمن وقلبه أحق ان يتصف به لطيبه وذكائه والغرض منه تحريض المؤمن على التقوى وكونه أهلا لهذه التسمية وَزَرْعٌ بالرفع عطف على جنات وتوحيده لانه مصدر فى أصله وَنَخِيلٌ النخل والنخيل بمعنى واحد. بالفارسية [خرما بنان] صِنْوانٌ نعت لنخيل جمع صنو وهى النخلة لها رأسان وأصلهما واحد اى نخلات يجمعهن اصل واحد. وبالفارسية [چند شاخ از يك اصل رسته] وفى الحديث (لا تؤذوني فى العباس فانه بقية آبائي وان عم الرجل صنو أبيه) قال فى القاموس ما زاد فى الأصل الواحد كل واحد منهما صنو ويضم ويقال هو عام فى جميع الشجر وَغَيْرُ صِنْوانٍ ومتفرقات مختلفة الأصول وفى الحديث (أكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) - وحكى- المسعودي ان آدم عليه السلام لما هبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيبا مودعة اصناف الثمر فيها منها عشرة لها قشر الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش ومنها عشرة لا قشر لها ولثمرها نوى الرطب والزيتون والمشمش والخوخ والاجاص والعناب والغبيراء والدوابق والزعرور والنبق ومنها عشرة ليس لها قشر ولا نوى التفاح والكمثرى والسفر جل والتين والعنب والا ترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ وهذا لا ينافى كون هذه الثمرات مخلوقة فى الأرض كما لا يخفى يُسْقى المذكور من القطع والجنات والزرع والنخيل بِماءٍ واحِدٍ والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نام وَنُفَضِّلُ بنون العظمة اى ونحن نفضل بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فى الثمر شكلا وقدر او طعما ورائحة فمنها بياض وسواد وصغير وكبير وحلو ومر وحامض وجيد ورديء وذلك ايضا مما يدل على الصانع الحكيم وقدرته فان إنبات الأشجار بالثمار المختلفة الأصناف والاشكال والألوان والطعوم والروائح مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون الا بتخصيص قادر مختار لانه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب لوجب فى القياس ان لا يختلف الألوان والطعوم ولا يقع التفاضل فى الجنس الواحد إذا نبت فى مغرس واحد بماء واحد. والاكل بضم الكاف وسكونها ما يتهيأ للاكل ثمرا كان او غيره كقوله تعالى فى صفة الجنة أُكُلُها دائِمٌ فانه عام فى جميع المطعومات واطلاق الثمر على الحب لا يصح الا باعتبار التغليب فان الثمر حمل الشجر على ما فى القاموس قال الكاشفى [در تبيان آورده كه اين مثل بنى آدم در اختلاف ألوان وإشكال وهيآت وأصوات با وجود آنكه پدر همه يكيست. در مدارك كفته كه مثل اختلاف قلوبست در آثار وأنوار واسرار وهر دلى را صفتى وهر صفت را نتيجه دمى باشد موصوف بانكار واستكبار كه قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ وباز دمى آرميده بذكر حضرت پروردگار كه وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ

[سورة الرعد (13) : آية 5]

ببين تفاوت ره كز كجاست تا بكجا قال بعض الكبار العلم الحاصل لاهل الله كالماء فان الماء حياة الأشباح والعلم حياة الأرواح واختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح والاشخاص كاختلاف الماء فى الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف بالله ومنه ملح أجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير فانه شاب اللطيفة العلمية عند مروره عليها بما يكفيها ويغيرها عن لطفها الطبيعي: قال الحافظ پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده : وقال المولى الجامى نكته عرفان مجو از خاطر آلودگان ... كوهر مقصود را دلهاى پاك آمد صدف إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور لَآياتٍ لدلالات واضحة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يعملون على قضية عقولهم وان من قدر على خلق الثمار المختلفة الاشكال والألوان والطعوم والروائح من الأرض والماء ولا تناسب بين التراب والماء وقدر على احياء الأرض بالماء وجعلها قطعا متجاورات وحدائق ذات بهجة قدر على إعادة ما ابدأه بل هذا ادخل فى القدرة من ذلك وأهون فى القياس والاشارة فى ارض الانسانية قطع من النفس والقلب والروح والسر والخفي متقاربات بقرب الجوار مختلفات فى الحقائق فمنها حيوانية ومنها ملكوتية ومنها روحانية ومنها جبروتية ومنها عظموتية وبالجنات يشير الى هذه الأعيان المستعدة لقبول الفيض عند قبولها وتثميرها من أعناب وهى ثمرة النفس فمن الصفات ما تدل على الغفلة والحماقة والسهو واللهو فانها اصل السكر وزرع وهو ثمرة القلب فان القلب بمثابة الأرض الطيبة القابلة للزرع من بذر الصفات الروحانية والنفسانية فبأى بذر صفة من الصفات ازدرعت يتجوهر القلب بجوهر تلك الصفة فتارة يصير بظلمات النفس ظلمانيا وتارة يصير بنور الروح نورانيا وتارة يصير بنور الرب ربانيا كما قال وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَنَخِيلٌ وهو الروح ذو فنون من الأخلاق الحميدة الروحانية كالكرم والجود والسخاء والشجاعة والقناعة والحلم والحياء والتواضع والشفقة صِنْوانٌ وهو السر الجبروتى وبه يكشف اسرار الجبروت التي بين الرب والعبد ولها مثل ومثال ويحكى عنها وَغَيْرُ صِنْوانٍ وهو الخفي المكاشف بحقائق العظموت التي لا مثل لها ولا مثال ولا يحكى عنها كما قال فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى وكما قيل بين المحبين سر ليس يفشيه يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وهو ماء القدرة والحكمة وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فى الثمرات والنتائج فبعضها اشرف من بعضها وان كان لكل واحدة منها شرف فى موضعه لاحتياج الإنسان فى أثناء السلوك إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ الذين يلتمسون من القرآن اسرارا وآيات تدلهم على السير الى الله وتهديهم الى الصراط المستقيم اليه كما فى التأويلات النجمية وَإِنْ تَعْجَبْ اى ان يقع منك عجب وتعجبت من شىء يا محمد أو أيها السامع فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ خبر ومبتدأ اى فليكن ذلك العجب من قول المشركين أَإِذا كُنَّا تُراباً [آيا آن وقت كه ما باشيم خاك يعنى بعد از مرك كه ما خاك باشيم] والجملة الاستفهامية

منصوبة المحل على انها محكية بالقول وإذا ظرف محض ليس فيها معنى الشرط والعامل محذوف دل عليه قوله أَإِنَّا [أياما] لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [باشيم در آفرينش نو] والتقدير إذا كنا ترابا أنبعث ونخلق لا كنا لانه مضاف اليه فلا يعمل ولا خلق جديد لان ما بعد اداة الاستفهام وكذا ان لا يعمل فيما قبله وقال بعضهم وان تعجب من انكار المشركين البعث وعبادتهم الأصنام بعد اعترافهم بالقدرة على ابتداء الخلق فحقيق بان تتعجب منه اى فقد وضعت التعجب فى موضعه لكونه جديرا لان يتعجب منه فان من قدر على إبداء هذه المخلوقات قدر على إعادتها آنكه پيدا ساختن كارش بود ... زندكى دادن چهـ دشوارش بود والتعجب حالة انفعالية تعرض للنفس عند ادراك ما لا يعرف سببه فهو مستحيل فى حق الله تعالى فكان المراد ان تعجب فعجب عندك قال فى التأويلات النجمية وَإِنْ تَعْجَبْ اى تعلم انك يا محمد لا تعجب شيأ لانك ترى الأشياء منا ومن قدرتنا وانك تعلم انى على كل شىء قدير ولكن ان تعجب على عادة اهل الطبيعة إذا رأوا شيأ غير معتاد لهم او شيأ ينافى نظر عقولهم فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ اى فتعجب من قولهم أَإِذا كُنَّا تُراباً اى صرنا ترابا بعد الموت أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى بعود تراب أجسادنا أجسادا كما كان وتعود إليها أرواحنا فنحيى مرة اخرى. معنى الآية انهم يتعجبون من قدرة الله لان الله هو الذي خلقهم من لا شىء فى البداية إذ لم تكن الأرواح والأجساد ولا التراب فالآن أهون عليه ان يخلقهم من شىء وهو التراب والأرواح ولكن العجب تعجبهم بعد ان رأوا ان الله خلقهم من لا شىء من ان يخلقهم مرة اخرى من شىء أُولئِكَ [آن كروه كه منكرينند] الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ لانهم كفروا بقدرته على البعث وفى التأويلات كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ انه خلقهم من لا شىء إذ أنكروا انه لا يخلقهم من شىء وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ [وآن كروهند كه غلها در كردنهاى ايشانست] اى مقيدون بالكفر والضلال لا يرجى خلاصهم يقال للرجل هذا غل فى عنقك للعمل الرديء ومعناه انه لازم لك لا يرجى خلاصك منه والغل طوق يقيد به اليد الى العنق وفى التأويلات هى أغلال الشقاوة التي جعلها التقدير الأزلي فى أعناقهم كما قال وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ويجوز ان يكون على حقيقته اى يغلون يوم القيامة [يعنى روز قيامت غل آتشين بر كردن ايشان نهند وعلامت كفار در دوزخ اين باشد] وفى الحديث (ينشئ الله سحابة سوداء مظلمة فيقال يا اهل النار أي شىء تطلبون فيذكرون بها سحابة الدنيا فيقولون يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد فى اغلاقهم وسلاسل تزيد فى سلاسلهم وجمرا يلتهب عليهم) وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ توسيط ضمير الفصيل وتقديم فيها يفيد الحصر اى هم الموصوفون بالخلود فى النار لا غيرهم وان خلودهم انما هو فى النار لا فى غيرها فثبت ان اهل الكبائر لا يخلدون فى النار وفى التأويلات هم الذين قال الله تعالى فيهم فى الأزل وهؤلاء فى النار ولا أبالي فآل أمرهم الى ان يكونوا اصحاب النار الى الابد فالشرك والإنكار من أعظم المعاصي والأوزار وعن النبي عليه السلام مخبرا عن الله تعالى انه

[سورة الرعد (13) : الآيات 6 إلى 11]

قال (عبدى ما عبدتنى رجوتنى ولم تشرك بي شيأ غفرت لك على ما كان منك ولو استقبلتني بملئ الأرض خطايا وذنوبا لاستقلبتك بملئها مغفرة واغفر لك ولا أبالي) اى ان لم تشرك بي شيأ غفرت لك على ما كان منك من نفى جميع الإشراك لان النكرة إذا وقعت فى سياق النفي تفيد العموم وهذا لا يحصل الا بعد إصلاح النفس فالمرء أسير فى يد نفسه والهوى كالغل فى عنقه وهذا الغل الملازم له فى دنياه معنوى وسيصير الى الحس يوم القيامة إذ الباطن يصير هناك ظاهرا- كما حكى- عن بعض العصاة انه مات فلما حفروا قبره وجدوا فيه حية عظيمة فحفروا له قبرا آخر فوجدوها فيه ثم كذلك قبرا بعد قبر الى ان حفروا نحوا من ثلاثين قبرا وفى كل قبر يجدونها فلما رأوا انه لا يهرب من الله هارب ولا يغلب الله غالب دفنوه معها وهذه الحية هى عمله: قال السعدي قدس سره برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كرت بر آيد عملهاى خويش وَيَسْتَعْجِلُونَكَ الاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجيئ وقته اى يطلب مشركوا مكة منك العجلة بِالسَّيِّئَةِ بإتيان العقوبة المهلكة وسميت العقوبة سيئة لانها تسوؤهم قَبْلَ الْحَسَنَةِ متعلق بالاستعجال ظرف له او بمحذوف على انه حال مقدرة من السيئة اى قبل العافية والإحسان إليهم بالامهال ومعنى قبل العافية قبل انقضاء الزمان المقدر لعافيتهم وذلك انه عليه السلام كان يهدد مشركى مكة تارة بعذاب القيامة وتارة بعذاب الدنيا وكلما هددهم بعذاب القيامة أنكروا القيامة والبعث وكلما هددهم بعذاب الدنيا استعجلوه وقالوا متى تجيئنا به فيطلبون العقوبة والعذاب والشر بدل العافية والرحمة والخير استهزاء منهم وإظهارا ان الذي يقوله لا اصل له ولذا قالوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ والله تعالى صرف عن هذه الامة عقوبة الاستئصال واخر تعذيب المكذبين الى يوم القيامة فذلك التأخير هو الحسنة فى حقهم فهؤلاء طلبوا منه عليه السلام نزول ملك العقوبة ولم يرضوا بما هو حسنة فى حقهم واعلم ان استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة استعجالهم بالكفر والمعاصي قبل الايمان والطاعات فان منشأ كل سعادة ورحمة هو الايمان الكامل والعمل الصالح ومنشأ كل شقاوة وعذاب هو الكفر والشرك والعمل الفاسد وَقَدْ خَلَتْ حال من المستعجلين اى مضت مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ اى عقوبات أمثالهم من المكذبين كالخسف والمسخ والرجفة فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزئوا نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند جمع مثلة بفتح الثاء وضمها وهى العقوبة لانها مثل المعاقب عليه وهو الجريمة وفى التبيان اى العقوبات المهلكات يماثل بعضها بعضا وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ سترو تجاوز لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ اى مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب والا لما ترك على ظهر الأرض من دابة پس پرده بيند عملهاى بد ... هم او پرده پوشد بآلاى خود

[سورة الرعد (13) : آية 7]

وكر بر جفا پيشه بشتافتى ... هميشه ز قهرش أمان يافتى وهو حال من الناس اى حال اشتغالهم بالظلم كما يقال رأيت فلانا على أكله والمراد حال اشتغاله بالأكل فدلت الآية على جواز العقوبة بدون التوبة فى حق اهل الكبيرة من الموحدين قال فى التأويلات النجمية هم الذين قال تعالى فيهم (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي) وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ لمن شاء من العصاة وفى التأويلات لمن قال فيهم (هؤلاء فى النار ولا أبالي) - روى- انها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد) وبالفارسية [اگر عفو خداى نبود عيش هيچ احدى كوارنده نشدى واگر وعيد حق نبودى همه كس تكيه بر عفو كرده از عمل باز ماندى ز حق مى ترس تا غافل نكردى ... مشو نوميد تابد دل نكردى محققان بر آنند كه تمهيد قواعد خوف ورجا درين آيت است ميفرمايد كه آمرزنده است تا از رحمت او نوميد نشوند عقوبت كننده است تا از هيبت او ايمن نباشد] ونظير الآية قوله تعالى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال الآخر مالى أراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الىّ احسنكما ظنابى يقال الخوف مادام الرجل صحيحا أفضل وإذا مرض فالرجاء أفضل يعنى إذا كان الرجل صحيحا كان الخوف أفضل حتى يجتهد فى الطاعات ويجتنب المعاصي فاذا مرض وعجز عن العمل كان الرجاء له أفضل واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين قال يا رب كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين قال بشر المذنبين انى لا يتعاظمنى ذنب الا اغفره وانذر الصديقين ان لا يعجبوا بأعمالهم وانى لا أضع عدلى وحسابى على أحد الا هلك كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيا را چهـ جاى معذرتست پرده از روى لطف كو بردار ... كاشقيا را اميد مغفرتست واعلم ان الله تعالى ركب فى الإنسان الجمال والجلال فرجاؤه ناظر الى الجمال وخوفه ناظر الى الجلال والى كليها الاشارة بالجسم والروح لكن رحمته وهو الروح وحاله سبقت على غضبه وهو الجسد وما يتبعه والحكم للسابق لا للاحق فعليك بالرجاء مع العمل الى حلول الاجل وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ حرف تحضيض. والمعنى بالفارسية [چرا فرو فرستاده نمى شود] عَلَيْهِ محمد آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ التنوين للتعظيم اى آية جلية يستعظمها من يدركها فى بادئ نظره وعلامة ظاهرة يستدل بها على صحة نبوته وذلك لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهاونهم فاقترحوا عليه آيات تعنتا لا استرشادا والا لا جيبوا الى مقترحهم وذلك مثل ما اوتى موسى وعيسى وصالح من انقلاب العصا حية واحياء الموتى وخروج الناقة من الصخرة فقيل لرسول الله إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مرسل للانذار والتخويف لهم من سوء العاقبة كغيرك من الرسل وما عليك الا الإتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت ولو أجيب الى كل ما اقترحوا لادى

الى إتيان ما لا نهاية له لانه كلما اتى بمعجزة جاء واحد آخر فطلب منه معجزة اخرى وذلك يوجب سقوط دعوة الأنبياء وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ اى ولكل قوم نبى مخصوص بمعجزة من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم الى الحق ويدعوهم الى الصواب. ولما كان الغالب فى زمان موسى هو السحر جعل معجزته ما هو اقرب الى طريقهم. ولما كان الغالب فى ايام عيسى الطب جعل معجزته ما يناسب الطب وهو احياء الموتى وإبراء الأبرص والأكمه. ولما كان الغالب فى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم الفصاحة والبلاغة جعل معجزته فصاحة القرآن وبلوغه فى باب البلاغة الى حد خارج عن قدرة الإنسان فلما لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع انها اقرب الى طريقهم وأليق بطباعهم فان لا يؤمنوا عند اظهار سائر المعجزات اولى والمراد بالهادي هو الله اى انما أنت منذر وليس لك هدايتهم ولكل قوم من الفريقين هاد يهديهم هاد لاهل العناية بالايمان والطاعة الى الجنة وهاد لاهل الخذلان بالكفر والعصيان الى النار كما فى التأويلات النجمية قال الغزالي فى شرح الأسماء الحسنى الهادي هو الذي هدى خواص عباده اولا الى معرفة ذاته حتى استشهدوا على الأشياء به وهدى عوام عباده الى مخلوقاته حتى استشهدوا بها على ذاته وهدى كل مخلوق الى ما لا بد له منه فى قضاء حاجاته فهدى الطفل الى التقام الثدي عند انفصاله والفرخ الى التقاط الحب عند خروجه والنحل الى بناء بيته على شكل التسديس لكونه أوفق الاشكال لبدنه والهداة من العباد الأنبياء عليهم السلام ثم العلماء الذين ارشدوا الخلق الى السعادة الاخروية وهدوهم الى صراط الله المستقيم بل الله الهادي لهم على ألسنتهم وهم مسخرون تحت قدرته وتدبيره وفى تفسير الكواشي او المنذر محمد والهادي على رضى الله عنه احتجاجا بقوله عليه السلام (فو الله لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم) والغرض من الإرشاد اقامة جاه محمد عليه السلام بتكثير اتباعه الكاملين وفى الحديث (تناكحوا تناسلوا فانى مكاثر بكم الأمم) وهذا التناكح والتناسل يشمل ما كان صوريا وما كان معنويا فان السلسلة ممدودة من الطرفين الى آخر الزمان وسيخرج فى أمته مهدى يحكم بشريعته وينفى تحريف المائلين وزبغ الزائغين فى خلافته عن ملته واخرج الطبراني انه عليه السلام قال لفاطمة رضى الله عنها (نبينا خير الأنبياء وهو أبوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما فى الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر ومناسبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدى) وروى أبو داود فى سننه انه من ولد الحسن وكان سر ترك الحسن الخلافة لله تعالى شفقة على الامة فجعل الله القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة إليها من ولده ليملأ الأرض عدلا وظهوره يكون بعد ان يكسف القمر فى أول ليلة من رمضان وتكسف الشمس فى النصف منه فان ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات والأرض عمره عشرون سنة وقيل أربعون ووجهه كوكب درىّ على خده الايمن خال اسود ومولده بالمدينة المنورة ويظهر قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس من مغربها بعشر سنين وقبل ظهور المهدى اشراط وفتن: قال الحافظ تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبده باز ... هزار بازي ازين طرفه تر برانگيزد

[سورة الرعد (13) : آية 8]

حفظنا الله وإياكم من الا كدار وجعلنا فى خير الدار وحسن الجوار اللَّهُ وحده يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى اى حملها على ان ما مصدرية والحمل بمعنى المحمول او ما تحمله من الولدان ذكر او أنثى تام او ناقص حسن او قبيح طويل او قصير سعيد او شقى ولى او عدو جواد او بخيل عالم او جاهل عاقل او سفيه كريم او لئيم حسن الخلق او سيئ الخلق الى غير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة فما موصولة والعائد محذوف كما فى قوله وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ اى نقض جميع الأرحام وزيادتها او ما تغيضه وما تزداده فان كلا من غاض وازداد يستعمل لازما ومتعديا. يقال غاض الماء يغيض غيضا إذ قل ونضب وغاضه الله ومنه قوله تعالى وَغِيضَ الْماءُ ويقال زدته فزاد بنفسه وازداد وأخذت منه حقى وازددت منه كذا فان كان لازما فالغيوض والزيادة لنفس الأرحام فى الظاهر ولما فيها فى الحقيقة وان كان متعديا فهما لله تعالى وعلى كلا التقديرين فالاسناد مجازى. والأرحام جمع رحم وهو مبيت للولد فى البطن ووعاؤه واعلم ان رحم المرأة عضلة وعصب وعروق ورأس عصبها فى الدماغ وهى على هيئة الكيس ولها فم بإزاء قبلها ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة وفيها قوة الإمساك لئلا ينزل من المنى شىء وقد أودع الله فى ماء الرجل قوة الفعل وفى ماء المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير منى الرجل كالانفحة الممتزجة باللبن واختلفوا فيما تغيضه الأرحام وما تزداده فقيل هو جثة الولد فانه قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا وقد يكون تام الأعضاء وقد يكون ناقصها وقيل هو مدة ولادته فان أقلها ستة أشهر عند الكل وقد تكون تسعة أشهر وأزيد عليها الى سنتين عند ابى حنيفة والى اربع عند الشافعي والى خمس عند مالك- روى- ان الضحاك بن مزاحم التابعي مكث فى بطن امه سنتين وان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين على ما فى المحاضرات للجلال السيوطي واخبر مالك ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنه تحمل اربع سنين وهرم ابن حبان بقي فى بطن امه اربع سنين ولذلك تسمى هرما وعن الحسن الغيوضة ان تضع لثمانية أشهر او اقل من ذلك والازدياد ان تزيد على تسعة أشهر وعنه الغيض الجنين الذي يكون سقطا لغير تمام والازدياد ما ولد لتمام وفى انسان العيون وقع الاختلاف فى مدة حمله صلى الله عليه وسلم فقيل بقي فى بطن امه تسعة أشهر كملا وقيل عشرة أشهر وقيل ستة أشهر وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية أشهر فيكون ذلك آية كما ان عيسى عليه السلام ولد فى الشهر الثامن كما قيل به مع نص الحكماء والمنجمين على ان من يولد فى الشهر الثامن لا يعيش بخلاف التاسع والسابع والسادس الذي هو اقل مدة حمل وقد قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة له فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين ابن العربي قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون معلولا لا ينتفع بنفسه وذلك

[سورة الرعد (13) : آية 9]

لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت انتهى وقيل هو عدة الولد فان الرحم قد يشتمل على ولد واحد وعلى اثنين وثلاثة واربعة- روى- ان شريكا التابعي وهو أحد فقهاء المدينة كان رابع اربعة فى بطن امه وقال الشافعي أخبرني شيخ باليمن ان امرأته ولدت بطونا فى كل بطن خمسة وقيل هو دم الحيض فانه يقل ويكثر وقيل غيض الأرحام الحيض على الحمل فاذا حاضت المرأة الحامل كان نقصانا فى الولد لان دم الحيض غذاء الولد فى الرحم فاذا اهراقت الدم ينتقص الغذاء فينتقص الولد وإذا لم تحض يزداد الولد ويتم فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ تعالى بِمِقْدارٍ [باندازه است كه از ان زياده وكم نشود] وفى بحر العلوم مقدر مكتوب فى اللوح معلوم قبل كونه قد علم حاله وزمانه ومتعلقه وفى التبيان اى بحد لا يجاوزه من رزق وأجل عالِمُ الْغَيْبِ خبر مبتدأ محذوف واللام للاستغراق اى هو تعالى عالم كل ما يطلق عليه اسم الغيب وهو ما غاب عن الحس فيدخل فيه المعلومات والاسرار الخفية والآخرة قال بعضهم ما ورد فى القرآن من اسناد علم الغيب الى الله تعالى انما هو بالنسبة إلينا إذ لا غيب بالنسبة الى الله تعالى وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم لما سقطت جميع النسب والإضافات فى مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية فانتفى العلم بالغيب يعنى بهذا الاعتبار واما باعتبار التعينات واثبات الوجودات فى مرتبة الصفات وهى مرتبة الذات الواحدية فالعلم على حاله فافهم برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست وَالشَّهادَةِ اى كل ما يطلق عليه اسم الشهادة وهو ما حضر للحس فيدخل فيه الموجودات المدركة والعلانية والدنيا الْكَبِيرُ العظيم الشأن الذي لا يخرج عن علمه شىء الْمُتَعالِ المستعلى على كل شىء بقدرته وفى الكواشي عن صفات المخلوقين وقول المشركين وفى التأويلات اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته لانه أودعه فيها وقال سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ: وقال الشاعر ففى كل شىء له آية ... تدل على انه الواحد : وقال جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات وايضا يعلم ما أودع فيها من الخواص والطبائع وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أرحام الموجودات وأرحام المعدومات اى وما تغيض من المقدرات أرحام الموجودات بحيث تبقى فى الأرحام ولا تخرج منها وَما تَزْدادُ اى وما تخرج منها وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ اى وكل شىء مما يخرج من أرحام الموجودات والمعدومات وما يبقى فيها عند علمه وحكمته بمقدار معين موافق لحكمة خروج ما خرج وبقاء ما بقي لانه عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ اى عالم بما غاب عن الوجود والخروج بحكمته وبما شاهد فى الوجود والخروج الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ فى ذاته واحاطة علمه بالموجودات والمعدومات وبما فى ارحامهما المتعال فى صفاته بانه متفرد بها وفى شرح الأسماء الحسنى الكبير هو ذو الكبرياء

[سورة الرعد (13) : الآيات 10 إلى 11]

والكبرياء عبارة عن كمال الذات واعنى بكمال الذات كمال الوجود وكمال الوجود يرجع الى شيئين أحدهما دوامه ازلا وابدا وكل موجود مقطوع بعدم سابق او لا حق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان إذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم وان كان ما طالت مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيرا فالدائم الأزلي الابدى الذي يستحيل عليه العدم اولى بان بكون كبيرا والثاني ان وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه وجود كل موجود فان كان الذي تم وجوده فى نفسه كاملا وكبيرا فالذى فاض منه الوجود لجميع الموجودات اولى بان يكون كاملا كبيرا والكبير من العباد هو الكامل الذي لا يقتصر عليه صفات كمال بل ينتهى الى غيره ولا يجالسه أحد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء والمتعال بمعنى العلى الا ان فيه نوع مبالغة وهو الذي لا رتبة فوق رتبته والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لان علوه بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علوه بالاضافة الى الموجودات لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ من مبتدأ خبره سواء ومنكم حال من ضمير سواء لانه بمعنى مستو ولم يثن الخبر مع انه خبر عن شيئين لانه فى الأصل مصدر وان كان هنا بمعنى مستو والاستواء يقتضى شيئين وهما الشخصان المرادان بمن. والمعنى مستو فى علم الله تعالى من أضمر القول فى نفسه ومن أظهره بلسانه منكم ايها الناس وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ الاستخفاء [پنهان شدن] والسروب [برفتن بروز] كما فى تهذيب المصادر. والسرب بفتح السين وسكون الراء الطريق كما فى القاموس وسارب معطوف على من فيتحقق شيآن ومن موصوفة كأنه قيل سواء منكم انسان هو مستتر ومتوار فى الظلمات وآخر ظاهر فى الطرقات كما قال فى بحر العلوم. وسارب اى ذاهب فى سربه بارز بالنهار يراه كل واحد وقال الكاشفى [وهر كه طلب خفاء ميكند ومى پوسد عمل خود را بشب وهر كه ظاهرست وآشكار ميكند عمل خود را بروز يعنى مطلقا هيچ چيز از قول وفعل سر وعلانيه برو پوشيده نيست] لَهُ اى لله تعالى او للانسان الموصوف بما ذكر مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ جمع معقبة والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث فان الملك لا يوصف بالذكورة ولا بالانوثة وصيغة التفعيل للمبالغة والتكثير كما فى قولك طوف البيت لا للتعدية. والتعقيب [در عقب كسى بيامدن] كما فى التهذيب يقال عقبه تعقيبا جاء بعقبه. والمعقبات ملائكة الليل والنهار كما فى القاموس. وقيل للملائكة الحفظة معقبات لكثرة تعاقب بعضهم بعضا فى النزول الى الأرض بعضهم بالليل

وبعضهم بالنهار إذا مضى فريق خلفه فريق اى يعقب ملائكة الليل ملائكة النهار وملائكة النهار ملائكة الليل ويجتمعون فى صلاة الفجر والعصر. والمعنى له ملائكة يتعاقب بعضهم بعضا كائنون من امام الإنسان ووراء ظهره اى يحيطون به من جوانبه يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ من بأسه ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ومسألتهم ربهم ان يمهله رجاء ان يتوب من ذنبه وينيب او يحفظونه من المضار التي امر الله بالحفظ منها قال مجاهد ما من عبد الا له ملك موكل به يحفظه فى نومه ويقظته من الجن والانس والهوام فما يأتيه منهم شىء يريده الا قال وراءك الا شىء يأذن الله فيه فيصيبه- وروى- عن عمرو بن ابى جندب قال كنا جلوسا عند سعيد بن قيس بصفين فاقبل على رضى الله عنه يتوكأ على عنزة له بعد ما اختلط الظلام فقال سعيد أامير المؤمنين قال نعم قال أما تخاف ان يغتالك أحد قال انه ليس من أحد الا ومعه من الله حفظة من ان يتردى فى بئر او يخر من جبل او يصيبه حجر او تصيبه دابة فاذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر قال فى اسئلة الحكم اختلف العلماء فى عدد الملائكة التي وكلت على كل انسان فقيل عشرون ملكا وقيل اكثر والاول أصح لان عثمان رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فذكر عشرين ملكا وقال ملك عن يمينك على حسناتك وهو امير على الملك الذي عن يسارك كما قال تعالى عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ وملكان بين يديك ومن خلفك لقوله تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وملك قائم على ناصيته إذا تواضع لله رفعه وإذا تجبر على الله قصمه وملكان على شفتيك يحفظان عليك الصلاة على النبي عليه السلام وملك على فيك لا يدع الحية تدخل فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة املاك على كل آدمي فتنزل ملائكة الليل على ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وأولاده بالليل قال بعض الائمة ان قلت الملائكة التي ترفع عمل العبد فى اليوم هم الذين يأتون أم غيرهم قلت الظاهر انهم هم وان ملكى الإنسان لا يتغيران عليه ما دام حيا فاذا مات قالا يا رب قد قبضت عبدك فالى اين نذهب قال تعالى (سمائى مملوءة من ملائكتى وارضى مملوءة من خلقى يطيعوننى اذهبا الى قبر عبدى فسبحانى وحمدانى وهللانى وكبرانى ومجدانى وعظمانى واكتبا ذلك كله لعبدى الى يوم القيامة) وقيل المعقبات أعوان السلطان فهو توبيخ الغافل المتمادى فى غروره والتهكم به على اتخاذه الحراس بناء على توهم انهم يحفظونه من امر الله وقضائه كما يشاهد من بعض الملوك والسلاطين والعاقل يعلم ان القضايا الالهية والنوازل المقدرة مما لا يمكن التحفظ منه فانظروا رأيهم وما ذهبوا اليه از كمان قضا چوتير قدر ... بدر آمد نشد مفيد سپر ويقال للمؤمن طاعات وصدقات يحفظونه من عذاب الله عند الموت وفى القبر وفى القيامة قال بعض السلف إذا احتضر المؤمن يقال للملك شم رأسه فيقول أجد فى رأسه القرآن فيقال شم قلبه فيقول أجد فى قلبه الصيام فيقال شم قدميه فيقول أجد فى قدميه القيام فيقال حفظ نفسه حفظه الله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من العافية والنعمة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ حتى يتركوا الشكر وينقلبوا من الأحوال الجميلة الى القبيحة

گرت هواست كه معشوق نگسلد پيوند ... نگاه دار سر رشته تا نگه دارد وفى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من الوجود والعدم حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ باستدعاء الوجود والعدم بلسان الاستحقاق للوجود والعدم على مقتضى حكمته ووفق مشيئه انتهى وفى الآية تنبيه لجميع الناس ليعرفوا نعمة الله عليهم ويشكروا له كيلا تزول فدوران اللسان بالذكر والجنان بالفكر من الأمور الجميلة فاذا تحول المرء من الذكر الى النسيان فقد تحول الى الحالة القبيحة فاذا لا يجد من الفيض الإلهي ما يجده قبل وقد غير الله بشؤم المعصية أشياء كثيرة غير إبليس وكان اسمه عزازيل فسماه إبليس قال ابراهيم بن أدهم مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتى وكذا غير اسمى هاروت وماروت وكان اسمهما قبل اقتراف الذنب عزا وعزايا وكذا غير لون حام بن نوح إذ نظر الى عورة أبيه وكان نائما فاخبر نوح بذلك فدعا عليه فسوده الله فالهند والحبشة من نسله وقيل ان نوحا قال لاهل السفينة وهى تطوف بالبيت العتيق انكم فى حرم الله وحول بيته لا يمس أحدا امرأة وجعل بينهم وبين النساء حاجزا فتعدى ولده حام ووطئ زوجته فدعا الله عليه بان يسود لون بنيه فاجاب الله دعاءه وغير الصورة على داود بزلة واحدة وغير الصورة على قوم موسى لاخذهم الحيتان فصيرهم قردة وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير وغير المال والبساطين على آل القطروس حيث منعوا الناس عنها فاحرقتها نار وكذلك هلاك اموال القبط بدعاء موسى رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ الآية فصار ماؤهم دما وأموالهم حجرا وغير العلم على امية بن ابى الصلت كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه وكان من بلغاء قريش وكان يرجو ان يكون هو نبى آخر الزمان او وعد الايمان به فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم أنكره وغير المكان على آدم بزلة واحدة وخسف بقارون الأرض حيث منع الزكاة: قال الحافظ گنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست وغير اللسان على رجل بسبب العقوق نادته والدته فلم يجبها فصار اخرس وغير الايمان على برصيصا بعد ما عبد الله مائتين وعشرين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين لانه لم يشكر يوما على نعمة الإسلام شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از گفت بيرون كند وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً عذابا وهلاكا فَلا مَرَدَّ لَهُ فلا رد له والعامل فى إذا ما دل عليه قوله فلا مرد له وهو لا يرد وإذا عند نحاة البصرة حقيقة فى الظرف وقد تجيئ للشرط من غير سقوط معنى الظرف نحو إذا قمت قمت اى أقوم وقت قيامك تعليقا لقيامك بقيامه بمنزلة تعليق الجزاء بالشرط ودخوله اما فى امر كائن متحقق فى الحال نحو إذا ارى الدنيا وأبناءها ... استعصم الرحمن من شرها أو أمر منتظر لا محالة مثل إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فهى ترد الماضي الى المستقبل لانها حقيقة فى الاستقبال وعند الكوفيين يجئ للظرف والشرط نحو وإذا يحاس الحيس يدعى جندب ونحو

[سورة الرعد (13) : الآيات 12 إلى 16]

وإذا تصبك خصاصة فتحمل وَما لَهُمْ اى لمن أراد تعالى هلاكه مِنْ دُونِهِ سوى الله تعالى مِنْ والٍ ممن يلى أمرهم ويدفع عنهم السوء. والوالي من اسماء الله تعالى وهو من ولى الأمور وملك الجمهور والولاية تنفيذ القول على الغير شاء الغير او ابى وفيه دليل على ان خلاف مراد الله محال فانه المتفرد بتدبير الأشياء المنفذ للتدبير ولا معقب لحكمه هُوَ تعالى وحده الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ هو الذي يلمع من السحاب من برق الشيء بريقا إذا لمع خَوْفاً اى ارادة خوف او اخافة من الصاعقة وخراب البيوت وَطَمَعاً اى ارادة طمع او اطماعا فى الغيث ورجاء بركته وزوال المشقة والمطر يكون، لبعض الأشياء ضررا ولبعضها رحمة فيخاف منه المسافر ومن فى خزينته التمر والزبيب ومن له بيت لا يكف ويطمع فيه المقيم واهل الزرع والبساتين ومن البلاد ما لا ينتفع اهله بالمطر كاهل مصر فان انتفاعهم انما هو بالنيل وبالمطر يحصل الوطر وفيه اشارة الى ان فى باطن جمال الله تعالى جلالا وفى باطن جلاله جمالا وأسند الاراءة الى ذاته لانه الخالق فى الابصار نورا يحصل به الرؤية للخلائق وهذه الاراءة اما متعلقة بعالم الملك وهى ظاهرة واما متعلقة بعالم الملكوت فمعناها ان الله تعالى إذا ارى السائر برقا من لمعان أنوار الجلال يغلب عليه خوف الانقطاع واليأس وإذا أراه برقا من تلألؤ أنوار الجمال يغلب عليه الرجاء والاستثناء وَيُنْشِئُ السَّحابَ اى يبتدئ إنشاء السحاب اى خلقه وفيه دلالة على ان السحاب يعدمه الله تعالى ثم يخلقه جديدا والسحاب اسم جنس والواحدة سحابة ولذا وصف بقوله الثِّقالَ بالماء جمع واختلف فى ان الماء ينزل من السماء الى السحاب او يخلقه الله فى السحاب فيمطر وفى حواشى ابن الشيخ السحاب جسم مركب من اجزاء رطبة مائية ومن اجزاء هوائية وهذه الاجزاء المائية المشوبة بالاجزاء الهوائية انما حدثت وتكونت فى جو الهواء بقدرة المحدث القادر على ما شاء والقول بان تلك الاجزاء تصاعدت من الأرض فلما وصلت الى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت فرجعت الى الأرض باطل لان الأمطار مختلفة فتارة تكون قطراتها كبيرة وتارة تكون صغيرة وتارة متقاربة وتارة متباعدة وتارة تدوم زمانا طويلا وتارة لا تدوم فاختلاف الأمطار فى هذه الصفات مع ان طبيعة الأرض واحدة وكذا طبيعة الشمس المسخنة للبخارات واحدة لا بد ان يكون بتخصيص الفاعل المختار وايضا فالتجربة دلت على ان للدعاء والتضرع فى نزول الغيث اثرا عظيما ولذلك كان صلاة الاستسقاء مشروعة فعلمنا ان المؤثر فيه هو قدرة الفاعل لا الطبيعة والخاصية يقول الفقير ان المردود هو اسناد الحوادث الى الكون من غير ملاحظة تأثير الله تعالى فيها واما إذا أسندت الى الأسباب مع ملاحظة المسبب فهو مقبول لان هذا العالم عالم الأسباب والحكمة وما هو ادخل فى القدرة الالهية فهو اولى بالاعتبار وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ اختلف العلماء فنه والتحقيق انه اسم ملك خلق من نور الهيبة الجلالية والرعد صوته الشديد ايضا يسوق السحاب بصوته كما يسوق الحادي الإبل بحدائه فاذا سبح أوقع الهيبة على الخلق كلهم حتى الملائكة يقول الفقير لعل الرعد صوت ذلك الملك واسناد التسبيح الى صوته لكمال فيه بِحَمْدِهِ فى موقع الحال اى حامدين له وملتبسين

بحمده [يعنى تسبيح را با تحميد مقترن ميسازد] فيصيح سبحان الله والحمد لله وفى الحديث (البرق والرعد وعيد لاهل الأرض فاذا رأيتموه فكفوا عن الحديث وعليكم بالاستغفار) وإذا اشتد الرعد قال عليه السلام (لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ من عطف العام على الخاص اى ويسبح الملائكة من خوف الله وخشيته وهيبته وجلاله وذلك لانه إذا سبح الرعد وتسبيحه ما يسمع من صوته لم يبق ملك الا رفع صوته بالتسبيح فينزل القطر والملائكة خائفون من الله وليس خوفهم كخوف ابن آدم فانه لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره ولا يشغله عن عبادة الله طعام ولا شراب ولا شىء أصلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما من سمع الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شىء قدير فاصابته صاعقة فعلىّ ديته وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ جمع صاعقة وهى نار لا دخان لها تسقط من السماء وتتولد فى السحاب وهى أقوى نيران هذا العالم فانها إذا نزلت من السحاب فربما غاصت فى البحر وأحرقت الحيتان تحت البحر وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان اليهود سألت النبي عليه السلام عن الرعد ما هو فقال (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله) قالوا فما الصوت الذي يسمع (قال زجره السحاب فاذا شدت سحابة ضمها وإذا اشتد غضبه طارت من فيه نار هى الصاعقة) والمخاريق جمع مخراق وهو فى الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا والمراد به هاهنا آلة يسوق بها الملك السحاب فَيُصِيبُ بِها الباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [پس ميرساند آنرا] مَنْ يَشاءُ أصابته فيهلكه والصاعقة تصيب المسلم وغيره ولا تصيب الذاكر يقول الفقير لعل وجهه ان الصاعقة عذاب عاجل ولا يصيب الا الغافل واما الذاكر فهو مع الله ورحمته وبين الغضب والرحمة تباعد وقولهم تصيب المسلم بشير الى ان المصاب بالصاعقة على حاله من الايمان والإسلام ولا اثر لها فيه كما فى اعتقاد بعض العوام وَهُمْ اى هؤلاء الكفار مع ظهور هذه الدلائل يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ حيث يكذبون رسوله فيما يصفه به من العظمة والتوحيد والقدرة التامة والجدال التشدد فى الخصومة من الجدل وهو الفتل وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ اى شديد المكر والكيد لاعدائه يهلكم من حيث لا يحتسبون من محل بفلان إذا كاده وسعى به الى السلطان ومنه تمحل لكذا إذا تكلف فى استعمال الحيلة واجتهد فيه قال فى اسباب النزول ان رسول الله عليه السلام بعث رجلا مرة الى رجل من فراعنة العرب قال (فاذهب فادعه لى) فقال يا رسول الله انه أعتى من ذلك قال (فاذهب فادعه لى) قال فذهبت اليه فقلت يدعوك رسول الله فقال وما الله أمن ذهب هو أمن فضة او من نحاس قال الراوي وهو انس فرجع الى رسول فاخبره وقال قد أخبرتك انه أعتى من ذلك قال لى كذا وكذا قال (فارجع اليه الثانية فادعه) فرجع اليه فاعاد عليه مثل الكلام الاول ورجع الى النبي عليه السلام فاخبره فقال (ارجع اليه) فرجع اليه الثالثة فاعاد عليه مثل ذلك الكلام فبينما هو يكلمه إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت فوقع منها صاعقه فذهبت بقحف رأسه فانزل الله تعالى وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه

الآية والتي قبلها فى عامر بن الطفيل وأريد بن قيس وهو أخو لبيد بن ربيعة الشاعر لامه وذلك انهما أقبلا يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من أصحابه يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد اقبل نحوك فقال (دعه فان يرد الله به خيرا يهده) فاقبل حتى قام عليه قال يا محمد مالى ان أسلمت قال (لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم) قال تجعل لى الأمر بعدك قال (لا ليس ذلك الىّ انما ذاك الى الله تعالى يجعله حيث شاء) قال اسلم على ان لك المدر ولى الوبر يعنى لك ولاية القرى ولى ولاية البوادي قال (لا) قال فماذا تجعل لى قال (اجعل لك اعنة الخيل تغزو عليها) قال او ليس ذلك الىّ اليوم وكان اوصى الى اربد إذا رأيتنى أكلمه قدر من خلفه فاضربه بالسيف فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه فدار اربد خلفه عليه السلام ليضربه فاخترط من سيفه شبرا تم حبسه الله فلم يقدر على سله وجعل عامر يومى اليه فالتفت رسول الله فرأى اربد وما يصنع بسيفه فقال (اللهم اكفنيهما بما شئت) فارسل الله على اربد صاعقة فى يوم صائف صاحى فاحرقته وولى عامرها ربا فقال يا محمد دعوت ربك فقتل اربد والله لا ملأن عليك الأرض رجالا الفا أشعر والفا امر دفقال عليه السلام (يمنعك الله من ذلك وأبناء قبيلة) يريد الأوس والخزرج فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم اليه سلاحه وخرج وهو يقول واللات لئن أصحر محمد الىّ وصاحبه يعنى ملك الموت لا نفذنهما برمحى صعوه كاو با عقاب سازد جنگ ... دهد از خون خود پرش را رنگ فلما رأى الله ذلك منه أرسل ملكا فلطمه بجناحه فاذراه بالتراب وخرجت على ركبته غدة فى الوقت عظيمة فعاد الى بيت السلولية وهو يقول غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية ثم مات على ظهر فرسه فانزل الله تعالى فى هذه القصة قوله سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ حتى بلغ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ فالواو فى قوله وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ على هذا للحال اى يصيب بالصاعقة من يشاء فى حال جداله فى الله فان أريد وكذا فرعون العرب فى الرواية الاولى لما جادل فى الله أحرقته الصاعقة. وقوله غدة كغدة البعير اى أصابتني غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية وسلول قبيلة من العرب أقلهم وأرذلهم قال قائل فى حقهم الى الله أشكو إنني بت طاهرا ... فجاء سلولى فبال على نعلى فقلت اقطعوها بارك الله فيكمو ... فانى كريم غير مدخلها رجلى كأن عامرا يقول ابتليت بامرين كل واحد منهما شر من الآخر أحدهما ان غدتى غدة مثل غدة البعير وان موتى موت فى بيت أرذل الخلائق والغدة الطاعون للابل وقلما يسلم منه يقال اغد البعير اى صار ذا غدة وهى طاعونه وفى الآية اشارة الى ان اهل الجدال فى ذات الله وفى صفاته مثل الفلاسفة والحكماء اليونانية الذين لم يتابعوا الأنبياء وما آمنوا بهم وتابعوا العقل دون ادلة السمع. وبعض المتكلمين من اهل الأهواء والبدع هم الذين أصابهم صواعق القهر واحترقت استعداداتهم فى قبول الايمان فظلوا يجادلون فى الله هل هو فاعل مختار او موجب بالذات لا بالاختيار ويجادلون فى صفات الله هل لذاته صفات قائمة به او هو قادر بالذات ولا صفات له ومثل هذه الشبهات المكفرة المضلة عن سبيل الرشاد والله تعالى شديد العقوبة والاخذ لمن جادل فيه

[سورة الرعد (13) : آية 14]

بالباطل كذا فى التأويلات النجمية لَهُ [مر خدايراست] وتقديم الخبر لافادة التخصيص دَعْوَةُ الْحَقِّ اى الدعاء الحق على ان يكون من باب اضافة الموصوف الى الصفة والدعوة بمعنى العبادة والحق بمعنى الحقيق اللائق الغير الباطل. والمعنى ان الدعوة التي هى التضرع والعبادة قسمان ما يكون حقا وصوابا وما يكون باطلا وخطأ فالتى تكون حقا منها مختصة به تعالى لا يشاركه فيها غيره او له الدعوة المجابة على ان يكون الحق بمعنى الثابت الغير الضائع الباطل فانه الذي يجيب لمن دعاه دون غيره قال فى المدارك المعنى ان الله يدعى فيستجيب الدعوة ويعطى السائل الداعي سؤاله فكانت دعوة ملابسة لكونه حقيقا بان يوجه اليه الدعاء بخلاف ما لا ينفع دعاؤه فرو ماند كانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ اى والأصنام الذين يدعونهم الكفار متجاوزين الله فى الدعاء الى الأصنام فحذف الراجع او والكفار الذين يدعون الأصنام من دونه تعالى فحذف المفعول لا يَسْتَجِيبُونَ اى لا يجيب الأصنام وضمير العقلاء لمعاملتهم إياها معاملة العقلاء لَهُمْ اى الكفار بِشَيْءٍ من مراداتهم إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ استثناء مفرغ من أعم عام المصدر اى الا استجابة مثل استجابة ماد يديه اى كاستجابة الماء من بسط كفيه اليه قال الكاشفى [مكر همچون اجابت كسى كه بگشاده هر دو كف خود را بسوى آب يعنى تشنه كه بر سر چاهى رسد وبا او دلو رسنى نبود هر دو دست خود بسوى چاه بگشايد وبفرياد وزارى آب را مى طلبد] لِيَبْلُغَ فاهُ [تا بدهن او برسد] اى يدعو الماء بلسانه ويشير اليه بيده ليصل الى فمه فاللام متعلق بباسط ففاعل يبلغ هو الماء وَما هُوَ اى الماء بِبالِغِهِ ببالغ فيه لانه جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه وحاجته اليه ولا يقدر ان يجيب دعاءه ويبلغ فاه وكذا ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع اجابتهم ولا يقدر على نفعهم والتشبيه من المركب التمثيلى شبه حال الأصنام مع من دعاءهم من المشركين وهو عدم استجابتهم دعاء المشركين وعدم فوز المشركين من دعائهم الأصنام شيأ من الاستجابة والنفع بحال الماء الواقع بمرأى من العطشان الذي يبسط اليه كفيه يطلب منه اى يبلغ فاه وينفعه من احتراق كبده ووجه الشبه عدم استطاعة المطلوب منه اجابة الدعاء وخيبة الطالب عن نيل ما هو أحوج اليه من المطلوب وهذا الوجه كما ترى منتزع من عدة امور وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ يعنى لاصنامهم إِلَّا فِي ضَلالٍ فى ضياع وخسار وباطل لان الآلهة لا تقدر على اجابتهم واما دعاؤهم له تعالى فالمذهب جواز استجابته كما فى كتب الكلام والفتاوى وقد أجاب الله دعاء إبليس وغيره ألا ترى ان فرعون كان يدعو الله فى مكان خال عند نقصان النيل فيستجيب الله دعاءه ويمده فاذا كان الله لا يضيع دعاء الكافرين فما ظنك بالمؤمن والماء وان كان من طبعه التسفل ولكن الله تعالى إذا أراد يحركه من المركز الى جانب المحيط على خلاف طبعه بطريق خرق العادة كما وقع لبعض اولياء الله تعالى فانهم لوصولهم الى المسبب قد لا يحتاجون الى الأسباب- حكى- عن الشيخ ابى عبد الله بن حفيف رضى الله عنه قال دخلت بغداد قاصدا لحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى الله

[سورة الرعد (13) : آية 15]

تعالى قال ولم آكل أربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشان فلما دنوت من البئر ولى الظبى وإذا الماء فى أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى مالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى فكنت اشرب منها وأتطهر الى المدينة ولم ينفد الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد علىّ قال لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك والاشارة فى الآية ان لله تعالى دعاة يدعون الخلق بالحق الى الحق والذين يدعون لغير الحق لا يقبلون النصح إذا خرج من القلب الساهي ولا يتأثر فهم كمن بسط يده الى الماء اراءة للخلق بان يريد شربه وما هو ببالغه اى فمه فلا يحصل الشرب على الحقيقة وان توهم الخلق انه شارب وهذا مثل ضربه الله للدعاة من اهل الأهواء والبدع يدعون الخلق الى الله لغير الله فلا يستجابون على الحقيقة وان استجيبوا فى الظاهر لانهم استجابوا لهم على الضلال يدل عليه قوله وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ الخلق عن الحق كما فى التأويلات النجمية ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كاين ره كه تو ميروى بتركستانست وَلِلَّهِ يَسْجُدُ حقيقة وهو بوضع الجبهة على الأرض مَنْ فِي السَّماواتِ يعنى الملائكة وأرواح الأنبياء والأولياء واهل الدرجات من المؤمنين وَالْأَرْضِ من الملائكة والمؤمنين من الثقلين طَوْعاً حال اى طائعين حالتى الشدة والرخاء وَكَرْهاً اى كارهين حالة الشدة والضرورة وذلك من الكافرين والمنافقين والشياطين ويقال من ولد فى الإسلام طوعا ومن سبى من دار الحرب كرها وفى الحديث (عجب ربك من قوم يساقون الى الجنة بالسلاسل) وفيه اشارة الى ان من اهل المحبة والوفاء من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة: قال الكمال الخجندي نيست ما را غم طوبى وتمناى بهشت ... شيوه مردم نا اهل بود همت پست وَظِلالُهُمْ على حذف الفعل اى ويسجد ظلال اهل السموات والأرض بالعرض اى تبعا لذى الظل ويجوز ان يراد بالسجود معناه المجازى وهو انقيادهم لاحداث ما اراده الله فيهم شاؤا او كرهوا وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص ونقلها من جانب الى جانب فالكل مذلل ومسخر تحت الاحكام والتقدير بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ الغدو جمع غداة وهى البكرة والآصال جمع اصيل وهو العشى من حين زوال الشمس الى غيبوبتها كما فى بحر العلوم وقال فى الكواشي وغيره الأصيل ما بين العصر وغروب الشمس والباء بمعنى فى ظرف ليسجد اى يسجد فى هذين الوقتين والمراد بهما الدوام لان السجود سواء أريد به حقيقته او الانقياد والاستسلام لا اختصاص له بالوقتين وتخصيصهما مع ان انقياد الظلال وميلانها من جانب الى جانب وطولها بسبب انحطاط الشمس وقصرها بسبب ارتفاعها لا يختص بوقت دون وقت بل هى مستسلمة منقادة لله تعالى فى عموم الأوقات لان الظلال انما تعظم وتكثر فيهما قال فى التأويلات النجمية وظلالهم اى نفوسهم فان النفوس ظلال الأرواح وليس السجود بالطوع من شأن النفوس لان النفس

[سورة الرعد (13) : آية 16]

امارة بالسوء طبعا الا ما رحم الرب تعالى لتسجد طوعا والإكراه على السجود بتبعية الأرواح وايضا ولله يسجد من فى السموات اى سموات القلوب من صفات القلوب والأرواح والعقول طوعا والأرض اى ومن فى ارض النفوس من صفات النفس والحيوانية والسبعية والشيطانية كرها لانه ليس من طبعهم السجود والانقياد اه قال بعض الكبار من اسرار هذا العالم انه ما من حادث إلا وله ظل يسجد لله تعالى سواء كان ذلك الحادث مطيعا او عاصيا فان كان من اهل الموافقة فهو ساجد مع ظلاله وان كان من اهل المخالفة فالظل نائب منابه فى الطاعة [وحقيقت آنست كه طوع ورغبت صفت آنهاست كه لطف ازل نهال ايمان در زمين دل ايشان نشانده ونفرت وكراهيت خاصيت آنانكه قهر لم يزل تخم خذلان در مزرعه نفس نافرمان ايشان فشانده] بر آن زخمى زند كين بى نيازيست ... برين مرهم نهد كين دلنوازيست قال الكاشفى [اين سجده دوم است از سجدات قرآنى وحضرت شيخ رضى الله عنه در سفر سابع از فتوحات كه ذكر سجده قرآنى ميكند اين را سجود الظلال وسجود العام گفته وفرموده كه لازم است بنده تصديق كند خدايرا درين خبر وسجده آرد] وقد سبق فى آخر الأعراف ما يتعلق بسجدة التلاوة فارجع واما سجدة الشكر وهى ان يكبر ويخر ساجدا مستقبل القبلة فيحمده تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه فقد قال الشافعي يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم كحدوث ولد أو نصر على الأعداء ونحوه وعند دفع نقمة كنجاة من عدو او غرق ونحو ذلك وعن ابى حنيفة ومالك ان سجود الشكر مكروه ولو خضع فتقرب لله تعالى بسجدة واحدة من غير سبب فالارجح انه حرام قال النووي ومن هذا ما يفعله كثير من الجهلة الضالين من السجود بين يدى المشايخ فان ذلك حرام قطعا بكل حال سواء كان الى القبلة او لغيرها وسواء قصد السجود لله او غفل وفى بعض صوره ما يقتضى الكفر كذا فى الفتح القريب قُلْ يا محمد للمشركين مَنْ [كيست] رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومالكهما ومتولى أمرهما قُلْ فى الجواب اللَّهُ إذ لا جواب لهم سواه لانه البين الذي لامراء فيه فكأنه حكاية لاعترافهم به قُلْ إلزاما لهم أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ الهمزة للانكار والفاء للاستبعاداى أبعد إقراركم هذا وعلمكم بانه تعالى صانع العالم ومالكه اتخذتم من دونه تعالى أصناما وهو منكر بعيد من مقتضى العقل لا يَمْلِكُونَ اى تلك الأولياء لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا لا يستطيعون لانفسهم جلب نفع إليها ولا دفع ضرر عنها وإذا عجزوا عن جلب النفع الى أنفسهم ودفع الضرر عنها كانوا عن نفع الغير ودفع الضر عنه أعجز ومن هو كذلك فكيف يعبد ويتخذ وليا وهذا تجهيل لهم وشهادة على غباوتهم وضلالتهم التي ليس بعدها والاشارة قل من رب سموات القلوب وارض النفوس ومن دبر فيهما درجات الجنان بالأخلاق الحميدة ودركات النيران بالأخلاق الذميمة وجعل مشاهدة القلوب مقامات القرب وشواهد الحق ومراتع النفوس شهوات الدنيا ومنازل البعد قل الله اى أجب أنت عن هذا السؤال

لان الأجانب منه بمعزل قل للاجانب أفاتخذتم من دونه اولياء من الشياطين والدنيا والهوى لا يملكون لانفسهم ولا لكم نفعا ولا ضرا فى الدنيا والآخرة لانهم مملوكون والمملوك لا يملك شيأ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وارد على التشبيه اى فكما لا يستوى الأعمى والبصير فى الحس كذلك لا يستوى المشرك الجاهل بعظمة الله وثوابه وعقابه وقدرته مع الموحد العالم بذلك قال فى التأويلات النجمية الأعمى من يرى غير الله مالكا ومتصرفا فى الوجود والبصير من لا يرى مالكا ولا متصرفا فى الوجود غير الله وايضا الأعمى هو النفوس لانها تتعلق بغير الله وتحب غيره والبصير القلوب لانها تتعلق بالله وتحبه فالاعمى من عمى بالحق وابصر بالباطل والبصير من ابصر بالحق وعمى بالباطل وايضا الأعمى من ابصر بظلمات الهوى والبصير من ابصر بانوار المولى أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ هذا وارد على التشبيه ايضا اى فكما لا تستوى الظلمات والنور كذلك لا يستوى الشرك والإنكار والتوحيد والمعرفة وعبر عن الشرك بصيغة الجمع لان انواع شرك النصارى وشرك اليهود وشرك عبدة الأوثان وشرك المجوس وغيرها بخلاف التوحيد وفى التأويلات هل يستوى المستكن فى ظلمات الطبيعة والهوى ومن هو مستغرق فى بحر نور جمال المولى فالاول كالاعمى إذ لا يقدر ان يرى الملكوت من ظلمات الملك والثاني كالبصير فكما اين المستغرق فى البحر والغائص فيه لا يرى غير الماء فكذا لا يرى اهل البصيرة سوى الله: قال المولى الجامى عاشق اندر ظاهر وباطن نه بيند غير دوست ... پيش اهل باطن اين معنى كه گفتم ظاهرست أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ بل اجعلوا فأم منقطعة والهمزة للانكار بمعنى لم يكن. والمعنى بالفارسية [يا آيا كافران ساختند براى خداى انبازانى كه] خَلَقُوا كَخَلْقِهِ صفة شركاء داخلة فى حكم الإنكار يعنى انهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين مثل خلق الله فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ حتى يتشابه ويلتبس عليهم خلق الله وخلقهم فيقولوا هؤلاء قدروا على الخلق كما قدر الله عليه فاستحقوا العبادة كما استحقها ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه اقل خلق الله وإذ له وأصغره وأحقره فضلا عن ان يقدروا على ما يقدر عليه الخالق قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ من الأجسام والاعراض لا خالق غير الله فيشاركه فى العبادة جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ يحتمل ان يكون هذا القول داخلا تحت الأمر بقل ويحتمل ان يكون استئنافا اخبارا منه تعالى بهذين الوصفين اى المتوحد بالالوهية الغالب على كل شىء فما سواه مقهور مغلوب له ومن الأشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف يتوهم ان يكونوا له اولياء وشركاء نرد خدمت چون بنا موضع بباخت ... شير سنگين را شقى شيرى شناخت قال المولى الجامى مده بعشوه صورت عنان دل جامى ... كه هست در پس اين پرده صورت آرايى وفى التأويلات النجمية الواحد فى ذاته وصفاته القهار لمن دونه اى هو الواحد فى خلق الأشياء وقهرها لا شريك له فيه ولا فى المطلوبية والمحبوبية فالعارف لا يطلب غير الله ولا يرى فى مرآة الأشياء الا الله

[سورة الرعد (13) : الآيات 17 إلى 21]

شهود يار در اغيار مشرب جاميست ... كدام غير كه لا شىء فى الوجود سواه والآية اشارة الى انه تعالى خالق الخير والشر- روى- عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اقبل ابو بكر وعمر فى جماعة من الناس فلما دنوا سلموا على رسول الله فقال بعض القوم يا رسول الله قال ابو بكر الحسنات من الله والسيئات منا وقال عمر الحسنات والسيئات كلها من الله تعالى فتابع بعض القوم أبا بكر وبعض القوم عمر فقال عليه السلام (ما أقضي بينكما الا كما قضى اسرافيل بين جبرائيل وميكائيل اما جبرائيل فقال مثل مقالتك يا عمر واما ميكائيل فقال مثل مقالتك يا أبا بكر فقال جبرائيل إذا اختلف اهل السماء اختلف اهل الأرض فهلم نتحاكم الى اسرافيل فقصا عليه القصة فقضى بينهما ان القدر خيره وشره من الله تعالى) ثم قال النبي عليه السلام (فهذا قضائى بينكما) قال (يا أبا بكر لو شاء الله ان لا يعصى فى الأرض لم يخلق إبليس) : قال الحافظ در كار خانه عشق در كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد نسأل الله التوفيق الى الخير والفلاح والرشاد أَنْزَلَ اى الله تعالى مِنَ السَّماءِ ماءً اى مطرا ينحدر منها الى السحاب ومنه الى الأرض وهو رد لمن زعم انه يأخذه من البحر ومن زعم ان المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الأرض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحر ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء الدنيا ويوحى الى السحاب ان غربله فيغر بله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ولا وزن يقول الفقير هذه الرواية ادل على قدرة الله تعالى مما ذهب اليه الحكماء كما لا يخفى فقول من قال فى التفسير اى من السماء نفسها فان مبادى الماء منها ففى لفظة من مجاز تضييق للامر وعدول عن الحقيقة من غير وجه معتد به والله على كل شىء قدير فَسالَتْ من ذلك الماء والسيلان الجريان أَوْدِيَةٌ جمع واد كاندية جمع ناد وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة والمراد هاهنا الأنهار بطريق ذكر المحل وارادة الحال ونكرها لان المطر يأتى على طريق المناوبة بين البقاء فيسيل بعض اودية دون بعض بِقَدَرِها بفتح الدال وسكونها صفة لاودية او متعلق بسالت والضمير راجع الى المعنى المجازى للاودية اى بمقدارها الذي علم الله انه نافع للممطور عليهم غير ضار اى بالقدر الذي لا يتضرر الناس به. وبالفارسية [باندازه كه خداى تعالى مقرر كرده كه آن سود رساند وزيان نكند] وذلك لانه ضرب المطر مثلا للحق فوجب ان يكون مطرا خالصا للنفع خاليا من المضرة ولا يكون كبعض الأمطار والسيول الجواحف ويجوز ان يكون الضمير راجعا الى المعنى الحقيقي لها على طريق الاستخدام اى بمقدارها فى الصغر والكبر اى ان صغر الوادي قل الماء وان اتسع الوادي كثر الماء. وبالفارسية [بقدرها باندازه خود يعنى هر وادي بمقدار خود در جزوى وبزرگى وتنگى وفراخى برداشت] فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ اى حمل ورفع زَبَداً هو اسم لكل ما علا وجه الماء من رغوة وغيرها

سواء حصل بالغليان او بغيره. وبالفارسية [كف] وأصله كل شىء تولد من شىء مع مشابهته له ومنه الزبد رابِياً عاليا فوق الماء وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ خبر مقدم لقوله زبد مثله وعليه متعلق بيوقدون. والإيقاد جعل النار تحت الشيء ليذوب وفى النار حال من الضمير فى عليه اى ومن الذي يوقد الناس عليه يعنى [ميگذارند] حال كونه ثابتا فى النار وهو يعم الفلزات والفلز بكسر الفاء واللام وشد الزاى جوهر الأرض اى الأجساد السبعة المعدنية التي تذاب وهى الذهب والفضة والحديد والنحاس والآنك والزئبق والصفر ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ مفعول له اى طلب زينة فان اكثر الزين من الذهب والفضة أَوْ مَتاعٍ عطف على حلية وهو ما يتمتع به اى ينتفع به كالنحاس والحديد والرصاص يذاب فيتخذ منه الأواني وآلات الحروب والحرث زَبَدٌ مِثْلُهُ قوله مثله صفة زبد اى ومنه ينشأ زبد مثل زبد الماء يعلو عليه إذا اذيب وهو الخبث على ان تكون من ابتدائية او بعضه زبد مثله على ان تكون تبعيضية كَذلِكَ فى محل النصب اى مثل ذلك الضرب والبيان والتمثيل يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ اى بينهما ويمثلهما فانه تعالى مثل الحق فى الثبات والنفع بالماء النافع وبالفلز الذي ينتفعون به فى صوغ الحلي منه واتخاذ الامتعة المختلفة وشبه الباطل فى سرعة زواله وقلة نفعه بالزبد الضائع اى بزبد السيل الذي يرمى به وبزبد الفلز الذي يطفو فوقه إذا اذيب فالزبد وان علا الماء فهو ينمحق وكذا الباطل وان علا الحق فى بعض الأحوال فان الله سيمحقه ويبطله بجعل العاقبة للحق واهله كما قيل للحق دولة وللباطل صولة: قال الحافظ سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد وبين وجه الشبه وهو الذهاب باطلا مطروحا والثبات نافعا مقبولا بقوله فَأَمَّا الزَّبَدُ [اما كف روى آب وخبث بالاى فلز] وبدأ بالزبد مع تأخره فان ذا الزبد يبقى بعد الزبد ويتأخر وجوده الاستمراري فَيَذْهَبُ جُفاءً قال فى القاموس الجفاء كغراب الباطل وهو حال اى باطلا مر ميابه وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ كالماء وخلاصة الفلز فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ اى يبقى ولا يذهب فينتفع به الناس اما الماء فيثبت بعضه فى منافعه ويسلك بعضه فى عروق الأرض الى العيون والقنى والآبار واما الفلز فيبقى ازمنة متطاولة كَذلِكَ [همچنين كه ذكر كرده شد] يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ ويبينها لا يضاح المشتبهات. والمثل القول الدائر بين الناس والتمثيل أقوى وسيلة الى تفهيم الجاهل الغبي وهو اظهار للوحشى فى صورة المألوف قال الكاشفى [بعضى بدانند كه مراد ازين آب قرآنست كه حيات دل اهل ايمانست وأودية دلهااند كه فراخور استعداد خود از ان فيض ميگيرند وزبد هواجس نفسانى ووساوس شيطانى است] وقال ابو الليث فى تفسيره شبه الباطل بالزبد يعنى احتملت القلوب على قدر هواها باطلا كثيرا فكما ان السيل يجمع كل قذر فكذلك الهوى يحتمل الباطل وكما ان الزبد لا وزن له فكذلك الباطل لا ثواب له والايمان واليقين ينتفع به اهله فى الآخرة كما ينتفع بالماء الصافي فى الدنيا والكفر والشك لا ينتفع به فى الدنيا والآخرة وفى التأويلات النجمية أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من سماء القلوب ماءً المحبة فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ النفوس بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً

[سورة الرعد (13) : آية 18]

من الأخلاق الذميمة النفسانية والصفات البهيمية الحيوانية وانزل من سماء الأرواح ماء مشاهدات أنوار الجمال فسالت اودية القلوب بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا من انانية الروحانية وانزل من سماء الجبروت ماء تجلى صفة الالوهية فسالت اودية الاسرار بقدرها فاحتمل السيل زبد الوجود المجازى: قال فى المثنوى چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ خبر مقدم لقوله الْحُسْنى اى للمؤمنين الذين أجابوا فى الدنيا الى ما دعا الله اليه من التوحيد والطاعة المثوبة الحسين فى الآخرة وهى الجنة وسميت بذلك لانها فى نهاية الحسن لكونها من آثار الجمال الصفاتى واما الأحسن فهو الله تعالى وحسنه الأزلي من ذاته لا من غيره فقد علم من هذا ان الداعي الى الحسنى هو الله تعالى والمجيب الى تلك الدعوة الالهية هو المؤمنون والجنة ونعيمها هى الضيافة العظمى وقد ورد (اللهم انى اسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل) قال بعض الكبار من أحب رؤية الله أحب الجنة لانها محلها يقول الفقير فيه تصريح بان الجنة محل الرؤية لا محل الله تعالى حتى يلزم اثبات المكان له ولا يلزم من كونها محل الرؤية كونها محله تعالى لان التقيد بالمكان حال الرائي لا حال المرئي والدنيا والآخرة سواء بالنسبة الى الرائي كما انهما سيان بالنسبة الى المرئي إذ لو رؤى فى الدنيا بحسب ارتفاع الموانع لكان لا يضر إطلاقه وتنزهه وكذا لو رؤى فى الجنة وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فى الدنيا فجعلت الدنيا ظرفا لرؤيته مع ان الله تعالى على تنزهه الأزلي وإذا عرفت هذا عرفت ضعف قول الفقهاء لو قال ارى الله فى الجنة يكفر لانه يزعم ان الله تعالى فى الجنة والحق ان يقال نرى الله فى الجنة انتهى قولهم مجرد پابيش ز اطلاق وتقييد ... اگر جلباب هستى را كنى شق وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ وهم الكافرون بالله الخارجون عن الطاعة وهو مبتدأ خبره قوله لَوْ أَنَّ لَهُمْ [اگر باشد مر ايشانرا] ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من نقودها وأمتعتها وضياعها وَمِثْلَهُ مَعَهُ وضعفه معه [يعنى آن قدر كه نقود واقمشه دينى هست با آن اضافت كنند وهمه در تصرف كافران باشد روز قيامت] لَافْتَدَوْا بِهِ جعلوه فداء أنفسهم من العذاب ولو فادوا به لا يقبل منهم يقول الفقير سر هذا انهم بسبب الدنيا غفلوا عن الله تعالى وحين الانتباه بالموت والبعث صغر فى أعينهم الدنيا وما فيها فلو قدروا لبذلوا الكل وأخذوا الله تعالى بدلا منه فقد قصروا فى وقت القبول وتمنوا ما تمنوا حين لا درهم ولا دينار مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دو سه روز از غم ابد بگريز أُولئِكَ [آن گروه] لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ هو المناقشة بان يحاسب الرجل بذنبه ولا يغفر منه شىء وعن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله عليه السلام قال (ليس أحد يحاسب يوم القيامة الا هلك) قلت أوليس يقول الله فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً فقال انما ذلك العرض ولكن من نوقش فى الحساب يهلك والمناقشة الاستقصاء فى الحساب بحيث لا يترك

[سورة الرعد (13) : آية 19]

منه شىء يقال ناقشه الحساب إذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلا ولا كثيرا. ومعنى الحديث ان المناقشة فى الحساب وعدم المسامحة مفض الى الهلاك ودخول النار ولكن الله يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء قال النووي وهذا لمن لم يحاسب نفسه فى الدنيا فيناقش بالصغيرة والكبيرة فاما من تاب وحاسب نفسه فلا يناقش كما فى الفتح القريب نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد گناه آب چشمش بسى وَمَأْواهُمْ مرجعهم بعد المناقشة جَهَنَّمُ فان قلت هلا قيل مأواهم النار قلت لان فى ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا ويحتمل ان يكون جهنم هى ابعد النار قعرا من قولهم بئر جهنم بعيدة القعر قال بعضهم جهنم معرب وكأنه فى الفرس [چهـ نم] وَبِئْسَ الْمِهادُ [وبد جايگاهست دوزخ] وهو بمعنى الممهود المبسوط يقال مهدت الفراش مهدا اى بسطته اطلق هاهنا بمعنى المستقر مطلقا اى بئس موضع القرار جهنم- وروى- احمد انه عليه السلام قال لجبريل (ما لى لا ارى ميكائيل ضاحكا) فقال ما ضحك مذ خلقت النار- وروى- ان موسى عليه السلام ناجى ربه فقال يا رب خلقت خلقا وربيتهم بنعمتك ثم تجعلهم يوم القيامة فى نارك قال فى المثنوى مستفيدى أعجمي شد آن كليم ... تا عجميانرا كند زين سر عليم «1» فاوحى الله تعالى اليه ان يا موسى قم فازرع زرعا فزرعه فسقاه وقام عليه وحصده وداسه فقال له ما فعلت بزرعك يا موسى قال قدر فعته قال فما تركت منه شيأ قال يا رب تركت ما لا خير فيه قال يا موسى فانى ادخل النار ما لا خير فيه وهو الذي يستنكف ان يقول لا اله الا الله وفى المثنوى چونكه موسى كشت وشد كشتش تمام ... خوشهايش يافت خوبى ونظام «2» داس بگرفت ومران را مى بريد ... پس ندا از غيب در گوشش رسيد كه چرا كشتى كنى و پرورى ... چون كمالى يافت آنرا مى برى گفت يا رب زان كنم ويران و پست ... كه در اينجا دانه هست وكاه هست دانه لايق نيست در أنبار كاه ... كاه در أنبار گندم هم تباه نيست حكمت اين دو را آميختن ... فرق واجب مى كند در بيختن گفت اين دانش تو از كه يافتى ... كه بدانش بيدرى بر ساختى گفت تمييزم تو دادى اى خدا ... گفت پس تمييز چون نبود مرا در خلايق روحهاى پاك هست ... روحهاى تيره وكلناك هست اين صدفها نيست در يك مرتبه ... در يكى در است ودر ديگر شبه واجبست اظهار اين نيك وتباه ... همچنا كاظهار گندمها ز كاه أَفَمَنْ يَعْلَمُ [آيا كسى ميداند كه] أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [آنكه هرچهـ فرو فرستاده اند بسوى تو از پروردگار تو] الْحَقُّ [درست وراستست] يعنى يعلم ان القرآن الذي انزل الله تعالى هو الحق وهو حمزة بن عبد المطلب او عمار كَمَنْ هُوَ أَعْمى

_ (1- 2) در اواخر دفتر چهارم در بيان مطالبت كردن موسى عليه السلام از حضرت عزت إلخ

[سورة الرعد (13) : الآيات 20 إلى 21]

قلبه فينكر القرآن وهو ابو جهل اى لا يستوى من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه وهذا عام فيمن كان كذلك: وفى المثنوى در سرور ودر كشيده چادرى ... رو نهان كرده ز چشمت دلبرى شاه نامه يا كليله پيش تو ... همچنان باشد كه قرآن از عتو فرق آنكه باشد از حق ومجاز ... كه كند كحل عنايت چشم باز ور نه پشك ومشك پيش اخشمى ... هر دو يكسانست چون نبود شمى گفت يزدان كه ترا هم ينظرون ... نقش حمامند هم لا يبصرون وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ اى لا يقبل نصح القرآن ولا يعمل به إلا ذوو العقول الصافية من معارضة الوهم قال فى التأويلات هم المستخرجة. عقولهم من قشور آفات الحواس والوهم والخيال المؤيدة بتجلى أنوار الجمال والجلال اعلم ان طالب الحق لا بد له فى التزكية من التفكر ثم التذكر وبينهما فرق فان التذكر فوق التفكر فان التفكر طلب والتذكر وجود يعنى ان التفكر لا يكون الا عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية فتلتمس البصيرة مطلوبه واما التذكر فعند رفع الحجاب وخلوص الخلاصة الانسانية من قشور صفات النفس والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الأزل من التوحيد والمعارف بعد النسيان قال فى حياة الأرواح التذكر لا يكون الا لذى لب قد خلص من قشر غواشى النشأة قال تعالى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ والنسيان انما يحصل بسبب الغواشي كما قال تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وقد امر الله باحكام الشريعة لازالة هذه الغواشي والملابس وعدد الأعضاء المكلفة ثمانية وهى العين والاذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب فعلى كل واحد من هذه الأعضاء تكليف يخصه من انواع الاحكام الشرعية او افعال المحمدة عند الله فالمحمدة كالصلاة والصوم وما أشبه ذلك والمذمة كضربك نفسك بسكين لتقتلها ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة كصنف المباح ولا يجوز لك هذا الفعل الا فى ذاتك واما فى غيرك فلا الا بشرط ما فالذى لذاتك كنظرك الى عورتك والذي هو مع غيرك ثمانية اصناف المال والولد والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والأجير والأخ الايمانى والطيني الَّذِينَ الموصولات مع صلاتها مبتدأة خبرها قوله أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ عهد الله مضاف الى مفعوله اى بما عقدوه على أنفسهم من الشهادة والاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى شهدنا وبالفارسية [آنانكه وفا ميكنند به پيمان خداى تعالى كه در روز ميثاق بسته اند] وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ اى ذلك العهد بينهم وبين الله وكذا عهودهم بينهم وبين الناس فهو تعميم بعد تخصيص وَالَّذِينَ يَصِلُونَ [وآنانكه پيوند ميكنند] ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ المفعول الاول محذوف تقديره ما أمرهم الله به وان يوصل بدل من الضمير المجرور اى يوصله وهذه الآية يندرج فيها امور الاول صلة الرحم واختلف فى حد الرحم التي يجب صلتها فقيل كل ذى رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام والعمات وأولاد الخال والخالات

وقيل هو عام فى كل ذى رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث وهذا القول هو الصواب قال النووي وهذا أصح والمحرم من لا يحل له نكاحها على التأبيد لحرمتها. فقولنا على التأبيد احتراز عن اخت الزوجة. وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فان تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ واعلم ان قطع الرحم حرام والصلة واجبة ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام والمكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كذا فى شرح الطريقة. وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق وزيادة العمر وهى اسرع اثرا كعقوق الوالدين فان العاق لهما لا يمهل فى الأغلب ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم والثاني الايمان بكل الأنبياء عليهم السلام فقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض قطع لما امر الله به ان يوصل والثالث موالاة المؤمنين فانه يستحب استحبابا شديدا زيارة الاخوان والصالحين والجيران والأصدقاء والأقارب وإكرامهم وبرهم وصلتهم وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم وينبغى للزائر ان تكون زيارته على وجه لا يكرهون وفى وقت يرتضون فان رأى أخاه يحب زيارته ويأنس به اكثر زيارته والجلوس عنده وان رآه مشتغلا بعبادة او غيرها او رآه يحب الخلوة يقل زيارته حتى لا يشغله عن عمله. وكذا عائد المريض لا يطيل الجلوس عنده الا ان يستأنس به المريض. ومن تمام المواصلة المصافحة عند الملاقاة ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها: قال الحافظ يارى اندر كس نمى بينيم ياران را چهـ شد ... دوستى كى آخر آمد دوستدارانرا چهـ شد كس نمى گويد كه يارى داشت حق دوستى ... حق شناسانرا چهـ حال افتاد وياران را چهـ شد والرابع مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة وعن الفضيل ان جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من اين أنتم قالوا من اهل خراسان قال اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم واعلموا ان العبد لو احسن الإحسان كله وكانت له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها فلم تطعمها الى ان ماتت وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها وكان اويس القرني يقتات من المزابل ويكتسى منها فنبحه يوما كلب على مزبلة فقال له اويس كل مما يليك وانا آكل مما يلينى ولا تنبحنى فان جزت الصراط فانا خير منك والا فانت خير منى يقول الفقير وذلك لان الإنسان السعيد خير البرية والشقي شر البرية والكلب داخل فى البرية وهذا كلام من مقام الانصاف فان اهل الحق لا يرون لانفسهم فضلا ولذا كانوا يعدون من سواهم أياما كان خيرا. منهم وورد (رب بهيمة خير من راكبها) وهذا العلم أعطاهم مراعاة الحقوق مع جميع الحيوانات وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ اى وعيده عموما وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل ان يحاسبوا وقال ابو هلال العسكرى الخوف يتعلق بالمكروه ومنزل المكروه يقال خفت زيد او خفت المرض كما قال تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وقال وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ انتهى وسوء الحساب سبق قريبا والخوف من أجل المنازل وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد

[سورة الرعد (13) : الآيات 22 إلى 26]

هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند وَالَّذِينَ صَبَرُوا على ما تكرهه النفوس من انواع المصائب ومخالفة الهوى من مشاق التكاليف ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ طلبا لرضاه من غير ان ينظروا الى جانب الخلق رياء وسمعة ولا الى جانب النفس زينة وعجبا واعلم ان مواد الصبر كثيرة منها. الصبر على العمى وفى الحديث القدسي (إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه) اى العينين وسميتا بذلك لانهما أحب الأشياء الى الشخص (فصبر على البلاء راضيا بقضاء الله تعالى عوضته منهما الجنة) والأعمى أول من يرى الله تعالى يوم القيامة. ومنها الصبر على الحمى وصداع الرأس وموت الأولاد والأحباب وغير ذلك من انواع الابتلاء. ومنها الصوم فان فيه صبرا على ما تكرهه النفس من حيث انها مألوفة بالأكل والشرب والصوم ربع الايمان بمقتضى قوله عليه السلام (الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان) : قال الحافظ ترسم كزين چمن نبرى آستين گل ... كز گلشنش تحمل خارى نميكنى - روى- ان شقيق بن ابراهيم البلخي دخل على عبد الله بن المبارك متنكرا فقال له عبد الله من اين أتيت فقال من بلخ قال وهل تعرف شقيقا قال نعم قال كيف طريقة أصحابه فقال إذا منعوا صبروا وإذا اعطوا شكروا فقال عبد الله طريقة كلا بنا هكذا فقال وكيف ينبغى ان يكون الأمر فقال الكاملون هم الذين إذا منعوا شكروا وان اعطوا آثروا قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض مناجاته اللهم انى أحمدك فى السراء والضراء وأقول فى السراء الحمد لله المنعم المفضل نظرا الى النعمة الظاهرة والمنحة الجلية فى السراء وأقول فى الضراء، الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة والمنحة الخفية فى الضراء لكن أشكرك فى السراء وأقول الشكر لله طمعا فى زيادة النعمة والمنحة بمقتضى وعدك فى قولك لئن شكرتم لازيدنكم فاذا دفعت عنى البلية ورفعت المحنة فاشكرك مطلقا كما أحمدك كذلك وأقول الشكر لله مطلقا كما أقول الحمد لله كذلك انتهى وهذا كلام لم ار مثله من المتقدمين حقيق بالقبول والحفظ فرضى الله عن قائله وَأَقامُوا الصَّلاةَ المفروضة اى داوموا على إقامتها وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ اى بعضه الذي وجب عليهم إنفاقه فمن للتبعيض والمراد بالبعض المتصدق به الزكاة المفروضة لاقترانه بالصلاة التي هى اخت الزكاة وشقيقتها او مطلق ما ينفق فى سبيل الله نظرا الى اطلاق اللفظ من غير قرينة الخصوص سِرًّا لمن لا يعرف بالمال يتناول النوافل لانها فى السر أفضل وَعَلانِيَةً لمن عرف به يشمل الفرائض لوجوب المجاهرة بها نفيا للتهمة وانتصابهما على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية او على المصدر اى انفاق سر وعلانية. والمعنى اسرار النوافل من الصدقات والإعلان بالفرائض ومن الانفاق الواجب الانفاق على الأبوين إذا كانا فقيرين قال الفقهاء تقدم الام على الأب فى النفقة إذا لم يكن عند الولد الا كفاية أحدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة او ساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى الفتح القريب قال الشيخ عز الدين الواجب قسمان واجب بالشرع

وواجب بالمروءة والسخي هو الذي لا يمنع واجب الشرع ولا واجب المروءة فان منع واجبا منهما فهو بخيل ولكن الذي يمنع واجب الشرع ابخل كالذى يمنع أداء الزكاة والنفقة الواجبة او يؤديها بمشقة فانه بخيل بالطبع متسخ بالتكلف او كان بحيث لا يطيب له ان يعطى من أطيب ماله او من أوسطه فهذا كله بخل واما واجب المروءة المضايقة والاستقصاء فى المحقرات فان ذلك مستقبح واستقباحه يختلف بالأحوال والاشخاص فمن كثر ماله يستقبح منه ما لا يستقبح من الفقير من المضايقة ما لا يستقبح اقل منه فى المبايعة والمعاملة فيختلف ذلك بما فيه المضايقة من ضيافة او معاملة وبما به المضايقة من طعام او ثوب فالبخيل هو الذي يمنع حيث ينبغى ان لا يمنع اما بحكم الشرع واما بحكم المروءة وجاء فى وصف البخيل لو عبر البحر بامواجه ... فى ليلة مظلمة باردة وكفه مملوءة خرد لا ... ما سقطت من كفه واحده وفيه خواجه در ماهتاب نان ميخورد ... در سرايى كه هيچ خلقى نبود سايه خويش را كسى پنداشت ... كاسه از پيش خويشتن بربود واعلم ان الله تعالى أسند الانفاق إليهم وإعطاء الرزق الى ذاته تعالى تنبيها على انهم أمناء الله فيما أعطاهم ووكلاؤه والوكيل دخيل فى التصرف لا اصيل فينبغى له ان يلاحظ جانب الموكل لا جانب نفسه ولا جانب الخلق وقد قالوا من طمع فى شكر أو ثناء فهو بياع لا جواد فانه اشترى المدح بماله والمدح لذيذ مقصود فى نفسه والجود هو بذل الشيء من غير غرض كرم ولطف بى غرض بايد ... تا از ان مرد متهم نبود از كرم چون جزا طمع دارى ... آن تجارت بود كرم نبود ومن الكرم ضيافة الاخوان فى شهر رمضان وفى الحديث (يا أصحابي لا تنسوا امواتكم فى قبورهم خاصة فى شهر رمضان فان أرواحهم يأتون بيوتهم فينادى كل أحد منهم الف مرة من الرجال والنساء اعطفوا علينا بدرهم او برغيف او بكسرة خبز او بدعوة او بقراءة آية او بكسوة كساكم الله من لباس الجنة) كذا فى ربيع الأبرار فاذا كان الرغيف او الكسرة مفيدا مقبولا عند الله تعالى فما ظنك بما فوقه من اللذائذ وفى الحديث (من لقم أخاه لقمة حلوة صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة) وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ويدفعونها بها فيجاوزون الاساءة بالإحسان والظلم بالعفو والقطع بالوصل والحرمان بالعطاء كم مباش از درخت سايه فكن ... هر كه سنگش زند ثمر بخشش از صدف ياد گير نكته حلم ... هر كه زد بر سرش گهر بخشش او المعنى يتبعون الحسنة السيئة فتمحوها واحسن الحسنات كلمة لا اله الا الله إذا التوحيد رأس الدين فلا أفضل منه كما ان الرأس أفضل الجوارح وعن ابن كيسان إذا أذنبوا تابوا فيكون المراد بالحسنة التوبة وبالسيئة المعصية قال عبد الله بن المبارك هذه ثمان خصال مسيرة الى ثمانية أبواب الجنة أُولئِكَ [آن گروه كه بدين صفات موصوفند] لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ عاقبة الدنيا ومرجع

[سورة الرعد (13) : الآيات 23 إلى 24]

أهلها وهى العاقبة المطلقة التي هى الجنة واما النار فانما كانت عقبى الكافرين لسوء اختيارهم وليس كونها عاقبة دار الدنيا مقصودا بالذات بخلاف الجنه جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من عقبى الدار والعدن الاقامة يقال عدن بالبلد يعدن بالكسر اى اقام وسمى منبت الجواهر من الذهب ونحوه المعدن بكسر الدال لقرارها فيه أو لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء يَدْخُلُونَها اى جنات يقيمون فيها ولا يخرجون منها بعد الدخول وقيل هو وسط الجنان وأفضلها وأعلاها وهو مقام التجلي الإلهي والانكشاف الإلهي خلقه الله بيده من غير واسطة يقول الفقير الوجه الثاني أوجه عندى لان الاقامة فى الجنة من شأن كل مؤمن كاملا كان او ناقصا واما الاقامة فى جنة عدن فانما هى من شأن المؤمن الكامل وليس الكمال إلا بإتيان هذه الخصال الثمان وليس كل أحد يكفل بمؤونتها ويتصف بها الا من هداه الله من الخواص وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ عطف على المرفوع فى يدخلونها وانما ساغ للفصل بالضمير قال فى بحر العلوم وآبائهم جمع أبوي كل واحد منهم كأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم والمعنى انه يلحق بهم الصلحاء من أبويهم وَأَزْواجِهِمْ جمع زوج. بالفارسية [زن] ويقال للمرأة الزوج والزوجة والزوج افصح وَذُرِّيَّاتِهِمْ أولادهم وان لم يبلغوا مبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم وتكميلا لفرحهم. ويقال من أعظم سرورهم ان يجتمعوا فيتذاكروا أحوالهم فى الدنيا ثم يشكروا الله على الخلاص منها والفوز بالجنة وهو دليل على ان الدرجة تعلو بالشفاعة فانه إذا جاز ان تعلو بمجرد التبعية للكاملين فى الايمان تعظيما لشأنهم فلان تعلو بشفاعتهم اولى والتقييد بالصلاح دليل على ان النسب المجرد لا ينفع قيل أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراح وليس بنافع نسب زكى ... يدنسه صنائعك القباح اصل را اعتبار چندان نيست ... روى تر گل ز خار خندان نيست مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ من أبواب المنازل فانه يكون لمقامهم ومنازلهم أبواب فيدخلون عليهم من كل باب ملك سَلامٌ عَلَيْكُمْ فى موقع الحال لان المعنى قائلين سلام عليكم يعنى سلمكم الله من العذاب سلامة وما تخافون منه وفى الحديث (ان للعبد من اهل الجنة لسبعين الف قهرمان إذ الملائكة يحبونه ويسلمون عليه ويخبرونه بما أعد الله تعالى) قال مقاتل يدخلون عليهم فى مقدار يوم وليلة من ايام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف من الله يقولون سلام عليكم بشارة لهم بدوام السلامة بِما صَبَرْتُمْ اى هذه الكرامة العظمى بسبب صبركم فى الدنيا على الفقر وملازمة الطاعة تلخيصه تعبتم ثمة فاسترحتم هنا [در اخبار آمده كه حضرت رسالت عليه السلام بلال را گفت چنان فقير كن كه بخداى رسى نه غنى] كانجا فقرا از همه مقبولترند وعن انس رضى الله عنه قال بعث الفقراء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقال

يا رسول الله انى رسول الفقراء إليك فقال (مرحبا بك جئت من عند قوم هم أحب الى) فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الأغنياء قد ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخر الهم فقال عليه السلام (بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شىء. اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر إليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير. والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو مقدار خمسمائة عام. والخصلة الثالثة إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف در هم وكذلك اعمال البر كلها) فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ المخصوص بالمدح محذوف اى فنعم عقبى الدار جنات عدن واللام فى الدار للجنس لا غير كما فى بحر العلوم وقد وعدهم الله بثلاثة امور الاول الجنة والثاني ان يضم إليهم من آمن من أهلهم ولم يعملوا مثل عملهم والثالث دخول الملائكة عليهم من كل باب مبشرين لهم بدوام السلامة وعن الشيخ عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الصنم فقلنا له ان إلهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا باله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه وفى الاحياء والأموات قضاؤه قال ومن أعلمكم بهذا قلنا وجه إلينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال فما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه الله اليه وترك عندنا كتابا فاتيناه بالمصحف وقرأنا عليه سورة فلم يزل يبكى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسلم وعلمناه شرائع الدين وسورا من القرآن فلما كان الليل صلينا العشاء وأخذنا مضاجعنا فقال يا قوم هذا الا له الذي دللتمونى عليه ينام إذا جن الليل قلنا لا قال فبئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام فاعجبنا كلامه فلما قدمنا عبادان قلت لا صحابى هذا قريب عهد بالإسلام فجمعناله دراهم وأعطيناه فقال ما هذا قلنا دراهم تنفقها فقال لا اله الا الله دللتمونى على طريق لم تسلكوها انا كنت فى جزائر البحر اعبد صنما من دونه فلم يضيعنى وانا لا أعرفه فكيف يضيعنى الآن وانا أعرفه فلما كان بعد ثلاثة ايام قيل لى انه فى الموت فاتيته فقلت له هل من حاجة قال قضى حوائجى من جاء بكم الى الجزيرة قال عبد الواحد فغلبتنى عيناى فنمت عنده فرأيت روضة خضراء فيها قبة وفى القبة سرير وعلى السرير جارية حسناء لم ير احسن منها وهى تقول بالله ألا ما عجلتم به الىّ فقد اشتد شوقى اليه فاستيقظت فاذا به قد فارق الدنيا فغسلته وكفنته وواريته فلما كان الليل رأيت فى منامى تلك الروضة وفيها تلك القبة وفى القبة ذلك السرير وعلى السرير تلك الجارية وهو الى جانبها وهو يقرأ هذه الآية وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ واعلم ان استماع سلام الملائكة ورؤيتهم فى الدنيا مخصوص بخواص البشر للطافة

[سورة الرعد (13) : آية 25]

جوهرهم كما قال الامام الغزالي رحمه الله فى المنقذ من الضلال ان الصوفية يشاهدون الملائكة فى يقظتهم اى لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد اسباب الدنيا من الجاه والمال وإقبالهم على الله بالكلية علما دائما وعملا مستمرا واما غيرهم فلا يراهم الا فى عالم المثال او فى النشأة الآخرة كما لا يخفى وَالَّذِينَ هم الكفار يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ المأخوذ عليهم بالطاعة والايمان مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ اى من بعد توكيد ذلك العهد بالإقرار والقبول وهو العهد الذي جرى بينهم إذ أخرجهم من ظهر آدم وعاهدهم على التوحيد والعبودية كقوله أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ الآية فالعهد عهد ان عهد على المحبة وهو للخواص وعهد على العبودية وهو للعوام فاهل عهد المحبة ما نقضوا عهودهم ابدا واهل عهد العبودية من كان عهدهم مؤكدا بعهد المحبة ما نقضوه ومن لم يكن عهدهم مؤكدا نقضوه وعبدوا غيره وأشركوا به الأشياء واحبوها للهوى واعلم ان هذا العهد يتذكره اهل اليقظة الكاملة المنسلخون عن كل لباس وغاشية كما قال ذو النون المصري وقد سئل عن سر ميثاق ألست بربكم هل تذكره فقال نعم كأنه الآن فى اذنى وكما قال بعضهم مستقربا اى عادّا لعهد ألست قريبا كأنه بالأمس كان ولذا ما نسوه واما غيرهم وهم اهل الحجاب فاستبعدوه ولم يذكروا منه شيأ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ سبق إعرابه اى يقطعون الأرحام وموالاة المؤمنين وما بين الأنبياء من الوصلة والاتحاد والاجتماع على الحق حيث آمنوا ببعضهم وكفروا ببعضهم وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالدعاء الى عبادة غير الله تعالى وبالظلم وتهييج الحروب والفتن وفى الحديث (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) وهى إيقاع الناس فى الاضطراب والاختلال والاختلاف والمحنة والبلية بلا فائدة دينية وذلك حرام لانه فساد فى الأرض وإضرار المسلمين وزيغ والحاد فى الدين: قال السعدي قدس سره زان همنشين تا توانى گريز ... كه مر فتنه خفته را گفت خيز فمن الفتنة ان يغرى الناس على البغي والخروج على السلطان وذلك لا يجوز وان كان ظالما لكونه فتنة وفسادا فى الأرض وكذا معاونة المظلومين إذا أرادوا الخروج عليه وكذا المعاونة له لكونه اعانة على الظلم وذلك لا يجوز. ومنها ان يقول للناس ما لا تصل عقولهم اليه وفى الحديث (أمرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم) . ومنها ان يذكر للناس ما لا يعرفه بكنهه ولا يقدر على استخراجه فيوقعهم فى الاختلاف والاختلال والفتنة والبلية كما هو شأن بعض الوعاظ فى زماننا. ومنها ان يحكم او يفتى بقول مهجور او ضعيف او قوى يعلم ان الناس لا يعلمون به بل ينكرونه او يتركون بسببه طاعة اخرى كمن يقول لاهل القرى والبوادي والعجائز والعبيد والإماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد وهم لا يقدرون على التجويد فيتركون الصلاة رأسا وهى جائزة عند البعض وان كان ضعيفا فالعمل به واجب وكمن يقول للناس لا يجوز البيع والشراء والاستقراض بالدار هم والدنانير الا بالوزن لان رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليها بالوزن فهو وزنى ابدا وان ترك الناس فيه الوزن فهذا القول قوى فى نفسه وهو قول الامام ابى حنيفة ومحمد مطلقا وقول ابى يوسف فى غير ظاهر الرواية وهى خروجها عن الوزنية بتعامل الناس الى العددية فهذه الرواية

[سورة الرعد (13) : آية 26]

وان كانت ضعيفة فالقول بها واجب ولازم فرارا من الفتنة فيجب على القضاة والمفتين والوعاظ معرفة احوال الناس وعاداتهم فى القبول والرد والسعى والكسل ونحوها فيكلمونهم بالأصلح والأوفق لهم حتى لا يكون كلامهم فتنة للناس وكذا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فانه يجب على الآمر والناهي معرفة احوال الناس وعاداتهم وطبائعهم ومذاهبهم لئلا يكون فتنة للناس وتهييجا للشر وسببا لزيادة المنكر واشاعة المكروه أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ فى الآخرة والجملة خبر والذين ينقضون. واللعنة الابعاد من الرحمة والطرد من باب القرب وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ اى سوء عاقبة الدنيا وهى جهنم فاللعنة وسوء العاقبة لاصقان بهم لا يعدوانهم الى غيرهم وفيه تنفير للمسلمين عن هذه الخصال الثلاث وان لا ترفع همتهم حول ذلك الحمى وفى الحديث (ما نقض قوم العهد الا كان القتل بينهم ولا ظهرت الفاحشة الا سلط الله عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة الا حبس عنهم القطر) وفى الحديث (من اخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا) اى فريضة ونافلة كما فى الاسرار المحمدية وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وگر نه هر كه تو بينى ستمگرى داند واعلم ان اللعنة لعنتان طرد عن الجنة وهو للكافرين وطرد عن ساحة القربة والوصلة وهو للمؤمنين الناقصين فمن قصر فى العبودية وسعى فى إفساد الأرض الاستعداد وقع فى دار القطيعة والهجران وان كان صورة فى الجنان ورب كامل فى الصورة ناقص فى المعنى وبالعكس: قال المولى الجامى چهـ غم ز منقصت صورت أهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام إذ القى فى النار كانت بردا وسلاما فلم يضره كونه فى صورة النار والنمرود كان فى صوة النعمة فلم ينفعه ذلك بل وجد فى النعمة نقمة نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الجنة والقربة والوصلة اللَّهُ وحده يَبْسُطُ الرِّزْقَ يوسعه فى الدنيا لِمَنْ يَشاءُ بسطه وتوسيعه وَيَقْدِرُ قال فى تهذيب المصادر. القدر [تنك كردن] وهو من باب ضرب اى يضيق الرزق لمن يشاء ويعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شىء كأنه قيل لو كان من نقض عهد الله ملعونين فى الدنيا ومعذبين فى الآخرة لما فتح الله عليهم أبواب النعم واللذات فى الدنيا فقيل ان فتح باب الرزق فى الدنيا لا تعلق له بالكفر والايمان بل هو متعلق بمجرد مشيئة الله فقد يضيق على المؤمن امتحانا لصبره وتكفيرا لذنوبه ورفعا لدرجاته ومن هذا القبيل موقع لاكثر الاصحاب رضى الله عنهم من المضايقة ويوسع على الكافرين استدراجا ومنه ما وقع لاكثر كفار قريش من الوسعة ثم ان الله تعالى جعل الغنى لبعضهم صلاحا وجعل الفقر لبعضهم صلاحا وقد جعل فى غنى بعضهم فسادا كالفقر وفى الكل حكمة ومصلحة: قال الحافظ ازين رباط دو در چون ضرورتست رحيل ... رواق طاق معيشت چهـ سر بلند و چهـ پست بهست ونيست مرنجان ضمير وخوش دل باش ... كه نيستيست سرانجام هر كمال كه هست ببال و پر مرو از ره كه تير پر تابى ... هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست وَفَرِحُوا يعنى مشركى مكة. والفرح لذة فى القلب لنيل المشتهى بِالْحَياةِ الدُّنْيا بما بسط

لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لا فرح شكر وسرور بفصل الله وانعامه عليهم وفيه دليل على ان الفرح بالدنيا حرام افتخار از رنگ وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان قال فى شرح الحكم عند قوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا انما لم يؤمر العبد برفض الفرح جملة لان ذلك من ضرورات البشر التي لا يمكن رفعها بل ينبعى صرفها للوجه اللائق بها وكذا جميع الأخلاق كالطمع والبخل والحرص والشهوة والغضب لا يمكن تبدلها بل يصح ان تصرف الى وجه لائق بها حتى لا تتصرف الا فيه وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ ليست ظرفا للحياة ولا للدنيا لانهما لا يقعان فيها بل هى حال والتقدير وما الحياة القريبة كائنة فى جنب حياة الآخرة اى بالقياس إليها ففى للمقايسة وهى الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لا حق إِلَّا مَتاعٌ الا شىء قليل يتمتع به كزاد الراعي وعجالة الراكب وهى ما يتعجل به من تميرات او شربة سويق او نحو ذلك قال الصاحب بن عباد سمعت امرأة فى بعض القبائل تسأل أين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وهو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وفيه تقبيح لحال الدنيا قال الكاشفى [با متاعى از أمتعة كه وفايى وبقائي ندارد چون أدوات خانه] مثل القصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب والعاقل لا يفرح بما يفارقه عن قريب ويورثه حزنا طويلا وان حدثته نفسه بالفرح به يكذبها ومن سره ان لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيأ يخاف له فقدا - حكى- انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم يرله نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كان مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل إليك فى أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا قال فى الحكم العطائية ان أردت ان لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك وكل ولايات الدنيا كذلك وان لم تعزل عنها بالحياة عزلت عنها بالممات قال وقد جعل الله الدنيا محلا للاغيار ومعدنا لوجود الاكدار تزهيدا لك فيها حتى لا يمكنك استناد إليها ولا تعريج عليها وقد قيل ان الله تعالى اوحى الى الدنيا (تضيقى وتشددى على أوليائي وترفهى وتوسعى على أعدائي تضيقى على أوليائي حتى لا يشتغلوا بك عنى وتوسعى على أعدائي حتى يشتغلوا بك عنى فلا يتفرغوا لذكرى وفى التأويلات النجمية اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ الكشوف والشهود لِمَنْ يَشاءُ من عباده المحبين المحبوبين ويضيق لمن فتح عليهم أبواب الدنيا وشهواتها فاغرقهم فيها وَفَرِحُوا بها بِالْحَياةِ الدُّنْيا اى باستيفاء لذاتها وشهواتها وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا بالنسبة الى من عبر عنها ولم يلتفت إليها فيجد فى آخرتها ما يجد الا تمتع ايام قلائل بأدنى شىء خسيس فان: قال الكمال الخجندي جهان وجمله لذاتش بزنبور وعسل ماند ... كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش

[سورة الرعد (13) : الآيات 27 إلى 31]

وقال المولى الجامى مرد جاهل چاه گيتى را لقلب دولت نهد ... همچنانكه آماس بيند طفل گويد فربه است وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثبتوا واستمروا على كفرهم وعنادهم وهم كفار مكة لَوْلا هلا وبالفارسية [چرا] أُنْزِلَ عَلَيْهِ على محمد آيَةٌ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّهِ [بران وجهى كه ما ميخواهيم] مثل آيات موسى وعيسى عليهما السلام من العصا واحياء الموتى ونحوهما لتكون دليلا وعلامة على صدقه قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ إضلاله باقتراح الآيات تعنتا بعد تبين الحق وظهور المعجزات فلا تغنى عنه كثرة المعجزات شيأ إذا لم يهده الله وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ من اقبل الى الحق ورجع عن العناد فضمير اليه راجع الى الحق قال فى القاموس ناب الى الله تاب كاناب والإضلال خلق الضلالة فى العبد والهداية خلق الاهتداء والدلالة على طريق يوصل الى المطلوب مطلقا وقد يسند كل منهما الى الغير مجازا بطريق السبب والقرآن ناطق بكلا المعنيين فيسند الإضلال الى الشيطان فى مرتبة الشريعة والى النفس فى مرتبة الطريقة والى الله فى مرتبة الحقيقة الَّذِينَ آمَنُوا بدل ممن أناب او خبر مبتدأ محذوف اى هم الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ [وآرام مى يابد دلهاى ايشان] بِذِكْرِ اللَّهِ إذا سمعوا ذكر الله احبوه واستأنسوا به ودل فى الذكر القرآن فالمؤمنون يستأنسون بالقرآن وذكر الله الذي هو الاسم الأعظم ويحبون استماعها والكفار يفرحون بالدنيا ويستبشرون بذكر غير الله كما قال تعالى وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ أَلا [بدانيد كه] بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قلوب المؤمنين ويستقر اليقين فيها فقلوب العوام تطمئن بالتسبيح والثناء وقلوب الخواص بحقائق الأسماء الحسنى وقلوب الأخص بمشاهدة الله تعالى وفى التأويلات النجمية وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا الحق بالباطل لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ على من يدعو الخلق الى الحق آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ظاهرة من المعجزات والكرامات كما نزل على بعضهم ليستدلوا بها على صدق دعواهم قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ان يضله فى الأزل بعين الآية ليراها سحرا ويحسبها باطلا ويرشد الى حضرة جلاله من يرجع اليه طالبا مشتاقا الى جماله وفيه اشارة الى ان الطالب الصادق فى الطلب هو من اهل الهداية فى الهداية وليس ممن يشاء الله ضلالته فى الأزل وهم الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله لا بذكر غيره يعنى اهل الهداية هم الذين آمنوا واعلم ان القلوب اربعة. قلب قاس وهو قلب الكفار والمنافقين فاطمئنانه بالدنيا وشهواتها كقوله تعالى رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها. وقلب ناس وهو قلب المسلم المذنب كقوله تعالى فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً فاطمئنانه بالتوبة ونعيم الجنة كقوله فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى. وقلب مشتاق وهو قلب المؤمن المطيع فاطمئنانه بذكر الله كقوله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ. وقلب وحداني وهو قلب الأنبياء وخواص الأولياء فاطمئنانه بالله وصفاته كقوله تعالى لخليله عليه السلام فى جواب قوله كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بإراءتك إياي كيفية احياء الموتى إذا تتجلى لقلبى بصفة محييك فاكون بك محيى الموتى ولهذا إذا تجلى الله لقلب العبد يطمئن به فينعكس نور الاطمئنان من مرآة قلبه الى

نفسه فتصير النفس مطمئنة به ايضا فتستحق لجذبات العناية وهى خطاب ارجعي الى ربك فافهم جدا انتهى قال فى نفائس المجالس الذكر صيقل القلوب وسبب سرور المحبوب فمن ذكر الله فالله يذكره كما قال تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فالمحجوبون تطمئن قلوبهم بذكر هم له تعالى واما الواصلون فاطمئنان قلوبهم بذكره تعالى- روى- ان النبي عليه السلام بعث بعثا قبل نجد فغنموا ورجعوا فقال رجل ما رأينا بعثا أفضل غنيمة واسرع رجعة من هذا البعث فقال عليه السلام (ألا أدلكم على قوم أفضل غنيمة واسرع رجعة قوم شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى طلعت الشمس) قال ابو سعيد خرج رسول الله يوما على حلقة من أصحابه فقال (ما اجلسكم) فقالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للاسلام قال (آلله ما اجلسكم الا ذلك) قوله آلله بالجر والمد على القسم اى بالله ما اجلسكم قالوا بالله ما أجلسنا الا ذاك. قال (اما انى لم استحلفكم تهمة ولكن أتاني جبرائيل فاخبرنى ان الله يباهى بكم الملائكة ) فان قلت ما تقول فيما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه انه سمع قوما اجتمعوا فى المسجد يهللون ويصلون على النبي عليه السلام برفع الصوت جهرا فراح إليهم وقال لهم ما عهدنا هذا على عهد رسول الله وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يكرر ذلك حتى أخرجهم من المسجد قلت أجاب عنه صاحب الرسالة التحقيقية فى طريق الصوفية الشيخ سنبل الخلوتى قدس سره بانه كذب وافتراء على ابن مسعود لمخالفته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وافعال الملائكة قال الله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ ولو سلمنا صحة وقوعه فهو لا يعارض الادلة المذكورة لانه اثر والأثر لا يعارض الحديث كما لا يخفى وبطلان الادلة يدل على بطلان المدلولات وفى الحديث (علامة حب الله حب ذكر الله وعلامة بغض الله بغض ذكر الله) واعلم ان نور الذكر قدره على قدر حال الذاكر وذلك بالفناء فى الله والذاكرون على اربعة اصناف الصنف الاول اهل الخلوة ووظيفتهم فى اليوم والليلة من الذكر الخفي القوى بالنفي والإثبات والحركة الشديدة سبعون الف لا اله الا الله وهؤلاء مشتغلون بالحق لا بغيره الصنف الثاني اهل العزلة ووظيفتهم من الذكر الخفي فى اليوم والليلة ثلاثون الف لا اله الا الله وهؤلاء مشتغلون تارة بالحق وتارة بانفسهم الصنف الثالث اصحاب الأوقات وهؤلاء وظيفتهم من الذكر جهرا وخفية اثنا عشر الفا وهؤلاء مشغولون بالحق مرة وبمصالح أنفسهم مرة وبالخلق اخرى الصنف الرابع اصحاب الخدمة وهؤلاء وظيفتهم ذكر الجهر على كل حال من الأحوال ليلا ونهارا بعد المداومة على الوضوء قال بعض الأكابر من قال فى الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا الله الف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل الله دماره وخرب دياره وسلط عليه الآفات وأهلكه بالعاهات قال الشيخ ابو العباس احمد البونى قدس الله روحه من قال الف مرة لا اله الا الله وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر الله عليه اسباب الرزق من نسبته وكذلك من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها: قال المولى الجامى قدس سره

[سورة الرعد (13) : آية 29]

دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست صيقلى وار صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله ومن شرط الذكر ان يأخذه الذاكر بالتلقين من اهل الذكر كما اخذه الصحابة بالتلقين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقن الصحابة التابعين والتابعون المشايخ شيخا بعد شيخ الى عصرنا هذا والى ان تقوم القيامة كذا فى ترويح القلوب بلطائف الغيوب للشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره الخطير الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الذين جمعوا بين الايمان بالقلب والعمل الصالح بالجوارح وهو مبتدأ خبره طُوبى لَهُمْ [زندگانى خوش است ايشانرا] واللام للبيان كما فى سلام لك وهو مصدر من طاب كزلفى وبشرى أصله طيبى انقلبت الياء واوا لضم ما قبلها كما فى موقن وفى التبيان غبطة وسرور لهم وفرح وقيل نعم حالهم وَحُسْنُ مَآبٍ اى مرجع يعنى ولهم حسن منقلب ومرجع ينقلبون ويرجعون اليه فى الآخرة وهو الجنة وقال بعضهم طوبى علم لشئ بعينه كما قال كعب الأحبار سألت رسول الله عن أشجار الجنة فقال (ان اكبر أشجارها شجرة طوبى وخيمتى تحتها أصلها من در وأغصانها من زبرجد وأوراقها من سندس عليها سبعون الف غصن أقصى أغصانها يلحق بساق العرش وادنى أغصانها فى سماء الدنيا ليس فى الجنة دار ولا بحبوحة ولا قصر ولا قبة ولا غرفة ولا حجرة ولا سرير الا وفيها غصن منها فتظل عليها وفيها من الثمار ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) قال فى الفتح القريب أصلها فى دار محمد صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم فروعها على جميع منازل اهل الجنة كما انتشر منه العلم والايمان على جميع اهل الدنيا وقد غرسها الله بيده وينبع من أصلها عينان الكافور والسلسبيل وفيها من جميع الثمار والازهار والألوان الا السواد وكل ورقة تظل امة وعلى كل ورقة منها ملك يسبح الله بانواع التسبيح عظيمة الجسد لا يدرك آخرها يسير الراكب الجادّ تحت ظلها مائة عام وقيل الف عام ما يقطعها قال بعض الكبار المراد بالعمل الصالح التزكية وطوبى لهم بالوصول الى الفطرة الاصلية وكمال الصفات وحسن مآب بالدخول فى جنة القلب اعنى جنة الصفات قال الحريري طوبى لمن طاب قلبه مع الله لحظة فى عمره ورجع الى ربه بقلبه فى وقت من الأوقات قال الجنيد طاب اوقات العارفين بمعرفتهم والعمل الصالح ما أريد به وجه الله تعالى وهو المثمر والمفيد لا غيره شاخ بى ميوه گر همه طوبيست ... ببريدش بميوه پيونديد فالعمل الذي للجنة ليس لوجه الله تعالى فانه تعالى لو لم يخلق جنة ولا نارا لم يكن مستحقا لان يعبد هر زاهد خشكى چهـ سزاوار بهشت است ... شايسته آتش شمر آنها كه چنانند وفى التأويلات النجمية الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يشير الى الذين غرسوا غرس الايمان وهى كلمة لا اله الا الله فى ارض القلب وربوه بماء الشريعة ودهقنة الطريقة وهو الأعمال الصالحة حتى صار شجرة طيبة كما ضرب الله لهذا مثلا فقال ضرب الله مثلا

[سورة الرعد (13) : آية 30]

كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ فلما كلمت الشجرة وأثمرت الحقيقة كانت طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ وهى الرجوع والإياب الى الله نفسه لا الى ما سواه وهذا هو الثمرة الحقيقية يدل عليه قوله فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً فعلى هذا يشير بطوبى الى حقيقة شجرة لا اله الا الله فى قلب النبي عليه السلام وفى قلب كل مؤمن منها غصن فافهم جدا: قال الشيخ العطار قدس سره هر دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكرسى كرده قبله خاك او پيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهارا كَذلِكَ اى مثل ارسالنا الرسل الى أممهم قبلك يا محمد أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ بمعنى الى كما فى قوله تعالى فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وفى بحر العلوم وانما عدى الإرسال بفي وحقه ان يعدى بالى لان الامة موضع الإرسال قَدْ خَلَتْ مضت وتقدمت مِنْ قَبْلِها عائد الى امة على لفظها أُمَمٌ أرسلوا إليهم فليس ببدع ارسالك الى أمتك ثم علل الإرسال فقال لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ضمير عليهم راجع الى امة على معناها اى لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك وهو القرآن وما فيه من شرائع الإسلام وتزينهم بحلية الايمان فان المقصود من نزول القرآن هو العمل بما فيه وتحصيل السيرة الحسنة لا التلاوة المحضة والاستماع المجرد فالعامى المتعبد راجل سالك والعالم المتهاون راكب نائم: قال السعدي [تلميذ بى ارادت عاشق بى زرست ورونده بى معرفت مرغ بي پر وعالم بي عمل درخت بي بر وزاهد بي علم خانه بي در] وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ حال من فاعل أرسلناك اى وحالهم انهم يكفرون بالله الواسع الرحمة ولا يعرفون قدر رحمته وانعامه إليهم بإرسالك وإنزال القرآن العظيم عليهم- وروى- ان أبا جهل سمع النبي عليه السلام وهو فى الحجر يدعو يا الله يا رحمن فرجع الى المشركين وقال ان محمدا يدعو الهين يدعو الله ويدعو آخر يسمى الرحمن ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة يعنى به مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وهى بلدة فى البادية فنزلت هذه الآية قُلْ لهم يا محمد هُوَ اى الرحمن الذي كفرتم به وانكرتم معرفته رَبِّي خالقى ومتولى امرى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبر بعد خبر اى هو مجامع لهذين الوصفين من الربوبية والالوهية فلا مستحق للعبادة سواه ومعنى لا اله الا هو الواحد المختص بالالهية عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اليه أسندت امرى فى العصمة من شركم والنصرة عليكم وَإِلَيْهِ لا الى غيره مَتابِ مصدر تاب يتوب وأصله متابى اى مرجعى ومرجعكم فيرحمنى وينتقم لى منكم والانتقام من الرحمن أشد ولدا قيل نعوذ بالله من غصب الحليم: قال الحافظ بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه اين زال ترك دستان گفت والاشارة ان الأمم لما كفروا بالله كفروا بالرحمن لان الرحمانية قد اقتضت إيجاد المخلوقات فان القهارية كانت مقتضية الواحدية بان لا يكون معه أحد فسبقت الرحمانية القهارية فى إيجاد المخلوقات ولهذا السر قال تعالى إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً فارسل الله الرسل وانزل معهم الكتب ليقرأوا عليهم ويذكروهم بايام الله التي كان الله ولم يكن معه شىء ثم أوجدهم وأخرجهم من العدم الى الوجود وهو الذي رب كل شىء وخالقه ولا اله الا هو واليه المرجع والمآب

[سورة الرعد (13) : آية 31]

كما فى التأويلات النجمية يقول الفقير عبارة الخطاب فى أرسلناك للنبى صلى الله عليه وسلم فهو المرسل لغة واصطلاحا وصاحب الوحى والدعوة وإشارته لكل واحد من ورثته الذين هم على مشربه الى يوم القيامة بحسب كونه مظهرا لارثه فهو المرسل لغة لا اصطلاحا وصاحب الإلهام والإرشاد وكما ان لكل زمان صاحب دولة وظهور فكذاله صاحب رحمة وتصرف معنوى ولذا قال عليه السلام (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) فاثبت لهم النبوة بمعنى الاخبار عن الله بالإلهام وفى قوله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ اشارة الى ان المنعم عليه يجب ان لا يكفر المنعم بل يشكره بالايمان والاعتقاد كما دل عليه ما قبله والكفر والإنكار من أقبح القبائح كما ان الايمان والإقرار من احسن المحاسن ولحسن الظن والاعتقاد الحسن تأثير بليغ- روى- ان جماعة من السراق نزلوا على اهل رباط فسأل عنهم صاحب الرباط فاستحيوا منه وقالوا نحن الغزاة فهيأ لهم طعاما وجاءت امرأة بسطت ليغسلوا أيديهم قبل الطعام وقالت ان لى بنتا عمياء اغسلها تبركا بغسالة الغزاة فغسلوا فغسلت المرأة وجه ابنتها بها فاصبحت سالمة من العمى وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً- روى- ان نفرا من مشركى مكة معهم ابو جهل ابن هشام وعبد الله بن امية قالوا يا محمد ان يسرك ان نتبعك فسير لنا بقرءانك الجبال عن حوالى مكة فانها ضيقة حتى تتسع لنا الأرض فنتخذ البساتين والمحارث وشقق الأرض وفجر لنا الأنهار والعيون كما فى ارض الشام واحى رجلين او ثلاثة ممن مات من آبائنا منهم قصى بن كلاب ليكلمونا ونسألهم عن أمرك أحق ما تقول أم باطل فلما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم هذه الآيات نزل قوله وَلَوْ أَنَّ إلخ وجواب الشرط محذوف كما سيأتى. والمعنى بالفارسية [واگر كتابى بودى كه درين عالم] سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ التسيير بالفارسية [برفتن آوردن] اى نقلت من أماكنها وأذهبت عن وجه الأرض بالفارسية [رانده شدى بوى كوهها يعنى در وقت خواندن وى از مواضع خود برفتى] أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ شققت فجعلت أنهارا وعيونا. وبالفارسية [يا شكافته شدى بدو زمين چون برو خواندندى] أَوْ كُلِّمَ احيى بِهِ الْمَوْتى [يا بسخن در آوردندى از بركت خواندن او مرد كانرا] اى لكان هذا القرآن لكونه غاية فى الاعجاز ونهاية فى التذكير والمراد منه تعظيم شأن القرآن والرد على المشركين الذين كابروا فى كون القرآن آية واقترحوا آية غيرها والتنبيه على ان ما ينفعهم فى دينهم خير لهم مما ينفعهم فى دنياهم كالزراعة ونحوها مع ان فى القرآن تأثيرات وخاصيات انفسية عجيبة فلو كان لهم استعداد لظهور تلك التأثيرات لسيرت به جبال نفوسهم وقطعت به ارض بشريتهم واحيى به قلوبهم الموتى بَلْ [نه چنانست كه كافران ميگويند بقرآن تو يا بفرمان تو بايد اينها واقع شود] لِلَّهِ الْأَمْرُ اى امر خلقه جَمِيعاً فله التصرف فى كل شىء وله القدرة على ما أراد وهو قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات الا ان إرادته لم تتعلق بذلك لعلمه بانه لا تنفعهم الآيات- روى- انه لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام (والذي نفسى بيده لقد أعطاني ما سألتم ولو شئت لكان ولكن خيرنى بين ان تدخلوا فى باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين ان يكلكم الى ما اخترتم لانفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فاخترت باب الرحمة وأخبرني انه ان اعطاكم ذلك ثم كفرتم ان يعذبكم عذابا لم يعذبه أحدا من العالمين) كما فى اسباب النزول للامام

الواحدي واعلم ان الكفار ما ابصروا نور القرآن فعموا عن رؤية البرهان وكذا اهل الإنكار غفلوا عن سره القرآن فحرموا من المشاهدة والعيان: وفى المثنوى تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست ولا شك ان من تخلق بالقرآن الذي هو صفة الله تعالى قدر على ما لم يقدر عليه غيره وفى الحديث (لو كان القرآن فى إهاب ما مسته النار) اى لو صور القرآن وجعل فى إهاب والقى فى النار ما مسته ولا أحرقته ببركة القرآن فكيف بالمؤمن الحامل له المواظب على تلاوته ومن الحكايات اللطيفة ان عليا رضى الله عنه مرض فقال ابو بكر رضى الله عنه لعمر وعثمان رضى الله عنهما ان عليا قد مرض فعلينا العبادة فاتوا بابه وهو يجد خفة من المرض ففرح فرحا فتموج بحر سخائه فدخل بيته فلم يجد شيأ سوى عسل يكفى لواحد فى طست وهو ابيض وأنور وفيه شعر اسود فقال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لا يليق الاكل قبل المقالة فقالوا أنت أعزنا وأكرمنا وسيدنا فقل اولا فقال الدين أنور من الطست وذكر الله تعالى احلى من العسل والشريعة أدق من الشعر فقال عمر رضى الله عنه الجنة أنور من الطست ونعيمها احلى من العسل والصراط أدق من الشعر فقال عثمان رضى الله عنه القرآن أنور من الطست وقراءة القرآن احلى من العسل وتفسيره أدق من الشعر فقال على رضى الله عنه الضيف أنور من الطست وكلام الضيف احلى من العسل وقلبه أدق من الشعر نور الله تعالى قلوبنا بنور العرفان وأوصلنا وإياكم الى سر القرآن آمين يا الله يا رحمن أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا اليأس قطع الطمع عن الشيء والقنوط منه والاستفهام بمعنى الأمر- روى- ان طائفة من المؤمنين قالوا يا رسول الله أجب هؤلاء الكفار يعنون كفار مكة الى ما اقترحوا من الآيات فعسى ان يؤمنوا فقال تعالى أفلم يقنط المؤمنون من ايمان هؤلاء الكفرة بعد ما رأوا كثرة عنادهم بعد ما شاهدوا الآيات أَنَّ اى علما منهم انه لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً فآمنوا وقد يستعمل اليأس بمعنى العلم مجازا لانه مسبب عن العلم بان ذلك الشيء لا يكون فان المخففة مع ما فى حيزها فى محل النصب على انهار مفعول اليأس بمعنى العلم. والمعنى أفلم يعلم الذين آمنوا ان الله تعالى لا يهدى الناس جميعا لعدم تعلق مشيئة باهتداء الجميع فيهدى من يشاء ويضل من يشاء بمقتضى قبضتيه الجمالية والجلالية: قال الحافظ در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالرحمن وهم كفار مكة تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا اى بسبب ما فعلوا من كفرهم وأعمالهم الخبيثة قارِعَةٌ داهية تقرعهم وتفجأهم من القتل والاسر والحرب والجدب واصل القرع الضرب والصدع تلخيصه لا يزال كفار مكة معذبين بقارعة أَوْ تَحُلُّ القارعة اى تنزل قَرِيباً [بموضعي نزديك] مِنْ دارِهِمْ اى مكة فيفزعون فيها ويقلعون ويتطاير عليهم شرارها ويتعدى إليهم شرورها ويجوزان يكون تحل خطابا للنبى عليه السلام فانه حل بجيشه قريبا من دارهم عام الحديبية فاغار على أموالهم ومواشيهم

[سورة الرعد (13) : الآيات 32 إلى 37]

وفى التأويلات النجمية قارِعَةٌ من الاحكام الازلية تقرعهم فى انواع المعاملات التي تصدر منهم موجبة للشقاوة وبقوله أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ يشير الى ان الاحكام الازلية تارة تصدر منهم وتارة من مصاحبهم فتوافقوا فى اسباب الشقاوة وترافقوا الى ما أوعدهم الله من درك الشقاء كما قال حَتَّى يعنى [بلا بديشان خواهد رسد تا وقتى كه] يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وهو موتهم او يوم القيامة او فتح مكة إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ لامتناع الخلف لكونه نقصا منافيا للالوهية وكمال الشيء والميعاد بمعنى الوعد كالميلاد والميثاق بمعنى الولادة والتوثقة والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ كاستهزاء قومك بك والتنكير للتكثير اى بجميع الرسل من قبلك ويدل عليه قوله تعالى وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ومعنى الاستهزاء الاستحقار والاستهانة والأذى والتكذيب فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اى للمستهزئين الذين كفروا. والاملاء الامهال وان يترك ملاوة من الزمان اى مدة طويلة منه فى دعة وأمن كالبهيمة فى المرعى اى أطلت لهم المدة فى أمن وسعة بتأخير العقوبة ليتمادوا فى المعصية ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ بالعقوبة بعد الاملاء والاستدراج فَكَيْفَ كانَ [پس چهـ گونه بود] عِقابِ عقابى إياهم كيف رأيت ما صنعت بمن استهزأ برسلى ولم ير النبي عليه السلام عقوبتهم الا انه علم بالتحقيق فكأنه رأى عيانا وفى بحر العلوم فانكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتشاهدون اثر ذلك وهذا تعجيب من شدة اخذه لهم سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزائهم به واذاهم وتكذيبهم واقتراحهم الآيات بان له فى الأنبياء أسوة وان جزاء ما يفعلون به ينزل بهم كما نزل بالمستهزئين بالأنبياء جزاء ما فعلوا وفيه اشارة الى ان من امارات الشقاء الاستهزاء بالأنبياء والأولياء وفى الحديث (من أهان لى) ويروى (من عادى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وآذى واحدا من أوليائي فقد حاربنى والله اسرع شىء الى نصرة أوليائه لان الولي ينصر الله فيكون الله ناصره- وروى- ان الله تعالى قال لبعض أوليائه اما زهدك فى الدنيا فقد تعجلت راحة نفسك واما ذكرك إياي فقد تشرفت بي فهل واليت فىّ وليا وهل عاديت فىّ عدوا فمحبة اولياء الله تعالى وموالاتهم من انفع الأعمال عند الله وبغضهم وعداوتهم واستحقارهم والطعن فيهم من أضر الأعمال عنده تعالى واكبر الكبائر [آورده اند كه سپهسالارى بود ظالم وباتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خداوند خانه گفت من منشورى دارم؟؟؟ بخانه من فرود ميا گفت منشور بنما شيخ در خانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودر پيش آمد وباز كرد اين آيت بر آمد كه] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها [سپهسالار گفت من پنداشتم كه منشور امير دارى بدان التفات نكرد ودر خانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بگرفت وهلاك شد] قال الصائب نتيجه نفس كرم عندليبانست ... كه عمر شبنم گستاخ يكزمان باشد ولا شك ان مثل هذه المعاملات القبيحة من غلبة أوصاف النفس فعلى العاقل ان يزكى نفسه

[سورة الرعد (13) : آية 33]

عن سفساف الأخلاق حتى يتخلص من قهر القهار الخلاق ألا ترى ان المؤمنين نظروا الى النبي عليه السلام بعين التعظيم وبدلوا الكبر بالتواضع والفناء ودخلوا فى الاستسلام فاستسعدوا لسعادة الدارين واما الكفرة فعتوا عتوا كبيرا فاستأصلهم الله من حيث لا يحتسبون فشقوا شقاوة ابدية وهكذا حال سائر المؤمنين والمنكرين الى يوم القيامة فان الأولياء ورثة الرسول عليه السلام والمعاملة معهم كالمعاملة معه: قال الكمال الخجندي مقربان خدااند وارثان رسول ... تو از خداى چنين دور واز رسولى چيست أَفَمَنْ [آيا كسى كه] فمن موصولة مرفوعة المحل على الابتداء والخبر محذوف والاستفهام بمعنى النفي اى أفالله الذي هُوَ قائِمٌ رقيب عَلى كُلِّ نَفْسٍ صالحة او طالحة بِما كَسَبَتْ من خير وشر يحفظه عليها فيجازيها به يعنى ان أراد المجازاة ولم يغفر كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وهذا كقوله أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ اى لا يكون من هو قائم على كل نفس يعلم خيرها وشرها ويجازيها على حسب ذلك كمن ليس بقائم على شىء متناه فى العجز والضعف والجهل ومعنى القيام التولي لامور خلقه والتدبير للارزاق والآجال وإحصاء الأعمال للجزاء يقال قام فلان إذا كفاه وتولاه وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ اى الأصنام وهو استئناف يعنى ان الكفار سووا بين الله وبين الأصنام واتخذوها شركاء له فى العبادة وانما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء فى القيام على كل نفس فما اعجب كفرهم واشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفات بينهما اى تعجبوا من ذلك قُلْ سَمُّوهُمْ بينوا شركاءكم بأسمائهم وصفوهم بصفاتهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة يشير الى ان الأسماء مأخذها من الصفات فان لم تروا منهم شيأ من صفات الله فكيف تسمونهم كما قال الكاشفى [مراد آنست كه حق را حى وقادر وخالق ورزاق وسميع وبصير وعليم وحكيم ميگويند واطلاق هيچ يك ازين اسما بر أصنام نمى تواند كرد] قال فى بحر العلوم قوله قُلْ سَمُّوهُمْ من فن الكناية وذلك لان معنى سموهم عينوا أساميهم ولما كان تعيين الشيء بالاسم من لوازم وجوده جعل عدم التعيين كناية عن عدم وجود الشيء يعنى ليس لهم عندنا اسام يستحقون بها العبادة وان كانت عندكم فسموهم بها وانظروا هل يستحقون بها ولما لم تكن لهم عندهم ايضا اسام تقتضى استحقاق العبادة لم يستحقوها ولم يتحقق لهم العبادة والشركة أَمْ تُنَبِّئُونَهُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة الانكارية اى بل أتخبرون الله تعالى بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ اى بما لا وجود له ولا علم الله متعلق بوجوده وهو الشركاء المستحقون للعبادة وهو نفى للملزوم بنفي اللازم بطريق الكناية اى لا شريك له ولا علم إذ لو كان الشريك موجودا لكان معلوما لله تعالى لان علم الله لازم لوجود الشيء والا يلزم جهله تعالى الله عن ذلك فاذا لم يكن وجوده معلوما له وجب ان لا يكون موجودا لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء ملزومه قال فى بحر العلوم أَمْ تُنَبِّئُونَهُ إضراب عن ذكر تسميتهم وتعيين أساميهم الى ذكر تنبئتهم ومعنى الهمزة فى أم الإنكار بمعنى ما كان ينبغى او لا ينبغى ان يكون ذلك وفى التبيان تأويل الآية فان سموهم بصفات الله فقل أتنبئونه بما لا يعلم

[سورة الرعد (13) : آية 34]

فى الأرض أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بل تسمونهم شركاء بكلام لا حقيقة له كتسمية الزنجي كافورا وفى بحر العلوم هو إضراب عن ذكر تنبئتهم واخبارهم الى ذكر تسميتهم الأصنام بشركاء بظاهر من القول من غير حقيقة واعتبار معنى ومعنى الهمزة فى أم الإنكار والتعجب كأنه قال دع ذلك المذكور واسمع قولهم المستنكر المقضى منه العجب وذلك ان قولهم بالشركاء قول لا يعضده برهان فما هو الا لفظ يتفوهون به فارغ عن معنى تحته كالالفاظ المهملة التي هى اجراس لا تدل على معان ولا يتكلم بها عاقل تنفرا منها واستقباحا بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ أنفسهم بتخيلهم أباطيل ثم ظنهم إياها حقا وهو اتخاذهم الله شركاء خذلانا من الله. والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة والمزين اما الشيطان بوسوسته كقوله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ او الله تعالى كقوله زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وفى الحديث (بعثت داعيا ومبلغا وليس لى من الهدى شىء وخلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء) حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود ... تأثير ز آلت از محالات بود وَصُدُّوا من الصد وهو المنع عَنِ السَّبِيلِ سبيل الحق وَمَنْ [هر كه] يُضْلِلِ اللَّهُ يخذله عن سبيله قال سعدى المفتى ولا منع عند اهل السنة ان يفسر الإضلال بخلق الضلال وكذا الهداية يجوز ان تفسير بخلق الاهتداء فَما لَهُ مِنْ هادٍ فما له من أحد يقدر على هدايته ويوفقه لها لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بالقتل والاسر وسائر ما ينالهم من المصائب والمحن ولا يلحقهم الا عقوبة لهم على الكفر ولذلك سماه عذابا واصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع يقال عذبته عذبا إذا منعته وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش وسمى العذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وفى التأويلات النجمية وهو عذاب البعد والحجاب والغفلة والجهل وعذاب عبودية النفس والهوى والدنيا وشياطين الجن والانس وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ أشد وأصعب لدوامه وهو عذاب النار وعذاب نار القطيعة والم البعد وحسرة التفريط فى طاعة الله تعالى وندامة الافراط فى الذنوب والمعاصي والحصول على الخسارات والهبوط من الدرجات ونزول الدركات وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ اى من عذابه مِنْ واقٍ حافظ ومانع حتى لا يعذبوا. من الثانية زائدة والاولى متعلقة بواق وفى التأويلات وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ من خذلان الله فى الدنيا وعذاب الله فى الآخرة مِنْ واقٍ يقيهم من الخذلان والعذاب وفى حديث المعراج (ثم اتى على واد فسمع صوتا منكرا فقال يا جبريل ما هذا الصوت قال صوت جهنم تقول يا رب ائتنى باهلى وبما وعدتني فقد كثرت سلاسلى واغلالى وسعيرى وحميمى وغساقى وغسلينى وقد بعد قعرى واشتد حرى ائتنى بما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قاليت رضيت) كما فى الترغيب والترهيب وكان ابن مرثد لا تنقطع دموع عينيه ولا يزال باكيا فسئل عن ذلك فقال لو أن الله أوعدني بانى لو أذنبت لحبسنى فى الحمام ابدا لكان حقيقا على انها لا تنقطع دموعى فكيف وقد أوعدني بان يحبسنى فى نار قد او قد عليها ثلاثة آلاف سنة او قد عليها الف سنة حتى احمرت ثم اخرى حتى ابيضت ثم اخرى

[سورة الرعد (13) : آية 35]

حتى اسودت فهى سوداء مظلمة كالليل المظلم فهذه حال المعذب بالنار الصغرى واما المعذب بالنار الكبرى وهى تار القطيعة والهجر فحاله أشد وأعظم بر رخ جامى بود بي رويت از دوزخ درى ... گر ز روضه خازن اندر قبر او روزن كند نسأل الله العصمة والتوفيق لطريق الحق والتحقيق مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ من الشرك والمعاصي وهو مبتدأ خبره محذوف اى فيما قصصنا عليك مثل الجنة اى صفتها التي هى كالمثل السائر فى الغرابة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ حال من العائد المحذوف من الصلة والتقدير وعد بها المتقون مقدرا جريان أنهارها اربعة من تحت أشجارها بمقابلة المراتب الأربع التي هى الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة وتعطى هذه الأنهار على الكمال لمن جمع بين هذه المراتب الأربع وهم المقربون واما غيرهم من الأبرار وارباب البرازخ فانهم وان كانوا يشربون منها لكنهم لا يجدون فيها ما يجده أولئك المقربون من زيادة اللذة لتفاوت معرفتهم بالله هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش أُكُلُها [ميوه آن بستان] قال فى الكواشي ما يؤكل فيها دائِمٌ لا ينقطع ولا يمنع منه بخلاف ثمر الدنيا وَظِلُّها اى وظلها دائم لا ينسخ كما ينسخ فى الدنيا بالشمس لانه لا شمس فى الجنة ولا حر ولا برد فالمراد بدوام الظل دوام الاستراحة وانما عبر عنه به لندرة الظل عند العرب وفيه معظم استراحاتهم فى ارضهم والمراد بدوام الاكل الدوام بالنوع لا الدوام بالجزء والشخص فانه إذا فنى منه شىء جيئ ببدله وهذا لا ينافى الهلاك لحظة كما قال تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ على ان دوامه مضاف الى ما بعد دخول الجنة كما يقتضيه سوق الكلام فهلاكه لحظة عند هلاك كل شىء قبل الدخول لا ينافى وجوده وبقاءه بعده وفى الآية رد على الجهمية حيث قالوا ان نعيم الجنة يفنى ومن مقالات لبيد قبل إسلامه ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل ولما أنشده فى مجلس من قريش وقال ألا كل شىء ما خلا الله باطل قال عثمان ابن مظعون رضى الله عنه صدقت ولما قال وكل نعيم لا محالة زائل قال كذبت لما فهم انه أراد بالنعيم ما هو شامل لنعيم الآخرة [امام قشيرى فرموده كه اهل ايمان امروز در ظل رعايتند وفردا در ظل حمايت وعارفان بدنيا وعقبى در ظل عنايت كه پيوسته است] سايه دولت او در دو جهان جاويدست ... اى خوش آن بنده كه اين سايه فتد بر سر او تِلْكَ الجنة التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا مآلهم وعاقبة أمرهم وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ لا غيره فالتقوى طريق الى الجنة والكفر طريق الى النار والاشارة ان الله تعالى يشير الى حقيقة امر الجنة التي وعدها للمتقين ووصفها بانها تجرى من تحتها الأنهار وهى انهار الفضل والكرم ومياه العناية والتوفيق أُكُلُها دائِمٌ وهى مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال وَظِلُّها اى وهم فى ظل هذه المقامات والأحوال التي هى من وجوده لا من شمس وجودهم على الدوام بحيث لا تزول ابدا وتلك الأحوال والمقامات عاقبة من اتقى

[سورة الرعد (13) : الآيات 36 إلى 37]

بالله عما سواه وعاقبة من اعرض عن هذه المقامات والأحوال نار القطيعة والحسرة كما فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتر از بعد حق وغفلتست زانكه اينها بگذرد آن نگذرد ... دولت آن دارد كه جان آگه برد [شبلى ديد زنى را كه ميگريد وميگويد يا ويلاه من فراق ولدي. شبلى گريست وگفت يا ويلاه من فراق الأحد. آن زن گفت چرا چنين ميگويى. شبلى گفت تو گريه ميكنى بر فراق مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من چرا گريه نميكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد] فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت ... اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت عصمنا الله وإياكم من نار العبد والعذاب الأليم وشرفنا بالذوق الدائم والنعيم المقيم وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يريد المسلمين من اليهود كعبد الله بن سلام وأصحابه ومن النصارى وهم ثمانون رجلا أربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ بجميعه وهو القرآن كله لانه من فضل الله ورحمته على العباد ولا شك ان المؤمن الموقن يسره ما جاء اليه من باب الفضل والإحسان وَمِنَ الْأَحْزابِ ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة نحو كعب بن الأشرف واتباعه والسيد والعاقب اسقفى نجران وأشياعهما وبالفارسية [واز لشكرهاى كفر وضلالت] مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ وهو ما يخالف شرائعهم وفى الكواشي لانهم وافقوا فى القصص وأنكروا غيرها وعن ابن عباس رضى الله عنهما آمن اليهود بسورة يوسف وكفر المشركون بجميعه واعلم ان القرآن يشتمل على التكاليف والاحكام وعلى الاسرار والحقائق فالروح والقلب والسر يفرحون بالكل. واما النفس والهوى والقوى فينكر بعضه لثقل تكاليفه وجهل فوائده اللهم ارفع عنا تعب التكاليف واجعلنا بالقرآن خير اليف واحفظنا من المخالفة والإنكار واحشرنا مع اهل القبول والإقرار مزن ز چون و چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان گفت قُلْ يا محمد فى جواب المنكرين إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ اى انما أمرت فيما انزل الىّ بان اعبد الله وأوحده وهو العمدة فى الدين ولا سبيل لكم الى إنكاره. واما ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الالهية فى جزئيات الاحكام لان الله الحكيم ينزل بحسب ما يقتضيه صلاح اهل العالم كالطبيب يعامل المريض بما يناسب مزاجه من التدبير والعلاج إِلَيْهِ اى الى الله وتوحيده لا الى غيره أَدْعُوا العباد او اخصه بالدعاء اليه فى جميع مهامى وَإِلَيْهِ مَآبِ اى مرجعى ومرجعكم للجزاء لا الى غيره وهذا هو القدر المتفق عليه بين الأنبياء. فاما ما عدا ذلك من التفاريع فمما يختلف بالاعصار والأمم فلا معنى لانكار المخالف فيه وَكَذلِكَ اى وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلغة أممهم كما قال كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ او ومثل هذا الانزال المشتمل على اصول الديانات

المجمع عليها كما هو المشهور فى مثله أَنْزَلْناهُ يعنى القرآن حُكْماً يحكم فى كل شىء يحتاج اليه العباد على مقتضى الحكمة والصواب. فالحكم مصدر بمعنى الحاكم لما كان جميع التكاليف الشرعية مستنبطا من القرآن كان سببا للحكم فاسند اليه الحكم اسنادا مجازيا ثم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة ويقال حكما اى محكما لا يقبل النسخ والتغيير عَرَبِيًّا مترجما بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه وانتصاب حكما على انه حال موطئة وعربيا صفته والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فكأن الاسم الجامد وطأ الطريق لما هو حال فى الحقيقة لمجيئه قبلها موصوفا بها- روى- ان المشركين كانوا يدعونه عليه السلام الى اتباع ملة آبائهم المشركين وكان اليهود يدعونه الى الصلاة الى قبلتهم اى بيت المقدس بعد ما حول عنها فقال تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ التي يدعونك إليها لتقرير دينهم جعل ما يدعونه اليه من الدين الباطل والطريق الزائغ هوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول لكونه هوى محضا بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ من الدين المعلوم صحته بالبراهين ما لَكَ مِنَ اللَّهِ من عذابه مِنْ وَلِيٍّ ينصرك وَلا واقٍ يحفظك ويمنع عنك العذاب وهذا خطاب له عليه السلام والمراد تحريض أمته على التمسك بالدين وتحذيره من التزلزل فانه إذا حذر من كان ارفع منزلة من الكل هذا التحذير كان غيره اولى بذلك اعانك الله وإياي فى كل مقام فعلى العاقل ان يسلك طريق العبودية الى عالم الربوبية ولا يشرك شيأ من الدنيا والآخرة بل يكون مخلصا فى طلبه ومن اتبع الشرك بعد ما جاءه من العلم وهو طلب الوحدانية ببذل الا نانية ماله من الله من ولى يخرجه من ظلمات الاثنينية الى نور الوحدانية ولا واق يقيه من عذاب البعد وحجاب الشركة فى الوجود بالوجود فطريق الخلاص انما هى العبودية قال الامام الفخر الرازي فى الكبير وقد بلغ شرف العبودية مبلغا بحيث اختلف العلماء فى العبودية والرسالة المستجمعتين فى المرسلين أيهما أفضل فقالوا ان العبودية أفضل واستدلوا عليه بانه بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق والعبودية ان يكل أموره الى سيده فيكون هو المتكفل تعالى بإصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما هذا آخر كلامه والعبودية هى مقام الجمع والرسالة مقام التفرقة انظر الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان فى تمحض عبوديته مع ربه كما اخبر عنه (أبيت عند ربى هو يطعمنى ويسقينى) وفى حال رسالته يقول (كلمينى يا حميراء) لينقطع من الحق الى الخلق وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول فى اشهد ان محمدا عبده ورسوله وفى العبودية معنى الكرامة والتشريف كما قال إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ: قال الحافظ گدايئ در جانان بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بآفتاب رود وعن على رضى الله عنه كفانى شرفا ان تكون لى ربا وكفانى عزا ان أكون لك عبدا وكما ان الله تعالى هو خالق العبد فكذا لا جاعل للعبد عبدا وذلك برفع هواه الا هو ألا ترى الى قوله تعالى بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ابدا لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فان المطهر بالكسر فى الحقيقة هو الله تعالى

[سورة الرعد (13) : الآيات 38 إلى 43]

وما سواه اسباب ووسائط وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ بشرا مثلك يا محمد وهو جواب لقول قريش ان الرسول لا بد وان يكون من جنس الملائكة وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً اى نساء وأولادا كما هى لك فلما جاز ذلك فى حقهم فلم لا يجوز مثله ايضا فى حقك وهو جواب لقول اليهود ما نرى لهذا الرجل همة الا فى النساء والنكاح ولو كان نبيا لاشتغل بالزهد والعبادة- روى- انه كان لداود عليه السلام مائة امرأة منكوحة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وسبعمائة سرية فكيف يضر كثرة الأزواج لنبينا عليه السلام وفى التأويلات النجمية ان الرسل لما جذبتهم العناية فى البداية رقتهم من دركات البشرية الحيوانية الى درجات الولاية الروحانية ثم رقتهم منها الى معارج النبوة والرسالة الربانية فى النهار فلم يبق فيهم من دواعى البشرية واحكام النفسانية ما يزعجهم الى طلب الأزواج بالطبيعة والركون الى الأولاد بخصائص الحيوانية بل جعل لهم رغبة فى الأزواج والأولاد على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة فى اظهار صفة الخالقية كما قال تعالى أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ انتهى وقال الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول الأنبياء زيدوا فى القوة بفضل تبوتهم وذلك ان النور إذا امتلأت منه الصدور ففاض فى العروق التذت النفس والعروق فاثار الشهوة وقواها انتهى وفى الحديث (فضلت على الناس بأربع بالسخاء والشجاعة وقوة البطش وكثرة الجماع) وطاف عليه السلام على نسائه التسع ليلة وتطهر من كل واحدة قبل ان يأتى الاخرى وقال هذا أطيب واطهر واوتى عليه السلام قوة أربعين رجلا من اهل الجنة فى الجماع وقوة الرجل من اهل الجنة كمائة من اهل الدنيا فيكون اعطى عليه السلام قوة اربعة آلاف رجل وسليمان عليه السلام قوة مائة رجل وقيل الف رجل من رجال الدنيا قال فى انسان العيون لا يخفى ان أزواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة وكان له اربع سرارى وفى بستان العارفين ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة وفى الواقعات المحمودية ان فخر الأنبياء عليه وعليهم السلام قد تزوج احدى وعشرين امرأة ومات عن تسع نسوة قال سفيان بن عيينة كثرة النساء ليست من الدنيا لان عليا رضى الله عنه كان ازهد اصحاب النبي عليه السلام وكان له اربع نسوة وسبع عشرة سرية وتزوج المغيرة بن شعبة ثمانين امرأة وكان الحسن بن على رضى الله عنهما منكاحا حتى نكح زيادة على مائتى امرأة وقد قال عليه السلام (أشبهت خلقى وخلقى) يقول الفقير قد تزوج شيخى وسندى روح الله روحه قدر عشرين وجمع بين اربع مهرية وخمس عشرة سرية وكان يقول للعامى حين يسأل عن كثرة نكاحه ان لكل أحد ابتلاء فى هذه الدار وقد ابتليت بكثرة النكاح ويقول لهذا الفقير فى خلوته انها من اسرار النبوة وخصائص خواص هذه الامة وأشار به الى الحديث المشهور (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فهذا العشق والمحبة انما يكون لاصحاب النفوس القدسية وهم يطالعون فى كل شىء ما لا يطالعه غيرهم: ونعم ما قيل منعم كنى ز عشق وى اى مفتئ زمان ... معذور دارمت كه تو او را نديده وَما كانَ لِرَسُولٍ وما صح لواحد منهم ولم يكن فى وسعه أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ تقترح عليه

[سورة الرعد (13) : آية 39]

إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى بامره لا باختيار نفسه ورأيه فانهم عبيد مربوبون منقادون وهو جواب لقول المشركين لو كان رسولا من عند الله لكان عليه ان يأتى بأى شىء طلبنا منه من المعجزات ولا يتوقف فيه وفيه اشارة الى ان حركات عامة الخلق وسكناتهم بمشيئة الله تعالى وإرادته وان حركات الرسل وسكناتهم بإذن الله ورضاه لِكُلِّ أَجَلٍ وقت كِتابٌ حكم مكتوب مفروض يليق بصلاح حال اهله فان الحكمة تقتضى اختلاف الاحكام على حسب اختلاف الاعصار والأمم وهو جواب لقولهم لو كان نبيا ما نسخ اكثر احكام التوراة والإنجيل وقال الشيخ فى تفسيره اى لكل شىء قضاه الله وقت مكتوب معلوم لا يزاد عليه ولا ينقص منه او لا يتقدم ولا يتأخر عنه [با هر اجلى را از آجال خلائق كتابيست نزديك خداى تعالى كه جز وى كسى را بر آجال خلق اطلاع نباشد] يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ محوه وَيُثْبِتُ ما يشاء إثباته فينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما هو خير منه او مثله ويترك ما يقتضيه حكمته غير منسوخ. او يمحو سيآت التائب ويثبت الحسنات مكانها. او يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة وذلك لانهم مأمورون بكتب جميع ما يقول الإنسان ويفعل فاذا كان يوم الاثنين والخميس يعارض ما كتبه الحفظة بما فى اللوح المحفوظ فينفى من كتاب الحفظة ما لا جزاء له من ثواب وعقاب ويثبت ماله جزاء من أحدهما ويترك مكتوبا كما هو فان كان فى أول الديوان وآخره خير يمحو الله ما بينهما من السيئات وان لم يكن فى اوله وآخره حسنات اثبت ما فيه من السيئات واختلف هل يكتب الملك ذكر القلب فسئل سفيان بن عيينة هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه إذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيثبتونها واذاهم بسيئة واستقر عليها قلبه فاح منه ريح منتنة. وجعل النووي هذا اى كونهم يكتبون عمل القب أصح وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم انتهى. ويؤيده ما فى ريحان القلوب ان الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له أسوة حسنة انتهى يقول الفقير يحتمل ان الإنسان الكامل لكونه حامل امانة الله ومظهر أسراره وخير البرية لا يطلع عليه الملك ويطلع على حال غيره بعلامات خفية عن البشر إلزاما وإحصاء لعمله كما قال تعالى لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها او يمحو ويثبت فى السعادة والشقاوة والرزق والاجل- روى- عن عمر رضى الله عنه انه كان يطوف بالبيت وهو يبكى ويقول اللهم ان كنت كتبتنى فى اهل السعادة فاثبتنى فيها وان كنت كتبتنى فى اهل الشقاوة فامحنى وأثبتني فى اهل السعادة والمغفرة لانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب وفى الأثر ان الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثون سنة فيقطع رحمه فيرد الى ثلاثة ايام ويكون قد بقي من عمره ثلاثة ايام فيصل رحمه فيرد الى ثلاثين سنة قال فى التأويلات النجمية لاجل اهل المشيئة والارادة فى حركاتهم وقت معين لوقوع الفعل فيه وكذا لاهل الاذن والرضى ثم يمحو الله ما يشاء لاهل السعادة من أفاعيل اهل الشقاوة ويثبت لهم من أفاعيل اهل السعادة ويمحو ما يشاء لاهل الشقاوة من أفاعيل اهل السعادة ويثبت لهم من أفاعيل اهل الشقاوة

وعنده أم الكتاب الذي مقدر فيه حاصل امر كل واحد من الفريقين وخاتمتهم فلا يزيد ولا ينقص انتهى يقول الفقير ان التغير والتبدل والمحو والإثبات انما هو بالنسبة الى السعادة والشقاوة العارضتين فانهما تقبلان ذلك بخلاف الاصليتين كما روى انه عليه السلام قال إذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة يدخل الملك على تلك النطفة فيقول يا رب أشقى أم سعيد فيقضى الله ويكتب الملك فيقول يا رب أذكر أم أنثى فيقضى الله ويكتب الملك فيقول عمله ورزقه فيقضى الله ويكتب الملك ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقض منها) فعلم ان بطن الام ناظر الى لوح الأزل فلا يتغير ابدا واما عالم الحس فناظر الى اللوح وعلى هذا يحمل قول بعضهم ان الله يمحوا ما يشاء ويثبت الا الشقاوة والسعادة والموت والحياة والرزق والعمر والاجل والخلق والخلق: كما قال السعدي قدس سره خوى بد در طبيعتى كه نشست ... نرهد جز بوقت مرگ از دست فمعنى زيادة العمر بصلة الرحم ان يكتب ثواب عمله بعد موته فكأنه زيد فى عمره او هو من باب التعليق او الفرض والتقدير ويمحو الأحوال ويثبت أضدادها من نحو تحويل النطفة علقة ثم مضغة الى آخرها ويمحو الأعمال إذا كان كافرا ثم اسلم فى آخر عمره محيت الأعمال التي كانت فى حال كفره فابدلت حسنات كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وإذا كان مسلما ثم كفر فى آخر عمره محيت اعماله الصالحة فلم ينتفع بها كما قال تعالى وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فالله تعالى يمحو الكفر ويثبت الايمان ويمحو الجهل ويثبت العلم والمعرفة ويمحو الغفلة والنسيان ويثبت الحضور والذكر ويمحو البغض ويثبت المحبة ويمحو الضعف ويثبت القوة ويمحو الشك ويثبت اليقين ويمحو الهوى ويثبت العقل ويمحو الرياء ويثبت الإخلاص ويمحو البخل ويثبت الجود ويمحو الحسد ويثبت الشفقة ويمحو التفرقة ويثبت الجمع على هذا النسق ودليله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ محوا واثبا قال الكاشفى [ابو درداء رضى الله عنه از حضرت نقل ميكند كه چون سه ساعت از شب باقى ماند حق سبحانه وتعالى نظر ميكند در كتابى كه غير ازو هيچكس در ان اطلاع نمى كند هر چهـ خواهد ازو محو كند وهر چهـ خواهد ثبت كند در فصول آورده كه محو كند رقوم انكار از قلوب ابرار واثبات كند بجاى آن رموز واسرار] وقال الشبلي رحمه الله يمحو ما يشاء من شهود العبودية وأوصافها ويثبت ما يشاء من شهود الربوبية ودلائلها وقال ابن عطاء يمحو الله اوصافهم ويثبت أسرارهم لانها موضع المشاهدة وفى التأويلات النجمية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الأخلاق الذميمة النفسانية وَيُثْبِتُ ما يشاء من الأخلاق الحميدة الروحانية للعوام ويمحو من الأخلاق الروحانية ويثبت من الأخلاق الربانية للخواص ويمحو آثار الوجود ويثبت آثار الجود لاخص الخواص كل شىء هالك إلا وجهه [امام قشيرى ميفرمايد كه محو حظوظ نفسانى ميكند واثبات حقوق ربانى يا شهود خلق ميبرد وشهود حق مى آرد يا آثار بشريت محو ميكند وأنوار احديت ثابت ميسازد از ان بنده مى كاهد واز ان خود مى افزايد تا چنانچهـ باول خود بود بآخر هم خود باشد. شيخ الإسلام فرموده كه

الهى جلال وعزت تو جاى اشارت نگذاشت محو اثبات تو راه اضافت برداشت از ان من كاست واز ان تو مى فزود بآخر همان شد كه باول بود] محنت همه در نهاد آب وگل ماست ... پيش از دل وگل چهـ بود آن حاصل ماست در عالم نيست خانه داشته ايم ... رفتيم بدان خانه كه سر منزل ماست وَعِنْدَهُ تعالى أُمُّ الْكِتابِ العرب تسمى كل ما يجرى مجرى الأصل اما ومنه أم الرأس للدماغ وأم القرى لمكة اى أصله الذي لا يتغير منه شىء وهو ما كتبه فى الأزل وهو العلم الأزلي الابدى السرمدي القائم بذاته وقد أحاط بكل شىء علما بلا زيادة ولا نقصان وكل شىء عنده بمقدار وهو لوح القضاء السابق فان الألواح اربعة لوح القضاء السابق الخالي عن المحو والإثبات وهو لوح العقل الاول ولوح القدر اى لوح النفوس الناطقة الكلية التي يفصل فيها كليات اللوح الاول ويتعلق بأسبابها وهو المسمى باللوح المحفوظ ولوح النفوس الجزئية السماوية التي ينتقش فيها كل ما فى هذا العالم بشكله وهيآته ومقداره وهو المسمى بالسماء الدنيا وهو بمثابة خيال العالم كما ان الاول بمثابة روحه والثاني بمثابة قلبه ثم لوح الهيولى القابل للصور فى عالم الشهادة وفى الواقعات المحمودية اعلم ان اللوح معنوى وصورى. فالصورى ثمانية عشر الفا أصغرها فى هذا التعين وهو قابل للتغير والتبدل وقوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ناظر اليه. واما المعنوي فلا يقبل التغير والتبدل وليس له زمان ولا حجم وما ذكروا من ان اللوح ياقوتة حمراء أطرافه من زبرجد فهو اللوح الصوري. واما المعنوي ففى علم الله تعالى الأزلي وهو لا يتغير ابدا وقد وقع الكل بارادة واحدة وفى الوجود الإنساني ايضا لوحان جزئيان معنوى وصورى فالمعنوى الجزئى باب اللوح المعنوي الكلى والصوري للصورى فالصورى ينكشف لاكثر الأولياء واما المعنوي فلا يحصل الا لواحد بعد واحد. وفى موضع آخر منها جميع ما سوى الله تعالى مما كان وما سيكون من ارادة واحدة ازلية لا تكثر فيها ولا تغير ولا تبدل وهى المراد من قوله ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ واما قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ فناظر الى تعلقات تلك الارادة الازلية التي هى من الصفات الحقيقية بالمحدثات على ما تقتضيه حكمته ومن جملتها افعال العبودية فتصدر منهم بإرادتهم الحادثة واختيارهم الجزئى بمعنى انهم يصرفون اختيارهم الى جانب أفعالهم فيخلقها الله سبحانه فالكسب منهم والخلق من الله فلا يلزم الجبر والأعمال اعلام فمن قدر له السعادة ختم بالسعادة ومن قدر له الشقاوة ختم بالشقاوة وفى الحديث (ان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها) وفى قوله عليه السلام فى الحديث (فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها) وقوله (فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها) تنبيه على سببية العمل فى الجانبين حيث لم يقل فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار او الجنة بل ذكر العمل ايضا كما لا يخفى على المتفطن واعلم ان الله تعالى علق كثيرا من العطايا على الأعمال الصالحة وامر العباد بها وفى الحديث (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) وفى الاحياء ان قيل ما فائدة الدعاء والقضاء لامر دله قلنا ان من جملة

[سورة الرعد (13) : الآيات 40 إلى 41]

القضاء كون الدعاء سببا لرد البلاء واستجلاب الرحمة وصار كالترس فانه لما كان لرد السهم لم يكن حمله مناقضا للاعتراف بالقضاء فكذا الدعاء فقدر الله الأمر وقدر سببه قال الحسن البصري طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وقال علامة الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل فعلى العاقل ان يجتهد فى اعمال البر ويكف النفس عن الهوى الى ان يجيئ الاجل: قال الكمال الخجندي قدس سره بكوش تا بكف آرى كليد گنج وجود ... كه بي طلب نتوان يافت گوهر مقصود وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ فى حياتك يا أفضل الرسل وأصله وان نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط ومن ثمة ألحقت النون بالفعل بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ اى مشركى مكة من العذاب والزلازل والمصائب والجواب محذوف اى فذاك شافيك من أعدائك پس از مرگ آنكس نبايد گريست ... كه روزى پس از مرگ دشمن بزيست أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ اى نقبض روحك الطاهرة قبل اراءة ذلك فلا تحزن فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ اسم أقيم مقام التبليغ كالاداء مقام التأدية اى تبليغ الرسالة وأداء الامانة لا غير وَعَلَيْنَا الْحِسابُ اى مجازاتهم يوم القيامة لا عليك فننتقم منهم أشد الانتقام فلا يهمنك اعراضهم ولا تستعجل بعذابهم ونظيره قوله تعالى فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ يعنى لا يتخلصون من عذاب الله مت او بقيت حيا وفى التأويلات النجمية وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بالكشف والمشاهدة بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ وعندنا هم من العذاب والثواب قبل وفاتك كما كان صلى الله عليه وسلم يخبر عن العشرة المبشرة وغيرهم بدخولهم الجنة وقد اخبر السائل عن أبيه حين قال اين أبوك قال (ابى وأبوك فى النار) وقال صلى الله عليه وسلم (رأيت الجنة وفيها فلان ورأيت النار وفيها فلان) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان نريك من أحوالهم فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ فيما امرناك بتبليغه ولا عليك القبول فيما تقول وَعَلَيْنَا الْحِسابُ فى الرد والقبول انتهى وكأن الكفرة قالوا اين ما وعد ربك ان يريك فقال تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ اى يأتى أمرنا ارض الكفرة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها حال من فاعل نأتى او من مفعوله اى نفتح ديار الشرك بمحمد والمؤمنين به فما زاد فى بلاد الإسلام باستيلائهم عليها جبرا وقهرا نقص من ديار الكفرة والله تعالى إذا قدر على جعل بعض ديار الكفرة للمسلمين فهو قادر على ان يجعل الكل لهم أفلا يعتبرون وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ محل لا مع المنفي النصب على الحال اى يحكم نافذا حكمه خاليا عن المعارض والمناقض وحقيقته الذي يعقب الشيء بالرد والابطال. والمعنى انه حكم للاسلام بالغلبة والإقبال وعلى الكفر بالادبار والانتكاس وذلك كائن لا يمكن تغييره وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيحاسبهم عما قليل فى الآخرة بعد عذاب الدنيا من القتل والاجلاء يقول الفقير نقص الأرض انما يكون بالفتح المبنى على الأمر بالجهاد وهو انما فرض بالمدينة فالاظهر ان الآية مدنية لا مكية كما لا يخفى وكون السورة مكية لا ينافيه وقد تعرض من ذهب الى كونها مكية لاستثناء آيتين كما أشير إليهما فى عنوان السورة ولم يتعرض لهذه الآية والحق ما قلنا وقال بعضهم نقص الأرض ذهاب البركة او خراب النواحي او موت الناس

[سورة الرعد (13) : آية 42]

او موت العلماء والفقهاء والخيار وفى الحديث (ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) وفى ذكر إذا دون ان اشارة الى انه كائن لا محالة بالتدريج وقال سلمان رضى الله عنه لا يزال الناس بخير ما بقي الاول حتى يتعلم الآخر فاذا هلك الاول ولم يتعلم الآخر هلك الناس وقال ابن المبارك ما جاء فساد هذه الامة الا من قبل الخواص وهم خمسة العلماء والغزاة والزهاد والتجار والولاة اما العلماء فهم ورثة الأنبياء واما الزهاد فعماد الأرض واما الغزاة فجند الله فى الأرض واما التجار فامناء الله فى الامة واما الولاة فهم الرعاة فاذا كان العالم للدين واضعا وللمال رافعا فبمن يقتدى الجاهل وإذا كان الزاهد فى الدنيا راغبا فبمن يقتدى التائب وإذا كان الغازي طامعا فكيف يظفر بالعدو وإذا كان التاجر خائنا فكيف تحصل الامانة وإذا كان الراعي ذئبا فكيف تحصل الرعاية نكند جور پيشه سلطانى ... كه نيايد ذكرك چوبانى والاشارة أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ البشرية نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها من أوصافها بالازدياد فى أوصاف الروحانية وارض الروحانية ننقصها من أخلاقها بالتبديل بالأخلاق الربانية وارض العبودية ننقصها من آثار الخلقية بإظهار أنوار الربوبية وَاللَّهُ يَحْكُمُ من الأزل الى الابد لا مُعَقِّبَ لا مقدم ولا مؤخر ولا مبدل لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيما قدر ودبر وحكم فلا يسوغ لاحد تغيير حكم من أحكامه وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى مكر الذين قبل مشركى مكة بانبيائهم والمؤمنين بهم كما مكر اهل مكة بمحمد عليه السلام ومكرهم ما اخفوه من تدبير القتل والإيذاء بهم مكر نمرود بإبراهيم عليه السلام وبنى الصرح وقصد السماء ليقتل رب ابراهيم ومكر فرعون بموسى عليه السلام واليهود بعيسى عليه السلام وثمود بصالح عليه السلام كما قالوا لنبيتنه واهله اى لنقتلهم ليلا ومكر كفار مكة فى دار الندوة حين أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً مكر الله إهلاكهم من حيث لا يشعرون شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة وفى الكواشي اسباب المكر وجزاؤه بيد الله لا يغلبه أحد على مراده فيجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين إذا هو من خلقه فالمكر جميعا مخلوق له ليس يضر منه شىء الا باذنه ثم بين قوة مكره وكماله بقوله يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ من خير وشر فيعد جزاءها وفى التأويلات النجمية فى اهل كل زمان وقرن مكروهم يمكرون به فلله المكر جميعا فانه مكر بهم ليمكروا بمكره مكرا مع اهل الحق ليبتليهم الله بمكرهم ويصبروا على مكرهم ثقة بالله انه هو خير الماكرين: وفى المثنوى مر ضعيفانرا تو بي خصمى مدان ... از نبى إذ جاء الله بخوان كرد خود چون كرم پيله بر متن ... بهر خود چهـ ميكنى اندازه كن كر تو پيلى خصم تو از تو رميد ... نك جزا طيرا ابابيلت رسيد كر ضعيفى در زمين خواهد أمان ... غلغل افتد در سپاه آسمان كر بد ندانش كزى پر خون كنى ... درد دندانت بگيرد چون كنى

[سورة الرعد (13) : آية 43]

وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ من الفريقين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم فى غفلة منه واللام تدل على ان المراد بالعقبى العاقبة المحمودة والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها ان يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقى الملائكة بالبشرى عند الموت ودخول الجنة قال سعدى المفتى ثم لا يبعد ان يكون المراد والله اعلم سيعلم الكفار من يملك الدنيا آخرا فاللام للملك انتهى فينبعى للمؤمن ان يتوكل على المولى ويعتمد على وعده ويوافقه باستعجال ما عجله واستئجال ما اجله وكما انه تعالى نصر رسوله فكان ما كان كذلك ينصر من نصر رسوله فى كل عصر وزمان فيجعله غالبا على أعدائه الظاهرة والباطنة- روى- انه عليه السلام امر فى غزوة بدر ان يطرح جيف الكفار فى القليب وكان إذا ظهر على قوم اقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث امر عليه السلام براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه حتى وقف على شفة القليب وجعل يقول (يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدني الله حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا روح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم) وفى رواية (لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) وعن قتادة رضى الله عنه أحياهم الله حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة وكان ابو لهب قد تأخر فى مكة وعاش بعد ان جاء الخبر عن مصاب قريش ببدر أياما قليلة ورمى بالعدسة وهى بثرة تشبه العدسة من جنس الطاعون فقتلته فلم يحفروا له حفيرة ولكن أسندوه الى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه لان العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها ويرون انها تعدى أشد العدوى فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه وبقي بعد موته ثلاثا لا يقرب جنازته ولا يحاول دفنه حتى أنتن فلما خافوا السبة اى سب الناس لهم فعلوا به ما ذكر وفى رواية حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه فوجد جزاء مكره برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة رضى الله عنها إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها قال فى النور وهذا القبر الذي يرجم خارج باب شبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب وانما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة وذلك فى دولة بنى العباس فان الناس أصبحوا ووجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فامسكوهما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن فهذا جزاؤهما فى الدنيا وقد مكر الله بهما بذلك فقس على هذا جزاء من استهزأ بدين الله واهل دينه من العلماء الأخيار والأتقياء الأبرار وقد مكر بعض الوزراء بحضرة شيخى وسندى فى اواخر عمره فاماته الله قبله بايام فرؤى فى المنام وهو منكوس الرأس لا يرفعها حياء مما صنع بحضرة الشيخ اللهم احفظنا واعصمنا من سوء الحال وسيآت الأعمال وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى مشركى مكة او رؤساء اليهود فتكون الآية مدنية لَسْتَ يا محمد مُرْسَلًا فيه اشارة الى ان من يقول للرسول صلى الله عليه وسلم انه ليس مرسلا من الله كما قالت الفلاسفة انه حكيم وليس برسول فقد كفر قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا

شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل وخواجه پيغمبران قُلْ كَفى بِاللَّهِ الباء دخلت على الفاعل شَهِيداً تمييز بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [بآنكه من پيغمبرم بشما] والمراد بشهادة الله تعالى اظهار المعجزات الدالة على صدقه فى دعوى الرسالة وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ وهو الذي علمه الله القرآن وعلمه البيان واراه آيات القرآن ومعجزاته فبذلك علم حقية رسالته وشهد بها وهم المؤمنون فالمراد بالكتاب القرآن وعن عبد الله بن سلام ان هذه الآية نزلت فىّ فالمراد به التوراة فان عبد الله بن سلام وأصحابه وجدوا نعته عليه السلام فى كتابهم فشهدوا بحقية رسالته وكانت شهادتهم ايضا قاطعة لقول الخصوم واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل الى الخلق كافة الانس والجن والملك والحيوان والنبات والحجر: قال العطار قدس سره داعئ ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از آن كفتى حصات وفى المثنوى سنكها اندر كف بوجهل بود ... كفت اى احمد بگو اين چيست زود كر رسولى چيشت در مشتم نهان ... چون خبر دارى زر از آسمان كفت چون خواهى بگويم آن چهاست ... يا بگويند آنكه ما حقيم وراست كفت بو جهل اين دوم نادرترست ... كفت آرى حق از آن قادر ترست از ميان مشت او هر پاره سنك ... در شهادت كفتن آمد بي درنك لا اله كفت والا الله كفت ... كوهر احمد رسول الله سفت چون شنيد از سنكها بو جهل اين ... زد ز خشم آن سنكها را بر زمين وقد أخذ الله تعالى بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله من خواص عباده ولو لم يكن سر الحياة ساريا فى جميع العالم لما سبح الحصى ونحوه وقد ورد (ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له) ولا يشهد الا من كان حيا عالما وكذا لا يحب الا من كان كذلك وقد ورد فى حق جبل أحد قوله عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) ثم ان الا كوان مملوءة من اعلام الرسالة وشواهد النبوة ولقد خلق الله العرش الذي هو أول الأجسام وأعظمها فكتب عليه قبل كل شىء الكلمة الطيبة كما روى ان آدم عليه السلام لما اقترف الخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد إلا غفرت قال وكيف عرفت محمدا قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش لا اله الا الله محمد رسول الله فعلمت انك لم تضف الى اسمك الا أحب الخلق إليك قال صدقت يا آدم انه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن وعن بعضهم رأيت فى جزيرة شجرة عظيمة لها ورق كبير طيب الرائحة مكتوب عليه بالحمرة والبياض فى الخضرة كتابة واضحة خلقة ابدعها الله بقدرته فى الورقة ثلاثة اسطر الاول لا اله الا الله والثاني محمد رسول الله والثالث ان الدين عند الله الإسلام وفى الواقعات المحمودية كل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا كلمة لا اله الا الله فانه غير قابل فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد تمت سورة الرعد فى الحادي والعشرين من شوال المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث ومائة والف

تفسير سورة ابراهيم

تفسير سورة ابراهيم وهى مكية الا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا الآيتين وهى احدى ومائتان او اربع او خمس وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم يشير الى ان ببركة اسم الله وهو اسم ذاته تبارك وهو الاسم الأعظم ابتدأت بخلق العالمين إظهارا لصفة الرحمانية فالرحيمية ليكون عالم الدنيا مظهر صفة رحمانيته ولهذا يقال يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة وذلك لان المخلوقات من الحيوان والجماد والمؤمن والكافر والسعيد والشقي عامة ينتفعون فى الدنيا بصفة رحمانيته التي على صيغة المبالغة فى الرحمة وفى الآخرة لا ينتفع بصفة رحيميته الا المؤمنون خاصة كما قال وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً كما فى التأويلات النجمية جامى اگر ختم نه بر رحمتست ... بهر چهـ شد خاتمه آن رحيم الر يشير بالألف الى القسم بآلائه ونعمائه وباللام الى لطفه وكرمه وبالراء الى القرآن يعنى قسما بآلائى ونعمائى ان صفة لطفى وكرمى اقتضت إنزال القرآن وهو كتاب إلخ كما فى التأويلات النجمية وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره اهل السلوك يعرفون المتشابهات على قدر مرتبتهم فمثل قوله تعالى ق ون اشارة الى مرتبة واحدة فى ملك وجوده ومثل حم اشارة الى مرتبتين ومثل الم الر اشارة الى ثلاث مراتب ومثل كهيعص. وحم عسق اشارة الى خمس مراتب. وفى البعض اشارة الى سبع مراتب فقوله عليه السلام (ان للقرآن ظهرا وبطنا) لا يعرفه غير اهل السلوك وما ذكره العلماء تأويله لا تحقيقه فمثل القاضي وصاحب الكشاف سلوكهم من جهة اللفظ لا المعنى وكان فى تفسير القاضي روحانية لكنه بدعاء عمر النسفي صاحب تفسير التيسير والمنظومة فى الفقه وكان هو مدرس الثقلين- روى- ان شخصا رأى الامام عمر النسفي بعد موته فى المنام فقال كيف كان سؤال منكر ونكير فقال رد الله الى روحى فسألانى فقلت لهما اخبر كما فى رد الجواب نظما او نثرا فقالا قل نظما فقلت ربى الله لا اله سواه ... ونبيى محمد مصطفاه دينى الإسلام وفعلى ذميم ... اسأل الله عفوه وعطاه فانتبه ذلك الشخص من المنام وقد حفظ البيتين يقول الفقير علم الحروف المقطعة من نهايات علوم الصوفية المحققين فانهم انما يصلون الى هذا العلم الجليل بعد أربعين سنة من أول السلوك بل أول الفتح فهو من الاسرار المكتومة ولا بد لطالبه من الاجتهاد الكثير على يدى انسان كامل: قال الكمال الخجندي قدس سره كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكو كن چهـ سود از خواندن اسما بنا اهل ار نشان دادى كمال از خاك دركاهش ... كشيدى كحل بينايى ولى در چشم نابينا

قال الكاشفى [در شرح تأويلات از امام ماتريدى مذكور است كه حروف مقطعه ابتلاست مر تصديق مؤمن وتكذيب كافر را وخداى تعالى بندگانرا بهر چهـ ميخواهد امتحان كند] كِتابٌ اى القرآن المشتمل على هذه السورة وغيرها كتاب فهو خبر مبتدأ محذوف وفى تفسير الكاشفى [جمعى بر آنند كه اين حروف أسامي قرآنند وبدين وجه توان كفت كه الر يعنى قرآن كتاب] أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ يا محمد بواسطة جبرائيل حال كونه حجة على رسالتك باعجازه يناسب قوله تعالى فيما بعد وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ثم بين المصلحة فى إنزال الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لِتُخْرِجَ النَّاسَ كافة بدعائك وإرشادك إياهم الى ما تضمنه الكتاب من العقائد الحقة والاحكام النافعة مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ اى من انواع الضلالة الى الهدى ومن ظلمة الكفر والنفاق والشك والبدعة الى نور الايمان والإخلاص واليقين والسنة ومن ظلمة الكثرة الى نور الوحدة ومن ظلمة حجب الافعال وأستار الصفات الى نور وحدة الذات ومن ظلمة الخلقية الى نور تجلى صفة الربوبية وذلك ان الله تعالى خلق عالم الآخرة وهو عالم الأرواح من النور وجعل زبدته روح الإنسان وخلق عالم الدنيا وهو عالم الأجسام وجعل زبدته جسم الإنسان وكما انه تعالى جعل عالم الأجسام حجابا لعالم الأرواح جعل ظلمات صفات جسم الإنسان حجابا لنور صفات روح الإنسان وجعل العالمين بظلماتهما وانوارهما حجابا لنور صفة ألوهيته كما قال صلى الله عليه وسلم (ان لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفت لا حترقت سبحات وجه ما انتهى إليها بصره) وما جعل الله لنوع من انواع الموجودات استعداد للخروج من هذه الحجب الا للانسان لا يخرج منها أحد الا بتخريجه إياه منها واختص المؤمن بهذه الكرامة كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن من اسباب تخريج المؤمنين من حجب الظلمات الى النور بِإِذْنِ رَبِّهِمْ اى بحوله وقوته اى لا سبيل له الى ذلك الا به وانما قال ربهم لانه تعالى مر بيهم وما قال بإذن ربك ليعلم ان هذه التربية من الله لا من النبي عليه السلام كذا فى التأويلات النجمية وقال اهل التفسير الباء متعلق بتخرج اى تخرج منها اليه لكن لا كيف ما كان فانك لا تهدى من أحببت بل بإذن ربهم فانه لا يهتدى مهتد الا بإذن ربه اى بتيسيره وتسهيله ولما كان الاذن من اسباب التيسير اطلق عليه فان التصرف فى ملك الغير متعذر فاذا اذن تسهل وتيسر واعلم ان الدعوة عامة والهداية خاصة كما قال تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ واذن الله شامل لجميع الناس فى الظلمات إذ المقصود من إيجاد العوالم وإنشاء النشآت كلها ظهور الإنسان الكامل وقد حصل وهو الواحد الذي كالالف وهو السواد الأعظم فلا تقتضى الحكمة اتفاق الكل على الحق لان لله تعالى جمالا وجلالا لا بد لكليهما من اثر در كارخانه عشق ز كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كر بو لهب نباشد إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بدل من قوله الى النور بتكرير العامل واضافة الصراط الى العزيز وهو الله على سبيل التعظيم له والمراد دين الإسلام فانه طريق موصل الى الجنة والقربة والوصلة والعزيز الغالب الذي ينتقم لاهل دينه من أعدائهم والحميد المحمود الذي يستوجب

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 2 إلى 3]

بذلك الحمد من عباده وفيه اشارة الى ان العبور على الظلمات الجسمانية والأنوار الروحانية هو الطريق الى الله تعالى وهو العزيز الذي لا يصل العبد اليه الا بالخروج من هذه الحجب وهو الحميد الذي يستحق من كمالية جماله وجلاله ان يحتجب بحجب العزة والكبرياء والعظمة اللَّهِ بالجر عطف بيان للعزيز الحميد لانه علم للذات الواجب الوجود الخالق للعالم الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات من العقلاء وغيرهم وفيه اشارة الى ان سير السائرين الى الله لا ينتهى بالسير فى الصفات وهى العزيز الحميد وانما ينتهى بالسير فى الذات وهو الله فالمكونات أفعاله فمن بقي فى أفعاله لا يصل الى صفاته ومن بقي فى صفاته لا يصل الى ذاته ومن وصل الى ذاته وصولا بلا اتصال ولا انفصال بل وصولا بالخروج من انانيته الى هويته تعالى ينتفع به فى صفاته وأفعاله: قال الكمال الخجندي قدس سره وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست وقال المولى الجامى قدس سره سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما ما را برهان ز ما وآگاهى ده ... از سر معينى كه دارى با ما وَوَيْلٌ الويل الهلاك وقال الكاشفى [رنج ومشقت] وهو مبتدأ خبره قوله لِلْكافِرِينَ بالكتاب وأصله النصب كسائر المصادر الا انه لم يشتق منه فعل لكنه عدل به الى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه فيقال ويل لهم كسلام عليكم مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ من لتبيين الجنس صفة لويل او حال من ضميره فى الخبر او ابتدائية متعلقة بالويل على معنى انهم يولون من عذاب شديد ويضجون منه ويقولون يا ويلاه كقوله تعالى دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ محل الموصول الجر على انه بدل من الكافرين او صفة له. والاستحباب استفعال من المحبة. والمعنى يختارون الحياة الدنيا ويؤثرونها على الحياة الآخرة الابدية فان المؤثر للشئ على غيره كأنه يطلب من نفسه ان يكون أحب إليها وأفضل عندها من غيره قال ابن عباس رضى الله عنهما يأخذون ما تعجل فيها تهاونا بامر الآخرة وهذا من أوصاف الكافر الحقيقي فانه يجد ويجتهد فى طلب الدنيا وشهواتها ويترك الآخرة باهمال السعى فى طلبها واحتمال الكلفة والمشقة فى مخالفة هوى النفس وموافقة الشرع فينبغى للمؤمن الحقيقي ان لا يرضى باسم الإسلام ولا يقنع بالايمان التقليدى فانه لا يخلو عن الظلمات بخلاف الايمان الحقيقي فانه نور محض وليس فيه تغيير أصلا كى سيه كردد ز آتش روى خوب ... كو نهد كلكونه از تقوى القلوب وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى ويمنعون الناس عن قبول دين الله وفيه اشارة الى ان اهل الهوى يصرفون وجوه الطالبين عن طلب الله ويقطعون عليهم طريق الحق فى صورة النصيحة ويلومون الطلاب على ترك الدنيا والعزلة والعزوبة والانقطاع عن الخلق للتوجه الى الحق وَيَبْغُونَها اى ويبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل الى الضمير اى يطلبون لها عِوَجاً زيغا واعوجاجا اى يقولون لمن يريدون صده وإضلاله انها سبيل

[سورة إبراهيم (14) : آية 4]

ناكبة وزائغة غير مستقيمة [يعنى اين راه كج است وبمنزل مقصود نميرسد] والزيغ الميل عن الصواب والنكوب الاعراض أُولئِكَ الموصوفون بالقبائح المذكورة فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ اى ضلوا عن طريق الحق ووقعوا عنه بمراحل والبعد فى الحقيقة من احوال الضال لانه هو الذي يتباعد عن الطريق فوصف به فعله مجازا للمبالغة وفى جعل الضلال محيطا بهم احاطة الظرف بما فيه ما لا يخفى من المبالغة وليس فى طريق الشيطان فوق من هو ضال ومضل كما انه ليس فى طريق الرحمن فوق من هو مهتد وهاد وقد أشير الى كليهما فى هذه الآيات فان إنزال الكتاب على رسول الله اشارة الى اهتدائه به كما قال تعالى فى مقام الامتنان ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وقوله لتخرج صريح فى هدايته وإرشاده ولكل وارث من ورثته الأكملين حظ اوفى من هذين المقامين وهم المظاهر للاسم الهادي وقوله تعالى يستحبون ويصدون اشارة الى الضلال والإضلال وهم ورثة الشيطان فى ذلك اى المظاهر للاسم المضل فعلى العاقل ان يحقق إيمانه بالذكر الكثير وينقطع من الدنيا وما فيها الى العليم الخبير وسئل سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره عن السنة والفريضة فقال السنة ترك الدنيا والفريضة الصحبة مع المولى لان السنة كلها تدل على ترك الدنيا والكتاب كله يدل على صحبة المولى فمن عمل بالسنة والفريضة فقد كملت النعمة فى حقه ووجب عليه الشكر الكثير شرفنا الله وإياكم بالسلوك الى طريق الأخيار والأبرار وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ [در زاد المسير آورده كه قريش ميكفتند چهـ حالتست كه همه كتب منزل بلغة عجمى فرود آمده وكتابى كه بمحمد مى آيد عربيست آيت آمد كه] وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا ملتبسا بِلِسانِ قَوْمِهِ لفظ اللسان يستعمل فيما هو بمعنى العضو وبمعنى اللغة والمراد هنا هو الثاني اى بلغة قومه الذين هو منهم وبعث فيهم [يعنى كروهى كه او از ايشان زاده ومبعوث شده بديشان چهـ هر پيغمبرى را أول دعوت نزديكان خود بايد كرد] ويدل عليه قوله تعالى وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ونحو ذلك ولا ينتقض بلوط عليه السلام فانه تزوج منهم وسكن فيما بينهم فحصل المقصود الذي هو معرفة قومه بلسانه وديانته. وعمم المولى ابو السعود حيث قال الا ملتبسا بلسان قومه متكلما بلغة من أرسل إليهم من الأمم المتفقة على لغة سواء بعث فيهم أم لا انتهى لِيُبَيِّنَ كل رسول لَهُمْ اى لقومه ما دعوا اليه وأمروا بقبوله فيفقهوه عنه بسهولة وسرعة ثم ينقلوه ويترجموه لغيرهم فانهم اولى الناس بان يدعوهم وأحق بان ينذرهم ولذلك امر النبي عليه السلام بانذار عشيرته اولا ولقد بعث عليه السلام الى الناس جميعا بل الى الثقلين ولو نزل الله كتبه بألسنتهم مع اختلافها وكثرتها استقل ذلك بنوع من الاعجاز لكن ادى الى التنازع واختلاف الكلمة وتطرق أيدي التحريف واضاعة فضل الاجتهاد فى تعلم الألفاظ ومعانيها والعلوم المتشعبة منها وما فى اتعاب النفوس وكذا القرائح فيه من القرب والطاعات المقتضية لجزيل الثواب وايضا لما جعله الله تعالى سيد الأنبياء وخيرهم وأشرفهم وشريعته خير الشرائع وأشرفها وأمته خير الأمم

وأفضلهم أراد ان يجمع أمته على كتاب واحد منزل بلسان هو سيد الالسنة وأشرفها وأفضلها إعطاء للاشرف الأشرف وذلك هو اللسان العربي الذي هو لسان قومه ولسان اهل الجنة فكان سائر الالسنة تابعا له كما ان الناس تابع للعرب مع ما فيه من الغنى عن النزول بجميع الالسنة لان الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل اى يبعث الرسل الى الأطراف يدعونهم الى الله ويترجمون لهم بألسنتهم يقال ترجم لسانه إذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان كما فى الصحاح قال فى انسان العيون اما قول اليهود او بعضهم وهم العيسوية طائفة من اليهود اتباع عيسى الاصفهانى انه عليه السلام انما بعث للعرب خاصة دون بنى إسرائيل وانه صادق ففاسد لانهم إذا اسلموا انه رسول الله وانه صادق لا يكذب لزمهم التناقض لانه ثبت بالتواتر عنه انه رسول الله لكل الناس ثم قال ولا ينافيه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لانه لا يدل على اقتصار رسالته عليهم بل على كونه متكلما بلغتهم ليفهموا عنه اولا ثم يبلغ الشاهد الغائب ويحصل الافهام لغير اهل تلك اللغة من الأعاجم بالتراجم الذين أرسلوا إليهم فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث الى الكافة وان كان هو وكتابه عربيين كما كان موسى وعيسى عليهما السلام مبعوثين الى بنى إسرائيل بكتابيهما العبراني وهو التوراة والسرياني وهو الإنجيل مع ان من جملتهم جماعة لا يفهمون بالعبرانية ولا بالسريانية كالاروام فان لغتهم اليونانية انتهى والحاصل ان الإرشاد. لا يحصل الا بمعرفة اللسان- حكى- ان اربعة رجال عجمى وعربى وتركى ورومى وجدوا فى الطريق درهما فاختلفوا فيه ولم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسألهم رجل آخر يعرف الالسنة فقال للعربى أي شىء تريد وللعجمى [چهـ ميخواهى] وللتركى «نه استرسين» وعلم ان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا ويأكلوه فاخذ هذا العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم بسبب معرفة ذلك الرجل لسانهم- وحكى- ان بعض اهل الإنكار ألحوا على بعض من المشايخ الأميين ان يعظ لهم باللسان العربي تعجيز اله وتفضيحا فحزن لذلك فرأى فى المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بما التمسوا منه من الوعظ فاصبح متكلما بذلك اللسان وحقق القرآن بحقائق عجزوا عنها وقال أمسيت كرديا وأصبحت عربيا: وفى المثنوى خويش را صافى كن از أوصاف خويش ... تا ببينى ذات پاك صاف خويش بينى اندر دل علوم انبيا ... بي كتاب وبي معيد واوستا سر أمسينا لكرديا بدان ... راز أصبحنا عرابيا بخوان فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الكفر والضلال لمباشرة الأسباب المؤدية اليه قال الكاشفى [پس كمراه كرداند خداى تعالى هر كه را خواهد يعنى فرو كذارد تا كه كمراه شود] والفاء فصيحة مثلها فى قوله تعالى فقلنا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ كأنه قيل فبينوه لهم فاضل الله منهم من شاء إضلاله لما لا يليق الا به وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته اى يخلق فيه الايمان والاهتداء لاستحقاقه له لما فيه من الانابة والإقبال الى الحق قال الكاشفى [وراه نمايد هر كه را خواهد يعنى توفيق دهد تا راه يابد] وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل شىء فلا يغالب فى مشيئته الْحَكِيمُ الذي لا يفعل شيأ من الإضلال والهداية الا لحكمة بالغة وفيه ان

[سورة إبراهيم (14) : آية 5]

ما فوض الى الرسل انما هو تبليغ الرسالة وتبيين طريق الحق واما الهداية والإرشاد اليه فذلك بيد الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وفى التأويلات النجمية وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ اى ليتكلم معهم بلسان عقولهم لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الطريق الى الله وطريق الخروج من ظلمات انانيتهم الى نور هويته فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ فى انانيته وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالخروج الى هويته وَهُوَ الْعَزِيزُ اى هو أعز من ان يهدى كل واحد الى هويته الْحَكِيمُ بان يهدى من هو المستحق للهداية اليه فمن هذا تحقق انه تعالى هو الذي يخرجهم من الظلمات الى النور لا غيره انتهى فعلى العاقل ان يصرف اختياره فى طريق الحق ويجتهد فى الخروج من بوادي الانانية فقد بين الله الطريق وارشد الى الأسباب فلم يبق الا الدخول والانتساب قال بعض الكبار النظر الصحيح يؤدى الى معرفة الحق وذلك بالانتقال من معلوم الى معلوم الى ان ينتهى الى الحق لكن طريق التصور والفكر واهله لا يتخلص من الانانية والاثنينية واما المكاشفة فليس فيها الانتقال المذكور وطريقها الذكر ألا ترى الى قوله تعالى الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كيف قدم الذكر على الفكر فالطريقة الاولى طريقة الإشراقيين والثانية طريقة الصوفية المحققين قال الامام الغزالي كرم الله وجهه من عرف الله بالجسم فهو كافر ومن عرف الله بالطبيعة فهو ملحد ومن عرف الله بالنفس فهو زنديق ومن عرف الله بالعقل فهو حكيم ومن عرف الله بالقلب فهو صديق ومن عرف الله بالسر فهو موقن ومن عرف الله بالروح فهو عارف ومن عرف الله بالخفي فهو مفرد ومن عرف الله بالله فهو موحد اى بالتوحيد الحقيقي طالب توحيد را بايد قدم بر «لا» زدن ... بعد زان در عالم وحدت دم «الا» زدن رنك وبويى از حقيقت كر بدست آورده ... چون كل صد برك بايد خيمه بر صحرا زدن وانما منع الأغيار من شهود الآثار غيرة من الله العزيز القهار معشوق عيان ميكذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست ومعنى الوحدة الحاصلة بالتوحيد زوال الوجود المجازى الموهم للاثنينية وظهور الوجود الحقيقي على ما كان عليه هر موج ازين محيط انا البحر ميزند ... كر صد هزار دست بر آيد دعا يكيست حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد ووصلنا وإياكم الى سر التجريد والتفريد وجعلنا من المهديين الهادين والى طريق الحق داعين وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى ملتبسا بِآياتِنا يعنى اليد والعصا وسائر معجزاته الدالة على صحة نبوته أَنْ مفسرة لمفعول مقدر للفظ دال على معنى القول مؤد معناه اى أرسلناه بامر هو أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ من انواع الضلال التي كلها ظلمات محض كالكفر والجهالة والشبهة ونحوها إِلَى النُّورِ الى الهدى كالايمان والعلم واليقين وغيرها وقال المولى ابو السعود رحمه الله الآيات معجزاته التي أظهرها لبنى إسرائيل والمراد إخراجهم بعد مهلك فرعون من الكفر والجهالات التي ادتهم الى ان يقولوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة الى الايمان بالله وتوحيده وسائر ما أمروا به

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 إلى 10]

انتهى يقول الفقير قد تقرر ان القرآن يفسر بعضه بعضا فقوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ينادى بأعلى صوته على ان المراد بالآيات غير التوراة وبالقوم القبط وهم فرعون واتباعه وان الآية محمولة على أول الدعوة ولما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة قال الله تعالى فى حقه لِتُخْرِجَ النَّاسَ ولم يقل لتخرج قومك كما خصص وقال هنالك بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وطواه هنا لان الإخراج بالفعل قد تحقق فى دعوته عليه السلام فكان أمته امة دعوة واجابة ولم يتحقق فى دعوة موسى إذ لم يجبه القبط الى ان هلكوا وان اجابه بنوا إسرائيل والعمدة فى رسالته كان القبط ومن شأن الرسول تقديم الانذار حين الدعوة كما قال نوح عليه السلام فى أول الأمر إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ولذا وجب حمل قوله تعالى وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ على التذكير بالوقائع التي وقعت على الأمم الماضية قبل قوم نوح وعاد وثمود. والمعنى وعظهم وانذرهم مما كان فى ايام الله من الوقائع ليحذروا فيؤمنوا كما يقال رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وايام العرب ملاحمها وحروبها كيوم حنين ويوم بدر وغيرهما وقال بعضهم ذكرهم نعمائى ليؤمنوا بي كما روى ان الله تعالى اوحى الى موسى ان حببنى الى عبادى فقال يا رب كيف أحببك الى عبادك والقلوب بيدك فاوحى الله تعالى ان ذكرهم نعمائى ومن هنا وجب الكلام عند الكلام بما يرجح رجاءه فيقال له لا تحزن فقد وفقك الله للحج او للغزو او لطلب العلم او نحو ذلك من وجوه الخير ولو لم يرد بك خيرا لما فعله فى حقك فهذا تذكير أي تذكير وايام الله فى الحقيقة هى التي كان الله ولم يكن معه شىء من ايام الدنيا ولا من ايام الآخرة فعلى السالك ان يتفكر ثم يتذكر كونه فى مكنون علم الله تعالى ويخرج من الوجود المجازى المقيد باليوم والليل ويصل الى الوجود الحقيقي الذي لا يوم عنده ولاليل إِنَّ فِي ذلِكَ اشارة الى ايام الله لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وحدانية الله وقدرته وعلمه وحكمته لِكُلِّ صَبَّارٍ مبالغ فى الصبر على طاعة الله وعلى البلايا شَكُورٍ مبالغ فى الشكر على النعم والعطايا كأنه قال لكل مؤمن كامل إذ الايمان نصفيان نصفه صبر ونصفه شكر وتخصيص الآيات بهم لانهم المنتفعون بها لا لانها خافية عن غيرهم فان التبيين حاصل بالنسبة الى الكل وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته ... آخر هر كريه آخر خنده ايست فالمنذرون المذكرون بالكسر صبروا على الأذى والبلاء فظفروا والعاقبة للمتقين والمنذرون المذكرون بالفتح تمادوا فى الغى والضلال فهلكوا ألا بعدا للقوم الظالمين: وفى المثنوى عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اى اذكر للناس يا أفضل المخلوق وقت قول موسى لقومه وهم بنوا إسرائيل والمراد بتذكير الأوقات تذكير ما وقع فيها من الحوادث المفصلة إذ هي محيطة بذلك فاذا ذكرت ذكر ما فيها كأنه مشاهد معاين اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى انعامه عليكم وقت انجائه إياكم من فرعون واتباعه واهل دينه وهم القبط يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ استئناف لبيان انجائهم او حال من آل فرعون قال

[سورة إبراهيم (14) : آية 7]

فى تهذيب المصادر [السوم: چشانيدن عذاب وخوارى] قال الله تعالى يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ انتهى وفى بحر العلوم من سام السلعة إذا طلبها والمعنى. يذيقونكم او يبغونكم شدة العذاب ويريدونكم عليه والسوء مصدر ساء يسوء وهو اسم جامع للآفات كما فى التبيان والمراد جنس العذاب السيئ او استعبادهم واستعمالهم فى الأعمال الشاقة والاستهانة بهم وغير ذلك مما لا يحصر وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ المولودين من عطف الخاص على العام كأن التذبيح لشدته وفظاعته وخروجه عن مرتبة العذاب المعتاد جنس آخر ولو جاء بحذف الواو كما فى البقرة والأعراف لكان تفسيرا للعذاب وبيانا له وانما فعلوا لان فرعون رأى فى المنام ان نارا أقبلت من نحو بيت المقدس فاحرقت بيوت القبط دون بيوت بنى إسرائيل فخوفه الكهنة وقالوا له انه سيولد منهم ولد يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فشمر عن ساق الاجتهاد وحسر عن ذراع العناد وأراد ان يدفع القضاء وظهوره ويأبى الله الا ان يتم نوره صعوه كه با عقاب سازد جنك ... دهد از خون خود پرش را رنك وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ اى يبقون نساءكم وبناتكم فى الحياة للاسترقاق والاستخدام وكانوا يفردون النساء عن الأزواج وذلك من أعظم المضار والابتلاء إذ الهلاك أسهل من هذا وَفِي ذلِكُمْ اى فيما ذكر من أفعالهم الفظيعة بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ اى محنة عظيمة لاتطاق فان قلت كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم قلت أقدار الله إياهم وإمهالهم حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من الله ويجوز ان يكون المشار اليه الانجاء من ذلك والبلاء الابتلاء بالنعمة كما قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً والله تعالى يبلو عباده بالشر ليصبروا فيكون محنة وبالخير ليشكروا فيكون نعمة وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ من جملة مقال موسى لقومه معطوف على نعمة اى اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن وتأذن بمعنى آذان اى اعلم اعلاما بليغا لا يبقى معه شائبة شبهة أصلا لما فى صيغة التفعل من معنى التكلف المحمول فى حقه تعالى على غايته التي هى الكمال وقال الخليل تأذن لكذا أوجب الفعل على نفسه. والمعنى أوجب ربكم على نفسه لَئِنْ شَكَرْتُمْ اللام لام التوطئة وهى التي تدخل على الشرط تقدم القسم لفظا او تقديرا لتؤذن ان الجواب له لا للشرط وهو مفعول تأذن على انه اجرى مجرى قال لانه ضرب من القول او مقول قول محذوف. والمعنى وإذ تأذن ربكم فقال لئن شكرتم يا بنى إسرائيل نعمة الانجاء وإهلاك العدو وغير ذلك وقابلتموها بالثبات على الايمان والعمل الصالح لَأَزِيدَنَّكُمْ نعمة الى نعمة ولا ضاعفن لكم ما آتيتكم واللام ساد مسد جواب القسم والشرط جميعا قال الكاشفى [شيخ عبد الرحمن سلمى قدس سره از ابو على جرجانى قدس سره اگر شكر كنيد بر نعمت اسلام زياده كنم آنرا بايمان واگر سپاس دارى كنيد بر ايمان افزون كردانم بإحسان واگر بران شكر كوييد زياده سازم آنرا بمعرفت واگر بر آن شاكر باشيد برسانم بمقام وصلت واگر آنرا شكر كوييد بالا برم بدرجه قربت وبشكران نعمت در آرم بخلوتگاه انس ومشاهده وازين كلام حقائق اعلام معلوم ميشود كه شكر مرقات ترقى ومعراج تصاعد بر درجاتست] : وفى المثنوى

شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كس زيان بر شكر كفتى چون كند شكر باشد دفع علتهاى دل ... سود دارد شاكر از سوداى دل وقال فى التأويلات النجمية لَئِنْ شَكَرْتُمْ التوفيق لَأَزِيدَنَّكُمْ فى التقرب الى لَئِنْ شَكَرْتُمْ التقرب الىّ لَأَزِيدَنَّكُمْ فى تقربى إليكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ تقربى إليكم لَأَزِيدَنَّكُمْ فى المحبة لَئِنْ شَكَرْتُمْ المحبة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى محبتى لكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ محبتى لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الجذبة الى لَئِنْ شَكَرْتُمْ الجذبة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى البقاء لَئِنْ شَكَرْتُمْ البقاء لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الوحدة لَئِنْ شَكَرْتُمْ الوحدة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الصبر على الشكر والشكر على الصبر والصبر على الصبر والشكر على الشكر لتكونوا صبارا شكورا وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ اى لم تشكروا نعمتى وقابلتموها بالنسيان والكفران اى لا عذبنكم فيكون قوله إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ تعليلا للجواب المحذوف او فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ومن عادة الكرام التصريح بالوعد والتعريض بالوعيد فما ظنك بأكرم الأكرمين حيث لم يقل ان عذابى لكم ونظيره قوله تعالى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ قال سعدى المفتى ثم المعهود فى القرآن انه إذا ذكر الخير أسنده الى ذاته تعالى وتقدس وإذا ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته اليه وقد جاء التركيب هنا على ذلك ايضا فقال فى الاول لازيدنكم وفى الثاني ان عذابى لشديد ولم يأت التركيب لا عذبنكم انتهى ثم ان شدة العذاب فى الدنيا بسلب النعم وفى العقبى بعذاب جهنم وفى التأويلات النجمية ان عذاب مفارقتى بترك مواصلتى لشديد فان فوات نعيم الدنيا والآخرة شديد على النفوس وفوات نعيم المواصلات أشد على القلوب والأرواح قال فى بحر العلوم لقد كفروا نعمه حيث اتخذوا العجل وبدلوا القول فعذبهم بالقتل والطاعون وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال من رزق ستالم يحرم ستا من رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعالى إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ: قال المولى الجامى اگر ز سهم حوادث مصيبتى رسدت ... درين نشمين حرمان كه موطن خطرست مكن بدست جزع خرقه صبورى چاك ... كه فوت اجر مصيبت مصيبت دكرست ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقوله تعالى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة لقوله تعالى اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ومن رزق الدعاء لم يحرم الاجابة لقوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وذلك لان الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته ومن رزق النفقة لم يحرم الخلف لقوله تعالى وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ: وفى المثنوى كفت پيغمبر كه دائم بهر پند ... دو فرشته خوش منادى مى كنند كاى خدايا منفقانرا سير دار ... هر در مشانرا عوض ده صد هزار اى خدايا ممسكانرا در جهان ... تو مده الا زيان اندر زيان فعلى العاقل ان يشكر النعمة ويرجو من الله الملك القادر الخلق الرزاق ان لا يفتر القلب واللسان واليد من الفكر والذكر والانفاق ولقد ترك بلعم بن باعورا شكر نعمة الإسلام

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 8 إلى 9]

والايمان فعوقب بالحرمان ونعوذ بالله من الخذلان اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين والمطيعين الصابرين القانعين انك أنت المعين فى كل حين آمين وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا نعمه تعالى ولم تشكروها أَنْتُمْ يا بنى إسرائيل وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الثقلين جَمِيعاً حال من المعطوف والمعطوف عليه فَإِنَّ اللَّهَ تعليل للجواب المحذوف اى ان تكفروا لم يرجع وباله الا عليكم فان الله لَغَنِيٌّ عن شكركم وشكر غيركم حَمِيدٌ محمود فى ذاته وصفاته وأفعاله لا تفاوت له بايمان أحد ولا كفره قال الكاشفى [ذرات مخلوقات بنعمت او ناطق والسنه جميع اشيا بتسبيح وحمد او جارى] بذكرش جمله ذرات كويا ... همه او را ز روى شوق جويا قال السعدي قدس سره بذكرش هر چهـ بينى در خروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست نه بلبل بر گلش تسبيح خوانيست ... كه هر خارى بتوحيدش زبانيست أَلَمْ يَأْتِكُمْ من كلام موسى استفهم عن انتفاء الإتيان على سبيل الإنكار فافاد اثبات الإتيان وإيجابه فكأنه قيل أتاكم نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى اخبارهم قَوْمِ نُوحٍ اغرقوا بالطوفان حيث كفروا ولم يشكروا نعم الله وقوم نوح بدل من الموصول وَعادٍ اهلكوا بالريح معطوف على قوم نوح وَثَمُودَ اهلكوا بالصيحة وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء المذكورين من قوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات وغير ذلك وهو عطف على قوم نوح وما عطف عليه لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ اعتراض اى لا يعلم عدد تلك الأمم لكثرتهم ولا يحيط بذواتهم وصفاتهم واسمائهم وسائر ما يتعلق بهم الا الله تعالى فانه انقطعت اخبارهم وعفت آثارهم وكان مالك بن انس يكره ان ينسب الإنسان نفسه أبا أبا الى آدم وكذا فى حق النبي عليه السلام لان أولئك الآباء لا يعلم أحد الا الله وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون يعنى انهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد وقال فى التبيان النسابون وان نسبوا الى آدم فلا يدعون إحصاء جميع الأمم انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا اى قرنا لا يعرفون وقيل أربعون وقيل سبعة وثلانون وفى النهر لابى حيان ان ابراهيم عليه السلام هو الجد الحادي والثلاثون لنبينا عليه السلام قال فى انسان العيون كان عدنان فى زمن موسى عليه السلام وهو النسب المجمع عليه لنبينا عليه السلام وفيما قبله الى آدم اختلاف سبب الاختلاف فيما بين عدنان وآدم ان قدماء العرب لم يكونو اصحاب كتب يرجعون إليها وانما كانوا يرجعون الى حفظ بعضهم من بعض والجمهور على ان العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضر موت والعدنية شعبان ربيعة ومضر واما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم ينسبونها الى قحطان وبعضهم الى عدنان. ثم ان الشيخ عليا السمرقندي رحمه الله قال فى تفسيره الموسوم ببحر العلوم لقائل ان يقول يشكل بالآية قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى قد رفع الى الدنيا فانا انظر إليها والى ما هو كائن فيها الى يوم القيامة كما انظر الى كفى هذه) جليا جلاها الله لنبيه كما جلاها للنبيين قبل لدلالته صريحا على ان جميع الكوائن الى يوم القيامة

[سورة إبراهيم (14) : آية 10]

مجلى ومكشوف كشفا تاما للانبياء عليهم السلام والحديث مسطور فى معجم الطبراني والفردوس يقول الفقير ان الله تعالى اعلم حبيبه عليه السلام ليلة المعراج جميع ما كان وما سيكون وهو لا ينافى الحصر فى الآية لقول تعالى فى آية اخرى فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعنى به جنابه عليه السلام ولئن سلم فالذى علمه انما هو كليات الأمور لا جزئياتها وكلياتها جميعا ومن ذلك المقام وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فصح الحصر والله اعلم فاعرف هذه الجملة جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ ملتبسين بِالْبَيِّناتِ وقال الكاشفى [آوردند] فالباء للتعدية اى بالمعجزات الواضحة التي لا شبهة فى حقيتها فبين كل رسول لامته طريق الحق وهو استيناف لبيان نبأهم فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ اى اشاروا بها الى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم انا كفرنا بما أرسلتم به اى هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره إقناطا لهم من التصديق أوردوا أيديهم فى أفواه أنفسهم اشارة بذلك الى الرسل ان انكفوا عن مثل هذا الكلام فانكم كذبة ففى بمعنى على كما فى الكواشي وقال قتادة كذبوا الرسل وردوا ما جاؤا به يقال رددت قول فلان فى فيه اى كذبته وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من الكتب والرسالة قال المولى ابو السعود رحمه الله هى البينات التي أظهروها حجة على رسالاتهم ومرادهم بالكفر بها الكفر بدلالتها على صحة رسالاتهم وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ عظيم مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ من الايمان بالله والتوحيد قال سعدى المفتى المراد اما المؤمن به او صحة الايمان إذ لا معنى لشكهم فى نفس الايمان فان قلت الشك ينافى الجزم بالكفر بقولهم انا كفرنا قلت متعلق الكفر هو الكتب والشرائع التي أرسلوا بها ومتعلق الشك هو ما يدعونهم اليه من التوحيد مثلا والشك فى الثاني لا ينافى القطع فى الاول مُرِيبٍ موقع فى الريبة وهى قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشيء وهى علامة الشر والسعادة [يعنى كمانى كه نفس را مضطرب ميسازد ودلرا راآم؟؟؟ نمى دهد وعقل را شوريده كرداند] وهو صفة توكيدية لشك قالَتْ رُسُلُهُمْ استئناف بيانى اى قالوا منكرين عليهم ومتعجبين من مقالتهم الحمقاء أَفِي اللَّهِ شَكٌّ اى أفي شأنه سبحانه من وجوده ووحدته ووجوب الايمان به وحده شك ما وهو اظهر من كل ظاهر حتى تكونوا من قبله فى شك مريب اى لا شك فى الله ادخلت همزة الإنكار على الظرف لان الكلام فى المشكوك فيه لا فى الشك انما ندعوكم الى الله وهو لا يحتمل الشك لكثرة الادلة وظهور دلالتها عليه واشاروا الى ذلك بقوله فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صفة للاسم الجليل اى مبدعهما وما فيهما من المصنوعات فهما تدلان على كون فاطر فطرهما فان كينونتهما بلا كون مكون واجب الكون محال لانه يؤدى الى التسلسل والتسلسل محال وذلك المكون هو الله تعالى [روزى امام أعظم رحمه الله در مسجد نشسته بود جماعتى از زنادقه در آمدند وقصد هلاك او كردند امام كفت يك سؤال را جواب دهيد بعد از ان تيغ ظلم را آب دهيد كفتند مسئله چيست كفت من سفينه ديدم پر بار كران بر روى دريا روان چنانكه هيچ ملاحى محافظت نميكرد كفتند اين محالست زيرا كه كشتى بى ملاح بر يك نسق رفتن محال باشد كفت سبحان الله سير جمله أفلاك وكواكب ونظام عالم علوى وسفلى از سير يك سفينه عجب تر است همه ساكت كشتند واكثر مسلمان

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 11 إلى 15]

شدند] يَدْعُوكُمْ الى طاعته بالرسل والكتب لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعضها وهو ماعدا المظالم وحقوق العباد مما بينهم وبينه تعالى فان الإسلام يجبه اى يقطعه ومنع سيبويه زيادة من فى الإيجاب واجازه ابو عبيدة وفى التأويلات النجمية يَدْعُوكُمْ من المكونات الى المكون لا لحاجته إليكم بل لحاجتكم اليه لِيَغْفِرَ لَكُمْ بصفة الغفارية مِنْ ذُنُوبِكُمْ التي أصابتكم من حجب ظلمات خلقية السماوات والأرض فاحتجبتم بها عنه وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى الى وقت سماه الله وجعله آخر اعماركم يبلغكموه ان آمنتم والا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت فهو مثل قوله عليه السلام (الصدقة تزيد فى العمر) فلا يدل على تعدد الاجل كما هو مذهب اهل الاعتزال قالُوا للرسل وهو استئناف بيانى إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم فى الصورة والهيآت إِلَّا بَشَرٌ آدميون مِثْلُنا من غير فضل يؤهلكم لما تدعون من النبوة فلم تخصون بالنبوة دوننا ولو شاء الله ان يرسل الى البشر رسلا لارسل من جنس أفضل منهم وهم الملائكة على زعمهم من حيث عدم التدنس بالشهوات وما يتبعها تُرِيدُونَ بدعوى النبوة أَنْ تَصُدُّونا تصرفونا بتخصيص العبادة بالله عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا اى عن عبادة ما استمر آباؤنا على عبادته وهو الأصنام من غير شىء يوجبه وان لم يكن الأمر كما قلنا بل كنتم رسلا من جهة الله كما تدعونه فَأْتُونا [پس بياريد] بِسُلْطانٍ مُبِينٍ ببرهان ظاهر على صدقكم وفضلكم واستحقاقكم لتلك الرتبة حتى نترك ما لم نزل نعبده أبا عن جد كأنهم لم يعتبروا ما جاءت به رسلهم من الحجج والبينات واقترحوا عليهم آية اخرى تعنتا ولجاجا قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ زاد لفظ لهم لاختصاص الكلام بهم حيث أريد إلزامهم بخلاف ما سلف من انكار وقوع الشك فى الله فان ذلك عام وان اختص بهم ما يعقبه اى قالوا لهم معترفين بالبشرية ومشيرين الى منة الله عليهم إِنْ ما نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ كما تقولون لا ننكره وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ ينعم بالنبوة والوحى عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وفيه دلالة على ان النبوة عطائية كالسلطنة لا كسبية كالولاية والوزارة وَما كانَ وما صح وما استقام لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ اى بحجة من الحجج فضلا عن السلطان المبين بشئ من الأشياء وسبب من الأسباب إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فانه امر يتعلق بمشيئة الله ان شاء كان والا فلا تلخيصه انما نحن عبيد مربوبون ناتوانى وعجز لازم ماست ... قدرت واختار از ان خداست كارها را بحكم راست كند ... او تواناست هر چهـ خواست كند وَعَلَى اللَّهِ دون ما عداه مطلقا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وحق المؤمنين ان لا يتوكلوا على غير الله فليتوكل على الله فى الصبر على معاندتكم ومعاداتكم وَما لَنا اى أي عذر ثبت لنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ اى فى ان لا نتوكل عليه وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا اى والحال انه ارشد كلامنا سبيله ومنهاجه الذي شرع له وأوجب عليه سلوكه فى الدين وهو موجب للتوكل ومستدع له قال فى التأويلات وهى الايمان والمعرفة والمحبة فانها سبل الوصول ومقاماته انتهى وحيث كانت اذية الكفار مما يوجب الاضطراب القادح فى التوكل قالوا على سبيل التوكيد

القسمي مظهرين لكمال العزيمة وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا فى أبداننا وأعراضنا او بالتكذيب ورد الدعوة والاعراض عن الله والعناد واقتراح الآيات وغير ذلك مما لا خير فيه وهو جواب قسم محذوف وَعَلَى اللَّهِ خاصة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ اى فليثبت المتوكلون على ما أحد ثوه من التوكل المسبب عن الايمان فالاول لاحداث التوكل والثاني للثبات عليه فلا تكرار والتوكل تفويض الأمر الى من يملك الأمور كلها وقالوا المتوكل من ان دهمه امر لم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية الله فعلى هذا إذا وقع الإنسان فى شدة ثم سأل غيره خلاصه لم يخرج من حد التوكل لانه لم يحاول دفع ما نزل به عن نفسه بمعصية الله وفى التأويلات النجمية للتوكل مقامات فتوكل المبتدئ قطع النظر عن الأسباب فى طلب المرام ثقة بالمسبب وتوكل المتوسط قطع تعلق الأسباب بالمسبب وتوكل المنتهى قطع التعلق بما سوى الله للاعتصام بالله انتهى قال القشيري رحمه الله وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وقد حقق لنا ما سبق به الضمان من وجوه الإحسان وكفاية ما اظلنا من الامتحان وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا والصبر على البلاء يهون على رؤية المبلى وانشدوا فى معناه مرما مربى؟؟؟ لاجلك حلو ... وعذابى لأجل حبك عذب قال الحافظ اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست قيل لما قدم الحلاج لتقطع يده فقطعت يده اليمنى اولا ضحك ثم قطعت اليسرى فضحك ضحكا بليغا فخاف ان يصفر وجهه من نزف الدم فاكب بوجهه على الدم السائل ولطخ وجهه وبدنه وانشأ يقول الله يعلم ان الروح قد تلفت ... شوقا إليك ولكنى امنيها ونظرة منك يا سؤلى ويا املى ... أشهى الى من الدنيا وما فيها يا قوم انى غريب فى دياركمو ... سلمت روحى إليكم فاحكموا فيها لم اسلم النفس للاسقام تتلفها ... الا لعلمى بان الوصل يحييها نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل مسقمها يوما يداويها ثم رفع رأسه الى السماء وقال يا مولاى انى غريب فى عبادك وذكرك اغرب منى والغريب يألف الغريب ثم ناداه رجل قال يا شيخ ما العشق قال ظاهره ما ترى وباطنه دق عن الورى ومن لطائف هذه الآية الكريمة ما روى المستغفري عن ابى ذر رفعه إذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ الآية ثم قل ان كنتم مؤمنين فكفوا شركم وإذا كم عنا ثم رشه حول فراشك فانك تبيت آمنا من شرهم ولابن ابى الدنيا فى التوكل له ان عامل افريقية كتب الى عمر بن عبد العزيز يشكو اليه الهوام والعقارب فكتب اليه وما على أحدكم إذا امسى وأصبح ان يقول وما لنا ان لا نتوكل على الله الآية قال زرعة ابن عبد الله أحد رواته وينفع من البراغيث كذا فى المقاصد الحسنة قال بعض العارفين ان مما أخذ الله على الكلب إذا قرئ عليه وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لم يؤذ ومما أخذ الله على

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 إلى 15]

العقرب انه إذا قرئ عليها سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ لم تؤذ ومما أخذ الله على البراغيث وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ الآية ومن أراد الامن من شرها فليأخذ ماء ويقرأ عليه هذه الآية سبع مرات ثم ليقل سبع مرات ان كنتم آمنتم بالله فكفوا شركم عنا أيتها البراغيث ويرشه حول مرقده غنيمت شمارند مردان دعا ... كه چوشن بود پيش تير بلا وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا من مدينتنا وديارنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا عاد بمعنى صار والظرف خبر اى لتصيرن فى اهل ملتنا فان الرسل لم يكونوا فى ملتهم قط الا انهم لما لم يظهروا المخالفة لهم قبل الاصطفاء اعتقدوا انهم على ملتهم فقالوا ما قالوا على سبيل التوهم او بمعنى رجع والظرف صلة والخطاب لكل رسول ومن آمن به فغلبوا فى الخطاب الجماعة على الواحد اى لتدخلن فى ديننا وترجعن الى ملتنا وهذا كله تعزية للنبى عليه السلام ليصبر على أذى المشركين كما صبر من قبله من الرسل فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى الى الرسل رَبُّهُمْ مالك أمرهم عند تناهى كفر الكفرة بحيث انقطع الرجاء عن ايمانهم وقال لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين فان الشرك لظلم عظيم وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ اى ارض الظالمين وديارهم مِنْ بَعْدِهِمْ اى من بعد إهلاكهم عقوبة لهم على قولهم لنخرجنكم من ارضنا وفى الحديث (من آذى جاره ورثه الله داره) قال الزمخشري فى الكشاف ولقد عاينت هذه فى مدة قريبة كان لى خال يظلمه عظيم القرية التي انا منها ويؤذينى فيه فمات ذلك العظيم وملكنى الله ضيعته فنظرت يوما الى أبناء خالى يترد دون فيها ويدخلون فى داره ويخرجون ويأمرون وينهون فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آذى جاره ورثه الله داره) وحدثتهم وسجدنا شكر الله تعالى: قال السعدي قدس سره تحمل كن اى ناتوان از قوى ... كه روزى تواناتر از وى شوى لب خشك مظلوم را كو بخند ... كه دندان ظالم بخواهند كند ذلِكَ اشارة الى الموحى به وهو إهلاك الظالمين واسكان المؤمنين ديارهم اى ذلك الأمر والوعد محقق ثابت لِمَنْ خافَ الخوف غم يلحق لتوقع المكروه مَقامِي موقفى وهو موقف الحساب لانه موقف الله الذي يقف فيه عباده يوم القيامة يقومون ثلاثمائة عام لا يؤذن لهم فيقعدون اما المؤمنون فيهوّن عليهم كما يهوّن عليهم الصلاة المكتوبة ولهم كراسى يجلسون عليها ويظلل عليهم الغمام ويكون يوم القيامة عليهم ساعة من نهار قال فى التأويلات النجمية العوام يخافون دخول النار والمقام فيها والخواص يخافون فوات المقام فى الجنة لانها دار المقامة وأخص الخواص يخافون فوات مقام الوصول وَخافَ وَعِيدِ بحذف الياء اكتفاء بالكسرة اى وعيدي بالعذاب وعقابى. والمعنى ان ذلك حق لمن جمع بين الخوفين اى للمتقين كقوله وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَاسْتَفْتَحُوا معطوف على فاوحى والضمير للرسل اى استنصروا الله وسألوه الفتح والنصرة على أعدائهم او للكفار وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ اى فنصروا عند استفتاحهم وظفروا بما سألوا وأفلحوا وخسر وهلك عند نزول

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 16 إلى 21]

العذاب قومهم المعاندون فالخيبة بمعنى مطلق الحرمان دون الحرمان من المطلوب وان كان الاستفتاح من الكفرة فهى بمعنى الحرمان من المطلوب غب الطلب وهو أوقع حيث لم يحصل ما توقعوه لانفسهم الا لاعدائهم وهذا كمال الخيبة التي عدم نيل المطلوب وانما قيل وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ذما لهم وتسجيلا عليهم بالتجبر والعناد لا ان بعضهم ليسوا كذلك وانه لم تصبهم الخيبة والجبار الذي يجبر الخلق على مراده والمتكبر عن طاعة الله والمتعظم الذي لا يتواضع لامر الله. والعنيد بمعنى المعاند الذي يأبى ان يقول لا اله الا الله او المجانب للحق المعادى لاهله وقال الكاشفى [نوميد ماند وبي بهره كشت از خلاص هر كردنكشى كه ستيزنده شود با حق يا معرض از طاعت او] قال الامام الدميري فى حياة الحيوان حكى الماوردي فى كتاب ادب الدنيا والدين ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف فخرج قوله تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فمزق المصحف وانشأ يقول أتوعد كل جبار عنيد ... فها انا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقنى الوليد فلم يلبث أياما حتى قتل شرّ قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده انتهى قال فى انسان العيون مروان كان سببا لقتل عثمان رضى الله عنه وعبد الملك ابنه كان سببا لقتل عبد الله بن الزبير رضى الله عنه ووقع من الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأمور الفظيعة انتهى يقول الفقير رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى امية فى صورة القردة فلعنهم فقال (ويل لبنى امية) ثلاث مرات ولم يجئ منهم الخير والصلاح الا من اقل القليل وانتقلت دولتهم بمعاونة ابى مسلم الخراسانى الى آل العباس وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاورون منبره فسره ذلك وتفصيله فى كتاب السير والتواريخ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ هذا وصف حال كل جبار عنيد وهو فى الدنيا اى بين يديه وقدامه فانه معد لجهنم واقف على شفيرها فى الدنيا مبعوث إليها فى الآخرة او من وراء حياته وهو ما يعد الموت فيكون ورلء بمعنى خلف كما قال الكاشفى [از پس او دور خست يعنى در روز حشر رجوع او بدان خواهد بود] وحقيقته ما توارى عنك واحتجب واستتر فليس من الاضداد بل هو موضع لامر عام يصدق على كل من الضدين وقال المطرزي فى الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام وقد يستعار للزمان وَيُسْقى عطف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل فماذا يكون اذن فقيل يلقى فيها ويسقى مِنْ ماءٍ مخصوص لا كالمياه المعهودة صَدِيدٍ هو القبح المختلط بالدم او ما يسيل من أجساد اهل النار وفروج الزناة وهو عطف بيان لماء أبهم اولا ثم بين بالصديد تعظيما وتهويلا لامره وتخصيصه بالذكر من بين عذابها يدل على انه من أشد أنواعه او صفة عند من لا يجيز عطف البيان فى النكرات وهم البصريون فاطلاق الماء عليه لكونه بدله فى جهنم ويجوز ان يكون الكلام من قبيل زيد أسد فالماء على حقيقته كما قال ابو الليث ويقال ماء كهيئة الصديد وفى الحديث (من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعث من قبره سكران وامر به الى النار سكران فيها عين

[سورة إبراهيم (14) : آية 17]

يجرى منها القبح والدم هو طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والأرض يَتَجَرَّعُهُ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يفعل به فقيل يتجرعه وفى التفعل تكلف ومعنى التكلف ان الفاعل يتعانى ذلك الفعل ليحصل بمعاناته كتشجع إذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل فالمعنى. لغلبتة العطش واستيلاء الحرارة عليه يتكلف جرعه مرة بعد اخرى لا بمرة واحدة لمرارته وحرارته ورائحته المنتنة وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ اى لا يقارب ان يسيغه ويبتلعه فضلا عن الاساغة بل يغص به فيشر به باللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة والعطش واخرى بشربه على تلك الحال فان السوغ انحدار الشراب فى الحلق بسهولة وقبول نفس ونفيه لا يوجب نفى ما ذكر جميعا وفى الحديث (انه يقرب اليه فيتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب قطع امعاءه حتى تخرج من دبره) وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ اى أسبابه من الشدائد والآلام مِنْ كُلِّ مَكانٍ ويحيط به من الجهات الست فالمراد بالمكان الجهة او من كل مكان من جسده حتى من اصول شعره وإبهام رجله وهذا تفظيع لما يصيبه من الألم اى لو كان ثمة موت لكان واحد منها مهلكا وَما هُوَ بِمَيِّتٍ اى والحال انه ليس بميت حقيقة فيستريح وَمِنْ وَرائِهِ من بين يديه اى بعد الصديد وقال الكاشفى [ودر پس اوست با وجود چنين محنتى كه] عَذابٌ غَلِيظٌ لا يعرف كنهه اى يستقبل كل وقت عذابا أشد وأشق مما كان قبله ففيه رفع ما يتوهم من الخفة بحسب الاعتبار كما فى عذاب الدنيا وعن الفضيل هو قطع الأنفاس وحبسها فى الأجساد ولذا جاء الصلب أشد انواع العذاب نعوذ بالله واستثنى من شدة العذاب عما النبي عليه السلام ابو لهب وابو طالب اما ابو لهب فكان له جارية يقال لها ثويبة وهى أول من ارضعته عليه السلام بعد إرضاع امه له فبشرته بولادته عليه السلام وقالت له أشعرت ان آمنة ولدت ولدا وفى لفظ غلاما لاخيك عبد الله فاعتقها ابو لهب وقال أنت حرة فجوزى بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بان يسقى ماء فى جهنم فى تلك الليلة اى ليلة الاثنين فى مثل النقرة التي بين السبابة والإبهام وفى المواهب رؤى ابو لهب بعد موته فى المنام فقيل له ما حالك قال فى النار الا انه يخفف عنى كل ليلة اثنين وامص من بين إصبعي هاتين ماء وأشار برأس إصبعيه وان ذلك باعتاقى لثويبة عند ما بشرتنى بولادة النبي صلى الله عليه وسلم بارضاعها له كذا فى انسان العيون واما ابو طالب فقال العباس رضى الله عنه قلت يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشئ فانه كان يحوطك قال (نعم هو فى ضحضاح من النار ولولا انا لكان فى الدرك الأسفل من النار) وفى الحديث (ان الكافر يخفف عنه العذاب بالشفاعة) لعل هذا يكون مخصوصا بابى طالب كما فى شرح المشارق لابن الملك قال فى انسان العيون قبول شفاعته عليه السلام فى عمه ابى طالب عدّ من خصائصه عليه السلام فلا يشكل بقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة شفعت لابى وأمي وعمى ابى طالب وأخ لى كان فى الجاهلية) يعنى أخاه من الرضاعة من حليمة ويجوز ان يكون ذكر شفاعته لأبويه كان قبل احيائهما وإيمانهما به وكذا لاخيه فانه كان قبل ان يسلم وقد صح ان حليمة وأولادها اسلموا انتهى الكل فى الإنسان وفى الحديث (يقال لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفدى به فيقول نعم

[سورة إبراهيم (14) : آية 18]

فيقال أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي شيأ فما أردت الا ان تشرك بي شيأ) كما فى المصابيح مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ اى صفتهم وحالهم العجيبة الشأن التي هى كالمثل فى الغرابة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ كقولك صفة زيد عرضه مهتوك وماله منهوب او خبره محذوف اى فيما يتلى عليكم مثلهم وقوله أعمالهم جملة مستأنفة مبنية على سؤال من يقول كيف مثلهم فقيل أعمالهم كرماد اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ الاشتداد هنا بمعنى العدو والباء للتعدية اى حملته وأسرعت فى الذهاب به وقال الكاشفى [همچوخاكستريست كه سخت بگذرد بر وباد] فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ريحه اى شديد قوى فحذفت الريح ووصف اليوم بالعصوف مجازا كقولك يوم ماطر وليلة ساكنة وانما السكون لريحها لا يَقْدِرُونَ يوم القيامة مِمَّا كَسَبُوا فى الدنيا من اعمال الخير عَلى شَيْءٍ ما اى لا يرون له اثرا من ثواب وتخفيف عذاب كما لا يرون اثرا من الرماد المطير فى الريح ذلِكَ اى ما دل عليه التمثيل دلالة واضحة من ضلالهم. يعنى كفرهم وأعمالهم المبنية عليه وعلى التفاخر والرياء مع حسبانهم محسنين وهو جهل مركب وداء عضال حيث زين لهم سوء أعمالهم فلا يستغفرون منها ولا يتوبون بخلاف عصاة المؤمنين ولذا قال هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ صاحبه عن طريق الحق والصواب بمراحل او عن نيل الثواب فاسند البعد الذي هو من احوال الضال الى الضلال الذي هو فعله مجازا مبالغة شبه الله صنائع الكفار من الصدقة وصلة الرحم وعتق الرقاب وفك الأسير واغاثة الملهوفين وعقر الإبل للاضياف ونحو ذلك مما هو من باب المكارم فى حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة الله والايمان به وكونها لوجهه برماد طيرته الريح العاصف [يعنى مانند توده خاكسترست كه باد سخت بر ان وزد بهوا برده در أطراف پراكنده سازد وهيچ كس بر جمع آن قادر نبود واز ان نفع نكيرد فكما لا ينتفع بذلك الرماد المطير كذلك لا ينتفع بالأعمال المقرونة بالكفر والشرك ففيه رد اعمال الكفار واعمال اهل البدع والأهواء لاعتقادهم السوء فدل على ان الأعمال مبنية على الايمان وهو على الإخلاص كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل روى الطبراني عن أم سلمة رضى الله عنها ان الحارث ابن هشام رضى الله عنه اى أخا ابى جهل بن هشام اتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقال يا رسول الله انك تحث على صلة الرحم والإحسان الى الجار وإيواء اليتيم واطعام الضيف واطعام المسكين وكل هذا مما يفعله هشام يعنى والده فما ظنك به يا رسول الله فقال عليه السلام (كل قبر لا يشهد صاحبه ان لا اله الا الله فهو جذوة من النار وقد وجدت عمى أبا طالب فى طمطام من النار فاخرجه الله لمكانه منى وإحسانه الىّ فجعله فى ضحضاح من النار) اى مقدار ما يغطى قدميه وهذا مخصوص بابى طالب كما سبق- حكى- ان عبد الله بن جدعان وهو ابن عم عائشة رضى الله عنها كان فى ابتداء امره صعلوكا وكان مع ذلك شريرا فاتكا يجنى الجنايات فيعقل عنه أبوه وقومه حتى أبغضته عشيرته فخرج هائما فى شعاب مكة يتمنى الموت فرأى شقا فى جبل فلما قرب منه حمل عليه ثعبان عظيم له عينان تتقدان كالسراجين فلما تأخر انساب اى رجع عنه فلا زال كذلك حتى غلب على ظنه ان هذا مصنوع فقرب منه وامسك بيده فاذا هو من

[سورة إبراهيم (14) : آية 19]

ذهب وعيناه ياقوتتان فكسره ثم دخل المحل الذي كان هذا الثعبان على بابه فوجد فيه رجالا من الملوك ووجد فى ذلك المحل أموالا كثيرة من الذهب والفضة وجواهر كثيرة من الياقوت واللؤلؤ والزبرجد فاخذ منه ما أخذ ثم اعلم ذلك الشق بعلامة وصار ينقل منه شيأ فشيأ ووجد فى ذلك الكنز لوحا من رخام فيه انا نفيلة بن جرهم بن قحطان بن هود نبى الله عشت خمسمائة عام وقطعت غور الأرض ظاهرها وباطنها فى طلب الثروة والمجد والملك فلم يكن ذلك منجيا من الموت جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست نه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت ثم بعث عبد الله بن جدعان الى أبيه بالمال الذي دفعه فى جناياته ووصل عشيرته كلهم فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف وكانت جفنته يأكل منها الراكب على البعير وسقط فيها صبى فغرق اى مات قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ينفعه ذلك يوم القيامة فقال (لا لانه لم يقل يوما يا رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين) اى لم يكن مسلما لانه ممن أدرك البعثة ولم يؤمن كما فى انسان العيون- وروى- لما اتى عليه السلام بسبايا طىّ وقعت جارية فى السبي فقالت يا محمد ان رأيت ان تخلى عنى ولا تشمت بي احياء العرب فانى بنت سيد قومى وان ابى كان يحمى الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويطعم الطعام ويفشى السلام ولم يرد طالب حاجة قط انى بنت حاتم طى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه وقال خلوا عنها فان أباها كان يحب مكارم الأخلاق وان الله يحب مكارم الأخلاق) قال فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة قيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخاته وجوده: قال السعدي كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست مكردان غريب از درت بى نصيب ... مبادا كه كردى بدرها غريب نه خواهنده بر در ديكران ... بشكران خواهنده از در مران پريشان كن امروز كنجينه چست ... كه فردا كليدش نه در دست تست أَلَمْ تَرَ خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد أمته بدليل يذهبكم والامة امة الدعوة والرؤية رؤية القلب وفى التأويلات النجمية يخاطب روح النبي صلى الله عليه وسلم فان أول ما خلق الله روحه ثم خلق السماوات والأرض وروحه ناظر مشاهد خلقتها اى ألم تعلم أو لم تنظر والاستفهام للتقرير اى قدر رأيت أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قال فى بحر العلوم آثار فعل الله بالسماوات والأرض وسعة الاخبار به متواترة فقامت لك مقام المشاهدة بِالْحَقِّ ملتبسة بالحكمة البالغة والوجه الصحيح الذي ينبغى ان يخلق عليه لا باطلا ولا عبثا إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 20 إلى 21]

يعدمكم بالكلية ايها الناس وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ اى يخلق بدلكم خلقا آخر من جنسكم آدميين او من غيره خيرا منكم وأطوع لله وفى التأويلات النجمية إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ايها الناس المستعد لقبول فيض اللطف والقهر وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ مستعد لقبول فيض لطفه وقهره من غير الإنسان انتهى رتب قدرته على ذلك على خلق السماوات والأرض على هذا النمط البديع إرشادا الى طريق الاستدلال فان من قدر على خلق مثل هاتيك الاجرام العظيمة كان على تبديل خلق آخر بهم اقدر ولذلك قال وَما ذلِكَ اى اذهابكم والإتيان بخلق جديد مكانكم عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ بمتعذر او متعسر بل هو هين عليه يسير فانه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون كار اگر مشكل اگر آسانست ... همه در قدرت او يكسانست ومن هذا شأنه حقيق بان يؤمن به ويعبد ويرجى ثوابه ويخشى عقابه والآية تدل على كمال قدرته تعالى وصبوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة وفى صحيح البخاري ومسلم عن ابى موسى (لا أحد اصبر على أذى سمعه من الله انه يشرك به ويجعل له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فعلى العاقل ان يخشى الله تعالى على كل حال فانه ذو القهر والكبرياء والجلال وعن جعفر الطيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت بخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فى ماء ثم ان هذا التهديد فى الآية انما نشأ من الكفر والمعصية ولو كان مكانهما الايمان والطاعة لحصل التبشير وكل منهما جار الى يوم القيامة وعن إسماعيل المحاملي قال رأيت فى المنام كأنى على فضاء من الأرض انظر شرق الأرض وغربها وكأن شخصا نزل من السماء فبسط يمينه وشماله الى أطراف الأرض فجمع بكلتا يديه شيأ من وجه الأرض ثم ضمهما الى صدره وارتفع الى السماء ثم نزل كذلك وفعل كالاول ثم نزل فى المرة الثالثة وبسط يديه وهم بان يجمع شيأ ثم ترك وأرسل يديه ولم يأخذوهم بالصعود فقال ألا تسألنى فقلت بلى من أنت قال انا ملك أرسلني الله فى المرة الاولى ان أخذ الخير والبركة عن وجه الأرض فاخذت وفى الثانية ان أخذ الشفقة والرحمة فاخذت وفى الثالثة ان آخذ الايمان فنوديت ان محمدا يشفع الىّ وانى قد شفعته فلا أسلب الايمان من أمته فاترك فتركت فصعد الى السماء ويداه مرسلتان كذا فى زهرة الرياض وعند قرب القيامة يسلب الله الايمان والقرآن فيبقى الناس فى صورة الآدميين دون سيرتهم ثم يذهبهم الله جميعا ويظهر ان العزة والملك لله تعالى: قال الجامى با غير او اضافت شاهى بود چنانك ... بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه وَبَرَزُوا اى برز الموتى من قبورهم يوم القيامة الى ارض المحشر اى يظهرون

ويخرجون عند النفخة الثانية حين تنتهى مدة لبثهم فى بطن الأرض قال الله تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوعه لِلَّهِ اى لامر الله ومحاسبته فاللام تعليلية وصلة برزوا محذوفة اى برزوا من القبور الموتى جَمِيعاً اى جميعهم من المؤمنين والكافرين كما فى تفسير الكاشفى او القادة والاتباع اجتمعوا للحشر والحساب وهذا كقوله وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً كما فى تفسير ابى الليث فَقالَ الضُّعَفاءُ الاتباع والعوام جمع ضعيف والضعف خلاف القوة وقد يكون فى النفس وفى البدن وفى الحال وفى الرأى والمناسب للمقام هو الأخير فانه لو كان فى رأيهم قوة لما اتبعوهم فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم يقول الفقير فى هذه الشرطية نظر لانه ربما يكون الرجل قوة رأى وجودة فكر مع انه لا يستقل به لكونه ضعيف الحال خائفا من سطوة المتغلبة من اهل الكفر والضلال فالاولى ان يكون الضعيف بمعنى المستذل المقهور كما فى قوله تعالى وَالْمُسْتَضْعَفِينَ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى لرؤسائهم المستكبرين الخارجين عن طاعة الله إِنَّا كُنَّا فى الدنيا لَكُمْ تَبَعاً جمع تابع كخدم جمع خادم وهو المستنّ بآثار من يتبعه اى تابعين فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم مطيعين لكم فيما أمرتمونا به فَهَلْ أَنْتُمْ [پس هيچ هستيد شما] مُغْنُونَ دافعون عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من الاولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها لكونه نكرة والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول اى بعض الشيء الذي هو عذاب الله والفاء للدلالة على سببية الاتباع للاغناء والمراد التوبيخ والعتاب لانهم كانوا يعلمون انهم لا يغنون عنهم شيأ مما هم فيه قالُوا اى المستكبرون جوابا عن معاتبة الاتباع واعتذارا عما فعلوا بهم يا قوم لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى الايمان ووفقنا له لَهَدَيْناكُمْ ولكن ضللنا فاضللناكم اى اخترنا لكم ما اخترناه لانفسنا وقال الكاشفى [اگر خداى تعالى نمودى طريق نجات را از عذاب هر آيينه ما نيز شما را راه مينموديم بدان اما طرق خلاصى مسدود است وشفاعت ما درين دركاه مردود] وفى التأويلات النجمية قالُوا يعنى اهل البدع للمتقلدة لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى طريق اهل السنة والجماعة وهو الطريق الى الله وقربته لَهَدَيْناكُمْ اليه وفيه اشارة الى ان الهداية والضلالة من نتائج لطف الله وقهره ليس الى أحد من ذلك شىء فمن شاء جعله مظهر الصفات لطفه ومن شاء جعله مظهر الصفات قهره: قال الحافظ درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا فى طلب النجاة من ورطة الهلاك والعذاب والجزع عدم الصبر على البلاء أَمْ صَبَرْنا على مالقينا انتظارا للرحمة اى مستو علينا الجزع والصبر فى عدم الانجاء ففيه اقناط الضعفاء والهمزة وأم لتأكيد التسوية ونحوه اصبروا او لا تصبروا سواء عليكم ولما كان عتاب الاتباع من باب الجزع ذيلوا جوابهم ببيان ان لا جدوى فى ذلك فقالوا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ من منجى ومهرب من العذاب. وبالفارسية [كريز كاهى و پناهى]

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 22 إلى 27]

من الحيص وهو العدول على جهة الفرار يقال حاص الحمار إذا عدل بالفرار وفى التأويلات ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ من مخلص للنجاة لانه ضاع منا آلة النجاة وأوانها ويجوز ان يكون قوله سواء علينا كلام الضعفاء والمستكبرين جميعا ويؤيده انهم يقولون تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم فيقولون تعالوا نصبر اى رجاء ان يرحمهم الله بصبرهم على العذاب كما رحم المؤمنين بصبرهم على الطاعات فيصبرون كذلك فلا ينفعهم [يعنى از هيچ يك فائده نمى رسد] فعند ذلك يقولون ذلك: قال السعدي قدس سره فراشو چوبينى در صلح باز ... كه نا كه در توبه كردد فراز تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب كنون كرد بايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور كردد كتاب وَقالَ الشَّيْطانُ الذي أضل الضعفاء والمستكبرين لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ اى احكم وفرغ منه وهو الحساب ودخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار أو أمر اهل السعادة بالسعادة وامر اهل الشقاوة بالشقاوة قال الكاشفى [تمامت دوزخيان مجتمع شده زبان ملامت بر إبليس دراز كنند إبليس بر منبر آتشين بر آيد وكويد باشقياء انس كه اى ملامت كنندكان] إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [وعده راست ودرست كه حشر وجزا خواهد بود] فوفى لكم بما وعدكم وَوَعَدْتُكُمْ اى وعد الباطل وهو ان لا بعث ولا حساب ولئن كان فالاصنام شفعاؤكم ولم يصرح ببطلانه لمادل عليه قوله فَأَخْلَفْتُكُمْ اى موعدى على حذف المفعول الثاني اى نقضته والأخلاف حقيقة هو عدم انجاز من يقدر على انجاز وعده وليس الشيطان كذلك فقوله اخلفتكم يكون مجازا جعل تبين خلف وعده كالاخلاف منه كأنه كان قادرا على إنجازه وانى له ذلك [يعنى امروز ظاهر شد كه من دروغ كفته بودم] وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ اى تسلط وقهر فالجئكم الى الكفر والمعاصي قال فى بحر العلوم لقائل ان يقول قول الشيطان هذا مخالف لقوله الله انما سلطانه على الذين يتولونه فما حكم قول الشيطان أحق هوام باطل على انه لا طائل تحته فى النطق بالباطل فى ذلك المقام انتهى يقول الفقير جوابه ان نفى السلطان بمعنى القهر والغلبة لا ينافى إثباته بمعنى الدعوة والتزيين فالشيطان ليس له سلطان بالمعنى الاول على المؤمنين والكافرين جميعا وله ذلك بالمعنى الثاني على الكفار فقط كما دل عليه قوله تعالى إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ واما المؤمنون وهم اولياء الله فيتولون الله بالطاعة فهم خارجون عن دائرة الاتباع بوسوسته إذ هو يجرى فى عالم الصفات وهو عالم الافعال واما عالم الذات فيخلص للمؤمن فأنى للشيطان سبيل اليه ولو كان لآمن فافهم هداك الله إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ الا دعائى إياكم الى طاعتى بوسوسة وتزيين وهو ليس من جنس السلطان والولاية فى الحقيقة فَاسْتَجَبْتُمْ لِي أجبتم لى طوعا واختيارا فَلا تَلُومُونِي فيما وعدتكم بالباطل لانى خلقت لهذا ولانى عدو مبين لكم وقد خذركم الله عداوتى كما قال لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ لا يفتننكم الشيطان ومن تجرد للعداوة لا يلام إذا دعا الى امر قبيح وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ يعنى باختياركم المعصية وحبكم لها صدقتمونى فيما كذبتكم

[سورة إبراهيم (14) : آية 23]

وكذبتم الله فيما صدقكم وذلك لان مقالى كان ملائما لهوى أنفسكم وكلام الحق مخالف لهواها ومر على مزاق النفوس اى فانتم أحق باللوم منى ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ بمغيثكم مما أنتم فيه من العذاب وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ مما انا فيه يعنى لا ينجى بعضنا بعضا من عذاب الله والاصراخ الاغاثة والمصرخ بالفارسية [فرياد رس] وانما تعرض لذلك مع انه لم يكن فى حيز الاحتمال مبالغة فى بيان عدم اصراخه إياهم وإيذانا بانه ايضا مبتلى بمثل ما ابتلوا به ومحتاج الى الاصراخ فكيف من اصراخ الغير إِنِّي كَفَرْتُ اليوم بِما أَشْرَكْتُمُونِ باشراككم إياي الله فى الطاعة. وبالفارسية [بانچهـ شريك مى كرديد مرا با خداى تعالى در فرمان بردارى] مِنْ قَبْلُ اى قبل هذا اليوم اى فى الدنيا بمعنى تبرأت منه واستنكرته [يعنى بيزاز شدم از شرك شما] قال فى الإرشاد يعنى ان اشراككم لى بالله هو الذي يطمعكم فى نصرتى لكم بان كان لكم على حق حيث جعلتمونى معبودا وكنت اودّ ذلك وارغب فيه فاليوم كفرت بذلك ولم احمده ولم اقبله منكم بل تبرأت منه ومنكم فلم يبق بينى وبينكم علاقة إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ تتمة كلامه او ابتداء كلام من الله تعالى. والظالمون هم الشيطان ومتبعوه من الانس لان الشيطان وضع الدعوة الى الباطل فى غير موضعها وانهم وضعوا الاتباع فى غير موضعه وفى حكاية أمثاله لطف للسامعين وإيقاظ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم هر كه نقص خويش را ديد وشناخت ... اندر استكمال خود ده اسب تاخت «1» هر كه آخربين تر او مسعودتر ... هر كه آخوربين تر او مبعودتر «2» ثم اخبر عن حال المؤمنين ومآلهم بقوله وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين الايمان والعمل الصالح والمدخلون هم الملائكة جَنَّاتٍ [در بهشتهاى كوناكون كه] تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [ميرود از زير درختان جويها] خالِدِينَ فِيها [در حالتى كه جاويدان باشند دران] بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بادخل اى بامره او بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى ان الإنسان إذا خلى وطبعه لا يؤمن ولا يعمل الصالحات والجنات ان لم تكن العناية لا يبقى أحد فى جنة القلب ساعة كما لم يبق آدم فى الجنة خالدا كما فى التأويلات النجمية تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ التحية دعاء بالتعمير واضافتها الى الضمير من اضافة المصدر الى المفعول اى تحييهم الملائكة فى الجنات بالسلام من الآفات او يحيى المؤمنون بعضهم بعضا بالسلام والسلام تحية المؤمنين فى الدنيا ايضا وأصله صدر من أبينا آدم عليه السلام على ما روى وهب بن منبه ان آدم لما رأى ضياء نور نبينا صلى الله عليه وسلم سأل الله عنه فقال هو نور النبي العربي محمد من أولادك فالانبياء كلهم تحت لوائه فاشتاق آدم الى رؤيته فظهر نور النبي عليه السلام فى انملة مسبحة آدم فسلم عليه فرد الله سلامه من قبل النبي عليه السلام فمن هنا بقي السلام سنة لصدوره عن آدم وبقي رده فريضة لكونه عن الله تعالى. ونظيره ركعات الوتر فانه عليه السلام لما أم الأنبياء فى بيت المقدس أوصاه موسى عليه السلام ان يصلى له ركعة عند سدرة المنتهى قال الله تعالى فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ اى لقاء موسى ليلة المعراج فلما صلى ركعة ضم إليها

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان كفتن مهمان عليه السلام را كه ارمغان بهر تو إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان نصحت دينا اهل دينا كه إلخ

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 إلى 26]

ركعة اخرى لنفسه فلما صلاهما اوحى الله تعالى اليه ان صل ركعة اخرى فلذلك صاروترا كالمغرب فلما قام إليها ليصليها غشاه الله بالرحمة والنور فانحل يداه بلا اختيار منه فلذلك كان رفع اليد سنة واليه أشار النبي عليه السلام بقومه (ان الله زادكم صلاة ألا وهى الوتر) وقيل لما صلى الركعة الثانية وقام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه تم جمع قلبه فكبر وقال (اللهم انا نستعينك) إلخ كما فى التقدمة شرح المقدمة فما صلاه عليه السلام لنفسه صار سنة وما صلاه لموسى صار واجبا وما صلاه لله تعالى صار فريضة ولما كان اصل هذه الصلاة وصية موسى اطلق عليها الواجب وقال الفقهاء يقول فى الوتر نويت صلاة الوتر للاختلاف فى وجوبه أَلَمْ تَرَ ألم تشاهد بنور النبوة يا محمد كما فى التأويلات النجمية وقال الكاشفي [آيا نديدى وندانستى اى بنده بينا ودانا كه براى تفهيم شما] كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا بين شبها ووضعه فى موضعه اللائق به وكيف فى محل النصب بضرب لا بألم تر لما فى كيف من معنى الاستفهام فلا يتقدم عليه عامله كَلِمَةً طَيِّبَةً منصوب بمضمر والجملة تفسير لقوله ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كقولك شرف الأمير زيدا كساه حلة وحمله على فرس اى جعل كلمة طيبة وهى كلمة التوحيد اى شهادة ان لا اله الا الله ويدخل فيها كل كلمة حسنة كالقرآن والتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة الى الإسلام ونحوها مما أعرب عن حق او دعا الى صلاح كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ اى حكم بانها مثلها لا انه تعالى صيرها مثلها قال عليه السلام (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الا ترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمر لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر) والحنظل بالفارسية [هندوانه ابو جهل] ثم ان النخلة أكرم الأشجار على الله فانها خلقت من فضلة طينة آدم وولدت تحتها مريم كما ورد فى أحاديث المقاصد الحسنة ولذا جاء ثمرتها احلى وأطيب من سائر الثمار أَصْلُها ثابِتٌ اى أسفلها ذاهب بعروقه فى الأرض متمكن فيها وَفَرْعُها اى أعلاها ورأسها فِي السَّماءِ فى جهة العلو تُؤْتِي أُكُلَها تعطى ثمرها كُلَّ حِينٍ وقته الله لا ثمارها وهى السنة الكاملة لان النخلة تثمر فى كل سنة مرة ومدة اطلاعها الى وقت سرامها ستة أشهر وقال بعضهم كل حين اى ينتفع بها على الأحيان كلها لان ثمر النخل يؤكل ابدا ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى كل ساعة اما تمرا او رطبا او بسرا كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره لا ينقطع ابدا كصعود هذه الشجرة ولا يكون فى كلمة الإخلاص زيادة ولا نقصان لكن يكون لها مدد وهو التوفيق بالطاعات فى الأوقات كما يحصل النماء لهذه الشجرة بالتربية بِإِذْنِ رَبِّها بارادة خالقها وتيسيره وتكوينه وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ [وميراند خداى تعالى مثلها را يعنى بيان ميكند براى مردمان] لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتفطنون بضرب الأمثال لان فى ضربها زيادة إفهام وتذكير فانه تصوير للمعانى بصور المحسوسات. وفى الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال وهى فى كلام الأنبياء والعلماء والحكماء كثيرة لا تحصى وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ هى كلمة الكفر ويدخل

[سورة إبراهيم (14) : آية 27]

فيها كل كلمة قبيحة من الدعاء الى الكفر وتكذيب الحق ونحوهما كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ كمثل شجرة خبيثة اى صفتها كصفتها وهى الحنظل ويدخل فيها كل مالا يطيب ثمرها من الكسوب وهو نبت يتعلق باغصان الشجر من غير ان يضرب بعرق فى الأرض ويقال له اللبلاب والعشقة والثوم قد يقال انها من النجم لا الشجر والظاهر انه من باب المشاكلة قال فى التبيان وخبثها غاية مرارتها ومضرتها وكل ما خرج عن اعتداله فهو خبيث وقال الشيخ الغزالي رحمه الله شبه العقل بشجرة طيبة والهوى بشجرة خبيثة فقال أَلَمْ تَرَ كَيْفَ إلخ انتهى فالنفس الخبيثة الامارة كالشجرة الخبيثة تتولد منها الكلمة الخبيثة وهى كلمة تتولد من خباثة النفس الخبيثة الظالمة لنفسها بسوء اعتقادها فى ذات الله وصفاته او باكتساب المعاصي والظالمة لغيرها بالتعرض لعرضه او ماله اجْتُثَّتْ الجث القطع باستئصال اى اقتلعت جثتها وأخذت بالكلية مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ لكون عروقها قريبة منها ما لَها مِنْ قَرارٍ استقرار عليها. يقال قر الشيء قرارا نحو ثبت ثباتا: قال الكاشفى [نيست او را ثبات واستحكام يعنى نه بيخ دارد بر زمين ونه شاخ در هوا] نه بيخى كه آن باشد او را مدار ... نه شاخى كه كردد بدان سايه دار كياهيست افتاده بر روئ خاك ... پريشان وبى حاصل وخورناك [حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد درخت ايمانرا كه اصل آن در دل مؤمن ثابتست واعمال او بجانب اعلاى عليين مرتفع وثواب او در هر زمان بدو واصل بدرخت خرما كه بيخ او مستقر است در منبت او وفرع متوجه بجانب علو ونفع او در هر وقت دهنده بخلق وتمثيل نمود كلمه كفر وعبادت أصنام را كه در دل كافر مقلد بجهت عدم حجت وبرهان بران ثباتى ندارد وعملى كه نيز بمقصد قبول رسد ازو صادر نميشود بشجره حنظل كه نه اصل او را قراريست ونه فرع او را اعتباري] نهال سايه ورى شرع ميوه دارد ... چنان لطيف كه بر هيچ شاخسارى نيست درخت زندقه شاخيست خشك وبي سايه ... كه پيش هيچكسش هيچ اعتباري نيست وفى الكواشي قالوا شبه الايمان بالشجرة لان الشجرة لا بدلها من اصل ثابت وفرع قائم ورأس عال فكذا الايمان لا بدله من تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان وقال ابو الليث المعرفة فى قلب المؤمن العارف ثابتة بل هى اثبت من الشجرة فى الأرض لان الشجرة تقطع ومعرفة العارف لا يقدر أحد ان يخرجها من قلبه الا المعرف الذي عرفه يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ هو كلمة التوحيد لانها راسخة فى قلب المؤمن كما قال الكاشفى [قول ثابت كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله است كه خداى تعالى بران ثابت ميدارد مؤمنانرا] فِي الْحَياةِ الدُّنْيا اى قبل الموت فاذا ابتلوا ثبتوا ولم يرجعوا عن دينهم ولو عذبوا انواع العذاب كمن تقدمنا من الأنبياء والصالحين مثل زكريا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين قتلهم اصحاب الأخدود والذين مشطت لحومهم بامشاط الحديد قال سعدى المفتى روى ان جرجيس كان من الحواريين علمه الله الاسم الذي يحيى به الموتى وكان بأرض الموصل جبار يعبد الصنم فدعاه جرجيس الى عبادة الله وحده فامر به فشد رجلاه ويداه ودعا بامشاط من الحديد فشرح بها

صدره ويديه ثم صب عليه ماء الملح فصبره الله تعالى ثم دعا بمسامير من حديد فسمر بها عينيه واذنيه فصبره الله تعالى عليه ثم دعا بحوض من نحاس فأوقد تحته حتى ابيض تم القى فيه فجعله الله بردا وسلاما ثم قطع أعضاءه اربا اربا فاحياه الله تعالى ودعاهم الى الله تعالى ولم يؤمن الملك فاهلكه الله مع قومه بان قلب المدينة عليهم وجعل عاليها سافلها وشمعون كان من زهاد النصارى وكان شجاعا يحارب عبدة الأصنام من الروم ويدعوهم الى الدين الحق وكان يكسر بنفسه جنودا مجندة واحتال عليه ملك الروم بانواع من الحيل ولم يقدر عليه الى ان خدع امرأته بمواعيد فسألته فى وقت خلوة كيف يغلب عليه فقال ان أشد بشعرى فى غير حال الطهارة فانى حينئذ لم اقدر على الحل فاحاطوا به فى منامه وشدوه كذلك والقوه من قصر الملك فهلك وفى نفائس المجالس عمدوا الى قتله بالاذية فدعا الله تعالى ان ينجيه من الأعداء فانجاه الله تعالى فاخذ عمود البيت وخرّ عليهم السقف فهلكوا وَفِي الْآخِرَةِ اى يثبتهم فى القبر عند سؤال منكر ونكير وفى سائر المواطن والقبر من الآخرة فانه أول منزل من منازل الآخرة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ اى يخلق الله فى الكفرة والمشركين الضلال فلا يهديهم الى الجواب بالصواب كما ضلوا فى الدنيا وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ من تثبيت اى خلق ثبات فى بعض وإضلال اى خلق ضلال فى آخرين من غير اعتراض عليه وفى التأويلات النجمية يمكنهم فى مقام الايمان بملازمة كلمة لا اله الا الله والسير فى حقائقها فى مدة بقائهم فى الدنيا وبعد مفارقة البدن يعنى ان سير اصحاب الأعمال ينقطع عند مفارقة الروح عن البدن وسير ارباب الأحوال يثبت بتثبيت الله أرواحهم بانوار الذكر وسيرهم فى ملكوت السموات والأرض بل طيرهم فى عالم الجبروت بأجنحة أنوار الذكر وهى جناحا النفي والإثبات فان نفيهم بالله عما سواه واثباتهم بالله فى الله لا ينقطع ابد الآباد والآية دليل على حقية سؤال القبر وعلى تنعيم المؤمنين فى القبر فان تثبيت الله عبده فى القبر بالقول الثابت هو النعمة كل النعمة قال الفقيه ابو الليث قد تكلم العلماء فى عذاب القبر قال بعضهم يجعل الروح فى جسده كما كان فى الدنيا ويجلس اى يأتيه ملكان أسودان أزرقان فظان غليظان أعينهما كالبرق الخاطف وأصواتها كالرعد القاصف معهما مرزبة فيقعدان الميت ويسألانه فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول المؤمن الله ربى والإسلام دينى ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيى فذلك هو الثبات واما الكافر والمنافق فيقول لا أدرى فيضرب بتلك المرزبة فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين الا الجن والانس وقال بعضهم يكون الروح بين جسده وكفنه وقال بعضهم يدخل الروح فى جسده الى صدره وفى كل ذلك قد جاءت الآثار والصحيح ان يقر الإنسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته وفى اسئلة الحكم الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكن ذلك نعيم او عذاب معنوى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتنعم عند ذلك حسا ومعنى ألا ترى الى بشر الحافى رحمه الله لما رؤى فى النوم قيل ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة يعنى روحه منعمة بالجنة فاذا حشر ودخل الجنة ببدنه يكمل النعيم بالنصف الآخر وهل عذاب القبر دائم او ينقطع فالجواب نوع دائم بدليل قوله تعالى

النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ونوع منقطع وهو بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه كما يعذب فى النار مدة ثم يزول عنه العذاب وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء او صدقة او استغفار او ثواب بحج او فراءة تصل اليه من بعض أقاربه او غيرهم كما فى الفتح القريب وفى الحديث (اللهم انى أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك ان أردّ الى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر) وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال (استغفروا لاخيكم وسلوا له التثبت فانه الآن يسال) - وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن ولده ابراهيم وقف على قبره فقال (يا بنى القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب انا لله وانا اليه راجعون يا بنى قل الله ربى والإسلام دينى ورسول الله ابى) فبكت الصحابة منهم عمر رضى الله عنه حتى ارتفع صوته فالتفت اليه رسول الله فقال (ما يبكيك يا عمر) فقال يا رسول الله هذا ولدك وما بلغ الحلم ولا جرى عليه القلم ويحتاج الى تلقين مثلك يلقنه التوحيد فى مثل هذا الوقت فما حال عمر وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم وليس له ملقن مثلك فبكى النبي عليه السلام وبكت الصحابة معه فنزل جبريل بقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ فتلا النبي عليه السلام الآية فطابت الأنفس وسكنت القلوب وشكروا الله وقال بعضهم الأنبياء والصبيان والملائكة لا يسألون وقد اختص نبينا صلى الله عليه وسلم بسؤال أمته عنه بخلاف بقية الأنبياء وما ذاك الا ان الأنبياء قبل نبينا كان الواحد منهم إذا اتى أمته وأبوا عليه اعتزلهم وعوجلوا بالعذاب واما نبينا عليه السلام فبعث رحمة بتأخير العذاب ولما أعطاه الله السيف دخل فى دينه قوم مخافة من السيف فقيض الله فتانى القبر ليستخرجا بالسؤال ما كان فى نفس الميت فيثبت المسلم ويزل المنافق وفى بعض الآثار يتكرر السؤال فى المجلس الواحد ثلاث مرات وفى بعضها ان المؤمن يسأل سبعة ايام والمنافق أربعين يوما. ولا يسأل من مات يوم الجمعة وليلته من المؤمنين. وكذا فى رجب وشعبان ورمضان وهو بعد العيد فى ميشئة الله تعالى لكن الله تعالى هو أكرم الأكرمين فالظن على انه لا يؤمر بالسؤال كما فى الواقعات المحمودية وفى كلام الحافظ السيوطي لم يثبت فى التلقين حديث صحيح او حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين والحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال فعلى العاقل ان يموت قبل ان يموت ويحيى بالحياة الطيبة وذلك بظهور سر الحياة له بتربية مرشد كامل كما قال فى المثنوى هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما جانهاى مرده اندر كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن كويد اين آواز ز آواها جداست ... زنده كردن كار آواز خداست ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه برخاستيم مطلق ان آواز خود از شه بود ... كر چهـ از حلقوم عبد الله بود كفت او را من زبان و چشم تو ... من حواس ومن رضا وخشم تو رو كه بي يسمع وبي يبصر توئى ... سر توئى چهـ جاى صاحب سر توئى

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 إلى 32]

چون شدى من كان لله ازوله ... حق ترا باشد كه كان الله له كه توئى كويم ترا كاهى منم ... هر چهـ كوئى آفتاب روشنم هر كجا تابم ز مشكات دمى ... حل شد آنجا مشكلات عالمى ظلمتى را كافتا بش بر نداشت ... از دم ما كردد آن ظلمت چو چاشت وكما ان لا نفاس الأولياء بركة ويمنا للاحياء فكذا للاموات حين التلقين فانه فرق بين تلقين الغافل الجاهل وبين تلقين المتيقظ العالم بالله نسأل الله تعالى ان يثبتنا وإياكم على الحق المبين الى ان يأتى اليقين ويجعلنا من الصديقين الذين يتمكنون فى مقام الا من عند خوف اهل التلوين أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ من رؤية البصر وهو تعجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى هل رأيت عجبا مثل هؤلاء بَدَّلُوا غيروا نِعْمَتَ اللَّهِ على حذف المضاف اى شكر نعمته كُفْراً بان وضعوه مكانه او بدلوا نفس النعمة كفرا فانهم لما كفروها سلبت منهم فصاروا تاركين لها محصلين الكفر بدلها كأهل مكة خلقهم الله تعالى وأسكنهم حرمه وجعلهم قوّام بيته ووسع عليهم أبواب رزقه وشرفهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فكفروا ذلك فقحطوا سبع سنين وأسروا وقتلوا يوم بدر فصاروا أذلاء مسلوبى النعمة وعن عمر وعلى رضى الله عنهما هم الأفجران من قريش بنوا المغيرة وبنوا امية اما بنوا المغيرة فكفيتموهم يوم بدر واما بنوا امية فمتعوا الى حين كأنهما يتأولان ما سيتلى من قوله تعالى قُلْ تَمَتَّعُوا الآية وَأَحَلُّوا انزلوا قَوْمَهُمْ بإرشادهم إياهم الى طريقة الشرك والضلال وعدم التعرض لحلولهم لدلالة الاحلال عليه إذ هو فرعه كقوله تعالى يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وأسند الاحلال وهو فعل الله الى أكابرهم لان سببه كفرهم وسبب كفرهم امر أكابرهم إياهم بالكفر دارَ الْبَوارِ اى الهلاك جَهَنَّمَ عطف بيان لها يَصْلَوْنَها حال منها اى داخلين فيها مقاسين لحرها يقال صلى النار صليا قاسى حرها كتصلاها وَبِئْسَ الْقَرارُ اى بئس المقر جهنم وَجَعَلُوا عطف على أحلوا داخل معه فى حكم التعجب اى جعلوا فى اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد لِلَّهِ الفرد الأحد الذي لا شريك له فى الأرض ولا فى السماء أَنْداداً اشباها فى التسمية حيث سموا الأصنام آلهة او فى العبادة لِيُضِلُّوا قومهم الذين يشايعونهم حسبما ضلوا عَنْ سَبِيلِهِ القويم الذي هو التوحيد ويوقعوهم فى ورطة الكفر والضلال وليس الإضلال غرضا حقيقيا لهم من اتخاذ الانداد ولكن لما كان نتيجة له كما كان الإكرام فى قولك جئتك لتكرمنى نتيجة المجيء شبه بالغرض وادخل اللام عليه بطريق الاستعارة التبعية ونسب الإضلال الذي هو فعل الله إليهم لانهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون إليها قُلْ تهديدا لاولئك الضالين المضلين تَمَتَّعُوا انتفعوا بما أنتم عليه من الشهوات التي من جملتها كفران النعم العظام واستتباع الناس فى عبادة الأصنام. وبالفارسية [بگذرانيد عمرهاى خود با آرزوها وعبادت بتان] فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ يوم القيامة إِلَى النَّارِ ليس الا فلا بد لكم من تعاطى ما يوجب ذلك او يقتضيه من أحوالكم والمصير مصدر صار التامة بمعنى رجع وخبر ان هو قوله الى النار دلت الآيتان على امور الاول ان الكفران سبب لزوال النعمة بالكلية كما ان الشكر سبب لزيادتها

[سورة إبراهيم (14) : آية 31]

شكر نعمت تعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند وفى حديث المعراج (ان الله شكا من أمتي شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا أنفسهم فيها) والثاني ان القرين السوء يجرّ المرء الى النار ويحله دار البوار فينبغى للمؤمن المخلص السنى ان يجتنب عن صحبة اهل الكفر والنفاق والبدعة حتى لا يسرق طبعه من اعتقادهم السوء وعملهم السيئ ولهم كثرة فى هذا الزمان وأكثرهم فى زى المتصوفة اى فغان از يار ناجنس اى فغان ... همنشين نيك جوييد اى مهان والثالث ان جهنم دار الفرار للاشرار وشدة حرها مما لا يوصف. وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان أهون اهل النار عذابا رجل فى اخمص قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه كما يغلى المرجل بالقمقمة) والأخمص بفتح الهمزة هو المتجافى من الرجل اى من بطنها عن الأرض والغليان شدة اضطراب الماء ونحوه على النار لشدة إيقادها. والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم قدر معروف سواء كان من حديد او نحاس او حجارة او خزف هذا هو الأصح. وقيل هو القدر من النحاس خاصة وفى الآية اشارة الى نعمة الوهية وخالقية ورازقية عليهم بدلوها بالكفر والإنكار والجحود وأحلوا أرواحهم وقلوبهم ونفوسهم وأبدانهم دار الهلاك وانزلوا أبدانهم جهنم يصلونها وبئس القرار وهى غاية البعد عن الحضرة والحرمان عن الجنان وانزلوا نفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل وأرواحهم العلوية أسفل سافلين الطبيعة بتبديل نعم الأخلاق الملكية الحميدة بالأخلاق الشيطانية السبعية الذميمة وجعلوا لله أندادا من الهوى والدنيا وشهواتها ليضلوا الناس بالاستتباع عن طلب الحق تعالى والسير اليه على أقدام الشريعة والطريقة الموصل الى الحقيقة قل تمتعوا بالشهوات الدنيا ونعيمها فان مصيركم نار جهنم للابدان ونار الحرمان للنفوس ونار الحسرة للقلوب ونار القطيعة للارواح كما فى التأويلات النجمية قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا قال بعض الحكماء شرف الله عباده بهذه الياء وهى خير لهم من الدنيا وما فيها لان فيها اضافة الى نفسه والاضافة تدل على العتق لان رجلا لو قال لعبده يا ابن او ولد لا يعتق ولو قال يا ابني او ولدي يعتق بالاضافة الى نفسه كذلك إذا أضاف العباد الى نفسه فيه دليل ان يعتقهم من النار ولا شرف فوق العبودية: قال الجامى كسوت خواجكى وخلعت شاهى چهـ كند ... هر كرا غاشيه بندگيت بر دوشست وكان سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره يقول الخلق يفرون من الحساب وانا اطلبه فان الله تعالى لو قال لى أثناء الحساب عبدى لكفانى شرفا والمقول هنا محذوف دل عليه الجواب اى قل لهم اقيموا وأنفقوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ اى يداوموا على ذلك. وبالفارسية [بگو اى محمد صلى الله عليه وسلم يعنى امر كن مر بندگان مرا كه ايمان

[سورة إبراهيم (14) : آية 32]

آورده اند برين وجه كه نماز كزاريد ونفقه كنيد تا ايشان بامر تو نماز كزارند ونفقه دهند از آنچهـ عطا داده با ايشان از اموال] ويجوز ان يكون المقول يقيموا وينفقوا على ان يكونا بمعنى الأمر وانما اخرجا عن صورة الخبر للدلالة على التحقق بمضمونهما والمسارعة الى العمل بهما فان قيل لو كان كذلك لبقى إعرابه بالنون قلنا يجوز ان يبنى على حذف النون لما كان بمعنى الأمر سِرًّا وَعَلانِيَةً منتصبان على المصدر من الأمر المقدر اى أنفقوا انفاق سر وعلانية او على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية والأحب فى الانفاق إخفاء المتطوع وإعلان الواجب وكذا الصلوات والمراد حث المؤمنين على الشكر لنعم الله تعالى بالعبادة البدنية والمالية وترك التمتع بمتاع الدنيا والركون إليها كما هو صنيع الكفرة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قال فى الإرشاد الظاهر ان من متعلقة بانفقوا يَوْمٌ وهو يوم القيامة لا بَيْعٌ فِيهِ فيبتاع المقصر ما يتلافى تقصيره به وتخصيص البيع بالذكر لاستلزام نفيه نفى الشراء وَلا خِلالٌ ولا مخالة فيشفع له خليل والمراد المخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس فلا يخالف قوله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ لان الواقع فيما بينهم المخالة لله او من قبل ان يأتى يوم القيامة الذي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة وانما ينتفع فيه بالطاعة التي من جملتها اقامة الصلاة والانفاق لوجه الله تعالى وادخار المال وترك إنفاقه انما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لا يمكن ذلك فى الآخرة فلا وجه لادخاره الى وقت الموت وفى الآية اشارة الى الأعمال الباطنة القلبية كالايمان والى الأعمال الظاهرة القالبية كاقامة الصلاة والانفاق قال ابو سعيد الخراسانى قدس سره خزائن الله فى السماء وخزائنه فى الأرض القلوب لانه تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم أرسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق والغش ثم انشأ سحابة فامطرت فيه ثم أنبت شجرة فاثمرت الرضى والمحبة والشكر والصفوة والإخلاص والطاعة ثم طاب الظاهر بحسب طيب الباطن وعن مكحول الشامي رحمه الله إذا تصدق المؤمن بصدقة ورضى عنه ربه تقول جهنم يا رب ائذن لى بالسجود شكرا لك فقد اعتقت أحدا من امة محمد من عذابى ببركة صدقته لانى استحيى من محمد ان أعذب أمته مع ان طاعتك واجبة علىّ: قال المولى الجامى هر چهـ دارى چون شكوفه برفشان زيرا كه سنك ... بهر ميوه ميخور دهر دم ز دست سفله شاخ والاشارة قُلْ لِعِبادِيَ لا عباد الهوى الَّذِينَ آمَنُوا بنور العناية وعرفوا قدر نعمة الوهيتى ولم يبدلوها كفرا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ليلازموا عتبة العبودية ويديموا العكوف على بساط القربة ويثبتوا فى المناجاة والمكالمة وَيُنْفِقُوا على الطالبين المريدين مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا من اسرار الالوهية وَعَلانِيَةً من احكام العبودية فى طريق الربوبية مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ وهو يوم مفارقة الأرواح عن الأبدان لا بَيْعٌ فِيهِ اى لا يقدر على الانفاق بطريق طلب المعاوضة وَلا خِلالٌ اى ولا بطريق المخالة من غير طلب العوض لان آلة الانفاق خرجت من يده وبطل استعداد دعوة الخلق الى الحق وتربيتهم بالتسليك والتزكية والتهذيب والتأديب كما فى التأويلات النجمية اللَّهُ مبتدأ خبره الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 33 إلى 37]

وما فيها من الاجرام العلوية وَالْأَرْضَ وما فيها من انواع المخلوقات وقدم السماوات لانها بمنزلة الذكر من الأنثى وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ اى من السحاب فان كل ما علاك سماء او من الفلك فان المطر منه يبتدئ الى السحاب ومنه الى الأرض على ما دلت عليه ظواهر النصوص يقول الفقير هو الأرجح عندى لان الله تعالى زاد بيان نعمه على عباده فبين اولا خلق السماوات والأرض ثم أشار الى ما فيها من كليات المنافع لكنه قدم واخر كتأخير تسخير الشمس والقمر ليدل على ان كلا من هذه النعم نعمة على حدة ولو أريد السحاب لم يوجد التقابل التام وأياما كان فمن ابتدائية ماءً اى نوعا منه وهو المطر فَأَخْرَجَ بِهِ اى بسبب ذلك الماء الذي أودع فيه القوة الفاعلية كما انه أودع فى الأرض القوة القابلية مِنَ الثَّمَراتِ من انواع الثمرات رِزْقاً لَكُمْ تعيشون به وهو بمعنى المرزوق شامل للمطعوم والملبوس مفعول لاخرج ومن للتبيين حال منه ولكم صفة كقولك أنفقت من الدراهم الفا او للتبعيض بدليل قوله تعالى فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ كأنه قيل انزل من السماء بعض الماء فاخرج به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم إذ لم ينزل من السماء كل الماء ولا اخرج بالمطر كل الثمار ولاجل كل الرزق ثمر او كان أحب الفواكه الى نبينا عليه السلام الرطب والبطيخ وكان يأكل البطيخ بالرطب ويقول (يكسر حر هذا ببرد هذا وبرد هذا بحر هذا) فان الرطب حار رطب والبطيخ بارد رطب كما فى شرح المصابيح وفى الحديث (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر) قوله تصبح اى أكل وقت الصباح قبل ان يأكل شيأ آخر وعجوة عطف بيان لسبع تمرات وهى ضرب من أجود التمر فى المدينة يضرب الى السواد يحتمل ان يكون هذه الخاصية فى ذلك النوع من التمر ويحتمل ان يكون بدعائه له حين قالوا احرق بطوننا تمر المدينة وفى الحديث (كلوا التمر على الريق فانه يقتل الديدان فى البطن) وكان عليه السلام يأخذ عنقود العنب بيده اليسرى ويتناول حبة حبة بيده اليمنى كذا فى الطب النبوي وفى البطيخ والرمان قطرة من ماء الجنة وروى عن على كلوا الرمان فليس منه حبة تقع فى المعدة الا أنارت القلب وأخرست الشيطان أربعين يوما وقال جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الأنبياء ريح السفر جل وريح الحور ريح الآس وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ بان أقدركم على صنعتها واستعمالها بما ألهمكم كيفية ذلك لِتَجْرِيَ اى الفلك لانه جمع فلك فِي الْبَحْرِ [در دريا] بِأَمْرِهِ بإرادته الى حيث توجهتم وانطوى فى تسخير الفلك تسخير البخار وتسخير الرياح قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود وفى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء عند غلبة السلامة كذا قال الجمهور. وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ اى المياه العظيمة الجارية فى الأنهار العظام وتسخيرها جعلها معدة لانتفاع الناس حيث يتخذون منها جداول يسقون بها زروعهم وجنانهم وما أشبه

[سورة إبراهيم (14) : آية 34]

ذلك قال فى بحر العلوم اللام فيها للجنس او للعهد أشير بها الى خمسة انهار سيحون نهر الهند وجيحون نهر بلخ ودجلة والفرات نهرى العراق والنيل نهر مصر أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة فاستودعها الجبال وأجراها فى الأرض وسخرها للناس وجعل فيها منافع لهم فى اصناف معاشهم وسائر الأنهار تبع لها وكأنها أصولها وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حال كونهما دائِبَيْنِ قال فى تهذيب المصادر الدأب [دائم شدن] فالمعنى دائمين متصلين فى سيرهما لا ينقطعان الى يوم القيامة وقال فى القاموس دأب فى عمله كمنع دأبا ويحرك ودؤوبا بالضم جدّ وتعب. فالمعنى مجدين فى سيرهما وانارتهما ودرئهما الظلمات واصلاحهما يصلحان الأرض والأبدان والنبات لا يفتران أصلا ويفضل الشمس على القمر لان الشمس معدن الأنوار الفلكية من البدور والنجوم وأصلها فى النورانية وان أنوارهم مقتبسة من نور الشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان بالزيادة والنقصان والاضاءة والاظلام والحركة والسكون فيهما اى لمعاشكم ومنامكم ولعقد الثمار وانضاجها واختلفوا فى الليل والنهار أيهما أفضل قال بعضهم قدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الأنبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال الامام النيسابورى الليل أفضل من النهار يقول الفقير الليل محل السكون ففيه سر الذات وله المرتبة العليا والنهار محل الحركة ففيه سر الصفات وله الفضيلة العظمى وأول المراتب وآخرها السكون كما أشار اليه قوله تعالى فى الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق) فالخلق يقتضى الحركة المعنوية وما كان قبل الحركة والخلق إلا سكون محض وذات بحت فافهم. وسيد الأيام يوم الجمعة وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة تضاعف الحج لسبعين حجة على غيره وبهذا ظهر فضل يوم الجمعة على يوم عرفة. وأفضل الليالى ليلة المولد المحمدي لو لاه ما نزل القرآن ولا نعتت ليلة القدر وهو الأصح وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى اعطاكم مصلحة لكم بعض جميع ما سألتموه فان الموجود من كل صنف بعض ما قدره الله وهذا كقوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ فمن للتبعيض او كل ما سألتموه على ان من للبيان وكلمة كل للتكثير كقولك فلان يعلم كل شىء وأتاه كل الناس وعليه قوله تعالى فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ قال الكاشفى [وبداد شما را از هر چهـ خواستيد يعنى آنچهـ محتاج اليه شما بود خواسته وناخواسته بشما ارزانى داشت] وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ التي أنعم بها عليكم بسؤال وبغيره لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وعدها ولو اجمالا لكثرتها وعدم نهايتها وفيه دليل على ان المفرد يفيد الاستغراق بالاضافة واصل الإحصاء ان الحساب كان إذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد وضعت له حصاة ليحفظ بها ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة والنعم على قسمين نعمة المنافع لصحة البدن والامن والعافية والتلذذ بالمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والأموال والأولاد ونعمة دفع المضار من الأمراض والشدائد والفقر والبلاء وأجل النعم استواء الخلقة والهام المعرفة [سلمى قدس سره فرمود كه مراد ازين نعمت حضرت

پيغمبر ماست صلى الله عليه وسلم كه سفر بزركتر وواسطه نزديكتر ميان حق وخلق اوست وفى نفس الأمر حصر صفات كمال وشرح أنوار جمال او از دائره تصور وتخيل بيرون واز اندازه تأمل وتفكر افزونست] بر ذروه معارج قدر رفيع تو ... نى عقل راه يابد ونى فهم پى برد إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ لبليغ فى الظلم يظلم النعمة باغفال شكرها او بوضعها فى غير موضعها او يظلم نفسه بتعريضها للحرمان كَفَّارٌ شديد الكفران لها او ظلوم فى الشدة يشكو ويجزع كفار فى النعمة يجمع ويمنع. واللام فى الإنسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم والكفران بعض من وجد فيه من افراده كما فى الإرشاد- روى- انه شكا بعض الفقراء الى واحد من السلف فقره واظهر شدة اهتمامه به فقال أيسرّك انك أعمى ولك عشرة آلاف درهم فقال لا فقال اقطع اليدين والرجلين ولك عشرون الف درهم فقال لا فقال أيسرّك جعل الله انك مجنون ولك عشرة آلاف قال لا فقال اما تستحيى انك تشكو مولاك وعندك عروض بأربعين الف ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوزماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعط هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشان فهل كنت تعطيه قال نعم قال ولو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يساوى شربة ماء وان نعمة على العبد فى شربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس لا يستوى بملك الأرض كلها فلو أخذ لحظة حتى انقطع الهواء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام فيه هواء حار او فى بئر فيه هواء ثقيل برطوبة الماء مات غما ففى كل ذرة من بدنه نعم لا تحصى نعمت حق شمار وشكر كذار ... نعتش را اگر چهـ نيست شمار شكر باشد كليد كنج مزيد ... كنج خواهى منه ز دست كليد والاشارة اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ سموات القلوب وَالْأَرْضَ ارض النفوس وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من سماء القلوب ماءً ماء الحكمة فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ من ثمرات الطاعات رِزْقاً لارواحكم فان الطاعات غذاء الأرواح كما ان الطعام غذاء الأبدان وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ فلك الشريعة لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ فى بحر الطريقة بِأَمْرِهِ بامر الحق لا بامر الهوى والطبع لان استعمال فلك الشريعة إذا كان بامر الهوى والطبع سريعا ينكسر ويغرق ولا يبلغ ساحل الحقيقة الا بامر اولى الأمر وملاحيه وهو الشيخ الواصل الكامل المكمل كما قال تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وقال النبي عليه السلام (من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله) وكم من سفن لارباب الطلب لما شرعت فى هذا البحر بالطبع انكسرت بنكباء الأهواء وتلاطم امواج الغرة وانقطعت دون ساحلها وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ انهار العلوم اللدنية وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ شمس الكشوف وَالْقَمَرَ قمر المشاهدات دائِبَيْنِ بالكشف والمشاهدة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وتسخير هذه الأشياء عبارة عن جعلها سببا لاستكمال استعداد الإنسان فى قبول الفيض الإلهي المختص به من بين سائر المخلوقات وفى قوله وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ

[سورة إبراهيم (14) : آية 35]

اشارة الى انه تعالى اعطى الإنسان فى الأزل حسن استعداد استدعى منه لقبول الفيض الإلهي وهو قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثم للابتلاء رده الى أسفل سافلين ثم آتاه من كل ما سأله من الأسباب التي تخرجه من أسفل سافلين وتصعده الى أعلى عليين فاذا أمعنت النظر فى هذه الآيات رأيت ان العالم بما فيه خلق تبعا لوجود الإنسان وسببا لكماليته كما ان الشجرة خلقت تبعا لوجود الثمرة وسببا لكماليتها فالانسان البالغ الكامل الواصل ثمرة شجرة المكونات فافهم جدا وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها لان نعمته على الإنسان قسمان قسم يتعلق بالمخلوقات كلها وقد بينا انها خلقت لاستكمال الإنسان وهذه النعمة لا يحصى عدها لان فوائدها عائدة الى الإنسان الى الابد وهى غير متناهية فلا يحصى عدها وقسم يتعلق بعواطف ألوهيته وعوارف ربوبيته فهى ايضا غير متناهية إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ لنفسه بان يفسد هذا الاستعداد الكامل بالاعراض عن الحق والإقبال على الباطل كَفَّارٌ لا نعم الله إذ لم يعرف قدرها ولم يشكر لها وجعلها نقمة لنفسه بعد ما كانت نعمة من ربه كما فى التأويلات النجمية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ واذكر وقت قول ابراهيم فى مناجاته اى بعد الفراغ من بناء البيت رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ [اين شهر مكه را] آمِناً اهله بحيث لا يخاف فيه من المخاوف والمكاره كالقتل والغارة والأمراض المنفرة من البرص والجذام ونحوهما فاسناد الامن الى البلد مجاز لوقوع الامن فيه وانما الآمن فى الحقيقة اهل البلد وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ يقال جنبته كنصرته واجنبته وجنبته اى أبعدته. والمعنى بعدنى وإياهم أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ واجعلنا منه فى جانب بعيد اى ثبتنا على ما كنا عليه من التوحيد وملة الإسلام والبعد عن عبادة الأصنام قال بعضهم رأى القوم يعبدون الأصنام فخاف على بنيه فدعا يقول الفقير الجمهور على ان العرب من عهد ابراهيم استمرت على دينه من رفض عبادة الأصنام الى زمن عمرو بن لحى كبير خزاعة فهو أول من غير دين ابراهيم وشرع للعرب الضلالات وهو أول من نصب الأوثان فى الكعبة وعبدها وامر الناس بعبادتها وقد كان اكثر الناس فى الأرض المقدسة عبدة الأصنام وكان ابراهيم يعرفه فخاف سرايته الى كل بلد فيه واحد من أولاده فدعا فعصم أولاده الصلبية من ذلك وهى المرادة من قوله وَبَنِيَّ فانه لم يعبد أحد منهم الصنم لاهى وأحفاده وجميع ذريته وذلك لان قريشا مع كونهم من أولاد إسماعيل عبادتهم الأصنام مشهورة واما قوله تعالى فى حم الزخرف وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فالصحيح ان هذا لا يستلزم تباعد جميع الأحفاد عن عبادة الأصنام بل يكفى فى بقاء كلمة التوحيد فى عقبه ان لا ينقرض قرن ولا ينقضى زمان الا وفى ذريته من هو من اهل التوحيد قلوا او كثروا الى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم وقد اشتهر فى كتب السير ان بعض آحاد العرب لم يعبد الصنم قط ويدل عليه قوله عليه السلام (لا تسبوا مضر فانه كان على ملة ابراهيم) هذا ما لاح لى من التحقيق ومن الله التوفيق. وانما جمع الأصنام ليشتمل على كل صنم عبد من دون الله لان الجمع المعرف باللام يشمل كل واحد من الافراد كالمفرد باتفاق جمهور ائمة التفسير والأصول والنحو اى واجنبنا ان نعبد أحدا مما سمى بالصنم كما فى بحر العلوم

[سورة إبراهيم (14) : آية 36]

وخصصها الامام الغزالي بالحجرين اى الذهب والفضة إذ رتبة النبوة أجل من ان يخشى فيها ان تعتقد الالهية فى شىء من الحجارة فاستعاذ ابراهيم من الاغترار بمتاع الدنيا يقول الفقير الظاهر ان الامام الغزالي خصص الحجرين بالذكر بناء على انهما أعظم ما يضل الناس وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاب الدراهم والدنانير بعبدة الحجارة فقال (تعس عبد الدراهم تعس عبد الدنانير) والا فكل ما هو من قبيل الهوى فهو صنم ألا ترى الى قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ولذا قال فى التأويلات النجمية. صنم النفس الدنيا. وصنم القلب العقبى. وصنم الروح الدرجات العلى. وصنم السر عرفان القربات. وصنم الخفي الركون الى المكاشفات والمشاهدات وانواع الكرامات فلا بد من الفناء عن الكل سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض المجالس معى اهل الدنيا كثير واهل العقبى قليل واهل المولى اقل من القليل وذلك كالسلاطين والملوك فانهم بالنسبة الى الوزراء اقل وهم بالنسبة الى سائر ارباب الجاه كذلك وهم بالنسبة الى الرعية كذلك فالرعايا كثيرون واقل منهم ارباب الجاه واقل منهم الوزراء واقل منهم السلاطين فلا بد من ترك الأصنام مطلقا وأعظم الحجب والأصنام الوجود المعبر عنه بالفارسية هستى بود وجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى چوبود او در همه سومنات تو وفى الآية دليل على ان عصمة الأنبياء بتوفيق الله تعالى وحقيقة العصمة ان لا يخلق الله تعالى فى العبد ذنبا مع بقاء قدرته واختياره ولهذا قال الشيخ ابو منصور العصمة لا تزيل المحنة اى التكليف فينبغى للمؤمن ان لا يأمن على إيمانه وينبغى ان يكون متضرعا الى الله ليثبته على الايمان كما سأل ابراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الايمان- وروى- عن يحيى بن معاذ انه كان يقول اللهم ان جميع سرورى بهذا الايمان وأخاف ان تنزعه منى فما دام هذا الخوف معى رجوت ان لا تنزعه منى رَبِّ [اى پروردگار من] إِنَّهُنَّ اى الأصنام أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ولذلك سألت منك ان تعصمنى وبنى من اضلالهن واستعذت بك منه يقول بهن ضل كثير من الناس فكان الأصنام سببا لضلالتهم فنسب الإضلال إليهن وان لم يكن منهن عمل فى الحقيقة كقوله تعالى وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا اى اغتروا بسببها وقال بعضهم كان الإضلال منهن لان الشياطين كانت تدخل أجواف الأصنام وتتكلم- كما حكى- ان واحدا من الشياطين دخل جوف صنم ابى جهل فاخذ يتحرك ويتكلم فى حق النبي عليه السلام كلمات قبيحة فامر الله واحدا من الجن فقتل ذلك الشيطان ثم لما كان الغد واجتمع الناس حول ذلك الصنم أخذ يتحرك ويقول لا اله الا الله محمد رسول الله وانا صنم لا ينفع ولا يضر ويل لمن عبدنى من دون الله فلما سمعوا ذلك قام ابو جهل وكسر صنمه وقال ان محمدا سحر الأصنام: قال الكمال الخجندي قدس سره بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست فَمَنْ [هر كس كه] تَبِعَنِي منهم فيما ادعو اليه من التوحيد وملة الإسلام فَإِنَّهُ مِنِّي

[سورة إبراهيم (14) : آية 37]

من تبعيضية فالكلام على التشبيه اى كبعضى فى عدم الانفكاك عنى وكذلك قوله (من غشنا فليس منا) اى ليس بعض المؤمنين على ان الغش ليس من أفعالهم واوصافهم وَمَنْ عَصانِي اى لم يتبعنى فانه فى مقابلة تبعني كتفسير الكفر فى مقابلة الشكر بترك الشكر فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قادر على ان تغفر له وترحمه ابتداء وبعد توبته وفيه دليل على ان كل ذنب فلله تعالى ان يغفره حتى الشرك الا ان الوعيد فرق بينه وبين غيره فالشرك لا يغفر بدليل السمع وهو قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وان جاز غفرانه عقلا فان العقاب حقه تعالى فيحسن إسقاطه مع ان فيه نفعا للعبد من غير ضرر لاحد وهو مذهب الأشعري وفى التأويلات النجمية قد حفظ الأدب فيما قال ومن عصانى وما قال ومن عصاك لانه بعصيان الله لا يستحق المغفرة والرحمة والاشارة فيه ان من عصانى لعلى لا اغفر له ولا ارحم عليه فان المكافاة فى الطبيعة واجبة ولكن من عصانى فتغفر له وترحم عليه فيكون من غاية كرمك وعواطف إحسانك فانك غفور رحيم وفى الحديث (ينادى مناد من تحت العرش يوم القيامة يا امة محمد امّا ما كان لى من قبلكم فقد وهبت لكم) [يعنى كناهى كه در ميان من وشماست بخشيدم] (وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي) والتبعات جمع تبعة بكسر الباء ما اتبع به من الحق وذكر ان يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله قال الهى ان كان ثوابك للمطيعين فرحمتك للمذنبين انى وان كنت لست بمطيع فارجو ثوابك وانا من المذنبين فارجو رحمتك نصيب ماست بهشت اى خدا شناس برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند رَبَّنا [اى پروردگار ما] والجمع لان الآية متعلقة بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم ادخل فى القبول إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي اى بعض ذريتى وهم إسماعيل ومن ولد منه فان إسكانه متضمن لاسكانهم بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ هو وادي مكة فانها حجرية لا تنبت اى لا يكون فيها شىء من زرع قط كقوله تعالى قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج وما فيه الا الاستقامة لا غير وفى تفسير الشيخ لانها واد بين جبلين لم يكن بها ماء ولا حرث وفى بحر العلوم واما فى زماننا فقد رزق الله اهله ماء جاريا عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ظرف لاسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن وهو الكعبة والاضافة للتشريف وسمى محرما لانه عظيم الحرمة حرم الله التعرض له بسوء يوم خلق السماوات والأرض وحرم فيه القتال والاصطياد وان يدخل فيه أحد بغير إحرام ومنع عنه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا لانه أعتق منه وفى التأويلات النجمية عند بيتك المحرم وهو القلب المحرم ان يكون بيتا لغير الله كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن) آنكه ترا كوهر كنجينه ساخت ... كعبه جان در حرم سينه ساخت رَبَّنا كرر النداء لاظهار كمال العناية بما بعده لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ اللام لام كى متعلقة باسكنت اى ما اسكنتهم بهذا الوادي البلقع الخالي من كل مرتفق ومرتزق الا لاقامة الصلاة عند بيتك المحرم لدلالة قوله بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ على انه لا غرض له دنيوى فى إسكانهم عند

البيت المحرم وتخصيص الصلاة بالذكر من بين سائر شعائر الدين لفضلها ولان بيت الله لا يسعه الا الصلاة وما فى معناها وهى الأصل فى إصلاح النفس وكان قريش يمتنعون عن ذلك لزيادة كبرهم فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ جمع فؤاد وهى القلوب ومن للتبعيض تَهْوِي إِلَيْهِمْ تسرع إليهم شوفا وتطير نحوهم محبة يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا وهويا سقط من علو الى سفل سرعة. وايضا صعد وارتفع كما فى كتب اللغة واما ما يكون من باب علم فهو بمعنى أحب يقال هويه هوى فهو هو أحبه وتعديته بالى التضمنه معنى الشوق والنزوع. والمعنى بالفارسية [پس نكردان دلهاى بعضى از مردمان را كه بكشش محبت بشتابند بسوى ايشان] اى إسماعيل وذريته وهم المؤمنون ولو قال فائدة الناس بدون من التبعيضية لازدحمت عليهم فارس والروم والترك والهند آنرا كه چنان جمال باشد ... كر دل ببرد حلال باشد وآنكس كه بر آنچنان جمالى ... عاشق نشود وبال باشد قال المولى الجامى قدس سره رو بحرم نه كه بران خوش حريم ... هست سيه بوش نكارى مقيم قبله خوبان عرب روى او ... سجده شوخان عجم سوى او وَارْزُقْهُمْ اى ذريتى الذين اسكنتهم هناك او مع من ينحاز إليهم من الناس وانما لم يخص الدعاء بالمؤمنين كما فى قوله وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اكتفاء بذكر اقامة الصلاة مِنَ الثَّمَراتِ من أنواعها بان يجعل بقرب منه قرى يحصل فيها ذلك او يجبى اليه من الأقطار البعيدة وقد حصل كلاهما حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية فى يوم واحد- روى- عن ابن عباس ان الطائف وهى على ثلاث مراحل من مكة كانت من ارض فلسطين فلما دعا ابراهيم بهذه الدعوة رفعها الله ووضعها رزقا للحرم لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ تلك النعمة باقامة الصلاة وأداء سائر مراسم العبودية يقول الفقير اختلف العلماء فى ان هذا الدعاء بعد بناء البيت او قبله أول ما قدم مكة ويؤيد الاول قوله رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ فان الظاهر ان الاشارة حسية وقوله عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ وقوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ فان إسحاق لم يكن موجودا قبل البناء وقال بعضهم الاشارة فى هذا البلد الى الموجود فى الذهن قبل تحقق البلدية فان الله لما ابان موضعه صحت إشارته اليه والمسئول توجيه القلوب الى الذرية للمساكنة معهم لا توجيهها الى البيت للحج فقط وإلا لقيل تهوى اليه وهو عين الدعاء بالبلدية يقول الفقير فيه نظر لانه لم لا يجوز ان يكون المعنى على حذف المضاف اى تهوى الى موضعهم الشريف للحج وقد أشار اليه فى التيسير حيث قال عند قوله تَهْوِي إِلَيْهِمْ حبب هذا البيت الى عبادك ليأتوه فيحجوه قال فى الإرشاد تسميته إذ ذاك بيتا ولم يكن له بناء وانما كان نشزا اى مكانا مرتفعا تأتيه السيول فتأخذ ذات اليمين وذات الشمال باعتبار ما كان من قبل فان تعدد بناء الكعبة المعظمة مما لا ريب فيه وانما الاختلاف فى كمية عدده كما قال الكاشفى عند

قوله بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [مراد موضع خانه ضراح است كه در زمان آدم بوده واگر نه بوقت دعاء ابراهيم خانه نبوده] والضراح كغراب البيت المعمور فى السماء الرابعة كما فى القاموس ويؤيد هذا ما روى ان ابراهيم عليه السلام كان يسكن فى ارض الشام وكانت لزوجته سارة جارية اسمها هاجر فوهبتها من ابراهيم فلما ولدت له إسماعيل غارت سارة وحلفته ان يخرجهما من ارض الشام الى موضع ليس فيه ماء ولا عمارة فتأمل ابراهيم فى ذلك كما قال الكاشفى [خليل متأمل شد وجبرائيل وحي آورد كه هر چهـ ساره ميكويد چنان كن پس ابراهيم ببراقى نشسته وهاجر وإسماعيل را سوار كرده باندك زمانى از شام بزمين حرم آمد] فلما أخرجهما الى ارض مكة جاء بها وبابنها وهى ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى أعلى المسجد ولم يكن بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ووضع عندها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم عاد متوجها الى الشام فتبعته أم إسماعيل وجعلت تقول له الى من تكلنا فى هذا البلقع وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت آلله أمرك بهذا بان تسكننى وولدي فى هذا البلقع فقال ابراهيم نعم قالت إذا لا يضيعنا فرضيت ورجعت الى ابنها ومضى ابراهيم حتى إذا استوى على ثنية كداء وهو كسماء جبل بأعلى مكة اقبل على الوادي اى استقبل بوجهه نحو البيت ورفع يديه فقال رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ الآية وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتأكل التمر وتشرب الماء فنفد التمر والماء فعطشت هى وابنها فجعل يتلبط فذهبت عنه لئلا تراه على تلك الحالة فصعدت الصفا تنظر لترى أحدا فلم تر ثم نزلت أسفل الوادي ورفعت طرف درعها ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى أتت المروة وقامت عليها ونظرت لترى أحدا فلم تر فعلت ذلك سبع مرات فلذلك سعى الناس بينهما بعد الطواف سبع مرات فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فاذا هى بالملك عند موضع زمزم فبحث اى حفر بجناحه حتى ظهر الماء قال الكاشفى [چشمه زمزم بر كف جبريل يا بأثر قدم إسماعيل پديد آمد] فجعلت تحوضه بيدها وتغرف من الماء لسقائها وهو يفور بعد ما تغرف قال صلى الله عليه وسلم (رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم) او قال (لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا) اى جارية ظاهرة على وجه الأرض فشربت وأرضعت ولدها فقال الملك لا تخافوا الضيعة فان هاهنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيغ اهله كما فى تفسير الشيخ قال فى الإرشاد وأول آثار هذه الدعوة ما روى انه مرت رفقة من جرهم تريد الشام وهم قبيلة من اليمن فرأوا الطير تحوم على الجبل فقالوا لا طير الا على الماء فقصدوا إسماعيل وهاجر فرأوهما وعندهما عين ماء فقالوا اشركينا فى مائك نشركك فى ألباننا ففعلت وكانوا معها الى ان شب إسماعيل وماتت هاجر فتزوج إسماعيل منهم كما هو المشهور قال الكاشفى [قبيله جرهم آنجا داعيه اقامت نمودند وروز بروز شوق مردم بران جانب در تزايدست وفى التأويلات النجمية قوله إِنِّي أَسْكَنْتُ الآية يشير الى محمد صلى الله عليه وسلم فانه كان من ذريته وكان فى صلب إسماعيل فتوسل بمحمد صلى الله عليه وسلم الى الله تعالى فى اعانة هاجر وإسماعيل يعنى ان ضيعت إسماعيل ليهلك فقد ضيعت محمدا وأهلكته

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 38 إلى 43]

بيشتر از آمدن زربكان ... سكه تو بود بعالم عيان رَبَّنا [اى پروردگار ما] إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ من الحاجات وغيرها ومقصده ان اظهار هذه الحاجات ليس لكونها غير معلومة لك بل انما هو لاظهار العبودية والافتقار الى رحمتك والاستعجال لنيل أياديك جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار وَما يَخْفى دائما إذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى عَلَى اللَّهِ علام الغيوب مِنْ للاستغراق شَيْءٍ ما فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ لانه العالم بعلم ذاتى تستوى نسبته الى كل معلوم آنچهـ پيدا وآنچهـ پنهانست ... همه با دانش تو يكسانست لا عارضى ولا كسبى ليختص بمعلوم دون معلوم كعلم البشر والملك تلخيصه لا يخفى عليك شىء ما فى مكان فافعل بنا ما هو مصلحتنا فالظرف متعلق بيخفى او شىء ما كائن فيهما على انه صفة لشئ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ على هاهنا بمعنى مع وهو فى موقع الحال اى وهب لى وانا كبير آيس من الولد قيد الهبة بحال الكبر استعظاما للنعمة وإظهارا لشكرها لان زمان الكبر زمان العقم إِسْماعِيلَ سمى إسماعيل لان ابراهيم كان يدعو الله ان يرزقه ولدا ويقول اسمع يا ايل وايل هو الله فلما رزق به سماه به كما فى معالم التنزيل وقال فى انسان العيون معناه بالعبرانية مطيع الله روى انه ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة وَإِسْحاقَ اسمه بالعبرانية الضحاك كما فى انسان العيون روى انه ولد له إسحاق وهو ابن مائة وثنتى عشرة سنة وإسماعيل يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة إِنَّ رَبِّي ومالك امرى لَسَمِيعُ الدُّعاءِ اى لمجيبه من قولهم سمع الملك كلامه إذا اعتد به وفيه اشعار بانه دعا ربه وسأل منه الولد كما قال رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فاجابه ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه ليكون من أجل النعم وأجلاها رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ معدّ لا لها من أقمت العود إذا قومته او مواظبا عليها من قامت السوق إذا نفقت اى راجت او مؤديا لها والاستمرار يستفاد من العدول من الفعل الى الاسم حيث لم يقل اجعلنى أقيم الصلاة وَمِنْ ذُرِّيَّتِي اى وبعض ذريتى عطف على المنصوب فى اجعلنى وانما بعض لعلمه باعلام الله تعالى واستقرار عادته فى الأمم الماضية ان يكون فى ذريته كفار وهو يخالف قوله وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ والاشارة فى اقامة الصلاة الى ادامة العروج فان الصلاة معراج المؤمن وبه يشير الى دوام السير فى الله بالله رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ واستجب دعائى هذا المتعلق باجعلنى وجعل بعض ذريتى مقيمى الصلاة ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الأصنام ولذلك جيئ بضمير الجماعة رَبَّنَا اغْفِرْ لِي اى ما فرط منى من ترك الاولى فى باب الدين وغير ذلك مما لا يسلم منه البشر وَلِوالِدَيَّ وهذا الاستغفار منه انما كان قبل تبين الأمر له عليه السلام. يعنى [قبل از نهى بوده وهنوز يأس از ايمان ايشان نداشت] قال فى الكواشي استغفر لابويه وهما حيان طمعا فى هدايتهما أو أن امه أسلمت فاراد اسلام أبيه وذلك انهم

صرحوا بان امه كانت مؤمنة ولذا قرأ بعضهم ولوالدتى وقال الحافظ السيوطي يستنبط من قول ابراهيم رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وكان ذلك بعد موت عمه بمدة طويلة ان المذكور فى القرآن بالكفر والتبري من الاستغفار له اى فى قوله وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ هو عمه لا أبوه الحقيقي والعرب تسمى العم أبا كما تسمى الخالة امّا قال فى حياة الحيوان فى الحديث (يلقى ابراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم اقل لك لا تعص فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتني ان لا تخزيني يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ابى ان يكون فى النار فيقول الله تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا هو بذيخ متلطخ والذيخ بكسر الذال ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمه ويلقى فى النار والحكمة فى كونه مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع لما كان يغفل عما يجب التيقظ له وصف بالحمق فلما لم يقبل آزر النصيحة من اشفق الناس عليه وقبل خديعة عدوه الشيطان أشبه الضبع الموصوفة بالحمق لان الصياد إذا أراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك ولان آزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد الله إكرام ابراهيم بجعل أبيه على هيئة متوسطة قال فى المحكم يقال ذيخته اى ذللته فلما خفض ابراهيم له جناح الذل من الرحمة لم يحشر بصفة الذل يوم القيامة انتهى كلام الامام الدميري فى حياة الحيوان وَلِلْمُؤْمِنِينَ كافة من ذريته وغيرهم واكتفى بذكر مغفرة المؤمنين دون مغفرة المؤمنات لانهن تبع لهم فى الاحكام وللايذان باشتراك الكل فى الدعاء بالمغفرة جيئ بضمير الجماعة وفى الحديث (من عمم بدعائه المؤمنين والمؤمنات استجيب له) فمن السنة ان لا يختص نفسه بالدعاء قال فى الاسرار المحمدية اعلم انه يكره للامام تخصيص نفسه بالدعاء بان يذكر ما يذكر على صيغة الافراد لاعلى صيغة الجمع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فان فعل فقد خانهم) رواه ثوبان بل الاولى ايضا ان كان منفردا ان يأتى بصيغة الجمع فينوى نفسه وآباءه وأمهاته وأولاده وإخوانه وأصدقاءه المؤمنين الصالحين فيعممهم بالدعاء وينالهم بركة دعائه وينال الداعي بركات هممهم وتوجههم بأرواحهم اليه- روى- عن السلف بل عن النبي صلى الله عليه وسلم ان يصيبه بعدد كل مؤمن ومؤمنة ذكره حسنة يعنى ان نواه بقلبه حين دعائه فهكذا افهم واعمل فى جميع دعواتك انتهى كلام الاسرار يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ اى يثبت ويتحقق محاسبة اعمال المكلفين على وجه العدل استعير له من ثبوت القائم على الرجل بالاستقامة ومنه قامت الحرب على ساق وفى التأويلات رَبَّنَا اغْفِرْ لِي اى استرني وامحنى بصفة مغفرتك لئلا ارى وجودى فانه حجاب بينى وبينك خمير مايه هر نيك وبد تويى جامى ... خلاص از همه مى بايدت ز خود بگريز وَلِوالِدَيَّ اى ولمن كان سبب وجودى من آبائي العلوي وأمهاتي اسفلى لكيلا يحجبونى وعن رؤيتك لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ وهو يوم كان فى حساب الله فى الأزل يقوم

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 إلى 43]

لكمالية كل نفس او نقصانيته انتهى يقول الفقير دعا ابراهيم عليه السلام بالمغفرة وقيدها بيوم القيامة لان يوم القيامة آخر الأيام والخلاص فيه من المحاسبة والمناقشة يؤدّى الى نجاة الابد والفوز بالدرجات لانه ليس بعد التخلية بالمعجمة الا التحلية بالمهملة فقدّم الأهم والأصل ولشدة هذا اليوم قال الفضيل بن عياض رحمه الله انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى اهوال القيامة وشدائدها قال ابو بكر الواسطي، رحمه الله الدول ثلاث دولة فى الحياة ودولة عند الموت ودولة يوم القيامة. فاما دولة الحياة فبان يعيش فى طاعة الله. ودولة الموت بان تخرج روحه مع شهادة ان لا اله الا الله. واما دولة النشر فحين يخرج من قبره فيأتيه البشير بالجنة جعلنا الله وإياكم من اهل هذه الدول الثلاث التي لا دولة فوقها فى نظر اهل السعادة والعناية وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ الحسبان بالكسر بمعنى الظن والغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور والظالمون اهل مكة وغيرهم من كل اهل شرك وظلم وهو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه تعالى كذلك نحو قوله تعالى وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مع ما فيه من الإيذان لكونه واجب الاحتراز عنه فى الغاية حتى نهى من لا يمكن تعاطيه. والمعنى دم على ما كنت عليه من عدم حسبانه تعالى غافلا عن أعمالهم ولا تحزن بتأخير ما يستوجبونه من العذاب الأليم إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تعليل للنهى اى لا يؤخر عذابهم الا لاجل يوم هائل تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ترتفع فيه أبصار اهل الموقف اى تبقى أعينهم مفتوحة لا تتحرك اجفانهم من هول ما يرونه يعنى ان تأخيره للتشديد والتغليظ لا للغفلة عن أعمالهم ولا لاهمالهم يقال شخص بصر فلان كمنع وأشخصه صاحبه إذا فتح عينيه ولم يطرف بجفنيه مُهْطِعِينَ حال مقدرة من مفعول يؤخرهم اى مسرعين الى الداعي مقبلين عليه بالخوف والذل والخشوع كاسراع الأسير والخائف. وبالفارسية [بشتابند بسوى اسرافيل كه ايشانرا بعرصه محشر خواند] يقال اهطع البعير فى السير إذا اسرع مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ اى رافعيها مع ادامة النظر من غير التفات الى شىء قال فى تهذيب المصادر الاقناع ان يرفع رأسه ويقبل بطرفه الى ما بين يديه وعن الحسن وجوه الناس يوم القيامة الى السماء لا ينظر أحد الى أحد لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ لا يرجع إليهم تحريك اجفانهم حسب ما يرجع إليهم كل لحظة بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف اى لا تضم وفى الكواشي اصل الطرف تحريك الجفون فى النظر ثم سميت العين طرفا مجازا والمعنى انهم لا يلتفتون ولا ينظرون مواقع أقدامهم لما بهم انتهى وَأَفْئِدَتُهُمْ قلوبهم هَواءٌ خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهش كأنها نفس الهواء الخالي عن كل شاغل وفى الكواشي تلخيصه الابصار شاخصة والرؤوس مقنعة والقلوب فارغة زائلة لهول ذلك اليوم ثبتك الله وإيانا فيه والآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزية للمظلوم وتهديد للظالم قال احمد بن حضرويه لو اذن لى فى الشفاعة ما بدأت الا بظالمى قيل له وكيف قال لانى نلت به ما لم انله بوالدي قيل وما ذاك قال تعزية الله فى قوله وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ: وفى المثنوى

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 44 إلى 46]

آن يكى واعظ چوبر تخت آمدى ... قاطعان راه را داعى شدى دست بر مى داشت يا رب رحم ران ... بر بدان ومفسدان وطاغيان بر همه تسخر كنان اهل خير ... بر همه كافر دلان واهل دير او نكردى آن دعا بر اصفيا ... مى نكردى جز خبيثانرا دعا مرو را گفتند كين معهود نيست ... دعوت اهل ضلالت جود نيست كفت نيكويى أزينها ديده ام ... من دعاشان زين سبب بگزيده ام خبث وظلم وجور چندان ساختند ... كه مرا از شر بخير انداختند هر كهى كه رو بدنيا كرد مى ... من ازيشان زخم وضربت خوردمى كردمى از زخم آن جانب پناه ... باز آوردند مى كركان براه چون سبب ساز صلاح من شدند ... پس دعاشان بر منست اى هوشمند وفى الكواشي واستدل بعضهم على قيام الساعة بموت المظلوم مظلوما قالوا وجد على جدار الصخرة نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم قال السعدي قدس سره نخفتست مظلوم از آهش بترس ... زدود دل صبحكاهش بترس نترسى كه پاك اندرونى شبى ... بر آرد سوز جكر يا ربى نمى ترسى از كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد والاشارة وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا اى فى الأزل عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ اليوم يعنى كل عمل يعمله الظالمون لم يكن الله غافلا عنه فى الأزل بل كل ذلك كان بقضائه وقدره وإرادته مبنيا على حكمته البالغة جعل سعادة اهل السعادة وشقاوة اهل الشقاوة مودعة فى أعمالهم والأعمال مودعة فى أعمارهم ليبلغ كل واحد من الفرقتين على قدمى أعمالهم الشرعية والطبيعية الى منزل من منازل السعداء ومنزل من منازل الأشقياء يوم القيامة فلذا اخر الظالمين ليزدادوا اثما يبلغهم منازل الأشقياء وَأَنْذِرِ النَّاسَ اى خوفهم جميعا يا محمد يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ اى من يوم القيامة او من يوم موتهم فانه أول ايام عذابهم حيث يعذبون بالسكرات وهذا الانذار للكفرة أصالة وللمؤمنين تبعية وان لم يكونوا معذبين فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم بالشرك والتكذيب رَبَّنا أَخِّرْنا ردنا الى الدنيا وأمهلنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ الى أمد وحدّ من الزمان قريب قال سعدى المفتى لعل فى النظم تضمينا والتقدير ردنا الى ذى أجل قريب اى قليل وهو الدنيا مؤخرا عذابنا وقال الكاشفى [عذاب ما را تأخير كن وما را بدنيا فرست ومهلت ده تا مدتى نزديك او] اخر آجالنا وابقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك نُجِبْ دَعْوَتَكَ جواب للامر اى الدعوة إليك والى توحيدك وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ فيما جاؤنا به اى نتدارك ما فرطنا فيه من اجابة الدعوة واتباع الرسل أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ على إضمار القول عطفا على فيقول اى فيقال لهم توبيخا وتبكيتا

[سورة إبراهيم (14) : آية 45]

ألم تؤخروا فى الدنيا ولم تكونوا أقسمتم اى حلفتم إذ ذاك بألسنتكم تكبرا وغرورا ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ مما أنتم عليه من التمتع جواب للقسم او بألسنة الحال حيث بنيتم شديدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال عن هذه الحال وفيه اشعار بامتداد زمان التأخير وما لكم من زوال من هذه الدار الى دار اخرى للجزاء فالاول مبنى على انكار الموت والثاني على انكار البعث وفى التأويلات النجمية يشير به الى التناسخية فانهم يزعمون ان لازوال لهم ولا للدنيا بان واحدا منهم إذا مات انتقل روحه الى قالب آخر فاراد بهذا الجواب ان لو رجعناكم الى الدنيا لتحقق عندكم مذهب التناسخ وما أقسمتم من قبل على انه ما لكم من زوال قال فى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتي بين الروح والجسد وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالشرك والمعاصي كعاد وثمود غير محدثين لانفسكم بما لقوا من العذاب بسبب ما اكتسبوا من السيئات وَتَبَيَّنَ لَكُمْ بمشاهدة الآثار وتواتر الاخبار كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ من الإهلاك والعقوبة بما فعلوا من الظلم والفساد وليس الجملة فاعلا لتبين لان الاستفهام له صدر الكلام ولان كيف لا يكون الا ظرفا او خبرا او حالا بل فاعله ما دلت هى عليه دلالة واضحة اى فعلنا العجيب بهم وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ اى بينالكم فى القرآن العظيم صفات ما فعلوا وما فعل بهم من الأمور التي هى فى الغرابة كامثال المضروبة لكل ظالم لتعتبروا بها وتقيسوا أعمالكم على أعمالهم ومآلكم على مآلهم وتنتقلوا من حلول العذاب العاجل الى حلول العذاب الآجل فترتدعوا عما كنتم فيه من الكفر والمعاصي يعنى انكم سمعتم هذا كله فى الدنيا فلم تعتبروا فلو رجعتم بعد هذا اليوم لا ينفعكم الموعظة ايضا: وفى المثنوى قصه آن آبگيرست اى عنود ... كه در اوسه ماهئ اشكرف بود چند صيادى سوى آن آبگير ... بر كذشتند وبديدند آن ضمير پس شتابيدند تا دام آورند ... ماهيان واقف شدند وهوشمند آنكه عاقل بود عزم راه كرد ... عزم راه مشكل ناخواه كرد كفت با اينها ندارم مشورت ... كه يقين شستم كنند از مقدرت مهرزاد وبود بر جانشان تند ... كاهلى وحمقشان بر من زند مشورت را زنده بايد نكو ... كه ترا زنده كند آن زنده كو اى مسافر با مسافر رأى زن ... زانكه پايت بسته دارد رأى زن از دم حب الوطن بگذر مأيست ... كه وطن آن سوست جان اين سوى نيست كفت آن ماهئ زيرك ره كنم ... دل ز رأى ومشورتشان بر كنم نيست وقت مشورت هين راه كن ... چون على تو آه اندر چاه كن شب رو پنهان روى كن چون عسس ... سوى دريا عزم كن زين آبگير محرم آن آه كميابست وبس ... بحر جو وترك اين كرداب كير سينه را پاساخت مى رفت آن حذور ... از مقام با خطر تا بحر نور

[سورة إبراهيم (14) : آية 46]

همچوآهو كز پى او سك بود ... مى دود تا در تنش يكرك بود خواب خركوش وسك اندر پى خطاست ... خواب خود در چشم ترسنده كجاست رنجها بسيار ديد وعاقبت ... رفت آخر سوى أمن وعافيت خويشتن افكند در درياى ژرف ... كه نيابد حد آن را هيچ طرف پس چوصيادان بياوردند دام ... نيم عاقل را از آن شد تلخ كام كفت آه من فوت كردم فرصه را ... چون نكشتم همره آن رهنما بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست كفت ماهئ دكر وقت بلا ... چونكه ماند از سايه عاقل جدا كو سوى دريا شد واز غم عتيق ... فوت شد از من چنان نيكو رفيق ليك زان ننديشم وبر خود زنم ... خويشتن را اين زمان مرده كنم پس بر آرم اشكم خود بر زبر ... پشت زيرم مى روم بر آب بر مى روم برى چنانكه خس رود ... نى بسباحى چنانكه كس رود مرده كردم خويش وبسپارم بآب ... مرك پيش از مرك امنست وعذاب همچنان مرد وشكم بالا فكند ... آب مى بردش نشيب وكه بلند هر يكى زان قاصدان غصه بس برد ... كه دريغا ماهئ بهتر بمرد پس كرفتش يك صياد ارجمند ... پس برو تف كرد وبر خاكش فكند غلط وغلطان رفت پنهان اندر آب ... ماند آن أحمق همى كرد اضطراب دام افكندند اندر دام ماند ... احمقى او را در ان آتش فشاند بر سر آتش بيشت تابه ... با حماقت كشته او همخوابه او همى جوشيد از تف سعير ... عقل مى كفتش ألم يأتك نذير او همى كفت از شكنجه وز بلا ... همچوجان كافران قالوا بلى باز مى كفتى كه اگر اين بار من ... وارهم زين محنت كردن شكن من نسازم جز بدريايى وطن ... آبگيري را نسازم من سكن آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود مى كند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا مى زند فينبغى للمؤمن ان يكثر ذكر الموت فانه لاغنية للمؤمن عن ست خصال. أولاها علم يدله على الآخرة. والثانية رفيق يعينه على طاعة الله ويمنعه عن معصية الله. والثالثة معرفة عدوه والحذر منه. والرابعة عبرة يعتبربها. والخامسة انصاف الخلق لكيلا تكون له يوم القيامة خصماء. والسادسة الاستعداد للموت قبل نزوله لكيلا يكون مفتضحا يوم القيامة وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ اى فعلنا بالذين ظلمو ما فعلنا والحال انهم قد مكروا فى ابطال الحق وتقرير الباطل مكرهم العظيم الذي استفرغوا فى عمله المجهود وجاوزوا فيه كل حد معهود بحيث لا يقدر عليه غيرهم والمكر الخديعة وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ اى جزاء مكرهم الذي فعلوه

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 إلى 52]

وَإِنْ وصلية كانَ مَكْرُهُمْ فى العظم والشدة لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ مسوى لازالة الجبال عن مقارّها معدا لذلك قال فى الإرشاد اى وان كان مكرهم فى غاية المتانة والشدة وعبر عن ذلك بكونه مسوى ومعدا لذلك لكونه مثلا فى ذلك فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ بتعذيب الظالمين ونصر المؤمنين وأصله مخلف رسله وعده وقدم المفعول الثاني اعلاما بان لا يخلف وعده أحدا فكيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والمعنى دم على ما كنت عليه من اليقين بعدم اخلافنا رسلنا وعدنا إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب لا يماكر قادر لا يدافع ذُو انتِقامٍ لاوليائه من أعدائه قال فى القاموس انتقم منه عاقبه [ودر معالم از مرتضى على رضى الله عنه نقل ميكند كه اين آيت در قصه نمرود جبار است كه چون سلامت ابراهيم از آتش مشاهده كرد كفت بزرك خدايى دارد ابراهيم كه او را از آتش رهانيد من خواهم كه بر آسمان روم واو را به بينم اشراف مملكت كفتند كه آسمان بغايت مرتفع است وبدو رفتن با آسانى ميسر نشود نمرود نشنيد وفرمود تا صرحى سازند در سه سال بغايت بلند كه ارتفاع آن پنجهزار كز بود ودو فرسخ عرض آن بود و چون بر آنجا رفت آسمان را همچنان ديد كه در زمين ميديد روز ديكر آن بنا بنهاد وبادى مهيب بوزيد وآن بنا را از بيخ وبنياد بكند و چون آن صرح از پاى در آمد وخلق بسيار هلاك شد نمرود خشم كرفت وكفت بر آسمان روم وبا خداى ابراهيم كه مناره مرا بيفكند جنك كنم پس چهار كركس پرورش داد تا قوت تمام كرفتند وصندوقى چهار كوشه ساخت ودو در يكى فوقانى وديكرى تحتانى در راست كرد بر چهار طرف او چهار نيزه كه زير وبالا توانستى شد تعبيه نمود پس كركسانرا كرسنه داشتند و چهار مردار بر سر نيزها كرده أطراف صندق را بر تن كركسان بستند ايشان از غايت جوع ميل ببالا كرده جانب مردار پرواز نمودند وصندوق را كه نمرود با يك تن در آنجا بود بهوا بعد از شبانروزى نمرود در فوقانى كشاده آسمان را بر همان حال ديد كه بر زمين ميديد رفيق را كفت تا در تحتانى بگشاد كفت بنكر تا چهـ مى بينى آنكس نكاه كرد وجواب داد كه غير آب چيزى ديكر نمى بينم بعد از شبانروزى ديكر كه باب فوقانى بگشاد همان حال بود كه روز سابق مشاهده نمود ورفيق كه باب تحتانى بگشود بجز دود وتاريكى چيزى مشهود نبود نمرود بترسيدى] فنودى ايها الطاغي اين تريد قال عكرمة كان معه فى التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب فرمى بسهم فعاد اليه السهم متلطخا بدم سمكة قذفت نفسها من بحر فى الهواء وقيل طائر أصابه السهم فقال كفيت شغل اله السماء ثم امر نمرود صاحبه ان يصوب الخشبات وينكس اللحم ففعل فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال هفيف التابوت والنسور ففزعت فظنت انه قد حدث حادث فى السماء وان الساعة قد قامت فكادت تزول عن أماكنها وهو المراد من مكرهم يقال ان نمرود أول من تجبر وقهر وسن سنن السوء وأول من لبس التاج فاهلكه الله ببعوضة دخلت فى خياشيمه فعذب بها أربعين يوما ثم مات

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 48 إلى 49]

سوى او خصمى كه تير انداخته ... پشه كارش كفايت ساخته وفى المثنوى اى خنك انرا كه ذلت نفسه ... واى آن كز سركشى شد چون كه او «1» بندگئ او به از سلطانى است ... كه انا خير دم شيطانى است «2» فرق بين وبر كزين تو اى جليس ... بندگئ آدم از كبر بليس ايها المؤمنون اين الأنبياء والمرسلون واين الأولياء المقربون واين الملوك الماضية والجبارون المتكبرون ما لكم لا تنظرون إليهم ولا تعتبرون فاجتهدوا فى الطاعات ان كنتم تعقلون واتقوا يوم ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ اى اذكر يوم تبدل هذه الأرض المعروفة أرضا اخرى غير معرفة وتبدل السموات غير السموات ويكون الحشر وقت التبديل عند الظلمة دون الجسر او يكون الناس على صراط كما روى عن عائشه رضى الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل تذكرون أهاليكم يوم القيامة قال (اما عند مواطن ثلاثة فلا عند الصراط والكتاب والميزان) قالت قلت يا رسول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض اين الناس يومئذ قال (سألتنى عن شىء ما سألنى أحد قبلك الناس يومئذ على الصراط) والتبديل قد يكون فى الذات كما بدلت الدراهم دنانير وقد يكون فى الصفات كما فى قولك بدلت الحلقة خاتما إذا اذبتها وغيرت شكلها والآية تحتملهما نقل القرطبي عن صاحب الإفصاح ان الأرض والسماء تبدلان مرتين المرة الاولى تبدل صفتهما فقط وذلك قبل نفخة الصعق فتتناثر كواكبها وتخسف الشمس والقمر اى يذهب نورهما ويكون مرة كالدهان ومرة كالمهل وتكشف الأرض وتسير جبالها فى الجو كالسحاب وتسوى أوديتها وتقطع أشجارها وتجعل قاعا صفصفا اى بقعة مستوية والمرة الثانية تبدل ذاتهما وذلك إذا وقفوا فى المحشر فتبدل الأرض بأرض من فضة لم يقع عليها معصية وهى الساهرة والسماء تكون من ذهب كما جاء عن على رضى الله عنه والاشارة تبدل ارض البشرية بأرض القلوب فتضمحل ظلماتها بانوار القلوب وتبدل سموات الاسرار بسموات الأرواح فان شموس الأرواح إذا تجلت لكواكب الاسرار انمحت أنوار كواكبها بسطوة أشعة شموسها بل تبدل ارض الوجود المجازى عند اشراق تجلى أنوار الربوبية بحقائق أنوار الوجود الحقيقي كما قال وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَبَرَزُوا اى خرج الخلائق من قبورهم لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ اى لمحاسبته ومجازاته وتوصيفه بالوصفين للدلالة على ان الأمر فى غاية الصعوبة كقوله لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ فان الأمر إذا كان لواحد غلاب لا يغالب فلا مستغاث لاحد الى غيره ولا مستجار يقول الفقير سمعت شيخى وسندى قدس سره وهو يقول فى هذه الآية هذا ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى قال فى المفاتيح القهار هو الذي لا موجود الا وهو مقهور تحت قدرته مسخر لقضائه عاجز فى قبضته وقيل هو الذي أذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالإهلاك وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ اى يوم هم بارزون مُقَرَّنِينَ حال من المجرمين قرن بعضهم مع بعض بحسب مشاركتهم

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان تزيف سخن هامان إلخ [.....] (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه عقل جزوى تا بكور پيش إلخ

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 50 إلى 52]

فى العقائد الفاسدة او قرنوا مع الشياطين الذين أغووهم او قرنت أيديهم وأرجلهم الى رقابهم بالاغلال فِي الْأَصْفادِ متعلق بمقرنين اى يقرنون فى الأصفاد وهى القيود كما فى القاموس جمع صفد محركة وأصله الشد يقال صفدته إذا شددنه شدا وثيقا سَرابِيلُهُمْ اى قمصانهم جمع سربال مِنْ قَطِرانٍ هو عصارة الأبهل والارز ونحوهما قال فى التفاسير هو ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بحدته وقد تصل حرارته الى الجوف وهوا سود منتن يسرع فيه اشتعال النار يطلى به جلود اهل النار يعود طلاؤه لهم كالسرابيل ليجتمع عليهم الألوان الاربعة من العذاب لذع القطران وحرقته واسراع النار فى جلودهم واللون الموحش ونتن الريح على ان التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين فانه ورد (وان ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم) وقس عليها القطران ونعوذ بالله من عذابه كله فى الدنيا والآخرة وما بينهما وقال فى التبيان القطران فى الآخرة ما يسيل من أبدان اهل النار وعن يعقوب مِنْ قَطِرانٍ والقطر النحاس او الصفر المذاب والآنى المتناهي حره وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ اى تعلوها وتحيط بها النار التي تمس جلدهم المسربل بالقطران لانهم لم يتوجهوا بها الى الحق ولم يستعملوا فى تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت فيها لاجله كما تطلع على افئدتهم لانها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات وفى بحر العلوم الوجه يعبر به عن الجملة والذات مجازا وهو ابلغ من الحقيقة اى وتشملهم النار وتلبسهم لان خطاياهم شملتهم من كل جانب فجوزوا على قدرها حتى الإصرار والاستمرار لِيَجْزِيَ اللَّهُ متعلق بمضمر اى يفعل بهم وذلك ليجزى كُلَّ نَفْسٍ مجرمة ما كَسَبَتْ من انواع الكفر والمعاصي جزاء موافقا لعملها إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ إذ لا يشغله حساب عن حساب فيتمه فى اعجل ما يكون من الزمان فيوفى الجزاء بحسبه او سريع المجيء يأتى عن قريب وفى التأويلات وترى المجرمين وهم أرواح أجرموا إذا تبعوا النفوس ووافقوها فى طلب الشهوات والاعراض عن الحق يومئذ اى يوم التجلي مقيدين فى النفوس بقيود صفاتها الذميمة الحيوانية ولا يستطيعون للبروز والخروج لله سرابيلهم من قطران المعاصي وظلمات النفوس وهم محجوبون بها عن الله وتغشى وجوههم نار الحسرة والقطيعة والحرمان ليجزى الله كل نفس اى كل روح بما كسبت من صحبة النفس وموافقتها ان الله سريع الحساب اى يحاسب الأرواح بالسرعة فى الدنيا ويجزيهم بما كسبوا فى متابعة النفوس من العمى والصمم والجهل والغفلة والبعد وغير ذلك من الآفات قبل يوم القيامة هذا القرآن بما فيه من فنون العظات والقوارع بَلاغٌ لِلنَّاسِ كفاية لهم فى الموعظة والتذكير قال فى القاموس البلاغ كسحاب الكفاية وَلِيُنْذَرُوا بِهِ عطف على مقدر واللام متعلقة بالبلاغ اى كفاية لهم فى ان ينصحوا وينذروا به وفى التأويلات اى لينتبهوا بهذا البلاغ قبل المفارقة عن الأبدان فينتفعوا به فان الانتباه بالموت لا ينفع وَلِيَعْلَمُوا بالتأمل فيما فيه من الآيات أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [آنكه اوست خداى يكتا] اى لا شريك له فيعبدوه ولا يعبدوا الها غيره من الدنيا والهوى والشيطان وما يعبدون من دون الله وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ

اى لتذكروا ما كانوا يعملون من قبل من التوحيد وغيره من شؤون الله ومعاملته مع عباده فيرتدعوا عما يرديهم من الصفات التي يتصف بها الكفار ويتدرعوا بما يحصنهم من العقائد الحقة والأعمال الصالحة قال البيضاوي اعلم انه سبحانه ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد هى الغاية والحكمة فى إنزال الكتب تكميل الرسل للناس واستكمال القوة النظرية التي منتهى كما لها التوحيد واستصلاح القوة العملية التي هو التدرع بلباس التقوى قال فى بحر العلوم وليذكر أولوا الألباب اى وليتعظ ذووا العقول فيختاروا الله ويتقوه فى المحافظة على أوامره ونواهيه وبذلك وصى جميع اولى الألباب من الأولين والآخرين قال الله تعالى وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ويكفيهم ذلك عظة ان اتعظوا والعقول فى ذلك متفاوتة فيجزى كل أحد منهم على قدر عقله قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر إليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج والخدام من النور أعدها الله للعاقلين فاذا ميز الله اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم فيتفلوتون فى الدرجات كما بين مشارق الأرض ومغاربها بألف ضعف) يقول الفقير أشير بالعقلاء هاهنا الى من اختاروا الله على غيره وان كانوا متفاوتين فى مراتبهم بحسب تفاوت عقولهم وعلومهم بالله وهم المرادون فيما ورد (اكثر اهل الجنة البله) والعقلاء فى عليين فالابله وهو من اختار الجنة ونعميها دون من اختار الله وقربه فى المرتبة فانه العابد بالمعاملات الشرعية وهذا العارف بالاسرار الالهية والعارف فوق العابد ألا ترى ان مقامه من نور ومقام العابد من الجوهر والنور فوق الجوهر فى اللطافة: قال الكمال الخجندي نيست ما را غم طوبى وتمناى بهشت ... شيوه مردم نا اهل بود همت پست وقال المولى الجامى يا من ملكوت كل شىء بيده ... طوبى لمن ارتضاك ذخرا لغده اين پس كه دلم جز تو ندارد كامى ... تو خواه بده كام دلم خواه مده جعلنا الله ممن اختاره على غيره فى المحافظة على حدوده واتعظ بموعظته ونصيحته وخلص له امر محياه ومماته ورزقنا الفوز بشرف عفوه ومرضاته برسوله محمد وعترته الطيبين الطاهرين آمين تمت سورة ابراهيم بعون الله الكريم صبيحة اليوم الاول من ذى الحجة من سنة ثلاث ومائة والف

تفسير سورة الحجر

الجزء الرابع عشر من الاجزاء الثلاثين تفسير سورة الحجر وهى مكية وآيها تسع وتسعون كما فى التفاسير الشريفة بسم الله الرحمن الرحيم الر اسم للسورة وعليه الجمهور اى هذه السورة مسماة بالر وقال الكاشفى (علما را در حروف مقطعه أقاويل بسيارست جمعى بر آنند كه مطلقا در باب آن سخن گفتن سلوك سبيل جرأتست. ودر ينابيع آورده كه فاروق را از معنى اين حروف پرسيدند فرمودند اگر در وى سخن گويم متكلف باشم وحق تعالى پيغمبر خود را فرموده كه بگو وما انا من المتكلفين] يقول الفقير انما عد حضرة الفاروق رضى الله عنه المقال فيه من باب التكلف لا من قبيل ما يعرف بالذوق الصحيح والمشرب الشافي واللسان قاصر عن إفادة ما هو كذلك على حقيقته لانه ظرف الحروف والألفاظ لا ظرف المعاني والحقائق ولا مجال له لكونه منتهيا مقيدا ان يسع فيه ما لا نهاية له وفيه اشعار بان الكلام فيه ممكن فى الجملة. واما قول من قال ان هذه الحروف من اسرار استأثر الله بعلمها ففى حق القاصرين عن فهم حقائق القرآن والخالين عن ذوق هذا الشأن وعلم عالم المشاهدة والعيان والا فالذى استأثر الله بعلمه انما هى الممتنعات وهى ما لم يشم رائحة الوجود بل بقي فى غيب العلم المكنون بخلاف هذه الحروف فانها ظهرت فى عالم العين وما هو كذلك لا بد وان يتعلق به علم الأكملين لكونه من مقدوراتهم فالفرق بين علم الخالق والمخلوق ان علم الخالق عام شامل بخلاف علم المخلوق فافهم هداك الله [وبعضى گويند هر حرفى اشارت باسميست چنانچهـ در الر الف اشارت باسم الله است ولام باسم جبريل ورا باسم حضرت رسول صلى الله عليه وسلم اين كلام از خداى تعالى بواسطه جبريل برسول رسيده] تِلْكَ السورة العظيمة الشأن آياتُ الْكِتابِ الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب على الإطلاق على ما يدل عليه اللام اى بعض من جميع القرآن او من جميع المنزل إذ ذاك او آيات اللوح المحفوظ وَقُرْآنٍ عظيم الشأن مُبِينٍ مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والمصالح او لسبيل الرشد والغى او فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام فهو من ابان المتعدى ويمكن ان يجعل من اللازم الظاهر امره فى الاعجاز او الواضحة معانيه للمتدبرين او البين للذين انزل عليهم لانه بلغتهم وأساليبهم وعطف القرآن على الكتاب من عطف احدى الصفتين على الاخرى اى الكلام الجامع بين الكتابية والقرآنية وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة تِلْكَ الى قوله الر اى كل حرف

[سورة الحجر (15) : الآيات 2 إلى 3]

من هذه الحروف حرف من آية من آياتُ الْكِتابِ وَهى قُرْآنٍ مُبِينٍ فالالف اشارة الى آية اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ واللام اشارة الى آية وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ والراء اشارة الى آية رَبَّنا ظَلَمْنا فالله تعالى اقسم بهذه الآيات الثلاث باشارة هذه الحروف الثلاثة ثم اقسم بجميع القرآن بقوله وَقُرْآنٍ مُبِينٍ رُبَما رب هاهنا للتكثير كما فى مغنى اللبيب. والمعنى بالفارسية اى بسا وقت كه يَوَدُّ يتمنى فى الآخرة الَّذِينَ كَفَرُوا بالقرآن وبكونه من عند الله لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ يعنى فى الدنيا مستسلمين لاحكام الله تعالى وأوامره ونواهيه ومفعول يود محذوف لدلالة لو كانوا مسلمين عليه اى يودون الإسلام على ان لو للتمنى حكاية لودادتهم فلا تقتضى جوابا وانما جيئ بها على لفظ الغيبة نظرا الى انهم مخبر عنهم ولو نظر الى الحكاية لقيل لو كنا مسلمين واما من جعل لو الواقعة بعد فعل يفهم منه معنى التمني حرفا مصدرية فمفعول يود عنده لو كانوا مسلمين على ان يكون الجملة فى تأويل المفرد وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة واجتمع اهل النار ومعهم من شاء الله من اهل القبلة قال الكفار لمن فى النار من اهل القبلة ألستم مسلمين فقالوا بلى قالوا فما اغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا فى النار قالوا كانت لنا ذنوب فاخذنا بها فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من اهل القبلة فى النار فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) وفى الحديث (لا يزال الرب يرحم ويشفع اليه حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فعند ذلك يتمنون الإسلام) اى يتمنونه أشد التمني ويودونه أشد الودادة وإلا فنفس الودادة ليست بمختصة بوقت دون وقت بل هى مستمرة فى كل آن يمر عليهم قبل دخول النار وبعده كما يدل عليه رب التكثيرية وقال بعضهم ربما يود الذين فسقوا لو كانوا مطيعين وربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين وربما يود الذين غفلوا لو كانوا ذاكرين اگر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى كه اى زنده چون هست إمكان گفت ... لب از ذكر چون مرده بر هم مخفت چوما را بغفلت بشد روزگار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار وقال عبد الله بن المبارك ما خرج أحد من الدنيا من مؤمن وكافر الا على ندامة وملامة لنفسه فالكافر لما يرى من سوء ما يجازى به والمؤمن لرؤية تقصيره فى القيام بموجب الخدمة وترك الحرمة وشكر النعمة وقال ابن العرجى الكفران هنا كفران النعمة ومعناه ربما يود الذين جهلوا نعم الله عندهم وعليهم ان لو كانوا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة يقول الفقير عبارة الكفر وان كانت شاملة لكفر الوحدة وكفر النعمة لكن الآية نص فى الاول ولا مزاحمة فى باب المعاني الثواني التي هى من قبيل الإشارات القرآنية والمدلولات المحتملة فعليك العمل بالكل فانه سلوك لخير السبل ذَرْهُمْ اى دع الكفار يا محمد عن النهى عماهم عليه بالتذكرة والنصيحة لا سبيل الى ارعوائهم عن ذلك والآية منسوخة بآية القتال كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [امر تهوين وتحقير است يعنى كافران در چهـ حسابند دست ازيشان بدار تا در دنيا] يَأْكُلُوا كالانعام وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم وشهواتها والمراد

[سورة الحجر (15) : آية 4]

دوامهم على ذلك لا احداثه فانهم كانوا كذلك وهما أمران بتقدير اللام لدلالة ذرهم عليه او جواب امر على التجوز لان الأمر بالترك يتضمن الأمر بهما اى دعهم وبالغ فى تخليتهم وشأنهم بل مرهم بتعاطى ما يتعاطون وَيُلْهِهِمُ اى يشغلهم عن اتباعك او عن الاستعداد للمعاد الْأَمَلُ التوقع لطول الأعمار وبلوغ الأوطار واستقامة الأحوال وان لا يلقوا فى العاقبة والمآل إلا خيرا: قال الصائب در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه قال فى بحر العلوم ان الأمل رحمة لهذه الامة لو لاه لتعطل كثير من الأمور وانقطع اغلب اسباب العيش والحياة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انما الأمل رحمة الله لا متى لولا الأمل ما أرضعت أم ولدا ولا غرس غارس شجرا) رواه انس والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بامر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا قال بعضهم لو كان الناس كلهم عقلاء لما أكلنا رطبا ولا شربنا ماء باردا يعنى ان العقلاء لا يقدمون على صعود النخيل لا جتناء الرطب ولا على حفر الآبار لاستنباط الماء البارد كما فى اليواقيت قال فى شرح الطريقة الأمل ارادة الحياة للوقت للتراخى بالحكم والجزم اعنى بلا استثناء ولا شرط صلاح وهو مذموم فى الشرع جدا وغوائله اربع الكسل فى الطاعة وتأخيرها وتسويف التوبة وتركها وقسوة القلب بعد ذكر الموت والحرص على جمع الدنيا والاشتغال بها عن الآخرة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء صنيعهم إذا عاينوا جزاءه وهو وعيد لهم قال فى التأويلات النجمية قوله ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ تهديد لنفس ذاقت حلاوة الإسلام ثم عادت الى طبعها الميشوم واستحلت مشار بها من نعيم الدنيا واستحسنت زخارفها فيهددها بأكل شهوات الدنيا والتمتع بنعيمها ثم قال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما خسروا من انواع السعادات والكرامات والدرجات والقربات ومافات منهم من الأحوال السنية والمقامات العلية وما أورثتهم الدنيا الدنية من البعد من الله والمقت وعذاب نار القطيعة والحرمان وَما أَهْلَكْنا شروع فى بيان سر تأخير عذابهم الى يوم القيامة وعدم نظمهم فى سلك الأمم الدارجة فى تعجيل العذاب اى وما أهلكنا مِنْ قَرْيَةٍ من القرى بالخسف بها وباهلها كما فعل ببعضها او باخلائها عن أهلها غب إهلاكهم كما فعل بآخرين إِلَّا وَلَها فى ذلك الشأن كِتابٌ اى أجل مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ واجب المراعاة بحيث لا يمكن تبديله لوقوعه حسب الحكمة المقتضية له مَعْلُومٌ لا ينسى ولا يغفل حتى يتصور التخلف عنه بالتقدم والتأخر. فكتاب مبتدأ خبره الظرف والجملة حال من قرية فانها لعمومها لا سيما بعد تأكده بكلمة من فى حكم الموصوفة كما أشير اليه. والمعنى وما أهلكنا قرية من القرى فى حال من الأحوال إلا حال ان يكون لها كتاب اى أجل مؤقت لهلكها قد كتبناه لا نهلكها قبل بلوغه معلوم لا يغفل عنه حتى تمكن مخالفته بالتقدم والتأخر او صفة للقرية المقدرة التي هى بدل من المذكورة على المختار فيكون بمنزلة كونه صفة للمذكورة اى وما أهلكنا قرية من القرى الا قرية لها كتاب معلوم وتوسيط الواو بينهما وان كان القياس عدمه للايذان

[سورة الحجر (15) : الآيات 5 إلى 6]

بكمال الالتصاق بينهما من حيث ان الواو شأنها الجمع والربط ما تَسْبِقُ ما نافية مِنْ زائدة أُمَّةٍ من الأمم الهالكة وغيرهم أَجَلَها المكتوب فى كتابها اى لا يجيئ هلاكها قبل مجيئ كتابها وَما يَسْتَأْخِرُونَ اى وما يتأخرون عنه وانما حذف لانه معلوم ولرعاية الفواصل وصيغه الاستفعال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له واما تأنيث ضمير امة فى أجلها وتذكيره فى يستأخرون فللحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى اخرى وفى التأويلات النجمية ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها حتى يظهر منها ما هو سبب هلاكها وتستوفى نفسها من الحظوظ ما يبطل الحقوق وَما يَسْتَأْخِرُونَ لحظة بعد استيفاء اسباب الهلاك والعذاب: قال السعدي طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بگوى كه يك لحظه صورت نه بندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان فعلى العاقل ان يجتهد فى تزكية النفس الامارة وازالة صفاتها المتمردة ومن المعلوم ان الدنيا كالقرية الصغيرة والآخرة كالبلدة الكبيرة ولم يسلم من الآفات الا من توجه الى السواد الأعظم فانه ما من لكل نفس فلو مات عند الطريق فقد وقع اجره على الله ولو تأخر واجتهد فى عمارة قرية الجسد واشتغل بالدنيا وأسبابها هلك مع الهالكين وإذا كان لكل نفس أجل لا تموت الا عند حلوله وهو مجهول فلا بد من التهيؤ فى كل زمان وذكر الموت كل حين وآن وقصر الأمل وإصلاح العمل ودفع الكسل وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه انه اشترى اسامة ابن زيد من زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار الى شهر فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ألا تعجبون من اسامة المشترى الى شهر ان اسامة لطويل الأمل والذي نفسى بيده ما طرفت عيناى إلا ظننت ان شفرى لا يلتقيان حتى يقبض الله روحى ولا رفعت طرفى فظننت انى واضعه حتى اقبض ولا لقمت لقمة الا ظننت انى لا أسيغها حتى أغص بها من الموت ثم قال يا بنى آدم ان كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى والذي نفسى بيده انما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) اى لا تقتدرون على اعجاز الله عن إتيان ما توعدون به من الموت والحشر والحساب وغيرها من احوال القيامة وأهوالها وَقالُوا اى مشركوا مكة وكفار العرب لغاية تماديهم فى العتو والغى وفى بعض التفاسير نزلت فى عبد الله بن امية يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ نادوا به النبي عليه السلام على وجه التهكم ولذا جننوه بقولهم إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ إذ لا يجتمع اعتقاد نزول الذكر عليه ونسبة الجنون اليه. والمعنى انك لتقول قول المجانين حين تدعى ان الله نزل عليك الذكر اى القرآن وقال الكاشفى [بدرستى تو ديوانه كه ما را از نقد بنسيه مى خوانى] وجواب هذه الآية قوله تعالى فى سورة القلم ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ اى ما أنت بمجنون حال كونك منعما عليك بالنبوة وكمال العقل يقول الفقير الجنون من أوصاف النقصان يجب تبرئة ساحة الأنبياء وكمل الأولياء منه وعد نسبته إليهم من الجنون إذ لا سفه أشد من نسبة النقصان وسخافة العقل والإذعان الى المراجيح الرزان ولا عقل من العقول الا وهو مستفيض من العقل الاول الذي هو الروح المحمدي والعاقل بالعقل المعادى مجنون عند العاقل بالعقل المعاشى وبالعكس ولا يكون مجنونا بالجنون المقبول الا بعد دخول دائرة العشق قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر

[سورة الحجر (15) : الآيات 7 إلى 13]

جننا مثل مجنون بليلى ... شغفنا حب جيران بسلمى يعنى جننا من الأزل الى الابد بجنون عشق المعشوق الوجه الحق وحب المحبوب الجمال المطلق كما جن مجنون بجنون عشق المعشوق ليلى الخلق وحب المحبوب الجمال المقيد: قال الصائب روزن عالم غيبست دل اهل جنون ... من وآن شهر كه ديوانه فراوان باشد لَوْ ما حرف تحضيض بمعنى هلا وبالفارسية [چرا] تَأْتِينا [نمى آرى] فالباء للتعدية فى قوله بِالْمَلائِكَةِ يشهدون بصحة نبوتك ويعضدونك فى الانذار كقوله تعالى لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يعنى [اگر راست مى گويى كه پيغمبرى فرشتگانرا حاضر كن تا بحضور ما گواهى دهند برسالت تو] او يعاقبوننا على التكذيب كما أتت الأمم المكذبة لرسلهم إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى دعواك فان قدرة الله على ذلك مما لا ريب فيه وكذا احتياجك اليه فى تمشية أمرك فقال الله تعالى فى جوابهم ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ اى ملتبسا بالوجه الذي يحق ملابسة التنزيل به مما تقتضيه الحكمة وتجرى به السنة الالهية والذي اقترحوه من التنزيل لاجل الشهادة لديهم وهم هم ومنزلتهم فى الحقارة والهوان منزلتهم مما لا يكاد يدخل تحت الصحة والحكمة أصلا فان ذلك من باب التنزيل بالوحى الذي لا يكاد يفتح على غير الأنبياء العظام من افراد كمل المؤمنين فكيف على أمثال أولئك الكفرة اللئام وانما الذي يدخل فى حقهم تحت الحكمة فى الجملة هو التنزيل للتعذيب والاستئصال كما فعل باضرابهم من الأمم السالفة ولو فعل ذلك لا ستؤصلوا بالمرة وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ اذن جواب وجزاء لشرط مقدر وهى مركبة من إذ وهو اسم بمعنى الحين ثم ضم اليه ان فصار أذان ثم استثقلوا الهمزة فحذفوها فمجيئ لفظة ان دليل على إضمار فعل بعدها والتقدير وما كانوا أذان كان ما طلبوه منظرين والانظار التأخير. والمعنى ولو نزلنا الملائكة ما كانوا مؤخرين بعد نزولهم طرفة عين كدأب سائر الأمم المكذبة المستهزئة ومع استحقاقهم لذلك قد جرى قلم القضاء بتأخير عذابهم الى يوم القيامة لتعلق العلم والارادة بازديادهم عذابا وبايمان بعض ذراريهم وفى تفسير الكاشفى ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ مكر بوحي نازل بعذاب: يعنى ملك را بصورت أصلي وقتى توانند ديد كه بجهت عذاب نازل شوند چنانچهـ قوم ثمود جبريل را در زمان صيحه ديدند يا بوقت مرگ چنانچهـ همه كس مى بينند وَما كانُوا إِذاً ونباشند آن هنگام كه ملائكه را بدين صورت فرستيم مُنْظَرِينَ از مهلت داد كان يعنى فى الحال معذب شوند] إِنَّا نَحْنُ لعظم شأننا وعلو جنابنا ونحن ليست بفصل لانها بين اسمين وانما هى مبتدأ كما فى الكواشي نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ذلك الذكر الذي أنكروه وأنكروا نزوله عليك ونسبوك بذلك الى الجنون وعموا منزله حيث بنوا الفعل للمفعول ايماء الى انه امر لا مصدر له وفعل لا فاعل له قال الكاشفى [وذكر بمعنى شرف نيز مى آيد يعنى اين كتاب موجب شرف خوانندگانست] يعنى فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ اى بما فيه شرفهم وعزهم وهو الكتاب وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فى كل وقت من كل ما لا يليق به كالطعن فيه والمجادلة فى حقيته والتكذيب له والاستهزاء به والتحريف والتبديل

والزيادة والنقصان ونحوها واما الكتب المتقدمة فلما لم يتول حفظها واستحفظها الناس تطرق إليها الخلل وفى التبيان او حافظون له من الشياطين من وساوسهم وتخاليطهم: يعنى [شيطان نتواند كه درو چيزى از باطل بيفزايد يا چيزى از حق كم كند] قال فى بحر العلوم حفظه إياه بالصرفة على معنى ان الناس كانوا قادرين على تحريفه ونقصانه كما حرفوا التوراة والإنجيل لكن الله صرفهم عن ذلك او بحفظ العلماء وتصنيفهم الكتب التي صنفوها فى شرح ألفاظه ومعانيه ككتب التفسير والقراآت وغير ذلك: وفى المثنوى مصطفى را وعده كرد الطاف حق ... گر بميرى تو نميرد اين سبق من كتاب معجزت را رافعم ... بيش وكم كن را ز قرآن ما نعم من ترا اندر دو عالم حافظم ... طاعنانرا از حديثت دافعم كس نتاند بيش وكم كردن درو ... تو به از من حافظى ديگر مجو رونقت را روز روز افزون كنم ... نام تو بر زر وبر نقره زنم منبر ومحراب سازم بهر تو ... در محبت قهر من شد قهر تو چاكرانت شهرها گيرند وجاه ... دين تو گيرد ز ماهى تا بماه تا قيامت باقيش داريم ما ... تو مترس از نسخ دين اى مصطفى وعن ابى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) ذكره ابو داود فى سننه وفيما ذكر اشارة الى ان القرآن العظيم مادام بين الناس لا يخلو وجه الأرض عن المهرة من العلماء والقراء والحفاظ- روى- (انه يرفع القرآن فى آخر الزمان من المصاحف فيصبح الناس فاذا الورق ابيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمة ثم يرجع الناس الى الاشعار والأغاني واخبار الجاهلية) كما فى فصل الخطاب فعلى العاقل التمسك بالقرآن وحفظه نظما ومعنى فان النجاة فيه وفى الحديث (من استظهر القرآن خفف عن والديه العذاب وان كانا مشركين) وفى حديث آخر (اقرأوا القرآن واستظهروه فان الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) وفى حديث آخر (لو جعل القرآن فى إهاب ثم القى فى النار ما احترق) اى من جعله الله حافظا للقرآن لا يحترق وسئل الفرزدق لم يهجوك جرير بالقيد فقال قال لى ابى يوما تعالى فذهبت اثره حتى جئنا الى بادية فرأينا من بعيد شخصا يجلس تحت شجرة مشغولا بالعبادة فغير ابى أوضاعه فمشى على مسكنة وذلة فلما قرب منه خلع نعليه وسلم بالخضوع والخشوع عليه وهو لم يلتفت اليه ثم تضرع ثانيا فرفع رأسه ورد سلامه ثم خاطبه ابى بالتواضع اليه وقال ان هذا ابني وله قصائد من نفسه فقال مرة قل لابنك تعلم القرآن واحفظه در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كه سراسر سخنش حكمت يونان گردد كما قال مولانا سيف الدين المناري وكان من كبار العلماء رأيت لبعضهم كلمات فى الدنيا عالية ثم رأيته حال الرحلة عن الدنيا فى غاية الضعف والتشويش وقد ذهب عنه التحقيقات والمعارف فى ذلك الوقت فان الأمر الحاصل بالتعمل والتكلف كيف يستقر حال الهرم والأمراض

[سورة الحجر (15) : الآيات 10 إلى 13]

وضعف الطبيعة سيما حال مفارقة الروح قال ثم رجعنا من عنده فبكيت فقال ابى لم تبكى يا بنى ونور عينى قلت لم لا ابكى وقد التفت الى شخص وأنت من فضلاء الدهر وفصحائه وهو لم يلتفت إليك أصلا قال اسكت هو امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه فقلت الآن هو أمرني بحفظ القرآن فقال نعم فعهدت ان احفظه وقيت قدمىّ بالأدهم حتى حفظته ثم أطلقت فانظر الى اهتمامه وحفظه قيل اشتغل الامام زفر رحمه الله فى آخر عمره بتعليم القرآن وتلاوته سنتين ثم مات ورآه بعض شيوخ عصره فى منامه فقال لولا سنتان لهلك زفر قال الكاشفى [وگويند ضمير عائد بحضرت رسالت است يعنى نگهبان وبيم از مضرت اعدا] كما قال تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ گر جمله جهانم خصم گردند ... نترسم چون نگهدارم تو باشى ز شادى در همه حالم نگنجم ... اگر يك لحظه غمخوارم تو باشى والاشارة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ فى قلوب المؤمنين وهو قول لا اله الا الله نظيره قوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وقوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فالمنافق يقول لا اله الا الله ولكن لم ينزله الله فى قلبه ولم يحصل فيه الايمان وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ اى فى قلوب المؤمنين ولو لم يحفظ الله الذكر والايمان فى قلوب المؤمن لما قدر المؤمن على حفظه لانه ناس وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى رسلا وانما لم يذكر لدلالة ما بعده عليه مِنْ قَبْلِكَ متعلق بأرسلنا فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ اى فرقهم وأحزابهم جمع شيعة وهى الفرقة المتفقه على طريقة ومذهب سموا بذلك لان بعضهم يشايع بعضا ويتابعه من شايعه إذا تبعه ومنه الشيعة وهم الذين شايعوا عليا وقالوا انه الامام بعد رسول الله واعتقدوا ان الامامة لا تخرج عنه وعن أولاده وإضافته الى الأولين من اضافة الموصوف الى صفة عند الفراء والأصل فى الشيع الأولين ومن حذف الموصوف عند البصريين اى فى شيع الأمم الأولين ومعنى ارسالهم فيهم جعل كل منهم رسولا فيما بين طائفة منهم ليتابعوه فى كل ما يأتى وما يذر من امور الدين وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ اى ما اتى شيعة من تلك الشيع رسول خاص بها إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ كما يفعله هؤلاء الكفرة وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بان هذه عادة الجهال مع الأنبياء والجملة فى محل النصب على انها حال مقدرة من ضمير مفعول فى يأتيهم إذا كان المراد بالإتيان حدوثه او فى محل الرفع على انها صفة لرسول فان محله الرفع على الفاعلية اى الا رسول كانوا به يستهزئون كَذلِكَ اى كاد خالنا الاستهزاء فى قلوب الأولين نَسْلُكُهُ اى ندخل الاستهزاء. والسلك إدخال الشيء فى الشيء كادخال الخيط فى المخيط اى الابرة والرمح فى المطعون فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ على معنى انه يخلقه ويزينه فى قلوبهم والمراد بالمجرمين مشركوا مكة ومن شايعهم فى الاستهزاء والتكذيب لا يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بالذكر وهو بيان للجملة السابقة واختار المولى ابو السعود رحمه الله ان يكون ذلك اشارة الى ما دل عليه الكلام السابق من إلقاء الوحى مقرونا بالاستهزاء وان يعود ضمير نسلكه وبه الى الذكر على ان يكون لا يؤمنون به حالا من ضمير نسلكه. والمعنى اى مثل ذلك المسلك الذي سلكناه فى قلوب أولئك المستهزئين

[سورة الحجر (15) : الآيات 14 إلى 18]

برسلهم وبما جاؤا به من الكتب نسلك الذكر فى قلوب اهل مكة او جنس المجرمين حال كونه مكذبا غير مؤمن به لانهم كانوا يسمعون القرآن بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فى قلوبهم ومع ذلك لا يؤمنون لعدم استعدادهم لقبول الحق لكونهم من اهل الخذلان: قال السعدي قدس سره كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هرگز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننگ ... شقائق بباران نرويد ز سنگ قال سعدى المفتى مكذبا اى حال الإلقاء من غير توقف كقوله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ اى فى ذلك الزمان من غير توقف وتفكر فلا حاجة الى جعلها حالا مقدرة اى كما فعله الطيبي وفى التأويلات النجمية كَذلِكَ نَسْلُكُهُ اى الكفر فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ بواسطة جرمهم فان بالجرم يسلك الكفر فى القلوب كما يسلك الايمان بالعمل الصالح فى القلوب نظيره بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ اى قد مضت طريقتهم التي سنها الله فى إهلاكهم حين فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء: يعنى [هر كه از ايشان هلاك شده بترك قبول حق وتكذيب رسل بوده] وفيه وعيد لاهل مكة على استهزائهم وتكذيبهم نه هرگز شنيدم درين عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به بيش وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ اى على هؤلاء المقترحين المعاندين الذين يقولون لو ما تأتينا بالملائكة باباً مِنَ السَّماءِ اى بابا ما لا بابا من ابوابها المعهودة كما قيل ويسرنا لهم الرقى والصعود اليه فَظَلُّوا قال فى بحر العلوم الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها اى فصاروا فِيهِ اى فى ذلك الباب يَعْرُجُونَ يصعدون بآلة او بغيرها ويرون ما فيها من العجائب عيانا او فظل الملائكة يصعدون وهم يشاهدونهم. ويقال ظل يعمل كذا إذا عمله بالنهار دون الليل. فالمعنى فظل الملائكة الذين اقترحوا إتيانهم يعرجون فى ذلك الباب وهم يرونه عيانا مستوضحين طول نهارهم كما قال الكاشفى [پس باشند همه روز فرشتگان در نظر ايشان در ان بر بالا ميروند واز ان در زير مى آيند] لَقالُوا لغاية عنادهم وتشكيكهم فى الحق إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا اى سدت من باب الاحساس: يعنى [اين صورت در خارج وجود ندارد] قال فى القاموس قوله تعالى سُكِّرَتْ أَبْصارُنا اى حبست عن النظر وحيرت او غطيت وغشيت وفى تهذيب المصادر السكر [بند بستن] كما قال الكاشفى [جزين نيست كه بر بسته اند چشمهاى ما را وخيره ساخته] بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ قد سحرنا محمد كما قالوه عند ظهور سائر الآيات الباهرة كما قال تعالى حكاية عنهم وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ تلخيصه لو أوتوا بما طلبوا لكذبوا لتماديهم فى الجحود والعناد وتناهيهم فى ذلك كما فى الكواشي. وفى كلمتى الحصر والاضراب دلالة على انهم يبتون القول بذلك وان ما يرونه لا حقيقة له وانما هو امر خيل إليهم بنوع من السحر قالوا كلمة انما تفيد الحصر فى المذكور آخرا فيكون الحصر فى الابصار لا فى التسكير فكأنهم قالوا سكرت أبصارنا لا عقولنا فنحن وان

[سورة الحجر (15) : آية 16]

نتخايل بأبصارنا هذه الأشياء لكنا نعلم بعقولنا ان الحال بخلاقه ثم قالوا بل نحن كأنهم اضربوا عن الحصر فى الابصار وقالوا بل جاوز ذلك الى عقولنا بسحر سحره لنا اى رسول ما تو جادو نيستى ... آنچنانكه هيچ مجنون نيستى «1» واعلم ان السحر من خرق العادة وخرق العادة قد يصدر من الأولياء فيسمى كرامة وقد يصدر من اصحاب النفوس القوية من اصل الفطرة وان لم يكونوا اولياء وهم على قسمين اما خير بالطبع او شرير والاول ان وصل الى مقام الولاية فهو ولىّ وان لم يصل فهو من الصلحاء المؤمنين والمصلحين والثاني خبيث ساحر ولكل منهما التصرّف فى العالم الشهادى بحسب مساعدة الأسباب المهيأة لهم فان ساعدتهم الأسباب الخارجية استولوا على اهل العالم كالفراعنة من السحرة وان لم تساعدهم ليس لهم ذلك الا بقدر قوّة اشتغالهم بأسبابهم الخاصة والسحر لا بقاء له بخلاف المعجزة كالقرآن فانه باق على وجه كل زمان والسحر يمكن معارضته بخلافها ولا يظهر السحر الا على يد فاسق وكذا الكهانة والضرب بالرمل والحصى ونحو ذلك والضرب بالحصى هو الذي يفعله النساء ويقال له الطرق وقيل الخط فى الرمل وأخذ العوض عليه حرام كما فى فتح القريب قال الشيخ صلاح الدين الصفدي فى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة لا حقيقه له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال جعفر الاسترابادى من الشافعية وتعلمه حرام بالإجماع وكذا تعلم الكهانة والشعبذة والتنجيم والضرب بالشعير واما المعزم الذي يعزم على المصروع ويزعم انه يجمع الجن وانها تطيعه فذكره أصحابنا فى السحرة- روى- عن الامام احمد انه توقف فيه وسئل سعيد بن المسيب عن الرجل الذي يؤخذ عن امرأته ويلتمس من يداويه فقال انما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع فان استطعت ان تنفع أخاك فافعل انتهى ما فى اختلاف الائمة باختصار وكون السحر اشراكا مبنى على اعتقاد التأثير منه دون الله والتطير والتكهن والسحر على اعتقاد التأثير كفر وكذا الذي تطير له او تكهن له او سحر له ان اعتقد ذلك وصدقه كفر والا فحرام وليس بكفر فعلى الاول معنى قوله عليه السلام (ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له) انه كافر وعلى الثاني ليس من اهل سنتنا وعامل طريقتنا ومستحق شفاعتنا واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله تعالى لدفع البلاء فلا بأس ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التاتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستورا بشئ والاولى النزع كذا فى شرح الكردي على الطريقة وَلَقَدْ جَعَلْنا الجعل هنا بمعنى الخلق والإبداع. والمعنى بالفارسية [وبدرستى كه ما آفريديم و پيدا كرديم] فِي السَّماءِ متعلق بجعلنا بُرُوجاً قصورا ينزلها السيارات السبع فى السموات السبع كما أشار إليها فى نصاب الصبيان على الترتيب بقوله هفت كوكب هست گيتى را ... گاه ازيشان مدار وگاه خلل قمرست وعطارد وزهره ... شمس ومريخ ومشترى وزحل

_ (1) صادقى خرقه موسيستى در أوائل دفتر سوم در بيان تشبيه كردن قرآن مجيد بعصاي موسى عليه السلام إلخ

[سورة الحجر (15) : آية 17]

وهى البروج الاثنا عشر المشهورة المختلفة الهيئات والخواص واسماؤها الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت وقد بسطنا القول فى البروج والمنازل فى أوائل سورة يونس فليراجع ثمة وانما سميت البروج التي هى القصور المرفوعة لانها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها واشتقاق البرج من التبرج لظهورها وفى شرح التقويم البرج فى اللغة الحصن وغاية الحصن المنع عن الدخول والوصول الى ما فيه ويقسم دور الفلك ويسمى كل قسم منها برجا طول كل واحد ثلاثون درجة وعرضه مائة وثمانون من القطب الى القطب وكل ما يقع فى كل قسم يكون فى ذلك البرج ولما كانت هذه الاقسام المتوهمة فى الفلك كالموانع عن تصرفات اشخاص العالم السفلى فيما فيها من الأنجم وغيرها كما أشير اليه فى الكتاب الهى بقوله وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً اعتبر المناسبة وسميت بالبروج وَزَيَّنَّاها اى السماء بتلك البروج المختلفة الاشكال والكواكب سيارات كانت او ثوابت وسميت السيارة لسرعة حركاتها وسميت الثابتة بالثوابت اما لثبات أوضاعها ابدا واما لقلة حركاتها الثابتة وغاية بطئها فان السماويات ليست بساكنة وحركات الثوابت على رأى اكثر المتأخرين درجة واحدة فى ست وستين سنة شمسية وثمان وستين سنة قمرية فيتم برجا فى الفى سنة ودورة فى اربعة وعشرين الف سنة وتسمى الثوابت بالكواكب البيابانية إذ يهتدى بها فى الفلاة وهى البيابان بالعجمية والكواكب الثابتة بأجمعها على الفلك الثامن وهو الكرسي وفوقه الفلك الأطلس اى فلك الافلاك وهو العرش سمى بالاطلس لخلوه عن الكواكب تشبيها له بالثوب الأطلس الخالي عن النقش ثم حركة الافلاك بالارادة وحركة الكواكب بالعرض إذ كل منها مركوز فى الفلك كالكرة المنغمسة فى الماء والكواكب التي أدركها الحكماء بإرصادهم الف وتسعة وعشرون فمنها سيارة ومنها ثوابت والكل مما أدركوا وما لم يدركوا زينة السماء كما ان فى الأرض زينة لها لِلنَّاظِرِينَ لكل من ينظر إليها فمعنى التزيين ظاهر او للمتفكرين المعتبرين المستدلين بذلك على قدرة مقدرها وحكمة مدبرها فتزيينها ترتيبها على نظام بديع مستتبع للآثار الحسنة وتخصيصهم لانهم هم المنتفعون بها واما غيرهم فنظرهم كلا نظر قال السعدي قدس سره دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو گير ودوست غبار هوا چشم عقلت بدوخت ... سموم هوا گشت عمرت بسوخت بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك وَحَفِظْناها اى السماء مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مرمى بالنجوم فلا يقدر ان يصعد إليها ويوسوس فى أهلها ويتصرف فى أهلها ويقف على أحوالها فيلاحظ فى الكلام معنى الاضافة إذ الحفظ لا يكون من ذات الشيطان وفى كلمة كل هاهنا دلالة على ان اللام فى الشيطان الرجيم فى الاستعاذة لاستغراق الجنس كما فى بحر العلوم وقال بعضهم هل المراد فى الاستعاذة كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان

[سورة الحجر (15) : آية 18]

الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضر شيأ والعاقل لا يستعيذ مما لا يؤذيه واما الرسول عليه السلام فلانه لما قيل له ولا أنت يا رسول الله قال (ولا انا ولكن الله تعالى أعانني عليه حتى اسلم فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كان قرينه عليه السلام قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ان يكون إبليس او أكابر جنوده لانه قد ورد فى الحديث (ان عرش إبليس على البحر الأخضر وجنوده حوله وأقربهم اليه أشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الأمور العظام) والظاهر ان امر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته يقول الفقير انما يستعيذ عليه السلام من الشيطان امتثالا للامر الإلهي لا غير إذ لا تسلط له على افراد أمته المخلصين بالفتح فضلا عن التسلط عليه وهو آيس من وسوسته صلى الله عليه وسلم لانه يحترق من نوره عليه السلام فلا يقرب منه واما قوله تعالى وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ لا يدل على وقوع المس فى حق كل متق بل يكفى وجوده فى حق بعض افراد الامة فى الجملة ولئن سلم كما يدل عليه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى إذا قرأ وناجى القى الوسوسة فى قراءته ومناجاته فهو يعلم انه عليه السلام لا يعمل بمقتضى وسوسته لانه نفسه اخرج المخلصين بالفتح من ان يتعرض لهم إغواء او يؤثر فيهم وسوسة ولا مانع من الاستعاذة من كل شيطان سواء كان مؤذيا أم لا إذ عداوته القديمة لبنى آدم مصححة لها ومن نصب نفسه للعداوة فاولاده تابعة له فى ذلك وقد ذكروا ان لوسوسته اليوم فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة واحدة وهو كقبض عزرائيل عليه السلام الأرواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ محله النصب على انه استثناء متصل لان المسترق من جنس الشيطان الرجيم اى ان فسر الحفظ بمنع الشياطين عن التعرض لها على الإطلاق والوقوف على ما فيها فى الجملة او منقطع اى ولكن من استرق السمع ان فسر ذلك بالمنع عن دخولها او التصرف فيها والاستراق افتعال وبالفارسية [بدزديدن] والمسترق المستمع مختفيا كما فى القاموس والسمع بمعنى المسموع كما قال الكاشفى [بدزدد سخنى مسموع] واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطاع السموات لما بينهم من المناسبة فى الجوهر فَأَتْبَعَهُ اى تبعه ولحقه وبالفارسية [پس از پى در آيدش وبدو رسد وبسوزدش] قال ابن الكمال الفرق قائم بين تبعه واتبعه يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه شِهابٌ لهب محرق وهى شعلة نار ساطعة مُبِينٌ ظاهر امره للمبصرين ومما يجب التنبه له ان هذا حكاية فعل قبل النبي صلى الله عليه وسلم وان الشياطين كانت تسترق فى بعض الأحوال قبل ان يبعثه الله فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق رأسا وبالكلية مهى بر آمد وبازار تيرگى بشكست ... گلى شكفت وهياهوى خار آخر شد

ويعضده ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الشياطين كانوا لا يحجبون عن السموات فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات ولما ولد محمد عليه السلام منعوا من السموات كلها بالشهب وما يوجد اليوم من اخبار الجن على ألسنة المخلوقين انما هو خبر منهم عما يرونه فى الأرض مما لا نراه نحن كسرقة سارق او خبية فى مكان خفى ونحو ذلك وان أخبروا بما سيكون كان كذبا كما فى آكام المرجان وفى الحديث (ان الملائكة تنزل الى العنان فتذكر الأمر الذي قضى فى السماء فيسترق الشيطان السمع فيوحيه الى الكهان فيكذبون مائة كذبة من عند أنفسهم) وفى بعض التفاسير ان الشياطين كانوا يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا او كان الشيطان المارد يصعد ويكون الآخر أسفل منه فاذا سمع قال للذى هو أسفل منه قد كان من الأمر كذا وكذا فيهرب الأسفل لاخبار الكهنة ويرمى المستمع بالشهاب فهم لا يرمون بالكواكب نفسها لانها قارة بالفلك على حالها وما ذاك الا كقبس يؤخذ من نار والنار ثابتة كاملة لا تنقص فمنهم من يحرق وجهه وجبينه ويده وحيث يشاء الله ومنهم من يخبل اى يفسد عقله حتى لا يعود الى الاستماع من السماء فيصير غولا فيضل الناس فى البوادي ويغتالهم اى يهلكهم ويأخذهم من حيث لم يدروا قال ابن الأثير فى النهاية الغول أحد الغيلان وهى جنس من الجن والشيطان وكانت العرب تزعم ان الغول فى الفلاة تترا أي للناس فتتلون تلونا فى صور شتى تضلهم عن الطريق وتهلكهم انتهى وفيه اشارة الى ان وجود الغول لا ينكر بل المنكر تشكلهم باشكال مختلفة وإهلاكهم بنى آدم وهو مخالف لما سبق آنفا من التفاسير اللهم الا ان يراد ان ذلك قبل بعثة النبي عليه السلام وقد أبطله عليه السلام بقوله (لا غول ولكن السعالى) اى لا يستطيع الغول ان يضل أحدا فلا معنى للزعم المذكور. والسعالى بالسين المفتوحة والعين المهملة سحرة الجن جمع سعلاة بالكسر ولكن فى الجن سحرة تتلبس وتتخيل لهم قال فى أنوار المشارق والذي ذهب اليه المحققون ان الغول شىء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر الجود والغول والعنقاء ثالثة ... اسماء أشياء لم توجد ولم تكن وتزعم العرب انه إذا انفرد رجل فى الصحراء ظهرت له فى خلقة انسان ورجلاها رجلا حمار انتهى واما قول صاحب المثنوى قدس سره ذكر حق كن بانگ غولانرا بسوز ... چشم نرگس را ازين كركس بدوز فيشير الى الشياطين الخبيثة المفسدة بل الى كل مضل للطالب عن طريق الحق على سبيل التشبيه وفائدة الذكر كونه دافعا لوساوسه لانه إذا ذكر الله خنس الشيطان اى تأخر ولعل المراد والله اعلم ان الجن ليس لهم دماغ كادمغة بنى آدم فلا تحمل لهم على استماع الصوت الجهوري الشديد فالذاكر إذا رفع صوته بالذكر طرد عن نفسه الشيطان وأحرقه بنور ذكره وأفسد عقله بشدة صوته وشهاب نفسه المؤثر ذكر ابو بكر الرازي ان التكبير جهرا فى غير ايام التشريق لايسن الا بإزاء العدو واللصوص تهييبا لهم انتهى يقول الفقير لما كان أعدى العدو هى النفس وأشد اللصوص والسراق هو الشيطان اعتاد الصوفية بجهر الذكر فى كل زمان ومكان تهييبا لهما وطردا لوسوستهما وإلقاءاتهما والعاقل لا يستريب فيه أصلا

[سورة الحجر (15) : الآيات 19 إلى 23]

ولا يصيخ الى قول المنكر رأسا وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد أختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم انتهى وفيه اشارة الى ان الروح مع القوى والأعضاء كالسلطان مع الاتباع والرعايا فما هو ملتزم فى الآفاق ملتزم فى الأنفس الا ان ترتفع الحاجة والضرورة بان أوقع المكالمة مع الندماء لكون المقام مقام الانبساط وقس عليه حال اهل الشهود والوصول الى الله والحصول عنده بحيث ما غابوا لحظة وَالْأَرْضَ نصب على الحذف على شريطة التفسير مَدَدْناها بسطناها ومهدناها للسكنى. وبالفارسية [وزمين را باز كشيدم بر روى آب از زير خانه كعبه] عن ابى هريرة رضى الله عنه خلقت الكعبة اى موضعها قبل الأرض بألفي سنة كانت خشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الله فلما أراد الله ان يخلق الأرض دحاها منها اى بسطها فجعلها فى وسط الأرض وفى بعض الآثار ان الله سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السموات والأرض كان عرشه على الماء اى العذب فلما اضطرب العرش كتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن فلما أراد ان يخلق السموات والأرض أرسل الريح على ذلك الماء فتموج فعلاه دخان فخلق من ذلك الدخان السموات ثم أزال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس. وفى لفظ أرسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الريح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز عنه خشفة بالخاء المعجمة وهى حجارة يبست بالأرض فى موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها وعرضها وهى اصل الأرض وسرتها اى وسط الأرض المعمورة المسكونة واما وسط الأرض عامرها وخرابها فقبة الأرض وهو مكان معتدل فيه الا زمان فى الحر والبرد ومستوفية الليل والنهار ابدا واعلم ان من الامكنة الارضية ما يلحق بعالم الجنان كمكة والمدينة وبيت المقدس والمساجد والبقاع للعبودية خصوصا ما بين قبر النبي عليه السلام ومنبره روضة من رياض الجنة ومن دخله وزاره بالاعتقاد الخالص والنية الصادقة كان آمنا من المكاره والمخاوف فى الدنيا والآخرة اين چهـ زمين است كه عرش برين ... رشك برد با همه رفعت بدين چونكه نيم محرم ديوار تو ... مى نگرم بر در وديوار تو آنكه شرف يافت بديدار تو ... جان چهـ بود تا كند إيثار تو وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ اى جبالا ثوابت لو لاهى لمارت فلم يستقر له أحد على ظهرها يقال رسارسوا ورسوّا ثبت كأرسى شبه الجبال الرواسي استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن وما هو الا تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الأذهان فهو هين عليه. والمعنى وجعلنا فى الأرض رواسى بقدرتنا الباهرة وحكمتنا البالغة وذلك بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر أحد مم خلقت وعدد الجبال سوى التلول ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون على ما فى زهرة الرياض وأول جبل نصب على وجه الأرض ابو قبيس وهو جبل بمكة وأفضل الجبال على ما قاله السيوطي أحد بضمتين وهو جبل بالمدينة لقوله

[سورة الحجر (15) : الآيات 20 إلى 21]

عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) وكان مهبط آدم عليه السلام بأرض الهند بجبل عال يراه البحريون من مسافة ايام وفيه اثر قدم آدم مغموسة فى الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له فى كل يوم من مطر يغسل قدمى آدم وذروة هذا الجبل اقرب ذرى جبال الأرض الى السماء كما فى انسان العيون ويضاف هذا الجبل الى سر نديب وهو بلد بالهند والجبال خزائن الله فى ارضه لمنافع عباده وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجال الكامل جبل- حكى- ان بعض الأولياء رأى مناما فى الليلة التي هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد فى تلك الليلة وقتل من الأولياء والعلماء والصلحاء والأمراء وسائر الناس ما لا يحصى عددا سرگشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادي ما أدرى ما يفعل بي وفى التأويلات النجمية والأرض مددناها اى ان ارض البشرية تميد كنفس الحيوانات الى ان أرساها الله بجبال العقل وصفات القلب كشتىء بى لنگر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نمى يابد حذر لنگر عقلست عاقل را أمان ... لنگرى در پوزه كن از عاقلان وَأَنْبَتْنا فِيها اى فى الأرض لان الفواكه الجبلية غير منتفع بها فى الأكثر أو لأن الأرض تعمها فانها لما ألقيت فيها صارت منها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ بميزان الحكمة ذاتا وصفة ومقدارا اى مستحسن مناسب من قولهم كلام موزون. يعنى [برويانيديم از زمين چيزهاى نيكو مشتمل بر منافع كليه از أشجار ومزروعات با آنكه وزن كنند وبه پيمانند] وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ بالياء التصريحية لانه من العيش فالياء اصلية فوجب تصريحا وهو جمع معيشة اى ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ [روزى دهندگان] وهو عطف على معايش كأنه قيل جعلنا لكم معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبانهم انهم يكفون مؤوناتهم ولتحقيق ان الله تعالى هو الذي يرزقهم وإياكم او عطف على محل لكم وهو النصب كأنه قيل وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين فيكون من عطف الجار والمجرور على الحار والمجرور وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ اى ما من شىء من الأشياء الممكنة إِلَّا عِنْدَنا يعنى [در تحت فرماننا] خَزائِنُهُ جمع خزانة بمعنى المخزن وهى ما يحفظ فيه نفائس الأموال لا غير غلب فى العرف على ما للملوك والسلاطين من خزائن أرزاق الناس شبهت مقدوراته تعالى فى كونها مستورة عن علوم العالمين ومصونة من وصول أيديهم مع كمال افتقارهم إليها ورغبتهم فيها وكونها مهيأة متأتية لا يجاده وتكوينه بحيث متى تعلقت الارادة بوجودها وجدت بلا تأخير بنفائس الأموال المخزونة فى الخزائن السلطانية فذكر الخزائن على طريقة الاستعارة التخييلية يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى قدس سره ان الاشارة بالخزائن الى الأعيان الثابتة فلا يفيض شىء الا من

[سورة الحجر (15) : آية 22]

الأعيان الثابتة وعلم الله تابع المعلوم وما يقتضيه من الأحوال فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وَما نُنَزِّلُهُ اى ما نوجد وما نكون شيأ من تلك الأشياء ملتبسا بشئ من الأشياء إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ اى الا ملتبسا بمقدار معين يقتضيه الحكمة ويستدعيه المشيئة التابعة لها وفى الكواشي وما نوجده مع كثرته وتمكننا منه الا بحد محسوب على قدر المصلحة. وبالفارسية [مگر باندازه دانسته شده كه نه كم از ان شايد ونه زياده بر ان بايد] وحيث كان إنشاء ذلك بطريق التفضل من العالم العلوي الى العالم السفلى كما فى قوله تعالى وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ وكان ذلك بطريق التدريج عبر عنه بالتنزيل وفى تفسير ابى الليث وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ اى مفاتيح رزقه ويقال خزائن المطر وَما نُنَزِّلُهُ اى المطر إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ يعنى بكيل ووزن معروف قال ابن عباس رضى الله عنها يعنى يعلمه الخزان الا يوم الطوفان الذي أغرق الله فيه قوم نوح فانه طغى على خزانه وكثر فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذ أربعين يوما وفى بحر العلوم وما من شىء ينتفع به العباد الا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والانعام بأضعاف ما وجد وما نعطيه الا بمقدار فعلم ان ذلك خير لهم واقرب الى جمع شملهم او بتقدير علمنا انهم يسلمون معه من المضرة ويصلون الى المنفعة ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير وفى التأويلات النجمية ان لكل شىء خزائن مختلفة مناسبة له كما لو قدرنا شيأ من الأجسام فله خزانة لصورته وخزانة لاسمه وخزانة لمعناه وخزانة للونه وخزانة لرائحته وخزانة لطعمه وخزانة لطبعه وخزانة لخواصه وخزانة لاحواله المختلفة الدائرة عليه بمرور الأيام وخزانة لنفعه وضره وخزانة لظلمته ونور وخزانة لملكوته وغير ذلك وهو خزانة لطف الله وقهره وما من شىء الا وفيه لطف الله وقهره مخزون وقلوب العباد خزائن صفات الله تعالى بأجمعها وما ننزل شيأ مما فى خزائنه الا بقدر ما هو معلومنا فى الأزل لحكمتنا البالغة المقتضية لايجاده وانزاله وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ حال مقدرة جمع ريح لاقح إذا أتت بسحاب ماطر من لقحت الناقة تلقح حبلت والقحها الفحل إذا أحبلها وحملها الماء فكان الريح حملت الماء وحملته السحاب فشبهت الريح التي تجيئ بالخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه بالعقيم ما لا يكون كذلك وقال ابو عبيدة لواقح بمعنى ملاقح جمع ملقحة لانها تلقح السحاب والأشجار بان تقويها وتنميها الى ان يخرج ثمرها وقيل بان تجرى الماء فيها حتى تهتز وتخرج الزهر قالوا الرياح للخير والريح للشر لقوله عليه السلام (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) واما قوله تعالى وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ نقد جاء فيه الريح المفردة بمعنى الخير والنفع باعتبار قيدها لا باعتبار إطلاقها قال محمد بن على رضى الله عنه ما هبت ريح ليلا ولا نهارا الا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد وقال (اللهم ان كان بك اليوم سخط على أحد من خلقك بعثتها تعذيبا له فلا تهلكنا فى الهالكين وان كنت بعثتها رحمة فبارك لنا فيها) فاذا قطرت قطرة قال (رب لك الحمد ذهب السخط ونزلت الرحمة) قال مطرف رحمه الله لو حبست الريح عن الناس لانتن ما بين السماء والأرض فَأَنْزَلْنا بعد ما انشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا مِنَ السَّماءِ

[سورة الحجر (15) : آية 23]

من جانب العلو فان كل ما علاك سماء وهو ظاهر هناك لا الفلك ماءً اى بعض الماء كما يفيده التنكير فانه معلوم عند الناس علما يقينيا انه لم ينزل من السماء الماء كله بل قدر ما يصلون به الى المنفعة ويسلمون معه من المضرة فَأَسْقَيْناكُمُوهُ اى جعلنا المطر لكم سقيا تشربونه وتسقونه المواشي والضياع. وبالفارسية [پس بخوارانيديم شما را آن آب وتصرف داديم در ان] وسقى وأسقي واحد قال فى الإرشاد هو ابلغ من سقينا كموه لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم يرتفقون به متى شاؤا وهى أطول كلمة فى القرآن وحروفها أحد عشر وحروف أنلزمكموها عشرة وَما أَنْتُمْ لَهُ اى للمطر المنزل بِخازِنِينَ اى نحن القادرون على إيجاده وخزنه فى السحاب وانزاله وما أنتم على ذلك بقادرين. وقيل ما أنتم بخازنين له بعد ما أنزلناه فى الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزن فى هذه المخازن ونحفظ فيها لنجعلها سقيا لكم مع ان طبيعة الماء تقتضى الغور وهو بالفارسية [فروشدن آب در زمين امام ما تريدى در تأويلات فرموده كه نيستند شما مر خدايرا خزينه داران يعنى خزاين او در دست شما نيست ز آنچهـ شما خزينه نهيد همه از آن اوست] وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي بايجاد الحياة فى بعض الأجسام القابلة لها وتقديم الضمير للحصر وهو اما تأكيد للاول او مبتدأ خبره الفعل والجملة خبر لانا ولا يجوز كونه ضمير الفصل لانه يقع بين الاسمين وَنُمِيتُ باعدامها وإزالتها عنها وقد يعم الاحياء والاماتة لما يشمل الحيوان والنبات والله تعالى يحيى الأرض بالمطر ايام الربيع ويميتها ايام الخريف ويحيى بالايمان ويميت بالكفر [در لطائف قشيرى مذكور است كه زندگى ميدهيم دلها را بانوار مشاهده ومى ميرانيم نفوس را در نار مجاهده يا زنده مى سازيم بموافقت طاعات ومرده مى گردانيم بمتابعت شهوات] ومن مقالات حضرة الشيخ الأكبر لولده صدر الدين القنوى قدس الله سر هما وكم قتلت وأحييت من الأولاد والاصحاب ومات من مات وقتل من قتل ولم يحصل له ما حصل لك وهو شهود تجلى الذات الدائم الابدى الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه فقال صدر الدين يا سيدى الحمد لله على اختصاصى بهذه الفضيلة اعلم انك تحيى وتميت وتفصيله فى شرح الفصوص قال الامام الغزالي رحمه الله معنى المحيي والمميت الموجد ولكن الوجود إذا كان هو الحياة سمى فعله احياء وإذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله فمرجع هذين الاسمين الى صفات الفعل وَنَحْنُ الْوارِثُونَ قيل للباقى وارث الميت لانه يبقى بعد فنائه. فالمعنى ونحن الباقون بعد فناء الخلق جميعا المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك المجازى الحاكمون فى الكل اولا وآخر او ليس لهم الا التصرف الصوري والملك المجازى وفيه تنبيه على ان المتأخر ليس بوارث للمتقدم كما يترا أي من طاهر الحال والمكاشفون المشاهدون المعاينون يرون الأمر الآن على ما هو عليه من العدم فان قيامة العارفين دائمة فهم سامعون الآن من الله تعالى من غير حرف ولا صوت نداء لمن الملك اليوم موقنون بان الملك لله الواحد القهار فى كل يوم وفى كل ساعة وفى كل لحظة وفى التأويلات النجمية وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي قلوب أوليائنا بانوار جمالنا وَنُمِيتُ نفوسهم بسطوة نظرات جلالنا وَنَحْنُ الْوارِثُونَ بعدا إفناء وجودهم ليبقوا ببقائنا: وفى المثنوى

[سورة الحجر (15) : الآيات 24 إلى 29]

پشه آمد از حديقه وز گياه ... وز سليمان كشته پشه داد خواه كاى سليمان معدلت مى گسترى ... بر شياطين وآدمي زاد و پرى مشكلات هر ضعيفى از تو حل ... پشه باشد در ضعيفى خود مثل داد ده ما را ازين غم كن جدا ... دست گير اى دست تو دست خدا پس سليمان گفت اى انصاف وجو ... داد وانصاف از كه ميخواهى بگو كيست آن ظالم كه از باد بروت ... ظلم گرست وخراشيده است روت گفت پشه داد من از دست باد ... كو دو دست ظلم ما را برگشاد بانگ زد آن شه كه اى باد صبا ... پشه افغان كرد از ظلمت بيا هين مقابل شو تو با خصم وبگو ... پاسخ خصم وبكن دفع عدو باد چون بشنيد آمد تيز تيز ... پشه بگرفت آن زمان راه گريز پس سليمان گفت اى پشه كجا ... باش تا بر هر دورانم من قضا گفت اى شه مرگ من از بود اوست ... خود سياه اين روز من از دود اوست او چون آمد من كجا يابم قرار ... كو بر آرد از نهاد من دمار همچنين جوياى درگاه خدا ... چون جدا؟؟؟ آمد شود جوينده لا گرچهـ آن وصلت بقا اندر بقاست ... ليك ز أول ان بقا اندر فناست سايهايى كه بود جوياى نور ... نيست گردد چون كند نورش ظهور عقل كى ماند چوباشد سرده او ... كل شىء هالك الا وجهه هالك آمد پيش وجهش هست ونيست ... هست اندر نيستى خود طرفه ايست وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ استقدم بمعنى تقدم اى من تقدم منكم ولادة وموتا يعنى الأولين من زمان آدم الى هذا الوقت وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ استأخر بمعنى تأخر اى من تأخر منكم ولادة وموتا يعنى الآخرين الى يوم القيامة او من تقدم فى الإسلام والجهاد وسبق الى الطاعة ومن تأخر فى ذلك لا يخفى علينا شىء من أحوالكم وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ لا غير يَحْشُرُهُمْ اى يجمع المتقدمين والمتأخرين يوم القيامة للجزاء وهو القادر على ذلك والمتولى له لا غير فهو رد لمنكرى البعث إِنَّهُ حَكِيمٌ بالغ الحكمة متقن فى أفعاله فانها عبارة عن العلم بحقائق الأشياء على ما هى عليه والإتيان بالافعال على ما ينبغى وهى صفة من صفاته تعالى لا من صفات المخلوقين وما يسمونه الفلاسفة الحكمة هى المعقولات وهى من نتائج العقل والعقل من صفات المخلوقين فكما لا يجوز ان يقال لله العاقل لا يجوز للمخلوق الحكيم الا بالمجاز لمن آتاه الله الحكمة كما فى التأويلات النجمية عَلِيمٌ وسع علمه كل شىء ولعل تقديم صفة الحكمة للايذان باقتضائها للحشر والجزاء وقال الامام الواحدي فى اسباب النزول عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كانت تصلى خلف النبي عليه السلام امرأة حسناء فى آخر النساء فكان بعضهم يتقدم فى الصف الاول ليراها وكان بعضهم فى الصف المؤخر فاذا ركع نظر من تحت إبطه فنزلت وقيل كانت النساء يخرجن الى الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما

كان من الرجال من فى قلبه ريبة يتأخر الى آخر صف الرجال ومن النساء من فى قلبها ريبة تتقدم الى أول صف النساء لتقرب من الرجال فنزلت وفى الحديث (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) قال فى فتح القريب هذا ليس على عمومه بل محمول على ما إذا اختلطن بالرجال فاذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال ومن صلى منهن فى جانب بعيد عن الرجال فاول صفوفهن خير لزوال العلة والمراد بشر الصفوف فى الرجال والنساء كونها اقل ثوابا وفضلا وأبعدها عن مطلوب الشرع وخيرها بعكسه. وانما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهن عند رؤية حركاتهن وسماع كلامهن ونحو ذلك. وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والصف الاول الممدوح الذي وردت الأحاديث بفضله والحث عليه هو الذي يلى الامام سواء كان صاحبه على بعد من الامام او قرب وسواء تخلله مقصورة او منبرا واعمدة ونحوها أم لا هذا هو الصحيح وقيل الصف الاول هو المتصل من طرف المسجد الى طرفه لا تتخلله مقصورة ونحوها فان تخلل الذي يلى الامام شىء فليس باول بل الاول ما لم يتخلله شىء وان تأخر وقيل الصف الاول عبارة عن مجيئ الإنسان الى المسجد اولا وان صلى فى صف متأخر وعن انس رضى الله تعالى عنه حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الاول فى الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد فقالوا نبيع دورنا ونشترى دورا قريبة من المسجد فانزل الله تعالى هذه الآية يعنى انما يؤجرون بالنية وفى الحديث (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) قالوا بلى يا رسول الله قال (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة) قال فى فتح القريب الدار البعيدة لمن يقدر على المشي أفضل وهذا فى حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه او مشيه الى المسجد مهم من مهمات الدين فان كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فروض الكفاية فالدار القريبة فى حقه أفضل وكذا الضعيف عن المشي ونحوه فان قيل روى الامام احمد فى مسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد) فالجواب ان هذا فى نفس البقعة وذاك فى الفعل فالبعيد دارا مشيه اكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل من البيت البعيد ولهذا قيل فى قوله صلى الله عليه وسلم (الشؤم فى ثلاث المرأة والدار والفرس) ان شؤم الدار ان تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع ساكنها الاذان قال العلماء ينبغى ان يستثنى من افضلية الا بعد الامام فان النبي عليه السلام والائمة بعده لم تتباعد عن المسجد لطلب الاجر واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل عملا بظاهر الأحاديث وقيل الصلاة فى الأقرب أفضل لما روى الدار قطنى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولما له من الجوار فان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه تحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل على المذهب لما فى ذلك من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة اما لو كان

[سورة الحجر (15) : آية 26]

إذا صلى فى المسجد الجوار صلى وحده فالبعيد أفضل ولو كان إذا صلى فى بيته صلى جماعة وإذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته أفضل قال بعضهم جار المسجد أربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء ويقال أراد بالآية المصلين فى أول الوقت والمؤخرين الى آخره وفى الحديث (أول الوقت رضوان الله ووسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله تعالى) قال فى شرح كتاب الشهاب للقضاعى عند قوله عليه السلام (نور وأبا لفجر فانه أعظم للاجر) [گفت نماز بامداد بروشنايى كنيد كه مزد بزرگتر باشد يعنى بآخر وقت واين مذهب ابو حنيفه رحمه الله باشد كه نماز بآخر وقت فاضلتر باشد يعنى كه وجوب متأكدتر باشد كه بفوات نزديكتر باشد ومذهب امام شافعى رحمه الله گفت أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله وعفو نباشد الا از گناه پس معلوم گشت كه أول وقت فاضلتر باشد] قال ابو محمد النيسابورى المراد بآخر الوقت بعد خروجه لان العفو يقتضى ذلك لانه لا يكون الا عن ذنب فالمراد باول الوقت عنده جميع الوقت كما قال فى اسئلة الحكم الوقت وقتان وقت الأداء ووقت القضاء فوقت الأداء هو أول الوقت المرضى عند الله ووقت القضاء هو الوقت المرخص فيه وآخر الوقت هو القضاء وهو عفو الله عمن قضى الصلاة خارج وقتها فان قيل ما معنى أول الوقت رضوان الله والجواب ان أول الوقت بمنزلة المفتاح فاذا حصل وعرف قدره فقد استعد لرضى الله تعالى لان العبرة للفاتح والخاتم فاذا حصل المفتاح حصل الختم وينبغى ان يشتغل بأسباب الصلاة عند دخول الوقت او يقدم ما يمكن تقديمه من الأسباب قبل دخول الوقت ويشرع فى الصلاة إذا دخل الوقت لتنطبق الصلاة على أول الوقت ويستحب التأخير فى مسائل. منها الإبراد بالظهر. ومنها فقد الماء أول الوقت وكان ذائقة من وجوده آخر الوقت. ومنها إذا كان بحضرة طعام تتوق نفسه اليه. ومنها إذا كان يتحقق الجماعة آخر الوقت. ومنها إذا كان بمواضع منهى عنها كمواضع المكس والأسواق والربا ومن أعظم مواضع الربا الصاغة فانه يحرم دخولها بغير حاجة لغلبة الربا فيها قال فى شرح المهذب فاذا تيقنت بهذا المذكور فعليك بالاقدام على الطاعات والمسارعة الى العبادات حتى لا يظفريك النفس والشيطان فى جميع الحالات واحذر من التسويف ولعلك لا تنال ما أملت من عمر وزمان: وفى المثنوى صوفى ابن الوقت باشد اى رفيق ... نيست فردا گفتن از شرط طريق وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى هذا النوع بان خلقنا أصله وأول فرد من افراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر افراده انطواء اجماليا مِنْ صَلْصالٍ من طين يابس غير مطبوخ يصلصل اى يصوّت عند نقره وإذا طبخ اى مسته النار فهو فخار مِنْ حَمَإٍ اى كان ذلك الصلصال من طين تغير واسود بطول مجاورة الماء مَسْنُونٍ صفة حمأ اى منتن. وبالفارسية [بوى گرفته بواسطه بسيار بودن در آب چون لايى كه درنگ حوض وجوى باشد] او مصور من سنة الوجه وهى صورته او مصبوب من سن الماء صبه اى مفرغ على هيئة الإنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة فى القوالب كالرصاص والنحاس ونحوهما كأنه سبحانه افرغ الحمأ فصوّر من ذلك تمثال انسان أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت ثم غيره الى جوهر آخر

[سورة الحجر (15) : الآيات 27 إلى 28]

فتبارك الله احسن الخالقين قال الكاشفى [صاحب تبيان گفته كه حق سبحانه وتعالى آدم را از خاك آفريد بران وجه كه آب بر خاك بارانيد تا گل شد ومدتى بگذشت تا حمأ گشت پس آنرا تصوير كرد مسنون بمعنى مصور است آنكه بگذاشت تا خشك شد وبمرتبه صلصال رسيد] وكان بين خلقه ونفخ روحه اربع جمع من الآخرة وخلق بعد العصر يوم الجمعة والظاهر انه خلق فى جنة من جنات الدنيا بغربيها وعليه أكابر اهل الله تعالى وَالْجَانَّ أبا الجن قال فى الروضة إبليس هو ابو الجن والجان اسم جمع للجن كما فى القاموس وسمى بذلك لانه يجن اى يستتر ويجوز ان يراد به الجنس كما هو الظاهر من الإنسان لان تشعب الجنس لما كان من فرد واحد مخلوق من مادة واحدة كان الجنس باسره مخلوقا منها خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ من قبل خلق الإنسان مِنْ نارِ السَّمُومِ من نار الشديد الحرفان السموم فى اللغة الريح الحارة والريح الحارة فيها نار. والفرق بين السموم والحرور ان السموم تكون غالبا بالنهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار كما فى القاموس. وقيل سميت سموما لانها بلطفها تنفذ فى مسام البدن وهى ثقبه كالفم والمنخر والاذن. وقيل نار السموم نار لا دخان لها والصواعق تكون منها وهى نار بين السماء والحجاب فاذا أحدث الله امرا خرقت الحجاب فهوت الى ما أمرت فالهدة التي تسمعون خرق ذلك وقدم خلق الإنسان على الجان مع انه خلق قبله تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله وكان بين خلق آدم والجن ستون الف سنة واتفق اهل العلم من اهل التحقيق ان عالم الملك مقدم خلقة على عالم الجان وعالم الجان مقدم على عالم الإنسان وانتقل ملك الدنيا الى آدم ليحصل له الاعتبار بالسابقين ويظهر له الفضل على الكل بتأخيره عن جميع المخلوقات لانه كالخاتم على الباب وهو خاتم المخلوقات ونتيجة الكائنات ونسخة الكليات من المحسوسات والمعقولات وبه تم كمال الوجود لتحققه بوصفى الجمال والجلال واللطف والقهر بخلاف الملك فانه مخلوق على جناح واحد وهو اللطف: قال المولى الجامى ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت ولم يكن قبل آدم خلق من التراب فخلق آدم منه ليكون عبدا خضوعا وضوعا ذلولا مائلا الى السجود لانه مقام العبودية الكاملة فكل جنس يميل الى جنسه ولهذا تواضع آدم لله واستكبر إبليس عن التواضع فابى وعلا وتكبر فمال الى جنسه لانه خلق من نار قال اهل الحكمة لا شك ان الله تعالى قادر خلق آدم ابتداء على هيئة خاصة من مادة خاصة وانما خلقه من تراب ثم من طين ثم من حمأ مسنون ثم من صلصال كالفخار اما لمحض المشيئة الالهية التي هى محض الحكمة الجامعة او لما فيه من دلالة الملائكة ومصلحتهم ومصلحة الخلق لان خلق الإنسان من هذه الأمور اعجب من خلق الشيء من شكله وجنسه وَإِذْ قالَ رَبُّكَ اى اذكر يا محمد وقت قوله تعالى لِلْمَلائِكَةِ [بجهت خلافت زمين] يقول الفقير ان فى هؤلاء الملائكة اختلافا شديدا والحق ما ذهب اليه أكابر اهل الله تعالى من ان المقول لهم القول الآتي والساجدين لآدم عليه السلام هم الذين تنزلوا من مرتبة الأرواح الى مرتبة الأجسام فدخل فيهم جبريل ونحوه من أكابر الملائكة وأصاغرهم سماوية كانت او ارضية لان كلهم ملتبسون

[سورة الحجر (15) : آية 29]

بملابس الجسمانية اللطيفة فاللام لاستغراق الجنس واما المراد بالعالين فى قوله تعالى أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ الملائكة المهيمون الذين بقوا فى عالم الأرواح واستغرقوا فى نور شهود الحق وليس لهم شعور بنفوسهم فضلا عن آدم وغيره وهم خير من هذا النوع الإنساني فى شرف الحال لا فى الجمعية والكمال والإنسان فوق الملائكة الارضية والسماوية فى رتبة الفضيلة والكمال بل فى شرف الحال ايضا لانهم كلهم عنصريون مخلوقون بيد واحدة فليس لهم شرف حاله ولا رتبة كماله: قال الحافظ فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخوان جام وگلابى بخاك آدم ريز إِنِّي خالِقٌ فيما سيأتى البتة كما يدل عليه التعبير باسم الفاعل الدال على التحقق بَشَراً قال فى القاموس البشر محركة الإنسان ذكرا او أنثى واحدا او جمعا وقد يثنى ويجمع ابشارا وظاهر جلد الإنسان مِنْ صَلْصالٍ متعلق بخالق او صفة لبشرا اى بشرا كائنا من صلصال كائن مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ تقدم تفسيره شاورهم الله تعالى بصورة الامتحان ليميز الطيب اى الملك من الخبيث اى إبليس فسلم الملك وهلك إبليس ولذلك قيل عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان وقيل أخبرهم سبحانه بتكوين آدم قبل ان يخلقه ليوطنوا أنفسهم على فناء الدنيا وزوال ملكوتها كما قال تعالى لآدم اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ والسكنى لا تكون الأعلى وجه العارية ليوطن نفسه على الخروج من الجنة: قال الصائب مهياى فنا را از علائق نيست پروايى ... نينديشد ز خاك آنكس كه دامن در كمر دارد وانما خلق الله آدم بعد جميع المخلوقات ليكون خاتم المخلوقات كسيد المرسلين خاتم الأنبياء فظهر فيه شرف الختم فهو بمنزلة خاتم الملك على باب الكنز الخاص فَإِذا سَوَّيْتُهُ اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صالح لا مساكها والامتلاء بها وهو كناية عن إيجاد الحياة ولا نفخ ثمة ولا منفوخ بل ليس عند الحقيقة الإلقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه قال الشيخ عز الدين النفخ عبارة عما أشعل نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشعال وصورة النفخ فى حق الله تعالى محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال واما السبب الذي اشتعل به نور الروح فهو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذي هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل الاستنارة عند ارتفاع الحجاب بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذي لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية كما قال تعالى فَإِذا سَوَّيْتُهُ ومثال صفة القابل صقالة المرآة فان المرآة قبل صقالتها لا تقبل الصورة وان كانت محاذية لها فاذا صقلت حدثت صورة من ذى الصورة المحاذية لها فكذلك إذا حصل الاستواء فى النطفة حدث فيها الروح آن صفاى آينه وصف دلست ... صورت بى منتها را قابلست

اهل صيقل رسته انداز بو ورنگ ... هر دمى بينند خوبى بي درنگ وانما أضاف النفخ الى ذاته لانه تعالى باشر تسويته وتعديله فخلقه وسواه وعدله بيديه المقدستين ثم نفخ بذاته دون واسطة فيه من روحه الإضافي وهو نفسه الرحمانى الذي يقال له الوجود الظلي المشار اليه بقوله أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ نفخا استلزم لكونه نفخا بالذات فيما بوشرت تسويته باليدين معرفة الأسماء كلها جمالية لطفية كانت او جلالية قهرية قال الشيخ عز الدين الروح منزهة عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الأشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيره من الجسمانيات فلذلك اختصت بالاضافة الى الله تعالى قال الامام الجلدكى فى كتاب الإنسان من كتاب البرهان جوهر الإنسان حقيقة واحدة فى الفطرة الاولى ذات قوى كثيرة وهو المسمى عند الصوفية روحا وقلبا وعند الحكيم نفسا ناطقة فاذا تعلق بالبدن انتشرت قواه واختفى نوره وحصل له مراتب كثيرة وعند احتجابه بغواشى النشأة واستحالته بالأمور الطبيعية يسمى نفسا وعند تجرده وظهور نوره يسمى عقلا وعند إقباله على الحق ورجوعه الى العالم القدسي ومشاهدته يسمى روحا وباعتبار اطلاعه ومعرفته للحق وصفاته وأسمائه جمعا وتفصيلا يسمى قلبا وباعتبار إدراكه للجزئيات فقط واتصافه بالملكات والهيآت التي هى مصادر الافعال يسمى نفسا انتهى كلامه يقول الفقير ذهب جمع من اهل السنة والجماعة منهم الغزالي والامام الرازي وفاقا للحكماء والصوفية الى ان الروح اثر مجرد غير حال بالبدن يتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق يدبر امره على وجه لا يعلمه الا الله تعالى. وتحقيق المقام ان الروح سلطانى وحيوانى فالاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى الأعضاء ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت قال فى التعريفات الروح الأعظم هو الروح الإنساني مظهر الذات الالهية من حيث ربوبيتها والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن كما قال فى التعريفات الروح الحيواني جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني وينتشر بواسطة العروق الضوارب الى سائر اجزاء البدن وأقوى مظاهره الدم ومحل تعينه هو الدماغ وهو اثر الروح السلطاني ومبدأ الافعال والحركات وهو بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال تتفرع على اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى بطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن قال حضرة شيخى قدس سره فى بعض تحريراته غيب السر وهو السر الأخفى اى سر السر مظهر الوجود المطلق عن جميع التعينات السلبية والايجابية بالإطلاق الذاتي الأصلي الحقيقي الوجودي لا بالإطلاق الإضافي النسبي الوهمي الاعتباري والسر مظهر التعين الاول الذاتي الاحدى الجمعى والروح السلطاني مظهر التعين الثاني الصفاتى الواحد الفرقى والروح الحيواني مظهر التعين الثالث الفعلى ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها

وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها اللهم ارفع الحجب عن القلوب حتى تنفتح أبواب الغيوب انتهى بعبارته قال الله تعالى فى بعض كتبه المنزلة اعرف نفسك يا انسان تعرف ربك وقال عليه الصلاة والسلام (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) ومن فضل الله تعالى على الإنسان ان علمه طريق معرفته بان جمع فى شخصه مع صغر حجمه من العجائب ما يكاد يوازى عجائب كل العالم حتى كأنه نسخة مختصرة من هيئة العالم آدمي چيست برزخى جامع ... صورت خلق وحق درو واقع متصل با دقائق جبروت ... مشتمل بر حقائق ملكوت ليتوسل الإنسان بالتفكر فيها الى العلم بالله الذي هو أجل العلوم واشرف المعارف. ومعنى الآية فاذا كملت استعداده وجعلت فيه الروح حتى جرى آثاره فى تجاويف أعضائه فحيى وصار حساسا متنفسا فَقَعُوا لَهُ امر من وقع يقع وفيه دليل على انه ليس المأمور به مجرد الانحناء كما قيل اى اسقطوا له ساجِدِينَ امتثالا لامر الله تعالى وتحية لآدم وتعظيما وتكريما له واسجدوا لله على انه عليه السلام بمنزلة القبلة حيث ظهر فيه تعاجيب آثار قدرته وحكمته يقول الفقير لى رؤيا صادقة فى هذا المقام وهى انى رأيت حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى المنام فى غاية من الانبساط فسألته عن بعض ما يتعلق بالموت فقال كنت على الطهارة الكاملة الى آخر النفس فلما قبض روحى دخلت فجا يجرى فيه عين ماء فتوضأت منه لانه وقع الحدث بالنزع ثم عرج بي الى السماء ثم رجعت الى جنازتى فصليت على مع الحاضرين فقلت له هل يبقى العقل والإدراك الذي فى هذه النشأة الدنيوية على حاله قال نعم ثم أخذ بيدي وهو متبسم فقال لى مرتين كن معتقدا لى كأنه اظهر السرور من حسن اعتقادي له فاستيقظت ففى هذه الرؤيا امور. منها ان الوضوء ينتقض عند النزع وعليه بنى مشروعية الغسل فى الأصح والمؤمن الكامل طاهر فى حياته ومماته فلا يتنجس والحدث غير التنجس ولو سلم فهو بالنسبة الى الناقص والحاصل انه يغسل الكامل غسل الناقص لانه على غير وضوء بحسب الظاهر ولانه فى هذه النشأة الدنيوية تابع للناقص فيما يتعلق بالأمور الظاهرة. ومنها بيان بقاء العقل والإدراك على حاله لان العقل والايمان والولاية ونحوها من صفات الروح وهو لا يتغير بالموت. ومنها ان الروح الكامل يشهد جنازته فيكون أسوة للناس فى الصلاة فصلاته على نفسه اشارة الى ان الكامل هو الساجد والمسجود له فى مرتبة الحقيقة فعبادته له لا لغيره فافهم جدا وصلاة الناس عليه اشارة الى سجود الملائكة لآدم ولهذا شرعت صلاة الجنازة مطلقا تحقيقا لهذا السر العظيم ولا ينافيه كونها دعاء وثناء فى مرتبة الشريعة إذ لكل مرتبة حد بحسب الوقوف عنده قال فى التأويلات النجمية فَإِذا سَوَّيْتُهُ تسوية نجعله قابلا لنفختى وللروح المضاف الىّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي يشير بتشريف هذه الاضافة الى اختصاص الروح بأعلى المراتب من الملكوت الأعلى وكمال قربه الى الله كما قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ والى اختصاصه بقبول النفخة فانه تشرف بهذا

[سورة الحجر (15) : الآيات 30 إلى 35]

التشريف وخص به من سائر المخلوقات فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ وذلك لان الروح لما أرسل من أعلى مراتب القرب بنفخة الحق تعالى الى أسفل سافلين القالب كان عبوره على الروحانيات والملائكة المقربين وهم خلقوا من نور فاندرجت أنوار صفاتهم فى نور صفاته كما تندرج أنوار الكواكب فى نور الشمس ثم عبر على الجن والشياطين فاتخذ زبدة خواص صفاتهم ثم عبر على الحيوانات فاستفاد منهم الحواس والقوى ثم تعلق بالقالب المخلوق بيد الله المخمر فيه لطف الله وقهره المستعد لقبول التجلي فلما خلق الله آدم وتجلى فيه قال لاهل الخطاب وهم الملائكة فقعوا له ساجدين لاستحقاق كماله فى الخلقة وشرفه بالعلم وقابليته للتجلى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة كُلُّهُمْ بحيث لم يشذ منهم أحد ارضيا كان او سماويا أَجْمَعُونَ بحيث لم يتأخر فى ذلك أحد منهم عن أحد بل سجدوا مجتمعين يقول الفقير هذا فى الحقيقة تعظيم للنور المنطبع فى مرآة آدم عليه السلام وهو النور المحمدي والحقيقة الاحمدية ولله در الحافظ فى قوله ملك در سجده آدم زمين بوس تو نيت كرد ... كه در حسن تو لطفى يافت بيش از طور انسانى قوله أجمعون تأكيد بعد تأكيد لكنه لوحظ فيه معنى الجمع والمعية بحسب الوضع كما تلاحظ المعاني الاصلية فى الكنى إذ لا ينافى إقامته مقام كل فى إفادة معنى الإحاطة إفادة معنى زائد يقصد ضمنا وتبعا فاذا فهمت الإحاطة من لفظ آخر لم يكن بدّ من مراعاة الأصل صونا للكلام عن الإلغاء ولا ريب فى ان السجود معا أكمل اصناف السجود فيحمل عليه قال فى بحر العلوم قالوا هو نظير المفسر فان قوله فسجد الملائكة ظاهر فى سجود جميع الملائكة لان الجمع المعرف باللام ظاهر فى العموم يتناول كل واحد من الافراد كالمفرد لكنه يحتمل التخصيص وارادة البعض كما فى قوله وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ اى جبريل فبقوله كلهم انقطع ذلك الاحتمال وصار نصا لازدياد وضوحه على الاول ولكنه يحتمل التأويل والحمل على التفرق فبقوله أجمعون انسد ذلك الاحتمال وصار مفسرا لانقطاع الاحتمال عن اللفظ بالكلية فان قلت قد استثنى إبليس فيكون محتملا للتخصيص قلت الاستثناء ليس بتخصيص إِلَّا إِبْلِيسَ ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي انتهى وعلى الثاني ليس فيه اشتقاق وهو الأصح عند الجمهور والاستثناء متصل لانه الأصل لانه كان جنيا مفردا مستورا فيما بين الملائكة فامر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فسجد الملائكة تغليب الذكر على الأنثى ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا ونظيره قولك رأيتهم الا هندا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال الله لجماعة من الملائكة اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فارسل عليهم نارا فاحرقتهم ثم قال لجماعة اخرى اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس يقول الفقير فيه إشكالان الاول ان عبادة الملائكة طبيعية فلا يتصور منهم التردد فضلا عن الامتناع عن الامتتال للامر الإلهي لا سيما ان إبليس لو شاهد تلك الحال لبادر الى الامتثال خوفا من سطوة الجلال اللهم الا ان لا يكون بحضوره والثاني ان التأكيدين افادا المعية والاجتماع وذلك بالنظر الى جميع الملائكة وفيما ذكره تفريق لطائفة عن اخرى أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ابى الشيء

[سورة الحجر (15) : الآيات 32 إلى 33]

يأباه ويأبيه اباء واباءة كرهه وأبيته إياه كما فى القاموس وهو جواب قائل قال لم لم يسجد اى عدم سجوده لم يكن من تردده بل من ابائه واستكباره ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا فيتصل به ما بعده اى لكن إبليس أبى ان يكون معهم فى السجود لآدم وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث ادمج فى معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الأمر والاستكبار مع تحقير آدم ومفارقة الجماعة والإباء عن الانتظام فى سلك أولئك المقربين الكرام قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره فى روح القدس اعلم انه لا شىء أنكى على إبليس من آدم فى جميع أحواله فى صلاته من سجوده لانها خطيئته فكثرة السجود وتطويله يحزن الشيطان وليس الإنسان بمعصوم من إبليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتى امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فابيت فلى النار) فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا اقام من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه فاشتغل به: وفى المثنوى آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست خلق پنهان زشتشان وخوبشان ... مى زند بر دل بهر دم كوبشان بهر غسل ار در روى در جويبار ... بر تو آسيبى زند در آب خار گرچهـ پنهان خار در آبست پست ... چونكه دو تو مى خلد دانى كه هست خار خار وحيلها ووسوسه ... از هزاران كس بود يك كسه باش تا خسهاى تو مبدل شود ... تا بينى شان ومشكل حل شود قالَ استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال تعالى عند ذلك فقيل قال الله يا إِبْلِيسُ ما لَكَ اى أي سبب لك أَلَّا تَكُونَ فى ان لا تكون مَعَ السَّاجِدِينَ لآدم مع انهم ومنزلتهم فى الشرف منزلتهم وما كان التوبيخ عند وقوعه لمجرد تخلفه عنهم بل لكل من المعاصي الثلاث المذكورة قالَ إبليس وهو ايضا استئناف بيانى لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ اللام لتأكيد النفي اى ينافى حالى ولا يستقيم منى ان اسجد. لِبَشَرٍ اى جسم كثيف وانا جوهر روحانى خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ [از گل خشك] مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [از لاى سياه بوى ناك] وقد تقدم تفسيره: يعنى [او را از اخس عناصر آفريدى كه خاكست ومرا از اشرف آن كه آتش است پس روحانئ لطيف چرا فرمان جسمانئ كثيف برد واو را سجده كند إبليس نظر بظاهر آدم داشت واز باطن او غافل بود صورتش را ويرانه ديد ندانست كه كنج اسرار در ان خرابه مدفونست كجست درين خانه كه در كون نگنجد ... اين كنج خراب از پى آن كنج نهانست فى الجملة هر آنكس كه درين خانه رهى يافت ... سلطان زمين است وسليمان زمانست وفى التأويلات النجمية فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ لما فيهم من خصوصية انقياد النورية

[سورة الحجر (15) : الآيات 34 إلى 35]

واختصاص العلم بقبول النصح إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذي هو مركوز فيه ولحسبانه انه عالم إذ قالَ له ربه يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ اى ما حجتك فى الامتناع عن السجود قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ اى حجتى انك خلقتنى من نار وهى جوهر لطيف نورانى علوى وخلقته من طين وهو كثيف ظلمانى سفلى فانا خير منه بهذا الدليل فاشار بهذا الاستدلال الى ان آدم لا ينبغى ان يسجد له لفضله عليه ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه ان الله اخطأ فيما امره وامر الملائكة من السجود لآدم وحسب ان الله جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة فى بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل الله استحقاقه للسجود فى سر الخلافة المودعة فى روحه المشرف بشرف الاضافة الى حضرته المختص باختصاص نفخته المتعلم للاسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه ومن هاهنا قيل لابليس انه اعور لانه كان بصيرا بإحدى عينيه التي يشاهد بها بشرية آدم وما أودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولد منها الفساد وسفك الدماء وانه كان أعمى بإحدى عينيه التي يشاهد بها سر الخلافة المودع فى روحانيته وما كرم به من علم الأسماء والنفخة الخاصة وشرف الاضافة الى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء قال حضرة شيخى وسندى فى بعض تحريراته الأرض وحقائق الأرض فى الطمأنينة والإحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكنا وسكونا وساكتا وسكوتا لفوزه بوجود مطلوبه فكان أعلى مرتبة العلو فى عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الأرض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه اسلام انتهى ويشير الى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال أرس را در بيابان جوش باشد ... بدريا چون رسد خاموش باشد : وقول الصائب ايضا عاشقانرا تا فنا از شادى وغم چاره نيست ... سيل را پست وبلندى هست تا دريا شدن قالَ الله تعالى فَاخْرُجْ مِنْها امر اهانة وابعاد كما فى قوله تعالى قالَ فَاذْهَبْ والضمير للجنة وخروجه منها لا ينافى دخولها بطريق الوسوسة وكذا يستلزم خروجه من السموات ايضا ومن زمرة الملائكة المقربين ومن الخلقة التي كان عليها وهى الصورة الملكية وصفاتها كما هو شأن المطرودين المغضوبين وقد كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا قال ابو القاسم الأنصاري ان الله باين بين الملائكة والجن والانس فى الصور والاشكال فان قلب الله تعالى الملك الى بنية الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وقس عليه غيره فَإِنَّكَ رَجِيمٌ من الرجم بالحجر اى الرمي به وهو كناية عن الطرد لان من يطرد يرجم بالحجارة على اثره اى مطرود من رحمة الله ومن كل خير وكرامة او من الرجم بالشهب وهو كناية عن كونه شيطانا اى من الشياطين الذين يرجمون بالشهب وهو وعيد يتضمن الجواب عن شبهته فان من عارض النص بالقياس فهو رجيم ملعون وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ الابعاد عن الرحمة وحيث كان من جهة الله

[سورة الحجر (15) : الآيات 36 إلى 40]

تعالى وان كان جاريا على ألسنة العباد وقيل فى سورة ص وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ الى يوم الجزاء والعقوبة وفيه اشعار بتأخير عقابه وجزائه اليه وان اللعنة مع كمال فظاعتها ليست جزاء لفعله وانما يتحقق ذلك يومئذ وحد اللعن بيوم الدين لان عليه اللعنة فى الدنيا فاذا كان يوم الدين اقترن له باللعنة عذاب ينسى عنده اللعنة وفى التبيان هذا بيان للتأبيد لا للتوقيت كقوله ما دامَتِ السَّماواتُ فى التأبيد ويؤيده وقوع اللعن فى ذلك اليوم كما قال تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وهو لعن مقارن بالعذاب الأليم نسأل الله الفوز والعاقبة وانما حكم عليه باللعنة لاستحقاقه لذلك بحسب الفطرة وفى الأزل فكانت غذاءه الى ابد الآباد: وفى المثنوى گر جهان باغي پر از نعمت شود ... قسم مور ومار هم خاكى بود كرم سر كين در ميان آن حدث ... در جهان نقلى نداند جز خبث وفيه اشارة الى ان إبليس النفس مأمور بسجود آدم الروح ومن دأبه وطبعه الإباء عن طاعة الله تعالى والاستكبار عن خليفة الله والامتناع عن سجوده وذلك فى بدء خلقتهما على فطرة الله التي فطر الناس عليها فلما امر إبليس بسجوده وابى قال فَاخْرُجْ مِنْها اى من فطرة الله المستعدة لقبول الكفر والايمان فَإِنَّكَ رَجِيمٌ مطرود عن جوارنا لانك قبلت الكفر دون الايمان وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ وهى من نتائج صفات القهر اى مقهورا مبعدا عن مقام عبادنا المقبولين إِلى يَوْمِ الدِّينِ اى الى ان نولج ليل الدين فى نهار الدين وتطلع شمس شواهدنا من مشرق الروح وتصير ارض النفوس مشرقة بانوار الشواهد فتكون مطمئنة بها متبدلة صفاتها الذميمة الحيوانية المظلمة بأخلاق الروحانية الحميدة النورانية المستحقة لخطاب ارجعي كما فى التأويلات النجمية قالَ إبليس عليه ما يستحق رَبِّ [اى پروردگار] فَأَنْظِرْنِي الفاء متعلقة بمحذوف دل عليه فاخرج منها فانك رجيم اى إذا جعلتنى رجيما فامهلنى وأخرني إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ اى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم والبعث احياء الميت كالنشر وأراد بذلك ان يجد لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت إذ لا موت بعد يوم البعث فاجابه الى الاول دون الثاني كما قال تعالى قالَ الله تعالى فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم ازلا ودل على ان ثمة منظرين غير إبليس وهم الملائكة فانهم ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون الى آخر الزمان واما الشياطين فذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون كما خلد إبليس واما الجن فيتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون بلغ الحجاج بن يوسف ان بأرض الصين مكانا إذا اخطأوا فيه الطريق سمعوا صوتا يقول هلموا الى الطريق ولا يرون أحدا فبعث ناسا وأمرهم ان يتخاطأوا الطريق عمدا فاذا قالوا لكم هلموا الى الطريق فاحملوا عليهم فانظروا ما هم ففعلوا ذلك قال فدعوهم فقالوا هلموا الى الطريق فحملوا عليهم فقالوا انكم لن ترونا فقلت منذكم أنتم هاهنا قالوا ما نحصى السنين غير ان الصين خربت ثمانى مرات وعمرت ثمانى مرات ونحن هاهنا والصين موضع بالكوفة ومملكة بالمشرق منها الأواني الصينية وبلدة بأقصى الهند وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان إبليس إذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة ويقال ان الخضر عليه السلام يجدده

[سورة الحجر (15) : آية 38]

الله تعالى فى بدنه فى كل مائة وعشرين سنة فيعود شابا وهو من المنظرين كما فى الاخبار الصحيحة وهذه المخاطبة وان لم تكن بواسطة لكن لا تدل على علو منصب إبليس لان خطاب الله تعالى له على سبيل الاهانة والاذلال كما فى التفاسير وقال بعضهم الصحيح انه لا يجوز ان يكون كلمه كفاحا اى شفاها ومواجهة وانما كلمه على لسان ملك لان كلام الباري لمن كلمه رحمة ورضى وتكرّم وإجلال ألا ترى ان موسى عليه السلام فضل بذلك على سائر الأنبياء ما عدا الخليل ومحمدا عليهما السلام وجميع الآي الواردة محمولة على انه أرسل اليه بملك يقول له فان قلت أليس رسالته اليه ايضا تشريفا قيل مجرد الإرسال ليس بتشريف وانما يكون لاقامة الحجة بدلالة ان موسى عليه السلام أرسل الى فرعون وهامان ولم يقصد إكرامهما وتشريفهما كذا فى آكام المرجان إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ اى المعين عند الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر وهو وقت موت الخلق عند النفخة الاولى ثم لا يبقى بعد ذلك حى الا الله تعالى أربعين سنة الى النفخة الثانية همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال قال الكاشفى: يعنى [زمان فناء خلق بنفخه أول كه نفخه صعقه گويند چهـ قول جمهور آنست كه نفخه أول نفخه موت باشد ونفخه ثانى نفخه احياء وميان دو نفخه بقول أشهر چهل سال خواهد بود پس إبليس چهل سال مرده باشد پس انگيخته شود] قال فى السيرة الحلبية هذه النفخة التي هى نفخة الصعق مسبوقة بنفخة الفزع التي يفزع بها اهل السموات والأرض فتكون الأرض كالسفينة فى البحر تضربها الأمواج وتسير الجبال كسير السحاب وتنشق السماء وتكسف الشمس ويخسف القمر وعن وهب ان اليوم المعلوم الذي انظر اليه إبليس هو يوم بدر قتلته الملائكة فى ذلك اليوم وقيل وقت طلوع الشمس من مغربها بدليل قول النبي عليه السلام (إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدا ينادى ويجهر الهى مرنى ان اسجد لمن شئت فيجتمع ذرياته فيقولون يا سيدنا ما هذا التضرع فيقول انما سألت ربى ان ينظرنى الى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم ثم تخرج دابة الأرض من صدع فى الصفا فاول خطوة تضعها بانطاكية فيأتى إبليس فتلطمه وتقتله بوطئها) والقول الاول أشهر قال أحنف بن قيس قدمت المدينة أريد امير المؤمنين عمر رضى الله عنه فاذا انا بحلقة عظيمة وكعب الأحبار فيها يحدث الناس ويقول لما حضر آدم عليه السلام الوفاة قال يا رب سيشمت بي عدوى إبليس إذا رآنى ميتا وهو منظر الى يوم القيامة فاجيب ان يا آدم انك سترد الى الجنة ويؤخر اللعين الى النظرة ليذوق الم الموت بعدد الأولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت فلما وصفه قال يا رب حسبى فضج الناس وقالوا يا أبا إسحاق كيف ذلك فابى فالحوا فقال يقول الله تعالى لملك الموت عقيب النفخة الاولى قد جعلت فيك قوة اهل السموات السبع واهل الأرضين السبع وانى البستك اليوم أثواب السخط والغضب كلها فانزل بغضبي وسطوتى على رجيمى إبليس فاذقه الموت واحمل عليه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين أضعافا مضاعفة وليكن معك من الزبانية سبعون

[سورة الحجر (15) : آية 39]

الفا قد امتلأوا غيظا وغضبا وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من أغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين الف كلاب من كلاليبها وناد مالكا ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليها اهل السموات والأرضين لما توا بغتة من هولها فينتهى الى إبليس فيقول قف لى يا خبيث لا ذيقنك الموت كم من عمر أدركت وقرون أضللت وهذا هو الوقت المعلوم قال فيهرب اللعين الى المشرق فاذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب الى المغرب فاذا هو بين عينيه فيغوص البحار فتتنزه عنه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب فى الأرض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم فى وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام ويتمرغ فى التراب من المشرق الى المغرب ومن المغرب الى المشرق حتى إذا كان فى الموضع الذي اهبط فيه آدم عليه السلام وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى فى النزع والعذاب الى حيث شاء الله تعالى هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت ويقال لآدم وحواء عليهما السلام اطلعا اليوم الى عدو كما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظر ان الى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا أتممت علينا نعمتك شكر خدا كه هر چهـ طلب كردم از خدا ... بر منتهاى همت خود كامران شدم قال فى اسئلة الحكم انما استجاب الله دعاءه بانظاره الى يوم الدين مكافاة له بعبادته التي مضت فى السماء وعلى وجه الأرض ليعلم انه لا يضيع اجر العاملين فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره اما فى الدنيا معجلا مثوبته واما فى الآخرة فى حق المؤمن وقال فى موضع آخر أهلك الله تعالى اعداء سائر الأنبياء كفرعون ونمرود وشداد وأبقى عدو آدم الصفي وهو إبليس وذريته لان إبليس لم يكن عدو آدم فحسب انما كان عدو الله فامهله وأبقاه الى آخر الدهر استدراجا من حيث لا يعلم ليتحمل من الأوزار ما لا يتحمله غيره من الأشرار والكفار فانظره الى يوم القرار ليحصل به الاعتبار لذوى الأبصار بأن أطول الأعمار فى هذه الدار لرئيس الكفار وقائد زمرة الفجار وأساء الأدب ودعا لنفسه بالبقاء والكبرياء والفراعنة لم يدعوا بالبقاء لانفسهم وما أصروا على الاستكبار فى جميع أعمارهم قالَ إبليس رَبِّ [اى پروردگار من] بِما أَغْوَيْتَنِي الباء للقسم وما مصدرية والجواب لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ اى اقسم باغوائك إياي لازينن لهم اى لذرية آدم المعاصي والشهوات واللذات فالمفعول محذوف. والإغواء [بي راه كردن] يقال غوى غواية ضل. والتزيين [بياراستن] فِي الْأَرْضِ اى فى الدنيا التي هى دار الغرور كما فى قوله تعالى أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ لان الأرض محل متاعها ودارها وفى التبيان ازين لهم المقام فى الأرض كى يطمئنوا إليها واقسامه بعزة الله المفسرة بسلطانه وقهره كما فى قوله فَبِعِزَّتِكَ لا ينافى اقسامه بهذا فانه فرع من فروعها واثر من آثارها فلعله اقسم بهما جميعا فحكى تارة قسمه بصفة فعله وهو الإغواء واخرى بصفة ذاته وهى العزة قال الكاشفى [برخى برانند كه دربما أغويتني با سببى است يعنى سبب آنكه مرا گمراه كردى من بيارايم معاصى را بچشم مردمان] وجعله سعدى المفتى اولى لان جعل الإغواء مقسما به غير متعارف

[سورة الحجر (15) : آية 40]

إذ الايمان مبنية على العرف [هر چهـ بعرف مردمان آنرا سوگند توان گفت يمين است والا لا] يقول الفقير حفظه الله القدير سمعت من حضرة شيخى وسندى روح الله روحه ان آدم عليه السلام كاشف عن شأنه الذاتي فسلك طريق الأدب حيث قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا واما إبليس فلم يكن له ذلك ولذلك قال بِما أَغْوَيْتَنِي حيث أسند الإغواء الى الله تعالى إذ تلك الغواية كانت ثابتة فى عينه العلمية وشأنه الغيبى فاقتضت الظهور فى هذا العالم فاظهرها الله تعالى ومن المحال ان يظهر الله تعالى ما ليس بثابت ولا مقدر وقولهم السعادة الازلية والعناية الرحمانية من طريق الأدب والا فاحوال كل شىء تظهر لا محالة فاسمع واحفظ وصن: قال الحافظ پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش بود وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ولا حملنهم أجمعين على الغواية والضلالة إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من شوائب الشرك الجلى والخفي فلا يعمل فيهم كيدى فانهم اهل التوحيد الحقيقي على بصيرة من أمرهم ويقظة وفى التأويلات النجمية أخلصتهم من حبس الوجود بجذبات الألطاف وأفنيتهم عنهم بهويتك ومما كتب لى حضرة شيخى وسندى قدس سره فى بعض مكاتيبه الشريفة ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فاجتهد فى اللحوق باصحاب الثاني حتى تأمن من جميع الأغيار والاكدار وكفاك فى شرف الصدق ان اللعين ما رضى لنفسه الكذب حتى استثنى المخلصين: قال الحافظ طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (قال إبليس لربه عز وجل بعزتك وجلالك لا أبرح اغوى بنى آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال الله تعالى وعزتى وجلالى لا أزال اغفر لهم ما استغفرونى) وفى الحديث (لما لعن إبليس قال فبعزتك لا أفارق قلب ابن آدم حتى يموت قال قيل له وعزتى لا احظر عنه التوبة حتى يغرغر بالموت) وانما خلق الله إبليس ليميز به العدو من الحبيب والشقي من السعيد فخلق الله الأنبياء ليقتدى بهم السعداء وخلق إبليس ليقتدى به الأشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون واعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا فى قلوبهم ترك الدين ولا الدنيا فقالوا له أعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هى فقال إبليس أعطوني رهنا فاعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب ارباب الدنيا استماع اخبارها ومسارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وبصرهم رهن عند إبليس فاعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فلم يسمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخرفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشيء يعمى ريصم ودخل قوم على ابى مدين فشكوا وسوسة الشيطان فقال قد خرج من عندى الساعة وشكا منكم وقال قل لاصحابك يتركوا دنياى حتى اترك لهم دينهم ومتى تعرضوا لمتاعى

[سورة الحجر (15) : الآيات 41 إلى 44]

الدنيا اتشبث بمتاعهم الآخرة قال احمد بن حنبل رحمه الله اعداؤك اربعة الدنيا وسلاحها لقاء الخلق وسجنها العزلة جامى بملك ومال چوهر سفله دل مبند ... كنج فراع وكنج قناعت ترا بس است والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع جوع باشد غذاى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر نرگس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته تا بينا بود دولت به بيداران رسد والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت اگر بسيار دانى اندكى گوى ... يكى را صد مگو صد را يكى گوى قالَ الله تعالى لابليس هذا اى تخلص المخلصين من اغوائك صِراطٌ [راهيست كه حق است] عَلَيَّ [بر من رعايت آن] اى كالحق الذي يجب مراعاته فى تأكد ثبوته وتحقق وقوعه إذ لا يجب على الله شىء عند اهل السنة مُسْتَقِيمٌ لا عوج فيه ولا انحراف عنه. ويجوز ان يكون هذا اشارة الى الإخلاص على معنى انه طريق يؤدى الى الوصول الى من غير اعوجاج وضلال فايثار حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو ادل على التمكين من الوصول وهو تمثيل إذ لا استعلاء لشئ على الله تعالى إِنَّ عِبادِي وهم المشار إليهم بالمخلصين الجديرون بالاضافة الى جنابه تعالى لخلوصهم فى الايمان وسلامتهم من اضافة الوجود الى أنفسهم وحريتهم عما سوى الله تعالى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ على قلوبهم سُلْطانٌ تسلط وتصرف بالإغواء قال فى الاسئلة قيل للشيطان ما حالك مع ابى مدين قال كمثل رجل يبول فى البحر المحيط يريد ان يلوثه هل أسفه منه او كمثل رجل يريدان يطفئ أنوار الشمس بنفسه هل ترى أجهل منه وقيل لبعضهم كيف مجاهدتك للشيطان قال ما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا الى الله تعالى فكفانا من دونه وفى معناه انشد تسترت عن دهرى بظل جنابه ... فعينى ترى دهرى وليس يرانيا فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت؟؟؟ ... واين مكانى ما عرفن مكانيا إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ [مگر آنكس كه متابعت تو كند از گمراهان كه تو بدو مسلط توانى شد] وفيه اشارة الى ان إغواءه للغاوين ليس بطريق السلطان بمعنى القهر والجبر بل بطريق اتباعهم له بسوء اختيارهم فيتسلط عليهم بالوسوسة والتزيين فان قلت ان الله تعالى لم يمنع إبليس عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت سلطه عليه ثم عصمه منه ولذا اسلم شيطانه على يديه واخذه مرة وجعل رداءه فى عنقه حتى استعاذ منه فهو كمثل الفراش يريد ان يطفئ نور السراج فيحرق نفسه قال على رضى الله عنه الفرق بين صلاتنا وصلاة اهل الكتاب وسوسة الشيطان لانه فرغ من عمل الكفار لانهم وافقوه يقول إذا كفر أحد انى بريئ منك والمؤمن يخالفه والمحاربة تكون مع المخالفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الشيطان يوسوس

[سورة الحجر (15) : الآيات 43 إلى 44]

لكم ما لو تكلمتم به لكفرتم فعليكم بقراءة قل هو الله أحد) قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه وَعِبادُ الرَّحْمنِ العلماء الصلحاء الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وهم الذين قال الله تعالى فى حقهم إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ والعلماء الفسقاء الجهلاء الذين يمشون على الأرض كبرا وتعظما وإذا خاطبهم العالمون قالوا كلاما شنيعا وملاما قبيحا وهم الذين قال الله فى حقهم إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ فاتقوا الله يا اولى الألباب من العلم الخبيث الذي مال اليه الخبيثون إذ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات واطلبوا يا ذوى القلوب العلم الطيب الذي قصد اليه الطيبون إذ الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك هم الراشدون المهديون لعكم تفلحون فى الدنيا والآخرة بالعلم النافع والعمل الصالح وانفع جميع العلوم النافعة هو العلم الإلهي الحاصل بالتجلى الإلهي والفيض الرحمانى والإلهام الرباني المؤيد بالكتاب الإلهي والحديث النبوي ولا يحصل ذلك العلم بهذا التجلي والفيض والإلهام الا عند إصلاح الطبيعة بالشريعة وتزكية النفس بالطريقة وتخلية القلب وتحلية الفؤاد بالمعرفة وتجلية الروح وتصفية السر بالحقيقة بأكمل التوحيد وأشمل التجريد وأفضل التفريد من جميع ما سوى الله حتى لا يبقى فى الطلب والقصد والتوجه والمحبة شىء مما سواه من السلفات الفانية ففروا الى الله من جميع ما سوى الله سبق المفردون السابقون السابقون أولئك المقربون انتهى كلام الشيخ فى اللائحات البرقيات: قال الجامى از عالم صورت كه همه نقش خيالست ... ره سوى حقيقت نبرى در چهـ خيالى وَإِنَّ جَهَنَّمَ معرب فارسى الأصل يقال ركية جهنام اى بعيدة الغور وكأنه فى الفرس [چهـ نم] وفى تفسير الفاتحة للفنارى سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين وهى أعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة لَمَوْعِدُهُمْ مكان الوعد للمتبعين اى مصيرهم أَجْمَعِينَ تأكيد للضمير والعامل الاضافة يعنى الاختصاص لا اسم مكان فانه لا يعمل لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ يدخلون منها كل باب فوق باب على قدر الطبقات لكل طبقة باب لِكُلِّ بابٍ من تلك الأبواب المنفتح على طبقة من الطبقات وقوله مِنْهُمْ اى من الاتباع حال من قوله جُزْءٌ مَقْسُومٌ ضرب معين مفرز من غيره حسبما يقتضيه استعداده فللطبقة الاولى وهى العليا العصاة من المسلمين وعن الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انه قال تبقى جهنم خالية ومراده الطبقة العالية فانها مقر عصاة المؤمنين ولا ريب ان من كان فى قلبه مثقال ذرة من ايمان اى من معرفة الله تعالى فانه لا يبقى مخلدا فتبقى جهنم خالية. واما الطبقات السافلة فاهلها مخلدة يقول الفقير لكلامه محمل آخر عندى معلوم عند القوم لا يصح كشفه وللطبقة الثانية اليهود وللثالثة النصارى وللرابعة الصابئون وللخامسة المجوس وللسادسة المشركون وللسابعة المنافقون واختلف الروايات فى ترتيب طبقات النار وفى الأكثر جهنم أولها وفيما بعدها اختلاف ايضا كما فى حواشى سعدى چلبى المفتى. وسميت جهنم لما سبق. ولظى لشدة إيقادها. والحطمة لانها تحطم. والسعير لتوقدها. وسقر لشدة الالتهاب. والجحيم لعمقها. والهاوية لهويها وتسفلها وفى بحر العلوم اعلم انه لا يتعين

[سورة الحجر (15) : الآيات 45 إلى 50]

لتلك الأبواب السبعة الا من عصى الله تعالى بالأعضاء السبعة العين والاذن واللسان والبطن والفرج والرجل والاولى فى الترتيب ما فى الفتوحات ان كونها سبعة أبواب بحسب أعضاء التكليف وهى السمع والبصر واللسان واليدان والقدمان والفرج والبطن فالاعضاء السبعة مراتب أبواب النار فاحفظها كلها من كل ما نهاه الله وحرمه والا يصير ما كان لك عليك وتنقلب النعمة عقوبة هفت در دوزخند در تن تو ... ساخته نقششان درو در بند هين كه در دست تست قفل امروز ... در هر هفت محكم اندر بند وفى التأويلات النجمية وَإِنَّ جَهَنَّمَ البعد والاحتراق من الفراق لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ من الحرص والشره والحقد والحسد والغضب والشهوة والكبر لِكُلِّ بابٍ من الأرواح المتبعين لا بليس النفس المتصفين بصفاتها جُزْءٌ مَقْسُومٌ بحسب الاتصاف بصفاتها وقيل خلق الله تعالى للنار سبعة أبواب دركات بعضها تحت بعض. وللجنة ثمانية أبواب درجات بعضها فوق بعض لان الجنة فضل والزيادة فى الفضل والثواب كرم وفى العذاب جور. وقيل الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان فمن اذن واقام غلقت عنه أبواب النيران وفتحت له أبواب الجنة الثمانية واعلم ان أشد الخلق عذابا فى النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وهى النار فيعذب غالبا بما فى جهنم من الزمهرير إِنَّ الْمُتَّقِينَ الاتقاء على ثلاثة أوجه اتقاء عن محارم الله باوامر الله واتقاء عن الدنيا وشهواتها بالآخرة ودرجاتها واتقاء عما سوى الله تعالى بالله وصفاته والاول تقوى العوام والثاني تقوى الخواص والثالث تقوى الأخص فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ مستقرون فيها لكل واحد منهم جنة وعين على ما تقتضى قاعدة مقابلة الجمع بالجمع والاستغراق هو المجموعى او لكل منهم عدة منهما على ان يكون الالف واللام للاستغراق الافرادى قال الكاشفى يعنى [باغها كه در ان چشمها روان بود از شير وخمر وانگبين وآب] يقول الفقير جعل ما يستقرون فيه فى الآخرة كأنهم مستقرون فيه فى الدنيا لشدة أخذهم بالأسباب المؤدية اليه ونظيره فى حق اهل النار إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ادْخُلُوها اى يقال لهم من ألسنة الملائكة عند وصولهم الى الباب وعند توجههم من جنة الى جنة ادخلوا ايها المتقون تلك الجنات ملتبسين بِسَلامٍ اى حال كونكم سالمين من كل مخوف او مسلما عليكم يسلم الله تعالى عليكم والسلام من الله هو الجذبة الالهية كما فى التأويلات النجمية آمِنِينَ من الآفات حال اخرى وفى التأويلات آمِنِينَ من الموانع للدخول والخروج بعد الوصول وفيه اشارة الى ان السير فى الله لا يمكن الا بالله وجذباته كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حين تأخر عنه جبريل فى سدرة المنتهى چنان گرم در تيه قربت براند ... كه در سدره جبريل ازو باز ماند ونفى عنه الرفرف فى مقام قاب قوسين وما وصل الى مقام او ادنى وهو كمال القرب الا بجذبة ادن منى فبسلام الله سلم من موانع الدخول والخروج بعد الوصول وَنَزَعْنا [وبيرون

[سورة الحجر (15) : آية 48]

كشيم] ما فِي صُدُورِهِمْ [آنچهـ در سينهاى بهشتيان باشد] مِنْ غِلٍّ اى حقد كامن فى القلب بسبب عداوة كانت منهم فى الدنيا عن على رضى الله عنه أرجو ان أكون انا وعثمان وطلحة والزبير منهم وفيه اشارة الى ان غل أوصاف البشرية من امارية النفس وصفاتها الذميمة لا ينتزع من النفوس الا بنزع الله تعالى إياه ومن لم ينزع عنه الغل لم يأمن من الخروج بعد الدخول كما كان حال آدم عليه السلام لما ادخل الجنة قبل تزكية النفس ونزع صفاتها عنها اخرج منها بالغل الذي كان من نتائجه وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه ونزع عنه الغل بالتوبة وهداه الى الجنة يقول الفقير انتزاع الغل اما ان يكون فى الدنيا وذلك بتزكية النفس عن الأوصاف القبيحة وتخلية القلب عن سفساف الأخلاق وهو للكاملين واما ان يكون فى الآخرة وهو للناقصين جعلنا الله وإياكم من المتصافين إِخْواناً حال من الضمير فى جنات قال الكاشفى [در آيند ببهشت در حالتى كه برادران باشند يكديگريرا يعنى در مهربانى ودوستارى] وزاد فى هذه السورة إخوانا لانها نزلت فى اصحاب رسول الله عليه السلام وما سواها عام فى المؤمنين يقول الفقير فهم إذا كانوا إخوانا يعنى على المصافاة لم يبق بينهم التحاسد لا فى الدنيا على العلوم والمعارف ولا فى الآخرة على درجات الجنة ومراتب القرب عَلى سُرُرٍ [برادران نشسته بر تختها از زر مكلل بجواهر مُتَقابِلِينَ رويها بيكديگر آورده اند بهشتيان قفاى يكديگر نمى بينند] قال مجاهد تدور بهم الاسرة حيث ما أرادوا فهم متقابلون فى جميع أحوالهم يرى بعضهم بعضا وذلك من نتائج مصافاتهم فى الدنيا لا يَمَسُّهُمْ [نميرسد ايشانرا] فِيها [در بهشت] نَصَبٌ [رنجى ومشقتى كه آن سراى تنعم وراحتست] اى شىء منه إذ التنكير للتقليل لا غير قال فى الإرشاد اى تعب بان لا يكون لهم فيها ما يوجبه من الكد فى تحصيل ما لا بد لهم منه لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولة عمل أصلا او بان لا يعتريهم ذلك وان باشروا الحركات العنيفة لكمال قوتهم وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ ابد الآباد لان تمام النعمة بالخلود وفى التأويلات النجمية لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ من الحسد لبعضهم على درجات بعض واهل كل درجة مقيمون فى تلك الدرجة لا خروج لهم منها الى درجة تحتها ولا فوقها وهم راضون بذلك لان غل الحسد منزوع منهم پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وفى الحديث [أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب وامشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الالوة ورشحهم المسك لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض فى قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا] رواه البخاري قال فى فتح القريب اى يصبحون الله بقدر البكرة والعشى فاوقات الجنة من الأيام والساعات تقديرات فان ذلك انما يجيئ من اختلاف الليل والنهار وسير الشمس والقمر وليس فى الجنة شىء من ذلك قال القرطبي هذا التسبيح ليس عن تكليف والزام لان الجنة ليست بمحل التكليف وانما هى محل

[سورة الحجر (15) : الآيات 49 إلى 50]

جزاء وانما هو عن تيسير والهام كما قال فى الرواية الاخرى (يلهمون التسبيح والتحميد والتكبير كما يلهمون النفس) ووجه التشبيه ان نفس الإنسان لا بدله منه ولا كلفة عليه ولا مشقة فى فعله وسر ذلك ان قلوبهم قد تنورت بمعرفته وأبصارهم قد تمتعت برؤيته وقد غمرتهم سوابغ نعمه وامتلأت افئدتهم بمحبته ومخالته فألسنتهم ملازمة ذكره ورهينة شكره فمن أحب شيأ اكثر ذكره نَبِّئْ عِبادِي [آورده اند كه روزى حضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم در باب بنى شيبه بمسجد الحرام در آمد جمعى از صحابه را ديد كه مى خندند فرمود كه (مالى أراكم تضحكون) چيست كه شما را خندان مى بينم صحابه رايحه عتابى ازين سخن استشمام نمودند وآن حضرت در گذشت وهنوز بحجره نارسيده بازگشت وگفت جبرائيل آمد و پيغام آورد كه چرا بندگان مرا نااميد سازى] نَبِّئْ عِبادِي اى اعلم عبادى وأخبرهم أَنِّي اى بانى أَنَا وحدي فهو لقصر المسند على المسند اليه الْغَفُورُ [من آمرزنده ام كسى را كه آمرزش طلبد] الرَّحِيمُ [وبخشنده ام بر كسى كه توبه كند] اى لا يستر عليهم ولا يمحو ما كان منهم ولا ينعم عليهم بالجنة الا انا وحدي ولا يقدر على ذلك غيرى وَأَنَّ عَذابِي [وبآنكه عذاب من بر عاصى كه از توبه واستغفار منحرفست] هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ هو مثل انا المذكور اى وأخبرهم بان ليس عذابى الا العذاب الأليم وفى توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب حيث لم يقل على وجه المقابلة وانى المعذب المؤلم إيذان بانهما مما يقتضيهما الذات وان العذاب انما يتحقق بما يوجبه من خارج وترجيح وعد اللطف وتأكيد صفة العفو گر چهـ جرم من از عدد بيش است ... سبقت رحمتى از ان پيش است چهـ عجب گر عذاب ننمايد ... بر گنه پيشگان ببخشايد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المختصين بعبوديته هم الأحرار عن رق عبودية ما سواه من الهوى والدنيا والعقبى وهم مظاهر صفات لطفه ورحمته والعذاب لمن يكون عبد الهوى والدنيا وما سوى الله وانه مظهر صفات قهره وعزته وفيه اشارة اخرى الى ان سير السائرين وطيران الطائرين فى هواء العبودية وفضاء الربوبية انما يكون على قدمى الخوف والرجاء وبجناحي الانس والهيبة معتدلا فيهما من غير زيادة إحداهما على الاخرى وفى الروضة لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال مالى أراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الىّ احسنكما ظنا بي وروى احبكما الى الطلق البسام ولم يزل زكريا عليه السلام يرى ولده يحيى مغموما باكيا مشغولا بنفسه فقال يا رب طلبت ولدا انتفع به قال طلبته وليا والولي لا يكون الا هكذا قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار يقول الفقير الذي ينبغى ان يقدمه العبد هو الخوف لانه الأصل وفيه تخلية القلب من الأماني الفاسد ولا ينافيه كون متعلق الرجاء هو السابق وهو رحمة الله الواسعة فانها الأصل وهو بالنسبة الى صفات الله ولذا جاء فى الحديث (لو يعلم العبد قدر رحمة الله

[سورة الحجر (15) : الآيات 51 إلى 55]

ما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عقوبة الله لبخع نفسه) اى أهلكها فى عبادة الله تعالى (ولما اقدم على ذنب) واعلم ان اسباب المغفرة كثيرة أعظمها العشق والمحبة فان الله تعالى انما خلق الانس والجن للعبادة الموصلة الى المعرفة الالهية والجذبة الربانية: قال الحافظ هر چند غرق بحر گناهم ز شش جهت ... گر آشناى عشق شوم غرق رحمتم واسباب العذاب ايضا كثيرة أعظمها الجهل بالله تعالى وصفاته فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العشق والمحبة والمعرفة الى ان يصل الى المراد ويستريح من تعب الطلب والاجتهاد فان الواصل الى المنزل مستريح وقد قيل الصوفي من لا مذهب له واما من بقي فى الطريق فهو فى إصبعي الرحمن لا يزال يتقلب من حال الى حال ومن أمن الى خوف وبالعكس الى ان تنقطع الإضافات وعند ذلك يعتدل حاله ويستقيم ميزان علمه وعمله فيعبد الله تعالى الى ان يأتيه اليقين وهو الموت وَنَبِّئْهُمْ واخبر أمتك يا محمد عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ يستوى فيه القليل والكثير اى أضيافه وهو جبريل مع أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم جعلهم ضيفا لانهم كانوا فى صورة الضيف او لكونهم ضيفا فى حسبان ابراهيم عليه السلام إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ظرف لضيف فانه مصدر فى الأصل فَقالُوا عند دخولهم عليه سَلاماً اى نسلم سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل اليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالَ ابراهيم إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ خائفون فان الوجل اضطراب النفس لتوقع مكروه وانما قاله عليه السلام حين امتنعوا من أكل ما قربه إليهم من العجل الحنيذ لما ان المعتاد عندهم انه إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا انه لم يجيئ بخير لا عند ابتداء دخولهم قالُوا اى الملائكة لا تَوْجَلْ لا تخف يا ابراهيم إِنَّا نُبَشِّرُكَ استئناف فى معنى التعليل للنهى عن الوجل فان المبشريه لا يكاد يحوم حول ساحته خوف ولا حزن كيف لا وهو بشارة ببقائه وبقاء اهله فى عافية وسلامة زمانا طويلا. والبشارة هو الاخبار بما يظهر سرور المخبر به. والمعنى بالفارسية [بدرستى ترا مژده ميدهيم] بِغُلامٍ [به بشرى إسحاق نام] عَلِيمٍ اى إذا بلغ. يعنى [وقتى كه بلوغ رسد علم نبوت بوى خواهد رسيد] قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي [آيا بشارت ميدهيد مرا] عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ واثر فىّ والاستفهام للتعجب والاستبعاد عادة وعلى بمعنى مع اى مع مس الكبر بان يولد لى اى ان الولادة امر مستنكر عادة مع الكبر وامر عجيب من بين هرمين وهو حال اى أبشرتموني كبيرا او بمعنى بعد اى بعد ما أصابني الكبر والهرم فَبِمَ تُبَشِّرُونَ هى ما الاستفهامية دخلها معنى التعجب كأنه قيل فبأى اعجوبة تبشرون وفى التفسير الفارسي [پس بچهـ نوع مژده ميدهيد مرا] وهو بفتح النون مع التخفيف لانها نون الجماعة وقرئ بكسر النون مع التخفيف لان أصله تبشروني حذفت الياء وأقيم الكسر مقامها قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ اى بما يكون لا محالة فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ من الآيسين من ذلك فان الله تعالى قادر على ان يخلق بشرا بغير أبوين فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر وكان مقصده عليه السلام استعظام نعمته تعالى عليه فى ضمن التعجب العادي المبنى على سنة الله المسلوكة

[سورة الحجر (15) : الآيات 56 إلى 59]

فيما بين عباده لا استبعاد ذلك بالنسبة الى قدرته تعالى كما ينبئ عنه قوله تعالى بطريق الحكاية مِنَ الْقانِطِينَ دون من الممترين ونحوه قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ استفهام إنكاري اى لا يقنط مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ [از بخشش آفريده گار خود] إِلَّا الضَّالُّونَ اى المخطئون طريق المعرفة والصواب فلا يعرفون سعة رحمته وكما علمه وقدرته كما قال يعقوب عليه السلام لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ومراده نفى القنوط عن نفسه على ابلغ وجه اى ليس بي قنوط من رحمته تعالى وانما الذي أقول البيان منافاة حالى لفيضان تلك النعمة الجليلة على وفيه اشارة الى ان بشارته بغلام عليم مع كبره وكبر امرأته بشارة للطالب الصادق وانه وان كان مسنا قد ضعف جسمه وقواه وعجز عن جهاد النفس ومكابدتها واستعمالها فى مباشرة الطاعات والأعمال البدنية ويوئسه الشيطان من نيل درجات القرب لان اسباب تحصيل الكمال قد تناهت ومعظمها العمر والشباب ولهذا قال المشايخ الصوفي بعد الأربعين بارد فلا يقنط من رحمة ربه ويتقرب اليه باعمال القلبية ليتقرب اليه ربه بأصناف الطاف الربوبية وجذبات أعطافه فيخرج من صلب روحه ورحم قلبه غلاما عليما بالعلوم اللدنية والرسوم الدنية وهو واعظ الله الذي فى قلب كل مؤمن وقد اشتغل افراد كالقفال والقدورى بعد كبرهم ففاقوا على علمهم وراقوا بمنظرهم ولطف الله تعالى واصل على كل حال قال فى شرح الحكم من استغرب ان ينقذه الله من شهوته التي اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية والله تعالى يقول وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً فابان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شىء وهذا من الأشياء وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلك ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم والفضيل ابن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية تا سقاهم ربهم آيد جواب ... تشنه باش والله اعلم بالصواب قال فى تاج العروس من قصر عمره فليذكر بالاذكار الجامعة مثل سبحان الله عدد خلقه ونحو ذلك والمراد بقصر العمر ان يكون رجوعه الى الله فى معترك المنايا ونحوها من الأمراض المخوفة والاعراض المهولة دع التكاسل تغنم قد جرى مثل كه زاد راهروان چستيست و چالاكى قالَ ابراهيم فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ اى أمركم وشأنكم الخطر لعل ابراهيم عليه السلام علم بالقرائن ان مجيئ الملائكة ليس لمجرد البشارة بل لهم شأن آخر لاجله أرسلوا فكأنه قال ان لم يكن شأنكم مجرد البشارة فماذا هو قالُوا اى الملائكة إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ مصرين على اجرامهم متناهين فى آثامهم وهم قوم لوط إِلَّا آلَ لُوطٍ استثناء متصل من الضمير فى مجرمين اى الى قوم أجرموا جميعا الا آل لوط يريد اهله المؤمنين فالقوم والإرسال شاملان للمجرمين وغيرهم. والمعنى انا أرسلنا الى قوم أجرم كلهم الا آل لوط لنهلك الأولين وننجى الآخرين واكتفى بنجاة الآل لانهم إذا نجوا وهم تابعون فالمتبوع وهو لوط اولى بذلك ولوط بن هاران بن تارخ وهو ابن أخي ابراهيم

[سورة الحجر (15) : الآيات 60 إلى 66]

الخليل كان قد آمن به وهاجر معه الى الشام بعد نجاته من النار واختتن لوط مع ابراهيم وهو ابن ثلاث وخمسين وابراهيم ابن ثمانين او مائة وعشرين فنزل ابراهيم فلسطين وهى البلاد التي بين الشام ومصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها ونزل لوط الاردنّ وهى كورة بالشام فارسل الله لوطا الى اهل سدوم بالدال وكانت تعمل الخبائث فارسل الله إليهم ملائكة للاهلاك إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ اى مما يصيب القوم من العذاب وهو قلب مدائنهم إِلَّا امْرَأَتَهُ استثناء من الضمير واسمها واهلة قَدَّرْنا حكمنا وقضينا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين مع الكفرة لتهلك معهم وأسند الملائكة فعل التقدير الى أنفسهم وهو فعل الله تعالى لما لهم من القرب والاختصاص كما يقول خاصة الملك أمرنا بكذا والآمر هو الملك فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ اى الملائكة قالَ لوط إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ غرباء لا يعرفون او ليس عليكم زى السفر ولا أنتم من اهل الحضر فاخاف ان تطرقونى بشر قالُوا ما جئناك بما تنكرنا لاجله بَلْ جِئْناكَ [بلكه آمده ايم بتو] بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ اى بما فيه سرورك وتشفيك من عدوك وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله فيمترون فى وقوعه اى يشكون ويكذبونك جهلا وعنادا وَأَتَيْناكَ [آورده ايم بتو] بِالْحَقِّ بالمتيقن الذي لا مجال فيه للامتراء والشك وهو عذابهم وَإِنَّا لَصادِقُونَ فى الاخبار بنزوله بهم فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ فاذهب بهم من السرى وهو السير فى الليل قال الكاشفى [پس برون بر از شهر اهل خود را بشب] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ فى طائفة من الليل اى بعض منه. وبالفارسية [در پاره كه از شب بگذرد] وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ جمع دبر وهو من كل شىء عقبه ومؤخره اى وكن على اثرهم لتسوقهم وتسرع بهم وتطلع على أحوالهم فلا تفرط منهم التفاتة استحياء منك ولا غيرها من الهفوات قال فى برهان القرآن لانه إذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اى منك ومنهم أَحَدٌ فيرى ماوراءه من الهول فلا يطيقه او جعل الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف لان من يلتفت لا بد له من ادنى وقفة ولم يقل ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك كما فى هود اكتفاء بما قبله وهو قوله الا امرأته وَامْضُوا [وبرويد] حَيْثُ تُؤْمَرُونَ حيث أمركم الله بالمضي اليه وهو الشام او مصر او زغر وهى قرية بالشام قال الكاشفى [شهرستان پنجم است اهل آن هلاك نخواهند شد] وَقَضَيْنا إِلَيْهِ وأوحينا الى لوط مقتضيا مبتوتا ذلِكَ الْأَمْرَ مبهم يفسره أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ المجرمين اى آخرهم مَقْطُوعٌ [بريده وبركنده است] اى مهلك يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد مُصْبِحِينَ حال من هؤلاء اى وقت دخولهم فى الصبح وهو تعين وقت هلاكهم كما قال الله تعالى إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ وتلخيصه أوحينا اليه انهم يهلكون جميعا وقت الصبح فكان كذلك وفى الآيات إشارات الاولى ان لا عبرة بالنسب والقرابة والصحبة بل بالعلم النافع والعمل الصالح ألا ترى ان الله استثنى امرأة لوط فجعلها فى الهالكين ولم تنفعها الزوجية بينها وبين لوط كما لم تنفع الابوة والنبوة بين نوح وابنه كنعان ولله در من قال

[سورة الحجر (15) : الآيات 67 إلى 71]

با بدان يار گشت همسر لوط ... خاندان نبوتش گم شد وذلك انها صحبت لوطا صورة لا سيرة وصحبت الكفرة صورة وسيرة فلم تنفعها الصورة بيش اند ناس صورت ونسناس سيرتان ... خلقى كه آدم اند بخلق وكرم كم اند والنسناس حيوان بحرى صورته كصورة الإنسان وقيل غير ذلك والثانية ان الشك من صفات الكفرة كما ان اليقين من صفات المؤمنين: وفى المثنوى افت وخيزان ميرود مرغ كمان ... با يكى پر بر اميد آشيان چون ز ظن وارست علمش رو نمود ... شد دو پر آن مرغ پرها را گشود والثالثة ان سالك طريق الحق ينبغى ان لا يلتفت الى شىء سوى الله تعالى لانه المقصد الأقصى والمطلب الأعلى بل يمضى الى حيث امر وهو عالم الحقيقة ألا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت الى يمينه ويساره ليلة المعراج بل توجه الى مقام قاب قوسين وهو عالم الصفات ثم الى مقام او ادنى وهو عالم الذات ولم يعقه عائق أصلا وهكذا شأن من له علوهمة من المهاجرين من بلد الى بلد ومن مقام الى مقام: قال المولى الجامى قدس سره نشان عشق چهـ پرسى ز هر نشان بگسل ... كه تا أسير نشانى به بي نشان نرسى نسأل الله العصمة من الوقوف فى موطن النفس والوصول الى حظيرة القدس والانس وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ [چون زن لوط مهمانان نيكو رو را ديد خبر بقوم فرستاد] وجاء اهل سدوم التي ضرب بقاضيها المثل فى الجور منزل لوط ومدائن قوم لوط كانت أربعا وقيل سبعا وأعظمها سدوم وفى درياق الذنوب لابن الجوزي كانت خمسين قرية يَسْتَبْشِرُونَ الاستبشار [شاد شدن] اى مظهرين السرور بانه نزل بلوط عدّة من المرد فى غاية الحسن والجمال قصدا الى ارتكاب الفاحشة قالَ لوط لهم لما قصدوا أضيافه إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي اطلاق الضيف على الملائكة بحسب اعتقاده عليه السلام لكونهم فى زى الضيف فَلا تَفْضَحُونِ [پس مرا رسواى مكنيد در نزد ايشان] بان تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا انه ليس لى قدر وحرمة او لا تفضحون بفضيحة ضيفى فان من اهين ضيفه او جاره فقداهين كما ان الإكرام كذلك. يقال فضحه كمنعه كشف مساويه واظهر من امره ما يلزمه العار وَاتَّقُوا اللَّهَ فى مباشرتكم لما يسوءنى او فى ركوب الفاحشة واحفظوا ما أمركم به ونهاكم عنه وَلا تُخْزُونِ ولا تذلونى ولا تهينونى بالتعرض لمن أجرتهم بمثل تلك الفعلة القبيحة. وبالفارسية [ومرا خار وخجل مسازيد پيش مهمانان] من الخزي وهو الهوان قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ [از حمايت عالميان يعنى غريبان كه فاحشه ايشان مخصوص بغربا بوده] قال فى الإرشاد الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر اى ألم نقدم إليك ولم ننهك عن التعرض لهم بمنعهم عنا وكانوا يتعرضون لكل واحد من الغرباء بالسوء وكان عليه السلام يمنعهم عن ذلك بقدر وسعه وهم ينهونه عن ان يجير أحد او يوعدونه بقولهم لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين ولما رآهم لا يقلعون عماهم عليه قالَ هؤُلاءِ بَناتِي اى بنات قومى فازوجهن إياكم او تزوجوهن ففى الكلام حذف وانما جعل بنات

[سورة الحجر (15) : الآيات 72 إلى 77]

قومه كبناته فان كل نبى ابو أمته من حيث الشفقة والتربية رجالهم بنوه ونساؤهم بناته او أراد بناته الصلبية اى فتزوجوهن ولا تتعرضوا للاضياف وقد كانوا من قبل يطلبونهن ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعية المناكحة بين المسلمات والكفار فان نكاح المؤمنات من الكفار كان جائزا فاراد ان يقى أضيافه ببناته كرما وحمية وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه ايثا وزعورا إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرم فان الله تعالى خلق النساء للرجال لا الرجال للرجال وفى الآيات فوائد الاولى ان إكرام الضيف ورعاية الغرباء من اخلاق الأنبياء والأولياء وهو من اسباب الذكر الجميل: قال الحافظ تيمار غريبان سبب ذكر جميلست ... جانا مگر اين قاعده در شهر شما نيست : وقال السعدي قدس سره غريب آشنا باش وسياح دوست ... كه سياح جلاب نام نكوست وفى الحديث (من اقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة) كما فى الترغيب والثانية انه لا بد لكل مؤمن متق ان يسد باب الشر بكل ما أمكن له من الوجوه ألا ترى ان لوطا عليه السلام لما لم يجد مجالا لدفع الخبيثين عرض عليهم بناته بطريق النكاح وان كانوا غيرا كفاء دفعا للفساد والثالثة ان محل التمتع هى النساء لا الرجال كما قالوا ضرر النظر فى الأمرد أشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يحل الاستمتاع بالامرد ابدا: قال السعدي قدس سره خرابت كند شاهد خانه كن ... برو خانه آباد گردان بزن نشايد هوس باختن با گلى ... كه هر بامدادش بود بلبلى مكن بد بفرزند مردم نگاه ... كه فرزند خويشت بر آيد تباه چرا طفل يكروزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد محقق همى بيند از آب وگل ... كه در خوبرويان چين و چكل لَعَمْرُكَ قسم من الله تعالى بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو المشهور وعليه الجمهور والعمر بالفتح والضم واحد وهو البقاء الا انهم خصوا القسم بالمفتوح لايثار الأخف لان الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديره لعمرك قسمى كما حذفوا الفعل فى قولهم تالله إِنَّهُمْ اى قوم لوط لَفِي سَكْرَتِهِمْ غوايتهم او شدة غلمتهم التي أزالت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الذي هم عليه والصواب الذي يشار به إليهم من ترك البنين الى البنات يَعْمَهُونَ يتحيرون ويتمارون فكيف يسمعون النصح قال فى القاموس العمه التردد فى الضلال والتحير فى منازعة او طريق او ان لا يعرف الحجة عمه كجعل وفرح عمها وعموها وعموهة وعمهانا فهو عمه وعامه انتهى. ويعمهون حال من الضمير فى الجار والمجرور كما فى بحر العلوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما خلق الله تعالى نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله اقسم بحياة أحد غيره وفى التأويلات النجمية هذه مرتبة

[سورة الحجر (15) : آية 73]

مانالها أحد من العالمين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام من الأزل الى الابد وهو انه تعالى اقسم بحياته فانيا عن نفسه باقيا بربه كما قال تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ اى ميت عنك حى بنا وهو مختص بهذا المقام المحمود انتهى چون نبى از هستىء خود سر بتافت ... فرق پاكش از لعمرك تاج يافت داشت از حق زندگى در بندگى ... شد لعمرك جلوه آن زندگى واعلم ان الله تعالى قد اقسم بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع والباقي من القسم القرآنى قسم بمخلوقاته كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَالصَّافَّاتِ. وَالشَّمْسِ. وَالضُّحى ونحوها فان قلت ما الحكمة فى معنى القسم من الله تعالى فان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده قلت ان القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادت ان تؤكد امرا فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى قد اقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قلت فى ذلك وجوه أحدها انه على حذف مضاف اى ورب التين ورب الشمس وواهب العمر والثاني ان العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظم المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس فوقه شىء فاقسم ثارة بنفسه وثارة بمصنوعاته فان القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل فهو يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد ان يقسم الا بالله وهذا كالنهى عن الامتنان قال الله تعالى بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ وعن تزكية النفس ومدحها وقد مدح الله تعالى نفسه وقد اقسم الله تعالى بالنبي عليه الصلاة والسلام فى قوله لَعَمْرُكَ ليعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه فالقسم اما لفضيلة او لمنفعة كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وكان الحلف بالآباء معتادا فى الجاهلية فلما جاء الله تعالى بالإسلام نهاهم الرسول عليه السلام عن الحلف بغير الله تعالى واختلف فى الحلف بمخلوق والمشهور عند المالكية كراهيته وعند الحنابلة حرام وقال النووي هو عند أصحابنا مكروه وليس بحرام قيد العراقي ذلك فى شرح الترمذي بالحلف بغير اللات والعزى وملة الإسلام فاما الحلف بنحو هذا فحرام والحكمة فى النهى عن الحلف بغير الله تعالى ان الحلف يقتضى تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى لا يضاهى بها غيرها وقسمه تعالى بما شاء من مخلوقاته تنبيه على شرف المحلوف به فهو سبحانه ليس فوقه عظيم يحلف به فتارة يحلف بنفسه وتارة بمخلوقاته كما فى الفتح القريب. ويمكن ان يكون المراد بقولهم لعمرى وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لانه أقوى من سائر المؤكدات واسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعي وتشبيه غير الله تعالى به فى التعظيم وذكر صورة القسم على هذا الوجه لا بأس به كما قال عليه السلام (قد أفلح وأبيه) كذا فى الفروق فَأَخَذَتْهُمُ اى قوم لوط الصَّيْحَةُ اى صيحة جبريل عليه السلام مُشْرِقِينَ اى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس وهو بالفارسية [بر آمدن خورشيد] وكان ابتداء العذاب حين أصبحوا كما قال أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وتمامه حين اشرقوا لان جبريل قلع الأرضين بهم

[سورة الحجر (15) : الآيات 74 إلى 77]

ورفعها الى السماء ثم هوى بها نحو الأرض ثم صاح بهم صيحة عظيمة فالجمع بين مصبحين ومشرقين باعتبار الابتداء والانتهاء فمقطوع على حقيقته فان دلالة اسمى الفاعل والمفعول على الحال وحال القطع هو حال المباشرة لا حال انقضائه لانه مجاز حينئذ وذلك ان تقول مقطوع بمعنى بقطع عن قريب فَجَعَلْنا عالِيَها [زبر آن شهرستانها را] سافِلَها زير آن يعنى زير وبر كردانيم آنرا] وذلك بان رفعناها الى قريب من السماء على جناح جبريل ثم قلبناها عليهم فصارت منقلبة بهم وقوله عاليها مفعول أول لجعلنا وسافلها مفعول ثان له وهو ادخل فى الهول والفظاعة من العكس وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ فى تضاعيف ذلك قبل تمام الانقلاب حِجارَةً كائنة مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر عليه اسم من يرمى به فهلكوا بالخسف والحجارة قال فى القاموس السجيل كسكيت حجارة كالمدر معرب [سنك كل] او كان طبخت بنار جهنم وكتب فيها اسماء القوم او قوله تعالى مِنْ سِجِّيلٍ اى من سجل مما كتب لهم انهم يعذبون بها قال تعالى وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ والسجيل بمعنى السجين قال الأزهري هذا أحسن ما مر عندى وأبينها انتهى وفى الكواشي وأمطرنا على شذاذهم اى على من غاب عن تلك البلاد إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف ابراهيم طمعا فيهم وقلب المدينة على من فيها وامطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم لَآياتٍ لعلامات يستدل بها على حقيقة الحق ويعتبر لِلْمُتَوَسِّمِينَ اى المتفكرين المتفرسين الذين يبسطون فى نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء وباطنه بسمته. وبالفارسية [مر خداوندان فراست را كه بزيركى در نكرند وحقيقت ايشان بسمات آن بشناسند] يقال تو سمت فى فلان كذا اى عرفت وسمه فيه اى اثره وعلامته وتوسم الشيء تحيره وتفرسه وَإِنَّها [وبدرستى كه آن شهرستانهاى مؤتفكه] لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ اى طريق ثابت يسلكه الناس ويرون آثار تلك البلاد بين مكة والشام لم تندرس بعد فاتعظوا بآثارهم يا قريش إذ أذهبتم الى الشام لانها فى طريقكم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كون آثار تلك القرى بمرأى من الناس يشاهدونها فى ذهابهم وإيابهم لَآيَةً عظيمة لِلْمُؤْمِنِينَ بالله رسوله فانهم الذين يعرفون ان ما حاق بهم من العذاب الذي ترك ديارهم بلاقع انما حاق بهم لسوء صنيعهم واما غيرهم فيحملون ذلك على الاتفاق او الأوضاع الفلكية. وافراد الآية بعد جمعها فيما سبق لما ان المشاهد هاهنا بقية الآثار لاكل القصة كما فيما سلف وقال فى برهان القرآن ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل وما جاء من الآية فلو حدانية المدلول عليه فلما ذكر عقيبه المؤمنين وهم مقرون بوحدانية الله تعالى وحد الآية انتهى وفى الآيات فائدتان الاولى مدح الفراسة وهى الاصابة فى النظر وفى الحديث (ان كان فيما مضى قلبكم من الأمم محدثون) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه شىء فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) لم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتي التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد بها التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه

[سورة الحجر (15) : الآيات 78 إلى 83]

بكمال الصداقة لا نفى سائر الأصدقاء وفى الحديث (اتقوا فراسة العلماء لا يشهدوا عليكم بشهادة فيكبكم الله بها يوم القيامة على مناخركم فى النار فو الله انه لحق يقذفه الله فى قلوبهم ويجعله على أبصارهم) وعنه عليه السلام (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله ثم قرأ ان فى ذلك لآيات للمتوسمين) كذا فى بحر العلوم [آورده اند كه خواجه بزركوار قطب الأخيار خواجه عبد الخالق عجدوانى قدس سره روزى در معرفت سخن مى كفت ناكاه جوانى در آمد بصورت زاهدان خرقه در بر وسجاده بر كتف در كوشه بنشست وبعد از زمانى برخاست وكفت حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم فرموده كه (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) سراين حديث چيست حضرت خواجه فرمودند كه سر اين حديث آنست كه زنار ببرى وايمان آرى جوان كفت نعوذ بالله كه در من زنار باشد خواجه بخادم كفت خزقه از سر جوان بركش زنارى پديد آمد جوان فى الحال زنار ببريد وايمان آورد وحضرت خواجه فرمودند كه اى ياران بياييد تا بر موافقت اين نو عهد كه زنار ظاهر ببريد زنارهاى باطن را قطع كنيم خروش از مجلسيان بر آمد ودر قدم خواجه افتادند تجديد توبه كردند توبه چون باشد پشيمان آمدن ... بر در حق نو مسلمان آمدن عام را توبه زكار بد بود ... خاص را توبه ز ديد خود بود والفائدة الثانية ان فى إهلاك الأمم الماضية وإنجاء المؤمنين منهم ايقاظا وانتباها ووعدا ووعيدا وتأديبا لهذه الامة المعتبرين فاعتبروا بأحوالهم واجتنبوا عن أفعالهم وابكوا فهذه ديار الظالمين ومصارعهم وكان يحيى بن زكريا عليه السلام يبكى حتى رق خده وبدت أضراسه هذا وقد كان على الجادة فكيف بمن حادا خوانى الدنيا سموم قاتله والنفوس عن مكايدها غافله كم من دار دارت عليها دوائر النعم فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس وقفنا الله وإياكم للهدى وعصمنا من اسباب الجهل والردى وسلمنا من شر النفوس فانها شر العدى وجعلنا من المنتفعين بوعظ القرآن والمعتبرين بآيات الفرقان مادام هذا الروح فى البدن وقام فى المقام والوطن وَإِنْ كانَ ان مخففة من ان وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى وان الشأن كان أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وهم قوم شعيب عليه السلام. والايكة الشجر الملتف المتكاثف وكانت عامة شجرهم المقل قال فى القاموس المقل المكي ثمر شجر الدوم وكانوا يسكنونها بعثه الله إليهم كما بعثه الى اهل مدين فكذبوه وقال بعضهم مدين وايكة واحد لان الايكة كانت عند مدين وهذا أصح كما فى تفسير ابى الليث قال الجوهري من قرأ اصحاب الايكة فهى الغيضة ومن قرأ ليكة فهى اسم القرية لَظالِمِينَ متجاوزين عن الحد فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ [پس انتقام كشيديم از ايشان بعذاب يوم الظلة] قال فى التبيان أهلك الله اهل مدين بالصيحة واهل الايكة بالنار وذلك ان الله أرسل عليهم حرا شديدا سبعة ايام فخرجوا ليستظلوا بالشجر من شدة الحر فجاءت ريح سموم بنار فاحرقتهم وفى بعض التفاسير بعث الله سحابة فالتجأوا إليها يلتمسون الروح فبعث الله عليهم منها نارا فاحرقتهم فهو عذاب يوم الظلة ونعم ما قيل والشر إذا جاء

[سورة الحجر (15) : آية 80]

من حيث لا يحتسب كان أغم وَإِنَّهُما يعنى سدوم التي هى أعظم مدائن قوم لوط والايكة لَبِإِمامٍ مُبِينٍ لبطريق واضح. وبالفارسية [بر راهى روشن وهويداست كه مردم ميكذرند ومى بينند] والامام اسم ما يؤنم به قال الله تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً اى يؤتم ويقتدى بك ويسمى به الكتاب ايضا لانه يؤتم بما أحصاه الكتاب قال الله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ اى بكتابهم وقال وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ يعنى فى اللوح المحفوظ وهو الكتاب ويسمى الطريق اماما لان المسافر يأتم به ويستدل به ويسمى مطمر البناء اماما وهو الزيج اى الخيط الذي يكون مع البنائين [معرّب زه] قال ابو الفرج بن الجوزي كان قوم شعيب مع كفرهم يبخسون المكاييل والموازين فدعاهم الى التوحيد ونهاهم عن التطفيف- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف يبيع فاخبره فاوحى الله اليه ان ادخل يدك فيه فاذا هو مبلول فقال عليه الصلاة والسلام (ليس منا من غش) قال فى القاموس غشه لم يمحضه النصح او اظهر خلاف ما أضمر والمغشوش الغير الخالص والاسم الغش بالكسر وفى تهذيب المصادر الغش [خيانت كردن] واشتقاقه من الغشش وهو الماء الكدر وفى الفتح القريب أصله اى الغش من اللبن المغشوش وهو المخلوط بالماء تدليسا وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسنه صاحبه فادخل يده فيه فاذا هو طعام رديئ فقال (بع هذا على حدة وهذا على حدة فمن غشنا فليس منا) وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام ان رجلا كان يبيع الخمر فى سفينة له ومعه قرد فى السفينة وكان يشوب الخمر بالماء فاخذ القرد الكيس فصعد الذروة وفتح الكيس فجعل يأخذ دينارا فيلقيه فى السفينة ودينارا فى البحر حتى جعله نصفين وفى الحديث (إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة) وفى الحديث (ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرء مم أخذ المال من حلال او من حرام) يا ابن آدم عينك مطلقة فى الحرام ولسانك مطلق فى الآثام وجسدك يتعب فى كسب الحطام تيقظ يا مسكين مضى عمرك وأنت فى غفلتك فاين الدليل على سلامتك عليك بالقصد لا تطلب مكاثرة ... فالقصد أفضل شىء أنت طالبه فالمرؤ يفرح بالدنيا وبهجتها ... ولا يفكر ما كانت عواقبه حتى إذا ذهبت عنه وفارقها ... تبين الغبن فاشتدت مصائبه : قال السعدي قدس سره قناعت كن اى نفس بر اندكى ... كه سلطان ودرويش بينى يكى مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ الحجر بكسر الحاء اسم لارض ثمود قوم صالح عليه السلام بين المدينة والشام عند وادي القرى كانوا يسكنونها وكانوا عربا وكان صالح عليه السلام من أفضلهم نسبا فبعثه الله إليهم رسولا وهو شاب فدعاهم حتى شمط ولم يتبعه الا قليل مستضعفون

[سورة الحجر (15) : الآيات 81 إلى 83]

كوى توفيق وسلامت در ميان افكنده اند ... كس بميدان در نمى آيد سوارانرا چهـ شد فكذب اصحاب الحجر اى ثمود المرسلين اى صالحا فان من كذب واحدا من الأنبياء فقد كذب الجميع لاتفاقهم على التوحيد والأصول التي لا تختلف باختلاف الأمم والاعصار ونظيره قولهم فلان يلبس الثياب ويركب الدواب وماله إلا ثوب ودابة يقول الفقير كما لا اختلاف بين الأنبياء فى اصول الشرائع كذلك لا اختلاف بين الأولياء فى اصول الحقائق بل وقد تتحد العبارات ايضا اذ الكل آخذون من مشرب واحد مكاشفون عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ومن فرق بينهم كان مكذبا للكل بى خبر كازار اين آزار اوست ... آب اين خم متصل با آب چوست وَآتَيْناهُمْ اى ثمود آياتِنا هى الناقة كان فيها آيات كما قال الكاشفى [خروج ناقه از سنك معجزه ايست مشتمل بر بسيارى از غرائب چون بزركى خلقت كه هركز شترى بعظمت او نبوده وزادن بعد از خروج يعنى ولادتها مثلها فى العظم فى الحال وبسيارى شير كه همه ثمود را كافى بود وبر سر چاه آمدن آب در روز نوبت او وخوردن تمام آب را بيك نوبت] قال فى الفتح القريب لما طال دعاؤه اقترحوا ان يخرج لهم الناقة آية فكان من أمرها وأمرهم ما ذكر الله تعالى فى كتابه العزيز فَكانُوا عَنْها اى عن تلك الآيات مُعْرِضِينَ إعراضا كليا بل كانوا معارضين لها حيث فعلوا بالناقة ما فعلوا. والاعراض [روى بگردانيد از چيز] وكان عقر الناقة وقسم لحمها يوم الأربعاء قال ابن الجوزي لا بالناقة اعتبروا ولا بتعويضهم اللبن شكروا عتوا عن المنع وبطروا وعموا عن الكرم فما نظروا وكلما رأوا آية من الآيات كفروا الطبع الخبيث لا يتغير والمقدر عليه ضلالة لا يزول: قال الحافظ بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى را كه بافتند سياه وَكانُوا يَنْحِتُونَ النحت بالفارسي [بتراشيدن] مِنَ الْجِبالِ جمع جبل. وبالفارسية [كوه] قال فى القاموس الجبل محركة كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة أو قنة بُيُوتاً جمع بيت وهى اسم مبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سواء كان حيطانه اربعة او ثلاثة والدار تطلق على العرصة المجردة بلا ملاحظة البناء معها آمِنِينَ من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الأعداء لوثاقتها فهو حال مقدرة او من العذاب والحوادث لفرط غفلتهم فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ اى صيحة جبريل فانه صاح فيهم صيحة واحدة فهلكوا جميعا وقيل أتتهم من السماء صيحة فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة ولعلها لوازم الصيحة المستتبعة لتموج الهواء تموجا شديدا يفضى إليها فهى مجاز عنها مُصْبِحِينَ حال من الضمير المنصوب اى داخلين فى وقت الصبح فى اليوم الرابع وهو يوم الأحد والصبح يطلق على زمان ممتد الى الضحوة وأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم وفى الثاني احمرت وفى الثالث اسودت فلما كلمت الثلاثة صح استعدادهم للفساد والهلاك فكان اصفرار وجوه الأشقياء فى موازنة اسفار وجوه السعداء قال تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ

[سورة الحجر (15) : الآيات 84 إلى 89]

ثم جاء فى موازنة الاحمرار قوله تعالى فى السعداء وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ فان الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه فالضحك فى السعداء احمرار الوجنات ثم جعل فى موازنة تغيير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالى مُسْتَبْشِرَةٌ وهو ما اثره السرور فى بشرتهم كما اثر السواد فى بشرة الأشقياء فَما أَغْنى عَنْهُمْ اى لم يدفع عنهم ما نزل بهم يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجدى عنك وما ينفعك ما كانُوا يَكْسِبُونَ من بناء البيوت الوثيقة والأموال الوافرة والعدد المتكاثرة- روى- ان صالحا عليه السلام انتقل بعد هلاك قومه الى الشام بمن اسلم معه فنزلوا رملة فلسطين ثم انتقل الى مكة فتوفى بها وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان اقام فى قومه عشرين سنة وعن جابر رضى الله عنه مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم الا ان تكونوا باكين حذرا ان يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء) ثم زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فاسرع حتى خلفها وكان هذا فى غزوة تبوك خشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه رضى الله عنهم ان يجتازوا على تلك الديار غير متعظين بما أصاب اهل تلك الديار فنبه عليه الصلاة والسلام على ان الإنسان لا ينبغى له السكنى فى أماكن الظلمة مخافة ان يصيبهم بلاء فيصاب به او تسرق طباعه من طباعهم ولو كانت خالية منهم لان آثارهم مذكرة بأحوالهم وربما أورثت قسوة وجبروتا يقول الفقير إذا كان لا ينبغى للمؤمن السكنى فى أماكن الظلمة لا ينبغى له أداء الصلاة فيها ولا الحركة إليها بلا ضرورة قوية فان الله تعالى خلق الأماكن على التفاوت كما خلق الأزمان كذلك وشان التقوى العزيمة دون الرخصة والمرء إذا اطلق أعضاءه الظاهرة اطلق قواه الباطنة وفيه اختلال الحال وميل القلب الى ما سوى الله المتعال ولن يكون عارفا الا بالتوجه الى الحضرة العلياء ذو النون المصري قدس سره [ميكويد روزى در أثناء سفر بدر شهرى رسيدم خواستم كه در اندرون شهر روم بر در آن شهر كوشكى ديدم وجويى روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم چون چشم بر بام كوشك افتاد كنيزكى ديدم ايستاده در غايت حسن وجمال چون نظر او بمن افتاد كفت اى ذو النون چون ترا از دور ديدم پنداشتم كه مجنونى و چون طهارت كردى تصور كردم كه عالمى و چون از طهارت فارغ شدى و پيش آمدى پنداشتم كه عارفى اكنون محقق شدم كه نه مجنونى ونه عالمى ونه عارفى كفتم چرا كفت اگر ديوانه بودى طهارت نكردى واگر عالم بودى نظر بخانه بيكانه ونامحرم نكردى واگر عارف بودى دل تو بما سوى الله مائل نبودى: قال الخجندي سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست آستين كوتهى چهـ سودانرا ... كه ز دنياش دست كوته نيست وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما اى بين جنسى السموات والأرضين ولو أراد بين اجزاء المذكور لقال بينهن وفيه اشارة الى ان اصل السموات واحدة عند بعضهم ثم قسمت كذا فى الكواشي إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة لا باطلا وعبثا او للحق والباء توضع موضع اللام يعنى لينظر عبادى إليهما فيعتبروا

[سورة الحجر (15) : آية 86]

دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست در معرفت ديده آدميست ... كه بگشوده بر آسمان وزميست وَإِنَّ السَّاعَةَ اى القيامة لتوقعها كل ساعة كما فى المدارك وقال ابن ملك هى اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وقال ابن الشيخ سميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافتها الأنفاس لَآتِيَةٌ لكائنة لا محالة كما قيل [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] اى فينتقم الله لك يا محمد فيها من أعدائك وهم المكذبون ويجازيك على حسناتك وإياهم على سيآتهم فانه ما خلق السموات والأرض وما بينهما الا ليجزى كل محسن بإحسانه وكل مسيئ بإساءته فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ يقال صفح عنه عفا وصفح اعرض وترك اى فاعرض عن المكذبين إعراضا جميلا وتحمل اذيتهم ولا تعجل بالانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم قال الكاشفى يعنى [عفو كن حق نفس خود را ودر صدد مكافات مباش] إِنَّ رَبَّكَ الذي يبلغك الى غاية الكمال هُوَ الْخَلَّاقُ لك ولهم ولسائر الموجودات على الإطلاق قال الكاشفى [اوست آفريننده خلائق وأفلاك نظم خالق أفلاك وأنجم بر علا مردم وديو و پرى ومرغ را] خالق دريا ودشت وكوه وتيه ... ملكت او بي حد واو بي شبيه نقش او كر دست ونقاش من اوست ... غير اگر دعوى كند او ظلم جوست الْعَلِيمُ [دانا باهل وفاق ونفاق] وفى الإرشاد بأحوالك وأحوالهم بتفاصيلها فلا يخفى عليه شىء مما جرى بينك وبينهم فهو حقيق بان تكل جميع الأمور اليه ليحكم بينهم وفى الآية امر بالمخالفة بالخلق الحسن وكان صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا وأرجح الناس حلما وأعظم الناس عفوا وأسخى الناس كفا قال الفضيل الفتوة الصفح عن عثرات الاخوان وكان زين العابدين عظيم التجاوز والصفح والعفو حتى انه سبه رجل فتغافل عنه فقال له إياك اعنى فقال وعنك اعرض أشار الى آية خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين ولما ضرب جعفر بن سليمان العباسي والى المدينة مالكا رضى الله عنه ونال منه وحمل مغشيا وأفاق قال أشهدكم انى جعلت ضاربى فى حل ثم سئل فقال خفت ان أموت والقى النبي صلى الله عليه وسلم واستحيى منه ان يدخل بعض آله النار بسببى ولما قدم المنصور المدينة ناداه ليقتص له من جعفر فقال أعوذ بالله والله ما ارتفع منها سوط الا وقد جعلته فى حل لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل الحلم ملح الأخلاق وكانت عائشة رضى الله عنها تبكى على جارية فقيل لها فى ذلك فقالت ابكى حسرة على ما فاتنى من تحمل السفه منها والحلم عن سوء خلقها فانها سيئة الخلق والاشارة وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا مظهر الآيات الحق بالحق لارباب الحق المكاشفين بصفات الحق فانه لا شعور للسموات والأرض وما بينهما من غير الإنسان بانها مظهر لآيات الحق وانما الشعور بذلك للانسان الكامل كما قال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ وهم الذين خلص لب اخلاقهم الربانية من قشر صفاتهم الانسانية وفيه معنى آخر وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ اى سموات الأرواح

[سورة الحجر (15) : آية 87]

وَالْأَرْضَ اى ارض الأشباح وَما بَيْنَهُما من النفوس والقلوب والاسرار والخفيات إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا لمظهر الحق ومظهره الإنسان فانه مخصوص به من بين سائر المخلوقات والمكونات لانه بجميع مبانيه الظاهرة ومعانيه الباطنة مرآة لذات الحق تعالى وصفاته فهو مظهره عند التزكية والتصفية ومظهره عند التخلية والتحلية لشعوره بذلك كما كان حال من صقل مرآته عن صدأ انانيته وتجلى بشهود هويته عند تجلى ربوبيته بالحق فقال انا الحق ومن قال بعد فناء انانيته عند بقاء السبحانية سبحانى ما أعظم شأنى وفى قوله وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ اشارة الى ان قيامة العشق لآتية لنفوس الطالبين الصادقين من اصحاب الرياضات فى مكابدة النفس ومجاهدتها لان الطلب والصدق والاجتهاد من نتائج عشق القلب وانه سيتعدى الى النفس لكثرة الاجتهاد فى رياضتها فتموت عن صفاتها فى قيامة العشق ومن مات فقد قامت قيامته فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ يا ايها الطالب الصادق عن النفس المرتاضة بان تواسيها وتدارسها ولا تحمل عليها إصرا ولا تحملها ما لا طاقة لها به فان فى قيامة العشق يحصل من تزكية العشق فى لحظة واحدة ما لا يحصل بالمجاهدة فى سنين كثيرة لان العشق جذبة الحق وقال صلى الله عليه وسلم (جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ يشير بالخلاق وهو للمبالغة الى انه تعالى خالق لصور المخلوقات ومعانيها وحقائقها العليم بمن خلقه مستعدا لمظهرية ذاته وصفاته ومظهريتهما له شعوره بهما كذا فى التأويلات النجمية وَلَقَدْ آتَيْناكَ قال الحسين بن الفضل ان سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير فى يوم واحد بمكة فيها انواع من البز وأفاويه الطيب والجوهر وامتعة البحر فقالت المسلمون لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها فى سبيل الله فانزل الله هذه الآية وقال قد أعطيتكم سبع آيات هى خير لكم من هذه السبع القوافل ويدل على صحة هذا قوله تعالى على اثرها لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية كما فى اسباب النزول للامام الواحدي [ودر تيسير آورده كه هفت كاروان قريش در يكروز بمكة در آمدند بامطاعم بسيار وملابس بيشمار ودر خاطر مبارك حضرت خطور فرمود كه مؤمنان را كرسنه وبرهنه كذرانند ومشركانرا اين همه مال باشد] فقال الله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ يا محمد سَبْعاً هى الفاتحة لانها مائة وثلاثة وعشرون حرفا وخمس وعشرون كلمة وسبع آيات بالاتفاق غير ان منهم من عد أنعمت عليهم دون التسمية ومنهم من عكس مِنَ الْمَثانِي وهى القرآن ومن للتبعيض كما قال تعالى فى سورة الزمر اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ جمع مثنى لانه ثنى فيه اى كرر فى القرآن الوعد والوعيد والأمر والنهى والثواب والعقاب والقصص كما فى الكواشي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [وديكر داديم ترا قرآن عظيم كه نزد ما قدر او بزرك وثواب او بسيارت] وهو من عطف الكل على البعض وهو السبع ويجوز ان يكون من للبيان فالسبع هى المثاني كقوله فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ يعنى اجتنبوا الأوثان وتسمية الفاتحة مثانى لتكرر قراءتها فى الصلاة ولانها تثنى بما يقرأ بعدها فى الصلاة من السورة والآيات لان نصفها ثناء العبد لربه ونصفها عطاء الرب للعبد ويؤيد هذا الوجه قوله عليه السلام لابى سعيد لا علمنك سورة هى أعظم سورة فى القرآن قال ما هى قال (الحمد لله

[سورة الحجر (15) : الآيات 88 إلى 89]

رب العالمين وهى السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) وهذا يدل على جواز اطلاق القرآن على بعضه قال فى فتح القريب عطف القرآن على السبع المثاني ليس من باب عطف الشيء على نفسه وانما هو من باب ذكر الشيء بوصفين أحدهما معطوف على الآخر اى هى الجامعة لهذين الوصفين يقول الفقير لما كانت الفاتحة أعظم ابعاض القرآن من حيث اشتمالها على حقائقه صح اطلاق الكل عليها واما كونها مثانى فباعتبار تكرر كل آية منها فى كل ركعة ولا يبعد كل البعد ان يقال ان تسميتها بالمثاني باعتبار كونها من أوصاف القرآن والجزء إذا كان كأنه الكل صح اتصافه بما اتصف به الكل لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اى نظر عينيك ومد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه اى ولا تطمح ببصرك طموح راغب ولا تدم نظرك إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ من زخارف الدنيا وزينتها ومحاسنها وزهرتها إعجابا به وتمنيا ان يكون لك مثله أَزْواجاً مِنْهُمْ أصنافا من الكفرة كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام فان ما فى الدنيا من اصناف الأموال والذخائر بالنسبة الى ما أوتيته من النبوة والقرآن والفضائل والكمالات مستحقر لا يعبأ به فان ما أوتيته كمال مطلوب بالذات مفض الى دوام اللذات يعنى قد أعطيت النعمة العظمى پيش درياى قدر حرمت تو ... نه محيط فلك حبابى نيست دارى آن سلطنت كه در نظرت ... ملك كونين در حسابى نيست فاستغن بما أعطيت ولا تلتفت الى متاع الدنيا ومنه الحديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) ذكر الحافظ لهذا الحديث اربعة أوجه: أحدها ان المراد بالتغنى رفع الصوت. والثاني الاستغناء بالقرآن عن غيره من كتاب آخر ونحوه لفضله كما قال ابو بكر رضى الله عنه من اوتى القرآن فرأى ان أحدا اوتى من الدنيا أفضل مما اوتى فقد صغر عظيما وعظم صغيرا. والثالث تغريد الصوت بحيث لا يخل بالمعنى فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يترك العرب التغني بالاشعار بقراءة القرآن على الصفة التي كانوا يعتادونها فى قراءة الاشعار. والرابع تحسين الصوت وتطييبه بالقراءة من غير تغريد الصوت وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكفرة حيث لم يؤمنوا ولم ينتظموا فى سلك اتباعك ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين لان مقدورى عليهم الكفر وقال الكاشفى [واندوه مخور بر ياران خود به بى نوايى ودرويشى] وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وارفق بهم وطب نفسا عن ايمان الأغنياء مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد ان ينخط قال فى تهذيب المصادر الخفض [فرو بردن] وهو ضد الرفع قال الله تعالى خافِضَةٌ رافِعَةٌ اى ترفع قوما الى الجنة وتخفض قوما الى النار [ودر كشف الاسرار كفته كه خفض جناح كنايتست از خوش خويى ومقرر است كه خلعت خلق عظيم جز بر بالاى آن حضرت نيامده] ذات ترا وصف نكو خوييست ... خوى تو سرمايه نيكوييست روز ازل دوخته حكيم قديم ... بر قد تو خلعت خلق عظيم وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ اى المنذر المظهر لنزول عذاب الله وحلوله وقال فى انسان

[سورة الحجر (15) : الآيات 90 إلى 94]

العيون ذكر فى سبب نزول قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ان عيرا لابى جهل قدمت من الشام بمال عظيم وهى سبع قوافل ورسول الله وأصحابه ينظرون إليها واكثر أصحابه بهم عرى وجوع فخطر ببال النبي عليه السلام شىء لحاجة أصحابه فنزلت اى أعطيناك سبعا من المثاني مكان سبع قوافل فلا تنظر لما أعطيناه لابى جهل وهو متاع الدنيا الدنية ولا تحزن على أصحابك واخفض جناحك لهم فان تواضعك لهم أطيب لقلوبهم من ظفرهم بما يحب من اسباب الدنيا ففى زوائد الجامع الصغير (لو ان فاتحة الكتاب جعلت فى كفة الميزان والقرآن فى الكفة الاخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات) وفى لفظ (فاتحة الكتاب شفاء من كل داء) ذكر فى خواص القرآن انه إذا كتبت الفاتحة فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل وجه المريض بها عوفى بإذن الله تعالى وإذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء الورد وشرب ذلك الماء البليد الذهن الذي لا يحفظ سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع والاشارة قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو الإنسان الكامل وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً هى سبع صفات ذاتية لله تبارك وتعالى السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة مِنَ الْمَثانِي اى من خصوصية المثاني وهى المظهرية والمظهرية لذاته وصفاته مختصة بالإنسان فان غير الإنسان لم توجد له المظهرية ولو كان ملكا ومن هاهنا يكشف سر من اسرار وعلم آدم الأسماء كلها فمنها اسماء صفات الله وذاته لان آدم كان مظهرها ومظهرها وكان الملك مظهر بعض صفاته ولم يكن مظهرا ولذا قال تعالى ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فلما لم يكونوا مظهرها وكانوا مظهر بعضها قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا ولهذا السر اسجد الله الملائكة لآدم عليه السلام وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ اى حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من أخلاقه القديمة بان جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ولما سئلت عائشة رضى الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن وفى قوله لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ اشارة الى ان الله تعالى إذا أنعم على عبده ونبيه بهذه المقامات الكريمة والنعم العظيمة يكون من نتائجها ان لا يمد عينيه لا عين الجسماني ولا عين الروحاني الى ما متع الله به أزواجا من الدنيا والآخرة منهم اى من أهلها وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على ما فاته من مشاركتهم فيها كما كان حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إذ يغشى السدرة ما يغشى من نعيم الدارين ما زاغ البصر برؤيتها وما طغى بالميل إليها ثم قال وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ فى هذا المقام قياما بأداء تشكر نعم الله وتواضعا له لنزيدك بهما فى النعمة والرفعة وفيه معنى آخر واخفض بعد وصولك الى مقام المحبوبية جناحك لمن اتبعك من المؤمنين لتبلغهم على جناح همتك العالية الى مقام المحبوبية يدل على هذا التأويل قوله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ كما فى التأويلات النجمية كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ هو من قول الله تعالى لا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام متعلق بقوله ولقد آتيناك لانه بمعنى أنزلنا اى أنزلنا عليك سبعا من المثاني والقرآن العظيم

[سورة الحجر (15) : الآيات 91 إلى 93]

انزالا مماثلا لانزال الكتابين على اليهود والنصارى المقتسمين الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ المنزل عليك يا محمد عِضِينَ اجزاء. وبالفارسية [پاره پاره يعنى پخش كردند قرآنرا] والموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامهم اى قسموا القرآن الى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. والغرض بيان المماثلة بين الايتاءين لا بين متعلقيهما كما فى الصلوات الخليلية فان التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله الفائضة على ابراهيم وآله أتم وأكمل مما فاض على النبي عليه الصلاة والسلام وانما ذلك للتقدم فى الوجود فليس فى التشبيه اشعار بافضلية المشبه به من المشبه فضلا عن إيهام افضلية ما تعلق به الاول مما تعلق به الثاني فانه عليه الصلاة والسلام اوتى ما لم يؤت أحد قبله ولا بعد مثله. وعضين جمع عضة وهى الفرقة والقطعة أصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية إذا جعلها أعضاء وانما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف وهو الواو كسنين وعزين والتعبير عن تجزية القرآن بالتعضية التي هى تفريق الأعضاء من ذى الروح المستلزم لازالة حياته وابطال اسمه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم هذا وقد قال بعضهم المقتسمون اثنا عشر او ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة ايام موسم الحج فاقتسموا عقاب مكة وطرقها وقعدوا على ابوابها فاذا جاء الحاج قال واحد منهم لا تغتروا بهذا الرجل فانه مجنون وقال آخر كاهن وآخر عرّاف وآخر شاعر وآخر ساحر فثبط كل واحد منهم الناس عن اتباعه عليه الصلاة والسلام ووقعوا فيه عندهم فاهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات وعلى هذا فيكون الموصول مفعولا اولا لانذر الذي تضمنه النذير اى انذر المعضين الذين يجزؤن القرآن الى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين مثل ما أنزلنا على المقتسمين اى سننزل على ان يجعل المتوقع كالواقع وهو من الاعجاز لانه اخبار بما سيكون وقد كان وهذا المعنى هو الأظهر ذكره ابن إسحاق كذا فى التكملة لابن عساكر فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ اى لنسألن يوم القيامة اصناف الكفرة من المقتسمين وغيرهم سئوال توبيخ وتقريع بان يقال لم فعلتم وقوله تعالى فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ اى لا يسألون أي شىء فعلتم ليعلم ذلك من جهتهم لان سئوال الاستعلام محال على الملك العلام ويجوز ان يكون السؤال مجازا عن المجازاة لانه سببها عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا من قول وفعل وترك وقال فى بحر العلوم فان قلت قد ناقض هذا قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ قلت ان يوم القيامة يوم طويل مقدار خمسين الف سنة ففيه ازمان واحوال مختلفة فى بعضها لا يسألون ولا يتكلمون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (تمكثون الف عام فى الظلمة يوم القيامة لا تتكلمون) وفى بعضها يسألون ويتساءلون قال الله تعالى وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ وفى بعضها يتخاصمون وقال كثير من العلماء يسألهم عن لا اله الا الله وهى كلمة النجاة وهى كلمة الله العليا لو وضعت فى كفة والسموات والأرضون السبع فى كفة لرجحت بهن من قالها مرة غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر: قال المغربي

[سورة الحجر (15) : آية 94]

اگر چهـ آيينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بردار ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار وفى التأويلات النجمية كان النبي عليه الصلاة والسلام مأمورا بإظهار مقامه وهو النبوة وبتعريف نفسه انه نذير للكافرين كما انه بشير للمؤمنين وانه لما امر بالرحمة والشفقة ولين الجانب للمؤمنين بقوله وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ إظهارا للطف امر بالتهديد والوعيد والانذار بالعذاب للكافرين إظهارا للقهر بقوله وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ اى ننزل عليكم العذاب كما أنزلنا على المقتسمين وهو الذين اقتسموا قهر الله المنزل على أنفسهم بالأعمال الطبيعية غير الشرعية فانها مظهر قهر الله وخزانته كما ان الأعمال الشرعية مظهر لطف الله وخزانته فمن قرع باب خزانة اللطف أكرم به وأنعم به عليه ومن دق باب خزانة القهر اهين به وعذب ثم اخبر عن أعمالهم التي اقتسموا قهر الله بها على أنفسهم بقوله الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ اى جزأوه اجزاء فى الاستعمال فقوم قرأه وداموا على تلاوة ليقال لهم القراء وبه يأكلون وقوم حفظوه بالقراءات ليقال لهم الحافظ وبه يأكلون وقوم حصلوا تفسيره وتأويله طلبا للشهرة وإظهارا للفضل ليأكلوا به وقوم استخرجوا معانيه واستنبطوا فقهه وبه يأكلون وقوم شرعوا فى قصصه واخباره ومواعظه وحكمه وبه يأكلون وقوم أولوه على وفق مذاهبهم وفسروه بآرائهم فكفروا لذلك ثم قال فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ انما عملوه بالله وفى الله ولله او بالطبع فى متابعة النفس للمنافع الدنيوية نظيره قوله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ انتهى ما فى التأويلات قوله عن صدقهم اى عنده تعالى لا عندهم كذا فسره الجنيد قدس سره وهو معنى لطيف عميق فان الصدق والإسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صعب فتسأل الله تعالى ان يجعل اسلامنا وصدقنا حقيقيا مقبولا لا اعتباريا مردودا وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها إذا صحت ففيها النجاة ولايتم بعضها الا ببعض الإسلام الخالص عن الظلمة وطيب الغذاء والصدق لله فى الأعمال قال فى درياق الذنوب وكان عمر بن عبد العزيز يخاف مع العدل ولا يأمن العدول رؤى فى المنام بعد موته باثنتي عشرة سنة فقال الآن تخلصت من حسابى فاعتبر من هذا يا من أكب على الأذى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ما موصولة والعائد محذوف اى فاجهر بما تؤمر به من الشرائع اى تكلم به جهارا وأظهره وبالفارسية [پس آشكارا كن وبظاهر قيام نماى بآنچهـ فرستاده اند از أوامر ونواهى] يقال صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا من الصديع وهو الفجر اى الصبح او فاصدع فافرق بين الحق والباطل واكشف الحق وابنه من غيره من الصدع فى الزجاجة وهو الإبانة كما قال فى القاموس الصدع الشق فى شىء صلب ثم قال وقوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ اى شق جماعاتهم بالتوحيد وفى تفسير ابى الليث كان رسول الله عليه السلام قبل نزول هذه الآية مستخفيا لا يظهر شيأ مما انزل الله تعالى حتى نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ يقول الفقير كان عليه الصلاة والسلام مأمورا بإظهار ما كان من قبيل الشرائع والاحكام لا ما كان من قبيل المعارف

[سورة الحجر (15) : الآيات 95 إلى 99]

والحقائق فانه كان مأمورا بإخفائه الا لاهله من خواص الامة وقد توارثه العلماء بالله الى هذا الآن كما قال المولى الجامى رسيد جان بلب ودم نمى توانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود واما ما صدر من بعضهم من دعوى المأمورية فى اظهار بعض الأمور الباعثة على تفرق الناس واختلافهم فى الدين فمن الجهل بالمراتب وعدم التمييز بين ما كان ملكليا ورحمانيا وبين ما كان نفسانيا وشيطانيا فان الطريق والمسلك والمطلب عزيز المنال والله الهادي الى حقيقة الحال نكته عرفان مجو از خاطر آلودگان ... جوهر مقصود را دلهاى پاك آمد صدف وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ اى لا تلتفت الى ما يقولون ولا تبال بهم ولا تقصد الانتقام منهم فان قلت قد دعا النبي عليه الصلاة والسلام على بعض الكفار فاستجيب له كما روى انه مر بالحكم ابن العاص فجعل الحكم يغمز به عليه السلام فرآه فقال (اللهم اجعل به وزغا) فرجف وارتعش مكانه والوزغ الارتعاش وهذا لا ينافى ما هو عليه من الحلم والإغضاء على ما يكره قلت ظهر له فى ذلك اذن من الله تعالى ففعل ما فعل وهكذا جميع أفعاله وأقواله فان الوارث الكامل لا يصدر منه الا ما فيه اذن الله تعالى فما ظنك بأكمل الخلق علما وعملا وحالا إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بقمعهم وإهلاكهم قال الكاشفى [بدرستى كه ما كفايت كرديم از تو شر استهزا كنندكان] الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ [آنانكه ميزنند وشريك ميكنند با خداى حق] إِلهاً آخَرَ [خداى ديكر باطل] يعنى الأصنام وغيرها والموصول منصوب بانه صفة المستهزئين ووصفهم بذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهوينا للخطب عليه بإعلامه انهم لم يقتصروا على الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام بل اجترءوا على العظيمة التي هى الإشراك بالله سبحانه فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [پس زود بدانند عاقبت كار وبينند مكافات كردار خود را] فهو عبارة عن الوعيد وسوف ولعل وعسى فى وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجده ولا مجال للشك بعده فعلى هذا جرى وعد الله ووعيده والجمهور على انها نزلت فى خمسة نفر ذوى شأن وخطر كانوا يبالغون فى إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به فاهلكهم الله فى يوم واحد وكان إهلاكهم قبل بدر منهم العاص بن وائل السهمي والدعمر وبن العاص رضى الله عنه كان يخلج خلف رسول الله بانفه وفمه يسخر به فخرج فى يوم مطير على راحلة مع ابنين له فنزل شعبا من تلك الشعاب فلما وضع قدمه على الأرض قال لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيأ فانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه ومنهم الحارث بن القيس بن العطيلة أكل حوتا مالحا فاصابه عطش شديد فلم يزل يشرب الماء حتى انقد اى انشق بطنه فمات فى مكانه ومنهم الأسود بن المطلب بن الحارث خرج مع غلام له فاتاه جبريل وهو قاعد الى اصل شجرة فجعل ينطح اى يضرب جبريل رأسه على الشجرة وكان يستغيث بغلامه فقال غلامه لا أرى أحدا يصنع بك شيأ غير نفسك فمات مكانه وكان هو وأصحابه يتغامزون بالنبي وأصحابه ويصفرون إذا رأوه ومنهم اسود بن عبد يغوث خرج

من اهله فاصابه السموم فاسود حتى صار كالفحم واتى اهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب ولم يدخلوه دارهم حتى مات قال فى انسان العيون هواى الأسود هذا ابن خال النبي عليه الصلاة والسلام وكان إذا رأى المسلمين قال لاصحابه استهزاء بالصحابة قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر وذلك لان ثياب الصحابة كانت رثة وعيشهم خشنا ومنهم الوليد ابن المغيرة والد خالد رضى الله عنه وعم ابى جهل خرج يتبختر فى مشيته حتى وقف على رجل يعمل السهام فتعلق سهم فى ثوبه فلم ينقلب لينحيه تعاظما فاخذ طرف ردائه ليجعله على كتفه فاصاب السهم اكحله فقطعه ثم لم ينقطع عنه الدم حتى مات وقال الكاشفى فى تفسيره [آورده اند كه پنج تن از اشراف قريش در إيذاء وآزار سيد عالم صلى الله عليه وسلم بسيار كوشيدندى وهر جا كه ويرا ديدندى بفسوس واستهزاء پيش آمدندى روزى آن حضرت در مسجد حرام نشسته بود با جبرائيل اين پنج تن بر آمدند وبدستور معهود سخنان كفته بطواف حرم مشغول شدند جبرائيل فرمود يا رسول الله مرا فرموده اند كه شر ايشانرا كفايت كنم پس اشارت كرد بساق وليد بن مغيره وبكف پاى عاص بن وائل وبه بينى حارث بن قيس وبر وى اسود بن عبد يغوث وبچشم اسود بن مطلب وهر پنج ازيشان در اندك زمانى هلاك شدند وليد بدكان تير تراشى بگذشت و پيكانى در دامن او آويخت از روى عظمت سر زير نكرد كه از جامه باز كند آن پيكان ساق ويرا مجروح ساخت ورك شريانى از آن بريده كشت وبدوزخ رفت وخارى در كف پاى عاص خليده پايش ورم كرد وبدان بمرد واز بينى حارث خون وقبح روان شد وجان بداد واسود روى خود را بخاك وخاشاك ميزد تا هلاك شد و چشم اسود بن مطلب نابينا شد از غضب سر بر زمين زد تا جانش بر آمد] وحينئذ يكون معنى كفاية هذا له عليه الصلاة والسلام انه لم يسع ولم يتكلف فى تحصيل ذلك كما فى انسان العيون وهؤلاء هم المرادون بقوله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ وان كان المستهزءون غير منحصرين فيهم فقد جاء ان أبا جهل وأبا لهب وعقبة والحكم بن العاص ونحوهم كانوا مستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم فى اكثر الأوقات بكل ما أمكن لهم من طرح القذر على بابه والغمز ونحوهما: وفى المثنوى آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن من تر أفسوس مى كردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس وفى التأويلات إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الذين يستعملون الشريعة بالطبيعة للخليقة ويرائون انهم لله يعملون استهزاء بدين الله الله يستهزئ بهم الى قوله وما كانوا مهتدين لانهم الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وهو الخلق والهوى والدنيا فى استعمال الشريعة بالطبيعة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حين يجازيهم الله بما يعملون لمن عملوا كما قيل

[سورة الحجر (15) : الآيات 97 إلى 98]

سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ [تنك ميشود سينه تو] بِما يَقُولُونَ [بآنچهـ كافران ميكويند] من كلمات الشرك والطعن فى القرآن والاستهزاء بك وبه: يعنى [دشوار مى آيد ترا كفتار كفار] وادخل قد توكيدا لعلمه بما هو عليه من ضيق الصدر بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم. ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد إذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فافزع اليه تعالى والتجئ فيما نابك اى نزل بك من ضيق الصدر والحرج بالتسبيح والتقديس ملتبسا بحمده قال الكاشفى [پس تسبيح كن تسبيحى مقترن بحمد پروردگار تو يعنى بگو سبحان الله والحمد لله] واعلم ان سبحان الله كلمة مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات الله وصفاته فما كان من أسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذي سلم من كل آفة والحمد لله كلمة مشتملة على اثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته تعالى فما كان من أسمائه متضمنا للاثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير ونحوها فهو مندرج تحتها فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه وأثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه وكل جلال أدركناه وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ اى المصلين يكفك ويكشف الغم عنك- روى- انه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه امر فزع الى الصلاة اى لجأ وفى بحر العلوم وكن من الذين يكثرون السجود له لان المراد بالساجدين الكاملون فى السجود المبالغون فيه وذلك ما يكون الا بإكثاره يقول الفقير كثرة السجود فى الظاهر باعثة لدوام التوجه الى الله وهو المطلوب هذا باعتبار الابتداء واما باعتبار الانتهاء فالذى وصل الى دوام الحضور يجد فى نفسه تطبيق حاله بالظاهر فلا يزال يسجد شكرا آناء الليل وأطراف النهار بلا تعب ولا كلفة ويجد فى صلاته ذوقا لا يجده حين فراغه منها ليك ذوق سجده پيش خدا ... خوشتر آيد از دو صد دولت ترا قال الكاشفى [صاحب كشف الاسرار آورده كه از تنكدلئ تو آگاهيم وآنچهـ بتو ميرسد از غصه بيكانكان خبر داريم تو بحضور دل بنماز درآى كه ميدان مشاهده است وبا مشاهده دوست بار بلا كشيدن آسان باشد يكى از پيران طريقت كفته كه در بازار بغداد ديدم كه يكى را صد تازيانه زدند آهى نكرد از وى پرسيدم كه اى جوانمردان همه زخم خوردى ونناليدى كفت آرى شيخا معذورم دار كه معشوقم در برابر بود وميديد كه مرا براى او ميزنند از نظاره وى بالم زحم شعور نداشتم] تو تيغ ميزن وبگذار تا من بيدل ... نظاره كنم آن چهره نكارين را قال فى شرح الحكم ما تجده القلوب من الهموم والأحزان يعنى عند فقدان مرادها وتشويش معتادها فلاجل ما منعت من وجود العيان إذ لو عاينت جمال الفاعل جمل عليها ألم البعد كما اتفق فى قصة النسوة اللاتي قطعن أيديهن- ويحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعين سوطا ما صاح ولا استغاث ولا تأوه فلما ضرب الواحدة التي كملت بها المائة صاح واستغاث فتبعه الشبلي

[سورة الحجر (15) : آية 99]

قدس سره فسأله عن امره فقال ان العين التي ضربت من أجلها كانت تنظر الى فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عنى وقد قال الشبلي من عرف الله لا يكون عليه غم ابدا وَاعْبُدْ رَبَّكَ دم على ما أنت عليه من عبادته تعالى حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ اى الموت فانه متيقن اللحوق بكل حى مخلوق ويزول بنزوله كل شك واسناد الإتيان اليه للايذان بانه متوجه الى الحي طالب للوصول اليه. والمعنى دم على العبادة ما دمت حيا من غير إخلال بها لحظة كقوله وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ووقت العبادة بالموت لئلا يتوهم ان لها نهاية دون الموت فاذا مات انقطع عنه عمله وبقي ثوابه وهذا بالنسبة الى مرتبة الشريعة. واما الحقيقة فباقية فى كل موطن إذ هى حال القلب والقلب من الملكوت ولا يعرض الفناء والانقطاع لا حوال الملكوت نسأل الله الوصول اليه والاعتماد فى كل شىء عليه وفى الحديث (ما اوحى الى ان اجمع المال وكن من التاجرين ولكن اوحى الىّ ان سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ من ضيق البشرية وغاية الشفقة وكمال الغيرة بِما يَقُولُونَ من اقوال الأخيار ويعملون عمل الأشرار فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ انك لست منهم وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ لله سجدة الشكر وَاعْبُدْ رَبَّكَ بالإخلاص حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ اى الى الابد وذلك ان حقيقة اليقين المعرفة ولا نهاية لمقامات المعرفة فكما ان الواصل الى مقام من مقامات المعرفة يأتيه يقين بذلك المقام فى المعرفة كذلك يأتيه شك بمعرفة مقام آخر فى المعرفة فيحتاج الى يقين آخر فى ازالة هذا الشك الى ما لا يتناهى فثبت ان اليقين هاهنا اشارة الى الابد انتهى كلامه قال فى العوارف منازل طريق الوصول لا تقطع ابد الآباد فى عمر الآخرة الابدى فكيف فى العمر القصير الدنيوي اى برادر بي نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مائست قيل اليقين اسم ورسم وعلم وعين وحق فالاسم والرسم للعوام والعلم علم اليقين للاولياء وعين اليقين لخواص الأولياء وحق اليقين للانبياء وحقيقة حق اليقين اختص بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تمت سورة الحجر فى الثالث عشر من شهر ربيع الاول فى سنة اربع ومائة والف 1104 ثم الجلد الرابع بتوفيق الله تعالى من تفسير القرآن المسمى ب «روح البيان» ويليه الجلد الخامس ان شاء الله تعالى اوله تفسير سورة النحل

الجزء الخامس

الجزء الخامس من تفسير روح البيان تفسير سورة النحل وهى مكية الا من وَإِنْ عاقَبْتُمْ الى آخرها وهى مائة وثمان وعشرون آية بسم الله الرّحمن الرّحيم أَتى أَمْرُ اللَّهِ روى ان كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيبا للوعد ويقولون ان صح ما يقولون من مجيئ العذاب فالاصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت وامر الله هو العذاب الموعود لان تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع فى سلك الواقع وقد وقع يوم بدر. والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به ايها الكفرة فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى امر الله ووقوعه إذ لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وان كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشيء قبل حينه سُبْحانَهُ [پاكست خداى] وَتَعالى [وبرترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ اى تبرأ وتقدس بذاته عن ان يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري قال ابن عباس رضى الله عنهما لما انزل الله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال الكفار بعضهم لبعض ان هذا يزعم ان القيامة قد قربت فامسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى تنظر ما هو كائن فلما رأوا انه لا ينزل شىء قالوا ما نرى شيأ فانزل اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيأ مما تخوفنا به فانزل الله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النبي عليه السلام قائما مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤسهم فنزل فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى

[سورة النحل (16) : آية 2]

لا تطلبوا الأمر قبل حينه فاطمأنوا وجلس النبي عليه السلام بعد قيامه وليس فى هذه الرواية استعجال المؤمنين بل خوفهم وظنهم ثم ان الاستعجال بها لا يوصف به المؤمنون قال الله تعالى يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها بل الظاهر انهم لما سمعوا أول الآية اضطربوا لظن انه وقع ثم لما سمعوا خطاب الكفار بقوله فلا تستعجلوه اطمأنوا كما فى حواشى سعدى المفتى ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت انا والساعة كهاتين) يعنى إصبعيه المسبحة والوسطى معناه ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على المسبحة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة وفى حديث آخر (مثلى ومثل الساعة كفرسى رهان) قال فى القاموس كفرسى رهان يضرب للاثنين يسبقان الى غاية فيستويان وهذا التشبيه فى الابتداء لان الغاية تجلى عن السابق لا محالة انتهى والاشارة الى ان قوله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ كلام قديم كان الله فى الأزل به متكلما والمخاطبون به بعد فى العدم محبوسون وهم طبقات ثلاث منهم الغافلون والعاقلون والعاشقون فكان الخطاب مع الغافلين بالعتاب إذ كانوا مشتاقين الى الدنيا وزخارفها ولذاتها وشهواتها وهم اصحاب النفوس نفس اگر چهـ زيركست وخرده دان ... قبله اش دنياست او را مرده دان والخطاب مع العاقلين بوعد الثواب إذ كانوا مشتاقين الى الطاعات والعبادات والأعمال الصالحات التي تبلغهم الى الجنة ونعيمها الباقية وهم ارباب العقول نصيب ماست بهشت اى خداشناس برو ... كه مستحق كرامت گناهكارانند والخطاب مع العاشقين بوصلة رب الأرباب إذ كانوا مشتاقين الى مشاهدة جمال ذى الجلال چهـ سود از روزن جنت اگر شيرين معاذ الله ... ز كوى خود درى در روضه فرهاد نكشايد فاستعجل أرواح كل طبقة منهم للخروج من العدم الى الوجود لنيل المقصود وطلب المفقود فتكلم الله فى الأزل بقوله أَتى أَمْرُ اللَّهِ اى سيأتى امر الله للخروج من العدم لاصابة ما كتب لكل طبقة منكم فى القسمة الازلية فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ فانه لا يفوتكم يدل عليه قوله تعالى وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى فى العدم وهو يسمع خفيات اسراركم ويبصر خفيات سرائركم المعدومة سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ اى هو منزه فى ذاته ومتعال فى صفاته ان يكون له شريك يعمل عمله او شبيه يكون بدله قهار بي منازع وغفار بي ملال ... ديان بي معادل وسلطان بي سپاه با غير او اضافت شاهى بود چنانك ... بريك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه يُنَزِّلُ الله تعالى الْمَلائِكَةَ اى جبريل لان الواحد يسمى بالجمع إذا كان رئيسا تعظيما لشأنه ورفعا لقدره او هو ومن معه من حفظة الوحى كما قال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ يعنى ملائكة الوحى وهم جبريل وقال الملائكة بالجمع لانه قد ينزل بالوحى مع غيره- وروى- عن عامر الشعبي بإسناد صحيح قال وكل اسرافيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ثلاث

سنين وكان يأتيه بالكلمة والكلمتين ثم نزل عليه جبريل بالقرآن والحكمة فى توكيل اسرافيل به انه الموكل بالصور الذي فيه هلاك الخلق وقيام الساعة ونبوته صلى الله عليه وسلم مؤذنة بقرب الساعة وانقطاع الوحى وفى صحيح مسلم انه نزل عليه بسورة الحمد اى فاتحة الكتاب ملك لم ينزل بها جبريل كما قال بعضهم وهو بشيع. وذكر ابن ابى حيثمة خالد بن سنان العبسي وذكر نبوته وانه وكل به من الملائكة مالك خازن النار وكان من اعلام نبوته ان نارا يقال لها نار الحدثان كانت تخرج على الناس من مغارة فتأكلهم والزرع والضرع ولا يستطيعون ردها فردها خالد بن سنان بعصاه حتى رجعت هاربة منه الى المغارة التي خرجت منها فلم تخرج بعد وفى الحديث (وكان نبيا ضيعه قومه) يعنى خالد بن سنان اى ضيعوا وصية نبيهم حيث لم يبلغوه مراده من اخبار احوال القبر وقوله عليه السلام (انى اولى الناس بعيسى بن مريم فانه ليس بينى وبينه نبى) اى نبى داع للخلق الى الله وشرع وسبق تفصيل القصة فى سورة المائدة عند قوله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الآية فلينظر هناك. وذكر ان ملكا يقال له زياقيل كان ينزل على ذى القرنين وذلك الملك هو الذي يطوى الأرض يوم القيامة ويقبضها فتقع أقدام الخلائق كلهم بالساهرة فيما ذكره بعض اهل العلم وهذا مشاكل لتوكيله بذي القرنين الذي قطع مشارق الأرض ومغاربها كما ان قصة خالد بن سنان وتسخير النار له مشاكلة لحال الملك الموكل به كذا فى كتاب التعريف واسئلة الحكم بِالرُّوحِ اى بالوحى الذي من جملته القرآن على نهج الاستعارة فانه يحيى القلوب الميتة بالجهل او يقوم فى الدين مقام الروح فى الجسد يعنى ان الروح استعارة تحقيقية عن الوحى ووجه التسمية أحد هذين الوجهين والقرينة ابدال ان انذروا من الروح وقال بعضهم الباء بمعنى مع اى ينزل الملائكة مع جبريل قال الكاشفى [در تبيان ميگويد كه هيچ ملكى فرو نيايد الا كه روح با اوست ورقيبب برو چنانچهـ بر آدميان حفظه ميباشند] مِنْ أَمْرِهِ بيان للروح الذي أريد به الوحى فانه امر بالخير وبعث عليه وايضا هو من عالم الأمر المقابل لعالم الخلق وان كان جبريل من عالم الخلق او هو متعلق بينزل ومن للسببية كالباء مثلها فى قوله تعالى مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ اى ينزلهم بالروح بسبب امره وأجل إرادته عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ان ينزلهم به عليهم لاختصاصهم بصفات تؤهلهم ذلك أَنْ أَنْذِرُوا بدل من الروح اى ينزلهم ملتبسين بان انذروا اى بهذا القول والمخاطبون به الأنبياء الذين نزلت الملائكة عليهم والأمر هو الله والملائكة نقلة للامر كما يشعر به الباء فى المبدل منه وان مخففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف اى ينزلهم ملتبسين بان الشأن أقول لكم انذروا والانذار الاعلام خلا أنه مختص باعلام المحذور من نذر بالشيء كفرح علمه فحذره وأنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كذا فى القاموس اى اعلموا الناس ايها الأنبياء أَنَّهُ اى الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [كس نيست خداى مستحق عبادت مكر من كه آفريننده وروزى دهنده همه ام] وانباؤه عن المحذور ليس لذاته بل من حيث اتصاف المنذرين بما يضاده من الإشراك وذلك كاف فى كون اعلامه انذارا كما قال سعدى المفتى فى حواشيه التخويف بلا اله الا انا من حيث انهم كانوا يثبتون له تعالى ما لا يليق لذاته الكريمة من الشركاء

والانداد فاذا كان ما أسندوه خلاف الواقع وهو مستبد بالالوهية فالظاهر انه ينتقم منهم على ذلك فَاتَّقُونِ [پس بترسيد از من وجز مرا پرستش مكنيد] مرا بندگى كن كه دارا منم ... تو از بندگانى ومولا منم وفى الآية دلالة على ان الملائكة وسائط بين الله وبين رسله وأنبيائه فى إبلاغ كتبه ورسالاته وانهم ينزلون بالوحى على بعضهم دفعة فى وقت واحد كما نزلوا بالتوراة والإنجيل والزبور على موسى وعيسى وداود والدال عليه قراءة ابن كثير وابى عمرو وينزل من انزل وعلى بعضهم منجما موزعا على حسب المصالح وكفاء الحوادث كما نزلو بالقرآن منجما فى عشرين سنة او فى ثلاث وعشرين على ما يدل عليه قراءة الباقين لان فى التنزيل دلالة على التدرج والتكثر والانزال بشموله التدريجي والدفعى أعم منه وانه ليس ذلك النزول بالوحى جملة واحدة او متفرقا الا بامر الله وعلى ما يراه خيرا وصوابا وان النبوة موهبة الله ورحمته يختص بها من يشاء من عباده وان المقصود الأصلي فى ذلك اعلامهم الناس بتوحيد الله تعالى وتقواه فى جميع ما امر به ونهى عنه والاول هو منتهى كمال القوة العلمية والثاني هو أقصى كمالات القوة العلمية قال فى بحر العلوم واتقاء الله باجتناب الكفر والمعاصي وسائر القبائح يشمل رعاية حقوقها بين الناس والاشارة يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ اى بالوحى وبما يحيى القلوب من المواهب الربانية من امره اى من امر الله وامره على وجوه منها ما يرد على الجوارح بتكاليف الشريعة ومنها ما يرد على النفوس بتزكيتها بالطريقة ومنها ما يريد على الأرواح بملازمة الحضرة للمكاشفات ومنها ما يريد على الخفيات بتجل الصفات لا فناء الذوات عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ من الأنبياء والأولياء أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا اى اعلموا أوصاف وجودكم يبذلها فى انانيتى ان لا اله الا انا فَاتَّقُونِ اى فاتقوا من انانيتكم بانانيتى كذا فى التأويلات النجمية قال شيخى وسندى روحه الله روحه فى بعض تحريراته المتقى اما ان يتقى بنفسه عن الحق سبحانه واما بالحق عن نفسه والاول هو الاتقاء بإسناد النقائص الى نفسه عن إسنادها الى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية لله تعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات الى الحق سبحانه عن إسنادها الى نفسه فيجعل الحق سبحانه وقاية لنفسه والعدم نقصان والوجود كمال فاتقوا الله حق تقاته بان تضيفوا العدم الى أنفسكم مطلقا ولا تضيفوا الوجود إليها أصلا وتضيفوا الوجود الى الله مطلقا ولا تضيفوا العدم اليه أصلا فان الله تعالى موجود دائما ازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقه العدم أصلا ونفوسكم من حيث هى هى معدومة دائما وازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقها الوجود أصلا وطريان الوجود عليها من حيث فيضان الجود الوجودي عليها من الحق تعالى لا يوجب وجودها أصلا من حيث هى هى عند هذا الطريان على عدمها الأصلي من حيث هى دائما مطلقا فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا انتهى كلام الشيخ گر تويى جمله در فضاى وجود هم خود انصاف ده بگو حق گو در همه اوست پيش چشم شهود چيست پندارى هستى من وتو پاك كن جامى از غبار دويى لوح خاطر كه حق يكيست نه دو

[سورة النحل (16) : الآيات 3 إلى 4]

خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والآثار السفلية يقال قبل ان يخلق الله الأرض كان موضع الأرض كله ما فاجتمع الزبد فى موضع الكعبة فصارت ربوة حمراء كهيئة التل وكان ذلك يوم الأحد ثم ارتفع بخار الماء كهيئة الدخان حتى انتهى الى موضع السماء وما بين السماء والأرض مسيرة خمسائة عام كما بين المشرق والمغرب فجعل الله درة خضراء فخلق منها السماء فلما كان يوم الاثنين خلق الشمس والقمر والنجوم ثم بسط الأرض من تحت الربوة بِالْحَقِّ اى بالحكمة والمصلحة لا بالباطل والبعث ونعم ما قيل انما الكون خيال ... وهو حق فى الحقيقة ويقال جعل الله الأرواح العلوية والأشباح السفلية مظاهر أفاعيله فهو الفاعل فيما يظهر على الأرواح والأشباح تَعالى وتقدس. وبالفارسية [برترست خداى تعالى وبزرگتر] عَمَّا يُشْرِكُونَ عن شركة ما يشركونه به من الباطل الذي لا يبدئ ولا يعيد فينبغى للسالك ان يوحد الله تعالى ذاتا وصفة وفعلا فان الله تعالى هو الفاعل خلق حجاب الوسائط لا بالوسائط بل بالذات فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا وهو ما أريد به وجه الله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقيل للمرائى مشرك مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان گفتند مشرك خَلَقَ الْإِنْسانَ اى بنى آدم لا غير لان أبويهم لم يخلقا من النطفة بل خلق آدم من التراب وحواء من الضلع الأيسر منه مِنْ نُطْفَةٍ قال فى القاموس النطفة ماء الرجل. والمعنى بالفارسية [از آب منى كه جماديست بي حس وحركت وفهم وهيولائى كه وضع وشكل نپذيرد پس او را فهم وعقل داد] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] اى الإنسان بعد الخلق واتى بالفاء اشارة الى شرعة نسيانهم ابتداء خلقهم خَصِيمٌ بليغ الخصومة شديد الجدل مُبِينٌ اى مظهر للحجة او ظاهر لا شبهة فى زيادة خصومته وجدله: يعنى [مناظره ميكند وميخواهد كه سخن خود را بحجت ثابت سازد] قال فى التكملة الظاهر ان الآية على العموم وقد حكى المهدوى ان المراد به ابى بن خلف الجمحي فانه اتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم فقال يا محمد أترى الله تعالى اى أتظن ان الله يحيى هذا بعد ما قد رم فنزلت ومثلها الآية التي فى آخر سورة يس وفيه نزلت: يعنى [او در أول جمادى بوده وما او را حس ونطق داديم اكنون با ما مجادله ميكند چرا استدلال نمى كند بابداء بر إعادة كه هر كه بر إبداء قادر بود هر آيينه برين نيز قدرت دارد] وفى التأويلات النجمية اى جعل الإنسان من نطفة ميتة لا فعل لها ولا علم بوجودها فاذا أعطيت العلم والقدرة صارت خصيما لخالقها مبينا وجودها مع وجود الحق وادعت الشركة معه ففى الوجود والأفاعيل انتهى والآية وصف الإنسان بالإفراط فى الوقاحة والجهل والتمادي فى كفران النعمة قالوا خلق الله تعالى جوهر الإنسان من تراب اولا ثم من نطفة ثانيا وهم ما ازدادوا الا تكبرا وما لهم والكبر يعد ان خلقوا من نطفة نجسة فى قول عامة العلماء نه در ابتدا بودى آب منى اگر مردى از سر بدر كن منى وفى انسان العيون ان فضلاته صلى الله عليه وسلم طاهرة انتهى وهو من خصائصه عليه السلام كما صرحوا به فى كتب السير وحكم النطفة أسهل من الفضلات لانها أخف منها- يحكى- ان بعض

[سورة النحل (16) : الآيات 5 إلى 6]

اهل الرياضة المحققين من اهل التوحيد الحقانى كان يشم من فضلاتهم رايحة المسك وذلك ليس ببعيد لصفوة باطنهم وسريان آثار حالهم الى جميع أعضائهم واجزائهم فهم من النطفة صورة ومن النور معنى وليس غيرهم مثلهم لان معناهم ظهر فى صورة الوجود فغابوا من الغيبة ووصلوا الى عالم الشهود بخلاف غيرهم من ارباب الغفلة فان أنت تطمع فى الوصول الى ما وصلوا او الحصول عند ما حصلوا فعليك بإخلاص العمل وترك المراء والجدل فان حقيقة التوحيد لا تحصل للخصم العنيد بل هى منه بمكان بعيد وَالْأَنْعامَ جمع نعم وقد يسكن عينه وهى الإبل والبقر والغنم والمعز وهى الأجناس الاربعة المسماة بالأزواج الثمانية اعتبارا للذكر والأنثى لان ذكر كل واحد من هذه الأنواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل وانتصابها بمضمر يفسره قوله تعالى خَلَقَها لَكُمْ ولمنافعكم ومصالحكم يا بنى آدم وكذا سائر المخلوقات فانها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم لا لها يدل عليه قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وقوله سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ واما الإنسان فقد خلق له تعالى كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي فالانسان مرآة صفات الله تعالى ومجلى أسمائه الحسنى فِيها دِفْءٌ [در ايشان پوستست گرم كننده يعنى جامعها از پشم وموى كه سرما باز دارد] والدفئ نقيض حدة البرد اى بمعنى السخونة والحرارة ثم سمى به كل ما يدفأ به اى يسخن به من لباس معمول من صوف الغنم او وبر الإبل او شعر المعز هذا واما الفر وفلا بأس به بعد الدباغة من أي صنف كان وقد عد الامام الشافعي رحمه الله لبس جلد السباع مكروها وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فنك يلبسها فى الأعياد والفنك بالتحريك دابة فروتها أطيب انواع الفراء وأشرفها وأعدلها صالح لجميع الامزجة المعتدلة كما فى القاموس ثم ان اسباب التسخين انما تلزم للعامة وقد اشتهر ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصطل بالنار وكذا بعض الخواص فان حرارة باطنهم تغنى عن الحرارة الظاهرة: قال الصائب جمعى كه پشت گرم بعشق ازل نيند ... ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند وَمَنافِعُ نسلها ودرها وركوبها والحراثة بها وثمنها وأجرتها وَمِنْها تَأْكُلُونَ من للتبعيض اى تأكلون ما يؤكل منها من اللحوم والشحوم وغير ذلك بخلاف الغدة والقبل والدبر والذكر والخصيتين والمرارة والمثانة ونخاع الصلب والعظم والدم فانها حرام. وتقديم الظرف لرعاية الفاصلة او لان الاكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس فى معائشهم واما الاكل من غيرها من الطيور وصيد البر والبحر فعلى وجه التداوى او التفكه والتلذذ فيكون القصر إضافيا بالنسبة الى سائر الحيوانات حتى لا ينتقض بمثل الخبز ونحوه من المأكولات المعتادة وَلَكُمْ فِيها مع ما فصل من انواع المنافع الضرورية جَمالٌ اى زينة فى أعين الناس ووجاهة عندهم حِينَ تُرِيحُونَ تردونها من مراعيها الى مراحها ومباركها بالعشي اى فى آخر النهار من أراح الإبل إذا ردها الى المراح بضم الميم وهو موضع اراحة الإبل والبقر والغنم. والاراحة بالفارسية [شبانگاه باز آوردن اشتر وگوسفند] وَحِينَ تَسْرَحُونَ

[سورة النحل (16) : الآيات 7 إلى 11]

ترسلونها بالغداة اى فى أول النهار فى المرعى وتخرجونها من حظائرها الى مسارحها من سرح الراعي الإبل إذا رعاها وأرسلها فى المرعى قال فى تهذيب المصادر والسروح [بچرا هشتن] وسرح لازم ومتعد يقال سرحت الماشية وسرحت الماشية انتهى وتعيين الوقتين لان الرعاة إذا اراحوا بالعشي وسرحوها بالغداة تزينت الافنية بها اى ما اتسع من امام الدار كما فى القاموس وتجاوب الثغاء والرغاء الاول صوت الشاة والمعز والثاني ذوات الخف فيجل بكسر الجيم اى يعظم أهلها فى أعين الناظرين إليها ويكسبون الجاه والحرمة عند الناس واما عند كونها فى المراعى فينقطع اضافتها الحسية الى أربابها وعند كونها فى الحظائر لا يراها راء ولا ينظر إليها ناظر وقدم الاراحة على السرح وان كانت بعده لان الجمال فيها اظهر إذ هي حضور بعد غيبة واقبال بعد ادبار على احسن ما يكون ملأى البطون مرتفعة الضلوع حافلة الضروع قال فى القاموس الجمال الحسن فى الخلق والخلق وتجمل تزين وجمله زينه وفى الحديث (جمال الرجل فصاحة لسانه) وفى حديث آخر (الجمال صواب المقال والكمال حسن الفعال) بهايم خموشند وگويا بشر ... پراكنده گوى از بهايم بتر وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ جمع ثقل بفتح الثاء والقاف وهو متاع المسافر وحشمه اى تحمل أمتعتكم واحمالكم إِلى بَلَدٍ بعيد أياما كان فيدخل فيه إخراج اهل مكة متاجرهم الى اليمن ومصر والشام لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ واصلين اليه بانفسكم مجردين عن الأثقال لولا الإبل اى لو لم تخلق الإبل فرضا إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فضلا عن استصحابها معكم اى عن ان تحملوها على ظهوركم اليه. والشق بالكسر والفتح الكلفة والمشقة وهو استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى لم تكونوا بالغيه بشئ من الأشياء الا بشق الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ عظيم الرأفة بكم وعظيم الانعام عليكم حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وأنعمها عليكم لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى بعض مغازيه فبينما هم يسيرون إذا خذوا فرخ طائر اى ولده فاقبل أحد أبويه حتى سقط فى أيدي الذين أخذوا الفرخ فقال عليه الصلاة والسلام (ألا تعجبون لهذا الطير أخذ فرخه فاقبل حتى سقط فى ايديكم والله لله ارحم بعباده من هذا الطائر بفرخه) فروماندكانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب وفى الآية اشارة الى ان فى خلق الحيوانات انتفاعا للانسان فانهم ينتفعون بها حين اطلاعهم على صفاتها الحيوانية الذميمة بالصفات الملكية الحميدة احترازا عن الاحتباس فى حيزها واجتنابا عن شبهها بقوله أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وهذه الصفات الحيوانية انما خلقت فيهم لتحمل أثقال أرواحهم الى بلد عالم الجبروت ولذا ورد (نفسك مطيتك فارفق بها) واعلم ان الله تعالى من على عباده بخلق الإبل والبقر والغنم والمعز وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابل يركبها وهى الناقة القصوى اى المقطوع طرف اذنها والجدعاء اى المقطوعة الانف او مقطوعة الاذن كلها والعضباء اى المشقوقة الاذن قال بعضهم وهذه القاب ولم يكن بتلك شىء من ذلك والعضباء هى التي كانت لا تسبق فسبقت فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم (ان حقا على الله ان لا يرفع شيأ من الدنيا الا وضعه) وهى التي لم تأكل بعد وفاة رسول الله ولم تشرب حتى ماتت وجاء ان ابنته فاطمة رضى الله عنها تحشر عليها قال السعدي [حلم شتر چنانكه معلومست اگر طفلى مهارش گيرد وصد فرسنگ ببرد گردن از متابعت او نپيچد اما اگر درره هولناك پيش آيد كه موجب هلاك باشد وطفل بنادانى خواهد كه آن جايكه برود زمام از كفش بگسلاند وديگر مطاوعت نكند كه هنگام درشتى ملاطفت مذموم است وگفته اند كه دشمن بملاطفت دوست نگردد بلكه طمع زياده كند] كسى كه لطف كند با تو خاك پايش باش ... وگر خلاف كند در دو چشمش آكن خاك سخن بلطف وكرم با درشت گوى مگوى ... كه ژنك خورده نگردد بنرم سوهان پاك قال فى حياة الحيوان وإذا احرق وبر الجمل وذر على الدم السائل قطعه وقراده يربط فى كم العاشق فيزول عشقه ولحمه يزيد فى الباءة اى الجماع. والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة وقيل لمحمد بن الحسين بن على رضى الله عنهم الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا وإذا أردت ان ترى عجبا فادفن جرة فى الأرض الى حلقها وقد طلى باطنها بشحم البقر فان البراغيث كلها تجتمع إليها وإذا بخر البيت بشحمه مع الزرنيخ اذهب الهوام خصوصا العقارب ولم ينقل انه صلى الله عليه وسلم ملك شيأ منها اى من البقر للقنية فلا ينافى انه ضحى عن نسائه بالبقر كما فى انسان العيون يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر والمراد القصاب المعتاد لذلك وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وأسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وأسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) قال الامام السخاوي قد صح ان النبي عليه الصلاة والسلام ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره انتهى كلام السخاوي وفى الحديث (صوفها رياش وسمنها معاش) يعنى الغنم الرياش اللباس الفاخر يعنى ان ما على ظهرها سبب الرياش ومادتها وما فى بطنها سبب المعاش وهو الحياة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم وامر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال (الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حج فقرائها) وعند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى وجاء (اتخذوا الغنم فانها بركة) قال فى حياة الحيوان جعل الله البركة فى نوع الغنم وهى تلد فى العام مرة ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها جوف الأرض بخلاف السباع فانها تلد ستا وسبعا ولا يرى منها الا واحدة فى أطراف الأرض وكان له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم وسبعة اعنز كانت ترعاها أم ايمن رضى الله عنها وكان له عليه السلام شاة يختص بشرب لبنها وماتت له عليه الصلاة والسلام شاة فقال (ما فعلتم باهابها) قالوا انها ميتة قال (دباغها طهورها) قال الامام الدميري كبد الكبش إذا أحرقت طرية ودلك بها الأسنان بيضتها وقرن الكبش إذا دفن تحت شجرة يكثر حملها وإذا نحملت المرأة بصوف النعجة قطعت الحبل وإذا غطى الإناء بصوف الضأن الأبيض وفيه

[سورة النحل (16) : آية 8]

عسل لا يقربه النمل وَالْخَيْلَ عطف على الانعام اى خلق الله الخيل وهو اسم جنس للفرس لا واحد له من لفظه كالابل. والخيل نوعان عتيق وهجين والفرق بينهما ان عظم البرذون أعظم من عظم الفرس وعظم الفرس أصلب وانقل والبرذون أجمل من الفرس والفرس اسرع منه والعتيق بمنزلة الغزال والبرذون بمنزلة الشاة فالعتيق ما أبواه عربيان سمى بذلك لعتقه من العيوب وسلامته من الطعن فيه بالأمور المنقصة. وسميت الكعبة بالبيت العتيق لسلامتها من عيب الرق لانه لم يملكها مالك قط. والهجين الذي أبوه عربى وامه عجمية. وخلق الله الخيل من ريح الجنوب وكان خلقها قبل آدم عليه السلام لان الدواب خلقت يوم الخميس وآدم خلق يوم الجمعة بعد العصر والذكر من الخيل خلق قبل الأنثى لشرفه كآدم وحواء. وأول من ركب الخيل إسماعيل عليه السلام وكانت وحوشا ولذلك قيل لها العراب وفى الحديث (اركبوا الخيل فانها ميراث أبيكم إسماعيل) وقد سبق قصة انقيادها لاسماعيل فى سورة البقرة عند قوله تعالى وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ الآية وعن انس رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شىء أحب اليه بعد النساء من الخيل وفى الحديث (لما أراد ذو القرنين ان يسلك فى الظلمة الى عين الحياة سأل أي الدواب فى الليل ابصر فقالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر فقالوا الإناث قال فأى الإناث ابصر فقالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك) وكان له صلى الله عليه وسلم سبعة أفراس. الاول الكسب شبه بكسب الماء وانصبابه لشدة جريه. والثاني المر تجز سمى به لحسن صهيله مأخوذ من الرجز الذي هو ضرب من الشعر والثالث اللحيف كامير او زبير كأنه يلحف الأرض بذنبه لطوله اى يغطيها وقيل هو بالخاء المعجمة كامير وزيبر. والرابع اللزاز مأخوذ من لاززته اى لاصقته فكأنه يلحق بالمطلوب لسرعته. والخامس الورد وهو ما بين الكميت والأشقر الكميت كزبير الذي خالط حمرته قنوء وقنأ قنوأ اشتدت حمرته والأشقر من الدواب الأحمر فى مغرة حمرة يحمر منها العرف والذنب ومن الناس من تعلو بياضه حمرة. والسادس الطرف بكسر الطاء المهملة واسكان الراء وبالفاء الكريم الجيد من الخيل. والسابع السبحة بفتح السين المهملة واسكان الموحدة وفتح الحاء المهملة اى سريع الجري وفى الحديث (ما من ليلة الا والفرس يدعو فيها ويقول رب انك سخرتنى لابن آدم وجعلت رزقى فى يده اللهم فاجعلنى أحب اليه من اهله وولده) وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الفرس يقول إذا التقت الفئتان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ولذلك قيل رب بهيمة خير من راكبها وكان له فى الغنيمة سهمان وعن النبي عليه السلام (لا يعطى الا لفرس واحد) عربيا كان او غيره لان الله تعالى قال وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ولم يفرق بين العربي وغيره ويقال ان الفرس لا طحال له وهو مثل لسرعته وحركته كما يقال للبعير لا مرارة له اى لا جسارة له والفرس يرى المنامات كبنى آدم وزبله إذا دخن به اخرج الولد من البطن قال الحافظ شرف الدين الدمياطي فى كتاب الخيل إذا ربط الفرس العتيق فى بيت لم يدخله الشيطان واما الفرس الذي فيه شئوم فهو الذي لا يغزى عليه ولا يستعمل فى مصلحة حميدة ولا يركبه صالح وفى الحديث (من نقى شعيرا لفرسه ثم جاء به حتى يعلق عليه

كتب الله له بكل شعيرة حسنة) قال موسى للخصر أي الدواب أحب إليك قال الفرس والحمار والبعير لان الفرس مركب اولى العزم من الرسل والبعير مركب هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم السلام والحمار مركب عيسى والعزيز عليهما السلام فكيف لا أحب شيأ أحياه الله بعد موته قبل الحشر وَالْبِغالَ جمع بغل وهو مركب من الفرس والحمار ويقال أول من استنتجها قارون وله صبر الحمار وقوة الفرس وهو مركب الملوك فى أسفارهم ومعبرة الصعاليك فى قضاء اوطارهم وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه ان البغال كانت تتناسل وكانت اسرع الدواب فى نقل الحطب لنار ابراهيم خليل الرحمن فدعا عليها فقطع الله نسلها وهذه الرواية تستدعى ان يكون استنتاجها قبل قارون لان ابراهيم مقدم على موسى بأزمنة كثيرة وإذا بخر البيت بحافر البغل الذكر هرب منه الفأر وسائر الهوام كما فى حياة الحيوان وكان له صلى الله عليه وسلم بغال ست. منها بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها اليه المقوقس والى مصر من قبل هر قل والدلدل فى الأصل القنفذ وقيل ذكر القنافذ وقيل عظيمها وكان عليه الصلاة والسلام يركبها فى المدينة وفى الاسفار وعاشت حتى ذهبت اسنانها فكان يدق لها الشعير وعميت وقاتل على رضى الله عنه عليها مع الخوارج بعد ان ركبها عثمان رضى الله عنه وركبها بعد على رضى الله عنه ابنه الحسن ثم الحسين ثم محمد بن الحنيفة رضى الله عنهم يقول الفقير انما ركبوها وقد كانت مركبه عليه الصلاة والسلام طلبا للنصرة والظفر فالظاهر انهم لم يركبوها فى غير الوقائع لان من آداب التابع ان لا يلبس ثياب متبوعه ولا يركب دابته ولا يقعد فى مكانه ولا ينكح امرأته. ومنها بغلة يقال لها فضة. ومنها الايلية. وبغلة أهداها اليه كسرى. واخرى من دومة الجندل. واخرى من عند النجاشي وَالْحَمِيرَ جمع حمار وكان له صلى الله عليه وسلم من الحمر اثنان يعفور وعفير والعفرة الغبرة وفى كتاب التعريف والاعلام ان اسم حماره عليه الصلاة والسلام عفير ويقال له يعفور- روى- ان يعفورا وجده صلى الله عليه وسلم بخيبر وانه تكلم فقال اسمى زياد بن شهاب وكان فى آبائي ستون حمارا كلهم ركبهم نبى وأنت نبى الله فلا يركبنى أحد بعدك فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم القى الحمار نفسه فى بئر جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات وذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يرسله إذا كانت له حاجة الى أحد من أصحابه فيأتى الحمار حتى يضرب برأسه باب الصحاب فيخرج اليه فيعلم ان النبي عليه الصلاة والسلام يريده فينطلق مع الحمار اليه والحمار من أذل خلق الله تعالى كما قال الشاعر ولا يقيم على ضيم يراد به الا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشبح فلا يرثى له أحد اى لا يصبر على ظلم يراد به فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه وفى الحديث (من لبس الصوف وحلب الشاة وركب الأتن فليس فى جوفه شىء من الكبر) والأتن جمع أتان وهى الحمارة لِتَرْكَبُوها تعليل بمعظم منافعها والا فالانتفاع بها بالحمل ايضا مما لا ريب فى تحققه وَزِينَةً انتصابها على المفعول له عطفا على محل لتركبوها وتجريده عن اللام لكونه فعلا لفاعل الفعل المعلل به

دون الاول فان الركوب فعل الراكب وهو المخلوق والزينة فعل الزائن وهو الخالق او مصدر لفعل محذوف اى وتتزينوا بها زينة وقد احتج به ابو حنيفة رحمه الله تعالى على حرمة أكل لحم الحليل لانه علل خلقها للركوب والزينة ولم يذكر الاكل بعد ما ذكره فى الانعام ومنفعة الاكل أقوى والآية سيقت لبيان النعمة ولا يليق بالحكيم ان يذكر فى موضع المنة ادنى النعمتين ويترك أعلاهما كذا فى المدارك. وفى الحمر الاهلية خلاف مالك. وفى الخيل خلاف ابى يوسف ومحمد والشافعي كما فى بحر العلوم والتفصيل فى كتاب الذبائح من الكتب الفقهية وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ من انواع المخلوقات من الحشرات والهوام والطيور وحيوانات البحر ومخلوقات ماوراء جبل قاف وفى الحديث (ان الله تعالى خلق الف امة ستمائة منها فى البحر واربعمائة فى البر ومن انواع السمك ما لا يدرك الطرف أولها وآخرها وما لا يدركها الطرف لصغرها) وفى الحديث (ان الله خلق أرضا بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة محشوة خلقا من خلق الله لا يعلمون ان الله تعالى يعصى طرفة عين) قالوا يا رسول الله أمن ولد آدم هم قال (لا يعلمون ان الله خلق آدم) قالوا فأين إبليس منهم قال (لا يعلمون ان الله خلق إبليس) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ كما فى البستان وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان عن يمين العرش نهرا من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبعة يدخل فيه جبريل كل سحر فيغتسل فيزداد نورا الى نور وجمالا الى جمال وعظما الى عظم ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا الف ملك فيدخل منهم كل يوم سبعون الف ملك البيت المعمور وسبعون ألف ملك الكعبة لا يعودون اليه الى يوم القيامة كما فى الإرشاد وفى الحديث (إذا ملئت جهنم تقول الجنة ملأت جهنم بالجبابرة والملوك والفراعنة ولم تملأنى الا من ضعفاء خلقك فينشئ الله خلقا عند ذلك فيدخلهم الجنة فطوبى لهم من خلق لم يذوقوا موتا ولم يروا سوأ بأعينهم) كما فى بحر العلوم واعلم ان الله تعالى قال وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وكيف يحصر من كان قليل العلم مخلوقات الله الغير المحصورة التي هى مظاهر كلماته التامة وأسمائه العامة فالاولى السكوت وقد اظهر الأنبياء عليهم السلام العجز مع سعة علومهم واحاطة قلوبهم فما ظنك فى حق افراد الامة در محفلى كه خورشيد اندر شمار ذره است ... خود را بزرگ ديدن شرط ادب نباشد وفى التأويلات النجمية وَيَخْلُقُ فيكم بعد رجوعكم بالجذبة الى مستقركم ما لا تَعْلَمُونَ قبل الرجوع اليه وهو قبول فيض نور الله تعالى بلا واسطة انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سكت النبي عليه السلام عن الاستخلاف إذ فى أمته من يأخذ الأمر عن ربه فيكون بباطنه خليفة الله وبظاهره خليفة رسول الله فهو تابع ومتبوع وسامع ومسموع ومع ذلك فهو يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الموحى الى الرسول والمعدن الذي يأخذ منه الرسول وقد نبه سبحانه على ذلك بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي بيد انّ الرسول قابل للزيادة فى ظاهر الاحكام والخليفة الولي ليس كذلك ناقص عن رتبة النبوة انتهى فانظر الى استعداد كاملى هذه الامة كيف أخذوا الفيض من الله بلا واسطة نسأل الله تعالى

[سورة النحل (16) : آية 9]

ان يملأ قلوبنا بمحبتهم واعتقادهم ويوفقنا لاعمالهم ورشادهم ويحشرنا معهم وتحت لوائهم ويدخلنا الجنة ونحن من رفقائهم وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ القصد مصدر بمعنى الفاعل يقال سبيل قصد وقاصد اى مستقيم على نهج اسناد حال سالكه اليه كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه والمراد بالسبيل الطريق بدليل اضافة القصد اليه اى حق عليه سبحانه بموجب رحمته ووعده المحتوم لا واجب إذ لا يجب عليه شىء من بيان الطريق المستقيم الموصل لمن يسلكه الى الحق الذي هو التوحيد بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب لدعوة الناس اليه وَمِنْها فى محل الرفع على الابتداء اما باعتبار مضمونه واما بتقدير الموصوف اى بعض السبيل او بعض من السبيل فانها تذكر وتؤنث قال ابن الكمال الفرق بين الطريق والصراط والسبيل انها متساوية فى التذكير والتأنيث اما فى المعنى فبينها فرق لطيف وهو ان الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد فهو أخص جائِرٌ اى مائل عن الحق منحرف عنه لا يوصل سالكه اليه وهو طريق الضلال التي لا يكاد يحصى عددها المندرج كلها تحت الجائر كاليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر ملل الكفر واهل الأهواء والبدع ومن هذا علم ان قصد السبيل هو دين الإسلام والسنة والجماعة جعلنا الله وإياكم على قصد السبيل وحسن الاعتقاد والعمل وحفظنا وإياكم من الجائر والزيغ والزلل قال مرجع طريقة الجلوتية بالجيم اعنى حضرة الشيخ محمود هدايى الاسكدارى قدس سره رأيت صور اعلام اهل الأديان فى مبشرتى ليلة الاثنين والعشرين من جماد الآخرة لسنة اثنتي عشرة والف وهى هذه- هذا علم اهل الايمان وصورة استمداد هم من الحق تعالى بالتوجه الى العلو اقتداء بمن قال فى حقه المولى الأعلى ما زاغ البصر وما طغى 88 هذا علم النصارى وصورة انحرافهم عن الحق 88 هذا علم اليهود وصورة انحرافهم عن الحق اكتفاء بالقلب انتهى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ اى ولو شاء الله ان يهديكم الى ما ذكر من التوحيد هداية موصلة اليه البتة مستلزمة لاهتدائكم أجمعين لفعل ذلك ولكن لم يشأ لان مشيئته تابعة للحكمة الداعية إليها ولا حكمة فى تلك المشيئة لما ان مدار التكليف والثواب والعقاب انما هو الاختيار الجزئى الذي يترتب عليه الأعمال التي بها نيط الجزاء وقال أبو الليث فى تفسيره لو علم الله ان الخلق كلهم اهل للتوحيد لهداهم انتهى يقول الفقير هو معنى لطيف مبنى على ان العلم تابع للمعلوم فلا يظهر من الأحوال الا ما أعطته الأعيان الى العلم الإلهي كالايمان والكفر والطاعة والعصيان والنقصان والكمال فمن كان مقتضى ذاته الايمان والطاعة والكمال وكان أهلا لها فى عالم عينه الثابتة أعطاها للعلم فشاء الله هدايته فى هذه النشأة بحكمته ومن كان مقتضى استعداده خلاف لم يشأ الله هدايته حين النزول الى مرتبة وجوده العنصري وإلا لزم التغير فى علم الله تعالى وهو محال وفى الحديث (انما انا رسول وليس الى شىء من الهداية ولو كانت الهداية الى لآمن كل من الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء) كذا فى تلقيح الأذهان قال الحافظ

[سورة النحل (16) : آية 10]

مكن بچشم حقارت ملامت من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او وقال درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم مى دهند ومى رويم وقال رضا بداده بده وزجبين گره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست فعليك بترك القيل والقال ورفض الاعتزال والجدال فان الرضى والتسليم سبب القبول وخلافه يؤدى الى غصب الحبيب المقبول- يحكى- عن حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انه قال أقمت بمدينة قرطبة بمشهد فارانى الله اعيان رسله عليهم السلام من لدن آدم الى نبينا عليه الصلاة والسلام فخاطبنى منهم هود عليه السلام وأخبرني فى سبب جمعيتهم وهو انهم اجتمعوا شفعاء للحلاج الى نبينا عليه الصلاة والسلام وذلك انه كان قد أساء الأدب بان قال فى حياته الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم همته دون منصبه قيل له ولم ذلك قال لان الله تعالى قال وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وكان من حقه لا يرضى الا ان يقبل الله تعالى شفاعته فى كل كافر ومؤمن لكنه ما قال الا (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فلما صدر منه هذا القول جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى واقعة وقال له يا منصور أنت الذي أنكرت على الشفاعة فقال يا رسول الله قد كان ذلك فقال ألم تسمع اننى حكيت عن ربى عز وجل (إذا أحببت عبدا كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا) فقال بلى يا رسول الله فقال أو لم تعلم انى حبيب الله قال بلى يا رسول الله قال فاذا كنت حبيب الله كان هو لسانى القائل فاذا هو الشافع والمشفوع اليه وانا عدم فى وجوده فأى عتاب على يا منصور فقال يا رسول الله انا تائب من قولى هذا فما كفارة ذنبى قال قرب نفسك لله قربانا فاقتل نفسك بسيف شريعتى فكان من امره ما كان ثم قال هود عليه السلام وهو من حيث فارق الدنيا محجوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآن هذه الجمعية لاجل الشفاعة له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى بقول الفقير سامحه الله القدير فى هذه القصة أمران أحدهما عظم شأن الحلاج قدس سره بدلالة عظم شأن الشفعاء والثاني انه قتل فى بغداد فى آخر سنة ثلاثمائة وتسع ومات حضرة الشيخ الأكبر بالشام سنة ثمان وثلاثين وستمائة فبينهما من المدة ثلاثمائة وتسع وعشرون سنة والظاهر والله اعلم ان روح الحلاج كان محجوبا عن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من ثلاثمائة سنة تقريبا وذلك بسبب كلمة صدرت منه على خلاف الأدب فان من كان على بساط القرب والحضور ينبغى ان يراعى الأدب فى كل امر من الأمور فماظنك بمن جاوز حد الشريعة ورخص نظم القرآن ومعانيه اللطيفة وعمل بالخيالات والأوهام فليس أولئك الا كالانعام نسأل الله العافية والعفو والانعام هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بقدرته القاهرة مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا منه وهو المطر وفى بحر العلوم تنكيره للتبعيض اى بعض الماء فانه لم ينزل من السماء الماء كله لَكُمْ مِنْهُ اى من ذلك الماء المنزل شَرابٌ اى ما تشربونه والظرف الاول وهو لكم خبر مقدم لشراب والثاني حال منه ومن تبعيضية وَمِنْهُ شَجَرٌ

[سورة النحل (16) : آية 11]

من ابتدائية اى ومنه وبسببه يحصل شجر ترعاه المواشي والمراد به ما ينبت من الأرض سواء كان له ساق اولا وفى حديث عكرمة (لا تأكلوا ثمن الشجر فانه سحت) يعنى الكلأ وهو بالقصر ما رعته الدواب من الرطب واليابس وانما كان ثمنه سحتا لما فى حديث آخر (الناس شركاء فى ثلاث الماء والكلأ والنار) اى فى اصطلائها وضوئها لا فى الجمر كما ان المراد بالماء ماء الأنهار والآبار لا الماء المحرز فى الظروف والحيلة فيه ان يستأجر موضعا من الأرض ليضرب فيه فسطاطا او ليجعله حظيره لغنمه فتصح الاجارة ويبيح صاحب المرعى الانتفاع له بالرعي فيحصل مقصودهما كذا فى الكافي ويجوز بيع الأوراق على الشجرة لا بيع الثمرة قبل ظهورها والحيلة فى ذلك بيعها مع الأوراق أول ما تخرج من وردها فيجوز البيع فى الثمر تبعا للبيع فى الأوراق كما فى أنوار المشارق فِيهِ تُسِيمُونَ الاسامة بالفارسية [بيرون هشتن رمه بچرا] يقال سامت الماشية رعت وأسامها صاحبها من السومة بالضم وهى العلامة لانها تؤثر بالرعي علامات فى الأرض اى ترعون مواشيكم قدم الشجر لحصوله بغير صنع من البشر ثم استأنف اخبارا عن منافع الماء فقال لمن قال هل له منفعة غير ذلك يُنْبِتُ الله تعالى لَكُمْ لمصالحكم ومنافعكم بِهِ اى بما انزل من السماء الزَّرْعَ الذي هو اصل الاغذية وعمود المعاش قال الكاشفى [مراد حبوب غاذيه است كه زراعت ميكنند] قال فى بحر العلوم الزرع كل ما استنبت بالبذر مسمى بالمصدر وجمعه زروع قال كعب الأحبار لما اهبط الله تعالى آدم جاء ميكائيل بشئ من حب الحنطة وقال هذا رزقب ورزق أولادك قم فاضرب الأرض وابذر البذر قال ولم يزل الخب من عهد آدم الى زمن إدريس كبيضة النعام فلما كفر الناس نقص الى بيضة الدجاجة ثم الى بيضة الحمامة ثم الى قدر البندقة ثم الى قدر الحمصة ثم الى المقدار المحسوس الا ان يقال ان البوم لا يأكل الحنطة ولا يشرب الماء اما الاول فلان آدم عصى بالحنطة ربه واما الثاني فلان قوم نوح اهلكوا بالماء وَالزَّيْتُونَ الذي هو ادام من وجه وفاكهة من وجه وقال الكاشفى يعنى [درخت زيتون را] قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة وكان زاده صلى الله عليه وسلم وقت تخليه بغار حراء بالمد والقصر الكعك والزيت وجاء (ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة مباركة) وهى الزيتون وقبل لها مباركة لانها لا تكاد تنبت الا فى شريف البقاع التي بورك فيها كارض بيت المقدس وَالنَّخِيلَ [وخرمابنان را] والنخيل والنخل بمعنى واحد وهو اسم جمع والواحدة نخلة كالثمرة والثمر وفى الحديث (أكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضل طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) كما فى المقاصد الحسنة وَالْأَعْنابَ [وتاكها را] جمع الأعناب للاشارة الى ما فيها من الاشتمال على الأصناف المختلفة وفيه اشارة الى ان تسمية العنب كرما لم يكن يوضع الواضع ولكنه كان من الجاهلية كأنهم قصدوا به الاشتقاق من الكرم لكون الخمر المتخذة منه تحت على الكرم والسخاء فنهى النبي عليه السلام عن ان يسموه بالاسم الذي وضعه الجاهلية وأمرهم بالتسمية اللغوية بوضع الواضع حيث قال (لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة) ثم بين قبح تلك الاستعارة

بقوله (انما الكرم قلب المؤمن) يعنى ان ما ظنوه من السخاء والكرم فانما هو من قلب المؤمن لا من الخمر إذ اكثر تصرفات السكران عن غلبة من عقله فلا يعتبر ذلك الغطاء كرما ولا سخاء إذ هو فى تلك الحالة كصبى لا يعقل السخاء ويؤثر بماله سرفا وتبذيرا فكما لا يحمل ذلك على الكرم فكذا إعطاء السكران كذا فى أبكار الافكار وخصص هذه الأنواع المعدودة بالذكر للاشعار بفضلها وشرفها ثم عمم فقال وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ من تبعضية اى بعض كلها لانه لم يخرج بالمطر جميع الثمرات وانما يكون فى الجنة اى لم يقل كل الثمرات لان كلها لا تكون الا فى الجنة وانما أنبت فى الأرض من كلها للتذكرة ولعل المراد ومن كل الثمرات التي يحتملها هذه النشأة الدنيوية وترى بها وهى الثمرات المتعارفة عند الناس بانواعها وأصنافها فتكون كلمة من صلة كما فى قوله تعالى يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ على رأى الكوفية وهو اللائح إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء وإنبات ما فصل لَآيَةً عظيمة دالة على تفرده تعالى بالالوهية لاشتماله على كمال العلم والقدرة والحكمة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فان من تفكر فى ان الحبة والنواة تقع فى الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أسفلها فيخرج منه عروق تنبسط فى اعماق الأرض وينشق أعلاها ان كانت منتكسة فى الوقوع ويخرج منه ساق فينمو ويخرج منه الأوراق والازهار والحبوب والثمار على أجسام مختلفة الاشكال والألوان والخواص والطبائع وعلى نواة قابلة لتوليد الأمثال على النمط المحرر لا الى نهاية مع اتحاد المواد واستواء نسبة الطبائع السفلية والتأثيرات العلوية بالنسبة الى الكل علم ان من هذه أفعاله وآثاره لا يمكن ان يشبهه شىء فى شىء من صفات الكمال فضلا عن ان يشاركه اخس الأشياء فى صفاته التي هى الالوهية واستحقاق العبادة تعالى عن ذلك علوا كبيرا روضه جانبخش جانها آفريد ... بغچهـ كون ومكانها آفريد كرد از هر شاخها گل برك وبار ... جلوه او نقش ديگر آشكار والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب قالوا الذكر طريق والفكر وسيلة المعرفة التي هى أعظم الطاعات قال بعضهم الذكر أفضل للعامة لما فى الفكر لهم من خوف الوقوع فى الأباطيل وتمكن الشبه عندهم كما يعرض ذلك لكثير من العوام فى زماننا والفكر أفضل لارباب العلم عند التمكن من الفكر المستقيم فانهم كلما عرضت لهم شبهة تطلبوا دليلا يزيلها فكان الفكر لهم أفضل من الذكر إذا لم يتمكنوا من حصول الفكر البليغ مع الذكر واليه أشار عليه السلام بقوله (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) - روى- ان عثمان رضى الله عنه ختم القرآن فى ركعة الوتر لتمكنه من التدبر والتفكر ولم يبح ذلك لمن لم يتمكن من تدبره ومعرفة فقهه وأجل له مدة يتمكن فيها من ذلك كالثلاثة والسبعة والاشارة فى الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً الفيض لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ المحبة لقلوبكم وَمِنْهُ شَجَرٌ قوى البشرية ودواعيها فيه ترعون مواشى نفوسكم ينبت لغذاء أرواحكم به زرع الطاعات وزيتون الصدق ونخيل الأخلاق الحميدة وأعناب الواردات الربانية ومن كل ثمرات المعقولات والمشاهدات والمكاشفات والمكالمات والأحوال كلها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

[سورة النحل (16) : الآيات 12 إلى 16]

بنظر العقل فى هذه الصنائع الحكمية وَسَخَّرَ لَكُمُ اى لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وانضاجها اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان خلفة كما قال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً قال بعضهم الليل ذكر كآدم والنهار أنثى كحواء والليل من الجنة والنهار من النار ومن ثمة كان الانس بالليل اكثر وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تسخرا فى سيرهما وانارتهما أصالة وخلافة واصلاحهما لما نيط بهما صلاحه كل ذلك لمصالحكم ومنافعكم: قال السعدي ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى والتسخير بالفارسية [رام گردانيدن] وليس المراد بتسخير هذه لهم تمكنهم من تصريفها كيف شاؤا كما فى قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ونظائره بل هو تصريفه تعالى لها حسبما يترتب عليه منافعهم ومصالحهم لا ان ذلك تسخير لهم وتصرف من قبلهم حسب إرادتهم وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ مبتدأ وخبر اى سائر النجوم فى حركاتها وأوضاعها من التثليث والتربيع ونحوهما مسخرات اى مذللات لله خلقها ودبرها كيف شاء او لما خلقن له بامره اى بإرادته ومشيئته وحيث لم يكن عود منافع النجوم إليهم فى الظهور بمثابة ما قبلها من الملوين والقمرين لم ينسب تسخيرها إليهم بأداة الاختصاص بل ذكر على وجه يفيد كونها تحت ملكوته تعالى من غير دلالة على شىء آخر ولذلك عدل عن الجملة الفعلية الدالة على الحدوث الى الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار. وقرئ بنصب النجوم على تقدير وجعل النجوم مسخرات بامره او على انه معطوف على المنصوبات المتقدمة ومسخرات حال من الكل والعامل ما فى سخر من معنى نفع اى نفعكم بها حال كونها مسخرات لله او لما خلقن له بايجاده وتقديره إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التسخير المتعلق بما ذكر مجملا ومفصلا لَآياتٍ باهرة متكاثرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يفتحون عقولهم للنظر والاستدلال ويعتبرون وحيث كانت هذه الآثار العلوية متعددة ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية اظهر جميع الآيات علقت بمجرد العقل من غير حاجة الى التأمل والتفكر قال اهل العلم العقل جوهر مضيئ خلقه الله فى الدماغ وجعل نوره فى القلب يدرك الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة وهو للقلب بمنزلة الروح للجسد فكل قلب لا عقل له فهو ميت وهو بمنزلة قلب البهائم وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس عقلا قال (المسارع الى مرضاة الله تعالى والمجتنب عن محارم الله تعالى) قالوا أخف حلما من العصفور قال حسان بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير وَما ذَرَأَ لَكُمْ عطف على قوله والنجوم رفعا ونصبا على انه مفعول لجعل المقدر اى وما خلق فِي الْأَرْضِ من حيوان ونبات حال كونه مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اى اصنافه فان اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون سخر لله تعالى او لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات او جعل ذلك مختلف الأصناف لتتمتعوا من ذلك بأى صنف شئتم وفى بحر العلوم

[سورة النحل (16) : آية 14]

مختلفا ألوانه هيآته من خضرة وبياض وحمرة وسواد وغير ذلك وفى اكثر التفاسير وماذرأ معطوف على الليل والنهار اى وسخر لكم ما خلق لاجلكم وتعقب بان ذكر الخلق لهم مغن عن ذكر التسخير واعتذر بان الاول لا يستلزم الثاني لزوما عقليا لجواز كون ما خلق لهم عزيز المرام صعب المنال إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التسخيرات ونحوها لَآيَةً دالة على ان من هذا شأنه واحد لا شريك له لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ فان ذلك غير محتاج الا الى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية والاشارة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وَالشَّمْسَ شمس الروح وَالْقَمَرَ قمر القلب وَالنُّجُومُ نجوم القوى والحواس الخمس مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ وهو خطاب وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة بمعالجة طبيب حاذق البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية مخصوص بالعناية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لشاهدات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بشواهد الحق من غير التفكر بل بالمعاينات وَما ذَرَأَ لَكُمْ وما خلق لمصالحكم فِي الْأَرْضِ فى ارض جبلتكم من الاستعدادات مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ منها ملكية ومنها شيطانية ومنها حيوانية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ عبور أرواحهم على هذه العوالم المختلفة وتلونها فى كل عالم بلون ذلك العالم من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية الى ان ردت الى أسفل سافلين القالب كذا فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يتخلص من قيد الغفلة ويربط نفسه بسلسلة اهل التذكر قال محمد بن فضل ذكر اللسان كفارات ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات والتذكر من شأن القلب والقلب امير الجسد وأسير الحق وفى الحديث (لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السموات) وفى هذه اشارة الى الأسباب التي هى حجاب بين القلب وبين الملكوت واصحاب القلوب من الانس ثلاثة صنف كالبهائم قال الله تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وصنف أجسادهم أجساد بنى آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل الا ظله كذا فى الخالصة: قال السعدي قدس سره ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى گفتار ودل جاى هوش مگر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوتهست يا دراز يعنى ان الله تعالى خلق كل عضو من الأعضاء بالحكمة فاستعملوها فيما خلقت له وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ قال فى القاموس البحر الماء الكثير او الملح فقط والجمع أبحر وبحور وبحار انتهى وفى الكواشي سخر البحر العذب والملح اى جعله بحيث تتمكنون من الانتفاع به بالركوب والغوص والاصطياد قال بعضهم هذه البحور على وجه الأرض ماء السماء النازل وقت الطوفان فان الله تعالى امر الأرض بعد هلاك القوم فابتلعت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده ويجوز ركوب البحر بشرط علم السباحة وعدم دوران الرأس والا فقد القى نفسه الى التهلكة واقدم على ترك الفرائض وذلك للرجال والنساء كما قاله الجمهور وكره ركو به للنساء لان حالهن على الستر وذا متعسر فى السفينة غالبا لا سيما فى الزورق وهى السفينة الصغيرة لِتَأْكُلُوا مِنْهُ

اى من العذب والملح كما فى الكواشي لَحْماً طَرِيًّا من الطراوة فلا يهمز وهو بالفارسية [تازه] والمراد السمك والتعبير عنه باللحم مع كونه حيوانا للتلويح بانحصار الانتفاع به فى الاكل كما فى الإرشاد وللايذان بعدم احتياجه للذبح كسائر الحيوانات غير الجراد كما هو اللائح وصفه بالطراوة إرشادا لان يتناول طريا فان أكله قديدا أضر ما يكون كما هو المقرر عند الأطباء وفيه بيان لكمال قدرته حيث خلقه عذبا طريا فى ماء زعاق وهو كغراب الماء المر الغليظ لا يطاق شربه ومن اطلاق اللحم عليه ذهب مالك والثوري الى ان من حلف لا يأكل اللحم حنث باكله والجواب ان مبنى الايمان العرف ولا ريب فى انه لا يفهم من اللحم عند الإطلاق ألا ترى ان الله تعالى سمى الكافر دابة حيث قال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ولا يحنث يركوبه من حلف لا يركب دابة وفى حياة الحيوان المذهب المفتى به حل الجميع من الحيوانات التي فى البحر الا السرطان والضفدع والتمساح سواء كان على صورة كلب او خنزير أم لا وفى الحديث (أكل السمك يذهب بالحسد) كما فى بحر العلوم. والسمك يستنشق الماء كما يستنشق بنوا آدم وحيوان البر الهواء الا ان حيوان البر يستنشق الهواء بالأنوف ويصل بذلك الى قصبة الرئة والسمك يستنشق باصداغه فيقوم له الماء قى تولد الروح الحيواني فى قلبه مقام الهواء فى اقامة الحياة ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لان عالم السماء والأرض دون عالم الهواء ونحن من عالم الأرض ونسيم البرّ لو مرّ على السمك ساعة لهلك: وفى المثنوى ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون اصل ماهى آب وحيوان از گلست ... حيله وتدبير اينجا باطلست «1» وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ اى من البحر الملح حِيلَةً الحيلة الزينة من ذهب او فضة والمراد بها فى الآية اللؤلؤ والحجر الأحمر الذي يقال له المرجان تَلْبَسُونَها تنزين بها نساؤكم وانما أسند إليهم لكونهن منهم ولبسهن لاجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم وَتَرَى الْفُلْكَ اى لو حضرت ايها المخاطب لرأيت السفن مَواخِرَ فِيهِ جوارى فى البحر مقبلة ومدبرة ومعترضة بريح واحدة بحيزومها من المخر وهو شق الماء يقال مخرت السفينة كمنع جرت وشقت الماء بجآجئها جمع جؤجؤ بالضم وهو صدر السفينة وقال الفراء المخر صوت جرى الفلك بالرياح وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ عطف على تستخر جوا اى لتطلبوا من سعة رزقه بركوبها للتجارة فان تجارته اربح من تجارة البر واليه أشار حضرة سعدى بقوله سود دريانيك بودى كر نبودى بيم موج ... صحبت كل خوش بدى گر نيستى تشويش خار وفى الحديث (من ركب البحر فى ارتجاجه فقرق برئت منه الذمة) وارتجاجه هيجانه من الموج وهو الحركة الشديدة ومعناه ان لكل أحد من الله عهدا وذمة بالحفظ فاذا القى نفسه الى التهلكة فقد انقطع عنه عهد الله فلندور السلامة حين الموج الشديد لم يجز ركوبه وعصى فاعله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى تعرفون حقوق نعمه الجليلة فتقومون بأدائها بالطاعة والتوحيد ولعل مستعار لمعنى الارادة كما فى بحر العلوم ولعل تخصيصه بتعقيب الشكر لانه أقوى فى باب الانعام من حيث انه جعل المهالك سببا للانتفاع وتحصيل المعاش قال صاحب كشف الاسرار

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ

[سورة النحل (16) : آية 15]

[آورده اند كه حق سبحانه وتعالى از روى ظاهر در زمين درياها آفريد چون قلزم وعمان ومحيط وجزائر وبراى عبور بران كشتيها مقرّر فرموده واز روى باطن در نفس آدمي درياها پديد كرده چون درياهاى شغل وغم وحرص وغفلت وتفرقه وبراى عبور از ان كشتيها تعيين نموده. هر كه در كشتى توكل نشيند از درياى شغل بساحل فراغت رسد. وهر كه در كشتى رضا در آيد از بحر غم بساحل فرح رسد. وهر كه در كشتى قناعت جاى كند از درياى حرص بساحل زهد آيد وهر كه در كشتى ذكر نشيند از درياى غفلت بساحل آگاهى رسد. وهر كه بكشتى توحيد درآيد از درياى تفرقه بساحل جمعيت رسد وبحقيقت تفرقه در بقاست وجمعيت در فنا با وجود آن در مملكت تفرقه وبيخودان در مرتبه جمع] بحساب خودى قلم دركش ... در ره بيخودى علم بركش تا بجاروب «لا» نرو بي راه ... كى رسى در حريم الا الله والاشارة وهو الذي سخر لكم بحر العلوم لتأكلوا منه الفوائد الغيبية والمواهب السنية وتستخرجوا من بحر العلوم جواهر المعاني ودرر الحقائق حلية لقلوبكم تلبس بها أرواحكم النور والبهاء وترى سفائن الشرائع والمذاهب جاريات فى بحر العلوم ولتبتغوا من فضله وهو الاسرار الخفيات عن الملائكة المقربين ولعلكم تشكرون هذه النعم الجسيمة والعطيات العظيمة التي اختصكم بها عن العالمين كما فى التأويلات النجمية وَأَلْقى الله تعالى بقدرته القاهرة فِي الْأَرْضِ هى كروبة الشكل محلها وسط العالم وسميت بالأرض لانها تأرض اى تأكل أجساد بنى آدم رَواسِيَ اى جبالا ثوابت من غير سبب ولا ظهير كأنها حصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الأرض فهو تصوير لعظمة وتمثيل لقدرته وان كل عسير فهو عليه يسير اى وجعل فيها رواسى بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر أحد مم خلقت من رسا الشيء إذا نبت جمع راسية والتاء للتأنيت على انها صفة جبال أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ مفعول له والميد الحركة والميل يقال ماد يميد ميدا تحرك ومنه سميت المائدة. والمعنى كراهة ان تميل بكم وتضطرب. وبالفارسية [تأميلي نكند بشما زمين يعنى متحرك ومضطرب نگردد وشما را نيكو دارد] وقد خلق الله الأرض مضطربة لكونها على الماء ثم أرساها بالجبال وهى ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول على جريان عادته فى جعل الأشياء منوطة بالأسباب فالارض بلا جبال كاللحم بلا عظام فكما ان وجود الحيوان وجسده انما يستمسك بالعظم فكذا الأرض انما تقوم بالرواسى ألا ترى ان سطيحا الكاهن لم يكن فى بدنه عظم سوى القفا لكونه من ماء المرأتين وكان لا يستمسك وانما يخرج فى السنة مرة ملفوفا فى خرقة او موضوعا على صحيفة من فضة وَأَنْهاراً جمع نهر ويحرك مجرى الماء اى وجعل فيها أنهارا لان فى القى معنى الجعل إذا لالقاء جعل مخصوص وذلك مثل الفرات نهر الكوفة ودجلة نهر بغداد وجيحون نهر بلخ وجيحان نهر اذنه فى بلاد الأرمن وسيحون نهر الهند وسيحان نهر المصيصة والنيل نهر مصر وغيرها من الأنهار الجارية فى أقطار الأرض وَسُبُلًا وطرقا مختلفة جمع سبيل وهو الطريق وما وضح

[سورة النحل (16) : آية 16]

يعنى [پديد كرديم در زمين راهها از هر موضعى بموضعي] لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ارادة ان تهتدوا بها الى مقاصدكم ومنازلكم قال بعضهم خذوا الطريق ولو دارت واسكنوا المدن ولو جارت وتزوجوا البكر ولو بارت اى ولو كانت البكر بورا اى فاسدة هالكة لا خير فيها زن نو كن اى دوست هر نو بهار ... كه تقويم پارين نيايد بكار وَعَلاماتٍ اى وجعل فيها معالم يستدل بها السابلة وهى القوم المختلفة على الطريق بالنهار من جبل وسهل ومياه وأشجار وريح كما قال الامام رأيت جماعة يشمون التراب وبواسطة ذلك الشم يتعرفون الطرقات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ بالليل فى البراري والبحار حيث لا علامة غيره ولعل الضمير لقريش فانهم كانوا كثيرى التردد للتجارة مشهورين بالاهتداء بالنجوم فى أسفارهم وصرف النظم عن سنن الخطاب وتقديم النجم واقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء يهتدون فالاعتبار بذلك الزم لهم والشكر عليه أوجب عليهم والمراد بالنجم الجنس او هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدى وذلك لانها تعلم بها الجهات ليلا لانها دائرة حول القطب الشمالي فهى لا تغيب والقطب فى وسط بنات نعش الصغرى والجدى هو النجم المفرد الذي فى طرفها والفرقدان هما النجمان اللذان فى الطرف الآخر. وهما من النعس والجدى من البنات ويقرب من بنات نعش الصغرى بنات نعش الكبرى وهى سبعة ايضا اربعة نعش وثلاث بنات وبإزاء الأوسط من البنات السهى وهو كوكب خفى صغير كانت الصحابة رضى الله عنهم تمتحن فيه أبصارهم كذ فى التكملة لابن عسكر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه تعلموا من النجوم ما تهتدون به فى طرقكم وقبلتكم ثم كفوا وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم قيل أول من نظر فى النجوم والحساب إدريس النبي عليه السلام قال بعض السلف العلوم اربعة الفقه للاديان والطب للابدان والنجوم للازمان والنحو للسان واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى تعلم قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية من مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون هذا بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره كما حكى انه لما وقع قران الكواكب السبعة فى دقيقة من الدرجة الثالثة من الميزان سنة احدى وثمانين وخمسمائة حكم المنجمون بخراب الربع المسكون من الرياح وكان وقت البيدر ولم يتحرك ريح ولم يقدر الدهاقين على رفع الحبوب ولذا استوصى تلميذ من شيخه بعد التكميل عند افتراقه فقال ان أردت ان لا تحزن ابدا فلا تصحب منجما وان أردت ان تبقى لذة فمك فلا تصحب طبيبا قال الشيخ [منجمى بخانه خود در آمد مرد بيگانه را ديد با زن او بهم نشسته دشنام داد وسقط گفت وفتنه وآشوب برخاست صاحب دلى برين حال واقف شد وگفت تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست ... چوندانى كه در سراى تو كيست فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى كلام الحافظ مع زيادة يقول الفقير اصحاب النظر والاستدلال

[سورة النحل (16) : الآيات 17 إلى 24]

محتاجون الى معرفة شىء من علم النجوم والحكمة والهيئة والمهندسة ونحوها مما يساعده ظاهر الشرع الشريف إذ هو ادخل فى التفكر وقد قال تعالى وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ولا يمكن صرف التفكر الى المجهول المطلق فلا بد من معلومية الأمر ولو بوجه ما وهذا القدر خارج عن الطعن والجرح كما قال السيد الشريف النظر فى النجوم ليستدل بها على توحيد الله تعالى وكمال قدرته من أعظم الطاعات واما ارباب الشهود والعيان فطريقهم الذكر وبه يصلون الى مطالعة أنوار الملك والملكوت ومكاشفة اسرار الجبروت واللاهوت فيشاهدون فى الأنفس والآفاق ما غاب عن العيون ويعاينون فى الظاهر والباطن ما تخير فيه الحكماء والمنجمون ثم ان الاهتداء اما بنجوم عالم الآفاق وهو للسائرين من ارض الى ارض واما بنجوم عالم الأنفس وهو للمهاجرين من حال الى حال وفى الحديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وهذا الاقتداء والاهتداء مستمر باق الى آخر الزمان بحسب التوارث فى كل عصر فلا بد من الدليل وهو صاحب البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية المخصوص بالعناية: قال الحافظ بكوى عشق منه بي دليل راه قدم ... كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد وفى التأويلات النجمية والقى فى ارض البشرية جبال الوقار والسكينة لئلا تميل بكم صفات البشرية عن جادة الشريعة والطريقة وأنهارا من ماء الحكمة وطريق الهداية لعلكم تهتدون الى الله تعالى وعلامات من الشواهد والكشوف وبنجم الهداية من الله يهتدون الى الله وهو جذبة العناية يخرجكم بها من ظلمات وجودكم المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى قال الشيخ ابو القاسم الخزيمي الغرارى فى كتاب الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة قوله تعالى وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ الى قوله لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فيه دليل انه تعالى أراد من الكل الاهتداء والشكر وان كل من لا يهتدى فليس ذلك بإرادته تعالى والجواب المراد به ان يذكرهم النعم التي يستحق عليها الشكر فى قوله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الى قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ثم بين تعالى ان هذه النعم كلها توجب الشكر والهداية ثم يختص بها من يشاء كما قال تعالى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ هذه المصنوعات العظيمة وهو الله تعالى. وبالفارسية [آيا كسى كه مرا آفريند اين همه مخلوقات را كه مذكور شد] كَمَنْ لا يَخْلُقُ كمن لا يقدر على شىء أصلا وهو الأصنام ومن للعقلاء لانهم سموها آلهة فاجريت مجرى العقلاء أو لأنه قابله بالخالق وجعله معه كقوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ والهمزة للانكار اى ابعد ظهور دلائل التوحيد تتصور المشابهة والمشاركة: يعنى [خالق را با مخلوق هيچ مشابهتى نيست پس عاجز را شريك قادر ساختن غايت عناد ونهايت جهلست] واختير تشبيه الخالق بغير الخالق مع اقتضاء المقام بظاهره عكس ذلك مراعاة لحق سبق الملكة على العدم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى ألا تلاحظون فلا تذكرون ذلك فتعرفون فساد ما أنتم عليه يا اهل مكة فانه بوضوحه بحيث لا يفتقر الى شىء سوى التذكر وهو بالفارسية [ياد كردن] وَإِنْ تَعُدُّوا العد بالفارسية [شمردن

[سورة النحل (16) : الآيات 19 إلى 20]

نِعْمَةَ اللَّهِ الفائضة عليكم مما لم يذكر لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وضبط عددها ولو اجمالا فضلا عن القيام بشكرها يقال أحصاه اى عده كما فى القاموس وأصله ان الحساب كان إذا بلغ عقدا وضعت له حصاة ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة عطاييست هر مو از وبر تنم ... چگونه بهر موى شكرى كنم إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ ستور يتجاوز عن تقصيركم فى شكرها رَحِيمٌ عظيم الرحمة والنعمة لا يقطعها عنكم مع استحقاقكم للقطع والحرمان بسبب ما أنتم عليه من العصيان ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها وتقديم وصف المغفرة على نعت الرحمة لتقدم التخلية على التحلية قال ابن عطاء ان لك نفسا وقلبا وروحا وعقلا ومحبة ودينا ودنيا وطاعة ومعصية وابتداء وانتهاء وحينا وأصلا وفصلا فنعمة النفس الطاعات والإحسان والنفس فيهما تتقلب ونعمة القب اليقين والايمان وهو فيهما يتقلب ونعمة الروح الخوف والرجاء وهو فيهما يتقلب ونعمة العقل الحكمة والبيان وهو فيهما يتقلب ونعمة المعرفة الذكر والقرآن وهى فيهما تتقلب ونعمة المحبة الالفة والمواصلة والامن من الهجران. وهى فيها تتقلب وهذا تفسير قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها انتهى واعلم انه لو صرف جميع عمر الإنسان الى الأعمال الصالحة واقامة الشكر لما كافأ نعمة الوجود فضلا عن سائر النعم لو عشت الف عام فى سجدة لربى شكر الفضل يوم لم اقض بالتمام والعام الف شهر والشهر الف يوم واليوم الف حين والحين الف عام قال الشيخ سعدى قدس سره عذر تقصير خدمت آوردم ... كه ندارم بطاعت استظهار عاصيان از گناه توبه كنند ... عارفان از عبادت استغفار المراد رؤية العمل لا ترك العمل وينبغى للعبد از يكون تحت طاعة المولى لا تحت طاعة النفس والشيطان فان المطيع والعاصي لا يستويان- حكى- ان عابدا من بنى إسرائيل عبد الله تعالى سبعين سنة فاراد الله ان يظهره على الملائكة فارسل اليه ملكا يخبره انه مع تلك العبادة لا يليق بالجنة فقال العابد نحن خلقنا للعبادة فينبغى ان نعبد خالقنا امتثالا لامره فرجع الملك فقال الهى أنت تعلم بما قال فقال الله تعالى إذا لم يعرض عن عبادتنا فنحن مع الكرم لا نعرض عنه اشهدوا انى قد غفرت له فللعبد ان يكون قصده مراعاة الأمر وإخراج النفس عن البين وهو حجاب عظيم للوصول الى الحقيقة وعلى تقدير الزلة فالمسارعة الى الاستغفار فانه نعم المطهر من درن الذنوب والأوزار وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ ما تضمرون من العقائد والأعمال وَما تُعْلِنُونَ اى تظهرونه منهما اى يستوى بالنسبة الى علمه المحيط سركم وعلنكم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترأ على شىء مما يخالف رضاه وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اى والآلهة الذين يعبدهم الكفار والدعاء بمعنى العبادة فى القرآن كثير

[سورة النحل (16) : الآيات 21 إلى 23]

مِنْ دُونِ اللَّهِ نصب على الحال اى متجاوزين الله فان معنى دون ادنى مكان من الشيء ثم استعير للتفاوت فى الأحوال والرتب ثم اتسع فيه فاستعمل فى كل من تجاوز حدا الى حد وتخطى حكما الى حكم لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً من الأشياء أصلا اى ليس من شأنهم ذلك لانهم عجزة وَهُمْ يُخْلَقُونَ اى شأنهم ومقتضى ذاتهم المخلوقية لانها ذوات ممكنة مفتقرة فى ماهيتها ووجوداتها الى الموجد قال فى القاموس الخالق فى صفاته المبدع للشئ المخترع على غير مثال سبق أَمْواتٌ جمع ميت خبرثان للموصول اى جمادات لا حياة فيها وبالفارسية [وايشان با وجود مخلوقيت مردكانند] ولم يقل موات لانهم صوروا على شكل من تحله الروح قال فى القاموس الموات كغراب وكسحاب ما لا روح فيه وارض لا مالك لها غَيْرُ أَحْياءٍ جمع حى ضد الميت اى غير قابلين للحياة كالنطفة والبيضة فهى أموات على الإطلاق وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ الشعور [بدانستن] يقال شعر به كنصر وكرم شعرا وشعورا علم به وفطن له وعقله. وأيان مركب من أي التي للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلذلك كان بمعنى متى اى سؤالا عن الزمان كما كان اين سؤالا عن المكان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بنيا على الفتح كبعلبك وبعث الموتى نشرهم اى احياؤهم كما فى القاموس. والمعنى ما يعلم أولئك الإلهية متى يبعث عبدتهم من القبور. وفيه إيذان بان معرفة وقت البعث مما لا بد منه فى الالوهية وتعريض بانهم كما لا بد لهم من الموت لا بد لهم من البعث وهم منكرون لذلك وهو اللائح إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [يكتا ويگانه است] لا نشاركه شىء فى شىء فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحوالها من البعث والجزاء وغير ذلك والايمان فى اللغة التصديق بالقلب وفى الشريعة هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان قال السهيلي فى كتاب الأمالي الفرق بين التصديق والايمان ان التصديق لا بد ان يكون فى مقابلة خبر والايمان قد يكون فى مقابلة خبر صادق وقد يكون عن فكر ونظر فاذا نظرت فى الصنعة وعرفت بها الصانع آمنت ولم تكن مصدقا بخبر إذ لا خبر هناك فاذا جاء الخبر بما آمنت به وأقررت صدقت الخبر وايضا ان التصديق قد يكون بالقلب وأنت ساكت تقول سمعت الحديث قصدقته والايمان لا بد من اجتماع اللفظ مع العقد فيه لغة وشرعا انتهى قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ للوحدانية متصفة بالنكارة لا بالمعرفة وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ اى وهم قوم لا يزال الاستكبار عن اعتراف الوحدانية والتعظيم عن قبول الحق دأبهم كما ان الإنكار سجيتهم لا جَرَمَ [هر آيينه راست است] أَنَّ اللَّهَ [آنكه خداى تعالى] يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من انكار قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ من استكبارهم. لا جرم للتحقيق والتأكيد بمنزلة حقا قال ابو البقاء فى لا جرم اربعة اقوال. أحدها ان لا رد لكلام ماض اى ليس الأمر كما زعموا وجرم فعل بمعنى كسب وفاعله مضمر فيه وان ما بعده فى موضع النصب على المفعول به. والقول الثاني ان لا جرم كلمتان ركبتا وصار معناهما حقا وما بعدها فى موضع رفع بانه فاعل لحق. والثالث ان المعنى لا محالة فيكون ما بعدها فى موضع رفع ايضا وقيل فى موضع نصب او جر. والرابع ان التقدير لا منع إِنَّهُ اى الله تعالى لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن التوحيد

[سورة النحل (16) : آية 24]

اى جنس المستكبرين سواء كانوا مشركين او مؤمنين. والاستكبار رفع النفس فوق قدرها وجحود الحق والفرق بين المتكبر والمستكبر ان التكبر عام لاظهار الكبر الحق كما فى أوصاف الحق تعالى فانه جاء فى أسمائه الحسنى الجبار المتكبر وفى قوله عليه السلام (التكبر على المتكبر صدقة) ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ والاستكبار اظهار الكبر باطلا كما فى قوله تعالى فى حق إبليس اسْتَكْبَرَ ومنه ما فى هذا المقام وفى العوارف الكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره والتكبر إظهاره ذلك وفى الحديث (لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من فى قلبه مثقال ذرة من ايمان) قال الخطابي فيه تأويلان أحدهما ان المراد كبر الكفر ألا ترى انه قابله فى نقيضه بالايمان والآخر انه تعالى إذا أراد ان يدخله الجنة نزع ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر قال فى فتح القريب هذان التأويلان فيهما بعد فان الحديث ورد فى سياق النهى عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحقارهم ودفع الحق وقيل لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (قال الله تعالى يا بنى آدم خلقتكم من التراب ومصيركم الى التراب فلا تتكبروا على عبادى فى حسب ولا مال فتكونوا علىّ أهون من الذر وانما تجزون يوم القيامة بأعمالكم لا بأحسابكم وان المتكبرين فى الدنيا اجعلهم يوم القيامة مثل الذر يطأهم الناس كما كانت البهائم تطأه فى الدنيا) - وحكى- انه افتخر رجلان عند موسى عليه السلام بالنسب والحسب فقال أحدهما انا فلان ابن فلان حتى عدّ تسعة فاوحى الله تعالى اليه قل له هم فى النار وأنت عاشرهم وانشد بعضهم ولا تمش فوق الأرض الا تواضعا فكم تحتها قوم همو منك ارفع فان كنت فى عز وحرز ورفعة فكم مات من قوم همو منك امنع قعليك بالتواضع وعدم الفخر على أحد فان التواضع باب من أبواب الجنة والفخر باب من أبواب النار واللازم فتح أبواب الجنان وسد أبواب النيران وتحصيل الفقر المعنوي الذي ليس الفخر فى الحقيقة إلا به فانه لا يليق المرء بدولة المعنى ورياسة الحال وسلطنة المقام الا بتحلية ذاته بحلية التواضع وزينة الفناء: قال الحافظ تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... ور خود از گوهر جمشيد وفريدون باشى اللهم اجعلنا من اهل التواضع لا من ارباب التملق واجعلنا من اصحاب التحقق بعد التخلق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عن السعدي اجتمعت قريش فقالوا ان محمدا رجل حلو اللسان إذا كلم رجلا ذهب بقلبه فانظروا أناسا من اشرافكم فابعثوهم فى كل طريق مكة على رأس ليلة او ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه فخرج ناس منهم من كل طريق فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم قالوا له هو رجل كذاب ما يتبعه الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه واما أشياخ قومه واخيارهم فهم مفارقوه فيرجعه أحدهم وإذا كان الوافد ممن هداه الله يقول بئس الوافد انا لقومى ان كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل ان القى هذا الرجل فانظر ما يقول فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرا فذلك

[سورة النحل (16) : الآيات 25 إلى 30]

قوله تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين من قبل الوفود او وفود الحاج فى الموسم ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ماذا منصوب بانزل بمعنى أي شىء انزل ربكم على محمد قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ عدلوا عن الجواب فقالوا هذا أساطير الأولين على ان يكون خبر مبتدأ محذوف لانهم أنكروا إنزال القرآن بخلاف قوله وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً كما يجيئ ويجوز ان يكون ماذا مرفوعا بالابتداء اى ما الذي أنزله ربكم قالوا أساطير الأولين اى ما تدعون نزوله أحاديث الأمم السالفة وأباطيلهم وليس من الانزال فى شىء: يعنى [هيچ نفرستاده وآنچهـ آدمي خواند أساطير الأولين است] قال فى القاموس الأساطير الأحاديث لا نظام لها جمع اسطار واسطير بكسرهما واسطور وبالهاء فى الكل لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ [بار گناهان خود را] واللام للعاقبة إذ لم يكن داعيهم الى ذلك القول حمل الأوزار ولكن الإضلال غير ان ذلك لما كان نتيجة قولهم وثمرته شبه بالداعي الذي لاجله يفعل الفاعل الفعل كما فى بحر العلوم وقال فى الإرشاد اللام للتعليل فى نفس الأمر من غير ان يكون غرض اى قالوا ما قالوا ليحملوا أوزارهم الخاصة بهم وهى أوزار ضلالهم اى تحتم حمل الأوزار عليهم على تقدير التعليل. والأوزار جمع وزر وهو الثقل والحمل الثقيل كامِلَةً لم يكفر منها شىء بنكبة أصابتهم فى الدنيا كما يكفر بها أوزار المؤمنين فان ذنوبهم تكفر عنهم من الصلاة الى الصلاة ومن رمضان الى رمضان ومن الحج الى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب اى المكروهات من الآلام والأسقام والقحط حتى خدش العود وعثرة القدم يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف ليحملوا وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ اى وبعض أوزار من ضل باضلالهم وهو وزر الإضلال والتسبيب للضلال لانهما شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر وفى الحديث (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى هر كه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى جمع گردد بروى آن جمله بزه ... كو سرى بوده است وايشان دم غزه بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الفاعل اى يضلونهم غير عالمين بان ما يدعون اليه طريق الضلال وبما يستحقونه من العذاب الشديد فى مقابلة الإضلال او من المفعول اى يضلون من لا يعلم انهم ضلال وفائدة التقييد بها الاشعار بان مكرهم لا يروج عند ذوى لب وانما يتبعهم الأغبياء والجهلة والتنبيه على ان جهلهم ذلك لا يكون عذرا إذ كان يجب عليهم ان يبحثوا ويميزوا بين المحقق الحقيق بالاتباع وبين المبطل چشم باز وگوش باز ودام پيش ... سوى دامى مى پرد با پر خويش أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ساء فى حكم بئس والضمير الذي فيه يجب ان يكون مهما يفسره ما يزرون والمخصوص بالذم محذوف اى بئس شيأ يزرونه اى يحملونه فعلهم. وبالفارسية [بدانيد كه بد كاريست آن بارى كه ايشان مى كشند] واعلم انه لا يحمل أحد وزر أحد إذ كل نفس تحمل ما كسبت هى لا ما كسبت غيرها إذ ليس ذلك من مقتضى الحكمة الالهية

[سورة النحل (16) : آية 26]

واما حمل وزر الإضلال فهو حمل وزر نفسه لانه مضاف اليه لا الى غيره فعلى العاقل ان يجتنب من الضلال والإضلال فى مرتبة الشريعة والحقيقة فمن حمل القرآن على الأساطير ودعا الناس الى القول بها فقد ضل وأضل وكذا من حمل إشارات القرآن على الأباطيل لا على الحقائق فانه ضل بالإنكار وأضل طلاب الحق عن طريق الإقرار فحمل حجاب الضلال وحجاب الإضلال وكلما تكاثف الحجب وتضاعف الأستار بعد المرء عن درك الحق ورؤية الآثار والمراد بالاشارات الصحيحة المشهود لحقيتها بالكتاب والسنة وهى الإشارات الملهمة الى اهل الوصول لا الإشارات التي تدعيها الملاحدة وجهلة المتصوفة مما يوافق هواهم فانها ليست من الإشارات فى شىء كما قال فى المثنوى بر هوا تأويل قرآن ميكنى ... پست وكژ شد از تو معنئ سنى آن مگس بر برك كاه وبول خر ... همچوكشتيبان همى افراشت سر «1» گفت من دريا وكشتى خوانده ام ... مدتى در فكر آن مى مانده ام اينك اين دريا واين كشتى ومن ... مرد كشتيبان واهل ورأى زن بر سر دريا همى راند او عمد ... مى نمودش آن قدر بيرون ز حد صاحب تأويل باطل چون مگس ... وهم او بول خر وتصوير خس گر مگس تأويل بگذارد براى ... آن مگس را بخت گرداند هماى قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ المكر الخديعة يعنى قد مكر اهل مكة كما مكر الذين من قبلهم وصار المكر سببا لهلاكهم لا لهلاك غيرهم لان من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا قال فى المدارك الجمهور على ان المراد نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل وكان قصرا عظيما طوله خمسة آلاف ذراع وعرضه فرسخان ليقاتل عليه من فى السماء بزعمه ويطلع على اله ابراهيم عليه السلام فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ البنيان البناء والجمع ابنية والقواعد جمع قاعدة وقواعد البيت أساسه او أساطينه اى قصد الله تخريب بنائهم من جهة أصوله وأساسه وأتاه امره وحكمه وبأسه او من جهة الأساطين التي بنوا عليها بان ضعفت فَخَرَّ اى سقط عَلَيْهِمُ السَّقْفُ اى سقف بنائهم مِنْ فَوْقِهِمْ يعنى [أول بام بر ايشان فرود آمد پس ديوارها] إذ لا يتصور البناء بعد هدم القواعد وجاء بفوقهم وعليهم للايذان بانهم كانوا تحته فان العرب لا تقول سقط علينا البيت وليسوا تحته- روى- انه هبت عليه ريح هائلة فالقت رأسه فى البحر وخر الباقي عليهم ولما سقط الصرح تبلبلت الألسن من الفزع يومئذ: يعنى [بهم بر آمد وسخن ايشان مختلف گشت هر قومى بزبانى سخن گفتن آغاز كردند وهيچ يك زبان آن ديگر ندانست] فتكلموا ثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت ببابل وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وَأَتاهُمُ الْعَذابُ اى الهلاك بالريح مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه منه بل يتوقعون إتيان مقابله مما يريدون ويشتهون. والمعنى ان هؤلاء الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير الأولين سيأتيهم فى الدنيا من العذاب مثل ما أتاهم وهم لا يحتسبون [دمياطى آورده كه مراد ازين عذاب بعوضة است كه بر لشكر نمرود مسلط شد. در لباب

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان زيافت تأويل مكس وركيك ظن او

[سورة النحل (16) : الآيات 27 إلى 29]

فرموده كه خداى تعالى نمرود را مبتلا گردانيد به پشه كه در بينى او رفته بود ودر دماغ وى جاى گرفته وبزرگ شد و چهار صد سال در آنجا بماند ودرين مدت پيوسته مطرقه بر سر او ميزدند تا فى الجملة آرام يافت. شيخ فريد الدين عطار قدس سره در منطق الطير آورده نيم پشه بر سر دشمن گماشت ... در سر او چارصد سالش بداشت چون دهد حكمش ضعيفى را مدد ... سبلت خصم قوى را بر كند ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى هذا العذاب جزاؤهم فى الدنيا ويوم القيامة يُخْزِيهِمْ [رسواى گرداند ايشانرا] اى يذل أولئك المفترين والماكرين الذين من قبلهم جميعا بعذاب الخزي على رؤس الاشهاد واصل الخزي ذل يستحيى منه وثم لتفاوت ما بين الجزاءين وَيَقُولُ لهم تفضيحا وتوبيخا فهو الى آخره بيان للاخزاء أَيْنَ شُرَكائِيَ بزعمكم الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ أصله تشاققون اى تخاصمون الأنبياء والمؤمنين فِيهِمْ اى فى شأنهم بانهم شركاء أحقاء حين بينوا لكم بطلانها. والمراد بالاستفهام استحضارها للشفاعة او المدافعة على طريق الاستهزاء والتبكيت والاستفسار عن مكانهم لا يوجب غيبتهم حقيقة بل يكفى فى ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون انهم متصفون به من عنوان الالهية فليس هناك شركاء ولا اما كنها قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من اهل الموقف وهم الأنبياء والمؤمنون الذين أوتوا علما بدلائل التوحيد وكانوا يدعونهم فى الدنيا الى التوحيد فيجادلونهم ويتكبرون عليهم اى يقولون توبيخا لهم وإظهارا للشماتة بهم إِنَّ الْخِزْيَ اى الفضيحة والذل والهوان وبالفارسية [خوارى ورسوايى] الْيَوْمَ متعلق بالخزي وإيراده للاشعار بانهم كانوا قبل ذلك فى عزة وشقاق وَالسُّوءَ اى العذاب عَلَى الْكافِرِينَ بالله تعالى وبآياته ورسله وهو قصر للجنس الادعائى كأن ما يكون من الذل وهو العذاب لعصاة المؤمنين لعدم بقائه ليس من ذلك الجنس الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ فى محل الجر على انه نعت للكافرين وفائدة تخصيص الخزي والسوء بمن استمر كفره الى حين الموت دون من آمن منهم ولو فى آخر عمره اى على الكافرين المستمرين على الكفر الى ان تتوفاهم الملائكة اى يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ اى حال كونهم مستمرين على الكفر والاستكبار فانه ظلم منهم على أنفسهم وأي ظلم حيث عرضوها للعذاب المخلد بوضعها بالاستكبار على الملك الجبار غير موضعها وبدلوا فطرة الله تبديلا فَأَلْقَوُا السَّلَمَ عطف على قوله تعالى وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ والسلم بالتحريك الاستسلام اى فيلقون الاستسلام والانقياد فى الآخرة حين عاينوا العذاب ويتركون المشاقة وينزلون عما كانوا عليه فى الدنيا من التكبر والعلو وشدة الشكيمة قائلين ما كُنَّا نَعْمَلُ فى الدنيا مِنْ سُوءٍ اى من شرك قالوه منكرين لصدوره عنهم قصدا لتخليص نفوسهم من العذاب بَلى رد عليهم من قبل اولى العلم واثبات لما نفوه اى بلى كنتم تعملون ما تعملون إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه وهذا أوانه فلا يفد انكاركم وكذبكم على أنفسكم فَادْخُلُوا الفاء للتعقيب أَبْوابَ جَهَنَّمَ اى كل صنف بابه المعد له خالِدِينَ فِيها ان أريد بالدخول حدوثه فالحال مقدرة

[سورة النحل (16) : آية 30]

وان أريد مطلق الكون فيها فمقارنة فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الفاء عطف على فاء التعقيب واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم والمثوى المنزل والمقام والمخصوص بالذم محذوف وهو جهنم: والمعنى بالفارسية [پس هر آينه بد مقامى وبد آرامگاهيست متكبرانرا جهنم] وذكرهم بعنوان التكبر للاشعار بعليته لثوآئهم فيها اى إقامتهم والمراد المتكبر عن التوحيد او كل متكبر من المشركين والمسلمين قال حضرة الشيخ على السمرقندي قدس سره فى تفسيره المسمى ببحر العلوم التكبر ينقسم على ثلاثة اقسام. التكبر على الله وهو أخبث انواع الكبر وأقبحها وما منشأه الا الجهل المحض. ثم التكبر على الرسل من تعزز النفس وترفعها عن الانقياد لبشر مثل سائر الناس وهذا كالتكبر على الله تعالى فى القيامة واستحقاق العذاب السرمدي. والثالث التكبر على العباد وهو بان يستعظم نفسه ويستحقر غيره فيأبى عن الانقياد لهم ويدعوه الى الرفع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويستنكف عن مساواتهم وهو ايضا قبيح وصاحبه جاهل كبير يستأهل سخطا عظيما لو لم يتب وان كان دون الأولين للدخول تحت عموم قوله مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وايضا من تكبر على أحد من عباد الله فقد نازع الله فى ردائه وفى صفة من صفاته قال ابو صالح حمدان بن احمد القصار رحمة الله عليه من ظن ان نفسه خير من نفس فرعون فقد اظهر الكبر: وفى المثنوى آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست «1» آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال انى آمركما باثنين وانها كما عن اثنين آمركما بلا اله الا الله فلو ان السموات السبع والأرضين السبع وضعن فى كفة ولا اله الله فى كفة لرجحت بهن ولو ان السموات السبع والأرضين السبع حلقة مبهمة لقصمتهن لا اله الا الله وآمركما بسبحان الله وبحمده فانها صلاة كل نبى بها يرزق الخلق وانها كما عن الكفر والكبر) وَقِيلَ- روى- ان احياء العرب كانوا يبعثون ايام موسم الحج من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فاذا جاء الوافد كفه المقتسمون الذين اقتسموا طرق مكة وأمروه بالانصراف وقالوا ان لم تلقه كان خيرا لك فانه ساحر كاهن كذاب مجنون فيقول انا شر وافد ان رجعت الى قومى دون ان استطلع امر محمد واراه فيلقى اصحاب النبي عليه السلام فيخبرونه بصدقه فذلك قوله وقيل اى من طرف الوافدين لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عن الكفر والشرك وهم المؤمنون المخلصون ماذا اى أي شىء فهو مفعول قوله أَنْزَلَ رَبُّكُمْ على محمد قالُوا فى جوابه انزل خَيْراً وفى تطبيق الجواب بالسؤال اشارة الى ان الانزال واقع وانه نبى حق قال الكاشفى [مراد از خير قرآنست كه جامع جميع خيرات ومستجمع مجموع حسنات وبركات اوست ونيكوهاى دينى ودنياوى وخوبيهاى صورى ومعنوى ناشى ازو] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا أعمالهم وقالوا لا اله الا الله محمد رسول الله فانه احسن الحسنات وهو كلام مستأنف جيئ به لمدح المتقين فِي هذِهِ الدار الدُّنْيا حَسَنَةٌ اى مثوبة حسنة مكافاة فيها بإحسانهم وهى عصمة

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 31 إلى 35]

الدماء والأموال واستحقاق المدح والثناء والظفر على الأعداء وفتح أبواب المكاشفات والمشاهدات الذي من أوتيه فقد فاز بالقدح المعلى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من احسن اعماله بالصالحات وأخلاقه بالحميدات وأحواله بالانقلاب عن الخلق الى الحق فله حسنة من الله وهو ان ينزله منازل الواصلين الكاملين فى الدنيا وَلَدارُ الْآخِرَةِ اى ولثوابهم فيها خَيْرٌ مما أوتوا فى الدنيا من المثوبة او دار الآخرة خير من الدنيا على الإطلاق فان الآخرة كالجوهر والدنيا كالخزف وقيمة الجوهر ارفع من قيمة الخزف بل لا مناسبة بينهما أصلا وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [ونيكو سراييست مر پرهيزكاران را سراى آخرت] قال الحسن دار المتقين الدنيا لانهم منها يتزودون للآخرة يقول الفقير فيه مدح للدنيا باعتبار انها متاع بلاغ فانها باعتبار انها متاع الغرور مذمومة كما قال فى المثنوى چيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش ونقره وميزان وزن «1» مال را كز بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پشتى است چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جز مسكين نخواند كوزه سر بسته اندر آب رفت ... از دل پر باد فوق آب رفت باد درويشى چودر باطن بود ... بر سر آب جهان ساكن بود وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للاتقياء الواصلين دارا غير دار الدنيا ودار الآخرة فدارهم مقعد الصدق فى مقام العندية ونعم الدار جَنَّاتُ عَدْنٍ عدن علم اى لهم بساتين عدن حال كونهم يَدْخُلُونَها حال كونها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى من تحت منازلها الأنهار الاربعة على ان يكون المنبع فيها بشهادة من لَهُمْ خبر مقدم فِيها اى فى تلك الجنات حال من المبتدأ المؤخر وهو قوله ما يَشاؤُنَ ويحبون من انواع المشتهيات قال البيضاوي فى تقديم الظرف تنبيه على ان الإنسان لا يجد جميع ما يريده الا فى الجنة يقول الفقير ان قلت هل يجوز للمرء ان يشتهى فى الجنة اللواطة وقد ذهب اليه من لا وقوف له على جلية الحال فالجواب ان الاشتهاء المذكور مخالف لحكمة الرب الغفور ولو جاز هو لجاز نكاح الأمهات فيها على تقدير الاشتهاء وانه مما لا يستريب عاقل فى بطلانه ألا ترى ان الذكور وكذا الزنى واللواطة والكذب ونحوها كان حراما مؤبدا فى الدنيا فى جميع الأديان لكونه مما لا تقتضى الحكمة حله بخلاف الخمر ونحوها ولذا كانت هى أحد الأنهار الجارية فيها فنسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن لا يستطيب ما استخبثته الطباع السليمة قال الكاشفى [ودر جواب كسى كه گويد شايد بهشتى خواهد كه بدرجات انبيا ومنازل أوليا ومراتب شهدا برسد وگفته اند در بهشت غيظ وحسد كه موجب تمناها باشد نيست با آنكه هر يك از بهشتيان بآنچهـ دارند راضى اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من الأتقياء من مشيئته الجنة ونعيمها ومن مشيئته العبور على الجنة والخروج الى مقعد الصدق فى مقام العندية فلهم ما يختارون من الجنة ومقعد الصدق كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الاوفى

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را إلخ

[سورة النحل (16) : آية 32]

يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ اى كل من يتقى عن الشرك والمعاصي الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ نعت للمتقين اى يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم حال كونهم طَيِّبِينَ اى طاهرين عن دنس الظلم لانفسهم بتبديل فطرة الله. وفائدته الإيذان بان ملاك الأمر فى التقوى هو الطهارة عما ذكر الى وقت توفيهم. ففيه حث للمؤمنين على ذلك ولغيرهم على تحصيله. وقيل طيبين بفيض أرواحهم لتوجه نفوسهم بالكلية الى جناب القدس جعلنا الله وإياكم منهم: وفى المثنوى همچنين باد أجل با عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان «1» وفى التأويلات النجمية اى طيبى الأعمال عن دنس الشهوات والمخالفات. وطيبى الأخلاق عن المذمومات الملوثة بالطبعيات دون الشرعيات. وطيبى الأحوال عن وصمة ملاحظات الكونين يَقُولُونَ حال من الملائكة اى قائلين لهم على وجه التعظيم والتبشير سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يخيفكم بعد مكروه قال القرطبي إذا استدعيت نفس المؤمن جاءه ملك الموت فقال السلام عليك يا ولى الله الله يقرئك السلام وبشره بالجنة ادْخُلُوا الْجَنَّةَ اى جنات عدن فانها معدة لكم فاللام للعهد والمراد دخولهم لها فى وقته كما قال الكاشفى [بعد از سلام گويند فردا كه مبعوث شويد درآييد در بهشت كه براى شما آماده است] والقبر روضة من رياض الجنة ومقدمة لنعيمها ومن دخله على حسن الحال والأعمال فكأنه. دخل جنته ووجد نعيما لا يزول ولا يزال بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بسبب ثباتكم على التقوى والطاعة والعمل وان لم يكن موجبا للجنة لان الدخول فيها محض فضل من الله الا ان الباء دلت على ان الدرجات انما تنال بالأعمال وصدق الأحوال فان المراد من دخول الجنة انما هو اقتسام المنازل بحسب الأعمال [وگفته اند] زرع يومك حصاد غدك بكوش امروز تا تخمى بپاشى ... كه فردا بر جوى قادر نباشى گر اينجا كشت كردن را نورزى ... در ان خرمن به از ارزن نيرزى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان دخول الجنة للاتقياء جزاء لاصلاح أعمالهم والعبور عليها جزاء لاصلاح اخلاقهم والخروج الى مقعد الصدق جزاء لاصلاح أحوالهم فلكل متق مقام بحسب معاملته مع الله تعالى وفى الحديث (عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيون والصديقون والشهداء يقول الله تعالى طوبى لمن دخلك) قال فى بحر العلوم المراد بالصديق كل من آمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد منهم بدليل قوله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ويدل عليه ايضا الآية التي نحن فيها كما لا يخفى ويعضده قول النبي عليه السلام (الله تعالى بنى جنات عدن بيد قدرته وجعل ملاطها المسك وترابها وحصباءها اللؤلؤ لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس غرسها بيد قدرته وقال لها تكلمى قالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك) وفى قولها قد أفلح المؤمنون تنبيه على ان سكانها اهل الايمان بالله ورسله انتهى يقول الفقير لا شك ان اهل الايمان كلهم يدخلون الجنة لكن بحسب تفاوت درجاتهم فى مراتب

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كرد باد قوم هود عليه السلام را

[سورة النحل (16) : الآيات 33 إلى 35]

الايمان تتفاوت منازلهم الجنانية فالفردوس وعدن للخواص ومن يلحق بهم وغيرهما للعوام وكمال الايمان انما يحصل بمكاشفة اسرار الملكوت ومشاهدة أنوار الجبروت وصاحبه الصديق الأكبر والدليل على ما قلنا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا فانهم قد قالوا فى التفسير ان أهلها هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وهو الوصف الزائد على مطلق الايمان ولذا وعدوا بتلك الجنان إذ من كان ارفع مرتبة فى الدنيا بحسب العلوم النافعة والأخلاق الفاضلة كان أعلى درجة فى الجنةلْ يَنْظُرُونَ [آيا انتظار ميبرند كفار مكه] اى ما ينتظرون لَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ اى ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم بالعذاب لمواظبتهم على الأسباب الموجبة له المؤدية اليه فكأنهم يقصدون إتيانه ويترصدون لوروده وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ اى العذاب الدنيوي وقد اتى يوم بدرذلِكَ مثل فعل هؤلاء من الشرك والظلم والتكذيب والاستهزاءعَلَ الَّذِينَ خلوانْ قَبْلِهِمْ من الأمم ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ بما سيتلى من عذابهم لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالكفر والمعاصي المؤدية اليه فَأَصابَهُمْ عطف على قوله فعل الذين من قبلهم. والمعنى بالفارسية [رسيد ايشانرا بحكم عدل] سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا اى اجزية أعمالهم السيئة على طريقة تسمية المسبب باسم سببه إيذانا بفضاعته لا على حذف المضاف فانه يوهم ان لهم أعمالا غير سيآتهم وَحاقَ بِهِمْ اى أحاط بهم ونزل من الحيق الذي هو احاطة الشر كما فى القاموس الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب الموعود وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا اى اهل مكة لَوْ شاءَ اللَّهُ عدم عبادتنا لشئ غيره ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا الذين نقتدى بهم فى ديننا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ يعنى تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ومذهب اهل السنة ان الكفر والمعاصي وسائر افعال العباد بمشيئة الله وخلقه والكفار وان قالوا ان الشرك وغيره بمشيئة الله لكنهم يستدلون بذلك على اباحة تحريم الحلال وسائر ما يرتكبون من المعاصي ويزعمون ان الشرك والمعاصي إذا كانت بمشيئة الله تعالى ليست معصية ولا عليها عذاب فهذا كلام حق أريد به الباطل فصار باطلا وفى المدارك هذا الكلام صدر منهم استهزاء ولو قالوه اعتقادا لكان صوابا انتهى [حسين بن فضل گفته كه اگر كفار اين سخن از روى تعظيم وإجلال ومعرفت الهى گفتندى حق سبحانه وتعالى ايشانرا بدان عيب نكردى] : قال الحافظ درين چمن نكنم سرزنش بخودرويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم : وقال نقش مستورى ورندى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل گفت بكن آن كردم يقول الفقير فرق بين الجاهل الغافل المحجوب وبين العارف المتيقظ الواصل الى المطلوب والأدب اسناد المقابح الى النفس والمحاسن الى الله تعالى فانه توحيد أي توحيد كَذلِكَ اى مثل ذلك الفعل الشنيع فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم اى أشركوا بالله وحرموا

[سورة النحل (16) : الآيات 36 إلى 41]

حله وعصوا رسله وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ وهدوهم الى الحق فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ [پس هست بر فرستادگان يعنى نيست بر ايشان] إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى ليست وظيفتهم الا تبليغ الرسالة تبليغا واضحا واطلاع الخلق على بطلان الشرك وقبحه لا ألجأهم الى قبول الحق وتنفيذ قولهم عليهم شاؤا او أبوا وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم. وبالفارسية [در ميان هر گروهى] رَسُولًا خاصا بهم كما بعثناك أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لبعثنا اى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله وحده وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ هو الشيطان وكل ما يدعوا الى الضلالة وذلك لالزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه ان منهم من لا يأتمر بالأوامر ولا يؤمن. والطاغوت فعلوت من الطغيان كالجبروت والملكوت من الجبر والملك وأصله طغيوت فقدم اللام على العين وتاؤه زائدة دون التأنيث فَمِنْهُمْ اى من تلك الأمم والفاء فصيحة اى فبلغوا ما بعثوا به من الأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت فتفرقوا فمنهم مَنْ هَدَى اللَّهُ خلق فيه الاهتداء الى الحق الذي هو عبادته واجتناب الطاغوت بعد صرف قدرتهم واختيارهم الجزئى الى تحصيله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [گمراهى بسبب خذلان الهى] اى وجبت وثبتت الى حين الموت لعناده وإصراره عليها وعدم صرف قدرته فلم يخلق فيه الاهتداء ولم يرد ان يطهر قلبه فَسِيرُوا سافروا يا معشر قريش إذ الكلام معهم فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا فى أكنافها وفى الفاء الموضوعة للتعقيب اشارة الى وجوب المبادرة الى النظر والاستدلال المؤديين الى الإقلاع عن الضلال كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من عاد وثمود ومن سار بسيرتهم ممن حقت عليه الضلالة لعلكم تعتبرون حين تشاهدون من منازلهم وديارهم آثار الهلاك والعذاب إِنْ تَحْرِصْ يا محمد عَلى هُداهُمْ اى ان تطلب هداية قريش بجهدك. وبالفارسية [اگر سخت كوشى وحرص ورزى] فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ اى فاعلم ان الله لا يخلق الهداية جبرا وقهرا فيمن يخلق فيه الضلالة بسوء اختياره وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم برفع العذاب عنهم وصيغة الجمع فى الناصرين باعتبار الجمعية فى الضمير فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد الى الآحاد واعلم ان سرّ بعثة الأنبياء عليهم السلام الى الخلق ان يأمروهم بعبادة الله واجتناب طاغوت الهوى وما يعبدون من دون الله ويعلموهم كيفية العبادة الخالصة من الشوائب وكيفية الاجتناب عما سوى الله ليصلوا بهذين القدمين الى حضرة الجلال كما قال بعضهم خطوتان وقد حصلت. فالخطوة الاولى عبادة الله بالتوحيد وهو التوجه الى الله تعالى بالكلية طلبا وشوقا ومحبة. والثانية الخروج عما سوى الله بالكلية صدقا واجتهادا بليغا لينالوا ما نال من قال لربه- كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول- كما فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العبودية وهى رفض المشيئة لان العبد لا مشيئة له لانه لا يملك ضرا ولا نفعا- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله اشترى عبدا فقال له أي شىء تأكل قال ما تطعمنى قال أي شىء تعمل قال ما تستعملنى قال أي شىء لك ارادة قال واين تبقى ارادة العبد فى جنب ارادة سيده ثم راجع ابراهيم نفسه وقال يا مسكين ما كنت لله فى عمرك ساعة مثل ما كان هذا لك فى هذه الحالة ان قلت الطاعة

[سورة النحل (16) : الآيات 38 إلى 39]

راجحة أم ترك المخالفات قلت الاحتماء غالب على المعالجة بالادوية كما يفعله اهل الهند فانهم يداوون مرضاهم بترك الاكل أياما وقد قال ابو القاسم لا تطلبوا الآخرة بالبذل والإيثار واطلبوا بالترك والكف. وهذا عكس ما عليه اهل الزمان فان عبادهم يأتون ما أمكن لهم من الطاعات وهم غرقى فى بحر المخالفات إذ ليس مبالاة فى باب التروك فلوانهم اقتصروا على الفرائض والواجبات واجتهدوا فى باب الكف عن الرذائل والمخالفات لكان خيرا لهم ولذا قال فى المثنوى بهر اين بعض صحابه از رسول ... ملتمس بودند مكر نفس غول گو چهـ آميزد ز اغراض نهان ... در عبادتها ودر اخلاص جان فضل طاعت را نجستندى ازو ... عيب ظاهر را نجستندى كه كو «1» مو بمو وذره ذره مكر نفس ... مى شناسيدند چون كل از كرفس نسأل الله تعالى ان يهدينا الى حق اليقين ويعصمنا من اعمال من قال فى حقهم وما لهم من ناصرين وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ الاقسام [سوگند خوردن] والقسم محركة اليمين بالله. والمعنى بالفارسية [سوگند خوردند بخداى تعالى] عن ابى العالية كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فاتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت انه لكذا: يعنى [در أثناء مكالمه گفت بدان خداى كه بعد از مرك بلقاء او اميدوارم] فقال المشرك انك لتزعم انك تبعث بعد الموت [اى گفت تو اميدوارى كه بعد از مرك زنده شوى مسلمان گفت آرى آن كافر بايمان غلاظ وشداد كه در كيش او مقرر بود سوگند ياد كرد كه هيچكس بعد از مرك زنده نشود] فانزل الله تعالى هذه الآية جَهْدَ أَيْمانِهِمْ [سخترين سوگند ايشان يعنى جهد كردند در تغليظ سوگند] يقال جهد الرجل فى كذا كمنع جد فيه وبالغ واجتهد قال فى القاموس وقوله تعالى جَهْدَ أَيْمانِهِمْ اى بالغوا فى اليمين واجتهدوا انتهى مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم اى حلفوا بالله مبالغين فى ايمانهم حتى بلغوا غاية شدتها ووكادتها وفى تفسير ابى الليث كل من حلف بالله فهو جهد اليمين لانهم كانوا يحلفون بالأصنام وبآبائهم ويسمون اليمين بالله جهد ايمانهم لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ مقسم عليه بَلى اثبات لما بعد النفي اى بلى يبعثهم وَعْداً اى وعد بذلك وعدا ثابتا عَلَيْهِ إنجازه لامتناع الخلف فى وعد الله تعالى حَقًّا اى حق حقا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم يبعثون والقول بعدمه لجهلهم بشئون الله تعالى من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال وبما يجوز عليه وما لا يجوز وعدم وقوفهم على سر التكوين والغاية القصوى منه لِيُبَيِّنَ لَهُمُ عبارة عن اظهار ما كان مبهما قبل ذلك اى يبعث الله كل من يموت مؤمنا كان او كافرا ليبين لهم الشان الَّذِي يَخْتَلِفُونَ مع المؤمنين فِيهِ من الحق المنتظم للبعث والجزاء وجميع ما خالفوه مما جاء به الشرع المبين والمؤمنون وان كانوا عالمين بذلك عند معاينة حقيقة الحال يتضح الأمر فيصل علمهم الى مرتبة عين اليقين لانه يحصل لهم مشاهدة الأحوال كما هى ومعاينتها بصورها الحقيقية وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله تعالى بالاشراك وانكار البعث

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان قبول كردن نصرانيان او را از پوشش وضعف

[سورة النحل (16) : الآيات 40 إلى 41]

وتكذيب وعده الحق عند ما خرجوا من قبورهم أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ فى قولهم لا يبعث الله من يموت ونحوه وهو اشارة الى السبب الداعي الى البعث المقتضى له من حيث الحكمة وهو التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل بالثواب والعقاب إِنَّما ما كافة قَوْلُنا مبتدأ لِشَيْءٍ اى أي شىء كان مما عزوهان متعلق بقولنا على ان اللام للتبليغ كهى فى قولنا قلت له قم فقام فان قلت فيه دليل على ان المعدوم شىء لانه سماه قبل كونه قلت التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى لا انه كان شيأ قبل ذلك وفى التأويلاث النجمية فى الآية دلالة على ان المعدوم الذي فى علم الله إيجاده قبل إيجاده شىء بخلاف المعدوم الذي فى علم الله عدمه ابدا إِذا أَرَدْناهُ ظرف لقولنا اى وقت ارادتنا لوجوده أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ خبر للمبتدأ اى أحدث لانه من كان التامة بمعنى الحدوث التام فَيَكُونُ عطف على مقدر اى فنقول ذلك فيكون او جواب لشرط محذوف اى فاذا قلنا ذلك فهو يكون ويحدث عقيب ذلك وهذا الكلام مجاز عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله وتمثيل الغائب وهو تأثير قدرته فى المراد بالشاهد وهو امر المطاع للمطيع فى حصول المأمور به من غير امتناع وتوقف ولا افتقار الى مزاولة عمل واستعمال آلة وليس هناك قول ولا مقول له ولا آمر ولا مأمور حتى يقال انه يلزم أحد المحالين اما خطاب المعدوم او تحصيل الحاصل. والمعنى ان إيجاد كل مقدور على الله بهذه السهولة فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من بعض المقدورات آنكه پيش از وجود جان بخشد ... هم تواند كه بعد از ان بخشد چون در آورد از عدم بوجود ... چهـ عجب باز اگر كند موجود وذهب فخر الإسلام وغيره الى ان حقيقة الكلام مرادة بان اجرى الله سنته فى تكوين الأشياء ان يكوّنها بهذه الكلمة إذ لم يمتنع تكوينها بغيرها. والمعنى يقول له أحدث فيحدث عقيب هذا القول لكن المراد هو الكلام النفسي المنزه عن الحروف والأصوات لا الكلام اللفظي المركب منهما لانه حادث يستحيل قيامه بذاته تعالى يقول الفقير أفادني شيخى وسندى روح الله روحه فى قوله عليه السلام (ان الله فرد يحب الفرد) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الإيجاد يبنى على ذلك واليه الاشارة بقوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوبه بعد الاعلال اللقا فليس عند الحقيقة هناك قول وانما هو لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة. قال الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسب حاله فعند تمام الخلقة فى الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره كظهور النار من غير إيقاد ولكن عبر عنه بالنفخ تفخيما لان العقل قاصر عن دركه ولذا قال العلماء لا يبحث عن ذات الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ اى فى شأن الله ورضاه وفى حقه والتمكين من طاعته ولوجهه مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا هم الذين ظلمهم اهل مكة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوهم من ديارهم فهاجروا الى الحبشة ثم الى المدينة فجمعوا بين الهجرتين

[سورة النحل (16) : الآيات 42 إلى 47]

لا المهاجرون مطلقا فان السورة مكية- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين نذهب قال (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهاجر إليها ناس ذو عدد قال بعضهم كانوا فوق ثمانين مخافة الفتنة فرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله كعثمان بن عفان رضى الله عنه هاجر ومعه زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول خارج ومنهم من هاجر بنفسه وفى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب له الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليها السلام) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً اى مباءة حسنة وهى المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم. يقال بوأه منزلا أنزله والمباءة المنزل فهى منصوبة على الظرفية او على انها مفعول ثان ان كان لنبوئنهم فى معنى لنعطينهم وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ المعد لهم فى مقابلة الهجرة أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا فى المدارك الوقف لازم عليه لان جواب قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ محذوف والضمير للكفار اى لو علموا ان الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم فى الدين ويجوز ان يعود الى المؤمنين المهاجرين فانهم لو علموا علم المشاهدة لازدادوا فى المجاهدة والصبر وأحبوا الموت وليس الخبر كالمعاينة الَّذِينَ اى المهاجرون هم الذين صَبَرُوا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب فى كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤسهم- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر الى مكة وبكى وقال (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله تعالى وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قال الهمام مشتاب ساربان كه مرا پاى در كلست ... در كردنم ز حلقه زلفش سلاسلست تعجيل ميكنى تو و پايم نمى رود ... بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلشت چون عاقبت ز صحبت ياران بريد نيست ... پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست وكذا صبروا على مفارقة الأهل والشدائد من اذية الكفار وبذل الأرواح ونحو ذلك وَعَلى رَبِّهِمْ خاصة يَتَوَكَّلُونَ منقطعين اليه معرضين عما سواه مفوضين اليه الأمر كله والمعنى على المضي والتعبير بصيغة المضارع لاستحضار صورة توكلهم البديعة والاشارة وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ بالأبدان عما نهى الله عنه بالشريعة وهاجروا بالله بالقلوب عن الحظوظ الاخروية برعاية الطريقة وهاجروا الى الله بالأرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بجذبات الحقيقة بل هاجروا عن الوجود المجازى مستهلكا فى بحر الوجود الحقيقي حتى لم يبق لهم فى الوجود سوى الله من بعد ما ردوا الى أسفل السافلين لننزلنهم على اقرب القرب فى حال حياتهم ولا جر الآخرة اى بعد الخروج من الدنيا والخلاص من حبس أوصاف البشرية وتلوثها بها اكبر اى أعظم وأجل وأصفى وأهنى وامرى مما كان لهم من حسنات الدنيا لو كانوا

[سورة النحل (16) : الآيات 43 إلى 44]

يعلمون قدره ويؤدون شكره الذين صبروا على الائتمار بالأوامر وعلى الانتهاء عن النواهي بل صبروا على المجاهدات والمكابدات لنيل المشاهدات والمواصلات وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ صبروا بالله فى طلبه وتوكلوا على الله فى وجدانه فبالصبر ساروا وبالتوكل طاروا ثم فى الله حاروا حيرة لا نهاية لها الى الابد كما فى التأويلات النجمية اعلم ان من توكل على الله وانقطع اليه كفاه الله كل مؤونة ومن انقطع الى الدنيا وأهلها لا يتم امره فان اهل الدنيا لا تقدر على النفع وإيصال الخير ما لم يرد الله قال ابو سعيد الخراز قدس سره أقمنا بمكة ثلاثة ايام لم نأكل شيأ وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما أراه يأكل خبزا حوارى فقلت له نحن ضيفك فقال نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولنى درهمين فاشترينا خبزا فقلت بم وصلت الى ذلك فقال يا أبا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل الى حاجتك وَما أَرْسَلْنا وذلك ان مشركى قريش لما بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة ودعاهم الى عبادة الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا الله أعظم من ان يكون رسوله بشرا ولو أراد ان يبعث إلينا رسولا لبعث من الملائكة الذين عنده فنزل قوله تعالى وما أرسلنا مِنْ قَبْلِكَ اى الأمم الماضية إِلَّا رِجالًا آدمين لا ملكا وقوله تعالى جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا اى الى الملائكة او الى الأنبياء ولا امرأة إذ مبنى حالها على الستر والنبوة تقتضى الظهور ولا صبيا ونبوة عيسى فى المهد لا تنافيه إذ الرسالة أخص قال ابن الجوزي اشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ نُوحِي إِلَيْهِمْ على ألسنة الملائكة فى الأغلب واكثر الأمر وفيه اشارة الى ان الرسالة والنبوة والولاية لا تسكن الا فى قلوب الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله نه هر كس سزاوار باشد بصدر ... كرامت بفضلست ورتبت بقدر فَسْئَلُوا اى فان شككتم فى ذلك فاسألوا يا معشر قريش أَهْلَ الذِّكْرِ علماء اهل الكتاب ليخبروكم ان الله تعالى لم يبعث الى الأمم السالفة إلا بشرا وكانوا يشاورونهم فى بعض الأمور ولذلك أحالهم الى هؤلاء للالزام إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك وفى الآية اشارة الى وجوب المراجعة الى العلماء فيما لا يعلم وسئل الامام الغزالي رحمه الله من اين حصل لك الإحاطة بالعلوم أصولها وفروعها فتلا هذه الآية اى أفاد ان ذلك العلم الكلى انما حصل باستعلام المجهول من العلماء وترك العار وقدورد [الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها] يعنى ينبغى للمؤمن ان يطلب الحكمة كما يطلب ضالته بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ بالمعجزات والكتب والباء متعلقة بمقدر وقع جوابا عن سؤال من قال بم أرسلوا فقيل أرسلوا بالبينات والزبر. والبينات جمع بينة وهى الواضحة. والزبر جمع زبور وهو الكتاب بمعنى المزبور اى المكتوب وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ اى القرآن انما سمى به لانه تذكير وتنبيه للغافلين. يعنى انه سبب الذكر فاطلق عليه المسبب لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ كافة العرب والعجم ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فى ذلك الذكر من الاحكام والشرائع وغير ذلك من احوال القرون المهلكة بافانين العذاب حسب أعمالهم الموجبة لذلك على وجه التفصيل بيانا شافيا كما ينبئ عنه صيغة التفعيل فى الفعلين وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

[سورة النحل (16) : آية 45]

التفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب اى وإرادة ان يجيلوا فيه افكارهم فيتنبهوا للحقائق وما فيه من العبر ويحترزوا عما يؤدى الى مثل ما أصاب الأولين من العذاب وفى التأويلات النجمية ولعلهم اى وفى إنزال الذكر إليك حكمة اخرى وهى لعل الناس يتفكرون فيما يسمعون من بيان القرآن والاحكام منك على انك أمي ما قرأت الكتب المنزلة ولا تعلمت العلوم وانما تبين لهم من نور الذكر فيلازمون الذكر ويواظبون عليه ليصلوا الى مقام المذكورين فى متابعتك ورعاية سنتك ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) ولا شك ان خير الاذكار كلمة التوحيد قال ابراهيم الخواص رحمه الله دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل. والتضرع الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين وفى أبكار الافكار أفضل الذكر قراءة القرآن فانها أفضل من الدعوة الغير المأثورة. واما المأثورة فقيل انها أفضل منها وقيل القراءة أفضل انتهى وفى نفائس المجالس مما يجب فيه التدبر والتذكر قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا فالله تعالى امر المؤمنين بالايمان اى بتكرار عقد القلب وتجديده كما ورد (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) قال بعض الكبار قد علم بحديث التجديد ان الايمان يقبل البلى وذلك بزوال الحب وتجديده بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فبنفى ما سوى المعبود واثبات ما هو المقصود يصل الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة التامة مع الصادقين كما قال تعالى وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ والكينونة صورية وهى بملازمة اهل الصدق ومجالستهم ومعنوية وهى باتخاذ الاسرار وتحصيل المناسبة المعنوية فلا بد من الارتباط بواحد من الصادقين ز من اى دوست اين يك پند بپذير برو فتراك صاحب دولتى گير كه قطره تا صدف را در نيايد نكردد گوهر وروشن نتابد واعلم ان التبيين حق اهل الدعوة والإرشاد إذ ليس عليهم الا البلاغ المبين والعمل بموجب الدعوة على العباد إذ ليس عليهم إلا قبول ما جاء من طرف النبي الامين فاذا قبلوا ذلك ورجعوا فى المشكلات اليه أو إلى وارث من ورثته الكمل علموا ما لم يعلموا ووصلوا الى كمال العلم والعمل وحصلوا عند المقصود من نزول القرآن فطوبى لهم فلهم درجات الجنان ورؤية المنان أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ هم اهل مكة الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وراموا صدّ أصحابه عن الايمان واحتالوا فى ابطال الإسلام والفاء عطف على مقدر والإنكار موجه الى المعطوفين معا. والسيئات نعت لمصدر محذوف اى ألم يتفكروا فامن الذين مكروا المكرات السيئات التي قصت عنهم او مفعول به لمكروا على تضمينه معنى فعلوا اى فعلوا السيئات وعملوا الكفر والمعاصي أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ مفعول لا من اى ان يغوّ ربهم الأرض حتى يدخلوا فيها الى الأرض السفلى كما فعل بقارون وأصحابه. وبالفارسية [از آنكه فرو برد خداى تعالى ايشانرا در زمين] ذكر الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض فاذا لم يأمن الطير من الخسف فما بال

[سورة النحل (16) : الآيات 46 إلى 47]

الإنسان العاقل يمشى على الأرض وهو غافل أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه اى فى حال غفلتهم ديدى آن قهقه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ التقلب [بركشتن] وفى القاموس تقلب فى الأمور تصرف كيف شاء انتهى اى فى حالتى تقلبهم فى مسايرتهم ومتاجرهم واسباب دنياهم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد من قوله او يأتيهم إلخ حال نومهم وسكونهم ولا يلزم ان يكون من جانب السماء ومن الثانية إتيانه حال يقظتهم وتصرفهم كقوله تعالى فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ بناجين من عذاب الله القهار سابقين قضاءه بالهرب والفرار على ما يوهمه التقلب والسير فى الديار وفى الحديث (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته) اى ليمهل ويطول عمره حتى يكثر منه الظلم ثم يأخذه أخذا شديدا فاذا اخذه لم يتركه ولم يخلصه أحد من الله وفى الحديث تسلية للمظلوم ووعيد للظالم لئلا يغتر بامهاله: قال الشيخ سعدى قدس سره مها زورمندى مكن بركهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قال فى القاموس تخوف الشيء تنقصه ومنه او يأخذهم على تخوف انتهى. ولقى رجل أعرابيا فقال يا فلان ما فعل دينك فقال تخوفته يعنى تنقصته كما فى تفسير ابى الليث. والمعنى او يأخذهم على ان ينقصهم شيأ بعد شىء فى أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا ولا يهلكهم فى حالة واحدة فيكون المراد مما قبلها عذاب الاستئصال ومنها الاخذ شيأ فشيأ والمراد بذكر الأحوال الثلاث بيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم بأى وجه كان لا الحصر فيها فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لا يعاجلكم بالعقوبة ويحلم عنكم مع استحقاقكم لها والمعنى انه إذا لم يأخذكم مع ما فيه فانما رأفته تقيكم ورحمته تحميكم وفى التأويلات النجمية رؤف بالعباد إذا عطاهم حسن الاستعداد رحيم عليهم عند إفساد استعدادهم بالمعاصي بان لا يأخذهم فى الحال ويتوب عليهم فى المآل ويقبل توبتهم بالفضل والنوال ومن المعاصي التقلب من اعمال الدنيا الى اعمال الآخرة بالرياء او من اعمال الآخرة الى اعمال الدنيا بالهوى وعذابه الرد من حرم القبول والرجع من درجات الوصول فعلى العاقل التيقظ فى الأمور وترك السيئات والشرور فانه لا يشعر من اين يأتى العذاب من قبل الأعمال الدنيوية او من قبل الأعمال الاخروية ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى مثلا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بظاهر الأمر وما ذلك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال بعضهم الزم الأدب ظاهرا وباطنا فما أساء أحد الأدب فى الظاهر إلا عوقب ظاهرا ولا أساء أحد الأدب فى الباطن الا عوقب باطنا من ضيع الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث

[سورة النحل (16) : الآيات 48 إلى 55]

يظن القبول وقال رويم لابن خفيف اجعل عملك ملحا وأدبك دقيقا: وفى المثنوى از خدا جوييم توفيق وادب ... بي ادب محروم كشت از لطف رب «1» بي ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد هر كه نامردى كند در راه دوست ... رهزن مردان شد ونامرد اوست اللهم اجعلنا من المتأدبين بآداب حبيبك وأصحابه الى يوم السؤال وجوابه أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار وهى داخلة فى الحقيقة على النفي وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والرؤية هى البصرية المؤدية الى التفكر والضمير لكفار مكة اى ألم ينظروا ولم يروا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ اى قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما لهم لم يتفكروا فيه ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه مِنْ شَيْءٍ بيان لما الموصولة اى من كل شىء يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ اى ترجع شيأ فشيأ من جانب الى جانب وتدور من موضع الى موضع حسبما تقتضيه ارادة الخالق فان التفيؤ مطاوع الافاءة قال فى تهذيب المصادر التفيؤ [باز آمدن سايه بعد از انتصاف النهار] ولا يكون التفيؤ الا بالعشي قال الله تعالى يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ انتهى. والظلال جمع الظل وهو بالفارسية [سايه] والجملة صفة لشئ قال فى الإرشاد ولعل المراد بالموصول الجمادات من الجبال والأشجار والأحجار التي لا يظهر لظلالها اثر سوى التفيؤ بارتفاع الشمس وانحدارها واما الحيوان فظله يتحرك بتحركه وفى التبيان يريد به الشجر والنبات وكل جسم قائم له ظل عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ متعلق بيتفيئ. والشمائل جمع شمال.؟؟؟ ضد اليمين وبالفتح الريح التي مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر كما فى القاموس اى ألم يروا الأشياء التي لها ظلال متفيئة عن إيمانها وشمائلها اى عن جانبى كل واحد منها وشقيه وفى التبيان اى فى أول النهار عن اليمين وفى آخره عن الشمال يعنى من جانب الى جانب إذا كنت متوجها الى القبلة استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبى الشيء وتوحيد اليمين وجمع الشمائل لان مذهب العرب إذا اجتمعت علامتان فى شىء واحد ان يلغى واحد ويكتفى بأحدهما كقوله تعالى وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ وقوله تعالى يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ كذا فى الاسئلة المقحمة والاشارة ان المخلوقات على نوعين. منها ما خلق من شىء كعالم الخلق وهو عالم الأجسام. ومنها ما خلق من غير شىء كعالم الأمر وهو عالم الأرواح كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وانما سمى عالم الأرواح الأمر لانه خلقه بامر كن من غير شىء بلا زمان كما قال تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً يعنى خلقت روحك من قبل خلق جسدك ومنه قوله عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) كذا فى التأويلات النجمية سُجَّداً لِلَّهِ اى حال كون تلك الظلال ساجدين لله دائرين على مراد الله فى الامتداد والتقلص وغيرهما غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ وَهُمْ داخِرُونَ يقال دخر كمنع وفرح دخورا ودخرا صغر وذل وادخره كما فى القاموس وهو حال من الضمير فى ظلاله والجمع باعتبار المعنى إذ المراد ظلال كل شىء وإيراد صيغة الخاصة بالعقلاء لان الدخور من خصائصهم أو لأن من جملة ذلك من يعقل

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق رعايت ادب ووخامت بي ادبى

[سورة النحل (16) : الآيات 49 إلى 50]

فغلب. والمعنى ترجع الظلال من جانب الى جانب بارتفاع الشمس وانحدارها منقادة لما قدر لها من التفيؤ والحال ان أصحابها من الاجرام داخرة اى صاغرة منقادة لحكمه تعالى ووصفها بالدخور منن عن وصف ظلالها به وبعد ما بين سجود الظلال من الاجرام السفلية الثابتة فى أحيازها ودخورها له سبحانه شرع فى بيان سجود المخلوقات المتحركة بالارادة سواء كانت لها ظلال أم لا فقيل وَلِلَّهِ يَسْجُدُ اى له تعالى وحده ويخضع وينقاد لا لشئ غيره استقلالا واشتراكا فالقصر ينتظم القلب والافراد ما فِي السَّماواتِ من العلويات قاطبة ودخل فيه الشمس والقمر والنجوم وَما فِي الْأَرْضِ كائنا ما كان مِنْ دابَّةٍ بيان لما فى الأرض فان قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ يدل على اختصاص الدابة بما فى الأرض لان ما فى السماء لا يخلق بطريق التولد وليس لهم دبيب بل لهم اجنحة يطيرون بها بقول الفقير الظاهر ان الطيران لا ينافى الدبيب وقد نقل ان فى السماء خلقا يدبون ودبيبه لا يستلزم كونه مخلوقا من الماء المعهود إذ من الماء كل شىء حى فيكون من دابة بيانا لما فى السماء والأرض وما عام للعقلاء وغيرهم وفى الاسئلة المقحمة ان ما لا يعقل اكثر عددا ممن يعقل فغلب جانب ما لا يعقل لانه اكثر عددا وَالْمَلائِكَةُ عطف على ما فى السموات عطف جبريل على الملائكة تعظيما وإجلالا وَهُمْ اى والحال ان الملائكة مع علو شأنهم لا يَسْتَكْبِرُونَ لا يتعظمون عن عبادته والسجود له بل يتذللون فكل شىء بين يدى صانعه ساجد بسجود يلائم حاله كما ان كل شىء يسبح بحمده تسبيحا يلائم حاله فتسبيح بعضهم بلسان القال وتسبيح بعضهم بلسان الحال والله يعلم لسان حالهم كما يعلم لسان قالهم: وفى المثنوى چون مسبح كرده هر چيز را ... ذات بي تمييز وبا تمييز را هر يكى تسبيح بر نوع دكر ... كويد او از حال آن اين بي خبر آدمي منكر ز تسبيح جماد ... وان جماد اندر عبادت او ستاد «1» واعلم ان الله تعالى اعطى لكل شىء من اصناف المخلوقات من الحيوانات الى الجمادات سمعا وبصرا ولسانا وفهما به يسمع كلام الحق ويبصر شواهد الحق ويكلم الحق ويفهم اشارة الحق كما اخبر الله تعالى عن حال السموات والأرض وهما فى العدم أعطاهما سمعا به سمعتا قوله ائتيا طوعا او كرها وأعطاهما فهما به فهمتا كلامه وأعطاهما لسانا به قالتا اتينا طائعين فكل شىء يسبح الله بذلك اللسان ويسجد له بذلك الطوع فمن هذا اللسان الملكوتي معجزة النبي عليه السلام كانت الحصى تسبح فى يده. وكذلك الأحجار الثلاثة كلمت داود عليه السلام واوّبت الجبال معه ولما قال الله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فلا يبعد ان يسجد لله كل شىء وان لم نفقه سجوده قال الكاشفى [درين آيت سجده بايد كرد واين سجده سوم است از سجدهاى قرآنى. وحضرت شيخ قدس سره در فتوحات اين را سجود عالم بالا وادنا خوانده كه در مقام ذلت وخوف حق را سجده مى كنند پس بنده بايد كه درين محل بدين صفت موسوم شود خود را بزمره ساجدان گنجايش دهد] يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى مالك أمرهم والجملة حال من الضمير فى لا يستكبرون مِنْ فَوْقِهِمْ

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان دو بدن كاوى در خانه آن دعا كننده بإلحاح إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 51 إلى 55]

اى يخافونه تعالى خوف هيبة وإجلال وهو فوقهم بالقهر لقوله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ فهو حال من ربهم قال فى التبيان عند قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ يعنى الغالب عباده وفوق صلته انتهى. او يخافون ان يرسل عليهم عذابا من فوقهم فهو متعلق بيخافون قال فى التأويلات النجمية معنى يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى يأتيهم العذاب مِنْ فَوْقِهِمْ ان عصوه وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ اى ما يأمرهم الخالق من الطاعات والتدبيرات من غير تثاقل عنه وتوان فيه وفيه ان الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهى والوعد والوعيد وبين الخوف والرجاء وفى الحديث (ان لله ملائكة فى السماء السابعة سجد منذ خلقهم الله الى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا ما عبدناك حق عبادك) كذا فى تفسير ابى الليث ويقال من لسان الاشارة ان الأمطار والمياه دموع الملائكة والأرض فهم يخافون الله تعالى بقدر ما وسعهم من معرفة جلاله فما بال الإنسان يمشى آمنا ضاحكا مع سوء حاله والله الهادي وَقالَ اللَّهُ لجميع المكلفين لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ تأكيد إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ لا شريك له ولا شبيه از همه در صفات ذات خدا ... ليس شىء كمثله ابدا فَإِيَّايَ لا غيرى فَارْهَبُونِ خافون وَلَهُ وحده خلقا وملكا ما فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الجن والانس وَلَهُ الدِّينُ اى الطاعة والانقياد من كل شىء فى السموات والأرض وما بينهما واصِباً حال من الدين اى واجبا ثابتا لا زوال له لانه الإله وحده الواجب ان يرهب منه يقال وصب يصب وصوبا اى دام وثبت أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر اى أبعد العلم بما ذكر من التوحيد واختصاص الكل به خلقا وملكا غير الله تطيعون فتتقون وَما بِكُمْ اى أي شىء يلابسكم ويصاحبكم مِنْ نِعْمَةٍ أي نعمة كانت كالغنى وصحة الجسم والخصب ونحوها فَمِنَ اللَّهِ فهى من قبل الله فما شرطية او موصولة متضمنة لمعنى الشرط باعتبار الاخبار دون الحصول فان ملابسة النعمة بهم سبب للاخبار بانها منه تعالى لا لحصولها منه ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ اى الفقر والبلاء فى جسدكم والقحط ونحوها مساسا يسيرا فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ تتضرعون فى كشفه لا الى غيره. والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا [ناكاه] فَرِيقٌ مِنْكُمْ وهم كفاركم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بعبادة غيره بِما آتَيْناهُمْ من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم فى الشرك كفران النعمة ففى اللام استعارة تبعية وقوله ليكفروا من الكفران وقيل اللام لام العاقبة فَتَمَتَّعُوا بقية آجالكم اى فعيشوا وانتفعوا بمتاع الحياة الدنيا أياما قليلة وهو امر تهديد فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب وفى الآيات إشارات. منها ان اكثر الخلق اتخذوا مع الله الها آخر وهو الهوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فلهذا قال إِلهَيْنِ وما قال آلهة لانه ما عبد الها آخر الا بالهوى ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (ما عبد اله

[سورة النحل (16) : الآيات 56 إلى 60]

ابغض على الله من الهوى) فقال إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ اى الذي خلق الهوى وسائر الآلهة فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فانى انا الذي يستحق ان يرغب اليه ويرهب منه لا الهوى والآلهة فانهم لا يقدرون على نفع ولا ضر وعن بعضهم قال انكسرت بنا السفينة وبقيت انا وامرأتى على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بي وقالت يقتلنى العطش فقلت هو ذا يرى حالنا فرفعت راسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب فيها كوز من ياقوت احمر فقال هاك اشربا فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو أطيب رائحة من المسك وأبرد من الثلج واحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا قال تركت الهوى لمرضاته فاجلسنى على الهواء ثم غاب عنى فلم أره رضى الله عنه ومن الإشارات ان كاشف الضر هو الله تعالى فمن أراد كشفه عن الأسباب لا عن المسبب فقد أشرك ألا ترى ان وكيل السلطان إذا قضى لك حاجة فانت وان كنت شاكرا لفعله ولكن انما تدعو فى الحقيقة للسلطان حيث قلد العمل لمثل هذا فحاجتك انما قضيت فى الحقيقة من قبل السلطان من حيث ان فعل هذا خلف حجاب الأسباب لا بالأسباب فافهم. ومنها ان الكفران سبب لزوال النعمة: وفى المثنوى باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى با محسن خود تو جدال كه نمى آيد مرا اين نيكوئى ... من برنجم زين چهـ رنجه ميشوى لطف كن اين نيكوئى را دور كن ... من نخواهم عاقبت رنجور كن نسأل الله العصمة من الكفار وعذابه وَيَجْعَلُونَ اى كفار مكة لِما لا يَعْلَمُونَ اى للاصنام التي لا يعلم الكفار حقيقتها وقدرها الخسيس ويعتقدون فيها انما تضر وتنفع وتشفع عند الله تعالى نَصِيباً [بهره] مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الزرع والانعام وغيرهما تقربا إليها فقالوا هذا الله بزعمهم وهذا لشركائنا وهو مذكور فى الانعام ويحتمل ان يعود ضمير لا يعلمون الى الأصنام وصيغة جمع العقلاء لكون ما عبارة عن آلهتهم التي وصفوها بصفات العقلاء اى الأشياء التي غير موصوفة بالعلم ولا تشعرأ جعلوا لها نصيبا وحظا فى أنعامهم وزروعهم أم لا تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ سؤال توبيخ وتقريع عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ فى الدنيا بانها آلهة حقيقة بان يتقرب إليها وفيه اشارة الى ان اصحاب النفوس والأهواء يجعلون مما رزقهم الله من الطاعات نصيبا بالرياء لمن لا علم لهم بأحوالهم ليحسنوا فى حقهم ظنا ويكتسبوا عندهم منزلة وهم غافلون فارغون عن توهمهم وافترائهم فى نفوسهم عليهم بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ هم خزاعة وكنانة كانوا يقولون الملائكة بنات الله [وسخن بعضى از كفار اين بود كه حق تعالى با جن مصاهرت كرد وملائكه متولد شد نعوذ بالله] سُبْحانَهُ [پاكست خداى از قول ايشان كه ميكويند خداى تعالى دختران دارد] وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ من البنين اى يختارون لانفسهم الأولاد الذكور ما مرفوعة المحل على انها مبتدأ والظرف المقدم خبره والجملة حالية ثم وصف كراهتهم البنات لانفسهم فقال

[سورة النحل (16) : الآيات 58 إلى 60]

وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى البشارة بمعنى الاخبار على الوضع الأصلي والمضاف مقدر اى اخبر بولادتها [يعنى چون كسى را از كافران خبر دهند كه ترا دخترى متولد شده] ظَلَّ وَجْهُهُ اى صار من الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها او هو بمعناه يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا اى دام النهار كله لان اكثر الوضع يتفق بالليل ويتأخر اخبار المولود الى النهار وخصوصا بالأنثى فيظل نهاره مُسْوَدًّا [سياه از اندوه وغم وشرمندكى در ميان قوم] واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشوير وهو بالفارسية [خجل كردن] يقال شور به فعل به فعلا يستحيى منه فتشور وَهُوَ كَظِيمٌ مملوء غضبا على المرأة لاجل ولادتها الأنثى. ومن هنا أخذ المعبرون من رأى او رؤى له ان وجهه اسود فان امرأته تلد أنثى يَتَوارى يستخفى مِنَ الْقَوْمِ [از كروه آشنايان وخويشان] مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ اى من أجل سوء المبشر به ومن أجل تعييرهم والتعبير عنها بما لا سقاطها عن درجة العقلاء أَيُمْسِكُهُ التذكير باعتبار ما اى مترددا فى امره ومحدثا نفسه فى شأنه أيمسك ذلك المولود ويتركه عَلى هُونٍ ذل وهوان للعمل والاستقاء والخدمة فهو حال من المفعول اى يمسكها مهانة ذليلة ويحتمل ان يكون حالا من الفاعل اى يمسكها مع رضاه بهوان نفسه أَمْ يَدُسُّهُ يخفيه فِي التُّرابِ بالوأد: يعنى [زنده در كور كند چنانچهـ بنو تميم وبنو مضر ميكردند] ولقد بلغ بهم المقت الى ان يهجر بعضهم البيت الذي فيه المرأة إذا ولدت أنثى أَلا ساءَ [بدانيد كه بدست] ما يَحْكُمُونَ [آنچهـ حكم ميكنند مشركان يعنى دخترانرا كه پيش ايشان قدر وحرمت نداند بخداى نسبت ميدهند] ويختارون لانفسهم البنين فمدار الخطأ جعلهم ذلك لله مع ابائهم إياه لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ممن ذكرت قبائحهم مَثَلُ السَّوْءِ صفة السوء الذي هو كالمثل فى القبح وهى الحاجة الى الولد ليقوم مقامهم عند موتهم وإيثار الذكور للاستظهار بهم وودأ البنات لدفع العار وخشية الاملاق مع احتياجهم إليهن طلب النكاح المنادى كل ذلك بالعجز والقصور والشح البالغ المنفور وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى اى الصفة العجيبة الشأن التي هى مثل فى العلو مطلقا وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والوجود الواسع والنزاهة عن صفات المخلوقين وَهُوَ الْعَزِيزُ المتفرد بكمال القدرة لاسما على مؤاخذتهم الْحَكِيمُ الذي يفعل كل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة ومن حكمته ان خلق الذكور والإناث فعلى العاقل ان يستسلم لامر الله تعالى وينقاد لحكمه فان كل ظهور انما هو منه تعالى وبإرادته والله إذا أراد شيأ فليس للعبد ان يريد خلافه فانه لا يكون ابدا: قال الحافظ بدرد وصاف ترا نيست حكم دم دركش ... كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست وفى الشرعة ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية وفى الحديث (من بركة المرأة تبكيرها بالبنات) اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ حيث بدأ بالإناث وفى الحديث (من ابتلى من هذه البنات بشئ فاحسن إليهن كن له سترا من النار) والابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات قد تعد

[سورة النحل (16) : الآيات 61 إلى 65]

منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور وفسر بعض شراح المصابيح الإحسان إليهن بالتزويج بالاكتفاء لكن الاوجه ان يعمم قال بعض الفقهاء لا يزوج بنته معتزليا فان اختلاف الاعتقاد بين السنى والبدعى كاختلاف الدين وشأن التقوى الاحتراز عن صحبة غير المجانس ومصاهرته آن يكى را صحبت أخيار يار ... لا جرم شد پهلوى فجار جار «1» وقال صلى الله عليه وسلم (سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات) وقال (لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات) ومن لطائف الروضة سأل الحجاج بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ذلك الحسن وقال آخر ما سمت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الا الزاد ايها المحبوس فى رهن الطعام ... سوف تنجو ان تحملت الفطام چون ملك تسبيح حق را كن غذا ... تا رهى همچون ملائك از أذى وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ فاعل هنا بمعنى فعل النَّاسَ اى الكفار بِظُلْمِهِمْ بكفرهم ومعاصيهم ما تَرَكَ عَلَيْها اى على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله مِنْ دَابَّةٍ لانها ما يدب على الأرض والعرب تقول فلان أفضل من عليها وفلان أكرم من تحتها فيردون الكناية الى الأرض والسماء من غير سبق ذكر لظهور الأمر بين يدى كل متكلم وسامع ومن هذا القبيل قولهم والذي شقهن خمسا من واحدة يعنى الأصابع من اليد ولم يقل على ظهرها احترازا عن الجمع بين الظاءين فى كلام واحد وهو لو وجوابه فانه ثقيل فى كلام العرب. والمعنى ما ترك على وجه الأرض من دابة قط بل أهلكها بالكلية بشؤم ظلم الظالمين كقوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً فهلاك الدواب بآجالها وهلاك الناس عقوبة وعن ابى هريرة انه سمع رجلا يقول ان الظالم لا يضر الا نفسه فقال بلى والله حتى ان الحبارى لتموت فى وكرها بظلم الظالم وعن ابن مسعود رضى الله عنه لو عذب الله الخلائق بذنوب بنى آدم لاصاب العذاب جميع الخلائق حتى الجعلان فى جحرها ولامسكت السماء عن الأمطار ولكن آخرهم بالعفو والفضل يقول الفقيران اثر الظلم ضار صورة ومعنى وذلك ان أحدا إذا احرق بيته يسرى ذلك الى بيوت المحلة بل البلدة ويحترق بسببه الدواب والهوام بي ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد «2» وَلكِنْ لا يؤاخذهم بذلك بل يُؤَخِّرُهُمْ يمهلهم بحلمه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى معين لاعمارهم او لعذابهم كى يتوالدوا ويتناسلوا او يكثر عذابهم فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] أَجَلُهُمْ المسمى لا يَسْتَأْخِرُونَ عن ذلك الاجل اى لا يتأخرون. وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه نورى كه غذاى جان است غذاى جسم اولياست إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 62 إلى 64]

كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان ساعَةً اقصر وقت وهى مثل فى قلة المدة وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون وانما تعرض لذكره مع انه لا يتصور الاستقدام عند مجيئ الاجل مبالغة فى عدم الاستيخار بنظمه فى سلك ما يمتنع وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ اى يثبتون له سبحانه وينسبون اليه فى زعمهم ما يَكْرَهُونَ لانفسهم من البنات ومن الشرك فى الرياسة وَمع ذلك تَصِفُ تقول أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ مفعول تصف وهو أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى بدل الكل من الكذب اى العاقبة الحسنى عند الله وهى الجنة ان كان البعث حقا كقوله تعالى وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فلا ينافى قولهم لا يبعث الله من يموت فانه يكفى فى صحته الفرض والتقدير وعن بعضهم انه قال لرجل من الأغنياء كيف تكون يوم القيامة إذا قال الله هاتوا ما دفع الى السلاطين وأعوانهم فيؤتى بالدواب والثياب وانواع الأموال الفاخرة وإذا قال ما دفع الىّ فيؤتى بالكسر والخرق وما لا مؤونة له أما تستحيى من ذلك الموقف وقرأ هذه الآية لا جَرَمَ رد لكلامهم ذلك واثبات لنقيضه وهو مصدر بمعنى حقا. وبالفارسية [حق چنين است كه فردا قيامت] أَنَّ لَهُمُ مكان ما أملوا من الحسنى النَّارَ التي ليس وراءها عذاب وهى علم فى السوء وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ اى مقدمون الى النار معجلون إليها من افرطته إذا قدمته فى طلب الماء او منسيون متركون فى النار من أفرطت فلانا خلفى إذا خلفته ونسيته خلفك ثم سلى رسوله عما يناله من جهالات الكفرة ليصبر على اذاهم فقال تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ اى رسلا الى من تقدمك من الأمم فدعوهم الى الحق فلم يجيبوا الى ذلك فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ القبيحة من الكفر والتكذيب بالرسل فعكفوا عليها مصرين فَهُوَ اى الشيطان وَلِيُّهُمُ اى قرينهم وبئس القرين الْيَوْمَ اى يوم زين لهم الشيطان أعمالهم فيه على طريقة حكاية الحال الماضية او فى الدنيا تولى اضلالهم بالغرور فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا ويوم القيامة وهو عاجز عن نصر نفسه فكيف ينصر غيره فهذه حكاية حال آتية اى فى حال كونهم معذبين فى النار والولي بمعنى الناصر يقول الفقير الظاهر ان المراد باليوم يوم النبي صلى الله عليه وسلم وعصره وبالضمير فى وليهم أعقابهم وأنسابهم من الكفرة المعاصرين والله اعلم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ هو عذاب النار وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن لعلة من العلل إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ اى للناس الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ من التوحيد واحوال المعاد والحلال والحرام والمراد بالمختلفين المؤمنون والكافرون كما فى الكواشي وَهُدىً وَرَحْمَةً معطوفان على محل لتبين وانتصابهما لانهما فعلا الذي انزل الكتاب بخلاف التبيين فانه فعل المخاطب لا فعل المنزل اى وللهداية من الضلالة والرحمة من العذاب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وتخصيصهم لانهم المنتفعون بالقرآن قال سهل بن عبد الله لا يتصل أحد بالله حتى يتصل بالقرآن ولا يتصل بالقرآن حتى يتصل بالرسول ولا يتصل بالرسول حتى يتصل بالأركان التي قام بها الإسلام- وحكى- عن مالك بن دينار انه قال يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن

[سورة النحل (16) : آية 65]

فى قلوبكم فان القرآن ربيع المؤمن كما ان الغيث ربيع الأرض وعن على بن ابى طالب كرم الله وجهه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (انها ستكون فتنة) قلت ما المخرج منها يا رسول الله قال (كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما كان بعدكم وحكم ما بينكم وهو العلم وهو الفصل ليس بالهزل لا تشبع منه العلماء وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به اجر ومن دعا اليه فقد هدى الى صراط مستقيم) ثم ان تبيين احكام القرآن للعامة وحقائقه للخاصة انما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاصالة والاستقلال ولورثته بعده قرنا بعد قرن بالفرعية والتبعية. فعلماء الظواهر يخلصون الناس من الاختلاف فيما يتعلق بالظواهر بالبيان الصريح. وعلماء البواطن يخلصونهم من الاختلاف فيما يتعلق بالبواطن بالكشف الصحيح ولكل منهم مشرب لا يخيب وارده وهم أساطين الدين وسلاطين المسلمين واعلم ان الاتعاظ بالمواعظ القرآنية يدخل العبد فى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية- حكى- ان ابراهيم بن أدهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله تعالى وموعظة وهدى ورحمة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة: قال المولى الجامى قدس سره هر كه دل بر عشوه كيتى نهاد ... بر حذر باش از غرور وجهل او «1» دامن او كير كز همت فشاند ... آستين بر دنبى وبر اهل او شرفنا الله وإياكم بالعصمة عن الهوى وبالتمسك بأسباب الهدى وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا خاصا من الماء وهو المطر فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ اى أنبت بسبب المطر فى الأرض انواع النباتات بَعْدَ مَوْتِها اى بعد يبسها شبه تهيج القوى النامية فى الأرض واحداث نضارتها بانواع النباتات بالاحياء وهو إعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة وشبه يبوستها بعد نضارتها بالموت بعد الحياة وما يفيده الفاء من التعقيب العادي لا ينافيه ما بين المعطوفين من المهلة إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء من السماء واحياء الأرض الميتة به لَآيَةً دالة على وحدته تعالى وعلمه وقدرته وحكمته إذ الأصنام وغيرها لا تقدر على شىء لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ هذا التذكير ونظائره سماع تفكر وتدبر فكأن من ليس كذلك أصم لا يسمع: وفى المثنوى چون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد آن جمله را جز مكر مرغى كه بد بى جان و پر ... يا چوماهى كنك بد از اصل كر نى غلط كفتم كه كر كر سر نهد ... پيش وحي كبريا سمعش دهد وقال بعضهم وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قرآنا هو سبب حياة المؤمنين فاحي به قلوب الميتة بالجهل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ القرآن بسمع يسمع به كلام الله من الله فان الله تعالى متكلم بكلام ازلى ابدا ولا يسمع كلامه الا من أكرمه الله بسمع يسمع كلامه كقوله تعالى

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك ومست شدن او إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 66 إلى 70]

ولو علم الله فيهم خيرا لا سمعهم والحق تعالى تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة يتلو عليك من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك فى أي مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير وهو الكتاب المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرآن إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق فى العالم الكبير وعلامة السامعين المتحققين فى سماعهم انقيادهم إلى كل عمل مقرب الى الله تعالى من جهة سماعه اعنى من التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن ومن علامته ايضا التصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آية الله والرفث والجدال وسماع القينات وكل محرم حجر الشارع عليك سماعه قال الله تعالى أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ فالكافر الخائض والمنافق الجليس له المستمع لخوضه كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة فانه شريك لهم فى كل خير ينالون من الله تعالى وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيهم (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمرؤ مع من جالس فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي نسأل الله تعالى ان يجعلنا مع الصلحاء فى الدنيا والآخرة انه الفياض الوهاب وَإِنَّ لَكُمْ ايها الناس فِي الْأَنْعامِ جمع نعم بالتحريك وهى الأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والضأن والمعز. والمعنى بالفارسية [در وجود چهار پايان] لَعِبْرَةً دلالة يعبر بها من الجهل الى العلم كأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى آشامانيم شما را] قال الزجاج سقيته وأسقيته بمعنى واحد وفى الاسئلة المقحمة يقال أسقيته إذا جعلت له سقيا دائما وسقيته إذا أعطيته شربه مِمَّا فِي بُطُونِهِ من للتبعيض لان اللبن بعض ما فى بطونه والضمير يعود الى بعض الانعام وهو الإناث لان اللبن لا يكون للكل او الى المذكور اى فى بطون ما ذكرنا قاله الكسائي. والمعنى بالفارسية [بعضى از آنچهـ كه در شكمهاى ذوات ألبانست از جنس نعم] مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً من ابتدائية متعلقة بنسقيكم لان بين الفرث والدم مبدأ الاسقاء والفرث فضالة العلف فى الكرش وثفله والكرش للحيوان بمنزلة المعدة للانسان خالِصاً صافيا ليس عليه لون الدم ولا رائحة الفرث سائِغاً بالفارسية [كوارنده] لِلشَّارِبِينَ اى سهل المرور فى حلقهم قيل لم يغص أحد باللبن قط وليس فى الطعام والشراب انفع منه ألا يرى الى قوله عليه السلام (إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فأنى لا اعلم شيأ انفع فى الطعام والشراب منه) قال فى الكواشي المعنى خلق الله اللبن فى مكان وسط بين الفرث والدم وذلك ان الكرش إذا طبخت العلف صار أسفله فرثا وأوسطه لبنا خالصا لا يشوبه شىء وإعلاء دما وبينه وبينهما حاجز من قدرة الله لا يختلط أحدهما بالآخر بلون ولا طعم ولا رائحة مع شدة الاتصال ثم تسلط الكبد على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث فى الكرش ثم ينحدر فان قلت ان اللبن

[سورة النحل (16) : آية 67]

والدم لا يتولدان فى الكرش إذ البهائم إذا ذبحت لم يوجد فى كرشها لبن ولا دم قلت المراد كان أسفله مادة الفرث وأوسطه مادة اللبن وأعلاه مادة الدم فالمنحدر الى الضروع مادة اللبن لا مادة الدم وقول بعضهم ان الدم ينحدر الى الضروع فيصير لبنا ببرودة الضرع بدليل ان الضرع إذا كانت فيه آفة يخرج منه الدم مكان اللبن مدفوع بانه يجوز ان يتلون اللبن بلون الدم بسبب الآفة وهو اللائح بالبال ومن بلاغات الزمخشري كما يحدث بين الخبيثين ابن لا يؤبن ... الفرث والدم يخرج منهما اللبن اى كما ان اللبن الطيب الطاهر يخرج من بين الخبيثين اللذين هما الفرث والدم بحيث لا يشوبه شىء من اوصافهما مع كمال الاتصال والاكتناف كذلك يخرج الابن الطيب الطاهر الذي لا يعاب بشئ أصلا من بين الأبوين الخبيثين بحيث لا يوجد فيه شىء من اوصافهما الخبيثة مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي مكو زنهار اصل عود چوبست ... به بين دودش چهـ مستثنى وخوبست - وسئل- شقيق عن الإخلاص فقال تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم [در قوت القلوب فرموده كه تمامى نعمت بخلوص لبن است يعنى اگر در وى يكى از وصفين فرث ودم باشد تمام نعمت نبود وطبع او را قبول نكند همچنين معامله بندگان با حق بايد كه خالص بود اگر بشوب فرث ريا ودم هوا آميخته كردد از خلوص دور واز نظر قبول مهجور خواهد بود زيرا كه ريا در عمل شرك خفيست وصفاى عمل بسبب شوب هوا منتفى در ريا نظر بر دم است ودر هوا بر غرض خود وبر هر وجه عمل خالى از آلودگى نيست طاعت آلوده نيايد بكار ... مشك جكر سوده نيايد بكار هر كه ز آلودگى افتاد پاك ... پيش نظرها نبود تابناك وفى الآية اشارة الى اعتبار العاقل فيما سقاه الله مما فى بطون انعام النفوس فانها كالانعام من بين فرث الخواطر الشيطاني ودم الخواطر النفساني لبنا خالصا من الإلهام الرباني جائز الأهل هذا الشرب على الصراط المستقيم من غير تلعثم كذا فى التأويلات النجمية وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ [ومى آشامانيم شما را از كونه ميوها وى درختان خرما ودرختان انگورها] ونسقيكم ايها الناس من عصيرها ونطعمكم ثم بين كنه الاسقاء والإطعام وكشفه بقوله تَتَّخِذُونَ مِنْهُ اى من عصيرها سَكَراً قال فى القاموس السكر محركة الخمر ونبيذ يتخذ من التمر. فالآية سابقة على تحريم الخمر دالة على كراهتها حيث قوبل السكر بالرزق الحسن ومقابل الحسن لا يكون حسنا وَرِزْقاً حَسَناً كالتمر والدبس والزبيب والرب والخل وفى الحديث (خير خلكم خل خمركم) قال فى الروضة خطب المأمون بمرو فسعل الناس فنادى بهم ألا من كان له سعال فليتداو بشرب خل الخمر ففعلوا فانقطع سعالهم قال بعضهم انظر الى الاخبار عن نعمة اللبن ونعمة السكر والرزق الحسن لما كان اللبن لا يحتاج الى معالجة من الناس اخبر عن نفسه بقوله نُسْقِيكُمْ ولما كان السكر والرزق الحسن يحتاج الى معالجة قال تَتَّخِذُونَ فاخبر عنهم باتخاذهم منه السكر والرزق الحسن إِنَّ فِي ذلِكَ

[سورة النحل (16) : آية 68]

الاسقاء لَآيَةً باهرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم فى الآيات بالنظر والتأمل وفى التأويلات النجمية ومن ثمرات نخيل الطاعات وأعناب المجاهدات تتخذون من ثمرات الطاعات والمجاهدات وهى المكاشفات والمشاهدات ووقائع ارباب الطلب وأحوالهم العجيبة سكرا ورزقا حسنا السكر ما يجعل منها شرب النفس فتسكر النفس فتارة تميل عن الحق والصراط المستقيم ميلان السكران وتارة تظهر رعوناتها بالافعال والأقوال رياء وسمعة وشهرة والرزق الحسن ما يكون منها شرب القلب والروح فيزداد منه الشوق والمحبة والصدق والطلب كما قال بعضهم شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب وما رويت وقالوا سقانى شربة احيى فؤادى ... بكأس الحب من بحر الوداد ان فى ذلك الاعتبار لدلالة لقوم يدركون بالعقل إشارات الحق ويفهمونها انتهى ما فى التأويلات قال اهل التحقيق العقل شجرة ثمرها العلم والحلم فشرف الثمر دال على شرف المثمر وصاحب العقل فى قومه كالنبى فى أمته قال بعض العلماء قسم العقل بألفي جزء الف للانبياء والرسل والملائكة وتسعمائة وتسعة وتسعون جزأ لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن الواحد اربعة دوانق للعلماء ودانق لعامة الرجال ونصف دانق للنساء ونصف لأهل القرى والرساتيق. والدانق بفتح النون وكسرها سدس الدرهم قال حكيم العمر فى الدنيا قليل والحسرة فى الآخرة طويلة والعبد بعمل نفسه فى الآخرة اما عزيز واما ذليل. فعلى كل عاقل واجب ان يجتهد فى إصلاح نفسه قبل ان يأتيه اليقين ويأخذ اشارة من كل رطب ويابس وغث وسمين ويصحو من سكر الغفلة والهوى ويشرب من مشرب التيقظ والهدى: وفى المثنوى عقل جزؤى را وزير خود مكير ... عقل كل را ساز اى سلطان وزير «1» كين هوا پر حرص وحالى بين بود ... عقل را انديشه يوم الدين بود وَأَوْحى رَبُّكَ يا محمد إِلَى النَّحْلِ هو ذباب العسل وزنبوره اى ألهمها وقذف فى قلوبها وعلمها بوجه لا يعلمه الا هو مثل قوله بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها والوحى يقع على كل تنبيه خفى والله تعالى ألهم كل حيوان ان يلتمس منافعه ويجتنب مضاره وقد الهم الله الغراب ان يبحث فى الأرض ليرى قابيل كيف يوارى سوءة أخيه هابيل: كما فى المثنوى پس بچنگال از زمين انگيخت كرد ... زود زاغ مرده را در كور كرد «2» دفن كردش پس بپوشيدش بخاك ... زاغ از الهام حق بد علمناك قال الزجاج سميت نحلا لان الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج منها إذ النحلة العطية وكفاها شرفا قول الله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ وكل ذباب فى النار إلا ذباب العسل قال فى عجائب المخلوقات يقال ليوم عيد الفطر يوم الرحمة وفيه اوحى ربك الى النحل صنعة العسل قال فى حياة الحيوان يحرم أكل النحل وان كان العسل حلالا كالآدمية لبنها حلال ولحمها حرام ويكره قتلها واما بيعها فى الكوارة فصحيح ان يشاهد جميعها والا فهو

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان مانستن بدرائى اين وزير دون در إفساد مروت شاه إلخ [.....] (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كوركنى قابيل از زاغ إلخ

[سورة النحل (16) : آية 69]

بيع غائب فان باعها وهى ظاهرة. ففى التتمة يصح. وفى التهذيب عكسه وقال ابو حنيفة لا يصح بيع النحل كالزنبور وسائر الحشرات ويجوز بيع دود القز من الذي يصنع به أَنِ اتَّخِذِي لنفسك اى بان اتخذي فان مصدرية وصيغة التأنيث لان النحل يذكر ويؤنث مِنَ الْجِبالِ [از شكاف كوهها] بُيُوتاً [خانه هاى مسدس] اى مساكن تأوى إليها وسمى ما تنبيه لتعسل فيه بيتا تشبيها ببناء الإنسان لما فى بيوته المسدسة المتساوية بلا بر كار ومسطر من الحذاقة وحسن الصنعة التي لا يقوى عليها حذاق المهندسين الا بآلات وانظار دقيقة واختارت المسدس لانه أوسع من المثلث والمربع والمخمس ولا يبقى بينها فرج خالية كما تبقى بين المدورات وما سواها من المضلعات ومن للتبعيض لانها لا تبنى فى كل جبل وكذا قوله وَمِنَ الشَّجَرِ لانها لا تبنى فى كل شجر. والمعنى بالفارسية [واز ميان درختان نيز خانه گيريد يعنى در بعضى شجر جاى كنيد در جانب كوه وقتى كه مالكى وصاحبى نداشته باشد] وكذا فى قوله وَمِمَّا يَعْرِشُونَ لانها لا تبنى فى كل ما يعرشه الناس اى يرفعه من الأماكن لتعسل فيها وهذا إذا كان لملاك وقال بعضهم ومما يعرشون من كرم او سقف او جدران او غير ذلك ولما كان أهم شىء للحيوان بعد الراحة من هم المقيل الاكل ثنى به ولما كان عاما فى كل ثمر ذكره بحرف التراخي اشارة الى عجيب الصنع فى ذلك وتيسره لها فقال ثُمَّ كُلِي وأشار الى كثرة الرزق بقوله مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فهو للتكثير كقوله تعالى وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ او من كل الثمرات المشتهاة عندك من حلوها وحامضها ومرها وغير ذلك فهو عام مخصوص بالعادة فَاسْلُكِي جواب شرط محذوف اى فاذا أكلت الثمار فى المواضع البعيدة من بيوتك فادخلى سُبُلَ رَبِّكِ فى الجبال وفى خلال الشجر اى طرق ربك التي ألهمك وعرفك الرجوع فيها الى مكانك من الخلية بعد بعدك عنها حال كون السبل ذُلُلًا جمع ذلول اى موطأة للسلوك مسهلة وذلك انها إذا اجدب عليها ما حولها سافرت الى المواضع البعيدة فى طلب النجعة ثم ترجع الى بيوتها من غير التباس وانحراف وأشار باسم الرب الى انه لولا عظيم إحسانه فى تربيتها لملاهدت الى ذلك وهذا كما يقال فى القطا وهو طائر معروف يضرب به المثل فى الهداية ويقال «اهدى من قطاة» وذلك انه يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطى لا صادرا ولا واردا اى ذهابا وإيابا كذا فى شرح الشفاء ثم اتبعه نتيجة ذلك جوابا لمن قال ماذا يكون من هذا كله فقال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها اى بطون النحل بالقيء شَرابٌ اى عسل لانه مشروب وذلك ان النحل تأكل الاجزاء اللطيفة الطلية الحلوة الواقعة على أوراق الأشجار والازهار وتمص من الثمرات الرطبة والأشياء العطرة ثم تقيئ فى بيوتها ادخارا للشتاء فينعقد عسلا بإذن الله تعالى والى هذا أشار ظهير الفاريابي بقوله بدان طمع كه دهن خوش كنى زغايت حرص ... نشسته مترصد كه قى كند زنبور واما قول على رضى الله عنه فى تحقير الدنيا اشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف

شرابه رجيع نحلة فوارد على طريق التقبيح وان كان العسل فى نفسه مما يستلذ ويستطاب على ان اطلاق الرجيع عليه انما هو لكونه مما يحويه البطن وفى حياة الحيوان قد جمع الله تعالى فى النحلة السم والعسل دليلا على كمال قدرته واخرج منها العسل ممزوجا بالشمع وكذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف والرجاء وهى تأكل من كل الشجر ولا يخرج منها الا حلو إذ لا يغيرها اختلاف مآكلها والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه: وفى المثنوى اين كه كرمناست وبالا ميرود ... وحيش از زنبور كى كمتر بود «1» چونكه اوحى الرب الى النحل آمدست ... خانه وحيش پر از حلوا شدست او بنور وحي حق عز وجل ... كرد عالم را پر از شمع وعسل وللعسل اسماء كثيرة. منها الحافظ الامين لانه يحفظ ما يودع فيه فيحفظ الميت ابدا واللحم ثلاثة أشهر والفاكهة ستة أشهر وكل ما اسرع اليه الفساد إذا وضع فى العسل طالت مدة مقامه وكان عليه السلام يحب الحلواء والعسل قال العلماء المراد بالحلواء هاهنا كل حلو وذكر العسل بعدها تنبيها على شرفه ومزيته وهو من باب ذكر الخاص بعد العام وفيه جواز أكل لذيذ الاطعمة والطيبات من الرزق وان ذلك لا ينافى الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل انفاق وفى الحديث (أول نعمة ترفع من الأرض العسل) وقال على رضى الله عنه انما لدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم. فاشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب. واشرف المشروبات الماء يستوى فيه البر والفاجر. واشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة. واشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل الرجال. واشرف المشمومات المسك وهودم حيوان. واشرف المنكوحات المرأة وهى مبال فى مبال مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ من ابيض واخضر واصفر واسود بسبب اختلاف سن النحل فالا بيض يلقيه شباب النحل والأصفر كهولها والأحمر شيبها وقد يكون الاختلاف بسبب اختلاف لون النور قال حكيم يونان لتلامذته كونوا كالنحل فى الخلايا وهى بيوتها قالوا وكيف النحل فى خلاياها قال انها لا تترك عندها بطالا الا نفته وأقصته عن الخلية لانه يضيق المكان ويفنى العسل وانما يعمل النشيط لا الكسل وعن ابن عمر رضى الله عنهما مثل المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتصنع طيبا ووجه المشابهة بينهما حذق النحل وفطنته وقلة أذاه ومنفعته وتنزهه عن الاقذار وطيب أكله وانه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لا ميره وان للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تغيره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السفه ونار الجوى فِيهِ اى فى الشراب وهو العسل شِفاءٌ لِلنَّاسِ اى شفاء الأوجاع التي يعرف شفاؤها منه يعنى انه من جملة الاشفية المشهورة النافعة لا مراض الناس وليس المراد انه شفاء لكل مرض كما قال فى حياة الحيوان قوله فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ لا يقتضى العموم لكل علة وفى كل انسان لانه نكرة فى سياق الإثبات بل المراد انه يشفى كما يشفى غيره من الادوية فى حال وكان ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم يحملانه على العموم قال البيضاوي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ اما بنفسه كما فى الأمراض البلغمية او مع غيره كما فى سائر

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى كه چهـ وحي تو آمده

الأمراض إذ قلما يكون معجون الا والعسل جزؤمنه واما السكر فمختص به بعض البلاد وهو محدث ولم يكن فيما تقدم من الأزمان يجعل فى الاشربة والادوية الا العسل- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان أخي قد اشتكى بطنه فقال (اسقه عسلا) فسقاه عسلا فما زاده الا استطلاقا فعاد الى النبي عليه الصلاة والسلام فذكر له ذلك فقال (اسقه عسلا) فسقاه ثانيا فمازاده الا استطلاقا ثم رجع فقال يا رسول الله سقيته فما نفع فقال (اذهب فاسقه عسلا فقد صدق الله وكذب بطن أخيك) فسقاه فشفاه الله فبرئ كانما انشط من عقال وفى الحديث (ان الله جعل الشفاء فى اربعة الحبة السوداء والحجامة والعسل وماء السماء) وجاء رجل الى على بن ابى طالب كرم الله وجهه وشكاله سوء الحفظ فقال أترجع الى اهل قال نعم فقال قل لها تعطيك من مهرها درهمين عن طيب نفس فاشتر بهما لبنا وعسلا واشربهما مع شربة من ماء المطر على الريق ترزق حفظا فسئل الحسن بن الفضل عن هذا فقال اخذه من قوله تعالى وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً وفى اللبن خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ وفى العسل فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ وفى المهر فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فاذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء والخالص السائغ فلا عجب ان ينفع- وروى- عن عوف بن مالك انه مرض فقال ائتوني بماء فان الله تعالى قال وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ثم قال ائتوني بعسل وقرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت من شجرة مباركة فخلط الجميع ثم شربه فشفى وكان بعضهم يكتحل بالعسل ويتداوى به من كل سقم وإذا خلط العسل الذي لم يصبه ماء ولانار ولادخان بشئ من المسك واكتحل به نفع من نزول الماء فى العين والتلطخ به يقتل القمل. والمطبوخ منه نافع للسموم ولعقه علاج لعضة الكلب قال امام الأولياء محمد بن على الترمذي قدس سره انما كان العسل شفاء للناس لان النحل ذلت لله مطيعة وأكلت من كل الثمرات حلوها ومرها محبوبها ومكروهها تاركة لشهوانها فلما ذلت لامر الله صار هذا الاكل كله لله فصار ذلك شفاء للاسقام. فكذلك إذا ذل العبد لله مطيعا وترك هواه صار كلامه شفاء للقلوب السقيمة انتهى وفى العسل ثلاثة أشياء الشفاء والحلاوة واللين. وكذلك المؤمن قال الله تعالى ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ويخرج من الشاب خلاف ما خرج من الكهل والشيخ كذلك حال المقتصد والسابق وعن ابن مسعود رضى الله عنه العسل شفاء من كل داء اى فى الأبدان والقرآن شفاء لما فى الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل ريح اگر بسيار شد كى غم خورم ... چون شفاوى جان بيمارم تويى إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى امر نحل العسل لَآيَةً حجة ظاهرة دالة على القدرة الربانية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ اى للذين تفكروا فعلوا ان النحلة على صغر جسمها وضعف خلقتها لا تهتدى لصنعة العسل بنفسها فان ذلك بصانع صنعها خالف بينها وبين غيرها من الحشرات الطائرة فاستدل بذلك على خالق واحد قادر لا شريك له ولا شبيه قال الكاشفى (لقوم يتفكرون) [مر گروهى را كه تفكر كنند در اختصاص بصنايع دقيقه وامور رقيقه وهر آينه اينها بوجود نگيرد الا از الهام توانايى ودانايى كه چندين حكمت در جانورى ضعيف وديعت نهد انقيادي دارند كه از راه فرمان منحرف نشوند أمانتي كه ميوه تلخ

[سورة النحل (16) : آية 70]

خورند وعسل شيرين باز دهند ورعى كه جز پاك و پاكيزه نخورند طاعتى كه هرگز خلاف فرمان نكنند تمكنى كه فرسنگها بروند وباز با وطن خود رجوع نمايند طهارتى كه هرگز بر قازورات ننشينند واز ان نخورند وصناعتى كه اگر همه بنايان عالم جميع شوند همچوخانهاى مسدس ايشان نتوانند ساخت پس همچنانچهـ از عسل ايشان شفاى الم ظاهر حاصل شود از تفكر احوال ايشان شفاء مرض باطن كه جهلست دست دهد] فكر دلرانيك وهم نمكين كند ... كام جانرا چون عسل شيرين كند شربت فكر ار بكام جان رسد ... چاشنئ آن بماند تا ابد قال القشيري رحمه الله ان الله تعالى اجرى سنته ان يخفى كل عزيز فى شىء حقير جعل الإبريسم فى الدود وهو أصغر الحيوانات وأضعفها والعسل فى النحل وهو أضعف الطيور وجعل الدر فى الصدف وهو أوحش حيوان من حيوانات البحر وأودع الذهب والفضة والفيروزج فى الحجر وكذلك أودع المعرفة والمحبة فى قلوب المؤمنين وفيهم من يخطى وفيهم من يعصى ومنهم من يعرف ومنهم من يجعل امره كسى را كه نزديك ظنت بد اوست ... ندانى كه صاحب ولايت هم اوست قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان تصرف كل حيوان فى الأشياء مع كثرتها واختلاف أنواعها انما هو بتعريف الله تعالى إياه والهامه على قانون حكمته وإرادته القديمة لا من طبعه وهواه. وانما خص النحل بالوحى وهو الإلهام والرشد من بين سائر الحيوانات لانها أشبه شىء بالإنسان لا سيما باهل السلوك فان من دأبهم وهجيراهم ان يتخذوا من الجبال بيوتا اعتزالا عن الخلق وتبتلا الى الله تعالى كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يتخنث الى حراء اسبوعا واسبوعين وشهرا وان من شأنهم النظافة فى الموضع والملبوس والمأكول كذلك النحل من نظافتها تضع ما فى بطنها على الحجر الصافي او على خشب نظيف لئلا يخالطه طين او تراب ولا تقعد على جيفة ولا على نجاسة احترازا عن التلوث كما يحترز الإنسان عنه وثمرات البدن الأعمال الصالحة وثمرات النفوس الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى وثمرات القلوب ترك الدنيا وطلب العقبى والتوجه الى حضرة المولى وثمرات الاسرار شواهد الحق والتطلع على الغيوب والتقرب الى الله فهذه كلها اغذية الأرواح والله تعالى قال للنحل كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وقال مثله للسالكين كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً وَاللَّهُ المحيط بكل شىء علما وقدرة خَلَقَكُمْ أوجدكم وأخرجكم من العدم الى الوجود. وبالفارسية [از ظلمت آباد نابود بصحراى أنوار وجود آورد] ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ اى يقبض أرواحكم على اختلاف الأسنان صبيانا وشبانا وكهولا فلا يقدر الصغير على ان يؤخر ولا الكبير على ان يقدم فمنكم من يموت حال قوته وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ قبل توفيه اى يعاد إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ اخسه وأحقره وهو الهرم والخرف الذي يعود فيه كهيئته الاولى فى أوان طفوليته ضعيف البنية ناقص القوة والعقل قليل الفهم وليس له حد معلوم فى الحقيقة لانه رب ابن ستين انتهى الى أرذل

العمر ورب ابن مائة لم يرد اليه وقال قتادة إذا بلغ تسعين سنة يتعطل عن العمل والتصرف والاكتساب والحج والغزو ونحوها ولذا دعا محمد بن على الواسطي لنفسه فقال يا رب لا تحيني الى زمن أكون فيه كلا على أحد خذبيدى قبل ان أقول لمن ألقاه عند القيام خذبيدى وسأل الحجاج شيخا كيف طعمك قال إذا أكلت ثقلت وإذا تركت ضعفت فقال كيف نومك قال أنام فى المجمع واسهر فى المهجع فقال كيف قيامك وقعودك قال إذا قعدت تباعدت عنى الأرض وإذا قمت لزمتنى فقال كيف مشيك قال تعقلنى الشعرة وتعثرنى البعرة لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ليصير الى حالة شبيهة بحال الطفولية فى سوء الفهم والنسيان وان يعلم شيأ ثم يسرع فى نسيانه فلا يعلمه ان سئل عنه فمؤدى الكلام لينسى ما يعلم وهو يستلزم ان لا يعلم زيادة علم على علمه لانه إذا كان حاله بحيث ينسى ما علم فكيف يزيد علمه واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتأكيد وهى متعلقة بيرد. وقال بعضهم اللام جارة وكى حرف مصدرى كأن وشيأ مفعول لا يعلم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمقادير اعماركم قال الكاشفى [داناست وجهل بر دانايى او طارى نشود] قَدِيرٌ [تواناست وعجز بر توانايى او راه نيايد] اى قدير على كل شىء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفاني: قال الشيخ سعدى قدس سره اى بسا اسب تيزرو كه بماند ... كه خرلنك جان بمنزل برد پس كه در خاك تن درستانرا ... دفن كردند وزخم خورده نمرد وفيه تنبيه على ان تفاوت الآجال ليس الا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ قالوا أسنان الإنسان سبعة أطوار. طور الطفولية الى سبع سنين. ثم الصبى الى اربع عشرة سنة. ثم الشباب الى اثنين وثلاثين سنة. ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. ثم الهرم الى منتهى العمر وفى الإرشاد ضبطوا مراتب العمر فى اربع. الاولى سن النشو والنماء. والثانية سن الوقوف وهى سن الشباب. والثالثة سن الانحطاط القليل وهى سن الكهولة. والرابعة سن الانحاط الكثير وهى سن الشيخوخة ولا عمر أسوأ حالا من عمر الهرم الذي يشبه الطفل فى نقصان العقل والقوة وعند إخلاله لا يوجد له شفاء ولا يمنعه دواء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو (أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات) قال بعضهم حكم الهرم انما يظهر فى حق الكافر لان المسلم يزداد عقله لصلاحه فى طول عمره كرامة له وفى الحديث (من قرأ القرآن لم يردّ الى أرذل العمر) وكذا من يتدبره ويعمل به كما فى تفسير العيون يقول الفقير لا شك ان الجنون والعته ونحوهما من صفات النقصان فالله تعالى لا يبتلى كامل الإنسان أنبياء واولياء فالمراد بقولهم ان العلماء لا يعرض لهم العته وان بلغوا الى أرذل العمر علماء الآخرة والعلماء بالله لا مطلق العلماء كما لا يخفى إذ قد شاهدنا من علماء زماننا من صار حاله الى حال الطفولية ثم ان أرذل العمر وان كان أشد الأزمان وأصعبها لكنه او ان المغفرة ورفعة الدرجة وفى الحديث (إذا بلغ المرء ثمانين سنة أنبتت حسناته ومحيت سيآته وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله

[سورة النحل (16) : الآيات 71 إلى 76]

ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله فى الأرض وشفيعا لاهل بيته يوم القيامة) - روى- ان رجلا قال للنبى عليه الصلاة والسلام أصابني فقر فقال (لعلك مشيت امام شيخ) وأول من شاب من ولد آدم ابراهيم عليه السلام فقال يا رب ما هذا قال هذا نورى فقال رب زدنى من نورك ووقارك وكان الرجل فى القرون الاولى لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة وعن وهب ان أصغر من مات من ولد آدم ابن مائتى سنة قال بعض المشايخ هذه الامة وان كانت أعمارهم قصارا قليلة لكن امدادهم كثيرة وهم ينالون فى زمن قصير ما ناله الأقدمون فى مدة طويلة من المرتبة وهذا فضل من الله تعالى قال حكيم ان خير نصفى عمر الرجل آخره يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه وشرّ نصفى عمر المرأة آخره يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وفى الحديث (خير شبابكم من تشبه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) يقول الفقير هذا يشمل التشبه بانواعه فى الأقوال والأحوال والافعال والقيام والقعود واللباس ونحوها فالصوفى شيخ فى المعنى لان مراده الفناء عن الأوصاف كلها فينبغى له ان يلبس لباس الكهول وان كان شابا وفى الحديث (من اتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره شره فليتجهز الى النار) قال يحيى بن معاذ رحمه الله مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد فاذا ضيعت نفسك فخسرت الابد انك لمن الخاسرين وفى الآية اشارة الى الفناء والبقاء فالمتوفى هو الفاني عن اثبات وجوده والمردود هو الباقي بوجود موجد وجوده وقوله لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً اى ليكون عاقبة امره ان لا يعلم بعد فناء علمه شيأ بعلمه بل يعلم بربه الأشياء كما هى كما فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ تعالى وحده فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ اى جعلكم متفاوتين فيه فمنكم غنى ومنكم فقير ومنكم مالك ومنكم مملوك. والرزق ما يسوقه الله تعالى الى الحيوان من المطعومات والمشروبات. وفيه تنبيه على ان غنى المكثر ليس من كياسته ووفور عقله وكثرة سعيه ولا فقر المقل من بلادته ونقصان عقله وقلة سعيه بل من الله تعالى ليس الا كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا قال الحافظ سكندر را نمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار قال ابن الشيخ وهذا التفاوت غير مختص بالمال بل هو واقع فى الذكاء والبلادة والرشد والدناءة والحسن والقباحة والصحة والسقامة وغير ذلك كنج زر گر نبود گنج قناعت باقيست ... آنكه آن داد بشاهان بگدايان اين داد وفى التأويلات النجمية فضل الله الأرواح على القلوب فى رزق المكاشفات والمشاهدات بعد الفناء والرد الى البقاء. وفضل القلوب على النفوس فى رزق الزهد والورع والتقوى والصدق واليقين والايمان والتوكل والتسليم والرضى. وفضل النفوس على الأبدان فى رزق التزكية ومقاساة شدائد المجاهدات والصبر على المصائب والبلايا وحمل أعباء الشريعة بإشارات الطريقة وتبديل الأخلاق الذميمة بالحميدة وفضل أبدان المؤمنين. على أبدان الكافرين فى رزق

الأعمال التي هى اركان الشريعة وقراءة القرآن والذكر باللسان مشرفة بإخلاص بالجنان فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا اى فليس الموالي الذين فضلوا فى الرزق على المماليك بِرَادِّي رِزْقِهِمْ اى بمعطى رزقهم الذي رزقهم إياه أصله رادين سقط النون للاضافة عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ على مماليكهم الذين هم شركاؤهم فى المخلوقية والمرزوقية فَهُمْ اى الملاك والمماليك فِيهِ فى الرزق سَواءٌ فى الفاء دلالة على ترتب التساوي على الرد اى لا يردون عليهم ردا مستتبعا للتساوى فى التصرف والتشارك فى التدبير وانما يردون عليهم منه شيأ يسيرا والحاصل انهم لا يجعلون ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكهم بحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لا نفسهم وهم أمثالهم فى البشرية والمخلوقية فما بالهم كيف جعلوا مماليكه تعالى ومخلوقه شركاء له مع كمال علوه فأين التراب ورب الأرباب. وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم وكانوا يقولون فى التلبية لبيك لا شريك لك الا شريك هولك أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ الفاء للعطف على مقدر وهى داخلة فى المعنى على الفعل والجحود الإنكار والباء لتضمينه معنى الكفر. والمعنى أبعد علمهم بان الرزاق هو الله تعالى يشركون به فيجحدون نعمته فان الإشراك يقتضى ان يضيفوا نعم الله الفائضة عليهم الى شركائهم وينكروا كونها من عند الله تعالى فالله تعالى يدعو عباده بهذه الآية إلى التوحيد ونفى الشرك حتى. يتخلصوا من الشرك والظلمات ويتشرفوا بالتوحيد الخالص والأنوار العاليات فعلى العبد الطاعة والسعى الى تحصيل الرضوان والعرفان وانما الرزق على المولى الكريم المنان ومن الكلمات التي نقلها كعب الأحبار عن التوراة «يا ابن آدم خلقتك لعبادتى فلا تلعب وقسمت رزقك فلا تتعب وفى اكثر منه لا تطمع ومن اقل منه لا تجزع فان أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندى محمودا وان كنت لم ترض به وعزتى وجلالى لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش فى البر ولا ينالك منها الا ما قسمته لك وكنت عندى مذموما يا ابن آدم خلقت لك السموات والأرضين. ولم اعى بخلقهن أيعييني رغيف اسوقه إليك من غير تعب. يا ابن آدم أنا لك محب فبحبى عليك كن لى محبا يا ابن آدم لا تطالبنى برزق غد كمالا اطالبك بعمل غد فانى لم انس من عصانى فكيف من أطاعني» واعلم ان عباد الله فى باب الرزق على وجوه. منهم من جعل رزقه فى الطلب فمن جعل رزقه فى الطلب فعليه بكسب الحلال الطيب كعمل اليد مثلا. ومنهم من جعل رزقه فى القناعة وهى فى اللغة الرضى بالقسمة وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى السكون عند عدم المألوفات. ومنهم من جعل رزقه فى التوكل وهو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدي الناس. ومنهم من جعل رزقه فى المشاهدة والمجاهدة كما قال صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يعطعمنى ويسقينى) وهو اشارة الى المشاهدة وقال (جعل رزقى تحت ظل رمحى) وهو اشارة الى المجاهدة فعلى العاقل المجاهدة والعبادة لله تعالى حالصا لا لأجل تنعم النفس فى الجنة والخلاص من النار فانها معلولة والمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب ولذا قال فى المثنوى هشت جنت هفت دوزخ پيش من ... هست پيدا همچوبت پيش وثن «1»

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان پرسيدن پيغمبر صلى الله عليه وسلم مر زيد را إلخ

[سورة النحل (16) : آية 72]

وَاللَّهُ تعالى وحده جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم أَزْواجاً نساء لتأنسوابها وتقيموا بذلك جميع مصالحكم ويكون أولادكم أمثالكم. ومن هنا أخذ بعض العلماء انه يمتنع ان يتزوج المرء امرأة من الجن إذ لا مجانسة بينهما فلا مناكحة وأكثرهم على إمكانه ويدل عليه ان أحد أبوي بلقيس كان جنيا قال ابن الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وفيه حكايات اخر فى آكام المرجان فان قيل غلبة عنصر النار فى الجن تمنع من ان تتكون النطفة الانسانية فى رحم الجنية لما فيها من الرطوبات فتضمحل ثمة لشدة الحرارة النيرانية وقس عليه نكاح الجنى الانسية قلت انهم وان خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري بل قد استحالوا عنه بالا كل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنوا آدم عن عنصرهم الترابي بذلك على ان الذي خلق من نار هو ابو الجن كما خلق آدم ابو الانس من تراب واما كل واحد من الجن غير ابيهم فليس مخلوقا من النار كما ان كل واحد من بنى آدم ليس مخلوقا من تراب. وذكروا ايضا جواز المناكحة بين الإنسان وانسان الماء كما قال فى حياة الحيوان ان فى بحر الشام فى بعض الأوقات من شكله شكل انسان وله لحية بيضاء يسمونه شيخ البحر فاذا رآه الناس استبشروا بالخصب- وحكى- ان بعض الملوك حمل اليه انسان ماء فاراد الملك ان يعرف حاله فزوجه امرأة فاتاه منها ولد يفهم كلام أبويه فقيل للولد ما يقول أبوك قال يقول أذناب الحيوان كلها فى أسفلها فما بال هؤلاء اذنابهم فى وجوههم. وذكروا ايضا بنات الماء ومناكحة الإنسان اياهن وتولد الأولاد منهن وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ اى جعل لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره بَنِينَ [فرزندان] وَحَفَدَةً جمع حافد وهو الذي يسرع فى الخدمة والطاعة ومنه قول القانت وإليك نسعى ونحفد اى جعل لكم خدما يسرعون فى خدمتكم وطاعتكم ويعينونكم كاولاد الأولاد ونحوهم يقول الفقير حمل الحفدة على البنات كما فعله البعض بناء على انهن يخدمنه فى البيوت أتم خدمة ضعيف لان الخطاب لكون السورة مكية مع المشركين وهم كانوا تسودّ وجوههم حين الاخبار بالبنات فلا يناسب مقام الامتنان حملها عليهن وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالعسل ونحوه ومن للتبعيض لان كل الطيبات فى الجنة وما طيبات الدنيا الا أنموذج منها يقول الفقير المقصود الطيبات المنفهمة بحسب العرف وهى طيبات البلدة والناحية والإقليم لا الطيبات المشتملة عليها الدنيا والجنة فكل الطيبات مرزوق بها العباد أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ الفاء فى المعنى داخلة على الفعل وهى للعطف على مقدر اى أيكفرون بالله الذي شأنه هذا فيؤمنون بالباطل وهو ان الأصنام تنفعهم وان البحاثر ونحوها حرام وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ حيث يضيفونها الى الأصنام او المراد بالباطل الأصنام وما يفضى الى الشرك وبنعمة الله الإسلام والقرآن وما فيه من التوحيد والاحكام. والباطل عند اهل الحقيقة قسمان باطل حقيقى وهو ما لا تحقق ولا وجود ولا ثبوت له بان لم يقع التجلي الإلهي فى عالمه أصلا وقسم باطل مجازى وهو التعينات الموجودة كلها اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه «ألا كل شىء ما خلا الله باطل» واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي والحق المجازى والمؤمن بالباطل مطلقا كافر بالله تعالى

[سورة النحل (16) : الآيات 73 إلى 75]

سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً الرزق مصدر وشيأ نصب على المفعولية منه والمراد من الموصول الآلهة اى مالا يقدر على ان يرزق منهم شيأ لا من السموات مطرا ولا من الأرض نباتا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ان يملكوه إذ لا استطاعة لهم أصلا لانهم جماد فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ اى فلا تشبهوا الله بشئ من خلقه وتشركوا به قال ضرب المثل تشبيه حال بحال وقصة بقصة والله تعالى واحد حقيقى لا شبه له ازلا وابدا در تصور ذات او را كنج كو ... تا در آيد در تصور مثل او «1» قال فى الإرشاد اى لا تشبهوا بشأنه تعالى شأنا من الشؤون واللام مثلها فى قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ لا مثلها فى قوله تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ ونظائره أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كنه ما تفعلون وعظمه وهو معاقبكم عليه بما يوازيه فى العظم وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك ولو علمتموه لما جرأتم عليه فالله تعالى هو العالم بالخطأ والصواب ومن خطأ الإنسان عبادته الدنيا والهوى وطلب المقاصد من المخلوقين وجعلهم أمثال الله وليس فى الوجود مؤثر الا الله تعالى فهو المقصود ومنه الوصول اليه وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) وذلك لان الله تعالى ليس له زمان ولا مكان وان كان الزمان والمكان مملوءين من نوره فاهل السماء والأرض فى طلبه سواء وقال موسى عليه السلام أين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت إلىّ أشار تعالى الى ان القاصد واصل بغير زمان ومكان وانما الكلام فى القصد الوجدانى الجمعى والميل الكلى لان من طلب وجدّ وجد ومن قرع الباب ولجّ ولج والباب هو باب القلب فان منه يدخل المرء بيت المعرفة الالهية ثم يصل الى صدر المشاهدة الربانية فيحصل الانس والحضور والذوق والصفاء ويرتفع الهيبة والحيرة والوحشة والغفلة والكدر والجفاء اللهم اجعلنا من الواصلين آمين ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ضرب المثل تشببه حال بحال وقصة بقصة اى ذكر وأورد شيأ يستدل به على تباين الحال بين جنابه وبين ما أشركوا به وليس المراد حكاية ضرب الماضي بل المراد انشاؤه بما ذكر عقيبه عَبْداً مَمْلُوكاً بدل من مثلا وتفسير له والمثل فى الحقيقة حالته العارضة له من المملوكية والعجز التام وبحسبها ضرب نفسه مثلا ووصفه بالمملوكية ليخرج عنه الحر لاشتراكهما فى كونهما عبد الله تعالى لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وصفه بعدم القدرة لتمييزه عن المكاتب والمأذون اللذين لهما تصرف فى الجملة وَمَنْ رَزَقْناهُ من موصوفة معطوفة على عبدا كأنه قيل وحرا رزقناه بطريق الملك ليطابق عبدا مِنَّا من جانبنا الكبير المتعال رِزْقاً حَسَناً حلالا طيبا او مستحسنا عند الناس مرضيا قال الكاشفى [روزى نيكو يعنى بسيار وبي مزاحم كه در وتصرف تواند كرد] فَهُوَ [پس اين مرزوق] يُنْفِقُ مِنْهُ أي من ذلك الرزق الحسن سِرًّا وَجَهْراً اى حال السر والجهر وقدم السر على الجهر للايذان بفضله عليه قال الكاشفى [پنهان وآشكارا يعنى هر نوع كه ميخواهد خرج ميكند واز كس نميترسد] هَلْ يَسْتَوُونَ جمع الضمير للايذان بان المراد مما ذكر من اتصف

_ (1) در أوائل دفتر يكم در ميان بودن پادشاه طبيب غيبى را إلخ

[سورة النحل (16) : آية 76]

بالأوصاف المذكورة من الجنسين المذكورين لا فردان متعينان منهما. والمعنى بالفارسية [آيا برابرند يعنى مساوى نباشند بندگان بي اختيار با خواجكان صاحب اقتدار پس چون مملوك عاجز با مالك قادر متصرف برابر نيست پس بتان كه أعجز مخلوقاتند شريك قادر على الإطلاق چكونه توانند بود] راه تو بنور لا يزالى ... از شرك وشريك هر دو خالى آن بنده كه عاجزست ومحتاج ... كى راه برد بصاحب تاج ما للتّراب ورب الأرباب [صاحب كشف المحجوب آورده كه روزى بخلوت شيخ ابو العباس شيبانى در آمدم ويرا ديدم كه اين آيت ميخواند وميكريست ونعره مى زد پنداشتم كه از دنيا بخواهد رفت كفتم اى شيخ اين چهـ حالتست فرمود كه يازده سال ميكذرد تا ورد من اينجا رسيده است واز اينجا در نميتوانم كذشت آرى حدوث در قدم نميتواند رسيد وممكن از كنه واجب خبر نتواند داد] نيست با هست چون زند پهلو ... قطره با بحر چون كند دعوى الْحَمْدُ لِلَّهِ اعتراض اى كل الحمد لله تعالى لانه معطى جميع النعم وان ظهرت على أيدي بعض الوسائط وليس شىء من الحمد للاصنام لعدم استحقاقها إياه فضلا عن العباد بَلْ أَكْثَرُهُمْ [بلكه اكثر مشركان. يعنى همه ايشان] لا يَعْلَمُونَ ذلك فيضيفون نعمه تعالى الى غيره ويعبدونه لاجلها وفى الإرشاد نفى العلم عن أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك وانما لا يعلمون بموجبه عنادا كقوله تعالى يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا آخر يدل على ما يدل عليه المثل السابق على أوضح وجه وأظهره رَجُلَيْنِ قال فى الكواشي تقديره مثلا مثل رجلين فمثلا الاول مفعول والثاني بدل منه او بيان فحذف الثاني وأقيم مقامه رجلين أَحَدُهُما أَبْكَمُ وهو من ولد أخرس ولا بد ان يكون أصم كما قال الكاشفى [وبي شبهه كنك مادر زاد نشود] لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من الأشياء المتعلقة بنفسه او بغيره بحدس او فراسة لقلة فهمه وسوء إدراكه وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ثقل وعيال على من يعوله ويلى امره وهذا بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح نفسه بعد ذكر عدم قدرته على شىء مطلقا أَيْنَما يُوَجِّهْهُ اى حيث يرسله مولاه فى امره وكفاية مهم وهو بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح مولاه ولو كانت مصلحة يسيرة لا يَأْتِ بِخَيْرٍ [باز نيامد به نيكويى يعنى كارى نسازد وكفايتى نكند لا يفهم ولا يفهم] هَلْ يَسْتَوِي هُوَ [آيا برابر باشد اين ابكم] مع ما فيه من الأوصاف المذكورة وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ اى من هو منطيق فهم ذو رأى وكفاية ورشد ينفع الناس بحثهم على العدل الجامع لجميع الفضائل والمكارم وهذا كسحبان وباقل فان سحبان كان رجلا فصيحا بليغا متكلما بحيث لا يقطع الكلام ولو سرده يوما وليلة ولا يكرر ولو اقتضى الحال فبعبارة اخرى ولا يتتحنح وان باقلا كان رجلا اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فسئل عن شرائه ففتح كفيه واخرج لسانه يشير الى ثمنه فانفلت الظبى فضرب به المثل فى العي وَهُوَ فى نفسه مع ما ذكر من نفعه العام للخاص والعام عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [بر راهى راستست وسيرتى درست وطريقه

[سورة النحل (16) : الآيات 77 إلى 80]

پسنديده كه بهر مطلب كه توجه نمايد زود بمقصد ومقصود رسد پس چنانكه بجاهل مساوى اين كامل فاضل نيست پس بتان بي اعتبار را مساوات با حضرت پروردگار جل شانه نباشد] وقال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام فيما أبهم من القرآن. ان الأبكم هو ابو جهل واسمه عمر وبن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. والذي يأمره بالعدل عمار بن ياسر العنسي وعنس بالنون حى من مدلج وكان حليفا لبنى مخزوم رهط ابى جهل وكان ابو جهل يعذبه على الإسلام ويعذب امه سمية وكانت مولاة لابى جهل وقال لها ذات يوم انما آمنت بمحمد لانك تحبينه لجماله ثم طعنها بالرمح فى فيها فماتت فكانت أول شهيدة فى الإسلام وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة لا تقدر على شىء من الخير لان من شأنها متابعة هواها ومخالفة مولاها وان الروح من شأنه ان يأمر النفس بطاعة الله وحسن عبوديته كما ان النفس تأمر الروح بمعاصي الله وعبودية هواها فالتوفيق فى جانب الروح واعداء المؤمن ثلاثة النفس والشيطان والدنيا فحارب النفس بالمخالفة وحارب الشيطان بالذكر وحارب الدنيا بالقناعة وعن حكيم نفسك لصك فاحفظها وهى عدوك فجاهدها كذا فى الخالصة وَلِلَّهِ تعالى خاصة لا لاحد غيره استقلالا ولا اشراكا وكان كفار قريش يستعجلون وقوع القيامة استهزاء فانزل الله تعالى هذه الآية غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى علم ماغاب فيهما عن العباد قال فى الإرشاد فيه اشعار بان علمه سبحانه حضورى فان تحقق الغيوب فى أنفسها علم بالنسبة اليه تعالى ولذلك لم يقل ولله علم غيب السموات والأرض وَما أَمْرُ السَّاعَةِ الساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم اى وما شأن قيام القيامة التي هى من الغيوب فى سرعة المجيء إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح النظر بسرعة اى كرجع الطرف من أعلى الحدقة الى أسفلها. يعنى [آوردن خداى تعالى مر قيامت را آسانترست از آنكه شما ديده بر هم زنيد] أَوْ هُوَ اى بل أمرها فيما ذكر من السرعة والسهولة أَقْرَبُ من لمح البصر واسرع زمانا قال الكاشفى [اقرب نزديكتر است چهـ لمح بصر دو فعل است وضع جفن ورفع آن وإيقاع قيامت بإحياء موتى يك فعل پس ممكن است ووقوع آن در نصف زمان اين حركت] وأو ليست للشك بل للتخيير اى تخيير المخاطبين بين ان يشبهوا امر قيامها بلمح البصر وان يقولوا هو اقرب وانما ضرب به المثل لانه لا يعرف زمان اقل منه إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ. قَدِيرٌ فهو يقدر على ان يقيم الساعة ويبعث الخلق لان بعض المقدورات. يعنى [تواند احياء خلائق دفعة چنانچهـ قادر است بر احياء ايشان بر سبيل تدريج پس از ابتداء طهور ايشان خبر داد تا از مبدأ وبر معاد استدلال كنند] واعلم انهم قالوا [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] يعنى هودان عند الله تعالى وان كان بعيدا عندنا فلابد من التهيؤ له وعن انس بن مالك رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام (ما اعددت لها) قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله نقال (أنت مع من أحببت) وشرط كون المرء مع من أحب ان يشترك معه فى الدين ويتحد ومن مقتضاه إتيان المأمورات وترك المحظورات فان المحبة الكاملة لا تحصل الا به فمن خالف امر الله تعالى وامر نبيه فقد فارقهما فكيف يحبهما مع البينونة: قال الشيخ سعدى قدس سره

[سورة النحل (16) : آية 78]

نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى ثم اعلم ان رجوع النفس الى ربها يكون باماتتها عن أوصافها وإحيائها بصفات الله والاماتة تكون بتجلى صفة الجلال والاحياء بتجلى صفة الجمال فاذا تجلى الله لعبد لا يبقى له زمان ولا مكان إذ هو فان عن وجوده باق ببقاء الحق ان الله على كل شىء من المواهب التي يعزبها أولياءه قدير وان لم يفهم الأغبياء بعقولهم كيفية تلك المعارف والكمالات بل العقلاء بعقولهم السليمة بمعزل من ادراك تلك الحقائق وذلك لانها خارجة عن طور العقل سيل ضعيف واصل دريا نميشود والتجليات ثلاثة. الاول التجلي العلمي واهله من اصحاب البرازخ لا يصح ان يكون مرشدا الا تقليدا. والثاني التجلي العيني. والثالث التجلي الحقي وأهلهما من ارباب اليقين والوصول من شانهم ارشاد الناس فى جميع المراتب اى فى مرتبة الطبيعة والنفس والقلب والروح والطريقة والمعرفة والحقيقة وهم اهل البصيرة الذين أشير إليهم فى قوله تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فعليك بالاقتداء بهم دون غيرهم فان قلت ما الفرق بين اهل التجلي الثاني والثالث قلت انهما بعد اشتراكهما فى ان كلا منهما قطب ارشاد يتميز الثالث بالقطبية الكبرى التي هى أعلى المناسب وَاللَّهُ تعالى وحده أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ جمع الام زيدت الهاء فيها كما زيدت فى الإهراق من أراق لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً اى حال كونكم غير عالمين شيأ أصلا من امور الدنيا والآخرة ولا مما كانت أرواحكم تعلم فى عالم الأرواح ولا مما كانت ذراتكم تعلم من فهم خطاب ربكم إذ قال ألست بربكم ولا مما علمت إذ قالت بالجواب بلى ولا مما تعلم الحيوانات حين ولادتها من طلب غذائها ومعرفة أمها والرجوع إليها والاهتداء الى ضروعها وطريق تحصيل اللبن منها ومشيها خلفها وغير ذلك مما تعلم الحيوانات وتهتدى اليه ولا يعلم الطفل منه شيأ ولا يهتدى اليه قال الشيخ سعدى قدس سره مرغك از بيضه برون آيد وروزى طلبد ... آدمي بچهـ ندارد خبر وعقل وتميز وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ قدمه على البصر لما انه طريق تلقى الوحى ولذا ابتلى بعض الأنبياء بالعمى دون الصم أو لأن إدراكه اقدم من ادراك البصر ألا ترى ان الوليد يتأخر انفتاح عينيه عن السمع وافراده باعتبار كونه مصدرا فى الأصل وَالْأَبْصارَ جمع بصر وهى محركة حس العين وَالْأَفْئِدَةَ جمع فؤاد وهو وسط القلب وهو من القلب كالقلب من الصدر وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة قال فى بحر العلوم استعملت فى هذه الآية وفى سائر آيات وردت فيها فى الكثرة لان الخطاب فى جعل لكم وانشأ لكم عام. والمعنى جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها العلم والمعرفة بان تحسوا بمشاعركم جزئيات الأشياء وتدركوها بافئدتكم وتتنبهوا لما بينهما من المشاركات والمباينات بتكرر الاحساس فيحصل لكم علوم بديهية تتمكنون بالنظر فيها من تحصيل العلوم الكسبية

[سورة النحل (16) : آية 79]

واعلم ان قوله وجعل عطف على أخرجكم وليس فيه دلالة على تأخر الجعل المذكور عن الإخراج لما ان مدلول الواو هو الجمع مطلقا لا الترتيب على ان اثر ذلك الجعل لا يظهر قبل الإخراج كما فى الإرشاد. والتحقيق ان الله تعالى صفات سبعا مرتبة وهى الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وإذا قلب الكلام يصير كمالا فآخر الكمال الكلام كما ان أول الكمال الكلام لان أول التعينات الالهية هى الهوية الذاتية وآخرها الكلام مطلقا وعلى هذا يدور الأمر فى المظهر الإنساني ألا ترى ان أول ما يبدو فى الجنين حس السمع ثم البصر ثم الكلام ولذا حرم تزوج الحبلى من النكاح اتفاقا ومن الزنى اختلافا لما قال عليه السلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يسقين ماءه زرع غيره) فان قيل فم الرحم منسد بالحبل فكيف يوجد سقى الزرع قلنا قد جاء فى الخبر (ان سمع الحمل وبصره يزداد حدة بالوطئ) فظهر ان آخر ما يظهر بعد الولادة هو الكلام ومقتضى مقام الامتنان ان هذه القوى انما تظهر آثارها بعد الإخراج من بطون الأمهات وهذا لا ينافى حصولها قبله بالقوة القريبة من الفعل لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ارادة ان تشكروا هذه الآلات وشكرها استعمالها فيما خلقت لاجله من استماع كلام الله وأحاديث رسول الله وحكم أوليائه وما ليس فيه ارتكاب منهى ومن النظر الى آيات الله والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته فمن استعملها فى غير ما خلقت له فقد كفر جلائل نعم الله تعالى وخان فى أماناته: قال الشيخ السعدي قدس سره كذرگاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست وقال الصائب ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نكاهدار مخسب وفى التأويلات النجمية وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لاجسادكم كما جعل للحيوانات لتسمعوا بها وتبصروا وتفهموا ما يسمع الحيوان ويبصر ويفهم وجعل لارواحكم سمعا تسمعون به ما تسمع الملائكة وبصرا تبصرون به ما تبصر الملائكة وفؤادا تفهمون به ما تفهم الملائكة وجعل لاسراركم سمعا تسمعون بالله وبصرا تبصرون بالله وفؤادا تعرفون بالله وهذه الحواس مستفادة من قوله تعالى كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبى يسمع وبى يبصر وبى ينطق لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بهذه الآلات نعم الله وأداء شكر نعم الله باستعمالها وصرفها فى طلب الله وترك الالتفات الى النعم بل للمنعم وفى الآية اشارة اخرى والله أخرجكم من بطون أمهاتكم اى من العدم وهو الام الحقيقي لا تعلمون شيأ قبل ان يعلمكم الله اسماء كل شىء وجعل لكم السمع والابصار والافئدة حين خاطبكم بقوله ألست بربكم فتجلى لكم بربوبيته فبنور سمعه اعطاكم لسانا تجيبونه بقولكم بلى لعلكم تشكرون فلا تسمعون بهذا السمع الا كلامه ولا تبصرون بهذا البصر إلا جماله ولا تحبون بهذا الفؤاد الا ذاته ولا تكلمون بهذا اللسان الا معه أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ تقرير لمن ينظر إليهن وتعجيب من شأنهن. والطير جمع طائر اى ألم ينظروا

إليها ليستدلوا بها على قدرة الله تعالى مُسَخَّراتٍ مذللات للطيران بما خلق لها من الاجنحة والأسباب المساعدة له. وفيه مبالغة من حيث ان التسخير جعل الشيء منقادا للآخر يتصرف فيه كيف يشاء كتسخير البحر والفلك والدواب للانسان والواقع هنا تسخير الهواء للطير لتطير فيه كيف تشاء فكان مقتضى طبيعة الطير السقوط فسخرها الله للطيران وفيه تنبيه على ان الطيران ليس بمقتضى طبع الطير بل ذلك بتسخير الله تعالى وكذا إحراق النار وإهلاك البرد ليسا بذاتهما بل بتأثير الله تعالى وعلى هذا فِي جَوِّ السَّماءِ فى الهواء غير متباعد من الأرض وإضافته الى السماء لما انه فى جانبها من الناظر قال فى القاموس الجو الهواء ما يُمْسِكُهُنَّ فى الجو عن السقوط حين قبض أجنحتهن وبسطها ووقوفهن إِلَّا اللَّهُ بقدرته الواسعة وتدبيره لهن من الريوش الكبار والصغار فان ثقل جسدها ورقة قوام الهواء يقتضيان سقوطها ولا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها تمسكها والهواء للطائر كالماء للسابح فهو يقبض يديه ويبسطها ولا يغرق مع ثقل جسده ورقة الماء واعجب من ذلك وادل فيه على القدرة الباهرة تعشيش بعض الطير فى الهواء ومن اخبار الرشيد أنه خرج يوما للصيد فارسل بازا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق فيه دواب بيض تفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه. ومن ذلك الطير الأبابيل التي رمت اصحاب الفيل بحجارة من سجيل وهى الطير السود على هيئة الخطاطيف. ومن ذلك ما يقال له بالفارسية [هما] فانه من سكان الهواء يبيض ويفرخ فيه وليس له رجل وهو فى جثة العقعق الا انه سكرى اللون ويوجد جسده بعد وفاته فى صحارى الهند. ومن عجائب الطيور الرخ بالضم وهو طير فى جزائر الصين يكون جناحه الواحد عشرة آلاف باع قال فى القاموس هو طائر كبير يحمل الكركدان انتهى وكان وصل الى المغرب رجل من التجار ممن سافر فى بحر الصين وألقتهم الريح الى جزيرة عظيمة فخرج إليها اهل السفينة ليأخذوا الماء والحطب فرأوا قبة عظيمة أعلى من مائة ذراع لها لمعان وبريق فعجبوا منها فلما دنوا منها إذا هى بيضة الرخ فجعلوا يضربونها بالخشب والفؤوس والحجارة حتى انشقت عن فرخ كأنه جبل فتعلقوا بريش جناحه فجروه فنفض جناحه فبقيت هذه الريشة معهم خرج أصلها من جناحه ولم يكمل بعد خلقه نقتلوه وحملوا ما قدروا عليه من لحمه فلما طلعت الشمس إذ الرخ قد اقبل فى الهواء كالسحابة العظيمة فى رجله قطعة حجر كالبيت العظيم اكبر من السفينة فلما حاذى السفينة القى ذلك الحجر بسرعة فوقع الحجر فى البحر وسبقت السفينة وتجاهم الله تعالى بفضله ورحمته كذا فى حياة الحيوان إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من تسخير الطير للطيران بان خلقها خلقة يمكن معها الطيران بان جعل لها اجنحة خفيفة واذنابا كذلك وخلق الجوّ بحيث يمكن الطيران فيه وإمساكها فى الهواء على خلاف طباعها لَآياتٍ [نشانها ظاهرست] لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اى من شأنهم ان يؤمنوا وانما

[سورة النحل (16) : آية 80]

خص ذلك بهم لانهم المنتفعون به حيث يطيرون فى هواء المعرفة بجناح التفكر فيما ذكر ويصلون الى وكرالكرامة فكر ازين خانه فرازت كشد ... سوى سرا پرده رازت كشد «1» وفى المثنوى كر بينى ميل خود سوى سبا ... پر دولت بر كشا همچون هما ور بينى ميل خود سوى زمين ... نوحه ميكن هيچ منشين از حنين وفى الحديث (كونوا فى الدنيا اضيافا واتخذوا المساجد بيوتا وعودوا قلوبكم الرقة وأكثروا من التفكر والبكاء ولا يختلفن بكم الأهواء) وعن محمد عبد الله انه قال الفكرة على خمسة أوجه فكرة فى آيات الله يتولد منها المعرفة. وفكرة فى آلاء الله ونعمائه يتولد منها المحبة. وفكرة فى وعد الله وثوابه يتولد منها الرغبة. وفكرة فى وعد الله وعقابه يتولد منها الرهبة. وفكرة فى جفاء النفوس بجنب احسان الله إليها يتولد منها الحياء والندم وفى الآية اشارة الى ان طير الأرواح مسخرة فى جو سماء القلوب لا يمسكهن الا الله لان الأرواح علويات وانما سكونها فى سفل الأجساد بتسخير الله إياها كقوله وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقوله ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ وهذا كسلطان نزل فى خراب بحسب الاقتضاء والا فشأنه أعلى من ذلك وجاهه ارفع منه كما لا يخفى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ المعهودة التي تبنونها من الحجر والمدر وهو تبيين لذلك المجعول المبهم فى الجملة سَكَناً فعل بمعنى مفعول اى موضعا تسكنون فيه وقت اقامتكم. وبالفارسية [آرامگاهى] قال فى الكواشي كل ما يسكن اليه او فيه سكن بمعنى مسكن وفى الواقعات المجمودية للسلوك شروط ثلاثة الزمان والمكان والاخوان. اما الأولان فلانه لا بد من خلو الزمان عن الفترة وكذا المكان. واما الاخوان فلتدارك حوائج السالك لئلا يتقيد بها فلا بد من الشرائط المذكورة لدوام السلوك واستمراره من غير انقطاع انتهى. والظاهر ان المكان اقدم للسلوك ثم الزمان ثم الاخوان ثم صفاء الخاطر وفى الاسرار المحمدية الغرض فى المسكن دفع المطر والبرد واقل الدرجات فيه معلوم وما زاد عليه فهو من الفضول والاقتصار على الأقل والأدنى يمكن فى الديار الحارة اما فى البلاد الباردة فى غلبة البرد ونفوذه من الجدران الضعيفة حتى كاد يهلك او يمرض فالبناء بالطين وأحكامه لا يخرجه عن حد الزاهدين وكذا فى ايام الصيف عند اشتداد الحر واستضرار أولاده بالبيت الشتوي السفلى لعدم نفوذ الهواء البارد فيه ومن البراغيث فى الليل المزعجات عن النوم وانواع الحشرات فيه فلا يجوز حملهم على الزهد بان يتركهم على هذه الحال بل عليه ان يبنى لهم صيفيا علويا لما روينا عن النبي عليه الصلاة والسلام (من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء او غرس غراسا فى غير ظلم ولا اعتداء كان له اجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن) انتهى وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون الرشيد يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان الله لا يحب الظالمين وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ [از پوست چهارپايان] جمع نعم بالفتح وهو مخصوص بالأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والغنم والمعز بُيُوتاً

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت آن درويش كه در كوه خلوت كرده بود إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 81 إلى 85]

اخر مغايرة لبيوتكم المعهودة وهى الخيام والقباب والاخبية والفساطيط من الانطاع والادم تَسْتَخِفُّونَها تجدونها خفيفة يخف عليكم نقضها وحملها ونقلها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ اى وقت ترحلكم وسفركم وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وقت نزولكم فى الضرب والبناء وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها جمع صوف ووبر وشعر والكنايات راجعة الى الانعام اى وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل واشعار المعز أَثاثاً اى متاع البيت مما يلبس ويفرش وَمَتاعاً اى شيأ يمتع به بفنون التمتع إِلى حِينٍ الى مدة من الزمان فانها لصلابتها تبقى مدة مديدة قال الجاحظ اتفقوا على ان الضأن أفضل من المعز بدليل الاضحية ويفضل المعز على الضأن لغزارة اللبن وثخانة الجلد وما نقص من ألية المعز يزيد فى شحمه ولذلك قالوا زيادة المعز فى بطنه ولما خلق الله جلد الضأن رقيقا غزر صوفه ولما خلق الله جلد المعز ثخينا قل شعره كذا فى حياة الحيوان فالله تعالى خلق هذه الانعام للانتفاع بجلودها ولحومها وأصوافها واوبارها واشعارها ويجوز الانتفاع بشحوم الميتة وعن جابر بن عبد الله انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة (ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال (لا هو حرام) والاستصباح [چراغ فرا كرفتن] وكما ان هذه الحيوانات وما يتبعها ينتفع بها الإنسان فى سفره وحضره فكذا القوى الحيوانية والحواس الخمس ينتفع بها السالك فى السير الى الله فانها مطية وفى وقت الوقفة للاستراحة والتربية فانها مما لا بد منه لكونها من الأسباب المعينة: قال الكمال الخجندي با كرم روى واقف اين راه چنين كفت ... آهسته كه اين ره بدويدن نتوان يافت وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ من غير صنع من قبلكم ظِلالًا جمع ظل وهو ما يستظل به اى أشياء تستظلوا بها من الحر كالغمام والشجر والجبل وغيرها امتنّ سبحانه بذلك لما ان تلك الديار غالبة الحرارة وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً [پوششها] جمع كن وهو ما يستكن فيه اى مواضع تستكنون فيها من الكهوف والغيران والسروب قال عطاء انما انزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى انه تعالى قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل من السهولة أعظم منه ولكنهم كانوا اصحاب جبال وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ جمع سربال وهو كل ما يلبس اى جعل لكم ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها تَقِيكُمُ الْحَرَّ [نكاه ميدارد شما را از ضرر كرما] ولم يذكر البرد لدلالته عليه لانه نقيضه او لان وقايته هى الأهم عندهم لكون البرد يسيرا محتملا بخلاف الديار الرومية فانها غالبة البرودة ولذا قيل الحر يؤذى الرجل والبرد يقتله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره برد الربيع غير مضر لكن هذا فى ديار العرب فان فى برد تلك الديار اعتدالا بخلاف ديارنا وفى الحديث (اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم واجتنبوا برد الخريف فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم) : وفى المثنوى آن خزان نزد خدا نفس وهواست ... عقل وجان عين بهارست وبقاست «1»

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 82 إلى 83]

مر ترا عقلست جزؤى در نهان ... كامل العقلي بجو اندر جهان جزؤ تو از كل او كلى شود ... عقل كل بر نفس چون غلى شود پس بتأويل اين بود كانفاس پاك ... چون بهارست وحيات برك تاك از حديث أوليا نرم ودرشت ... تن مپوشان ز انكه دينت راست پشت كرم كويد سرد كويد خوش بكير ... تا ز گرم وسرد بجهى واز سعير كرم وسردش نوبهار زندكيست ... مايه صدق ويقين بندگيست ز انكه زان بستان جانها زنده است ... زين جواهر بحر دل آكنده است وَسَرابِيلَ ودروعا من الحديد تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ اى البأس والألم الذي يصل الى بعضكم من بعض فى الحرب من الضرب والطعن. والبأس الشدة فى الحرب والقتل والجراحة كما فى التبيان وأول من عمل الدرع دواد عليه السلام فان الله تعالى ألان له الحديد كالشمع كما قال وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ وصحب لقمان داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبس الحرب أنت چولقمان ديد كاندر دست داود ... همى آهن بمعجز موم كردد نه پرسيدش چهـ ميسازى كه دانست ... كه بي پرسيدنش معلوم كردد كَذلِكَ كاتمام هذه النعم التي تقدمت يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ يا معشر قريش لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ الإسلام هاهنا بمعنى الاستسلام والانقياد وضع موضع سببه وهو تنظرون وتتفكرون اى ارادة ان تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة والانفسية والآفاقية فتعرفوا حق منعهما فتؤمنوا به وحده وتذروا ما كنتم به نشركون وتنقادوا لأمره فَإِنْ تَوَلَّوْا فعل ماض اى فان اعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك ما القى إليهم من البينات والعبر والعظات وفى صيغة التفعل اشارة الى ان الفطرة الاولى داعية الى الإقبال على الله والاعراض لا يكون الا بنوع تكلف ومعالجة فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى فلا قصور من جهتك لان وظيفتك هى البلاغ الموضح او الواضح وقد فعلته بما لا مزيد عليه فهو من باب وضع السبب موضع المسبب عكس لعلكم تسلمون: قال الشيخ سعدى قدس سره ما نصيحت بجاى خود كرديم ... روزكارى درين بسر برديم كر نيايد بكوش رغبت كس ... بر رسولان پيام باشد وبس وقال بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان برآرد خروش ... كه اوخ چرا حق نكردم بكوش يَعْرِفُونَ اى بعض المشركين نِعْمَتَ اللَّهِ المعدودة فى هذه السورة ويعترفون انها من الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها بأفعالهم حيث يعبدون غير منعمها او بقولهم انها بشفاعة آلهتنا او بسبب كذا ومعنى ثم استبعاد الإنكار بعد حصول المعرفة وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ اى المنكرون بقلوبهم غير المعترفين بما ذكر وفى التأويلات النجمية يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ

[سورة النحل (16) : الآيات 84 إلى 85]

بتعريفك وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بك وبنعمة الله إظهارا للقهر فمن وصل اليه النعمة من يد أحد فلابد من الشكر فانه الواسطة والا فقد تعرض لحرمان كثير من النعم الالهية چوبيابى تو نعمتى در چند ... خرد باشد چونقطه موهوم شكر آن يافته فرو مكذار ... كه زنا يافته شوى محروم قال السرى السقطي قدس سره الشكر على ثلاثة أوجه. شكر القلب. وشكر البدن. وشكر اللسان. فشكر القلب ان يعرف العبد ان النعم كلها من الله تعالى. وشكر البدن ان لا يستعمل جارحة من جوارحه الا فى طاعة الله. وشكر اللسان دوام حمد الله- وروى- ان عيسى عليه السلام مرّ بغنى فاخذ بيده فذهب به الى فقير فقال هذا أخوك فى الإسلام وقد فضلك الله عليه بالسعة فاشكر لله على ذلك ثم أخذ بيد الفقير فذهب به الى مريض فقال ان كنت فقيرا فلست بمريض ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا فاشكر لله ثم ذهب بالمريض الى كافر فقال ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا كافرا فاشكر لله فهداهم الى الشكر بطريق المشاهدة ومقابلة حالهم بحال من سواهم ونبههم من الغفلة ليقبلوا على الشكر ويحترزوا عن الكفران واعلم ان الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لا يفارق الثاني بخلاف العكس لان بعض الكفرة قد يكفر بنعمة الله ولا يكفر بالله فيجمع بين الايمان بالله والكفر بنعمته ولذا قال الله تعالى عبارة وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وكنى اشارة عن انه ما يؤمن أقلهم بالله إلا وهم موحدون وهم المؤمنون حقا وصدقا فاولئك هم المخلصون المفلحون وَيَوْمَ نَبْعَثُ اى اذكر يا أفضل الرسل يوم نحشر وهو يوم القيامة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ [از ميان هر كروهى] شَهِيداً نييا يشهد لهم بالايمان والطاعة وعليهم بالكفر والعصيان ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا فى الاعتذار إذ لا عذر لهم. والعذر فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وثم للدلالة على ان ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الاقناط الكلى وهو عند ما يقال لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء عليهم السلام فهى للتراخى الرتبى وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ يسترضون اى لا يقال لهم ارضوا ربكم ولا يطلب منهم ما يوجب العتبى وهى الرضى وذلك لان الرضى انما يكون بالايمان والعمل الصالح والآخرة دار الجزاء لا دار العمل والتكليف والدنيا مزرعة الآخرة فكل بذر فسد فى الأرض وبطل استعداده لقبول التربية ولم يتم امر نباته إذا حصد وحصل فى البيدر لا يفيده اسباب التربية لتغيير أحواله فالارواح بذور فى ارض الأشباح ومربيها ومنبتها وثمرها اعمال الشريعة بشرط الايمان ومفسدها ومبطلها ومغيرها عن أحوالها الكفر واعمال الطبيعة والموت حصادها والقيامة بيدرها: قال الحافظ كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا كفروا الْعَذابَ الذي يستوجبونه بظلمهم وهو عذاب جهنم صاحوا وطلبوا من مالك تخفيف العذاب فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ذلك العذاب بعد الدخول وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ اى لا يمهلون قبله ليستريحوا [اى زمانى ايشانرا مهلت ندهند

[سورة النحل (16) : الآيات 86 إلى 90]

وبي عذاب نكذارند] فكل من وضع الكفر واعمال الطبيعة موضع الايمان واعمال الشريعة فلا يخفف عنه أثقال الأخلاق الذميمة ولا يؤخر لتبديل مذمومها يمحمودها وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أوثانهم التي عبدوها قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا اى آلهتنا التي جعلناها شركاء الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ اى تعبدهم متجاوزين عبادتك وهو اعتراف بانهم كانوا مخطئين فى ذلك والتماس بتوزيع العذاب بينهم فَأَلْقَوْا اى شركاؤهم إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ يقال ألقيت الى فلان كذا اى قلت اى أنطقهم الله تعالى فاجابوهم بالتكذيب وقالوا لهم إِنَّكُمْ ايها المشركون لَكاذِبُونَ فى ادعائكم اننا شركاء لله إذ ما أمرناكم بعبادتنا وكنا مشغولين بتسبيح الله وطاعته فارغين عنكم وعن أحوالكم كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَأَلْقَوْا اى المشركون إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ الاستسلام والانقياد لحكمه بعد الاستكبار عنه فى الدنيا چون كار ز دست رفت فرياد چهـ سود وَضَلَّ عَنْهُمْ اى ضاع وبطل ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان لله شركاء وانهم ينصرونهم ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرأوا منهم الَّذِينَ كَفَرُوا فى أنفسهم وَصَدُّوا غيرهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر زِدْناهُمْ عَذاباً لصدهم فَوْقَ الْعَذابِ اى كانوا يستحقونه بكفرهم. والمعنى بالفارسية [بيفزاييم ايشانرا عذابى بر عذابى] بِما كانُوا يُفْسِدُونَ اى زدنا عذابهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور قال ابن جبير فى زيادة عذابهم هى عقارب أمثال البغال وحيات أمثال البخت تلسع إحداهن للسعة فيجد صاحبها حميتها أربعين خريفا ويقال يسألون الله تعالى الف سنة المطر ليسكن ما بهم من شدة الحر فيظهر لهم سحابة فيظنون انها تمطر فجعلت السحابة تمطر عليهم بالحيات والعقارب فيشتد المهم لانه إذا جاء الشر من حيث يؤمل الخير كان أغم وقال ابن عباس ومقاتل خمسة انهار من صفر مذاب كالنار تسيل من تحت العرش يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار: يعنى [پنج جوى از روى كداخته بطرف ايشان روان كردد وبسر جوى از ان معذب شوند در مقدار ساعات شبى از شبهاى دنيا وبد وجوى ديكر در مدت اندازه روزى از روزهاى اين جهان] يقول الفقير لعل سر هذا العدد ان اركان الإسلام خمسة لا سيما ان الصلوات الخمس فى تطهير الباطن كالانهار الخمسة الجارية لتطهر الظاهر فلما أضاعوا هذه الأركان وما أقاموها بدل الله بها خمسة انهار من الصفر المذاب ليعذبوابها ولكل عمل جزاء وفاق وَيَوْمَ نَبْعَثُ تكرير لما سبق تثنية للتهديد فِي كُلِّ أُمَّةٍ [وياد كن اى محمد روزيرا كه برانگيزانيم در ميان هر كروهى] شَهِيداً عَلَيْهِمْ اى نبيا مِنْ أَنْفُسِهِمْ من جنسهم قطعا لمعذرتهم لانه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم ولوط عليه السلام لما تأهل فيهم وسكن فيما بينهم كان منهم وفى قوله عليهم اشعار بان شهادة أنبيائهم على الإثم تكون بمحضر منهم وَجِئْنا بِكَ [وبياريم ترا يا محمد] شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ الأمم وشهدائهم كقونه تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً

[سورة النحل (16) : آية 90]

وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ الكامل فى الكتابية الحقيق بان يخص به اسم الجنس وهو القرآن العظيم تِبْياناً بيانا بليغا لِكُلِّ شَيْءٍ يتعلق بامور الدين ومن ذلك احوال الأمم مع أنبيائهم فان قلت كيف هذا ومعلوم ان اكثر الاحكام غير مبنية فى القرآن ولذلك اختلف العلماء فيها الى قيام الساعة قلت كونه تبيانا لكل شىء من امور الدين باعتبار ان فيه نصا على بعضها واحالة لبعضها على السنة حيث امر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وقيل فيه وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى وحثا على الإجماع وقد رضى رسول الله لامته باتباع أصحابه حيث قال (أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم) وقد اجتهدوا وقاسوا ووطأوا طرق الاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة الى تبيان الكتاب ولم يضر ما فى البعض من الخفاء فى كونه تبيانا فان المبالغة باعتبار الكمية دون الكيفية وَهُدىً وكاملا فى الهداية من الضلالة وَرَحْمَةً للعالمين فان حرمان الكفرة من مغانم آثاره من تفريطهم لا من جهة الكتاب وَبُشْرى وبشارة بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ خاصة وفيه اشارة الى ان فى الكتاب بيان كل شىء يحتاج اليه السالك فى أثناء السلوك والسير الى الله الى ان يصل الى أقصى مقام الكمال المقدر للانسان وهذا الكتاب هاد يهدى الى الله عباده برحمته وبشارة لمن اسلم وجهه لله وتابع النبي صلى الله عليه وسلم بالوصول الى مقام الكمال وحضرة الجلال وكما ان المنزل عليه هو الرسول والبيان من لسانه يؤخذ لا من لسان غيره فكذا الملهم عليه هو وارث الرسول والإرشاد من تربية غيره فمن اسلم اى استسلم وانقاد لتربية الوسائط ولم يتحرك بشئ من عند نفسه كالميت على يد الغسال فقد هدى الى طريق التطهر عن الأدناس النفسانية ووصل الى درجات العارفين: قال الحافظ من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم واعلم ان القرآن كاف لاهل الشريعة والحقيقة فمن مشى على ما صرح به وأشار فقد أمن من العثار ومن خرج عن العمل به واتبع نفسه وهواه فقد بعد عن الله وأسخط مولاه قال سهل بن عبد الله اصول الدين على ركنين التمسك بكتاب الله والاقتداء بسنة رسول الله وعن ابى يزيد قدس سره ستة أشياء حصن الأعضاء السبعة استعمال العلم وحسن الأدب ومحاسبة النفس وحفظ اللسان وكثرة العبادة ومتابعة السنة وقال جنيد البغدادي قدس سره مذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وقال على رضى الله عنه الطريق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ فى القرآن بِالْعَدْلِ بان لا تظلموا أنفسكم وغيركم ولا تجوروا اى بالتسوية فى الحقوق فيما بينكم وترك الظلم وإيصال كل حق الى ذى حفه او يأمر بمراعاة التوسط بين الأمور اعتقادا كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك والقول بالكسب المتوسط بين الجبر والقدر وكذا القول بان الله لا يؤاخذ عبده المؤمن بشئ من الذنوب مساهلة عظيمة والقول بانه يخلده فى النار بالمعاصي تشديد عظيم والعدل مذهب اهل السنة وعملا كالتعبد بأداء الفرائض والواجبات المتوسطة بين البطالة والترهب وخلقا كالجود المتوسط بين البخل والتبذير والشجاعة المتوسطة بين

التهور والجبن والواجب معرفة الوسط فى كل شىء فان القصد ممدوح والافراط والتفريط مذمومان وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته فسأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام له (ارفع من صوتك قليلا) ومثله الامام. فانه لا يجهر فوق حاجة الناس ولا يخافت خافضا صوته بحيث يشتبه عليهم تلاوته فيراعى بين ذلك حذا وسطا والا فهو مسيئ وفى التأويلات النجمية العدل صرف ما اعطاك الله من الآلات الجسمانية والروحانية ومن الأموال الدنيوية ومن شرائع الدين واعماله فى طلب الله والسير منك به اليه لان صرفه فى طلب غيره ظلم: قال الحافظ فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد وَالْإِحْسانِ وان تحسنوا الأعمال مطلقا لقوله عليه السلام (ان الله كتب الإحسان فى كل شىء) وعن فضيل انه قال لو احسن الرجل الإحسان كله وكان له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها ولم تطعمها الى ان ماتت. وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها- وحكى- ان حضرة الشيخ الشبلي رحمه الله مر فى بعض طرق بغداد بهرّة ترعد من برد الهواء فاخذها وجعلها فى كمه رحمة لها فكان ذلك سبب قبوله عند الله ووصوله الى درجة الولاية ويدخل فيه العفو عن الجرائم والإحسان الى من أساء هر كه سنكت دهد ثمر بخشش والصبر على الأوامر والنواهي وأداء النوافل فان الفرض لا بد من ان يقع فيه تفريط فيجبره الندب وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) كما فى المقاصد الحسنة وايضا الإحسان هو المشاهدة كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك) وليست المشاهدة رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله وسميت هذه الحالة المشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله خيالك فى عينى وذكرك فى فمى وحبك فى قلبى فاين لغيب كذا فى الرسالة الرومية وفى التأويلات النجمية الإحسان ان تحسن الى الخلق بما اعطاك الله وأراك سبل الرشاد فترشدهم وتسلك بهم طريق الحق للوصول او الوصال يدل عليه قوله تعالى وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ انتهى وايضا العدل الاعراض عما سوى الله والإحسان الإقبال على الله وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى القربى بمعنى القرابة اى إعطاء الأقارب ما يحتاجون اليه من المال والدعاء بالخير وهو داخل فى الإحسان وانما أفرد بالذكر إظهارا لجلالة صلة الرحم

وتنبيها على فضيلتها كقوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ والرحم عام فى كل رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث من أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات وغير ذلك وقطع الرحم حرام موجب لسخط الله وانقطاع ملائكة الرحمة عن بيت القاطع والصلة واجبة باعثة على كثرة الرزق وزيادة العمر سريعة التأثير ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام او المكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كما فى شرح الطريقة قال الكاشفى [در فصول عبد الوهاب فرموده كه عدل توحيد است ومحبت خداى واحسان دوستى حضرت پيغمبر وفرستادن صلوات بر او إيتاء ذى القربى محبت اهل بيت است] ودعاء أصحابه رضى الله عنهم وفى التأويلات النجمية اقرب القربى إليك نفسك فصلة رحمها ان تنجيها من المهالك وترجع بها الى مالك الممالك وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ عن الذنوب المفرطة فى القبح قولا وفعلا كالكذب والبهتان والاستهانة بالشريعة والزنى واللواطة ونحوها وفى التأويلات هى ما يحجبك عن الله ويقطعك عنه أياما كان من مال او ولد او نحوهما فانه لا أقبح من الانقطاع عن الله ومثله أسبابه فان ما يجر الى الأقبح أقبح والعياذ بالله تعالى وَالْمُنْكَرِ وعما تنكره النفوس الزاكية السليمة ولا ترتضيه كما فى بحر العلوم او هو الشرك او مما لا يعرف فى شريعة ولا سنة او الإصرار على الذنب او ما أسخط الله تعالى وفى التأويلات ما ينكر به عليك من إضلال اهل الحق واغوائهم واحداث البدع واثارة الفتن كما فى اهالى هذا الزمان خصوصا متصوفهم وَالْبَغْيِ والظلم والاستيلاء على الناس والتطاول عليهم بلا سبب وتجسس عيوبهم وغيبتهم والطعن عليهم والتجاوز من الحق الى الباطل ونحو ذلك وفى التأويلات هو ما ثار من سورة صفات نفسك فيصيب الخلق منك ما يضرهم ويؤذيهم [وآنرا بقوت رياضت ببايد شكست تا قواعد سلوك درستى يابد زيرا بحكم أعدى عدوك بدترين دشمن نفس است] اين سك نفس شوم وبدكاره ... كه در آغوش تست همواره بدترين قاصديست جان ترا ... مى خورد مغز استخوان ترا بيشتر گر ترا ببندد جست ... محكمش بند كن كه دشمن تست [در لطائف التقرير در تفسير اين آيت آورده كه استقامت ملك بسه چيز بود واضطراب اين بسه چيز منهى عنه وهر يك أزينها ثمره پس ثمره عدل نصر تست ونتيجه احسان ثنا ومدحست وفائده صله رحم انس والفت اما نتيجه فحشاء فساد دين وثمره منكر برانگيختن اعدا وحاصل بغى محروم ماندن از متمنى] يَعِظُكُمْ [پند ميدهد خداى تعالى شما را] يعنى بامر هذه المستحسنات ونهى هذه المستقبحات لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ طلبا لان تتعظوا فتأتمروا بالأمر وتنتهوا بالنهى وقد امر الله تعالى فى هذه الآية بثلاثة أشياء ونهى عن ثلاثة أشياء وجمع فى هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين وجميع الخصال المحمودة والمذمومة ولذلك قال ابن مسعود رضى الله عنه هى اجمع آية فى القرآن للخير والشر ولذا يقرأها كل خطيب على المنبر فى آخر كل خطبة لتكون عظة جامعة لكل مأمور ومنهى كما فى المدارك

[سورة النحل (16) : الآيات 91 إلى 96]

وحين أسقطت من الخطب لعنة اللاعنين لعلى امير المؤمنين رضى الله عنه أقيمت هذه الآية مقامها كما فى بحر العلوم وقال الامام السيوطي فى كتاب الوسائل الى معرفة الأوائل أول من قرأ فى آخر الخطبة (ان الله يأمر بالعدل والإحسان) إلخ عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا تولى عمر الخلافة سنة تسع وتسعين ومدة خلافته سنتان وخمسة أشهر وكان صاحب المائة الاولى بالإجماع. وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ «ق» اى فى آخر الخطبة. وكان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت. وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية. وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح يقول الفقير انظر ان كلامنهم اختار ما يناسب الحال والمقام بحسب اختلاف الزمان والا لكفى لهم الاقتداء بالنبي عليه السلام فى تلاوة سورة «ق» ومنه يعرف استحباب الترضية والتصلية فانها كانت بحسب المصلحة المقتضية لها وهى رد الروافض ومن يتبعهم فى البغض ولا شك ان مثل ذلك من مهمات الدين فليس هذا بمنكر وانما المنكر ترجيعات المؤذنين ولحون الائمة والخطباء بحيث يحرفون الكلم عن مواضعه رعاية للنغمات والمقامات الموسيقية نعم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر. وأول من قرأ فى الخطبة ان الله وملائكته يصلون على النبي الآية المهدى العباسي وعليه العمل فى هذا الزمان اى فى الخطب المطولة واما فى الخطب المختصرة لبعض العارفين فليس ذلك فيه لكن المؤذن يقرأه عند خروج الخطيب والأحوط فى هذا الزمان ان يقرأ عنده ما اختاره حضرة الشيخ وفا قدس سره وهو عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت فاستمعوا وانصتوا رحمكم الله) وذلك لان اكثر المؤذنين اعتادوا فى الآية المذكورة ما يخرجها عن القرآنية من اللحن الفاحش ولنبك على غربة الدين ووحشة اهل اليقين وظهور البدع بين المسلمين وَأَوْفُوا اى استمروا على الإيفاء وهو بالفارسية [وفا كردن] قال الكاشفى [نزول آيت در شان جمعيست كه با حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم در مكه عهد بستند وغلبه قريش وضعف مسلمانان مشاهده كرده جزع واضطراب در ايشان پديد آمد شيطان خواست كه ايشانرا بفريبد تا نقض عهد پيغمبر كنند حق سبحانه وتعالى بدين آيت ايشانرا ثابت قدم كردانيد وفرموده كه وفا كنيد] بِعَهْدِ اللَّهِ وهو البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فانها مبايعة لله تعالى لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ لان الرسول فان فى الله باق بالله وفى الحديث (الحجر الأسود يمين الله فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله) والمبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية ثم هو عام لكل عهد يلتزمه الإنسان باختياره لان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم إِذا عاهَدْتُمْ إذا عاقدتم وواثقتم والعهد العقد والميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ التي تحلفون بها عند المعاهدة اى لا تحنثوا فى الحلف بَعْدَ تَوْكِيدِها

[سورة النحل (16) : آية 92]

حسبما هو المعهود فى أثناء العهود اى توثيقها بذكر الله وتشديدها باسمه كما فى بحر العلوم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد بالايمان الأشياء المحلوف عليها كما فى قوله عليه السلام (من حلف على يمين) إلخ لانه لو كان المراد باليمين ذكر اسم الله فهو غير التأكيد لا المؤكد فتأمل وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا شاهدا رقيبا فان الكفيل من يراعى لحال المكفول به محافظة عليه إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ من نقض الايمان والعهود فيجازيكم على ذلك واعلم ان الوفاء تأدية ما أوجبت على نفسك اما بالقبول او بالنذر وعن بعض المتكلمين إذا رأيتم الرجل اعطى من الكرامات حتى يمشى على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه فى حفظ الحدود والوفاء بالعهود ومتابعة الشريعة قيل لحكيم أي شىء اعمل حتى أموت مسلما قال لا تصحب مع الله الا بالموافقة ولا مع الخلق الا بالمناصحة ولا مع النفس الا بالمخالفة ولا مع الشيطان الا بالعداوة ولا مع الدين الا بالوفاء وفى التأويلات النجمية وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ بائتمار أوامر الله وانتهاء نواهيه إِذا عاهَدْتُمْ مع الله يوم الميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ مع الله بَعْدَ تَوْكِيدِها وهو اشهادكم على أنفسكم وقولكم بلى شهدنا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا بجزاء وفائكم وهو تكفل منكم بالوفاء بما عهد معكم على الجزاء كما قال وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وتفصيل الوفاء من الله والعبد ما شرح النبي صلى الله عليه وسلم فى حديث معاذ رضى الله عنه فقال (هل تدرى يا معاذ ما حق الله على الناس) قال قلت الله اعلم ورسوله قال (حقه عليهم ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ) اى يطلبوه بالعبادة ولا يطلبوا معه غيره ثم قال (أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك) قال قلت الله ورسوله اعلم قال (فان حق الناس على الله ان لا يعذبهم) يعنى بعذاب الفراق والقطيعة بل يشرفهم بالوجدان والوصال كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) وفى المثنوى ما درين دهليز قاضىّ قضا ... بهر دعوىّ ألستم وبلى «1» چون بلى گفتيم آنرا ز امتحان ... فعل وقول ما شهود است وبيان از چهـ در دهليز قاضى تن زديم ... نى كه ما بهر كواهى آمديم تا كه ندهى آن كواهى اى شهيد ... تو ازين دهليز كى خواهى رهيد فعل وقول آمد كواهان ضمير ... هر دو پيدايى كند سر ستير «2» جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «3» پس پيمبر كفت بهر اين طريق ... با وفاتر از عمل نبود رفيق «4» گر بود نيكى ابد يارت شود ... ور بود بد در لحد مارت شود وَلا تَكُونُوا ايها المؤمنون فى نقض العهد كَالَّتِي كالمرأة التي نَقَضَتْ النقض فى البناء والحبل وغيره ضد الإبرام كما فى القاموس. وبالفارسية [شكستن پيمان و پشم باز كردن يا ريسمان] غَزْلَها الغزل [ريسمان رستن] وهو هاهنا مصدر بمعنى المغزول اى ما غزلته من صوف وغيره مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ متعلق بنقضت اى من بعد إبرام ذلك الغزل وأحكامه فجعلته أَنْكاثاً حال من غزلها جمع نكث بمعنى المنكوث وهو كل ما ينكث فتله اى يحل

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان نواختن مصطفى عليه السلام مهمان را ومسلمان شدن إلخ. (2) لم نجد بعينه. (3) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ. (4) در أوائل دفتر پنجم در بيان معنى حديث شريف لا بد من قرين يدفن معك إلخ.

[سورة النحل (16) : آية 93]

غزلا كان او حبلا. والمعنى طاقات نكشت فتلها والمراد تقبيح حال النقض بتشبيه حال الناقض بمثل هذه المرأة المعتوهة من غير تعيين إذ لا يلزم فى التشبيه ان يكون للمشبه به وجود فى الخارج وقال الكلبي ومقاتل هى ربطة بنت سعد بن تيم القرشية المكية وكانت خرقاء موسوسة اتخذت مغزلا قدر ذراع وستارة مثل إصبع وهى بالكسر الحديدة فى رأس المغزل وفلكة عظيمة على قدرها فكانت تغزل هى وجواريها من الغداة الى نصف النهار تأمرهن بنقض جميع ما غزلن قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى تشبيه ميفرمايد شكستن عهد را به پاره كردن رسن وميفرمايد كه چنانچهـ آن زن حمقا رسن تاب داده خود را ضايع ميكند مردم عاقل بايد كه هر رشته خود بسر انكشت نقض پاره نكند تا بحكم وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ جزاء وفا بيايد كرت هوا است كه دلدار نكسلد پيمان ... نكاه دار سر رشته تا نكهدارد تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ حال من الضمير فى لا تكونوا اى مشابهين بامرأة شأنها هذا حال كونكم متخذين ايمانكم مفسدة ودخلا بينكم واصل الدخل ما يدخل فى الشيء ولم يكن منه أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ اى بسبب ان تكون جماعة قريش هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أزيد عدد وأوفر مالا من جماعة المؤمنين وهذا نهى لمن يحالف قوما فان وجد أيسر منهم واكثر ترك من حالف وذهب اليه. ومحل هى اربى من امة نصب خبر كان وفى المدارك هى اربى مبتدأ وخبر فى موضع الرفع صفة لامة وامة فاعل يكون وهى تامة إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ اى بان تكون امة هى اربى من امة اى يعاملكم بذلك معاملة من يختبركم لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وبيعة رسوله أم تغترون بكثرة قريش وشوكتهم وقلة المؤمنين وضعفهم بحسب ظاهر الحال والظبى وان كان واحدا فهو خير من قطيع الخنزير والسواد الأعظم هو الواحد على الحق ويقال سمى الدجال دجالا لانه يغطى الأرض بكثرة جموعه ولا يلزم منه كونه على الحق وأفضل من فى الأرض يومئذ لان الله تعالى لا ينظر الى الصور والأموال بل الى القلوب والأعمال فاذا كانت للناس قلوب واعمال صالحة يكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لهم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا: قال الشيخ سعدى قدس سره ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فى الدنيا إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب وهو إنذار وتخويف من مخالفة ملة الإسلام ودين الحق فانها مؤدية الى العذاب الابدى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مشيئة قسر والجاء لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً متفقة على الإسلام وَلكِنْ لا يشاء ذلك لكونه مزاحما لقضية الحكمة بل يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الضلال حسبما يصرف اختياره الجزئى اليه وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته حسبما يصرف اختياره الى تحصيلها فالاضلال والهداية مبنيان على الاختيار. وفيه سر عظيم لا يعرفه الا الأخيار وَبالله لَتُسْئَلُنَّ جميعا يوم القيامة سؤال تبكيت ومجازاة لا سؤال تفهم عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الوفاء والنقض ونحوهما فتجزون به واعلم ان العهود مواطنها لكثيرة ومن العهود

[سورة النحل (16) : الآيات 94 إلى 96]

الحقة ما يجرى بين المريدين الصادقين والشيوخ الكاملين من البيعة وهى لازمة حتى يلقوا الله تعالى وفى الآية اشارة الى المريد الذي تعلق بذيل ارادة صاحب ولاية من المشايخ وعاهده على صدق الطلب والثبات عليه عند مقاساة شدائد المجاهدات والتصبر على مخالفات النفس والهوى وملازمات الصحبة والانقياد للخدمة والتحمل على الاخوان وحفظ الأدب معهم ففى أثناء تحمل هذه المشاق تسأم نفسه وتضعف عن حمل هذه الأثقال فينقض عهده ويفسخ عزمه ويرجع قهقرى ثم يتخذ ما كان اسباب طلب الله من الارادة والمجاهدة ولبس الخرقة وملازمة الصحبة والخدمة والفتوحات التي فتح الله له فى أثناء الطلب والسير آلات طلب الدنيا وأدوات تحصيل شهوات نفسه بالتصنع والمرأة والسمعة ابتلاء من الله إظهارا للعزة إذا عظمت النفس وشهواتها فى نظر النفس وأعرضت عن الله فى طلبها فمثل هذا حسبه جهنم البعد والقطيعة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره هنا رجل ابن ابن المولى جلال يقال له ديوانه چلبى يأكل ويشرب ويشتغل بالشهوات ويزعم ان له نظرا الى الحقيقة من المظاهر حفظنا الله تعالى من الإلحاد ففى حالة الاحتضار استغفر وقال يا حسرتا لم أعرف الطريق ويرجى ان يعفى لسبق ندامته وكان له كشوف سفلية وقطع بخطوة واحدة سبعين خطوة واكثر ولكن الكشوف السفلية مثلها مما كان فى مرتبة الطبيعة غير مقبولة بل هى من الشيطان وعوام الناس يعدون اصحاب أمثال هذه الكشوف الشيطانية الاقطاب بل الغوث الأعظم لكونهم على الجهل الجمادى لا يميزون بين الخير والشر ولصعوبة هذا الأمر قال المولى الجامى قدس سره فى بعض رباعياته. در مسجد وخانقه بسى كرديدم ... بس شيخ ومريد را كه پابوسيدم نه يكساعت از هستى خود رستم ... نه آنكه ز خويش رسته باشد ديدم اللهم اعصمنا من الدعوى واجعلنا من اهل التقوى وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ مكرا وغدرا فَتَزِلَّ [بلغزد] نصب فى جواب النهى قَدَمٌ اى أقدامكم ايها المؤمنون عن محجة الحق بَعْدَ ثُبُوتِها عليها ورسوخها فيها بالايمان وافراد القدم وتنكيرها للايذان بان زلل قدم واحدة اىّ قدم كانت عزت او هانت محذور عظيم فكيف باقدام كثيرة وَتَذُوقُوا السُّوءَ أي العذاب الدنيوي بِما صَدَدْتُمْ بصدودكم وخروجكم او بصدكم ومنعكم غيركم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي ينتظم الوفاء بالعهود والايمان فان من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنة لغيره وَلَكُمْ فى الآخرة عَذابٌ عَظِيمٌ شديد وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ اى لا تأخذوا بمقابلة عهده تعالى وبيعة رسوله ثَمَناً قَلِيلًا اى لا تستبدلوا بها عوضا يسيرا وهو ما كانت قريش يعدون ضعفة المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد من حطام الدنيا إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ من النصر والتغنيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مما يعدونكم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى ان كنتم من اهل العلم والتمييز ما عِنْدَكُمْ من اعراض الدنيا وان كثرت يَنْفَدُ يفنى وينقضى وَما عِنْدَ اللَّهِ من انواع رحمة المخزونة باقٍ لا نفاد له وهو حجة على الجهمية لأنهم يقولون بان نعيم الجنة يتناهى وينقطع وَلَنَجْزِيَنَّ

[سورة النحل (16) : الآيات 97 إلى 103]

اى والله لنعطين الَّذِينَ صَبَرُوا على اذية المشركين ومشاق الإسلام التي من جملتها الوفاء بالعهود والفقر أَجْرَهُمْ الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة وهو مفعول ثان لنجزين بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لنجزينهم بما كانوا يعملونه من الصبر المذكور وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما فى قوله تعالى وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ فقد علم من الآيات ان للوفاء بالعهد والثبات على الايمان والصبر على المشاق ثمرات دنيويه واخروية. فعلى العاقل ان لا ينقض المعاهدة التي بينه وبين الله وكذا بين العلماء العاملين والصلحاء الكاملين وعن بعض اهل العلم كنت بالمصيصة فاذا برجلين يتكلمان فى الخلوة مع الله تعالى فلما أرادا ان ينصرفا قال أحدهما للآخر تعال نجعل لهذا العلم ثمرة ولا يكون حجة علينا فقال له اعزم على ما شئت فقال ان لا آكل ما لمخلوق فيه صنع قال فتبعتهما وقلت انا معكما فقالا على الشرط قلت على أي شرط شرطتما فصعدا جبل لكام ودلانى على كهف وقالا تعبد فيه فدخلت فيه وجعل كل واحد يأتينى بما قسم الله تعالى وبقيت مدة ثم قلت الى متى أقيم هاهنا انا أسير الى طرطوس وآكل من الحلال واعلم الناس العلم واقرئ القرآن فخرجت ودخلت طرطوس وأقمت بها سنة فاذا انا برجل منهما قد وقف علىّ وقال يا فلان خنت فى عهدك ونقضت الميثاق ألا انك لو صبرت كما صبرنا لوهب لك ما وهب لنا قلت ما الذي وهب لكما قال ثلاثة أشياء طى الأرض من المشرق الى المغرب بقدم واحد والمشي على الماء والحجبة إذا شئنا ثم احتجب عنى ففى هذه الحكاية ما يغنى العاقل عن التصريح فانظر الى ذلك العالم كيف اختار ما عند الناس فحرم مما عند الله من الكرامات والكمالات وذلك ان نقض العهد بسبب عرض دنيوى فى صورة امر دينى فان التعليم واقرأ الناس وان كان من الأمور الاخروية الا انه لا بد لطالب الحق حين تخليه وانقطاعه من التجرد عن كل اسم ورسم وصورة: فان قيل منصب تعليم نوع شهوتيست وما يعقل هذا المقام الا العالمون وفى المثنوى كر نبودى امتحان هر بدى ... هر مخنث دروغا رستم بدى خود مخنث را زره پوشيده گير ... چون به بيند زحم كردد چون أسير ونعم ما قيل وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زل عند الامتحان فقد افتضح وذاق وجع القطيعة والفراق وماله من خلاق ومن ثبت وصبر وافتكر العاقبة ظفر بالمراد وجوزى جزاء لا يعلمه الا رب العباد فانه أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مَنْ [هر كه] عَمِلَ [بكند] صالِحاً اى عملا صالحا اى عمل كان وهو ما كان لوجه الله تعالى ورضاه ليس فيه هوى ولا رياء والفرق بينهما ان الهوى بالنسبة الى النفس والرياء بالنسبة الى الخلق مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى اى حال كون ذلك العامل من رجل او امرأة بينه بالنوعين ليعمهما الوعد الآتي ولا يتوهم التخصيص بالذكور بناء على كثرة استعمال لفظ من فيهم وان الإناث لا يدخلن فى اكثر الاحكام والمحاورات آلا بطريق التغليب او التبعية وَهُوَ اى والحال ان ذلك العامل

مُؤْمِنٌ قيده به إذ لا اعتداد باعمال الكفرة فى استحقاق الثواب وانما المتوقع عليها تخفيف العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى يأمر بالكافر السخي الى جهنم فيقول لمالك خازن جهنم عذبه وخفف عنه العذاب على قدر سخائه الذي كان فى دار الدنيا) كما فى تفسير السمرقندي ويؤيده ما قيل انه لما عرج النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال جبرائيل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فى الدنيا يعيش عيشا طيبا لانه ان كان موسرا فظاهر وان كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة والرضى بالقسمة وتوقع الاجر العظيم فى الآخرة كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله بخلاف الفاجر فانه ان كان معسرا فظاهر وان كان موسرا فلا يدعه الحرص وخوف الفوت ان يتهنأ بعيشه وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ولنعطينهم فى الآخرة أجرهم الخاص بهم بما كانوا يعملون من الصالحات وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما سبق فى حق الصابرين وفى التأويلات النجمية يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس فالعمل الصالح من النفس استعمال الشريعة بتقوى الله وصدقه على وفق الطريقة تزكية عن صفاتها الذميمة وافعالها الطبيعية والعمل الصالح من القلب حسن توجهه الى الله بالكلية لطلب الله والاعراض عما سواه تصفية للتحلية بصفات الله والتخلق بأخلاقه وبقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً يشير الى احياء كل واحد منهما بالحياة الطيبة على قدر صلاحية عمله وحسن استعداد فى قبولها فاحياء النفس بالحياة الطيبة ان تصير مزكاة عن صقاتها متحلية بأخلاق القلب الروحاني مطمئنة بذكر الله راجعة الى ربها راضية مرضية واحياء القلب بالحياة الطيبة ان يصير متخلقا بأخلاق الله ويكون فانيا عن انانيته بهويته حيا بحياته طيبا عن دنس الاثنينية ولوث الحدوث فان الله طيب عن هذه الأوصاف فلا يقبل إلا طيبا ثم اعلم ان صلاحية اعمال العباد انما تكون على قدر صدقهم فى المعاملات وحسن استعدادهم فى قبول الفيض الإلهي فيكون طيب حياتهم بإحياء الله إياهم بحسب ذلك ولنجزينهم فى الآخرة اجر كل طائفة منهم باوفر ما كانوا يظنون ان يجازيهم الله على أعمالهم بيانه قوله وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وعن بعض اصحاب الامام احمد بن حنبل رحمه الله قال لما مات احمد رأيته فى المنام وهو يمشى ويتبختر فى مشيه فقلت له يا أخي أي مشية هذه قال مشية الخدام فى دار السلام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لى وألبسني تعلين من ذهب وقال هذا جزاء قولك القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وقال يا احمد قم حيث شئت فدخلت الجنة فاذا سفيان الثوري رحمه الله له جناحان أخضران يطير بهما من نخلة الى نخلة وهو يقرأ هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فقلت له أي شىء خبر عبد الواحد الوراق رحمه الله قال تركته فى بحر من النور يراد به الملك الغفور فقلت ما فعل بشر بن الحارث رحمه الله فقال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدى الجليل والجليل سبحانه مقبل عليه وهو يقول كل يا من لم يأكل واشرب

[سورة النحل (16) : الآيات 98 إلى 100]

يا من لم يشرب وتنعم يا من لم يتنعم وقال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا إسحاق ابراهيم بن على ابن يوسف الشيرازي رحمه الله فى المنام بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم فعلم من هذا المذكور ان من عمل صالحا لا بد ان يصل اليه جزاء عمله وان الجزاء من جنس العمل وانه يختلف بحسب اختلاف حال العامل فعلى العاقل المبادرة الى الأعمال الصالحة والصبر على مشاق الطاعات الى ان يجيئ وعد الله تعالى قال الحافظ صبر كن حافظ بسختى روز وشب ... عاقبت روزى بيابى كام را فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ اى أردت قراءته عبر عن الارادة بالقراءة على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب إيذانا بان المراد هى الارادة المتصلة بالقراءة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى فاسأله تعالى ان يعيذك ويحفظك مِنَ الشَّيْطانِ البعيد عن الخير الرَّجِيمِ المرجوم بالطرد واللعن اى من وساوسه وخطراته كيلا يوسوسك عند القرآن فان ناصية كل مخلوق بيده او قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو المختار من الروايات الأربع عشرة الواردة فى ألفاظ الاستعاذة كما فى تفسير خواجه پارسا قدس سره إِنَّهُ اى الشيطان او الشان لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ تسلط وولاية عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ على اولياء الله المؤمنين به والمتوكلين عليه فان وسوسته لا توثر فيهم لما امر القارئ بان يسأل الله تعالى ان يعيذه من وساوسه وتوهم منه ان له تسلطا وولاية على إغواء بنى آدم كلهم بين الله تعالى ان لا تسلط له على المؤمنين المتوكلين فقوله انه إلخ فى معرض التعليل للامر باللاستعاذة واشارة الى ان مجرد القول لا ينفع بل لا بد لمن أراد ان لا يكون للشيطان سبيل عليه ان يجمع بين الايمان والتوكل إِنَّما سُلْطانُهُ اى تسلطه وغلبته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والإلجاء فانه منتف عن الفريقين لقوله تعالى حكاية عنه وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي وقد افصح عنه قوله تعالى عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ اى يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فان المقسور بمعزل عن ذلك كذا فى الإرشاد وهو جواب عما قال السمرقندي فى تفسيره من ان فى بناء الكلام على الحصر والاختصاص ردا للشيطان فى قوله للكفرة فى جهنم وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ وتكذيباله انتهى وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ سبحانه وتعالى مُشْرِكُونَ مثبتون الشريك فى الالوهية او بسبب الشيطان إذ هو الذي حملهم على الإشراك بالله قال فى التأويلات النجمية الخطاب فى هذه الآية مع الامة وان خص النبي صلى الله عليه وسلم لان الشيطان كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وهو أحد تابعيه فكيف يقدر على ان يدور اليه سيما اسلم شيطانه على يده صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله (انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) يعنى سلطان نور الايمان والتوكل غالب على سلطان وسوسة الشيطان فاذا كان هذا حال الامة مع الشيطان فكيف يكون حال النبوة معه فثبت ان المراد بالخطاب الامة وانما خص النبي صلى الله عليه وسلم به لتعتبر الامة وتتنبه ان مثل النبي صلى الله عليه وسلم مهما

يكن مأمورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فتكون الامة بها اولى وأحق قال بعضهم هل المراد كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضره شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله عليه وسلم فان قريته لما اسلم تعين ان يكون الاستعاذة من إبليس او أكابر جنوده وتخصيص الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن من الشيطان الرجيم لمعان وفوائد أولها كى يتذكر القارئ واقعة الشيطان وبتفكر فى امره انه انما صار شيطانا رجيما بعد ان كان ملكا كريما لانه فسق عن امر ربه وخالفه وابى ان يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين اى فصار من الكافرين فيتنبه بذلك عند قراءة القرآن ويصفى نيته قبل القراءة على ان يأتمر بما امره الله فى القرآن وينتهى عما نهاه عنه احترازا عن المخالفة فان فيها الطرد واللعن والرجم والفسق والكفر وانها مظنة للخلود فى النار وثانيها لان العبد لا يخلو من حديث النفس وهواجسها ومن إلقاء الشيطان ووساوسه وقلبه لا بد يتشوش بذلك فلا يجد حلاوة كلام الله فامر بالاستعاذة وتزكيته للنفس عن هواجسها وتصفيته للقلب عن وساوس الشيطان ليتجلى بنور القرآن فان التجلية تكون بعد التزكية والتصفية وثالثها لان فى كل كلمة من كلمات القرآن لله تعالى إشارات ومعانى وحقائق لا يفهمها الا قلب مطهر عن تلوثات الهواجس والوساوس معطر بطيب أنفاس الحق وذلك مودع فى الاستعاذة بالله فامر بها لحصول الفهم- وروى- جبير بن مطعم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فقال (الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه) قال ابن مسعود رضى الله عنه نفخه الكبر ونفثه الشعر وهمزه الموتة يعنى الجنون وفى قوله إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ الآية اشارة الى ان تصرف الشيطان وقدرته بالإغواء والإضلال على الإنسان انما ينقطع بقدر نور الايمان وقوة التوكل فمهما يكمل الايمان والتوكل يكون المؤمن زاهدا عن الدنيا راغبا فى الآخرة متبتلا الى الله تعالى فلا يبقى للشيطان عليه سلطان فى إضلاله واغوائه ولكن يأول امره الى الوسوسة وفيها صلاح المؤمن فان إبريز اخلاص قلبه عن غش صفات نفسه لا يتخلص الا بنار وسوسة الشيطان لانه يطلع على بقايا صفات نفسه بما تكون الوسوسة من جنسه فيزيد فى الرياضة ومجاهدة النفس وملازمة الذكر فبها تنقص وتنمحى بقية صفات النفس ويزداد نور الايمان وقوة التوكل وقربة الحق وقبوله وفى بعض الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان إبليس قال يا رب قلت فى كتابك ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فمن هم فقال تعالى من كان نور وجهه من عرشى وطينه من طين ابراهيم ومحمد عليهما السلام وقلبه خزينتى قال إبليس فمن هم فقال تعالى من كان نادما على ذنبه وخائفا من خاتمته فنور وجهه من نور عرشى ومن كان يطعم الطعام ويرحم العباد فطينه من طينهما ومن كان راضيا بحكمي مسارعا الى ابتغاء مرضاتى فقلبه خزينتى) وفى الخبر (إذا لعن المؤمن

[سورة النحل (16) : الآيات 101 إلى 102]

شيطانا يقول لعنت لعينا وإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول قصم ظهرى لانه يحيل الى القادر) وفى الخبر (من استعاذ بالله فى اليوم عشر مرات من الشيطان وكل الله به ملكا يرد عنه الشياطين) : قال الحافظ در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن واعلم ان الاستعاذة واجبة على كل من شرع فى قراءة القرآن سواء بدأ من أوائل السور او من اجزائها مطلقا وان أراد به افتتاح الكتب او الدرس كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ كذا فى أنوار المشارق. والوجوب مذهب الجمهور كما فى الإرشاد وقال الفنارى فى تفسير الفاتحة والاستعاذة غير واجبة عند الجمهور والأمر فى فاستعذ للندب انتهى وقال الكاشفى فى تفسيره [وامر باستعاذه قبل از قراءت بقول جمهور امر استحبابست وباختيار جمعى از كبرا بر سبيل إيجاب. در تفسير قرطبى قولى هست كه استعاذه بر حضرت رسول صلى الله عليه وسلم تنها فرض بوده بوقت قراءت واقتداء امت برو بر سبيل سنت است] انتهى والتعوذ فى الصلاة ينبغى ان يكون واجبا لظاهر الأمر الا ان السلف اجمعوا على سنته كما فى الكافي قال القرطبي ابو حنيفة والشافعي رحمهما الله يتعوذان فى الركعة الاولى فى الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها قراءة واحدة كما فى حواشى سعدى المفتى. والغرض نفى الوسوسة فى التلاوة فشرع لافتتاح القراءة قال جعفر الصادق رضى الله عنه ان التعوذ تطهير الفم عن الكذب والغيبة والبهتان تعظيما لقراءة القرآن زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نكرداندش حق شناس وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ قال سلطان المفسرين ترجمان القرآن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية فيها شدة أخذ الناس بها وعملوا ما شاء الله ان يعملوا فيشق ذلك عليهم فينسخ الله هذه الشدة ويأتيهم بما هو ألين منها وأهون عليهم رحمة من الله تعالى فيقول لهم كفار قريش ان محمدا يسخر بأصحابه يأمرهم اليوم بامر وينهاهم عنه غدا ويأتيهم بما هو أهون عليهم وما هو الا مفتر يقوله من تلقاء نفسه. والمعنى إذا أنزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلا منها بان نسخناها وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ جملة معترضة بين الشرط وجوابه وهو قالوا لتوبيخ الكفرة على قولهم والتنبيه على فساد سندهم اى اعلم بما ينزل اولا وآخرا من الاحكام والشرائع التي هى مصالح ورب شىء يكون مصلحة فى وقت يكون مفسدة فى وقت آخر فينسخه ويثبت مكانه ما يكون مصلحة لخلقه قالُوا اى الكفرة إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ على الله متقول من عند نفسك بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان الله امر بأشياء نظرا لصلاح عباده وأقلهم يعلم الحكمة فى النسخ ولكن ينكر عنادا قُلْ ردا عليهم نَزَّلَهُ اى القرآن المدلول عليه بالآية رُوحُ الْقُدُسِ اى الروح المقدس المطهر من الأدناس البشرية وهو جبريل عليه السلام واضافة الروح الى القدس وهو الطهر كاضافة حاتم الى الجود حيث قيل حاتم الجود للمبالغة فى ذلك الوصف كأنه طبع منه فالمراد الروح

[سورة النحل (16) : آية 103]

المقدس وحاتم الجواد وفى صيغة التفعيل فى الموضعين اشعار بان التدريج فى الانزال مما يقتضيه الحكمة البالغة مِنْ رَبِّكَ من سيدك ومتولى أمرك بِالْحَقِّ فى موقع الحال اى نزله ملتبسا بالحق الثابت الموافق للحكمة المقتضية له بحيث لا يفارقها إنشاء ونسخا وفيه دلالة على ان النسخ حق لِيُثَبِّتَ الله تعالى او جبريل مجازا الَّذِينَ آمَنُوا على الايمان بانه كلامه فانهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية المصالح اللائقة بالحال رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم على ان الله حكيم فلا يفعل الا ما هو حكمة وصواب وَهُدىً من الضلالة وَبُشْرى بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ المنقادين لحكمه تعالى وهما معطوفان على محل ليثبت والتقدير تثبيتا لهم وهداية وبشارة. وفيه تعريض بحصول أضداد الأمور المذكورة لمن سواهم من الكفار قال فى التأويلات النجمية ان الله تعالى هو الطبيب والقرآن هو الدواء يعالج به من مرض القلوب كقوله تعالى وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ كما ان الطبيب يداوى المريض كل وقت بنوع من الادوية على حسب المزاج والعلة لازالتها ويبدل الاشربة والمعاجين بنوع آخر وهو اعلم بالمعالجة من غيره وكذلك الله عز وجل يعالج قلوب العباد بتبديل آية وإنزال آية مكانها والله اعلم بما ينزل ويعالج به العبد فالذين لا يعلمون قوانين الأمراض والمعالجات يحملون ذلك على الافتراء وفى التنزيل والتبديل تثبيت الايمان فى قلوب المؤمنين بازالة امراض الشكوك عن قلوبهم فان القرآن شفاء وهدى لصحة الدين وسلامة القلوب وبشارة للمسلمين الذين استسلموا للطبيب والمعالجة لصحة دينهم وكان الصحابة رضى الله عنهم يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون فى العمل بها فان المقصود من القرآن العمل به- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال علمنى مما غلمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حتى بلغ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فقال الرجل حسبى فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال (دعوه فقد فقه الرجل) : قال الشيخ سعدى قدس سره علم چندانكه بيشتر خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتابى چند آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه برو هيزم است ويا دفتر وقال [عالم ناپرهيزكار كوريست شعله دار. بي فائده هر كه عمر دريافت چيزى نخريد وزر بينداخت] اى أضاع المال ولم يكن على شىء نسأل الله التوفيق للتقوى والعمل بالقرآن فى كل مكان وزمان وَلَقَدْ نَعْلَمُ ادخل قد توكيدا لعلمه بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد إذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق أَنَّهُمْ اى كفار مكة يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ اى القرآن بَشَرٌ قال الامام الواحدي فى اسباب النزول عن عبيد بن مسلمة قال كان لنا غلامان نصرانيان من اهل عين التمر اسم أحدهما يسار

[سورة النحل (16) : الآيات 104 إلى 109]

والآخر جبر وكانا صيقلين [يعنى شمشيرها را صيقل زدندى] فكانا يقرآن كتابا لهم بلسانهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما ويسمع قراءتهما فكان المشركون يقولون يتعلم منهما فانزل الله تعالى هذه الآية وأكذبهم فالمراد بالبشر ذانك الغلامان لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ مبتدأ وخبر وكذا ما بعده لابطال طعنهم. والإلحاد الامالة من ألحد القبر إذا مال حفره عن الاستقامة فحفر فى شق منه ثم استعير لكل امالة عن الاستقامة فقالوا ألحد فلان فى قوله وألحد فى دينه ومنه الملحد لانه امال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين الى دين والأعجمي هو الذي لا يفصح وان كان عربيا والعجمي المنسوب الى العجم وان كان فصيحا. والمعنى لغة الرجل الذي يميلون اليه القول عن الاستقامة ويشيرون اليه انه يعلم محمدا أعجمية غير بينة وَهذا القرآن الكريم لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة فكيف يصدر عن أعجم. يعنى ان القرآن معجز بنظمه كما انه معجز بمعناه لاشتماله على الاخبار عن الغيب فان زعمتم ان بشرا يعلمه معناه فكيف يعلمه هذا النظم الذي أعجز جميع اهل الدنيا وفى التأويلات النجمية الأعجمي هو الذي لا يفهم من كلام الله تعالى ما أودع الله فيه من الاسرار والإشارات والمعاني والحقائق فانه لا يحصل ذلك الا لمن رزقه الله فهما يفهم به واللسان العربي هو الذي يسره الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وبين له معانيه وحقائقه كما قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ وقال فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ فالعربى المبين هو الذي أعطاه الله قلبا فيهما ولسانا مبينا فافهم جدا إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى لا يصدقون انها من عند الله بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء واخرى أساطير معلمة من البشر لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ الى سبيل النجاة هداية موصلة الى المطلوب لما علم انهم لا يستحقون ذلك لسوء حالهم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك بجهت كفر ايشان بقرآن ونسبت افتراء بحضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم وحال آنكه مفترى ايشانند] إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ التصريح بالكذب للمبالغة فى بيان قبحه والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وفاعل يفترى هو قوله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ رد لقولهم انما أنت مفتر يعنى انما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لانه لا يترقب عقابا عليه ليرتدع عنه واما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن ان يصدر عنه افتراء البتة قال فى التأويلات النجمية وجه الاستدلال ان الافتراء من صفات النفس الامارة بالسوء وهى نفس الكافر الذي لا يؤمن بآيات الله فان نفس المؤمن مأمورة لوامة ملهمة من عند الله مطمئنة بذكر الله ناظرة بنور الله مؤمنة بآيات الله لان الآيات لا ترى الا بنور الله كما قال صلى الله عليه وسلم (المؤمن ينظر بنور الله) فاذا كان من شأن المؤمن ان لا يفترى الكذب إذ هو ينظر بنور الله فكيف يكون من شأن رسول الله ان يفترى الكذب وهو نور من الله ينظر بالله وَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من عدم الايمان بآيات الله هُمُ الْكاذِبُونَ على الحقيقة لا على الزعم بخلاف رسول الله صلى الله

[سورة النحل (16) : آية 106]

عليه وسلم فان حاله على العكس او الكاملون فى الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيب آياته والطعن فيها بامثال هاتيك الأباطيل. فاللام للجنس والحقيقة ويدعى قصر الجنس فى المشار إليهم مبالغة فى كمالهم فى الكذب وعدم الاعتداد بكذب غيرهم قال فى الإرشاد الضر فى ذلك ان الكذب الساذج الذي هو عبارة عن الاخبار بعدم وقوع ما هو واقع فى نفس الأمر بخلق الله تعالى او بوقوع ما لم يقع كذلك مدافعة لله تعالى فى فعله فقط والتكذيب مدافعة له سبحانه فى فعله وقوله المنبئ عنه معا انتهى قيل للنبى صلى الله عليه وسلم المؤمن يزنى قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يسرق قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يكذب قال (لا) ويكفى فى قبح الكذب ان الشيطان استثنى العباد المخلصين من اهل الإغواء ولم يكذب فانه يعلم ان وسوسته لا تؤثر فيهم قال ارستطاليس فضل الناطق على الأخرس بالنطق وزين النطق الصدق والأخرس والصامت خير من الكاذب بهائم خموشند وكويا بشر ... پراكنده كوى از بهائم بتر وقد قالوا النجاة فى الصدق كما ان الهلاك فى الكذب- خطب الحجاج- يوما فاطال فقام رجل وقال الصلاة الصلاة الوقت يمضى ولا ينتظرك يا امير الحبشة فقال قومه انه مجنون قال ان أقر بجنته فقيل له فقال معاذ الله ان أقول ابتلاني وقد عافانى فبلغه فعفا عنه لصدقه فصار الصدق سببا للنجاة اللهم اجعلنا من الصادقين مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اى تلفظ بكلمة الكفر مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ به تعالى كابن حنظل وطعمة ومقيس وأمثالهم ومن موصولة ومحلها الرفع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة الخبر الآتي عليه وهو قوله (فعليهم غضب) وقدره الكاشفى بقوله [در معرض غضب ربانى باشد] لكنه جعل من شرطية كما يدل عليه تعبيره بقوله [هر كه كافر شود بخداى تعالى از پس ايمان خويش ومرتد كردد] ويجوز ان يكون الخبر الآتي خبرا لهما معا إِلَّا مَنْ [مكر كسى كه] أُكْرِهَ اجبر على ذلك التلفظ بامر يخاف على نفسه او على عضو من أعضائه وهو استثناء متصل من حكم الغضب والعذاب لان الكفر لغة يعم القول والعقد كالايمان اى لا من كفر بإكراه وقيل منقطع لان الكفر اعتقاد والإكراه على القول دون الاعتقاد. والمعنى لكن المكره على الكفر باللسان وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [آرميده باشد] بالايمان حال من المستثنى اى والحال ان قلبه مطمئن بالايمان لم تتغير عقيدته وفيه دليل على ان الايمان المنجى المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب وَلكِنْ مَنْ لم يكن كذلك بل شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً اى اعتقده وطاب به نفسا. وبالفارسية [وليكن هر كس كه بگشايد بكفر سينه را] فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم مِنَ اللَّهِ فى الحديث (ان غضب الله هو النار) وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ العذاب والعقاب الايجاع الشديد وتقديم الظرف فيهما للاختصاص والدلالة على انهم أحقاء بغضب الله وعذابه العظيم لاختصاصهم بعظم الجرم وهو الارتداد قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت الآية فى عمار رضى الله عنه وذلك ان كفار قريش أخذوه وأبويه ياسر وسمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما فعذبوهم ليرتدوا فابى أبواه فربطوا سمية بين بعيرين ووجئ اى ضرب بحربة فى قلبها وقالوا انما أسلمت من أجل الرجال والتعشق بهم

[سورة النحل (16) : الآيات 107 إلى 109]

فقتلوها وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين فى الإسلام واما عمار فكان ضعيف البدن فلم يطق لعذابهم فاعطاهم بلسانه ما أكرهوه عليه وهو سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الأصنام بخير فقالوا يا رسول الله ان عمارا كفر فقال عليه الصلاة والسلام (كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه) فأتى عمار رسول الله وهو يبكى فجعل رسول الله يمسح عينيه وقال (مالك ان عادوا لك فعدلهم بما قلت) وهو دليل على جواز التكلم بكلمة الكفر عند الإكراه الملجئ وان كان الأفضل ان يجتنب عنه ويصبر على الأذى والقتل كما فعله أبواه كما روى ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لاحدهما ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فىّ قال فانت ايضا فخلاه وقال للآخر ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فى قال انا أصم فاعاد ثلاثا فاعادجوا به فقتله فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اما الاول فقد أخذ برخصة الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له وفى الحديث (أفضل الجهاد كلمة العدل عند سلطان جائر) وانما كان أفضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين خوف ورجاء ولا يدرى هل يغلب او يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو إذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك أفضل انواع الجهاد من أجل غلبة الخوف كذا فى أبكار الافكار فى مشكل الاخبار ذلِكَ الكفر بعد الايمان بِأَنَّهُمُ اى بسبب انهم اسْتَحَبُّوا [دوست داشتند وبرگزيدند] فتعدية الاستحباب بعلى لتضمنه معنى الإيثار الْحَياةَ الدُّنْيا [زندكانى دنيا را] عَلَى الْآخِرَةِ [بر نعيم آخرت] وَأَنَّ اللَّهَ [وديكر بجهت آنست كه خداى تعالى] لا يَهْدِي الى الايمان والى ما يوجب الثبات عليه هداية قسر والجاء الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فى علمه المحيط فلا يعصمهم من الزيغ وما يؤدى اليه من الغضب والعذاب العظيم ولولا أحد الامرين اما إيثار الحياة الدنيا على الآخرة واما عدم هداية الله سبحانه للكافرين هداية قسر بان آثروا الآخرة على الحياة الدنيا او بان هداهم الله تعالى هداية قسر لما كان ذلك لكن الثاني مخالف للحكمة والاول مما لا يدخل تحت الوقوع واليه أشير بقوله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من القبائح الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ [مهر نهاد خداى تعالى] عَلى قُلُوبِهِمْ [بر دلهاى ايشان تا قول حق در نيافتند] وَسَمْعِهِمْ [وبر كوشهاى ايشان تا سخن حق نشنوند] وَأَبْصارِهِمْ [وبر ديدهاى ايشان تا آثار قدرت حق نديدند] وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ اى الكاملون فى الغفلة أعظم من الغفلة عن تدبر العواقب لا جَرَمَ أَنَّهُمْ [حقا كه در ان هيچ شك نيست كه ايشان] فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ إذا ضيعوا أعمارهم وصرفوها الى العذاب المخلد. وبالفارسية [در ان سراى ديكر ايشانند زيان زدكان چهـ سرمايه عمر ضايع كرده در بازار دينى سودى بدست نياوردند ومفلس وار در شهر قيامت جز دست تهى ودل پر حسرت وندامت نخواهد بود] : قال الشيخ سعدى قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو دهند بضاعت بچندان آنكه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى

[سورة النحل (16) : الآيات 110 إلى 115]

كه بازار چندانكه آكنده تر ... تهى دست را دل پراكنده تر كسى را كه حسن عمل بيشتر ... بدرگاه حق منزلت پيشتر قال فى التأويلات النجمية يعنى اهل الغفلة فى الدنيا هم اهل الخسارة فى الآخرة وفيه اشارة اخرى وهى ان التغافل بالأعضاء عن العبودية تورث خسران القلوب عن مواهب الربوبية انتهى قال بعض الأكابر ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها قال وهب بن منبه خلق ابن آدم ذا غفلة ولولا ذلك ما هنئ عيشه: وفى المثنوى استن اين عالم اى جان غفلتست ... هوشيارى اين جهانرا آفتست هوشيارى زان جهانست و چون آن ... غالب آمد پست كردد اين جهان هوشيارى آفتاب وحرص يخ ... هوشيارى آب واين عالم وسخ «1» اللهم اجعلنا من اهل اليقظة والانتباه ولا تجعلنا ممن اتخذ الهه هواه وشرفنا بمقامات المكاشفين العارفين وأوصلنا الى حقيقة اليقين والتحقيق والتمكين انك أنت النصير والمعين ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ قال قتادة ذكر لنا انه لما انزل الله تعالى ان اهل مكة لا يقبل منهم الإسلام حتى يهاجروا كتب بها اهل المدينة الى أصحابهم من اهل مكة فلما جاءهم ذلك خرجوا فلحقهم المشركون فردوهم فنزل الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فكتبوا بها إليهم فتبايعوا بينهم على ان يخرجوا فان لحقهم المشركون من اهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا او يلحقوا بالله فادركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فانزل الله تعالى هذه الآية كذا فى اسباب النزول للواحدى. وثم للدلالة على تباعد رتبة حالهم عن رتبة حالهم التي يفيدها الاستثناء من مجرد الخروج عن حكم الغضب والعذاب بطريق الاشارة لا عن رتبة حال الكفرة كذا فى الإرشاد لِلَّذِينَ هاجَرُوا الى دار الإسلام وهم عمار وصهيب وخباب وسالم وبلال ونحوهم. واللام متعلقة بالخبر وهو الغفور على نية التأخير وان الثانية تأكيد للاولى لطول الكلام مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا اى عذبوا على الارتداد واكرهوا على تلفظ كلمة الكفر فتلفظوا بما يرضيهم اى الكفرة مع اطمئنان قلوبهم ثُمَّ جاهَدُوا فى سبيل الله وَصَبَرُوا على مشاق الجهاد إِنَّ رَبَّكَ من بعدها من بعد المهاجرة والجهاد والصبر لَغَفُورٌ بما فعلوا من قبل اى لستور عليهم محاء لما صدر منهم رَحِيمٌ منعم عليهم من بعد بالجنة جزاء على تلك الافعال الحميدة والخصال المرضية واعلم ان المهاجرة مفاعلة من الهجرة وهى الانتقال من ارض الى ارض والمجاهدة مفاعلة من الجهد وهو استفراغ الوسع وبذل المجهود قال فى التعريفات المجاهدة فى اللغة المحاربة وفى الشرع محاربة النفس الامارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها مما هو مطلوب فى الشرع انتهى وكل من المهاجرة الصورية والمعنوية وكذا المجاهدة مقبولة مرضية إذ من كان فى ارض لا يقيم فيها شعائر دينه وأهلها ظالمون فهاجر منها لدينه ولو شبرا وجبت له الجنة ومن فارق موطن النفس والمألوفات وحارب الأعداء الباطنة وجبت له القربة ومرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وعن عمر بن الفارض

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن عائشه كه يا رسول الله سر باران امروز چهـ بود

[سورة النحل (16) : آية 111]

قدس سره انه حضر جنازة رجل من اولياء الله تعالى قال فلما صلينا عليه امتلأ الجو بطيور خضر فجاء طير كبير فابتلعه ثم طار فتعجبت فقال لى رجل كان قد نزل من السماء وحضر الصلاة لا تتعجب فان أرواح الشهداء فى حواصل الطيور خضر ترعى فى الجنة أولئك شهداء السيوف واما شهداء المحبة فاجسادهم أرواح إذ آثار الأرواح اللطيفة تسرى الى الأجساد فتحصل اللطافة لها ايضا ولذا لا تبلى أجساد الكمل ولا بد لمن أراد ان يصل الى هذه الرتبة ويحيى حياة ابدية من ان يميت نفسه الامارة ويزكيها عن سفساف الأخلاق ورذائل الأوصاف كالكبر والعجب والرياء والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه يقال ان الدركات السبع للنار بمقابلة هذه الصفات السبع للنفس فالخلاص من هذه الصفات سبب الخلاص من تلك الدركات: قال الشيخ سعدى قدس سره ترا شهوت وكبر وحرص وحسد ... چوخون در ركند و چوجان در جسد كر اين دشمنان تقويت يافتند ... سر از حكم ورأى تو بر تافتند تو بر كره توسنى در كمر ... نكر تا نپيچد ز حكم تو سر اگر پالهنك از كفت در كسيخت ... تن خويشتن كشت وخون تو ريخت ثم ان الله تعالى غفور من حيث الافعال يتجلى لاهل التزكية من مرتبة توحيد الافعال وغفور من حيث الصفات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الصفات وغفور من حيث الذات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الذات فيستر أفعالهم وصفاتهم وذواتهم وينعم عليهم بآثار أفعاله وأنوار صفاته واسرار ذاته فيتخلّصون من الفاني ويصلون الى الباقي ويجدون ثمرات المجاهدات وهى المشاهدات ونتائج المفارقات وهى المواصلات وعواقب المعاقبات وهى التنعم فى الجنات العاليات والاستراحة الدائمة فى مقامات القربات اللهم أعنا على سلوك سبيل الهجرة والصبر والجهاد واحفظنا من فتنة اهل البغي والفساد انك أنت الأهل للاعانة والامداد يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ منصوب با ذكر والمراد يوم القيامة تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها أضاف النفس الى النفس لانه يقال لعين الشيء نفسه ولنقيضه غيره والنفس جملة الشيء ايضا فالنفس الاولى بمعنى الجملة والثانية بمعنى العين والذات. والمعنى اذكر يا محمد ويأكل من يصلح للخطاب يوم يأتى كل انسان يجادل ويخاصم عن ذاته يسعى فى خلاصه بالاعتذار كقولهم هؤلاء أضلونا وما كنا مشركين لا يهمه شان غيره فيقول نفسى نفسى وذلك حين زفرت جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه حتى خليل الرحمن عليه السلام وقال رب نفسى اى أريد نجاة نفسى قال احمد الدورقي مات رجل من جيراننا شاب فرأيته فى الليل وقد شاب فقلت ما قصتك قال دفن بشر المريسي فى مقبرتنا فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من فى المقبرة وبشر أخذ الفقه عن ابى يوسف القاضي الا انه اشتغل بالكلام وقال بخلق القرآن وأضل خلقا كثيرا ببغداد فى زمن المأمون وقطعه عبد العزيز الكتاني وبالجملة كان بشر من جملة شياطين الانس حتى نصبه الشيطان خليفة لمن فى بغداد إذ فعل بالخلق ما فعله الشيطان من الإضلال: قال الحافظ دام سختست مكر لطف خدايا شود ... ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم

[سورة النحل (16) : آية 112]

وقال سزدم چوابر بهمن كه درين چمن بكريم ... طرب آشيان بلبل بنكر كه زاغ دارد قال فى التأويلات النجمية كُلُّ نَفْسٍ على قدر بقاء وجودها تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها اما دفعا لمضارها او جذبا لمنافعها حتى الأنبياء عليهم السلام يقولون نفسى نفسى الا محمدا صلى الله عليه وسلم فانه فان عن نفسه باق بربه فانه يقول أمتي أمتي لانه المغفور من ذنب وجوده المتقدم فى الدنيا والمتأخر فى الآخرة بما فتح له ليلة المعراج إذ واجهه بخطاب السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ففنى عن وجوده بالسلام وبقي بوجوده بالرحمة وكان رحمة مهداة أرسل ببركاته الى الناس كافة ولكنه رفع المنزلة من تلك الضيافة خاصة لخواص متابعيه كما قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يعنى الذين صلحوا لبذل الوجود فى طلب المقصود ونيل الجود فما بقي لهم مجادلة عن نفوسهم مع الخلق والخالق كما قال بعضهم كل الناس يقولون غدا نفسى نفسى وانا أقول ربى ربى وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ برة او فاجرة اى تعطى وافيا كاملا وبالفارسية [تمام داده شود هر نفس را] ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب اشعارا بكمال الاتصال بين الاجزية والأعمال وإيثار الإظهار على الإضمار للايذان باختلاف وقتى المجادلة والتوفية وان كانتا فى يوم واحد وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ لا ينقصون أجورهم ولا يعاقبون بغير موجب ولا يزاد فى عقابهم على ذنوبهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد يقول الروح يا رب لم يكن لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها ويقول الجسد خلقتنى كالخشب ليست لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لسانى وأبصرت عينى ومشت رجلى قال فيضرب لهما مثلا مثل أعمى ومقعد دخلا حائطا وفيه ثمار فالاعمى لا يبصر الثمار والمقعد لا ينالها فحمل الأعمى المقعد فاصابا من الثمر فعليهما العذاب كذا فى تفسير السمرقندي وفيه اشارة الى ان كل نفس عملت سوأ توفى العذاب بنار الجحيم ونار القطعية وكل نفس عملت خيرا توفى الثواب من نعيم الجنان ولقاء الرحمن فلا يعذب اهل النعيم ولا يثاب اهل الجحيم كذا فى التأويلات النجمية وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً اى قصة اهل قرية كانت فى قرى الأولين وهى ايلة كما فى الكواشي وهى بلد بين ينبع ومصر وضرب المثل صنعه واعتماله ولذا قال الكاشفى فى تفسيره [و پيدا كرد خدا مثلى] ولا يعتدى الا الى مفعول واحد وانما عدى الى اثنين لتضمينه معنى الجعل وتأخير قرية مع كونها مفعولا اولا لئلا يحول المفعول الثاني بينها وبين صفتها وما يترتب عليها إذ التأخير عن الكل مخل بتجاذب أطراف النظم وتجاوبها. والمعنى جعل أهلها مثلا لاهل مكة خاصة أو لكل قوم أنعم الله عليهم فابطرتهم النعمة ففعلوا ما فعلوا فبدل الله بنعمتهم نقمة ودخل فيهم اهل مكة دخولا أوليا كانَتْ آمِنَةً ذات أمن من كل مخوف قال الكاشفى [ايمن از نزول قياصره وقصه جبابره] مُطْمَئِنَّةً [آرميده واهل آن آسوده] قال فى الكواشي لا ينتقلون عنها الى غيرها لحسنها يَأْتِيها رِزْقُها أقوات أهلها صفة ثانية لقرية وتغير سبكها عن الصفة الاولى لما ان إتيان رزقها متجدد وكونها

[سورة النحل (16) : آية 113]

آمنة مطمئنة ثابت مستمر رَغَداً واسعا مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها من البر والبحر فَكَفَرَتْ اى كفر أهلها بِأَنْعُمِ اللَّهِ اى بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وادرع والمراد بها نعمة الرزق والامن المستمر وإيثار جمع القلة للايذان بان كفران نعمة قليلة حيث أوجب هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة- روى- ان اهل ايلة كانوا يستنجون بالخبز كما فى الكواشي يقول الفقير الخبز هو الأصل بين النعم الإلهية ولذا امر آدم عليه السلام الذي هو اصل البشر بالحراثة فمن كفر به فقد كفر بجميع النعم وتعرض لزوالها وكذا الاعتقاد الصحيح الذي عليه اهل السنة والجماعة هو الأساس المبنى عليه قبول الأعمال الصالحة فمن أفسد اعتقاده فقد أفسد دينه وتعرض لسخط الله تعالى بآب زمزم اگر شست خرقه زاهد شهر ... چهـ سود از ان چوندارد طهارت ازلى والمقصود طهارة الوجود والقلب عن لوث الانية والتعلق بغير الله تعالى فَأَذاقَهَا اللَّهُ اى أذاق أهلها. وبالفارسية [پس بچشانيد خداى تعالى اهل آنرا] واصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء والاختبار كما فى تفسير ابى الليث لِباسَ الْجُوعِ حتى أكلوا ما تغوطوه لان الجزاء من جنس العمل قال فى الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة كيف سمى الجوع لباسا قيل لانه يظهر من الهزال وشحوب اللون وضيق الحال ما هو كاللباس وَالْخَوْفِ قال فى الإرشاد شبه اثر الجوع والخوف وضرهما المحيط بهم باللباس الغاشى للابس فاستعير له اسمه وأوقع عليه الاذاقة المستعارة لمطلق الإيصال المنبئة عن شدة الاصابة بما فيها من اجتماع ادراك الملامسة والذائقة على نهج التجريد فانها لشيوع استعمالها فى ذلك وكثرة جريانها على الالسنة جرت مجرى الحقيقة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ فيما قبل من الكفران ثم بين ان ما فعلوه من كفران النعم لم يكن مزاحمة منهم لقضية العقل فقط بل كان ذلك معارضة لحجة الله على الخلق ايضا فقال وَلَقَدْ جاءَهُمْ اى اهل تلك القرية رَسُولٌ مِنْهُمْ اى من جنسهم يعرفونه بأصله ونسبه فاخبرهم بوجوب الشكر على النعمة وانذرهم سوء عاقبة الكفران فَكَذَّبُوهُ فى رسالته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ المستأصل غب ما ذاقوا نبذة من ذلك وَهُمْ ظالِمُونَ حال كونهم ظالمين بالكفران والتكذيب حيث جعلوا الاول موضع الشكر والثاني موضع التصديق وترتيب العذاب على التكذيب جرى على سنة الله تعالى كما قال وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا قال ابن عباس رضى الله عنهما هذا المثل لاهل مكة فانهم كانوا فى حرم آمن ويتخطف الناس من حولهم وما يمر ببالهم طيف من الخوف وكانت تجبى اليه ثمرات كل شىء ولقد جاءهم رسول منهم فكفروا بانعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصابهم بدعائه صلى الله عليه وسلم بقوله (اللهم اعنى عليهم بسبع كسبع يوسف) ما أصابهم من القحط والجدب حتى أكلوا الجيف والكلاب الميتة والجلود والعظام المحرقة والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع قد ضاقت عليهم الأرض بما رجت من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة حيث كانوا يغيرون على مواشيهم وعيرهم وقوافلهم

[سورة النحل (16) : الآيات 114 إلى 115]

فوقعوا فى خوف عظيم من اهل الإسلام حتى تركوا سفر الشام والتردد اليه ثم أخذهم يوم بدر ما أخذهم من العذاب وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة بالسوء إذا كفرت فى قرية شخص الإنسان بنعم الطاعات والتوفيق واتبعت هواها وتمتعت بشهواتها ابتليت بانقطاع مبرة الحق وأكل جيفة الدنيا وميتة المستلذات وخوف العذاب بسوء صنيعها فلا بد للسالك ان يقتفى اثر رسول الخاطر الروحاني المؤيد بالإلهام الرباني ويترك الاقتداء بالنفس والشيطان فانهما يجران الى الأخلاق الذميمة المستتبعة للآثار القبيحة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم لا تمام الأخلاق الحميدة على وفق الشريعة كما قال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) والمكارم جمع مكرمة كالمصالح جمع مصلحة وإضافته الى الأخلاق من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف اى بعثت لاتمم الأخلاق الكريمة والشيم الحسنة وذلك ان الأنبياء عليهم السلام كل واحد منهم مبعوث بسر وحكمة الهية راجعة الى تكميل البشر وتحسين اخلاقهم ونبينا عليه السلام مبعوث لتتميم تلك الأخلاق الكريمة وتكميلها على وجه التفصيل ولهذا جاء بشرع جامع لجميع جهات الحسن وهذا سر قوله (لا بنى بعدي) فمن ادعى نبيا بعده جهل بقدره وقدر علماء أمته كما لا يخفى فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى وإذ قد استبان لكم يا اهل مكة حال من كفر بانعم الله وكذب رسوله وما حل بهم بسبب ذلك من اللتيا والتي اولا وآخرا فانتهوا عما أنتم عليه من كفران النعم وتكذيب الرسول كيلا يحل بكم مثل ما أحل بهم واعرفوا حق نعم الله وأطيعوا رسوله فى امره ونهيه وكلوا من رزق الله من الحرث والانعام وغيرهما حال كونه حَلالًا طَيِّباً اى لذيذا تستطيبه النفوس وذروا ما تفترون من تحريم البحائر وتحوها فحلالا حال من ما رزقكم الله ويجوز ان يكون مفعول كلوا وفيه اشارة الى ان أنوار الشريعة واسرار الحقيقة رزق معنوى للعاسق الصادق وما قبلته الشريعة والحقيقة فهو حلال طيب وما ردته فهو حرام خبيث ولذا قيل علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث اى العلم المقبول النافع هذه العلوم وما شهدت هى له بالقبول من الظواهر والبواطن وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ واعرفوا حقها ولا تقابلوها بالكفران والفناء فى المعنى داخلة على الأمر بالشكر وانما دخلت على الأمر بالأكل لكون الاكل ذريعة الى الشكر فكأنه قيل فاشكروا نعمة الله غب أكلها حلالا طيبا إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى تطيعون وتريدون رضاه ان تستحلوا ما أحل الله وتحرموا ما حرم الله إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى أكلها وهى ما لم تلحقه الذكاة. وبالفارسية [مردار] فاللحم القديد المجلوب الى الروم من افلاق حرام لانهم انما يضربون رأس البقر بالمقمعة ولا يذكون وَالدَّمَ المسفوح اى المصبوب من العروق واما المختلط باللحم فمعفو والاولى غسله وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ اى رفع الصوت للصنم به وذلك قول اهل الجاهلية باللات والعزى اى انما حرم هذه الأشياء دون ما تزعمون حرمته من البحائر والسوائب ونحوهما وتنحصر المحرمات فيها الا ما ضمنه إليها دليل كالسباع والحمر الاهلية- روى- انه عليه السلام نهى عن أكل ذى مخلب من

الطيور وكل ذى ناب من السباع- وروى- خالد بن الوليد رضى الله عنه انه عليه السلام نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير وفيه حجة لابى حنيفة على صاحبيه فى تحليلهما أكل لحوم الخيل وما روياه عن جابر رضى الله عنه انه قال نهى النبي عليه السلام عن لحوم الحمر الاهلية واذن فى لحم الخيل معارض لحديث خالد والترجيح للمحرم كذا فى حواشى الفاضل سنان چلبى والاشارة ان الميتة جيفة الدنيا والحيوان هى الدار الآخرة ولو لم يكن للآخرة حباة لكانت جيفة [جيفه را براى مرد كيش جيفه كويند نى براى بوى زشت وصورت قبيحه] فاعرف: وفى المثنوى آن جهان چون ذره ذره زنده اند ... نكته دانند وسخن كوينده اند در جهان مرده شان آرام نيست ... كين علف جز لائق انعام نيست «1» هر كرا كلشن بود بزم وطن ... كى خورد او باده اندر كولخن جاى روح پاك عليين بود ... كرم باشد كش وطن سركين بود وان الدم شهوات الدنيا. ولحم الخنزير الغيبة والحسد والظلم. وما اهل لغير الله به مباشرة كل عمل مباح لالله وللتقرب اليه بل لهوى النفس وطلب حظوظها كما فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الاضطرار الاحتياج الى الشيء واضطره اليه أحوجه والجأه فاضطر بضم الطاء والضرورة الحاجة قال الكاشفى [پس هر كه بيچاره شود ومحتاج كردد بخوردن يكى از محرمات] فتناول شيأ من ذلك حال كونه غَيْرَ باغٍ اى على مضطر آخر بالاستئثار عليه فان هلاك الآخر ليس باولى من هلاكه فهو حال من فعل مقدر كما أشير اليه. والباغي من البغي يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وَلا عادٍ اى متجاوز قدر الضرورة وسد الجوع يقال عدا الأمر وعنه جاوزه فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى لا يؤاخذه بذلك فاقيم سببه مقامه قال فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الى نوع منها مثل طلب القوت بالكسب الحلال او التأهل للتوالد والتناسل او الاختلاط مع الخلق للمناصحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وغير ذلك من أبواب البر غير معرض عن طلب الحق ولا مجاوز عن حد الطريقة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما اضطروا اليه رَحِيمٌ على الطالبين بان يبلغهم مقاصدهم واعلم ان مواضع الضرورة مستثناة ولذا قال فى التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم لنتداوى إذا أخبره طبيب مسلم ان شفاءه فيه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه. وأجاز بعضهم استشارة اهل الكفر فى الطب إذا كانوا من اهله كما فى انسان العيون. والاولى التجنب عنه لان المؤمن ولى الله والكافر عدو الله ولا خير لولى من عدو الله فلا بد للمريض من المراجعة الى المجانس واهل الوقوف والتجربة: قال الصائب ز بي دردان علاج درد خود جستن بآن ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها وفى الاشتباه يرخص للمريض التداوى بالنجاسات وبالخمر على أحد القولين واختار قاضيخان عدمه واساغة اللقيمة بها إذا غص اتفاقا واباحة النظر للطبيب حتى للعورة والسوءتين انتهى قال الفقيه ابو الليث رحمه الله يستجب للرجل ان يعرف من الطب مقدار ما يمتنع به عما يضر ببدنه انتهى- وروى- عن على كرم الله وجهه انه قال لحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان معنى آية وان الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون إلخ

[سورة النحل (16) : الآيات 116 إلى 120]

دواء وقد صح عن النبي عليه السلام انه ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر كما قال (عليكم بألبان البقر وسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي وَلا تَقُولُوا يا أهل مكة لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ما موصولة واللام صلة لا تقولوا مثل ما فى قوله تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ اى لا تقولوا فى شأن ما تصف ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة فى قولكم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتيب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده الى وحي او قياس مبنى عليه الْكَذِبَ ينتصب بلا تقولوا على انه مفعول به وقوله تعالى هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ بدل منه فالمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة فقدم عليه كونه كذبا وأبدل منه هذا حلال وهذا حرام مبالغة واللام صلة مثل ما يقال لا تقل للنبيذ انه حرام اى فى شأنه وذلك لاختصاص القول بانه فى شأنه وفيه ايماء الى ان ذلك مجرد وصف باللسان لا حكم عليه عقد كذا فى حواشى سعدى المفتى ويقال فى الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولا بغير حجة وبيان كما فى تفسير ابى الليث لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فان مدار الحل والحرمة ليس الا امر الله فالحكم بالحل والحرمة اسناد للتحليل والتحريم الى الله من غير ان يكون ذلك منه. واللام لام العاقبة لا الغرض لان الافتراء لم يكن غرضا لهم وفى الآية اشارة الى ما تقولت النفوس بالحسبان والغرور انا قد بلغنا الى مقام يكون علينا بعض المحرمات الشرعية حلالا وبعض المحللات حراما فيفترون على الله الكذب انه أعطانا هذا المقام كما هو من عادة اهل الإباحة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى امر من الأمور لا يُفْلِحُونَ لا يفوزون بمطالبهم التي ارتكبوا الافتراء للفوز بها مَتاعٌ قَلِيلٌ خبر مبتدأ محذوف اى منفعتهم فيما هم عليه من افعال الجاهلية منفعة قليلة تنقطع عن قريب وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ لا يكتنه كنههم وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا يعنى على اليهود خاصة دون غيرهم من الأولين والآخرين حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ اى بقوله حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما الآية مِنْ قَبْلُ اى من قبل نزول الآية فهو متعلق بقصصنا او من قبل التحريم على هذه الامة فهو متعلق بحرمنا وهو تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بابطال ما يخالفه من قرية اليهود وتكذيبهم فى ذلك فانهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه وانما كانت محرمة على نوح وابراهيم ومن بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك التحريم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه حسبما نعى عليهم فى قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الآية ولقد القمهم الحجر قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ

[سورة النحل (16) : الآيات 119 إلى 120]

فائتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين- روى- انه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك بهتوا ولم يجرأوا ان يخرجوا التوراة كيف وقد بين فيها ان تحريم ما حرم عليهم من الطيبات لظلمهم وبغيهم عقوبة وتشديدا أوضح بيان وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم فى التحريم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ [بسبب غفلت ونادانى وعدم تفكر در عواقب امور] وعن ابن عباس رضى الله عنهما كل من يعمل سوأ فهو جاهل وان كان يعمل ان ركوبه سيئة. والسوء يحتمل الافتراء على الله وغيره. واللام متعلقة بالخير وهو لغفور وان الثانية تكرير على سبيل التأكيد لطول الكلام ووقوع الفصل كما مر فى قوله تعالى ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا الآية ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما عملوا السوء والتصريح به مع دلالة ثم عليه للتأكيد والمبالغة وَأَصْلَحُوا أعمالهم او دخلوا فى الصلاح إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد التوبة كقوله اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى فى ان الضمير عائد الى مصدر الفعل قال سعدى المفتى لم يذكر الإصلاح لانه تكميل التوبة فانها الندم على المعصية من حيث انها معصية مع عزم ان لا يعود فعدم العود والإصلاح تحقيق لذلك العزم لَغَفُورٌ لذلك السوء اى ستور له محاء رَحِيمٌ يثبت على طاعته تركا وفعلا وتكرير قوله تعالى ان ربك لتأكيد الوعد واظهار كمال العناية بانجازه فعلى العاقل ان يرجع عن الاعراض عن الله ويقبل عليه بصدق الطلب واخلاص العمل والتوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب وفى المثنوى كر سيه كردى تو نامه عمر خويش ... توبه كن ز انها كه كردستى تو پيش «1» عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است ... آب توبه اش ده اگر او بي نم است بيخ عمرت را بده آب حيات ... تا درخت عمر كردد بإثبات جمله ماضيها ازين نيكو شوند ... زهر پارينه از اين كردد چوقند واعلم ان توبة العوام من السيئات وتوبة الخواص من الزلات والغفلات وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات لا تركها والعبد إذا رجع عن السيئة وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأفضل الأعمال خلاف هوى النفس والذكر بلا اله الا الله وفى الحديث (ان الله عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت فى الأرض السفلى فاذا قال العبد لا اله الا الله محمد رسول الله عن نية صادقة اهتز العرش فتحرك الحوت والعمود فيقول الله تعالى أسكن يا عرشى فيقول العرش كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فيقول الله تعالى اشهدوا يا سكان سمواتى انى قد غفرت لقائلها الذنوب صغيرها وكبيرها سرها وعلانيتها فبذكر الله تعالى يتخلص العبد من الذنوب وبه تحصل تزكية النفس وتصفية القلوب إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً على حدة لحياذته من الفضائل البشرية ما لا يكاد يوجد الا متفرقا فى امة جمة كما قيل ليس على الله بمستنكر ... ان يجمع العالم فى واحد جانا تو يكانه ولى ذات تو هست ... مجموعه آثار كمالات همه

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زنى بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك

[سورة النحل (16) : الآيات 121 إلى 128]

وفى الحديث (حسين سبط من الأسباط) كما فى المصابيح بمعنى انه من الأمم يقوم وحده مقامها او بمعنى انه يتشعب منه الفروع الكثيرة إذا السادات من نسل زين العابدين بن الحسين رضى الله عنهما. فلا دلالة فى الحديث على نبوة الحسين كما ادعاه بعض المفترين فى زماننا هذا نعوذ بالله ومن قال بعد نبينا نبى يكفر كما فى بحر الكلام. ويقال امة بمعنى مأموم اى يؤمه الناس ويقصدونه ليأخذوا منه الخير ومعلم الخير امام فى الدين وهو عليه السلام رئيس اهل التوحيد وقدوة اصحاب التحقيق جادل اهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة وأبطل مذاهبهم بالبراهين القاطعة قانِتاً لِلَّهِ مطيعا له قائما بامره حَنِيفاً مائلا عن كل دين باطل الى الدين الحق وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا. وفيه رد على كفار قريش فى قولهم نحن على ملة أبينا ابراهيم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ جمع نعمة صفة ثالثة لامة- روى- انه كان لا يأكل الا مع ضيف ولم يجد ذات يوم ضيفا فاخر غداءه فجاءه فوج من الملائكة فى زى البشر فقدم لهم الطعام فخيلوا اليه ان بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على ان عافانى وابتلاكم ويقال انه أراد الضيافة لامة محمد ثم دعا الله لاجلها وقال انى عاجز وأنت قادر على كل شىء فجاء جبريل فاتى بكف من كافور الجنة فاخذ ابراهيم فصعد الى جبل ابى قبيس ونثره فاوصله الله الى جميع أقطار الدنيا فحيثما سقطت ذرة من ذراته كان معدن الملح فصار الملح ضيافة ابراهيم عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره خور و پوش بخشاى وراحت رسان ... نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان غم شادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك اجْتَباهُ اختاره للنبوة وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه وهو ملة الإسلام المشتمل على التسليم وقد اوتى تسليما أي تسليم وآتيناه فى الدنيا حسنة حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة والأولاد الأبرار والعمر الطويل فى السعة والطاعة وان حضرة الرسالة صلى الله عليه وسلم من نسله وان الصلاة عليه مقرونة بصلاة النبي عليه السلام كما يقول المصلى من هذه الامة كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصحاب الدرجات العالية فى الجنة وهم الأنبياء عليهم السلام فالمراد الكاملون فى الصلاح والواصلون الى غاية الكمال ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مع علو طبقتك وسمو رتبتك وما فى ثم من التراخي فى الرتبة للتنبيه على ان أجل ما اوتى ابراهيم اتباع الرسول ملته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الملة اسم لما شرعه الله لعباده على لسان الأنبياء من أمللت الكتاب إذا مليته وهى الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له والمراد بملته الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم حَنِيفاً حال من المضاف اليه لما ان المضاف لشدة اتصاله به جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قيل رأيت وجه هند قائمة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين وهو تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل قال العلماء المأمور به الاتباع فى الأصول دون الفروع المتبدلة بتبدل الاعصار واتباعه له بسبب كونه مبعوثا بعده والا فهو أكرم الأولين والآخرين على الله

[سورة النحل (16) : آية 124]

تو اصل وباقى طفيل تواند ... تو شاهى ومجموع خيل تواند وكان صلى الله عليه وسلم على دين قومه قبل النبوة اى على ما بقي فيهم من ارث ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى حجهم ومناكسهم وبيوعهم وأساليبهم واما التوحيد فانهم كانوا قد بدلوه والنبي عليه السلام لم يكن الا عليه قال فى التأويلات النجمية لما سلك النبي صلى الله عليه وسلم طريق متابعته واسلم وجهه لله ليذهب الى الله كما ذهب ابراهيم وقال انى ذاهب الى ربى نودى فى سره ان ابراهيم كان خليلنا وأنت حبيبنا فالفرق بينكما ان الخليل لو كان ذاهبا يمشى بنفسه فالحبيب يكون راكبا اسرى به فلما بلغ سدرة المنتهى وجد مقام الجليل عندها فقيل له ان السدرة مقام الخليل لو رضيت بها لنزينها لك إذ يغشى السدرة ما يغشى ولعلو همته الحبيبية ما زاغ البصر بالنظر إليها وما طغى باتخاذ المنزل عندها ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وهو مقام الحبيب فبقى مع بلا هو فى خلوة لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب وهو جبريل ولا نبى مرسل وهو هويته عليه السلام لما جاوز حد المتابعة صار متبوعا فان كان صلى الله عليه وسلم فى الدنيا محتاجا الى متابعة الخليل فالخليل يكون فى الآخرة محتاجا الى شفاعته كما قال (الناس محتاجون الى شفاعتى يوم القيامة حتى ابراهيم) انتهى ما فى التأويلات ثم الآية تدل على شرف المتابعة فان الحبيب مع شرفه العظيم إذا كان مأمورا بالمتابعة فما ظنك بغيره من افراد الامة ففى المتابعة وصحبة الأخيار والصلحاء شرف وسعادة عظمى ألا يرى ان عشرة من الحيوانات من اهل الجنة بشرف القرين كناقة صالح وكبش إسماعيل ونملة سليمان وكلب اصحاب الكهف ولله در من قال سك اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم كرفت ومردم شد وعن النبي عليه السلام (ان رجلا يبقى متحيرا من الإفلاس فيقول الله يا عبدى أتعرف العبد الفلاني او العارف الفلاني فيقول نعم فيقول الله فاذهب فانى قد وهبتك له) وعن الشيخ بهاء الدين ان خادم الشيخ ابى يزيد البسطامي قدس سره كان رجلا مغربيا فجرى الحديث عنده فى سؤال منكر ونكير فقال المغربي والله ان يسألانى لا قولن لهما فقالوا له ومن يعلم ذلك فقال اقعدوا على قبرى حتى تسمعونى فلما انتقل المغربي جلسوا على قبره فسمعوا المسألة وسمعوه يقول أتسألونني وقد حملت فروة ابى يزيد على عنقى فمضوا وتركوه إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ اى فرض تعظيم يوم السبب والتخلي فيه للعبادة وترك الصد فيه فتعدية جعل بعلى لتضمينه معنى فرض والسبت يوم من ايام الأسبوع بمعنى القطع والراحة فسمى به لانقطاع الأيام عنده إذ هو آخر ايام الأسبوع وفيه فرغ الله من خلق السموات والأرض أو لأن اليهود يستريحون فيه من الاشغال الدنيوية ويقال اسبتت اليهود إذا عظمت سبتها وكان اليهود يدعون ان السبت من شعائر الإسلام وان ابراهيم كان محافظا عليه اى ليس السبت من شعائر ابراهيم وشعائر ملته التي أمرت يا محمد باتباعها حتى يكون بينه صلى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين علاقة فى الجملة وانما شرع ذلك لبنى إسرائيل بعد مدة طويلة قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه آن روز حضرت موسى عليه السلام يكى را ديد كه متاعى را برداشته بجايى ميبرد بفرمود تا كردنش بزدند وتنش را در محلى

بيفكندند كه مرغان مردارخوار چهل روز اجزا واحشاى او مى خوردند] وذلك لهتك حرمة شريعته بمثل ذلك العمل كرا شرع فتوى دهد بر هلاك ... الا تا ندارى ز كشتنش باك عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ منشأ الاختلاف هو الطرف المخالف للحق وذلك ان موسى عليه السلام امر اليهود ان يجعلوا فى الأسبوع يوما واحدا للعبادة وان يكون ذلك يوم الجمعة فابوا عليه وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت الا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فاذن الله لهم فى السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه فاطاع امر الله تعالى الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون واما غيرهم فلم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله قردة دون أولئك المطيعين يقول الفقير اما الفرقة الموافقة فنجوا لانقيادهم لامر الله تعالى وفناء باطنهم عن الارادة التي لم تنبعث من الله تعالى واما الفرقة المخالفة فهلكوا لمخالفتهم لامر الله تعالى وبقائهم بنفوسهم الامارة ولا شك ان من اجبر وفق ومن تحرك بإرادته وكل الى نفسه وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اى بين الفريقين المختلفين فيه يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يفصل ما بينهما من الاختلاف فيجازى الموافق بالثواب والمخالف بالعقاب وفيه ايماء الى ان ما وقع فى الدنيا من مسخ أحد الفريقين وإنجاء الآخر بالنسبة الى ما سيقع فى الآخرة شىء لا يعتد به وفى الحديث (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة أوتينا من بعدهم) يعنى يوم الجمعة فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فلنا اليوم وللبهود غدا وللنصارى بعد غد وفى الآية اشارة الى ان الاختلاف فيما ارشد الله به الناس الى الصراط المستقيم من الأوامر والنواهي لاستحلال بعضها وتحريم بعضها ابتداعا منهم على وفق الطبع والهوى وان كان التشديد فيه على أنفسهم يكون وبالا عليهم وضلالا عن الصراط المستقيم. فالواجب على العباد فى العبادات والطاعات والمجاهدات وطلب الحق الاتباع وترك الابتداع كما قال صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة فضلالة) وجاء رجل للشيخ ابى محمد عبد السلام بن يشيش قدس سره فقال يا سيدى وظف علىّ وظائف واورادا فغضب الشيخ وقال أرسول انا فاوجب الواجبات الفرائض معلومة والمعاصي مشهورة فكن للفرائض حافظا وللمعاصى رافضا واحفظ قلبك من ارادة الدنيا واقنع من ذلك كله بما قسم لك فاذا خرج لك مخرج الرضى فكن لله فيه شاكرا وإذا خرج لك مخرج السخط فكن عليه صابرا وفى قوله تعالى وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ الآية اشارة الى ان الله تعالى يحكم بعدله بين اهل السنة واهل البدع فيقول هؤلاء فى الجنة بفضلي ولا أبالي وهؤلاء فى النار بعدي ولا أبالي واهل البدعة ثنتان وسبعون فرقة من اهل الظواهر واحدي عشرة فرقة من اهل البواطن كلهم على خلاف الحق من حيث الاعتقاد وكلهم فى النار والفرقة الناجية من المتصوفة وغيرهم هم الموافقون للكتاب والسنة عقدا وعملا نسأل الله تعالى ان يحفظنا من الزيغ والضلال ولا بد من أخ ناصح فى الدين كامل فى طريق اليقين مرشد الى الحق المتين قال الحافظ قدس سره

[سورة النحل (16) : آية 125]

قطع اين مرحله بي همرهى خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر كمراهى ادْعُ الناس يا أفضل الرسل من سبيل الشيطان إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ وهو الإسلام الموصل الى الجنة والزلفى ... قال حضرة الشيخ العطار قدس سره نور او چون اصل موجودات بود ... ذات او چون معطئ هر ذات بود واجب آمد دعوت هر دو جهانش ... دعوت ذرات پيدا ونهانش واعلم ان كل عين من الأعيان الموجودة مستند الى اسم من الأسماء الالهية واصل من طريق ذلك الاسم الى الله الذي له احدية جميع الأسماء لا يقال فما فائدة الدعوة حينئذ لانا نقول الدعوة من المضل الى الهادي ومن الجائر الى العدل بِالْحِكْمَةِ بالحجة القطعية المفيدة للعقائد الحقة المزيحة لشبهة من دعى إليها فهى لدعوة خواص الامة الطالبين للحقائق وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اى الدلائل الاقناعية والحكايات النافعة فهى لدعوة عوامهم. يقال وعظه يعظه وعظا وعظة وموعظة ذكره ما يلين قلبه من الثواب والعقاب فاتعظ كما فى القاموس وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اى ناظر معانديهم بالطريقة التي هى احسن طرق المناظرة والمجادلة من الرفق واللين واختيار الوجه الأيسر واستعمال المقدمات المشهورة تسكينا لشغبهم واطفاء للهبهم كما فعله الخليل عليه السلام. والآية دليل على ان المناظرة والمجادلة فى العلم جائزة إذا قصد بها اظهار الحق قال الشيخ السمرقندي فى تفسيره فى هذه الآية تنبيه على المدعو الى الحق فرق ثلاث. فان المدعو الى الله بالحكمة قوم وهم الخواص. وبالموعظة قوم وهم العوام. وبالمجادلة قوم وهم اهل الجدال وهم طائفة ذووا كياسة تميزوا بها عن العوام ولكنها ناقصة مدنسة بصفات رديئة من خبث وعناد وتعصب ولجاج وتقليد ضال تمنعهم عن ادراك الحق وتهلكهم فان الكياسة الناقصة شر من البلاهة بكثير الم تسمع ان اكثر اهل الجنة البله فليستعمل كل منها مع يناسبها فانه لو استعمل الحكمة للعوام لم يفد شيأ حيث لم يفهموها لسوء بلادتهم وعدم فطنتهم نكته كفتن پيش كژ فهمان ز حكمت بي كمان جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خر است وفى المثنوى كى توان با شيعه كفتن از عمر ... كى توان بربط زدن در پيش كر «1» وان استعمل الجدال مع اهل الحكمة تنفروا منه تنفر الرجل من الإرضاع بلبن الطفل وفى التأويلات النجمية قوله ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اشارة الى ان دعاء العوام الى سبيل ربك وهو الجنة بالحكمة وهو الخوف والرجاء لانهم يدعون ربهم خوفا من النار وطمعا فى الجنة والموعظة الحسنة هى الرفق والمداراة ولين الكلام والتعريض دون التصريح وفى الخلا دون الملا فان النصح على الملا تقريع كر نصيحت كنى بخلوت كن ... كه جز اين شيوه نصيحت نيست هر نصيحت كه برملا باشد ... آن نصيحت بجز فضيحت نيست ودعاء الخواص الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وهى ان تحبب الله إليهم وتوفر دواعيهم فى الطلب وترشدهم وتهديهم الى صراط الله وتسلكهم فيه وتكون لهم دليلا وسراجا منيرا الى ان يصلوا فى متابعتك وتزكيتك إياهم الى مراتب المقربين وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لكل

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد إلخ [.....]

طائفة منها فجادل اهل النفاق واغلظ عليهم وجادل اهل الوفاق باللطف والرحمة واخفض جناحك للمؤمنين واعف عنهم واستغفر لهم وقال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى كتابه المسمى باللائحات البرقيات بالحكمة اى بالبصيرة على رعاية المناسبة فى مقتضيات الأحوال والمقامات بالتليين والتخفيف والتعريض فى مقاماتها والتغليظ والتشديد والتصريح فى مقاماتها ونحو ذلك من المناسبات الحكمية الجالبة للمصالح والسالبة للمفاسد والموعظة الحسنة اى المتضمنة للحسنات والمشتملة على الترغيبات والمتناولة للترهيبات والجالبة للقلوب الى الحبوبات والسالبة للنفوس عن المقبوحات وغير ذلك مما يختص ويليق بالموعظة الحسنة التي هى الموعظة بالحق والعلم الكامل والعقل والتام لا الموعظة بالنفس والجهل والحمق قان تلك الموعظة انما هى بالبصيرة الشاملة الصحيحة وهذه الموعظة انما هى بالغفلة العامة الفاسدة وفى الحقيقة الموعظة الحسنة هى الموعظة الجامعة لجوامع الكلم وجادلهم بالتي اى بالمجادلة التي هى احسن وهى المجادلة الحقانية التي تكون بالرفق واللين والصفح والعفو والسمح والكلام بقدر العقول والنظر الى عواقب الأمور والصبر والتأنى والتحمل والحلم وغير ذلك من خواص المجادلة التي هى احسن مثل كون المراد منها اظهار الحق وبيان الصدق لمن خالف الحق والصدق بكمال الاعراض عن جميع الأغراض والاعراض وتمام الترحم للمخالفين المعاندين الضالين عن سبيل الحق والصدق والجاهلين الغافلين السائرين الى سبيل الباطل والكذب وما سوى ذلك من الخواص واللوازم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [بآنكس كه كمراه شد از راه حق كه اسلامست] واعرض عن قبول الحق بعد ما عاين من الحكم والمواعظ والعبر وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بذلك اى ما عليك الا ما ذكر من الدعوة والتبليغ والمجادلة بالأحسن واما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فلا عليك بل الله اعلم بالضالين والمهتدين فيجازى كلا منهم بما يستحقه فكأنه قيل ان ربك اعلم بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل وكأنك تضرب منه فى حديد بارد: قال الشيخ سعدى قدس سره توان پاك كردن زژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه وقال الحافظ كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود واعلم ان الناس ثلاثة اصناف. صنف مقطوع بحسن خاتمتهم مطلقا كالانبياء عليهم السلام والعشرة المبشرة. وصنف مقطوع بسوء عاقبتهم كأبى جهل وقارون وهامان وفرعون وغيرهم ممن قطع بسوء خاتمتهم مطلقا. وصنف مشكوك فى حسن خاتمتهم وسوء خاتمتهم مطلقا كعامة المؤمنين الأبرار وكافة الكافرين الفجار فان الأبرار كانوا ممدوحين فى ظاهر الشريعة من جهة العقائد والأعمال فى الحال والفجار كانوا مذمومين فى ظاهر الشريعة من تلك الجهة فى الحال لكن أمرهم فى المآل مفوض الى الله تعالى والله يعلم المفسد من المصلح ويميز بينهما فى الآخرة والعاقبة فكم من ولى فى الظاهر يعود عدو الله ووليا للشيطان نعوذ بالله

[سورة النحل (16) : آية 126]

لكون ضلاله ذاتيا قد تداخله الاهتداء العارضى فاستترت ظلمته بصورة نور الاهتداء كاستتار ظلمة الليل بنور النهار عند ابلاج الليل فى النهار وكم من عدو فى الظاهر يعود وليا لله وعدوا للشيطان لكون اهتدائه اصليا قد تداخله الضلال العارضى فاستتر نوره بظلمة الضلال العارضى كاستتار نور النهار بظلمة الليل عند إيلاج النهار فى الليل فكما لا ينفع الاول الاهتداء العارضى ويكون غايته الى الهلاك كذلك لا يضر هذا الثاني الضلال العارضى ويكون خاتمته الى النجاة وعن ابى إسحاق رحمه الله تعالى قال كان رجل يكثر الجلوس إلينا ونصف وجهه مغطى فقلت له انك تكثر الجلوس إلينا ونصف وجهك مغطى اطلعنى على هذا قال وتعطينى الامان قلت نعم قال كنت نباشا فدفنت امرأة فاتيت قبرها فنبشت حتى وصلت الى اللبن فرفعت اللبن ثم ضربت بيدي الى الرداء ثم ضربت بيدي الى اللفافة فمددتها فجعلت تمدها هى فقلت أتراها تغلبنى فجثيت على ركبتى فجردت اللفافة فرفعت يدها فلطمتنى وكشف وجهه فاذا أثر خمس أصابع فى وجهه فقلت له ثم مه قال ثم رددت عليها لفافتها وإزارها ثم ردت التراب وجعلت على نفسى ان لا انبش ما عشت قال فكتبت بذلك الىّ الأوزاعي فكتب الىّ الأوزاعي ويحك اسأله عمن مات من اهل التوحيد ووجهه الى القبلة فسألته عن ذلك فقال أكثرهم حول وجهه عن القبلة فكتبت بذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ انا لله وانا اليه راجعون ثلاث مرات اما من حول وجهه عن القبلة فانه مات على غير السنة اى على غير ملة الإسلام وذلك لان ترك العمل بالكتاب والسنة والإصرار على المعاصي يجر كثير من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ بالله: قال الشيخ سعدى قدس سره عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بودى خاتمت نسأل الله سبحانه ان يحفظ نور أيماننا وشمع اعتقادنا من صرصر الزوال ويثبت أقدامنا بالقول الثابت فى جميع الأوقات وعلى كل حال وَإِنْ عاقَبْتُمْ اى أردتم المعاقبة على طريقة قول الطبيب للمحمى ان أكلت فكل قليلا فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ اى بمثل ما فعل بكم وقد عبر عنه بالعقاب على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب نحو كما تدين تدان اى كما تفعل تجازى سمى الفعل المجازى عليه باسم الجزاء على الطريقة المذكورة او على نهج المشاكلة والمزاوجة يعنى تسمية الأذى الابتدائى معاقبة من باب المشاكلة والا فانها فى وضعها الأصل تستدعى ان تكون عقيب فعل نعم العرف جار على إطلاقها على ما يعذب به أحد وان لم يكن جزاء فعل كما فى حواشى سعدى المفتى قال القرطبي أطبق جمهور اهل التفسير ان هذا الآية مدنية نزلت فى شأن سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ان المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد بقروا بطونهم وجدعوا أنوفهم وآذانهم وقطعوا مذاكيرهم ما بقي أحد غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب لان أباه عامر الراهب كان مع ابى سفيان فتركوه لذلك ولما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله عليه الصلاة والسلام فرأى منظرا ساءه رأى حمزة قد شق بطنه واصطلم انفه وجدعت أذناه ولم ير شيأ كان أوجع لقلبه منه فقال (رحمة الله عليك كنت وصولا

[سورة النحل (16) : آية 127]

للرحم فعالا للخير لولا ان تحزن النساء او يكون سنة بعدي لتركتك حتى يبعثك الله من بطون السباع والطير اما والله لئن اظفرنى الله بهم لا مثلن بسبعين مكانك) وقال المؤمنين ان أظهرنا الله عليهم لنزيدن على صنعهم ولنمثلن مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ولنفعلن ثم دعا عليه السلام ببردته فغطى بها وجه حمزة فخرجت رجلاه فجعل على رجليه شيأ من الاذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة وكان القتلى سبعين وفى التبيان صلى النبي عليه السلام على عمه حمزة سبعين تكبيرة او صلاة انتهى- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه صلى على فاطمة رضى الله عنها وكبر أربعا وهذا أحد ما استدل به فقهاء الحنفية على تكبيرات الجنازة اربع كما فى أنوار المشارق قال فى اسباب النزول ما حاصله ان حمزة رضى الله عنه قتله وحشي الحبشي وكان غلاما لجبير بن مطعم بن عدى بن نوفل وكان عمه طعيمة بن عدى قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش الى أحد قال له جبير ان قتلت حمزة عم محمد لعمى طعيمة فانت عتيق فأخذ الوحشي حربته فقذفه بها وكانت لا تخطئ حربة الحبشة حين قذفوا فكان ما كان ثم اسلم الوحشي وقال له صلى الله عليه وسلم (هل تستطيع ان تغيب عنى وجهك) وذلك انه عليه السلام كرهه لقتله حمزة فخرج فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج الناس الى مسيلمة الكذاب قال الوحشي لا خرجن الى مسيلمة لعلى اقتله فاكافئ به حمزة فخرج مع الناس فوفقه الله لقتله. ثم ان القتلى لما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية فكفر عليه السلام عن يمينه وكفه عما اراده والأمر وان دل على اباحة المماثلة فى المثلة من غير تجاوز لكن فى تقييده بقوله وَإِنْ عاقَبْتُمْ حث على العفو تعريضا قال فى البحر العلوم لا خلاف فى تحرير المثلة وقد وردت الاخبار بالنهى عنها حتى الكلب العقور وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ اى عن المعاقبة بالمثل وعفوتم وهو تصريح بما علم تعريضا لَهُوَ اى لصبركم هذا خَيْرٌ لكم من الانتصار بالمعاقبة اى العفو خير للعافين من الانتقام وانما قيل لِلصَّابِرِينَ مدحا لهم وثناء عليهم بالصبر وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم (بل نصبر يا رب) قال فى الخلاصة رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بلى أنت الأحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الأمر الى القاضي ليؤديه يجوز ومع هذا لواجاب لا بأس به. وفى مجمع الفتاوى لو قال لغيره يا خبيث فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال الله تعالى وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ والعفو أفضل قال الله تعالى فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى ان يجيبه بمثله تحرزا عن إيجاب الحد على نفسه. وفى تنوير الابصار للامام التمر تاشى ضرب غيره بغير حق وضرب المضروب يعزران ويبدأ باقامة التعزير بالبادى انتهى. ثم امر به صلى الله عليه وسلم صريحا لانه اولى الناس بعزائم الأمور لزيادة علمه بشؤونه تعالى ووفور وثوقه به فقيل وَاصْبِرْ على ما أصابك من جهتهم من فنون الآلام والاذية وعاينت من اعراضهم عن الحق بالكلية وصبره عليه السلام مستتبع لاقتداء الامة كقول من قال لابن عباس رضى الله عنهما عند التعزية اصبر نكن بك صابرين فانما صبر الرعية عند صبر الرأس

[سورة النحل (16) : آية 128]

وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ بتوفيق الله واعانته لك على الصبر لان الصبر من صفات الله ولا يقدر أحد ان يتصف بصفاته اى إلا به بان يتحلى بتلك الصفة قال جعفر الصادق رضى الله عنه امر الله أنبياءه بالصبر وجعل الحظ الا على منه للنبى صلى الله عليه وسلم حيث جعل صبره بالله لا بنفسه وقال (وما صبرك الا بالله) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكافرين بوقوع اليأس من ايمانهم بك ومتابعتهم لك نحو فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون تخفيفا لكثرة استعماله بخلاف لم يصن ولم يخن ونحوهما ومعنى كثرة الاستعمال انهم يعبرون بكان ويكون عن كل الافعال فيقولون كان زيد يقول وكان زيد يجلس فان وصلت بساكن ردت النون وتحركت نحو وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ ولَمْ يَكُنِ الَّذِينَ الآية فِي ضَيْقٍ اى لا تكن فى ضيق صدر من مكرهم فهو من الكلام المقلوب الذي يسجع عليه عند أمن الالتباس لان الضيق وصف فهو يكون فى الإنسان ولا يكون الإنسان فيه. وفيه لطيفة اخرى وهى ان الضيق إذا عظم وقوى صار كالشئ المحيط به من جميع الجوانب مِمَّا يَمْكُرُونَ اى من مكرهم بك فيما يستقبل فاول نهى عن التأثم بمطلوب من قبلهم فات والثاني عن التأثم بمحذور من جهتهم آت إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا اجتنبوا المعاصي ومعنى المعية الولاية والفضل وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فى أعمالهم ويقال مع الذين اتقوا مكافاة المسيئ والذين هم محسنون الى من يعادى إليهم فالاحسان على الوجه الاول بمعنى جعل الشيء جميلا حسنا وعلى الثاني ضد الاساءة وفى الحديث (ان للمحسن ثلاث علامات يبادر فى طاعة الله ويجتنب محارم الله ويحسن الى من أساء اليه) ز احسان خاطر مردم شود شاد ... بتقوى خانه دين كردد آباد بسوى اين صفتها كر شتابى ... رضاى خلق وخالق هر دو يابى قال ممشاد الدينوري رأيت ملكا من الملائكة يقول لى كل من كان مع الله فهو هالك الا رجل واحد قلت من هو قال من كان الله معه وهو قوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وذلك لان المقصود كينونة المحبوب مع الحب إذ هو يشعر بالرضى والإقبال واما كينونة المحب مع المحبوب فقد تحصل مع سخط المحبوب وإدباره وعن هرم بن حيان انه قيل له حين احتضر أوص فقال انما الوصية من المال ولا مال لى أوصيكم بخواتيم سورة النحل اى من ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ الى آخرها يقول الفقير سامحه الله القدير جمع شيخى وسندى روح الله روحه أصحابه قبل وفاته بيوم فقال اعلموا ايها الاصحاب انه لا مال لى حتى اوصى به ولكنى على مذهب اهل السنة والجماعة شريعة وطريقة ومعرفة وحقيقة فاعرفونى هكذا واشهدوا لى بهذا فى الدنيا والآخرة فهذا وصيتي وأشار حضرة الشيخ بهذا الى انه لا زيغ ولا الحاد فى اعتقاده وفى طريقه أصلا فانهم قالوا ان اهل التصوف تفرقت على اثنتي عشرة فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقي بدعيون. ويعلم السنى بشاهدين. أحدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة واليقظة والعلم لا على العمى والغفلة والجهل فمن عمل بخواتيم هذه السورة واتصف

تفسير سورة الاسراء

بحقيقة العفو والصبر والحلم والانشراح فى المنشط والمكره وترك الحزن والغم على الفائت والآتي. وبالتقوى على مراتبها وبالإحسان بانواعه فقد جعل لنفسه علامة الولاية والمغية والايمان الكامل وحسن الخاتمة وخير العاقبة اللهم احفظنا من الميل الى السوي والغير واختم عواقبنا بالخير يا رب تمت سورة النحل بما تحتويه من شواهد العقل والنقل فى يوم السبت التاسع عشر من شعبان المبارك المنتظم فى سلك شهور سنة اربع ومائة والف الجزء الخامس عشر من الاجزاء الثلاثين تفسير سورة الاسراء وهى مائة واحدى عشرة آية مكية قال فى الكواشي إلا من وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ الى نَصِيراً او فيها من المدني من قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ. وإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ. وإِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ. وإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ. ولَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ والتي تليها انتهى بسم الله الرحمن الرحيم سُبْحانَ اسم بمعنى التسبيح الذي هو التنزيه ومتضمن معنى التعجب وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره اسبح الله عن صفات المخلوقين سبحانا بمعنى تسبيحا ثم نزل منزلة الفعل فناب منابه كقولهم معاذ الله وغفرانك وغير ذلك. وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكره بعده وهو لا ينافى التعجب قال فى التأويلات النجمية كلمة سبحان للتعجب بها يشير الى اعجب امر من أموره تعالى جرى بينه وبين حبيبه وفى الاسئلة الحكم اما اقتران الاسراء بالتسبيح ليتقى بذلك ذو العقل وصاحب الوهم ومن يحكم عليه خياله من اهل التشبيه والتجسيم مما يخيله فى حق الخالق من الجهة والجسد والحد والمكان. وانما تعجب بعروجه دون نزوله عليه السلام لانه لما عرج كان مقصده الحق تعالى ولما نزل كان مقصد. الخلق والمقصود من التعجب التعجب بعروجه. وايضا ان عروجه اعجب من نزوله لان عروج الكثيف الى العلو من العجائب الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ قال الكاشفى [پاكى وبي عيبى آنرا كه بجهت كرامت ببرد بنده خود را كه محمد است صلى الله عليه وسلم] الاسراء السير بالليل خاصة كالسرى يقال اسرى وسرى اى سار ليلا ومنه السرية لواحدة السرايا لانها تسرى فى خفية واسرى به اى سيره ليلا قال النضر سقط السؤال والاعتراضات على المعراج بقوله اسرى دون سار ونظيره قوله عليه السلام (حببّ الى من دنياكم ثلاث) حيث لم يقل أحببت. وانما قال بعبده دون بنبيه لئلا يتوهم فيه نبوة والوهة كما توهموا فى عيسى

ابن مريم عليهما السلام بانسلاخه عن الأكوان وعروجه بجسم الى الملأ الأعلى مناقضا للعادات البشرية وأطوارها. وادخل الباء للمناسبة بين العبودية التي هى الذلة والتواضع وبين الباء التي هى حرف الخفض والكسر فان كل ذليل منكسر وفيه اشارة الى شرف مقام العبودية حتى قال الامام فى تفسيره ان العبودية أفضل من الرسالة لان بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق فهى مقام الجمع وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق فهى مقام الفرق والعبودية ان يكل أموره الى سيده فيكون هو المتكفل بإصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما قال الشيخ الأكبر قدس سره ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقي بروحه رؤيا رآها اى قبل النبوة وبعدها وكان الاسراء الذي حصل له قبل ان يوحى اليه توطئة له وتيسيرا عليه كما كان بدأ نبوته الرؤيا الصادقة والذي يدل على انه عليه السلام عرج مرة بروحه وجسده معا قوله اسرى بعبده فان العبد اسم للروح والجسد جميعا وايضا ان البراق الذي هو من جنس الدواب انما يحمل الأجساد وايضا لو كان بالروح حال النوم او حال الفناء او الانسلاخ لما استبعده المنكرون إذ المتهيئون من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك ويتعارفونه بينهم قال الكاشفى [آنانكه درين قصه ثقل جسد را مانع دانند از صعود ارباب بدعت اند ومنكر قدرت] آنكه سرشت تنش از جان بود ... سير وعروجش بتن آسان بود وقد ذكروا ان جبريل عليه السلام أخذ طينة النبي صلّى الله عليه وسلم فعجنها بمياه الجنة وغسلها من كل كثافة وكدورة فكأن جسده الطاهر كان من العالم العلوي كروحه الشريف فان قلت ففيم اسرى به قلت قال صلّى الله عليه وسلم (اسرى بي فى قفص من لؤلؤ فراشه من ذهب) كما فى بحر العلوم لَيْلًا نصب على الظرف وهو تأكيد إذا الاسراء فى لسان العرب لا يكون الا ليلا حتى لا يتخيل انه كان نهارا ولا يظن انه حصل بروحه او لافادة تقليل مدة الاسراء فى جزء من الليل لما فى التنكير من الدلالة على البعضية من حيث الافراد فان قولك سرت ليلا كما يفيد بعضية زمان سيرك من الليالى يفيد بعضيته من فرد واحد منها بخلاف ما إذا قلت سرت الليل فانه يفيد استيعاب السير له جميعا فيكون معيارا للسير لا ظرفاله وهى ليلة سبع وعشرين من رجب ليلة الاثنين وعليه عمل الناس قالوا انه عليه السلام ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين واسرى به ليلة الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ومات يوم الاثنين ولعل سره ان يوم الاثنين اشارة الى التعين الثاني الذي هو مبدأ الفياضية ونظيره الباء كما ان الباء من الحروف الهجائية له التعين الثاني فكذا يوم الاثنين فكان الالف ويوم الأحد بمنزلة تعين الذات والباء ويوم الاثنين اى تعينهما بمنزلة تعين الصفات فافهم وفى وصف هذه الليلة: قال المولى الجامى قدس سره ز قدر او مثالى ليلة القدر ... ز نور او براتى ليلة البدر سواد طره اش خجلت ده حور ... بياض غره اش نور على نور نسيمش جعد سنبل شانه كرده ... هوايش أشك شبنم دانه كرده

بمسمار ثوابت چرخ سيار ... به بسته در جهان درهاى ادبار طرب را چون سخن خندان از ولب ... كريزان روز محنت زو شباشب فان قلت فلم جعل المعراج ليلا ولم يجعل نهارا حتى لا يكون إشكال وطعن قلت ليظهر تصديق من صدق وتكذيب من كذب. وايضا ان الليل محل الخلوة بالحبيب فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق والليل مظهر البطون والنهار مظهر الظهور والليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وكان الاسراء قبل الهجرة بسنة: يعنى [در سال دوازدهم از مبعث بوده] مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أصح الروايات على ان الاسراء كان من بيت أم هانئ بنت ابى طالب وكان بيتها من الحرم والحرم كله مسجد. قالوا حدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على سبعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال والمواقيت الخمسة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وعينها للاحرام فناء للحرام وهو فناء للمسجد الحرام وهو فناء للبيت شرفه الله تعالى فابيت اشارة الى الذات الالهية والمسجد الحرام الى الصفات والحرم الى الافعال وخارج المواقيت الى الآثار ومن قصد مكة سواء كان للزيارة او غيرها لا يحل له التجاوز من هذه الافنية غير محرم تعظيما لها وقس عليه دخول المساجد وحضور المشايخ اصحاب القلوب للصلاة والزيارة فانه لا بد من ادب الظاهر والباطن فى كل منهما- ذكروا- ان الحجر الأسود اخرج من الجنة وله ضوء فكل موضع بلغ ضوءه كان حرما وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما اهبط آدم الى الأرض خر ساجدا معتذرا فارسل الله تعالى جبريل بعد أربعين سنة يعلمه بقبول توبته فشكا الى الله تعالى ما فاته من الطواف بالعرش فاهبط الله له البيت المعمور وكان ياقوتة حمراء فاضاء ما بين المشرق والمغرب فنفرت من ذلك النور الجن والشياطين وفزعوا وتفرقوا فى الجو ينظرونه فلما رأوه اى النور من جانب مكة اقبلوا يريدون الاقتراب اليه فارسل الله تعالى ملائكته فقاموا حوالى الحرم فى مكان الاعلام اليوم ومنعوهم فمن ثمة تسمى الحرم بالحرم إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اى بيت المقدس وسمى بالأقصى اى الأبعد لانه لم يكن حينئذ ورآه مسجد فهو ابعد المساجد من مكة وكان بينهما اكثر من مسيرة شهر قال بعض العارفين أشار بالمسجد الحرام الى مقام القلب المحرم ان يطوف به مشركوا القوى البدنية الحيوانية وترتكب فيه فواحشها وخطاياها وتحجه غير القوى الحيوانية من الصفات البهيمية والسبعية. وأشار بالمسجد الأقصى الى مقام الروح الا بعد من العالم الجسماني لشهود تجليات الذات قال فى هدية المهديين معراج النبي عليه السلام الى المسجد الأقصى ثابت بالكتاب وهو فى اليقظة وبالجسد بإجماع القرن الثاني ثم الى السماء بالخبر المشهور ثم الى الجنة او العرش او الى طواف العالم بخبر الواحد انتهى قال الكاشفى [رفتن آن حضرت از مكه ببيت المقدس بنص قرآن ثابتست ومنكر آن كافر وعروج بر آسمانها ووصول بمرتبه قربت بأحاديث صححه مشهوره كه قريبست بحد تواتر ثابت كشت وهر كه انكار آن كند ضال ومبتدع باشد]

شاهد معراج نبى وافرست ... وآنكه مقر نيست بدين كافرست دستكه سلطنت اين وصال ... نيست به پامزدى خيل خيال عقل چهـ داند چهـ مقامست اين ... عشق شناست كه چهـ دامست اين الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [آن مسجدى كه بركت كرديم بر كرد او] ببركات الدين والدنيا لانه مهبط الوحى والملائكة ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالأنهار والأشجار المثمرة فدمشق والأردن فلسطين من المدائن التي حوله لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التي ما شرف بإراءتها أحدا من الأولين والآخرين إلا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه تبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو أعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما أراه الله تعالى فى تلك الليلة انما هو بعض آياته العظمى واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم وسقط الاعتراض بان الله تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم أفضل وحاصل الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى الله تعالى أعظم واشرف من ملكوت السموات والأرض كلها كما قال تعالى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدة بيت المقدس وتمثل الأنبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى. فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصرير الأقلام وشهود الألواح وما غشى الله سدرة المنتهى من الأنوار وانتهاء الأرواح والعلوم والأعمال إليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الأنفس كما قال سبحانه سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ وقوله أَوْ أَدْنى من آيات الأنفس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وأيده ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوه منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما نقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التي غابت عنه كانه تعالى قال ما أسريت به الا لرؤية الآيات لا الىّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذي وسعني قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه أينما كان نزولا وعروجا واستواء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لا قواله صلى الله عليه وسلم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب الْبَصِيرُ بأفعاله بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة بأقواله وأفعاله حاصلة من غير حاجة

الى التقريب وفى التأويلات وفى قوله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اشارة الى ان النبي صلى الله عليه وسلم هو السميع الذي قال الله (كنت له سمعا فبى يسمع وبي يبصر) فتحقيقه لنريه من آياتنا المخصوصة بجمالنا وجلالنا انه هو السميع بسمعنا البصير ببصرنا فانه لا يسمع كلامنا الا بسمعنا ولا يبصر جمالنا الا ببصرنا چودر مكتب بي نشانى رسيد ... چكويم كه آنجا چهـ ديد وشنيد ورق در نوشتند وكم شد سبق ... شنيدن بحق بود وديدن بحق (وتفصيل القصة) انه عليه السلام بات ليلة الاثنين ليلة السابع والعشرين من رجب كما سبق فى بيت أم هانى بنت ابى طالب واسمها على الأشهر فاختة أسلمت يوم الفتح وهرب زوجها جبيرة الى نجران ومات بها على كفره واضطجع عليه السلام هناك بعد ان صلى الركعتين اللتين كان يصليهما وقت العشاء ونام ففرج عن سقف بيتها ونزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام ومع كل واحد منهم سبعون الف ملك وأيقظه جبريل بجناحه كما قال المولى الجامى در ين شب آن چراغ چشم بينش ... سزاى آفرين از آفرينش چودولت شد ز بد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى ام هانى به پهلو تكيه بر مهد زمين كرد ... زمين را مهد جان نازنين كرد دلش بيدار چشمش در شكر خواب ... نديده چشم بخت اين خواب در خواب در آمد ناكهان ناموس اكبر ... سبك روتر ازين طاوس اخضر برو ماليد پر كاى خواجه برخيز ... كه امشب خوابت آمد دولت انگيز برون بر يكزمان زين خوابكه رخت ... تو بخت عالمى بيخواب به بخت قال عليه السلام (فقمت الى جبريل فقلت أخي جبريل مالك فقال يا محمد ان ربى تعالى بعثني إليك أمرني ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا يكرم بها أحد بعدك فانك تريد ان تكلم ربك وتنظر اليه وترى فى هذه الليلة من عجائب ربك وعظمته وقدرته) قال عليه السلام (فتوضأت وصليت ركعتين) وشق جبريل صدره الشريف من الموضع المنخفض بين الترقوتين الى أسفل بطنه اى أشار الى ذلك فانشق فلم يكن الشق بآلة ولم يسل دم ولم يجد له عليه السلام الما لانه من خرق العادة وظهور المعجزات فجاء بطست من ماء زمزم واستخرج قلبه عليه السلام فغسل ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من أذى وفيه اشارة الى فضل زمزم على المياه كلها جنانية او غيرها ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ ايمانا وحكمة فافرغ فيه لان المعاني تمثل بالأجسام كالعلم بصورة اللبن ووضعت فيه السكنة ثم أعاد القلب الى مكانه والتأم صدره الشريف فكانوا يرون اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مروريد جبريل ووقع له عليه السلام شق الصدر ثلاث مرات- والمرة الاولى- حين كان فى بنى سعد وهو ابن خمس سنين على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما واخرج فى هذه المرة الفلقة السوداء من القلب التي هى حظ الشيطان ومحل غمزه اى محل ما يلقيه من الأمور التي لا تنبغى فلم يكن

للشيطان فى قلب النبي عليه السلام حظ وكذا لم يكن لقلبه الطاهر ميل الى لعب الصبيان ونحوه وهو مما اختص به دون الأنبياء عليهم السلام إذ لم يكن لهم شرح الصدر على هذا الأسلوب وللورثة الكمل حظ من هذا المعنى فانه يخرج من بعضهم الدم الأسود بالقيء فى حال اليقظة ومن بعضهم حال الفناء والانسلاخ والاول أتم لانه يزول القلب بالكلية فينشط للعبادات كالعادات وجاء جبريل فى هذه المرة بخاتم من نور يحار الناظرون دونه فختم به قلبه عليه السلام لحفظ ما فيه وختم ايضا بين كتفيه بخاتم النبوة اى الذي هو علامة على النبوة وكان حوله خيلان فيها شعرات سود مائلة الى الحضرة وكان كالتفاحة او كبيض الحمامة او كزر الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة كالقطاة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر وزرها بيضتها قال الترمذي والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرها الذي يدخل فى عروتها كما فى حياة الحيوان مكتوب عليه «لا اله الا الله محمد رسول الله» او «محمد نبى أمين» او غير ذلك والتوفيق بين الروايات بتنوع الحظوظ بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين قال الامام الدميري ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق هيكل الإنسان فى صورة بلور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله تعالى فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الإلهي كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه اشارة الى عصمته من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الإلهي أيده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك- والمرة الثانية- عند مجيئ الوحى فى بلوغه سن أربعين ليحصل له التحمل لا عباء الرسالة- والمرة الثالثة- ليلة الاسراء وهو ابن ثنتين وخمسين ليتسع قلبه لحفظ الاسرار الالهية والكلمات الربانية وجاء جبريل هذه الليلة بدابة بيضاء ومن ثمة قيل لها البراق بضم الموحدة لشدة بريقها او لسرعتها فهى كالبرق الذي يلمع فى الغيم كما قال المولى الجامى قدس سره پسيج راه عرشت كردم اينك ... يراقى برق سير آوردم اينك جهنده بر زمين خوش بادپايى ... پرنده در هوا فرخ همايى چوعقل كل سوى أفلاك كردى ... چوفكر هندسه كيتى نوردى نه دست كس عنان او بسوده ... نه از پايى ركابش كشته سوده وهى دابة فوق الحمار دون البغل قال صاحب المنتقى الحكمة فى كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس التنبيه على ان الركوب فى سلم وأمن لا فى خوف وحرب او لاظهار الآية فى الاسراع العجيب فى دابة لا يوصف شكلها بالاسراع فانه كان يضع خطوه عند أقصى طرفه ويؤخذ من هذا انه أخذ من الأرض الى السماء فى خطوة لان بصر من فى الأرض يقع على السماء

والى السموات السبع فى سبع خطوات لان بصر من يكون فى السماء يقع على السماء التي فوقها وبه يرد على من استبعد من المتكلمين إحصار عرش بلقيس فى لحظة واحدة وقال فى ربيع الأبرار خد البراق كخد الإنسان وقوائمها كقوائم البعير وعرفها كعرف الفرس وعليها سرج من لؤلؤة بيضاء وركابان من زبرجد اخضر وعليها لجام من ياقوت احمر يتلألأ نورا قال فى انسان العيون لا ذكر ولا أنثى ومن لا يوصف بوصف المذكر والمؤنث فهو حقيقة ثالثة ويكون خارجا من قوله تعالى وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ كما خرجت الملائكة من ذلك فانهم ليسوا ذكورا ولا إناثا قال عليه السلام (فما رأيت دابة احسن منها وانى لمشتاق إليها من حسنها فقلت يا جبريل ما هذه الدابة فقال هذا البراق فاركب عليه حتى تمضى الى دعوة ربك فاخذ جبريل بلجامها وميكائيل بركابها واسرافيل من خلفها فقصدت الى ان اركبها فجمحت الدابة وأبت فوضع جبريل يده على وركها وقال لها أما تستحيين مما فعلت فو الله ما ركبك أحد أكرم على الله من محمد فرشحت عرقا من الحياء) قال ابن دحية لم يركب البراق أحد قبله عليه السلام ووافقه الامام النووي فقول جبريل ما ركبك لا ينافيه لان السالبة تصدق بنفي الموضوع فقالت يا جبريل لم استصعب منه الا ليضمن ان يشفع لى يوم القيامة لانه أكرم الخلائق على الله فضمن لها ذلك. قالوا الورد الأبيض خلق من عرق جبريل والأصفر من عرق البراق وعن انس رضى الله عنه رفعه (لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر من نباتها فلما رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد احمر ألا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر) قال ابو الفرج النهرواني هذا الخبر يسير من كثير مما أكرم الله تعالى به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة يقول الفقير هذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا ورد احمر وابيض واصفر إذ ذلك من باب الكرامة ونظير ذلك ان حواء عليها السلام حين أهبطت الى الأرض بكت فما وقع من قطرات دموعها فى البحر صار لؤلؤا وهذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا در فى البحر وقس عليه الملح فان ابراهيم عليه السلام اتى بكف من كافور الجنة فذراه فحيثما وقع ذرة منه فى أطراف العالم انقلب مملحة وكان قبل هذا ملح لكن لا بهذه المثابة قال عليه السلام (فركبتها) از ان دولت سرا چون خواجه دين ... خرامان شد بعزم خانه زين شد از سبوحيان كردون صداده ... كه سبحان الذي اسرى بعبده واختلفوا هل ركبها جبريل معه قال صاحب المنتقى الظاهر عندى انه لم يركب لانه عليه السلام مخصوص بشرف الاسراء فانطلق البراق يهوى به يضع حافره حيث أدرك طرفه حتى بلغ أرضا فقال له جبريل انزل فصل هاهنا ففعل ثم ركب فقال له جبريل أتدري اين صليت قال (لا) قال صليت بمدين وهى قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى سميت باسم مدين بن موسى لما نزلها فانطلق البراق يهوى به فقال له جبريل انزل فصل ففعل ثم ركب فقال له أتدري أين صليت قال (لا) قال صليت ببيت لحم وهى قرية تلقاء بيت المقدس حيث ولد عيسى عليه السلام وبينا هو صلى الله عليه وسلم على البراق إذ رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار

كلما التفت رآه فقال له جبريل ألا أعلمك كلمات تقولهن إذا أنت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال عليه السلام (بلى) فقال جبريل قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ فى الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار الا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام (ذلك) فانكب لفيه وطفئت شعلته ورآى صلى الله عليه وسلم حال المجاهدين فى سبيل الله اى كشف له عن حالهم فى دار الجزاء بضرب مثال. فرأى قوما يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال (يا جبرائيل ما هذا) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم ونادى مناد عن يمينه يا محمد أنظرني اسألك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى اليهود أما انك لو أجبته لتهودت أمتك اى لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الامة ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى النصارى أما انك لو أجبته لتنصرت أمتك اى لتمسكوا بالإنجيل وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثال فرأى امرأة حاسرة عن ذراعيها لان ذلك شأن المقتنص لغيره وعليها من كل زينة خلقها الله تعالى ومعلوم ان النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب اليه فكيف بوجود سائر انواع الزينة: قال الحافظ خوش عروسيست جهان از سر صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد : وقال از ره مرو بعشوه دنيى كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود فقالت يا محمد أنظرني اسألك فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال تلك الدنيا أما انك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ورأى صلى الله عليه وسلم على جانب الطريق عجوزا فقالت يا محمد أنظرني فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال انه لم يبق شىء من عمر الدنيا الا ما بقي من عمر تلك العجوز وفى كلام بعضهم قد يقال لها شابة وعجوز بمعنى يتعلق بذاتها وبمعنى يتعلق بغيرها. الاول وهوانها من أول وجود هذا النوع الإنساني الى ايام ابراهيم عليه السلام تسمى الدنيا شابة وفيما بعد ذلك الى بعثة نبينا عليه السلام كهلة ومن بعد ذلك الى يوم القيامة تسمى عجوزا وهذا بالنسبة الى القرن الإنساني والا فقد خلق آدم عليه السلام والدنيا عجوز ذهب شبابها ونضارتها كما ورد فى بعض الاخبار فان قلت الشباب ومقابله انما يكون فى الحيوان قلت الغرض من ذلك التمثيل وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الامانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فاتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ويريدان يتحمل عليها قيل «اتقوا الواوات» اى اتقوا مدلولات الكلمات التي أولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة فى دار الجزاء فاتى على قوم ترضخ رؤسهم كلما رضخت عادت كما كانت فقال

(يا جبريل من هؤلاء) قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة المكتوبة اى المفروضة عليهم وكشف له عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه فاتى على قوم على إقبالهم رقاع وعلى ادبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل انه لا يعرف شجره فى الدنيا وانما هو شجر فى النار وهى المذكورة فى قوله تعالى إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ويأكلون رضف جهنم اى حجارتها المحماة التي تكون بها فقال (من هؤلاء يا جبريل) قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم المفروضة عليهم وكشف له عن حال الزناة بضرب مثل فاتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج فى قدور ولحم نيئ ايضا فى قدور خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتى رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح «وكشف له عن حال من يقطع الطريق بضرب مثال فاتى عليه السلام على خشبة لا يمر بها ثوب ولا شىء إلا خرقته فقال (ما هذه يا جبريل) قال هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه وتلا وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وفيه اشارة الى الزناة المعنوية وقطاع الطريق عن اهل الطلب وهم الدجاجلة والائمة المضلة فى صورة السادة القادة الاجلة فانهم يفسدون أرحام الاستعدادات والاعتقادات بما يلقون فيها من نطف خلاف الحق ويصرفون المقلدين عن طريق التحقيق ويقطعون عليهم خير الطريق فاولئك يحشرون مع الزناة والقطاع وكشف له عن حال من يأكل الربا اى حالته التي يكون عليها فى دار الجزاء فرأى رجلا يسبح فى النهر من دم يلقم الحجارة فقال (من هذا) فقال آكل الربا وكشف له عن حال من يعظ ولا يتعظ فاتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء خطباء الفتنة خطباء أمتك يقولون ما لا تفعلون. از من بكوى عالم تفسير كوى را ... كر در عمل نكوشى تو نادان مفسرى بار درخت علم ندانم بجز عمل ... با علم اگر عمل نكنى شاخ بي برى وكشف له عن حال المغتابين للناس فمر على قوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى اعراضهم وكشف له عن حال من يتكلم بالفحش بضرب مثال فأتى على حجر يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث يخرج فلا يستطيع فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا الرجل من أمتك يتكلم الكلمة العظيمة ثم يندم عليها أفلا يستطيع ان يردها وكشف له عن حال من احوال الجنة فأتى على واد فوجده طيبا باردا ريحه ريح المسك وسمع صوتا فقال (يا جبريل ما هذا) قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتنى ما وعدتني وكشف له عن حال من احوال النار فأنى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبيثة فقال (ما هذا يا جبريل) قال صوت جهنم تقول يا رب ائتنى ما وعدتني: وفى المثنوى

ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را هر يكى چون كهرباست «1» معده نانرا مى كشد تا مستقر ... مى كشد مر آب را تف جگر چشم جذاب بتان ز اين كويهاست ... مغز جويان از كلستان بويهاست ومر عليه السلام على شخص متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد قال جبريل سر يا محمد قال عليه السلام (من هذا) قال عدو الله إبليس أراد ان تميل اليه آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست «2» ومر عليه السلام على موسى وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر وهو يقول برفع صوته أكرمته وفضلته فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا موسى بن عمران عليه السلام قال (ومن يعاتب) قال له يعاتب ربه فيك. والعتاب مخاطبة فيها إدلال والظاهر انه عليه السلام نزل عند قبره فصلى ركعتين ومر عليه السلام على شجرة تحتها شيخ وعياله فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا أبوك ابراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه السلام فقال من هذا الذي معك يا جبريل قال هذا ابنك محمد صلى الله عليه وسلم قال مرحبا بالنبي العربي الأمي ودعاله بالبركة وكان قبر ابراهيم تحت تلك الشجرة فنزل عليه السلام وصلى هناك ركعتين ثم ركب وسار حتى اتى الوادي الذي فى بيت المقدس فاذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي وهى النمارق اى الوسائد فقيل يا رسول الله كيف وجدتها قال (مثل الحممة) اى الفحمة ومضى عليه السلام حتى انتهى الى ايليا من ارض الشام وهو بالكسر مدينة القدس واستقبله من الملائكة جم غفير لا يحصى عددهم فدخلها من الباب اليماني الذي فيه مثال الشمس والقمر ثم انتهى الى بيت المقدس وكان بباب المسجد حجر فادخل جبريل يده فيه فخرقه فكان كهيئة الحلقة وربط به البراق. وفى حديث ابى سفيان رضى الله عنه قبل إسلامه انه قال لقيصر يحط من قدره صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك ايها الملك عنه خبرا تعلم منه انه يكذب فقال وما هو قال انه يزعم انه خرج من ارضنا ارض الحرم فجاء مسجدكم هذا ورجع إلينا فى ليلة واحدة فقال بطريق انا اعرف تلك الليلة فقال له قيصر ما أعلمك بها قال انى كنت لا أبيت ليلة حتى اغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير واحد وهو الباب الفلاني غلبنى فاستعنت عليه بعمالى ومن يحضرنى فلم يفد فقالوا ان البناء نزل عليه فاتركوه الى غد حتى يأتى بعض النجارين فيصلحه فتركته مفتوحا فلما أصبحت غدوت فاذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب وإذا فيه اثر مربط الدابة ولم أجد بالباب ما يمنعه من الاغلاق فعلمت انه انما امتنع لاجل ما كنت أجده فى العلم القديم ان نبيا يصعد من بيت المقدس الى السماء وعند ذلك قلت لاصحابى ما حبس هذا الباب الليلة الا لهذا الأمر ولا يخفى ان عدم انغلاق الباب انما كان ليكون آية والا فجبريل لا يمنعه باب مغلق ولا غيره وكذا خرق المربط وربط البراق والا فالبراق لا يحتاج الى الربط كسائر الدواب الدنيوية فان الله تعالى قد سخره لحبيبه عليه السلام ولما استوى عليه السلام على الحجر المذكور قال جبريل يا محمد هل سألت ربك ان يريك الحور العين قال (نعم) قال جبريل فانطلق الى أولئك النسوة فسلم عليهن فسلم عليه السلام عليهن فرددن

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان عمود غزقوى ورفاقت او شب با دزدان (2) در أوائل دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وميان فضيلت ومنافع دانش

عليه السلام فقال من أنتن قلن خيرات حسان نساء قوم ابرار تقوا فلم يدرنوا وأقاموا فلم يظعنوا وخلدوا فلم يموتوا ثم دخل عليه السلام المسجد ونزلت الملائكة واحيى الله له آدم ومن دونه من الأنبياء من سمى الله ومن لم يسم حتى لم يشذ منهم أحد فرآهم فى صورة مثالية كهيئتهم الجسدانية الا عيسى وإدريس والخضر والياس فانه رآهم بأجسادهم الدنيوية لكونهم من زمرة الاحياء كما هو الظاهر فسلموا عليه وهنأوه بما أعطاه الله تعالى من الكرامة وقالوا الحمد لله الذي جعلك خاتم الأنبياء فنعم النبي أنت ونعم الأخ أنت وأمتك خير الأمم ثم قال جبريل تقدم يا محمد وصل بإخوانك من الأنبياء ركعتين فصلى بهم ركعتين وكان خلف ظهره ابراهيم وعن يمينه إسماعيل وعن يساره إسحاق عليهم السلام وكانوا سبعة صفوف ثلاثة صفوف من الأنبياء المرسلين واربعة من سائر الأنبياء قال فى انسان العيون والذي يظهر والله اعلم ان هذه الصلاة كانت من النفل المطلق ولا يضر وقوع الجماعة فيها انتهى وفى منية المفتى ايضا امامة النبي عليه السلام ليلة المعراج لارواح الأنبياء وكانت فى النافلة انتهى قال عليه السلام (لما وصلت الى بيت المقدس وصليت فيه ركعتين) اى اماما بالأنبياء والملائكة (أخذني العطش أشد ما أخذني فأتيت باناءين فى أحدهما لبن وفى الآخر خمر فاخذت الذي فيه اللبن وكان ذلك بتوفيق ربى فشربته الا قليلا منه وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة يا محمد) لان فطرته هى الملائمة للعلم والحلم والحكمة (اما انك لو شربت الخمر لغوت أمتك كلها ولو شربت اللبن كله لما ضل أحد من أمتك بعدك فقلت يا جبريل اردد علىّ اللبن حتى اشربه كله فقال جبريل قضى الأمر ليقضى الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وان الله لسميع عليم) قال بعضهم انه لم يختلف أحد أنه عرج به صلى الله عليه وسلم من عند الهبة التي يقال لها قبة المعراج عن يقين الصخرة وقد جاء (صخرة بيت المقدس من صخور الجنة) وفيها اثر قدم النبي عليه السلام قال ابى بن كعب ما من ماء عذب الا وينبع من تحت صخرة بيت المقدس ثم يتفرق فى الأرض وهذه الصخرة من عجائب الله فانها صخرة شعثاء فى وسط المسجد الأقصى قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها الا الذي يمسك السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ومن تحتها المغارة التي انفصلت من كل جهة فهى معلقة بين السماء والأرض قال الامام ابو بكر بن العربي فى شرح الموطأ امتنعت لهيبتها ان ادخل من تحتها لانى كنت أخاف ان تسقط علىّ بالذنوب ثم بعد مدة دخلتها فرأيت العجب العجاب تمشى فى جوانبها من كل جهة فتراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شىء ولا بعض شىء وبعض الجهات أشد انفصالا من بعض قال بعضهم بيت المقدس اقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا وباب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس اى ولهذا اسرى به عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ليحصل العروج مستويا من غير تعويج يقول الفقير رقاه الله القدير الى معرفة سر المعراج المنير لعل وجه الاسراء الى بيت المقدس هو التبرك بقدمه الشريفة لكون مدينة القدس ومسجدها متعبد كثير من الأنبياء ومدفنهم لا لانه يحصل العروج مستويا فان ذلك من باب قياس الغائب على الشاهد وتقدير الملكوت بالملك إذ الأرواح الطيبة وألطفها

النبي عليه السلام بجسمه وروحه لا حائل لهم واعتبار الاستواء والتعويج من باب التكلف الذي لا يناسب حال المعراج وقد ثبت ان عيسى عليه السلام سينزل الى المنارة البيضاء الدمشقية ولم يعهد انها حيال باب السماء فالجواب العقلي لا يتمشى هاهنا قال فى ربيع الأبرار (ثم قال لى جبريل قم يا محمد فقمت فاذا بسلم من ذهب قوائمه من فضة مركب من اللؤلؤ والياقوت يتلألأ نوره وإذا أسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه فى السماء فقيل لى يا محمد اصعد فصعدت) وفى انسان العيون عرج الى السماء من الصخرة على المعراج لا على البراق. والمعراج بكسر الميم وفتحها الذي تعرج أرواح بنى آدم فيه وهو سلم له مرقاة من ذهب وهذا المعراج لم تر الخلائق احسن منه أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا الى السماء اى بعد خروج روحه فان ذلك عجبه بالمعراج الذي نصب لروحه لتعرج عليه وذلك شامل للمؤمن والكافر الا ان المؤمن يفتح لروحه باب السماء دون الكافر فترد بعد عروجها تحسرا وندامة وتبكيتا له وذلك المعراج اتى به من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ اى جعل فيه اللؤلؤ بعضه على بعض عن يمينه ملائكة ويساره ملائكة فصعد صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل وفى كلام بعض المشايخ ان المراد بالمعراج صورة الجذب والانجذاب وتمثيل الصعود والا فالآلة لا تتمشى هناك إذ لا يقاس السير الملكوتي على السير الملكي والظاهر ان عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى الصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب السير والاسراء فانه لو لم يكن جسده تابعا لروحه لتعذر العروج فلصورته صورة ولمعناه معنى وكل منهما خلاف ما تتصوره الأوهام وهو اللائح بالبال والحمد الله الملك المتعال واعلم ان المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى بالمواليد الثلاثة آباؤها الا ثيريات اى الاجرام الاثيرية التي هى الافلاك بما فيها من الاجرام النيرة وأمهاتها العنصريات والعناصر اربعة الأرض والماء والهواء والنار فالارض ثقيل على الإطلاق والماء ثقيل بالاضافة الى الهواء والنار وهو ميحط بأكثر الأرض والهواء خفيف مضاف الى الثقلين يطلب العلو وهو محيط بكرة الأرض والماء والنار خفيف على اطلاق يحيط بكرة الهواء والنبي صلى الله عليه وسلم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية والحركة القسرية غير منكورة عندنا وعند المحيلين لهذا الاسراء الجسماني فانا نأخذ الحجر وطبعه النزول فنرمى به فى الهواء فصعوده فى الهواء بخلاف طبعه وبطبعه اما قولنا بخلاف طبعه فان طبعه يقتضى الحركة نحو المركز فصعوده فى الهواء عرضى بالحركة القسرية وهى الرمي به علوا واما قولنا وبطبعه فانه على طبيعة يقبل بها الحركة القسرية ولو لم يكن ذلك فى طبعه لما انفعل لها ولا قبلها وكذلك اختراقه عليه السلام الفلك الاثيرى وهو نار والجسم الإنساني مهيأ مستعد لقبول الاحتراق ثم ان المانع من الاحتراق امور يسلمها الخصم فتلك الأمور كانت الحجب التي خلقها الله سبحانه فى جسم المسرى به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الأجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار او امر آخر وهو ان الطريق الذي اخترقه ليس النار فيه الا محمولة فى جسم لطيف ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل به ضدها كنار ابراهيم عليه السلام قال عليه السلام (انتهيت الى بحر اخضر عظيم أعظم

ما يكون من البحار فقلت يا جبرائيل ما هذا البحر فقال يا محمد هذا بحر فى الهواء لا شىء من فوقه يتعلق به ولا شىء من تحته يقر فيه ولا يدرى قعره وعظمته الا الله تعالى ولولا ان هذا البحر كان حائلا لاحترق ما فى الدنيا من حر الشمس) ثم قال (ثم انتهيت الى السماء الدنيا واسمها رفيع فأخذ جبريل بعضدي وضرب بابها به وقال افتح الباب) وانما استفتح لكون انسان معه ولو انفرد لما طلب الفتح ولكون مجيئه على خلاف ما كانوا يعرفونه قبل (قال الحارس من أنت قال جبريل قال ومن معك فانه رأى شخصا معه لم يعرفه قال محمد قال أو قد بعث محمد قال نعم) وذلك لجواز ان يعرف ولادته عليه السلام ويخفى عليه بعثته قال (الحمد لله فتح لنا الباب ودخلنا فلما نظر الىّ قال مرحبا بك يا محمد ولنعم المجيء مجيئك فقلت يا جبريل من هذا قال هذا إسماعيل خازن السماء الدنيا وهو ينتظر قدومك فاذن وسلم عليه فدنوت وسلمت فرد عليه السلام وهنأنى فلما صرت اليه قال ابشر يا محمد فان الخير كله فيك وفى أمتك فحمد الله على ذلك) وهذا الملك لم يهبط الى الأرض قط الا مع ملك الموت لما نزل لقبض روحه الشريفة (تحت يده سبعون الف ملك تحت يد كل ملك سبعون الف ملك قال وإذا جنوده قائمون صفوفا ولهم زجل بالتسبيح يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح قدوسا قدوسا لرب الأرباب سبحان العظيم الأعظم وكان قراءتهم سورة الملك فرأيت فيها كهيئة عثمان بن عفان فقلت بم بلغت الى هنا قال بصلاة الليل) هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود قال (ثم انتهيت الى آدم فاذا هو كهيئة يوم خلقه الله تعالى) اى على غاية من الحسن والجمال (وكان تسبيحه سبحان الجليل الاجل سبحان الواسع الغنى سبحان الله العظيم وبحمده فاذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها فى عليين وتعرض عليه أرواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها فى سجين) فان قلت أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء فكيف تعرض عليه وهو فى السماء. قلت المراد بعض أرواح ذريته الكفار يقع نظره عليها وهى دون السماء لانها شفافة فان قلت ما ذكر يقتضى ان يكون أرواح المؤمنين كلهم فى عليين فى السماء السابعة وقد ثبت ان أرواح العصاة محبوسة بين السماء والأرض قلت التحقيق ان مبدأ مراتب السعداء من السماء الدنيا على درجات متفاوتة الى عليين ومبدأ مراتب الأشقياء من مقعر سماء الدنيا الى منازل مختلفة الى سجين تحت السابعة وهو مسكن إبليس وذريته فمراتب أرواح الكفار انزل من مراتب أرواح عصاة المؤمنين تلتحق بعد التهذيب الى مقارها العلوية قال عليه السلام (فتقدمت اليه وسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) اى لقيت رحبا وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته فى السرعة فان القمر يسير فى الشهر ما يسير الشمس فى السنة من المنازل فناسب فى سرعة حركاته حركات الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة اى رؤيته عليه السلام لآدم فى السماء الدنيا دون غيره من الأنبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية او فعلية او حالية فلا تنافى ان يشارك

آدم فى هذه السماء غيره من بعض الأنبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجئ قال فى تفسير المناسبات فى سورة النجم فاول ما رأى صلى الله عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام آدم عليه السلام الذي كان فى أمن الله وجواره فاخرجه إبليس عدوه منهما وهذه القصة تشبهها الحالة الاولى من احوال النبي عليه السلام حين أخرجه اعداؤه من حرم الله وجوار بيته فأشبهت قصته فى هذا قصة آدم مع ان آدم يعرض عليه ذريته البر والفاجر منهم فكان فى السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لان أرواح اهل الشقاء لا تلج فى السماء ولا تفتح لهم ابوابها انتهى قال عليه السلام (ورأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل) اى كشفاه الإبل (وفى أيديهم قطع من نار كالافهار) اى الحجارة (التي كل واحد منها ملئ الكف يقذفونها فى أفواههم تخرج من ادبارهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال أكلة اموال اليتامى ظلما) وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض ولعل المراد بالرجال الاشخاص او خصوا بذلك لانهم اولياء للايتام غالبا (ثم رأيت رجالا لهم بطون أمثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالابل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون ان يتحولوا من مكانهم ذلك) اى فتطأهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقتضى لشدة وطئهم لهم والمهيومة التي أصابها الهيام وهوداء يأخذ الإبل فتهيم فى الأرض ولا ترعى او العطاش والهيام شدة العطش. وفى رواية (كلما نهض أحدهم خر) اى سقط (قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا) وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم فى الأرض لا بهذا الوصف بل ان الواحد منهم يسبح فى نهر من دم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم اى فيخرجون من ذلك النهر ويلقون فى طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائما (ثم رأيت اخونة عليها لحم طيب ليس عليها أحد واخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام) اى من الأموال أعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض (ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي ادخلن على الرجال ما ليس من أولادهن اى بسبب زناهن) وفى رواية (انه عليه السلام رأى فى هذه السماء النيل والفرات) وذلك لان منبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران فى الجنة ويجاوزانها الى السماء الدنيا فينصبان الى الأرض من طرف العالم فيجريان. وفى زيادة الجامع الصغير (ان النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسيح لوجدتم فيه من ورقها) قال صلى الله عليه وسلم (ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا با بنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام) اى شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما (ومعهما نفر من قومهما فرحبابى ودعوا لى بخير) وكونهما ابن الخالة اى ان أم كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل فى آل عمران قال فى تفسير المناسبات ثم رأى فى الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود اما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله واما يحيى فقتلوه: قال فى المثنوى

چون سفيهانر است اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيسى منهم ثم سموه فى الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابني الخالة عيسى ويحيى. قوله تعاده يقال عادته اللسعة إذا أتته لعداد بالكسر اى لوقت وفى الحديث (ما زالت أكلة خيبر تعادنى فهذا أوان قطعت أبهري) وهو عرق فى الظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه وذلك ان يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فاكل منها وأكل القوم فقال عليه السلام (ارفعوا ايديكم فانها أخبرتني انها مسمومة) فمات بشر بن البراء منه فجيئ بها الى رسول الله فسألها عن ذلك فقالت أردت ان أقتلك فقال عليه السلام (ما كان الله ليسلط على ذلك) اى على قتلى قال الشيخ افتاده قدس سره وانما لم يؤثر السم فيه عليه السلام الى الاحتضار لان إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان من مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه الى الاحتضار فلما احتضر تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه (ثم عرج بنا الى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه وإذا هو اعطى شطر الحسن) اى نصف الحسن الذي أعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفى كلام بعضهم اعطى شطر الحسن الذي أوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام أملح وان كان يوسف ابيض: قال المولى الجامى دبير صنع نوشت است كرد عارض تو ... بمشك ناب كه الحسن والملاحة لك وذلك ان الحسن والملاحة من عالم الصفات ولم يحصل لغيره عليه السلام ما حصل له من تجليات الصفات على الكمال صورة ومعنى إذ هو أفضل من الكل فالتجلى له أكمل وهو اللائح بالبال قال عليه السلام (فرحب بي ودعالى بخير قال فى تفسير المناسبات اما لقاؤه ليوسف عليه السلام فى السماء فانه يوذن بحالة ثالثة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر بإخوته بعد ما أخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال (لا تثريب عليكم اليوم) الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من أقاربه الذين أخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنهم من أطلقه ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم (أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم) (ثم عرج بنا الى السماء الرابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال قد بعث اليه ففتح لنا فاذا انا بإدريس عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) قال الله تعالى فى حقه وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا اى السماء الرابعة حال حياته على أحد الوجوه وكونه فى الجنة كما فى بعض الروايات لا ينافى وجوده فى السماء المذكورة تلك الليلة. قيل رفع الى السماء من مصر بعد ان خرج منها ودار الأرض كلها وعاد إليها ودعا الخلائق الى الله تعالى باثنتين وسبعين لغة خاطب كل قوم بلغتهم

وعلمهم العلوم وهو أول من استخرج علم النجوم اى علم الحوادث التي تكون فى الأرض باقتران الكواكب وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذي يخطئ لعدم استيفائه النظر قال فى المناسبات ثم لقاؤه لادريس عليه السلام فى السماء الرابعة وهو المكان الذي سماه الله مكانا عليا وإدريس أول من آتاه الله الخط بالقلم فكان ذلك موذنا بحالة رابعة وهو شأنه صلى الله عليه وسلم حتى أخاف الملوك وكتب إليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاء كتاب النبي عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هر قل لقد امر امر ابن أبى كبشه حين أصبح يخافه ملك ابن ابى الأصفر وكتب بالقلم الى جميع ملوك الأرض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى وملك عمان ومنهم من هادن واهدى اليه وأتحفه المقوقس ومنهم من تعصى عليه فاظفره الله به وهذا مقام علىّ وخط بالقلم على نحو ما اوتى إدريس عليه السلام (ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصف لحيته سوداء تكاد تضرب الى سرته من طولها وحوله قوم من بنى إسرائيل وهو يقص عليهم فرحب بي ودعالى بخير) وكان هارون محببا فى قومه لانه كان ألين إليهم من موسى لان موسى كان فيه بعض الشدة عليهم ومن ثمة كان له منهم بعض الأذى قال فى المناسبات لقاؤه عليه السلام فى السماء الخامسة لهارون المحب فى قومه يوذن بحب قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه قال وهب بن منبه وجدت فى أحد وسبعين كتابا ان الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا الى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلى الله عليه وسلم الا كحبة بين رمال الدنيا. ومما يتفرع على العقل اقناء الفضائل واجتناب الرذائل وإصابة الرأى وجودة الفطنة وحسن السياسة والتدبير وقد بلغ من ذلك صلى الله عليه وسلم الغاية التي لم يبلغها بشر سواه ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره صلى الله عليه وسلم للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه واختاروه على أنفسهم وقاتلوا دونه أهلهم وآباءهم وأبناءهم وهجروا فى رضاه أوطانهم (ثم عرج بنا الى السماء السادسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بموسى عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) وكان موسى رجلا آدم طوالا كثير الشعر مع صلابته لو كان عليه قميصان لنفذ الشعر منهما وكان إذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه صار يضربه حتى ضربه ست ضربات او سبعا مع انه لا ادراك له ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة إذا جمحت فصاحبها يؤدبها بالضرب يقول الفقير انما فر الحجر لان للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى وربما يظهر اثرها فى الظاهر فتصير فى حكم الاحياء من ذوى الروح واليه الاشارة بهذه الأبيات المثنوية باد را بي چشم اگر بينش نداد ... فرق چون مى كرد اندر قوم عاد «1» كر نبودى نيل را آن نور ديد ... از چهـ قبطى را ز سبطى مى كزيد

_ (1) در اواخر چهارم در بيان آنكه هر؟؟؟ مدرك را ز آدمي نيز مدركاتى ديگر است إلخ

كر نه كوه وسنك با ديدار شد ... پس چرا داود را او يار شد اين زمين را كر نبودى چشم وجان ... از چهـ قارون را فرا خوردى چنان قال عليه السلام (فلما جاوزت اى عن موسى بكى فقيل له ما يبكيك قال ابكى لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي) اى بل ومن سائر الأمم لان اهل الجنة من الأمم مائة وعشرون صفا هذه الامة منها ثمانون صفا وسائر الأمم أربعون قال ابن الملك انما بكى موسى إشفاقا على أمته حيث قصر عددها عن عدد امة محمد لا حسدا عليه لانه لا يليق به واما قوله ان غلاما بعث بعدي فلم يكن على سبيل التحقير بل على معنى تعظيم المنة لله تعالى لان محمدا مع كونه غير طويل العمر فى عبادة ربه خصه بهذه الفضيلة يقول الفقير بكاء موسى عليه السلام هو المناسب لمقامه لانه كان له غيرة غالبة ولذا لما مر عليه السلام عليه وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر سمع منه وهو يقول برفع صوته أكرمته فضلته يخاطب ربه ويعاتبه إدلالا وهو لا يستلزم الحسد والتحقير لان كمل افراد الامة مطهرون عن مثل هذا فكيف الأنبياء خصوصا أولوا العزم منهم ومن البين ان اهل الجنة يرضون بما أوتوا من الدرجات على حسب استعداداتهم فلا يتمنى بعضهم مقام بعض لكونه خارجا عن الحكمة فكذا الأنبياء والأولياء فى مقاماتهم المعنوية والا لما استراحوا وهو مخل برتبتهم قال فى المناسبات ولقاؤه فى السماء السادسة لموسى عليه السلام يوذن بحالة تشبه حالة موسى عليه السلام حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان اتى به أسيرا وافتتح مكة ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه (ثم عرج بنا الى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بإبراهيم عليه السلام قال هذا أبوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) قال الامام التور بشتى امر النبي عليه السلام بالتسليم على الأنبياء وان كان أفضل لانه كان عابرا عليهم وكان فى حكم القائم وهم فى حكم القعود والقائم يسلم على القاعد والمرئي كان أرواح الأنبياء مشكلة بصورهم التي كانوا عليها الا عيسى فانه مرئى بشخصه قال عليه السلام (وإذا ابراهيم رجل اشمط جالس عند باب الجنة) اى فى جهتها والا فالجنة فوق السماء السابعة (على كرسى مسندا ظهره الى البيت المعمور) وهو من عقيق محاذ للكعبة بحيث لو سقط سقط عليها (يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون كالانفاس الانسانية يدخلون من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر) فالدخول من باب مطالع الكواكب والخروج من باب مغاربها قال عليه السلام (وإذا انا بامتى شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمدة فدخلت البيت المعمور ودخل معى الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمدة فصليت انا ومن معى فى البيت المعمور) اى ركعتين والظاهر انه ليس المراد بالشطر النصف

حتى يكون العصاة من أمته بقدر الطائعين منهم يقول الفقير المراد بالشطرين الفرقتان والفرقة التي عليهم ثياب بيض طائفة بالنسبة الى الذين عليهم ثياب رمدة لان الحكمة الالهية اقتضت كون اهل العصيان والنفس اكثر من اهل الطاعة والتزكية إذ المقصود ظهور الإنسان الكامل وهو حاصل مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فيكون اهل الطاعة كالشطر بالنسبة الى اهل العصيان نسأل الله تعالى ان يدخلنا بيت القلب مع الداخلين ويزيل أوساخ وجوداتنا بحرمة النبي الامين قال السهيلي قد ثبت فى الصحيح ان أطفال المؤمنين والكافرين فى كفالة سيدنا ابراهيم عليه السلام وان رسول الله قال لجبريل حين رآهم مع ابراهيم (من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء أولاد المؤمنين الذين يموتون صغارا) قال له (وأولاد الكافرين) قال وأولاد الكافرين وقد روى فى أطفال الكافرين ايضا (انهم خدم لاهل الجنة) وجاء ان ابراهيم عليه السلام قال لرسول الله «اقرئ أمتك منى السلام وأخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر » كما قال المولى الجامى ياد كن آنكه در شب اسرا ... با حبيب خدا خليل خدا كفت كو وى از من اى رسول كرام ... امت خويش را ز بعد سلام كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده غرس اشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمد له است پس تهليل هست تكبير نيز از آن أشجار ... خوش كسى كش جزين نيايد كار باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار قال عليه السلام (واستقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة) واللعس لون الشفة إذا كان تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح يقول الفقير زيد هذا هو الذي تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت زينب تحت نكاحه فطلقها ليتزوجها رسول الله فلما آثر النبي عليه السلام بها أبدل الله مكانها زوجا له من الحور مليحة جدا وجازاه بها فان لكل فناء وترك مشروع اثرا معنويا فما انتقص شىء فى الظاهر الا وقد انتقل فى الباطن والآخرة باطن بالنسبة الى الدنيا فمن ترك حظه فيها وجده فى الآخرة أعلى منه وأوفر. ورأى عليه السلام فى السماء السابعة فوجا من الملائكة نصف أبدانهم من النار ونصفها من الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهم يقولون اللهم كما الفت بين النار والثلج فالف بين قلوب عبادك المؤمنين حمله بعض الأكابر على معنى ان نصف اجزائه ثلج ونصف اجزائه نار فامتزجا وحصل بينهما مزاج واحد والظاهر ان الاول ادل على القدرة فان اجتماع الاضداد بالمعنى الذي ذكره موجود فى اكثر المركبات قال فى المناسبات ثم لقاؤه فى السماء السابعة ابراهيم عليه السلام لحكمتين إحداهما انه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة

أي بإزائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذي بنى الكعبة واذن فى الناس بالحج والحكمة الثانية ان آخر احوال النبي عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عند اهل التأويل توذن بالحج لانه الداعي اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة قال صلى الله عليه وسلم (ثم ذهب بي) اى جبريل (الى سدرة المنتهى) وهى شجرة فوق السماء السابعة فى أقصى الجنة إليها ينتهى الملائكة باعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام العرشية والأنوار الرحمانية (وإذا أوراقها كآذان الفيلة) جمع الفيل اى فى الشكل وهو الاستدارة لا فى السعة إذا الواحدة منها تظل الخلق كما فى بعض الروايات (وثمرها كالقلال) جمع قلة وهى الجرة العظيمة وهذه الشجرة هى الحد البرزخى بين الدارين فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار ولا فنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب لها الأرواح وتظهر عليها الأحوال وأم فيها رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء ويخرج من اصل تلك الشجرة اربعة انهار تهران باطنان اى يبطنان ويبغيان فى الجنة بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة وهما الكوثر ونهر الرحمة ونهران ظاهران اى يستمران ظاهرين بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة وهما النيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذي يقال له البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته ومر الفرات فى بعض السنين فوجد فيه رمان مثل البعير فيقال انه رمان الجنة يقول الفقير لعله من البساتين التي يقال لها جنان الأرض إذ سقوط الثمار من أماكنها من الفساد غالبا وليس لثمار الجنة ذلك اللهم الا ان يقال وجود ذلك الرمان فى الفرات على تقدير ان يكون من رمان الجنة انما هو ليكون آية لذوى الاستبصار ودخل عليه السلام الجنة فاذا فيها جنابذ اى قباب الدرّ وإذا ترا بها المسك ورمانها كالدلاء وطيرها كالبخت وانتهى الى الكوثر فاذا فيه آنية الذهب والفضة فشرب منه فاذا هو احلى من العسل وأشد رائحة من المسك وفى الحديث (ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة الا وهى فى الجنة حتى الحنظل والذي نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل الى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها) وهذا القسم يرشد الى ان ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل وانها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة وغشى السدرة ما غشى من نور الحضرة الالهية فصار لها من الحسن غير تلك الحالة التي كانت عليها فما أحد من خلق يستطيع ان ينعتها من حسنها لان رؤية الحسن تدهش الرائي ورأى عليه السلام جبرائيل عند تلك السدرة على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق اى ما بين المشرق والمغرب يتاثر من أجنحته الدر والياقوت- ويروى- ان جبريل لما وصل الى السدرة التي هى مقامه تأخر فلم يتجاوز فقال عليه السلام (أفي مثل هذا المقام يترك الخليل خليله) فقال لو تجاوزت لاحرقت بالنور. وفى رواية لو دنوت انملة لاحرقت: قال الشيخ سعدى قدس سره

چنان كرم در تيه قربت براند ... كه در سدره جبريل از وباز ماند بدو كفت سالار بيت الحرام ... كه اى حامل وحي برتر خرام چودر دوستى مخلصم يافتى ... عنانم ز صحبت چرا تافتى بگفتا فرا تر مجالم نماند ... بماندم كه نيروى بالم نماند اگر يك سر موى برتر پرم ... فروغ تجلى بسوزد پرم فقال عليه السلام (يا جبريل هل لك من حاجة الى ربك قال يا محمد سل الله لى ان ابسط جناحى على الصراط لامتك حتى يجوزوا عليه) قال عليه السلام (ثم زج بي فى النور فخرق بي سبعون الف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام وانقطع عنى حس كل ملك فلحقنى عند ذلك استيحاش فعند ذلك نادى مناد بلغة ابى بكر قف فان ربك يصلى) اى يقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى وجاء نداء من العلى الأعلى (ادن يا خير البرية ادن يا احمد ادن يا محمد فادنانى ربى حتى كنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى) - وروى- انه عليه السلام عرج من السماء السابعة الى السدرة على جناح جبريل ثم منها على الرفرف وهو بساط عظيم قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني هو نظير المحفة عندنا ونادى جبريل من خلفه يا محمد ان الله يثنى عليك فاسمع وأطع ولا يهولنك كلامه فبدأ عليه السلام بالثناء وهو قوله (التحيات لله والصلوات والطيبات) اى العبادات القولية والبدنية والمالية فقال تعالى (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فعمم عليه السلام سلام الحق فقال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقال جبريل (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) وتابعه جميع الملائكة قال بعض الكبار اخترق الافلاك من غير ان تسكن عن تحريكها كاختراق الماء والهواء الى ان وصل سدرة المنتهى فقعد على الرفرف فاخترق عوالم الأنوار الى ان جاز موضع القدمين الى العرش اى المستوي المفهوم من قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كل ذلك بجسمه فعاين محل الاستواء فلما فارق عالم التركيب والتدبير لم يبق له أنيس من جنسه فاستوحش من حيث مركبه فنودى بصوت ابى بكر (قف يا محمد ان ربك يصلى) فسكن وتلا عليه عند ذلك هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ هذا لسان الأحباب وخطاب الأخلاء والاصحاب وهذا أول الأبواب المعنوية من هنا تقع فى بحر الإشارات والمعاني وهو الاسراء البسيط فتقع المشاهدة بالبصر لا بالجارحة لا عيان الأرواح المهيمة التي لا مدخل لها فى عالم الأجسام فترك الرفرف ومشاهدة الجسم وانسلخ من الرسم والاسم وسافر برفرف همته فحطت العين بساحل بحر العمى حيث لا حيث ولا اين فادركت ما أدركت من خلف حجاب العزة الاحمى الذي لا يرتفع ابدا ثم عادت بلا مسافة الى شهود عينها ثم الى تركيب كونها المتروك بالمستوى مع الرفرف فقوله ثُمَّ دَنا اشارة الى العروج والوصول وقوله فَتَدَلَّى الى النزول والرجوع وقوله فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى مرتبة الذات الواحدية اى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ الصَّمَدُ وقوله تعالى أَوْ أَدْنى اشارة الى مرتبة الذات الاحدية اى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ أَحَدٌ وكان المعراج فى صورة الصعود والهبوط لانه

وقع بالجسم والروح معا والا فالملك والملكوت مندرج في الوجود الإنساني وكل تجل يحصل له انما هو من الداخل لا من الخارج قال صلى الله عليه وسلم (سألنى ربى فلم أستطع ان أجيبه فوضع يده بين كتفى بلا تكييف ولا تحديد) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة (فوجدت بردها فاورثنى علم الأولين والآخرين وعلمنى علوما شتى فعلم أخذ على كتمانه إذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم أمرني بتبليغه الى العام والخاص من أمتي) وهى الانس والجن وهذا التفصيل يدل على ان العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة كما يدل عليه الفاء وهى زائدة على علوم الأولين والآخرين فالعلم الاول من باب الحقيقة الصرفة والثاني من باب المعرفة والثالث من باب الشريعة ومن جملة ما اوحى فى هذا الموطن من القرآن خواتيم سورة البقرة وبعض سورة والضحى وبعض الم نشرح لك وقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ والوحى بلا واسطة يقتضى الخطاب فسمع عليه السلام كلام الحق من غير كيفية كما سمعه موسى عليه السلام من كل جانب ورآه كلام سرمدى بي نقل بشنيد ... خداوند جهانرا بى جهت ديد بديد آنچهـ ز حد ديدن برون بود ... مپرس اما ز كيفيت كه چون بود قال الامام النووي الراجع عند اكثر العلماء انه رأى ربه بعيني رأسه يقول الفقير يعنى بسره وروحه فى صورة الجسم بان كان كل جزء منه سمعا واتحد البصر بالبصيرة فهى رؤية بهما معا من غير تكييف فافهم فانه جملة ما يتفصل فان قلت ما الفرق بين الأنبياء وبين نبينا عليه السلام فى باب الرؤية فانهم يرونه ويشاهدونه حال الانسلاخ الكلى قلت ما حصل لنبينا عليه السلام فوق الانسلاخ إذ الرؤية فى صورة الانسلاخ انما هى بالبصيرة فقط واما رؤيته تعالى فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة قال بعضهم وقياس عدم رؤية الملائكة عدم رؤية الجن له تعالى ورد ذلك يقول الفقير لعل وجه الاختلاف عند الحقيقة ان الملائكة والجن على جناح واحد وهو الجمال والانس على جناحين وهما الجمال والجلال المقول لهما الكمال فلا يرونه تعالى من مرتبة مؤمنى الانس وانما يشاهدونه تعالى من مرتبة أنفسهم فافهم واما انه ليس لهم مشاهدة أصلا فلا مساعدة له بوجه من الوجوه واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى فى المنام وصحتها اى وقوعها لان ذلك المرئي انما هو صفة من صفات الله تعالى- روى- عن ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال رأيت ربى فى المنام فقلت له كيف الطريق إليك فقال اترك نفسك ثم تعال- وروى- ان حمزة القارئ قرأ عليه القرآن من اوله الى آخره فى المنام حتى إذا بلغ الى قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ قال الله تعالى قل يا حمزة وأنت القاهر يقول الفقير سمعت من شيخى وسندى قدس سره ان شيخه عبد الله الشهير بذاكر زاده روح الله روحه أراد ان يستخلفه فامتنع عليه فرأى فى تلك الليلة فى المنام ان الله تعالى أعطاه المصحف وقال له خذ هذا وادع عبادى الىّ وكان من آثار هذا المنام ان الله تعالى وفقه لاحياء العلم والدعوة الى الله فى المراتب الأربع وزاد خلفاؤه على المائة والخمسين كلهم من اهل التفسير ولم يتيسر هذا المقام لغيره من مشايخ العصر قال عليه السلام

(فرض الله علىّ خمسين صلاة فى كل يوم وليلة) قيل كانت كل صلاة منها ركعتين ألا يرى انه من قال لله على صلاة يلزمه ركعتان ويخالفه ما قالوا انه عليه السلام كان يصلى كل يوم وليلة ما يبلغ الى خمسين صلاة وفق ما فرض ليلة المعراج فالظاهر ان هذه الخمسين باعتبار الركعات لانه هو المضبوط عنه عليه السلام يعنى كان يصلى فى اليوم والليلة من الفرائض والنوافل خمسين ركعة وصرح بعضهم بان المراد الخمسون وقتا فالظاهر ان كل وقت كان مشتملا على ركعتين لان الصلاة فى الأصل كانت ركعتين ركعتين ثم زيدت فى الحضر وأقرت فى السفر قال عليه السلام (فنزلت الى ابراهيم فلم يقل شيأ ثم أتيت موسى) اى فى الفلك السادس (فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك وانى والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة) يعنى مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت فيهم من الطاعة قال عليه السلام (فرجعت الى ربى) يعنى رجعت الى الموضع الذي ناجيت ربى فيه وهو سدرة المنتهى (فخررت ساجدا فقلت اى ربى خفف عن أمتي فحط عنى خمسا فرجعت الى موسى وأخبرته قال ان أمتك لا تطيق ذلك قال فلم ازل ارجع بين ربى وموسى ويحط خمسا خمسا حتى قال موسى بم أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال ارجع فاسأله التخفيف فقلت قد راجعت ربى حتى استحييت ولكن ارضى واسلم) يعنى فلا ارجع فان رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكن ارضى بما قضى الله واسلم امرى وأمرهم الى الله (فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتى) يعنى قال الله تعالى يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة كما قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والصلاة انما تحصل بتوجه القلب والعمل الواحد فى مرتبة القلب يقابل العشرة وقال (من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب شىء فان عملها كتبت سيئة واحدة) وعن ابن عمر رضى الله عنهما كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات وغسل البول من الثوب سبع مرات ولم يزل صلى الله عليه وسلم يسأل ربه حتى جعلت الصلاة خمسا وغسل الجنابة مرة واحدة وغسل البول من الثوب مرة وفى الحديث (أكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت أحدا من الأنبياء أحوط على أمتي منه) وجاء (كان موسى أشدهم على حين مررت به وخيرهم علىّ حين رجعت فنعم الشفيع كان لكم موسى) وذلك فانه كما تقدم لما جاوزه النبي عند الصعود بكى فنودى ما يبكيك فقال رب هذا غلام اى لانه صلى الله عليه وسلم كان حديث السن بالنسبة الى موسى بعثته بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي فان قلت هذا وقوع النسخ قبل البلاغ وقد اتفق اهل السنة والمعتزلة على منعه قلت وقع بعد البلاغ بالنسبة الى النبي عليه السلام لانه كلف بذلك ثم نسخ فاذا نسخ فى حقه نسخ فى حق أمته لان الأصل ان ما ثبت فى حق كل نبى ثبت فى حق أمته الا ان يقوم الدليل على الخصوصية وعن انس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت ليلة اسرى بي الى السماء تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل دنياكم هذه سبعين مرة مملوءة من الملائكة يسبحون الله ويقدسونه ويقولون فى تسبيحهم اللهم اغفر لمن شهد الجمعة) اى صلاتها

(اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة) اى لصلاتها (ورأيت ليلة اسرى بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر امثلها والقرض بثمانية عشر فقلت لجبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لان السائل يسأل وعنده شىء والمستقرض لا يستقرض الا من حاجة) وبيان كون درهم القرض بثمانية عشر درهما ان درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما جاء فى بعض الروايات ودرهم الصدقة بعشرة تصير الجملة عشرين ودرهم القرض يرجع للمقرض بدله بدرهمين من عشرين يتخلف ثمانية عشر (ورأيت رضوان خازن الجنة فلما رآنى فرح بي ورحب بي وأدخلني الجنة وأراني فيها من العجائب ما وعد الله فيها لاوليائه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ورأيت فيها درجات أصحابي ورأيت فيها الأنهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وأزواجهم وسمعت آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال أرواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة وسمعت التسبيح فقال هؤلاء الأنبياء ورأيت قصور الصالحين وعرضت علىّ النار وان كانت فى الأرض السابعة فاذا على بابها مكتوب وان جهنم لموعدهم أجمعين) قال عليه السلام (وأبصرت ملكا لم يضحك فى وجهى فقلت يا أخي جبريل من هذا قال مالك خازن النار لم يضحك منذ خلقه الله ولو ضحك الى أحد لضحك إليك فقال له جبريل يا مالك هذا محمد فسلم عليه فسلم علىّ وهنأنى بما صرت اليه من الكرامة والشرف) وانما بدأ خازن النار بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم ليزيل ما استشعر من الخوف منه ويشير الى انه ومن اتبعه من الصالحين سالمون من النار ناجون قال عليه السلام (فسألته ان يعرض علىّ النار بدركاتها فعرضها علىّ بما فيها وإذا فيها غضب الله) اى نقمته (لو طرحت فيها الحجارة والحديد لاكلتها وإذا قوم يأكلون الجيف فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ورأيت قوما تنزع ألسنتهم من أقفيتهم فقلت من هم فقال هم الذين يحلفون بالله كاذبين ورأيت جماعة من النساء علقن بشعورهن فقلت من هن قال هن اللاتي لا يستترن من غير محارمهن ورأيت جماعة منهن لباسهن من القطران فقلت من هن قال نائحات) جمع نائحة وهى الباكية على الميت مع عدا خلاقه ومحاسنه ودل حديث المعراج على ان الجنة والنار مخلوقتان الآن لان الإنسان إذا علم ثوابا مخلوقا اجتهد فى العبادة ليحصل ذلك الثواب وإذا علم عقابا مخلوقا اجتهد فى اجتناب المعاصي لئلا يصيبه ذلك العقاب وقد صح ان الجنان قيعان وعمارتها بالأعمال كما دل عليه حديث الغراس فيما سبق واعلم انه عليه السلام اسرى به من مكة الى بيت المقدس على البراق ومن بيت المقدس الى السماء الدنيا على المعراج ومنها الى السماء السابعة على جناح الملائكة ومنها الى السدرة على جناح جبريل ومنها الى العرش على الرفرف والظاهر ان النزول كان على هذا الترتيب وقال بعض الأكابر من اهل الله انه اسرى به الى السدرة على البراق وأيا ما كان فلما نزل الى السماء الدنيا نظر الى أسفل منه فاذا هو بهرج ودخان وأصوات فقال ما هذه يا جبريل قال هذه الشياطين يحومون على أعين بنى آدم حتى لا ينظروا الى العلامات ولا يتفكروا فى ملكوت السموات ولولا ذلك لرأوا العجائب اى أدركوها ونزل عليه السلام الى بيت

المقدس وتوجه الى مكة وهو على البراق حتى وصل الى بيته الأشرف بالحرم المكي الاحمى بحجر الكعبة العظيمة او الى بيت أم هانى كما يدل عليه ما يجيئ من تقرير القصة وكان زمان ذهابه ومجيئه ثلاث ساعات او اربع ساعات وفى كلام السبكى ان ذلك كان قدر لحظة ولا بدع لان الله تعالى قد يطيل الزمن القصير كما يطوى الطويل لمن يشاء- روى- فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من أكابر اصحاب الشيخ ابى مدين قدس الله سرهما ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين الف ختمة يقول الفقير قال شيخى وسندى قدس سره فى الكلام عليه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتي عشرة ساعة خمس وثلاثون الف ختمة لانه اما ان ينبسط الى ثلاث وأربعين سنة وتسعة أشهر واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة أشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة إليها ولياليها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه باقل من ذلك باعتبار سرعة القاري هذا فانه صدق وقد كوشف لى هذا وقد صدقته وقبلته وهذا سر عظيم انتهى كلام الشيخ وقد ثبت فى الهندسة ان ما بين طرفى قرص الشمس اى عظمه وسعته ضعف ما بين طرفى كرة الأرض مائة ونيفا وستين مرة ثم ان طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى فى اقل من ثانية وهى جزء من ستين جزأ من الدقيقة والدقيقة جزء من ستين جزأ من الدرجة وهى جزء من خمسة عشر جزأ من الساعة فاذا كانت هذه السرعة ممكنة للجماد فكيف لا يمكن لأفضل العباد إذا أراد رب البلاد والله تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر ان يخلق مثل هذه الحركة فى جسد النبي عليه السلام او فيما يحمله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره قد ذهب عليه السلام وجاء ولم يتم ماء ابريقه انصبابا ومن كان مؤمنا لا ينكر المعراج ولكن وقوع السير المذكور فى مقدار ذلك الزمن اليسير يشكل عند العقل بحسب الظاهر واما عند التحقيق فلا إشكال ألا يرى ان فى الوجود الإنساني شيأ لطيفا اعنى القلب يسير من المشرق الى المغرب بل جميع العوالم فى آن واحد وهو بديهي لا ينكره من له ادنى تمييز حتى البله والصبيان أفلا يجوز ان تحصل تلك اللطافة لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بقدرة الله تعالى فوقع ما وقع منه فى الزمن اليسير راه ز اندازه برون رفته ... پى نتوان برد كه چون رفته عقل در ين واقعه حاشا كند ... عقل نه حاشا كه تمنا كند - روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من ليلته قص القصة على أم هانئ وقال (انى أريد ان أخرج الى قريش فاخبرهم بذلك) فقالت أنشدك الله اى بفتح الهمزة اى اسألك بالله ابن عم اى يا ابن عمى ان لا تحدث اى لا تحدث بهذا قريشا فيكذبك من صدقك فلما كان الغداة تعلقت بردائه فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدها وانتهى الى نفر من قريش فى الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود وأولئك النفر مطعم بن عدى وابو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة فقال (انى صليت العشاء) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت (فى هذا المسجد وصليت به الغداة) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت والا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة

التي هى الصبح لم تكن فرضت كما تقدم (وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس) وأخبرهم عما رأى فى السماء من العجائب وانه لقى الأنبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى وجاء انه لما دخل المسجد الحرام وعرف ان الناس يكذبونه وما أحب ان يكتم ما هو دليل على قدرة الله تعالى وما هو دليل على علو مقامه الباعث على اتباعه قعد حزينا فمر به عدو الله ابو جهل فجاء حتى جلس اليه عليه السلام فقال كالمستهزئ هل كان من شىء قال (نعم أسرى بي الليلة) قال الى اين قال (الى بيت المقدس) قال ثم أصبحت بين ظهرانينا قال (نعم) قال أرأيت ان دعوت قومك تحدثهم ما حدثتنى قال (نعم) قال يا معشر كعب بن لوى فانفضت اليه المجالس وجاؤا حتى جلسوا إليهما فقال حدث قومك بما حدثتنى به فقال (انى اسرى بي) قالوا الى اين قال (الى بيت المقدس فنشر لى الأنبياء وصليت بهم وكلمتهم) فقال ابو جهل كالمستهزئ صفهم لنا فقال عليه السلام (اما عيسى ففوق الربعة دون الطويل) اى لا طويل ولا قصير (عريض الصدر جاعد الشعر) اى فى شعره (تثنى وتكسر تعلوه صهبة) اى يعلو شعره شقرة (ظاهر الدم) اى يعلوه حمرة (كأنما خرج من ديماس) اى حمام وأصله الكنّ الذي يخرج منه الإنسان وهو عريان وأصله الظلمة يقال ليل دامس والحمام لفظ عربى. وأول واضع له الجن وضعته لسليمان عليه السلام وقيل الواضع بقراط الحكيم وقيل شخص سابق على بقراط استفاده من رجل كان به تعقيد الغصب فوقع فى ماء حار فى جب فسكن فصار يستعمله حتى برئ وفى الحديث (اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر) ولم يدخل عليه السلام الحمام ولم يكن ذلك فى بلاد الحجاز وانما كان فى ارض العجم والشام (واما موسى فضحم آدم) اى أسمر ومن ثمة كان خروج يده بيضاء مخالفا لونها لسائرلون جسده آية (طويل كأنه من رجال شنوءة) وهى طائفة من اليمن اى ينسبون الى سنوءة وهو عبد المطلب بن كعب، من أولاد الأزد معروفون بالطول (كثير الشعر غائر العينين متراكم الأسنان متقلص الشفتين خارج اللثة) وهو اللحم الذي خارج الأسنان عابس (واما ابراهيم فو الله انه لأشبه الناس بي خلقا وخلقا فضجوا) اى صاح قريش وعظموا ذلك وصار بعضهم يصفق وبعضهم يضع يده على رأسه متعجبا ومنكرا قالوا نحن نضرب أكباد الإبل الى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا أتزعم انك أتيته فى ليلة واحدة واللات والعزى لا تصدقك وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال الى ابى بكر رضى الله عنه اى اسرع او مشى فقال ان كان قد قال ذلك فلقد صدق قالوا أتصدقه على ذلك قال انى أصدقه على ابعد من ذلك اى ان ذهب الى بيت المقدس فى ليلة واحدة أصدقه فانى أصدقه فى خبر السماء فى غدوة وهى ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس وروحة وهى اسم للوقت من الزوال الى الليل والمراد هنا انه ليخبرنى ان الخبر ليأتيه من السماء الى الأرض فى ساعة من ليل او نهار فاصدقه فهذا اى مجئ الخبر له من السماء بواسطة الملك ابعد مما تتعجبون منه فسمى الصديق وهو الكثير الصدق فهو للمبالغة وتسمية ابى بكر بسبب هذا الجواب الصدق بهذا الاسم للمبالغة فى كيفية الصدق فانه صدق كامل فى مثل هذا المقام الذي كذب فيه اكثر الناس وكان على رضى الله عنه يحلف بالله ان الله انزل اسم ابى بكر من السماء الصديق اى فهى تسمية الله بالذات لا تسمية الخلق وكان فيهم من يعرف بيت المقدس

فاستنعتوه المسجد اى قالوا يا محمد صف لنا بيت المقدس كم له من باب أرادوا بذلك اظهار كذبه عليه السلام لانهم عرفوا انه عليه السلام لم يره قال (فكربت كربا شديدا لم اكرب مثله قط لانهم سألونى عن أشياء لم أثبتها وكنت دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فقمت فى الحجر فجلى الله لى بيت المقدس) اى كشفه لى اى بوجود صورته ومثاله فى جناح جبريل او برفع الحجاب بينه وبين بيت المقدس حتى رآه عليه السلام وهو فى مكانه إذ كان يصل بصره الى حيث يصل اليه قلبه او باعدامه هناك وإيجاده فى مكة طرفة عين بحيث يتصل بعدمه وجوده على ما هو شأن الخلق الجديد ومنه زيارة الكعبة لبعض الأولياء كما قال فى المثنوى هر نفس تو ميشود دنيا وما ... بي خبر از نو شدن اندر بقا «1» عمر همچون جوى نونو مى رسد ... مستمرى مى نمايد در جسد آن زتيزى مستمر شكل آمده است ... چون شرر كش تيز جنبانى بدست شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد بس دراز اين درازى مدت از تيزى صنع ... مى نمايد سرعت انگيزى صنع قال (فطفقت) اى جعلت أخبرهم عن آياته اى علاماته وانا انظر اليه قال فى المواهب ولم يسألوه عما رأى فى السماء لانه لا عهد لهم بذلك فقالوا اما لنعت فقد أصاب فقالوا ما آية ذلك يا محمد اى ما العلامة الدالة على هذا الذي أخبرت به فانا لم نسمع بمثل هذا قط اى هل رأيت فى مسراك وطريقك ما نستدل بوجوده على صدقك اى لان وصفك لبيت المقدس يحتمل ان تكون حفظته عمن ذهب اليه فقال عليه السلام (آية ذلك انى مررت بعير بنى فلان بوادي كذا) اى فى الروحاء وهو محل قريب من المدينة اى بينه وبين المدينة ليلتان (قد أضلوا ناقة لهم) اى وانا متوجه وذاهب (وانتهيت الى رحالهم وإذا قدح ماء فشربت منه) فاسألوهم عن ذلك وشرب الماء للغير جائز لانه كان عند العرب كاللبن مما يباح لكل مجتاز من أبناء السبيل قالوا فاخبرنا عن عيرنا قال (مررت بها فى التنعيم) وهو محل قريب من مكة اى وانا راجع الى مكة فاخبرهم بعدد جمالها وأحوالها (وانها تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق) وهو ما بياضه الى سواد (عليه غرارتان إحداهما سوداء والاخرى برقاء) اى فيها بياض وسواداى حوالق مخطط ببياض فابتدر القوم الثنية اى الجبل فقال قائل منهم هذه والله الشمس قد أشرفت فقال آخر هذه والله العير قد أقبلت يتقدمها جمل أورق كما قال محمد عليه الغرارتان فتاب المرتدون وأصر المشركون وقالوا انه ساحر وجاء فى بعض الروايات ان الشمس حبست له عليه السلام عن الطلوع حتى قدمت تلك العير وحبس الشمس وقوفها عن السير اى عن الحركة بالكلية وقيل بطؤ حركتها وقيل ردها الى ورائها فان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت أوردت لا ختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات وقد وقع حبس الشمس لبعض الأنبياء كداود وسليمان ويوشع وموسى عليهم السلام واما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله عليه وسلم فى خيبر فعن اسماء بنت عميش رضى الله تعالى عنها قالت كان عليه السلام يوحى اليه ورأسه الشريفة فى حجر على

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان مكر حزگوش وتأخير از در رفتن

رضى الله عنه ولم يسر عنه حتى غربت الشمس وعلى لم يصل العصر فقال له رسول الله (أصليت العصر) قال لا فقال عليه السلام (اللهم انه كان فى طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس) قالت اسماء فرأيتها طلعت بعد ما غربت وهو من أجل اعلام النبوة فليحفظ وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد كان يعظ بعد العصر ثم أخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس فظن وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار إليهم ان لا يتحركوا ثم أدار وجهه الى ناحية المغرب وقال لا تغربى يا شمس حتى ينتهى مدحى لآل المصطفى ولنجله ان كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لولده ولنسله فطلعت الشمس فلا يحصى مارمى عليه من الحلي والثياب وهو من الاتفاقات الغريبة كما حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر شقيقك غيب فى لحده وتطلع يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف لباس الحداد على فقده فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب: قال الكمال الخجندي بچشم اهل نظركم بود ز پروانه ... دلى كه سوخته آتش محبت نيست اللهم اجعلنا من اهل المحبة والوداد آمين وحين زالت الشمس من اليوم الذي يلى ليلة المعراج نزل جبريل وأم بالنبي عليه السلام ليعلمه اوقات الصلوات وهيئتها واعداد ركعاتها ثم صبح بأصحابه (الصلاة جامعة) لان الاقامة المعروفة للصلاة لم تشرع الا بالمدينة فاجتمعوا فصلى النبي عليه السلام بالناس فسميت تلك الصلاة صلاة الظهر لانها فعلت عند قيام الظهيرة اى شدة الحر او عند نهاية ارتفاع الشمس فصلاته عليه السلام بالناس كانت بعد صلاته مع جبريل وامه جبريل يومين يوما فى أول الوقت ويوما فى آخره وكان ذلك عند باب الكعبة مستقبلا لصخرة الله ثم التفت جبريل وقال يا محمد هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين وانما لم تقع البداءة بالصبح مع انها أول صلاة بعد ليلة الاسراء لان الإتيان بها يتوقف على بيان الإتيان بالكيفية اى على بيان علم كيفيتها المعلق عليه الوجوب كأنه قيل أوجبت حيث ما تبين كيفيته فى وقته والصبح لم تبين كيفيتها فى وقتها فلم تجب فان قيل قول جبريل هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك يقتضى ان هذه الصلوات كانت مشروعة لكل واحد من الأنبياء قبله وليس كذلك لانها من خصائص هذه الامة قلنا معناه ان وقتك هذا المحدود الطرفين مثل وقت الأنبياء قبلك فانه كان محدود الطرفين او ان بعضهم صلى الفجر وبعضهم ما يليها وهو لا ينافى كون المجموع على هذه الكيفية من خصائص هذه الامة- روى- ان أول من صلى الفجر آدم عليه السلام حين اهبط الى الأرض من الجنة واظلمت عليه الدنيا وجنّ الليل ولم يكن يرى قبل ذلك فخاف خوفا شديدا فلما انشق

الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى لحصول النجاة من ظلمة الليل ولرجوع النهار او لما تيب عليه كان ذلك عند الفجر فصلى ركعتين شكرا لحصول التوبة وزوال المخالفة وطلوع النور التوفيق وغروب ظلمة المخالفة. وأول من صلى بعد الزوال ابراهيم عليه السلام حين فدى ابنه عند الظهر صلى أربعا شكرا لذهاب غم الولد ولنزول الفداء ولرضى الله حين نودى قد صدقت الرؤيا ولصبر ولده على أذى الذبح ومشقته. وأول من صلى العصر يونس عليه السلام حين أنجاه من ظلمات اربع الزلة والليل والماء وبطن الحوت. وأول من صلى المغرب عيسى عليه السلام فالركعة الاولى لنفى الالوهية عن نفسه والثانية لنفيها عن والدته والثالثة لاثباتها لله تعالى وقيل غفر لداود عليه السلام عند الغروب فقام يصلى اربع ركعات فجهد اى تعب فجلس فى الثالثة اى سلم فيها فصارت المغرب ثلاثا. وأول من صلى العشاء موسى عليه السلام حين خرج من مدين وضل الطريق وكان فى غم المرأة وغم أخيه هارون وغم فرعون عدوه وغم أولاده فلما أنجاه الله من ذلك كله صلى أربعا. وأول من صلى الوتر نبينا عليه الصلاة والسلام قال فى تفسير التيسير أم رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء انتهى قال فى التقدمة شرح المقدمة قيل لما قام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه ثم كبر وقنت واستغاث بالله من النار وأهلها وأتمها على ثلاث ركعات فصارت وترا قيل فرضت الصلوات الخمس فى المعراج ركعتين ركعتين حتى المغرب ثم زيد فى صلاة الحضر فاكملها أربعا فى الظهر اى فى غير يوم الجمعة وأربعا فى العصر وثلاثا فى المغرب وأربعا فى العشاء وأقرت صلاة الصبح على ركعتين فعن عائشة رضى الله عنها فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتان اى فى الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما اقام رسول الله اى بعد شهر وقيل وعشرة ايام من الهجرة زيد فى صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر اى لم يزد عليها شىء لطول القراءة فيها وتركت صلاة المغرب فلم يزد عليها الا ركعة فصارت ثلاثا وقيل فرضت الخمس فى المعراج أربعا الا المغرب ففرضت ثلاثا والا الصبح ففرضت ركعتين ولا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الأربع فى السفر اى فى السنة الرابعة من الهجرة وهو المناسب لقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ قال بعضهم والحكمة فى جعل الصلاة فى اليوم والليلة خمسا ان الحواس لما كانت خمسا والمعاصي تقع بوساطتها كانت كذلك لتكون ماحية لما يقع فى اليوم والليلة من المعاصي اى بسبب تلك الحواس وقد أشار الى ذلك النبي عليه السلام بقوله (أرأيتم لو كان بباب أحدكم نهر يغتسل منه فى اليوم والليلة خمس مرات أكان ذلك يبقى من درنه شيأ) قالوا لا يا رسول الله قال (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) وقال بعضهم جعلها خمس صلوات إظهارا لسر التضعيف قال تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فالخمس عشر مرات خمسون وهى العدد الذي فرض ليلة المعراج قبل التخفيف وقيل لان الكعبة بنيت من خمسة جبال طور سينا وطور زيتا والجودي

وحرا وابو قبيس ولهذا السر جعل الطواف حول البيت الحرام بمنزلة الصلاة ولكن الصلاة أفضل من الطواف الا فى حق الحاج فانه مختص بالمحل الشريف والصلاة بخلافه وقيل جعلها خمسا شكرا للعناصر الاربعة وجمعيتها فى نشأة الإنسان وقد جعل الله الصلاة على اربعة اركان القيام والركوع والعقود والسجود لتكون شكرا لهذه العناصر الاربعة أو لأن الخلق اربعة اصناف قائم مثل الأشجار وراكع مثل الانعام وقاعد مثل الأحجار وساجد مثل الهوام فاراد ان يوافق الجميع فى أحوالهم فيشا كل كل واحد من الخلق وجعل الله فى أوضاع الصلاة جمعية العالم كلها وجعلت الصلاة مثنى وثلاث ورباع لتوافق اجنحة الملائكة فانها جعلت اجنحة للشخص بها يطير الى الله تعالى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره صلاة الصبح فى مقابلة الجسم والروح والأربع فى المراتب الأربع اى الطبيعة والنفس والقلب والروح وصلاة المغرب كانت لعيسى ولذلك صارت ثلاثا لانه ليس له حظ الطبيعة وقال حضرة شيخى وسندى قدس الله سره فى كتاب اللائحات البرقيات عند قوله تعالى وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ان الليل اشارة الى مرتبة اللاتعين وهى مرتبة الجلال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لكمال الإطلاق الذاتي الحقيقي الوجودي والنهار اشارة الى مرتبة التعين وهى مرتبة الجمال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لذلك الكمال المذكور نعته ثم صلاة الفجر من الصلوات الخمس المشتمل عليها الليل والنهار بركعتيها اشارة الى الاثنينية والتمايز بين المرتبتين المذكورتين والركعة الاولى اشارة الى مرتبة الجلال والركعة الثانية اشارة الى مرتبة الجمال واحدية مجموع الركعتين واجتماع الركعتين والتقاؤهما فى ذلك المجموع اشارة الى كمال واجتماع الجلال والجمال والتقائهما فى ذلك الكمال ثم صلاة المغرب منها عكس صلاة الفجر ليظهر فيها ما بطن فيها من الاحدية الجامعة والركعة الاولى اشارة الى الجلال والثانية الى الجمال والثالثة الى الكمال الجامع ومرتبة اللاتعين مرتبة القوة ومرتبة التعين مرتبة الفعل ولولا القوة لما تحقق الفعل والقوة إجمال والفعل تفصيل فلولا خزينة القوة لما ظهر كرم الفعل وجود الفضل ثم صلاة العشاء منها بركعاتها الأربع اشارة الى التعينات الاربعة الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية فى مرتبة اللاتعين والجلال بالقوة وصلاة الظهر منها بركعاتها الأربع اشارة الى تلك التعينات الاربعة فى مرتبة الجمال الإلهي بالفعل وصلاة العصر منها بركعاتها الأربع اشارة إليها فى مرتبة الجمال الكونى بالفعل ثم الفرائض اشارة الى الوجود الحقانى الإلهي المنبسط على الأكوان مطلقا والواجبات اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الاخصية والسنن اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الخاصية والمستحبات اشارة الى الوجودات الخلقية العامية ثم ساق حضرة الشيخ روح الله روحه فى ذلك الكتاب كلاما طويلا من طلبه وجده وسئل ابن عباس رضى الله عنهما هل تجد الصلوات الخمس فى كتاب الله تعالى فقال نعم وتلا قوله فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ وأراد بحين تمسون المغرب والعشاء وبحين تصبحون الفجر وبعشيا العصر وبحين

[سورة الإسراء (17) : الآيات 2 إلى 4]

تظهرون الظهر واطلاق التسبيح بمعنى الصلاة جاء فى قوله تعالى فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال القرطبي اى من المصلين وفى الكشاف عن ابن عباس رضى الله عنهما كل تسبيح فى القرآن فهو صلاة والعمدة فى الصلاة الطهارة الباطنة وحضور القلب: وفى المثنوى روى ناشسته نبيند روى خور ... لا صلاة كفت الا بالطهور وهو بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه (مفتاح الصلاة الطهور) واسم لما يتطهر به كما فى المغرب قال الحافظ طهارت ار نه بخون جكر كند عاشق ... بقول مفتى عشقش درست نيست نماز «1» وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة جملة واحدة بعد ما اسريناه الى الطور وَجَعَلْناهُ اى ذلك الكتاب هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ هاديا لاولاد يعقوب يهتدون الى الحق والصواب بما فيه من الاحكام والخطاب أَلَّا تَتَّخِذُوا ان مفسرة لما يتضمنه الكتاب من الأمر والنهى بمعنى اى كما فى قوله كتبت اليه ان افعل كذا قال الكاشفى [وگفتيم مر ايشانرا كه آيا فرا ميگيريد] مِنْ دُونِي [بجز از من] وَكِيلًا [پروردگارى كه مهم خود بدو گذاريد] قوله من دونى بمعنى غيرى أحد مفعولى لا تتخذوا ومن مزيدة ذُرِّيَّةَ اى يا ذرية مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ فى السفينة او نصب على الاختصاص بتقدير اعنى يقال ذرأ خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس. والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير انعامه عليهم فى ضمن إنجاء آبائهم من الغرق فى سفينة نوح قال فى الكواشي هذا منة على جميع الناس لانهم كلهم من ذرية من أنجى فى السفينة من الغرق. والمعنى كانوا مؤمنين فكونوا مثلهم واقتفوا بآثار آبائكم قال الكاشفى [مراد سامست كه ابراهيم عليه السلام جد بنى إسرائيل است از نسل او بود يعنى نعمت نجات از طوفان كه به پدر شما ارزانى داشتيم ياد كنيد وشكر گوييد] إِنَّهُ اى نوحا عليه السلام كانَ عَبْداً شَكُوراً كثير الشكر فى مجامع حالاته وكان إذا أكل قال الحمد لله الذي أطعمني ولوشاء اجاعنى وإذا شرب قال الحمد لله الذي سقانى ولوشاء أظمأني وإذا اكتسى قال الحمد لله الذي كسانى ولوشاء جردنى وإذا تغوط قال الحمد لله الذي اخرج عنى أذاه فى عافية ولوشاء حبسه- وروى- انه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به فان وجده محتاجا آثره به وفيه إيذان بان إنجاء من معه كان ببركة شكره عليه السلام وحث الذرية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذي هو أعظم مراتب الكفران وفى التأويلات النجمية إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً اى كان نوح عبدا شكورا يرى الضراء نعمة منا كما يرى السراء نعمة منا فيشكرنا فى الحالتين جميعا فلما بالغ فى الشكر سمى شكورا فالله تعالى بالغ فى ازدياد النعمة جزاء لمبالغته فى الشكر حتى أنعم على ذرية من حملهم مع نوح وهم بنوا إسرائيل بايتاء التوراة الهادية الى التوحيد المنجية من الشرك وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ يقال قضى اليه أنهاه وأبلغه اى أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما وبينا فِي الْكِتابِ فى التوراة فان الانزال والوحى الى موسى إنزال ووحي إليهم لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ والله لتفسدن فى ارض الشام وبيت المقدس مَرَّتَيْنِ مصدر والعامل فيه من غير لفظه اى إفسادا بعد إفساد

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان مخصوص بودن يعقوب عليه السلام بچشيدن جام حق تعالى از روى يوسف عليه السلام

إفسادتين. اولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعيا وحبس ارميا حين انذرهم سخط الله وارميا بتشديد اليا. مع ضم الهمزة على رواية الزمخشري وبضم الهمزة وكسرها مخففا على رواية غيره وفى القاموس ارميا بالكسر نبى. والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ولتستكبرن عن طاعة الله تعالى [يعنى سركش خواهيد شد از طاعت من] والعلو العتو على الله والجراة قال الكاشفى [درين قصه اختلاف بسيارست وهر مفسرى نقلى كه بدو رسيده إيراد نموده وقول أصح وأشهر در مختار القصص وسير وغير آن از كتبى كه در اخبار أنبياء عليهم السلام نوشته اند چنانست كه چون سلطنت بنى إسرائيل در ولايت شام بصديقه رسيده از أولاد سلما واو مردى ضعيف حال واعرج بود ملوك أطراف طمع در ولايت ايليه بسته متوجه آن صوب شدند أول سنجاريب ملك موصل بيامد ومتعاقب او سلما پادشاه آذربايجان رسيد وهر دو تلاش شهر بيت المقدس نموده با يكديگر محاربه آغاز كردند آتش قتال ميان ايشان اشتعال پذيرفت ودرياى مبارزت از صرصر مخاصمت بموج درآمد سپهداران سپهـ درهم فكندند ... صلاى مرگ در عالم فكندند ز پيكان عالمى را ژاله بگرفت ... ز خون روى زمين را لاله بگرفت عاقبت سطوت هيبت الهى ظهور نموده هر دو لشگر از يكديگر منهزم گشتند وغنايم ايشان بدست بنى إسرائيل افتاد ديگر باره پادشاه روم وملك صقاليه وسلطان أندلس هر يك با لشگر جرار كرار همه تيغ زن ونيزه گذار بر در بيت المقدس جمع شدند. و چون رتبه سلطنت شركت بر نتابد ايشان نيز آغاز نزاع كرده بلشكر آرايى ونبرد آزمايى قيام واهتمام نمودند در افتادند همچون شير غران ... بكرز ونيزه وشمشير بران بنى إسرائيل دعاى «اللهم اشتغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين» آغاز كردند ونكباى نكبت غبار ادبار بر ديده آن خاكساران پاشيد هزيمت را غنيمت دانسته دلها بر فرار قرار داده از يكديگر گريزان شدند نه جاى قرار ونه جاى ستيز ... نهادند ناكام رو در گريز اموال ايشان نيز به دست بنى اسرائيليان افتاد و چون غنيمت پنج لشكر عظيم در حوزه تصرف در آوردند بحكم إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى سر تجبر از گريبان عصيان برآورده ودست تغلب از آستين طغيان بيرون كرده حكم توراترا بر طرف نهادند هر چند ارميا پيغمبر ايشانرا پند داد وگفت از آنچهـ در تورات مقرر شده واين فساد أول است مكنيد وخود را در معرض سخط الهى مياريد نشنيدند حق سبحانه وتعالى بخت نصر مجوسى را كه كاتب سنجاريب بود وبعد از فوت او بحكم وصيت ملك بوى رسيد بر ايشان گماشت تا بيامد وبا ايشان حرب كرده غالب شد ومسجد را خراب كرد تورات را بسوخت وهفتاد هزار كسى را بنى إسرائيل بنده كرفت واين عقوبت أول بود بعد از آن كورش همدانى كه زنى از بنى إسرائيل خواسته بود از اين حال خبر يافت مال بسيار بر گرفت وسى هزار بنا وسائر عمله با خود آورد وسى سال بعمارت ولايت ايليه اشتغال

[سورة الإسراء (17) : الآيات 5 إلى 7]

نمود تا بحال أول باز آمد وديگرباره بنى إسرائيل خوش وقت شدند واموال وأولاد ايشان روى باز وياد نهادند باز سوداى اين مخالفت از نهاد ايشان سر بر زد ويحيئ معصوم را بقتل رسانيدند وقصد هلاك عيسى عليه السلام كردند عقوبت دوم در رسيد وطرطوس رومى بر ايشان غلبه كرد ديگرباره مسجد خراب كرد واندوختهاى ايشانرا بغارت بردند] كما قال تعالى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ أُولاهُما اى اولى كرتى إفساد اى حان وقت حلول العقاب الموعود بَعَثْنا عَلَيْكُمْ لمؤاخذتكم بجناياتكم عِباداً لَنا اكثر ما يقال عباد الله وعبيد الناس قال الكاشفى [اضافت خلق است نه اضافت مدح چهـ مراد بخت نصر است بقول أصلح] يقول الفقير المراد من الاضافة بيان كونهم مظاهر الاسم المذل المنتقم القهار كما يفيده مقام العظمة لا التشريف فان الكافر ليس من اهله أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ كقولهم ظل ظليل لان البأس يتضمن الشدة اى ذوى قوة وبطش فى الحروب [دمياطى گفت كه مهيب باشد آوازهاى ايشان چون رعد] وهم بخت نصر من مجوس بابل وهو بضم الباء أصله بوخت بمعنى ابن ونصر بفتح النون والصاد المشددة والراء المهملة اسم ضم وجد عنده بخت نصر ولم يعرف له اب ينسب اليه وقال بعضهم كان بخت نصر عاملا على العراق لملك الأقاليم فى ذلك الحين لهراست بن كى أجواد كان لهراست مشتغلا بقتال الترك فوجه بخت نصر الى بنى إسرائيل فى المرة الاولى فَجاسُوا من الجلوس وهو التردد خلال الدور والبيوت فى الغارة اى ترددوا لطلبكم بالفساد خِلالَ الدِّيارِ قال فى القاموس الخلل منفرج ما بين الشيئين ومن السحاب مخارج الماء كخلاله وخلال الدار ايضا ما حوالى جدرها وما بين بيوتها انتهى قالوا يجوز ان يكون مفردا بمعنى الوسط او جمع خلل بمعنى الاوساط مثل جبل وجبال. والديار جمع دار وهو المحل يجمع البناء والعرصة. والمعنى مشوا فى وسط المنازل او فى أوساطها للقتل والاسر والغارة فقتلوا علماءهم وكبارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين الفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به السنة الالهية وَكانَ وعد عقابهم وَعْداً مَفْعُولًا وعدا لا بد ان يفعل ثُمَّ رَدَدْنا أعدنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ اى الدولة والغلبة على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم ورجعتم من الإفساد والعلو تلخيصه بعد ظفرهم بكم اظفرناكم بهم. والكرة فى الأصل المرة وعليهم متعلق بها لانه يقال كر عليه اى عطف- حكى- ان كورش الهمذاني غزا اهل بابل فظهر عليهم وسكن الدار فتزوج امرأة من بنى إسرائيل فطلبت من زوجها ان يرد قومها الى ارضهم فردهم الى ارضهم بيت المقدس فالكرة هى قتل بخت نصر واستنقاذ بنى إسرائيل أساراهم ورجوع الملك إليهم فمكثوا فيها فرجعوا الى احسن ما كانوا عليه ثم عادوا فعصوا الثانية وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ يقال أمد الجيش إذا قواه وكثره عددا اى قويناكم باموال كثيرة بعد ما نهبت أموالكم وَبَنِينَ بعد ما سبيت أولادكم وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً عددا مما كنتم او من عدوكم وهو من ينفر مع الرجل من قومه إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها اى احسان الأعمال واساءتها كلاهما مختص بكم لا يتعدى

[سورة الإسراء (17) : الآيات 8 إلى 12]

ثوابها ووبالها الى غيركم فاللام على أصلها وهو الاختصاص قال سعدى المفتى الاولى ان تكون للاستحقاق كما فى قوله لهم عذاب فى الدنيا قال فى تفسير النيسابورى قال اهل الاشارة انه أعاد الإحسان ولم يذكر الاساءة إلا مرة ففيه دليل على ان جانب الرحمة أغلب ويجوز ان يترك تكريره استهجانا فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ الْآخِرَةِ اى حان وقت ما وعد من عقوبة المرة الآخرة من الافسادين [دويست ودو سال] لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ يقال ساءه مساءة فعل به ما يكره وهو متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أي بعثناهم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة بادية فى وجوهكم فاريد بالوجوه الحقيقية وآثار الاعراض النفسانية فى القلب تظهر فى الوجه وفى الكواشي وخصت الوجوه بالمساءة والمراد أهلها لان أول ما يظهر من الحزن عليها وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ الأقصى ويخربوه كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وخربوه وَلِيُتَبِّرُوا اى ليهلكوا ما عَلَوْا كل شىء علبوه واستولوا عليه او بمعنى مدة علوهم تَتْبِيراً إهلاكا فظيعا لا يوصف والمراد بهم طرطوس الرومي وجنوده كما سبق وقال بعضهم سلط الله عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه هردوس قال لواحد من عظماء جنوده كنت حلفت بإلهي إذا ظفرت باهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى يسيل دماؤهم وسط عسكرى فامره ان يقتلهم فدخل بيت المقدس فقام فى البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتمونى فقتل على ذلك الدم سبعين الفا من رؤسائهم وغلمانهم وأزواجهم فلم يهدأ الدم ثم قال ان لم تصدقونى ما تركت منكم أحدا فقالوا انه دم نبى كان ينهانا ويخبرنا بأمركم فلم تصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الآن صدقتمونى لمثل هذا ينتقم ربكم منكم وكان قتل يحيى ملك من بنى إسرائيل يقال له لا خت حمله على قتله امرأة اسمها اربيل وكانت قتلت سبعة من الأنبياء وقتل يحيى كان بعد رفع عيسى فلما رأى انهم صدقوا خر ساجدا ثم قال يا يحيى قد علم ربى وربك ما أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ بإذن الله قبل ان لا أبقى أحدا منهم فهدأ فرفع عنهم القتل وقال آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل وأيقنت انه لا رب غيره وقال لبنى إسرائيل ان هر دوس أمرني ان اقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ولست أستطيع ان أعصيه قالوا افعل ما أمرت فامرهم ان يحفروا خندقا ويذبحوا دوابهم حتى سال الدم فى العسكر فلما رأى هر دوس ذلك أرسل اليه ان ارفع عنهم القتل فسلب عنهم الملك والرياسة وضرب عليهم الذلة والمسكنة ثم انصرف الى بابل وهى الواقعة الاخيرة النازلة على بنى إسرائيل وبقي بيت المقدس خرابا الى عهد خلافة عمر رضى الله عنه فعمره المسلمون بامره قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى در تورات بعد از وعده اين دو عقوبت با ايشان گفته بود] عَسى رَبُّكُمْ [شايد كه پروردگار شما يا بنى إسرائيل] أَنْ يَرْحَمَكُمْ [آنكه رحمت كند بر شما وباز شما را منعم] اى بعد المرة الثانية ان تبتم توبة اخرى وانزجرتم عن المعاصي فتابوا فرحمهم وَإِنْ عُدْتُمْ مرة ثالثة الى المعاصي قال سعدى المفتى الاولى كما فى الكشاف مرة ثانية إذ العود مرتان والاول بدء لا عود الا

[سورة الإسراء (17) : آية 9]

ان يقال أول المرات كونهم تحت أيدي القبط عُدْنا الى عقوبتكم ولقد عادوا فاعاد الله عليهم النقمة بان سلط عليهم الاكاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الاناوة ونحو ذلك او عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وقصد قتله فعاد الله بتسليطه عليهم فقتل قريظة واجلى بنى النضير وقدر الجزية على الباقين فهم يعطونها عن يدوهم صاغرون وهم فى عذاب من المؤمنين الى يوم القيامة وفى التأويلات النجمية وَإِنْ عُدْتُمْ الى الجهل عُدْنا الى العدل بل الى الفضل: وفى المثنوى چونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبروياند خداش چند كاهى او بپوشاند كه تا ... آيد آخر زان پشيمان تو را «1» بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز كيرد از پى اظهار عدل تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود ... آن مبشر كردد اين منذر شود وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً اى محبسا ومقرا يحصرون فيه لا يستطيعون الخروج منها ابد الآباد فهو فعيل بمعنى فاعل اى حاصرة لهم ومحيطة بهم وتذكيره اما لكونه بمعنى النسبة كلابن وتامر او لحمله على فعيل بمعنى مفعول او بالنظر الى لفظ جهنم إذ ليس فيه علامة التأنيث وعن الحسن حصيرا اى بساطا كما يبسط الحصير المرمول والحصير المنسوج وانما سمى الحصير لانه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض واعلم ان جهنم عصمنى الله وإياك منها من أعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة يسجن فيه المعطلة اى نفاة الصانع والمشركون والكافرون والمنافقون واهل الكبائر من المؤمنين ثم يخرج بالشفاعة وبالامتنان الإلهي من جاء النص الإلهي فيه وأوجدها الله تعالى بطالع الثور ولذلك خلقها الله تعالى فى صورة الجاموس وجميع ما يخلق فيها من الآلام التي يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الإلهي ولا يكون ذلك عند دخول الخلق فيها من الجن والانس متى دخولها واما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم فيها فى نفسها ولا فى نفس ملائكتها بل هى ومن فيها من زبانيتها فى رحمة الله لمنغمسون ملتذون يسبحون الله لا يفترون فعلى العاقل ان يتباعد عن الأسباب المقربة الى النار ويستعيذ بالله من حرها وبردها آناء الليل وأطراف النهار ويرجو رحمة الله تعالى وهى فى التسليم والتلقي من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة عصمنا الله وإياكم من المخالفة والعصيان وشرفنا بالموافقة والطاعة كل حين وآن وجعلنا من المخلصين فى بابه المقبلين على جنابه المحترزين عن عذابه وعقابه إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ الذي آتيناك يا محمد يَهْدِي الناس كافة لا فرقة مخصوصة منهم كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى لِلَّتِي للطريقة التي هِيَ أَقْوَمُ اى أقوم الطرائق وأسدها وأصوبها اعنى ملة الإسلام والتوحيد والمراد بهدايته لها كونه بحيث يهتدى إليها من يتمسك به لا تحصيل الاهتداء بالفعل فانه مخصوص بالمؤمنين وَيُبَشِّرُ [مژده ميدهيد] الْمُؤْمِنِينَ بما فى تضاعيفه من الاحكام والشرائع الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ التي شرحت فيه أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم بمقابلة تلك الأعمال أَجْراً كَبِيراً بحسب الذات وبحسب التضعيف عشر مرات فصاعدا قال الكاشفى [مزدى بزرگ يعنى بهشت]

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آنكه حق تعالى بنده را بگناه أول رسوا نكند

[سورة الإسراء (17) : آية 10]

وذلك لانه يستصغر عند الجنة ونعيمها الدنيا وما فيها وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء أَعْتَدْنا لَهُمْ [آماده كرديم براى ايشان] اى فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عَذاباً أَلِيماً وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر بإضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه يا وصال يار يا مرك عدو ... بازي چرخ زين دو يك كارى كند واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادي وهو كتاب الله الصامت والنبي عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والإرشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيأ من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا. قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا أردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الأولين والآخرين- روى- انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شىء يقوى قوله عليه السلام (يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين) فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال يا رسول الله قال الله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب الله تعالى فقال عليه السلام (اطلبه فى سورة يوسف) فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن إذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القارئ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبي عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال (لم يفقه) اى لم يكن فقيها فى الدين (من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور الدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث (من شهد خاتمه القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله) ففى الافتتاح عند الاختتام إحراز لهاتين الفضيلتين وإذلال للشيطان قال فى شرح الجزري ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاوتهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبي عليه السلام عند ختم القرآن (اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين) وكان ابو القاسم

[سورة الإسراء (17) : آية 11]

الشاطبي رحمه الله يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن «اللهم انا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته أحدا من خلقك او أنزلته فى شىء من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا إليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين» قال فى القنية لا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى انتهى وجه الاولوية ان الغرض الأهم من القراءة انما هو تصحيح مبانيها لظهور معانيها ليعمل بما فيها وفى القراءة بصوت واحد يتشوش الخواطر مع ان بعض القارئين بالجمعية يأتى ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويقع حذف الحرف والزيادة وتحريك الساكن وتسكين المحرك ومد القصر وقصر المد مراعاة للاصوات فيأثمون عشقت رسد بفرياد گر خود بسان حافظ ... قرآن ز بر بخوانى در چارده روايت نسأل الله تعالى ان يوصلنا الى حقائق القرآن وأسراره ويطلعنا على الحكم والمصالح فى قصصه واخباره ويجعلنا من اهل التحقيق انه ولى التوفيق وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ ويدعو الله عند غضبه بالشر واللعن والهلاك على نفسه واهله وخدمه وماله. والمراد بالإنسان الجنس أسند اليه حال بعض افراده او حكى عنه حاله فى بعض احيانه وحذفت واو يدع ويمح وسندع لفظا كياء سوف يؤت الله ويناد المناد وما تغن النذر وصلا لاجتماع الساكنين ووقفا وهى مرادة معنى حملا للوقف على الوصل ولو وقف عليها اضطرار الوقف بلا واو فى ثلاثتها اتباعا للامام كما فى الكواشي دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ مثل دعائه لهم بالخير والرزق والعافية والرحمة ويستجاب له فلو استجيب له إذا دعاء باللعن كما يجاب له بالخير لهلك او يدعوه بما يحسبه خيرا وهو شر فى نفسه فينبغى ان يدعو بما هو خير عند الله تعالى لا بما يشتهيه وَكانَ الْإِنْسانُ بحسب جبلته عَجُولًا يسارع الى طلب ما يخطر بباله ولا ينظر عاقبته ولا يتأنى الى ان يزول عنه ما يعتريه قال الكاشفى [تعجيل دارد در انقلاب از حالى بحالي نه در سرا تحمل دارد ونه در ضرا نه در گرما شكيباست ونه در سرما] واعلم ان الدعاء اما بلسان الحقيقة واما باعتبار السيئة المفضية الى الشر الموجبة له فالانسان عجول قولا وفعلا يتمادى فى الأعمال الموجبة للشر والعذاب وفى الحديث (المؤمن وقاف والمنافق وثاب) قال آدم عليه السلام لأولاده كل عمل تريدون ان تعملوا فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني قال أعرابي إياكم والعجلة ان العرب تكنيها أم الندامات: وفى المثنوى پيش سگ چون لقمه نان افكنى ... بو كند وآنگه خورد اى مقتنى «1» او ببينى بو كند ما با خرد ... هم ببوئيمش بعقل منتقد قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرى

[سورة الإسراء (17) : آية 12]

التوبة إذا أذنب ثم شرع فى بيان بعض الهداية التكوينية التي اخبر بها القرآن الهادي فقال وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ قدم الليل لان فيه تظهر غرر الشهور اى جعلنا هما بسبب تعاقبهما واختلافهما فى الطول والقصر آيَتَيْنِ دالتين على وجود الصانع القدير ووحدته إذ لا بد لكل متغير من متغير وانما قال وجعلنا الليل والنهار آيتين وقال فى موضع آخر وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً لان الليل والنهار ضدان بخلاف عيسى ومريم وقيل لان عيسى ومريم كانا فى وقت واحد والشمس والقمر آيتان لانهما فى وقتين ولا سبيل الى رؤيتهما معا فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ الفاء تفسيرية والاضافة بيانية كما فى اضافة العدد الى المعدود اى فمحونا الآية التي هى الليل. والمحو فى الأصل ازالة الشيء الثابت والمراد هنا إبداعها ممحوة الضوء مطموسة كما فى قولهم سبحانه من صغر البعوض وكبر الفيل اى انشأهما كذلك بقرينة ان محو الليل فى مقابلة جعل النهار مضيئا وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ اى الآية التي هى النهار مُبْصِرَةً مضيئة تبصر فيها الأشياء وصفها بحال أهلها ويجوز ان تكون الاضافة فى المحلين حقيقية فالمراد بآية الليل والنهار والقمر والشمس- روى- ان الله تعالى خلق كلا من نور القمر والشمس سبعين جزأ ثم امر جبرئيل فمسح بجناحه ثلاث مرات فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس ليتميز الليل من النهار إذ كان فى الزمن الاول لا يعرف الليل والنهار فالسواد الذي فى القمر اثر المحو وهذا السواد فى القمر بمنزلة الحال على الوجه الجميل ولما كان زمان الدولة العربية الاحمدية قمريا ظهر عليه اثر السيادة على النجوم وهو السواد لانه سيد الألوان كما ظهر على الحجر المكرم الذي خرج ابيض من الجنة اثر السيادة بمبايعة الأنبياء والأولياء عليهم السلام وجعل الله شهورنا قمرية لا شمسية تنبيها من الله للعارفين ان آياتهم ممحوّة من ظواهرهم مصروفة الى بواطنهم فاختصوا من بين جميع الأمم الماضية بالتجليات الخاصة وقيل فيهم كتب فى قلوبهم الايمان مقابلة قوله فانسلخ منها قال تعالى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى فى علو المرتبة والشرف قال حضرت شيخ وسندى قدس سره فى كتاب البرقيات بعد تفصيل بديع ثم لآية الليل مرتبة الفرعية والتبعية ولآية النهار مرتبة الاصلية والاستقلالية لان نور القمر مستفاد من نور الشمس ثم سر محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة هو نفى الاستواء واثبات الامتياز حتى يتعين حد المستفيد وطوره بان يكون انزل بحسب الضعف والنقصان وحد المفيد وطوره بان يكون ارفع بحسب القوة والكمال ويرتبط كل منهما بالآخر من غير تعد وتجاوز عن حده وطوره بل عرف كل قدره ولزوم مقامه حتى يطرد النظام والانتظام ويستمر القيام والدوام من غير خلل واختلال ثم هذا السر اشارة الى سرأن لمظاهر الجلال مرتبة التبعية والفرعية ولمظاهر الجمال مرتبة الاستقلالية والاصلية لان الامداد الواصل الى مظاهر الجلال لقيامهم ودوامهم وبقائهم مستقاد من مظاهر الجمال ولذا قيل لولا الصلحاء لهلك الطلحاء وحكمة محو أفكار مظاهر الجلال عن الاصابة الى الاخطاء وجعل أفكار مظاهر الجمال مبصرة مصيبة هو نفى المساواة واثبات المباينة بينهما حتى يتحقق رتبة الأصل

بالقوة والغلبة والعزة ورتبة الفرع بالضعف والعجز والذلة ويقوم النظام ويدوم الانتظام من غير ان يظهر التجاوز والتعدي من طرف مرتبة التبعية الى رتبة الاستقلالية عند المقابلة والمقاومة بل يطرد الارتفاع والاعتلاء والاستيلاء على الوجه الأوفق والحد الاحق فى طرف الاصالة ويستمر الأمر فى نفسه الى ما شاء الله خالق البرية ثم مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفى مراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر وغير ذلك من الإشارات القرآنية لِتَبْتَغُوا متعلق بقوله وجعلنا آية النهار اى لتطلبوا لانفسكم فى بياض النهار فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ اى رزقا وسماه فضلا لان إعطاء الرزق لا يجب على الله وانما يفيضه بحكم الربوبية وفى التعبير عن الكسب بالابتغاء دلالة على ان ليس للعبد فى تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب وَلِتَعْلَمُوا متعلق بكلا الفعلين اى لتعلموا باختلاف الجديدين او ميزهما ذاتا من حيث الاظلام والاضاءة مع تعاقبهما وسائر أحوالهما عَدَدَ السِّنِينَ التي يتعلق بها غرض علمى لاقامة مصالحكم الدينية والدنيوية وَالْحِسابَ اى الحساب المتعلق بما فى ضمنها من الأوقات اى الأشهر والليالى والأيام وغير ذلك ممانيط به شىء من المصالح المذكورة ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات ولتعطلت امور كثيرة. والحساب إحصاء ما له كمية منفصلة بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة فيها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل والعد احصاؤه بمجرد تكرير أمثاله من غير ان يتحصل منه شىء كذلك فالسنة تحصل بعدة شهور والشهر بعدة ايام واليوم بعدة ساعات. والسنين جمع سنة وهى شمسية وقمرية فالسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قالوا ان اقرأ لعنين انه لم يصل اجله الحاكم سنة قمرية فى الصحيح وبحسب فدية الصلاة بالسنة الشمسية أخذا بالاحتياط من غير اعتبار ربع اليوم ففدية كل فرض من الحنطة خمسمائة درهم وعشرون درهما وللوتر كذلك فيكون فدية كل صلاة يوم وليلة من الحنطة ثلاثة آلاف درهم ومائة وعشرين درهما وفدية كل سنة شمسية مائة واثنان وأربعون كيلا بكيل القسطنطينية وسبع اوقية ويكون قيمة هذا المقدار من الخطة محسوبة بالحساب الجاري بين الناس فى كل عهد وزمان وَكُلَّ شَيْءٍ تفتقرون اليه فى المعاش والمعاد وهو منصوب بفعل يفسره قوله تعالى فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا اى بيناه فى القرآن بيانا بليغا لا التباس معه فازحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا فليتبع العاقل ما أدركه اى لحقه علمه وليفوض ما جهله منه الى العلم وفيه اشارة الى ان العالم إذا تدبر فى القرآن وقف على جميع المهمات وكان الصحابة رضى الله عنهم يكرهون ان يمضى يوم ولم ينظروا فى مصحف لان النظر اليه عبادة وفيه ايضا وقوف على المرام فان التدبر يؤدى الى ظهور خفايا الكلام- حكى-

[سورة الإسراء (17) : الآيات 13 إلى 17]

ان الامام محمد بن الحسن صاحب ابى حنيفة دخل على ابى حنيفة لتعلم الفقه قال استظهرت القرآن يا بنى قال لا قال استظهر اوّلا فغاب سبعة ايام ثم رجع الى ابى حنيفة فقال ألم اقل لك استظهر قال استظهرت قال الشافعي رضى الله عنه بت عنده ليلة فصيلت الى الصبح واضطجع هو الى الصبح فاستنكرت ذلك منه فقام وصلى ركعتى الفجر من غير توضى فقلت له فى ذلك فقال أظننت انى نمت كلا استخرجت من كتاب الله نيفا والف مسألة فانت عملت لنفسك وانا عملت للامة او انما اضطجعت لان صفاء خاطرى فى تلك الحالة. وهذه الصورة سرّ ما قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحى إليهم ان الوارد الإلهي الذي هو صفة القيومية إذا جاءهم اشتغل روح الإنسان عن تدبيره فلم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامه ولا قعوده فرجع الى أصله وهو لصوقه بالأرض ثم ان فى القرآن تفصيلا لأهل العبارة واهل الاشارة: وفى المثنوى تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند غير طين «1» ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست وَكُلَّ إِنسانٍ مكلف مؤمنا كان او كافرا ذكرا او أنثى عالما او اميا سلطانا او رعية حرا او عبدا أَلْزَمْناهُ الإلزام [لازم كردن] طائِرَهُ اى عمله الصادر عنه باختياره حسبما قدر له كانه طار اليه من عش الغيب ووكر القدر فِي عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط اى ألزمناه عمله بحيث لا يفارقه ابدا بل يلزمه لزوم القلادة والغل للعنق لا ينفك عنه بحال كه هر نيك وبدى كان از من آيد ... مرا ناكام غل در كردن آيد قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص العنق بإلزامه الطائر الجواب لان العنق موضع السمات والقلائد مما يزين او يشين فينسبون الأشياء اللازمة الى الأعناق يقال هذا فى عنقى وفى عنقك انتهى وفى حياة الحيوان انهم قالوا تقلدها طوق الحمامة الهاء كناية عن الخصلة القبيحة اى تقلد طوق الحمامة لانه لا يزايلها ولا يفارقها كما لا يفارق الطوق الحمامة ومثل قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ان عمله لازم له لزوم القلادة والغل لا ينفك عنه انتهى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ما طار لكل انسان فى الأزل وقدر بالحكمة الازلية والارادة القديمة من السعادة والشقاوة وما يجرى عليه من الاحكام المقدرة والأحوال التي جرى بها القلم من الخلق والخلق والرزق والاجل ومن صغائر الأعمال وكبائرها المكتوبة له وهو بعد فى العدم وطائره ينتظر وجوده فلما اخرج كل انسان رأسه من العدم الى الوجود وقع طائره فى عنقه ملازما له فى حياته ومماته حتى يخرج من قبره يوم القيامة وهو فى عنقه وهو قوله وَنُخْرِجُ لَهُ اى لكل انسان يَوْمَ الْقِيامَةِ والبعث للحساب كِتاباً مسطورا فيه عمله نقيرا وقطميرا وهو مفعول نخرج يَلْقاهُ الإنسان اى يجده ويراه مَنْشُوراً مفتوحا بعد ما كان مطويا صفتان لكتابا او الاول صفة والثاني حال قال الحسن بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان فهما عن يمينك وعن شمالك. فاما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك. واما الذي عن شمالك فيحفظ سيأتك حتى

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ

[سورة الإسراء (17) : الآيات 14 إلى 15]

إذا مت طويت صحيفتك وجعلت معك فى قبرك حتى تخرج لك يوم القيامة. يعنى [چون آدمي در سكرات افتد نامه عمل او در پيچند و چون مبعوث كردند باز گشاده بدست وى دهند] اقْرَأْ كِتابَكَ على ارادة القول اى يقال اقرأ كتابك عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً اى كفى نفسك والباء زائدة واليوم ظرف لكفى وحسيبا تمييز وعلى صلته لانه بمعنى الحاسب وتذكيره مبنى على تأويل النفس بالشخص. يعنى [خود به بين كه چهـ كرده ومستحق چهـ نوع پاداشتى] وفوض تعالى حساب العبد اليه لئلا ينسب الى الظلم ولتجب الحجة عليه باعترافه قال الحسن أنصف من أنصفك أنصف من جعلك حسيب نفسك [عمر رضى الله عنه گفته كه حاسبوا قبل ان تحاسبوا امروز دفتر اعمال خود در پيش نه ودر نگر كه از نيك وبد چهـ كرده و چون فرصت دارى در تدارك احوال خود كوش كه فردا مجال تلافى نخواهد بود. در كشف الاسرار آورده كه پدرى پسر خويش را گفت امروز هر چهـ با مردم گويى وهر چهـ از ايشان شنوى وهر عملى كه كنى با من بگوى وحركات وسكنات خويش بر من عرض كن آن پسر تا نماز شام تمام كردار يكروزه را باز گفت پدر روزى ديگر از پسر همين حال درخواست پسر گفت اى پدر زينهار هر چهـ خواهى از رنج وكلفت بكشم اين صورت بگذار كه طاقت ندارم پدر گفت من ترا در اين كار مى بندم تا بيدار وهشيار باشى واز موقف حساب غافل نشوى كه ترا طاقت يكروزه حساب دادن با پدر نيست حساب همه عمر با حق تعالى چون خواهى داد] تو نمى دانى حساب روز وشام ... پس حساب عمر چون گويى تمام زين عملهاى نه بر نهج صواب ... نيست جز شرمندگى وقت حساب مَنِ اهْتَدى [هر كه راه يابد وبراه راست رود] اى بهداية القرآن وعمل بما فى تضاعيفه من الاحكام وانتهى عما نهاه فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فانما تعود منفعة اهتدائه الى نفسه لا تتخطاه الى غيره ممن لم يهتد وَمَنْ ضَلَّ عن الطريقة التي يهديه إليها فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فانما وبال إضلاله عليها لا على من عداه ممن لم يباشره حتى يمكن مفارقة العمل من صاحبه وقال البيضاوي لا ينجى اهتداؤه غيره ولا يردى ضلاله سواه اى فى الآخرة والا ففى حكم الدنيا يتعدى نفع الاهتداء وضرر الضلال الى الغير كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى قال فى القاموس الوزر بالكسر الإثم والثقل والحمل الثقيل انتهى اى لا تحمل نفس حاملة للوزر اى الإثم وزر نفس اخرى حتى يمكن تخلص النفس الثانية من وزرها ويختل ما بين العامل وعمله من التلازم بل انما تحمل كل منهما وزرها فلا يؤاخذ أحد بذنب غيره وهذا تحقيق لمعنى قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ واما ما يدل عليه قوله تعالى مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وقوله تعالى لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ من حمل الغير وزر الغير وانتفاعه بحسنته وتضرره

بسيئته فهو فى الحقيقة انتفاع بحسنة نفسه وتضرر بسيئته فان جزاء الحسنة والسيئة اللتين يعملهما العامل لازم له وانما الذي يصل الى من يشفع جزاء شفاعته لا جزاء اصل الحسنة والسيئة وكذلك جزاء الضلال مقصور على الضالين وما يحمله المضلون انما هو جزاء الإضلال لا جزاء الضلال وقوله وَلا تَزِرُ إلخ تأكيد للجملة الثانية وانما خص بها قطعا للاطماع الفارغة حيث كانوا يزعمون انهم لم يكونوا على الحق فالتبعة على أسلافهم الذين قلدوهم والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة ويتفرع عليه من العقوبة وقال الكاشفى [وليد بن مغيره كافرانرا ميگفت متابعت من كنيد ومن گناهان شما را بردارم حق سبحانه وتعالى ميفرمايد كه هر نفسى بار خود خواهد برداشت نه بار ديگرى] هذا وقد قال بعضهم المراد بالكتاب نفسه المنتقشة بآثار اعماله فان كل عمل يصدر من الإنسان خيرا او شرا يحدث منه فى جوهر روحه اثر مخصوص الا ان ذلك الأثر يخفى مادام الروح متعلقا بالبدن مشتغلا بواردات الحواس والقوى فاذا انقطعت علاقته عن البدن قامت قيامته لان النفس كانت ساكنة مستقرة فى الجسد وعند ذلك قامت وتوجهت نحو الصعود الى العالم العلوي فيزول الغطاء وينكشف الأحوال ويظهر على لوح النفس نقش كل شىء عمله فى مدة عمره وهذا معنى الكتابة والقراءة بحسب العقل وانه لا ينافى ما ورد فى النقل بل يؤيد هذا المعنى ما روى عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا ثم المراد بالقيامة على هذا التفصيل هى القيامة الصغرى لكن هذا الكلام أشبه بقواعد الفلسفة كما فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لا يخفى ان الآخرة جامعة للصورة والمعنى فللانسان صحيفتان صحيفة عمله التي هى الكتاب وصحيفة نفسه فكل منهما ناطق عن عمله وحاله كما قال فى التأويلات النجمية يجوز ان يكون هذا الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها نسخة نسخها الكرام الكاتبون بقلم اعماله فى صحيفة أنفاسه من الكتاب الطائر الذي فى عنقه ولهذا يقال له اقْرَأْ كِتابَكَ اى كتابتك التي كتبتها كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً فان نفسك مرقومة بقلم أعمالك اما بر قوم السعادة او بر قوم الشقاوة من اهتدى الى الأعمال الصالحة فانما يهتدى لنفسه فيرقمها بر قوم السعادة ومن ضل عنها بالأعمال الفاسدة فانما يضل عليها فيرقمها بر قوم الشقاوة وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى اى لا يرقم راقم بقلم أوزاره نفس غيره وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ اى وما صح وما استقام منا بل استحال فى عادتنا المبنية على الحكم البالغة ان نعذب أحدا من اهل الضلال والأوزار اكتفاء بقضية العقل حَتَّى نَبْعَثَ إليهم رَسُولًا يهديهم الى الحق ويردعهم عن الضلال ويقيم الحجج ويمهد الشرائع قطعا للمعذرة وإلزاما للحجة وفيه دلالة على ان البعثة واجبة لا بمعنى الوجوب على الله بل بمعنى ان قضية الحكمة تقتضى ذلك لما فيه من المصالح والحكم والمراد بالعذاب المنفي هو العذاب الدنيوي وهو من مقدمات العذاب الأخروي فجوزوا على الكفر والمعاندة بالعذاب فى الدارين وما بينهما ايضا وهو البرزخ والبعث غاية لعدم صحة وقوعه فى وقته المقدر له لا لعدم وقوعه مطلقا كيف لا والأخروي لا يمكن وقوعه عقيب البعث والدنيوي ايضا لا يحصل الا بعد تحقق ما يوجبه من الفسق

[سورة الإسراء (17) : الآيات 16 إلى 17]

والعصيان وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً اى وإذا دنا وقت تعلق ارادتنا باهلاك. قرية بان تعذب أهلها أَمَرْنا بالطاعة على لسان الرسول المبعوث الى أهلها مُتْرَفِيها متنعميها وكبارها وملوكها. والمترف كمكرم من أبطرته النعمة وسعة العيش والترفة بالضم النعمة والطعام الطيب وخصهم بالذكر مع توجه الأمر الى الكل لانهم الأصول فى الخطاب والباقي اتباع لهم فَفَسَقُوا فِيها اى خرجوا عن الطاعة وتمردوا فى تلك القرية فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ اى ثبت وتحقق موجبه بحلول العذاب اثر ما ظهر فسقهم وطغيانهم قال الكاشفى [پس واجب شود بر اهل آن ده كلمه عذاب كه سبقت گرفته در حكم ازلى مستوجب عقوبت شدند] فَدَمَّرْناها بتدمير أهلها وتخريب ديارها. والتدمير الإهلاك مع طمس الأثر وهدم البناء تَدْمِيراً وقيل الأمر مجاز من الحمل على الفسق والتسبب له بان صب عليهم ما ابطرهم وافضى بهم الى الفسوق وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ كم مفعول أهلكنا ومن القرون تبين لابهام كم وتمييز له كما يميز العدد بالجنس اى وكثيرا من القرون أهلكنا والقرن مدة من الزمان يخترم فيها المرء والأصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة والقرن كل امة هلكت فلم يبق منها أحد وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مِنْ بَعْدِ نُوحٍ من بعد زمنه كعاد وثمود ومن بعدهم ولم يقل من بعد آدم لان نوحا أول نبى بالغ قومه فى تكذيبه وقومه أول من حلت بهم العقوبة العظمى وهو الاستئصال بالطوفان وَكَفى بِرَبِّكَ اى كفى ربك بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً يحيط بظواهرها وبواطنها فيعاقب عليها وتقديم الخبير مع انه مضاف الى الغيب والأمور الباطنة والبصير مضاف الى الأمور الظاهرة كالشهيد لتقدم متعلقه من الاعتقادات والنيات التي هى مبادى الأعمال الظاهرة وفيه اشارة الى ان البعث والأمر وما يتلوهما من فسقهم ليس لتحصيل العلم بما صدر عنهم من الذنوب فان ذلك حاصل قبل ذلك وانما هو لقطع الاعذار والزام الحجة من كل وجه وفى الآية تهديد لهذه الامة لا سيما مشركى مكة لكى يطيعوا الله ورسوله ولا يعصوه فيصيبهم مثل ما أصابهم- روى- عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب ولذلك قيل العاقل من وعظ بغيره مرد در كارها چوكرد نظر ... بهره اعتبار از آن برداشت هر چهـ آن سودمند بود گرفت ... هر چهـ ناسودمند بود گذاشت وفى التأويلات النجمية وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا بشير الى ان الأعمال الصالحة والفاسدة التي ترقم النفوس يرقوم السعادة والشقاوة لا يكون لها اثر الا بقبول دعوة الأنبياء او يردها فان السعادة والشقاوة مودعة فى أوامر الشريعة ونواهيها وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً

[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 إلى 23]

اى من قرى النفوس أَمَرْنا مُتْرَفِيها وهى النفوس الامارة بالسوء فَفَسَقُوا فِيها اى فخرجوا عن قيد الشريعة ومتابعة الأنبياء بمتابعة الهوى واستيفاء شهوات النفس فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ اى فوجيت لها الشقاوة بمخالفة الشريعة فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً بابطال استعداد قبول السعادة إذ صارت النفس مرقومة بر قوم الشقاوة الابدية وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ اى أبطلنا حسن استعدادهم لقبول السعادة برد دعوة الأنبياء عليهم السلام وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ إذ لم يقبلوا دعوة الأنبياء خَبِيراً بَصِيراً فانه المقدر فى الأزل المدبر الى الابد اسباب سعادة عباده واسباب شقاوتهم انتهى مَنْ كانَ [هر كه باشد از روى خساست همت] يُرِيدُ بأعماله الْعاجِلَةَ الدار الدنيا فقط اى ما فيها من فنون مطالبها وهم الكفرة والفسقة واهل الرياء والنفاق والمهاجر للدنيا والمجاهد لمحض الغنيمة والذكر عَجَّلْنا لَهُ فِيها اى فى تلك العاجلة ما نَشاءُ تعجيله له من نعيمها لا كل ما يريد فان الحكمة لا تقتضى وصول كل واحد الى جميع ما يهواه لِمَنْ نُرِيدُ تعجيل ما نشاء له فانها لا تقتضى وصول كل طالب الى مرامه فان الله تعالى يبتلى بعض العباد بالطلب من غير حصول المطلوب وبعضهم يبتلى به بحصول المطلوب المشروط به اما مقارنا لطلبه واما بعده لان وقت الطلب قد يفارق وقت حصول المطلوب فيحصل الطلب فى وقت والمطلوب فى وقت وبعضهم لا يبتلى بالطلب بل يصل اليه الفيض بلا طلب فالاول طلب ولا شىء. والثاني طلب وشىء. والثالث شىء ولا طلب قوله لِمَنْ نُرِيدُ بدل من الضمير فى له با عادة الجار بدل البعض فانه راجع الى الموصول المنبئ عن الكثرة ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ مكان ما عجلنا له جَهَنَّمَ وما فيها من اصناف العذاب يَصْلاها يدخلها وهو حال من الضمير المجرور مَذْمُوماً ملوما لان الذم اللوم وهو خلاف المدح والحمد يقال ذممته وهو ذميم غير حميد كما فى بحر العلوم مَدْحُوراً مطرودا من رحمة الله تعالى فان الدحر الطرد والابعاد وَمَنْ [هر كه از روى علو همت] أَرادَ بالأعمال الْآخِرَةَ الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم وَسَعى لَها سَعْيَها اى السعى اللائق بها وهو الإتيان بما امر والانتهاء عما نهى لا التقرب بما يخترعون بآرائهم وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص فانها للاختصاص وَهُوَ مُؤْمِنٌ اى والحال انه مؤمن ايمانا صحيحا لا شرك معه ولا تكذيب فانه العمدة فَأُولئِكَ الجامعون الشرائط الثلاثة من ارادة الآخرة والسعى الجميل لها والايمان كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً مقبولا عند الله تعالى بحسن القبول مثابا عليه فان شكر الله الثواب على الطاعة وفى تعليق المشكورية بالسعي دون قرينيه اشعار بأنه العمدة فيها اعلم ان الله تعالى خلق الإنسان مركبا من الدنيا والآخرة ولكل جزء منهما ميل وارادة الى كله ليتغذى منه ويتقوى ويتكمل به ففى جزئه الدنيوي وهو النفس طريق الى دركات النيران وفى جزئه الأخروي وهو الروح طريق الى درجات الجنان وخلق القلب من هذين الجزءين وله طريق الى ما بين إصبعي الرحمن إصبع اللطف وإصبع القهر فمن يرد الله به ان يكون مظهر قهره أزاغ قلبه وحول وجهه الى الدنيا فيريد العاجلة ويربى بها نفسه الى ان تبلغه الى دركات جهنم البعد ويصلى نار القطيعة ومن يرد الله به ان يكون مظهر لطفه اقام قلبه وحول وجهه الى عالم العلو

[سورة الإسراء (17) : الآيات 20 إلى 21]

فيريد الآخرة ويسعى لها سعيها وهو الطلب بالصدق وهو مؤمن بان من طلبه وجده فاولئك كان سعيهم فى الوجود مشكورا من الموجد فى الأزل كُلًّا منصوب بنمد اى كل واحد من مريدى الدنيا ومريدى الآخرة نُمِدُّ اى نزيد مرة اخرى بحيث يكون الآنف مددا للسالف لا نقطعه وما به الامداد هو ما عجل لاحدهما من العطايا العاجلة وما أعد للآخر من العطايا الآجلة المشار إليها بمشكورية السعى هؤُلاءِ بدل من كلا وَهَؤُلاءِ عطف عليه اى نمد هؤلاء المعجل لهم وهؤلاء المشكور سعيهم مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ اى من معطاه الواسع الذي لا تناهى له لان العطاء اسم ما يعطى وهو متعلق بنمد ومغن عن ذكر ما به الامداد ومنه على ان الامداد المذكور ليس بطريق الاستيجاب بالسعي والعمل بل بمحض التفضل وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ اى دنيويا وأخرويا مَحْظُوراً ممنوعا عمن يريده من البر والفاجر بل هو فائض على البر فى الدنيا والآخرة وعلى الفاجر فى الدنيا فقط وان وجد منه ما يقتضى الحظر وهو الفجور والكفر: قال الشيخ سعدى أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست پس پرده بيند عملهاى بد ... هم او پرده پوشد بآلاى خود وگر بر جفا پيشه بشتافتى ... كى از دست قهرش أمان يافتى انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ كيف فى محل النصب بفضلنا على الحالية لا بانظر لان الاستفهام يحجب ان يتقدم عليه عامله لاقتضائه صدر الكلام اى انظر يا محمد بنظر الاعتبار كيف فضلنا بعض الآدميين على بعض فيما أمددناهم من العطايا الدنيوية فمن وضيع ورفيع ومالك ومملوك وموسر وصعلوك تعرف بذلك مراتب العطايا الاخروية ودرجات تفاضل أهلها على طريقة الاستشهاد بحال الأدنى على حال الأعلى كما افصح عنه قوله تعالى وَلَلْآخِرَةُ اى هى وما فيها أَكْبَرُ من الدنيا دَرَجاتٍ نصب على التمييز وهى جمع درجة بمعنى المرتبة والطبقة وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا وذلك لان التفاوت فى الآخرة بالجنة ودرجاتها العالية لان ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض وفى التأويلات النجمية انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ من اهل الدنيا فى النعمة والدولة وموافاة المراد ليتحقق لك انها من امدادنا يا هم وَلَلْآخِرَةُ اى اهل الآخرة أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا من اهل الدنيا لان مراتب الدرجات الاخروية وفضائل أهلها باقية غير متناهية ونعمة الدنيا وفضائل أهلها فانية متناهية: قال الحافظ فى الجملة اعتماد مكن بر ثبات دهر ... كين كار خانه ايست كه تغيير ميكنند فعلى العاقل تحصيل الدرجات الاخروية الباقية. وفى الحديث (اكثر اهل الجنة البله وعليون لذوى الألباب) أراد بذوي الألباب العلماء ألا يرى الى قوله عليه السلام (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم) وفى رواية (كفضل القمر على سائر الكواكب) وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله تعالى وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ يرفع العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فبهذه الشواهد يتضح ان تفاوت درجات اهل الجنة بحسب تفاوت معارفهم الالهية وعلومهم الحقيقة كما قال عليه السلام (ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر إليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج

[سورة الإسراء (17) : الآيات 22 إلى 23]

والخدم من النور أعدها الله للعاقلين فاذا ميز الله اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم قيتفاوتون فى الدرجات كما بين المشارق والمغارب بألف ضعف) وعنه عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا اصحاب الهموم) يعنى فى طلب الخير والمعيشة وقال عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا ثلاثة اقسام عادل وذو رحم واصل وذو عيال صبور) فقال على رضى الله عنه ما صبر ذى العيال قال (لا يمن على اهله ما ينفق عليهم) - روى- ان عدة من الناس اجتمعوا بباب عمر رضى الله عنه فخرج الاذن لبلال وصهيب فشق على ابى سفيان فقال لسهيل بن عمرو انما أبينا من قبلنا فانهم دعوا ودعينا يعنى الى الإسلام فاسرعوا وابطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت فى الآخرة ولئن حسدتموهم على باب عمر فما أعد الله لهم فى الجنة اكثر وقرئ واكثر تفضيلا وفى قول بعضهم ايها المباهي بالرفع منك فى مجالس الدنيا أما ترغب فى المباهاة بالرفع فى مجالس الآخرة وهى اكبر وأفضل وعنه عليه السلام (بين المجاهد والقاعد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة) اى عدوه وعنه عليه السلام (تعلموا العلم فالله تعالى يبعث يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر الخلق على درجاتهم) كما فى بحر العلوم وفى المثنوى علم را دو پر كمانرا يك پر است ... ناقص آمد ظن به پرواز ابتر است مرغ يك پر زود افتد سر نگون ... باز بر پرد دو كامى يا فزون افت وخيزان ميپرد مرغ كمان ... با يكى پر بر اميد آشيان چون ز ظن وارست وعلمش رو نمود ... شد دو پر آن مرغ يك پر برگشود بعد از آن يمشى سويا مستقيم ... نى على وجه مكبا او سقيم اللهم اجعلنا من اهل اليقين والتمكين لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد أمته فان بعضهم قالوا الأصل فى الأوامر هو وفى النواهي أمته فَتَقْعُدَ بالنصب جوابا للنهى والقعود بمعنى الصيرورة او عبارة عن المكث اى فتمكث فى الناس كما تقول لمن سأل عن حال شخص قاعد فى أسوأ حال ومعناه ماكث سواء كان قائما او جالسا وقد يراد القعود حقيقة لان من شأن المذموم المخذول ان يقعد حائرا يتفكر او عبر بغالب حاله وهو القعود مَذْمُوماً مَخْذُولًا خبر ان او حالان اى جامعا على نفسك الذم من الملائكة والمؤمنين والخذلان من الله تعالى فان الشريك عاجز عن النصرة. وفيه اشعار بان الموحد جامع بين المدح والنصرة واشارة الى ان طالب الحق لا يطلب مع الله غيره من الدارين ونعمهما وَقَضى رَبُّكَ اى امر كل مكلف امرا مقطوعا به فضمن قضى معنى امر وجعل المضمن أصلا والمضمن فيه قيدا له لان المقضى يجب وقوعه ولم يقع من بعض المخاطبين التوحيد وفى التأويلات النجمية وانما قال ربك أراد به النبي لانه مخصوص بالتربية أصالة والامة تبع له فى هذا الشأن وقوله وَقَضى رَبُّكَ اى حكم وقدر فى الأزل أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا على ان ان مصدرية ولا نافية إِلَّا إِيَّاهُ لان العبادة غاية التعظيم فلا تحق الا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى بان تحسنوا بهما إحسانا لانهما السبب

[سورة الإسراء (17) : الآيات 24 إلى 29]

الظاهري للوجود والتعيش والله تعالى هو السبب الحقيقي فاخبر بتعظيم السبب الحقيقي ثم اتبعه بتعظيم السبب الظاهري يعنى الله تعالى قرن احسان الوالدين بتوحيده لمناسبتهما لحضرة الالوهية والربوبية فى سببيتهما لوجودك وتربيتهما إياك عاجزا صغيرا وهما أول مظهر ظهر فيهما آثار صفات الله تعالى من الإيجاد والربوبية والرحمة والرأفة بالنسبة إليك ومع ذلك فهما محتاجان الى قضاء حقوقهما والله غنى عن ذلك. فاهم الواجبات بعد التوحيد إحسانهما وفى الحديث (بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد فى سبيل الله) ذكره الامام إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما [اگر برسد نزديك تو بزرگ سالى وكبر سن يكى از ايشان يا هر دو ايشان يعنى بزنيد تا پير شوند ومحتاج خدمت تو كردند] قوله اما مركبة من ان الشرطية وما المزيدة لتأكيدها ولذلك حل الفعل نون التأكيد ومعنى عندك فى كنفك وكفالتك وأحدهما فاعل للفعل وتوحيد ضمير الخطاب فى عندك وفيما بعده مع ان ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المراد فان المقصود نهى كل أحد عن تأفيف والديه ونهرهما ولو قوبل الجمع بالجمع او بالتثنية لم يحصل هذا المراد قال فى الاسئلة المقحمة ان قلت كيف خص الله حال الكبر بالإحسان الى الوالدين وهو واجب فى حقهما على العموم والجواب ان هذا وقت الحاجة فى الغالب وعند عدم الحاجة اجابتهما ندب وفى حالة الحاجة فرض انتهى فَلا تَقُلْ لَهُما اى لواحد منهما حالتى الانفراد والاجتماع أُفٍّ هو صوت يدل على تضجر واسم للفعل الذي هو الضجر وقرئ بحركات الفاء فالتنوين على قصد التنكير كصه ومه وايه وغاق وتركه على قصد التعريف والكسر على اصل البناء ان بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وهما الفا آن والفتح على التخفيف والضم للاتباع كمنذ وهو بالشاذ. والمعنى لا تتضجر بما تستقذر منهما وتستثقل من مؤونتهما وهو عام لكل أذى لكن خص بعضه بالذكر اعتناء بشأنه فقيل وَلا تَنْهَرْهُما اى لا تزجرهما بإغلاظ إذا كرهت منهما شيأ وَقُلْ لَهُما بدل التأليف قَوْلًا كَرِيماً ذا كرم وهو القول الجميل الذي يقتضيه حسن الآدب ويستدعيه النزول على المروءة مثل ان تقول يا أبتاه ويا أماه كدأب ابراهيم عليه السلام إذ قال لابيه يا أبت مع مابه من الكفر ولا يدعوهما باسمائهما فانه من الجفاء وسوء الأدب وديدن الدعاء الا ان يكون فى غير وجههما كما قالوا ولا يرفع صوته فوق صوتهما ولا يجهر لهما بالكلام بل يكلمهما بالهمس والخضوع الا لضرورة الصمم والافهام ولا يسب والدي رجل فيسب ذلك الرجل والديه ولا ينظر إليهما بالغضب وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ جناح الذل استعارة بالكناية جعل الذل والتواضع بمنزلة طائر فاثبت له الجناح تخبيلا اى تواضع لهما ولين جانبك وذلك ان الطائر إذا قصد ان ينحط خفض جناحه وكسره وإذا قصد ان يطير رفعه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا فى التواضع ولين الجانب قال القاضي وامره بخفضه مبالغة فى إيجاب الذل وترشيحا للاستعارة قال ابن عباس رضى الله عنهما كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف للسيد الفظ الغليظ اى فى التواضع والتملق مِنَ الرَّحْمَةِ من ابتدائية او تعليلية اى من فرط رحمتك عليهما

لا فتقارهما اليوم الى من كان أفقر خلق الله إليهما قالوا ينظر إليهما بنظر المحبة والشفقة والترحم وفى الحديث (ما من ولد ينظر الى الوالد والى والدته نظر مرحمة الا كان له بها حجة وعمرة) قيل وان نظر فى اليوم الف مرة قال (وان نظر فى اليوم مائة الف) كما فى خالصة الحقائق ويقبل رجل امه تواضعا- حكى- ان رجلا جاء الى الأستاذ ابى اسحق فقال رأيت البارحة فى المنام ان لحيتك مرصعة بالجواهر واليواقيت فقال صدقت فانى البارحة مسحت لحيتى تحت قدم والدتي قبل ان نمت فهذا من ذاك ويباشر خدمتهما بيده ولا يفوضها الى غيره لانه ليس بعار للرجل ان يخدم معلمه وأبويه وسلطانه وضيفه ولا يؤمه للصلاة وان كان افقه منه اى اعلم بالفقه من الأب ولا يمشى امامهما الا ان يكون لا ماطة الأذى عن الطريق ولا يتصدر عليهما فى المجلس ولا يسبق عليهما فى شىء اى فى الاكل والشرب والجلوس والكلام وغير ذلك قال الفقهاء لا يذهب بابيه الى البيعة وإذا بعث اليه منها ليحمله فعل ولا يناوله الخمر ويأخذ الإناء منه إذا شربها. وعن ابى يوسف إذا امره ان يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير أوقد كما فى بحر العلوم ولا ينسب الى غير والديه استنكافا منهما فانه يستوجب اللعنة قال عليه السلام (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) اى نافلة وفريضة كما فى الاسرار المحمدية قال فى القاموس الصرف فى الحديث التوبة والعدل الفدية او هو النافلة والعدل الفريضة او بالعكس او هو الوزن والعدل الكيل او هو الاكتساب والعدل الفدية وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما وادع الله ان يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية وان كانا كافرين لان من الرحمة ان يهديهما الى الإسلام قال الكاشفى [حقيقت دعا رحمت از ولد در حق والدين آنست كه اگر مؤمن اند ايشانرا ببهشت رسان واگر كافراند راه نماى بإسلام وايمان] قال ابن عباس مازال ابراهيم عليه السلام يستغفر لابيه حتى مات فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه يعنى ترك الدعاء ولم يستغفر له بعد ما مات على الكفر كذا فى تفسير ابى الليث وفى الحديث (إذا ترك العبد الدعاء للوالدين ينقطع عنه الرزق فى الدنيا) سئل ابن عيينة عن الصدقة عن الميت فقال كل ذلك واصل اليه ولا شىء انفع له من الاستغفار ولو كان شىء أفضل منه لا مرت به فى الأبوين ويعضده قوله عليه السلام (ان الله ليرفع درجة العبد فى الجنة فيقول يا رب أنى لى هذا فيقول باستغفار ولدك وفى الحديث (من زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كان بارا: قال الشيخ سعدى قدس سره سالها بر تو بگذرد كه گذر ... نكنى سوى تربت پدرت تو بجاى پدر چهـ كردى خير ... تا همان چشم دارى از پسرت كَما رَبَّيانِي صَغِيراً الكاف فى محل النصب على انه نعت مصدر محذوف اى رحمة مثل رحمتهما علىّ وتربيتهما وإرشادهما لى فى حال صغرى وفاء بوعدك للراحمين- روى- ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان أبوي بلغا من الكبر أنى الى منهما ما وليا منى فى الصغر فهل قضيتهما حقهما قال (لا فانهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك

[سورة الإسراء (17) : آية 25]

وأنت تريد موتهما) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ بما فى ضمائركم من قصد البر والتقوى وكأنه تهديد على ان يضمر لهما كراهة واستثقالا إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ قاصدين الصلاح والبر دون العقوق والفساد فَإِنَّهُ تعالى كانَ لِلْأَوَّابِينَ اى الرجاعين اليه تعالى مهما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر غَفُوراً لما وقع منهم من نوع تقصير او اذية فعلية او قولية قال الامام العزالي رحمة الله اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجب فى الحرام المحض لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم اى واجب قيل إذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الإعطاء بالأم كما فى منبع الآداب قال الفقهاء تقدم الام على الأب فى النفقة إذا لم يكن عند الولد الا كفاية أحدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة او ساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى فتح القريب جنت سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست روزى بكن اى خداى ما را ... چيزى كه رضاى مادر آنست - وشكا- رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه وانه يأخذ ماله فدعا به فاذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال انه كان ضعيفا وانا قوى وفقيرا وانا غنى فكنت لا امنعه شيأ من مالى واليوم انا ضعيف وهو قوى وانا فقير وهو غنى ويبخل علىّ بماله فبكى عليه السلام فقال (ما من حجر ولا مدر يسمع هذا الا بكى) ثم قال للولد (أنت ومالك لا بيك) وفى الحديث (رغم انفه) فقيل من يا رسول الله (قال من أدرك والداه عند العكبر أحدهما او كلاهما ثم لم يدخل الجنة) يعنى بسبب برهما وإحسانهما: وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لولا انى أخاف تغير الأحوال عليكم بعدي لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة. أولهم امرأة وهبت صداقها من زوجها لاجل الله تعالى وزوجها راض. والثاني ذو عيال كثير يجهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال. والثالث التائب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدي. والرابع البار بوالديه) ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر- وحكى- عن بعض العرفاء انه قال ان لى ابنا منذ ثلاثين سنة ما أمرته بامر مخافة ان يعصينى فيحق عليه العذاب يقول الفقير فسد الزمان وتغير الاخوان ولنبك على أنفسنا من سوء الأخلاق وقد كانت الصحابة رضى الله عنهم وهم هم يبكون دما من اخلاق النفس فما لنا لا نبكى ونحن منغمسون فى بحر الخطايا والذنوب متورطون فى بئر القبائح والعيون لا انصاف لنا فى حق أنفسنا ولا فى حق الغير ونعم ما قال الحافظ حكاية لهذا التغير الناشئ من النفس الامارة بالسوء هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنك است وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم

[سورة الإسراء (17) : الآيات 26 إلى 27]

جاهلان را همه شربت ز كلابست وعسل ... قوت دانا همه از قوت جكر مى بينم اسب تازى شده مجروح بزير پالان ... طوق زرين همه بر كردن خر مى بينم وَآتِ يا أفضل المخلوق ويدخل فيه كل واحد من أمته ذَا الْقُرْبى اى القرابة وهم المحارم مطلقا عند ابى حنيفة رحمه الله سواء كانت قرابتهم ولا دية كالولد والوالدين او غير ولا دية كالاخوة والأخوات حَقَّهُ وهى النفقة اى إذا كانوا فقراء اعلم انه لا يجب على الفقير إلا نفقة أولاده الصغار الفقراء ونفقة زوجته غنية او فقيرة مسلمة او كافرة واما الغنى وهو صاحب النصاب الفاضل عن الحوائج الاصلية ذكرا كان او أنثى فيجب عليه نفقة الأبوين ومن فى حكمهما من الأجداد والجدات إذا كانوا فقراء سواء كانوا مسلمين او كافرين وهذا إذا كانوا ذمة فان كانوا حربا لا يجب وان كانوا مستأمنين. ويجب نفقة كل ذى رحم محرم مما سوى الوالدين ان كان فقيرا صغيرا او أنثى او زمنا او أعمى ولا يحسن الكسب لخرقه فان كان قادرا عليه لا يجب اتفاقا او لكونه من الشرفاء والعظماء. وتجب نفقة الأبوين مع القدرة على الكسب ترجيحا لهما على سائر المحارم وطالب العلم إذا لم يقدر على الكسب لا تسقط نفقته على الأب كالزمن فان نفقة البنت بالغة والابن زمنا بالغا على الأب وإذا كان للفقير اب غنى وابن غنى فالنفقة على الأبوين ولا نفقة مع اختلاف الدين الا بالزوجية كما سبق والولاد فنفقة الأصول الفقراء مسلمين اولا على الفروع الأغنياء ونفقة الفروع الفقراء مسلمين اولا على الأصول الأغنياء فلا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني لعدم الولاء بينهما ويعتبر فى نفقة قرابة الولاد اصولا وفروعا الأقرب فالاقرب وفى نفقة ذى الرحم يعتبر كونه أهلا للارث ولا يجب النفقة لرحم ليس بمحرم اتفاقا كابناء العم بل حقهم صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والموافقة والتفصيل فى باب النفقة فى الفروع فارجع اليه وفى الحديث (البر والصلة يطيلان الأعمار ويعمران الديار ويكثران الأموال) وان كان القوم فجارا وان البر والصلة ليخففان الحساب يوم القيامة وفى الآية اشارة الى النفس فانها من ذوى قربى القلب ولها حق كما قال عليه الصلاة والسلام (ان لنفسك عليك حقا) المعنى لا تبالغ فى رياضة النفس وجهادها لئلا تسأم وتمل وتضعف عن حمل أعباء الشريعة وحقها رعايتها عن السرف فى المأكول والملبوس والإناث والمسكن وحفظها عن طرفى الافراط والتفريط كما فى التأويلات النجمية وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ اى وآتهما حقهما مما كان مفترضا بمكة بمنزلة الزكاة. المسكين من لا شىء له والفقير من له شىء دون نصاب وقيل بالعكس. وابن السبيل اى الملازم لها هو من له مال لا معه وهو المسافر المنقطع عن ماله وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً بصرف المال الى من سواهم ممن لا يستحقه فان التبذير تفريق فى غير موضعه واما الإسراف الذي هو تجاوز الحد فى صرفه فقد نهى عنه بقوله وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ سعدى نه هر كس سزاوار باشد بمال ... يكى مال خواهد يكى كوشمال إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ اى أعوانهم فى إهلاك أنفسهم ونظراءهم فى كفران النعمة والعصيان كما قال وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً مبالغا فى الكفر به لا يشكر نعمه بامتثال

[سورة الإسراء (17) : الآيات 28 إلى 29]

أوامره ونواهيه وكان قريش ينحرون الإبل ويبذرون أموالهم فى السمعة وسائر ما لا خير فيه من المناهي والملاهي [مجاهد فرموده كه اگر برابر كوه زر در وجوه خير صرف كنند إسراف نباشد اگر جوى يا حبه در باطل خرج نمايند إسراف باشد] وقد أنفق بعضهم نفقة فى خير فاكثر فقال له صاحبه لا خير فى السرف فقال لا سرف فى الخير: سعدى كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست وَإِمَّا [واگر] تُعْرِضَنَّ [اعراض كنى] عَنْهُمُ اى ان اعتراك امر اضطرك الى ان تعرض عن أولئك المستحقين من ذوى القربى وغيرهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ اى لفقد رزق من ربك اقامة للمسبب مقام السبب فان الفقد سبب للابتغاء تَرْجُوها من الله تعالى لتعطيهم والجملة صفة رحمة وكان عليه السلام إذا سئل شيأ وليس عنده سكت حياء وامر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته فقيل فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً سهلا لينا وعدهم بوعد فيه يسر وراحة لهم وقيل القول الميسور الدعا لهم بالميسور الى اليسر فهو مصدر على مفعول اى قل لهم أغناكم الله من فضله رزقنا الله وإياكم- روى- ان عيسى عليه السلام قال من رد سائلا خائبا عن بابه لم تعبر الملائكة بيته سبعة ايام ومن مات فقيرا راضيا من الله بفقره لا يدخل الجنة أحد اغنى منه كذا فى الخالصة وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [يدبسته بركردن خود واين كنايتست از إمساك] وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [ومكشاى دست خود را همه كشادن يعنى إسراف مكن] قال اهل التفسير هما تمثيلان لمنع الشحيح وإعطاء المسرف زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد الذي هو بين التقتير والإسراف وهو الكرم والجود. والمعنى ولا تمسك يدك عن النفقة فى الحق كل الإمساك بحيث لا تقدر على مدها كمن يده مغلولة الى عنقه فلا يقدر على إعطاء شىء ولا تجد كل الجود فتعطى جميع ما عندك ولا يبقى شىء منه كمن يبسط كفه كل البسط فلا يبقى شىء فيها فَتَقْعُدَ جواب للنهيين اى فتصير مَلُوماً عند الله وعند الناس فى الدارين وهو راجع لقوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَحْسُوراً نادما او منقطعا بك لا شىء عندك وهو راجع الى قوله وَلا تَبْسُطْها مبند از سر إمساك دست در كردن ... كه خصلتيست نكوهيده پيش اهل بها مكن بجانب إسراف نيز چندان ميل ... كه هر چهـ هست بيكدم كنى ز دست رها چودر ميانه اين هر دو راه چندانى ... تفاوتست كه از آفتاب تابسها پس اختيار وسط راست در جميع امور ... بدان دليل كه خير الأمور أوسطها وفى الكواشي الصحيح ان هذا خطاب للنبى والمراد غيره لانه افسح الناس صدرا وكان لا يدخر شيأ لغد انتهى وسيأتى تحقيق المقام قال الكاشفى [در اسباب نزول آمده كه مسلمه با يهوديه كرو بستند ومضمون رهن آنكه حضرت رسالت پناه عليه السلام از موسى كليم عليه السلام سخى ترست وسخاوت موسى آن بود كه سائل را رد نميكرد بچيزى كه از وفاضل بوده يا بسخن خوش او را خوشنود ميساخت القصة از جهت آزمايش شخصى دختر خود را بجانب نبو آب فرستاد دخترك آمد وكفت كه يا رسول الله مادر من از شما پيراهن ميطلبد حضرت فرمود: زمان تا زمان برسد تو ساعتى ديگر بإزائي دخترك بعد از زمانى باز آمد كه مادر من آن پيراهنى ميطلبد كه در بر

[سورة الإسراء (17) : الآيات 30 إلى 35]

شماست حضرت بحجره در آمد و پيراهن بيرون كرده بوى داد وخود برهنه بنشست بلال قامت صلاة كشيد وياران منتظر خروج آن حضرت بودند وآن حضرت بسبب برهنكى بيرون نمى آمد آيت آمد كه ولا تجعل إلخ] قال فى برهان القرآن فدخل وقت الصلاة ولم يخرج للصلاة حياء فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة فلاموه على ذلك فانزل الله فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً مكشوفا هذا هو الأظهر من تفسيره انتهى يقول الفقير وذلك لان أصحابه لاموه فصار ملوما وبقي عريانا فصار محسورا اى مكشوفا لان الحسر الكشف فعلى هذا كان الأنسب ان يراد القعود حقيقة ولم يرض فى الإرشاد بهذه الرواية بناء على ان السورة مكية والقصة مدنية والعلم عند الله تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسعه على بعض ويضيقه على بعض آخرين بمشيئته التابعة للحكمة وبالفارسية [بدرستى كه پروردگار تو كشاده مى كرداند روزى را براى هر كه خواهد وتنك مى سازد براى هر كه أرادت او اقتضا كند واين بسط وقبض از محض حكمت است وكس زهره اعتراض ندارد] وفى التأويلات النجمية يشير به الى الخروج عن أوطان البشرية والطبيعية الانسانية الى فضاء العبودية بقدمي التوكل على الله وتفويض الأمور اليه فان كان يبسط للنفس فى بعض الأوقات ببعض المرادات ليفرش لها بساط البسط ويقدر عليها فى بعض الأوقات متمناها ليضبط أحوالها بمجامع القبض فالامور موكولة الى حكمه البالغة وأحكامه الازلية إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً اى يعلم سرهم وعلنهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم قال الله تعالى (وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الغنى لو أفقرته لا فسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الفقر لو أغنيته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الصحة لو أسقمته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا السقم لو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى عليم خبير) رواه انس رضى الله عنه كما فى بحر العلوم فيغنى الله ويفقر ويبسط ويقبض ولو أغناهم جميعا لطغوا ولو أفقرهم لنسوا فهلكوا وفى الحديث (بادروا بالأعمال خمسا غنى مطغيا وفقرا منسيا وهر ما مفندا ومرضا مفسدا وموتا مجهزا) فاذا كان الغنى لبعض مطغيا صرفه الله تعالى عمن علم ذلك منه وأفقره لان الفقر علم منه انه لا ينسيه بل يشغل لسانه بذكره وحمده وقلبه بالتوكل عليه والالتجاء اليه وإذا كان الفقر لبعضهم منسيا صرفه عمن علم ذلك منه: وفى المثنوى فقر ازين رو فخر آمد جاودان ... كه بتقوى ماند دست نارسان زان غنا وزان غنى مردود شد ... كه ز قدرت صبرها بدرود شد آدمي را عجز وفقر آمد أمان ... از بلاي نفس پر حرص وغمان «1» فعلى العاقل التسليم لامر الله تعالى والرضى بقضائه والصبر فى موارد القبض والشكر فى مواقع البسط والانفاق مهما أمكن قال فى اسرار المحمدية كان اويس القرني رحمه الله إذا أصبح او امسى تصدق بما فى بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به وكان الخلاج رحمه الله يقول مخبرا عن حاله إذا قعد الرجل عشرين يوما جائعا ثم فتح له طعام فعرف ان فى البلد من هو أحوج الى ذلك منه فاكله ولم يؤثر به ذلك المحتاج فقد سقط عن رتبته وهذا مقام عال بالنسبة الى حال اويس ظاهرا

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان استدعا نمودن شخصى از موسى زبان بهايم را

[سورة الإسراء (17) : آية 31]

ولكن قال الشيخ الكامل محمد بن على العربي قدس سره اعلم ان قول اويس ينبه على مقامه الأعلى وقطيته المثلى لان ذلك القول معرب عن حال امام الوقت فيعطى ما ملك ويتضرع هذا التضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم والمكمل من سبقت رحمته غضبه كما اخبر الله سبحانه عن أكمل الخلفاء وسيد الاقطاب بقوله وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ولكن العارف إذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه ونفس غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب ونفس غيره بالإيثار والرحمة والشفقة. واما إذا كان صاحب مقام وتمكين وقوة بان عرف الفرق بين الحال والمقام صارت نفسه عنه اجنبية وارتفع هو علويا وبقيت مع أبناء جنسها سفلية فلزمه العطف عليها كما لزمه العطف على غيرها لان ادب العارف من ذى الولاية انه إذا خرج بصدقة ولقى أول مسكين يليق لدفع الصدقة اليه يدفعها اليه البتة فاذا تركه الى مسكين آخر ولم يدفع للاول فقد انتقل من ربه الى هوى نفسه فانها مثل الرسالة لا يخص بالدعوة شخصا دون شخص فاول من يلقاه يقوله قل لا اله الا الله فالولى الكامل خليفة الرسول فاذا وهب الباري للولى رزقا يعلم انه مرسل به الى عالم النفوس الحيوانية فينزل من سماء عقله الى ارض النفوس ليؤدى إليهم ذلك القدر الذي وجه به فاول نفس تستقبله نفسه لا نفس غيره لان نفوس الغير ليست متعلقة به فلا تعرفه. واما نفسه فمتعلقة به ملازمة بابه فلا يفتحه الا عليها فتطلب امانتها فيقدمها على غيرها بالإعطاء لانها أول سائل والى هذا السر أشار الشارع صلى الله عليه وسلم بقوله (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) والأقربون اولى بالمعروف لتعلقهم بك ولزومهم بابك ولا تعلق للغير بك ولا له ملازمة نفسك وأهلك فلما تأخروا أخروا كسائر اسرار الله تعالى متى خرج من عند الحق على باب الرحمة فأى قلب وجد سائلا متعرضا دفع اليه حظه من الاسرار والحكم على قدر ما يراقبه من التعطش والجوع والذلة والافتقار وهم خاصة الله وعلى هذا المقام حرض الشارع بقوله (تعرضوا لنفحات الله سبحانه) وهذا سر الحديث ومراد الشرع فمن تأخر اخر ومن نسى نسى فانظر الآن كم بين المنزلتين والمقامين ثم انظر ايضا الى هذا المقام على علوه وسموه كيف اشترك فى الظاهر مع احوال العامة فانهم أول ما يجودون فعلى نفوسهم ثم الى غيرها وانما تصرفهم تحت حكم هذه الحقيقة وهم لا يشعرون وبعماهم عن هذه الاسرار ونزولهم الى حضيض البهائم بحيث لا يعرفون مواقع اسرار العالم مع الله حرصوا على الإيثار ومدحوا به وهو مقام الحلاج الذي ذكر عنه وظننت انه غاية فى الترقي والعلو وهكذا فلتعزل الحقائق وتحاك حلل الدقائق أهم كلام الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر والمسك الأذفر قدس سره الأطهر وَلا تَقْتُلُوا يا معشر العرب أَوْلادَكُمْ [فرزندان شما] خَشْيَةَ إِمْلاقٍ مخافة الفقر ولا لغير مخافته الا ان الحال اقتضت ذلك يقال املق افتقر وقتلهم أولادهم وادهم بناتهم مخافة الفقر اى دفنها حية فنهاهم الله تعالى عنه وضمن لهم أرزاقهم فقال نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ لا غيرنا [پس غم روزى ايشان مخوريد كه هر كرا او جان دهد نان دهد] : سعدى خداوند كارى كه عبدى خريد ... بدارد فكيف آنكه عبد آفريد

[سورة الإسراء (17) : آية 32]

ترا نيست اين تكيه بر كردكار ... كه مملوك را بر خداوندكار قال هرم لاويس القرني رحمه الله اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال الهرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً ذنبا عظيما لما فيه من هدم بنيان الله وقطع النسل. والخطء كالاثم وزنا ومعنى من خطئ وقرئ خطا بفتحتين بالقصر والمد اعلم ان من أول هذه الآية الى قوله تعالى مَلُوماً مَدْحُوراً عشر آيات وهو اشارة الى تبديل عشر خصال مذمومة بعشر خصال محمودة اما المذمومات فاولها البخل وثانيها الأمل وهما فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ فان البخل وطول الأمل حملهم على قتل أولادهم فدلهم على تبديلهما بالسخاء والتوكل بقوله نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ- يحكى- ان يحيى بن زكريا عليهما السلام لقى إبليس فى صورته فقال له يا إبليس أخبرني بأحب الناس إليك وابغض الناس إليك فقال أحب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك قالوا ولا ينبغى ان يلجئ اهل بيته على الزهد بل يدعوهم اليه فان أجابوا والا تركهم ووسع عليهم فى دنياهم من غير خروج عن حد الاعتدال وفعل بنفسه ما شاء وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى بالقصر وإتيان المقدمات من القبلة والغمزة والنظر بالشهوة فضلا عن ان تباشروه. وقرئ بالمد لغتان او مصدر زانى زناء كقاتل قتالا كما فى الكواشي إِنَّهُ اى الزنى كانَ فاحِشَةً فعلة ظاهرة القبح متجاوزة الحد وهو كالقتل فان فيه تضييع الأنساب فان من لم يثبت نسبه ميت حكما وَساءَ سَبِيلًا اى بئس طريق الزنى لانه يجر صاحبه الى النار وهو طريق ايضا الى قطع الأنساب وتهيج الفتن وفى الحديث (إذا زنى العبد خرج منه الايمان فكان على رأسه كالظلة فاذا انقطع رجع اليه الايمان) - وروى- عن بعض الصحابة رضى الله عنه انه قال إياكم والزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. فاما التي فى الدنيا فنقصان الرزق يعنى تذهب البركة من الرزق ويصير محروما من الخير ونقصان العمر والبعض فى قلوب الناس فانه يذهب بالبهاء. واما الثلاث التي فى الآخرة فغضب الرب وشدة الحساب والدخول فى النار وفى الخبر (العينان تزنيان واليدان تزنيان) : وفى المثنوى مرغ زان دانه نظر خوش ميكند ... دانه هم از دور راهش مى زند «1» اين نظر از دور چون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبر تو كم واعلم ان غلبة الشهوة تورث الزنى فالشهوة هى الثالثة من العشر المذمومة فتبدلها الله تعالى بالعفة حين نهاهم عن الزنية- حكى- انه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكى لانه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال كنت من احسن الناس وجها وكان لى حياء فقيل لابى لو أجلسته فى السوق لا نبسط مع الناس فاجلسنى فى حانوت بزاز فجاءت عجوز فطلبت متاعا فاخرجت لها ما طلبت فقالت لو توجهت معى لثمنه فمضيت معها حتى أدخلتني فى قصر عظيم

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل

[سورة الإسراء (17) : الآيات 33 إلى 34]

فيه قبة عظيمة عليها سرير فاذا فيه جارية على فرش مذهبة فجذبتنى الى صدرها فقلت الله فقالت لا بأس فقلت انى حاقب ودخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهى وبدني فقيل انه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلا قال لى اين أنت من يوسف بن يعقوب ثم قال أتعرفني قلت لا قال انا جبريل ثم مسح يده على وجهى وبدني فمن ذلك الوقت يفوح المسك على من رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة العفة والتقوى ولقى إبليس موسى عليه السلام فقال يا موسى اذكرني حين تغضب فان وجهى فى قلبك وعينى فى عينك واجرى منك مجرى الدم واذكرني حين تلقى الزحف فانى آتى ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره ولده وزوجته واهله حتى يولى وإياك ان تجالس امرأة ليست بذات محرم فانى رسولها إليك ورسولك إليها كما فى آكام المرجان وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قتلها بان عصمها بالإسلام او بالعهد فدخل فيه الذمي والمعاهد إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ اى لا تقتلوها بسبب من الأسباب الا بسبب الحق اى بإحدى ثلاث كفر بعد ايمان وزنى بعد إحصان وقتل نفس معصومة عمدا وَمَنْ [هر كه] قُتِلَ مَظْلُوماً غير مرتكب واحدة من هذه الثلاث فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ لمن يلى امره بعد وفاته من الوارث او السلطان عند عدمه إذ هو ولى من لاولى له سُلْطاناً تسلطا واستيلاء على القاتل ان شاء قتل وان شاء أخذ الدية فَلا يُسْرِفْ اى الولي فِي الْقَتْلِ اى فى امر القتل بان يجاوز الحد المشروع بان يزيد عليه المثلة او بان يقتل غير القاتل من أقاربه وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن القتل بواء اى سواء يقال فلان بواء لدم فلان اى سواء قال الكاشفى [در جاهليت چون كسى كشته شدى وارث قاتل او را نكشتى بلكه قصد مهتر قبيله قاتل كردى] او بان يقتل الاثنين مكان الواحد كعادة الجاهلية كان إذا قتل منهم شريف لا يرضون بالقاتل بل بان يقتلوا معه جماعة من أقاربه او بان يقتل القاتل فى مادة الدية إِنَّهُ اى الولي كانَ مَنْصُوراً ينصره الشرع والسلطان يعنى ان الله ينصره بان أوجب له القصاص او الدية وامر الحكام بإعانته فى الاستيفاء او الهاء للمقتول ونصره قتل قاتله وحصول الاجر له فان قلت ما توبة القاتل عمدا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (توبة القاتل عمدا فى ثلاث اما ان يقتل واما ان يعفى عنه واما ان يؤخذ منه الدية فأى هذه الخصال فعل به فهى توبته) رواه انس رضى الله عنه وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فضلا عن ان تتصرفوا فيه إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الا بالخصلة والطريقة التي هى احسن الخصال والطرائق وهى حفظه واستتماره. يعنى [معامله كنيد كه اصل مايه براى وى بماند وربح او بوصله معاش او نشيند] حَتَّى غاية لجواز التصرف على الوجه الأحسن المدلول عليه بالاستثناء يَبْلُغَ أَشُدَّهُ قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كانك ولا نظير لهما كما فى القاموس وقال فى بحر العلوم بلوغ الأشد بالإدراك وقيل ان يؤنس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة انتهى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ سواء جرى بينكم وبين ربكم او بينكم وبين غيركم من الناس والإيفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل الا بالباء فرقا بينه وبين الإيفاء

[سورة الإسراء (17) : آية 35]

الحسى كايفاء الكيل والوزن إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا مطلوبا يطلب من المعاهد ان لا يضيعه ويفى به فمسئولا من سألته الشيء او كان مسئولا عنه على ان يكون من سألته عن الشيء فيكون من باب الحذف والإيصال فان جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا فى اسم المفعول كقوله تعالى وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه وفى الكواشي او يسأل حقيقة توبيخا لنا كثيه كسؤال الموؤدة لم قتلت توبيخا لقاتلها فيكون تمثيلا اى جعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه السؤال اليه كما تجعل الحسنات أجساما نورانية والسيئات أجساما ظلمانية فتوزن كما فى حواشى سعدى المفتى وَأَوْفُوا الْكَيْلَ اى اتموه ولا تخسروه إِذا كِلْتُمْ وقت كيلكم للمشترين وتقييد الأمر بذلك لان التطفيف هناك واما وقت الا كتيال على الناس فلا حاجة الى الأمر بالتعديل قال تعالى إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ وهو القرسطون اى القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم او هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيرا كان او كبيرا قال بعضهم هو معرب رومى ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن لانتظام المعربات فى سلك الكلم العربية وقال فى بحر العلوم والجمهور على انه عربى مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الأصح فان كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس والا فهو رباعى على وزن فعلال الْمُسْتَقِيمِ اى العدل السوي ولعل الاكتفاء باستقامته عن الأمر بايفاء الوزن لما انه عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فان كثيرا ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما ان الاكتفاء بايفاء الكيل عن الأمر بتعديله لما ان ايفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد امر بتقويمه ايضا فى قوله تعالى أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ذلِكَ اى إيفاء الكيل والوزن السوي خَيْرٌ لكم فى الدنيا إذ هو امانة توجب الرغبة فى معاملته والذكر الجميل وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا عاقبة تفعيل من آل إذا رجع والمراد ما يؤول اليه اعلم ان رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهى فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فان استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحكم فى قوله وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً وفى الحديث (قرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذي قتل مظلوما رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله وأوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا لم قتلنى فبم حال بينى وبين صلواتى فيقول الله تعست ويذهب به الى النار) قال انو شروان اربع قبائح وهى فى اربعة أقبح البخل فى الملوك والكذب فى القضاة والحدة فى العلماء اى شدة الغضب والوقاحة فى النساء وهى قلة الحياء قيل الحلم حجاب الآفات وخامسها الإسراف فان الافراط فى كل شىء يورث الإسراف فبدله بالقوام فى قوله فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ فقال (ما هذا السرف يا سعد) قال أفي الوضوء سرف (قال نعم وان كنت على نهر جار) وسادسها الحرص وهو فى قوله وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فان التصرف فى مال اليتيم من الحرص فبدله بالقناعة فى قوله إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل لحكيم ما بال الشيخ احرص على الدنيا من الشاب قال لانه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب: قال الصائب ريشه نخل كهن سال از جوان افزونترست ... بيشتر دلبستكى باشد بدنيا پير را

[سورة الإسراء (17) : الآيات 36 إلى 40]

وعن الثوري رحمه الله من باع الحرص بالقناعة فقد ظفر بالغنى وسابعها نقض العهد فبدله بالوفاء به بقوله وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا [سلمى آورده كه خدايرا عهد هست بر جوارح آدمي بملازمت آداب وبر نفس او بأداء فرائض وبر دل او بخوف وخشيت وبر جان او بآنكه از مقام قرب دور نشود وبر سر او بآنكه مشاهده ما سوى نكند واز هر عهدى خواهند پرسيد] تا كسى از عهده آن عهد چون آيد برون ولا شك ان اخوان الزمان ليس وفاء لا بحقوق الله تعالى ولا بحقوق الناس: حافظ وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى ... بهره ز طالب سيمرغ وكيميا ميباش وثامنها الخيانة فبدلها بالامانة بقوله وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ الآية واختضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر وعن ابن عباس رضى الله عنهما اتى رسول الله التجار فقال (يا معشر التجار ان الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وادي الامانة) وفى نوابغ الكلم الامين آمن والخائن حائن وهو من الحين بمعنى الهلاك ولله در القائل أمين مجوى ومكو با كسى امانت عشق ... درين زمانه مكر جبرائيل أمين باشد وَلا تَقْفُ اى لا تتبع من قفا اثره يقفونبعه ومنه سميت القافية قافية ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصله الى مقصده قال الزمخشري وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى. يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية إِنَّ السَّمْعَ [بدرستى كه كوش] وَالْبَصَرَ [و چشم] وَالْفُؤادَ [ودل] كُلُّ أُولئِكَ اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن أحوالها شاهدة على أصحابها كانَ عَنْهُ عن نفسه وعما فعل به صاحبه مَسْؤُلًا [پرسيده شده يعنى از ايشان خواهند پرسيد كه صاحب شما با شما چهـ معامله كرده از سمع سؤال كنند چهـ شنيدى واز چشم پرسند كه چهـ ديدى و چرا ديدى واز دل پرسند كه چهـ دانستى و چرا دانستى] قال فى بحر العلوم اعلم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل ما لا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من أعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق

مثلا واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام (عفى عن أمتي ما حدثت بها نفوسها) قال فى الأشباه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او يعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذي يقع فى النفس من قصد المعصية على خمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شىء أورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح وإذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالأولى وقال بعض الكبار جميع الخواطر معفوة الا بمكة المكرمة ولهذا اختار عبد الله بن عباس رضى الله عنهما السكنى بالطائف احتياطا لنفسه ثم هذه الثلاث لو كانت فى الحسنات لم يكتب له بها اجر لعدم القصد واما الهم فقد بين فى الحديث الصحيح (ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب عليه سيئة وينتظرفان تركها لله تعالى كتب حسنة وان فعلها كتب سيئة واحدة) والأصح فى معناه انه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع واما العزم فالمحققون على انه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع وفى البزازية من كتاب الكراهية هم بمعصية لا يأثم ان لم بصمم عزمه عليه وان عزم يأثم اثم العزم لا اثم العمل بالجوارح الا ان يكون امرا يتم بمجرد العزم كالكفر واعلم ان قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اشاره الى تاسع الخصال العشر وهو الظلم وهو وضع الشيء فى غير موضعه باستعمال الجوارح والأعضاء على خلاف ما امر به فبدله بالعدل بقوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فظلم السمع استعماله فى استماع الغيبة واللغو والرفث والبهتان والقذف والملاهي والفواحش وعدله استعماله فى استماع القرآن والاخبار والعلوم والحكم والمواعظ والنصيحة والمعروف وقول الحق كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش وظلم البصر النظر الى المحرمات والشهوات والى من فوقه فى دنياه والى من دونه فى دينه والى متاع الدنيا وزينتها وزخارفها وعدله النظر فى القرآن والعلوم والى وجه العلماء والصلحاء والى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها والى الأشياء بنظر الاعتبار والى من دونه فى دنياه والى من فوقه فى دينه دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... نه عيب برادر فرو كير ودوست وقد ثبت عن على رضى الله عنه انه ما نظر الى عورته وسوأته منذ ما تعلق نظره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على ان الابصار الناظرة لوجهه عليه السلام لا يليق لها ان تنظر الى السوأة فاعتبر وتأدب. ونظيره ما قال عثمان رضى الله عنه ما كذبت منذ أسلمت وما مسست فرجى باليمين منذ بايعت النبي عليه السلام ولا أكلت الكراث ونحوه منذ قرأت القرآن وظلم الفؤاد قبول الحقد والحسد والعداوة وحب الدنيا والتعلق بما سوى الله تعالى وعدله تصفيته

[سورة الإسراء (17) : الآيات 37 إلى 39]

عن هذه الأوصاف الذميمة وتحليته بتبديل هذه الصفات والتخلق بأخلاق الله تعالى پياپى بيفشان از آيينه كرد ... كه صيقل نكيرد چو ژنكار خورد وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ التقييد لزيادة التقرير مَرَحاً ذا مرح فهو مصدر وقع موقع الحال بمعنى التكبر والتبختر قال الكاشفى [مرحا رفتن خداوند تكبر يعنى مخرام چنانكه متكبران خرامند] والمراد النهى عن المشي بالتكبر والتعظم إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فيها خرقا ونقبا بشدة وطأتك وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك فالمراد به هو الطول المتكلف الذي يتكلفه المختال وهو تهكم بالمتكبر وتعليل للنهى بان التكبر حماقة مجردة ولن ينال الإنسان بكبره وتعظمه شيأ من الفائدة وهو اى الكبر عاشر الخصال العشر فان المشية بالخيلاء من الكبر فبدله بالتواضع بقوله إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الآية ز خاك آفريدت خداوند پاك ... پس اى بنده افتادگى كن چوخاك وفى الحديث (من تعظم فى نفسه واختال فى مشيته لقى الله وهو عليه غضبان) وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان وعن ابى هريرة انه قال ما رأيت شيأ احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الشمس تجرى فى وجهه وما رأيت أحدا اسرع فى مشيه من رسول الله كأنما الأرض تطوى له انا نجهد أنفسنا وانه لغير مكترث كُلُّ ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من الخصال الخمس والعشرين من قوله تعالى لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فهو نهى عن اعتقاد ان مع الله الها آخر وهو أولاها والثانية والثالثة قوله وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فهو امر بعبادة الله ونهى عن عبادة غيره والبواقي ظاهرة بعد الا وامر والنواهي كانَ سَيِّئُهُ يعنى المنهي عنه وهو اربع عشرة خصلة فان المأمور به حسن وهو احدى عشرة ثلاث مستترة وثمان ظاهرة كما فى بحر العلوم عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً المراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على ان الحوادث كلها واقعة بإرادته تعالى. فاندفع تمسك المعتزلة بالآية على مذهبهم فى ان القبائح لا تتعلق بها الارادة والا لاجتمع الضدان الارادة والكراهة ووصف ذك بمتعلق الكراهة مع ان البعض من الكبائر للايذان بان مجرد الكراهة عنده تعالى كافية فى جوب الانتهاء عن ذلك ولذا كان المكروه عند اهل التقوى كالحرام فى لزوم الاحتراز ومن لم يعرفه تعدى الى دائرة الإباحية فتدبر وتحفظ وتأدب ذلِكَ اى الذي تقدم من التكاليف المفصلة مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ اى بعض منه او من جنسه حال كونه مِنَ الْحِكْمَةِ التي هى علم الشرائع ومعرفة الحق لذاته وهو مقصود الحكمة النظرية وعمدتها والخير للعمل به وهى الحكمة العلمية او من الاحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول والمراد غيرة ممن يتصور منه صدور المنهي عنه وتكريره للتنبيه بان التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه فان من لا قصد له بطل عمله ومن قصد بفعله او تركه

[سورة الإسراء (17) : آية 40]

غيره ضاع سعيه وانه رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه وان بدّ فيها أساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء وما اغنت عن الفلاسفة اسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم وقدرتب عليه ما هو عائدة الإشراك فى الدنيا حيث قيل فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا ورتب عليه هاهنا نتيجته فى العقبى فقيل فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً تلوم نفسك وتذمك وتلومك الناس والملائكة مَدْحُوراً مطرودا مبعدا من رحمة الله ومن كل خير وهو تمثيل فانه تعالى شبه من أشرك بالله استحقارا له بخشبة يأخذها آخذ فى كفه فيطرحها فى التنور فالتوحيد اصل الحسنات والشرك اصل السيئات قال اهل التحقيق ان كلمة لا اله الا الله إذا قالها الكافر تنفى ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد وإذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان من قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفه المرة الاولى ومقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد قال تعالى وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً اى برادر بي نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مأيست قال يحيى بن معاذ رحمه الله ما طابت الدنيا الا بذكرك ولا الآخرة الا بعفوك ولا الجنة الا بلقائك وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالم او متعلم) والتوحيد اثبات الوحدة فاهله على الكمال من يفر من الكثرة الى الوحدة قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله سمعت وصف ولىّ فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا أريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك حققنا الله وإياكم بحقائق هذا المقام وشرفنا بالفرار كل لحظة الى جنابه العلام ومعنى الفرار إيثاره تعالى على ما سواه لان علو الهمة انما يظهر فيه- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حاله فى الحب فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت: قال الحافظ كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست ... أسير عشق تو از هر دو كون آزادست «1» يعنى ان العاشق الصادق لا يختار الا المعشوق ويصير حرا عن هوى غيره على كل حال أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً خطاب للقائلين بان الملائكة بنات الله وكان المشركون يستنكفون من البنات فيختارون لانفسهم الذكور ومع ذلك ينسبون اليه تعالى الإناث فانكر الله ذلك منهم. والاصفاء بالشيء جعله خالصا والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور وعبر عن البنات بالإناث إظهارا لجهة خساستهن لان الأنوثة اخس أوصاف الحيوان. والمعنى أفضلكم على جنابه فخصكم بأفضل الأولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته أخسها وأدناها كما فى قوله تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى اى هذا خلاف الحكمة وما عليه عقولكم وعادتكم فان العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب ويكون

_ (1) فلم أجد فى المتنوى فليراجع

[سورة الإسراء (17) : الآيات 41 إلى 45]

ارداها وأدونها للسادات قال الكاشفى [آيا بركزيد شما را پروردگار شما به پسران وفرا كرفت براى خود را از ملائكه دختران اين خلاف آنست كه عادت شما بر ان جارى شده كه از دختران ننك ميداريد وبه پسران مى نازيد] إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ باضافة الولد اليه تعالى قَوْلًا عَظِيماً لا يجترئ عليه أحد حيث تجعلونه من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال ثم تضيفون اليه ما تكرهون من اخس الأولاد وتفضلون عليه أنفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة الذين هم من اشرف الخلق بالانوثة التي هى اخس أوصاف الحيوان قال فى التأويلات النجمية قوله تعالى أَفَأَصْفاكُمْ الآية يشير الى كمال ظلومية الإنسان وكمال جهوليته اما كمال ظلوميته فانهم ظنوا بالله سبحانه انه من جنس الحيوانات التي من خاصيتها التوالد واما كمال جهوليته فانهم لم يعلموا ان الحاجة الى التوالد لبقاء الجنس فان الله تعالى باق أبدى لا يحتاج الى التوالد لبقاء الجنس ولم يعلموا ان الله منزه عن الجنس وليست الملائكة من جنسه فانه خالق ازلى أبدى واما الملائكة فهم المخلوقون ومن كمال الظلومية والجهولية انهم حسبوا ان الله تعالى انما اصفاهم بالبنين واختار لنفسه البنات لجهله بشرف البنين على البنات فلهذا قال تعالى إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً اى قولا ينبئ عن عظيم امر ظلوميتكم وجهوليتكم وَلَقَدْ صَرَّفْنا هذا المعنى وكررناه وبيناه قال الكاشفى [وبدرستى كردانيديم ومكرر ساختيم بر آيت خود را از ولد فِي هذَا الْقُرْآنِ على وجوه من التصريف فى مواضع منه لِيَذَّكَّرُوا اى ليذكروا ما فيه ويقفوا على بطلان ما يقولونه وَما يَزِيدُهُمْ اى والحال انه ما يزيدهم ذلك التصريف البالغ إِلَّا نُفُوراً عن الحق وإعراضا عنه قال الكاشفى [مكر رميدن از حق ودور شدن] قُلْ فى اظهار بطلان ذلك من جهة اخرى لَوْ كانَ مَعَهُ تعالى آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ اى المشركون قاطبة والكاف فى محل النصب على انها وقعت صفة لمصدر محذوف اى كونا مشابها لما يقولون والمراد بالمشابهة الموافقة والمطابقة إِذاً [آنگاه] لَابْتَغَوْا اى طلبت تلك الآلهة إِلى ذِي الْعَرْشِ [بسوى خداوند عرش] اى الى من له الملك والربوبية على الإطلاق سَبِيلًا بالمغالبة والممانعة اى ليغالبوه ويقهروه ويدفعوا عن أنفسهم العيب والعجز كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض يشير الى ان الآلهة لا يخلو أمرهم من انهم كانوا اكبر منه او كانوا أمثاله او كانوا أدون منه فان كانوا اكبر منه طلبوا طريقا الى إزعاج صاحب العرش ونزع الملك قهر او غلبة ليكون لهم الملك لا له كما هو المعتاد من الملوك فالآية اشارة الى برهان التمانع على تصويرها قياسا استثنائيا استثنى فيه نقيض التالي وان كانوا أمثاله لم يرضوا بان يكون الملك واحدا مثلهم وهم جماعة معزولون عن الملك فايضا نازعوه فى الملك وان كانوا أدون منه فالناقص لا يصلح للالهية إذا لا ابتغوا الى ذى العرش الكامل فى الالهية سبيلا للخدمة والعبودية والقربة فالآية اشارة الى قياس اقترانى تصويره لو فرض معه آلهة لتقربوا اليه بالطاعة وكل من تقربوا اليه بها لا يكونون آلهة فما فرض آلهة لا يكون آلهة فلو مستعمل لمجرد الشرط لا للامتناع والمراد بالآلهة ما هو من اولى العلم كعيسى وعزير والملائكة كذا فى التأويلات النجمية مع مزج من حواشى سعدى

[سورة الإسراء (17) : الآيات 43 إلى 44]

المفتى سُبْحانَهُ اى تنزه بذاته تنزها حقيقيا به وَتَعالى متباعدا عَمَّا يَقُولُونَ من ان معه آلهة وان له بنات قال فى بحر العلوم هو تنزيه وتعجيب من قولهم اى ما ابعد من له الملك والربوبية وما أعلاه غما يقولون عُلُوًّا واقع موقع تعاليا كقوله تعالى وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى إنباتا كَبِيراً لا غاية وراءه كيف لا وانه سبحانه فى أقصى غايات الوجود وهو الوجوب الذاتي وما يقولون من ان له تعالى شركاء وأولادا فى ابعد مراتب العدم اعنى الامتناع واعلم ان الله تعالى أحد فى ذاته وواحد فى صفاته والشرك انما يجيئ من التوهم فكما ان للمشركين آلهة بحسب توهمهم فكذا لضعفاء المؤمنين بحسب جهلهم وغفلتهم كما قال الدينوري فى قوله تعالى وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ منهم من صنمه نفسه قال تعالى أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ومنهم من صنمه زوجته فى المحبة والاطاعة ومنهم من صنمه تجارته بان اتكل عليها حتى ترك طاعة الله لاجلها- حكى- ان مالك بن دينار رحمه الله كان إذا قرأ فى الصلاة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ غشى عليه فسئل فقال نقول إياك نعبد ونعبد أنفسنا اى باطاعة الهوى ونقول إياك نستعين ونرجع الى أبواب غيره اى تو بنده اين جهان محبوس جان ... چند كويى خويش را خواجه جهان «1» خدمت ديگر كنى هر صبح وشام ... وانكهى كويى كه من حق را غلام «2» بنده حق در درش باشد مقيم ... با خلوص واعتقاد مستقيم فعلى العاقل ان يكرر ذكر التوحيد ويجدد العهد الذي بينه وبين ذى العرش المجيد فانه سبب المغفرة والترقي الى درجات الأبرار والمقربين كما لا يخفى على ارباب اليقين وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما خلق الله العرش وهو أعظم مخلوق اضطرب اربعة وعشرين الف عام فاظهر الله اربعة وعشرين حرفا وهو قول (لا اله الا الله محمد رسول الله) فسكن اربعة وعشرين الف عام حتى خلق الله أول خلق وامره بالتوحيد فقال لا اله الا الله محمد رسول الله فاضطرب العرش فقال الله اسكن فقال كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فقال تعالى اسكن فانى آليت على نفسى قبل ان خلقتك بألفي عام ان لا أجريها على لسان عبد إلا غفرت له نسأل الله العفو والغفران تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الإمكان والحدوث وتسبيح السموات والأرض بلسان الحال الدال على وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والانس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على ان المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فانه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والإمكان الدال على تنزيه الله تعالى عن لوازم الإمكان وتوابع الحدوث وَإِنْ نافية اى ما مِنْ شَيْءٍ من الأشياء حيوانا كان او نباتا يدل على الصانع وقدرته وحكمته فانها تنطق بذلك قال الكاشفى [تنزيه ميكند او را از سمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال] إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه اى لا تفهمون ايها المشركون لا خلالكم بالنظر الصحيح الذي به يفهم التسبيح وهم وان كانوا

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازى او از كل إلخ (2) لم أجد فى المثنوى

إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا الله الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق إِنَّهُ كانَ حَلِيماً ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع أنتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الإشراك. والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق غَفُوراً لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشري والبيضاوي وابو السعود ومن يليهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحدة وسمع واحد وقال الشيخ على السمرقندي قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الأصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انى لا عرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان ابعث انى لا عرفه الآن) وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ كان داود إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح وقال مجاهد كل الأشياء تسبح الله حيا كان او جمادا وتسبيحها «سبحان الله وبحمده» وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخربزة تسبح ما لم ترفع من موضعها والورق مادام على الشجر والماء مادام جاريا والثوب مادام جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير إذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث (ما اصطيد حوت فى البحر ولا طائر يطير الا بما يضيع من تسبيح الله) كما فى تفسير المدارك وقال النخعي كل شىء من جماد وحىّ يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف وقال عكرمة الشجرة تسبح والاسطوانة لا تسبح والشجر او النبات إذا قطع يسبح مادام رطبا قال فى الكواشي وهذا ممكن عقلا وقدرة وذكر فى جنائز الخلاصة يكره قطع الحطب والحشيش الرطب من القبر من غير حاجة اى لانه يسبح وفى الملتقط مقبرة قديمة لم يبق من آثارها شىء ليس للناس ان ينتفعوا بها ولا بالبناء فيها ولا بإرسال الدابة فى حشيشها قال فى فتح القريب المجيب إذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذي هو اشرف الاذكار اولى بحصول البركة ولا سيما إذا كان من رجل صالح ولهذا استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر. وهل يغرس الريحان او الجريد على باب منزل القبر او على قافية اللحد. الجواب انه ورد فى الحديث مطلقا فيحصل المقصود بأى موضع غرس فى القبر. وكان عليه السلام يخطب مستندا الى جذع فصنع رجل منبرا ثلاث درجات وأراد النبي عليه السلام ان يقوم على المنبر فحنّ الجذع فرجع النبي عليه السلام اليه ووضع يده عليه وقال (اختر ان اغرسك فى المكان الذي كنت وتكون كما كنت وان شئت اغرسك فى الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل اولياء الله من ثمرك) فاختار الجنة والدار الآخرة على الدنيا فلما قبض النبي عليه السلام رفع الى مكان ففنى وأكلته الارضة وقيل دفن كما قال فى المثنوى

استن حنانه از هجر رسول ... ناله مى زد همچوارباب عقول «1» كفت پيغمبر چهـ خواهى اى ستون ... كفت جانم از فراقت كشت خون مسندت من بودم از من تاختى ... بر سر منبر تو مسند ساختى گفت خواهيكه ترا نخلى كنند ... شرقى وغربى ز تو ميوه چنند يا در آن عالم ترا سروى كند ... تا تر وتازه بمانى بي كزند گفت آن خواهم كه دائم شد بقاش ... بشنو اى غافل كم از چوبى مباش آن ستون را دفن كرد اندر زمين ... تا چومردم حشر كردد يوم دين آنكه او را نبود از اسرار داد ... كى كند تصديق او ناله جماد وعن ابى ذر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس فى مكان معه ابو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فتناول النبي عليه السلام سبع حصيات فوضعهن فى كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن فى يد ابى بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فى يد عمر ثم فى يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل وذكر عبد الله القرطبي ان داود عليه السلام قال لا سبحن الله تعالى هذه الليلة تسبيحا ما سبحه به أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية قى داره أتفخر على الله بتسبيحك وان لى سبعين سنة ماجف لسانى من ذكر الله وان لى عشر ليال ما طعمت ولا شربت اشتغالا بكلمتين فقال وما هما قالت «يا مسيحا بكل لسان ويا مذكورا بكل مكان» فقال داود لنفسه وما عسى ان أقول ابلغ من هذا وذكر الشيخ ابو عمرو فى سبب توبته انى كنت ليلة على ظهرى متوجها الى السماء فرأيت خمس حمامات. إحداهن تقول سبحان من عنده خزائن كل شىء وما ينزله الا بقدر معلوم. والثانية تقول سبحان من اعطى كل شىء خلقه ثم هدى. والثالثة تقول سبحان من بعث الأنبياء حجة على خلقه وفضل عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم. والرابعة تقول كل ما فى الدنيا باطل الا ما كان لله ولرسوله. والخامسة تقول يا اهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عنى فلما جئت الىّ وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما أصبحت سلكت طريقا بنية ان اسلم نفسى الى مرشد فلقيت شيخا ذاهيبة ووقار فبعد التسليم أقسمت بالله ان يخبرنى من هو فقال انا الخضر وقد كنت عند الشيخ عبد القادر وهو سيد العارفين فى الوقت فقال لى يا أبا العباس ان رجلا أصابه جذبة الهية ونودى من فوق السماء مرحبا بك عبدى وعاهد الله على أن يسلم نفسه الى شيخ فائتنى به ثم قال لى الخضر فعليك بملازمته ثم وجدت نفسى ببغداد فلقيت الشيخ عبد القادر فقال لى مرحبا بمن جذبه مولاه بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير وبالجملة فالتسبيح غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن من الكائنات لا ينكره الا منكر خوارق العادات [در فتوحات مذكور است كه اگر مراد ازين تسبيح آنست كه ايشان بلسان الحال كويند پس در إيراد ولكن لا تفقهون تسبيحهم فائده نباشد] يعنى ان قوله ولكن إلخ يحقق ان المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان ناليدن ستون حنانه از فراق پيغمبر عليه السلام إلخ [.....]

على وحدانيته فالخطاب عند اهل الحقيقة فى قوله لا تفقهون عام للمسلمين والمشركين اى لا تسمعون فلا تفقهون تسبيحهم لانه ليس المقصود سماع اللفظ مجردا بل التدبر فيه ليدرك ما ادى اللافظ فيسبح كما سبحه قال فى الكواشي (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) لانه ليس بلغتكم ويجوز ان يفهم تعالى بعض عباده تسبيح بعض الجمادات والعجماوات كداود وسليمان عليهما السلام يقول الفقير هذا التعليل غير مناسب لعموم الآية لان لغات ما له أصوات مختلفة لا تفقه وان كانت مسموعة ومن الأشياء ما ليس له صوت مسموع وقد اثبت له ايضا تسبيح فافقه [سلمى از ابو عثمان مغربى قدس سرهما نقل ميكند كه تمام مكونات باختلاف لغات تسبيح الهى ميكويند اما آنرا نشنود وفهم نكند مكر عالم ربانى كه كوش دل او كشاده بود] ونعم ما قال بذكرش هر چهـ بينى در خروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست نه بلبل بر كلش تسبيح خوانست ... كه هر خارى بتسبيحش زبانست وفى الخصائص الصغرى وخص عليه السلام بتسليم الحجر وبكلام الشجر وبشهادتها له صلى الله عليه وسلم بالنبوة وإجابتها دعوته قال السهيلي يحتمل ان يكون نطق الحجر كلاما مقرونا بحياة وعلم ويحتمل ان يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والأمر عندنا كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ولا يشهد الا من علم وقد أخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق سبحانه قد كشف لنا عن حياتها عينا وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله تعالى ولولا ما عنده من العظمة لما تد كدك [ودر باب ثانى عشر از سفر ثانى فتوحات فرموده كه ما بكوش خود شنيديم كه سنكى بزبان قال ذكر ملك متعال گفت وبا ما خطاب كرد چون مخاطبه عارفان وسخنان آرا نموده كه هر آدمي آنرا در نيابد] وقال فى كتاب الطريقة له إذا رأيت هؤلاء العوالم مشتغلين بالذكر الذي أنت عليه فكشفك خيالى غير صحيح وانما ذلك خيالك أقيم لك فى الموجودات وإذا شهدت فى هؤلاء تنوعات الاذكار فهو الكشف الصحيح قال بعض الكبار كل معلوم حى لانه يعطى العلم للعالم فكما ان نور الشمس ينور كل من يراه فكذلك الحي لذاته يحيى به كل من يراه فكل شىء به حى فالاشجار والجمادات لهن حياة عند ارباب الكشف وكلام يسمعه من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره ان السالك يسمع حركات الافلاك فى أثناء سلوكه وذلك بقوة رياضية وقال خليفته حضرة الهدائى قدس سره خرجت للوضوء وقت التهجد فسمعت الماء الجاري يقول بهذا الوزن يا دائم يا دائم يا دائم يا دائم ونظائره كثيرة لا تحصى يقول الفقير دعا حضرة شيخى

وسندى روح الله روحه بعض الصوفية للافطار وكان وقتئذ لا يفطر الا على الماء والخبر. ثم لا يأكل الاعشية الغد فقال هذا الخبز له روح حقانى فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى اى غير روحه الذي فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو أنطقه لنطق فنطقه بانطاق الله تعالى انما هو لان له روحا حقانيا وقد جاء ان كل شىء يسبح بحمده وما هو الا بكون المسبح ذا روح ولو كان حجرا او شجرا او غير ذلك: وفى المثنوى چون شما سوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان چون شويد از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزاى عالم بشنويد فاش تسبيح جمادات آيدت ... وسوسه تأويلها نربايدت چون ندارد جان تو قنديلها ... بهر بينش كرده تأويلها كه غرض تأويل ظاهر كى بود ... دعوى ديدن حيال وغى بود «1» بلكه هر بيننده را ديدار آن ... وقت عبرت ميكند تسبيح خوان پس چواز تسبيح يادت مى دهد ... آن دلالت همچوكفتن مى بود اين بود تأويل اهل اعتزال ... واى آنكس كو ندارد نور حال چون ز حس بيرون نيامد آدمي ... باشد از تصوير غيبى أعجمي وفى التأويلات النجمية تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ اى ينزهه عما يقولون من كل نقيصة ذرات المكونات واجزاء المخلوقات فمن له روح فبلسانه ولغته وهذا مما يفقه العقلاء واما الجمادات فبلسان الملكوتي كما قال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ اى يحمده على نعمة الإيجاد والتربية وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ لانه ليس من جنس تسبيحكم واعلم ان الله اثبت لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوتا بقوله فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ والملكوت باطن الكون وهو الآخرة والآخرة حيوان لا جماد لقوله تعالى وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ فثبت بهذا الدليل ان لكل ذرة من ذرات الموجودات لسانا ملكوتيا ناطقا بالتسبيح والحمد تنزيها لصانعه وبارئه وحمد اله على ما أولاه من نعمه وبهذا اللسان نطق الحصى فى يد النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا تنطق الأرض يوم القيامة كما قال يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها وبهذا اللسان تشهد اجزاء الإنسان وأبعاضه يوم القيامة ويقولون أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وبهذا اللسان نطق السموات والأرض حين قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فافهم جدا واغتنم إِنَّهُ كانَ حَلِيماً فى الأزل إذا خرج من العدم من يتولد منه ان يتخذ مع الله آلهة اخرى غَفُوراً لمن تاب عن مثل هذه المقالات انتهى وقال القاشاني اعلم ان لكل شىء خاصية لا يشاركه فيها غيره وكما لا يخصه دون ما عداه يشتاقه ويطلبه إذا لم يكن حاصلا ويحفظه ويحبه إذا حصل فهو بإظهار خاصيته وتوحده فى تلك الخاصية ينزهه تعالى عن الشريك فكانه يقول بلسان الحال أوحده على ما وحدنى والا لم يكن متفردا بها متوحدا فيها وبطلب كماله ينزهه عن صفات النقص كأنه يقول يا كامل كملنى وبإظهار كماله يحمده ويقول احمده على ما كملنى حتى

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت مار كبرى كه اژدهاى افسرده إلخ

[سورة الإسراء (17) : آية 45]

ان الحيوان فى طلب الرزق يقول يا رزاق ارزقني وبوجود الرزق يقول احمده على ما رزقنى وباشفاقه على ولده يقول ارأفنى الرؤوف وارحمني الرحيم فالسموات السبع تسبحه وتنزهه عن العجز والفناء وتحمده بالديمومية والعلو والتأثير والقدرة والبقاء والملك والربوبية وبان كل يوم هو فى شأن والأرض بالدوام والثبات والخلاقية والرزاقية وقبول الطاعة وأمثال ذلك والملائكة بالحياة والعلم والقدرة والمجردات منهم بالتنزه عن التعلق بالمادة والوجوب مع جميع ما ذكر منهم مع كونهم مسبحين إياه مقدسين له حامدين فان كل ما يحمده بصفة كمالية ينزهه ويسبحه بمقابلها وكل مسبح عن نقصان يحمده بكمال يقابله فهم يسبحونه فى عين التحميد ويحمدونه فى عين التسبيح ولكون لا تفقهون تسبيحهم لقلة النظر والفكر فى ملكوت الأشياء وعدم الإصغاء إليهم للغفلة وانما يفقه من كان له قلب منور بنور التوحيد او القى السمع وهو شهيد فان القلب من عالم الملكوت فاذا تنور بنور التوحيد يفقه تسبيح الأشياء لانه فى عالمه انه كان حليما لا يعاجلكم بعقوبة ترك التسبيح فى طلب كمالاتكم واظهار خواصكم التي منها فهم تسبيح الأشياء وتوحيده كما وحدوه غفورا يغفر غفلاتكم واهمالكم انتهى كلامه مع بعض تغييرات وزيادة والله الهادي الى طريق حقيقة التسبيح والتوحيد لكل سالك مريد وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [و چون مى خوانى قرآنرا] جَعَلْنا بَيْنَكَ [مى سازيم ومى آريم ميان تو] وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وهم كفار قريش وكانوا منكرى البعث حِجاباً يحجبهم من ان يدركوك على ما أنت عليه من النبوة ويفهموا قدرك الجليل ولذلك اجترءوا على أن يقولوا ان تتبعون الا رجلا مسحورا مَسْتُوراً عن الحس بمعنى غير حسى مشاهد فمستور على موضوعه او ذا ستر فصيغة مفعول للنسبة كقولهم سيل مفعم اى ذو افعام من افعمت الإناء اى ملأته هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله فى هذه الآية وقال فى الكواشي كان المشركون يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم مصليا وجاءت أم لهب بحجر لترضخحه فزل انتهى فيكون معنى قوله وإذا قرأت القرآن وإذا صليت عبر عن الصلاة بالقرآن لاشتمالها عليه كما عبر عن الخطبة به على بعض الأقوال فى قوله تعالى وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا الآية فيلزم ان تحمل الآية على خصوص المادة فهم إذا لم يروا الحجاب فلا يرون المحتجب به فيسلم من اذاهم ولم يكن كذلك دائما كما يدل عليه القواطع وقال سعدى المفتى لعل الاولى ان يحمل على ما روى انها نزلت فى ابى سفيان والنضير وابى جهل وأم جميل امرأة ابى لهب كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن فحجب الله أبصارهم إذا قرأ وكانوا يمرون به ولا يرونه انتهى وهو ذهول عما بعد الآية من قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ كما يأتى مع ما فيه من الرواية وهو اللائح بالضمير فى هذا المقام الخطير وفى الاية اشارة الى ان من قرأ القرآن حق قراءته ارتقى الى أعلى مراتب القرب كما جاء فى الأثر (ان عدد آي القرآن على عدد درج الجنة فمن استوفى جميع آي القرآن استولى على أقصى درج الجنة) واستيفاء جميع آي القرآن فى الحقيقة هو التخلق بأخلاق القرآن فالقرآن من اخلاق الله وصفاته والمتخلق بأخلاقه

[سورة الإسراء (17) : الآيات 46 إلى 50]

يكون متخلقا بأخلاق الله وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذي جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امنه هركة او بيرون شد از حصن خدا ... جان او آخر شد از جسمش جدا مرد حق بين كى كند تكيه بغير ... هر قضا چون از خدا آيد بسير وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفوا انه من عند الله تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينها وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم يقول الفقير ذلك التجافي والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضية للفقه والإدراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الأمر وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج أسماعهم للحق ونبوها عن الإصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق إدراكه وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ اى واحدا غير مشفوع به آلهتهم اى إذا قلت لا اله الا الله وهو مصدر وقع موقع الحال أصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذي هو الحال وأقيم المصدر مقامه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ [باز كردند كافران بر پشتهاى خود] اى هربوا ونفروا نُفُوراً هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور [برميدن] كما فى التهذيب نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ ملتبسين بِهِ من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما نقول يستمعون بالهزء اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله- ويروى- انه كان يقوم عن يمينه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالأخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لان العلم يستفاد هناك من أحد وكذا قوله تعالى وَإِذْ هُمْ نَجْوى لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم. والمعنى نحن اعلم بالذي يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذي يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بدل من إذ هم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد وفيه دليل على ان ما يتناجون به

[سورة الإسراء (17) : الآيات 48 إلى 50]

غير ما يستمعون به اى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون ان وجد منكم الاتباع فرضا إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً اى سحر فجنّ فمن ظلمهم وضعوا اسم المسحور موضع المبعوث انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون قال الكاشفى [بزدند براى تو مثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر] فَضَلُّوا فى جميع ذلك عن منهاج المحاجة فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى طعن يمكن ان يقبله أحد فيتهافتون ويخطون كالمتحير فى امر لا يدرى ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب فى بطلانه أحد او فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلا اليه لانهم بالغوا فى الضلالة والإنكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الأساطير والسحر والشعر ولو استمعوا بالله لاستمعوا كلام الله وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض فى قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الأحد بالوحدانية والوحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج. ومن هذا القبيل إكباب اهل الهوى فى كل عصر على استماع القصص والأساطير معرضين عن كلام الله الملك العلى الكبير بل وأكثرهم لا يريد الا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدي الى اعراض الناس والاتباع الى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح فى شان اهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال. يا عبدى أما تستحيى منى إذا يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أو كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل فى حديثه او مأت اليه ان كف وها انا اذن مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك كذا فى الاحياء هر كه تعظيم حق كند دائم ... شود از دل بامر او قائم وَقالُوا اى الكفرة المنكرون للبعث من اهل مكة نسوا بداية خلقهم انهم خلقوا من تراب بل انهم خلقوا من لا شىء كقوله تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً فقالوا على سبيل الإنكار والاستبعاد أَإِذا كُنَّا [آيا آن هنگام كه شويم ما بعد از مرك بمرور زمان] عِظاماً [استخوانها] وَرُفاتاً هو ما بولغ فى دقه وتفتيته أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا برانگيخته شدكان شويم] خَلْقاً جَدِيداً نصب على المصدر من غير لفظه او على الحالية على ان الخلق بمعنى المخلوق. قوله إذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لانفسه لان ما بعد ان والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث او تعاد وهو المرجع للانكار اى حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم من التنافي وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافية له قُلْ جوابا لهم كُونُوا حِجارَةً

[سورة الإسراء (17) : الآيات 51 إلى 55]

[سنك] أَوْ حَدِيداً [يا آهن] أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ يعظم عندكم من قبول الحياة لكونه ابعد شىء منها فانكم مبعوثون ومعادون لا محالة اى فان قدرته تعالى لا تقصر عن احيائكم لاشتراك الأجسام فى قبول الاعراض فكيف إذا كنتم عظاما مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء اقبل لما عهد فيه مما لم يعهد والأمر وارد على التمثيل يعنى فى المثل [كرديد بتن خود سنك يا آهن] كما فى تفسير الكاشفى وقال فى الكواشي هو امر تعجيز وتوبيخ لا امر الزام وقال فى بحر العلوم ليس الأمر هاهنا على حقيقته بل على المجاز لان المقصود اهانتهم وقلة المبالاة بهم لا طلب كونهم حجارة او حديدا لعدم قدرتهم على ذلك وما يكبر فى صدورهم السموات والجبال والجمهور على انه الموت إذ ليس فى النفس شىء اكبر من الموت اى لو كنتم الموت بعينه لأميتكم ولأبعثكم فَسَيَقُولُونَ [پس زود باشد كه كويند] مَنْ [كيست كه] يُعِيدُنا يبعثنا بعد الموت. يعنى [زنده سازد ما را پس از مرك] وقد نسوا مبدئهم فلزمهم نسيان معيدهم قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ اى يعيدكم القادر العظيم الذي اخترعكم وانشأكم أَوَّلَ مَرَّةٍ من غير مثال وكنتم ترابا ماشم رائحة الحياة فهو المبدئ والمعيد يعنى [پس آنكه خاك را تواند جان داد در بدايت هم خاك را زنده تواند ساخت در نهايت] فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ انغض حرك اى سيحرّ كونها نحرك تعجبا وإنكارا وَيَقُولُونَ استهزاء مَتى هُوَ اى ما ذكرت من الاعادة فهو سؤال عن وقت البعث بعد تعيين الباعث قُلِ لهم عَسى أَنْ يَكُونَ ذلك قَرِيباً فان كل آت قريب أو لأنه مضى اكثر الزمان وبقي اقله قال فى بحر العلوم اى هو قريب لان عسى فى الأصل للطمع والإشفاق من الله تعالى واجب يعنى انه قرب وقته فقد قرب ما يكون فيه من الحساب والعقاب يَوْمَ يَدْعُوكُمْ من الأجداث كما دعاكم من العدم فَتَسْتَجِيبُونَ منها استجابة الاحياء اى اذكروا يوم يبعثكم فتنبعثون وقد استعير لهما الدعاء والاجابة إيذانا بكمال سهولة التأتى وقال ابو حيان والظاهر ان الدعاء حقيقة اى يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الاخيرة كما قال يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ومعنى فتستجيبون توافقون الداعي فيما دعاكم اليه كما قال الكاشفى [بخواند شما را اسرافيل در نفخه اخيره بجهت قيام از قبور پس شما اجابت كنيد اسرافيل را] وقال بعضهم المقصود منها الإحضار للمحاسبة والجزاء يقول الفقير لا يخفى ان الدعوة متعددة فدعاء البعث والنشر ودعاء الحشر كما قال تعالى مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ اى مسرعين ودعاء الكتاب كما قال تعالى وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ والمراد فى هذا المقام هو الدعوة الاولى لان الكلام فى البعث بِحَمْدِهِ حال من فاعل تستجيبون اى حامدين لله تعالى على قدرته على البعث كما قال سعيد ابن جبير انهم ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك فيقدسونه ويحمدونه حين لا ينفعهم ذلك وفى الكواشي بحمده اى بإرادته وامره كما قال الكاشفى [در تفسير بصائر حمد را بمعنى امر داشت چنانچهـ در آيت فسبح بحمد ربك اى صل بامره پس معنى آيت چنين بود كه خداى شما را بخواند بامر او واجابت كنيد او را] وَتَظُنُّونَ

[سورة الإسراء (17) : آية 53]

عند ما ترون من الأمور الهائلة إِنْ لَبِثْتُمْ اى ما لبثتم فى القبور او فى الدنيا إِلَّا قَلِيلًا بالنسبة الى لبثكم بعد الاحياء الى الابد فان قيل كل أحد يستقصر مدة حياته فى الدنيا ولو عمر أطول الأعمار قلنا ذلك الاستقصار مع العلم بمدة العمر لطويل أمله وفى القيامة يذهل عن تلك المدة لشدة الهول قال الكاشفى [يعنى زندكى خود را در دنيا اندك شمريد نسبت بآن پس بايد كه خردمند آگاه نيز حيات دنيا را در جنب زندكئ عقبى اندك شمرد واين اندك فانى را در كار آن بسيار باقى صرف كند تا در ان روز بعذاب حسرت وندامت در نماند] قال الشيخ سعدى قدس سره بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى كسى كوى دولت ز دنيا ببرد ... كه با خود نصيبى بعقبى ببرد فلا بد من الاستعداد ليوم القيامة بالأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي فانه عما قريب يصير العلم عينا واعلم انك إذا مت فقد قامت قيامتك لان الإنسان إذا مات فقد عاين امر القيامة لانه يرى الجنة والنار والملائكة ولا يقدر على عمل من الأعمال فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عمله بالموت فيقوم يوم القيامة على ما مات عليه فطوبى لمن كان خاتمته بخير قال ابو بكر الواسطي رحمه الله الدولة ثلاث. دولة فى الحياة وهى ان يعيش فى طاعة الله تعالى. ودولة عند الموت وهى ان تخرج روحه بشهادة ان لا اله الا الله. ودولة يوم القيامة وهو ان يأتيه البشير بالجنة حين يخرج من قبره ولا ريب فى ان العاصي ومنكر البعث يأتيه النذير بالنار فلا بد من الطاعة والإقرار فان الله تعالى يحيى الأرض بعد موتها وهو دليل على النشور: وفى المثنوى خاك را ونطفه را ومضغه را ... پيش چشم ما همى دارد خدا كز كجا آوردمت اى بد نيت ... كه از ان آيد همى خفريقيت تو بدان عاشق بدى در دور آن ... منكر اين فضل بودى آن زمان اين كرم چون دفع آن انكار تست ... كه ميان خاك مى كردى نخست حجت انكار شد انشار تو ... از دوا بدتر تر شد اين بيمار تو خاك را تصوير اين كار از كجا ... نطفه را خصمى وانكار از كجا چون در ان دم بي دل وبي سر بدى ... فكرت وانكار را منكر بدى از جمادى چونكه انكارت برست ... هم ازين انكار حشرت شد درست پس مثال تو چوآن حلقه ز نيست ... كز درونش خواجه كويد خواجه نيست «1» حلقه زن زين نيست در يابد كه هست ... پس ز حلقه بر ندارد هيچ دست پس هم انكارت مبين ميكند ... كز جماد او حشر صدفن ميكند وَقُلْ يا محمد لِعِبادِي اى المؤمنين يَقُولُوا اى للمشركين عند محاورتهم معهم بنى على حذف النون لما كان بمعنى الأمر كما بنى الاسم المتمكن فى النداء فى قولك يا زيد على الضمة لما أشبه قبل وبعد الَّتِي اى الكلمة التي هِيَ أَحْسَنُ ولا يخاشنوهم كقوله تعالى وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة

_ (1) در أوائل چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ

[سورة الإسراء (17) : الآيات 54 إلى 55]

الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الأحسن والفعل الأحسن والخلق الأحسن. اما القول الأحسن فهو الدعاء الى الله بلا اله الا الله مخلصا. واما الفعل الأحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة. واما الخلق الأحسن فهو مع الله بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن إليهم بلا طمع فى الإحسان والشكر منهم ويتجاوز عن إساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ يقال نزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تفضى الى العناد وازدياد الفساد وفى التأويلات إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى الله عنهم بحيث ان حالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ قدما لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم أصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم إذا خرج أباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور رَبُّكُمْ ايها المشركون أَعْلَمُ بِكُمْ منا إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بالتوفيق للايمان أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بالاماتة على الكفر فهو تفسير للتى هى احسن وما بينهما اعتراض اى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاء كلها ولا تصرحوا بانهم من اهل النار فانه مما يهيجهم على الشر مع ان العاقبة مما لا يعلمه الا الله فعسى يهديهم الى الايمان هذا ما ذهب اليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوي وابو السعود رحمهما الله وقال الجمهور المراد بالتي هى احسن هى المحاورة الحسنة بحسب المعنى والرحمة الانجاء من كفار مكة واذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب فى ربكم للمؤمنين وفى التأويلات هو اعلم بمن جعله منكم مظهر صفة لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من إضلال الشيطان واغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه بإضلاله واغوائه وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا موكولا إليك يا محمد أمورهم ومفوضا تجبرهم على الايمان كما قال لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وإِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام (ان الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني باقامة الفرائض) : حافظ آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست ... با دوستان تلطف با دشمنان مدارا كما قال بعضهم فى عيش الإنسان الكامل [با خدا بصدق. وبا خلق بانصاف. وبا نفس بقهر. وبا زير دستان بشفقت. وبا بزركان بحرمت. وبا دوستان بنصيحت. وبا دشمنان بمدارا. وبا علما بتواضع وبا درويشان بسخا. وبا جاهلان بخاموشى وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والباطنة التي بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يستحقه وهو رد لاستبعاد قريش ان يكون يتيم ابى طالب نبيا وان يكون العراة الجوع أصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون ان يكون ذلك فى بعض الا كابر والصناديد وذكر من فى السموات لابطال قولهم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ وذكر من فى الأرض لرد قولهم لَوْلا

نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ اى من احدى القريتين مكة والطائف كالوليد بن المغيرة المخزومي وعروة بن مسعود الثقفي وقيل غيرهما وفى التأويلات هو اعلم بمن جعل منهم مظهر صفة لطفه ومن جعل منهم مظهر صفة قهره فى السموات كالملائكة وإبليس والأرض كالمؤمنين والكافرين وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ قال البيضاوي وتبعه ابو السعود اى بالفضائل النفسانية والتبري من العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال والاتباع حتى داود فانه شرفه بما اوحى اليه من الكتاب لا بما اوتى من الملك انتهى يقول الفقير هذا صريح فى انهم متفاضلون فى معنى التبري من العلائق الجسمانية وهو خطأ فان تفاضلهم فى ذلك انما هو على من عداهم من افراد الامة لا على إخوانهم الأنبياء وتحقيقه انه ليس فيهم العلائق الروحانية لمنافاتها الوصول الى الله تعالى والاخذ من عالم القدس ولذا قالوا باب العلم بالله لا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت واما العلائق الجسمانية كالملك وكثرة الأزواج والأولاد ونحو ذلك فهى وعدمها سواء بالنسبة إليهم فعيسى ويحيى عليهما السلام مع ماهما عليه من الزهد والتجرد لا فضيلة لهما فى ذلك على داود وسليمان عليهما السلام مع ماهما عليه من الملك وكثرة الأزواج واسناد العلاقة إليهم ولو صورة ليس من الأدب فالوجه ان التفضيل انما هو بالكتاب والرسالة والخلة والتكليم والمعراج والرؤية والشفاعة ونحو ذلك كما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ الاية والقرآن يفسر بعضه بعضا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فضل سليمان عليه السلام بالظهور بمجموع الملك وعيسى بالكلام فى المهد والتأييد بروح القدس واحياء الموتى وخلق الطين طيرا بالاذن ونحو ذلك وموسى بالتكليم واليد والعصا وفرق البحر وانفجار الحجر ونحوها وفضل صالح بخروج ناقة من الحجر ونحوها وهود بالريح العقيم وابراهيم بالنجاة من النار ونحو ذلك ويوسف بالجمال وتأويل الرؤيا ولما تفاضل استعدادهم لتمام التجلي من حيث النبوة تفاضلوا ايضا فانه ليس فى الوجود الا متغذ مرزوق وقد فضل الله بعض المرزوقين على بعض والرزق حسى للجسوم وعقلى للارواح كالعلوم فاما من حيث ولايتهم الذاتية واستنادهم الى الله تعالى فهم نفس واحدة فلا فاضل ولا مفضول ولذا قال عليه السلام (لا تفضلونى بين الأنبياء) وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً تفضيلا له كان زبور داود مائة وخمسين سورة ليس فيها حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود بل تمجيد وتحميد ودعاء نكر زبورا هنا وعرفه فى الأنبياء حيث قال وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ لانهما واحد كعباس والعباس وفى التأويلات النجمية قوله وَلَقَدْ فَضَّلْنا الآية يشير الى ان الحكمة الازلية اقتضت ارتفاع درجات المقبولين واتضاع دركات المردودين فانهما مظاهر صفة اللطف والقهر ولكل واحد من اللطف والقهر نصيب منه حكمة بالغة فى اظهار كمالات اللطف والقهر من الأزل الى الابد وفضلنا الأنبياء بعضهم على بعض بارتفاع المكان فى القربة وقبول از نظر العناية على حسب سرايته فى الامة وخيريتها ألا ترى انه عليه السلام لما كان أفضل الأنبياء كانت أمته خير الأمم وكتابه أفضل الكتب ففى قوله وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً اشارة الى ان فضل النبي صلى الله عليه وسلم

[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 إلى 60]

على داود بقدر فضل القرآن على الزبور انتهى وقد نعت الله نبينا عليه السلام وأمته المرحومة فى جميع الكتب المتقدمة اى وصف تو در كتاب موسى ... وى نعت تو در زبور داود مقصود تويى ز آفرينش ... باقى بطفيل تست موجود وفضله الله بكثرة الاتباع ايضا كما قال عليه السلام (اهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها أمتي) وفى جامع الأصول عن الزهري عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جلس ناس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذاكرون وهم ينتظرون خروجه فخرج حتى دنا منهم فسمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا ان الله تعالى اتخذ من خلقه خليلا اتخذ ابراهيم خليلا وقال آخر ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما وقال آخر ماذا بأعجب من جعل عيسى كلمة الله وروحه فقال آخر ماذا بأعجب من آدم اصطفاه الله عليهم فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال (قد سمعت كلامكم وأعجبكم ان ابراهيم خليل الله وهو كذلك وان موسى نجى الله وهو كذلك وان عيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وان آدم اصطفاه الله وهو كذلك ألا وانا حبيب الله ولا فخر وانا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وانا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر وانا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله فادخلها ومعى فقراء المهاجرين ولا فخر) وفى الحديث (ان الله اختارني على الأنبياء واختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا) رضى الله عنهم كما فى بحر العلوم: قال المولى الجامى قدس سره خدا بر سروران سرداريش داد ... ز خيل انبيا سالاريش داد پى ديوار ايمان بود كارش ... شد او را چار ركن از چار يارش فكما ان البيت يقوم بالأركان الاربعة فكذا الدين يقوم بالخلفاء الاربعة ولذلك قال عليه السلام (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) لانهم اصول بالنسبة الى من عداهم من المؤمنين قُلِ ادْعُوا [بخوانيد اى مشركان مكه] الَّذِينَ زَعَمْتُمْ انهم آلهة مِنْ دُونِهِ اى متجاوزين الله تعالى كالملائكة والمسيح وامه وعزير فَلا يَمْلِكُونَ فلا يستطيعون كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ازالة نحو المرض والفقر والقحط وَلا تَحْوِيلًا ولا تحويله ونقله منكم الى غيركم من القبائل أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ أولئك مبتدأ صفته الذين وخبره يبتغون اى أولئك الآلهة الذين يدعونهم المشركون من المذكورين يَبْتَغُونَ يطلبون لانفسهم إِلى رَبِّهِمُ ومالك أمورهم الْوَسِيلَةَ اى القربة بالطاعة والعبادة قال الكاشفى [وسيلتى ودست آويزى يعنى تقرب ميكنند بطاعت وعبادت او بحضرت او جل جلاله] أَيُّهُمْ أَقْرَبُ بدل من واو يبتغون واى موصولة اى يبتغى من هو اقرب الى الله منهم الوسيلة فكيف بمن دونه من غير الأقرب [يعنى آنها كه مقربان در كاهند از ملائكه وغير ايشان توسل ميكنند بحق سبحانه پس غير مقرب خود بطريق اولى كه وجه توجه بدان حضرت آورد] قال فى الكواشي او أيهم استفهام مبتدأ خبره اقرب والجملة

[سورة الإسراء (17) : آية 58]

نصب بيدعون. والمعنى يطلبون القرب اليه تعالى لينظروا اى معبوديهم اقرب اليه فيتوسلوا به تلخيصه آلهتهم ايضا يطلبون القرب اليه تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ بالوسيلة وَيَخافُونَ عَذابَهُ بتركها كدأب سائر العباد فاين هم من كشف الضر فضلا عن الالهية إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً حقيقا بان يحذره كل أحد حتى الرسل والملائكة وان لم يحذره العصاة لكمال غفلتهم بل يتعرضون له وتخصيصه بالتعليل لما ان المقام مقام التحذير من العذاب فعلى العاقل ان يترك الاعتذار ويحذر من بطش القهار عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما انه قال لعمر رضى الله عنه حين طعن يعنى [نيزه زده] يا امير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس وتوفى رسول الله وهو عنك راض ولم يختلف عليك اثنان وقتلت شهيدا قال عمر رضى الله عنه المغرور من غررتموه والله لو ان لى ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع اى القيامة وما بعد الموت لان المرء يطلع فيه على عمله ويلقى أمورا هائلة قال بعض الحكماء الحزن يمنع الطعام والخوف يمنع الذنوب والرجاء يقوى على الطاعات وذكر الموت يزهد عن الفضول والخوف والرجاء انما يكونان من الله تعالى لان المعبود مفيض الخير والجود. واما الأنبياء وورثتهم الكمل فوسائط بين الله تعالى وبين الخلق ولا بد من طاعتهم من حيث نبوتهم ووراثتهم ومن التقرب إليهم لتحصيل الزلفى: وفى المثنوى از انس فرزند مالك آمده است ... كه بمهمانى او شخصى شده است «1» او حكايت كرد كز بعد طعام ... ديد انس دستار خوانرا زرد فام چركن وآلوده گفت اى خادمه ... اندر افكن در تنورش يكدمه در تنور پر ز آتش در فكند ... آن زمان دستار خوانرا هوشمند جمله مهمانان در ان حيران شدند ... انتظار دور كندورى بدند بعد يكساعت در آورد از تنور ... پاك واسپيد واز ان او ساخ دور قوم گفتند اى صحابئ عزيز ... چون نه سوزيد ومنقى كشت نيز گفت زانكه مصطفى دست ودهان ... پس بماليد اندرين دستار خوان اى دل ترسنده از نار وعذاب ... با چنان دست ولى كن اقتراب چون جمادى را چنين تشريف داد ... جان عاشق را چها خواهد كشاد مر كلوخ كعبه را چون قبله كرد ... خاك مردان باش اى جان در نبرد وَإِنْ نافية مِنْ استغراقية قَرْيَةٍ [ديهى وشهرى] قال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بها القرية الكافرة اى ما من قرية الكفار إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها اى مخربوها البتة بالخسف بها او باهلاك أهلها بالكلية لما ارتكبوا من عظائم المعاصي الموجبة لذلك قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ لان الهلاك يومئذ غير مختص بالقرى الكافرة ولا هو بطريق العقوبة وانما هو لانقضاء عمر الدنيا أَوْ مُعَذِّبُوها اى معذبوا أهلها على الاسناد المجازى عَذاباً شَدِيداً بالقتل والقحط والزلازل ونحوها من البلايا الدنيوية والعقوبات الاخروية لان التعذيب

_ (1) در اواخر دفتر سوم در حكايت منديل در تنور انداختن انس بن مالك وناسوختن

مطلق عما قيد به الإهلاك من قبلية يوم القيامة وكثير من القرى العاصية قد أخرت عقوباتها الى يوم القيامة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله يقول الفقير لا يخفى ان هذا التعميم لا يناسب سوق الآية وقيد القبلية معتبر فى الشق الثاني ايضا وهو لا ينافى العذاب الشديد الواقع بعد يوم القيامة حسبما افصح عنه القاطع فالوجه حمل الإهلاك على الاستئصال والتعذيب على انواع البلية التي هى أشد من الموت وعمم فى بحر العلوم القرية يدل عليه إيراده قوله عليه السلام (ان أمتي امة مرحومة انما جعل عذابها فى القتل والزلازل والفتن) وقوله عليه السلام (ان حظ أمتي من النار بلاها تحت الأرض) وقد قيل الهلاك للقرى الصالحة والعذاب للطالحة قالوا خراب مكة من الحبشة وخراب المدينة من الجوع وخراب البصرة من الغرق وخراب ايلة من العراق وخراب الجزيرة من الجبل وخراب الشام من الروم وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب الاسكندرية من البربر وخراب الأندلس من الروم وخراب فارس من الزلازل وخراب أصفهان من الدجال وخراب نهاوند من الجبل وخراب خراسان من حوافر الخيل وخراب الري من الديلم وخراب الديلم من الأرمن وخراب الأرمن من الخزر وخراب الخزر من الترك وخراب الترك من الصواعق وخراب السند من الهند وخراب الهند من اهل السد يأجوج ومأجوج- وروى- عن وهب بن منبه ان الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب ارمينية وارمينية آمنة حتى تخرب مصر ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة وإذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينية على يدى رجل من بنى هاشم كانَ ذلِكَ الذي ذكر من الإهلاك والتعذيب فِي الْكِتابِ اى اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبا لم يغادر منه شىء الا بين فيه كيفياته وأسبابه الموجبة له ووقته المضروب له وفى الحديث (أول شىء خلق الله القلم من نور فاخذه بيمينه وكلتا يديه يمين والقلم مسيرة خمسمائة عام واللوح مثله فقال للقلم اجر فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة برها وفاجرها رطبها ويابسها فصدقوا بما بلغكم عن الله من قدرته) وفى الحديث (أول ما خلق الله القلم بيده ثم خلق النون وهو الدواة ثم قال اكتب فقال وما اكتب قال ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ختم على فم القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة) رواه ابن عباس رضى الله عنهما وفى التأويلات النجمية وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ اى قرية قالب الإنسان إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها بموت قلبه وروحه قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ اى قبل موت القالب فان من مات فقد قامت قيامته أَوْ مُعَذِّبُوها بصب البلاء والمحن والأمراض والعلل والمصائب والنقص فى الأموال والأنفس وانواع الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى بالاختيار والاضطرار عَذاباً شَدِيداً فان الفطام من المألوفات شديد كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً من الأزل عزة وعظمة وكبرياء وجبروتا فلا يصل السائر الصادق المحب الى سرادقات جلاله شوقا الى جماله الا بعد العبور على العقبة الكؤود فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فلما كان حال البلوغ الى بيته قوله لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فكيف يكون حال اهل الوصول اليه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) فلما لم يصل أحد الى مقامه الذي وصل ما أوذي أحد فى السير الى الله والسير فى الله

[سورة الإسراء (17) : آية 59]

والسير بالله مثل ما أوذي صلى الله عليه وسلم وإيذاء السائرين بإذابة وجودهم فى السير ففى السير الى الله ذوبان الافعال وفى السير فى الله ذوبان الصفات وفى السير بالله ذوبان الذات فافهم جدا: سعدى جفا نبرده چهـ دانى تو قدر يار ... تحصيل كام دل بتكاپوى خوش ترست حافظ ممكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيت وقال خام را طاقت پروانه پر سوخته نيست ... نازكان را نرسد شيوه جان افشانى اللهم اجعلنا من اهل الصبر على البلاء وارزقنا من غنائم اهل الولاء وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ الباء مزيدة اى وما صرفنا عن إرسال الآيات التي اقترحها قريش من احياء الموتى وقلب الصفا ذهبا ورفع جبال مكة لتنبسط الأرض وتصلح للزراعة واجراء الأنهار لتحصل الحدائق ونحو ذلك إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى وما منعنا عن إرسالها شىء من الأشياء الا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم فى الطبع كعاد وثمود وانها لو أرسلت لكذبوا تكذيب أولئك واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا ان لا نستأصلهم لان فيهم من يؤمن أو يلد من يؤمن ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ وهو عطف على ما يفصح عنه النظم الكريم كأنه قيل وما منعنا ان نرسل بالآيات الا ان كذب بها الأولون حيث آتيناهم ما اقترحوا من الآيات الباهرة فكذبوها وآتينا ثمود الناقة بسؤالهم مُبْصِرَةً بينة ذات أبصار على ان يكون للنسبة فالتاء للبالغة او أسند إليها حال من يشاهدها مجازا فَظَلَمُوا بِها فكفروا بها ظالمين اى لم يكتفوا بمجرد الكفر بها بل فعلوا بها ما فعلوا من العقر وظلموا أنفسهم وعرضوها للهلاك بسبب عقرها ولعل تخصيصها بالذكر لما ان ثمود عرب مثلهم وان لهم من العلم بحالهم ما لا مزيد عليه حيث يشاهدون آثار هلاكهم ورودا وصدورا وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ المقترحة إِلَّا تَخْوِيفاً من نزول العذاب المستأصل كالطليعة له فان لم يخافوا انزل او بغير المقترحة كالمعجزات وآثار القرآن الا تخويفا بعذاب الآخرة فان امر من بعثت إليهم مؤخر الى يوم القيامة كرامة لك قيل ان الرسول عليه السلام هو الامان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فاذا اماتوها أماتهم الله وأهلكهم إذ لهذه الامة نصيب من عذاب الدنيا بقدر حالهم وذلك فى اواخر الزمان كما سبق فى المجلس السابق. ومنه الزلازل والمخاوف والطاعون فانه زجر لاهل الفسق وتسلط الظلمة فانه عذاب أي عذاب فينبغى للمؤمن ان يسارع الى طريق التقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث (من احيى سنتى فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة) وفى الحديث (من حفظ سنتى أكرمه الله بأربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين) كما ان الرسول عليه السلام أمان ما عاش فكذا وارثه الأكمل فان اعتقاده واتباع طريقته كالايمان بالرسول واتباع

[سورة الإسراء (17) : آية 60]

شريعته إذ هو نائب عنه وخليفة له فالاقتران باهل الصلاح والتقوى مما يرفع الله به العذاب وقد ورد فى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى الأربعين حديثا والمراد باهل القبور من مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار: قال الحافظ مدد از خاطر رندان طلب اى دل ور نى ... كار صعبست مبادا كه خطايى بكنيم واعلم ان المؤمن الصادق فى إيمانه لا يعذبه الله فى الآخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة ومادام هو بين الامة لا يعذبهم الله وتقول لهم جهنم جزيا مؤمن فان نورك قد اطفأ نارى فان دخل المجرمون النار فذلك بجهة الخلوص لا الخلود وَإِذْ قُلْنا لَكَ واذكر إذ أوحينا إليك إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ اى علما وقدرة فهم فى قبضته فامض لامرك ولا تخف أحدا قال بعض الكبار احاطة الله سبحانه عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ المراد بالرؤيا ما عاينه عليه السلام ليلة المعراج من عجائب الأرض والسماء والتعبير عن ذلك بالرؤيا اما لانه لا فرق بينه وبين الرؤية كما فى الكواشي الرؤيا تكون نوما ويقظة كالرؤية او لانها وقعت بالليل وتقضت بالسرعة كأنها منام او لان الكفرة قالوا لعلها رؤيا فتسميتها رؤيا على قول المكذبين قال فى الحواشي السعدية قد يقال تسميتها رؤيا على وجه التشبيه والاستعارة لما فيها من الخوارق التي هى بالمنام أليق فى مجارى العادات انتهى. اى وما جعلنا الرؤيا التي اريناكها ليلة الاسراء عيانا مع كونها آية عظيمة حقيقة بان لا يتلعثم فى تصديقها أحد ممن له ادنى بصيرة الا فتنة افتتن بها الناس حتى ارتد بعضهم وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ عطف على الرؤيا والمراد بلعنها فيه لعن طاعمها على الاسناد المجازى او ابعادها عن الرحمة فان تلك الشجرة التي هى الزقوم تنبت فى اصل الجحيم فى ابعد مكان من الرحمة اى وما جعلناها الا فتنة لهم حيث أنكروا ذلك وقالوا ان محمدا يزعم الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر ولقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيدا حيث كابروا قضية عقولهم فانهم يرون النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد المحماة فلا يضرها ويشاهدون المناديل المتخذة من وبر السمندل تلقى فى النار ولا تؤثر فيها قال الكاشفى [وعجب از ايشان بود كه از درخت سبز آتش ميكرفتند كما قال تعالى جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً وهيچ فكر نمى كردند كه آتش در درخت وديعت نهد چهـ عجب كه درخت در آتش بروياند] وهو المرخ والعفار يوجدان فى اغلب بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء

[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 إلى 66]

فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وَنُخَوِّفُهُمْ بذلك وبنظائره من الآيات فان الكل للتخويف فَما يَزِيدُهُمْ التخويف إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً عتوا متجاوزا عن الحد فلو انا أرسلنا بما اقترحوه من الآيات لفعلوا بها ما فعلوا بنظائرها وفعل بهم ما فعل بأشياعهم وقد قضينا بتأخير العقوبة العامة لهذه الامة الى الطامة الكبرى واوحى الله الى عيسى عليه السلام كم من وجه مليح صبيح ولسان فصيح وبدن صحيح غدا بين طباق النيران يصيح فلابد من الحوف فان العارفين يخلفون فما ظنك بغيرهم قال المزني دخلت على الشافعي رحمه الله فى مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف أصبحت يا أستاذي قال أصبحت عن الدنيا راحلا ولا خوانى مفارقا ولعملى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا فما أدرى أروحي الى جنة أم الى نار ثم انا أقول ولم أدر أي الحالتين تنوبنى ... وانك لا تدرى متى أنت ميت : وفى المثنوى لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائفان «1» هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون كويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس واعلم ان رؤية الآيات واستماعها تزيد المؤمنين ايمانا وتقويهم فى باب اليقين لان التربة الطيبة لا تغير الماء الزلال ولا تخرجه عن طبعه والخبيثة لا يحصل لها به نماء إذ لا يستعد ولا يستحق الا العقم نسأل الله تعالى ان يفيض علينا سجال العلوم ويزيدنا فى الفهوم وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى واذكر وقت قولنا للملائكة ما عدا الأرواح العالية وهم الملائكة المهيمة الذين لا شعور لهم بخلق آدم عليه السلام ولا بغيره لا ستغراقهم فى شهود الحق تعالى اسْجُدُوا لِآدَمَ تحية وتكريما لما له من الفضائل المستوجبة لذلك قال فى التأويلات النجمية ان الله خلق آدم فتجلى فيه فكانت السجدة في الحقيقة للحق تعالى وكان آدم بمثابة الكعبة قبلة للسجود فَسَجَدُوا له من غير تلعثم أداء لحقه عليه السلام وامتثالا للامر فدل ائتمارهم باوامر الحق والانتهاء عن نواهيه على السعادة الازلية إِلَّا إِبْلِيسَ فانه ابى واستكبر فدل المخالفة والاستكبار والإباء على الشقاوة الازلية إذ الابد مرآة الأزل يظهر فيها صورة الحال سعادة وشقاوة قال فى بحر العلوم استثنى إبليس من الملائكة وهو جنى لانه قد امر بالسجود معهم فغلبوا عليه تغليب الرجال على المرآة فى قولك خرجوا الا فلانة ثم استثنى الواحد منهم استثناء متصلا قالَ اعتراضا وعجبا وتكبرا وإنكارا عند ما وبخه تعالى بقوله يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ أَأَسْجُدُ وانا مخلوق من النصر العالي وهو النار قال الكاشفى [آيا سجده كنم يعنى نكنم] ولم يصح منى واستحال ان اسجد لان الاستفهام المعنى به الإنكار يكون بمعنى النفي لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً نصب على نزع الخافض اى من طين مثل واختار موسى قومه اى من قومه فاستحق اللعن والطرد والبعد قالَ إبليس بعد ما لعن وطرد وابعد إظهارا للعداوة واقداما على الحسد كما قال فى الإرشاد وقال إبليس لكن لا عقيب كلامه

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را در زير خرما بن

[سورة الإسراء (17) : الآيات 62 إلى 64]

المحكي بل بعد الانظار المترتب على الاستنظار المتفرع على الأمر بخروجه من بين الملأ الأعلى باللعن المؤيد وانما لم يصرح اكتفاء بما ذكر فى موضع آخر فان توسيط قال بين كلامى اللعين للايذان بعدم اتصال الثاني بالأول وعدم ابتنائه عليه بل على غيره أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الكاف حرف خطاب اى ليس باسم حتى يكون فى محل النصب على انه مفعول رأيت بل هو حرف أكد به ضمير الفاعل المخاطب لتأكيد الاسناد فلا محل له من الاعراب وهذا مفعول أول والموصول صفته والثاني محذوف لدلالة الصفة عليه وأ رأيت هاهنا بمعنى أخبرني بان يجعل العلم الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وبان يجعل الاستفهام مجازا عن الأمر بجامع الطلب. والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علىّ بان أمرتني بالسجود له لم كرمته علىّ وفضلته بالخلافة والسجود وانا خير منه لانه خلق من طين وخلقت من نار: وفى المثنوى آنكه آدم را بدن ديد او رميد ... وآنكه نور مؤتمن ديد او خميد «1» تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين «2» لَئِنْ أَخَّرْتَنِ حيا يعنى [مرك مرا تأخير كنى چنانكه موعودست] إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعنى على صفة الإغواء والإضلال وهو كلام مبتدأ واللام موطئة وجوابه قوله لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ اى لا ستولين على أولاده ونسله استيلاء قويا بالإغواء كما قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ يقال احتنكه استولى عليه كما فى القاموس قال فى الإرشاد من قولهم حنكت الدابة واحتنكتها إذا جعلت فى حنكها الأسفل حبلا تقودها به او لاستأصلنهم بالإغواء. يعنى [هر آينه از بيخ بر كنم فرزندان او را باغوا و چنان كنم كه بعذاب تو مستأصل شوند] من قولهم احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلا قال فى الاسئلة المقحمة علم إبليس ان فيهم شهوات مركبة فهى سبب ميلهم عن الحق الى الباطل قياسا على أبيهم حين مال الى أكل الشجرة بشهوته انتهى وقيل غير ذلك إِلَّا قَلِيلًا منهم وهم المخلصون الذين عصمهم الله تعالى قالَ الله تعالى اذْهَبْ على طريقتك السوء بالإغواء والإضلال وفى بحر العلوم ليس من الذهاب الذي هو نقيض المجيء بل معناه امض لما قصدته او طرد له وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه او هو على وجه الاهانة والتهديد تقول لمن لا يقبل منك اذهب وكن على ما اخترت لنفسك قال الكاشفى [امر اهانت است وابعاد يعنى او را براند از دركاه قرب وگفت در پى مهم خود برو] فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ على الضلالة قال الكاشفى [هر كه متابعت كند ترا وفرمان تو برد] فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ اى جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب رعاية لحق المتبوعية جَزاءً مَوْفُوراً من وفر الشيء كمل اى تجزون جزاء مكملا فنصبه على المصدر بإضمار فعله قال الكاشفى [جزايى تمام يعنى عذابى بر دوام] وَاسْتَفْزِزْ اى استخف وحرك ومنه استفزه الغضب استخفه والاستفزاز [سبك كردن] وفى بحر العلوم واستزل وحرك يعنى [از جاى بجنبان وبلغزان] مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ من قدرت ان تستفزه من ذريته وقال الكاشفى [هر كه را توانى لغزانيد از ايشان] بِصَوْتِكَ بوسوستك ودعائك الى الشر والمعصية

_ (1) در اواخر دفتر سوم در حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد رو إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ

وكل داع الى معصية الله فهو من حزب إبليس وجنده [وامام زاهدى از ابن عباس نقل ميكند كه هر آوازى كه نه در رضاى خداى تعالى از دهان بيرون آيد آواز شيطانست] وقال مجاهد بالغناء والمزامير فالمغنون والزامرون من جند إبليس وقد ورد فى الخبر الوعيد على الزام وفى الحديث (بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير) المزامير جمع مزمار وهو آلة معروفة يضرب بها ولعل المراد آلات الغناء كلها تغليبا والكسر ليس على حقيقته بل مبالغة عن النهى لقرينة فان قلت الحديث المذكور صريح فى قبح المزمار والظاهر من قوله عليه السلام حين سمع صوت الأشعري وهو يقرأ (لقد اوتى هذا من مزامير آل داود) خلافه قلت ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود عليه السلام وحلاوة نغمته كأن فى حلقه مزامير يرمزبها والآل مقحم ومعناه الشخص كذا فى شرح الأربعين حديثا لابن كمال وفى التأويلات النجمية واستنزل بتمويهات الفلاسفة وتشبيهات اهل الأهواء والبدع وخرافات الدهرية وطامات الإباحية وما يناسبها من مقالات اهل الطبيعة مخالفا للشريعة وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [وبرانگيزان بر ايشان بسواران و پيادگان يعنى ديوانى كه معاون تواند در وسوسه واغوا همه را جمع كن در تسلط بر ايشان] وفى الكواشي جلب واجلب واحد بمعنى الحث والصياح اى صح عليهم باعوانك وأنصارك من راكب وراجل من اهل الفساد والخيل الخيالة بتشديد الياء وهى اصحاب الخيول ومنه قوله عليه السلام (يا خيل الله اركبي) والرجل بالسكون بمعنى الراجل وهو من لم يكن له ظهر يركبه قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ان خيلا ورجلا من الجن والانس فما كان من راكب يقاتل فى معصية الله فهو من خيل إبليس وما كان من راجل يقاتل فى معصية الله فهو من رجل إبليس ويجوز ان يكون استفزازه بصوته واجلابه بخيله ورجله تمثيلا لتسلطه على من يغويه فكأنه مغوارا وقع على قوم فصوت بهم صوتا يزعجهم من أماكنهم ويقلعهم عن مراكزهم واجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم وَشارِكْهُمْ [شركت ده بايشان] فِي الْأَمْوالِ بحملهم على كسبها او جمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغى من الربا والإسراف ومنع الزكاة وغير ذلك وَالْأَوْلادِ بالحث على التوصل إليهم بالأسباب المحرمة والوأد والإشراك كتسسينهم بعبد العزى وعبد الحارث وعبد الشمس وعبد الدار وغير ذلك. والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة والحرف الذميمة والافعال القبيحة وقال فى التأويلات النجمية بتضييع زمانهم وإفساد استعدادهم فى طلب الدنيا ورياستها متغافلين عن تهذيب نفوسهم وتزكيتها وتأديبها وتوقيها عن الصفات المذمومة وتحليتها بالصفات المحمودة وتعليمهم الفرائض والسنن والعلوم الدينية وتحريضهم على طلب الآخرة والدرجات العلى والنجاة من النار والدركات السفلى انتهى وعن جعفر بن محمد ان الشيطان يقعد على ذكر الرجل فاذا لم يقل باسم الله أصاب معه امرأته وانزل فى فرجها كما ينزل الرجل وقد جعل الله له فى كثير من الأشياء نصيبا وفى الحديث (ان إبليس لما انزل الى الأرض قال يا رب أنزلتني الأرض وجعلتنى رجيما فاجعل لى بيتا قال الحمام قال فاجعل لى مجلسا قال الأسواق ومجامع الطرق قال فاجعل لى طعاما

[سورة الإسراء (17) : الآيات 65 إلى 66]

قال ما لم يذكر اسم الله عليه قال اجعل لى شرابا قال كل مسكر قال اجعل لى مؤذنا قال المزامير قال اجعل لى قرآنا قال الشعر قال اجعل لى كتابا قال الوشم قال اجعل لى حديثا قال الكذب قال اجعل لى رسلا قال الكهنة قال اجعل لى مصائد قال النساء) كما فى بحر العلوم للسمرقندى وَعِدْهُمْ المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة بتطويل الأمل واخبارهم ان لا جنة ولا نار ونحو ذلك وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ اللام يحتمل العهد والجنس قال عليه السلام (ما منكم من أحد الا وله شيطان) إِلَّا غُرُوراً يعنى [خطا را در صورت ثواب مى آرايد] وهو تزيين الخطأ بما يوهم انه صواب قال فى بحر العلوم هذة الأوامر واردة على طريق التهديد كقوله للعصاة اعملوا ما شئتم وقيل على سبيل الخذلان والتخلية إِنَّ عِبادِي الاضافة للتشريف وهم المخلصون وفيه ان من تبعه ليس منهم [امام قشيرى فرموده كه بنده حق آنست كه در بند غير نباشد. وشيخ عطار فرمايد] چوتو در بند صد چيزى خدا را بنده چون باشى ... كه تو در بند هر چيزى كه باشى بنده آنى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ اى تسلط وقدرة على اغوائهم كما قال إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم يتوكلون عليه ويستمدونه يا إبليس الخلاص من اغوائك قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان عباد الله هم الأحرار عن رق الكونين وتعلقات الكونين فلا يستعبدهم الشيطان ولا يقدر على ان تعلق بهم فيضلهم عن طريق الحق ويغويهم بما سواه عنه وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم فى ترتيب اسباب سعادتهم وتفويت اسباب شقاوتهم والحراسة من الشيطان والهداية الى الرحمن يقول الفقير لا يلزم من نفى التسلط ان لا يقسط هم الشيطان أصلا فان ذلك يرده قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فانه كلمة إذا تدل على التحقيق والوقوع ولكنهم محفوظ من الاتباع لكونهم مؤيدين من عند الله تعالى- حكى- انه جاء يهودى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد نحن نعبد بحضور القلب بلا وسواس الشيطان ونسمع من أصحابك انهم يصلون بالوساس فقال عليه السلام لأبى بكر رضى الله عنه (أجبه) فقال يا يهودى بيتان بيت مملوء بالذهب والفضة والدر والياقوت والاقمشة النفيسة وبيت خراب خال ليس فيه شىء من المذكورات أيقصد اللص الى البيت المعمور المملوء من الاقمشة النفيسة أم يقصد الى البيت الخراب فقال اليهودي يقصد الى البيت المعمور المملوء بذلك فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه قلوبنا مملوءة بالتوحيد والمعرفة والايمان واليقين والتقوى والإحسان وغيرها من الفضائل وقلوبكم خالية عن هذه فلا يقصد الخناس إليها فاسلم اليهودي فظهر ان الشيطان قاصد ولكنه غير واصل الى مراده فان الله يحفظ أولياءه رَبُّكُمُ [پروردگار شما] وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي القادر الحكيم الذي يُزْجِي الإزجاء [راندن] يقال زجاه وأزجاه ساقه اى يسوق ويجرى بقدرته الكاملة لَكُمُ لمنافعكم الْفُلْكَ اى السفن فِي الْبَحْرِ [در دريا] قال فى القاموس البحر الماء الكثير لِتَبْتَغُوا لتطلبوا مِنْ فَضْلِهِ من رزق هو فضل من قبله إِنَّهُ كانَ بِكُمْ ازلا وابدا رَحِيماً

[سورة الإسراء (17) : الآيات 67 إلى 71]

حيث هيألكم ما تحتاجون اليه وسهل عليكم ما يعسر من أسبابه فالمراد الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة الى الجليلة والحقيرة وَإِذا مَسَّكُمُ [و چون برسد شما را] الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ خوف الغرق فيه ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ اى ذهب عن خواطركم كل من تدعون فى حوادثكم وتستغيثون إِلَّا إِيَّاهُ تعالى وحده من غير ان يخطر ببالكم أحد منهم وتدعوه لكشفه استقلالا او اشتراكا ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى ضل كل من تدعونه وتعبدونه من الآلهة كالمسيح والملائكة وغيرهم من عونكم وغوثكم ولكن الله هو الذي ترجونه لصرف النوازل عنكم فَلَمَّا [پس آن هنكام كه] نَجَّاكُمْ من الغرق وأوصلكم إِلَى الْبَرِّ [بسوى بيابان] أَعْرَضْتُمْ عن التوحيد وعدتم الى عبادة الأوثان ونسيتم النعمة وكفرتم بها وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً بليغ الكفران ولم يقل وكنتم كفورا ليسجل على ان هذا الجنس موسوم بكفران النعمة أَفَأَمِنْتُمْ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم من أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ الذي هو مأمنكم كقارون وبكم فى موضع الحال وجانب البر مفعول به اى يقلبه الله وأنتم عليه ويجوز ان تكون الباء للسببية اى يلقبه بسبب كونكم فيه قال سعدى المفتى اى يقلب جانب البر الذي أنتم فيه فيحصل بخسفه إهلاككم والا فلا يلزم من خسف جانب البر بسببهم إهلاكهم وقال الكاشفى [آيا ايمن شديد كه از دريا بصحرا آمديد يعنى ايمن مباشيد از آنكه فرو برد شما را بكرانه از زمين يعنى آنكه قادر است كه شما را در آب فرو برد توانست بر آنكه در خاك نهان كند] قال فى القاموس خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض وخسف الله بفلان الأرض غيبه فيها لازم ومتعد وفى التهذيب الخسف بزمين فرو بردن قال الله تعالى فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ من فوقكم حاصِباً ريحا ترمى الحصباء وهى الحصى الصغار يرجمكم بها فيكون أشد عليكم من الغرق فى البحر وقيل اى يمطر عليكم حصباء كما أرسلها على قوم لوط واصحاب الفيل ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا يحفظكم من ذلك ويصرفه عنكم فانه لا رادّ لامره الغالب أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ فى البحر بعد خروجكم الى البر وسلامتكم تارَةً مرة أُخْرى بخلق دواعى تلجئكم الى ان ترجعوا فتركبوه فاسناد الاعادة اليه تعالى مع ان العود اليه باختيارهم باعتبار خلق تلك الدواعي الملجئة وفيه ايماء الى كمال شدة هول ما لا قوه فى التارة الاولى بحيث لولا الاعادة لما عادوا واوثرت كلمة فى على كلمة الى المنبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ وأنتم فى البحر قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ وهى التي لا تمر بشئ الا قصفته اى كسرته وجعلته كالرميم وذكر قاصفا لانه ليس بإزائه ذكر فجرى مجرى حائض كما فى الكواشي فَيُغْرِقَكُمْ بعد كسر فلككم كما ينبئ عنه عنوان القصف بِما كَفَرْتُمْ بسبب اشراككم وكفرانكم لنعمة الانجاء ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ [بآن غرق كردن] تَبِيعاً مطالبا يتبعنا بانتصار او صرف قال فى القاموس التبيع كامير التابع ومنه قوله تعالى ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً اى ثائرا ولا طالبا انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الشريعة

[سورة الإسراء (17) : آية 70]

كالفلك فى بحر الحقيقة إذ لو لم يكن هذا الفلك ما تيسر لاحد العبور على بحر الحقيقة والمقصود منه جذبة العناية إذ هى ليست بمكتسبة للخلق بل من قبيل الفضل فعلى من يريد النيل الى هذه الجذبة ان يسير بقدمي العلم والعمل: قال فى المثنوى رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت مى رود ومنها ان الاعراض عن الحق بالكفران يؤدى الى الخسران قال الجنيد لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله تعالى بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين درين ره دائما ثابت قدم باش ... برو از رهزن غم بي الم باش ز بازار توجه رو مكردان ... همه سودى كه خواهى اندرين دان ومنها ان جميع الجوانب والجهات متساوية بالنسبة الى قدرته تعالى وقهره سلطانه لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه فعلى العبد ان يستوى خوفه من الله فى جميع الجوانب حيث كان فان الله كان متحليا بجماله وجلاله فى جميع الاينيات ولذا كان اهل اليقظة والحضور لا يفرقون بين اين واين وبين حال وحال لمشاهدتهم احاطة الله تعالى فان الله تعالى لو شاء لاهلك من حيث لا يخطر بالبال ألا ترى انه أهلك النمرود بالبعوض فكان البعوض بالنسبة الى قدرته كالاسد ونحوه فى الا هلاك وربما رأيت من غص بلقمة فمات فانظر فى ان تلك اللقمة مع انها من اسباب الحياة كانت من مبادى الممات فاماته الله من حيث يدرى حياته فيه ولو أمعنت النظر لوجدت شؤون الله تعالى فى هذا العالم عجيبة هر كرا خواهد خدا آرد بچنك ... نيست كس را قوت بازوى جنك قال الله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ التكريم والا كرام بمعنى والاسم منه الكرامة والمعنى [بالفارسية وهر آيينه كرامى كرديم فرزندان آدم را] قال المولى ابو السعود بنى آدم قاطبة تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم وفى التأويلات النجمية خصصناهم بكرامة تخرجهم من حيز الاشتراك وهى على ضربين جسدانية وروحانية فالكرامة الجسدانية عامة يستوى فيها المؤمن والكافر وهى تخمير طينته بيده أربعين صباحا وتصويره فى الرحم بنفسه وانه تعالى صوره فاحسن صورته وسواه فعدله فى أي صورة ما شاء ركبه ومشاه سويا على صراط مستقيم مستقيم القامة أخذا بيديه آكلا بأصابعه مزينا باللحى والذوائب صانعا بانواع الحرف والكرامة الروحانية على ضربين خاصة وعامة فالعامة ايضا يستوى فيها المؤمن والكافر وهى ان كرمه بنفخه فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وكلمه قبل ان خلقه بقوله ألست بربكم فاسمعه خطابه وأنطقه بجوابه بقوله قالوا بلى وعاهده على العبودية واولده على الفطرة وأرسل اليه الرسل وانزل عليه الكتب ودعاه الى الحضرة ووعده الجنة وخوفه النار واظهر له الآيات والدلالات والمعجزات والكرامة الروحانية الخاصة ما كرم به أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين من النبوة والرسالة والولاية والايمان والإسلام والهداية الى الصراط المستقيم

وهو صراط الله والسير الى الله وفى الله وبالله عند العبور على المقامات والترقي عن الناسوتية بجذبات اللاهوتية والتخلق بأخلاق الالهية عند فناء الانانية وبقاء الهوية [امام قشيرى قدس سره فرموده كه مراد از بنى آدم مؤمنانند چهـ كافرانرا بنص وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ از تكريم هيچ نصيبى نيست وتكريم مؤمنان بدانست كه ظاهر ايشانرا بتوفيق مجاهدات بياراست وباطن ايشانرا بتحقيق مشاهدات منور ساخت] كما قال فى بحر العلوم الظاهر عندنا تكريمهم بالايمان والعمل الصالح بدليل قوله عليه السلام (ان المؤمن يعرف فى السماء كما يعرف الرجل اهله وولده وانه أكرم على الله من ملك مقرب) انتهى [محمد ابن كعب رضى الله عنه گفت كه كرامت آدميان بدانست كه حضرت محمد صلى الله عليه وسلم از ايشانست] اى شرف دوده آدم بتو ... روشنى ديده عالم بتو كيست درين خانه كه خيل تو نيست ... كيست برين خوان كه طفيل تو نيست از تو صلايى بالست آمده ... نيست بمهمانى هست آمده وَحَمَلْناهُمْ [وبرداشتيم ايشانرا وسوار كرديم] فِي الْبَرِّ [در بيابان بر جهار پايان] وَالْبَحْرِ [ودر دريا بكشتيها] من حملته إذا جعلت له ما يركبه وليس من المخلوقات شىء كذلك وفى التأويلات النجمية الى عبرناهم عن بر الجسمانية وبحر الروحانية الى ساحل الربانية [ودر حقائق سلمى آمده كه كرامى ساختيم آدميان را بمعرفت وتوحيد وبرداشتيم ايشانرا در بر نفس وبحر قلب وگفته اند بر آنست كه ظهور دارد از صفات وبحر آنچهـ مستور است از حقائق ذات] وَرَزَقْناهُمْ [وروزى داديم ايشانرا] مِنَ الطَّيِّباتِ من فنون النعم المستلذة مما يحصل بصنعهم وبعير صنعهم كالسمن والزبد والتمر والعسل وسائر الحلاوى وفى التأويلات النجمية وهى المواهب التي طيبها من الحدوث فيطعم بها من يبيت عنده ويسقيه بها وهى طعام المشاهدات وشراب المكاشفات التي لم يذق منها الملائكة المقربون اطعم بها اخس عباده فى أواني المعرفة وسقاهم بها فى كأسات المحبة افردهم بها عن العالمين ولهذا اسجد لهم الملائكة المقربين: قال المولى الجامى قدس سره ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت : وقال الحافظ فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام وكلابى بخاك آدم ريز وَفَضَّلْناهُمْ [وافزونى داديم ايشانرا] اى فى العلوم والإدراكات بما ركبنا فيهم من القوى المدركة التي يتميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا وهم ماعدا الملائكة عليهم السلام تَفْضِيلًا عظيما فحق عليهم ان يشكروا نعم الله ولا يكفروها ويستعملوا قواهم فى تحصيل العقائد الحقة ويرفضوا ما هم عليه من الشرك الذي لا يقبله أحد ممن له ادنى تمييز فضلا عمن فضل على من عدا الملأ الا على الذين هم العقول المحضة وانما استثنى جنس الملائكة من هذا التفضيل لان علومهم دائمه عارية عن الخطأ والخلل وليس فيه دلالة

على الافضلية بالمعنى المتنازع فيه فان المراد هاهنا بيان التفضيل فى امر مشترك بين جميع افراد البشر صالحها وطالحها ولا يمكن ان يكون ذلك هو الفضل فى عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى كما فى الإرشاد وقال فى بحر العلوم فيه دلالة على ان بنى آدم فضلوا على كثير وفضل عليهم قليل وهو أبوهم آدم وأمهم حواء عليهما السلام لما فيهما من فضل الاصالة على من تفرع منهما من سائر الناس لا الملائكة المقربون كما زعم الكلبي وابو بكر الباقلاني وحثالة المعتزلة والا يلزم التعارض بين الآيات وذلك ان الله امر الملائكة كلهم بالسجود لآدم على وجه التعظيم والتكريم ومقتضى الحكمة الأمر للادنى بالسجود للاعلى دون العكس وايضا قال وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فيفهم منه كل أحد من اهل اللسان قصده تعالى الى تفضيل آدم على الملائكة وبيان زيادة علمه واستحقاقه التعظيم والتكريم وقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ والملائكة من جملة العالم فمحال ان تدل الآية التي نحن بصددها على ما زعموا من تفضيل الملك على البشر كلهم وايضا مما يدل على بطلان ما زعموا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله فضل المرسلين على الملائكة المقربين لما بلغت السماء السابعة لقينى ملك من نور على سرير فسلمت عليه فرد على السلام فاوحى الله اليه سلم عليك صفيى ونبيى فلم تقم اليه وعزتى وجلالى لتقومن فلا تقعدن الى يوم القيامة) انتهى وفى الاسئلة المقحمة المشهور من مذهب اهل الحق ان الأنبياء أفضل من الملائكة انتهى قال الكاشفى [علما را در تفضيل بشر مباحث دور ودراز است آنكه جمهور اهل سنت بر آنند كه بنى آدم فاضل ترند از رسل ملائكه ورسل ملائكه افضلند از اولياى بنى آدم واولياى بنى آدم شريفترند از اولياى ملائكة وصلحاى اهل ايمانرا أفضل است بر عوام ملائكه وعوام ملائكه بهترند از فساق مؤمنان] وفى التأويلات النجمية وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا يعنى على الملائكة لانهم الخلق الكثير ممن خلق الله تعالى وفضل الإنسان الكامل على الملك بانه خلق فى احسن تقويم وهو حسن استعداده فى قبول فيض نور الله بلا واسطة وقد تفرد به الإنسان عن سائر المخلوقات كما قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ الى قوله وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ والامانة هى نور الله كما صرح به فى قوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الى ان قال نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ فافهم جدا واغتنم فان هذا البيان أعز من الكبريت الأحمر واغرب من عنقاء مغرب انتهى قال الكاشفى [وعلى الجملة اين آيت دليل فضيلت وجامعيت انسانست كه از همه مخلوقات مرآت صافى جهت انعكاسى صفات الهى همه اوست وبس چنانچهـ از مضمون اين أبيات حقائق سمات فهم توان فرمود] آمد آيينه جمله كون ولى ... همچوآيينه نكرده جلى به نمودند درو بوجه كمال ... صورت ذو الجلال والإفضال زانكه بود اين تفرق عددى ... مانع از سر جامع واحدي كشت آدم جلاى اين مرآت ... شد عيان ذات او بجمله صفات

[سورة الإسراء (17) : آية 71]

مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات از صفات از لامع شد تفاصيل كون را مجمل ... بر مثال تعين أول بوى اين دائره مكمل شد ... آخر اين نقطه عين أول شد يَوْمَ نَدْعُوا نصب بإضمار اذكر على انه مفعول به كُلَّ أُناسٍ [هر كروهى را از بنى آدم] والأناس جمع الناس كما فى القاموس بِإِمامِهِمْ اى بمن ائتموا به من نبى فيقال يا امة موسى ويا امة عيسى ونحو ذلك او مقدم فى الدين فيقال يا حنفى ويا شافعى ونحوهما او كتاب فيقال يا اهل القرآن ويا اهل الإنجيل وغيرهما او دين فيقال يا مسلم ويا يهودى ويا نصرانى ويا مجوسى وغير ذلك وفى التأويلات النجمية يشير الى ما يتبعه كل قوم وهو امامهم. فقوم يتبعون الدنيا وزينتها وشهواتها فيدعون يا اهل الدنيا. وقوم يتبعون الآخرة ونعيمها ودرجاتها فيدعون يا اهل الآخرة. وقوم يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم محبة لله وطلبا لقربته ومعرفته فيدعون يا اهل الله وقيل الامام جمع أم كخف وخفاف والحكمة فى دعوتهم وأمهاتهم إجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضى الله عنهما إذ فى نسبتهما الى أمهما اظهار انتسابهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا بخلاف نسبتهما الى أبيهما والستر على أولاد الزنى وينصره ما روى عن عائشة رضى الله عنها وابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه الصلاة والسلام قال (ان الله يدعو الناس يوم القيامة بامهاتهم سترا منه على عباده) كما فى بحر العلوم ويؤيده ايضا حديث التلقين حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوى قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول أرشدك الله رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول انطلق لا نقعد عند من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما) فقال رجل يا رسول الله فان لم يعرف اسم امه قال (فلينسبه الى حواء) ذكره الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة وصححه بأسانيده وكذا الامام القرطبي فى تذكرته وفهم منه شيآن الاول استحباب القيام وقت التلقين والثاني ان المرء يدعى باسمه واسم امه لا باسم أبيه ولكن جاء فى أحاديث المقاصد والمصابيح انه عليه السلام قال (انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء آبائكم) ولعله لا يخالف ما سبق فانه ورد ترغيبا فى تحسين الأسماء وتغيير القبيح منها إذ كانوا يسمون بالأسماء القبيحة على عادة الجاهلية مثل المضطجع واصرم وعاصية ونحوها وكان عليه السلام يغير القبيح الى الحسن فغير اصرم وهو من الصرم بمعنى القطع الى زرعة وهو بالضم والسكون قطعة من الزرع كأنه قال لست مقطوعا بل أنت فنيت متصل بالأصل وغير المضطجع الى المنبعث وعاصية الى جميلة فَمَنْ [هر كه را] أُوتِيَ [داده شود] يومئذ من أولئك المدعوين كِتابَهُ صحفة اعماله بِيَمِينِهِ وهم السعداء وفى إيتاء الكتاب من جانب اليمين تشريف لصاحبه وتبشير فَأُولئِكَ الجمع باعتبار معنى من

[سورة الإسراء (17) : الآيات 72 إلى 77]

يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الأشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم إذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شىء من الحسنات ينتفعون به وَلا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة فى كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فَتِيلًا اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين إصبعين من الوسخ او القشرة التي فى شق النواة او ادنى شىء فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة وَمَنْ [وهر كه] اى من المدعوين المذكورين كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى أعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [دلش راه صواب نه بيند] فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصي الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين وَأَضَلُّ سَبِيلًا من الأعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الأسباب والآلات وفقدان المهلة قال فى التأويلات النجمية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو اهل السعادة من اصحاب اليمين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل الله تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ لانهم اصحاب البصيرة والقراءة والدراية وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا فى جزاء أعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة أعمى فى الدنيا لقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ الآية فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لانه يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته أعمى هاهنا يكون ثمة فى صورته أعمى للمبالغة لان عمى السريرة هاهنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الأمر من التدارك فيكون أعمى عن رؤية الحق وَأَضَلُّ سَبِيلًا فى الوصول اليه لفساد الاستعداد وإعواز التدارك انتهى يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقي والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصوري قلت ان السالك الصادق فى طلبه إذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطراري قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختياري فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى أشار الى ان الله تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الأرواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان الله تعالى يوكل ملكا لبعض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات أثناء التعلم. واما غير السالك فلا يجد الترقي بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق إذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها

[سورة الإسراء (17) : الآيات 73 إلى 74]

واما قوله عليه السلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله) فهو يدل على ان الاعياء التي يتوقف حصولها على الأعمال لا تحصل وما لا يتوقف عليها بل يحصل يفضل الله ورحمته فقد يحصل وذلك من مراتب الترقي كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى قدس سره فقوله تعالى لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ليس معناه ان ما يحصل للانسان مقصور على سعيه بل معناه ليس للانسان الا ما يمكن ان يكون بسعيه فما يمكن ان يكون بسعيه فهو بسعيه والباقي فضل من الله تعالى كالسعى فى مرتبة الملك. واما الملكوت فلا يمكن الا بمحض فضل الله فلا مدخل فيه للسعى كما فى الواقعات المحمودية فعلى العاقل ان يسعى فى تحصيل البصيرة قبل ان يخرج من الدنيا ويكون من الذين يشاهدون الله تعالى فى كل مرآة من المرايا: وفى المثنوى اين جهان پر آفتاب ونور ماه ... او بهشته سر فرو برده بچاه «1» كه اگر حقست كو آن روشنى ... سر بر آر از چاه بنكر اى دنى جمله عالم شرق وغرب آن نور يافت ... تا تو در چاهى نخواهد بر تو تافت چهـ رها كن رو بايوان وكروم ... كم ستيز اينجا بدان كاللج شوم اى بسا بيدار چشم وخفته دل ... خود چهـ بيند چشم اهل آب وكل «2» وانكه دل بيدار ودارد چشم سر ... كر بخسبد بر كشايد صد بصر كر تو اهل دل نه بيدار باش ... طالب دل باش ودر پيكار باش ور دلت بيدار شد مى خسب خوش ... نيست غائب ناظرت از هفت وشش گفت پيغمبر كه خسبد چشم من ... ليك كى خسبد دلم اندر وسن شاه بيدارست حارس خفته كير ... جان فداى خفتكان دل بصير وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ذكروا فى سبب نزول هذه الآية وجوها والأسلم ما فى تفسير الكواشي من ان المشركين طلبوا من النبي عليه السلام ان يجعل آية رحمة مكان آية عذاب وبالعكس ويمس آلهتهم عند استلام الحجر ويطرد الضعفاء والمساكين عنه ونحو ذلك وأطمعوه فى إسلامهم قالوا فمال الى بعض ذلك فنزل وان هى المخففة من المشددة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن قاربوا ان يوقعوك فى الفتنة بالاستزلال ويخدعوك قال الكاشفى [بگردانند ترا] عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من الأمر والنهى والوعد والوعيد لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا اى لتختلق علينا غَيْرَهُ اى غير الذي أوحينا إليك كما تقدم وَإِذاً اى ولو اتبعت أهواءهم وفعلت ما طلبوا منك لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا اى صديقا ووليا وكنت لهم وليا وخرجت من ولايتي وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ اى ولولا تثبيتنا إياك على الحق وعصمتنا لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا من الركون الذي هو ادنى ميل فنصبه على المصدرية اى لقاربت ان تميل الى اتباع مرادهم شيأ يسيرا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك العصمة فمنعتك من ان تقرب من ادنى مراتب الركون إليهم فضلا عن نفس الركون وهو صريح فى انه عليه السلام ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها ودليل على

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان بقيه حكايت موسى على نبينا وعليه السلام

[سورة الإسراء (17) : الآيات 75 إلى 77]

ان العصمة بتوفيق الله وعنايته قال بعض الكبار انما سماه قليلا لان روحانية النبي عليه السلام كانت فى اصل الخلقة غالبة على بشريته إذ لم يكن حينئذ لروحه شىء يحجب عن الله فالمعنى لولا التثبيت وقوة النبوة ونور الهداية واثر نظر العناية لقد كدت تركن الى اهل الأهواء هوى النفسانية لمنافع الانسانية قدرا يسيرا لغلبة نور الروحانية وخمود نور البشرية إِذاً لو قاربت ان تركن إليهم ادنى ركنة لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ اى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به فى الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لان خطأ الخطير اخطر وكان اصل الكلام عذابا ضعفا فى الحياة وعذابا ضعفا فى الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف وأقيمت مقامه الصفة وهو الضعف ثم أضيفت اضافة موصوفها فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل لا ذقناك اليم الحياة واليم الممات ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يدفع عنك العذاب [امام ثعلبى آورده كه بعد از نزول اين آيت بحضرت فرمود: اللهم لا تكلنى الى نفسى ولو طرفة عين:] الهى بر ره خود دار ما را ... دمى با نفس ما مگذار ما را وَإِنْ كادُوا اى وان الشأن قارب اهل مكة لَيَسْتَفِزُّونَكَ يقال استفزه أزعجه اى ليزعجونك. بعداوتهم ومكرهم وينزعونك بسرعة وفسر بعضهم الاستفزاز بالاستزلال بالفارسية [بلغزانيد] مِنَ الْأَرْضِ اى الأرض التي أنت فيها وهى ارض مكة لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ان قلت أليس أخرجوه بشهادة قوله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ وقوله عليه السلام حين خرج من مكة متوجها الى المدينة (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قلت لم يتحقق الإخراج بعد نزول هذه الآية ثم وقع بعده حيث هاجر عليه السلام بإذن الله تعالى وكانوا قد ضيقوه قبل الهجرة ليخرج كما قال الكاشفى [اهل مكه در إخراج آن حضرت عليه الصلاة والسلام مشاورت كردند ورأى ايشان بران قرار گرفت كه در دشمنى بحد افراط نمايند كه آن حضرت بضرورت بيرون بايد رفت اين آيت نازل شد] وَإِذاً اى ولئن أخرجت لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ اى بعد اخراجك إِلَّا قَلِيلًا اى الا زمانا قليلا وقد كان كذلك فانهم اهلكوا ببدر بعد هجرته عليه السلام سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن الله سنة وهى ان يهلك كل امة أخرجت رسولهم من بين أظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم تَحْوِيلًا اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الأنبياء والمرسلين ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص إبريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان

[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 إلى 82]

تصاب فى بدنك خير من ان تصاب فى قلبك ولعدو ترجع به الى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق الى حقيقة التوحيد ويقطع اسباب العلاقات فهو لذة فى صورة الم: قال الحافظ بدرد وصاف ترا حكم نيست دم در كش ... كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست واعلم ان النبي عليه السلام لم يتحرك لا فى ظاهره ولا فى باطنه الا بتحريك الله تعالى فالقاء اهل الفتنة لا يؤثر فى باطنه المنور بفكر ما وميل لكن الله تعالى أشار الى لزوم التحفظ والاحتياط فى جميع الأمور فان للانسان اعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى إلا خيرا وهو زوال الابتلاء وهلاك الأعداء كما قال تعالى وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا وفى الحديث القدسي (من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وآذى واحدا من أوليائي وهم المتقون حقيقة التقوى فقد بارزني بالمحاربة لان الولي ينصر الله فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد برز لمحاربة الله وظهر أَقِمِ الصَّلاةَ ادمها لِدُلُوكِ الشَّمْسِ اى وقت زوالها او غروبها يقال دلكت الشمس دلوكا غربت او اصفرت ومالت او زالت عن كبد السماء كما فى القاموس إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ الى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الاخيرة والغاسق الليل إذا غاب الشفق والمراد اقامة كل صلاة فى وقتها المعين لا إقامتها فيما بين الوقتين على الاستمرار وَقُرْآنَ الْفَجْرِ اى صلاة الفجر بالنصب عطفا على مفعول أقم او على الإغراء اى الزم وسميت قرآنا لانه ركنها كما تسمى ركوعا وسجودا فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده ويحضره ملائكة الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويسعد هؤلاء فهو فى آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار. يعنى [فرشتكان شب او را مشاهده ميكنند ودر آخر ديوان اعمال شب ثبت مى نمايند وملائكه روز او را مى بينند وافتتاح اعمال روز ثبت ميكنند] وفى وقت الصباح ايضا شواهد القدرة من تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه وَمِنَ اللَّيْلِ نصب على الظرفية اى قم بعض الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ اى ازل والق الهجود وهو النوم فان صيغة التفعل تجيئ للازالة نحو تأثم اى جانب الإثم وازاله ويكون التهجد نوما من الاضداد والضمير المجرور للقرآن من حيث هو لا بقيد إضافته الى الفجر او للبعض المفهوم من قوله ومن الليل اى تهجد فى ذلك البعض على ان الباء بمعنى فى نافِلَةً لَكَ النفل فى الأصل بمعنى الزيادة اى فريضة زائدة على الصلوات الخمس المفروضة خاصة بك دون الامة كما روت عائشة رضى الله عنهما (ثلاث على فريضة وهى سنة لكم الوتر والسواك وقيام الليل) او تطوعا لزيادة الدرجات بخلاف تطوع الامة فانه لتكفير الذنوب وتدارك الخلل الواقع فى فرائضهم كما قال قتادة ومجاهد ان الوجوب قد نسخ فى حقه عليه السلام كما نسخ فى حق الامة فصارت الأمور المذكورة نافلة لان الله تعالى قال نافِلَةً لَكَ ولم يقل عليك وانتصاب نافلة على المصدرية بتقدير تنفل عَسى فى اللغة للطمع والطمع والإشفاق من الله كالواجب قال الكاشفى

[شايد والبته چنين بود] أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ من القبر فيقيمك مَقاماً مَحْمُوداً عندك وعند جميع الناس وهو مقام الشفاعة العامة لاهل المحشر يغبطه به الأولون والآخرون لان كل من قصد من الأنبياء للشفاعة يحيد عنها ويحيل على غيره حتى يأتوا محمدا للشفاعة فيقول أنالها ثم يشفع فيشفع فيمن كان من أهلها [صاحب فتوحات آورده كه مقام محمود مقاميست مرجع جميع مقامات ومنظر تمام اسماء الهية وآن خاصه حضرت محمد است وباب شفاعت درين مقام كشاده ميشود اى ذات تو در دو كون مقصود وجود ... نام تو محمد ومقامت محمود والآية رد على المعتزلة المنكرين للشفاعة زعما انها تبليغ غير المستحق للثواب الى درجة المستحقين للثواب وذلك ظلم ولم يعلموا ان المستحق للثواب والعقاب من جعله الله لذلك مستحقا بفضله وعدله ولا واجب لاحد على الله بل هو يتصرف فى عباده على حكم مراده فان قالت المعتزلة رويتم عن النبي عليه السلام (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المستحق للشفاعة انما هو من قتل النفس وزنى وشرب الخمر فان اصحاب الكبائر هؤلاء وهذا إغراء ظاهر لخلق الله على مخالفة أوامره فالجواب انه ليس فيه إغراء وانما فيه ان صاحب الكبائر مع قربه من عذاب الله واستحقاقه عقوبته تستدركه شفاعتى وتنجيه عنايتى وينقذه ارحم الراحمين بحرمتي ومكانتى ففيه مدح الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بما له عند الله تعالى من الدرجة الرفيعة والوسيلة فاذا كان حكم صاحب الكبائر هذا فكيف ظنك بصاحب الصغيرة ودعواهم بان يكون ظلما قلت أليس خلقه الله وخلق له القدرة على ارتكاب الكبائر ومكنه منها ولم يكن ذلك إغراء منه على ارتكاب الكبائر كذلك فى حق الرسول صلى الله عليه وسلم كذا فى الاسئلة المقحمة: وفى المثنوى گفت پيغمبر كه روز رستخيز ... كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «1» من شفيع عاصيان باشم بجان ... تا رهانم شان ز إشكنجه كران عاصيان واهل كبائر را بجهد ... وارهانم از عتاب ونقض عهد صالحان امتم خود فارغند ... از شفاعتهاى من روز كزند بلكه ايشانرا شفاعتها بود ... گفت شان چون حكم نافذ مى رود ثم الآية ترغيب لصلاة التهجد وهى ثمان ركعات قالت عائشة رضى الله عنها ما كان يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ولا فى غيره على احدى عشرة ركعة يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا وقال الشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره فى ترويح القلوب إذا دخل الثلث الأخير من الليل يقوم ويتوضأ ويصلى التهجد ثنتى عشرة ركعة يقرأ فيها بما شاء وأراد من حزبه وكان عليه الصلاة والسلام يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس لا يجلس الا فى آخرهن انتهى وفى الحديث (اشراف أمتي حملة القرآن واصحاب الليل) دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست خروسان در سحر كوينده قم يا ايها الغافل ... تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيارست

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش

[سورة الإسراء (17) : آية 80]

وعن ابن عباس رضى الله عنهما إذا كثر الطعام فحذرونى ... فان القلب يفسده الطعام إذا كثر المنام فنبهونى ... فان العمر ينقصه المنام إذا كثر الكلام فسكتونى ... فان الدين يهدمه الكلام إذا كثر المشيب فحرّ كونى ... فان الشيب يتبعه الحمام وفى الخبر (إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعد وذكر الله انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة اخرى وان صلى ركعتين انحلت العقد كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا أصبح كسلان خبيث النفس) وليل القائم يتنور بنور عبادته كوجهه- يحكى- عن شاب عابد انه قال نمت عن وردى ليلة فرأيت كأنّ محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك وكان بعض الصالحين يقوم الليل كله ويصلى صلاة الصبح بوضوء العشاء كأبى حنيفة رحمه الله ونحوه قال بعضهم لان أرى فى بيتي شيطانا أحب الى من ان ارى وسادة فانها تدعو الى النوم وقال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين بالأسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم الى قلوب الغافلين وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي القبر مُدْخَلَ صِدْقٍ اى ادخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات وَأَخْرِجْنِي منه عند البعث مُخْرَجَ صِدْقٍ اى إخراجا مرضيا ملقى بالكرامة آمنا من السخط يدل على هذا المعنى ذكره اثر البعث. فالمدخل والمخرج مصدران بمعنى الإدخال والإخراج والاضافة الى الصدق لاجل المبالغة نحو حاتم الجود اى ادخالا يستأهل ان يسمى ادخالا ولا يرى فيه ما يكره لانه فى مقابلة مدخل سوء ومخرج سوء وقيل المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة فيكون نزولها حين امر بالهجرة ويدل عليه قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ وقيل إدخاله فى كل ما يلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه ورجح الأكثرون هذا الوجه فالمعنى حيثما أدخلتني وأخرجتني فليكن بالصدق منى ولا تجعلنى ذا وجهين فان ذا الوجهين لا يجوز ان يكون أمينا وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ من خزائن نصرك ورحمتك سُلْطاناً برهانا وقهرا نَصِيراً ينصرنى من اعداء الدين او ملكا وعزا ناصرا للاسلام مظهرا له على الكفر فاجيبت دعوته بقوله والله يعصمك من الناس فان حزب الله هم الغالبون ليظهره على الدين كله ليستخلفنهم فى الأرض ووعده لينزعن ملك فارس والروم فيجعل له وعنه عليه السلام انه استعمل عتاب بن أسيد على اهل مكة وقال (انطلق فقد استعملتك على اهل الله) وكان شديدا على المريب لينا على المؤمن وقال لا والله لا اعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة فى جماعة الا ضربت عنقه فانه لا يتخلف عن الصلاة الا منافق فقال اهل مكة يا رسول الله لقد استعملت على اهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافيا فقال عليه السلام (انى رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب ابن أسيد اتى باب الجنة فاخذ بحلقة الباب فقلقها قلقا شديدا حتى فتح له فدخلها) فاعز الله الإسلام لنصرته المسلمين على

[سورة الإسراء (17) : الآيات 81 إلى 82]

من يريد ظلمهم فذلك السلطان النصير وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ الإسلام والقرآن وَزَهَقَ الْباطِلُ من زهق روحه إذا خرج اى ذهب وهلك الشرك والشيطان ديو بگريزد از ان قوم كه قرآن خوانند امام قشيرى قدس سره [فرموده حق آنست كه براى خداى بود وباطل آنكه بغير او باشد صاحب تأويلات بر آنست كه حق وجود ثابت واجبست عز شانه كه ازلى وابديست وباطل وجود بشرئ إمكاني كه قابل زوال وفناست و چون اشعه لمعات وجود حقانى ظاهر كردد وجود موهوم ممكن در جنب آن متلاشى ومضمحل شود] همه هر چهـ هستند از ان كمترند ... كه با هستيش نام هستى برند چوسلطان عزت علم بر كشد ... جهان سر بجيب عدم در كشد إِنَّ الْباطِلَ كائنا ما كان كانَ زَهُوقاً اى شانه ان يكون مضمحلا غير ثابت عن ابن مسعود رضى الله عنه انه عليه السلام دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل ينكت بمخصرة كانت بيده فى عين واحد واحد ويقول (جاء الحق وزهق الباطل) فينكب لوجهه حتى القى جميعا وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من صفر فقال (يا على ارم به) فصعد فرمى به فكسره وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ لما فى الصدور من أدواء الريب وأسقام الأوهام وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ به فانهم ينتفعون به ومن بيانية قدمت على المبين اعتناء فان كل القرآن فى تقويم دين المؤمنين واستصلاح نفوسهم كالدواء الشافي للمرضى وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً اى لا يزيد القرآن الكافرين المكذبين به الواضعين للاشياء فى غير مواضعها مع كونه فى نفسه شفاء من الأسقام الا هلاكا بكفرهم وتكذيبهم وفيه ايماء الى ان ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم فى أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك وفيه تعجيب من امره حيث يكون مدارا للشفاء والهلاك كبعض المطر يكون درا وسما باستعداد المحل وعدم استعداده: قال الحافظ كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود واعلم ان القرآن شفاء للمرض الجسماني ايضا روى انه مرض للاستاذ ابى القاسم القشيري قدس سره ولد مرضا شديدا بحيث ايس منافشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه فى المنام فشكا اليه فقال الحق تعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها فى اناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفى الولد وآيات الشفاء فى القرآن ست وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ: شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ: وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ قال تاج الدين السبكى رحمه الله فى طبقاته ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها فى الإناء طلبا للعافية وقوله عليه السلام (من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله يشمل الاستشفاء به للمرض الجسماني والروحاني قال الشيخ التميمي رحمه الله فى خواص القرآن إذا كتبت الفاتحة

[سورة الإسراء (17) : الآيات 83 إلى 88]

فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل المريض وجهه عوفى بإذن الله فاذا شرب من هذا الماء من يجد فى قلبه تقلبا او شكا او رجيفا او خفقانا يسكن بإذن الله وزال عنه ألمه وإذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء ورد وشرب ذلك الماء البليد الذي لا يحفظ يشربه سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع فعلى العاقل ان يتمسك بالقرآن ويداوى به مرضه وقد ورد (القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فذنوبكم واما دواؤكم فالاستغفار) فلابد من معرفة المرض اولا فانه مادام لم يعرف نوعه لا تتيسر المعالجة واهل القرآن هم الذين يعرفون ذلك فالسلوك بالوسيلة اولى وَإِذا أَنْعَمْنا [و چون انعام كنيم ما] عَلَى الْإِنْسانِ بالصحة والسعة أَعْرَضَ [روى بگرداند از شكرها] وَنَأى بِجانِبِهِ [وبنفس خود دور شود وكرانه كيرد يعنى تكبر وتعظم نمايد واز طريق حق بر طرف كردد] فهو كناية عن الاستكبار والتعظم لان نأى الجانب وتحويل الوجه من ديدن المستكبرين يقال نأيته وعنه بعدت وكذاناء وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ من فقر او مرض او نازلة من النوازل وفى اسناد المساس الى الشر بعد اسناد الانعام الى ضمير الجلالة إيذان بان الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك كانَ يَؤُساً شديد اليأس من روح الله وفضله وهذا وصف للجنس باعتبار بعض افراده ممن هو على هذه الصفة ولا ينافيه قوله تعالى وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ ونظائره فان ذلك شأن بعض منهم قُلْ كُلٌّ من المؤمنين والكافرين يَعْمَلُ عمله عَلى شاكِلَتِهِ طريقته التي تشاكل حاله فى الهدى والضلالة: يعنى [هر كس آن كند كه از وسزد] هر كسى آن كند كز وشايد من قولهم طريق ذو شواكل وهى الطرق التي تشعب منه قال فى القاموس الشاكلة الشكل والناحية والنية والطريقة والمذهب فَرَبُّكُمْ الذي برأكم على هذه الطبائع المختلفة أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا اسدّ طريقا وأبين منها جا اى يعلم المهتدى والضال فيجازى كلا بعمله وفى الآية اشارة الى ان الأعمال دلائل الأحوال: وفى المثنوى در زمين كر نيشكر ور خود نيست ... ترجمان هر زمين نبت ويست فمن وجد نفسه فى خير وطاعة وشكر فليحمد الله تعالى كثيرا ومن وجدها فى شر وفسق وكفران ويأس فليرجع قبل ان يخرج الأمر من يده- روى- ان ملكا صاحب زينة واسع المملكة كثير الخزينة اتخذ ضيافة وجمع أمراءه واحضر ألوان الاطعمة والاشربة فلما أرادوا التناول إذا طرق رجل حلقة الباب بحيث تزلزل السرير فقال له الغلمان ما هذا الحرص وسوء الأدب ايها الفقير اصبر حتى نأكل ونطعمك فقال مالى حاجة الى طعامكم وانما أريد الملك فقالوا مالك وللملك فطرق ثانيا أشد من الاول فقصدوا اليه بالسلاح فصاح صيحة وقال مكانكم انا ملك الموت جئت اقبض روح ملك دار الفناء فبطلت حواسهم وقواهم عن الحركة فاستمهل الملك فابى فتأسف وقال لعن الله المال فانه غرنى فاليوم خرجت صفر اليد وبقي نفعه للاعداء وحسابه وعذابه علىّ فانطق الله المال فقال لا تلعننى بل العن نفسك فانى كنت مسحرا لك وكنت مختارا فالآن لم تترك الظلم لا عتيادك حتى تسب البريء والمذنب أنت

[سورة الإسراء (17) : آية 85]

ففى هذه الحكاية امور. الاول ان الله تعالى أنعم على هذا الملك بالملك بالملك والمال والجاه والجلال فاعرض عن شكرها ولم يقيدها به: سعدى خردمند طبعان منت شناس ... بدوزند نعمت بميخ سپاس . والثاني انه مسه الموت فكان يؤسا من فضل الله حيث اشتغل باللعن والسب بدل التوبة والتوجه الى الله تعالى والله تعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر: سعدى طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بكوى كه يكلحظه صورت نبندد أمان ... چون پيمانه پر شد بدور زمان . والثالث انه عمل على شاكلته فجوزى الشر إذ لم يكن له استعداد لغيره وَيَسْئَلُونَكَ [آورده اند كه كفار عرب نضر بن حارث وابى بن خلف وعقبة بن ابى معيط را بمدينه فرستادند تا از يهود يثرب استفسار حال حضرت پيغمبر عليه السلام نمايند چون با ايشان ملاقات كرده احوال باز كفتند يهود متعجب شد كفتند اى صناديد عرب ما دانسته ايم كه زمان ظهور پيغمبرى نزديكست واز سخنان شما رائحة احوال آن نبى استشمام ميتوان كرد شما بجهت آزمايش از و پرسيد كه طواف مشرق ومغرب كه كرده واحوال جوانان كه در زمان پيشين كم شدند چكونه است وروح چيست اگر هر سه سؤال را جواب دهد يا هيچ كدام را جواب ندهد بدانيد كه او پيغمبر نيست واگر دو را جواب دهد واز روح هيچ نكويد پيغمبر است ايشان بمكة آمده مجلس ساختند واز ان حضرت سؤال كردند آن دو سؤال را جواب داد ودر قصه روح اين آيت نازل شد] وَيَسْئَلُونَكَ اى اليهود عَنِ الرُّوحِ الذي هو روح البدن الإنساني ومبدأ حياته سألوه عن حقيقته فاجيبوا بقوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي اى من جنس ما استأثر الله بعلمه من الاسرار الخفية التي لا يكاد يحوم حولها عقول البشر فالامر واحد الأمور بمعنى الشأن والاضافة للاختصاص العلمي لا الا يجادى لاشتراك الكل فيه كذا فى الإرشاد وقال البيضاوي من الإبداعيات الكائنة بكن من غير مادة وتولد من اصل كاعضاء جسده انتهى اعلم ان ما تعلق به الإيجاد ودخل تحت الوجود فاما ان يكون حصوله ووجوده لا من مادة ولا فى مدة فهو المبدعات كالمجردات فهى موجودة من كل وجه بالفعل وليس لها حالة منتظرة الوجود وهى مظاهر للاسماء التي بحركة بعضها يتقدر الزمان واما من مادة وفى مدة فهى المسميات بالمحدثات وهى العناصر والمركبات منها واما فى مدة لا من مادة فقيل لا وجود لهذا القسم لان كل ما يتحصل فى مدة لا بد وان يكون من مادة الا على قول من ذهب بحدوث النفس الناطقة عند حدوث البدن وهذه الاقسام الباقية مظاهر الأسماء المتغيرة الاحكام على الوجه الذي اطلع عليه اهل الله ذكره دواود القيصري قدس سره قال حضرت شيخى وسندى روح الله روحه الظاهر فى شرح تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الخلق عالم العين والكون والحدوث روحا وجسما والأمر عالم العلم والا له والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الأمر إذ هو أصله ومبدأه قل الروح من امر ربى انتهى وسيجيئ غير هذا وَما أُوتِيتُمْ ايها المؤمنون والكافرون كما فى تفسير الكواشي مِنَ الْعِلْمِ

إِلَّا قَلِيلًا لا يمكن تعلقه بامثال ذلك اى الا علما قليلا تستفيدونه من طرق الحواس فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما ولعل اكثر الأشياء لا يدركه الحس ولا شيأ من احوال المعرفة لذاته وهو اشارة الى ان الروح مما لم يمكن معرفة ذاته الا بعوارض تميزه عما يلتبس به قال فى بحر العلوم الخطاب فى وَما أُوتِيتُمْ عام ويؤيده ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك قالوا أنحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه فقال (بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم الا قليلا) فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وساعة تقول هذا فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ وما قالوه باطل مردود فان علم الحادث فى جنب علم القديم قليل إذ علم العباد متناه وعلم الله لا نهاية له والمتناهي بالنسبة الى غير المتناهي كقطرة بالاضافة الى بحر عظيم لا غاية له قال بعض الكبار علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المثابة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة فالعلم الذي أوتيه العباد وان كان كثيرا فى نفسه لكنه قليل بالنسبة الى علم الحق تعالى [شيخ ابو مدين مغربى قدس سره فرمود كه اين اندكى كه خداى تعالى داده است از علم نه از ان ماست بلكه عاريتست نزديك ما وبسيارى آن برسيده ايم پس على الدوام جاهلانيم وجاهل را دعوى دانش نرسد] قال المولى الجامى سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما قال فى الكواشي اختلفوا فى الروح وماهيته ولم يأت أحد منهم على دعواه بدليل قطعى غير انه شىء بمفارقته يموت الإنسان وبملازمته له يبقى انتهى يقول الفقير الروح سلطانى وحيوانى والاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى أعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى فى الدم فهو أقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني وهو مبدأ الافعال والحركات فان الحياة امر مغيب مستور فى الحي لا يعلم الا بآثاره كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الإنسان ما صدر من الآثار المختلفة لانه بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال الانسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى باطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن فاذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام (اولياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار) لان الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام وللروح خمسة احوال. حالة العدم قال الله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ الآية. وحالة الوجود فى عالم الأرواح قال الله تعالى (خلقت الأرواح

قبل الأجساد بألفي سنة) . وحالة التعلق قال وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي. وحالة المفارقة قال كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ. وحالة الاعادة قال سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى. اما فائدة حالة العدم فلحصول المعرفة بحدوث نفسه وقدم صانعه. واما فائدة حالة الوجود فى عالم الأرواح فلمعرفة الله بالصفات الذاتية من القادرية والحياتية والعالمية والموجودية والسميعية والبصيرية والمتكلمية والمريدية. واما فائدة تعلقه بالجسد فلا كتساب كمال المعرفة فى عالم الغيب والشهادة من الجزئيات والكليات. واما فائدة نفخ الروح فى البدن فلحصول المعرفة بالصفات الفعلية من الرزاقية والتوابية والغفارية والرحمانية والرحيمية والمنعمية والمحسنية والوهابية. واما فائدة حالة المفارقة فلدفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام ولشرب الذوق فى مقام العندية. واما فائدة حالة الاعادة فلحصول التنعمات الاخروية وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق العوالم الكثيرة ففى بعض الروايات خلق ثلاثمائة وستين الف عالم ولكنه جعلها محصورة فى عالمين اثنين وهما الخلق والأمر كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فعبر عن عالم الدنيا وما يدرك بالحواس الخمس الظاهرة وهى السمع والبصر والشم والذوق واللمس بالخلق وعبر عن عالم الآخرة وهو ما يدرك بالحواس الخمس الباطنة وهى العقل والقلب والسر والروح والخفي بالأمر فعالم الأمر هو الاوليات العظائم التي خلقها الله تعالى للبقاء من الروح والعقل والقلم واللوح والعرش والكرسي والجنة والنار ويسمى عالم الأمر امرا لانه أوجده بامر كن من لا شىء بلا واسطة شىء كقوله خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ولما كان امره قديما فما كوّن بالأمر القديم وان كان حادثا كان باقيا وسمى عالم الخلق خلقا لانه أوجده بالوسائط من شىء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فلما ان الوسائط كانت مخلوقة من شىء مخلوق سماه خلقا خلقه الله للفناء فتبين ان قوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي انما هو لتعريف الروح معناه انه من عالم الأمر والبقاء لامن عالم الخلق والفناء وانه ليس للاستبهام كما ظن جماعة ان الله تعالى أبهم علم الروح على الخلق واستأثره لنفسه حتى قالوا ان النبي عليه السلام لم يكن عالما به جل منصب حبيب الله عن ان يكون جاهلا بالروح مع انه عالم بالله وقد من الله عليه بقوله وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً احسبوا ان علم الروح مما لم يكن يعلمه الم يخبر ان الله علمه ما لم يكن يعلم فاما سكوته عن جواب سؤال الروح وتوقفه انتظارا للوحى حين سألته اليهود فقد كان لغموض يرى فى معنى الجواب ودقة لا تفهمها اليهود لبلادة طباعهم وقساوة قلوبهم وفساد عقائدهم فانه وما يعقلها الا العالمون وهم ارباب السلوك والسائرون الى الله فانهم لما عبروا عن النفس وصفاتها ووصلوا الى حريم القلب عرفوا النفس بنور القلب ولما عبروا بالسر عن القلب وصفاته ووصلوا الى مقام السر عرفوا بعلم السر القلب وإذا عبروا عن السر ووصلوا الى عالم الروح عرفوا بنور الروح السر وإذا عبروا عن عالم الروح ووصلوا الى منزل الخفي عرفوا بشواهد الحق الروح وإذا عبروا عن منزل الخفي ووصلوا الى ساحل بحر الحقيقة عرفوا بانوار صفات مشاهدات الجميل الخفي وإذا فنوا بسطوات تجلى صفات الجلال عن انانية الوجود ووصلوا الى لجة

بحر الحقيقة كوشفوا بهوية الحق تعالى وإذا استغرقوا فى بحر الهوية وابقوا ببقاء الالوهية عرفوا الله بالله فاذا كان هذا حال الولي فكيف حال من يقول علمت ما كان وما سيكون واعلم ان الروح الإنساني وهو أول شىء تعلقت به القدرة جوهرة نورانية ولطيفة ربانية من عالم الأمر وعالم الأمر هو الملكوت الذي خلق من لا شىء وعالم الخلق هو الملك الذي خلق من شىء كقوله تعالى أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما خلق الله من شىء والعالم عالمان يعبر عنهما بالدنيا والآخرة والملك والملكوت والشهادة والغيب والصورة والمعنى والخلق والأمر والظاهر والباطن والأجسام والأرواح ويراد بهما ظاهر الكون وباطنه فثبت بالآية ان الملكوت الذي هو باطن الكون خلق من لا شىء إذ ما عداه من الملك خلق من شىء واما قوله صلى الله عليه وسلم (أول ما خلق الله جوهرة. وأول ما خلق الله روحى. وأول ما خلق الله العقل. وأول ما خلق الله القلم) وقول بعض الكبراء من الائمة ان أول المخلوقات على الإطلاق ملك كروبى يسمى العقل وهو صاحب القلم وتسميته قلما كتسمية صاحب السيف سيفا كما قيل لخالد بن وليد رضى الله عنه سيف الله وهو أول لقب فى الإسلام وقول الله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا وقد جاء فى الخبر (ان الروح ملك يقوم صفا) فلا يبعد ان يكون هذا الملك العظيم الذي هو أول المخلوقات هو الروح النبوي فان المخلوق الاول مسمى واحد وله اسماء مختلفة فبحسب كل صفة فيه سمى باسم آخر ولا ريب ان اصل الكون كان النبي عليه السلام لقوله (لولاك لما خلقت الكون) فهو اولى ان يكون أصلا وما سواه اولى ان يكون تبعا له لانه كان بالروح بذر شجرة الموجودات فلما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة كان بالجسم والروح ثمرة شجرة الموجودات وهى سدرة المنتهى فكما ان الثمرة تخرج من فرع الشجرة كان خروجه الى قاب قوسين او ادنى ولهذا قال (نحن الآخرون السابقون) يعنى الآخرون بالخروج كالثمرة والسابقون بالخلق كالبذر فيلزم من ذلك ان يكون روحه صلى الله عليه وسلم أول شىء تعلقت به القدرة وان يكون هو المسمى بالأسماء المختلفة فباعتبار انه كان درة صدف الموجودات سمى درة وجوهرة كما جاء فى الخبر (أول ما خلق الله جوهرة) وفى رواية (درة فنظر إليها فذابت فخلق منها كذا وكذا) وباعتبار نورانيته سمى نورا وباعتبار وفور عقله سمى عقلا وباعتبار غلبات الصفات الملكية عليه سمى ملكا وباعتبار انه صاحب القلم سمى قلما وكيف يظن به عليه السلام انه لم يكن عارفا بالروح والروح هو نفسه وقد قال (من عرف نفسه فقد عرف ربه) والأرواح كلها خلقت من روح النبي صلى الله عليه وسلم وان روحها اصل الأرواح ولهذا سمى اميا اى انه أم الأرواح فكما كان آدم عليه السلام أبا البشر كان النبي عليه السلام أبا الأرواح وأمها كما كان آدم أبا وحوا أمها وذلك ان الله تعالى لما خلق روح النبي عليه السلام كان الله ولم يكن معه شىء الا روحه وما كان شىء آخر حتى ينسب روحه اليه او يضاف اليه غير الله فلما كان روحه أول باكورة أثمرها الله تعالى بايجاده من شجرة الوجود وأول شىء تعلقت به القدرة شرفه بتشريف إضافته الى نفسه تعالى فسماه روحى كما سمى أول بيت من بيوت

[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 إلى 88]

الله وضع للناس وشرفه بالاضافة الى نفسه فقال له بيتي ثم حين أراد ان يخلق آدم سواه ونفخ فيه من روحه اى من الروح المضاف الى نفسه وهو روح النبي صلى الله عليه وسلم كما قال فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فكان روح آدم من روح النبي عليه السلام بهذا الدليل وكذلك أرواح أولاده لقوله تعالى ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وقال فى عيسى ابن مريم عليه السلام فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا فكانت النفخة لجبريل وروحها من روح النبي عليه السلام المضاف الى الحضرة وهذا أحد اسرار قوله (آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة) ثم قوله تعالى وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا راجع الى اليهود الذين سألوا النبي عليه السلام عن الروح يعنى انكم سألتمونى وقد أجبتكم انه من امر ربى ولكنكم ما تفقهون كلامى لانى أخبركم عن عالم الآخرة وعن الغيب وأنتم اهل الدنيا والحس وعلمها قليل بالنسبة الى الآخرة وعلمها فانكم عن علمها غافلون كقوله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ انتهى ما فى التأويلات باختصار وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اللام الاولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد جوابى القسم والشرط والمعنى والله ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور فلم نترك منه اثر او بقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب وهذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما ليس بمحال ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ بالقرآن اى بعد ذهابه كما قال الكاشفى [پس نيابى تو براى خود بآن يعنى نيابى بعد از بردن آن] عَلَيْنا وَكِيلًا [وكيلى كه آنرا استرداد بر ما كند وبسينها ومصحفها باز آرد] وعلينا متعلق بوكيلا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الا ان يرحمك ربك فيرد عليك كأن رحمته تتوكل عليك بالرد فالاستثناء متصل وقال الكاشفى [ليكن رحمتست از پروردگار تو كه آنرا باقى ميكذارد ومحو نمى كند] فالاستثناء منقطع وفى الكواشي إلا رحمة مفعول له اى حفظناه عليك للرحمة ثم قال وهذا خطاب له عليه السلام والمراد غيره إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً با رسالك وإنزال الكتاب عليك وابقائه فى حفظك قال الكاشفى [بدرستى كه فضل اوست بر تو بزرك كه تراسيد ولد آدم ساخته وختم پيغمبران كردانيد ولواء حمد ومقام محمود بتو داد وقرآن بتو فرستاده در ميان امت تو باقى ميكذارد ومحو نمى سازد] قُلْ للذين لا يعرفون جلالة قدر التنزيل بل يزعمون انه من كلام البشر لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ اى اتفقوا عَلى أَنْ يَأْتُوا [بيارند] بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ فى البلاغة وكمال المعنى وحسن النظم والاخبار عن الغيب وفهم العرب العرباء وارباب البيان واهل التحقيق وتخصيص الثقلين بالذكر لان التحدي معهما لا مع الملائكة إذ المنكر لكونه من عند الله منهما لا من غيرهما والا فلا يقدر على إتيان مثله الا الله تعالى وحده وفى عين الحياة لفظ الجن يتناول الملائكة وكل من لم يدركه حس البصر لانهم مستورون عن البصر يقال جن بترسه إذا ستربه ولذا قيل للترس المجن وفى بحر العلوم ذكر الانس والجن دون الملائكة اشارة الى ان من شأن الثقلين

[سورة الإسراء (17) : الآيات 89 إلى 93]

ان يجتمعوا على المحال بخلاف الملائكة إذ ليس من شأنهم ذلك لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ بكلام مماثل له فى صفاته البديعة وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان جوابا له بغير جزم لكون الشرط ماضيا قال فى التأويلات النجمية وانما قال لا يأتون بمثله لانه ليس لكلام الله تعالى مثل إذ كلامه صفته وكما انه ليس لذاته مثل فكذلك ليس لصفاته مثل لانها قديمة قائمة بذاته تبارك وتعالى وصفات المخلوقات مخلوقة قابلة للتغيير والفناء وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً مظاهرا ومعاونا فى الإتيان بمثله اى لم يكن بعضهم ظهيرا لبعض ولو كان إلخ وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى بالله قد رددنا وكررنا بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ المنعوت بالنعوت الفاضلة مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل معنى بديع هو كالمثل فى الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً جحودا وإنكارا للحق وانما جاز الاستثناء من الموجب مع انه لا يصح ضربت الا زيدا لانه متأول بالنفي مثل لم يرد ولم يرض وما قبل وما اختار وفى الآية فوائد منها ان القرآن العظيم أجل النعم وأعظمها فوجب على كل عالم وحافظ ان يقوم بشكره ويحافظ على أداء حقوقه قبل ان يخرج الأمر من يده وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان أول ما تفقدون من دينكم الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما وما فيكم منه شىء فقال رجل كيف ذلك وقد أثبتناه فى قلوبنا وأثبتناه فى مصاحفنا نعلم أبناءنا ويعلم أبناؤنا أبناءهم فقال يسرى عليه ليلا فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما فى القلوب وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوى حول العرش كدوى النحل فيقول الرب تعالى مالك فيقول يا رب اتلى ولا يعمل بي اتلى ولا يعمل بي وفى الحديث (ثلاثة هم الغرباء فى الدنيا القرآن فى جوف الظالم والرجل الصالح فى قوم سوء والمصحف فى بيت لا يقرأ منه: قال الشيخ سعدى علم چندانكه بيشتر خوانى ... چون عمل نيست نادانى «1» نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتاب چند آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه برو هيزمست ويا دفتر وقال عالم اندر ميان جاهل را ... مثلى كفته اند صديقان شاهدى در ميان كورانست ... مصحفى در ميان زنديقان ومنها انه ليس فى استعداد الإنسان ولا فى مخلوق غيره ان يأتى بكلام جامع مثل كلام الله تعالى له عبارة فى غاية الجزالة والفصاحة واشارة فى غاية الدقة والحذاقة ولطائف فى غاية اللطف والنظافة وحقائق فى غاية الحقية والنزاهة قال جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنهما عبارة القرآن للعوام والاشارة للخواص واللطائف للاولياء والحقائق للانبياء: وفى المثنوى خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى ... بهر محجوبان مثال معنوى

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان ذكر بد انديشيدن ناصر فهمان وطاعنان

[سورة الإسراء (17) : آية 90]

كه ز قرآن كر نه بيند غير قال ... اين عجب نبود ز اصحاب ضلال كز شعاع آفتاب پر ز نور ... غير كرمى مى نيابد چشم كور تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين «1» ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست اعلم ان القرآن غير مخلوق لانه صفة الله تعالى وصفاته بأسرها ازلية غير مخلوقة قال ابو حنيفة رحمه الله فمن قال انها مخلوقة او وقف فيها او شك فيها فهو كافر بالله وما ذكر من الوجوه الدالة على حدوث اللفظ فهو غير المتنازع فيه عند الاشعرية والمنصورية ايضا كمن قال بان كلامه تعالى حرف وصوت يقومان بذاته ومع ذلك قديم واعجب من هذا قولهم الجلد والعلاقة قديمان ايضا وفى الفتوحات المكية قدس الله سر مصدرها ان المفهوم من كون القرآن حروفا أمران الأمر الواحد يسمى قولا وكلاما ولفظا والأمر الآخر يسمى كتابة ورقما وخطا والقرآن يخط فله حروف الرقم وينطق به فله حروف اللفظ فهل يرجع كونه حروفا منطوقا بها لكلام الله الذي هو صفته او للمترجم عنه فاعلم انه قد أخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم انه سبحانه يتجلى فى يوم القيامة بصور مختلفة فيعرف وينكر فمن كان حقيقته تقبل التجلي لا يبعد ان يكون الكلام بالحروف المتلفظ بها المسماة كلاما لبعض تلك الصور كما يليق بجلاله وكما تقول تجلى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك تقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وقال رضى الله عنه بعد كلام طويل فاذا تحققت ما قررناه يثبت ان كلام الله هو هذا المتلو المسموع المتلفظ به المسمى قرآنا وتوراة وزبورا وانجيلا انتهى قال بعضهم كلام الله عين المتكلم فى رتبة ومعنى قائم به فى اخرى كالكلام النفسي وانه مركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس يحسبهما ومنها ان اكثر الناس لا يعرفون قدر النعم الالهية ولا يتنبهون للتنبيهات الربانية فواحد من الالف للجنة وبعث الباقي الى النار وهم الجهلاء الذين اعرضوا عن الحق وتعلمه: وفى المثنوى پند كفتن با جهول خوابناك ... تخم افكندن بود در شوره خاك «2» چاك حمق وجهل نپذيرد رفو ... تخم حكمت كم دهش اى پند كو وَقالُوا قال الامام الواحدي فى اسباب النزول روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان عتبة وشيبة وأبا سفيان والنضر بن الحارث وأبا البختري والوليد بن المغيرة وأبا جهل وعبد الله بن ابى امية وامية بن خلف ورؤساء قريش اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا اليه ان اشرف قومك اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم سريعا وهو يظن انه بدا لهم فى امره بداء وكان عليهم حريصا يخب رشدهم ويعز عليه عتبهم حتى جلس إليهم فقالوا يا محمد انا والله لا نعلم رجلا من العرب ادخل على قومه ما ادخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الالهة وفرقت الجماعة وما بقي امر قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا تطلب به ما لا جعلنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالا وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الرّى الذي

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا الحديث (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه آن مرغ كه وصيت كرد كه بر گذشته إلخ

[سورة الإسراء (17) : الآيات 91 إلى 92]

يأتيك قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرّى بذلنا أموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه او نعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وانزل على كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه على اصبر لامر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم) قالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا فقد علمت انه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا اقل مالا ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك فليسر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا او يبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كانهار الشام والعراق وليبعث لنا ما مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فان صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وانه بعثك رسولا كما تقول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه اصبر لامر الله) قالوا فان لم تفعل هذا فسل ربك ان يبعث ملكا يصدقك وسله ان يجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما سواك فانك تقوم فى الأسواق وتلتمس المعاش فقال عليه السلام (ما انا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا) قالوا سله ان يسقط علينا السماء كما زعمت ان ربك ان شاء فعل فقال عليه السلام (ذلك الى الله تعالى ان شاء فعل) وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا وقام عبد الله بن ابى امية بن المغيرة المخزومي وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي عليه السلام ثم اسلم بعد وحسن إسلامه فقال لا او من بك ابدا حتى تتخذ الى السماء سلما وترقى فيه وانا انظر حتى تأتينا وتأتى بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك انك كما تقول فانصرف رسول الله عليه السلام الى اهله حزينا لما فاته من متابعة قومه لما رأى من مباعدتهم عنه فانزل الله تعالى وَقالُوا اى مشركوا مكة ورؤساؤهم لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نعترف لك يا محمد بنبوتك ورسالتك حَتَّى تَفْجُرَ لَنا [تا وقتى كه روان سازى براى ماء] مِنَ الْأَرْضِ ارض مكة يَنْبُوعاً [چشمه پر آب كه هركز كم نكردد] فالينبوع العين الكثيرة الماء ينبع ماؤها ولا يغور ولا ينقطع أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ بستان يستر أشجاره ما تحتها من العرصة مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ [از درختان خرما وانگور يعنى مشتمل بر ان درختان] وهما اسم جمع لنخلة وعنبة فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ اى تجريها بقوة خِلالَها [در ميان آن بستانها] قال فى القاموس خلال الدار ما حوالى جدورها وما بين بيوتها وخلال السحاب مخارج الماء تَفْجِيراً كثيرا والمراد اما اجراء الأنهار خلالها عند سقيها او ادامة إجرائها كما ينبئ عنه الفاء لا ابتداؤه أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً جمع كسفة كقطع وقطعة لفظا ومعنى حال من السماء والكاف فى كما فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف اى اسقاطا مماثلا لما زعمت يعنون بذلك قوله تعالى أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أَوْ تَأْتِيَ [يا بيارى]

[سورة الإسراء (17) : آية 93]

بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا مقابلا كالعشير والمعاشر كما قال الكاشفى [در مقابله يعنى عيان نمايى انتهى] او كفيلا يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها اى والملائكة قبيلا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ من ذهب وأصله الزينة قال الكاشفى [خانه از زركه در آنجا بنشينى واز درويشى با زرهى] أَوْ تَرْقى تصعد فِي السَّماءِ فى معارجها فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة كرضى رقيا اى صعد وعلا صعودا وعلوا وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ اى لاجل رقيك فيها وحده اى صعودك فاللام للتعليل او لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة حَتَّى تُنَزِّلَ منها عَلَيْنا كِتاباً فيه تصديقك نَقْرَؤُهُ نحن من غير ان يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الاقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات قُلْ تعجبا من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيها لساحة السبحان سُبْحانَ رَبِّي [پاكست پروردگار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك او شود در قدرت] هَلْ كُنْتُ [آيا هستم من] إِلَّا بَشَراً لا ملكا حتى يتصور منى الترقي فى السماء ونحوه رَسُولًا مأمورا من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير ان يكون لى خيرة فى الأمر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم الا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلاثم حال قومهم ولم تكن الآيات إليهم ولا لهم ان يتحكموا على الله بشئ منها وقوله بشرا خبر كنت ورسولا صفته وفيه اشارة الى انهم ارباب الحس الحيواني يطلبون الاعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة واعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الأرواح وتفجير ينابيع الحكمة من ارض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات وأعناب المكاشفات فى جنات المواصلات فعلى السالك الصادق ان يطلب الوصول الى عالم المعنى فانه هو المطلب الا على وان يصل اليه الا بقدمي العلم والعمل والرجوع الى حالة التراب بالتواضع قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال عيسى كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الأرض يشير الى التواضع ورفع الكبر والى هذا الاشارة بقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام انما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة ابدا فان واحدا لا يصير سلطانا ورعية معا والى هذا يشير المولى الجامى بقوله با لباس فقر بايد خلعت شاهى درست ... زشت باشد جامه نيمى اطلس ونيمى پلاس فانظر فى هذه الآيات الى سوء ادب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم والى كمال الأدب المحمدي والفناء الأحمدي وترك الاعتراض- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك فقد كسرت اناءك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعنى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء فالطالب لا يصل الى مقصوده الا بعد إفناء وجوده خمير مايه هر نيك وبد تويى جامى ... خلاص از همه مى بايدت ز خود بگريز

[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 إلى 99]

فالعاقل يسعى فى إفناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب عن الأدناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس وقال الامام الغزالي رحمه الله لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وأنسه بذكر الله تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون الا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة لا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات وَما مَنَعَ النَّاسَ اى قريشا من أَنْ يُؤْمِنُوا بالقرآن وبالنبوة إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وقت مجيئ الوحى ظرف لمنع او يؤمنوا إِلَّا أَنْ قالُوا الا قولهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً حال من رَسُولًا منكرين ان يكون رسول الله من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول قُلْ جوابا لشبهتهم لَوْ كانَ لو وجد واستقر فِي الْأَرْضِ بدل البشر مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ على أقدامهم كما يمشى الناس ولا يطيرون بأجنحتهم الى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فيها قارين لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً حال من رَسُولًا ليبين لهم ما يحتاجون اليه من امور الدنيا والدين لان الجنس الى الجنس يميل ولما كان سكان الأرض بشرا وجب ان يكون رسولهم بشرا ليمكن الافادة والاستفادة وهم جهلوا ان التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر او بشر فرمود وخود را مثلكم ... تا بجنس آيند وكم كردند وكم ز انكه جنسيت عجائب جاذبيست ... جاذب جنسست هر جا طالبيست قُلْ كَفى بِاللَّهِ وحده شَهِيداً على انى بلغت ما أرسلت به إليكم وانكم كذبتم وعاندتم بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ من الرسل والمرسل إليهم خَبِيراً بَصِيراً محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وفيه تسلية له عليه السلام وتهديد للكافرين وفى الآية اشارة الى ان الجهلاء يستبعدون إرسال الإنسان الكامل من أبناء جنسهم ويحسبون ان الملائكة أعلى درجة منه مع ما جعله الله مسجودا للملائكة وأودع فيه من سر الخلافة ولو كان الملك مستأهلا للخلافة فى الأرض لكان الله نزل رسولا من الملائكة وهو شاهد بانه مستعد للرسالة والخلافة والملك وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ ابتداء كلام ليس بداخل تحت الأمر اى يخلق فيه الاهتداء الى الحق قال الكاشفى [وهر كراراه نمايد خداى تعالى يعنى حكم كند بهدايت او وتوفيق] فَهُوَ الْمُهْتَدِ لا غير وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلال بسوء اختياره قال الكاشفى [وهر كرا كمراه سازد يعنى حكم فرمايد بضلالت او وفرو كذارد او را] فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أشار بالتوحيد فى جانب الهداية الى وحدة طريق الحق وقلة سالكيه وبالجمع فى جانب الضلال الى تعدد سبل الباطل وكثرة اهله أَوْلِياءَ كائنين مِنْ دُونِهِ تعالى فهو فى موقع الصفة ويجوز ان يكون حالا كما فى بحر العلوم اى أنصارا يهدونهم الى طريق الحق ويدفعون عنهم الضلالة وفى الحديث (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء) : قال الحافظ

مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ كائنين عَلى وُجُوهِهِمْ سحبا او مشيا فان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على ان يمشيهم على وجوهم عُمْياً حال من ضمير وجوههم وهو جمع أعمى وَبُكْماً جمع ابكم وهو الأخرس وَصُمًّا جمع أصم من الصمم محركة وهو انسداد الاذن وثقل السمع ان قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقوله وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ وقوله دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً قلت قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا يرون ما يسرّهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ولا يستمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعون وقال مقاتل هذا إذا قيل لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم صما بكما عميا نعوذ بالله من سخطه وفى التأويلات النجمية وَنَحْشُرُهُمْ إلخ لانهم كانوا يعيشون فى الدنيا مكبين عَلى وُجُوهِهِمْ فى طلب السفليات فى الدنيا وزخارفها وشهواتها عُمْياً عن رؤية الحق وَبُكْماً من قول الحق وَصُمًّا عن استماع الحق وذلك لعدم إصابة النور المرشوش على الأرواح وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى الآية وقال صلى الله عليه وسلم (يموت الإنسان على ما عاش ويحشر على ما مات عليه) مَأْواهُمْ منزلهم ومسكنهم والمأوى كل مكان يأوى اليه شىء ليلا كان او نهارا جَهَنَّمُ خبر مأواهم والجملة استئناف كُلَّما خَبَتْ يقال خبت النار والحرب والحدة خبوا وخبوّا سكنت وطفئت كما فى القاموس زِدْناهُمْ سَعِيراً [بيفزاييم براى ايشان آتش سوزان يا برافروزيم آتش را] اى كلما سكن لهبها بان أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار زدناهم توقدا بان بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومسعرة فان قلت قوله تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها يدل على ان النار لا تتجاوز فى تعذيبهم عن حد الإنضاج الى حد الإحراق والافناء قلت النضج مجاز عن مطلق تأثير النار ثم ما ذكر من التجديد بعد الافناء عقوبة لهم على انكارهم الاعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد اخرى ليروها بعد اخرى فيروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله ذلِكَ مبتدأ خبر قوله جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ بسبب انهم كَفَرُوا بِآياتِنا العقلية والنقلية الدالة على صحة الاعادة دلالة واضحة وفى التأويلات كانوا فى جهنم الحرص والشهوات كلما سكنت نار شهوة باستيفاء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة اخرى ولو كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما أكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها وما اعرضوا عن الآيات البينات التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام: وفى المثنوى كوزه چشم حريصان پر نشد ... تا صدف قانع نشد پر در نشد وَقالُوا منكرين أشد الإنكار أَإِذا كُنَّا عِظاماً [آيا آن وقت كه كرديم استخوان] وَرُفاتاً الرفات الحطام وهو الفتات المكسر وقال مجاهد رفاتا اى ترابا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً اما مصدر مؤكد من غير لفظه اى لمبعوثون بعثا جديدا واما حال اى مخلوقين مستأنفين وقد سبق تفسير هذه الآية فى هذه السورة أَوَلَمْ يَرَوْا اى ألم يتفكروا ولم يعلموا

[سورة الإسراء (17) : الآيات 100 إلى 105]

أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ من غير مادة مع عظمهم قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ فى الصغر على ان المثل مقحم والمراد بالخلق الاعادة قال الكاشفى [مثل تعبير از نفس شىء كنند چنانكه مثلك لا يفعل كذا اى أنت] وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ عطف على أو لم يروا فانه فى قوة قد رأوا والمعنى قد علموا ان من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الانس وجعل لهم ولبعثهم أجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة قال الكاشفى [بدرستى كه خداى تعالى مقرر كرده است براى فناى ايشان مدتى كه هيچ شك نيست در ان وآن زمان مركست يا بجهت اعاده ايشان اجلى نهاده كه قيامتست] فَأَبَى الظَّالِمُونَ فامتنعوا من الانقياد للحق ولم يرضوا إِلَّا كُفُوراً جحودا به قُلْ [بگو كافرانرا] لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي خزائن رزقه التي أفاضها على كافة الموجودات وأنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور لا مبتدأ لانها لا تدخل الا على الفعل والأصل لو تملكون أنتم تملكون إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ لبخلتم من قولك للبخيل ممسك فلا يقدر له مفعول خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ مخافة عاقبته وهو النفاد وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً يقال قتر ضيق. والمعنى كان ضيقا مبالغا فى البخل لان مبنى امره على الحاجة والضنة بما يحتاج اليه وملاحظة العوض فيما يبذل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحى من الأنصار (من سيدكم يا بنى سلمة) قالوا الجد بن قيس على بخل فيه فقال عليه السلام (واى داء أدوى من البخل بل سيدكم عمر بن الجموح) فالبخل والحرص من الصفات المذمومة فلابد من تطهير النفس عنهما وتحليتها بالسخاء والقناعة وترك طول الأمل فان الشيطان يستعبد البخيل ولو كان مطيعا وينأى عن السخي ولو كان فاسقا وجنس الإنسان وان كان قتورا مخلوقا على القبض واليبوسة كالتراب الا ان من افراده خواص متخلقين بصفات الله تعالى ومتحققين باسرار ذاته قال حسان بن ثابت رضى الله عنه فى مدح النبي صلى الله عليه وسلم له راحة لو ان معشار جودها ... على البر كان البر اندى من البحر الراحة الكف والمعشار بمعنى العشر- روى- ان زين العابدين رضى الله عنه لقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال ماستر من أمرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وهى كساء اسود معلم وامر بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسل ولا يتوهم مغرور انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الأموال انما كانوا اهل سخاء ومروءة كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل وهم ينفقون المال فى أول الغنى ... ويستأنفون الصبر فى آخر الفقر إذا نزل الحي الغريب تقارعوا ... عليه فلم تدر المقل من المثرى : قال الشيخ سعدى قدس سره اگر كنج قارون بچنك آورى ... نماند مكر آنكه بخشى برى بخيل توانكر بدينار وسيم ... طلسمست بالاى كنجى مقيم

[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 إلى 103]

از ان سالها مى بماند زرش ... كه لرزد طلسمى چنين بر سرش بسنك أجل ناكهان بشكنند ... بآسودگى كنج قسمت كنند وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ معجزات بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على نبوته وصحة ما جاء به من عند الله وهى العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والسنون ونقص الثمرات فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى فقلنا له إِذْ جاءَهُمْ سلهم يا موسى من فرعون وقل له أرسل معى بنى إسرائيل اى أولاد يعقوب وقال الكاشفى [پس بپرس اى محمد ز بنى إسرائيل يعنى از علماى ايشان همين آيات را تا صدق قول تو بر مشركان ظاهر كردد] اى ليظهر صدقك حين اختبروك عندهم على وفق ما أخبرتهم إذ جاءهم [چون آمد موسى بر ايشان كه چهـ كذشت ميان وى وفرعون] وفى التأويلات النجمية إذ جاءهم موسى بهذه الآيات هل رأوها واستدلوا بها وآمنوا كاهل الحق ممن جعلهم الله ائمة يهدون بامره وكانوا بآياته يوقنون فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ قال فى الإرشاد الفاء فصيحة اى فاظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً سحرت فتخبط عقلك ولذا تتكلم بمثل هذه الكلمات الغير المعقولة وهذا يشبه قوله إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ويجوز ان يكون المسحور للنسبة بمعنى ذى السحر كما قال فى التأويلات النجمية لما كان فرعون من اهل الظن لا من اهل اليقين رآه بنظر الظن الكاذب ساحرا ورأى الآيات سحرا قالَ موسى لَقَدْ عَلِمْتَ [بدرستى كه تو دانسته اى فرعون بدل خود اگر چهـ بزبان تلفظ نكنى] وفى التأويلات النجمية لو نظرت بنظر العقل لعلمت انه ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ يعنى الآيات التي أظهرها إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومدبرهما بَصائِرَ حال من الآيات اى بينات مكشوفات تبصرك صدقى ولكنك تعاند وتكابر. وبالفارسية [آيتهاى روشن كه هر يك دليلست بر نبوت من] وفى التأويلات النجمية اى ترى بنور البصيرة والعقل انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم ليس جالبا للسعادة الا من حيث طرده الجهل فلا تحجب بعلمك فان فرعون علم نبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه وحرموا التوفيق للايمان فاشقاهم زمانا ذلك الاستيقان قال تعالى وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا قال الكمال الخجندي در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست وقال الحافظ نه من زبى عملى در جهان ملولم وبس ... ملالت علما هم ز علم بي عملست وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً مصروفا عن الخير مطبوعا على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا اى ما صرفك او هالكا فان الثبور الهلاك وفى التأويلات النجمية اى بلا بصيرة وعقل والظن ظنان ظن كاذب وظن صادق وكان ظن فرعون كاذبا وظن موسى صادقا فَأَرادَ اى فرعون من نتائج ظنه الكاذب أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ الاستفزاز الإزعاج. والمعنى بالفارسية

[سورة الإسراء (17) : الآيات 104 إلى 105]

[بر انگيزد ودور كند موسى وقوم او] مِنَ الْأَرْضِ اى ارض مصر او من وجه الأرض بالقتل والاستئصال فَأَغْرَقْناهُ اى فرعون وَمَنْ مَعَهُ من القبط جَمِيعاً ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق قال فى الإرشاد فعكسنا عليه مكره واستفززناه وقومه بالاغراق وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد إغراق فرعون لِبَنِي إِسْرائِيلَ أولاد يعقوب اسْكُنُوا الْأَرْضَ التي أراد ان يستفزكم منها وهى ارض مصر ان صح انهم دخلوها بعده او الأرض مطلقا فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعنى قيامة الساعة جِئْنا بِكُمْ [بياريم شما وايشانرا بحشر كاه] لَفِيفاً [جماعتى آميخته با هم پس حكم كنيم ميان شما] تمييز سعداء وأشقياء واللفيف الجماعات من قبائل شتى قد لف بعضها ببعض قال فى القاموس جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً مجتمعين مختلطين من كل قبيلة انتهى وفى التأويلات النجمية اى يلتف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجون بهم من العذاب فيخاطبون بقوله تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ولا ينفعهم التلفف بل يقال لهم فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ انتهى يقول الفقير وذلك لان التلفف الصوري والارتباط الظاهري لا ينفع الكفار والمنافقين إذ لم يجمع بينهم وبين المؤمنين الاعتقاد الخالص والعمل الصالح فكانوا كمن انكسرت سفينتهم فتعلق من لا يحسن السباحة بالسباح فتعلقه هذا لا ينفعه إذ البحر عميق والساحل بعيد فكم من سباح لا ينجو فكيف غيره: سعدى در آبى كه پيدا نباشد كنار ... غرور شناور نيايد بكار وفى الحديث (من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه) يعنى من آخره فى الآخرة عمله السيئ او تفريطه فى العمل الصالح لم ينفعه شرف النسب من جهة الدنيا ولم ينجبر به نقيصته فان نسبه ينقطع هناك ألا ترى ان الغصن اليابس يقطع من الشجرة ليبوسته ورطوبة الباقي وغضارته إذ لا مناسبة بينه وبين الاغصان الغضة الطرية فهو وان كان غصن تلك الشجرة متعلقا بها منسوبا إليها لكنه ليبوسته حرى بالقطع وانما النسب المفيد هو نسبة التقوى ولذا قال عليه السلام (كل تقى نقى آلى) وكل من لم يكن متصفا بالتقوى والنقاوة فليس من آله كابى لهب ونحوه وليس له طريق ينتهى الى الله تعالى فيا حسرة قوم ظنوا الوصول مع تضييع الأصول وبذل النقد فى الفضول وعرضت على بعض الا كابر عطية من الله تعالى بلا واسطة فقال لا اقبلها الا على يد محمد صلى الله عليه وسلم يعنى على الصراط السوي فجاءته من تم فقد ضوعفت فهذا شاهد بان صحة الاتصال بالله انما هى بصحة الاتصال بواسطة وهو الرسول الله- صلى الله عليه وسلم وان الرسول وشريعته محك فتضرب المواهب والعطايا عليه فان جاءت موافقة لما امره قبلت والا ردت إذ يحتمل ان يكون ذلك من قبل الشيطان والنفس جاء ملبوسا يلباس الحق مزخرفا فلابد من التمييز وهو من أصعب الأمور فعليك ايها الأخ فى الله بالثبات والوقار ولا يستفزك العدو حتى لا تقع فى ورطة البور: قال الحافظ در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن والله المنجى والموفق وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ اى وما أنزلنا القرآن الا ملتبسا بالحق

[سورة الإسراء (17) : الآيات 106 إلى 111]

المقتضى لا نزاله وما نزل الا ملتبسا بالحق الذي اشتمل عليه فالمراد بالحق فى كل من الموضعين معنى يغاير الآخر فلا يرد ان الثاني تأكيد للاول قال الكاشفى [در تبيان آمده كه با بمعنى على است ومراد از حق محمد صلى الله عليه وسلم يعنى وعلى محمد نزل. در مدارك آورده احمد ابن ابى كجوارى كفت محمد بن سماك بيمار شد قاروره او بطبيب ترسا مى برديم مردى نيكو روى وخوشبوى وجامه پاكيزه پوشيده بما رسيد وصورت حال پرسيد بوى كفتيم فرمود كه سبحان الله در مهم دوست خداى تعالى از دشمن خداى استعانت مى كنيد باز كرديد وباين سماك بگوييد كه دست خود بر موضع وجع إ وبكوى وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ واز چشم ما غائب شد باز كشتيم وقصه بعرض شيخ رسانيديم دست بر ان موضع نهاد واين كلمات بكفت فى الحال شفا يافت وكفته اند آن كس خضر عليه السلام بود اثر حكمت اين كار طبيبان الهيست] وفى التأويلات النجمية إنزال القرآن كان بالحق لا بالباطل وذلك لانه تعالى لما خلق الأرواح المقدسة فى احسن تقويم ثم بالنفخة رده الى أسفل سافلين وهو القالب الإنساني احتاجت الأرواح فى الرجوع الى أعلى عليين قرب الحق وجواره الى حبل تعتصم به فى الرجوع فانزل الله القرآن وهو حبله المتين وقال وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وبالحق نزل ليضل به اهل الشقاوة وبالرد والجحود والامتناع عن الاعتصام به ويبقى فى الأسفل حكمة بالغة منه ويهدى به اهل السعادة بالقبول والايمان والاعتصام به والتخلق بخلقه الى ان يصل به الى كمال قربه فيعتصم به كما قال وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً للمطيع بالثواب وَنَذِيراً للعاصى من العقاب فلا عليك الا التبشير والانذار وفى التأويلات النجمية مُبَشِّراً لاهل السعادة بسعادة الوصول والعرفان عند التمسك بالقرآن وَنَذِيراً لاهل الشقاوة بشقاوة البعد والحرمان والخلود فى النيران عند الانفصام عن حبل القرآن وترك الاعتصام به [سلمى قدس سره فرموده كه مژده دهنده آنرا كه از ما روى بگرداند وبيم كننده آنرا كه روى بما آورد يعنى بد كارانرا بشارت دهد بست رحمت وكمال عفوما تا روى بدرگاه ما آرند حافظا رحمت او بهر كنهكارانست ... نااميدى مكن اى دوست كه فاسق باشى نيكانرا إنذار كند از اثر هيبت وجلال تا بر اعمال خود اعتماد ننمايند زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه ... زنده از ره نياز بدار السلام رفت وَقُرْآناً منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى فَرَقْناهُ نزلناه مفرقا. وبالفارسية [و پراكنده فرستاديم قرآنرا يعنى آيت آيت وسوره سوره] لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ اى مهل وتأن فانه أيسر للحفظ وأعون على الفهم وَنَزَّلْناهُ فى ثلاث وعشرين سنة تَنْزِيلًا على قانون الحكمة وحسب الحوادث وجوابات السائلين قُلْ للذين كفروا آمِنُوا بِهِ اى بالقرآن أَوْ لا تُؤْمِنُوا فان ايمانكم به لا يزيده كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا حاجت مشاطه نيست روى دلارام را والأمر للتهديد كما فى تفسير الكاشفى إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ اى العلماء الذين

[سورة الإسراء (17) : الآيات 108 إلى 109]

قرأوا الكتب السالفة من قبل تنزيله وعرفوا حقيقة الوحى وامارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل نحو عبد الله بن سلام واتباعه من اليهود والنجاشي وأصحابه من النصارى إِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ [بيفتند بر زنخهاى خود] اى يسقطون على وجوههم فاللام بمعنى على والأذقان الوجوه على سبيل التعبير عن الكل بالجزء مجازا سُجَّداً اى حال كونهم ساجدين تعظيما لامر الله وهو تعليل لما يفهم من قوله آمنوا به اولا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك اى ان لم تؤمنوا فقد آمن به احسن ايمان من هو خير منكم قال البيضاوي ذكر الذقن لانه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به قال سعدى المفتى فى حواشيه فيه بحث فانه ظاهران أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد جبهته وانفه الا ان يقال ان طريق سجدتهم غير ما عرفناه انتهى يقول الفقير معنى اللقاء هنا كون الذقن اقرب شىء الى الأرض من الانف والجبهة حال السجدة إذا لا قرب الى الأرض بالنسبة الى حال الخرور الركبة ثم اليدان ثم الرأس واقرب اجزاء الرأس الذقن والأقرب. الى السماء بالاضافة الى حال الرفع الرأس واقرب اجزاء الرأس الجبهة فافهم وَيَقُولُونَ فى سجودهم سُبْحانَ رَبِّنا [پاكست پروردگار ما] عما يفعل الكفرة من التكذيب او عن خلفه وعده الذي فى الكتب السالفة ببعث محمد وإنزال القرآن عليه إِنْ اى ان الشأن كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا كائنا لا محالة واقعا البتة لان الخلف نقص وهو محال على الله تعالى يقول الفقير الظاهر ان المراد بالوعد وعد الآخرة كما يدل عليه سياق الآية من قصة موسى وفرعون وما قبلها من قصة قريش فى انكار البعث والله اعلم وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ اى حال كونهم باكين من خشية الله تعالى كرر الخرور للاذقان لاختلاف السبب فان الاول لتعظيم امر الله والثاني لما اثر فيهم من مواعظ القرآن وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (تضرعوا وابكوا فان السموات والأرض والشمس القمر والنجوم يبكون من خشية الله) وَيَزِيدُهُمْ اى القرآن بسماعهم خُشُوعاً كما يزيدهم علما ويقينا بالله والخشوع [فروتنى] وتضرع واعلم ان التواضع والسجود من شأن الأرواح والبكاء والخشوع من شأن الأجساد وانما أرسلت الأرواح الى الأجساد لتحصيل هذه المنافع فى العبودية قال الكاشفى [اين سجده چهارم است از سجدات قرآن وحضرت شيخ قدس سره اين را سجود العلماء خوانده وفرموده كه بحقيقت اين سجود متجليست زيرا كه خشوع از وقوع تجلى باشد بر ظاهر يا بر هر دو و چون خبر داد كه خشوع ايشان زياده ميشود وخشوع نمى باشد الا از تجلى الهى پس زيادتئ خشوع دليل زيادتئ تجلى باشد وبر آن تقدير اين سجود تجلى بود وساجد بايد كه ببركت اين سجده از فيض تجلى بهره مند وخضوع او بيفزايد] ما تجلى الله لشئ الا خضع له لمعه نور تجلى از قدم ... بر حدوث افتد فرو ريزد ز هم پس خضوع اينجا زوال هستى است ... وز بلندى موجب اين پستى است

[سورة الإسراء (17) : آية 110]

فعليك ببذل الوجود وافنائه فانه تعالى انما يتجلى لاهل الفناء نعم ان الفناء من التجلي كما دل عليه الخبر المذكور: وفى المثنوى چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف محدث را كليم «1» قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ- روى- ان اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك لتقل ذكر الرحمن وقد اكثر الله فى التوراة فنزلت. والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء والمراد بالله والرحمن الاسم لا المسمى واو للتخيير والمراد انهما سيان فى حسن الا طلاق والإفضاء الى المقصود. والمعنى سموا بهذا الاسم او بهذا واذكروا اما هذا واما هذا أَيًّا ما تَدْعُوا [هر كدام را بخوانيد وبدان حق را خوانده باشيد] والتنوين عوض عن المضاف اليه وما صلة لتأكيد ما فى أي من الإبهام اى أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فَلَهُ اى للمسمى لان التسمية لمسمى هذين الاسمين وهو ذاته تعالى لا للاسم الْأَسْماءُ الْحُسْنى وحسن جميع أسمائه يستدعى حسن ذينك الاسمين. والحسنى تأنيث الأحسن لان حكم الأسماء حكم المؤنث نحو الجماعة الحسنى وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والجمال قال فى بحر العلوم معنى كونها احسن الأسماء انها مستقلة بمعاني التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والالهية والافعال التي هى النهاية فى الحسن وقال بعضهم نزلت هذه الآية حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا الله يا رحمن فقالوا انه ينهانا ان نعبد الهين وهو يدعو الها آخر فالمراد هو التسوية بين اللفظين بانهما مطلقان على ذات واحدة وان اختلف معناهما واعتبار اطلاقهما والتوحيد انما هو للذات الذي هو المعبود واو للاباحة لان الإباحة يجوز فيها الجمع بين الفعلين دون التخيير والله اعلم قال المولى الفنارى رحمه الله ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة مسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا انتهى وقال الامام السهيلي رحمه الله فى كتاب التعريف والاعلام كان مسيلمة قديما يتكذب ويتسمى بالرحمن وقد قيل انه تسمى بالرحمن قبل مولد عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر عمرا طويلا الى ان قتل باليمامة قتله وحشي فى خلافة ابى بكر رضى الله عنه انتهى- وروى- ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته لان هذا الاسم الجليل لا يليق الا لجناب الحق تعالى ولهذا لم يشاركه فيه أحد كما قال تعالى هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا اى مشاركا له فى هذا الاسم وقال فرعون مصر للقبط أنا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله تعالى قال حضرة الهدائى قدس سره استمداد جميع الأسماء من الاسم الرحمن الذي هو مقام خاتم النبوة والشافعة العامة واليه ينتهى كل الأسماء واستمداده من اسم الذات فينبغى للسالك ان لا يقصر بالعبادة فى مراتب بعض الأسماء حتى يصل الى المسمى ويجمع جميع الأسماء ويكون فوق الكل: وفى المثنوى دست شد بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى كان يكى درياست بى غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش ان وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بقراءة صلاتك فى المسجد الحرام بحيث تسمع المشركين فان

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ

[سورة الإسراء (17) : آية 111]

ذلك يحملهم على سب القرآن ومن أنزله ومن جاءبه واللغو فيه ففيه حذف المضاف لان الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير والصلاة افعال واذكارا وهو من تسمية الجزء بالكل مجازا وَلا تُخافِتْ بِها اى بقراءتها بحيث لا تسمع من خلفك من المؤمنين قال الكاشفى [وآواز فرو مدار بآن] وَابْتَغِ اطلب بَيْنَ ذلِكَ اى بين الجهر والمخافتة على الوجه المذكور سَبِيلًا امرا وسطا فان خير الأمور أوساطها والتعبير عن ذلك بالسبيل باعتبار انه امر يتوجه اليه المتوجهون ويؤمه المقتدون فيوصلهم الى المطلوب- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه كان يخفت ويقول اناجى ربى وقد علم حاجتى وعمر رضى الله عنه يجهر بها ويقول اطرد الشيطان واوقظ الوسنان فلما نزلت امر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان يرفع قليلا وعمر ان يخفض قليلا وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لان الولادة من صفات الأجسام لا غير وهو رد لليهود والنصارى وبنى مدلج حيث قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فى ملك العالم اى الالوهية فان الكل عبيده والعبد لا يصلح ان يكون شريكا لسيده فى ملكه وهو رد للثنوية القائلين بتعدد الآلهة: وفى المثنوى واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالارنى نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ لم يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته فانه محال انه يذل فيحتاج الى أحد يتعزز به ويدفع عنه المذلة إذ له العزة كلها فليس له مذلة دلالة ولا له احتياج الى ولى يدفع الذل عنه وهو رد للمجوس والصابئين فى قولهم لولا اولياء الله لذل الله تعالى عن ذلك وفى الاسئلة المقحمة كيف جعل عدم الولد علة استحقاق الحمد الجواب ان هذا ليس بتعليل لوجوب الحمد انما هو بيان من يقع له الحمد كما تقول الحمد لله الاول الآخر الحمد لله رب العالمين انتهى وفى الكشاف كيف رتب الحمد على نفى الولد والشريك والذل اى مع انه لم يكن من الجميل الاختياري قلت ان من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة فهو الذي يستحق جنس الحمد وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً عظمه تعظيما او قل الله اكبر من الاتخاذ والشريك والولي وقال الكاشفى [يعنى حق را بزركتر دان از وصف واصفان ومعرفت عارفان فكرها عاجزست ز اوصافش ... عقلها هرزه ميزند لافش «1» عقل عقلست جان جانست او ... آن كزو برترست آنست او وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية وكان يسميها آية العزة قال فى التأويلات النجمية قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ يشير الى ان الله اسم الذات والرحمن اسم الصفة أَيًّا ما تَدْعُوا اى بأى اسم من اسم الذات والصفات تدعونه فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى اى كل اسم من أسمائه حسن فادعوه حسنا وهو ان تدعوه بالإخلاص وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بدعائك وعبادتك رياء وسمعة وَلا تُخافِتْ بِها اى ولا تخفها بالكلية عن نظر لئلا يحرموا

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ [.....]

تفسير سورة الكهف

المتابعة والاسوة الحسنة (وابتغ بين ذلك سبيلا) وهو اظهار الفرائض بالجماعات فى المساجد وإخفاء النوافل وحدانا فى البيوت (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) فيكون كمال عنايته وعواطف إحسانه مخصوصا بولده ويحرم عباده معه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فيكون ما نعاله من إصابة الخير الى عباده وأوليائه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فيكون محتاجا اليه فينعم عليه دون ما استغنى عنه بل أولياؤه الذين آمنوا وجاهدوا فى الله حق جهاده وكبروا الله وعظموه بالمحبة والطلب والعبودية وهو معنى قوله وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً انتهى [علم الهدى فرموده كه حق سبحانه دوست نكيرد تا بمدد ايشان از دل بعز رسد بلكه دوست كيرد تا بلطف وى از حضيض مذلت تا باوج عزت ترقى كند] كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وهذه الولاية عامة مشتركة بين جميع المؤمنين وترقيهم من الجهل الى العلم وقال تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وهذه الولاية خاصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك وترقيهم من العلم الى العين ومن العين الى الحق قال فى شرح الحكم العطائية ان عباد الله المخلصين قسمان قوم أقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الأعمال والأوراد وقوم خصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد والصفاء واتباع المراد وكل فى خدمته وتحت طاعته وحرمته إذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه قال الله تعالى كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وهذا عام فى كل طريق وظاهر فى كل فريق وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فيحجر او يحصر فى نوع واحد او صفة واحدة وقد قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة وقال ابو يزيد البسطامي قدس سره اطلع الله سبحانه الى قلوب أوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة فشغلهم بالعبادة: قال الحافظ درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم تمت سورة الاسراء فى اوسط جمادى الاولى من سنة خمس ومائة والف تفسير سورة الكهف وهى مائة واحدي عشرة آية مكية وقيل الا قوله واصبر نفسك الآية بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ اللام للاستحقاق اى هو المستحق للمدح والثناء والشكر كله لان كل وجود شىء نعمة من نعمه فلا منعم الا هو قال القيصري رحمه الله الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحمد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان أنبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كما يجب على الإنسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب مقابلة كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الأحوال كما قال النبي عليه السلام (الحمد لله على كل حال) وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاتها واما الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الالهية لان الناس مأمورون بالتخلق

[سورة الكهف (18) : الآيات 2 إلى 5]

بلسان الأنبياء صلوات الله عليهم لتصير الكمالات ملكة نفوسهم وذواتهم وفى الحقيقة هذا حمد الحق نفسه فى مقامه التفصيلي المسمى بالمظاهر من حيث عدم مغاير تهاله واما حمده ذاته فى مقامه الجمعى الإلهي قولا فهو ما نطق به فى كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية وفعلا فهو اظهار كمالاته الجمالية والجلالية من غيبه الى شهادته ومن باطنه الى ظاهره ومن علمه الى عينه فى مجالى صفاته ومحال آيات أسمائه وحالا فهو تجلياته فى ذاته بالفيض الأقدس الاولى وظهور النور الأزلي فهو الحامد والمحمود جمعا وتفصيلا: قال المولى الجامى آنجا كه كمال كبرياى تو بود ... عالم نمى از بحر عطاى تو بود ما را چهـ حد حمد وثناى تو بود ... هم حمد وثناى تو سزاى تو بود الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ محمد الذي يستأهل ان يكون عبدا مطلقا حقيقيا حرا عن جميع ما سوى الله ولذا يقول (أمتي أمتي) يوم يقول كل نبى نفسى نفسى وفيه اشعار بان شأن الرسول ان يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى فى حق عيسى عليه السلام الْكِتابَ اى القرآن الحقيق باسم الكتاب وهو فى اللغة جمع الحروف ورتب استحقاق الحمد على انزاله تنبيها على انه من أعظم نعمائه إذ فيه سعادة الدارين وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ اى القرآن عِوَجاً [چيزى از كچى] اى شيأ من العوج بنوع اختلال فى النظم وتناف فى المعنى او عدول عن الحق الى الباطل واختار حفص عن عاصم السكت على عوجا وهو وقفة لطيفة من غير تنفس لئلا يتوهم ان ما بعده صفة له واختار السكت ايضا على مرقدنا إذ لا يحسن القطع بالكلية بين مقوليهم ولا الوصل لئلا يتوهم ان هذا اشارة الى مرقدنا فانهم قَيِّماً انتصابه بمضمر تقديره جعله قيما اى مستقيما معتدلا لا افراط فيه ولا تفريط او قيما بالمصالح الدينية والدنيوية للعباد فيكون وصفاله بالتكميل بعد وصفه بالكمال والقيم والقيوم والقيام بناء مبالغة للقائم قال الكاشفى [در تأويلات آورده كه ضمير له راجع بعبد است ومعنى آنكه نداد بنده خود را ميل بغير خود وكردانيد او را مستقيم در جميع احوال] لِيُنْذِرَ اى انزل لينذر الكتاب او محمد بما فيه الذين كفرا بَأْساً عذابا شَدِيداً صادرا مِنْ لَدُنْهُ من عنده تعالى نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم وهو اما عذاب الاستئصال فى الدنيا او عذاب النار فى العقبى او كلاهما وانما قال من لدنه لانه هو المعذب دون الغير وَيُبَشِّرَ [مژده دهد] الْمُؤْمِنِينَ المصدقين الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحة وهى ما كانت لوجه الله تعالى أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم فى مقابلة ايمانهم وأعمالهم المذكورة أَجْراً حَسَناً هو الجنة وما فيها من النعيم ماكِثِينَ حال من ضمير لهم فِيهِ اى فى ذلك الاجر أَبَداً من غير انقطاع وانتهاء وتغير حال نصب على الظرفية لما كثين وتقديم الانذار على التبشير لتقدم التخلية على التحلية وَيُنْذِرَ ايضا خاصة الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً كاليهود والنصارى وبنى مدلج من كفار العرب ما لَهُمْ بِهِ اى باتخاذه تعالى ولدا مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ الذين قلدوهم فى ذلك يعنى لا يقتضى العلم ان يتخذ الله ولدا لاستحالته فى نفسه وانما قالوا بالجهل من غير فكر ونظر فيما يجوز على الله ويمتنع ومن علم مرفوع على

[سورة الكهف (18) : آية 6]

الابتداء ومن مزيدة لتأكيد النفي كَبُرَتْ عظمت اى نبت كَلِمَةً تمييز وتفسير للضمير المبهم الذهني فى كبرت مثل ربه رجلا تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ صفة للكلمة تفيد استعظام اجترائهم على التفوه بها والخارج بالذات هو الهواء الحامل لها. يعنى اسناد الخروج إليها مع ان الخارج هو الهواء المتكيف بكيفية الصوت لملابسته بها قال القاضي عظمت مقالتهم هذه فى الكفر لما فيها من التشبيه والتشريك وإيهام احتياجه الى ولد بعينه ويخلفه الى غير ذلك من الزيغ وفى التأويلات كبرت كلمة كفر وكذب قالوها عند الله تعالى وهى اكبر الكبائر إذ نسبوها الى الله وكذبوا عليه وكذبوه إِنْ يَقُولُونَ اى ما يقولون فى هذا الشأن إِلَّا كَذِباً الا قولا كذبا لا يكاد يدخل تحت إمكان الصدق فَلَعَلَّكَ [پس تو مكر] باخِعٌ مهلك نَفْسَكَ قال فى التأويلات النجمية معناه نهى اى لا تنجع نفسك كما يقال لعلك تريد ان تفعل كذا اى لا تفعل كذا او فكأنك كما قال تعالى فى شأن عاد وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ قال فى القاموس بخع نفسه كمنع قتلها غما وبخع بالشاة بالغ فى ذبحها حتى بلغ البخاع هذا أصله ثم استعمل فى كل مبالغة فلعلك باخع نفسك اى مهلكها مبالغا فيها حرصا على إسلامهم والبخاع ككتاب عرق فى الصدر ويجرى فى عظم الرقبة وهو غير النخاع بالنون فيما زعم الزمخشري انتهى عَلى آثارِهِمْ غما ووجدا على فراقهم قال الكاشفى [بعد از بركشتن ايشان از تو يا پس از انكار ايشان ترا يعنى كار بر خود آسان كير وغم بر دل بي غل منه] إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ اى القرآن ان قلت تسمية القرآن حديثا دليل على حدوثه قلت سماه حديثا لانه يحدث عند سماعهم له معناه ولانه عائد الى الحروف التي وقعت بها العبارة عن القرآن كما فى الاسئلة المقحمة قال فى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره أَسَفاً مفعول له لباخع والأسف أشد الحزن كما فى القاموس إذ لفرط الحزن والغضب والحسرة مثل حاله صلى الله عليه وسلم فى شدة الوجد على اعراض القوم عن الايمان بالقرآن وكمال التحسر عليهم بحال من يتوقع منه إهلاك نفسه عند مفارقة أحبته تأسفا على مفارقتهم وهذه غاية الرحمة والشفقة على الامة وكمال القيام بأداء حقوق الرسالة والاقدام على العبودية فوق الطاقة وكان من دأبة صلى الله عليه وسلم ان يبالغ فى القيام بما امر الى حد ان ينهى عنه كما انه صلى الله عليه وسلم حين امر بالإنفاق بالغ فيه الى ان اعطى قميصه وقعد فى البيت عريانا فنهى عن ذلك بقوله وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً فتكلم بعض الكبار فى الحزن فقال الحزن حلية الأدباء طوبى لمن كان شعاره الحزن ودثاره الحزن وبيته الحزن وطعامه الحزن وشرابه الحزن به يلتذ الصديقون والنبيون إذا أحب الله تعالى عبدا القى له نائحة فى قلبه ومن لم يذق طعام الحزن لم يذق لذة العبادة على أنواعها ولا يغرنك ما تسمع من قول صديق متمكن ان الحزن مقام نازل فان مراده ان الحزن تابع للمحزون مثل العلم مع المعلوم فيتضع باتضاعه ويرتفع بارتفاعه قال ابراهيم بن باشر صحبت ابراهيم بن أدهم فرأيته طويل الحزن دائم الفكر واضعا يده على رأسه كأنما أفرغت عليه الهموم إفراغا وكان سفيان عند رابعة

[سورة الكهف (18) : الآيات 7 إلى 12]

فقال وا حزناه فقالت قل وا قلة حزناه فانك لو كنت حزينا ما هنأك العيش وعن داود عليه السلام قال الهى أمرتني ان اطهر قلبى فبماذا اطهر قال يا داود بالهموم والغموم: قال الحافظ روى زردست وآه درد آلود ... عاشقانرا دواى رنجورى اللهم منّ على قلبى بهمك إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ من الحيوان والنبات والمعدن زِينَةً لَها ولاهلها قال فى التأويلات النجمية اى زينا الدنيا وشهواتها للخلق ملاءمة لطباعهم وجعلناها محل ابتلاء لِنَبْلُوَهُمْ لنعاملهم معاملة من يختبر حتى يظهر أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فى ترك الدنيا ومخالفة هوى نفسه طلبا لله ومرضاته وأيهم أقبح عملا فى الاعراض عن الله وما عنده من الباقيات الصالحات والإقبال على الدنيا وما فيها من الفانيات الفاسدات قال فى الإرشاد اى استفهامية مرفوعة بالابتداء واحسن خبرها وعملا تمييز والجملة فى محل النصب معلقة لفعل البلوى لما فيه من معنى العلم باعتبار عاقبته قال الكاشفى [محققان برانند كى مااى فى ما على الأرض بمعنى من است ومراد انبيا يا علما يا حفظه قرآن كه زينت زمين ايشانند وجمعى كويند آرايش زمين برجال الله است از آن روى كه قيام عالم بوجود شريف ايشان باز بسته است] روى زمين بطلعت ايشان منور است ... چون آسمان بزهره وخورشيد ومشترى وَإِنَّا لَجاعِلُونَ فيما سيأتى عند تناهى عمر الدنيا ما عَلَيْها صَعِيداً ترابا جُرُزاً لا نبات فيه وسنة جرز لا مطر فيها قال الكاشفى [صعيدا جرزا هامون وبي كياه يعنى بآخر اين عمارتها را خراب خواهيم ساخت پس دل بر آن منهيد وبزينت ناپايدار فريفته مشويد] جهان از رنك وبو سازد اسيرت ... ولى نزديك ارباب بصيرت نه رنك دلكشش را اعتباريست ... نه بوى دلفريبش را مداريست قال بعض الكبار صعيدا جرزا لا حاصل له الا الندامة والغرامة فالناسك السالك والطالب الصادق والمحب المحق من يحرم على نفسه الدنيا وزينتها حرامها وحلالها وهى ما زين للناس كما قال زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الى قوله ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا لان مع حب الله لا يسوغ حب الدنيا وشهواتها بل حب الآخرة ودرجاتها- حكى- انه كان لهارون الرشيد ولد فى سن ست عشرة سنة فزهد فى الدنيا واختار العباء على القباء فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة فدعاه هارون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طيرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك ألا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم انه خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت فى الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر البصري استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذا فعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال

[سورة الكهف (18) : آية 9]

يا صاحبى لا تغترر بتنعم ... فالعمر ينفد والنعيم يزول وإذا حملت الى القبور جنازة ... فاعلم بانك بعدها محمول ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا أكفنك فى الجديد فقال الحي أحوج الى الجديد من الميت يا أبا عامر الثياب تبلى والأعمال تبقى ثم ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فقضيت شانه ودفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فيم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم أنت غسلته قلت نعم فقبل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض أعطاني ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وآلى على ذاته ونفسه الشريفة اى قال بالله الذي خلقنى لا يخرج عهد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند اللهم اجعلنا من المنقطعين إليك أَمْ حَسِبْتَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد انكار حسبان أمته وأم منقطعة مقدرة ببل التي هى للانتقال من حديث الى حديث لا للابطال وبهمزة الاستفهام عند الجمهور وببل وحدها عند غيرهم اى بل أحسبت وظننت بمعنى ما كان ينبغى ان يحتسب ولم حسبت قال الكاشفى [آورده اند كه چون يهود قريش را سه سؤال در آموختند كه از حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم پرسيدند با يكديگر ميكفتند كه قصه جوانان بس عجبست عجب از وى كه جواب آن داند حق سبحانه وتعالى آيت فرستاد كه أَمْ حَسِبْتَ نه چنانست كه ميكويند آيا مى پندارى تو] أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ الكهف الغار الواسع فى الجبل فان لم يكن واسعا فغار وَالرَّقِيمِ هو كلبهم بلغة الروم- يروى- عن الصاحب بن عباد انه كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنها وعرف ان الرقيم هو الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به وان تبارك بمعنى صعد قال فى القاموس الرقيم كامير قرية اصحاب الكهف او جبلهم او كلبهم او الوادي او الصحراء او لوح رصاصى او حجرى نقش ورقم فيه نسبهم واسماؤهم ودينهم ومم هربوا وجعل على باب الكهف فالرقيم عربى فعيل بمعنى مفعول قال الطبري كان فى بيت الملك رجلان مؤمنان اسم أحدهما يندروس والآخر روناس كتبا أسماهم وقصتهم وأنسابهم فى لوحين من رصاص ووضعاهما فى تابوت من نحاس ثم جعلاه على فم الغار فى البنيان وقالا لعل الله ان يظهر عليهم قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فتعلم اخبارهم كانُوا فى بقائهم على الحياة مدة طويلة من الدهر [يعنى در خواب ماندن سيصد ونه سال] مِنْ آياتِنا من بين

[سورة الكهف (18) : آية 10]

آياتنا ودلائل قدرتنا عَجَباً اى آية ذات عجب وضعا له موضع المضاف او وصفا لذلك بالمصدر مبالغة والعجيب ما خرج عن حد اشكاله ونظائره وهو خبر لكانوا ومن آياتنا حال منه. والمعنى ان قصتهم وان كانت خارقة للعادات ليست بعجيبة بالنسبة الى سائر الآيات فان لله تعالى آيات عجيبة قصتهم عندها كالنزر الحقير قال الكاشفى [يعنى قصه ايشان بنسبت قدرت ما كه در آفرينش ارض وسما ظاهر است چندان عجيب وغريب نيست مراد از كهف غاريست جيرم نام واقع در كوه تباخلوس از حوالى شهر أفسوس كه دار الملك دقيانوس بود آورده اند كه دقيانوس در زمان تسخير ممالك روم بشهر أفسوس رسيد وآنجا مذبحى براى بتان كه معبودان او بودند ساخته اهل شهر را تكليف پرستش ايشان كرد هر كه سخن او شنيد خلاص يافت وهر كه تمرد نمود بقتل رسيد شش جوان نو رسيده خدا پرست از بزركان زادكان شهر كوشه كرفته بدعا ونياز مشغول كشتند واز حق سبحانه وتعالى در خواست نمودند كه ايشانرا از فتنه آن جبار ايمن سازد القصة مهم ايشان بعرض دقيانوس رسيده وبإحضار ايشان امر كرده تهديد بسيار نمود ايشان بر طريق توحيد رسوخ ورزيده مطلقا فرمان او قبول نكردند دقيانوس بفرمود تا حلى وحلل كه در برداشتند از ايشان انتزاع كردند وكفت شما جوانيد وخرد سال وشما را دو سه روزى مهلت دادم تا در كار خود تأمل كنيد وببينيد كه مصلحت شما در قبول قول منست يا در رد آن پس از ان شهر متوجه موضعى ديكر شد وجوانان رفتن او را غنيمت دانسته با يكديكر در باب مهم خود مشاورت نمودند ورأى همه بر فرار قرار يافت هر يك از خانه پدر قدرى مال بجهت زاد ونفقه بر داشته روى بكوهى كه نزديك شهر بود آوردند ودر راه شبانى بديشان رسيد وبدين ايشان در آمد ودر مرافقت موافقت نمود سك شبان نيز بر عقب ايشان دويدن آغاز كرد چندان كه منع كردند ممتنع نشد وخداى او را بسخن آورد نا بزبان فصيح كفت از من مترسيد كه من دوستان خدايرا دوست ميدارم شما در خواب رويد تا من شما را پاسبانى كنم اما چون نزديك كوه شدند شبان كفت من درين كوه غارى ميدانم كه بدان پناه مى توان كرفت پس اتفاق روى بغار نهادند وحق سبحانه وتعالى از رفتن ايشان بغار برين وجه خبر ميدهد] إِذْ أَوَى ظرف لعجبا او مفعول لاذكر اى اذكر حين صار واتى وانضم والتجأ الْفِتْيَةُ يعنى فتية من اشراف الروم أكرههم دقيانوس على الشرك فابوا وهربوا إِلَى الْكَهْفِ هو جيروم فى جبلهم بنجلوس واتخذوه مأوى. والفتية جمع الفتى وهو الشاب القوى الحدث ويستعار للمملوك وان كان شيخا كالغلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يقل أحدكم عبدى وأمتي ولكن ليقل فتاى وفتاتى) وعن ابى يوسف من قال أنا فتى فلان كان إقرارا منه بالرق فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ من خزائن رحمتك الخاصة المكنونة عن عيون اهل المعادات فمن ابتدائية متعلقة بآتنا رَحْمَةً خاصة تستوجب المغفرة والرزق والا من من الأعداء وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا كلا الجارين متعلق بهيئ لاختلافهما فى المعنى واصل التهيئة اظهار هيئة الشيء وفى الصحاح هيأت الشيء أصلحته والإصلاح نقيض الإفساد وهو جعل الشيء على الحالة المستقيمة النافعة والإفساد هو الإخراج عن حد الاعتدال. والمعنى أصلح ورتب وأتمم لنا من

[سورة الكهف (18) : الآيات 11 إلى 12]

أمرنا الذي هو مهاجرة الكفار والمثابرة على الطاعة رَشَداً إصابة للطريق الموصل الى المطلوب واهتداء اليه فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ اى حجابا يمنع سماعها اى أنمناهم على طريقة التمثيل المبنى على تشبيه الانامة الثقيلة المانعة عن وصول الأصوات الى الآذان بضرب الحجاب عليها وتخصيص الآذان بالذكر مع اشتراك سائر المشاعر لها فى الحجب عن الشعور عند النوم لما انها المحتاجة الى الحجب عادة إذ هى الطريقة للتيقظ غالبا لا سيما عند انفراد النائم واعتزاله عن الخلق والفاء فى ضربنا كما فى قوله فاستجبنا له بعد قوله إذ نادى فان الضرب المذكور وما ترتب عليه من التقليب ذات اليمين وذات الشمال وغير ذلك إيتاء رحمة لدنية خافية عن أبصار المتمسكين بالأسباب العادية استجابة لدعواتهم فِي الْكَهْفِ ظرف مكان لضربنا سِنِينَ ظرف زمان له عَدَداً اى ذوات عدد هى ثلاثمائة وتسع سنين كما سيأتى ووصف السنين بذلك اما للتكثير وهو الأنسب بإظهار كمال القدرة او للتقليل وهو الأليق بمقام انكار كون القصة عجبا من بين سائر الآيات العجيبة فان مدة لبثهم كبعض يوم عنده تعالى ثُمَّ بَعَثْناهُمْ اى أيقظناهم من تلك النومة الثقيلة الشبيهة بالموت وفيه دليل على ان النوم أخو الموت فى اللوازم من البعث وتعطيل الحياة والالتحاق بالجمادات لِنَعْلَمَ العلم هنا مجاز عن الاختبار بطريق اطلاق اسم المسبب على السبب وليس من ضرورة الاختبار صدور الفعل المختبر به قطعا بل قد يكون لاظهار عجزه عنه على سنن التكاليف التعجيزية كقوله تعالى فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ وهو المراد هنا فالمعنى بعثناهم لنعاملهم معاملة من يختبرهم أَيُّ الْحِزْبَيْنِ اى الفريقين المختلفين فى مدة لبثهم بالتقدير والتفويض كما سيأتى- وروى- عن ابن عباس رضى الله عنهما ان أحد الحزبين الفتية والآخر الملوك الذين تداولوا المدينة ملكا بعد ملك وذلك لان اللام للعهد ولا عهد لغيرهم واى مبتدأ خبره قوله أَحْصى فعل ماض اى ضبط لِما لَبِثُوا اى للبثهم فما مصدرية أَمَداً يقال ما امدك اى منتهى عمرك اى غايته فيظهر لهم عجزهم ويفوضوا ذلك الى العليم الخبير ويتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم من حفظ أبدانهم واديانهم فيزدادوا يقينا بكمال قدرته وعلمه ويستبصروا به امر البعث ويكون ذلك لطفا لمؤمنى زمانهم وآية بينة لكفارهم. والأمد بمعنى المدى كالغاية فى قولهم ابتداء الغاية على طريق التجوز بغاية الشيء عنه فالمراد بالمدى المدة كما ان المراد بالغاية المسافة وهو مفعول لا حصى والجار والمجرور حال منه قدمت عليه لكونه نكرة فاحصى فعل ماض هنا وهو الصحيح لا افعل تفضيل لان المقصود بالاختيار اظهار عجز الكل عن الإحصاء رأسا لا اظهار أفضل الحزبين وتمييزه عن الأدنى مع تحقق اصل الإحصاء فيهما قال فى التأويلات النجمية أَمْ حَسِبْتَ اشارة الى النبي صلى الله عليه وسلم اى انك ان حسبت أَنَّ احوال أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا اى من آيات إحساننا مع العبد عَجَباً فان فى أمتك من هو اعجب حالا منهم وذلك ان فيهم اصحاب الخلوات الذين كهفهم الذي يأوون اليه بيت الخلوة ورقيمهم قلوبهم المرقومة برقم المحبة فهم محبى ومحبوبى والواح قلوبهم مرقومة بالعلوم اللدنية: قال الحافظ

[سورة الكهف (18) : الآيات 13 إلى 18]

خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر از نقش پراكنده ورق ساده كنى وان كان اصحاب الكهف آووا الى الكهف خوفا من لقاء دقيانوس وفرارا فانهم آووا الى كهف الخلوة شوقا الى لقائى وفرارا الى: قال الحافظ شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت ... نخست در شكن تنك از ان مكان كيرد وان كان مرادهم من قولهم رَبَّنا آتِنا الآية النجاة من شر دقيانوس والخروج من الغار بالسلامة فمراد هؤلاء القوم النجاة من شر نفوسهم والخروج من ظلمات غار الوجود للوصول الى أنوار جمالى وجلالى: قال الحافظ مددى كر بچراغى نكند آتش طور ... چاره تيره شب وادي ايمن چهـ كنم وبقوله فَضَرَبْنا الآية يشير الى سد آذان ظاهر اصحاب الخلوة وآذان باطنهم لئلا يقرع مسامعهم كلام الخلق فتنقش الواح قلوبهم به وكذلك ينعزل جميع حواسهم عن نقش قلوبهم ثم انهم يمحون النقوش السابقة عن القلوب بملازمة استعمال كلمة الطلاسة وهى كلمة لا اله الا الله حتى تصفو قلوبهم بنفي لا اله عما سوى الله وبإثبات الا الله تتنور قلوبهم بنور الله وتنتقش بنور العلوم اللدنية الى ان يتجلى تبارك وتعالى لقلوبهم بذاته وجميع صفاته ليفنيهم الله عنهم ويبقيهم به وهو سر قوله ثُمَّ بَعَثْناهُمْ اى احييناهم بنا لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ اى حزب اصحاب الكهف وحزب اصحاب الخلوة احصى اى اخطأ وأصوب لما لبثوا فى كهفهم وبيت خلوتهم أمدا غاية لبثهم نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ اى نخبرك ونبين لك وقد مر اشتقاقه فى مطلع سورة يوسف نَبَأَهُمْ اى خبر اصحاب الكهف والرقيم بِالْحَقِّ صفة لمصدر محذوف اى نقص قصا ملتبسا بالحق والصدق وفيه اشارة الى ان القصاص كثيرا يقصون بالباطل ويزيدون وينقصون ويغيرون القصة كل واحد يعمل برأيه موافقا لطبعه وهواه وما يقص بالحق الا الله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ [شبان] آمَنُوا بِرَبِّهِمْ قال فى التكملة سبب ايمانهم ان حواريا من حواريى عيسى عليه السلام أراد ان يدخل مدنيتهم فقيل له ان على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فامتنع من دخولها وأتى حماما كان قريبا من تلك المدينة فآجر نفسه فيه فكان يعمل فيه فتعلق به فتية من اهل المدينة فجعل يخبرهم خبر السماء وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه ثم هرب الحوارى بسبب ابن الملك أراد دخول الحمام بامرأة فنهاه الحوارى فانتهره فلما دخل مع المرأة ماتا فى الحمام فطلبه الملك لما قيل له انه قتل ابنك فهرب ثم قال الملك من كان يصحبه فسموا الفتية فهربوا الى الكهف يقول الفقير الظاهر ان ايمانهم كان بالإلهام الملكوتي والانجذاب اللاهوتى من غير دليل يدلهم على ذلك كما يشير اليه كلام التأويلات وسيأتى واختلف فيهم متى كانوا فروى بعض الناس انهم كانوا قبل عيسى ابن مريم وان عيسى اخبر قومه خبرهم وان بعثهم من نومهم كان بعد رفع عيسى فى الفترة بينه وبين محمد عليهما السلام وروى بعضهم ان أمرهم كان بعد عيسى وانهم كانوا على دين عيسى قال الطبري وعليه اكثر العلماء وَزِدْناهُمْ [وبيفزوديم ايشانرا] هُدىً بان ثبتناهم على الدين الحق وأظهرنا لهم مكنونات محاسنه وفى التأويلات النجمية سماهم باسم الفتوة لانهم آمنوا

[سورة الكهف (18) : الآيات 14 إلى 15]

بالتحقيق لا بالتقليد وطلبوا الهداية من الله الى الله بالله ولكنهم طلبوا الهداية فى البداية بحسب نظرهم وقدر همتهم فالله تعالى على قضية (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) زاد فى هداهم فضلا منه وكرما كما قال (وزدناهم هدى) اى زدنا على متمناهم فى الهداية فانهم كانوا يتمنون ان يهديهم الله الى الايمان بالله وبما جاءبه الأنبياء وبالبعث والنشور وايمانا بالغيب فزاد الله على متمناهم فى الهداية حين بعثهم من رقدتهم بعد ثلاثمائة وتسع سنين وما تغيرت أحوالهم وما بليت ثيابهم فصار الايمان إيقانا والغيب عينا وعيانا ميوه باشد آخر از هار تو ... كعبه باشد آخر اسفار تو وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ اى قويناهم حتى اقتحموا مضايق الصبر على هجر الأهل والأوطان والنعيم والاخوان واجترءوا على الصدع بالحق من غير خوف وحذار والرد على دقيانوس الجبار وفى الحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وذلك لان المجاهد متردد بين رجاء وخوف واما صاحب السلطان فمتعرض للتلف فصار الخوف اغلب قال فى الأساس ربطت الدابة شددتها برباط والمربط الخيل ومن المجاز ربط الله على قلبه اى صبره ولما كان الخوف والقلق يزعج القلوب عن مقارها كما قال الله تعالى بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ قيل فى مقابلته ربط قلبه إذا تمكن وثبت وهو تمثيل شبه تثبيت القلوب بالصبر بشد الدواب بالرباط إِذْ قامُوا منصوب بربطنا والمراد بقيامهم انتصابهم لاظهار شعار الدين وقيل المراد قيامهم بين يدى دقيانوس الجبار من غير مبالاة به حين عاتبهم على ترك عبادة الأصنام فحينئذ يكون ما سيأتى من قوله تعالى هؤُلاءِ منقطعا عما قبله صادرا عنهم بعد خروجهم من عنده وفى التأويلات النجمية وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا يعنى لئلا يلتفتوا الى الدنيا وزخارفها وينقطعوا الى الله بالكلية ولذلك ما اختاروا بعد البعث الحياة فى الدنيا ورغبوا فى ان يرجعوا الى جوار الحق تعالى فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رب العالم ومالكه وخالقه والصنم جزؤ من العالم فهو مخلوق لا يصلح للعبادة لَنْ نَدْعُوَا لن نعبد ابدا وبالفارسية [نخواهيم پرستيد] مِنْ دُونِهِ إِلهاً معبودا آخر لا استقلالا ولا اشتراكا والعدول عن ان يقال ربا للتنصيص على رد المخالفين حيث كانوا يسمون أصنامهم آلهة لَقَدْ قُلْنا إِذاً [آن هنكام كه ديگرى را پرستيم] شَطَطاً قولا ذا شطط اى تجاوز عن الحد فهو نعت لمصدر محذوف بتقدير المضاف او قولا هو عين الشطط على انه وصف بالمصدر مبالغة قال فى القاموس شط فى سلعته شططا محركة جاوز القدر والحد وتباعد عن الحق انتهى وحيث كانت العبادة مستلزمة للقول لما انها لا تعرى عن الاعتراف بالوهية المعبود والتضرع اليه قيل لقد قلنا وإذا جواب وجزاء اى لودعونا من دونه الها والله لقد قلنا قولا خارجا عن حد العقول مفرطا فى الظلم هؤُلاءِ مبتدأ وفى التعبير باسم اشارة تحقير لهم قَوْمُنَا عطف بيان له. يعنى [اين كروه كه كسان مااند در نسب يعنى جمعى از اهل أفسوس] وقال فى التأويلات النجمية انما قالوا قَوْمُنَا اى كنا من جملتهم وبالضلالة فى زمرتهم فانعم الله علينا بالهداية والمعرفة وفرق بيننا وبينهم بالرعاية

[سورة الكهف (18) : آية 16]

والعناية وخلصنا من عبادة الهوى والدنيا وشهواتها اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً خبره وهو اخبار فى معنى الإنكار اى عبدوا الأصنام وجعلوها آلهة جهلا منهم قال ابو حيان اتخذوا هنا يحتمل ان يكون بمعنى عملوا لانها أصنام هم نحتوها وان يكون بمعنى صيروا وفى المثنوى پيش چوب و پيش سنك نقشى كنند ... اى بسا كولان كه سرها مى نهند «1» ديو الحاح غوايت ميكند ... شيخ الحاح هدايت ميكند «2» لَوْلا يَأْتُونَ هلا يأتون وبالفارسية [چرا نمى آرند كه كافران] عَلَيْهِمْ على الوهيتهم بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ بحجة ظاهرة الدلالة على مدعاهم يعنى يعبدون الهة لم يتمسكوا فى صحة عبادتها ببرهان سماوى من جهة الوحى والسمع ولا لهم فيها علم ضرورى ولا دليل عقلى وفيه دليل على ان ما لا دليل عليه من الديانات مردود والآية انكار وتعجيز وتبكيت لان الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال فَمَنْ أَظْلَمُ [پس كيست ستمكارتر] مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بنسبة الشريك اليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا والمعنى انه اظلم من كل ظالم وعذابه أعظم من كل عذاب لان الظلم موجب للعذاب فيكون الأعظم للاظلم وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ الاعتزال بالفارسية [جدا شدن] اى فارقتموهم فى الاعتقاد وأردتم الاعتزال الجسماني وهو خطاب بعضهم لبعض حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم قال الكاشفى [قبل ازين كذشت كه دقيانوس بعد از معارضه ايشان مهلت داد وايشان فرار كردند يمليخا كه مهتر ايشان بود در اثناى طريق بايشان كفت وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ و چون يكسو شديد از اهل شرك ودورى جستيد از ايشان] وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ عطف على الضمير المنصوب وما مصدرية او موصولة اى إذ اعتزلتموهم ومعبوديهم الا الله اى وعبادتهم الا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كاهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم فى عباد الأوثان فَأْوُوا التجئوا إِلَى الْكَهْفِ قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه اى إذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا او إذ أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء الى الكهف وفيه اشارة الى ان الاعتزال الاعتقادى يوجب الاعتزال الجسماني ومن ثم قال فى مجمع الفتاوى سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز يَنْشُرْ لَكُمْ يبسط لكم ويوسع عليكم رَبُّكُمْ مالك أمركم مِنْ رَحْمَتِهِ من تفضله وانعامه فى الدارين وَيُهَيِّئْ لَكُمْ يسهل لكم مِنْ أَمْرِكُمْ الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين مِرفَقاً ما ترفقون وتنتفعون به وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم وفى الحديث (ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة) وفى الآية اشارة الى ان التائب الصادق والطالب المحق من اعتزل عن قومه وترك اهل صحبته وقطع عن اخوان سوئه واعتقد ان لا يعبد الا الله يعرض عما سوى الله مستعينا بالله متوكلا على الله فارّا الى الله من غير الله: قال الخجندي وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان چاره كردن سليمان در إحضار تخت بلقيس از سبا (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان باقى قصه موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام

[سورة الكهف (18) : آية 17]

ثم يأوى الى كهف الخلوة: قال الجامى ز ابناى دهر وقت كسى خوش نميشود ... خوش وقت آنكه معتكف كنج عزلتست متمسكا بذيل ارادة شيخ كامل مكمل واصل موصل ليربيه ويزيد فى هدايته ويربط على قلبه بنور الولاية وقوة الرعاية كما كان حال اصحاب الكهف: وفى المثنوى كر چهـ شيرى چون روى ره بى دليل ... خويش بينى در ضلالى وذليل «1» هين مپر الا كه با پرهاى شيخ ... تا ببينى عون لشكرهاى شيخ ولكنهم كانوا مجذوبين من الله مربوبين بربهم وذلك من النوادر ولا حكم للنادر واليه يشير قوله عليه السلام (ان الله أدبني فاحسن تأديبى) وهذا من قدرة الله ان يهدى جماعة الى الايمان بلا واسطة رسول او نبى ويجذبهم بجذبات العناية الى مقامات القرب ومحل الأولياء بلا شيخ مرشد وهاد مرب ومن سنة الله ان يهدى عباده بالأنبياء والرسل وبخلافتهم ونيابتهم بالعلماء الراسخين والمشايخ المقتدين ففى قوله فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ اشارة الى الالتجاء بالخلوة والتمسك بالمشايخ المسلكين يعنى لهذه الطريقة يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ اى يخصصكم برحمة الخاصة المضافة الى نفسه وهو ان يجذبهم بجذبات العناية ويدخلهم فى عالم الصفات ليتخلقوا بأخلاقه ويتصفوا بصفاته كقوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وله رحمة عامة مشتركة بين المؤمن والكافر والجن والانس والحيوان وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً اى ينشر لكم طريق الوصول والوصال كما فى التأويلات النجمية وَتَرَى الشَّمْسَ يا محمد او يا من يصلح للخطاب ويتأتى منه الرؤية وليس المراد به الاخبار بوقوع الرؤية تحقيقا بل الانباء بكون الكهف بحيث لو رأيته ترى الشمس قال الكاشفى [آورده اند كه جوانان اتفاق نموده بكوه در آمدند وشبان ايشانرا بغار در آورد و چون در وقرار كرفتند حق سبحانه وتعالى خواب بر ايشان كماشت همانجا بخفتند دقيانوس بعد از دو سه روزى بافسوس باز آمده احوال جوانان پرسيد و چون از فرار ايشان خبر يافت آباء ايشانرا بر إحضار ايشان تكليف نمود گفتند اى ملك مبلغى اموال ما برده بدين كوه متحصن شدند دقيانوس با جمعى از عقب ايشان برفت وايشانرا درون غار تكيه كرده يافت پنداشت كه بيدارند كفت در غار را بسنك بر آريد تا هم آنجا بميرند پس در غار را استوار كردند ودو مؤمن از مقربان دقيانوس أسامي واحوال جوانرا بر لوحى از سنك نقش كرد ودر ديوار غار وضع كردند باميد آنكه شايد كسى روزى آنجا رسد واز حوال ايشان خبر دار كردد] يقول الفقير فيكون ما ذكر فى الآية من تزاور الشمس وقرضها طالعة وغاربة قبل ان سد دقيانوس باب الكهف إذ لا يتصور دخول شعاع الشمس من الباب المسدود حتى يحتاج الى التزاور والقرض كما لا يخفى اذا طلعت تزاور اى تتزاور وتتنحى وتميل بحذف احدى التاءين من الزور بفتح الواو وهو الميل عَنْ كَهْفِهِمْ الذي آووا اليه فالاضافة لادنى ملابسة ذاتَ الْيَمِينِ اى جهة ذات يمين الكهف عند توجه الداخل الى قعره اى جانبه الذي يلى المغرب فلا يقع عليهم شعاعها فيؤذيهم لان الكهف كان جنوبيا اى كانت ساحته داخلة فى جانب الجنوب او زورها الله عنهم وصرفها

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ

[سورة الكهف (18) : آية 18]

على منهاج خرق العادة كرامة لهم وحقيقتها الجهة ذات اسم اليمين اى الجهة المسماة باسم اليمين وَإِذا غَرَبَتْ اى تراها عند غروبها تَقْرِضُهُمْ القرض القطع ومنه المقراض اى تقطعهم ولا تقربهم ذاتَ الشِّمالِ اى جهة ذات شمال الكهف اى جانبه الذي يلى المشرق وفى القاموس تقرضهم ذات الشمال اى تخلفهم شمالا وتجاوزهم وتقطعهم وتتركهم على شمالها وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ الفجوة الفرجة وما اتسع من الأرض وساحة الدار وهى جملة حالية مبنية لكون ذلك امرا بديعا اى تراها تميل عنهم يمينا وشمالا ولا تحوم حولهم فى نهارهم كله مع انهم فى متسع من الأرض اى فى وسط معرض لاصابتها لولا ان صرفتها عنهم يد التقدير ذلِكَ اى ما صنع الله بهم من تزاور الشمس وقرضها حالتى الطلوع والغروب مع كونهم فى موقع شعاعها مِنْ آياتِ اللَّهِ العجيبة الدالة على كمال علمه وقدرته وحقية التوحيد وكرامة اهله عنده مِنْ [هر كه] يَهْدِ اللَّهُ الى الحق بالتوفيق له فَهُوَ الْمُهْتَدِ الذي أصاب الفلاح واهتدى الى السعادة كلها فلن يقدر على إضلاله أحد والمراد اما الثناء عليهم بانهم المهتدون او التنبيه على ان أمثال هذه الآية كثيرة ولكن المنتفع بها من وفقه الله للاستبصار بها وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلالة لصرف اختياره إليها فَلَنْ تَجِدَ لَهُ ابدا وان بالغت فى التتبع والاستقصاء وَلِيًّا ناصرا مُرْشِداً يهديه الى الفلاح لاستحالة وجوده فى نفسه لا انك لا تجده مع وجوده او إمكانه وَتَحْسَبُهُمْ تظنهم والخطاب فيه كما فى ترى أَيْقاظاً متنبهين جمع يقظ بفتح القاف وكسرها وهو اليقظان ومدار الحسبان انفتاح عيونهم على هيئة الناظر وَهُمْ رُقُودٌ نيام جمع راقد مثل بكيا وجثيا فى سورة مريم جمع باك وجاث والأصل بكوى وجثوى على وزن رقود [در كشف الاسرار آورده كه اين حال نمودار كار جوانمردان طريقتست چون بظواهر ايشان در نكرى بينى كه جلوه كراند در ميدان اعمال و چون سرائر ايشان در يابى بينى كه از هم فارغند در بوستان لطف ذو الجلال بباطن مست وبظاهر هشيار بمعنى بيكار وبصورت در كار] ظاهرى با اين وآن در ساخته ... باطني از جمله وا پرداخته وَنُقَلِّبُهُمْ فى رقدتهم بايدى الملائكة ذاتَ الْيَمِينِ نصب على الظرفية اى جهة تلى ايمانهم وَذاتَ الشِّمالِ اى جهة تلى شمائلهم كيلا تأكل الأرض ما يليها من أبدانهم على طول الزمان قال ابو هريرة رضى الله عنه كانت لهم تقلبتان فى السنة وقال ابن عباس رضى الله عنهما تقلبة واحدة من جانب الى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم وذلك فى يوم عاشوراء وتعجب منه الامام وقال ان الله قادر على حفظهم من غير تقليب وأجاب عنه سعدى المفتى بقوله لا ريب فى قدرة الله ولكن تعالى جعل لكل شىء سببا فى اغلب الأحوال انتهى قال بعض الكبار الميل الى اليمين عند النفي حين التلفظ بكلمة الشهادة والى اليسار عند الإثبات مأخوذ من هذه الآية الشريفة قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة لطبقة وهى ان المريد الذي يربيه الله بلا واسطة المشايخ يحتاج الى ان يكون كالميت بين يدى الغسال مسلما نفسه بالكلية اليه مدة ثلاثمائة سنة وتسع سنين حتى تبلغ مبلغ الرجال والمريد الذي يربيه الله

بواسطة المشايخ لعله يبلغ مبلغ الرجال البالغين بخلوة أربعين يوما او خلوتين او خلوات معدودة وذلك ان هؤلاء خلفاء الله بواسطة المشايخ وصورة لطفه كما ان الأشجار فى الجبال تربى بلا واسطة فلا تثمر كما تثمر الأشجار فى البساتين بواسطة الدهاقين وتربيتهم ز من اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير كه قطره تا صدف را در نيايد ... نكردد كوهر وروشن نتابد وَكَلْبُهُمْ هو كلب راع قد تبعهم على دينهم واسمه قطمير باسِطٌ ذِراعَيْهِ حكاية حال ماضية ولذلك اعمل اسم الفاعل وعند الكسائي وهشام وابى جعفر من البصريين يجوز اعماله مطلقا والذراع من المرفق الى رأس الإصبع الوسطى بِالْوَصِيدِ اى بموضع الباب من الكهف قال فى القاموس الوصيد الفناء والعتبة انتهى قال السدى الكهف لا يكون له عتبة ولا باب وانما أراد ان الكلب منه موضع العتبة من البيت- روى- انه يدخل الجنة مع المؤمنين على ما قال مقاتل عشرة من الحيوانات تدخل الجنة ناقة صالح وعجل ابراهيم وكبش إسماعيل وبقرة موسى وحوت يونس وحمار عزير ونملة سليمان وهدهد بلقيس وكلب اصحاب الكهف وناقة محمد صلى الله عليه وسلم فكلهم يصيرون على صورة كبش ويدخلون الجنة ذكره فى مشكاة الأنوار: قال الشيخ سعدى قدس سره سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد يعنى [با مردمان داخل جنت شد در صورت كبش. ودر تفسير امام ثعلبى مذكور است كه هر كه در شبانروز بر حضرت نوح عليه السلام درود فرستد از كژدم ضررى بوى نرسد وهر كه اين كلمات وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ نوشته با خود دارد از سك متضرر نكردد] قال فى حياة الحيوان اكثر اهل التفسير على ان كلب اهل الكهف كان من جنس الكلاب- وروى- عن ابن جريج انه قال كان أسدا ويسمى الأسد كلبا لان النبي عليه السلام دعا على عتبة بن ابى لهب ان يسلط الله عليه كلبا من كلابه فاكله الأسد والكلب نوعان أهلي وسلوقى نسبة الى سلوق وهى مدينة باليمن ينسب إليها الكلاب السلوقية فانه يكون فيها كلاب طوال يصيدون بها ومن بلاغات الزمخشري السوقية والكلاب السلوقية سواء يعنى ان السوقية لما فيهم من سوء الخلق ورداءة المعاملة والكلاب السلوقية متساويتان وكلا النوعين فى الطبع سواء وفى طبعه الاحتلام وتحيض إناثه قال ابن عباس رضى الله عنهما كلب أمين خير من صاحب خوان وكان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم وكان شديد المحبة لهم فخرج فى بعض منتزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فأكلا وشربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الحارث الى منزله فوجدهما قتيلين عرف الأمر فانشد يقول وما زال يرعى ذمتى ويحوطنى ويحفظ عرسى والخليل يخون فيا عجبا للخل تحليل حرمتى ويا عجبا للكلب كيف يصون وفى عجائب المخلوقات ان شخصا قتل شخصا باصفهان وألقاه فى بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتى كل يوم الى رأس البئر وينحى التراب عنها ويشير وإذا رأى القاتل نبح

عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم أخذوا الرجل فاقر فقتل به قال المولى الجامى فى ذم أبناء الزمان در لباس دوستى سازند كار دشمنى ... حسب الإمكان واجبست از كيدايشان اجتناب شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع ... هم ذئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب وعن الحسن البصري رحمه الله قال فى الكلب عشر خصال ينبغى لكل مؤمن ان تكون فيه. الاولى ان يكون جائعا فانه من دأب الصالحين. والثانية ان لا يكون له مكان معروف وذلك من علامات المتوكلين. والثالثة ان لا ينام من الليل الا قليلا وذلك من علامات المحبين. والرابعة إذا مات لا يكون له ميراث وذلك من صفات المتزهدين. والخامسة انه لا يترك صاحبه وان ضربه وجفاه وذلك من علامات المريدين الصادقين. والسادسة انه يرضى من الأرض بأدنى الأماكن وذلك من علامات المتواضعين. والسابعة إذا تغلب على مكانه تركه وانصرف الى غيره وهذه من علامات الراضين. والثامنة إذا ضرب وطرد وجفى عليه وطرح له كسرة أجاب ولم يحقد على ما مضى وذلك من علامات الخاشعين. والتاسعة إذا حضر الاكل جلس بعيدا ينظر وهذه من خصال المساكين. والعاشرة انه إذا رحل من مكان لا يلتفت اليه وهذه من علامات المخزونين كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي رحمه الله لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ اى لو عاينتهم وشاهدتهم واصل الاطلاع الاشراف على الشيء بالمعاينة والمشاهدة لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ اى هربت فِراراً نصب على المصدرية من معنى ما قبله إذ التولية والفرار من واحد اى وليت تولية او فررت فرارا وَلَمُلِئْتَ [وهر آينه پر كرده شوى] مِنْهُمْ رُعْباً خوفا يملأ الصدر ويرعبه وهو اما مفعول ثان او تمييز وذلك لما البسهم الله من الهيبة والهيئة كانت أعينهم مفتحة كالمستيقظ الذي يريد ان يتكلم قال الكاشفى [مراد آنست كه كسى را طاقت ديدن ايشان نيست بجهت آنكه چشمهاى ايشان كشاده است ومويها وناخونهاى ايشان دراز شده وايشان در مكان مظلم وموحش اند] وعن معاوية رضى الله عنه انه غزا الروم فمر بالكهف فقال لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس رضى الله عنهما ليس لك ذلك وقد منع الله من هو خير منك فقال لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً فقال معاوية لا انتهى حتى اعلم علمهم فبعث ناسا وقال لهم اذهبوا فانظروا ففعلوا فلما دخلوا الكهف جاءت ريح فاحرقتهم وقيل فاخرجتهم فان قيل من اين يفهم المنع من الآية قلنا من حيث دلالتها على انهم لما البسهم الله تعالى من الهيبة لا يستطيع أحد ان ينظر إليهم نظر الاستقصاء وهذا الذي طلبه معاوية ولم يسمع لانه ظن ان هذا المعنى وهو امتناع الاطلاع عليهم مختص بذلك الزمان الذي قبل بعثهم والاعثار عليهم وبناء المسجد فوقهم. واما ابن عباس رضى الله عنهما فقد علم ان ذلك عام فى جميع الأزمان كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لا شك ان عبارة الخطاب فى لو اطلعت وما يليه لحضرة الرسالة وإشارته لكل من يصلح له من أمته فمعاوية داخل تحت اشارة هذا الخطاب فيكون التفتيش عنهم إذا ضائعا لا طائل تحته وذلك لان مطالعة ما خرج عن حد اشكاله من الأمور العجيبة الخارقة لا تتيسر لكل نظر

[سورة الكهف (18) : الآيات 19 إلى 24]

ألا ترى انه عليه السلام مع غلبة الملكية عليه لما رأى جبرائيل على صورته العجيبة وقد سد بأجنحته ما بين المشرق والمغرب خر مغشيا عليه مع ان فى النظر إليهم ابتذالا لهم بالنسبة الى من ليس من اهله وقد جرت عادة الله تعالى على ستر المعاني فى الدنيا والصور فى البرزخ الذي هو مقدمة عالم الآخرة فكما لا يشاهد الروح وهو فى البرزخ لكون حس الرائي حجابا مانعا كذلك الجسد الطاهر الطيب المقدس لكونه متصلا بمقام الروح ولذا لا تأكله الأرض فافهم- حكى- ان صوفيا رأى وليا من اولياء الله تعالى راكبا لاسد وبيده حية بدل السوط فلما شاهده هلك من هيبة المقام خام را طاقة پروانه پر سوخته نيست وَكَذلِكَ قال الكاشفى [چون دقيانوس در غار بر ايشان استوار كرده باز كشت وبدار الملك باز آمدند كه زمانى را باد أجل بناى حياتش درهم فكند وآن همه ملك ومال وجلال متلاشى كشت] دمى چند بشمرد وناچيز شد ... زمانه بخنديد كونيز شد [وبعد از و چند مالك ديكر بر آن ممالك نظر كرد تا نوبت ملك صالح تندروس وكويند تندروسى رسيد واو مردى مؤمن وخداى ترس بود واكثر اهل زمان او را در حشر جسد شبهه افتاد ومنكران شدند هر چند ملك ايشانرا پند داد سود نكرد حق سبحانه وتعالى خواست كه دليل بر حشر جسد بر ايشان نمايد اصحاب كهف را از خواب بيدار كرد چنانچهـ كفت] وَكَذلِكَ اى كما أنمناهم تلك الانامة الطويلة وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى والتحلل آية دالة على كمال قدرتنا بَعَثْناهُمْ اى أيقظناهم من النوم لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ اى ليسأل بعضهم بعضا فيترتب عليه ما فصل من الحكم البالغة قالَ استئناف لبيان تسألهم قائِلٌ مِنْهُمْ هو رئيسهم مكشليينا وفى بحر العلوم مكسلمينا كَمْ [چند وقت] لَبِثْتُمْ فى منامكم لعله قال لما رأى من مخالفة حالهم لما هو المعتاد فى الجملة قالُوا اى بعضهم لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قيل انما قالوه لما انهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم آخر النهار فقالوا لبثنا يوما فلما رأوا ان الشمس لم تغرب بعد قالوا او بعض يوم وكان ذلك بناء على الظن الغالب فلم ينسبوا الى الكذب وقال الكاشفى [ايشان بامداد بغار بر آمده بودند چون در نكريستند آفتاب بوقت چاشت رسيده ديدند قالوا لبثنا كفتند درنك كرديم اينجا يوما روزى اگر دى روز در خواب شده باشيم او بعض يوم يا پاره از روز اگر درين روز خفته باشيم] يقول الفقير هذا اولى مما قبله لان قوله فابعثوا أحدكم بورقكم يدل على بقاء ما يسع فيه الذهاب والإياب من النهار بخلاف ما لو كان الوقت قبيل الغروب إذ يبعد البعث المذكور فيه لعدم إمكان العود عادة لمكان المسافة بين الكهف والمدينة قالُوا اى بعض آخر منهم بما سنح لهم من الادلة او بالهام من الله وقال الكاشفى [پس چون ناخنان خود را باليده ومويهاى سر را دراز يافتند كفتند بعضى از ايشان بعضى ديكريرا] رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ اى أنتم لا تعلمون مدة لبثكم لانها متطاولة ومقدارها مبهم وانما يعلمها الله تعالى وبه يتحقق التحزب

[سورة الكهف (18) : آية 20]

الى الحزبين المعهودين فيما سبق فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ يمليخا بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قالوه إعراضا عن التعمق فى البحث لانه ملتبس لا سبيل لهم الى علمه وإقبالا على ما يهمهم بحسب الحال كما ينبئ عنه الفاء والورق الفضة مضروبة او غير مضروبة ووصفها باسم الاشارة يشعر بان القائل ناولها بعض أصحابه ليشترى بها قوت يومهم ذلك وحملهم لها دليل على ان التزود اى أخذ الزاد لا ينافى التوكل على الله بل هو فعل الصالحين ودأب المنقطعين الى الله دون المتوكلين على الانفاقات والتوكل يكون بعد مباشرة الأسباب: وفى المثنوى كر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن «1» رمز الكاسب حبيب الله شنو ... از توكل در سبب كاهل مشو «2» وكونهم متوكلين علم من قولهم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً والمدينة طرسوس وكان اسمها فى الجاهلية أفسوس قال فى القاموس طرسوس كحلزون بلد مخصب كان للارمن ثم أعيد الى الإسلام فى عصرنا فَلْيَنْظُرْ أَيُّها اى أهلها على حذف المضاف كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ أَزْكى طَعاماً أحل وأطيب واكثر وأرخص طعاما فَلْيَأْتِكُمْ [پس بيارد بشما] بِرِزْقٍ بقوت وهو ما يقوم به بدن الإنسان مِنْهُ اى من ذلك الأزكى طعاما قال الكاشفى [در زمان ايشان در آن شهر كسان بودند كه ايمان خود مخفى مى داشتند غرض آن بود كه ذبيحه ايشان پيدا كند] وَلْيَتَلَطَّفْ وليتكلف اللطف فى المعاملة كيلا يغبن او فى الاستخفاء لئلا يعرف قال بعض المتقدمين حسبت القرآن بالحروف فوجدت النصف عند قوله فى سورة الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ اللام الثاني فى النصف الاول والطاء والفاء فى النصف الثاني كما فى البستان وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً من اهل المدينة فانه يستدعى شيوع اخباركم اى لا يفعلن ما يؤدى الى الشعور بنا من غير قصد فسمى ذلك اشعارا منه بهم لانه سبب فيه فالنهى على الاول تأسيس وعلى الثاني تأكيد للامر بالتلطف إِنَّهُمْ اى ليبالغ فى التلطف وعدم الاشعار لانهم إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ اى يطلعوا عليكم ويظفروا بكم والضمير للاهل المقدر فى ايها يَرْجُمُوكُمْ يقتلوكم بالرحم وهو الرمي بالحجارة ان ثبتم على ما أنتم عليه وهو أخبث القتلة وكان من عادتهم أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ اى يصيروكم الى ملة الكفر او يدخلوكم فيها كرها من العود بمعنى الصيرورة كقوله تعالى أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا وقيل كانوا اولا على دينهم فآمنوا يقول الفقير هذا هو الصواب لقوله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وذلك لانه لو لم يكن ايمانهم حادثا لقيل انهم فتية مؤمنون وإيثار كلمة فى على كلمة الى للدلالة على الاستقرار الذي هو أشد شىء عندهم كراهة وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً اى ان دخلتم فيها ولو بالكره والإلجاء لن تفوزوا بخير أَبَداً لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لانكم وان أكرهتم ربما استدرجكم الشيطان بذلك الى الاجابة حقيقة والاستمرار عليها وفى التأويلات النجمية العجب كل العجب انهم لما كانوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين فى مقام عندية الحق خارحين عن عنديتهم ما احتاجوا الى طعام الدنيا وقد استغنوا

_ (1) در أوائل دفتريكم در بيان ديكر بار بيان كردن شير ترجيح جهد بر توكل (2) در أوائل دفتريكم در بيان باز ترجيح نهادن شير جهد را بر توكل وتسليم

[سورة الكهف (18) : آية 21]

عن الغذاء الجسماني بما نالوا من الغذاء الروحاني كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل الأيام ويقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) فلما رجعوا من عندية الحق الى عندية نفوسهم قالوا فَابْعَثُوا إلخ ففى طلبهم ازكى طعاما اشارة الى ان ارباب الوصول واصحاب المشاهدة لما شاهدوا ذلك الجمال والبهاء وذاقوا طعم الوصال وجدوا حلاوة الانس وملاطفات الحبيب فاذا رجعو الى عالم النفوس تطالبهم الأرواح والقلوب باغذيتهم الروحانية فيتعللون بمشاهدة كل جميل لان كل جمال من جمال الله وكل بهاء من بهاء الله ويتوصلون بلطافة الاطعمة الى تلك الملاطفات كما قالوا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ اى فى الطعام وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً وفيه اشارة الى الاحتراز عن شعور اهل الغفلة بأحوال ارباب المحبة فان لهم فى النهاية أحوالا كأنها كفر عند اهل البداية كما قال ابو عثمان المغربي قدس سره ارفاق العارفين باللطف وارفاق المريدين بالعنف إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يعنى اهل الغفلة يَرْجُمُوكُمْ بالملامة فيما يشاهدون منكم يا اهل المعرفة من وسعة الولاية وقوتها واستحقاق التصرف فى الكونين وانعدام تصرفهما فيكم فانهم بمعزل عن بصيرة يشاهدون بها أحوالكم فمن قصر نظرهم يطعنون فيكم عشق در هر دل كه سازد بهر دردت خانه ... أول از سنك ملامت افكند بنياد او أَوْ يريدون ان يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وهى عبادة أصنام الهوى وطواغيت شهوات الدنيا وزينتها فان رجعتم إليها فلن تفلحوا إذا ابدا يقول الفقير اعلم انه لا يخلوا الاعصار من مثل دقيانوس الجبار صورة ومعنى فمن أراد السلامة فى بدنه ودينه وعمله واعتقاده وعرضه فليجدها فى الوحدة والاعتزال عن الناس والإيواء الى كهف البيت والذهول عن احوال الناس صغيرهم وكبيرهم رفيعهم ووضيعهم كالنائم فانه مسلوب الحس لا يدرى ما الدنيا وما فيها لغموض العينين لا يفرق بين سواد وبياض وان ادعى أحد انه بحر لا يتغير فذلك غرور محض لان عدم التغير لا يحصل الا للمنتهى ففى الاختلاط ضرر كثير وهو كالرضاع يغير الطباع وغايته موافقة اهل الهوى طوعا او كرها نعوذ بالله من ذلك ونسأله الحفظ من الوقوع فى المهالك ونرجو منه الفلاح الأيدي والخلاص السرمدي وَكَذلِكَ قال الكاشفى [يمليخا كه بعقل كامل موصوف بود وصيتها قبول نموده روى بشهر نهاد وبدروازه رسيد أوضاع آن را متغير ديد و چون بشهر در آمد بازار ومحلات وإشكال وألوان مردم بر نمطى ديكر يافت حيرت بر وى غلبه كرد آخر الأمر بدكان خباز آمد ودرمى از آنچهـ همراه داشت بوى داد تا در عوض نان بستاند نان واى زرى ديد منقش بنام دقيانوس خيال بست كه اين مرد كنجى يافته آن زر را ببازارى ديكر بديگرى نمود بيك لحظه اين خبر در بازار منتشر شده بشحنه رسيد ويمليخا را طلبيده تهديدى عظيم نمود وطلب باقى زرها كرد يمليخا كفت من كنجى نيافته ام ديروز اين زر را از خانه پدر بر داشته ام وامروز ببازار آورده ام نام پدرش پرسيدند و چون كفت كسى از اهل شهر ندانست ويرا تكذيب نمودند واو از غايت دهشت كفت مرا پيش دقيانوس بريد كه او از مهم من آگاهى دارد مردمان آغاز استهزا كردند كه دقيانوس

قريب سيصد ساله شد كه مرده است تو ما را أفسوس ميكرى يمليخا كفت شما با من سخريه ميكنيد ديروز ما جماعتى از وى كريخته بكوه رفتيم وامروز مرا بشهر بطلب طعام فرستادند من بجز اين چيزى ندانم القصة او را نزديك ملك آوردند وصورت حال تقرير كرد ملك با جماعتى از مقربان واشراف بلد روى بغار آوردند ويمليخا بغار در آمد وياران را از صورت حال خبر داد وعلى الفور ملك برسيد وآن لوح كه بر در غار بود بر خواندند وأسامي واحوال ايشان معلوم كرد وبا قوم بغار در آمده ايشانرا ديد با رويهاى تازه وجامهاى نو متحير شده بر ايشان سلام كرد جواب دادند حق سبحانه وتعالى ازين حال اخبار فرمود] وَكَذلِكَ اى كما أنمناهم وبعثناهم من تلك النومة لما فى ذلك من اظهار القدرة الباهرة والحكمة البالغة وازدياد بصيرتهم ويقينهم أَعْثَرْنا اى اطلعنا الناس عَلَيْهِمْ اى على اصحاب الكهف وأصله ان الغافل عن شىء ينظر اليه إذا عثر به فيعرفه فكان العثار سبب العلم به فاطلق اسم السبب على المسبب قال فى تهذيب المصادر الاعثار [بر رسانيدن كسى را بر چيزى] قال الله تعالى وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا والاطلاع [بر رسانيدن كسى بر نهانى] العرب تقول اطلع فلان على القوم ظهر لهم حتى رأوه واطلع عنهم غاب عنهم حتى لا يروه لِيَعْلَمُوا اى الذين اطلعناهم على حالهم وهم قوم تندروس الذين أنكروا البعث أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ اى وعده بالبعث للروح والجسد معا حَقٌّ صدق لا خلف فيه لان نومهم وانتباههم بعده كحال من يموت ثم يبعث إذ النوم أخو الموت وَأَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة التي هى عبارة عن وقت بعث الخلائق جميعا للحساب والجزاء لا رَيْبَ فِيها لا شك فى قيامها ولا شبهة فى وقوعها فان من شاهد انه تعالى توفى نفوسهم وأمسكها ثلاثمائة سنة واكثر حافظا أبدانهم من التحلل والتفتت ثم أرسلها إليها علم يقينا انه تعالى يتوفى نفوس جميع الناس ويمسكها الى ان يحشر أبدانها فيردها إليها للحساب والجزاء پيش قدرت كارها دشوار نيست ... عجزها با قوت حق كار نيست يقول الفقير هذا من لطف الله بالقوم وإرشاده إياهم بصورة النوم حيث اظهر هذه القدرة وبين الحق بوجه يقوم مقام بعث الرسول لمن هو من اهل اليقظة وفى التأويلات النجمية قوله وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ اشارة الى انا كما اطلعنا بعض منكرى البعث والنشور بالأجساد على احوال اصحاب الكهف ليعلموا ويتحقق لهم ان وعد الله بالبعث واحياء الموتى حق وان قيام الساعة لا ريب فيه انا قادرون على احياء بعض القلوب الميتة وان وعد الله به بقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وبقوله أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ حق وان قيام قلوب الصديقين المحبين لا ريب فيه انتهى [در تفسير امام ثعلبى مذكور است كه حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم را آرزوى آن شد كه اصحاب كهف را به بيند جبريل آمد كه يا رسول الله تو ايشانرا درين دنيا نخواهى ديد اما از أخيار اصحاب خود چهار كس را بفرست تا ايشانرا بدين تو دعوت كنند آن حضرت فرمود كه چكونه فرستم وكه را برفتن بفرمايم جبريل فرمود

رداى مبارك خود بگستران وصديق وفاروق ومرتضى وابو درداء رضى الله عنهم بگو تا هر يك بگوشه اي نشيند وباد را كه مسخر سليمان بود بطلب كه خداى تعالى او را مطيع تو كردانيد بفرماى تا ايشانرا بر داشته بدان غار برد حضرت آنچنان كرد وصحابه بدر غار رسيدند سنكى بود بر داشتند سك ايشان روشنى بانك در كرفت وحمله آورد واما چون چشم وى ايشانرا ديد دم جنبانيدن آغاز نهاد وبسر اشارت كرد كه در آييد ايشان در آمده كفتند السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حق سبحانه أرواح بأجساد ايشان باز آورد تا بر خاستند وجواب سلام باز دادند صحابه كفتند نبى الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم شما سلام رسانيده ايشان كفتند والسلام على محمد رسول الله پس دعوت كردند ايشانرا بدين اسلام وايشان قبول نمودند وحضرت پيغمبر را سلام رسانيدند باز در مضاجع خود تكيه كردند وبار ديكر نزد خروج مهدى از اهل محمد عليه السلام زنده شوند ومهدى بر ايشان سلام كند وجواب دهند پس بميرند ودر قيامت مبعوث كردند] إِذْ يَتَنازَعُونَ قال بعض اصحاب التفسير هو متعلق با ذكر المقدر يقول الفقير هو الأظهر والأنسب لترتيب الفاء الآتية عليه فيكون كلاما منفصلا عما قبله والمتنازعون هم قوم تندروس بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ اى تدبير امر اصحاب الكهف حين توفاهم الله ثانيا بالموت كيف يخفون مكانهم وكيف يستر الطريق إليهم فَقالُوا اى بعض اهل المدينة ابْنُوا عَلَيْهِمْ اى على باب كهفهم بُنْياناً [ديوارى كه از چشم مردم پوشيده شوند] يعنى لا يعلم أحد تربتهم وتكون محفوظة من تطرق الناس كما حفظت تربة رسول الله بالحظيرة رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ بحالهم وشأنهم لا حاجة الى علم الغير بمكانهم قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ من المسلمين وملكهم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً اى لنبنين على باب كهفهم مسجدا يصلى فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم- روى- انه لما اختلف قوم تندروس فى البعث مقترحين وجاحدين دخل الملك بيته واغلق بابه ولبس مسحا جلس على رماد وسأل ربه ان يظهر الحق فالقى الله تعالى فى نفس رجل من رعيانهم فهدم ما سد به دقيانوس باب الكهف ليتخذه حظيرة لغنمه فعند ذلك بعثهم الله فلما انتشر خبرهم واطلع عليهم الملك واهل المدينة مسلمهم وكافرهم كلموهم وحمدوا الله على الآية الدالة على البعث ثم قالت الفتية للملك نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والانس ثم رجعوا الى مضاجعهم فناموا وماتوا فالقى الملك عليهم ثيابه وامر فجعل لكل واحد نابوتا من ذهب فرآهم فى المنام كارهين للذهب فجعلها من الساج وبنى على باب الكهف مسجدا يقول الفقير هذه حال اهل الفناء ولذا لم يقبل حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره البناء على مرقده فعملوا من الألواح ثم أخذتها الصاعقة كأنه لم يقبل الغطاء وسببه ما سمعته من حضرة شيخى وسندى روح الله روحه وهو انه قال ان الشيخ صدر الدين كان من أولاد الملوك كحضرة مولانا صاحب المثنوى وكان مولانا تاركا للدنيا مطلقا وصدر الدين متجملا صورة حتى كان له خدام متزينون وله إبريق وطشت من فضة وتغير عليه شخص فى ذلك فاشار حضرة الشيخ الى الإبريق فاتى الى حضرة الشيخ وقربه فتحير الحاضرون وتاب الشخص وقال يوما لحضرة مولانا نعيش كالملوك ونضطجع

[سورة الكهف (18) : آية 22]

كالصعلوك فقال مولانا نعيش كالصعلوك ونضطجع كالملوك ولذا ترى تربة مولانا على الاحتشام العظيم دون مرقد صدر الدين رزقنا الله شفاعتهما: قال المولى الجامى وصلش مجو در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه بر تنى كه نهان زير ژنده بود سَيَقُولُونَ الضمائر فى الافعال الثلاثة للخائضين فى قصتهم فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اهل الكتاب والمسلمين لكن لا على وجه اسناد كل فيها الى كلهم الى بعضهم سألوا رسول الله فاخر الجواب الى ان يوحى اليه فيهم فنزلت اخبارا بما سيجرى بينهم من اختلافهم فى عددهم وان المصيب منهم من يقول سبعة وثامنهم كلبهم اى سيقول اليهود هم اى اصحاب الكهف ثَلاثَةٌ اى ثلاثة اشخاص رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ اى جاعلهم اربعة بانصمامه إليهم كلبهم وَيَقُولُونَ اى النصارى وانما لم يجئ بالسين اكتفاء بعطفه على ما هو فيه خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ رميا بالخبر الخفي عليهم وإتيانا به كقوله وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ اى يأتون به او ظنا بالغيب من قولهم رجما بالظن إذا ظن وانتصابه على الحالية من الضمير فى الفعلين معا اى راحمين او على المصدر منهما فان الرجم والقول واحد اى يرجمون رجما بالغيب وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ القائلون المسلمون بطريق التلقن من هذا الوحى وما فيه مما يرشدهم الى ذلك من عدم نظم فى سلك الرجم بالغيب وتغيير سبكه بزيادة الواو المفيدة لزيادة وكادة النسبة فيما بين طرفيها وذلك لان الوحى مقدم على المقالة المذكورة على ما يدل عليه السنن قُلْ تحقيقا للحق وردا على الأولين رَبِّي أَعْلَمُ قال سعدى المفتى اى أقوى علما وأزيد فى الكيفية فان مراتب اليقين متفاوتة فى القوة ولا يجوز ان يكون التفضيل بالاضافة الى الطائفتين الأوليين إذ لا شركة لهما فى العلم بِعِدَّتِهِمْ بعددهم ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ما يعلمهم عدتهم الا قليل من الناس قد وفقهم الله للاستشهاد بتلك الشواهد قال ابن عباس رضى الله عنهما حين وقعت الواو وانقطعت العدة اى لم يبق بعدها عدة عاد يعتد بها وثبت انهم سبعة وثامنهم كلبهم قطعا وجزما وعليه مدار قوله انا من ذلك القليل وعن على رضى الله عنه انهم سبعة نفر اسماؤهم يمليخا ومكشليينا ومشليينا هؤلاء اصحاب يمين الملك وكان عن يساره مرنوش ودبرنوش وشازنوش وكان يستشير هؤلاء الستة فى امره والسابع الراعي الذي وافقهم حين هربوا من ملكهم دقيانوس واسمه كفشططيوش او كفيشيططيوش قال الكاشفى الأصح انه مرطوش قال النيسابورى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان اسماء اصحاب الكهف تصلح للطلب والهرب واطفاء الحريق تكتب فى حرقة ويرمى بها فى وسط النار ولبكاء الطفل تكتب وتوضع تحت رأسه فى المهد وللحرث تكتب على القرطاس وترفع على خشب منصوب فى وسط الزرع وللضربان والحمى المثلثة والصداع والغنى والجاه والدخول على السلاطين تشد على الفخذ اليمنى ولعسر الولادة تشد على فخذها اليسرى ولحفظ المال والركوب فى البحر والنجاة من القتل فَلا تُمارِ المماراة [ستيزه كردن] الفاء لتفريع النهى على ما قبله اى إذ قد عرفت جهل اصحاب القولين الأولين فلا تحادلهم فِيهِمْ اى فى شأن اصحاب الكهف إِلَّا مِراءً ظاهِراً الا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه وهو ان تقص

[سورة الكهف (18) : الآيات 23 إلى 24]

عليهم ما فى القرآن من غير تصريح بجهلهم وتفضيح لهم فانه مما يخل بمكارم الأخلاق وَلا تَسْتَفْتِ [وفتوى مجوى يعنى مپرس] فِيهِمْ اى فى شأنهم مِنْهُمْ اى من الخائضين أَحَداً فان فيما قص عليك لمندوحة عن ذلك مع انه لا اعلم لهم بذلك قال الكاشفى اهل تأويل را در باب اصحاب كهف سخن بسيار است بعض كويند اين قصه نمود از احوال بدلاء سبعة است كه هفت إقليم عالم بوجود ايشان قائمست وكهف خلوتخانه ايشان بود وكلب نفس حيوانيه] وعن الخضر عليه السلام انه قال ثلاثمائة هم الأولياء وسبعون هم النجباء وأربعون هم أوتاد الأرض وعشرة هم النقباء وسبعة هم العرفاء وثلاثة هم المختارون وواحد هو الغوث لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتخشع وحسن الحلية ولكن بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي رحمه الله [ونزد جمعى اشارتست بروح وقلب وعقل فطرى ومعيش وقوت قدسيه وسر وخفى كه تعلق بكهف بدن دارد ودقيانوس نفس اماره است] كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست وَلا تَقُولَنَّ نهى تأديب لِشَيْءٍ اى لاجل شىء تعزم عليه إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ الشيء غَداً اى فيما يستقبل من الزمان مطلقا فيدخل فيه الغد دخولا أوليا فانه نزل حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن اصحاب الكهف وعن ذى القرنين فسألوه صلى الله عليه وسلم فقال (ائتوني غدا أخبركم) ولم يستثن اى لم يقل ان شاء الله وتسميته استثناء لانه يشبه الاستثناء فى التخصص فابطأ عليه الوحى ايام حتى شق عليه. يعنى [غبار ملال بر مرآت دل بي غل آن حضرت نشست] وكذبته قريش وقالوا ودعه ربه وأبغضه إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من النهى اى لا تقولن ذلك فى حال من الأحوال الا حال ملابسته بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد وهو ان يقال ان شاء الله وفيه اشارة الى ان الاختيار والمشيئة لله وافعال العباد كلها مبنية على مشيئته كما قال وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ اى قل ان شاء الله إِذا نَسِيتَ ثم تذكرته كما روى انه عليه السلام لما نزل قال (ان شاء الله) وَقُلْ عَسى [شايد كه] أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي اى يوفقنى لِأَقْرَبَ مِنْ هذا اى لشئ اقرب واظهر من نبأ اصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتى رَشَداً اى إرشادا للناس ودلالة على ذلك وقد فعل حيث أراه من البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء المتباعدة ايامهم والحوادث النازلة فى الاعصار المستقبلة الى قيام الساعة قال سعدى المفتي لما جعل اليهود الحكاية عن اصحاب الكهف دالة على نبوته هون الله أمرها وقال قُلْ عَسى الآية كما هون المحكي فى مفتتح الكلام بقوله أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ الآية انتهى وقال السمرقندي فى بحر العلوم والظاهر

ان يكون المعنى إذا نسيت شيأ فاذكر ربك وذكر ربك عند نسيانه ان تقول عسى ربى ان يهدينى لشئ آخر بدل هذا المنسى اقرب منه رشدا وادنى خيرا ومنفعة انتهى قال الامام فى تفسيره والسبب فى انه لا بد من ذكر هذا القول هو ان الإنسان إذا قال سافعل الفعل الفلاني غدا لم يبعد ان يموت قبل ان يجيئ الغد ولم يبعد ايضا لو بقي حيا ان يعوقه من ذلك الفعل عائق فاذا لم يقل ان شاء لله صار كاذبا فى ذلك الوعد والكذب منفر وذلك لا يليق بالأنبياء عليهم السلام فلهذا السبب وجب عليه ان يقول ان شاء الله حتى انه بتقدير ان يتعذر عليه الوفاء بذلك الموعود لم يصر كاذبا فلم يحصل التنفير انتهى قال ابو الليث رحمه الله روى ابو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال قال سليمان بن داود عليهما السلام (لا طوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة تأتى بغلام يقاتل فى سبيل الله ونسى ان يقول ان شاء الله فلم تأت واحدة منهن بشئ الا امرأة بشق غلام) فقال النبي عليه السلام (والذي نفسى بيده لو قال ان شاء الله لولد له ذلك) وذلك ان من لم يعلق فعله بمشيئته تعالى فان من سنته ان يجرى الأمر على خلاف مشيئته ليعلم ان لا مشيئية فى الحقيقة الا لله تعالى وفى الحديث (ان من تمام ايمان العبد ان يستثنى فى كل حديثه) اى سواء كان ذلك باللسان والقلب معا او بالقلب فقط فان مجرد الاستثناء باللسان غير مفيد: وفى المثنوى ترك استثناء مرادم قسوتيست ... نى همين كفتن كه عارض حالتيست «1» اى بسا ناورده استثنا بكفت ... جان او با جان استثناست جفت ومن لطائف روضة الخطيب انه سئل رجل الى اين فقال الى الكناسة لا شترى حمارا فقيل قل ان شاء الله فقال لست احتاج الى الاستثناء فالدراهم فى كمى والحمير فى الكناسة فلم يبلغ الكناسة حتى سرقت دراهمه من كمه فرجع فقال رجل من اين قال من الكناسة ان شاء الله سرقت دراهمى ان شاء الله واعلم ان ابن عباس رضى الله عنهما جوز الاستثناء المنفصل بالآية المذكورة وعامة الفقهاء على خلافه إذ لوصح ذلك لما تقرر اقرار اقرار ولا طلاق ولا عتاق ولم يعلم صدق ولا كذب فى الاخبار عن الأمور المستقبلة قال القرطبي فى تأويل الآية هذا فى تدارك التبرّى والتخلص من الإثم واما الاستثناء المغير للحكم فلا يكون الا متصلا انتهى قال فى مناقب الامام الأعظم روى ان محمد بن إسحاق صاحب المغازي كان يحسد أبا حنيفة لما روى من تفضيل المنصور ابى جعفر أبا حنيفة على سائر العلماء فقال محمد بن إسحاق عند امير المؤمنين ابى جعفر المنصور لابى حنيفة ما تقول فى رجل حلف وسكت ثم قال ان شاء الله بعد ما فرغ من يمينه وسكت فقال ابو حنيفة لا يعمل الاستثناء لانه مقطوع واسما ينفعه إذا كان متصلا فقال محمد بن إسحاق كيف لا ينفعه وقد قال جد امير المؤمنين وهو عبد الله بن عباس رضى الله عنهما انه يعمل الاستثناء وان كان بعد سنة لقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ فقال امير المؤمنين أهكذا قول جدى فقال نعم فقال المنصور على وجه الغضب لابى حنيفة أتخالف جدّى يا أبا حنيفة فقال ابو حنيفة لقول ابن عباس تأويل يخرج على الصحة ثم قال لامير المؤمنين ان هذا وأصحابه لا يرونك أهلا للخلافة لانهم يبايعونك ثم يخرجون فيقولون

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان حكايت عاشق شدن پادشاه بر كنيزك إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 25 إلى 30]

ان شاء الله ويخرجون من بيعتك ولا يكون فى عنقهم حنث فقال امير المؤمنين لاعوانه خذوا هذا يعنى محمد بن إسحاق فاخذوه وجعلوا رداءه فى عنقه وحبسوه ملزم آمد محمد إسحاق ... مبتلا شد بنقيض اطلاق وفيه تعظيم امام الملة قائل الحق بغير العلة وَلَبِثُوا اى الفتية وهو بيان لا جمال قوله فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فِي كَهْفِهِمْ احياء نياما ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ عطف بيان لثلاثمائة لا تمييز والا لكان اقل مدة لبثهم عند الخليل ستمائة سنة لان اقل الجمع عنده اثنان وعند غيره تسعمائة لان اقله ثلاثة عندهم هذا على قراءة مائة بالتنوين واما على قراءة الاضافة فاقيم الجمع مقام المفرد لان حق المائة ان يضاف الى المفرد وجه ذلك ان المفرد فى ثلاثمائة درهم فى المعنى جمع فحسن إضافته الى لفظ الجمع كما فى الأخسرين أعمالا فانه ميز بالجمع وحقه المفرد نظرا الى مميزه وَازْدَادُوا تِسْعاً اى تسع سنين وهو اشارة الى ان ذلك الحساب على اعتقاد اهل الكتاب شمسى واما عند العرب فهو قمرى والقمري يزيد على الشمسى تسعا لان التفاوت بينهما فى كل مائة سنة ثلاث سنين ولذلك قال وازدادوا تسعا هو مفعول ازدادوا والسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قال الكاشفى [وبتحقيق سيصد سال شمسى سيصد ونه سال قمرى ودو ماه نوازده روز باشد] قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا قال البغوي ان الأمر فى مدة لبثهم كما ذكرنا فان نازعوك فيها فاجبهم وقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا اى بالزمان الذي لبثوا فيه لان علم الخفيات مختص به ولذلك قال لَهُ خاصة غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب عن اهل الأرض أَبْصِرْ بِهِ [چهـ بيناست خداى تعالى بهر موجودى] وَأَسْمِعْ [و چهـ شنواست بهر مسموعى] قال الشيخ فى تفسيره الضمير فى به لله محله رفع لكونه فاعلا لفعل التعجب والباء زائدة والهمزة فى الفعلين للصيرورة أصله بصر الله وسمع ثم غير الى لفظ الأمر وليس بامر إذ لا معنى للامر هنا ومعناه ما ابصر الله بكل موجود وما أسمعه لكل مسموع وصيغة التعجب ليست على حقيقتها لاستحالته على الله بل للدلالة على ان شأن علمه بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه ادراك المدركين لا يحجبه شىء ولا يحول دونه حائل ولا يتفاوت بالنسبة اليه اللطيف والكثيف والصغير والكبير والخفي والجلى ولعل تقديم امر ابصاره تعالى لما ان الذي نحن بصدده من قبيل المبصرات قال فى التأويلات النجمية أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ اى هو البصير بكل موجود وهو السميع بكل مسموع فيه ابصر وبه اسمع انتهى قال القيصري رحمه الله سمعه تعالى عبارة عن تجليه بعلمه المتعلق بحقيقة الكلام الذاتي فى مقام جمع الجمع والاعيانى فى مقام الجمع والتفصيل ظاهرا وباطنا لا بطريق الشهود وبصره عبارة عن تجليه وتعلق علمه بالحقائق على طريق الشهود وكلامه عبارة عن التجلي الحاصل من تعلق الارادة والقدرة لاظهار ما فى الغيب وإيجاده قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً الآية ما لَهُمْ اى لاهل السموات والأرض مِنْ دُونِهِ

[سورة الكهف (18) : آية 27]

تعالى مِنْ وَلِيٍّ يتولى أمرهم وينصرهم استقلالا ومن الاولى متعلقة بولي على الحال والثانية للاستغراق كأنه قيل ما لهم من دونه ولى ما وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً اى لا يجعل الله تعالى أحدا من الموجودات العلوية والسفلية شريكا لذاته العالية فى قضائه الأزلي الى الابد لعزته وغناه قال الامام المعنى انه تعالى لما حكى ان لبثهم هو هذا المقدار فليس لاحد ان يقول بخلافه انتهى قال بعض الكبار هذه الأمور المدبرة المنزلة بين السموات والأرض الجارية الحادثة فى الواقع الظاهرة على أيدي مظاهرها وأسبابها فى الخارج فى الليل والنهار هى الأمور المحكمة المحفوظة من تبديل غير الحق تعالى وتغييره لانها المقادير التي قدرها ودبرها واحكم صنعها ولا قدرة لاحد غيره على محو ما أثبته واثبات ما محاه يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وليس لغيره كائنا من كان غير التسليم والرضى إذ ليس بشريك له تعالى فى حكمه وفى الحديث القدسي (قدرت المقادير ودبرت التدبير وأحكمت الصنع فمن رضى فله الرضى منى حتى يلقانى ومن سخط فله السخط منى حتى يلقانى) : قال الحافظ رضا بداده بده وزجبين كره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست وقال در دائره قسمت ما نطقه تسليميم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى يعنى ليس للعبد اعتراض على المولى فى حكمه وامره وانما له التسليم والرضى وترك التدبير كما قال بعض الكبار عن لسان الحق تعالى يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله وهذا مقال عال لم يصل اليه الا افراد الرجال الذين رفعوا منازعة النفس من البين ومشوا بالتسليم والرضى فى كل اين يا رجل اين هم فى هذا الزمان وكيف تبين حالهم للانسان فاجتهد لعلك تظفر بواحد منهم حتى تكون ممن رضى الله عنهم وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ اى القرآن للتقرب الى الله تعالى بتلاوته والعمل بموجبه والاطلاع على أسراره ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله والفرق بين التلاوة والقراءة ان التلاوة قراءة القرآن متابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة أعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ لا قادر على تبديله وتغييره غيره تعالى كقوله وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ فهو عام مخصوص فافهم وَلَنْ تَجِدَ ابد الدهر وان بالغت فى الطلب مِنْ دُونِهِ تعالى مُلْتَحَداً ملتجأ تعدل اليه عند نزول بلية وقال الشيخ فى تفسيره ولن تجد من دون عذابه ملتجأ تلجأ اليه ان هممت بذلك التبديل فرضا انتهى واعلم ان القرآن لا يتبدل ابدا ولا يتغير بالزيادة والنقصان سرمدا وكذا أحكامه لانه محفوظ فى الصدور بنظمه ومعانيه وانما يتبدل اهله بتبدل الاعصار فيعود العلم والعمل الى الجهل والترك نعوذ بالله تعالى قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى أنفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم كر همه علم عالمت باشد ... بي عمل ومدعى وكذابى

[سورة الكهف (18) : آية 28]

ومن فرق المتصوفة المبتدعة قوم يسمون بالالهامية يتركون طلب العلم والدرس ويقولون القرآن حجاب والاشعار قرآن الطريقة فيتركون القرآن ويتعلمون الاشعار فهلكوا بذلك قال الكمال الخجندي دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست قال ابراهيم الخواص جلاء القلب ودواؤه خمسة قراءة القرآن بالتدبر واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين فمن اشتغل بشهوته وهواه عن هذه الأمور الشاقة بقي على مرضه الروحاني ولم يجد لنفسه ملتحدا سوى العذاب والهلاك فانظر يا مسيئ الأدب ان لا مرجع الا الى الله تعالى فكيف ترجع اليه بالاشعار التي اخترعتها أنت وامثالك من اهل النفس والهوى بدل القرآن الذي أرسله الله إليك وامر بالعمل به فما جوابك يوم يجثو المقربون على ركبهم من الهول كما قال الشيخ سعدى در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا فالواجب ان تجثو فى هذا اليوم بين يدى عالم لتعلم القرآن وكيفية العمل به ومعرفة طريق الوصول الى حقائقه فانه نسخة الهية فيها علوم جميع الأنبياء والأولياء فمن أراد دخول الدار من شيخ وشاب فليأت من طرف الباب وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ وهو جالس فى الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ وهو فى غير الصلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات قالوا أفضل التلاوة على الوضوء والجلوس شطر القبلة وان يكون غير متربع ولا متكئ ولا جالس جلسة متكبر ولكن نحو ما يجلس بين يدى من يهابه ويحتشم منه وفى الأشباه استماع القرآن اثوب من تلاوته انتهى فما يفعل البعض فى هذا الزمان من إخفاء آية الكرسي فى بعض الجوامع والمجامع ليس على ما ينبغى وذلك لان فى القوم من هو أمي لا يحسن قراءة الآية المذكورة فاللائق ان يجهر بها المؤذن لينال المستمعون ثواب التلاوة بل أزيد وهو ظاهر على ارباب الانصاف ولا يخرج عن هذا الحد الا اصحاب الاعتساف وَاصْبِرْ نَفْسَكَ احبسها وثبتها مصاحبة مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ فى أول النهار وآخره والمراد الدوام اى مداومين على الدعاء فى جميع الأوقات او بالغداة لطلب التوفيق والتيسير والعشى لطلب عفو التقصير نزلت حين طلب رؤساء الكفار طرد فقراء المسلمين من مجالسه عليه السلام كصهيب وعمار وخباب وغيرهم وقالوا اطرد هؤلاء الذين ريحهم ريح الصنان يعنى [اين پشمينه پوشان بي قدر را كه بوى خرقهاى ايشان ما را متأذى دارد از مجلس خود دور ساز] حتى نجالسك فان اسلمنا اسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك الا هؤلاء لانهم قوم ارذلون كما قال قوم نوح أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ فلم يأذن الله فى طرد الفقراء لاجل ان يؤمن جمع من الكفار فان قيل يرجح الأهم على المهم وطرد الفقراء يسقط حرمتهم وهو ضرر قليل وعدم طردهم يوجب بقاء الكفار على كفرهم وهو ضرر عظيم قلنا من ترك

الايمان حذرا من مجالسة الفقراء لم يكن إيمانه ايمانا بل يكون نفاقا قبيحا يجب ان لا يلتفت اليه كذا فى تفسير الامام يقول الفقير شان النبوة عظيم فلو طردهم لاجل امر غير مقطوع كان ذنبا عظيما بالنسبة الى منصبه الجليل مع ان الطرد المذكور من ديدن الملوك والا كابر من اهل الظواهر وعظماء الدين يتحاشون عن مثل ذلك الوضع نظرا الى البواطن والسرائر يُرِيدُونَ بدعائهم ذلك وَجْهَهُ تعالى حال من الضمير المستكن فى يدعون اى مريدين لرضاه لا شىء آخر من اعراض الدنيا فالوجه مجاز عن الرضى والمناسبة بينهما ان الرضى معلوم فى الوجه وكذا السخط كما فى الحواشي الحسينية على التلويح وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ اى لا يجاوزهم نظرك الى غيرهم قال الكاشفى [بايد كه نكذرد چشمهاى تو از ايشان] من عدا الأمر وعنه جاوزه كما فى القاموس فعيناك فاعل لا تعد وهذا نهى للعينين والمراد صاحبهما يعنى نهيه عليه السلام عن الازدراء بفقراء المسلمين لرثاثة زيهم طموحا الى زى الأغنياء وقال ذو النون رحمه الله خاطب الله نبيه عليه السلام وعاتبه وقال له اصبر على من صبر علينا بنفسه وقلبه وروحه وهم الذين لا يفارقون محل الاختصاص من الحضرة بكرة وعشيا فمن لم يفارق حضرتنا فحق ان تصبر عليه فلا تفارقه وحق لمن لا تعد وعينهم عنى طرفة عين ان لا ترفع نظرك عنهم وهذا جزاؤهم فى العاجل تُرِيدُ يا محمد زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى تطلب مجالسة الأغنياء والاشراف واهل الدنيا وهى حال من الكاف وفى اضافة الزينة الى الحياة الدنيا تحقير لشأنها وتنفير عنها قال الكاشفى [ببايد دانست كه آن حضرت را هركز بدنيا وزينت آن ميل نبوده بلكه معنئ آيت اينست كه مكن عمل كسى مائل بزينت دنيا چهـ مائل بدنيا از فقر معرض وبر اغنيا مقبل باشد] وفى زبدة التفاسير تريد حال صرف للاستقبال لا انه حكم على النبي عليه السلام بإرادته زينة الدنيا وهو قد حذر عن الدنيا وزينتها ونهى عن صحبة الأغنياء كما قال (لا تجالسوا الموتى) يعنى الأغنياء وَلا تُطِعْ فى تنحية الفقراء عن مجلسك مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور اى جعلت قلبه فى فطرته الاولى غافلا عن الذكر ومحتوما عن التوحيد كرؤساء قريش وَاتَّبَعَ هَواهُ الهوى بالفارسية [آرزوى نفس] مصدر هويه إذا أحبه واشتهاه ثم سمى به المهوى المشتهى محمودا كان او مذموما ثم غلب على غير المحمود وقيل فلان اتبع هواه إذا أريد ذمه ومنه فلان من اهل الهوى إذا زاغ عن السنة متعمدا وحاصله ميلان النفس الى ما تشتهيه وتستلذه من غير داعية الشرع قالوا يجوز نسبة فعل العبد الى نفسه من جهة كونه مقرونا بقدرته ومنه واتبع هواه والى الله من حيث كونه موجدا له ومنه أغفلنا وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً قال فى القاموس الفرط بضمتين الظلم والاعتداء والأمر المجاوز فيه عن الحد انتهى اى متقدما للحق والصواب نابذا له وراء ظهره من قولهم فرس فرط اى متقدم للخيل وفى التأويلات وَكانَ أَمْرُهُ فى متابعة الهوى هلاكا وخسرانا وفى الآية تنبيه على ان الباعث لهم الى هذا الاستعداد اغفال قلوبهم عن ذكر الله واشغالها بالباطل الفاني عن الحق الباقي وعلى ان العبرة والشرف بحلية النفس وصفاء القلب وطهارة

[سورة الكهف (18) : آية 29]

السرائر لا بزينة الجسد وحسن الصورة والظواهر: قال الحافظ قلندران حقيقت به نيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست وقال الجامى قدس سره چهـ غم منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان زروم بود كوتن از حبش مى باش «1» وفى الحديث (ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم) يعنى إذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا مطلقا وكذا الحكم فى الظاهر والباطن فافهم- روى- ان الله تعالى لما اتخذ ابراهيم خليلا قالت الملائكة يا رب انه كيف يصلح للخلة وله شواغل من النفس والولد والمال والمرأة فقال تعالى انا لا انظر الى صورة عبدى وما له بل الى قلبه واعماله وليس لخليلى محبة لغيرى فان شئتم جربوه فجاءه جبريل وكان لابراهيم عليه السلام اثنا عشر كلبا للصيد ولحفظ الغنم وطوق كل كلب من الذهب إيذانا بخساسة الدنيا وحقارتها فسلم عليه جبريل فقال لمن هذه فقال لله ولكن فى يدى فقال تبيع واحدا منها قال اذكر الله وخذ ثلثها فقال سبوح قدوس رب الملائكة والروح فاعطى الثلث ثم قال اذكره ثانيا وخذ ثلثها واذكر ثالثا وخذ كلها برعاتها وكلابها ثم اذكره رابعا وانا أقر لك بالرق فقال الله تعالى كيف رأيت خليلى يا جبريل قال نعم العبد خليلك يا رب فقال ابراهيم لرعاة الغنم سوقوا الأغنام خلف صاحبى هذا فقال جبريل لا حاجة لى الى ذلك واظهر نفسه فقال انا خليل الله لا استرد هبتى فاوحى الله الى ابراهيم ان يبيعها ويشترى بثمنها الضياع والعقار ويجعلها وقفا فاوقاف الخليل وما يؤكل على مرقده الشريف من ثمنها واعلم ان قدر الاذكار لا يعرفه الا الكبار ألا يرى ان الخليل كيف فدى نفسه بعد إعطاء الكل بشرف ذكر الله وتعظيمه فليسارع العشاق الى ذكر القادر الخلاق فان صيقل القلوب ذكر علام الغيوب: قال الشيخ المغربي قدس سره اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... چهـ سودا گر چهـ كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدا ... غبار شرك كه ناپاك كردد از زنكار قال اهل التحقيق ان كلمة التوحيد لا اله الا الله إذا قالها الكافر تنفى عنه ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد وإذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفعه فى المرة الاولى فان مقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد وفى الحديث (جلوسك ساعة عند حلقة يذكرون الله خير من عبادة الف سنة) كما فى مجالس حضرة الهدايى قدس سره والذكر يوصل الى حضور المذكور وشهوده فى مقام النور قال جلا الدين الرومي قدس سره آدمي ديدست وباقى پوستست ... ديد آن ديديكه ديدى دوستست اللهم اجعلنا من اهل النظر الى نور جمالك ومن المتشرفين بشرف وصالك وَقُلِ لاولئك الغافلين المتبعين هواهم الْحَقُّ ما يكون مِنْ رَبِّكُمْ من جهة الله لا ما يقتضيه الهوى فانه باطل او هذا الذي اوحى الى هو الحق كائنا من ربكم فقد جاء الحق وانزاحت

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان آمدن رسول قيصر روم بنزد عمر برسالت

العلل فلم يبق الا اختياركم لانفسكم ما شئتم مما فيه النجاة والهلاك وفى التأويلات النجمية وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فى التبشير والانذار وبيان السلوك لمسالك ارباب السعادة والاحتراز عن مهالك اصحاب الشقاوة فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ من نفوس اهل السعادة وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ من قلوب اهل الشقاوة قال فى الإرشاد فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ كسائر المؤمنين ولا يتعلل بما لا يكاد يصلح للتعليل وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ لا أبالي بايمان من آمن وكفر من كفر فلا اطرد المؤمنين المخلصين لهواكم لرجاء ايمانكم بعد ما تبين الحق ووضح الأمر وهو تهديد ووعيد لا تخيير أراد ان الله تعالى لا ينفعه ايمانكم ولا يضره كفركم فان شئتم فآمنوا وان شئتم فاكفروا فان كفرتم فاعلموا ان الله يعذبكم وان آمنتم فاعلموا انه يثيبكم كما فى الاسئلة المقحمة قال تعالى إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ اى عن ايمانكم وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وان تعلق به إرادته من بعضهم ولكن لا يرضى رحمة عليهم لأستضرارهم به وَإِنْ تَشْكُرُوا الله فتؤمنوا يَرْضَهُ لَكُمْ اى الشكر قال فى بحر العلوم فمن شاء الايمان فليصرف قدرته وإرادته الى كسب الايمان وهو ان يصدق بقلبه بجميع ما جاء من عند الله ومن شاء عدمه فليختره فانى لا أبالي بكليهما وفيه دلالة بينة على ان للعبد فى إيمانه وكفره مشيئة واختيارا فهما فعلان يتحققان بخلق الله وفعل العبد معا وكذا سائر أفعاله الاختيارية كالصلاة والصوم مثلا فان كل واحد منهما لا يحصل الا بمجموع إيجاد الله وكسب العبد وهو الحق الواسط بين الجبر والقدرة ولولا ذلك لما ترتب استحقاق العباد على ذلك بقوله إِنَّا أَعْتَدْنا هيأنا لِلظَّالِمِينَ اى لكل ظالم على نفسه بارادة الكفر واختياره على الايمان ناراً عظيمة عجيبة أَحاطَ بِهِمْ يحيط بهم وإيثار صيغة الماضي للدلالة على التحقق سُرادِقُها اى فسطاطها وهو الخيمة شبه به ما يحيط بهم من النار وفى بحر العلوم السرادق ما يدار حول الخيمة من شقق بلا سقف وعن ابى سعيد قال عليه السلام (سرادق النار اربعة جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة) وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا [واگر فرياد خواهى كنند از تشنكى] يُغاثُوا [فرياد رس شوند] بِماءٍ كَالْمُهْلِ كالحديد المذاب وقيل غير ذلك والتفصيل فى القاموس وعلى اسلوب قوله يعنى فى التهكم فاعتبوا بالصيلم اى يجعل المهل لهم مكان الماء الذي طلبوه كما ان الشاعر جعل الصيلم لهم اى الداهية مكان العتاب الذي يجرى بين الاحبة يَشْوِي [بريان كند وبسوزد] الْوُجُوهَ إذا قدم ليشرب من فرط حرارته وعن النبي عليه السلام (هو كعكر الزيت) اى در ديه فى الغلظة والسواد فاذا قرب اليه سقطت فروة وجهه بِئْسَ الشَّرابُ ذلك الماء الموصوف لان المقصود تسكين الحرارة وهذا يبلغ فى الإحراق مبلغا عظيما وَساءَتْ النار مُرْتَفَقاً تمييز اى متكأ ومنزلا واصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخد وأنى ذلك فى النار وانما هو لمقابلة قوله وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً وقال سعدى المفتى الاتكاء على المرفق كما يكون للاستراحة يكون للتحير والتحزن وانتفاء الاول هنا مسلم دون الثاني فلا تثبت المشاكلة انتهى يقول الفقير المتكأ بمعنى [تكيه كاه] بالفارسية والاعتماد لا يراد حقيقته وانما يراد المنزل فيجرد عن الاستراحة لكونه جهنم

[سورة الكهف (18) : آية 30]

نعوذ بالله منها فعلى المؤمن الاجتناب عن الظلم والمعاصي والإصرار عليهما على تقدير الذلة فالتدارك بالاستغفار والندامة والاشتغال بالتوحيد والاذكار والا فالسفر بعيد وحر النار شديد وماؤها مهل وصديد وقيدها حديد وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا ينعل بنعلين من نار يغلى دماغه من حرارة نعله) - روى- عن مالك بن دينار انه قال مررت على صبى وهو يلعب بالتراب يضحك تارة ويبكى اخرى قاردت ان اسلم عليه فمنعتنى نفسى فقلت يا نفس كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم على الصغار والكبار فسلمت فقال وعليك السلام ورحمة الله يا مالك فقلت ومن اين عرفتنى قال الفت روحى بروحك فى عالم الملكوت فعرفنى الحي الذي لا يموت فقلت ما الفرق بين النفس والعقل فقال نفسك التي منعتك عن السلام وعقلك الذي حرضك عليه فقلت لم تلعب بالتراب فقال لانا خلقنا منه ونعود اليه فقلت ولم الضحك والبكاء قال إذا ذكرت عذاب ربى ابكى وإذا ذكرت رحمته اضحك فقلت يا ولدي أي ذنب لك حتى تبكى اى لانك لست بمكلف قال لا تقل هذا فانى رأيت أمي لم توقد الحطب الكبار الا بالصغار فعليك بالاعتبار: وفى المثنوى نى ترا از روى ظاهر طاعتى ... نى ترا در سر باطن نيتى نى ترا شبها مناجات وقيام ... نى ترا در روز پرهيز وصيام نى ترا حفظ زبان ز آزار كس ... نى نظر كردن بعبرت پيش و پس پيش چهـ بود ياد مرك ونزع خويش ... پس چهـ باشد مردن ياران ز پيش نى ترا بر ظلم توبه پر خروش ... اى دغا كندم نماى جو فروش چون ترازوى تو كج بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا چونكه پاى چب بدى در غدر وكاست ... نامه چون آيد ترا در دست راست چون جزا سايه است اى قد تو خم ... سايه تو كج فتد در پيش هم وعن يزيد الرقاشي انه قال جاء جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم متغير اللون قال النبي عليه السلام (يا جبريل مالى أراك متغير اللون) فقال يا محمد جئتك الساعة التي امر الله فيها بمنافخ النار فقال صلى الله عليه وسلم (صف لى جهنم) قال يا محمد ان الله لما خلق جهنم جعلها سبع طبقات ان أهون طبقة منها فيها سبعون الف الف جبل من نار وفى كل جبل سبعون الف الف واد من نار وفى كل واد سبعون الف الف بيت من نار وفى كل بيت سبعون الف الف صندوق من نار وفى كل صندوق سبعون الف الف نوع من العذاب نعوذ بالله تعالى منه كذا فى مشكاة الأنوار وهذا غير محمول على المبالغة بل هو على حقيقته لانه مقابل بنعيم الجنان فكل من العذاب والنعيم خارج عن دائرة العقل وليس للعاقل الا التسليم والاحتراز عن موجبات العذاب الأليم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين عمل القلب وعمل الأركان. والصالحات جمع صالحة وهى فى الأصل صفة ثم غلب استعمالها فيما حسنه الشرع من الأعمال فلم تحتج الى موصوف ومثلها الحسنة فيما يتقرب به الى الله تعالى إِنَّا لا نُضِيعُ [الاضاعة كم كردن] أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا الاجر الجزاء على العمل وعملا مفعول احسن والتنوين للتقليل ووضع الظاهر موضع

[سورة الكهف (18) : الآيات 31 إلى 36]

الضمير للدلالة على ان الاجر انما يستحق بالعمل دون العلم إذ به يستحق ارتفاع الدرجات والشرف والرتب كما فى الحديث القدسي (ادخلوا الجنة بفضلي واقتسموها بأعمالكم) وعن البراء ابن عازب رضى الله عنه قال قام أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال انى رجل متعلم فخبرنى عن قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا الآية فقال عليه السلام (يا أعرابي ما أنت منهم بعيد وما هم عنك ببعيدهم هؤلاء الاربعة الذين هم وقوف معى أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم فاعلم قومك ان هذه الآية نزلت فى هؤلاء الاربعة) ذكره الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام أُولئِكَ المنعوتون بالنعت الجليل لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ قال الامام العدن فى اللغة الاقامة فيجوز ان يكون المعنى أولئك لهم جنات اقامة كما يقال هذه دار اقامة ويجوز ان يكون العدن اسما لموضع معين من الجنة وهو وسطها واشرف مكان وقوله جنات لفظ جمع فيمكن ان يكون المراد ما قاله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ثم قال وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ويمكن ان يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ الاربعة من الخمر واللبن والعسل والماء العذب وذلك لان أفضل البساتين فى الدنيا البساتين التي تجرى فيها الأنهار يُحَلَّوْنَ فِيها اى فى تلك الجنات من حليت المرأة إذا لبست الحلي وهى ما تتحلى به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجوهر والتحلية [پيرايه بر كردن] قال الكاشفى [پيرايه بسته شوند در ان بوستانها] مِنْ أَساوِرَ من ابتدائية وأساور جمع اسورة وهى جمع سوار بالفارسية [دستوان] مِنْ ذَهَبٍ من بيانية صفة لاساور وتنكيرها لتعظيم حسنها وتبعيده من الا حالة به قال فى بحر العلوم وتنكير أساور للتكثير والتعظيم عن سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ وياقوت فهم يسورون بالأجناس الثلاثة على المعاقبة او على الجمع كما تفعله نساء الدنيا ويجمعن بين انواع الحلي قال بعض الكبار اى يتزينون بانواع الحلي من حقائق التوحيد الذاتي ومعانى التجليات العينية الاحدية فالذهبيات هى الذاتيات والفضيات هى الصفات النوريات كما قال وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً [جامهاى سبز] وذلك لان الخضرة احسن الألوان وأكثرها طراوة وأحبها الى الله تعالى مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مارق من الديباج وما غلظ منه والديباج الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم وإستبرق ليس باستفعل من البرق كما زعمه بعض الناس بل معرب استبره جمع بين النوعين للدلالة على ان لبسهما مما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين اعلم ان لباس اهل الدنيا اما لباس التحلي واما لباس الستر فاما لباس التحلي فقال تعالى فى صفته يُحَلَّوْنَ الآية واما لباس الستر فقال تعالى فى صفته وَيَلْبَسُونَ الآية فان قيل ما السبب فى انه تعالى قال فى الحلي يحلون على فعل ما لم يسم فاعله والمحلى هو الله او الملائكة وقال فى السندس والإستبرق ويلبسون بإسناد اللبس إليهم قلنا يحتمل ان يكون اللبس اشارة الى ما استوجبوه بعلمهم بمقتضى الوعد الإلهي وان يكون الحلي اشارة الى ما تفضل الله به عليهم تفضلا زائدا على مقدار الوعد وايضا فيه إيذان بكرامتهم وبيان ان غيرهم يفعل بهم ذلك ويزينهم به بخلاف اللبس فانه يتعاطاه بنفسه شريفا وحقيرا

[سورة الكهف (18) : آية 32]

يقول الفقير لا شك ان لباس الستر يلبسه المرء بنفسه ولو كان سلطانا فلذا أسند اليه واما لباس الزينة فنيره يزينه به عادة كما يشاهد فى السلاطين والعرائس ولذا أسند الى غيره على سبيل التعظيم والكرامة مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ جمع اريكة وهى السرير فى الحجال ولا يسمى السرير وحده اريكة. والحجال جمع حجلة وهى بيت يرين بالثياب للعروس وخص الاتكاء لانه هيئة المتنعمين والملوك على اسرتهم قال ابن عطاء متكئين على ارائك الانس فى رياض القدس وميادين الرحمة فهم على بساتين الوصلة شاهدون عليكم فى كل حال نِعْمَ الثَّوابُ ذلك اشارة الى جنات عدن ونعيمها والثواب جزاء الطاعة وَحَسُنَتْ اى الأرائك مُرْتَفَقاً اى متكأ ومنزلا للاستراحة اعلم انه لا كلام فى حسن الجنة وصفة نعيمها وانما الكلام فى الاستعداد لها فالصالحات من الأعمال من الأسباب المعدة لها وهى ما كانت لوجه الله تعالى من الصوم والصلاة وسائر وجوه الخيرات: قال الشيخ سعدى قدس سره قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو نهند كسى را كه حسن عمل بيشتر ... بدرگاه حق منزلت پيشتر بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسار برى كه بازار چندانكه آكنده تر ... تهى دست را دل پراكنده تر «1» قال فى التأويلات النجمية ان لاهل الايمان والأعمال جزاء يناسب صلاحية أعمالهم وحسنها فمنها اعمال تصلح للسير بها الى الجنات وغرفها وهى الطاعات والعبادات البدنية بالنية الصالحة على وفق الشرع والمتابعة ومنها اعمال تصلح للسير الى الله تعالى وهى الطاعات القلبية من الصدق فى طلب الحق والإخلاص فى التوحيد وترك الدنيا والاعراض عما سوى الله والإقبال على الله بالكلية والتمسك بذيل ارادة الشيخ الكامل الواصل المكمل الصالح ليسلكه ولا يغتر بالأماني فان من زرع الشعير لا يحصد حنطة- حكى- ان رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيرا فرآه وقت حصاده وسأله وقال زرعت شعيرا على ظن ان ينبت حنطة فقال يا أحمق هل رأيت أحدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى الله أنت وترجو رحمته هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت أما علمت ان الدنيا مزرعة الآخرة: قال حضرة جلال الدين الرومي قدس سره جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى فتاب الرجل وأعتق غلامه فمن أيقظه الله عن سنة الغفلة عرف الله وكان فى تحصيل مرضاته ومرتبة العارف فوق مرتبة العابد والكرامات الكونية لا قدر لها وقد ثبت فضل ابى بكر الصديق رضى الله عنه على سائر الصحابة رضى الله عنهم حتى قيل فى شأنه ان الله يتجلى لاهل الجنة عامة ولا بي بكر خاصة مع انه لم ينقل عنه شىء من الخوارق وذلك التجلي انما هو بكرامته العلمية التي أعطاها الله إياه واحسن التحقيق بحقائقها ولاهلها جنة عاجلة قلبية فى الدنيا وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ مفعولان لا ضرب أولهما ثانيهما لانه المحتاج الى

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 33 إلى 34]

التفصيل والبيان اى اضرب يا محمد وبين للكافرين المتقلبين فى نعم الله والمؤمنين المكابدين لمشاق الفقر مثلا حال من رجلين مقدرين او أخوين من بنى إسرائيل قال فى الجلالين يريد ابني ملك كان فى بنى إسرائيل قال ابو حيان ويظهر من قوله فَقالَ لِصاحِبِهِ انه ليس أخاه انتهى يقول الفقير هذا ذهول عن عنوان الكلام إذ التعبير عنهما برجلين يصحح اطلاق الصاحب على الأخ وايضا أخذ الكافر بيد أخيه المسلم وإدخاله إياه جنته طائفا به فيما يأتى مما ينادى على صحة ما ادعيناه إذ لا تنافى هذه الصحبة الاخوة وكل منهما من أخص الأوصاف قالوا كان أحد الأخوين مؤمنا واسمه يهودا والاخر كافرا واسمه قطروس بضم القاف ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فتقاسماها بينهما فاشترى الكافر أرضا بألف دينار وبنى دارا بألف دينار وتزوج امرأة بألف واشترى خدما ومتاعا بألف فقال المؤمن اللهم ان أخي اشترى أرضا بألف دينار وانا اشترى منك أرضا فى الجنة فتصدق به وان أخي بنى دارا بألف دينار وانا اشترى منك دارا فى الجنة فتصدق به وان أخي تزوج امرأة بألف وانا اجعل الفا صداقا للحور فتصدق به وان أخي اشترى خدما ومتاعا بألف وانا اشترى منك الولدان المخلدين بألف فتصدق به ثم أصابته حاجة فجلس لاخيه على طريقه فمر به فى حشمه فقام اليه فنظر اليه وقال ما شأنك قال أصابتني حاجة فاتيت لتصيبنى بخير فقال وما فعلت بما لك وقد اقتسمنا مالا وأخذت شطره فقص عليه القصص قال انك إذا لمن المتصدقين بهذا اذهب فلا أعطينك شيأ فطرده ووبخه على التصدق بماله جَعَلْنا لِأَحَدِهِما وهو الكافر جَنَّتَيْنِ بستانين مِنْ أَعْنابٍ من كروم متنوعة فاطلاق الأعناب عليها مجازا ويجوز ان يكون بتقدير المضاف اى أشجار أعناب وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ اى جعلنا النخل محيطة بالجنتين ملفوفا بها كرومهما وبالفارسية [يعنى درختان خرما كرداكرد در آورديم] يقال حفه القوم إذا طافوا به اى استداروا وحففته بهم اى جعلتهم جافين حوله وهو متعد الى مفعول واحد فتزيده الباء مفعولا ثانيا مثل غشيته وغشيته به وَجَعَلْنا بَيْنَهُما وسطهما يعنى [پيدا كرديم ميان آن دو باغ] زَرْعاً ليكون كل منهما جامعا للاقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الأنيق كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها بثمرها وبلغ مبلغا صالحا للاكل وافراد الضمير فى آتت للحمل على لفظ المفرد قال الحريري ولا يثنى خبر كلا الا بالحمل على المعنى او لضرورة الشعر وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ لم تنقض من أكلها شَيْئاً كما يعهد فى سائر البساتين فان الثمار تتم فى عام واحد وتنقص فى عام غالبا وكذا بعض الأشجار تأتى بالثمر فى بعض الأعوام دون بعض وَفَجَّرْنا خِلالَهُما وشققنا فيما بين كل من الجنتين وأخرجنا وأجرينا نَهَراً على حدة ليدوم شربهما وتزيد بهاؤهما ولعل تأخير ذكر تفجير النهر عن ذكر إيتاء الاكل مع ان الترتيب الخارجي على العكس للايذان باستقلال كل من إيتاء الاكل وتفجير النهر فى تكميل محاسن الجنتين ولو عكس لانفهم ان المجموع خصلة واحدة بعضها مرتب على بعض فان إيتاء الاكل متفرع على السقي عادة وفيه ايماء الى ان إيتاء الاكل لا يتوقف على السقي كقوله تعالى يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ وَكانَ لَهُ اى لصاحب الجنتين ثَمَرٌ انواع من المال غير

[سورة الكهف (18) : الآيات 35 إلى 36]

الجنتين من ثمر ماله الذي ذكر وقال لشيخ فى تفسيره بفتحتين جمع ثمرة وهى المجنى من الفاكهة وذكرها وان كانت الجنة لا تخلو عنها إيذان بكثرة الحاصل له فى الجنتين من الثمار وغيرها وقال الكاشفى وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [همه ميوه يعنى از انگور خرما وميوهاى ديكر داشت واختصاص آنها بذكر غالبيت بوده] فَقالَ لِصاحِبِهِ أخيه المؤمن وَهُوَ اى والحال ان القائل يُحاوِرُهُ يكلمه ويراجعه الكلام من حار إذا رجع قال الكاشفى [واو مجادله مى كرد با او وسخن باز مى كردانيد انتهى] ولهذه المحاورة والمعية اطلق عليه الصاحب أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا عن محمد بن الحسن رحمه الله المال كله ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وَأَعَزُّ نَفَراً حشما وأعوانا وأولادا ذكورا لانهم الذين ينفرون معه دون الإناث والنفر بفتحتين من الثلاثة الى العشرة من الرجال ولا يقال فيما فوق العشرة يقول الفقير لاح لى هاهنا إشكال وهو انه ان حمل افعل على حقيقته فى التفضيل يلزم ان يكون الرجلان المذكوران مقدرين لا محققين أخوين لانه على تقدير التحقيق يقتضى ان لا يكون لاحدهما مال أصلا كما يفصح عنه البيان السابق وقد أنبت هاهنا الاكثرية للكافر والا قلية للمؤمن وجوابه يستنبط من السؤال والله اعلم بحقيقة الحال وَدَخَلَ صاحب الجنتين وهو قطروس جَنَّتَهُ بصاحبه يطوف به فيها ويعجبه منها ويفاخره بها وتوحيدها يعنى بعد التثنية لا تصال إحداهما بالأخرى واما لان الدخول يكون فى واحدة فواحدة وقال الشيخ أفردها ارادة للروضة وَهُوَ اى والحال انه ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ضار لها يعجب بماله وكفره بالمبدأ والمعاد وهو أقبح الظلم كأنه قيل فماذا قال إذ ذاك قالَ ما أَظُنُّ كثيرا ما يستعار الظن للعلم لان الظن الغالب يدانى العلم ويقوم مقامه فى العادات والاحكام ومنه المظنة للعلم أَنْ تَبِيدَ تفنى وتهلك وتنعدم من باد إذا ذهب وانقطع هذِهِ الجنة أَبَداً الابد الدهر وانتصابه على الظرف والمراد هنا المكث الطويل وهو مدة حياته لا الدوام المؤبد إذ لا يظنه عاقل لدلالة الحس والحدس على ان احوال الدنيا ذاهبة باطلة فلطول أمله وتمادى غفلته واغتراره بمهلته قال بمقابلة موعظة صاحبه وتذكيره بفناء جنته والاغترار بها وامره بتحصيل الباقيات الصالحات وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ اى القيامة التي هى عبارة عن وقت البعث قائِمَةً كائنة فيما سيأتى وَلَئِنْ رُدِدْتُ والله لئن رجعت إِلى رَبِّي بالبعث على الفرض والتقدير كما زعمت فليس فيه دلالة على انه كان عارفا بربه مع ان العرفان لا ينافى الإشراك وكان كافرا مشركا قال فى البرهان قال تعالى وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي وفى حم وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي لان الرد عن الشيء يتضمن كراهة المردود ولما كان فى الكهف تقديره ولئن رددت عن جنتى هذه التي أظن ان لا تبيد ابدا الى ربى كان لفظ الرد الذي يتضمن الكراهة اولى وليس فى حم ما يدل على كراهته فذكر بلفظ الرجع ليقع فى كل سورة ما يليق بها لَأَجِدَنَّ يومئذ خَيْراً مِنْها من هذه الجنة مُنْقَلَباً تمييز اى مرجعا وعاقبة ومدار هذا الطمع واليمين الفاجرة اعتقاد انه تعالى انما أولاه فى الدنيا لاستحقاقه الذاتي وكرامته عليه سبحانه وهو معه أينما توجه

[سورة الكهف (18) : الآيات 37 إلى 42]

ولم يدران ذلك استدراج. يعنى [مقتضاى استحقاق من آنست كه فردا بهشت بمن دهد چنانچهـ امروز اين باغ بمن داده] فقول من قال انه كريم رحيم يعطينى فى الآخرة خيرا مما أعطاني فى الدنيا وهو مخالف لا وامره ونواهيه غاية الغرور بالله تعالى كما قال يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الى قوله وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ آتشى خوش بر فروزيم از كرم ... تا نماند جرم وزلت بيش وكم قالَ لَهُ صاحِبُهُ اى اخوه المؤمن وهو استئناف كما سبق وَهُوَ يُحاوِرُهُ اى والحال ان القائل يخاطبه ويجادله: قال فى الإرشاد وفائدة هذه الجملة الحالية التنبيه من الأمر الاول على ان ما يتلوه كلام معتنى بشأنه مسوق للمحاورة أَكَفَرْتَ حيث قلت ما أظن الساعة قائمة فانه شك فى صفات الله وقدرته بِالَّذِي خَلَقَكَ اى فى ضمن خلق أصلك آدم عليه السلام مِنْ تُرابٍ فانه متضمن بخلقه منه إذ هو أنموذج مشتمل اجمالا على جميع افراد الجنس وهمزة الاستفهام للتقرير والإمكان بمعنى ما كان ينبغى ان تكفر ولم كفرت بمن او جدك من تراب اولا ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ اى من منى فى رحم أمك ثانيا وهى مادتك القريبة ثُمَّ سَوَّاكَ جعلك معتدل الخلق والقامة حال كونك رَجُلًا إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال قال فى القاموس الرجل بضم الجيم وسكونها معروف او انما هو إذا احتلم وشب لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أصله لكن انا فحذفت الهمزة بنقل حركتها الى نون لكن او بدون نقل على خلاف القياس فتلاقت النونان فكان الإدغام اثبت جميع القراء الفها فى الوقف وحذفوها فى الوصل غير ابن عامر فانه أثبتها فى الوصل ايضا لتعويضها من الهمزة او لاجراء الوصل مجرى الوقف وهو ضمير الشأن مبتدأ خبره الله ربى وتلك الجملة خبر انا والعائد منها اليه ياء الضمير فى ربى والاستدراك من قوله أكفرت كأنه قال لاخيه أنت كافر بالله لكنى مؤمن موحد فوقع لكن بين جملتين مختلفتين فى النفي والإثبات وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً فيه إيذان بان كفره كان بطريق الإشراك وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ وهلا قلت عند دخول جنتك ما شاءَ اللَّهُ ما موصولة خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ما شاء الله واللام فى الأمر للاستغراق والمراد تحضيضه على الاعتراف بانها وما فيها بمشيئة الله تعالى ان شاء أبقاها على حالها عامرة وان شاء أفناها وجعلها خربة لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اى هلا قلت ذلك اعترافا بعجزك وبان ما تيسر لك من عمارتها وتدبيرها انما هو بمعونته تعالى وأقداره وفى الحديث (من رأى شيأ فاعجبه فقال ما شاء الله لا قوة الا بالله) لم تضره العين وفى الحديث (من رأى أحدا اعطى خيرا من اهل او مال فقال عنده ما شاء الله لا قوة الا بالله لم يرفيه مكروها) وفسر النبي عليه السلام معنى لا حول ولا قوة الا بالله فقال (لا حول تحول عن معاصى الله الا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله الا بالله) وروى (انها دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهمّ) إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً أصله ان ترنى والرؤية اما بصرية فاقل حال واما علمية فهو مفعول ثان والاول ياء المتكلم المحذوفة وانا على التقديرين تأكيد للياء فَعَسى لعل رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ أصله يؤتيننى خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ هذه فى الآخرة بسبب إيماني لان الجنة الدنيوية فانية والاخروية باقية والجملة جواب الشرط وَيُرْسِلَ عَلَيْها على جنتك فى الدنيا حُسْباناً مِنَ السَّماءِ عذابا يرميها

[سورة الكهف (18) : الآيات 41 إلى 42]

به من برد او صاعقة او نار قال فى القاموس الحسبان بالضم جمع حساب والعذاب والبلاء والشر والصاعقة يقول الفقير انما توقعه فى حقه لعلمه بان الكفران مؤد الى الخسران وان الاعجاب سلب للخراب كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فكلامه هذا جواب عن قول صاحبه المنكر ما أظن ان تبيد هذه ابدا فَتُصْبِحَ الإصباح هنا بمعنى الصيرورة اى تصير جنتك صَعِيداً زَلَقاً مصدر أريد به المفعول مبالغة اى أرضا ملساء يزلق عليها بملا صقتها باستئصال نباتها وأشجارها وجواز القرطبي ان تكون زلقا من زلق رأسه اى حلقه والمراد انه لا يبقى فيها نبات كالرأس المحلوق فزلقا بمعنى مزلوق ايضا أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً اى غاثرا فى الأرض ذاهبا لا تناله الأيدي ولا الدلاء فاطلق هذا المصدر مبالغة فَلَنْ تَسْتَطِيعَ تقدير إبداله لَهُ اى للماء الغائر طَلَباً فضلا عن وجدانه ورده قال فى الجلالين لا يبقى له اثر تطلبه به وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ عطف على مقدر كأنه قيل فوقع بعض توقعه من المحذور وأهلك أمواله المعهودة التي هى جنتاه وما حوتاه مأخوذ من أحاط به العدو لانه إذا أحاط به فقد غلبه واستولى عليه فيهلكه فَأَصْبَحَ صار يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظهر البطن تأسفا وتحسرا كما هو عادة النادمين فان النادم يضرب يديه واحدة على الاخرى قال فى بحر العلوم تقليب الكفين وعض الكف والأنامل واليدين وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الندم والحسرة لانها من روادفها فتطلق الرادفة على المردوف فيرتقى الكلام به الى الذروة العليا ويزيد الحسن بقبول السامع ولانه فى معنى الندم عدى تعديته بعلى كأنه قيل فاصبح يندم عَلى ما أَنْفَقَ [بر آن چيزى خرج نموده بود أول] فِيها فى عمارتها من المال: وفى المثنوى بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست «1» ولعل تخصيص الندم به دون ما هلك الآن من الجنة لما انه انما يكون على الافعال الاختيارية يقول الفقير الظاهر ان الانفاق انما هو لتملكها فالتحسر على ما له مغن عن التحسر على الجنة لانها بدله وهذا شائع فى العرف كما يقول بعض النادمين قد صرفت لهذا كذا وكذا مالا وقد آل عمره الى الهلاك متحسرا على المال المصروف وَهِيَ اى الجنة من الأعناب المحفوفة بنخل خاوِيَةٌ خالية ساقطة يقال خوت الدار خويا تهدمت وخلت من أهلها عَلى عُرُوشِها دعائمها المصنوعة للكروم سقطت عروشها على الأرض وسقط فوقها الكروم وتخصيص حالها بالذكر دون النخل والزرع لكونها العمدة قيل أرسل الله عليها نارا فاحرقتها وغار ماؤها وَيَقُولُ عطف على يقلب يا لَيْتَنِي [كاشكى من] لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً كأنه تذكر موعظة أخيه وعلم انه انما اتى من جهة الشرك فتمنى انه كان موحدا غير مشرك حين لم ينفعه التمني ولما كان رغبته فى الايمان لطلب الدنيا لم يكن قوله هذا توبة وتوحيدا لخلوه عن الإخلاص قال ابن الشيخ فى سورة الانعام الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة لكونه ايمانا وطاعة اما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيدة انتهى: وفى المثنوى

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان حكايت آن شخص كه بوقت استنجا كفت إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 43 إلى 48]

آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود «1» چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم ميكند او توبه و؟ پير؟ خرد ... بانك لو ردوا لعادوا ميزند وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ جماعة يَنْصُرُونَهُ يقدرون على نصره بدفع الهلاك او على رد المهلك والإتيان بمثله مِنْ دُونِ اللَّهِ فانه القادر وحده على نصره بذلك لا غير لكنه لا ينصره لاستحقاقه الخذلان بكفره ومعاصيه وَما كانَ مُنْتَصِراً ممتنعا بقوته عن انتقامه سبحانه هُنالِكَ اى فى ذلك المقام وتلك الحال [در وقت زوال نعمت] الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ اى النصرة له تعالى وحده لا يقدر عليها أحد وهو تقرير لقوله تعالى وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ او ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمن وحقق ظنه وترك عدوه مخذولا مقهورا ويؤيده قوله تعالى هُوَ اى الله تعالى خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً بمعنى العاقبة اى لاوليائه قال سعدى المفتى وعقبى يشمل العاقبة الدنيوية ايضا كما لا يخفى قال فى الجلالين أفضل ثوابا ممن يرجى ثوابه وعاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره واعلم ان هذه القصة مشتملة على فوائد كثيرة وأعظمها ان التوحيد وترك الدنيا سبب للنجاة فى الدارين والشرك وحب الدنيا سبب للهلاك فيهما وعن وهب بن منبه انه قال جمع عالم من علماء بنى إسرائيل سبعين صندوقا من كتب العلم كل صندوق سبعون ذراعا فاوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان ان قل لهذا العالم لا تنفعك هذه العلوم وان جمعت أضعافا مضاعفة مادام معك ثلاث خصال حب الدنيا ومرافقة الشيطان وإيذاء مسلم وذلك ان فرعون علم نبوة موسى عليه السلام ولكن منعه حب الدنيا والرياسة عن المتابعة فلم ينفعه علمه المجرد وكذا علم إبليس حال آدم عليه السلام واليهود حال نبينا صلى الله عليه وسلم وما سعدوا بمجرد علمهم وما وجدوا خير عاقبة ولو عملوا بما وعظوا لنجوا وفى المثنوى كر چهـ ناصح را بود صد داعيه ... پند را اذنى ببايد واعيه «2» تو بصد تلطيف پندش مى دهى ... او ز پندت ميكند پهلو تهى يك كس نا مستمع ز استيز ورد ... صد كس كوينده را عاجز كند ز انبيا ناصح تر وخوش لهجه تر ... كى بود كه رفت دمشان در حجر ز انكه كوه وسنك در كار آمدند ... مى نشد بدبخت را بگشاده بند آنچنان دلها كه بدشان وما ومن ... نعتشان شد بل أشد قسوة ألا يرى لم ينجع فيه وعظ أخيه المسلم لزيادة قسوة قلبه فآلت عاقبته الى الندامة وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى اذكر لقومك وبين ما يشبهها فى زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها لئلا يطمئنوا ولا يعكفوا عليها ولا يعرضوا عن الآخرة بالكلية كَماءٍ استئناف لبيان المثل اى هى كماء أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ [از سحاب يا از جانب سما] ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء وحده بل بمجموع ما فى حيز الاداة فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ التف

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عهد كردن أحمق وقت كرفتارى إلخ (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان قصه اهل ضروان وحسد ايشان بر درويشان كه پدر ما از سليمى اغلب دخلى باغ را مسكينان مى داد إلخ

وتكاثف بسببه حتى خالط بعضه بعضا يعنى [قوت كرفت ونشو ونماى خود بكمال رسانيد وزمين بدو تازه وخرم شد] فَأَصْبَحَ فصار ذلك النبات الملتف اثر بهجته هَشِيماً مهشوما مكسورا ليبسه من الهشم وهو كسر الشيء الرخو تَذْرُوهُ الرِّياحُ تحمله وتفرقه يقال ذرت الريح الشيء وأذرته وذرته اطارته وأذهبته وذرا هو بنفسه والحنطة نقاها فى الريح كما فى القاموس وهذه الآية مختصرة من قوله إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ الآية قال الكاشفى [همچنين آدمي بزندكى وتازكى كه دارد خوش بر آيد همچنين كه نامه عمر از عنفوان بپايان رسد مقتضى أجل در آمده نهال نهاد او را بصر صرفنا خشك سازد وخرمنهاى از وآرزو را بباد نيستى بر دهد] بهار عمر بسى دلفريب ورنكينست ... ولى چهـ سود كه دارد خزان مرك از پى وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإنشاء والإبقاء والافناء وغير ذلك مُقْتَدِراً قادرا على الكمال لا يعجزه شىء فعلى العاقل ان لا يغتر بالحياة الدنيا فانها فانية ولو طالت مدتها وزائلة ولو أعجبت زينتها: قال الشيخ سعدى قدس سره چوشيبت در آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بر كن ز خواب دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد چون كرمش ابريشمين بدخمه در آمد پس از چند روز ... كه بر وى بگريد بزارى وسوز چو پوشيده ديدش حرير كفن ... بفكرت چنين كفت با خويشتن من از كرم بر كنده بودم بزور ... بكندند از وباز كرمان كور دريغا كه بي ما بسى روزكار ... برويد كل وبشكفد نو بهار واعلم ان الذي أدركته العناية الازلية بعد تعلق الروح بالجسد كتعلق الماء بالأرض فيبعث الله اليه دهقانا من دهاقين الأولياء والأنبياء ومعه بذر الايمان والتوحيد ليلقيه بيد الدعوة وتبليغ الرسالة فى ارض نفسه فيقع منها فى تربة طيبة وهى القلب كما ضرب الله تعالى مثلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وكقوله وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فينبت عن بذر التوحيد وهى كلمة لا اله الا الله شجرة الايمان بماء الشريعة فيعلوبه الروح من أسفل سافلين الانسانية الى أعلى درجات الروحانية واقرب منازل قربات الربانية كقوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ والله تعالى قادر على ان يخذله وينفيه فى أسفل سافلين الجسمانية الحيوانية ليصير الروح العلوي كالانعام بل هو أضل وعلى ان يجذبه بجذبات العناية الى أعلى عليين مراتب القرب ليكون مسجودا لملائكة المقربين: قال المولى الجامى سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند نسأل الله تعالى ان يجذبنا بسلاسل محبته ويجعلنا من اهل طاعته وقربته قال وهب رأيت فى بعض الكتب الدنيا غنيمة الا كياس وغفلة الجهال فالانبياء والأولياء صلوات الله عليهم كانوا فى الدنيا ولم يلتفتوا إليها ولم يرغبوا فيها قالوا ليس كل من دخل المحبس يكون محبوسا

فيه بل ربما دخله لا خراج المحبوس واستنقاذ المأسور فالنفوس النبوية ومن يتبعها انما وردت الى عالم الكون والفساد لاستنقاذ النفوس المحبوسة المأسورة فكما ان المحبوس إذا اتبع ذلك الداخل خرج ونجا فكذلك من اتبع الأنبياء فى سننهم ومناهجهم خرج ونجا الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا الزينة مصدر فى الأصل اطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى ان ما يفتخر به الناس لا سيما رؤساء العرب من المال والبنين شىء يتزينون به فى الحياة الدنيا ويفنى عنهم عن قريب. وبالفارسية [مال و پسران آرايش زندكانئ دنيا آمدند توشه راه معاد چهـ باندك زمانى تلف وهدف زوال خواهد شد] وفى المثنوى همچنين دنيا اگر چهـ خوش شكفت ... بانك هم زد بيوفايئ خويش كفت كون مى كويد بيا من خوش پى ام ... وان فسادش كفت رو من لا شى أم اى ز خوبئ بهاران لب كزان ... بنكر آن سردى وزردئ خزان كودكى از حسن شد مولاى خلق ... بعد فردا شد خرف رسواى خلق وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ الباقيات اسم لاعمال الخير لا وصف ولذا لم يذكر الموصوف اى اعمال الخير التي تبقى ثمراتها ابد الآباد من الصلاة والصوم واعمال الحج وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ونحو ذلك من الكلم الطيب- روى- انه عليه السلام خرج على قومه فقال (خذوا جنتكم) قالوا يا رسول الله أمن عدو حضر قال (لا بل من النار) قالوا وما جنتنا من النار قال (سبحان الله) الى آخر الكلمات قال الكاشفى [بعض علما برانند كه باقيات صالحات بنات است كه بحكم هن ستر من النار سبب خلاص والدين باشند] وفى الحديث (من ابتلى) الابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات مما تعد منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور (من هذه البنات بشئ) من بيانية مع مجرورها حال من شىء (فاحسن إليهن) فسر الشارح هنا الإحسان بالتزويج بالاكفاء لكن الاوجه ان يعمم الإحسان (كن له سترا من النار) لان احتياجهن اليه كان اكثر حال الصغر والكبر فمن يسترهن بالإحسان يجازى بالستر من النيران كما فى شرح المشارق لابن الملك خَيْرٌ من الفانيات الفاسدات من المال والبنين عِنْدَ رَبِّكَ اى فى الآخرة ثَواباً عائدة تعود الى صاحبها وَخَيْرٌ أَمَلًا رجاء حيث ينال بها صاحبها فى الآخرة كل ما كان يؤمله فى الدنيا واما مامر من المال والبنين فليس لصاحبه امل يناله والآية تزهيد للمؤمنين فى زينة الحياة الدنيا الفانية وتوبيخ للمفتخرين بها قال بعضهم لا ينجو من زينة الحياة الدنيا الا من كان باطنه مزينا بانوار المعرفة وضياء المحبة ولمعان الشوق وظاهره مزينا بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس وتغلب زينة باطنه زينة حب الدنيا شوقا منه الى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا لان زينتها ازين وعن الضحاك عن النبي عليه السلام انه قيل يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد من أيامه غدا وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (قال الله تعالى يفرح عبدى المؤمن إذا بسطت له شيئا من الدنيا وذلك ابعد له منى ويحزن إذ اقترت عليه الدنيا وذلك اقرب له منى) ثم تلا عليه السلام هذه الآية يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ

[سورة الكهف (18) : الآيات 47 إلى 48]

ان ذلك فتنة لهم: قال الشيخ سعدى يكى پارسا سيرت وحق پرست ... فتادش يكى خشت زرين بدست همه شب در انديشه كين كنج ومال ... در وتازيم ره نيابد زوال دكر قامت عجزم از بهر خواست ... نيايد بر كس دو تا كرد وراست سرايى كنم پاى بستش رخام ... درختان سقفش همه عود خام يكى حجره خاص از پى دوستان ... در حجره اندر سرا بوستان بفرسودم از رقعه بر رقعه دوخت ... تف ديكران چشم ومغزم بسوخت ديكر زير دستان برندم خورش ... براحت دهم روح را پرورش بسختى بكشت اين نمد پسترم ... روم زين سپس عبقرى كسترم خيالش حزف كرد وكاليوه رنك ... بمغزش فرو برده خرچنك چنك فراغ مناجات وزارش نماند ... خور وخواب وذكر ونمازش نماند بصحرا در آمد سر از عشوه مست ... كه جايى نبودش قرار نشست يكى بر سر كور كل ميسرشت ... كه حاصل كند زان كل كور خشت بانديشه لختى فرو رفت پير ... كه اى نفس كوته نظر پند كير چهـ پندى درين خشت زرين دلت ... كه يك روز خشتى كنند از كلت تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ اى اذكر حين نقلعها من أماكنها وتسير فى الجو على هيآتها او تسير اجزاؤها بعد از نجعلها هباء منبثا والمراد بتذكيره تحذير المشركين مما فيه من الدواهي وَتَرَى يا محمد او يأكل من يصلح للرؤية الْأَرْضَ جميع جوانبها بارِزَةً ظاهرة ليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا نبات وَحَشَرْناهُمْ جمعنا اهل الايمان والكفر الى الموقف من جانب فَلَمْ نُغادِرْ لم نترك مِنْهُمْ أَحَداً تحت الأرض يقال غادره واغدره إذا تركه ومنه الغدر الذي هو ترك الوفاء والغدير ما غاره السيل وتركه فى الأرض الغائرة عُرِضُوا اى الخلائق يوم القيامة يعنى المحشورين لى رَبِّكَ على حكمه وحسابه فًّا مفرد منزل منزلة الجمع كقوله تعالى ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا اى أطفالا والمعنى صفوفا يقف بعضهم وراء بعض غير متفرقين ولا مختلطين شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ليحكم فيهم بما أراد لا ليعرفهم قَدْ جِئْتُمُونا اى فيقال لهم ثمة لقد جئتمونا كائنين ما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ حفاة عراة لا شىء من المال والولد وعن عائشة رضى الله عنها قلت يا رسول الله كيف يحشر الناس يوم القيامة قال (عراة حفاة) قلت والنساء قال (نعم) قلت يا رسول الله نستحيى قال (يا عائشة الأمر أشد من ذلك لن يهمهم ان ينظر بعضهم الى بعض) وفى التأويلات عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا اى صفا صفا من الأنبياء والأولياء والمؤمنين والكافرين والمنافقين ويقال لهم قَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فى

[سورة الكهف (18) : الآيات 49 إلى 52]

خمسة صفوف صف من الأنبياء وصف من الأولياء وصف من المؤمنين وصف من الكافرين وصف من المنافقين لْ زَعَمْتُمْ ايها الكافرون المنكرون للبعث والزعم الادعاء بالكذب ان مخففة من الثقيلةلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً بل للخروج والانتقال من قصة الى اخرى كلاهما للتوبيخ والتقريع اى زعمتم فى الدنيا انه لن نجعل لكم ابدا وقتا ننجز فيه ما وعدناه على ألسنة الأنبياء من البعث وما يتبعه والآية تشير الى عزته تعالى وعظمته واظهار شظية من صفة جلاله وقهره وآثار عدله لينتبه النائمون من نوم غفلتهم ويتأهب الغافلون بأسباب النجاة لذلك اليوم ويصلحوا امر سريرتهم وعلانيتهم لخطاب الحق تعالى وجوابه إذ اليه المرجع والمآب والعرض على الله هو العرض الأكبر ليس كعرض على الملوك قال عتبة الخواص بات عندى عتبة الغلام فبكى حتى غشى عليه فقلت ما يبكيك قل ذكر العرض على الله قطع او صل المحبين- حكى- ان سليمان بن عبد الملك وهو سابع خلفاء المروانية قال لابى حازم مالنا نكره الآخرة قال لانكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون الانتقال من العمران الى الخراب فقال صدقت يا أبا حازم فيا ليت شعرى مالنا عند الله تعالى غدا قال ان شئت تعلم ذلك ففى كتاب الله فقال اين أجده فقال فى قوله إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال فكيف يكون العرض على الله تعالى فقال اما المحسن فكالغائب يقدم على اهله مسرورا واما المسيئ فكالآبق يقدم على مولاه محسورا فبكى سليمان بكاء شديدا: قال الشيخ سعدى قدس سره نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى كر آيينه از آه كردد سياه ... شود روشن آيينه دل زآه بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نترسى ز كس پليدى كند كربه در جاى پاك ... چوزشتش نمايد بپوشد بخاك تو آزادى از ناپسنديدها ... نترسى كه بر وى فتد ديدها بر انديش از بنده پر كناه ... كه از خواجه غائب شود چند كاه اگر باز كردد بصدق ونياز ... بزنجير وبندش نيارند باز - روى- عن الفضيل بن عياض رحمه الله انه قال انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى احوال القيامة وشدائدها وذلك لان من عاين الأمر على ما هو عليه اشتد خوفه ولم ير لنفسه حالا ولا مقاما مع ان المرأ لا يخلو عن اسباب منجية ومهلكة فأى الرجال المهذب- روى- ان عمر رضى الله عنه رؤى بعد موته بثنتى عشرة سنة وهو يمسح جبينه ويقول كنت فى الحساب الى الآن وقد نوقشت فى جدى سقط من جسر مكسور فانكسرت رجله على انى لم أجرم له ولم أصلح الجسر حتى سقط الجدى ولكن غفر الله لى وعفا عنى بسبب عصفور اشتريته من صبى فارسله وَوُضِعَ الْكِتابُ عطف على عرضوا داخل تحت الأمور الهائلة التي أريد تذكيرها بتذكير وقتها وضع صحف الأعمال فى ايمان أصحابها وشمائلها او فى الميزان فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ قاطبة مُشْفِقِينَ خائفين

مِمَّا فِيهِ من الذنوب ومن ظهورها لاهل الموقف شد سيه چون نامهاى تعزيه ... بر معاصى متن نامه حاشيه جمله فسق ومعصيت بد يكسرى ... همچودار الحرب پر از كافرى آنچنان نامه پليد و پر وبال ... در يمين نايد در آمد در شمال خود همينجا نامه خود را ببين ... دست چب را شايد آن در يمين چون نباشى راست مى دان كه چبى ... هست پيدا نعره شير وكبى كر چپى با حضرت او راست باش ... تا ببينى دست برد لطفهاش وَيَقُولُونَ عند وقوفهم على تضاعيفه نقيرا وقطميرا تعجبا من شأنه يا وَيْلَتَنا منادين لهلكتهم التي هلكوا بها من بين الهلكات مستدعين لها ليهلكوا ولا يروا هول ما لا قوه فان الويل والويلة الهلكة اى يا هلكتنا احضرى وتعالى فهذا أوانك مالِ هذَا الْكِتابِ قال البقاعي رسم لام الجر وحده اشارة الى انهم صاروا من قوة الرعب وشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة اى أىّ شىء له حال كونه لا يُغادِرُ لا يترك صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً من الزلل تصدر عن جانيها إِلَّا أَحْصاها حواها وضبطها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة وعن سعيد بن جبير الصغيرة المسيس والكبيرة الزنا وفى التأويلات النجمية الصغيرة كل تصرف فى شىء بالشهوة النفسانية وان كان من المناجاة والكبيرة التصرف فى الدنيا على حبها وان كان من حلالها لان حب الدنيا رأس كل خطيئة انتهى وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فان محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى طبخوا اخبزتهم) وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فانها تجيئ يوم القيامة كامثال الجبال وكفارتها الصدقة) وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا فى الدنيا من السيئات او جزاء ما عملوا حاضِراً مثبتا فى كتابهم وفى التأويلات لانهم كتبوا صالح أعمالهم بقلم أفعالهم فى صحائف قلوبهم وسوء أعمالهم فى صحائف نفوسهم وقد يوجد عكس ما فى هذه الصحائف على صفحات الأرواح نورانيا او ظلمانيا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً فيكتب ما لم يعمل من السيئات او يزيد فى عقابه الملائم لعمله فيكون إظهارا لمعدلة القلم الأزلي وفى التأويلات فان كان النور غالبا على صفحة روحه فهو من اهل الجنة وان كانت الظلمة غالبة عليها فهو هالك ومن لا يشوب نوره بالظلمة فهو من اهل الدرجات والقربات ومن أدركته الجذبات وبدلت سيآته بالحسنات واخرج الى النور الحقيقي من الظلمات فهو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله عن عائشة رضى الله عنها انها كانت جالسة ذات يوم إذ جاءت امرأة قد سترت يدها فى كمها فقالت عائشة مالك لا تخرجين يدك من كمك قالت لا تسألينى يا أم المؤمنين انه كان لى أبوان وكان ابى يحب الصدقة واما أمي فكانت تبغض الصدقة فلم ارها تصدقت بشئ إلا قطعة شحم وثوبا خلقا فلما ماتا رأيت فى المنام قد قامت القيامة ورأيت أمي قائمة بين الخلق واضعة الخلقان على عورتها ورأيت الشحم بيدها وهى تلحسه وتنادى واعطشاه

[سورة الكهف (18) : آية 50]

ورأيت ابى على شفير الحوض وهو يسقى الماء ولم يكن عند ابى صدقة أحب اليه من سقى الماء فأخذت قدحا من ماء فسقيت أمي فنوديت من فوق ألا من سقاها شلت يده فاستيقظت وقد شلت يدى: قال الحافظ قدس سره دهقان سال خورده چهـ خوش گفت با پسر ... اى نور چشم من بجز از كشته ندروى قال الشيخ سعدى قدس سره كنون وقت تخمست اگر پرورى ... گر اميدوارى كه خرمن برى بشهر قيامت مرو تنگدست ... كه وجهى ندارد بغفلت نشست مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى اذكر وقت قولنا لهم اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة وكان ذلك مشروعا فى الأمم السالفة ثم نسخ بالسلام فَسَجَدُوا جميعا غير الأرواح العالية امتثالا للامر وانما لم يسجد الملائكة العالون لانهم لم يؤمروا بالسجود وقد سبق فى سورة الحجر إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد بل ابى واستكبر وكأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل كانَ مِنَ الْجِنِّ اى كان أصله جنيا خلق من نار السموم ولم يكن من الملائكة وانما صح الاستثناء المتصل لانه امر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فَسَجَدُوا ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا كقولك خرجوا الا فلانة لامرأة بين الرجال قال فى كتاب التكملة قيل ان المراد بقوله كانَ مِنَ الْجِنِّ اى كان أول الجن لان الجن منه كما ان آدم من الانس لانه أول الانس وقيل انه كان بقايا قوم يقال لهم الجن كان الله تعالى قد خلقهم فى الأرض قبل آدم فسفكوا الدماء وقاتلتهم الملائكة وقيل انه كان من قوم خلقهم الله وقال لهم اسجدوا لآدم فابوا فبعث الله عليهم نارا أحرقتهم ثم خلق هؤلاء بعد ذلك فقال لهم اسجدوا لآدم ففعلوا وابى إبليس لانه كان من بقية أولئك الخلق قال البغوي كان اسمه عزازيل بالسريانية وبالعربية الحارث فلما عصى غير اسمه وصورته فقيل إبليس لانه ابلس من الرحمة اى يئس والعياذ بالله تعالى فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ اى خرج عن طاعته فالامر على حقيقته جعل عدم امتثاله للامر خروجا عنه ويجوز ان يكون المراد المأمور به وهو السجود والفاء للسببية لا للعطف اى كونه من الجن سبب فسقه ولو كان ملكا لم يفسق عن امر ربه لان الملك معصوم دون الجن والانس قال فى التأويلات النجمية فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وخلع قلادة التقليد عن عنقه ليعلم ان الأصيل لا يخطئ وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان كما ان البعرة تشابه المسك وتعارضه فى الصورة فلما امتحنا بالنار تبين المقبول من المردود والمبغوض من المودود: وقال الحافظ قدس سره خوش بود اگر محك تجربه آمد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد أَفَتَتَّخِذُونَهُ الهمزة للانكار والتعجب والفاء للتعقيب اى عقيب علمكم يا بنى آدم بصدور الفسق عن إبليس تتخذونه وَذُرِّيَّتَهُ اى أولاده واتباعه جعلوا ذريته مجازا قال الكاشفى [كويند بمعنى اتباع وتسميه ايشان بذريت از قبيل مجاز بود واكثر برانند

[سورة الكهف (18) : آية 51]

كه او ز ذريت نيست] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى وسيأتى الكلام على هذا أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي فتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتى اى ذلك الاتخاذ منكر غاية الإنكار حقيق بان يتعجب منه ومعنى الاستبدال منهم من قوله من دونه فان معناه مجاوزين عنى إليهم وهو عين الاستبدال وَهُمْ اى والحال ان إبليس وذريته لَكُمْ عَدُوٌّ اى اعداء فحقهم ان تعادوهم لا ان توالوهم شبه بالمصادر للموازنة كالقبول بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا من الله إبليس وذريته تمييز ما أَشْهَدْتُهُمْ اشارة الى غناه تعالى عن خلقه ونفى مشاركتهم فى الالوهية اى ما أحضرت إبليس وذريته خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لاعتضد بهم فى خلقهما وأشاورهم فى تدبير أمرهما حيث خلقتهما قبل خلقهم وفيه رد لمن يدعى ان الجن يعلمون الغيب لانهم لم يحضروا خلق السموات والأرض حتى يطلعوا على مغيباتهما وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ولا أشهدت بعضهم خلق بعضهم كقوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ اى الشياطين الذين يضلون الناس عن الدين والأصل متخذهم فوضع المظهر موضع المضمر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالإضلال عَضُداً أعوانا فى شأن الخلق وفى شأن من شؤونى حتى يتوهم شركتهم فى التولي بناء على الشركة فى بعض احكام الربوبية قال فى القاموس العضد الناصر والمعين وهم عضدى وأعضادي انتهى اعلم ان الله تعالى منفرد فى الالوهية والكل مخلوق له وقد خلق الملائكة والجن والانس فباين بينهم فى الصورة والاشكال والأحوال قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون والشياطين ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد فيها إبليس وإبليس هو ابو الجن وقيل انه يدخل ذنبه فى دبره فيبيض بيضة فتفلق البيضة عن جماعة من الشياطين قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام سمى من ولد إبليس فى الحديث الاقبص دهامة بن الاقبص وسمى منهم بلزون وهو الموكل بالأسواق وأمهم طرطبة ويقال بل هى حاضنتهم ذكره النقاش باضت ثلاثين بيضة عشرا فى المشرق وعشرا فى المغرب وعشرا فى وسط الأرض وانه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين كالعفاريت والغيلان والقطاربة والجان واسماؤهم مختلفة وكلهم عدو لنبى آدم بنص هذه الآية الا من آمن منهم انتهى قال الكاشفى [در تبيان آورده كه چون حق سبحانه وتعالى إبليس را برانداز پهلوى چپ او زوجه او را كه آوه نام دارد بيافريد واو را بشمار ريكهاى بيابان فرزندانند واز أولاد او يكى مره است كنيت بدو يافته است وديگر القيس موسوس صلوات و «ولهان» بالتحريك موسوس طهارتست يعنى «الولهان شيطان يولع الناس بكثرة استعمال الماء ويضحكهم عند الوضوء» وامام احمد غزالى رحمه الله در أربعين آورده كه شيطان را چند فرزند است وباتفاق زلنبور از أولاد او صاحب اسواقست كه بدروغ وكم فروشى وخيانت وسوسه ميكند وأعول صاحب أبواب زنانست يعنى «صاحب الزنى الذي يأمر به ويزينه» وثبر صاحب مصائب كه بثبور ونوحه وشق جيوب ولطم خدود ودعوى الجاهلية ميفرمايد وميسوط صاحب اراجيفست

يعنى «صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيخبر بالخبر فيذهب الرجل الى القوم فيقول لهم قد رأيت رجلا اعرف وجهه ما أدرى ما اسمه حدثنى بكذا وكذا» واسم با خورنده طعام كه بسم الله نكفته باشد شركت ميكند] وفى آكام المرجان داسم هو الذي يدخل مع الرجل واهله يريه العيب فيهم ويغضبه عليهم [ومدهيش موكل علما است كه ايشانرا بر اهواء مختلفه ميدارد] ثم فى الآيتين إشارات منها ما يتعلق بالله تعالى أراد ان يظهر صفة لطفه وصفة قهره وكمال قدرته وحكمته فاظهر صفة لطفه بآدم إذ خلقه من صلصال من حمأ مسنون وامر ملائكته الذين خلقوا من النور بسجوده من كمال لطفه وجوده واظهر صفة قهره بإبليس إذ امره بسجوده لآدم بعد ان كان رئيس الملائكة ومقدمهم ومعلمهم وأشدهم اجتهادا فى العبادة حتى لم يبق فى سبع السموات ولا فى سبع الأرضين موضع شبر الا وقد سجد لله تعالى عليه سجدة حتى امتلأ من العجب بنفسه حتى لم ير أحدا فابى ان يسجد لآدم استكبارا وقال انا خير منه فلعنه الله وطرده إظهارا للقهر واظهر كمال قدرته وحكمته بان بلغ من غاية القدرة والحكمة من خلق من قبضة تراب ظلمانى كثيف سفلى الى مرتبة يسجد له جميع الملائكة المقربين الذين خلقوا من نور علوى لطيف روحانى ومنها ما يتعلق بآدم عليه السلام وهو انه تعالى لما أراد ان يجعله خليفة فى الأرض أودع فى طينته عند تخميرها بيده أربعين صباحا سر الخلافة وهو استعداد قبول الفيض الإلهي بلا واسطة وقد اختصه الله وذريته بهذه الكرامة بقوله وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ من بين سائر المخلوقات كما اخبر عليه السلام عن كشف قناع هذا السر بقوله (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) ولهذه الكرامة صار مسجودا للملائكة المقربين: قال الحافظ قدس سره فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام وگلابى بخاك آدم ريز ومنها ما يتعلق بالملائكة وهو انهم لما خلقوا من النور الروحاني العلوي كان من طبعهم الانقياد لا وامر الله تعالى والطاعة والعبودية فلما أمروا بسجود آدم وامتحنوا به وذلك غاية الامتحان لان السجود أعلى مراتب العبودية والتواضع لله فاذا امتحن أحد ان يسجد لغير الله فذلك غاية الامتحان للامتثال فلم يتلعثموا فى ذلك وسجدوا لآدم بالطوع والرغبة من غير كره واباء امتثالا وانقيادا لا وامر الله كما قال لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ومنها ما يتعلق بإبليس وهو انه لما خلق للضلالة والغواية والإضلال والإغواء خلق من النار وطبعها الاستعلاء والاستكبار وان نظمه الله فى سلك الملائكة منذ خلقه وكساه كسوة الملائكة وهو قد تشبه بأفعالهم تقليدا لا تحقيقا حتى عد من جملتهم وذكر فى زمرتهم بل زاد عليهم فى الاجتهاد والاعتياد بالاعتقاد فاتخذوه رئيسا ومعلما لما رأوا منه اشتداده فى الاجتهاد بالاراءة دون الارادة فلما امتحن بسجود آدم فى جملة الملائكة هبت نكباء النكبة وانخلع عنه كسوة اهل الرغبة والرهبة ليميز الله الخبيث من الطيب فطاشت عنه تلك المخادعات وتلاشت منه تلك المبادرات وعاد الميشوم الى طبعه وقد تبين الرشد من غيه فسجد الملائكة وابى إبليس واستكبر من غيه وظهر انه كان من الجن وانه طبع كافرا: قال الحافظ قدس سره زاهد ايمن مشو از بازئ غيرت زنهار ... كه ره از صومه تا دير مغان اين همه نيست

[سورة الكهف (18) : آية 52]

ومنها ان فى أولاد آدم من هو فى صورة آدم لكنه فى صفة إبليس وانهم شياطين الانس واماراتهم انهم يتخذون إبليس وذريته اولياء من دون الله فيطيعون الشيطان ولا يطيعون الرحمن ويتبعون ذرية الشيطان ولا يتبعون ذرية آدم من الأنبياء والأولياء ولا يفرقون بين الأولياء والأعداء فبجهلهم يظلمون على أنفسهم ويبدلون الله وهو وليهم بالشياطين وهم لهم عدو واولياء الله تعالى هم الذين لا يبدلون الله تعالى بما سواه ويتخذون ما سواه عدوا كما قال ابراهيم خليل الله فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ لانه رأى صحة الخلة مع الله فى صحة العداوة مع ما سواه ومنها ان اخباره تعالى بانه ما اشهد الشياطين خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم دليل على انه يشهد بعض أوليائه على ما لم يشهد أعداءه فيبصر بنوره الأزلي ابتداء تعلق قدرته ببعض الأشياء المعدومة وكيفية إخراجها من العدم الى الوجود واما قول اهل النظر لا يبحث عن كيفية وجود الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك فلا ينافيه إذ المستبعد عند العقل الجزئى مستقرب عند الكشف الكلى وكلامنا مع اهل الكشف لا مع غيره: قال الصائب سخن عشق با خرد گفتن ... بررك مرده نيشتر زدنست وفى المثنوى اى كه برد عقلى هديه با اله ... عقل اينجا كمترست از خاك راه وَيَوْمَ يَقُولُ اى يوم يقول الله للكفار توبيخا وتعجيزا وهو يوم القيامة وقال بعضهم يقول على ألسنة الملائكة يقول الفقير الأظهر هو الاول لانه قد ثبت ان الله تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق مسلمهم وكافرهم بصورشتى حتى يرونه بحسب ما اعتقدوه فى هذه الدار فلا يبعد كلامه معهم ايضا لانه كلام بالعيب والتوبيخ لا بالرضى والتشريف كما كلم إبليس بعد اللعن والطرد على ما سبق فى سورة الحجر ونحوها نادُوا شُرَكائِيَ أضافهم اليه على زعمهم تهكما بهم وتقريعا لهم الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ادعيتم انهم شفعاؤكم ليشفعوا لكم والمراد بهم كل من عبد من دونه تعالى فَدَعَوْهُمْ اى نادوهم للاعانة ذكر كيفية دعوتهم فى آية اخرى قالوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ فلم يغيثوهم اى لم يدفعوا عنهم ضرا ولا أوصلوا إليهم نفعا إذ لا إمكان لذلك فهو لا ينافى اجابتهم صورة ولفظا كما قال حكاية عن الأصنام انها تقول ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وفيه اشارة الى ان امتثال او امره ونواهيه ينفع العبد إذا كان فى الدنيا قبل موته وبثمره فى الآخرة فاما إذا كان فى الآخرة فلا ينفعه الايمان والأعمال فان قوله نادُوا شُرَكائِيَ امر من الله تعالى وقد امتثلوا امره بقوله فَدَعَوْهُمْ فلم ينفعهم الامتثال لان الشركاء فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ بين الداعين والمدعوين مَوْبِقاً اسم مكان او مصدر من وبق وبوقا كوثب وثوبا او وبق وبقا كفرح فرحا إذ أهلك مهلكا يشتركون فيه وهو النار او عداوة هى فى الشدة نفس الهلاك وقال الفراء وَجَعَلْنا تواصلكم فى الدنيا هلاكا فى الآخرة فالبين على هذا القول التواصل كقوله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ على قراءة من قرأ بالرفع ومفعول

[سورة الكهف (18) : الآيات 53 إلى 57]

أول لجعلنا وعلى الوجه الاول مفعول ثان قال فى القاموس الموبق كمجلس المهلك وواد فى جهنم وكل شىء حال بين الشيئين انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [وادي از واديهاى دوزخ پيدا كنم ميان ايشان كه مهلكه عظيم باشد وهمه ايشانرا در ان معذب سازيم] يقول الفقير الظاهر ان المعنى على الثالث اى جعلنا بينهم برزخا يفصل أحدهما عن الآخر فلا يشفع مثل الملائكة وعيسى وعزير وتبرأ غيرهم وهو لا ينافى الاجتماع والاشتراك فى النار بمن قضى له الدخول كما لا يخفى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ حين أمروا بالسوق إليها قال الكاشفى [وبه بيند مشركان آتش دوزخ را از چهل ساله را] فَظَنُّوا فايقنوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها فان المخالطة إذا قويت سميت مواقعة قال الامام والأقرب انهم يرون النار من بعيد فيظنون انهم مواقعوها مع الرؤية من غير مهلة لشدة ما يسمعون من تغيظها وزفيرها كقوله تعالى إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً والمكان البعيد مسيرة خمسمائة سنة وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً انصرافا او مكانا ينصرفون اليه قال الكاشفى [مصرفا مكانى باز كردند بد آن يا كريز كاهى] لانها أحاطت بهم من كل جانب وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى اقسم قسما لقد كررنا وادرنا على وجوه كثيرة من النظم فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ لمصلحتهم ومنفعتهم مِنْ كُلِّ مَثَلٍ كمثل الرجلين المذكورين ومثل الحياة الدنيا ليتذكروا ويتعظوا او من كل معنى داع الى الايمان هو كالمثل فى غرابته وحسنه قال الكاشفى [از هر مثل بر ان محتاجند از قصص گذشته كه سبب عبرت كردد ودلائل قدرت كامله كه موجب ازدياد بصيرت شود] حق تعالى بمحض فضل عميم ... در كتاب كريم وحكم قديم آنچهـ مر جمله را بكار آيد ... گفته است آنچنانكه مى آيد وَكانَ الْإِنْسانُ جنس الإنسان بحسب جبلته أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا جدلا تمييز اى اكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل كالجن والملك اى جدله اكثر من جدل كل مجادل وهو هاهنا شدة الخصومة بالباطل لاقتضاء خصوصية المقام والا فالجدل لا يلزم ان يكون بالباطل قال تعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهو من الجدل الذي هو الفتل والمجادلة الملاواة لان كلا من المجادلين يلتوى على صاحبه وفى الحديث (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أولوا الجدل) رواه ابو امامة كما فى تفسير ابى الليث قال فى التأويلات النجمية من طبيعة الإنسان المجادلة والمخاصمة وبها يقطعون الطريق على أنفسهم. فتارة مع الأنبياء يجادلون لا يقبلون بالنبوة والرسالة حتى يقاتلونهم. وتارة يجادلون فى الكتب المنزلة ويقولون ما انزل الله على بشر من شىء. وتارة يجادلون فى محاكمتها وتارة يجادلون فى متشابهاتها. وتارة يجادلون فى ناسخها ومنسوخها. وتارة يجادلون فى تفسيرها وتأويلها. وتارة يجادلون فى اسباب نزولها. وتارة يجادلون فى قراءتها. وتارة يجادلون فى قدمها وحدوثها على هذا حتى لم يفرغوا من المجادلة الى المجاهدة ومن المخاصمة الى المعاملة ومن المنازعة الى المطاوعة ومن المناظرة الى المواصلة فلهذا قال تعالى وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ومن هذا عالجهم بقوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ الآية ومن كلمات مولانا قدس سره

[سورة الكهف (18) : الآيات 55 إلى 57]

ما را چهـ از ين قصه كه كاو آمد وخر رفت ... اين وقت عزيزست ازين عربده باز آي فعلى العاقل ان يشتغل بنفسه ويترك المراء والجدل فان مرجعه هو النقيض والتمزيق للغير وهو من مقتضى السبعية وفى الحديث (لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وان كان محقا) فاذا لزم ترك الجدال وهو محق فكيف وهو مبطل أعاذنا الله تعالى وإياكم منه بفضله وجعلنا من المتكلمين بالخير والمعرضين عن لغو الغير قال تعالى وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً الآية وقال وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَما مَنَعَ النَّاسَ اى لم يمنع اهل مكة من أَنْ يُؤْمِنُوا بالله تعالى ويترك الشرك الذي هم عليه إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وهو الرسول الكريم الداعي والقرآن العظيم الهادي وَمن ان يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ من انواع الذنوب إِلَّا انتظار أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله وعادته فى الأمم الماضية وهو الاستئصال لما كان تعنتهم مفضيا اليه جعلوا كأنهم منتظرون له أَوْ انتظار ان يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ عذاب الآخرة حال كونه قُبُلًا أنواعا جمع قبيل او عيانا لهم اى معاينا. وبالفارسية [روى با روى] قال فى الجلالين يعنى القتل يوم بدر وقال فى الاسئلة المقحمة كيف وعدهم فى هذه الآية بإحدى العقوبتين ان لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بمن لم يؤمنوا منهم الجواب انما وعدهم بذلك ان تركوا الايمان كلهم فقد آمن أكثرهم يوم فتح مكة وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ الى الأمم ملتبسين بحال من الأحوال إِلَّا مُبَشِّرِينَ للمؤمنين والمطيعين بالثواب والدرجات وَمُنْذِرِينَ للكافرين والعاصين بالعقاب والدركات فان طريق الوصول الى الاول والحذر عن الثاني مما لا يستقل به العقل فكان من لطف الله ورحمته ان أرسل الرسل لبيان ذلك يقول الفقير اشارة الى ان العلماء الذين هم بمنزلة أنبياء بنى إسرائيل رحمة الله من الله تعالى ايضا إذ ببيانهم يضمحل ظلم الشبه وينحل عقد الشكوك وبإرشادهم يحصل كمال الاهتداء ويتم امر السلوك وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى يجادلون الرسل المبشرين والمنذرين بِالْباطِلِ [به بيهوده] حيث يقولون ما أنتم الا بشر مثلنا ولو شاء الله لانزل ملائكة ويقترحون آيات بعد ظهور المعجزات تعنتا لِيُدْحِضُوا ليزيلوا بِهِ بالجدال الْحَقَّ الذي مع الرسل عن مقره ومركزه ويبطلوه من ادحاض القدم وهو ازلاقها عن موطنها والدحض الزلق ومن بلاغات الزمخشري حجج الموحدين لا تدحض بشبه المشبه كيف يضع ما رفع ابراهم أبرهة: وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او وَاتَّخَذُوا آياتِي الدالة على الوحدة والقدرة ونحوهما وَما أُنْذِرُوا خوفوابه من العذاب هُزُواً سخرية يعنى موضع استهزاء فيكون من باب الوصف بالمصدر مبالغة وَمَنْ أَظْلَمُ استفهام على سبيل التوبيخ اى من أشد ظلما مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ اى وعظ بالقرآن الكريم فَأَعْرَضَ عَنْها لم يتدبرها ولم يتفكرها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ من الكفر والمعاصي ولم يتفكر فى عاقبتها ولم ينظر فى ان المسيئ والمحسن لا بد لهما من جزاء ولما كان الإنسان يباشر اكثر اعماله بيديه غلب الأعمال باليدين على الأعمال التي تباشر

[سورة الكهف (18) : الآيات 58 إلى 63]

بغيرهما حتى قيل فى عمل القلب هو مما عملت يداك وحتى قيل لمن لا يدين له يداك قال بعضهم أحق الناس تسمية بالظلم من يرى الآيات فلا يعتبر بها ويرى طريق الخير فيعرض عنها ويرى مواقع الشر فيتبعها ولا يجتنب عنها إِنَّا جَعَلْنا أعمالهم كما فى تفسير الشيخ عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية جمع كنان وهو تعليل لاعراضهم ونسيانهم بانهم مطبوع على قلوبهم أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة ان يقفوا على كنه الآيات وتوحيد الضمير باعتبار القرآن وَجعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً ثقلا وصمما يمنعهم عن استماعه وفيه اشارة الى ان اهل اللغو والهذيان لا يصيخون الى القرآن: قال الكمال الخجندي قدس سره دل از شنيدن قرآن بكير در همه وقت ... چوباطلان زكلام حقت ملولى چيست وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى اى الى طريق الفلاح وهو دين الإسلام فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً اى فلن يكون منهم اهتداء البتة مدة التكليف كلها لانه محال منهم قال الكاشفى [مراد جمعى اند از كفار مكه كه علم حق بعدم ايمان ايشان متعلق بود] وان جواب عن سئوال النبي صلى الله عليه وسلم وجزاء للشرط اما كونه جوابا فلان قوله إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً فى معنى لا تدعهم الى الهدى ثم نزل حرصه عليه السلام على إسلامهم منزلة قوله مالى لا ادعوهم فاجيب بقوله وَإِنْ تَدْعُهُمْ الآية واما كونه جزاء فلانه على انتفاء الاهتداء لدعوة الرسول على معنى انهم جعلوا ما هو سبب لوجود الاهتداء سببا لانتفائه بالاعراض عن دعوته وَرَبُّكَ مبتدأ خبره قوله الْغَفُورُ البليغ فى المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه من الدنس ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة وهى الانعام على الخلق خبر بعد خبر وإيراد المغفرة على صيغة المبالغة دون الرحمة للتنبيه على كثرة الذنوب وان المغفرة ترك المضار وهو سبحانه قادر على ترك ما لا يتناهى من العذاب واما الرحمة فهى فعل وإيجاد ولا يدخل تحت الوجود الا ما يتناهى وتقديم الوصف الاول لان التخلية قبل التحلية لَوْ يُؤاخِذُهُمْ لو يريد مؤاخذتهم بِما كَسَبُوا من الذنوب لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ فى الدنيا من غير امهال لاستيجاب أعمالهم لذلك ولكنه لم يعجل ولم يؤاخذ بغتة بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ بالفارسية [زمان وعد] فهو اسم زمان والمراد يوم بدر او يوم القيامة فيعذبون فيه ولَنْ يَجِدُوا البتة حين مجيئ الموعد مِنْ دُونِهِ من غيره تعالى مَوْئِلًا منجى وملجأ يقال وأل اى نجا ووأل اليه اى لجأ اليه وقيل من دون العذاب قال سعدى المفتى هو اولى وفيه دلالة على ابلغ وجه على ان لا ملجأ لهم ولا منجى فان من يكون ملجأه العذاب كيف يرى وجه الخلاص والنجاة انتهى ويجوز ان يكون المعنى لن يجدوا عند حلول الموعد موئلا بالفارسية [پناهى وكريز كاهى] وهو اللائح والله اعلم وَتِلْكَ الْقُرى اى قرى عاد وثمود واضرابهما وهى مبتدأ على تقدير المضاف اى واهل تلك القرى خبره قوله تعالى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى وقت ظلمهم مثل ظلم اهل مكة بالتكذيب والجدال وانواع المعاصي ولما اما حرف كما قال ابن عصفور واما ظرف استعمل للتعليل وليس المراد به الوقت المعين الذي عملوا فيه الظلم بل زمان من ابتداء الظلم

[سورة الكهف (18) : آية 60]

الى آخرء وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ اى عينا لهلاكهم لان المهلك بفتح اللام وكسرها الهلاك مَوْعِداً ممتدا لا يتأخرون عنه [پس چرا قريش عبرت نكيرند واز شرك ونافرمانى دست باز نمى دارند «السعيد من وعظ بغيره» ورشيد الدين وطواط در ترجمه اين كلام سعادت فرموده نيكبخت آن كسى بود كه دلش ... آنچهـ نيكو تراست بپذيرد ديگران را چو پند داده شود ... او از ان پند بهره بر كيرد وفى الآيات إشارات منها ان اسباب الهداية وان اجتمعت بالكلية لا يهتدى بها الناس ولا يؤمنون الا بجذبات العنايات كما قال عليه السلام (لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا) قال المولى الجامى سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند فالا هتداء بهداية الله تعالى وبالسيف كما قال عليه السلام (أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله) وكما قال (انا نبى السيف ونبى الملحمة) ومنها ان اهل الباطل يرون الحق باطلا والباطل حقا وذلك من عمى قلوبهم وسخافة عقولهم فيجادلون الأنبياء والأولياء جهلا منهم وضلالة ويسعون فى ابطال الحق واما اهل الحق فينقادون للانبياء والأولياء ويستسلمون لهم من غير عناد وجدال وذلك لانهم ينظرون بنور الله فيرون الحق حقا ويتبعونه ويرون الباطل باطلا ويجتنبونه لا جرم انهم يتخذون آيات الله جدا لا هزؤا فيأتمرون بما أمروا به وينتهون عمانهوا عنه ومنها ان رحمة الله تعالى فى الدنيا تعم المؤمن والكافر لانه لا يؤاخذهم بما كسبوا فى الدنيا بقطع الرزق ونحوه وتخص يوم القيامة بالمؤمن والعذاب يخص الكافر ققوله تعالى وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى انما أهلكنا اهل تلك القرى بعد ان كان من سنتنا ان تعم رحمتنا المؤمن والكافر فى الدنيا لانهم ضموا مع كفرهم الظالم ومن سنتنا ان لا نمهل الظالم ولا نهمله كما قال عليه السلام (الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم) وقال تعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً وذلك لان همم المظلومين المظطرين مؤثرة ودعاؤهم مستجاب قال عليه السلام (اتقوا دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب ومن هذا المقام يعرف سر قوله عليه السلام (ولدت فى زمن الملك العادل) فان اطلاق العادل على انوشروان بالنسبة الى انتفاء الظلم الآفاقى عنه وقد كان فى نفسه مجوسيا والشرك ظلم عظيم: قال الشيخ سعدى مهازورمندى مكن بر كهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان پريشانىء خاطر داد خواه ... بر اندازد از مملكت ياد شاه خنك روز محشر تن دادكر ... كه در سايه عرش دارد مقر وَإِذْ قالَ مُوسى - روى- ان موسى عليه السلام لما ظهر على مصر مع بنى إسرائيل بعد هلاك القبط امره الله ان يذكر قومه انعام الله عليهم فخطب خطبة بليغة رقت بها القلوب وذرقت العيون فقال واحد من علماء بنى إسرائيل يا موسى من اعلم قال انا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم اليه تعالى فاوحى اليه بل اعلم منك عبدلى عند مجمع البحرين وهو الخضر وكان فى ايام

أفريدون الملك العادل العاقل قبل موسى وكان على مقدمة ذى القرنين الأكبر وبقي الى ايام موسى وهو قد بعث فى ايام كشتاسف بن لهراسب كما قاله ابن الأثير فى تاريخه فقال يا رب اين اطلبه وكيف يتيسرلى الظفر به والاجتماع معه قال اطلبه على ساحل البحر عند الصخرة وخذ حوتا مملوحا فى مكتل يكون زادا لك فحيث فقدته اى غاب عنك فهو هناك فاخذ حوتا فجعله فى مكتل فقال لفتاه إذا فقدت الحوت فاخبرنى والمعنى اذكر وقت قول موسى بن عمران لما فيه من العبرة وزعم اهل التوراة ان موسى هذا هو موسى بن ميشا بن يوسف النبي عليه السلام وانه كان نبيا قبل موسى بن عمران لاستبعادهم ان يكون كليم الله المختص بالمعجزات الباهرة مبعوثا للتعلم والاستفادة ممن هو دونه فلهذا لا يبعد عن العامل الكامل ان يجهل بعض الأشياء فالفاضل قد يكون مفضولا من وجه بل المراد منه صاحب التوراة واطلاق هذا الاسم يدل عليه لانه لو أراد غيره لقيده كما يقال قال ابو حنيفة الدينوري تمييزا عن ابى حنيفة الامام لِفَتاهُ وهو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف وهو ابن اخت موسى وكان من اكبر أصحابه ولم يزل معه الى ان مات وخلفه فى شريعته وكان من أعظم بنى إسرائيل بعد موسى سمى فتاه إذ كان يخدمه ويتبعه ويتعلم منه ويسمى الخادم والتلميذ فتى وان كان شيخا واليه يشير القول المشهور «تعلم يافتى فالجهل عار» وهو عبد حكمى كما قال شعبة من كتبت عنه اربعة أحاديث فانا عبده الى ان أموت وقيل لعبده وانما قال لفتاه تعليما للادب قال عليه السلام (ليقل أحدكم فتاى وفتاتى ولا يقل عبدى وأمتي) قال ابو يوسف من قال انا فتى فلان كان إقرارا منه بالرق يقول الفقير المشهور وهو الوجه الاول وتأبى جلالة هذا السفر الا ان يكون الصاحب من اولى الخطر ونظيره ان نبينا صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة لم يرض برفاقته فى سفره الا الصديق رضى الله عنه لكونه أعز أصحابه وخليفته بعده كما ان يوشع صار خليفة موسى بعده لا أَبْرَحُ من برح الناقص كزال يزال اى لا أزال أسير فحذف الخبر اعتمادا على قرينة الحال إذ كان ذلك عند التوجه الى السفر ويدل عليه ايضا ذكر السفر فى قوله لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا فقول سعدى المفتى لا دلالة فى نظم القرآن على هذا ولعله علم من الأثر او من اخبار المؤرخين ذهول عما بعد الآية حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ هو ملتقى بحر فارس والروم مما يلى المشرق وهو المكان الذي وعد الله موسى بلقاء الخضر فيه قال سعدى المفتى بحرا فارس والروم انما يلتقيان فى المحيط على ما سيجئ فى سورة الرحمن اعنى المحيط الغربي فان الالتقاء هناك كما لا يخفى على من يعرف وضع البحار فالمراد بملتقاهما هنا موضع يقرب التقاؤهما فيه مما يلى المشرق ويعطى لما يقرب من الشيء حكم ذلك الشيء ويعبر به عنه انتهى وفيه اشارة الى ان موسى والخضر عليهما السلام بحران لكثرة علمهما أحدهما وهو موسى بحر الظاهر والباطن والغالب عليه الظاهر اى الشريعة والآخر وهو الخضر بحرهما والغالب عليه الباطن اى الحقيقة إذ تتفاوت الأنبياء عليهم السلا بحسب غلبة الجمال او الجلال على نشأتهم وسيأتى التحقيق ان شاء الله تعالى فملتقاهما إذا المكان الذي يتفق اجتماعهما فيه لا موضع معين أَوْ أَمْضِيَ من مضى فى الأمر بمعنى نفذ وأمضاه انفذه

[سورة الكهف (18) : آية 61]

حُقُباً هو بضم القاف وسكونه ثمانون سنة. والمعنى أسير زمانا طويلا أتيقن معه فوات المطلب يعنى حتى يقع اما بلوغ المجمع او مضى الحقب وفى بعض التفاسير أسير دهرا طويلا حتى أجد هذا العالم قال الكاشفى [موسى فرمود كه مدام ميروم تا برسم بمنزل او يا ميروم زمان دراز كه هشتاد سال باشد يعنى بهيچ وجهى روى از سفر نمى تابم تا او را بيابم دست از طلب ندارم تا كام من بر آيد وفى المثنوى كز كران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست قال الامام فى تفسيره هذا اخبار من موسى بانه وطن نفسه على تحمل التعب الشديد والعناء العظيم فى السفر لاجل طلب العلم وذلك تنبيه على ان المتعلم لو سار من المشرق الى المغرب لطلب مسألة واحدة لحق له ذلك انتهى قال فى روضة الخطيب رجل جاء من المدينة الى مصر لحديث واحد ولذا لم يعد أحد كاملا الا بعد رحلته ولا وصل مقصده الا بعد هجرته وقالوا كل من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الاتباع ويكشف عن قلبه القناع فهو فى هذا الشأن لقيط لا اب له دعى لا نسب له انتهى ومن كلام ابى يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان: وفى المثنوى پير را بگزين كه بي پير اين سفر هست بس پر آفت وخوف وخطر چون كرفتى پير هين تسليم شو همچوموسى زير حكم خضر رو «1» قال فى التأويلات النجمية فى الآية إشارات منها ان شرط المسافر ان يطلب الرفيق ثم يأخذ الطريق ومنها ان من شرط الرفيقين ان يكون أحدهما أميرا والثاني مأمورا له ومتابعا ومنها ان يعلم الرفيق عزيمته ومقصده ويخبر عن مدة مكثه فى سفره ليكون الرفيق واقفا على أحواله فان كان موافقا له يرافقه فى ذلك ومنها ان من شرط الطالب الصادق ان يكون نيته فى طلب شيخ يقتدى به ان لا يبرح حتى يبلغ مقصوده ويظفر به فان طلب الشيخ طلب الحق تعالى على الحقيقة انتهى كلامه قدس سره فَلَمَّا بَلَغا قال الكاشفى [موسى عليه السلام فرمود كه اى يوشع تو با من موافقت نماى در طلب اين بنده صالح يوشع فرمود آرى من بتو موافقم ورفاقت تو مغتنم مى شمارم خوشست آوارگى آنرا كه همراهى چنين باشد «2» پس يوشع عليه السلام تهى چندان وماهى برداشته باتفاق موسى روانه شد] والفاء فصيحة اى فذهب موسى ويوشع يمشيان فلما بلغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما بينهما ظرف أضيف له اتساعا فالمعنى مكانا يكاد يلتقى وسط ما امتد من البحرين طولا قال الكاشفى [بمجمع كه ميان دو درياست آنجا بر صحره بر كنار چشمه حيات بود نشستند موسى عليه السلام در خواب رفته بود ويوشع دران چشمه وضو ساخت وقطره بر آن ماهى بريان چكيد فى الحال زنده شد روى بدريا نهاد ويوشع متحير شد وموسى از خواب در آمده تفقد حال

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان صف پير ومطاوعت كردن با او ودر بيان وصيت كردن رسول خدا صلى الله عليه وسلم مر على را إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشت إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 62 إلى 63]

يوشع وماهى ننموده روى براه نهاد واز غايت تعجيل سفر] نَسِيا حُوتَهُما الذي جعل فقدانه امارة وجدان المطلوب اى نسى موسى تذكر الحوت لصاحبه وصاحبه نسى الاخبار بامره فلا يخالفه ما فى حديث الصحيحين من اسناد النسيان الى صاحبه وفى الاسئلة المقحمة كانا جميعا قد زوداه لسفرهما فجاز اضافة ذلك إليهما وان كان الناسي أحدهما وهو يوشع يقال خرج القوم وحملوا معهم الزاد وانما حمله بعضهم فَاتَّخَذَ الحوت ان قلت كيف اتى بالفاء وذهاب الحوت مقدم على النسيان قلت الفاء فصيحة ولا يلزم ان يكون المعطوف عليه الذي يفصح عنه الفاء معطوفا على نسيا بالفاء بل بالواو والتقدير وحيى الحوت فسقط فى البحر فاتخذ سَبِيلَهُ اى طريق الحوت فِي الْبَحْرِ سَرَباً مفعول ثان لاتخذ وفى البحر حال منه اى مسلكا كالسرب وهو بيت فى الأرض وثقب تحتها وهو خلاف النفق لانه إذا لم يكن له منفذ يقال له سرب وإذا كان له منفذ يقال له نفق وذلك ان الله تعالى امسك جرية الماء على الحوت فصار كالطاق عليه وهو ما عقد من أعلى البناء وبقي ما تحته خاليا يعنى انه انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم تلتئم هكذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقام كما فى حديث الصحيحين. وبالفارسية [سربا مثل سردابه كه دران توان رفت هر جا كه ماهى بريان ميرفت آب بالاى او مرتفع مى ايستاد در زمين خشك ميكشت] فلا وجه لقول بعض المفسرين كالقاضى ومن يتبعه سربا اى مسلكا يسلك فيه ويذهب من قوله وَسارِبٌ بِالنَّهارِ وهو الذاهب على وجهه فى الأرض فَلَمَّا جاوَزا اى مجمع البحرين الذي جعل موعدا للملاقاة اى انطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد القى على موسى الجوع ليتذكر الحوت ويرجع الى مطلبه فعند ذلك قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا ما نتغدى به وهو الحوت كما ينبئ عنه الجواب والغداء بالفتح هو ما يعد للاكل أول النهار والعشاء ما يعد له آخره لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا اى بالله لقد لقينا من هذا السفر الذي سرناه بعد مجاوزة مجمع البحرين نَصَباً تعبا واعياء قال النووي انما لحقه النصب والجوع ليطلب موسى الغداء فيتذكر به يوشع الحوت وفى الحديث (لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي امره به) وفى الاسئلة المقحمة كيف جاع موسى ونصب فى سفرته هذه وحين خرج الى الميقات ثلاثين يوما لم يجع ولم ينصب قيل لان هذا السفر كان سفر تأديب وطلب علم واحتمال مشقة وذلك السفر كان الى الله تعالى انتهى والجملة فى محل التعليل للامر بايتاء الغداء اما باعتبار النصب انما يعترى بسبب الضعف الناشئ عن الجوع واما باعتبار ما فى أثناء التغدي من استراحة ما كما قال الكاشفى [بيار طعام چاشت ما را تا بخوريم كه كرسنه شديم ودمى بر آساييم چون يوشع سفره پيش آورد وقصه ماهى بيادش آمد] قالَ فتاه أَرَأَيْتَ [خبر دارى] قال ابن ملك هو يجيئ بمعنى أخبرني وهنا بمعنى التعجب ومفعوله محذوف وذلك المحذوف عامل فى قوله إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ يعنى عجبت ما أصابني حين وصلنا الى الصخرة ونزلنا عندها فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ان اذكر لك امره وما شاهدت منه من الأمور العجيبة ثم اعتذر بانساء الشيطان إياه لانه لو ذكر ذلك لموسى ما جاوز ذلك المكان وما ناله النصب فقال

وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ بوسوسته الشاغلة عن ذلك أَنْ أَذْكُرَهُ بدل اشتمال من الضمير اى وما انسانى ان اذكره لك وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سبيلا عَجَباً وهو كون مسلكه كالطاق والسرب فعجبا ثانى مفعولى اتخذ والظرف حال من أولهما او ثانيهما وهو بيان لطرف من امر الحوت منبئ عن طرف آخر وما بينهما اعتراض قدم عليه للاعتناء بالاعتذار كأنه قيل حيى واضطرب ووقع فى البحر واتخذ سبيله فيه سبيلا عجبا يعنى ان قوله وما انسانيه اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه سببه ما يجرى مجرى العذر والعلة لوقوع ذلك النسيان قال الامام فان قيل انقلاب السمكة المالحة حية حالة عجيبة جعل الله تعالى حصول هذه الحالة العجيبة دليلا على الوصول الى المطلوب فكيف يعقل حصول النسيان فى هذا المعنى أجاب العلماء عنه بان يوشع كان قد شاهد المعجزات الباهرة من موسى كثيرا فلم يبق لهذه المعجزة عنده وقع عظيم فجاز حصول النسيان وعندى فيه جواب آخر وهو ان موسى لما استعظم علم نفسه أزال الله تعالى عن قلب صاحبه هذا العلم الضروري تنبيها لموسى على ان العلم لا يحصل الا بتعليم الله تعالى وحفظه على القلب الخاطر انتهى وقال بعضهم لعله نسى ذلك لاستغراقه فى الاستبصار وانجذاب شراشره الى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة وهى حياة السمكة المملوحة المأكول بعضها وقيام الماء وانتصابه مثل الطاق ونفوذها فى مثل السرب منه وانما نسبه الى الشيطان هضما لنفسه اى لمقتضى نفسه من الاغترار والافتخار بامثاله وفى الآيات إشارات منها ان الطالب الصادق إذا قصد خدمة شيخ كامل يسلكه طريق الحق يلزمه مرافقة رفيق التوفيق ومعه حوت قلبه الميت بالشهوات النفسانية المملح بملح حب الدنيا وزينتها ومجمع البحرين هو الولاية بين الطالب وبين الشيخ ولم يظفر المريد بصحبة الشيخ ما لم يصل الى مجمع ولايته فانهم جدا وعند مجمع الولاية عين الحياة الحقيقية فباول قطرة من تلك العين تقع على حوت قلب المريد يحيى ويتخذ سبيله فى البحر عن الولاية سربا ومنها ان الله يحول بين المرء وقلبه فينسى المريد قلبه حين فقده وينسى القلب المريد إذا وجد الشيخ: وفى المثنوى اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزنده كى از وى پرست «1» ومنها ان المريد لو تطرق اليه الملالة فى أثناء السلوك وأصابت قلبه الكلالة وسولت له نفسه التجاوز عن خدمة الشيخ وترك صحبته حتى يظن ان لو سافر عن خدمته واشتغل بطاعة ربه وجاهد نفسه فى طلب الحق تعالى لعله يصل مقصده ويحصل مقصوده بلا واسطة الشيخ والاقتداء به هيهات فانه ظن فاسد ومتاع كاسد وانه يضيع عمره ويتعب نفسه ويضل عن سبيل الرشاد ويبعد عن طريق السداد الا ان أدركته العناية الازلية التي هى الكفاية الابدية وردت اليه صدق الارادة: وفى المثنوى آن رهى كه بارها تو رفته ... بي قلاوز اندر آن آشفته «2» پس رهى را كه نرفتستى تو هيچ ... هين مرو تنها ز رهبر سر مپيچ

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان صفت پير ومطاوعت كردن با او [.....] (2) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف

[سورة الكهف (18) : الآيات 64 إلى 70]

هين مپر الا كه با پرهاى شيخ ... تا ببينى عون ولشكرهاى شيخ ومنها ان صحبة الشيخ المرشد غداء للمريد لاشتمالها على ما يجرى مجرى الغداء للروح من الأقوال الطيبة والافعال الحسنة ومتى جاوز صحبته اتعب نفسه بلا فائدة الوصول ونيل المقصود ولا يحمل على هذا إلا شيطان الخذلان فيلزم الرجوع والعود الى ملازمة الخدمة فى مرافقة رفيق التوفيق كما رجع موسى ويوشع عليهما السلام قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ اى فى صحبتهم ولا تكونوا مع الكاذبين: وفى المثنوى هر طرف غولى همى خواند ترا ... كاى برادر راه خواهى هين بيا «1» رهنمايم هم رهت باشم رفيق ... من قولاوزم درين راه دقيق نى قلاوزست ونى ره داند او ... يوسفا كم رو سوى آن كرك خو نسال الله العصمة والتوفيق قالَ موسى عليه السلام ذلِكَ الذي ذكرت من امر الحوت ما اى الذي كُنَّا نَبْغِ أصله نبغى والضمير العائد الى الموصول محذوف اى نبغيه ونطلبه لكونه امارة للفوز بالمرام من لقاء الخضر عليه السلام فَارْتَدَّا رجعا من ذلك الموضع وهو طرف نهر ينصب الى البحر عَلى آثارِهِما طريقهما الذي جا آمنه والآثار الاعلام جمع اثر واثر وخرج فى اثره واثره اى بعده وعقبه. وبالفارسية [بر نشانهاى قدم خود] قَصَصاً مصدر فعل محذوف اى يقصان قصصا اى يتبعان آثارهما اتباعا ويتفحصان تفحصا حتى أتيا الصخرة التي حيى الحوت عندها وسقط فى البحر واتخذ سبيله سربا فَوَجَدا عَبْداً التنكير للتفخيم مِنْ عِبادِنا الاضافة للتشريف وكان مسجى بثوب فسلم عليه موسى وعرفه نفسه وأفاد انه جاء لاجل التعلم والاستفادة. والجمهور على انه الخضر بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد وهو لقبه وسبب تلقيبه بذلك ما جاء فى الصحيح انه عليه السلام قال (انما سمى الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فاذا هى تهتز من خلفه خضراء) الفروة وجه الأرض اليابسة وقيل النبات اليابس المجتمع والبيضاء الأرض الفارغة لا غرس فيها لانها تكون بيضاء واهتزاز النبات تحركه وكنيته ابو العباس واسمه بليا بباء موحدة مفتوحة ثم لام ساكنة ثم مثناة تحت ابن ملكان بفتح الميم واسكان اللام ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح قال ابو الليث انه عليه السلام ذكر قصة الخضر فقال (كان ابن ملك من الملوك فاراد أبوه ان يستخلفه من بعده فلم يقبل وهرب منه ولحق بجزائر البحر فلم يقدر عليه) وتفصيله على ما فى كتاب التعريف والاعلام للامام السهيلي وهو ان أباه كان ملكا وان امه كانت بنت فارس واسمها الها وانها ولدته فى مغارة وانه ترك هنا لك وشاة ترضعه فى كل يوم من غنم رجل من القرية فاخذه الرجل فرباه فلما شب وطلب الملك أبوه كاتبا وجمع اهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي نزلت على ابراهيم وشيث كان فيمن قدم عليه من الكتاب ابنه الخضر وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته ونجابته سأله عن جلية امره فعرف انه ابنه فضمه لنفسه وولاه امر الناس ثم ان الخضر فر من الملك وزهد فى الدنيا وسار الى ان

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله گفتن نيازمند عين لبيك گفتن حق است

وجد عين الحياة فشرب منها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له فى اجله حتى يكذب الدجال وفيه اشارة الى ان لكل دجال فى كل عصر مكذبا ومبطلا لامره: قال الحافظ كجاست صوفئ دجال فعل ملحد شكل ... بگو بسوز كه مهدئ دين پناه رسيد واخرج عن ابن عساكر ان آدم لما حضره الموت اوصى بنيه ان يكون جسده الشريف معهم فى غار فكان جسده فى المغارة معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد فى السفينة بوصية آدم فلما خرج منها قال لبنيه ان آدم دعا بطول العمر لمن يدفنه من أولاده الى يوم القيامة فذهب أولاده الى الغار ليدفنوه وكان فيهم الخضر فكان هو الذي تولى دفن آدم فانجز الله ما وعده فهو يحيى ما شاء الله له ان يحيى قال فى فتح القريب ومن اغرب ما قيل انه ابن آدم لصلبه وقيل انه من الملائكة وهذا باطل ومن اعجب ما قيل انه ابن فرعون صاحب موسى كما فى تواريخ مصر وقيل انه ابن خالة ذى القرنين كان فى سفره معه وشرب من ماء الحياة مد الله عمره الى الوقت المعلوم ولا بعد فانه كان من بنى آدم من يعيش ثلاثة آلاف سنة او اكثر وقيل انه ابن عاميل بن شمالخين بن ارما بن علقما بن عيصو بن إسحاق النبي وكان عاميل ملكا والجمهور على انه نبى غير مرسل وعند الصوفية المحققين ولى غير نبى واختلفوا فى حياته والأكثر على انه موجود بين أظهرنا وهذا متفق عليه عند الصوفية لان حكاياتهم انهم رأوه فى المواضع الشريفة وكالموه اكثر من ان يحصى نقله الشيخ الأكبر فى الفتوحات المكية وابو طالب المكي فى كتبه والحكيم الترمذي فى نوادره وغير ذلك من المحققين من سادات الامة الذين لا يتصور اجتماعهم على الكذب والافتراء بمجرد الاخبار النقلية حاشاهم عن ذلك وقد ثبت وجوده فلا يكون عدمه الا بدليل ولا دليل على موته ولا نص فيه من كتاب ولا سنة ولا اجماع ولا نقل انه مات بأرض كذا فى وقت كذا فى زمن ملك من الملوك وفى تفسير البغوي اربعة من الأنبياء احياء الى يوم البعث اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس اى والياس فى البر والخضر فى البحر يجتمعان كل ليلة على ردم ذى القرنين يحرسانه وأكلهما الكرفس والكمأة واثنان فى السماء إدريس وعيسى عليهما السلام وفى كتاب التمهيد لابى عمر امام الحديث فى وقته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غسل وكفن سمعوا قائلا يقول السلام عليكم يا اهل البيت ان فى الله خلفا من كل هالك وعوضا من كل تالف وعزاء من كل مصيبته فعليكم بالصبر فاصبروا واحتسبوا ثم دعا لهم ولا يرون شخصه فكانوا اى الاصحاب واهل البيت يرونه انه الخضر وفى كتاب الهواتف ان على بن ابى طالب رضى الله عنه لقى الخضر وعلمه هذا الدعاء وذكر فيه ثوابا عظيما ومغفرة ورحمة لمن قاله فى اثر كل صلاة وهو «يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك» قال الهروي ان الخضر قد جاء النبي عليه السلام مرارا واما قوله عليه السلام (لو كان حيا لزارنى) فلا يمنع وقوع الزيارة بعده قال فى فصل الخطاب ان الخضر قد صحب النبي عليه السلام وروى عنه أحاديث

وفى الخصائص الصغرى ان فى غزوة تبوك اجتمع عليه السلام بالياس فعن انس رضى الله عنه غزونا مع النبي عليه السلام حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر سمعنا صوتا يقول اللهم اجعلنى من امة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها فقال عليه السلام (يا انس انظر ما هذا الصوت) فدخلت الجبل فاذا رجل عليه ثياب بياض ابيض الرأس واللحية طوله اكثر من ثلاثمائة ذراع فلما رآنى قال أنت رسول النبي عليه السلام قلت نعم قال ارجع اليه وأقرئه السلام وقل له هذا أخوك الياس يريد ان يلقاك فرجعت الى النبي عليه السلام فاخبرته فجاء عليه السلام يمشى وانا معه حتى إذا كنا قريبا منه تقدم النبي وتأخرت انا فتحدثا طويلا فنزل عليهما من السماء شىء يشبه السفرة ودعوانى فاكلت معهما قليلا فاذا فيها كمأة ورمان وحوت وتمر وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت ثم جاءت سحابة فاحتملته فانا انظر الى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبى عليه السلام بابى أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليه قال عليه السلام (سألته عنه فقال يأتينى به جبرائيل فى كل أربعين يوما أكلة وفى كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقانى) والأكثر من المحدثين على وفاة الخضر سئل البخاري عن الخضر والياس هل هما فى الاحياء قال كيف يكون ذلك وقد قال رسول الله عليه السلام (لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على وجه الأرض أحد) وقد قال الله تعالى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ والجواب ان هذا الحكم جار على الأكثر ولا حكم للنادر الذي يعيش فوق المائة فقد عاش سلمان ومعدى كرب وابو طفيل فوق المائة وكانوا موجودين فى ذلك الزمان عند اخباره عليه السلام والمراد بالخلود هو التأبيد ولا شك ان حياة الخضر وغيره منقطعة عند الصعقة قبل القيامة فيمتنع الخلود. واما من قال من العلماء لا يجوز ان يكون الخضر باقيا لانه لا نبى بعد نبينا فلا عبرة لكلامه لانه لم يتتبأ بعده بل قبله كعيسى أبقاه الله لمعنى وحكمة الى ان يرتفع القرآن من وجه الأرض وذكر الشيخ الأكبر قدس سره فى بعض كتبه انه يظهر مع اصحاب الكهف فى آخر الزمان عند ظهور المهدى ويستشهد ويكون من أفضل شهداء عساكر المهدى وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال انه يقتل رجلا ثم يحيى قال ابراهيم بن سفيان صاحب مسلم يقال ان هذا الرجل هو الخضر وعن ابن عباس رضى الله عنهما يلتقى الخضر والياس فى كل عام فى الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان على هذه الكلمات «بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله» من قالهن ثلاث مرات حين يصبح ويمسى آمنه الله من الحرق والغرق والسرق ومن الشيطان والحية والعقرب وزاد احمد فى الزهد انهما يصومان رمضان فى بيت المقدس وعن على رضى الله عنه مسكن الخضر بيت المقدس فيما بين باب الرحمة الى باب الأسباط قال القاشاني الخضر كناية عن البسط والياس عن القبض واما كون الخضر شخصا إنسانا باقيا من زمان موسى الى هذا العهد او روحانيا يتمثل بصورته لمن يرشده فغير متحقق عندى بل قد يتمثل ويتخيل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل وهو روح ذلك الشخص او روح القدس انتهى يقول الفقير تمثل

الروح بالصفة الغالبة قد وقع لكثير من اهل السلوك ولكن ليس كل مرئى فى اليقظة تمثلا كما فى المنام فقد يظهر المثال وقد يظهر حقيقته ولله فى كل شىء حكمة بالغة آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا هى الوحى والنبوة كما يشعر به تنكير الرحمة واختصاصه بجناب الكبرياء قال الامام مسلم ان النبوة رحمة كما فى قوله تعالى أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ونحوه ولكن لا يلزم ان تكون الرحمة نبوة فالرحمة هنا هى طول العمر على قول من مذهب الى عدم نبوته وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً خاصا هو علم الغيوب والاخبار عنها باذنه تعالى على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما او علم الباطن قال فى بحر العلوم انما قال من لدنا مع ان العلوم كلها من لدنه لان بعضها بواسطة تعليم الخلق فلا يسمى ذلك علما لدنيا بل العلم اللدني هو الذي ينزله فى القلب من غير واسطة أحد ولا سبب مألوف من خارج كما كان لعمر وعلى ولكثير من اولياء الله تعالى المرتاضين الذين فاقوا بالشوق والزهد على كل من سواهم كما قال سيد الأولين والآخرين عليه السلام (نفس من أنفاس المشتاقين خير من عبادة الثقلين) وقال عليه السلام (ركعتان من رجل زاهد قلبه خير وأحب الى الله من عبادة المتعبدين الى آخر الدهر) وقد صدق لكنه قليل كما قال وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وقال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ومن هنا يتبين لك معرفة رفعة الصحابة رضى الله عنهم وعظمهم رتبة ومكانا من الله فانهم ائمة المشتاقين والزاهدين الشاكرين ونجوم لهم يهتدون بهم انتهى وفى التأويلات النجمية فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا اى حرا من رق عبودية غيرنا من احرارنا اى ممن احررناهم من رق عبودية الأغيار واصطفيناهم من الأخيار آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا يعنى جعلناه قابلا لفيض نور من أنوار صفاتنا بلا واسطة وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً وهو علم معرفة ذاته وصفاته الذي لا يعلمه أحد الا بتعليمه إياه واعلم ان كل علم يعلمه الله تعالى عباده ويمكن للعباد ان يتعلموا ذلك العلم من غير الله تعالى فانه ليس من جملة العلم اللدني لانه يمكن ان يتعلم من لدن غيره بدل عليه قوله وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ فان علم صنعة اللبوس مما علمه الله داود عليه السلام فلا يقال انه العلم اللدني لانه يحتمل ان يتعلم من غير الله تعالى فيكون من لدن ذلك الغير وايضا ان العلم اللدني ما يتعلق بلدن الله تعالى وهو علم معرفة ذاته وصفاته تعالى انتهى قال الجنيد قدس سره العلم اللدني ما كان تحكما على الاسرار بغير ظن فيه ولا خلاف لكنه مكاشفات الأنوار عن مكنونات المغيبات وذلك يقع للعبد إذا زم جوارحه عن جميع المخلوقات وأفنى حركاته عن كل الإرادات وكان شبحا بين يدى الحق بلا تمن ولا مراد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر باب الملكوت والمعارف من المحال ان ينفتح وفى القلب شهوة هذا الملكوت واما باب العلم بالله تعالى من حيث المشاهدة فلا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت [در فتوحات از سلطان العارفين قدس سره نقل ميكند كه با جمعى دانشمندان مى كفته] أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت كلشنى كز نقل رويد يكدمست ... كلشنى كز عشق رويد خرمست كلشنى كز كل دمد كردد تباه ... كلشنى كز دل دمد وا فرحتاه

علم چون بر دل زند يارى شود ... علم چون بر كل زند بارى شود واعلم ان الصوفية سموا العلوم الحاصلة بسبب المكاشفات العلوم اللدنية وتفصيل الكلام انا إذا أدركنا امرا من الأمور وتصورنا حقيقة من الحقائق فاما ان نحكم عليه بحكم وهو التصديق اولا نحكم وهو التصور وكل واحد من هذين القسمين فاما ان يكون ضروريا حاصلا من غير كسب وطلب واما ان يكون كسبيا اما العلوم الضرورية فهى تحصل فى النفس والعقل من غير كسب وطلب مثل تصورنا الألم واللذة والوجود والعدم ومثل تصديقنا بان النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان وان الواحد نصف الاثنين واما العلوم الكسبية فهى التي لا تكون حاصلة فى جوهر النفس ابتداء بل لا بد من طريق يتوصل به الى اكتساب تلك العلوم فان كان التوصل الى استعلام المجهولات بتركيب العلوم البديهية فهو طريق النظر وان كان بتهيئة المحل وتصفيته عن الميل الى ما سوى الله تعالى فهو طريق الكشف والكشف انواع أعلاها اسرار ذاته تعالى وأنوار صفاته وآثار أفعاله وهو العلم الإلهي الشرعي المسمى فى مشرب اهل الله علم الحقائق اى العلم بالحق سبحانه وتعالى من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما ليس فى الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة وهذا العلم الجليل بالنسبة الى سائر العلوم كالشمس بالنسبة الى الذرات وكالبحر بالنسبة الى القطرات فعلوم اهل الله مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الحطام الذي لا يدوم وقال المولى الجامى جان زاهد ساحل وهم وخيال ... جان عارف غرقه بحر شهود قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه الطيب وقدس سره الزكي فى كتاب اللائحات البرقيات المراد بالرحمة علم العبادة والدراسة والظاهر والشريعة ولذلك عبر عنه بالرحمة بناء على عمومه مثلها حيث قال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ولكون مقام هذا العلم الظاهري مقام القرب الصفاتى عبر عن مقامه بما يعبر به عن مقام هذا القرب الصفاتى من قوله تعالى مِنْ عِنْدِنا اى من مقام واحدية صفاتنا ومرتبة قربها والمراد بالعلم علم الاشارة والوراثة والباطن والحقيقة ولذلك عبر عنه بلفظ العلم بناء على التعبير بالمطلق على الفرد الكامل إذ العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الروح واللب من الجسد والقشر وبمنزلة المعنى من الصورة فلا جرم ان العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الفرد الكامل من الفرد الناقص والعلم الظاهري من العلم الباطني بمنزلة الفرد الناقص من الفرد الكامل والنقصان الموهوم المعتبر فى العلم الظاهري بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الباطني باعتبار المقام الذي يوجب الامتياز بينهما من جهة الصورة لا يقدح فى كماله الذاتي الحقيقي فى عينه ونفسه كما ان الكمال المعتبر فى العلم الباطني بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الظاهري باعتبار المقام الموجب للافتراق بينهما من جهة التعين لا يزيد فى كماله الذاتي الحقيقي فى نفسه وذاته بل كل منهما من حيث هو بالنظر

الى ذاته مع قطع النظر الى الاضافة والنسبة المعتبرة بينهما بحسب المقامات والتعلقات وغير ذلك كمال محض لا يتصور فى واحد منهما نقصان أصلا فكما ان الجهل والغفلة فى أنفسهما محض نقصان حقيقى فكذلك العلم والمعرفة فى أنفسهما محض كمال حقيقى وانما الاعتبارات لئلا تبطل حقائق الاحكام ولذا قيل لولا الاعتبارات اى الإضافات والنسب المعتبرة بين الأشياء لبطلت الحقائق ولما كان مقام هذا الباطني مقام القرب الذاتي عبر عن مقام ما يعبر به عن مقام القرب الذاتي من قوله مِنْ لَدُنَّا اى من مقام احدية ذاتنا ومرتبتها ولذا خص كبار الصوفية فى اصطلاحاتهم لفظ العلم اللدني بهذا العلم الباطني الحاصل بمحض تعليم الله تعالى من لدنه بغير واسطة عبارة ولذلك قال بعضهم تعلمنا بلا حرف وصوت ... قرأناه بلا سهو وفوت يعنى بطريق الفيض الإلهي والإلهام الرباني لا بطريق التعليم اللفظي والتدريس القولى ولكون مقام العلم الظاهري من مقام العلم الباطني بمنزلة الظاهر من الباطن حيث يتعلق العلم الظاهري بظواهر الشريعة وصورها والعلم الباطني بمنزلة الباب من البيت ومن أراد دخول البيت فليأت من باب وبيت العلم ومدينته هو النبي عليه السلام وباب هذا البيت والمدينة هو على رضى الله عنه كمال قال عليه السلام (انا مدينة العلم وعلىّ بابها) كر تشنه فيض حق بصدقى حافظ ... سرچشمه آن ز ساقى كوثر پرس واعلم ان التحقيق الحقيق فى هذا المقام ان العلم المأمور موسى عليه السلام بتعلمه من الخضر هو العلم الباطني المتعلم بطريق الاشارة لا العلم الباطني المتعلم بطريق المكاشفة ولا العلم الظاهري المتعلم بطريق العبارة والدليل عليه إرسال الحق سبحانه موسى الى عبده الخضر وعدم تعليمه بواسطة أمين الوحى جبرائيل وتعليم الخضر بطريق الاشارة بالأمور الثلاثة لكن لما كان الظاهر بالنظر الى غلبة جانب علم الظاهر فى وجود موسى ان يطلب تعلمه بطريق العبارة لا بطريق الاشارة وطريقه طريق الاشارة لا طريق العبارة قال انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا من طريق التعلم بالاشارة لا بالعبارة والغالب عليك انما هو طريق العبارة لا طريق الاشارة كما ان الغالب على طريق الاشارة لا طريق العبارة ولكل وجهة هو موليها قل كل يعمل على شاكلته ثم ان الامام الأعظم من الحسن البصري رحمهما الله تعالى بمنزلة موسى من الخضر عليهما السلام كما ان العكس بالعكس من جهة ما هو الغالب فى نشأة كل منهما ولذلك أفاد الامام الهمام العلم الظاهري غالبا وتقيد بترتيب أنوار الشريعة وأحكامها عبارة وصراحة وأفاد العلم الباطني نادرا وتعرض لاسرار الحقيقة ودقائقها اشارة وكناية بخلاف الحسن البصري فالامام شمسى المشرب والحسن قمرى المشرب ولذلك كان فلك الامام أعظم وأوسع من فلك الحسن البصري وكان الامام رحمة لاهل العموم عامة وكان الحسن البصري رحمة لاهل الخصوص خاصة والامام مظهر اسم الرحمن والحسن مظهر اسم الرحيم ويدل على هذا كله انتشار مذهبه شرقا وغربا وهو من جميع المذاهب بمنزلة النبوة المحمدية والولاية العيسوية من جميع النبوات والولايات من جهة الخاتمية وحيث يختم به جميع المذاهب

[سورة الكهف (18) : آية 66]

الحقة كما ختم بالنبوة المحمدية جميع النبوات ويختم بالولاية العيسوية جميع الولايات ولكون مشربه ومذهبه شمسيا سمى سراج الامة وكاشف الغمة ورافع الظلمة ودافع البدعة ومحيى الدين وحافظ الشريعة بالكتاب والسنة ولكون مشرب الحسن ومذهبه قمريا أنار القلوب والنفوس والطبائع المظلمة بظلمة الغفلة والهوى بانوار المعرفة واسرار الحقيقة والهدى تبارك الذي جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وفى تقديم السراج على القمر المنير اشارة الى تقديم رتبة الامام على رتبة الحسن إذ هو مظهر اسم الاول والظاهر والحسن مظهر اسم الآخر والباطن والأولان مقدمان على الثانيين بتقديم الهى فى قوله تعالى هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وهذا التفاوت انما هو باعتبار ترتيب المراتب واما فى اصل الكمال وحقيقة الفضل فهم كالحلقة المفرغة لا يدرى اين طرفاها لسر يعرفه من يعرف ويغفل عنه من يغفل ورئيس اهل الذكر الصوفية الحنفية هو الامام الأعظم الأكمل وريئس اهل الذكر الصوفية الشافعية هو الامام الشافعي الأفضل ورئيس اهل الذكر الصوفية الحنبلية هو الامام الحنبلي التقى ورئيس اهل الذكر الصوفية المالكية هو الامام مالك الزكي وهؤلاء الائمة العظام كالخلفاء الاربعة الفخام كالنجوم بل كالاقمار بل كالشموس بايهم اقتدى السالك اهتدى الحق المبين وهم لدين الحق كالاركان الاربعة للبيت وهم ايضا من سائر الاقطاب والأولياء كالعرش والشمس من الافلاك والنجوم وليس لغيرهم ممن بعدهم الى يوم القيام بدون الاقتداء بهم اهتداء الى طريق الجنة والرؤية ومن اقتدى بهم فى الشريعة والطريقة والحقيقة وعلم علومهم وعمل أعمالهم وتأدب بآدابهم على مذهب أيهم كان بحسب وسعه فلا شك انه اقتفى اثر رسول الله عليه السلام ومن لم يقتدبهم فى ذلك فلا شك انه ضل عن اثر الرسول وخرج عن دائرة القبول هذا كله كلام حضرة شيخى وسندى مع اختصار واما ما يلوح من كلمات بعض المشايخ من ان المجتهدين لم ينالوا العشق فله محامل ذكرنا بعضا منها فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض والذي يظهر انها كلمات صدرت حالة السكر والغلبات فلا اعتبار بها والأدب التام ان يمسك عنهم الا بخير الكلام قالَ لَهُ مُوسى استئناف مبنى على سؤال نشأ من السياق كأنه قيل فلماذا جرى بينهما من الكلام فقيل قال له موسى اى للخضر عليهما السلام هَلْ أَتَّبِعُكَ أصحبك عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ على شرط ان تعلمن وهو فى موضع الحال من الكاف وهو استئذان منه فى اتباعه له على وجه التعليم ويكفيك دليلا فى شرف الاتباع مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً اى علما ذا رشد ارشد به فى دينى والرشد إصابة الخير قال الكاشفى [علمى كه مبنى بر رشد باشد] يعنى إصابة خير ولقد راعى فى سوق الكلام غاية التواضع معه فينبغى للمرء ان يتواضع لمن هو اعلم منه قال الامام والآية تدل على ان موسى راعى انواع الأدب جعل نفسه تبعا له فقال هَلْ أَتَّبِعُكَ واستأذن فى اثبات هذه التبعية وأقر على نفسه بالجهل وعلى استاذه بالعلم فى قوله عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ ومن فى قوله مِمَّا عُلِّمْتَ للتبعيض اى لا اطلب مساواتك فى العلوم وانما أريد بعضا من علومك كالفقير يطلب من الغنى جزأ من ماله وقوله مِمَّا عُلِّمْتَ اعتراف بانه أخذ

من الله وقوله رُشْداً طلب للارشاد اى ما لولاه لضل وهذا يدل على انه طلب ان يعامله بمثل ما عامله الله به اى ينهم بالتعليم كما أنعم الله عليه فان البذل من الشكر: قال الحافظ اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بي نوا را قال قتادة لو كان أحد مكتفيا من العلم لا كتفى نحبى الله موسى ولكنه قال هَلْ أَتَّبِعُكَ الآية وقال الزجاج وفيما فعل موسى وهو من اجلة الأنبياء من طلب العلم والرحلة فى ذلك ما يدل على انه لا ينبغى لاحد ان يترك طلب العلم وان كان قد بلغ نهايته ولذا ورد (اطلبوا العلم من المهد الى اللحد) : وفى المثنوى خاتم ملك سليمانست علم ... جمله عالم صورت وجانست علم «1» قال العلماء ولا ينافى نبوة موسى وكونه صاحب شريعة ان يتعلم من نبى آخر مالا يتعلق له باحكام شريعته من اسرار العلوم الخفية وقد امر الله بأخذ العلم منه فلا دلالة له قال شيخى وسندى روح الله روحه تعليم موسى وتربيته بالخضر انما هو من قبيل تعليم الا كمل وتربيته بالكامل لانه تعالى قد يطلع الكامل على اسرار يخفيها عن الأكمل وإذا أراد ان يطلع الأكمل عليها ايضا فقد يطلعه بالذات وقد يطلعه بواسطة الكامل ولا يلزم من توسط الكامل ان يكون أكمل من الأكمل او مثله والكامل كامل مطلقا والأكمل أكمل مطلقا والرجحان للاكمل جدا ولا تسمع الى غير ذلك مما يقول الضالون وقول الخضر لموسى عليه السلام يا موسى أنت على علم علمك الله وانا على علم علمنى الله انما هو بناء على الامتياز المعتبر بينهما بحسب الغالب فى نشأة كل منهما والا فالعلم الظاهر والباطن حاصلان فى نشأة كل منهما انتهى وفهم منه جواب ما سبق من قوله ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك فان المراد اثبات أعلميته فى علم من العلوم الخاصة دون سائرها وقد انعقد الإجماع على ان نبينا عليه السلام اعلم الخلق وأفضلهم على الإطلاق وقد قال (أنتم اعلم بامور دنياكم) وفى قصص الأنبياء بينماهما على ساحل البحر إذ اقبل طائر وغمس منقاره فى البحر ثم أخرجه ومسحه على جناحه ثم طار نحو المشرق ثم اطار نحو المغرب ثم رجع وصاح فقال الخضر يا موسى أتدري ما قال هذا الطائر قال لا قال انه يقول ما اوتى بنوا آدم من العلم الا بمقدار ما أخذت من هذا البحر بمنقاري از علم تو نكته ايست عالم ... زان دائره نقطه ايست آدم وفى التأويلات النجمية من آداب المريد الصادق بعد طلب الشيخ ووجدانه ان يستجيز منه فى اتباعه وملازمة صحبته تواضعا لنفسه وتعظيما لشيخه بعد مفارقة أهاليه وأوطانه وترك مناصبه واتباعه وإخوانه وأخدانه كما كان حال موسى إذ قال للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً بإرشاد الله لك اى تعلمنى طريق الاسترشاد من الله بلا واسطة جبريل والكتاب المنزل ومكالمة الحق تعالى فان جميع ذلك كان حاصلا له فان قيل فهل مرتبة فوق هذه المراتب الثلاث قلنا ان هذه المراتب وان كانت عزيزة جليلة ولكن مجيئ جبريل يقتضى الواسطة وإنزال الكتاب يدل على البعد والمكالمة تنبئ عن الاثنينية والرشد الحقيقي من الله للعبد هو ان يجعله قابلا لفيض نور الله بلا واسطة وذلك بتجلى جماله وجلاله الذي كان مطلوب

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وبيان فضيلت ومنافع دانش

[سورة الكهف (18) : الآيات 67 إلى 68]

موسى بقوله أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فان فيه رفع الاثنينية واثبات الوحدة التي لا يسع العبد فيها ملك مقرب ولا نبى مرسل ومنها ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ واصل ينبغى ان يخرج عما معه من الحسب والنسب والجاه والمنصب والفضائل والعلوم ويرى نفسه كأنه أعجمي لا يعرف الهر من البر اى ما يهره مما يبره او القط من الفار او العقوق من اللطف او الكراهية من الا كرام كما فى القاموس: قال الحافظ خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر از نقش پراكنده ورق ساده كنى وينقاد لاوامره ونواهيه كما كان فان كليم الله لم يمنعه النبوة والرسالة ومجيئ جبريل وإنزال التوراة ومكالمة الله واقتداء بنى إسرائيل به ان يتبع الخضر ويتواضع له وترك أهاليه واتباعه وأشياعه وكل ما كان له من المناصب والمناقب وتمسك بذيل إرادته منقاد لاوامره ونواهيه قالَ الخضر إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد كأنه مما لا يصح ولا يستقيم والمراد نفى الصبر على ما يدل عليه قوله وكيف تصبر ويلزم من نفيها نفيه وفيه دليل على ان الاستطاعة مع الفعل [موسى كفت چرا صبر نتوانم كرد كفت بجهت آنكه تو پيغمبرى وحكم تو بر ظاهر است شايد كه از من عملى صادر شود در ظاهر آن منكر وناشايسته نمايد وجه حكمت آنرا ندانى وبر آن صبر كردن نتوانى] وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً تمييز من خبر يخبر كنصر وعلم بمعنى عرف اى لم يحط به خبرك اى علمك وهو إيذان بانه يتولى أمورا خفية منكرة الظواهر والرجل الصالح لا سيما صاحب الشريعة لا يصبر إذا رأى ذلك ويأخذ فى الإنكار قال الامام المتعلم قسمان منه من مارس العلوم ومنه من لم يمارسها والاول إذا وصل الى من هو أكمل منه عسر عليه التعلم جدا لانه إذا رأى شيأ أو سمع كلاما فربما أنكره وكان صوابا فهو لالفته بالقيل والقال يغتر بظاهره ولا يقف على سره وحقيقته فيقدم على النزاع ويثقل ذلك على الأستاذ وإذا تكرر منه الجدل حصلت النفرة واليه أشار الخضر بقوله إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً لانك الفت الكلام والإثبات والابطال والاعتراض والاستدلال وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً اى لست تعلم حقائق الأشياء كما هى قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى كتاب اللائحات البرقيات كل واحد من العلمين اى الظاهر والباطن موجود فى وجود كل من موسى والخضر عليهما السلام الا ان الغالب فى نشأة موسى هو العلم الظاهري كما يدل عليه رسالته وقوله للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً لان المتعلم من المخلوق انما هو العلم الظاهري المتعلم بالحرف والصوت لا العلم الباطني المتعلم من الله بلا حرف وصوت بل بذوق وكشف الهى وإلقاء والهام سبحانى لان جميع علوم الباطن انما تحصل بالذوق والوجدان والشهود والعيان لا بالدليل والبرهان وهى ذوقيات لا نظريات فانها ليست بطريق التأمل السابق ولا بسبيل التعمل اللاحق بترتيب المبادي والمقدمات وعلى اعتبار حصولها بطريق الانتقال بالواسطة لا بطريق الذوق بغير الواسطة والغالب فى نشأة الخضر هو العلم الباطني كما يدل عليه ولايته ولو قيل بنبوته وقوله لموسى عليه السلام إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً

[سورة الكهف (18) : الآيات 69 إلى 70]

يعنى بحسب غلبة جانب علم الظاهر وعلم الرسالة على جانب علم الباطن وعلم الولاية إذ الحكم للاغلب القاهر انتهى وفى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يكون المريد ثابتا فى الارادة بحيث لويرده الشيخ كرات بعد مرات ولا يقبله امتحانا له فى صدق الارادة يلازم عتبة بابه ويكون اقل من ذباب فانه كلماذب آب كما كان حال كليم الله فانه كان الخضر يرده ويقول له إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً اى كيف تصبر على فعل يخالف مذهبك ظاهرا ولم يطلعك الله على الحكمة فى إتيانه باطنا ومذهبك انك تحكم بالظاهر على ما انزل الله عليك من علم الكتاب ومذهبى ان احكم بالباطن على ما أمرني الله من العلم اللدني وقد كوشفت بحقائق الأشياء ودقائق الأمور فى حكمة إجرائها وذلك انه تعالى أفناني عنى بهويته وأبقاني به بالوهيته فبه ابصر وبه اسمع وبه انطق وبه آخذ وبه اعطى وبه افعل وبه اعلم فانى لا اعلم ما لم يعلم وانه يقول ستجدنى الآية قالَ موسى عليه السلام سَتَجِدُنِي [زود باشد كه يابى مرا] إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً معك غير معترض عليك والصبر الحبس يقال صبرت نفسى على كذا اى حبستها وتعليق الوعد بالمشيئة اما طلبا لتوفيقه فى الصبر ومعونته او تيمنا به او علما منه بشدة الأمر وصعوبته فان الصبر من مثله عند مشاهدة الفساد شديد جدا لا يكون الا بتأييد الله تعالى وقيل انما استثنى لانه لم يكن على ثقة فيما التزم من الصبر وهذه عادة الصالحين ويقال ان امزجة جميع الأنبياء البلغم الا موسى فان مزاجه كان المرة فان قلت ما معنى قول موسى للخضر سَتَجِدُنِي الآية ولم يصبر وقول إسماعيل عليه السلام سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فصبر قال بعض العلماء لان موسى جاء صحبة الخضر بصورة التعلم والمتعلم لا يصبر إذا رأى شيأ حتى يفهمه بل يعترض على استاذه كما هو دأب المتعلمين وإسماعيل لم يكن كذلك بل كان فى معرض التسليم والتفويض الى الله تعالى وكلاهما فى مقامهما واقفان وقيل كان فى مقام الغيرة والحدة والذبيح فى مقام الحكم والصبر قال بعض العارفين قال الذبيح من الصابرين ادخل نفسه فى عداد الصابرين فدخل وموسى عليه السلام تفرد بنفسه وقال صابرا فخرج والتفويض من التفرد اسلم وأوفق لتحصيل المقام ووصول المرام وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً عطف على صابرا اى ستجدنى صابرا وغير عاص اى لا أخالفك فى شىء ولا اترك أمرك فيما أمرتني به وفى عدم هذا الوجدان من المبالغة ما ليس فى الوعد بنفس الصبر وترك العصيان وفى التأويلات النجمية ومن الآداب ان لا يكون معترضا على افعال الشيخ وأقواله وأحواله وجميع حركاته وسكناته معتقد اله فى جميع حالاته وان شاهد منه معاملة غير مرضية بنظر عقله وشرعه فلا ينكره بها ولا يسيئ الظن فيه بل يحسن فيه الظن ويعتقد انه مصيب فى معاملاته مجتهد فى آرائه وانما الخطأ من قصور نظرى وسخافة عقلى وقلة علمى قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي صحبتنى لاخذ العلم وهو اذن له فى الاتباع بعد اللتيا والتي والفاء لتفريع الشرطية على مامر من التزامه للصبر والطاعة فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ تشاهده من أفعالي وتنكره منى فى نفسك اى لا تفاتحنى بالسؤال عن حكمته فضلا عن المناقشة والاعتراض حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً حتى

[سورة الكهف (18) : الآيات 71 إلى 76]

ابتدئ ببيانه وفيه إيذان بان كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة وهذا من آداب المتعلم مع العالم والتابع مع المتبوع قال فى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يسد على نفسه باب السؤال فلا يسأل الشيخ عن شىء حتى يحدث له منه ذكرا اما بالقال واما بالحال انتهى- روى- ان لقمان دخل على داود عليه السلام وهو يسرد دروعا ولم يكن رآها قبل ذلك فتعجب منه فاراد ان يسأله ذلك فمنعته الحكمة فامسك نفسه ولم يسأله فلما فرغ قام داود ولبسها ثم قال نعم الدرع للحرب. وقيل كان يتردد اليه سنة وهو يريد ان يسأل ذلك فلم يسأل قالت الحكماء ان كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب وعن بعض الكبار الصمت على قسمين صمت باللسان عن الحديث بغير الله مع غير الله جملة وصمت بالقلب عن خاطر كونى البتة فمن صمت لسانه ولم يصمت قلبه خف وزره ومن صمت قلبه ولم يصمت لسانه فهو ناطق بلسان الحكمة ومن صمت لسانه وقلبه ظهر له سره وتجلى له ربه ومن لم يصمت لسانه وقلبه كان مسخرة للشيطان فعلى العاقل ان يجتهد حتى يسلم قلبه من الانقباض ولسانه من الاعتراض وينسى ما سوى الله تعالى ولا تلعب به الافكار ويصبر عند مظان الصبر ويستسلم لامر الله الملك الغفار فان الله تعالى فى كل شىء حكمة وفى كل تلف عوضا: وفى المثنوى لا نسلم واعتراض از ما برفت ... چون عوض مى آيد از مفقود زفت «1» چونكه بي آتش مرا كرمى رسد ... راضيم كر آتش ما را كشد بي چراغى چون دهد او روشنى ... كر چراغت شد چهـ افغان ميكنى دانه پر مغز با خاك دژم ... خلوتى وصحبتى كرد از كرم «2» خويشتن در خاك كلى محو كرد ... تا نماندش رنك وبوى سرخ وزرد از پس آن محو قبض او نماند ... بر كشاد وبست شد مركب براند نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الخلوة به والصحبة بالأهل والتسليم للامر فَانْطَلَقا اى ذهب موسى والخضر عليهما السلام على الساحل يطلبان السفينة واما يوشع فقد صرفه موسى الى بنى إسرائيل وقال الكاشفى [ويوشع بر عقب ايشان ميرفت] يقول الفقير وهو الظاهر فان تثنية الفعل انما هى لاجل الانتقال من قصة موسى مع يوشع الى قصته مع الخضر فكان يوشع تبعا لهما فلم يذكر ويدل على هذا قوله عليه السلام (مرت بهم سفينة فكلموهم ان يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوا بغير نول) على ما فى المشارق ولا مقتضى لرده الى بنى إسرائيل فان هارون عليه السلام كان معهم والله اعلم حَتَّى إِذا رَكِبا دخلا فِي السَّفِينَةِ وقال فى الإرشاد فى سورة هود معنى الركوب العلو على شىء له حركة اما ارادية كالحيوان او قسرية كالسفينة والعجلة ونحوهما فاذا استعمل فى الاول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وان استعمل فى الثاني يلوح بمحلية المفعول بكلمة فى فيقال ركبت فى السفينة وفى الجلالين حَتَّى إِذا رَكِبا البحر فِي السَّفِينَةِ- روى- انهما مرا بالسفينة فاستحملا ملاحيها فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول بفتح النون اى بغير اجرة خَرَقَها ثقبها الخضر وشقها لما بلغوا اللج اى معظم الماء حيث أخذ فاسا فقلع بغتة اى على غفلة من القوم من ألواحها

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان بقيه قصه نابينا ومصحف خواند او بإذن الله (2) در اواسط دفتر سوم در بيان هفت مرد شدن ان هفت درخت

[سورة الكهف (18) : الآيات 72 إلى 73]

او حين مما يلى الماء فجعل موسى يسد الخرق بثيابه وأخذ الخضر قدحا من زجاج ورقع به خرق السفينة او سده بخرقة- روى- انه لما خرق السفينة لم يدخلها الماء وقال الامام فى تفسيره والظاهر انه خرق جدارها لتكون ظاهرة العيب ولا يتسارع الى أهلها الغرق فعند ذلك قالَ موسى منكرا عليه أَخَرَقْتَها يا خضر لِتُغْرِقَ أَهْلَها فان خرقها سبب لدخول الماء فيها المفضى الى غرق أهلها وهم قد أحسنوا بنا حيث حملونا بغير اجرة وليس هذا جزاءهم فاللام للعاقبة وقال سعدى المفتى ويجوز ان يحمل على التعليل بل هو الأنسب لمقام الإنكار لَقَدْ جِئْتَ اى أتيت وفعلت شَيْئاً إِمْراً [چيزى شكفت وشنيع وبر دل كران] قال فى القاموس امر امر منكر عجب ومن بلاغات الزمخشري كم أحدث بك الزمان امرا امرا كما لم يزل يضرب زيد عمرا اى كما ثبت دوام هذه القصة قال فى الاسئلة المقحمة كان من حق العلم الواجب عليه الإنكار بحكم الظاهر الا انه كان يلزم مع ذلك التوقف وقت قلب العادة: قال الحافظ مزن ز چون چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان كفت قالَ الخضر لموسى أَلَمْ أَقُلْ اى قد قلت إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ما تقدر ان تصبر معى البتة وهو تذكير لما قاله من قبل متضمن للانكار على عدم الوفاء بوعد قالَ [كفت موسى كه آن سخن از خاطرم رفته بود] لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ بنسياني وصيتك بعدم السؤال عن حكمة الافعال قبل البيان فانه لا مؤاخذة على الناسي كما ورد فى صحيح البخاري (من ان الاول كان من موسى نسيانا والثاني فرطا والثالث عمدا) وَلا تُرْهِقْنِي يقال رهقه كفرح عشيه وارهقه إياه والارهاق ان يحمل الإنسان على ما لا يطيقه وارهقه عشرا كلفه إياه فى القاموس اى ولا تغشنى ولا تكلفنى ولا تحملني قال الكاشفى [ودر مرسان مرا] مِنْ أَمْرِي وهو اتباعه إياه عُسْراً [دشوارى] مفعول ثانى للارهاق اى لا تعسر على متابعتك ويسرها علىّ فانى أريد صحبتك ولا سبيل لى إليها الا بالإغضاء والعفو وترك المناقشة بپوش دامن عفوى بر وى جرم مرا ... مريز آب رخ بنده بدين چون و چرا وفى التأويلات النجمية ومن آداب الشيخ وشرائطه فى الشيخوخة ان لا يحرص على قبول المريد بل يمتحنه بان يخبره عن دقة صراط الطلب وعزة المطلوب وعسرته وفى ذلك يكون له مبشرا ولا يكون منفرا فان وجده صادقا فى دعواه وراغبا فيما يهواه معرضا عما سواه يتقبله بقبول حسن ويكرم مثواه ويقبل عليه اقبال مولاه ويربيه تربية الأولاد ويؤدبه بآداب العباد ومنها ان يتغافل عن كثير من زلات المريد رحمة عليه ولا يؤاخذه بكل سهو او خطأ او نسيان عهد لضعف حاله الا بما يؤدى الى مخالفة امر من أوامره او مزاولة نهى من نواهيه او يؤدى الى انكار واعتراض على بعض أفعاله وأقواله فانه يؤاخذه به وينبهه عن ذلك فان رجع عن ذلك واستغفر منه واعترف بذنبه وندم شرط معه ان لا يعود الى أمثاله ويعتذر عما جرى عليه كما كان حال الكليم حيث قال لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً

[سورة الكهف (18) : آية 74]

اى لا تضيق على امرى فأنى لا أطيق ذلك انتهى وفى الآية تصريح بان النسيان يعترى الأنبياء عليهم السلام للاشعار بان غيره تعالى معيوب غير معصوم ولكن العصيان يعفى غالبا فكيف بنسيان قارنه الاعتذار وقد قيل اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... أن برّ عندك فيما قال او فجرا ثم ان امتحان الله وامتحان أوليائه شديد فلابد من الصبر والتسليم والرضى قفل ز فتست وكشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا قال الخجندي بجفا دو شدن از تو نباشد محمود ... هر كجا پاى ايازست سر محمودست «1» وعن الشيخ ابى عبد الله بن خفيف قدس سره قال دخلت بغداد قاصدا الحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى الله قال ولم آكل أربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشانا فلما دنوت من البئر ولى الظبى وإذ الماء فى أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى امالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى وكنت اشرب منها وأتطهر الى المدينة ولم ينفذ الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد قدس سره علىّ قال لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك لو صبرت صبر ساعة اللهم اجعلنا من اهل العناية فَانْطَلَقا الفاء فصيحة والانطلاق الذهاب اى فقبل الخضر عذر موسى عليه السلام فخرجا من السفينة فانطلقا حَتَّى إِذا [تا چون] لَقِيا فى خارج قرية مرا بها غُلاماً [پسرى را زيبا روى وبلند قامت خضر او را در پس ديوارى ببرد] فَقَتَلَهُ عطف على الشرط بالفاء اى فقتله عقيب اللقاء واسمه جيسور بالجيم او حيسور بالحاء او حينون قاله السهيلي ومعنى قتله أشار بأصابعه الثلاث الإبهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فاخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله) كذا فى الصحيحين برواية ابى بن كعب رضى الله عنه قالَ موسى والجملة جزاء الشرط أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً طاهرة من الذنوب لانها صغيرة لم تبلغ الحنث اى الإثم والذنب وهو قول الا كثرين. قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو زاكية والباقون زكية فعيلة للمبالغة فى زكاتها وطهارتها وفرق بينهما ابو عمرو بان الزاكية هى التي لم تذنب قط والزكية التي أذنبت ثم تابت بِغَيْرِ نَفْسٍ بغير قتل نفس محرمة يعنى لم تقتل نفسا فيقتص منها قيل الصغير لا يقاد فالظاهر من الآية كبر الغلام وفيه ان الشرائع مختلفة فلعل الصغير يقاد فى شريعته ويؤيد هذا الكلام ما نقل البيهقي فى كتاب المعرفة ان الاحكام انما صارت متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة وقال الشيخ تقى الدين السبكى انها انما صارت متعلقة

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 75 إلى 76]

بالبلوغ بعد أحد وقال فى انسان العيون انما صح اسلام على رضى الله عنه مع انهم اجمعوا على انه لم يكن بلغ الحلم ومن ثم نقل عنه رضى الله عنه انه قال سبقتكمو الى الإسلام طرا ... صغيرا ما بلغت أوان حلمى اى كان عمره ثمانى سنين لان الصبيان كانوا إذ ذاك مكلفين لان القلم انما رفع عن الصبى عام خيبر قال فى الإرشاد وتخصيص نفى هذا المبيح بالذكر من بين سائر المبيحات من الكفر بعد الايمان والزنى بعد الإحصان لانه اقرب الى الوقوع نظرا الى حال الغلام وفى الحديث (ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا) فان قلت ما معنى هذا وقد قال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) قلت المراد بالفطرة استعداده لقبول الإسلام وذلك لا ينافى كونه شقيا فى جبليته او يراد بالفطرة قولهم بلى حين قال الله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قال النووي لما كان أبواه مؤمنين كان هو مؤمنا ايضا فيجب تأويله بان معناه والله اعلم ان ذلك الغلام لو بلغ لكان كافرا لَقَدْ جِئْتَ فعلت شَيْئاً نُكْراً منكرا أنكر من الاول لان ذلك كان خرقا يمكن تداركه بالسد وهذا لا سبيل الى تداركه وقيل الأمر أعظم من النكر لان قتل نفس واحدة أهون من إغراق اهل السفينة قال جماعة من القراء نصف القرآن عند قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً الجزء السادس عشر من الاجزاء الثلاثين قالَ الخضر أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً توبيخ لموسى على ترك الوصية وزيادة لك هنا لزيادة العتاب على تركها لانه قد نقض العهد مرتين قالَ موسى إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ [اى چيزى كه صادر شود مثل اين افعال منكره] بَعْدَها اى بعد هذه المرة فَلا تُصاحِبْنِي اى لا تكن صاحبى ومقارنى بل ابعدني عنك وان سألت صحبتك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [بدرستى كه رسيدى از نزديك من] عُذْراً اى قد وجدت عذرا من قبلى لما خالفتك ثلاث مرات. وبالفارسية [چون سه بار مخالفت كنم هر آينه در ترك صحبت من معذور باشى] العذر بضمتين والسكون فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحوبه ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت فلا أعود وهذا الثالث التوبة فكل توبة عذر بلا عكس. والاعتذار عبارة عن محو اثر الذنب وأصله القطع يقال اعتذرت اليه اى قطعت ما فى قلبه من الموجدة وفى الحديث (رحم الله أخي موسى استحيى فقال ذلك لو لبث مع صاحبه لا بصر اعجب الأعاجيب) وفى الخصائص الصغرى ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم انه جمعت له الشريعة والحقيقة ولم يكن للانبياء الا أحدهما بدليل قصة موسى مع الخضر عليهما السلام والمراد بالشريعة الحكم

[سورة الكهف (18) : الآيات 77 إلى 82]

بالظاهر وبالحقيقة الحكم بالباطن وقد نص العلماء على ان غالب الأنبياء انما بعثوا ليحكموا بالظاهر دون ما اطلعوا عليه من بواطن الأمور وحقائقها وبعث الخضر ليحكم عليه من بواطن الأمور وحقائقها ومن ثمة أنكر موسى على الخضر فى قتله للغلام بقوله لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً فقال له الخضر وما فعلته عن امرى ومن ثمة قال الخضر لموسى انى على علم من عند الله لا ينبغى لك ان تعمل به لانك لست مأمورا بالعمل به وأنت على علم من عند الله لا ينبغى لى ان اعمل به لانى لست مأمورا بالعمل به وفى تفسير ابن حبان والجمهور على ان الخضر نبى وكان علمه معرفة بواطن امور أوحيت اليه اى ليعمل بها وعلم موسى الحكم بالظاهر اى دون الحكم بالباطن ونبينا صلى الله عليه وسلم حكم بالظاهر فى اغلب أحواله وحكم بالباطن فى بعضها بدليل قتله عليه السلام للسارق وللمصلى لما اطلع على باطن أمرهما وعلم منهما ما يوجب القتل وقد ذكر بعض السلف ان الخضر الى الآن ينفذ الحكم بالحقيقة وان الذين يموتون فجأة هو الذين يقتلهم فان صح ذلك فهو فى هذه الامة بطريق النيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فانه صار من اتباعه عليه السلام كما ان عيسى عليه السلام عند ما ينزل يحكم بشريعته نيابة عنه لانه من اتباعه. وفيه ان عيسى اجتمع به صلى الله عليه وسلم اجتماعا متعارفا ببيت المقدس فهو صحابى كذا فى انسان العيون يقول الفقير لا وجه لتخصيص عيسى فانه عليه السلام كما اجتمع به عليه السلام ذلك الاجتماع كذلك الخضر والياس عليهما السلام اجتمعا به اجتماعا متعارفا كما سبق فهما صحابيان ايضا. وفيه بيان شرف نبينا صلى الله عليه وسلم حيث ان هؤلاء الأنبياء الكرام استمهلوا من الله تعالى ليكونوا من أمته سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد امم فَانْطَلَقا اى ذهبا بعد ما شرطا ذلك حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ هى انطاكية بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة العواصم وهى ذات أعين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس قال الكاشفى [واهل ديه چون شب شدى دروازه در بستندى وبراى هيچكس نكشادندى نماز شام موسى وخضر بدان ديه رسيدند وخواستند كه بديه در آيند كسى دروازه بگشود واهل ديه را كفتند اينجا غريب رسيده ايم كرسنه نيز هستيم چون ما را در ديه جاى نداديد بارى طعام جهت ما بفرستيد] وذلك قوله تعالى اسْتَطْعَما أَهْلَها اى طلبا منهم الطعام ضيافة قيل لم يسألاهم ولكن نزولمها عندهم كالسؤال منهم قال فى الاسئلة المقحمة استطعم موسى هاهنا فلم يطعم وحين سقى لبنات شعيب ما استطعتم وقد اطعم حيث قال إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا والجواب هاهنا ان الحرمان كان بسبب المعارضة بحيث لم يكتف بعلم الله بحاله بل جنح الى الاعتماد على مخلوق فاراد السكون بحادث مسبوق وهناك جرى على توكله ولم يدخل وسائطه بين المخلوقين وبين ربه بل حط الرحل ببابه فقال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قال الحافظ فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز

وقال ما آبروى فقر وقناعت همى بريم ... با پادشه بكوى كه روزى مقدرست قوله اسْتَطْعَما أَهْلَها فى محل الجر على انه صفة لقرية وجه العدول عن استطعماهم على ان يكون صفة للاهل لزيادة تشنيعهم على سوء صنيعهم فان الإباء من الضيافة وهم أهلها قاطنون بها أقبح واشنع فَأَبَوْا امتنعوا أَنْ يُضَيِّفُوهُما اى من تضييفهما وهو بالفارسية [مهمان كردن] يقال ضافه إذا نزل به ضيفا واضافه وضيفه أنزله وجعله ضيفاله هذا حقيقة الكلام ثم شاع كناية عن الإطعام وحقيقة ضاف مال اليه من ضاف السهم عن الغرض إذا مال وعن النبي عليه السلام (كانوا اهل قرية لئاما) : قال الشيخ سعدى قدس سره بزركان مسافر بجان پرورند ... كه نام نكويى بعالم برند غريب آشنا باش وسياح دوست ... كه سياح جلاب نام نكوست تبه كرد دان مملكت عن قريب ... كز وخاطر آزرده كردد غريب نكودار ضيف ومسافر عزيز ... وز آسيب شان بر حذر باش نيز وفى الحكاية ان أهلها لما سمعوا الآية جاؤا الى النبي عليه السلام بحمل من الذهب وقالوا نشترى بهذا ان تجعل الباء تاء يعنى فأتوا ان يضيفوهما اى لان يضيفوهما وقالوا غرضنا دفع اللؤم فامتنع وقال تغييرها يوجب دخول الكذب فى كلام الله والقدح فى الالهة كذا فى التفسير الكبير فَوَجَدا فِيها قال الكاشفى [ايشان كرسنه بيرون ديه بودند بامداد روى براه نهادند پس يافتند در نواحى ديه] جِداراً [ديوارى مائل شده بيك طرف] يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ الارادة نزوع النفس اى شىء مع حكمه فيه بالفعل او عدمه والارادة من الله هى الحكم وهذا من مجاز كلام العرب لان الجدار لا ارادة له وانما معناه قرب ودنا من السقوط كما يقول العرب دارى تنظر الى دار فلان إذا كانت تقابلها قال فى الإرشاد اى يدانى ان يسقط فاستعيرت الارادة للمشاركة للدلالة على المبالغة فى ذلك. والانقضاض الاسراع فى السقوط وهو انفعال من القض يقال قضضته فانقض ومنه انقضاض الطير والكواكب لسقوطها بسرعة وقيل هو افعلال من النقض كالحمر من الحمرة فَأَقامَهُ فسواه الخضر بالاشارة بيده كما هو المروي عن النبي عليه السلام وكان طول الجدار فى السماء مائة ذراع قالَ له موسى لضرورة الحاجة الى الطعام قال الكاشفى [كفت موسى اين اهل ديه ما را جاى ندادند وطعام نيز نفرستادند پس چرا ديوار ايشانرا عمارت كردى] والجملة جزاء الشرط لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ افتعل من اتخذ بمعنى أخذ كاتبع وليس من الاخذ عند البصريين عَلَيْهِ على عملك أَجْراً اجرة حتى نشترى بها طعاما قال بعضهم لما قال له لِتُغْرِقَ أَهْلَها قال الحضر أليس كنت فى البحر ولم تغرق من غير سفينة ولما قال أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ قال أليس فتلت القبطي بغير ذنب ولما قال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قال أنسيت سقياك لبنات شعيب من غير اجرة وهذا من باب لطائف المحاورات قال القاسم لما قال موسى هذا القول وقف ظبى بينهما وهما جائعان من جانب موسى غير مشوى ومن جانب الحضر مشوى لان الحضر اقام الجدار بغير طمع وموسى رده الى الطمع قال ابن عباس

[سورة الكهف (18) : الآيات 78 إلى 79]

رضى الله عنهما رؤية العمل وطلب الثواب به يبطل العمل ألا ترى الكليم لما قال للحضر لَوْ شِئْتَ الآية كيف فارقه وقال الجنيد قدس سره إذا وردت ظلمة الاطماع على القلوب حجبت النفوس عن نظرها فى بواطن الحكم يقول الفقير ان قلت كيف جوز موسى طلب الاجر بمقالة العمل الذي حصل بمجرد الاشارة وهو من طريق خرق العادة الذي لا مؤونة فيه قلت لم ينظر الى جانب الأسباب وانما نظر الى النفع العائد الى جانب اصحاب الجدار ألا ترى انه جور أخذ الاجر بمقالة الرقية بسورة الفاتحة ونحوها وهو ليس من قبيل طلب الاجرة على الدعوة فانه لا يجوز للنبى ان يطلب اجرا من قومه على دعوته وإرشاده كما أشير اليه فى مواضع كثيرة من القرآن قالَ الخضر هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ اى هذا الوقت وقت الفراق بيننا وهذا الاعتراض الثالث سبب الفراق الموعود بقوله فلا تصاحبنى واضافة الفراق الى البين اضافة المصدر الى الظرف اتساعا سَأُنَبِّئُكَ ساخبرك السين للتأكيد لعدم تراخى التنبئة بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً التأويل رجع الشيء الى مآله والمراد به هاهنا المآل والعاقبة إذ هو المنبأ به دون التأويل وهوخلاص السفينة من اليد العادية وخلاص أبوي الغلام من شره مع الفوز بالبدل الأحسن واستخراج اليتيمين للكنز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما) اى يبين الله لنا بالوحى وفى التأويلات النجمية ومن آداب الشيخ انه لو ابتلى المريد بنوع من الاعتراض او مما يوجب الفرقة يعفو عنه مرة او مرتين ويصفح ولا يفارقه فان عاد الى الثالثة فلا يصاحبه لانه قد بلغ من لدنه عذرا ويقول كما قال الخضر هذا فراق بينى وبينك. ومنها انه لو آل امر الصحبة الى المفارقة بالاختيار او بالاضطرار فلا يفارقه الا على النصيحة فينبئه عن سر ما كان عليه الاعتراض ويخبره عن حكمته التي لم يحط بها خبرا ويبين له تأويل ما لم يستطع عليه صبرا لئلا يبقى معه انكار فلا يفلح إذا ابدا انتهى يقول الفقير وهو المراد بقول بعض الكبار من قال لاستاذه لم لم يفلح قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك من المحنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث العهد فاين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ ابى سليمان الداراني قدس سره قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما وهذه نتيجة الوفاء: وفى المثنوى جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «1» جعلنا الله وإياكم من المتحققين بحقائق المواثيق والعهود أَمَّا السَّفِينَةُ التي خرقتها فَكانَتْ لِمَساكِينَ لضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة وكانوا عشرة اخوة خمسة منهم زمنى يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ بها مؤاجرة طلبا للكسب فاسناد العمل الى الكل بطريق التغليب أو لأن عمل الوكلاء بمنزلة عمل الموكلين اعلم ان الفقير فى الشريعة من له مال لا يبلغ نصابا قدر مائتى درهم او قيمتها فاضلا عن حاجته الاصلية سواء كان ناميا اولا والمسكين من لا شىء له من المال هذا هو الصحيح عند الحنفية والشافعية يعكسون قال القاضي فى الآية دليل ان المسكين يطلق على من يملك شيأ لم يكفه وحمل اللام على التمليك وقال مولانا سعدى انما يكون دليلا

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات

إذا ثبت ان السفينة كانت ملكا لهم لكن للخصم ان يقول اللام للدلالة على اختصاصها بهم لكونها فى يدهم عارية او كونهم اجراء كما ورد فى الأثر انتهى وقد نص على هذين الوجهين صاحب الكفاية فى شرح الهداية ولئن سلمنا ان السفينة كانت ملكا لهم فانما سماهم الله مساكين دون فقراء لعجزهم عن دفع الملك الظالم ولزمانتهم والمسكين يقع على من اذله شىء وهو غير المسكين المشهور فى مصرف الصدقة هذا هو تحقيق المقام فَأَرَدْتُ بحكم الله وإرادته أَنْ أَعِيبَها اى اجعلها ذات عيب وَكانَ [وحال آنكه هست] وَراءَهُمْ امامهم كقوله ومن ورائهم برزخ فوراء من الاضداد مثل قوله فما فوقها اى دونها أريد به هاهنا الامام دون الخلف على ما يأتى من القصص مَلِكٌ كافر اسمه جلندى بن كركرد كان بجزيرة الأندلس ببلدة قرطبة وأول فساد ظهر فى البحر كان ظلمه على ما ذكره ابو الليث وأول فساد ظهر فى البر قتل قابيل هابيل على ما ذكره ايضا عند تفسير قوله تعالى ظَهَرَ الْفَسادُ الآية يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صحيحة جيدة وهو من قبيل إيجاز الحذف غَصْباً من أصحابها وانتصابه على انه مصدر مبين لنوع الاخذ او على الحالية بمعنى غاصبا والغصب أخذ الشيء ظلما وقهرا ويسمى المغصوب غصبا وخوف الغصب سبب لارادة عيبها لكنه اخر عنها لقصد العناية بذكرها مقدما وجه العناية ان موسى لما أنكر خرقها وقال أخرقتها لتغرق أهلها اقتضى المقام الاهتمام لدفع مبنى إنكاره بان الخرق لقصد التعييب لا لقصد الإغراق- وروى- ان الخضر اعتذر الى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب ولم يكونوا يعلمون بخبره وفى قصص الانبيا فبينماهم كذلك استقبلتهم سفينة فيها جنود الملك وقالوا ان الملك يريد ان يأخذ سفينتكم ان لم يكن فيها عيب ثم صعدوا إليها وكشفوها فوجدوا موضع اللوح مفتوحا فانصرفوا فلما بعدوا عنهم أخذ الخضر ذلك اللوح ورده الى مكانه: وفى المثنوى كر خضر در بحر كشتى را شكست ... صد درشتى در شكست خضر هست «1» فظاهر فعله تخريب وباطنه تعمير: وفى المثنوى آن يكى آمد زمين را مى شكافت ... ابلهى فرياد كرد وبر نتافت «2» كين زمين را از چهـ ويران ميكنى ... مى شكافى و پريشان ميكنى كفت اى ابله برو بر من مران ... تو عمارت از خرابى باز دان كى شود كلزار وكندم زار اين ... تا نكردد زشت وويران اين زمين كى شود بستان وكشت وبرك بر ... تا نكردد نظم او زير وزبر تا نشكافى بنشتر ريش چغز ... كى شود نيكو وكى كرديد نغز تا نشوزد خلطهايت از دوا ... كى رود شورش كجا آيد شفا پاره پاره كرد درزى جامه را ... كس زند آن درزى علامه را كه چرا اين اطلس بگزيده را ... بر دريدى چهـ كنم بدريده را هر بناى كهنه كآبادان كنند ... نى كه أول كهنه را ويران كنند همچنين نجار وحداد وقصاب ... هستشان پيش از عمارتها خراب

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان آنكه كشتن مرد زركر باشارة الهى إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عمارت در وبراغا پريشانى إلخ

[سورة الكهف (18) : الآيات 80 إلى 81]

آن هليله وان بليله كوفتن ... زان تلف كردند معمورئ تن تا نكوبى كندم اندر آسيا ... كى شود آراسته زان خوان ما وفى إفناء الوجود المجازى تحصيل للوجود الحقيقي فمادامت البشرية وأوصافها باقية على حالها لا يظهر آثار الأخلاق الالهية البتة وفى التأويلات النجمية فى الآية إشارات منها ان خرق السفينة وإعابتها لئلا تؤخذ غصبا ليس من احكام الشرع ظاهرا ولكنه لما كان فيه مصلحة لصاحبها فى باطن الشرع جوز ذلك ليعلم انه يجوز للمجتهد ان يحكم فيما يرى ان صلاحه اكثر من فساده فى باطن الشرع بما لا يجوز فى ظاهر الشرع إذا كان موافقا للحقيقة كما قال وَكانَ وَراءَهُمْ الآية ومنها ان يعلم عناية الله فى حق عباده المساكين الذين يعملون فى البحر غافلين عما وراءهم من الآفات كيف أدركتهم العناية بنبي من أنبيائه وكيف دفع عنه البلاء ودرأ عنهم الآفة ومنها ان يعلم ان الله تعالى فى بعض الأوقات يرجح مصلحة بعض السالكين على مصلحة نبى من أنبيائه فى الظاهر وان كان لا يخلو فى باطن الأمر من مصلحة النبي فى إهمال جانبه فى الظاهر كما ان الله تعالى رجح رعاية مصلحة المساكين فى خرق السفينة على رعاية مصلحة موسى لانه كان من اسباب مفارقته عن صحبة الخضر ومصلحة ظاهرا كانت فى ملازمة صحبة الخضر وقد كان فراقه عن صحبته متضمنا لمصالح النبوة والرسالة ودعوة بنى إسرائيل وتربيتهم فى حق موسى باطنا انتهى يقول الفقير ومنها ان اهل السفينة لما لم يأخذوا النول من موسى والخضر عوضهم الله تعالى خيرا من ذلك حيث نجى سفينتهم من اليد العادية وفيه فضيلة الفضل وَأَمَّا الْغُلامُ الذي قتلته وهو جيسور فَكانَ أَبَواهُ اسم أبيه كازبرا واسم امه سهوى كما فى التعريف مُؤْمِنَيْنِ مقرين بتوحيد الله تعالى فَخَشِينا خفنا من أَنْ يُرْهِقَهُما رهقه غشيه ولحقه وارهقه طغيانا اغشاه إياه وألحق ذلك به كما فى القاموس قال الشيخ اى يكلفهما طُغْياناً ضلالة وَكُفْراً ويتبعان له لمحبتهما إياه فيكفران بعد الايمان ويضلان بعد الهداية وانما خشى الخضر من ذلك لان الله اعلمه بحال الولد انه طبع اى خلق كافرا فَأَرَدْنا [پس خواستيم ما] أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما يعوضهما ويرزقهما ولدا خَيْراً مِنْهُ زَكاةً طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة وَأَقْرَبَ منه رُحْماً رحمة وبرا بوالديه قال ابن عباس رضى الله عنهما أبدلهما الله جارية تزوجها نبى من الأنبياء فولدت سبعين نبيا قال مطرف فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو بقي لكان فيه هلاكهما فليرض المرء بقضاء الله فان قضاء الله للمؤمن خير له من قضائه فيما يحب آن پسر را كش خضر ببريد حلق ... سر آنرا در نيابد عام خلق «1» آنكه جان بخشد اگر بكشد رواست ... نائب است ودست او دست خداست بس عداوتها كه آن يارى بود ... بس خرابيها كه معمارى بود «2» فرب عداوة هى فى الحقيقة محبة ورب عدو هو فى الباطن محب وكذا عكسه وانتفاع الإنسان بعد ومشاجر يذكر عيوبه اكثر من انتفاعه بصديق مداهن يخفى عليه عيوبه: وفى المثنوى

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان آنكه كشتن مرد زركر باشارة الهى بود إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان حجره كشادن پيغمبر صلى الله عليه وسلم إلخ

[سورة الكهف (18) : آية 82]

در حقيقت دوستانت دشمنند ... كه ز حضرت دور ومشغولت كنند در حقيقت هر عدو داروى تست ... كيميا ونافع ودلجوى تست «1» كه از واندر كريزى در خلا ... استعانت جويى از لطف خدا - وكان- واعظ كلما وعظ ودعا أشرك فى دعائه قطاع الطريق ودعا لهم فسئل عن ذلك فقال انهم كانوا سببا لسلوكى هذا الطريق اى طريق الفقراء واختياري الفقر على الغنى فأنى كنت تاجرا فاخذونى وآذوني وكلما خطر ببالي امر التجارة ذكرت اذاهم وجفاهم فتركت التجارة وأقبلت على العبادة وفى الآية إشارات منها ان قتل النفس الزكية بلا جرم منها محظور فى ظاهر الشرع وان كان فيه مصلحة لغيره ولكنه فى باطن الشرع جائز عند من يكاشف بخواتيم الأمور ويتحقق له ان حياته سبب فساد دين غيره وسبب كمال شقاوة نفسه كما كان حال الخضر مع قتل الغلام لقوله تعالى وَأَمَّا الْغُلامُ الآية فلو عاش الغلام لكان حياته سبب فساد دين أبويه وسبب كمال شقاوته فانه وان طبع كافرا شقيا لم يكن يبلغ كمال شقاوته الا بطول الحياة ومباشرة اعمال الكفر ومنها تحقيق قوله تعالى عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ الآية فان أبوي الغلام كانا يكرهان قتل ابنهما بغير قتل نفس ولا جرم وكان قتله خيرا لهما وكانا يحبان حياة ابنهما وهو أجمل الناس وكان حياته شرا لهما وكان الغلام ايضا يكره قتل نفسه وهو خير له ويحب حياة نفسه وهو شر له لانه بطول حياته يبلغ الى كمال شقاوته ومنها ان من عواطف احسان الله تعالى انه إذا أخذ من العبد المؤمن شيأ من محبوباته وهو مضرله والعبد غافل عن مضرته فان صبر وشكر فالله تعالى يبدله خيرا منه مما ينفعه ولا يضره كما قال تعالى فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما الآية كما فى التأويلات النجمية نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الصابرين الشاكرين فى الشريعة والطريقة ويوصلنا الى ما هو خير وكمال فى الحقيقة وَأَمَّا الْجِدارُ المعهود فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ اسمهما اصرم وصريم ابنا كاشح وكان سياحا تقيا واسم أمهما دنيا فيما ذكره النقاش فِي الْمَدِينَةِ فى القرية المذكورة فيما سبق وهى انطاكية وَكانَ تَحْتَهُ اى تحت الجدار كَنْزٌ لَهُما [كنجى براى ايشان] هو فى الأصل مال دفنه انسان فى ارض وكنزه يكنزه اى دفنه اى مال مدفون لهما من ذهب وفضة روى ذلك مرفوعا وهو الظاهر لاطلاق الذم على كنزهما فى قوله تعالى وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لمن لا يؤدى زكاتهما وما تعلق بهما من الحقوق وقيل كان لوحا من ذهب او من رخام مكتوب فيه «بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر» اى ان الأمور كائنة بقضاء الله تعالى وتقديره «كيف يحزن» اى على فوات نعمة وإتيان شدة «وعجبت لمن يؤمن بالرزق» اى ان الرزق مقسوم والله تعالى رازق كل أحد «كيف ينصب» اى يتعب فى تحصيله «وعجبت لمن يؤمن بالموت» اى انه سيموت وهو حق «كيف يفرح» اى بحياته القليلة القصيرة «وعجبت لمن يؤمن بالحساب» اى ان الله تعالى يحاسب على كل قليل وكثير «كيف يغفل» اى عن ذلك ويشغل بتكثير متاع الدنيا «وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها باهلها كيف يطمئن إليها لا اله الا الله محمد رسول الله وعجبت لمن يؤمن بالنار كيف يضحك» وفى الجانب الآخر

_ (1) در أوائل دفتر چهارم بيان حكايت آن واعظ كه در آغاز تذكير دعاى ظالمان كردى

مكتوب «انا الله لا اله الا انا وحدي لا شريك لى خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه» وهو قول الجمهور كما فى بحر العلوم وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً كان الناس يضعون الودائع عند ذلك الصالح فيردها إليهم سالمة فحفظا بصلاح أبيهما فى مالهما وأنفسهما قال جعفر بن محمد كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء فيكون الذي دفن ذلك الكنز جدهما السابع فَأَرادَ رَبُّكَ بالأمر بتسوية الجدار أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما اى حلمهما وكمال رأيهما قال فى بحر العلوم الأشد فى معنى القوة جمع شدة كانعم فى نعمة على تقدير حذف الهاء وقيل لا واحد له وبلوغ الأشد بالإدراك وقيل ان يونس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة او ثمانى عشرة وانما قال الخضر فى تأويل خرق السفينة فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها بالإسناد الى نفسه لظاهر القبح وفى تأويل قتل الغلام فَخَشِينا بلفظ الخشية والاسناد الى نالان الكفر مما يجب ان يخشاه كل أحد وقال فى تأويل الجدار فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما بالإسناد الى الله تعالى وحده لان بلوغ الأشد وتكامل السن ليس الا بمحض ارادة الله تعالى من غير مدخل واثر لارادة العبد فالاول فى نفسه شر قبيح والثالث خير محض والثاني ممتزج وقال بعضهم لما قال الخضر فَأَرَدْتُ الهم من أنت حتى يكون لك ارادة فجمع فى الثانية حيث قال فَأَرَدْنا فالهم من أنت وموسى حتى يكون لكما ارادة فخص فى الثالثة الارادة بالله اى دون اضافة الارادة الى نفسه وادعاء الشركة فيهما ايضا وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما من تحت الجدار ولولا انى أقمته لانقض وخرج الكنز من تحته قبل اقتدارهما على حفظ المال وتنميته وضاع بالكلية فان قيل ان عرف واحد من اليتيمين والقيم عليهما الكنز امتنع ان يترك سقوط الجدار وان لم يعرفوا فكيف يسهل عليهم استخراجه قلنا لعلهما لم يعلماه وعلم القيم الا انه كان غائبا كذا فى تفسير الامام يقول الفقير قوله وان لم يعرفوا إلخ غير مسلم لان الله تعالى قادر على ان يعرفهما مكان ذلك الكنز بطريق من الطرق ويسهل عليهما استخراجه على ان واجد الكنز فى كل زمان من غير سبق معرفة بالمكان ليس بنادر واللام فى كنز لهما لاختصاص الوجدان بهما ومن البعيد ان يعيش الجد السابع الى ان يولد للبطن السادس من أولاده ويدفن له مالا او يعين له رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لهما مصدر فى موقع الحال اى مرحومين من قبله تعالى او علة لاراد فان ارادة الخير رحمة او مصدر لمحذوف اى رحمهما الله بذلك رحمة وَما فَعَلْتُهُ اى ما فعلت ما رأيته يا موسى من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار عَنْ أَمْرِي عن رأيى واجتهادي وانما فعلته بامر الله ووحيه وهذا إيضاح لما أشكل على موسى وتمهيد للعذر فى فعله المنكر ظاهرا وهكذا الطريق بين المرشد والمسترشد فى ازالة الشكوك والشبه عنه شفقة له ذلِكَ المذكور من العواقب تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً اى لم تستطع فحذف التاء للتخفيف وهو انجاز للتنبئة الموعودة- روى- ان موسى لما أراد ان يفارقه قال امر الخضر لو صبرت لاتيت على الف عجب كل عجب اعجب مما رأيت فبكى موسى على فراقه وقال له أوصني يا نبى الله. قال لا تطلب العلم لتحدث به الناس واطلبه لتعمل به وذلك لان من لم يعمل

بعلمه فلا فائدة فى تحديثه بل نفعه يعود الى غيره: وفى المثنوى جوع يوسف بود آن يعقوب را ... بوى نانش مى رسيد از دور جا «1» آنكه بستد پيرهن را مى شتافت ... بوى پيراهان يوسف مى نيافت وانكه صد فرسنك ز آن سو بوى او ... چونكه بد يعقوب مى بوييد بو اى بسا عالم ز دانش بي نصيب ... حافظ علمست آنكست نى حبيب مستمع از وى همى بايد مشام ... كر چهـ باشد مستمع از جنس عام ز انكه پيراهان بدستش عاريه است ... چون بدست آن نخاسى جاريه است جاريه پيش نخاسى سرسريست ... در كف او از براى مشتريست ومن وصايا الخضر. كن نفاعا ولا تكن ضرارا. وكن بشاشا ولا تكن عبوسا غضابا. وإياك واللجاجة. ولا تمش فى غير حاجة. ولا تضحك من غير. عجب. ولا تعير المذنبين خطاياهم بعد الندم. وابك على خطيئتك ما دمت حيا. ولا تؤخر عمل اليوم الى الغد. واجعل همك فى معادك ولا تخض فيما لا يعنيك. ولا تأمن لخوف من أمنك. ولا تيأس من الا من من خوفك. وتدبر الأمور فى علانيتك. ولا تذر الإحسان فى قدرتك فقال له موسى قد أبلغت فى الوصية فاتم الله عليك نعمته وغمرك فى رحمته وكلأك من عدوه فقال له الخضر أوصني أنت يا موسى فقال له موسى إياك والغضب الا فى الله. ولا تحب الدنيا فانها تخرجك من الايمان وتدخلك فى الكفر فقال له الخضر قد أبلغت فى الوصية فاعانك الله على طاعته وأراك السرور فى أمرك وحببك الى خلقه وأوسع عليك من فضله قال له آمين كما فى التعريف والاعلام للامام السهيلي رحمه الله وفى بعث موسى الى الخضر اشارة الى ان الكمال فى الانتقال من علوم الشريعة المبنية على الظواهر الى علوم الباطن المبنية على التطلع الى حقائق الأمور كما فى تفسير الامام قال بعض العارفين من لم يكن له نصيب من هذا العلم اى العلم الوهبي الكشفى أخاف عليه سوء الخاتمة وادنى النصيب التصديق به وتسليمه لاهله واقل عقوبة من ينكره ان لا يرزق منه شيأ وهو علم الصديقين والمقربين كذا فى احياء العلوم وفى الآية إشارات منها انه تعالى من كمال حكمته وغاية رأفته ورحمته فى حق عباده يستعمل نبيين مثل موسى والخضر عليهما السلام فى مصلحة الطفلين ومنها ان مثل الأنبياء يجوز ان يسعى فى امر دنيوى إذا كان فيه صلاح امر اخروى لا سيما فائدة راجعة الى غيره فى الله ومنها ان يعلم ان الله تعالى يحفظ بصالح قوما وقبيلة ويوصل بركاته الى البطن السابع منه كما قال وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً قال محمد بن المنكدر ان الله يحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وعشيرته والد ويرات اى أهلها حوله فلا يزالون فى حفظ الله وستره قال سعيد بن المسيب انى أصلي واذكر ولدي فازيد فى صلاتى وصح عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً انه قال حفظا بصلاح أبيهما وما ذكر منهما صلاحا فاذا نفع الأب الصالح مع انه السابع كما قيل فى الآية فما بالك بسيد الأنبياء والمرسلين بالنسبة الى قرابته الطاهرة الطيبة المطهرة وقد قيل ان حمام الحرم انما أكرم لانه من ذرية حمامتين عششتا على غار ثور الذي اختفى فيه النبي عليه السلام عند خروجه من مكة للهجرة كما فى الصواعق لابن

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان مخصوص بودن يعقوب عليه السلام بچشيدن جام حق تعالى از روى يوسف إلخ

حجر وذكر ان بعض العلوية هم هارون الرشيد بقتله فلما دخل عليه أكرمه وخلى سبيله فقيل بم دعوت حتى انجاك الله منه فقال قلت يا من حفظ الكنز على الصبيين لصلاح أبيهما احفظني لصلاح آبائي كما فى العرائس ومنها ليتأدب المريد فيما استعمله الشيخ وينقاد له ولا يعمل الا لوجه الله ولا يشوب عمله بطمع دنيوى وغرض نفسانى ليحبط عمله ويقطع حبل الصحبة ويوجب الفرقة ومنها ان الله تعالى يحفظ المال الصالح للعبد الصالح إذا كان فيه صلاح ومنها ليتحقق ان كل ما يجرى على ارباب النبوة واصحاب الولاية انما يكون بامر من أوامر الله ظاهرا وباطنا. اما الظاهر فكحال الخضر كما قال وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي اى فعلته بامر ربى. واما الباطن فكحال موسى واعتراضه على الخضر فى معاملته ما كان خاليا عن امر باطن من الله تعالى فى ذلك لانه كان اعتراضه على وفق شريعته ومنها ان الصبر على أفاعيل المشايخ امر شديد فان زل قدم مريد صادق فى امر من أوامر الشيخ او تطرق اليه انكار على بعض افعال المشايخ او اعتراه اعتراض على بعض معاملاته او أعوزه الصبر على ذلك فليعذره ويعف عنه ويتجاوز الى ثلاث مرات فان قال بعد الثالثة هذا فراق بينى وبينك يكون معذورا ومشكورا ثم ينبئه عن أفاعيله ويقول له ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا قال فى العوارف ويحذر المريد الاعتراض على الشيخ ويزيل اتهام الشيخ عن باطنه فى جميع تصاريفه فانه السم القاتل للمريدين وقل ان يكون مريد يعترض على الشيخ بباطنه فيفلح ويذكر المريد فى كل ما أشكل عليه من تصاريف الشيخ قصة موسى مع الخضر كيف كان يصدر من الخضر تصاريف ينكرها موسى ثم لما كشف له عن معناها بان لموسى وجه الصواب فى ذلك فهكذا ينبغى للمريد ان يعلم ان كل تصرف أشكل عليه صحته من الشيخ عند الشيخ فيه بيان وبرهان للصحة انتهى: قال الحافظ نصيحتى كنمت بشنو وبهانه مكير ... هر آنكه ناصح مشفق بگويدت بپذير وينبغى ان يكون المرشد محققا ومشفقا لا مقلدا غير مشفق كيلا يضيع سعى من اقتدى به فانه قيل إذا كان الغراب دليل قوم ... سيهديهم الى ارض الجياف قال الحافظ در دم نهفته به ز طبيبان مدعى ... باشد كه از خزانه غيبش دوا كنند قال الصائب ز بي دردان علاج درد خود جستن بآن ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها ومنها انه إذا تعارض ضرر ان يجب تحمل أهونهما لدفع أعظمهما وهو اصل ممهد غير ان الشرائع فى تفاصيله مختلفة مثاله. رجل عليه جرح لو سجد سال جرحه وان لم يسجد لم يسل فانه يصلى قاعدا يومى بالركوع والسجود لان ترك الركوع والسجود أهون من الصلاة مع الحدث. وشيخ لا يقدر على القراءة ان صلى قائما ويقدر عليها ان صلى قاعدا يصلى قاعدا مع القراءة ولو صلى فى الفصلين قائما مع الحدث وترك القراءة لم يجز. ورجل لو خرج الى الجماعة لا يقدر على القيام ولو صلى فى بيته صلى قاعدا صححه فى الخلاصة وفى شرح المنية يصلى فى بيته قائما قال ابن نجيم وهو الأظهر ومن اضطر. وعنده ميتة ومال الغير أكلها دونه. ورجل قيل له

[سورة الكهف (18) : الآيات 83 إلى 88]

لتلقين نفسك فى النار او من الجبل او لاقتلنك وكان الإلقاء بحيث لا ينجو يختار ما هو الأهون فى زعمه عند الامام وعندهما يصبر حتى يقتل كذا فى الأشباه وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ هم اليهود سألوه على وجه الامتحان عن رجل طواف بلغ شرق الأرض وغربها او سأل قريش بتلقينهم وصيغة الاستقبال للدلالة على استمرارهم على ذلك الى ورود الجواب وهو ذو القرنين الأكبر واسمه إسكندر بن فيلقوس اليوناني ملك الدنيا بأسرها كما قال مجاهد ملك الأرض اربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان وذو القرنين والكافران نمرود وبخت نصر وفى مشكاة الأنوار شداد بن عاد بدل بخت نصر وكان ذو القرنين بعد نمرود فى عهد ابراهيم عليه السلام على ما يأتى ولكنه عاش طويلا الفا وستمائة سنة على ما قالوا وفى تفسير الشيخ وكان بعد ثمود وكان الخضر على مقدمة جيشه بمنزلة المستشار الذي هو من الملك بمنزلة الوزير قال ابن كثير والصحيح انه ما كان نبيا ولا ملكا وانما كان ملكا صالحا عادلا ملك الأقاليم وقهر أهلها من الملوك وغيرهم وانقادت له البلاد مات بمدينة شهر زور بعد ما خرج من الظلمة ودفن فيها وفى التبيان مدة دوران ذى القرنين فى الدنيا خمسمائة ولما فرغ من بناء السد رجع الى بيت المقدس ومات به وانما سمى بذي القرنين لانه بلغ قرنى الشمس اى جانبيها مشرقها ومغربها كما لقب أردشير واضع النرد بطويل اليدين لنفوذ امره حيث أراد وفى القاموس لما دعاهم الى الله ضربوه على قرنه الايمن فمات فاحياه الله ثم دعاهم فضربوه على قرنه الأيسر فمات ثم أحياه الله كما سمى على بن ابى طالب رضى الله عنه بذي القرنين لما كان شجتان فى قرنى رأسه إحداهما من عمرو بن ود والثانية من ابن ملجم لعنه الله وفى قصص الأنبياء وكان قد رأى فى منامه انه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها فى شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه به وقال الامام السيوطي رحمه الله فى الأوائل أول من لبس العمامة ذو القرنين وذلك انه طلع له فى رأسه قرنان كالظلفين يتحركان فلبسها من أجل ذلك ثم انه دخل الحمام ومعه كاتبه فوضع العمامة وقال لكاتبه هذا امر لم يطلع عليه غيرك فان سمعت به من أحد قتلتك فخرج الكاتب من الحمام فاخذه كهيئة الموت فاتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى ألا ان للملك قرنين فانبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين ألا ان للملك قرنين فانتشر ذلك فى المدينة فقال ذو القرنين هذا امر أراد الله ان يبديه واما ذو القرنين الثاني وهو إسكندر الرومي الذي يؤرخ بايامه الروم فكان متأخرا عن الاول بدهر طويل اكثر من الفى سنة كان هذا قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلاثمائة سنة وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف وهو الذي حارب دارا وأذل ملوك الفرس ووطئ ارضهم وكان كافرا عاش ستا وثلاثين سنة فالمراد بذي القرنين فى القرآن هو الاول دون الثاني وقد غلط كثير من العلماء فى الفرق بينهما فظنوا ان المذكور فى الآية هو الرومي سامحهم الله تعالى قُلْ لهم فى الجواب سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ ساذكر لكم ايها السائلون مِنْهُ اى من خبر ذو القرنين وحاله فحذف المضاف ذِكْراً نبأ مذكورا وبيانا او ساتلو فى شأنه من جهته تعالى ذكرا اى قرآنا والسين للتأكيد والدلالة على التحقق اى لا اترك التلاوة

[سورة الكهف (18) : الآيات 84 إلى 85]

البتة إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ شروع فى تلاوة الذكر المعهود حسبما هو الموعود والتمكين هاهنا الاقدار وتمهيد الأسباب فلا يحتاج الى المفعول يقال مكنه ومكن له ومعنى الاول جعله قادرا قويا ومعنى الثاني جعل له قدرة وقوة ولتلازمهما فى الوجود وتقاربهما فى المعنى يستعمل كل منهما فى محل الآخر كما فى قوله مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ اى جعلناهم قادرين من حيث القوى والأسباب والآلات على انواع التصرفات فيها ما لم نجعله لكم من القوة والسعة فى المال والاستظهار بالعدد والأسباب فكأنه قيل ما لم نمكن لكم فيها اى ما لم نجعلكم قادرين على ذلك فيها او مكنا لهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وهذا إذا كان التمكين مأخوذا من المكان بناء على توهم ان ميمه اصلية او المعنى انا جعلنا له مكنة وقدرة على التصرف من حيث التدبير والرأى والأسباب حيث سخر له السحاب ومدله فى الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار عليه سواء وسهل عليه السير فى الأرض وذللت له طرقها وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان ابراهيم عليه السلام بمكة فاقبل عليها ذو القرنين فلما كان بالأبطح قيل له فى هذه البلدة ابراهيم خليل الرحمن فقال ذو القرنين ما ينبغى لى ان اركب فى بلدة فيها ابراهيم خليل الرحمن فنزل ذو القرنين ومشى الى ابراهيم فسلم عليه ابراهيم واعتنقه فكان هو أول من عانق عند السلام كما فى انسان العيون ودرر الغرر فعند ذلك سخر له السحاب لان من تواضع رفعه الله فكانت السحاب تحمله وعساكره وجميع آلاتهم إذا أرادوا غزوة قوم وسخر له النور والظلمة فاذا سرى يهديه النور من امامه وتحوطه الظلمة من ورائه چون نهد در تو صفات جبرئيل ... همچوفرخى بر هوا جويى سبيل «1» چون نهند در تو صفتهاى خرى ... صد پرت كر هست در آخور پرى چونكه چشم دل شده محرم بنور ... ظلمت كون ومكان شد از تو دور «2» هر كه نابينا شود اندر جهان ... روز او با شب برابر بي كمان وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اراده من مهمات ملكه ومقاصده المتعلقة بسلطانه سَبَباً اى طريقا يوصل اليه وهو كل ما يتوصل به الى المقصود من علم او قدرة او آلة. وبالفارسية [دست آويزى كه بدان سبب او را آن چيز ميسر ميشد] فَأَتْبَعَ بالقطع اى فاراد بلوغ المغرب فاتبع سَبَباً يوصله اليه اى لحقه وتبعه وسلكه وسار قال فى القاموس واتبعتهم تبعتهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم واتبعتهم ايضا غيرى وقوله تعالى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ اى لحقهم ففى الاتباع معنى الإدراك والاسراع قال ابن الكمال يقال تبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه قال فى الإرشاد ولعل قصد بلوغ المغرب ابتداء لمراعاة الحركة الشمسية انتهى وقال فى التبيان قصد الى ناحية المغرب يطلب عين الحياة عند بحر الظلمات لانه قيل له ثمة عين الحياة من شرب منها لم يمت ابدا الى يوم القيامة فمشى نحو الظلمات لعله يقع بالعين وفى التأويلات النجمية يشير يقوله وَيَسْئَلُونَكَ الآية الى ان السائل لا يرد وان فى القصص للقلوب عبرة وتقوية وتثبتا وبقوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ يشير الى تمكن الخلافة اى مكناه بخلافتنا فى الأرض وآتيناه بالخلافة ما كان سبب وجود كل مقدور من مقدوراتنا بالاصالة حتى

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان بردن پريان عبد الغوث را مدتى در ميان خود إلخ [.....] (2) لم أجد فليحرر

[سورة الكهف (18) : آية 86]

صار قادرا على قلب الأعيان وكانت الدنيا مسخرة له فلو أراد طويت له الأرض وإذا شاء مشى على الماء وإذا أحب طار فى الهواء ويدخل النار فاتبع سببا كل مقدور فصار مقدورا له بالخلافة فى الأرض ما كان مقدورا لنا بالاصالة فى السماء والأرض انتهى يقول الفقير انما بدأ بالسير الى المغرب اشارة الى كون ترتيب السلوك عروجا فان المغرب اشارة الى الأجسام والمشرق الى الأرواح فمادام لم يتم سير الأجسام من الأكوان لا يحصل الترقي الى عالم الأرواح ثم الى عالم الحقيقة حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَغْرِبَ الشَّمْسِ اى منتهى الأرض من جهة المغرب بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته ووقف على حافة البحر المحيط قال الشيخ اى بلغ قوما فى جهة ليس وراءهم أحد لانه لا يمكنه ان يبلغ موضع غروب الشمس قال فى التبيان ولما وصل ذو القرنين الى مغرب الشمس يطلب عين الحياة قال له شيخ هى خلف ارض الظلمة ولما أراد ان يسلك فى الظلمة سأل أي الدواب فى الليل ابصر قالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر قالوا الإناث فقال أي الإناث ابصر قالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك فركبوا الرماك وترك بقية عسكره فدخلوا الظلمات فساروا يوما وليلة فاصاب الخضر العين لانه كان على مقدمة جيشه صاحب لوائه الأكبر فشرب منها واغتسل واخطأ ذو القرنين: قال الحافظ فيض ازل بزور زر ار آمدى بدست ... آب خضر نصيبه إسكندر آمدى فساروا على حصحاص من حجارة لا يدرون ما هى فسألوه عنها فقال الإسكندر خذوا من هذه الحجارة ما استطعتم فانه من اقل منها ندم ومن اكثر منها ندم فاخذوا وملئوا مخالي دوابهم من تلك الحجارة فلما خرجوا نظروا الى ما فى مخاليهم فوجدوه زمردا اخضر فندموا كلهم لكونهم لم يكثروا من ذلك وَجَدَها اى رأس الشمس تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ اى ذات حمأة وهى الطين الأسود. بالفارسية [آب مكدر لاى آميز] من خمئت البئر إذا كثرت حمأتها ولعله لما بلغ ساحل البحر رآها كذلك إذ ليس فى مطمح نظره غير الماء كراكب البحر ولذلك قال وَجَدَها تَغْرُبُ ولم يقل كانت تغرب وقال بعضهم لما بلغ موضعا لم يبق بعده عمارة فى جانب المغرب وجد الشمس كأنها تغرب فى وهدة مظلمة كما ان راكب البحر يراها كأنها تغرب فى البحر إذا لم ير الشط وهى فى الحقيقة تغيب وراء البحر والا فقد علم ان الأرض كرة والسماء محيطة بها والشمس فى الفلك وجلوس قوم فى قرب الشمس غير موجود والشمس اكثر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها فى عين من عيون الأرض قال السمرقندي رحمه الله فى بحر العلوم فان قيل قد ورد فى الحديث ان الشمس تشرق من السماء الرابعة ظهرها الى الدنيا ووجهها يشرق لاهل السموات وعظمها مثل الدنيا ثلاثمائة مرة او ما شاء الله فكيف يمكن دخولها فى عين من عيون الأرض قلنا ان قدرة الله تعالى باهرة وحكمته بالغة فالله تعالى قادر ان يدخل السموات السبع والأرضين السبع فى أصغر شىء وأحقره فما ظنك بما فيها من الشمس وغيرها انتهى وفى التأويلات فان قال قائل انا قد علمنا ان الشمس فى السماء الرابعة ولها فلك خاص يدور بها فى السماء فكيف يكون غروبها فى عين حمئة قلنا ان الله تعالى لم يخبر عن حقيقة غروبها فى عين حمئة وانما اخبر عن وجدان ذى القرنين غروبها فيها فقال وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وذلك ان ذا القرنين ركب

[سورة الكهف (18) : الآيات 87 إلى 88]

بحر الغرب واجرى مركبه الى ان بلغ فى البحر موضعا لم يتمكن جريان المراكب فيه فنظر الى الشمس عند غروبها وجدها تغرب بنظره فى عين حمئة انتهى قال بعضهم إذا كان ذو القرنين نبيا فنظر النبي ثاقب يرى الأشياء على ما هى عليها كما رأى النبي عليه السلام النجاشي من المدينة وصلى عليه وان لم يكن نبيا فذلك الوجدان بحسب حسبانه وَوَجَدَ عِنْدَها عند تلك العين يعنى عند نهاية العمارة. وبالفارسية [يافت نزديك آن چشمه بر ساحل درياى محيط غربى] قَوْماً [كروهى را در ناسك مذكور است كه ايشان قومى بودند بت پرست سبز چشم سرخ موى لباس ايشان پوست حيوانات وطعام ايشان كوشت حيوان آبى] قال بعضهم قوما فى مدينة لها اثنا عشر الف باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب وقال الامام السهيلي هم اهل جابلص بالفتح وهى مدينة يقال لها بالسريانية جرجيسا لها عشرة آلاف باب بين كل بابين فرسخ يسكنها قوم من نسل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح عليه السلام واهل جابلص آمنوا بالنبي عليه السلام لما مر بهم ليلة الاسراء وقال فى اسئلة الحكم اما حديث جابلصا وجابلقا وايمان اهاليهما ليلة المعراج وانهما من الإنسان الاول فمشهور قُلْنا بطريق الإلهام ويدل على نبوته كونه مأمورا بالقتال معهم كما قال عليه السلام (أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله) كما فى التأويلات قال الحدادي لا يمكن اثبات نبوة الا بدليل قطعى يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً امرا ذا حسن فحذف المضاف اى أنت مخير فى أمرهم بعد الدعوة الى الإسلام اما تعذيبك بالقتل ان أبوا واما إحسانك بالعفو او الاسر وسماهما إحسانا فى مقابلة القتل ويجوز ان يكون اما واما للتوزيع والتقسيم دون التخبير اى ليكن شأنك معهم اما التعذيب واما الإحسان فالاول لمن بقي على حاله والثاني لمن تاب قالَ ذو القرنين أَمَّا مَنْ [اما كسى كه] ظَلَمَ نفسه بالإصرار على الكفر ولم يقبل الايمان منى فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ انا ومن معى فى الدنيا بالقتل وعن قتادة كان يطبخ من كفر فى القدور ومن آمن أعطاه وكساه ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فى الآخرة فَيُعَذِّبُهُ فيها عَذاباً نُكْراً منكرا لم يعهد مثله وهو عذاب النار وَأَمَّا مَنْ آمَنَ بموجب دعوتى وَعَمِلَ عملا صالِحاً حسبما يقتضيه الايمان فَلَهُ فى الدارين جَزاءً الْحُسْنى اى فله المثوبة الحسنى حال كونه مجزيا بها فجزاء حال او فله فى الدار الآخرة الجنة وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا اى مما نأمر به يُسْراً اى سهلا متيسرا غير شاق. وبالفارسية [كارى آسان فرا خور طاقت او] وتقديره ذايسر واطلق عليه المصدر مبالغة يعنى لا نأمره بما يصعب عليه بل بما يسهل قال الكاشفى [آورده اند كه لشكر ظلمت مرا بر قوم ناسك كاشت تا بكوش ودهن در آمد وزنهار خواستند وبوى ايمان آوردند] قال فى قصص الأنبياء سار ذو القرنين نحو المغرب فلا يمر بأمة الا دعاها الى الله تعالى فان أجابوه قبل منهم وان لم يجيبوه غشيتهم الظلمة فالبست مدينتهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم وأبصارهم ودخلت أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم فلا يزالون منها متحيرين حتى يستجيبو اله حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها القوم الذين ذكرهم الله

[سورة الكهف (18) : الآيات 89 إلى 94]

فى كتابه ففعل بهم كما فعل بغيرهم ثم مشى على ما فى الظلمة ثمانية ايام كملا وثمانى ليال وأصحابه ينتظرون حتى انتهى الى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها وإذا يملك قابض على الجبل وهو يقول سبحان ربى من الأزل الى منتهى الدهر وسبحان ربى من أول الدنيا الى آخرها وسبحان ربى من موضع كفى الى عرش ربى وسبحان ربى من منتهى الظلمة الى النور بصوت رفيع شديد لا يفتر فلما رأى ذلك ذو القرنين خر ساجدا لله فلم يرفع رأسه حتى قواه الله وأعانه على النظر الى ذلك الجبل والملك القابض عليه فقال له الملك كيف قويت على ان تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال قوانى الله الذي قواك على قبض هذا الجبل فاخبرنى عن قبضك على هذا الجبل فقال انى موكل به وهو جبل قاف المحيط بالأرض ولولا هذا الجبل انكفأت الأرض باهلها وليس على ظهر الأرض جبل أعظم منه فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك أوصني قال الملك يا ذا القرنين لا يهمنك رزق غد. ولا تؤخر عمل اليوم لغد. ولا تحزن على ما فاتك وعليك بالرفق ولا تكن جبارا متكبرا تكبر كند مرد حشمت پرست ... نداند كه حشمت بحلم اندرست وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد همانا كه دونان گردن فراز ... درين شهر كبرست وسود او آز چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان تو خود را چوكودك ادب كن بچوب ... بگرز گران مغز مردم مكوب ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً اى تبع وسلك طريقا راجعا من مغرب الشمس موصلا الى مشرقها قال الكاشفى [قوم تماسك را با خود برده لشكر نور را ز پيش روان كرد وعسكر ظلمت را از پس بداشت وبجانب جنوب متوجه شده قوم هاويل را كه قطر ايمن بود مسخر كرد بهمان طريق كه در ناسك مذكور شد پس روى بمشرق نهاد] حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَطْلِعَ الشَّمْسِ يعنى الموضع الذي تطلع عليه الشمس اولا من معمورة الأرض. وبالفارسية [موضعى كه مبدأ عماراتست از جانب شرق] إذ لا يمكنه ان يبلغ موضع طلوع الشمس قيل بلغه فى اثنتي عشرة سنة وقيل فى اقل من ذلك بناء على ما ذكر من انه سخر له السحاب وطوى له الأسباب وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ عراة لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها من امام الشمس سِتْراً من اللباس والبناء يعنى ليس لهم لباس يتسترون به من حر الشمس ولا بناء يستظلون فيه لان ارضهم لا تمسك الابنية لغاية رخاوتها وبها أسراب فاذا طلعت الشمس دخلوا الأسراب او البحر من شدة الحر وإذا ارتفعت عنهم خرجوا يعنى [وقتى كه آفتاب ارتفاع پذيرفتى واز سمت رأس ايشان دور كشتى از زير زمين بيرون آمده ماهى كرفتندى وبا آفتاب بريان كرده خوردندى] قال الحدادي ليس على رؤسهم ولا على أجسادهم شعر وليس لهم حواجب وكأنما سلخت وجوهم وذلك من شدة حر بلادهم- وحكى- عن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقالوا بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فاذا أحدهم يفرش اذنه ويلتحف بالأخرى ومعى صاحب يعرف

[سورة الكهف (18) : آية 91]

لسانهم فقالوا له جئنا ننظر كيف تطلع الشمس قال فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشى علىّ ثم أفقت وهم يمسحوننى بالدهن فلما طلعت الشمس على الماء إذ هو فوق الماء كهيئة الزيت فادخلونا سربا لهم فلما ارتفع النهار خرجوا الى البحر يصطادون السمك ويطرحونه فى الشمس فينضج لهم عن مجاهد من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس اكثر من جميع اهل الأرض وهم الزنج وقال الكاشفى [ايشان قوم منسل بودند] وقال السهيلي رحمه الله هم اهل جابلق بالفتح وهى مدينة لها عشرة آلاف باب بين كل بابين فرسخ يقال لها بالسريانية مرقيشا وهم نسل مؤمنى قوم عاد الذين آمنوا بهود عليه السلام واهل جابلق آمنوا بالنبي عليه السلام ليلة اسرى به ووراء جابلق امم وهم من نسل وثاقيل وفارس وهم لم يؤمنوا بالنبي عليه السلام قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان هذا العالم عالم الأسباب لم يبلغ أحد الى شىء من الأشياء ولا الى مقصد من المقاصد الا ان مكنه الله تعالى وآتاه سبب بلاغ ذلك الشيء والمقصد ووفقه لاتباع ذلك السبب فباتباع السبب بلغ ذو القرنين مغرب الشمس ومطلعها كَذلِكَ اى امر ذى القرنين كما وصفناه لك فى رفعة المحل وبسطة الملك او امره فيهم كامره فى اهل الغرب من التخيير والاختيار قال الكاشفى [همچنان كرد إسكندر با ايشان كه با اهل مغرب كرد وبجانب قطر أيسر روان شد وبقومي رسيد كه ايشان را تأويل خوانند وبايشان همان سلوك نمود] وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ من الأسباب والعدد. وبالفارسية [وبدرستى كه ما احاطه داشتيم بآنچهـ نزديك او بود] خُبْراً تمييز اى علما تعلق بظواهره وخفاياه. وبالفارسية [از روى آگاهى] يعنى ان ذلك من الكثرة بحيث لا يحيط به الا علم اللطيف الخبير فانظر الى سعة لطف الله تعالى وإمداده بمن شاء من عباده فانه ذكر وهب بن منبه ان ذا القرنين كان رجلا من اهل الاسكندرية ابن امرأة عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان خارجا عن قومه ولم يكن بأفضلهم حسبا ولا نسبا ولكنه نشأ فى ذات حسن وجمال وحلم ومروءة وعفة من لدن كان غلاما الى ان بلغ رجلا ولم يزل منذ نشأ يتخلق بمكارم الأخلاق ويسمو الى معالى الأمور الى ان علاصيته وعز فى قومه والقى الله تعالى عليه الهيبة ثم انه زاد به الأمر الى ان حدث نفسه بالأشياء فكان أول ما اجمع عليه رأيه الإسلام فاسلم ثم دعا قومه الى الإسلام فاسلموا عنوة منه عن آخرهم ثم كان من امره ما كان [إسكندر را پرسيدند مشرق ومغرب بچهـ كرفتى كه ملوك پيشين را خزائن ولشكر بيش از تو بود چنين فتح ميسر نشد كفت بعون خداى عز وجل كه هر مملكت را كه كرفتم رعيتش را نيازردم ونام پادشاهان را جز بنيكويى نبردم بزركش نخوانند اهل خرد ... كه نام بزركان بزشتى برد وقال بعضهم فلم ار مثل العدل للمرء رافعا ... ولم ار مثل الجور للمرء واضعا كنت الصحيح وكنامنك فى سقم ... فان سقمت فانا السالمون غدا

[سورة الكهف (18) : الآيات 92 إلى 93]

دعت عليك اكفت طالما ظلمت ... ولن ترّد يد مظلومة أبدا وفى تفسير التبيان كان اى ذو القرنين ملكا جبارا فلما هلك أبوه ولى مكانه فعظم تجبره وتكبره فقيض الله له قرينا صالحا فقال له ايها الملك دع عنك التجبر وتب الى الله تعالى قبل ان تموت فغضب عليه الإسكندر وحبسه فمكث فى المحبس ثلاثة ايام فبعث الله اليه ملكا كشف سقف المجبس وأخرجه منه واتى به منزله فلما أصبح اخبر الإسكندر بذلك فجاء الى السجن فرأى سقف السجن قد ذهب فاقشعر جلد الإسكندر وعلم ان ملكه ضعيف عند قدرة الله تعالى فانصرف متعجبا وطلب الرجل المحبوس فوجده قائما يصلى على جبل طالس فقال الرجل لذى القرنين تب الى الله فهمّ بأخذه وامر جنوده به فارسل الله عليهم نارا فاحرقتهم وخر الإسكندر مغشيا عليه فلما أفاق تاب الى الله تعالى وتضرع الى الرجل الصالح وأطاع الله وأصلح سيرته وقصد الملوك الجبابرة وقهرهم ودعا الناس الى طاعة الله وتوحيده وكان من أول امره ان بنى مسجدا واسعا طوله اربعمائة ذراع وعرض الحائط اثنان وعشرون ذراعا وارتفاعه فى الهواء مائة ذراع وفيه اشارة الى انه ينبغى للغنى عند أول امره ان يصرف شطرا من ماله الى وجه من وجوه الخير لا الى ما يشتهيه طبعه ويميل اليه نفسه كما ان المفتى إذا تصدر يبدأ فى فتواه بما يتعلق بالتوحيد ونحوه وكذا لابس جديد او مغسول يبدأ بالمسجد والصلاة والذكر ونحوها لا بالخروج الى السوق وبيت الخلاء ونحوهما. ثم ان الفتح الصوري انما يبتنى على الأسباب الصورية إذ لا يحصل التسخير غالبا الا بكثرة العدد والعدد واما الفتح المعنوي فحصوله مبنى على الفناء وترك الأسباب والتوجه الى مسبب الأسباب كما قال الصائب هر كس كشيد سر بگريبان نيستى ... تسخير كرد مملكت بي زوال را فالاسكندر الحقيقي الذي لا يزول ملكه ولا يحيط بمالديه الا الله تعالى هو من أيد ظاهره باحكام الطاعات ومعاملات العبودية وباطنه بانوار المشاهدات وتجليات الربوبية فانه حينئذ تموت النفس الامارة وتزول يدها العادية القاهرة عن قلعة القلب ويظهر جنود الله التي لا يعلمها الا هو لكثرتها اللهم اجعلنا من المؤيدين بالأنوار الملكوتية والامداد اللاهوتية انك على ما تشاء قدير ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً اى أخذ طربقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من الجنوب الى الشمال حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] بَيْنَ السَّدَّيْنِ بين الجبلين اللذين سد ما بينهما وهما جبلان عاليان فى منقطع ارض الترك مما يلى المشرق من ورائهما يأجوج ومأجوج. والسد بالفتح والضم واحد بمعنى الجبل والحاجز او بالفتح ما كان من عمل الخلق وبالضم ما كان من خلق الله لان فعل بمعنى مفعول اى هو مما فعله الله وخلقه وانتصاب بين على المفعولية لانه مبلوغ وهو من الظروف التي تستعمل اسماء وظروفا كما ارتفع فى قوله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وانجرّ فى قوله هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما امام السدين ومن ورائهما مجاوزا عنهما وقال الكاشفى [يافت در پيش آن دو كوه] وفسره فى تفسير الجلالين ايضا بقوله عندهما قَوْماً امة من

[سورة الكهف (18) : آية 94]

الناس لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا اى لا يفهمون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم لغرابة لغتهم وقال الزمخشري لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ الا بجهد ومشقة من اشارة ونحوها كما يفهم البكم وهو الترك قال اهل التاريخ أولاد نوح ثلاثة سام وحام ويافث فسام ابو العرب والعجم والروم وحام ابو الحبش والزنج والنوبة ويافث ابو الترك والخزر والصقالبة ويأجوج ومأجوج وقال فى أنوار المشارق اصل الترك بنوا قنطورا وقنطورا امة كانت لابراهيم عليه السلام فولدت له أولادا فانتشر منهم الترك قالُوا على لسان ترجمانهم بطريق الشكاية والظاهر ان ذى القرنين كان قد اوتى اللغات ففهم كلامهم وفى التأويلات النجمية كيف اخبر عنهم انهم لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ثم قال قالُوا الآية قلنا كلمة كاد ليست لوقوع الفعل كقوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ اى قاربت الانفطار فلن تنفطر وإذا دخل فيها لا الجحود وما النفي تكون لوقوع الفعل كقوله تعالى فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ اى قرب ان لا يذبحوها فذبحوها وكذلك قوله لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا اى لا يفقهون قولايلين به قلب ذى القرنين ليجعل لهم السد ففقهوا بالهام الحق تعالى حتى قالوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ اسمان أعجميان بدليل منع الصرف او عربيان ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث لانهما علمان لقبيلتين من أولاد يافث بن نوح كما سبق او من احتلام آدم عليه السلام كما ذكر فى عين المعاني وغيره ان آدم احتلم ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب فهم منها يتصلون بنا من جهة الأب دون الام وقال فى أنوار المشارق هذا منكر جدا لا اصل له وكذا قال فى بحر العلوم واعلم ان هذا مخالف لقوله عليه السلام (ما احتلم نبى قط) انتهى يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال ان أول من ابتلى بالاحتلام أبونا آدم عليه السلام لحكمة خفية كما ابتلى نبينا عليه السلام ببعض السهو لحكمة علية والحديث المذكور مخصوص بمن عداه والمنع عن الكلام فيه انما هو لرعاية الأدب فافهم جدا مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ اى فى ارضنا بالقتل والتخريب وإتلاف الزروع وكانوا يخرجون ايام الربيع فلا يتركون اخضر الا أكلوه ولا يابسا الا احتملوه وربما أكلوا الناس إذا لم يجدوا شيأ من الانعام ونحوها وكان لا يموت أحد منهم حتى ينظر الف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما بنوا آدم عشرهم چو پوزينگان آمده در وجود ... مژهـ زرد ورخ سرخ وديده كبود ندارند جز خواب وخور هيچ كار ... نميرد يكى تا نزايد هزار وهم اصناف صنف منهم طول الرجل منهم مائة وعشرون ذراعا وصنف منهم قدهم على شبر واحد طولهم وعرضهم سواء وصنف منهم كبار الآذان يفترش أحدهم أحد أذنبه ويلتحف بالأخرى ولهم من الشعر فى أجسادهم ما يواريهم وما يقيهم من الحر والبرد فلا يغزلون ولا ينسجون يعوون عوى الذئاب ويتسافدون كتسافد البهائم يقال سفد الذكر على أنثى نزالهم مخالب فى أيديهم واضراس كاضراس السباع وأنياب يسمع لها حركة كحركة الجرس فى حلوق الإبل لا يمرون بفيل ولا جمل ولا وحش ولا خنزير الا أكلوه ومن مات منهم

[سورة الكهف (18) : الآيات 95 إلى 99]

أكلوه ويأكلون الحشرات والحيات والعقارب قال فى حياة الحيوان التنين ضرب من الحيات كاكبر ما يكون فيها وفى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق احمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف براق العينين يبتلع كثيرا من الحيوان يخافه حيوان البر والبحر إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته وأول امره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى فاذا كثر فسادها احتملها ملك والقاها فى البحر فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعل بدواب البر فيعظم بدنها حتى يكون رأسها كالتل العظيم فيبعث الله تعالى ملكا يحملها ويلقيها الى يأجوج ومأجوج قال فى قصص الأنبياء إذا قذفوا بها خصبوا والا قحطوا فَهَلْ [پس آيا] نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً جعلا من أموالنا اى اجرا نخرجه لك والخرج والخراج واحد كالنول والنوال او الخراج ما على الأرض والزمة والخرج المصدر او الخرج ما كان على كل على كل راس والخراج ما كان على البلد او الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه عَلى أَنْ تَجْعَلَ [بشرط آنكه بكنى] بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حاجزا يمنعهم من الخروج والوصول إلينا قالَ ذو القرنين ما مَكَّنِّي بالإدغام وقرئ بالفك اى الذي مكننى وبالفارسية [آنچهـ دست رس داده مرا] فِيهِ رَبِّي وجعلنى فيه مكينا قادرا من الملك والمال وسائر الأسباب خَيْرٌ مما تريدون ان تبذلوه الىّ من الخراج فلا حاجة لى اليه ونحوه قول سليمان عليه السلام فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لا بد منها فى البناء أَجْعَلْ جواب الأمر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً حاجزا حصينا وحجابا عظيما. وبالفارسية [حجابى سخت كه بعضى از ان بر بعضى مركب باشد] وهو اكبر من السد وأوثق يقال ثوب مردم اى فيه رقاع فوق رقاع وهذا اسعاف بمرامهم فوق ما يرجونه وفى التأويلات النجمية قوله تعالى آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ تفسير للقوة فيكون المراد بها ترتيب الآلات. وزبر جمع زبرة كغرف جمع غرفة وهى القطعة الكبيرة وهذا لا ينافى رد خراجهم لان المأمور به الإيتاء بالثمن والمناولة ولان إيتاء الآلة من قبيل الاعانة بالقوة دون الخراج على العمل قال فى القصص قالوا من اين لنا من الحديد ما يسع هذا العمل فدلهم على معدن الحديد والنحاس ولعل تخصيص الأمر بالايتاء بها دون سائر الآلات من الصخور ونحوها لما ان الحاجة إليها أمس إذ هى الركن فى السد قال الكاشفى [منقولست كه فرمود تا خشتها از آهن بساختند بفارغ دلى جابجا تن زدند همه روز شب خشت آهن زدند وحكم كرد تا ميان آن كوه را چهار هزار قدم بود در شصت و پنج كز عرض بكنند تا بآب رسيد] وفى القصص قاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال وقال بعضهم حفر ما بين السدين وهو مائة فرسخ حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب بدل الطين لها والبنيان من زبر الحديد بين كل زبرتين الحطب والفحم حَتَّى إِذا [تا چون] ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ الصدف منقطع الجبل او ناحيته وبين مفعول كبين السدين اى آتوه إياها فجعل يبنى شيأ فشيأ حتى إذا جعل ما بين ناحيتى الجبلين مساويا لهما فى السمك يعنى ملأ ما بينهما الى أعلاهما وكان ارتفاعه مائتى ذراع وعرضه خمسين ذراعا ثم وضع المنافخ حوله قالَ

[سورة الكهف (18) : الآيات 97 إلى 98]

للعملة انْفُخُوا على زبر الحديد بالكير والنار حَتَّى إِذا جَعَلَهُ اى المنفوخ فيه وهو زبر الحديد ناراً كالنار فى الحرارة والهيئة واسناد الجعل المذكور الى ذى القرنين مع انه فعل الفعلة للتنبيه على انه العمدة فى ذلك وهم بمنزلة الآلة قالَ للذين يتولون امر النحاس من الاذابة ونحوها آتُونِي قطرا اى نحاسا مذابا أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً الإفراغ الصب اى اصبب على الحديد المحمى قطرا فحذف الاول لدلالة الثاني عليه واسناد الإفراغ الى نفسه للسر الذي وقفت عليه آنفا بهر روى فرشى بر انگيختند ... برو روى حل كرده مى ريختند فَمَا اسْطاعُوا بحذف تاء الافتعال تخفيفا وحذرا من تلاقى المتقاربين وقال فى برهان القرآن اختار التخفيف فى الاول لان مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول فاختير فيه الحذف والثاني مفعوله اسم واحد وهو قوله نقبا انتهى والفاء فصيحة اى فعلوا ما أمروا به من إيتاء القطر فافرغ عليه فاختلط والتصق بعضه ببعض فصار جبلا صلدا اى صلبا أملس فجاء يأجوج ومأجوج فقصدوا ان يعلوه وينقبوه فما قدروا أَنْ يَظْهَرُوهُ ان يعلوه بالصعود لارتفاعه وملاسته وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً اى وما قدروا ان ينقبوه ويخرقوه من أسفله لصلابته وثخانته وهذه معجزة عظيمة لان تلك الزبر الكثيرة إذا اثرت فيها حرارة النار لا يقدر الحيوان على ان يحوم حولها فضلا عن النفخ فيها الى ان تكون كالنار او عن إفراغ القطر عليها فكأنه سبحانه صرف تأثير تلك الحرارة العظيمة عن أبدان أولئك المباشرين للاعمال فكان ما كان والله على كل شىء قدير كذا فى الإرشاد أخذا عن تفسير الامام يقول الفقير ليس ببعيد ان يكون المباشرة بالنفخ والصب من بعيد بطريق من طرق الحيل ألا ترى ان نار نمرود لما كانت بحيث لا يقرب منها أحد عملوا المنجنيق فالقوا به ابراهيم عليه السلام فيها وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا أخبره به اى بالسد فقال (كيف رأيته) قال كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء قال (قد رأيته) وذلك لان الطريقة الحمراء من النحاس والسوداء من الحديد قالَ ذو القرنين هذا السد رَحْمَةٌ عظيمة ونعمة جسيمة مِنْ رَبِّي على كافة العباد لا سيما على مجاهديه وفيه إيذان بانه ليس من قبيل الآثار الحاصلة بمباشرة الخلق عادة بل هو احسان الهى محض وان ظهر بمباشرتى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ رَبِّي مصدر بمعنى المفعول وهو يوم القيامة والمراد بمجيئه ما ينتظم مجيئه ومجيئ مباديه من خروجهم وخروج الدجال ونزول عيسى ونحو ذلك جَعَلَهُ اى السد الشار اليه مع متانته دَكَّاءَ أرضا مستوية وقرئ دكا اى مدكوكا مستويا بالأرض وكل ما انبسط بعد ارتفاع فقد اندك وفيه بيان لعظم قدرته تعالى بعد بيان سعة رحمته وَكانَ وَعْدُ رَبِّي اى وعده المعهود او كل ما وعد به حَقًّا ثابتا لا محالة واقعا البتة وفى التأويلات النجمية وفى قوله هذا الى آخر الآية دلالة على نبوته فانه اخبر عن وعد الحق وتحقيق وعده وهذا من شان الأنبياء واعجازهم انتهى وهذا آخر حكاية ذى القرنين قيل ان يأجوج ومأجوج يحقرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون الشعاع قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرون غدا ولم يستثن فيعيده الله كما كان فيأتون غدا فيجدونه كالاول فاذا أراد الله خروجهم خلق فيهم رجلا مؤمنا

[سورة الكهف (18) : آية 99]

فيحفرون السد حتى يبقى منه اليسير فيقول لهم ارجعوا فستحفرون غدا ان شاء الله تعالى فاذا عادوا من الغد الى الحفر قال لهم قولوا بسم الله فيحفرونه ويخرجون على الناس فكل من لحقوه قتلوه وأكلوه ولا يمرون على شىء الا أكلوه ولا بماء الا شربوه فيشربون ماء دجلة والفرات ويأكلون ما فيه من السمك والسرطان والسلحفاة وسائر الدواب حتى يأتوا بحيرة طبرية بالشام وهى مملوءة ماء فيشربون فيأتى آخرهم فلا يجدون فيها قطرة ماء فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء وطافوا الأرض الا انهم لا يستطيعون ان يأتوا المساجد الاربعة مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس ومسجد طور سينا ثم يسيرون حتى ينتهوا الى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون لقد قتلنا من فى الأرض هلم فنقتل من فى السماء فيرمون بنشابهم الى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما ويحصر نبى الله عيسى وأصحابه فى جبل الطور حتى يكون رأس الثور لاحدهم خيرا من مائة دينار لاحدكم اليوم فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيرسل الله عليهم دودا تسمى النغف فتأخذهم فى رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط عيسى وأصحابه من الطور فلا يجدون فى الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتهم فيدعو الله فيرسل الله طيرا كاعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين منتخب من المصابيح وتفسير التبيان وغيرهما وعن زينب أم المؤمنين رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول (لا اله الا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها) قالت زينب فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون قال (نعم إذا كثر الخبث) اى الزنى والمراد بهذا الحديث انه لم يكن فى ذلك الردم ثقية الى هذا اليوم وقد انفتحت فيه ثقبة وانفتاح الثقبة فيه من علامات قرب القيامة وإذا توسعت خرجوا منها وخروجهم بعد خروج الدجال قال فى فتح القريب المراد بالويل الحزن وقد وقع ما أخبر به عليه السلام بما استأثر به عليهم من الملك والدولة والأموال والامارة وصار ذلك فى غيرهم من الترك والعجم وتشتتوا فى البوادي بعد ان كان العز والملك والدنيا لهم ببركته عليه السلام وما جاء من الإسلام والدين فلما لم يشكروا النعمة وكفروها بقتل بعضهم بعضا وسلب بعضهم اموال بعض سلبها الله منهم ونقلها الى غيرهم كما قال تعالى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ فعلى العاقل ان يحترز من فتنة يأجوج النفس والطبيعة والشيطان ويبنى عليها سد الشريعة الحصينة والطريقة المتينة ويكون إسكندر إقليم الباطن والملكوت واللاهوت وَتَرَكْنا فى القاموس الترك الجعل كأنه ضد اى وجعلنا بَعْضَهُمْ بعض الخلائق يَوْمَئِذٍ يوم إذ جاء الوعد بمجىء بعض مباديه يَمُوجُ فِي بَعْضٍ آخر والموج الاضطراب اى يضطربون اضطراب امواج البحر ويختلط انسهم وجنهم حيارى من شدة الهول وبالفارسية [روز قيامت انس وجن از روى تحير واضطراب درهم آميزند] قال فى الإرشاد لعل ذلك قبل النفخة الاولى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ هى النفخة الثانية التي عندها يكون الحشر بمقتضى الفاء التي بعدها ولعل عدم التعرض لذكر النفخة الاولى لئلا يقع

الفصل بين ما يقع فى النشأة الاولى من الأحوال والأهوال وبين ما يقع منها فى النشأة الآخرة والمعنى نفخ اسرافيل فى الصور أرواح الخلائق عند استعداد صور الأجساد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش لقبول الاشتعال فتشتعل بأرواحها فاذاهم قيام ينظرون وكل يتخيل ان ذلك الذي كان فيه منام كما يتخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل الى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفى الآخرة يعتقد فى امر الدنيا والبرزخ انه منام فى منام وان اليقظة الصحيحة هى التي هو عليها فى الدار الآخرة حيث لا نوم فيها وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور فقال (هو قرن من نور ألقمه اسرافيل) واعلم ان لا شىء من الأكوان أوسع منه وإذا قبض الله الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية حيث كانت أودعها صورا جسدية فى مجموع هذا القرن النور فجمع ما يدركه الإنسان بعد الموت فى البرزخ من الأمور انما يدركه بعين الصورة التي هو فيها فى القرن وبنورها وهو ادراك حقيقى فمن الصور ما هى مقيدة عن التصرف. ومنها مطلقة كارواح الأنبياء كلهم وأرواح الشهداء. ومنها ما يكون لها نظر الى عالم الدنيا فى هذه الدار. ومنها ما يتجلى للنائم فى حضرة الخيال التي هى فيه وهو الذي يصدق رؤياه ابدا وكل رؤيا صادقة ولا تخطى ولكن العابر الذي يعبرها هو المخطى حيث لم يعرف ما المراد بها وكذلك قوم فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا فى تلك الصور ولا يدخلونها فانهم محبوسون فى ذلك القرن ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب وهو العذاب المحسوس لا المنخيل كما فى تفسير الفاتحة للفنارى فَجَمَعْناهُمْ اى جمعنا الخلائق بعد ما تمزقت أجسادهم فى صعيد واحد للحساب والجزاء جَمْعاً عجيبا لم نترك من الملك والانس والجن والحيوانات أحدا وفى الحديث (السعيد فى ذلك اليوم فى ذلك الجمع من يجد مكانا يضع عليه أصابع رجليه) كما فى ربيع الأبرار وقال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الله تعالى من كمال قدرته يحيى الخلق بسبب يميتهم به وهو النفخة وبالنفخة الاولى كما أماتهم كقوله تعالى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ كذلك بالنفخة الاخيرة أحياهم كقوله وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً وفيه اشارة الى ان الخلق محتاجون الى اتباع سبب كل شىء ليبلغوا اليه وهم لا يقدرون على ان يجعلوا سببا لشئ سببا لشئ آخر على ضده والخالق سبحانه هو المسبب فهو قادر على ان يجعل الشيء الواحد سببا لوجود الشيئين المتضادين كما جعل النفخة فى الصور سببا للممات والحياة: وفى المثنوى سازد اسرافيل روزى ناله را ... جان دهد پوسيده صد ساله را «1» انبيا را در درون هم نغمهاست ... طالبانرا زان حيات بي بهاست نشنود آن نغمها را كوش حس ... كز ستمها كوش حس باشد نجس نشنود نغمه پرى را آدمي ... كو بود ز اسرار پريان أعجمي كر چهـ هم نغمه پرى زين عالمست ... نغمه دل برتر از هر دو دمست كر پرى وآدمي زندانيند ... هر دو در زندان اين نادانيند نغمهاى اندرون أوليا ... اولا كويد كه اى اجزاى لا

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان داستان پير چنكى كه در عهد عمر براى خراى در كور سستان إلخ؟؟

[سورة الكهف (18) : الآيات 100 إلى 105]

هين ز لاى نفى سرها بر زنيد ... اين خيال ووهم يكسو افكنيد اى همه پوشيده در كون وفساد ... جان باقيتان نروييد ونزاد هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما جان هر يك مرده از كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن كويد اين آواز ز آواها جداست ... زنده كردن كار آواز خداست ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه بر خاستيم مطلق آن آواز خود از شه بود ... كر چهـ از حلقوم عبد الله بود وَعَرَضْنا يقال عرض الشيء له أظهره اى أظهرنا جَهَنَّمَ معرب والأصل [چهـ نم] كذا قال البعض يَوْمَئِذٍ يوم إذ جمعنا الخلائق كافة لِلْكافِرِينَ منهم حيث جعلناها بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا عَرْضاً هائلا لا يعرف كنهه وفى الحديث (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها) اى يؤتى بها (يوم القيامة من المكان الذي خلقها الله فيه فتوضع بأرض حتى لا يبقى طريق للجنة الا الصراط) وهذه الازمة تمنعها عن الخروج على اهل المحشر الا من شاء الله كذا فى شرح المشارق لابن ملك وتخصيص العرض بالكافرين مع انها بمرأى من اهل الجمع قاطبة لان ذلك لاجلهم خاصة وهذا العرض يجرى مجرى العقاب لهم من أول الأمر لما يتداخلهم من الغم العظيم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان جهنم لو كانت معروضة على أرواح الكافرين قبل يوم القيامة كما كانت معروضة على أرواح المؤمنين لآمنوا بها كما آمن المؤمنون بها إذ لم تكن أعينهم فى غطاء عن ذكر الله وكانوا يستطيعون سمعا لكلام الله تعالى لان آذان قلوبهم مفتوحة الَّذِينَ الموصوفون مع صلته نعت للكافرين او بدل ولذا لا وقف على عرضا كما فى الكواشي كانَتْ أَعْيُنُهُمْ وهم فى الدنيا فِي غِطاءٍ غلاف غليظ محاطة بذلك من جميع الجوانب. والغطاء ما يغطى الشيء ويستره. وبالفارسية [پرده و پوشش] عَنْ ذِكْرِي عن الآيات المؤدية لاولى الابصار المتدبرين فيها الى ذكرى بالتوحيد والتمجيد كما قيل ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكار وَكانُوا مع ذلك لا يَسْتَطِيعُونَ لفرط تصاممهم عن الحق وكمال عداوتهم للرسول صلى الله عليه وسلم سَمْعاً استماعا لذكرى وكلامى يعنى ان حالهم أعظم من الصمم فان الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة چون تو قرآن خوانى اى صدرامم ... كوش شانرا پرده سازم از صمم چشمشانرا نيز سازم چشم بند ... تا ببينند وكلامت نشنوند قال فى الإرشاد وهذا تمثيل لاعراضهم عن الادلة السمعية كما ان الاول تصوير لتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار قال بعض الكبار كانت أعين نفوسهم فى غطاء الغفلة عن نظر العبرة وأعين قلوبهم فى غطاء حب الدنيا وشهواتها عن رؤية درجات الاخرة ودركاتها

[سورة الكهف (18) : آية 102]

وأعين أسرارهم فى غطاء الالتفات الى التكوين عن شواهد المكون وأعين أرواحهم فى غطاء تذكار ما سوى الله تعالى عن ذكر الله تعالى فاذا فتحت العين الباطنة بالمشاهدة فتحت العين الظاهرة بنظر الاعتبار وكذا السمع بظاهر السمع تابع لسمع الباطن ويدخل فى سماع كلام الحق سماع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة للانكار والتوبيخ على معنى انكار الواقع واستقباحه كما فى قولك أضربت أباك لانكار الوقوع كما فى أتضرب أباك والفاء للعطف على مقدر تفصح عنه الصلة على توجيه الإنكار والتوبيخ الى المعطوفين جميعا اى أكفروا بي مع جلالة شأنى فحسبوا وظنوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي من الملائكة وعيسى وعزير وهم تحت سلطانى وملكوتى مِنْ دُونِي مجاوزين إياي اى تاركين عبادتى أَوْلِياءَ معبودين ينصرونهم من بأسى على معنى ان ذلك ليس من الاتخاذ فى شىء لما انه انما يكون من الجانبين وهم عليهم السلام منزهون عن ولايتهم بالمرة لقولهم سبحانك أنت ولينا من دونهم وقيل مفعوله الثاني محذوف اى أفحسبوا اتخاذهم نافعالهم والوجه هو الاول لان فى هذا تسليما لنفس الاتخاذ واعتدادا به فى الجملة كذا فى الإرشاد إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ هيأناها لِلْكافِرِينَ المعهودين نُزُلًا وهو ما يعد للنزيل والضيف اى أحضرنا جهنم للكافرين كالنزل المعد للضيف وفيه تهكم بهم كقوله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وايماء الى ان لهم وراء جهنم من العذاب ما هى أنموذج له وهو كونهم محجوبين عن رؤية الله تعالى كما قال تعالى كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ جعل الصلىّ اى الدخول تاليا فى المرتبة للمحجوبية فهو دونها فى الرتبة وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بموضع النزول والمثوى. فالمعنى بالفارسية [منزل ومأوايى كه براى مهمان آرند ودرين معنى تهكم است بر آنكه ايشانرا عذابها خواهد بود كه دوزخ در پيش آن چيزى محقر باشد] وفى الاية اشارة الى ان من ادعى محبة الله وولاءه لا يتخذ من دون الله اولياء إذ لا يجتمع ولاية الحق وولاية الخلق ومن كفر بنعمة الولاء واتخذ من دون الله اولياء فله جهنم البعد والقطيعة ابدا وقد قال بعض المحققين أبت المحبة ان تستعمل محبا لغير محبوبه وحب الله تعالى قطب تدور عليه الخيرات واصل جامع لانواع الكرامات وعلامته الجريان على موجب الأمر والنهى كما قال بعضهم نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك فالذين كفروا أضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وعبدوا المعدوم وهو ما سوى الله الملك العلام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام فلا جرم جعل الله لهم جهنم نزلا وشر مقام واما المؤمنين فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات وما عبدوا غير الموجود الحقيقي فى وقت من الأوقات فلا جرم احسن الله إليهم بالدرجات العاليات فالخلاص والنجاة فى التوجه الى الله رفيع الدرجات- حكى- انه كان ملك مشرك جبار فأخذه المسلمون فجعلوه فى قمقمة ووضعوها فى نار شديدة فاسلم وتضرع الى الله تعالى فامطرت السماء فخرجت ريح شديدة والقتها فى مملكة فرآها اهل تلك المملكة وسألوه فقال انا الملك الفلاني فلما أسلمت وتضرعت الى الله خلصنى من الشدة فاسلم اهل تلك المملكة لمارأوا عظم قدرة

[سورة الكهف (18) : الآيات 103 إلى 105]

الله تعالى وشاهدوا شواهد توحيده والحمد لله تعالى قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ نخبركم انا ومن تبعني من المؤمنين ايها الكفرة بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا نصب على التمييز والجمع للايذان بتنوعها اى بالقوم الذين هم أشد الخلق وأعظمهم خسرانا فيما عملوا. وبالفارسية [بر زيانكار ترين مردمان از روى كردارها] قال فى الإرشاد هذا بيان حال الكفرة باعتبار ما صدر عنهم من الأعمال الحسنة فى أنفسها من صلة الرحم واطعام الفقراء وعتق الرقاب ونحوها وفى حسبانهم ايضا حيث كانوا معجبين بها واثقين بنيل ثوابها ومشاهدة آثارها غب بيان حالهم باعتبار أعمالهم السيئة فى أنفسها مع كونها حسنة فى حسبانهم الَّذِينَ كأنه قيل منهم فقيل هم الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فى اقامة الأعمال الحسنة فى أنفسها اى ضاع وبطل بالكلية. وبالفارسية [كم شد وضائع كشت شتافتن ايشان بعملهاى نيكو نماى] فِي الْحَياةِ الدُّنْيا متعلق بالسعي لا بالضلال لان بطلان سعيهم غير مختص بالدنيا وَهُمْ اى ضل والحال انهم يَحْسَبُونَ يظنون أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً يعنى يعملون عملا ينفعهم فى الآخرة. وبالفارسية [وايشان مى پندارند آنكه ايشان نيكويى ميكنند كار را] والإحسان الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي اى يحسبون انهم يعملون ذلك على الوجه اللائق وذلك لاعجابهم بأعمالهم التي سعوا فى إقامتها وكابدوا فى تحصيلها وفى الآية اشارة الى اهل الأهواء والبدع واهل الرياء والسمعة فان اليسير من الرياء شرك وان الشرك محبط الأعمال كقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وان هؤلاء القوم يبتدعون فى العقائد ويراؤون بالأعمال فلا يعود وبال البدعة والرياء الا إليهم والحاصل ان العمل المقارن بالكفر باطل وان كان طاعة وكذا العمل المقارن بالشرك الخفي وإذا كان ما هو طاعة مردودا لمجاورته المنافى فماظنك بما هو معصية فى نفسه وهو يظنه طاعة فيأتى به فمثل اهل الرياء والسمعة والبدعة وطالب المنة والشكر من الخلق على معروفه وكذا الرهبان الذين حبسوا أنفسهم فى الصوامع وحملوها على الرياضات الشاقة ليسوا على شىء كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را بنايد كليد وعن على رضى الله عنه هم اهل حروراء قرية بالكوفة وهم الخوارج الذين قاتلهم على ابن ابى طالب رضى الله كما فى التكملة. والخوارج قوم من زهاد الكوفة خرجوا عن إطاعة على رضى الله عنه عند رضاه بالتحكيم بينه وبين معاوية قالوا كفر بالتحكيم ان الحكم الا لله وكانوا اثنى عشر الف رجل اجتمعوا ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج إليهم على رضى الله عنه ورام رجوعهم فابوا الا القتال فقاتلهم بالنهروان فقتلهم واستأصلهم ولم ينج منهم الا القليل وهم الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم (يخرج قوم فى أمتي يحقر أحدكم صلاته فى جنب صلاتهم وصومه فى جنب صومهم ولكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم) وقال عليه السلام (الخوارج كلاب النار) كذا فى شرح الطريقة أُولئِكَ

[سورة الكهف (18) : الآيات 106 إلى 110]

المنعوتون بما ذكر من ضلال السعى مع الحسبان المزبور الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ بدلائله الداعية الى التوحيد عقلا ونقلا وَلِقائِهِ بالبعث وما يتبعه من امور الآخرة على ما هى عليه فَحَبِطَتْ بطلت بذلك أَعْمالُهُمْ المعهودة حبوطا كليا فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لاولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال وَزْناً اى فنزدرى بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا [بلكه خوار ومبتذل خواهند بود] لان مداره الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع واما ما هو من اجزية الكفر فسيجيئ بعد ذلك وفى الحديث (يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) اى لا يوضع له قدر لخساسته وكفره وعجبه (اقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) اى لا نضع لاجل وزن أعمالهم ميزانا لانه انما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز به مقادير الطاعات والمعاصي ليترتب عليه التكفير او عدمه لان ذلك فى الموحدين بطريق الكمية واما الكفر فاحباط للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا وفى التأويلات النجمية لان وزن الاشخاص والأعمال فى ميزان القيامة انما يكون بحسب الصدق والإخلاص فمن زاد إخلاصه زاد ثقل وزنه ومن لم يكن فيه وفى اعماله اخلاص لم يكن له ولا لعمله وزن ومقدار كما قال الله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ اى بلا اخلاص فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً فلا يكون للهباء المنثور وزن ولا قيمة ذلِكَ اى الأمر ذلك وقوله تعالى جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً يعنى بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب ايمانهم وإقرارهم به واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الالهية ورسل الله وأنبياءه سخرية واستهزاء من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة يعنى انهم بالغوا فى الاستهزاء بآيات الله ورسله فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء او المعنى مهزوا بهما او مكان هزء واعلم ان العلماء ورثة الأنبياء وعلومهم مستنبطة من علومهم فكما ان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين فى علومهم وأعمالهم كذلك المستهزءون بهم ورثة ابى جهل وعقبة ونحوهما فى استهزائهم وضلالهم ومن استهزاء ابى جهل بالنبي صلى الله عليه وسلم انه كان يخلج بانفه وفمه خلف رسول الله يسخر به فاطلع عليه عليه السلام يوما فقال (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات. ومن استهزاء عقبة به عليه السلام انه بصق يوما فى وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا وفى حقه نزل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ اى فى النار يأكل احدى يديه الى المرفق ثم يأكل الاخرى فتنبت الاولى فيأكلها وهكذا كذا فى انسان العيون وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه) كما فى الطريقة اللهم اجعلنا من اهل الجد لا من اهل الهزل ووفقنا للعمل بما فى القرآن الجزل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأعمال وهى ما كانت خالصة لوجه الله تعالى كانَتْ لَهُمْ فى علم الله تعالى جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ [بهشتهاى فردوس يعنى بوستانهاى مشتمل بر أشجار كه

[سورة الكهف (18) : آية 108]

اكثر آن تاك بود] قال فى القاموس الفردوس البستان يجمع كل ما يكون فى البساتين يكون فيه الكروم وقد يؤنث عربية أو رومية نقلت او سريانية انتهى نُزُلًا خبر كانت والجار والمجرور متعلق بمحذوف على انه حال من نزلا والنزل المنزل وما هيئ للضيف النازل اى كانت جنات الفردوس منازل مهيأة لهم او ثمار جنات الفردوس نزلا او جعلت نفس الجنات نزلا مبالغة فى إكرام وفيه إيذان بانها عند ما أعدها الله لهم على ما جرى على لسان النبوة من قوله (اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) بمنزلة النزل بالنسبة الى الضيافة قال الكاشفى هى دولة اللقاء: قال الحافظ نعمت فردوس زاهد را وما را روى دوست ... قيمت هر كس بقدر همت والاى اوست وفى المثنوى هشت جنت هفت دوزخ پيش من ... هست پيدا همچوبت پيش شمن ومن هنا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره لو عذ بنى الله يوم القيامة لشغلنى بالجنة ونعيمها فلا جنة أعلى من جنة اللقاء والوصال ولا نار أشد من نار الهجران والفراق روز شب غصه وخون ميخورم و چون نخورم ... چون ز ديدار تو دورم بچهـ باشم دلشاد خالِدِينَ فِيها حال مقدرة اى مقدرين الخلود فى تلك الجنات لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا مصدر كالصغر والجملة حال من صاحب خالدين اى لا يطلبون تحولا وانتقالا عنها الى غيرها كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه الى دار إذ لا مزيد عليها وفيها كل المطالب قال الامام وهذا الوصف يدل على غاية الكمال لان الإنسان فى الدنيا إذا وصل الى أي درجة كانت فى السعادة فهو طامح الطرف الى ما هو أعلى منها ويجور ان يراد نفى التحول وتأكيد الخلود كما فى تفسير الشيخ وهذا كناية عن التخليد وقال المراد بالفردوس ربوه خضراء فى الجنة أعلاها وأحسنها يقال لها سرة الجنة وفى الحديث (الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس أعلاها فيها تتفجر الأنهار الاربعة وفوقها عرش الرحمن فاذا سألتم الله فاسألوا الفردوس) وفى الحديث (جنات الفردوس اربع جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما فضة وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ذهب) [ودر تبيان آورده كه خداى تعالى فردوس را بيد قدرت خود آفريده وبمقدار هر روز از روزهاى دنيا پنجاه كرت بدو نظر كرده وميفرمايد كه «از دادى طيبا وحسنا لاوليائى» افزون ساز حسن جمال وتازگى و پاكى خود را براى دوستان من] وفى بعض الروايات (يفتحها كل يوم خمس مرات) يقول الفقير التوفيق بين الروايتين ان الاولى من مقام التفصيل والثانية من مقام الإجمال إذ المقصود ازدياد حسنها وطيبها كلما ادى الصلوات الخمس وهى فى الأصل خمسون صلاة كما سبق فى بحث المعراج وفى الحديث (ان الله غرس الفردوس بيده ثم قال وعزتى وجلالى لا يدخلها مدمن خمر ولا ديوث) قيل ما الديوث يا رسول الله قال (الذي يرضى الفواحش لاهله) كما فى تفسير الحدادي وقال فى بحر العلوم قال عليه السلام (ان الله كبس عرصة جنة الفردوس بيده ثم بناها لبنة من ذهب مصفى ولبنة من مسك مذرى وغرس فيها من طيب الفاكهة وطيب الريحان وفجر

[سورة الكهف (18) : آية 109]

فيها أنهارها ثم اوفى ربنا على العرش فنظر إليها فقال وعزتى لا يدخلك مد من خمر ولا مصر على زنى) يقول الفقير ان قلت فعلى ما ذكر من أوصاف الفردوس يكون مقام المقربين فكيف يترتب جزاء الخاصة على العامة قلت يؤول العنوان بمن جمع بين الايمان والعمل على وجه الكمال وهو بان آمن ايمانا عيانيا بعد ما آمن برهانيا وعمل بإخلاص الباطن وشرائط الظاهر على وفق الشريعة وقانون الطريقة فيدخل فيه الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر على ما فسر كعب فان الدلالة على الخير والمنع من الشر من فواضل الأعمال وخواص الرجال. ويدل على ما ذكرنا ما قبل الآية من قوله تعالى فى حق الكفار أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فان المراد بيان المؤمنين المتصفين باضداد ما اتصفوا به والايمان باللقاء اى الرؤية والمشهود بعد الايمان بالآيات والشاهد وهو بالترقي من العلم والغيب والآثار الى العين والشهادة والأنوار ويدل عليه ما بعد الآية ايضا من قوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا الى آخره فافهم وهكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال نسأل الله الفردوس بل وتجلى جماله والاحتظاظ بكاسات وصاله: قال الحافظ كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست ... أسير عشق تو از هر دو كون آزادست قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ [بگو اگر باشد درياى محيط كه شامل ارضست] كذا فى تفسير الكاشفى وقال غيره يريد الجنس يعنى لو كان ماء جنس البحر مِداداً نقسا وحبرا والثلاثة بمعنى ما يكتب به نزلت حين قال حيى بن اخطب فى كتابكم وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ثم تقرءون وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا كأنه يشير الى ان التوراة خير كثير فكيف يخاطب أهلها بهذا الخطاب يعنى ان ذلك خير كثير بالنسبة إلينا ولكنه قطرة من بحر كلمات الله علمها از بحر علمش قطره ... اين چوخورشيدست وآنها ذره كر كسى در علم صد لقمان بود ... پيش علم كاملش نادان بود لانه لو كان ماء البحر مدادا لِكَلِماتِ رَبِّي لكلمات علمه وحكمته يعنى لمعلوماته وحكمه فتكتب من ماء البحر كما تكتب من المداد والبحر قال فى تفسير الجلالين لِكَلِماتِ رَبِّي اى لكتابتها وهى حكمه وعجائبه والكلمات هى العبارات عنها انتهى لَنَفِدَ الْبَحْرُ يعنى ماء جنس البحر باسره مع كثرته ولم يبق فيه شىء لان كل جسم متناه قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي اى من غير ان تفنى معلوماته وحكمه فانها غير متناهية لا تنفد كعلمه فلا دلالة للكلام على نفادها بعد نفاد البحر وانما اختار جمع القلة على الكثرة وهى الكلم تنبيها على ان ذلك لا يقابل بالقليل فكيف بالكثير كما فى بحر العلوم وقال ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة ما معنى قوله كلمات ربى فذكر بلفظ الجمع وكلمته واحدة صفة له والجواب قيل معانى كلمات ربى فلا نهاية لها لان متعلقات الصفات القديمة غير متناهية والفلاسفة يحملون كل كلمة جاءت فى القرآن على الروح ويقولون بان الروح الانسانية قديمة منه بدت واليه تعود. ورأيت فى كلمات بعض المعاصرين الذين يدعون التحقيق فى الكلام ويحومون

حول هذا الحمى إظهارا من نفوسهم التفطن فى الشطح ولكن تارة يعرض بها وتارة يصرح بذلك وإياكم ثم إياكم والاغترار بها فانها من أوائل حكم الفلسفة وأوائل- العلوم مسوقة ولكنها عند البحث فلما تعود بطائل يتروج وهو مطوى ويهجر وهو منشور انتهى وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ بمثل البحر الموجود يعنى بمائة وقال الكاشفى [واگر نيز بياريم مثل درياى محيط] مَدَداً تمييز اى زيادة ومعونة اى لنفد ايضا والكلمات غير نافدة لعدم نناهيها فحذف جزاء الثاني لدلالة الاول عليه ويجوز ان يكون التقدير ولو جئنا بمثله مددا ما نفدت كلمات الله وهو احسن لكونه أوفق بقوله وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ ولانه يدل به على تحقق نفاد البحر وعدم تحقق نفاد الكلمات صريحا فيكفى مؤنة كثيرة من الكلام كما فى بحر العلوم قال فى الإرشاد قوله وَلَوْ جِئْنا كلام من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن يجئ به لتحقيق مضمونه وتصديق مدلوله والواو لعطف الجملة على نظيرتها اى لنفد البحر من غير نفاد كلماته تعالى لو لم يجئ بمثله مددا ولو جئنا بقدرتنا القاهرة بمثله عونا وزيادة لان مجموع المتناهيين متناه بل مجموع ما يدخل تحت الوجود من الأجسام لا يكون الا متناهيا لقيام الادلة القاطعة على تناهى الابعاد قال الامام قولنا الله تعالى قادر على مقدورات غير متناهية مع قولنا ان حدوث ما لا نهاية له محال معناه ان قادرية الله تعالى لا تتهى الى حد الا ويصح منه الإيجاد بعد ذلك انتهى اى فلا يلزم منه عدم تناهى الممكنات قال شيخى وسندى قدس الله سره فى بعض تحريراته قوله كلمات علمه وحكمته الظاهر ان المراد الكلمات التي يعبر بها عن معلومات الله تعالى وما يتعلق به حكمته فكلمة قبل على المجاز عن نفاد البحر دون ان يكون لها تحقق النفاد اى ينفد البحر ولا يتحقق لكلمات الرب نفاد فان قلت انما يتم ما ذكرتم إذا كانت الكلمات هى المعلومات المحكومة والمقدورة كالممكنات والممتنعات فكيف يتم ما ذكرتم إذ كل منهما مما ينفد ويتناهى فههنا إشكال لانه ان قيل انهما ليسا من المعلومات فيلزم انهما من غير المعلومات فيلزم على الباري تعالى ما هو المحال والمفقود فى حقه الا على من الجهل والغفلة فهو غير متصور فى شأنه العلى قلنا ان البحر إذا كان مدادا وكانت كل قطره منه قد عينت لان يكتب بها نفسها باعتبار كونها من الكلمات والمعلومات ينفد بكتابة نفسه وقطراته ولا يبقى منه شىء يكتب به ما عداه من الكلمات ولو جيئ بمثله مددا لان جميع المتناهي متناه فضلا عن نفاد الكلمات وتناهى المعلومات فانها غير متناهية لا تنفد او قلنا ان المراد مطلق المعلومات العام الشامل لكل ما يتعلق به علمه سواء كان ذات الباري تعالى وصفاته العليا وأسماءه الحسنى او غيره من الموجودات الممكنة والمعدومات الممتنعة فحينئذ يتم ما ذكرنا وان كان يرى فى صورة ما لا يتم ولا يصح باعتبار ان يكون من المعلومات ماله تناه ونفاد من الممكنات والممتنعات ثم ان فى اطلاق الكلمات على بعض ما يتعلق به علمه تعالى ما ليس فى اطلاق المعلومات عليه من الاشكال والخفاء كذات الباري تعالى وصفاته مع انهما من المعلومات المعبر عنها بالكلمات فيرى ان تفسير الكلمات بالمحكومات او بالمقدورات اولى منه بالمعلومات إذ فى اضافة الكلمات

[سورة الكهف (18) : آية 110]

الى الرب اشعار به واشارة اليه وتسمية الممكنات بالكلمات من تسمية المسبب باسم السبب لانها انما تكوّنت بكلمة كن كما قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ الآية ومحصل الكلام ان نفاد البحر وقوعا او فرضا امر ذاتى غير معلل مطلقا كان مدادا أم لا فان كل جسم متناه ونافد قطعا وعدم نفاد كلمات الرب لا وقوعا ولا فرضا امرا صلى غير معلل ازلا فانها غير متناهية ابدا ولا نافدة سرمدا انتهى كلام حضرة الشيخ روح الله روحه قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قل يا محمد ما انا الا آدمي مثلكم فى الصورة ومساويكم فى بعض الصفات البشرية يُوحى إِلَيَّ من ربى أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ما هو الا متفرد فى الالوهية لا نظير له فى ذاته ولا شريك له فى صفاته يعنى انا معترف ببشريتى ولكن الله من على من بينكم بالنبوة والرسالة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بنى آدم فى البشرية واستعداد الانسانية سواء النبي والولي والمؤمن والكافر والفرق بينهم بفضيلة الايمان والولاية والنبوة والوحى والمعرفة بان اله العالمين اله واحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد انتهى كما قال الشيخ سعدى ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست فَمَنْ كانَ يَرْجُوا شرط جزاؤه فليعمل. والمعنى بالفارسية [پس هر كه اميد ميدارد] لِقاءَ رَبِّهِ قال فى الإرشاد كان للاستمرار ولرجاء توقع وصول الخبر فى المستقبل والمراد بلقائه كرامته اى فمن استمره على رجاء كرامته تعالى وقال الامام أصحابنا حملوا لقاء الرب على رؤيته والمعتزلة على لقاء ثوابه يقال لقيه كرضيه راء كما فى القاموس فَلْيَعْمَلْ لتحصيل ذلك المطلوب العزيز عَمَلًا صالِحاً [كارى شايسته يعنى پسنديده خداى] قال الانطاكى من خلق المقام بين أيدي الله فليعمل عملا يصلح للعرض عليه والرجاء يكون بمعنى الخوف والأمل كما فى البغوي وقال ذو النون العمل الصالح هو الخالص من الرياء وقال ابو عبد الله القرشي العمل الصالح الذي ليس للنفس اليه التفات ولا به طلب ثواب وجزاء وقال فى التأويلات النجمية العمل الصالح متابعة النبي عليه السلام والتأسي بسنته ظاهرا وباطنا فاما سنة باطنه فالتبتل الى الله وقطع النظر عما سواه [يعنى ديده همت از ما سوى بر بستن وجز بشهود حضرت مولى ناكشودن] كما قال الله تعالى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى روى از همه برتافتم وسوى تو كردم ... چشم از همه بربستم وديدار تو ديدم وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [شريك نيارد وانباز نسازد بپرستش پروردگار خود يكى را] قال ابو البقاء اى فى عبادة ربه ويجوز ان يكون على بابه اى بسبب عبادة ربه انتهى وفى الإرشاد اشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا اشراكا خفيا كما يفعله اهل الرياء ومن يطلب به اجرا انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يقل ولا شرك به لانه أراد العمل الذي يعمله ويحب ان يحمد عليه وعن الحسن هذا فيمن أشرك بعمل يريد الله به والناس على ما روى ان جندب بن زهير رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انى لاعمل العمل لله فاذا اطلع عليه أحد سرنى فقال (ان الله لا يقبل ما شورك فيه) فنزلت تصد يقاله عليه السلام وروى انه قال له (لك أجران اجر السر واجر العلانية) وهذا على

حسب النية فاذا سره ظهوره ليقتدى به كما هو شأن الكاملين المخلصين المعرضين عما سوى الله او تنتفى عنه التهمة إذ كان ذلك من الواجبات فله أجران فاما إذا أراد به مجرد مدح الناس وانتشار الصيت والذكر فهو محض الرياء والشرك فيخفى المقتدى احترازا عن إفساد العمل وعن عبد الله بن غالب انه كان إذا أصبح يقول رزقنى الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا فاذا قيل له يا أبا فراس أمثلك يقول مثل هذا يقول قال الله تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأنتم تقولون لا تحدث بنعمة الله وانما يجوز مثله إذا قصد به اللطف وان يقتدى به غيره وأمن على نفسه الفتنة والستر اولى ولو لم يكن فيه الا التشبه باهل الرياء والسمعة لكفى كذا فى الكشاف فى سورة الضحى. والآية جامعة لخلاصتى العلم والعمل وهما التوحيد والإخلاص فى العمل: قال الشيخ سعدى قدس سره عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق ... كه در پوشى از بهر پندار خلق بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت قال فى بحر العلوم ان قلت ما معنى الرياء قلت العمل لغير الله بدليل قوله عليه السلام (ان أخوف ما أخاف على أمتي الا شراك بالله اما انى لا أقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا شجرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله تعالى) قال فى الأشباه ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى هذا إذا لم يجوّع نفسه إظهارا لاثره فى وجهه او لم يقل ولم يعرض به كما لا يخفى على ما روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من صلى صلاة يرائى بها فقد أشرك ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك) وقرأ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ الآية كما فى الحدادي وقس عليه التصدق والحج وسائر وجوه البر مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان كفتند مشرك وفى الحديث (انما حرم الله الجنة على كل مرائى) ليس البر فى حسن اللباس والزي ولكن البر المسكنة والوقار كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را نبايد كليد بنزديك من شب رو راهزن ... به از فاسق پارسا پيرهن وفى الحديث (إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك فى عمل عمله لله أحدا فليطلب ثواب عمله من عند غير الله فان الله اغنى الشركاء عن الشرك) ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار وفى الحديث (ان فى جهنم واديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي فى كل يوم مائة مرة أعد ذلك للمرائين) وفى الحديث (اتقوا الشرك الأصغر) قيل وما الشرك الأصغر قال (الريا) وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي فاياكم وشرك السرائر فان الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء) فشق على الناس فقال عليه السلام (أفلا أدلكم على ما يذهب

صغير الشرك وكبيره قولوا اللهم انى أعوذ بك من ان أشرك بك شيأ وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم) كذا فى عين المعاني- حكى- ان بعض الخلفاء أراد ان يتطهر فعدا غلمانه ليصبوا عليه الماء فصدهم عن ذلك وتلا هذه الآية وأظنه المرتضى على بن ابى طالب رضى الله عنه كذا فى الاسئلة المقحمة لابى القاسم الفزاري يقول الفقير كان المرتضى رضى الله عنه عمم الإشراك الى الرياء والاستعانة فى الوضوء ونحوه نظرا الى ظاهر النظم وذلك زيادة فى التقوى ونظيره ان الشافعي أوجب الوضوء من لمس المرأة باليد ونحوها نظرا الى اطلاق قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ وهو عمل بالعزيمة كما لا يخفى وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) رواه مسلم قال ابن ملك اللام فيه للعهد ويجوز ان تكون للجنس لان الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس وقد جاء فى الحديث (يكون فى آخر الزمان دجالون) فاهل الأهواء والبدع دجاجلة زمانهم والسر فى العصمة منه ان هذه الآيات العشر مشتملة على قصة اصحاب الكهف وهم لما التجئوا الى الله تعالى من شر دقيانوس الكافر أنجاهم الله منه فالمرجو منه تعالى ان يحفظ قارئها من الدجال ويثبته على الدين القويم وفى رواية للنسائى (من قرأ العشر الأواخر من من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه) رواه الحاكم وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه الى عنان السماء يضيئ له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين) وعن ابى سعيد (قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) رواه الدارمي فى مسنده موقوفا على ابى سعيد كذا فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى وفى تفسير التبيان روى عبد الله بن فردة رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون الف ملك حين نزلت ملأ عظمها ما بين السماء والأرض لتاليها مثل ذلك) قالوا بلى يا رسول الله قال (سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له الى يوم الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة ايام واعطى نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال) وفى تفسير الحدادي عن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فهو معصوم الى ثمانية ايام من كل فتنة تكون فيها ومن قرأ الآية التي فى آخرها حين يأخذ مضجعه كان له نور يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه وان كان مضجعه بمكة فتلاها كان له نور يتلألأ من مضجعه الى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه ويستغفرون له حتى يستيقظ) وفى تفسير البيضاوي عن النبي عليه السلام (من قرأ عند مضجعه قل انما انا بشر مثلكم كان له نور فى مضجعه يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ) وفى فتح القريب من قرأ عند ارادة النوم (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إلخ ثم قال اللهم أيقظني فى أحب الأوقات إليك واستعملني بأحب الأعمال إليك فانه سبحانه يوقظه

تفسير سورة مريم

ويكتبه من قوام الليل وقال ابن عباس رضى الله عنهما إذا أردت ان تقوم أية ساعة شئت من الليل فاقرأ إذا اخذت مضجعك قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً الآية فان الله يوقظك متى شئت من الليل وتكلموا فى القراءة فى الفراش مضطجعا قال فى الفتاوى الحمدية لا بأس للمصطجع بقراءة القرآن انتهى. والاولى ان لا يقرأ وهو اقرب الى التعظيم كما فى شرح الشرعة ليحيى الفقيه وعن ظهير الدين المرغينانى لا بأس للمضطجع بالقراءة مضطعجا إذا اخرج رأسه من اللحاف لانه يكون كاللبس والا فلا نقله قاضى خان وفى المحيط لا بأس بالقراءة إذا وضع جنبيه على الأرض لكن يضم رجليه الى نفسه انتهى نسأل الله تعالى ان يوقظنا من الغفلة قبل انقضاء الأعمار ويؤنسنا بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار تمت سورة الكهف والحمد لله تعالى يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر رمضان من سنة خمس ومائة والف تفسير سورة مريم ثمان او تسع وتسعون آية وهي مكية الا آية السجدة بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص اسم للسورة ومحله الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هذا كهيعص اى مسمى به وانما صحت الاشارة اليه مع عدم جريان ذكره لانه باعتبار كونه على جناح الذكر صار فى حكم الحاضر المشاهد كما يقال هذا ما اشترى فلان كذا فى الإرشاد وقال فى تفسير الشيخ قسم اقسم بالله تعالى او هى اسم من أسمائه الحسنى ويدل عليه ما قرأوا فى بعض الادعية من قولهم يا كهيعص يا حمعسق او انه مركب من حروف يشير كل منها الى صفة من صفاته العظمى. فالكاف من كريم وكبير. والهاء من هاد. والياء من رحيم. والعين من عليم وعظيم. والصاد من الصادق او معناه هو تعالى كاف لخلقه هاد لعباده يده فوق أيديهم عالم ببريته صادق فى وعده قال الكاشفى [در مواهب صوفيان از مواهب الهى كه بر حضرت شيخ ركن الدين علاء الدوله سمنانى قدس سره فرود آمده مذكور است كه حضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم سه صورتست يكى بشرى كقوله تعالى إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ دوم ملكى چنانكه فرموده است (لست كاحد أبيت عند ربى) ؟؟ سيوم؟؟ حقى كما قال (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) وازين روشنتر (من رآنى فقد رأى الحق) وحق سبحانه را با او در هر صورتى سخن بعبارتى ديكر واقع شده است در صورت بشرى كلمات مركبه چون قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ودر صورت ملكى حروف مفرده مانند كهيعص وأخواته ودر صورت حقى كلامى مبهم كه فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى در تنكناى حرف نكنجد بيان ذوق ... زان سوى حرف ونقطه حكايات ديكرست وفى التأويلات النجمية فى سورة البقرة يحتمل ان يكون الم وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات والمعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهم وقد واضعها الله تعالى مع نبيه عليه السلام فى وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على

[سورة مريم (19) : الآيات 2 إلى 4]

لسان جبريل باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى كهيعص فلما قال كاف قال النبي عليه السلام (علمت) فقال ها فقال (علمت) فقال يا فقال (علمت) فقال عين فقال (علمت) فقال صاد فقال (علمت) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم وفى اسئلة الحكم علوم القرآن ثلاثة علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم اسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وتفاصيل علوم غيوبه التي لا يعلمها الا هو وهذا لا يجوز لاحد الكلام فيه بوجه من الوجوه اجماعا. العلم الثاني ما اطلع عليه نبيه من اسرار الكتاب واختصه به وهذا لا يجوز الكلام فيه الا له عليه السلام او لمن اذن له وأوائل السور من هذا القسم وقيل من القسم الاول. العلم الثالث علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجليلة والخفية وامره بتعليمها ذِكْرُ اى هذا المتلو ذكر رَحْمَتِ رَبِّكَ ذكر مضاف الى مفعوله عَبْدَهُ مفعول رحمة زَكَرِيَّا بدل منه وهو زكريا يمد ويقصر ابن آزر قال الكاشفى [واو از أولاد رجعيم بن سليمان بن داود عليهم السلام بوده پيغمبر عاليشان ومهتر أحبار بيت المقدس وصاحب قربان] قال الامام زكريا من ولد هارون أخي موسى وهما من ولد لاوى بن يعقوب بن إسحاق إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ظرف لرحمة ربك. والمعنى بالفارسية [چون ندا كرد وبخواند پروردگار خود را در محراب بيت المقدس بعد از تقريب قربان وخواندن پنهان] ولقد راعى عليه السلام حسن الأدب فى دعائه فانه مع كونه بالنسبة اليه تعالى كالجهر ادخل فى الإخلاص وابعد من الرياء واقرب الى الخلاص من غائلة مواليه الذين كان يخافهم فانه إذا أخفى لم يطلعوا عليه ومن لوم الناس على طلب الولد لتوقفه على مبادى لا يليق به تعاطيها وقت الكبر والشيخوخة وكان سنه وقتئذ تسعا وتسعين على ما اختاره الكاشفى فان قلت شرط النداء الجهر فكيف يكون خفيا قلت دعا فى الصلاة فاخفاه يقول الفقير النداء وان كان بمعنى الصوت لكن الصوت قد يتصف بالضعف ويقال صوت خفى وهو الهمس فكذا النداء وقد صح عن الفقهاء ان بعض المخافتة يعد من ادنى مراتب الجهر وتفصيله فى تفسير الفاتحة للفنارى ولى فيه وجه خفى لاح عند المطالعة وهو ان النداء الخفي عند الخواص كالذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة فضلا عن الناس لا يخفض به الصوت والوجه فى عبارة النداء الاشارة الى شدة الإقبال والتوجه فى الأمر المتوجه اليه كما هو شان الأنبياء ومن له بهم أسوة حسنة من كمل الأولياء قالَ استئناف وقع بيانا للنداء رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي الوهن الضعف وانما أسنده الى العظم وهو بالفارسية [استخوان] لانه عماد بيت البدن فاذا أصابه الضعف مع صلابته وقلة تأثره من العلل أصاب سائر الاجزاء قال قتادة اشتكى سقوط الأضراس كما فى البغوي وافراده للقصد الى جنس المنبئ عن شمول الوهن لكل فرد من افراده ولو جمع لخرج بعض العظام عن الوهن. ومنى متعلق بمحذوف وهو حال من العظم وهو تفصيل بعد الإجمال لزيادة التقرير لان العظم من حيث انه يصدق على عظمه يفيد نسبته اليه اجمالا

[سورة مريم (19) : آية 5]

وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ منى حذف اكتفاء بما سبق شَيْباً شبه الشيب فى بياضه وانارته بشواظ النار وانتشاره فى الشعر ومنبته مبالغة واشعارا لشمول الشيب جملة الرأس حتى لم يبق من السواد شىء وجعل الشيب تمييزا إيضاحا للمقصود والأصل اشتعل شيب رأسى فوزانه بالنسبة الى الأصل وزان اشتعل بيته نارا بالنسبة الى اشتعل النار فى بيته: قال الشيخ سعدى چوشيبت در آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بر كن ز خواب من آن روز از خود بريدم اميد ... كه افتادم اندر سياهى سفيد چودوران عمر از چهل در كذشت ... مزن دست و پاكآب از سر كذشت دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ولم أكن بدعائى إياك خائبا فى وقت من اوقات هذا العمر الطويل بل كلما دعوتك استجبت لى وهذا توسل منه بما سلف من الاستجابة عند كل دعوة اثر تمهيد ما يستدعى الرحمة ويستجلب الرأفة من كبر السن وضعف الحال فانه تعالى بعد ما عوّد عبده بالاجابة دهرا طويلا لا يخيبه ابدا لا سيما عند اضطرار وشدة افتقار- روى- ان محتاجا قال لبعضهم انا الذي أحسنت الى وقت كذا فقال مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته ووجهه ان الرد بعد القبول يحبط الانعام الاول والمنعم لا يسعى فيه وكأنه يقول مارددتنى حين ما كنت قوى القلب والبدن غير متعود بلطفك فلورددتنى الآن بعد ما عودتنى القبول مع نهاية ضعفى لتضاعف الم قلبى وهلكته يقال سعد بحاجته إذا ظفر بها وشقى بها إذا خاب كذا فى تفسير الامام ثم بين ان ما يريده منتفع به فى الدين فقال وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي اى بعد موتى فلا بد لى من الخلف وهو متعلق بمحذوف ينساق اليه الذهن اى جور الموالي لا بخفت لفساد المعنى والجملة عطف على قوله انى وهن مترتب مضمونه على مضمونها فان ضعف القوى وكبر السن من مبادى خوفه من يلى امره بعد موته ومواليه بنوا عمه وكانوا شرار بنى إسرائيل فخاف ان لا يحسنوا خلافته فى أمته ويبدلوا عليهم دينهم قال فى القاموس المولى المالك والعبد والمعتق والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر انتهى وَكانَتِ امْرَأَتِي هى ايشاع بنت فاقوذ بن فيل وهى اخت جنة بنت فاقوذ قال الطبري وحنة هى أم مريم وقال القتيبي امرأة زكريا هى ايشاع بنت عمران فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى على الحقيقة وعلى القول الآخر يكون ابن خالة امه وفى حديث الاسراء (فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى) وهذا شاهد للقول الاول قاله الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام عاقِراً اى لا تلد من حين شبابها فان العاقر من الرجال والنساء من لا يولد له ولد وكان سنها حينئذ ثمانى وتسعين على ما اختاره الكاشفى فَهَبْ [پس ببخش] لِي مِنْ لَدُنْكَ كلا الجارين متعلق بهب لاختلاف معنييهما فاللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازا ولدن فى الأصل ظرف بمعنى أول غاية زمان او مكان او غيرهما من الذوات اى أعطني

[سورة مريم (19) : الآيات 6 إلى 10]

من محض فضلك الواسع وقدرتك بطريق الاختراع لا بواسطة الأسباب العادية فانى وامرأتى لا نصلح للولادة وَلِيًّا ولدا من صلبى يلى امر الدين بعدي كما قال يَرِثُنِي صفة لوليا اى يرثنى من حيث العلم والدين والنبوة فان الأنبياء لا يورثون المال كما قال عليه السلام (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) فان قلت وقد وصف الولي بالوراثة ولم يستجب له فى ذلك فان يحيى خرج من الدنيا قبل زكريا على ما هو المشهور قلت الأنبياء وان كانوا مستجابى الدعوة لكنهم ليسوا كذلك فى جميع الدعوات حسبما تقتضيه المشيئة الالهية المبنية على الحكم البالغة ألا يرى الى دعوة ابراهيم عليه السلام فى حق أبيه والى دعوة النبي عليه السلام حيث قال (وسألته ان لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعتها) وقد كان من قضائه تعالى ان يهبه يحيى نبيا مرضيا ولا يرثه فاستجيب دعاؤه فى الاول دون الثاني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ابن إسحاق ابن ابراهيم الملك يقال ورثه وورث منه لغتان. وآل الرجل خاصة الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وقال الكلبي ومقاتل هو يعقوب بن ماثان أخو عمران ابن ماثان من نسل سليمان عليه السلام ابو مريم وكان آل يعقوب أخوال يحيى بن زكريا قال الكلبي كان بنوا ماثان رؤس بنى إسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذ فاراد ان يرث ولده حبورته ويرث من بنى ماثان ملكهم وَاجْعَلْهُ اى الولد الموهوب رَبِّ رَضِيًّا مرضيا عندك قولا وفعلا وتوسيط رب بين مفعولى الجعل كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الاجابة بالمبالغة فى التضرع ولذلك قيل إذا أراد العبد ان يستجاب له دعاؤه فليدع الله بما يناسبه من أسمائه وصفاته واعلم ان الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته كلا او بعضا كما وقع لزكريا هم ز أول تو دهى ميل دعا ... تو دهى آخر دعاها را جزا «1» ترس وعشق تو كمند لطف ماست ... زير هر يا رب تو لبيكهاست «2» وفى الحديث (من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة) وذلك لان فى الدعاء اظهار الذلة والافتقار وليس شىء أحب الى الله من هذا الإظهار ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادات ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار ولذا قال عند دخوله عالم الحقيقة چارچيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام وعن بعض اهل المعرفة نعم السلاح الدعاء ونعم المطية الوفاء ونعم الشفيع البكاء كما فى خالصة الحقائق ثم ان الدعاء اما للدين او للدنيا والاول مطمح نظر الكمل ألا ترى ان زكريا طلب من الله ان يكون من ذريته من يرث العلم الذي هو خير من ميراث المال لان نظام العالم فى العلم والعمل والصلاح والتقوى والعدل والانصاف وفيه اشارة الى انه لا بد للكامل من مرآة يظهر فيها كمالاته ألا ترى ان الله تعالى خلق العوالم وبث فيها أسماءه الحسنى وجعل الإنسان الكامل فى كل عصر مجلى أنواره ومظهر أسراره فمن أراد الوصول الى الله تعالى فليصل الى الإنسان الكامل فعليك بطلب خير الاول ليحيى به ذكرك الى يوم التناد ومن الله رب العباد الفيض والامداد والتوفيق

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در خواستن قبطى دعاى خير وهدايت إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله كفتن نيازمند عين لبيك كفتن خواست

[سورة مريم (19) : الآيات 7 إلى 8]

لاسباب الوصول الى المراد يا زَكَرِيَّا على ارادة القول اى قال تعالى على لسان الملك يا زكريا كما قال فى سورة آل عمران فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى إِنَّا نُبَشِّرُكَ [ما بشارت ميدهيم ترا] والبشارة بكسر الباء الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [همنام] اى شريكا له فى الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى وهو شاهد بان التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى وإياها كانت العرب تعنى لكونها أنبه وانوه وانزه عن النبز [در زاد المسير فرموده كه وجه فضيلت نه از ان رويست كه پيش از وكسى مسمى بدين اسم نبوده چهـ بسيار آدمي بدين وجه يافت شود كه پيش از ومسمى نبوده باشد پس فضيلت آنست كه حق سبحانه وتعالى بخود تولى تسميه او نموده به پدر ومادر حواله نكرد] كما ان زينب أم المؤمنين رضى الله عنها زوجها الله بالذات حبيبه عليه السلام حيث قال فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ولذا كانت تفتخر بهذا على سائر الأزواج المطهرة [وامام ثعلبى آورده كه ذكر قبل از ان فرمود كه بعد ازو كسى ظهور خواهد كرد كه او را بچندين اسم خاص اختصاص دهد واسم سامى او را از نام همايون فرجام خود مشتق سازد] كما قال حسان رضى الله عنه وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد اى خواجه كه عاقبت كار امتست ... محمود از ان شدست كه نامت محمد است والا ظهر ان يحيى اسم أعجمي وان كان عربيا فهو منقول عن الفعل كيعمر ويعيش قيل سمى به لانه حيى به رحم امه او حيى دين الله بدعوته او حيى بالعلم والحكمة التي أوتيها. وفيه اشارة الى ان من لم يحيه الله بنوره وعلمه فهو ميت او حيى به ذكر زكريا كما ان آدم حيى ذكره بشيث ونوحا حيى ذكره بسام وكذا الأنبياء الباقون ولكن ما جمع الله لاحد من الأنبياء فى ولده قبل ولادة يحيى بين الاسم العلم الواقع منه تعالى وبين الصفة الحاصلة فى ذلك النبي الا لزكريا عناية منه اليه وهذه العناية انما تعلقت به إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا فقدم الحق تعالى حيث كنى عنه بكاف الخطاب على ذكر ولده حين عبر عنه بالولى فاكرمه الله بان وهبه ولياطلبه وسماه بما يدل على صفة زكريا وهو حياة ذكره كذا قال الشيخ الأكبر قدس سره قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان اسمه فى الكتاب الاولى حيا وكان اسم سارة زوجة ابراهيم يسارة وتفسيرها بالعربية لا تلد فلما بشرت بإسحاق قيل لها سارة سماها بذلك جبريل فقالت يا ابراهيم لم نقص من اسمى حرف فقال ذلك ابراهيم لجبرائيل عليه السلام فقال ان ذلك الحرف قد زيد فى اسم ابن لها من أفضل الأنبياء واسمه حيا وسمى يحيى ذكره النقاش قالَ استئناف مبنى على السؤال كأنه فماذا قال زكريا حينئذ فقيل قال رَبِّ ناداه تعالى بالذات مع وصول خطابه تعالى اليه بتوسط الملك للمبالغة فى التضرع والمناجاة والجد فى التبتل اليه تعالى والاحتراز عما عسى يوهم خطابه للملك من توهم ان علمه بما صدر عنه متوقف على توسطه كما ان علم البشر بما يصدر عنه سبحانه متوقف على ذلك فى عامة الأوقات أَنَّى [چكونه] يَكُونُ لِي غُلامٌ اى كيف او من اين يحدث لى غلام وَالحال انه قد كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً

[سورة مريم (19) : الآيات 9 إلى 10]

لم تلد فى شبابها وشبابى فكيف وهى عجوز الآن وَقَدْ بَلَغْتُ انا مِنَ الْكِبَرِ من أجل كبر السن عِتِيًّا يبوسة وجفافا كالعود اليابس من قولهم عتا العود إذا يبس وعتا الشيخ إذا كبر وهرم وولى ويقال لكل شىء انتهى قد عتا وانما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافا بان المؤثر فيه كمال قدرته وان الوسائط عند التحقيق ملغاة فانى استعجاب واستبعاد من حيث العبادة لا من حيث القدرة قال الامام فان قيل لم تعجب زكريا بقوله أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ مع انه طلبه قلنا تعجب من ان يجعلهما شابين ثم يرزقها الولد او يتركهما شيخين ويلدان مع الشيخوخة يدل عليه قوله تعالى رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ اى أعدنا له قوة الولادة انتهى وفى الاسئلة المقحمة أراد من التي يكون منه هذا الولد أمن هذه المرة وهى عاقر أم من امرأة اخرى أتزوج بها او مملوكة قالَ الملك المبلغ للبشارة كَذلِكَ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [همچنين است كه تو كفتى از پيرى وضعف اما] قالَ رَبُّكَ هُوَ [اين كار كه آفريدن فرزند است درين سن ازين دو شخص] مع بعده فى نفسه عَلَيَّ [بر قدت من خاصة] هَيِّنٌ [آسانست] أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع وافتق رحم امرأتك بالولد كما فى تفسير الجلالين والكاشفى وقال فى الإرشاد الكاف فى كذلك مقحمة كما فى مثلك لا يبخل فمحلها النصب على انه مصدر تشبيهى لقال الثاني وذلك اشارة الى مصدره الذي هو عبارة عن الوعد السابق لا الى قول آخر شبه هذا به وقوله هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ جملة مقررة للوعد المذكور دالة على إنجازه داخلة فى حيز قال الاول كأنه قيل قال الله مثل ذلك القول البديع قلت اى مثل ذلك الوعد الخارق للعادة وعدت هو علىّ خاصة هين وان كان فى العادة مستحيلا ويجوز ان يكون محل الكاف فى كذلك الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وذلك اشارة الى ما تقدم من وعد تعالى اى قال عز وعلا امر كما وعدت وهو واقع لا محالة وقوله قالَ رَبُّكَ استئناف مقرر لمضمونه وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ من قبل يحيى فى تضاعيف خلق آدم وَلَمْ تَكُ إذ ذاك شَيْئاً أصلا بل عدما صرفا فخلق يحيى من البشرين أهون من خلقك مفردا والمراد خلق آدم لانه أنموذج مشتمل على جميع الذرية قال الامام وجه الاستدلال بقوله تعالى وَقَدْ خَلَقْتُكَ إلخ ان خلقه من العدم الصرف خلق للذات والصفات وخلق الولد من شيخين لا يحتاج الا الى تبديل الصفات والقادر على خلق للذات والصفات اولى ان يقدر على تبديل الصفات انتهى قال فى بحر العلوم ولفظ الشيء عندنا يختص بالموجود وبالعكس ونفى كون الشيء تقرير لعدمه فالآية دليل على ان المعدوم ليس بشئ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً الجعل ابداعى وقيل بمعنى التصيير اى علامة على وقوع الحبل لا تلقى تلك النعمة الجليلة بالشكر من حين حدوثها وهذا السؤال ينبغى ان يكون بعد ما مضى بعد البشارة برهة من الزمان لما روى ان يحيى كان اكبر من عيسى بستة أشهر او بثلاث سنين ولا ريب فى ان دعا زكرياء كان فى صغر مريم لقوله تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ وهى انما ولدت عيسى وهى بنت عشر سنين او ثلاث عشرة سنة كذا فى الإرشاد والاسئلة المقحمة قالَ الله تعالى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى ان لا تقدر على ان تكلمهم بكلام الناس

[سورة مريم (19) : الآيات 11 إلى 15]

مع القدرة على الذكر والتسبيح كما هو المفهوم من تخصيص الناس ثَلاثَ لَيالٍ مع ايامهن للتصريح بها فى سورة آل عمران سَوِيًّا حال من فاعل تكلم مفيد لكون انتفاء التكلم بطريق الاضطرار دون الاختيار اى تمنع الكلام فلا تطيق به حال كونك سوى الخلق سليم الجوارح ما بك شائبة بكم ولا خرس قالوا رجع تلك الليلة الى امرأته فقربها ووقع الولد فى رحمها فلما أصبح امتنع عليه الكلام الناس فَخَرَجَ صبيحة حمل امرأته عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا إذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى اومأ إليهم لقوله تعالى إِلَّا رَمْزاً أَنْ سَبِّحُوا ان اما مفسرة لا وحي او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا بُكْرَةً هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى وَعَشِيًّا هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الإرشاد يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شىء قدير وقد ورد فى الاذكار (لكل اعجوبة سبحان الله) وفى التأويلات النجمية فى قوله يا زَكَرِيَّا الى بُكْرَةً وَعَشِيًّا اشارة الى بشارات منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاجا الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبي عليه السلام وفى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى أحد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وفى قوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الو الدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشيء من الشيء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ومن القدرة انه تعالى يخلق الشيء من لا شىء فقال أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ اى أمن السنة أم من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله قالَ كَذلِكَ اى الأمر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت أرد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شىء بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيأ اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شىء بامر كن ولهذا قال تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وهو أول مقدور تعلقت القدرة به: وفى المثنوى آب از جوشش همى كردد هوا ... وان هوا كردد ز سردى آبها «1» بلكه بي اسباب بيرون زين حكم ... آب رويانيد تكوين از عدم تو ز طفلى چون سببها ديده ... در سبب از جهل بر چفسيده يا يَحْيى على ارادة القول اى ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى قال الكاشفى [القصة سه

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان قصه فرياد رسيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاروان عرب إلخ

[سورة مريم (19) : الآيات 13 إلى 14]

روز بدين منوال كذشت پس بحال خود آمد ويحيى عليه السلام بعد از مضى مدت حمل متولد شد ودر كودكى پلاس پوشيده با أحبار در عبادت بطريق رياضت موافقت مى نمود تا وقتى كه وحي بدو فرود آمد واز حق سبحانه وتعالى خطاب رسيد كه يا يحيى] خُذِ الْكِتابَ اى التوراة بِقُوَّةٍ بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد قال فى الجلالين اى أعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها قال المولى الجامى فى شرح الفصوص لولا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق فى زكريا وزوجته تعدت منهما الى يحيى ولذلك قال له الحق يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ قال فى الاسئلة المقحمة أي دليل فيها على المعتزلة الجواب انه دليل على ان الاسم والمسمى واحد لانه تعالى قال اسْمُهُ يَحْيى ثم نادى الشخص فقال يا يَحْيى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ حال كونه صَبِيًّا قال ابن عباس الحكم النبوة استنبأه الله تعالى وهو ابن ثلاث سنين او سبع وانما سميت النبوة حكما لان الله تعالى احكم عقله فى صباه واوحى اليه وقيل الحكم الحكمة وفهم التوراة والفقه فى الدين فهو بمعنى المنع ومنه الحاكم لانه يمنع الظالم من الظلم والحكمة ما يمنع الشخص من السفه- روى- انه دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما للعب خلقنا قال الكاشفى [درين سخن پندى عظيم است بيخبران بازيچهـ كاه غفلت را كه عمر عزيز ببازى ميكذرانند وبدام فريب إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ مقيد شده اند] عمر ببازيچهـ بسر ميبرى ... پاى باندازه بدر ميبرى به كه ز بازى جهان پاكشى ... طفل نه چند ببازى خوشى يقول الفقير مثل يحيى عليه السلام فى هذه الامة المرحومة الشيخ العارف المحقق سهل بن عبد الله التستري قدس سره فانه تم له امر السلوك من ثلاث سنين الى سبع سنين كما سمعت من شيخى وسندى روح الله روحه يعنى وقع له الانكشاف والإلهام وظهر له الحال التام وهو ابن ثلاث سنين فكان ما كان الى سبع فسبحان القادر وهذا من لطافة الحجاب واما من كان كثيف الحجاب فيحتاج فى إزالته الى مجاهدات شاقة فى مدة طويلة واعلم ان روح الكامل سريع التعلق ببدنه يعنى ان مادة النطفة تصل سريعا الى الأبوين فيحصل العلوق والولادة على احسن وصف وفى اعدل زمان فيجيئ الولد غالبا عليه احكام الوجوب اللهم أعنا على ازالة الحجب الظلمانية والنورانية واجعلنا مكاشفين للانوار الربانية وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا عطف على الحكم وتنوينه للتفخيم وهو التحنن والاشتياق يقال حنّ اى ارتاح واشتاق ثم استعمل فى العطف والرأفة اى وآتيناه رحمه عظيمة عليه كائنة من جنابنا او رحمة فى قلبه وشفقة على أبويه وغيرهما وَزَكاةً اى طهارة من الذنوب قال الامام لم تدعه شفقته الى الإخلال بواجب لان الرأفة ربما أورثت ترك الواجب ألا ترى الى قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فالمعنى جمعنا له التعطف عليهم مع الطهارة عن الإخلال بالواجبات انتهى او صدقة اى تصدق الله به على أبويه او وفقناه للتصدق على الناس وَكانَ تَقِيًّا مطيعا متجنبا عن المعاصي لم يعمل خطيئة ولم يهم بها قط وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ عطف على تقيا اى بارّا بها لطيفا بهما محسنا إليهما وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا

[سورة مريم (19) : آية 15]

متكبرا عاقا لهما او عاصيا لربه قال فى بحر العلوم الجبار المتكبر وقيل هو الذي يضرب ويقتل على الغضب لا ينظر فى العواقب وقيل هو المتعظم الذي لا يتواضع لامر الله وَسَلامٌ سلامة من الله تعالى وأمان عَلَيْهِ على يحيى أصله وسلمنا عليه فى هذه الأحوال وهى أوحش المواطن لكن نقل الى الجملة الاسمية للدلالة على ثبات السلام واستقراره فان وحشتها لا تكاد نزول الا بثبات السلام فيها ودوامه يَوْمَ وُلِدَ من رحم امه من طعن الشيطان كما يطعن سائر بنى آدم وَيَوْمَ يَمُوتُ بالموت الطبيعي من هول الموت وما بعده من عذاب القبر وَيَوْمَ يُبْعَثُ حال كونه حَيًّا من هول القيامة وعذاب النار وفيه اشارة الى الولادة من أم الطبيعة والموت بالفناء عن مقتضيات الطبيعة فى الله والبعث بالبقاء بعد الفناء وقال ابن ابى عيينة أوحش ما يكون الإنسان فى هذه الأحوال يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلام فى هذه المواطن واعلم ان زكريا اشارة الى الروح الإنساني وامرأته الى الجثة الجسدانية التي هى زوج الروح ويحيى الى القلب وقد استبعد الروح بسبب طول زمان التعلق بالقالب ان يتولد له قلب قابل لفيض الا لوهية بلا واسطة كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن) وهو الفيض الأزلي لم يؤت لواحد من الحيوانات والملائكة كما قال المولى الجامى ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت ثم انه لما بشر بولادة القلب الموصوف بما ذكر طلب آية يهتدى بها الى كيفية حمل القالب العاقر بالقلب الحي الذي حيى بنور الله تعالى قال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى لا تخاطب غير الله ولا تلتفت الى ما سوى الله ثلاث ليال وبها يشير الى مراتب ما سوى الله وهى ثلاث الجمادات والحيوانات والروحانيات فاذا تقرب الى الله تعالى بعدم الالتفات الى ما سواه يتقرب اليه بموهبة الغلام الذي هو القلب الحي بنوره فخرج زكريا الروح من محراب هواه وتبعه على قوم صفات نفسه وقلبه وانانيته فقال كونوا متوجهين الى الله معرضين عما سواه آناء الليل وأطراف النهار بل بكرة الأزل وعشىّ الابد فلما ولد له يحيى القلب قيل له يا يحيى خذ كتاب الفيض الإلهي بقوّة ربانية لا بقوّة انسانية لانه خلق الإنسان ضعيفا وهو عن القوة بمعزل وان الله هو الرزاق ذو القوّة المتين فجاء صاحب علم وحكمة ورحمة وطهارة من الميل الى ما سوى الله واتقاء وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا كالنفس الامارة بالسوء اما بره بوالد الروح فتنويره بنور الفيض الإلهي إذ هو محل قبول الفيض لان الفيض الإلهي وان كان نصيب الروح اولا ولكن لا يمسكه للطافة الروح بل يعبر عنه الفيض ويقبله القلب ويمسكه لان فيه صفاء وكثافة فبالصفاء يقبل الفيض وبالكثافة يمسكه كمالا هى ان الشمس فيضها يقبل الهواء لصفائه ولكن لا يمسكه للطافة الهواء فاما المرة فتقبل فيضها بصفائها وتمسكه لكثافتها وهذا أحد اسرار حمل الامانة التي حملها الإنسان ولم تحملها الملائكة واما برّه بوالدة القالب فباستعمالها على وفق او امر الشرع ونواهيه لينجيها من عذاب القبر ويدخلها الجنة كذا فى التأويلات النجمية باختصار قال بعض الأولياء كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق

[سورة مريم (19) : الآيات 16 إلى 20]

من أنت قال انا أخوك الخضر فقلت له أريد ان اسألك قال سل قلت بأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي فعلى العاقل ان يكون بارا بوالديه مطلقا انفسيين او افاقيين فان البر يهدى الى الجنة ودار الكرامة ويبشر فى شدائد الأحوال بالأمن والامان وانواع السلامة وَاذْكُرْ يا محمد للناس فِي الْكِتابِ اى القرآن او السورة الكريمة فانها بعض من الكتاب فصح إطلاقه عليها مَرْيَمَ على حذف المضاف اى خبر بنت عمران وقصتها فان الذكر لا يتعلق بالأعيان ومريم بمعنى العابدة قال بعض العلماء فى حكمة ذكر مريم باسمها دون غيرها من النساء ان الملوك والاشراف لا يذكرون حرائرهم فى ملأ ولا يبتذلون اسماءهن بل يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحو ذلك فاذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا اسماءهن عن الذكر والتصريح بها فلما قالت النصارى فى حق مريم ما قالت وفى ابنها صرح الله تعالى باسمها ولم يكن عنها تأكيدا للاموّة والعبودية التي هى صفة لها واجراء للكلام على عادة العرب فى ذكر امائها ومع هذا فان عيسى عليه السلام لا اب له واعتقاد هذا واجب فاذا تكرر ذكره منسوبا الى الام استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفى الأب عنه وتنزيه الام الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله تعالى كذا فى التعريف والاعلام للامام السهيلي وقال فى اسئلة الحكم سميت مريم فى القرآن باسمها لانها اقامت نفسها فى الطاعة كالرجل الكامل فذكرت باسمها كما يذكر الرجال من موسى وعيسى ونحوهما عليهم السلام وخوطبت كما خوطب الأنبياء كما قال تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ولذا قيل بنبوتها إِذِ انْتَبَذَتْ ظرف لذلك المضاف من النبذ وهو الطرح والانتباذ افتعال منه مِنْ أَهْلِها من قومها متعلق بانتبذت مَكاناً شَرْقِيًّا مفعول له باعتبار ما فى ضمنه من معنى الإتيان قال الحسن ومن ثمة اتخذ النصارى المشرق قبلة كما اتخذ اليهود المغرب قبلة لان الميقات وإيتاء التوراة واقعا فى جانب الجبل الغربي كما قال تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ والمعنى حين اعتزلت وانفردت وتباعدت من قومها وأتت مكانا شرقيا من دار خالتها ايشاع زوجة زكريا فان موضعها كان المسجد فاذا حاضت تحولت الى بيت خالتها وإذا طهرت عادت الى المسجد فاحتاجت يوما الى الاغتسال وكان الوقت وقت الشتاء فجاءت الى ناحية شرقية من الدار وموضع مقابل للشمس فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ اى أرخت من ادنى مكان أهلها قال الكاشفى [از پيش ايشان يعنى از سوى ايشان] حِجاباً سترا تتستربه قال الكاشفى [پرده كه مانع باشد از ديدن] فبينما هى فى مغتسلها وقد تطهرت ولبست ثوبها أتاها الملك فى صورة آدمي شاب امرد وضيئ الوجه جعد الشعر وذلك قوله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا اى جبريل فانه كان روحانيا فاطلق عليه الروح للطافته مثله ولان الدين يحيى به وقال بعض الكبار جبرائيل هو الروح حقيقة باعتبار حقيقته المجردة مجازا باعتبار صورته المثالية ومن خصائص الأرواح المجردة التي من صفاتها الذاتية الحياة ومن شأنها التمثل بالصور المثالية لانها لا تمس شيأ فى حال تمثلها الا حيى ذلك الشيء وسرت منها الحياة فيه ولذا قبض

[سورة مريم (19) : الآيات 18 إلى 20]

السامري قبضة تراب من اثر براق جبرائيل فنبذها فى صورة العجل المتخذة من حلى القوم فخار العجل بسراية الحياة فيه وقيل سماه روحا مجازا محبة له وتقريبا كقولك أنت روحى لمن تحب فَتَمَثَّلَ لَها [پس متمثل شد جبريل براى مريم] يعنى فتشبه لاجلها فانتصاب قوله بَشَراً على انه مفعول به سَوِيًّا تام الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيأ وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقى إليها من كلماته تعالى إذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع استماع كلامه ولانه جاء للنفخ المنتج للبشر فتمثل بشرا ولو جاء على صورة الملك لجاء عيسى على صورة الروحانيين كمالا يخفى وفيه اشارة الى ان القربان بعد الطهر التام اطهر والولد اذن أنجب فافهم وفى التأويلات الروح هو نور كلمة الله التي يعبر عنها بقوله كن وانما سمى نور كلمته روحا لانه به يحيى القلوب الميتة كما قال أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الآية فتارة يعبر عن الروح بالنور وتارة يعبر عن النور بالروح كقوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية فارسل الله الى مريم نور كلمة كن فتمثل لها بشرا سويا كما تمثل نور التوحيد بحروف لا اله الا الله والذي يدل على ان عيسى من نور الكلمة قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ اى نور من لقائه فلما تمثلت الكلمة بالبشر أنكرتها مريم ولم تعرفها فاستعاذت بالله منه قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ يا شاب ذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة فى العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هى العصمة مما دهمها قال فى الكشاف دل على عفافها وورعها انها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا تتقى الله وتبالي بالاستعاذة به وجواب الشرك محذوف ثقه بدلالة السياق عليه اى فانى عائذة به وقال الكاشفى [يعنى تومتقى ومتورعى من از تو پرهيز ميكنم و پناه بحق ميبرم فكيف كه چنين نباشى] قال الشيخ قى تفسيره وانما قالت ذلك لان التقى يتعظ بالله ويخاف والفاسق يخوف بالسلطان والمنافق يخوف بالناس كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان كنت تقيا من اهل الدين تعرف الرحمن فلا تقربنى بعوذى به وان كنت شقيا لا تعرف الرحمن فاتعوذ منك بالخلق فاجابها قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ يريد انى لست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر وانما انا رسول ربك الذي استعذت به لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً اى لاكون سببا فى هبته بالنفخ فى الدرع زَكِيًّا طاهرا من الذنوب ولوث الظلمة النفسانية الانسانية قالَتْ استبعادا ظاهرا اى متعجبة من حيث العادة لا مستبعدة من حيث القدرة أَنَّى يَكُونُ لِي [چكونه بود مرا] غُلامٌ كما وصف وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ اى والحال انه لم يباشرنى بالنكاح رجل فان المس كناية عن الوطئ الحلال اما الزنى فانما يقال خبث بها او فجر او زنى وانما قيل بشر مبالغة فى بيان تنزهها عن مبادى الولادة وَالحال انه لَمْ أَكُ بَغِيًّا فعول بمعنى الفاعل أصله بغويا قال الشيخ فى تفسيره ولم يقل بغية لانه وصف غالب على المؤنث كحائض اى فاجرة تبغى الرجال. وبالفارسية [زناكار وجوينده فجور] يريد نفى الوطئ مطلقا وان الولد اما من النكاح الحلال او الحرام اما الحلال فلانها لم يمسها بشر واما الحرام فلانها لم تك بغيا فاذا انتفى السببان جميعا انتفى الولد وفى التأويلات

[سورة مريم (19) : الآيات 21 إلى 24]

النجمية وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قبل هذا وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ليمسسنى بشر بعد هذا بالزنى او بالنكاح لانى محررة محرم على الزوج قالَ كَذلِكِ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [يعنى چنين است كه تو ميكويى هيچ كس بنكاح وسفاح ترا مس نكرده است] فاما قالَ رَبُّكِ الذي أرسلني إليك هُوَ اى ما ذكرت من هبة الغلام من غير ان يمسك بشر أصلا عَلَيَّ خاصة هَيِّنٌ يسير وان كان مستحيلا عادة لما انى لا احتاج الى الأسباب والوسائط وفى التأويلات النجمية قالَ كَذلِكِ الذي تقولين ولكن قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ان اخلق ولدا من غير ماء منّى والد فانى أخلقه من نور كلمة كن كما قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَلِنَجْعَلَهُ اى ونفعل ذلك لنجعل وهب الغلام آيَةً لِلنَّاسِ وبرهانا يستدلون بها على كمال قدرتنا فالواو اعتراضية او لنبين به عظم قدرتنا ولنجعله إلخ وفى التأويلات النجمية آيَةً اى دلالة على قدرتى بانى قادر على ان اخلق ولدا من غير اب كما انى خلقت آدم من غيراب وأم وخلقت حواء من غير أم وَرَحْمَةً عظيمة كائنة مِنَّا عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بإرشاده وبين قوله وَرَحْمَةً مِنَّا وقوله يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ فرق عظيم وهو انه تعالى إذا ادخل عبدا فى رحمته يرحمه ويدخله الحنة ومن جعله رحمة منه يجعله متصفا بصفته وكذا بين قوله رَحْمَةً مِنَّا وقوله فى حق نبينا عليه السلام وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية وَكانَ خلقه بلا فحل أَمْراً مَقْضِيًّا قضيت به فى سابق علمى وحكمت بوقوعه لا محالة فيمتنع خلافه فلا فائدة فى الحزن وهو معنى قوله (من عرف سر الله فى القدر هانت عليه المصائب) يقول الفقير وذلك ان العلم تابع للمعلوم فكل ما يقتضيه من الأحوال فالله تعالى يظهره بحكمته وخلق عيسى عليه السلام على الصفة المذكورة كان فى الأزل بمقتضى الحكمة القديمة مقدرا فجميع الأعيان وما يتبعها من الأحوال المختلفة داخلة تحت الحكمة فمن كوشف عن سر هذا المقام هانت عليه المصائب والآلام إذ كل ما نبت فى مزرعة الوجود الخارجي فهو من بذر الحكم الأزلي على حسب تفاوت الاستعدادات كتفاوت المزارع فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه: قال الحافظ نمى كنم كله ليكن ابر رحمت دوست ... بكشت زار جكر تشنكان ندادنمى اى لا اشتكى من هذا المعنى فانه من مقتضى ذاتى: وقال درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند وميرويم اى لا تثريب علىّ فى هذا المعنى فانه من قضاء الله تعالى قال الامام ابو القاسم القشيري قدس سره سمعت أستاذ أبا على الدقاق يقول فى آخر همره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله هو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت شاكر حامد انتهى فقصة مريم من جملة احكام الله تعالى ولذا عرفت الحال لانها كانت صديقة وصبرت على

[سورة مريم (19) : آية 22]

أذى القوم وشماتتهم وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالواجب على العبد الحمد على البلية لما تضمنته من النعمة فان فقد فالصبر وكلاهما من طريق العبودية وإذا وقف مع الجزع المستفاد من وجود الشفقة على نفسه فهو من غلبة الهوى قال احمد بن حضرويه قدس سره الطريق واضح والدليل لائح والداعي قد اسمع فما التحير بعد هذا الا من العمى وفى الحديث خطابا لابن عباس رضى الله عنهما (ان استطعت ان تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل والا ففى الصبر على ما تكره خير كثير) قال فى شرح الحكم العطائية ثم إذا تأملت ظهر لك ان التحقق بالمعرفة منطو فى وجود البلايا إذ ليست المعرفة الا بتحقق أوصافه تعالى حتى يفنى فى أوصافه كل شىء من وجودك فلا يبقى لك عز مع عزه ولا غنى مع غناه ولا قدرة مع قدرته ولا قوة مع قوته وهذا يتحقق لك بوجود البلية إذ هى مشعرة بقهر الربوبية فافهم هذا وفقنا الله وإياكم للتحقق بحقيقة الحال والتمكن فى مقام الصبر والحمد على جميع الأحوال: وفى المثنوى صد هزاران كيميا حق آفريد ... كميايى همچوصبر آدم نديد «1» وذلك لان بالبلاء تحترق الأوصاف الرديئة الخلقية وبالصبر يحصل الأخلاق الالهية والصفات الحقية فَحَمَلَتْهُ قال ابن عباس رضى الله عنهما فاطمأنت مريم الى قول جبريل فدنا منها فنفخ فى جيب درعها فوصلت النفخة الى بطنها فحملت عيسى عقيب النفخ يقول الفقير وصول النفخ الى الجوف لا يحتاج الى منفذ من المنافذ كالفم ونحوه ألا ترى ان الروح حين دخل جسد آدم دخل من اليافوخ وهو وسط الرأس إذا اشتد وقبل اشتداده كما فى رأس الطفل يقال له الفادية بالفاء ثم نزل الى العينين ثم الى الفم ثم الى سائر الأعضاء واعلم ان لعيسى عليه السلام جهة جسمانية وجهة روحانية واحدية جمع للجهتين فاذا نظر الى جهة الجسمانية يظن انه تكون من ماء مريم وإذا نظر الى جهة الروحانية وآثارها من احياء الموتى وخلق الطير من الطين يحكم انه من نفخ جبريل وإذا نظر الى احدية جمعها يقال انه تكون منهما فالتحقيق ان الملك لما تمثل لها بشرا سويا نزل الماء منها الى الرحم لشدة اللذة بالنظر اليه فتكون عيسى من ذلك الماء المتولد عن النفخ الموجب للذة منها فهو من ماء امه فقط خلافا للطبيعيين فانهم ينكرون وجود الولد من ماء أحد الزوجين دون الآخر فان قلت قد ثبت ان ماء الرجل يكون منه العظم والعصب وماء المرأة يكون منه اللحم والدم فكيف جاء عيسى مركبا من هذه الاجزاء قلت خروجه على الصورة البشرية كامل الاجزاء انما هو من أجل امه لان ماءها محقق ومن أجل تمثل جبريل فى صورة البشر فانه انما مثل فى صورة البشر حتى لا يقع التكوين فى هذا النوع الإنساني الا على الحكم المعتاد الذي جرت به العادة غالبا وهو تولده من شخصين إنسانين وقد توهمت فى النفخ الماء فحصل الماء المتوهم ايضا ووجود بعض الأشياء قد يترتب على توهمه كترتب السقوط عن الجذع على توهمه ولاجل تكونه من نفخ جبريل طالت إقامته فى صورة البشر لان للارواح صفة البقاء- روى- ان مولد عيسى عليه السلام كان قبل مولد نبينا عليه السلام بخسمائة وخمس وخمسين سنة وقد بقي بعد

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام إلخ

وسينزل ويدعو الناس الى دين نبينا عليه السلام قال بعض الكبار لو لم يتمثل جبريل عند النفخ بالصورة البشرية لظهور عيسى على صورة الروحانيين ولو نفخ فيها وقت الاستعاذة على الحالة التي كانت عليها من تحرّج صدرها وضجرها لتخيلها انه بشر يريد مواقعتها على وجه لا يجوز فى الشرائع لخرج عيسى بحيث لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه اى رداءته لسراية حال امه فيه لان الولد انما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين من المعاني النفسانية والصور الجسمانية نقل فى الاخبار ان امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية فلما سئلت عنها أخبرت انها رأت حية عند المواقعة وان امرأة ولدت ولدا له أعين اربع ورجلاء كرجل الدب وكانت قبطية جامعها زوجها وهى ناظرة الى دبين كانا عند زوجها فلما قال لها جبريل (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) جئت من عنده (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) انبسطت عن ذلك القبض لما عرفت انه مرسل إليها من عند ربها وانشرح صدرها لما تذكرت بشارة ربها إياها بعيسى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فنفخ فيها فى حين الانبساط والانشراح فخرج عيسى منبسطا منشرح الصدر لسراية حال امه فيه. ولذا قالوا يتفكر عند الجماع الأقوياء ويمثل بين عينيه صورة رجل على احسن خلقة وأقوم جثة وأفضل خلق وأكمل حال قالوا حملته وسنها وقتئذ ثلاث عشرة سنة وقد حاضت حيضتين قبل ان تحمل. واختلف فى مدة حملها كما اختلف فى مدة حمل آمنة والدة النبي عليه السلام ففى رواية عن ابن عباس كانت مدة الحمل والولادة ساعة واحدة وجعله بعضهم أصح لان عيسى كان مبدعا ولم يكن من نطفة يدور فى أدوار الخلقة ويؤيده عطف قوله (فَانْتَبَذَتْ بِهِ) بالفاء التعقيبية يقول الفقير القول بان مثل هذه الفاء قد يدل على ترتيب الحكم وعدم تكونه من نطفة ظاهر البطلان لانه من ماء محقق وماء متوهم كما سبق وكونه من المبدعات بلا سبب ظاهر لا يستلزم ان يكون جميع أحواله بطريق خرق العادة وفى رواية اخرى عنه كانت تسعة أشهر كحمل اكثر النساء إذ لو كان اقل لذكر هاهنا فى جملة مدائحا وقيل ثمانية ولم يعش مولود وضع لثمانية الا عيسى وكان ذلك آية اخرى قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون معلولا لا ينتفع بنفسه وذلك لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت فَانْتَبَذَتْ بِهِ الباء للملابسة والجار والمجرور فى حيز النصب على الحالية اى فاعتزلت ملتبسة به اى وهو فى بطنها كقوله تنبت بالدهن اى تنبت ودهنها فيها مَكاناً قَصِيًّا مفعول انتبذت على تضمين معنى الإتيان كما سبق اى أتت مكانا بعيدا من أهلها قال الكاشفى

[سورة مريم (19) : الآيات 23 إلى 24]

[مكانى دور ز شهر ايليا كويند بكوهى رفت در جانب شرقى از شهر يا بوادي بيت لحم كه شش ميل دور بود از ايليا] وعن انس رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث الاسراء (فقال لى جبريل انزل فصلى فصليت فقال أتدري اين صليت صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ابن مريم) وهو حديث صحيح او حسن رواه النسائي والبيهقي فى دلائل النبوة او أقصى الدار وهو الأنسب لقصر مدة الحمل كما فى الإرشاد وقال فى قصص الأنبياء لما دنت ولادة مريم خرجت فى جوف الليل من منزل زكريا الى خارج بيت المقدس وأحبت ان لا يعلم بها زكريا ولا غيره فَأَجاءَهَا تعدية جاء بالهمزة اى جاء بها واضطرها الْمَخاضُ وجع الولادة. وبالفارسية [درد زادن] يقال مخضت المرأة إذا تحرك الولد فى بطنها للخروج إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة إذ لم تكن لها قابلة تعينها وقال فى القصص رأت نخلة يابسة فى جوف الليل فجلست عند أصلها وفى التأويلات النجمية فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لاظهار المعجزة فى الجذع انتهى والجذع ما بين العرق والغصن اى أسفلها مادون الرأس الذي عليه الثمر وكانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا خضرة وكان الوقت شتاء ولعله تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياته ما يسكن روعتها فان النخلة اليابسة التي لا رأس لها قد أثمرت فى الشتاء وهى اقل شىء صبرا على البرد وثمرها انما هو من جمارها بعد اللقاح والجمار رأس النخلة وهو شىء ابيض لين وليطعمها الرطب الذي هو خرست النفساء الموافقة لها والخرسة بالتاء طعام النفساء وبدونها طعام الولادة قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ [كفت كاشكى من مردمى] وهو بكسر الميم من مات يمات كخفت وقرئ بصمها من مات يموت قَبْلَ هذا اليوم او هذا الأمر كما فى الجلالين وانما قالته مع انها كانت تعلم ما جرى بينهما وبين جبريل من الوعد الكريم استحياء من الناس على حكم العادة البشرية لا كراهة لحكم الله وخوفا من ملامتهم وحذرا من وقوع الناس فى المعصية بما تكلموا فيها او جريا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم كما روى عن عمر رضى الله عنه انه أخذ تبنة من الأرض فقال يا ليتنى هذه التبنة ولم أكن شيأ وعن بلال له قال ليت بلالا لم تلده امه فقولى تارة يا رب زدنى ... واخرى ليت أمي لم تلدنى وفى التأويلات النجمية قَبْلَ هذا اى قبل هذا الحمل فانه بسبب حملى وولدي يدخل الله النار خلقا عظيما لان بعضهم يتهمنى بالزنى وبعضهم يتهم ولدي بابن الله وَكُنْتُ [وبودمى] نَسْياً شيأ حقيرا شانه ان ينسى ولا يعتد به أصلا مَنْسِيًّا لا يخطر ببال أحد من الناس وهو نعت للمبالغة وفى التأويلات نَسْياً مَنْسِيًّا فى العدم لا يذكرنى الله بالإيجاد وقال الكاشفى [يعنى هيچكس مرا ندانستى واز من حساب نداشتى وحال آنكه همه اخبار بيت المقدس مرا مى شناسند كه دختر امام ايشانم در كفالت زكريا بوده ام وهنوز بكارت من زائل نشده وشوهرى نكرده ام واكنون فرزند مى زايم واز خجالت آن حال نمى دانم چهـ كنم] هر چند بر وى كار در مينكرم ... محنت زده چوخود نمى بينم من فَناداها اى جبرائيل حين سمع جزعها لان عيسى لم يتكلم حتى أتت به قومها

[سورة مريم (19) : الآيات 25 إلى 30]

مِنْ تَحْتِها من مكان أسفل منها تحت الاكمة وقال فى القصص من تحت النخلة وفى الاسئلة المقحمة قرئ بفتح الميم يعنى به عيسى لما خرج من البطن ناداها أَلَّا تَحْزَنِي ان مفسرة بمعنى اى لا تحزنى بولادة عيسى وبمكان القحط [وتمناى مرك مكن] او مصدرية على حذف الباء تقديره بان لا تحزنى. والجزن غم يلحق لوقوعه من فوات نافع او حصول ضار قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ اى فى مكان أسفل منك سَرِيًّا نهرا صغيرا على ما فسره النبي عليه السلام قال ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولا وقال بعض ارباب الحقيقة انبأ عيسى عن نبوته فى المهد بقوله آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وفى بطن امه بقوله أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا اى سيدا على القوم بالنبوة انتهى فيكون من السرو وهو السؤدد وَهُزِّي هز الشيء تحريكه الى الجهات المتقابلة تحريكا عنيفا متداركا والمراد هاهنا ما كان منه بطريق الجذب والدفع لقوله إِلَيْكِ اى الى جهتك بِجِذْعِ النَّخْلَةِ الباء صلة للتأكيد كما فى قوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قال الفراء تقول العرب هزه وهزبه تُساقِطْ اى تسقط النخلة عَلَيْكِ اسقاطا متواترا حسب تواتر الهز رُطَباً [خرماى تازه] جَنِيًّا وهو ما قطع قبل يبسه فعيل بمعنى مفعول اى رطبا مجنيا اى صالحا للاجتناء قد بلغ الغاية قال فى الاسئلة المقحمة كيف أمرها بهز النخلة هاهنا وقبل ذلك كان زكريا يجد رزقها فى المحراب فالجواب انها فى حالة الطفولية كانت بلا علاقة أوجبت العناء والمشقة وقال فى اسئلة الحكم ما الحكمة فى أمرها بالهز قيل لانها تعجبت من ولد بغير أب فاراها الرطب من نخل يابس آية منه تعالى كيلا تتعجب منه. واما سر كون الآية فى النخلة فلانها خلقت من طينة آدم وفيها نسبة معنوية لحقيقة الانسانية دون غيرها لعدم حصولها بغير زوج ذكر يسمى بالتأبير وقال لم اجرى الله النهر بغير سعى مريم ولم يعطها الرطب الا بسعيها قيل لان الرطب غذاء وشهوة والماء سبب للطهارة والخدمة وقيل ثمرة الرطب صورة العمل الكسبي والماء صورة سر الفيض الإلهي فاجرى كل شىء فى منزله ومقامه لان كل كرامة صورة عمل السالك إذا تحقق وتخلق به وقيل جرت عادة الله تعالى فى الرطب بأسباب التعمل كالغرس والسقي والتأبير والماء ليس له سبب ارضى بل هو وهبى سماوى ولذا اجرى النهر لمريم بغير سبب فَكُلِي من ذلك الرطب وَاشْرَبِي من ماء السرى وكان ذلك إرهاصا لعيسى او كرامة لامه وليس بمعجزة لفقد شرطها وهو التحدي كما فى بحر العلوم قال الامام فى تفسيره قدم الاكل لان حاجتها اليه أشد من حاجتها الى الماء لكثرة ما سال منها من الدماء فان قيل مضرة الخوف أشد لانه الم الروح والجوع والعطش الم البدن ونقل انه اجيع شاة ثم قدم إليها العلف وربط عندها ذئب فلم تأكل ثم ابعد الذئب وكسر رجلها فتناولت فدل على ان الم الخوف أشد فلم اخر الله سبحانه دفع ضرره قلنا كان الخوف قليلا لبشارة جبريل فلم يحتج الى التذكير مرة اخرى انتهى. قالوا التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك وهو بالفارسية [كام كودك بماليدن] يقال حنك الصبى مضغ تمرا او غيره فدلكه بحنكه وقالوا كان من

العجوة وهى بالحجاز أم التمر كما فى القاموس وفى الحديث (إذا ولدت امرأة فليكن أول ما تأكل الرطب فان لم يكن رطب فتمر فأنه لو كان شىء أفضل منه لا طعمه الله تعالى مريم بنت عمران حين ولدت عيسى) قال الربيع بن خيثم ما للنفساء عندى خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وَقَرِّي عَيْناً وطيبى نفسا وارفضى عنها ما أحزنك وأهمك فان الله تعالى قد نزه ساحتك بالخوارق من جرى النهر واخضرار النخلة اليابسة وأثمارها قبل وقتها لانهم إذا رأوا ذلك لم يستبعدوا ولادة ولد بلا فحل واشتقاقه من القرار فان العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت اليه من النظر الى غيره يقال أقر الله عينيك اى صادف فؤادك ما يرضيك فيقر عينك من النظر الى غيره قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة ويضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها أو رأت ما كانت متشوفة اليه انتهى او من القر بالضم وهو البرد فان دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ولذلك يقال قرة العين وسخنة العين للمحبوب والمكروه وقال الكاشفى [وقرى عينا وروشن ساز چشم را بفرزند يا خود بسبز شدن درخت وبر دادن او كه مناسبت با حال تو دارد چهـ آنكه قادر است بر اظهار خرما از درخت يابس قدرت دارد بر إيجاد ولد از مادر بي پدر وحق سبحانه ملائكه فرستاد تا بكرد مريم در آمدند و چون عيسى عليه السلام متولد شد او را فرا كرفته بشستند ودر حرير بهشت پيچيده در كنار مريم نهادند] قالوا ما من مولود يستهل غيره [وندا رسيد] فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً اى فان ترى آدميا كائنا من كان وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وهى بمنزلة لام القسم فى انها إذا دخلت على الفعل دخلت معها النون المؤكدة فَقُولِي له ان استنطقك اى سألك على ولدك [يعنى پرسند اين فرزند از كجاست] ولامك عليه إِنِّي نَذَرْتُ أوجبت على نفسى لِلرَّحْمنِ صَوْماً اى صمتا او صياما وكان صيام المجتهدين من بنى إسرائيل بالإمساك عن الطعام والكلام حتى يمسى وقد نسخ فى هذه الامة لانه عليه السلام نهى عن صوم الصمت قال فى أبكار الاذكار السكوت فى وقته صفة الرجال كما ان النطق فى موضعه شرف الخصال اگر چهـ پيش خرمند خامشى ادبست ... بوقت مصلحت آن به كه در سخن كوشى دو چيز طيره عقلست دم فرو بستن ... بوقت كفتن وكفتن بوقت خاموشى واما إيثار اصحاب المجاهدة السكوت فلعلمهم بما فى الكلام من حظ النفس واظهار صفات المدح والميل الى حسن النطق فاما صمت الجاهلية فمنهى عنه كما ورد لايتم بعد الاحتلام ولا صمات يوم الى الليل فكان اهل الجاهلية من نسكهم اعتكاف يوم وليلة بالصمات فنهوا فى الإسلام عن ذلك وأمروا بالحديث بالخير والذكر يقول الفقيران المنهي عنه هو السكوت مطلقا. واما السكوت عن كلام الناس مع ملازمة الذكر فمقبول بل مأمور به ولذا جعل دوام السكوت أحد الشرائط الثمان فصحة الانقطاع وفائدة السلوك انما تحصل به وباخواته فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا [پس سخن نخواهم كفت امروز با هيچ آدمي بلكه با ملائكه وبا حق سخن ميكويم ومناجات ميكنم] أمرت بان تخبر بنذرها بالاشارة فالمعنى قولى ذلك بالاشارة لا باللفظ قال الفراء العرب تسمى كل وصل الى الإنسان كلاما بأى طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر

[سورة مريم (19) : الآيات 27 إلى 28]

فاذا أكد لم يكن الا حقيقة الكلام وانما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم والاكتفاء بكلام عيسى انه قاطع لطعن الطاعن والرائب فى براءة ساحتها وذلك ان الله تعالى أراد ان يظهر براءتها من جهة عيسى فتكلم ببراءة امه وهو فى المهد وفيه ان السكوت عن السفيه واجب ومن أذل الناس سفيه لم يجد مسافها: قال الصائب در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ ... داد جواب مردم نادان چهـ لازمست وقال با كران جانان مكو حرف كران تا نشنوى ... كوه در رد صدا بي اختيار افتاده است ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض سورة السفيه تكسرها الحلماء والنار المضطرمة يطفئها الماء يعنى ان سورة السفيه كالنار المضطرمة ولا يطفأها الا الحلم كما لا يطفئ النار الا الماء والنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله وفى الآية اشارة الى الصوم عن الالتفات لغير الله تعالى كما قال بعض الكبار الدنيا يوم ولنا فيه صوم ولا يكون إفطاره الا على مشاهدة الجمال فعلى السالك ان ينقطع عن عالم الناسوت ويقطع لسانه عن غير ذكر اللاهوت حتى يحصل قطع الطريق والوصول الى منزل التحقيق وكما ان مريم هزت النخلة فاسقطت عليها رطبا جنيا فكذا مريم القلب إذا هزت بنخلة الذكر وهى كلمة «لا اله الا الله» تسقط عليها من المشاهدات الربانية والمكاشفات الإلهية ما به يحصل التمتعات التي هى مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اللهم اجعلنا من الذين كوشفوا عن وجه حقيقة الحال ووصلوا الى تجليات الجمال والجلال فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها والباء بمعنى مع اى جاءتهم مع ولدها راجعة إليهم عند ما طهرت من نفاسها وجعلها الكاشفى للتعدية حيث قال [پس آورد مريم عيسى را] وعن ابن عباس رضى الله عنهما انها خرجت من عندهم حين شرقت الشمس وجاءتهم عند الظهر ومعها صبى تَحْمِلُهُ فى موقع الحال اى حاملة له- روى- ان زكريا افتقد مريم فلم يجدها فى محرابها فاغتم غما شديدا وقال لابن خالها يوسف اخرج فى طلبها فخرج يقص اثرها حتى لقيها تحت النخلة فلما رجعت الى قومها وهم اهل بيت صالحون وزكريا جالس معهم بكوا وحزنوا ثم قالُوا موبخين لها يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً على حذف الباء من شيأ ومآله فعلت شيأ فَرِيًّا اى عظيما بديعا منكرا مقطوعا بكذبه من فرى الجلد إذا قطعه. والفرية بالكسر الكذب والفري الأمر المختلق المصنوع او العظيم وهو يفرى الفري يأتى بالعجب فى عمله. وفى الاخترى انه من الاضداد يجئ بمعنى الأمر الصالح والسيئ قال الكاشفى [چيزى شكفت يا زشت كه در ميان اهل بيت مثل اين واقع نبوده] يا أُخْتَ هارُونَ روى عن النبي عليه السلام انهم انما عنوا به هارون النبي السلام وكانت من أعقاب من كان معه فى مرتبة الاخوة وذلك بان تكون من اخت هارون او أخيه وكان بينها وبينه الف وثمانمائة سنة وقيل كان هارون أخاها من أبيها وكان رجلا صالحا وقيل هو أخو موسى نسبت اليه بالاخوة لانها من ولده كما يقال يا أخا العرب اى يا واحدا منهم

[سورة مريم (19) : الآيات 29 إلى 30]

ما كانَ أَبُوكِ عمران امْرَأَ سَوْءٍ المرء مع الف الوصل الإنسان او الرجل ولا يجمع من لفظه كما فى القاموس. وسوء بفتح السين وباضافة امرأ اليه وهى اكثر استعمالا من الصفة والمعنى ما كان عمران زانيا قاله ابن عباس رضى الله عنهما قال الكاشفى [نبود پدر تو عمران مردى بد بلكه مردى كه مسجد أقصى را اشرف أحبار بود] وَما كانَتْ أُمُّكِ حنة بنت؟؟ ناقوذ؟؟ بَغِيًّا زانية فمن اين لك هذا الولد من غير زوج وهو تقرير لكون ما جاءت به فريا منكرا وتنبيه على ان ارتكاب الفواحش من أولاد الصالحين افحش واعلم ان المعتاد من اهل الزمان إذا اظهر الله فى كل زمان نبيا او وليا يخصه بمعجزة او كرامة ان ينكر عليه أكثرهم وينسبوه الى الجنون والضلالة والافتراء والكذب والسحر وأمثالها واما الأقلون فيعرفون ان من سافر عن منزل الجمهور فانه يرجع عن سفره ومعه من العلوم الغريبة والأحوال العجيبة ما لم يألف بها العقول ولم يشاهدها الانظار فلا يرجعون بالرد عليه بل بالاعتقاد: وفى المثنوى مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «1» تا بيابى بوى خلد از يار من ... چون محمد بوى رحمان از يمن فَأَشارَتْ إِلَيْهِ اى الى عيسى ان كلموه ليجيبكم ويكون كلامه حجة لى والظاهر انها حينئذ بينت نذرها وانها بمعزل عن محاورة الانس قالُوا منكرين لجوابها كَيْفَ نُكَلِّمُ نحدث مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ [در كهواره يعنى در خور كهواره] صَبِيًّا ولم نعهد فيما سلف صبيا رضيعا فى الحجر يكلمه عاقل لانه لا قدرة له على فهم الخطاب ورد الجواب وكان لا يقاع مضمون الجملة فى زمان ماض مبهم صالح لقريبه وبعيده وهو هاهنا لقريبه خاصة بدليل انه مسوق للتعجب او زائدة والظرف صلة من وصبيا حال من المستكن فيه او تامة او دائمة كما فى قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً يقول الفقير الظاهر ان كان لتحقيق صباوته فان الماضي دال على التحقق قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك فقيل قال عيسى بلسان فصيح إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أقر على نفسه بالعبودية أول ما تكلم ردا على من يزعم ربوبيته من النصارى وازالة للتهمة عن الله مع إفادة ازالة تهمة الزنى عن امه لانه تعالى لا يخص الفاجرة بولد مثله قال الجنيد لست بعبد سوء ولا عبد طمع ولا عبد شهوة وفيه اشارة الى ان أفضل اسماء البشرية العبودية يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال عبد الله فوق عبد الرحمن وهو فوق عبد الرحيم وهو فوق عبد الكريم ولذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وكذا عبد الحي وعبد الحق أعلى الأسماء وامثلها لان بعض الأسماء الالهية يدل على الذات وبعضها على الصفات وبعضها على الافعال والاولى ارفع من الثانية وهى من الثالثة قيل كان المستنطق لعيسى زكريا وقد أكرم الله تعالى اربعة من الصبيان باربعة أشياء يوسف بالوحى فى الجب وعيسى بالنطق فى المهد وسليمان بالفهم ويحيى بالحكمة فى الصباوة واما الفضيلة العظمى والآية الكبرى ان الله تعالى أكرم سيد المرسلين عليه وعليهم السلام فى الصباوة بالسجدة عند الولادة بانه رسول الله وشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرم بالنبوة فى عالم الأرواح قبل الولادة والصباوة وكفى بذلك اختصاصا وتفضيلا

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان اين تفسير حديث كه اهل بيتي كمثل سفينه نوح إلخ

[سورة مريم (19) : الآيات 31 إلى 40]

شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجه پيغمبران آتانِيَ الْكِتابَ الإنجيل وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مع ذلك مُبارَكاً نفاعا معلما للخير اخبر عما يكون لا محالة بصيغة الماضي والجمهور على ان عيسى آتاه الله الإنجيل والنبوة فى الطفولية وكان يعقل عقل الرجال كما فى بحر العلوم يقول الفقير المشهور انه اوحى الله اليه بعد الثلاثين فتكون رسالته متأخرة عن نبوته أَيْنَ ما كُنْتُ حيثما كنت فانه لا يتقيد باين دون اين وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ اى أمرني بها امرا مؤكدا وَالزَّكاةِ اى زكاة المال ملكية يقول الفقير الظاهر ان ايصاءه بها لا يستلزم غناه بل هى بالنسبة الى اغنياء أمته وعموم الخطابات الالهية منسوب الى الأنبياء تهييجا للامة على الائتمار والانتهاء ما دُمْتُ حَيًّا فى الدنيا قال فى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان العبد مادام حيا لا يسقط عنه التكاليف والعبادات الظاهرة فالقول بسقوطها كما نقل عن بعض الإباحيين كفر وضلال وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه مادام العبد حيا لا بد من مراقبة السر واقامة العبودية وتزكية النفس يقول الفقير اقامة التكاليف عبودية وهى اما للتزكية كالمبتدئين واما للشكر كالمنتهين وكلا الامرين لا يسقط مادام العبد حيا بالغا فاذا تغير حاله بالجنون ونحوه فقد عذر وَبَرًّا [مهربان] بِوالِدَتِي عطف على مباركا اى جعلنى بارا بها محسنا لطيفا وهو اشارة الى انه بلا فحل وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً متكبرا. وبالفارسية [كردنكشى متعظم كه خلق را تكبر كنم وانسان را برنجانم] شَقِيًّا عاصيا لربه وَالسَّلامُ عَلَيَّ [سلام خداى بر منست] يَوْمَ وُلِدْتُ بلا والد طبيعى اى من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من شدائد الموت وما بعده وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا حال اى من هول القيامة وعذاب النار كما هو على يحيى يعنى السلامة من الله وجهت الىّ كما وجهت الى يحيى فى هذه الأحوال الثلاثة العظام على ان التعريف للعهد والأظهر على انه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه فان اثبات جنس السلام لنفسه تعريض لاثبات ضده لاضداده كما فى قوله تعالى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فانه تعريض بان العذاب على من كذب وتولى فلما كلمهم عيسى بهذا الكلام أيقنوا ببراءة امه وانها من اهل العصمة والبعد من الريبة ولم يتكلم بعد حتى بلغ سن الكلام قال فى الاسئلة المقحمة قوله يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يدل على ان لا حياة فى القبر لانه ذكر حياة واحدة والجواب انه أراد بها الدائمة الباقية بخلاف حياة القبر انتهى يقول الفقير لا شك ان حياة البرزخ على النصف من حياة يوم البعث فان الاولى حياة الروح فقط والثانية حياة الروح والجسد معا وهى المرادة هاهنا ولا انقطاع لحياة الأرواح مذخلقت من الابديات فاقهم ثم انه نكر فى سلام يحيى وعرف فى سلام عيسى لان الاول من الله والقليل منه كثير قال. بعضهم قليلك لا يقال له قليل ولهذا قرأ الحسن اهدنا صراطا مستقيما اى نحن راضون بالقليل كذا فى برهان القرآن قال شيخى وسندى فى كتاب البرقيات له قدس سره انما اتى بطريق الغيبة فى حق يحيى عليه السلام وبطريق الحكاية فى حق عيسى عليه السلام لان كلا منهما اهل الحقيقة والفناء والكمال الجامع بين الجلال والجمال واهل الشريعة والبقاء والجلال والجمال مندرجون

تحت حيطة الكمال الا ان الميل الاستعدادي الأزلي الى جانب الحقيقة والفناء وكمال الجلال غالب فى جمعية يحيى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ليست اختيارية بل اضطرارية ازلية حاصلة باستيلاء سلطنة الحقيقة والفناء وكمال الحلال على قلبه وهذا الميل الى جانب الشريعة والبقاء جمال غالب فى جمعية عيسى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ايضا ليست اختيارية بل اضطرارية حاصلة باستيلاء دولة الشريعة والبقاء وجمال الكمال على قلبه ومقتضى الغلبة اليحياوية السكوت وترك النطق ولذا كان المتكلم فى بيان أحواله هو الله تعالى واتى بطريق الغيبة لانفسه وهو من قبيل من عرف كل لسانه لغلبة الفناء على البقاء وكل من كل لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب يحيى ومقتضى الغلبة العيسوية النطق وترك السكوت ولذا كان المتكلم فى بيان احوال نفسه واتى بطريق الحكاية دون الله تعالى وهو من قبيل من عرف الله طال لسانه لغلبة البقاء على الفناء وكل من طال لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب عيسى عليه السلام وحال كل منهما بقضاء الله ورضاه وهما مشتركان فى الجمعية الكبرى مجتمعان فى ميل الاهلية العظمى ومنفردان فى غلبة العليا بان تكون غلبة ميل يحيى عليه السلام الى الفناء وغلبة ميل عيسى عليه السلام الى البقاء ولو اجتمعا فى تلك الغلبة ايضا لما امتاز حال أحدهما عن الآخرة بل يكون عبثا نوعا تعالى الله عن العبث ولذا لم يتجل لاحد بعين ما يتجلى به لغيره بل انما يتجلى لكل متجل له بوجه آخر ولهذه الحكمة كان الجلال غالبا فى قلب يحيى والجمال غالبا فى قلب عيسى عليه السلام حتى يكون التجلي لكل منهما بوجه آخر مع احدية أصله ويوجد بينهما فرق بعد الجمع وكل من ورث هذا المقام بعدهما الى يوم القيامة من اولياء الله الكرام يقول الله له بطريق الفيض والإلهام السلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهو من قبيل مبشراتهم الدنيوية التي أشير إليها بقوله تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الا انهم يكتمون أمثاله لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة لهم بعلم غيرهم واما الأنبياء عليهم السلام فهم يخبرون بسلامتهم لكونهم شارعين فلا بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل انتهى قال فى اسئلة الحكم اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقامهما حيث قال (ان عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى كأنك قد امنت مكر الله وقال عيسى ليحيى كأنك قد أيست من فضل الله ورحمت فاوحى الله تعالى إليهما ان احبكما الىّ احسنكما ظنابى) وكان عاقبة امره فى مقام الجلال ان قتل فلم يزل فائرا دمه حتى قتل من اجله سبعون الفا قصاصا منه فسكن فورانه وكان عاقبة امر عيسى فى مقام البسط والجمال ان رفع الى السماء اى الى الملأ الأعلى من مظاهر الجمال فكلاهما فى مقامهما فائزان كاملان انتهى وفى التأويلات النجمية قوله (وَيَوْمَ أَمُوتُ) فيه اشارة الى ان عيسى المعنى المتولد من نفخ الحق فى القلب قابل الموت بسم غلبات صفات النفس والمعاملات المنتجة منها لئلا يغتر الواصل بانه إذا حى بحياة لا يموت المعنى الذي فى قلبه يقول الفقير

اى بسازنده بمرده مغرور ... شده از دائره زندگى دور كشت بروى متغير حالش ... زهر شد جمله فيض بالش ماند دوعين قفا صورت او ... كر چهـ در صورت ظاهر شده رو در پى نفس بدش هر كه دويد ... تا نبندار كه سر منزل ديد قال فى التكملة ولد عيسى عليه السلام فى ايام ملوك الطوائف لمعنى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على ارض بابل وقيل لاكثر من ذلك وكان حمل مريم به وهى ابنة ثلاث عشرة سنة ونبئ عيسى وهو ابن ثلاثين سنة ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت مريم بعده ست سنين وخرجت به امه من الشام الى مصر وهو صغير خوفا عليه من هيردوس الملك وذلك ان ملك فارس علم بمولده لطلوع نجمه فوجه له هدايا من الذهب والمر واللبان فاتت رسله بالهدايا حتى دخلت على هيردوس فسألوه عنه فلم يعلم به فاخبروه بخبره وبانه يكون نبيا واخبروه بالهدايا فقال لهم لم اهديتم الذهب قالوا لانه سيد المتاع وهو سيد اهل زمانه قال لهم ولم اهديتم المر قالوا لانه يجبر الجرح والكسر وهو يشفى السقام والعلل قال ولم اهديتم اللبان قالوا لانه يصعد دخانه الى السماء وكذلك هو يرفع الى السماء فخافه هيردوس وقال لهم إذا عرفتم مكانه فعرفونى به فانى راغب فيما رغبتم فيه فلما وجدوه دفعوا الهدايا لمريم وأرادوا الرجوع الى هيردوس فبعث الله لهم ملكا وقال لهم انه يريد قتله فرجعوا ولم يلقوا هيردوس وامر الله مريم ان ينتقل به الى مصر ومعها يوسف بن يعقوب النجار فسكنت به فى مصر حتى كان ابن اثنتي عشرة سنة ومات هيردوس فرجعت الى الشام انتهى- روى- ان مريم سلمت عيسى الى معلمه فعلمه ابجد فقال عيسى أتدري ما «ابجد» قال لا فقال اما الالف فآلاء الله والباء بهاء الله والجيم جلال الله والدال دين الله فقال المعلم أحسنت فما «هوز» فقال الهاء هو الله الذي لا اله الا هو والواو ويل للمكذبين والزاى زبانية جهنم أعدت للكافرين فقال المعلم أحسنت فما «حطى» قال الحاء حطة الخطايا عن المذنبين والطاء شجرة طوبى والياء يد الله على خلقه فقال أحسنت فما «كلمن» قال الكاف كلام الله واللام لقاء اهل الجنة بعضهم بعضا والميم ملك الله والنون نور الله فقال أحسنت فما «سعفص» قال السين سناء الله والعين علم الله والفاء فعله فى خلقه والصاد صدقه فى أقواله فقال أحسنت فما «قرشت» قال القاف قدرة الله والراء ربوبيته والشين مشيئته والتاء تعالى الله عما يشركون فقال له المعلم أحسنت ثم قال لمريم خذى ولدك وانصرفي فانه علمنى ما لم أكن أعرفه كذا فى قصص الأنبياء قيل هذه الكلمات وهى ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت وثخذ وضظغ اسماء ثمانية ملوك فيما تقدم. وقيل هى اسماء ثمانية من الفلاسفة. وقيل هذه الكلمات وضعها اليونانيون لضبط الاعداد وتمييز مراتبها كذا فى شرح التقويم وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد أول من وضع الخط العربي واقامه وصنع حرفه واقسامه ستة اشخاص من طسم كانوا نزولا عند عدنان بن داود وكانت اسماؤهم ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت ووضعوا الكتابة والخط على اسمائهم فلما وجدوا فى الألفاظ حروفا ليست فى

[سورة مريم (19) : الآيات 34 إلى 38]

اسمائهم ألحقوها بها وسموها الروادف وهى الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين على حسب ما يلحق حروف الجمل هذا تلخيص ما قيل فى ذلك وقيل غيره انتهى ذلِكَ الذي فصلت نعوته الجليلة عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفا باضداد ما يصفونه ثم عكس على الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قول الثابت والصدق وهو بالنصب على انه مصدر مؤكد لقال انى عبد الله إلخ وقوله ذلك عيسى ابن مريم اعتراض الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ اى يشكون فان المرية الشك فيقولون هو ابن الله ما كانَ لِلَّهِ ما صح وما استقام له تعالى أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ اى ولدا وجاء بمن لتأكيد النفي العام وفى التأويلات النجمية اى جزأ فان الولد جزؤ الوالد كما قال عليه السلام (فاطمة بضعة منى سُبْحانَهُ اى تنزه وتعالى تنزيها عن بهتان النصارى لانه ليس للقديم جنس إذ لا جنس له ولذلك قالوا لا فضل له إِذا قَضى أَمْراً اى أراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قال لعيسى كن فكان من غيراب والقول هاهنا مجاز عن سرعة الإيجاد. والمعنى انه تعالى إذا أراد تكوين الأشياء لم تمتنع عليه ووجدت كما أرادها على الفور من غير تأخير فى ذلك كالمأمور المطيع الذي إذا ورد عليه امر الآمر المطاع كان المأمور به مفعولا لا حبس ولا إبطاء وهو المجاز الذي يسمى التمثيل وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ من تمام كلام عيسى عطف على قوله (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) داخل تحت القول هذا الذي ذكرته من التوحيد صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بمعنى الجماعة مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين الناس المخاطبين بقوله (رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) وهم القوم المبعوث إليهم فقالت النسطورية هو ابن الله واليعقوبية هو الله هبط الى الأرض ثم صعد الى السماء وقالت الملكانية هو عبد الله ونبيه وفى التأويلات النجمية اى تحزبوا ثلاث فرق فرقة يعبدون الله بالسير على قدمى الشريعة والطريقة بالعبور على المقامات والوصول الى القربات وهم الأولياء والصديقون وهم اهل الله خاصة وفرقة يعبدون الله على صورة الشريعة وأعمالها وهم المؤمنون المسلمون وهم اهل الجنة وفرقة يعبدون الهوى على وفق الطبيعة ويزعمون انهم يعبدون الله كما ان الكفار يعبدون الأصنام ويقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فهؤلاء ينكرون على اهل الحق وهم اهل البدع والأهواء والسمعة والنفاق وهم اهل النار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وهم المختلفون. والويل الهلاك وهو نكرة وقعت مبتدأ وخبره ما بعده ونظيره سلام عليك فان أصله منصوب نائب مناب فعله لكنه عدل به الى الرفع على الابتداء للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى من شهود يوم عظيم الهول والحساب والجزاء وهو يوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [چهـ شنو باشد كافران و چهـ بينا] وهو تعجب من حدة سمعهم وأبصارهم يومئذ ومعناه ان استماعهم وأبصارهم للهدى يَوْمَ يَأْتُونَنا للحساب والجزاء يوم القيامة جدير بان يتعجب منه بعد ان كانوا فى الدنيا صما وعميا والتعجب استعظام الشيء مع الجهل بسببه ثم استعمل لمجرد الاستعظام لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ اى فى الدنيا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فى خطأ ظاهر

[سورة مريم (19) : الآيات 39 إلى 40]

لا يدرك غايته حيث اغفلوا الاستماع والنظر بالكلية حين ينفعهم عمر مكن ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف كه فردا پشيمان بر آرى خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى الظالمين يَوْمَ الْحَسْرَةِ اى من يوم يتحسر فيه ويتحزن الناس ويندمون قاطبة اما المسيئ فعلى إساءته واما المحسن فعلى قلة إحسانه إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ بدل من يوم الحسرة الى فرغ من الحساب وتصادر الفريقان الى الجنة والنار- وروى- ان النبي عليه السلام سئل عن ذلك فقال (حين يجاء بالموت على الصورة الكبش الا ملح فيذبح والفريقان ينظرون فينادى المنادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرح واهل النار غما الى غم) وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ اى عما يفعل بهم فى الآخرة وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر فى قوله تعالى (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) اى مستقرون فى ذلك وهم فى تينك الحالتين وما بينهما اعتراض إِنَّا نَحْنُ تأكيد لانا نَرِثُ نملك الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها ذكر من تغليبا للعقلاء اى لا يبقى لاحد غيرنا عليهم ملك ولا ملك وقد سبق فى سورة الحجر ما يتعلق بهذه الآية وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ اى يردون للجزاء لا الى غيرنا استقلالا او اشتراكا اعلم ان الرجوع على نوعين رجوع بالقهر وهو رجوع العوام لان نفوسهم باقية مطمئنة بالدنيا فلا يخرجون مماهم عليه الا بالكراهة ورجوع باللطف وهو رجوع الخواص لان نفوسهم فانية غير مطمئنة بالدنيا والعقبى بل بالمولى الا على فيخرجون من الدنيا والموت ولقاء الله تعالى أحب إليهم من كل شىء. فعلى السالك ان يجتهد فى تحصيل الفناء والبقاء وتكميل الشوق الى اللقاء ويرجع الى الله تعالى قبل ان يرجع فان سرّ لمن الملك اليوم دائر على هذا صرصر قهر وى از ممكن وحدت بوزيد ... حس وخاشاك تعين همه بر باد ببرد هر چهـ در عرصه إمكان بوجود آمده بود ... سيل عزت همه را تا عدم آباد ببرد ولله عباد خوطبوا فصار كلهم اذنا وشهدوا فصار كلهم عينا وجدوا فى الرحيل حتى حطوا الرحل عند الملك الجليل نظرت فى الراحة الكبرى فلم ارها ... تنال الا على جنس من التعب والجد منها بعيد فى تطلبها ... فكيف تدرك بالتقصير واللعب قال الشيخ ابو الحسن المزين رحمه الله دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا فخطر ببالي انه ما دخل بهذه البادية فى هذه السنة أحد أشد تجريدا منى فجذبنى انسان من ورائي وقال يا حجام كم تحدث نفسك بالأباطيل فظهر ان الترك والتجرد والرجوع فى الحق على مراتب ولكل سالك خطوة فلا يغتر أحد بحاله ولا يخطر العجب بباله وعن ابراهيم الخواص قدس سره قال دخلت البادية فاصابتنى شدة فكابدتها وصابرتها فلما دخلت مكة داخلنى شىء من الاعجاب فنادتنى عجوز من الطواف يا ابراهيم كنت معك فى البادية فلم أكلمك لانى لم أرد ان اشغل سرك عنه اخرج هذا الوسواس عنك فظهر ان التوفيق للرجوع الى الله

[سورة مريم (19) : الآيات 41 إلى 46]

انما هو من الله وكل كمال فبحوله وقوته ونصرته ومعونته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ اى اتل يا محمد على قومك فى السورة او القرآن قصة ابراهيم وبلغها إياهم كقوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ) وذلك ان اهل الملل كانوا يعترفون بفضله ومشركوا العرب يفتخرون بكونهم من ابنائه فامر الله تعالى حبيبه عليه السلام ان يخبرهم بتوحيده ليقلعوا عن الشرك إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى كل ما يأتى وما يذر مبالغا فيه قائما فى جميع الأوقات نَبِيًّا خبر آخر لكان مقيد للاول يخصص له اى كان جامعا بين الصديقية والنبوة وذلك ان الصديقية تلو النبوة ومن شرطها ان لا يكون نبيا الا وهو صديق وليس من شرط الصديق ان يكون نبيا. ولارباب الصدق مراتب صادق وصدوق وصديق فالصادق من صدق فى قيامه مع الله بالله وفى الله وهو الفاني عن نفسه والباقي بربه. والفرق بين الرسول والنبي ان الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان إِذْ قالَ بدل من ابراهيم بدل الاشتمال لان الأحيان مشتملة على ما فيها اى اذكر وقت قوله لِأَبِيهِ آزر متلطفا فى الدعوة مسهلا له يا أَبَتِ اى يا ابى فان التاء عوض عن ياء الاضافة ولذلك لا يجتمعان اى لا يقال يا ابتى ولا يقال يا ابتا لكون الالف بدلا من الياء لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ ثناءك وتضرعك له به عند عبادتك له وما عبارة عن الصور والتماثيل ولام الاضافة التي دخلت على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر فى قولك بم وعلام وفيم والام ومم وعم حذفت الالف لان ما والحرف كشئ واحد وقل استعمال الأصل وَلا يُبْصِرُ خضوعك وخشوعك بين يديه وَلا يُغْنِي عَنْكَ اى لا يفدر على ان ينفعك شَيْئاً لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وهو مصدر اى شيأ من الإغناء وهو القليل منه او مفعول به اى ولا يدفع عنك شيأ من عذاب الله تعالى يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي بطريق الوحى مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي ولا تستنكف عن التعلم منى أَهْدِكَ [ما بنماييم ترا] صِراطاً سَوِيًّا اى مستقيما موصلا الى أعلى المراتب منجيا من الضلال لم يشافهه بالجهل المفرط وان كان فى أقصاه ولم يصف نفسه بالعلم الفائق وان كان كذلك بل جعل نفسه فى صورة رفيق له فى مسير يكون اعرف وذلك من باب الرفق واللطف يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ فان عبادتك للاصنام عبادة له إذ هو الذي يزينها لك ويغريك عليها إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا ومن جملة عصيانه اباؤه عن السجدة ومعلوم ان طاعة العاصي تورث النقم وزوال النعم والتعرض لعنوان الرحمانية لاظهار كمال شناعة عصيانه يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ ان مت على ما أنت عليه من متابعة الشيطان وعصيان الرحمن أَنْ اى من ان يَمَسَّكَ يصيبك. وبالفارسية [برسيد بتو] عَذابٌ كائن مِنَ الرَّحْمنِ وذلك الخوف للمجاملة فَتَكُونَ [پس باشى] لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا اى قرينا له فى اللعن المخلد او قريبا تليه ويليك من الولي وهو القرب قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال أبوه عند ما سمع منه هذه النصائح الواجبة القبول فقيل قال مصرا على عناده أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ اى أمعرض ومنصرف أنت عنها بتوجيه الإنكار الى نفس الرغبة مع ضرب من التعجب كأن الرغبة عنها مما لا يصدر عن

[سورة مريم (19) : الآيات 47 إلى 51]

العاقل فضلا عن ترغيب الغير عنها قدم الخبر على المبتدأ للاهتمام والاولى كونه مبتدأ وأنت فاعله سد مسد الخبر لئلا يلزم الفصل بين الصفة وما يتعلق بها وهو عن كذا فى تفسير الشيخ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ والله لئن لم ترجع عما كنت عليه من النهى عن عبادتها لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة حتى تموت او تبعد عنى وقيل باللسان يعنى الشتم والذم ومنه الرجيم المرمى باللعن واصل الرجم الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة وَاهْجُرْنِي عطف على ما دل عليه لارجمنك اى فاحذرنى واتركني مَلِيًّا اى زمانا طويلا سالما منى ولا تكلمنى من الملاوة وهو الدهر قالَ ابراهيم وهو استئناف بيانى سَلامٌ عَلَيْكَ [سلام بر تو يعنى ميروم ووداع ميكنم] فهو سلام مفارقة لا سلام لطف واحسان لانه ليس بدعاء له كقوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) على طريقة مقابلة السيئة بالحسنة ودل على جواز متاركة المنصوح إذا اظهر اللجاج. والمعنى سلمت منى لا اصيبك بمكروه بعد ولا أشافهك بما يؤذيك ولكن سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي السين للاستقبال او لمجرد التأكيد اى استدعيه ان يغفر لك بان يوفقك للتوبة ويهديك الى الايمان كما يلوح به تعليل قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) بقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) والاستغفار بهذا المعنى للكافر قبل تبيين انه يموت على الكفر مما لا ريب فى جوازه وانما المحظور استدعاؤه له مع بقائه على الكفر فانه مما لا مساغ له عقلا ولا نقلا واما الاستغفار له بعد موته على الكفر فلا يأباه قضية العقل وانما الذي يمنعه السمع ألا يرى الى انه عليه السلام قال لعمه ابى طالب (لا أزال استغفر لك ما لم أنه عنه) فنزل قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية ولا اشتباه فى ان هذا الوعد من ابراهيم وكذا قوله (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وما ترتب عليهما من قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) انما كان قبل انقطاع رجائه عن إيمانه لعدم تبين امره (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا اى بليغا فى البر والألطاف يقال حفيت به بالغت وتحفيت فى إكرامه بالغت وَأَعْتَزِلُكُمْ اى أتباعد عنك وعن قومك بالمهاجرة بديني حيث لم يؤثر فيكم نصائحى وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى تعبدون وَأَدْعُوا رَبِّي اى اعبده وحده عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا اى بدعائى إياه خائبا ضائع السعى وفيه تعريض لشقائهم فى عبادتهم آلهتهم حاجت ز كسى خواه كه محتاجانرا ... بي بهره نكرداند از انعام عميم وفى تصدير الكلام بعسى اظهار التواضع ومراعاة حسن الأدب فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بالمهاجرة الى الشام قال فى تفسير الشيخ فارخل من كوئى الى الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ابن إسحاق بدل من فارقه من أقربائه الكفرة لا عقيب المجاوزة والمهاجرة فان المشهور ان الموهوب حينئذ إسماعيل لقوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) اثر دعائه بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ولعل تخصيصهما بالذكر لانهما شجرة الأنبياء او لانه أراد ان يذكر إسماعيل بفضل على انفراده وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا اى كل واحد منهم جعلناه نبيا لا بعضهم دون بعض فكلا مفعول أول لجعلنا قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة الى من عداهم بل بالنسبة الى بعضهم وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا كل خير دينى ودنيوى

[سورة مريم (19) : آية 51]

مما لا يوهب لاحد من العالمين وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ثناء حسنا رفيعا فان لسان الصدق هو الثناء الحسن على ان يكون المراد باللسان ما يوجد به من الكلام ولسان العرب وإضافته من اضافة الموصوف الى الصفة اى يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم استجابة لدعوته بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ اعلم ان فى الآيات إشارات منها الرفق وحسن الخلق فان الهادي الى الحق يجب ان يكون رفيقا فان العنف يوجب اعراض المستمع وفى الحديث (اوحى الله الى ابراهيم ان يا خليل حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار فان كلمتى سبقت لمن حسن خلقه بان اظله تحت عرشى واسكنه حظيرة القدس وادنيه من جوارى) : قال الصائب كذشت عمرو نكردى كلام خود را نرم ... ترا چهـ حاصل ازين آسياى دندانست ومنها المتابعة قال ابو القاسم الطريق الى الحق المتابعة من علت مرتبته اتبع الكتاب ومن نزل عنهم اتبع الرسول عليه السلام ومن نزل عنهم اتبع الصحابة رضى الله عنهم ومن نزل عنهم اتبع اولياء الله والعلماء بالله واسلم الطرق الى الله طريق الاتباع لان سهل بن عبد الله قال أشد ما على النفس الاقتداء فانه ليس للنفس فيه نفس ولا راحة ومنها العزلة قال ابو القاسم من أراد السلامة فى الدنيا والآخرة ظاهرا وباطنا فليعتزل قرناء السوء واخدان السوء ولا يمكنه ذلك الا بالالتجاء والتضرع الى ربه فى ذلك ليوفقه لمفارقتهم فان المرأ مع من أحب قال بعض الكبار العزلة سبب لصمت اللسان فمن اعتزل عن الناس لم يجد من يحادثه فاداه ذلك الى صمت اللسان وهى على قسمين عزلة المريدين بالأجسام عن الأغيار وعزلة المحققين بالقلوب عن الأكوان فليست قلوبهم محالا لغير علم الله الذي هو شاهده الحاصل فيها من المشاهدة ونية اهل العزلة اما اتقاء شر الناس واما اتقاء شره المتعدى إليهم وهو ارفع من الاول إذ سوء الظن بالنفس اولى من سوء الظن بالغير واما إيثار صحبة المولى على صحبة السوي فاعلى المعتزلين من اعتزل عن نفسه إيثار الصحبة ربه فمن آثر العزلة على المخالطة فقد آثر ربه على غيره ولم يعرف أحد ما يعطيه الله من المواهب والاسرار والعزلة تعطى صمت اللسان لا صمت القلب إذ قد يتحدث المرء فى نفسه بغير الله ومع غير الله فلهذا حعل الصمت ركنا برأسه من اركان الطريق وحال العزلة التنزيه عن الأوصاف سالكا كاد المعتزل يكون صاحب يقين مع الله تعالى حتى لا يكون له خاطر متعلق بخارج بيت عزلته والهجرة سبب للعزلة عن الأشرار من هاجر فى طلب رضى الله أكرمه الله فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الرضى بالهجرة والخلوة والعزلة ونحوها: قال الصائب در مشرب من خلوت اگر خلوت كور است ... بسيار به از صحبت ابناى زمانست ومنها ان من فارق محبوبه ابتغاء لمرضاة الله تعالى فان الله تعالى يجعل له بدلا خيرا من ذلك وأحب فيأنس به ويتوحش عما الف به فيما مضى فيحصل الحل والعقد على مراد الله اللهم اجعلنا من المنقطعين إليك والمستوحشين عما سواك والسالكين الى سبيل الفناء والطالبين لرضاك وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى قدم ذكره على إسماعيل لئلا ينفصل عن ذكر يعقوب

[سورة مريم (19) : الآيات 52 إلى 56]

إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً أخلصه الله من الأدناس والنقائص ومما سواه وهو معنى الفتح الموافق للصديق فان اهل الاشارة قالوا ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية قال فى التأويلات النجمية اعلم ان الإخلاص فى العبودية مقام الأولياء فلا يكون ولى الا وهو مخلص ولا يكون كل مخلص نبيا ولا يكون رسولا الا وهو نبى ولا يكون كل نبى رسولا والمخلص بكسر اللام من أخلص نفسه فى العبودية بالتزكية عن الأوصاف النفسانية الحيوانية والمخلص بفتح اللام من أخلصه الله بعد التزكية بالتحلية بالصفات الروحانية الربانية كما قال النبي عليه السلام (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وقال تعالى (الإخلاص سرّ بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل انا الذي أتولى تحلية قلوب المخلصين بتجلى صفات جمالى وجلالى لهم) وفى الحقيقة لا تكون العبودية مقبولة الا من المخلصين لقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولاخلاص المخلصين مراتب أدناها ان تكون العبودية لله خالصة لا يكون لغير الله فيها شركة وأوسطها ان يكون العبد مخلصا فى بذل الوجود لله الى الله وأعلى درجة المخلصين ان يخلصهم من حبس وجودهم بان يفنيهم عنهم ويبقيهم بوجوده وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا أرسله الله الى الخلق فانبأهم عنه ولذلك قدم رسولا مع كونه أخص وأعلى يقول الفقير تأخير نبيا لاجل الفواصل وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ الطور جبل بين مصر ومدين والايمن فى الأصل خلاف الا يسراى جانب اليمن وهو صفة للجانب اى ناديناه من ناحيته اليمنى وهى التي تلى يمين موسى ازلا يمين للجبل ولا شمال او من جانبه الميمون من اليمن ومعنى ندائه منه انه تمثل له الكلام من تلك الجهة وقال فى الجلالين اقبل من مدين يريد مصر فنودى من الشجرة وكانت فى جانب الجبل على يمين موسى وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا تقريب تشريف مثل حاله بحال من قربه الملك لمناجاته واصطفاه لمصاحبته حيث كلمه بغير واسطة ملك ونجيا اى مناجيا حال من أحد الضميرين فى ناديناه والمناجاة [راز كفتن] كما فى التهذيب يقال ناجاه مناجاة ساره كما فى القاموس وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا اى من أجل رحمتنا ورأفتنا به أَخاهُ هارُونَ أخاه مفعول وهبنا وهارون عطف بيان لاخاه نَبِيًّا حال منه ليكون معه وزيرا معينا كما سأل ذلك ربه فقال وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي فالهبة على ظاهرها كما فى قوله وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فان هارون كان أسن من موسى فوجب الحمل على المعاضدة والموازرة [صاحب كشف الاسرار كويد حضرت موسى عليه السلام را هم روش بود وهم كشش اشارت بروش او وَلَمَّا جاءَ مُوسى عبارت از كشش او وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا سالك تا در روش است خطر دارد و چون كشش در رسيد خطر را باو كار نيست يعنى در سلوك شوب تفرقه هست وجذبه محض جمعيت است با خود روى بيحاصلى چون او كشيدت وأصلي ... رفتن كجا بردن كجا اين سر ربا نيست اين قال المولى الجامى

[سورة مريم (19) : آية 54]

سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند وفى التأويلات النجمية قوله (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) يشير الى ان النبوة ليست بكسبية بل هى من مواهب الحق تعالى يهب لمن يشاء النبوة ويهب لمن يشاء الرسالة من رحمته وفضله لا من كسبهم واجتهادهم على ان توفيق الكسب والاجتهاد ايضا من مواهب الحق تعالى وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام أشد اختصاصا بالقربة والقبول عند الله تعالى حتى يهب أخاه هرون النبوة والرسالة بشفاعته والعجب ان الله تعالى يهب النبوة والرسالة بشفاعة موسى عليه السلام وانه يهب الانبيا والرسل محمد صلى الله عليه وسلم لقوله (الناس يحتاجون الى شفاعتى حتى ابراهيم عليه السلام) اللهم اجعلنا من المستسعدين بشفاعته واحشرنا تحت لوائه ورايته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه لابراز كمال الاعتناء بامره بايراده مستقلا اى واتل على قومك يا محمد فى القرآن قصة جدك إسماعيل وبلغها إليهم إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ فيما بينه وبين الله وكذا بين الناس قال فى التأويلات النجمية فيما وعد الله بأداء العبودية انتهى والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وإيراده بهذا الوصف لكمال شهرته به واتصاله بأشياء فى هذا الباب لم تعهد من غيره عن ابن عباس رضى الله عنهما ان إسماعيل عليه السلام وعد صاحبا له ان ينتظره فى مكان فانتظره سنة نيست بر مردم صاحب نظر ... صورتى از صدق ووفا خوبتر وناهبك انه وعد الصبر على الذبح فوفى حيث قال (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) وفيه حث على صدق الوعد والوفاء به والأصل فيه نيته لقوله عليه السلام (إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته ان يفى فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا اثم عليه) واعلم ان الله تعالى اثنى على إسماعيل بكونه صادق الوعد اشارة الى ان الثناء انما يتحقق بصدق الوعد وإتيان الواعد بالموعود لا بصدق الوعيد وإتيان المتوعد بما توعد به إذ لا يثنى عقلا وعرفا على من يصدر منه الآفات والمضرات بل على من يصدر منه الخيرات والمبرات ومن هذا ذهب بعض العلماء الى ان الخلف فى الوعيد جائز على الله تعالى دون الوعد صرحه الامام الواحدي فى الوسيط فى قوله تعالى فى سورة النساء (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) الآية وفى الحديث (من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار) والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا ان يعد أحد شرا ثم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا كما قيل وانى إذا أوعدته او وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدى وقيل إذا وعد السرّاء نجر وعده ... وان أوعد الضراء فالعقل مانعه واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على ما ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم كذا فى شرح العضد للجلال الدواني وَكانَ رَسُولًا أرسله الله تعالى

[سورة مريم (19) : الآيات 55 إلى 56]

الى جزهم والى العماليق والى قبائل اليمن فى زمن أبيه ابراهيم عليهما السلام قال فى القاموس جرهم كقنفذ حى من اليمن تزوج فيهم إسماعيل نَبِيًّا يخبر عن الله وكان على شريعة أبيه ابراهيم ولم يكن له كتاب انزل اليه بإجماع العلماء وكذا لوط وإسحاق ويعقوب وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ الخاص وهو من اتصل به بجهة الزوجية والولاد والعام وهو من اتصل به بجهة الدعوة وهم قومه ويجوز ان يرجح الاول لان الأهم ان يقبل الرجل بالتكميل على نفسه ومن هو اقرب الناس اليه قال تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ. قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) فانهم إذا صلحوا صلح الكل وتزيى بزيهم فى الخير والصلاح بِالصَّلاةِ التي هى اشرف العبادات البدنية وَالزَّكاةِ التي هى أفضل العبادات المالية وفيه اشارة الى ان من حق الصالح ان ينصح للاقارب والأجانب ويحظيهم بالفوائد الدينية اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بي نوا را وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا فى الأقوال والافعال والأحوال وفى الجلالين مرضيا لانه قد قام بطاعته انتهى اى مرد اكرت رضاء دلبر بايد ... آن بايد كرد هر چهـ او فرمايد كر كويد خون كرى مكو از چهـ سبب ... ور كويد جان بده مكو كه نايد وعن بعض الصالحين انه قال نزل عندى أضياف وعلمت انهم من ابدال فقلت لهم او صونى بوصية بالغة حتى أخاف الله قالوا نوصيك بستة أشياء. أولها من كثر نومه فلا يطمع فى رقة قلبه. ومن كثرا كله فلا يطمع فى قيام الليل. ومن اختار صحبة ظالم فلا يطمع فى استقامة دينه. ومن كان الكذب والغيبة عادته فلا يطمع فى ان يخرج من الدنيا مع الايمان. ومن كثر اختلاطه بالناس فلا يطمع فى حلاوة العبادة. ومن طلب رضى الناس فلا يطمع فى رضى الله تعالى واعلم ان المرضى المطلق هو الإنسان الكامل الجامع لجميع الكمالات المحيط بحقائق جميع الأشياء والصفات واما من دونه فمرضى بوجه دون وجه وعلى حال دون حال نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الرضى واليقين والسكون والتمكين آمين وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ هو جد ابى نوح فان نوحا بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام ابن يرد بن مهلاييل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم ولد وآدم حى قبل ان يموت بمائة سنة كذا فى روضة الخطيب وقال الكاشفى [در جامع الأصول آورده كه إدريس بصد سال بعد از وفات آدم متولد شده] هو أول من وضع الميزان والمكيال وأول من اتخذ السلاح وجاهد فى سبيل الله وسبى واسترق بنى قابيل وأول من خط بالقلم ونظر فى علم الحساب والنجوم وأول منى خاط الثياب وكانوا يلبسون الجلود وأول من لبس ثوب القطن واشتقاقه من الدرس يمنعه منع صرفه نعم لا يبعد ان يكون فى تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة دراسته إذ روى انه تعالى انزل عليه ثلاثين صحيفة إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى جميع أحواله نَبِيًّا خبر آخر لكان مخصص للاول إذ ليس كل صديق نبيا قال عباس ابن عطاء ادنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وادنى مراتب النبيين أعلى مرتب الصديقين

[سورة مريم (19) : الآيات 57 إلى 58]

وأدنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا وهو السماء الرابعة فان النبي عليه السلام رأى آدم ليلة المعراج فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى الثانية ويوسف فى الثالثة وإدريس فى الرابعة وهارون فى الخامسة وموسى فى السادسة وابراهيم فى السابعة واختلف القائلون بانه فى السماء أهو حى فيها أم ميت فالجمهور على انه حى وهو الصحيح وقالوا اربعة من الأنبياء فى الاحياء اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس واثنان فى السماء إدريس وعيسى كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [در رفع إدريس اخبار متنوعه هست ابن عباس فرمود كه روزى إدريس را حرارت آفتاب غلبه كرد مناجات كرد كه الهى با وجود اين مقدار بعد كه ميان من وآفتاب هست از حرارت او باحتراق نزديك شدم آيا آن فرشته كه حامل اوست چهـ حال داشته باشد خدايا بار آفتاب وشدت برو سبك كردان واو را از تاب حرارت آفتاب در سايه عنايت خود محفوظ دار از تاب آفتاب حوادث چهـ غم خورد ... آنرا كه سائبان عنايت پناه اوست حق سبحانه وتعالى دعاى او مستجاب فرمود روز ديكر آن فرشته كه حامل آفتابست خود را سبكبار يافت وتأثيرى از حرارت او فهم نكرد سبب آنرا از حضرت عزت استدعا نمود خطاب رسيد كه بنده من إدريس در حق تو دعا كرده ومن اجابت كردم آن فرشته اجازت خواست كه بزيارت إدريس آيد اجازت يافت وبر زمين آمد وبالتماس إدريس او را به پر با فر خود نشانيده بآسمان برد ونزديك مطلع آفتاب رسانيده وباستدعاى إدريس كميت عمر وكيفيت أجل وى از ملك الموت پرسيد وعزرائيل در ديوان أعمار نكاه كرده فرمود كه حكم الهى درباره اين كس كه تو ميكويى آنست كه حالى نزديك مطلع آفتاب متوفى شود و چون آن فرشته باز آمد إدريس را يافت نقد جان بخازن أجل سپرده طوطى روحش بشكرستان قدس پرواز كرده. وروايتى ديكر آنست كه ملك الموت از كثرت طاعت إدريس مشتاق ديدارش شد وبإذن حق تعالى بر زمين آمده ويرا در يافت وبامر الهى بالتماس إدريس جانش برداشت وباز حق سبحانه جانش داد وعزرائيل او را بآسمان برد ودوزخ بدو نمود واز آنجا ببهشت رفت وديكر بيرون نيامد] فالآية دلت على رفعته وعلى علو مكانه وهو فلك الشمس اما رفعته فبتبعية مكانه واما علو مكانه فبوجهين أحدهما باعتبار ما تحته من الكرات الفلكية والعنصرية وثانيهما باعتبار المرتبة بالنسبة الى جميع الافلاك وذلك ان فلك الشمس تحته سبعة أفلاك فلك الزهرة وفلك عطارد وفلك القمر وكرة الأثير اى النار وكرة الهواء وكرة الماء وكرة التراب وفوقه سبعة أفلاك ايضا فلك المريخ وفلك المشترى وفلك زحل وفلك الثوابت والفلك الأطلس وفلك الكرسي وفلك العرش فاعلى الامكنة بالمكانة والمرتبة فلك الشمس الذي هو قطب الافلاك إذا لفيض انما يصل من روحانيته الى سائر الافلاك كما ان من كوكبه يتنور الافلاك جميعا وذلك كما يقال على القلب يدور البدن اى منه يصل الفيض الى سائر البدن وفى فلك الشمس مقام روحانية إدريس كما يشعر به حديث المعراج وفى التأويلات النجمية المكان العلى فوق المكونات عند المكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى وقد اعطى الله تعالى للمحمديين علو المكانة لكن العبد لا يتصور

[سورة مريم (19) : آية 58]

ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه: وفى المثنوى دست بر بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن «1» حيلها و چارها كر اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست فعلى العامة ان لا يلتفتوا الى العلو الإضافي الحاصل من بعض الرياسات كالقضاء والتدريس والامامة والامارة ونحوها وعلى الخاصة ان لا ينظروا الى العلو الاعتباري الحاصل من بعض المقامات كالافعال والصفات فان الكمال الحقيقي هو الترقي من كل اضافة فانية وعلاقة زائلة والتجرد من ملابس كل كون حادث صورة ومعنى ألا ترى الى حال اصحاب الصفة رضى الله عنهم نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا من المفتخرين بغيره أُولئِكَ اشارة الى المذكورين فى هذه السورة من زكريا الى إدريس وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بانواع النعم الدينية والدنيوية واصناف المواهب الصورية والمعنوية وقد أشير الى بعض ما يخص كلامنهم مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول ونظيره فى سورة الفتح (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بدل منه باعادة الجار يقال ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ اى ومن ذرية من حملنا معه فى سفينته خصوصا وهم من عدا إدريس فان ابراهيم كان من ذرية سام بن نوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم الباقون وَإِسْرائِيلَ عطف على ابراهيم اى ومن ذرية إسرائيل اى يعقوب وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وفيه دليل على ان أولاد البنات من الذرية لان عيسى من مريم وهى من نسل يعقوب وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا اى ومن جملة من هديناهم الى الحق واصطفيناهم للنبوة والكرامة قالوا من فيه للتبيين ان عطف على من النبيين وللتبعيض ان عطف على ومن ذرية آدم إِذا تُتْلى تقرأ عَلَيْهِمْ على هؤلاء الأنبياء آياتُ الرَّحْمنِ اى آيات الترغيب والترهيب فى كتبهم المنزلة خَرُّوا سقطوا على الأرض حال كونهم سُجَّداً ساجدين جمع ساجد وَبُكِيًّا باكين جمع باك وأصله بكويا والمعنى ان الأنبياء قبلكم مع ما لهم من علو الرتبة فى شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله تعالى كانوا يسجدون ويبكون لسماع آيات الله فكونوا مثلهم وفى الحديث (اتلوا القرآن وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا) يقال تباكى فلان إذا تكلف البكاء اى ان لم تبك أعينكم فلتبك قلوبكم يعنى تحزنوا عند سماع القرآن فان القرآن نزل بحزن على المحزونين قال الكاشفي [كلام دوست مهيج شوقست چون آتش شوق بر كانون دل بر افروخته كردد از ديده

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان بار وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ

[سورة مريم (19) : الآيات 59 إلى 64]

خون ريختن كيرد اى دريغا أشك من دريا بدى ... تا نثار دلبر زيبا بدى أشك كان از بهر آن بارند خلق ... كوهرست وأشك پندارند خلق قال فى التأويلات النجمية (خَرُّوا) بقلوبهم على عتبة العبودية (سُجَّداً) بالتسليم للاحكام الازلية (وَبُكِيًّا) بكاء السمع بذوبان الوجود على نار الشوق والمحبة انتهى قالوا ينبغى ان يدعو الساجد فى سجدته بما يليق بآياتها فههنا يقول «اللهم اجعلنى من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك» وفى آية الاسراء «اللهم اجعلنى من الباكين إليك الخاشعين لك» وفى آية تنزيل السجدة يقول «اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك ان أكون من المستكبرين عن أمرك» قال الكاشفى [اين سجده پنجمست از سجدات كلام الله حضرت شيخ قدس سره اين سجده را كه بجهت تلاوت آيات رحمانى مى بايد سجود انعام عام كفته وكريه كه متفرع بر اوست انرا كريه فرح وسرور ميداند چهـ رحمت رحمانيست مقتضى لطف ورأفت است وموجب بهجت ومسرت پس نتيجه او طربست نه اندوه وتعب] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ولعقب الشر خلف بالسكون اى فعقب الأنبياء المذكورين وجاء بعدهم عقب سوء من أولادهم وفى الجلالين بقي من بعد هؤلاء قوم سوء يعنى اليهود والنصارى والمجوس انتهى وفى الحديث (ما من نبى بعثه الله فى امة الا كان له من أمته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويعتقدون بامره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل) ذكره مسلم أَضاعُوا الصَّلاةَ تركوها أو أخروها عن وقتها او ضيعوا ثوابها بعد الأداء بالنميمة والغيبة والكذب ونحوها او شرعوا فيها بلا نية وقاموا لها بلا خضوع وخشوع وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ من شرب الخمر واستحلال نكاح الاخت من الأب والانهماك فى فنون المعاصي وعن على رضى الله عنه هم من نبى المشيد وركب المنظور ولبس المشهور وفى الحديث (اوحى الله الى داود مثل الدنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب ان تكون كلبا مثلهم فتجر معهم يا داود طيب الطعام ولين اللباس والصيت فى الناس والجنة فى الآخرة لا يحتمعان ابدا) واعلم ان تيسير اسباب الشهوات ليس من امارة الخير وعلامة النجاة فى الآخرة ومن ثمة امتنع عمر رضى الله عنه من شرب ماء بارد بعسل وقال اعزلوا عنى حسابها وقال وهب بن منبه التقى ملكان فى السماء الرابعة فقال أحدهما للآخر من اين فقال أمرت بسوق حوت من البحر اشتهاه فلان اليهودي وقال الآخر أمرت باهراق زيت اشتهاء فلان العابد والشهوة فى الأصل التمني ومعناها بالفارسية [آرزو خواستن] والمراد بها فى الآية المشتهيات المذمومة. والفرق بين الهوى والشهوة ان الهوى هو المذموم من جملة الشهوات والشهوة قد تكون محمودة وهى من فعل الله تعالى وهى ما يدعو الإنسان الى الصلاح وقد تكون

[سورة مريم (19) : الآيات 60 إلى 62]

مذمومة وهى من فعل النفس الامارة بالسوء وهى استجابتها لما فيه لذاتها البدنية ولا عبادة لله أعظم واشرف من مخالفة الهوى والشهوات وترك اللذات: قال الشيخ سعدى مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا اى شرا فان كل شر عند العرب غى فكل خير رشاد وعن الضحاك جزاء غى كقوله تعالى (يَلْقَ أَثاماً) اى جزاء اثام وقيل غى واد من جهنم يستعيذ من حره أوديتها أعد للزانى وشارب الخمر وآكل الربا وشاهد الزور ولاهل العقوق وتارك الصلاة إِلَّا مَنْ تابَ رجع من الشرك والمعاصي وَآمَنَ اختيار الايمان مكان الكفر وَعَمِلَ صالِحاً بعد التوبة والندم فَأُولئِكَ المنعوتون بالتوبة والايمان والعمل الصالح يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بموجب الوعد المحتوم وَلا يُظْلَمُونَ لا ينقصون من جزاء أعمالهم شَيْئاً ولا يمنعونه فالظلم بمعنى النقص والمنع وشيأ مفعوله ويجوز ان يكون شيأ فى موضع المصدر اى ولا يظلمون البتة شيأ من الظلم جَنَّاتِ عَدْنٍ بدل من الجنة بدل البعض لان الجنة تشتمل على جنات عدن وما بينهما اعتراض وجنات عدن علم لجنة مخصوصة كشهر رمضان وقد يحذف المضاف حيث يقال جاء رمضان وقيل جنات عدن علم لدار الثواب جميعها والعدن الاقامة وهو الأنسب بمثل هذا المقام فان جنة عدن المخصوصة وجنة الفردوس لا يدخلهما العوام بالاصالة لانهما مقام المقربين الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ اى وعدها إياهم ملتبسة بِالْغَيْبِ اى وهى غائبة عنهم غير حاضرة او غائبين عنها لا يرونها وانما آمنوا بها بمجرد الاخبار والتعرض لعنوان الرحمة للابذان بان وعدها وإنجازه لكمال سعة رحمته تعالى وفى الاضافة اشارة الى ان المراد من يعبده مخلصا له فى العبودية لا يعبد الدنيا والنفس والهوى إذ كمال التشريف بالاضافة انما يحصل بهذا المعنى فله جنة عدن المخصوصة إِنَّهُ اى الله تعالى كانَ وَعْدُهُ اى موعوده الذي هو الجنة مَأْتِيًّا اى يأتيه من وعد له لا محالة بغير خلف فالمأتى بمعنى المفعول من الإتيان او بمعنى الفاعل اى جائيا البتة لا يَسْمَعُونَ فِيها فى تلك الجنات لَغْواً اى فضول كلام لا طائل تحته وهو كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها وفيه تنبيه على ان اللغو مما ينبغى ان يجتنب عنه فى هذه الدار ما أمكن إِلَّا سَلاماً استثناء منقطع اى لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم او تسليم بعضهم على بعض وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً [بامداد] وَعَشِيًّا [شبانكاه] والمراد دوام الرزق كما يقال انا عند فلان صباحا ومساء يراد الدوام منه وقيل يؤتى طعامهم على مقدار البكرة والعشى إذ لا نهار ثمة ولا ليل بل هم فى نور ابدا وانما وصف الله الجنة بذلك لان العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشى قال الامام فى تفسيره فان قيل المقصود من الآيات وصف الجنة بأمور مستعظمة وليس وصول الرزق بكرة وعشيا منها قلنا قال الحسن أراد ان يرغب كل قوم بما احبوه فى الدنيا فلذلك ذكر أساور الذهب والفضة ولبس

[سورة مريم (19) : الآيات 63 إلى 64]

الحرير الذي كان عادة العجم والأرائك التي كانت عادة اشراف اليمن ولا شىء أحب الى العرب من الغداء والعشاء قال فى التأويلات النجمية وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها من رؤية الله تعالى بُكْرَةً وَعَشِيًّا كما جاء فى الخبر (وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشيا) انتهى تِلْكَ اشارة الى الجنة المذكورة المتقدمة يريد تلك التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها الْجَنَّةُ قال فى الإرشاد مبتدأ وخبر جيى به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها ويجوز ان يكون الجنة صفة للمبتدأ الذي هو اسم الاشارة وخبره قوله الَّتِي نُورِثُ اى نورثها ونعطيها بغير اختيار الوارث مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا مجتنبا عن الشرك والمعاصي مطيعا لله اى نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال نورث والميراث ما انتقل من شخص الى شخص والجواب ان هذا على وجه التشبيه أراد ان الأعمال سبب لها كالنسب ملك بلا كسب ولا تكلف وكذا الجنة عطاء من الله ورحمة منه خلافا للقدرية انتهى والوراثة أقوى ما يستعمل فى التملك والاستحقاق من حيث انها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا ابطال ولا إسقاط قال فى الأشباه لو قال الوراث تركت حقى بطل حقه انتهى وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لاهل النار لو آمنوا وأطاعوا زيادة فى كرامتهم قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اعلم ان الجنات ثلاث الاولى جنة اختصاص الهى وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن أهلها اهل التوحيد العلمي ومن أهلها اهل الفترات ومن لم تصل إليهم دعوة رسول والجنة الثانية جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا من المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها والجنة الثالثة جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحال دون المفضول او لم يكن فما من عمل الا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال (يا بلال بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال رسول الله عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه الا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الطاعة وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ قال مجاهد ابطأ الملك على رسول الله عليه السلام ثم أتاه فقال له عليه السلام (ما حبسك يا جبرائيل) قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ

[سورة مريم (19) : الآيات 65 إلى 71]

وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ كما فى اسباب النزول وسفينة الأبرار وفى الحديث (نقوا براجمكم) وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها الوسخ واحدها برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة والجمع رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الإصبع فلكل إصبع برجمتان وثلاث رواجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فامر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة ذكره القرطبي وقال بعض المفسرين هو حكاية لقول جبريل حين استبطأه رسول الله لما سئل عن اصحاب الكهف وذى القرنين والروح فلم يدر كيف يجيب ورجا ان يوحى اليه فيه فابطأ عليه أربعين يوما او خمسة عشر فشق عليه ذلك مشقة شديدة وقال المشركون ودعه ربه وقلاه فلما نزل ببيان ذلك قال له (ابطأت علىّ حتى ساء ظنى واشتقت إليك) فقال جبريل انى كنت أشوق ولكنى عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فانزل الله هذه الآية وسورة والضحى. والتنزل النزول على مهل لانه مطاوع للتنزيل والمعنى قال الله لجبريل قل لمحمد وما نتنزل وقتا غب وقت الا بامر الله على ما تقتضيه حكمته لَهُ اى لله بالاختصاص ما بَيْنَ أَيْدِينا من الأمور الاخروية الآتية وَما خَلْفَنا من الأمور الدنيوية الماضية وَما بَيْنَ ذلِكَ ما بين ما كان وما سيكون اى من هذا الوقت الى قيام الساعة وفى التأويلات النجمية لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا من التقدير الأزلي وَما خَلْفَنا من التدبير الابدى وَما بَيْنَ ذلِكَ من ازل الى الابد انتهى ونظيره قوله تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [فراموشكار يعنى از حال تو آگاهست هر كاه كه خواهد ما را بتو فرستد] قال اهل التفسير فعيل بمعنى فاعل من النسيان بمعنى الترك اى تاركا لك كما زعمت الكفرة وان تأخر عنك الوحى لمصلحة او بمعنى نقيض الذكر الذي هو الغفلة اى غافلا عنك رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر مبتدأ محذوف اى هو مالكهما وَما بَيْنَهُما من الخلق فكيف يجوز النسيان على الرب فَاعْبُدْهُ اى إذا كان هو الرب فاثبت على عبادته يا محمد والعبادة قيام العبد بما تعبد به وتكلف من امتثال الأوامر والنواهي وفى التأويلات النجمية فَاعْبُدْهُ بجسدك ونفسك وقلبك وسرك وروحك فعبادة جسدك إياه بأركان الشريعة وهى الائتمار بما أمرك الله به والانتهاء عما نهاك الله عنه وعبادة نفسك بآداب الطريقة وهى ترك موافقة هواها ولزوم مخالفة هواها وعبادة القلب الاعراض عن الدنيا وما فيها والإقبال على الآخرة ومكارمها وعبادة السر خلوه عن تعلقات الكونين اتصالا بالله تعالى ومحبة وعبادة الروح ببذل الوجود لنيل الشهود وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ اى اصبر لمشاقها ولا تحزن بإبطاء الوحى واستهزاء الكفرة وشماتتهم بك فانه يراقبك ويراعيك ويلطف بك فى الدنيا والآخرة. وتعديه الاصطبار باللام لا بحرف الاستعلاء كما فى قوله وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز اصطبر لقرنك اى اثبت له فيما يورد عليك من شدائده وحملاته هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا السمى الشريك فى الاسم والمثل والشبيه اى مثلا يستحق ان يسمى الها وانما قيل للمثل سمى لان كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والنظير وكل واحد منهما سمى لصاحبه او أحدا يسمى الله غيره فان المشركين

[سورة مريم (19) : آية 66]

مع غلوهم فى المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلا والمراد بانكار العلم ونفيه انكار المعلوم ونفيه اى لا يكون ولم يكن ذلك قال الكاشفى [يكى از آثار سطوت الهى آن بود كه هيچ كس از اهل شرك معبود خود را الله نكفته اند عزت احديت وغيرت الوهيت اين اسم سامى را از تصرف كفار وتسميه ايشان در حصن حصين أمان محفوظ داشت وزبان اهل ايمانرا در نعمت ومحنت وسرا وضرا بتكرر آن نام نامى جارى ساخت] الله الله چهـ طرفه نامست اين ... حرز دل ورد جان تمامست اين بس بود نزد صاحب معنى ... حسبى الله كواه اين دعوى روى ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته وقال فرعون مصر للقبط انا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يسمى أحد الرحمن وغيره قال المولى الفنارى فى ترتيب اسماء البسملة ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة لمسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا ولا اختصاص للرحيم قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلغنا انك انما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن وانا والله لن نؤمن بالرحمن ابدا وقدعنوا بالرحمن مسيلمة الكذاب وقيل عنوا كاهنا كان لليهود باليمامة وقدرد الله عليهم بان الرحمن المعلم له هو الله تعالى بقوله قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ اى توبتى ورجوعى كما فى انسان العيون وتكره التسمية بالأسماء التي لا تليق الا بالله تعالى كالرحمن والرحيم والا له والخالق والقدوس ونحوها قال الله تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ قال بعض المفسرين قل سموهم باسمائى ثم انظروا هل تليق بهم اى لا تليق بهم وغير رسول الله عليه السلام اسم العزيز لان العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة كما فى أبكار الافكار وَيَقُولُ الْإِنْسانُ بطريق الإنكار والاستبعاد للبعث وهو ابى بن خلف حين فت عظما باليا فقال يزعم محمد انا نبعث بعد ما نموت ونصير الى هذه الحال أَإِذا ما مِتُّ وكنت رميما لَسَوْفَ أُخْرَجُ من القبر حال كونى حَيًّا وبالفارسية [آيا چون بميرم من هر آينه زود بيرون شوم از خاك زنده يعنى چكونه تواند بود كه مرده زنده شود واز خاك بيرون آيد] تقديم الظرف وايلاؤه حرف الإنكار لما ان المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة وانتصابه بفعل دل عليه اخرج وهو البعث لا به فان ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها لصدارتها وهى فى الأصل للحال وهاهنا للتأكيد المجرد اى لتأكيد معنى همزة الإنكار فى أإذا ولذا جاز اقترانها بسوف الذي هو حرف الاستقبال وفى التكملة اللام فى قوله تعالى لَسَوْفَ ليست للتأكيد فانه منكر فكيف يحقق ما ينكر وانما كلامه حكاية لكلام النبي عليه السلام كأنه صلى الله عليه وسلم قال ان الإنسان إذا مات لسوف يخرج حيا فانكر الكافر ذلك وحكى قوله فنزلت الآية على ذلك حكاه الجرجاني فى كتاب نظم القرآن قال فى بحر العلوم لما كانت هذه اللام لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ولام الابتداء لا تدخل الا على الجملة من المبتدأ والخبر وجب تقدير مبتدأ وخبر وان يكون أصله لانا سوف اخرج حيا وما فى أئذا ما للتوكيد ايضا وتكرير التوكيد انكار

[سورة مريم (19) : الآيات 67 إلى 71]

على انكار أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ الهمزة للانكار التوبيخي والواو لعطف الجملة المنفية على مقدر يدل عليه يقول. والذكر فى الأصل هو العلم بما قد علم من قبل ثم تخلله سهو وهم ما كانوا عالمين فالمراد به هنا التذكر والتفكر والمعنى أيقول ذلك ولا يتفكر أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ اى من قبل الحالة التي هو فيها وهى حالة بقائه وَلَمْ يَكُ أصله لم يكن حذفت النون تخفيفا لكثرة الاستعمال او تشبيها بحروف العلة فى امتداد الصوت وقال الرضى النون مشابه للواو فى الغنة شَيْئاً بل كان عدما صرفا فيعلم ان من قدر على الابتداء من غير مادة قدر على الاعادة بجمع المواد بعد تفريقها وفى هذا دليل على صحة القياس حيث أنكر عليه وجهله فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى فيستدل به على البعث والاعادة قيل لو اجتمع الخلق على إيراد حجة فى البعث على هذا الاختصار ما قدروا فَوَ رَبِّكَ الواو للقسم. والمعنى بالفارسية [پس بحق پروردگار تو كه بوقت قيامت] لَنَحْشُرَنَّهُمْ لنجمعن القائلين بالسوق الى المحشر بعد ما اخرجناهم من الأرض احياء وَالشَّياطِينَ معهم وهم الذين أغووهم إذ كل كافر سيحشر مع شيطانه فى سلسلة ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ حال كونهم جِثِيًّا جمع جاث من جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا فيهما جلس على ركبتيه كما فى القاموس اى جالسين على الركب لما يعرضهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما جثيا جماعات جمع جثوة وهى الجماعة واختاره فى تفسير الجلالين ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ لنخرجن قاله البغوي والنزع الجذب مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ امة وفرقة شاعت اى نبعث غاويا من الغواة أَيُّهُمْ موصول حذف صدر صلته منصوب بننزعن الذين هم او استفهام مبتدأ خبره أشد فرفعه على الحكاية اى لننزعن الذين يقال لهم أيهم أَشَدُّ [سختتر وبسيارتر] عَلَى الرَّحْمنِ [بر خداى تعالى] عِتِيًّا [از جهت سركشى وجرأت يعنى أول از هر أمتي آنرا كه نافرمان تر بوده جدا كنيم] يقال عتا على فلان إذا تجاوز الحد فى الظلم والمقصود انه يميز من كل طائفة منهم الاعصى فالاعصى فاذا اجتمعوا يطرح فى النار على الترتيب قال فى الكبير يحضرهم اولا ثم يخص أشدهم تمردا بعذاب أعظم إذ عذاب الضال المضل يجب ان يكون فوق عذاب من يضل تبعا وليس عذاب من يورد الشبهة كعذاب من يقتدى به غافلا قال الله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ انتهى يقول الفقير فى الآية تهديد عظيم لابى المذكور وانه أول منزوع من مشركى العرب لكونه أشد على الرحمن عتيا من جهة مقالته المذكورة واعلم ان أول الأمر البعث ثم الحشر ثم الإحضار ثم النزع ثم الإدخال فى النار وهو قوله تعالى ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى [سزاوارترند] بِها [بآتش دوزخ] صِلِيًّا دخولا يعنى [ميدانيم كه كيست سزاى انكه او را نخست در آتش افكنند] وهم المنتزعون يقال صلى يصلى كلقى يلقى ومضى يمضى إذا دخل النار وَإِنْ مِنْكُمْ اى وما منكم ايها الناس إِلَّا وارِدُها اى واصل جهنم وداخلها كانَ اى ورودهم إياها عَلى رَبِّكَ حَتْماً مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم خلق الله وضرب الأمير اى امرا محتوما أوجبه الله على ذاته

[سورة مريم (19) : الآيات 72 إلى 76]

مَقْضِيًّا حتى انه لا بد من وقوعه البتة ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [پس نجات دهيم آنان را كه پرهيز كردند از شرك يعنى بيرون آريم از دوزخ] أحال الورود الى الوارد وأحال النجاة الى نفسه تعالى ففيه اشارة الى ان كل وارد يرد بقدم الطبيعة فى هاوية الهوى ان شاء وان ابى ولو خلى الى طبيعته لا ينجو منها ابدا ولكن ما نجا من نجا الا بانجاء الله تعالى إياه وَنَذَرُ نترك الظَّالِمِينَ لانفسهم بالكفر والمعاصي فِيها فى جهنم جِثِيًّا [بزانو در آمد كان] وهو اشارة الى هو انهم وتقاعدهم عن الحركة الى الجنة مع الناجين وفى تفسير الجلالين جثيا اى جميعا انتهى اعلم ان الوعيدية وهم المعتزلة قالوا ان من دخلها لا يخرج منها وقالت المرجئة لا يدخلها مؤمن قط وقالوا ان الورود هاهنا هو الحضور لا الدخول فاما اهل السنة فقالوا يجوز ان يعاقب الله العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها وقالوا معنى الورود الدخول كقوله تعالى فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وقال تعالى حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ وبدليل قوله تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا والنجاة انما تكون بعد الدخول فيها كقوله تعالى وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ فان قلت كيف يدخلونها والله تعالى يقول أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها قلت المراد به الابعاد عن عذابها قال فى الاسئلة المقحمة يجوز ان يدخلوها ولا يسمعوا حسيسها لان الله تعالى يجعلها عليهم بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام فالمؤمنون يمرون بجهنم وهى برد وسلام والكافرون وهى نار كما ان الكوز الواحد كان يشربه القبطي فيصير دما والاسرائيلى فيكون ماء عذبا مؤمن فسون چهـ داند بر آتشش بخواند ... سوزش درو نماند گردد چونور روشن «1» وفى الحديث (جز يا مؤمن فان نورك قد اطفأ لهبى) : وفى المثنوى گويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه آتشهاى تو مرد آتشم فان قلت إذا لم يكن فى دخول المؤمنين عذاب فما الفائدة فيه قلت وجوه الاول ان يزيدهم سرورا إذا علموا الخلاص منه والثاني يزيد غم اهل النار لظهور فضيحتهم عند المؤمنين والأولياء الذين كانوا يخوفونهم بالنار والثالث يرون أعداءهم المؤمنين قد تخلصوا منها وهم يبقون فيها والرابع ان المؤمنين إذا كانوا معهم فيها بكتوهم فيزداد غمهم والخامس ان مشاهدة عذابهم توجب مزيد التذاذهم بنعيم الجنة يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان جهنم صورة النفس الامارة ففى الدنيا يرد كل من الأنبياء والأولياء والمؤمنين والكافرين هاوية الهوى بقدم الطبيعة لكن الأنبياء لكون نفوسهم من المطمئنة يجدونها حامدة واما الأولياء فيردون عليها وهى ملتهبة ثم يجهدون الى ان يطفئوها بنور الهدى ويلتحق بهم بعض المؤمنين وهم المعفو عنهم ولا يمر هؤلاء الطوائف الجليلة بالنار فى الآخرة فلا يحترقون بها أصلا واما الكفار فلما كان كفرهم كبريت الهوى فى الدنيا فلا جرم يدخلون النار فى الآخرة وهى ملتهبة فيبقون هناك محترقين مخلدين ويلتحق بهم بعض العصاة وهم المعذبون لكنهم يخرجون منها بسبب نور تقواهم عن الشرك وقال ابن مسعود والحسن وقتادة ورودها الجواز على الصراط الممدود عليها وذلك لانه لا طريق الى الجنة سوى

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى

[سورة مريم (19) : الآيات 73 إلى 74]

الصراط فالمرور فى حكم الورود وفى الحديث (لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار الا تحلة القسم) وهى قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها والنحلة مصدر حللت اليمين اى ابررتها وتحلة القسم ما يفعله الحالف مما اقسم عليه مقدار ما يكون بارا فى قسمه فهو مثل فى القليل المفرط القلة وقال مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده فى الدنيا لقوله عليه السلام (الحمى من فيح جهنم فابردوها) بالماء وفى الحديث (الحمى حظ كل مؤمن من النار) وقد جاء (ان حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوما كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه) وعن جابر رضى الله عنه استأذنت الحمى على رسول الله عليه السلام فقال (من هذه) قالت أم ملدم فامر بها عليه السلام الى اهل قبا فلقوا منها مالا يعلمه الا الله فشكوا اليه عليه السلام فقال (ان شئتم دعوت الله ليكشفها عنكم وان شئتم تكون لكم طهورا) قالوا أو يفعل ذلك قال (نعم) قالوا فدعها قالت عائشة رضى الله عنها قدمنا المدينة وهى اوبى ارض الله ولما حصلت لها الحمى قال لها عليه السلام (مالى أراك هكذا) قالت بابى أنت وأمي يا رسول الله هذه الحمى وسببتها فقال (لا تسبيها فانها مأمورة ولكن ان شئت علمتك كلمات إذا قلتهن اذهب الله عنك) قالت فعلمنى قال (قولى اللهم ارحم جلدى الرقيق وعظمى الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم ان كنت آمنت بالله العظيم فلا تصدعى الرأس ولا تنتنى الفم ولا تأكلى اللحم ولا تشربى الدم وتحولي عنى الى من اتخذ مع الله الها آخر) فقالتها فذهبت عنها كذا فى انسان العيون وَإِذا تُتْلى [و چون خوانده شود] عَلَيْهِمْ اى على المشركين آياتُنا القرآنية بَيِّناتٍ واضحات الاعجاز والمعاني وهى حال مؤكدة فان آيات الله لا ينفك عنها الوضوح قالَ [گويند] الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر بن الحارث وأصحابه لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لفقراء المؤمنين واللام للتبليغ كما فى مثل قوله تعالى وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ أو لام الاجل اى لاجلهم فى حقهم أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ اى المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا أينا خَيْرٌ نحن او أنتم مَقاماً مكانا ومسكنا يعنى [ما را منازل نزه است وهمه اسباب معيشت] وَأَحْسَنُ نَدِيًّا اى مجلسا ومجتمعا قال بعض المفسرين الندى المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم يعنى [در مجمع ما همه صنا ديد قريش واشراف عرب اند ودر مجلس او همه موالى وضعفا]- يروى- انهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة فاذا سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيوية على فقراء المؤمنين لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم فى الدنيا احسن لان الحكيم لا يليق به ان يوقع أولياءه فى العذاب والذل وأعداءه فى العز والراحة لكن الأمر بالعكس وقصدهم بهذا الكلام صرفهم عن دينهم فرد الله عليهم بقوله وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ كم مفعول أهلكنا ومن قرن بيان لابهامها واهل كل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مأخوذ من قرن الدابة وهو مقدمها وقال الكاشفى [من قرن: كروهى را مجتمع بودند در زمان واحد] انتهى كأنه اخذه من الاقتران هُمْ أَحْسَنُ فى محل النصب على انه صفة لكم أَثاثاً تمييز عن النسبة وهو متاع البيت يعنى [نيكوتر از جهت امتعه بيت كه آرايش منازل بدان باشد] وَرِءْياً هو المنظر والهيئة

[سورة مريم (19) : آية 75]

فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثيرا من القرون التي كانوا أفضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود واضرابهم من الأمم العاتية قبل هؤلاء اى كفار قريش أهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء ايضا مثل ذلك قال الكاشفى [نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت] بر مال وجمال خويشتن تكيه مكن ... كانرا بشبى برند وآنرا بتبى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الإنكار واهل العزة بالله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ من الحقائق والاسرار قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق بالإنكار والاستهزاء لِلَّذِينَ آمَنُوا من اهل التحقيق إذا رأوهم مرتاضين مجاهدين مع أنفسهم متحملين متواضعين متذللين متخاشعين وهم متنعمون متمولون متكبرون متبعوا شهوات أنفسهم ضاحكون مستبشرون أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ منا ومنكم خَيْرٌ مَقاماً منزلة ومرتبة فى الدنيا ووجاهة عند الناس وتوسعا فى المعيشة وَأَحْسَنُ نَدِيًّا مجلسا ومنصبا وحكما فقال تعالى فى جوابهم وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ اى أهلكناهم بحب الدنيا ونعيمها إذا غرفناهم فى بحر شهواتها واستيفاء لذاتها والتعزز بمناصبها هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً استعدادا واستحقاقا فى الكمالات الدينية منكم كما قال عليه السلام (خياركم فى الإسلام خياركم فى الجاهلية إذا فقهوا) قُلْ للمفتخرين بالمال والمنال مَنْ شرطية والمعنى بالفارسية [هر كه] كانَ مستقرا فِي الضَّلالَةِ [در گمراهى ودر دورى از راه حق] مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى يمد له ويمهله بطول العمر وأعطاه المال والتمكين من التصرفات وإخراجه على صيغة الأمر للايذان بان ذلك مما ينبغى ان يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير او للاستدراج واعتبار الاستقرار فى الضلالة لما ان المد لا يكون الا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله والتعرض لعنوان الرحمانية لما ان المد من احكام الرحمة الدنيوية قال شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى فليستدرجه الرحمن استدراجا بمد عمرة وتوسيع ماله وتكثير ولده او فليمهله الرحمن امهالا بمد راحته على الطغيان وإيصال نعمته على وجه الإحسان حتى يقع فى العقاب والعذاب على سبيل التدريج لا التعجيل فيكون عقابه وعذابه أكمل وأشمل اثرا والما لان الاخذ على طريق التدريج والنعمة أشد منه على طريق التعجيل والنقمة مع ان مبدأ المد مطلقا هو الرحمن دون القهار او الجبار لان كلا منهما مبدأ الشدة ولذلك عبربه لا بغيره هذا هو الخاطر ببالي فى وجه التعبير بالرحمن وان كانت أشدية عقاب الرحمن وجها لكن وجه أشدية عقابه ما ذكرنا لانه إذا أراد العقاب يأتى به على وجه الرحمة والنعمة فيكون كدرا بعد الصفاء والما بعد الراحة وشدة بعد الرخاء فهذا أقوى اثرا والحاصل لا يتصور وقوع المد المذكور الا من الرحمن لانه أصله ومنشأه انتهى كلامه روح الله روحه حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ [تا وقتى كه ببينند آنچهـ بيم كرده شده اند بدان] غاية للمد الممتد وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين الأولين باعتبار لفظها إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ

[سورة مريم (19) : آية 76]

تفصيل للموعود على سبيل البدل فانه اما العذاب الدنيوي بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا واسرا واما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الحزن والنكال على طريقة منع الخلو دون الجمع فان العذاب الأخروي لا ينفك عنهم بحال قال الامام اى لو فرض ان هذا الضال المتنعم قد مدله فى اجله أليس انه ينتهى الى عذاب فى الدنيا او فى الآخرة فسيعلم ان النعم لا تنفعه كما قال تعالى فَسَيَعْلَمُونَ جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى فانها هى التي تحكى بعدها الجملة ولذا وقع بعد الجملة الشرطية اى حتى إذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوي او الأخروي فقط فسيعلمون حينئذ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما قال الكاشفى [پس بدانند آنرا كه بدترست از هر دو كروه از جهت مكان چهـ جاى مؤمنان درجات جنان باشد ومأواى ايشان دركات نيران] افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان قال فى بحر العلوم جعلت الشرارة للمكان ليفيد إثباتها لاهله لانه إذا ثبت الأمر فى مكان الرجل فقد ثبت له كما فى قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه وَأَضْعَفُ جُنْداً اى فئة وأنصارا لا احسن نديا كما كانوا يدعونه قال فى تفسير الجلالين وذلك انهم ان قتلوا ونصر المؤمنون عليهم علموا انهم أضعف جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وانما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون ان لهم أعوانا من الأعيان وأنصارا من الأخيار ويفتخرون بذلك فى الاندية والمحافل وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً كلام مستانف سيق لبيان حال المهتدين اثر بيان حال الضالين اى ويزيد الله المؤمنين ايمانا وعملا ويقينا ورشدا كما زاد الضالين ضلالا ومدهم فى استدراجهم وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ كلام مستأنف وارد من جهته تعالى لبيان فضل اعمال المهتدين غير داخل فى حيز الكلام الملقن لقوله تعالى عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً هو الجزاء لانه نفع يعود الى المجزى وهو اسم من الاثابة او التثويب اى الأعمال التي تبقى عائدتها ابدا خير عند ربك من مفاخرات الكفار وحظوظهم العاجلة وَخَيْرٌ مَرَدًّا مرجعا وعاقبة لان ما لها رضوان الله والنعيم الدائم ومآل هذه السخط والعذاب المقيم وقال الكاشفى يعنى [اگر كافرانرا در دنيا جاه ومال است ودر آخرت وبال ونكال خواهد شد اما مؤمن در دنيا هم هدايت دارند وهم حمايت ودر آخرت هم ثواب خواهند داشت وهم حسن المآب] بدنيا سرفراز ونام دارند ... بعقبى كامدار وكام كارند «1» ففى الآية اشارة الى ان الضرر القليل المتناهي الذي يعقبه نفع كثير غير متناه كما هو حال المؤمنين خير من عكسه كما هو حال الكافرين فامهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله كما ان قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه بل لان الله تعالى أراد به ما هو خير له وعوضه منه واعلم ان الباقيات الصالحات هى اعمال الآخرة كلها ومنها الكلمات الطيبة قال ابو الدرداء رضى الله عنه جلس رسول الله عليه السلام ذات يوم وأخذ عودا يابسا وأزال الورق عنه ثم قال (ان قول لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله ليحط الخطايا كما يحط ورق

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون

[سورة مريم (19) : الآيات 77 إلى 81]

هذه الشجرة الريح خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن فهن الباقيات الصالحات وهى من كنوز الجنة) . وفى التأويلات النجمية الباقيات الصالحات هى الأعمال الصالحات التي هى من نتائج الواردات الالهية التي ترد من عند الله الى قلوب اهل الغيوب يعنى كل عمل يصدر من عند نفس العبد من نتائج طبعه وعقله لا يكون من الباقيات الصالحات يدل عليه قوله ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ انتهى فعلى العاقل ان يجتهد فى إصلاح النفس وتزكيتها ليتولد منها الأعمال الباقية والأحوال الفاضلة ويحصل له نسل بلا عقم ونكاح منتج قوانا الله وإياكم فى ذلك آمين أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا نزلت فيمن سخر بالبعث وهو العاص بن وائل كان لحباب بن الأرت عليه مال فتقاضاه فقال له لا حتى تكفر بمحمد فقال لا والله لا اكفر بمحمد حيا ولا ميتا ولا حين نبعث قال وإذا بعثت جئتنى فيكون لى مال وولد فاعطيك والهمزة للتعجب من حاله والإيذان بانها من الغرابة والشناعة بحيث يجب ان يرى ويقضى منها العجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا التي من جملتها آيات البعث وَقالَ مستهزئابها مصدرا كلامه باليمين الفاجرة لَأُوتَيَنَّ فى الآخرة ان بعثت يعنى [بمن دهند] مالًا وَوَلَداً اى انظر اليه يا محمد فتعجب من حالته البديعة وجراءته الشنيعة أَطَّلَعَ الْغَيْبَ همزته استفهام وأصله أأطلع من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى الى أعلاه وطلع الثنية. والمعنى أقد بلغ من عظمة الشان الى ان ارتقى الى علم الغيب الذي توحد به العليم الخبير حتى ادعى ان يؤتى فى الآخرة مالا وولدا واقسم عليه أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً او اتخذ من عالم الغيب عهدا بذلك فانه لا يتوصل الى العلم به الا بأحد هذين الطريقين علم الغيب وعهد من عالمه وقيل العهد كلمة الشهادة والعمل الصالح فان وعد الله بالثواب عليهما كالعهد الموثق عليه كَلَّا ليس الأمر على ما يقول سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ سنحفظ عليه ما يقول من الكذب والكفر والاستهزاء فنجازيه به وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا مكان ما يدعيه لنفسه من الامداد بالمال والولد اى نطول له من العذاب ما يستحقه وَنَرِثُهُ بموته ما يَقُولُ اى مسمى ما يقول ومصداقه وهو ما أوتيه فى الدنيا من المال والولد وفيه إيذان بانه ليس لما يقوله مصداق موجود سوى ما ذكر اى ننزع ما آتيناه كما فى الإرشاد وقال فى العيون ما بدل من هاء نرثه بدل اشتمال اى نهلكه ونورث ماله وولده غيره وقال الكاشفى [وميراث ميكيريم آنچهـ ميكويد كه فردا بمن خواهند داد يعنى مال وفرزند] وَيَأْتِينا يوم القيامة فَرْداً وحيدا خاليا لا يصحبه مال ولا ولد كان له فى الدنيا فضلا عن ان يؤتى ثمة زائدا وفى الاية اشارة الى ان اهل الغرور يدعون الاحراز للفضيلتين المال والولد فى الدنيا والنجاة والدرجات فى الآخرة وينكرون على اهل التجرد فى الاعراض عن الكسب واعتزال النساء والأولاد ولا يدرون انهم يقعون بذلك فى عذاب البعد إذ لا سند لهم أصلا: قال الكمال الخجندي بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست وَاتَّخَذُوا اى مشركوا قريش مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً اى اتخذوا الأصنام آلهة

[سورة مريم (19) : الآيات 82 إلى 87]

متجاوزين الله تعالى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا اى ليتعز زوابهم بان يكونوا لهم وصلة اليه تعالى وشفعاء عنده وأنصارا ينجون بهم من عذاب الله قال بعضهم كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه فى محل الذل ومكانه إذ ذللت نفسك بسؤال الخلق ولو كنت موفقا لا عززت نفسك بسؤال الحق او بذكره او بالرضى لما يرد عليك منه فتكون عزيزا فى كل حال دنيا وآخرة كَلَّا ليس الأمر على ما ظنوا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ سينكر الكفرة حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم عبادتهم لهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا اعداء للآلهة كافرين بها بعد ان كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها وقال فى تفسير الجلالين سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ اى يجحدونها لانهم كانوا جمادا لم يعرفوا انهم يعبدون ويكونون عليهم ضدا اى أعوانا وذلك ان الله تعالى يحشر آلهتهم فينطقهم ويركب فيهم العقول فتقول يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك انتهى فالضمير فى يكفرون ويكونون للآلهة أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ اى سلطناهم عليهم بسبب سوء اختيارهم حال كون تلك الشياطين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا اى تغربهم وتهيجهم على المعاصي تهييجا شديدا بانواع الوساوس والتسويلات فان الاز والهز والاستفزاز أخوات معناها شدة الإزعاج وفى العيون الاز فى الأصل هو الحركة مع صوت متصل من ازيز القدر اى غليانه والمراد تعجيب رسول الله عليه السلام من أقاويل الكفرة وتماديهم فى الغى والانهماك فى الضلال والافراط فى العناد والإجماع على موافقة الحق بعد اتضاحه وتنبيه على ان جميع ذلك منهم بإضلال الشياطين واغوائهم لا لان له مسوغا فى الجملة فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ اى بان يهلكوا حسبما تقضيه جناياتهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم يقال عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ ايام آجالهم عَدًّا اى لا تعجل بهلاكهم فانه لم يبق لهم الا ايام محصورة وأنفاس معدودة فيجازيهم بها وكان ابن عباس رضى الله عنهما إذا قرأها بكى وقال آخر العدد خروج نفسك آخر العدد فراق أهلك آخر العدد دخول قبرك وكان ابن السماك رحمه الله عند المأمون فقرأها فقال إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما اسرع ما تنفذ قال أعرابي كيف تفرح بعمر تقطعه الساعات وسلامة بدن تعرض للآفات قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر ممدود قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من حافظ على الأنفاس فالساعات فى حكمه الى ما فوق ذلك ومن كان وقته الساعات فاتته الأنفاس ومن كان وقته الأيام فاتته الساعات ومن كان وقته الجمعة فاتته الأيام ومن كان وقته الشهور فاتته الأسابيع ومن كان وقته السنون فاتته الشهور ومن كان وقته العمر فاتته السنون ومن فاته عمره لم يكن له وقت ولم تعد همته بهمة على نفسه فليبك من ضاع عمره ويطول الوقت ويقصر بحسب حضور صاحبه فمنهم من وقته ساعة ويوم وجمعة وشهر وسنة ومرة واحدة فى عمره ومن الناس من لا وقت له لغلبة بهيميته عليه واستغراقه فى الشهوات: قال المولى الجامى

[سورة مريم (19) : الآيات 85 إلى 87]

هر دم از عمر كرامى هست كنج بي بدل ... ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آخ آخ وقال عمر تو كنج وهر نفس از وى يكى كهر ... كنجى چنين لطيف مكن رايكان تلف وقال الحافظ كارى كشيم ور نه خجالت بر آورد ... روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ اى اذكر يا محمد لقومك بطريق الترغيب والترهيب يوم نجمع اهل التقوى والطاعة إِلَى الرَّحْمنِ الى ربهم الذي يغمرهم برحمته الواسعة حال كونهم وَفْداً وافدين عليه كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم والوافد من يأتى بالخير وفى التهذيب الوفد والوفادة [بنزديك امير شدن بحاجت] وفى القاموس وفد اليه وعليه قدم ورد وهم وفود ووفد وفى التأويلات النجمية انما خص حشر وفد المتقين الى حضرة الرحمانية لانها من صفات اللطف ومن شأنها الجود والانعام والفضل والكرم والتقريب والمواهب انتهى والرحمة ان كانت من صفات الذات يراد بها ارادة إيصال الخير ودفع الشر وان كانت من صفات الفعل يراد بها إيصال الخير ودفع الشر كما فى بحر العلوم وعن على رضى الله عنه ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها ذهب وعلى نجائب سروجها ياقوت وأزمتها زبر جد ثم ينطق بهم حتى يقرعوا باب الجنة قال الكاشفى وَفْداً [در حالتى كه سواران باشند بر ناقهاى بهشت يعنى ايشانرا سوار ببهشت برند چنانچهـ وافدان را بدرگاه ملوك ميبرند امام قشيرى رحمة الله فرمود كه بعضى بر نجائب طاعات وعبادات باشند وقومى بر مراكب همم ونيات. آنانكه بر مراكب طاعت باشند بهشت جويانند ايشانرا بروضه جنان برند. وآنانكه بر نجائب همت باشند خداى طلبانند ايشانرا بقرب رحمت خوانند جنان جوى ديكرست ورحمان جوى ديكر در كشف الاسرار آورده كه ممشاد دينورى رحمه الله در حال نزع بود درويشى پيش وى ايستاده ودعا مى كرد كه خدايا برو رحمت كن وبهشت او را كرامت كن ممشاد بانك بروزد كه اى غافل سى سالست كه بهشت را با شرف وعزت وحور وقصور بر من جلوه ميدهند ومن كوشه چشم هست برو نيفكنده ام اكنون بدرگاه قرب ميروم زحمت خود آورده وبراى من بهشت ورحمت مى خواهى] باغ فردوس از براى ديدنش بايد مرا ... بي جمالش روضه رضوان چهـ كار آيد مرا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ العاصين كما تساق البهائم إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً مشاة عطاشا فان من يرد الماء لا يرده الا لعطش وحقيقة الورد المسير الى الماء لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ان كانت الشفاعة مصدرا من المبنى للفاعل والعهد بمعنى الاذن لانه يقال عهد الأمير الى فلان بكذا إذا امره به فالمعنى لا يملك أحد من العباد أيا من كان ان يشفع للعصاة الا من اتخذ من الله اذنا فيها كقوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وان كانت مصدرا من المبنى للمفعول والعهد عهد الايمان فالمعنى لا يملك المجرمون ان يشفع لهم الا من كان منهم مسلما وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي عليه السلام قال لاصحابه ذات يوم (أيعجز أحدكم

[سورة مريم (19) : الآيات 88 إلى 93]

ان يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قالوا وكيف ذلك قال (يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد إليك بأنى اشهد ان لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانك ان تكلنى الى نفسى تقر بنى من الشر وتباعدني من الخير وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عهدا توفينيه يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع) اى ختم عليه بخاتم (ووضع تحت العرش فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين لهم عند الرحمن عهدا فيدخلون الجنة كما فى بحر العلوم الكبير وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً اى قال اليهود والنصارى ومن يزعم من العرب ان الملائكة بنات الله فقال الله تعالى لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا الاد والادة بكسرهما العجب والأمر الفظيع والداهية والمنكر كالاد بالفتح كما فى القاموس اى فعلتم امرا منكرا شديدا لا يقادر قدره فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته وقال الكاشفى [بدرستى كه آوردى چيزى زشت يعنى ناخوش وبى ادبانه] تَكادُ السَّماواتُ صفة الاد اى تقرب من ان يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ يتشققن مرة بعد اخرى من عظم ذلك الأمر فان التفطر التشقق وهو بالفارسية [شكافته شدن] واصل التفعل التكلف وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتكاد تنشق الأرض وتنصدع اجزاؤها- وروى- عن بعض الصحابة انه قال كان بنو آدم لا يأتون شجرة الا أصابوا منها منفعة حتى قالت فجرة بنى آدم اتخذ الرحمن ولدا فاقشعرت الأرض وشاك الشجر وَتَخِرُّ الْجِبالُ اى تسقط وتتهدم هَدًّا مصدر مؤكد لمحذوف هو حال من الجبال اى تهد هدا اى تكسر كسرا يعنى [پاره پاره كردد] قال فى القاموس الهد الهدم الشديد والكسر كالهدود. والمعنى ان هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها بحيث لو تصورت بصورة محسوسة لم تطق بها هاتيك الاجرام العظام وتفتتت من شدتها او ان فظاعتها فى استجلاب الغضب واستيجاب السخط بحيث لولا حلمه تعالى على اهل الأرض وانه لا يعالجهم بالعقاب لخرب العالم وبدد قوائمه غضبا على من تفوه بها أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً منصوب على حذف اللام المتعلقة بتكاد او مجرور باضمارها اى تكاد السموات تتفطرن والأرض تنشق والجبال تخر لان دعوا له سبحانه ولدا ودعوا من دعا بمعنى سمى المتعدّى الى المفعولين وقد اقتصر على ثانيهما ليتناول كل مادعى له من عيسى وعزير والملائكة ونحوهم إذ لو قيل دعوا عيسى ولدا لما علم الحكم على العموم او من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ادعى الى فلان اى انتسب اليه وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً حال من فاعل قالوا وينبغى مطاوع بغى إذا طلب اى قالوه والحال انه ما يليق به تعالى اتخاذ الولد ولا ينطلب له لو طلب مثلا لاستحالته فى نفسه وذلك لان الولد بضعة من الوالد فهو مركب ولا بد للمركب من مؤلف فالمحتاج الى المؤلف لا يصلح ان يكون الها إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما منهم أحد من الملائكة والثقلين فان بمعنى النفي كما وكل مبتدأ خبره آتى ومن موصوفة لأنها وقعت بعد كل نكرة إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ حال كونه عَبْداً اى الا وهو مملوك يأوى اليه بالعبودية والانقياد وفى العيون سيأتى جميع الخلائق يوم القيامة الى الرحمن خاضعا ذليلا مقرا بالعبودية كالملائكة

[سورة مريم (19) : الآيات 94 إلى 98]

وعيسى وعزير وغيرهم يعنى يلتجئون الى ربوبيته منقادين كما يفعل العبيد للملوك فلا يليق به اتخاذ الولد منهم انتهى قال ابو بكر الوراق رحمه الله ما تقرب أحد الى ربه بشئ ازين عليه من ملازمة العبودية واظهار الافتقار لان ملازمة العبودية تورث دوام الخدمة واظهار الافتقار اليه يورث دوام الالتجاء والتضرع: قال الحافظ فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز لَقَدْ أَحْصاهُمْ اى حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يكاد يخرج منهم أحد من حيطة علمه وقبضة قدرته وملكوته مع افراط كثرتهم وَعَدَّهُمْ عَدًّا اى عد أشخاصهم وأنفاسهم وآجالهم وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً اى كل واحد منهم آت إياه تعالى منفردا من الاتباع والأنصار فلا يجانسه شىء من ذلك ليتخذه ولدا ولا يناسبه ليشرك به وفى الحديث القدسي (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب (ولم يكن له ذلك) يعنى لم يكن التكذيب لائقا به بل كان خطأ (وشتمنى) الشتم وصف الغير بما فيه نقص وإزراء (ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدأنى) يعنى لن يحيينى الله بعد موتى كما خلقنى وليس أول الخلق باهون علىّ اى بأسهل والخلق بمعنى المخلوق من إعادته اى من إعادة المخلوق بل إعادته أسهل لوجود اصل البنية اعلم ان هذا مذكور على طريق التمثيل لان الاعادة بالنسبة الى قوانا أيسر من الإنسان واما بالنسبة الى قدرة الله تعالى فلا سهولة فى شىء ولا صعوبة (واما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا) وانما صار هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء عن الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون فى المركب وكل مركب محتاج الى المؤلف او لان الحكمة فى التولد استحفاظ النوع عند فناء الآباء تعالى الله عما لا يليق فان قلت قوله (اتخذ الله) تكذيب ايضا لانه تعالى اخبر ان لا ولد له وقوله (لن يعيدنى) شتم ايضا لانه نسبة له الى العجز فلم خص أحدهما بالشتم والآخر بالتكذيب قلت نفى الاعادة نفى صفة كمال واتخاذ الولد اثبات صفة نقصان له والشتم افحش من التكذيب ولذلك نفاه الله عنه بأبلغ الوجوه فقال (وانا الأحد) اى المتفرد بصفات الكمال من البقاء والتنزه وغيرهما الواو فيه للحال (الصمد) بمعنى المصمود يعنى المقصود اليه فى كل الحوائج (الذي لم يلد) هذا نفى للتشبيه والمجانسة (ولم يولد) هذا وصف بالقدم والاولية (ولم يكن له كفوا أحد) هذا تقرير لما قبله فان قلت لا يلزم من نفى الكفو فى الماضي نفيه فى الحال والاستقبال قلت يلزم لانه إذا لم يكن فى الماضي فوجد يكون حادثا والحادث لا يكون كفوا للقديم كذا فى شرح المشارق لابن ملك فاذا ثبت ان الالوهية والربوبية لله تعالى وانه لا يجانسه ولا يشاركه شىء من المخلوقات ثبتت العبودية والمربوبية للعبد وان من شأنه ان لا يعبد شيأ من الأجسام والأرواح ولا يتقيد بشئ من العلويات والسفليات بل يخص عبادته بالله تعالى ويجرد توحيده عن هواه قال على رضى الله عنه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذي هم اى الكفار عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان فهذا من آثار حسن الاستعداد حيث استغنى عن البرهان بقاطع العقل فليتبع العاقل اثر متبوعه المصطفى عليه

[سورة مريم (19) : آية 96]

السلام وقد لاح المنار واستبان النور من النار فالنور هو التوحيد والإقرار والنار هو الشرك والإنكار والتوحيد إذا تجلى بحقائقه ظهر التجريد وهو إذا حصل بمعانيه ثبت التفريد فالفردانية صفة السر الا على وهى حاصلة للعارفين فى هذه الدار ولغيرهم يوم القيامة وما فى هذه الدار اختياري مقبول وما فى الآخرة اضطراري مردود فيا ارباب الشرك ابن التوحيد ويا اهل التوحيد اين التجريد ويا اصحاب التجريد اين التفريد وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً وقد قيل قيامة العارفين دائمة: قال لصائب ترك هستى كن كه آسودست از تاراج سيل ... هر كه پيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين عمل القلب وعمل الجوارح سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا اى سيحدث لهم فى القلوب مودة من غير تعرض منهم لاسبابها من قرابة او صداقة او اصطناع معروف او غير ذلك سوى ما لهم من الايمان والعمل الصالح والسين اما لان السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله ذلك إذا قوى الإسلام واما ان يكون ذلك يوم القيامة يحببهم الله الى خلقه بما يظهر من حسناته وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بذر الايمان إذا وقع فى ارض القلب وتربى بماء الأعمال الصالحات ينمو ويتربى الى ان يثمر فتكون ثمرته محبة الله ومحبة الأنبياء والملائكة والمؤمنين جميعا كما قال تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها انتهى واعلم ان المحبة الموافقة ثم الميل ثم الود ثم الهوى ثم الوله فالموافقة للطبع والميل للنفس والود للقلب والمحبة للفؤاد وهو باطن القلب والهوى غلبة المحبة والوله زيادة الهوى يقال نور المحبة ثم نار العشق ثم حرارة الشهوة ثم البخار اللطيف ثم النفس الرقيق ثم الهواء الدقيق قال رجل لعبد الله ابن جعفر ان فلانا يقول انا أحبك فبم اعلم صدقه فقال استخبر قلبك فان توده فانه يودك قيل وعلى القلوب من القلوب دلائل ... بالود قبل تشاهد الأشباح وفى الحديث (أكثروا من الاخوان فان ربكم حى كريم يستحيى ان يعذب عبده بين إخوانه يوم القيامة) وعنه عليه السلام (من نظر الى أخيه نظر مودة ولم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه) يقال طرف بصره إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر قال عمر رضى الله عنه ثلاث يثبتن الود فى صدر أخيك ان تبدأه بالسلام وان توسع له فى المجلس وان تدعوه بأحب أسمائه اليه وقال سقراط اثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الذكر ومن بلاغات الزمخشري محك المودة الآخاء حال الشدة دون حال الرخاء وقال ابو على الدقاق قدس سره لما سعى غلام الخليل بالصوفية الى الخليفة امر بضرب أعناقهم فاما الجنيد فانه تستر بالفقه وكان يفتى على مذهب ابى ثور واما الشحام والرقام والنوري وجماعة فقبض عليهم فبسط النطع لضرب أعناقهم فتقدم النوري فقال السياف تدرى لماذا تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر أصحابي بحياة ساعة فتحير السياف فأنتهى الخبر الى الخليفة فردهم الى القاضي ليتعرف حالهم فالقى القاضي على ابى الحسن النوري مسائل فقهية فاجاب عن الكل ثم أخذ يقول وبعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد ألفاظا ابكى القاضي فارسل القاضي الى

[سورة مريم (19) : الآيات 97 إلى 98]

الخليفة وقال ان كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم فانظر واعتبر من معاملة النوري مع إخوانه فانه آثرهم حال الشدة على نفسه بخلوص جنانه حديث عشق از آن بطال منيوش ... كه در سختى كند يارى فراموش فَإِنَّما يَسَّرْناهُ اى سهلنا القرآن. وبالفارسية [پس جز اين نيست كه آسان كردانيده قرآنرا] بِلِسانِكَ بان أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على والفاء لنعليل امر ينساق اليه النظم الكريم كأنه قيل بعد ايحاء السورة الكريمة بلغ هذا المنزل وبشر به وانذر فانما يسرناه بلسانك العربي المبين لِتُبَشِّرَ بِهِ [تا مژده دهى بدو] الْمُتَّقِينَ اى الصائرين الى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهى وَتُنْذِرَ بِهِ يقال أنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كما فى القاموس قَوْماً لُدًّا لا يؤمنون به لجاجا وعنادا. واللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة اللجوج المعاند قال فى القاموس الألد الخصم الشحيح الذي لا يزيغ الى الحق وفى الحديث (ابغض الرجال الى الله الألد الخصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة القرآن التي هى صفة الله تعالى القديمة القائمة بذاته لا تسعها ظروف الحروف المحدثة المعدودة المتشابهة لانها قديمة غير معدودة ولا متناهية وانما يسر الله درايته بقلب النبي عليه السلام وقراءته باللسان العربي المبين ليبشر به المتقين لانهم اهل البشارة وهم اصناف ثلاثة فصنف منهم يتقون الشرك بالتوحيد وصنف يتقون المعاصي بالطاعة وصنف يتقون عما سوى الله تعالى بالله وينذر به قوما لذا شدادا فى الخصومة لانهم اهل الانذار وهم ثلاث فرق ففرقة منهم الكفار الذين يقاتلون على الباطل وفرقة منهم اهل الكتاب الذين يخاصمون على اديانهم المنسوخة وفرقة منهم اهل الأهواء والبدع والفلاسفة الذين يجادلون اهل الحق بالباطل وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ سبق معنى القرن اى قرونا كثيرة أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين بعد ان أنذرهم انبياؤهم بآيات الله وحذروهم عذابه وتدميره هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ قال فى تهذيب المصادر الاحساس [دانستن وديدن] قال الله تعالى (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) إلخ اى هل تشعر بأحد منهم وترى اى لا وبالفارسية [هيچ مى بايد ومى بينى از آن هلاك شدكان يكى را] أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ [يا مى شنوى مرا يشانرا] رِكْزاً اى صوتا خفيا واصل الركز هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه فى الأرض والركاز المال المدفون المخفي والمعنى أهلكناهم بالكلية وأستأصلناهم بحيث لا يرى منهم أحد ولا يسمع منهم صوت خفى. وبالفارسية يعنى [چون عذاب ما بديشان فرود آمد مستأصل شدند نه از ايشان شخصى باقى ماند كه كسى بيند ونه آواز بر جاى كه كسى بشنود بلكه مؤكل قهر الهى با هيچكس در نساخت وهمه را بدست فنا در دام خمول ونيسان انداخت] كان لم يخلقوا ولم يكونوا كو اثر از سروران تاج بخش ... كونشان از خسروان تاجدار سوخت ديهيم شهان كامجوى ... خاك شد تحت ملوك كامكار وفى الآية وعد لرسول الله صلى الله عليه عليه فى ضمن وعيد الكفرة بالا هلاك وحث له على الانذار قال الشيخ سعدى قدس سره

تفسير سورة طه

بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچكس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش بكمراه كفتن نكو ميروى ... كناه بزركست وجور قوى مكو شهد شيرين شكر فايقست ... كسى را كه سقمونيا لا يقست چهـ خوش كفت يكروز دار وفروش ... شفا بايدت داروى تلخ نوش وفى المثنوى هر كسى كو از صف دين سركشست ... ميرود سوى صفى كان واپسست تو ز كفتار تعالوا كم مكن ... كيميائى پس شكرفست اين سخن گر مسى كردد ز كفتارت نفير ... كيميا را هيچ از وى وامگير اين زمان كريست نفس ساحرش ... كفت تو سودش كند در آخرش قل تعالوا قل تعالوا اى غلام ... هين كه ان الله يدعو بالسلام «1» نسأل الله تعالى ان يوفقنا لاجابة الدعوة انه قريب مجيب تمت سورة مريم وقت الضحى من يوم الاثنين التاسع عشر من ذى القعدة من سنة خمس ومائة والف تفسير سورة طه مائدة وخمس وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم طه اختلفوا فيه اكثر مما فى غيره من المقطعات فقال بعضهم هو اسم القرآن او اسم السورة او اسم الله او مفتاح الاسم الطاهر والهادي وقال بعضهم هو اسم من اسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل احمد ويس وغير ذلك كما قال عليه السلام (انا محمد وانا احمد والفاتح والقاسم والحاشر والعاقب والماحي وطه ويس) ويؤيده الخطاب فى عليك فيكون حرف النداء محذوفا اى يا طه والطاء والهاء اشارة الى انه عليه السلام طالب الشفاعة للناس وهادى البشر او انه طاهر من الذنوب وهاد الى معرفة علام الغيوب قال الكاشفى [ياطا طهارت دل اوست از غير حق تعالى وها هدايت او بقرب حق] قال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه طه قسم بطهارة اهل البيت وهدايتهم كما قال تعالى وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً او بطوبى والهاوية اى الجنة والنار وفى زاد المسير الطاء طيبة والهاء مكة والله تعالى اقسم بهذين الحرمين او الطاء طلب الغزاة والهاء هرب الكفار او طلب اهل الجنان وهو ان ارباب النيران وفى التأويلات النجمية يا من طوى به بساط النبوة وايضا يا من طوى به المكونات الى هويتنا انتهى وقال بعضهم انه ليس من الحروف المقطعة بل هو موضوع بإزاء يا رجل بلغة عك او بلسان الحبشة او النبطية او السريانية والمراد به حضرة الرسالة [ودر بعضى تفاسير آمده كه طا بحساب جمل نه است وها پنج ومجموع چهارده باشد وغالب آنست كه ماه را مرتبه بدريت

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير كردانيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوان هديلى را إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 2 إلى 3]

در چهاردهم حاصل شود پس در ضمن اين خطاب مندرجست كه اى ماه شب چهارده ومنادى حضرت رسالتست وبدريت اشارت بكمال مرتبه جامعيت آن حضرت] كما لا يخفى على العرفاء ماه چون كامل شود أنور بود ... وانكه او مرآت نور خور بود كاه ماه بدري وكه شاه بدر ... صدر تو مشروح وكارت شرح صدر در شب تاريكى وكفر وضلال ... از مهت روشن شود نور جلال جوز الحسن طه بوزن هب على انه امر للرسول عليه السلام بان يطأ الأرض بقدميه معا فانه لما نزل عليه الوحى اجتهد فى العبادة وكان يصلى الليل كله ويقوم على احدى رجليه تخفيفا على الاخرى لطول القيام ويتعب نفسه كل الاتعاب فيكون أصله طا من وطئ يطأ قلبت همزته هاء وفى الحديث (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان يخلق آدم بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لاجواف تحمل هذا وطوبى لامة محمد ينزل هذا عليهم وطوبى لالسن تتكلم بهذا) رواه الطبراني وصاحب الفردوس وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه وطواسين من الواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة) كذا فى بحر العلوم ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الشقاء شائع بمعنى التعب ومن أشقى من رائض المهر اى اتعب ممن يجعل المهر وهو ولد الفرس صالحا للركوب بان تزول عنه الصعوبة وينقاد لصاحبه وفى ذلك العمل مشقة وتعب للرائض ولذلك يضرب به المثل والمعنى لتعب بفرط تأسفك على كفر قريش إذ ما عليك الا البلاغ وقد فعلت فلا عليك ان يؤمنوا به بعد ذلك او بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على ساق إذ ما بعثت الا بالحنيفية السمحة. وبالفارسية [نفرستاديم ما بر تو قرآنرا تا در رنج افتى وشب خواب نكنى وبواسطه قيام در نماز الم ورم بپاى مباركت رسد] . وفى التأويلات النجمية ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فى الدنيا او العقبى بل أنزلناه على قلبك لتسعد بتخلقك بخلقه لتكون على خلق عظيم وليسعد بك اهل السموات واهل الأرضين فتكون الشقاوة ضد السعادة ويجوز ان يكون ردا للمشركين وتكذيبالهم فان أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له انك شقى لانك تركت دين آبائك وان القرآن انزل عليك لتشقى به فاريد رد ذلك بان دين الإسلام وهذا القرآن هو السلم الى نيل كل فوز والسبب فى درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى نصب على انه مفعول له لا نزلنا معطوف على تشقى بحسب المعنى بعد نفيه بطريق الاستدراك المستفاد من الاستثناء المنقطع فان الفعل الواحد لا يتعدى الى علتين الا من حيث البدلية او العطف كأنه قيل ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب فى تبليغه ولكن تذكيرا وموعظة لمن يعلم الله منه ان يخشى بالتذكرة والتخويف وقد جرد التذكرة عن اللام لكونها فعلا لفاعل الفعل المعلل وتخصيصها بهم مع عموم التذكرة والتبليغ لقوله تعالى لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً لانهم المنتفعون بها قال فى الكبير ويدخل تحت قوله لِمَنْ يَخْشى الرسول لانه فى الخشية والتذكرة فوق

[سورة طه (20) : الآيات 4 إلى 5]

الكل تَنْزِيلًا اى نزل القرآن تنزيلا مِمَّنْ متعلقة بتنزيلا خَلَقَ اخرج من العدم الى الوجود الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى تخصيص خلقهما لانهما قوام العالم وأصوله وتقديم الأرض لكونها اقرب الى الحس واظهر عنده من السموات ووصف السموات بالعلى وهو جمع العليا تأنيث الا على للدلالة على عظم قدرة خالقها بعلوها وعطف السموات على الأرض من عطف الجنس على الجنس لان التعريف مصروف الى الجنس لا من عطف الجمع على المفرد حتى يلزم ترك الاولى من رعاية التطابق بين المعطوف والمعطوف عليه الرَّحْمنُ رفع على المدح اى هو الرحمن او مبتدأ واللام فيه للعهد مشارا به الى من خلق خبره ما بعده عَلَى الْعَرْشِ الذي يحمله الملائكة متعلق بقوله اسْتَوى اعلم ان العرش سرير الملك والاستواء الاستقرار والمراد به هاهنا الاستيلاء ومعنى الاستيلاء عليه كناية عن الملك لانه من توابع الملك فذكر اللازم وأريد الملزوم يقال استوى فلان على سرير الملك على قصد الاخبار عنه بانه ملك وان لم يقعد على السرير المعهود أصلا فالمراد بيان تعلق إرادته الشريفة بايجاد الكائنات وتدبير أمرها إذ الباري مقدس الانتقال والحلول وانما خلق العرش العظيم ليعلم المتعبدون الى اين يتوجهون بقلوبهم بالعبادة والدعاء فى السماء كما خلق الكعبة ليعلموا الى اين يتوجهون بأبدانهم فى العبادة فى الأرض [وشيخ اكبر قدس سره در فتوحات فرموده كه استواء خداوند بر عرش در قرآنست ومراد بدين ايمانست تأويل نجوييم كه تأويل درين باب طغيانست بظاهر قبول كنيم وبباطن تسليم كه اين اعتقاد سفيانست اما ميدانم كه نه محتاج مكانست ونه عرش بر دارنده اوست كه اوست بر دارنده مكان ونكه دارنده عرش] نى مكان ره يافت سويش نه زمان ... نى بيان دارد خبر زو نه عيان اين همه مخلوق حكم داورست ... خالق عالم ز عالم برترست قال بعضهم ليس على الكون من اثر ولا على الأثر من كون قال بعضهم انا نقطع بان الله منزه عن المكان والا لزم قدم المكان وقد دل الدليل على ان لا قديم سوى الله تعالى وانه تعالى لم يرد من الاستواء الاستقرار والجلوس بل مراده به شىء آخر الا انا لا نشتغل بتعيين ذلك المراد خوفا من الخطأ ونفوض تأويل المتشابهات الى الله تعالى كما هو رأى من يقف على إِلَّا اللَّهَ وعليه اكثر السلف كما روى عن مالك واحمد الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والبحث عنها بدعة وما كان مقصود الإمامين الأجلين بذلك الا المنع من الجدال وقد أحسنا حيث حسما بذلك باب الجدال وكذلك فعل الجمهور لان فى فتح باب الجدال ضررا عظيما على اكثر عباد الله وقد روى ان رجلا سأل عمر رضى الله عنه عن آيتين متشابهتين فعلاه بالدرة وقال بعض كبار المحققين من اهل الله تعالى المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون من المجسمة وغيرهم بل باعتبار امره الايجادى وتجليه الحسى الاحدى وانما كان العرش محل هذا الاستواء لان التجليات الذاتية التي هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والأمور البارزة والشئون المتحققة

فى السماء والأرض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالأمر الإلهي والإيجاد الاولى انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع أركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وحركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق سبحانه فى هذه العوالم بتجليه الحسى وامره الايجادى من الأمور الاربعة التي هى من هذه التجليات الحسية والايجادية بمنزلة الشكل المستوي المشتمل على الحد الأصغر والأكبر والأوسط المكرر الكائن به السورة ذات الأركان الاربعة من النتيجة وتلك الأمور اربعة هى الحركة المعنوية الاسمائية والحركة النورية الروحانية والحركة الطبيعية المثالية والحركة الصورية الحسية وتلك الحركة الصورية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الأكبر ولما استوى امر تمام حصول الأركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف الله تعالى التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجب قابليات اصحاب الزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما أشير اليه بقوله تعالى يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ وقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فى العرش كان العرش مستوى الحق سبحانه بالاعتبار المذكور الثاني لا بالاعتبار المزبور الاول وفى الحقيقة بالنظر الى هذا الاعتبار هو مستوى امره الايجادى لا مستوى نفسه وذاته فلا اضطراب ولا خلجان فى الكلام والمقال والحال ثم ان استواء الأمر الإرادي الايجادى على العرش بمنزلة. استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع فكما ان كل واحد من الامرين قلب الآخر وعكسه المستوي السوي فكذلك كل واحد من العرش والشرع قلب الآخر وعكسه السوي المستوي يقول الفقير قواه الله القدير لا شك ان بين زيد والعالم فرقا من حيث ان الاول يدل على الذات المجردة والثاني على المتصفة بصفة العلم فاسناد الاستواء الى عنوان الاسم الرحمن الذي يراد به صفة الرحمة العامة وان كان مشتملا على الذات دون الاسم الله الذي يراد به الذات وان كان مستجمعا لجميع الصفات ينادى بتنزه ذاته تعالى عن الاستواء وان الذي استوى على العرش المحيط بجميع الأجسام هو الرحمة المحيطة بالكل ومن لم يفرق بين استواء الذات واستواء الصفة فقد اخطأ وذلك ان الله تعالى غنى بذاته عن العالمين جميعا متجل بصفاته وأسمائه فى الأرواح والأجسام بحيث لا يرى فى مرائى الأكوان الا صور التجليات الاسمائية والصفاتية ولا يلزم من هذا التجلي ان تحل ذاته فى كون من الأكوان إذ هو الآن على ما كان عليه قبل من التوحد والتجرد والتفرد والتقدس ولذا كان أعلى المراتب الوصول الى عالم الحقيقة المطلقة إطلاقا ذاتيا كما أشار اليه قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وفى الحديث (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) ذكره فى الروضة فهذا يدل على ان الله تعالى ليس فى السماء ولا فى الأرض ولو كان لانقطع الطلب واما قوله عليه السلام (يا رب أنت فى السماء ونحن فى الأرض فما علامة غضبك من رضاك قال إذا استعملت عليكم خياركم فهو علامة رضاى عنكم وإذا استعملت عليكم شراركم فهو علامة سخطى عليكم) على ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى كتاب المسامرة وقوله

[سورة طه (20) : الآيات 6 إلى 10]

عليه السلام لجارية معاوية بن الحكم السلمى (اين الله) فقالت فى السماء فقال (من انا) فقالت أنت رسول الله فقال (أعتقها فانها مؤمنة) ونحو ذلك من الاخبار الدالة على ثبوت المكان له تعالى فمصروفة عن ظواهرها محمولة على محل ظهور آثار صفاته العليا ولذا خص السماء بالذكر لانها مهبط الأنوار ومحل النوازل والاحكام ومن هذا ظهر ان من قال ان الله فى السماء عالم أراد به المكان كفر وان أراد به الحكاية عما جاء فى ظاهر الاخبار لا يكفر لانها مؤولة والأذهان السليمة والعقول المستقيمة لا تفهم بحسب السليقة من مثل هذه التشبيهات الأعين التنزيه- يروى- ان امام الحرمين رفع الله درجته فى الدارين نزل ببعض الأكابر ضيفا فاجتمع عنده العلماء والأكابر فقام واحد من اهل المجلس فقال ما الدليل على تنزيهه تعالى عن المكان وهو قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال الدليل عليه قول يونس عليه السلام فى بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فتعجب منه الناظرون فالتمس صاحب الضيافة بيانه فقال الامام ان هاهنا فقيرا مديونا بألف درهم أد عنه دينه حتى أبينه فقبل صاحب الضيافة دينه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذهب فى المعراج الى ما شاء الله من العلى قال هناك (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولما ابتلى يونس عليه السلام بالظلمات فى قعر البحر ببطن الحوت قال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فكل منهما خاطب بقوله أنت وهو خطاب الحضور فلو كان هو فى مكان لما صح ذلك فدل ذلك على انه ليس فى مكان فان قلت فليكن فى كل مكان قلت قد أشرت الى انه فى كل مكان بآثار صفاته وأنوار ذاته لا بذاته كما ان الشمس فى كل مكان بنورها وظهورها لا بوجودها وعينها ولو كان فى كل مكان بالمعنى الذي اراده جهلة المتصوفة فيقال فاين كان هو قبل خلق هذه العوالم ألم يكن له وجود متحقق فان قالوا لا فقد كفروا وان قالوا بالحلول والانتقال فكذلك لان الواجب لا يقارن الحادث الا بالتأثير والفيض وظهور كمالاته فيه لكن لا من حيث انه حادث مطلقا بل من حيث ان وجوده مستفاض منه فافهم فان قلت فاذا كان تعالى منزها عن الجهة والمكان فما معنى رفع الأيدي الى السماء وقت الدعاء قلت معناه الاستعطاء من الحزانة لان خزائنه تعالى فى السماء كما قال وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ وقال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ فثبت ان العرش مظهر استواء الصفة الرحمانية وان من يثبت له تعالى مكانا فهو من المجسمة ومنهم جهلة المتصوفة القائلون بانه تعالى فى كل مكان ومن يليهم من العلماء الزائغين عن الحق الخارجين عن طريق العقل والنقل والكشف فمثل مذهبهم وقذره كمثل مذهبهم وقذره فنعوذ بالله تعالى من التلوث بلوث الجهل والزيغ والضلال ونعتصم به عما يعصم من الوهم والخيال والحق حق والأشياء أشياء ولا ينظر الى الحق بعين الأشياء الا من ليس فى وجهه حياء لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ سواء كان ذلك بالجزئية منهما او بالحلول فيهما وَما بَيْنَهُما من الموجودات الكائنة فى الجو دائما كالهواء والسحاب او أكثريا كالطير اى له تعالى وحده دون غيره لا شركة ولا استقلالا كل ما ذكر ملكا وتصرفا واحياء واماتة وإيجادا واعداما وَما تَحْتَ الثَّرى

[سورة طه (20) : آية 7]

الثرى التراب الندى اى الرطب والأرض كما فى القاموس ويجوز الحمل على كليهما فى هذا المقام فان ظاهر الأرض تراب جاف وما هو أسفل منه تراب مبتل فان قلت الثرى إذا كان محمولا على السطح الأخير من العالم فما الذي تحته حتى يكون الله تعالى مالكا له قلت هو اما الثور او الحوت او الصخرة او البحر او الهواء على اختلاف الروايات وقال بعضهم أراد الثرى الذي تحت الصخرة التي عليها الثور الذي تحت الأرض ولا يعلم ما تحت الثرى الا الله تعالى كما لا يعلم أحد ما فوق السدرة الا هو اى الذي هو التراب الرطب مقدار خمسمائة عام تحت الأرض ولولا ذلك لا خرقت النار الدنيا وما فيها كما فى انسان العيون قال الكاشفى [زمين بر دوش فرشته ايست وقدمين فرشته بر صخره ايست وصخره بر شاخ كاوى وقوائم كاو بر پشت ماهى از حوض كوثر وماهى ثابت است بر بحر وبحر بر جهنم مبنى بر ريح وريح بر حجابى از ظلمت وآن حجاب بر ثرى وعلم اهل آسمان وزمين تا ثرى بيش نرسد وما تحت الثرى جز حق سبحانه نداند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرضين على ظهر النون والنون على بحر ورأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهى الصخرة المذكورة فى سورة لقمان فى قوله فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى لا يعلمه الا الله تعالى وذلك الثور فاتح فاه فاذا جعل الله البحار بحرا واحدا سالت فى جوفه فاذا وقعت فى جوفه يبست ذكره البغوي وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ اى ان تعلن بذكره تعالى ودعائه فاعلم انه تعالى غنى عن جهرك واعلانك فَإِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى يقال فلان يحسن الى الفقراء لا يراد حال ولا استقبال وانما يراد وجود الإحسان منه فى جميع الازمنة والأوقات ومنه قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى علمهما منه مستمر دائم وذلك ان علمه تعالى منزه عن الزمان كما هو منزه عن المكان باسره فالتغيير على المعلوم لا على العلم عندنا والسر واحد الاسرار وهو ما يكتم ومنه اسرّ الحديث إذا أخفاه وتنكيرا خفى للمبالغة فى الخفاء اى يعلم ما أسررته الى غيرك وشيأ أخفى من ذلك وهو ما اخطرته ببالك من غير ان تتفوّه به أصلا وما أسررته فى نفسك وأخفى منه وهو ما ستسره فيما سيأتى اى ما يلقيه الله فى قلبك من بعد ولا تعلم انك ستحدث به نفسك وهذا اما نهى عن الجهر كقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ واما ارشاد للعباد الى ان الجهر ليس لاسماعه بل لغرض آخر من تصور النفس بالذكر ورسوخه فيها ومنعها من الاشتغال بغيره وقطع الوسوسة عنها وهضمها بالتضرع والجؤار وإيقاظ الغير ونشر البركات الى مدى صوته وتكثير إشهاد ونحو ذلك وجاء انه عليه السلام لما توجه الى خيبر اشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله اكبر لا اله الا الله فقال عليه السلام (اربعوا على أنفسكم) اى ارفقوا بأنفسكم لا تبالغوا فى رفع أصواتكم (انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم) ويحتاج الى الجمع بين هذا امره عليه السلام برفع الأصوات بالتلبية وقد يقال المنهي عنه هنا الرفع الخارج عن العادة الذي ربما آذى بدليل قوله عليه السلام

[سورة طه (20) : آية 8]

اربعوا على أنفسكم اى ارفقوا بها كذا فى انسان العيون يقول الفقير انما نهى النبي عليه السلام أصحابه عن رفع الصوت إخفاء لامره عن العدو ولان اكثر أصحابه كانوا ارباب احوال فشأنهم الاعتدال بل الإخفاء الا لضرورة قوية كما فى إزاء العدو او اللصوص تهييبا لهم ولا شك ان أعدى العدو النفس وأشد اللصوص الشيطان ولذا اعتاد الصوفية بجهر الذكر تهييبا لهما وطرد للوسوسة وقد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم كما فى العقد الفريد وفى التأويلات النجمية السر باصطلاح اهل التحقيق لطيفة بين القلب والروح وهو معدن اسرار الروحانية والخفي لطيفة بين الروح والحضرة الالهية وهو مهبط أنوار الربوبية واسرارها ولهذا قال عقيب قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية اشارة الى ان مظهر الوهية صفاته العليا انما هو الخفي الذي هو أخفى من السر أي الطف وأعز وأعلى واشرف واقرب الى الحضرة الا وهو سر وعلم آدم الأسماء كلها وهو حقيقة قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) ثم اعلم ان لطيفة السر التي بين القلب والروح تكون موجودة فى كل انسان عند نشأته الاولى والخفي ينتشئ عند نشأته الاخرى فلذا يمكن ان يكون كل انسان مؤمن او كافر معدن اسرار الروحانية وجملتها المعقولات ولا يمكن الا لمؤمن موحد ان يكون مهبط أنوار الربانية واسرارها وجملتها المشاهدات والمكاشفات وحقائق العلوم اللدنية اللَّهُ خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المنعوت بما ذكر من النعوت الجليلة الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا معبود فى الأرض ولا فى السماء الا هو دل على الهوية بهذا القول فان هو كناية عن غائب موجود والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وفيه معنى حسن وهو التعالي عن درك الحواس حتى استحق اسم الكناية عن الغائب من غير غيبة كما فى بحر العلوم يقول الفقير على هذا المعنى بنى الصوفية ذكرهم بالاسم هو إخفاء وجهرا اجتماعا وانفرادا مع ان مرجعه هو الله فيكون فى حكم الاسم المظهر ولا ينازع فيه الا مكابر وفى الحديث (ان الله خلق ملكا من الملائكة قبل ان خلق السموات والأرض وهو يقول اشهد ان لا اله الا الله مادا بها صوته لا يقطعها ولا يتنفس فيها ولا يتمها فاذا أتمها امر اسرافيل بالنفخ فى الصور وقامت القيامة) كما فى التفسير الكبير فعلم منه ان الركن الأعظم للعالم ودوام وجوده انما هو الذكر فاذا انقطع الذكر انهدم العالم وكل فوت انما هو من أجل ترك الذكر- ذكر- ان صيادا كان يصيد السمكة وكانت ابنته تطرحها فى الماء وتقول انها ما وقعت فى الشبكة الا لغفلتها وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله) أكده بالتكرار ولا شك ان لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء الا الذي يعرف الحق المعرفة التامة وأتم الخلق معرفة بالله فى كل عصر خليفة الله وهو كامل ذلك العصر فكأنه يقول عليه السلام لا تقوم الساعة وفى الأرض انسان كامل وهو المشار اليه بانه العماد المعنوي الماسك فان شئت قلت الممسك لاجله فاذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة كذا فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين قدس سره لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى

[سورة طه (20) : الآيات 9 إلى 10]

بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد فى ذاته تعالى فانه روى ان المشركين حين سمعوا النبي عليه السلام يقول يا الله يا رحمن قالوا ينهانا ان يعبد الهين وقد يدعو الها آخر. والحسنى تأنيث الأحسن يوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كما رب اخرى وآياتنا الكبرى وفضل اسماء الله فى الحسن على سائر الأسماء لدلالتها على معانى التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والافعال التي هى النهاية فى الفضل والحسن قال فى تفسير الكبير يقال ان الله اربعة آلاف اسم ثلاثة آلاف منها لا يعلمها الا الله والأنبياء اما الالف الرابعة فان المؤمنين يعلمونها فثلاثمائة فى التوراة وثلاثمائة فى الإنجيل وثلاثمائة فى الزبور ومائة فى القرآن تسعة وتسعون ظاهرة وواحد مكنون من أحصاها دخل الجنة وليس حسن الأسماء لذواتها لانها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن المسمى حسنا ينطلق بالصورة والخلقة فان ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع الى معنى الإحسان مثلا اسم الستار والغفار والرحيم انما كانت حسنى لانها ذالة على معنى الإحسان- روى- ان حكيما ذهب اليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن أنت حسن ولا يليق بك الفعل القبيح وللقبيح أنت قبيح إذا فعلت القبيح عظم قبحك الهنا اسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة الا الإحسان ويكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا تضم اليه قبح العقاب ووحشة العذاب وفى الحديث (اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه) وذلك لانهم إذا قضوا الحاجات قضوا بوجه طلق وان ردوا ردوا بوجه طلق كشته از لطف حق بعرصه خاك ... حسن صورت دليل سيرت پاك وقال بعضهم يدل على معروفه حسن وجهه ... وما زال حسن الوجه احدى الشواهد وفى الحديث (إذا بعثتم الىّ رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم) الهنا حسن وجوهنا قبيح بعصياننا فمن هذا الوجه نستحيى طلب الحوائج وحسن الأسماء والصفات يدلنا عليك فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين قال موسى الهى أي خلق أكرم عليك قال الذي لا يزال لسانه رطبا من ذكرى قال فأى خلقك اعلم قال الذي يلتمس انى اعلم علم غيره قال فأى خلقك اعدل قال الذي يقضى على نفسه كما يقضى على الناس قال فأى خلقك أعظم جرما قال الذي يتهمنى وهو الذي يسألنى ثم لا يرضى بما قضيته له الهنا لانتهمك فانا نعلم ان كل ما أحسنت فهو فضل وكل ما لا تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء اعمالنا: قال الحافظ در دائره قسمت ما نقطه تسليميم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى يحتمل ان يكون أول ما اخبر الله به من امر موسى فان السورة من أوائل ما نزل فيكون الاستفهام للانكار اى لم يأتك الى الآن خبر موسى وقصته وقد أتاك الآن بطريق الوحى فتنبه له واذكر لقومك ما فيه من امر التوحيد ونحوه ويحتمل انه قد أتاه ذلك سابقا فيكون استفهام تقرير فكأنه قال قد أتاك إِذْ رَأى ناراً ظرف

[سورة طه (20) : الآيات 11 إلى 16]

للحديث- روى- ان موسى عليه السلام تزوج صفوراء وقال السهيلي صفورياء بنت شعيب عليه السلام فاستأذن منه فى الخروج من مدين لزيارة امه وأخيه هارون فى مصر فخرج باهله وأخذ على غير الطريق خوفا من ملوك الشام فلما اتى وادي طوى وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له ولد فى ليلة مظلمة ذات برد وشتاء وثلج وكانت ليلة الجمعة فقدح زنده فصلد اى صوّت ولم يخرج ناوا وقيل كان موسى رجلا غيورا يصحب الناس بالليل ويفارقهم بالنهار غيرة منه لئلا يروا امرأته فلذا اخطأ الرفقة والطريق فبينما هو فى ذلك إذ رأى نارا من بعيد على يسار الطريق من جانب الطور فظن انها من نيران الرعاة فَقالَ لِأَهْلِهِ لامرأته وولده وخادمه فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد والعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن ملك امْكُثُوا اقيموا مكانكم ولا تتبعونى إِنِّي آنَسْتُ ناراً الإيناس الابصار البين الذي لا شبهة فيه ومنه انسان العين لانه يبين به الشيء والانس لظهورهم كما قيل الجن لاستتارهم اى أبصرتها ابصارا بينا لا شبهة فيه فأذهب إليها لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها راجيا ان اجيئكم من النار بِقَبَسٍ بشعلة من النار اى بشئ فيه لهب مقتبس من معظم النار وهى المرادة بالجذوة فى سورة القصص وبالشهاب القبس فى سورة النمل يقال قبست منه نارا فى رأس عود او فتيلة او غيرهما لم يقطع بان يقول انى آتيكم لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به انظر كيف احترز موسى عن شائبة الكذب قبل نبوته فانه حينئذ لم يكن مبعوثا قال اكثر المفسرين ان الذي رآه موسى لم يكن نارا بل كان نور الرب تعالى ذكر بلفظ النار لان موسى حسبه نارا وقال الامام الصحيح انه رأى نارا ليكون صادقا فى خبره إذ الكذب لا يجوز على الأنبياء انتهى قال بعض الكبار لما كانت النار بغية موسى تجلى الله له فى صورة مطلوبه المجازى ليقبل عليه ولا يعرض عنه فانه لو تجلى له فى غير صورة مطلوبه اعرض عنه لاجتماع ما تجلى فيه كنار موسى يراها عين حاجته ... وهو الإله ولكن ليس يدريه اى ليس يعرف الإله المتجلى فى صورة النور والمتكلم فيها أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً هاديا يدلنى على الطريق لان النار قلما تخلو من اهل لها وناس عندها على انه مصدر سمى به الفاعل مبالغة او حذف منه المضاف اى ذا هداية كقوله فى سورة القصص لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ وكلمة او فى الموضعين لمنع الخلو دون منع الجمع ومعنى الاستعلاء فى على ان اهل النار يكتنفونها عند الاصطلاء قياما وقعودا فيشرفون عليها فَلَمَّا أَتاها اى انتهى الى النار التي آنسها قال ابن عباس رضى الله عنه رأى شجرة خضراء أحاطت بها من اسفنها الى أعلاها نار بيضاء تتقد كاضوء ما يكون ولم ير هناك أحدا فوقف متعجبا من شدة ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة فلا النار تغير خضرتها ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوء النار فسمع تسبيح الملائكة ورأى نورا عظيما تكل الابصار عنه فوضع يديه على عينيه وخاف وبهت فالقيت عليه السكينة والطمأنينة ثم نودى وكانت الشجرة سمرة خضراء او عوسجة او عليقا او شجرة العناب وهى شجرة لا نار فيها بخلاف غيرها من الأشجار قالوا النار اربعة اصناف صنف يأكل ولا يشرب وهى نار الدنيا. وصنف يشرب ولا يأكل وهى نار الشجر الأخضر. وصنف يأكل

[سورة طه (20) : آية 12]

ويشرب وهى نار جهنم. وصنف لا يأكل ولا يشرب وهى نار موسى وقالوا ايضا هى اربعة انواع نوع له إحراق بلا نور وهى نار الجحيم. ونوع له نور بلا إحراق وهى نار موسى. ونوع له إحراق ونور وهى نار الدنيا. ونوع ليس له إحراق ولا نور وهى نار الأشجار يقول الفقير النور للمحبة والنار للعشق وعند ما كمل وامتلأ نور محبة موسى وتم واشتعل نار عشقه وشوقه تجلى الله له بصورة ما فى بطنه وذلك لانه لما ولد له ولد القلب الذي هو طفل خليفة الله فى ارض الوجود فى ليلة شاتية هى ليلة الجلال ظهر له نور ذاتى فى صورة نار صفاتية لان الصورة انما هى للصفات واحترق جميع انانيته وحصل له التوجه الوحدانى فعند ذلك نُودِيَ فقيل يا مُوسى إِنِّي أَنَا للتوكيد والتحقيق يعنى [شك مكن ومتيقن شو كه من] رَبُّكَ [پروردگار توام] فَاخْلَعْ [پس بيرون كن وبيكفن از پاى خود] نَعْلَيْكَ امر بذلك لان الحفوة ادخل فى التواضع وحسن الأدب ولذلك كان بشر الحافى ونحوه يسيرون حفاة وكان السلف الصالحون يطوفون بالكعبة حافين كنجى كه زمين وآسمان طالب اوست ... چون در نكرى برهنه پايان دارند او ليتشرف مشهد الوادي بقدوم قدميه وتتصل بركة الأرض اليه وقيل للحبيب تقدم على بساط العرش بنعليك ليتشرف العرش بغبار تعال قدميك ويصل نور العرش يا سيد الكونين إليك او لانه لا ينبغى لبس النعل بين يدى الملوك إذا دخلوا عليهم وهذا بالنسبة الى المرتبة الموسوية دون الجاه المحمدي كما مر آنفا وذكر فى فضائل ابى حنيفة انه كان إذا قدم على الخليفة للزيارة استدعى منه الخليفة ان لا ينزل عن بغلته بل يطأ بها بساطه. او لانهما كانا غير مدبوغين من جلد الحمار فالخطاب خطاب التأديب كما فى حل الرموز قال الكاشفى [أصح آنست كه نعلين از جلد بقر بود وطاهر] أو لأن النعل فى النوم يعبر بالزوجة فاراد تعالى ان لا يلتفت بخاطره الى الزوجة والولد قال فى الاسرار المحمدية جاء فى غرائب التفسير فى قوله سبحانه فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ يعنى همك بامرأتك وغنمك وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره يعنى الطبيعة والنفس يقول الفقير لا شك ان المرأة صورة الطبيعة والولد صورة النفس لان حبه من هواها غالبا وايضا ان المرأة فى حكم الرجل نفسه لانها جزؤ منه فى الأصل والغنم ونجوه انما هو من المعاش التابع للوجود فكأنه قيل فاخلع فكر النفس وما يتبعها أيا كان وتعال وقال بعضهم المراد بالنعلين الدنيا والآخرة كأنه امره بالاستغراق فى معرفة الله ومشاهدته والوادي المقدس قدس جلال الله وطهارة عزته وقال بعضهم ان اثبات الصانع يكون بمقدمتين فشبهتا بالنعلين إذ بهما يتوصل الى المقصود وينتقل الى معرفة الخالق فبعد الوصول يجب ان لا يلتفت إليهما ليبقى القلب مستغرقا فى نور القدس فكأنه قيل فاخلع فكر الدليل والبرهان فانه لا فائدة فيه بعد المشاهدة والعيان ساكنان حرم از قبله نما آزادند وفى المثنوى چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان «1»

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود

[سورة طه (20) : الآيات 13 إلى 16]

آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادن صيقلى پيش سلطان خوش نشسته در قبول ... زشت باشد جستن نامه رسول ولهذا غسل حضرة الشيخ الشبلي قدس سره جميع كتبه بعد الوصول الى الله تعالى فتدبر إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ المطهر والمتبعد من السوء طُوىً اسم الوادي عطف بيان له قال فى القاموس الوادي مفرج بين جبال او تلال او آكام وطوى واد بالشام وهو بالتنوين منصرف بتأويل المكان وبتركه غير منصرف بتأويل البقعة المعروفة- روى- ان موسى عليه السلام خلعهما والقاهما وراء الوادي وَأَنَا اخْتَرْتُكَ اى اصطفيتك للنبوة والرسالة وقرأ حمزة «وانا اخترناك» فَاسْتَمِعْ [پس كوش فرادار] لِما يُوحى للذى يوحى إليك منى من الأمر والنهى اللام متعلقة بالسمع مزيدة فى المفعول كما فى ردف لكم إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [بدرستى كه منم خداى تعالى] وهو بدل من يوحى دال على تقدم علم الأصول على الفروع فان التوحيد من مسائل الأصول والعبادة الآتية من الفروع لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [نيست خداى بغير من] فاذا كان كذلك فَاعْبُدْنِي فخصنى بالعبادة والتوحيد ولا تشرك بعبادتي أحدا وَأَقِمِ الصَّلاةَ من عطف الخاص على العام لفضله لِذِكْرِي من اضافة المصدر الى مفعوله اى لتذكرنى وتكون ذاكرا لى فان ذكر الله كما ينبغى عبارة عن الاشتغال بعبادته باللسان والجنان والأركان والصلاة جامعة لها او من إضافته الى فاعله اى لاذكرك بالاثابة وفى التأويلات النجمية وأدم المناجاة والمحاضرة معى ببذل الوجود لنيل ذكرى إياك بالتجلى على الدوام لا فناء وجودك المتجدد إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ تعليل لوجوب العبادة واقامة الصلاة. والساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة حقيقة يحدث فيها امر عظيم اى القيامة كائنة لا محالة وانما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقا لحصولها بابرازها فى معرض امر محقق متوجه نحو المخاطبين أَكادُ أُخْفِيها قال فى تفسير الجلالين استرها للتهويل والتعظيم وأكاد صلة انتهى وقال بعضهم كاد وان كان موضوعا للمقاربة الا انه من الله للتحقق والوجوب فالمعنى أريد إخفاء وقتها عن الخلق ليكونوا على الحذر منها كل وقت كما ان عسى فى قوله تعالى قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً للقطع بقربه أي هو قريب وفى الإرشاد لا أظهرها بان أقول هى آتية ولولا ما فى الاخبار بذلك من اللطف وقطع الاعذار لما فعلت وفى التأويلات النجمية أكاد أخفى الساعة وإتيانها وأخفى احوال الجنة ونعيمها واهوال النار وعذاب جحيمها لئلا تكون عبادتى مشوبة بطمع الجنة وخوف النار بل تكون خالصة لوجهى كما قال تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وفى ذلك تهديد عظيم للعباد واظهار عزة وعظمة لنفسه الا انه سبقت رحمتى غضبى فما أخفيت الساعة وإتيانها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى متعلقة بآتية وما بينهما اعتراض وما مصدرية اى بسعيها وعملها خيرا كان او شرا لتمييز المطيع من العاصي وتخصيص السعى بالذكر للايذان بان المراد بالذات من إتيانها هو الاثابة بالعبادة واما العقاب بتركها فمن مقتضيات سوء اختيار العصاة فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها اى لا يمنعنك عن ذكر الساعة ومراقبتها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها

[سورة طه (20) : الآيات 17 إلى 20]

اى بالساعة هذا وان كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عن الساعة لكنه فى الحقيقة نهى له عن الانصداد عنها على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية من أصلها وَاتَّبَعَ هَواهُ مراده المبنى على ميل النفس لا يعضده برهان سماوى ولا دليل عقلى وفى الإرشاد ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية فَتَرْدى من الردى وهو الموت والهلاك اى فتهلك فان الاغفال عنها وعن تحصيل ما ينجى من أحوالها مستتبع للهلاك لا محالة والمراد بهذا النهى الأمر بالاستقامة فى الدين وهو خطاب له والمراد غيره واعلم ان هذه الآيات والآتية بعدها دلت على ان الله تعالى كلم موسى عليه السلام وانه سمع كلام الله تعالى فان قيل بأى شىء علم موسى انه كلام الله قيل لم ينقطع كلامه بالنفس مع الحق كما ينقطع به مع المخلوق بل كلمه تعالى بمدد وحداني غير منقطع وبانه سمع الكلام من الجوانب الستة وبجميع الاجزاء فصار الوجود كله سمعا وكذا المؤمن فى الاخرة وجه محض وعين محض وسمع محض ينظر من كل جهة وبكل جهة وعلى كل جهة وكذا يسمع بكل عضو من كل جهة وإذا شاهد الحق يشهده بكل وجه ليس فى جهة من الجهات لا يحتجب سمعه وبصره بالجهات ويجوز ان يخلق الله تعالى علما ضروريا بذلك كما خلق لنبينا عليه السلام عند ظهور جبريل بغار حراء ثم اعلم ان للكلام مراتب فكلام هو عين المتكلم وكلام هو معنى قائم به كالكلام النفسي وكلام مركب من الحروف ومتعين بها وهو فى عالمى المثال والحس بحسبهما فموسى عليه السلام قد تنزل له الكلام فى مرتبة الأمر الى مرتبة الروح ثم الى مرتبة الحس ومن مشى على المراتب لم يعثر ألا ترى ان نبينا عليه السلام إذا نزل عليه الوحى كان يسمع فى بعض الأحيان مثل صلصلة الجرس فان التجلي الباطني لا يمنع مثل هذا فان قلت لماذا كلم الله موسى حتى صار كليم الله دون سائر الأنبياء قلت لان الجزاء انما هو من جنس العمل وكان قد احترق لسانه عليه السلام عند الامتحان الفرعوني فجازاه الله بمناجاته اسماع كلامه هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت رؤى بعضهم فى النوم فقيل ما فعل الله بك فقال رضى الله عنى ورحمنى وقال لى كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب فجوزى من حيث عمل حيث لم يقل له كل يا من قطع الليل تلاوة واشرب يا من ثبت يوم الزحف وقيل لبعضهم وقد رؤى يمشى فى الهواء بم نلت هذه الكرامة فقال تركت هواى لهواه فسخر لى هواه فالعلم والحكمة انما هى فى معرفة المناسبات قضاء عقليا وقضاء الهيا حكيما ومن قال ان الله تعالى يفعل خلاف هذا فليس عنده معرفة بمواقع الحكم وَما تِلْكَ السؤال بما تلك عن ماهية المسمى اى حقيقته التي هوبها هو كقولك ما زيد تعنى ما حقيقة مسمى هذا اللفظ فيجاب بانه انسان لا غير قال الكاشفى [چون موسى نعلين بيرون كرد در وادي مقدس خطاب رسيد كه] وما تلك. اى أي شىء هذه حال كونها مأخوذة بِيَمِينِكَ يا مُوسى فما استفهامية فى حيز الرفع بالخبرية لتلك المشار إليها اى العصا وهو أوفق بالجواب من عكسه والعامل فى الحال

[سورة طه (20) : آية 18]

معنى الاشارة ولم يقل بيدك لاحتمال ان يكون فى يساره شىء مثل الخاتم ونحوه فلو أجمل اليه لتحير فى الجواب للاشتباه وسيأتى سر الاستفهام أن شاء الله تعالى قالَ موسى هِيَ عَصايَ نسبها الى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة اليه عليه السلام أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى اعتمد عليها عند الاعياء فى الطريق وحال المشي وحين الوقوف على رأس القطيع فى المرعى وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي الهش [بيفشاندن برك از درخت] يقال هش الورق يهشه ويهشه خبطه بعصا ليتحات اى ضربه ضربا شديدا ليسقط. والمعنى اخبط بها الورق وأسقطه على رؤس غنمى لتأكله. وبالفارسية [وفرو ميريزم برك از درختها] وَلِيَ فِيها مَآرِبُ جمع مأربة بفتح الراء وضمها وهى الحاجة أُخْرى لم يقل آخر لرعاية الفاصلة اى حاجات اخر غير التوكى والهش وهى انه إذا سار القاها على عاتقه وعلق بها قوسه وكنانته وحلابه ومطهرته وحمل عليها زاده وتحدثه. يعنى [در راه با موسى سخن كفتى] وكان لها شعبتان ومحجن فاذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا حاول كسره لواه بالشعبتين وفى أسفلها سنان ويركزها فيخرج الماء وتحمل أي ثمرة أحب وربما يدليها فى البئر وتصير شعبتاها كالدلو فيخرج الماء وإذا قصر الرشاء وصله بها وتضيئ بالليل كالشمع وتحارب عنه. يعنى [با دشمن وى حرب كردى] وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها وتطرد الهوام فى النوم واليقظة ويستظل بها إذا كان قعد يعنى إذا كان فى البرية ركزها والقى كساءه عليها فكان ظلا وكانت اثنى عشر ذراعا بذراعه عليه السلام من عود آس من شجر الجنة استودعها عند شعيب ملك من الملائكة فى صورة انسان وقال الكاشفى [آن عصا از چوب مرد بهشت بود طول او ده كز وسر او دو شاخه ودر زير او سنانى نشانده نامش عليق بود يانيعه از آدم ميراث بشعيب رسيده بود وازو بموسى رسيد] وفى العصا اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام رعاة الخلق والخلق مثل البهائم محتاجون الى الرعي والكلاءة من ذئاب الشياطين واسد النفس فلا بد من العمل بإرشادهم والوقوف بالخدمة عند باب دارهم: قال الحافظ شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند قال بعض اهل المعرفة لما كانت العصا صورة النفس المطمئنة المفنية للموهومات والمتخيلات لان صورة الحية تستعد للايمان كما ظهر بعض الجن بالمدينة فى صورة الحية ونهوا عن قتلها كما ذكر فى الصحاح لذلك قال موسى عليه السلام هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى استعين بها على مطالبى فى السر وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي اى على رعايا أعضائي وحواسى وعلى ما تحت يدى من القوى الطبيعية والبدنية وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى اى مقاصد لا تحصل إلا بها من الكمالات المكتسبة بالمجاهدات البدنية والرياضات النفسية فاذا جاهدت وارتاضت وانابت الى ربها انقلبت المعصية التي هى السيئة طاعة اى حسنة كما قال تعالى فى صفة التائبين يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فان قيل السؤال للاستعلام وهو محال على العلام فما الفائدة فيه قلنا فائدته ان من أراد ان يظهر من الحقير شيأ نفيسا يعرضه اولا على الحاضرين ويقول ما هذا فيقال فلان

ثم انه يظهر صنعه الفائق فيه فيقول لهم خذوا منه كذا وكذا كما يريك الزراد زبرة من حديد ويقول لك ما هى فتقول زبرة حديد ثم يريك بعد ايام لبوسا مسردا فيقول لك هى تلك الزبرة صيرتها الى ما ترى من عجيب الصنعة وأنيق السرد فالله تعالى لما أراد ان يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة عرضها اولا عليه فقال هل حقيقة ما فى يدك إلا خشبة لا تضر ولا تنفع ثم قلبها ثعبانا عظيما فنبه به على كمال قدرته ونهاية حكمته قال الكاشفى [استفهام متضمن تنبيه است يعنى حاضر شو تا عجايب بينى] وقال فى التأويلات انما امتحن موسى بهذا السؤال تنبيها له ليعلم ان للعصا عند الله اسما آخر وحقيقة اخرى غير ما علمه منها فيحيل علمها الى تعالى فيقول أنت اعلم بها يا رب فلما اتكل على علم نفسه وقال هى عصاى فكأنه قيل له اخطأت فى هذا الجواب خطأين أحدهما فى التسمية بالعصا والثاني فى اضافتها الى نفسك وهو ثعبانى لا عصاك فان قيل هذا سؤال من الله مع موسى ولم يحصل لمحمد عليه السلام قلنا خاطبه ايضا فى قوله (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) الا انه ما أفشاه وكان سرا لم يؤهل له أحدا من الخلق وايضا فان دار الكلام بينه وبين موسى فامة محمد يخاطبونه فى كل يوم مرات على ما قاله عليه السلام (المصلى يناجى ربه) وقال بعضهم فهم موسى ان هذا السؤال ليس للاستعلام لانه تعالى منزه عن ذلك بل للتذكر واستحضار حقيقتها وما يعلم من منافعها ولذا زاد فى الجواب وقال الكاشفى [جواب داد وجهت تعداد نعم ربانى بر آن افزود] وقال بعضهم سأل الله عما فى يده للتقرير على انها عصا حتى لا يخاف إذا صارت ثعبانا ويعلم انها معجزة عظيمة ولازالة الوحشة عن موسى ولذا كرر يا موسى يعنى ليحصل زيادة الانبساط والاستئناس وازالة تلك الهيبة والدهشة الحاصرة من استماع ذلك الكلام الذي لم يشبه كلام الخلق مع مشاهدة تلك النار وتلك الشجرة وسمع تسبيح الملائكة ومن ثمة لما زالت بذلك اطنب فى الجواب قال نبينا عليه السلام قلت اى ليلة المعراج اللهم انه لما لحقنى استيحاش سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة ابى بكر رضى الله عنه فقال لى قف فان ربك يصلى فعجبت من هاتين هل سبقنى ابو بكر الى هذا المقام وان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى أقرا يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما فصلاتى رحمة لك ولامتك واما امر صاحبك يا محمد فان أخاك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان انسك بصاحبك ابى بكر خلقنا ملكا على صورته ينادى بلغته ليزول عنك الاستيحاش لما يلحقك من عظيم الهيبة كذا فى انسان العيون وذكر الراغب الاصفهانى فى المحاضرات انه قال الامام الشاذلى قدس سره صاحب الحزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت فى المنام قد نصب تحت خارج الأقصى فى وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل عليهم السلام قد حضروا ليشفعوا فى حسين الحلاج عند محمد عليه السلام فى اساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت

[سورة طه (20) : الآيات 19 إلى 20]

فاذا نبينا صلى الله عليه وسلم جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السلام فوقفت انظر واسمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه السلام وقال له انك قد قلت (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فارنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي قدس سره فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان الجواب ينبغى ان يطابق السؤال والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ وكان الجواب عصاى فاوردت صفات كثيرة فقال فبينما انا متفكر فى جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسنى شخص برجله رفسة مزعجة اى ضربنى فانتبهت فاذا بقيم يشعل قناديل الأقصى قال لا تعجب فان الكل خلقوا من نوره فخررت مغشيا فلما أقاموا الصلاة أفقت وطلبت القم فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال فى قصيدة البردة وانسب الى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب الى قدره ما شئت من عظم وقال آخر سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنا قائد امم قالَ الله تعالى استئناف بيانى أَلْقِها يا مُوسى اطرحها لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك والإلقاء والنبذ والطرح بمعنى واحد فَأَلْقاها على الأرض قال الكاشفى [موسى كمان برد كه او را نيز چون نعلين مى بايد افكند پس بيفكند آنرا از قفاى خود فى الحال آوازى عظيم بكوش وى رسيد باز نكريست] فَإِذا هِيَ [پس از آنجا آن عصا] حَيَّةٌ [مارى بود] تَسْعى [مى شتافد بهر جانب] والسعى المشي بسرعة وخفة حركة والجملة صفة لحية- روى- انه حين القاها انقلبت حية صفراء فى غلظ العصا ثم انتفخت وعظمت فلذلك شبهت بالجان تارة وهو الخفيف كما قال تعالى كَأَنَّها جَانٌّ اى باعتبار ابتداء حالها وسميت ثعبانا اخرى وهو أعظمها كما قال تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى باعتبار انتهاء حالها وعبر عنها هاهنا بالاسم العام للحالين اى الصغير والكبير والظاهر انها انقلبت من أول الأمر ثعبانا وهو الأليق بالمقام كما يفصح عنه قوله تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وانما شبهت بالجان فى الجلادة وسرعة الحركة قال بعض اهل المعرفة اما انقلاب العصا حيوانا فايماء الى انقلاب المعصية طاعة وحسنة فان العصا من المعصية والمعصية إذا انقلبت صارت طاعة كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وهذا التبديل من مقام المغفرة واما المحو فى قوله عليه السلام (اتبع السيئة الحسنة تمحها) فعبارة عن حقيقة العفو قال المولى الجامى فى قوله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يعنى فى الحكم فان الأعيان أنفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى يقول الفقير على هذا يدور انقلاب العصا حية حين الإلقاء وتحول النحاس فضة عند طرح الإكسير وتمثل جبريل فى الصورة البشرية فاعرفه فأنه باب عظيم من دخله بالعرفان التام أمن من الأوهام: قال الحافظ

[سورة طه (20) : الآيات 21 إلى 24]

دست از مس وجود چومردان ره بشوى ... تا كيمياى عشق بيابى وزر شوى وقال المولى الجامى چوكسب علم كردى در عمل كوش ... كه علم بي عمل زهريست بي نوش چهـ حاصل ز آنكه دانى كيميا را ... مس خود را نكرده زر سارا قالَ استئناف بيانى خُذْها وَلا تَخَفْ روى انها انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع كل شىء يمر به من صخر وحجر وعيناه تتقدان كالنار ويسمع لانيابه صريف شديد وكان بين لحييه أربعون ذراعا او ثمانون فلما رآه كذلك خاف ونفر لان الخوف والهرب من الحيات ونحوها من طباع البشر فان قيل لم خاف موسى من العصا ولم يخف ابراهيم من النار قلنا لان الخليل كان أشد تمكينا إذ فرق بين بداية الحال ونهايتها وقد أزال الله هذا الخوف من موسى بقوله ولا تخف ولذا تمكن من أخذ العصا كما يأتى فصار اهل تمكين كالخليل عليهما السلام ألا ترى ان نبينا عليه السلام أول ما جاءه جبريل خافه فرجع من الجبل مرتعدا ثم كان من امره ما كان حتى استعد لرؤيته على صورته الاصلية ليلة المعراج كما قال تعالى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى وفى التأويلات النجمية خُذْها وَلا تَخَفْ يعنى كنت تحسب ان لك فيها المنافع والمآرب فى البداية ثم رأيتها وأنت خائف من مضارها فخذها ولا تخف لتعلم ان الله تعالى هو الضار والنافع فيكون خوفك ورجاؤك منه اليه لامن غيره: وفى المثنوى هر كه ترسيد از حق وتقوى كزيد ... ترسد از وى جن وانس وهر كه ديد «1» سَنُعِيدُها [زود باشد كه كردانيم ويرا] سِيرَتَهَا الْأُولى السيرة فعلة من السير اى نوع منه تجوز بها للطريقة والهيئة وانتصابها على نزع الجار اى سنعيدها بعد الاخذ الى هيئتها الاولى التي هى الهيئة العصوية فوضع يده فى فم الحية فصارت عصا كما كانت ويده فى شعبتيها فى الموضع الذي يضعها فيه إذا توكأ وأراه هذه الآية كيلا يخاف عند فرعون إذا انقلبت حية وفى الحديث (يجاء لصاحب المال الذي لم يؤد زكاته بذلك المال على صورة ثعبان) يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان لكل جسد روحا ولو كان معنويا ولكل عمل وخلق ووصف صورة معتدلة فى الدنيا تتحول صورة محسوسة فى الآخرة كما قال تعالى فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى يظهر لهم صور أعمالهم كما مر فى سورة الانعام ولما كان حب المال من أشد صفات النفس الامارة التي هى فى صورة ثعبان ضار لا جرم يظهر يوم تبلى السرائر على هذا الصورة المزعجة ويصير طوقا لعنق صاحبه فاذا تزكى موسى القلب من حب المال وأحب بذله فى سبيل الله جاء فى صورة حسنة يهواها مناسبة لما عمل به من الخيرات وقس حال البواقي عليه ثم أراه آية اخرى فقال وَاضْمُمْ [ضم كن وببر] يَدَكَ اليمنى إِلى جَناحِكَ [بسوى پهلوى خود در زير بغل] وجناح الإنسان جنبه وعضده الى اصل إبطه كما ان جناحى العسكر ناحيتاه مستعار من جناحى الطائر وقد سميا جناحين لانه يجنحهما اى يمينها عند الطيران. والمعنى واضمم يدك الى جنبك تحت العضد تَخْرُجْ [تا بيرون آيد جواب] بَيْضاءَ [در حالتى كه سفيد وروشن] حال من الضمير فيه

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 23 إلى 24]

مِنْ غَيْرِ سُوءٍ حال من الضمير فى بيضاء اى كائنة من غير عيب وقبح كنى به عن البرص كما كنى بالسوءة عن العورة لما ان الطباع تعافه وتنفر عنه- روى- ان موسى عليه السلام كان أسمر اللون فاذا ادخل يده اليمنى تحت إبطه الأيسر وأخرجها كان عليها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ويسد الأفق ثم إذا ردها الى جنبه صارت الى لونها الاول بلا نور ويريق آيَةً أُخْرى اى معجزة اخرى غير العصا وانتصابها على الحالية من الضمير فى بيضاء لِنُرِيَكَ اى فعلنا ما فعلنا من قلب العصا حية وجعل اليد بيضاء لنريك بهاتين الآيتين مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى اى بعض آياتنا الكبرى فكل من العصا واليد من الآيات الكبرى وهى تسع كما قال تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ وقد سبق بيانها ونظير الآية قوله تعالى فى حق نبينا عليه السلام لَقَدْ رَأى اى محمد ليلة المعراج مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى والفرق بين آيات موسى وآيات نبينا عليهما السلام ان آيات موسى عجائب الأرض فقط وآيات نبينا عجائب السموات والأرض كما لا يخفى هذا هو اللائح فى هذا المقام فاعرفه واعلم ان موسى عليه السلام ادخل يده فى جيبه فاخرجها بيضاء من غير سوء وهذا من كرامات اليد بعد التحقق بحقيقة الجود والكرم والسخاء والإيثار فالجود عطاؤك ابتداء قبل السؤال والكرم عطاؤك ما أنت محتاج اليه وبالعطاء صحت الخلة- روى- ان الله تعالى أرسل الى ابراهيم جبريل عليهما السلام على صورة شخص فقال له يا ابراهيم أراك تعطى الأوداء والأعداء فقال تعلمت الكرم من ربى رأيته لا يضيعهم فانا لا أضيعهم فاوحى الله اليه ان يا ابراهيم أنت خليلى حقا ومن كرامات اليد ما روى ان نبينا عليه السلام نبع الماء من بين أصابعه فى غزوة تبوك حتى شرب منه ورفعه خلق كثير ورمى التراب فى وجوه الأعداء فانهزموا وسبح الحصى فى يده: قال العطار قدس سره داعى ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از ان كفتى حصات وقبض من شاء من الأولياء فى الهواء فيفتح يده عن فضة او ذهب الى أمثال هذا فاذا سمعت هذا عرفت ان كل كمال يظهر فى النوع الإنسان فهو اثر عمل من الأعمال او حال من الأحوال فبين كل شيئين اما مناسبة ظاهرة او باطنة إذا طلبها الحكيم المراقب وجدها نسأل الله تعالى ان يوفقنا لصرف الأعضاء والقوى الى ما خلقت هى لاجله ويفيض علينا فضله بسجله اذْهَبْ يا موسى بطريق الدعوة والتحذير إِلى فِرْعَوْنَ وملئه بهاتين الآيتين العصا واليد لقوله تعالى فى سورة القصص فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ واما قوله تعالى اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي فسيأتى معنى الجمع فيه ان شاء الله تعالى إِنَّهُ طَغى اى جاوز حد العبودية بدعوى الربوبية استقلالا لا اشتراكا كما قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وفيه اشارة الى معيين. أحدهما ان السالك الصادق إذا بلغ مرتبة كماله يقيضه الله لدلالة عباده وتربيتهم. والثاني ان كمال البالغين فى ان يرجعوا الى الخلق ومخالطتهم والصبر على اذاهم ليختبروا بذلك حلمهم وعفوهم فان قيل لم أرسله الله بالعصا قلنا لان العصا من آلات الرعاة وموسى عليه السلام كان راعيا فارسله الله مع آلته وابصا كان فرعون بمنزلة

[سورة طه (20) : الآيات 25 إلى 28]

الحمار فاحتاج الى العصا والضرب: وفى المثنوى كر ترا عقلست كردم لطفها ... ور خرى آورده ام خر را عصا «1» آنچنان زين آخرت بيرون كنم ... كز عصا كوش وسرت پر خون كنم اندرين آخر خران ومردمان ... مى نيابند از جفاى تو أمان يك عصا آورده ام بهر ادب ... هر خرى را كو نباشد مستحب اژدهائى ميشود در قهر تو ... كاژدهائى كشته در فعل وخو اژدهائى كوهئ تو بي أمان ... ليك بنكر اژدهاى آسمان اين عصا از دوزخ آمد چاشنى ... كه هلا بگريز اندر روشنى ور نه درمانى تو در دندان من ... مخلصت نبود ز در بندان من اين عصائى بود اين دم اژدهاست ... تا نكوئى دوزخ يزدان كجاست هر كجا خواهد خدا دوزخ كند ... اوج را بر مرغ دام وفخ كند هم ز دندانت بر آيد دردها ... تا بگوئى دوزخست واژدها يا كند آب دهانت را عسل ... كه بگوئى كه بهشتست وحلل از بن دندان بروياند شكر ... تا بدانى قوت حكم قدر پس بدندان بي كنهانرا مكز ... فكر كن از ضربت نامحترز قالَ موسى مستعينا بالله لما علم انه حمل ثقيل وتكليف عظيم: يعنى [با خود انديشيد كه من تنها با فرعون ولشكر او چگونه مقاومت توانم كرد پس از خدا تقويت طلبيده آغاز ودعا كرد واز روى نياز كفت] رَبِّ [اى پروردگار من] اشْرَحْ لِي صَدْرِي [كشاده كردان براى من سينه مرا] والمراد بالصدر هنا القلب لا العضو الذي فيه القلب اى وسع قلبى حتى لا يضيق بسفاهة المعاندين ولجاجهم ولا يخاف من شوكتهم وكثرتهم واعلم ان شرح الصدر من نعم الله تعالى على الأنبياء وكمل الأولياء وقد أخذ منه نبينا عليه السلام الحظ الاوفى لانه حصل له بصورته ومعناه إذ شق صدره فى صباوته والقى عنه العلقة التي هى حظ الشيطان ومغمزه وغسل فى طست من الذهب وايضا فى البلوغ الى الأربعين لينشرح لتحمل أثقال الرسالة وفى المعراج ليتسع لاسرار الحق تعالى فجاء حاملا للاوصاف الجليلة التي لا توصف من الحلم والعفو والصبر والكف واللطف والدعاء والنصيحة الى غير ذلك وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي سهل على امر التبليغ باحداث الأسباب ورفع الموانع وَاحْلُلْ وافتح: وبالفارسية [وبگشاى] عُقْدَةً لكنة: وبالفارسية [كرهى را] مِنْ لِسانِي متعلق بالفعل وتنكير عقدة يدل على قلتها فى نفسها قالوا ما الإنسان لولا اللسان الا بهيمة مرسلة او صورة ممثلة والمرء باصغريه قلبه ولسانه يَفْقَهُوا قَوْلِي اى يفهم هو وقومه كلامى عند تبليغ الرسالة فانما يحسن التبليغ من البليغ وكان فى لسانه رتة: وبالفارسية [بستكى زبان] من جمرة أدخلها فاه وذلك ان فرعون حمله يوما فاخذ لحيته ونتفها لما كانت مرصعة بالجواهر فغضب وقال ان هذا عدوى

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان منازعت كردن أميران عرب يا رسول خدا عليه السلام كه ملك مقاسمه كن إلخ [.....]

[سورة طه (20) : الآيات 29 إلى 32]

المطلوب وامر بقتله فقالت آسية زوجته ايها الملك انه صبى لا يفرق بين الجمر والياقوت فاحضرا بين يدى موسى بان جعل الجمر فى طست والياقوت فى آخر فقصد الى أخذ الجوهر فامال جبرائيل يده الى الجمر فرفعه الى فيه فاحترق لسانه فكانت منه لكنة وعجمة والى هذه القصة أشار العطار قدس سره بقوله همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كام ودهان پر اخكرست ولعل تبيض يده لما كانت آلة لاخذ الجمر واللحية والنتف فان قيل لم احترق لسان موسى ولم يحترق أصابعه حين قبض على الجمر عند امتحان فرعون قلنا ليكون معجزة بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة لانه شاهد احتراقه عنده فيكون دليلا على اعجازه كأنه يقول الكليم أخرجني الله من عندك يا فرعون مغلولا ذا عقدة ثم ردنى إليك فصيحا متكلما وأورثني ذلك ابتلاء من ربى حال كونى صغيرا ان جعلنى كليما مع حضرته حال كونى كبيرا وأورث تناول يدى الى النار آية نيرة بيضاء كشعلة النار فى أعينكم فكل بلاء حسن قال فى الاسئلة المقحمة لما دعا رسى بهذا الدعاء هل انحلت اى كما يدل عليه قوله قال قد أوتيت سؤلك فلماذا قال وأخي هارون هو افصح منى لسانا وقال فرعون فيه ولا يكاد يبين الجواب يجوز ان يكون هارون هو افصح منه مع زوالها وقول فرعون تكلم به على وجه المعاندة والاستصغار كما كما يقول المعاند لخصمه لا تقول شيأ ولا تدرى ما تقول وقالوا لشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وقالوا لهود ما جئتنا ببينة ولنبينا عليه السلام قلوبنا فى اكنة انتهى والى هذا التأويل جنح المولى ابو السعود فى الإرشاد وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً الوزير حباء الملك اى جليسه وخاصتة الذي يحمل ثقله وبعينه برأيه كما فى القاموس فاشتقاقه من الوزير بالكسر الذي هو الثقل لانه يحمل الثقل عن أميره او من الوزر محركة وهو الملجأ والمعتصم لان الأمير يعتصم برأيه ويلجأ اليه فى أموره والمعنى واجعل لى موازرا يعاوننى فى تحمل أعباء ما كلفته مِنْ أَهْلِي من خواصى واقربائى فان الأهل خاصة الشيء ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي واهل الله خاصته كما فى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) كما فى المقاصد الحسنة وهو صفة لوزير او صلة لا جعل هارُونَ مفعول أول لا جعل قدم عليه الثاني وهو وزيرا للعناية به لان مقصوده الأهم طلب الوزير أَخِي بدل من هارون اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي الأزر القوة والظهر اى احكم به قوتى او قوّ به ظهرى وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي واجعله شريكى فى امر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغى فان قيل كيف سأل لاخيه النبوة فانما هى باختيار الله تعالى كما قال (الله اعلم حيث يجعل رسالته) قلت ان فى اجابة الله دليلا على ان سؤاله كان بإذن الله وإلهاما منه ولما كان التعاون فى الدين درجة عظيمة طلب ان لا يحصل الا لاخيه وفيها اشارة الى ان صحبة الأخيار وموازرتهم مرغوب للانبياء فضلا عن غيرهم ولا ينبغى ان يكون المرء مستبدا برأيه مغرورا بقوته وشوكته وينبغى ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ويجوز لنفسه الشريك فى امور المناصب ولا تقدح وزارة هارون فى نبوته وقد كان اكثر أنبياء بنى إسرائيل كذلك اى كان أحدهم موازرا ومعينا للآخر فى تبليغ الرسالة وكان هارون بمصر

[سورة طه (20) : الآيات 33 إلى 37]

حين بعث موسى نبيا بالشام كَيْ غاية للادعية الثلاثة الاخيرة: والمعنى بالفارسية [تا] نُسَبِّحَكَ تسبيحا كَثِيراً اى ننزهك عما لا يليق بك من الافعال والصفات التي من جملتها ما يدعيه فرعون وَنَذْكُرَكَ ذكرا كَثِيراً اى على كل حال ونصفك بما يليق بك من صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال فان التعاون يهيج الرعبات ويؤدى الى تكاثر الخير وتزايره قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان للجليس الصالح والصديق الصديق أثرا عظيما فى المعاونة على كثرة الطاعة والموافقة والموافقة فى اقتحام عقبات السلوك وقطع مفاوزه: قال الحافظ دريغ ودرد كه تا اين زمان ندانستم ... كه كيمياى سعادت رفيق بود رفيق إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً الباء متعلقة ببصيرا قدمت عليه لرعاية الفواصل اى عالما بأحوالنا وان التعاون يصلحنا وان هارون نعم الوزير والمعين لى فيما أمرتني به فانه اكبر منى سنا وافصح لسانا وكان اكبر من موسى بأربع سنين او بسنة على اختلاف الروايات قالَ الله تعالى قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى مسئولك ومطلوبك فعل بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز والإيتاء عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوقوع تلك المطالب وحصولها له قال داود القيصري قدس سره ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء الأدباء الأمناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم انتهى وذلك كما كان آصف بن برخيا وزيرا لسليمان عليه السلام الذي كانت قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم فظهر عنه ما ظهر من إتيان عرش بلقيس كما حكاه الله تعالى فى القرآن وكان انو شروان يقول لا يستغنى أجود السيوف عن الصيقل ولا أكرم الدواب عن السوط: ولا اعلم الملوك عن الوزير وفى الحديث (إذا أراد الله بملك خيرا قيض له وزيرا صالحا ان نسى ذكره وان نوى خيرا أعانه وان نوى شرا كفه) وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزراء كما قال (ان لى وزيرين فى الأرض أبا بكر وعمر ووزيرين فى السماء جبريل واسرافيل) فكان من فى السماء بمده عليه السلام من جهة الروحانية ومن فى الأرض من جهة الجسمانية قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ فنصر الله سماوى ونصر المؤمنين ارضى وبالكل يحصل الامداد مطلقا وفى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى شرح الأربعين حديثا والمراد من اهل القبور الروحانيون سواء كانوا فى الأجساد الكثيفة او اللطيفة فافهم ثم ان العادل يرث من النبي عليه السلام هذه الوزارة واما الظالم فيجعل له وزير سوء وهو علامة غضب الله وانتقامه: قال الشيخ سعدى قدس سره بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى : وقال الحافظ زمانه كرنه سر قلب داشتى كارش ... بدست آصف صاحب عيار بايستى

[سورة طه (20) : آية 37]

ولما كان السلطان ظل الله فى الأرض ظهر مظهر الحقيقة الجامعة الالهية وهو القطب الذي هو مدار العالم فكما ان للقطب وزراء من العلماء الأمناء كذلك لمن هو ظله وزراء من العادلين الأدباء وهذه الوزارة ممتدة الى زمن المهدى ووزراؤه سبعة هم اصحاب الكهف يحبيهم الله فى آخر الزمان يختم بهم رتبة الوزراء المهدية ومنهم الوزراء السبعة للملوك العثمانية وهم الذين يسمعون بوزراء القبلة واعلم ان موسى بطريق الاشارة سلطاننا فى الآفاق وروحنا فى الأنفس وهارون هو الوزير أيا من كان فى الآفاق والعقل فى الأنفس وفرعون هو رئيس اهل الحرب من النصارى وغيرهم والنفوس الامارة بالسوء فاذا قارن الروح بالعقل الكامل المشير المدبر وهو عقل المعاند يغلب على النفس وقواها ويخلص حصن القلب من أيديها كما ان السلطان إذا اصطفى لوزارته رجلا صالحا عادلا يغلب ان شاء الله تعالى على الأعداء ويتصرف فى بلادهم وحصونهم: وفى المثنوى عقل تو دستور مغلوب هواست ... در وجودت رهزن راه خداست واى آن شه كه وزيرش اين بود ... جاى هر دو دوزخ پر كين بود شاد آن شاهى كه او را دستكير ... باشد اندر كار چون آصف وزير شاه عادل چون قرين او شود ... نام او نور على نور اين بود چون سليمان شاه و چون آصف وزير ... نور بر نورست وعنبر بر عبير شاه فرعون و چوهامانش وزير ... هر دو را نبود ز بد بختي كريز «1» پس بود ظلمات بعضى فوق بعض ... نى خرد يار ونه دولت روز عرض عقل جزؤى را وزير خود مكير ... عقل كل را ساز اى سلطان وزير مر هوا را تو وزير خود مساز ... كه بر آرد جان پاكت از نماز كين هوا پر حرص وحالى بين بود ... عقل را انديشه يوم الدين بود وفى الحديث (من قلد إنسانا عملا وفى رعيته من هو اولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين) : قال الشيخ سعدى قدس سره كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا مى دهى چوب وسنك سك آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى نا استخوانش نهند مكافات موذى بمالش مكن ... كه بيخش بر آورد بايد زبن سر كرك بايد هم أول بريد ... نه چون كوسفندان مردم دريد وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ من قولهم من عليه منا بمعنى أنعم عليه لا من قولهم عليه منة بمعنى امتن عليه لان المنة تهدم الصنيعة وفى الكبير فان قيل ذكر تلك النعم بلفظ المنة مؤذ والمقام مقام التلطف قلنا عرفه انه لم يستحق شيأ منها بذاته وانما خصه بها بمحض التفضل والمعنى وبالله لقد أنعمنا عليك يا موسى أكرمناك بكرامات من غيران تسألنا مَرَّةً أُخْرى فى وقت ذى مر وذهاب اى وقتا غير هذا الوقت فان اخرى تأنيث اخر بمعنى غير والمرة فى الأصل اسم للمر الواحد الذي هو مصدر قولك مريمر مرا ومرورا اى ذهب ثم اطلق

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان ما نستن بدر آبى ابن وزير دون در إفساد مروت شاه بوزير فرعون يعنى هامان

[سورة طه (20) : الآيات 38 إلى 42]

على فعلة واحدة من الفعلات متعدية كانت او لازمة ثم شاع فى كل فرد واحد من افراد ماله افراد متحدة فصار علما فى ذلك حتى جعل معيارا لما فى معناه من سائر الأشياء فقيل هذا بناء المرة ويقرب منها الكرة والتارة والدفعة والمراد به هاهنا الوقت الممتد الذي وقع فيه ما سيأتى ذكره من المنن العظيمة الكثيرة إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ظرف لمننا والمراد من هذا الوحى ليس الوحى الواصل الى الأنبياء لان أم موسى ما كانت من الأنبياء فان المرأة لا تصلح للامارة والقضاء فكيف تصلح للنبوة بل الإلهام كما فى قوله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ بان أوقع الله فى قلبها عزيمة جازمة على ما فعلته من اتخاذ التابوت والقذف قال فى الاسئلة المقحمة كيف يجوز لها ان تلقى ولدها فى البحر وتخاطر بروحه بمجرد الإلهام والجواب كانت مضطرة الى ركوب أحد الخطرين فاختارت له خير الشرين انتهى والظاهر ان الله تعالى قدر انها تكون صدف درة وجود موسى فكما ان الصدف يتنور بنور الدرة نور صدر امه ايضا بنور الوحى من تلألؤ أنوار نبوته ورسالته فهذا الإلهام من احوال الخواص من اهل الحال ما يُوحى المراد به ما سيأتى من الأمر بقذفه فى التابوت والبحر أبهم اولا تهويلا له وتفخيما لشأنه عليه السلام ثم فسر ليكون أقر عند النفس أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ان مفسرة بمعنى اى لان الوحى من باب القول اى قلنا لها اقذفيه ومعنى القذف هاهنا الوضع وفى قوله فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ الإلقاء وليس المراد القذف بلا تابوت واليم نيل مصر فى قول جميع المفسرين فان اليم يقع على البحر والنهر العظيم فان قيل ما الحكمة بإلقاء موسى فى اليم دون غيره فيه قلنا له جوابان بلسان الحكمة والمعرفة قيل بلسان الحكمة ان المنجمين حتى إذا القى شىء فى الماء يخفى عليهم امره فاراد الله ان يخفى حال موسى على المنجمين حتى لا يخبروا به فرعون وقيل بلسان الحال ألقيه فى التلف لا نجيه بالتلف من التلف قيل لها بلسان الحال سلميه الىّ صبيا أسلمه إليك نبيا وقيل أنجاه من البحر فى الابتداء كذلك أنجاه من البحر فى الانتهاء بإغراق فرعون بالماء وقال بعض ارباب المعارف التابوت اشارة الى ناسوت موسى عليه السلام اى صورته الانسانية واليم اشارة الى ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم العنصري فلما حصلت النفس فى هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لها هذا القوى آلات يتوصل بها الى ما اراده الله منها فى تدبير هذا التابوت فرمى فى اليم ليحصل له بهذا القوى من فنون العلم تكميل استعداده بذلك الأمر من النفس الكلية التي هى امه المعنوية وأبوه الروح الكلى فكل ولد منها يأخذ استعداده بحسب القابلية فكمل لموسى الاستعداد الأصلي بذلك الإلقاء من توجه النفس الكلية له: وقال المولى الجامى قدس سره ديدم رخت آفتاب عالم اينست ... در طور وجود نور أعظم اينست افتاد دلم أسير تابوت بدن ... در بحر غمت القى فى اليم اينست فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ لما كان إلقاء البحر إياه بالساحل امرا واجب الوقوع لتعلق الارادة الربانية به جعل البحر كأنه ذو تمييز مطيع امر بذلك واخرج الجواب مخرج الأمر فصورته امر ومعناه خبر والضمائر كلها لموسى والمقذوف فى البحر والملقى بالساحل وان كان التابوت

[سورة طه (20) : آية 40]

أصالة لكن لما كان المقصود بالذات ما فيه جعل التابوت تبعا له فى ذلك. والساحل فاعل بمعنى مفعول من السحل لانه يسحل الماء اى يقشره ويسلخه وينزع عنه ما هو بمنزلة القشر على ظاهره يقال قشرت العود نزعت عنه قشره يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ بالجزم جواب للامر بالإلقاء وتكرير عدو للمبالغة اى دعيه حتى يأخذه العدو فانى قادر على تربية الولي فى حجر العدو ووقايته من شره بإلقاء محبة منه عليه فان قيل كيف يجوز ان يكون مثل فرعون له رتبة معاداته تعالى حتى سمى عدو الله قلنا معناه يأخذه مخالف لامرى كالعدو كذا فى الاسئلة المقحمة قالوا ليس المراد بالساحل نفس الشاطىّ بل ما يقابل الوسط وهو مايلى الساحل من البحر بحيث يجرى ماؤه الى نهر فرعون لما روى انها جعلت فى التابوت قطنا ووضعته فيه ثم أحكمته بالقير وهو الزفت لئلا يدخل فيه الماء وألقته فى اليم وكان يدخل منه الى بستان فرعون نهر فدفعه الماء اليه فاتى به الى بركة فى البستان وكان فرعون جالسا ثمة مع آسية بنت مزاحم فامر به فاخرج ففتح فاذا هو صبى أصبح الناس وجها ولما وجده فى اليم عنده الشجر سماه موسى و «مو» هو الماء بالقبطية و «سا» هو الشجر وأحبه حبا شديدا لا يكاد يتمالك الصبر عنه وذلك قوله تعالى وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً عظيمة كائنة مِنِّي قد زرعتها فى القلوب بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك ولذا أحبك عدو الله وآله- روى- انه كان على وجهه مسحة جمال وفى عينيه ملاحة لا يكاد يصبر عنه من راه ماه زيباست ولى روى تو زيباتر ازوست ... چشم نركس چهـ كنم چشم تو رعناتر ازوست وفى التأويلات النجمية وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً من محبتى ليحبك بمحبتى من أحبني بالتحقيق ويحبك عدوى وعدوك بالتقليد كما ان آسية أحبته بحب الله على التحقيق وفرعون أحبه لما الفى الله عليه محبة بالتقليد ولما كانت محبة فرعون بالتقليد فسدت وبطلت بأدنى حركة رآها من موسى ولما كانت محبة آسية بالتحقيق ثبتت عليها ولم تتغير وهكذا يكون ارادة اهل التقليد تفسد بأدنى حركة لا تكون على وفق طبع المريد المقلد ولا تفسد ارادة المريد المحقق بأكبر حركة تخالف طبعه وهواه وهو مستسلم فى جميع الأحوال نشان اهل خدا عاشقى وتسليمست ... كه در مريد شهر اين نشان نمى بينم وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي عطف على علة مضمرة لا لقيت اى ليتعطف عليك ولتربى بالنحو والشفقة ويحسن إليك وانا راقبك ومراعيك وحافظك كما يراعى الرجل الشيء بعينه إذا اعتنى به من قولهم صنع اليه معروفا إذا احسن اليه. وعينى حال من الضمير المستتر فى لتصنع لا صلة له جعل العين مجازا عن الرعاية والحراسة بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب فان الناظر الى الشيء يحرسه مما لا يريد فى حقه ويراعيه حسبما يريد فيه. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من أدركته العناية الازلية يكون فى جميع حالاته منظور نظر العناية لا يجرى عليه امر من امور الدنيا والآخرة الا وقد يكون له فيه صلاح وتربية الى ان يبلغه درجة ومقاما قد قدر له إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ مريم ظرفّ لتصنع على ان المراد به وقت وقع فيه مشيها الى بيت فرعون وما ترتب عليه من القول والرجع الى أمها وتربيتها له بالبر والحنو وهو المصداق لقوله (ولتصنع على

عينى) إذ لا شفقة أعظم من شفقة الام قال ابن الشيخ تقييد التربية بزمان مشى أخته صحيح لان التربية انما وقعت زمان المشي ورده الى امه فَتَقُولُ اى لفرعون وآسية حين رأتهما يطلبان له عرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل تديا وصيغة المضارع فى الفعلين لحكاية الحال الماضية اى قالت هَلْ أَدُلُّكُمْ [آيا دلالت كنم شما را] اى حاضران عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ [بر كسى كه تكفل اين طفل كند واو را شير دهد] اى يضمه الى نفسه ويربيه وذلك انما يكون بقبول ثديها- يروى- انه فشا الخبر بمصر ان آل فرعون أخذوا غلاما من النيل لا يرضع ثدى امرأة واضطروا الى تتبع النساء فخرجت مريم لتعرف خبره فجاءتهم منكرة فقالت ما قالت وقالوا من هى قالت أمي قالوا ألها لبن قالت نعم لبن أخي هارون فجاءت بها فقبل ثديها فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ الفاء فصيحة معربة عن محذوف قلبها يعطف عليه ما بعدها اى فقالوا دلينا عليها فجاءت بامك فرجعناك إليها اى رددناك: وبالفارسية [پس باز كردانيديم ترا بسوى مادر تو وبوعده وفا كرديم] وهو قوله إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وذلك لان إلهامها كان من الهام الخواص الذي بمنزلة الوحى فلا تستبعد عليها هذه المكالمة المعنوية ويجوز ان يكون ذلك من قبيل الاعلام بالمبشرة كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها [تا شايد كه روشن شود چشم مادر بلقاء تو] وقال بعضهم تطيب نفسها بلقائك يقال قرت عينه إذا بردت نقيض سخنت هذا أصله ثم استعير للسرور وهو المراد هاهنا كما فى بحر العلوم وَلا تَحْزَنَ على فقدك: وبالفارسية [واندوهناك نكردد بفراق تو] قال فى الكبير فان قيل وَلا تَحْزَنَ فضل لان السرور يزيل الغم لا محالة قلنا تقر عينها بوصولك إليها ولا تحزن بوصول لبن غيرها الى باطنك انتهى وفى الإرشاد اى لا يطرأ عليها الحزن بفراقك بعد ذلك وإلا فزوال الحزن مقدم على السرور المعبر عنه بقرة العين فان التخلية متقدمة على التحلبة انتهى يقول الفقير الواو لمطلق الجمع وايضا ان الثاني لتأكيد الاول فلا يرد ما قالوا وَقَتَلْتَ نَفْساً هى نفس القبطي الذي استغاثه الاسرائيلى عليه كما يأتى فى سورة القصص فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ اى غم قتله خوفا من عقاب الله بالمغفرة ومن اقتصاص فرعون بالانجاء منه بالمهاجرة الى مدين وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً الفتنة والفتون المحنة وكل ماشق على الإنسان وكل ما يبتلى الله به عباده فتنة ولا يطلق الفتان على الله لانه صفة ذم عرفا واسماء الله توقيفية فان قيل كيف يجوز ذكر الفتن عند ذكر النعم قلنا الفتنة تشديد المحنة ولما أوجب تشديد المحنة كثرة الثواب عده الله فى النعم ألا ترى الى قوله عليه السلام (ما او ذى نبى مثل ما او ذيت) وقد فسره البعض بقوله ما صفى نبى مثل ما صفيت والمعنى ابتليناك ابتلاء وقال بعضهم طحناك بالبلاء طحنا: وبالفارسية [وبيازموديم ترا آزمودنى يعنى ترا در بوته بلاها افكنديم وخالص بيرون آمدى] ومن ابتلائه قتله القبطىّ ومهاجرته من الوطن ومفارقة الأحباب والمشي راجلا وفقد الزاد ونحو ذلك مما وقع قبل وصوله الى مدين بقضية الفاء الآتية وفى التأويلات النجمية منها فتنة صحبتك مع فرعون وتربيتك مع قومه فحفظناك من التدين يدينهم ومنها فتنة قتل نفس بغير الحق وفرارك من فرعون بسبب قتل القبطي فنجوت منها

ومنها ابتليناك بابنتي شعيب واحتياجهما إليك فى سقى غنمهما فلولا حفظناك لملت إليهما ميل البشر للنساء ومنها ابتليناك بخدمة شعيب وصحبته واستجاره فوفقناك للخروج من عهدة حقوقه وعهوده قال بعض الكبار اختبره فى مواطن كثيرة ليتحقق فى نفسه صبره على ما ابتلاه به فاول ما ابتلاه الله به قتل القبطي بما ألهمه الله فى سره وان يعلم بذلك الإلهام ولكن كان فيه علامة ذلك وهو ان لم يجد فى نفسه مبالاة بقتله فعدم مبالاته بقتله مع عدم انتظاره الوحى علامة كونه ملهما به فى السر والا ينبغى ان يعتريه وحشة عظيمة من ذلك الفعل وانما قلنا انه عليه السلام كان ملهما فى قتل القبطي لان باطن النبي معصوم من ان يميل الى امر ولم يكن مأمورا به من عند ربه وان كان فى السر ولكون النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يخبر بان ذلك الأمر مأمور به فى السر أراه الخضر حين قصد تنبيهه على ما ذهل عنه من كونه ملهما بقتل القبطي قتل الغلام فانكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر ما فعلته عن امرى ينبهه على مرتبته قبل ان ينبأ انه كان معصوم الحركة فى قتله فى نفس الأمر وان لم يشعر بذلك وأراه ايضا حرق السفينة الذي ظاهره هلك وباطنه نجاة من يد الغاصب جعل له ذلك فى مقابلة التابوت الذي كان فى اليم مطبقا عليه فان ظاهره هلاك وباطنه نجاة وانما فعلت به امه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون ان يذبحه مع الوحى الذي ألهمها الله من حيث لا تشعر فوجدت فى نفسها انها ترضعه فاذا خافت عليه ألقته فى اليم وغلب على ظنها ان الله ربما رده إليها لحسن ظنها به وقالت حين ألهمت ذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها إذ لم يكن عندها دليل يفيد العلم بذلك وهذا التوهم والظن علم باعتبار ان متعلقه حق مطابق للواقع متحقق فى نفس الأمر فَلَبِثْتَ سِنِينَ عشر سنين فِي أَهْلِ مَدْيَنَ اى عند شعيب لرعى الأغنام لان شعيبا انكحه بنته صفوراء على ان يخدمه ثمانى سنين فخدمه عشرا قضاء لاكثر الأجلين كما يأتى فى سورة القصص ومدين على ثمانى مراحل من مصر وذكر اللبث دون الوصول إليهم اشارة الى مقاساة شدائد اخرى فى تلك السنين كايجار نفسه ونحوه مما كان من قبيل الفتون. وفى التأويلات النجمية فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ لتستحق بتربية شعيب وملازمته النبوة والرسالة: قال الحافظ شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند يقول الفقير انظر كيف ان الله تعالى جعل فى الأمر المكروه امرا محبوبا فان قتل القبطي ساق موسى الى خدمته شعيبا الى ان استعد للنبوة وقس على هذا ما عداه وإذا كانت النبوة مما يقدم لها الخدمة مع كونها اختصاصا الهيا فما ظنك بالولاية ثُمَّ جِئْتَ اى الوادي المقدس بعد ضلال الطريق وتفرق الغنم فى الليلة المظلمة ونحوها عَلى قَدَرٍ تقدير قدرته لان أكلمك واستنبئك غير مستقدم وقته المعين ولا مستأخر او على مقدار من السن يوحى فيه الى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة وفى الحديث (ما بعث الله نبيا الا على رأس أربعين سنة) كما فى بحر العلوم وأورده البعض فى الموضوعات لان عيسى عليه السلام نبئ ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين ونبئ يوسف عليه السلام فى البئر وهو ابن ثمانى عشرة وكذا يحيى عليه السلام اوتى

[سورة طه (20) : الآيات 41 إلى 42]

الحكم وهو صبى فاشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ كما فى المقاصد الحسنة يا مُوسى كرره تشريفا له عليه السلام وتنبيها على انتهاء الحكاية التي هى تفصيل المرة الاخرى التي وقعت قبل المرة المحكية وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي تذكير لقوله وانا اخترتك اى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامي فهو تمثيل لما أعطاه تعالى من الكرامة العظمى بتقريب الملك بعض خواصه واصطناعه لنفسه وترشيحه لبعض أموره الجليلة وقال الكاشفى [وترا بركزيديم وخالص ساختيم براى محبت خود يعنى ترا دوست كرفتيم] وفى حواشى ابن شيخ اى اخترتك لتحبنى وتتصرف على إرادتي ومحبتى وتشتغل بما امرتك من اقامة حجتى وتبليغ رسالتى وان تكون فى حركاتك وسكناتك لوجهى لا لنفسك ولا لغيرك. والاصطناع افتعال من الصنع بالضم وهو مصدر قولك صنع اليه معروفا واصطناع فلان اتخاذه صنيعا محسنا اليه بتقريبه وتخصيصه بالتكريم والإجلال عن القفال قال اصطنعتك أصله من قولهم اصطنع فلان فلانا إذا احسن اليه حتى يضاف اليه فيقال هذا صنيع فلان كما يقال هذا جريح فلان وفى القاموس واصطنعتك لنفسى اخترتك لخاصة امر أستكفيكه انتهى وحقيقته جعله عليه السلام مرآة قابلة لانوار صفات الجمال والجلال وفيه اشارة الى ان الخواص انما خلقوا لاجل هذا المعنى الخاص واما غيرهم فبعضهم للدنيا وبعضهم للآخرة فالخواص هم عباد الله حقا وقد تخلصوا من شوب الميل الى الباطل وهو ما سوى الله تعالى: قال لبيد ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالصبر تجرع المرارات عند نزول المصيبات والرضى سرور القلب بمر القضايا فالعبد الذي أراد الله اصطفاءه يجعله فى بوتقة البلاء اولا فيخلص جوهره مما سواه فطريق هذا المنزل صعب جدا: قال المولى الجامى مكوكه قطع بيابان عشق آسانست ... كه كوههاى بلا ريك آن بيابانست اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين الراضين الواصلين اذْهَبْ أَنْتَ يا موسى والذهاب المضي يقال ذهب بالشيء وأذهبه ويستعمل ذلك فى الأعيان والمعاني قال تعالى إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي وقال فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَأَخُوكَ اى وليذهب أخوك هارون حسبما استدعيت عطف عليه لانه كان غائبا عن موسى وقتئذ. والاخوة المشاركة فى الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار الأخ لكل مشارك لغيره فى القبلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة او فى مودة او فى غير ذلك من المناسبات بِآياتِي بمعجزاتى والباء للمصاحبة لا للتعدية إذ المراد ذهابهما الى فرعون ملتبسين بالآيات متمسكين بها فى اجراء احكام الرسالة وإكمال امر الدعوة لا مجرد اذهابهما وايصالهما اليه قال ابن عباس رضى الله عنهما يريد الآيات التسع التي أنزلت عليه وان كان وقوع بعضها بالفعل مترقبا بعد. ويحتمل ان يكون الجمع للتعظيم والمراد العصا واليد. او لما ان اقل الجمع عند الخليل اثنان يعنى ان اطلاق الآيات على الآيتين وارد على الأدنى وَلا تَنِيا لا تفترا: وبالفارسية [وسستى ميكنيد] من ونى ينى ونيا فهو وان مثل وعد يعد وعدا فهو واعد بمعنى فتر يفتر فتورا فِي ذِكْرِي اى فى مداومته

على كل حال لسانا وجنانا فانه آلة لتحصيل كل المقاصد فان امرا من الأمور لا يتمشى لاحد الا بذكرى فالفتور فى الأمور بسبب الفتور فى ذكر الله وهو تذكير لقوله (كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا) قال بعضهم الحكمة فى هذا التكليف ان من ذكر جلال الله تعالى وعظمته استخف غيره فلا يخاف أحدا غيره فيتقوى روحه بذلك الذكر فلا يضعف فى مقصود قال مرجع طريقتنا الجلوتية بالجيم حضرة الهدايى قدس سره التوحيد قبل الوعظ باعث لاصغاء السامعين وموجب للتأثير بعون الله الملك القدير وفى العرائس لا تغيبا عن مشاهدتى باشتغالكما بامرى حتى تكونا فاترين بي عنى وفى الإرشاد فى ذكرى اى بما يليق بي من الصفات الجليلة والافعال الجميلة عند تبليغ رسالتى والدعاء الىّ انتهى يقول الفقير اهل الشهود ليسوا بغائبين عن المشهود ففى الآية اشارة الى ادامة الأوراد وتنبيه للطالبين فى الجد والاجتهاد ونعم ما قيل يا خاطب الحوراء فى حسنها ... شمر فتقوى الله فى مهرها وكن مجدا لا تكن وانيا ... وجاهد النفس على صبرها قال الخجندي بكوش تا بكف آرى كليد كنج وجود ... كه بي طلب نتوان يافت كوهر مقصود وقال المولى الجامى بي طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را وقال الحافظ مقام عيش ميسر نميشود بي رنج ... بلى بحكم بلا بسته اند حكم ألست - روى- انه تعالى لما نادى موسى بالواد المقدس وأرسله الى فرعون وأعطاه سؤله انطلق من ذلك الموضع الى فرعون وشيعته الملائكة يصافحون وخلف اهله فى الموضع الذي تركهم فيه [در تيسير آورده كه كسان موسى شب انتظار بردند ونيامد وروز نيز از وى خبرى نيافتند در ان صحرا متحير بماندند] فلم يزالوا مقيمين فيه حتى مربهم راع من اهل مدين فعرفهم فحملهم الى شعيب فمكثوا عنده حتى بلغهم خبر موسى بعد ما جاوز ببني إسرائيل البحر وغرق فرعون قومه وبعث بهم شعيب الى موسى بمصر ففيه اشارة الى ان المؤمن إذا عرض له الأمر ان امر الدنيا وامر الآخرة يختار امر الآخرة فانه امر الله تعالى ألا ترى ان موسى عليه السلام لم ينظر وراءه حين امر بالذهاب الى فرعون ولم يلتفت الى الأهل والعيال بل ولم يخطر بباله سوى الحكيم الفعال إذ يكفيه ان الله خليفته فى كل امر من أموره وقت غيبته وحضوره ومثله ابراهيم عليه السلام حين ترك إسماعيل وامه هاجر بأرض مكة وهى يومئذ ارض فقر ولا ماء بها ولا نبات امتثالا لامر الله تعالى من غير اعتراض وانقباض وهكذا تكون المسارعة فى هذا الباب وسمعت من شيخى وسندى قدس سره انه نام نومة الضحى يوما فى مدينة فلبه من البلاد الرومية فامر بالهجرة الى مدينة قسطنطينية فلما استيقظ توضأ وصلى فلم يلبث لحظة حتى خرج راجلا وترك الأهل والعيال فى تلك المدينة حتى كان ما كان على ما استوفيناه فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض: قال الحافظ

[سورة طه (20) : الآيات 43 إلى 46]

خرم آن روز كه زين مرحله بر بندم رخت ... وز سر كوى تو پرسند رفيقان خبرم اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ هذا الخطاب اما بطريق التغليب او بعد ملاقاة أحدهما الآخر وتكرير الأمر بالذهاب لترتيب ما بعده عليه. وفرعون اسم أعجمي لقب الوليد بن مصعب صاحب موسى وقد اعتبر غوايته فقيل تفرعن فلان إذا تعاطى فعل فرعون وتخلق بخلقه كما يقال ابلس وتبلس ومنه قيل للطغاة الفراعنة والابالسة إِنَّهُ طَغى الطغيان مجاوزة الحد فى العصيان اى تجاوز حد العبودية بدعوى الربوبية قال فى العرائس امر الله موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب الى فرعون لقطع حجته واظهار كذبه فى دعواه وهذا تهديد لكل مدع لا يكون معه بينة من الله فى دعواه والحكمة فى إرسال الأنبياء الى الأعداء ليعرفوا عجزهم عن هداية الخلق الى الله ومن يعجز عن هداية غيره فايضا يعجز عن هداية نفسه كالطبيب العاجز عن معالجة الغير فانه عاجز عن معالجة نفسه ايضا وليعلموا ان الاختصاص لا يكون بالأسباب ويشكروا الله بما أنعم عليهم بلطفه وربما يصطادون من بين الكفرة من يكون له استعداد بنظر الغيب مثل حبيب النجار والرجل من آل فرعون وامرأة فرعون والسحرة قال ابن عطاء الاشارة الى فرعون وهو المبعوث بالحقيقة الى السحرة فان الله يرسل أنبياءه الى أعدائه ولم يكن لاعدائه عنده من الخطر ما يرسل إليهم أنبياءه بسننه ولكن يبعث الأنبياء إليهم ليخرج أولياءه المؤمنين من أعدائه الكفرة حافظ از بهر تو آمد سوى إقليم وجود ... قدمى نه بوداعش كه روان خواهد شد وفى التأويلات النجمية اعلم ان فائدة إتيانهما ورسالتهما الى فرعون وتبليغ الرسالة كانت عائدة الى موسى وهارون لنفسهما لا الى فرعون فى علم الله تعالى فالحكمة فى إرسالهما ان يكونا رسولين من ربهما مبلغين منذرين لتحقق رسالتهما وينكرها فرعون ويكفر بهما ليتحقق كفره كما قال لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً اى كلماه باللين والرفق من غير خشونة ولا تعنيف ويسرا ولا تعسرا فانه ما دخل الرفق فى شىء الا وقد زانه وما دخل الخرق فى شىء الا وقد شانه وكان فى موسى حدة وصلابة وخشونة بحيث إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا فعالج حدته وخشونته باللين ليكون حليما وهو معنى قول من قال طبع الحبيب كان على اللين والرحمة فلذا امر بالغلظة كما قال تعالى وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ تحققا بكمال الجلال وطبع الكليم على الشدة والحدة والصلابة فلذا امر بالقول اللين تحققا بكمال الجمال وقد قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) فالخطاب خطاب الأمر بالتخلق جمالا وجلالا فكل واحد منهما أوفق بمقامه وايضا ان فرعون كان من الملوك الجبابرة ومن عادتهم ان يزدادوا عتوا إذا خوشنوا فى الوعظ فاللين عندهم انفع واسلم كما ان الغلظة على العامة أوفق حكمة وأشد دعوة فلو كان فى قول موسى خشونة لم يحتمل طبع فرعون بل هاج غضبه فلعله يقصد موسى بضرب او قتل فائدة اللين عائدة الى موسى وفى الاسئلة المقحمة انما أمرهما بذلك لانه كان ابتداء حال الدعوة وفى ابتداء الحال يجب التمكين والامهال لينظر المدعو فيما يدعى اليه كما قال لنبينا عليه السلام وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل امهلهم لينظروا

ويستدلوا فبعد ان ظهر منهم التمرد والعناد فحينئذ يتوجه العنف والتشديد ويختلف ذلك باختلاف الأحوال انتهى فكل من اللين والخشونة يمدح به طورا ويذم به طورا بحسب اختلاف الواقع وعليه يحمل نحو قوله عليه السلام (لا تكن مرا فتعقى ولا حلوا فتسترط) يقال اعقيت الشيء إذا أذلته من فيك لمرارته واستراطه ابتلاعه ومن أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وذلك لان خير الأمور أوسطها ورعاية مقتضى الحال قاعدة الحكيم: قال الشيخ سعدى قدس سره چونرمى كنى خصم كردد دلير ... وكر خشم كيرى شوند از تو سير درشتى ونرمى بهم در بهست ... چورك زن كه جراح ومرهم نهست وقيل امر الله موسى باللين مع الكافر مراعاة لحق التربية لانه كان رباه فنبه به على نهاية تعظيم حق الأبوين وفى الاحياء سئل الحسن عن الولد كيف يحتسب على والده فقال يعظه ما لم يغضب فاذا غضب سكت فعلم منه انه ليس للولد الحسبة على الوالد بالتعنيف والضرب وليس كذلك التلميذ مع الأستاذ إذ لا حرمة لعالم غير عامل وقيل امر موسى باللين ليكون حجة على فرعون لئلا يقول اغلظ على القول فى دعوته وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ رحمه الله هذه الآية فبكى وقال الهى هذا رفقك بمن يقول انا الا له فكيف بمن يقول أنت الا له لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ [شايد او پند كيرد] أَوْ يَخْشى [يا بترسد از عذاب خداى] كما قال فى الإرشاد لعله يتذكر بما بلغتماه من ذكرى ويرغب فيما رغبتماه فيه او يخشى عقابى وكلمة او لمنع الخلو انتهى وقال بعضهم الرجاء والطمع راجعان الى مال موسى وهارون والتذكر للمتحقق والخشية للمتوهم والخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه ولذلك خص العلماء بها فى قوله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ اى قولا له ذلك راجيين ان يترك الإصرار على انكار الحق وتكذيبه اما بان يتذكر ويتعظ ويقبل الحق قلبا وقالبا او بان يتوهم انه حق فيخشى بذلك من ان يصر على الإنكار ويبقى مترددا ومتوقفا بين الامرين وذلك خير بالنسبة الى الإنكار والإصرار عليه لانه من اسباب القول ولقد تذكر فرعون وخشى حين لم ينفعاه وذلك حين ألجمه الغرق قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ- روى- ان موسى وعده على قبول الايمان شبابا لا يهرم وملكا لا ينزع منه الا بالموت ويبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح الى حين موته فاذا مات دخل الجنة فاعجبه ذلك وكان هامان غائبا وهو لا يقطع امرا بدونه فلما قدم أخبره بما قال له موسى وقال أردت ان اقبل منه يا هامان فقال له هامان كنت ارى ان لك عقلا ورأيا أنت الآن رب تريد ان تكون مربوبا فابى عن الأيمان. وفائدة إرسالهما اليه مع علمه تعالى بانه لا يؤمن الزام الحجة وقطع المعذرة لان عادة الله التبليغ ثم التعذيب قال بعض ارباب الحقيقة الأمر تكليفى وارادى والارادة كثيرا ما تكون مخالفة للامر التكليفي فالرسل والورثة فى خدمة الحق من حيث امره التكليفي وليسوا فى خدمته من حيث الأمر الإرادي ولو كانوا خادمين للارادة مطلقا لما ردوا على أحد فى فعله القبيح بل يتركونه على ما هو عليه لانه هو المراد ولما كان لعين

[سورة طه (20) : آية 45]

العاصي الثابتة فى الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه اليه الأمر التكليفي وليس لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق منه المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما انتهى: قال الحافظ درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند مى رويم قال فى بحر العلوم ان الله قد علم كل شىء على ما هو عليه والعلم تبع للمعلوم وعلمه بان فرعون لا يؤمن باختياره لا يخرجه عن حيز الا مكان ولذلك أمرهما بدعوته والرفق فيها وفى قوله لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى دلالة ظاهرة على ان لقدرة العبد تأثيرا فى أفعاله وفى افعال غيره وانه ليس بمجبور فيها كما زعم الأشعري حيث قال لا تأثير لقدرة العبد فى أفعاله بل هو مجبور والا لم يثبت له التذكر والخشية بقول موسى قالا رَبَّنا قال فى الإرشاد أسند القول إليهما مع ان القائل حقيقة هو موسى بطريق التغليب إيذانا باصالته فى كل قول وفعل وتبعية هارون له فى كل ما يأتى وما يذر- وروى- ان موسى انطلق من الطور الى جانب مصر لا علم له بالطريق وليس له زاد ولا حمولة ولا صحبة ولا شىء الا العصا يظل صاديا ويبيت طاويا يصيب من ثمار الأرض ومن الصيد شيأ قليلا حتى ورد ارض مصر قال الكاشفى [چون بمصر توجه فرمود وحي آمد بهارون كه باستقبال برادر براه مدين دوان شود پس در اثناى طريق ملاقات فرمودند وموسى شرح احوال بتمامى باز كفت هارون كفت اى برادر شوكت وعظمت از آنچهـ ديده زياده شد وبأدنى سببى حكم بقطع وقتل وصلب ميكند موسى انديشناك شد وهر دو برادر باتفاق كفتند اى پروردگار ما] إِنَّنا نَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والاخروية قال تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد بل انما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا من فرط إذا تقدم تقدما بالقصد ومنه الفارط الى الماء اى المتقدم لا صلاح الدلو اى يعجل علينا بالعقوبة ولا يصبر الى إتمام الدعوة واظهار المعجزة فيتعطل المطلوب من الإرسال اليه. وقرئ يفرط من الافراط فى الاذية فان قلت كيف هذا الخوف وقد علما انهما رسولا رب العزة اليه قلت جريا على الخوف الذي هو مجبول فى طينة بنى آدم كما فى التأويلات النجمية يشير الى ان الخوف مركوز فى جبلة الإنسان حتى انه لو بلغ مرتبة النبوة والرسالة فانه لا يخرج الخوف من جبلته كما قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا يعنى ان يقتلنا ولكن الخوف ليس بجهة القتل وانما نخاف فوات عبوديتك بالقيام لاداء الرسالة والتبليغ كما امرتنا او يتمرد بجهله ولا ينقاد لاوامرك ويسبك انتهى أَوْ أَنْ يَطْغى اى يزداد طغيانا الى ان يقول فى شأنك مالا ينبغى لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه حيث لم يقل عليك من حسن الأدب ولما كان طغيانه فى حق الله أعظم من افراطه فى حقهما ختم

[سورة طه (20) : آية 46]

الكلام به فان المتمسك بالاعذار يؤخر الأقوى ونحوه ختم الهدهد بقوله وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ يقول الفقير يجوز ان يكون المراد يطغى علينا اى يجاوز الحد فى الاساءة إلينا الا انه حذف الجار والمجرور رعاية للفواصل كما حذف المفعول لذلك فى قوله ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى واظهار ان مع سداد المعنى بدونه للاشعار بتحقق الخوف من كل منهما قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال لهما ربهما عند تضرعهما اليه فقيل قال لا تَخافا ما توهمتما من الامرين يشير الى ان الخوف انما يزول عن جبلة الإنسان بامر التكوين كما قال قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فكانت بتكوين الله إياها بردا وسلاما: وفى المثنوى لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائفان «1» هر كه ترسد مر ورا ايمن كنند ... مر دل ترسند را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون كوئى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس قال ابن الشيخ فى حواشيه ليس المراد منه النهى عن الخوف لانه من حيث كونه امرا طبيعيا لا مدخل للاختيار فيه لا يدخل تحت التكليف ثبوتا وانتفاء بل المراد به التسلي بوعد الحفظ والنصرة كما يدل عليه قوله إِنَّنِي مَعَكُما بكمال الحفظ والنصرة فان الله تعالى منزه عن المعية المكانية أَسْمَعُ وَأَرى اى ما يجرى بينكما وبينه من قول وفعل فافعل فى كل حال ما يليق بها من دفع ضرر وشر وجلب نفع وخير فمن كان الله معه يحفظه من كل جبار عنيد- روى- ان شابا كان يأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ لهلك فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد وقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد وبكى وامر له بالإحسان وبان يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الله الا إكرامه واحترامه: قال الحافظ هزار دشمن اگر ميكنند قصد هلاك ... كرم تو دوستى از دشمنان ندارم باك وقال الشيخ سعدى قدس سره محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا واعلم ان الله تعالى حاضر مع عباده الحضور اللائق بشأنه ولا يعرف ذلك الا من اكتحلت عين بصيرته بنور الشهود ولكن شهود الوحدة الذاتية أتم وأعلى من شهود المعية ولذلك لا يرضى الكمل الوقوف فى مرتبة المعية بل يطلبون ان يصلوا بالفناء التام الى مقام الوحدة ثم اعلم ان موسى وهارون عليهما السلام التجئا الى حضرة الربوبية بكمال العبودية فتداركهما الله بالحفظ والعون قال الفقيه ابو الحسن وقع القحط ببغداد فاجتمع الناس فرفعوا قصتهم الى على بن عيسى الوزير فقرأها وكتب على ظهرها لست بسماء فاسقيكم ولا بأرض فاكفيكم ارجعوا الى بارئكم قال ابو المعين سألت بعض النصارى عن احسن آية فى الإنجيل فقال خمس كلمات «سلنى أجبك. واشكر لى ازدك. واقبل علىّ اقبل عليك

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن

[سورة طه (20) : الآيات 47 إلى 53]

واقرب منى اقرب منك. وأطعني فى الدنيا أطعك فى الدنيا والآخرة» : وفى المثنوى كفت حق كر فاسق واهل صنم ... چون مرا خوانى إجابتها كنم «1» تو دعا را سخت كير ومى شخول ... عاقبت برهاندت از دست غول فَأْتِياهُ امرا بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول اليه بعد ما امرا بالذهاب اليه فلا تكرار والإتيان مجئ بسهولة والمجيء أعم والإتيان قد يقال باعتبار القصد وان لم يكن منه الحصول والمجيء اعتبارا بالحصول فَقُولا من أول الأمر إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ ليعرف الطاغي سؤالكما ويبنى جوابه عليه ورسولا تثنية رسول وهو فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الإرسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ [پس فرست با ما فرزندان يعقوبرا بأرض مقدسه باز رويم كه مسكن آباء ما بوده] كما قال فى بحر العلوم فاطلقهم وخلهم يذهبوا معنا الى فلسطين وكانت مسكنهما وفلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة هى البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها وقال فى الإرشاد المراد بالإرسال إطلاقهم من الاسر والقسر وإخراجهم من تحت يد العادية لا تكليفه ان يذهبوا معهما الى الشام كما ينبئ عنه قوله تعالى وَلا تُعَذِّبْهُمْ اى بايقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فانهم كانوا تحت مملكة القبط يستخدمونهم فى الأعمال الصعبة الفادحة من الحفر ونقل الأحجار وغيرهما من الأمور الشاقة ويقتلون ذكور أولادهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم وتوسيط حكم الإرسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجيء بآية دالة على صحتها لاظهار الاعتناء به لان تخليص المؤمنين من أيدي الكفرة أهم من دعوتهم الى الايمان كما قيل. والعذاب هو الايجاء الشديد وقد عذبه تعذيبا اى اكثر حبسه فى العذاب وأصله من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب فالتعذيب فى الأصل هو حمل الإنسان على ان يعذب اى يجوع ويسهر وقيل أصله من العذب فعذبته أزلت عذب حياته على بناء مرّضته وفدّيته وقيل اصل التعذيب إكثار الضرب بعذبته السوط اى طرفه قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ [بدرستى كه آورده ايم نشانى يعنى معجزه از پروردگار تو] وتوحيد الآية مع تعددها لان المراد اثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة فكأنه قال قد جئناك ببرهان على ما ادعيناه من الرسالة وَالسَّلامُ اللام لتعريف الماهية والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة والمراد هنا اما التحية فالمعنى والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة اى خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى بتصديق آيات الله الهادية الى الحق فاللام على أصلها كما فى سلام عليكم يقال تبعه واتبعه قفا اثره وذلك تارة بالجسم وتارة بالارتسام والامتثال وعلى ذلك قوله فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ واما السلامة فعلى بمعنى اللام كعكسه فى قوله تعالى وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ اى عليهم اللعنة. قال فى التأويلات سلم من استسلم واتبع هدى الله تعالى وهو ما جاء به أنبياؤه عليهم السلام إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا

_ (1) در اوائل دفتر سوم در بيان ايمن بودن بلعم باعور كه امتحان كردن حضرت عزت الخ

من جهة ربنا واصل الوحى الاشارة السريعة وذلك قد يكون بالكلام الخفي على لسان جبريل وقد يكون بالإلهام وبالمنام والوحى الى موسى بوساطة جبريل والى هارون بوساطته ووساطة موسى أَنَّ الْعَذابَ اى كل العذاب لانه فى مقابله السلام اى كل السلام وهو العذاب الدنيوي والأخروي الدائم لان العذاب المتناهي كلا عذاب فلا يرد انه يلزم قصر العذاب على المكذبين مع ان غيرهم قد يعذبون عَلى مَنْ كَذَّبَ بآياته تعالى وكفر بما جاء به الأنبياء عليهم السلام والكذب يقال فى المقال وفى الفعال وَتَوَلَّى إذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك الولي اى القرب فالمعنى اعرض عن قبولها بمتابعة الهوى وفيه من التلطيف فى الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزيد عليه يقول الفقير ان كلا من تكذيب الرسوم والحقائق سبب العذاب والهوان مطلقا فكفار الشريعة كفار الرسوم والحقائق جميعا فلهم عذاب جسمانى وروحانى وكفار الحقيقة كفار الآيات الحقيقية فلهم هوان معنوى فالنعيم والعزة فى الاطاعة والاتباع والاستسلام كما ان الجحيم والذل فى خلافها- حكى- ان بعض السادات لما رأى عبد الله ابن المبارك فى عزة ورفعة مع جماعة قال انظروا الى حال آل محمد وعزة ابن المبارك فقال ابن المبارك ان سيدنا لما لم يراع سنة جده ذل وابن المبارك لما أطاع النبي عليه السلام وسار سيرته أعطاه الله عزا وشرفا واعلم ان عزة فرعون وشرفه انقلبا ذلا وهو انا بسبب تكذيب موسى واعراضه عن قبول دعوته وهامان وان كان سببا صوريا فى امتناعه عن القبول ونكوله عن الانقياد لكن لم يكن له فى اصل جبلته استعداد لقبول الحق فلا يغرنكم عزة الدنيا مع عدم الاطاعة لانه ينقلب يوما ذلا وخسرانا وكثيرا ما وقع فى الدنيا ورأيناه فاقبل النصيحة مع مداومة مجلس العلم والا فعند ظهور الحق ووجود الاستعداد والقابلة لا يبقى غير الاستسلام وان منعه العالم باسرهم عن ذلك ألا ترى ان النجاشي ملك الحبشة لما علم علما جازما ان الرسول حق اتبعه من غير خوف من أحد من العالمين ومبالاة لكلام أحد فى ذلك فنجا من العذاب نجاة ابدية ثم اعلم انه كما ان للانبياء معجزات فكذا للاولياء كرامات العلمية منها هى التي حق اعتبارها فان الكونية مما يشترك فيه الملتان فالكرامات العلمية آيات الأولياء جاؤا بها من الله من طريق الكشف الصحيح فمن اتبع هداهم بقبول آياتهم الهادية الى عالم الحقيقة فقد سلم من الإنكار مطلقا صوريا او معنويا ونجا من العذاب قطعا صوريا او معنويا وهو عذاب القطيعة والبعد ودخل المكذب فى النار مع الداخلين والعجب ان الأنبياء والأولياء مع كونهم رحمة من الله على عباده إذ لا نعمة فوق الإرشاد وإيصال المريدين الى المراد لم يدر جاههم اكثر الناس ولم يوفق لا تباعهم الا اقل من القليل وبقي البقية كالنسناس ولذا لم يمض قرن من القرون الا والعذاب بالعصاة مقرون فانظر من أنت وما بغيتك فان كنت تطلب النجاة فلا تجدها الا فى الإطاعة وخصوصا فى هذا الزمان المشوب بالجور والعدوان والفسق والعصيان والطالب على أهاليه الابتلاء بانواع البلايا الموبقة وعلى تقدير الاطاعة والاتباع يلزم للمريد ان يخرج من البين ويجعل جل همه

[سورة طه (20) : الآيات 49 إلى 50]

ان يصل الى عالم العين ولا يطمع فى شىء سوى الرضى الوافي والولاء الكافي قال حمدون القصار القائمون بالأوامر على ثلاثة مقامات. واحد يقوم اليه على العادة وقيامه قيام كسل. وآخر يقوم اليه على طلب الثواب وقيامه قيام طمع. وآخر يقوم اليه على المشاهدة فهو القائم بالله لا بنفسه لفنائه عن نفسه وغيره وهذا القسم من القيام بالأمر هو المؤدى الى محبة الله الموصلة الى العزة الباقية وسعادة الدارين فلا بد للعاقل من الاجتهاد: وفى المثنوى جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود كودكانرا مى برى مكتب بزور ... زانكه هستند از فوائد چشم كور چون شود واقف بمكتب مى رود ... جانش از رفتن شكفته مى شود والله المعين فى كل حين قالَ قال الكاشفى [پس موسى وهارون بحكم حضرت الهى بدرگاه فرعون آمدند وبعد از مدتى كه ملاقات او ميسر شد كفتند ما رسولان پروردگاريم وترا بعبادت او ميخوانيم وآن كلمات كه حق تعالى تلقين كرده بود ادا كردند فرعون كفت] فَمَنْ استفهامية: والمعنى بالفارسية [پس كيست] رَبُّكُما وقال غيره الفاء لترتيب السؤال على ما سبق من كونهما رسولى ربهما اى إذا كنتما رسولى ربكما فاخبرا من ربكما الذي أرسلكما الىّ ولم يقل فمن ربى مع قولهما إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ لغاية عتوه ونهاية طغيانه قال الامام اثبت نفسه ربا فى قوله أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً فذكر ذلك على سبيل التعجب كأنه قال انا ربك فلم تدعوا ربا آخر يا مُوسى خاطبهما ثم أفرد موسى إذ كان يعلم ان موسى هو الأصل فى الباب وهارون وزيره وتابع له قالَ موسى مجيبا له رَبُّنَا مبتدأ خبره قوله الَّذِي من محض رحمته أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ من انواع المخلوقات خَلْقَهُ اى صورته وشكله اللائق به مشتملا على خواصه ومنافعه فالمراد بالخلق المخلوق ومنه يفهم ان ضمير الجمع فى ربنا عام لموسى وهارون وفرعون وغيرهم ولم يقل ربنا الله بل وصفه بأفعاله ليستدل بالفعل على الفاعل ثُمَّ هَدى وجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا كما فى الجمادات واختيار كما فى الحيوانات وهيأه لما خلق له ولما كان الخلق الذي هو عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الأجسام متقدما على الهداية التي هى عبارة عن إيداع القوى المحركة والمدركة فى تلك الأجسام وسط بينهما كلمة التراخي قال بعض الكبار ان للمخلوقات كلها حياة وروحا اما صورية كما فى الانس والجن والملك ومن يتبعهم واما معنوية كما فى الجمادات والنباتات ولذا قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما من مخلوق الا وقد هدى الى معرفته تعالى بقدر عقله وروحه وحياته. وفى التأويلات النجمية أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ استعدادا لما خلق له ثُمَّ هَدى اى يعمره لما خلق له والذي يدل عليه قوله عليه السلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) معناه ان الله تعالى خلق المؤمن مستعدا لقبول فيض الايمان ثم هداه الى قبول دعوة الأنبياء ومتابعتهم وخلق الكافر مستعدأ لقبول فيض القهر والخذلان والتمرد على الأنبياء ومخالفتهم: قال المغربي قدس سره يكى را بهر طاعت خلق كردند ... يكى را بهر عصيان آفريدند «1»

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى در مقهوريست

[سورة طه (20) : الآيات 51 إلى 53]

يكى از بهر مالك كشت موجود ... يكى را بهر رضوان آفريدند قالَ فرعون فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ما استفهام. والبال الحال التي يكترث بها ولذا يقال ما بالبيت بكذا اى ما اكترثت به ويعبر به عن الحال الذي ينطوى عليه الإنسان فيقال ما خطر ببالي كذا والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد. والاولى تأنيث الاول وواحد الاول كالكبرى والأكبر والكبر. والمعنى فما بال القرون الماضية وما خبر الأمم الخالية مثل قوم نوح وعاد وثمود وماذا جرى عليهم من الحوادث المفصلة قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا لا يليق بما تقدم قلنا ان موسى كان قد قال له انى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ان يلحقكم ما قد لحقهم ان لم تؤمنوا بي فلهذا سأله فرعون عن حالهم انتهى يقول الفقير هذا وان كان مطابقا لمقتضى الفاء الا ان الجواب لا يساعده مع ان القائل بالخوف ليس هو موسى بل الذي آمن وبعيد ان يحمل الذي آمن على موسى لعدم مساعدة السباق والسياق فارجع الى سورة المؤمن وقال بعضهم لما سمع البرهان خاف ان يزيد فى إيضاحه فيتبين لقومه صدقه فيؤمنوا به فاراد ان يصرفه عنه ويشغله بالحكاية فلم يلتفت موسى اليه ولذا قالَ اى موسى عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي اى ان علم احوال تلك القرون من الغيوب التي لا يعلمها الا الله ولا ملابسة للعلم بأحوالهم بمنصب الرسالة فلا اعلم منها الا ما علمنيه من الأمور المتعلقة بما أرسلت فِي كِتابٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ بتفاصيله لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى الضلال ان تخطئ الشيء فى مكانه فلم تهتد اليه والنسيان ان تغفل عنه بحيث لا يخطر ببالك وهما محالان على العالم بالذات. والمعنى لا يخطئ ابتداء بل يعلم كل المعلومات ولا يغفل عنه بقاء بل هو ثابت ابدا وهو لبيان ان إثباته فى اللوح المحفوظ ليس لحاجته تعالى اليه فى العلم به ابتداء وبقاء وانما كتب احكام الكائنات فى كتاب ليظهرها للملائكة فيزيد استدلالهم بها على تنزه علمه تعالى عن السهو والغفلة برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست فبعد الجواب القاطع رجع الى بيان شؤونه تعالى وقال الَّذِي اى هو الذي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً قال الامام الراغب المهد ما يهيأ للصبى والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ قال تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً انتهى قال الكاشفى [خوش كسترانيد كه بر ان مى نشينيد ومسكن ميسازيد] وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا السلوك النفاذ فى الطريق [يعنى اندر راه شدن ورفتن] وسلك لازم ومتعد يقال سلكت الشيء فى الشيء أدخلته والسبل جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك. والمعنى جعل لكم اى لا جلكم لا لغيركم طرقا كثيرة ووسطها بين الجبال والاودية والبراري تسلكونها من قطر الى قطر لتقضوا منها مآربكم وتنتفعوا بمنافعها وَأَنْزَلَ النزول هو الانحطاط من علو يقال نزل عن دابته ونزل فى مكان كذا حط رحله فيه وانزل غيره مِنَ السَّماءِ اى من الفلك او من السحاب فان كل ما علا سحاب ماءً هو جسم سيان قد أحاط حول الأرض والمراد هنا المطر وهو الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض ونكره قصدا الى معنى البعضية اى انزل

[سورة طه (20) : الآيات 54 إلى 58]

من السماء بعض الماء فَأَخْرَجْنا بِهِ يقال خرج خروجا برز من مقره او حاله واكثر ما يقال الإخراج فى الأعيان اى أنبتنا بسببه ذكر الماء وعدل عن لفظ الغيبة الى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على زيادة اختصاص الفعل بذاته وان ذلك منه ولا يقدر عليه غيره تعالى أَزْواجاً أصنافا سميت بذلك لازدواجها واقتران بعضها ببعض لانه يقال لكل ما يقترن بآخر مما ثلاله او مضادا زوج ولكل قرينين من الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج كالخف والنعل مِنْ نَباتٍ هو كل جسم يغتذى وينمو كما قال الراغب النبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر او لم يكن له ساق كالنجم لكن اختص فى التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات ومتى اعتبرت الحقائق فانه يستعمل فى كل نام نباتا كان او حيوانا او إنسانا انتهى ومن بيانية فيكون قوله شَتَّى صفة للنبات لما انه فى الأصل مصدر يستوى فيه الواحد والجمع. وشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق اى نباتات مختلفة الأنواع والطعوم والروائح والاشكال والمنافع بعضها صالح للناس على اختلاف وجوه الصلاح وبعضها للبهائم والأظهر ان من نبات وشتى صفتان لازواجا واخر شتى رعاية للفواصل كُلُوا حال من ضمير فاخرجنا على ارادة القول اى أخرجنا منها اصناف النباتات قائلين كلوا منها اى من الثمار والحبوب ونحوهما وَارْعَوْا الرعي فى الأصل حفظ الحيوان اما بغذائه الحافظ لحياته او بذب العدو عنه اى اسيموا واسرحوا فيها: وبالفارسية [وبچرانيد] أَنْعامَكُمْ وهى الإبل والبقر والضأن والمعز أي اقصدوا بها الانتفاع بالذات وبالواسطة آذنين فى الانتفاع بها مبيحين بان تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها. قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان السماء والماء والنبات والانعام كلها مخلوقة لكم ولولا احتياجكم للتعيش بهذه الأشياء بل بجميع المخلوقات ما خلقتها: قال المغربي قدس سره غرض تويى ز وجود همه جهان ور نه ... لما تكوّن فى الكون كائن لولاك إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من الشؤون والافعال الالهية من جعل الأرض مهدا وسلك السبل فيها وإنزال الماء وإخراج اصناف النبات لَآياتٍ كثيرة جليلة واضحة الدلالة على الصانع ووحدته وعظيم قدرته وباهر حكمته لِأُولِي النُّهى جمع نهية سمى بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح كما سمى بالعقل والحجر لعقله وحجره عن ذلك لذوى العقول الناهية عن الأباطيل التي من جملتها ما تدعيه الطاغية وتقبله منهم الفئة الباغية وتخصيص اولى النهى مع انها آيات للعالمين باعتبار انهم المنتفعون بها مِنْها اى من الأرض. وفى التأويلات النجمية من قبضة التراب التي امر الله تعالى عزرائيل ان يأخذها من جميع الأرض خَلَقْناكُمْ بوساطة أصلكم آدم والا فمن عدا آدم وحواء مخلوق من النطفة واصل الخلق التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء قال تعالى خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء كما فى هذا المقام وَفِيها نُعِيدُكُمْ عند الموت بالدفن فى الموضع الذي أخذ ترابكم منه وإيثار كلمة فى للدلالة على الاستقرار والعود الرجوع الى الشيء بعد الانصراف

عنه اما انصراف بالذات او بالقول والعزيمة وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى اى عند البعث بتأليف الاجزاء وتسوية الأجساد ورد الأرواح للحساب والجزاء وكون هذا الإخراج تارة اخرى باعتبار ان خلقهم من الأرض إخراج لهم منها وان لم يكن على نهج التارة الثانية. والتارة فى الأصل اسم للتور الواحد وهو الجريان ثم اطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر فى المرة: قال الحكيم فردوسى بخاكت در آرد خداوند پاك ... دكر ره برون آرد از زير خاك بدان حال كايى بخاك اندرون ... بدان كونه از خاك آيى برون اگر پاك در خاك كيرى مقام ... بر آيى از و پاك و پاكيزه نام عن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل جاء الى النبي عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى امر أمتي يوم القيامة) قال أفى امر اهل الكفر أم فى امر اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون) قيل ليحيى بن معاذ رضى الله عنه ما بال الإنسان يحب الدنيا قال حق له ان يحبها منها خلق وهى امه ومنها عيشه ورزقه فهى حياته وفيها يعاد فهى كفاته وفيها كسب الجنة فهى مبدأ سعادته وهى ممر الصالحين الى الله تعالى فكيف لا يحب طريقا يأخذ بسالكه الى جوار ربه واعلم ان من صفة الأرض الطمأنينة والسكون لفوزها بوجود مطلوبها فكانت أعلى مرتبة فى عين السفل وقامت بالرضى فمقامها رضى وحالها تسليم ودينها اسلام وهكذا الإنسان الكامل فى الدنيا فان الله تعالى قد صاغه من قالب الأرض وهو وان كان ترابى الأصل لكن طرح عليه اكسير الروح الأعظم فاذا طار الروح بقيت سبيكة الجسد على حالها كالذهب الخالص إذ لا تبلى نفوس الكمل قال فى اسئلة الحكم الأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لان الأنبياء خلقوا من الأرض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الأرض دار الخلافة ومزرعة الآخرة واما الأرض الاولى فقال بعضهم انها أفضل لكونها مهبط الوحى ومشاهد الأنبياء وللانتفاع بها ولاستقرار الخلفاء عليها وغيرها من الفضائل انتهى يقول الفقير كان الظاهر ان تفضل السماء لكونها مقر الأرواح العالية ولذا يبقى الجسد هنا بعد الوفاة ويعرج الروح ولكن فضل الأرض لان اسباب العروج انما حصلت بالآلات الجسدانية وهى من الأرض ولذا جعل عليه السلام الصلاة من الدنيا فى قوله (حبيب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وذلك لان صورة الصلاة التي هى الافعال والاذكار تحصل بالأعضاء والجوارح التي هى من الدنيا وعالم الملك وان كان القلب

[سورة طه (20) : الآيات 56 إلى 58]

والتوجه من عالم الملكوت نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المتحققين بحقائق الأرض والمعرضين عن كل طول وعرض وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها اضافة الآيات عهدية وكلها تأكيد لشمول الأنواع اى وبالله لقد بصرنا فرعون على؟؟؟ موسى آياتنا كلها من العصا واليد وغيرهما على مهل من الزمان او عرفناه صحتها وأوضحنا وجه الدلالة فيها فَكَذَّبَ بالآيات كلها من فرط عناده من غير تردد وتأخير وزعم انها سحر وَأَبى عن قبولها لعتوه والإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى استئناف مبين لكيفية تكذيبه وابائه والهمزة لانكار الواقع واستقباحه وادعاء انه امر محال والمجيء اما على حقيقته او بمعنى الإقبال على الأمر والتصدي والسحر خداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما تفعله المشعبذة من صرف الابصار عما تفعله بخفة يد وما يفعله التمام بقول حرف عائق للاسماع. والمعنى أجئتنا من مكانك الذي كنت فيه بعد ما غبت عنا او أقبلت علينا لتخرجنا من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء بما اظهرته من السحر فان ذلك مما لا يصدر عن العاقل لكونه من باب محاولة المحال قال الكاشفى [يعنى دانستيم كه تو ساحرى وميخواهى كه بسحر ما را از مصر بيرون كنى وبنى إسرائيل را متمكن سازى و پادشاهى كنى بر ايشان] وقال بعضهم هذا تعلل وتحير ودليل على انه علم كون موسى محقا حتى خاف منه على ملكه فان ساحرا لا يقدر ان يخرج ملكا مثله من ارضه وفى الإرشاد انما قال لحمل قومه على غاية المقت بإبراز ان مراده ليس مجرد إنجاء بنى إسرائيل من أيديهم بل إخراج القبط من وطنهم وحيازة أموالهم واملاكهم بالكلية حتى لا يتوجه الى اتباعه أحد ويبالغوا فى المدافعة والمخاصمة وسمى ما أظهره عليه من المعجزات الباهرة سحرا ليجسرهم على المقابلة. وفى التأويلات النجمية انما قال هذا لانه كان من اهل البصر لا من اهل البصيرة ولو كان من اهل البصيرة لرأى مجيئه لاخراجه من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البشرية الى نور الروحانية ومن ظلمات الانسانية الى نور الربانية: وفى المثنوى هر كه از ديدار برخوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «1» ملك بر هم زن تو ادهم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود «2» فلما رأى ببصر الحس المعجزة سحرا ادعى ان يعارضه بمثل ما اتى به فقال فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللام جواب قسم محذوف كأنه قيل إذا كان كذلك فو الله لنأتينك بسحر مثل سحرك فلا تغلب علينا: وبالفارسية [هر آيينه بياريم براى تو جادويى مانند جادويى تو وبآن با تو معارضه كنيم تا مردمان بدانند كه تو پيغمبر نيستى جادوكرى] فَاجْعَلْ صير بَيْنَنا وَبَيْنَكَ لاظهار السحر مَوْعِداً اى وعدا لقوله لا نُخْلِفُهُ اى ذلك الوعد نَحْنُ وَلا أَنْتَ يقال اخلف وعده ولا يقال اخلف زمانه ولا مكانه وقال بعضهم أراد بالموعد هاهنا موضعا يتواعدون فيه الاجتماع هناك انتهى. والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والخلف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفني اى خالف فى الميعاد مَكاناً سُوىً منصوب بفعل يدل عليه المصدر لابه فانه موصوف وسوى

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان سبب هجرت ابراهيم أدهم إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 59 إلى 64]

بالضم والكسر بمعنى العدل والمساواة اى عد مكانا عدلا بيننا وبينك وسطا يستوى طرفاه من حيث المسافة علينا وعليكم لا يكون فيه أحد الطرفين أرجح من الآخر او مكانا مستويا لا يحجب العين ارتفاعه ولا انخفاضه: وبالفارسية [چون وعد برسد حاضر شويم در جايى كه مساوى باشد مسافت قوم ما وتو بآن يا مكان مستوى وهموار كه درو پستى وبلندى نباشد تا مردم نظاره توانند كرد] ففوض اللعين امر الوعد الى موسى للاحتراز عن نسبته الى ضعف القلب كأنه متمكن من تهيئة اسباب المعارضة طال الأمد أم قصر. وفى التأويلات النجمية انما طلب الموعد لان صاحب السحر يحتاج فى تدبير السحر الى طول الزمان وصاحب المعجزة لا يحتاج فى اظهار المعجزة الى الموعد قالَ موسى مَوْعِدُكُمْ [زمان وعد شما] يَوْمُ الزِّينَةِ [روز آرايش قبطيانست] يعنى يوم عيدهم الذي يجتمع فيه الناس من كل مكان ليكون بمشهد خلق عظيم لعلهم يستحيون منهم فلا ينكرون المعجزة بعد ابطال السحر سألوا عن المكان فاجابهم بالزمان فان يوم الزينة يدل على مكان مشتهر باجتماع الناس فيه فى ذلك اليوم اعلم ان الأعياد خمسة. أحدها عيد قوم ابراهيم عليه السلام وفيه جعل ابراهيم الأصنام جذاذا. والثاني عيد قوم فرعون وهو يوم الزينة. والثالث عيد قوم عيسى كما مر فى اواخر المائدة. والربع. والخامس عيدا اهل المدينة فى الجاهلية وذلك يومان فى السنة فابدلهما الله فى الإسلام يومى الفطر والأضحى وهذان اليومان مستمران الى يوم القيامة قال المولى الجامى قربان شدن بتيغ جفاى تو عيد ماست ... جان ميدهيم بهر چنين عيد عمرهاست وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى عطف على اليوم او الزينة والحشر إخراج الجماعة عن مقارهم وازعاجهم عنه الى الحرب ونحوها ولا يقال الا فى الجماعة. وضحى نصب على الظرف اى وان يجمع الناس فى وقت الضحى ليكون ابعد من الريبة قال فى ضرام السقط أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهيرة ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق وفى بحر العلوم الضحى صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقى شعاعها وقال الامام الراغب الضحى انبساط النهار وامتداده سمى الوقت به وقال الكاشفى [ضحى در چاشتكاه كه روشنترست از باقى روز] فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ اى ترك الولي والقرب وانصرف عن المجلس وأرسل الى المدائن لجمع السحرة فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى ما يكاد به من السحرة وأدواتهم والكيد ضرب من الاحتيال ثُمَّ أَتى اى الموعد ومعه ما جمعه من كيده وفى كلمة التراخي ايماء الى انه لم يسارع اليه بل أتاه بعد تأخير قالَ لَهُمْ مُوسى كأنه قيل فماذا صنع موسى عند إتيان فرعون مع السحرة فقيل قال لهم بطريق النصيحة وَيْلَكُمْ أصله الدعاء بالهلاك بمعنى ألزمكم الله ويلا يعنى عذابا وهلاكا والمراد هنا الزجر والردع والحث والتحريض على ترك الافتراء: وبالفارسية [واى بر شما] لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان تدعو ان الآيات التي ستظهر على يدى سحر او لا تشركوا مع الله أحدا والافتراء التقول والكذب عن عمد

[سورة طه (20) : الآيات 62 إلى 64]

وفى التأويل قال موسى للسحرة (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإتيان السحر فى معرض المعجزة ادعاء بان الله قد أعطانا مثل ما اعطى الأنبياء من المعجزة فَيُسْحِتَكُمْ فيهلككم ويستأصلكم بسببه: وبالفارسية [از بيخ بركند شما را] يقال اسحت الشيء أعدمه واستأصله بِعَذابٍ هائل لا يقادر قدره وَقَدْ خابَ الخيبة فوت المطلب اى [بي بهره ونااميد ماند] مَنِ افْتَرى اى على الله تعالى كائنا من كان باى وجه كان فَتَنازَعُوا اى السحرة حين سمعوا كلامه كأن ذلك غاظهم فتنازعوا أَمْرَهُمْ الذي أريد منهم من مغالبته عليه السلام وتشاوروا وتناظروا بَيْنَهُمْ فى كيفية المعارضة وتجاذبوا اهداب القول فى ذلك قال فى المفردات نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبربها عن المخاصمة والمجادلة وَأَسَرُّوا النَّجْوى وبالغوا فى إخفاء النجوى عن موسى لئلا يقف عليه فيدافعه: وبالفارسية [و پنهان داشتند از كفتن را] والنجوى السر وأصله المصدر وناجيته اى ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله وقيل أصله من النجاة وهو ان تعاونه على ما فيه خلاصه او ان تنجوا بسرك من ان يطلع عليه وكان نجواهم ما نطق به قوله تعالى قالُوا اى بطريق التناجي والاسرار إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية والمشار اليه موسى وهارون يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ اى من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء عليها وهو خبر بعد خبر بِسِحْرِهِما الذي اظهراه من قبل وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى المثلى تأنيث الأمثل وهو الأشرف اى بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب وامثلها بإظهار مذهبهما وإعلاء دينهما يريدون ما كان عليه قوم فرعون لقوله إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ لا طريقة السحر فانهم ما كانوا يعتقدون دينا قال فى بحر العلوم سموا مذهبهم بها لزيادة سرورهم وكمال فرحهم بذلك وانه الذي تطمئن به نفوسهم كما قال تعالى كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال الامام الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب قال تعالى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ومنه استعير لكل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان او مذموما قال تعالى وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى اى الأشبه بالفضيلة فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ الفاء فصيحة واجمعوا من الإجماع يقال اجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه وحقيقته جمع رأيه عليه واجمع المسلمون كذا اجتمعت آراؤهم عليه قال الراغب اكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوصل اليه بالتدبير والفكرة. والمعنى إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما ذكر من الإخراج والاذهاب فازمعوا مكركم وحيلكم فى رفع هذا المزاحم واجعلوه مجمعا عليه بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم وارموا عن قوس واحدة. وقرئ فاجمعوا من الجمع ويعضده قوله تعالى فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى فاجمعوا اداوات سحركم ورتبوها كما ينبغى ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا اى مصطفين فى الموعد ومجتمعين ليكون أشد لهيبتكم وانظم لامركم فجاؤا فى سبعين صفا كل صف الف والصف ان يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل بمعنى الصاف قال فى الإرشاد لعل الموعد كان مكانا متسعا خاطبهم موسى بما ذكر فى قطر من اقطاره وتنازعوا أمرهم فى قطر آخر منه ثم أمروا بان يأتوا وسطه

[سورة طه (20) : الآيات 65 إلى 69]

على الوجه المذكور وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى الفلاح الظفر وادراك البغية والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم وقد يكون طلب العلاء اى الرفعة والآية تحتمل الامرين جميعا اى وقد فاز بالمطلوب من غلب ونال علو المرتبة بين الناس قال فى الإرشاد يريدون بالمطلوب ما وعدهم فرعون من الاجر والتقريب وبمن غلب أنفسهم جميعا او من غلب منهم حثالهم على بذل المجهود فى المغالبة يقول الفقير فيه اشارة الى ان المنهي من العلوم والأسباب كالسحر ونحوه ما يتقرب به الى الدنيا وجمع حطامها لا الى الآخرة والفوز بنعيمها ولا الى الله تعالى ولذا قال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فكل من أراد ان يتوصل بما يفعله مما نهاه الشرع الى درجة من الدرجات الاخروية او مرتبة من المراتب المعنوية فانه يضيع سعيه ولا يفلح ولا يبقى له سوى التعب ثم ان ارباب التقليد يقتفون آثار فرعون وسحرته ويقولون فى حق اهل التحقيق ان هؤلاء يخرجونكم من مناصب شيخوختكم ومراتب قبولكم عند العوام ويصرفون وجوه الناس عنكم ويذهبون باشراف قومكم من الملوك والأمراء وارباب المعارف واهل الدثور والأموال فيسلكون مسالك الحيل ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون اى المشركون بالشرك الخفي: وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1» فالذى خلق علويا كالشمس فانه لا يكون سفليا بوجه من وجوه الحيل وكذا التراب خلق سفليا فانه لا يكون سماويا: قال المولى الجامى پستست قدر سفله اگر خود كلاه جاه ... بر اوج سلطنت زند از كردش زمان سفليست خاك اگر چهـ نه بر مقتضاى طبع ... همراه كرد باد كشد سر بر آسمان نسأل الله ان يجعلنا من اهل السعادة والفلاح قالُوا الى السحرة بعد إجماعهم وإتيانهم الموعد واصطفافهم قال الكاشفى [سحره بقولي سيصد هزار خروار حبل وعصاها ميان تهى كرده و پر از زيبق ساخته بميدان آوردند بطريق ادب وكفتند] يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ الإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه اى تراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح اى تطرح عصاك من يدك على الأرض وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى ما نلقيه من العصى والحبال وان مع ما فى حيزها منصوب بفعل مضمر او مرفوع بخبرية مبتدأ محذوف اى اختر القاءك اولا او القاءنا او الأمر اما القاؤك او القاؤنا وفيه اشارة الى ان السحرة لما اعزوا موسى عليه السلام بالتقديم والتخيير فى الإلقاء أعزهم الله بالايمان الحقيقي حتى رأوا بنور الايمان معجزة موسى فآمنوا به تحقيقا لا تقليدا وهذا حقيقة قوله (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) فلما تقربوا الى الله بإعزاز من أعزه الله أعزهم بالايمان تقربا اليه فكذلك أعزهم موسى بالتقديم فى الإلقاء كما حكى الله عنه بقوله قالَ موسى بَلْ أَلْقُوا اولا ما أنتم ملقون يقول الفقير الظاهر ان الله تعالى الهم السحرة التخيير وعلم موسى اختيار القائهم اولا ليظهر الحق من الباطل لان الحق يدفع الباطل ويمحوه ولو كان موسى أول من ألقى لتفرق الناس من أول الأمر خيفة الثعبان كما تفرقوا بعد ابتلاع العصا عصيهم وحبالهم وذا مخل بالمقصود قال الامام فان قيل كيف أمرهم به وهو سحر وكفر

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن؟ ازطعانه؟ را إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 67 إلى 69]

قلنا لما تعين طريقا الى كشف الشبهة صار جائزا وفى الاسئلة المقحمة هذا ليس بامر وانما هو للاستهانة بذلك وعدم الاكتراث به لما كان يعلم ان ذلك سبب لظهور الحق وزهوق الباطل فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى الفاء فصيحة وإذا لمفاجأة ظرفية والحبال جمع حبل وهو الرسن والعصى جمع عصا والتخيل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك والخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ثم تستعمل فى صورة كل امر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال وانها تسعى نائب فاعل ليحيل والسعى المشي السريع وهو دون العدو. والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقت ان يخيل اليه سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم: وبالفارسية [پس رسنها وعصاهاى ايشان نموده شد بموسى از جادويى وكيد ايشان كه كويى بدرستى كه آن ميرود ومى شتابد] وذلك انهم كانوا لطخوها بالزنبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه انها تتحرك فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والإيجاس وجود ذلك فى النفس والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف وهى مفعول أوجس وموسى فاعله. والمعنى أضمر موسى فى نفسه بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز عن ضررها المعتاد من اللسع ونحوه كما دل عليه قوله فى نفسه لانه من خطرات النفس لا من القلب وفى الحقيقة ان الله تعالى البس السحر لباس القهر فخاف موسى من قهر الله لا من غيره لانه لا يأمن من مكر الله الا القوم الفاسقون يقول الفقير چون خدا خواهد شود هر برك خار ... رشته باريك در چشم عين مار برك لرزان آب ريزان از الم ... چون نمى ترسم ز قهر كردكار قُلْنا لا تَخَفْ ما توهمت إِنَّكَ اى لانك أَنْتَ الْأَعْلى اى الغالب القاهر لهم ونحن معك فى جميع أحوالك فانك القائم بالمسبب وهم القائمون المعتمدون على الأسباب وايضا معك آياتنا الكبرى وهو لباس حفظنا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان خوف البشرية مركوز فى جبلة الإنسان ولو كان نبيا الى ان ينزع الله الخوف منه انتزاعا ربانيا بقول صمدانى كما قال تعالى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى أعلى درجة من ان تخاف من المخلوقات دون الخالق وفيه معنى آخر ان خوف موسى ما كان من المكونات بل من المكون إذ رأى عصاه ثعبانا تلقف سحر السحرة وقد علم انها صارت مظهر صفة قهارية الحق فخاف من الحق وقهره لا من العصا وثعبانها فلهذا قال تعالى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى لانك أعلى درجة عندنا منها لانها عصاك مصنوعة لنفسك وأنت رسولى وكليمى واصطنعتك لنفسى فان كانت هى مظهر صفة قهرى فانت مظهر صفات لطفى وقهرى كلها وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ اى عصاك والإبهام لتفخيم شأنها والإيذان بانها ليست من جنس العصى المعهودة لانها مستتبعة لآثار غريبة تَلْقَفْ ما صَنَعُوا بالجزم جواب للامر من لقفه كسمعه لقفا بسكون القاف وفتحها إذا ابتلعه والتقمه بسرعة قال فى المفردات لقفت الشيء القفة ولقفته تناولته بالجذب سواء كان تناوله بالفم او باليد

انتهى والتأنيث لكون ما عبارة عن العصا والصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا نسب الى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل. والمعنى تبتلع وتلقم ما صنعوه من الحبال والعصى التي خيل إليك سعيها وخفتها والتعبير عنها بما صنعوا للتحقير والإيذان بالتموية والتزوير اى زوّروه وافتعلوه إِنَّما صَنَعُوا ما موصولة او موصوفة اى ان الذي صنعوه او ان شيأ صنعوه كَيْدُ ساحِرٍ بالرفع على انه خبر لان اى كيد جنس الساحر ومكره وحيلته وتنكيره للتوسل به الى تنكير ما أضيف اليه للتحقير والكيد ضرب من الاحتيال يكون محمودا او مذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ اى لا يدرك بغيته هذا الجنس حَيْثُ أَتى من الأرض وعمل السحر فيها وهو من تمام التعليل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما فى يمينك هو مصنوعى وكيدى وما صنعه السحرة انما هو مصنوعهم وكيدهم ولا يفلح الساحر ومصنوعه وكيده حيث اتى مصنوعى وكيدى لان كيدى متين واعلم ان الفلاح دنيوى وهو الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز واخروى وهو اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ففلاح اهل الدنيا كلا فلاح لان عاقبته خيبة وخسران ألا ترى ان من قال لاستاذه لم اى اعترض عليه لن يفلح ابدا وقد رأينا بعض المعترضين قد اوتى مالا وجاها ورياسة فهو فى تقلبه خائب خاسر وقس عليه سائر المخالفين من اهل المنكرات قال فى نصاب الاحتساب الساحر إذا تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وان أخذ ثم تاب لم تقبل توبته وفى شرح المشارق للشيخ أكمل روى محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد عن ابى حنيفة رحمه الله انه قال فى الساحر يقتل إذا علم انه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله انى اترك السحر وأتوب منه فاذا أقر انه ساحر فقد حل دمه وان شهد عليه شاهدان بالسحر فوصفوا ذلك بصفة يعلم انها سحر قتل ولا يستتاب انتهى وفى شرح رمضان على شرح العقائد ان الساحر يقتل ذكرا او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض وإذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر دون الأنثى انتهى وفى الفروع لا تقتل الساحرة المسلمة ولكن تضرب وتحبس لانها ارتكبت جريمة عظيمة وانما لا تقتل لان النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء مطلقا وفى الأشباه كل كافر تاب فتوبته مقبولة فى الدنيا والآخرة الا جماعة الكافر بسب النبي وبسب الشيخين او أحدهما وبالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته انتهى وفى فتاوى قارئ الهداية الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق ويعتقد ان الأموال والحرم مشتركة وقال فى موضع آخر هو الذي لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم قبول توبته انتهى قال فى شرح الطريقة السحر فى اللغة كل ما لطف ودق ومنه السحر للصبح الكاذب وقوله عليه السلام (ان من البيان لسحرا) وبابه منع وفى العرف اراءة الباطل فى صورة الحق وهو عندنا امر ثابت لقوله عليه السلام (السحر حق والعين حق) وفى شرح الأمالي السحر من سحر يسحر سحرا إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا

[سورة طه (20) : الآيات 70 إلى 75]

انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه وفى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة رحمه الله لا حقيقة له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال ابو جعفر الاسترابادى من الشافعية وفى شرح المقاصد السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيها التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة وبانه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين وبانه يخص الازمنة او الامكنة او الشرائط وبانه قد يتصدى المعارضة ويبذل الجهد فى الإتيان بمثله وبان صاحبه ربما يعلن بالفسق ويتصف بالرجس فى الظاهر والباطن والخزي فى الدنيا والآخرة وهو اى السحر عند اهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذا الاصابة بالعين وقال المعتزلة بل هو مجرد اراءة مالا حقيقة له بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وفيه لنا وجهان الاول يدل على الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر فى نفسه وشمول قدرة الله تعالى فانه هو الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب وايضا فيه اجماع الفقهاء وانما احتلفوا فى الحكم واما الثاني فهو قوله تعالى يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ الى قوله فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده فان قيل قوله تعالى فى قصة موسى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى يدل على انه لا حقيقة للسحر وانما هو تمويه وتخييل قلنا يجوز ان يكون سحرهم هو إيقاع ذلك التخييل وقد تحقق ولو سلم فكون اثره فى تلك الصورة هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا ثم ان السحر خمسة انواع فى المشهور منها الطلسم قيل هو مقلوب المسلط وهو جمع الآثار السماوية مع عقاقير الأرض ليظهر منها امر عجيب ومنها النيرنج قيل هو معرب «نيرنك» وهو التمويه والتخييل قالوا ذلك تمزيج قوى جواهر الأرض ليحدث منها امر عجيب ومنها الرقية وهو الافسون معرب «آب سون» وهو النفث فى الماء وسمى به لانهم ينفثون فى الماء ثم يشربونه او يصبون عليه وانما سميت رقية لانها كلمات رقيت من صدر الراقي فبعضها فهويه وبعضها قبطية وبعضها بلا معنى يزعمون انها مسموعة من الجن او فى المنام ومنها الخلقطيرات وهى خطوط عقدت عليها حروف وإشكال اى حلق ودوائر يزعمون ان لها تأثيرات بالخاصية ومنها الشعبذة ويقال لها الشعوذة معرب «شعباذة» اسم رجل ينسب اليه هذا العلم وهى خيالات مبنية على خفة اليد وأخذ البصر فى تقليب الأشياء كالمشى على الإرسال واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك والمذهب ان التأثير الحاصل عقيب الكل هو فعل الله تعالى على وفق اجراء عادته ووجه الحكمة فيه لا يعلمه الا هو سبحانه قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر على الاستخراج خواص الأشياء فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فالقاه فوقع ما وقع

[سورة طه (20) : آية 71]

من اللقف فالقى السحرة حال كونهم سُجَّداً ساجدين كأنما ألقاهم ملقى لشدة خرورهم وبالفارسية [حضرت موسى عصا بيفكند فى الحال اژدهايى شد ودهن خود كشاده تمام أدوات جادوانرا فرو برد ومردم از ترس روى بگريز آوردند وموسى او را بگرفت همان عصا شد جادوان دانستند كه آن سحر نيست زيرا كه سحر سحر ديكر را باطل نكند بلكه قدرت خدا ومعجزه موسى است پس در افكنده شدند يعنى تأمل اين معنى ايشانرا در روى افكند در حالتى كه سجده كنندكان بودند مر خدايرا از روى صدق] وانما عبر عن الخرور بالإلقاء ليشاكل تلك الالقاآت- روى- ان رئيسهم قال كنا نغلب الناس وكانت الآلات تبقى علينا فلو كان هذا سحرا فاين ما ألقيناه من الآلات فاستدل بتغير احوال الأجسام على الصانع العالم القادر وبظهور ذلك على يد موسى على صحة رسالته فتابوا وأتوا بنهاية الخضوع وهو السجود قال جار الله ما أعجب أمرهم القوا حبالهم للكفر والجحود ثم القوا رؤسهم للشكر والسجود فما أعظم الفرق بين الالقاءين قالُوا فى سجودهم وهو استئناف بيانى آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى تأخير موسى عند حكاية كلامهم لرعاية الفواصل ولان فرعون ربى موسى فى صغره فلو اقتصر على موسى او قدم ذكره فربما توهم ان المراد فرعون وذكر هارون على الاستتباع ومعنى اضافة الرب إليهما انه هو الذي يدعو ان اليه واجرى على يديهما ما اجرى قال بعض الكبار من كان له استعداد النظر الى عالم الغيب وباشر حظوظ النفس احتجب عنه فاذا انقطع الى الله نظر الله الى قلبه بنعت الإخلاص واليقين وكشف الله له أنوار حضرته وجذبه الى قربه فالسحرة مجذوبون مهتدون بالله الى الله مؤمنون بالبرهان لا بالتقليد وان فرعون ما رأى برهان الربوبية فلم يؤمن قالَ فرعون للسحرة بطريق التوبيخ آمَنْتُمْ لَهُ اى لموسى واللام لتضمين الفعل معنى الاتباع واللام مع الايمان فى كتاب الله لغيره وفى بحر العلوم له اى لربهما على ان اللام بمعنى الباء والدليل القاطع عليه قوله (قال) اى فرعون آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ فى سورة الأعراف وآمنتم بالمد على الاخبار اى فعلتم هذا الفعل توبيخا لهم قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ اى من غير ان آذن لكم فى الايمان له وأمركم به كما فى قوله تعالى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي لا ان الاذن لهم فى ذلك واقع بعده او متوقع والاذن فى الشيء اعلام بإجازته واذنته بكذا وآذنته بمعنى إِنَّهُ يعنى موسى لَكَبِيرُكُمُ اى فى فنكم وأعلمكم به وأستاذكم الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فتواطأتم على ما فعلتم قال الكاشفى [يعنى استاد ومعلم ومهتر جادوانست شما با هم خواهيد كه ملك برابر اندازند] وأراد التلبيس على قومه لئلا يتبعوا السحرة فى الايمان لانه عالم ان موسى ما علمهم السحر يعنى ان هذه شبهة زورها اللعين والقاها على قومه وأراهم ان امر الايمان منوط باذنه فلما كان ايمانهم بغير اذنه لم يكن معتدا به وانهم من تلامذته عليه السلام فلا عبرة بما أظهره كما لا عبرة بما أظهروه وذلك لما اعتراه من الخوف من اقتداء الناس بالسحرة في الايمان بالله ثم اقبل عليهم بالوعيد المؤكد حيث قال فَلَأُقَطِّعَنَّ اى فو الله لاقطعن وصيغة التفعيل للتكثير وكذا فى الفعل الآتي والقطع فصل شىء مدركا بالبصر كالاجسام او مدركا بالبصيرة كالاشياء المعقولة أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ

[سورة طه (20) : آية 72]

الخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان دون العكس. والمعنى من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ومن فيه لابتداء الغاية اى ابتداء القطع من مخالفة العضو العضو لامن وفاقه إياه فان المبتدئ من المعروض مبتدئ من العارض ايضا وهى مع مجرورها فى حيز النصب على الحالية اى لاقطعنها مختلفا لانها إذا خالف بعضها بعضا بان هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك يسار فقد اتصفت بالاختلاف وتعيين القطع وكيفيته لكونه أفظع من غيره وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ الصلب الذي هو تعليق الإنسان للقتل قيل هو شد صلبه على خشب اى على اصول النخل فى شاطئ النيل: وبالفارسية [وهر آيينه بر آويزم شما را در تن خرما بن كه درازترين درختانست تا همه كس شما را به بيند وعبرت كيرد] وإيثار كلمة فى للدلالة على ابقائهم عليها زمانا طويلا تشبيها لاستقرارهم عليها باستقرار المظروف فى الظرف المشتمل عليه قالوا فرعون موسى هو أول من استعمل الصلب فان قيل مع قزب عهده بانقلاب العصا حية وقصدها ابتلاع قصره واستغاثته بموسى من شرها كيف يعقل ان يهدّد السحر الى هذه الحد ويستهزئ بموسى قلنا يجوز ان يكون فى أشد الخوف ويظهر الجلادة تمشية لناموسه وترويجا لامره والاستقراء يوقفك على أمثاله وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا اى انا وموسى أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى أدوم وموسى لم يكن فى شىء من التعذيب الا ان فرعون ظن السحرة خافوا من قبل موسى على أنفسهم حين رأوا ابتلاع عصاه لحبالهم وعصيهم فقال ما قال وعلى ما سبق من بحر العلوم فى آمَنْتُمْ لَهُ يكون المراد ب أَيُّنا نفسه ورب موسى وفى التأويلات النجمية وانما قال أَشَدُّ عَذاباً لانه كان بصيرا بعذاب الدنيا وشدته وقد كان أعمى بعذاب الاخرة وشدته قالُوا غير مكترثين بوعيده قال الكاشفى [ساحران چون از جام جذبه حقانى مست شده بودند واز أنوار تواتر ملاطفات ربانى كه بر دل ايشان تافته بود از دست شده خورده يكجرعه از كف ساقى هر چهـ فانيست كرده در باقى دامن از فكر غير افشانده ليس فى الدار غيره خوانده لا جرم در جواب فرعون كفتند] لَنْ نُؤْثِرَكَ لن نختارك بالايمان والاتباع عَلى ما جاءَنا من الله على يد موسى مِنَ الْبَيِّناتِ من المعجزات الظاهرة التي لا شبهة فى حقيتها وكان من استدلالهم انهم قالوا لو كان هذا سحرا فاين حبالنا وعصينا وفيه اشارة الى ان القوم شاهدوا فى رؤية الآيات أنوار الذات والصفات فهان عليهم عظائم البليات ومن آثر الله على الأشياء هان عليه ما يلقى فى ذات الله وقد قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء عنك علمك ان الله هو المبلى وَالَّذِي فَطَرَنا اى خلقنا وسائر المخلوقات عطف على ما جاءنا وتأخيره لان ما فى ضمنه آية عقلية نظرية وما شاهده آية حسية ظاهرة وقال بعضهم هو قسم محذوف الجواب لدلالة المذكور عليه اى وحق الذي فطرنا لا نؤثرك فان القسم لا يجاب بلن الا على شذوذ وفى التفسير الفارسي [وسوكنده ميخوريم بخدايى كه ما را آفريد] وفى التأويلات اى بالذي فطرنا على فطرة الإسلام والتعرض للفاطرية

[سورة طه (20) : الآيات 73 إلى 75]

لا يجابها عدم إيثارهم فرعون عليه تعالى فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ جواب عن تهديده بقوله لاقطن اى فاصنع ما أنت صانعه او احكم فينا ما أنت فيه حاكم من القطع والصلب وفى التأويلات اى فاحكم واجر علينا ما قضى الله لنا فى الأزل من الشهادة إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا اى انما تصنع ما تهواه او تحكم بما تراه فى هذه الحياة الدنيا ومدة حياتنا فحسب فسيزول أمرك وسلطانك عن قريب وما لنا من رغبة فى عذبها ولا رهبة من عذابها [امروز بجور هر چهـ خواهى ميكن فردا بتو نيز هر چهـ خواهند كنند] إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذ بها فى الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتأثر بما اوعدتنا به من القطع والصلب والمغفرة صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس. والخطايا جمع الخطية والفرق بينها وبين السيئة ان السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات والخطية فيما يقصد بالعرض لانها من الخطأ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ عطف على خطايانا اى ويغفر لنا السحر الذي عملناه فى معارضة موسى با كراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية خصوه بالذكر مع اندراجه فى خطاياهم إظهارا لغاية نفرتهم منه ورغبتهم فى مغفرته وَاللَّهُ خَيْرٌ اى فى ذاته وهو ناظر الى قولهم والذي فطرنا وَأَبْقى اى جزاء ثوابا كان او عقابا او خير لنا منك ثوابا ان اطعناه وأدوم عذابا منك ان عصيناه وفى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَيْرٌ فى إيصال الخير ودفع الشر منك وَأَبْقى خيره من خيرك وعذابه من عذابك قال الحسن سبحان الله لقوم كفارهم أشد الكافرين كفرا ثبت فى قلوبهم الايمان طرفة عين فلم يتعاظم عندهم ان قالوا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فى ذات الله والله ان أحدهم اليوم ليصحب القرآن ستين عاما ثم انه ليبيع دينه بثمن حقير: قال الشيخ سعدى قدس سره زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم ادب ميفروشد بنان كجا عقل با شرح فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد بدين اى فرومايه دينى مخر ... چوخرها بانجيل عيسى مخر إِنَّهُ اى الشأن وهو تعليل من جهتهم لكونه تعالى خيرا وأبقى مَنْ [كس كه] يَأْتِ [آيد در روز قيامت] رَبَّهُ [نزديك پروردگار او] مُجْرِماً حال كونه متوغلا فى اجرامه منهمكا فيه بان يموت على الكفر والمعاصي ولانه مذكور فى مقابلة المؤمن فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها فينتهى عذابه ويستريح وهذا تحقيق لكون عذابه أبقى وَلا يَحْيى حياة ينتفع بها وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً به تعالى وبما جاء من عنده من المعجزات التي من جملتها ما شاهدناه قَدْ اى وقد عَمِلَ الصَّالِحاتِ الصالحة كالحسنة جارية مجرى الاسم ولذلك لا تذكر غالبا مع الموصوف وهى كل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والنقل فَأُولئِكَ اشارة الى من والجمع باعتبار معناها اى فاولئك المؤمنون العاملون للصالحات لَهُمُ بسبب ايمانهم وأعمالهم الصالحة الدَّرَجاتُ الْعُلى جمع العليا تأنيث الأعلى اى المنازل الرفيعة فى الجنة وفيه اشارة الى الفرق بين اهل الايمان المجرد

[سورة طه (20) : الآيات 76 إلى 79]

وبين الجامع بين الايمان والعمل حيث ان الدرجات العالية للثانى وغيرها لغيره جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من الدرجات العلى تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [پيوسته ميرود از زير منازل آن يا أشجار آن جويها] حال من الجنات خالِدِينَ فِيها حال من الضمير فى لهم والعامل معنى الاستقرار او الاشارة وَذلِكَ اى المذكور من الثواب جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى الجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا والفرق بين الاجر والجزاء ان الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النفع دون الضر والجزاء يقال فيما كان عن عقد وعن غير عقد ويقال فى النافع والضار والمعنى جزاء من تطهر من دنس الكفر والمعاصي بما ذكر من الايمان والأعمال الصالحة وهذا تحقيق لكون ثواب الله تعالى أبقى وفى الحديث (ان اهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدرىّ فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وأنعما) اى هما اهل لهذا قالوا ليس فى القرآن ان فرعون فعل باولئك المؤمنين ما أوعدهم به ولم يثبت فى الاخبار كما فى الاخبار وقال فى التفسير الكبير نقلا عن ابن عباس رضى الله عنهما كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء وفى بحر العلوم أصبحوا كفرة وامسوا أبرارا شهداء: وفى المثنوى ساحران در عهد فرعون لعين ... چون مرى كردند با موسى بكين «1» ليك موسى را مقدم داشتند ... ساحران او را مكرّم داشتند زانكه كفتندش كه فرمان آن تست ... كر تو مى خواهى عصا بفكن نخست كفت نى أول شما اى ساحران ... افكنيد آن مكرها را در ميان اين قدر تعظيم ايشانرا خريد ... واز مرى آن دست و پاهاشان بريد ساحران چون قدر او نشناختند ... دست و پادر جرم آن در باختند فدلت هذه الاخبار على كونهم شهداء وان فرعون استعمل الصلب فيهم والا لم يكن أول من صلب فعلى العاقل ان يختار الله تعالى ويتزكى عن الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الشنيعة الشيطانية ويتحلى بالأخلاق الروحانية الربانية ويبذل المال والروح لينال أعلى الفتوح جعلنا الله وإياكم من اهل الولاء وممن هان عليه البلاء وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وبالله لقد أوحينا اليه بعد اجراء الآيات التسع فى نحو من عشرين سنة كما فى الإرشاد يقول الفقير يخالفها ما فى بعض الروايات المشهورة من ان موسى عليه السلام دعا ربه فى حق فرعون وقومه فاستجيب له ولكن اثره بعد أربعين سنة على ما قالوا عند قوله تعالى قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما أَنْ مفسرة بمعنى اى او مصدرية اى بان أَسْرِ بِعِبادِي السرى والإسراء سير الليل اى قال سر ببني إسرائيل من مصر ليلا: وبالفارسية [بشب ببر بندگان مرا] امر بذلك لئلا يعوقهم أعوان فرعون فَاضْرِبْ لَهُمْ فاجعل من قولهم ضرب له فى ماله سهما او فاتخذوا عمل من قولهم ضرب اللبن ادا عمله وفى الجلالين فاضرب لهم بعصاك طَرِيقاً الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد قال الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب فِي الْبَحْرِ البحر

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را كه أول تو عصا بينداز

[سورة طه (20) : الآيات 78 إلى 79]

كل مكان واسع جامع للماء الكثير والمراد هنا بحر القلزم قال فى القاموس هو بلد بين مصر ومكة قرب جبل الطور واليه يضاف بحر القلزم لانه على طرفه او لانه يبتلع من ركبه لان القلزمة الابتلاع يَبَساً صفة لطريقا واليبس المكان الذي كان فيه ماء فذهب قال فى الإرشاد اى يابسا على انه مصدر وصف به الفاعل مبالغة: وبالفارسية [خشك كه درو آب ولاى نبود] لا تَخافُ دَرَكاً حال مقدرة من المأمور اى موسى والدرك محركة اسم من الإدراك كالدرك بالسكون. والمعنى حال كونك آمنا من ان يدرككم العدو وَلا تَخْشى الغرق فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ الفاء فصيحة اى ففعل ما امر به من الاسراء بهم وضرب الطريق وسلوكه فتبعهم فرعون ومعه جنوده حتى لحقوهم وقت اشراق الشمس وهو اضاءتها يقال اتبعهم اى تبعهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم فالفرق بين تبعه واتبعه ان يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه- روى- ان موسى خرج بهم أول الليل وكانوا ستمائه وسبعين الفا فاخبر فرعون بذلك فاتبعهم بعساكره وكانت مقدمته سبعمائة الف فقص اثرهم فلحقهم بحيث تراءى الجمعان فعند ذلك ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق على اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم وبقي الماء قائما بين الطرق فعبر موسى بمن معه من الأسباط سالمين وتبعهم فرعون بجنوده فَغَشِيَهُمْ سترهم وعلاهم مِنَ الْيَمِّ اى بحر القلزم ما غَشِيَهُمْ اى الموج الهائل الذي لا يعلم كنهه الا الله وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ اى سلك بهم مسلكا ادّاهم الى الخيبة والخسران فى الدين والدنيا معا حيث ماتوا على الكفر بالعذاب الهائل الدنيوي المتصل بالعذاب الخالد الأخروي وَما هَدى اى ما ارشدهم قط الى طريق موصل الى مطلب من المطالب الدينية والدنيوية وهو تقرير لاضلاله وتأكيد له إذ رب مضل قد يرشد من يضله الى بعض مطالبه وفيه نوع تهكم فى قوله وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ فان نفى الهداية من شخص مشعر بكونه ممن تتصور منه الهداية فى الجملة وذلك انما يتصور فى حقه بطريق التهكم يقول الفقير موسى مع قومه اشارة الى الروح القدسي مع قواه وفرعون مع قومه اشارة الى النفس الامارة مع قواها والبحر هو بحر الدنيا فموسى الروح يعبره اما بسفينة الشريعة او بنور الكشف الإلهي ويغرق فرعون النفس لانها تابعة لهواها لا شريعة لها ولا كشف فعلم منه ان اتباع اهل الضلال أنفسا وآفاقا يؤدى الى الهلاك الصوري والمعنوي واقتداء اهل الهدى يفضى الى النجاة الابدية زينهار از قرين بد زنهار ... وقنا ربنا عذاب النار واحسن وجوه الاتباع الايمان والتوحيد لان جميع الأنبياء متفقون على ذلك والمؤمن فى حصن حفظه الله تعالى من الأعداء الظاهرة والباطنة فى الدنيا والآخرة- حكى- عن عبد الله بن الثقفي ان الحجاج احضر انس بن مالك وقال له أريد ان أقتلك شر قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك من دون الله تعالى قال الحجاج ولم ذلك قال لان رسول الله عليه السلام علمنى دعاء وقال (من دعا به فى كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل)

[سورة طه (20) : الآيات 80 إلى 85]

وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه قال معاذ الله ان اعلمه لاحد وأنت حى فقال خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين افواههما ولما حضرته الوفاة قال لخادمه ان لك على حقا اى حق الخدمة فعلمه الدعاء المذكور وقال له قل (بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء) ثم ان هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فيحفظه من النار والعذاب واعلم ان موسى نصح فرعون ولكن لم ينجعه الوعظ فلم يدر قدره ولم يقبل فوصل من طريق الرد والعناد الى الغرق والهلاك نعوذ بالله رب العباد فعلى العاقل ان يستمع الى الناصح: قال الحافظ امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد قوله امروز يريد به وقت الشيخوخة وفيه اشارة الى ان وقت الشباب ليس كوقت الكهولة ولذا ترى اكثر الشباب منكبين على سماع الملاهي معرضين عن الناصح الإلهي فمن هداه الله تعالى رجع الى نفسه ودعا لناصحه لانه ينصح حروفه بالفارسية [ميدوزد دريدهاى او] ولا بد للسالك من مرشد ومجاهدة ورياضة فان مجرد وجود المرشد لا ينفعه مادام لم يسترشد ألا ترى ان فرعون عرف حقية موسى وما جاء به لكنه ابى عن سلوك طريقه فلم ينتفع به فالاول الاعتقاد ثم الإقرار ثم الاجتهاد وقد قال بعضهم «ان السفينة لا تجرى على اليبس» والنفس تجر الى الدعة والبطالة وقد قال تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فالعبادة لازمة الى ان يأتى اليقين حال النشاط والكراهة والجهاد ماض الى يوم القيامة: قال المولى الجامى قدس سره بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج ... آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم نسأل الله تعالى ان يوفقنا لطريق مرضاته ويوصلنا الى جناب حضرته يا بَنِي إِسْرائِيلَ اى قلنا لهم بعد إغراق فرعون وقومه وانجائهم منهم قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فرعون وقومه حيث كانوا يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم ويستخدمونكم فى الأعمال الشاقة والعدو يجئ فى معنى الوحدة والجماعة وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ بالنصب على انه صفة للمضاف اى واعدناكم بوساطة نبيكم إتيان جانبه الايمن نظرا الى السالك من مصر الى الشام والا فليس للجبل يمين ولا يسار اى إتيان موسى للمناجاة وإنزال التوراة عليه ونسبة المواعدة إليهم مع كونها لموسى نظرا الى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ هو شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر يقال له الترنجبين معرب «كرنكبين» وَالسَّلْوى طائر يقال له السمانى كان ينزل عليهم المن وهم فى التيه مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع ويبعث عليهم الجنوب السمانى فيذبح الرجل ما يكفيه والتيه المفازة التي يتاه فيها وذلك حين أمروا بان يدخلوا مدينة الجبارين فابوا ذلك فعاقبهم الله بان يتيهوا فى الأرض أربعين سنة كما مر فى سورة المائدة ومثل ذلك كمثل الوالد المشفق يضرب ولده العاصي ليتأدب وهو لا يقطع عنه إحسانه فقد ابتلوا بالتيه ورزقوا بما لا تعب فيه اى كريمى كه از خزانه غيب ... كبر وترسا وظيفه خوردارى

[سورة طه (20) : الآيات 81 إلى 82]

دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى كُلُوا اى وقلنا لكم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من لذائذه او حلالاته قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وَلا تَطْغَوْا فِيهِ الطغيان تجاوز الحد فى العصيان اى ولا تتجاوزا الحد فيما رزقناكم بالإخلال بشكره وبالسرف والبطر والمنع من المستحق والادخار منه لا كثر من يوم وليلة فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي جواب للنهى اى فيلزمكم عقوبتى وتجب لكم من حل الدين يحل بالكسر إذا وجب أداؤه واما يحل بالضم فهو بمعنى الحلول اى النزول والغضب ثوران دم القلب عند ارادة الانتقام وإذا وصف الله تعالى به فالمراد الانتقام دون غيره: وفى المثنوى شكر منعم واجب أمد در خرد ... ور نه بگشايد در خشم ابد وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى تردى وهلك واصله ان يسقط من جبل فيهلك ومن بلاغات الزمخشري من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى فى ابعد الهوى وفى التأويلات النجمية ونزلنا عليهم المن من صفاتنا والسلوى سلوى أخلاقنا كلوا من طيبات ما رزقناكم اى اتصفوا بطيبات صفاتنا وتخلقوا بكرائم أخلاقنا التي شرفناكم بها اى لو لم تكن العناية الربانية لما نجا الروح والقلب وصفاتهما من شر فرعون النفس وصفاتها ولولا التأييد الإلهي لما اتصفوا بصفات الله ولا تخلقوا بأخلاقه ثم قال ولا تطغوا فيه اى إذا استغنيتم بصفاتى واخلاقى عن صفاتكم وأخلاقكم فلا تطغوا بان تدعوا العبودية وتدعوا الربوبية وتسموا باسمي بان اتصفتم بصفاتى كما قال بعضهم انا الحق وبعضهم سبحانى وما أشبه هذه الأحوال مما يتولد من طبيعة الانسانية فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى وان طغيان هذه الطائفة بمثل هذه المقالات وان كانت هى من أحوالهم لان الحالات لا تصلح للمقامات وهى موجبة للغضب كما قال تعالى فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى نجعل كل معاملاته فى العبودية هباء منثورا ولهذا الوعيد امر الله عباده فى الاستهداء بقوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اى اهدنا هداية غير من أنعمت عليه بتوفيق الطاعة والعبودية ثم ابتليته بطغيان يحل عليه غضبك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لستور لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي التي من جملتها الطغيان فيما ذكر قال فى المفاتيح شرح المصابيح الفرق بين الغفور والغفار ان الغفور كثير المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس ولعل الغفار ابلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينه وبين الغفار ان المبالغة فيه من جهة الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية وَآمَنَ بما يجب الايمان به وَعَمِلَ صالِحاً مستقيما عند الشرع والعقل وفيه ترغيب لمن وقع منه الطغيان فيما ذكر وحث على التوبة والايمان ثُمَّ اهْتَدى اى استقام على الهدى ولزمه حتى الموت وهو اشارة الى ان من لم يستمر عليه بمعزل من الغفران وثم للتراخى الرتبى قال فى بحر العلوم ثم لتراخى الاستقامة على الخير عن الخير

[سورة طه (20) : آية 83]

نفسه وفضلها عليه لانها أعلى منه وأجل لان الشأن كله فيها وهى مزلة أقدام الرجال قال ابن عطاء وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ اى رجع من طريق المخالفة الى طريق الموافقة وصدق موعود الله فيه واتبع السنة ثُمَّ اهْتَدى اقام على ذلك لا يطلب سواه مسلكا وطريقا راه سنت روا كر خواهى طريق مستقيم ... كز سنن راهى بود سوى رضاى ذو المنن هر مژده در چشم وى همچون سنانى باد تيز ... كر سنان زندگى خواهد زمانى بي سنن وفى التأويلات النجمية اى رجع من الطغيان بعبادة الرحمن وَعَمِلَ صالِحاً بالعبودية للربوبية ثُمَّ اهْتَدى اى تحقق له ان تلك الحضرة منزهة عن دنس الوهم والخيال وان الربوبية قائمة والعبودية دائمة اعلم ان التوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب- روى- ان رجلا قال للدينورى ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفتنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه كلما ضربته يجزع بين يديها فلا يزال كذلك حتى تضمه إليها والتوبة على اقسام. فتوبة العوام من السيئات. وتوبة الخواص من الزلات والغفلات. وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات وشرائط التوبة ثلاثة. الندم بالقلب. والاعتذار باللسان بان يستغفر الله. والإقلاع بالجوارح وهو الكف عن الذنب وفى الحديث (المستغفر باللسان المصر على الذنوب كالمستهزئ بربه) : وقال المولى الجامى قدس سره دارم جهان جهان كنه اى شرم روى من ... چون روى ازين جهان بجهان دكر نهم ياران دواسبه عازم ملك يقين شدند ... تا كى عنان عقل بدست كمان دهم با خلق لاف توبه ودل بر كنه مصر ... كس پى نمى برد كه بدين كونه كمرهم وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى مبتدأ وخبر اى وقلنا لموسى عند ابتداء موافاته الميقات بموجب المواعدة المذكورة أي شىء حملك على العجلة وأوجب سبقتك منفردا عن قومك وهم النقباء السبعون المختارون للخروج معه الى الطور وذلك انه سبقهم شوقا الى ميعاد الله وأمرهم ان يتبعوه كما فى الجلالين قال فى العرائس ضاق صدر موسى من معاشرة الخلق وتذكر ايام وصال الحق فعلة العجلة الشوق الى لقاء الله تعالى قال الكاشفى [آورده اند كه بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعون از موسى عليه السلام استدعا نمودند كه از براى ما قواعد شريعتى واحكام آن مبين ساز موسى در آن باب با حضرت رب الأرباب مناجات كرد خطاب رسيد كه با جمعى از اشراف بنى إسرائيل بكوه طور آي تا كتابى كه جامع احكام شرع باشد بتو دهم موسى هارون را بجاى خود بگذاشت وبا وجوه قوم كه هفتاد تن بودند متوجه طور شدند قوم را وعده كرد كه چهل روز ديكر مى آيم وكتاب مى آورم و چون بنزديك طور رسيدند قوم را بگذاشت واز غايت اشتياق كه بكلام و پيام الهى داشت زودتر بالاى كوه بر آمد خطاب ربانى رسيد كه وَما أَعْجَلَكَ إلخ وجه چيز شتابان ساخت ترا تا تعجيل كردى و پيش آمدى از كروه خود اى موسى] يقول الفقير هذا سؤال انبساط كقوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ لا سؤال انكار كما ظن اكثر المفسرين من الاجلاء

[سورة طه (20) : الآيات 84 إلى 85]

وغيرهم قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي يجيؤن بعدي: وبالفارسية [كفت موسى كه ايشان كروه مردان اينك مى آيند بر پى من وساعت بساعت برسند] وَعَجِلْتُ بسبقى إياهم إِلَيْكَ [بسوى تو] رَبِّ [اى پروردگار من] لِتَرْضى عنى بمسارعتى الى الامتثال بامرك واعتنائى بالوفاء بعهدك وفى الآيتين اشارة الى معانى مختلفة منها ليعلم ان السائر لا ينبغى ان يتوانى فى السير الى الله ويرى ان رضى الله فى استعجاله فى السير والعجلة ممدوحة فى الدين قال تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ والأصل الطلب: وفى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود «1» در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبر است وقد ورد (ان الأمور مرهونة باوقاتها) ولذا قال چوصبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى ... مخور غم كر شب هجران بپايان دير مى آيد ومنها ينبغى ان السائر لا يتعوق بعائق فى السير وان كان فى الله ولله كما كان حال موسى فى السير الى الله فما تعوق بقومه واستعجل فى السير وبطلت العوائق وقد صح ان المجنون العامري ترك الناقة فى طريق ليلى لكونها عائقة عن سرعة السير الى جنابها فمشى على الوجه كما قال فى المثنوى راه نزديك وبماندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سير سير «2» سرنكون خود را ز اشتر در فكند ... كفت سوزيدم ز غم تا چند چند تنك شد بروى بيابان فراخ ... خويشتن افكند اندر سنكلاخ چون چنان افكند خود را سوى پست ... از قضا آن لحظه پايش هم شكست پاى را بر بست وكفتا كو شوم ... در خم چوكان غلطان مى روم عشق مولى كى كم از ليلى بود ... كوى كشتن بهر او اولى بود كوى شو مى كرد بر پهلوى صدق ... غلط غلطان در حم چوكان عشق ومنها ان قصد السائر الى الله تعالى ونيته ينبغى ان يكون خالصا لله وطلبه لا لغيره كما قال وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ كان قصده الى الله: قال الكمال الخجندي سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست ومنها ان يكون مطلوب السائر من الله رضاه لا رضى نفسه منه كما قال لِتَرْضى كما فى التأويلات النجمية قالَ الله تعالى وهو استئناف بيانى فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ القيناهم فى فتنة من بعد خروجك من بينهم وابتليناهم فى ايمانهم بخلق العجل وهم الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر وكانوا ستمائة الف ما نجا منهم من عبادة العجل الا اثنا عشر الفا قال الله تعالى لموسى أتدرى من اين أتيت قال لا يا رب قال حين قلت لهارون اخلفني فى قومى اين كنت انا حين اعتمدت على هارون وفيه اشارة الى ان طريق الأنبياء ومتبعيهم محفوف بالفتنة والبلاء كما قال عليه السلام (ان البلاء موكل بالأنبياء الأمثل فالامثل) وقد قيل ان البلاء للولاء كاللهب للذهب والى ان فتنة الامة والمريد مقرونة بمفارقة الصحبة من النبي والشيخ

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان چاليش عقل با نفس همچون تنازع مجنون با ناقه وميل مجنون سوى حره وميل ناله سوى كره إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 86 إلى 90]

كما قال تعالى (فانا قد فتنا قومك من بعدك) اى بعد مفارقتك إياهم فان المسافر إذا انقطع عن صحبة الرفقة افتتن بقطاع الطريق والغيلان: قال الحافظ قطع اين مرحله بي همرهئ خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر گمراهى - روى- انهم أقاموا على ما وصى به موسى عشرين ليلة بعد ذهابه فحسبوها مع أيامها أربعين وقالوا قد اكملنا العدة وليس من موسى عين ولا اثر وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ حيث كان هو المدبر فى الفتنة والداعي الى عبادة العجل قال فى الاسئلة المقحمة أضاف الإضلال الى السامري لانه كان حصل بتقريره ودعوته وأضاف الفتنة الى نفسه لحصولها بفعله وقدرته وإرادته وخلقه وعلى هذا ابدا اضافة الأشياء الى أسبابها ومسبباتها انتهى واخباره تعالى بوقوع هذه الفتنة عند قدومه عليه السلام اما باعتبار تحققها فى علمه ومشيئته تعالى واما بطريق التعبير عن المتوقع بالواقع او لان السامري قد عزم على إيقاع الفتنة على ذهاب موسى وتصدى لترتيب مباديها فكانت الفتنة واقعة عند الاخبار. والسامري رجل من عظماء بنى إسرائيل منسوب الى قبيلة السامرة منهم او علج من اهل كرمان من قوم يعبدون البقر وحين دخل ديار بنى إسرائيل اسلم معهم وفى قلبه حب عبادة البقر فابتلى الله بنى إسرائيل فكشف له عن بصره فرأى اثر فرس الحياة لجبريل ويقال له حيزوم وأخذ من ترابه وألقاه بوحي الشيطان فى الحلي المذابة كما يجيئ قال الكاشفى [أصح آنست كه او از اسرائيليانست ودر وقتى كه فرعون ابناى ايشانرا مى كشت او متولد شده ومادر بعد از تولد او را بكنار نيل در جزيره بيفكند وحق سبحانه جبرائيل را امر فرمود تا او را پرورش دهد ومأكول ومشروب وى مهيا كرداند محافظت نموده ازين وقت كه موسى بطور رفت سامرى نزد هارون آمده كفت قدرى پيرايه كه از قبطيان عاريت كرفته ايم با ماست وما را در آن تصرف كردن روا نيست ومى بينم كه بنى إسرائيل آنرا مى خرند ومى فروشند حكم فرماى تا همه جمع كنند وبسوزند هارون امر فرمود كه تمام پيرايه ها آوردند ودر حفره ريختند ودر آن آتش زنند وسامرى زركرى چالاك بود همين كه ان زر بگداخت وى قالبى ساخته بود وآن زر كداخته در ان ريخته وشكل كوساله بيرون آورد وقدرى از خاك زير سم جبريل كه فرس الحياة مى كفتند در درون وى ريخت فى الحال زنده كشت وكوشت و پوست برو پيداشت وبآواز در آمد وكويند زنده نشد ليك بآن وضع ريخته بود بانكى كرد كه چهار دانك قوم بنى إسرائيل ويرا سجده كردند حق تعالى موسى را خبر داد كه قوم تو بعد از خروج تو كوساله پرست شدند] فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ اى بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذى الحجة وأخذ الألواح المكتوب فيها التوراة وكانت الف سورة كل سورة الف آية يحمل اسفارها سبعون جملا غَضْبانَ [خشمناك پريشان] أَسِفاً [اندوهگين از عمل ايشان] اى شديد الحزن على ما فعلوا او شديد الغضب ومنه قوله عليه السلام فى موت الفجأة (رحمة للمؤمنين واخذة أسيف للكافرين) قال الامام الراغب الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد قال الكاشفى [چون بميان قوم رسيد بانك

[سورة طه (20) : الآيات 87 إلى 88]

وخروش ايشان شنيد كه كردا كرد كوساله دف ميزدند ورقص ميكردند بعتاب آغاز كرد از روى ملامت] قالَ يا قَوْمِ [اى كروه من] أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً بان يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى اى وعدكم وعدا صادقا بحيث لا سبيل لكم الى إنكاره قال فى بحر العلوم وَعْداً حَسَناً اى متناهيا فى الحسن فانه تعالى وعدهم ان يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور ولا وعد احسن من ذلك وأجمل وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا وعد قوما لا بد له من الوفاء بالوعد فيحتمل ان يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم وبلاء لهم كما كان لقوم موسى إذ وعدهم الله بايتاء التوراة ومكالمته موسى وقومه السبعين المختارين فلما وفى به تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه وهى الضلال وعبادة العجل ولكن الوعد لما كان موصوفا بالحسن كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاء حسنا وكان عاقبة أمرهم التوبة والنجاة ورفعة الدرجات أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ الفاء للعطف على مقدر والهمزة لانكار المعطوف ونفيه فقط اى او عدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فاخطأتم بسببه وفى الجلالين مدة مفارقتى إياكم يقال طال عهدى بك اى طال زمانى بسبب مفارقتك أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ يجب كما سبق عَلَيْكُمْ غَضَبٌ عذاب عظيم وانتقام شديد كائن مِنْ رَبِّكُمْ من مالك أمركم على الإطلاق بسبب عبادة ما هو مثل فى الغباوة والبلادة فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي اى وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به الى ان ارجع من الميقات على اضافة المصدر الى مفعوله والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فاخلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فاخلفتموه عمدا قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ اى وعدنا إياك الثبات على ما امرتنا به بِمَلْكِنا اى بقدرتنا واختيارنا لكن غلبنا من كيد السامري وتسويله وذلك ان المرء إذا وقع فى البلية والفتنة لم يملك نفسه ويكون مغلوبا والملك القدرة وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ جمع وزر بالكسر بمعنى الحمل الثقيل اى أحمالا من حلى القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس فَقَذَفْناها اى طرحنا الحلي فى النار رجاء للخلاص من ذنبها فَكَذلِكَ اى مثل ذلك القذف أَلْقَى السَّامِرِيُّ اى ما معه من الحلي وقد كان أراهم انه ايضا يلقى ما كان معه من الحلي فقالوا ما قالوا على زعمهم وانما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من اثر فرس الحياة وكان لا يخالط شيأ الا غيره وهو من الكرامة التي خصها الله بروح القدس فَأَخْرَجَ اى السامري بسبب ذلك التراب لَهُمْ اى للقائلين عِجْلًا من تلك الحلي المذابة وهو ولد البقرة جَسَداً بدل منه او جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لاروح له ولا امتناع فى ظهور الخارق على يد الضال لَهُ خُوارٌ نعت له يقال خار العجل خوارا إذا صاح اى صوت عجله فسجدوا له فَقالُوا اى السامري ومن افتتن به أول ما رأى هذا العجل إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ اى غفل عنه وذهب يطلبه فى الطور وهذا حكاية نتيجة فتنة السامري فعلا وقولا من جهته تعالى قصدا الى زيادة تقريرها ثم ترتيب الإنكار عليها لا من جهة القائلين والا لقيل فاخرج لنا ولا شك ان الله خلقه ابتلاء لعباده ليظهر الثابت

[سورة طه (20) : آية 89]

من الزائغ واعجب من خلق الله العجل خلقه إبليس محنة لهم ولغيرهم أَفَلا يَرَوْنَ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى ألا يتفكرون فلا يعلمون ان مخففة من الثقيلة اى انه أَلَّا يَرْجِعُ [باز نمى كرداند كوساله] إِلَيْهِمْ [بسوى ايشان] قَوْلًا كلاما ولا يرد عليهم جوابا: يعنى [هر چند او را مى خوانند جواب نمى دهد] فكيف يتوهمون انه آله فقوله يرجع من الرجع المتعدى بمعنى الاعادة لا من الرجوع اللازم بمعنى العود وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً اى لا يقدر على ان يدفع عنهم ضررا او يجلب لهم نفعا قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الله تعالى إذا أراد ان يقضى قضاء سلب ذوى العقول عقولهم وأعمى أبصارهم بعد ان رأوا الآيات وشاهدوا المعجزات كأنهم لم يروا شيأ فيها فلهذا قال أَفَلا يَرَوْنَ يعنى العجل وعجزه أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا اى شيأ من القول وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الغضب فى الله من لوازم نشأة الإنسان الكامل لانه مرآة الحضرة الالهية وهى مشتملة على الغضب ورد عن النبي عليه السلام انه كان لا يغضب لنفسه وإذا غضب لله لم يقم لغضبه شىء فمن العباد من يغضب الحق لغضبه ويرضى لرضاه بل من نفسى غضبه غضب الحق وعين رضاه هو رضى الحق فمطلق غضبهم فى الحقيقة عبارة عن تعين غضب الحق فيهم من كونهم مجاليه ومجالى أسمائه وصفاته لا كغضب الجمهور قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كاسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه قال وعلى ذلك قال (من أهان لى وليا فقد بارزني فى المحاربة) فعلى العاقل ان يتبع طريق الأنبياء والأولياء ويغضب للحق إذا رأى منكرا كرت نهى منكر بر آيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمايند مردى رجال ومنها يا من اسباب غضب الله تعالى اخلف بالوعد ونقض العهد فلابد لطالب الرحمة من الاستقامة والثبات از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود [وفى وصايا الفتوحات حق تعالى بموسى عليه السلام وحي كرد هر كه باميد تو آيد او را بي بهره مكذار وهر كه زينهار خواست او را زينهار ده. موسى در سياحت بود ناكاه كبوترى بر كتف او نشست وبازي در عقب او مى آمد وقصد آن كبوتر داشت بر كتف ديكر فرو آمد آن كبوتر در آستين موسى در آمد وزينهار مى خواست وباز بزبان فصيح بموسى آواز داد كه اى پسر عمران مرا بى بهره مكذار وميان من ورزق من جدايى ميفكن موسى كفت چهـ زود مبتلا شدم ودست كرد تا ازران خود پاره قطع كند براى طعمه باز تا حفظ عهد كرده باشد وبكار هر دو وفا نموده كفتند يا ابن عمران تعجيل مكن كه ما رسولانيم وغرض آن بود كه صحت عهد تو آزمايش كنيم] أيا سامعا ليس السماع ينافع إذا أنت لم تفعل فما أنت سامع إذا كنت فى الدنيا من الخير عاجزا فما أنت فى يوم القيامة صانع

[سورة طه (20) : آية 90]

ومنها ان متاع الدنيا سبب الغرور والفساد والهلاك ألا ترى ان فرعون اغتر بدنياه فهلك وان السامري صاغ من الحلي عجلا فافسد ولو لم يستصحبوها حين خرجوا من مصر لنجوا من عبادته والابتلاء بتوبته نسأل الله تعالى ان يهدينا هداية كاملة الى جنابه ولا يردنا عن بابه ولا يبتلينا بأسباب عذابه وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ اى وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الأمر من قبل رجوع موسى إليهم وخطابه إياهم بما ذكر من المقالات يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ اى اوقعتم فى الفتنة بالعجل وأضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة انما الى نفس الفعل بالقياس الى مقابله الذي يدعيه القوم لا الى قيده المذكور بالقياس الى قيد آخر على معنى انما فعل بكم الفتنة لا الإرشاد الى الحق لا على معنى انما فتنتم بالعجل لا بغيره وَإِنَّ رَبَّكُمُ المستحق للعبادة هو الرَّحْمنُ المنعم بجميع النعم لا العجل وانما ذكر الرحمن تنبيها على انهم ان تابوا قبل توبنهم وإذا كان الأمر كذلك فَاتَّبِعُونِي فى الثبات على الدين وَأَطِيعُوا أَمْرِي هذا واتركوا عبادة ما عرفتم شأنه وما احسن هذا الوعظ فانه زجرهم عن الباطل بقوله إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وأزال الشبهات اولا وهو كاماطة الأذى عن الطريق ثم دعاهم الى معرفة الله بقوله وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فانها الأصل ثم الى معرفة النبوة بقوله فَاتَّبِعُونِي) ثم الى الشرائع فقال وَأَطِيعُوا أَمْرِي وفى هذا الوعظ شفقة على نفسه وعلى الخلق اما على نفسه فانه كان مأمورا من عند الله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن عند أخيه بقوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فلو لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لخالف امر الله وامر موسى وانه لا يجوز اوحى الله الى يوشع انى مهلك من قومك أربعين الفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال انهم لم يغضبوا لغضبى وفى الحديث (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) : قال الشيخ سعدى قدس سره بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك كوهرند چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار تو كز محنت ديكران بي غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمي ثم ان هارون رأى المتهافتين على النار فلم يبال بكثرتهم ولا نفرتهم بل صرح بالحق بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وهاهنا دقيقة وهى ان الرافضة تمسكوا بقوله عليه السلام (أنت منى بمنزلة هارون من موسى) ثم ان هارون ما منعه التقية فى مثل هذا الجمع العظيم بل صعد المنبر وصرح بالحق ودعا الناس الى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره فلو كانت امة محمد على الخطأ لكان يجب ان يفعل مثل ما فعل هارون وان يصعد المنبر من غير تقية وخوف ويقول فاتبعونى وأطيعوا امرى فلما لم يقل كذلك علمنا ان الامة كانوا على الصواب وقد ثبت ان عليا احرق الزنادقة الذين قالوا بآلهيته لما كانوا

[سورة طه (20) : الآيات 91 إلى 96]

على الباطل قالُوا فى جواب هارون لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ لن نزال على العجل وعبادته عاكِفِينَ مقيمين قال الراغب العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم قال فى الكبير رحمته تعالى خلصتهم من آفات فرعون ثم انهم لجهلهم قابلوه بالتقليد فقالوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى اى لا نقبل حجتك وانما نقبل قول موسى وقال فى الإرشاد وجعلوا رجوعه عليه السلام إليهم غاية لعكوفهم على عبادة العجل لكن لا على طريق الوعد بتركها عند رجوعه بل بطريق التعلل والتسويف وقد دسوا تحت ذلك انه عليه السلام لا يرجع بشئ مبين تعويلا على مقابلة السامري- روى- انهم لما قالوه اعتزلهم هارون فى اثنى عشر الفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وفى التأويلات النجمية لم يسمعوا قول هارون لانهم عن السمع الحقيقي لمعزولون فلهذا قالُوا لَنْ نَبْرَحَ إلخ وفيه اشارة الى ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ كامل واصل وصحبه بصدق الارادة ممتثلا لاوامره ونواهيه قابلا لتصرفات الشيخ فى إرشاده يصير بنور ولايته سميعا بصيرا يسمع ويرى من الاسرار والمعاني بنور ولاية الشيخ ما لم يكن يسمع ويرى ثم ان ابتلى بمفارقة صحبة الشيخ قبل أوانه يزول عنه نور الولاية او يحتجب بحجاب ما ويبقى أصم وأعمى كما كان حتى يرجع الى صحبة الشيخ ويتنور بنور ولايته قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال لهارون حين سمع جوابهم له وهل رضى بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظ وقد أخذ بلحيته ورأسه وكان هارون طويل الشعر يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا اخطأوا طريق عبودية الله بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة الى ان شافهوك بالمقالة الشنعاء أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا مزيدة وهو مفعول ثان لمنع وهو عامل فى إذ اى أي شىء منعك حين رؤيتك لضلالهم من ان تتبعنى فى الغضب لله والمقاتلة مع من كفر به وان تأتى عقبى وتلحقنى وتخبرني لأرجع إليهم لئلا يقعوا فى هلاك هذه الفتنة او غير مزيدة على ان منعك مجاز عن دعاك. والمعنى ما دعاك الى ترك اتباعى وعدمه فى شدة الغضب لله ولدينه ونظير لا هذه قوله ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ فى الوجهين قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان موسى لما كان بالميقات مستغرقا فى بحر شواهد الحق ما كان يرى غير الحق ولم يكن محتجبا بحجب الوسائط حتى ان الله تعالى ابتلاه بالوسائط بقوله فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أضاف الفتنة الى نفسه وأحال الإضلال الى السامري اختبارا ليعلم منه انه هل يرى غير الله مع الله فى أفعاله الخير والشر فما التفت الى الوسائط وما رأى الفعل فى مقام الحقيقة على بساط القربة الا منه وقال فى جوابه إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أضاف الفتنة والإضلال اليه تعالى مراعيا حق الحقيقة على قدم الشريعة الى نور الحقيقة قال يا هارون أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي اى بالصلابة فى الدين والمحاماة عليه كما عصى هؤلاء القوم امرى وامر الله فان قوله عليه السلام اخْلُفْنِي متضمن للامر بهما حتما فان الخلافة لا تتحقق الا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا والهمزة للانكار

[سورة طه (20) : آية 94]

التوبيخي والفاء عطف على مقدر يقتضيه المقام اى أخالفتني فعصيت امرى الَ يَا بْنَ أُمَ الام بإزاء الأب وهى الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ولدت من ولدته ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شىء او تربيته او إصلاحه او مبدئه أم واصله يا ابن أمي أبدل الياء الفا فقيل يا ابن اما ثم حذف الالف واكتفى بالفتحة لكثرة الاستعمال وطول اللفظ وثقل التضعيف وقرئ يا ابن أم بالكسر بحذف الياء والاكتفاء بالكسرة وخص الام بالاضافة استعظاما لحقها وترقيقا لقلبه واعتدادا لنسبها واشارة الى انهما من بطن واحد والا فالجمهور على انهما لاب وأم قال بعض الكبار كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة كما قال تعالى وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا ولذا ناداه بامه إذ كانت الرحمة للام أوفر ولذا صيرت على مباشرة التربية وفى التأويلات النجمية لما رأى هارون موسى رجع من تلك الحضرة سكران الشوق ملآن الذوق وفيه نخوة القربة والاصطفاء والمكالمة ما وسعه الا التواضع والخشوع فقال يا ابن أم تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي اى بشعر رأسى وخاطبه بيا ابن أم لمعنيين أحدهما ليأخذه رأفة صلة الرحم فيسكن غضبه والثاني ليذكره بذكر امه الحالة التي وقعت له فى الميقات حين سأل ربه الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وجاء الملائكة فى حال تلك الصعقة يجرون برأسه ويقولون يا ابن النساء الحيض ما للتراب ورب الأرباب: قال الحافظ برو اين دام بر مرغ دكر نه ... كه عنقا را بلند است آشيانه وقال عنقا شكار كس نبود دام باز چين ... كآنجا هميشه باد بدستست دام را - روى- انه أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله من شدة غيظه وغضبه لله وكان حديدا متصلبا فى كل شىء فلم يتمالك حين رآهم يعبدون العجل ففعل ما فعل بمرأى من قومه اى بمكان يراه قومه ويرون ما يفعل بأخيه نِّي خَشِيتُ لو قاتلت بعضهم ببعض وتفرقوانْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ برأيك وأراد بالتفريق ما يستتبعه القتال من تفريق لا يرجى بعده الاجتماع وفى الجلالين خشيت ان فارقتهم واتبعتك ان يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضا فتقول أوقعت الفرق فيما بينهم لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي لم تحفظ وصيتي فى حسن الخلافة عليهم يريد به قوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ فان الإصلاح ضم النشر وحفظ جماعات الناس والمداراة بهم الى ان ترجع إليهم وترى فيهم ما ترى فتكون أنت المتدارك للامر بنفسك المتلافى برأيك لاسيما وقد كانوا فى غاية القوة ونحن على القلة والضعف كما يعرف عنه قوله إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي وفى العيون اى لم تنظر فى امرى او لم تنتظر قدومى وفى التأويلات النجمية يعنى منعنى ترقب قولك وإطاعة أمرك عن اتباعك لا عصيان أمرك انتهى وهذا الكلام من هارون اعتذار والعذر تحرى الإنسان ما يمحوبه ذنوبه وذلك ثلاثة اضرب ان يقول لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر دون العكس وكان هارون

[سورة طه (20) : الآيات 95 إلى 96]

حليما رفيقا ولذا كان بنوا إسرائيل أشد حباله وعن على رضى الله عنه احسن الكنوز محبة القلوب قال سقراط من احسن خلقه طابت عيشته ودامت سلامته وتأكدت فى النفوس محبته ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوس منه قال بزرجمهر ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة ... وفى بعضها عزا يسود فاعله قال ارسطوا باصابة المنطق يعظم القدر وبالتواضع تكثر المحبة وبالحلم تكثر الأنصار وبالرفق تستخدم القلوب وبالوفاء يدوم الإخاء وكان النبي عليه السلام لم يخرج عن حد اللين والرفق ولذا قال فى وصفه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ: وفى المثنوى بندگان حق رحيم وبردبار ... خوى حق دارند در إصلاح كار «1» مهربان بي رشوتان يارى كران ... در مقام سخت ودر روز كران هين بجو اين قوم را اى مبتلا ... هين غنيمت دارشان پيش از بلا قالَ كأنه قيل فماذا صنع موسى بعد اعتذار القوم واعتذار هارون واستقرار اصل الفتنة على السامري فقيل قال موبخا له هذا شأنهم فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ الخطب لغة الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب وهو من تقاليب الخبط ففيه اشارة الى عظيم خبطه والمعنى ما شأنك وما مطلوبك فيما فعلت وما الذي حملك عليه: وبالفارسية [چيست اين كار عظيم ترا اى سامرى يعنى اين چيست كه كردى] خاطبه بذلك ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه ويفعل به وبما صنعه من العقاب ما يكون نكالا للمفتونين به ولمن خلفهم من الأمم قال بعض الكبار فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ يعنى فيما صنعت من عدولك الى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم فان عيسى عليه السلام يقول لبنى إسرائيل يا بنى إسرائيل قلب كل انسان حيث ما له فاجعلوا أموالكم فى السماء تكن قلوبكم هناك اى تصدقوا وقدموا الى الآخرة التي هى أبقى وأعلى وما سمى المال مالا الا لكونه بالذات تميل القلوب اليه فى نيل المقاصد وتحصيل الحوائج: وفى المثنوى مال دنيا دام مرغان ضعيف ملك عقبى دام مرغان شريف «2» «3» هين مشو كر عارفى مملوك ملك ملك الملك آنكه بجهيد او ز هلك قالَ السامري مجيبا لموسى عليه السلام بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ قال فى القاموس بصربه ككرم وفرح بصرا وبصارة ويكسر صار مبصرا وفى المفردات قلما يقال بصرت فى الحاسة إذا لم تضامه رؤية القلب. والمعنى رأيت ما لم يره القوم وقد كان رأى ان جبريل جاء راكب فرس وكان كلما وضع الفرس يديه او رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات فى الحال فعرف ان له شأنا فاخذ من موطئه حفنة وفى الكبير رآه يوم فلق البحر حين تقدم خيل فرعون راكبا على رمكة ودخل البحر وفى غيره حين ذهب به الى الطور وفى الجلالين قال موسى وما ذلك قال رأيت جبرائيل على فرس الحياة فالقى فى

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا وشفقت دقوقى در خلاص كشتى (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل سر إلخ (3) وفى اكثر نسخ المثنوى «كين زمان هستيد خود مملوك ملك» إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 97 إلى 101]

نفسى ان اقبض من اثرها فما ألقيته على شىء الا صار له روح ولحم ودم فحين رأيت قومك سألوك ان تجعل لهم الها زينت لى نفسى ذلك فذلك قوله تعالى فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ اى من تربة موطئ فرس الملك الذي أرسل إليك والمراد فرس الحياة لجبريل ولم يقل جبريل او روح القدس لانه لم يعرف انه جبريل والقبضة المرة من القبض وهو الاخذ بجميع الكف أطلقت على المقبوض مرة فَنَبَذْتُها النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به اى طرحتها فى الحلي المذابة او فى فم العجل فكان ما كان وفى العرائس قبض السامري من اثر فرسه قبضة لانه سمع من موسى تأثير القدسيين فى أشباح الأكوان فنثرها على العجل الذهبي فجعل الحق لها اكسيرا من نور فعله ولذا حيى وفى التأويلات النجمية (بصرت) يعنى خصص بكرامة فيما رأيت من اثر فرس جبريل وألهمت بان له شانا ما خص به أحد منكم فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها يشير بهذا المعنى الى ان الكرامة لاهل الكرامة كرامة ولاهل الغرامة فتنة واستدراج. والفرق بين الفريقين ان اهل الكرامة يصرفونها فى الحق والحقيقة واهل الغرامة يصرفونها فى الباطل والطبيعة كما ان الله تعالى انطق السامري بنيته الفاسدة الباطلة بقوله وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي اى بشقاوتى ومحنتى والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن واصل التركيب سولت لى نفسى تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل على ان يكون مثلى صفة مصدر محذوف وذلك اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحة لافادة تأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة فصار مصدرا مؤكدا لا صفة اى ذلك التزيين البديع زينت لى نفسى ما فعلته من القبض والنبذ لا تزيينا ادنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه ان ما فعله انما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الامارة بالسوء وغوائها لا بشئ آخر من البرهان العقلي والإلهام الإلهي قال الكاشفى [در لباب آورده كه موسى عليه السلام قصد قتل سامرى كرد از حق سبحانه وتعالى ندا آمد او را مكش كه صفت سخاوت برو غالبست و چون از سخاى او خلق را منفعت بود نفع حيات از وباز نتوان داشت سرّ واما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض اينجا ظاهر ميشود هر نهالى كه برك دارد وبر ... باد زاب حيات تازه وتر وآنچهـ بي ميوه باشد وسايه ... به كه كردد تنور را مايه فعند ذلك قالَ موسى مكافئا له قال الكاشفى [كفت موسى مر سامرى را كه چون مرا از قتل تو منع كردند] فَاذْهَبْ اى من بين الناس فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ اى ثابت لك مدة حياتك عقوبة ما فعلت أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ قال فى المفردات المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء وان لم يوجد والمس يقال فيما يكون معه ادراك بحاسة اللمس وفى القاموس قوله تعالى لا مِساسَ بالكسر اى لا أمس ولا امسى وكذلك التماس ومنه من قبل ان يتماسا انتهى اى لا يمسنى أحد ولا أمس أحدا خوفا من ان تأخذ كما الحمى- روى- انه

[سورة طه (20) : آية 98]

كان إذا ماس أحدا ذكرا او أنثى حم الماس والممسوس جميعا حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات فصار وحيدا طريدا يهيم فى البرية مع الوحش والسباع [ودر بعضى تفاسير هست كه جمعى از أولاد سامرى درين زمان كوساله پرست اند همان حال دارند] يعنى ان قومه باقية فيهم تلك الحالة الى اليوم] يقول الفقير التناسل موقوف على مخالطة الأزواج والأولاد فكيف تقوم هذه الدعوى قال فى الإرشاد لعل السر فى مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسبة التضاد فانه لما انشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته للحمى التي هى من اسباب موت الاحياء وفى التأويلات النجمية يشير الى ان قصدك ونيتك فيما سولت نفسك ان تكون مطاعا متبوعا آلفا مألوفا فجزاؤك فى الدنيا ان تكون طريدا وحيدا ممقتا ممقوتا متشردا متنفرا تقول لمن رآك لا تمسنى ولا امسك فنهلك چون عاقبت ز صحبت ياران بريدنست ... پيوند با كسى نكند آنكه عاقلست وذلك لان فى الانقطاع بعد الاتصال الما شديدا بخلاف الانقطاع الأصلي ولذا قال من قال الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً اى وعدا فى الآخرة بالعقاب على الشرك والإفساد لَنْ تُخْلَفَهُ اى لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه البتة بعد ما عاقبك فى الدنيا والخلف والأخلاف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفنى اى خالف فى الميعاد وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ معبود بزعمك الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً أصله ظللت فحذفت اللام الاولى تخفيفا قال فى المفردات ظلت بحذف احدى اللامين يعبربه عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت. والمعنى صرت مقيما على عبادته. واما بالفارسية [بودى پيوسته بر پرستش او] لَنُحَرِّقَنَّهُ جواب قسم محذوف اى بالنار ويؤيده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ من الإحراق وهو ايقاء نار ذات لهب فى الشيء بخلاف الحرق فانه إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق قال الكاشفى [واين قول كسيست كه كويد آن كاو را كوشت و پوست بود] او بالمبرد: بالفارسية [سوهان] على انه مبالغة فى حرق إذا برد بالمبرد ويعضده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ اى لنبردنه يقال بردت الحديد بالمبرد والبرادة ما سقط منه قال الكاشفى [واين بران قوليست كه او جسدى بود زرين بي حيات] ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً اى لنذرينه فى البحر رمادا او مبرودا بحيث لا يبقى منه عين ولا اثر من نسفت الريح التراب إذا أقلعته وأزالته وذرته. والنسف بالفارسية [بر كندن] للنبات من أصله [وبر بودن] كما فى التهذيب. والذر [وبباد بر دادن وباد چيزى را بر داشتن] قال الكاشفى [پس پراكنده سازيم خاكستر او را در دريا تا بدانند كه او را كه توان سوخت صفت الوهيت برو عين جهل ومحض خلافست] إِنَّما إِلهُكُمُ اى معبود كم المستحق للعبادة اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ فى الوجود لشئ من الأشياء إِلَّا هُوَ وحده من غير ان يشاركه شىء من الأشياء بوجه من الوجوه التي

[سورة طه (20) : آية 99]

من جملتها احكام الالوهية قال فى بحر العلوم قوله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ تقرير لاختصاص الالهية ونحوه قولك القبلة الكعبة التي لا قبلة الا هى وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً اى وسع علمه بكل ما كان وما يكون اى علم كل شىء وأحاط به بدل من الصلة كأنه قيل انما إلهكم الذي وسع كل شىء علما لا غيره كائنا ما كان فيدخل فيه العجل دخولا أوليا قال الكاشفى [نه قالب كوساله كه اگر چهـ زنده نيز باشد مثلست در غباوت ونادانى] روى ان موسى أخذ العجل فذبحه ثم حرقه بالنار ثم ذراه فى البحر زيادة عقوبة حيث أبطل سعيه واظهر غباوة المفتتنين به با دست موسوى چهـ زند سحر سامرى قال الحافظ سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد قال فى التأويلات النجمة فى الآية اشارة الى عبدة عجل النفس والهوى بانهم وما يعبدون حصب جهنم منسوفون فى بحر القهر نسفا لا خلاص لهم منه الى الابد وفى قوله إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اشارة الى ان من يعبد الها دونه يحرقه بنار القطيعة وينسفه فى بحر القهر الى ابد الآباد ووَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فعلم استحقاق كل عبد للطف او للقهر يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء والازدواج بين إبليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثاني الهوى فجميع الأديان الباطلة والأخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر فيتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى اعلم انهم قالوا لكل فرعون موسى اى لكل مبطل ومفسد محق ومصلح ألا ترى ان فرعون أفسد الأرض بالكفر والتكذيب والظلم والمعاصي فاصلحها موسى بالايمان والتصديق والعدل والطاعات ثم ان السامري أراد ان يكدر وجه مرآة الدين بما صنعه بيده العادية فجاء موسى فازاله وهكذا الحال الى يوم القيامة والأصل إصلاح القلب وتطهيره عن لوث الأخلاق الرذيلة ومنعه عن العكوف على عبادة الهوى ثم تغيير المنكر عن وجه العالم ان قدر كما فعله الأنبياء وأولوا الأمر ومن يليهم فان الغيرة من الايمان والله غيور وعبده فى غيرته وفى الحديث (ان سعدا لغيور وانا أغير من سعد والله أغير منى ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) : وفى المثنوى جمله عالم زان غيور آمد كه حق ... بر در غيرت برين عالم سبق «1» غيرت حق بر مثل كندم بودم ... كاه خرمن غيرت مردم بود اصل غيرتها بدانيد از اله ... آن خلقان فرع حق بي اشتباه كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ ذلك اشارة الى اقتصاص حديث موسى والقص تتبع الأثر والقصص الاخبار المتتبعة. ومن مفعول نقص باعتبار مضمونه. والنبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبة ظن ولا يقال للخبر فى الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة وحق الخبر الذي فيه نبأ ان يتعرى عن الكذب كالتواتر وخبر الله تعالى وخبر النبي

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ [.....]

[سورة طه (20) : الآيات 100 إلى 101]

عليه السلام والمعنى مثل ذلك القص البديع الذي سمعت نقص عليك يا محمد بعض الحوادث الماضية الجارية على الأمم السالفة لاقصا ناقصا عنه تبصرة لك وتوفيرا لعلمك وتكثيرا لمعجزاتك وتذكيرا للمستبصرين من أمتك وفيه وعد بتنزيل أمثال ما مر من اخبار القرون الخالية: وبالفارسية [همچنانچهـ اين قصه موسى بر تو خوانديم مى خوانيم بر تو اى محمد از خبرها آنچهـ بتحقيق كذشته است يعنى از امور ماضيه وقرون سابقه ترا خبر ميدهيم تا معجزه نبوت تو بود وتنبيه مستبصران امت تو] وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا متعلق بآتينا اى من عندنا ذِكْراً اى كتابا شريفا مطويا على هذه الأقاصيص والاخبار حقيقا بالتفكر والاعتبار وفى الكبير فى تسميته به وجوه. الاول انه كتاب فيه ذكر ما يحتاج اليه فى امر دينهم ودنياهم. والثاني ان يذكر انواع آلاء الله ونعمائه وفيه التذكير والموعظة. والثالث فيه الذكر والشرف لك ولقومك وقد سمى الله كل كتبه ذكرا فقال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قال بعض الكبار اى موعظة تتعظ بها وتتأدب بملازمتها فلا يخفى عليك شىء من أسرارنا وما اودعناه اسرار الذين كانوا قبلك من الأنبياء فتكون الأنبياء مكشوفين لك وأنت فى ستر الحق مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ عن ذلك الذكر العظيم الشأن الجامع لوجوه السعادة والنجاة فلم يعتبر ولم يعمل به لانكاره إياه ومن شرطية او موصولة وأياما كانت فالجملة صفة لذكر فَإِنَّهُ اى المعرض عنه يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً عقوبة ثقيلة على كفره وسائر ذنوبه وتسميتها وزرا تشبيها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره خالِدِينَ فِيهِ اى ماكثين فى الوزر حال من المستكن فى يحمل والجمع بالنظر الى معنى من لما ان الخلود فى النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا اى بئس لهم حملا وزرهم واللام للبيان كأنه لما قيل ساء قيل لمن يقال هذا فاجيب لهم وإعادة يوم القيامة لزيادة التقرير وتهويل الأمر وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعرض عن الذكر الحقيقي الذي به قامت حقيقة الايمان والإيقان والعرفان فانه يحمل يوم القيامة حملا ثقيلا من الكفر والنفاق والشرك والجهل والعمى وقساوة القلب والرين والختم والأخلاق الذميمة والبعد والحسرة والندامة وخسر حقيقة العبودية ودوام الذكر ومراقبة القلب وصدق التوجه لقبول الفيض الإلهي الذي هو حقيقة الذكر الذي اوله ايمان وأوسطه ايقان وآخره عرفان فالذكر الايمانى يورث الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة بترك المعاصي والاشتغال بالطاعات والذكر الايقانى يورث ترك الدنيا وزخارفها حلالها وحرامها وطلب الآخرة ودرجاتها منقطعا إليها والذكر العرفانى يوجب قطع تعلقات الكونين والتبكير الى سعادة الدارين فى بذل الوجود على شواهد المشهود انتهى فاعلى المراتب فى الذكر فناء الذاكر فى المذكور فلا يبقى للنفس هناك اثر- روى- انه كثر الزنى فى بغداد وكثر الفسق فقيل للشبلى لولا ذكرك لا حرقنا البلدة فلما سمعه بعض اهل النفس قال أليس لنا ذكر فقال الشبلي ذكركم بوجود النفس وذكرى بالله واعلم ان التوحيد أفضل العبادات وذكر الله اقرب القربات وقد وقت الله العبادات كلها كالصلاة والصيام والحج ونحوها بالمواقيت الا الذكر فانه امر به على كل حال قياما وقعودا

[سورة طه (20) : الآيات 102 إلى 105]

واضطجاعا وحركة وسكونا وفى كل زمان ليلا ونهارا صيفا وشتاء ولما سئل النبي عليه السلام عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) : قال المغربي قدس سره اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بردارى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار - حكى- ان موسى عليه السلام قال الهى علمنى شيأ أذكرك به فقال الله تعالى قل لا اله الا الله فقال موسى يا رب كل عبادك يقول ذلك فقال الله تعالى يا موسى لو ان السموات والأرضين وضعت فى كفة ميزان ولا اله الا الله فى اخرى لمالت به تلك الكلمة: قال الفقير كر تو خواهى شوى ز حق آگاه ... دم على لا اله الا الله أفضل ذكر باشد اين كلمه ... يكثر الذكر كل من يهواه يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بدل من يوم القيامة او منصوب بإضمار اذكر اى اذكر لقومك يا محمد يوم ينفخ اسرافيل فى القرن الذي التقمه للنفخ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ اى نخرج المتوغلين فى الاجرام والآثام المنهمكين فيها وهم الكفرة والمشركون من مقابرهم ونجمعهم يوم إذ ينفخ فى الصور وذكره صريحا مع تعين ان الحشر لا يكون الا يومئذ للتهويل زُرْقاً جمع ازرق والزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها الى العرب فان الروم الذين كانوا أعدى عدوهم زرق قال الكاشفى [در خبر است كه زرقه عين وسواد وجه علامت دوزخيانست] وقال الامام فى المفردات قوله تعالى يَوْمَئِذٍ زُرْقاً اى عميا عيونهم لا نور لها لان حدقة الأعمى تزرق يعنى ان العين إذا زال نورها ازرقت يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ استئناف لبيان ما يأتون وما يذرون حينئذ والتخافت اسرار المنطق واخفاؤه اى يقول بعضهم لبعض خفية من غير رفع صوت بسبب امتلاء صدورهم من الخوف والهوان او استيلاء الضعف إِنْ لَبِثْتُمْ لبث بالمكان اقام به ملازما له اى أقمتم ومكثتم فى الدنيا او فى القبر إِلَّا عَشْراً عشر ليال او عشر ساعات استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها لان ايام الراحة قليلة والساعات تمر مر السحاب وفى الجلالين يتسارون فيما بينهم ما لبثتم فى قبوركم إلا عشر ليال يريدون ما بين النفختين وهو أربعون سنة يرفع العذاب فى تلك المدة عن الكفار ويستقصرون تلك المدة إذا عاينوا اهوال القيامة انتهى وهو مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وفى بحر العلوم هو ضعيف جدا نَحْنُ [ما كه خداونديم] أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ [داناتريم بآنچهـ ايشان ميكويند] وهو مدة لبثهم إِذْ يَقُولُ [چون كويد] أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً او فرهم رأيا وأوفاهم عقلا: وبالفارسية [تمامترين ايشان از روى عقل] قال فى المفردات الأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل والأقرب الى الخير وأماثل القوم كناية عن خيارهم وعلى هذا قوله تعالى إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً انتهى إِنْ بمعنى النفي اى ما لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ونسبة هذا القول الى أمثلهم استرجاع منه تعالى له لكن لا لكونه اقرب الى الصدق بل لكونه ادل على شدة الهول وفى التأويلات النجمية يشير الى انه إذا نفخ فى الصور وحشر اهل البلاء واصحاب الجفاء يوم الفزع الأكبر فى النفخة الثانية (يوم يجعل الولدان شيبا. يوم تبدل الأرض

[سورة طه (20) : آية 105]

غير الأرض) وقد غضب ربنا ذلك اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله يرون من شدة اهوال ذلك اليوم ما يقلل فى أعينهم شدة ما أصابهم من العذاب طول مكثهم فى القبور فهم يحسبون انهم ما لبثوا فى القبور الا عشرة ايام ثم قال تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ من عظم البلاء وبما يقولون إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً اى أصوبهم رأيا فى نيل شدة البلاء إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً وذلك لانه وجد شدة بلاء ذلك اليوم عشرة أمثال ما وجده انتهى قيل ألا انما الدنيا كظل سحابة أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت فلا تك فرحانا بها حين أقبلت ولا تك جزعانا إذا هى ولت قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة: قال الشيخ سعدى نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف قال السلطان ولد بگذار جهانرا كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست فعلى العاقل ان لا يضيع وقته بالصرف الى الدنيا وما فيها من الشهوات فان الوقت نقد نفيس وجوهر لطيف وبازي اشهب لا ينبغى ان يبذل لشئ حقير وان يصاد به طير لا يسمن ولا يغنى من جوع ومن المعلوم ان عيش الدنيا قصير وخطرها يسير وقدرها عند الله صغير إذا كانت لا تعدل عنده جناح بعوضة فمن عظم هذا الجناح كان أصغر منه بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست قال عيسى عليه السلام من ذا الذي يبنى على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا وقد ثبت ان الدنيا ساعة فاجعلها طاعة واهل الطاعة تكافئ ساعة من ساعاتهم فى الآخرة بألف سنة فى الراحة بخلاف اهل المعصية فان ساعاتهم ايضا تنبسط ولكن فى المحنة وأفضل الطاعات واحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله فاكثروا من قول لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) اى جنة الصورة وجنة المعنى وهى جنة القلب والروح وفيها ازهار الأنوار وثمرات الاسرار وهى أعلى من جنة الصورة إذ كل كمال انما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن أصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة إذا كان لها عرق فانها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق فى بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال (ولهم عند الله مزيد للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ السؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة او الاشارة او استدعاء مال او ما يؤدى الى مال وجوابه على اليد واللسان خليفة لها اما بوعد او برد والسؤال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت وتارة لتعريف المسئول وتنبيهه لا ليخبر ويعلم فاذا كان للتعريف

[سورة طه (20) : الآيات 106 إلى 110]

تعدى الى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن اكثر كما فى هذا المقام وإذا كان لاستدعاء مال فانه يتعدى بنفسه او بمن نحو قوله تعالى وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ والجبال جمع جبل وهو كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة او قنة واعتبر معانيه فاستعير واشتق منه بحسبها فقبل فلان جبل لا يتزحزح تصورا لمعنى الثبات فيه وجبله الله على كذا اشارة الى ماركب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله وتصور منه العظم فقيل للجماعة العظيمة جبل كما قال تعالى وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً اى جماعة تشبيها بالجبل فى العظم والجبال فى الدنيا ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول. والمعنى يسألونك عن ما آل أمرها وقد سأل عنها رجل من ثقيف وقال يا رسول الله ما يصنع بالجبال يوم القيامة فَقُلْ الفاء للمسارعة الى الزام السائلين قال الكاشفى [پس بگويى تأخير در جواب ايشان كه بقدرت] يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً يقال نسفت الريح الشيء أقلعته وأزالته ونسف البناء قلعه من أصله والجبال دكها وذراها كما فى القاموس اى يقلعها من أصلها ويجعلها كالهباء المنثور وفى الإرشاد يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها وتذروها وفى الكبير لعل قوما قالوا انك تدعى ان الدنيا تفنى فوجب ان تبتدئ بالنقصان حتى تنتهى الى البطلان لكنا لا نرى فيها نقصانا ونرى الجبال كما هى وهذه شبهة ذكرها جالينوس فى ان السماوات لا تفنى وجواب هذه الشبهة ان بطلان الشيء قد يكون ذبوليا يتقدمه النقصان وقد يكون دفعة فتبين انه تعالى يزيل تركيبات العالم الجسماني دفعة بقدرته ومشيئته انتهى ومثاله ان الدنيا مع جبالها وشدادها كالشاب القوى البدن ومن الشبان من يموت فجأة من غير تقدم مرض وذبول ديدى آن قهقهه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود قال فى الاسئلة المقحمة قال هنا وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ بالفاء وفى موضع آخر وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ من غير الفاء والجواب لانهم يسألونه هاهنا بعد فتقريره ان سألوك عن الجبال فقل نظيره فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فان كنت فى شك فان آمنوا بمثل ما آمنتم به بخلاف قوله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ لانه هناك كانوا قد سألوه فامر بالجواب كقوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ وغيرها من المواضع انتهى وفى التأويلات النجمية وان سألوك عن احوال الجبال فى ذلك اليوم فقل ينسفها ربى نسفا يقلعها بتجلى صفة القهارية كما جعل الطور دكا فَيَذَرُها يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه اى وذر والمعنى فيترك مقارها ومراكزها حال كونها قاعاً مكانا خاليا وأصله قوع قال فى القاموس القاع ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام انتهى صَفْصَفاً مستويا كأن اجزاءها على صف واحد من كل جهة لا تَرى فِيها اى فى مقار الجبال لا بالبصر ولا بالبصيرة استئناف مبين لكيفية القاع الصفصف والخطاب لكل أحد ممن يتأتى منه الرؤية عِوَجاً بكسر العين اى عوجا ما كأنه لغاية خفائه من قبيل خافى المعاني وذلك لان العوج بالكسر يخص المعاني قال فى

[سورة طه (20) : آية 108]

المفردات العوج العطف عن حال الانتصاب والعوج يقال فيما يدرك بالبصر كالخشب المنتصب ونحوه والعوج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة كما يكون فى ارض بسيطة وكالدين والمعاش وَلا أَمْتاً ارتفاعا يسيرا قال الزمخشري الامت النتوء اليسير وفى القاموس الامت المكان المرتفع والتلال الصغار والانخفاض والارتفاع قال فى المناسبات وَلا أَمْتاً اى تفاوتا بارتفاع وانخفاض وفى الجلالين عِوَجاً وَلا أَمْتاً انخفاضا وارتفاعا ومثله ما فى تفسير الفارسي حيث قال [عوجا پستى در مناره ولا امتا ونه بلندى و پشته] يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ نسفت الجبال على اضافة اليوم الى وقت النسف وهو ظرف لقوله يَتَّبِعُونَ اى الناس الدَّاعِيَ الذي يدعوهم الى الموقف والمحشر وهو اسرافيل عليه السلام يدعو الناس عند النفخة الثانية قائما على صخرة بيت المقدس ويقول أيتها العظام البالية والأوصال المنفرقة واللحوم المتمزقة قوموا الى عرض الرحمن فيقبلون من كل أوب الى صوبه اى من كل جانب الى جهته لا عِوَجَ لَهُ لا يعوج له مدعو ولا يعدل عنه بل يستوى اليه من غير انحراف متبعا لصوته لانه ليس فى الأرض ما يحوجهم الى التعويج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ خفضت من شدة الفزع وخفتت لهيبته والخشوع الخضوع وهو التواضع والسكون او هو فى الصوت والبصر والخضوع فى البدن وفى المفردات الخشوع ضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة اكثر ما يستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح والصوت هواء متموج بتصادم جسمين وهو عام والحرف مخصوص بالإنسان وضعا فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً صوتا خفيا ومنه الحروف المهموسة وهمس الاقدام أخفى ما يكون من صوتها وقال الكاشفى [پس نشنوى تو در ان روز مكر آوازى نرم يعنى صوت أقدام ايشان در رفتن محشر] قال الامام الغزالي فى الدرة الفاخرة ينفخ فى الصور اى نفخة اولى فتتطاير الجبال وتتفجر الأنهار بعضها فى بعض فيمتلئ عالم الهواء ماء وتنثر الكواكب وتتغير الأرض والسماء ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ثم يكشف سبحانه عن بيت فى سقر فيخرج لهب من النار فيشتعل فى البحور فتنشف اى تسرب ويدع الأرض حمأة سوداء والسموات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فيمطربه الأرض وهو كمنىّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها الصبى صبى والشيخ شيخ وما بينهما ثم يهب من تحت العرش ريح لطيفة فتبرز الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا امت ثم يحيى الله تعالى اسرافيل فينفخ من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح من ثقب فى الصور بعددها ويحل كل روح فى جسده حتى الوحش والطير فاذاهم بالساهرة اى بوجه الأرض بعد ان كانوا فى بطنها وقيل الساهرة صحراء على شفير جهنم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ارض من قضة بيضاء لم يعص الله عليها منذ خلقها قال فى التأويلات النجمية لا تَرى فِيها عِوَجاً من نقاياها وَلا أَمْتاً من زواياها يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ اى الذي دعاهم فى الدنيا فاجابوا داعيهم لا عِوَجَ لَهُ فى دعائهم يعنى كل داع من الدعاة يكون مجيبا فى جبلته

[سورة طه (20) : الآيات 109 إلى 110]

الانسانية لانه تعالى هو الداعي والمجيب كقوله تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فالله تعالى هو الداعي وهو المجيب بالهداية يجيب بلسان المشيئة فافهم جدا ولهذا السر يوجد فى كل زمان من متبعى كل داع خلق عظيم ولا يوجد فى كل قرن من متبعى داعى الله الا الشواذ من اهل الله ومن اهل داعى الهوى والدنيا والشيطان والملك والنبي والجنة والقربة يوجد فى كل زمان خلق على تفاوت طبقاتهم وقدر مراتبهم وبقوله وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ يشير الى ان داعى الله إذا دعا عبدا بالرحمانية خشعت وانقادت وذلت أصوات جميع الدعاة وانقطعت فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً اى إلا وطأ أقدام المدعو ونقلها الى داعيه انتهى فعلى العاقل ان يتبع داعى الله الحق فان ما سواه باطل: وفى المثنوى ديد روى جز تو شد غل كلو ... كل شىء ما سوى الله باطل «1» باطلند ومينمايندم رشد ... ز انكه باطل باطلان را مى كشد اشتر كورى مهار تو متين ... تو كشش مى بين مهارت را مبين «2» كر شدى محسوس جذاب ومهار ... پس نماندى اين جهان دار الفرار كبر ديدى كوپى سك مى رود ... سخره ديو ستنبه مى شود در پى او كى شدى مانند حيز ... پاى خود را وا كشيدى كبر تيز كاو كر واقف ز قصابان بدى ... كى پى ايشان بدان دكان شدى يا بخوردى از كف ايشان سپوس ... يا بدادى شير شان از چاپلوس ور بخوردى كى علف هضمش شدى ... كر ز مقصود علف واقف بدى تو بجد كارى كه بگرفتى بدست ... عيش اين دم بر تو پوشيده شدست بر تو كر پيدا شدى زان عيب وشين ... زان رميدى جانت بعد المشرقين حال كاخر زان پشيمان مى شوى ... كر بود اين حالت أول كى دوى يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يقع ما ذكر من الأمور الهائلة لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ من الشفعاء أحدا قال الامام الراغب الشفاعة الانضمام الى آخر ناصرا له وسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى مرتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة فى القيامة إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ فى ان يشفع له والاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا اى ورضى لاجله قول الشافع فى شانه واما من عداه فلا تكاد تنفعه وان فرض صدورها عن الشفعاء المتصدين للشفاعة للناس كقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ فالاستثناء من أعم المفاعيل يَعْلَمُ الله تعالى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ اى ما تقدمهم من الأحوال وَما خَلْفَهُمْ وما بعدهم مما يستقبلون والضمير عائد الى الذين يتبعون الداعي وقال الكاشفى [ميداند خداى تعالى آنچهـ پيش آدميانست از امور آخرت وآنچهـ پس ايشانست از كار دنيا] وفى التأويلات النجمية يعلم اختلاف أحوالهم من بدء خلقهم واختلاف أحوالهم الى الابد وَلا يُحِيطُونَ بِهِ تعالى عِلْماً [يعنى أحاط نمى توانند كرد جميع عالميان بذات خداى تعالى از جهت دانش] لانه تعالى قديم وعلم المخلوقين لا يحيط بالقديم وفيه اشارة

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان محمود غزنوى ورفاقت او شب با دزران (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاع پيش از انكه إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 111 إلى 115]

الى العجز عن كنه معرفته كجا دريابد او را عقل چالاك ... كه بيرونست از سر حد ادراك تماشا ميكن اسما وصفاتش ... كه آگه نيست كس از كنه ذاتش قال بعض الكبار ما علمه غيره ولا ذكره سواه فهو عالم والذاكر على الحقيقة وذلك ان الحادث فانى الوجود والقديم باقى الوجود والفاني لا يدرك الباقي الا بالباقي وإذا أدركه به فلا يبلغ الى ذره من كمال الازلية لان الإحاطة بوجوده مستحيلة من كل الوجوه صفاتا وذاتا وسرا وحقيقة قال الواسطي كيف يطلب ان يأخذ طريق الإحاطة وهو لا يحيط بنفسه علما ولا بالسماء وهو يرى جوهرها قال الراغب الإحاطة بالشيء هى ان تعلم وجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به إيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس الا لله تعالى قال فى أنوار المشارق يجوز فى طريقة الصوفية ان يطلب ما يقصر العقل عنه ولا يطيقه اى ما لا يدرك بمجرد العقل ولا يجوز ان يطلب ما يحكم العقل باستحالته فلا يرد ما يقال انى يحصل للعقول البشرية ان يسلكوا فى الذات الالهية سبيل الطلب والتفتيش وانى تطيق نور الشمس أبصار الخفافيش قال الشيخ محمد پارسا فى فصل الخطاب لا يجوز ان يظهر فى طور الولاية ما يحكم العقل باستحالته ويجوز ان يظهر فيه ما يقصر العقل عنه ومن لم يفرق بين ما يستحيله العقل وما لا يناله العقل فليس له عقل انتهى قال الشيخ عز الدين كنه ذات الحق تعالى وصفاته محجوب عن نظر العقول ونهاية معرفة العارفين هو ان ينكشف لهم استحالة معرفة حقيقة ذات الله لغير الله وانما اتساع معرفتهم بالله انما يكون فى معرفة أسمائه وصفاته تعالى فبقدر ما تنكشف لهم معلوماته تعالى وعجائب مقدوراته وبديع آياته فى الدنيا والآخرة يكون تفاوتهم فى معرفته سبحانه وبقدر التفاوت فى المعرفة يكون تفاوتهم فى الدرجات الاخروية العالية وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ يقال عنوت فيهم عنوا وعناه صرت أسيرا كعنيت وخضعت كما فى القاموس وانما قيل عنت دون تعنو اشعارا بتحقق العنو وثبوته كما فى بحر العلوم. واللام فى الوجوه للجنس اشارة الى الوجوه كلها صالحة وعاصية او للعهد والمراد بها وجوه العصاة كقوله تعالى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وعبر عن المكلفين بالوجوه لان الخضوع فيها يتبين كما فى الكبير. والمعنى ذلت الوجوه يوم الحشر وخضعت للحى القيوم خضوع العناة اى الأسارى فى يد ملك قهار وفى التأويلات النجمية خضعت وتذللت وجوه المكونات لمكونها الحي الذي به حياة كل حى القيوم الذي به قيام كل شىء احتياجا واضطرارا واستسلاما وفى العرائس افهم يا صاحب العلم انه سبحانه ذكر الوجوه وفى العرف صاحب الوجه من كان وجيها من كل ذى وجاهة فالانبياء والمرسلون والأولياء والمقربون بالحقيقة هم اصحاب الوجوه وكيف أنت بوجوه الحور العين ووجه كل ذى حسن فوجوه الجمهور مع حسنها وجلالها المستفاد من حسن الله وان كانوا جميعا مثل يوسف تلاشت وخرت وخضعت عند كشف نقاب وجهه الكريم وظهور جماله وجلاله القديم: قال المولى جامى آهنك جمال جاودانى آرم ... حسنى كه نه جاودان از ان بيزارم

[سورة طه (20) : الآيات 112 إلى 113]

وعن ابى امامة الباهلي رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (اطلبوا اسم الله الأعظم فى هذه السور الثلاث البقرة وآل عمران وطه) قال الراوي والمشترك بينها اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ منهم ظُلْماً خسر من أشرك بالله ولم يتب: يعنى [بي بهره ماند ونوميد كشت] قال الراغب الخيبة فوق المطلب وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى بعض الصالحات فمن مفعول يعمل باعتبار مضمونه وَهُوَ مُؤْمِنٌ فان الايمان شرط فى صحة الطاعات وقبول الحسنات فَلا يَخافُ ظُلْماً اى منع ثواب مستحق بموجب الوعد وَلا هَضْماً ولا كسرا منه بنقص ومنه هضم الطعام قال الراغب الهضم شدخ ما فيه رخاوة يقال هضمته فانهضم وهضم الدواء الطعام نهكه والهاضوم كل دواء هضم طعاما ونخل طلعها هضيم اى داخل بعضها فى بعض كانما شدخ وقال الكاشفى [پس نترسد در ان روز از ستم وبيداد كه زيادتى سيآتست ونه از كسر وشكست كه نقصان حسناتست يعنى نه از حسنات مؤمن چيزى كم كنند ونه سيآت وى افزايند] فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله ويصل بأعماله الى كل آماله وأفضل الأعمال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال سليمان بن عبد الملك لابى حازم عظنى وأوجز قال نعم يا امير المؤمنين نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك قال بعض الكبار من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا حال غالب الخلق الا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالاوراد الكثيرة والنوافل العديدة الثقيلة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه وانما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول- حكى- عن ابى محمد المرتعش رحمه الله انه قال حججت حجات على قدم التجريد فسألتنى أمي ليلة ان استقى لهاجرة فثقل ذلك علىّ فعلمت ان مطاوعة نفسى فى الحجات كانت بحظ مشوب للنفس إذ لو كانت نفسى فانية لم يصعب عليها ما هو حق فى الشرع ثم ان المرء بمجرد العمل لا يكون الا عابدا واما المعارف الالهية والوصول الى الدرجات العاليات فيحتاج الى مرشد كامل ولذا هاجر الكبار من دار الى دار لتحصيل صحبة المقربين والأبرار: قال الحافظ من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم وَكَذلِكَ اشارة الى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبئة عما سيقع من احوال القيامة وأهوالها اى مثل ذلك الانزال أَنْزَلْناهُ اى القرآن كله وإضماره لكونه حاضرا فى الأذهان قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون ذلك اشارة الى مصدر أنزلنا اى مثل ذلك الانزال البين أنزلناه حال كونه قُرْآناً عَرَبِيًّا يعنى بلغة العرب ليفهموه ويقفوا على اعجازه وخروجه عن حد كلام البشر وفى التأويلات النجمية اى كما أنزلنا الصحائف والكتب الى آدم وغيره من الأنبياء بألسنتهم ولغاتهم المختلفة كذلك أنزلنا إليك قرآنا عربيا بلغة العرب وحقيقة كلامه التي هى الصفة القائمة بذاته منزهة عن الحروف والأصوات المختلفة المخلوقة وانما الأصوات والحروف تتعلق باللغات والالسنة المختلفة

[سورة طه (20) : آية 114]

وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ الصرف رد الشيء من حالة الى حالة او إبداله بغيره ومثله التصريف الا فى التكثير واكثر ما يقال فى صرف الشيء من حالة الى حالة ومن امر الى امر وتصريف الرياح هو صرفها من حال الى حال. والوعيد التهديد بالفارسية [بيم نمودن] والمعنى مينا وكررنا فى القرآن بعض الوعيد قال الكاشفى [چون ذكر طوفان ورجفه وصيحه وخسف ومسخ] كما قال فى التأويلات النجمية اى اوعدنا فيه قومك بأصناف العقوبات التي عاقبنا بها الأمم الماضية وكررنا ذلك عليهم قال فى الكبير يدخل تحته بيان الفرائض والمحارم لان الوعيد بهما يتعلق لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى يتقون الكفر والمعاصي بالفعل أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً اى يجدد القرآن لهم ايقاظا واعتبارا بهلاك من قبلهم مؤديا بالآخرة الى الاتقاء واحداث الشيء إيجاده والحدوث كون الشيء بعد ان لم يكن عرضا كان او جوهرا فَتَعالَى اللَّهُ تفاعل من العلو وليست مرتبة شريفة الا والحق تعالى فى أعلى الدرجات منها وارفعها وذلك لانه مؤثر وواجب لذاته وكل ما سواه اثر وممكن ولا مناسبة بين الواجب والممكن قال فى الإرشاد وهو استعظام له تعالى ولشؤونه التي يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد وغير ذلك اى ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله الْمَلِكُ السلطان النافذ امره ونهيه الحقيق بان يرجى وعده ويخشى وعيده الْحَقُّ فى ملكوته وألوهيته الحقيقي بالملك لذاته وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ يؤدى ويتم ويفرغ قال تعالى لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ اى فرغ أجلهم ومدتهم المضروبة وَحْيُهُ القاؤه وقراءته كان عليه السلام إذا القى اليه جبريل الوحى يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اعتنائه بالتلقى والحفظ فنهى عن ذلك إذ ربما يشغله التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها. والمعنى لا تعجل بقراءة القرآن خوف النسيان والانفلات قبل ان يستتم جبريل قراءته ويفرغ من الإبلاغ والتلقين فاذا بلغ فاقرأه وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى سكوته عند قراءة القرآن واستماعه والتدبر فى معانيه وأسراره للتنور بانواره وكشف حقائقه ولهذا قال وَقُلْ اى فى نفسك رَبِّ [اى پروردگار من] زِدْنِي [بيفزاى مرا] عِلْماً اى فهما لادراك حقائقه فانها غير متناهبة وبنورا بانواره وتخلقا بخلقه وقال بعضهم علما بالقرآن فكان كلما نزل عليه شىء من القرآن ازداد به علما وقال محمد بن الفضل علما بنفسي وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لا قوم بمعونتك فى مداواة كل شىء منها بدوائه وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأها قال اللهم زدنى ايمانا ويقينا بك وهو أجل التفاسير وأدقها لانه علق الايمان واليقين به تعالى دون غيره وهو أصعب الأمور كذا سمعت من شيخى وسندى قدس الله سره قيل ما امر الله رسوله بطلب الزيادة فى شىء الا فى العلم قال الكاشفى [در لطائف قشيرى رحمه الله مذكور است كه حضرت موسى عليه السلام زياده علم طلبيد او را حواله بخضر كردند وبي طلب پيغمبر ما را صلى الله عليه وسلم دعاى زيادتى علم بياموخت وحواله بغير خود نكرد تا معلوم شود كه آنكه در مكتب ادب «أدبني

[سورة طه (20) : آية 115]

ربى» سبق «وقل رب زدنى علما» خوانده باشد هر آيينه در درسكاه «علمك ما لم تكن تعلم» نكته «فعلمت علم الأولين والآخرين» بكوش هوش مستفيدان حقائق اشيا تواند رسانيد علمهاى أنبياء واولياء ... در دلش رخشنده چون شمس الضحى عالمى كاموز كارش حق بود ... علم او بس كامل مطلق بود قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت قال ابو بكر الكتاني قال لى الخضر عليه السلام كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وأنت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقال لى أنت الخضر وفى الآية بيان لشرف العلم قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم نور من أنوار الله تعالى يقذفه فى قلب من اراده من عباده وهو معنى قائم بنفس العبد يطلعه على حقائق الأشياء وهو للبصيرة كنور الشمس للبصر مثلا بل أتم وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل الأعمال نريد قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال عليه السلام (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والمعتبر هو العلم النافع ولذلك قال عليه السلام (اللهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن فتصفية القلب عما سوى الله تعالى من أعظم القربات وأفضل الطاعات ولذلك كان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر: قال الحافظ پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ يقال عهد فلان الى فلان بعهد اى القى العهد اليه وأوصاه بحفظه والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا وعهد الله تارة يكون بما ركزه فى عقولنا وتارة يكون بما أمرنا به بكتابه وبألسنة رسله وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى اصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها وآدم ابو البشر عليه السلام قيل سمى بذلك لكون جسده من أديم الأرض وقيل لسمرة فى لونه يقال رجل آدم نحو أسمر وقيل سمى بذلك لكونه من عناصر مختلفة وقوى مفترقة يقال جعلت فلانا ادمة أهلي اى خلطته بهم وقيل سمى بذلك لما طيب به من الروح المنفوخ فيه وجعل له من العقل والفهم والرؤية التي فضل بها على غيره وذلك من قولهم الادام وهو ما يطيب به الطعام وقيل أعجمي وهو الأظهر والمعنى وبالله لقد أمرناه ووصيناه بان لا يأكل من الشجرة وهى المعهودة ويأتى بيانه بعد هذه الآية مِنْ قَبْلُ من قبل هذا الزمان فَنَسِيَ العهد ولم يهتم به حتى غفل عنه والنسيان بمعنى عدم الذكر او تركه ترك المنسى عنه قال الراغب النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما لضعف قلبه واما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الإنسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد وما عذر فيه نحو ما روى (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) فهو ما لم يكن

[سورة طه (20) : الآيات 116 إلى 119]

سببه منه وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ان كان من الوجود العلمي فله وعزما مفعولاه وقدم الثاني على الاول لكونه ظرفا وان كان من الوجود المقابل للعدم وهو الأنسب لان مصب الفائدة هو المفعول وليس فى الاخبار بكون العزم المعدوم له مزيد مزية فله متعلق به والعزم فى اللغة توطين النفس على الفعل وعقد القلب على إمضاء الأمر. والمعنى لم نعلم او لم نصادف له تصميم رأى وثبات قدم فى الأمور ومحافظة على ما امر به وعزيمة على القيام به إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطان ولما استطاع تغريره وقد كان ذلك منه عليه السلام فى بدء امره من قبل ان يجرب الأمور ويتولى حارها وقارها ويذوق شريها وأريها لا من نقصان عقله فانه أرجح الناس عقلا كما قال عليه السلام (لو وزنت أحلام بنى آدم بحلم آدم لرجح حلمه) وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ومعنى هذا ان آدم مع ذلك اثر فيه وسوسته فكيف فى غيره: قال الحافظ دام سختست مكر لطف خدا يار شود ... ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم قيل لم يكن النسيان فى ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان فكان مؤاخذا به وانما رفع عنا وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ اى من قبل ان يكون اولا وان لا يتعلق بغيرنا ولا ينقاد لسوانا فلما دخل الجنة ونظر الى نعيمها فَنَسِيَ عهدنا وتعلق بالشجرة وانقاد للشيطان وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً يشير الى ان الله تعالى لما خلق آدم وتجلى فيه بجميع صفاته صارت ظلمات صفات خلقيته مغلوبة مستورة بسطوات تجلى أنوار صفات الربوبية ولم يبق فيه عزم التعلق بما سواه والانقياد لغيره فلما تحركت فيه دواعى البشرية الحيوانية وتداعت الشهوات النفسانية الانسانية واشتغل باستيفاء الحظوظ نسى أداء الحقوق ولهذا سمى الناس ناسا لانه ناس فنشأت له من تلك العاملات ظلمات بعضها فوق بعض وتراكمت حتى صارت غيوم شموس المعارف وأستار أقمار العوارف فنسى عهود الله ومواثيقه وتعلق بالشجرة المنهي عنها قال العلامة يا انيسان عادتك النسيان اذكر الناس ناس وارق القلوب قاس قال ابو الفتح البستي فى الاعتذار من النسيان الى بعض الرؤساء يا اكثر الناس إحسانا الى الناس يا احسن الخلق إعراضا عن الباس نسيت وعدك والنسيان مغتفر فاغفر فاول ناس أول الناس قال على رضى الله عنه عشرة يورثن النسيان. كثرة الهم. والحجامة فى النقرة. والبول فى الماء الراكد. وأكل التفاح الحامض. وأكل الكزبرة. وأكل سؤر الفار. وقراءة الواح القبور. والنظر الى المصلوب. والمشي بين الجملين المقطورين. وإلقاء القملة حية كما فى روضة الخطيب لكن فى قاضى خان لا بأس بطرح القملة حية والأدب ان يقتلها وزاد فى المقاصد الحسنة مضغ العلك اى للرجال إذا لم يكن من علة كالبخر ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها أضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الأسنان ونشد اللثة كالسواك واعلم ان من أشد اسباب النسيان العصيان فنسأل الله العصمة والحفظ وَإِذْ قُلْنا اى واذكر يا محمد وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اى لمن فى الأرض والسماء منهم عموما كما سبق تحقيقه اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية

[سورة طه (20) : آية 117]

وتكريم وقال البيضاوي اذكر حاله فى ذلك الوقت ليتبين لك انه نسى ولم يكن من اولى العزيمة والثبات انتهى وفيه اشارة الى استحقاقه لسجودهم لمعان جمة. منها لانه خلق لامر عظيم هو الخلافة فاستحق لسجودهم. ومنها لان الله تعالى جعله مجمع مجرى عالمى الخلق والأمر والملك والملكوت والدنيا والآخرة فما خلق شيأ فى عالم الخلق والدنيا الا وقد جعل فى قالبه أنموذجا منه وما خلق شيأ فى عالم الأمر والآخرة الا وقد أودع فى روحه حقائقه واما الملائكة فقد خلقت من عالم الأمر والملكوت دون عالم الخلق والملك فبهذه النسبة اختص آدم بالكمال وما دونه بالنقصان فاستحق السجود والكمال. ومنها لانه خلق روحه فى احسن تقويم من بين سائر الأرواح من الأرواح الملكية وغيرها وخلقت صورته فى احسن صورة على صورة الرحمن والملائكة وان خلقت فى حسن ملكى روحانى لم يخلقوا فى حسن صورته فله الافضلية فى كلا الحالين فاستحق لسجودهم بالافضلية. ومنها لانه شرف فى تسوية قالبه بتشريف خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وباختصاص لما خلقت بيدي وأكرم فى تعلق روحه بالقالب بكرامة ونفخت فيه من روحى فالزمهم سجود الكرامة بقوله فقعوا له ساجدين واثبت له استحقاق سجودهم بقوله يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي. ومنها لانه اختص بعلم الأسماء كلها وانهم قد احتاجوا فى انباء اسمائهم كما قال يا آدم انبئهم بأسمائهم فوجب عليهم أداء حقوقه بالسجود. ومنها لانه لما خلقه الله تعالى تجلى فيه بجميع صفاته فاسجد الله تعالى ملائكته إياه تعظيما وتكريما وإعزازا وإجلالا فانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فسجدوا الا إبليس ابى ان يسجد وذلك لان الله تعالى لما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة الى ونقدس لك كان هذا الكلام منهم نوع اعتراض على الله وجنس غيبة لآدم واظهار فضيلة لانفسهم عليه فاجابهم الله بقوله انى اعلم ما لا تعلمون اى انى أودعت فيه من علم الأسماء واستعداد الخلافة ما لا تعرفون به فله الفضيلة عليكم فاسجدوا له كفارة لاعتراضكم واستغفارا لغيبته وتواضعا لانفسكم فاقر الملائكة واعترفوا بما جرى عليهم من الخطأ وتابوا واستسلموا لاحكام الله تعالى فسجدوا لآدم واما إبليس فقد أصر على ذنب الاعتراض والغيبة والعجب بنفسه ولم يستسلم لاحكام الله وزاد فى الاعتراض والغيبة والعجب فقال انا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين وابى ان يسجد كذا فى التأويلات فَسَجَدُوا تعظيما لامر ربهم وامتثالا له إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد ولم يطرح اردية الكبر ولم يخفص جناحه: وفى المثنوى آنكه آدم را بدن ديد او رميد ... وانكه نور مؤتمن ديد او حميد «1» يقال ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي كما فى القاموس كأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل أَبى السجود وامتنع منه قال فى المفردات الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء فَقُلْنا عقيب ذلك اعتناء بنصحه يا آدَمُ إِنَّ هذا الحقير الذي رأيت ما فعل عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حواء والزوج اسم للفرد بشرط ان يكون معه آخر من جنسه ذكرا كان او أنثى ولعداوته وجوه الاول انه كان حسودا فلما رأى

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 118 إلى 119]

نعم الله على آدم حسده فصار عدوا له وفيه اشارة الى ان كل من حسد أحدا يكون عدو اله ويريد هلاكه ويسعى فى إفساد حاله والثاني انه كان شابا عالما وإبليس شيخا جاهلا لانه اثبت فضيلته بفضيلة أصله وانه جهل والشيخ الجاهل يكون ابدا عدو الشاب العالم زد شيخ شهر طعنه بر اسرار اهل دل ... المرء لا يزال عدوا لما جهل والثالث انه مخلوق من النار وآدم من الماء والتراب وبين أصليهما عداوة فبقيت العداوة فيهما فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ اى لا يكونن سببا لاخراجكما منها فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب والا فالمخرج حقيقة هو الله تعالى وظاهره وان كان نهى إبليس عن الإخراج الا ان المراد نهيهما من ان يكونا بحيث يتسبب الشيطان فى إخراجهما منها بالطريق البرهاني فَتَشْقى جواب للنهى واسناد الشقاء اليه لرعاية الفواصل ولا صالته قال فى المفردات الشقاوة خلاف السعادة وكما ان السعادة ضربان سعادة دنيوية وسعادة اخروية ثم السعادة الدنيوية ثلاثة اضرب سعادة نفسية وبدنية وخارجية كذلك الشقاوة على هذه الأضرب وفى الشقاوة الاخروية قال تعالى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وفى الدنيوية فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى انتهى وقد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت فى كذا كما قال فى القاموس الشقا الشدة والعسر ويمد انتهى. فالمعنى لا تباشر اسباب الخروج فيحصل الشقاء وهو الكد والتعب الدنيوي مثل الحرث والزرع والحصد والطحن والعجن والخبز ونحو ذلك مما لا يخلو الناس عنه فى امر تعيشهم ويؤيده ما بعد الآية قال الكاشفى [فتشقى كه تو در رنج افتى يعنى چون از بهشت بيرون روى بكد يمين وعرق جبين اسباب معاش مهيا بايد كرد] عن سعيد بن جبير اهبط الى آدم ثور احمر فكان يحرث عليه ويمسح الغرق عن جبينه فذلك شقاؤه يقول الفقير الظاهر ان الشيطان بسبب عداوته لا يخلو عن تحريض فعل يكون سببا للخروج فالشقاوة فى الحقيقة متفرعة على مباشرة امر منهى عنه فافهم وفى التأويلات النجمية هى شقاوة البعد عن الحضرة ان لم يرجع الى مقام قربه من جوار الحق بالتوبة والاستغفار وفيه اشارة الى ان العصيان وامتثال الشيطان موجب للاخراج من جنة القلب والهبوط الى ارض البشرية بعد الصعود عنها والعبور عليها إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها لك خبر انّ وان لا تجوع فى محل النصب على الاسمية اى قلنا ان حالك مادمت فى الجنة عدم الجوع إذ النعم كلها حاضرة فيها وَلا تَعْرى من الثياب لان الملبوسات كلها موجودة فى الجنة والعرى الجلد عما يستره وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها اى لا تعطش لان العيون والأنهار جارية على الدوام قال الراغب الظمئ ما بين الشربتين والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك وَلا تَضْحى اى لا يصيبك حر الشمس فى الجنة إذ لا شمس فيها وأهلها فى ظل ممدود يقال ضحى الرجل للشمس بكسر الحاء إذا برز وتعرض لها وان بالفتح مع ما فى حيزها عطف على ان لا تجوع وفصل الظمأ دفعا لتوهم ان نفيهما نعمة واحدة وكذا الحال فى الجمع بين العرى والضحو وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجنة وان كانت باقية وهى جوار الحق لكنها مرتعة من مراتع النفس البهيمية الحيوانية ولها

[سورة طه (20) : الآيات 120 إلى 124]

فيها تمتع من المأكولات والمشروبات والملبوسات والمنكوحات كما كان لها فى المراتع الدنيوية الفانية انتهى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ اى انهى الى آدم وسوسته وابلغ فتعديته بالى باعتبار تضمينه معنى الإنهاء والإبلاغ وإذا قيل وسوس له فمعناه لاجله والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي لاصواتها وهو فعل لازم قال الكاشفى [پس وسوسه كرد بسوى آدم شيطان پس آز انكه ببهشت در آمد وحوارا ديد واز مرك بترسانيد وحوا با آدم باز كفت وآدم از مرك ترسان شده بإبليس كه بصورت پيرى بر ايشان ظاهر شده بود بدو رجوع كرده بود بطريق تضرع از وى علاج مرك طلبيد] قالَ اما بدل من وسوس او استئناف كأنه قيل فماذا قال فى وسوسته فقيل قال يا آدَمُ [علاج اين مرض خوردن ميوه شجره خلد است] هَلْ أَدُلُّكَ [آيا دلالت كنم ترا] عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ اى شجرة من أكل منها خلد ولم يمت أصلا سواء كان على حاله او بان يكون ملكا فاضافها الى الخلد وهو الخلود لانها سببه بزعمه كما قيل لحيزوم فرس الحياة لانها سببها قال الراغب الخلود تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وَمُلْكٍ لا يَبْلى اى لا يزول ولا يختل بوجه من الوجوه: وبالفارسية [كهنه نشود آدم كفت دلالت كن مرا با آن إبليس راهنمون شد آدم وحوارا بشجره منهيه] فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا ظهر ظهورا بينا وكنى عن الفرج بالسوءة لانه يسوء الإنسان انكشافه اى يغمه ويحزنه قال الكاشفى [يعنى لباس جنت از ايشان بريخت وبرهنه شدند] قال ابن عباس انهما عريا عن النور الذي كان الله البسهما إياه حتى بدت فروجهما وقيل كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا فى أطراف الأصابع وقيل كان لباسهما الخلة وعن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ان أباكم آدم كان رجلا طويلا كالنخلة السحوق كثير الشعر موارى العورة فلما واقع الخطيئة بدت سوءته فانطلق فى الجنة هاربا فمر بشجرة فاخذت بناصيته فاجلسته فناداه ربه أفرارا منى يا آدم قال لا يا رب ولكن حياء منك) قال الحصيري بدت لهما ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الأغيار من مكافاة الجناية ما علما ولو بدت للاغيار لقال بدت منهما وَطَفِقا شرعا يقال طفق يفعل كذا اى أخذ وشرع ويستعمل فى الإيجاب دون النفي لا يقال ما طفق يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فى القاموس خصف النعل يخصفها خرزها والورق على بدنه ألزقها واطبقها عليه ورقة ورقة اى يلزقان الورق على سوءاتهما للتستر وهو ورق التين قيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت اصابعمها وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بأكل الشجرة: يعنى [خلاف كرد آدم امر پروردگار خود را در خوردن درخت] يقال عصى عصيانا إذا خرج عن الطاعة وأصله ان يتمنع بعصاه كما فى المفردات فَغَوى ضل عن مطلوبه الذي هو الخلود او عن المأمور به وهو التباعد عن الشجرة فى ضمن ولا تقربا هذه الشجرة او عن الرشد حيث اغتر بقول العدو لان الغى خلاف الرشد واعلم ان

المعصية فعل محرم وقع عن قصد اليه والزلة ليست بمعصية ممن صدرت عنه لانها اسم لفعل حرام غير مقصود فى نفسه للفاعل ولكن وقع عن فعل مباح قصده فاطلاق اسم المعصية على الزلة فى هذه الآية مجاز لان الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر لا من الزلات عندنا وعند بعض الاشعرية لم يعصموا من الصغائر وذكر فى عصمة الأنبياء ليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى قال ابن الشيخ فى حواشيه العصيان ترك الأمر وارتكاب المنهي عنه وهو ان كان عمدا يسمى ذنبا وان كان خطأ يسمى زلة والآية دالة على انه عليه السلام صدرت عنه المعصية والمصنف سماها زلة حيث قال وفى النعي عليه بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم الزلة وزجر بليغ لأولاده عنها انتهى بناء على انه انما ترك الانتهاء عن أكل الشجرة اجتهادا لابان تعمد المعصية ووجه الاجتهاد انه عليه السلام حمل النهى على التنزيه دون التحريم وحمل قوله تعالى هذِهِ الشَّجَرَةَ على شجرة بعينها دون جنسها ومع ذلك الظاهر ان هذه الواقعة انما كانت قبل نبوته وفى الاسئلة المقحمة فان قيل فاذا كان هذا خطأ فى الاجتهاد ومن اجتهد فاخطأ لا يؤخذ به فكيف آخذ آدم بذلك قلنا لم يكن هذا موضع الاجتهاد إذا كان الوحى يتواتر عليه نزوله فكان تفريطه لو اجتهد فى غير الاجتهاد فان قيل فهل اوحى اليه ليعلم ذلك قلنا انقطع عنه الوحى ليقضى الله تعالى ما اراده كما انقطع عن الرسول عليه السلام ثمانية عشر يوما وقت افك عائشة رضى الله عنها ليقضى الله تعالى ما اراده وفى الكبير فان قيل دل هذا على الكبيرة لان العاصي اسم ذم فلا يليق الا بصاحب الكبيرة ولان الغواية ترادف الضلالة وتضاد الرشد ومثله لا يتناول الا المنهمك فى الفسق وأجيب بان المعصية خلاف الأمر والأمر قد يكون بالمندوب ويقال أمرته بشرب الدواء فعصانى فلم يبعد إطلاقه على آدم لا لانه ترك الواجب بل لانه ترك المندوب وفيه ايضا ليس لاحد ان يقول كان آدم عاصيا غاويا لوجوه. الاول قال العتبى يقال للرجل قطع ثوبا وخاطه قد قطعه وخاطه ولا يقال خائط وخياط الا إذا عاود الفعل فكان معروفا به والزلة لم تصدر من آدم إلا مرة فلا تطلق عليه. والثاني ان الزلة ان وقعت قبل النبوة لم يجز بعد ان شرف الله تعالى بالرسالة إطلاقها عليه وان كانت بعد النبوة فكذلك بعد ان تاب كما لا يقال للمسلم التائب انه كافر أو زان او شارب خمر اعتبارا بما قبل إسلامه وتوبته. والثالث ان قولنا عاص وغاو يوهم عصيانه فى الأكثر وغوايته عن معرفة الله والمراد فى القصة ليس ذلك فلا يطلق دفعا للوهم الفاسد. والرابع يجوز من الله ما لا يجوز من غيره كما يجوز للسيد فى ولده وعبده عند المعصية قول مالا يجوز لغيره قال الحسن والله ما عصى الا بنسيان قال جعفر طالع الجنان ونعيمها فنودى عليه الى يوم القيامة وعصى آدم ولو طالعها بقلبه لنودى عليه بالهجران الى ابد الآباد وفى التأويلات النجمية وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بصرف محبته فى طلب شهوات نفسه فَغَوى بصرف الفناء فى الله فى طلب الخلود وملك البقاء فى الجنة انتهى: وفى المثنوى چيست توحيد خدا آموختن ... خويشتن را پيش واحد سوختن كر همى خواهى كه بفروزى چوروز ... هستئ همچون شب خود را بسوز «1»

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن مرد قزوينى بر شانه كاه إلخ

[سورة طه (20) : آية 122]

هستيت در هست آن هستى نواز ... همچومس در كيميا اندر كداز سئل ابن عطاء عن قصة آدم ان الله تعالى نادى عليه بمعصية واحدة وستر على كثير من ذريته فقال ان معصية آدم كانت على بساط القربة فى جوراه ومعصية ذريته فى دار المحنة فزلته اكبر وأعظم من زلتهم ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ اصطفاه وقربه بالحمل على التوبة والتوفيق لها من اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه اى جمعه فَتابَ عَلَيْهِ اى قبل توبته حين تاب هو وزوجته قائلين رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَهَدى اى الى الثبات على التوبة والتمسك بأسباب العصمة وفيه اشارة الى انه لو وكل الى نفسه وغريزته التي جبل عليها ما كانت التوبة من شأنه ولا الرجوع الى الله من برهانه ولكن الله بفضله وكرمه اجتباه وبجذبة العناية رفاه والى حضرة الربوبية هداه وفى الحديث (لو جمع بكاء اهل الدنيا الى بكاء داود لكان بكاؤه اكثر ولو جمع ذلك الى بكاء نوح لكان اكثر) وانما سمى نوحا لنوحه على نفسه (ولو جمع ذلك كله الى بكاء آدم على خطيئته لكان اكثر) : وفى المثنوى خاك غم را سرمه سازم بهر چشم ... تا ز گوهر پر شود دو بحر چشم «1» أشك كان از بهر او بارند خلق ... كوهرست وأشك پندارند خلق تو كه يوسف نيستى يعقوب باش ... همچواو با كريه وآشوب باش «2» پيش يوسف نازش وخوبى مكن ... جز نياز وآه يعقوبى مكن آخر هر كريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست «3» قال وهب لما كثر بكاؤه امره الله بان يقول «لا اله الا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوأ وظلمت نفسى فاغفرلى انك خير الغافرين «فقالها ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فارحمنى وأنت خير الراحمين «ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فتب علىّ انك أنت التواب «قال ابن عباس رضى الله عنهما هن الكلمات التي تلقيها آدم من ربه وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله قال بعض الكبار انه من لطفه وكرمه عاقب آدم فى الدنيا بالمجاهدات الكثيرة بما جرى عليه من المعصية ويعاقب الجمهور فى الآخرة بما جرى عليهم من المعصية فى الدنيا وفى هذا حاصية له لان عقوبة الدنيا أهون وقال مثل الشيطان مثل حية تمشى على وجه الأرض الى رأس كنز وخلفها انسان ليقتلها فلما ضربها وجد تحت ضربه كنزا فصار الكنز له وصارت الحية مقتولة وبلغ الى الامرين العظيمين البلوغ الى المأمول والفلاح من العدو فكذا شأن آدم مع الملعون دله على كنز من كنوز الربوبية غرضه العداوة والضلالة فوصل آدم الى

_ (1) در اواسط دفتر يكم فى معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ (2) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير آيه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (3) لم أجد

[سورة طه (20) : آية 123]

الاجتبائية الابدية بعد الاصطفائية الازلية وبلغ الملعون الى اللعنة الازلية الابدية قال ابن عطاء اسم العصيان مذموم الا ان الاجتباء والاصطفاء منعا ان يلحق آدم اسم المذمة قال الواسطي العصيان لا يؤثر فى الاجتبائية وفى الحديث (احتج آدم وموسى) احتجاجا روحانيا او جسمانيا بان احياهما واجتمعا كما ثبت فى حديث الاسراء انه عليه السلام اجتمع مع الأنبياء وصلى بهم (فقال موسى يا آدم أنت أبونا الذي خيبتنا) اى كنت سببا لخيبتنا عن سكون الجنة من أول الأمر (وأخرجتنا من الجنة بخطيئتك التي خرجت بها منها) قال الحافظ من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين دير خراب آبادم (فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه) اى جعلك كليمه (وخط لك التوراة بيده أتلومني) همزة الاستفهام فيه للانكار (على امر قدره الله علىّ) اى كتبه فى اللوح المحفوظ قبل ان يخلقنى بأربعين سنة المراد منه التكثير لا التحديد فان قيل العاصي منا لو قال هذه معصية قدرها الله علىّ لم يسقط عنه اللوم فكيف أنكر آدم بهذا القول على كونه ملوما قلنا أنكر اللوم من العبد بعد عفو الله عن ذنبه ولهذا قال أتلومني ولم يقل أألام على بناء المجهول او نقول اللوم على المعاصي فى دار التكليف كان للزجر وفى غيرها لا يفيد فيسقط (فحج آدم موسى فحج آدم موسى) كرره للتأكيد يعنى غلب بالحجة على موسى لانه أحال ذلك على علم الله ونبه عليه بانه غفل عن القدر السابق الذي هو الأصل وقصر النظر على السبب اللاحق الذي هو الفرع وزاد فى بعض الروايات (قال آدم بكم وجدت الله كتب لك التوراة قبل ان اخلق قال موسى أربعين عاما قال آدم فهل وجدت فيها وعصى رسول الله عليه السلام فحج آدم موسى) قال الحافظ عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت من اگر نيكم وكر بد تو برو خود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت وقال درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم وقال نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل كفت بكن آن كردم وقال عيبم مكن ز رندى وبد نامى اى حكيم ... كين بود سرنوشت ز ديوان قسمتم وقال من ارچهـ عاشقم ورند ومست ونامه سياه ... هزار شكر كه ياران شهر بي كنهند قالَ الله تعالى لآدم وحواء بعد صدور الزلة اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً اى انزلا من الجنة الى الأرض هذا خطاب العتاب واللوم فى الصورة وخطاب التكميل والتشريف فى المعنى يقال هبط هبوطا إذا نزل قال الراغب الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر قال تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وإذا استعمل فى الإنسان الهبوط فعلى سبيل

[سورة طه (20) : آية 124]

الاستخفاف بخلاف الانزال فان الانزال ذكره الله فى الأشياء التي نبه على شرفها كانزال القرآن والملائكة والمطر وغير ذلك والهبوط ذكره حيث نبه على البغض نحو وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقال فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اى بعض أولادكم عدو لبعض فى امر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب فيكون نظير قوله تعالى فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ اى جعل أولادهما وجمع الخطاب باعتبار انهما اصل الذرية ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض وفى التأويلات النجمية يشير الى انه جعل فيما بينهم العداوة لئلا يكون لهم حبيب الا هو كما قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ ولما اختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء واهبطه الى الأرض معهم للابتلاء وعده بالاهتداء فقال فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يا ذرية آدم وحواء مِنِّي هُدىً كتاب ورسول والأصل فان يأتينكم وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وما هذه مثل لام القسم فى دخول النون المؤكدة معها وانما جئ بكلمة الشك إيذانا بان إتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول ليس بقطعى الوقوع وانه تعالى ان شاء هدى وان شاء ترك لا يجب عليه شىء ولك ان تقول إتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع ابرز فى معرض الشك وأكد حرف الشرط والفعل بالنون دلالة على رجحان جهة الوقوع والتحقق فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ اى فمن آمن بالكتاب وصدق بالرسول فَلا يَضِلُّ فى الدنيا عن طريق الدين القويم مادام حيا وَلا يَشْقى فى الآخرة بالعقاب: يعنى [برنج نيفتد در آخرت وبعقوبت وعذاب مبتلا نشود] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى الكتاب الذاكر لى والرسول الداعي الىّ والذكر يقع على القرآن وغيره من كتب الله كما سبق فَإِنَّ لَهُ فى الدنيا مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا مصدر وصف به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث. والمعنى معيشة ذات ضنك وذلك لان نظره مقصور على اغراض الدنيا وهو يتهالك على ازديادها وخائف من انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب الآخرة مع انه قد يضيق الله عليه بشؤم الكفر ويوسع ببركة الايمان واعلم ان من عقوبة المعصية ضيق المعيشة والرد الى النفس والأجناس والأكوان من ضيق المعيشة وفى التأويلات النجمية الهدى فى الحقيقة نور يقذفه الله فى قلوب أنبيائه وأوليائه ليهتدوا به اليه وفى الصورة العلماء السادة والمشايخ القادة بعد الأنبياء والمرسلين فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بالتسليم والرضى والاسوة الحسنة فَلا يَضِلُّ عن طريق الحق وَلا يَشْقى بالحرمان وحقيقة الهجران وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى عن ملازمة ذكرى فى اتباع هداى اى إذا جاءه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً اى يعذب قلبه بذل الحجاب وسد الباب فان الذكر مفتاح القلوب والاعراض عنه سد بابها ذكر حق مفتاح باشد اى سعيد ... تا نبكشايى در جان بي كليد چون ملك ذكر خدا را كن غذا ... اين بود دائم معاش أوليا وَنَحْشُرُهُ اى المعرض قال فى بحر العلوم الحشر يجئ بمعنى البعث والجمع والاول هو المراد هنا يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فاقد البصر كما فى قوله تعالى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا

[سورة طه (20) : الآيات 125 إلى 130]

وفى عرائس البقلى يعنى جاهلا بوجود الحق كما كان جاهلا فى الدنيا كما قال على رضى الله عنه من لم يعرف الله فى الدنيا لا يعرفه فى الآخرة قالَ استئناف بيانى رَبِّ [اى پروردگار من] لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً اى فى الدنيا قالَ كَذلِكَ اى مثل ذلك فعلت أنت ثم فسر بقوله أَتَتْكَ آياتُنا اى آيات الكتاب او دلائل القدرة وعلامات الوحدة واضحة نيرة بحيث لا تخفى على أحد فَنَسِيتَها اى عميت عنها وتركتها ترك المنسى الذي لا يذكر أصلا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك النسيان الذي كنت فعلته فى الدنيا الْيَوْمَ تُنْسى تترك فى العمى والعذاب جزاء وفاقا لكن لا ابدا كما قيل بل الى ما شاء الله ثم يزيله عنه ليرى اهوال القيامة ويشاهد مقعده من النار ويكون ذلك له عذابا فوق العذاب وكذلك البكم والصمم يزيلهما الله عنهم اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك الجزاء الموافق للجناية نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ فى عصيانه والإسراف مجاوزة الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ اى بالقرآن وسائر المعجزات بل كذبها واعرض عنها وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ على الإطلاق او عذاب النار أَشَدُّ مما نعذبهم به فى الدنيا من ضنك العيش ونحوه وَأَبْقى وأدوم لعدم انقطاعه فمن أراد ان ينجو من عذاب الله وينال ثوابه فعليه ان يصبر على شدائد الدنيا فى طاعة الله ويجتنب المعاصي وشهوات الدنيا فان الجنة قد حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما ورد دعا الله جبريل فارسله الى الجنة فقال انظر إليها والى ما اعددت لاهلها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يدخلها أحد ثم أرسله الى النار فقال انظر إليها وما اعددت لاهلها فرجع اليه فقال وعزتك لا يدخلها أحد يسمع بها فحفت بالشهوات فقال عد إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يبقى أحد الا دخلها- روى- ان اهل النار إذا انتهوا الى ابوابها استقبلتهم الزبانية بالاغلال والسلاسل وتسلك السلسلة فى فبه وتخرج من دبره وتغل يده اليسرى الى عنقه وتدخل يده اليمنى فى فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل ويقرن كل آدمي مع شيطان فى سلسلة ويسحب على وجهه تضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه فى رأسه) فعلى العاقل ان يجتنب اسباب العذاب والعمى ويجتهد ان لا يحشر أعمى وأشد العذاب عذاب القطيعة من الله الوهاب بعد حق باشد عذاب مستهين ... از نعيم قرب عشرت سازهين هر كه نابينا شود از آي هو ... ماند در تاريك مردمهاى او أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ الهمزة للانكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر. والهداية بمعنى التبيين والمفعول محذوف والفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. والقرون جمع قرن وهو القوم

[سورة طه (20) : آية 129]

المقترنون فى زمن واحد. والمعنى اغفلوا فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة إهلاكنا للقرون الاولى او الفاعل الضمير العائد الى الله. والمعنى أفلم يفعل الله لهم الهداية فقوله أهلكنا بيان لتلك الهداية بطريق الالتفات. ومن القرون فى محل النصب على انه وصف لمميزكم اى كم قرنا كائنا من القرون يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ حال من القرون اى وهم فى أمن وتقلب فى ديارهم او من الضمير فى لهم مؤكدا للانكار اى أفلم يهد إهلاكنا للقرون السالفة من اصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين فى مساكنهم مارين بها إذا سافروا الى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع ان ذلك مما يوجب ان يهتدوا الى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل باولئك قال الراغب المشي الانتقال من مكان الى مكان بارادة والسكون ثبوت الشيء بعد تحرك ويستعمل فى الاستيطان نحو سكن فلان مكان كذا اى استوطنه واسم المكان مسكن والجمع مساكن إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى الإهلاك بالعذاب لَآياتٍ كثيرة واضحة الهداية ظاهرة الدلالة على الحق فاذن هو هاد وأي هاد لِأُولِي النُّهى جمع نهية بمعنى العقل اى لذوى العقول الناهية عن القبائح وفيه دلالة على ان مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول: وفى المثنوى پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان «1» تا شنيديم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ اى ولولا الكلمة المتقدمة وهى العدة بتأخير عذاب هذه الامة اى امة الدعوة الى الآخرة لحكمة تقتضيه يعنى ان الكلمة اخبار الله ملائكته وكتبه فى اللوح المحفوظ ان امة محمد وان كذبوا فسيؤخرون ولا يفعل بهم ما يفعل بغيرهم من الاستئصال لعلمه ان فيهم من يؤمن ولو نزل بهم العذاب لعمهم الهلاك لَكانَ عقاب جناياتهم لِزاماً اى لزاما لهؤلاء الكفرة بحيث لا تتأخر جناياتهم ساعة لزوم ما نزل باولئك الغابرين عند التكذيب مصدر لازم وصف به للمبالغة وَأَجَلٌ مُسَمًّى عطف على كلمة والفصل للاشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي اى ولولا أجل مسمى لا عمارهم او لعذابهم وهو يوم القيامة او يوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا واعلم ان الله تعالى حرضهم على الايمان من طريق العبرة والاستدلال رحمة منه تعالى ليعود نفعه إليهم لا له: كما قال فى المثنوى چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحى «2» لا لان اربح عليهم جود تست ... كه شود زو جمله ناقصها درست وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان ادب كردن شير كرك را بجهت بي ادبى او (2) در اواخر دفتر پنجم در بيان مجرم دانستن أياز خود را إلخ

[سورة طه (20) : آية 130]

وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) فعلى العاقل التمسك بكلمة التوحيد حذرا من وقوع الوعيد وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من ذا الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فينبغى للعاقل المكلف ان يتعظ بمواعظ القرآن الكريم ويتقى القادر الحكيم ويجتهد فى الطاعة والانقياد ولا يكون أسوأ من الجماد مع ان الإنسان اشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات عن جعفر طيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلام الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات نسأل الله تليين القلوب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى إذا كان الأمر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والإنكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الأذى قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وقال تعالى وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وَسَبِّحْ ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما أصاب من الغموم والأحزان أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ المراد صلاة الفجر وفى الخبر (ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس أفضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد إسماعيل) خص إسماعيل بالذكر لشرفه وكونه أبا العرب وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وأمعاء واناء بالفتح والمد فَسَبِّحْ فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما

لاختصاصهما بمزيد الفضل فان القلب فيهما اجمع والنفس الى الاستراحة أميل فتكون العبادة فيهما أشق وَأَطْرافَ النَّهارِ امر بالتطوع اجزاء النهار وفى العيون هو بالنصب عطف على ما قبله من الظروف اى سبح فيها وهى صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار لارادة الاختصاص كما فى قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر عند بعض المفسرين وفى الجلالين قبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار صلاة الظهر فى طرف النصف الثاني ويسمى الواحد باسم الجمع وقال الطبري قبل غروبها وهى العصر ومن آناء الليل هى العشاء الآخرة وأطراف النهار الظهر والمغرب لان الظهر فى آخر الطرف الاول من النهار وفى أول الطرف الثاني فكأنها بين طرفين والمغرب فى آخر الطرف الثاني فكانت اطرافا انتهى. وبهذا احتج الشيخ ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة وقد مضى ما يناسب هذه الآية فى اواخر سورة هود وسيأتى فى سورة ق ايضا لَعَلَّكَ تَرْضى متعلق بسبح اى سبح فى هذه الأوقات رجاء ان تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ويسربه قلبك وقال الكاشفى [خوشنودى در أصح اقوال بكرامتي ما شد كه خداى تعالى او را عطا دهد وآن شفاعت امتست ونكته وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى تقويت اين قول ميكند] امت همه جسمند وتويى جان همه ... ايشان همه آن تو وتو آن همه خوشنودئ تو جست خدا در محشر ... خوشنود نه مكر بغفران همه واعلم ان الاشتغال بالتسبيح استنصار من المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق لازالة الألم ولذا كان النبي عليه السلام إذ احزبه امر فزع الى الصلاة وكان آخر ما اوصى به الصلاة وما ملكت ايمانكم والآية جامعة لذكر الصلوات الخمس عن جرير بن عبد الله كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال (انكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامّون فى رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك) الآية قوله لا تضامون بتشديد الميم من الضم اى لا يضم بعضكم بعضا ولا يقول أرنيه بل كل ينفرد برؤيته فالتاء مفتوحة والأصل تتضامون حذفت منه احدى التاءين وروى بتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم فالتاء مضمومة يعنى لا ينالكم ضيم بان يرى بعضكم دون بعض بل تستوون كلكم فى رؤيته تعالى وفى الحديث (ان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولوحبوا) يقال من داوم على الصلوات الخمس فى الجماعة يرفع الله عنه ضيق العيش وعذاب القبر ويعطى كتابه بيمينه ويمر على الصراط كالبرق ويدخل الجنة بغير حساب ومن تهون فى الصلاة فى الجماعة يرفع الله البركة من رزقه وكسبه وينزع سيما الصالحين من وجهه ولا يقبل منه سائر عمله ويكون بغيضا فى قلوب الناس ويقبض روحه عطشان جائعا يشق نزعه ويبتلى فى القبر بشدة مسألة منكر ونكير وظلمة القبر وضيقه وبشدة الحساب وغضب الرب وعقوبة الله فى النار وفى الحديث (أمتي امة مرحومة وانما يدفع الله عنهم البلايا باخلاصهم وصلواتهم ودعائهم وضعفائهم) وعن قتادة ان دانيال النبي عليه السلام نعت امة محمد فقال

[سورة طه (20) : الآيات 131 إلى 135]

يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما اغرقوا ولو صلاها قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح ولو صلاها ثمود ما اخذتهم الصيحة فعلى المؤمن ان لا ينفك عن الصلاة والدعاء والالتجاء الى الله تعالى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اصل المد الجر ومنه المدة للوقت الممتد واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه نحو وأمددناهم بفاكهة ونمد له من العذاب مدا والعين الجارحة بخلاف البصر ولذا قال تعالى فى الحديث القدسي (كنت له سمعا وبصرا) دون اذنا وعينا والمعنى لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل وقال بعضهم مد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه وإعجابا به وتمنيا ان له مثله وفيه دليل على ان النظر الغير الممدود معفو عنه لانه لا يمكن الاحتراز منه وذلك ان يباده الشيء بالنظر ثم يغض الطرف ولما كان النظر الى الزخارف كالمركوز فى الطباع وان من ابصر منها شيأ أحب ان يمد اليه نظره ويملأ عينيه قيل له عليه السلام لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اى لا تفعل ما عليه جبلة البشر قال الكاشفى ابو رافع رضى الله عنه نقل ميكند كه مهمانى نزد پيغمبر آمد ودر خانه چيزى نبود كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود مرا بنزديك يكى از يهود فرستاد وكفت او را بگو كه محمد رسول الله ميكويد كه مهمانى بمنزل ما نزول نموده ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان شرائط ضيافت بتقديم رسد اين مقدار آرد بما بفروش ومعامله كن تا هلال رجب چون وقت برسد بها بفرستم من پيغام به يهودى رسانيدم واو كفت نمى فروشم ومعامله نميكنم مكر آنكه چيزى در كرو من نهيد من با حضرت مراجعت نمودم وصورت حال باز كفتم حضرت فرمود والله انى لامين فى السماء وأمين فى الأرض اگر با من معامله كردى البته حق او را ادا كردمى پس زره خود بمن داد تا نزديك او كرو كردم اين آيت جهت تسليت دل مبارك وى نازل شد وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ وباز مكش نظر چشمهاى خود را يعنى منكر] إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ نفعنا به من زخارف الدنيا ومنه متاع البيت لما ينتفع به واصل المتوع الامتداد والارتفاع يقال منع النهار ومنع النبات ارتفع والمتاع انتفاع ممتد الوقت: والمعنى بالفارسية [بسوى آن چيزى كه برخوردار كردانيديم بدان چيزى] وفى الكبير ألذ ذنابه والامتاع الالذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة ويشم من الريح الطيبة وغير ذلك من الملابس والمناكح أَزْواجاً مِنْهُمْ اى أصنافا من الكفرة كالوثنى والكتابي من اليهود والنصارى وهو مفعول متعنا زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا منصوب بفعل يدل عليه متعنا اى أعطينا زينة الدنيا و؟؟ حتها ونضارتها وحسنها قال الواسطي هذه تسلية للفقراء وتعزية لهم حيث منع خير؟ الخلق؟ عن النظر الى الدنيا على وجه الاستحسان لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ اى لنعاملهم فيما أعطينا معاملة من نبتليهم حتى يستوجبوا العذاب بان نزيد لهم النعمة فيزيدوا كفرا وطغيانا فمن هذه عاقبته فلابد من التنفر عنه فانه عند الامتحان يكرم الرجل او يهان وقد شدد العلماء من اهل التقوى فى وجوب غض البصر عن الظلمة وعدد الفسقة فى ملابسهم ومراكبهم حتى قال الحسن لا تنظروا الى دقدقة هماليج الفسقة

ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرفات وهذا لانهم اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم ومغرلهم على اتخاذها وفى الحديث (ان الدنيا) اى صورتها ومتاعها (حلوة) شيرين (خضرة حسنة فى المنظر تعجب الناظر) وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضرا ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة تفتن الناس بحسنها وطعمها: قال الخجندي جهان وجمله لذاتش بزنبور عسل ماند كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش وفى المثنوى هر كه از ديدار بر خوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «1» وقال الحافظ أزره مرو بعشوه دينى كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود وقال خوش عروسيست جهان از ره صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد (وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله تعالى جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعلمون) اى يتصرفون وعن عيسى بن مريم عليه السلام لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم لها عبيدا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الى عينى البصر والبصيرة وهما عين الرأس وعين القلب واختص النبي عليه السلام بهذا الخطاب واعتز بهذا العتاب لمعنيين أحدهما لانه مخصوص من جميع الأنبياء بالرؤية ورؤية الحق لا تقبل الشرك كما ان اللسان بالتوحيد لا يقبل الشرك والقلب بالذكر لا يقبل الشرك او قال اذكر ربك إذا نسيت اى بعد نسيان ما سواه فكذلك الرؤية لا تقبل الشرك وهو مد العينين إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهو الدنيا والآخرة لكن اكتفى بذكر الواحد عن الثاني والأزواج اهل الدنيا والآخرة اى اغسل عينى ظاهرك وباطنك بماء العزة عن وصمة رؤية الدنيا والآخرة لاستحقاق اكتحالهما بنور جلالنا لرؤية جمالنا وانما متعنا اهل الدارين بهما عزة لحضرة جلالنا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ باشتغالهم بتمتعات الدارين عن الوصول الى كمال رؤية جمالنا قيل قرئ عند الشبلي قدس سره أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ فشهق شهقة وقال مساكين لا يدرون عمن شغلوا حين شغلوا وَرِزْقُ رَبِّكَ اى ما ادخر لك فى الآخرة من الثواب او ما أوتيته من يسير الكفاية مع الطاعة والرزق يقال للعطاء دنيويا كان او أخرويا وللنصيب تارة ولما يوصل الى الجوف ويتغذى به تارة خَيْرٌ لك مما منحهم فى الدنيا لانه مع كونه فى نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه وَأَبْقى فانه لا يكاد ينقطع ابدا قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه زهر در لغت شكوفه است حق سبحانه وتعالى دنيا را شكوفه خواند زيرا كه تر وتازكى او دو سه روزه بيش نباشد در اندك فرصتى پژمرده كردد ونيست شود]

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ

[سورة طه (20) : آية 132]

مال جهان بباغ تنعم شكوفه ايست ... كاول بجلوه دل بربايد ز اهل حال يكهفته نكذرد كه فرو ريزد از درخت ... بر خاك ره شود چوخس وخاك پايمال اهل كمال در دل خود جا چرا دهند ... آنرا كه دميدم ز پى است آفت زوال «1» فعلى العاقل ان يختار الرزق الذي هو الباقي ولا يلتفت الى النعيم الذي هو الفاني ويقنع بما فى يده من القوت الى ان يموت: قال الشيخ سعدى قدس سره كر آزاده بر زمين خسب وبس ... مكن بهر فانى زمين بوس كس نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش خداوند زان بنده خرسند نيست ... كه راضى بقسم خداوند نيست مپندار چون سركه خود خورم ... كه جور خداوند حلوا برم قناعت كن اى نفس بر اندكى ... كه سلطان ودرويش بينى يكى كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار ثم ان الرزق المعتبر غاية الاعتبار ما صار غذاء للروح القدسي من العلم والحكمة والفيض الأزلي والتجلي: وفى المثنوى فهم نان كردى نه حكمت اى رهى ... ز انكه حق كفت كلوا من رزقه رزق حق حكمت به بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشت عاقبت اين دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد كر ز شير ديو تن را وابرى ... در فطام او بسى نعمت خورى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ يعنى كما امرناك بالصلاة فأمر أنت اهل بيتك فان الفقير ينبغى ان يستعين بها على فقره ولا يهتم بامره المعيشة ولا يلتفت الى جانب اهل الغنى وَاصْطَبِرْ عَلَيْها وداوم أنت وهم عليها غير مشتغل بامر المعاش فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الى فاطمة وعلى كل صباح ويقول (الصلاة) كان يفعل ذلك أشهرا قال فى عرائس البقلى الاصطبار مقام المجاهدة والصبر مقام المشاهدة قال ابن عطاء أشد انواع الصبر الاصطبار وهو السكون تحت موارد البلاء بالسر والقلب والصبر بالنفس لا غير لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً اى لا نكلفك ان ترزق نفسك ولا أهلك انما نسألك العبادة نَحْنُ نَرْزُقُكَ وإياهم ففرغ بالك لامر الآخرة فان من كان فى عمل الله كان الله فى عمله وَالْعاقِبَةُ الحميدة وهى الجنة فان إطلاقها يختص بالثواب: وبالفارسة [وسر انجام پسنديده] لِلتَّقْوى اى لاهل التقوى يعنى لك ولمن صدقك لا لاهل الدنيا إذ هي مع الآخرة لا تجتمعان فهو على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه تنبيها على ان ملاك الأمر هو التقوى وهو ذم النفس والجوارح عن جميع ما يقبحه العلم- روى- انه عليه السلام كان إذا أصاب اهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية قال وهب بن منبه ان الحوائج لم تطلب من الله تعالى بمثل الصلاة وكانت الكرب العظام تكشف عن الأولين بالصلاة وقلما نزلت بأحد منهم كرب إلا وكان مفزعه الى الصلاة وقال الله تعالى فى قصة يونس فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال ابن عباس

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي بر مريم إلخ

[سورة طه (20) : الآيات 133 إلى 134]

رضى الله عنهما يعنى من المصلين للبث فى بطنه الى يوم يبعثون يعنى لبقى فى بطن الحوت الى يوم القيامة وعن الشافعي رحمه الله أخذا من هذه الآية لم ار انفع للوباء من التسبيح قال يحيى بن معاذ رحمه الله للعابدين اردية يكسونها من عند الله سداها الصلاة ولحمتها الصوم وصلاة الجسد الفرائض والنوافل وصلاة النفس عروجها من حضيض البشرية الى ذروة الروحانية وخروجها عن أوصافها لدخولها الجنة المشرفة بالاضافة الى الحضرة بقوله فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي وصلاة القلب دوام المراقبة ولزوم المحاضرة كقوله الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وصلاة السر عدم الالتفات الى ما سوى الله تعالى مستغرقا فى بحر المشاهدة كما قال عليه السلام (اعبد الله كأنك تراه) وصلاة الروح فناؤه فى الله وبقاؤه بالله كما قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لانه الفاني عن نفسه الباقي بربه فمن صلى هذه الصلاة أغناه الله عما عند الناس ورزقه مما عنده كما قال تعالى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى ومن هنا كان يقول صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى نيست غير نور آدم را خورش ... جانرا جز آن نباشد پرورش چون خورى يكبار از ان ماكول نور ... خاك ريزى بر سر نان تنور وَقالُوا يعنى كفار قريش لَوْلا هلا يَأْتِينا [چرا نمى آرد محمد براى ما] بِآيَةٍ مما اقترحنا نحن ومن نعتدبه مِنْ رَبِّهِ كموسى وعيسى ليكون علامة لنبوته بلغوا من العناد الى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات من قبيل الآيات حتى اجترءوا على التفوه بهذه الكلمة العظيمة أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى الهمزة لانكار الوقوع والواو للعطف على مقدر والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت او حسية والمراد هنا القرآن الذي فيه بيان للناس وما عبارة عن العقائد الحقية واصول الاحكام التي اجتمعت عليها كافة الرسل. والصحف جمع صحيفة وهى التي يكتب فيها وحروف التهجي صحيفة على حدة مما انزل على آدم والمراد بها التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب السماوية. والمعنى ألم يأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما فى الصحف الاولى اى قد أتاهم آية هى أم الآيات وأعظمها فى باب الاعجاز وهو القرآن الذي فيه بيان ما فى الكتب الالهية وهو شاهد بحقية ما فيها وبصحة ما ينطق به من انباء الأمم من حيث انه غنى باعجازه عما يشهد بحقيته حقيق بإثبات حقية غيره فاشتماله على زبدة ما فيها مع ان الآتي به أمي لم يرها ولم يتعلم ممن علمها اعجاز بين ثم بين انه لا عذر لهم فى ترك الشرائع وسلوك طريق الضلالة بوجه ما فقال وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ فى الدنيا بِعَذابٍ مستأصل مِنْ قَبْلِهِ متعلق باهلكنا اى من قبل إتيان البينة وأصله ولو أهلكناهم أهلكناهم لان لو انما تدخل على الفعل فحذف الفعل الاول احترازا عن العبث لوجود المفسر ثم أبدل من الضمير المتصل وهو الفاعل ضمير منفصل وهو انا لتعذر الاتصال لسقوط ما يتصل به فانا فاعل الفعل المحذوف لا مبتدأ ولا تأكيد إذ لم يعهد حذف المؤكد والعامل مع بقاء التأكيد لَقالُوا يوم القيامة احتجاجا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ [چرا نفرستادى] إِلَيْنا فى الدنيا رَسُولًا مع كتاب فَنَتَّبِعَ آياتِكَ التي أنزلت

[سورة طه (20) : آية 135]

معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بذل الضلالة وعذاب القتل والسبي فى الدنيا كما وقع يوم بدر والذل الهوان وضد الصعوبة وقال الراغب الذل ما كان من قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وقوله تعالى وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ اى كن كالمقهور لهما وَنَخْزى بعذاب الآخرة ودخول النار اليوم: وبالفارسية [ورسوا كنيم در قيامت بدخول در آتش] قال الراغب خزى الرجل لحقه انكسارا ما من نفسه واما من غيره فالذى يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية والذي يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف ومصدره الخزي. والمعنى ولكنا لم نهلكهم قبل إتيانها فانقطعت معذرتهم فعند ذلك اعترفوا وقالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شىء قال فى الاسئلة المقحمة هذا يدل على انه يجب على الله ان يفعل ما هو الأصلح لعباده المكلفين إذ لو لم يفعل لقامت لهم عليه الحجة بان قالوا هلا فعلت بنا ذلك حتى نؤمن والجواب لو كان يجب عليه ما هو الأصلح لهم لما خلقهم فليس فى خلقه إياهم وإرسال الرسل إليهم رعاية الأصلح لهم مع علمه بانهم لا يؤمنون به ولكنه أرسل الرسل وأكد الحجة وسلب التوفيق ولله تعالى ما يشاء بحق المالكية قُلْ لاولئك الكفرة المتمردين كُلٌّ اى كل واحد منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ انتظار الأمر او زواله منتظرا لما يؤول اليه أمرنا وأمركم قال الكاشفى [يعنى شما نكبت ما را چشم ميداريد وما عقوبت شما را] قال فى الكبير كل منا ومنكم منتظر عاقبة امره اما قبل الموت يسبب الجهاد وظهور الدولة والقوة او بعد الموت بالثواب والعقاب وبما يظهر على المحق من انواع كرامة الله وعلى المبطل من انواع اهانته- وروى- ان المشركين قالوا نتربص بمحمد حوادث الدهر فاذا مات تخلصنا فقال تعالى فَتَرَبَّصُوا أنتم فَسَتَعْلَمُونَ عن قريب إذا جاء امر الله مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم. والاصحاب جمع صاحب بمعنى الملازم. والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد وَمَنِ اهْتَدى من الضلال اى أنحن أم أنتم كما قال بعضهم سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار وفيه تهديد شديد لهم قال الكاشفى [مراد حضرت پيغمبرست كه هم راه يافته وهم راه نماينده است] راه دان وراه بين وراه بر ... در حقيقت نيست جز خير البشر وفى الآية اشارة الى المهتدين بالوصول اليه بقطع المنازل والانفصال عما سواه والمنقطعين عنه باتصال غيره كما قال الخجندي وصل ميسر نشود جز بقطع قطع نخست از همه ببريدنست واعلم ان الله تعالى قطع المعذرة بالامهال والإرشاد فلله الحجة البالغة وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (يحتج على الله ثلاثة الهالك فى الفترة يقول لم يأتنى رسول وتلا لولا أرسلت إلينا رسولا والمغلوب على عقله يقول لم تجعل لى عقلا انتفع به ويقول الصغير

تفسير سورة الأنبياء

كنت صغيرا لا اعقل فترفع لهم نار ويقال ادخلوها فيدخلها من كان فى علم الله انه سعيد وينكل عنها من كان فى علمه انه شقى فيقول الله إياي عصيتم فكيف برسلى لو أتوكم) كما فى التفسير الكبير وفى الحديث (لا يقرأ اهل الجنة من القرآن الاسوة طه ويس) كما فى الكشاف تمت سورة طه فى العشرين من شهر ربيع الاول من سنة ست ومائة والف من هجرة من له العز والشرف الجزء السابع عشر من الاجزاء الثلاثين تفسير سورة الأنبياء مائة واثنتا عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ يقال قرب الشيء واقترب إذا دنا وقربت منه ولذا قال فى العيون اللام بمعنى من وهى متعلقة بالفعل وتقديمها على الفاعل للمسارعة الى إدخال الروعة فان نسبة الاقتراب إليهم من أول الأمر مما يسوؤهم ويورثهم رهبة وانزعاجا من المقترب والمراد بالناس المشركون المنكرون للبعث من اهل مكة كما يفصح عنه ما بعده من الغفلة والاعراض ونحوهما. والحساب بمعنى المحاسبة وهو اظهار ما للبعد وما عليه ليجازى على ذلك والمراد باقتراب حسابهم اقترابه فى ضمن اقتراب الساعة وسمى يوم القيامة بيوم الحساب تسمية للزمان بأعظم ما وقع فيه وأشده وقعا فى القلوب فان الحساب هو الكاشف عن حال المرء ومعنى اقترابه لهم تقاربه ودنوه منهم بعد بعده عنهم فانه فى كل ساعة من ساعات الزمان اقرب إليهم من الساعة السابقة مع ان ما مضى اكثر مما بقي وفى الحديث (اما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر الى غروب الشمس) وانما لم يعين الوقت لان كتمانه أصلح كوقت الموت. والمعنى دنا من مشركى قريش وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم السيئة الموجبة للعقاب يعنى القيامة وقال الكاشفى نقلا عن بعض [نزديك شد وقت مؤاخذت وياد داشت ايشان كه قتل وكرفتارئ روز بدرست] يقول الفقير هذا هو الأظهر عندى لان زمان الموت متصل بزمان القيامة فاقتراب وقت مؤاخذتهم بالقتل ونحوه فى حكم اقتراب وقت محاسبتهم بالقيامة ومثله من مات فقد قامت قيامته وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ الغفلة سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ اى والحال انهم فى غفلة تامة من الحساب على النقير والقطمير والتأهب له ساهون عنه بالكلية لا انهم غير مبالين مع اعترافهم بإتيانه بل منكرون له كافرون به مع اقتضاء عقولهم لان الأعمال لا بد لها من الجزاء وإلا لزم التسوية بين المطيع والعاصي وهى بعيدة عن مقتضى الحكمة والعدالة مُعْرِضُونَ عن الايمان والآيات والنذر المنبهة لهم من سنة الغفلة يقال اعرض اى ولى مبديا عرضه اى ناحيته وهما خبران للضمير وحيث

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 2 إلى 3]

كانت الغفلة امرا جبليا لهم جعل الخبر الاول ظرفا مبنا عن الاستقرار بخلاف الاعراض والجملة حال من الناس وفى التأويلات النجمية وإذا نصحهم ناصح واقف على أحوالهم فهم معرضون عن استماع قوله ونصيحته كما قال وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ: قال الشيخ سعدى كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقائق بباران زويد ز سنك وفى العرائس للبقلى ان الله تعالى حذر الجمهور من مناقشته فى الحساب وزجرهم حتى ينتهوا عن رقاد الغفلات وقرب الحساب اقرب من كل شىء منهم لو يعلمون فانه تعالى يحاسب العباد فى كل لمحة ونفس وحسابه أدق من الشعر وأخفى من دبيب النمل على الصفا ولا يعرف ذلك الا المراقبون الذين يحاسبون فى كل نفس وخطوة وهم فى غفلة وفى حجاب عن مشاهدة الله معرضون عن طاعته إذ لا حظ لهم فى الطاعات ولا شرب لهم فى المشاهدات ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم الحساب أكمل تذكير وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر مِنْ رَبِّهِمْ من لابتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم وفيه دلالة على فضله وشرفه وكمال شناعة ما فعلوا به مُحْدَثٍ بالجر صفة لذكر اى محدث تنزيله بحسب اقتضاء الحكمة لتكرره على أسماعهم للتنبيه كى يتعظوا فالمحدث تنزيله فى كل وقت على حسب المصالح وقدر الحاجة لا الكلام الذي هو صفة قديمة ازلية وايضا الموصوف بالإتيان وبانه ذكر هو المركب من الحروف والأصوات وحدوثه مما لا نزاع فيه قالوا القرآن اسم مشترك يطلق على الكلام الأزلي الذي هو صفة الله وهو الكلام النفسي القديم من قال بحدوثه كفر ويطلق ايضا على ما يدل عليه وهو النظم المتلو الحادث من قال بقدمه سجل على كمال جهله إِلَّا اسْتَمَعُوهُ استثناء مفرغ محله النصب على انه حال من مفعول يأتيهم بإضمار قد وَهُمْ يَلْعَبُونَ حال من فاعل استمعوه يقال لعب إذا كان فعل غير قاصد به مقصدا صحيحا لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ حال اخرى يقال لها عنه إذا ذهل وغفل قال الراغب اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه يقال لهوت بكذا ولهيت بكذا اشتغلت عنه بلهو وألهاه عن كذا شغله عما هواهم. والمعنى ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث فى حال من الأحوال الا حال استماعهم إياه لاعبين مستهزئين به لاهين عنه متشاغلين عن التأمل فيه لتناهى غفلتهم وفرط اعراضهم عن النظر فى الأمور والتفكر فى العواقب قدم اللعب على اللهو تنبيها على انهم انما قدموا على اللعب لذهولهم عن الحق فاللعب الذي هو السخرية والاستهزاء نتيجة اللهو الذي هو الغفلة عن الحق والذهول عن التفكر قال بعضهم القلب اللاهي هو المشغول بأحوال الدنيا والغافل عن احوال العقبى قال الواسطي لاهية عن المصادر والموارد والمبدأ والمنتهى يا الهى بجود نامتناهى ... از سوا دور كن دل لاهى وَأَسَرُّوا النَّجْوَى النجوى فى الأصل مصدر: بالفارسية [راز كفتن] ثم جعل اسما من التناجي بمعنى القول الواقع بطريق المسارة اى السر بين اثنين فصاعدا يقال تناجى القوم إذا تسارّوا وتكالموا سرا عن غيرهم قال الراغب ناجيته ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 4 إلى 5]

من الأرض اى المرتفع المنفصل بارتفاعه عما حوله ومعنى اسرارها مع انها لا تكون الا سرا انهم بالغوا فى اخفائها الَّذِينَ ظَلَمُوا على أنفسهم بالشرك والمعصية بدل من واو أسروا منبئ عن كونهم موصوفين بالظلم الفاحش فيما أسروا به كأنه قيل فماذا قالوا فى نجواهم فقيل قالوا هَلْ هذا هل بمعنى النفي اى ما محمد إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لحم ودم مساولكم فى المأكل والمشرب وكل ما يحتاج اليه البشر والموت مقصور على البشرية ليس له وصف الرسالة التي يدعيها والبشر ظاهر الجلد والادمة باطنه عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف والشعر والوبر واستوى فى لفظ البشر الواحد والجمع وخص فى القرآن كل موضع عبر عن الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ حال من فاعل تأتون مقررة للانكار ومؤكدة للاستبعاد اى ما هذا الا من حنسكم وما اتى به يعنون القرآن سحر أتعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الإذعان والقبول وأنتم تعاينون انه سحر قالوه لاعتقادهم ان الرسول لا يكون الا ملكا وان كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر اى الخداع والتخييلات التي لا حقيقة لها قال الامام طعنوا فى نبوته بانه بشر وما اتى به سحر وهو فاسد إذ صحة النبوة تعرف من المعجزة لا من الصورة ولو بعث الملك إليهم لم يعلموا نبوته بصورته بل بالمعجزة فاذا ظهر على يد بشر وجب قبوله لوح صورت بشوى ومعنى جو ... كه صور برك شد معانى بو وانما أسروا ذلك لما كان هذا الحديث منهم على طريق التشاور فيما بينهم والتحاور فى طلب الطريق الى هدم امر النبوة واطفاء الدين وعادة المتشاورين ان يجتهدوا فى كتمان سرهم عن أعدائهم ما أمكن ومنه قول معاذ رفعه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (استعينوا على نجاح الحوائج بالكتمان فان كل ذى نعمة محسود) قالَ الرسول عليه السلام بعد ما اوحى اليه أقوالهم وأحوالهم بيانا لظهور أمرهم وانكشاف سرهم رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ سرا كان او جهرا حال كون ذلك القول فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فضلا عما أسروا به وإذا علم القول علم الفعل وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اى المبالغ فى العلم بالمسموعات والمعلومات التي من جملتها ما أسروه من النجوى فيجازيهم بأقوالهم وأفعالهم بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها كما فى القاموس. والحلم بضم الحاء وسكون اللام الرؤيا وضم اللام ايضا لغة فيه فالاحلام بمعنى المنامات سواء كانت باطلة او حقة وأضيفت الأضغاث بمعنى الأباطيل إليها على طريق اضافة الخاص الى العام اضافة بمعنى من وقد تخص الرؤيا بالمنام الحق والحلم بالمنام الباطل كما فى قوله عليه السلام (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) ثم ان هذا إضراب من جهته تعالى وانتقال من حكاية قول الى آخر اى لم يقتصروا على ان يقولوا فى حقه عليه السلام هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ وفى حق ما ظهر على يده من القرآن الكريم انه سحر بل قالوا تخاليط أحلام اى اخلاط أحلام كاذبة رآها فى المنام بَلِ افْتَراهُ من تلقاء نفسه من غير

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 6 إلى 10]

ان يكون له اصل او شبهه اصل ثم قالوا بَلْ هُوَ شاعِرٌ وما اتى به شعر يخيل الى السامع معانى لا حقيقة لها وهذا شأن المبطل المحجوج متحير لا يزال يتردد بين باطل وأبطل فالاضراب الاول كما ترى من جهته تعالى والثاني والثالث من قبلهم قال الراغب شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمت علما فى الدقة كاصابة الشعر قيل وسمى الشاعر لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر للمختص بصناعته وقوله تعالى حكاية عن الكفار بَلْ هُوَ شاعِرٌ كثير من المفسرين حملوه على انهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا عليه ما جاء فى القرآن من كل لفظة تشبه الموزون من نحو قوله وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ وقوله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وقال بعض المحققين لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك انه ظاهر من هذا الكلام انه ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب وانما رموه بالكذب فان الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سموا الادلة الكاذبة بالشعر ولكون الشعر مقر الكذب. قيل احسن الشعر أكذبه وقال بعض الحكماء لم ير متدين صادق اللهجة مفلقا فى شعره در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد «1» واما قول صاحب المثنوى از كرامات بلند أوليا ... اولا شعرست وآخر كيميا فالمراد به القدرة على إنشاء الكلام الموزون وليس من مقتصاها التكلم فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ جواب شرط محذوف يفصح عنه السياق كأنه قيل وان لم يكن كما قلنا بل كان رسولا من الله فليأتنا بآية جليلة كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ اى مثل الآية التي أرسل بها الأولون كاليد والعصا واحياء الموتى والناقة ونظائرها حتى نؤمن به فما موصولة وعائدها محذوف ومحل الكاف الجر على انها صفة الآية ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ قبل مشركى مكة مِنْ قَرْيَةٍ اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس اى من اهل قرية وهو فى محل الرفع على الفاعلية ومن مزيدة لتأكيد العموم أَهْلَكْناها اى باهلاك أهلها لعدم ايمانهم بعد مجيئ ما اقترحوه من الآيات صفة لقرية أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ الهمزة لانكار الوقوع والفاء للعطف على مقدر. والمعنى انه لم تؤمن امة من الأمم المهلكة عند إعطاء ما اقترحوه من الآيات أهم لم يؤمنوا فهؤلاء يؤمنون لو أجيبوا الى ما سئلوا واعطوا ما اقترحوا مع كونهم أعتى منهم واطغى كما قال تعالى أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يعنى ان كفاركم مثل أولئك الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون فهم فى اقتراح تلك الآيات كالباحث عن حتفه بظلفه: قال حسان بن ثابت رضى الله عنه ولا تك كالشاة التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا وأصله ان رجلا وجد شاة وأراد ذبحها فلم يظفر بسكين وكانت مربوطة فلم تزل تبحث

_ (1) لم أجد فى المثنوى فليراجع

[سورة الأنبياء (21) : آية 7]

برجليها حتى أبرزت سكينا كانت مدفونة فذبحها بها يضرب فى مادة تؤدى صاحبها الى التلف وما يورط الرجل فيه نفسه كهذا المستعمق وفيه تنبيه على ان عدم الإتيان بالمقترح للترحم بهم إذ لو اتى به لم يؤمنوا واستوجبوا عذاب الاستئصال كمن قبلهم وقد سبق وعده تعالى فى حق هذه الامة ان يؤخر عذابهم الى يوم القيامة قال فى التأويلات النجمية والآية وان نزلت فى منكرى البعث من الكفار فهى تعم اكثر مدعى الإسلام فى زماننا هذا فانه لا يحدث الله فى عالم ربانى من اهل الذكر وهم اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته سرا من اسرار القرآن وحقيقة من حقائق العلوم اللدنية الا أسمعه اهل العزة بالله وهم يستهزئون به وينكرونه وينكرون عليه لاهية قلوبهم بمتابعة الهوى متعلقة بشهوات الدنيا ساهية عن ذكر الله غافلة عن طلبه وتناجوا فى السر الذين ظلموا أنفسهم بالإنكار على ان الاسرار يقولون فيه ما يأتيكم به من الكلام المموه وأنتم تبصرون انه مموه كالسحر قل أمرهم الى الله فانه يعلم قول اهل السماء سماء القلوب وقول اهل الأرض النفوس وهو السميع لاقوال اهل القلوب واقوال اهل النفوس وانكارهم العليم بما فى ضمائرهم وبأفعالهم واوصافهم وأوصاف سرائرهم بل قالوا كلام المحققين خيالات فاسدة وقال بعض المنكرين بل اختلقه من نفسه وادي انه من مواهب الحق وقال بعضهم بل هو شاعر اى يقول ما يقول بحذاقة النفس وقوة الطبع والذكاء ثم قال بعضهم لبعض فليأتنا هذا المحق بكرامة ظاهرة كما اتى بها المشايخ المتقدمون ثم قال ما آمنت قبلهم من اهل قرية من المنكرين لما رأوا كرامات اولياء الله فاهلكناهم بالخذلان والابعاد أفهم يصدقون ارباب الحقائق ان رأوا كرامة منهم وهم طبعوا على الإنكار مثل المنكرين الهالكين وفى المثنوى مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «1» تا بيابى بوى خلد از يار من ... چون محمد بوى رحمان از يمن يك مناره در ثناى منكران ... كو درين عالم كه تا باشد نشان «2» منبرى كو كه بر آنجا مخبرى ... ياد آرد روزكار منكرى روى دينار ودرم از نامشان ... تا قيامت ميدهد از حق نشان سكه شاهان همى كردد دكر ... سكه احمد ببين تا مستقر بر رخ نقره ويا روى زرى ... وانما بر سكه نام منكرى هر كه باشد همنشين دوستان ... هست در كلخن ميان بوستان هر كه با دشمن نشيند در زمن ... هست او در بوستان در كولخن «3» اللهم اجعلنا من المجالسين لاهل الودّ والولا واحشرنا معهم بحق الملأ الأعلى وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا جواب لقولهم هل هذا الا بشر مثلكم اى وما أرسلنا الى الأمم قبل ارسالك الى أمتك الا رجالا مخصوصين من افراد الجنس مستأهلين ومثله فى الفارسية [كلمه مرد] نُوحِي إِلَيْهِمْ بواسطة الملك ما نوحى من الشرائع والاحكام وغيرهما من القصص والاخبار كما نوحى إليك من غير فرق بينهما فى حقيقة الوحى وحقيقة مدلوله كما لا فرق بينك وبينهم فى البشرية

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان در آتش رفتن سنى وفلسفى وسوختن فلسفى [.....] (3) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه شخصى كه با شخصى مشورت ميكرد إلخ

[سورة الأنبياء (21) : آية 8]

فمالهم لا يفهمون انك لست بدعا من الرسل وان ما اوحى إليك ليس مخالفا لما اوحى إليهم فيقولون ما يقولون وفى التأويلات النجمية يشير الى انه تعالى يظهر فى كل قرن رجالا بالغين من متابعى الأنبياء ويخصهم بوحي الإلهام كما اظهر فى زمان عيسى عليه السلام الحواريين من متابعيه واوحى إليهم كما قال تعالى وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قد سبق ان الذكر يطلق على الكتب الالهية اى ان كنتم لا تعلمون ما ذكر فاسألوا ايها الكفرة الجهلة اهل الكتاب الواقفين على احوال الرسل السالفة لتزول شبهتكم أمروا بذلك لان اخبار الجم الغفير يوجب العلم لا سيما وهم كانوا يشايعون المشركين فى عداوته عليه السلام ويشاورونهم فى امره وكانوا لا ينكرون كون الرسل بشرا وان أنكروا نبوته عليه السلام- روى- انه قيل للامام الغزالي رحمه الله بماذا حصل لكم الإحاطة بالأصول والفروع فتلا هذه الآية وأشار الى ان السؤال من اسباب العلم وطرائقه وَما جَعَلْناهُمْ اى الرسل جَسَداً الجسد جسم الإنسان والجن والملائكة قال الراغب الجسد كالجسم لكنه أخص فان الجسد ما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء ونصبه على انه مفعول ثان للجعل لا بمعنى جعله جسدا بعد ان لم يكن كذلك كما هو المشهور من معنى التصيير بل بمعنى جعله كذلك ابتداء على طريقة قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ؟؟؟ فة له والطعام البر وما يؤكل والطعم تناول الغذاء اى وما جعلناهم جسدا مستغنيا عن الاكل والشرب بل محتاجا الى ذلك لتحصيل بدل ما يتحلل منه وَما كانُوا خالِدِينَ لان مآل التحلل هو الفناء لا محالة والخلود تبرئ الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والمراد اما المكث المديد كما هو شأن الملائكة او الابدى وهم معتقدون انهم لا يموتون. والمعنى جعلناهم أجسادا متغذية صائرة الى الموت بالآخرة على حسب آجالهم لا ملائكة ولا أجسادا مستغنية عن الاغذية مصونة عن التحلل كالملائكة فلم يكن لها خلود كخلودهم قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الأنبياء والأولياء خلقوا محتاجين الى الطعام بخلاف الملائكة وذلك لا يقدح فى النبوة والولاية بل هو من لوازم أحوالهم وتوابع كمالهم فان لهم فيه فوائد جمة منها ان الطعام للروح الحيواني الذي هو مركب الروح الإنساني كالدهن للسراج وهو منبع جميع الصفات النفسانية الشهوانية وهو مركب الشوق والمحبة التي بها يقطع السالك الصادق مسالك البعاد ويعبر العاشق مهالك الفراق للوصول الى كعبة الوصال. ومنها ان أكل الطعام من نتائج الهوى وهو يميل النفس الى مشتهياتها والسير الى الله بحسب نهى النفس عن الهوى كقوله تعالى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ولذا قال المشايخ لولا الهوى ما سلك أحد طريقا الى الله. ومنها ان كثيرا من علم الأسماء التي علم الله آدم منوط بأكل الطعام مثل علم ذوق المذوقات وعلم التلذذ بالمشتهيات وعلم لذة الشهوة وعلم الجوع وعلم العطش وعلم الشبع والري وعلم هضم الطعام وثقله وعلم الصحة والمرض وعلم الداء والدواء وأمثاله والعلوم التي تتعلق به كعلوم الطب بأجمعها والعلوم التي هى توابعها كمعرفة الادوية والحشائش

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 9 إلى 10]

وخواصها وطباعها وغيرها اقتصرنا على هذا القدر من الفوائد الجمة فافهم جدا- حكى- ان واحدا من الصوفية المتحققين بحقائق تجلى الصمدية لم يأكل طعاما ستة أشهر فالح عليه شيخه بالأكل لما ان الكمال المحمدي فى الإفطار والإمساك والسهر والمنام ونحو ذلك لا فى الرهبانية المذمومة وفى المثنوى هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... ز انكه عفت هست شهوت را كرو «1» بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... هم غزا بر مردكان نتوان نمود پس كلوا از بهر دام شهوتست ... بعد از ان لا تسرفوا آن عفتست چونكه رنج صبر نبود مرترا ... شرط نبود پس فرو نايد جزا حبذا آن شر وشادا آن جزا ... آن جزاى دلنواز جانفزا قال الشافعي رحمه الله اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة. زهد خصى. وتقوى جندى. وامانة امرأة. وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ عطف على مقدر وصدق يتعدى الى الثاني بحرف الجر وهو هنا محذوف كما فى قوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ كأنه قيل أوحينا إليهم ما أوحينا ثم صدقناهم فى الوعد الذي وعدناهم فى تضاعف الوحى باهلاك أعدائهم فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ من المؤمنين وغيرهم ممن تستدعى الحكمة إبقاءه كمن سيؤمن هو او بعض فروعه بالآخرة وهو السر فى حماية العرب من عذاب الاستئصال يقول الفقير هكذا قال إذ الظاهر تخصيص من نشاء بالمؤمنين الآية فى الرسل السالفة مع أممهم وعذابهم كان عذاب استئصال ولم ينج منهم غير المؤمنين فهى كقوله تعالى ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ولما كانت العرب مصونة من عذاب الاستئصال لم يبعد ان يبقى منهم من سيؤمن هو او بعض فروعه كما وقع يوم بدر فافهم وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ اى مجاورين للحد فى الكفر والمعاصي قال الراغب السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ اى والله لقد أنزلنا إليكم يا معشر قريش كِتاباً عظيم الشان نير البرهان فِيهِ ذِكْرُكُمْ موعظتكم بالوعد لترغبوا وتحذروا وليس بسحر ولا شعر ولا أضغاث أحلام ولا مفترى كما تدعون أَفَلا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر اى ألا تتفكرون فلا تعقلون ان الأمر كذلك وقال بعضهم فيه ذكركم اى شرفكم لانه بلغة العرب قال الكاشفى [اين آيت اهل قرآنرا تشريفى تمام وتكريمى مالا كلامست وخبر «اشراف أمتي حملة القرآن» مؤيد ومؤكد اين إجلال وإكرام] والمراد بحملة القرآن ملازموا قراءته كما فى تفسير الفاتحة للفنارى اهل قرآنند اهل الله وبس اندر ايشان كى رسى هى بو الهوس اهل باشد جنس وجنس اين كلام نيست جز مرغى كه پروازد ز دام وفى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) اى خاصته قال ابن مسعود رضى الله عنه لما دنا فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعنا فى بيت أمنا عائشة رضى الله

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در معنى حديث (لا رهبانية فى الإسلام)

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 11 إلى 17]

عنها ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال (مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله تعالى أوصيكم بتقوى الله وطاعته قددنا الفراق وحان المنقلب الى الله والى سدرة المنتهى والى جنة المأوى يغسلنى رجال اهل بيتي ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلونى وكفنونى ضعونى على سريرى فى بيتي هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى على حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا وصلوا علىّ فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا) وقالوا يا رسول الله أنت نور ربنا وشمع جمعنا وسلطان أمرنا إذا ذهبت عنا الى من نرجع فى أمورنا قال (تركتكم على المحجة البيضاء) اى الطريق الواسع الواضح ليلها كنهارها فى الوضوح (وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا) فالناطق القرآن والصامت الموت (فاذا أشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة وإذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الأموات) وعن ابى هريرة رضى الله عنه مرفوعا (من تعلم القرآن فى صغره اختلط القرآن بلحمه ودمه ومن تعلمه فى كبره فهو يتفلت منه ولا يتزكه فله اجره مرتين) وجه الاول انه فى الصغر خال عن الشواغل وما صادف قلبا خاليا يتمكن فيه قال الشاعر أتاني هواها قبل ان اعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا ويدخل فى الثاني من له حصر أو عيّ لان من قرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران اجر لقراءته واجر لمشقته كذا فى شرح المصابيح وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كم خبرية للتكثير محلها النصب على انها مفعول لقصمنا ومن قرية تمييز وفى لفظ القصم الذي هو عبارة عن الكسر بابانة اجراء المكسور وازالة تأليفها بالكلية من الدلالة على قوة الغضب وشدة السخط مالا يخفى كانَتْ ظالِمَةً صفة لقرية بتقدير المضاف اى وكثيرا كسرنا وأهلكنا من اهل قرية كانوا ظالمين بآيات الله كافرين بها كدأبكم يا معشر قريش وَأَنْشَأْنا بَعْدَها اى بعد اهلاكها والإنشاء والاختراع والتكوين والتحليق والإيجاد اسماء مترادفة يراد بها معنى واحد وهو إخراج المعدوم من العدم الى الوجود كما فى بحر العلوم قال الراغب الإنشاء إيجاد الشيء وتربيته واكثر ما يقال ذلك فى الحيوان كما فى هذه الآية قَوْماً آخَرِينَ اى ليسوا منهم نسبا ولا دينا فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا الضمير للاهل المحذوف والبأس الشدة والمكروه والنكاية اى أدركوا عذابنا الشديد إدراكا تاما كأنه ادراك المشاهد المحسوس إِذا هُمْ مِنْها من القرية إذا للمفاجأة وهم مبتدأ خبره قوله يَرْكُضُونَ الركض ضرب الدابة بالرجل للعدو فمتى نسب الى الراكب فهو اعداء مركوبه نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشي فوطئ الأرض والمعنى يهربون مسرعين راكضين دوابهم او مشبهين بهم فى افراط الاسراع لا تَرْكُضُوا اى قيل لهم بلسان الحال او بلسان المقال من الملك لا تركضوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ يقال اترفنه النعمة أطغته واترف فلان أصر على البغي اى الى ما أعطيتموه من العيش الواسع والحال الطيبة حتى بطرتم به فكفرتم وأعرضتم عن المعطى وشكره وَمَساكِنِكُمْ التي تفتخرون بها وفى المثنوى

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 14 إلى 15]

افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «1» لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ تقصدون من جهة الناس للسؤال والتشاور والتدبير فى المهمات والنوازل كما هو عادة الناس مع عظمائهم فى كل قرية لا يزالون يقطعون امرا دونهم قالُوا لما يئسوا من الخلاص بالهرب وأيقنوا بنزول العذاب يا وَيْلَنا يا ويل ويا هلاك تعال فهذا وقتك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى مستوجبين للعذاب وهو اعتراف منهم بالظلم وباستتباعه للعذاب وندمهم عليه حين لم ينفعهم ذلك فَما زالَتْ تِلْكَ اى كلمة الويل وهى يا ويلنا انا كنا ظالمين وهى اسم ما زالت وخبره قوله دَعْواهُمْ اى دعائهم ونداءهم اى رددوها مرة بعد اخرى حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً اى مثل الحصيد وهو المحصود. من الزرع والنبت ولذلك لم يجمع اى لان الفعيل بمعنى المفعول يستوى فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث خامِدِينَ حال من المنصوب فى جعلناهم اى ميتين من خمدت النار إذا أطفئ لهبها ومنه استعير خمدت الحمى اى سكنت حرارتها وزالت شهوة الموت لخمود النار وانطفائها فاطلق عليه الخمود نم اشتق منه خامدين دلت الآية على ان فى الظلم خراب العمران: قال الشيخ سعدى قدس سره بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى وفى الحديث (الظلم ظلمات يوم القيامة) وإذا اظلم القلب عن المعرفة والإخلاص خرب وعلامة خراب القلب عصيان الجوارح وتعديها وميلها الى ما فيه الهلاك وقال بعض اهل التفسير والاخبار ان اهل حضور من قرى اليمن وقيل كانت بأرض الحجاز من ناحية الشام بعث إليهم نبى اسمه موسى بن ميشان كما فى الكشف وقال الامام السهيلي فى التعريف والاعلام اسمه شعيب بن ذى مهرم وقبر شعيب هذا فى اليمن بجبل يقال له ضين قال فى القاموس ضين بالكسر جبل عظيم بصنعاء اهـ وليس شعيب صاحب مدين لان قصة حضور قبل مدّة معدّ جده عليه السلام وبعد مئين من السنين من مدة سليمان عليه السلام وانهم قتلوا نبيهم وقتل اصحاب الرس ايضا فى ذلك التاريخ نبيالهم اسمه حنظلة بن صفوان فاوحى الله تعالى الى ارمياء ان ائت بخت نصر واعلمه انى قد سلطته عليهم وعلى ارض العرب وانى منتقم به منهم واوحى الله الى ارمياء ان احمل معد بن عدنان على البراق الى ارض العراق كيلا يصيبه النقمة والبلاء معهم فانى مستخرج من صلبه نبيا فى آخر الزمان اسمه محمد صلى الله عليه وسلم فحمل معدا وهو ابن اثنى عشر وكان مع بنى إسرائيل الى ان كبر وتزوج امرأة اسمها معانه. ثم ان بخت نصر نهض بالجيوش وكمن للعرب فى مكان وهو أول من اتخذ المكامن فى الحرب فيما زعموا ثم شن الغارات على حضور اى صبها على أهلها من كل وجه فقتل وسبى وخرب العامر ولم يترك بحضور اثرا قال الله تعالى حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ ثم وطئ ارض العرب يمنها وحجازها فاكثر القتل والسبي وخرب وحرق ثم انصرف راجعا الى السواد وإياهم عنى الله بقوله وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وهذه الرواية منقولة عن ابن عباس رضى الله عنهما وظاهر الآية على الكثرة لان كم للتكثير ولعله رضى الله عنه ذكر حضور بانها احدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 16 إلى 17]

وفى الحديث (خمس فى خمس ما نقض العهد قوم الا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما انزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة الا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل الا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة الا منع عنهم القطر) هر چهـ بر تو آيد از ظلمات وغم ... آن زبى شرمى وكستاخيست هم وَما خَلَقْنَا السَّماءَ الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء اى وما أبدعنا السماء التي هى كالقبة المضروبة والخيمة المطنبة وَالْأَرْضَ التي هى كالفراش والبساط وَما بَيْنَهُما من انواع الخلائق واصناف العجائب حال كوننا لاعِبِينَ يقول لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا اى عابثين بل لحكم ومصالح وهى ان تكون مبدأ لوجود الإنسان وسببا لمعاشه ودليلا يقوده الى تحصيل معرفتنا التي هى الغاية القصوى برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكان وكل شىء فهو اما مظهر لطفه تعالى او قهره وفى كل ذرة سر عجيب بنكر بچشم فكر كه از عرش تا بفرش ... در هيچ ذره نيست كه سرى عجيب نيست فان قيل دلت الآية على ان اللعب ليس من فعله وانما هو من افعال اللاعبين لان اللاعب اسم لفاعل اللعب فنفى اسم الموضوع يقتضى نفى الفعل أجيب بان ذلك يبطل بمسألة خلق الداعي والقدرة لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً اى ما يتلهى به ويلعب على انه مصدر بمعنى المفعول يقال لهوت بالشيء لهوا إذا لعبت به قال الكاشفى [چيزى بآن بازي كنند وبرؤية آن مستأنس شوند چون زن وفرزند] وقال الراغب اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ويعبر عن كل ما به استمتاع باللهو قال تعالى لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً وقول من قال أراد باللهو المرأة والولد فتخصيص ببعض ما هو من زينة الحياة الدنيا انتهى يقول الفقير فسره بالمرأة فى تفسير الجلالين المقصور على رواية ابن عباس رضى الله عنهما وبهما فى التأويلات الشيخ نجم الدين قدس سره وهو من أكابر من جمع بين الطرفين ويدل على هذا المعنى قوله تعالى فيما بعد وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ قال الامام الواحدي يستروح بكل واحد منهما اى من المرأة والولد ولهذا يقال لامرأة الرجل وولده ريحانتاه لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا اى من جهة قدرتنا عليه لتعلقها بكل شىء من المقدورات او مما نصطفيه ونختاره مما تشاء من خلقنا من الحور العين او من غيرها قال الواحدي معنى من لدنا من عندنا بحيث لا يظهر لكم ولا تطلعون عليه ولا يجرى لاحد فيه تصرف لان ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ذلك لكن تستحيل أراد تناله لمنافاته الحكمة لا لعدم القدرة على اتخاذه ولا لغيره فيستحيل اتخاذنا له قطعا قال فى التأويلات النجمية جل جلال قدس حضرتنا عن أمثال هذه التدنسات وعز جناب كبريائنا عن انواع هذه الوصمات وقد تنزه عن أمثالها الملائكة المقربون وهم عبادنا المكرمون المخلوقون فالحضر الخالقية اولى بالتنزه عن أمثالها انتهى. وان للشرط على سبيل الفرض والتقدير وجواب ان محذوف لدلالة الجواب المتقدم عليه اى ان كنا فاعلين لا تخذناه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 18 إلى 22]

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ إضراب عن اتخاذ الولد وإرادته كأنه قيل لكنا لا نريده بل شأننا ان تغلب الحق الذي من جملته الجد والايمان والقرآن ونحوها على الباطل الذي من جملته اللهو والكفر والأباطيل الاخر قال الراغب القذف الرمي البعيد ولاعتبار البعد فيه قيل منزل قذف وقذيف وبلدة قذوف طروح بعيدة والباطل نقيض الحق وهو الذي لا ثبات له عند الفحص عنه فَيَدْمَغُهُ فيهلكه ويعدمه قال اهل التفسير انما استعار لذلك اى للتعليب والتسليط وإيراد الحق على الباطل القذف وهو الرمي الشديد المستلزم لصلابة المرمى ولمحوه واعدامه الباطل وهو كسر الشيء الرخو الأجوف وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدى الى زهوق الروح تصويرا لابطاله به فشبه الحق بجرم صلب كالماس او الياقوت مثلا قذف به على جرم رخو أجوف من قزاز او تراب فمحقه وأعدمه قال صاحب المفتاح اصل استعمال القذف والدمغ فى الأجسام ثم استعير القذف لا يراد الحق على الباطل والدمغ لا ذهاب الباطل ومحوه فالمستعار منه حسى والمستعار له عقلى اى ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس عبر عن الصورة المعقولة بما يدل على الهيئة المحسوسة لتتمكن تلك الهيئة المعقولة فى ذهن السامع فضل تمكن فَإِذا هُوَ [پس آنجا او] زاهِقٌ اى ذاهب بالكلية والزهوق ذهاب الروح ويقال زهقت نفسه خرجت من الأسف وفى إذا المفاجأة والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة فى الذهاب والبطلان ما لا يخفى فكأنه زاهق من الأصل وذكره لترشيح المجاز فان ذهاب الروح انما يلائم المستعار منه اى المعنى الأصلي للدمغ فان الدماغ مجمع الحواس وإذا بلغت الشجة اليه يموت الحيوان وفى التأويلات النجمية للحق ثلاث مراتب وكذا للباطل مرتبة افعال الحق ومرتبة صفات الحق ومرتبة ذات الحق تعالى فاما افعال الحق فهى ما امره الله به العباد فبها يدمغ باطل ما نهى الله عنه واما صفات الحق فبتجليها يدمغ باطل صفات العبد واما ذات الحق فاذا تجلى الله بذاته يدمغ باطل جميع الذوات كما قال تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ويدل عليه وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ولعل من قال انا الحق انما قال عند تجلى ذات الحق او صفة حقيته لذاته الباطل إذ زهق باطل ذاته عند مجيئ الحق فاخبر الحق عن ذاته بلسان اتصف بصفة الحق فقال انا الحق: قال المغربي قدس سره ناصر ومنصور ميكويد انا الحق المبين ... بشنو از ناصر كه آن كفتار از منصور نيست وقال الخجندي قدس سره هر كه بدار فنا جبه هستى بسوخت ... رمز سوى الله بخواند سر انا الحق شنود وقال اسرار انا الحق سخن نيك بلندست ... معنى چنين جز بسر دار نيابى وَلَكُمُ الْوَيْلُ قال الأصمعي ويل قبوح وقد يستعمل فى التحسر وويس استصغار وويح ترحم ومن قال ويل واد فى جهنم فانه لم يرد ان ويلا فى اللغة هو موضوع لهذا وانما أراد ان من قال الله تعالى فيه ذلك فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له. والمعنى استقر لكم الهلاك ايها المشركون مِمَّا تَصِفُونَ من تعليلية متعلقة بالاستقرار اى من أجل وصفكم له سبحانه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 19 إلى 20]

بما لا يليق بشأنه الجليل من المرأة والولد ووصف كلامه بانه سحر وأضغاث أحلام ونحو ذلك من الأباطيل وَلَهُ خاصة مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى جميع المخلوقات إيجادا واستعبادا وَمَنْ عِنْدَهُ من عطف الخاص على العام والمراد الملائكة المكرمون المنزلون لكرامتهم عليه منزلة المقربين عند الملوك على طريقة التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على اكثر خلقه لا على الجميع كما زعم ابو بكر الباقلاني وجميع المعتزلة فالمراد بالعندية عندية الشرف لا عندية المكان والجهة وعند وان كان من الظروف المكانية الا انه شبه قرب المكانة والمنزلة بقرب المكان والمسافة فعبر عن المشبه بلفظ المشبه به، قال الكاشفى [يعنى فرشتكان كه مقربان دركاه الوهيت اند وشما ايشانرا مى پرستيد] لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ اى لا يتعظمون عنها ولا يعدون أنفسهم كبيرة بل يتفاخرون بعبوديته فالبشر مع نهاية ضعفهم اولى ان يطيعوه والجملة حال من قوله من عنده. وجعل المولى ابو السعود رحمه الله من عنده مبتدأ ولا يستكبرون خبره وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ولا يكلون ولا يعيون يقال حسرو استحسر إذا تعب وأعيى يعنى ان استفعل بمعنى فعل نحو قر واستقر قال فى المفردات الحسر كشف الملبس عما عليه يقال حسرت عن الذراع والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر والناقة حسير حسر عنها اللحم والقوة والحاسر المعيى لانكشاف قواه ويقال للمعيى حاسر ومحسور اما الحاسر فتصور انه قد حسر بنفسه قواه واما المحسور فتصور ان التعب قد حسره والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه او انحسر قواه من فرط غم أدركه واعياه عن تدارك ما فرط منه يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ كأنه قيل كيف يعبدون فقيل يسبحون الليل والنهار اى ينزهونه فى جميع الأوقات عن وصمة الحدوث وعن الانداد ويعظمونه ويمجدونه دائما لا يَفْتُرُونَ لا يتخلل تسبيحهم فترة طرفة عين بفراغ منه او بشغل آخر لانهم يعيشون كما يعيش الإنسان بالنفس والحوت بالماء. يعنى ان التسبيح بالنسبة الى الملائكة كالتنفس بالنسبة إلينا فكما ان قيامنا وقعودنا وتكلمنا وغير ذلك من أفعالنا لا يشغلنا عن التنفس فكذلك الملائكة لا يشغلهم عن التسبيح شىء من أفعالهم كما قال عبد الله بن الحارث لكعب أليس انهم يؤدون الرسالة ويلعنون من لعنه الله كما قال جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وقال أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ فقال التسبيح لهم كالتنفس لنا فلا يمنعهم عن عمل فان قلت التسبيح واللعن من جنس الكلام فكيف لا يمنع أحدهما الآخر قلنا لا يبعد ان يخلق الله لهم ألسنة كثيرة ببعضها يسبحون وببعضها يلعنون. او المعنى لا يفترون عن العزم على ادائه فى أوقاته كما يقال فلان مواظب على الجماعة لا يفتر عنها فانه لا يراد به دوام الاشتغال بها وانما يراد العزم على أدائها فى أوقاتها كما فى الكبير وعن بعض ارباب الحقائق زالت مشقة التكاليف الشرعية عن اهل الله تعالى لفرط محبتهم إياه سبحانه ولتبدل مجاهدتهم بالحب الإلهي لانه ظهر شرف تلك التكاليف وبهر كونها تجليات الهية يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يقول لا تتيسر حلاوة العبودية الا بعد المعرفة التامة بالله تعالى والشهود الكامل له وذلك لان لذة المناجاة مع السلطان لا يصل إليها السائس

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 21 إلى 22]

فعبادة اهل الحجاب لا تخلو عن فتور وكلفة بخلاف اهل الكشف الإلهي فان العبادة صارت لهم كالعادة لغيرهم فى سهولة المأخذ والقيام بها نسأل الله تعالى ان يخفف عنا الأوزار انه الكريم الغفار قال الراغب الفتور سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة قال تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ اى سكون خال عن مجيئ رسول وقوله تعالى لا يَفْتُرُونَ اى لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة وفى الحديث (لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن فتر الى سنتى فقد نجا والا فقد هلك) فقوله (لكل شرة) فترة) اشارة الى ما قيل للباطل صولة ثم تضمحل وللحق دولة لا تزل وقوله (من فتر الى سنتى اى سكن إليها فالطرف الفاتر فيه ضعف مستحسن والفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة يقال فترته بفترى وشبرته بشبرى انتهى كلام الراغب الاصفهانى فى كتاب المفردات أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً أم منقطعة مقدرة ببل مع الهمزة ومعنى الهمزة انكار الوقوع لا انكار الواقع والضمير للمشركين والمراد بالآلهة الأصنام مِنَ الْأَرْضِ متعلق باتخذوا بمعنى ابتدأوا اتخاذها من الأرض بان صنعوها ونحتوها من بعض الحجارة او من بعض جواهرها كالشبة والصفر ونحوهما والمراد به تحقير المتخذ لا التخصيص هُمْ يُنْشِرُونَ يقال انشره الله أحياه اى يبعثون الموتى والجملة صفة الآلهة وهو الذي يدور عليه الإنكار والتجهيل والتشنيع لا نفس الاتخاذ فانه واقع لا محالة بل اتخذوا آلهة من الأرض هم خاصة مع حقارتهم وجماديتهم ينشرون الموتى كلا فان ما اتخذوها آلهة بمعزل عن ذلك وهم وان لم يقولوا بذلك صريحا فانهم لم يثبتوا الانشار لله تعالى كما قالوا من يحيى العظام وهى رميم فكيف يثبتونه للاصنام لكنهم حيث ادعوا لها الإلهية فكأنهم ادعوا لها الانشار ضرورة انه من الخصائص الالهية حتما لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ تنزيه لنفسه عن الشريك بالنظر العقلي والا بمعنى غير على انها صفة آلهة اى لو كان فى السموات والأرض آلهة غير الله كما هو اعتقادهم الباطل سواء كان الله معهم او لم يكن قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال لو كان فيهما فجعل السموات ظرفا وهو تحديد والجواب لم يرد به معنى الظرف وانما هو كقوله وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ لَفَسَدَتا الفساد خروج الشيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج عنه أم كثيرا ويضاده الصلاح ويستعمل ذلك فى النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة اى لخرجتا عن هذا النظام المشاهد لان كل امر بين الاثنين لا يجرى على نظام واحد والرعية تفسد بتدبير الملكين وحيث انتفى التالي تعين انتفاء المقدم قال فى التأويلات النجمية ان هذه الآلهة لا تخلو اما ان يكون كلهم متساويا فى الالوهية وكمال القدرة او بعضهم كامل وبعضهم ناقص واما ان يكون كلهم ناقصا يحتاج بعضهم الى بعض فى الالهية واما كمالية بعضهم وناقصية بعضهم فهو يقتضى استغناء الكامل عن الناقص فالناقص لا يصلح للالهية واما الناقصون الذين يحتاجون الى اعانة بعضهم لبعض فلا يصلحون للآلهية لانهم محتاجون الى مكمل واحد مستغن عما سواه وهو الله الواحد الأحد الصمد الغنى عما سواه وما سواه محتاج اليه ولو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا لعدم مدبر كامل فى الالهية ولعجز آلهة اخرى فى المدبرية

در دو جهان قادر ويكتا تويى ... جمله ضعيفند وتوانا تويى چون قدمت بانك بر أبلق زند ... جز تو كه يار وكه انا الحق زند فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ اى نزهوه تنزيها عما يصفونه به من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد لان ذلك من صفات الأجسام ولو كان الله جسما لم يفدر على خلق العالم وتدبير امره ولم يكن مبدأ له على ان الجسم مركب ومتحيز وذلك من امارات الحدوث وجواز الوجود وواجب الوجود متعال عن ذلك قال فى التأويلات النجمية نزه الله نفسه عن العجز والاحتياج لغيره فى الالهية واثبت انه خالق العرش الذي هو مصدر فيض الرحمانية الى المكونات لنفى الالهية عن غيره منزها عما يصفون باحتياجه الى العرش او بآلهة اخرى فى الالهية: وفى المثنوى واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالارنى «1» نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى قال بعض الكبار افترى العادلون عن الله الى غيره كالطبائعيين القائلين بان جميع التأثيرات الواقعة انما هى من مقتضيات الطبيعة كديمقراطيس واتباعه والسوفسطائيين المنكرين لجميع الموجودات حتى أنفسهم وانكارهم واما الثنوية اعنى القائلين بالهين اثنين أحدهما مصدر للخيرات والآخر مصدر لشرور فانهم قد لعنوا على لسان اهل الاشراف الكشفى والبرهاني ليس لجسد قلبان ولا لبدن نفسان ولا للسماء شمسان شهد الاخبار بواحد وهو منتهى الأعيان لو حصل شمسان لا نطمست الأركان ابى النظام شمسا اخرى فكيف لا يأبى الها آخر ان كان للقيوم شريك فاين شمسه لانها أكمل النيرات فخالقها أكمل ممن لم يخلق مثلها ومن غيره أكمل منه لا يكون واجبا لذاته لان الوجوب الذاتي من خصائص الكمال التام فحيث لم نجد شمسا اخرى عرفنا انه ليس فى الوجود اله آخر يشهد الله أينما يبدو ... انه لا اله الا هو قال بعض ارباب الحقائق لو كان فى سماء الروحانية وارض البشرية مدبرات مثل العقل فى سماء الروحانية وفى الهوى ارض البشرية غير هداية الله تعالى بواسطة الأنبياء والشرائع لفسدتا كما فسدت بتدبير العقل والهوى سماء الروحانية الفلاسفة والطبائعية والدهرية والإباحية والملاحدة وارض بشريتهم فاما فساد سماء أرواحهم فبان زلت قدمهم عن جادة التوحيد وصراط الوحدانية حتى انبتوا لله الواحد القديم شريكا قديما وهو العالم فلم يقبلوا دعوة الأنبياء ولم يهتدوا بهداية الحق: وفى المثنوى اى ببرده عقل هديه تا اله ... عقل آنجا كمترست از خاك راه «2» واما فساد ارض بشريتهم فبان زلت قدمهم عن جادة العبودية وصراط الشريعة والمتابعة حتى عبدوا طاغوت الهوى والشيطان وآل امر فساد حالهم الى ان قال تعالى فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال الشيخ ابو عثمان المغربي قدس سره من امر السنة على نفسه أخذا وتركا وحبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة فعلى السالك ان يأخذ بالطريق الوسط وهو طريق الكتاب والسنة الموصل الى الجنة والقربة والوصلة ويجتهد فى تحصيل كمال الصدق والإخلاص إذ هو الزاد لاهل الاختصاص نسأل الله الفياض

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه هديه فرستادن بلقيسى إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 23 إلى 28]

الكريم ان يشرفنا بفيضه العميم ويثبتنا على صراطه المستقيم لا يُسْئَلُ الله تعالى عَمَّا يَفْعَلُ ويحكم وَهُمْ اى العباد يُسْئَلُونَ عما يفعلون نقيرا وقطميرا والسؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة والاشارة فان قيل ما معنى السؤال بالنسبة الى الله تعالى قلنا تعريف للقوم وتبكيتهم لا تعريف لله تعالى فانه علام الغيوب فالسؤال كما يكون للاستعلام يكون للتبكيت وانما لا يسأل سؤال انكار ويجوز السؤال عنه على سبيل الاستكشاف والبيان كقوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وعلى سبيل التضرع والحاجة كقوله تعالى حكاية عن الكافر رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قال فى بحر العلوم انما لا يسأل عما يفعل لانه رب مالك علام لا نهاية لعلمه وكل من سواه مربوب مملوك جاهل لا يعلم شيأ الا بتعليم فليس للمملوك الجاهل ان يتعرض على سيده العليم بكل شىء فيما يفعل ويقول لم فعلت وهلا فعلت مثلا وهم يسألون لانهم مملوكان مستعبدون خطاؤن فيقال لهم فى كل شىء فعلوه لم فعلتم واعلم ان الاعتراض شؤم يسخط الرب ويوجب عقابه وسخطه: قال الحافظ مزن ز چون و چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان كفت وبشؤم الاعتراض على الله فى فعله لعن إبليس وكان من مردة الكافرين فانه تعالى لما امره بالسجود قال أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً وبشؤم الاعتراض فى شأن بنى آدم أصاب الملكين هاروت وماروت ما أصابهما فهذا بالاعتراض فى شأن المخلوق فكف بالاعتراض فى شأن الخالق وبالاعتراض على الله والتعمق فى الخوض فى صفاته هلك الهالكون من اهل الأهواء وارباب الآراء تعمقوا فيما لم يتعمق فيه اصحاب رسول الله والتابعون ومن تبعهم من اهل الحق وتكلفوا الخوض فيه فوقعوا فى الشبهات فضلوا وأضلوا ولو لم يتعمقوا لسلموا وقد اتفقت كلمة اهل الحق على ان الاعتراض على الله الملك الحق فى فعله وما يحدثه فى خلقه كفر فلا يجترئ عليه الا كافر وجاهل ضال وكذا الاعتراض على النبي عليه السلام فانه انما يقول عن الحق لا عن الهوى فالاعتراض عليه اعتراض على الحق وفيه الهلاك قال ابو هريرة رضى الله عنه سمعت رسول لله يقول (يا ايها الناس كتب عليكم الحج) فقام عكاشة بن محصر فقال أكل عام يا رسول الله فقال لو (قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتموها لضللتم اسكتوا عنى كما سكت عنكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) فانزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية ومن أشد التشنيع وأقبح الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض الغافلين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام من حيث قال (حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فقلت أما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد من عند الله ثم حصل لى هم وغم فرأيت النبي عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفيناك امره ثم سمعت انه قتل قال الفقهاء من غيره عليه السلام بالميل الى نسائه قاصدا به النقص يقتل قاتله الله تعالى يقول الفقير

[سورة الأنبياء (21) : آية 24]

شب پره ميطلبد بدر تمامت نقصان ... او نداند كه ابد نور تو ظاهر باشد هر كه از روى جدل بر تو سخن ميراند ... بمثل شد اگرش بو على كافر باشد واما الاعتراض على الأولياء والمشايخ من العلماء فانه يحرم الخير ويقطع بركة الصحبة وزيادة العلم يدل على ذلك شأن موسى والخضر عليهما السلام نهاه عن الاعتراض عليه فيما يفعل بقوله (فلا تسألنى عن شىء حتى أحدث لك منه ذكرا) فاعترض عليه فناداه الخضر بالفراق فحرم بركة صحبته وانقطعت بركة الزيادة من علمه والخير الذي جعله الله معه. ومن شؤم الاعتراض ما كان من امر الخوارج اعترضوا على على رضى الله عنه وخرجوا عليه فخرجوا من الدين وصاروا كلاب النار وشر قتلى تحت أديم السماء قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا حظ المعترض فى الدنيا واما حاله فى الآخرة فلا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب اليم فى نار القطعية والهجران: يقول الفقير هين مكن بامر شد كامل جدل ... تا نباشد كمرهى او را بدل أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً الهمزة لانكار الاتخاذ المذكور واستقباحه واستعظامه ومن متعلقة باتخذوا. والمعنى بل اتخذوا متجاوزين إياه تعالى آلهة مع ظهور خلوهم عن خواص الالوهية بالكلية قُلْ لهم بطريق الإلزام والقام الحجر هاتُوا [بياريد] قال فى بحر العلوم هات من اسماء الافعال يقال هات الشيء اى أعطنيه. والمعنى أعطوني بُرْهانَكُمْ حجتكم على ما تدعون من جهة العقل والنقل فانه لا صحة لقول لا دليل عليه فى الأمور الدينية لا سيما فى مثل هذا الشأن الخطير قال الراغب البرهان فعلان مثل الرجحان والبنيان وقال بعضهم هو مصدر بره يبره إذا ابيض انتهى وقد أشار صاحب القاموس الى كليهما حيث قال فى باب النون البرهان بالضم الحجة وبرهن عليه اقام البرهان وفى باب الهاء ابره اتى بالبرهان قال فى المفردات البرهان أوكد الادلة وهو الذي يقتضى الصدق ابدا هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي هذا اشارة الى الموجود بينهم من الكتب الثلاثة القرآن والتوراة والإنجيل فالقرآن ذكر وعظة لمن اتبعه عليه السلام الى يوم القيامة والتوراة والإنجيل ذكر وعظة للامم المتقدمة يعنى راجعوا هذه الكتب الثلاثة هل تجدون فى واحد منها غير الأمر بالتوحيد فهذا برهانى قد أقمته فاقيموا ايضا برهانكم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اثبات الوحدانية بالتحقيق وكشف العيان من خصوصية العلماء المحققين من أمتي الذين هم معى فى سير المقامات وقطع المنازل الى الخضرة كما هو من خصائص الأنبياء من قبلى ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) اى فى صدق طلب الحق بالاعراض عن الكونين والتوجه الى الله تعالى بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ إضراب من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن اى لا يفهمون الحق ولا يميزون بينه وبين الباطل فلا تنجع فيهم المحاجة بإظهار حقية الحق وبطلان الباطل وفى بحر العلوم كأنه قيل بل عندهم ما هو اصل الفساد كله وهو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل فمن ثمة جاء

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 25 إلى 26]

الاعراض ومن هناك ورد الإنكار فَهُمْ لاجل ذلك مُعْرِضُونَ مستمرون على الاعراض عن التوحيد واتباع الرسول واما أقلهم العالمون فلا يقبلونه عنادا وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ اى الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ اى وحدونى ولا تشركوا بي وفيه اشارة الى ان الحكمة فى بعثة جميع الأنبياء والرسل مقصورة على هاتين المصلحتين وهما اثبات وحدانية الله تعالى وتعبده بالإخلاص لتكون فائدة تينك المصلحتين راجعة الى العباد لا الى الله تعالى كما قال (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) : وفى المثنوى چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحي «1» لا لأن اربح عليهم جود تست ... كه شود زو جمله ناقصها درست عفو كن زين ناقصان تن پرست ... عفو از درياى عفو اوليترست واكبر فائدتهما معرفة الله تعالى كما قال تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ اى ليعرفون وهى مختصة بالإنسان دون سائر المخلوقات فانها هى حقيقة الامانة التي قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية يقول الفقير العبادة طريق المعرفة وهى طريق الرؤية فالرؤية أعلى من المعرفة لان العارفين مشتاقون الى منازل اهل الوصال والواصلون لا يشتاقون الى منازل اهل المعرفة والمعرفة يتولد منها التعب والعناء والرؤية يتولد منها السرور والرضى قال بعض العارفين المعرفة الطف والرؤية اشرف والمعرفة أشد والرؤية أكد فعلى السالك ان يجتهد فى تحقيق المعرفة والتوحيد ويصل الى رؤية الحميد المجيد والتوحيد على ثلاث مراتب توحيد اهل البداية وهو لا اله الا هو وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الأجسام. وتوحيد اهل التوسط وهو لا اله الا أنت وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الأرواح. وتوحيد اهل النهاية وهو لا اله الا انا وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الحقيقة والى هذه المرتبة أشار الشيخ المغربي قدس سره بقوله نور هستى جمله ذرات عالم تا ابد ... ميكنند از مغربى چون ماه از مهر اقتباس ومن لطائف الكمال الخجندي قوله طاس بازي بديدم از بغداد ... چون جنيد از سلوكش آگاهى رفت در جبه وقت بازي كفت ... ليس فى جبتى سوى اللهى ثم ان فى الآية اشارة الى ان اكثر الخلق من يدعون الإسلام والتوحيد ولا يميزون الحق من الباطل فيتبعون اهل الشرك والرياء والبدع والهوى والدنيا ولذا قلت عبادتهم بالإخلاص بل انتفى رعاية الشريعة بينهم ولو كان لهم استعداد وجدان الحق لوجدوا اهله اولا ووصلوا بتسليكهم على قدمى الشريعة والطريقة الى المعرفة والحقيقة فانما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول ومن الله الهداية والتوفيق ومنه الوصول الى مقام الصدق والتحقيق وَقالُوا اى حى من خزاعة اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً من الملائكة وادعوا انهم بنات الله وانه تعالى صاهر سروات الجن فولدت له الملائكة قال الراغب الاخذ وضع الشيء وتحصيله وذلك تارة

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان مجرم دانستن أياز خود را إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 27 إلى 28]

بالتناول نحو مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ وتارة بالقهر نحو قوله تعالى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ والاتخاذ افتعال منه فيتعدى الى مفعولين ويجرى مجرى الجعل سُبْحانَهُ اى تنزه بالذات تنزهه اللائق به على ان السبحان مصدر من سبح اى بعد او أسبحه تسبيحه على انه علم للتسبيح وهو مقول على السنة العباد او سبحوه تسبيحه قال فى بحر العلوم ويجوز ان تكون تعجبا من كلمتهم الحمقاء اى ما ابعد من ينعم بجلائل النعم ودقائقها وما أعلاه عما يضاف اليه من اتخاذ الولد والصاحبة والشريك انتهى وقال فى الكشف التنزيه لا ينافى التعجب بَلْ ليست الملائكة كما قالوا بل هم عِبادٌ مخلوقون له تعالى مُكْرَمُونَ مفربون عنده مفضلون على كثير من العباد لا على كلهم والمخلوقية تنافى الولادة لانها تقتضى المناسبة فليسوا باولاد وإكرامهم لا يقتضى كونهم أولادا كما زعموا لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ صفة اخرى لعباد واصل السبق التقدم فى السير ثم تجوز به فى غيره من التقدم اى لا يقولون شيأ حتى يقوله تعالى ويأمرهم به لكمال انقيادهم وطاعتهم كالعبيد المؤدبين قال الكاشفى [يعنى بي دستورئ وى سخن نكويند مراد ازين سخن قطع طمع كافرانست از شفاعت ملائكه يعنى ايشان بي اذن خدا شفاعت نتوانند كرد] وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ اى كما انهم يقولون بامره كذلك يعملون بامره لا بغير امره أصلا فالقصر المستفاد من تقديم الجار معتبر بالنسبة الى غير امره لا الى امر غيره والأمر مصدر أمرته إذا كلفته ان يفعل شيأ وفى الآية اشارة الى ان العباد المكرمين بالتقرب الى الله تعالى والوصول اليه لا يقولون شيأ من تلقاء نفوسهم ولا يفعلون شيأ بإرادتهم بل إذا نطقوا نطقوا بالله وإذا سكتوا سكتوا بالله: يقول الفقير چون وزد باد صبا وقت سحر ... ميشود دريا ز جنبش موجكر موج وتحريك از صبا باشد همين ... نى ز دريا اين خروش آينده هين يَعْلَمُ الله تعالى اى لا يخفى عليه ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما قدموا من الأقوال والأعمال وَما خَلْفَهُمْ وما أخروا منهما وهو الذي ما قالوه وما عملوه بعد فيعلمهم بإحاطته تعالى بذلك ولا يزالون يراقبون أحوالهم فلا يقدمون على قول او عمل بغير امره تعالى فهو تعليل لما قبله وتمهيد لما بعده وَلا يَشْفَعُونَ الشفع ضم الشيء الى مثله والشفاعة الانضمام الى آخر ناصرا له وسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى مرتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة فى القيامة إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ان يشفع له من اهل الايمان مهابة منه تعالى وبالفارسية [مكر كسى كه خداى بشفاعت به پسندد او را] قال ابن عباس رضى الله عنهما الا لمن قال لا اله الا الله فلا دليل فيه للمعتزلة فى نفى الشفاعة عن اصحاب الكبائر قال فى الاسئلة المقحمة هذا دليل على ان لا شفاعة لاهل الكبائر لانه لا يرضى لهم والجواب قد ارتضى العاصي لمعرفته وشهادته وان كان لا يرتضيه لفعله لانه أطاعه من وجوه وان عصاه من وجوه اخر فهو مرتضاه من وجوه الطاعة له ولهذا قال ابن عباس رضى الله عنهما الذي ارتضاهم هم اهل شهادة ان لا اله الا الله: وفى المثنوى

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 29 إلى 33]

كفت پيغمبر كه روز رستخيز ... كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «1» من شفيع عاصيان باشم بجان ... تا رهانم شان زاشكنجه كران عصايان واهل كبائر را بجهد ... وا رهانم از عتاب نقض عهد صالحان امتم خود فارغند ... از شفاعتهاى من روز كزند بلكه ايشانرا شفاعتها بود ... كفتشان چون حكم نافذ مى رود وَهُمْ مع ذلك مِنْ خَشْيَتِهِ اى من خشيتهم منه تعالى فاضيف المصدر الى مفعوله مُشْفِقُونَ مرتعدون [يا از مهابت وعظمت او ترسان] والإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه كما فى المفردات قال ابن الشيخ الخشية والإشفاق متقاربان فى المعنى والفرق بينهما ان المنظور فى الخشية جانب المخشى منه وهو عظمته ومهابته وفى الإشفاق جانب المخشى عليه وهو الاعتناء بشأنه وعدم الامن من ان يصيبه مكروه ثم ان الإشفاق يتعدى بكل واحد من كلمتى من وعلى يقال اشفق عليه فهو مشفق واشفق منه اى حذر فان عدى بمن يكون معنى الخوف فيه اظهر من معنى الاعتناء وان عدى بعلى يكون معنى الاعتناء اظهر من معنى الخوف وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج ساقطا كالحلس من خشية الله تعالى وعنه ايضا ان اسرافيل له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على جناحه وانه ليتضاءل الأحيان حتى يعود مثل الوصع وهو بالسكون ويحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس خوف وخشيت حليه اهل دلست ... أمن وبي پروايى شان غافلست حينئذ وَمَنْ يَقُلْ [وهر كه كويد] مِنْهُمْ اى من الملائكة إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ اى حال كونه متجاوزا إياه تعالى فَذلِكَ الذي فرض قوله فرض محال فهذا لا يدل على انهم قالوه وقال بعضهم هو إبليس حيث ادعى الشركة فى الالوهية ودعا الى عبادة نفسه وفيه انه يلزم ان يكون من الملائكة نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كسائر المجرمين ولا يغنى عنهم ما ذكر من صفاتهم السنية وأفعالهم المرضية وهو تهديد للمشركين بتهديد مدّعى الربوبية ليمتنعوا عن شركهم كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مصدر تشبيهى مؤكد لمضمون ما قبله اى مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزى الذين يضعون الأشياء فى غير مواضعها ويتعدون أطوارهم بالاشراك وادعاء الالهية. والقصر المستفاد من التقديم معتبر بالنسبة الى النقصان دون الزيادة اى لا جزاء انقص منه والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الى انهم خلقوا منزهين عن الاحتياج الى مأكول ومشروب وملبوس ومنكوح وما يدفع عنهم البرد والحر وما ابتلاهم الله بالامراض والعلل والآفات ليسبقوا الله بالقول ويستدعوا منه رفعها وإزالتها والخلاص منها بالتضرع وكذلك ما ابتلاهم الله بطبيعة تخالف أوامر الله تعالى فيمكن منهم خلاف ما يؤمرون وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ نظيره لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ولعمرى انهم وان كانوا

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش

[سورة الأنبياء (21) : آية 30]

مكرمين بهذه الخصال فان بنى آدم فى سر وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ آكد المكرمين منهم بكرامات اكبر منها درجة وارفع منها منزلة وذلك لانهم لما خلقوا محتاجين الى ما لا تحتاج اليه الملائكة أكرموا بالكرامتين اللتين لم تكرم بهما الملائكة فاحداهما الرجوع الى الله مضطرين فيما يحتاجون اليه فاكرموا بكرامة الدعاء ووعدهم عليه الاستجابة بقوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فلهم الشركة مع الملائكة فى قوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الآية لانهم بامره دعوه عند رفع الحاجات ولذلك اثنى عليهم بقوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وقد أعظم امر الدعاء بقوله قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ وهم ممتازون عن الملائكة بكرامة الدعاء والاستجابة وهذه مرتبة الخواص من بنى آدم فى الدعاء. فاما مرتبة أخص الخواص فهى انهم يدعون ربهم لا خوفا ولا طمعا بل محبة منهم وشوقا الى وجهه الكريم كما قال يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وهذه هى الكرامة الثانية التي من نتائج الاحتياج حتى لا يبقى شىء من المخلوقات الا محتاجا بخلاف مخلوق آخر فان لكل مخلوق استعدادا فى الاحتياج يناسب حال جبلته التي جبل عليها فكل مخلوق يفتقر الى خالقه بنوع ما وتفتقر اليه بنوا آدم من جميع الوجوه وهذا هو سر قوله تعالى وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ كما ان ذاته وصفاته استوعبت الغنى كذلك ذواتهم وصفاتهم استوعبت الفقر فاكرمهم الله بعلم اسماء ما كانوا محتاجين اليه كله ورفقهم للسؤال عنه وأنعم عليهم بالاجابة فقال وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وعد ذلك من النعم التي لا نهاية لها وكرامة لا كرامة فوقها بقوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها وبقوله يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ يشير الى انه يعلم ما بين أيدي الملائكة من خجالة قولهم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية فان فيه شائبة نوع من الاعتراض ونوع من الغيبة ونوع من العجب حتى عيرهم الله فيما قالوا وقال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ يعنى اعلم منه استحقاق المسجودية واعلم منكم استحقاق الساجدية له وما خلفهم اى وما يأمرهم بالسجود له والاستغفار لمن فى الأرض يعنى المغتابين من أولاده ليكون كفارة لما صدر منهم فى حقهم وَلا يَشْفَعُونَ فى الاستغفار إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى يعنى الله تبارك وتعالى من اهل المغفرة وهم من خشيته مشفقون اى من خشية الله وسطوة جلاله خائفون ان لا يعفو عنهم ما قالوا او يأخذهم به ومن يقل منهم انى اله من دونه يعنى من الملائكة فذلك نجزيه جهنم يشير الى انه ليس للملك استعداد الاتصاف بصفات الالوهية ولو ادعى هذه المرتبة فجزاؤه جهنم البعد والطرد والتعذيب كما كان حال إبليس وبه يشير الى ان الاتصاف بصفات الالوهية مرتبة بنى آدم كما قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) وقال (عنوان كتاب الله الى أوليائه يوم القيامة من الملك الحي الذي لا يموت الى الملك الحي الذي لا يموت) فافهم جدا كذلك نجزى الظالمين يعنى الذين يضعون الأشياء فى غير موضعها كاهل الرياء والسمعة والشرك الخفي انتهى ما فى التأويلات النجمية أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة لانكار نفى الرؤية وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات والواو للعطف على مقدر والرّؤية قلبية لا بصرية حتى لا يناقض قوله تعالى ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والمعنى ألم يتفكروا او ألم يستفسروا من العلماء او ألم يطالعوا الكتب او ألم يسمعوا الوحى ولم يعلموا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا ثنى الضمير الراجع الى الجمع باعتبار ان المرجع اليه

جماعتان رَتْقاً على حذف المضاف اى ذواتى رتق بمعنى ملتزقتين ومنضمتين لافضاء بينهما ولا فرج فان الرتق هو الضم والالتحام خلقة كان او صنعة فَفَتَقْناهُما الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق اى ففصلنا وفرقنا إحداهما عن الاخرى بالريح وفى الحديث المشهور (أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بنظر الهيبة فذابت وارتعدت من خوف ربها فصارت ماء ثم نظر إليها نظر الرحمة فجمد نصفها فخلق منه العرش وارتعد العرش فكتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن العرش فترى الماء يرتعد الى يوم القيامة) وذلك قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ اى العذب (ثم حصل من تلاطم الماء ادخنة متراكمة بعضها على بعض وزبد فخلق منها السموات والأرض طباقا وكانتا رتقا وخلق الريح فيها ففتق بين طباق السموات وطباق الأرض) كما اخبر بقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وانما خلقها من دخان ولم يخلقها من بخار لان الدخان خلق متماسك الاجزاء يستقر عند منتهاه والبخار يتراجع وذلك من كمال علمه وحكمته (ثم بعد ذلك مد الزبد على وجه الماء ودحاه فصار أرضا بقدرته) وذلك قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [وكفته اند آسمان بسته بود از وى باران نمى آمد وزمين بسته بود ازو كياه نمى رست ما آن را بباران واين را بگياه كشاديم] يعنى فتق السماء وهى أشد الأشياء وأصلبها بألين الأشياء وهو الماء وكذلك فتق الأرض بألين الأشياء وهو النبات مع شدتها وصلابتها فان قيل المفتوقة بالمطر هى سماء الدنيا فما معنى الجمع قلنا جمع السموات لان لها مد خلافى الأمطار إذا لتأثير انما يحصل من جهة العلو واعلم ان الفتق صفة الله تعالى كالعلم والقدرة وغيرهما فهو ازلى والمفتوق حادث بحدوث التعلق كما فى العلم وغيره من الصفات التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فتكون تعلقاتها حادثة. فقول البيضاوي ان الفتق عارض خطأ كما فى بحر العلوم وَجَعَلْنا خلقنا مِنَ الْماءِ الماء جسم سيال قد أحاط حول الأرض كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ اى كل حيوان عرف الماء باللام قصدا الى الجنس اى جعلنا مبدأ كل شىء حى من هذا الجنس اى جنس الماء وهو النطفة كما فى قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ اى كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هى نطفة أبيه المختصة به او كل نوع من انواع الدواب من نوع من انواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدواب يقول الفقير قد فرقوا بين الحي والحيوان بان كل حيوان حى وليس كل حى حيوانا كالملك فالظاهر ما جاء فى بعض الروايات من (ان الله تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء وآدم من تراب خلقه منه والجن من نار خلقها منه) وقال بعضهم يدخل فى الآية النبات والشجر لنمائهما بالماء والحياة قد تطلق على القوة النامية الموجودة فى النبات والحيوان كما فى المفردات ويدل على حياتهما قوله تعالى يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كما فى الكبير أَفَلا يُؤْمِنُونَ [آيا نمى كردند مشركان با وجود اين آيات واضحه] وفى التأويلات النجمية يشير بقوله أَوَلَمْ يَرَ الى فَفَتَقْناهُما الى ان أرواح المؤمنين والكافرين خلقت قبل السموات والأرض كما قال عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) وفى رواية (باربعة آلاف سنة وكان خلق السموات والأرض

[سورة الأنبياء (21) : آية 31]

بمشهد من الأرواح وكانتا شيأ واحدا كما جاء فى الحديث المشهور (أول ما خالق الله جوهرة) ويشير بقوله وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الى انه تعالى خلق حياة كل ذى حياة من الحيوانات من الماء الذي عليه عرشه وذلك ان الجوهرة التي هى مبدأ الموجودات وهى الروح الأعظم خلقت أرواح الإنسان والملك من أعلاها وخلقت أرواح الحيوانات والدواب من أسفلها وهى الماء كما قال وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ وكان ذلك كله بمشهد الأرواح فلذلك قال أَفَلا يُؤْمِنُونَ اى أفلا يؤمنون بما خلقنا بمشهد من أرواحهم انتهى واعلم ان المراد من رؤية الآيات الانتقال منها الى رؤية صانعها رؤية قلبية هى حقيقة الايمان- روى- ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما وقال سلونى عما دون العرش فان ما بين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله فى فمى هذا ما رزقنى رسول الله رزقا فوالذى نفسى بيده لو اذن للتوراة والإنجيل ان يتكلما فاخبرت بما فيهما لصدّقانى على ذلك وكان فى المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لأفضحنه فقام وقال اسأل قال سل تفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك يا علىّ قال ما كنت اعبد ربا لم أره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقيقة الايمان ربى أحد واحد لا شريك له أحد لا ثانى له فرد لا مثل له لا يحويه مكان ولا يداوله زمان ولا يدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس فسقط اليماني مغشيا عليه فلما أفاق قال عاهدت الله ان لا اسأل تعنتا: قال الشيخ المغربي قدس سره نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولو الابصار وقال الخجندي قدس سره بيدار شو آنكه طلب آن روى كه هركز ... در خواب چنين دولت بيدار نيابى أزال الله عنا الغين والغفلة والحجاب وفتح بصائرنا الى جناب جمال المهيمن الوهاب انه رب الأرباب ومسبب الأسباب وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ الأرض جسم غليظ اغلظ ما يكون من الأجسام واقف على مركز العالم مبين لكيفية الجهات الست فالشرق حيث تطلع الشمس والقمر والغرب حيث تغيب والشمال حيث مدار الجدى والجنوب حيث مدار سهيل والفوق ما يلى المحيط والأسفل ما يلى مركز الأرض رَواسِيَ جبالا ثوابت جمع راسى من رسا إذا ثبت ورسخ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ الميد اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض يقال ماد يميد ميدا إذا تحرك ومنه سميت المائدة وهى الطعام والخوان عليه الطعام كما قال الراغب المائدة الطبق الذي عليه الطعام ويقال لكل واحدة منهما مائدة. والمعنى كراهة ان تميل بهم الأرض وتضطرب والظاهر ان الباء للتعدية كما يفهم من قول بعضهم بالفارسية [تا بجنباند زمين آدميان را] قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرض بسطت على وجه الماء فكانت تميد باهلها كما تميد السفينة على الماء فارسلها الله بالجبال الثوابت كما ترسى السفينة بالمرساة وسئل علىّ رضى الله عنه أي الخلق أشد قال أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها يبحث به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى النار والسحاب يحمل الماء والريح يحمل

[سورة الأنبياء (21) : آية 32]

السحاب والإنسان يغلب الريح بالثبات والنوم يغلب الإنسان والهم يغلب النوم والموت يغلب كلها: يقول الفقير نباشد در جهان چون مرك چيزى ... كه غالب شد ترا هر چند عزيزى وفى التأويلات النجمية يشير الى الابدال الذين هم أوتاد الأرض وأطوادها فاهل الأرض بهم يرزقون وبهم يمطرون والابدال قوم بهم يقيم الله الأرض وهم سبعون أربعون بالشام وثلاثون بغيرها لا يموت أحدهم إلا يقام مكانه آخر من سائر الناس وفى الحديث (لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فبهم تسقون وبهم تنصرون مامات منهم أحد الا أبدل الله مكانه آخر) وَجَعَلْنا فِيها فى الأرض او فى الرواسي وعليه اقتصر فى الجلالين لانها المحتاجة الى الطرق فِجاجاً سُبُلًا اى طرقا مسلوكة لان السبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك والفج الشق بين الجبلين لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ارادة ان يهتدوا الى مصالحهم ومهماتهم التي جعلت لهم فى البلاد البعيدة وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً سميت سقفا لانها للارض كالسقف مَحْفُوظاً من الوقوع مع كونها بغير عمد او من الفساد والانحلال الى الوقت المعلوم او من استراق السمع بالشهب وفيه اشارة الى ان سماء قلب العارف محفوظة من وساوس شيطان الانس والجن وكان من دعاء النبي عليه السلام (اللهم اعمر قلبى من وساوس ذكرك واطرد عنى وساوس الشيطان) كما فى آكام المرجان: وفى المثنوى ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز ... چشم نركسرا ازين كركس بدوز «1» وَهُمْ عَنْ آياتِها اى أدلتها الواضحة التي خلقها الله تعالى فيها وجعلها علامات نيرة على وجوده ووحدته وكمال صنعه وعظيم قدرته وباهر حكمته مثل الشمس والقمر والنجوم وغيرها مُعْرِضُونَ لا يتدبرون فيها فيقفون على ما هم عليه من الكفر والضلال يقال اخلاق الابدال عشرة أشياء. سلامة فى الصدر. وسخاوة فى المال. وصدق اللسان. وتواضع النفس. والصبر فى الشدة. والبكاء فى الخلوة. والنصيحة فى الخلق. والرحمة للمؤمنين. والتفكر فى الأشياء. والعبرة فى الأشياء فانظروا الى آثار رحمته وتفكروا فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى تستخرجوا الدر من بحار معرفته- روى- ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال ما يعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت يا داود أتعجبك نفسك وانا على ما انا والله اذكر الله واشكره اكثر مما آتاك الله فالمقصود برؤية الآيات بالحق ذكر الله تعالى عند كل شىء وهى من أوصاف المؤمنين الكاملين واما التعامي والاعراض فحال الكفرة الجاهلين: وفى المثنوى پيش خر خر مهره وكوهر يكيست ... آن أشك را در درو دريا شكيست «2» منكر بحرست وكوهرهاى او ... كى بود حيوان درو پيرايه جو در سر حيوان خدا ننهاده است ... كو بود در بند لعل ودر پرست مر خرانرا هيچ ديدى كوشوار ... كوش هوش خر بود در سبزه زار وفى الآية اشارة الى آيات سماء قلب العارف وهى التجليات الحقية والكلمات الذوقية فاهل

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت سخن واطلاع بر كشف آن. (2) در أوائل دفتر ششم در بيان توكيل كردن حضرت مصطفى عليه السلام ابو بكر را جهت بيع بلال.

[سورة الأنبياء (21) : آية 33]

السلوك الحقيقي يؤمنون بالعلماء بالله وبأحوالهم ومقاماتهم وكلماتهم واما غيرهم فينكرون ويعرضون لانهم يمشون من طريق العقل وينظرون ينظر النقل وقد صح ان العقل ليس له قدم الا فى طريق المعقولات وفوقها المكاشفات فالاهتداء الى الله انما هو باهل الله إذ هم المرشدون الى الفجاج الصحيحة والسبل المستقيمة وعلومهم محفوظة من النسخ والتبديل دنيا وآخرة واما الرسوم فانما تتمشى الى الموت فعلى العاقل ان يعقل نفسه عن هواها ويتفكر فى هداها ويختار للارشاد من هوا عرف بطريق العقل والنقل والكشف فانه قال فى المثنوى رهرو راه طريقت اين بود ... كو باحكام شريعت ميرود ويعرض عمن لا يعرف قدر الشريعة والحكمة فيها فانه عقيم والمرتبط بالعقيم لا يكون الا عقيما نسأل الله تعالى ان يوفقنا للثبات فى اتباع طريقة اهل المكاشفات والمشاهدات فى جميع الحالات وَهُوَ وحده الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ الذي هو ظل الأرض وَالنَّهارَ الذي هو ضوء الشمس وَالشَّمْسَ الذي هو كوكب مضيئ نهارى وَالْقَمَرَ الذي هو كوكب مضئ ليلى اى الله تعالى أوجد هذه الأشياء وأخرجها من العدم الى الوجود دون غيره فله القدرة الكاملة والحكمة الباهرة كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر وهو مبتدأ خبره قوله فِي فَلَكٍ على حدة كما يشهده؟؟؟ وقوله يَسْبَحُونَ حال اى يجرون فى سطح الفلك كالسبح فى الماء فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات ويفهم منه ان الكواكب مرتكزة فى الافلاك ارتكاز فص الخاتم فى الخاتم قال فى شرح التقويم كل واحد من الكواكب مركوز فى فلك مغرق فيه كالكرة المنغمسة فى الماء لا كالسمك فيه والافلاك متحركة بالارادة والكواكب بالعرض وقال بعضهم أخذا بظاهر الآية ان الفلك موج مكفوف من السيلان دون السماء تجرى فيه الشمس والقمر كما تسبح السمكة فى الماء والفلك جسم شفاف محيط بالعالم قال الراغب الفلك مجرى الكواكب وتسميته بذلك لكونه كالفلك وقال محيى السنة الفلك فى كلام العرب كل شىء مستدير جمعه أفلاك ومنه فلكة المغزل قال ابن الشيخ اختلف الناس فى حركات الكواكب والوجوه الممكنة فيها ثلاثة فانه اما ان يكون الفلك ساكنا والكواكب تتحرك فيه كحركة السابح فى الماء الراكد واما ان يكون الفلك متحركا والكواكب تتحرك فيه ايضا مخالفة لجهة حركته او موافقة لها مساوية لحركته فى السرعة والبطء اولا واما ان يكون الفلك متحركا والكواكب ساكنة قال الفلاسفة الرأى الاول باطل لانه يوجب خرق الفلك وهو محال وكذا الرأى الثاني فانه ايضا باطل لعين ما ذكر فلم يبق الا الاحتمال الثالث وهو ان تكون الكواكب مغروزة فى الفلك واقفة فيه والفلك يتحرك فتتحرك الكواكب طبعا لحركة الفلك قال الامام واعلم ان مدار هذا الكلام على امتناع الحرق على الافلاك وهو باطل بل الحق ان الاحتمالات الثلاثة كلها ممكنة والله تعالى قادر على كل الممكنات والذي يدل عليه لفظ القرآن ان تكون الافلاك واقفة والكواكب تكون جارية فيها كما تسبيح السمكة فى الماء واعلم انه لو خلق السماء ولم يخلق الشمس والقمر

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 34 إلى 39]

ليظهر بهما الليل والنهار وسائر المنافع بتعاقب الحر والبرد لم تتكامل نعمه على عباده وانما تتكامل بحركاتها فى أفلاكها ولهذا قال كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ واحتج ابو على بن سينا على كون الكواكب احياء ناطقة بقوله يَسْبَحُونَ وبقوله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قال الجمع بالواو والنون لا يكون الا للاحياء العاقلين والجواب انه لما أسند إليهن ما هو من افعال العقلاء وهو السباحة والسجود نزلن منزلة العقلاء فعبر عنهن بضمير العقلاء ومثله ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ قال بعض اهل الحقيقة الاجرام الفلكية هى الأجسام فوق العناصر من الافلاك والكواكب ومحركاتها اى مبادى حركاتها بالحركة الارادية على الاستدارة جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها وأنفسها متعلقة بالأفلاك فى حركاتها لتكون تلك الجواهر مبادى تحريكاتها ويقال لتلك الجواهر المجردة النفوس الناطقة الفلكية فان قلت فعلى هذا لا يكون الناطق فصلا للانسان قلت المراد بالنطق ما يجرى على اللسان وفيه نظر لانه يرد النقض بالملك والجن والببغاء والجواب الحق هو ما يجرى على الجنان ما لا يجرى على اللسان وليس لهم جنان حتى يجرى عليه الشيء قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه نزد اهل اشارت شب وروز نشان قبض وبسط عارفانست كاه يكى را بقبضه قبض كيرد تا سلطان جلال دمار از نهاد او بر آرد وكاه يكى را بر بساط بسط فشاند تا ميزبان جمال او را از خوان نوال نواله اقبال دهد وآفتاب نشانه صاحب توحيد است بنعمت تمكين در حضرت شهود آراسته نه فزايد ونه كاهد لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وقمر نشانه اهل تلوين است كاه در كاهش بود وكاه در افزايش زمانى بظهور نور برق وحدت در محاق نيستى افتد وساعتى ببروز رموز جامعيت بمرتبه بدريت رسد كوييا در كلام حقائق انجام حضرت قاسم الأنوار قدس سره اشارتى بدين معنى هست ز بيم سوز هجرانت ز مو باريكتر كردم ... چوروز وصل ياد آرم شوم در حال از آن فربه وحضرت پير رومى قدس سره ميفرمايد چون روى برتابى ز من كردم هلالى ممتهن ... ور روئ سوئ من كنى چون بدر بي نقصان شوم تو آفتابى من چومه گرد تو كردم روز وشب ... كه در محاق افتم ز تو كه شمع نور افشان شوم وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ البشر والبشرة ظاهر الجلد وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوابر والخلد تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي عليها نزلت حين قال المشركون نتربص به ريب المنون: يعنى [انتظار مى بريم كرد باد حوادث بر آمد وياران حضرت محمد عليه السلام متفرق ساخته او را در ورطه هلاك اندازد] والريب ما يريبك من المكاره والمنون الموت اى ننتظر به ان تصيبه مكاره وحوادث تؤديه الى الموت فريب المنون الحوادث المهلكة من حوادث الدهر. والمعنى وما جعلنا لفرد من افراد الإنسان من قبلك يا محمد دوام البقاء فى الدنيا اى ليس من سنتنا ان نخلد آدميا فى الدنيا وان كنا قادرين على تخليده فلا أحد الا وهو عرضة للموت فاذا كان الأمر كذلك أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ فى الدنيا بقدرتنا لابل

[سورة الأنبياء (21) : آية 35]

أنت وهم ميتون كما هو من سنتنا دليله قوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وبالفارسية [پس ايشان يعنى منتظران مرك تو با بندگان خواهند بودى] والهمزة فى المعنى داخلة على الخلود كأنه قيل فاذا مت أنت أيبقى هؤلاء المشركون حتى يشمتون بموتك كما قال الشاعر فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلق الشامتون كما لقينا وقال الشيخ سعدى قدس سره مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دوران پس از وى نماند بسى فالمراد بانكار الخلود ونفيه انكار الشماتة التي كان الخلود مدارا لها وجودا وعدما قال فى بحر العلوم المراد بالخلود المكث الطويل سواء كان معه دوام أم لا وجيئ بالشرطية التي لا تقتضى تحقق الطرفين فلم يوصف عليه السلام بالموت قبلهم بل فرض موته قبلهم كما يفرض المحال وذلك لما علم الله تعالى انهم يموتون قبله وانه يبقى بعدهم بمدة مديدة كما يشهده وقعة بدر يقول الفقير ان الوزير مصطفى الشهير بابن كوپريلى أقصى حضرة شيخى وسندى قدس سره الى جزيرة قبرس لما عليه العوام من الأغراض الفاسدة فحين زيارتى له سمعته عند السحر وهو يكرر هذه الآية فمات الوزير قبله قال الامام ويحتمل انه لما كان خاتم الأنبياء قدر انه لا يموت إذ لو مات لتغير شرعه فنبه على ان حاله كحال غيره فى الموت. واستدل بالآية من قال بان الخضر مات وليس بحي فى الدنيا مع ان المشايخ باسرهم وكثيرا من العلماء قائلون بانه حى حتى اخبر بعضهم برؤيته إياه ومكالمته معه والله اعلم وان صح ذلك فيكون من العام المخصوص واعلم ان ما يدل على ان الخضر كان حيا فى عهد النبي عليه السلام ما ذكر فى صحيح المستدرك من انه عليه السلام لما توفى عزتهم الملائكة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان فى الله عزاء فى كل مصيبة وخلفا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فانما المحروم من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودخل رجل اشهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى ثم التفت الى الصحابة فقال ان فى الله عزاء فى كل مصيبة وعوضا عن كل فائت وخلفا من كل هالك فالى الله فانيبوا والى الله فارغبوا ونظره إليكم فى البلاء فانظروا فانما المصاب من لم يجبر وانصرف فقال أبو بكر وعلى رضى الله عنهما هذا الخضر عليه السلام كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ برهان على ما ذكر من خلودهم والمراد النفس الناطقة التي هى الروح الإنساني وموتها عبارة عن مفارقتها جسدها اى ذائقة مرارة المفارقة والذوق هذا لا يمكن اجراؤه على ظاهره لان الموت ليس من المطعوم حتى يذاق بل الذوق ادراك خاص فيجوز جعله مجازا عن اصل الإدراك والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وباصطلاح اهل الحق قمع هوى النفس فمن مات عن هواه فقد حيى قال الراغب انواع الموت بحسب انواع الحياة الاول ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة فى الإنسان والحيوانات والنبات نحو اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها والثاني زوال القوة الحساسة نحو وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا والثالث زوال القوة العاقلة وهى الجهالة نحو إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى والرابع الحزن المكدر للحياة

نحو وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ والخامس المنام فقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وعلى هذا النحو سماه الله تعالى توفيا فقال وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وقوله كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ عبارة عن زوال القوة الحيوانية وابانة الروح عن الجسد انتهى باجمال وفى التعريفات النفس هى الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الارادية وسماه الحكيم الروح الحيواني فهى جوهر مشرق للبدن فعند الموت ينقطع ضوؤه عن ظاهر البدن وباطنه فالنوم والموت من جنس واحد لان الموت هو الانقطاع الكلى والنوم هو الانقطاع الناقص والحاصل انه ان لم ينقطع ضوء جوهر النفس عن ظاهر البدن وباطنه فهو اليقظة وان انقطع عن ظاهره دون باطنه فهو النوم او بالكلية فهو الموت يقول الفقير يفهم منه ان الموت انقطاع ضوء الروح الحيواني عن ظاهر البدن وباطنه وهذا الروح غير الروح الإنساني الذي يقال له النفس الناطقة إذ هو جوهر مجرد عن المادة فى ذاته مقارن لها فى فعلها ويؤيده ما فى انسان العيون من ان الروح عند اكثر اهل السنة جسم لطيف مغاير للاجسام. ماهية وهيئة متصرف فى البدن حال فيه حلول الدهن فى الزيتون يعبر عنه بانا وأنت وإذا فارق البدن مات وقول بعض الروحانيين ايضا ان الله تعالى جمع فى طينة الإنسان الروح الملكي النورانى العلوي الباقي ليصير مسبحا ومقدسا كالملك باقيا بعد المفارقة والروح الحيواني الظلالى السفلى الفاني ليقبل الفناء الذي يعبر عنه بالموت وقول بعضهم ايضا ذكر النفوس لا القلوب والأرواح لانها تتجلى حياة الحق لها فاذا انسلخت الأرواح من الأشباح انهدمت جنابذ الهياكل ورجعت الأرواح الى معادن الغيب ومشاهدة الرب قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض تحريرانه اعلم ان الروح من حيث جوهريته وتجرده وكونه من عالم الأرواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سارى فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهل النظر بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الأشياء وان الأشياء من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن وانه من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره لان الروح رب بدنه ويتحقق له ما ذكرنا وهو الهادي الى العلم والفهم انتهى كلام الشيخ قدس سره وهو العمدة فى الباب فظهر ان اطلاق النفس على الروح الإنساني انما هو لتعينه بتعين الروح الحيواني فهو المفارق فى الحقيقة فافهم جدا قال الجنيد قدس سره من كان بين طرفى فناء فهو فان ومن كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهى الحياة فى الحقيقة قال بعضهم ظهور الكرامة من الأولياء انما هو بعد الموت الاختياري اى بوجوده لا بفقده فالموت لا ينافى الكرامة فالاولياء يظهرونها بعد وفاتهم الصورية ايضا كذا فى كشف النور: قال الصائب

مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست وفى عمدة الاعتقاد للنسفى كل مؤمن بعد موته مؤمن حقيقة كما فى حال نومه وكذا الرسل والأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم رسل والأنبياء حقيقة لان المتصف بالنبوة والايمان الروح وهو لا يتغير بالموت انتهى. وإذ قد عرفت ان المراد بالنفس هى الروح لا معنى الذات فلا يرد ان لله نفسا كما قال تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ مع ان الموت لا يجوز عليه وكذا الجمادات لها نفس وهى لا تموت وفى الحديث (آجال البهائم كلها والخشاش والدواب كلها فى التسبيح فاذا انقضى تسبيحها أخذ الله أرواحها وليس الى ملك الموت من ذلك شىء) وفى الحديث (لا تضربوا اماءكم على كسر انائكم فان لها آجالا كاجالكم- روى) - عن عائشة رضى الله عنها انها قالت استأذن أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله وقدمات وسجى عليه الثوب فكشف عن وجهه ووضع فمه بين عينيه ووضع يديه بين صدغيه وقال وا نبياه وا خليلاه وا صفياه صدق الله ورسوله وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثم خرج الى الناس فخطب وقال فى خطبته من كان يعبد محمدا فان محمدا قدمات ومن كان يعبد ربه فان رب محمد حى لا يموت ثم قرأ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ الآية قال الكاشفى [هر كه قدم از دروازه عدم بفضاى صحراى وجود نهاده بضرورت شربت فنا خواهد نوشيد ولباس ممات ووفات خواهد پوشيد] هر كه آمد بجهان اهل فنا خواهد بود ... وانكه پاينده وباقيست خدا خواهد بود وَنَبْلُوكُمْ اى نعاملكم ايها الناس معاملة من يبلوكم ويختبركم كما قال الامام انما سمى ابتلاء وهو عالم بما سيكون لانه فى صورة الاختبار بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ بالبلايا والنعم كالفقر والألم والشدة والغنى واللذة والسرور هل تصبرون وتشكرون اولا وقال بعضهم بالقهر واللطف والفراق والوصال والإقبال والأدبار والمحنة والعافية والجهل والعلم والنكرة والمعرفة قال سهل نبلوكم بالشر وهو متابعة النفس والهوى بغير هدى والخير العصمة من المعصية والمعونة على الطاعة فِتْنَةً اى بلاء واختبارا فهو مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه واصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته وعن ابى امامة رضى الله عنه قال قال النبي عليه السلام (ان الله يجرب أحدكم بالبلاء كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنه ما يخرج كالذهب فذاك الذي افتتن) : قال الحافظ خوش بود كر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد : وقال الخجندي نقد قلب وسره عالم را ... عشق ضراب ومحبت محكست قال الراغب يقال بلى الثوب بلى اى خلق وبلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له وسمى الغم بلاء من حيث انه يبلى الجسم ويسمى التكليف بلاء من أوجه. الاول ان التكاليف كلها مشاق على الأبدان فصارت من هذا الوجه بلاء. والثاني انها اختبارات

[سورة الأنبياء (21) : آية 36]

والثالث ان اختبار الله تعالى تارة بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا فصارت المحنة والمنحة جميعا بلاء فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر فصارت المنحة أعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى الله عنه «بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نشكر» ولهذا قال امير المؤمنين رضى الله عنه «من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله» وإذا قيل ابتلى فلانا بكذا وبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذ كان الله علام الغيوب وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ لا الى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فنجازيكم على ما وجد منكم من الخير والشر فهو وعد ووعيد وفيه ايماء الى ان المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاء والتعرض للثواب والعقاب واعلم ان المجازاة لا تسعها دار التكليف فلا بد من دار اخرى لا يصار إليها الا بالموت والنشور فلا بد لكل نفس من ان تموت ثم تبعث قال بعضهم فائدة حالة المفارقة رفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام وفائدة حالة الاعادة حصول التنعمات الاخروية التي أعدت لعباد الله الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ الى انا نبلوكم بالمكروهات التي تسمونها شرا وهى الخوف والجوع والنقص من الأموال والأنفس والثمرات وان فيها موت النفس وحياة القلب ونبلوكم بالمحبوبات التي تسمونها الخير وهى الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وفيها حياة النفس وموت القلب وكلتا الحالتين ابتلاء فمن صبر على موت النفس عن صفاتها بالمكروهات وعن الشهوات فله البشارة بحياة القلب واطمئنان النفس وله استحقاق الرجوع الى ربه بجذبة ارجعي الى ربك باللطف كما قال وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ فبصير ما يحسبه شرا خيرا كما قال له تعالى وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ومن لم يصبر على المكروهات وعن الشهوات المحبوبات ولم يشكر عليها بأداء حقوق الله فيها فله العذاب الشديد من كفران النعمة ويصير ما يحسبه خيرا شرا له كما قال تعالى وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ فيرجع الى الله بالقهر فى السلاسل والاغلال انتهى فعلى العاقل الصبر على الفقر ونحوه مما يعد مكروها عند النفس: قال الحافظ درين بازار كر سوديست با درويش خرسندست ... الهى منعمم گردان بدرويشى وخرسندى وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى المشركون نزلت حين مر النبي عليه السلام بابى جهل فضحك وقال لمن معه من صناديد العرب هذا نبى عبد مناف كالمستهزئ به إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً الهزؤ مزح فى خفية اى لا يفعلون بك الا اتخاذك مهزوا به: يعنى [كسى كه با او استهزاء كنند مراد آنست كه ايشان ترا با استهزاء پيغمبر خوانند] على معنى قصر معاملتهم معه على اتخاذهم إياه هزؤا لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هزؤا كما هو المتبادر أَهذَا الَّذِي على ارادة القول: يعنى] با يكديكر كفتند اين كس است كه پيوسته] يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ

[سورة الأنبياء (21) : آية 37]

أصنامكم بسوء اى يبطل كونها معنودة ويقبح عبادتها يقال فلان يذكر الناس اى يغتابهم ويذكرهم بالعيوب كما قال فى بحر العلوم وانما اطلق الذكر لدلالة الحال فان ذكر العدو لا يكون إلا بذم وسوء وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ حال والضمير الاول خبره كافرون والثاني تأكيد لفظى له وبذكر متعلق بالخبر وهو من اضافة المصدر الى مفعوله اى يعيبون ان يذكر عليه السلام آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء والحال انهم كافرون بان يذكروا الرحمن المنعم عليهم بما يجب ان يذكر به من الوحدانية فهم أحقاء بالعيب والإنكار وفى الآية اشارة الى ان كل من كان محجوبا عن الله بالكفر لا ينظر الى خواص الحق إلا بعين الإنكار والاستهزاء لان خواص الحق من الأنبياء والأولياء يقبحون فى أعينهم إذ ما اتخذوا لهم آلهة من شهوات الدنيا من جاهها ومالها وغير ذلك مما اتخذوه آلهة كما قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وكل محب يغار على محبوبه ولذا يذكرونهم بعيب ونقصان والحال ان العيب والنقصان فيهم لا فى أضدادهم: وفى المثنوى آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف علم من لدن من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس فعلى العاقل ان يصون لسانه عن ذكر العيوب ويشتغل فى جمع الأوقات بذكر علام الغيوب فانه الذي أفاض سجال الرحمة والشكر لازم لولى النعمة وفى الحديث (من ذكر الله مطيعا ذكره الله بالرحمة ومن ذكر الله عاصيا ذكره الله باللعنة وأفضل الذكر لا اله الا الله) لانه اعراض عما سوى الله واقبال بالكلية على الله يقال النصف الاول اشارة الى قوله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ والثاني الى قوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ويقال ان سائر العبادات والاذكار تصل الى الله تعالى بواسطة الملك اما هذه الكلمة فتصل الى الله بلا واسطة الملك من قالها مرة خالصا غفرت ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر وانه تعالى امر جميع الأنبياء ان يدعو أممهم الى هذا الذكر فما نزلت كلمة أجل من لا اله الا الله بها قامت السموات والأرضون وهى كلمة الإسلام وكلمة النجاة وكلمة النور إذ بها يستنير الباطن بأنوار الخلوص والصدق والصفاء واليقين خُلِقَ الْإِنْسانُ اى جنسه مِنْ عَجَلٍ العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة حتى قيل العجلة من الشيطان جعل الإنسان لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق منه كما يقال خلق زيد من الكرم تنزيلا لما طبع عليه من الأخلاق منزلة ما طبع منه من الأركان إيذانا بغاية لزومه وعدم انفكاكه عنه ومن عجلته مبادرته الى الكفر واستعجاله بالوعيد قال النضر بن الحارث اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالإنسان آدم وانه حين بلغ الروح صدره أراد ان يقوم اى استعجل فى القيام قبل ان يبلغ الروح أسفله سَأُرِيكُمْ ايها المستعجلون آياتِي [نشانهاى قدرت خود در دنيا بواسطه واقعه بدر ودر آخرت عذاب دوزخ] فَلا تَسْتَعْجِلُونِ بالإتيان بها: وبالفارسية [پس شتاب

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 38 إلى 39]

مكنيد مر بخواستن آن] والنهى عما جبلت عليه نفوسهم ليقمعوها عن مرادها فان لهم الارادة والاختيار فطبعهم على العجل لا ينافى النهى كما قال تعالى وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ فخلق فى الإنسان الشح وامر بالإنفاق وخلق فيه الضعف وامر بالجهاد وخلق فيه الشهوة وامر بمخالفتها فهذا ليس من قبيل تكاليف ما لا يطاق وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى معان منها أنتم تستعجلون فى طلب العذاب من جهلكم وضلالكم وذلك لانكم تؤذون حبيبى ونبيى بطريق الاستهزاء والعداوة ومن عادى لى وليا فقد بارزني فى الحرب فقد استعجل فى طلب العذاب لانى اغضب لاوليائى كما يغضب الليث ذو الجرو لجروه فكيف بمن يعادى حبيبى ونبيى عليه السلام ويدل على صحة هذا التأويل قوله سَأُرِيكُمْ آياتِي اى عذابى فَلا تَسْتَعْجِلُونِ فى طلبه بطريق إيذاء نبيى والاستهزاء به ومنها ان الروح الإنساني خلق من عجل لانه أول شىء تعلقت به القدرة ومنها ان الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة ايام وخمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وقد روى ان كل يوم من ايام التحمير كان مقداره الف سنة مما تعدون فتكون أربعين الف سنة فالمعنى ان الإنسان مع هذا خلق من عجل بالنسبة الى خلق السموات والأرض فى ستة ايام لما خلق فيه عند تخمير طينته من انموذجات ما فى السموات والأرض وما بينهما واستعداده لقبوله سر الخلافة المختصة به وقابليته تجلى ذواته وصفاته وللمرآتية التي تكون مظهرة للكنز الخفي الذي خلق الخلق لاظهاره ومعرفته لاستعداد حمل الامانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال وأهاليها فابين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان وتمام الآية يدل على هذا المعنى وهو قوله سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ اى سأريكم صفات كمالى فى مظاهر الآفاق ومرآة أنفسكم بالتربية فى كل قرن بواسطة نبى او ولى فلا تستعجلون فى طلب هذا المقام من أنفسكم فانه قيل حد طلبه من المهد الى اللحد بل أقول من الأزل الى الابد وهذا منطق الطير لا يعلمه الا سليمان الوقت قال تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ انتهى: قيل لا تعجلن لامر أنت طالبه فقلما يدرك المطلوب ذو العجل فذو التأنى مصيب فى مقاصده وذو التعجل لا يخلو عن الزلل قال أعرابي إياكم والعجلة فان العرب تكنيها أم الندامات قال آدم عليه السلام لاولاده «كل عمل تريدون ان تعملوه فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني» فلابد من التأنى فى الأمور الدنيوية والمقاصد المعنوية چوصبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى ... مخور غم كر شب هجران بپايان دير مى آيد وَيَقُولُونَ بطريق الاستعجال والاستهزاء مَتى هذَا الْوَعْدُ اى وعد العذاب والساعة فليأتنا بسرعة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى وعدكم بانه يأتينا والخطاب للنبى عليه السلام والمؤمنين الذين يتلون الآيات المنبئة عن مجيئ الوعد فقال تعالى لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ جواب لو محذوف وإيثار صيغة المضارع فى الشرط وان كان المعنى لافادة استمرار عدم العلم وحين مفعول به ليعلم والكف الدفع يقال كففته أصبته بالكف ودفعته بها وتعورف الكف بالدفع على أي وجه كان بالكف او غيرها

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 40 إلى 45]

والمعنى لو علموا الوقت الذي يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد وهو حين تحيط بهم النار من كل جانب بحيث لا يقدرون على دفعها ولا يجدون ناصرا يمنعها لما استعجلوا وتخيصص الوجوه والظهور يعنى القدام والخلف لكونهما اشرف الجوانب واستلزام الإحاطة بهما للاحاطة بالكل بَلْ تَأْتِيهِمْ العدة بَغْتَةً البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب اى فجأة: وبالفارسية [ناكهان] وهو مصدر لان البغتة نوع من الإتيان او حال اى باغتة فَتَبْهَتُهُمْ [پس مبهوت ومتحير كرداند ايشان] والبهت الحيرة قال الامام وانما لم يعلم الله وقت الموت والساعة لان المرء مع الكتمان أشد حذرا واقرب الى التدارك قال بعض الكبار من بهته شىء من الكون فهو لمحله عنده وغفلته عن مكنونه ومن كان فى قبضة الحق وحضرته لا يبهته شىء لانه قد حصل فى محل الهيبة من منازل القدس فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها اى العدة فان المراد بها العذاب او النار او الساعة وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ من الانظار بمعنى الامهال والتأخير اى لا يمهلون ليستريحوا طرفة عين او يتولوا او يعتذروا او من النظر اى لا ينظر إليهم ولا الى تضرعهم وفيه اشارة الى انه لو علم اهل الإنكار قبل ان يكافئهم الله على انكارهم نار القطيعة والحسرة والبعد والطرد لما أقاموا على انكارهم ولتابوا ورجعوا الى طلب الحق وعلم منه ان أعظم المقاصد هو طلب الحق والوصول اليه فكما ان من ادب الظاهر ان يحفظ المرء بصره عن الالتفات الى يمينه وشماله فكذا من ادب الباطن ان يصون بصيرته عن النظر الى ما سوى الله تعالى ولا يحصل غالبا الا بالسلوك والاسترشاد من اهل الله تعالى فلابد من إفناء الوجود فانه طريق المقصود- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك وهى تعطى ما أعطته لغيرك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر أشار الى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء واعلم ان من المتفق عليه شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فعلم منه ان زمان الفرصة غنيمة وان وقت الموت إذا جاء بغتة لا يقدر المرء ان يستأخر ويتدارك حاله: قال الشيخ سعدى قدس سره خبر دارى اى استخوانى قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس چومرغ از قفس رفت بگسست قيد ... دكرره نكردد بسعى تو صيد نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزائهم به اى بالله لقد استهزئ برسل اولى شأن خطير وذوى عدد كثير كائنين من زمان قبل زمانك كما استهزأ بك قومك فصبروا ففيه حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يقال حاق به يحيق حيقا أحاط به وحاق بهم الأمر لزمهم ووجب عليهم وحاق نزل ولا يكاد يستعمل الا فى الشر والحيق ما يشمل الإنسان من مكروه فعل وبالذين متعلق بحاق وضمير منهم للرسل والموصول فاعل حاق. والمعنى فاحاط بهم عقيب

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 42 إلى 44]

ذلك العذاب الذي كانوا به يستعجلون ووضع يستهزئون موضع يستعجلون لان استعجالهم كان على جهة الاستهزاء وهو وعد له بان ما يفعلون به يحيق بهم كما خاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا يعنى جزاءه قُلْ يا محمد للمستهزئين بطريق التقريع والتبكيت مَنْ استفهام يَكْلَؤُكُمْ الكلأ حفظ الشيء وتبقيته والكالئ الذي يحفظ اى يحفظكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فيهما مِنَ الرَّحْمنِ اى من بأسه الذي يستحقون نزوله ليلا او نهارا ان أراد بكم اى لا يمنعكم من عذابه الا هو وفى ذكر الرحمن تنبيه على انه لا كالئ غير رحمته العامة وان اندفاعه بمهلته وتقديم الليل لما ان الدواهي اكثر فيه وقوعا وأشد وقعا بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرون ذكره تعالى ببالهم فضلا عن ان يخافوا الله ويعدّوا ما كانوا عليه من الامن والدعة حفظا وكلاءة حتى يسألوا عن الكالئ اى دعهم عن هذا السؤال لانهم لا يصلحون له لاعراضهم عن ذكر الله تعالى وفى التأويلات النجمية المحجوبون بحجب البشرية أرجى صلاحا من المحجوبين بحجب الروحانية لانهم مقرون بجهالتهم وهؤلاء مغرورون بمقالتهم واهل الحجب البشرية معرضون عن ذكر ربهم وطلبه لاشتغالهم بلوازم البشرية واهل الحجب الروحانية معرضون عن ذكر ربهم ومعرفته بحسبانهم بمعارف المعقولات: قال الكمال الخجندي بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست وقال الصائب بفكر نيستى هركز نمى افتند مغروران ... اگر چهـ صورت مقراض لا دارد كريبانها أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا أم منقطعة اى بل لهم آلهة تمنعهم من العذاب متجاوزة منعنا فهم معتمدون عليها اى ليس لهم لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ استئناف مقرر لما قبله من الإنكار وموضح لبطلان اعتقادهم اى هم لا يقدرون ان ينصروا أنفسهم: يعنى [اگر كسى با ايشان مكروهى خواهد از كسر وقلع وتلويث وأمثال آن از خود دفع نتوانند كرد] ولا يصحبون بالنصر من جهتنا قال الراغب لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفق ونحو ذلك مما يصحب أولياءنا فكيف يتوهم ان ينصروا غيرهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما يصحبون يمنعون بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ المتاع انتفاع ممتد الوقت يقال متعه الله بكذا وأمتعة وتمتع به: يعنى [بلكه ما بر خوردارى داديم آن كروه را بجهت سعت معيشت وايمنى وسلامتى و پدر ايشانرا] حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ بضم الميم وسكونها اسم لمدة عمارة البدن بالحياة اى طال عليهم الاجل فى التمتع فاغتروا وحسبوا انهم ما زالوا على ذلك لا يغلبون [وندانستند كه دست أجل بر هم زند اين بنا كه افراشته] أَفَلا يَرَوْنَ اى ألا ينظرون فلا يرون أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ارض الكفرة التي هى دار الحرب نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المؤمنين عليها فكيف يتوهمون انهم ناجون من بأسنا والجملة خبر بعد خبر او حال او بدل والأطراف جمع طرف بالتحريك وهو ناحية من النواحي وطائفة من الشيء قالوا هذا تمثيل وتصوير لما يخربه الله من ديارهم على أيدي

[سورة الأنبياء (21) : آية 45]

المسلمين ويضيفه الى دار الإسلام وذلك ان الله لا يأتى بل العساكر تغزو ارض الكفرة وتأتى غالبة عليها ناقصة من نواحيها قال الكاشفى يعنى [ميكشاييم آنرا بر مسلمانان كه تا هر روز قلعه ميكيرند ومنزلى بحوزه تصرف در مى آرند] وقد سبق فى آخر سورة الرعد أَفَهُمُ الْغالِبُونَ القاهرون على رسول الله والمؤمنين اى أبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم له يتوهم غلبتهم اى الغالب هو الله وهم المغلوبون وفى الحديث (فضلت على الناس بأربع بالسماحة والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش) قيل للاسكندر فى عسكر دارا الف الف مقاتل فقال ان القصاب الحاذق لا يهوله كثرة الأغنام: وفى المثنوى تيشه را ز انبوهى شاخ درخت ... كى هراس آيد ببرد لخت لخت «1» شعله را ز انبوهى هيزم چهـ غم ... كى رمد قصاب ز انبوه غنم خر نشايد كشت از بهر صلاح ... چون شود وحشي شود خونش مباح «2» لا جرم كفار را شد خون مباح ... همچووحشي پيش نشاب ورماح جفت وفرزندان شان جمله سبيل ... ز انكه بي عقلند ومردود وذليل واعلم ان الغلبة والنصرة منصب شريف فهو بجند الله تعالى وهم الأنبياء والأولياء وصالحوا المؤمنين كما قال تعالى إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ اى وان رؤى انهم مغلوبون لان الغالبية له ألا ترى ان الله تعالى اظهر المؤمنين على العرب كلهم وافتتحوا بلاد الشرق والغرب ومزقوا ملك الا كاسرة وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا وما وقع فى بعض الأوقات من صورة الانهزام فهو من باب تشديد المحنة والبلاء الحسن فعلى المؤمن ان يثق بوعد الله تعالى ولا يضعف عن الجهاد فان بالهمة تنقلع الجبال عن اما كنها وعن امير المؤمنين على رضى الله عنه انى ما قلعت خيبر بقوة جسمانية ولا بحركة غذائية لكنى أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة عن جابر رضى الله عنه ان عليا رضى الله عنه لما انتهى الى الحصن أخذ أحد أبوابه فالقاه فى الأرض فاجتمع عليه بعد سبعون رجلا فكان جهدهم ان أعادوا الباب قالوا «كل طائر يطير بجناحيه والعاقل بهمته» فللمزيد رجال وللحروب رجال قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ اى انما نأتى ان أخوفكم مما تستعجلونه بما اوحى الى من القرآن واخبر بذلك لا الإتيان به فانه مزاحم للحكمة التكوينية والتشريعية إذ الايمان برهانى لا عيانى وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ الى الايمان جمع الأصم والصمم فقدان حاسة السمع إِذا ما يُنْذَرُونَ شبهوا بالصم وهم صحاح الحواس لانهم إذا سمعوا ما ينذرون به من آيات الله لاتعيه آذانهم وكان سماعهم كلا سماع فكانت حالهم لانتفاء جدوى السماع كحال الذين عدموا مصحح السماع وينعق بهم فلا يسمعون وتقييد نفى السماع به مع ان الصم لا يسمعون الكلام انذارا كان او تبشيرا لبيان كمال شدة الصمم كما ان إيثار الدعاء الذي هو عبارة عن الصوت والنداء على الكلام لذلك فان الانذار عادة يكون بأصوات عالية مكررة مقارنة لهيئة دالة عليه فاذا لم يسمعوها يكون صممهم فى غاية وراءها وهذا من تتمة الكلام الملقن ويجوز ان يكون من جهته تعالى كأنه قيل قل لهم ذلك وأنت بمعزل من أسماعهم وفيه اشارة

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان اعتماد كردن هاروت وماروت بر عصمت خويش إلخ (2) در اواخر دفتر يكم در بيان دعا كردن بلعم باعور كه موسى عليه السلام وقومش را إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 46 إلى 50]

الى انه ليس للانبياء والأولياء الا الانذار والنصح وليس لهم اسماع الصم وهم الذين لعنهم الله فى الأزل بالطرد عن جوار الحضرة الى أسفل الدنيا واصمهم وأعمى أبصارهم بحبها وطلب شهواتها فلا يسمعون ما ينذرون به وانما الاسماع لله لا للخلق كما قال تعالى وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ [واگر برسد بكفره] والمس اللمس ويقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ اى وبالله لئن أصابهم ادنى شىء من عذابه تعالى الذي ينذربه والنفحة من الريح الدفعة ومن العذاب القطعة كما فى القاموس وعلى الاولى حمل شارح الشهاب ما وقع فى قوله عليه السلام (ان لربكم فى ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) قال فى بحر العلوم من نفحته الدابة إذا ضربته اى ضربة او من نفحت الريح إذا هبت اى هبة او من نفح الطيب إذا فاح اى فوحة كما يقال شمة وقال ابن جريج اى نصيب من نفحه فلان من ماله إذا أعطاه حظا منه لَيَقُولُنَّ من غاية الاضطراب والحيرة يا وَيْلَنا [واى بر ما] وقد سبق تحقيقه إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى لدعوا على أنفسهم بالويل والهلاك واعترفوا عليها بالظلم حين تصاموا واعرضوا وهو بيان لسرعة تأثرهم من مجيئ نفس الوعد اثر بيان عدم تأثرهم من مجيئ خبره وفيه اشارة الى ان اهل الغفلة والشقاوة لا تنتبهون بتنبيه الأنبياء ونصح الأولياء فى الدنيا حتى يمسهم اثر من آثار عذاب الله بعد الموت فان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا فاعترفوا بذنوبهم ونادوا بالويل والثبور على أنفسهم بما كانوا ظالمين فالظلم يجلب النقم ويسلب النعم سواء كان ظلم الغير او ظلم النفس فليجتنب المؤمن من اسباب العذاب والنقمة وليأت الى باب النجاة والرحمة وذلك بالمجاهدة وقمع الهوى واختيار طريق الطاعة والتقوى- روى- ان بعض الصالحين قال لعجوز متعبدة ارفقى بنفسك فقالت ان رفقى بنفسي يغيبنى عن باب المولى ومن غاب عن باب المولى مشتغلا بالدنيا فقد عرض للمحن والبلوى ثم بكت وقالت وا سوأتاه من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فاذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأبرار وقدمت بين يديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرمين واما فجيعة الفراق فاذا جمع الخلق فى مقام واحد امر الله تعالى ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض الجنة وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم فاين من يمسه العذاب ممن يصل اليه الثواب واعلم ان الانذار ابلغ فانه من باب التخلية فلابد للعاصى من التخوف على المعاصي والإصغاء الى الموعظة والنصيحة الموقظة فانه سوف يقول المعرضون لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ وهم الصم قى الحقيقة: قال الشيخ سعدى بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ الموازين جمع ميزان: بالفارسية [ترازو] والقسط العدل اى نقيم الموازين العادلة التي نوزن بها صحائف الأعمال ونحضرها او الأعمال باعتبار التجوهر

والتجسم وجمع الموازين باعتبار تعدد الأعمال أو لأن لكل شخص ميزانا قال الراغب الوزن معرفة قدر الشيء وذكر الميزان فى مواضع بلفظ الواحد اعتبارا بالمحاسبة وفى مواضع بلفظ الجمع اعتبارا بالمحاسبين انتهى وافراد القسط لانه مصدر وصف به مبالغة كرجل عدل قال الامام وصف الموازين بالقسط لانها قد لا تكون مستقيمة لِيَوْمِ الْقِيامَةِ اى لاجل جزائه فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ من النفوس شَيْئاً حقا من حقوقها على ان يكون مفعولا ثانيا لتظلم لانه بمعنى تنقص وتنقص يتعدى الى مفعولين يقال نقصه حقه من الظلم بل يوفى كل ذى حق حقه ان خيرا فخير وان شرا فشر على ان يكون مفعولا مطلقا وَإِنْ كانَ اى العمل المدلول عليه بوضع الموازين مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ المثقال ما يوزن به من الثقل اى مقدار حبة كائنة من خردل: بالفارسية [از سپندان كه أصغر حباتست] اى وان كان فى غاية القلة والحقارة فان حبة الخردل مثل فى الصغر أَتَيْنا بِها بقصر الهمزة من الإتيان والباء للتعدية اى أحضرنا ذلك العمل المعبر عنه بمثقال حبة الخردل للوزن والتأنيث لاضافته الى الحبة وَكَفى بِنا حاسِبِينَ إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا الباء زائدة ونا فاعل كفى وحاسبين حال منه بمعنى عادّين من حسب المال إذا عده وقال ابن عباس رضى الله عنهما عالمين حافظين لان من حسب شيأ علمه وحفظه وفيه تحذير فان المحاسب العالم القادر الذي لا يفوته شىء يجب ان يخاف منه وروئ الشبلي قدس سره فى المنام فقيل ما فعل الله بك فقال حاسبونا فدققوا ... ثم منوا فاعتقوا قال الامام الغزالي رحمه الله الميزان حق ووجهه ان الله تعالى يحدث فى صحائف الأعمال وزنا بحسب درجات الأعمال عند الله فتصير مقادير اعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل فى العقاب او الفضل فى العفو وتضعيف الثواب يقول الفقير بهذا يندفع سؤال الامام فى تفسيره حيث قال اهل القيامة ان علموا كونه تعالى عادلا فلا حاجة الى وضع الميزان بل يكفى مجرد حكمه بترجيح جانب وان لم يعلموا لم يقد وزن الصحائف لاحتمال انه جعل احدى الكفتين أثقل ظلما انتهى وذلك لانهم علموا ذلك ضروريا لان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا لكن الله تعالى أراد ان يحصل لهم العلم بمقادر أعمالهم ليظهر العدل والفضل ظهورا لا غاية وراءه وفيه الزام الحجة لهم قيل للميزان لسان وكفتان وهو بيد جبريل يوزن فيه الحسنات والسيئات فى احسن صورة وأقبحها والحكم للغالب فى الوزن وفى التساوي لفضل الله يقول الفقير لعل وجه كونه بيد جبريل انه الواسطة فى تنزيل الأمر والنهى فناسب ان يكون الميزان بيده ليزن صحائف الأوامر والنواهي- روى- ان داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان فاراه كل كفة كما بين المشرق والمغرب فغشى عليه ثم أفاق فقال الهى من ذا الذي يقدر ان يملأ كفته حسنات فقال يا داود انى إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة وفى الحديث (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) انما صارتا أحب لان فيهما المدح

بالصفات السلبية التي يدل عليها التنزيه وبالصفات الثبوتية التي يدل عليها الحمد وفى الحديث (التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملأه) قال المولى الفنارى توضع الموازين لوزن الأعمال فيجعل فيها الكتب بما عملوا وآخر ما يوضع فى الميزان قول الإنسان الحمد لله ولهذا قال عليه السلام (الحمد لله تملأ الميزان) فانه يلقى فى الميزان جميع اعمال العباد من الخير الا كلمة لا اله الا الله فيبقى على ملئه تحميدة فتجعل فيه فيمتلئ بها فان كفة ميزان كل أحد بقدر عمله من غير زيادة ولا نقصان وكل ذكر وعمل يدخل الميزان الا لا اله الا الله كما قلنا وسبب ذلك ان كل عمل خير له مقابل من ضده فيجعل هذا الخير فى موازنته ولا يقابل لا اله الا الله الا الشرك ولا يجتمع توحيد شرك فى ميزان أحد لانه ان قال لا اله الا الله معتقدا لها فما أشرك وان أشرك فما اعتقد فلم يكن لها ما يعاد لها فى الكفة الاخرى ولا يرجحها شىء فلهذا لا تدخل فى الميزان واما المشركون فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا اى لا يقدر لهم ولا يوزن لهم عمل ولا من هو من أمثالهم من المعطل والمتكبر على الله فان اعمال خير المشرك محبوطة فلا يكون لشرهم ما يوازيه فلا وزن لهم واما صاحب السجلات فانه شخص لم يعمل خيرا قط الا انه تلفظ يوما بكلمة لا اله الا الله مخلصا فيوضع له فى مقابلة التسعة والتسعين سجلا من اعمال الشر كل سجل منها كما بين المشرق والمغرب وذلك لانه ماله عمل خير غيرها فترجح كفتها بالجميع وتطيش السجلات والتحقيق ان لا اله الا الله كلمة التوحيد والتوحيد لا يماثله ولا يعادله شىء والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا فاذا أريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقي لم تدخل فى الميزان لانه ليس له معادل ومماثل فكيف يدخل فيه واليه أشار الخبر الصحيح عن الله تعالى قال الله تعالى (لو ان السموات السبع وعامرهن غيرى والأرضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا الله فى كفة مالت بهن لا اله الا الله) فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وإذا أريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل أضداد كما أشير اليه بحديث صاحب السجلات فما مالت الكفة الا بالبطاقة التي كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى الله ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء هكذا حقق شيخى وسندى قدس سره هذا المقام ولا يدخل الموازين الا اعمال الجوارح شرها وخيرها وهى السمع والبصر واليد والبطن والفرج والرجل واما الأعمال الباطنة فلا تدخل الميزان المحسوس لكن يقام فيها العدل وهو الميزان الحكمي فمحسوس لمحسوس ومعنى لمعنى يقابل كل شى بمثله فلهذا توزن الأعمال من حيث هى مكتوبة وقد أصاب من قال الذكر الخفي هو الذي لم يطلع عليه الحفظة وهو توحيد الحقيقي

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 48 إلى 49]

الباطني الذي لا يدخل فى الميزان الصوري لانه ما كان مكتوبا فكيف يدخل فيه فان قيل اين الميزان قلنا على الصراط ومترتب على الحساب ولهذا لا ميزان لمن يدخل الجنة بغير حساب وانما الميزان للمخلطين من المؤمنين قال بعض الكبار ميزان العدل فى الدنيا ثلاثة ميزان النفس والروح وميزان القلب والعقل وميزان المعرفة والسر. فميزان النفس والروح الأمر والنهى وكفتاه الوعد والوعيد. وميزان القلب والعقل الايمان والتوحيد وكفتاه الثواب والعقاب. وميزان المعرفة والسر الرضى والسخط وكفتاه الهرب والطلب وقال بعضهم من يزن هاهنا نفسه بميزان الرياضة والمجاهدات ويزن قلبه بميزان المراقبات ويزن عقله بميزان الاعتبارات ويزن روحه بميزان المقامات ويزن سره بميزان المحاضرات ومطالعة الغيبيات ويزن صورته بميزان المعاملات الذي كفتاه الحقيقة والطريقة ولسانه الشريعة وعموده العدل والانصاف توزن نفسه يوم القيامة بميزان الشرف ويوزن قلبه بميزان اللطف ويوزن عقله بميزان النور ويوزن روحه بميزان السرور ويوزن سره بميزان الوصول ويوزن صورته بميزان القبول فاذا ثقلت موازينه مما ذكرنا فجزاء نفسه الامن من الفراق فجزاء قلبه مشاهدة الشرف فى الاسرار وجزاء عقله مطالعة الصفات وجزاء روحه شف أنوار الذات وجزاء سره ادراك الاسرار القدسيات وجزاء صورته الجلوس فى مجالس وصال الابديات وايضا توزن الأعمال بميزان الإخلاص عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست والأحوال بميزان الصدق بصدق كوش كه خورشيد ز آيد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست فمن كانت اعماله بالرياء مصحوبة لم تقبل اعماله منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز ومن كانت أحواله بالعجب مشوبة لم ترفع أحواله حال خود از عجب دل تخليص كن ... از عمل توفيق را تخصيص كن كر بخواهى تا كران معنى شوى ... وزن كن حالت بميزان شوى چون ترازوى تو كج بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ اى وبالله لقد آتيناهما كتابا جامعا بين كونه فرقانا بين الحق والباطل وضياء يستضاء به فى ظلمات الحيرة والجهالة وذكرا يتعظ به الناس فالمراد بجميع هذه الصفات واحد هو التوراة وتخصيص المتقين بالذكر لانهم المستضيئون بانواره والمغتنمون بمغانم آثاره الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ عذابه وهو مجرور المحل على انه صفة مادحه للمتقين بِالْغَيْبِ حال من المفعول اى يخشون عذابه تعالى وهو غائب عنهم غير مشاهد لهم ففيه تعريض بالكفرة حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يشاهدوا ما انذروه من العذاب وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافته الأنفاس وقال الراغب الساعة جزؤ من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة سميت بذلك لسرعة

[سورة الأنبياء (21) : آية 50]

حسابه كما قال تعالى وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ولما نبه عليه بقوله كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ وقوله يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ فالاولى هى القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان مُشْفِقُونَ اى خائفون منها وقد سبق الإشفاق فى هذه السورة وتخصيص إشفاقهم منها بالذكر بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق للايذان بكونها معظم المخوفات وَهذا اى القرآن الكريم أشير اليه بهذا إيذانا بغاية وضوح امره ذِكْرٌ يتذكر به من يتذكر مُبارَكٌ كثير الخير والنفع يتبرك به أَنْزَلْناهُ على محمد صفة ثانية لذكر او خبر آخر أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ انكار لانكارهم بعد ظهور كون انزاله كايتاء التوراة كأنه قيل أبعد ان علمتم ان شأنه كشأن التوراة فى الإيتاء والإيحاء أنتم منكرون لكونه منزلا من عندنا فان ذلك بعد ملاحظة حال التوراة مما لا مساغ له أصلا قال بعض الكبار كلام الله سبحانه فى نفسه مبارك وان لم يسمعه الجاهل ولكن مبارك على من يسمعه باستماع المحبة والشوق الى لقاء المتكلم ويعمل بمضمونه ويعرف إشارته ويجد حلاوته فى قلبه فاذا كان كذلك تبلغه بركته الى مشاهدة معدنه وهو رؤية الذات القديم وفى الحديث (ان الذي ليس فى جوفه شىء من القرآن كالبيت الخراب) وفى الحديث (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) يعنى لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن فان كل بيت لا يقرأ القرآن فيه يشبه المقابر فى عدم القراءة والذكر والطاعة والى الله المشتكى من إهمال اهالى هذا الزمان فان ميل أكثرهم الى الاشعار وكلام اهل الهوى لا الى القرآن والهدى: قال الخجندي دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست وفى التأويلات النجمية النور الذي هو يفرق بين الحق والباطل بل بين الخلق والخالق والحدوث والقدم نور يقذفه الله فى قلوب عباده المخلصين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الكاملين لا يحصل إلا بتكرار العلوم الشرعية لا بالأفكار العقلية وله ضياء وهو ذكر يتعظ به المتقون الذين يتقون عن الشرك بالتوحيد وعن الطمع بالشرع وعن الرياء بالإخلاص وعن الخلق بالخالق وعن الانانية بالهوية وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ لمن يتعظ به ويعلم ان الاتعاظ به انما هو من نور أَنْزَلْناهُ فى قلبه لا من نتائج عقله وتفكره أتنكرون على انه نور من هدايتنا- حكى- ان عثمان الغازي جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من أسخياء زمانه ببذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته وأنكروا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاجي بكتاش او غيره من الرجال فنزل ببيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الأدب ان نقعد عند كلام الله فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل الى الصبح فلما أصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل فقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط رأسها بمنديل وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل أول غزوته الى بلجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ففى هذه الحكاية فوائد منها ان السلطنة اختصاص الهى كالنبوة

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 51 إلى 54]

ومنها ان السخاء مفتاح باب المراد. ومنها ان المراجعة عند الحيرة الى الله لها تأثير عظيم. ومنها ان رعاية كلام الله سبب السلطنة مطلقا صورية كانت او معنوية إذ هو ذكر مبارك. ومنها ان ترك الرعاية سبب لزوال قوتها بل لزوال نفسها كما وقع فى هذه الاعصار فان الترقي الواقع فى زمان السلاطين المتقدمين آل الى التنزل وقد عزل السلطان محمد الرابع فى زماننا بسبب الترك المذكور فهذا هو زوال السلطنة نسأل الله تعالى ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء احزاننا وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ الرشد خلاف الغى وهو الابتداء لمصالح الدين والدنيا وكماله يكون بالنبوة اى بالله لقد آتينا بجلالنا وعظم شأننا ابراهيم الخليل عليه السلام الرشد اللائق به وبامثاله من الرسل الكبار على ما افادته الاضافة مِنْ قَبْلُ من قبل إيتاء موسى وهارون التوراة وتقديم ذكر ايتائها لما بينه وبين إنزال القرآن من الشبه التام وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ اى وكنا عالمين بانه اهل لما آتيناه من الرشد والنبوة وتقديم الظرف لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة ونظير الآية قوله تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ واعلم ان الاهلية ايضا من الله تعالى قابلى كر شرط فعل حق بدى ... همچومعدومى بهستى نامدى وقد قالوا القابلية صفة حادثة من صفات المخلوق والعطاء صفة قديمة من صفات الخالق والقديم لا يتوقف على الحادث إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ظرف لآتينا على انه وقت متسع وقع فيه الإيتاء وما ترتب عليه من أفعاله وأقواله يقول الفقير والظاهر من عدم التعرض لامه كونها مؤمنة كما يدل عليه تبريه وامتناعه من أبيه دونها والمراد من قومه اهل بابل بالعراق وهى بلاد معروفة من عبادان الى الموصل طولا ومن القادسية الى حلوان عرضا سميت بها لكونها على عراق دجلة والفرات اى شاطئهما ما [چيست] هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ التماثيل جمع تمثال وهو الشيء المصور المصنوع مشبها بخلق من خلائق الله والممثل المصور على مثال غيره من مثلث الشيء بالشيء إذا شبهته به والعكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم لغرض من الأغراض ضمن معنى العبادة كما يدل عليه الجواب الآتي ولذا جيئ باللام دون على اى ما هذه الأصنام التي أنتم عبادون لها مقيمون عليها وهذا السؤال تجاهل منه والا فهو يعرف ان حقيقتها حجر أو شجر اتخذوها معبودا قال الكاشفى [آن هفتاد دو صورت بود. ودر تيسير كويد نود بت بود وبزركتر همه را از زر ساخته بودند ودو كوهر شاهوار در چشمهاى او تركيب كرده. ودر تبيان آورده كه صورتها بودند بر هيأت سباع وطيور وبهائم وانسان. وبقول بعضى تماثيل بر مصور هياكل كواكب بود]- روى- ان عليا رضى الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج. فقال ما هذه التماثيل كما فى تفسير ابى الليث وفيه تقبيح للعب. الشطرنج حيث عبر عن شخوصه بما عبر به ابراهيم عن الأصنام فاشار الى ان العكوف على هذا اللعب. كالعكوف على عبادة الأصنام قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر والكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ولهو وقال عليه السلام (لهو المؤمن باطل الا لثلاث تأديبه لفرسه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 53 إلى 54]

ومناضلته عن قوسه وملاعبته مع اهله) وحكى عن الشافعي رحمه الله اباحة اللعب بالشطرنج لما فيه من تسخية الخاطر قال زين العرب فى شرح المصابيح رجع الشافعي عن هذا القول قبل موته بأربعين يوما وذكر الغزالي ايضا فى خلاصته انه مكروه عند الشافعي اى فى قوله الأخير وكيف لا يكون مكروها وهو احياء سنة المجوس وقد قال عليه السلام (من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير) واما قول ابن خيام زمانى بحث ودرس قيل وقالى ... كه انسان را بود كسب كمالى زمانى شعر وشطرنج وحكايات ... كه خاطر را شود دفع ملالى فمن قبيل القول الباطل الناشئ عن هوى النفس الامارة بالسوء أعاذنا الله وإياكم من مكرها وتسويلها وفى الآية اشارة الى احوال اهل الدين فانهم يرون اهل الدنيا بنور الرشد عاكفين لاصنام الهوى والشهوات يقولون لهم ما هذه التماثيل إلخ ولو لم يكن نور الرشد والهداية من الله لكانوا معهم عاكفين لها وما رأوها بنظر التماثيل قالُوا كأنه قال ابراهيم عليه السلام أي شىء حملكم على عبادتها فقالوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ اى عابدين لها فنحن نعبدها اقتداء بهم وهو جواب العاجز عن الإتيان بالدليل قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اى وبالله لقد كنتم أنتم ايها المقلدون وآباؤكم الذين سنوا لكم هذه السنة الباطلة مستقرين فى ضلال عظيم وخطأ ظاهر لكل أحد لعدم استناده الى دليل ما والتقليد انما يجوز فيما يحتمل الحقية فى الجملة والباطل لا يصير حقا بكثرة القائلين به وفيه اشارة الى ان التقليد غالب على الخلق كافة فى عبادة الهوى والدنيا الا من آتاه الله رشده واعلم ان التقليد قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد اى فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا على هذا النمط البديع ولا يقدر أحد غيره على خلق مثل هذا فهو استدلال بالأثر واثبات للقدرة والارادة الى غير ذلك فالمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع بأى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول يقول الفقير ادى جهل هذا الزمان الى حيث ان من سبح عند كل اعجوبة لم يلزم ان يكون مستدلا مطلقا لانه سمع الناس يقولون سبحان الله عند رؤية سيل عظيم او شجر كبير او حريق هائل او نحوها مما خرج عن حد جنسه فيقلدهم فى ذلك من غير ان يخطر بباله انه صنع الله تعالى وقد رأيت ملاحا ذميا يحث خدام السفينة على بعض الأعمال ويقول لهم اجتهدوا وكونوا من اهل الغيرة فان الغيرة من الايمان

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 55 إلى 59]

وهو لا يعرف ما الغيرة وما الايمان وكذا الخدام والا لم يذكرهما فهو قول مجرد جار على طريق العرف فعلى المؤمن ترك التقليد والوصول الى مقام التحقيق ومن الله التوفيق: قال المولى الجامى خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو وقال مقلدان چهـ شناسند داغ هجرانرا ... خبر ز شعله آتش ندارد افسرده ففيه فرق بين المقلد والمحقق فمن رام التحقيق طلبه ولا يتشبث فى هذا البحر بغريقه كما لا يخفى قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ اى بالجد وبالفارسية [آيا آورى بما اين سخن براستى وجه] أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ بنا فتقول ما تقول على وجه المزاح واللعب حسبوا انهم انما أنكر عليهم دينهم القديم مع كثرتهم وشوكتهم على وجه المزاح واللعب. وفيه اشارة لطيفة وهى كما ان هل الصدق والطلب يرون اهل الدنيا لاعبين والدنيا لعبا ولهوا كقوله تعالى قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ كذلك اهل الدنيا يرون اهل الدين لاعبين والدين لعبا ولهوا قالَ بَلْ [نيستم بازي كننده] رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ اى خلقن ابتداء من غير مثال سابق فهو الخالق كما انه المربى فالضمير للسموات والأرض او للتماثيل اى فكيف تعبدون ما كان من جملة المخلوقات وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ الذي ذكرته من كون ربكم رب السموات والأرض فقط دون ما عداه كائنا ما كان مِنَ الشَّاهِدِينَ اى العالمين به على الحقيقة المبرهنين وليس المراد حقيقة الشهادة لانه لا شهادة من المدعى بل استعيرت الشهادة لتحقيق الدعوى بالحجة والبرهان اى لست من اللاعبين فى الدعاوى بل من المحتجين عليها بالبراهين القاطعة بمنزلة الشاهد الذي تقطع به الدعاوى قال الكاشفى [آورده اند كه نمروديان روزى عيد داشتند كه در آن روز بصحرا رفتندى وتا آخر روز تماشا كردندى ودر باز كشتن به بتخانه در آمده بتان را بياراسته بزبانها بنواختندى آنكه سر بر زمين نهاده رسم پرستش بجاى آوردندى وبخانها باز كشتندى چون ابراهيم عليه السلام با جمعى در باب تماثيل مناظره فرمود كفتند فردا عيدست بيرون آي تا ببينى كه دين وآيين ما چهـ زيباست ابراهيم نعم جواب ايشان بكفت روز ديكر كه مى رفتند ميخواستند كه او را ببرند ببهانه بيمارى پيش آورد فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ يعنى عن عبادة الأصنام كما فى القصص [ايشان دست از وباز داشته برفتند ابراهيم پنهان از ايشان بفرمود كه] وَتَاللَّهِ [بخدا سوكند كه من] لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [هر آيينه تدبيرى كنم وجهد نمايم تا بشكنم بتان شما را] كما قال فى الإرشاد لاجتهدن فى كسرها. وفيه إيذان بصعوبة الأمر وتوقفه على استعمال الحيل وقال ابن الشيخ أخذا من تفسير الامام فان قيل لم قال لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ والكيد هو الاحتيال على الغير فى ضرر لا يشعر به والأصنام جمادات لا تتضرر بالكسر ونحوه وايضا ليست هى مما يحتال فى إيقاع الكسر عليها لان الاحتيال انما يكون فى حق من له شعور أجيب بان ذلك من قبيل التوسع فى الكلام فان القوم كانوا يزعمون ان الأصنام لهن

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 58 إلى 59]

شعور ويجوز عليهن الضرر فقال ذلك بناء على زعمهم وقيل المراد لا كيدنكم فى أصنامكم لانه بذلك الفعل قد انزل بهم الغم. والأصنام جمع صنم وهى جثة متخذة من فضة او نحاس او خشب كانوا يعبدونها متقربين بها الى الله تعالى كما فى المفردات بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا ترجعوا مضارع ولى مشددا مُدْبِرِينَ ذاهبين من عبادتها الى عيدكم وهو حال مؤكدة لان التولية والأدبار بمعنى والأدبار نقيض الإقبال وهو الذهاب الى خلف قال الكاشفى بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا [بعد از انكه روى بگردانيد از ايشان يعنى برويد بعيدگاه وباشيد مدبرين پشت بر ايشان كنندكان وقتى كه بتان را بگذاريد وبتماشاگاه خود رويد] فَجَعَلَهُمْ الفاء فصيحة اى فولوا فجعلهم جُذاذاً قطاعا فعال بمعنى المفعول من الجذ الذي هو القطع كالحطام من الحطم الذي هو الكسر قال فى القاموس الجذ القطع المستأصل والكسر والاسم الجذاذ مثلثة انتهى إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ استثناء من مفعول قوله فجعلهم ولهم صفة لكبيرا والضمير للاصنام اى لم يكسر الكبير وتركه على حاله وعلق الفأس فى عنقه وكبره فى التعظيم او فى الجثة او فيهما لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ الى الكبير وتقديم الظرف للاختصاص او لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة يَرْجِعُونَ فيسألون عن كاسرها لان من شأن المعبود ان يرجع اليه فى حل المشكل فيستجهلهم ويبكتهم بذلك كذا فى بحر العلوم او الى ابراهيم يرجعون لاشتهاره بانكار دينهم وسب آلهتهم وعداوتهم فيحاججهم بقوله بل فعله كبيرهم فيحجهم ويبكتهم كما فى الإرشاد وغيره- روى- ان آزر خرج به فى يوم عيد لهم فبدأوا بيت الأصنام فدخلوه فسجدوا لها ووضعوا بينها طعاما وخبزا جاؤا به معهم وقالوا الآن ترجع بركة الآلهة على طعامنا فذهبوا وبقي ابراهيم فنظر الى الأصنام فقال مستهزئا بهم ما لكم لا تنطقون ما لكم لا تأكلون ثم التفت فاذا بفأس معلق فتناوله فكسر الكل ولم يبق الا الكبير وعلق الفأس فى عنقه وأراق تلك الاطعمة ورجع الى منزله قال الامام فان قيل ان كان القوم عقلاء فقد علموا بالضرورة انها لا تسمع ولا تضر ولا تنفع فما الحاجة الى كسرها غايته انهم كانوا يعظمونها كما نعظم نحن المصحف والمحراب والكسر لا يقدح فيه وان لم يكونوا عقلاء لم تحسن المناظرة معهم ولا بعث الرسل إليهم والجواب انهم كانوا عقلاء عالمين انها لا تضر ولا تنفع لكنهم ربما اعتقدوا انها تماثيل الكواكب وطلسمات من عبدها ينتفع بها ومن استخف بها ناله ضرر ثم ان ابراهيم كسرها ولم ينله ضرر فدل على فساد مذهبهم وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا وكل الى نفسه وطبعه ينحت من هوى نفسه أصناما كما كان ابو ابراهيم آزر ينحت الأصنام وإذا أدركته العناية الازلية وأيد بالتأييدات الإلهية بكسر أصنام الهوى ويجعلها جذا ذا فضلا عن نحتها كما كان حال ابراهيم كان يكسر من الأصنام ما ينحت أبوه وإذا كان المرء من اهل الخذلان يرى الحق باطلا والباطل حقا كما كان قوم نمرود: وقال الخجندي بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست قالُوا حين رجعوا من عيدهم ورأوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا [كه كرده است اين

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 60 إلى 65]

عمل با خدايان ما وايشانرا درهم شكسته] والاستفهام للانكار والتوبيخ ولم يقولوا بهؤلاء مع انها كانت بين أيديهم مبالغة فى التشنيع إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ بالكسر حيث عرض نفسه للهلاك [يعنى از ظالمانست بر نفس خود كه بدين عمل خود را در ورطه هلاك انداخته] قالُوا اى بعض منهم مجيبين للسائلين فالآية تدل على ان القائلين جماعة سَمِعْنا من الناس فَتًى وهو الطري من الشبان يَذْكُرُهُمْ بسوء اى يعيب الأصنام فلعله فعل ذلك بها واطلق الذكر ولم يقيد لدلالة الحال فان ذكر من يكره ابراهيم ويبغضه انما يكون بذم ونظيره قولك سمعت فلانا يذكرك فان الذاكر صديقا فهو ثناء وان كان عدوا فذم يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ اى يطلق عليه هذا الاسم قالُوا اى السائلون قال ابن الشيخ بلغ ذلك النمرود الجبار واشراف قومه فقالوا فيما بينهم فَأْتُوا بِهِ [پس بياريد او را [عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ حال من ضمير به اى ظاهرا مكشوفا بمرأى منهم ومنظر بحيث تتمكن صورته فى أعينهم تمكن الراكب على المركوب لَعَلَّهُمْ اى بعضا منهم يَشْهَدُونَ بفعله او بقوله ذلك لئلا نأخذه بلا بينة وفيه اشارة الى ان فى بعض الكفار من لا يحكم على اهل الجنايات الا بمشهد من العدول فكل حاكم يحكم على متهم بالجناية من غير بينة فهو أسوأ حالا منهم ومن قوم نمرود كما فى التأويلات النجمية قالُوا فى الكلام حذف اى فأتوا به فلما شهدوه قالوا منكرين عليه فعله موبخين له أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا الكسر بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا مشيرا الى الذي لم يكسره وهذا صفة لكبير أسند الفعل اليه باعتبار انه الحامل عليه لانه لما رأى الأصنام مصطفة مزينة يعظمها المشركون ورأى على الكبير ما يدل على زيادة تعظيمهم له وتخصيصهم إياه بمزيد التواضع والخضوع غاظة وكان غيظ كبيرها اكبر وأشد وقال بعضهم فعله كبيرهم هذا غضب من ان تعبد معه هذه الصغار وهو اكبر منها: يعنى [كفت من آن نكرده ام بلكه كرده است اين را بزرك ايشان از روى خشم بر ايشان كه با وجود من چرا ايشانرا پرستند] فَسْئَلُوهُمْ عن حالهم إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ اى ان كانوا ممن ينطقون حتى يخبروا من فعل ذلك بهم وفى الحديث (لم يكذب ابراهيم النبي قط الا ثلاث كذبات) سميت المعاريض كذبا لما شابهت صورتها صورته والا فالكذب الصريح كبيرة فالانبياء معصومون منها فان قلت إذا كانت هذه معاريض لم جعلها سببا فى تقاعده عن الشفاعة حين يأتى الناس اليه يوم القيامة قلت الذي يليق بمرتبة النبوة والخلة ان يصدع بالحق ويصرح بالأمر ولكنه قد تنزل الى الرخصة فان حسنات الأبرار سيآت المقربين والتعريض تورية الكلام عن الشيء بالشيء وهو ان تشير بالكلام الى شىء والغرض منه شىء آخر فالغرض من قوله بل فعله كبيرهم الاعلام بان من لم يستطع دفع المضرة عن نفسه كيف يستطيع دفع المضرة عن غيره فكيف يصلح الها قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك المطلوب مباحا وواجب ان كان المقصود

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 64 إلى 65]

واجبا فهذا ضابطه ثنتين فى ذات الله اى فى طلب رضاه والثالثة كانت لدفع الفساد عن سارة وفيها رضى الله ايضا لكن لما كان له نفع طبيعى فيها خصص الثنتين بذات الله دونها قوله انى سقيم اى احدى تلك الكذبتين قوله انى سقيم وذلك انه لما قال له أبوه لو خرجت معنا الى عيدنا لأعجبك ديننا فخرج معهم فلما كان ببعض الطريق القى نفسه وقال انى سقيم تأويله ان قلبى سقيم بكفركم او مراده الاستقبال كما قال الكلبي كان ابراهيم من اهل بيت ينظرون فى النجوم وكانوا إذا خرجوا للعيد لم يتركوا الا مريضا فلما هم ابراهيم بكسر الأصنام نظر قبل العيد الى السماء وقال أراني اشتكى غدا فاصبح معصوبا رأسه فخرج القوم ولم يتخلف غيره وقوله بل فعله كبيرهم مر شرحه وواحدة فى شأن سارة وذلك انه قدم الاردنّ وبها ملك جبار يقال له صادوق ومعه سارة وكانت احسن الناس فقال لها ان هذا الجبار ان يعلم انك امرأتى يغلبنى عليك فاخبريه انك أختي اى فى الإسلام فانى لا اعلم فى الأرض مسلما غيرك وغيرى فلما دخل ارضه رآها بعض اهل الجبار فقال له لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغى ان تكون الا لك فارسل إليها فاتى بها وقام ابراهيم الى الصلاة والدعاء فلما دخلت عليه أعجبته فمد يده إليها فايبس الله تعالى يده فقال لها ادعى الله ان يطلق يدى ولا اضرك فدعت فعاد ثم وثم حتى دعا الذي جاء بها وقال أخرجها من ارضى وأعطاها هاجر وكانت جارية فى غاية الحسن والجمال وهبتها سارة لابراهيم فولدت له إسماعيل عليهما السلام فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ اى راجعوا عقولهم وتذكروا ان ما لا يقدر على دفع المضرة عن نفسه ولا على الإضرار بمن كسره بوجه من الوجوه يستحيل ان يقدر على دفع مضرة غيره او جلب منفعة له فكيف يستحق ان يكون معبودا فَقالُوا اى قال بعضهم لبعض فيما بينهم إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ بعبادتها لا من كسرها ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ اى انقلبوا الى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة شبه عودهم الى الباطل بصيرورة أسفل الشيء أعلاه من قولهم نكس المريض إذا عاد الى مرضه الاول بعد العافية والنكس قلب الشيء ورد آخره على اوله وقال الكاشفى [پس نكونسار كرده شدند بر سرهاى خود يعنى سر در پيش افكندند از خجالت وغيرت] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان لكل انسان عقلا لو رجع الى عقله وتفكر فى حاله لعلم صلاحه وفساد حاله: وفى المثنوى كشتئ بي لنكر آمد مرد نر ... كه ز باد كژ ندارد او حذر «1» لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى دريوزه كن از عاقلان وفيه اشارة اخرى وهى ان العقل وان كان يعرف الصلاح من الفساد ويميز بين الحق والباطل ما لم يكن له تأييد من نور الله وتوفيق منه لا يقدر على اختيار الصلاح واحتراز الفساد فيبقى مبهوتا كما كان حال قوم نمرود حيث نكسوا على رؤسهم إذ لم يكونوا موفقين فما نفعهم ما عرفوا من الحق: وفى المثنوى جز عنايت كه كشايد چشم را ... جز محبت كه نشاند خشم را «2» جهد بي توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان مثل زدن در رميدن كره اسب إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان تمنا كردن هاروت وماروت آمدن بزمين را

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 66 إلى 71]

لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ على ارادة القول اى قائلين لقد علمت يا ابراهيم ان ليس من شأنهم النطق فكيف تأمرنا بسؤالهم فاقروا بهذا للحيرة التي لحقتهم قالَ مبكتالهم أَفَتَعْبُدُونَ اى أتعلمون ذلك فتعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين عبادته تعالى ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً من النفع ان عبدتموهم وَلا يَضُرُّكُمْ ان لم تعبدوهم فان العلم بالحالة المنافية للالوهية مما يوجب الاجتناب عن عبادته قطعا أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تضجر منه من إصرارهم على الباطل البين وأف صوت التضجر إذا صوت بها الإنسان علم انه متضجر ومعناه قبحا ونتنا: وبالفارسية [زشتى وناخوشى شما را ومران چيز را كه مى پرستيد بجز خداى تعالى] واللام لبيان المتأفف له اى لكم ولآلهتكم هذا التأفف لا لغيركم وفى كتب النحو من اسماء الافعال أف بمعنى أتضجر أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أجننتم فلا تعقلون قبح صنيعكم قال ابن عطاء دعا الله تعالى عباده اليه وقطعهم عمادونه بقوله أَفَتَعْبُدُونَ إلخ كيف تعتمده وهو عاجز مثلك ولا تعتمد من اليه المرجع وبيده الضر والنفع قال حمدون القصار استغاثة الخلق بالخلق كاستغاثة المسجون بالمسجون وقال بعض الكبار طلبك من غيره لوجود بعدك عنه إذ لو كنت حاضرا بقلبك معه ما صح منك توجه لغيره وكل مادون الله خوض ولعب فالتعلق به زور وكذب فدع الكل جانبا وتعلق بمولاك حتما تجده فى كل مهم وغيره مغنيا وعند كل شىء حقا يقينا جعلنا الله ممن تعلق به بلا علة وعافانا من الذلة والزلة والقلة- حكى- ان امرأة حبيب العجمي الحت عليه ان يعمل بالاجرة طلبا للسعة فى الرزق فخرج من بيته وعبد الله الى الليل فعاد الى بيته وليس معه شىء فلما سألته امرأته قال عملت لعظيم كريم واستحييت ان اطلب الاجرة فلما مضى عليه ثلاثة ايام قالت اطلب الاجرة او اعمل لغيره او طلقنى فخرج الى الليل فلما عاد الى منزله وجد رائحة الطعام وامرأته مستبشرة فقالت ان الذي عملت له أرسل إلينا أشياء عظيمة وكيسا مملوا ذهبا فبكى حبيب وقال انه من عند الله الكريم فلما سمعت المرأة تابت وحلفت ان لا تعود الى مثله ابدا ففى هذه الحكاية فوائد. منها ان العمل بالاجرة وان كان امرا مشروعا لكن الحبيب اختار طاعة الحبيب وعد ذلك العمل من قبيل الاستناد الى الغير مع انه تعالى قال (من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته فوق ما اعطى السائلين) . ومنها ان الصبر مؤد الى الفتح ولو كان بعد حين فلابد من الصبر وترك الجزع. ومنها ان تلك المرأة عرفت الحال فتابت الى الله المتعال واختارت القوت والقناعة ولازمت العبادة والطاعة فان من اعرض عن الحق بعد ظهور البرهان فقد خان نفسه وأهان ألا ترى ان قوم ابراهيم بعد ما استبان لهم الحق رجعوا الى الكفر والإصرار وعبادة الأصنام من الخشب والأحجار فاهلكهم الله تعالى بالبعوض الصغار: وفى المثنوى هست دنيا قهر خانه كردكار ... قهر بين چون قهر كردى اختيار «1» استخوان وموى مقهوران نكر ... تيغ قهر افكنده اندر بحر وبر قالُوا حَرِّقُوهُ اى قال بعضهم لبعض لما عجزوا عن المحاجة وهكذا ديدن المبطل المحجوج

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان قصه فقير روزى طلب بى كسب ودعاى او مستجاب شدن [.....]

إذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع الا المناصبة واتفقت كلمتهم على إحراقه لانه أشد العقوبات وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الذي أشار بإحراقه رجل من اعراب العجم يعنى من الأكراد ولعمرى انهم لفى فسادهم وجفائهم وغلوهم فى تعذيب الناس بعد يقدمون ولا ينفكون عن ذلك ما ترى للاسلام الذي هو دين ابراهيم الخليل عليهم اثرا فى خلق ولا عمل خلقهم نهب اموال المسلمين وعلمهم ظلم وسرقة وقتل وقطع الطريق والله ما هؤلاء باهل الملة الغراء لاكثر الله فى الناس مثل هؤلاء إياك والمصاحبة باصلحهم والمرور ببلادهم وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ بالانتقام لها إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ امرا فى إهلاكه يعنى ان الإحراق هو المعتد به فى هذا الباب وقصته انه لما اجتمع نمرود وقومه لاحراقه عليه السلام حبسوه فى بيت بنو اله حائطا كالحظيرة ارتفاعه ستون ذراعا وذلك فى جنب جبل كوثى وهى بالضم قرية بالعراق ثم جمعوا له الحطب الكثير حتى ان الرجل المريض كان يوصى بشراء الحطب والقائه فيها وكانت المرأة لو مرضت قالت ان عافانى الله لاجمعن حطبا لابراهيم وكانت تنذر فى بعض ما تطلب لئن أصابته لتحتطبن فى نار ابراهيم وتغزل وتشترى الحطب بغزلها فتلقيه فى ذلك البنيان احتسابا فى دينها وكانت امرأة عجوز نذرت ان تحمل الحطب الى نار ابراهيم فحملت حزمة حطب وذهبت بها الى موضع النار فاعترضها ملك فى الطريق وقال اين تذهبين يا عجوز فقالت أريد نار ابراهيم فقال طول الله طريقك وقصر خطاك فاقامت تسير والحطب فوق رأسها وهى جيعانة عطشانة حتى ماتت لعنها الله تعالى قيل جمعوا له اصناف الحطب من انواع الخشب على ظهر الدواب أربعين يوما قال الكاشفى [وروغن فراوان برهيمه ريختند] يقال ان جميع الدواب امتنعت من حمل الحطب الا البغال فعاقبها الله ان أعقمها كما فى القصص وذكر فى فضائل القدس عن سعيد بن عبد العزيز انه قال فى زمن بنى إسرائيل فى بنت المقدس عند عين سلوان وعين سلوان فى القدس الشريف كزمزم فى مكة وكانت المرأة إذا قذفت أتوا بها فسقوها من ماء هذه العين فان كانت بريئة لم يضرها وان كانت سقيمة ماتت فلما حملت مريم أم عيسى عليه السلام أتوا بها وحملوها على بغلة فعثرت بها فدعت الله تعالى ان يعقم رحمها فعقمت من ذلك اليوم فلما أتتها شربت منها فلم تزد إلا خيرا فدعت الله تعالى ان لا يفضح امرأة مؤمنة فغارت انتهى ثم اوقدوا الحطب سبعة ايام فلما اشتعلت النار صار الهواء بحيث لو مر الطير فى أقصى الجو لاحترق من شدة وهجها اى شدة حرها- روى- انهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها لعدم تأتى القرب منها فجاء إبليس فى صورة شيخ وعلمهم عمل المنجنيق قال فى انسان العيون أول من وضع المنجنيق إبليس فانه لما جعلوا فى الحطب النار ووصلت النار الى رأس الجدار المرتفع المبنى جنب الجبل لم يدروا كيف يلقون ابراهيم فتمثل لهم إبليس فى صورة نجار فصنع لهم المنجنيق ونصبوه على رأس الجبل ووضعوه فيه والقوه فى تلك النار وأول من رمى به فى الجاهلية جذيمة الأبرش وهو أول من أوقد الشمع انتهى وقيل صنعه لهم رجل من الأكراد وكان أول من صنع المنجنيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة ثم عمدوا الى ابراهيم فوضعوه فى كفة المنجنيق مقيدا مغلولا فصاحت السماء والأرض ومن فيهما من الملائكة الا الثقلين

[سورة الأنبياء (21) : آية 69]

صيحة واحدة اى ربنا ما فى أرضك أحد يعبدك غير ابراهيم وانه يحرق فيك فائذن لنا فى نصرته فقال تعالى ان استغاث بأحد منكم لينصره فقد أذنت له فى ذلك فان لم يدع غيرى فانا اعلم به وانا وليه فخلوا بينى وبينه فانه خليلى ليس لى خليل غيره وانا الهه ليس له اله غيرى فلما أرادوا إلقاءه فى النار أتاه خازن الرياح فقال ان شئت طيرت النار فى الهواء وأتاه خازن المياه فقال ان أردت أخمدت النار فقال ابراهيم لا حاجة لى إليكم ثم رفع رأسه الى السماء فقال اللهم أنت الواحد فى السماء وانا الواحد فى الأرض ليس فى الأرض من يعبدك غيرى حسبى الله ونعم الوكيل وأقبلت الملائكة فلزموا كفة المنجنيق فرفعه أعوان النمرود فلم يرتفع فقال لهم إبليس أتحبون ان يرتفع قالوا نعم قال ائتوني بعشر نسوة فأتوه بهن فامرهن بكشف رؤسهن ونشر شعورهن ففعلوا ذلك فمدت الأعوان المنجنيق وذهبت الملائكة فارتفع ابراهيم فى الهواء كما فى القصص وذلك ان الملك لا يرى الرأس المكشوف من المرأة بخلاف الجنى ولذا لما رأى نبينا عليه السلام الملك فى بدء الوحى فزع منه فاجلسته خديجة رضى الله عنها فى حجرها والقت حمارها وهو ما يعطى به الرأس ثم قالت هل تراه قال لا قالت يا ابن عم اثبت وابشر فو الله انه لملك ما هذا بشيطان وحين القى فى النار قال لا اله الا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك قال فى التأويلات النجمية إذا أراد الله تعالى ان يكمل عبدا من عباده المخلصين يفديه بخلق عظيم كما انه تعالى إذا أراد استكمال حوت فى البحر يفديه بكثير من الحيتان الصغار فلما أراد تخليص إبريز الخلة من غش البشرية جعل النمرود وقومه فداء لابراهيم حتى اجمعوا على تحريقه بعد ان علموا انهم ظالمون فوضعوه فى المنجنيق ورموه الى النار فانقطع رجاؤه عن الخلق بالكلية متوجها الى الله تعالى مستسلما نفسه اليه حتى ان جبريل عليه السلام أدركه فى الهواء فامتحنه بقوله هل لك من حاجة وما كان فيه من الوجود ما تتعلق به الحاجة فقال اما إليك فلا قال له جبريل سل ربك امتحانا له فاخفى سره عن جبريل غيرة على حاله فقال حسبى من سؤالى علمه بحالي وما اظهر عليه حاله فادركته العناية الازلية بقوله قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ البرد خلاف الحر والسلام التعري من الآفات اى كونى ذات برد من حرك وسلامة من بردك فزال ما فيها من الحرارة والإحراق وبقي ما فيها من الاضاءة والاشراق واختاره المحققون لدلالة الظاهر عليه وهذا كما ترى من أبدع المعجزات فان انقلاب النار هواء طيبا وان لم يكن بدعا من قدرة الله لكن وقوع ذلك على هذه الهيئة مما يخرق العادات وقيل كانت النار بحالها الا انه تعالى خلق فى جسم ابراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار اليه كخزنة جهنم فى الآخرة وكما انه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة وبدن السمندل بحيث لا يضره المكث فى النار كما يشعر به ظاهر قوله على ابراهيم قيل فبردت نار الدنيا يومئذ ولم ينتفع بها أحد من أهلها ولو لم يقل على ابراهيم لبقيت ذات برد ابدا على كافة الخلق بل على جميع الأنبياء ولو لم يقل سلاما بعد قوله بردا لمات ابراهيم من بردها قال فى الكبير اما كونها سلاما عليه فلان البرد المفرط مهلك كالحر بل لا بد من الاعتدال وهو اما بان يقدر الله بردها بمقدار لا يؤثر او بان يصير بعض النار بردا ويبقى بعضها على حرارته

او بان يزيد فى حرارة جسمه حتى لا يتأثر ببردها قيل جعل كل شىء يطفئ عنه النار الا الوزغة فانها كانت تنفخ النار ولذا امر النبي عليه السلام بقتلها قيل لما القى فى النار كان فيها أربعين يوما او خمسين وقال ما كنت أطيب عيشا زمانا من الأيام التي كنت فيها فى النار كما قال بعض العارفين فى جبل لبنان وكان يأكل اصول النبات وأوراق الشجر ظننت ان حالى أطيب من حال اهل الجنة: قال الحافظ عاشقانرا كر در آتش مينشاند مهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كونم قيل لما رموه فى النار أخذت الملائكة بضبعي ابراهيم وأقعدوه فى الأرض فاذا عين ماء عذب وورد احمر ونرجس قال الكاشفى [چون ابراهيم بميدان آتش فرود آمد فى الحال غل وبند او بسوخت] فبعث الله تعالى ملك الظل فى صورة ابراهيم فجاء فقعد الى جنب ابراهيم يؤنسه وأتاه جبريل بقميص من حرير الجنة وطنفسة فالبسه القميص وأجلسه على الطنفسة وقعد معه يحدثه وقال يا ابراهيم ان ربك يقول أما علمت ان النار لا تضر أحبابي ثم نظر النمرود من صرح له واشرف على ابراهيم فرآه جالسا فى روضة مؤنقة ومعه جليس على احسن ما يكون من الهيئة والنار محيطة به فناداه يا ابراهيم هل تستطيع ان تخرج منها قال نعم قال قم فاخرج فقام يمشى حتى خرج فاستقبله النمرود وعظمه وقال من الرجل الذي رأيته معك فى صورتك قال ذلك ملك الظل أرسله ربى ليؤنسنى فيها فقال له النمرود انى مقرب الى إلهك قربانا لما رأيته من قدرته وعزته فيما صنع بك وانى ذابح له اربعة آلاف بقرة فقال ابراهيم لا يقبل الله منك ما كنت على دينك هذا قال النمرود لا أستطيع ترك ملكى وملتى لكن سوف اذبحها له ثم ذبحها وكف عن ابراهيم وفى القصص قال له النمرود اى بعد الخروج ما اعجب سحرك يا ابراهيم قال ليس هذا سحر ولكن الله جعل النار على بردا وسلاما وألبسني ثوب العز والبهاء فقال له النمرود فمن ذلك الرجل الذي كان جالسا عن يمينك والرجال الذين كانوا حولك فقال له ابراهيم فمن ملائكة ربى بعثهم الى يؤنسوننى ويبشروننى بان الله قد اتخذني خليلا فتحير النمرود ولم يدر ما يصنع بإبراهيم فحدثته نفسه بالجنون وقال لأصعدن الى السماء واقتل إلهك فامر ان يصنع له تابوت وثيق كما سبق فى اواخر سورة ابراهيم- وروى- انهم لما رأوه سالما لم يحترق منه سوى وثاقه قال هاران ابو لوط عليه السلام ان النار لا تحرقه لانه سحر النار لكن اجعلوه على شىء واوقدوا تحته فان الدخان يقتله ففعلوا فطارت شرارة الى لحية ابى لوط فاحرقتها- روى- ان ابراهيم القى فى النار وهو ابن ست عشرة سنة فان قلت هل وجد القول من الله تعالى حيث قال قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً او هو تمثيل قلت جعل الله النار باردة من غير ان يكون هناك قول وخطاب لقوله تعالى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وذهب بعضهم الى ان ذلك القول قد وجد والقائل هو الله او جبريل قال باوامر الله قال ابن عطاء سلام ابراهيم من النار بسلامة صدره لما حكى الله عنه إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ اى خال من جميع الأسباب والعوارض وبردت عليه النار لصحة توكله ويقينه مع ان نار العشق غالبة على كل شىء: وفى المثنوى عشق آن شعله است كو چون بر فروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت «1»

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ثواب عمل عاشق هم از حق است

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 70 إلى 71]

در پناه لطف حق بايد كريخت ... كو هزاران لطف بر أرواح ريخت «1» تا پناهى يابى آنكه چون پناه ... آب وآتش مر ترا كردد سپاه نوح وموسى را نه دريا يار شد ... نى بر اعدا شان بكين قهار شد آتش ابراهيم را نى قلعه بود ... تا بر آورد از دل نمرود دود كوه يحيى را نه سوى خويش خواند ... قاصدانش را بزخم سنك راند كفت اى يحيى بيا در من كريز ... تا پناهت باشم از شمشير تيز فان قلت لم ابتلاه الله بالنار فى نفسه قلت كل رسول اتى بمعجزة تناسب اهل زمانه فكان اهل ذلك الزمان يعبدون النار والشمس والنجوم معتقدين انها من حيث أرواحها تربى الهياكل والأجسام بخاصية طبائع هن عليها فاراهم الله تعالى الحق ان العنصر الأعظم عندهم هو حقيقة الشمس وروح كرة الأثير والنجوم ولا تضر تلك الآلهة الا بإذن الله بسريان القدرة القاهرة فى حقائق العناصر وقيل ابتلاه الله بالنار لان كل انسان يخاف بالطبع من صفة القهر كما قيل لموسى لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى فاراه تعالى ان النار لا تضر شيأ الا بإذن الله تعالى وان ظهرت بصفة القهر ولذلك اظهر الجمع بين التضاد بجعلها بردا وسلاما ومعجزة قاهرة لاعدائه المعتقدين بوصف الربوبية للعنصر الأعظم فكان ابتلاؤه بالنار معجزة ساطعة لعبدة النيران والنجوم كذا فى اسئلة الحكم وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً مكرا عظيما فى الإضرار به فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ اى أخسر من كل خاسر حيث عاد سعيهم فى اطفاء نور الحق برهانا قاطعا على انه على الحق وهم على الباطل وموجبا لارتفاع درجته واستحقاقهم لاشد العذاب: وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «2» چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كه كند تف سوى مه با آسمان تف برويش باز كردد بي شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى تا قيامت تف برو بارد ز رب ... همچوتبت بر روان بو لهب وقيل فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ اى من الهالكين بتسليط البعوض عليهم وقتله إياهم وهو أضعف خلق الله تعالى وما برح النمرود حتى رأى أصحابه قد أكلت البعوض لحومهم وشربت دماءهم ووقعت واحدة فى منخره فلم تزل تأكل الى ان وصلت الى دماغه وكان أكرم الناس عليه الذي يضرب رأسه بمرزبة من حديد فاقام بهذا نحوا من اربعمائة سنة وقد سبق فى سورة النحل وَنَجَّيْناهُ اى ابراهيم من الإحراق ومن شر النمرود وَلُوطاً هو ابن أخي ابراهيم اسمه هاران مهاجرا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ اى من العراق الى الشام قيل كانت واقعة ابراهيم مع النمرود بكوثى فى حدود بابل من ارض العراق فنجاه الله من تلك البقعة الى الأرض المباركة الشامية وعن سفيان انه خرج الى الشام فقيل له الى اين فقال الى بلد يملا فيه الجراب بدرهم وقد كان الله تعالى بارك فى الأرض المقدسة ببعث اكثر الأنبياء فيها ونشر شرائعهم

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان بيرون انداختن مرد تاجر طوطى را از قفسى إلخ (2) در أوائل دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن آن طعنه را إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 72 إلى 77]

هى البركات الحقيقة الموصلة للعالمين الى الكمالات والسعادة الدينية والدنيوية وبكثرة الماء والشجر والثمر والحطب وطيب عيش الغنى والفقير وقال ابى بن كعب سماها مباركة لان ما من ماء عذب الا وينبع أصله من تحت الصخرة التي بيت المقدس وقد كان لوط النبي آمن بإبراهيم ابن تارخ وهو لوط بن هاران بن تارخ ابن تاخور وآزر لقب تارخ وكان هاران وابراهيم أخوين وآمنت به ايضا سارة بنت عم ابراهيم وسارة بنت هاران الأكبر عم ابراهيم فخرج من كوثى مهاجرا الى ربه ومعه لوط وسارة يلتمس الفرار بدينه والامان على عبادة ربه حتى نزل حران فمكث بها ما شاء الله ثم ارتحل منها ونزل بفلسطين ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر ثم خرج من مصر وعاد الى ارض الشام ونزل لوط بالمؤتفكة وبعثه الله نبيا الى أهلها- روى- عن رسول الله عليه السلام انه قال (ستكون هجرة بعد هجرة فخيار اهل الأرض الزمهم الى مهاجر ابراهيم) أراد عليه السلام بالهجرة الثانية الهجرة الى الشام والمقصود ترغيب الناس فى المقام بها وفى الحديث (بيت المقدس ارض الحشر والنشر والشام صفوة الله من بلاده يجبئ إليها صفوته من خلقه) وفى المرفوع (عليكم بالشام) سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم وفى المثنوى مسكن يارست وشهر شاه من ... پيش عاشق اين بود حب الوطن «1» وَوَهَبْنا لَهُ اى لابراهيم بعد نزوله فى الأرض المباركة وطلب الولد منها إِسْحاقَ ولدا لصلبه من سارة معناه بالعبرانية الضحاك كما ان معنى إسماعيل بها مطيع الله وَيَعْقُوبَ اى ووهبنا له يعقوب ايضا حال كونه نافِلَةً اى ولد ولد فهو حال من المعطوف عليه فقط لعدم اللبس وسمى يعقوب لانه خرج عقيب أخيه عيص او متمسكا بعقبه قال فى القاموس النافلة الغنيمة والعطية وما تفعله مما لم يجب كالنفل وولد الولد وَكُلًّا اى كل واحد من هؤلاء الاربعة بعضهم دون بعض جَعَلْنا صالِحِينَ بان وفقناهم للصلاح فى الدين والدنيا فصاروا كاملين وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يقتدى بهم فى امور الدين يَهْدُونَ اى الامة الى الحق بِأَمْرِنا لهم بذلك وارسالنا إياهم حتى صاروا مكملين وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ليحثوهم عليه فيتم كمالهم بانضمام العمل الى العلم يقول الفقير جعلوا المصدر من المبنى للمفعول بمعنى ان يفعل الخيرات بناء على ان التكاليف يشترك فيها الأنبياء والأمم ولكن قوله تعالى فى اواخر هذه السورة إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وقوله تعالى فى سورة مريم حكاية عن عيسى عليه السلام وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ينادى على انه من المبنى للفاعل ولا يضر ذلك فى الاشتراك إذا لانبياء اصل فى الذي اوحى إليهم من الأوامر وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ عطف الخاص على العام دلالة على فضله وحذفت تاء الاقامة المعوضة من احدى الألفين لقيام المضاف اليه مقامه وَكانُوا لَنا خاصة دون غيرنا عابِدِينَ لا يخطر ببالهم غير عبادتنا والعبادة غاية التذلل قال فى التأويلات النجمية قوله وَوَهَبْنا يشير الى ان الأولاد من مواهب الحق لا من مكاسب العبد وقوله وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ يشير الى ان الصلاحية

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان عزم كردن آن وكيل از عشق كه رجوع كند ببخارا

[سورة الأنبياء (21) : آية 74]

من المواهب ايضا وحقيقة الصلاحية حسن الاستعداد الفطرىّ لقبول الفيض الالهىّ وقوله وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا يشير الى ان الامامة ايضا من المواهب وانه ينبغى ان الامام يكون هاديا بامر الله لا بالطبع والهوى وان كان له اصل البداية وقوله وَأَوْحَيْنا إلخ يشير الى ان هذه المعاملات لا تصدر من الإنسان الا بالوحى للانبياء وبالإلهام للاولياء وان طبيعة النفس الانسانية ان تكون امارة بالسوء انتهى واعلم ان آخر الآيات نبه على اهل الإخلاص بالعبارة وعلى غيره بالاشارة فالاول هو العبد المطلق والثاني هو عبد هواه ودنياه وفى الحديث (تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار) خصصهما بالذكر لانهما معظم ما يعبد من دون الله تعالى وعن يحيى بن معاذ انه قال الناس ثلاثة اصناف. رجل شغله معاده عن معاشه. ورجل شغله معاشه عن معاده. ورجل مشتغل بهما جميعا فالاول درجة العابدين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين: وفى المثنوى آدمي را هست در كار دست ... ليك ازو مقصود اين خدمت بدست «1» تا جلا باشد مرين آيينه را ... كه صفا آيد ز طاعت سينه را «2» جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود «3» بند بگسل باش آزاد اى پسر ... چند باشى بند سيم وبند زر «4» هر كه از ديدار بر خوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «5» باز اگر باشد سپيد وبي نظير ... چونكه صيدش موش باشد شد حقير «6» وَلُوطاً منصوب بمضمر يفسره قوله آتَيْناهُ اى وآتينا لوطا آتيناه حُكْماً قال فى التأويلات النجمية حكمة حقيقة وفى بحر العلوم هو ما يجب فعله وفى الجلالين فصلا بين الخصوم بالحق يقول الفقير الحكم وان كان أعم من الحكمة لكنه فى حق الأنبياء بمعناها غالبا كما يدل عليه قوله تعالى فى حق يحيى عليه السلام وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وهو الفهم عن الله تعالى وقوله تعالى فى حق داود عليه السلام وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ فرق بين الملك والحكمة والعلم فيكون معنى قوله وَعِلْماً اى علما نافعا يتعلق بامور الدين وقواعد الشرع والملة وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ قرية سدوم أعظم القرى المؤتفكة اى المنقلبة المجعول عاليها سافلها وهى سبع كما سبق الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ جمع خبيثة والخبيثة ما يكره رداءة وخساسة يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال وأعوذ بك من الخبث والخبائث اى من ذكور الشياطين وإناثها والمراد هاهنا اللواطة وصفت القرية بصفة أهلها وأسندت إليها على حذف المضاف وإقامتها مقامه كما يوزن به قوله إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ [كروهى بد] قال الراغب السوء كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والاخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجية من فوات مال وفقد حميم ويعبر به عن كل ما يقبح وهو مقابل الحسن فاسِقِينَ اى منهمكين فى الكفر والمعاصي متوغلين فى ذلك: وبالفارسية [بيرون رفتكان از دائره فرمان] وفى الآية اشارة الى ان النجاة من الجليس السوء من المواهب والاقتران معه من الخذلان

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكمت در آفريدن دوزخ در آن جهان إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه لطفها در قهرها پنهان است إلخ (3) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى إلخ (4) در ديباجه دفتر يكم (5) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ (6) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 75 إلى 77]

زينهار از قرين بد زنهار ... وقنا ربنا عذاب النار وفى المثنوى هر حويجى باشدش كردى دكر ... در ميان باغ از سير وكبر «1» هر يكى با جنس خود در كرد خود ... از براى پختكى نم ميخورد تو كه كرد زعفرانى زعفران ... باش آميزش مكن با ضميران آب ميخور زعفرانا تا رسى ... زعفرانى اندر آن حلوا رسى تو مكن در كرد شلغم پوز خويش ... تا نكردد با تو او همطبع وكيش تو بگردى او بگردى مودعه ... زانكه ارض الله آمد واسعه وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا فى اهل رحمتنا الخاصة إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ الذين سبقت لهم منا الحسنى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الرحمة على نوعين خاص وعام فالعام منها يصل الى كل بر وفاجر كقوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ والخاص لا يكون الا للخواص وهو الدخول فى الرحمة وذلك متعلق بالمشيئة وحسن الاستعداد ولهذا قال إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ المستعدين لقبول فيض رحمتنا والدخول فيها وهو اشارة الى مقام الوصول فافهم جدا كقوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَنُوحاً إِذْ نادى ظرف للمضاف المقدر اى اذكر نبأه الواقع حين دعائه على قومه بالهلاك مِنْ قَبْلُ اى من قبل هؤلاء المذكورين فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه الذي هو قوله أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ قال فى بحر العلوم الاستجابة الاجابة لكن الاستجابة تتعدى الى الدعاء بنفسها والى الداعي باللام ويحذف الدعاء إذا عدى الى الداعي فى الغالب فيقال استجاب الله دعاءه او استجاب له ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه وهو الدليل على ان النداء المذكور بمعنى الدعاء لان الاستجابة تقتضى دعاء فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ من الغم العظيم الذي كانوا فيه من اذية قومه قال الراغب الكرب الغم الشديد من كرب الأرض قلبها بالحفر فالغم يثير النفس اثارة ذلك وَنَصَرْناهُ نصرا مستتبعا للانتقام والانتصار ولذلك عدى بمن حيث قيل مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اولا وآخرا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ [كروهى بد يعنى كافر بودند چهـ كفر سر جمله همه بديهاست] فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ فانه لم يجتمع الإصرار على التكذيب والانهماك فى الشر والفساد فى قوم الا اهلكهم الله تعالى اعلم ان الدعاء إذا كان بإذن الله تعالى وخلوص القلب كما للانبياء وكمل الأولياء يكون مقرونا بالاجابة- روى- ان زيد بن ثابت رضى الله عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد وأراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت الله فقال الله تعالى أدرك عبدى ففى الحكاية امور. منها لا بد لاهل الطريق من الرفيق لكن يلزم تفتيش حاله ليكون على أمان من المخلوق وقد كثر العدو فى صورة الصديق فى هذا الزمان: وفى المثنوى

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان مثل قانع شدن آدمي بدنيا وحرمى او در طلب

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 إلى 82]

آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست «1» وقد قيل فى حل شىء عبرة والعبرة فى الغراب شدة حذره. ومنها ان الدعاء من اسباب النجاة فرعها الله عليه حيث قال فَنَجَّيْناهُ بعد قوله فَاسْتَجَبْنا لَهُ قال الحافظ مرا درين ظلمات آنكه رهنمائى كرد ... دعاى نيم شبى بود وكريه سحرى وفى المثنوى آن نياز مريمى بودست ودرد ... كه چنان طفلى سخن آغاز كرد «2» هر كجا دردى دوا آنجا رود ... هر كجا پستيست آب آنجا رود «3» . ومنها ان الله تعالى يعين عبده المضطر من حيث لا يحتسب إذ كل شىء جند من جنوده كما حكى ان سفينة مولى رسول الله عليه السلام اخطأ الجيش بأرض الروم فاسر فانطلق هاربا يلتمس فاذا هو بالأسد فقال يا أبا الحارث انا سفينة مولى رسول الله وكان من امرى كيت وكيت فاقبل الأسد يبصبص حتى قام الى جانبه كلما سمع صوتا أهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد: قال الشيخ سعدى قدس سره يكى ديدم از عرصه رودبار ... كه پيش آمدم بر پلنگى سوار چنان هول از ان حال بر من نشست ... كه ترسيدنم پاى رفتن به بست تبسم كنان دست بر لب كرفت ... كه سعدى مدار آنچهـ آيد شكفت تو هم كردن از حكم داور مپيچ ... كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دوست دشمن كذارد ترا . ومنها ان الملك يتمثل لخواص البشر قال الغزالي رحمه الله فى المنقذ من الضلال ان الصوفية يشاهدون الملائكة فى يقظتهم اى لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد اسباب الدنيا من الجاه والمال وإقبالهم على الله تعالى بالكلية علما دائما وعملا مستمرا شد فرشته ديدن از شان فرشته خصلتى وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ اى اذكر خبرهما وقت حكمهما فى وقت الحرث وهو بالفارسية [كشت] إِذْ نَفَشَتْ تفرقت وانتشرت ظرف للحكم فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ليلا بلا راع فرعته وأفسدته فان النفش ان ينتشر الغنم ليلا بلا راع والغنم محركة الشاة لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعا كما فى القاموس وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ اى لحكم الحاكمين والمتحاكمين إليهما فان قيل كيف يجوز ان يجعل الضمير لمجموع الحاكمين والمتحاكمين وهو يستلزم اضافة المصدر الى فاعله ومفعوله دفعة واحدة وهو انما يضاعف الى أحدهما فقط لان إضافته الى الفاعل على سبيل القيام به وإضافته الى المفعول على سبيل الوقوع عليه فهما معمولان مختلفان فلا يكون اللفظ الواحد مستعملا فيهما معا وايضا انه يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لان إضافته الى الفاعل حقيقة والى المفعول مجاز فالجواب ان هذه الاضافة لمجرد الاختصاص مع كون القطع عن كون المضاف اليه فاعلا

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وبيان فضيلت إلخ (2) لم أجد (3) در اواسط دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى هر چهـ داد وآفريد همه باستدعا وحاجت آفريد إلخ [.....]

[سورة الأنبياء (21) : آية 79]

او مفعولا على طريق عموم المجاز كأنه قيل وكنا للحكم المتعلق بهم شاهِدِينَ حاضرين علما وهو مقيد لمزيد الاعتناء بشأن الحكم وفى التأويلات النجمية يشير الى انا كنا حاضرين فى حكمهما معهما وانما حكما بارشادنا لهما ولم يخطئ أحد منهما فى حكمه الا انا أردنا تشييد بناء الاجتهاد بحكمهما عزة وكرامة للمجتهدين ليقتدوا بهما مستظهرين بمساعيهم المشكورة فى الاجتهاد فَفَهَّمْناها اى الحكومة سُلَيْمانَ وهو ابن احدى عشرة سنة وقال الكاشفى [در سن سيزده سالكى] قال فى التأويلات النجمية يشير الى رفعة درجة بعض المجتهدين على بعض وان الاعتبار فى الكبر والفضيلة بالعلم وفهم الاحكام والمعاني والاسرار لا بالسن فانه فهم بالاحق والأصوب وهو ابن صغير وداود نبى مرسل كبير وحكما [كفته اند توانكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال] فى القصص ان بنى إسرائيل حسدوا سليمان على ما اوتى من العلم فى صغر سنه فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود ان الحكمة تسعون جزأ سبعون منها فى سليمان وعشرون فى بقية الناس وَكُلًّا [هر يك را ز پدر و پسر] آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً كثيرا لا سليمان وحده فحكم كليهما حكم شرعى قال فى التأويلات النجمية اى حكمة وعلما ليحكم كل واحد منهما موافقا للعلم والحكمة بتأييدنا وان كان مخالفا فى الحكم بحكمتنا ليتحقق صحة امر الاجتهاد وان كل مجتهد مصيب كما قال فى الإرشاد وهذا يدل على ان خطأ المجتهد لا يقدح فى كونه مجتهدا- روى- انه دخل على داود عليه السلام رجلان فقال أحدهما ان غنم هذا دخلت فى حرثى ليلا فافسدته فقضى له بالغنم إذ لم يكن بين قيمة الحرث وقيمة الغنم تفاوت فخرجا فمرا على سليمان عليه السلام فاخبراه بذلك فقال غير هذا ارفق بالفريقين فسمعه داود فدعاه فقال له بحق النبوة والابوة ألا أخبرتني بالذي هو ارفق بالفريقين فقال ارى ان تدفع الغنم الى صاحب الأرض لينتفع بدرها ونسلها وصوفها والحرث الى ارباب الغنم ليقوموا عليه اى بالحرث والزرع حتى يعود الى ما كان ويبلغ الحصاد ثم يترادّا فقال القضاء ما قضيت وامضى الحكم بذلك قال فى الإرشاد الذي عندى ان حكمهما كان بالاجتهاد فان قول سليمان غير هذا ارفق بالفريقين ثم قوله ارى ان تدفع إلخ صريح فى انه ليس بطريق الوحى والا لبت القول بذلك ولما ناشده داود لاظهار ما عنده بل وجب عليه ان يظهره ابتداء وحرم عليه كتمه ومن ضرورته ان يكون القضاء السابق ايضا كذلك ضرورة استحالة نقض حكم النص بالاجتهاد انتهى والاجتهاد بذل الفقيه الوسع ليحصل له ظن بحكم شرعى وهو جائز للانبياء عند اهل السنة ليدركوا ثواب المجتهدين وليقتدى بهم غيرهم ولذا قال عليه السلام (العلماء ورثة الأنبياء) فانه يستلزم ان تكون درجة الاجتهاد ثابتة للانبياء ليرث العلماء عنهم ذلك الا ان الأنبياء لا يقرون على خطأ وفى الحديث (إذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله أجران وإذا حكم واجتهد واخطأ فله اجر) وفى كل حادثة حكم معين عند الله وعليه دليل قطعى او ظنى فمن وجده أصاب ومن فقده اخطأ ولم يأثم فان قيل لو تعين الحكم فالمخالف له لم يحكم بما انزل الله فيفسق او يكفر قلنا انه امر بالحكم بما ظنه وان اخطأ فقد حكم بما انزل الله قال فى بحر العلوم واعلم ان فى هذه الآية دليلا على ان المجتهد

يخطئ او يصيب وان الحق واحد فى المسائل الاجتهادية إذ لو كان كل من الاجتهادين صوابا وحقا لكان كل منهما قد أصاب الحق وفهمه ولم يكن لتخصيص سليمان خلافه بالذكر جهة فانه فى هذا المقام يدل على نفى الحكم عما عداه وعلى ان للانبياء اجتهادا كما للعلماء على انه لو كان كل مجتهد مصيبا لزم اتصاف الفعل الواحد بالنقيضين من الصحة والفساد والوجوب والحظر والإباحة وهو ممتنع: وفى المثنوى وهم افتد در خطا ودر غلط ... عقل باشد در أصابتها فقط «1» مجتهد هر كه كه باشد نص شناس ... اندر آن صوت نينديشد قياس «2» چون نيايد نص اندر صورتى ... از قياس آنجا نمايد عبرتى وَسَخَّرْنا [ورام ساختيم] مَعَ داوُدَ الْجِبالَ مع متعلقة بالتسخير وهو تذليل الشيء وجعله طائعا منقادا. وسفن سواخر إذا اطاعت وطابت لها الريح يُسَبِّحْنَ حال من الجبال اى يقدسن الله تعالى بحيث يسمع الحاضرون تسبيحهن فانه هو الذي يليق بمقام الامتنان لا انعكاس الصدى فانه عام وكذا ما كان بلسان الحال فاعرف وَالطَّيْرَ عطف على الجبال وقدمت الجبال على الطير لان تسخيرها وتسبيحها اعجب وادل على القدر وادخل فى الاعجاز لانها جماد والطير حيوان وَكُنَّا فاعِلِينَ قادرين على ان نفعل هذا وان كان عجبا عندكم- روى- ان داود كان إذا مر يسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط فى التسبيح ويشتاق اليه قال الكاشفى [مؤمن موقن بايد كه اعتقاد كند برين وجه كه كوهها ومرغان بموافقت داود بر وجهى تسبيح مى كفته اند كه همه سامعانرا تركيب حروف وكلمات آن مفهوم ميشده واين معنى از قدرت الهى غريب نيست] هر كجا قدرتش علم افراخت ... از غرائب هر آنچهـ خواست بساخت قدرتى را كه نيست نقصانش ... كارها جمله هست آسانش وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الذاكر لله إذا استولى عليه سلطان الذكر تتنور اجزاء وجوده بنور الذكر فيتجوهر قلبه وروحه بجوهر الذكر فربما ينعكس نور الذكر من مرآة القلب الى ما يحاذيها من الجمادات والحيوانات فتنطقه بالذكر فتارة يذكر معه اجزاء وجوده وتارة يذكر معه بعض الجمادات والحيوانات كما كانت الحصاة تسبح فى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والضب يتكلم معه- وروى- عن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قال كنا نأكل الطعام ونسمع تسبيحه انتهى وفى عرائس البقلى رحمه الله كان يطلب كل وقت مكانا خاليا لذكره وأنسه فيدخل الجبال لانها ملتبسة بانوار قدرته حالية عن صنع اهل الحدثان باقية على ما أخرجت من العدم بكسوة نور القدم فاذا كان مسبحا سبحت الجبال معه والطير بلسان نور الفعل الحق كأنه تعالى بنزه نفسه بتنزيه داود حيث غلب على داود سطوات عظمته ونور كبريائه قال محمد ابن على رحمه الله جعل الله الجبال تسلية للمجذوبين وأنسا للمكروبين والانس الذي فى الجبال هو انها خالية عن صنع الخلائق فيها بحال باقية على صنع الخالق لا اثر فيها لمخلوق فتوحش والآثار التي فيها آثار الصنع الحقيقي عن غير تبديل ولا تحويل انتهى قال ابن عباس رضى الله

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه هر چهـ غفلت وكاهلى إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان تشبيه كردن نفى مطلق إلخ

[سورة الأنبياء (21) : آية 80]

عنهما ان بنى إسرائيل كانوا قد تفرقوا قبل مبعث داود واقبلوا على ملاهى الشيطان وهى العيدان والطنابير والمزامير والصنوج وما أشبهها فبعث الله داود وأعطاه من حسن الصوت ونغمة الالحان حتى كان يتلو التوراة بترجيع وخفض ورفع فاذهل عقول بنى إسرائيل وشغلهم عن تلك الملاهي وصاروا يجتمعون الى داود يستمعون الحانه وكان إذا سبح تسبح معه الجبال والطير والوحشي كما فى قصص الأنبياء: قال الشيخ سعدى قدس سره به از روى زيباست آواز خوش ... كه اين حظ نفس است وآن قوت روح وقال اشتر بشعر عرب در حالتست وطرب ... كر ذوق نيست ترا كژ طبع جانورى وقال وعند هبوب الناشرات على الحمى ... تميل غصون البان لا الحجر الصلد وكما ان الأصوات الحسنة والنغمات الموزونة تؤثر فى النفوس فتجذبها من الشر الى الخير بالنسبة الى المستعد الكامل فكذا الأصوات القبيحة والنغمات الغير الموزونة تؤثر فى النفوس فتفعل خلاف ما يفعل خلافها: وفى المثنوى يك مؤذن داشت بس آواز بد ... در ميان كافرستان بانك زد «1» چند كفتندش مكو بانك نماز ... كه شود جنك وعداوتها دراز او ستيزه كرد وبس بي احتراز ... كفت در كافرستان بانك نماز خلق خائف شد ز فتنه عامه ... خود بيامد كافرى با جامه شمع وحلوا با چنان جامه لطيف ... هديه آورد وبيامد چون اليف پرس پرسان كين مؤذن كو كجاست ... كه صلاى بانك او راحت فزاست دخترى درام لطيف وبس سنى ... آرزو مى بود او را مؤمنى هيچ اين سودا نمى رفت از سرش ... پندها ميداد چندى كافرش هيچ چاره مى ندانستم دران ... تا فرو خواند اين مؤذن آن أذان كفت دختر چيست اين مكروه بانك ... كه بكوشم آمد اين دو چار دانك من همه عمر اين چنين آواز زشت ... هيچ نشنيدم درين دير وكنشت خواهرش كفتا كه اين بانك أذان ... هست اعلام وشعار مؤمنان باورش نامد بپرسيد از دكر ... آن دكر هم كفت آرى اى قمر چون يقين كشتش رخ او زرد شد ... از مسلمانى دل او سرد شد باز رستم من ز تشويش وعذاب ... دوش خوش خفتم داران بي خوف خواب راحتم اين بود از آواز او ... هديه آوردم بشكر آن مرد كو چون بديدش كفت اين هديه پذير ... چون مرا كشتى مجير ودستكير كر بمال وملك وثروت فردمى ... من دهانت را پر از زر كردمى وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ اى عمل الدروع: وبالفارسية [ساختن زره] والصنع اجادة

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان حكايت يك مؤذن زشت آواز كه در كافرستان بانك نماز زد إلخ

الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا والصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمل الصنعة واللبوس فى الأصل اللباس درعا كان او غيرها ولبس الثوب استتر به وكانت الدروع قبل داود صفائح اى قطع حديد عراضا فحلقها وسردها لَكُمْ اى لنفعكم متعلق بعلمنا او بمحذوف هو صفة لبوس والمعجزة فيه ان فعل ذلك من غير استعانة بأداة وآلة من نحو الكير والنار والسندان والمطرقة وكان لقمان يجلس مع داود ويرى ما يصنع ويهمّ ان يسأل عنها لانه لم يرها قبل ذلك فيسكت فلما فرغ داود من الدرع قام وأفرغه على نفسه وقال نعم الرداء هذا للحرب فقال لقمان عندها ان من الصمت لحكمة قالت الحكماء وان كان الكلام فضة فالصمت من ذهب اگر بسيار دانى اندكى كوى ... يكى را صد مكو صد را يكى كوى لِتُحْصِنَكُمْ لتحرزكم اى اللبوس بتأويل الدرع ودرع حصينة لكونها حصنا للبدن فتجوّ زبه فى كل تحرز وهو بدل اشتمال من لكم باعادة الجار لان لتحصنكم فى تأويل لاحصانكم وبين الإحصان وضمير لكم ملابسة الاشتمال مبين لكيفية الاختصاص والمنفعة المستفادة من لكم مِنْ بَأْسِكُمْ البأس هنا الحرب وان وقع على السوء كله اى من حرب عدوكم: وبالفارسية [از كارزار شما يعنى از قتل وجراحت در كار زار بماندند تيغ وتير ونيزه] وفى الآية دلالة على ان جميع الصنائع بخلق الله وتعليمه وفى الحديث (ان الله خلق كل صانع وصنعه) وفى المثنوى قابل تعليم وفهمست اين خرد ... ليك صاحب وحي تعليمش دهد «1» جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ذلك يعنى قد ثبت عليكم النعم الموجبة للشكر حيث سهل عليكم المخرج من الشدائد فاشكروا له قال الكاشفي: يعنى [شكر كوييد خدايرا بر چنين لباس] فهو امر وارد على صورة الاستفهام والخطاب لهذه الامة من اهل مكة ومن بعدهم الى يوم القيامة اخبر الله تعالى ان أول من عمل الدرع داود ثم تعلم الناس فعمت النعمة بها كل محارب من الخلق الى آخر الدهر فلزمهم شكر الله على هذه النعمة وقال بعضهم الخطاب لداود واهل بيته بتقدير القول اى فقلنا لهم بعد ما أنعمنا عليهم بهذه النعم بل أنتم شاكرون وما اعطى لكم من النعم التي ذكرت من تسخير الجبال له والطير وإلانة الحديد وعلم صنعة اللبوس قيل ان داود خرج يوما متفكرا طالبا من يسأله عن سيرته فى مملكته فاستقبل جبريل على صورة آدمي ولم يعرفه داود فقال له كيف ترى سيرة داود فى مملكته فقال له جبريل نعم الرجل هو لولا ان فيه خصلة واحدة قال وما هى قال بلغني انه يأكل من بيت المال وليس شىء أفضل من ان يأكل الرجل من كدّ يده فرجع داود وسأل الله ان يجعل رزقه من كدّيده فألان له الحديد وكان يتخذ الدرع من الحديد ويبيعها ويأكل من ذلك يقول الفقير قد ثبت فى الفقه ان فى بيت المال حق العلماء وحق السادات ونحوهم فالاكل منه ليس بحرام عند اهل الشريعة والحقيقة لكن الترك أفضل لاهل التقوى كما دل عليه قصة داود وقس عليه الأوقاف ونحوها من الجهات المعينة وذلك لانه

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان در آمدن هر روز حضرت سليمان عليه السلام در مسجد أقصى إلخ

لا يخلو عن شبهة فى هذا الزمان مع ان الاستناد الى الرزق المعلوم ينافى التوكل التام ولذا لم يأكل كثير من اهل الحق ربح المال الموقوف بل أكلوا مما فتح الله عليهم من الصدقات الطيبة من غير حركة ذهنية منهم فضلا عن الحركة الحسية نعم أكل بعضهم من كسب يده قال الحافظ فقيه مدرسه دى مست بود وفتوى داد ... كه مى حرام ولى به ز مال اوقافست غلط الشراح فى شرح هذا البيت وأقول تحقيقه ان قوله «ولى به» من كلام الحافظ لا من كلام المفتى. يعنى ان الفقيه كان سكران من شراب الغفلة وحب الدنيا والاعتماد على مال المدرسة ولذا أنكر اهل حال العشق وجعل شرابهم الذي هو العشق حراما ولكن ليس الأمر كما قال فانه اولى من مال الوقف. يعنى ان العشق والتوكل التام اللذين عليهما محققوا الصوفية أفضل من الزهد والاكل من مال الوقف اللذين عليهما فقهاء العصر وعلماؤه فالانكار يتعلق بالفقيه المعتمد لا بالعاشق المتوكل قال العلماء كان الأنبياء عليهم السلام يحترفون بالحرف ويكتسبون بالمكاسب. فقد كان إدريس خياطا. وقد كان اكثر عمل نبينا عليه السلام فى بيته الخياطة وفى الحديث (عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل) كما فى روضة الاخبار وفى الحديث (علموا بنيكم السباحة والرمي ولنعم لهو المؤمنة مغزلها وإذا دعا أبوك وأمك فاجب أمك) كما فى المقاصد الحسنة للسخاوى وفى الحديث (صرير مغزل المرأة يعدل التكبير فى سبيل الله والتكبير فى سبيل الله أثقل فى الميزان من سبع سموات وسبع ارضين) وفى الحديث (المغزل فى يد المرأة الصالحة كالرمح فى يد الغازي المريد به وجه الله تعالى) كما فى مجمع الفضائل. وكان نوح نجارا. وابراهيم بزازا وفى الحديث (لو اتجر اهل الجنة لا تجروا فى البز ولو اتجر اهل النار لا تجروا فى الصرف) كذا فى الاحياء. وداود زرادا. وآدم زراعا وكان أول من حاك ونسج أبونا آدم قال كعب مرت مريم فى طلب عيسى بحاكة فسألت عن الطريق فارشدوها الى غير الطريق فقالت اللهم انزع البركة من كسبهم وأمتهم فقراء وحقرهم فى أعين الناس فاستجيب دعاؤها ولذا قيل لا تستشيروا الحاكة فان الله سلب عقولهم ونزع البركة من كسبهم. وكان سليمان يعمل الزنبيل فى سلطته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال. وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة فانه عليه السلام آجر نفسه قبل النبوة فى رعى الغنم وقال (وما من نبى الا وقد رعاها) ومن حكمة الله فى ذلك ان الرجل إذا استرعى الغنم التي هى أضعف البهائم سكن قلبه الرأفة واللطف تعطفا فاذا انتقل من ذلك الى رعاية الخلق كان قد هرب اولا من الحدة الطبيعية والظلم الغريزي فيكون فى اعدل الأحوال وحينئذ لا ينبغى لاحد عير برعاية الغنم ان يقول كان النبي عليه السلام يرعى الغنم فان قال ذلك ادّب لان ذلك كما علمت كمال فى حق الأنبياء دون غيرهم فلا ينبغى الاحتجاج به ويجرى ذلك فى كل ما يكون كما لا فى حقه عليه السلام دون غيره كالامية فمن قيل له أنت أمي فقال كان عليه السلام اميا يؤدب كما فى انسان العيون يقول الفقير فقول السلطان سليم الاول من الخواقين العثمانية

[سورة الأنبياء (21) : آية 81]

يك كدا بود سليمان بعصا وزنبيل ... يافت از لطف تو آن حشمت ملك آرايى مصطفى بود يتيمى ز عرب پست درت ... دادش انعام تو تاج شرف بالايى ترك ادب لانه يوهم التحقير فى شأنهما العظيم. وكان صالح ينسج الاكسية جمع كساء بالفارسية [كليم] وعيسى يخصف النعل ويرقعها. وأفضل الكسب الجهاد وهو حرفة رسول الله عليه السلام بعد النبوة والهجرة. ثم التجارة بشرط الامانة بحيث لا يخون على مقدار حبة أصلا. ثم الحراثة. ثم الصناعة كما فى المختار والتحفة. ويجتنب المكاسب الخبيثة اى الحرام والرديء ايضا نحو اجرة الزانية والكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن المستقبلة او عما مضى وعن نحوسة طالع او سعد او دولة او محنة او نحو ذلك. ويجتنب عن صنعة الملاهي ونحوها. وكره للرجل ان يكون بائع الأكفان لانه يوجب انتظار موت الناس او حناطا يحتكر او جزارا وهو القصاب الذي يذبح الدواب لما فيه من قساوة القلب. او صائغا بالفارسية [زركر] لما فيه من تزيين الدنيا وقد كرهوا كل ما هو بمعناه كصناعة النقش وتشييد البنيان بالجص ونحو ذلك. او نخاسا وهو الذي يبيع الناس من الذكور والإناث يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر. وكره ان يكون حجاما او كناسا او دباغا وما فى معناه لما فيه من مخالطة النجاسة. وكره ابن سيرين وقتادة اجرة الدلال لقلة اجتنابه عن الكذب وافراطه فى الثناء على السلعة لترويجها- روى- ان أول من دل إبليس حيث قال هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى كما فى روضة الاخبار وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ اى وسخرنا له الريح وتخصيص داود بلفظ مع وسليمان باللام للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فان تسخير ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرها كان بطريق الانقياد الكلى له والامتثال بامره ونهيه والمقهورية تحت ملكوته فجيئ بلام التمليك واما تسخير الجبال والطير لداود عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعية له والاقتداء به فى عبادة الله تعالى عاصِفَةً حال من الريح اى حال كونها شديدة الهبوب من حيث انها تبعد بكرسيه فى مدة يسيرة من الزمان وكانت لينة فى نفسها طيبة كالنسيم فكان جمعها بين الرخاوة فى نفسها وعصفها فى عملها مع طاعتها لسليمان وهبوبها حسبما يريد ويحتكم معجزة مع معجزة تَجْرِي [ميرفت] حال ثانية بِأَمْرِهِ بمشيئته إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وهى الشام كانت تذهب به غدوة من الشام الى ناحية من نواحى الأرض وبينها وبين الشام مسيرة شهر الى وقت الزوال ثم ترجع به منها بعد الزوال الى الشام عند الغروب كما قال تعالى غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ قال مقاتل عملت الشياطين لسليمان بساطا فرسخا فى فرسخ من ذهب فى إبريسم وكان يوضع له منبر من ذهب فى وسط البساط فيقعد عليه وحوله كراسى من ذهب وفضة يقعد الأنبياء على كراسى الذهب والعلماء على كراسى الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تطلع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح الى الرواح ومن الرواح الى المغرب وكان عليه السلام امرأ قلما يقعد عن الغزو ولا يسمع فى ناحية من الأرض ملكا الا أتاه ودعاه الى الحق قال الكاشفى [در تلخيص آورده كه

[سورة الأنبياء (21) : آية 82]

در شام شهرى بود تدمر نام كه ديوان براى سليمان بنياد ساخته بودند صباح از آنجا بيرون آمدى ويا ز نماز شام دير آيد آنجا آوردى. ودر مختار القصص آورده كه بامداد از تدمر بيرون آمدى وقيلوله در إصطخر فارس كردى وشبانكاه بكابل رفتى وروزى ديكر از كابل بيرون آمدى و چاشت در إصطخر بودى وشام بتدمر باز آمدى] وكانت تجرى الى حيث شاء سليمان ثم يعود الى منزله بالشام- وروى- ان سليمان سار من العراق غاديا فقابل نمرود وصلى العصر ببلخ ثم سار من بلخ متخللا بلاد الترك وارض الصين ثم عطف منها على مطلع الشمس على ساحل البحر حتى اتى قندهار وخرج منها الى مكران وكرمان حتى اتى فارس فنزلها أياما وغدا منها بكسكر ثم راح الى الشام وكان مستقره بمدينة تدمر كما فى بحر العلوم: قال الشيخ سعدى قدس سره نه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام باخر نه ديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ فنجريه على ما يقتضى علمنا وحكمتنا وَمِنَ الشَّياطِينِ اى وسخرنا له من الشياطين مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ اى يدخلون تحت البحر ويستخرجون له من نفائسه قال الراغب الغوص الدخول تحت الماء وإخراج شىء منه ويقال لكل من هجم على غامض فاخرجه غائص عينا كان او علما والغواص الذي يكثر منه ذلك وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ اى غير ما ذكر من بناء المدن والقصور واختراع الصنائع الغريبة وهؤلاء اما الفرقة الاولى او غيرها لعموم كلمة من كأنه قيل ومن يعملون- روى- ان المسخر له كفارهم لا مؤمنوهم لقوله تعالى وَمِنَ الشَّياطِينِ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ اى من ان يزيغوا عن امره ويعصوا ويتمردوا عليه او يفسدوا ما عملوا على ما هو مقتضى جبلتهم والشياطين وان كانوا أجساما لطيفة لكنهم يتشكلون باشكال مختلفة ويقدرون على اعمال الشاقة ألا ترى ان لطافة الريح لا تمنع عصوفها لا سيما انهم تكثفوا فى زمن سليمان فكانوا بحيث يراهم الناس ويستعملونهم فى الأعمال قال فى الاسئلة المقحمة فلماذا لم تخرج الشياطين عن طاعة سليمان مع استعمالهم فى تلك الأمور الشديدة فالجواب ان الله تعالى أوقع لسليمان فى قلوبهم من الخوف والهيبة حتى خافوا ان يخرجوا عن طاعته وهذا من معجزاته قال فى التأويلات النجمية من كمالية الإنسان انه إذا بلغ مبلغ الرجال البالغين من الأنبياء والأولياء سخر الله له بحسب مقامه السفليات والعلويات من الملك والملكوت فسخر لسليمان عليه السلام من السفليات الريح والجن والشياطين والطير والحيوانات والمعادن والنبات ومن العلويات الشمس حين ردت لاجل صلاته كما سخر لداود عليه السلام الجبال والطير والحديد والأحجار التي قتل بها جالوت وهزم عسكره فسخر لكل نبى شيأ آخر من أجناس العلويات والسفليات وسخر لنبينا عليه الصلاة والسلام من جميع أجناسها فمن السفليات ما قال عليه السلام (زويت لى الأرض فاريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لى منها) وقال (جعلت لى الأرض مسجدا وتربها طهورا) وقال (أتيت بمفاتح خزائن الأرض) وكان الماء ينبع من بين

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 83 إلى 87]

أصابعه وقال نصرت بالصبا وكانت الأشجار تسلم عليه وتسجد وتنقلع بإشارته عن مكانها وترجع والحيوانات كانت تتكلم معه وتشهد بنبوته وقال (اسلم شيطانى على يدى) وغيره من السفليات واما العلويات فقد انشق له القمر باشارة إصبعه پس قمر كه امر بشنيد وشتافت ... پس دو نيمه كشت بر چرخ وشكافت وسخر له البراق وجبريل والرفرف وعبر السموات السبع والجنة والنار والعرش والكرسي الى مقام قاب قوسين او ادنى فما بقي شىء من الموجودات الا وقد سخر له نه كسى در كرد تو هركز رسيد ... نه كسى را نيز چندين عز رسيد وبقوله وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ الآية يشير الى انا كما سخرنا الشياطين له يعملون له الأعمال سخرنا للشياطين الأعمال والغوص والصنائع يصنعون بحفظ الله ما لا يقدرون عليه الآن وَأَيُّوبَ اى واذكر خبر أيوب واختلفوا فى اسماء نسبه بعد الاتفاق على الانتهاء الى روم بن عيص بن ابراهيم عليه السلام- روى- ان الله تعالى استنبأ أيوب وأرسله الى اهل حران وهى قرية بغوطة دمشق وكثر اهله وماله وكان له سبعة بنين وسبع بنات ومن اصناف البهائم مالا يحصى فحسده إبليس وقال [الهى بنده تو در عافيت وسعت عيش است مال بسيار وفرزندان بزركوار دارد اگر او را بانتزاع مال وأولاد مبتلا سازى زود از تو بگردد وطريق كفران نعمت پيش كيرد حق سبحانه وتعالى فرمود كه چنين نيست كه تو ميكويى او ما را بنده ايست پسنديده اگر هزار بار در بوته ابتلا بگداختم بي غش وخالص العيار آيد چنان در عشق يكرويم كه كر تيغم زنى بر سر ... برو ز امتحان باشم چوشمع استاده پابر جا پس حق سبحانه وتعالى اقسام محن بر وى كماشت شترانش بصاعقه هلاك شدند وكوسفندان بسبب سيل در كرداب فنا افتادند وزراعت بريح متلاشى شد وأولاد در زير ديوار ماندند وقروح در جسد مباركش ظاهر شد وديد ان پيدا كشتند وخلق از وى كريخت بجز زن او] فكان نظير ابراهيم عليه السلام فى الابتلاء بالمال والولد والبدن وقد قال بعض الكبار ان بلاء أيوب اختاره قبله سبعون نبيا فما اختاره الله الا له وبقي فى مرضه ثمانى عشرة سنة او سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة ايام وسبع ساعات قالت له يوما امرأته رحمة بنت افرائيم بن يوسف لو دعوت الله فقال لها كم كانت مدة الرخاء فقالت ثمانين سنة فقال انا استحيى من الله ان ادعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائى [وهر سحر اين خطاب مستطاب بايوب مكروب رسيدى كه اى أيوب چكونه وأيوب بذوق وشوق اين پرسش كوه بلا بجان مى كشيد وبآن بيمارى خوش بود] كر بر سر بيمار خود آيى بعيادت ... صد ساله باميد تو بيمار توان بود وقد سلط الله على جسده اثنى عشر الف دودة لانها عدد الجند الكامل كما قال عليه السلام (اثنا عشر ألفا لن يغلب عن قلة ابدا) ولله عساكر كالدود والبعوض للنمرود والأبابيل لاصحاب الفيل والهدهد لعوج والعنكبوت والحمامة لرسول الله عليه السلام وأكل الدود جميع

[سورة الأنبياء (21) : آية 84]

جسده حتى بقي العظام والقلب واللسان والأذنان والعينان ولما قصد قلبه الذي هو منبع المعرفة ومعدن النبوة والولاية ولسانه الذي هو مصدر الذكر ومورد التوحيد غار عليه وخاف ان ينقطع عن طاعة الله وتسبيحه بالكلية فانه كان من ضعف الحال بحيث لا يستطيع القيام للصلاة فلما انتهى وقت الابتلاء وحصل الفناء التام فى مقام البلاء وألهمه الله الدعاء ليوصله الى مرتبة البقاء ويتجلى له بالجمال واللقاء بعد الجلال والأذى كما اخبر عنه بقوله إِذْ نادى رَبَّهُ اى دعاه أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ أصابني الضُّرُّ [رنج وسختى] قالوا الضر بالفتح شائع فى كل ضرر وبالضم خاص بما فى النفس من مرض وهزال ونحوهما وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ بين افتقاره اليه تعالى ولم يقل ارحمني لطفا فى السؤال وحفظا للادب فى الخطاب فان اكثر اسئلة الأنبياء فى كشف البلاء عنهم انما هى على سبيل التعريض وفى النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتى بيان عندها وخطاب وقال الحافظ ارباب حاجتيم وزبان سؤال نيست ... در حضرت كريم تمنا چهـ حاجتست فان قيل أليس صرح زكرياء فى الدعاء قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا قلنا هذا سؤال العطاء لا يجمل به التعريض وذلك كشف البلاء فيجمل به التعريض لئلا يشتبه بالشكاية- ويحكى- ان عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت يا امير المؤمنين مشت جرذان بيتي على العصى فقال لها ألطفت فى السؤال لا جرم لاردنها تثب وثب الفهود وملأ بيتها حبا. فهذا القول من أيوب دعاء وتضرع وافتقار لا جزع وشكاية كما هو حال الاضطرار ولذا جاء جوابه بلفظ الاستجابة وقال تعالى فى حقه إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ وعلى تقدير تضمنه الشكاية فقد اشتكى من البلوى اليه تعالى لا الى غيره وهو لا ينافى الصبر الجميل كما قال يعقوب انما أشكو بثي وحزنى الى الله فصبر جميل والعارف الصادق إذا كان متحققا فى معرفته فشكواه حقيقة الانبساط ومناداته تحقيق المناجاة واساه فى بلاء حبيبه حقيقة المباهاة ولسان العشق لسان التضرع والحكاية لا لسان الجزع والشكاية كما أشار العاشق بشنو از نى چون حكايت ميكند ... از جداييها شكايت ميكند «1» وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما كان لا يوب من الشكر والشكاية فى تلك الحالة كان مع الله لا مع غيره والى ان بشرية أيوب كانت تتألم بالضر وهو يخبر عنها ولكن روحانيته المؤيدة بالتأييد الإلهي تنظر بنور الله وترى فى البلاء كمال عناية المبتلى وعين مرحمته فى تلك الصورة تربية لنفسه ليبلغها مقام الصبر ورتبة نعمة العبدية وهو يخبر عنها ويقول مَسَّنِيَ الضُّرُّ من حيث البشرية بنور فضلك وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ علىّ بانك تترحم علىّ بهذا البلاء ومس الضر وقوة الصبر عليه لتفنى نفسى عن صفاتها وهى العجلة وتبقى بصفاتك ومنها الصبر والصبر من صفات الله لا من صفات العبد كقوله تعالى وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ والصبور هو الله تعالى فَاسْتَجَبْنا لَهُ [پس اجابت كرديم دعاى ويرا] فَكَشَفْنا [پس

_ (1) در ديباجه دفتر يكم

ببرديم] ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ [آنچهـ ويرا بود از رنج يعنى او را شفا داديم]- روى- انه قيل له يوم الجمعة عند السحر او وقت زوال الشمس ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك اى اضرب بها الأرض فركض فنبعت من تحتها عين ماء فاغتسل منها فلم يبق فى ظاهر بدنه دودة الا سقطت ولا جراحة الا برئت ثم ركض مرة اخرى فنبعت عين اخرى فشرب منها فلم يبق فى جوفه داء إلا خرج وعاد صحيحا ورجع الى شبابه وجماله ثم كسى حلة قال بعض الكبار السر فى ابتلائه تصفية وجوده بالرياضات الشاقة وانواع المجاهدات البدنية لتكميل المقامات العلية فامر بضرب ارض النفس ليظهر له ماء الحياة الحقيقية متجسدا فى عالم المثال فيغتسل به فتزول من بدنه الأسقام الجسمانية ومن قلبه الأمراض الروحانية فلما جاهد وصفا استعداده وصار قابلا للفيض الإلهي ظهر له من الحضرة الروحانية ماء الحياء فاغتسل به فزال من ظاهره وباطنه ما كان سبب الحجاب والبعد عن ذلك الجناب الإلهي انتهى وأراد الله تعالى ان يجعل الدود عزيزا بسبب صحبة أيوب فان الدود أذل شىء وصحبة الشريف تعزه كما أعز حوت يونس فلما تناثرت منه صعدت الى الشجرة وخرج من لعابها الإبريسم ليصير لباسا ببركة أيوب: قال الشيخ سعدى قدس سره كلى خوشبوى در حمام روزى ... رسيد از دست محبوبى بدستم بدو كفتم كه مشكى يا عبيرى ... كه از بوى دلاويز تو مستم بگفتا من كل ناچيز بودم ... وليكن مدتى با كل نشستم كمال همنشين بر من اثر كرد ... وكرنه من همان خاكم كه هستم قالوا من كان مجاورا للعزيز والشريف صار عزيزا شريفا ومن كان مجاورا للذليل والوضيع كان ذليلا ووضيعا ألا ترى ان الصبا إذا مرت بالازهار والأوراد تحمل الرائحة الطيبة وإذا عبرت على المستقذرات تحمل الرائحة الخبيثة وقس على هذا من كان مصاحبا لاوصاف النفس ومن كان مجاورا لاخلاق الروح وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ بان ولد له ضعف ما كان- روى- ان الله تعالى رد الى امرأته شبابها فولدت له ستة وعشرين ولدا كما هو المروي عن ابن عباس رضى الله عنهما ورد أمواله وكان رحيما بالمساكنين يكفل الأيتام والأرامل ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل وفى الحديث (بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل أيوب يحثو فى ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى وعزتك ولكن لا غنى لى عن بركتك) وفيه دلالة على اباحة تكثير المال الحلال رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا اى آتيناه ما ذكر لرحمتنا إياه بالرحمة الخاصة وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ وتذكرة وعبرة لغيره من العابدين ليعلموا بذلك كمال قدرتنا ويصبروا كما صبر أيوب فيثابوا كما أثيب هر كه او در راه حق صابر بود ... بر مراد خويشتن قادر بود صبر بايد تا شود يكسو حرج ... زانكه كفت الصبر مفتاح الفرج واعلم ان بلاء أيوب من قبيل الامتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه وبلاء يوسف من قبيل تعجيل العقوبة اى على قوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ. وبلاء يحيى حيث

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 85 إلى 86]

ذبح من قبيل الكرامة إذ لم يهم بخطيئة قط وَإِسْماعِيلَ بمعنى مطيع الله وَإِدْرِيسَ هو أخنوخ بن برد بن مهلاييل قال بعضهم سمى به لكثرة دراسته وقد سبق تحقيقه وَذَا الْكِفْلِ بمعنى الكفالة والضمان لان نبيا من أنبياء بنى إسرائيل اوحى الله اليه انى أريد قبض روحك فاعرض ملكك على بنى إسرائيل فمن تكفل لك انه يصلى بالليل لا يفتر ويصوم بالنهار لا يفطر ويقضى بين الناس ولا يغضب فسلم ملكك اليه ففعل ذلك فقال شاب انا اتكفل لك بهذا فتكفل ووفى به فشكره الله ونبأه فسمى ذا الكفل والمعنى واذكرهم كُلٌّ اى كل واحد من هؤلاء مِنَ الصَّابِرِينَ اى الكاملين فى الصبر على مشاق الطاعات واحتمال البليات فان إسماعيل قد صبر عند ذبحه وقال يا أبت افعل ما تؤمر الآية وصبر على المقام ببلد لازرع فيه ولا ضرع ولا بناء فلا جرم أكرمه الله واخرج من صلبه خاتم النبيين عليه وعليهم السلام وإدريس قد صبر على دراسته وذو الكفل قد صبر على صيام النهار وقيام الليل وأذى الناس فى الحكومة بينهم ولا يغضب وفيه اشارة الى ان كل من صبر على طاعة الله وعن معصيته او على ما أصابه من مصيبة فى المال والأهل والنفس فانه بقدر صبره يستوجب نعمة رتبة نعم العبدية ويصلح لادخاله فى رحمته المخصوصة به كما قال وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا الخاصة من النبوة وغيرها إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ اى الكاملين فى الصلاح وهم الأنبياء فان صلاحهم معصوم من الفساد [وبعض كبار ميفرمايد كه مؤمنان كناه كنند وباز توبه كنند و چون توبه بشرط باشد خداوند قبول كند وأوليا كناه نكنند اما إمكان دارد كه بكنند از جهت آنكه جائز الخطااند] قيل لابى يزيد قدس سره أيعصى العارف فقال وكان امر الله قدرا مقدورا ثم يرد الى مقامه بعد ذلك ان كان من اهل العناية والوصول فتكون توبته من ذلك على قدر مقامه فيرجى ان يكون فى قوة تلك التوبة وعلو منصبها ان يجبر وقت الغفلة حتى يكون كأنه ما خسر شيأ وما انتقل كتوبة ما عز الذي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو قسمت على اهل السموات والأرض لوسعتهم) [وانبيا كناه نكردند وإمكان نداشت كه بكنند از جهت آنكه معصوم بودند] واعلم ان للصلاح بداية وهى الاخذ بالشرائع والاحكام ورفض المنهي والحراء ونهاية وهى التوجه الى رب العباد وعدم الالتفات الى عالم الكون والفساد وهى فى الحقيقة مقام الصديقية وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بازالة ما فيه من فساد بعد وجوده فان من العباد من اختار الله له فى الأزل البلوغ بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه ثم الصبر من مراتب الصلاح وعن يزيد الرقاشي رحمه الله قال إذا دخل الرجل القبر قامت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر يظله والصبر يحاجه يقول دونكم صاحبكم فان حججتم والا فانا من ورائه يعنى ان استطعتم ان تدفعوا عنه العذاب والا فانا أكفيكم ذلك وادفع عنه العذاب فهذا الخبر دليل على ان الصبر أفضل الأعمال والرضى أجل الصفات ولا يكون الصبر الا على بلاء ومشقة فالترقى انما هو بالصبر لا بنفس البلاء ولو كان البلاء بما هو بلاء يرفع

[سورة الأنبياء (21) : آية 87]

درجات من قام به عند الله وينال به السعادة الابدية لنالها اهل البلاء من المشركين والكفار بل هو فى حقهم تعجيل لعذابهم وفى حق المؤمنين الصابرين تكميل لدرجاتهم وحط من خطيآتهم واكسير لنحاس وجودهم: وفى المثنوى صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد «1» چون بمانى بسته دربند حرج ... صبر كن الصبر مفتاح الفرج «2» شكر كويم دوست را در خير وشر ... زانكه هست اندر قضا از بد بتر «3» چونكه قسام اوست كفر آمد كله ... صبر بايد صبر مفتاح الصلة غير حق جمله عدواند اوست دوست ... با عدو از دوست شكوت كى نكوست تا دهد دو غم نخواهم انكبين ... زانكه هر نعمت غمى دارد قرين وَذَا النُّونِ اى واذكر صاحب النون اى الحوت والمراد يونس ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء المثناة فوق مفتوحة قيل هو اسم أم يونس كذا فى جامع الأصول قال عطاء سألت كعبا عن متى أهو اسم أبيه أم امه فقال اسم أبيه وامه بدورة وهى من ولد هارون وسمى يونس بذي النون لانه ابتلعه الحوت قال الامام السهيلي اضافه هنا الى النون وقد قال فى سورة القلم وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ وذلك انه حين ذكره فى موضع الثناء عليه قال ذو النون فان الاضافة بذو اشرف من الاضافة بصاحب لان قولك ذو يضاف الى التابع وصاحب الى المتبوع تقول ابو هريرة رضى الله عنه صاحب النبي عليه السلام ولا تقول النبي صاحب ابى هريرة الا على جهة واما ذو فانك تقول ذو المال وذو العرش فتجد الاسم للاسم متبوعا غير تابع ولفظ النون اشرف من الحوت لوجوده فى حروف التهجي وفى أوائل بعض السور نحو ن وَالْقَلَمِ إِذْ ذَهَبَ اى اذكر خبره وقت ذهابه حال كونه مُغاضِباً مراغما لقومه اهل نينوى وهى قرية بالموصل لما مر من طول دعوته إياهم وشدة شكيمتهم وتمادى إصرارهم مهاجرا عنهم قبل ان يؤمر وبناء المفاعلة للدلالة على كمال غضبه والمبالغة فيه وقيل وعدهم بنزول العذاب لاجل معلوم وفارقهم ثم بلغه بعد مضى الاجل انه تعالى لم يعذبهم ولم يعلم سببه وهو انهم حين رأوا امارات العذاب تابوا وأخلصوا فى الدعاء فظن انه كذبهم وغضب من اندفاع العذاب عنهم وذهب غضبان وهذا القول انسب بتقرير الشيخ نجم الدين فى تأويلاته وهو من كبار المحققين فكلامه راجح عند اهل اليقين فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ اى لن نضيق عليه الأمر يقال قدر على عياله قدر أضيق وقدرت عليه الشيء ضيقته كأنما جعلته بقدر خلاف ما وصف بغير حساب نزل حاله منزلة من يظن ذلك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان إذا استولى عليه الغضب يلتبس عليه عقله ويحتجب عنه نور إيمانه حتى يظن بالله ما لا يليق بجلاله وعظمته ولو كان نبيا وان من كمال قوة نبينا عليه السلام انه كان يغضب ولا يقول فى الرضى والغضب الا الحق وفيه اشارة اخرى وهى ان لله تعالى من كمال فضله وكرمه على عباده وان كانوا عصاة مستوجبين للعذاب ان يعاتب أنبياءه لهم ولا يرضى عنهم اشتهاء نزول عذاب الله بقومهم وكراهية دفع العذاب عنهم بل يرضى لهم ان يستغفروا لهم ويستعفوه

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ (2) لم أجد (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان اطاعت روباه شير را وروانه شدن وديدن او حرزا إلخ

لدفع العذاب عنهم كما قال لنبينا عليه السلام (فاعف عنهم واستغفر لهم) وقال فى حق الكفار وكان النبي عليه السلام يلعن بعضهم (ليس لك من الأمر شىء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون) انتهى- روى- انه حين خرج مغاضبا اتى بحر الروم فوجد قوما هيأوا السفينة فركب معهم فلما توسطت السفينة البحر وقفت ولم تجر بحال فقال الملاحون هنا رجل عاص او عبد آبق لان السفينة لا تفعل هذا الا وفيها عاص او آبق ومن عادتنا إذا ابتلينا بهذا البلاء ان نقترع فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه فى البحر فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فيها كلها على يونس فقال انا الرجل العاصي والعبد الآبق فالقى نفسه فى البحر فجاء حوت فابتلعه فاوحى الله تعالى الى الحوت ان لا تؤذى منه شعرة فانى جعلت بطنك سجنا له ولم اجعله طعاما فَنادى الفاء فصيحة اى فكان ما كان من القرعة والتقام الحوت فنادى فِي الظُّلُماتِ اى فى الظلمة الشديدة المتكاثفة او فى ظلمات بطن الحوت والبحر والليل وقال الشيخ السمرقندي فى تفسيره وعندى والله اعلم ان تلك الظلمات كانت من الجهات الست كما قال عليه السلام (ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة فهو متحير فى الظلمات) إِنَّ اى بانه لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الروح الشريف إذا القى فى بحر الدنيا والتقمه حوت النفس الامارة بالسوء وابتلع حوت النفس حوت القالب يكون من النوادر سلامة الروح من آفات النفس بحيث لا تتصرف فيه ولا تغيره عن صفاته بوحي الحق إليها بان لا تؤذيه فانى لم اجعله طعمه لك وانما جعلتك حرزا وسجنا له كما كان حال يونس وسلامته فى بطن الحوت من النوادر ومن سلامة الروح ان يناديه فى ظلمة النفس وظلمة القالب وظلمة الدنيا ان لا اله الا أنت اى لا اله يحفظنى من هذه الظلمات ويسلمنى من آفاتها وفتنتها ويلهمنى ان اذكره فى هذا الموطن على هذه الحالة الا أنت سُبْحانَكَ أنزهك تنزيها لائقابك من ان يعجزك شىء وان يكون ابتلائى هذا بغير سبب من جهتى كما قال فى المثنوى هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى باكى وكستاخيست هم «1» وفى التأويلات النجمية نزهه عن الظلم عليه وان كان فعله بخلق فيه كما قال تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ونسب الظلم الى نفسه اعترافا واستحقاقا ورعاية للادب فقال إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لانفسهم بتعريضها للهلاك حيث بادرت الى المهاجرة: وفى المثنوى چون بگويى جاهلم تعليم ده ... اينچنين انصاف از ناموس به «2» از پدر آموز اى روشن جبين ... ربنا كفت وظلمنا پيش ازين نى بهانه كرد ونى تزوير ساخت ... نى لواى مكر وحيلت بر فراخت وفى عرائس البقلى قدس سره ان الله أراد ليونس معراجا ومشاهدة فى بطن الحوت فتعلل بالأمر والنهى والمقصود منه القربة والمشاهدة فاراه الحق فى طباق الثرى فى ظلمات بطن الحوت ما رأى محمد عليه السلام فوق العرش فلما رأى الحق تحير فى حاله فقال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ نزهتك عما ظننت فيك فانت بخلاف الظنون وأوهام الحدثان إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق رعايت ادب إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه رستن خروب در كوشه مسجد أقصى إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 88 إلى 93]

فى وصف جلالك إذ وصفي لا يليق بعزة وحدانيتك فوقع هذا القول منه موقع قول سيد المرسلين حيث قال (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولذلك قال عليه السلام (لا تفضلونى على أخي يونس) فلما رأى ما رأى استطاب الموضع فظن ان لا يدرك ما أدرك فى الدنيا بعد فغاب الحق عنه فاهتم ودعا بالنجاة فنجاه الله من وحشة بطن الحوت بقوله فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه الذي فى ضمن الاعتراف بالذنب على الطف وجه وآكده وفيه اشارة الى انه تعالى كما أجاب يونس ونجاه من ظلمات عالم الأجسام كذلك ينجى روح المؤمن المؤيد منه من حجب ظلمات النفس والقالب والدنيا ليذكره بالوحدانية فى ظلمات عالم الأجساد كما كان يذكره فى أنوار عالم الأرواح ويكون متصرفا فى عالم الغيب والشهادة باذنه خلافة عنه كما فى التأويلات النجمية وفى الحديث (ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء الا استجيب له) وعن الحسن ما نجاه والله الا إقراره على نفسه بالظلم وفى صحيح المستدرك قال عليه السلام (اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى لا اله الا أنت) إلخ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ من غم الالتقام والبحر بان قذفه الحوت الى الساحل بعد اربع ساعات او ثلاثة ايام او سبعة او أربعين والذهاب به الى البحار القاصية وتخوم الأرض السابعة وقال بعضهم كان رأس الحوت فوق الماء وفمه مفتوحا وعن ابى هريرة رضى الله عنه يرفعه اوحى الله الى الحوت ان خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فاخذه ثم هوى به الى مسكنه فى البحر فلما انتهى به الى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال فى نفسه ما هذا فاوحى الله اليه ان هذا تسبيح دواب البحر فسبح هو فى بطنه فسمع الملائكة تسبيحه وقالوا يا ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة. وفى رواية صوتا معروفا من مكان مجهول فقال ذاك عبدى يونس عصانى فحبسته فى بطن الحوت فقالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه فى كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم فشفعوا عند ذلك فامر الحوت فقذفه فى الساحل وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الانجاء لا إنجاء ادنى منه نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ من غموم دعوا الله فيها بالإخلاص وعن جعفر بن محمد قال عجبت ممن يتلى بأربع كيف يغفل عن اربع عجبت لمن يبتلى بالهم كيف لا يقول لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لان الله تعالى يقول فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ وعجبت لمن يخاف شيأ من السوء كيف لا يقول حسبى الله ونعم الوكيل لان الله تعالى يقول فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وعجبت لمن يخاف مكر الناس كيف لا يقول وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ لان الله تعالى يقول فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وعجبت لمن يرغب فى الجنة كيف لا يقول ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) لان الله تعالى يقول فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ قال قتادة ذكر لنا رجل على عهد رسول الله عليه السلام قال اللهم ما كنت تعاقبنى به فى الآخرة فعجله لى فى الدنيا فمرض الرجل مرضا شديدا فأضنى حتى صار كأنه هامة فاخبر به رسول الله فاتاه فرفع رأسه وليس به حراك فقيل يا رسول الله انه كان يدعو بكذا وكذا فقال عليه السلام (يا ابن آدم انك لن تستطيع ان تقوم بعقوبة الله تعالى ولكن

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 إلى 90]

قل اللهم ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) فدعا بها فبرئ وعن خالد بن الوليد رضى الله عنه انه قال يا رسول الله اروّع فى منامى قال قل (أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين ان يحضرونى) : وفى المثنوى تا فرود آيد بلا بي دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى «1» جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار «2» روز را بگذار وزارى را بگير ... رحم سوى زارى آيد اى فقير «3» زارئ مضطر كه تشنه معنويست ... زارئ سردى دروغ آن غويست كريه اخوان يوسف حيلتست ... كه درونشان پر ز رشك وعلتست وَزَكَرِيَّا واذكر خبر زكريا بن اذن بن مانان من أنبياء بنى إسرائيل إِذْ نادى رَبَّهُ وقال رَبِّ [اى پروردگار من] لا تَذَرْنِي فَرْداً مثل هذه العبارة من العبد للسيد تضرع ودعاء لا نهى اى هب لى ولدا ولا تدعنى وحيدا بلا ولد يرثنى لما بلغ عمر زكريا عليه السلام مائة سنة وبلغ عمر زوجته تسعا وتسعين ولم يرزق لهما ولد أحب ان يرزقه الله من يؤنسه ويقويه على امر دينه ودنياه ويكون قائما مقامه بعد موته فدعا ثم رد الأمر الى مولاه مستسلما ومنقادا لمشيته فقال وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ خير من يبقى بعد من يموت فحسبى أنت ان لم ترزقنى وأرنا فهو ثناء على الله تعالى بانه الباقي بعد فناء الخلق وله ميراث السموات والأرض فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه فى حق الولد كما قال وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى لا فى حق الوراثة إذ المشهور ان يحيى قتل قبل موت أبيه وهذا لا يقدح فى شأن زكريا كما لا يقدح عدم استجابة دعاء ابراهيم فى حق أبيه فى شأنه فان الأنبياء عليهم السلام وان كانوا مستجابى الدعوة لكن اثر بعض الدعوات لا يظهر فى هذا الموطن للحكمة الالهية وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ايشاع بنت عمران او بنت فاقود اى جعلناها ولودا بعد ان كانت عقيما فانها لم تلد قط بعد ان بلغت تسعا وتسعين سنة إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ الضمير عائد الى زكريا وزوجه ويحيى او الأنبياء المذكورين فيكون تعليلا لما فصل من فنون إحسانه تعالى المتعلقة بهم مثل إيتاء موسى وهارون الفرقان وتبريد النار وإطفائها لابراهيم وإنجاء لوط مما نزل بقومه وإنجاء نوح ومن كان معه فى السفينة من أذى القوم وكرب الطوفان وغير ذلك مما تفضل به على الأنبياء السابقين اى انهم كانوا يبادرون فى وجوه الخيرات مع ثباتهم واستقرارهم فى اصل الخيرات وهو السر فى إيثار كلمة فى على كلمة الى المشعرة بخلاف المقصود من كونهم خارجين عن اصل الخيرات متوجهين إليها كما فى قوله تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ الآية قال الراغب الخير ما يرغب فيه الكل بكل حال وهو الخير المطلق والشر ضده وَيَدْعُونَنا حال كونهم رَغَباً راغبين فى اللطف والجمال وَرَهَباً خائفين من القهر والجلال او راغبين فينا وراهبين مما سوانا والرغبة السعة فى الارادة يقال رغب الشيء اتسع فاذا قيل رغب فيه واليه يقتضى الحرص عليه فاذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه والرغبة العطاء الكثير لكونه مرغوبا

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان فرمان آمدن بميكائيل كه از روى زمين قبضه خاك بردار إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان دعوت كردن نوح عليه السلام پسر را إلخ (3) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفاوت عقول از اصل فطرت إلخ

[سورة الأنبياء (21) : آية 91]

فيه فيكون مشتقا من الأصل فان اصل الرغبة السعة فى الشيء ومنه ليلة الرغائب اى العطايا الجزيلة قال يعطى الرغائب من يشاء ويمنع والرهبة مخافة مع تحرك واضطراب وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ عابدين فى تواضع وضراعة واكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح ولكن شأن الأنبياء أعلى من يكون حالهم منحصرا فى الظاهر فلهم خشوع كامل فى القلب والقالب جميعا وأكل العبد خشنا واللبس خشنا وطأطأة الرأس ونحوها من غير ان يكون فى قلبه الإخلاص والخوف من الله تعالى صفة المرائى والمتصنع ور آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن كر درون حشو باش بنزديك من شب رو راه زن ... به از فاسق پارسا پيرهن چهـ قدر آورد بنده خورديش ... كه زير قبا دارد أندام پيش والمعنى انهم نالوا من الله ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة فليفعل من أراد الاجابة الى مطلوبه مثل ما فعلوا وليتخلق بتلك الأخلاق وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها المراد بها مريم بنت عمران. والحصن فى الأصل كل موضع حصين اى محكم لا يوصل الى جوفه واحصنه جعله فى حصن وحرز ثم تجوز فى كل تحرز وامرأة حصان كسحاب عفيفة او متزوجة والفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه والفرج انكشاف الغم وفراريج الدجاج لانفراج البيض عنهاه اى اذكر خبر مريم التي حفظت سوأتها حفظا كليا من الحلال والحرام [يعنى خود را پاكيزه داشت ودست هيچكس بدامن عفت او نرسيد] وقال الامام السهيلي رحمه الله يريد فرج القميص اى لم يعلق بثوبها ريبة اى انها طاهرة الأثواب وفروج القميص اربعة الكمان والأعلى والأسفل فلا يذهب وهمك الى غير هذا فانه من لطيف الكناية انتهى فَنَفَخْنا فِيها اى أحيينا عيسى كائنا فى جوفها فقوله فيها حال من المفعول المحذوف مِنْ رُوحِنا من الروح الذي هو من أمرنا ففيه تشبيه لايراد الروح فى البدن بنفخة النافخ فى الشيء فيكون نفخنا استعارة تبعية وقال السهيلي النفخ من روح القدس بامر القدوس فاضف القدس الى القدوس ونزه المقدسة عن الظن الكاذب والحدس انتهى وقد سبقت قصة النفخ فى سورة مريم وَجَعَلْناها وَابْنَها اى حالهما آيَةً عظيمة لِلْعالَمِينَ وعلامة دالة على القدرة الكاملة لاهل زمانهما ولمن بعدهما فان من تأمل فى ظهور ولد من بتول عذراء من غير فحل تحقق كمال قدرته تعالى ولم يقل آيتين لانها قصة واحدة وهى ولادتها له من غير ذكر ولكل واحد منهما آيات مستقلة متكاثرة كما أشير الى بعض منها فى القرآن والى بعض آخر فى التفاسير وكتب القصص: وفى المثنوى صومعه عيسيست خوان اهل دل ... هان هان اى مبتلا اين در مهل «1» جمع كشتندى زهر أطراف خلق ... از ضرير وشل ولنك واهل دلق پر در آن صومعه عيسى صباح ... تا بدم او شان رهاند از جناح او چوكشتى فارغ از أوراد خويش ... چاشتكه بيرون شدى آن خوب كيش

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان جمع آمدن اهل آفت هر صباحى بر در صومعه عيسى عليه السلام [.....]

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 92 إلى 93]

جوق جوقى مبتلا ديدى نزار ... شسته بر در بر اميد وانتظار كفتى اى اصحاب آفت از خدا ... حاجت ومقصود جمله شد روا بي توقف جمله شادان در أمان ... از دعاى او شدندى پادوان از در دل واهل دل آب حيات ... چند نوشيدى ووا شد چشمهات آزمودى تو بسى آفات خويش ... يافتى صحت ازين شاهان كيش باز اين در را رها كردى ز حرص ... كرد هر دكان همى كردى ز حرص «1» بر در آن منعمان چرب ديك ... ميدوى بهر ثريد مرده ريك چربش اينجا دانكه جان فربه شود ... كار نااميد اينجا به شود ومن عجائب عيسى عليه السلام ان امه ذهبت به الى صباغ وقالت له خذ هذا الغلام وعلمه شيأ من صنعتك فاخذه منها وقال ما اسمك يا غلام فقال عيسى بن مريم فقال له يا عيسى خذ هذه الجرة واملأ هذه النقائر من هذا النهر ففعل فاعطاه الصباغ الثياب وقال له ضع كل لون مع ثيابه فى نقير ثم تركه وانصرف الى منزله فاخذ عيسى الثياب جميعا ووضعها فى نقير واحد ووضع عليها الاصباغ جملة واحدة وانصرف الى امه ثم عاد من الغد وجاء الصباغ فرأى الثياب والاصباغ كلها فى نقير واحد فغضب وقال اتلفتنى واتلفت ثياب الناس فقال له عيسى ما دينك قال يهودى فقال له قل لا اله الا الله وانى عيسى روح الله ثم ادخل يدك فى هذا النقير واخرج كل ثوب على اللون الذي يريده صاحبه فهداه الله تعالى ففعل فكان الأمر كما قال عيسى إِنَّ هذِهِ اى ملة التوحيد والإسلام أشير إليها بهذه تنبيها على كمال ظهور أمرها فى الصحة والسداد أُمَّتُكُمْ ايها الناس اى ملتكم التي يجب ان تحافظوا على حدودها وتراعوا حقوقها ولا تخلوا بشئ منها أُمَّةً واحِدَةً نصب على الحالية من أمتكم اى غير مختلفة فيما بين الأنبياء فانهم متفقون فى الأصول وان كانوا مختلفين فى الفروع بحسب الأمم والاعصار قال فى القاموس الامة جماعة أرسل إليهم رسول انتهى فاصلها القوم الذي يجتمعون على دين واحد ثم اتسع فيها فاطلقت على ما اجتمعوا عليه من الدين والملة واشتقاقها من أم بمعنى قصد فالقوم هم الجماعة القاصدة وما اجتمعوا عليه هو الملة المقصودة وَأَنَا رَبُّكُمْ لا اله لكم غيرى فَاعْبُدُونِ خاصة لا غير وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ التفات من الخطاب الى الغيبة. القطع فصل الشيء مدركا بالبصر كالاجسام او بالبصيرة كالاشياء المعقولة والتفعل هنا للتعدية نحو علمته الفقه فتعلم الفقه والمعنى جعل الناس امر الدين قطعا واختلفوا فيه فصاروا فرقا كأنه قيل ألا ترون الى عظيم ما ارتكب هؤلاء فى دين الله الذي أجمعت عليه كافة الأنبياء حيث جعلوا امر دينهم فيما بينهم قطعا فاصاب كل جماعة قطعة من الدين فصاروا بتقطيع دينهم كأنهم قطع شتى يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض كما قال الكاشفى [وببريدند امم ماضيه كار دين خود را در ميان خود يعنى فرقه فرقه شدند چون يهود ونصارى وهر يك تكفير ديكرى كرند] وقد ثبت ان امة ابراهيم عليه السلام صاروا بعده سبعين فرقة وامة موسى عليه السلام احدى وسبعين وامة عيسى

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان قصه اهل سبا وطاغى كردن نعمت ايشانرا إلخ

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 94 إلى 101]

عليه السلام ثنتين وسبعين وامة محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثا وسبعين كلهم فى النار الا واحدة وهى التي لا يشوبون ما عين الله ورسوله بشئ من الهوى كُلٌّ اى كل واحدة من الفرق المتقطعة إِلَيْنا لا الى غيرنا راجِعُونَ بالبعث فنجازيهم حينئذ بحسب أعمالهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الخلق تفرقوا فى أمرهم فمنهم من طلب الدنيا ومنهم من طلب الآخرة ومنهم من طلب الله تعالى ثم قال كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ فاما طالب الدنيا فراجع الى صورة قهرنا وهى جهنم واما طالب الآخرة فراجع الى صورة لطفنا وهى الجنة واما طالبنا فراجع الى وحدانيتنا ثم فصل الجزاء بقوله فَمَنْ [پس هر كه] يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى بعض الصالحات وَهُوَ اى والحال انه مُؤْمِنٌ بالله ورسله فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ اى لا حرمان لثواب عمله استعير لمنع الثواب كما استعير الشكر لاعطائه يعنى شبه رد العمل ومنع الثواب بالكفران الذي هو ستر النعمة وإنكارها وشبه قبول العمل وإعطاء الثواب بمقابلته بشكر المنعم عليه للنعم فاطلق عليه الشكر كما قال ان رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ والسعى فى الأصل المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان او شرا واكثر ما يستعمل فى الافعال المحمودة وَإِنَّا لَهُ اى لسعيه كاتِبُونَ اى مثبتون فى صحائف أعمالهم لا نغادر من ذلك شيأ [مزد كار نيكوان ضائع نباشد نزد حق] لا يضيع الله فى الدارين اجر المحسنين وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ حرام خبر لقوله انهم لا يرجعون والجملة لتقرير مضمون ما قبلها من قوله كل إلينا راجعون والرحمان مستعار لممتنع الوجود بجامع ان كل واحد منهما غير مرجو الحصول. والقرية اسم للمصر الجامع كما فى القاموس واسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس كما فى المفردات فعلى هذا تطلق على ما يعبر عنه بالفارسية [سپهر وكوى] ومعنى التحقيق فى انّ معتبر فى النفي المستفاد من حرام على ان المعنى وممتنع البتة على اهل القرية المهلكة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا فى المنفي على معنى ان عدم رجوعهم المحقق ممتنع وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله كل إلينا راجعون لانهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى قلوب اهل الأهواء والبدع المهلكة باعتقاد السوء ومخالفات الشرع انهم لا يتوبون الى الله ولا يرجعون الى الحق يدل على هذا التأويل قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ حتى هنا ليس بحرف جز ولا حرف عطف بل حرف يبتدأ بعدها الكلام غاية لما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا وَيْلَنا إلخ وإذا شرطية ويأجوج ومأجوج قبيلتان من الانس يقال الناس عشرة اجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج والمراد بفتحها فتح سدها على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه وقد سبق قصة يأجوج ومأجوج وبناء السد عليهم وفتحه فى آخر الزمان فى سورة الكهف وَهُمْ اى والحال ان يأجوج ومأجوج مِنْ كُلِّ حَدَبٍ مرتفع من الأرض

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 97 إلى 98]

وتل قال الراغب يجوز ان يكون الأصل فى الحدب حدب الظهر وهو خروجه ودخول الصدر والبطن ثم شبه به ما ارتفع من الأرض فسمى حدبا ومنه محدب الفلك يَنْسِلُونَ ينزلون مسرعين وأصله مقاربة الخطو مع الاسراع وفى بحر العلوم من نسل الذئب إذا اسرع فى مشيه- روى- انهم يسيرون فى الأرض ويقبلون على الناس من كل موضع مرتفع قال الكاشفى [همه عالم را فرا كيرند وآبهاى درياها تمامى بياشامند واز خشك وتر هر چهـ يابند بخورند] وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ عطف على فتحت والمراد ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب والجزاء فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا جواب الشرط وإذا للمفاجأة والضمير للقصة وشاخصة خبر مقدم لابصار والجملة خبر ضمير القصة مفسرة له يقال شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف وبصره رفعه وشخص شخوصا ارتفع والمعنى بالفارسية [پس آنجا قصه آنست كه خيره وباز مانده است از هول رستخيز ديدهاى كفار] وفى الآية دلالة على ان قيام الساعة لا يتأخر عن خروج يأجوج ومأجوج كما روى عن حذيفة رضى الله عنه انه قال لو ان رجلا اقتنى فلو ابعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة والفلو المهر اى ولد الفرس فان قيل فتح السد واقتراب الوعد الحق يحصل فى آخر ايام الدنيا والجزاء وشخوص الابصار انما يحصل يوم القيامة والشرط والجزاء لا بد وان يكونا متقاربين فالجواب ان التفاوت القليل يجرى مجرى العدم يا وَيْلَنا [واى بر ما] وهو على تقدير قول وقع حالا من الموصول اى يقولون يا ويلنا تعال فهذا أوان حضورك قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ تامة فى الدنيا والغفلة سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ مِنْ هذا اى من البعث والرجوع اليه للجزاء ولم نعلم انه حق بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ إضراب عما قبله من وصف أنفسهم بالغفلة اى لم نكن غافلين عنه حيث نبهنا عليه بالآيات والنذر بل كنا ظالمين بتلك الآيات والنذر مكذبين بها او ظالمين لانفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب فليتفكر العاقل فى هذا البيان والتذكار فقد نبه الله وقطع الاعذار وفى الحديث (يقول الله يا معشر الجن والانس انى قد نصحت لكم فانما هى أعمالكم فى صحفكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه) وعن بعض الحكماء انه نظر الى أناس يترحمون على ميت خلف جنازته فقال لو تترحمون على أنفسكم لكان خيرا لكم اما انه قدمات ونجا من ثلاثة اهوال. أولها رؤية ملك الموت. والثاني مرارة الموت. والثالث خوف الخاتمة: قال الشيخ سعدى خبر دارى اى استخوانى قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس چومرغ از قفس رفت بگسست قيد ... دكرره نكردد بسعى تو صيد سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون اگر مرد مسكين زنان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى كه اى زنده چون هست إمكان كفت ... لب از ذكر چون مرده بر هم مخفت جو ما را بغفلت بشد روزكار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار إِنَّكُمْ يا اهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى والأصنام التي تعبدونها متجاوزين

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 99 إلى 101]

عبادة الله تعالى وذلك بشهادة ما فانها لما لا يعقل فخرج عزير وعيسى والملائكة حَصَبُ جَهَنَّمَ بفتح المهملتين اسم لما يحصب اى يرمى فى النار فتهيج به من حصبه إذا رماه بالحصباء ولا يقال له حصب الا وهو فى النار واما قبل ذلك فيقال له حطب وشجر وخشب ونحو ذلك والمعنى تحصبون فى جهنم وترمون فتكونون وقودها. وهو بالفارسية [آتش انگيز] أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ داخلون على طريق الخلود والخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا [در تبيان كفته كه حكمت إيراد بتان بدوزخ زيادت تعذيب بت پرستانست چهـ بدانها آتش افروخته كردد واحتراق ايشان بيفزايد] لَوْ كانَ هؤُلاءِ الأصنام آلِهَةً على الحقيقة كما يزهمون ما وَرَدُوها ما دخلوها وحيث تبين ورودهم إياها تعين امتناع كونهم آلهة بالضرورة وَكُلٌّ من العابدين والمعبودين فِيها خالِدُونَ لا خلاص لهم منها لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ الزفير ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه اى انين وتنفس شديد وهو مع كونه من افعال العبدة أضيف الى الكل للتغليب وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ اى لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وفظاعة العذاب وعن ابن مسعود رضى الله عنه يجعلون فى توابيت من نار ثم تجعل تلك التوابيت فى توابيت اخرى ثم تلك فى اخرى عليها مسامير من نار فلا يسمعون شيأ ولا يرى أحد منهم ان فى النار أحدا يعذب غيره ثم بين احوال أضداد هؤلاء فقال إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الخصلة الحسنى التي هى احسن الخصال وهى السعادة وهم كافة المؤمنين الموصوفين بالايمان والأعمال الصالحة او سبقت لهم كلمتنا بالبشرى بالثواب على الطاعة أُولئِكَ المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل عَنْها اى عن جهنم مُبْعَدُونَ [دور كرده شدكانند] لانهم فى الجنة وشتان بينها وبين النار لان الجنة فى أعلى عليين والنار فى أسفل السافلين [صاحب بحر فرموده كه سبق عنايت أزلية در بدايت موجب ظهور ولايت است در نهايت هر تخم كه در ازل بكشتند نهان در مزرعه ابد برويد بعيان] قال بعض الكبار ظاهر حسن العناية السابقة لاهل الاصطفاء اربعة أشياء. الانفراد من الكونين. والرضى بلقاء الله عن الدارين. وإمضاء العيش مع الله بالحرمة والأدب. وظهور أنوار قدرة الله منهم بالفراسات الصادقة والكرامات الظاهرة وباطن حسن العناية السابقة من الله فى الأزل لهم اربعة ايضا. المواجيد الساطعة. وانفتاح العلوم الغيبية. والمكاشفات القائمة. والمعارف الكاملة وفى كل موضع ظهرت هذه الأشياء بالظاهر والباطن صار صاحبها مشهورا فى الآفاق بسمات الصديقين وعلامات المقربين وخلافة سيد المرسلين وقال بعضهم الحسنى العناية والاختيار والهداية والعطاء والتوفيق فبالعناية وقعت الكفاية وبالاختيار وقعت الرعاية وبالهداية وقعت الولاية وبالعطاء وقعت الحكمة وبالتوفيق وقعت الاستقامة: قال الشيخ سعدى قدس سره نحست او أرادت بدل بر نهاد ... پسين بنده بر آستان سر نهاد چهـ انديشى از خود كه فعلم نكوست ... از ان در نكه كن كه توفيق اوست برد بوستان بان بايوان شاه ... بتحفة ثمر هم ز بستان شاه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 102 إلى 107]

لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها الحسيس صوت يحس به اى لا يسمعون صوتها سمعا ضعيفا كما هو المعهود عند كون المصوت بعيدا وان كان صوته فى غاية الشدة لا انهم لا يسمعون صوتها الخفي فى نفسه فقط قال الصادق كيف يسمعون حسيسها والنار تخمد لمطالعتهم وتتلاشى برؤيتهم وفى الحديث (تقول النار للمؤمن يوم القيامة جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى: وفى المثنوى ز آتش مؤمن ازين رو اى صفى ... ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى «1» كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم وفى التأويلات النجمية ومن آثار سبق العناية الازلية ان لا يسمعون حسيس جهنم القهر وحسيسها مقالات اهل الأهواء والبدع وادلة الفلاسفة وبراهينهم بالعقول المشوبة بالوهم والخيال وظلمة الطبيعة وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ دائمون فى غاية التنعم والاشتهاء والشهوة طلب النفس اللذة وتقديم الظرف للقصر والاهتمام وهو بيان لفوزهم بالمطالب اثر بيان خلاصهم من المهالك قال ابن عطاء للقلوب شهوة وللارواح شهوة وللنفوس شهوة وقد يجمع الله لهم فى الجنة جميع ذلك فشهوة الأرواح القرب وشهوة القلوب المشاهدة والرؤية وشهوة النفوس الالتذاذ بالراحة والاكل والشرب والزينة لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ بيان لنجاتهم من الافزاع بالكلية بعد بيان نجاتهم من النار لانهم إذا لم يحزنهم اكبر الافزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه قال الراغب الفزع الأكبر هو الفزع من دخول النار وقال بعضهم ذبح الموت بمرأى من الفريقين وأطباق جهنم على أهلها اى وضع الطبق عليها بعد ما اخرج منها من اخرج فيفزع أهلها حينئذ فزعا شديدا لم يفزعوا فزعا أشد منه وقال بعض ارباب الحقيقة هو قوله تعالى فى الأزل (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي) وذلك لان نفوسهم المطمئنة فى الجنة المضافة الى الحضرة كما قال تعالى وَادْخُلِي جَنَّتِي فافهم جدا وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ اى تستقبلهم ملائكة الرحمة مهنئين لهم هذا يَوْمُكُمُ على ارادة القول اى قائلين هذا اليوم يومكم الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فى الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الايمان والطاعة قال الكاشفى [عابدانرا كويند اين روز جزاى شماست عارفانرا خطاب رسد كه اين روز تماشاى شماست] نيك مردانرا نعيم اندر نعيم ... عشق بازان را لقا اندر لقاء حصه آنها وصال حور عين ... بهره اينها جمال كبريا فليجتهد العاقل فى الطاعات حتى يصل الى القربات وليبعد نفسه عن المخالفات ليأمن من العقوبات واعلم ان الدار الآخرة وثوابها انما ينال إليها بترك الدنيا وزخارفها كما ان وصلة المولى لا تحصل الا بترك الكونين فمن كان مشتهاه الجنة ونعيمها فليترك اللذة فى الدنيا ومن كان مشتهاه المشاهدات فليقطع نظره عن غير الله تعالى قال فى الفتوحات الملكية اجمع اهل كل ملة على ان الزهد فى الدنيا مطلوب وقالوا ان الفراغ من الدنيا أحب لكل عاقل خوفا على نفسه من الفتنة التي حذرنا الله منها بقوله أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ انتهى كلامه قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوى

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى

[سورة الأنبياء (21) : آية 104]

رحمه الله ومن فوائد الرهبان انهم لا يدخرون قوتا لغد لا يكنزون فضة ولا ذهبا قال ورايت شخصا قال لراهب انظر لى هذا الدينار هو من ضرب أي الملوك فلم يرض وقال النظر الى الدنيا منهى عنه عندنا قال ورأيت الرهبان مرة وهم يسحبون شخصا ويخرجونه من الكنيسة ويقولون له اتلفت علينا الرهبان فسألت عن ذلك فقالوا رأوا على عمامته نصفا مربوطا فقلت لهم ربط الدرهم مذموم فقالوا نعم عندنا وعند نبيكم صلى الله عليه وسلم قال بعض الحكماء ان فى الجنة راحة لا يجدها الا من لم يكن له فى الدنيا راحة وفيها غنى لا يجده الا من ترك الفضول فى الدنيا واقتصر على اليسير منها وفيها أمن لا يجده الا اهل الخوف والفزع فى الدنيا لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائف آن «1» وفيها ما تشتهى الأنفس لا يجده الا اهل الزهد وعن بعض الزهاد انه كان يأكل بقلا وملحا من غير خبز فقال له رجل اقتصرت على هذا قال نعم لانى انما جعلت الدنيا للجنة وأنت جعلت الدنيا للمزبلة يعنى تأكل الطيبات فتصير الى المزبلة وانى آكل لا قامة الطاعات لعلى أصير الى الجنة نسأل الله الفيض والجود والتوفيق لطريق الشهود يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ منصوب با ذكر والطى ضد النشر كَطَيِّ السِّجِلِّ وهى الصحيفة اى طيا كطى الطومار لِلْكُتُبِ متعلقة بمحذوف هو حال من السجل اى كائنا للكتب عبارة عن الصحائف وما كنت فيها فسجلها بعض اجزائها وبه يتعلق الطى حقيقة وقال الامام السهيلي ذكر محمد بن حسن المقري عن جماعة من المفسرين ان السجل ملك فى السماء الثالثة ترفع اليه اعمال العباد ترفعها اليه الحفظة الموكلون بالخلق فى كل خميس واثنين وكان من أعوانه فيما ذكروا هاروت وماروت وفى السنن لابى داود السجل كاتب كان للنبى عليه السلام وهذا لا يعرف فى كتاب النبي ولا فى أصحابه من اسمه السجل ولا وجد الا فى هذا الخبر انتهى كلام السهيلي رحمه الله قال فى انسان العيون لم يذكر فى القرآن من الصحابة رضى الله عنهم أحد باسمه الا زيد بن حارثة رضى الله عنه الذي تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم يذكر امرأة باسمها الا مريم قال ابن الجوزي الا ما يروى فى بعض التفاسير ان السجل الذي فى قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ الى آخره اسم رجل كان يكتب لرسول الله عليه السلام انتهى وفى القاموس السجل اسم كاتب للنبى عليه السلام واسم ملك كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ما كافة تكف الكاف عن العمل وأول مفعول لبدأنا اى نعيد ما خلقناه مبتدأ إعادة مثل بدئنا إياه فى كونها إيجادا بعد العدم وهو لا ينافى الاعادة من عجب الذنب قال فى البحر اى نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيها للاعادة بالابداء فى تناول القدرة القديمة لهما على السواء وَعْداً اى وعدنا الاعادة وعدا عَلَيْنا اى علينا إنجازه وبالفارسية [بر ماست وفا كردن بدان] إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ذلك لا محالة وفى التأويلات النجمية يشير الى طى سماء الوجود الإنساني بتجلى صفة الجلال فى إفناء مراتب الوجود من الانتهاء الى الابتداء كما بدأنا أول حلق من ابتداء النطفة بالتدريج من خلق النطفة علقة ومن خلق العلقة مضغة ومن خلق المضغة عظاما الى انتهاء خلق الانسانية ومن وصف النباتية الى وصف المركبية ومن وصف المركبية الى وصف مفردات العنصرية ومن وصف المفردية الى وصف الملكوتية ومن وصف الملكوتية الى وصف الروحانية

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 105 إلى 107]

ومن وصف الروحانية الى وصف الربوبية بجذوة ارجعي الى ربك وعدا علينا فى الأزل انا كنا فاعلين الى الابد وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ وهو كتاب داود عليه السلام كما قال وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ اى بعد ما كتبنا فى التوراة لان كل كتاب سماوى ذكر كما سبق قال الراغب زبرت الكتاب كتبته كتابة غليظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له الزبور وخص بالكتاب المنزل على داود قيل بل الزبور كل كتاب يصعب الوقوف عليه من الكتب الالهية وقال بعضهم اسم للكتاب المقصور على الحكمة العقلية دون الاحكام الشرعية والكتاب لما يتضمن الاحكام والحكم ويدل على ذلك ان زبور داود لا يتضمن شيأ من الاحكام قال فى القاموس الزبور الكتاب بمعنى المزبور والجمع زبر وكتاب داود عليه السلام انتهى أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ اى عامة المؤمنين بعد اجلاء الكفار كما قال وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وهذا وعد منه بإظهار الدين وإعزاز اهله وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد ارض الجنة كما ينبئ عنه قوله تعالى وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ قال فى عرائس البقلى كان فى علم الازلية ان ارض الجنان ميراث عباده الصالحين من الزهاد والعباد والأبرار والأخيار لانهم اهل الأعواض والثواب والدرجات وان مشاهدة جلال أزليته ميراث اهل معرفته ومحبته وشوقه وعشقه لانهم فى مشاهدة الربوبية واهل الجنة فى مشاهدة العبودية قال سهل أضافهم الى نفسه وحلاهم بحلية الصلاح معناه لا يصلح لى إلا ما كان لى خالصا لا يكون لغيرى فيه اثر وهم الذين أصلحوا سريرتهم مع الله وانقطعوا بالكلية عن جميع مادونه وقال الشيخ المغربي قدس سره مجوى در دل ما غير دوست ز آنكه نيابى ... از انكه در دل محمود جز أياز نباشد إِنَّ فِي هذا اى فيما ذكر فى السورة الكريمة من الاخبار والمواعظ البالغة والوعد والوعيد والبراهين القاطعة على التوحيد وصحة النبوة لَبَلاغاً اى كفاية لِقَوْمٍ عابِدِينَ اى لقوم همهم العبادة دون العادة وَما أَرْسَلْناكَ يا محمد بما ذكر وأمثاله من الشرائع والاحكام وغير ذلك من الأمور التي هى مناط السعادة فى الدارين فى حال من الأحوال إِلَّا حال كونك رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فان ما بعثت به سبب لسعادة الدارين ومنشأ لانتظام مصالحهم فى النشأتين ومن اعرض عنه واستكبر فانما وقع فى المحنة من قبل نفسه فلا يرحم وكيف كان رحمة للعالمين وقد جاء بالسيف واستباحة الأموال قال بعضهم جاء رحمة للكفار ايضا من حيث ان عقوبتهم أخرت بسببه وأمنوا به عذاب الاستئصال والخسف والمسخ ورد فى الخبر انه عليه السلام قال لجبريل (ان الله يقول وما أرسلناك الى آخره فهل أصابك من هذه الرحمة) قال نعم انى كنت أخشى عاقبة الأمر فامنت بك لثناء اثنى الله على بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه از رحمت وى بود كه امت را در هيچ مقام فراموش نكرد اگر در مكه معظمه بود واگر در مدينه زاهره اگر در مسجد مكرم بود واگر در حجره طاهره همچنين در ذروه عرش أعلى ومقام قاب قوسين

او ادنى ياد فرمود كه «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» فردا در مقام محمود بساط شفاعت كسترده كويد أمتي أمتي] عاصيان پر كنه در دامن آخر زمان ... دست در دامان تو دارند وجان در آستين نا اميد از حضرت بانصرتت نتوان شدن ... چون تويى در هر دو عالم رحمة للعالمين قال بعض الكبار وما أرسلناك الا رحمة مطلقة تامة كاملة عامة شاملة جامعة محيطة بجميع المقيدات من الرحمة الغيبية والشهادة العلمية والعينية والوجودية والشهودية والسابقة واللاحقة وغير ذلك للعالمين جمع عوالم ذوى العقول وغيرهم من عالم الأرواح والأجسام ومن كان رحمة للعالمين لزم ان يكون أفضل من كل العالمين وعبارة ضمير الخطاب فى قوله وَما أَرْسَلْناكَ خطاب للنبى عليه السلام فقط وإشارته خطاب لكل واحد من ورثته الذين هم على مشربه الى يوم القيامة بحسب كونه مظهرا لارثه وقال بعض الكبار انما كان رحمة للعالمين بسبب اتصافه بالخلق العظيم ورعايته المراتب كلها فى محالها كالملك والملكوت والطبيعة والنفس والروح والسر وفى التأويلات النجمية فى سورة مريم بين قوله وَرَحْمَةً مِنَّا فى حق عيسى وبين قوله فى حق نبينا عليه السلام وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فرق عظيم وهو انه فى حق عيسى ذكر الرحمة مقيدة بحرف من ومن للنبعيض فلهذا كان رحمة لمن آمن به واتبع ما جاء به الى ان بعث نبينا عليه السلام ثم انقطعت الرحمة من أمته بنسخ دينه وفى حق نبينا عليه السلام ذكر الرحمة للعالمين مطلقا فلهذا لا تنقطع الرحمة عن العالمين ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا قال فى عرائس البقلى ايها الفهيم ان الله أخبرنا ان نور محمد عليه السلام أول ما خلقه ثم خلق جميع الخلائق من العرش الى الثرى من بعض نوره فارساله الى الوجود والشهود رحمة لكل موجود إذا لجميع صدر منه فكونه كون الخلق وكونه سبب وجود الخلق وسبب رحمة الله على جميع الخلائق فهو رحمة كافية وافهم ان جميع الخلائق صورة مخلوقة مطروحة فى فضاء القدرة بلا روح حقيقة منتظرة لقدوم محمد عليه السلام فاذا قدم الى العالم صار العالم حيا بوجوده لانه روح جميع الخلائق. ويا عاقل ان من العرش الى الثرى لم يخرج من العدم الا ناقصا من حيث الوقوف على اسرار قدمه بنعت كمال المعرفة والعلم فصاروا عاجزين عن البلوغ الى شط بحار الالوهية وسواحل قاموس الكبريائية فجاء محمد عليه السلام اكسير أجساد العالم وروح اشباحه بحقائق علوم الازلية وأوضح سبيل الحق للخلق بحيث جعل سفر الآزال والآباد للجميع خطوة واحدة فاذا قدم من الحضرة الى سفر القربة بلغهم جميعا بخطوة من خطوات البارى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ حتى وصل الى مقام او ادنى فغفر الحق لجميع الخلائق بمقدمه المبارك قال بعض العلماء ان كل نبى كان مقدمة للعقوبة لقوله تعالى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ونبينا عليه السلام كان مقدمة للرحمة لقوله وَما أَرْسَلْناكَ الى آخره وأراد الله تعالى ان يكون خاتمة على الرحمة لا على العقوبة لقوله تعالى (سبقت رحمتى على غضبى) ولهذا جعلنا آخر الأمم فابتداء الوجود رحمة وآخره وخاتمته

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 108 إلى 112]

رحمة واعلم انه لما تعلقت ارادة الحق بايجاد الخلق ابرز الحقيقة الاحمدية من كمون الحضرة الاحدية فميزه بميم الإمكان وجعله رحمة للعالمين وشرف به نوع الإنسان ثم انجبست منه عيون الأرواح ثم بدا ما بدا فى عالم الأجساد والأشباح كما قال عليه السلام (انا من الله والمؤمنون من فيض نورى) فهو الغاية الجليلة من ترتيب مبادى الكائنات كما قال تعالى (لولاك لما خلقت الافلاك) علت غائيه هر عالم اوست ... سرور أولاد بنى آدم اوست واسطه فيض وجودى همه ... رابطه بود ونبودى همه قال العرفي الشيرازي فى قصيدته النعتية از بس شرف كوهر تو منشئ تقدير ... آن روز كه بگذاشتى إقليم عدم را تا حكم نزول تو درين دار نوشته است ... صدره بعبث باز تراشيده قلم را المراد من العبث مقلوبه وهو البعث يعنى يكفيك شرفا وفضلا ان الله سبحانه انما خلق الخلق وبعث الأنبياء والرسل ليكونوا مقدمة لظهورك فى عالم الملك والشهادة فارواحهم وأجسادهم تابعة لروحك الشريف وجسمك اللطيف ثم اعلم ان حياته عليه السلام رحمة ومماته رحمة كما قال (حياتى خير لكم ومماتى خير لكم) قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال (تعرض علىّ أعمالكم كل عشية الاثنين والخميس فما كان من خير حمدت الله تعالى وما كان من شر استغفر الله لكم) : قال المولى الجامى ز مهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى الله ترحم نه آخر رحمة للعالمينى ... ز محرومان چرا فارغ نشينى ز خاك اى لاله سيراب برخيز ... چونركس چند خواب از خواب بر خيز اگر چهـ غرق درياى كناهم ... فناده خشك لب بر خاك راهم تو ابر رحمتى آن به كه كاهى ... كنى در حال لب خشكان نكاهى قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ اى ما يوحى الىّ الا انه لا اله لكم الا اله واحد وحاصله ما يوحى الىّ شىء غير التوحيد ومعنى القصر مع انه قد اوحى اليه التوحيد وغيره من الاحكام كون التوحيد مقصودا اصليا من البعثة فان ما عداه متفرع عليه وانما الاولى لقصر الحكم على الشيء كقولك انما يقوم زيد أي ما يقوم إلا زيد والثانية لقصر الشيء على الحكم نحو انما زيد قائم اى ليس له إلا صفة القيام قال ابن الشيخ فان قلت هذا الحصر يستلزم ان لا يكون الله تعالى موصوفا بغير الوحدانية مع ان له تعالى من صفات الجلال والجمال ما لا يحصى فالجواب ان القصر ليس حقيقيا إذ المقصود لفى ما يصفه المشركون فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ اى مخلصون العبادة لله تعالى مخصصونها به سبحانه وتعالى. وبالفارسية [پس آيا هستيد شما كردن نهاد كان مقتضاى وحي را] والفاء للدلالة على ان ما قبلها موجب لما بعدها يعنى ان العاقل إذا خلى ونفسه بعد ما قرئ عليه ما قبله ينبغى بل يجب ان لا يتوقف فى التوحيد وإذعانه وقبوله فَإِنْ تَوَلَّوْا اعرضوا عن الإسلام ولم يلتفتوا الى ما يوجبه

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 110 إلى 112]

من الوحى فَقُلْ لهم آذَنْتُكُمْ أعلمتكم ما أمرت به من وجوب التوحيد والتنزيه والفارسية [آگاه كردم شما را عَلى سَواءٍ كائنين على سواء فى الاعلام به لم اطوه عن أحد منكم وما فرقت بينكم فى النصح وتبليغ الرسالة فهو حال من مفعول آذنتكم وَإِنْ أَدْرِي اى ما اعلم أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ من غلبة المسلمين وظهور الدين او الحشر مع كونه آتيا لا محالة ولا جرم ان العذاب والذلة يلحفكم وفى الاسئلة المقحمة كيف قال هذا وقد قال (واقترب الوعد الحق) فذلك يوم القيامة وهو قريب كما قال تعالى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ إِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ اى ما تجاهرون به من الطعن فى الإسلام وتكذيب الآيات وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ من الحسد والعداوة للرسول وللمسلمين فيجازيكم عليه نقيرا وقطميرا وتكرير العلم فى معنى تكرير الوعيد قال بعض الكبار كيف يخفى على الحق من الخلق خافية وهو الذي أودع الهياكل أوصافها من الخير والشر والنفع والضر فما يكتمونه اظهر مما يبدونه وما يبدونه مثل ما يكتمونه جل الحق ان يخفى عليه خافية وهو الذي قال برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست قال فى التأويلات النجمية (يعلم ما تجهرون) من دعاوى الإسلام والايمان والزهد والصلاح والمعارف (ويعلم ما تكتمون) من الصدق والإخلاص او الرياء والسمعة والنفاق وَإِنْ ما أَدْرِي لَعَلَّهُ لعل تأخير جزائكم فِتْنَةٌ لَكُمْ استدراج لكم وزيادة فى افتتانكم لما كان الاستدراج سببا للفتنة والعذاب اطلق عليه لفظ الفتنة مجازا مرسلا او امتحان لكم كيف تعملون اى معاملة تشبيهية بالامتحان على طريق الاستعارة التمثيلية وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ وتمتيع لكم الى أجل مقدر يقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة ليكون ذلك حجة عليكم وليقع الجزاء فى وقت هو فيه حكمة قالَ الرسول فهو حكاية لدعائه عليه السلام رَبِّ [اى پروردگار من] احْكُمْ بِالْحَقِّ اى اقض بيننا وبين اهل مكة بالعدل المقتضى لتعجيل العذاب والتشديد عليهم وَرَبُّنَا مبتدأ خبره قوله الرَّحْمنُ كثير الرحمة على عباده وهى ان كانت بمعنى الانعام فمن صفات الفعل وان أريد بها ارادة إيصال الخير فمن صفات الذات الْمُسْتَعانُ خبر آخر اى المطلوب منه المعونة: يعنى [يارى آور خواهنده] عَلى ما تَصِفُونَ من الحال فانهم كانوا يقولون ان الشوكة تكون لهم [ورايت اسلام ودين دم بدم نكونسار خواهد شد] وان المتوعد لو كان حقا لنزل بهم الى غير ذلك مما لا خير فيه: يعنى [شما سخن ناسزا ميكوييد وما از خداى بران يارى خواهيم واميدوارى از دركاه حضرت او داريم] مراد خويش ز دركاه پادشاهى خواه ... كه هيچكس نشود نااميد از ان دركاه فاستجاب الله تعالى دعاء رسوله فخيب آمالهم وغير أحوالهم ونصر أولياءه عليهم فاصابهم يوم بدر ما أصابهم وفى الآية اشارة الى انه لا يطلب من الله تعالى ولا يطمع فى حق المطيع والعاصي الا ما هو مستحقه وقد جرى حكم الله فيها فى الأزل وان

رحمته غير متناهيه وان كانت أنواعها مائة على ما قال عليه السلام (ان لله مائة رحمة) فعلى العاقل ان لا يغتر بطول العمر وكثرة الأموال والأولاد فان الاغترار بذلك من صفات الكفرة ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد يمكر به فهو مخدوع عن عقله قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله لرجل أدرهم فى المنام أحب إليك أم دينار فى اليقظة فقال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذي تحبه فى الدنيا كأنك تحبه فى المنام والذي لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة نسأل الله العصمة والتوفيق تمت سورة الأنبياء فى الخامس من شهر الله رجب من سنة ست ومائة والف من الهجرة تمت الجلد الخامس من تفسير روح البيان ويتلوه الجلد السادس بعناية رب المنان

الجزء السادس

الجزء السادس من تفسير روح البيان تفسير سورة الحج مكية الاست آيات من (هذانِ خَصْمانِ) الى آخر (الْحَمِيدِ) (وهى ثمان وسبعون آية) بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ اى احذروا من عقوبة مالك أموركم ومربيكم بطاعته إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة التحريك الشديد بطريق التكرير كما يدل عليه تكرير الحروف لان زلزل مضاعف زل والساعة عبارة عن القيامة سميت بذلك لسرعة حسابها كما فى المفردات اختلف العلماء فى وقت هذه الزلزلة فقال بعضهم تكون فى الدنيا قبيل طلوع الشمس من مغربها فيكون الذهول والوضع الإتيان على حقيقتهما وقال بعضهم تكون يوم القيامة فيحملان على التمثيل والأظهر ما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان زلزلة الساعة قيامها فيكون معناها ان الزلزلة الواقعة عند قيام الساعة شىء عظيم لا يحيط به الوصف فلا بد من التقوى لتخليص النفس من العذاب يَوْمَ تَرَوْنَها منتصب بما بعده اى وقت رؤيتكم تلك الزلزلة تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ الذهول الذهاب عن الأمر مع دهشة والمرضعة المرأة المباشرة للارضاع بالفعل وبغير التاء هى التي من شأنها الإرضاع لكن لم تلابس الفعل ومثلها حائض وحائضة والتعبير عن الطفل بما دون من لتأكيد الذهول وكونه بحيث لا يخطر ببالها انه ماذا أي تغفل مع حيرة عما هى بصدد ارضاعه من طفلها الذي ألقمته ثديها اشتغالا بنفسها وخوفا: وبالفارسية [غافل شود وفراموش كند از هيبت آن هر شير دهنده از ان فرزندى كه ويرا شير ميدهد با وجود مهربانى مرضعه بر رضيع] اى لو كان مثلها فى الدنيا لذهلت المرضعة عما ارضعته لغير فطام وكذا قوله

تعالى وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها اى تلقى وتسقط جنينها لغير تمام من شدة ما غشيها والحمل بالفتح ما كان فى البطن او على رأس الشجر وبالكسر ما كان على الظهر وفى التأويلات النجمية يشير الى مواد الأشياء فان لكل شىء مادة هى ملكوته ترضع رضيعها من الملك وذهولها عنه بهلاك استعدادها للارضاع وذات حمل هى ما تسمى هيولى فانها حامل بالصور اى تسقط حمل الصور الشهادية املاك الهيولى وَتَرَى النَّاسَ اهل الموقف سُكارى جمع سكران اى كأنهم سكارى وافراد الخطاب هنا بعد جمعه فى ترونها لان الزلزلة يراها الجميع لكونها امرا مغايرا للناس بخلاف الحالة القائمة بهم من اثر السكر فان كل أحد لا يرى الا ما قام بغيره والسكر حالة تعرض بين المرء وعقله واكثر ما يستعمل ذلك فى الشراب وقد يعترى من الغضب والعشق ولذا قال الشاعر سكران سكر هوى وسكر مدامة ومنه سكرات الموت قال جعفر رضى الله عنه اسكرهم ما شاهدوا من بساط العز والجبروت وسرادق الكبرياء حتى الجأ النبيين الى ان قالوا نفسى نفسى در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا وَما هُمْ بِسُكارى حقيقة قال الكاشفى [زيرا زوال عقل از خوف وحيرت سكر نباشد واگر رأى العين مانند سكر نمايد] وفيه اشارة الى ان الصور الاخروية وان كانت مثل الصور الدنيوية فى ظاهر النظر لكن بين الحقيقتين تخالف ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يشبه شىء مما فى الجنة شيئا مما فى الدنيا الا بالاسم واعلم ان السكر من انواع شتى. فمن شراب الغفلة والعصيان. ومن حب الدنيا وشهواتها. ومن التنعم. ومن لذة العلم. ومن الشوق. ومن المحبة. ومن الوصال. ومن المعرفة. ومن المحبية والمحبوبية كما قال بعضهم لى سكرتان وللندمان واحدة ... شىء خصصت به من بينهم وحدي وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فغشيهم هوله وطير عقولهم وسلب تمييزهم وللعذاب نيران نار جهنم ونار القطيعة والفراق ونار الاشتياق ونار الفناء فى النار والبقاء بالنار كقوله تعالى (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) وكانت استغاثة النبي عليه السلام بقوله (كلمينى يا حميراء) من فوران هذه النار وهيجانها والله اعلم قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله لو أمرنى الله ان اقسم العذاب بين الخلق ما قسمت للعاشقين عذابا: قال الحافظ هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت ... كر آشناى عشق شوم ز اهل رحمتم قال بعضهم نزلت هاتان الآيتان فى غزوة بنى المصطلق ليلا فقرأهما رسول الله على أصحابه فلم ير اكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدرا وكانوا بين حزين وباك ومفكر فقال عليه السلام (أتدرون اى يوم ذلك) فقالوا الله ورسوله اعلم قال (ذلك يوم يقول الله لآدم يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار فيقول من كل كم قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين) قال عليه السلام (فذلك) اى التقاول (حين يشيب الصغير وتضع كل ذات

[سورة الحج (22) : الآيات 3 إلى 4]

حمل حملها وترى الناس سكارى) اى من الخوف (وَما هُمْ بِسُكارى) اى من الخمر (وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) فكبر ذلك على المسلمين فبكوا وقالوا يا رسول الله أينا ذلك فقال (ابشروا فان من يأجوج ومأجوج الفا ومنكم رجل) ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة) فكبروا وحمدوا الله ثم قال والذي نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلثى أهل الجنة وان اهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي وما المسلمون الا كالشامة فى جنب البعير او كالرقمة فى ذراع الحمار بل كالشعرة السوداء فى الثور الأبيض او كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود) ثم قال (ويدخل من أمتي سبعون الفا الجنة بغير حساب) فقال عمر رضى عنه سبعون ألفا قال (نعم ومع كل ألف سبعون الفا) فقام عكاشة بن محصن رضى الله عنه فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام (أنت منهم فقام رجل من الأنصار فقال ادع الله ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام (سبقك بها عكاشة) قال بعض ارباب الحقائق وجه كون هذه الامة ثمانين صفا ان الله تعالى قال فى حقهم (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) ولما كانت الجنة دار أبيهم آدم فالاقرب اليه من أولاده يحجب الأبعد واقرب بنيه اليه وأفضلهم على الإطلاق هو محمد عليه السلام وأمته فكان ثلثا الجنة للاصل الأقرب وبقي الثلث للفرد الا بعد وذلك ان الامة المحمدية اقرب الى الكمال من سائر الأمم كالذكر اقرب الى الكمال من الأنثى وللذكر مثل حظ الأنثيين ولهذا السر يكنى آدم فى الجنة بابى محمد ولا شك انه عليه السلام ابو الأرواح كما ان آدم ابو البشر فالاب الحقيقي يحجب أولاد أولاده فأمته هم الأولاد الأقربون وسائر الأولاد هم الأبعدون وَمِنَ النَّاسِ مبتدأ اى وبعض الناس وهو النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ولا بعث بعد الموت مَنْ يُجادِلُ الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمقاتلة وأصله من جدلت الحبل اى أحكمت فتله كان المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه فِي اللَّهِ اى فى شأنه ويقول فيه ما لا خير فيه من الأباطيل حال كون ذلك المجادل ملابسا بِغَيْرِ عِلْمٍ [بي دانشى وبي معرفتى وبي برهانى وحجتى] والآية عامة فى كل كافر يجادل فى ذات الله وصفاته بالجهل وعدم اتباع البرهان وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من يجادل فى الله ما له علم بالله ولا معرفة به والا لم يجادل فيه ولم يستسئل وانما يجادل لاتباعه الشيطان كما قال وَيَتَّبِعُ فى جداله وعامة أحواله كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ متجرد للفساد متعر من الخيرات وهم رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم الى الكفر أو إبليس وجنوده يقال مرد الشيء إذا جاوز حد مثله وأصله العرى يقال غلام امرد وغصن امرد إذا عرى من الشعر والورق وروى (اهل الجنة مرد) فقد حمل على ظاهره وقيل ان معناه معرّون عن المقابح والشوائب كُتِبَ عَلَيْهِ اى قضى على كل شيطان من الجن والانس كما فى التأويلات النجمية قال الكاشفى [نوشته شده است بر ان ديو در لوح محفوظ] أَنَّهُ اى الشأن مَنْ [هر كس كه]

[سورة الحج (22) : آية 5]

تَوَلَّاهُ اتخذه وليا وتبعه فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ بالفتح على انه خبر مبتدأ محذوف اى فشأن الشيطان ان يضل من تولاه عن طريق الحق وَيَهْدِيهِ يدله إِلى عَذابِ السَّعِيرِ بحمله على مباشرة ما يؤدى اليه من السيئات واضافة العذاب الى السعير وهى النار الشديدة الاشتعال بيانية كشجر الأراك وعن الحسن انه اسم من اسماء جهنم قال فى التأويلات النجمية اما الشيطان الجنى فيضله بالوساوس والتسويلات وإلقاء الشبه واما الشيطان الانسى فبايقاعه فى مذاهب اهل الأهواء والبدع والفلاسفة والزنادقة المنكرين للبعث والمستدلين بالبراهين المعقولة بالعقول المشوبة بشوائب الوهم والخيال وظلمة الطبيعة فيستدل بشبههم ويتمسك بعقائدهم حتى يصير من جملتهم ويعد فى زمرتهم كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ويهديه بهذه الاستدلالات والشبهات الى عذاب السعير سعير القطيعة والحرمان انتهى واعلم ان الكمال الآدمي فى العلوم الحقيقية وهى اربعة. الاول معرفة النفس وما يتعلق بها. والثاني معرفة الله تعالى وما يتعلق به. والثالث معرفة الدنيا وما يتعلق بها. والرابع معرفة الآخرة وما يتعلق بها واهل التقليد دون اهل الاستدلال وهم دون اهل الإيقان وهم دون اهل العيان ولا بد للسالك ان يجتهد فى الوصول الى مرتبة العيان وذلك بتسليك مرشد كامل فان الاتباع بغيره لا يوصل الى المنزل: قال المولى الجامى خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو وعند الوصول الى مرتبة العيان يلزم غسل الكتب فانه لا يحتاج الى الدليل بعد الوصول الى المدلول: وفى المثنوى چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان «1» آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادن صيقلى پيش سلطان خوش نشسته در قبول ... زشت باشد جستن نامه ورسول وعند هذا المقام ينقطع الجدل من الأنام إذ لا جدال بعد العلم الحقيقي ولا اتباع للشيطان الأسود والأبيض بعد حط الرحل فى عالم الذات الذي لا يدخله الشيطان وهو مقام آمن من شر الوسواس الخناس فعلى العاقل الاجتهاد فى الليل والنهار لتزكية النفس وقمع الإنكار فانه جهاد اكبر إذا النفس من الأعداء الباطنة التي يستصعب الاحتراز عنها نفس از درون وديو ز بيرون زند رهم ... از مكر اين دور هزن پر حيله چون كنم نسأل الله سبحانه ان يحفظنا من شر الأعداء ويجعلنا تابعين للحق الصريح الذي لا محيد عنه انه أعظم ما يرجى منه يا أَيُّهَا النَّاسُ يا اهل مكة المنكرين للبعث إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ البعث الإخراج من الأرض والتسيير الى الموقف وجيئ بان مع كثرة المرتابين لاشتمال المقام على ما يقلع الريب من أصله وتصوير ان المقام لا تصلح الا لمجرد الفرض له كما يفرض المحال ان كنتم فى شك من إمكان الاعادة وكونها مقدورة له تعالى او من وقوعها فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ ليس جزاء للشرط لان خلقهم مقدم على كونهم مرتابين بل هو علة للجزاء المحذوف اى فانظروا الى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم اى خلقنا كل

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود

فرد منكم خلقا اجماليا مِنْ تُرابٍ فى ضمن خلق آدم منه وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) ثُمَّ خلقناكم خلقا تفصيليا مِنْ نُطْفَةٍ هى الماء الصافي قل او كثر ويعبر بها عن ماء الرجل من نطف الماء إذا سال او من النطف وهو الصب ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ قطعة من الدم جامدة مكونة من المنى ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ اى قطعة من اللحم مكونة من العلق وهى فى الأصل مقدار ما يمضغ مُخَلَّقَةٍ بالجر صفة مضغة اى مستبينة الخلق مصورة وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ اى لم يستبن خلقها وصورتها بعد والمراد تفصيل حال المضغة وكونها او لا قطعة لم يظهر فيها شىء من الأعضاء ثم ظهر بعد ذلك شىء لكنه آخر غير المخلقة لكونها عدم الملكة كذا فى الإرشاد ويؤيده قول حضرة النجم فى التأويلات (مُخَلَّقَةٍ) اى منفوخة فيها الروح (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) اى صورة لا روح فيها وفى الحديث (ان أحدكم يجمع خلقه) اى يحرز ويقر مادة خلقه (فى بطن امه) اى فى رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء (أربعين يوما) - روى- عن ابن مسعود رضى الله عنه ان النطفة إذا وقعت فى الرحم فاراد الله ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما فى الرحم فذاك جمعها (ثم تكون علقة مثل ذلك ثم تكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح) وهذا يدل على ان التصوير يكون فى الأربعين الثاني لكن المراد تقدير تصويرها لان التصوير قبل المضغة لا يتحقق عادة (ويؤمر بأربع كلمات) يعنى يؤمر الملك بكتابه اربع من القضايا وكل قضية سميت كلمة (بكتب رزقه واجله) اى مدة حياته (وعمله وشقى) وهو من وجبت له النار (او سعيد) وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر شقى لان اكثر الناس كذا لِنُبَيِّنَ لَكُمْ اى خلقناكم على هذا النمط البديع لنبين لكم بذلك امر البعث والنشور فان من قدر على خلق البشر اولا من تراب لم يشم رائحة الحياة قط فهو قادر على إعادته بعث انسان كر نشد نزدت عيان ... أول خلقش نكر هذا بيان هر كه بر إيجاد او قادر بود ... قدرتش بر بعث او ظاهر شود اوست خلاقى كه از بعد خزان ... ميكند پيدا بهار بوستان وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ استئناف مسوق لبيان حالهم بعد تمام خلقهم اى ونحن نقر فى الأرحام بعد ذلك ما نشاء ان نقره فيها إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين هو وقت الوضع وأدناه ستة أشهر عند الكل وأقصاه سنتان عند ابى حنيفة رحمه الله واربع سنين عند الشافعي وخمس سنين عند مالك- روى- ان الضحاك بن مزاحم التابعي مكث فى بطن امه سنتين ومالكا ثلاث سنين كما ذكره السيوطي واخبر الامام مالك رحمه الله ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنة تحمل اربع سنين وفيه اشارة الى ان بعض ما فى الأرحام لا يشاء الله تعالى إقراره فيها بعد تكامل خلقه فيسقط ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ اى من بطون أمهاتكم بعد إقراركم فيها عند تمام الاجل المسمى حال كونكم طِفْلًا أطفالا بحيث لا تقومون

لاموركم من غاية الضعف والافراد باعتبار كل واحد منهم او بارادة الجنس المنتظم للواحد والمتعدد والطفل الولد مادام ناعما كما فى المفردات وقال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة حد الطفل من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ علة لنخرجكم معطوفة على علة اخرى مناسبة لها كأنه قيل ثم نخرجكم لتكبروا شيئا فشيئا ثم لتبلغوا كما لكم فى القوة والعقل والتمييز وهو فيما بين الثلاثين والأربعين وفى القاموس ما بين ثمانى عشرة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما انتهى وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى اى يقبض روحه ويموت بعد بلوغ الأشد او قبله والتوفى عبارة عن الموت وتوفاه الله قبض روحه وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وهو الهرم والخرف والرذل والرذال المرغوب عنه لرداءته والعمر مدة عمارة البدن بالحياة لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ كثير شَيْئاً اى شيأ من الأشياء او شيأ من العلم وهو مبالغة فى انتقاض علمه وانتكاس حاله والا فهو يعلم بعض الأشياء كالطفل اى ليعود الى ما كان عليه أوان الطفولية من ضعف البنية وسخافة العقل وقلة الفهم فينسى ما عمله وينكر ما عرفه ويعجز عما قدر عليه وقد سبق بعض ما يتعلق بهذه الآية فى سورة النحل عند قوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) الآية: قال الشيخ سعدى قدس سره طرب نوجوان ز پير مجوى ... كه دكر نايد آب رفته بجوى زرع را چون رسيد وقت درو ... نخرامد چنانكه سبزه نو وقال چودوران عمر از جهل در كذشت ... مزن دست و پاكاب از سر كذشت بسبزى كجا تازه كردد دلم ... كه سبزى نخواهد دميد از كلم تفرج كنان در هوا وهوس ... كذشتيم بر خاك بسيار كس كسانى كه ديكر بغيت اندرند ... بيايند وبر خاك ما بگذرند دريغا كه فصل جوانى كذشت ... بلهو ولعب زندكانى كذشت چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار قال النسفي فى كشف الحقائق [اى درويش جهل پيش از عمل دوزخست وجهل بعد از علم بهشت است از جهت آنكه جهل پيش از علم سبب حرص وطمعست وجهل بعد از علم سبب رضا وقناعت است] وفى عرائس البقلى أرذل العمر ايام المجاهدة بعد المشاهدة وايام الفترة بعد المواصلة لكيلا يعلم بعد علم بما جرى عليه من الأحوال الشريفة والمقامات الرفيعة وهذا غيرة الحق على المحققين حين أفشوا أسراره بالدعاوى الكثيرة أستعيذ بالله واستزيد منه فضله وكرمه ليخلصنا به من فتنة النفس وشرها وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان أطفال المكونات كانوا فى أرحام أمهات العدم متقررين بتقرير الحق إياهم فيها ولكل خارج منها أجل مسمى بالارادة القديمة والحكمة الازلية فلا يخرج طفل مكون من رحم العدم الا بمشيئة الله تعالى وأوان اجله وهذا رد على الفلاسفة يقولون

[سورة الحج (22) : الآيات 6 إلى 10]

بقدم العالم ويستدلون فى ذلك بانه هل كان لله تعالى فى الأزل اسباب الالهية فى إيجاد العالم بالكمال اولا فان قلنا لم تكن أثبتنا له نقصانا فالناقص لا يصلح للالهية وان قلنا قد كان له اسباب الالهية بالكمال بلا مانع يلزم إيجاد العالم فى الأزل بلا تقدم زمانى للصانع على المصنوع بل بتقدم رتبى فنقول فى جوابهم ان الآية تدل على ان الله تعالى كان فى الأزل ولم يكن معه شىء شاء وكان قادرا على إيجاد ما يشاء كيف شاء ولكن الارادة الازلية اقتضت بالحكمة الازلية أجلا مسمى بإخراج طفل العالم من رحم العدم او ان اجله وان لم يكن قبل وجود العالم أوان وانما كان مقدار الأوان فى ايام الله التي لم يكن لها صباح ولا مساء كما قال الله تعالى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) وبقوله (نُخْرِجُكُمْ) إلخ يشير إلخ ان كل طفل من أطفال المكونات يخرج من رحم العدم مستعدا للتربية وله كمال يبلغه بالتدريج ومن المكونات ما ينعدم قبل بلوغ كماله ومنها ما يبلغ حد كماله ثم يتجاوز عن حد الكمال فيؤول الى ضد الكمال لكيلا يبقى فيه من أوصاف الكمال شىء وذلك معنى قوله (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) دفتر دانش من جمله بشوييد بمى ... تا شود از نم فيض ازلى جانم حى وَتَرَى الْأَرْضَ يا من شأنه الرؤية وهو حجة اخرى على البعث هامِدَةً ميتة يابسة همدت النار إذا صارت رمادا فَإِذا [پس چون] أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اى المطر اهْتَزَّتْ تحركت بالنبات والاهتزاز الحركة الواقعة على البهجة والسرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت الا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع وَرَبَتْ انتفخت وازدادت من ربا يربو ربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو وفزع كما فى القاموس وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف بَهِيجٍ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا سرورا بان اثره فى وجهه. والمعنى حسن رائق يسر ناظره: وبالفارسية [تازه وتر ونيكو وبهجت افزاى بس قادرى كه زمين مرده را بابى زنده سازد تواناست بر آنكه اجزاى موتى را جمع ساخته بهمان حال كه بوده اند باز كرداند آنكه پى دانه نهال افراخت ... دانه هم شجر تواند ساخت كرد نابوده را بقدرت بود ... چهـ عجب كر دهد ببوده وجود ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ اى ذلك الصنع البديع وهو خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه فى أطوار متباينة واحياء الأرض بعد موتها حاصل بسبب انه تعالى هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى اى شأنه وعادته احياؤها وحاصله انه تعالى قادر على إحيائها بدأ وإعادة والا لما احيى النطفة والأرض الميتة مرارا بعد مرار وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة والا لما أوجد هذه الموجودات وَأَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة آتِيَةٌ فيما سيأتى لمجازاة المحسن والمسيئ لا رَيْبَ فِيها إذ قد وضح دليلها وظهر أمرها وهو خبر ثان وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ [بر مى انكيزد] اى بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت والبعث هو ان ينشر الله الموتى من القبور بان يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الأرواح إليها وأنكره الفلاسفة بناء على امتناع إعادة المعدوم قلنا ان الله يجمع الاجزاء

[سورة الحج (22) : الآيات 8 إلى 9]

الاصلية للانسان وهى الباقية من أول عمره الى آخره ويعيد روحه اليه سواء سمى ذلك إعادة المعدوم بعينه أم لا واما الاجزاء المأكولة فانما هى فضل فى الاكل فليست باصلية- روى- ان السماء تمطر مطرا يشبه المنى فمنه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نطفة تنزل من بحر الحياة الى أصلاب الآباء ومنها الى أرحام الأمهات فيتكون من قطرة الحياة تلك النطفة جسدا فى الرحم وقد علمنا ان النشأة الاولى أوجدها الله على غير مثال سبق وركبها فى أي صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على عير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشىء الله النشأة الاخرى على عجب الذنب الذي يبقى من هذا النشأة الدنيا وهو أصلها فعليه تركب النشأة الآخرة ثم ان الله تعالى كما يحيى الأرض والموتى بالماء الصوري كذلك القلوب القاسية بالماء المعنوي وهو الاذكار وأنوار الهداية فالعاقل يجتهد فى تنوير القلب واحيائه بانوار الطاعات والاذكار كى يتخلص من ظلمات الشكوك والشرك جليا كان او خفيا ولا شك ان الجسد من الروح كالقبر من الميت ينتفع فى قبره بدعوات الاحياء كذلك الروح يترقى الى مقامه العلوي بما حصل من امداد القوى والأعضاء نسأل الله الحياة الابدية بفضله وكرمه اگر هوشمندى بمعنى كراى ... كه معنى بماند نه صورت بجاى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ هو ابو جهل يُجادِلُ فِي اللَّهِ حال كون ذلك المجادل بِغَيْرِ عِلْمٍ ضرورى او بديهي فطرى وَلا هُدىً استدلال ونظر صحيح هاد الى المعرفة قال الكاشفى [وبا دليلى كه راه نمايد بمقصد] وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ وحي مظهر للحق قال الكاشفى [وبي كتابى روشن كه بدان صواب از خطا ظاهر كردد] اى يجادل فى شأنه تعالى من غير تمسك بمقدمة ضرورية ولا بحجة نظرية ولا ببرهان سمعى بل بمحض التقليد والجدال بغير هذه الأمور الثلاثة شهادة على المجادل بافراطه فى الجهل فى الله ويستحيل عليه بانهما كه فى الغى والضلال ثانِيَ عِطْفِهِ حال اخرى من فاعل يجادل من ثنى العود إذا حناه وعطفه لانه ضم أحد طرفيه الى الآخر وعطف الإنسان بكسر العين جانبه من رأسه الى وركه او قدمه قال ابن الشيخ العطف بكسر العين الجانب الذي يعطفه الإنسان ويلويه ويميله عند الاعراض عن الشيء وبفتح العين التعطف والبر وثنى العطف وكناية عن التكبر كلى الجيد والشدق ففى الجلالين لاوى عنقه تكبرا وفى التفسير الفارسي [پيچيده دامن خود است واين كنايه باشد از تكبر چهـ متكبر دامن از هر چيز در مى چيند] وفى الإرشاد عاطفا بجانبه وطاويا كشحه معرضا متكبرا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ متعلق بيجادل فان غرضه الإضلال عنه وان لم يعترف بانه إضلال اى ليخرج المؤمنين من الهدى الى الضلال او ليثبت الكفرة عليه لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ الخزي الهوان والفضيحة اى ليثبت له فى الدنيا بسبب ما فعله خزى وهو ما أصابه يوم بدر من القتل والصغار وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ الحريق بمعنى المحرق فيجوز ان يكون من اضافة المسبب الى سببه على ان يكون الحريق عبارة عن النار وان يكون من اضافة الموصوف الى صفته

[سورة الحج (22) : آية 10]

والأصل العذاب الحريق ذلِكَ اى يقال له يوم القيامة ذلك الخزي فى الدنيا وعذاب الآخرة كائن بِما قَدَّمَتْ يَداكَ بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصي واسناده الى يديه لما ان الاكتساب عادة بالأيدي ويجوز ان يكون الكلام من باب الالتفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والأمر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم فان قلت الظاهر ان يقال ليس بظالم للعبيد ليفيد نفى اصل الظلم ونفى كونه مبالغا مفرطا فى الظلم لا يفيد نفى أصله قلت المراد نفى اصل الظلم وذكر لفظ المبالغة مبنى على كثرة العبيد فالظالم لهم يكون كثير الظلم لاصابة كل منهم ظلما لان العبيد دال على الاستغراق فيكون ليس بظالم لهذا ولا ذلك الى ما لا يحصى وايضا ان من عدله تعالى ان يعذب المسيئ من العبيد ويحسن الى المحسن ولا يزيد فى العقاب ولا ينقص من الاجر لكن بناء على وعده المحتوم فلو عذب من لا يستحق العذاب لكان قليل الظلم منه كثيرا لاستغنائه عن فعله وتنزيهه عن قبحه وهذا كما يقال زلة العالم كبيرة وفى المرفوع (يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا يظلمون) يقال من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه وشر الناس من ينصر الظلوم ويخذل المظلوم وفى الآية اشارة الى ان العبيد ظلامون لانفسهم كما قال الله تعالى (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بان يضعوا العبادة والطلب فى غير موضعه: قال المولى الجامى قصد ما ابروى تست از سجده در محرابها ... كز نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل واعلم ان جدال المنافق والمرائى واهل الأهواء والبدع مذموم واما من يجادل فى معرفة الله ودفع الشبه وبيان الطريق الى الله تعالى بالعلم بالله وهدى نبيه عليه السلام وشاهد نص كتاب منير يظهر بنوره الحق من الباطل فجداله محمود قال بعضهم البحث والتفتيش عما جاءت به السنة بعد ما وضح سنده يجر الباحث الى التعمق والتوغل فى الدين فانه مفتاح الضلال لكثير من الامة يعنى الذين لم يرزقوا باذهان وقادة وقرائح نقادة وما هلكت الأمم الماضية الا بطول الجدال وكثرة القيل والقال فالواجب ان يعض بأضراسه على ما ثبت من السنة ويعمل بها ويدعو إليها ويحكم بها ولا يصغى الى كلام اهل البدعة ولا يميل إليهم ولا الى سماع كلامهم فان كل ذلك منهى شرعا وقد ورد فيه وعيد شديد وقد قالوا الطبع جذاب والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية: قال المولى الجامى قدس سره بهوش باش كه راه بسى مجرد زد ... عروس دهر كه مكاره است ومحتاله بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله فى كلام اهل البدعة والأهواء كخوار العجل فكما ان السامري ضل بذلك الخوار وأضل كثيرا من بنى إسرائيل فكذا كل من كان فى حكمه فانه يغتر باوهامه وخيالاته ظنا انها علوم صحيحة فيدعو اهل الأوهام إليها فيضلهم بخلاف من له علم صحيح وكشف صريح فانه لا يلتفت الى كلمات الجهال ولا يميل الى خارق العادة ألا ترى ان من ثبت على دين موسى لم يصخ الى الخوار وعرف انه ابتلاء من الله تعالى للعباد فويل للمجادل المبطل وويل للسامع الى كلامه

[سورة الحج (22) : الآيات 11 إلى 15]

وقد ذم الله تعالى هذا المجادل بالكبر وهو من الصفات العائقة عن قبول الحق ولا شىء فوقه من الذمائم وعن ارسطو من تكبر على الناس أحب الناس ذلته وعنه باصابة المنطق يعظم القدر. وبالتواضع تكثر المحبة. وبالحلم تكثر الأنصار. وبالرفق يستخدم القلوب. وبالوفاء يدوم الإخاء. وبالصدق يتم الفضل نسأل الله التخلي عن الصفات القبيحة الرذيلة والتحلي بالملكات الحسنة الجميلة وَمِنَ النَّاسِ- روى- ان الآية نزلت فى أعاريب قدموا المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهريا سريا وولدت امرأته ولدا وكثر ماله وماشيته قال ما أصبت منذ دخلت فى دينى هذا الأخير او اطمأن وان كان الأمر بخلافه قال ما أصبت الا شرا وانقلب فقال تعالى وبعض الناس مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ حال كونه عَلى حَرْفٍ اى على طرف من الدين لا فى وسطه وقلبه فلا ثبات له فيه كالذى ينحرف على طرف الجيش فان أحس بظفر قر والا فر فالحرف الطرف والناحية وصف الدين بما هو من صفات الأجسام على سبيل الاستعارة التمثيلية قال الراغب حروف الهجاء أطراف الكلمة الرابطة بعضها ببعض فَإِنْ أَصابَهُ [پس اگر برسد او را] خَيْرٌ اى دنيوى من الصحة والسعة اطْمَأَنَّ فى الدين بِهِ بذلك الخير والاطمئنان السكون بعد الانزعاج قال الكاشفى [آرام كيرد بدين وثابت شود بر آن بسبب آن چيز] انتهى اى ثبت على ما كان عليه ظاهرا لا باطنا إذ ليس له اطمئنان المؤمنين الراسخين وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ اى شىء يفتن به من مكروه يعتريه فى نفسه او اهله او ماله فالمراد بالفتنة ما يستكرهه الطبع ويثقل على النفس والا لما صح ان يجعل مقابلا للخير لانه ايضا فتنة وامتحان وان أصابه شر مع انه المقابل للخير لان ما ينفر عنه الطبع ليس شرا فى نفسه بل هو سبب القربة ورفع الدرجة بشرط التسليم والرضى بالقضاء انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ الانقلاب الانصراف والرجوع والوجه بمعنى الجهة والطريقة اى ارتد ورجع الى الكفر قال الكاشفى [بر كردد بر روى خود يعنى از جهتى كه آمده بدان جهت عود كند مراد آنست كه مرتد كردد واز دين اسلام دست بر دارد] يقول الفقير قوله فى بحر العلوم تحول عن وجهه فانكب فرجع الى ما كان عليه من الكفر يشير الى ان على بمعنى عن كما ذهب اليه بعضهم فى قوله تعالى (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) حيث فسره بالجهة التي اقبل إليها وهى الإسلام خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ فقدهما وضيعهما بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد والأظهر ان خسران الدنيا ذهاب اهله حيث أصابته فتنة وخسران الآخرة الحرمان من الثواب حيث ذهب الدين ودخل النار مع الداخلين كما قال الكاشفى [زيان كرد در دنيا كه بمراد نرسد وزيان دارد در آخرت كه عملهاى او نابود شد] ذلِكَ [زيان هر دو سراى] هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [آنست زيان هويدا چهـ بر همه عقلا ظاهر است زيان از ان عظيم تر نيست] نه مال ونه اعمال نه دنيا ونه دين ... لامعه صدق ونه أنوار يقين در هر دو جهان منفعل وخوار وحزين ... البته زيانى نبود بدتر ازين قال بعضهم الخسران فى الدنيا ترك الطاعات ولزوم المخالفات والخسران فى الآخرة كثرة

[سورة الحج (22) : الآيات 12 إلى 14]

الخصوم والتبعات يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ استئناف مبين لعظم الخسران فيكون الضمير راجعا الى المرتد المشرك اى يعبد متجاوزا عبادة الله تعالى ما لا يَضُرُّهُ إذا لم يعبده وَما لا يَنْفَعُهُ ان عبده اى جمادا ليس من شأنه الضر والنفع كما يلوح به تكرير كلمة ما ذلِكَ الدعاء هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ عن الحق والهدى مستعارا من ضلال من ابعد فى التيه ضالا عن الطريق فطالت وبعدت مسافة ضلاله فان القرب والبعد من عوارض المسافة الحسية يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ الدعاء بمعنى القول واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له ومن مبتدأ وخبره مبتدأ ثان خبره اقرب والجملة صلة للمبتدأ الاول وقوله لبئس إلخ جواب لقسم مقدر وهو وجوابه خبر للمبتدأ الاول وإيثار من على ما مع كون معبوده حمادا وإيراد صيغة التفضيل مع خلوه عن النفع بالكلية للمبالغة فى تقبيح حاله والإمعان فى ذمه اى يقول ذلك الكافر يوم القيامة بدعاء وصراخ حين يرى تضرره بمعبوده ودخوله النار بسببه ولا يرى منه اثر النفع أصلا لمن ضره اقرب من نفعه والله لبئس الناصر ولبئس الصاحب والمعاشر والخليط هو فكيف بما هو ضرر محض عار عن النفع بالكلية فالآية استئناف مسوق لبيان مآل دعائه المذكور وتقرير كونه ضالا بعيدا والظاهر ان اللام زائدة ومن مفعول يدعو ويؤيده القراءة بغير اللام اى يعبد من ضره بكونه معبودا لانه يوجب القتل فى الدنيا والعذاب فى الآخرة اقرب من نفعه الذي يتوقع بعبادته فى زعمهم وهو الشفاعة والتوسل الى الله فايراد كلمة من وصيغة التفضيل تهكم به والجملة القسمية مستأنفة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بيان لكمال حسن حال المؤمنين العابدين له تعالى اثر بيان سوء حال الكفرة. والجنة الأرض المشتملة على الأشجار المتكاثفة الساترة لما تحتها والنهر مجرى الماء الفائض فاسناد الجري الى الأنهار من الاسناد الحكمي كقولهم سال الميزاب إذ الجريان من أوصاف الماء لا من أوصاف النهر ووصف الجنات به دلالة على انها من جنس ما هو ابهى الأماكن التي يعرفونها لتميل إليها طباعهم كما قال الكاشفى [غايت نزهت باغ وبستان بآب روانست] إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ اى يفعل البتة كل ما يريده من اثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع وفى الآيات إشارات منها ان من يعبد الله على طبع وهوى ورؤية عوض وطمع كرامات ومحمدة الخلق ونيل الدنيا فاذا أصابته أمانيه سكن فى العبادة وإذا لم يجد شيأ منها ترك التحلي بتحلية الأولياء فخسرانه فى الدنيا فقدان القبول والجاء عند الخلق وافتضاحه عندهم وسقوطه من طريق السنة والعبادة الى الضلالة والبدعة وخسرانه فى الآخرة بقاؤه فى الحجاب عن مشاهدة الحق واحتراقه بنيران البعد وايضا ان بعض الطالبين ممن لا صدق له ولا ثبات فى الطلب يكون من اهل التمني فيطلب الله فى شك فان أصابه شىء مما يلائم نفسه وهواه او فتوح من الغيب اقام على الطلب فى الصحبة وان أصابه بلاء او شدة وضيق فى المجاهدات والرياضات وترك الشهوات ومخالفة النفس وملازمة الخدمة ورعاية حق الصحبة والتأدب بآداب الصحبة والتحمل من الاخوان انقلب على وجه يتبدل

[سورة الحج (22) : آية 15]

الإقرار بالإنكار والاعتراض والتسليم بالاباء والاستكبار والارادة بالارتداد والصحبة بالهجران خسر ما كان عليه من الدنيا وبتركه وخسر الآخرة بارتداده عن الطلب والصحبة ومن هنا قال المشايخ مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ذلك هو الخسران المبين فان من رده صاحب قلب يكون مردود القلوب كلها كما ان من قبله يكون مقبول الكل: قال الحافظ كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند شبان وادئ ايمن كهى رسد بمراد ... كه چندان سال بجان خدمت شعيب كند يقول الفقير المسلمون صنفان صنف مشتغل بالجهاد الأصغر وصنف مشتغل بالجهاد الأكبر فضعفاء الصنف الاول يكونون على طرف الجيش والثاني على طرف الدين فان كان الأمر على مرادهم اقبلوا والا أدبروا وفى ذلك خسارة لهم من جهة الدنيا والآخرة لانهم يغلبهم الكفار والنفس الامارة فى الدنيا ويفوت عنهم درجات السعداء فى الآخرة فلا يظفرون بغنيمة مطلقا فلا بد من الصبر على المشاق: وقال الشيخ سعدى فى وصف الأولياء خوشا وقت شوريد كان غمش ... اگر زخم بينند اگر مرهمش دمادم شراب الم دركشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند نه تلخست صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست ومنها ان من يعبد الله يعبد الضار والنافع الذي يصدر منه كل نفع وضرا ما بواسطة الملائكة والانس والجمادات او بغير الواسطة واما من يعبد ما سواه تعالى فيعبد ما لا يضر وما لا ينفع وذلك لان الملك او الإنسان او الشيطان او شيأ من المخلوقات من فلك او كوكب او غيرها لا يقدر على خير او شر بنفسه او نفع او ضر بل كل ذلك اسباب مسخرة لا يصدر منها الا ما سخرت له وجملة ذلك بالاضافة الى القدرة الازلية كالقلم بالاضافة الى الكاتب فلبئس المولى ما عبده وطلبه من دون الله تعالى ولبئس العشير اى ما عاشره من الدنيا وشهواتها ومنها ان من يدخل الجنة من المؤمنين لا يدخل الجنة بمجرد الايمان التقليدى والأعمال الظاهرية بل يدخله الله بالايمان الحقيقي الذي كتبه بقلم العناية فى قلبه الذي من نتائجه الأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى مَنْ شرطية: والمعنى بالفارسية [هر كه از ظانين بالله ظن السوء] كانَ يَظُنُّ يتوهم أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ اى محمدا صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيا بإعلاء دينه وقهر أعدائه وَالْآخِرَةِ بإعلاء درجته والانتقام من مكذبيه يعنى انه تعالى ناصر رسوله فى الدنيا والآخرة فمن كان يظن من أعاديه وحساده خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ السبب الذي تصعد به النخل اى ليربط بحبل الى سقف بيته لان كل ما علاك فهو سماء ثُمَّ لْيَقْطَعْ قال فى القاموس قطع فلان الحبل اختنق ومنه قوله تعالى (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) اى ليختنق انتهى وسمى الاختناق قطعا لان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه وقال الكاشفى [پس ببرد آن رسن را تا بزمين افتد وبميرد] فَلْيَنْظُرْ المراد تقدير النظر وتصوره لان الأمر بالنظر بعد الاختناق غير معقول اى فليتصور فى نفسه وليقدر النظر ان فعل هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ فعل ذلك بنفسه وسماه كيدا لانه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره او على وجه الاستهزاء لانه

[سورة الحج (22) : الآيات 16 إلى 22]

لم يكد به محسوده انما كاد به نفسه ما يَغِيظُ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دم قلبه اى ما يغيظه من النصرة كلا يعنى انه لا يقدر على دفع النصرة وان مات غيظا كما قال الحافظ كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد وفى الآية اشارة الى نفى العجز عن الله تعالى وانه فوق عباده وانه ينصر أولياءه- روى- عن انس ابن مالك رضى الله عنه قال اقبل يهودى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد قال اين وصى محمد فاشار القوم الى ابى بكر رضى الله عنه فقال اسألك عن أشياء لا يعلمها الا نبى او وصى نبى فقال ابو بكر سل عما بدا لك فقال اليهودي أخبرني عما لا يعلم الله وعما ليس لله وعما ليس عند الله فقال ابو بكر هذا كلام الزنادقة وهمّ هو والمسلمون به فقال ابن عباس رضى الله عنهما ما أنصفتم الرجل ان كان عندكم جوابه والا فاذهبوا به الى من يجيبه فانى سمعت رسول الله يقول لعلى رضى الله عنه (اللهم أيد قلبه وثبت لسانه) فقام ابو بكر ومن حضره حتى أتوا عليا فافادوا له ذلك فقال اما ما لا يعلمه الله فذلكم يا معشر اليهود قولكم ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم ان له ولدا واما ما ليس لله فليس له شريك واما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم وعجز فقال اليهودي اشهد ان لا اله الا الله وانك وصى رسول الله ففرح المسلمون بذلك واعلم ان الكفار أرادوا ان يطفئوا نور الله فاطفاهم الله حيث نصر حبيبه وأنجز وعده وعزم الأحزاب وحده واما تشديد المحنة فى بعض الأحيان وتأخير النصرة فلحكم ومصالح فعلى العبد الصالح الراضي بالله تعالى ربا ان يصبر على أذى الأعداء وحسدهم فان الحق يعلو ولا يعلى وسيرجع الأمر من المحنة الى الراحة فيكون اهل الايمان والإخلاص مستريحين ومن الراحة الى المحنة فيكون اهل الشرك والنفاق مستراحا منهم والله تعالى يفعل ما يريد وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الانزال البديع المنطوى على الحكم البالغة أَنْزَلْناهُ اى القرآن الكريم كله حال كونه آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها اللطيفة وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ محل الجملة الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والأمر ان الله تعالى يهدى بالقرآن ابتداء او يثبت على الهدى او يزيد فيه من يريد هدايته او تثبيته او زيادته وفى الحديث (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) اى يرفع بالقرآن درجة أقوام وهم من آمن به وعمل بمقتضاه ويحط به أقواما آخرين وهم من اعرض عنه ولم يحفظ وصاياه وكان نظر الصحابة رضى الله عنهم وشغلهم فى الأحوال والأعمال ولذا كانوا يتعلمون عشر آيات لا يجاوزونها الى غيرها حتى يعملوا بما فيها قال فى الاحياء مات النبي عليه السلام عن عشرين الفا من الصحابة ولم يحفظ القرآن منهم الا ستة اختلف منهم فى اثنين فكان أكثرهم يحفظ السورة او السورتين وكان الذي يحفظ البقرة والانعام من علمائهم فالاشتغال بعلم القرآن والعمل بمقتضاه من علامات الهداية ولا بد من الاجتهاد آناء الليل وأطراف النهار الى ان يحصل المقصود فان من أراد ان يصل الى ماء الحياة يقطع الظلمات بلا فتور وجمود والملال من العلم واستماعه سبب الانقطاع عن طريق التحقيق واثر الحرمان من العناية والتوفيق

[سورة الحج (22) : آية 17]

دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه انه قال جلست فى عصابة من ضعفاء المهاجرين وان بعضهم ليستتر ببعض من العرى وقارئ يقرأ علينا إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فلما قام رسول الله سكت القارئ فسلم ثم قال (ما كنتم تصنعون) قلنا كنا نستمع الى كتاب الله فقال (الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت ان اصبر نفسى معهم) قال فجلس وسطنا ليعدل بنفسه فينا ثم قال بيده هكذا فتحلقوا وبرزت وجوههم له فقال (ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل اغنياء الناس بنصف يوم) وذلك خمسمائة سنة وذلك لان الأغنياء يوقفون فى العرصات ويسألون من اين جمعوا المال وفيم صرفوه ولم يكن للفقراء مال حتى يوقفوا ويسألوا عنه ويعنى رسول الله بالفقراء الفقراء الصابرين الصالحين وبالأغنياء الأغنياء الشاكرين المؤدين حقوق أموالهم هذا ثمان كون القرآن مشتملا على متشابهات وغوامض لا ينافى كون آياته بينات لانه ليس فيه ما لا يعلم معناه لكن العلماء يتفاوتون فى طبقات المعرفة هدانا الله وإياكم الى ما هدى العلماء الراسخين اليه وشرفنا فى كل غامض بالاطلاع عليه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بكل ما يجب ان يؤمن به وَالَّذِينَ هادُوا دخلوا فى اليهودية قال الراغب الهود الرجوع برفق وصار فى التعارف التوبة قال تعالى (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) اى تبنا إليك قال بعضهم اليهود فى الأصل هو من قولهم هدنا إليك وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمالهم وان لم يكن فيه معنى المدح كما ان النصارى فى الأصل من قوله (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ) ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم وَالصَّابِئِينَ اى الذين صبأوا عن الأديان كلها اى خرجوا واختاروا عبادة الملائكة والكواكب من صبأ الرجل عن دينه إذا خرج عنه الى دين آخر قال الراغب الصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين الى دين آخر صابئ من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع وَالنَّصارى جمع نصران ونصرانة مثل الندامى جمع ندمان وندمانة ويستعمل بغير الياء فيقال رجل نصران وامرأة نصرانة وَالْمَجُوسَ قال فى القاموس مجوس كصبور رجل صغير الأذنين وضع دينا ودعا اليه معرب «منج كوش» ورجل مجوسى جمعه مجوس كيهودى ويهود وهم عبدة النار وليسوا من اهل الكتاب ولذا لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم وانما أخذت الجزية منهم لانهم من العجم لا لانهم من اهل الكتاب وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا يعنى عبدة الأوثان إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فى حيز الرفع على انه خبر لان السابقة اى يقضى بين المؤمنين وبين الفرق الخمس المتفقة على ملة الكفر بإظهار المحق من المبطل بإثابة الاول وعقاب الثاني بحسب الاستحقاق يعنى ان الله تعالى يعامل كل صنف منهم يوم القيامة على حسب استحقاقه اما بالنعيم واما بالجحيم وبالوصال او بالفراق وعلم من الآية ان الأديان ستة واحد للرحمن وهو دين المؤمنين الذي هو الإسلام كما قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ) وخمسة للشيطان وهى ما عدا الإسلام لانها مما دعا إليها الشيطان وزينها فى أعين الكفرة إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [كواه واز همه حال آگاه] قال الامام الغزالي رحمه الله

[سورة الحج (22) : آية 18]

الشهيد يرجع معناه الى العلم مع خصوص اضافة فانه تعالى عالم الغيب والشهادة والغيب عبارة عما بطن والشهادة عما ظهر وهو الذي يشاهد فاذا اعتبر العلم المطلق فهو العليم مطلقا وإذا أضيف الى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير وإذا أضيف الى الأمور الظاهرة فهو الشهيد وقد يعتبر مع هذا ان يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم وفى الآية وعيد وتهديد فعلى العاقل ان يذكر يوم الفصل والقضا ويجتهد فى الأعمال التي يحصل بها الرضى: قال الشيخ سعدى قدس سره قيامت كه نيكان بأعلى رسند ... ز قعر ثرا با ثريا رسند ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خويش برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار بناز وطرب نفس پرورده گير ... بايام دشمن قوى كرده كير يكى بچهـ كرك مى پروريد ... چو پرورده شد خواجه را بر دريد بهشت او ستاند كه طاعت برد ... كرا نقد باشد بضاعت برد پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كو سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى پيمبر كسى را شفاعتكرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست واعلم ان الايمان والكفر أوصاف القلب وللقلب بابان علوى وسفلى فالعلوى يتصل الى الروح والسفلى الى النفس فاذا انسد الباب السفلى بالمخالفة الى النفس ينفتح الباب العلوي فتنصب المعارف الالهية من الروح الى القلب فيكون القلب منورا بانوار المعرفة ويتخلص من الحجب النفسانية وإذا انسد الباب العلوي بسبب الاتباع الى النفس ينفتح الباب السفلى فتظهر فى القلب الوساوس الشيطانية وكل بدعة وهوى والدين الباطل انما يحصل من النفس والشيطان فمن اتبع هوى النفس ووساوس الشيطان ضل عن طريق الحق والدين المبين واتخذ الهه هواه فان الله تعالى يفصل بينه وبين المهتدى فانه كما ان الايمان والكفر لا يجتمعان فى قلب فكذا أهلهما لا يجتمعون فى دار والبرزخ الفاصل بينهم وان كان موجودا الآن على ما عرفه اهل المعرفة لكنه معنوى فاذا كان يوم القيامة يصير صوريا حسيا أَلَمْ تَرَ ألم تعلم يا من من شأنه العلم أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اى ينقاد لتدبيره ومشيئته الملائكة والجن والانس مطيعا او عاصيا وذلك لان السجود اما سجود باختيار وهو للانسان وبه يستحق الثواب واما سجود تسخير وهو للانسان والحيوان والنبات شبه الانقياد بأكمل افعال المكلف فى باب الطاعة وهو السجود إيذانا بكمال التسخير والتذلل وانما حمل على المعنى المجازى إذ ليس فى كفرة الانس ومردة الجن والشياطين وسائر الحيوانات والجمادات سجود طاعة وعبادة وهو وضع الجبهة على الأرض خصوصا لله

تعالى وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ بالسير والطلوع والغروب لمنافع العباد وَالْجِبالُ بإجراء الينابيع وإنبات المعادن وَالشَّجَرُ بالظل وحمل الثمار ونحوها وَالدَّوَابُّ [چهار پايان] اى بعجائب التركيب ونحوها فكل شىء ينقاد له سبحانه على ما خلقه وعلى ما رزقه وعلى ما اصحه وعلى ما اسقمه فالبر والفاجر والمؤمن والكافر فى هذا سواء وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اى ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة فهو مرتفع بمحذوف لا بالمذكور والا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز قال فى التأويلات اهل العرفان يسجدون سجود عبادة بالارادة والجماد وما لا يعقل ومن لا يدين يسجدون سجود خضوع للحاجة قال الكاشفى [همه ذرات عالم مر خدايرا خاضع وخاشعند بدلالت حال كه افصح است از دلالت مقال] در نكر تا بينى از عين شهود ... جمله ذرات جهانرا در سجود وَكَثِيرٌ من الناس حَقَّ ثبت عَلَيْهِ الْعَذابُ بسبب كفره وابائه عن الطاعة قال الكاشفى [اين سجده ششم است باتفاق علما از سجدات قرآن در فتوحات اين را سجده مشاهد واعتبار كفته اند كه از همه اشيا غير آدميان را تبعيض نكرد پس بنده بايد كه مبادرت نمايد بسجده تا از كثير أول باشد كه از اهل سجده واقترابند نه از كثير ثانى كه مستحق عذاب وعقابند] ذوق سجده وطاعتى پيش خدا ... خوشتر باشد ز صد دولت ترا يقول الفقير الكثير الاول كثير فى نفسه قليل بالنسبة الى الكثير الثاني إذا هل الجمال اقل من اهل الجلال وهو الواحد من الالف وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم وعن بعضهم قليل إذا عدوا كثير إذا شدوا اى أظهروا الشدة وَمَنْ [وهر كرا] يُهِنِ اللَّهُ يهنه الله: بالفارسية [خوار كرداند] بان كتب عليه الشقاوة فى الأزل حسبما علمه من صرف اختياره الى الشر فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ يكرمه بالسعادة الى الابد إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ من الإكرام والاهانة من الأزل الى الابد قال الامام النيسابورى رحمه الله فى كشف الاسرار جعل الله الكفار اكثر من المؤمنين ليريهم انه مستغن عن طاعتهم كما قال (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) وقيل ليظهر عز المؤمنين فيما بين ذلك لان الأشياء تعرف بأضدادها والشيء إذا قل وجوده عز ألا ترى ان المعدن لعزته صار مظهرا للاسم العزيز وقيل ليرى الحبيب قدرته بحفظه بين أعدائه الكثيرة كما حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واحد واهل الأرض اعداد كله ليتبين ان النصر من عند الله والقليل يغلب الكثير بعونه وعنايته ومن أكرمه بالغلبة لا يهان بالخذلان البتة فان قيل ان رحمته سبقت وغلبت غضبه فيقتضى الأمر ان يكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب واهل الغضب تسع وتسعون من كل الف واحد يؤخذ للجنة كما ورد فى الصحيح وورد (اهل الرحمة كشعرة بيضاء فى جلد الثور الأسود) قلنا هذه الكثرة بالنسبة الى بنى آدم واما اهل الرحمة بالنسبة إليهم والى الملائكة والحور والغلمان فاكثر من اهل الغضب والتحقيق ان المقصود من النشآت كلها ظهور الإنسان الكامل وهو واحد كالالف فالناس عشرة اجزاء فتسعة

[سورة الحج (22) : الآيات 19 إلى 22]

الأعشار كفار والواحد مؤمنون ثم المؤمنون عشرة فتسعة عصاة وواحد مطيعون ثم المطيعون عشرة فتسعة اهل الزهد وواحد اهل العشق ثم اهل العشق عشرة فتسعة اهل البرزخ والفرقة وواحد اهل المنزل والوصلة فهو أعز من الكبريت الأحمر والمسك الأذفر وهو الذي أكرمه الله بكرامة لم يكرم بها أحدا من العالمين فلو ان اهل العالم اجتمعوا على اهانته ما قدروا اذله العز الحقيقي لانه أذل نفسه بالفناء فى الله وهو مقام السجود الحقيقي فاعزه الله ورفعه ألا ترى الى قوله (من عادى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وأذى وأهان واحدا من أوليائي فقد ظهر وخرج بالمحاربة لى والله ينصر أولياءه فيكون المبارز مقهورا مهانا بحيث لا يوجد له ناصر ومكرم اهل حق هركز نمى باشد مهان ... اهل باطل خوار باشد در جهان هذانِ اى فريق المؤمنين وفريق الكفرة المنقسم الى الفرق الخمس خَصْمانِ اى فريقان مختصمان اخْتَصَمُوا [جنك كردند وجدل نمودند] فِي رَبِّهِمْ وفى شأنه او فى دينه او فى ذاته وصفاته والكل من شؤنه فان اعتقاد كل من الفريقين بحقية ما هو عليه وبطلان ما عليه صاحبه وبناء أقواله وأفعاله عليه خصوصة للفريق الآخر وان لم يجر بينهما التحاور والخصام اهل دين حق وانواع ملل ... مختصم شد بى زبان اندر علل فَالَّذِينَ كَفَرُوا تفصيل لما أجمل فى قوله يفصل بينهم يوم القيامة قُطِّعَتْ لَهُمْ التقطيع [پاره پاره كردن] والمراد هنا قدرت على مقادير جثتهم ثِيابٌ مِنْ نارٍ اى نيران هائلة تحيط بهم احاطة الثياب بلابسها يُصَبُّ [ريخته ميشود] صب الماء اراقته من أعلى مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ اى الماء الحار الذي انتهت حرارته لو قطرت قطرة منه على جبال الدنيا لاذابتها قال الراغب الحميم الماء الشديد الحرارة وسمى العرق حميما على التشبيه واستحمّ الفرس عرق وسمى الحمام حماما اما لانه يعرق واما لما فيه من الماء الحار والحمى سميت بذلك اما لما فيها من الحرارة المفرطة واما لما يعرض فيها من الحميم اى العرق واما لكونها من امارات الحمام اى الموت يُصْهَرُ بِهِ [كداخته شود] اى يذاب بذلك الحميم من فرط الحرارة يقال صهرت الشيء فانصهر اى أذبته فذاب فهو صهير والصهر اذابة الشيء والصهارة ما ذاب منه ما فِي بُطُونِهِمْ من الأمعاء والاحشاء وَالْجُلُودُ تشوى جلودهم فتتساقط عطف على ما وتأخيره عنه لمراعاة الفواصل اى إذا صب الحميم على رؤسهم يؤثر من فرط حرارته فى باطنهم نحو تأثيره فى ظاهرهم فيذاب به احشاؤهم كما يذاب به جلودهم ثم يعاد كما كان وَلَهُمْ للكفرة اى لتعذيبهم وجلدهم مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [كرزها باشد در دست زبانيه از آهن] جمع مقمعة وهى آلة القمع قال فى بحر العلوم سياط منه يجلدون بها وحقيقتها ما يقمع به اى يكف بعنف وفى الحديث (لو وضعت مقمعة منها فى الأرض فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها منها) اى رفعوها (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) اى أشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى انها تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا

فى أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا وهو من ذكر البعض وارادة الكل إذا الخريف آخر الفصول الاربعة مِنْ غَمٍّ اى غم شديد من غمومها يصيبهم وهو بدل اشتمال من الهاء أُعِيدُوا فِيها اى فى قعرها بان ردوا من أعلاها الى أسفلها من غير ان يخرجوا منها قال الكاشفى [باز كردانيده شوند بدان كرزها در دوزخ يعنى چون بكناره دوزخ رسيده بخروج نزديك شوند زبانيه كرز بر سر ايشان ميزند وباز مى كرداند بدركات] وَقيل لهم ذُوقُوا [بچشيد] عَذابَ الْحَرِيقِ [عذاب آتش سوزنده] او العذاب المحرق كما سبق والعدول الى صيغة الفعيل للمبالغة قال فى التأويلات النجمية (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) من ارباب النفس بانقطاعهم عن الله ودينه وباتباعهم الهوى وطلب الشهوات الدنيوية ومن اصحاب الروح باعراضهم عن الله ورد دعوة الأنبياء (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) بتقطيع خياط القضاء على قدّهم وهى ثياب نسجت من سدى مخالفات الشرع ولحمة موافقات الطبع (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) حميم الشهوات النفسانية يذاب ويخرج ما فى قلوبهم من الأخلاق الحميدة الروحانية (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) اى الأخلاق الذميمة واستيلاء الحرص والأمل وقيل لهم ذوقوا عذاب ما أحرقت منكم نار الشهوات من الاستعدادات الحسنة انتهى ان قيل نار جهنم خير أم شر قلنا ليست هى بخير ولا بشر بل عذاب وحكمة وقيل خير من وجه كنار نمرود شر فى أعينهم وبرد وسلام على ابراهيم وكالسوط فى يد الحاكم خير للطاغى وشر للمطيع فالنار خير ورحمة على مالك وجنوده وشر على من دخل فيها من الكفار وايضا خير لعصاة المؤمنين حيث تخلص جواهر نفوسهم من ألواث المعاصي وشر لغيرهم كالطاعون رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين والوجود خير محض عند العارفين والعدم شر محض عند المحققين لان الوجود اثر صنع الحكيم كما قال (ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ) فالشرور بالنسبة الى الأعيان الكونية لا بالنسبة الى افعال الله ولله فى ملكه ان يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فالنار مظهر الجلال فمن جهة مظهريتها خير محض ومن جهة تعلقها ببعض الأعيان شر محض وقد خلق الله النار ليعلم الخلق قدر جلال الله وكبريائه ويكونوا على هيبة وخوف منه ويؤدب بها من لم يتأدب بتأديب الرسل ولهذا السر علق النبي عليه السلام السوط حيث يراه اهل البيت لئلا يتركوا الأدب- وروى- ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلا منى ولكن اكره ان اجمع أعدائي وأوليائي فى دار واحدة وقيل خلق النار لغلبة الشفقة كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى أكرمته ومن لم يجئ ليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الىّ أكرمته ومن لم يجئ ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو أكمل وأتم من الكرم الاول والله تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله (وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة الله ويمتثل لامره حتى يأمن من قهره: قال الشيخ سعدى قدس سره هنوزت أجل دست هوشت نبست ... برآور بدرگاه داور دو دست تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب

[سورة الحج (22) : الآيات 23 إلى 27]

چنان شرم دار از خداوند خويش ... كه شرمت ز همسايكانست وخويش بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نترسى ز كس بر ان خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [وكردند عملهاى شايسته] جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الاربعة يُحَلَّوْنَ فِيها من حليت المرأة إذا ألبست الحلي وهو ما يتحلى به من ذهب او فضة اى تحليهم الملائكة بامره تعالى وتزينهم: بالفارسية [آراسته كردانند و پيرايه بندند ايشانرا در بهشت] مِنْ أَساوِرَ اى بعض أساور وهى جمع اسورة جمع سوار: بالفارسية [دستوانه] مِنْ ذَهَبٍ بيان للاساور وَلُؤْلُؤاً عطف على محل من أساور وقرئ بالجر عطفا على ذهب على ان الأساور مرصعة بالذهب واللؤلؤ او على انهم يسورون بالجنسين اما على المعاقبة واما على الجمع كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذا كان فيه سواران سوار من ذهب احمر قان وسوار من لؤلؤ ابيض يقق وقيل عطف على أساور لا على ذهب لأن السوار لا يكون من اللؤلؤ فى العادة وهو غلط لما فيه من قياس عالم الملك بعالم الملكوت وهو خطأ لقوله (اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وينصره قول سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من اللؤلؤ واليواقيت قال ابن الشيخ وظاهر ان السوار قد يتخذ من اللؤلؤ وحده بنظم بعضه الى بعض غاية ما فى الباب ان لا يكون معهودا فى الزمان الاول اى فيكون تشويقا لهم بما لم يعرفوه فى الدنيا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ يعنى انهم يلبسون فى الجنة ثياب الإبريسم وهو الذي حرم لبسه فى الدنيا على الرجال على ما روى ابو سعيد عن النبي عليه السلام انه قال (من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة) فان دخل الجنة لبس اهل الجنة ولم يلبسه هو ولذلك قال ابو حنيفة رحمه الله لا يحل لرجل ان يلبس حريرا الا قدر اربع أصابع لما روى انه عليه السلام لبس جبة مكفوفة بالحرير ولم يفرق بين حالة الحرب وغيره وقال ابو يوسف ومحمد يحل فى الحرب ضرورة قلنا الضرورة تندفع بما لحمته إبريسم وسداه غيره وعكسه فى الحرب فقط كما فى بحر العلوم قال الامام الدميري فى حياة الحيوان ويجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لانه لا يقمل بالخاصية والأصح ان الرخصة لا تختص بالسفر كما فى أنوار المشارق وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ [راه نموده شده اند مؤمنان به پاكيزه از قول يعنى بسخنهاى پاك راه نمايند ايشانرا در آخرت وآن چنان باشد كه چون نظر ايشان بر بهشت افتد كويند «الحمد لله الذي هدانا لهذا» و چون ببهشت در آيند بر زبان رانند كه «الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن» و چون در منازل خود قرار كيرند كويند «الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض» الآية واكثر مفسران برانند كه ايشان راه يافته اند بقول طيب در دنيا كه كلمه طيبه «لا اله الّا الله ومحمد رسول الله» است] كما قال فى التأويلات النجمية هو الإخلاص فى قول لا اله الا الله والعمل به وقال فى حقائق البقلى هو الذكر او الأمر بالمعروف او نصيحة المسلمين او دعاء المؤمنين وارشاد السالكين قال الكاشفى [حضرت الهى در كشف

[سورة الحج (22) : آية 25]

الاسرار فرموده كه كلام پاكيزه آنست كه از دعوى پاك باشد واز عجب دور وبنياز نزديك. سهل تسترى رحمه الله فرموده كه درين كلام نظر كردم هيچ راه بحق نزديكتر از نياز نديدم وهيچ عجائب صعبتر از دعوى نيافتم ايمن آبادست اين راه نياز ... ترك نازش كير وبا اين ره بساز رو بترك دعوى دعوت بگو ... راه حق از كبر واز نخوت مجو وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ اى المحمود نفسه او عاقبته وهو الجنة اخر بيان الهداية لرعاية الفواصل وقال الكاشفى [وراه يافته شده اند اهل ايمان براه خداوند ستوده كه دين اسلامست] اى فيكون المعنى دين الله المحمود فى أفعاله وفى التأويلات النجمية هو الطريق الى الله فان الحميد هو الله تعالى واعلم ان علامة الاهتداء الى الطريق القويم السلوك بقدم العمل الصالح وهو ما كان خالصا لله تعالى ومجرد الايمان وان كان يمنع المؤمن من الخلود فى النار ويدخله الجنة لكن العمل يزيد نور الايمان وبه يتنور قلب المؤمن قال موسى عليه السلام يا رب أي عبادك أعجز قال الذي يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال وأي عبادك ابخل قال الذي سأله سائل وهو يقدر على إطعامه ولم يطعمه وكان رجل بيثرب جمع قوما من ندمائه ودفع الى غلام له اربعة دراهم وامره ان يشترى شيأ من الفواكه للمجلس فمر الغلام بباب مسجد منصور بن عمار وهو يسأل لفقير شيأ ويقول من دفع اليه اربعة دراهم دعوت له اربع دعوات فدفع الغلام الدراهم فقال منصور ما الذي تريد ان ادعو لك فقال لى سيد أريد ان أتخلص منه فدعاه منصور ثم قال والآخر ان يخلف الله على دراهمى فدعاه ثم قال والآخر فقال ان يتوب الله على سيدى فدعاه ثم قال والآخر فقال ان يغفر الله لى ولسيدى ولك وللقوم فدعاه منصور فرجع الغلام الى سيده فقال لم ابطأت فقص عليه القصة فقال وبم دعا فقال سألت لنفسى العتق فقال اذهب فانت حر ثم قال وأي شىء الثاني فقال ان يخلف الله علىّ الدراهم فقال لك اربعة آلاف درهم ثم قال وأي شىء الثالث فقال ان يتوب الله عليك فقال تبت الى الله ثم قال وأي شىء الرابع فقال ان يغفر الله لى ولك وللمذكور وللقوم فقال هذا الواحد ليس الىّ فلما بات رأى فى المنام كأن قائلا يقول له أنت فعلت ما كان إليك أترى انى لا افعل ما الىّ فقد غفرت لك وللغلام ولمنصور وللقوم الحاضرين ففى الحكاية فوائد لا تخفى نسأل الله المغفرة والعاقبة المحمودة تو چاكر در سلطان عشق شو چوأياز ... كه هست عاقبت كار عاشقان محمود إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى يمنعون الناس عن طاعة الله والدخول فى دينه والمراد بصيغة المضارع الاستمرار لا الحال والاستقبال كأنه قيل ان الذين كفروا ومن شأنهم الصد عن سبيل الله ومثله قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ) وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على سبيل الله والمراد به مكة او يمنعون المؤمنين عن طواف المسجد الحرام اى المحترم من كل وجه فلا يصاد صيده ولا يقطع شوكه ولا يسفك فيه الدماء قال الكاشفى [بقول أشهر روز حديبيه است كه حضرت پيغمبر عليه السلام واصحاب او را از طواف خانه ومسجد باز داشتند [الَّذِي جَعَلْناهُ صيرناه حال كونه معبدا

لِلنَّاسِ كائنا من كان من غير فرق بين مكى وآفاقى سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ مفعول ثان لجعلنا والعاكف مرتفع به على الفاعلية يقال للمقيم بالبادية باد والبادية كل مكان يبدو ما يعنّ فيه وبالعكس فى شىء من ساعاة الليل والنهار: وبالفارسية [يكسانست مقيم درو وآينده يعنى غريب وشهرى در قضاى مناسك واداى مراسم تعظيم خانه مساوى اند] وفائدة وصف المسجد الحرام بذلك زيادة تشنيع الصادين عنه وخبران محذوف اى معذبون كما يدل عليه آخر الآية وَمَنْ [وهر كه] يُرِدْ مراداما فِيهِ [در حرم] بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ حالان مترادفان اى حال كونه مائلا عن القصد ظالما وحقيقته ملتبسا بظلم فالباء للملابسة والإلحاد الميل قال الراغب الحد فلان مال عن الحق والإلحاد ضربان الحاد الى الشرك بالله والحاد الى الشرك بالأسباب فالاول ينافى الايمان ويبطله والثاني يوهن عراه ولا يبطله ومن هذا النحو الآية نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ جواب من يعنى يجب على من كان فيه ان يعدل فى جميع ما يريده والمراد بالإلحاد والظلم صيد حمامه وقطع شجره ودخوله غير محرم وجميع المعاصي حتى قيل شتم الخادم لان السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات: يعنى [چون مكه محترمه مخصوصيت بتضاعف حسنات چونمازى درو با چندين نماز در غير او برابر است پس جزاى مساوى نيز در وكلى ترست از سائر مواضع] ولحرمة المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى قال الفقهاء لو نذر ان يصلى فى أحد هذه الثلاثة تعيين بخلاف سائر المساجد فان من نذران يصلى فى أحدها له ان يصلى فى آخر قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اعلم ان الله تعالى قد عفا عن جميع الخواطر التي لا تستقر عندنا الا بمكة لان الشرع قد ورد ان الله يؤاخذ فيه من يريد فيه بإلحاد وبظلم وهذا كان سبب سكنى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالطائف احتياطا لنفسه لانه ليس فى قدرة الإنسان ان يدفع عن قلبه الخواطر انتهى وفى الآية إشارات منها ان من حال النفوس المتمردة والأرواح المرتدة مع انكارهم واعراضهم عن الحق يصدون الطالبين عن طريق الله بالإنكار والاعتراضات الفاسدة على المشايخ ويقطعون الطريق على اهل الطلب ليردوهم عن طلب الحق وعن دخول مسجد حرم القلب فانه حرم الله تعالى: قال الحافظ در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل به پيام سروش كن : وفى المثنوى پس عدو جان صرافست قلب ... دشمن درويش كه بود غير كلب «1» مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «2» ومنها انه يستوى فى الوصول الى مقام القلب الذي سبق اليه بمدة طويلة والذي يصل اليه فى الحال ليس لاحد فضل على الآخر الا بالسبق الى مقامات القلب قال فى الحقائق المقيم بقلبه هناك من أول عمره الى آخره والطارئ لحظة من المكاشفين والمشاهدين ينكشف له ما انكشف للمقيمين لانه وهاب كريم يعطى للتائب من المعاصي ما يعطى المطيع المقيم فى طاعته طول عمره: قال الحافظ

_ (1) در ديباجه دفتر چهارم (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ

[سورة الحج (22) : آية 26]

فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... دكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد وقد قال بعضهم أمسيت كرديا وأصبحت عربيا ... ومنها ان من أراد فى القلب ميلانا الى غير الحق يذيقه الله عذاب اليم البعد والقطيعة عن الحضرة فالقلب معدن محبة الله ووضع محبة غيره فيه ظلم: قال الشيخ سعدى قدس سره دلم خانه مهر يارست و پس ... از ان مى نكنجد درو كين كس : وقال الخجندي با دوست كزين كمال يا جان ... يك خانه دو ميهمان نكنجد فلا يسع القلب غير محبة الله تعالى وعشقه وتوجهه وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ يقال بوأه منزلا اى أنزله فيه. والمعنى اذكر وقت جعلنا مكان البيت اى الكعبة مباءة له عليه السلام اى مرجعا يرجع اليه للعمارة والعبادة وفى الجلالين بينا له ان يبنى- روى- ان الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات احداها بناء الملائكة إياها قبل آدم وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفعت الى السماء ايام الطوفان والثانية بناء ابراهيم روى ان الله تعالى لما امر ابراهيم ببناء البيت لم يدر اين يبنى فاعلمه الله مكانه بريح أرسلها يقال لها الخجوج كنست ما حوله فبناه على القديم وقال الكلبي بعث الله سحابة على قدر البيت فقامت بحيال البيت وفيها رأس يتكلم يا ابراهيم ابن على قدرى فبنى عليه والمرة الثالثة بناء قريش فى الجاهلية وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البناء وكان يومئذ رجلا شابا فلما أرادوا ان يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فاراد كل قبيلة ان تتولى رفعه ثم توافقوا على ان يحكم بينهم أول رجل يخرج من هذه السكة فكان عليه السلام أول من خرج فقضى بينهم ان يجعلوه فى مرط ثم يرفعه جميع القبائل كلهم فرفعوه ثم ارتقى هو عليه السلام فرفعوه اليه فوضعه فى مكانه وكانوا يدعونه الامين قيل كان بناء الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنة والمرة الرابعة بناء عبد الله بن الزبير رضى الله عنه والخامسة بناء الحجاج وهو البناء الموجود اليوم وكان البيت فى الوضع القديم مثلث الشكل اشارة الى قلوب الأنبياء عليهم السلام إذ ليس لنبى الا خاطر الهى وملكى ونفسى ثم كان فى الوضع الحادث على اربعة اركان اشارة الى قلوب المؤمنين بزيادة الخاطر الشيطاني- ذكر المحدث الكازروني فى مناسكه- ان هذا البيت خامس خمسة عشر سبعة منها فى السماء الى العرش وسبعة منها الى تخوم الأرض السفلى لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض الى تخوم الأرض السابعة ولكل بيت من اهل السماء والأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت وأفضل الكل الكعبة المكرمة رو بحرم نه كه در ان خوش حريم ... هست سيه پوش نكارى مقيم صحن حرم روضه خلد برين ... او بچنان صحن مربع نشين قبله خوبان عرب روى او ... سجده شوخان عجم سوى او كعبه بود نو كل مشكين من ... تازه ازو باغ دل ودين من

[سورة الحج (22) : آية 27]

أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً مفسرة لبوأنا من حيث انه متضمن لمعنى تعبدنا إذ التبوئة لا تقصد الا من أجل العبادة فكأنه قيل وإذ تعبدنا ابراهيم قلنا له لا تشرك بي شيأ [آنكه شرك ميار وانباز مكير بمن چيزى را كه من از شرك منزه ومقدسم] وَطَهِّرْ بَيْتِيَ من الأوثان والاقذار ان تطرح حوله اضافه الى نفسه لانه منور بانوار آياته لِلطَّائِفِينَ لمن يطوف به وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ جمع راكع وساجد اى ويصلى فيه ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها وهى القيام والركوع والسجود للدلالة على ان كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعت وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالقائمين المقيمون بالبيت فيكون المراد بالطائفين من يطوف به وآفاقى غير مقيم هناك قال الكاشفى [اين بزبان اهل علمست واما بلسان اشارت ميفرمايد كه دل خود را كه دار الملك كبرياى منست از همه چيز پاك كن وغيرى را برو راه مده كه او پيمانه إشراب محبت ماست «القلوب أواني الله فى الأرض فاحب أواني الى أصفاها» وحي آمد بداود عليه السلام كه براى من خانه پاك ساز كه نظر عظمت من بوى فرود آيد داود عليه السلام كفت «واى بيت يسعك» كدام خانه است كه عظمت وجلال ترا شايد فرمود كه آن دل بنده مؤمن است داود عليه السلام فرمود كه او را چهـ كونه پاك دارم كفت آتش عشق در وى زن تا هر چهـ غير پيش آيد بسوزد خوش آن آتش كه در دل بر فروزد ... بجز حق هر چهـ پيش آيد بسوزد قال سهل رحمه الله كما يطهر البيت من الأصنام والأوثان يطهر القلب من الشرك والريب والغل والغش والقسوة والحسد: قال الشيخ المغربي رحمه الله كل توحيد نرويد ز زمينى كه درو ... خار شرك وحسد وكبر وريا وكينست مسكن دوست ز جان ميطلبيدم كفتا ... مسكن دوست اگر هست دل مسكين است وفى التأويلات النجمية كن حارسا للقلب لئلا يسكن فيه غيرى وفرغ القلب من الأشياء سواى ويقال (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) اى بإخراج كل نصيب لك فى الدنيا والآخرة من تطلع إكرام وتطلب انعام او ارادة مقام ويقال طهر قلبك (لِلطَّائِفِينَ) فيه من واردات الحق وموارد الأحوال على ما يختاره الحق (وَالْقائِمِينَ) وهى الأشياء المقيمة من مستوطنات العرفان والأمور المغنية عن البرهان وتطلعه بما هى حقيقة البيان (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وهى اركان الأحوال المتوالية من الرغبة والرهبة والرجاء والمخافة والقبض والبسط والانس والهيبة وفى معناها انشدوا لست من جملة المحبين ان لم ... اجعل القلب بيته والمقاما وطوافى اجالة السر فيه ... وهو ركنى إذا أردت استلاما وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ التأذين النداء الى الصلاة كما فى القاموس والمؤذن كل من يعلم بشىء نداء كما فى المفردات والمعنى ناد فيهم يا ابراهيم بِالْحَجِّ بدعوة الحج والأمر به: وبالفارسية [وندا در ده اى ابراهيم در ميان مردمان وبخوان ايشانرا بحج خانه خداى] روى ان ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت قال الله تعالى له اذن فى الناس بالحج قال يا رب وما يبلغ صوتى قال تعالى عليك الاذان وعلىّ البلاغ فصعد ابراهيم الصفا وفى رواية أبا قبيس

وفى اخرى على المقام فارتفع المقام حتى صار كطول الجبال فادخل إصبعيه فى اذنيه واقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وقال ايها الناس ألا ان ربكم قد بنى بيتا وكتب عليكم الحج الى بيت العتيق فاجيبوا ربكم وحجوا بيته الحرام ليثيبكم به الجنة ويجيركم من النار فسمعه اهل ما بين السماء والأرض فما بقي شىء سمع صوته الا اقبل يقول لبيك اللهم لبيك فاول من أجاب اهل اليمن فهم اكثر الناس حجا ومن ثمة جاء فى الحديث (الايمان يمان) ويكفى شرفا لليمن ظهور اويس القرني منه واليه الاشارة بقوله عليه السلام (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) قال مجاهد من أجاب مرة حج مرة ومن أجاب مرتين او اكثر يحج مرتين او اكثر بذلك المقدار قال فى اسئلة الحكم فاجابوه من ظهور الآباء وبطون الأمهات فى عالم الأرواح اذن فى الناس نداييست عام ... تو كه بخواب آمده بين الأنام دعوى خاصى كنى وامتياز ... خاص نباشد همه كس چون أياز بهر همين شد دل خاصان دو نيم ... حالت لبيك ز اميد وبيم وفى الخصائص الصغرى وافترض على هذه الامة ما افترض على الأنبياء والرسل وهو الوضوء والغسل من الجنابة والحج والجهاد وما وجب فى حق نبى وجب فى حق أمته الا ان يقوم الدليل الصحيح على الخصوصية يَأْتُوكَ جواب للامر والخطاب لابراهيم فان من اتى الكعبة فكأنه قد اتى ابراهيم لانه مجيب نداءه رِجالًا حال اى مشاة على أرجلهم جمع راجل كقيام جمع قائم قال الراغب اشتق من الرجل رجل وراجل للماشى بالرجل وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ عطف على رجالا اى وركبانا على كل بعير ضامر اى مهزول أتعبه بعد السفر فهزل قال الراغب الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الأصل لا من الهزال يَأْتِينَ صفة لضامر لان المعنى على ضوامر من جماعة الإبل مِنْ كُلِّ فَجٍّ طريق واسع قال الراغب الفج طريق يكتنفها جبلان عَمِيقٍ بعيد واصل العمق البعد سفلا يقال بئر عميق إذا كانت بعيدة القعر- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعون حجة وللحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم) قال قيل وما حسنات الحرم قال (الحسنة بمائة الف) قال مجاهد حج ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماشيين وكانا إذا قربا من الحرم خلعا نعالهما هذا إذا لم يتغير خلقه بالمشي والا فالركوب أفضل ولما انفرد الرهبانيون فى الملل السالفة بالسياحة والسفر الى البلاد والبواد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (أبدل الله بها الحج) فانعم بالحج على أمته بان جعل الحج وسفره رهبانية لهم وسياحة وفى الخبر (ان الله ينظر الى الكعبة كل سنة فى نصف شعبان فعند ذلك تحن إليها القلوب) فلا يحن عند التجلي الا القلب المسارع لاجابة ابراهيم فما حن قلب لتلك الاجابة الا القلب المسارع لدعوة الحق فى قوله (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أخبرني بعض العارفين عن رجل من اهل

[سورة الحج (22) : الآيات 28 إلى 33]

الثروة فى الدنيا لم يحدث نفسه بالحج قط فجرى له امر كان سببا لان قيد بالحديد وجيئ به الى الأمير صاحب مكة ليقتله لامر بلغه عنه والذي وشى به عند الأمير حاضر فاتفق ان كان وصوله يوم عرفة والأمير بعرفة فاحضره بين يديه وهو مغلول العنق بالحديد فاستدعى الأمير الواشي وقال له هذا صاحبنا فنظر الى الرجل فقال لا ايها الأمير فاعتذر اليه الأمير وازيل عنه الحديد واغتسل واهل بالحج ولبى من عرفة ورجع معفوا مغفورا بالظاهر والباطن فانظر العناية الالهية ما تفعل بالعبد فمن الناس من يقاد الى الجنة بالسلاسل وهو من اسرار الاجابة الابراهيمية: وفى فتوح الحرمين هر كه رسيده بوجود از عدم ... در ره او ساخته از سر قدم هيچ نبى هيچ ولى هم نبود ... كو نبرد در ره اميد سود جمله خلائق ز عرب تا عجم ... باديه پيما بهواي حرم لِيَشْهَدُوا متعلق بيأتوك اى ليحضروا مَنافِعَ كائنة لَهُمْ من المنافع الدينية والدنيوية وهى العفو والمغفرة والتجارة فى ايام الحج فتنكيرها لان المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة لا يوجد فى غيرها من العبادات وعن ابى حنيفة رحمه الله انه كان يفاضل بين العبادات قبل ان يحج فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عند اعداد الهدايا والضحايا وذبحها قال الكاشفى [مراد قربانيست كه بنام خداى كنند كفار بنام بت ميكردند] وفى جعله غاية للاتيان إيذان بانه الغاية القصوى دون غيره فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ هى ايام النحر كما ينبى عنه قوله تعالى عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فان المراد بالذكر. ما وقع عند الذبح علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر والبهيمة واسم لكل ذات اربع فى البحر والبر فبينت بالانعام وهى الإبل والبقر والضأن والمعز لان الهدى والذبيحة لا يكونان من غيرها قال الراغب البهيمة ما لا نطق له وذلك لما فى صوته من الإبهام لكن خص فى التعارف بما عدا السباع والطير. والانعام جمع نعم وهو مختص بالإبل وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة لكن الانعام يقال للابل والبقر والغنم ولا يقال لها انعام حتى يكون فى جملتها الإبل فَكُلُوا مِنْها التفات الى الخطاب والفاء فصيحة عاطفة لمدخولها على مقدر اى فاذكروا اسم الله على ضحاياكم فكلوا من لحومها والأمر للاباحة وكان اهل الجاهلية لا يأكلون من نسائكهم فاعلم الله ان ذلك جائز ان شاء أكل وان شاء لم يأكل وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ هذا الأمر للوجوب والبائس الذي أصابه بؤس وشدة وبالفارسية [درمانده ومحنت كشيده] الْفَقِيرَ المحتاج قال الكاشفى [محتاج تنكدست را] فالبائس الشديد الفقر والفقير المحتاج الذي أضعفه الإعسار ليس له عنى او البائس الذي ظهر بؤسه فى ثيابه وفى وجهه والفقير الذي لا يكون كذلك بان تكون ثيابه نقية ووجهه وجه غنى وفى مختصر الكرخي اوصى بثلث ماله للبائس الفقير والمسكين قال فهو يقسم الى ثلاثة اجزاء جزء للبائس وهو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا والفقير المحتاج الذي لا يعرف

[سورة الحج (22) : آية 29]

بالأبواب والمسكين الذي يسأل ويطوف وعن ابى يوسف الى جزءين الفقير والمسكين واحد واتفق العلماء على ان الهدى ان كان تطوعا كان للمهدى ان يأكل منه وكذا أضحية التطوع لما روى انه عليه السلام ساق فى حجة الوداع مائة بدنة فنحر منها ثلاثا وستين بدنة بنفسه اشارة الى مدة عمره ونحر على رضى الله عنه ما بقي ثم امر عليه السلام ان يؤخذ بضعة من كل بدنة فتجعل فى قدر ففعل ذلك فطبخ فاكلا من لحمها وحسيا مرقها وكان هدى تطوع واختلفوا فى الهدى الواجب هل يجوز للمهدى ان يأكل منه شيأ مثل دم التمتع والقران والنذور والكفارات والدماء الواقعة جبرا للنقصان والتي وجبت باصياد الحج وفواته وجزاء الصيد فذهب قوم الى انه لا يجوز للمهدى ان يأكل شيأ منها ومنهم الشافعي رحمه الله وذهب الأئمة الحنفية الى انه يأكل من دم التمتع والقران لكونهما دم الشكر لا دم الجناية ولا يأكل من واجب سواها وكذا لا يأكل أولاده واهله وعبيده واماؤه وكذا الأغنياء إذ الصدقة الواجبة حق للفقراء وفى الآية اشارة الى انه يلزم على الأغنياء ان يشاركوا الفقراء فى المآكل والمشارب فلا يطعموهم الا مما يأكلون ولا يجعلوا لله ما يكرهون قال ابن عطاء البائس الذي تأنف من مجالسته ومواكلته والفقير من تعلم حاجته الى طعامك ولم يسأل ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ عطف على يذكروا اى ليزبلوا وسخهم بخلق الرأس وقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الاحلال اى الخروج من الإحرام فالتفث الوسخ يقال للرجل ما أتفثك وما ادرنك اى وما اوسخك وكل ما يستقذر من الشعث وطول الظفر ونحوهما تفث قال الراغب اصل التفث وسخ الظفر وغير ذلك مما شأنه ان يزال عن البدن والقضاء فصل الأمر قولا كان ذلك او فعلا وكل واحد منها على وجهين الهى وبشرى والآية من قبيل البشرى كما فى قوله تعالى (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) اى افرغوا من أمركم وقول الشاعر قضيت أمورا ثم غادرت بعدها يحتمل القضاء بالقول والفعل جميعا كما فى المفردات وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ يقال وفى بعهده واوفى إذا تمم العهد ولم ينقض حفظه كما دل عليه الغدر وهو الترك والنذر ان توجب على نفسك ما ليس بواجب والمراد بالنذور ما نذروه من اعمال البر فى ايام الحج فان الرجل إذا حج واعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدى وغيره ما لولا إيجابه لم يكن الحج يقتضيه وان كان على الرجل نذور مطلقة فالافضل ان يتصدق بها على اهل مكة وَلْيَطَّوَّفُوا طواف الركن الذي به يتم التحلل فانه قرينة قضاء التفث بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ اى القديم فانه أول بيت وضع للناس او المعتق من تسلط الجبابرة فكم من جبار سار اليه ليهدمه فعصمه الله واما الحجاج الثقفي فانما قصد إخراج ابن الزبير رضى الله عنه لا التسلط عليه ولما قصد التسلط عليه ابرهة فعل به ما فعل اعلم ان طواف الحجاج ثلاثة. الاول طواف القدوم وهو ان من قدم مكة يطوف بالبيت سبعا يرمل ثلاثا من الحجر الأسود الى ان ينتهى اليه ويمشى أربعا وهذا الطواف سنة لا شىء بتركه. والثاني طواف الافاضة يوم النحر بعد الرمي

والحلق ويسمى ايضا طواف الزيارة وهو ركن لا يحصل التحلل من الإحرام ما لم يأت به. والثالث طواف الوداع لا رخصة لمن أراد مفارقة مكة الى مسافة القصر فى ان يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعا فمن تركه فعليه دم الا المرأة الحائضة فانه يجوز لها ترك طواف الوداع ثم ان الرمل يختص بطواف القدوم ولا رمل فى طواف الافاضة والوداع اى كه درين كوى قدم مى نهى ... روى توجه بحرم مى نهى پاى باندازه درين كوى نه ... پاى اگر سوده شود روى نه چرخ زنان طوف كنان بر حضور ... تو شده پروانه واو شمع نور عادت پروانه ندانى مكر ... چرخ زند أول وسوزد دكر قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية لما نسب الله العرش فى السماء الى نفسه وجعله محل استواء للرحمن فقال (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وجعل الملائكة حافين به بمنزلة الحراس الذين يدورون بدار الملك والملازمين له لتنفيذ امره كذلك جعل الله بيته فى الأرض ونصبه للطائفين به على ذلك الأسلوب وتميز البيت على العرش بامر جلى وسر الهى ما هو فى العرش وهى يمين الله فى الأرض لتبايعه فى كل شوط مبايعة رضوان فالحجر يمين الله يبايع به عباده بلا شك ولكن على الوجه الذي يعلمه سبحانه من ذلك فصح النسب بالتقديس ومن هنا يعرف ان ما فى الوجود الا الله سبحانه وتقدس كعبه كزو در همه دلها ره است ... جزوى از اعضاى يمين الله است قال بعض الكبار وضع الله بيته فى الأرض قبل آدم وذريته وآجال الطائفين حوله ابتلاء وامتحانا ليحتجبوا بالبيت عن صاحب البيت يعنى حجبهم بالوسائط عن مشاهدة جماله غيرة على نفسه من ان يرى أحد اليه سبيلا- حكى- ان عارفا من اولياء الله تعالى قصد الحج وكان له ابن فقال ابنه الى اين تقصد فقال الى بيت الله فظن الغلام ان من يرى البيت يرى رب البيت فقال يا ابى لم لا تحملني معك فقال أنت لا تصلح لذلك فبكى الغلام فحمله معه فلما بلغا الى الميقات احرما ولبيا ودخلا الحرم فلما شوهد البيت تحير الغلام عند رؤيته فخر ميتا فدهش والده وقال اين ولدي وقطعة كبدى فنودى من زاوية البيت أنت طلبت البيت فوجدته وهو طلب رب البيت فوجد رب البيت فرفع الغلام من بينهم فهتف هاتف انه ليس فى القبر ولا فى الأرض ولا فى الجنة بل هو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر: وفى المثنوى خوش بكش اين كاروانرا تا بحج ... اى امير الصبر مفتاح الفرج «1» حج زيارت كردن خانه بود ... حج رب البيت مردانه بود فمن اعرض عن الجهة وتوجه الى الوجه الاحدى صار الحق قبلة له فيكون هو قبلة الجميع كآدم عليه السلام كان قبلة الملائكة لانه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه من كسوة جماله وجلاله كما قال عليه السلام (خلق الله آدم على صورته) يعنى القى عليه حسن صفاته ونور مشاهدته قال بعض العارفين لما كانت البيت المحرم سر لباس شمس الذات الاحدية وحد الحق سبحانه القصد اليه فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بلفظ البيت لما فيه

_ (1) در ديباجه دفتر چهارم

[سورة الحج (22) : آية 30]

من اشتقاق المبيت لا المبيت لا يكون الا فى الليل والليل محل التجلي للعباد فانه فيه نزول الحق كما يليق وهو مظهر الغيب وهو محل التجلي ولباس الشمس كذلك البيت الحرام مظهر حضرة الغيب الإلهي وسر التجلي الوحدانى وسر منبع رحمة الرحمانية لأن الحق إذا تجلى لاهل الأرض بصفة الرحمة ينزل الرحمة اولا على البيت ثم تقسم منه فالبيت سر وحدانية الحق فجعل الحق حجة واحدة لا يتكرر وجوبه كتكرر سائر العبادات لاجل مضاهاته بحضرة الاحدية وفضل البيت على سائر البيوت كفضله سبحانه على خلقه والفضل كله لله تعالى فانوار جميع البيوت وفضائلها مقتبسة من نوره كما وردت الاشارة ان الأرض مدت من البيت وهو حقيقة الحقائق الكونية الشهادية فلذلك سميت مكة بام القرى شرفها الله تعالى وتقدس وفى التأويلات النجمية (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا) اى وناد فى الناسين من النفس وصفاتها والقالب وجوارحه بزيارة القلب للاتصاف بصفاته والدخول فى مقاماته يأتوك مشاة وهى النفس وصفاتها (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) وهو القالب وجوارحه يعنى يقصدون القلب بالأعمال الشرعية البدنية فانهم كالركبان لأن الأعمال البدنية مركبة بحركات الجوارح ونيات الضمير كما ان اعمال النفس مفردة لانها نيات الضمير فحسب (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) وهو سفل الدنيا لأن القالب من الدنيا واكثر استعماله فى مصالح الدنيا بالجوارح والأعضاء فردها الى استعمالها فى مصالح القلب إتيانها من كل فج عميق (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) اى ليحضروا وينتفعوا بالمنافع التي هى مستكنة فى القلب فاما النفس وصفاتها فمنافعها بتبديل الأخلاق واما القالب وجوارحه فمنافعهم قبول طاعاتهم وظهو آثارها على سيماهم ويذكروا اسم الله اى القلب والنفس والقالب شكرا على ما رزقهم من بهيمة الانعام بان جعل الصفات البهيمية الحيوانية مبدلة بالصفات القلبية الروحانية الربانية وبقوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) يشير الى ان انتفعوا من هذه المقامات والكرامات وأطعموا بمنافعها الطالب المحتاج والقاصد الى الله بالخدمة والهداية والإرشاد ثم ليقضوا الطلاب تفثهم وهو ما يجب عليهم من شرائط الارادة وصدق الطلب (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) فيما عاهدوا الله على التوجه اليه وصدق الطلب والارادة (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) اى يطوفوا حول الله بقلبهم وسرهم ولا يطوفوا حول ما سواه وأراد بالعتيق القديم وهو من صفات الله تعالى (ذلِكَ) اى الأمر والشان ذلك الذي ذكر من قوله (وَإِذْ بَوَّأْنا) الى قوله (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) فان هذه الآية مشتملة على الاحكام المأمور بها والمنهي عنها وهذا وأمثاله يطلق للفصل بين الكلامين او بين وجهى كلام واحد وَمَنْ [وهر كه] يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ جمع حرمة وهى ما لا يحل هتكه وهو خرق الستر عما وراءه اى أحكامه وفرائضه وسننه وسائر ما لا يحل هتكه كالكعبة الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام بالعلم بوجوب مراعاتها والعمل بموجبه فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ اى فالتعظيم خير له ثوابا عِنْدَ رَبِّهِ اى فى الآخرة قال ابن الشيخ عند ربه يدل على الثواب المدخر لانه بطاعة ربه فيما حصل من الخيرات وفى الآية اشارة الى ان تعظيم حرمات الله هو تعظيم الله فى ترك ما حرمه الله عليه وتعظيم ترك ما امره الله به يقال بالطاعة

يصل العبد الى الجنة وبالحرمة يصل الى الله ولهذا قال (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) يعنى تعظيم الحرمة خير للعبد فى التقرب الى الله من تقربه بالطاعة ويقال ترك الخدمة يوجب العقوبة وترك الحرمة يوجب الفرقة ويقال كل شىء من المخالفات فللعفو فيه مساغ وللامل فيه طريق وترك الحرمة على خطر ان لا يغفر ذلك وذلك بان يؤدى شؤمه لصاحبه الى ان يختل دينه وتوحيده وَأُحِلَّتْ جعلت حلالا وهو من حل العقدة لَكُمُ لمنافعكم الْأَنْعامُ وهى الأزواج الثمانية على الإطلاق من الضأن اثنين اى الذكر والأنثى ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ آية تحريمه كما قال فى سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الآية وهو استثناء متصل بناء على ان ما عبارة عما حرم منها لعارض كالميتة وما اهل به لغير الله والجملة اعتراض جيئ به تقريرا لما قبله من الأمر بالأكل والإطعام ودفعا لما عسى يتوهم ان الإحرام يحرمها كما يحرم الصيد والمعنى ان الله تعالى قد أحل لكم ان تأكلوا الانعام كلها الا ما استثناه كتابه فحافظوا على حدوده وإياكم ان تحرموا مما أحل الله شيأ كتحريم عبدة الأوثان البحيرة والسائبة ونحوهما وان تحلوا مما حرم حلالهم شيأ كاكل الموقوذة والميتة ونحوهما فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ اى الرجس الذي هو الأوثان يعنى عبادتها كما يجتنب الأنجاس والرجس الشيء القذر يقال رجل رجس ورجال أرجاس والرجس يكون على اربعة أوجه اما من حيث الطبع واما من جهة العقل واما من جهة الشريعة واما من كل ذلك كالميتة فانها تعاف طبعا وعقلا وشرعا والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر والأوثان وهى جمع وثن وهو حجارة كانت تعبد كما فى المفردات وقال بعضهم الفرق بينه وبين الصنم ان الصنم هو الذي يؤلف من شجر او ذهب او فضة فى صورة الإنسان والوثن هو الذي ليس كذلك قال فى الإرشاد وقوله (فَاجْتَنِبُوا) إلخ مرتب على ما يفيده قوله تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ) من وجوب مراعاتها والاجتناب عن هتكها ولما كان بيان حل انعام من دواعى التعاطي لا من مبادى الاجتناب عقبه بما يجب الاجتناب عنه من الحرمات ثم امر بالاجتناب عما هو أقصى الحرمات كأنه قيل ومن يعظم حرمات الله فهو خير له والانعام ليست من الحرمات فانها محللة لكم الا ما يتلى عليكم آية تحريمه فانه مما يجب الاجتناب عنه فاجتنبوا ما هو معظم الأمور التي يجب الاجتناب عنها (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) تعميم بعد تخصيص فان عبادة الأوثان رأس الزور والمشرك يزعم ان الوثن يحق له العبادة كأنه قيل فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هى رأس الزور واجتنبوا قول الزور كله ولا تقربوا شيأ منه وكأنه لما حث على تعظيم الحرمات اتبع ذلك ردا لما كانت الكفرة عليه من تحريم السوائب والبحائر ونحوهما والافتراء على الله تعالى بانه حكم بذلك: وبالفارسية [واجتناب كنيد از سخن دروغ مطلقا] وقيل المراد به شهادة الزور لما روى انه عليه السلام قال (عدلت شهادة الزور الاشراك بالله تعالى ثلاثا) وتلا هذه الآية وكان عمر رضى الله عنه يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ويسود وجهه بالفحم ويطوف به فى الأسواق والزور من الزور وهو الانحراف كالافك المأخوذ من الافك الذي هو القلب

[سورة الحج (22) : آية 31]

والصرف فان الكذب منخرف مصروف عن الواقع وفى التأويلات النجمية قول الزور كل قول باللسان مما لا يساعده قول القلب ومن عاهد الله بقلبه فى صدق الطلب ثم لا يفى بذلك فهو من جملة قول الزور طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزاد كى چوسرو چمن وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيده حُنَفاءَ لِلَّهِ حال من واو فاجتنبوا اى حال كونكم مائلين عن كل دين زائغ الى الدين الحق مخلصين له والحنف هو الميل عن الضلال الى الاستقامة والحنيف هو المائل الى ذلك وتحنف فلان اى تحرى طريق الاستقامة غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ اى شيأ من الأشياء فيدخل فى ذلك الأوثان دخولا أوليا وهو حال اخرى من الواو وَمَنْ [وهر كه] يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ قال الراغب معنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير وهو صوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ الخطف الاختلاس بالسرعة وصيغة المضارع لتصوير هذه الحالة الهائلة التي اجترأ عليها المشرك للسامعين قال الكاشفى [وهر كه شرك آرد بخداى تعالى پس همچنانست كه كوييا در افتاد از آسمان بر روى زمين وهلاك شد پس مى ربايند او را مرغان مردار خوار از روى زمين واجزا واعضاى او را متفرق ومتمزق ميسازند] أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ اى نسقطه وتقذفه يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا سقط من علو الى سفل واما هوى يهوى من باب علم هوى فمعناه أحب فِي مَكانٍ سَحِيقٍ اى بعيد فان السحق البعد وليس إسحاق العلم منه فانه عبرانى معناه الضحاك واو للتخيير كما فى قوله (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) قال الكاشفى [يا بزير افكند او را باد از موضعى مرتفع در جانبى دور از فرياد رس ودستكير اين كلمات از تشبيهات مركبه است يعنى هر كه از اوج ايمان بحضيض كفر افتد هواى نفس او را پريشان سازد يا باد وسوسه شيطان او را در وادئ ضلالت افكند ونابود شود ملخص سخن آنكه هلاك مشركانست] فالهلاك فى الشرك كما ان النجاة فى الايمان وفى الصحيحين عن معاذ بن جبل رضى الله عنه انه عليه السلام قال له (هل تدرى ما حق الله) قال قلت الله ورسوله اعلم قال (فان حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ يا معاذ هل تدرى ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك) قلت الله ورسوله اعلم قال (ان لا يعذبهم) فلا بد من تخصيص العبادة بالله والتخليص من شوب الشرك ليكون العبد على الملة الحنيفية وهى واحدة من لدن آدم الى يومنا هذا وهى ملازمة التوحيد واليقين وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم اى الأعمال أفضل قال (الايمان بالله ورسوله) قيل ثم ماذا قال (الجهاد فى سبيل الله) قيل ثم ماذا قال (حج مبرور) وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر قال (الرياء) مرائي هر كسى معبود سازد ... مرائي را از ان كفتند مشرك قال الحافظ كوئيا باور ونمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند

[سورة الحج (22) : الآيات 32 إلى 33]

فالشرك أقبح الرذائل كما ان التوحيد احسن الحسنات وفى الحديث (اذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها بعشرة امثالها) فقال المخاطب يا رسول الله قول لا اله الا الله من الحسنات قال (احسن الحسنات) ذلِكَ اى الأمر والشأن ذلك الذي ذكر من ان تعظيم حرمات الله خير وان الاجتناب عن الإشراك وقول الزور امر لازم او امتثلوا ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ اى الهدايا فانها من معالم الحج وشعائره كما ينبئ عنه قوله تعالى (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ) وهو الأوفق لما بعده. والشعائر جمع شعيرة وهى العلامة من الاشعار وهو الاعلام والشعور العلم وسميت البدنة شعيرة من حيث انها تشعر بان تطعن فى سنامها من الجانب الايمن والأيسر حتى يسيل الدم فيعلم انها هدى فلا يتعرض لها فهى من جملة معالم الحج بل من أظهرها وأشهرها علامة وتعظيمها اعتقاد ان التقرب بها من أجل القربات وان يختارها حسانا سمانا غالية الأثمان- روى- انه عليه السلام اهدى مائة بدنة فيها جمل لابى جهل فى انفه برة من ذهب وان عمر اهدى نجيبة اى ناقة كريمة طلبت منه بثلاثمائة دينار هر كسى از همت والاى خويش ... سود بردارد خور كالاى خويش قال الجنيد من تعظيم شعائر الله التوكل والتفويض والتسليم فانها من شعائر الحق فى اسرار أوليائه فاذا عظمه وعظم حرمته زين الله ظاهره بفنون الآداب فَإِنَّها اى فان تعظيمها ناشئ مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ وتخصيصها بالاضافة لانها مركز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر اثرها فى سائر الأعضاء لَكُمْ فِيها اى فى الهدايا المشعرة ليعرف انها هدى مَنافِعُ هى درها ونسلها وصوفها وظهرها فان للمهدى ان ينتفع بهديه الى وقت النحر إذا احتاج اليه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو وقت نحرها والتصدق بلحمها والاكل منه ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ المحل اسم زمان بتقدير المضاف من حل الدين إذا وجب أداؤه معطوف على قوله منافع والى البيت حال من ضمير فيها والعامل فى الحال الاستقرار الذي تعلق به كلمة فى. والمعنى ثم بعد تلك المنافع هذه المنفعة العظمى وهى وقت حلول نحرها ووجوبه حال كونها متهيئة الى البيت العتيق اى الى الحرم الذي هو فى حكم البيت فان المراد به الحرم كله كما فى قوله تعالى (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) اى الحرم كله فان البيت وما حوله نزهت عن اراقة دماء الهدايا وجعل منى منحرا ولا شك ان الفائدة التي هى أعظم المنافع الدينية فى الشعائر هى نحرها خالصة لله تعالى وجعل وقت وجوب نحرها فائدة عظيمة مبالغة فى ذلك فان وقت الفعل إذا كان فائدة جليلة فما ظنك بنفس الفعل والعتيق المتقدم فى الزمان والمكان والرتبة قال الكاشفى [پس جان ذبح با وجوب نحران منتهى شود بخانه كه آزادست از غرق شدن بوقت طوفان يا خانه بزركوار]- روى- ان ابراهيم عليه السلام وجد حجرا مكتوبا عليه اربعة اسطر. الاول «انى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى» . والثاني «انى انا الله لا اله الا انا محمد رسولى طوبى لمن آمن به واتبع» . والثالث «انى انا الله لا اله الا انا من اعتصم بي نجا» . والرابع «انى انا الله لا اله الا انا الحرم لى والكعبة بيتي من دخل بيتي أمن من عذابى» وفى الحديث (ان الله تعالى ليدخل ثلاثة نفر بالحجة الواحدة

[سورة الحج (22) : الآيات 34 إلى 39]

الجنة الموصى بها والمنفذ لها والحاج عنه) وفى الأشباه ليس للمامور الأمر بالحج ولو لمرض الا إذا قال له الآمر اصنع ما شئت فله ذلك مطلقا والمأمور بالحج له ان يؤخره عن السنة الاولى ثم يحج ولا يضمن كما فى التاتارخانية ولو عين له هذه السنة لان ذكرها للاستعجال لا للتقييد وإذا امر غيره بان يحج عنه ينبغى ان يفوض الأمر الى المأمور فيقول حج عنى بهذا المال كيف شئت مفردا بالحج او العمرة او متمتعا او قارنا والباقي من المال لك وصية كيلا ضيق الأمر على الحاج ولا يجب عليه ردما فضل الى الورثة ولو أحج من لم يحج عن نفسه جاز والأفضل ان يحج من قد حج عن نفسه كما فى الفتاوى المؤيدية ولا يسقط به الفرض عن المأمور وهو الحاج كما فى حواشى أخي چلبى ولو أحج امرأة او امة بإذن السيد جاز لكنه أساء ولو زال عجز الآمر صار ما ادى المأمور تطوعا للآمر وعليه الحج كما فى الكاشفى وعن ابى يوسف ان زال العجز بعد فراغ المأمور عن الحج يقع عن الفرض وان زال قبله فعن النفل كما فى المحيط والحج النفل يصح بلا شرط ويكون ثواب النفقة للآمر بالاتفاق واما ثواب النفل فالمأمور يجعله للآمر وقد صح ذلك عند اهل السنة كالصلاة والصوم والصدقة كما فى الهداية وان مات الحاج المأمور فى طريق الحج يحج غيره وجوبا من منزل آمره الموصى او الوارث قياسا إذا اتحد مكانهما والمال واف فيه ان السفر هل يبطل بالموت اولا وهذا إذا لم يبين مكانا يحج منه بالإجماع كما فى المحيط وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم لا لبعض منهم دون بعض فالتقديم للتخصيص جَعَلْنا مَنْسَكاً متعبدا وقربانا يتقربون به الى الله تعالى والمراد به اراقة الدماء لوجه الله تعالى. والمعنى شرعنا لكل امة مؤمنة ان ينسكو اله تعالى يقال نسك ينسك نسكا ونسوكا ومنسكا بفتح السين إذا ذبح القربان لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ خاصة دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه الكريم علل الجعل به تنبيها على ان المقصود الأصلي من المناسك تذكر المعبود عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ عند ذبحها وفى تبيين البهيمة بإضافتها الى الانعام تنبيه على ان القربان يجب ان يكون من الانعام واما البهائم التي ليست من الانعام كالخيل والبغال والحمير فلا يجوز ذبحها فى القرابين وفى التأويلات النجمية ولكل سالك جعلنا طريقة ومقاما وقربة على اختلاف طبقاتهم فمنهم من يطلب الله من طريق المعاملات ومنهم من يطلبه من باب المجاهدات ومنهم من يطلبه به ليتمسك كل طائفة منهم فى الطلب بذكر الله على ما رزقهم من قهر النفس وكسر صفاتها البهيمية والانعامية فانهم لا يظفرون على اختلاف طبقاتهم بمنازلهم ومقاماتهم الا بقهر النفس وكسر صفاتها فيذكرون الله بالحمد والثناء على ما رزقهم من قهر النفس من العبور على المقامات والوصول الى الكمالات فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الجعل المذكور والخطاب للكل تغليبا اى فالهكم اله منفرد يمتنع ان يشاركه شىء فى ذاته وصفاته والا لاختل النظام المشاهد فى العالم فَلَهُ أَسْلِمُوا اى فاذا كان إلهكم اله واحد فاجعلوا التقرب او الذكر سالما له اى خالصا لوجهه ولا تشوبوه بالاشراك: وبالفارسية [پس مرو را كردن نهيد وقربانرا بشرك آميخته مسازيد] وفى التأويلات النجمية والإسلام يكون بمعنى الإخلاص والإخلاص

[سورة الحج (22) : آية 35]

تصفية الأعمال من الآفات ثم تصفية الأخلاق من الكدورات ثم تصفية الأحوال من الالتفاتات ثم تصفية الأنفاس من الأغيار وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ المتواضعين او المخلصين فان الخبت هو المطمئن من الأرض وحقيقة المخبت من صار فى خبت الأرض ولما كان الإخبات من لوازم التواضع والإخلاص صح ان يجعل كناية عنهما قال الكاشفى [وبشارت ده اى محمد فروتنانرا ببزرگى آن سرا يا ترسكاران را برحمت بى منتهى. سلمى قدس سره فرموده كه مژده ده مشتاقانرا بسعادت لقا كه هيچ مژده ازين فرح افزاى تر نيست پس در صفت مخبتين ميفرمايد] الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ الوجل استشعار الخوف كما فى المفردات اى خافت منه تعالى لاشراق أشعة جلاله عليها وطلوع أنوار عظمته والوجل عند الذكر على حسب تجلى الحق للقلب هر كرا نور تجلى شد فزون ... خشيت وخوفش بود از حد برون وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ من المصائب والكلف قال فى بحر العلوم الذين صبروا على البلايا والمصائب من مفارقة أوطانهم وعشائرهم ومن تجرع الغصص والأحزان واحتمال المشاق والشدائد فى نصر الله وطاعته وازدياد الخير ومعنى الصبر الحبس يقال صبرت نفسى على كذا اى حبستها وفى التأويلات النجمية (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ) اى خامدين تحت جريان الحكم من غير استكراه ولا تمنى خروجه ولا روم فرجه يستسلمون طوعا: قال الحافظ اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست وقال بدرد وصاف ترا حكم نيست دم دركش ... كه هر چهـ ساقى ما كرد عين الطافست وقال عاشقانرا كر در آتش مينشاند قهر دوست ... تنك چشمم كرد نظر ز چشمه كوثر كنم وقال آشنايان ره عشق أكرم خون بخورند ... ناكسم كر بشكايت سوى بيكانه روم وقال حافظ از جور تو حاشا كه بنالد روزى ... كه از ان روز كه در بند تؤام دلشادم وايضا الحافظين مع الله أسرارهم لا يطلبون السلوة باطلاع الخلق على أحوالهم وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ فى أوقاتها أصله مقيمين والاضافة لفظية وفى التأويلات النجمية والمديمى النجوى مع الله كقوله (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) قال شاعرهم إذا ما تمنى الناس روحا وراحة ... تمنيت ان أشكو إليك وتسمع وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فى وجوه الخيرات قدم المفعول اشعارا بكونه أهم كأنه قيل ويخصون بعض المال الحلال بالتصدق به والمراد به اما الزكاة المفروضة لاقترانها بالصلاة المفروضة او مطلق ما ينفق فى سبيل الله لوروده مطلق اللفظ من غير قرينة الخصوص وفى الحديث (بدلاء أمتي لا يدخلون الجنة بصيامهم وقيامهم ولكن دخلوها بسلامة الصدر وسخاء النفس

[سورة الحج (22) : آية 36]

والنصح للمسلمين واعلم ان خدمة المولى بالمال وبالوجود سبب لسعادة الدنيا والعقبى قال بعض الكبار ان الله لما اظهر الصنائع وعرضها على الخلق فى الأزل اختار كل منهم صنيعة وقال طائفة ما اعجبنا شىء فاظهر الله لهم العبادة ومقامات الأولياء فقالوا قد اخترنا خدمتك فقال لاسخرنهم لكم ولا جعلنهم خداما لكم واشفعنكم فيمن خدمكم وعرفكم قال الشيخ ابو الحسن سمعت وصف ولى فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا أريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك قال فلما أصبحت سألت عن ذلك فقال يا ولدي قل اللهم كن لى مكان قولك اللهم سخر لى فاذا كان الله لك فلا تحتاج الى شىء ابدا فلا بد من الاجتهاد فى طريق الطلب والجد فى الدعاء الى حصول المطلب: قال المولى الجامى بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را وَالْبُدْنَ منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقوله تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) جمع بدنة وهى الإبل والبقر مما يجوز فى الهدى والأضاحي سميت بها لعظم بدنها قال فى بحر العلوم البدنة فى اللغة من الإبل خاصة وتقع على الذكر والأنثى واما فى الشريعة فللابل والبقر لاشتراكهما فى البدانة ولذا الحق عليه السلام البقر بالإبل فى الاجزاء عن السبعة وفى القاموس البدنة محركة من الإبل والبقر كالاضحية من الغنم تهدى الى مكة للذكر والأنثى قال الكاشفى [وشتران وكاوان كه براى هدى رانده آيد] جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ اى من اعلام دينه التي شرعها الله مفعول ثان للجعل ولكم ظرف لغو متعلق به وأضيف الشعائر الى اسم الله تعظيما لها كبيت الله فان المضاف الى العظيم عظيم وقد سبق معنى الشعائر: وبالفارسية [ساختيم آنها يعنى كشتن آنها شما را از نشانهاى دين خدايرا تعالى] لَكُمْ فِيها فى البدن خَيْرٌ نفع كثير فى الدنيا واجر عظيم فى العقبى وفيه اشارة الى قربان بهيمة النفس عند كعبة القلب وانه من اعلام الدين وشعار اهل الصدق فى الطلب وان الخير فى قربانها وذبحها بسكين الصدق ظاهرش مرك وبباطن زنده كى ... ظاهرش ابتر نهان پايندكى فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها بان تقولوا عند ذبحها «الله اكبر لا اله الا الله والله اكبر اللهم منك وإليك» اى هى عطاء منك ونتقرب بها إليك صَوافَّ كناية عن كونها قائمات لان قيام الإبل يستلزم ان تصف أيديها وارجلها جمع صافة. والمعنى حال كونها قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن معقولة الأيدي اليسرى والآية دلت على ان الإبل تنحر قائمة كما قال الكاشفى [صواف در حالتى كه بر پاى ايستاده باشند وشتر را ايستاده ذبح كردن سنت است] فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها يقال وجب الحائط يجب وجبة إذا سقط قال فى التهذيب الوجب [بيفتادن ديوار] وغيره والمعنى سقطت على الأرض وهو كناية عن الموت قال الكاشفى [پس چون بيفتد بر زمين پهلوهاى مذبوحان وروح از ايشان بيرون رود] فَكُلُوا مِنْها اى من لحومها ان لم يكن دم الجناية والكفارة والنذر كما سبق والأمر

[سورة الحج (22) : آية 37]

للاباحة وَأَطْعِمُوا الأمر للوجوب الْقانِعَ اى الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة وَالْمُعْتَرَّ الاعترار التعرض للسؤال من غير ان يسأل كما قال فى القاموس المعتر الفقير المعترض للمعروف من غير ان يسأل انتهى يقال اعتره وعررت بك حاجتى والعر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه قانع فقير مكه است ومعتر درويش آفاقى] كَذلِكَ مثل ذلك التسخير البديع المفهوم من قوله صواف سَخَّرْناها لَكُمْ ذللناها لمنافعكم: وبالفارسية [رام كردانيم] مع كمال عظمها ونهاية قوتها فلا تستعصى عليكم حتى تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحسبونها صافة قوائمها ثم تطعنون فى لباتها اى مناحرها من الصدور ولولا تسخير الله لم تطق ولم تكن أعجز من بعض الوحوش التي هى أصغر منها جرما واقل قوة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لتشكروا إنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص ولما كان اهل الجاهلية ينضحون البيت اى الكعبة بدماء قرابينهم ويشرحون اللحم ويضعونه حوله زاعمين ان ذلك قربة قال تعالى نهيا للمسلمين لَنْ يَنالَ اللَّهَ لن يصيب ويبلغ ويدرك رضاه ولا يكون مقبولا عنده لُحُومُها المأكولة والمتصدق بها وَلا دِماؤُها المهراقة بالنحر من حيث انها لحوم ودماء وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ وهو قصد الايتمار وطلب الرضى والاحتراز عن الحرام والشبهة وفيه دليل على انه لا يفيد العمل بلا نية واخلاص: وبالفارسية [وليكن ميرسد بمحل قبول وى پرهيز كارى از شما كه آن تعظيم امر خداوندست وتقرب بدو بقربان پسنديده] كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ تكرير للتذكير والتعليل بقوله لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ اى لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء عَلى ما هَداكُمْ على متعلقة بتكبروا لتضمنه معنى الشكر وما مصدرية اى على هدايته إياكم او موصولة اى على ما هداكم اليه وأرشدكم وهو طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ اى المخلصين فى كل ما يأتون وما يذرون فى امور دينهم بالجنة او بقبول الطاعات قال ابن الشيخ هم الذين يعبدون الله كأنهم يرونه يبتغون فضله ورضوانه لا يحملهم على ما يأتونه ويذرون الا هذا الابتغاء وامارة ذلك ان لا يستثقل ولا يتبرم بشىء مما فعله او تركه والمقصود منه الحث والتحريض على استصحاب معنى الإحسان فى جميع افعال الحج واعلم ان كل مال لا يصلح لخزانة الرب ولا كل قلب يصلح لخدمة الرب فعجل ايها العبد فى تدارك حالك وكن سخيا محسنا بمالك فان لم يكن فبالنفس والبدن وان كان لك قدرة على بذلهما فيهما معا ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام كيف اعطى ماله الضيافة وبدنه النيران وولده للقربان وقلبه للرحمن حتى تعجب الملائكة من سخاوته فاكرمه الله بالخلة قالوا للحجاج يوم عيد القربان مناسك. الاول الذهاب من منى الى المسجد الحرام فلغيرهم الذهاب الى المصلى موافقة لهم. والثاني الطواف فلغيرهم صلاة العيد لقوله عليه السلام (الطواف بالبيت صلاة) . والثالث اقامة السنن من الحلق وقص الأظفار ونحوهما فلغيرهم ازالة البدعة واقامة السنة. والرابع القربان فلغيرهم ايضا ذلك الى غير ذلك من العبادات وأفضل القربان بذل المجهود وتطهير كعبة القلب لتجليات الرب المعبود وذبح النفس بسكين المجاهدة والفناء عن الوجود قال مالك بن دينار

[سورة الحج (22) : آية 38]

رحمه الله خرجت الى مكة فرأيت فى الطريق شابا إذا جن عليه الليل رفع وجهه نحو السماء وقال يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصي هب لى ما يسرك واغفر لى ما لا يضرك فلما احرم الناس ولبوا قلت له لم لا تلبى فقال يا شيخ وما تغنى التلبية عن الذنوب المتقدمة والجرائم المكتوبة أخشى ان أقول لبيك فيقال لى لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر إليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم اغفر لى ان الناس قد ذبحوا وتقربوا إليك وليس لى شىء أتقرب به إليك سوى نفسى فتقبلها منى ثم شهق شهقة وخر ميتا جان كه نه قربانى جانان بود ... جيفه تن بهتر از آن جان بود «1» هر كه نشد كشته بشمشير دوست ... لاشه مردار به از جان اوست وفى المثنوى معنى تكبير اينست اى أميم ... كاى خدا پيش تو ما قربان شديم وقت ذبح الله اكبر ميكنى ... همچنان در ذبح نفس كشتنى تن چوإسماعيل وجان شد چون خليل ... كرد جان تكبير بر جسم نبيل كشته كشته تن ز شهوتها وآز ... شد ببسم الله بسمل در نماز إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا قال الراغب الدفع إذا عدى بالى اقتضى معنى الانالة نحو قوله تعالى (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) وإذا عدى بعن اقتضى معنى الحماية نحو (إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) اى يبالغ فى دفع ضرر المشركين عن المؤمنين ويحميهم أشد الحماية من اذاهم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ بليغ الخيانة فى امانة الله امرا كانت او نهيا او غيرهما من الأمانات كَفُورٍ بليغ الكفران لنعمته فلا يرضى فعلهم ولا ينصرهم والكفران فى حجود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وصيغة المبالغة فيهما لبيان انهم كانوا كذلك لا لتقييد البعض بغاية الخيانة والكفر فان نفى الحب كناية عن البغض والبغض نفار النفس من الشيء الذي ترغب عنه وهو ضد الحب فان الحب انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه قال عليه السلام (ان الله يبغض المتفحش) فذكر بغضه له تنبيه على بعد فيضه وتوفيق إحسانه منه وفى الآية تنبيه على انه بارتكاب الخيانة والكفران يصير بحيث لا يتوب لتماديه فى ذلك وإذا لم يتب لم يحبه الله المحبة التي وعد بها التائبين والمتطهرين وهى أصابتهم والانعام عليهم فان محبة الله للعبد انعامه عليه ومحبة العبد له طلب الزلفى لديه واعلم ان الخيانة والنفاق واحد لان الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والامانة والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيض الخيانة الامانة ومن الخيانة الكفر فانه إهلاك للنفس التي هى امانة الله عند الإنسان وتجرى فى الأعضاء كلها قال تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا) ويجرى فى الصلاة والصوم ونحوهما اما بتركها او بترك شرط من شرائطها الظاهرة والباطنة فاكل السحور مع غلبة الظن بطلوع الفجر او الإفطار مع الشك بالغروب خيانة للصوم ومن أكل السحور فنام عن صلاة الصبح حتى طلع الشمس فقد كفر بنعمة الله التي هى السحور وخانه بالصلاة ايضا فترك الفرض من أجل السنة تجارة خاسرة- روى- ان واحدا

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان اقتدا كردن قوم ار پس دقوقى

[سورة الحج (22) : آية 39]

ضاع له تسعة دراهم فقال من وجدهم وبشرنى فله عشرة دراهم فقيل له فى ذلك فقال ان فى الوجدان لذة لا تعرفونها أنتم فاهل الغفلة وجدوا فى المنام لذة هى أفضل عندهم من الف صلاة نعوذ بالله تعالى ومن الخيانة النقص فى المكيال والميزان- حكى- انه احتضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر ومن الخيانة التسبب الى الخيانة وكتب رجل الى الصاحب بن عباد ان فلا نامات وترك عشرة آلاف دينار ولم يخلف إلا بنتا واحدة فكتب على ظهر المكتوب النصف للبنت والباقي يرد عليها وعلى الساعي الف الف لعنة ثم ان المؤمن الكامل منصور على كل حال فلا يضره كيد الخائنين فان الله لا يحب الخائنين فاذا لم يحبهم لم ينصرهم ويحب المؤمن فينصره وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يدافع خيانة النفس وهواها عن المؤمنين وان مدافعة النفس وهواها عن اهل الايمان انما كان لازالة الخيانة وكفران النعمة لانه لا يحب المتصفين بها وانه يحب المؤمنين المخلصين عنها فالآية تنبيه على إصلاح النفس الامارة وتخليصها عن الأوصاف الرذيلة وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسود او آز چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان قال الله تعالى أُذِنَ الاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه والمأذون فيه محذوف اى رخص فى القتال لِلَّذِينَ للمؤمنين الذين يُقاتَلُونَ بفتح التاء على صيغة المجهول اى يقاتلهم المشركون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا اى بسبب انهم ظلموا وهم اصحاب النبي عليه السلام كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه عليه السلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون اليه فيقول عليه السلام لهم (اصبروا فانى لم اومر بالقتال) حتى هاجروا فنزلت وهى أول آية نزلت فى القتال بعد ما نهى عنه فى نيف وسبعين آية وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد للمؤمنين بالنصر والتغليب على المشركين بعد ما وعد بدفع اذاهم وتخليصهم من أيديهم قال الراغب القدرة إذا وصف بها الإنسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شىء ما وإذا وصف الله بها فنفى للعجز عنه ومحال ان يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى وان أطلقت عليه لفظا بل حقه ان يقال قادر على كذا ومتى قيل هو قادر فعلى سبيل معنى التقييد ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه الا ويصح ان يوصف بالعجز من وجه والله تعالى هو الذي ينتفى عنه العجز من كل وجه والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضى الحكمة لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه ولذلك لا يصح ان يوصف به غير الله تعالى تعالى الله زهى قيوم ودانا ... توانايى ده هر ناتوانا وفى الآية اشارة الى ان قتال الكفار بغير اذن الله لا يجوز ولهذا لما وكز موسى عليه السلام القبطي الكافر وقتله قال هذا من عمل الشيطان لانه ما كان مأذونا من الله فى ذلك وبهذا المعنى يشير الى ان الصلاح فى قتال كافر النفس وجهاده ان يكون بإذن الله على وفق الشرع وأوانه وهو بعد البلوغ فان قبل البلوغ تحلى المجاهدة باستكمال الشخص الإنساني الذي هو حامل

[سورة الحج (22) : الآيات 40 إلى 45]

أعباء الشريعة ولهذا لم يكن مكلفا قبل البلوغ وينبغى ان تكون المجاهدة محفوظة عن طرفى التفريط والافراط بل يكون على حسب ظلم النفس على القلب باستيلائها عليه فيما يضره من اشتغالها بمخالفة الشريعة وموافقة الطبيعة فى استيفاء حظوظها وشهواتها من ملاذ الدنيا فان منها يتولد رين مرآة القلب وقسوته واسوداده وان ارتاضت النفس ونزلت عن ذميم صفاتها وانقادت للشريعة وتركت طبعها واطمأنت الى ذكر الله واستعدت لقبول جذبة ارجعي الى ربك راضية مرضية تصان من فرط المجاهدة ولكن لا يؤمن مكر الله المودع فى مكر النفس وآخر الآية يشير الى ان الإنسان لا يقدر على النفس وتزكيتها بالجهاد المعتدل الا بنصر الله تعالى چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى وخود را مبين كر از حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ فى حيز الجر على انه صفة للموصول قال ابن الشيخ لما بين انهم انما أذنوا فى القتال لاجل انهم ظلموا فسر ذلك الظلم بقوله الذين الى آخره والمراد بديارهم مكة المعظمة وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها للتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد قال الراغب الدار المنزل اعتبارا بدورانها الذي لها بالحائط وقيل دارة وجمعها ديار ثم تسمى البلدة دارا بِغَيْرِ حَقٍّ اى خرجوا بغير موجب استحقوا الخروج به فالحق مصدر قولك حق الشيء يحق بالكسر اى وجب إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ بدل من حق اى بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغى ان يكون موجبا للاقرار والتمكين دون الإخراج والتسبير لكن لاعلى الظاهر بل على طريقة قول النابغة ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين منهم على الكفارين فى كل عصر وزمان لَهُدِّمَتْ الهدم إسقاط البناء والتهديم للتكثير اى لخربت باستيلاء المشركين صَوامِعُ للرهبانية وَبِيَعٌ للنصارى وذلك فى زمان عيسى عليه السلام الصوامع جمع صومعة وهى موضع يتعبد فيه الرهبان وينفردون فيه لاجل العبادة قال الراغب الصومعة كل بناء منصمع الرأس متلاصقة والاصمع اللاصق اذنه برأسه والبيع جمع بيعة وهى كنائس النصارى التي يبنونها فى البلدان ليجتمعوا فيها لاجل العبادة والصوامع لهم ايضا الا انهم يبنونها فى المواضع الخيالية كالجبال والصحارى قال الراغب البيعة مصلى النصارى فان يكن ذلك عربيا فى الأصل فتسميته بذلك لما قال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) الآية وَصَلَواتٌ كنائس لليهود فى ايام شريعة موسى عليه السلام قال الكاشفى [صومعهاى راهبان وكليساهاى ترسايان وكنشتهاى جهودان] سميت بالصلوات لانها تصلى فيها قال الراغب يسمى موضع العبادة بالصلاة ولذلك سميت الكنائس صلوات وقال بعضهم هى كلمة معربة وهى بالعبرية «صلوثا» بالثاء المثلثة وهى فى لغتهم بمعنى المصلى (وَمَساجِدُ) للمسلمين فى ايام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وقدم ما سوى المساجد عليها فى الذكر لكونه اقدم فى الوجود

بالنسبة إليها وفى الاسئلة المقحمة تقديم الشيء بالذكر لا يدل على شرفه كقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً اى ذكرا كثيرا او وقتا كثيرا صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل أهلها ويجوز ان يكون صفة للاربع لان الذكر فى الصوامع والبيع والصلوات كان معتبرا قبل انتساخ شرائع أهلها وفى الآية اشارة الى انه تعالى لو لم ينصر القلوب على النفوس ويدافع عن القلوب استيلاء النفوس لهدمت صوامع اركان الشريعة وبيع آداب الطريقة وصلوات مقامات الحقيقة ومساجد القلوب التي يذكر فيها اسم الله كثيرا فان الذكر الكثير لا يتسع الا فى القلوب الواسعة المنورة بنور الله وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ اى بالله لينصرن الله من ينصر أولياءه او من ينصر دينه ولقد أنجز الله وعده حيث سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم وأورثهم ارضهم وديارهم إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على كل ما يريده عَزِيزٌ لا يمانعه شىء ولا يدافعه وفى بحر العلوم يغنى بقدرته وعزته فى إهلاك اعداء دينه عنهم وانما كلفهم النصر باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح فى مجاهدة الأعداء وبذل الأرواح والأموال لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيها الى منافع دينية ودنيوية فان قلت فاذا كان الله قويا عزيزا غالبا غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات فما وجه انهزام المسلمين فى بعض وقد وعدهم النصرة قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بحال الكافر لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين فى جميع الأوقات لحصل العلم الاضطراري بان الايمان حق وما سواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون تشديد المحنة عليه فى الدنيا كفارة له فى الدنيا واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من الله كالطاعون مثلا فانه رحمة للمؤمنين ورجز اى عذاب وغضب للكافرين مر عامر برجل قد صلبه الحجاج قال يا رب ان حلمك على الظالمين أضر بالمظلومين فرأى فى منامه ان القيامة قد قامت وكأنه دخل الجنة فرأى المصلوب فيها فى أعلى عليين فاذا مناد ينادى حلمى على الظالمين أحل المظلومين فى أعلى عليين واعلم ان الله تعالى يدفع فى كل عصر مدبرا بمقبل ومبطلا بمحق وفرعونا بموسى ودجالا بعيسى فلا تستبطئ ولا تنضجر: قال الحافظ اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود قال بعض الكبار الأمراء يقاتلون فى الظاهر واولياء الله فى الباطن فاذا كان الأمير فى قتاله محقا والطرف المقابل مستحقا للعقوبة أعانه رجال الغيب من الباطن وإلا فلا وفى التوراة فى حق هذه الامة أناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا الا وجبريل عليه السلام معهم وهو يدل على ان كل قتال حق يحضره جبريل ونحوه الى قيام الساعة بل القتال إذا كان حقا قالوا حد يغلب الالف: قال الحافظ

[سورة الحج (22) : آية 41]

تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بى منت سپاهى الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ وصف من الله للذين اخرجوا من ديارهم بما سيكون منهم من حسن السيرة عند تمكينه تعالى إياهم فى الأرض وإعطائه إياهم زمام الاحكام أَقامُوا الصَّلاةَ لتعظيمى قال الراغب كل موضع مدح الله بفعل الصلاة او حث عليه ذكر بلفظ الاقامة ولم يقل المصلين الا فى المنافقين نحو (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) وانما خص لفظ الاقامة تنبيها على ان المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها لا الإتيان بهيئتها فقط ولهذا روى ان المصلين كثير والمقيمين لها قليل وَآتَوُا الزَّكاةَ لمساعدة عبادى وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وكل ما عرف حسنه شرعا وعرفا وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ هو ما يستقبحه اهل العلم والعقل السليم قال الراغب المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر ما ينكر بهما وفى الآية اشارة الى ان وصف القلوب المنصورة انهم ان مكنهم الله فى ارض البشرية استداموا المواصلات وآتوا زكاة الأحوال وهى ان يكون من مائتى نفس من أنفاسهم مائة وتسعة وتسعون ونصف جزء منها لهم والباقي إيثار على خلق الله فى الله مهما كان زكاة اموال الأغنياء من مائتى درهم خمسة للفقراء والباقي لهم وأمروا بالمعروف حفظ الحواس عن مخالفة امره ومراعاة الأنفاس معه إجلالا لقدره ونهوا عن المنكر ومن وجوه المنكرات الرياء والاعجاب والمساكنة والملاحظة وَلِلَّهِ خاصة عاقِبَةُ الْأُمُورِ فان مرجعها الى حكمه وتقديره فقط: يعنى [انجام امور آن كه او ميخواهد] اين دولت فقر وها وهو ميخواهد ... وان كلشن وحوض وآب جو ميخواهد از حق همه كس حال نكو ميخواهد ... آنست سرانجام كه او ميخواهد وعن ابن عباس رضى الله عنهما رفعه الى النبي عليه السلام (ان من اشراط الساعة اماتة الصلوات واتباع الشهوات والميل الى الهوى ويكون أمراء خونة ووزراء فسقة) فوثب سلمان فقال بابى وأمي ان هذا لكائن قال (نعم يا سلمان عندها يذوب قلب المؤمن كما يذوب الملح فى الماء ولا يستطيع ان يغير) قال أو يكون ذلك قال (نعم يا سلمان ان أذل الناس يومئذ المؤمن يمشى بين أظهرهم بالمخالفة ان تكلم أكلوه وان سكت مات بغيظه) قال عمر رضى الله عنه للنبى عليه السلام أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب وخضعت له الأجساد ما هو فقال (ظل الله فى الأرض فاذا احسن فله الاجر وعليكم الشكر وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر) وفى الحديث (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة) : قال الحافظ شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعت عمرى كه درو داد كند : قال الشيخ سعدى قدس سره بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسر وعادل نيك رأى چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى نخواهى كه نفرين كنند از پست ... نكو باش تا بد نكويد كست

[سورة الحج (22) : الآيات 42 إلى 45]

نخفتست مظلوم از آهش بترس ... ز دود دل صبحكاهش بترس نترسى كه پاك اندرونى شبى ... برآرد ز سوز جكر يا ربى نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد ألا تا بغفلت نخسبى كه نوم ... حرامست بر چشم سالار قوم غم زير دستان بخور زينهار ... بترس از زبر دستى روزكار وعن اردشير لا سلطان الا برجال ولا رجال الا بمال ولا مال الا بعمارة ولا عمارة الا بعدل وحسن سياسية قيل السياسة أساس الرياسة وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يا محمد وصيغة المضارع فى الشرط مع تحقق التكذيب لما ان المقصود تسليته عليه السلام عما يترتب على التكذيب من الحزن المتوقع اى وان تحزن على تكذيب قومك إياك فاعلم انك لست باوحدى فى ذلك فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قبل تكذيبهم قَوْمُ نُوحٍ اى نوحا وَعادٌ اى هودا وَثَمُودُ اى صالحا وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ اى ابراهيم وَقَوْمُ لُوطٍ اى لوطا وَأَصْحابُ مَدْيَنَ اى شعيبا ومدين كان ابنا لابراهيم عليه السلام ثم صار علما لقرية شعيب وَكُذِّبَ مُوسى كذبه القبط وأصروا الى وقت الهلاك واما بنوا إسرائيل فانهم وان قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحوه فما استمروا على العناد بل كلما تجدد لهم المعجزة جددوا الايمان هكذا ينبغى ان يفهم هذا المقال وغير النظم بذكر المفعول وبناء الفعل له للايذان بان تكذيبهم له كان فى غاية الشناعة لكون آياته فى كمال الوضوح فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أمهلتهم الى أجلهم المسمى ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ اى أخذت كل فريق من فرق المكذبين بعد انقضاء مدة إملائه وامهاله بعذاب الطوفان والريح الصرصر والصيحة وجند البعوض والخسف والحجارة وعذاب يوم الظلة والغرق فى بحر القلزم قال الراغب الاخذ وضع الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو معاذ الله ان نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده وتارة بالقهر ومنه الآية فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلاكا والعمارة خرابا اى فكان ذلك فى غاية الهول والفظاعة. فمعنى الاستفهام التقرير ومحصول الآية قد أعطيت هؤلاء الأنبياء ما وعدتهم من النصرة فاستراحوا فاصبر أنت الى هلاك من يعاديك فتستريح ففى هذا تسلية للنبى عليه السلام فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كاين وانما بنى لان كاف التشبيه دخلت على أي وأي كان فى الأصل معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى. والمعنى فكثير من القرى: وبالفارسية [پس بسيار ديه وشهر] وهو مبتدأ وقوله أَهْلَكْناها خبره وَهِيَ ظالِمَةٌ جملة حالية من قوله أهلكناها والمراد ظلم أهلها بالكفر والمعاصي وهو بيان لعدله وتقدسه عن الظلم حيث اخبر بانه لم يهلكهم الا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم فَهِيَ خاوِيَةٌ عطف على أهلكناها والمراد بضمير القرية حيطانها والخواء بمعنى السقوط من خوى النجم إذا سقط

اى ساقطة حيطان تلك القرية عَلى عُرُوشِها اى سقوفها بان تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف فالعروش السقوف لان كل مرتفع اظلك فهو عرش سقفا كان او كرما او ظلة او نحوها وفى التأويلات النجمية يشير الى خراب قلوب اهل الظلم فان الظلم يوجب خراب أوطان الظالم فيخرب اولا أوطان راحة الظالم وهو قلبه فالوحشة التي هى غالبة على الظلمة من ضيق صدورهم وسوء اخلاقهم وفرط غيظهم على من يظلمون عليهم كل ذلك من خراب أوطان راحاتهم وهى فى الحقيقة من جملة العقوبات التي تلحقهم على ظلمهم ويقال خراب منازل الظلمة ربما يستأخر وربما يستعجل وخراب نفوسهم فى تعطلها عن العبادات بشؤم ظلمها كما قال (فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) وخراب قلوبهم باستيلاء الغفلة عليهم خصوصا فى اوقات صلواتهم وأوان خلواتهم غير مستأخر (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ البئر فى الأصل حفيرة يستر رأسها لئلا يقع فيها من مر عليها وعطلت المرأة وتعطلت إذا لم يكن عليها حلى فهى عاطل والتعطيل التفريغ يقال لمن جعل العالم بزعمه فارغا من صانع أتقنه وزينه معطل وهو عطف على قرية اى وكم بئر عامرة فى البوادي اى فيها الماء ومعها آلات الاستقاء الا انها تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها وَقَصْرٍ يقال قصرت كذا ضممت بعضه الى بعض ومنه سمى القصر قال فى القاموس القصر خلاف الطول وخلاف المد والمنزل وكل بيت من حجر وعلم لسبعة وخمسين موضعا ما بين مدينة وقرية وحصن ودار أعجبها قصر بهرام جور من حجر واحد قرب همذان مَشِيدٍ مبنى بالشيد أخليناه عن ساكنيه واهل المدينة يسمون الجص شيدا وقيل مشيد اى مطول مرفوع البنيان وهو يرجع الى الاول كما فى المفردات ويقال شيد قواعده أحكمها كأنه بناها بالشيد وفى القاموس شاد الحائط يشيده طلاه بالشيد وهو ما طلى به حائط من جص ونحوه والمشيد المعمول به وكمؤيد المطول- روى- ان هذه بئر نزل عليها صالح النبي عليه السلام مع اربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب وهى بحضر موت وانما سمى بذلك لان صالحاحين حضرها مات وثمة بلدة عند البئر اسمها حاضوراء بناها قوم صالح وأمروا عليهم جليس بن جلاس وأقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما فارسل الله عليهم حنظلة بن صفوان نبيا وكان حمالا فيهم فقتلوه فى السوق فاهلكهم الله وعطل بئرهم وخرب قصورهم قال الامام السهيلي قيل ان البئر الرس وكانت بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العلس وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت لها بكرات كثيرة منصوبة عليها ورجال كثيرون موكلون بها وابازن بالنون من رخام وهى تشبه الحياض كثيرة تملأ للناس واخر للدواب واخر للغنم والبقر والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا يتغير وكذلك يفعلون إذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضجوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل فى جثة الملك

بعد موته بايام كثيرة فكلمهم فقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى ارى صنيعكم بعدي ففرحوا أشد الفرح وامر خاصته ان يضربوا له حجابا بينه وبينهم يكلمهم من ورائه كيلا يعرف الموت فى صورته ووجهه فنصبوه صنما من وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث الله تعالى لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه فى النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة بن صفوان فاعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم وان الله تعالى لا يتمثل بالحق وان الملك لا يجوز ان يكون شريكا لله وأوعدهم ونصحهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه حتى قتلوه وطرحوه فى بئر فعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتوا شباعا رواء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها فصاحوا بأجمعهم وضج النساء والولدان وضجت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الهلاك وخلفهم فى ارضهم السباع وفى منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت بهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد فلا تسمع فيها الا عزيف الجن وزئير الأسد نعوذ بالله من سطواته ومن الإصرار على ما يوجب نقماته واما القصر المشيد فقصر بناه شداد بن عاد بن ارم لم يبن فى الأرض مثله فيما ذكر وحاله كحال هذه البئر المذكورة فى ايحاشه بعد الانس واقفاره بعد العمران وان أحدا لا يستطيع ان يدنو منه على أميال لما يسمع فيه من عزيف الجن والأصوات المنكرة بعد النعيم والعيش الرغيد وبها الملك وانتظام الأهل كالسلك فبادوا وما عادوا فذكرهم الله تعالى فى هذه الآية موعظة وذكرا وتحذيرا من سوء عاقبة المخالفة والمعصية قال الكاشفى [در تيسير آورده كه پادشاهى كافر بر وزير مسلمان غضب كرد وخواست او را بكشد وزير بگريخت با چهار هزار كس از اهل ايمان ودر پايان كوه حضرموت كه هواى خوش داشت منزل ساخت هر چند چاه مى كندند آب تلخ بيرون آمد يكى از رجال الغيب بديشان رسيده موضعى جهت چاه نشان كرد چون بكندند آبى در غايت صفا لطافت ونهايت رقت وعذوبت بيرون آمد در مزه چون شيره شاخ نبات ... در حوشى همشيره آب حيات ايشان آن چاه را كشاده ساختند واز پايان تا بالا بخشتهاى زر ونقره برآوردند و پرستش پروردگار خود مشغول كشتند بعد از مدتى متمادى شيطان بصورت عجوز صالحه برآمد زنانرا دلالت كرد بر آنكه بوقت غيبت شوهران سحاقى اشتغال كند وديكر باره بشكل مردى زاهد بر ايشان ظاهر شد مردانرا بوقت دورى ازواج از ايشان بإتيان بهائم فرمود و چون اين عمل قبيح در ميان ايشان پديد آمد حق سبحانه حنظله يا قحافة بن صفوان را به پيغمبرى بديشان فرستاد وبدو نكرديدند آب ايشان غائب شد وبعد از وعده ايمان پيغمبر دعا فرموده آب باز آمد وهم فرمان نبردند حق تعالى فرمود كه بعد از هفت سال وهفت ماه وهفت روز عذاب بديشان ميفرستم ايشان قصر مشيد را بنا كردند بخشتهاى زر ونقره

[سورة الحج (22) : الآيات 46 إلى 51]

ويواقيت وجواهر مرصع ساختند وبعد از انقضاى زمانه مهلت رجوع بآن قصر كرده درها فرو بستند وجبرئيل فرود آمد وايشانرا بكوشك بر زمين فرو برد و چاه ايشان مانده است ودود سياه منتن از آنجا بر مى آمد ودر ان نواحى ناله هلاك شدكان ميشنوند] نه هركز شنيدم درين عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به پيش رطب ناورد چوب خر زهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار غم وشاد مانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك أَفَلَمْ يَسِيرُوا اى كفار مكة اى اغفلوا فلم يسافروا فِي الْأَرْضِ فى اليمن والشام ليروا مصارع المهلكين فَتَكُونَ لَهُمْ بسبب ما يشاهدونه من مواد الاعتبار وهو منصوب على جواب الاستفهام وهو فى التحقيق منفى قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ما يجب ان يعقل من التوحيد أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجب ان يسمع من اخبار الأمم المهلكة ممن يجاورهم من الناس فانهم اعرف منهم بحالهم وهم وان كانوا قد سافروا فيها ولكنهم حيث لم يسافروا للاعتبار جعلوا غير مسافرين فحثوا على ذلك فالاستفهام للانكار فَإِنَّها اى القصة وبالفارسية [پس قصه اينست] لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ اى ليس الخلل فى مشاعرهم وانما هو فى عقولهم باتباع الهوى والانهماك فى الغفلة وبالفارسية [نابينا نشود ديدهاى حس يعنى در مشاعر ايشان خلل نيست همه چيز مى بينند ولكن نابينا شود از مشاهده اعتبار آن دلها كه هست در سينها يعنى چشم دل ايشان پوشيده است از مشاهده احوال كذشتكان لا جرم بدان عبرتى نمى كيرند] او لا يعتد بعمى الابصار فكأنه ليس بعمى بالاضافة الى عمى القلوب والعمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة وذكر الصدور للتأكيد ونفى توهم التجوز قصدا للتنبيه على ان العمى الحقيقي ليس المتعارف الذي يختص بالبصر وفى الحديث (ما من عبد الا وله اربع أعين عينان فى رأسه يبصر بهما امر دنياه وعينان فى قلبه يبصر بهما امر دينه) واكثر الناس عميان بصر القلب لا يبصرون به امر دينهم چشم دل بگشا ببين بي انتظار ... هر طرف آيات قدرت آشكار چشم سر جز پوست خود چيزى نديد ... چشم سر در مغز هر چيزى رسيد قال فى حقائق البقلى قدس سره الجهال يرون الأشياء بابصار الظاهر وقلوبهم محجوبة عن رؤية حقائق الأشياء التي هى تابعة أنوار الذات والصفات أعماهم الله بغشاوة الغفلة وغطاء الشهوة قال سهل اليسير من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة فاذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة فعند ذلك يصير البدن متخبطا فى المعاصي غير منقاد للحق بحال وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان العقل الحقيقي انما يكون من نتائج صفاء القلب بعد تصفية حواسه عن العمى والصمم فاذا صح وصف القلوب بالسمع والبصر صح وصفها بسائر صفات الحي من وجوه الإدراكات فكما تبصر القلوب بنور اليقين تدرك نسيم الإقبال بمشام السر وفى الخبر (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) وقال تعالى خبرا عن يعقوب عليه السلام (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) وما كان ذلك الا بإدراك السرائر دون اشتمام ريح فى الظاهر فعلى

[سورة الحج (22) : آية 47]

العاقل ان يجتهد فى تصفية الباطن وتجلية القلب وكشف الغطاء عنه بكثرة ذكر الله تعالى وعن مالك بن انس رضى الله عنه بلغني ان عيسى بن مريم عليهما السلام قال لا تكثروا الكلام فى غير ذكر الله فتقسوا قلوبكم والقلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون وقال مالك بن دينار من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين فقد قل عمله وعمى قلبه وضاع عمره وفى الحديث (لكل شىء صقالة وصقالة القلب ذكر الله وقال ابو عبد الله الانطاكى دواء القلب خمسة أشياء مجالسة الصالحين وقراءة القرآن واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند الصبح كذا فى تنبه الغافلين وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ كانوا يقولون له عليه السلام ائتنا بما وعدتنا ان كنت من الصادقين: والمعنى بالفارسية [وبشتاب ميخواهند از تو كافران مكه چون نضر ابن حارث وإضراب او يعنى تعجيل مينمايند بطريق استهزاء وتعجيز بنزول عذاب موعود] قال فى التأويلات النجمية يشير الى عدم تصديقهم كما قال تعالى (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) ولو آمنوا لصدقوا ولو صدقوا لسكتوا عن الاستعجال وهو طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ابدا وقد سبق الوعد فلا بد من مجيئه حتما وقد أنجز الله ذلك يوم بدر قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الخلف فى وعيد الكفار لا يجوز كما ان الخلف فى الوعد للمؤمنين لا يجوز ويجوز الخلف فى وعيد المؤمنين لانه سبقت رحمة الله غضبه فى حق المؤمنين ووعدهم بالمغفرة بقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وبقوله (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) انتهى واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم قال السرى الموصلي إذا وعد السرّاء أنجز وعده ... وان أوعد الضراء فالعفو مانعه كذا فى شرح العضد للجلال الدواني ثم ذكر ان لهم مع عذاب الدنيا فى الآخرة عذابا طويلا وهو قوله وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ اى من ايام عذابهم كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وذلك ان لليوم مراتب فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان فمنه يمتد الكل وهو مشار اليه بقوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فالشأن الإلهي بمنزلة الروح يسرى فى أدوار الزمان ومراتبه سريان الروح فى الأعضاء ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة والخطاب للرسول ومن معه من المؤمنين كأنه قيل كيف يستعجلون بعذاب ويوم واحد من ايام عذابه فى طول الف سنة من سنيكم اما من حيث طول ايام عذابه حقيقة او من حيث ان ايام الشدائد مستطالة كما يقال ليل الفراق طويل وايام الوصل قصار ويقال سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة ويوم لا أراك كالف شهر ... وشهر لا أراك كالف عام : قال الحافظ آندم كه با تو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بى تو باشم يك لحظه هست حالى

[سورة الحج (22) : الآيات 48 إلى 51]

ويجوز ان يكون قوله وان يوما إلخ متعلقا بقوله ولن يخلف إلخ والمعنى ما وعده تعالى ليصينهم ولو بعد حين لكنه تعالى حليم صبور لا يعجل بالعذاب وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون لكمال حلمه ووقاره وتأنيه حتى استقصر المدد الطوال شبه المدة القصيرة عنده بالمدة الطويلة عند المخاطبين اشارة الى ان الأيام تتساوى عنده إذ لا استعجال له فى الأمور فسواء عنده يوم واحد والف سنة ومن لا يجرى عليه الزمان فسواء عليه وجود الزمان وعدم الزمان وقلة الزمان وكثرة الزمان إذ ليس عنده صباح ولا مساء: وبالفارسية [نزديك خداى تعالى يكروز برابر هزار سالست زيرا كه حكم زمان برو جارى نيست پس وجود وعدم وقلت وكثرت آن نزديك خداى يكسانست هر كاه كه خواهد عذاب فرستد وبر استعجال زمان عقوبت هيچ اثرى مترتب نشود تا در نرسد وعده هر كار كه هست ... هر چند كنى جهد بجايى نرسد فعلى العاقل ان يلاحظ ان كل آت قريب ولا يغتر بالامهال فان بطش الله شديد وعذابه لا يطاق ويسارع الى رضى الله تعالى بامتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه وترك الاستهزاء بالدين واهله باحكام الله ووعده ووعيده فان الله صادق فى قوله حكيم فى فعله وليس للعبد الا تعظيمه وتعظيم امره وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ وكثير من اهل قرية أَمْلَيْتُ لَها امهلتها بتأخير العذاب كما أمهلت لهؤلاء وَهِيَ ظالِمَةٌ اى والحال انها ظالمة مستوجبة لتعجيل العقوبة كدأب هؤلاء ثُمَّ أَخَذْتُها بالعذاب بعد طول الامهال: يعنى [پس كرفتيم ايشانرا چون توبه نكردند بعذابي سخت در دنيا] وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ اى الى حكمى مرجع الكل لا الى أحد غيرى لا استقلالا ولا شركة فافعل بهم ما افعل مما يليق بأعمالهم وفيه اشارة الى ان الامهال يكون من الله تعالى والإهمال لا يكون فانه يمهل ولا يهمل ويدع الظالم فى ظلمه ويوسع له الحبل ويطيل به المهل فيتوهم انه يفلت من قبضة التقدير وذلك ظنه الذي أراد ويأخذه من حيث لا يرتقب فيعلوه ندامة ولات حينه وكيف يستبقى بالحيلة ما حق فى التقدير عدمه والى الله مرجعه فالظلم من العبد سبب للاخذ من الله فلا يلومن الا نفسه: قال الحافظ تو بتقصير خود افتادى ازين در محروم ... از كه مى نالى وفرياد چرا ميدارى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أنذركم انذارا بينا بما اوحى الىّ من اخبار الأمم المهلكة من غير ان يكون لى دخل فى إتيان ما توعدونه من العذاب حتى يستعجلونى به والاقتصار على الانذار مع بيان حال الفريقين بعده لان صدر الكلام ومساقه للمشركين وعقابهم وانما ذكر المؤمنون وثوابهم زيادة فى غيظهم قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار اهل النسيان اى قل لهم يا محمد انى اشابهكم من حيث الصورة لكن اباينكم من حيث السيرة فانا لمحسنكم بشير ولمسيئكم نذير وقد أيدت باقامة البراهين ما جئتكم به من وجوه الأمر بالطاعة والإحسان والنهى عن الفجور والعصيان فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ تجاوز لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ نعيم الجنة: يعنى [رزق بي رنج ومنت] والكريم من كل نوع ما يجمع فضائله وَالَّذِينَ سَعَوْا اسرعوا واجتهدوا فِي آياتِنا فى رد آياتنا وابطالها

[سورة الحج (22) : الآيات 52 إلى 57]

بالطعن فيها ونسبتها الى السحر والشعر وغير ذلك من الافتراء مُعاجِزِينَ حال كونهم يعاجزون الأنبياء وأولياءهم اى يقابلونهم ويمانعونهم ليصيروهم الى العجز عن امر الله او ظانين انهم يعجزوننا فلا نقدر عليهم او معاندين مسابقين من عاجز فلان فلانا سابقه فعجزه سبقه كما قال الكاشفى [در حالتى كه پيشى كيرند كانند بر ما بكمال خود يعنى خواهند كه از ما دركذرند وعذاب ما ازيشان فوت] أُولئِكَ الموصوفون بالسعي والمعاجزة أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى ملازمون النار الموقدة وقيل هو اسم دركة من دركاتها: وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1» كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من عاند اهل آياته من خواص أوليائه أولئك اصحاب جحيم الحقد والعداوة ورد الولاية والسقوط عن نظر الله وجحيم نار جهنم فى الاخرة وإذا أراد الله تعالى بعبد خيرا يحوله عن الإنكار ويوفقه للتوبة والاستغفار- روى- ان رجلا قال كنت ابغض الصوفية فرأيت بشرا الحافى يوما قد خرج من صلاة الجمعة فاشترى خبزا ولحما مشويا وفالوذجا وخرج من بغداد فقلت انه زاهد البلد فتبعته لا نظر ماذا يصنع وظننت انه يريد التنعم فى الصحراء فمشى الى العصر فدخل مسجدا فى قرية وفيه مريض فجعل يطعمه فذهبت الى القرية لا نظر ثم جئت فلم أجد بشرا فسألت المريض فقال ذهب الى بغداد فقلت كم بينى وبين بغداد قال أربعون فرسخا فقلت انا لله وانا اليه راجعون ولم يكن عندى ما اكترى به وانا عاجز عن المشي فبقيت الى جمعة اخرى فجاء بشر ومعه طعام للمريض فقال المريض يا أبا نصر رد هذا الرجل الى منزله فنظر الىّ مغضبا وقال لم صحبتنى فقلت اخطأت فاوصلنى الى محلتى فقال اذهب ولا تعد فتبت الى الله وأنفقت الأموال وصحبتهم وفى الحكاية إشارات منها ان كرامات الأولياء حق ومنها ان انكار ما ليس للعقل فيه مجال خطأ ومنها ان الرجوع الى باب وارث الرسول ينظم العبد فى سلك القبول: قال الحافظ كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند قال بعض الكبار الاستمداد من اهل الرشاد وان كان صالحا عظيما فى نيل المراد الا ان حسن الاعتقاد مع مباشرة الأسباب يسهل الأمور الصعاب ويوصل الى رب الأرباب والله مفتح الأبواب والهادي الى سبيل الصواب وقال بعضهم المنكر على العلماء بالله انما أنكر لقصور فهمه وقلة معرفته فان علومهم مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحي القيوم ونهاية علوم غيرهم نحصيل الوظائف والمناصب والخطام الذي لا يدوم فلا طريق إلا طريق السادة الائمة الهداة القادة وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ هذا دليل بين على تغاير الرسول والنبي والرسول انسان أرسله الله الى الخلق لتبليغ رسالته وتبيين ما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدارين وقد يشترط فيه

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن طعانه را إلخ

الكتاب بخلاف النبي فانه أعم ويعضده ما روى انه عليه السلام سئل عن الأنبياء فقال (مائة الف واربعة وعشرون الفا) قيل فكم الرسل منهم قال (ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا) وفى رواية (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) وقال القهستاني الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان قال الكاشفى فى تفسيره [در بعض تفاسير قصه إلقاء الشيطان در امنيت پيغمبر وبر وجهى آورده اند كه مرضى اهل تحقيق نيست وما از تأويلات علم الهدى وتيسير وديكر كتب معتبره چون معتمد فى المعتقد وذروة الأحباب مدت أنوار جمال مؤلفه الى يوم الحساب آنرا اينجا إيراد كرديم بطريقي كه موافق اهل سنت است آورده اند كه چون والنجم نازل شد سيد عالم عليه السلام آنرا در مسجد الحرام در مجمع قريش ميخواند ودر ميان آيتها توقف مى نمود تا مردم تلقى نموده ياد كيرند پس طريق مذكور بعد از تلاوت آيت (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) متوقف شد وشيطان در ان ميان مجال يافت بكوش مشركان رسانيد كه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى حاصل معنى آنكه ايشان بزركان يا مرغان بلند پروازند واميد بشفاعت ايشان ميتوان داشت كفار باستماع اين كلمات خوش دل شده پنداشتند كه حضرت پيغمبر خواند وبتان ايشانرا ستايش كرد لا جرم در آخر سوره كه آن حضرت با مؤمنان سجده كردند اهل شرك اتفاق كردند جبرائيل فرود آمد وصورت حال بعرض رسانيد ودل مبارك حضرت بسيار اندوهناك شد وحق تعالى جهت تسليت خاطر عاطر سيد عالم آيت فرستاد وفرمود وما أرسلنا إلخ] إِلَّا إِذا تَمَنَّى اى قرأ قال فى القاموس تمنى الكتاب قرأه قال الراغب التمني تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها والامنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشيء وقوله تعالى (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ) معناه الا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث ان التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى امنية تمناها على التخمين أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى قراءته كما فسره الراغب وغيره قال الكاشفى [بيفكند شيطان نزديك تلاوت از آنچهـ خواست چنانكه بوقت تلاوت حضرت پيغمبر ما عليه السلام شيطانى كه او را ابيض كويند بهنجار آواز حضرت آن كلمات برخواند وكمان بردند آن تلاوت پيغمبر است] فَيَنْسَخُ اللَّهُ يزيل ويبطل فالمراد بالنسخ هو النسخ اللغوي لا النسخ الشرعي المستعمل فى الاحكام ما يُلْقِي الشَّيْطانُ من كلمات الكفر ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ يثبت آياتِهِ التي تلاها الأنبياء عليهم السلام حتى لا يجد أحد سبيلا الى ابطالها وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما اوحى وبما القى الشيطان حَكِيمٌ ذو الحكمة فى تمكينه من ذلك يفعل ما يشاء ليميز به الثابت على الايمان من المتزلزل فيه وقولهم لو جوّز مثل هذا لأدى الى اشتباه احوال الأنبياء من حيث ان ما يسمع عند تلاوتهم من قولهم او من إلقاء الشيطان فيتعذر الاقتداء مدفوع بان ما القى الشيطان امر ظاهر بطلانه عند المؤمنين المخلصين ألا ترى ان القرآن ورد بابطال الأصنام فكيف يجوز كون قوله تلك الغرانيق إلخ من القرآن ولو سلم فالنسخ والاحكام والايقاف على حقيقة الأمر ولو بعد حين يجلى كل مشتبه فيكون

[سورة الحج (22) : الآيات 53 إلى 55]

إلقاء الشيطان من باب الامتحان والتعليل الآتي يرفع النقاب ويهدى المتردد الى طريق الصواب وهو قوله لِيَجْعَلَ اى مكنه الله من الإلقاء فى قراءة النبي عليه السلام خاصة ليجعل ان تمكينه تعالى إياه من الإلقاء فى حق سائر الأنبياء لا يمكن تعليله بما سيأتى فأول الآية عام وآخرها خاص ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً [آزمايشى وابتلايى] لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى شك ونفاق لانه مرض قلبى مؤد الى الهلاك الروحاني كما ان المرض القلبي مؤد الى الهلاك الجسماني وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ اى المشركين والقسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك قال الكاشفى [مرد آنست كه منافق ومشرك از القاى شيطان در شك وخلاف افتند] وَإِنَّ الظَّالِمِينَ اى المنافقين والمشركين وضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم لَفِي شِقاقٍ خلاف بَعِيدٍ عن الحق اى لفى عداوة شديدة ومخالفة تامة ووصف الشقاق بالبعد مع ان الموصوف به حقيقة هو معروضه للمبالغة وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ اى القرآن وفى التفسير الجلالين ان الذي احكم الله من آيات القرآن الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى هو الحق النازل من عنده ليس للشيطان مجال تصرف فيه من حق الأمر إذا ثبت ووجب فَيُؤْمِنُوا بِهِ القرآن اى يثبتوا على الايمان به او يزدادوا ايمانا برد ما يلقى الشيطان وهو عطف على قوله ليعلم فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ تخشع وتتواضع وقد مر بيان الإخبات فى هذه السورة قال الكاشفى [پس نرم شود براى قرآن دلهاى ايشان واحكام آنرا قبول كنند] وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا اى فى الأمور الدينية خصوصا فى المداحض والمشكلات التي من جملتها ما ذكر إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو النظر الصحيح الموصل الى الحق الصريح وفى التأويلات النجمية ان الله ليبتلى المؤمن المخلص بفتنة وبلاء ويرزقه حسن بصيرة يميز بها بين الحق والباطل فلا يظله غمام الريب وينجلى عنه غطاء الغفلة فلا يؤثر فيه دخان الفتنة والبلاء كما لا تأثير للضباب الغداة فى شعاع الشمس عند متوع النهار اى ارتفاعه وان الهداية من الله ومن تأييده لا من الإنسان وطبعه وان من وكله الله الى نفسه وخذله بطبعه لا يزول عنه الشك والكفر والضلالة الى الابد ولو عالجه الصالحون: قال المولى الجامى آنرا كه زمين كشد درون چون قارون ... نى موسيش آورد برون نى هارون فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون : وقال الشيخ توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه فعلى العاقل ان يستسلم لامر القرآن المبين ويجتهد فى إصلاح النفس الامارة الى ان يأتى اليقين فان النفس سحارة ومكارة ومحتالة وغدارة: قال الشيخ المغربي ملك بود كه افتاد در چهـ بابل ... چهـ سحرهاست درين قعر جاه بابل ما وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى فى شك وجدال من القرآن قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهى أخص من الشك حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ القيامة وقد سبق وجه

[سورة الحج (22) : الآيات 56 إلى 57]

تسميتها بها مرارا بَغْتَةً فجاءت على غفلة منهم: وبالفارسية [ناكهان] أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ اصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل والمعنى عذاب يوم لا يوم بعده كان كل يوم يلد ما بعده من الأيام فما لا يوم بعده يكون عقيما والمراد به الساعة ايضا بشهادة ما بعد الآية من تخصيص الملك فيه بالله والحكم بين الفريقين كأنه قيل او يأتيهم عذابها فوضع ذلك موضع ضميرها لمزيد التهويل كذا فى الإرشاد يقول الفقير ان الساعة شفعت فى القرآن بالعذاب الدنيوي فى مواضع كثيرة كما فى قوله تعالى (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) وفى قوله تعالى (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) ونحوها فالظاهر ان اليوم العقيم يوم لا يلد خيرا وليس لهم فيه فرج ولا فرح أصلا كيوم بدر ونحوه ولما كان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة اثبت فيه تخصيص التصرف بالله والحكم بين الفريقين فى الآية الآتية من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة الْمُلْكُ اى السلطان القاهر والاستيلاء التام والتصرف على الإطلاق: وبالفارسية [پادشاهى وفرمان دهى] يَوْمَئِذٍ يوم إذ تأتيهم الساعة او العذاب لِلَّهِ وحده بلا شريك أصلا لا مجازا ولا حقيقة: يعنى [امروز ملوك وسلاطين دعوىء سلطنت وملك دارى ميكنند در ان روز كمر تكبر از ميان متجبران بگشايند وتاج از سر خسروان بربايند ودعويها منقطع وكمانها مرتفع كردد ومالك ملك رخت تخيلات وتصورات ملوك را در قعر درياى عدم افكند ورسوم توهمات وتفكرات سلاطين را بصدمت لمن الملك اليوم در هم شكند همه را جزا ظهار عبوديت واقرار بعجز وبيچارگى چاره نباشد آن سر كه صيت افسرش از چرخ دركذشت ... روزى بر آستانه او خاك در شود قال الشيخ سعدى قدس سره همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال قال ابن عطاء الملك على دوام الأوقات وجميع الأحوال له تعالى ولكن يكشف للعوام الملك يومئذ لابراز القهارية والجبارية فلا يقدر أحد ان يجحد ما عاين يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ كأنه قيل فماذا يصنع بهم حينئذ فقيل يحكم بين فريقى المؤمنين بالقرآن والمجادلين فيه بالمجازاة ثم فسر هذا الحكم وفصله بقوله فَالَّذِينَ آمَنُوا بالقرآن ولم يجادلوا فيه وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ امتثالا بما امر فى تضاعيفه فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ مستقرون فيها قال الكاشفى [در بوستانهاى ناز ونعمت اند بى رنج ومحنت] قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا اى أصروا على ذلك واستمروا فَأُولئِكَ مبتدأ خبره جملة قوله لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ [خوار كننده ورسوا سازنده] قال السمرقندي مهين يذهب بعزهم وكبرهم رأسا وبالكلية ويلحقهم من الخزي والصغار ما لا يحيط به الوصف قال فى الإرشاد ومهين صفة لعذاب مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة وإدخال الفاء فى خبر الثاني دون الاول تنبيه على ان اثابة المؤمنين بطريق التفضل لا لايجاب الأعمال الصالحة إياها وان عقاب

[سورة الحج (22) : الآيات 58 إلى 62]

الكافرين بسبب أعمالهم السيئة واعلم ان الفصل والحكومة العادلة كائن لا محالة وان كان الكفار فى شك من القرآن وما نطق به من البعث والمجازاة- روى- ان لقمان وعظ ابنه وقال يا بنىّ ان كنت فى شك من الموت فادفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت فى شك من البعث فاذا نمت فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فانك إذ فكرت فى هذا علمت ان نفسك بيد غيرك فان النوم بمنزلة الموت واليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت فاذا عرف العبد مولاه قبل امره ونال به عزة لا تنقطع ابدا وهى عزة الآخرة التي تستصغر عندها عزة الدنيا- روى- ان عابدا رأى سليمان عليه السلام فى عزة الملك فقال يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما فقال سليمان لتسبيحة واحدة خير مما فيه سليمان فانها تبقى وملك سليمان يفنى فاذا كانت التسبيحة الواحدة أفضل من ملك سليمان فما ظنك بتلاوة القرآن الذي هو أفضل الكتب الالهية قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية يستحب لقارئ القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر وتأخذ اليد حظها من المس قال وهكذا كان يتلو ثلاثة من أشياخنا منهم عبد الله بن مجاهد فعلى العاقل ان يجتهد فى الوصول الى أعالي درجات الجنان بالاذكار وتلاوة القرآن وَالَّذِينَ هاجَرُوا فارقوا أوطانهم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى الجهاد الموصل الى جنته ورضاه حسبما يلوح به قوله تعالى ثُمَّ قُتِلُوا [پس كشته شدند در جهاد با دشمنان دين] والقتل ازالة الروح عن الجسد لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت أَوْ ماتُوا اى فى تضاعيف المهاجرة، وبالفارسية [يا بمردن شربت شهادت ناچشيده] لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً مرزوقا حسنا والمراد نعيم الجنة الغير المنقطع ابدا قال الكاشفى [هر آينه روزى دهد خداى تعالى ايشانرا روزى نيكر كه نعيم بهشت است نه تعبى رسد در تحصيل آن ونه علتى بود در تناول آن ونه دغدغه انقطاع باشد در ان روزى] وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فانه يرزق بغير حساب مع ان ما يرزقه لا يقدر عليه أحد غيره والرزق العطاء الجاري دنيويا كان اواخر ويا ثم بين مسكنهم بقوله لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا اسم مكان أريد به الجنة يَرْضَوْنَهُ لما انهم يرون فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بأحوال كل حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة الأعداء مع غاية الاقتدار- روى- ان ابراهيم عليه السلام رأى عاصيا فى معصيته فدعا عليه وقال اللهم أهلكه ثم رأى ثانيا وثالثا ورابعا فدعا عليه فقال الله تعالى يا ابراهيم لو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي الا القليل ولكن إذا عصى امهلناه فان تاب قبلناه وان استغفر أخرنا العذاب عنه لعلمنا انه لا يخرج عن ملكنا قال الكاشفى [آورده اند كه بعضى از صحابه كفتند يا رسول الله با جمع برادران دينى بجهاد ميرويم ايشان شهيد ميشوند وبعطيات الهى اختصاص ميكردند اگر ما بميريم وشهيد نميشويم حال ما چون باشد اين آيت فرود آمد] يعنى سوى فى الآية بين المقتول والمتوفى على حاله فى الوعد لاستوائهما فى العقد وهو التقرب الى الله ونصرة الدين ونظيره

[سورة الحج (22) : آية 60]

ما قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية انما قال المؤذن قد قامت الصلاة بلفظ الماضي مع ان الصلاة مستقبلة بشرى من الله لعباده لمن جاء الى المسجد ينتظر الصلاة او كان فى الطريق آتيا إليها او كان فى حال الوضوء بسببها او كان فى حال القصد الى الوضوء قبل الشروع فيه ليصلى بذلك الوضوء فيموت فى بعض هذه المواطن قبل وقوع الصلاة منه فبشره الله بان الصلاة قد قامت له فى هذه المواطن كلها فله اجر من صلاها وان كانت ما وقعت منه فلذلك جاء بلفظ الماضي لتحقق الحصول فاذا حصلت بالفعل ايضا فله اجر الحصول كذلك وقد ورد ان أحدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة انتهى- روى- ان جنازتين أصيب أحدهما بمنجنيق والآخر توفى فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى فقيل له تركت الشهيد فلم تجلس عنده فقال ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ان الله تعالى يقول (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) الآية وفى الحديث (من خرج حاجا فمات كتب له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له اجر المعتمر الى يوم القيامة ومن خرج غازيا فمات كتب له اجر الغازي الى يوم القيامة) - روى- ان أبا طلحة رضى الله عنه لما غزا فى البحر فمات طلبوا جزيرة يدفنونه فيها فلم يقدروا عليها الا بعد سبعة ايام وما تغير جسده وهذا من صفة الشهداء وقال بعضهم مراتب حسن الأرزاق متفاوتة تفاوت حسن حال المرزوقين فلا تقتضى الآية تساوى المقتول والمتوفى على كل حال فللمقتول فى سبيل الله مزية على الميت بما أصابه فى ذات الله تعالى فهو أفضل منه ويدل عليه دلائل كثيرة منها قوله عليه السلام لما سئل أي الجهاد أفضل (ان يعقر جوادك ويهراق دمك) وايضا المقتول فى سبيل الله يجيئ وريح دمه ريح المسك والميت لم ينل ذلك وايضا المقتول يتمنى الرجعة الى الدنيا ليقتل فى سبيل الله مرة ثانية لما يرى من فضل الشهادة وليس كذلك الميت وايضا القتل فى سبيل الله يكفر كل ذنب ولم يرد ذلك فى الموت وايضا الميت فى سبيل الله يغسل والمقتول لا يغسل وايضا الشهيد المقتول يشفع ولم يرد ذلك فى الميت وايضا الشهيد يرى الحور العين قبل ان يجف دمه وليس كذلك الميت وفى الآية اشارة الى المهاجرة عن أوطان الطبيعة فى طلب الحقيقة وقتل النفس بسيف الصدق او الموت عن الأوصاف البشرية واجر هذا هو الرزق المعنوي فى الدنيا فرزق القلوب حلاوة العرفان ورزق الاسرار مشاهدات الجمال ورزق الأرواح مكاشفات الجلال: وفى المثنوى اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود «1» اى بسا خامى كه ظاهر خويش ريخت ... ليك نفس زنده آن جانب كريخت آلتش بشكست وره زن زنده ماند ... نفس زنده است ار چهـ مركب خون فشاند ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ذلك الذي قصصنا عليكم وبينا لكم والجملة لتقرير ما قبله والتنبيه على ان ما بعده كلام مستأنف وَمَنْ [وهر كه] عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ اى من جازى الظالم بمثل ما ظلم ولم يزد فى الاقتصاص والعقوبة اسم لما يعقب الجرم من الجزاء وانما سمى الابتداء بالعقاب الذي هو جزاء الجناية اى مع انه ليس بجزاء يعقب الجريمة للمشاكلة او على سبيل المجاز المرسل فانه ما وقع ابتداء سبب لما وقع جزاء وعقوبة فسمى

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان رجوع بحكايت آن مجاهد در قتال

السبب باسم المسبب ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ظلم عليه بالمعاودة الى العقوبة يقال بغى عليه بغيا علا وظلم قال الراغب البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوزه فتارة يعتبر فى القدرة التي هى الكمية وتارة يعتبر فى الوصف الذي هو الكيفية يقال بغيت الشيء إذا طلبت اكثر ما يجب لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ على من بغى عليه لا محالة وهو خبر من إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ مبالغ فى العفو والغفران فيعفو عن المنتصر ويغفر له ما صدر عنه من ترجيح الانتقام على العفو والصبر المندوب إليهما بقوله (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فالعفو وان اقتضى سابقية الجناية من المعفو عنه لكن الجناية لا تلزم ان تكون بارتكاب المحرم بل قد يعد ترك ما ندم اليه جناية على سبيل الزجر والتغليظ وفى بحر العلوم العفو محاء للذنوب بازالة آثارها من ديوان الحفظة والقلوب بالكلية كى لا يطالبهم بها يوم القيامة ولا يخجلوا عند تذكرها وبان يثبت مكان كل ذنب عملا صالحا كما قال (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) غفور اى مريد لازالة العقوبة عن مستحقها من الغفر وهو الستر اى ستور عليهم وقدم العفو لانه ابلغ لانه يشعر بالمحو الذي هو ابلغ من الستر وفيه اشارة الى ان الأليق بالمنتصر والأقرب بحاله ان يعفو ويغفر عن كل من ظلمه ويقابله بالإحسان بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء ولا يذكر ما صدر منه من انواع الجفاء والأذى فانه متى فعل ذلك فان الله أكرم الأكرمين اولى ان يفعل ذلك على ان الانتصار لا يؤمن فيه تجاوز التسوية والاعتداء خصوصا فى حال الغضب والحرب والتهاب الحمية فربما كان المنتصر من الظالمين وهو لا يشعر انتهى كلام البحر يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يقول الإنسان الكامل كالبحر فمن آذاه واغتابه او قصد اليه بسوء فانه لا يتكدر به بل يعفو عنه ألا يرى ان البول إذا وقع فى البحر فالبحر يطهره وكذا من اجنب إذا دخل البحر واغتسل فانه يتطهر ولا يتغير البحر لا بالبول ولا بدخول الجنب وقال روح الله روحه من قال فى حقنا قولا فاحشا او فعل فعلا مكروها فهو فى حل فانه ارادة الانتقام له او وقوعه فى امر مكروه من باب الشرك فى طريقنا فنحن لا نلتفت اليه أصلا بي الى ما وتر الله لنا من الأمور وكل فعله حسن وقد أخفى جماله فى جلاله وأطال فى ذلك وهو مذكور فى كتابنا المسمى بتمام الفيض قال فى الخلاصة فى كتاب الحدود رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بل أنت الأحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الأمر الى القاضي ليؤدب يجوز ومع هذا لو أجاب لا بأس به وفى مجمع الفتاوى فى كتاب الجنايات لو قال لغيره يا خبيث فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال الله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والعفو أفضل قال الله تعالى (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى له ان يجيبه بمثلها تحرزا عن إيجاب الحد على نفسه انتهى كما قال فى التنوير لو قال لآخر يا زاني فقال الآخر لا بل أنت الزاني حد بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال أنت تكافئا وفى التنوير ايضا ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب يعزران ويبدأ

[سورة الحج (22) : الآيات 61 إلى 62]

فى اقامة التعزير بالبادى ذلِكَ النصر هو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ اى بسبب ان القادر على ما يشاء من التغليب وغيره من آيات قدرته البالغة الدالة على التغليب انه يحصل ظلمة الليل فى مكان ضياء النهار بتعييب الشمس وضياء النهار فى مكان ظلمة الليل باطلاعها وجعلها طالعة او يزيد فى أحد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات قال الراغب الولوج الدخول فى مضيق قال تعالى (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) وقوله (يُولِجُ اللَّيْلَ) إلخ تنبيه على ركب الله عليه العالم من زيادة الليل فى النهار وزيادة النهار فى الليل وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع قول المعاقب والمعاقب بَصِيرٌ يرى افعالهما فلا يهملهما ذلِكَ الوصف بكمال العلم والقدرة بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ فى الالوهية وَأَنَّ ما يَدْعُونَ يعبدون مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ الهية وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ على جميع الأشياء الْكَبِيرُ عن ان يكون له شريك لا شىء أعلى منه شأنا واكبر سلطانا وفى التأويلات النجمية أعلى من ما يجده الطالبون بداية والعظيم الذي لا يدرك الواصلون نهايته وفى بحر العلوم هو العلى شأنه اى امره وجلاله فى ذاته وأفعاله لا شىء أعلى منه شأنا لانه فوق الكل بالاضافة وبحسب الوجوب وهو فعيل من العلو فى مقابلة السفل وهما فى الأمور المحسوسة كالعرش والكرسي مثلا وفى الأمور المعقولة كما بين النبي وأمته وبين الخليفة والسلطان والعالم والمتعلم من التفاوت فى الفضل والشرف والكمال والرفعة ولما تقدس الحق سبحانه عن الجسمية تقدس علوه عن ان يكون بالمعنى الاول وهو الأمور المحسوسة فتعين واختص بالثاني قال الامام الغزالي رحمه الله العبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه الصلاة والسلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر انه علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه والكبير هو ذو الكبرياء عبارة عن كمال الذات المعنى به كمال الوجود وكمال الوجود بشيئين أحدهما ان يصدر عنه كل موجود والثاني ان يدوم إذ كل وجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان إذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم والكبير من العباد هو الكامل الذي لا تقتصر عليه صفات كماله بل تسرى الى غيره ولا يجالسه أحد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وقيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله وفى الآية اشارة الى ان ما سوى الله باطل اى غير موجود بوجود

[سورة الحج (22) : الآيات 63 إلى 66]

ذاتى: وفى المثنوى كل شىء ما خلا الله باطل ... ان فضل الله غيم هاطل «1» ملك ملك اوست او خود مالكست ... غير ذاتش كل شىء هالكست قال الشيخ ابو الحسن الكبرى استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الشهود واليقين ويصل فى التوحيد الى مقام التمكين تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن نسأل الله التوفيق لدرك الحقيقة على التحقيق أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [سبز كشته يكبار بعد از پژمردكى وخشكى] قال الراغب الخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب ولهذا يسمى الأسود اخضر والأخضر اسود وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة قوله ألم تر استفهام تقرير ولذلك رفع فتصبح عطفا على انزل إذ لو نصب جوابا للاستفهام لدل على نفى الاخضرار والمقصود إثباته كما يدل النصب على نفى النظر فى قوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) وأورد تصبح بصيغة المضارع ليدل على بقاء اثر المطر زمانا بعد زمان إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ يصل لطفه الى الكل من حيث لا يعلم ولا يحتسب وقال الكاشفى [لطف كننده است بر بندگان با روييدن كياه تا ايشانرا از ان روزى دهد] خَبِيرٌ بما يليق من التدابير الحسنة ظاهرا وباطنا وقال الكاشفى [داناست بحال رزقا ومرزوقا] لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا وتصرفا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ فى ذاته عن كل شىء: وبالفارسية [هر آينه اوست بى نياز در ذات خود از همه أشياء] وفى التأويلات النجمية لا ينقص غناه من مواهبه الْحَمِيدُ المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله وفى التأويلات النجمية فى ذاته مستغن عن الحامدين قال الامام الغزالي رحمه الله الحميد هو المحمود المثنى عليه والله تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ اى جعل ما فيها من الأشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم فلا أصلب من الحجر ولا أشد من الحديد ولا اهيب من النار وهى مسخرة منقادة لكم وَالْفُلْكَ عطف على ما او على اسم ان تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ حال من الفلك والمراد بالأمر التيسير والمشيئة وَيُمْسِكُ السَّماءَ من أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ بان خلقها على صورة متداعية الى الاستمساك يقال امسك الشيء إذا اخذه والوقوع السقوط إِلَّا بِإِذْنِهِ اى بمشيئة قال الراغب الاذن فى الشيء الاعلام بإجازته والرخصة فيه انتهى وذلك يوم القيامة وفيه رد لاستمساكها بذاتها فانها مساوية لسائر الأجسام فى الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط كقبول غيرها يقول الفقير من الغرائب ما رأيت فى بعض الكتب ان طائرا كان يتدلى من الشجرة برجله كل ليلة الى الصباح ويصبح خوفا من وقوع السماء عليه ونظيره ما ذكره الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه

_ (1) لم أجد يعنيه فليراجع

[سورة الحج (22) : آية 66]

بل بأحدهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض وفى هذين عبرة لاولى الابصار إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [مهربان وبخشاينده است] حيث هيألهم اسباب معاشهم وفتح لهم أبواب المنافع ودفع عنهم انواع المضار وأوضح لهم مناهج الاستدلال بالآيات التكوينية والتنزيلية والرؤوف بمعنى الرحيم او الرأفة أشد الرحمة او أرقها كما فى القاموس قال فى بحر العلوم لرؤف لمريد للتخفيف على عباده رحيم مريد للانعام عليهم وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ بعد ان كنتم جمادا عناصر ونطفا حسبما فصل فى مطلع السورة الكريمة ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند مجيئ آجالكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ عند البعث إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ اى لجحود للنعم مع ظهورها فلا يعبد المنعم الحقيقي وهذا وصف للجنس بوصف بعض افراده قال الجنيد قدس سره أحياكم بمعرفته ثم يميتكم باوقات الغفلة والفترة ثم يحييكم بالجذب بعد الفترة ثم يقطعكم عن الجملة فيوصلكم اليه حقيقة ان الإنسان لكفور يذكر ما له وينسى ما عليه اعلم ان الله تعالى كرم الإنسان وعظم شأنه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم منه الى عالم الحيوان ثم جعله ناطقا وأفاض عليه نعمة الصورية والمعنوية وجعل الموجودات خادمة له فلا بد من الشكر لالطافه والشكر اظهار النعمة والكشف عنها ونقيضه الكفران وهو سترها واخفاؤها وكل نعمة فهى سبيل الى معرفة المنعم لانها اثره فيلزم الاستدلال بالأثر على المؤثر وهو الايمان اليقيني وفى الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق وتحببت إليهم بالنعم حتى عرفونى) فعلى العاقل ان لا يغتر بالنعم والغنى ويلاحظ التوفيق فى كل حال وفى الخبر ان الله تعالى قال للنبى صلى الله عليه وسلم (قل للقوى لا تعجبنك قوتك فان أعجبتك قوتك فادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان أعجبك علمك فاخبرنى متى أجلك وقل للغنى لا يعجبنك مالك وغناؤك فان أعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا) فالانسان عاجز والله على كل شىء قدير ومنه النعمة الى الصغير والكبير قال الشيخ سعدى قدس سره أديم زمين سفره عام اوست برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست ولكل عضو من أعضاء الإنسان طاعة تخصه فاذا لم يصرفه الى مصارفه ولم يستخدمه فيما يناسب له فقد تعرض لسخط الله تعالى: وفى البستان يكى كوش كودك بماليد سخت كه اى بو العجب رأى وبركشته بخت ترا تيشه دادم كه هيزم شكن نكفتم كه ديوار مسجد بكن زبان آمد از بهر شكر وسپاس بغيبت نكرداندش حق شناس كذركاه قرآن و پندست كوش به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ز عيب برادر فروكير ودوست يقال علامة المنيب اى المقبل الى الله تعالى فى ثلاث خصال. أولاها ان يجعل قلبه للتفكر فى صفات الله والأمور الاخروية. والثانية ان يجعل لسانه للذكر والشكر. والثالثة ان يجعل بدنه للخدمة فى سبيل الله تعالى بلا فتور الى ان يأتى الموت نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لطاعته

[سورة الحج (22) : الآيات 67 إلى 72]

وخدمته ويشرفنا بجنته ووصلته لِكُلِّ أُمَّةٍ معينة من الأمم الماضية والباقية والامة جماعة أرسل إليهم رسول جَعَلْنا [معين ساختيم] مَنْسَكاً مصدر مأخوذ من النسك وهو العبادة اى شريعة خاصة لا لامة اخرى منهم على معنى عينا كل شريعة لامة معينة من الأمم بحيث لا تتخطى امة منهم شريعتها المعينة لها الى شريعة اخرى لا استقلالا ولا اشتراكا هُمْ ناسِكُوهُ صفة لمنسكا مؤكدة للقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور على الفعل والضمير لكل امة باعتبار خصوصها اى تلك الامة المعينة ناسكوه والعاملون به لامة اخرى فالامة التي كانت من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام منسكهم التوراة هم ناسكوها والعاملون بها لا غيرهم والامة التي من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليه السلام منسكهم الإنجيل هم ناسكوه والعاملون به لا غيرهم واما الامة الموجودة عند بعث النبي عليه السلام ومن بعدهم من الموجودين الى يوم القيامة فهم امة واحدة منسكهم الفرقان ليس الا فَلا يُنازِعُنَّكَ اى من يعاصرك من اهل الملل يقال نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والمنازعة المخاصمة فِي الْأَمْرِ اى فى امر الدين زعما منهم ان شريعتهم ما عين لآبائهم الأولين من التوراة والإنجيل فانهما شريعتان لمن مضى من الأمم قبل انتساخهما وهؤلاء امة مستقلة منسكهم القرآن المجيد فحسب: وبالفارسية [بس بايد كه نزاع نكنند سائر ارباب أديان با تو در كار دين چهـ امر دين توازان ظاهر ترست كه تصور نزاع در ان توان كرد در نور آفتاب چهـ جاى تأمل است] وَادْعُ الناس كافة ولا تخص امة دون امة بالدعوة فان كل الناس أمتك إِلى رَبِّكَ الى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ اى طريق موصل الى الحق سوىّ وهو الدين وَإِنْ جادَلُوكَ وخاصموك بعد ظهور الحق ولزوم الحجة وأصله من جدلت الحبل اى حكمت فتله فكأن المجادلين يفتل كل واحد. منهما الآخر عن رأيه فَقُلِ لهم على سبيل الوعيد اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من الأباطيل التي من جملتها المجادلة فيجازيكم عليها اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين يَوْمَ الْقِيامَةِ بالثواب والعقاب كما فصل فى الدنيا بالحجج والآيات فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امر الدين أَلَمْ تَعْلَمْ الاستفهام للتقرير اى قد علمت أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلا يخفى عليه شىء من الأشياء التي من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه إِنَّ ذلِكَ اى ما فى السماء والأرض فِي كِتابٍ هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إِنَّ ذلِكَ اى ما ذكر من العلم والإحاطة به وإثباته فى اللوح عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل: وبالفارسية [آسانست] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور وفى الآيات إشارات منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما أهلهم وأوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب

[سورة الحج (22) : الآيات 71 إلى 72]

الكلف من المجتهدين ومجالس اصحاب المعارف مأنوسة بلوازم العارفين ومنازل المحبين مأهولة بحضور الواجدين ولتفاوت مقامات السلوك والموصول تفاوتت الدعوة الى الله تعالى فمنهم من يدعو الخلق من باب الفناء فى حقيقة العبودية وهو قوله تعالى (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة العبودية وهو الذلة والافتقار وما يقتضيه مقام العبودية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق الرحمانية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق بالقهرية ومنهم من يدعوهم من باب الأخلاق الالهية وهو ارفع باب واجله وقد قالوا الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الأنفاس الالهية فان الشؤون المتجددة من الله تعالى فى كل مظهر أنفاس الالهية ومنها ان اهل المجادلة هم اهل التأبي والإنكار والاعتراض والله اعلم بأحوالهم ويحكم يوم القيامة بين كل فريق بما يناسب حاله اما الأجانب فيقول لهم (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) واما الأولياء فقوم منهم يحاسبهم حسابا يسيرا وصنف منهم يؤتون أجورهم بغير حساب واما الأحباب فيقعدون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ومنها ان السماء سماء القلب وقيه نور اليقين والصدق والإخلاص والمحبة والأرض ارض البشرية والنفس الامارة وفيها ظلمة الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا فيزيل الله عن ارباب القلوب البلوى ويجمل لهم النعمى وتنزل بأرباب النفوس البلوى ولا يسمع منهم الشكوى ان ذلك فى كتاب مكتوب بقلم التقدير فى القدم كما قال الشيخ سعدى كرت صورت خال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست ان ذلك على الله يسير مجازاتهم على وفق التقدير سهلة على الله تعالى ولكن ليعرف المؤمن ان كلا ميسر او مهيأ لما خلق له فمن وفق للعلم والعمل كان ذلك علامة للسعادة العظمى ومن ابتلى بالجهل والكسل كان ذلك امارة للشقاوة الكبرى فلم يبق الا التسليم للاحكام الالهية والاجتهاد فى طريق الحق بالشريعة والطريقة الى ان يحصل الوصول الى المعرفة والحقيقة واما قوله قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكر ناخدا جامه بر تن درد فناظر الى عالم القضاء والعبد أعمى عنه وليس له التفحص عن ذلك والله تعالى يقول الحق وهو يهدى السبيل وَيَعْبُدُونَ اى اهل الشرك مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين عبادة الله تعالى ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اى بجواز عبادته وما عبارة عن الأصنام سُلْطاناً اى حجة وبرهانا وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ اى بجواز عبادته عِلْمٌ حصل لهم من ضرورة العقل او استدلاله فهم انما يعبدون الأصنام بمجرد الجهل ومحض التقليد وَما لِلظَّالِمِينَ اى المشركين الذين ارتكبوا مثل هذا الظلم العظيم مِنْ نَصِيرٍ يدفع عنهم العذاب الذي يعتريهم بسبب ظلمهم وفى التأويلات النجمية يشير الى من كان من جملة خواصه أفرده ببرهان وأيده ببيان وأعزه بسلطان وما لاهل الخذلان سلطان فيما عبدوه من اصناف الأوثان ولا برهان على ما طلبوه وما لهم نصرة من الله بل خذلان وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على المشركين آياتُنا من القرآن حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على العقائد الحقية والاحكام الالهية تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ اى الإنكار بالعبوس والكراهة

[سورة الحج (22) : الآيات 73 إلى 78]

كالمكرم بمعنى الإكرام: وبالفارسية [يعنى چون قرآن بر كافران خوانى اثر كراهت ونفرت در روى ايشان به بينى از فرط عناد ولجاج كه با حق دارند] واعلم ان الوجوه كالمرائى فكل صورة من الإقرار والإنكار تظهر فيها فهى اثر احوال الباطن وكل اناء يترشح بما فيه كتلون وجوه قوم صالح فما ظهر عليهم فى ظاهرهم الا حكم ما استقر فى باطنهم قال الفقير هر كرا صورت بياض الوجوه بود ... صورت حال درونش رو نمود كر سياه ويا كبودى بود رنك ... رنك او ظاهر شد از دل بى درنگ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا اى يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لاباطيل أخذوها تقليدا من السطوة وهى البطش برفع اليد يقال سطابه قُلْ ردا عليهم وإقناطا مما يقصدونه من الإضرار بالمسلمين أَفَأُنَبِّئُكُمْ اى أخاطبكم فأخبركم بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ الذي فيكم من غيضكم على التالين وسطوتكم بهم النَّارُ اى هو النار على انه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ما هو وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى النار والمصير المرجع وفيه اشارة الى ان نار القطيعة والطرد والابعاد شر من الإنكار الذي فى قلوب المنكرين فعلى العاقل ان يجتنب عن كل ما يؤدى الى الشرك والإنكار ويصحب اهل التوحيد والإقرار ويقبل الحقائق والاسرار ويحب ارباب الولاية ويبغض اصحاب الضلالة وفى بعض الاخبار يقول الله تعالى غدا يا ابن آدم اما زهدك من الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك واما انقطاعك الى فانما طلبت العزة لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا او واليت لى وليا واعلم ان الكفر والإنكار يؤديان الى النار كما ان التوحيد والإقرار يفضيان الى الجنة وهما من أفضل النعم فان العبد يصل بسبب التوحيد الى السعادة الابدية ولذلك كل عمل يوزن الا شهادة ان لا اله الله وإذا رسخ التوحيد فى قلب المؤمن لم يجد بدا من الإقرار والذكر كلما وجد مجالا صالحا له- حكى- ان بعض الصالحين رأى زبيدة امرأة هارون الرشيد فى المنام بعد الموت وسأل عن حالها فقالت غفر لى ربى فقال ابالحياض التي حفرتها بين الحرمين الشريفين فقالت لافانها كانت أموالا مغصوبة فجعل ثوابها لاربابها فقال فبم قالت كنت فى مجلس شرب الخمر فامسكت عن ذلك حين اذن المؤذن وشهدت ما شهد المؤذن فقال الله تعالى لملائكته أمسكوا عن عذابها لو لم يكن التوحيد راسخا فى قلبها لما ذكرتنى عند السكر فغفر لى واحسن حالى واما اهل النار والمؤاخذة فالادنى منهم عذابا يتنعل من نار يغلى منه دماغه ولذلك قال الله تعالى (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فانه لا راحة فيها لاحد عصمنا الله وإياكم من نار البعد وعذاب السعير انه خير عاصم ومجير يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ اى بين لكم حالة مستغربة او قصة بديعة حقيقة بان تسمى مثلا وتسير فى الأمصار والاعصار فَاسْتَمِعُوا لَهُ اى للمثل استماع تدبر وتفكر: وبالفارسية [پس بشنويد آن مثل را بكوش هوش ودر ان تأمل كنيد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الى اهل النسيان عن حقيقة الأمر بالعيان فلا بد لهم من ضرب مثل لعلهم ينبهون من نوم الغفلة فالخطاب لناسى عهد الميثاق عامة

[سورة الحج (22) : آية 74]

وللمستعدين المستعدين لادراك فهم الخطاب بقوله (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) خاصة وهذا الأمر امر التكوين بسمعهم الخطاب ويتعظون به ثم بين المعنى فقال إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعنى الأصنام التي تعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى وهو بيان للمثل وتفسير له قال الكاشفى [وآن سيصد وشصت بت بودند بر حوالى خانه نهاده حق سبحانه وتعالى فرمود كه اين همه بت كه مى پرستيد بجز خداى تعالى] وفى التأويلات من انواع الأصنام الظاهرة والباطنة لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً اى لن يقدروا على خلقه ابدا مع صغره وحقارته فان لن بما فيها من تأكيد النفي دالة على منافاة ما بين المنفي والمنفي عنه والذباب من الذب اى يمنع ويدفع قال فى المفردات الذباب يقع على المعروف من الحشرات الطائرة وعلى النحل والزنابير وفى قوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) فهو المعروف وفى حياة الحيوان فى الحديث (الذباب فى النار لا النحل) وهو يتولد من العفونة لم يخلق لها أجفان لصغر أحداقها ومن شأن الأجفان ان تصقل مرآة الحدقة من الغبار فجعل الله لها يدين تصقل بهما مرآة حدقتها فلهذا ترى الذباب ابدا يمسح بيديه عينيه وإذا بخر البيت بورق القرع ذهب منه الذباب وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ اى لخلقه وهو مع الجواب القدر فى موضع حال جيئ بها للمبالغة اى لا يقدرون على خلقه مجتمعين له متعاونين عليه فكيف إذا كانوا منفردين وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً اى ان يأخذ الذباب منهم شيأ ويخطفه لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ اى لا يستردوه من الذباب مع غاية ضعفه لعجزهم: وبالفارسية [نميتوانند رهانيد يعنى باز نميتوانند ستانند آن چيز را] قيل كانوا يطيبون الأصنام بالطيب والعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله قال الكاشفى [رسم ايشان آن بود كه بتان را بعسل وخلوق مى اندودند ودرهاى بتخانه بر ايشان مى بستند مكسان از روزن درآمده آنها ميخوردند وبعد از چند روز اثر طيب وعسل بر ايشان نبود شادى مينمودند كه آنها را خورده اند حق سبحانه وتعالى از عجز وضعف بتان خبر ميدهد كه نه بر آفريدن مكس قادرند ونه بر دفع ايشان از خود] ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ اى عابد الصنم ومعبوده او الذباب الطالب لما يسلبه عن الصنم من الطيب والصنم المطلوب منه ذلك ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ اى ما عرفوه حق معرفته او ما عظموه حق تعظيمه حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصر منه وسموا باسم ما هو ابعد الأشياء منه مناسبة إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على خلق الممكنات بأسرها وإفناء الموجودات عن آخرها عَزِيزٌ غالب على جميع الأشياء لا يغلبه شىء وآلهتهم التي يدعونها عجزة عن أقلها مقهورة من أذلها قال ابن عطاء دلهم بقوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ) إلخ على مقادر الخليقة فمن كان أشد هيبة وأعظم ملكا لا يمكنه الاحتراز من أهون الخلق وأضعفه ليعلم بذلك عجزه وضعفه وعبوديته وذلته ولئلا يفتخر على أبناء جنسه من بنى آدم بما يملكه من الدنيا عاجز انكه عاجزانرا بنده اند ... چون فتد كارى ز هم شرمنده اند عجز وإمكان لازم يكديكرند ... پس همه خلقى ز هم عاجزترند قوت از حق است وقوت حق اوست ... آن او مغز است وآن خلق پوست

[سورة الحج (22) : الآيات 75 إلى 76]

قال الواسطي فى الآية الاخيرة لا يعرف قدر الحق الا الحق وكيف يقدر قدره أحد وقد عجز عن معرفة قدر الوسائط والرسل والأولياء والصديقين ومعرفة قدره ان لا يلتفت منه الى غيره ولا يغفل عن ذكره ولا يفتره عن طاعته إذ ذاك عرفت ظاهر قدره واما حقيقة قدره فلا يقدر قدرها الا هو قال الكاشفى [محققان برآنند كه چنانچهـ اهل شرك بحق المعرفة او را نشناخته اند اهل علم نيز بحقيقت معرفت او راه نبرده اند زيرا كه دور باشى «ولا يحيطون به علما» كسى را در حوالئ باركاه كبريا نميكذارد وبعيب هويت خود هيچ رهبر ورهنما را راه نميدهد ميان او وما سوى بهيچ نوع نسبتى نيست تا در طريق معرفتش شروع تواند كرد ومعرفت بي مناسبت از قبيل محالات است ما للطين ورب العالمين چهـ نسبت خاك را با عالم پاك قال بعض الكبار ما عرفناك حق معرفتك اى بحسبك ولكن عرفناك حق معرفتك اى بحسبنا وفى شرح مفتاح الغيب لحضرة شيخى وسندى قدس الله سره العلم الإلهي الشرعي المسمى فى مشرب اهل الله علم الحقائق هو العلم بالحق سبحانه من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة انتهى قال الشيخ ابو العباس رحمه الله معرفة الولي أصعب من معرفة الله فان الله معروف بكماله وجماله متى يعرف مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب انتهى وهذا الكلام موافق لما فى شرح المفتاح ولما قبله كما لا يخفى على من له ادنى ذوق فى هذاب الباب اللَّهُ يَصْطَفِي [بركزيند] مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يتوسطون بينه وبين الأنبياء بالوحى مثل جبرائيل وميكائيل واسرافيل قال فى المفردات اصل الصفاء خلوص الشيء من الشوب والاصطفاء تناول صفو الشيء كما ان الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بايجاده تعالى إياه صافيا عن الثوب الموجود فى غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وان لم يتعرّ ذلك من الاول وفى التأويلات يصطفى من الملائكة رسلا بينه وبين العباد ولتربيتهم بأداء الرسالة إذ لم يكونوا بعد مستأهلين لاستماع الخطاب بلا واسطة فيربيهم بواسطة رسالة الملائكة وَمِنَ النَّاسِ [ومى كزيند از آدميان پيغمبران تا خلق را دعوت كند بوى] وهم المختصون بالنفوس الزكية المؤيدون بالقوة القدسية المتعلقون بكلام العالمين الروحاني والجسماني يتلقون من جانب ويلقون الى جانب ولا يعوقهم التعلق بمصالح الخلق عن التبتل الى جانب الحق فيدعونهم اليه تعالى بما انزل عليهم ويعلمونهم شرائعه وأحكامه إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بجميع المسموعات وقال الكاشفى [شنواست مقاله پيغمبر را در وقت تبليغ] بَصِيرٌ مدرك لجميع المبصرات فلا يخفى عليه شىء من الأقوال والافعال وقال الكاشفى [بينا بحال امت او در رد وقبول دعوت] وفى التأويلات النجمية سميع يسمع ضراعتهم فى احتياج الوجود وهم فى العدم بصير من يستحق للرسالة وهو معدوم يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ عالم بواقع الأشياء ومترقبها وقال الكاشفى [ميداند آنچهـ در پيش آدميانست يعنى عملها كه

[سورة الحج (22) : آية 77]

كرده اند وآنچهـ از پس ايشانست يعنى كارها كه خواهند كرد] وَإِلَى اللَّهِ لا الى أحد غيره لا اشتراكا ولا استقلالا تُرْجَعُ ترد من الرجع القهقرى الْأُمُورُ كلها لانه مالكها بالذات لا يسأل عما يفعل من الاصطفاء وغيره وهم يسألون- روى- انه تكلم رجل فى زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم وافترى عليه فقال له زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر الله وان لم أكن كما قلت فغفر الله لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كما قلت فاغفرلى قال غفر الله لك فقال الرجل الله اعلم حيث يجعل رسالته وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل على الرجل وقال ما ستر عنك من أمرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى اليه حميصة كانت عليه وامر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسول ولا يتوهم انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الأموال انما كانوا اهل سخاء وفتوة ومروءة وجود ومكارم كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل تعود بسط الكف حتى لوانه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله فلو لم يكن فى كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا اى فى صلاتكم أمرهم بها لما انهم ما كانوا يفعلونها أول اسلام قال ابو الليث كانوا يسجدون بغير ركوع فامرهم الله بان يركعوا ويسجدوا وقال بعضهم كانوا يركعون بلا سجود ويسجدون بلا ركوع قال الكاشفى [در أول اسلام همين قعود وقيام بوده بدين آيت ركوع وسجود داخل شد] او المعنى صلوا عبر عن الصلاة بهما لانهما أعظم أركانها وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ بسائر ما تعبدكم به وَافْعَلُوا الْخَيْرَ وتحروا ما هو خير وأصلح فى كل ما تأتون وما تذرون كنوافل الطاعات وصلة الأرحام ومكارم الأخلاق وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) قال فى المفردات الخير ما يرغب فيه الكل كالعقل مثلا والعدل والفضل والشيء النافع والشر ضده وقيل الخير ضربان خير مطلق وهو ان يكون مرغوبا فيه بكل حال وعند كل أحد كما وصف عليه السلام الجنة فقال (لا خير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة) وخير مقيد وهو ان يكون خير الواحد شر الآخر كالمال الذي ربما كان خيرا لزيد وشرا لعمرو لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى افعلوا هذه كلها وأنتم راجون بها الافلاح غير متيقنين له واثقين بأعمالكم: قال الشيخ سعدى قدس سره بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عفوم مكن نااميد والفلاح الظفر وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى فالدنيوى الظفر بالسعادات التي يطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز والعلم والأخروي اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة ز نهار دل مبند بر اسباب دنيوى قالوا الآية آية سجدة عند الشافعي واحمد لظاهر ما فيها من الأمر بالسجود قال الكاشفى

[سورة الحج (22) : آية 78]

[اين سجد، مختلف فيه است وبمذهب امام شافعى سجده هفتم باشد از سجدات قرآن وحضرت شيخ اين را سجدة الفلاح كفته] وقال الامام الأعظم والامام مالك دل مقارنة السجود بالركوع فى الآية على ان المراد سجود الصلاة قال فى التأويلات النجمية يشير بقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية الى الرجوع من تكبر قيام الانسانية الى تواضع خشوع الحيوانية فان الحيوانات على اربع فى الركوع لقوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) والرجوع من الركوع الى الانكسار والذلة والنباتية فى السجود فان النبات فى السجود لقوله (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) لان الروح بهذه المنازل كان مجيئه من عالم الأرواح عبر على المنزل النباتي ثم على المنزل الحيواني الى ان بلغ المنزل الإنساني فعند رجوعه الى الحضرة يكون عبوره على هذه المنازل وهذا سر قوله صلى الله عليه وسلم (الصلاة معراج المؤمنين) ثم قال (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) يعنى بهذا الرجوع اليه خالصا لوجه تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) بالتوجه الى الله فى جميع أحوالكم واعمال الخير كلها (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) بالعبور على هذا المنازل من حجب الظلمات النفسانية والأنوار الروحانية وَجاهِدُوا الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو فِي اللَّهِ اى فى سبيل الله كما فى تفسير الجلالين وقال فى غيره اى لله ولاجله اعداء دينه الظاهرة كاهل الزيغ والباطنة كالهوى والنفس حَقَّ جِهادِهِ [چنانكه سزاوار جهاد او باشد يعنى بدل صافى ونيت خالص] اى جهادا فيه حقا خالصا لوجهه فعكس وأضيف الحق الى الجهاد مبالغة وأضيف الجهاد الى الضمير الراجع الى الله اتساعا قال الامام الراغب الجهاد ثلاثة اضرب مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس وتدخل ثلاثتها فى قوله تعالى (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ) وفى الحديث (جاهدوا الكفار بايديكم والسنتكم) وفى الحديث (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) وعنه صلى الله عليه وسلم انه رجع من غزوة تبوك فقال (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) فجهاد النفس أشد من جهاد الأعداء والشياطين وهو حملها على اتباع الأوامر والاجتناب عن النواهي: وفى المثنوى اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند ازو خصمى بتر در اندرون «1» كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست هُوَ اجْتَباكُمْ اى هو اختاركم لدينه ونصرته لا غيره وفيه تنبيه على ما يقتضى الجهاد ويدعو اليه قال ابن عطاء الاجتبائية أورثت المجاهدة لا المجاهدة أورثت الاجتبائية وفى التأويلات النجمية (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ) بان تجاهدوا النفوس فى تزكيتها بأداء الحقوق وترك الحظوظ وتجاهدوا القلوب فى تصفيتها بقطع تعلقات الكونين ولزوم المراقبات عن الملاحظات وتجاهدوا الأرواح فى تحليتها بافناء الوجود فى وجوده ليبقى بوجوده وجوده (هُوَ اجْتَباكُمْ) لهذه الكرامات من بين سائر البريات ولولا ان اجتباكم واستعداد هذا الجهاد اعطاكم واليه هداكم لما جهدتم فى الله كما قيل فلولاكمو ما عرفناه الهوى ... ولولا الهوى ما عرفناكمو ومن مبادى الحق الجهاد وهو ان لا يفتر مجاهدة النفس لحظة كما قال قائلهم يا رب ان جهادى غير منقطع ... فكل أرضك لى ثغر وطرطوس

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر إلخ

(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) اصل الحرج والحراج مجتمع الشيء وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج اى ما جعل فيه من ضيق بتكليف ما يشق عليه إقامته ولذلك أزال الحرج فى الجهاد عن الأعمى والأعرج وعادم النفقة والراحلة والذي لا يأذن له أبواه قال الكاشفى [يعنى بر شما تنك فرانكرفت ودر احكام دين تكليف ما لا يطاق نكرد بوقت ضرورت رخصتها داد چون قصر تيمم وإفطار در مرض وسفر] وفى التأويلات النجمية اى ضيق فى السير الى الله والوصول اليه لانك تسير الى الله بسيره لا بسيرك وتصل اليه بتقربه إليك لا بتقربك اليه وان كنت ترى ان تقربك اليه منك ولا ترى ان تقربك اليه من نتائج تقربه إليك وتقربه إليك سابق على تقربك اليه كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) فالذراع اشارة الى الشبرين شبر سابق على تقربك اليه وشبر لا حق يتقربك اليه حتى لو مشيت اليه فانه يسارعك من قبل مهر ولا انتهى (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) نصب على المصدر بفعل دل عليه مضمون ما قبله بحذف المضاف اى وسع عليكم دينكم توسعة ملة أبيكم ابراهيم او اتبعوا ملة أبيكم كما فى الجلالين قال الراغب الملة كالدين وهو اسم لما شرع الله لعباده على لسان الأنبياء ليتوصلوا به الى جوار الله تعالى والفرق بينها وبين الدين ان الملة لا تضاف الا الى النبي الذي تسند اليه نحو اتبعوا ملة ابراهيم واتبعت ملة آبائي ولا يكاد يوجد مضافا الى الله تعالى ولا الى آحاد امة النبي ولا يستعمل الا فى جملة الشرائع دون آحادها ولا يقال ملة الله ولا ملتى وملة زيد كما يقال دين الله واصل الملة من مللت الكتاب ويقال الملة اعتبارا بالنبي الذي شرعها والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذا كان معناه الطاعة هذا كله فى مفردات الراغب وانما جعله أباهم لانه ابو رسول الله وهو كالاب لامته من حيث انه سبب لحياتهم الابدية ووجودهم على الوجه المعتد به فى الآخرة او لان اكثر العرب كانوا من ذريته فغلبوا على غيرهم قال ابن عطاء ملة ابراهيم هو السخاء والبذل وحسن الأخلاق والخروج عن النفس والأهل والمال والولد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان السير والذهاب الى الله من سنة ابراهيم عليه السلام لقوله (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) وانما سماه بأبيكم لانه كان أباكم فى طريقة السير الى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (انا لكم كالوالد لولده) هُوَ اى الله تعالى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ اى فى الكتب المتقدمة وَفِي هذا اى فى القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ يعنى حضرة محمد يوم القيامة متعلق بسماكم واللام لام العاقبة شَهِيداً عَلَيْكُمْ بانه بلغكم فيدل على شهادته لنفسه اعتمادا على عصمته او بطاعة من أطاع وعصيان من عصى وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ بتبليغ الرسل إليهم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ اى فتقربوا الى الله بانواع الطاعات لما خصكم بهذا الفضل والشرف وتخصيصهما بالذكر لفضلها فان الاول دال على تعظيم امر الله والثاني على الشفقة على الخلق وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ اى ثقوا به فى مجامع أموركم ولا تطلبوا الاعانة والنصرة الا منه: وبالفارسية [و چنك در زنيد بفضل خداى يعنى در مجامع امور خود اعتماد بدو كنيد يا بكتاب وسنت متمسك شويد سلمى فرموده كه اعتصام بحبل الله امر عوام است وبالله كار خواص اما اعتصام بحبل الله تمسك باوامر وتنفر از نواهى واعتصام بالله خلوت دلست از ما سواى حضرت الهى] هُوَ مَوْلاكُمْ

تفسير سورة المؤمنين

ناصركم ومتولى أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ إذ لا مثل له فى الولاية والنصرة بل لاولى ولا نصير فى الحقيقة سواه تعالى قال الكاشفى [پس نيك ياريست او ونيكو مدد كارى بيارى عيبها ببوشد وبمدد كارى كناهان ببخشد يارى ازو جوى كه از بارى در نماند مددكارى از وى طلب كه از مددكارى عاجز نشود] از يارى خلق بگذر اى مرد خدا ... يارى طلب آنچنان كه از روى وفا كار تو تواند كه بسازد همه وقت ... دست تو تواند كه بگيرد همه جا قال فيثاغورث متى التمست فعلا من الافعال فابدأ الى ربك بالابتهال فى النحج فيه وشكا رجل الى أخيه الحاجة والضيق فقال له يا أخي أغير تدبير ربك تريد لا تسأل الناس وسل من أنت له ودخل سليمان بن عبد الملك الكعبة فقال لسالم بن عبد الله ارفع حوائجك فقال والله لا اسأل فى بيت الله غير الله فينبغى للعبد الطالب لعصمة الله تعالى ان يعتصم به فى كل الأمور ويجتهد فى رضاه فى الخفاء والظهور ولا يقول ان هذا الأمر عسير فان ذلك على الله يسير فانه هو المولى فنعم المولى ونعم النصير قال تعالى ذلك اى النصر بان الله مولى الذين آمنوا الاية تمت سورة الحج فى اواخر جمادى الاولى من سنة الف ومائة وسبع الجزء الثامن عشر من الاجزاء الثلاثين تفسير سورة المؤمنين مكية وهى مائة وعشر آيات عند البصريين وثمانى عشرة عند الكوفيين بسم الله الرحمن الرحيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سعد المصدقون ونالوا البقاء فى الجنة ويدل عليه ان الله تعالى لما خلق جنة عدن بيده قال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك اى ملوك الجنة وهم الفقراء الصابرون. فصيغة الماضي للدلالة على تحقق الدخول فى الفلاح وكلمة قد لافادة ثبوت ما كان متوقع الثبوت من قبل لان المؤمنين كانوا متوقعين ذلك الفلاح من فضل الله والفلاح البقاء والفوز بالمراد والنجاة من المكروه والافلاح الدخول فى ذلك كالابشار الذي هو الدخول فى البشارة وقد يجيئ متعديا بمعنى الإدخال فيه وعليه قراءة من قرأ على البناء للمفعول ولما كان الفلاح الحقيقي لا يحصل بمطلق الايمان وهو التصديق بما علم ضرورة انه من دين نبينا عليه السلام من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ونظائرها بل يحصل بالايمان الحقيقي المقيد بجميع الشرائط قال بطريق الإيضاح او المدح الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ الخشوع الخوف والتذلل وفى المفردات الخشوع الضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة اكثر ما تستعمل فيما يوجد على القلب ولذلك قيل فيما ورد (إذا ضرع القلب خشعت الجوارح) اى خائفون من الله متذللون له ملزمون أبصارهم مساجدهم قال الكاشفى [چشم بر سجده كاه

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 3 إلى 4]

نهاده وبدل بر دركاه مناجات حاضر شده]- روى- انه عليه السلام كان إذا صلى رفع بصره الى السماء فلما نزلت رمى ببصره نحو مسجده وانه رأى مصليا يبعث بلحيته فقال (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) وفى النتف يكره تقليب الوجه الى نحو السماء عند التكبيرة الاولى وجه النهى ان النظر الى السماء من قبيل الالتفات المنهي عنه فى الصلاة واما فى غيرها فلا يكره لان السماء قبلة الدعاء ومحل نزول البركات قال الكاشفى [در لباب فرموده كه در حالت قيام ديده بر سجده كاه بايد نهاد مكر بمكه معظمه كه در خانه مكرمه بايد نكريست] وفى الحديث (ان العبد إذا قام الى الصلاة فانما هو بين يدى الرحمن فاذا التفت يقول الله تعالى الى من تلتفت الى خير منى اقبل يا ابن آدم الىّ فانا خير ممن تلتفت اليه) وفى التأويلات النجمية خاشعون الى بالظاهر والباطن اما الظاهر فخشوع الرأس بانتكاسه وخشوع العين بانغماضها عن الالتفات وخشوع الاذن بالتذلل للاستماع وخشوع اللسان القراءة والحضور والتأنى وخشوع اليدين وضع اليمين على الشمال بالتعظيم كالعبيد وخشوع الظهر انحناؤه فى الركوع مستويا وخشوع الفرج بنفي الخواطر الشهوانية وخشوع القدمين بثباتهما على الموضع وسكونهما عن الحركة واما الباطن فخشوع النفس سكونها عن الخواطر والهواجس وخشوع القلب بملازمة الذكر ودوام الحضور وخشوع السر بالمراقبة فى ترك اللحظات الى المكونات وخشوع الروح استغراقه فى بحر المحبة وذوبانه عند تجلى صفة الجمال والجلال [محققى فرموده كه در نماز أول از خود بيزار بايد شد پس طالب وصول بقرب يار بايد كذشت] يار بيزار است از تو تا تويى ... أول از خود خويش را بيزار كن كر ز تو يكذره باقى مانده است ... خرقه وتسبيح با زنار كن ترك خويش وهر دو عالم كير ورو ... ذره منديش و چون عطار كن وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ اى عما لا يعنيهم من الأقوال والافعال وفى المفردات اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذي يورد لا عن روية وفكر ويجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافر ونحوها من الطيور وفى التأويلات النجمية اللغو كل فعل لا لله وكل قول لا من الله ورؤية غير الله وكل ما يشغلك عن الله فهو لغو قال الكاشفى [امام قشيرى فرمود كه هر چهـ براى خدا نيست حشو است وآنچهـ از خدا باز دارد سهو است وآنچهـ بنده را در ان حظى باشد لهو است وآنچهـ از خدا نبود لغو است وحقيقت آنست كه لغو چيزى را كويند از اقوال وافعال بهيچ كار نيايد] مُعْرِضُونَ يقال اعرض اظهر عرضه اى ناحيته فاذا قيل عرض لى كذا اى بدا عرضه فامكن تناوله وإذا قيل اعرض فمعناه ولى مبديا عرضه اى معرضون فى عامة أوقاتهم كما ينبئ عنه الاسم الدال على الاستمرار فيدخل فى ذلك اعراضهم عنه حال اشتغالهم بالصلاة دخولا أوليا ومدار اعراضهم عنه ما فيه من الحالة الداعية الى الاعراض عنه لا مجرد الاشتغال بالجد فى امور الدين فان ذلك ربما يوهم ان لا يكون فى اللغو نفسه ما يزجرهم عن تعاطيه وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ للصدقة مؤدون والتعبير عن الأداء بالفعل مذكور فى كلام العرب قال امية بن ابى الصّلت المطعمون الطعام فى السنة

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 5 إلى 9]

الازمة والفاعلون للزكوات وتوسيط حديث الاعراض بين الطاعة البدنية والمالية لكمال ملابسته بالخشوع فى الصلاة والزكاة مصدر لانه الأمر الصادر عن الفاعل لا المحل الذي هو موقعه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الزكاة انما وجبت لتزكية النفس عن الصفات الذميمة النجسة من حب الدنيا او غيره كقوله (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) فان الفلاح فى تزكية النفس كقوله (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) وقوله (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) ولم يكن المراد مجرد إعطاء المال وحبه فى القلب وانما كان لمصلحة ازالة حب الدنيا عن القلب ومثل حب الدنيا جميع الصفات الذميمة الى ان تتم إزالتها وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه حافِظُونَ ممسكون لها من الحرام ولا يرسلونها ولا يبذلونها إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ زوجاتهم فان الزوج يقع على الذكر والأنثى أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ يعنى [كنيزكان كه مليكه يمين اند] فما ملكت ايمانهم وان كان عاما للرجال ايضا لكنه مختص بالنساء اجماعا وانما قال ما اجراء للمماليك مجرى غير العقلاء إذا لملك اصل شايع فيه قال فى الاسئلة المقحمة كيف يجوز ان يسمى الرقيق ملك يمين ولا يسمى به سائر الاملاك الجواب ملك الجارية والعبد أخص لانه يختص بجواز التصرف فيه ولا يعم كسائر الاملاك فان مالك الدار مثلا يجوز له نقض الدار ولا يجوز لمالك العبد نقض بنيته انتهى وافراد ذلك بعد تعميم قوله والذين هم عن اللغو معرضون لان المباشرة أشهى الملاهي الى النفس وأعظمها خطرا فَإِنَّهُمْ [پس بدرستى كه نكاه دارندكان فروج] غَيْرُ مَلُومِينَ على عدم حفظها منهن [بشرط آنكه در حيض ونفاس وروزه وإحرام نباشد] واللوم عذل انسان بنسبته الى ما فيه لوم وفى التهذيب: اللوم [ملامت كردن] قال فى الاسئلة المقحمة أي فرق بين الذم واللوم الجواب ان الذم يختص بالصفات يقال الكفر مذموم واللوم يختص بالاشخاص يقال فلان ملوم وفى التأويلات النجمية يعنى يحفظون عن التلذذ بالشهوات اى لا يكون أزواجهم واماؤهم عدوالهم بان يشغلهم عن الله وطلبه فحينئذ يلزم الحذر منه كقوله (عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) وانما ذكر بلفظ على لاستيلائهم على أزواجهم لا لاستيلائهن عليهم وكانوا عليهن لا مملوكين لهن فانهم غير ملومين إذا كانت المناكحة لابتغاء النسل ورعاية السنة وفى أوانها فَمَنِ ابْتَغى طلب: وبالفارسية [پس هر كه جويد براى مباشرت] وَراءَ ذلِكَ الذي ذكر من الحد المتسع وهو اربع من الحرائر وما شاء من الإماء: وبالفارسية [غير زنان وكنيزان خود] فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الكاملون فى العدوان المتناهون فيه او المتعدون من الحلال الى الحرام والعدوان الإخلال بالعدالة والاعتداء مجاوزة الحق: وبالفارسية [كاملند در ستمكارى با ايشان ودر كذرندگانند از حلال بحرام وانكه استمنا بيد كند هم ازين قبيل است] كما فى تفسير الفارسي قال فى أنوار المشارق فى الحديث (ومن لم يستطع) اى التزوج (فعليه بالصوم) استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه ارشد عند العجز عن التزوج الى ان الصوم الذي يقطع الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 8 إلى 9]

إذا عالج ذكره حتى امنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد تسكين شهوته وأرجو ان لا يكون عليه ويل وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) الى قوله (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال البغوي فى الآية دليل على ان الاستمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذب لله امة كانوا يبعثون بمذاكرهم والواجب على فاعله التعزير كما قال ابن الملقن وغيره نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد زوجته او جاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه فى معنى العزل وفى التاتارخانية قال ابو حنيفة حسبه ان ينجو رأسا برأس وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحق او الخلق: وبالفارسية يعنى [ايشانرا بران أمين ساخته باشند از أمانات وودائع خلق يا آنچهـ امانت حق است چون نماز وروزه وغسل جنابت وبر عهد پاك با حق وخلق بندند] والامانة اسم لما يؤتمن عليه الإنسان والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال ويسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا راعُونَ اى قائمون عليها وحافظون لها على وجه الإصلاح وفى التأويلات النجمية الامانة التي حملها الإنسان وهى الفيض الإلهي بلا واسطة فى القبول وذلك الذي يختص الإنسان بكرامة حمله وعهدهم اى الذي عاهدهم عليه يوم الميثاق على ان لا يعبدوا الا إياه كقوله (وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) راعون بان لا يخونوا فى الأمانات الظاهرة والباطنة ولا يعبدوا غير الله فان ابغض ما عبد غير الله الهوى لانه بالهوى عبد ما عبد من دون الله انتهى قال محمد بن الفضل جوارحك كلها أمانات عندك أمرت فى كل واحدة منها بامر فامانة العين الغض عن المحارم والنظر بالاعتبار وامانة السمع صيانتها عن اللغو والرفث وإحضارها مجالس الذكر وامانة اللسان اجتناب الغيبة والبهتان ومداومة الذكر وامانة الرجل المشي الى الطاعات والتباعد عن المعاصي وامانة الفم ان لا يتناول به الا حلالا وامانة اليد ان لا يمدها الى حرام ولا يمسكها عن المعروف وامانة القلب مراعاة الحق على دوام الأوقات حتى لا يطالع سواه ولا يشهد غيره ولا يسكن الا اليه وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ المفروضة عليهم يُحافِظُونَ يواظبون عليها بشرائطها وآدابها ويؤدونها فى أوقاتها قال فى التأويلات النجمية يحافظون لئلا يقع خلل فى صورتها ومعناها ولا يضيع منهم الحضور فى الصف الاول صورة ومعنى وفى الحديث (يكتب للذى خلف الامام بحذائه فى الصف الاول ثواب مائة صلاة وللذى فى الايمن خمس وسبعون وللذى فى الأيسر خمسون وللذى فى سائر الصفوف خمس وعشرون) كما فى شرح المجمع والصف الاول اعلم بحال الامام فتكون متابعته اكثر وثوابه أتم وأوفر كما فى شرح المشارق لابن الملك وفى الحديث (أول زمرة تدخل المسجد هم اهل الصف وان صلوا فى نواحى المسجد) كما فى خالصة الحقائق ولفظ يحافظون لما فى الصلاة من التجدد والتكرر وهو السر فى جمعها وليس فيه تكرير

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 10 إلى 14]

الخشوع والمحافظة فضيلة واحدة قال الكاشفى [ذكر صلاة در مبدأ ومنتهاى اين أوصاف كه موجب فلاح مؤمنانست اشارتست بتعظيم شان نماز] أُولئِكَ المؤمنون المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة: وبالفارسية [آن كروه مؤمنان كه جامع اين شش صفت اند هُمُ الْوارِثُونَ اى الاحقاء بان يسموا وارثا دون من عداهم ممن ورث رغائب الأموال والذخائر وكرائمها. والوراثة انتقال مال إليك من غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت فيقال للمال المورث ميراث الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ بيان لما يرثونه وتقييد للموارثة بعد إطلاقها وتفسير لها بعد ابهامها تفخيما لشانها ورفعا لمحلها وهى استعارة لاستحقاقهم الفردوس بأعمالهم حسبما يقتضيه الوعد الكريم للمبالغة فيه لان الوراثة أقوى سبب يقع فى ملك الشيء ولا يتعقبه رد ولا فسخ ولا إقالة ولا نقض هُمْ فِيها اى الفردوس والتأنيث لانه اسم للجنة او لطبقتها العليا وهو البستان الجامع لاصناف الثمر- روى- انه تعالى بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل خلالها المسك الأذفر وغرس فيها من جيد الفاكهة وجيد الريحان خالِدُونَ لا يخرجون منها ولا يموتون. والخلود تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وفى التأويلات النجمية الفردوس أعلى مراتب القرب قد بقي ميراثا عن الأموات قلوبهم فيرثه الذين كانوا احياء القلوب انتهى وفى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى رحمه الله اعلم ان الجنان ثلاث الاولى جنة الاختصاص الإلهي وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من أول ما يولد ويستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن أهلها اهل التوحيد العلمي ومن أهلها اهل الفترات ومن لم يصل إليهم دعوة رسول والجنة الثانية ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا ومن المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها والجنة الثالثة جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحالة دون المفضول او لم يكن فما من عمل إلا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال (يا بلال بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت فيها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص بمن دخلها ثم فصل مراتب التفاضل فمن أراد ذلك فليطلب هناك فما ذكره موافق لما قيل فى الآية انهم يرثون من الكفار منازلهم فيها حيث فوتوها على أنفسهم لانه تعالى خلق لكل انسان منزلا فى الجنة ومنزلا فى النار كما قال الكاشفى [منزل مؤمنان از دوزخ اضافه منازل كفار كنند ومنزلهاى ايشان از بهشت بر منزل مؤمنان افزايند ودر زاد المسير آورده بهشت بنظر

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 إلى 14]

كفار درآرند ومقامهاى ايشانرا اگر ايمان آوردندى بريشان نمايند تا حسرت ايشان زياده كردد نظر از دور در جانان بدان ماند كه كافر را ... بهشت از دور بنمايند وآن سوز دكر باشد اللهم اجعلنا من الذين يرثون الفردوس ويتنعمون بنعيمها ويصلون الى نسيمها واحفظنا عن الأسباب المؤدية الى النار وجحيمها وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اللام جواب قسم اى وبالله لقد خلقنا جنس الإنسان فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا مِنْ سُلالَةٍ يقال سل الشيء من الشيء نزع كسل السيف من الغمد وسل الشيء من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الأب ومنه قيل للولد سليل. والسلالة اسم ما سل من الشيء واستخرج منه فان فعالة اسم لما يحصل من الفعل فتارة يكون مقصودا منه كالخلاصة واخرى غير مقصود منه كالقلامة والكناسة والسلالة من القبيل الاول فانها مقصودة ما يسل ومن ابتدائية متعلقة بالخلق اى من خلاصة سلت من بين الكدر كما فى الجلالين مِنْ طِينٍ من بيانية متعلقة بمحذوف وقع صفة لسلالة اى خلقنا من سلالة كائنة من طين: وبالفارسية [خلاصه واز نقاوه كه بيرون كشيده شده از كل] والطين التراب والماء المختلط به وفى التأويلات النجمية يشير الى سلالة سلت من جميع الأرض طيبها وسبخها وسهلها وجبلها باختلاف ألوانها وطبائعها المتفاوتة ولهذا اختلفت ألوانهم واخلاقهم لانه مودع فى طبيعتهم ما هو من خواص الطين الذي اختص بخاصية منها نوع من الحيوان من جنس البهائم والسباع والجوارح والحشرات المؤذيات الغالبة على كل واحد منها صفة من الصفات الذميمة والحميدة. فاما الذميمة فكالحرص فى الفأرة والنملة وكالشهوة فى العصفور وكالغضب فى الفهد والأسد وكالكبر فى النمر وكالبخل فى الكلب وكالشره فى الخنزير وكالحقد فى الحية وغير ذلك من الصفات الذميمة واما الحميدة فكالشجاءة فى الأسد والسخاوة فى الديك والقناعة فى البوم وكالحلم فى الجمل وكالتواضع فى الهرة وكالوفاء فى الكلب وكالبكور فى الغراب وكالهمة فى البازي والسلحفاة وغير ذلك من الصفات الحميدة فقد جمعها كلها مع خواصها وطبائعها ثم أودعها فى طينة الإنسان وهو آدم عليه السلام ثُمَّ جَعَلْناهُ اى الجنس باعتبار افراده المغايرة لآدم وقال بعضهم ثم جعلناه اى نسله فحذف المضاف فيكون المراد بالإنسان آدم خلق من صفوة سلت من الطين نُطْفَةً بان خلقناه منها والنطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل فِي قَرارٍ اى مستقر وهو الرحم عبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة مَكِينٍ اى حصين وهو وصف لها بصفة ما استقر فيها مثل طريق سائر: وبالفارسية [در قرار كاهى كه استوار يعنى رحم وجهل روز او را نكاه داشتيم سفيد] ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً بان احلنا النطفة البيضاء علقة حمراء قال الراغب العلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً المضغة قطعة لحم تمضع اى فصيرناها قطعة لحم لا استبانة ولا تمايز فيها: وبالفارسية [پس ساختيم آن خون را آن مقدار كوشت كه بخايند يكبار كوشتى بى استخوان بسته جهل روز ديكر] فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ اى غالبها ومعظمها

عِظاماً بان صلبناها بعد ثلاث وأربعين وجعلناها عمودا للبدن على هيآت وأوضاع مخصوصة تقتضيها الحكمة فَكَسَوْنَا [پس بپوشانيديم] الْعِظامَ المعهودة لَحْماً من بقية المضغة اى كسونا كل عظم من تلك العظام ما يليق به من اللحم على مقدار لائق به وهيآت مناسبة له: وبالفارسية [برو برويانيديم كوشت بعد از رستن عروق واعصاب وأوتار وعضلات برو] واختلاف العواطف للتنبيه على تفاوت الاستحالات وجمع العظام لاختلافها ثُمَّ أَنْشَأْناهُ الإنشاء إيجاد الشيء وتربيته واكثر ما يقال ذلك فى الحيوان وبالفارسية [پس بيافريديم او را] خَلْقاً آخَرَ بنفخ الروح فيه: وبالفارسية [روح درو دميده تا زنده شد بعد از آنكه مرده بود يا بعد از خروج او را دندان وموى داديم وراه پستان برو كشاديم واز مقام رضاع بفطام رسانيديم وبغذاهاى كوناكون تربيت فرموديم و چون قدم در حد بلوغ نهاد وقلم تكليف برو جارى كرديم وبر مراتب شباب وكهولت وشيخوخت بگذارانيديم] وثم لكمال التفاوت بين الخلقين واحتج به ابو حنيفة رحمه الله على ان من غصب بيضة فافرخت عنده لزمه ضمان البيضة لا الفرخ فانه خلق آخر قال فى الاسئلة المقحمة خلق الله الآدمي أطوارا ولو خلقه دفعة واحدة كان اظهر فى كمال القدرة وابعد عن نسبة الأسباب فما معناه فالجواب لا بل الخلق بعد الخلق بتقليب الأعيان واختراع الاشخاص اظهر فى القدرة فانه تعالى خلق الآدمي من نطفة متماثلة الاجزاء ومن أشياء كثيرة مختلفة المراتب متفاوتة الدرجات من لحم وعظم ودم وجلد وشعر وغيرها ثم خص كل جزء منها بتركيب عجيب وباختصاص غريب من السمع والبصر واللمس والمشي والذوق والشم وغيرها وهى ابلغ فى اظهار كمال الالهية والقدرة فَتَبارَكَ اللَّهُ فتعالى شأنه من علمه الشامل وقدرته الباهرة أَحْسَنُ الْخالِقِينَ بدل من الحلالة اى احسن الخالقين خلقا اى المقدرين تقديرا حذف المميز لدلالة الخالقين عليه فالحسن للخلق وفى الاسئلة المقحمة هذا يدل على ان العبد خالق أفعاله ويكون الرب احسن منه فى الخالقية فالجواب معناه احسن المصورين لان المصور يصور الصورة ويشكلها على صورة المخلوق اخبر به لانه لا يبلغ فى تصويره الى حد الخالق لانه لن يقدر على ان ينفخ فيها الروح وقد ورد الخلق فى القرآن بمعنى التصوير قال الله تعالى (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) اى وإذ تصور كذلك هاهنا انتهى وفى التأويلات النجمية (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) يعنى خلقا غير المخلوقات التي خلقها من قبل وهو أحسنهم تقويما وأكملهم استعدادا وأجلهم كرامة وأعلاهم رتبة وأخصهم فضيلة فلهذا اثنى على نفسه عند خليقته بقوله (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) لانه خلق احسن المخلوقين حيث جعله معدن العرفان وموضع المحبة ومتعلق العناية [اى عزيز حق سبحانه وتعالى عرش وكرسى ولوح وقلم وملائكة ونجوم وسموات وارضين بيافريد وذات مقدس را بدين نوع ثناء كه بعد از آفرينش انسان فرموده نفرموده واين دليل تفضيل وتكريم ايشانست بر ورق روى لطف اله ... آيينه حسن كه تحرير كرد

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 15 إلى 19]

وفى المثنوى اى رخ چون زهره است شمس الضحى ... اى كداى رنك تو كلكونها «1» تاج كرمناست بر فرق سرت ... طوق فضلناست آويز برت هيچ كرمنا شنيد اين آسمان ... كه شنيد آن آدمىء پر غمان «2» احسن التقويم در والتين بخواند ... كه كرامى كوهرست اى دوست جان «3» كر بگويم قيمت آن ممتنع ... من بسوزم هم بسوزد مستمع [بعضى از اهل وجدان كويند كه چون درين آيت احوال بنى آدم وترقى از مقامى بمقامى بيان فرموده وآنست كه او را زبانى بأداء مراسم حمد وثنايى كه مستحق باركاه قدم باشد نخواهد بود در ستايش ذات مقدس از جناب او نيابت نموده كفت] (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) - روى- ان عبد الله بن ابى سرح كان يكتب لرسول الله الوحى فلما انتهى عليه السلام الى قوله (خَلْقاً آخَرَ سارع عبد الله الى النطق به قبل إملائه عليه السلام فقال عليه السلام اكتب هكذا أنزلت فشك عبد الله فقال ان كان محمد يوحى اليه فانا كذلك فلحق بمكة كافرا ثم اسلم يوم الفتح وقيل مات على كفره ولما نزلت هذه الآية قال عمر رضى الله عنه فتبارك الله احسن الخالقين فقال عليه السلام (هكذا نزلت يا عمر) وكان يفتخر بتلك الموافقة انظر كيف وقعت هذه الواقعة سببا لسعادة عمر رضى الله عنه وشقاوة ابن ابى سرح حسبما قال تعالى (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) لا يقال قد تكلم البشر ابتداء بمثل نظم القرآن وذلك قادح فى اعجازه لما ان الخارج عن قدرة البشر ما كان مقدار اقصر سورة ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ) اى بعد ما ذكر من الأمور العجيبة لَمَيِّتُونَ لصائرون الى الموت لا محالة كما تؤذن به صيغة النعت الدالة على الثبوت دون الحدوث الذي يفيده صيغة الفاعل: وبالفارسية [يعنى مآل حال شما بمرك خواهد كشيد وساغر فنا از دست ساقى أجل خواهيد چشيد] قال بعضهم من مات من الدنيا خرج الى حياة الآخرة ومن مات من الآخرة خرج منها الى الحياة الاصلية وهو البقاء مع الله تعالى ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى عند النفخة الثانية تُبْعَثُونَ تخرجون من قبوركم للحساب والمجازاة بالثواب والعقاب وفى الآية اشارة الى ان الإنسان بعد بلوغه الى رتبة الانسانية يكون قابلا للموت مثل موت القلب وموت النفس وقابلا لحشرهما وفى موت القلب حياة النفس وحشرها مودع وفى موت النفس حياة القلب وحشره مودع وحياة النفس بالهوى وظلمته وحياة القلب بالله ونوره كما قال تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) الآية وهذا معنى حقيقة قوله (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) كذ فى التأويلات النجمية قال فى الاسئلة المقحمة عد سائر أطوار الآدمي من خلقه الى ان يبعث ولم يذكر فيها شيأ من سؤال القبر فدل على انه ليس بشىء فالجواب لانه تعالى ذكر الحياة الاولى التي هى سبب العمل والحياة الثانية التي هى سبب الجزاء وهما المقصودان من الآية ولا يوجب ذلك نفى ما يذكر انتهى اعلم ان الموت يتعلق بصعقة سطوات العزة وظهور أنوار العظمة والحياة تتعلق بكشف الجمال الأزلي هناك تعيش الأرواح والأشباح بحياة وصالية لا يجرى بعدها موت الفراق والموت والحياة الصوريان من باب التربية الالهية

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان دست و پاى امير پوشيدن إلخ (2) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ [.....] (3) در أوائل دفتر ششم در بيان توكيل كردن حضرت مصطفى عليه السلام ابو بكر را إلخ

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 17 إلى 19]

لان فى الفناء تربية اخرى فى التراب وفى الحياة اظهار زيادة قدرة فينا بإدخال حياة ثانية فى أشباحنا وتربية ثانية فى أرواحنا فافهم جدا وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ جمع طريقة كما ان الطرق جمع طريق والمراد طباق السموات السبع كما قال فى المفردات طرائق السماء طباقها: يعنى [هفت آسمان طبقى بالاى طبقه] سميت بها لانها طورق بعضها فوق بعض مطارقة النعل فان كل شىء فوق مثله فهو طريقه وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ عن ذلك المخلوق الذي هو السموات غافِلِينَ مهملين أمرها بل نحفظها عن الزوال والاختلال وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدر لها من الكمال حسبما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة وقال الكاشفى [يا از جميع آفريدگان غافل نيستيم بر خير وشر ونفع وضرر وكفر وشرك ايشان مطلعيم] قال ابو يزيد قدس سره فى هذه الآية ان لم تعرفه فقد عرفك وان لم تصل اليه فقد وصل إليك وان غبت او غفلت عنه فليس عنك بغائب ولا غافل قال بعضهم فوقنا حجب ظاهرة وباطنة ففى ظاهر السموات حجب تحول بيننا وبين المنازل العالية من العرش والكرسي وعلى القلوب اغطية كالمنى والشهوات والإرادات الشاغلة والغفلات المتراكمة والله تعالى ليس بغافل عن سكنات الغافلين وحركات المريدين ورغبات الزاهدين ولحظات العارفين وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ من ابتدائية متعلقة بانزلنا ماءً هو المطر بِقَدَرٍ [باندازه كه صلاح بندگان در آن دانستيم] وفى بحر العلوم بتقدير يسلمون معه من الضرر ويصلون الى النفع فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ اى جعلنا ذلك الماء ثابتا قارا فيها وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ اى إزالته بالإفساد او التصعيد او التغوير بحيث يتعذر استنباطه حتى تهلكوا أنتم ومواشيكم عطشا لَقادِرُونَ كما كنا قادرين على انزاله وعن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي عليه السلام (ان الله تعالى انزل من الجنة خمسة انهار جيحون وسيحون ودجلة والفرات والنيل فانزلها الله تعالى من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحى جبريل استودعها الجبال وأجراها فى الأرض وجعل فيها منافع للناس) فذلك قوله (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) وإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر الأسود من البيت ومقام ابراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة الى السماء فذلك قوله (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خيرى الدين والدنيا هذا حديث حسن كما فى بحر العلوم فَأَنْشَأْنا لَكُمْ [پس بيافريديم براى شما] بِهِ بسبب ذلك الماء جَنَّاتٍ [بستانها] مِنْ نَخِيلٍ [ز خرما بنان] قال فى المفردات النخل معروف ويستعمل فى الواحد والجمع وجمعه نخيل وَأَعْنابٍ [واز تاك بنان] قال فى المفردات العنب يقال لثمرة الكرم والكرم نفسه الواحدة عنبة انتهى قال الكاشفى [تخصيص اين دو درخت جهت اختصاص اهل مدينه بخرما واهل طائف بانكور است ونخل وعنب در زمين حجاز از همه ديار عرب بيشتر مى باشد] لَكُمْ فِيها اى فى تلك الجنات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتفكهون بها قال فى المفردات الفاكهة قيل هى الثمار

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 20 إلى 24]

كلها وقيل بل هى الثمار ما عدا العنب والرمان وقائل هذا كأنه نظر الى اختصاصهما بالذكر وعطفهما على الفاكهة انتهى قال ابو حنيفة رحمه الله إذا حلف لا يأكل فاكهة فاكل رطبا او عنبا او رمانا لم يحنث لان كلا منها وان كان فاكهة لغة وعرفا الا ان فيه معنى زائدا على التفكه اى التلذذ والتنعم وهو الغدائية وقوام البدن فيه فبهذه الزيادة يخص من مطلق الفاكهة وخالفه صاحباه وَمِنْها اى من الجنات ثمارها وزروعها تَأْكُلُونَ تغذيا او ترزقون وتحصلون معايشكم من قولهم فلان يأكل من حرفته كما قال الكاشفى [وما ما لا بد معيشت از ان حاصل ميكنيد] وفى الآية اشارة الى انه كما انزل من السماء ماء المطر الذي هو سبب حياة الأرضين كذلك انزل من سماء العناية ماء الرحمة فيحيى القلوب ويزيل به دون العصاة وآثار زلتهم وينبت فى رياض قلوبهم فنون ازهار البسط وصنوف أنوار الروح والى انه كما يحيى الغياض بماء السماء ويثمر الأشجار ويجرى به الأنهار فكذلك ما سماه العناية ينشى شجرة العرفان ويؤتى أكلها من الكشف والعيان وما تتقاصر العبارات عن شرحه ولا تطمع الإشارات فى حصره ثم ان الله تعالى عد نعمه على العباد واحسن الإرشاد فمن تجاوز من النعم الى المنعم فقد فاز بالمطلوب الحقيقي فان قلت لم امر الله بالزهد فى الدنيا مع انه خلقها له قلت السكر إذا نثر على رأس الختن فانه لا يلتقطه لعلو همته ولو التقطه لكان عيبا والأولياء زهدوا فيها ومنعوا أنفسهم عن طيباتها وقنعوا بالقليل رجاء رفع الدرجات وفى الحديث (جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس) والضيف إذا كان حكيما لا يشبع من الطعام رجاء الحلوى- حكى- ان واحدا من اهل الرياضة مر من تحت شجرة فاذا ثمرها قد أدرك فحملته عليه نفسه للاكل منه فقال لها ان صمت سنة والا فلا فصامت حتى إذا كان وقت الثمر من السنة الآتية ذهب ليأكل منه فتناول من الساقط تحتها فقالت النفس ان على الشجرة أعلى الثمر فكل منه فقال لها ان شرطى معك ان آكل منه مطلقا لا من جيده الذي على الشجرة: قال الشيخ سعدى قدس سره مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار اگر هر چهـ باشد مرادت خورى ... ز دوران بسى نامرادى برى قال بعضهم الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش والرطب والزيتون والمشمش والخوخ والاجاص والعناب والغبيراء والدراق والزعرور والنبق والتفاح والكمثرى والسفرجل والتين والعنب والأترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ كلها من فواكه الجنة فالعشرة الاولى لها قشر والثانية لا قشر لها والعشرة الثالثة ليس لها قشر ولا نوى كما لا يخفى وَشَجَرَةً بالنصب عطف على جنات وتخصيصها بالذكر من بين سائر الأشجار لاستقلالها بمنافع معروفة قيل هى أول شجرة نبتت بعد الطوفان وهى شجرة الزيتون قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة وفى المفردات الشجر من النبت ماله ساق يقال شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ هو جبل بين مصر وايلة نودى منه موسى عليه السلام: وبالفارسية

[سورة المؤمنون (23) : آية 21]

[وديكر بيافريديم براى شما درختى كه بيرون مى آيد از كوه زيبا كه جبل موسى است در ميان مصر وايله] ويقال له طور سينين ومعناه الحسن او المبارك قال اهل التفسير فاما ان يكون الطور اسم الجبل وسيناء اسم البقعة أضيف إليها او المركب منهما علم له كامرىء القيس وهو بالفتح فعلاء كصحراء فمنع صرفه للتأنيث وبالكسر فيعال كديماس من السناء بالمد وهو الرفعة او بالقصر وهو النور فمنع صرفه للتعريف والعجمة او التأنيث على تأويل البقعة لا للالف وتخصيصها بالخروج منه مع خروجها من سائر البقاع ايضا لتعظيمها ولانه المنشأ الأعلى لها قال فى الجلالين أول ما نبت الزيتون نبت هناك تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [مى رويد با روغن] صفة اخرى لشجرة والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا منها اى تنبت ملتبسة به ومستصحبة له كما قال الراغب معناه تنبت والدهن موجود فيها بالقوة ويجوز كونها صلة معدية لتنبت كما فى قولك ذهبت بزيد اى تنبته بمعنى تتضمنه وتحصله فان النبات حقيقة صفة للشجرة لا للدهن وَصِبْغٍ [نان خورش] لِلْآكِلِينَ اى ادام لهم وذلك من قولهم اصطبغت بالحل وهو معطوف على الدهن جار على إعرابه عطف أحد وصفي الشيء على الآخر اى تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به ويسرج به وكونه أدما يصبغ فيه الخبز اى يغمس للائتدام ويلون به كالدبس والخل مثلا وفى التأويلات النجمية هى شجرة الخفي الذي يخرج من طور سيناء الروح بتأثير تجلى أنوار الصفات تنبت بالدهن وهو حسن الاستعداد لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة ومقر هذا الدهن هو الخفي الذي فوق الروح وهو سر بين الله وبين الروح لا تطلع عليه الملائكة المقربون وهو ادام لا آكلى الكونين بقوة الهمة وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ [در چهار پايان يعنى ابل وبقر وغنم] لَعِبْرَةً لآية تعتبرون بحالها وتستدلون على عظيم قدرة خالقها ولطيف حكمته: وبالفارسية [چيزى كه بدان اعتبار كريد وبر قدرت الهى استدلال نمايند] فكأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى اشامانيم شما را] مِمَّا فِي بُطُونِها ما عبارة اما عن الألبان فمن تبعيضية والمراد بالبطون الجوف او عن العلف الذي يتكون منه اللبن فمن ابتدائية والبطون على حقيقتها وفى التأويلات النجمية يشير الى انه كما يخرج من بطون الانعام من بين الفرث والدم لبنا خالصا وفيه عبرة لاولى الابصار فكذلك يخرج من بين فرث الصفات النفسانية وبين دم الصفات الشيطانية لبنا خالصا من التوحيد والمحبة يسقى به أرواح الصديقين كما قال بعضهم سقانى شربة احيى فؤادى ... بكأس الحب من بحر الوداد وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ غير ما ذكر من أصوافها واوبارها واشعارها قال الكاشفى [ومر شماراست در ايشان سودهاى بسيار كه بعضى را سوار ميشويد وبرخى را بار ميكنيد واز بعضى نتاج مسيتانيد واز پشم وموى ايشان بهره ميكيريد] وَمِنْها تَأْكُلُونَ فتنتفعون بأعيانها كما تنتفعون بما يحصل منها وفى الحديث (عليكم بالبان البقر فانها تؤم من كل الشجر) اى تجمع وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وسمنانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمنانها دوآء وشفاء ولحومها داء) وقد صح ان النبي عليه السلام ضحى عن نسائه بالبقر قال

[سورة المؤمنون (23) : آية 22]

الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويلات مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز ولعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي عَلَيْها اى على الانعام فان الحمل عليها لا يقتضى الحمل على جميع أنواعها بل يتحقق بالحمل على البعض كالابل ونحوها وقيل المراد هى الإبل خاصة لانها المحمول عليها عندهم والمناسب للفلك فانها سفائن البر عَلَى الْفُلْكِ اى السفينة قال الراغب ويستعمل ذلك للواحد والجمع وتقديراهما مختلفان فان الفلك إذا كان واحدا كان كبناء قفل وإذا كان جمعا فكبناء حمرحْمَلُونَ يعنى [بر شتران در خشك وبر كشتيها برترى برداشته مى شويد يعنى شتر وكشتى شما را بر ميدارند واز هر موضعى بموضعي ميبرند] وانما لم يقل وفى الفلك كقوله (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) لان معنى الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان وايضا هو يطابق قوله عليها ويزاوجه كذا فى بحر العلوم ودلت الآية على جواز ركوب البحر للرجال والنساء على ما قاله الجمهور وكره ركوبه للنساء لان التستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يمكن عدم انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال كما فى أنوار المشارق قال فى الذخيرة إذا أراد ان يركب السفينة فى البحر للتجارة او لغيرها فان كان بحال لو غرقت السفينة امكنه دفع الغرق عن نفسه بكل سبب يدفع الغرق به حل له الركوب فى السفينة وان كان لا يمكنه دفع الغرق لا يحل له الركوب انتهى فالمفهوم من هذه المسألة حرمة الركوب فى السفينة لمن لا يقدر على دفع الغرق عن نفسه مطلقا سواء كان لطلب العلم او التجارة او الحج او زيارة الأقارب او صلة الرحم او نحو ذلك وسوآء كانت السلامة غالبة او لا لكن المفهوم من بعض المسائل جوازه عند غلبة السلامة والا فلا قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود فقال عمر لا جرم لولا الحج والجهاد لضربت من يركبه بالدرة ثم منع ركوبه ورجع عن ذلك بعد مدة وكذلك وقع لعثمان رضى الله عنه ومعاوية ثم استقر الإجماع على جوازه بشرائطه انتهى. والسباحة فى الماء من سنن النبي قال فى انسان العيون كانت وفاة أبيه عليه السلام عبد الله بالمدينة ودفن فى دار المتابعة بالتاء المثناة فوق وبالباء الموحدة والعين المهملة وهو رجل من بنى عدى بن النجار أخوال أبيه عبد المطلب والنجار هذا اسمه تميم وقيل له النجار لانه اختتن بقدوم وهو آلة النجار ولما هاجر عليه السلام الى المدينة ونظر الى تلك الدار عرفها وقال هاهنا نزلت بي أمي وفى هذه الدار قبر ابى عبد الله وأحسنت القوم السباحة فى بئر بنى عدى بن النجار ومن هذا ومما جاء عن عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام كان هو وأصحابه يسبحون فى غدير فى الجحفة فقال عليه السلام لاصحابه (ليسبح كل رجل منكم الى صاحبه) وبقي النبي عليه السلام

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 إلى 24]

وابو بكر فسبح النبي الى ابى بكر حتى اعتنقه وقال (انا وصاحبى انا وصاحبى) وفى رواية (انا الى صاحبى انا الى صاحبى) يعلم رد قول بعضهم وقد سئل هل عام عليه السلام الظاهر لا لانه لم يثبت انه عليه السلام سافر فى بحر ولا بالحرمين بحر وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ اللام جواب قسم وتصدير القصة به لاظهار كمال الاعتناء بمضمونها اى وبالله لقد أرسلنا نوحا الى قومه وجاء فى قصيدة جمال الدين من كثير الذنب نوحوا ... نوح نوح فى الرسل انه عمرا طويلا ... من قليل النطق ناح وهو انه عليه السلام مر على كلب به جرب فقال بئس الكلب هذا ثم ندم فناح من أول عمره الى آخر فَقالَ داعيا لهم الى التوحيد يا قَوْمِ [اى كروه من] وأصله يا قومى اعْبُدُوا اللَّهَ وحده كما دل عليه التعليل وهو ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى مالكم فى الوجود او فى العالم غير الله فغير بالرفع صفة لآله باعتبار محله الذي هو الرفع على انه فاعل ومن زائدة او مبتدأ خبره لكم أَفَلا تَتَّقُونَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام اى ألا تعرفون ذلك اى مضمون قوله ما لكم من اله غيره فلا تتقون عذابه بسبب اشراككم به فى العبادة ما لا يستحق الوجود لولا إيجاد الله فضلا عن استحقاق العبادة فالمنكر عدم الاتقاء مع تحقق ما يوجبه قال الكاشفى يعنى [ترسيد از عذاب وى وبعبادت غير او ميل مكنيد] وفى التأويلات النجمية (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) نوح الروح الى قومه من القلب والسر والنفس والقالب وجوارحه (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) من الهوى والشيطان فعبادة القلب بقطع التعلقات والمحبة وعبادة السر بالتفرد بالتوحيد وعبادة النفس بتبديل الأخلاق وعبادة القالب بالتجريد وعبادة الجوارح باقامة اركان الشريعة (أَفَلا تَتَّقُونَ) بهذه العبادات عن الحرمان والخذلان وعذاب النيران فَقالَ الْمَلَأُ اى الاشراف والسادة الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى قالوا لعوامهم مبالغة فى وضع الرتبة العالية وحطها عن منصب النبوة قال الكاشفى [چون أكابر قوم أصاغر را بدين ودعوت نوح مائل ديدند ايشانرا تنفير نموده كفتند] ما هذا [نيست اين كس كه مى خواند بتوحيد] إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ اى فى الجنس والوصف من غير فرق بينكم وبينه قال الكاشفى [مانند شما در خوردن وآشاميدن وغير آن] يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ اى يريد ان يطلب الفضل عليكم ويتقدمكم بادعاء الرسالة مع كونه مثلكم قال فى الجلالين يتشرف عليكم فيكون أفضل منكم بان يكون متبوعا وتكونوا له تبعا كقوله وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وصفوه بذلك اغضابا للمخاطبين عليه وإغراء على معاداته وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً اى لو شاء الله إرسال الرسول لارسل رسلا من الملائكة [تا مرسل از مرسل إليهم متميز بودى] وانما قيل لانزل لان إرسال الملائكة لا يكون الا بطريق الانزال فمفعول المشيئة مطلق الإرسال المفهوم من الجواب لا نفس مضمونه كما فى قوله ولو شاء لهداكم ونظائره وفى التأويلات النجمية يشير بهذا الى مقالات بعض البطلة من

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 25 إلى 30]

الطلبة فان بعضهم يتكاسلون فى الطلب فيقولون لو شاء الله سعينا فى الطلب لايدنا بالصفات الملكية والتوفيق الرباني ما سَمِعْنا بِهذا اى بمثل هذا الكلام الذي هو الأمر بعبادة الله خاصة فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ اى الماضين قبل بعثته وفى بحر العلوم بهذا اى بإرسال البشر وان جاء ذكر من الله على رجل منهم كما قال الكاشفى [ما نشنوده ايم اين را كه آدمي رسول خدا تواند بود بخلقان] قالوه اما لفرط غلوهم فى التكذيب والعناد واما لكونهم وآبائهم فى فترة متطاولة يعنى [ميان إدريس وميان ايشان مدتى مديد كذشته بود وشنوده بودند كه از أولاد آدم پيغمبرى بوده] إِنْ هُوَ ما هو إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ اى جنون ولذلك يقول ما يقول [اگر جنون نداشتى كه بشر قابليت رسالت ندارد] والجنون اختلال حائل بين النفس والعقل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان احوال اهل الحقيقة عند ارباب الطبيعة جنون كما ان احوال ارباب الطبيعة عند اهل الحقيقة جنون انتهى والجنون المعتبر هو ترك العقل واختيار العشق: قال الحافظ در ره منزل ليلى كه خطرهاست درو ... شرط أول قدم آنست كه مجنون باشى وقال الصائب روزن عالم غيبست دل اهل جنون ... من وآن شهر كه ديوانه فراوان باشد فَتَرَبَّصُوا بِهِ اصبروا عليه وانتظروا: وبالفارسية [پس انتظار بريد ويرا و چشم داريد] قال الراغب التربص الانتظار بالشيء ساعة يقصد بها غلاء او رخصا او امرا ينتظر زواله او حصوله حَتَّى حِينٍ الى وقت يفيق من الجنون قال الكاشفى [تا هنكامى از زمان يعنى صبر كنيد كه اندك وقتى را بميرد واز وى باز رهيم يا از جنون با هوش آيد وترك كفتن اين سخنان نموده پى كار خود كيرد] قالَ نوح بعد ما ايس من ايمانهم رَبِّ [اى پروردگار من] انْصُرْنِي باهلاكهم بالكلية بِما كَذَّبُونِ اى بسبب تكذيبهم إياي او بدل تكذيبهم فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ عند ذلك اى فاعلمناه فى خفاء فان الإيحاء والوحى اعلام فى خفاء أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ ان مفسرة لما فى الوحى من معنى القول والصنع اجادة الفعل بِأَعْيُنِنا ملتبسا بحفظنا نحفظه من ان تخطئ فى صنعته او يفسده عليك مفسد يقال فلان بعيني اى احفظه واراعيه كقولك هو منى بمرأى ومسمع قال الجنيد قدس سره من عمل على مشاهدة أورثه الله عليها الرضى قال الله تعالى (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) وَوَحْيِنا وأمرنا وتعليمنا لكيفية صنعها- روى- انه اوحى اليه ان يصنعها على مثال الجؤجؤ وفى التأويلات النجمية ألهمنا الى نوح الروح ان اصنع فلك الشريعة باستصواب نظرنا وأمرنا لا بنظر العقل وامر الهوى كما يعمل الفلاسفة والبراهمة فَإِذا جاءَ أَمْرُنا اى إذا اقترب أمرنا بالعذاب وَفارَ التَّنُّورُ [وبجوشد تنور يعنى بوقتى كه زن تو نان پزد از ميان آتش آب برآيد] كما فى تفسير الفارسي. والفور شدة الغليان ويقال ذلك فى النار نفسها إذا هاجت وفى القدر وفى الغضب وفوارة الماء سميت تشبيها بغليان القدر ويقال الفور الساعة والتنور تنور الخبز ابتداء منه النبوع على خرق العادة وكان فى الكوفة موضع مسجدها كما روى انه

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 28 إلى 30]

قيل له عليه السلام إذا فار الماء من التنور اركب أنت ومن معك وكان تنور آدم فصار الى نوح فلما نبع منه الماء أخبرته امرأته فركبوا فَاسْلُكْ فِيها اى ادخل فى الفلك يقال سلك فيه اى دخل وسلكه فيه اى ادخله ومنه قوله ما سلككم فى سقر مِنْ كُلٍّ من كل امة ونوع زَوْجَيْنِ فردين مزدوجين اثْنَيْنِ تأكيد والمراد الذكر والأنثى [ودر تيسير كويد در كشتى نياورد مكر آنها را كه مى زايند با بيضه مى نهند] وَأَهْلَكَ منصوب بفعل معطوف على فاسلك اى واسلك أهلك والمراد به امرأته وبنوه وتأخير الأهل لما فيه من ضرب تفصيل بذكر الاستثناء وغيره إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ اى القول باهلاك الكفرة ومنهم ابنه كنعان وامه واغلة وانما جيئ بعلى لكون السابق ضارا كما جيئ باللام فى قوله (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) لكونه نافعا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا بالدعاء وانجائهم إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ مقضى عليهم بالاغراق لا محالة لظلمهم بالاشراك وسائر المعاصي ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف لا وقد امر بالحمد على النجاة منهم باهلاكهم بقوله تعالى فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ اى من أهلك واشياعك اى اعتدلت فى السفينة راكبا قال الراغب استوى يقال على وجهين أحدهما ان يسند اليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو كذا اى تساويا قال تعالى (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ) والثاني ان يقال لاعتدال الشيء فى ذاته نحو فاذا استويت ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستعلاء نحو (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أفرد بالذكر مع شركة الكل فى الاستواء والنجاة لاظهار فضله والاشعار بان فى دعائه وثنائه مندوحة عما عداه وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي اى فى السفينة او منها قال الكاشفى [قولى آنست كه امر بدين دعا در وقت خروج از كشتى بوده وأشهر آنست كه در وقت دخول وخروج اين دعا فرموده] مُنْزَلًا مُبارَكاً اى انزالا او موضع إنزال يستتبع خيرا كثيرا وقرئ منزلا بفتح الميم اى موضع نزول والنزول فى الأصل هو الانحطاط من علو يقال نزل عن دابته ونزل فى مكان كذا حطا رحله فيه وأنزله غيره وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ وفى الجلالين استجاب الله دعاءه حيث قال (اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) فبارك فيهم بعد إنزالهم من السفينة حتى كان جميع الخلق من نسل نوح ومن كان معه فى السفينة قال الكاشفى [سلمى از ابن عطا نقل ميفرمايد كه منزل مبارك آن منزلست كه در او از هواجس نفسانى ووساوس شيطانى ايمن باشند وآثار قرب از جمال قدس نازل باشد هر كجا پرتو أنوار جمال بيشتر ... بركت آن منزل از همه منازل افزونتر در منزلى كه يارى روزى رسيده باشد ... با ذره هاى خاكش داريم مرحبائى إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر مما فعل به وبقومه لَآياتٍ جليلة يستدل بها أولوا الابصار ويعتبر بها ذووا الاعتبار وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ان مخففة من ان واللام فارقة بينها وبين النافية وضمير الشأن محذوف اى وان الشأن كنا مصيبى قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد او مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويتذكر قال الراغب إذا قيل ابتلى فلان

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 31 إلى 38]

بكذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف بحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذا كان الله علام الغيوب انتهى واعلم ان البلاء كالملح وان أكابر الأنبياء والأولياء انما كانوا من اولى العزم ببلايا ابتلاهم الله بها فصبروا ألا ترى الى حال نوح عليه السلام كيف ابتلى الف سنة الا خمسين عاما فصبر حتى قيل له (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) : قال الحافظ كرت چونوح نبى صبر هست بر غم طوفان ... بلا بگردد وكام هزار ساله برآيد ثم ان نوحا عليه السلام دعا بهلاك قومه مأذونا من الله تعالى فجاء القهر الإلهي إذ لم يؤثر فيهم اللطف الرحمانى والمقصود من الدعاء اظهار الضراعة وهو نافع عند الله تعالى يحيى ابن معاذ رحمه الله [كفت عبادت قفلست كليدش دعا ودندانه كليد لقمه حلال واز جمله دعاء او اين بودى بار خدايا اگر آن نكنى كه خواهم صبر بر آنچهـ تو خواهى] وفى الآية اشارة الى ان المؤمن ينبغى له ان يطلب منزلا مباركا يبارك له فيه حيث دينه ودنياه سعديا حب وطن كر چهـ حديثست صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم ولو تفكرت فى احوال الأنبياء وكمل الأولياء لوجدت أكثرهم مهاجرين إذ لا يمن فى الاقامة بين قوم ظالمين يقول الفقير احمد الله تعالى على نعمه المتوافرة لا سيما على المهاجرة التي وقعت مرارا وعلى المنزل وهى بلدة بروسه حيث جاء الفال بلدة طيبة ورب غفور وعلى الانجاء من القوم الظالمين حيث ان كل من عادانى ورد موعظتى هلك مع الهالكين فجاءت عاقبة الابتلاء نجاة والقهر لطفا والجلال جمالا ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ اى أوجدنا واحداثنا من بعد إهلاك قوم نوح قَرْناً آخَرِينَ هم عاد لقوله تعالى حكاية عن هود (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) والقرن القوم المقترنون من زمن واحد اى اهل زمان واحد فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ) [پس فرستاديم در ميان ايشان] رَسُولًا مِنْهُمْ اى من جملتهم نسبا وهو هود لا هود وصالح على ان يكون المراد بالقرن عادا وثمود لان الرسول بمعنى المرسل لا بد وان يثنى ويجمع بحسب المقام كقوله (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) وجعل القرن موضعا للارسال كما فى قوله (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) ونحوه لا غاية له كما فى مثل قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) للايذان من أول الأمر بان من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل انما نشأ فيما بين أظهرهم أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لارسلنا لما فى الإرسال من معنى القول اى قلنا لهم على لسان الرسول ان اعبدوا الله تعالى وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ مرّ إعرابه أَفَلا تَتَّقُونَ قال فى بحر العلوم أتشركون بالله فلا تخافون عذابه على الإشراك انتهى فالشرك وعدم الاتقاء كلاهما منكران وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون روعاء والنفوس دلالة وبهاء اى اشراف قومه الكافرين وصفوا بالكفر ذمالهم وذكره بالواو دون الفاء كما فى قصة نوح لان كلامهم لم يتصل بكلام الرسول ومعناه انه اجتمع فى الحصول ذلك القول الحق وهذا القول الباطل وشتان ما بينهما قال فى برهان القرآن قدم من قومه فى هذه الآية واخر فيما قبلها لان صلة الذين فيما قبل اقتصرت على فعل وضمير الفاعلين ثم ذكر بعده

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 34 إلى 38]

الجار والمجرور ثم الفاعل ثم المفعول وهو المقول وليس كذلك هذه فان صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة اخرى فقدم الجار والمجرور لان تأخيره ملبس وتوسطه ركيك فخص بالتقديم وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ اى بالمصير الى الآخرة بالبعث والحشر او بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب وَأَتْرَفْناهُمْ اى نعمناهم ووسعنا عليهم: وبالفارسية [ونعمت داده بودم ايشانرا] يقال ترف فلان اى توسع فى النعمة وأترفته النعمة أطغته فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بكثرة الأموال والأولاد اى قالوا لاعقابهم مضلين لهم ما هذا اى هود إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فى الصفات والأقوال البشرية يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ اى تشربون منه وهو تقرير للمماثلة: يعنى [بغداء محتاجست مانند شما اگر نبى بودى بايستى كه متصف بصفات ملائكه بودى نخوردى ونياشاميدى] وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ اى فيما ذكر من الأحوال والصفات اى وبالله ان امتثلتم أوامره إِنَّكُمْ إِذاً اى على تقدير الاطاعة: وبالفارسية [آنگاه] لَخاسِرُونَ عقولكم ومغبونون فى آرائكم حيث اذللتم أنفسكم وقال الكاشفى [زيان زدكانيد كه خود را مأمور ومتبوع مثل خود سازيد] انظر كيف جعلوا اتباع الرسول الحق الذي يوصلهم الى سعادة الدارين خسرانا دون عبادة الأصنام التي لا خسران وراءها قاتلهم الله واذن وقع بين اسم ان وخبرها لتأكيد مضمون الشرط والجملة جواب لقسم محذوف قال بعض الفضلاء اذن ظرف حذف منه ما أضيف اليه ونون عوضا وفى العيون اذن جواب شرط محذوف اى انكم ان أطعتموه اذن لخاسرون أَيَعِدُكُمْ [آيا وعده ميدهد شما را اين پيغمبر] أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ بكسر الميم من مات يمات وقرئ بضمها من مات يموت وَكُنْتُمْ وصرتم تُراباً وَعِظاماً نخرة مجردة عن اللحوم والاعصاب اى كان بعض اجزائكم من اللحم ونظائره ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لعراقته فى الاستبعاد وانقلابه من الاجزاء البادية او كان متقدموكم ترابا صرفا ومتأخروكم عظاما يقول الفقير الظاهر ان مرادهم بيان صيرورتهم عظاما ثم ترابا لان الواو لمطلق الجمع أَنَّكُمْ تأكيد للاول لطول الفصل بينه وبين خبره الذي هو قوله مُخْرَجُونَ اى من القبور احياء كما كنتم هَيْهاتَ هَيْهاتَ اسم فعل وهو بعد وتكريره لتأكيد البعد اى بعد الوقوع لِما تُوعَدُونَ يعنى [آنچهـ وعده داده ميشويد از بعث وجزا هركز نباشد] او بعد ما توعدون واللام لبيان المستبعد كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل لماذا هذا الاستبعاد فقيل لما توعدون إِنْ هِيَ ان بمعنى ما اى ما الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا الدانية الفانية نَمُوتُ وَنَحْيا مفسرة للجملة المتقدمة اى يموت بعضنا ويولد بعض الى انقراض العصر او يصيبنا الأمران الموت والحياة يعنون الحياة المتقدمة فى الدنيا والموت بعدها وليس وراء ذلك حياة وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بمنشرين بعد الموت كما تزعم يا هود انظر كيف عميت قلوبهم حتى لم يروا ان الاعادة أهون من الابتداء وان الذي هو قادر على إيجاد شىء من العدم واعدامه من الوجود يكون قادرا على إعادته ثانيا إِنْ هُوَ اى ما هود إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً اى اخترع

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 39 إلى 44]

الكذب على الله فيما يدعيه من الإرسال والبعث قال الراغب الفري قطع الجلد للخرز والإصلاح والافراء للافساد والافتراء فيهما وفى الإفساد اكثر ولذلك استعمل فى القرآن فى الكذب والشرك والظلم وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ بمصدقين فيما يقول قالَ هود بعد ما يئس من ايمانهم رَبِّ انْصُرْنِي عليهم وانتقم لى منهم: وبالفارسية [اى پروردگار من يارى كن مرا بغالبيت وايشانرا مغلوب كردان] بِما كَذَّبُونِ اى بسبب تكذيبهم إياي وإصرارهم عليه قالَ تعالى اجابة لدعائه وعدة بالقبول عَمَّا قَلِيلٍ اى عن زمان قليل وما مزيدة بين الجار والمجرور لتأكيد معنى القلة لَيُصْبِحُنَّ اى ليصيرن اى الكفار المكذبون نادِمِينَ على الكفر والتكذيب وذلك عند معاينتهم العذاب. والندامة بالفارسية [پشيمانى] فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ صيحة جبريل صاح عليهم صيحة هائلة تصدعت منها قلوبهم فماتوا والصيحة رفع الصوت فان قلت هذا يدل على ان المراد بالقرن المذكور فى صدر القصة ثمود قوم صالح فان عادا اهلكوا بالريح العقيم قلت لعلهم حين أصابتهم الريح العقيم أصيبوا فى تضاعفها بصيحة هائلة ايضا كما كان عذاب قوم لوط بالقلب والصيحة كما مر وقد روى ان شداد بن عاد حين أتم بناء ارم سار إليها باهله فلما دنا منها بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا وقيل الصيحة نفس العذاب والموت وفى الجلالين فاخذتهم صيحة العذاب بِالْحَقِّ متعلق بالأخذ اى بالوجه الثابت الذي لا دافع له وفى الجلالين بالأمر من الله فَجَعَلْناهُمْ فصيرناهم غُثاءً اى كغثاء السيل لا ينتفع به وهو ما يحمله السيل على وجهه من الزبد والورق والعيدان كقولك سال به الوادي لمن هلك قال الكاشفى [غثاء: چون خاشاك آب آورده يعنى هلاك كرديم ونابود ساختيم چون خس وخاشاك كه سيل آنرا باطراف افكند وسياه كهنه كردد] فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يحتمل الاخبار والدعاء قال الكاشفى [پس دورى باد از رحمت خداى مر كروه ستمكارانرا] وبعدا مصدر بعد إذا هلك وهو من المصادر التي لا يكاد يستعمل ناصبها. والمعنى بعدوا بعدا اى هلكوا واللام لبيان من قيل له بعدا وفى الآية اشارة الى ان اهل الدنيا حين بغوا فى الأرض وطغوا على الرسل چومنعم كند سفله را روزكار ... نهد بر دل تنك درويش بار چوبام بلندش بود خود پرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست وقالوا لرسلهم ما قالوا لا يعلمون ان الرسل واهل الله وان كانوا يأكلون مما يأكل اهل الدنيا ولكن لا يأكلون كما يأكل هؤلاء فانهم يأكلون بالإسراف واهل الله يأكلون ولا يسرفون كما قال النبي عليه السلام (المؤمن يأكل فى معى واحد والكافر يأكل فى سبعة أمعاء) لا جرم كافر خورد در هفت بطن ... دين ودل باريك ولاغر زفت بطن بل اهل الله يأكلون ويشربون بأفواه القلوب مما يطعمهم ربهم ويسقيهم حيث يبيتون عند ربهم قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره كان عليه السلام يبيت عند ربه فيطعمه ويسقيه من تجلياته المتنوعة وانما أكله فى الظاهر لاجل أمته الضعيفة والا فلا احتياج

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 إلى 44]

له الى الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجر فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يستقر فى الملك للارشاد وقد وصف الله الكفار بشر الصفات وهى الكفر بالخالق وبيوم القيامة والانغماس فى حب الدنيا ثم سجل عليهم بالظلم وأشار الى ان هلاكهم انما كان بسبب ظلمهم نماند ستمكار بد روزكار ... بماند بر ولعنت پايدار فالظلم من شيم اهل الشقاوة والبعد وانهم كالغثاء فى عدم المبالاة بهم كما قال (هؤلاء فى النار ولا أبالي) ثُمَّ أَنْشَأْنا خلقنا من بعدهم اى بعد هلاك القرون المذكورة وهم عاد على الأشهر قُرُوناً آخَرِينَ هم قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم عليهم السلام إظهارا للقدرة وليعلم كل امة استغناءنا عنهم وانهم ان قبلوا دعوة الأنبياء وتابعوا الرسل تعود فائدة استسلامهم وانقيادهم وقيامهم بالطاعات إليهم ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها من مزيدة للاستغراق اى ما تتقدم امة من الأمم المهلكة الوقت الذي عين لهلاكهم وَما يَسْتَأْخِرُونَ ذلك الاجل بساعة وطرفة عين بل تموت وتهلك عند ما حد لها من الزمان ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا عطف على انشأنا لكن لا على معنى ان ارسالهم متأخر ومتراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا بل على معنى ان إرسال كل رسول متأخر عن إنشاء قرن مخصوص بذلك الرسول كأنه قيل ثم انشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا الى كل قرن منهم رسولا خاصابه تَتْرا مصدر من المتواترة وهى التعاقب فى موضع الحال اى متواترين واحدا بعد واحد: وبالفارسية [پى در پى يعنى يكى در عقب ديكرى] قال فى الإرشاد وغيره من الوتر وهو الفرد والتاء بدل من الواو والالف للتأنيث لان الرسل جماعة كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها المخصوص اى جاء بالبينات وللتبليغ كَذَّبُوهُ نسبوا اليه الكذب يعنى أكثرهم بدليل قوله (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [تكذيب كردند او را وآنچهـ كفت از توحيد ونبوت وبعث وحشر دروغ پنداشتند وبتقليد پدران ولزوم عادات ناپسنديده از دولت تصديق محروم ماندند] فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ اى بعض القرون بَعْضاً فى الإهلاك اى أهلكنا بعضهم فى اثر بعض حسبما تبع بعضهم بعضا فى مباشرة الأسباب التي هى الكفر والتكذيب وسائر المعاصي قال الكاشفى [يعنى هيچ كدام را مهلت نداديم وآخرين را چون أولين معاقب كردانيم] وَجَعَلْناهُمْ بعد إهلاكهم أَحادِيثَ لمن بعدهم اى لم يبق عين ولا اثر الا حكايات يسمر بها ويتعجب منها ويعتبر بها المعتبرون من اهل السعادة وهو اسم جمع للحديث او جمع احدوثة وهى ما يتحدث به تلهيا وتعجبا وهو المراد هاهنا كاعاجيب جمع للحديث او جمع احدوثة وهى ما يتحدث به تلهيا وتعجبا وهو المراد هاهنا كاعاجيب جمع اعجوبة وهى ما يتعجب منها قال الكاشفى [وساختيم آنرا سخنان يعنى عقوبت خلق كردانيديم كه دائم عذاب ايشانرا ياد كنند وبدان مثل زنند خلاصه سخن آنكه از ايشان غير حكايتى باقى نماند كه مردم افسانه وار ميكويند واگر سخن نيكوى ايشان بماندى به بودى بزركى كفته است] تفنى وتبقى عنك احدوثة ... فاجهد بان تحسن أحدوثتك

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 45 إلى 50]

[ودر ترجمه آن فرموده اند پس از تو اين همه افسانها كه مى خوانند ... در ان بكوش كه نيكو بماند افسانه يقول الفقير فى البيت العربي دلالة على ان الاحدوثة تقال على الخير والشر وهو خلاف ما قال الأخفش من انه لا يقال فى الخير جعلتهم أحاديث واحدوثة وانما يقال جعلت فلانا حديثا انتهى ويمكن ان يقال فى البيت ان الاحدوثة الثانية وقعت بطريق المشاكلة فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [پس دورى باد از رحمت حق مر كروهى را كه نمى كروند بانبياء وتصديق ايشان نمى كنند] وفى اكثر التفاسير بعدوا بعدا اى هلكوا واللام لبيان من قيل له بعدا وخصهم بالنكرة لان القرون المذكورة منكرة بخلاف ما تقدم من قوله فبعدا للقوم الظالمين حيث عرف بالألف واللام لانه فى حق قوم معينين كما سبق وفى الآية دلالة على ان عدم الايمان سبب للهلاك والعذاب فى النيران كما ان التصديق مدار للنجاة والتنعم فى الجنان قال يعقوب عليه السلام للبشير على أي دين تركت يوسف قال على الإسلام قال الآن تمت النعمة على يعقوب وعلى آل يعقوب إذ لا نعمة فوق الإسلام وحيث لا يوجد فجميع النعم عدم وحيث يوجد فجميع النقم عدم وسأل رجل عليا رضى الله عنه هل رأيت ربك فقال أفأعبد ما لا ارى فقال كيف تراه قال لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلب بحقائق الايمان وعنه من عرف ربه جل ومن عرف نفسه ذل يعنى عرفان الرب يعطى جلالة فى المعنى وعرفان النفس يعطى ذلة فى الصورة فالكفار وسائر اهل الظلم عدوا أنفسهم اعزة فذلوا صورة ومعنى حيث بعدوا من الله تعالى فى الباطن وهلكوا مع الهالكين فى الظاهر والمؤمنون وسائر العدول عدوا أنفسهم اذلة فعزوا صورة ومعنى حيث تقربوا الى الله تعالى فى الباطن ونجوا من الهلاك فى الظاهر فجميع التنزل انما يأتى من جهة الجهل بالرب والنفس رونق كار خسان كاسد شود ... همچوميوه تازه ز وفاسد شود فعلى العاقل الانقياد لاهل الحق فان جمع الفيض انما يحصل من مشرب الانقياد وبالانقياد يحصل العرفان التام وشهود رب العباد كى رسانند آن امانت را بتو ... تا نباشى پيششان راكع دو تو اللهم اعصمنا من العناد أثبتنا على الانقياد ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا هى الآيات التسع من اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الثمرات والطاعون ولا مساغ لعدّ فلق البحر منها إذ المراد الآيات التي كذبوها وَسُلْطانٍ مُبِينٍ حجة واضحة ملزمة للخصم وهى العصا وخصصها لفضلها على سائر الآيات او نفس الآيات عبر عنها بذلك على طريق العطف تنبيها على جمعها لعنوانين جليلين وتنزيلا لتغايرها منزلة التغاير الذاتي إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه من القبط خصوا بالذكر لان إرسال بنى إسرائيل منوط بآرائهم لا بآراء أعقابهم فَاسْتَكْبَرُوا عن الايمان والمتابعة وعظم الكبر ان يتهاون العبيد بآيات ربهم وبرسالاته بعد وضوحها وانتفاء الشك عنها ويتعظموا عن امتثالها وتقبلها وَكانُوا قَوْماً عالِينَ متكبرين مجاوزين للحد فى الكبر

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 47 إلى 50]

والطغيان اى كانوا قوما عادتهم الاستكبار والتمرد فَقالُوا عطف على استكبروا وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبار اى قالوا فيما بينهم بطريق المناصحة أَنُؤْمِنُ الهمزة للانكار بمعنى لا نؤمن وما ينبغى ان يصدر منا الايمان لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وصف بالمثل الاثنان لانه فى حكم المصدر العام للافراد والتثنية والجمع المذكر والمؤنث وَقَوْمُهُما يعنون بنى إسرائيل لَنا متعلقة بقوله عابِدُونَ والجملة حال من فاعل نؤمن اى خادمون منقادون لنا كالعبيد وكأنهم قصدوا بذلك التعرض لشأنهما وحط رتبتهما العلية عن منصب الرسالة من وجه آخر غير البشر قال الكاشفى [در بعضى تفاسير آورده اند كه بنى إسرائيل فرعون را مى پرستيدند نعوذ بالله واو بت مى پرستيد يا گوساله] اى فتكون طاعتهم لهم عبادة على الحقيقة فَكَذَّبُوهُما اى فاصروا على تكذيب موسى وهارون حتى يئسا من تصديقهم فَكانُوا فصاروا مِنَ الْمُهْلَكِينَ بالغرق فى بحر القلزم وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى اى بعد إهلاكهم وإنجاء بنى إسرائيل من أيديهم الْكِتابَ التوراة لَعَلَّهُمْ لعل بنى إسرائيل يَهْتَدُونَ الى طريق الحق بالعمل بما فيها من الشرائع والاحكام وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ اى عيسى وَأُمَّهُ آيَةً دالة على عظم قدرتنا بولادته منها من غير مسيس بشر فالآية امر واحد مضاف إليهما او جعلنا ابن مريم آية بان تكلم فى المهد فظهرت منه معجزات جمة وامه آية بانها ولدته من غير مسيس فحذف الاولى لدلالة الثانية عليها قال فى العيون آية اى عبرة لبنى إسرائيل بعد موسى لان عيسى تكلم فى المهد واحيى الموتى ومريم ولدته من غير مسيس وهما آيتان قطعا فيكون هذا من قبيل الاكتفاء بذكر إحداهما انتهى وتقديمه عليه السلام لاصالته فيما ذكر من كونه آية كما ان تقديم امه فى قوله (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) لاصالتها فيما نسب إليها من الإحصان والنفخ- وروى- ان رسول الله عليه السلام صلى الصبح بمكة فقرأ سورة المؤمنين فلما اتى على ذكر عيسى وامه أخذته شرقة فركع اى شرق بدمعه فعىّ بالقراءة وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ [وجاى داديم مادر و پسر را وقتى كه از يهود فرار كردند وباز آورديم بسوى ربوة از زمين بيت المقدس] اى انزلناهما الى مكان مرتفع من الأرض وجعلناه مأواهما ومنزلهما وهى ايليا ارض بيت المقدس فانها مرتفعة وانها كبد الأرض وأقربها الى السماء بثمانية عشر ميلا على ما يروى عن كعب وقال الامام السهيلي أوت مريم بعيسى طفلا الى قرية من دمشق يقال لها ناصرة وبناصرة تسمى النصارى واشتق اسمهم منها قال الكاشفى [آورده اند كه مريم با پسر و پسر عم خود يوسف بن ماتان دوازده سال دران موضع بسر بردند وطعام عيسى از بهاى ريسمان بود كه كه مادرش مى رشت وميفروخت] يقول الفقير فيه اشارة الى ان غزل القطن والكتان ونحوهما لكونه من اعمال خيار النساء أحب من غزل القز ونحوه على ما أكب عليه اهل بروسة والديار التي يحصل فيها دود القز مع ان القز من زين اهل الدنيا وبه غالبا شهرة أربابها وافتخارهم ذاتِ قَرارٍ [خداوند قرار يعنى مقرى منبسط وسهل كه برو آرام توان كرفت] وقيل ذات ثمار

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 51 إلى 56]

وزروع فان ساكنيها يستقرون فيها لاجلها قال الراغب قرّ فى المكان يقر قرارا إذ اثبت ثبوتا خامدا وأصله من القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة وَمَعِينٍ وماء معين ظاهر جار فعيل من معن الماء إذا جرى وقيل من العين والميم زائدة ويسمى الماء الجاري معينا لظهوره وكونه مدركا بالعيون وصف ماء تلك الربوة بذلك للايذان بكونه جامعا لفنون المنافع من الشرب وسقى ما يسقى من الحيوان والنبات بغير كلفة والتنزه بمنظره الحسن المعجب ولولا ان يكون الماء الجاري لكان السرور الأوفر فائتا وطيب المكان مفقودا ولا مرّ ما جاء الله بذكر الجنات مشفوعا بذكر الماء الجاري من تحتها مسوقين على قران واحد ومن أحاديث المقاصد الحسنة (ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن) اى مما يحل النظر اليه فان النظر الى الأمرد الصبيح ممنوع قال الشيخ سعدى فى حق من يديم النّظر الى النقاش عند نظر الى النقش چرا طفل يكروزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوب رويان چين و چكل وهما علمان لبلدتين من بلاد الترك يكثر فيهما المحابيب وفى التأويلات النجمية قوله (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) يشير به الى عيسى الروح الذي تولد من امر كن بلا اب من عالم الأسباب وهو أعظم آية من آيات الله المخلوقة التي تدل على ذات الله ومعرفته لانه خليفة الله وروح منه (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) اى ربوة القالب فانه مأوى الروح ومأوى الأمر بالأوامر والنواهي (ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) هو منزلهما ودار قرارهما يعنى مادام القالب يكون مأوى الروح ومقره يكون مأوى الأمر ومقره بان لا تسقط عنه التكاليف واما المعين فهو عين الحكمة الجارية من القلب على اللسان انتهى اللهم يا معين اجعلنا من اهل المعين يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ خطاب لجميع الرسل لا على انهم خوطبوا بذلك دفعة لانهم أرسلوا متفرقين فى ازمنة مختلفة بل على معنى ان كل رسول منهم خوطب به فى زمانه ونودى ووصى ليعلم السامع ان اباحة الطيبات للرسل شرع قديم وان امرا نودى له جميع الأنبياء ووصوا به حقيق ان يؤخذ به ويعمل عليه اى وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعدد المتعلقة بالرسل بصيغة الجمع عند الحكاية اجمالا للايجاز وقال بعضهم انه خطاب لرسول الله وحده على دأب العرب فى مخاطبة الواحد بلفظ الجمع للتعظيم وفيه ابانة لفضله وقيامه مقام الكل فى حيازة كمالاتهم وقد جمع الرحمن فيك لمعا جزا آنكه خوبان همه دارند تو تنها دارى والطيبات ما يستطاب ويستلذ من مباحات المآكل والفواكه وَاعْمَلُوا صالِحاً اى عملا صالحا فانه المقصود منكم والنافع عند ربكم وهذا الأمر للوجوب بخلاف الاول وفيه رد وهدم لما قال بعض المبيحين من ان العبد إذا بلغ غاية المحبة وصفا قلبه واختار الايمان على الكفر من غير نفاق سقط عنه الأعمال الصالحة من العبادات الظاهرة وتكون عبادته التفكر وهذا كفر وضلال فان أكمل الناس فى المحبة والايمان هم الرسل خصوصا حبيب الله مع

[سورة المؤمنون (23) : آية 52]

ان التكاليف بالأعمال الصالحة والعبادات فى حقهم أتم وأكمل إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال الظاهرة والباطنة عَلِيمٌ فاجازيكم عليه وفى الآية دلالة على بطلان ما عليه الرهابنة من رفض الطيبات يعنى على تقدير اعتقادهم بان ليس فى دينهم أكل الطيبات واعلم ان تأخير ذكر العمل الصالح يدل على ان تكون نتيجته أكل الحلال: وفى المثنوى علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال «1» چون ز لقمه تو حسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام هيچ كندم كارى وجو بر دهد ... ديده اسبى كه كره خر دهد لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها زايد از لقمه حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز من المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وفى الحديث (ان الله طيب لا يقبل الا طيبا) : قال صاحب روضة الاخبار فرموده لقمه كه در اصل نباشد حلال ... زونقتد مرد مكر در ضلال قطره باران تو چون صاف نيست ... كوهر درياى تو شفاف نيست وكان عيسى عليه السلام يأكل من غزل امه وكان رزق نبينا عليه السلام من الغنائم وهو أطيب الطيبات- روى- عن اخت شداد انها بعثت الى رسول الله بقدح من لبن فى شدة الحر عند حظره وهو صائم فرده إليها وقال من اين لك هذا فقالت من شاة لى ثم رده وقال من اين هذه الشاة فقالت اشتريتها بمالى فاخذه ثم انها جاءته وقالت يا رسول الله لم رددته فقال بذلك أمرت الرسل ان لا يأكلوا الا طيبا ولا يعملوا الا صالحا قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمسلمين مأمور به قال ابو سليمان الداراني رحمه الله لان أصوم النهار وأفطر الليل على لقمة حلال أحب الى من قيام الليل وصوم النهار وحرام على شمس التوحيد ان تحل قلب عبد فى جوفه لقمة حرام ثم ان أكل الطيبات وان رخص فيه لكنه قد يترك قطعا للطبيعة عن الشهوات قال ابو الفرج بن الجوزي ذكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء به فكيف ولوغ الكلب ولذا قال بعض الكبار من اعتاد بالمباحات حرم لذة المناجاة اللهم اجعلنا من اهل التوجه والمناجاة وَإِنَّ هذِهِ اى ملة الإسلام والتوحيد وأشير إليها بهذه للتنبيه على كمال ظهور أمرها فى الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك فى سلك الأمور المشاهدة أُمَّتُكُمْ اى ملتكم وشريعتكم ايها الرسل قال القرطبي الامة هنا الدين ومنه انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع أُمَّةً واحِدَةً حال من هذه اى ملة وشريعة متحدة فى اصول الشرائع التي لا تتبدل بتبدل الاعصار واما الاختلاف

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را إلخ

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 53 إلى 56]

فى الفروع فلا يسمى اختلافا فى الدين فالحائض والطاهر من النساء دينهما واحد وان افترق تكليفهما وقيل هذه اشارة الى الأمم المؤمنة للرسل والمعنى ان هذه جماعتكم واحدة متفقة على الايمان والتوحيد فى العبادة ولا يلائمه قوله تعالى وَأَنَا رَبُّكُمْ من غير ان يكون لى شريك فى الربوبية فَاتَّقُونِ اى فى شق العصا ومخالفة الكلمة والضمير للرسل والأمم جميعا على ان الأمر فى حق الرسل للتهييج والالهاب وفى حق الأمم للتحذير والإيجاب وفى التفسير الكبير فيه تنبيه على ان دين الجميع واحد فيما يتصل بمعرفة الله تعالى واتقاء معاصيه فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ اى جعلوا امر دينهم مع اتحاده قطعا متفرقة وأديانا مختلفة زُبُراً حال من أمرهم اى قطعا جمع زبور بمعنى الفرقة: وبالفارسية [پارها يعنى كروه كروه شدند واختلاف كردند] كُلُّ حِزْبٍ اى جماعة من أولئك المتحزبين بِما لَدَيْهِمْ من الدين الذي اختاروه فَرِحُونَ معجبون معتقدون انه الحق قال بعض الكبار كيف يفرح العبد بما لديه وليس يعلم ما سبق له فى محتوم العلم ولا ينبغى للعارفين ان يفرحوا بما دون الله من العرش الى الثرى بل العارف الصادق إذا استغرق فى بحار المعرفة فهمومه اكثر من فرحه لما يشاهد من القصور فى الإدراك قال الشيخ سعدى [عاكفان كعبه جلالش بتقصير عبادت معترفند كه ما عبدناك حق عبادتك وواصفان حليه جمالش بتحير منسوب كه ما عرفناك حق معرفتك گر كسى وصف او ز من پرسد ... بى دل از بى نشان چهـ گويد باز عاشقان كشتكان معشوقند ... برنيايد ز كشتكان آواز فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ شبه ما هم فيه من الجهالة بالماء الذي يغمر القامة ويسترها لانهم مغمورون فيها لاعبون بها قال الراغب اصل الغمر ازالة اثر الشيء ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل اثر مسيله غمر وغامر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعل مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى اتركهم يعنى الكفار المتفرقة على حالهم ولا تشغل قلبك بهم وبتفرقهم حَتَّى حِينٍ هو حين قتلهم او موتهم على الكفر او عذابهم فهو وعيد لهم بعذاب الدنيا والآخرة وتسلية لرسول الله ونهى له عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه وما موصولة اى أيظن الكفرة ان الذي نعطيهم إياه وتجعله مددا لهم مِنْ مالٍ وَبَنِينَ بيان للموصول وتخصيص البنين لشدة افتخارهم بهم نُسارِعُ به لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ فيما فيه خيرهم وإكرامهم قال الكاشفى [يعنى كمان ميبرند كه امداد ما ايشانرا بمال وفرزند مسارعتست از ما براى ايشان در نيكويى واعمال ايشانرا استحقاق آن هست كه ما پاداش آن با ايشان نيكويى كنيم] بَلْ [نه چنين است كه مى پندارند بلكه] لا يَشْعُرُونَ [نميدانند كه اين امداد استدراجست نه مسارعت در خير] فهو عطف على مقدر أي كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشىء أصلا كالبهائم لافطنة لهم ولا شعور ليتأملوا ويعرفوا ان ذلك الامداد استدراج واستجرار الى زيادة الإثم

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 إلى 61]

وهم يحسبونه مسارعة لهم فى الخيرات- وروى- فى الخبر ان الله تعالى اوحى الى نبى من الأنبياء أيفرح عبدى ان ابسط له فى الدنيا فهو ابعد له منى أيجزع عبدى المؤمن ان اقبض عنه الدنيا وهو اقرب له منى ثم قال أيحسبون ان ما نمدهم إلخ قال بعض الكبار ان الله تعالى امتحن الممتحنين بزينة الدنيا ولذتها وجاهها ومالها وخيراتها فاستلذوها واحتجبوا بها عن مشاهدة الرحمن وظنوا انهم نالوا جميع الدرجات وانهم مقبولون حين اعطوا هذه الفانيات ولم يعلموا انها استدراج لا منهاج قال عبد العزيز المكي من تزين بزينة فانية فتلك الزينة تكون وبالا عليه الا من تزين بما يبقى من الطاعات والموافقات والمجاهدات فان الأنفس فانية والأموال عوارى والأولاد فتنة فمن تسارع فى جمعها وحظها وتعلق قلبه بها قطع عن الخيرات اجمع وما عبد الله بطاعة أفضل من مخالفة النفس والتقلل من الدنيا وقطع القلب عنها لان المسارعة فى الخيرات هو اجتناب الشرور وأول الشرور حب الدنيا لانها مزرعة الشيطان فمن طلبها وعمرها فهو حزبه وعبده وشر من الشيطان من يعين الشيطان على عمارة داره: ومن كلمات سلطان ولد بگذار جهان را كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست قال الشيخ سعدى قدس سره بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست برفتند هر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ اى من خوف عذابه حذرون والخشية خوف يشوبه تعظيم والإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه وقد سبق تحقيقه فى سورة الأنبياء وعن الحسن ان المؤمن جمع إحسانا وخشية والكافر جمع اساءة وأمنا هر كه ترسد مرورا ايمن كنند وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ المنصوبة فى الآفاق والمنزلة على الإطلاق يُؤْمِنُونَ يصدقون مدلولها ولا يكذبونها بقول وفعل وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ غيره شركا جليا ولا خفيا ولذلك عبر عن الايمان بالآيات قال الجنيد قدس سره من فتش سره فرأى فيه شيأ أعظم من ربه او أجل منه فقد أشرك به او جعل له مثلا وفى التأويلات النجمية ومن أعظم الشرك ملاحظة الخلق فى الرد والقبول وهى الاستبشار بمدحهم والانكسار بذمهم وايضا ملاحضة الأسباب فلا ينبغى ان يتوهم ان حصول الشفاء من شرب الدواء والشبع من أكل الطعام فاذا جاء اليقين بحيث ارتقع التوهم اى توهم ان الشيء من الحدثان لامن التقدير فحينئذ يتقى أمن الشرك: قال الجامى قدس سره جيب خاص است كه كنج كهر اخلاص است ... نيست اين در ثمين در بغل هر دغلى وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا اى يعطون ما أعطوه من الزكوات والصدقات وتوسلوا به الى الله تعالى من الخيرات والمبرات وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار والماضي على التحقق

[سورة المؤمنون (23) : آية 61]

وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ حال من فاعل يؤتون اى والحال ان قلوبهم خائفة أشد الخوف قال الراغب الوجل استشعار الخوف أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ اى من ان رجوعهم اليه تعالى على ان مناط الوجل ان لا يقبل منهم ذلك وان لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به حينئذ لا مجرد رجوعهم اليه تعالى والموصولات الاربعة عبارة عن طائفة واحدة متصفة بما ذكر فى حيز صلاتها من الأوصاف الاربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة كأنه قيل ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون وبآيات ربهم يؤمنون إلخ وانما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها قال بعض الكبار وجل العارف من طاعته اكثر من وجله من مخالفته لان المخالفة تمحى بالتوبة والطاعة تطلب بتصحيحها والإخلاص والصدق فيها فاذا كان فاعل الطاعات خائفا مضطربا فكيف لا يخاف غيره قال الشيخ سعدى قدس سره در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد أنبياء ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا أُولئِكَ المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة خاصة دون غيرهم يُسارِعُونَ [مى شتابند] فِي الْخَيْراتِ اى فى نيل الخيرات التي من جملتها الخيرات العاجلة الموعودة على الأعمال الصالحة كما قال تعالى (فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لانهم إذا سورع بها لهم فقد سارعوا فى نيلها وتعجلوها فيكون اثبت لهم ما نفى عن الكفار قال فى الإرشاد إيثار كلمة فى على كلمة الى للايذان بانهم متقلبون فى فنون الخيرات لا انهم خارجون عنها متوجهون إليها بطريق المسارعة كما فى قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) إلخ وَهُمْ لَها سابِقُونَ اى إياها سابقون متقدمون واللام لتقوية عمل اسم الفاعل اى ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم فى الدنيا قال بعض الكبار بالمسارعات الى الخيرات تبتغى درجة السابقين ويطلب مكارم الواصلين لا بالدواعي والإهمال وتضييع الأوقات من أراد الوصول الى المقامات من غير آداب ورياضات ومجاهدات فقد خاب وخسر وحرم الوصول إليها وفى التأويلات النجمية (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) إلخ اى هم المتوجهون الى الله المعرضون عما سواه المسارعون بقدم الصدق والسعى الجميل على حسب ما سبقت لهم من الله الحسنى (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) على قدر سبق العناية انتهى يعنى بقدر سبق العناية يسبق العبد على طريق الهداية فلكل سالك حظوة ولذا قال بعض الكبار جنة النعيم لاصحاب العلوم وجنة الفردوس لاصحاب الفهوم وجنة المأوى لاصحاب التقوى وجنة عدن للقائمين بالوزن وجنة الخلد للمقيمين على الودّ وجنة المقامة لاهل الكرامة وليس فى مقدور البشر مراقبة الله تعالى فى السر والعلن مع الأنفاس فان ذلك من خصائص الملأ الأعلى واما رسول الله عليه السلام فكانت له هذه الرتبة لكونه مسرعا فى جميع أحواله فلا يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهذا هو السبق الأعلى والمسارعة العليا حيث

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 62 إلى 66]

لا قدم فوقه نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المسارعين الى الخيرات ومراقبى الأنفاس مع الله فى جميع الحالات كما قال (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً) من النفوس إِلَّا وُسْعَها قدر طاقتها فقول لا اله الا الله والعمل بما يترتب عليه من الاحكام من قبيل ما هو فى الوسع قال مقاتل من لم يستطع القيام فليصل قاعدا ومن لم يستطع القعود فليومئ ايماء قال الحريري لم يكلف الله العباد معرفته على قذره وانما كلفهم على أقدارهم ولو كلفهم على قدره لما عرفوه لانه لا يعرفه على الحقيقة أحد سواه: قال الجامى عمرى خرد چو چشمه ها چشمها كشاد ... تا بر كمال كنه اله افكند نكاه ليكن كشيد عاقبتش در دو ديده نيل ... شكل الف كه حرف نخست است از اله وَلَدَيْنا عندنا كِتابٌ صحائف اعمال قد اثبت فيها اعمال كل أحد على ما هى عليه يَنْطِقُ بِالْحَقِّ بالصدق لا يوجد فيه ما يخالف الواقع اى يظهر الحق ويبينه للناظر كما يبينه النطق ويظهر للسامع فينظر هنالك أعمالهم ويترتب عليها اجزيتها ان خيرا فخير وان شرا فشر: وبالفارسية [ونزد ما هست نامه اعمال هر كس كه سخن كويد براستى وكواهى دهد بر كردار هر كس] وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى الجزاء بنقص ثواب او بزيادة عذاب بل يجزون بقدر أعمالهم التي كلفوها ونطقت بها صحائفها بالحق بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا اى بل قلوب الكفرة فى غفلة غامرة اى ساترة لها من هذا الذي بين فى القرآن من ان لديه كتابا ينطق بالحق ويظهر لهم أعمالهم السيئة على رؤس الاشهاد فيجزون بها وَلَهُمْ أَعْمالٌ خبيثة كثيرة مِنْ دُونِ ذلِكَ الذي ذكر من كون قلوبهم فى غفلة عظيمة مما ذكر وهى فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها ما سيأتى من طعنهم فى القرآن هُمْ لَها عامِلُونَ معتادون فعلها حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ غاية لاعمالهم المذكورة ومبتدأ لما بعدها من مضمون الشرطية اى لا يزالون يعملون أعمالهم الى حيث إذا أخذنا متنعميهم ورؤساءهم بِالْعَذابِ الأخروي إذ هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والاقناط واما عذاب يوم بدر فلم يوجد لهم عنده جؤار فالضمير فى قوله إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ راجع الى المترفين اى فاجأوا الصراخ بالاستغاثة اى يرفعون أصواتهم بها ويتضرعون فى طلب النجاة فان اصل الجؤار دفع الصوت بالتضرع وجأر الرجل الى الله تضرع بالدعاء قال الراغب جأر إذا أفرط فى الدعاء والتضرع تشبيها بجؤار الوحشيات كالظباء ونحوها وتخصيص المترفين بأخذ العذاب ومفاجأة الجؤار مع عمومه لغيرهم ايضا لغاية ظهور انعكاس حالهم وايضا إذا كان لقاؤهم هذه الحالة الفظيعة ثابتا واقعا فما ظنك بحال الأصاغر والخدم وقال بعضهم المراد بالمترفين المعذبين ابو جهل وأصحابه الذين قتلوا ببدر والذين هم يجأرون اهل مكة فيكون الضمير راجعا الى ما رجع اليه ضمير مترفيهم وهم الكفرة مطلقا لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ على إضمار القول اى فيقال لهم وتخصيص اليوم بالذكر وهو يوم القيامة لتهويله والإيذان بتفويتهم وقت الجؤار إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ اى لا يلحقكم من جهتنا نصرة تنجيكم مما دهمكم قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فى الدنيا

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 67 إلى 70]

لتنتفعوا بها فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ الا عقاب جمع عقب وهو مؤخر الرجل ورجع على عقبه إذا انثنى راجعا والنكوص الرجوع القهقرى اى معرضون عن سماعها أشد الاعراض فضلا عن تصديقها والعمل بها مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ اى حال كونكم مكذبين بكتابي الذي عبر عنه بآياتى على تضمين الاستكبار معنى التكذيب سامِراً حال بعد حال وهو اسم جمع كالحاضر قال الراغب قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم والسمر سواد الليل ومنه قيل للحديث بالليل سمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل ويسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا وشعرا تَهْجُرُونَ حال اخرى من الهجر بالفتح بمعنى الهذيان او الترك اى تهذون فى شأن القرآن وتتركونه وفيه ذم لمن يسمر فى غير طاعة الله تعالى وكان عليه السلام يؤخر العشاء الى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديث بعدها قال القرطبي اتفق على كراهية الحديث بعدها لان الصلوات حد كفرت خطايا الإنسان فينام على سلامة وقد ختم الحفظة صحيفته بالعبادة فان سمر بعد ذلك فقد لغا وجعل خاتمتها اللغو والباطل وكان عمر رضى الله عنه لا يدع سامرا بعد العشاء ويقول ارجعوا فلعل الله يرزقكم صلاة او تهجدا قال الفقيه ابو الليث رحمه الله السمر على ثلاثة أوجه. أحدها ان يكون فى مذاكرة العلم فهو أفضل من النوم ويلحق به كل ما فيه خير وصلاح للناس فانه كان سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء فى بيت ابى بكر رضى الله عنه ليلا فى الأمر الذي يكون من امر المسلمين. والثاني ان يكون فى أساطير الأولين والأحاديث الكذب والسخرية والضحك فهو مكروه. والثالث ان يتكلموا للمؤانسة ويجتنبوا الكذب وقول الباطل فلا بأس به والكف عنه أفضل للنهى الوارد فيه وإذا فعلوا ذلك ينبغى ان يكون رجوعهم الى ذكر الله والتسبيح والاستغفار حتى يكون رجوعهم بالخير وكان عليه السلام إذا أراد القيام عن مجلسه قال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك ثم يقول علمنيهن جبريل ... قال فى روضة الاخبار من قال ذلك قبل ان يقوم من مجلسه كفر الله ما كان فى مجلسه ذلك كذا فى الحديث انتهى وروى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا سمر الا لمسافر او لمصل ومعنى ذلك ان المسافر يحتاج الى ما يدفع عنه النوم للمشى فابيح له ذلك وان لم يكن فيه قربة وطاعة والمصلى إذا سمر ثم صلى يكون نومه على الصلاة وختم سمره بالطاعة فعلى العاقل ان يجتنب عن الفضول وعن كل ما يفضى الى البعد عن حريم القبول وبقي عمره من تضيع الأوقات فى اكتساب ما هو من الآفات: قال الحافظ ما قصه سكندر ودارا بخوانده ايم ... از ما بجز حكايت مهر ووفا مپرس وقال بعضهم جز ياد دوست هر چهـ كنم جمله ضايعست ... جز سر شوق هر چهـ بگويم بطالتست أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والفاء للعطف على مقدر اى

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 69 إلى 70]

أفعل الكفار ما فعلوا من النكوص والاستكبار والهجر فلم يتدبروا القرآن ليعرفوا بما فيه من اعجاز النظم وصحة المدلول والاخبار عن الغيب انه الحق من ربهم فيؤمنوا به فضلا عما فعلوا فى شأنه من القبائح والتدبر إحضار القلب للفهم قال الراغب التدبر التفكر فى دبر الأمور أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضراب والانتقال عن التوبيخ بما ذكر الى التوبيخ بآخر والهمزة لانكار الواقع اى بل أجاءهم من الكتاب ما لم يأت آباءهم الأولين حتى استبعدوه فوقعوا فى الكفر والضلال يعنى ان مجيئ الكتب من جهته تعالى الى الرسل سنة قديمة له تعالى لا يكاد يتسنى إنكارها وان مجيئ القرآن على طريقته فمن اين ينكرونه أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ إضراب وانتقال من التوبيخ بما ذكر الى التوبيخ بوجه آخر والهمزة لانكار الوقوع ايضا اى بل ألم يعرفوه عليه السلام بالامانة والصدق وحسن الأخلاق وكمال العلم مع عدم التعلم من أحد الى غير ذلك من صفة الأنبياء فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ اى جاهدون بنبوته فحيث انتفى عدم معرفتهم بشأنه عليه السلام ظهر بطلان انكارهم لانه مترتب عليه أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ انتقال الى توبيخ آخر والهمزة لانكار الواقع اى بل أيقولون به جنون: وبالفارسية [يا ميكويند در وديونكيست] مع انه أرجح الناس عقلا واثقبهم ذهنا واتقنهم رأيا وأوفرهم رزانة بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ اى ليس الأمر كما زعموا فى حق القرآن والرسول بل جاءهم الرسول بالصدق الثابت الذي لا ميل عنه ولا مدخل فيه للباطل بوجه من الوجوه قال الكاشفى [يعنى اسلام يا سخن راست كه قرآنست] وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ من حيث هو حق اى حق كان لا لهذا الحق فقط كما ينبئ عنه الإظهار فى موقع الإضمار كارِهُونَ لما فى جبلتهم من الزيغ والانحراف المناسب للباطل ولذلك كرهوا هذا الحق الأبلج وزاغوا عن الطريق الانهج وتخصيص أكثرهم بهذا الوصف لا يقتضى الا عدم كراهة الباقين لكل حق من الحقوق وذلك لا ينافى كراهتهم لهذا الحق المبين يقول الفقير لعل وجه التخصيص ان اكثر القوم وهم الباقون على الكفر كارهون للحق ولذا أصروا وأقلهم وهم المختارون للايمان غير كارهين ولذا أقروا فان الحكمة الالهية جارية على ان قوم كل نبى أكثرهم معاند كما قال تعالى (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) : قال الحافظ كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود فالاقل وهم المستعدون كالجواهر النفيسة والازهار الطيبة والأكثر وهم غير المستعدين كالاحجار الخسيسة والنباتات اليابسة واعلم ان الكفار كرهوا الحق المحبوب المرغوب طبعا وعقلا ولو تركوا الطبع والعقل واتبعوا الشرع واحبوه لكان خيرا لهم فى الدنيا والآخرة ان قلت هل يعتد فى الآخرة بما يفعل الإنسان فى الدنيا من الطاعة كرها قلت لا فان الله تعالى ينظر الى السرائر ولا يرضى الا الإخلاص ولهذا قال عليه السلام (انما الأعمال بالنيات) وقال (أخلص يكفك القليل من العمل) عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكرنه چهـ آيد ز بي مغز پوست اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 71 إلى 74]

ومن لطائف المولى الجامى تهيست سبحه زاهد ز كوهر اخلاص ... هزار بار من آنرا شمرده ام يك يك ودلت الآية على ان ما هو مكروه عند الإنسان لا يلزم ان يكون مكروها عند الرحمن والله تعالى لا يحمل العباد الا على نعيم الابد وقد علم الحق تعالى قلة نهوض العباد الى معاملته التي لا مصلحة لهم فى الدارين الا بها فاوجب عليهم وجود طاعته ورتب عليها وجود ثوابه وعقوبته فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب إذ ليس عندهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة هذا حال اكثر الخلق بخلاف اهل المروءة والصفا وذوى المحبة والوفا الذين لم يزدهم التكليف الا شرفا فى أفعالهم وزيادة فى نوالهم ولو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية ورعوا ما يجب ان يراعى من حرمة الربوبية حتى ان منهم من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة قيل ولهذا يشير عليه السلام بقوله (عجب ربكم من قوم يقادون الى الجنة بالسلاسل) وفى الحديث اشارة ايضا الى ان بعض الكراهة قد يؤول الى المحبة ألا ترى الى احوال بعض الأسارى فانهم يدخلون دار الإسلام كرها ثم يهديهم الله تعالى فيؤمنون طوعا فيساقون الى الجنة بالسلاسل فالعبرة فى كل شىء للخاتمة فال بعضهم من طالع الثواب والعقاب فاسلم رغبة ورهبة فهو انما اسلم كرها ومن طالع المثيب والمعاقب لا الثواب والعقاب فاسلم معرفة ومحبة فهو انما اسلم طوعا وهو الذي يعتد به عند اهل الله تعالى فعلى العاقل ان يتدبر القرآن فيخلص الايمان ويصل الى العرفان والإيقان بل الى المشاهدة والعيان والله تعالى أرسل رسوله بالحق فماذا بعد الحق الا الضلال وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ الذي كرهوه ومن جملته ما جاء به عليه السلام من القرآن أَهْواءَهُمْ مشتهيات الكفرة بان جاء القرآن موافقا لمرادتهم فجعل موافقته اتباعا على التوسع والمجاز لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ من الملائكة والانس والجن وخرجت عن الصلاح والانتظام بالكلية لان مناط النظام وما به قوام العالم ليس الا الحق الذي من جملته الإسلام والتوحيد والعدل ونحو ذلك قال بعضهم لولا ان الله امر بمخالفة النفوس ومباينتها لاتبع الخلق أهواءهم وشهواتهم ولو فعلوا ذلك لضلوا عن طريق العبودية وتركوا او امر الله تعالى واعرضوا عن طاعته ولزموا مخالفته والهوى يهوى بمتابعيه الى الهاوية بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ انتقال من تشنيعهم بكراهة الحق الذي يقوم به العالم الى تشنيعهم بالاعراض عما جبل عليه كل نفس من الرغبة فيما فيه خيرها والمراد بالذكر القرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) اى شرف لك ولقومك والمعنى بل اتيناهم بفخرهم وشرفهم الذي يجب عليهم ان يقبلوا عليه أكمل اقبال وفى التأويلات النجمية (بَلْ أَتَيْناهُمْ) بما فيه لهم صلاح فى الحال وذكر فى المال فَهُمْ بسوء اختيارهم عَنْ ذِكْرِهِمْ عن صلاح حالهم وشرف مآلهم وفى الإرشاد اى فخرهم وشرفهم خاصة مُعْرِضُونَ لا عن غير ذلك مما لا يوجب الإقبال عليه والاعتناء به أَمْ تَسْأَلُهُمْ انتقال من توبيخهم بما ذكر من قولهم أم يقولون به جنة

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 73 إلى 74]

الى التوبيخ بوجه اخر كأنه قيل أم يزعمون انك تسألهم على أداء الرسالة خَرْجاً اى جعلا واجر فلاجل ذلك لا يؤمنون بك فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ تعليل لنفى السؤال المستفاد من الإنكار اى لا تسألهم ذلك فان رزق ربك فى الدنيا وثوابه فى العقبى خير لك من ذلك لسعته ودوامه ففيه استغناء لك عن عطائهم والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه الى غيرك والخراج غالب فى الضريبة على الأرض ففيه اشعار بالكثرة واللزوم فيكون ابلغ ولذلك عبر به عن عطاء الله إياه قال فى تفسير المناسبات وكأنه سماه خراجا اشارة الى انه أوجب رزق كل أحد على نفسه بوعد لا خلف فيه وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اى خير من اعطى عوضا على عمل لان ما يعطيه لا ينقطع ولا يتكدر وهو تقدير لخيرية خراجه تعالى وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان العلماء بالله الراسخين فى العلم لا يدنسون وجوه قلوبهم الناضرة بدنس الاطماع الفاسدة والصالحة الدنيوية والاخروية فيما يعاملون الله فى دعوة الخلق الى الله بالله لله زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وهنر ميفروشد بنان قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ أخذ الاجرة على وعظه الناس وهو من أحل ما يأكله وان كان ترك ذلك أفضل وإيضاح ذلك ان مقام الدعوة الى الله يقتضى الاجارة فانه ما من نبى دعا الى الله الا قال ان اجرى الا على الله فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من الله لا من المخلوق انتهى وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تشهد العقول السلمية باستقامته لا عوج فيه يوجب اتهامهم لك وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وصفوا بذلك تشنيعا لهم بما هم عليه من الانهماك فى الدنيا وزعمهم ان لا حياة الا الحياة الدنيا عَنِ الصِّراطِ المستقيم الذي تدعوهم اليه لَناكِبُونَ مائلون عادلون عنه فان الايمان بالآخرة وخوف ما فيها من الدواهي من أقوى الدواعي الى طلب الحق وسلوك سبيله وليس لهم ايمان وخوف حتى يطلبوا الحق ويسلكوا سبيله ففى الوصف بعدم الايمان بالآخرة اشعار بعلة الحكم ايضا كالتشنيع المذكور قال ابو بكر الوراق من لم يهتم لامر معاده ومنقلبه وما يظهر عليه فى الملأ الأعلى والمسند الأعظم فهو ضال عن طريقته غير متبع لرشده واحسن منه حالا من لم يهتم لما جرى له فى السابقة ثم فى الآيات اخبار ان الكفار متعنتون محجوجون من كل وجه فى ترك الاتباع والاستماع الى رسول الله عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك قيل لما انصرف هارون الرشيد من الحج اقام بالكوفة أياما فلما خرج وقف بهلول المجنون على طريقه وناداه بأعلى صوته يا هارون ثلاثا فقال هارون تعجبا من الذي ينادينى فقيل له بهلول المجنون فوقف هارون وامر برفع الستر وكان يكلم الناس وراء الستر فقال له أتعرفني قال نعم أعرفك فقال من انا قال أنت الذي لو ظلم أحد فى المشرق وأنت فى المغرب سألك الله

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 75 إلى 80]

تعالى عن ذلك يوم القيامة فبكى هارون من تأثير كلامه وقال كيف ترى حالى قال اعرضه على كتاب الله وهى (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) قال اين اعمالنا قال (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) قال واين قرابتنا من رسول الله قال (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) قال واين شفاعة رسول الله إيانا قال (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) قال هارون هل لك حاجة قال نعم ان تغفر لى ذنوبى وتدخلنى الجنة قال ليس هذا بيدي ولكن بلغنا ان عليك دينا فنقضيه عنك قال الدين لا يقضى بدين ادّ اموال الناس إليهم قال هارون أنأمر لك برزق يردّ عليك الى ان تموت قال نحن عبد ان لله تعالى أترى يذكرك وينسانى فقبل نصحه ومضى الى طريقه وأشار بهلول فى قوله الأخير الى مضمون قوله تعالى (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) لان ما ورد من حيث لا يحتسب خير مما ورد من جهة معينة: قال الحافظ قدس سره كنج زر كر نبود كنج قناعت باقيست ... آنكه آن داد بشاهان بگدايان ابن داد قال الشيخ سعدى قدس سره نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش اگر پادشاهست اگر پينه دوز ... چوخفتند كردد شب هر دو روز وَلَوْ رَحِمْناهُمْ روى انه لما اسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة عن اهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز وهو شىء يتخذونه من الوبر والدم قال الكاشفى [واهل مكه بخوردن مرده ومردار مبتلا شدند] جاء ابو سفيان الى رسول الله فى المدينة فقال أنشدك الله والرحم اى اسألك بالله وبحرمة الرحم والقرابة ألست تزعم انك بعثت رحمة للعالمين فقال بلى فقال قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فادع ان يكشف عنا هذا القحط فدعا فكشف عنهم فانزل الله هذه الآية وَكَشَفْنا أزلنا عنهم ما بِهِمْ [آنچهـ بر ايشان واقع است] مِنْ ضُرٍّ من سوء الحال يعنى القحط والجدب الذي غلب عليهم وأصابهم لَلَجُّوا اللجاج التمادي فى الخصومة والعناد فى تعاطى الفعل المزجور عنه وتمادى تناهى من المدى وهو الغاية والمعنى لتمادوا فِي طُغْيانِهِمْ الطغيان مجاوزة الحد فى الشيء وكل مجاوز حده فى العصيان طاغ اى فى افراطهم فى الكفر والاستكبار وعداوة الرسول والمؤمنين يعنى لارتدوا الى ما كانوا عليه ولذهب عنهم هذا التملق وقد كان ذلك ستيزندكى كار ديو وددست ... ستيزندكى دشمنى با خود است يَعْمَهُونَ العمه التردد فى الأمر من التحير اى عامهين عن الهدى مترددين فى الضلالة لا يدرون اين يتوجهون كمن يضل عن الطريق فى الفلاة لا رأى له ولا دراية بالطريق قال ابن عطاء الرحمة من الله على الأرواح المشاهدة ورحمته على الاسرار المراقبة ورحمته على القلوب المعرفة ورحمته على الأبدان آثار الجذبة عليها على سبيل السنة وقال ابو بكر بن طاهر كشف الضر هو الخلاص من أماني النفس وطول الأمل وطلب الرياسة والعلو وحب الدنيا

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 76 إلى 77]

وهذا كله مما يضر بالمؤمن وقال الواسطي للعلم طغيان وهو التفاخر به وللمال طغيان وهو البخل وللعمل والعبادة طغيان وهو الرياء والسمعة وللنفس طغيان وهو اتباع شهواتها وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ اللام جواب قسم محذوف اى وبالله لقد أخذناهم اى اهل مكة بالعذاب الدنيوي وهو ما أصابهم يوم بدر من القتل والاسر وفى التأويلات النجمية اذقناهم مقدمات العذاب دون شدائده تنبيها لهم فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ فما وجدت منهم بعد ذلك استكانة ولا تضرع لربهم ومضوا على العتو والاستكبار والاستكانة الخضوع والذلة والتضرع اظهار الضراعة اى الضعف والذلة ووزن استكان استفعل من الكون لان الخاضع ينتقل من كون الى كون كما قيل استحال إذا انتقل من حال الى حال او افتعل من السكون أشبعت فتحة عينه وصيغة المضارع فى وما يتضرعون لرعاية الفواصل وفى الإرشاد هو اعتراض مقرر لمضمون ما قبله اى وليس من عادتهم التضرع اليه تعالى حَتَّى إِذا [تا چون] فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ هو عذاب الآخرة إِذا هُمْ [ناكاه ايشان] فِيهِ [دران عذاب] مُبْلِسُونَ متحيرون آيسون من كل خير أي محناهم بكل محنة من القتل والاسر والجوع وغير ذلك فما رؤى منهم انقياد للحق وتوجه الى الإسلام واما ما أظهره ابو سفيان فليس من الاستكانة له تعالى والتضرع اليه فى شىء وانما هو نوع قنوع الى ان يتم غرضه فحاله كما قيل إذا جاع ضغا وإذا شبع طغا وأكثرهم مستمرون على ذلك الى ان يروا عذاب الآخرة فحينئذ يبلسون كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) وقوله تعالى (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) قال عكرمة هو باب من أبواب جهنم عليه من الخزنة اربعمائة الف سود وجوههم كالحة أنيابهم قد قلعت الرحمة من قلوبهم إذا بلغوه فتحه الله عليهم نسأل الله العافية من ذلك قال وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج من ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون قد عملت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وخرج على سهل الصعلوكي من مستوقد حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه فعلم منه ان عذاب الآخرة ليس كعذاب الدنيا ومن عرف حقيقة الحال يقع فى خوف المآل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل (ما لى لم ار ميكائيل ضاحكا قط) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار واعلم ان المجاهدات والرياضات عذاب للنفس والطبيعة لاذابة جوهرهما من حيث الهوى والشهوات وإرجاعهما الى الفطرة الاصلية لكن لا بد مع ذلك من التضرع والبكاء وتعفير الوجوه بالتراب لانه بالاعتماد على الكسب يصعب طريق الوصول وبالافتقار والذلة

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 78 إلى 80]

ينفتح باب القبول جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار فعلم منه ان العذاب لا ينقطع الا بافراد العبودية لله تعالى والتواضع على وجه ليس فيه شائبة انانية أصلا نسأل الله سبحانه ان يكشف عنا ظلمة النفس وينورنا بنور الانس والقدس انه المسئول فى كل امل والمأمول من كل عمل وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ خلق لَكُمُ لمنافعكم السَّمْعَ وهى قوة فى الاذن بها تدرك الأصوات والفعل يقال له السمع ايضا ويعبر تارة بالسمع عن الاذن: وبالفارسية [كوش] وَالْأَبْصارَ جمع بصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة فيها: وبالفارسية [ديده] وَالْأَفْئِدَةَ جمع فؤاد: وبالفارسية [دل] قال الراغب هو كالقلب لكن يقال فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفؤد اى التوقد يقال فادت اللحم شويته ولحم فئيد مشوى وخص هذه الثلاثة بالذكر لان اكثر المنافع الدينية والدنيوية متعلق بها قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ ما صلة لتأكيد القلة اى شكرا قليلا تشكرون هذه النعم الجليلة لان العمدة فى الشكر استعمالها فيما خلقت لاجله وأنتم تخلون بها اخلالا عظيما وفى العيون لم تشكروه لا قليلا ولا كثيرا يقول الفقير وهذا لان القلة ربما تستعمل فى العدم وهو موافق لحال الكفار ثم فى الآية اشارة الى معانى ثلاثة. أحدها اظهار انعامه العظيم وافضاله الجسيم بهذه النعم الجليلة من السمع والابصار والافئدة. وثانيها مطالبة العباد بالشكر على هذه النعم. وثالثها الشكاية من العباد إذ الشاكر منهم قليل كما قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) وشكر هذه النعم استعمالها فى طاعة المنعم وعبوديته فشكر السمع حفظه عن استماع المنهيات وان لا يسمع الا لله وبالله وعن الله كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش وشكر البصر حفظه عن النظر الى المحرمات وان ينظر بنظر العبرة لله وبالله والى الله دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست وشكر القلب تصفيته عن رين الأخلاق الذميمة وقطع تعلقه عن الكونين فلا يشهد غير الله ولا يحب الا الله ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نكاه دار ومخسب وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ خلقكم وبثكم فيها بالتناسل يقال ذرأ الله الخلق اى أوجد أشخاصهم وَإِلَيْهِ تعالى لا الى غيره تُحْشَرُونَ تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم فمالكم لا تؤمنون به ولا تشكرون وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ من غير ان يشاركه فى ذلك شىء من الأشياء اى يعطى الحياة النطف والتراب والبيض والموتى يوم القيامة ويأخذ الحياة من الاحياء ولم يقل احيى وأمات كما قال انشأكم وذرأكم ولكن جاء على لفظ المضارع ليدل على ان الاحياء والاماتة عادته وَلَهُ خاصة اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 81 إلى 88]

هو المؤثر فى تعاقبهما لا الشمس او فى اختلافهما ازديادا وانتقاصا أَفَلا تَعْقِلُونَ اى اى أتفعلون عن تلك الآيات فلا تعقلون بالنظر والتأمل ان الكل منا وان قدرتنا تعم الممكنات وان البعث من جملتها بَلْ قالُوا عطف على مضمر يقتضيه المقام اى لم يعقلوا بل قالوا اى كفار مكة مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ اى كما قال من قبلهم من الكفار ثم فسر هذا القبول المبهم بقوله قالُوا أَإِذا مِتْنا [آيا چون بميريم] وَكُنَّا تُراباً [وباشيم خاك] وَعِظاماً [واستخوانى خاكى كهنه] أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا ما برانگيخته شدكان شويم استفهام بر سبيل انكار است يعنى چون خاك كرديم حشر وبعث چكونه بما راه يابد] استبعدوا ولم يتأملوا انهم كانوا قبل ذلك ايضا ترابا فخلقوا والعامل فى إذا ما دل عليه لمبعوثون وهو نبعث لان ما بعد ان لا يعمل فيما قبلها لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا اى البعث وهو مفعول ثان لوعدنا مِنْ قَبْلُ متعلق بالفعل من حيث اسناده الى آبائهم لا إليهم اى وعد آباؤنا من قبل محمد فلم يروا له حقيقة: يعنى [ما را و پدران ما را بوعده حشر ونشر تخويف كرده اند واين وعده راست نشد] إِنْ هذا ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أكاذيبهم التي سطروها من غير ان يكون لها حقيقة. جمع اسطورة لانه يستعمل فيما يتلهى به كالاعاجيب والاضاحيك وفيه اشارة الى ان الناس كلهم اهل تقليد من المتقدمين والمتأخرين إلا من هداه الله بنور الايمان الى التصديق بالتحقيق فان المتأخرين هاهنا قلدوا آباءهم المتقدمين فى تكذيب الأنبياء والجحود وانكار البعث: قال الجامى قدس سره خواهى بصوت كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها من المخلوقات تغليبا للعقلاء على غيرهم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شيأ ما فاخبرونى به فان ذلك كاف فى الجواب وفيه من المبالغة فى وضوح الأمر فى تجهيلهم ما لا يخفى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ لان بديهة العقل تضطرهم الى الاعتراف بانه تعالى خالقها قُلْ عند اعترافهم بذلك تبكيتا لهم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى تقولون ذلك فلا تتذكرون ان من فطر الأرض وما فيها ابتداء قادر على إعادتها ثانيا فان البدء ليس باهون من الاعادة بل الأمر بالعكس فى قياس العقول قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ترقى فى الأمر بالسؤال من الأدنى والأصغر الى الأعلى والأكبر فان السموات والعرش أعظم من الأرض ولا يلزم منه ان يكون من فى السموات أجل ممن فى الأرض حتى تكون الملائكة أفضل من جنس البشر كما لا يخفى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ باللام نظرا الى معنى السؤال فان قولك من ربه ولمن هو فى معنى واحد يعنى إذا قلت من رب هذا فمعناه لمن هذا فالجواب لفلان قُلْ توبيخا لهم أَفَلا تَتَّقُونَ اى أتعملون ذلك فلا تتقون عذابه بعد العمل بموجب العلم حيث تكفرون به وتنكرون البعث وتثبتون له شريكا فى الربوبية قدم التذكر على التقوى لانهم بالتذكر يصلون الى المعرفة وبعد ان عرفوه علموا انه يجب عليهم اتقاء مخالفته قُلْ مَنْ بِيَدِهِ اليد فى الأصل اسم موضوع للجارحة من المنكب الى أطراف الأصابع وهو العضو المركب من لحم وعظم وعصب وكل من هذه الثلاثة جسم مخصوص بصفة مخصوصة

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 89 إلى 91]

والله تعالى متعال عن الأجسام كلها وعن مشابهتها فلما تعذرت وجب الحمل على التجوز عن معنى معقول هو القدرة وبه نفسر قوله عليه السلام (ان الله خمر طينة آدم بيده) اى بقدرته الباهرة فان العضو المركب منها محال على الله ليس كمثله شىء لانه يلزم تركبه وتحيزه وذلك امارة الحدوث المنافى للازلية والقدم وكذلك الإصبعان فى قوله عليه السلام (ان قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن) فان اهل الحق على ان الإصبعين وكذا اليدان فى قوله (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) مجازان عن القدرة فانه شائع اى خلقت بقدرة كاملة ولم يرد بقدرتين مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ مما ذكر ومما يذكر اى ملكه التام فان الملكوت الملك والتاء للمبالغة قال الراغب الملكوت مختص بملك الله تعالى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان لكل شىء ملكوتا وهو روحه من عالم الملكوت الذي هو قائم به يسبح الله تعالى به كقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وروح ذلك بيد الله انتهى يقول الفقير وهو الموافق لما قبل الآية فانه تعالى لما بين انه يهب كل جسم وجرم بين ان بيده روح ذلك الجسم والجرم وَهُوَ يُجِيرُ اى يغيث غيره إذا شاء وَلا يُجارُ عَلَيْهِ اى ولا يغاث أحد عليه اى لا يمنع أحد منه بالنصر عليه وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة وفى التأويلات النجمية وهو يجير الأشياء من الهلاك بالقيومية ولا يجار عليه اى لا مانع له ممن أراد هلاكه إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذلك فاجيبونى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ اى لله ملكوت كل شىء وهو الذي يجير ولا يجار عليه قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ اى فمن اين تخدعون وتصرفون عن الرشد مع علمكم به مع ما أنتم عليه من الغى فان من لا يكون مسحورا مختلا عقله لا يكون كذلك والخادع هو الشيطان والهوى اى كه پى نفس وهوى ميروى ... ره اينست خطا ميروى «1» راه روان ز ان ره ديكر روند ... پس تو بدين راه چرا ميروى منزل مقصود از ان جا نبست ... پس تو ازين سو بكجا ميروى بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ من التوحيد والوعد بالبعث وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما قالوا من الشرك وانكار البعث بين انهم أصروا على جحودهم وأقاموا على عتوهم ونبوهم بعد ان ازيحت العلل فلات حين عذر وليس المساهلة موجب بقاء وقد انتقم الله منهم فانه يمهل ولا يمهل قال سقراط اهل الدنيا كسطور فى صحيفة كلما نشر بعضها طوى بعضها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضى ستة آلاف سنة وليأتين عليها مئون من سنين ليس عليها موحدين يعنى عند آخر الزمان فكل من السعيد والشقي لا يبقى على وجه الدهر فيموت ثم يبعث فيجازى: وفى المثنوى خاك را ونطفه را ومضغه را ... پيش چشم ما همى دارد خدا كز كجا آوردمت اى بد نيت ... كه از ان آيد همى خفريقيت نو بدان عاشق بدى در دور آن ... منكر اين فضل بودى آن زمان اين كرم چون دفع آن انكار تست ... كه ميان خاك ميكردى نخست حجت انكار شد انشار تو ... از دوا بهتر شد اين بيمار تو

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ.

[سورة المؤمنون (23) : آية 91]

خاك را تصوير اين كار از كجا ... نطفه را خصمى وانكار از كجا چون دران دم بي دل وبي سر بدى ... فكرت وانكار را منكر بدى از جمادى چونكه انكارت برست ... هم ازين انكار حشرت شد درست پس مثال تو چوآن حلقه زنيست ... كز درونش خواجه كويد خواجه نيست حلقه زن زين نيست دريابد كه هست ... پس ز حلقه برندارد هيچ دست پس هم انكارت مبين ميكند ... كز جماداو حشر صد فن ميكند چند صنعت رفت از انكار تا ... آب وگل انكار زاد از هل اتى آب وكل ميكفت خود انكار نيست ... بانك ميزد بيخبر كاخبار نيست مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ كما يقول النصارى والقائلون ان الملائكة بنات الله لانه لم يجانس أحدا ولم يماثله حتى يكون من جنسه وشبهه صاحبة فيتوالدا وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ يشاركه فى الالوهية كما يقول عبدة الأصنام وغيرهم والآية حجة على من يقول خالق النور غير خالق الظلمة إِذاً [آن هنكام] وهو يدخل على جواب وجزاء وهو لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ولم يتقدمه شرط لكن قوله وما كان معه من اله يدل على شرط محذوف تقديره ولو كان معه آلهة لانفرد كل اله بما خلقه واستبدّ به دون الإله الآخر وامتاز ملكه عن ملك الآخر: وبالفارسية [ببرد خداى آنرا كه آفريده بود ودر آن مستقل ومستبد باشد پس مخلوقات اين خداى از مخلوق ديكر ومشاهده ميرود كه ميان هيچ مخلوقات علامت تميز نيست پس ثابت شد كه با او هيچ خداى نيست وحده لا شريك له وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اتخاذ الولد لا يصح كاتخاذ الشريك والأمران جميعا داخلان فى حد الاستحالة لان الولد والشريك يوجب المساواة فى القدر والصمدية تتقدس عن جواز ان يكون له مثل او جنس ولو تصورنا جوازه إذا لذهب كل اله بما خلق فكل امر نيط باثنين فقد انتفى عن النظام وصحة الترتيب بر وحدتش صحيفه لا ريب حجتست ... اينك نوشته از شهد الله بر ان كواه وَلَعَلا لغلب بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ كما هو الجاري فيما بين ملوك الدنيا فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شىء وهو باطل لا يقول به عاقل قط قال الكاشفى [اگر باو خدايى بودى و چنانچهـ كفته شد مخلوق خود را خدا كردى وملك آواز ملك اين ممتاز شدى هر آيينه طرح نزاع وحرب ميان ايشان پديد آمدى چنانچهـ از حال ملوك دنيا معلومست وبإجماع واستقرا معلوم شد كه اين تجارب وتنازع واقع نيست پس او را شريك نبود] قال فى الاسئلة المقحمة (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) اى لغلب منهما القوى على الضعيف وهو دليل على انه لو كان إلهان لوقع التمانع بينهما بالعلم والقدرة فانه إذا أراد أحدهما احياء زيد والآخر إفناءه استوت قدرتهما بمنع كل واحد منهما فعل صاحبه ومهما ارتفع مراد أحدهما غلب صاحبه بالقدرة ونظيره حبل يتجاذبه اثنان فاذا استويا فى القدرة بقيا متجاذبين فان غلب أحدهما بالجذب لم يبق لفعل الآخر اثر فهو معنى الآية سُبْحانَ اللَّهِ نزهوه تنزيها وقال

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 92 إلى 98]

الكاشفى [پاكست خداى تعالى] وفى بحر العلوم تنزيه او تعجيب عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه ويضيفونه اليه من الأولاد والشركاء عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ بالجر على انه بدل من الجلالة اى عالم السر والعلانية: وبالفارسية [پوشيده وآشكار] وفى التأويلات النجمية عالم الملك والملكوت والأرواح والأجساد انتهى ثم ان الغيب بالنسبة إلينا لا بالنسبة اليه تعالى فهو عالم به وبالشهادة على سواء وهو دليل آخر على انتفاء الشريك بناء على توافقهم فى تفرده تعالى بذلك ولذلك رتب عليه بالفاء قوله تعالى فَتَعالى الله وتنزه عَمَّا يُشْرِكُونَ به مما لا يعلم شيأ من الغيب ولا يتكامل عليه بالشهادة فان تفرده بذلك موجب لتعاليه عن ان يكون له شريك قال الراغب شرك الإنسان فى الدين ضربان أحدهما الشرك العظيم وهو اثبات شريك لله تعالى يقال أشرك فلان بالله وذلك أعظم كفر والثاني الشرك الصغير وهو مراعاة غير الله معه فى بعض الأمور وذلك كالرياء والنفاق وفى الحديث (والشرك فى هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا) مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان كفتند مشرك قال الشيخ سعدى قدس سره منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز قال يحيى بن معاذ ان للتوحيد نورا وللشرك نارا وان نور التوحيد احرق سيآت الموحدين كما ان نار الشرك أحرقت حسنات المشركين- روى- ان قائلا قال يا رسول الله فبم النجاة غدا قال (ان لا تخادع الله) قال وكيف نخادع الله قال (ان لا تعمل بما أمرك الله وتريد به غير وجه الله) . ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار والعمدة فى هذا الباب التوحيد فانه كما يتخلص من الشرك الأكبر الجلى بالتوحيد كذلك يتخلص من الشرك الأصغر به فينبغى ان يشتغل به ويجتهد قدر الاستطاعة لينال على درجات اهل الايمان والتوحيد من الصديقين ولكن برعاية الشريعة النبوية والاجتناب عن الصفات الذميمة للنفس حتى يتخلق بأخلاق الله نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المنقطعين عما سواه والعاملين بالله لله فى الله قُلْ رَبِّ [اى پروردگار من] إِمَّا أصله ان ما وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط كالنون فى قوله تُرِيَنِّي اى ان كان لا بد من ان ترينى: وبالفارسية [اگر نمايى مرا] ما يُوعَدُونَ اى المشركون من العذاب الدنيوي المستأصل والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر رَبِّ يا رب فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى قرينا لهم فى العذاب وأخرجني من بين أيديهم سالما والمراد بالظلم الشرك وفيه إيذان بكمال فظاعة ما وعدوه من العذاب وكونه بحيث يجب ان يستعيذ منه من لا يكاد يمكن ان يحيق به ورد لانكارهم إياه واستعجالهم به على طريقة الاستهزاء وهذا يدل على ان البلاء ربما يعم اهل الولاء وان للحق ان يفعل ما يريد ولو عذب البر لم يكن ذلك منه ظلما ولا قبيحا وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ من العذاب لَقادِرُونَ

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 96 إلى 98]

ولكنا نؤخره لعلمنا بان بعضهم او بعض أعقابهم سيؤمنون أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم ادْفَعْ بِالَّتِي بالطريقة التي هِيَ أَحْسَنُ اى احسن طرق الدفع من الحلم والصفح السَّيِّئَةَ التي تأتيك منهم من الأذى والمكروه وهو مفعول ادفع والسيئة الفعلة القبيحة وهو ضد الحسنة قال بعضهم استعمل معهم ما جعلناك عليه من الأخلاق الكريمة والشفقة والرحمة فانك أعظم خطرا من ان يؤثر فيك ما يظهرونه من انواع المخالفات وفى التأويلات النجمية يعنى مكافأة السيئة جائزة لكن العفو عنها احسن ويقال ادفع بالوفاء الجفاء ويقال الأحسن ما أشار اليه القلب بالمعافاة والسيئة ما تدعو اليه النفس للمكافأة ويقال [دفع كن ظلمت خلائق را بنور حقائق يا خظوظ خود را بحقوق خدا طى كن تيه حوادث را بقدم سلوك در طريق معرفت چوطى كشت تيه حوادث از آنجا ... بملك قدم ران بيك حمله محمل در ان قلزم نور شو غوطه زن ... فرو شوى از خويشتن ظلمت ظل يكى خوان يكى دان يكى كويكى جو ... سوى الله والله زور است وباطل نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ بما يصفونك به على خلاف ما أنت عليه كالسحر والشعر والجنون والوصف ذكر الشيء بحليته ونعته قد يكون حقا وقد يكون باطلا وفيه وعيد لهم بالجزاء والعقوبة وتسلية لرسول الله وارشاد له الى تفويض امره اليه تعالى وَقُلْ رَبِّ يا رب أَعُوذُ بِكَ العوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ اى وساوسهم المغوية على خلاف ما أمرت به من المحاسن التي من حملتها دفع السيئة بالحسنة واصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض اى معلم الدواب ونحو الهمز الاز فى قوله تؤزهم أزا قال الراغب الهمز كالعصر يقال همزت الشيء فى كفى ومنه الهمز فى الحروف انتهى شبه حثهم للناس على المعاصي بهمز الرائض الدواب على الاسراع أو الوثب والجمع للمرات او لتنوع الوساوس او لتعدد المضاف اليه وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ أصله يحضروننى فحذفت احدى النونين ثم حذفت ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة اى من ان يحضرونى ويحوموا حولى فى حال من الأحوال صلاة او تلاوة او عند الموت او غير ذلك قال الحسن كان عليه السلام يقول عند استفتاح الصلاة (لا اله الا الله ثلاثا الله اكبر ثلاثا اللهم انى أعوذ بك من همزات الشياطين من همزها ونفثها ونفخها وأعوذ بك رب ان يحضرون) يعنى بالهمز الجنون وبالنفث الشعر وبالنفخ الكبر- روى- انه اشتكى بعضهم ارقا فقال عليه السلام إذا أردت النوم فقل (أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون) وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وصفها بالتمام لعرائها عن النقص والانقصام قال بعضهم هذا مقام من بقي له التفات الى غير الله فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال (أعوذ بك منك) وكان عليه السلام إذا دخل الخلاء قال (اللهم انى أعوذ بك من الخبث والخبائث) اى من ذكور الجن وإناثهم مما اتصف بالخباثة وأجمعت الامة على عصمة النبي عليه السلام فان قرينه من الجن قد اسلم

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 إلى 104]

او انه قد نزع منه مغمز الشيطان فالمراد من الاستعاذة تحذير غيره من شر الشيطان ثم ان الشيطان يوسوس فى صدور الناس فيغوى كل أحد من الرجال والنساء ويوقع الأشرار فى البدع والأهواء وفى الحديث (صنفان من اهل النار لم أرهما) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك الصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلدة طرفها مشدود عرضها كعرض الإصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة قيل هم الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضرب والسباب (كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) يعنى فى الحقيقة (عاريات) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتي يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى ان نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة إذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات أكتافهن واكفالهن كما تفعل الراقصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن (مائلات) الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن (رؤسهن كاسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن (المائلة) لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) اى من مسيرة أربعين عاما حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ حتى التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الاسمية وهى مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بيصفون اى يستمرون على سوء الذكر حتى إذا جاء أحدهم كافرا اى أحد كان الموت الذي لامر دله وظهرت له احوال الآخرة قالَ تحسرا على ما فرط فيه من الايمان والعمل رَبِّ يا رب ارْجِعُونِ ردنى الى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب لان العرب تخاطب الواحد الجليل الشان بلفظ الجماعة وفيه رد على من يقول الجمع للتعظيم فى غير المتكلم انما ورد فى كلام المولدين ثم انه يقول له الى أي شىء تذهب الى جمع المال او غرس الغراس او بناء البنيان او شق الأنهار فيقول لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ اى فى الايمان الذي تركته اى لعلى اعمل فى الايمان الذي آتى به البتة عملا صالحا فلم ينتظم الايمان فى مسلك الرجاء كسائر الأعمال الصالحة بان يقول لعلى او من فاعمل إلخ للاشعار بانه امر مقرر الوقوع غنى عن الاخبار بوقوعه فضلا عن كونه مرجو الوقوع وقال فى الجلالين (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) اى اشهد بالتوحيد (فِيما تَرَكْتُ) حين كنت فى الدنيا انتهى قال بعضهم الخطاب فى ارجعون لملك الموت وأعوانه وذكر الرب للقسم كما فى الكبير واستعان بالله اولا ثم بهم كما فى الاسئلة المقحمة وكما قال الكاشفى [امام ثعلبى با جمعى مفسران برانند كه خطاب با ملك الموت وأعوان اوست أول بكلمه رب استعانة مى نمايند بخداى وبكلمه ارجعون رجوع مى نمايند بملائكة] ويدل عليه قوله عليه السلام (إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك الى الدنيا فيقول الى دار الهموم والأحزان

[سورة المؤمنون (23) : آية 101]

بل قدوما الى الله تعالى واما الكافر فيقول ارجعون) وقيل أريد بقوله فيما تركت فيما قصرت فتدخل فيه العبادات البدنية والمالية والحقوق قال فى الكبير وهو اقرب كأنهم تمنوا الرجعة ليصلحوا ما أفسدوه يقول الفقير فالمراد بالعمل الصالح هو العمل المبنى على الايمان لانه وان كان عمل عملا فى صورة الصالح لكنه كان فاسدا فى الحقيقة حيث احبطه الكفر فلما شاهد بطلانه رجا أن يرجع الى الدنيا فيؤمن ويعمل عملا صالحا صورة وحقيقة وقال القرطبي سؤال الرجعة غير مختص بالكافر اى بل يعم المؤمن المقصر قال فى حقائق البقلى بين الله سبحانه ان من كان ساقطا عن مراتب الطاعات لم يصل الى الدرجات ومن كان محروما من المراقبات فى البدايات كان محجوبا عن المشاهدات والمعاينات فى النهايات وان اهل الدعاوى المزخرفات والترهات تمنوا فى وقت النزع ان لم تمض عليهم أوقاتهم بالغفلة عن الطاعات ولم يشتغلوا بالدعاوى المخالفات والمحالات فاقبل على طاعة مولاك واجتنب الدعاوى واطلاق القول فى الأحوال فان ذلك فتنة عظيمة هلك فى ذلك طائفة من المريدين وما فزع أحد الى تصحيح المعاملات الا اداه بركة ذلك الى قرب الرب ومقام الامن ولا ترك أحد هذه الطريقة الا تعطل وفسد ووقع فى الخوف العظيم وتمنى حين لا ينفع التمني: قال الحافظ كارى كنيم ور نه خجالت برآورد ... روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم وقال الخجندي علم وتقوى سر بسر دعويست ومعنى ديكرست ... مرد معنى ديكر وميدان دعوى ديكرست كَلَّا ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها اى لا يرد الى الدنيا ابدا إِنَّها اى قولة رب ارجعون كَلِمَةٌ الكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضه مع بعض هُوَ اى ذلك الأحد قائِلُها عند الموت لا محالة لتسلط الحزن عليه ولا يجاب لها وَمِنْ وَرائِهِمْ فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وامام اى من الاضداد. والمعنى امام ذلك الأحد والجمع باعتبار المعنى لانه فى حكم كلهم كما ان الافراد فى قال وما يليه باعتبار اللفظ بَرْزَخٌ حائل بينهم وبين الرجعة وهو القبر وفى التأويلات النجمية وهو ما بين الموت الى البعث اى بين الدنيا والآخرة وهو غير البرزخ الذي بين عالم الأرواح المثالي وبين هذه النشأة العنصرية إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يوم القيامة وهو اقناط كلى من الرجعة الى الدنيا لما علم ان لا رجعة يوم البعث الى الدنيا واما الرجعة حينئذ فالى الحياة الاخروية فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ لقيام الساعة وهى النفخة الثانية التي عندها البعث والنشور والنفخ نفخ الريح فى الشيء والصور مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله ذلك سببا لعود الأرواح الى أجسادها فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ تنفعهم لزوال التراحم والتعاطف من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه اولا انساب يفتخرون بها والنسب القرابة بين اثنين فصاعدا اى اشتراك من جهة أحد الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسب بين الاخوة وبنى الأعمام يَوْمَئِذٍ كما بينهم اليوم وَلا يَتَساءَلُونَ اى لا يسأل بعضهم

بعضا فلا يقول له من أنت ومن أي قبيلة ونسب أنت ونحو ذلك لاشتغال كل منهم بنفسه لشدة الهول فلا يتعارفون ولا يتساءلون كما انه إذا عظم الأمر فى الدنيا لم يتعرف الوالد لولده ولا يناقضه قوله تعالى (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) لان عدم التساؤل عند ابتداء النفخة الثانية قبل المحاسبة والتساؤل بعد ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل فيه خمسون موطنا كل موطن الف سنة ففى موطن يشتد عليهم الهول والفزع بحيث يشغلهم عن التساؤل والتعارف فلا يفطنون لذلك وفى موطن يفيقون افاقة فيتساءلون وتتعارفون وعن الشعبي قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله اما نتعارف يوم القيامة اسمع الله يقول (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فقال عليه السلام (ثلاثة مواطن تذهل فيها كل نفس حين يرمى الى كل انسان كتابه وعند الموازين وعلى جسر جهنم) قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤخذ بيد العبد والامة يوم القيامة فينصب على رؤس الأولين والآخرين ثم ينادى مناد ألا ان هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت الى حقه فيفرح العبد يومئذ ان يثبت له حق على والده وولده او زوجته وأخيه فلا انساب بينهم يومئذ وعن قتادة لا شىء ابغض الى الإنسان يوم القيامة من ان يرى من يعرفه ان يثبت له عليه شىء ثم تلا (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الآية قال محمد بن على الترمذي قدس سره الأنساب كلها منقطعة الا من كانت نسبته صحيحة فى عبودية ربه فان تلك نسبة لا تنقطع ابدا وتلك النسبة المفتخر بها لا نسبة الأجناس من الآباء والأمهات والأولاد قال الأصمعي كنت أطوف بالكعبة فى ليلة مقمرة فسمعت صوتا حزينا فتبعت الصوت فاذا انا بشاب حسن ظريف تعلق بأستار الكعبة وهو يقول نامت العيون وغارت النجوم وأنت الملك الحي القيوم وقد غلقت الملوك ابوابها واقامت عليها حرسها وحجابها وبابك مفتوح للسائلين فها انا سائلك ببابك مذنبا فقيرا مسكينا أسيرا جئت انتظر رحمتك يا ارحم الراحمين ثم انشأ يقول يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع القسم قد نام وفدى حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حى يا قيوم لم تنم أدعوك ربى ومولاى ومستندى ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم أنت الغفور فجدلى منك مغفرة ... او اعف عنى يا ذا الجود والنعم ان كان عفوك لا يرجوه ذو جرم ... فمن يجود على العاصين بالكرم ثم رفع رأسه نحو السماء وهو ينادى يا الهى وسيدى مولاى ان أطعتك فلك المنة على وان عصيتك فبجهلى فلك الحجة علىّ اللهم فباظهار منتك علىّ واثبات حجتك لدىّ ارحمني واغفر ذنوبى ولا تحرمنى رؤية جدى قرة عينى وحبيبك وصفيك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ثم انشأ يقول ألا ايها المأمول فى كل شدة ... إليك شكوت الضر فارحم شكايتى ألا يا رجائى أنت كاشف كربتى ... فهب لى ذنوبى كلها واقض حاجتى فزادى قليل ما أراه مبلغى ... على الزاد ابكى أم لبعد مسافتى

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 102 إلى 104]

أتيت باعمال قباح رديئة ... وما فى الورى خلق جنى كجنايتى فكان يكرر هذه الأبيات حتى سقط على الأرض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب فوضعت رأسه فى حجرى وبكيت لبكائه بكاء شديدا شفقة عليه فقطر من دموعى على وجهه فافاق من غشيته وفتح عينه وقال من الذي شغلنى عن ذكر مولاى فقلت انا الأصمعي يا سيدى ما هذا البكاء وما هذا الجزع وأنت من اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أليس الله يقول (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال فاستوى جالسا وقال يا أصمعي هيهات ان الله تعالى خلق الجنة لمن أطاعه وان كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه وان كان ملكا قرشيا اما سمت قوله تعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان نفحة العناية الربوبية إذا نفخت فى صور القلب قامت القيامة وانقطعت الأسباب فلا يلتفت أحد الى أحد من أنسابه لا الى اهل ولا الى ولد لاشتغاله بطلب الحق تعالى واستغراقه فى بحر المحبة فلا يسأل بعضهم بعضا عما تركوا من اسباب الدنيا ولا عن احوال أهاليهم وأخدانهم وأوطانهم وإذا فارقوها كان لكل امرئ منهم يومئذ شأن فى طلب الحق يغنيه عن مطالبة الغير فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ موزونات حسناته من العقائد والأعمال اى فمن كان له عقائد صحيحة واعمال صالحة يكون لها وزن وقدر عند الله فهو جمع موزون بمعنى العمل الذي له وزن وخطر عند الله وباقى الكلام فى هذا المقام سبق فى تفسير سورة الأعراف فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مهروب ولما كان حرف من يصلح للواحد والجمع وحد على اللفظ وجمع على المعنى وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ اى ومن لم يكن له من العقائد والأعمال ماله وزن وقدر عند الله تعالى وهم الكفار لقوله تعالى (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ضيعوها بتضييع زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها والخسر والخسران انتقاص رأس المال كما فى المفردات قال الكاشفى [پس كروه آنند كه زيان كرده اند از نفسهاى يعنى سرمايه عمر بباد غفلت برداند واستعدادات حصول كمال را بطلب آرزوهاى نفس ومتابعت شهوات ضايع ساختند] فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ بدل من صلة او خبر ثان لاولئك قال فى التأويلات النجمية الإنسان كالبيضة المستعدة لقبول تصرف ولاية الدجاجة وخروج الفروخ منها فما لم تتصرف فيها الدجاجة يكون استعدادها باقيا فاذا تصرف الدجاجة فيها فتغيرت عن حالها الى حال الفروخية ثم انقطع تصرف الدجاجة عنها تفسد البيضة فلا ينفعها التصرف بعد ذلك لفساد الاستعداد ولهذا قالوا مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة وهذا معنى قوله (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) اى فى جهنم أنفسهم فلا يخرجون بالفروخية وليس من سنة الله إصلاح الاستعداد بعد إفساده: قال الجامى آنرا كه زمين كشد درون چون قارون ... نى موسيش آورد برون هارون فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ تحرقها يقال لفحته النار بحرها أحرقته كما فى القاموس واللفح

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 105 إلى 112]

كالنفح الا انه أشد تأثيرا كما فى الإرشاد وغيره وتخصيص الوجوه بذلك لانها اشرف الأعضاء وأعظم ما يصان منها فبيان حالها از جر عن المعاصي المؤدية الى النار وهو السر فى تقديمها على الفاعل وَهُمْ فِيها كالِحُونَ من شدة الاحتراق. والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان كما ترى الرؤوس المشوية وعن مالك بن دينار كان سبب توبة عتبة الغلام انه مر فى السوق برأس اخرج من التنور فغشى عليه ثلاثة ايام ولياليهن وفى الحديث (تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخى شفته السفلى حتى تبلغ سرته) انتهى فيقال لهم تعنيفا وتوبيخا وتذكيرا لما به استحقوا ما ابتلوا به من العذاب أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فى الدنيا فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ حينئذ قالُوا يا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا اى ملكتنا شِقْوَتُنا التي اقترفناها بسوء اختيارنا فصارت أحوالنا مؤدية الى سوء العاقبة قال القرطبي واحسن ما قيل فى معناه غلبت علينا لذاتنا واهواؤنا فسمى اللذات والأهواء شقوة لانهما تؤديان إليها قال ابو تراب الشقوة حسن الظن بالنفس وسوء الظن بالخلق وَكُنَّا بسبب ذلك قَوْماً ضالِّينَ عن الحق ولذلك فعلنا ما فعلنا من التكذيب وسائر المعاصي رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ متجاوزون الحد فى الظلم لانفسنا قالَ تعالى بطريق القهر اخْسَؤُا فِيها اسكتوا فى النار سكوت هوان فانها ليست مقام سؤال وانزجروا انزجار الكلاب إذا زجرت من خسأت الكلب إذا زجرته مستهينا به فخسأ اى انزجر وَلا تُكَلِّمُونِ اى باستدعاء الإخراج من النار والرجع الى الدنيا فانه لا يكون ابدا إِنَّهُ تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء اى ان الشان كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي وهم المؤمنون يَقُولُونَ فى الدنيا رَبَّنا آمَنَّا صدقنا بك وبجميع ما جاء من عندك فَاغْفِرْ لَنا استر ذنوبنا وَارْحَمْنا وأنعم علينا بنعمك التي من جملتها الفوز بالجنة والنجاة من النار وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ لان رحمتك منبع كل رحمة فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا مهزوا بهم اى اسكتوا عن الدعاء بقولكم ربنا إلخ لانكم كنتم تستهزؤن بالداعين بقولهم ربنا آمنا إلخ وتتشاغلون حَتَّى أَنْسَوْكُمْ اى الاستهزاء بهم فان أنفسهم ليست سبب الانساء ذِكْرِي اى ذكركم إياي والخوف منى والعمل بطاعتي من فرط اشتغالكم باستهزائهم وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ وذلك غاية الاستهزاء وقال مقاتل نزلت فى بلال وعمار وسلمان وصهيب وأمثالهم من فقراء الصحابة كان كفار قريش كابى جهل وعتبة وابى بن خلف واضرابهم يستهزؤن بهم وبإسلامهم ويؤذونهم إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا بسبب صبرهم على اذيتهم والصبر حبس النفس عن الشهوات أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ تأنى مفعولى الجزاء اى جزيتهم فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به وفى التأويلات النجمية وفيه من اللطائف ان اهل السعادة كما ينتفعون بمعاملاتهم الصالحة مع الله من الله ينتفعون بانكار منكريهم واستخفاف مستهزئيهم وان اهل الشقاوة كما يخسرون بمعاملاتهم الفاسدة مع أنفسهم يخسرون باستهزائهم وانكارهم على الناصحين المرشدين قالَ الله تعالى تذكيرا لما لبثوا فيما سألوا الرجوع اليه من الدنيا بعد التنبيه على استحالته بقوله (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 113 إلى 118]

كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ التي تدعون ان ترجعوا إليها يقال لبث بالمكان اقام به ملازما له عَدَدَ سِنِينَ تمييز لكم قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ استقصارا لمدة لبثهم فيها بالنسبة الى دخولهم فى النار او لانها كانت ايام السرور وايام السرور قصار أو لأنها منقضية والمنقضى كالمعدوم هر دم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنجى چنين هر لحظه بر باد آه آه فَسْئَلِ الْعادِّينَ اى الذين يعلمون عد ايامها ان أردت تحقيقها فانا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها وفى التأويلات النجمية فاسأل العادين يعنى الذين يعدّون أنفاسنا وأيامنا وليالينا من الملائكة الموكلين علينا قالَ الله تعالى إِنْ ما لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا تصديقا لهم فى تقليلهم لسنى لبثهم فى الدنيا وقليلا صفة مصدر محذوف اى لبثا قليلا او زمان محذوف اى زمانا قليلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لعلمتم يومئذ قلة لبثكم فيها كما علمتم اليوم وفى بحر العلوم اى لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول لما أجبتم بهذه المدة فعلى العاقل ان يتدارك حاله ويصلح اعماله قبل ان تنفد الأنفاس وينهدم الأساس: قيل ألا انما الدنيا كظل سحابة ... أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت فلا تك فرحانا بها حين أقبلت ... ولا تك جزعانا بها حين ولت قال أردشير بن بابك بن ساسان وهو أول ملك من آل ساسان لا تركنن الى الدنيا فانها لا تبقى على أحد ولا تتركها فان الآخرة لا تنال الا بها قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر غير ممدود قال الشيخ سعدى قدس سره كنون وقت تخمست اگر پرورى ... كر اميدوار اى كه خرمن برى بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بغفلت نشست غنيمت شمر اين كرامى نفس ... كه پى مرغ قيمت ندارد قفس مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف قال بعض الكبار لو علمت ان مافات من عمرك لا عوض له لم يصح منك غفلة ولا إهمال ولكنت تأخذ بالعزم والحزم بحيث تبادر الأوقات وتراقب الحالات خوف الفوات عاملا على قول القائل السباق السباق قولا وفعلا ... حذر النفس حسرة المسبوق وما حصل من عمرك إذا علمت ان لا قيمة له كنت تستغرق أوقاتك فى شكر الحاصل وتحصيل الواصل فقد قال على رضى الله عنه بقية عمر المرء مالها ثمن يدرك به منها ما فات ويحيى ما مات وفى الحديث (ما من ساعة تأتى على العبد لا يذكر الله فيها الا كانت عليه حسرة يوم القيامة) واعلم ان العباد على قسمين فى أعمارهم فرب عمر اتسعت آماده وقلت إمداده كاعمار بعض بنى إسرائيل إذ كان الواحد منهم يعيش الالف ونحوها ولم يحصل على شى مما يحصل لهذه الامة مع قصر أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده كعمر من فتح عليه من هذه

[سورة المؤمنون (23) : آية 115]

الامة فوصل الى عناية الله بلمحة فمن بورك له فى عمره أدرك فى يسير من الزمان ما لا يدخل تحت العبارة فالخذلان كل الخذلان ان تتفرع من الشواغل ثم لا تتوجه اليه بصدق النية حتى يفتح عليك بما لا تصل الهمم اليه وان تقل عوائقك ثم لا ترحل اليه عن عوالم نفسك والاستئناس بيومك وامسك فقد جاء خصلتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراع ومعناه ان الصحيح ينبغى ان يكون مشغولا بدين او دنيا فهو مغبون فيهما أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على مقدر. والحسبان بالكسر الظن وعبثا حال من نون العظمة بمعنى عابثين وهو ما ليس لفاعله غرض صحيح او ارتكاب امر غير معلوم الفائدة. والمعنى أغفلتم وظننتم من فرط غفلتكم انا خلقناكم بغير حكمة وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ عطف على انما خلقناكم اى وحسبتم عدم رجوعكم إلينا يعنى ان المصلحة من خلقكم الأمر بالعمل ثم البعث للجزاء ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الى حيث لا مالك ولا حاكم سواه قال الترمذي ان الله خلق الخلق ليعبدوه فيثيبهم على العبادة ويعاقبهم على تركها فان عبدوه فانهم عبيد أحرار كرام من رق الدنيا ملوك فى دار السلام وان رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد إباق سقاط لئام وغدا اعداء فى السجون بين أطباق النيران وفى التأويلات النجمية (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) بلا معنى ينفعكم او يضركم حتى عشتم كما يعيش البهائم فما تقربتم إلينا بالأعمال الصالحات للتقرب وحسبتم (أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) باللطف والقهر فالرجوع باللطف بان يموت بالموت الاختياري قبل الموت الاضطراري وهو بان ترجعوا من أسفل سافلين الطبيعة على قدمى الشريعة والطريقة الى أعلى عليين عالم الحقيقة والرجوع بالقهر بان ترجعوا بعد الموت الاضطراري فتقادون الى النار بسلاسل تعلقاتكم بشهوات الدنيا وزينتها وأغلال صفاتكم الذميمة وعن بهلول قال كنت يوما فى بعض شوارع البصرة فاذا بصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا أنا بصبى ينظر إليهم ويبكى فقلت هذا صبى يتحسر على ما فى أيدي الصبيان ولا شىء معه فيلعب به فقلت اى بنى ما يبكيك اشترى لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الىّ وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) قلت له اى بنى أراك حكيما فعظنى وأوجز فانشأ يقول ارى الدنيا تجهز بانطلاق ... مشمرة على قدم وساق فلا الدنيا بباقية لحى ... ولا حى على الدنيا بباق كأن الموت والحدثان فيها ... الى نفس الفتى فرسا سباق فيا مغرور بالدنيا رويدا ... ومنها خذ لنفسك بالوثاق ثم رمق السماء بعينيه وأشار إليها بكفيه ودموعه تنحدر على خديه وهو يقول يا من اليه المبتهل ... يا من عليه المتكل يا من إذا ما آمل ... يرجوه لم يخط الأمل قال فلما أتم كلامه خر مغشيا عليه فرفعت رأسه الى حجرى ونفضت التراب عن وجهه بكمى فلما أفاق قلت له اى بنى ما نزل بك وأنت صبى صغير لم يكتب عليك ذنب قال إليك عنى

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 116 إلى 117]

يا بهلول انى رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تقد الا بالصغار وانى أخشى ان أكون من صغار حطب جهنم قال فسألت عنه فقالوا ذاك من أولاد الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم قلت قد عجبت من ان تكون هذه الثمرة الا من تلك الشجرة نفعنا الله به وبآبائه قال الشيخ ابو بكر الواسطي [روزى اين آيت مى خواند فرمود كه نى نى خلق بعبث نيافريد بلكه خواست كه هستىء وى آشكارا شود واز مصنوعات وى بصفات كماليه او راه برند. وكفته اند شما را ببازى نيافريده ايم بلكه براى ظهور نور محمد عليه السلام آفريده ايم چودر ازل مقرر شده بود كه آن كوهر تابان از صدق جنس انس بيرون آيد پس او اصلست وشما همه فرع اوييد هفت ونه و چار كه پرداختند ... خاص پى موكب او ساختند اوست شه وآدميان جمله خيل ... اصل وى وجمله عالم طفيل در بحر الحقائق كفته كه شما را براى آن آفريدم تا بر من سود كنيد نه بجهت آنكه من بر شما سود كنم كما قال تعالى (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) وكويند ملائكه را آفريد تا منظر قدرت باشند وآدميان را خلق كرد تا مخزن جوهر محبت باشند. در بعضى كتب سماوى هست كه اى فرزند آدم همه اشيا براى شما آفريدم وشما را براى خود سر (كنت كنزا مخفيا) اينجا ظهور تمام دارد] كما أشار اليه المولوى قدس الله سره فى المثنوى اى ظهور تو بكلى نور نور ... كنج مخفى از تو آمد در ظهور «1» كنج مخفى بود ز پر چاك كرد ... خاك را تابان تر از أفلاك كرد «2» كنج مخفى بد ز پرى چوش كرد ... خاك را سلطان باطلس پوش كرد خويش را نشناخت مسكين آدمي ... از فزونى آمد وشد در كمى «3» خويشتن را آدمي ارزان فروخت ... بود اطلس خويش را بر دلق دوخت اى غلامت عقل تدبيرات هوش ... چون چنينى خويش را ارزان فروش «4» فَتَعالَى اللَّهُ ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وعن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح والغايات الجليلة الْمَلِكُ الْحَقُّ الذي يحق له الملك على الإطلاق إيجادا واعداما بدأ وإعادة واحياء واماتة وعقابا واثابة وكل ما سواه مملوك له مقهور تحت ملكه العظيم قال الامام الغزالي رحمه الله الملك هو الذي يستغنى فى ذاته وصفاته وأفعاله عن كل موجود ويحتاج اليه كل موجود وفى المفردات الحق موجد الشيء بسبب ما يقتضيه الحكمة وفى التأويلات النجمية ذاته حق وصفاته حق وقوله صدق ولا يتوجه لمخلوق عليه حق وما يفعل من إحسانه بعباده فليس شىء منها بمستحق لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فان كل ما عداه عبيده رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فكيف بما هو تحته ومحاط به من الموجودات كائنا ما كان وانما وصف العرش بالكريم لانه مقسم فيض كرم الحق ورحمته منه تنقسم آثار رحمته وكرمه الى ذرات المخلوقات وَمَنْ [هر كه] يَدْعُ يعبد مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ افرادا او اشتراكا لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ اى بدعائه معه ذلك: وبالفارسية [هيچ حجتى نيست بر پرستنده را بپرستش آن اله] وهو صفة لازمة لالها كقوله (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) إذ لا يكون فى الآلهة ما يجوز ان يقوم عليه برهان إذ الباطل ليس له برهان جيئ بها للتأكيد وبناء الحكم عليها تنبيها على

_ (1) لم أجد (2) در اواخر دفتر يكم در بيان قبول كردن خليفه هديه را إلخ (3) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايات ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشتند إلخ (4) در اواخر دفتر پنجم در بيان دست و پاى امير بوسيدن ودوم بار لابه كردن إلخ

[سورة المؤمنون (23) : آية 118]

ان الدين بما لا دليل عليه باطل فكيف بما شهدت بداهة العقول بخلافه فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ فهو مجازى له على قدر ما يستحقه جواب يدع إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ اى الشان لا ينجو من كفر من سوء الحساب والعذاب وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ امر رسول الله بالاستغفار والاسترحام إيذانا بانهما من أهم الأمور الدينية حيث امر به من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن عداه كما قال فى التأويلات النجمية الخطاب مع محمد عليه السلام يشير الى انه مع كمال محبوبيته وغاية خصوصيته ورتبة نبوته ورسالته محتاج الى مغفرته ورحمته فكيف بمن دونه وبمن يدعو مع الله الها آخر اى فلا بد لامته من الاقتداء به فى هذا الدعاء وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ يشير الى انه يحتمل تغير كل راحم بان يسخط على مرحومه فيعذبه بعد ان يرحمه وان الله جل ثناؤه إذا رحم عبده لم يسخط عليه ابدا لان رحمته ازلية لا تحتمل التغير وفى حقائق البقلى اغفر تقصيرى فى معرفتك وارحمني بكشف زيادة المقام فى مشاهدتك وأنت خير الراحمين إذ كل الرحمة فى الكونين قطرة مستفادة من بحار رحمتك القديمة وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه انه مرّ بمصاب مبتلى فقرأ فى اذنه (أَفَحَسِبْتُمْ) حتى ختم السورة فبرئ بإذن الله فقال عليه السلام (ما قرأت فى اذنه) فاخبره فقال (والذي نفسى بيده لو ان رجلا موقنا قرأها على جبل لزال) - روى- ان أول هذه السورة وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع آيات من آخرها فقد نجا وأفلح وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان عليه السلام إذا نزل عليه الوحى يسمع عنده دوىّ كدوى النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يده وقال (اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وارضنا) ثم قال (لقد انزل علىّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة) ثم قرأ (قد أفلح المؤمنون) حتى ختم العشر تمت سورة المؤمنين فى الثاني والعشرين من شهر الله رجب من سنة سبع ومائة والف تفسير سورة النور وهى مدنية اثنتان او اربع وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم قال القرطبي مقصود هذه السورة ذكر احكام العفاف والستر كتب عمر رضى الله عنه الى الكوفة علموا نساءكم سورة النور وقالت عائشة رضى الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تنزلوهن) اى النساء (فى الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور والغزل) سُورَةٌ سورة القرآن طائفة منه محيطة بما فيها من الآيات والكلمات والعلوم والمعارف مأخوذة من سورة المدينة وهو حائطها المشتمل عليها وهى خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة وانما أشير إليها مع عدم سبق ذكرها لانها باعتبار كونها فى شرف الذكر فى حكم الحاضر المشاهد والتنكير مفيد للفخامة من حيث الذات كما ان قوله تعالى أَنْزَلْناها مفيد لها من حيث الصفة اى أنزلناها من عالم القدس بواسطة جبريل وَفَرَضْناها اى أوجبنا ما فيها من الاحكام إيجابا قطعيا فان اصل الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه كقطع

[سورة النور (24) : آية 2]

الحديد والفرض كالايجاب لكن الإيجاب يقال اعتبارا بوقوعه وثباته والفرض بقطع الحكم فيه كما فى المفردات وَأَنْزَلْنا فِيها اى فى تضاعيف السورة آياتٍ هى الآيات التي نيطت بها الاحكام المفروضة كما هو الظاهر لا مجموع الآيات بَيِّناتٍ واضحات دلالاتها على أحكامها وتكرير أنزلنا مع استلزام إنزال السورة لانزالها لابراز كمال العناية بشأنها لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [شايد كه شما پند پذيريد واز محارم پرهيزيد] وهو بحذف احدى التاءين اى تتذكرونها فتعملون بموجبها عند وقوع الحوادث الداعية الى اجراء أحكامها وفيه إيذان بان حقها ان تكون على ذكر منهم بحيث متى مست الحاجة إليها استحضروها قال بعضهم لو لم يكن من آيات هذه السورة إلا براءة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله لكان كثيرا فكيف وقد جمعت من الاحكام والبراهين ما لم يجمعها غيرها الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي شروع فى تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان أحكامها والزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى وقد يقصر وإذا مد يصح ان يكون مصدر المفاعلة والنسبة اليه زنوى كذا فى المفردات والزانية هى المرأة المطاوعة للزنى الممكنة منه كما ينبئ عنه الصيغة لا المزينة كرها وتقديمها على الزاني لما ان زنى النساء من إماء العرب كان فاشيا فى ذلك الزمان او لانها الأصل فى الفعل لكون الداعية فيها أوفر والشهوة اكثر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعها على الابتداء والخبر قوله فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التي زنت والذي زنى. والجلد ضرب الجلد بالكسر وهو قشر البدن يقال جلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره إذا ضرب بطنه وظهره او معنى جلده ضربه بالجلد نحو عصاه إذا ضربه بالعصا ومائة نصب على المصدر: والمعنى بالفارسية [پس بزنيد اى اهل بلد واحكام هر يكى را از ان هر دو صد تازيانه] وكان هذا عاما فى المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى حق الناسخ القطع بانه عليه السلام قد رجم ما عزا وغيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة فحد المحصن هو الرجم وحد غير المحصن هو الجلد وشرائط الإحصان فى باب الرجم ست عند ابى حنيفة الإسلام والحرية والعقل والبلوغ والنكاح الصحيح والدخول فلا إحصان عند فقد واحدة منها وفى باب القذف الأربع الاول والعفة فمعنى قولهم رجم محصن اى مسلم حر عاقل بالغ متزوج وذو دخول ومعنى قولهم قذف محصنا اى مسلما حرا عاقلا بالغا عفيفا وإذا فقدت واحدة منها فلا إحصان وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ رحمة ورقة وفى البحر الرأفة ارق الرحمة: وبالفارسية [مهربانى كردن] وتنكيرها للتقليل اى لا يأخذكم بهما شىء من الرأفة قليل من هذه الحقيقة وبالفارسية [وفرا نكيرد شما را باين روز ناكننده مهربانى] فِي دِينِ اللَّهِ فى طاعته واقامة حده فتعطلوه او تسامحوا فيه بعدم الايجاع ضربا والتكميل حدا وذلك ان المضروب يفعل أثناء الضرب افعالا غريبة ويتضرع ويستغيث ويسترحم وربما يغشى عليه فيرأف به الامام او الضارب او بعض الحاضرين لا سيما إذا كان أحب الناس اليه كالولد والأخ مثلا فلا يستوفى حد الله وحقه ولا يكمل جلد مائة بل ينقصه بترك شىء منها او يخفف الضرب

فنهاهم الله عن ذلك وفيه تنبيه على ان الله تعالى إذا أوجب امرا قبح استعمال الرحمة فيه وفى الحديث (يؤتى بوال نقص من حد سوطا فيقال لم نقصت فيقول رحمة لعبادك فيقال له أنت ارحم منى انطلقوا به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال لم زدت فيقول لينهوا عن معاصيك فيقال له أنت احكم منى فيؤمر به الى النار) قال فى الاسئلة المقحمة ان الله نهى عن الرأفة والرحمة وعلى هذا ان وجدنا واحدا بقلبه اشفاق على أخيه المسلم حيث وقع فى المعصية يؤاخذ بها والجواب انه لم يرد الرأفة الجبلية والرحمة الغريزية فانها لا تدخل تحت التكليف وانما أراد بذلك الرأفة التي تمنع عن اقامة حدود الله وتفضى الى تعطيل احكام الشرع فهى منهى عنها قال فى بحر العلوم وفيه دلالة على ان المخاطبين يجب عليهم ان يجتهدوا فى حد الزنى ولا يخففوا الضرب بل يوجعوها ضربا وكذلك حد القذف عند الزهري لا حد الشرب وعن قتادة يخفف فى حد الشرب والقذف ويجتهد فى حد الزنى إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ من باب التهييج والتهاب الغضب لله ولدينه فان الايمان بهما يقتضى الجد فى طاعته والاجتهاد فى اجراء الاحكام قال الجنيد رحمه الله الشفقة على المخالفين كالاعراض عن الموافقين وذكر اليوم الآخر لتذكر ما فيه من العقاب فى مقابلة المسامحة والتعطيل وانما سمى يوم القيامة اليوم الآخر لانه لا يكون بعده ليل فيصير كله بمنزلة يوم واحد وقد قيل انه تجتمع الأنوار كلها وتصير فى الجنة يوما واحدا وتجتمع الظلمات كلها وتصير فى النار ليلة واحدة وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الشهود الحضور والعذاب الايجاع الشديد قال بعضهم التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط اى طرفه وقيل غير ذلك وفى تسميته عذابا دليل على انه عقوبة ويجوز ان يسمى عذابا لانه الم مانع من المعاودة كما سمى نكالا اى عقابا يردع عن المعاودة والطائفة فرقة يمكن ان تكون حافة حول الشيء وحلقة من الطوف والمراد به جمع يحصل به التشهير والزجر وقوله من المؤمنين لان الفاسق من صلحاء قومه اخجل وظاهر الأمر الوجوب لكن الفقهاء قالوا بالاستحباب. والمعنى لتحضره زيادة فى التنكيل فان التفضيح قد ينكل اكثر مما ينكل التعذيب: وبالفارسية [وبايد كه حاضر شوند در وقت عذاب آن دو تن يعنى در زمان اقامت بر ايشان كروهى از مؤمنان تا تشهير ايشان حاصل وآن تفضيح مانع كردد از معاودت بامثال آن عمل] فحد غير المحصن جلد مائة وسطا بسوط لا ثمرة له ويجلد الرجل قائما وينزع عنه ثيابه الا إزاره ويفرق على بدنه الا رأسه ووجهه وفرجه وتجلد المرأة قاعدة لا ينزع من ثيابها الا الحشو والفرو وجاز الحفر لها لا له ولا يجمع بين جلد ورجم ولا بين جلد ونفى إلا سياسة ويرجم مريض زنى ولا يجلد حتى يبرأ وحامل زنت ترجم حين وضعت وتجلد بعد النفاس وللعبد نصفها ولا يحده سيده الا بإذن الامام خلافا للشافعى وفى الحديث (اقامة حد بأرض خير لاهلها من مطر أربعين ليلة) واعلم ان الزنى حرام وكبيرة- روى- حذيفة رضى الله عنه عنه عليه السلام يا معشر الناس اتقوا الزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. اما التي فى الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر. واما التي فى الآخرة فسخط الله وسوء الحساب وعذاب النار ومن الزنى

[سورة النور (24) : آية 3]

زنى النظر والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس: وفى المثنوى اين نظر از دور چون تير است وسم ... عشقت افزون ميكند صبر تو كم «1» وفى التأويلات النجمية قوله (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) يشير الى النفس إذا زنت وزناها بان استسلمت لتصرفات الشيطان والدنيا فيها بما نهاها الله عنه والى الروح إذا زنى وزناه تصرفه فى الدنيا وشهواتها مما نهاه الله عنه (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) من الجوع وترك الشهوات والمرادات تزكية لهما (وتأديبا وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) يعنى إذا ادعيتم محبة الله فابغضوا مخالفى امره ولا ترحموا أنفسكم وأرواحكم على مخالفة الله فانهم يظلمون أنفسهم بجهلهم بحالهم وان رحمتكم عليهم فى ترك تزكيتهم وتأديبهم كترك الولد علاج ولده المريض شفقة عليه لينهكه المرض فادبوهما (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يشير الى شهود اهل الصحبة وان يزكى النفس ويؤدب الروح بمشهد شيخ واصل كامل ليحفظه من طرفى الافراط والتفريط ويهديه الى صراط مستقيم هو صراط يسلكه فيه قطع اين مرحله بي همرهىء خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر كمراهى الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ النكاح انما ورد فى القرآن بمعنى العقد اى التزوج لا الوطئ قال الراغب اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الأصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فحشا ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى وهذا حكم مؤسس على الغالب المعتاد جيئ به لزجر المؤمنين عن نكاح الزواني بعد زجرهم عن الزاني بهن يعنى الغالب ان المائل الى الزنى والتقحب لا يرغب فى نكاح الصوالح من النساء وانما يرغب فى نكاح فاسقة من شكله او مشركة والمسافحة لا يرغب فى نكاحها الصلحاء وينفرون عنها وانما يرغب فيها فاسق مثلها او مشرك فان المشاكلة سبب الائتلاف والاجتماع كما ان المخالفة سبب الوحشة والافتراق. وقدم الزاني فى هذه الآية لان الرجل اصل فى النكاح من حيث انه هو الطالب ومنه تبدأ الخطبة ولان الآية نزلت فى فقراء المهاجرين الذين رغبوا فى نكاح موسرات كانت بالمدينة من بقايا المشركين لينفقن عليهم من اكسابهن على عادة الجاهلية كما قال الكاشفى [بقايا از يهود با مشركان مدينه در بيوت نواخير نشسته هر يك بر در خانه خود رايتى نصب كردندى ومردم را بخود دعوت نموده اجرت كرفتندى ضعفه مهاجرين كه مسكنى وعشرتى نداشتند واز تنك پريشان مى كذرانيدند داعيه كردند كه ايشانرا بنكاح درآورده كه وكر اين نفس از ايشان كرفته بر عادت اهل جاهليت معاش كذرانند] فاستأذنوا رسول الله فى ذلك فنفروا عنه ببيان انه افعال من الزناة وخصائص المشركين كأنه قيل الزاني لا يرغب الا فى نكاح إحداهما والزانية لا يرغب فى نكاحها الا أحدهما فلا تحوموا حوله كيلا تنتظموا فى سلكهما او تتسموا بسمتهما فايراد الجملة الاولى مع ان مناط التنفير هى الثانية لتأكيد العلاقة بين الجانبين مبالغة فى الزجر والتنفير لا مجرد الإشراك وانما تعرّض

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل

[سورة النور (24) : آية 4]

لها فى الاولى اشباعا فى التنفير عن الزانية بنظمها فى سلك المشركة وَحُرِّمَ ذلِكَ اى نكاح الزاني عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لما فيه من التشبيه بالفسقة والتعرض للتهمة والتسبب بسوء المقالة والطعن فى النسب وغير ذلك من المفاسد لا يكاد يليق بأحد من الأداني والأراذل فضلا عن المؤمنين ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغة فى الزجر والحكم اما مخصوص بسبب النزول او منسوخ بقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) فانه متناول للمسافحات ويؤيده ما روى انه عليه السلام سئل عن ذلك فقال (اوله سفاح وآخره نكاح) والحرام لا يحرم الحلال وفى الآية اشارة الى الحذر عن اخدان السوء والحث عن مخالطة اهل الصحبة والأخدان فى الله تعالى فان الطبع من الطبع يسرق والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية وفى الحديث (لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا يسرى إليكم اخلاقهم وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة وللناس إشكال فكل يطير بشكله همه مرغان كند با جنس پرواز ... كبوتر با كبوتر باز با باز وكل مساكن مثله كما قال قائلهم عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فان القرين بالمقارن يقتدى فاما اهل الفساد فالفساد يجمعهم وان تناءت ديارهم واما اهل السداد فالسداد يجمعهم وان تباعد مزارهم قال الكاشفى [جنسيت علت ضمست ومشاكله سبب الفت هر كس مناسب كهر خود كرفت يار ... بلبل بباغ رفت وزغن سوى خار زار وحرم محافظة اخدان السوء على المؤمنين لئلا يؤثر فيهم فساد حالهم وسوء اخلاقهم ومن بلاغات وحرم محافظة اخدان السوء على المؤمنين لئلا يؤثر فيهم فساد حالهم وسوء اخلاقهم ومن بلاغات الزمخشري لا ترض لمجالستك الا اهل مجانستك اى لا ترض ان تكون جليس أحد من غير جنسك فانه العذاب الشديد ليس الا وجاء فى مسائل الفقه ان من رأى نصرانية سمينة فتمنى ان يكون نصرانيا ليتزوجها كفر. فقال بعضهم السمينة موجودة فى المؤمنات ايضا ولكن علة الضم الجنسية فعلى العاقل ان يصون نفسه بقدر الإمكان فان الله غيور ينبغى ان يخاف منه كل آن وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الرمي يقال فى الأعيان كالسهم والحجر ويقال فى المقال كناية عن الشتم كالقذف فانه فى الأصل الرمي بالحجارة ونحوها مطلقا قال فى الإرشاد فى التعبير عن التفوه بما قالوا فى حقهن بالرمي المنبئ عن صلابة الآلة وإيلام المرمى وبعده إيذان بشدة تأثيره فيهن والمحصنات العفائف وهو بالفتح يقال إذا تصور حصنها من نفسها وبالكسر يقال إذا تصور حصنها من غيرها والحصن فى الأصل معروف ثم تجوز به فى كل تحرز ومنه درع حصينة لكونها حصنا للبدن وفرس حصان لكونه حصنا لراكبه وامرأة حصان للعفيفة والمعنى والذين يقذفون العفائف بالزنى بدليل ذكر المحصنات عقيب الزواني وتخصيص المحصنات لشيوع الرمي فيهن والا فقذف الذكر والأنثى سواء فى الحكم الآتي والمراد المحصنات الاجنبيات لان رمى الأزواج اى النساء الداخلات تحت نكاح الرامين حكمه سيأتى واجمعوا على ان شروط إحصان القذف خمسة الحرية والبلوغ والعقل والإسلام

والعفة من الزنى حتى ان من زنى مرة فى أول بلوغه ثم تاب وحسنت حاله فقذفه شخص لاحد عليه والقذف بالزنى ان يقول العاقل لمحصنة يا زانية يا ابن الزاني يا ابن الزانية يا ولد الزنى أولست لابيك يا ابن فلان فى غضب والقذف بغيره ان يقول يا فاسق يا شارب الخمر يا آكل الربا ويا خبيث يا نصرانى يا يهودى يا مجوسى فيوجب التعزير كقذف غير المحصن واكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا واقله ثلاثة لان التعزير ينبغى ان لا يبلغ اقل الحد أربعين وهى حد العبيد فى القذف بالزنى والشرب واما ابو يوسف فاعتبر حد الأحرار وهو ثمانون سوطا ونقص منها سوطا فى رواية وخمسة فى رواية وقال للامام ان يعزر الى المائة والفرق بين التعزير والحد ان الحد مقدر والتعزير مفوض الى رأى الامام وان الحد يندرئ بالشبهات دونه وان الحد لا يجب على الصبى والتعزير شرع والحد يطلق على الذمي ان كان مقدرا والتعزير لا يطلق عليه لان التعزير شرع للتطهير والكافر ليس من اهل التطهير وانما سمى فى حق اهل الذمة إذا كان غير مقدر عقوبة وان التقادم يسقط الحد دون التعزير وان التعزير حق العبد كسائر حقوقه ويجوز فيه الإبراء والعفو والشهادة على الشهادة ويجرى فيه اليمين ولا يجوز شىء منها فى الحد ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ يشهدون عليهن بما رموهن به ولا يقبل فيه شهادة النساء كما فى سائر الحدود وفى كلمة ثم اشعار بجواز تأخيره الإتيان بالشهود وفى كلمة لم اشارة الى العجز عن الإتيان بهم ولا بد من اجتماع الشهود عند الأداء عند ابى حنيفة رحمه الله اى الواجب ان يحضروا فى مجلس واحد وان جاؤا متفرقين كانوا قذفة وفى قوله باربعة شهداء دلالة على انهم ان شهدوا ثلاثة يجب حدهم لعدم النصاب وكذا ان شهدوا عميانا او محدودين فى قذف او أحدهم محدود او عبد لعدم اهلية الشهادة فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً انتصاب ثمانين كانتصاب المصادر ونصب جلدة على التمييز اى اضربوا كل واحد من الرامين ثمانين ضربة ان كان القاذف حرا وأربعين ان كان عبدا لظهور كذبهم وافترائهم بعجزهم عن الإتيان بالشهداء: وبالفارسية [پس بزنيد ايشانرا هشتاد تازيانه] وان كان المقذوف زانيا عزر القاذف ولم يحد الا ان يكون المقذوف مشهورا بما قذف به فلا حد ولا تعزير حينئذ ويجلد القاذف كما يجلد الزاني الا انه لا ينزع عنه من الثياب الا ما ينزع عن المرأة من الحشو والفرو والقاذفة ايضا فى كيفية الجلد مثل الزانية وضرب التعزير أشد ثم للزنى ثم للشرب ثم للقذف لان سبب حده محتمل للصدق والكذب وانما عوقب صيانة للاعراض: وبالفارسية [حد قذف از حد زنى وحد شرب أخص است زيرا كه حد زنى بقرآن ثابت شده وثبوت حد شرب بقول صحابه است وسبب حد قذف محتمل است مر صدق رائى] وان كان نفس الحد ثابتا بالنص وانما يحد بطلب المقذوف المحصن لان فيه حقه من حيث دفع العار عنه ولا بد ان يكون الطلب بالقول حتى لو قذف الأخرس وطلبه بالاشارة لا يجب الحد وكون المقذوف غائبا عن مجلس القاذف حال القذف او حاضرا سواء فاحفظه ويجوز للمقذوف ان يعفو عن حد القذف قبل ان يشهد الشهود ويثبت الحد والامام ايضا ويحسن منه ان يحمل المقذوف على كظم الغيظ ويقول له اعرض عن هذا ودعه لوجه الله قبل ثبوت الحد فاذا ثبت لم يكن

[سورة النور (24) : آية 5]

لواحد منهما ان يعفو لانه خالص حق الله ولهذا لم يصح ان يصالح عنه بمال وإذا تاب القاذف قبل ان يثبت الحد سقط وإذا قذف الصبى او المجنون امرأته او أجنبيا فلا حد عليهما ولا لعان لا فى الحال ولا إذا بلغ او أفاق ولكن يعذران تأديبا ولو قذف شخصا مرارا فان أراد زنية واحدة وجب حد واحد وان أراد زنيات مختلفة كقوله زنيت بزيد وبعمرو تعدد لتعدد اللفظ كما فى الكبير وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً عطف على اجلدوا داخل فى حكمه تتمة له لما فيه من معنى الزجر لانه مؤلم للقلب كما ان الجلد مؤلم للبدن وقد أذى المقذوف بلسانه فعوقب باهدار منافعه جزاء وفاقا واللام فى لهم متعلقة بمحذوف هو حال من شهادة قدمت عليها لكونها نكرة وفائدتها تخصيص الرد بشهادتهم الناشئة عن اهليتهم الثابتة لهم عند الرمي وهو السر فى قبول شهادة الكافر المحدود فى القذف بعد التوبة والإسلام لانها ليست ناشئة عن أهليته السابقة بل أهليته حدثت له بعد إسلامه فلا يتناول الرد والمعنى لا تقبلوا من القاذفين شهادة من الشهادات حال كونها حاصلة لهم عند القذف أَبَداً اى مدة حياتهم وان تابوا وأصلحوا وَأُولئِكَ هُمُ لا غيرهم الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق والخروج عن الطاعة والتجاوز عن الحدود كأنهم هم المستحقون لاطلاق اسم الفاسق عليهم من الفسقة قال فى الكبير يفيد ان القذف من الكبائر لان الفسق لا يقع الا على صاحبها إِلَّا الَّذِينَ تابُوا استثناء من الفاسقين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما اقترفوا ذلك الذنب العظيم وَأَصْلَحُوا أعمالهم بالتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة بموجب الفسق كأنه قيل فحينئذ لا يؤاخذهم الله بما فرط منهم ولا ينظمهم فى سلك الفاسقين لانه مبالغ فى المغفرة والرحمة وفى الآية اشارة الى غاية كرم الله ورحمته على عباده بان يستر عليهم ما أراد بعضهم إظهاره على بعض ولم يظهر صدق أحدهما او كذبه ولتأديبهم أوجب عليهم الحد ورد قبول شهادتهم ابدا وسماهم الفاسقين وليتصفوا بصفاته السارية والكريمية والرحيمية فيما يسترون عيوب إخوانهم المؤمنين ولا يتبعوا عوراتهم وقد شدد النبي على من يتبع عورات المسلمين ويفشى أسرارهم فقال (يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فانه من يتبع عوراتهم يفضحه الله يوم القيامة على رؤس الاشهاد) وقال عليه السلام (من ستر على مسلم ستر الله عليه فى الدنيا والآخرة) : قال الشيخ سعدى منه عيب خلق فرومايه پيش ... كه چشمت فرو دوزد از عيب خويش كرت زشت خويى بود در سرشت ... نه بينى ز طاوس جز پاى زشت طريق طلب كز عقوبت رهى ... نه حرفى كه انكشت بر وى نهى وفى الآية اشارة ايضا الى كمال عنايته تعالى فى حق عباده بانه يقبل توبتهم بعد ارتكاب الذنوب العظام ولكن بمجرد التوبة لا يكون العبد مقبولا الا بشرط ازالة فساد حاله وإصلاح اعماله قال بعضهم علامة تصحيح التوبة وقبولها ما يعقبها من الصلاح والتوبة هى الرجوع عن كل ما يذمه العلم واستصلاح ما تعدى فى سالف الازمنة ومداومتها باتباع العلم

[سورة النور (24) : الآيات 6 إلى 10]

ومن لم يعقب توبته الصلاح كانت توبة بعيدة عن القبول فراشو چوبينى در صلح باز ... كه نا كه در توبه كردد فراز مرو زير بار كناه اى بشر ... كه حمال عاجز بود در سفر بهشت او ستاند كه طاعت برد ... كرا نقد بايد بضاعت برد اگر مرغ دولت ز قيدت بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست اى فاسع الى إصلاح عملك قبل حلول أجلك وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ بيان لحكم الرامين لزوجاتهم خاصة بعد بيان حكم الرامين لغيرهن اى والذين يقذفون نساءهم بالزنى بان يقول لها يا زانية او زنيت او رأيتك تزنى قال فى بحر العلوم إذا قال يا زانية وهما محصنان فردت بلا بل أنت حدت لانها قذفت الزوج وقذفه إياها لا يوجب الحد بل اللعان وما لم ترفع القاذف الى الامام لم يجب اللعان قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزل قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) قال عاصم بن عدى الأنصاري ان دخل رجل منا بيته فرأى رجلا على بطن امرأته فان جاء باربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج وان قتله قتل به وان قال وجدت فلانا مع تلك المرأة ضرب وان سكت سكت على غيظ اللهم افتح وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويم وكان له امراة يقال لها خولة بنت قيس فاتى عويم عاصما فقال لقد رأيت شريكا بن السحماء على بطن امرأتى خولة فاسترجع عاصم واتى رسول الله عليه السلام فقال يا رسول الله ما اسرع ما ابتليت بهذا السؤال فى اهل بيتي فقال عليه السلام (وما ذاك) قال أخبرني عويم ابن عمى انه رأى شريكا على بطن امرأته خولة فدعا رسول الله إياهم جميعا فقال لعويم (اتق الله فى زوجتك وابنة عم ولا تقذفها) فقال يا رسول الله تالله لقد رأيت شريكا على بطنها وانى ما قربتها منذ اربعة أشهر وانها حبلى من غيرى فقال لها رسول الله (اتقى الله ولا تخبري الا بما صنعت) فقالت يا رسول الله ان عويما رجل غيور وانه رأى شريكا يطيل النظر الىّ ويحدثنى فحملته الغيرة على ما قال فانزل الله تعالى قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) وبين به ان حكم قذف الزوجة اللعان فامر رسول الله بأن يؤذن الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويم قم وقل (اشهد بالله ان خولة لزانية وانى لمن الصادقين) فقال ثم قال فى الثانية (اشهد انى رأيت شريكا على بطنها وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الثالثة (اشهد بالله انها لحبلى من غيرى وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الرابعة (اشهد بالله انها زانية وانى ما قربتها منذ اربعة أشهر وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الخامسة (لعنة الله على عويم) يعنى نفسه (ان كان من الكاذبين) ثم قال له اقعد وقال لخولة قومى فقامت وقالت (اشهد بالله ما انا بزانية وان زوجى لمن الكاذبين) وقالت فى الثانية (اشهد بالله ما رأى شريكا على بطني وانه لمن الكاذبين وقالت فى الثالثة (اشهد بالله ما انا حبلى الا منه وانه لمن الكاذبين) وقالت فى الرابعة (اشهد بالله ما رأنى على فاحشة قط وانه لمن الكاذبين) وقالت فى الخامسة (غضب الله على خولة ان كان عويم من الصادقين فى قوله) ففرق النبىّ عليه السلام بينهما وقضى ان الولد لها ولا يدعى لاب وذلك قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ يشهدون بما

[سورة النور (24) : الآيات 7 إلى 10]

رموهن من الزنى إِلَّا أَنْفُسُهُمْ يدل من شهداء جعلوا من جملة الشهداء إيذانا من أول الأمر بعدم إلقاء قولهم بالمرة ونظمها فى سلك الشهادة فى الجملة فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ اى شهادة كل واحد منهم وهو مبتدأ خبره قوله أَرْبَعُ شَهاداتٍ اى فشهادتهم المشروعة اربع شهادات بِاللَّهِ متعلق بشهادات إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رماها به من الزنى وأصله على انه إلخ فحذف الجار وكسرت ان وعلق العامل عنها للتأكيد وَالْخامِسَةُ اى الشهادة الخامسة للاربع المتقدمة اى الجاعلة لها خمسا بانضمامها إليهن وهى مبتدأ خبره قوله أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ اللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وذلك من الله فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره قال بعضهم لعنة الكفار دائمة متصلة الى يوم القيامة ولعنة المسلمين معناها البعد من الخير والذي يعمل معصية فهو فى ذلك الوقت بعيد من الخير فاذا خرج من المعصية الى الطاعة يكون مشغولا بالخير إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ فيما رماها به من الزنى فاذا لاعن الرجل حبست الزوجة حتى تعترف فترجم او تلاعن وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ اى يدفع عن المرأة المرمية العذاب الدنيوي وهو الحبس المغيا على أحد الوجهين بالرجم الذي هو أشد العذاب يقال درأ دفع وفى الحديث (ادرأوا الحدود بالشبهات) تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ اى الزوج لَمِنَ الْكاذِبِينَ فيما رمانى به من الزنى وَالْخامِسَةَ بالنصب عطفا على اربع شهادات أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها الغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام (اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه) فاذا وصف الله به فالمراد الانتقام دون غيره إِنْ كانَ اى الزوج مِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رمانى به من الزنى وتخصيص الغضب بجانب المرأة للتغليظ عليها لما انها مادة الفجور ولان النساء كثيرا ما يستعمل اللعن فربما يجترئ على التفوه به لسقوط وقعه على قلوبهن بخلاف غضبه تعالى والفرقة الواقعة باللعان فى حكم التطليقة البائنة عند ابى حنفة ومحمد رحمهما الله ولا يتأبد حكمها حتى إذا كذب الرجل نفسه بعد ذلك فحدّ جاز له ان يتزوّجها وعند ابى يوسف وزفر والحسن بن زياد والشافعي هى فرقة بغير طلاق توجب تحريما مؤبد أليس لهما اجتماع بعد ذلك ابدا وإذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا او كافرا بان أسلمت امرأته فقذفها قبل ان يعرض عليه السلام او محدودا فى قذف وهى من أهلها حد الزوج ولا لعان لعدم اهلية اللعان وبيان اللعان مشبعا موضعه الفقه فليطلب هناك وكذا القذف وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ جواب لولا محذوف لتهويله والاشعار بضيق العبارة عن حصره كأنه قيل لولا تفضله عليكم ورحمته ايها الرامون والمرميات وانه تعالى مبالغ فى قبول التوبة حكيم فى جميع أفعاله وأحكامه التي من جملتها ما شرع لكم من حكم اللعان لكان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان ومن جملته انه تعالى لو لم يشرع لهم ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع ان الظاهر صدقه لانه اعرف بحال زوجته وانه لا يفترى عليها لاشتراكهما فى الفضاحة وبعد ما شرع لهم ذلك لو جعل شهاداته موجبة لحدّ القذف عليه

[سورة النور (24) : الآيات 11 إلى 15]

لفات النظر له ولا ريب فى خروج الكل عن سنن الحكمة والفضل والرحمة فجعل شهادات كل منهما مع الجزم بكذب أحدهما حتما دارئة لما توجه اليه من الغائلة الدنيوية وقد ابتلى الكاذب منها فى تضاعيف شهاداته من العذاب بما هو أتم مما درأه عنه وأطم وفى ذلك من احكام الحكم البالغة وآثار التفضل والرحمة ما لا يخفى اما على الصادق فظاهر واما على الكاذب فهو امهال له والستر عليه فى الدنيا ودرء الحد عنه وتعريضه للتوبة حسبما ينبئ عنه التعرض لعنوان توابيته سبحانه ما أعظم شأنه وأوسع رحمته وأدق حكمته قال الكاشفى [واگر نه فضل خداى تعالى بودى بر شما وبخشايش او وآنكه خداى قبول كننده توبه است حكم كننده در حدود احكام هر آيينه شما را فضيحت كردى ودروغ كواهى را بعذاب عظيم مبتلا ساختى وكويند اگر نه فضل خدا بودى بتأخير عقوبت شما هلاك شديد يا اگر نه فضل فرمودى باقامت زواجر ونهى از فواحش هر آينه نسل منقطع شدى ومردم يك ديكر را هلاك كردندى يا اگر نه خداى تعالى بخشيدى بر شما بقبول توبه در تيه نااميدى سر كردان ميشديد پس شما بمدد وتوفيق توبه بسر منزل رجا رسانيد كر توبه مددكار كنهكار نبودى ... او را كه بسر حد كرم راه نمودى ور توبه نبودى كه در فيض كشودى ... زنك غم از آينه عاصى كه زدودى قال بعض الكبار قال الله (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ولم يقل ولولا فضل عبادتكم وصلاتكم وجهادكم وحسن قيامكم بامر الله (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) لنعلم ان العبادات وان كثرت فانها من نتائج الفضل چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى وخود را مبين اللهم اجعلنا من اهل الفضل والعطاء والمحبة والولاء إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ اى ما بلغ مما يكون من الكذب والافتراء: وبالفارسية [بدرستى آنانكه آورده اند دروغ برزك درشان عائشه] وأصله الافك وهو القلب اى الصرف لانه مأفوك عن وجهه وسننه والمراد به ما افك على عائشة رضى الله عنها وذلك ان عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الامانة والعفة والشرف فمن رماها بالسوء قلب الأمر من وجهه- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه فأيهن خرجت قرعتها استصحبها والقرعة بالضم طينة او عجينة مدورة مثلا يدرج فيها رقعة يكتب فيها السفر والحضر ثم تسلم الى صبى يعطى كل امرأة واحدة منهن كذا فى القهستاني فى القسم فلما كان غزوة بنى المصطلق فى السنة الخامسة من الهجرة وهى غزوة المريسيع كما فى انسان العيون خرج سهمها وبنوا المصطلق بطن من خزاعة وهم بنوا خزيمة والمصطلق من الصلق وهو رفع الصوت والمريسيع اسم ماء من مياه خزاعة مأخوذ من قولهم رسعت عين الرجل إذا دمعت من فساد وذلك الماء فى ناحية قديد قال فى القاموس المريسيع بئر او ماء واليه تضاعف غزوة بنى المصطلق انتهى فخرجت عائشة معه عليه السلام وكان بعد نزول آية الحجاب وهو قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) الآية لانه كان ذلك سنة ثلاث من الهجرة قالت فحملت فى هودج

فسرنا فلما دنونا من المدينة قافلين اى راجعين نزلنا منزلا ثم نزلت من الرحل فقمت ومشيت لقضاء الحاجة حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأنى أقبلت الى رحلى فلمست صدرى فاذا عقد لى من جزع ظفار كقطام وهى بلد باليمن قرب صنعاء اليه نسبة الجزع وهو بالفتح وسكون الزاى المعجمة الخرز اليماني فيه سواد وبياض يشبه به الأعين كما فى القاموس كان يساوى اثنى عشر درهما قد انقطع فرجعت فالتمسته فحبسنى ابتغاؤه واقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي بتخفيف الحاء اى يجعلون هودجها على الرحل وهو ابو مويهبة مولى رسول الله وكان رجلا صالحا مع جماعة معه فاحتملوا هودجى فرحلوه على بعيري وهم يحسبون انى فيه بخفتى وكان النساء إذ ذاك خفافا لقلة أكلهن اى لان السمن وكثرة اللحم غالبا تنشأ عن كثرة الاكل كما فى انسان العيون فلم يستنكروا خفة الهودج حين رفعوه وذهبوا بالبعير فوجدت عقدى فجئت منازلهم وليس فيها أحد وأقمت بمنزلي الذي كنت فيه وظننت انهم سيفقدوننى فيرجعون فى طلبى فبينا انا جالسة فى منزلى غلبتنى عينى فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمى خلف الجيش قال القرطبي وكان صاحب ساقة رسول الله لشجاعته وكان من خيار الصحابة انتهى كان يسوق الجيش ويلتقط ما يسقط من المتاع كما فى الإنسان فاصبح عند منزلى فرأى سوادا اى شخص انسان نائم فاتانى فعرفنى فاستيقظت باسترجاعه اى بقوله انا لله وانا اليه راجعون اى لان تخلف أم المؤمنين عن الرفقة فى مضيقة مصيبة اى مصيبة فخمرت وجهى فى جلبابى وهو ثوب اقصر من الخمار ويقال له المقنعة تغطى به المرأة رأسها والله ما تكلمت بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه اى لانه استعمل الصمت أدبا وهوى حتى أناخ راحلته فقمت إليها فركبتها وانطلق يقود بي الراحلة حتى اتينا الجيش فى بحر الظهيرة اى وسطها وهو بلوغ الشمس منتهاها من الارتفاع وهم نازلون وبهذه الواقعة استدل بعض الفقهاء على انه يجوز الخلوة بالمرأة الاجنبية إذا وجدها منقطعة ببرية او نحوها بل يجب استصحابها إذا خاف عليها لو تركها وفى معانى الآثار للطحاوى قال ابو حنيفة وكان الناس لعائشة محرما فمع أبهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس غيرها من النساء كذلك انتهى يقول الفقير لعل مراد الامام رحمه الله تعالى ان ازواج النبي عليه السلام وان كان كلهن محارم للامة لانه تعالى قال (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وحرم عليهم نكاحهن كما قال (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) الا ان عائشة كانت أفضل نسائه بعد خديجة وأقربهن منه من حيث خلافتها عنه فى باب الدين ولذا قال (خذوا ثلثى دينكم عن عائشة) فتأكدت الحرمة من هذه الجهة إذ لا بد لاخذ الدين من الاستصحاب للسفر والحضر والله اعلم قالت فلما نزلنا هلك فى من هلك بقول البهتان والافتراء وكان أول من اشاعه فى المعسكر عبد الله بن ابى ابن سلول رئيس المنافقين فانه كان ينزل مع جماعة المنافقين متبعدين من الناس فمرت عليهم فقال من هذه قالوا عائشة وصفوان فقال فجر بها ورب الكعبة فافشوه وخاض اهل المعسكر فيه فجعل يرويه بعضهم عن بعض ويحدث به بعضهم بعضا قالت فقدمنا المدينة فاشتكيت اى مرضت حين قدمت شهرا ووصل الخبر الى رسول الله والى ابوىّ ولا أشعر بشىء من ذلك غير انه يرينى ان لا اعرف من رسول الله العطف

الذي كنت ارى منه حين اشتكيت فلما رأيت ذلك قلت يا رسول الله لو أذنت لى فانقلب الى ابوىّ يمرضانى والتمريض القيام على المريض فى مرضه قال لا بأس فانقلبت الى بيت ابوىّ وكنت فيه الى ان برئت من مرضى بعد بضع وعشرين ليلة فخرجت فى بعض الليالى ومعى أم مسطح كمنبر وهى بنت خالة ابى بكر رضى الله عنه قبل المناصع وهى مواضع يتخلى فيها لبول او حاجة ولا يخرج إليها الا ليلا وكان عادة اهل المدينة حينئذ انهم كانوا لا يتخذون الكنيف فى بيوتهم كالاعاجم بل يذهبون الى محل متسع قالت فلما فرغنا من شأننا وأقبلنا الى البيت عثرت أم مسطح فى مرطها وهو كساء من صوف او خز كان يؤتزر به فقالت تعس مسطح بفتح العين وكسرها اى هلك تعنى ولدها والمسطح فى الأصل عمود الخيمة واسمه عوف فقلت لها أتسبين رجلا قد شهد بدرا فقالت أو لم تسمعى ما قال قلت وما قال فاخبرتنى بقول اهل الافك فازددت مرضا على مرض اى عاودنى المرض وازددت عليه وبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لى دمع ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت ابكى چشم ذكريه بر سر آبست روز شب ... جانم ز ناله در تب وتابست روز شب فاستشار رسول الله فى حقى فاشار بعضهم بالفرقة وبعضهم بالصبر وقد لبث شهرا لا يوحى اليه فى شأنى بشىء فقام واقبل حتى دخل علىّ وعندى أبواي ثم جلس فتشهد ثم قال (اما بعد يا عائشة فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فيبرئك الله وان كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله وتوبى فان العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب الله تاب الى الله عليه) فلما قضى رسول الله كلامه قلص دمعى اى ارتفع حتى ما أحس منه بقطرة فقلت لابى أجب عنى رسول الله فيما قال قال والله لا أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لامى أجيبي عنى رسول الله قالت والله ما أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر فى نفوسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم انى بريئة لا تصدقونى ولئن اعترفت لكم بامر والله يعلم انى بريئة منه لتصدقونى والله ما أجد لى ولكم مثلا الا ما قال ابو يوسف اى يعقوب (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) صبرى كنيم تا كرم او چهـ ميكند قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشى وانا والله حينئذ اعلم انى بريئة والله مبرئى ببراءة ولكنى والله ما كنت أظن ان ينزل فى شأنى وحي يتلى ولشأنى كان احقر فى نفسى من ان يتكلم فى بامر يتلى ولكنى كنت أرجو ان يرى النبي عليه السلام رؤيا يبرئنى الله بها قالت فو الله ما قام رسول الله عن مجلسه ولا خرج من البيت حتى اخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحى اى من شدة الكرب فسجى اى غطى بثوب ووضعت له وسادة من آدم تحت رأسه وكان ينحدر منه مثل الجمان من العرق فى اليوم الثاني من ثقل القول الذي انزل عليه والجمان حبوب مدحرجة تجعل من الفضة أمثال اللؤلؤ فلما سرى عنه وهو يضحك ويمسح العرق من وجهه الكريم كان أول كلمة تكلم بها (أبشري يا عائشة اما ان الله قد برأك) فقالت أمي قومى اليه فقلت والله لا احمد الا الله فانزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) الآيات قال السهيلي كان نزول براءة عائشة بعد قدومهم المدينة من الغزوة المذكورة لسبع وثلاثين ليلة فى قول المفسرين فمن نسبها الى الزنى كغلاة الرافضة كان كافر الان فى ذلك تكذيبا للنصوص

القرآنية ومكذبها كافر وفى حياة الحيوان عن عائشة رضى الله عنها لما تكلم الناس بالإفك رأيت فى منامى فتى فقال لى مالك قلت حزينة مما ذكر الناس فقال ادعى بكلمات يفرج الله عنك قلت وما هى قال قولى يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا فارج الغم ويا كاشف الظلم ويا اعدل من حكم ويا حسيب من ظلم ويا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية اجعل لى من امرى فرجا ومخرجا قالت فانتبهت وقلت ذلك وقد انزل الله فرجى قال بعضهم برأ الله اربعة باربعة يوسف بشاهد من اهل زليخا وموسى من قول اليهود فيه ان له ادرة بالحجر الذي فر بثوبه ومريم بانطاق ولدها وعائشة بهذه الآيات وبعد نزولها خرج عليه السلام الى الناس وخطبهم وتلاها عليهم وامر بجلد اصحاب الافك ثمانين جلدة وعن عائشة ان عبد الله بن أبيّ جلد مائة وستين اى حدين قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما وهكذا يفعل لكل من قذف زوجة نبىّ اى يجوز ان يفعل به ذلك وفى الخصائص الصغرى من قذف أزواجه عليه السلام فلا توبة له البتة كما قال ابن عباس رضى الله عنهما وغيره ويقتل كما نقله القاضي وغيره وقيل يختص القتل بمن قذف عائشة ويحدّ فى غيرها حدّين كذا فى انسان العيون وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم تبغ امرأة نبى قط واما قوله تعالى فى امرأة نوح وامرأة لوط (فَخانَتاهُما) فالمراد آذتاهما قالت امرأة نوح فى حقه انه لمجنون وامرأة لوط دلت على أضيافه وانما جازان تكون امرأة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط ولم يجز ان تكون زانية لان النبي مبعوث الى الكفار ليدعوهم الى الدين والى قبول ما قاله من الاحكام والثواب والعقاب وهذا المقصود لا يحصل إذا كان فى الأنبياء ما ينفر الكفرة عنهم والكفر ليس مما ينفر عندهم بخلاف الفجور فانه من أعظم المنفرات وعن كتاب الإشارات للفخر الرازي رحمه الله انه عليه السلام فى تلك الأيام التي تكلم فيها بالإفك كان اكثر أوقاته فى البيت فدخل عليه عمر فاستشاره فى تلك الواقعة فقال يا رسول الله انا اقطع بكذب المنافقين وأخذت براءة عائشة من ان الذباب لا يقرب بدنك فاذا كان الله صان بدنك ان يخالطه الذباب لمخالطته القاذورات فكيف باهلك ودخل عليه عثمان فاستشاره فقال يا رسول الله أخذت براءة عائشة من ظلك لانى رأيت الله صان ظلك ان يقع على الأرض اى لان ظل شخصه الشريف كان لا يظهر فى شمس ولا قمر لئلا يوطأ بالاقدام فاذا صان الله ظلك فكيف باهلك ودخل علىّ فاستشاره فقال يا رسول الله أخذت براءة عائشة من شىء هو انا صلينا خلفك وأنت تصلى بنعليك ثم انك خلعت احدى نعليك فقلنا ليكون ذلك سنة لنا فقلت (لا ان جبريل قال ان فى تلك النعل نجاسة) فاذا كان لا تكون النجاسة بنعليك فكيف باهلك فسر عليه السلام بذلك فصدقهم الله فيما قالوا وفضح اصحاب الافك بقوله (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) عُصْبَةٌ مِنْكُمْ خبران والعصبة والعصابة جماعة من العشرة الى الأربعين والمراد هنا عبد الله بن أبيّ وزيد بن رفاعة ومسطح بن اثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم واختلفوا فى حسان بن ثابت والذي يدل على براءته ما نسب اليه فى أبيات مدح بها عائشة رضى الله عنها منها مهذبة قد طيب الله خيمها ... وطهرها من كل سوء وباطل فان كنت قد قلت الذي قد زعمتمو ... فلا رفعت سوطى الىّ أناملي

[سورة النور (24) : آية 12]

وكيف وودّى ما حييت ونصرتى ... لآل رسول الله زين المحافل كما فى انسان العيون قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام قد قيل ان حسان لم يكن فيهم اى فى الذين جاؤا بالإفك فمن قال انه كان فيهم انشد البيت المروي حين جلدوا الحدّ لقد ذاق حسان الذي كان اهله ... وحمنة إذ قالا لهجر ومسطح ومن برأه الافك قال انما الرواية فى البيت ... لقد ذاق عبد الله ما كان اهله انتهى: ومعنى الآية ان الذين أتوا بالكتاب فى امر عائشة جماعة كائنة منكم فى كونهم موصوفين بالايمان وعبد الله ايضا كان من جملة من حكم له بالايمان ظاهرا وان كان رئيس المنافقين خفية لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ الخطاب لرسول الله وابى بكر وعائشة وصفوان ولمن ساءه ذلك من المؤمنين تسلية لهم من أول الأمر والضمير للافك بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لاكتسابكم الثواب العظيم لانه بلاء مبين ومحنة ظاهرة وظهور كرامتكم على الله بانزال ثمانى عشرة آية فى نزاهة ساحتكم وتعظيم شأنكم وتشديد الوعيد فيمن تكلم فيكم والثناء على من ظنّ بكم خيرا لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ اى من أولئك العصبة والامرؤ الإنسان والرجل كالمرء والالف للوصل مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ بقدر ما خاض فيه لان بعضهم تكلم بالإفك وبعضهم ضحك وبعضهم سكت ولم ينههم قال فى التأويلات على حسب سعايتهم وفساد ظنهم وهتك حرمة حرم نبيهم انتهى والإثم الذنب وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ اى تحمل معظم الافك قال فى المفردات فيه تنبيه على ان كل من سن سنة قبيحة يصير مقتدى به فذنبه اكبر مِنْهُمْ من العصبة وهو ابن ابى فانه بدأبه واذاعه بين الناس عداوة لرسول الله كما سبق لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ اى لعبد الله نوع من العذاب العظيم ألمه لان معظم الشر كان منه فلما كان مبتدئا بذلك القول لا جرم حصل له من العقاب مثل ما حصل لكل من قال ذلك لقوله عليه السلام (من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) وفى التأويلات النجمية (لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) يؤاخذ بجرمه وهو خسارة الدنيا والآخرة ثم أورد الحديث المذكور هر كه بنهد سنتى بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى جمع كردد بر وى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه لَوْلا تخضيضية بمعنى هلا: وبالفارسية [چرا] ومعناها إذا دخلت على الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل إذ لا يتصور الطلب فى الماضي وإذا دخلت على المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له فهى فى المضارع بمعنى الأمر إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ايها الخائضون اى الشارعون فى القول الباطل ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً عدول الى الغيبة لتأكيد التوبيخ فان مقتضى الايمان الظن بالمؤمن خيرا وذب الطاعنين فيه فمن ترك هذا الظن والذب فقد ترك العمل بمقتضى الايمان والمراد بانفسهم أبناء جنسهم النازلون منزلة أنفسهم كقوله تعالى (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) فان المراد لا يعيب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة إذ كان الواجب ان يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوه ممن اخترع بالذات او بالواسطة من

[سورة النور (24) : الآيات 13 إلى 15]

غير تلعثم وتردد بمثلهم من آحاد المؤمنين خيرا وَقالُوا فى ذلك الآن هذا [اين سخن] إِفْكٌ مُبِينٌ اى ظاهر مكشوف كونه إفكا فكيف بالصديقة بنت الصديق أم المؤمنين حرم رسول الله: يعنى حق سبحانه [ازواج پيغمبر نكاه ميدارد از مثل اين حالها بتعظيم وتكريم ايشان] لَوْلا جاؤُ [چرا نياوردند] عَلَيْهِ [برين سخن را] بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ اى هلا جاء الخائضون باربعة شهداء يشهدون على ما قالوا وهو اما من تمام القول او ابتداء كلام من الله فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ الاربعة فَأُولئِكَ المفسدون عِنْدَ اللَّهِ فى حكمه وشرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة هُمُ الْكاذِبُونَ الكاملون فى الكذب المشهود عليه بذلك المستحقون لاطلاق الاسم عليهم دون غيرهم قال الكاشفى [ايشانند دروغ كويان در ظاهر وباطن چهـ اگر كواه آوردندى در ظاهر حكم كاذب نبودندى اما در باطن كاذب بودندى زيرا كه اين صورت بر ازدواج انبيا ممتنع است و چون كواه نياوردند در ظاهر اين كار نيز كاذبند] قال القرطبي وقد يعجز الرجل عن اقامة البينة وهو صادق فى قذفه ولكنه فى حكم الشرع وظاهر الأمر كاذب لا فى علم الله وهو سبحانه انما رتب الحدود على حكمه الذي شرعه فى الدنيا لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه واجمع العلماء على ان احكام الدنيا على الظاهر وان السرائر الى الله وَلَوْلا امتناعية اى لامتناع الشيء لوجود غيره فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ خطاب للسامعين والمسلمين جميعا فِي الدُّنْيا من فنون النعم التي من جملتها الامهال بالتوبة وَالْآخِرَةِ من ضروب الآلاء التي من جملتها العفو والمغفرة المقدران لكم لَمَسَّكُمْ عاجلا: يعنى [هر آينه برسيدى شما را] فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ اى بسبب ما خضتم فيه من حديث الافك عَذابٌ عَظِيمٌ يستحقر دونه التوبيخ والجلد إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بحذف احدى التاءين ظرف للمس اى لمسكم ذلك العذاب العظيم وقت تلقيكم إياه من المخترعين بِأَلْسِنَتِكُمْ يأخذه بعضكم من بعض وذلك ان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول له ما وراءك فيحدثه بحديث الافك حتى شاع وانتشر فلم يبق بيت ولادار الا طار فيه يقال تلقى الكلام من فلان وتلقنه وتلقفه ولقفه إذا اخذه من لفظه وفهمه وفى الإرشاد التلقي والتلقف والتلقن معان متقاربة خلا ان فى الاول معنى الاستقبال وفى الثاني معنى الخطف والاخذ بسرعة وفى الثالث معنى الحذق والمهارة وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ معنى بأفواهكم مع ان القول لا يكون الا بالفم هو ان الاخبار بالشيء يجب ان تستقر صورته فى القلب اولا ثم يجرى على اللسان وهذا الافك ليس الا قول لا يجرى على الالسنة من غير علم به فى القلب وهو حرام لقوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) والمعنى وتقولون قولا مختصا بالأفواه من غير ان يكون له مصداق ومنشأ فى القلوب لانه ليس بتعبير عن علم به فى قلوبكم وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً سهلا لا تبعة له وهى بالفارسية [عاقبه به] او ليس له كثير عقوبة وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ والحال انه عنده تعالى عَظِيمٌ فى الوزر واستجرار العذاب وعن بعضهم انه جزع عند الموت فقيل له فقال أخاف ذنبا لم يكن منى على بال وهو عند الله عظيم وفى كلام بعضهم لا تقولن لشىء من سيآتك نقير فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير

[سورة النور (24) : الآيات 16 إلى 20]

وقال عبد الله بن المبارك ما ارى هذه الآية نزلت الا فيمن اعتاد الدعاوى العظيمة ويجترئ على ربه فى الاخبار عن احوال الأنبياء والأكابر ولا يمنعه عن ذلك هيبة ربه ولا حياؤه وقال الترمذي من تهاون بما يجرى عليه من الدعاوى فقد صغر ما عظمه الله ان الله تعالى يقول (وَتَحْسَبُونَهُ) إلخ اگر مردى از مردىء خود مكوى ... نه هر شهوارى بدر برد كوى وَلَوْلا [چرا] إِذْ سَمِعْتُمُوهُ من المخترعين والتابعين لهم قُلْتُمْ تكذيبالهم وتهويلا لما ارتكبوه ما يَكُونُ لَنا ما يمكننا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا القول وما يصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه وحاصله نفى وجود التكلم به لا نفى وجوده على وجه الصحة والاستقامة سُبْحانَكَ تعجب ممن تفوه به وأصله ان يذكر عند معاينة العجب من صنائعه تنزيها له سبحانه من ان يصعب عليه أمثاله ثم كثر حتى استعمل فى كل متعجب منه او تنزيه له تعالى من ان يكون حرم نبيه فاجرة فان فجورها تنفير للناس عنه ومخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها كما سبق: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى از آنكه در حرم محترم پيغمبر قدح تواند كرد] هذا الافك الذي لا يصح لاحد ان يتكلم به بُهْتانٌ عَظِيمٌ مصدر بهته اى قال عليه ما لم يفعل اى كذب عظيم عند الله التقاول به كما فى التأويلات النجمية او يبهت ويتحير من عظمته لعظمة المبهوت عليه اى الشخص الذي يبهت عليه اى يقال عليه ما لم يفعل فان حقارة الذنوب وعظمها كما تكون باعتبار مصادرها كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره «حسنات الأبرار سيآت المقربين» كذا تكون باعتبار متعلقاتها يَعِظُكُمُ اللَّهُ الوعظ النصح والتذكير بالعواقب اى ينصحكم ايها الخائضون فى امر عائشة أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ كراهة ان تعودوا لمثل هذا الخوض والقول أَبَداً اى مدة حياتكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله وبرسوله وباليوم الآخر فان الايمان يمنع عنه وفيه اشارة الى ان العود الى مثل هذا يخرجهم من الايمان قال فى الكبير يدخل فى هذا من قال ومن سمع ولم ينكر لاتسوائهما فى فعل ما لا يجوز وان كان المقدم أعظم ذنبا وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها اى ينزلها مبينة ظاهرة الدلالة على معانيها لا انه يبينها بعد ان لم تكن كذلك وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال جميع مخلوقاته جلائلها ودقائقها حَكِيمٌ فى جميع تدابيره وأفعاله فأنى يمكن صدق ما قيل فى حق حرمة من اصطفاه لرسالته وبعثه الى كافة الخلق ليرشدهم الى الحق ويزكيهم ويطهرهم تطهيرا وقال الكاشفى [وخداى تعالى داناست بطهارت ذيل عائشة حكم كننده ببرائت ذمت او از عيب وعار] تا كريبان دامنش پاكست از لوث خطا ... وز مذمت عيب جو آلوده از سر تا بپا وچهـ زيبا كفته است كرا رسد كه كند عيب دامن پاكت ... كه همچوقطره كه بر برك كل چكد پاكى وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى لا يجرى على خواص عباده الا ما يكون سببا لحقيقة اللطف وان كان فى صورة القهر تأديبا وتهذيبا وموجبا لرفعة درجاتهم وزيادة فى قرابتهم

وان قصة الافك وان كانت فى صورة القهر كانت فى حق النبي عليه السلام وفى حق عائشة وأبويها وجميع الصحابة ابتلاء وامتحانا لهم وتربية وتهذيبا فان البلاء للولاء كاللهب للذهب كما قال عليه السلام (ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) وقال عليه السلام (يبتلى الرجل على قدر دينه) فان الله غيور على قلوب خواص عباده المحبوبين فاذا حصلت مساكنة بعضهم الى بعض يجرى الله تعالى ما يرد كل واحد منهم عن صاحبه ويرده الى حضرته وان النبي عليه السلام لما قيل له أي الناس أحب إليك قال (عائشة فساكنها) وقال (يا عائشة حبك فى قلبى كالعقدة) وفى بعض الاخبار ان عائشة قالت يا رسول الله انى أحبك وأحب قربك فاجرى الله تعالى حديث الافك حتى رد رسول الله قلبه عنها الى الله بانحلال عقدة حبها عن قلبه وردت عائشة قلبها عنه الى الله حيث قالت لما ظهرت براءة ساحتها نحمد الله لا نحمدك فكشف الله غيابة تلك المحبة وأزال الشك واظهر براءة ساحتها حين أدبهم وهذبهم وقربهم وزاد فى رفعة درجاتهم وقرباتهم قال فى الحكم العطائية وشرحها قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لعائشة رضى الله عنها لما نزلت براءتها من الافك على لسان رسول الله عليه السلام يا عائشة اشكرى رسول الله نظرا منه لوجه الكمال لها فقالت لا والله لا اشكر الا الله رجوعا منها الى اصل التوحيد إذ لم يسع غيره فى تلك الحال قلبها دلها ابو بكر فى ذلك على المقام الأكمل عند الصحو وهو مقام البقاء بالله المقتضى لاثبات الآثار وعمارة الدارين التزاما لحق الحكم والحكمة وقد قال تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فقرن شكرهما بشكره إذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقي فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وقال عليه السلام (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده وكانت هى يعنى عائشة فى ذلك الوقت لا فى عموم أوقاتها مصطلمة اى مأخوذة عن شاهدها فلم يكن لها شعور بغير ربها غائبة عن الآثار لما استولى عليها من سلطان الفرح لمنة المولى عليها فلم تشهد الا الواحد القهار من غير اعتبار لغيره وهكذا هو أكمل المقامات فى حالها وهو مقام أبينا ابراهيم عليه السلام إذ قال حسبى من سؤالى علمه بحالي والله المسئول فى إتمام النعمة وحفظ الحرمة والثبات لمرادات الحق بالآداب اللائقة بها وهو حسبنا ونعم الوكيل ثم قال فى التأويلات النجمية الطريق الى الله طريقان طريق اهل السلامة وطريق اهل الملامة فطريق اهل السلامة ينتهى الى الجنة ودرجاتها لانهم محبوسون فى حبس وجودهم وطريق اهل الملامة ينتهى الى الله تعالى لان الملامة مفتاح باب حبس الوجود وبها يذوب الوجود ذوبان الثلج بالشمس فعلى قدر ذوبان الوجود يكون الوصول الى الله تعالى فاكرم الله تعالى عائشة بكرامة الملامة ليخرجها بها من حبس الوجود بالسلامة وهذا يدل على ولايتها لان الله تعالى إذا تولى عبدا يخرجه من ظلمات وجوده المخلوقة الى نور القدم كما قال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) انتهى: قال الحافظ قدس سره وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن

[سورة النور (24) : الآيات 19 إلى 20]

وقال الجامى قدس سره عشق در هر دل كه سازد بهر وردت خانه ... أول از سنك ملامت افكند بنياد او إِنَّ الَّذِينَ هم ابن أبيّ ومن تبعه فى حديث الافك يُحِبُّونَ يريدون أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ تنشر وتظهر والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال والمراد هنا الزنى اى خبره فِي الَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا الايمان لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ أَلِيمٌ نوع من العذاب متفاقم ألمه فِي الدُّنْيا كالحد ونحوه وَالْآخِرَةِ كالنار وما يلحق بها قال ابن الشيخ ليس معناه مجرد وصفهم بانهم يحبون شيوعها فى حق الذين آمنوا من غير ان يشيعوا ويظهروا فان ذلك القدر لا يوجب الحد فى الدنيا بل المعنى ان الذين يشيعون الفاحشة والزنى فى الذين آمنوا كصفوان وعائشة عن قصد ومحبة لاشاعتها وفى الإرشاد يحبون شيوعها ويتصدون مع ذلك لاشاعتها وانما لم يصرح به اكتفاء بذكر المحبة فانها مستتبعة له لا محالة وفى الذين آمنوا متعلق بتشيع اى تشيع فيما بين الناس وذكر المؤمنين لانهم العمدة فيهم او بمضمر هو حال من الفاحشة فالموصول عبارة عن المؤمنين خاصة اى يحبون ان تشيع الفاحشة كائنة فى حق المؤمنين وفى شأنهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ جميع الأمور وخصوصا ما فى ضمائر من حب الاشاعة وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فابنوا الأمر فى الحد ونحوه على الظواهر والله يتولى السرائر وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ جواب لولا محذوف اى لولا فضله وانعامه عليكم وانه بليغ الرأفة والرحمة بكم لعاجلكم بالعقاب على ما صدر منكم وفى الآيتين إشارات منها ان اهل الافك كما يعاقبون على الإظهار يعاقبون باسرار محبة الاشاعة فدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضرهم وفى الحديث (انى لاعرف قوما يضربون صدورهم ضربا يسمعه اهل النار وهم الهمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون لهم الفواحش) وفى الحديث (أيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برىء يرى ان يشينه بها فى الدنيا كان حقا على الله اين يرميه بها فى النار) كما فى الكبير فالصنيع الذي ذكر من اهل الافك ليس من صنيع اهل الايمان فان من صنيع اهل الايمان ما قال عليه السلام (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقال (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كنفس واحدة إذا اشتكى منها عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر) بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك كوهرند چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار تو كز محنت ديكران بى غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمي فمن اركان الدين مظاهرة المسلمين واعانة اهل الدين وارادة الخير بكافة المؤمنين والذي يود الفتنة وافتضاح الناس فهو شر الخلق كالخناس ومنها ان ترك المعاجلة بالعذاب تعريض للتوبة فدل على ان عذاب الآخرة انما هو على تقدير الإصرار وعليه يحمل قوله عليه السلام (إذا كان يوم القيامة حد الله الذين شتموا عائشة ثمانين على رؤس الخلائق فيستوهب لى المهاجرين منهم واستأمرك

[سورة النور (24) : الآيات 21 إلى 25]

يا عائشة) قال الراوي فلما سمعت عائشة وكانت فى البيت بكت وقالت «والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب الىّ من سرورى» فتبسم رسول الله ضاحكا وقال (ابنة صديق) ومنها غاية كرم الله ورحمته وفضله على عباده حيث يتفضل عليهم ويرحمهم ويزكيهم عن اوصافهم الذميمة مع استحقاقهم العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة فانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولو كان للعذاب لكان من جهتهم بسوء اختيارهم عصمنا الله وإياكم من الأوصاف الذميمة الموجبة للعذاب الأليم وشرفنا بالأخلاق الحميدة الباعثة على الدرجات والتنعمات فى دار النعيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى ما بين رجلى الخاطي وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه إذا استن بسنته والمراد هاهنا سيرة الشيطان وطريقته. والمعنى لا تسلكوا الطرق التي يدعوكم إليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله فَإِنَّهُ اى الشيطان يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع وقال ابو الليث المنكر ما لا يعرف فى شريعة ولا سنة وفى المفردات المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تحقيرا لشأنهم وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زَكى ما طهر من دنس الذنوب مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ من الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية أَبَداً آخر الدهر لا الى نهاية وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهر مَنْ يَشاءُ من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من الله وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى سمع الأقوال التي من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما أظهروه من التوبة منه عَلِيمٌ بجميع المعلومات التي من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص فى التوبة كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل وفى الآية امور منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر ومن جملته القذف والشتم والكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث (كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله تعالى) وفى الحديث (كثرت خيانة ان تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له كاذب) وفى الحديث (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية وعن بعضهم خطوات الشيطان النذور فى معصية الله كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة الله كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء

[سورة النور (24) : آية 22]

والمنكر فضلا عن كونه فحشاء او منكر او منها ان امر التزكية انما هو الى الله فانه بفضله ورحمته وفق العبد للطاعات والأسباب ولكن لا بد للعبد من أستاذ يتعلم منه كيفية التزكية على مراد الله تعالى وأعظم الوسائل هو النبي عليه السلام ثم من أرشده الى الله تعالى قال شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري قدس سره مشايخى فى علم الحديث وعلم الشريعة كثيرة واما شيخى فى الطريقة فالشيخ ابو الحسن الخرقاني فلولا رأيته ما عرفت الحقيقة فاهل الإرشاد هداة طريق الدين ومفاتيح أبواب اليقين فوجود الإنسان الكامل غنيمة ومجالسته نعمة عظيمة ز من اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير كه قطره تا صدف را در نيابد ... نكردد كوهر روشن نتابند ثم ان التزكية الحقيقية تطهر القلب عن تعلقات الأغيار بعد تطهيره عن الميل الى المعاصي والأوزار وقوله (مَنْ يَشاءُ) انما هو لان كل أحد ليس باهل للتزكية كالمنافقين واهل الرين والرعونة ومنها الاشارة الى مغفرة من خاض فى حديث الافك من اهل بدر كمسطح ويدل عليها الاعتناء بشأنه فى الآية الآتية وقد ثبت ان الله اطلع على اهل بدر يعنى نظر إليهم بنظر الرحمة والمغفرة فقال (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) والمراد به اظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ما شئت وفى المقاصد الحسنة كأنك من اهل بدر هو كلام يقال لمن يتسامح او يتساهل والله المسئول فى قبول التوبة عن كل حوبة وَلا يَأْتَلِ من الائتلاء وهو القسم: وبالفارسية [سوكند خوردن] كما فى تاج المصادر من الالية بمعنى اليمين اى لا يخلف نزل فى شأن الصديق رضى الله عنه حين حلف ان يقطع نفقته عن مسطح ابن خالته لخوضه فى عائشة رضى الله عنها وكان فقيرا بدريا مهاجرا ينفق عليه ابو بكر رضى الله عنه أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ذووا الفضل فى الدين والفضل الزيادة وَالسَّعَةِ فى المال أَنْ يُؤْتُوا اى على ان لا يؤتوا شيأ ولا يحسنوا بإسقاط الخافض وهو كثير شائع أُولِي الْقُرْبى ذوى القرابة وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صفات لموصوف واحد اى ناسا جامعين لها لان الكلام فيمن كان كذلك لان مسطحا قريب ومسكين ومهاجر جيئ بها بطريق العطف تنبيها على ان كلا منها علة مستقلة لاستحقاق الإيتاء وَلْيَعْفُوا عن ذنبهم وَلْيَصْفَحُوا اى ليعرضوا عن لومهم قال الراغب الصفح ترك التثريب وهو ابلغ من العفو وقد يعفو الإنسان ولا يصفح أَلا تُحِبُّونَ [آيا دوست نمى داريد] أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ اى بمقابلة عفوكم وصفحكم وإحسانكم الى من أساء إليكم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مبالغ فى المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب العباد الداعية إليها وفيه ترغيب عظيم فى العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون ان يغفر الله لكم فهذا من موجباته- روى- انه عليه السلام قرأ هذه الآية على ابى بكر رضى الله عنه فقال بلى أحب ان يغفر الله لى فرد الى مسطح نفقته وكفر عن يمينه وقال والله لا انزعها ابدا وفى معجم الطبراني الكبير انه أضعف له النفقة التي كان يعطيه إياها قبل القذف اى أعطاه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك

[سورة النور (24) : آية 23]

وفى الآية دليل على ان من حلف على امر فرأى الحنث أفضل منه فله ان يحث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة أجور أحدها ائتماره بامر الله تعالى والثاني اجر بره وذلك فى صلة قرابته والثالث اجر التكفير ثم فى الآية فوائد منها ان العلماء استدلوا بها على فضل الصديق رضى الله عنه وشرفه من حيث نهاه مغايبة ونص على فضله وذكره بلفظ الجمع للتعظيم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم لا يفعلوا كيت وكيت والمنكرون يحملون الفضل على فضل المال لكن لا يخفى ان يستفاد من قوله (وَالسَّعَةِ) فيلزم التكرير فثبت كونه أفضل الخلق بعد رسول الله عليه السلام قال فى انسان العيون وصف الله تعالى الصديق باولى الفضل موافق لوصفه عليه السلام بذلك فقد جاء ان عليا كرم الله وجهه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر رضى الله عنه جالس عن يمين رسول الله فتنحى ابو بكر عن مكانه واجلس عليا بينه وبين النبي عليه السلام فتهلل وجه النبي فرحا وسرورا وقال (لا يعرف الفضل لاهل الفضل الا أولوا الفضل) : قال الحكيم سنايى بود چندان كرامت وفضلش ... كه أولوا الفضل خواند ذو الفضلش صورت وسيرتش همه جان بود ... زان ز چشم عوان پنهان بود روز وشب سال وماه در همه كار ... ثانى اثنين إذ هما فى الغار ومنها انها كفت داعيه الى المجاملة والاعراض عن مكافاة المسيء وترك الاشتغال بها وعن انس رضى الله عنه بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت نواجذه فقال عمر رضى الله عنه بابى أنت وأمي ما الذي اضحك قال (رجلان من أمتي جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما خذلى مظلمتى من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق من حسناتى شىء فقال يا رب فليحمل عنى من أوزاري) ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء فقال (ان ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس الى ان يحمل عنهم أوزارهم) قال (فيقول الله تعالى للمتكلم ارفع بصرك فانظر فى الجنان فقال يا رب ارى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى لمن اعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال الله تعالى أنت تملكه قال بماذا يا رب قال الله تعالى بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخله الجنة) من كان يرجو عفو من فوقه ... فليعف عن ذنب الذي دونه در عفو لذتيست كه در انتقام نيست ومنها بيان تأديب الله للشيوخ والأكابر ان لا يهجروا صاحب الزلات واهل العثرات من المريدين ويتخلقوا بخلق الله حيث يغفر الذنوب ولا يبالى وأعلمهم ان لا يكفوا اعطاءهم عنهم ويخبروهم ما وقع لهم من احكام الغيب فان من له استعداد لا يحتجب بالعوارض البشرية عن احكام الطريقة ابدا والله المعين على كل حال وبيده العفو عن سيآت الأعمال إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ قد سبق معنى الرمي فى أوائل السورة الْمُحْصَناتِ العفائف مما رمين من الفاحشة والزنى الْغافِلاتِ [بيخبران] عنها على الإطلاق بحيث لم يخطر ببالهن شىء منها ولا من

[سورة النور (24) : الآيات 24 إلى 25]

مقدماتها أصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس فى المحصنات قال فى التعريفات الغفلة عن الشيء هى ان لا يخطر ذلك بباله الْمُؤْمِناتِ اى المتصفات بالايمان بكل ما يجب ان يؤمن به من الواجبات والمحظورات وغيرها ايمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبئ عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الايمان والمراد بها عائشة الصديقة رضى الله عنها والجمع باعتبار ان رميها رمى لسائر أمهات المؤمنين لاشتراك الكل فى العصمة والنزاهة والانتساب الى رسول الله عليه السلام كما فى قوله تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) ونظائره لُعِنُوا بما قالوا فى حقهن وهتكوا حرمتهن فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ حيث يلعنهم اللاعنون من المؤمنين والملائكة ابدا: وبالفارسية [دور كرده شدند در دنيا از نام نيكو در آخرت از رحمت يعنى درين عالم مردود وملعونند ودر ان سراى مبغوض ومطرود] واصل اللعنة الطرد والابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وَلَهُمْ مع ما ذكر من اللعن الابدى عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم قال مقاتل هذا خاص فى عبد الله بن أبيّ المنافق واليه الاشارة بقول حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته (إِنَّ الَّذِينَ) إلخ اى ان الذين لم يكونوا من اهل بدر من اصحاب الافك اه ليخرج مسطح ونحوه كما سبقت الاشارة الى مغفرته وقال بعضهم الصحيح انه حكم كل قاذف ما لم يتب لقوله عليه السلام (اجتنبوا الموبقات السبع الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المؤمنات الغافلات) وعن ابن عباس رضى الله عنهما من قذف ازواج النبي عليه السلام فلا توبة له ومن قذف مؤمنة سواهن قد جعل الله له توبة ثم قرأ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) الى قوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) الآية يَوْمَ ظرف لما فى الجار والمجرور المتقدم من معنى الاستقرار تَشْهَدُ الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة عَلَيْهِمْ تقديمه على الفاعل للمسارعة الى بيان كون الشهادة ضارة لهم أَلْسِنَتُهُمْ بغير اختيار منهم وهذا قبل ان يختم على أفواههم فلا تعارض بينه وبين قوله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فتخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجنايتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ التوفية بذل الشيء وافيا والوافي الذي بلغ التمام والدين الجزاء والحق منصوب على ان يكون صفة للدين اى يوم إذ تشهد جوارحهم بأعمالهم القبيحة يعطيهم الله جزاءهم الثابت الواجب الذي هم اهله وافيا كاملا وَيَعْلَمُونَ عند معاينتهم الأهوال والخطوب أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ اى الظاهر حقيته لما انه ابان لهم حقية ما كان يعدهم به فى الدينا من الجزاء ويقال ان ما قال الله هو الحق وفى الآية امور منها بيان جواز اللعنة على من كان من أهلها قال الامام الغزالي رحمه الله الصفات المقتضية للعن ثلاث الكفر والبدعة والفسق وله فى كل واحدة ثلاث مراتب الاولى اللعن بالوصف الأعم كقولك لعنة الله على الكافرين او المبتدعة او الفسقة والثانية اللعن باوصاف أخص منه كقولك لعنة الله على اليهود والنصارى او على القدرية والخوارج والروافض

[سورة النور (24) : الآيات 26 إلى 30]

او على الزناة والظلمة وآكلى الربا وكل ذلك جائز ولكن فى لعن بعض اصناف المبتدعة خطر لان معرفة البدعة غامضة فما لم يرد فيه لفظ مأثور ينبغى ان يمنع منه العوام لان ذلك يستدعى المعارضة بمثله ويثير نزاعا وفسادا بين الناس والثالثة اللعن على الشخص فينظر فيه ان كان ممن ثبت كفره شرعا فيجوز لعنه ان لم يكن فيه أذى على مسلم كقولك لعنة الله على النمرود وفرعون وابى جهل لانه ثبت ان هؤلاء ماتوا على الكفر وعرف ذلك شرعا وان كان ممن لم يثبت حال خاتمته بعد كقولك زيد لعنه الله وهو يهودى او فاسق فهذا فيه خطر لانه ربما يسلم او يتوب فيموت مقربا عند الله تعالى فكيف يحكم بكونه ملعونا ومنها شهادة الأعضاء وذلك بانطاق الله تعالى فكما تشهد على المذنبين بذنوبهم تشهد للمطيعين بطاعتهم فاللسان يشهد على الإقرار وقراءة القرآن واليد تشهد بأخذ المصحف والرجل تشهد بالمشي الى المسجد والعين تشهد بالبكاء والاذن تشهد باستماع كلام الله. ويقال شهادة الأعضاء فى القيامة مؤجلة وشهادتها فى المحبة اليوم معجلة من صفرة الوجه وتغير اللون ونحافة الجسم وانسكاب الدموع وخفقان القلب وغير ذلك: قال الحافظ با ضعف وناتوانى همچون نسيم خوش باش ... بيمارى اندرين ره بهتر ز تن درستى ومنها ان المجازاة بقدر الاستحقاق فللفاسقين بالقطيعة والنيران وللصالحين بالدرجات وللعارفين بالوصلة والقربة ورؤية الرحمن الْخَبِيثاتُ من النساء اى الزواني: وبالفارسية [زنان ناپاك] لِلْخَبِيثِينَ من الرجال اى الزناة كابن أبيّ المنافق تكون له امرأة زانية اى مختصات بهم لا يكدن يتجاوزنهم الى غيرهم لان لله ملكا يسوق الأهل ويجمع الاشكال بعضا الى بعض على ان اللام للاختصاص وَالْخَبِيثُونَ ايضا: وبالفارسية [مردان ناپاك] لِلْخَبِيثاتِ لان المجانسة من دواعى الانضمام وَالطَّيِّباتُ منهن اى العفائف لِلطَّيِّبِينَ منهم اى العفيفين وَالطَّيِّبُونَ ايضا لِلطَّيِّباتِ منهن بحيث لا يكادون يجاوزونهن الى من عداهن وحيث كان رسول الله عليه السلام أطيب الأطيبين وخيرة الأولين والآخرين تبين كون الصديقة من أطيب الطيبات بالضرورة واتضح بطلان ما قيل فى حقها من الخرافات حسبما نطق به قوله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بعلو الشان يعنى اهل البيت وقال فى الاسئلة المقحمة آية الافك نزلت فى عائشة وصفوان فكيف ذكرها بلفظ الجمع والجواب لان الشين وعار الزنى والمعرة بسببه تتعدى الى الرسول لانه زوجها والى ابى بكر الصديق لانه أبوها والى عامة المسلمين لانها أمهم فذكر الكل بلفظ الجمع مُبَرَّؤُنَ [بيزار كرده شدكان يعنى منزه ومعرااند] مِمَّا يَقُولُونَ اى مما يقوله اهل الافك فى حقهم من الأكاذيب الباطلة فى جميع الاعصار والأطوار الى يوم القيامة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ عظيمة لما يخلو عنه البشر من الذنب وَرِزْقٌ كَرِيمٌ فى الجنة اى كثير ويقال حسن قال الكاشفى [يعنى ريح وبسيار و پايدار مراد نعيم بهشت است] قال الراغب كل شىء يشرف فى بابه فانه يوصف بالكرم وقال بعضهم الرزق الكريم هو الكفاف الذي لا منة فيه لاحد فى الدنيا ولا تبعة له فى الآخرة يقول الفقير الظاهر من سوق الآيات ولا سيما من قوله (مِمَّا يَقُولُونَ) ان المعنى ان الخبيثات من القول: يعنى [سخنان ناشايسته وناپاك] للخبيثين من الرجال والنساء اى مختصة ولائقة بهم لا ينبغى

ان تقاتل فى حق غيرهم وكذا الخبيثون من الفريقين أحقاء بان يقال فى حقهم خبائث القول والطيبات من الكلم للطيبين من الفريقين اى مختصة وحقيقة بهم وكذا الطيبون من الفريقين أحقاء بان يقال فى شانهم طيبات الكلم أولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون فى حقهم فمآله تنزيه الصديقة ايضا وقال بعضهم خبيثات القول مختصة بالخبيثين من فريقى الرجال والنساء لا تصدر عن غيرهم والخبيثون من الفريقين مختصون بخبائث القول متعرضون لها كابن ابى المنافق ومن تابعه فى حديث الافك من المنافقين إذ كل اناء يترشح بما فيه والطيبات من الكلام للطيبين من الفريقين اى مختصة بهم لا تصدر عن غيرهم والطيبون من الفريقين مختصون بطيبات الكلام لا يصدر عنهم غيرها أولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون من الخبائث اى لا يصدر عنهم مثل ذلك فمآله تنزيه القائلين سبحانك هذا بهتان عظيم وقد وقع ان الحسن بن زياد بن يزيد الساعي من اهل طبرستان وكان من العظماء وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وكان يرسل فى كل سنة الى بغداد عشرين الف دينار تفرق على أولاد الصحابة فحصل عنده رجل من أشياع العلويين فذكر عائشة رضى الله عنها بالقبيح فقال الحسن لغلامه يا غلام اضرب عنق هذا فنهض اليه العلويين وقالوا هذا رجل من شيعتنا فقال معاذ الله هذا طعن على رسول الله فان كانت عائشة خبيثة كان زوجها ايضا كذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك بل هو الطيب الطاهر وهى الطيبة الطاهرة المبرأة من السماء يا غلام اضرب عنق هذا الكافر فضرب عنقه: وفى المثنوى ذره كاندر همه ارض وسماست ... جنس خود را همچوكاه وكهرباست «1» ناريان مر ناريانرا جازبند ... نوريان مر نوريانرا طالبند «2» اهل باطل باطلان را مى كشند ... اهل حق از اهل حق هم سرخوشتند «3» طيبات آمد ز بهر طيبين ... الخبيثات للخبيثين است بين «4» وقال الراغب الخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان او معقولا وذلك يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال وقوله (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) اى الأعمال الرديئة والاختيارات النبهرجة لامثالها واصل الطيب ما يستلذه الحواس وقوله (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) تنبيه على ان الأعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى (المؤمن أطيب من عمله والكافر أخبث من عمله) وفى التأويلات النجمية يشير الى خباثة الدنيا وشهواتها انها للخبيثين من ارباب النفوس المتمردة والخبيثون من اهل الدنيا المطمئنين بها للخبيثات من مستلذات النفس ومشتهيات هواها معناه انها لا تصلح الا لهم وانهم لا يصلحون الا لها وايضا الخبيثات من الأخلاق الذميمة والأوصاف الرديئة للخبيثين من الموصوفين بها والطيبات من الأعمال الصالحة والأخلاق الكريمة للطيبين من الصالحين وارباب القلوب يعنى خلقت الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات كقوله (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) وقال عليه السلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وقال عليه الصلاة والسلام (خلقت الجنة وخلق لها اهل وخلقت النار وخلق لها اهل) وفى حقائق البقلى خبيثات هواجس النفس ووساوس الشيطان للبطالين من المرائين والمغالطين وهم لها وطيبات الهام الله بوساطة الملائكة لاصحاب القلوب والأرواح والعقول من العارفين وايضا الترهات والطامات للمرتابين والحقائق والدقائق من المعارف وشرح

_ (1- 3- 4) لم أجد فى المثنوى يعينه فليراجع (2] در ديباچهـ دفتر دوم

[سورة النور (24) : آية 27]

الكواشف للعارفين والمحبين انتهى وكان مسروق إذا روى عن عائشة رضى الله عنها يقول حدثتنى الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله المبرأة من السماء وجاء ان ابن عباس رضى الله عنهما دخل على عائشة فى موتها فوجدها وجلة من القدوم على الله فقال لها لا تخافي فانك لا تقدمين الا على مغفرة ورزق كريم فغشى عليها من الفرح بذلك لانها كانت تقول متحدثة بنعمة الله عليها لقد أعطيت خصالا ما اعطيتهن امرأة لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حتى امر رسول الله ان يتزوجنى ولقد تزوجنى بكرا وما تزوج بكرا غيرى ولقد توفى وان رأسه لفى حجرى ولقد قبر فى بيتي وان الوحى ينزل عليه فى اهله فيتفرقون منه وانه كان لينزل عليه وانا معه فى لحاف واحد وابى رضى الله عنه خليفته وصديقه ولقد نزلت براءتي من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب لقد وعدت مغفرة ورزقا كريما يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- عن عدى بن ثابت عن رجل من الأنصار قال جاءت امرأة الى رسول الله عليه السلام فقالت يا رسول الله انى أكون فى بيتي على الحالة التي لا أحب ان يرانى عليها أحد فيأتى الآتي فيدخل فكيف اصنع قال (ارْجِعِي) فنزلت هذه الآية لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [يعنى بهيچ خانه بيكانه درمياييد] وصف البيوت بمغايرة بيوتهم خارج مخرج العادة التي هى سكنى كل أحد فى ملكه والا فالآجر والمعير ايضا منهيان عن الدخول بغير اذن يقال اجره اكراه والاجرة الكراء وأعاره دفعه عارية حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا اى تستأذنوا ممن يملك الاذن من أصحابها: وبالفارسية [تا وقتى كه خبر كيريد ودستورى طلبيد] من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره مكشوفا فعلم به فان المستأذن مستعلم للحال مستكشف انه هل يؤذن له اولا ومن الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش لما ان المستأذن مستوحش خائف ان لا يؤدن له فاذا اذن له استأنس ولهذا يقال فى جواب القادم المستأذن مرحبا أهلا وسهلا اى وجدت مكانا واسعا وأتيت أهلا لا أجانب ونزلت مكانا سهلا لا حزنا ليزول به استيحاشه وتطيب نفسه فيؤول المعنى الى ان يؤذن لكم وهو من باب الكناية حيث ذكر الاستئناس اللازم وأريد الاذن الملزوم وعن النبي عليه السلام فى معنى الاستئناس حين سئل عنه فقال (هو ان يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة ويتنحنح يؤذن اهل البيت) قال فى نصاب الاحتساب امرأة دخلت فى بيت غير بغير اذن صاحبه هل يحتسب عليها فالجواب إذا كانت المرأة ذات محرم منه حل لامرأته الدخول فى منازل محارم زوجها بغير إذنهم وهذا غريب يجتهد فى حفظه ذكره فى سرقة المحيط ولهذا لو سرقت من بيت محارم زوجها لا قطع عليها عند ابى حنيفة رحمه الله وما فى غير ذلك يحتسب عليها كما يحتسب على الرجل لقوله تعالى (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) اى تستأذنوا انتهى فالدخول بالاذن من الآداب الجميلة والافعال المرضية المستتبعة لسعادة الدارين وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها عند الاستئذان بان يقول السلام عليكم أادخل ثلاث مرات فان اذن له دخل وسلم ثانيا والا رجع ذلِكُمْ الاستئذان مع التسليم خَيْرٌ لَكُمْ من ان تدخلوا بغتة ولو على الام فانها تحتمل ان تكون عريانة وفيه ارشاد الى ترك تحية اهل الجاهلية حين الدخول فان الرجل منهم كان إذا دخل بيتا غريبا صباحا قال «حييتم صباحا»

[سورة النور (24) : آية 28]

وإذا دخل مساء قال «حييتم مساء» قال الكاشفى [وكفته اند كسى كه بر عيال خود در مى آيد بايد كه بكلمه يا بآواز يا بتنحنحى اعلام كند تا اهل آن خانه بستر عورات ودفع مكروهات أقدام نمايند] لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ متعلق بمضمر اى أمرتم به كى تذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه اعلم ان السلام من سنة المسلمين وهو تحية اهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة- روى- عنه عليه السلام قال (لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله فقال الله تعالى يرحمك ربك يا آدم اذهب الى هؤلاء الملائكة وملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم فلما فعل ذلك رجع الى ربه قال هذه تحيتك وتحية ذريتك) وروى عنه عليه السلام قال (حق المسلم على المسلم ست يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه وينصح له بالغيب ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات) ثم انه إذا عرض امر فى دار من حريق او هجوم سارق او قتل نفس بغير حق او ظهور منكر يجب إزالته فحينئذ لا يجب الاستئذان والتسليم فان كل ذلك مستثنى بالدليل وهو ما قاله الفقهاء من ان مواقع الضرورات مستثناة من قواعد الشرع لان الضرورات تبيح المحظورات قال صاحب الكشاف وكم من باب من أبواب الدين هو عند الناس كالشريعة المنسوخة قد تركوا العمل بها وباب الاستئذان من ذلك انتهى وفى الآية الكريمة اشارة الى ترك الدخول والسكون فى البيوت المجازية الفانية من الأجساد وترك الاطمئنان بها بل لا بد من سلام الوداع للخلاص فاذا ترك العبد الركون الى الدنيا الفانية وشهواتها واعرض عن البيوت التي ليست بدار قرار فقد رجع الى الوطن الحقيقي الذي حبه من الايمان اگر خواهى وطن بيرون قدم نه فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها اى فى تلك البيوت أَحَداً اى ممن يملك الاذن على ان من لا يملكه من النساء والولدان وجدانه كفقدانه او لم تجدوا أحدا أصلا فَلا تَدْخُلُوها فاصبروا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ اى من جهة من يملك الاذن عند إتيانه فان فى دخول بيت فيه النساء والولدان اطلاعا على العورات وفى دخول البيوت الخالية اطلاعا على ما يعتاد الناس إخفاءه مع ان التصرف فى ملك الغير محظور مطلقا: يعنى [دخول در خانه خالى بي اذن كسى محل تهمت سرقه است] يقول الفقير قد ابتليت بهذا مرة غفلة عن حكم الآية الكريمة فاطال علىّ وعلى رفقائى بعض من خارج البيت لكوننا مجهولين عندهم فوجدت الأمر حقا وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا انصرفوا فَارْجِعُوا ولا تقفوا على أبواب الناس اى ان أمرتم من جهة اهل البيت بالرجوع سواء كان الأمر ممن يملك الاذن أم لا فارجعوا ولا تلحوا بتكرير الاستئذان كما فى الوجه الاول او لا تلحوا بالإصرار على الانتظار على الأبواب الى ان يأتى الاذن كما فى الثاني فان ذلك مما يجلب الكراهة فى قلوب الناس ويقدح فى المروءة اى قدح هُوَ اى الرجوع أَزْكى لَكُمْ اى اطهر مما لا يخلو عنه اللج والعناد والوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرذالة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه فيجازيكم عليه وفى التأويلات النجمية (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً)

[سورة النور (24) : آية 29]

يشير الى فناء صاحب البيت وهو وجود الانسانية (فَلا تَدْخُلُوها) بتصرف الطبيعة الموجبة للوجود (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) بامر من الله بالتصرف فيها للاستقامة كما امر (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا) اى الى ربكم (فَارْجِعُوا) ولا تتصرفوا فيها تصرف المطمئنين بها (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) لئلا تقعوا فى فتنة من الفتن الانسانية وتكونوا مع الله بالله بلا أنتم (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الرجوع الى الله وترك تعلقات البيوت الجسدانية (عَلِيمٌ) انه خير لكم لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ قال فى المفردات جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها سمى الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا أَنْ تَدْخُلُوا اى بغير استئذان بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ اى غير موضوعة لسكنى طائفة مخصوصة فقط بل لينتفع بها من يضطر إليها كائنا من كان من غير ان يتخذها سكنا كالربط والخانات والحوانيت والحمامات ونحوها فانها معدة لمصالح الناس كافة كما ينبى عنه قوله تعالى فِيها مَتاعٌ لَكُمْ فانه صفة للبيوت اى حق تمتع لكم وانتفاع كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الامتعة والرحال والشراء والبيع والاغتسال وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها فلا بأس بدخولها بغير استئذان من قوام الرباطات والخانات واصحاب الحوانيت ومتصرفى الحمامات ونحوهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ تظهرون وَما تَكْتُمُونَ تستترون وعيد لمن يدخل مدخلا من هذه المداخل لفساد او اطلاع على عورات قال فى نصاب الاحتساب رجل له شجرة فرصاد قد باع أغصانها فاذا ارتقاها المشترى يطلع على عورات الجار قال يرفع الجار الى القاضي حتى يمنعه من ذلك قال الصدر الشهيد فى واقعات المختار ان المشترى يخبرهم وقت الارتقاء مرة او مرتين حتى يستروا أنفسهم لان هذا جمع بين الحقين وان لم يفعل الى ان يرفع الجار الى القاضي فان رأى القاضي المنع كان له ذلك. ولو فتح كوّة فى جداره حتى وقع نظره فيها الى نساء جاره يمنع من ذلك وفى البستان لا يجوز لاحد ان ينظر فى بيت غيره بغير اذنه فان فعل فقد أساء واثم فى فعله فان نظر ففقأ صاحب البيت عينه اختلفوا فيه قيل لا شىء عليه وقيل عليه الضمان وبه نأخذ وكان عمر رضى الله عنه يعس ليلة مع ابن مسعود رضى الله عنه فاطلع من خلل باب فاذا شيخ بين يديه شراب وقينة تغنيه فتسورا فقال عمر رضى الله عنه ما صح لشيخ مثلك ان يكون على مثل هذه الحالة فقام اليه الرجل فقال يا امير المؤمنين أنشدك بالله ألا ما أنصفتني حتى أتكلم قال قل قال ان كنت عصيت الله فى واحدة فقد عصيت أنت فى ثلاث قال ما هن قال تجسست وقد نهاك الله فقال (وَلا تَجَسَّسُوا) وتسورت وقد قال الله (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) الى (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ودخلت بغير اذن وقد قال الله (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فقال عمر صدقت فهل أنت غافر لى فقال غفر الله لك فخرج عمر يبكى ويقول ويل لعمر ان لم يغفر الله له فان قلت دل هذا على ان المحتسب لا يدخل بيتا بلا اذن وقد صح انه يجوز له الدخول فى بيت من يظهر البدع بلا اذن قلت هذا فيما اظهر وذلك فيما أخفى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى جواز تصرف السالك الواصل فى بيت الجسد الذي هو غير مسكون لصاحبه وهو الانسانية لفنائها عن وجودها بافناء الحق تعالى فيها متاع لكم اى الآلات والأدوات التي تحتاجون إليها عند السير فى عالم الله ولتحصيلها بعثت الأرواح

[سورة النور (24) : آية 30]

الى أسفل سافلين الأجساد والله يعلم ما تبدون من تصرفاتكم بالآلات الانسانية وما تكتمون من نياتكم لنها لطلب رضى الله تعالى او لهوى نفوسكم انتهى: قال الجامى قدس سره جيب خاص است كه كنج كهر اخلاص است ... نيست اين در ثمين در بغل هر دغلى قُلْ يا محمد لِلْمُؤْمِنِينَ حذف مفعول الأمر تعويلا على دلالة جوابه عليه اى قل لهم غضوا يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ عما يحرم: وبالفارسية [بپوشند ديدهاى خود را از ديدن نامحرم كه نظر سبب فتنه است] والغض أطباق الجفن بحيث يمنع الرؤية ولما كان ما حرم النظر اليه بعضا من جملة المبصرات تبعض البصر باعتبار تبعض متعلقه فجعل ما تعلق بالمحرم بعضا من البصر وامر بغضه وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ عمن لا يحل او يستروها حتى لا تظهر والفرج الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه اتى بمن التبعيضية فى جانب الابصار دون الفروج مع ان المأمور به حفظ كل واحد منهما عن بعض ما تعلقا به فان المستثنى من البصر كثير فان الرجل يحل له النظر الى جميع أعضاء أزواجه وأعضاء ما ملكت يمينه وكذا لا بأس عليه فى النظر الى شعور محارمه وصدورهن وثديهن واعضائهن وسوقهن وأرجلهن وكذا من امة الغير حال عرضها للبيع ومن الحرة الاجنبية الى وجهها وكفيها وقدميها فى رواية فى القدم بخلاف المستثنى من الفرج فانه شىء نادر قليل وهو فرج زوجته وأمته فلذلك اطلق لفظ الفرج ولم يقيد بما استثنى منه لقلته وقيد غض البصر بحرف التبعض ذلِكَ اى ما ذكر من الغض والحفظ أَزْكى لَهُمْ اى اطهر لهم من دنس الريبة إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ لا يخفى عليه شىء فليكونوا على حذر منه فى كل حركة وسكون- روى- عن عيسى ابن مريم عليهما السلام انه قال إياكم والنظرة فانها تزرع فى القلب شهوة قال الكاشفى [در ذخيرة الملوك آورده كه تيز روترين پيكى شيطانرا در وجود انسان چشم است زيرا حواس ديكر در مساكن خود ساكن اند وتا چيزى بديشان نميرسد باستدراج آن مشغول نميتوانند شد اما ديده حاسه ايست كه از دور ونزديك ابتلا وأنام را صيد ميكند اين همه آفت كه بتن ميرسد ... از نظر توبه شكن ميرسد ديده فرو پوش چودر در صدف ... تا نشوى تير بلا را هدف وفى النصاب النظرة الاولى عفو والذي يليها عمد وفى الأثر (يا ابن آدم لك النظرة الاولى فما بال الثانية) وفى الحديث (اضمنوا لى ستا من أنفسكم اضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا ما ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا ايديكم) وفى الحديث (بينما رجل يصلى إذ مرت به امرأة فنظر إليها واتبعها بصره فذهبت عيناه) قال الشيخ نجم الدين فى تأويلاته يشير الى غض أبصار الظواهر من المحرمات وأبصار النفوس عن شهوات الدنيا ومألوفات الطبع ومستحسنات الهوى وأبصار القلوب عن رؤية الأعمال ونعيم الآخرة وأبصار الاسرار عن الدرجات والقربات وأبصار الأرواح عن الالتفات لما سوى الله وأبصار الهمم عن العلل بان لا يروا أنفسهم أهلا للشهود من الحق سبحانه غيرة عليه

[سورة النور (24) : الآيات 31 إلى 35]

تعظيما وإجلالا ويشير ايضا الى حفظ فروج الظواهر عن المحرمات وفروج البواطن عن التصرفات فى الكونين لعلة دنيوية او اخروية (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) صيانة عن تلوث الحدوث ورعاية للحقوق عن شوب الحظوظ (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) يعملون للحقوق والحظوظ اللهم اجعلنا من الذين يراعون الحقوق فى كل عمل وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ فلا ينظرن الى ما لا يحل لهن النظر اليه من الرجل وهى العورة عند ابى حنيفة واحمد وعند مالك ما عدا الوجه والأطراف والأصح من مذهب الشافعي انها لا تنظر اليه كما لا ينظر هو إليها وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ بالتصون عن الزنى او بالتستر ولا خلاف بين الائمة فى وجوب ستر العورة عن أعين الناس واختلفوا فى العورة ما هى فقال ابو حنيفة عورة الرجل ما تحت سرته الى تحت ركبته والركبة عورة وفى نصاب الاحتساب من لم يستر الركبة ينكر عليه برفق لان فى كونها عورة اختلافا مشهورا ومن لم يستر الفخذ يعنف عليه ولا يضرب لان فى كونها عورة خلاف بعض اهل الحديث ومن لم يستر السوءة يؤدب إذ لا خلاف فى كونها عورة عن كراهية الهداية انتهى ومثل الرجل الامة وبالأولى بطنها وظهرها لانه موضع مشتهى والمكاتبة وأم الولد والمدبرة كالامة وجميع الحرة عورة الا وجهها وكفيها والصحيح عنده ان قدميها عورة خارج الصلاة لا فى الصلاة وقال مالك عورة الرجل فرجاه وفخذاه والامة مثله وكذا المدبرة والمعتقة الى أجل والحرة كلها عورة الا وجهها ويديها ويستحب عنده لام الولد ان تستر من جسدها ما يجب على الحرة ستره والمكاتبة مثلها وقال الشافعي واحمد عورة الرجل ما بين السرة والركبة وليست الركبة من العورة وكذا الامة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة والمعتق بعضها والحرة كلها عورة سوى الوجه والكفين عند الشافعي وعند احمد سوى الوجه فقط على الصحيح واما سرة الرجل فليست من العورة بالاتفاق كذا فى فتح الرحمن وتقديم الغض لان النظر يريد الزنى ورائد الفساد يعنى ان الله تعالى قرن النهى عن النظر الى المحارم بذكر حفظ الفرج تنبيها على عظم خطر النظر فانه يدعو الى الاقدام على الفعل وفى الحديث (النظر سهم من سهام إبليس) قيل من أرسل طرفه اقتنص حتفه: وفى المثنوى كر ز ناى چشم حظى مى برى ... نى كباب از پهلوى خود مى خورى اين نظر از دور چون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبر تو كم وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ فضلا عن إبداء مواقعها يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا اى ظهر ظهورا بينا وأبدى اى اظهر إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها [مكر آنچهـ ظاهر شود از ان زينت بوقت ساختن كارها چون خاتم وأطراف ثياب وكحل در عين وخضاب در كف] فان فى سترها حرجابينا قال ابن الشيخ الزينة ما تزينت به المرأة من حلى او كحل او ثوب او صبغ فما كان منها ظاهرا كالخاتم والفتخة وهى ما لا فص فيه من الخاتم والكحل والصبغ فلا بأس بإبدائه للاجانب بشرط الامن من الشهوة وما خفى منها كالسوار والدملج وهى خلقة تحملها المرأة على عضدها والوشاح والقرط فلا يحل لها ابداؤها الا للمذكورات فيما بعد بقوله (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) الآية وفى التأويلات النجمية يشير الى كتمان ما زين الله به سرائرهم من

صفاء الأحوال وزكاء الأعمال فانه بالإظهار ينقلب الزين شينا الا ما ظهر منها وارد حق او يظهر على أحد منهم نوع كرامة بلا تعمله وتكلفه فذلك مستثنى لانه غير مؤاخذ بما لم يكن بتصرفه وتكلفه انتهى قال فى حقائق البقلى فيه استشهاد على انه لا يجوز للعارفين ان يبدوا زينة حقائق معرفتهم وما يكشف الله لهم من عالم الملكوت وأنوار الذات والصفات ولا المواجيد الا ما ظهر منها بالغلبات من الشهقات والزعقات والاصفرار والاحمرار وما يجرى على ألسنتهم بغير اختيارهم من كلمات السطح والإشارات المشاكلة وهذه الأحوال اشرف زينة للعارفين قال بعضهم ازين ما تزين به العبد الطاعة فاذا أظهرها فقد ذهبت زينتها وقال بعضهم الحكمة فى هذه الآية لاهل المعرفة انه من اظهر شيأ من أفعاله الا ما ظهر عليه من غير قصد له فيه سقط به عن رؤية الحق لان من وقع عليه رؤية الخلق ساقط عن رؤية الحق: قال الشيخ سعدى قدس سره همان به كر آبستن كوهرى ... كه همچون صدف سر بخود در برى وفى المثنوى داند و پوشد بامر ذى الجلال ... كه نباشد كشف را از حق حلال «1» سر غيب آنرا سزد آموختن ... كه ز كفتن لب تواند دوختن «2» وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ضمن الضرب معنى الإلقاء ولذا عدى بعلى. والخمر جمع خمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها وتسترها وما ليس بهذه الصفة فليس بخمار قال فى المفردات اصل الخمر ستر الشيء ويقال لما يستر به خمار لكن الخمار صار فى التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها. والجيوب جمع جيب وهو ما جيب من القميص اى قطع لادخال الرأس. والمعنى وليلقين مقانعهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وقروطهن وأعناقهن عن الأجانب: وبالفارسية [وبايد كه فرو كذارند مقنعهاى خود را بر گريبانهاى خويش يعنى گردن خود را بمقنعه بپوشند تا شوى وبنا كوش وكردن وسينه ايشان پوشيده ماند] وفيه دليل على ان صدر المرأة ونحرها عورة لا يجوز للاجنبى النظر إليها وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ اى الزينة الخفية كالسوار والدملج والوشاح والقرط ونحوها فضلا عن إبداء مواقعها كرره لبيان من يحل له الإبداء ومن لا يحل له وقال ابو الليث لا يظهرن مواضع زينتهن وهو الصدر والساق والساعد والرأس لان الصدر موضع الوشاح والساق موضع الخلخال والساعد موضع السوار والرأس موضع الا الإكليل فقد ذكر الزاينة وارد بها موضع الزينة انتهى إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ قال فى المفردات البعل هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة كفحل وفحولة انتهى اى الا لازواجهن فانهم المقصودون بالزينة ولهم ان ينظروا الى جميع بدنهن حتى الموضع المعهود خصوصا إذا كان النظر لتقوية الشهوة الا انه يكره له النظر الى الفرج بالاتفاق حتى الى فرج نفسه لانه يروى انه يورث الطمس والعمى وفى كلام عائشة رضى الله عنها ما رأى منى ولا رأيت منه اى العورة قال فى النصاب اى الزينة الباطنة يجوز ابداؤها لزوجها وذلك لاستدعائه إليها ورغبة فيها ولذلك لعن رسول الله عليه السلام السلقاء والمرهاء فالسلقاء التي لا تختضب والمرهاء التي لا تكتحل أَوْ آبائِهِنَّ والجد فى حكم الأب أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ [يا پدران شوهران خويش كه ايشان حكم آباء دارند] أَوْ أَبْنائِهِنَّ [يا پسران

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان تشبيه بند دام بقضا كه بصورت إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان دعا كردن موسى عليه السلام جهة سلامتى ايمان آن شخص

خويش و پسر پسر هر چند باشد درين داخلست] أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ [يا پسران شوهران خود چهـ ايشان در حكم پسرانند مر زنرا] أَوْ إِخْوانِهِنَّ [يا پسران برادران خود كه حكم برادران دارند] أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ [يا پسران برادران خود] أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ [يا پسران خواهران خود واينها جماعتى اند كه نكاح زن با ايشان روا نيست كه] والعلة كثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما فى طباع الفريقين من النفرة عن مماسة القرائب ولهم ان ينظروا منهن الى ما يبدو عند الخدمة قال فى فتح الرحمن فيجوز لجميع المذكورين عند الشافعي النظر الى الزينة الباطنة سوى ما بين السرة والركبة الا الزوج فيباح له ما بينهما وعند مالك ينظرون الى الوجه والأطراف وعند ابى حنيفة ينظرون الى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها وعند احمد ينظرون الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق قال ابو الليث النظر الى النساء على اربع مراتب فى وجه يجوز النظر الى جميع اعضائهن وهو النظر الى زوجته وأمته وفى وجه يجوز النظر الى الوجه والكفين وهو النظر الى المرأة التي لا تكون محرما له ويأمن كل واحد منهما على نفسه فلا بأس بالنظر عند الحاجة وفى وجه يجوز النظر الى الصدر والرأس والساق والساعد وهو النظر الى امرأة ذى رحم او ذات رحم محرم مثل الام والاخت والعمة والخالة وامرأة الأب وامرأة الابن وأم المرأة سواء كان من قبل الرضاع او من قبل النسب وفى وجه لا يجوز النظر الى شىء وهو ان يخاف ان يقع فى الإثم إذا نظر انتهى وعدم ذكر الأعمام والأخوال لما ان الأحوط ان يتسترن عنهم حذرا من ان يصفوهن لابنائهم فان تصور الأبناء لها بالوصف كنظرهم إليها أَوْ نِسائِهِنَّ المختصات بهن بالصحبة والخدمة من حرائر المؤمنات فان الكوافر لا يتأثمن عن وصفهن للرجال فيكون تصور الأجانب إياها بمنزلة نظرهم إليها فان وصف مواقع زين المؤمنات للرجال الأجانب معدود من جملة الآثام عند المؤمنات فالمراد بنسائهن نساء اهل دينهن وهذا قول اكثر السلف قال الامام قول السلف محمول على الاستحباب والمذهب ان المراد بقوله (أَوْ نِسائِهِنَّ) جميع النساء يقول الفقير اكثر التفاسير المعتبرة مشحون بقول السلف فانهم جعلوا المرأة اليهودية والنصرانية والمجوسية والوثنية فى حكم الرجل الأجنبي فمنعوا المسلمة من كشف بدنها عندهن الا ان تكون امة لها كما منعوها من التجرد عند الأجانب والظاهر ان العلة فى المنع شيآن عدم المجانسة دينا فان الايمان والكفر فرق بينهما وعدم الامن من الوصف المذكور فلزم اجتناب العفائف عن الفواسق وصحبتها والتجرد عندها. ولذا منع المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال كما فى مجمع الفتاوى وذلك لان اختلاف العقائد والأوصاف كالتباين فى الدين والذات وأصلح الله نساء الزمان فان غالب اخلاقهن كاخلاق الكوافر فكيف تجتمع بهن وبالكوافر فى الحمام ونحوه من كانت بصدد العفة والتقوى. وكتب عمر رضى الله عنه الى ابى عبيدة ان يمنع الكتابيات من دخول الحمامات مع المسلمات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ اى من الإماء فان عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها خصيا كان او فحلا وهو قول ابى حنيفة رحمه الله وعليه عامة العلماء فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وان جاز رؤيته إياها إذا وجد الامن من الشهوة وقال

ابن الشيخ فان قيل ما الفائدة فى تخصيص الإماء بالذكر بعد قوله (أَوْ نِسائِهِنَّ) فالجواب والله اعلم انه تعالى لما قال او نسائهن دل ذلك على ان المرأة لا يحل لها ان تبدى زينتها للكافرات سواء كن حرائر او إماء لغيرها او لنفسها فلما قال (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) مطلقا اى مؤمنات كن او مشركات علم انه يحل للامة ان تنظر الى زينة سيدتها مسلمة كانت الامة او كافرة لما فى كشف مواضع الزينة الباطنة لامتها الكافرة فى احوال استخدامها إياها من الضرورة التي لا تخفى ففارقت الحرة الكافرة بذلك (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) الاربة الحاجة اى الرجال الذين هم اتباع اهل البيت لا حاجة لهم فى النساء وهم الشيوخ الاهمام والممسوخون بالخاء المعجمة وهم الذين حولت قوتهم وأعضاؤهم عن سلامتها الاصلية الى الحالة المنافية لها المانعة من ان تكون لهم حاجة فى النساء وان يكون لهن حاجة فيهم ويقال للممسوخ المحنث وهو الذي فى أعضائه لين وفى لسانه تكسر بأصل الخلقة فلا يشتهى النساء وفى المجبوب والخصى خلاف والمجبوب من قطع ذكره وخصيتاه معا من الجب وهو القطع والخصى من قطع خصيتاه والمختار ان الخصى والمجبوب والعنين فى حرمة النظر كغيرهم من الفحولة لانهم يشتهون ويشتهون وان لم تساعد لهم الآلة: يعنى [ايشانرا آرزوى مباشرت هست غايتش آنكه توانايى بر ان نيست] قال بعضهم قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) محكم وقوله (أَوِ التَّابِعِينَ) مجمل والعمل بالمحكم اولى فلا رخصة للمذكورين من الخصى ونحوه فى النظر الى محاسن النساء وان لم يكن هناك احتمال الفتنة وفى الكشاف لا يحل إمساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم ولم ينقل عن أحد من السلف امساكهم انتهى وفى النصاب قرأت فى بعض الكتب ان معاوية دخل على النساء ومعه خصى مجبوب فنفرت منه امرأة فقال معاوية انما هو بمنزلة امرأة فقالت أترى ان المثلة به قد أحلت ما حرم الله من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها انتهى وفى البستان انه لا يجوز خصاء بنى آدم لانه لا منفعة فيه لانه لا يجوز للخصى ان ينظر الى النساء كما لا يجوز للفحل بخلاف خصاء سائر الحيوانات ألا ترى ان خصى الغنم أطيب لحما واكثر شحما وقس عليه غيره أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع او لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والقدرة: وبالفارسية [تمييز ندارند واز حال مباشرت بى خبرند با آنكه قادر نيستند بر إتيان زنان يعنى بالغ نشده وبحد شهوت نرسيده] والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف كالعدو فى قوله تعالى (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) قال فى المفردات الطفل الولد مادام ناعما والطفيلي رجل معروف بحضور الدعوات وفى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى حد الطفل من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام انتهى. والعورة سوءة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهورها من العار اى المذمة ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء اى الكلمة القبيحة كما فى المفردات قال فى فتح القريب العورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر وفى الحديث (المرأة عورة جعلها نفسها عورة لانها إذا ظهرت يستحيى منها كما يستحيى من العورة إذا ظهرت) قال اهل اللغة سميت العورة

عورة لقبح ظهورها ولغض الابصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين يقول الفقير يفهم من عبارة الطفل ان التقوى منع الصبيان حضرة النساء بعد سبع سنين فان ابن السبع وان لم يكن فى حد الشهوة لكنه فى حد التمييز مع ان بعض من لم يبلغ حد الحلم مشتهى فلا خير فى مخالطة النساء وفى ملتقط الناصري الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وان كان صبيحا فحكمه حكم النساء وهو عورة من قرنه الى قدمه يعنى لا يحل النظر اليه عن شهوة. فاما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولهذا لم يؤمر بالنقاب- حكى- ان واحدا من العلماء مات فرؤى فى المنام وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاما فى موضع كذا فنظرت اليه فاحترق وجهى فى النار قال القاضي سمعت الامام يقول ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا. ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة كما فى البستان قال فى أنوار المشارق يحرم على الرجل النظر الى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء نظر بشهوة أم لا وسواء أمن من الفتنة أم خافها ويجب على من فى الحمام ان يصون نظره ويده وغيرهما عن عورة غيره وان يصون عورته عن نظر غيره ويجب الإنكار على كاشف العورة وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ اى يخفينه من الرؤية مِنْ زِينَتِهِنَّ اى لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلخالهن فيعلم انهن ذوات خلخال فان ذلك مما يورث الرجال ميلا إليهن ويوهم ان لهن ميلا إليهم وإذا كان اسماع صوت خلخالها للاجانب حراما كان رفع صوتها بحيث يسمع الأجانب كلامها حراما بطريق الاولى لان صوت نفسها اقرب الى الفتنة من صوت خلخالها ولذلك كرهوا أذان النساء لانه يحتاج فيه الى رفع الصوت يقول الفقير وبهذا القياس الخفي ينجلى امر النساء فى باب الذكر الجهرى فى بعض البلاد فان الجمعية والجهر فى حقهن مما يمنع عنه جدا وهن مرتكبات للاثم العظيم بذلك إذ لو استحب الجمعية والجهر فى حقهن لاستحب فى حق الصلاة والاذان والتلبية قال فى نصاب الاحتساب ومما يحتسب على النساء اتخاذ الجلاجل فى أرجلهن لان اتخاذ الجلاجل فى رجل الصغير مكروه ففى المرأة البالغة أشد كراهة لانه مبنى حالهن على التستر وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إذ لا يكاد يخلو أحدكم من تفريط فى امره ونهيه سيما فى الكف عن الشهوات. وجميعا حال من فاعل توبوا اى حال كونكم مجتمعين: وبالفارسية [همه شما] وايها المؤمنون تأكيد للايجاب وإيذان بان وصف الايمان موجب للامتثال حتما وفى هذه الآية دليل على ان الذنب لا يخرج العبد من الايمان لانه قال (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) بعد ما امر بالتوبة التي تتعلق بالذنب لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تفوزون بسعادة الدارين وصى الله تعالى جميع المؤمنين بالتوبة والاستغفار لان العبد الضعيف لا ينفك عن تقصير يقع منه وان اجتهد فى رعاية تكاليف الله تعالى امام قشيرى رحمه الله تعالى [فرموده كه محتاجتر بتوبة آنكس است كه خود را محتاج توبه نداند در كشف الاسرار آورده كه همه را از مطيع وعاصى بتوبة امر فرمود تا عاصى خجل زده نشود چهـ اگر فرمودى كه اى كنهكاران شما توبه كنيد موجب رسوايى ايشان شدى چون در دنيا ايشانرا

[سورة النور (24) : آية 32]

رسوا نمى خواهند اميد هست كه در عقبى هم رسوا نكند] چورسوا نكردى بچندين خطا ... درين عالمم پيش شاه وكدا در ان عالمم هم بر خاص وعام ... بيامرز ورسوا مكن والسلام قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان التوبة كما هى واجبة على المبتدئ من ذنوب مثله كذلك لازمة للمتوسط والمنتهى فان حسنات الأبرار سيآت المقربين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (توبوا الى الله جميعا فانى أتوب اليه فى كل يوم مائة مرة) فتوبة المبتدئ من المحرمات وتوبة المتوسط من زوائد المحللات وتوبة المنتهى بالاعراض عما سوى الله بكليته والإقبال على الله بكليته (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ففلاح المبتدئ من النار الى الجنة والمتوسط من ارض الجنة الى أعلى عليين مقامات القرب ودرجاتها والمنتهى من حبس الوجود المجازى الى الوجود الحقيقي ومن ظلمة الخلقية الى نور الربوبية: وفى المثنوى چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم «1» قرب نى بالا و پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است «2» قال بعض الكبار ان الله تعالى طالب المؤمنين جميعا بالتوبة ومن آمن بالله وترك الشرك فقد تاب وصحت توبته ورجوعه الى الله وان خطر عليه خاطرا وجرى عليه معصية فى حين التوبة فان المؤمن إذا جرى عليه معصية ضاق صدره واهتم قلبه وندم روحه ورجع سره هذا للعموم والاشارة فى الخصوص ان الجميع محجوبون بأصل النكرة وما وجدوا منه من القربة وسكنوا بمقاماتهم ومشاهداتهم ومعرفتهم وتوحيدهم اى أنتم فى حجب هذا المقام توبوا منها الىّ فان رؤيتها أعظم الشرك فى المعرفة لان من ظن انه واصل فليس له حاصل من معرفة وجوده وكنه جلال عزته فمن هذا أوجب التوبة عليهم فى جميع الأنفاس لذلك هجم حبيب الله فى بحر الفناء وقال (انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة) ففهم ان عقيب كل توبة توبة حتى تتوب من التوبة وتقع فى بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء اللهم اجعلنا فانين باقين وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ مقلوب ايايم جمع ايم كيتامى مقلوب يتايم جمع يتيم فقلب قلب مكان ثم أبدلت الكسرة فتحة والياء الفا فصار أيامي ويتامى والايم من لا زوج له من الرجال والنساء بكرا كان او ثيبا قال فى المفردات الايم المرأة التي لا بعل لها وقد قيل للرجل الذي لا زوج له وذلك على طريق التشبيه بالمرأة لا على التحقيق: والمعنى زوجوا ايها الأولياء والسادات من لا زوج له من أحرار قومكم وحرائر عشيرتكم فان النكاح سبب لبقاء النوع وحافظ من السفاح وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ قال فى الكواشي اى الخيرين او المؤمنين وقال فى الوسيط معنى الصلاح هاهنا الايمان وفى المفردات الصلاح ضد الفساد وهما مختصان فى اكثر الاستعمال بالافعال وتخصيص الصالحين فان من لا صلاح له من الأرقاء بمعزل من ان يكون خليقا بان يعتنى مولاه بشأنه ويشفق عليه ويتكلف فى نظم مصالحه بما لا بد منه شرعا وعادة من بذل المال والمنافع بل حقه ان لا يستبقيه عنده واما عدم اعتبار الصلاح فى الأحرار والحرائر

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود (2) لم أجد [.....]

فلان الغالب فيهم الصلاح يقول الفقير قد اطلق فى هذه الآية الكريمة العبد والامة على الغلام والجارية وقد قال عليه السلام (لا يقولن أحدكم عبدى وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى) والجواب ان ذلك انما يكره إذا قاله على طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه والتعظيم لنفسه فسقط التعارض والحمد لله تعالى إِنْ يَكُونُوا [اگر باشند أيامي وصلحا از عباد واما فُقَراءَ [درويشان وتنكدستان] يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ اى لا يمنعن فقر الخاطب والمخطوبة من المناكحة فان فى فضل الله غنية عن المال فانه غاد ورائح [كه كاه آيد وكه رود مال وجاه] والله يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب قال بعضهم من صح افتقاره الى الله صح استغناؤه بالله وَاللَّهُ واسِعٌ غنى ذو سعة لا تنفد نعمته إذ لا تنتهى قدرته عَلِيمٌ يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على ما تقتضيه حكمته اتفق الائمة على ان النكاح سنة لقوله عليه السلام (من أحب فطرتى فليستنّ بسنتى ومن سنتى النكاح) وقوله عليه السلام (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) فان كان تائقا اى شديد الاشتياق الى الوطئ يخاف العنت وهو الزنى وجب عليه عند ابى حنيفه واحمد وقال مالك والشافعي هو مستحب لمحتاج اليه يجد اهبة ومن لم يجد التوقان فقال ابو حنيفة واحمد النكاح له أفضل من نفل العبادة وقال مالك والشافعي بعكسه وعند الشافعي ان لم يتعبد فالنكاح أفضل واختلفوا فى تزويج المرأة نفسها فاجازه ابو حنيفة لقوله تعالى (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ) نهى الرجال عن منع النساء عن النكاح فدل على انهن يملكن النكاح ومنعه الثلاثة وقالوا انما يزوجها وليها بدليل هذه الآية لان الله تعالى خاطب الأولياء به كما ان تزويج العبيد والإماء الى السادات واختلفوا هل يجبر السيد على تزويج رقيقه إذا طلب ذلك فقال احمد يلزمه ذلك الا امة يستمتع بها فان امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع لزمه بيعه وخالفه الثلاثة قال فى الكواشي وهذا امر ندب اى ما وقع فى الآية قال فى ترجمة الفتوحات [واگر عزم نكاح كنى جهد كن كه از قريشيات بدست كنى واگر از اهل بيت باشد بهتر ونيكوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموده كه بهترين زنانى كه بر شتر سوار شدند زنان قريش اند] قال الزجاج حث الله على النكاح واعلم انه سبب لنفى الفقر ولكن الغنى على وجهين غنى بالمال وهو أضعف الحالين وغنى بالقناعة وهو أقوى الحالين وانما كان النكاح سبب الغنى لان العقد الديني يجلب العقد الدنيوي اما من حيث لا يحتسبه الفقير او من حيث ان النكاح سبب للجد فى الكسب والكسب ينفى الفقر رزق اگر چند بيكمان برسد ... شرط عقلست جستن از درها واختلف الائمة فى الزوج إذا أعسر بالصداق والنفقة والكسوة والمسكن هل تملك المرأة فسخ نكاحها فقال ابو حنيفة رحمه الله لا تملك الفسخ بشىء من ذلك وتؤمر بالاستدانة للتفقة لتحيل عليه فاذا فرضها القاضي وأمرها بالاستدانة صارت دينا عليه فتتمكن من الاحالة عليه والرجوع فى تركته لو مات- روى- عن جعفر بن محمد ان رجلا شكا اليه الفقر فامره ان يتزوج فتزوج الرجل ثم جاء فشكا اليه الفقر فامره بان يطلقها فسئل عن ذلك فقال قلت لعله من اهل

[سورة النور (24) : آية 33]

هذه الآية (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) إلخ فلما لم يكن من أهلها قلت لعله من اهل آية اخرى (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) قال بعضهم ربما كان النكاح واجب الترك إذا ادى الى معصية او مفسدة وفى الحديث (يأتى على الناس زمان لا ينال فيه المعيشة الا بالمعصية فاذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة) وفى الحديث (إذا اتى على أمتي مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزوبة والترهب على رؤس الجبال) كما فى تفسير الكواشي قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم فانه يكون أوان خروج المهدى من بطن امه وقد نظم حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا المعنى فى بيتين بقوله إذا نفد الزمان على حروف ... ببسم الله فالمهدى قاما ودورات الخروج عقيب صوم ... الا بلغه من عندى سلاما ولولا الحسد لظهر سر العدد انتهى يقول الفقير ان اعتبر كل راء مكررا لان من صفتها التكرار يبلغ حساب الحروف الى الف ومائة وستة وثمانين فالظاهر من حديث الكواشي ان المراد مائة وثمانون بعد الالف وعليه قوله عليه السلام (خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ) قالوا ما خفيف الحاذ يا رسول الله قال (الذي لا اهل له ولا ولد) وفى التأويلات النجمية (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) يشير الى المريدين الطالبين وهم محرومون من خدمة شيخ يتصرف فيهم ليودع فى أرحام قلوبهم النطفة من صلب الولاية فندبهم الى طلب شيخ من الرجل البالغين الواصلين الذين بهم تحصل الولادة الثانية فى عالم الغيب بالمعنى وهو طفل الولاية كما ان ولادتهم اولى حصلت فى عالم الشهادة بالصورة ليكون ولوجهم فى الملكوت كما ان عيسى عليه السلام قال لم يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين والنشأة الاخرى عبارة عن الولادة الثانية والعبد فى هذا المقام أمن من رجوعه الى الكفر والموت اما امنه من الكفر فبقوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) يعنى إذ كنتم نطفة (فَأَحْياكُمْ) بالولادة الاولى (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بموت الارادة (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) بالولادة الثانية (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بجذبة (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً) واما امنه من الموت فبقوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) يعنى بالارادة من الصفات النفسانية الحيوانية (فَأَحْيَيْناهُ) بنور الربوبية (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) اى بنور الله فهو حى بحياة الله لا يموت ابدا بل ينقل من دار الى دار (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) معدومى استعداد قبول الفيض الإلهي (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) بان يجعلهم مستعدى قبول الفيض فان الطريق من العبد الى الله مسدود وانما الطريق من الله الى العبد مفتوح بانه تعالى هو الفتاح وبيده المفتاح (وَاللَّهُ واسِعٌ) الأرحام القلوب لتستعد لقبول فيضه (عَلِيمٌ) بايصاله الفيض إليها انتهى (وَلْيَسْتَعْفِفِ) ارشاد للعاجزين عن مبادى النكاح وأسبابه الى ما هو اولى لهم وأحرى بهم بعد بيان جواز مناكحة الفقراء والعفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر والاستعفاف طلب العفة. والمعنى ليجتهد فى العفة وقمع الشهوة الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً اى اسباب نكاح من مهر ونفقة فانه لا معنى لوجدان نفس العقد والتزوج وذلك بالصوم كما قال عليه السلام (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) معناه ان الصوم يضعف شهوته ويقهرها عن طلب الجماع

فيحصل بذلك صيانة الفرج وعفته فالامر فى (لْيَسْتَعْفِفِ) محمول على الوجوب فى صورة التوقان حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فيجدوا ما يتزوجون به قال فى ترجمة الفتوحات [بعض از صالحانرا چيزى نبود وزن خواست فرزند آمد وما يحتاج آن نداشت پس فرزند را كرفت وبيرون آمد وندا كرد كه اين جزاى آنكس است كه فرمان حق نبرد كفتند زنا كرده كفت نى ولكن حق تعالى فرمود (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) من فرمان نبردم وتزوج كردم وفضيحت شد مردمان بر وى شفقت كردند وبا خير تمام بمنزل خود باز كشت] اى فكان التزوج سببا للغنى كما فى الآية الاولى قال فى التأويلات النجمية (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) اى ليحفظ الذين لا يجدون شيخا فى الحال أرحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) بان يدلهم على شيخ كامل كما دل موسى على الخضر عليهما السلام او يقيض لهم شيخا كما كان يبعث الى كل قوم نبيا او يختص بجذبة عناية من يشاء من عباده كما قال تعالى (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) فلا يخلو حال المستعفف عن هذه الوجوه وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ الابتغاء الاجتهاد فى الطلب والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة اى الذين يطلبون المكاتبة مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ عبدا كان او امة وهى ان يقول المولى لمملوكه كاتبتك على كذا كذا درهما تؤديه الىّ وتعتق ويقول المملوك قبلته او نحو ذلك فان اداه اليه عتق يقال كاتب عبده كتابا إذا عاقده على مال منجم يؤديه على نجوم معلومة فيعتق إذا ادى الجميع فان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ومعنى المفاعلة فى هذا العقد ان المولى يكتب اى يفرض ويوجب على نفسه ان يعتق المكاتب إذا ادى البدل ويكتب العبد على نفسه ان يؤدى البدل من غير إخلال وايضا بدل هذا العقد مؤجل منجم على المكاتب والمال المؤجل يكتب فيه كتاب على من عليه المال غالبا وفى المفردات كتابة العبد ابتياع نفسه من سيده بما يوديه من كسبه واشتقاقها يصح ان يكون من الكتابة التي هى الإيجاب وان يكون من الكتب الذي هو النظم باللفظ والإنسان يفعل ذلك- روى- ان صبيحا مولى حويطب بن عبد العزى سأل مولاه ان يكاتبه فابى عليه فنزلت الآية كما فى التكملة فَكاتِبُوهُمْ خبر الموصول والفاء لتضمنه معنى الشرط اى فاعطوهم ما يطلبون من الكتابة والأمر فيه للندب لان الكتابة عقد يتضمن الارفاق فلا تجب كغيرها ويجوز حالا ومنجما وغير منجم عند ابى حنيفة رضى الله عنه إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً اى امانة ورشدا وقدرة على أداء البدل لتحصيله من وجه الحلال وصلاحا بحيث لا يؤذى الناس بعد العتق واطلاق العنان قال الجنيد ان علمتم فيهم علما بالحق وعملا به وهو شرط الأمر اى الاستحباب للعقد المستفاد من قوله فكاتبوهم فاللازم من انتفائه انتفاء الاستحباب لا انتفاء الجواز وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ امر للموالى امر ندب بان يدفعوا الى المكاتبين شيأ مما أخذوا منهم وفى معناه حط شىء من مال الكتابة وقد قال عليه السلام (كفى بالمرء من الشح ان يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأ) وفى حديث الأصمعي اتى أعرابي قوما فقال لهم هذا فى الحق او فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتفضل أفضل من أخذ الحق كله كذا فى المقاصد الحسنة للسخاوى قال الكاشفى [حويطب صبيح را بصد دينار مكاتب ساخته بود بعد از

استماع اين آيت بيست دينار بدو بخشيد] يعنى وهب له منها عشرين دينارا فاداها وقتل يوم حنين فى الحرب واضافة المال اليه تعالى ووصفه بإتيانه إياهم للحث على الامتثال بالأمر بتحقيق المأمور به فان ملاحظة وصول المال إليهم من جهته تعالى مع كونه هو المالك الحقيقي له من أقوى الدواعي الى صرفه الى الجهة المأمور بها قال بعضهم هو امر لعامة المسلمين باعانة المكاتبين بالتصدق عليهم: يعنى [خطاب (وَآتُوهُمْ) راجع بعامه مسلمانانست كه اعانت كنند او را زكات بدهند تا مال كتابت ادا كند وكردن خود را از طوق بندگى مخلوق بيرون آرد وبدين سبب اين خير را فك رقبه مى كويند واز عقبه عقوبت بدان ميتوان كذشت] بشنو از من نكته اى زنده دل ... وز پس مركم به نيكى ياد كن كه بلطف آزاده را بنده ساز ... كه بإحسان بنده آزاد كن وفى الحديث (ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب الذي يريد الأداء والناكح يريد العفاف والمجاهد فى سبيل الله) واختلفوا فيما إذا مات المكاتب قبل أداء النجوم فقال ابو حنيفة رحمه الله ومالك ان ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة كان حرا وان كان فيه فضل فالزيادة لاولاده الأحرار وقال الشافعي واحمد يموت رقيقا وترتفع الكتابة سواء ترك مالا او لم يترك كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ اى اماءكم فان كلا من الفتى والفتاة كناية مشهورة عن العبد والامة وباعتبار المفهوم الأصلي وهو ان الفتى الطري من الشباب ظهر مزيد مناسبة الفتيات لقوله تعالى عَلَى الْبِغاءِ وهو الزنى من حيث صدوره عن الشواب لانهن اللاتي يتوقع منهن ذلك غالبا دون من عداهن من العجائز والصغائر يقال بغت المرأة بغاء إذا فجرت وذلك لتجاوزها الى ما ليس لها ثم الإكراه انما يحصل متى حصل التخويف بما يقتضى تلف النفس او تلف العضو واما باليسير من التخويف فلا تصير مكرهة إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً تعففا اى جعلن انفسهن فى عفة كالحصن وهذا ليس لتخصيص النهى بصورة ارادتهن التعفف عن الزنى وإخراج ما عداها من حكمه بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه وكان لعبد الله بن أبيّ ست جوار جميلة يكرههن على الزنى وضرب عليهن ضرائب جمع ضريبة وهى الغلة المضروبة على العبد والجزية فشكت اثنتان الى رسول الله وهما معاذة ومسيكة فنزلت وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا يفعلونه من القبائح ما لا يخفى فان من له ادنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه من امائه فضلا عن امرهن او إكراههن عليه لا سيما عند ارادتهن التعفف وإيثار كلمة ان على إذ مع تحقق الارادة فى مورد النص حتما للايذان بوجوب الانتهاء عن الإكراه عند كون ارادة التحصن فى حيز التردد والشك فكيف إذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا قيد للاكراه والعرض ما لا يكون له ثبوت ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له قائما بالجوهر كاللون والطعم وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها على ان لاثبات لها والمعنى لا تفعلوا ما أنتم عليه من إكراههن على البغاء لطلب المتاع السريع الزوال من كسبهن وبيع أولادهن قال الكاشفى [در تبيان آورده كه زانى بودى كه صد شتر از براى فرزندى كه از مزنى بها داشت بدادى]

[سورة النور (24) : آية 34]

وَمَنْ [هر كه] يُكْرِهْهُنَّ على ما ذكر من البغاء فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ اى كونهن مكرهات على ان الإكراه مصدر من المبنى للمفعول غَفُورٌ رَحِيمٌ اى لهن وتوسيط الإكراه بين اسم ان وخبرها للايذان بان ذلك هو السبب للمغفرة والرحمة وفيه دلالة على ان المكرهين محرومون منهما بالكلية وحاجتهن الى المغفرة المنبئة عن سابقة الإثم باعتبار انهن وان كن مكرهات لا يخلون فى تضاعيف الزنى عن شائبة مطاوعة بحكم الجبلة البشرية وفى الكواشي المغفرة هاهنا عدم الإثم لانها لا اثم عليها إذا أكرهت على الزنى بقتل او ضرب مفض الى التلف او تلف العضو واما الرجل فلا يحل له الزنى وان اكره عليه لان الفعل من جهته ولا يتأتى الا بعزيمة منه فيه فكان كالقتل بغير حق لا يبيحه الإكراه بحال انتهى وفى الآيتين الكريمتين إشارتان الاولى ان بعض الصلحاء الذين لم يبلغوا مراتب ذوى الهمم العلية فى طلب الله ولكن ملكت ايمانهم نفوسهم الامارة بالسوء فيريدون كتابتها من عذاب الله وعتقها من النار بالتوبة والأعمال الصالحة فكاتبوهم اى توّبوهم ان تفرستم فيهم آثار الصدق وصحة الوفاء على ما عاهدوا الله عليه فانه لا يلزم التلقين لكل من يطلبه وانما يلزم لاهل الوفاء وهم انما يعرفون بالفراسة القوية التي أعطاها الله لاهل اليقين وآتوهم من قوة الولاية والنصح فى الدين الذي اعطاكم الله فان لكل شىء زكاة وزكاة الولاية العلم والمعرفة والنصيحة للمستنصحين والإرشاد للطالبين والتعاون على البر والتقوى والرفق بالمتقين وكما ان المال ينتقض بل يزول ويفنى بمنع الزكاة فكذا الحال يغيب عن صاحبه بمنع الفقراء المسترشدين عن الباب ألا ترى ان السلطنة الظاهرة انما هى لاقامة المصالح واعانة المسلمين فكذا السلطنة الباطنة وللارض من كأس الكرام نصيب والثانية ان النفوس المتمردة إذا أردن المتحصن بالتوبة والعبودية بتوفيق الله وكرمه فلا ينبغى إكراهها على الفساد طلبا للشهوات النفسانية واعلم ان من لم يتصل نسبه المعنوي بواحد من اهل النفس الرحمانى وادعى لنفسه الكمال والتكميل فهو زان فى الحقيقة ومن هو تحت تربيته هالك لانه ولد الزنى وربما رأيت من يكره بعض اهل الطلب على التردد لباب اهل الدعوى ويصرفه عن باب اهل الحق عنادا وغرضا ومرضا واتباعا لهواه فهو انما يكرهه على الزنى لانه بملازمة باب اهل الباطل يصير المرء هالكا كولد الزنى إذ يفسد استعداده فساد البيضة نسأل الله تعالى ان يحفظنا من كيد الكافرين ومكر الماكرين وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ اى وبالله لقد أنزلنا إليكم فى هذه السورة الكريمة آيات مبينات لكل ما بكم حاجة الى بيانه من الحدود وسائر الاحكام والآداب والتبيين فى الحقيقة لله تعالى واسناده الى الآيات مجازى وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ اى وأنزلنا مثلا كائنا من قبيل أمثال الذين مضوا من قبلكم من القصص العجيبة والأمثال المضروبة لهم فى الكتب السابقة والكلمات الجارية على ألسنة الأنبياء فتنتظم قصة عائشة الحاكية لقصة يوسف وقصة مريم فى الغرابة وسائر الأمثال الواردة انتظاما واضحا فان فى قصتهما ذكر تهمة من هو بريئ مما اتهم به فيوسف اتهمته زليخا ومريم اتهمها اليهود مع براءتهما

[سورة النور (24) : آية 35]

وَمَوْعِظَةً تتعظون بها وتنزجرون عما لا ينبغى من المحرمات والمكروهات وسائر ما يخل بمحاسن الآداب ومدار العطف هو التغاير العنواني المنزل منزلة التغاير الذاتي لِلْمُتَّقِينَ وتخصيصهم مع شمول الموعظة للكل حسب شمول الا نزال لانهم المنتفعون بها وفى التأويلات النجمية اى ليتعظ من يريد الاتقاء عما أصاب المتقدمين فان السعيد من وعظ بغيره: قال الشيخ سعدى قدس سره نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پندگير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند - روى- عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال الحمار الوحشي للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو متجندل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب ويقال الموعظة هى التي تلين القلوب القاسية وتسيل العيون اليابسة وهى من صفات القرآن عند من يلقى السمع وهو شهيد وفى الحديث (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وذكر الله تعالى) فعلى العاقل ان يستمع الى القرآن ويتعظ بمواعظه ويقبل الى قبول ما فيه من الأوامر والى العمل بما يحويه من البواطن والظواهر مهترى در قبول فرمانست ... ترك فرمان دليل حرمانست اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الامام الغزالي قدس سره فى شرح الاسم النور هو الظاهر الذي به كل ظهور فان الظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ولا ظلام اظلم من العدم فالبريئ من ظلمة العدم الى ظهور الوجود جدير بان يسمى نورا والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والأرض فكما انه لا ذرة من نور الشمس الا وهى دالة على وجود الشمس النيرة فلا ذرة من وجود السموات والأرض وما بينهما إلا وهي بجواز وجودها دالة على وجوب وجود موجدها انتهى ويوافقه النجم فى التأويلات حيث قال (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى مظهرهما من العدم الى الوجود فان معنى النور فى اللغة الضياء وهو الذي يبين الأشياء ويظهرها للابصار انتهى فقوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من باب التشبيه البليغ اى كالنور بالنسبة إليهما من حيث كونه مظهرا لهما اى موجدا فان اصل الظهور هو الظهور من العدم الى الوجود فان الأعيان الثابتة فى علم الله تعالى خفية فى ظلم العدم وانما تظهر بتأثير قدرة الله تعالى كما فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير لا حاجة الى اعتبار التشبيه البليغ فان النور من الأسماء الحسنى وإطلاقه على الله حقيقى لا مجازى فهو بمعنى المنور هاهنا فانه تعالى نور الماهيات المعدومة بانوار الوجود وأظهرها من كتم العدم بفيض الجود كما قال عليه السلام (ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره) فخلق هاهنا بمعنى التقدير فان التقدير

سابق على الإيجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات والممكن يوصف بالظلمة فانه يتنور بالوجود فتنويره إظهاره واعلم ان النور على اربعة أوجه. أولها نور يظهر الأشياء للابصار وهو لا يراها كنور الشمس وأمثالها فهو يظهر الأشياء المخفية فى الظلمة ولا يراها. وثانيها نور البصر وهو يظهر الأشياء للابصار ولكنه يراها وهذا النور اشرف من الاول. وثالثها نور العقل وهو يظهر الأشياء المعقولة المخفية فى ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها. ورابعها نور الحق تعالى وهو يظهر الأشياء المعدومة المخفية فى العدم للابصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها فى الوجود كما كان يراها فى العدم لانها كانت موجودة فى علم الله وان كانت معدومة فى ذواتها فما تغير علم الله ورؤيته باظهارها فى الوجود بل كانت التغير راجعا الى ذوات الأشياء وصفاتها عند الإيجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مظهرهما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الازلية در ظلمت عدم همه بوديم بى خبر ... نور وجود سر شهود از تو يافتيم قال بعض الكبار [در زمان ظلمت هيچكس ساكن از متحرك نشناسد وعلو از سفل تمييز نكنند وقبيح را از صبيح باز نداند و چون رايت نور ظهور نمود خيل ظلام روى بانهزام آرند ووجودات وكيفيات ظاهر كردد وصفو از كدر وعرض از جوهر متميز شود مدركه انسانيه داند كه استفاده اين دانش وتميز بنور كرده اما در ادراك نور متحير باشد چهـ داند كه عالم از نور مملو است واو مخفى ظاهر بدلالات وباطن بالذات پس حق سبحانه وتعالى كه ما بدو دولت ادراك يافته ايم وبمرتبه تميز اشيا رسيده سزاوار آن باشد كه آنرا نور كويند همه عالم بنور اوست پيدا ... كجا او كرد از عالم هويدا زهى نادانكه او خورشيد تابان ... بنور شمع جويد در بيابان در تبيان آورده كه مدلول السموات والأرض چهـ هر دليلى از دلائل قدرت وبدائع حكمت كه در دو اثر سپهر برين ومراكز زمين واقعست دلالتى واضح دارد بر وجود قدرت وبدائع حكمت او] ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد وجود جمله اشيا دليل قدرت او وقال سلطان المفسرين ابن عباس رضى الله عنهما اى هادى اهل السموات والأرض فهم بنوره تعالى يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون: يعنى [بهدايت او بهستىء خود راه بردند وبإرشاد او مصالح دين ودنيا بشناسند] ولما وصلوا الى نور الهداية بتوفيقه تعالى سمى نفسه باسم النور جريا على مذهب العرب فان العرب قد تسمى الشيء الذي من الشيء باسمه كما يسمى المطر سحابا لانه يخرج منه ويحصل به فلما حصل نور الايمان والهداية بتوفيقه سماه بذلك الاسم ويجوز ان يعبر عن النور بالهداية وعن الهداية بالنور لما يحصل أحدهما من الآخر قال الله تعالى (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) لما اهتدوا بنور النجم جعل النجم كالهادى لهم وجعلهم من المهتدين بنوره وعلى هذا سمى القرآن نورا والتوراة نورا بمعنى

الاهتداء بهما كما فى الاسئلة المقحمة فعلى هذا شبهت الهداية بالنور فى كونها سببا للوصول الى المطلوب فاطلق اسم النور عليها على سبيل الاستعارة ثم اطلق النور بمعنى الهداية عليه تعالى على طريق رجل عدل وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره خطر ببالي على وجه الكشف ان النور فى قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بمعنى العلم وهو بمعنى العالم من باب رجل عدل ووجه المناسبة بينهما انه تنكشف بالنور المحسوسات وبالعلم تنكشف المعقولات بل جميع الأمور كذا فى الواقعات المحمودية ويقال انه منور السموات بالشمس والقمر والكواكب والأرض بالأنبياء والعلماء والعباد وقال فى عرائس البيان أراد بالسماوات والأرض صورة المؤمن رأسه السموات وبدنه الأرض وهو تعالى بجلالة قدره نور هذه السموات والأرض إذ زين الرأس بنور السمع والبصر والشم والذوق والبيان فى اللسان فنور العين كنور الشمس والقمر ونور الاذن كنور الزهرة والمشترى ونور الانف كنور المريخ وزخل ونور اللسان كنور عطارد وهذه السيارات النيرات تسرى فى بروج الرأس ونور ارض البدن الجوارح والأعضاء والعضلات واللحم والدم والشعرات وعظامها الجبال [امام زاهد فرموده كه خدايرا نور توان كفت ولى روشنى نتوان كفت چهـ روشنى ضد تاريكست وخداى تعالى آفريدگار هر دو ضد است] فالنور الذي بمقابلة الظلمة حادث لان ما كان بمقابلة الحادث حادث فمعنى كونه تعالى نورا هو انه مبدأ هذا النور المقابل بالظلمة ثم ان اضافة النور الى السموات والأرض مع ان كونه تعالى نورا ليس بالاضافة إليهما فقط للدلالة على سعة اشراقه فانهما مثلان فى السعة قال تعالى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ويجوز ان يقال قد يراد بالسماوات والأرض العالم باسره كما يراد بالمهاجرين والأنصار جميع الصحابة كما فى حواشى سعدى المفتى ونظيره قوله تعالى فى الحديث القدسي خطابا للنبى عليه السلام (لولاك لما خلقت الافلاك) اى العوالم بأسرها لكنه خصص الافلاك بالذكر لعظمها وكونها بحيث يراها كل من هو من اهل النظر وهو اللائح بالبال والله الهادي الى حقيقة الحال مَثَلُ نُورِهِ اى نوره الفائض منه تعالى على الأشياء المستنيرة وهو القرآن المبين كما فى الإرشاد فهو تمثيل له فى جلاء مدلوله وظهور ما تضمنه من الهدى بالمشكاة المنعوتة والمراد بالمثل الصفة العجيبة اى صفة نوره العجيب وإضافته الى ضميره تعالى دليل على ان إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره كما فى أنوار التنزيل كَمِشْكاةٍ اى صفة كوة غير نافذة فى الجدار فى الانارة وهى بلغة الحبشة: وبالفارسية [مانند روزنه ايست در ديوارى كه او بخارج راه ندارد چون طاقى] فِيها مِصْباحٌ سراج ضخم ثابت: وبالفارسية [چراغ فروخته ونيك روشن] الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ اى قنديل من الزجاج الصافي الأزهر وفائدة جعل المصباح فى زجاجة والزجاجة فى كوة غير نافذة شدة الاضاءة لان المكان كلما تضائق كان اجمع للضوء بخلاف الواسع فالضوء ينتشر فيه وخص الزجاج لانه احكى الجواهر لما فيه الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ متلألئ وقاد شبيه بالدر فى صفائه وزهرته كالمشترى والزهرة والمريخ ودرارى الكواكب عظامها

المشهورة ومحل الجملة الاولى الرفع على انها صفة لزجاجة او للام مغنية عن الرابض كأنه قيل فيها مصباح هو فى زجاجة هى كأنها كوكب درى وفى إعادة المصباح والزجاجة معرفين اثر سبقهما منكرين والاخبار عنهما بما بعدهما مع انتظام الكلام بان يقال كمشكاة فيها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درى من تفخيم شأنها بالتفسير بعد الإبهام ما لا يخفى يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ اى يبتدأ إيقاد المصباح من زيت شجرة مُبارَكَةٍ اى كثيرة المنافع لان الزيت يسرج به وهو ادام ودهان ودباغ ويوقد بحطب الزيتون وبثقله ورماده يغسل به الإبريسم ولا يحتاج فى استخراج دهنه الى عصار وفيه زيادة الاشراق وقلة الدخان وهو مصحة من الباسور زَيْتُونَةٍ بدل من شجرة: وبالفارسية [كه آن زيتونست كه هفتاد پيغمبر بدو دعا كرده ببركت واز جمله ابراهيم خليل عليه السلام] وخصها من بين سائر الأشجار لان دهنها أضوء وأصفى قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ اى لا شرقية تطلع عليها الشمس فى وقت شروقها فقط ولا غربية تقع عليها حين غروبها فقط بل بحيث تقع عليها طول النهار فلا يسترها عن الشمس فى وقت من النهار شىء كالتى على قلة او صحراء فتكون ثمرتها انضج وزيتها أصفى اولا فى مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولا فى مفياة تغيب عنها دائما فتتركها نيئا او لا نابتة فى شرق المعمورة نحو كنكدز وديار الصين وخطا ولا فى غربها نحو طنجة وطرابلس وديار قيروان بل فى وسطها وهو الشام فان زيتونه أجود الزيتون او فى خط الاستواء بين المشرق والمغرب وهى قبة الأرض فلا توصف بأحد منهما فلا يصل إليها حر وبرد مضرين وقبة الأرض وسط الأرض عامرها وخرابها وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر اى يكون كل منهما اثنتي عشرة ساعة [حسن بصرى رحمه الله فرموده كه اصل اين شجره از بهشت بدنيا آورده اند پس از أشجار اين عالم نيست كه وصف شرقى وغربى برو تواند كرد] يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ [روشنى دهد] وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ [واگر چهـ نرسيده باشد بوى آتشى يعنى درخشندكى بمثابه ايست بى آتش روشنايى بخشد] اى هو فى الصفاء والانارة بحيث لا يكاد يضيئ المكان بنفسه من غير مساس نار أصلا وتقدير الآية يكاد زيتها يضيئ لو مسته نار ولو لم تمسسه نار اى يضيئ كائنا على كل حال من وجود الشرط وعدمه فالجملة حالية جيئ بها لاستقصاء الأحوال حتى فى هذه الحال نُورُ خبر مبتدأ محذوف اى ذلك النور الذي عبر به عن القرآن ومثلت صفته العجيبة الشأن بما فصل من صفة المشكاة نور كائن عَلى نُورٍ كذلك اى نور متضاعف فان نور المصباح زاد فى انارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لاشعته فليس عبارة عن مجموع نورين اثنين فقط بل المراد به التكثير كما يقال فلان يضع درهما على درهم لا يراد به درهمان يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ اى يهدى هداية خاصة موصلة الى المطلوب حتما لذلك النور المتضاعف العظيم الشأن مَنْ يَشاءُ هدايته من عباده بان يوفقهم لفهم ما فيه من دلائل حقيته وكونه من عند الله من الاعجاز والاخبار عن الغيب وغير ذلك من موجبات الايمان وهذا من قبيل

الهداية الخاصة ولذا قال من يشاء ففيه إيذان بان مناط هذه الهداية وملاكها ليس الا مشيئته وان تظاهر الأسباب بدونها بمعزل من الإفضاء الى المطالب قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ اى يبينها تقريبا الى الافهام وتسهيلا لسبل الإدراك: يعنى [معقولات را در صورت محسوسات بيان ميكند براى مردم تا زود در يابند ومقصود سخن بر ايشان كردد] وهذا من قبيل الهداية العامة ولذا قال للناس وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ من ضرب الأمثال وغيره من دقائق المعقولات والمحسوسات وحقائق الجليات والخفيات قالوا إذا كان مثلا للقرآن فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة فمه ولسانه والشجرة المباركة شجرة الوحى وهى لا مخلوقة ولا مختلقة [نزديكست كه هنوز قرآن ناخوانده دلائل وحجج او بر همكنان واضح شود پس چود بر آن قراءت كند (نُورٌ عَلى نُورٍ) باشد] فان قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا ان ضوء الشمس ابلغ من ذلك بكثير أجيب بانه سبحانه أراد ان يصف الضوء الكامل الذي يلوح فى وسط الظلمة لان الغالب على أوهام الخلق وخيالاتهم انما هى الشبهات التي هى كالظلمات وهداية الله تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذي يظهر فيما بين الظلمات وهذا المقصود لا يحصل من تشبيهه بضوء الشمس لان ضوءها إذا ظهر امتلأ العالم من النور الخالص وإذا غاب امتلأ العالم من الظلمة الخالصة فلا جرم كان ذلك المثل هاهنا أليق وقال بعضهم [مراد نور ايمانست حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد سينه مؤمن را بمشكاة ودل را در سينه بقنديل زجاجه در مشكاة وايمانرا بچراغى افروخته در قنديل وقنديل بكوكبى درخشنده وكلمه اخلاص بشجره مباركه از تاب آفتاب خوف وخلال نوال رجا بهره دارد ونزديكست كه فيض كلمه بى آنكه بزبان مؤمن كذرد عالم را منور كند چون اقرار بآن بر زبان جارى شده وتصديق جنان بآن يار كشته (نُورٌ عَلى نُورٍ) بظهور رسيد] وشبه بالزجاج دون سائر الجواهر لاختصاص الزجاج بالصفاء يتعدى النور من ظاهره الى باطنه وبالعكس وكذلك نور الايمان يتعدى من قلب المؤمن الى سائر الجوارح والأعضاء وايضا ان الزجاج سريع الانكسار بأدنى آفة تصيبه فكذا القلب سريع الفساد بأدنى آفة تدخل فيه [وكفته اند آن نور معرفت اسرار الهيست يعنى چراغ معرفت دو زجاجه دل عارف ومشكاة سينه او افروخته است از بركت زيت تلقين شجره مبارك حضرت محمدى عليه السلام نه شرقيست ونه غربى بلكه مكيست ومكه مباركه سره عالم واز فرا كرفتن عارف آن اسرار را از تعليم آن سيد ابرار (نُورٌ عَلى نُورٍ) معلوم توان كرد] وانما شبه المعرفة بالمصباح وهو سريع الانطفاء وقلب المؤمن بالزجاج وهو سريع الانكسار ولم يشبهها بالشمس التي لا تطفأ ولا قلب المؤمن بالأشياء الصلبة التي لا تنكسر تنبيها على انه على خطر وجدير بحذر كما فى التيسير [در روح الأرواح آورده كه آن نور حضرت محمديست عليه السلام مشكاة آدم باشد وزجاجه نوح وزيتون ابراهيم كه نه يهوديه مائل است چون يهود غرب را قبله ساختند ونه نصرانيه چون نصارى روى بشرق آورده اند ومصباح حضرت رسالتست

عليه السلام يا مشكاة ابراهيم است وزجاجه دل صافى مطهر او ومصباح علم كامل او شجره خلق شامل او كه نه در جانب خلود افراط است ونه در طرف تقصير وتفريط بلكه طريق اعتدال كه «خير الأمور أوسطها» واقع شده وصراط سوى عبارت از آنست. ودر عين المعاني فرموده كه نور محبت حبيب با نور خلت خليل نور على نور است] پدر نور پسر نوريست مشهور ... ازينجا فهم كن نور على نور قال القشيري (نُورٌ عَلى نُورٍ) نور اكتسبوه بجهدهم ونظرهم واستدلالهم ونور وجدوه بفضل الله بأفعالهم وأقوالهم قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) وفى التأويلات النجمية هذا مثل ضربه الله تعالى للخلق تعريفا لذاته وصفاته فلكل طائفة من عوام الخلق وخواصهم اختصاص بالمعرفة من فهم الخطاب على حسب مقاماتهم وحسن استعدادهم فاما العوام فاختصاصهم بالمعرفة فى رؤية شواهد الحق وآياته بإراءته إياهم فى الآفاق واما الخواص فاختصاصهم بالمعرفة فى مشاهدة أنوار صفات الله تعالى وذاته تبارك وتعالى بإراءته فى أنفسهم عند التجلي لهم بذاته وصفاته كما قال تعالى فى الطائفتين (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) اى لعوامهم (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) اى لخواصهم (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فكل طائفة بحسب مقامهم تحظى من المعرفة فاما حظ العوام من رؤية شواهد الحق وآياته فى الآفاق بإراءة الحق فبان يرزقهم فهما ونظرا فى معنى الخطاب ليتفكروا فى خلق السموات والأرض ان صورتها وهى عالم الأجسام هى المشكاة والزجاجة فيها هى العرش والمصباح الذي هو عمود القنديل الذي يجعل فيه الفتيلة فهى بمثابة الكرسي من العرش وزجاجة العرش (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وهى شجرة الملكوت وهو باطن السموات والأرض ومعناهما (لا شَرْقِيَّةٍ) اى ليست من شرق الأزل والقدم كذات الله وصفاته (وَلا غَرْبِيَّةٍ) اى ليست من غرب الفناء والعدم كعالم الأجسام وصورة العالم بل هى مخلوقة ابدية لا يعتريها الفناء (يَكادُ زَيْتُها) وهو عالم الأرواح (يُضِيءُ) اى يظهر من العدم فى عالم الصور المتولدات بازدواج الغيب والشهادة طبعا وخاصية كما توهمه الدهرية والطبائعية عليهم لعنات الله تترى (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) نار القدرة الالهية (نُورٌ عَلى نُورٍ) اى نور الصفة الرحمانية على نور اى باستوائه على نور العرش فينقسم نور الصفة الرحمانية من العرش الى السموات والأرض فيتولد منه متولدات ما فى السموات والأرض بالقدرة الإلهية على وفق الحكمة والارادة القديمة فلهذا قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) فافهم جدا واما حظ الخواص فى مشاهدة أنوار صفات الله تعالى وذاته بإراءة الحق فى أنفسهم فانما يتعلق بالسير فيها لان الله تعالى خلق نفس الإنسان مرآة قابلة لشهود ذاته وجميع صفاته إذا كانت صافية عن صدأ الصفات الذميمة والأخلاق الرديئة مصقولة بمصقلة كلمة لا اله الا الله لينتفى بنفي لا اله تعلقها عما سوى الله ويثبت بإثبات الا الله فيها نور جمال الله وجلاله فيرى بنور الله الجسد كالمشكاة والقلب كالزجاجة والسر كالمصباح (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وهى شجرة الروحانية (لا شَرْقِيَّةٍ) اى لا قديمة ازلية (وَلا غَرْبِيَّةٍ) اى لا فانية

[سورة النور (24) : الآيات 36 إلى 40]

تغرب فى سماء الوجود فى عين العدم (يَكادُ زَيْتُها) وهو الروح الإنساني (يُضِيءُ بنور العقل الذي هو ضوء الروح وصفاؤه اى يكاد زيت الروح ان يعرف الله تعالى بنور العقل (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) اى نار نور الالهية فابت عظمة جلال الله وعزة كبريائه ان تدرك بالعقول الموسومة بوصمة الحدوث الا ان يتجلى نور القدم لنور العقل الخارج من العدم كما قال تعالى (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) اى ينور مصباح سر من يشاء بنور القدم فتتنور زجاجة القلب ومشكاة الجسد ويخرج أشعتها من روزنة الحواس فاستضاءت ارض البشرية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) وتحقق حينئذ مقام (كنت له سمعا وبصرا) الحديث وفيه اشارة الى ان نور العقل مخصوص بالإنسان مطلقا ولا سبيل له بالوصول الى نور الله فهو مخصوص بهداية الله اليه فضلا وكرما لا يتطرق اليه كسب العباد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) اى للناسين عهود ايام الوصال بلاهم فى ازل الآزال (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فى حالات وجود الأشياء وعدمها بغير التغير فى ذاته وصفاته انتهى كلام التأويلات قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره اعلم ان النور الحقيقي يدرك به وهو لا يدرك لانه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والإضافات ولهذا سئل النبي عليه السلام هل رأيت ربك قال (نورانى أراه) اى النور المجرد لا يمكن رؤيته وكذا أشار الحق فى كتابه لما ذكر ظهور نوره فى مراتب المظاهر قال (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل قال (نُورٌ عَلى نُورٍ) فاحد النورين هو الضياء والآخر هو النور المطلق الأصلي ولهذا تمم فقال (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) اى يهدى الله بنوره المتعين فى المظاهر والساري فيها الى نوره المطلق الاحدى انتهى كلامه فى الفكوك وقال فى تفسير الفاتحة فالعالم بمجموع صوره المحسوسة وحقائقه الغيبية المعقولة أشعة نور الحق وفدا خبر الحق انه نور السموات والأرض ثم ذكر الامثلة والتفاصيل المتعينة بالمظاهر على نحو ما تقتضيه مرآتها ثم قال فى آخر الآية (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فاضاف النور الى نفسه مع انه عين النور وجعل نوره المضاف الى العالم الأعلى والأسفل هاديا الى معرفة نوره المطلق ودالا عليه كما جعل المصباح والمشكاة والشجرة وغيرها من الأمثال هاديا الى نوره المقيد وتجلياته المتعينة فى مراتب مظاهره وعرّف ايضا على لسان نبيه عليه السلام انه النور وان حجابه النور انتهى باجمال قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه قوله (نُورٌ عَلى نُورٍ) النور الاول هو النور الإضافي المنبسط على سموات الأسماء وارض الأشياء والنور الثاني هو النور الحقيقي المستغنى عن سموات الأسماء وارض الأشياء والنور الإضافي دليل دال على النور الحقيقي والدليل ظاهر النور المطلق والمدلول باطنه وفى التحقيق الأتم هو دليل على نفسه لا يعرف الله الا الله سبحانه فِي بُيُوتٍ متعلق بالفعل المذكور بعده وهو يسبح قال فى المفردات اصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان

[سورة النور (24) : آية 37]

الشيء بانه بيته والمراد بالبيوت المساجد كلها لقول ابن عباس رضى الله عنهما المساجد بيوت الله فى الأرض تضيئ لاهل السماء كما تضيئ النجوم فى الأرض أَذِنَ اللَّهُ الاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه أَنْ تُرْفَعَ بالبناء او التعظيم ورفع القدر: يعنى [آنرا رفيع قدر وبزرك مرتبه دانند] قال الامام الراغب الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا اعليتها عن مقرها نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) وتارة فى البناء إذا طولته نحو قوله تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) وتارة فى الذكر إذا نوهته نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) وتارة فى المنزلة إذا شرفتها نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ اسم الله تعالى ما يصح ان يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق لكنها توقيفية عند بعض العلماء وهو عام فى كل ذكر توحيدا كان او تلاوة قرآن او مذاكرة علوم شرعية او اذانا او اقامة او نحوها: يعنى [در آنجا بذكر ونماز اشتغال بايد نمود واز سخن دنيا وكلام ما لا يعنى بر احتراز بايد بود] وفى الأثر (الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش) يُسَبِّحُ لَهُ فِيها فيها تكرير لقوله فى بيوت للتأكيد والتذكير لما بينهما من الفاصلة وللايذان بان التقديم للاهتمام لا لقصر التسبيح على الوقوع فى البيوت فقط والتسبيح تنزيه الله وأصله المرّ السريع فى عبادة الله فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء يستعمل باللام وبدونها ايضا وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية أريد به هاهنا الصلوات المفروضة كما ينبئ عنه تعيين الأوقات بقوله تعالى بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ اى بالغدوات والعشيات فالمراد بالغدو وقت صلاة الفجر المؤداة بالغداة وبالآصال ما عداه من اوقات صلوات الظهر والعصر والعشاءين لان الأصيل يجمعها ويشملها كما فى الكواشي وغيره. والغدو مصدر يقال غدا يغدو غدوا اى دخل فى وقت الغدوة وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والمصدر لا يقع فيه الفعل فاطلق على الوقت حسبما يشعر اقترانه بالآصال جمع اصيل وهو العشى اى من زوال الشمس الى طلوع الفجر رِجالٌ فاعل يسبح لا تُلْهِيهِمْ لا تشغلهم من غاية الاستغراق فى مقام الشهود يقال الهاه عن كذا إذا شغله عما هوأهم تِجارَةٌ التجارة صفة التاجر من بيع وشراء والتاجر الذي يبيع ويشترى قال فى المفردات التجارة التصرف فى رأس المال طالبا للربح وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة وتخصيص التجارة لكونها أقوى الصوارف عندهم وأشهرها اى لا يشغلهم نوع من انواع التجارة وَلا بَيْعٌ البيع إعطاء المثمن وأخذ الثمن والشراء إعطاء الثمن وأخذ المثمن اى ولا فرد من افراد البياعات وان كان فى غاية الربح وافراده بالذكر مع اندراجه تحت التجارة لكونه أهم من قسمى التجارة فان الربح يتحقق بالبيع ويتوقع بالشراء اى ربح الشراء متوقع فى ثانى الحال عند البيع فلم يكن ناجزا كربح البيع فاذا لم يلههم المقطوع فالمظنون اولى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بالتسبيح والتمجيد وَإِقامِ الصَّلاةِ اى إقامتها بمواقيتها من غير تأخير وقد أسقطت التاء المعوضة عن العين الساقطة بالاعلال وعوض عنها الاضافة

[سورة النور (24) : آية 38]

قال ابن الشيخ اقامة الصلاة إتمامها برعاية جميع ما اعتبره الشرع من الأركان والشرائط والسنن والآداب فمن تساهل فى شىء منها لا يكون مقيما لها وَإِيتاءِ الزَّكاةِ اى المال الذي فرض إخراجه للمستحقين وإيراده هاهنا وان لم يكن مما يفعل فى البيوت لكونه قرين اقامة الصلاة لا يفارقها فى عامة المواضع يَخافُونَ صفة ثانية للرجال والخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن. والمعنى بالفارسية [مى ترسند اين مردمان با وجود چنين توجه واستغراق] يَوْماً مفعول ليخافون لا ظرف والمراد يوم القيامة اى من اليوم الذي تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ صفة ليوما والتقلب التصرف والتغير من حال الى حال وقلب الإنسان سمى به لكثرة تقلبه من وجه الى وجه والبصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التي فيها. والمعنى تضطرب وتتغير فى أنفسها وتنتقل عن أماكنها من الهول والفزع فتنقلب القلوب فى الجوف وترتفع الى الحنجرة ولا تنزل ولا تخرج كما قال تعالى (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) وتقلب الابصار شخوصها كما قال تعالى (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) وإذ زاغت الابصار او تتقلب القلوب بين توقع النجاة وخوف الهلاك والابصار من أي ناحية يؤخذ بهم ومن أي جهة يأتى كتابهم لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ متعلق بمحذوف يدل عليه ما حكى من أعمالهم المرضية اى يفعلون ما يفعلون من المداومة على التسبيح والذكر واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والخوف من غير صارف لهم عن ذلك ليجزيهم الله تعالى والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر والاجر خاص بالمثوبة الحسنى كما فى المفردات أَحْسَنَ ما عَمِلُوا اى احسن جزاء أعمالهم حسبما وعد لهم بمقابلة حسنة واحدة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ولم تخطر ببالهم وهو العطاء الخاص لا لعمل وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الإحسان. والرزق العطاء الجاري والحساب استعمال العدد اى يفيض ويعطى من يشاء ثوابا لا يدخل تحت حساب الخلق قال كثير من الصحابة رضى الله عنهم نزلت هذه الآية فى اهل الأسواق الذين إذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا إليها اى لا فى اصحاب الصفة وأمثالهم الذين تركوا التجارة ولزموا المسجد فانه تعالى قال (وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) واصحاب الصفة وأمثالهم لم يكن عليهم الزكاة قال الامام الراغب قوله تعالى (لا تُلْهِيهِمْ) الآية ليس ذلك نهيا عن التجارة وكراهية لها بل نهى عن التهافت والاشتغال عن الصلوات والعبادات بها انتهى [آورده اند كه ملك حسين كه والىء هرات بود از حضرت قطب الاقطاب خواجه بهاء الحق والدين محمد نقشبند قدس سره پرسيد كه در طريقه شما ذكر جهر وخلوت وسماع مى باشد فرمودند كه نمى باشد پس كفت ببناى طريقت شما بر چيست فرمودند كه «خلوت در انجمن بظاهر با خلق وبباطن با حق» ] از درون شو آشنا واز برون بيگانه وش ... اينچنين زيبا روش كم مى بود اندر جهان آنچهـ حق سبحانه وتعالى فرمايد كه (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) الآية اشارت بدين مقامست

[سورة النور (24) : آية 39]

سر رشته دولت اى برادر بكف آر ... وين عمر كرامى بخسارت مكذار دائم همه جا با همه كس در همه كار ... ميدار نهفت چشم دل جانب يار قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص الرجال بالمدح والثناء دون النساء فالجواب لانه لا جمعة على النساء ولا جماعة فى المساجد قال بعضهم من أسقط عن سره ذكر ما لم يكن فكان يسمى رجلا حقيقة ومن شغله عن ربه من ذلك شىء فليس من الرجال المتحققين وفى التأويلات النجمية وانما سماهم رجالا لانه لا تتصرف فيهم تجارة وهى كناية عن النجاة من دركات النيران كما قال تعالى (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ولا بيع كناية عن الفوز بدرجات الجنان كما قال تعالى (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) وهو قوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) ولو تصرف فيهم شىء من الدارين بالتفاتهم اليه وتعلقهم به حتى شغلهم عن ذكر الله اى عن طلبه والشوق الى لقائه لكانوا بمثابة النساء فانهن محال التصرف فيهن وما استحقوا اسم الرجال واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال (يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب انت منزه عن البيوت قال فرغ لى قلبك) وتفريغها اى القلوب التي اشارت إليها البيوت تصفيتها عن نقوش المكونات وتصقيلها عن صدأ تعلقات الكونين وانما هو بذكر الله والمداومة عليه كما قال عليه السلام (ان لكل شىء صقالة وان صقالة القلوب بذكر الله) فاذا صقلت تجلى الله فيها بنور الجمال وهو الزيادة فى قوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) والرزق بغير حساب فى أرزاق الأرواح والمواهب الالهية قاما أرزاق الأشباح فمحصورة معدودة فعلى العاقل الاجتهاد باعمال الشريعة وآداب الطريقة فانه سبب الوصول الى أنوار الحقيقة ومن تنور باطنه فى الدنيا تنور ظاهره وباطنه فى العقبى وكل جزاء فانما هو من جنس العمل- روى- انه إذا كان يوم القيامة يحشر قوم وجوههم كالكوكب الدري فتقول لهم الملائكة ما أعمالكم فيقولون كنا إذا سمعنا الاذان قمنا الى الطهارة لا يشغلنا غيرها ثم يحشر طائفة وجوههم كالاقمار فيقولون بعد السؤال كنا نتوضأ قبل الوقت ثم يحشر طائفة وجوههم كالشموس فيقولون كنا نسمع الاذان فى المسجد وفى الحديث (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الاول فالاول) اى ثواب من يأتى فى الوقت الاول والثاني (فاذا جلس الامام) يعنى صعد المنبر (طووا الصحف وجاؤا يسمعون الذكر) اى الخطبة (فلا يكتبون ثواب من يأتى فى ذلك الوقت) والمراد منه اجر مجرد مجيئه قيل لا يكتبون أصلا وقيل يكتبونه بعد الاستماع والمراد بالملائكة كتبة ثواب من يحضر الجمعة وهم غير الحفظة اللهم اجعلنا من المسارعين المسابقين واحشرنا فى زمرة اهل الصدق والحق واليقين وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ) اى أعمالهم التي هى من أبواب البرّ كصلة الأرحام وعتق الرقاب وعمارة البيت وسقاية الحاج واغاثة الملهوفين وقرى الأضياف واراقة الدماء ونحو ذلك مما لو قارنه الايمان لاستتبع الثواب كَسَرابٍ هو ما يرى فى المفازة من لمعان الشمس عليها نصف النهار فيظن انه ماء يسرب اى يذهب ويجرى وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة بِقِيعَةٍ متعلق بمحذوف هو صفة السراب

[سورة النور (24) : آية 40]

اى كائن فى قاع وهى الأرض المنبسطة المستوية قد انفرجت عنها الجبال قال فى المختار القيعة مثل القاع وبعضهم يقول هو جمع يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً صفة اخرى لسراب اى يظنه الشديد العطش ماء حقيقة من ظمئ بالكسر يظمأ والظمئ بالكسر ما بين الشربتين والورودين والظمأ العطش الذي يحدث من ذلك وتخصيص الحسبان بالظمئان مع شموله لكل من يراه كائنا من كان من العطشان والريان لتكميل التشبيه بتحقيق شركة طرفيه فى وجه الشبه وهو الابتداء المطمع والانتهاء الموئس حَتَّى إِذا [تا چون] جاءَهُ اى جاء ما توهمه ماء وعلق به رجاءه ليشرب منه لَمْ يَجِدْهُ اى ما حسبه ماء شَيْئاً أصلا لا متحققا ولا متوهما كما كان يراه من قبل فضلا عن وجدان ماء فيزداد عطشا وَوَجَدَ اللَّهَ اى حكمه وقضاءه عِنْدَهُ عند المجيء كما قال (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) يعنى مصير الخلق اليه فَوَفَّاهُ حِسابَهُ اى أعطاه وافيا كاملا حساب عمله يعنى ظهر له بعد ذلك من سوء الحال ما لا قدر عنده للخيبة والقنوط أصلا كمن يجيئ الى باب السلطان للصلة فيضرب ضربا وجيعا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ لا يشغله حساب عن حساب قال الكاشفى [زود حسابست حساب يكى او را از حساب ديكرى باز ندارد تمثيل كرد اعمال كافر را بسراب واو را بتشنه جكر سوخته پس همچنانكه تشنه از سراب نا اميد شده باشد شدتش زياده مى شود كافرانرا از اميد به پاداش اعمال خود چون نيايند حسرت افزون ميكردد] وفى الآية اشارة الى اهل كفران النعمة وهم الذين يصرفون نعمة الله فى معاصيه ومخالفته ثم يعاملون على الغفلة بالرسم والعادة التي وجدوا عليها آباءهم صورة بلا معنى بل رياء وسمعة وهم يحسبون بجهلهم انهم يحسنون صنعا زين لهم الشيطان أعمالهم فمثل أعمالهم كسراب لا طائل تحته وصاحب الأعمال يحسب من غفلته وجهالته ان اعماله المشوبة هى ما يطفئ به نار غضب الله حتى إذا جاءه عند الموت لم يجده شيأ مما توهمه ووجد الله عند اعماله للوزن والجزاء والحساب وهو غضبان عليه لسوء معاملته معه فجازاه حق جزائه والله سريع الحساب يشير الى ان من سرعة حسابه ان يظهر على ذاته وصفاته آثار معاملته السيئة بالأخلاق الذميمة والأحوال الرديئة فى حال حياته أَوْ كَظُلُماتٍ عطف على كسراب واو للتنويع فان أعمالهم ان كانت حسنة فكالسراب وان كانت قبيحة فكالظلمات فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ اى عميق كثير الماء منسوب الى اللج وهو معظم ماء البحر قال الكاشفى [در درياى عميق كه دم بدم] يَغْشاهُ مَوْجٌ صفة اخرى للبحر اى يستره ويغطيه بالكلية مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مبتدأ وخبر والجملة صفة لموج اى يغشاه امواج متراكمة بعضها على بعض مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ صفة لموج الثاني واصل السحب الجر وسمى السحاب اما لجر الريح او لجره الماء اى من فوق الموج الثاني الا على سحاب غطى النجوم وحجب أنوارها وفيه ايماء الى غاية تراكم الأمواج وتضاعفها حتى كأنها بلغت السحاب ظُلُماتٌ اى هذه ظلمات بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ اى متكاثفة متراكمة حتى إِذا أَخْرَجَ اى من ابتلى بهذه الظلمات وإضماره من غير ذكره لدلالة المعنى عليه دلالة واضحة يَدَهُ وهى اقرب أعضائه المرئية اليه وجعلها بمرأى منه قريبة من عينه لينظر إليها

[سورة النور (24) : الآيات 41 إلى 45]

لَمْ يَكَدْ يَراها لم يقرب ان يراها لشدة الظلمة فضلا عن ان يراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً اى ومن لم يشأ الله ان يهديه لنور القرآن ولم يوفقه للايمان به فَما لَهُ مِنْ نُورٍ اى فما له هداية ما من أحد أصلا قال الكاشفى [اين تمثيل ديكر است مر عملهاى كفار را ظلمات اعمال تيره اوست وبحر لجى دل او وموج آنچهـ دل او را مى پوشد از جهل وشرك وسحاب مهر خذلان بر آن پس كردار وكفتارش ظلمت ومدخل ومخرجش ظلمت ورجوع او در روز قيامت هم بظلمت عكس مؤمن كه او را نور است واين را (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) ] مؤمنان از تيركى دور آمدند ... لا جرم نور على نور آمدند كافر تاريك دل را فكرتست ... حال كارش ظلمت اندر ظلمتست والاشارة بالظلمات الى صورة الأعمال التي وقعت على الغفلة بلا حضور القلب وخلوص النية فهى (كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) وهو حب الدنيا (يَغْشاهُ مَوْجٌ) من الرياء (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) من حب الجاه وطلب الرياسة (مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) من الشرك الخفي (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) يعنى ظلمة غفلة الطبيعة وظلمة حب الدنيا وظلمة حب الجاه وظلمة الشرك (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) يعنى العبد يد قصده واجتهاده وسعيه ليرى صلاح حاله ومآله فى تخلصه من هذه الظلمات لم ير بنظر عقله طريق خلاصه من هذه الظلمات لان من لم يصبه رشاش النور الإلهي عند قسمة الأنوار فما له من نور يخرجه من هذه الظلمات فان نور العقل ليس له هذه القوة لانها من خصوصية نور الله كقوله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) والنكتة فى قوله تعالى (يُخْرِجُهُمْ) إلخ كأنه يقول أخرجت الماء من العين والمطر من السحاب والنار من الحجر والحديد من الجبال والدخان من النار والنبات من الأرض والثمار من الأشجار كما لا يقدر أحد ان يرد هذه الأشياء الى مكانها كذلك لا يقدر إبليس وسائر الطواغيت ان يردك الى ظلمة الكفر والشك والنفاق بعد ما أخرجتك الى نور الايمان واليقين والإخلاص والله الهادي أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الهمزة للتقرير والمراد من الرؤية رؤية القلب فان التسبيح الآتي لا يتعلق به نظر البصر اى قد علمت يا محمد علما يشبه المشاهدة فى القوة واليقين بالوحى او الاستدلال ان الله تعالى ينزهه على الدوام فى ذاته وصفاته وأفعاله عن كل ما لا يليق بشأنه من نقص وآفة اهل السموات والأرض من العقلاء وغيرهم ومن لتغليب العقلاء وَالطَّيْرُ بالرفع عطف على من جمع طائر كركب وراكب والطائر كل ذى جناح يسبح فى الهواء وتخصيصها بالذكر مع اندراجها فى جملة ما فى الأرض لعدم استقرارها قرار ما فيها لانها تكون بين السماء والأرض غالبا صَافَّاتٍ اصل الصف البسط ولهذا سمى اللحم القديد صفيفا لانه يبسط اى تسبحه تعالى حال كونها صافات اى باسطات أجنحتها فى الهواء تصففن كُلٌّ من اهل السموات والأرض قَدْ عَلِمَ بالهام الله تعالى ويوضحه ما قرئ علم مشددا اى عرف صَلاتَهُ اى دعاء نفسه وَتَسْبِيحَهُ تنزيهه وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ اى يفعلونه من الطاعة والصلاة والتسبيح فيجازيهم على ذلك وفيه وعيد لكفرة الثقلين

[سورة النور (24) : آية 42]

حيث لا تسبيح لهم طوعا واختيارا وَلِلَّهِ لا لغيره مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه الخالق لهما ولما فيهما من الذوات والصفات وهو المتصرف فى جميعها إيجادا واعداما إبداء وإعادة وَإِلَى اللَّهِ خاصة الْمَصِيرُ اى رجوع الكل بالفناء والبعث فعلى العاقل ان يعبد هذا المالك القوى ويسبحه باللسان الصوري والمعنوي وهذا التسبيح محمول عند البعض على ما كان بلسان المقال فانه يجوز ان يكون لغير العقلاء ايضا تسبيح حقيقة لا يعلمه الا الله ومن شاء من عباده كما فى الكواشي وقد سبق تفصيل بديع عند قوله تعالى فى سورة الاسراء (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فارجع تغنم وعن ابى ثابت قال كنت جالسا عند ابى جعفر الباقر فقال لى أتدري ما تقول هذه العصافير عند طلوع الشمس وبعد طلوعها قلت لا قال فانهن يقدسن ربهن ويسألن قوت يومهن [آورده اند كه ابو الجناب نجم الكبرى قدس سره در رساله فواتح الجمال ميفرمايند كه ذكرى كه جارى بر نفوس حيوانات أنفاس ضروريه ايشانست زيرا كه در برآمدن وفرو رفتن نفس حرف ها كه اشارت بغيب هويت حق است كفته ميشود اگر خواهند واگر نخواهند وآن حرف هاست كه در اسم مبارك الله است والف ولام از براى تعريفست وتشديد لام از براى مبالغه در آن تعريف پس مى بايد كه طالب هوشمند در وقت تلفظ باين حرف شريف هويت حق سبحانه وتعالى ملحوظ وى باشد ودر خروج ودخول نفس واقف بود كه در نسبت حضور مع الله فتورى واقع نشود] ويقال لهذا عند النقشبندية [هوش در دم] ها غيب هويت آمد اى حرف شناس ... أنفاس ترا بود بآن حرف أساس باش آگه از ان حرف در اميد وهراس ... حرفى كفتم شكرف اگر دارى پاس يقول الفقير أيقظه القدير رأيت فى بعض المبشرات حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يخاطبنى ويقول هل تعرف سر قولهم الله بالرفع دون الله بالنصب والجر فقلت لا فقال انه فى الأصل الله هو فبضم الشفتين فى تحصل الاشارة الى نور الذات الاحدية فى الممكنات وسر الكمال الساري فى المظاهر ولا تحصل هذه الاشارة فى النصب والجر الحمد لله تعالى وقال بعض العلماء تسبيح الحيوان والجماد محمول على ما كان بلسان الحال فان كل شىء يدل بوجوده وأحواله على وجود صانع واجب الوجود متصف بصفات الكمال مقدس عن كل ما لا يليق بشأنه وقال فى التأويلات اعلم ان التسبيح على ثلاثة أوجه تسبيح العقلاء وتسبيح الحيوانات وتسبيح الجمادات. فتسبيح العقلاء بالنطق والمعاملات. وتسبيح الحيوانات بلسان الحاجات وصورة الدلالات على صانعها. وتسبيح الجمادات بالخلق وهو عام فى جميعها فانها مظهر الآيات فاما تسبيح العقلاء فمخصوص بالملك والإنسان فتسبيح الملك غذاؤه يعيش به ولو قطع عنه لهلك وليس موجبا لترقيه لانه مسبح بالطبع وتسبيح الإنسان تنزيه الحق بالأمر لا بالطبع فموجب لترقيه بان يفنى فيه أوصاف انسانيته ويبقيه بوصف سبوحيته فانه به ينطق عند فناء وجوده (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) يشير الى ان لكل شىء علما وشعورا مناسبا له على صلاته وهى القيام بالعبودية وعلى تسبيحه وهو ثناء الربوبية وذلك لان لكل

[سورة النور (24) : آية 43]

شىء ملكوتا هو قائم به وقيام الملكوت بيده تعالى كما قال (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) وعالم الملكوت هو الحياة المحض والعلم كما قال (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) والملكوت هو عالم الأرواح فلكل شىء روح منه بحسب استعداده لقابلية الروح فخلق الإنسان فى احسن تقويم لقابلية الروح الأعظم فلهذا صار كاملهم أفضل المخلوقات وأكرمها فهو يعلم خصوصية صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت بل على قدر حظه من عالم الربوبية وهو متفرد به عما دونه والملك يعلم صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت والحيوانات والجمادات تعلم صلاتها وتسبيحها بملكوتها بلا شعور منها بالصورة (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) اى بحقيقته بالكمال وهم يعلمون بحسب استعدادهم انتهى ما فى التأويلات وهذا لا ينفى نطق الجمادات عند إنطاق الله تعالى وكذا نطق الحيوانات العجم بطريق خرق العادة او بطريق لا يسمعه ولا يفهمه الا اهل الكشف والعيان كما سبق أمثلته فى سورة الاسراء نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن لا يمضى نفسه الا بذكر شريف ولا يمر وقته الا بحال لطيف انه الفياض الوهاب الجواد أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً الإزجاء سوق الشيء برفق وسهولة لينساق غلب فى سوق شىء يسير أو غير معتد به ومنه البضاعة المزجاة فانها يزجيها كل أحد ويدفعها لقلة الاعتداد بها. ففيه ايماء الى ان السحاب بالنسبة الى قدرته تعالى مما لا يعتد به ويسمى السحاب سحابا لانسحابه فى الهواء اى انجراره وهو اسم جنس يصح إطلاقه على سحابة واحدة وما فوقها والمراد هاهنا قطع السحاب بقرينة اضافة بين الى ضميره فانه لا يضاف الا الى متعدد. والمعنى قد رأيت رؤية بصرية ان الله يسوق غيما الى حيث يريد ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ اى بين اجزائه بضم بعضها الى بعض فيجعله شيأ واحدا ابعد ان كان قطعا ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً اى متراكما بعضه فوق بعض فانه إذا اجتمع شىء فوق شىء فهو ركوم مجتمع قال فى المفردات يقال سحاب مركوم اى متراكم والركام ما يلقى بعضه على بعض فَتَرَى الْوَدْقَ اى المطر اثر تكاثفه وتراكمه قال ابو الليث الودق المطر كله شديده وهينه وفى المفردات الودق قيل ما يكون خلال المطر كأنه غبار وقد يعبر به عن المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ حال من الودق لان الرؤية بصرية والخلال جمع خلل كجبال وجبل وهو فرجة بين الشيئين والمراد هاهنا مخارج القطر. والمعنى حال كون ذلك الودق يخرج من أثناء ذلك السحاب وفتوقه التي حدثت بالتراكم وانعصار بعضه من بعض قال كعب السحاب غربال المطر ولولاه لافسد المطر ما يقع عليه وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ اى من الغمام فان كل ما علاك سماء وسماء كل شىء أعلاه مِنْ جِبالٍ اى من قطع عظام تشبه الجبال فى العظم كائنة فِيها اى فى السماء فان السماء من المؤنثات السماعية مِنْ بَرَدٍ مفعول ينزل على ان من تبعيضية والاوليان لابتداء الغاية على ان الثانية بدل اشتمال من الاولى باعادة الجار والبرد محركه الماء المنعقد اى ما يبرد من المطر فى الهواء فيصلب كما فى المفردات. والمعنى ينزل الله مبتدئا من السماء من جبال فيها بعض برد قال بعضهم ان الله تعالى خلق جبالا كثيرة فى السماء من البرد والثلج ووكل بها ملكا

[سورة النور (24) : آية 44]

من الملائكة فاذا أراد ان يرسل البرد والثلج على قطر من أقطار الأرض يأمره بذلك فثلج هناك ما شاء الله بوزن ومقدار فى صحبة كل حبة منها ملك يضعها حيث امر بوضعها قال ابن عباس رضى الله عنهما لا عين تجرى على الأرض الا وأصلها من البرد والثلج ويقال ان الله تعالى خلق ملائكة نصف أبدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج فاذا أراد الله إرسال الثلج فى ناحية أمرهم حتى يترفرفوا بأجنحتهم من الثلج فما تساقط عن الترفرف فهو الثلج الذي يقع هناك يقال رفرف الطائر إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد ان يقع عليه وقيل المراد من السماء اى فى الآية المظلة اى الفلك وفيها جبال من برد كما ان فى الأرض جبالا من حجر وليس فى العقل ما ينفيه والمشهور ان الابخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء وقوى البرد اجتمعت هناك وصارت سحابا فان لم يشتد البرد تقاطرت مطرا وان اشتد فان وصل الى الاجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل بردا وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا وينزل منه المطر او الثلج وكل ذلك مستند الى ارادة الله تعالى ومشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى اخوان الصفاء الاجزاء المائية والترابية إذا كثرت فى الهواء وتراكمت فالغيم منها هو الرقيق والسحاب هو المتراكم والمطر هو تلك الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت نحو الأرض والبرد قطر تجمد فى الهواء بعد خروجه من سمك السحاب والثلوج قطر صغار تجمد فى خلال الغيم ثم تنزل برفق من السحاب انتهى والاجزاء اللطيفة الارضية تسمى دخانا والمائية بخارا قال ابن التمجيد إذا أشرقت الشمس على ارض يابسة تحللت منها اجزاء نارية ويخالطها اجزاء ارضية يسمى المركب منهما دخانا وفى شرح القانون الفرق بين الدخان والبخار هو ان تركيب الدخان من الاجزاء الارضية والنارية وتركيب البخار من المائية والهوائية فيكون البخار الطف من الدخان فَيُصِيبُ بِهِ اى بما ينزل من البرد والباء للتعدية: وبالفارسية [پس ميرساند آن تكرك را] مَنْ يَشاءُ فيناله ما يناله من ضرر فى نفسه وماله نحو الزرع والضرع والثمرة وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ فيأمن غائلته يَكادُ سَنا بَرْقِهِ اى يقرب ضوء برق السحاب فان السنا مقصورا بمعنى الضوء الساطع وممدودا بمعنى الرفعة والعلو والبرق لمعان السحاب وفى القاموس البرق واحد بروق السحاب او ضرب ملك السحاب وتحريكه إياه لينساق فترى النيران وفى اخوان الصفاء البرق نار تنقدح من احتكاك تلك الاجزاء الدخانية فى جوف السحاب يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ اى يخطفها من فرط الاضاءة وسرعة ورودها قال الكاشفى [واين دليل است بر كمال قدرت كه شعله آتش از ميان ابر آبدار بيرون مى آرد] فسبحان من يظهر الضد من الضد يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ بالمعاقبة بينهما او بنقص أحدهما وزيادة الآخر او بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور وغيرها مما يقع فيهما من الأمور التي من جملتها ما ذكر من ازجاء السحاب وما ترتب عليه وفى الحديث قال الله تعالى (يؤذينى ابن آدم بسب الدهر وانا الدهر بيدي الأمر اقلب الليل والنهار) كذا فى المعالم والوسيط إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فصل من

[سورة النور (24) : آية 45]

الإزجاء الى التقليب لَعِبْرَةً لدلالة واضحة على وجود الصانع القديم ووحدته وكمال قدرته واحاطة علمه بجميع الأشياء ونفاذ مشيئته وتنزهه عما لا يليق بشأنه العلى واصل العبر تجاوز من حال الى حال والعبرة الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد الى ما ليس بمشاهد لِأُولِي الْأَبْصارِ لكل من يبصر ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة كما فى المفردات. يعنى ان من له بصيرة يعبر من المذكور الى معرفة المدبر ذلك من القدرة التامة والعلم الشامل الدال قطعا على الوحدانية وسئل سعيد بن المسيب أي العبادة أفضل قال التفكر فى خلقه والتفقه فى دينه ويقال العبر با وقار والمعتبر بمثقال فعلى العاقل الاعتبار آناء الليل وأطراف النهار قالت رابعة القيسية رحمها الله ما سمعت الاذان الا ذكرت منادى يوم القيامة وما رأيت الثلوج الا ذكرت تطاير الكتب وما رأيت الجراد الا ذكرت الحشر والاشارة فى الآية الكريمة ان الله تعالى يسوق السحب المتفرقة التي تنشأ من المعاصي والأخلاق الذميمة ثم يؤلف بينها ثم يجعلها متراكما بعضها على بعض فترى مطر التوبة يخرج من خلاله كما خرج من سحاب وعصى آدم ربه فغوى مطر ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فالانسان من النسيان والشر جزء من البشر فاذا أذنب الإنسان فلتكن همته طلب العفو والرحمة من الله تعالى ولا يمتنع منه مستعظما لذنبه ظانا ان الله تعالى وصف ذاته الازلية بالغفارية والتوابية حين لم يكن بشر ولا ذئب ولا حادث من الحوادث فاقتضى ذلك وجود الذنب من الإنسان البتة لان المغفرة انما هى بالنسبة الى الذنب: ولذا قال الحافظ سهو وخطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنىء عفو ورحمت آمرزگار چيست وينزل الله من سماء القلب من قساوة فيها جموده من قهر الحق وخذلانه فيصيب من برد القهر من يشاء من اهل الشقاوة ويصرفه عمن يشاء من اهل السعادة يكاد سنا برق القهر يذهب البصائر يقلب الله ليل معصية من يشاء نهار الطاعة كما قلب فى حق آدم عليه السلام ويقلب نهار طاعة من يشاء ليل المعصية كما قلب فى حق إبليس ان فى ذلك التقليب لعبرة لارباب البصائر بان يشاهدوا آثار لطفه وقهره فى مرآة التقليب كذا فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ الدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى الحشرات اكثر كما فى المفردات والدابة هنا ليست عبارة عن مطلق ما يمشى ويتحرك بل هى اسم للحيوان الذي يدب على الأرض ومسكنه هنالك فيخرج منها الملائكة والجن فان الملائكة خلقوا من نور والجن من نار وقال فى فتح الرحمن خلق كل حيوان يشاهد فى الدنيا ولا يدخل فيه الملائكة والجن لانا لا نشاهدهم انتهى. والمعنى خلق كل حيوان يدب على الأرض مِنْ ماءٍ هو جزؤ مادته اى أحد العناصر الاربعة على ان يكون التنوين للوحدة الجنسية فدخل فيه آدم المخلوق من تراب وعيسى المخلوق من روح او من ماء مخصوص هو النطفة اى ماء الذكر والأنثى على ان يكون التنوين للوحدة النوعية فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل إذ من الحيوان ما يتولد لا عن نطفة [در تبيان از ابن عباس رضى الله عنهما نقل ميكند كه حق سبحانه جوهرى آفريد ونظر هيبت برو افكند بگداخت وآب شد بعضى آنرا تغليب نمود بآتش واز ان

[سورة النور (24) : الآيات 46 إلى 52]

جن بيافريد پس بعضى را تغليب كرد بباد واز ان ملائكه بيافريد پس تغليب نمود مقدارى را بخاك واز ان آدمي وسائر حيوانات خلق كرد واصل آن همه آبست] قال فى الكواشي تنكير ماء موذن ان كل دابة مخلوقة من ماء مختص بها وهو النطفة فجميع الحيوان سوى الملائكة والجن مخلوق من نطفة وتعريف الماء فى قوله (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) نظر الى الجنس الذي خلق منه جميع الحيوان لان اصل جميع الخلق من الماء قالوا خلق الله ماء فجعل بعضه ريحا فخلق منها الملائكة وجعل بعضه نارا فخلق منها الجن وبعضه طينا فخلق منه آدم انتهى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ذى روح خلق من نور محمد عليه السلام لان روحه أول شىء تعلقت به القدرة كما قال (أول ما خلق الله روحى) ولما كان هو درة صدف الموجودات عبر عن روحه بدرة وجوهرة فقال (لما أراد الله ان يخلق العالم خلق درة) وفى رواية جوهرة (ثم نظر إليها بنظر الهيبة فصارت ماء) الحديث فخلقت الأرواح من ذلك الماء اه فان قيل ما الحكمة فى خلق كل شىء من الماء قيل لان الخلق من الماء اعجب لانه ليس شىء من الأشياء أشد طوعا من الماء لان الإنسان لو أراد ان يمسكه بيده او أراد ان يبنى عليه او يتخذ منه شيأ لا يمكنه والناس يتخذون من سائر الأشياء انواع الأشياء قيل فالله تعالى اخبر انه يخلق من الماء الوانا من الخلق وهو قادر على كل شىء كذا فى تفسير ابى الليث عليه الرحمة فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ كالحية والحوت ونحوهما وانما قال يمشى على وجه المجاز وان كان حقيقة المشي بالرجل لانه جمعه مع الذي يمشى على وجه التبع. يعنى ان تسمية حركة الحية مثلا ومرورها مشيا مع كونها زحفا للمشاكلة فان المشي حقيقة هو قطع المسافة والمرور عليها مع قيد كون ذلك المرور على الأرجل وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ كالانس والجن والطير كما فى الجلالين وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ كالنعم والوحش وعدم التعرض لما يمشى على اكثر من اربع كالعناكب ونحوها من الحشرات لعدم الاعتداد بها كما فى الإرشاد وقال فى فتح الرحمن لانها فى الصورة كالتى تمشى على اربع وانما تمشى على اربع منها كما فى الكواشي وتذكير الضمير فى منهم لتغليب العقلاء والتعبير عن الأصناف بمن ليوافق التفصيل الإجمال وهو هم فى فمنهم والترتيب حيث قدم الزاحف على الماشي على رجلين وهو على الماشي على اربع لان المشي بلا آلة ادخل فى القدرة من المشي على الرجلين وهو اثبت لها بالنسبة الى من مشى على اربع يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان او مركبا على ما شاء من الصور والأعضاء والهيآت والحركات والطبائع والقوى والافاعل مع اتحاد العنصر [صاحب حديقه فرموده اوست قادر بهر چهـ خواهد وخواست ... كارها جمله نزد او پيداست وقال بعضهم نقشبند برون كلها اوست ... نقش دان درون دلها اوست إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيفعل الله ما يشاء كما يشاء لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ اى لكل ما يليق بيانه من الاحكام الدينية والاسرار التكوينية وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالتوفيق للنظر الصحيح فيها والإرشاد الى التأمل فى معانيها إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعنى الإسلام الذي

[سورة النور (24) : الآيات 47 إلى 48]

هو دين الله وطريقه الى رضاه وجنته وفى التأويلات النجمية اخبر عن سيرة هذه الدواب التي خلقت من الماء فقال (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) يعنى سيرته فى مشيه ان يضيع عمره فى تحصيل شهوات بطنه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) اى يضيع عمره فى تحصيل شهوات فرجه فان كل حيوان إذا قصد قضاء شهوته يمشى على رجلين عند المباشرة وان كان له اربع قوائم وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ اى يضيع عمره فى طلب الجاه لان اكثر طالبى الجاه يمشى راكبا على مركوب له اربع قوائم كالخيل والبغال والحمير كما قال تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) من انواع المخلوقات على مقتضى حكمته ومشيئته الازلية لما يشاء كما يشاء إظهارا للقدرة ليعلم ان الله على خلق كل نوع من انواع المخلوقات والمقدورات قادر- ومن اخبار الرشيد- انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) اى أنزلنا القرآن مبينات آياته ما خلقنا من كل نوع من انواع الإنسان المذكورة اوصافهم ولكنهم لو وكلوا الى ما جبلوا عليه لما كانوا يهتدون الا الى هذه الأوصاف التي جبلوا عليها ولا يهتدون الى صراط مستقيم هو صراط الله بإرادتهم ومشيئتهم (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يصل به الى الحضرة بمشيئة الله وإرادته الازلية نسأل الله الهداية الى سواء الطريق والتوفيق لجادة التحقيق وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ نزلت فى بشر المنافق خاصم يهوديا فى ارض فدعاه الى كعب بن الأشرف من أحبار اليهود ودعاه اليهودي الى النبي عليه الصلاة والسلام فصيغة الجمع للايذان بان للقائل طائفة يساعدونه ويتابعونه فى تلك المقالة كما يقال بنوا فلان قتلوا فلانا والقاتل منهم واحد وَأَطَعْنا اى أطعناهما فى الأمر والنهى والاطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير لانها الانقياد وهو لا يتصور الا بعد الأمر بخلاف العبادة وغيرها ثُمَّ يَتَوَلَّى يعرض عن قبول حكمه قال الامام الراغب تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى اقرب المواضع وإذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك القرب فان الولي القرب والتولي قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار وثم يجوز ان يكون للتراخى الزمانى وان يكون لاستبعاد امر التولي عن قولهم آمنا واطعنا فَرِيقٌ مِنْهُمْ اى من القائلين قال فى المفردات الفرق القطعة المنفصلة ومنه الفرقة للجماعة المنفردة من الناس والفريق الجماعة المنفردة عن آخرين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ القول المذكور وَما أُولئِكَ اشارة الى القائلين فان نفى الايمان عنهم مقتض لنفيه عن الفريق المتولى بخلاف العكس اى وما أولئك الذين يدعون الايمان والاطاعة ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم فى الاعتقاد والعمل بِالْمُؤْمِنِينَ حقيقة كما يعرب عنه اللام اى ليسوا بالمؤمنين المعهودين بالإخلاص فى الايمان والثبات عليه وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ اى الرسول

[سورة النور (24) : الآيات 49 إلى 52]

بَيْنَهُمْ لانه المباشر للحكم حقيقة وان كان الحكم حكم الله حقيقة وذكر الله لتفخيمه عليه السلام والإيذان بجلالة محله عنده تعالى والحكم بالشيء ان تقضى بانه كذا وليس بكذا سواء ألزمت بذلك غيرك او لم تلزمه إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ اى فاجأ فريق منهم الاعراض عن المحاكمة اليه عليه السلام لكون الحق عليهم وعلمهم بانه عليه السلام يحكم بالحق عليهم ولا يقبل الرشوة وهو شرح للتولى ومبالغة فيه واعرض اظهر عرضه اى ناحيته وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ اى الحكم لا عليهم يَأْتُوا إِلَيْهِ الى صلة يأتوا فان الإتيان والمجيء يعديان بالى مُذْعِنِينَ منقادين لجزمهم بانه عليه السلام يحكم لهم أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ انكار واستقباح لاعراضهم المذكور وبيان لمنشأه اى أذلك الاعراض لانهم مرضى القلوب لكفرهم ونفاقهم أَمِ لانهم ارْتابُوا اى شكوا فى امر نبوته عليه السلام مع ظهور حقيقتها أَمِ لانهم يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ فى الحكومة. والحيف الجور والظلم الميل فى الحكم الى أحد الجانبين يقال حاف فى قضيته اى جار فيما حكم ثم اضرب عن الكل وأبطل منشئيته وحكم بان المنشأ شىء آخر من شنائعهم حيث قيل بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى ليس ذلك لشىء مما ذكر اما الاوّلان فلانه لو كان لشىء منهما لاعرضوا عنه عليه السلام عند كون الحق لهم ولما أتوا اليه مذعنين لحكمه لتحقق نفاقهم وارتيابهم حينئذ ايضا واما الثالث فلانتفائه رأسا حيث كانوا لا يخافون الحيف أصلا لمعرفتهم أمانته عليه السلام وثباته على الحق بل لانهم هم الظالمون يريدون ان يظلموا من له الحق عليهم ويتم لهم جحوده فيأبون المحاكمة اليه عليه السلام لعلهم بانه يقضى عليهم بالحق فمناط النفي المستفاد من الاضراب فى الأولين هو وصف منشئيتهما فى الاعراض فقط مع تحققهما فى نفسهما وفى الثالث هو الوصف مع عدم تحققه فى نفسه وفى الرابع هو الأصل والوصف جميعا إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصب على انه خبر كان وان مع ما فى حيزها اسمها إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ اى الرسول بَيْنَهُمْ وبين خصومهم سواء كانوا منهم او من غيرهم أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا الدعاء وَأَطَعْنا بالاجابة والقبول والطاعة موافقة الأمر طوعا وهى تجوز لله ولغيره كما فى فتح الرحمن [بهر چهـ كنى در ميان حكمى] وَأُولئِكَ المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلب والناجون من كل محذور قال فى المفردات الفلاح الظفر وادراك البغية وَمَنْ [وهر كه] يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى من يطعهما كائنا من كان فيما امرا به من الاحكام الشرعية اللازمة والمتعدية وَيَخْشَ اللَّهَ على ما مضى من ذنوبه ان يكون مأخوذا بها وَيَتَّقْهِ فيما بقي من عمره وأصله يتقيه فحذف الياء للجزم فصار يتقه بكسر القاف والهاء ثم سكن القاف تخفيفا على خلاف القياس لان ما هو على صيغة فعل انما يسكن عينه إذا كانت كلمة واحدة نحو كتف فى كتف ثم اجرى ما أشبه ذلك من المنفصل مجرى المتصل فان تقه فى قولنا يتقه بمنزلة كتف فسكن وسطه كما سكن وسط كتف فَأُولئِكَ الموصوفون بالطاعة والخشية والاتقاء هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم لا من عداهم. والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات

[سورة النور (24) : الآيات 53 إلى 57]

[در كشاف آورده كه ملكى از علما التماس آيتي كرد كه بدان عمل كافى باشد ومحتاج بآيات ديكر نباشد علماى عصر او برين آيت اتفاق كردند چهـ حصول فوز وفلاح جز بفرمان بردارى وخشيت وتقوى ميسر نيست] اينك ره اگر مقصد أقصى طلبى ... وينك عمل ار رضاى مولى طلبى فلا بد من الاطاعة لله ولرسوله فى أداء الفرائض واجتناب المحارم فقد دعا الله تعالى فلا بد من الاجابة قال ابن عطاء رحمه الله الدعوة الى الله بالحقيقة والدعوة الى الرسول بالنصيحة فمن لم يجب داعى الله كفر ومن لم يجب داعى الرسول ضل وسبب عدم الاجابة المرض قال الامام الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وذلك ضربان جسمى وهو المذكور فى قوله تعالى (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) والثاني عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية نحو قوله تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) ويشبه النفاق والكفر وغيرهما من الرذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله تعالى (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) واما لميل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض الى الأشياء المضرة انتهى وفى الحديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به) معناه لا يبلغ العبد كمال الايمان ولا يستكمل درجاته حتى يكون ميل نفسه منقادا لما جاء به النبي عليه السلام من الهدى والاحكام ثم ان حقيقة الاطاعة والاجابة انما هى بترك ما سوى الله والاعراض عما دونه فمن اقبل على غيره فهو لآفات عرضت له وهى انحراف مزاج قلبه عن فطرة الله التي فطر الناس عليها من حب الله وحب الآخرة والشك فى الدين بمقالات اهل الأهواء والبدع من المتفلسفين والطبائعيين والدهريين وغيرهم من الضلال وخوف الحيف بان يأمره الله ورسوله بترك الدنيا ونهى النفس عن الهوى وانواع المجاهدات والرياضات المؤدية الى تزكية النفس وتصفية القلب لتحلية الروح بحلية اخلاق الحق والوصول الى الحضرة ثم لا يوفيان بما وعدا بقوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ويظلمان عليه بعدم أداء حقوقه اما علم ان الله لا يظلم مثقال ذرة وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ اى حلف المنافقون بالله وأصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف جَهْدَ أَيْمانِهِمْ الجهد بالفتح الطاقة واليمين فى اللغة القوة وفى الشرع تقوية أحد طرفى الخبر بذكر الله قال الامام الراغب اليمين فى الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المجاهد والمعاهد عنده قال فى الإرشاد جهد نصب على انه مصدر مؤكد لفعله الذي هو فى حيز النصب على انه حال من فاعل اقسموا اى اقسموا به تعالى يجهدون ايمانهم جهدا ومعنى جهد اليمين بلوغ غايتها بطريق الاستعارة من قولهم جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها وطاقتها اى جاهدين بالغين أقصى مراتب اليمين فى الشدة والوكادة فمن قال اقسم بالله فقد جهد يمينه ومعنى الاستعارة انه لما لم يكن لليمين وسع وطاقة حتى يبلغ المنافقون أقصى وسع اليمين وطاقتها كان أصله يجهدون ايمانهم جهدا ثم حذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافا الى المفعول نحو فضرب

[سورة النور (24) : آية 54]

الرقاب: وبالفارسية [وسوكند كردند منافقان بخداى تعالى سخترين سوكندان خود] لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ اى بالخروج الى الغزو فانهم كانوا يقولون لرسول الله أينما كنت نكن معك ولئن خرجت خرجنا معك وان أقمت أقمنا وان امرتنا بالجهاد جاهدنا لَيَخْرُجُنَ جواب لاقسموا لان اللام الموطئة للقسم فى قوله لئن امرتهم جعلت ما يأتى بعد الشرط المذكور جوابا للقسم لاجزاء للشرط وكان جزاء الشرط مضمرا مدلولا عليه بجواب القسم وجواب القسم وجزاء الشرط لما كانا متماثلين اقتصر على جواب القسم وحيث كانت مقالتهم هذه كاذبة ويمينهم فاجرة امر عليه السلام بردها حيث قيل قُلْ لا تُقْسِمُوا لا تحلفوا بالله على ما تدعون من الطاعة طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ خبر مبتدأ محذوف والجملة تعليل للنهى اى لان طاعتكم طاعة نفاقية واقعة باللسان فقط من غير مواطأة من القلب وانما عبر عنها بمعروفة للايذان بان كونها كذلك مشهور معروف لكل أحد كذا فى الإرشاد وقال بعضهم طاعة معروفة بالإخلاص وصدق النية خير لكم وأمثل من قسمكم باللسان فالمطلوب منكم هى لا اليمين الكاذبة المنكرة وفى التأويلات النجمية (قُلْ لا تُقْسِمُوا) بالكذب قولا بل أطيعوا فعلا فانه (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) بالافعال غير دعوى القيل والقال (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) بالحال صدقا وبالقال كذبا او بطاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل فيجازيكم على ذلك قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى الفرائض والسنن على رجاء الرحمة والقبول فَإِنْ تَوَلَّوْا بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا عن هذه الطاعة اثر ما أمرتم بها فَإِنَّما عَلَيْهِ اى فاعلموا انما عليه صلى الله عليه وسلم ما حُمِّلَ اى ما كلف وامر به من تبليغ الرسالة وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ ما أمرتم به من الاجابة والطاعة ولعل التعبير عنه بالتحمل للاشعار بثقله وكونه مؤونة باقية فى عهدتهم بعد كأنه قيل وحيث توليتم عن ذلك فقد بقيتم تحت ذلك الحمل الثقيل وَإِنْ تُطِيعُوهُ اى فيما أمركم به من الطاعة تَهْتَدُوا الى الحق الذي هو المقصد الأقصى الموصل الى كل خير والمنجى من كل شر وتأخيره عن بيان حكم التولي لما فى تقديم الترهيب من تأكيد الترغيب وَما عَلَى الرَّسُولِ محمد ويبعد ان يحمل على الجنس لانه أعيد معرفا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ التبليغ الموضح لكل ما يحتاج الى الإيضاح وقد فعل وانما بقي ما حملتم فان أديتم فلكم وان توليتم فعليكم قال ابو عثمان رحمه الله من امر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة لان الله تعالى قال (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) يقال ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل واحدة منها بغير قرينتها: أولاها قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فمن صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة: والثانية قوله تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه: والثالثة قوله تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فمن شكر الله فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه ذلك فاطاعة الرسول مفتاح باب القبول ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة الله وعد له دخول الجنة فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين قال حاتم الأصم رحمه الله من ادعى ثلاثا بغير ثلاث

[سورة النور (24) : آية 55]

فهو كذاب من ادعى حب الجنة من غير انفاق ماله فهوه كذاب ومن ادعى محبة الله من غير ترك محارم الله فهو كذاب ومن ادعى محبة النبي عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب محب درويشان كليد جنت است واعلم ان احمد بن حنبل رحمه الله لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان الله تعالى جعلك اماما للناس برعايتك الشريعة: وفى المثنوى رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود نسأل الله التوفيق وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الخطاب لعامة الكفرة ومن تبعيضية اوله عليه السلام ولمن معه من المؤمنين ومن بيانية وتوسيط الظرف بين المعطوفين لاظهار أصالة الايمان لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ جواب للقسم اما بإضمار على معنى وعدهم الله واقسم ليستخلفنهم او بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق إنجازه لا محالة اى ليجعلنهم خلفاء متصرفين فى الأرض تصرف الملوك فى ممالكهم قال الكاشفى [فى الأرض: در زمين كفار از عرب وعجم] لقوله عليه السلام (ليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل) قال الراغب الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه فى الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى استخلافا كائنا كاستخلاف الذين من قبلهم وهم بنوا إسرائيل استخلفهم الله فى مصر والشام بعد إهلاك فرعون والجبابرة وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ التمكين جعل الشيء مكانا لآخر يقال مكن له فى الأرض اى جعلها مقرا له قال فى تاج المصادر التمكين [دست دادن وجاى دادن] يقال مكنتك ومكنت لك مثل نصحتك ونصحت لك وقال ابو على يجوز ان يكون على حد ردف لكم انتهى. والمعنى ليجعلن دينهم مقررا ثابتا بحيث يستمرون على العمل باحكامه من غير منازع الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ الارتضاء [پسنديدن] كما فى التاج قال فى التأويلات النجمية يعنى يمكن كل صنف من الخلفاء حمل أمانته التي ارتضى لهم من انواع مراتب دينهم فانهم ائمة اركان الإسلام ودعائم الملة الناصحون لعباده الهادون من يسترشد فى الله حفاظ الدين وهم اصناف. قوم هم حفاظ اخبار الرسول عليه السلام وحفاظ القرآن وهم بمنزلة الخزنة. وقوم هم علماء الأصول من الرادين على اهل العناد واصحاب البدع بواضح الادلة غير مخلطين الأصول بعلوم الفلاسفة وشبههم فانها مهلكة عظيمة لا يسلم منها الا العلماء الراسخون والأولياء القائمون بالحق وهم بطارقة الإسلام وشجعانه. وقوم هم الفقهاء الذين إليهم الرجوع فى علوم الشريعة من العبادات وكيفية المعاملات وهم فى الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين فى الملك. وآخرون هم اهل المعرفة واصحاب الحقائق وارباب السلوك الكاملون المكملون وهم خلفاء الله على التحقيق واقطاب العالم وعمد السماء وأوتاد الأرض بهم تقوم السموات والأرض وهم فى الدين كخواص الملك واعيان مجلس السلطان فالدين معمور بهؤلاء على اختلاف طبقاتهم الى يوم القيامة وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ التبديل جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول

[سورة النور (24) : الآيات 56 إلى 57]

والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله: والمعنى بالفارسية [وبدل دهد ايشانرا] مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ من الأعداء أَمْناً منهم واصل الامن طمانينة النفس وزوال الخوف وكان اصحاب النبي عليه السلام قبل الهجرة اكثر من عشر سنين خائفين ثم هاجروا الى المدينة وكانوا يصبحون فى السلاح ويمسون فيه حتى نجز الله وعده فاظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب دمبدم صيت كمال دولت خدام او ... عرصه روى زمين را سر بسر خواهد كرفت شاهباز همتش چون بر كشايد بال قدر ... از ثريا تا ثرى در زير پر خواهد كرفت يَعْبُدُونَنِي حال من الذين آمنوا لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً حال من الواو اى يعبدوننى غير مشركين بي فى العباد شيأ وَمَنْ كَفَرَ ومن ارتد بَعْدَ ذلِكَ الوعد او اتصف بالكفر بان ثبت واستمر عليه ولم يتاثر بما مر من الترغيب والترهيب فان الإصرار عليه بعد مشاهدة دلائل التوحيد كفر مستأنف زائد على الأصل او كفر هذه النعمة العظيمة فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق والخروج عن حدود الكفر والطغيان قال المفسرون أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضى الله عنه فلما قتلوه غير الله ما بهم من الامن وادخل عليهم الخوف الذي رفع عنهم حتى صاروا يقتلون بعد ان كانوا إخوانا متحابين والله تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم وفى الحديث (إذا وضع السيف فى أمتي لا يرفع عنها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى هر چهـ با تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى شرمى وكستاخيست هم قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتى وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ عطف على مقدر يستدعيه المقام اى فآمنوا واعملوا صالحا واقيموا إلخ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى سائر ما أمركم به فهو من باب التكميل لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اى افعلوا ما ذكر من الاقامة والإيتاء والاطاعة راجين ان ترحموا فهو متعلق بالأوامر الثلاثة لا تَحْسَبَنَّ يا محمد او يا من يصلح للخطاب كائنا من كان الَّذِينَ كَفَرُوا مفعول أول للحسبان مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ العجز ضد القدرة وأعجزت فلانا جعلته عاجزا اى معجزين لله عن ادراكهم وإهلاكهم فى قطر من الأقطار بما رحبت وان هربوا منها كل مهرب وَمَأْواهُمُ النَّارُ عطف على جملة النهى بتأويلها بجملة خبرية اى لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض فانهم مدركون ومأواهم النار وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ جواب لقسم مقدر والمخصوص بالمدح محذوف اى وبالله لبئس المصير والمرجع هى اى النار يقال صار الى كذا اى انتهى اليه ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهى اليه فى تنقله وتحركه وفى الآية اشارة الى كفران النعمة فان الذين أنفقوا النعمة فى المعاصي وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة قال على رضى الله عنه اقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن رحمه الله إذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وكل ما أوجد

[سورة النور (24) : الآيات 58 إلى 64]

لفعل ما فشرفه لتمام وجود ذلك الفعل منه كالفرس للعدو فى الكرّ والفرّ والسيف للعمل والأعضاء خصوصا اللسان للشكر ومتى لم يوجد فيه المعنى الذي لاجله أوجد كان ناقصا فالانسان القاصر فى عباداته كالانسان الناقص فى أعضائه وآلاته واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا جميع الناس الى الله تعالى والى توحيده وطاعته فاجاب من أجاب وهم اهل السعادة وأولهم الصحابة رضى الله عنهم واعرض من اعرض وهم اهل الشقاوة وأقدمهم الكفرة والمنافقون المعاصرون له عليه السلام ولما هربوا من باب الله تعالى بترك إطاعة رسوله وأصروا عليه عاقبهم الله تعالى عاجلا ايضا حيث قتلوا فى الوقائع وأصيبوا بما لا يخطر ببالهم فانظر كيف أدركهم الله تعالى فلم يعجزوه كما أدرك الأمم السالفة العاصية نسأل الله تعالى ان يجعلنا فى حصين عصمته ويتغمدنا برحمته ويحرسنا بعين عنايته يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- ان غلاما لاسماء بنت ابى مرثد دخل عليها فى وقت كراهته فنزلت والخطاب للرجال المؤمنين والنساء المؤمنات جميعا بطريق التغليب لِيَسْتَأْذِنْكُمُ هذه اللام لام الأمر والاستئذان طلب الاذن والاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه: والمعنى بالفارسية [بايد كه دستورى طلبند از شما] الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من العبيد والجواري وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ اى الصبيان القاصرون عن درجة البلوغ المعهود والتعبير عن البلوغ بالاحتلام لكونه اظهر دلائله وبلوغ الغلام صيرورته بحال لو جامع انزل قال فى القاموس الحلم بالضم والاحتلام الجماع فى النوم والاسم الحلم كعنق انتهى وفى المفردات ليس الحلم فى الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل وتسمى البلوغ بالحلم لكونه جديرا صاحبه بالحلم مِنْكُمْ اى من الأحرار ثَلاثَ مَرَّاتٍ ظرف زمان ليستأذن اى ليستأذنوا فى ثلاثة اوقات فى اليوم والليلة لانها ساعات غرة وغفلة ثم فسر تلك الأوقات بقوله مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ لظهور انه وقت القيام عن المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ومحله النصب على انه بدل من ثلاث مرات وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ اى ثيابكم التي تلبسونها فى النهار وتخلعونها لاجل القيلولة وهى النوم نصف النهار مِنَ الظَّهِيرَةِ بيان للحين وهى شدة الحر عند انتصاف النهار قال فى القاموس الظهيرة حد انتصاف النهار وانما ذلك فى القيظ والتصريح بمدار الأمر اعنى وضع الثياب فى هذا الحين دون الاول والآخر لما ان التجرد عن الثياب فيه لاجل القيلولة لقلة زمانها ووقوعها فى النهار الذي هو مظنة لكثرة الورود والصدور ليس من التحقق والاطراد بمنزلة ما فى الوقتين فان تحقق التجرد واطراده فيهما امر معروف لا يحتاج الى التصريح به وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ الآخرة ضرورة انه وقت التجرد عن اللباس والالتحاف باللحاف وهو كل ثوب تغطيت به ثَلاثُ عَوْراتٍ خبر مبتدأ محذوف اى هن ثلاثة اوقات كائنة لَكُمْ يختل فيها التستر عادة والعورة الخلل الذي يرى منه ما يراد ستره وسميت الأوقات المذكورة عورات مع انها ليست نفس العورات بل هذه اوقات العورات على طريق تسمية الشيء باسم ما يقع فيه مبالغة فى كونه محلا له لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ اى على المماليك والصبيان جُناحٌ

اثم فى الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع على العورات بَعْدَهُنَّ اى بعد كل واحدة من تلك العورات الثلاث وهى الأوقات المتخللة بين كل وقتين منهن فالاستئذان لهؤلاء مشروع فيها لا بعدها ولغيرهم فى جميع الأوقات طَوَّافُونَ اى هم يعنى المماليك والأطفال طوافون عَلَيْكُمْ للخدمة طوافا كثيرا والطواف الدوران حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها بَعْضُكُمْ طائف عَلى بَعْضٍ اى هم يطوفون عليكم للخدمة وأنتم تطوفون للاستخدام ولو كلفهم الاستئذان فى كل طوفة اى فى هذه الأوقات الثلاثة وغيرها لضاق الأمر عليهم فلذا رخص لكم فى ترك الاستئذان فيما وراء هذه الأوقات كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده والكاف مقحمة اى مثل ذلك التبيين يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها لا انه تعالى بينها بعد ان لم تكن كذلك وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ فى العلم بجميع المعلومات فيعلم أحوالكم حَكِيمٌ فى جميع أفاعيله فيشرع لكم ما فيه صلاح أمركم معاشا ومعادا- روى- عن عكرمة ان رجلين من اهل العراق سألا ابن عباس رضى الله عنهما عن هذه الآية فقال ان الله ستير يحب الستر وكان الناس لم يكن لهم ستور على أبوابهم ولا حجال فى بيوتهم فربما فاجأ الرجل ولده او خادمه او يتيم فى حجره ويرى منه ما لا يحبه فامرهم الله تعالى ان يستأذنوا الثلاث ساعات التي سماها ثم جاء باليسر وبسط الرزق عليهم فاتخذوا الستور والحجال فرأى الناس ان ذلك قد كفاهم عن الاستئذان الذي أمروا به ففيه دليل على ان الحكم إذا ثبت لمعنى فاذا زال المعنى زال الحكم فالتبسط فى اللباس والمعاش والسكنى ونحوها مرخص فيه إذا لم يؤد الى كبر واغترار قال عمر رضى الله عنه إذا وسع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم. ويقال اليسار مفسدة للنساء لاستيلاء شهوتهن على عقولهن وفى الحديث (ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده) يعنى إذا آتى الله عبده نعمة من نعم الدنيا فليظهرها من نفسه وليلبس لباسا نظيفا يليق بحاله ولتكن نيته فى لبسه اظهار نعمة الله عليه ليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات وليس لبس الخلق مع اليسار مع التواضع وفى الآية رخصة اتخاذ العبيد والإماء للخدمة لمن قام بحقهم وبيان ان حق الموالي عليهم الخدمة وفى الحديث (حسنة الحر بعشر وحسنة المملوك بعشرين) يضاعف له الحسنة وهذا لمن احسن عبادة الله ونصح لسيده اى أراد له خيرا واقام بمصالحه على وجه الخلوص كذا فى شرح المشارق قال فى نصاب الاحتساب وينبغى ان يتخذ الرجل جارية لخدمة داخل البيت دون العبد البالغ لان خوف الفتنة فى العبد اكثر من الأحرار الأجانب لان الملك يقلل الحشمة والمحرمية منتفية والشهوة داعية فلا يأمن الفتنة. وقيل من اتخذ عبد الخدمة داخل البيت فهو كسحان بالسين المهملة اى اعرج او مقعد. وابتاع بعض المشايخ غلاما فقيل بورك لك فيه فقال البركة مع من قدر على خدمة نفسه واستغنى عن استخدام غيره فخفت مؤونته وهانت تكاليفه وكفى سياسة العبد والمرء فى بيته بمنزلة القلب وقلما تنتفع خدمة الجوارح

[سورة النور (24) : آية 59]

الا بخدمة القلب ودلت الآية على ان من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح فانه تعالى أمرهم بالاستئذان فى الأوقات المذكورة وفى الحديث (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم على تركها وهم أبناء عشر) وانما يؤمر بذلك ليعتاده ويسهل عليه بعد البلوغ ولذا كره إلباسه ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والإثم على الملبس كما فى القهستاني: قال الشيخ سعدى قدس سره بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا بلغ الصبى عشر سنين كتبت له حسناته ولم تكتب سيآته حتى يحتلم قال فى الأشباه وتصح عبادة الصبى وان لم تجب عليه واختلفوا فى ثوابها والمعتمد انه له وللمعلم ثواب التعليم وكذا جميع حسناته وليس كالبالغ فى النظر الى الاجنبية والخلوة بها فيجوز له الدخول على النساء الى خمس عشرة سنة كما فى الملتقط: وقال الشيخ سعدى پسر چون زده بر كذشته سنين ... ز نامحرمان كو فراتر نشين بر پنبه آتش نشايد فروخت ... كه تا چشم بر هم زنى خانه سوخت وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ اى الأطفال الأحرار الأجانب فيخرج العبد البالغ فانه لا يستأذن فى الدخول على سيدته فى غير الأوقات الثلاثة المذكورة كما قال فى التتمة يدخل العبد على سيدته بلا اذنها بالإجماع فَلْيَسْتَأْذِنُوا اى ان أرادوا الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ بلغوا الحلم مِنْ قَبْلِهِمْ او ذكروا من قبلهم كما قال تعالى فيما تقدم (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) الآية فالمعنى فليستأذنوا استئذانا كائنا مثل استئذان المذكورين قبلهم بان يستأذنوا فى جميع الأوقات ويرجعوا ان قيل لهم ارجعوا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ كرره للتأكيد والمبالغة فى الأمر بالاستئذان اعلم ان بلوغ الصغير بالاحبال والانزال والاحتلام وبلوغ الصغيرة بهما وبالحبل والحيض فان لم يوجد فيهما شىء من الأصل وهو الانزال والعلامة وهو الباقي فيبلغان حين يتم لهما خمس عشرة سنة كما هو المشهور وبه يفتى لقصر أعمار اهل زماننا قال بعض الصحابة كان الرجل فيمن قبلكم لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة قال وهب ان أصغر من مات من ولد ابن آدم ولد مائتى سنة وادنى مدة البلوغ للغلام اثنتا عشرة سنة ولذا تطرح هذه المدة من سن الميت الذكر ثم يحسب ما بقي من عمره فتعطى فدية صلاته على ذلك وادنى مدته للجارية تسع سنين على المختار ولذا تطرح هذه المدة من الميت الأنثى فلا تحتاج الى إسقاط صلاتها بالفدية ثم هذا بلوغ الظاهر واما بلوغ الباطن فبالوصول الى سر الحقيقة وكماليته فى أربعين من أول كشف الحجاب وربما يحصل للبعض علامة ذلك فى صباه قال أيوب عليه السلام ان الله يزرع الحكمة فى قلب الصغير والكبير فاذا جعل الله العبد حكيما فى الصبى لم تضع منزلته عند الحكماء حداثة سنه وهم يرون عليه من الله نور كرامته ودخل الحسين بن فضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من اهل العلم فاحب ان يتكلم فمنعه فقال أصبى يتكلم فى هذا المقام فقال ان كنت صبيا فلست باصغر من هدهد سليمان ولا أنت اكبر من سليمان حين قال (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) [حكما كفته اند توانكرى بهترست نه بمال

[سورة النور (24) : آية 60]

وبزركى بعقلست نه بسال] فالاعتبار لفضل النفس لا للصغر والكبر وغيرهما قال هشام بن عبد الملك لزيد بن على بلغني انك تطلب الخلافة ولست لها باهل قال لم قال لانك ابن امة فقال فقد كان إسماعيل ابن امة واسحق ابن حرة وقد اخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد آدم صلوات الله عليه وعليهم أجمعين: قال المولى الجامى قدس سره چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كو تن از حبش مى باش قال السعدي قدس سره چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وَالْقَواعِدُ مبتدأ جمع قاعد بلا هاء لاختصاصها بالمرأة وإذا أردت القعود بمعنى الجلوس قلت قاعدة كحامل من حمل البطن وحاملة من حمل الظهر قال فى القاموس القاعد التي قعدت عن الولد وعن الحيض وعن الزوج مِنَ النِّساءِ حال من المستكن فى القواعد اى العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والحمل: وبالفارسية [ونشستكان در خانها وبازماندگان] اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً صفة للقواعد لا للنساء اى لا يطمعن فى النكاح لكبرهن فاعتبر فيهن القعود عن الحيض والحمل والكبر ايضا لانه ربما ينقطع الحيض والرغبة فيهن باقية: وبالفارسية [آنانكه اميد ندارند نكاح خود را يعنى طمع نمى كنند كه كسى ايشانرا نكاح كند بجهت پيرى وعجز] فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ الجملة خبر مبتدأ اى اثم ووبال فى أَنْ يَضَعْنَ عند الرجال ثِيابَهُنَّ اى الثياب الظاهرة كالجلباب والإزار فوق الثياب والقناع فوق الخمار غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ حال من فاعل يضعن. واصل التبرج التكلف فى اظهار ما يخفى خص بكشف عورة زينتها ومحاسنها للرجال. والمعنى حال كونهن غير مظهرات لزينة خفية كالسوار والخلخال والقلادة لكن لطلب التخفيف جاز الوضع لهن وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ بترك الوضع اى يطلبن العفة وهى حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة وهو مبتدأ خبره قوله خَيْرٌ لَهُنَّ من الوضع لبعده من التهمة وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى جميع ما يسمع فيسمع ما يجرى بينهن وبين الرجال من المقاولة عَلِيمٌ فيعلم مقاصدهن وفيه من الترهيب ما لا يخفى اعلم ان العجوز إذا كانت بحيث لا تشتهى جاز النظر إليها لأمن الشهوة. وفيه اشارة الى ان الأمور إذا خرجت عن معرض الفتنة وسكنت نائرة الآفات سهل الأمر وارتفعت الصعوبة وأبيحت الرخص ولكن التقوى فوق امر الفتوى كما أشار اليه قوله تعالى (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) وفى الحديث (لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) قال ابن سيرين ما غشيت امرأة قط لا فى يقظة ولا فى نوم غير أم عبد الله وانى لارى المرأة فى المنام فاعلم انها لا تحل لى فاصرف بصرى قال بعضهم ليت عقلى فى اليقظة كعقل ابن سيرين فى المنام وفى الفتوحات المكية يجب على الورع ان يجتنب فى خياله كما يجتنب فى ظاهره لان الخيال تابع للحس ولهذا كان المريد إذا وقع له احتلام فلشيخه معاقبته على ذلك لان الاحتلام برؤيا فى النوم او بالتصور فى اليقظة لا يكون الا من بقية الشهوة فى خياله فاذا احتلم صاحب كمال فانما

[سورة النور (24) : آية 61]

ذلك لضعف أعضائه الباطنة لمرض طرأ فى مزاجه لاعن احتلام لا فى حلال ولا فى حرام انتهى. ثم ان العجوز فى حكم الرجل فى ترك الحجاب لا فى مرتبته كما قال حكيم ان خير نصفى الرجل آخره يذهب جهله ويتقرب حلمه ويجتمع رأيه وشر نصفى المرأة آخرها يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وعدم رجاء النكاح انما هو من طرف الرجل لا من طرف العجوز غالبا فانه حكى ان عجوزا مرضت فاتى ابنها بطبيب فرآها متزينة بأثواب مصبوغة فعرف حالها فقال ما أحوجها الى الزوج فقال الابن ما للعجائز والأزواج فقالت ويحك أنت اعلم من الطبيب- وحكى- لما مات زوج رابعة العدوية استأذن عليها الحسن البصري وأصحابه فاذنت لهم بالدخول عليها وأرخت سترا وجلست وراء الستر فقال لها الحسن وأصحابه انه قد مات بعلك ولا بد لك منه قالت نعم وكرامة لكن من أعلمكم حتى أزوجه نفسى فقالوا الحسن البصري فقالت ان أجبتني فى اربع مسائل فانا لك فقال سلى ان وفقني الله أجبتك قالت ما تقول لومت انا وخرجت من الدنيا مت على الايمان أم لا قال هذا غيب لا يعلمه الا الله ثم قالت ما تقول لو وضعت فى القبر وسألنى منكر ونكير أأقدر على جوابهما أم لا قال هذا غيب ايضا ثم قالت إذا حشر الناس يوم القيامة وتطايرت الكتب أأعطى كتابى بيمينى أم بشمالى قال هذا غيب ايضا ثم قالت إذا نودى فى الخلق فريق فى الجنة وفريق فى السعير كنت انا من أي الفريقين قال هذا غيب ايضا قالت من كان له علم هذه الاربعة كيف يشتغل بالتزوج ثم قالت يا حسن أخبرني كم خلق الله العقل قال عشرة اجزاء تسعة للرجال وواحد للنساء ثم قالت يا حسن كم خلق الله الشهوة قال عشرة اجزاء تسعة للنساء وواحد للرجال قالت يا حسن انا اقدر على حفظ تسعة اجزاء من الشهوة بجزء من العقل وأنت لا تقدر على حفظ جزء من الشهوة بتسعة اجزاء من العقل فبكى الحسن وخرج من عندها وعن سليمان عليه السلام الغالب على شهواته أشد من الذي يفتح المدينة وحده: قال الشيخ سعدى قدس سره مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى مفتقد البصر: وبالفارسية [نابينا] حَرَجٌ اثم ووبال وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ العروج ذهاب فى صعود وعرج مشى مشى العارج اى الذاهب فى صعود فعرج كدخل إذا أصابه شىء فى رجله فمشى مشية العرجان وعرج كطرب إذا صار ذلك خلقة له والأعرج بالفارسية [لنك] وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ المريض بالفارسية [بيمار] والمرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان كانت هذه الطوائف يتحرجون من مواكلة الأصحاء حذرا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فان الأعمى ربما سبقت اليه عين مواكله ولا يشعر به والأعرج يتفسح فى مجلسه فيأخذ اكثر من موضعه فيضيق على جليسه والمريض لا يخلو عن حالة تؤذى قرينه اى برائحة كريهة او جرح يبدوا وانف يسيل او نحو ذلك فقال تعالى لا بأس لهم بان يأكلوا مع الناس ولا مأثم عليهم وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ اى عليكم وعلى من يماثلكم فى الأحوال من المؤمنين حرج أَنْ تَأْكُلُوا الاكل تناول المطعم اى ان تأكلوا أنتم ومن معكم مِنْ بُيُوتِكُمْ اصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم

قد يقال من غير اعتبار الليل فيه لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر وليس المعنى ان تأكلوا من البيوت التي تسكنون فيها بانفسهم وفيها طعامكم وسائر أموالكم لان الناس لا يتحرجون من أكل طعامهم فى بيوت أنفسهم فينبغى ان يكون المعنى من بيوت الذين كانوا فى حكم أنفسكم لشدة الاتصال بينهم وبينكم كالازواج والأولاد والمماليك ونحوهم فان بيت المرأة كبيت الزوج وكذا بيت الأولاد فلذلك يضيف الزوج بيت زوجته الى نفسه وكذا الأب يضيف بيت ولده الى نفسه وفى الحديث (ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه) وفى حديث آخر (أنت ومالك لابيك) فاذا كان هذا حال الأب مع الولد فقس عليه حال المملوك مع المولى أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الأب الوالد اى حيوان يتولد من نطفته حيوان آخر أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ جمع أم زيدت الهاء فيه كما زيدت فى اهراق من أراق والام بإزاء الأب اى الوالدة أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ الأخ المشارك لآخر فى الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار فى كل مشارك لغيره فى القبيلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة او فى مودة او فى غير ذلك من المناسبات أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ الاخت تأنيث الأخ وجعل التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ العم أخ الأب والعمة أخته واصل ذلك من العموم وهو الشمول ومنه العامة لكثرتهم وعمومهم فى البلد والعمامة لشمولها أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ [خواهران پدران خود] أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ الحال أخ الام والخالة أختها: وبالفارسية [برادران مادران خود] أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ [خواهران مادران خود] أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ جمع مفتح والمفاتيح جمع مفتاح كلاهما آلة الفتح والفتح ازالة الاغلاق والاشكال. والمعنى (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) اى او من البيوت التي تملكون التصرف فيها بإذن أربابها كما إذا خرج الصحيح الى الغزو وخلف الضعيف فى بيته ودفع اليه مفتاحه واذن له ان يأكل مما فيه من غير مخافة ان يكون اذنه لا عن طيب نفس منه وقال بعضهم هو ما يكون تحت أيديهم وتصرفهم من ضيعة او ماشية وكالة او حفظا فملك المفاتح حينئذ كناية عن كون المال فى يد الرجل وحفظه. فالمعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من اموال لكم يد عليها لكن لا من أعيانها بل من اتباعها وغلاتها كثمر البستان ولبن الماشية أَوْ صَدِيقِكُمْ الصداقة صدق الاعتقاد فى المودة وذلك مختص بالإنسان دون غيره فالصديق هو من صدقك فى مودته: وبالفارسية [دوست حقيقى] قال ابو عثمان رحمه الله الصديق من لا يخالف باطنه باطنك كما لا يخالف ظاهره ظاهرك إذ ذاك يكون الانبساط اليه مباحا فى كل شىء من امور الدين والدنيا. ونعم ما قيل صديقك من صدقك لا من صدّقك. والمعنى او بيوت صديقكم وان لم يكن بينكم وبينهم قرابة نسبية فانهم ارضى بالتبسط واسرّ به من كثير من الأقرباء- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الصديق اكبر من الوالدين- وروى- ان الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات وانما قالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم وعن الحسن انه دخل يوما بيته فرأى جماعة من اصدقائه قد أخذوا طعاما من تحت سريره وهم يأكلون فتهلل وجهه سرورا وقال هكذا وجدناهم يعنى من لقى من

البدريين قال الكاشفى [فتح موصلى رحمه الله در خانه دوستى آمد واو حاضر نبود كيسه او را ز جاريه طلبيد زو درم برداشت وباقى بكنيزك باز داد و چون خواجه بخانه رسيد وصورت واقعه ز جاريه بشنيد شكرانه آن انبساط كنيزك را آزاد كرد وبنواخت: در نكارستان آورده] شبى كفتم نهان فرسوده را ... كه بود آسوده در كنج رباطى ز لذتها چهـ خوشتر در جهان كفت ... ميان دوستداران انبساطى [ودر عوارف المعارف فرموده كه چون كسى يار خود را كويد «أعطني من مالك» ودر جواب كويد كمترست دوستى را نمى شايد يعنى بايد كه هر چهـ در ميان دارد ميدهد واز استفسار چند و چون بگذرد كه دوست جانى بهترست از مال فانى ودرين باب كفته اند اى دوست برو بهر چهـ دارى يارى بخر بهيچ مفروش] : ولله در من قال ياران بجان مضايقه با هم نميكنند ... آخر كسى بحال جدايى چرا كند بسيار جد وجهد ببايد كه تا كسى ... خود را بآدمى صفتى آشنا كند قال المفسرون هذا كله إذا علم رضى صاحب البيت بصريح الاذن او بقرينة دالة كالقرابة والصداقة ونحو ذلك ولذلك خص هؤلاء بالذكر لاعتيادهم التبسط فيما بينهم يعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من منازل هؤلاء إذا دخلتموها وان لم يحضروا ويعلموا من غير ان تتزودوا وتحملوا قال الامام الواحدي فى الوسيط وهذه الرخصة فى أكل مال القرابات وهم لا يعلمون ذلك كرخصته لمن دخل حائطا وهو جائع ان يصيب من ثمره او مرّ فى سفر بغنم وهو عطشان ان يشرب من رسلها توسعة منه تعالى ولطفا بعباده ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق النظر واحتج ابو حنيفة بهذه الآية على من سرق من ذى محرم لا تقطع يده اى إذا كان ماله غير محرز كما فى فتح الرحمن لانه تعالى أباح لهم الاكل من بيوتهم ودخولها بغير إذنهم فلا يكون ماله محرزا منهم اى إذا لم يكن مقفلا ومخزونا ومحفوظا بوجه من الوجوه المعتادة ولا يلزم منه ان لا تقطع يده إذا سرق من صديقه لان من أراد سرقة المال من صديقه لا يكون صديقا له بل خائنا عدوا له فى ماله بل فى نفسه فان من تجاسر على السرقة تجاسر على الإهلاك فرب سرقة مؤدية الى ما فوقها من الذنوب فعلى العاقل ان لا يغفل عن الله وينظر الى احوال الاصحاب رضى الله عنهم كيف كانوا إخوانا فى الله فوصلوا بسبب ذلك الى ما وصلوا من الدرجات والقربات وامتازوا بالصدق الأتم والإخلاص الأكمل والنصح الاشمل عمن عداهم فرحمهم الله تعالى ورضى عنهم وألحقنا بهم فى نياتهم وأعمالهم لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فى أَنْ تَأْكُلُوا حال كونكم جَمِيعاً اى مجتمعين أَوْ أَشْتاتاً جمع شت بمعنى متفرق على انه صفة كالحق او بمعنى تفرق على انه مصدر وصف به مبالغة. واما شتى فجمع شتيت كمرضى ومريض نزلت فى بنى ليث بن عمرو وهم حى من كنانة كانوا يتحرجون ان يأكلوا طعامهم منفردين وكان الرجل منهم لا يأكل ويمكث يومه حتى يجد ضيفا يأكل معه فان لم يجد من يواكله لم يأكل شيأ وربما قعد الرجل والطعام بين يديه لا يتناوله من الصباح الى الرواح وربما كان معه الإبل الحفل

اى المملوءة الضرع لبنا فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه فاذا امسى ولم يجد أحدا أكل فرخص فى هذه الآية الاكل وحده لان الإنسان لا يمكنه ان يطلب فى كل مرة أحدا يأكل معه واما إذا وجد أحدا فلم يشاركه فيما أكله فقد جاء الوعيد فى حقه كما قال عليه السلام (من أكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلى بداء لا دواء له) قال الامام النسفي رحمه الله دل قوله تعالى (جَمِيعاً) على جواز التناهد فى الاسفار وهو إخراج كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه اى على السوية وقال بعضهم فى خلط المال ثم أكل الكل منه الاولى ان يستحل كل منهم غذاء كل او يتبرعون لامين ثم يتبرع لهم الامين فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً اى من البيوت المذكورة بقرينة المقام اى للاكل وغيره وهذا شروع فى بيان ادب الدخول بعد الترخيص فيه فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ اى فابدأوا بالتسليم على أهلها الذين بمنزلة أنفسكم لما بينكم وبينهم من القرابة الدينية والنسبية الموجبة لذلك تَحِيَّةً ثابتة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى بأمره مشروعة من لدنه ويجوز ان يكون صلة للتحية فانها طلب الحياة التي من عنده تعالى. والتسليم طلب السلامة من الله للمسلم عليه وانتصابها على المصدرية لانها بمعنى التسليم اى فسلموا تسليما مُبارَكَةً مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامها طَيِّبَةً تطيب بها نفس المستمع كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده اى مثل ذلك التبيين يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ اى لكى تفقهوا ما فى تضاعيفها من الشرائع والاحكام والآداب وتعملون بموجبها وتفوزون بذلك بسعادة الدارين وعن انس رضى الله عنه قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشىء فعلته لم فعلته ولا لشىء كسرته لم كسرته وكنت قائما أصب الماء على يديه فرفع رأسه فقال (ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها) فقلت بلى بابى أنت وأمي يا رسول الله قال (متى لقيت أحدا من أمتي فسلم عليه يطل عمرك وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خيرك وصل صلاة الضحى فانها صلاة الأبرار الأوابين) يقول الفقير لاحظ عليه السلام فى التسليم الخارجي المعنى اللغوي للتحية فرتب عليه طول العمر لانه ربما يستجيب الله تعالى دعاء المسلم عليه فيطول عمر المسلم بمعنى وجدان البركة فيه ولاحظ فى التسليم الداخلى معنى البركة فرتب عليه كثرة الخير لانها المطلوبة غالبا بالنسبة الى البيت ولما كان الوقت وقت الوضوء لصلاة الضحى والله اعلم الحقها بالتسليم وأوردها بعد الداخلى منه اشارة الى ان الأفضل إخفاء النوافل بأدائها فى البيت ونحوه قالوا ان لم يكن فى البيت أحد يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد روى ان الملائكة ترد عليه وكذا حال المسجد وفى الحديث (إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها وإذا طعم أحدكم طعاما فليذكر اسم الله عليه فان الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته معه وإذا ذكر الله على طعامه قال لا مبيت لكم ولا عشاء وان لم يسلم حين يدخل بيته ولم يذكر اسم الله على طعامه قال أدركتم العشاء والمبيت) والتسليم على الصبيان العقلاء أفضل من تركه كما فى البستان. ولا يسلم على جماعة النساء الشواب كيلا يحصل بينهما معرفة وانبساط فيحدث من تلك المعرفة فتنة. ولا يبتدئ اليهود والنصارى بالسلام فانه حرام لانه

[سورة النور (24) : آية 62]

إعزاز الكافر وذا لا يجوز. وكذا السلام على اهل البدعة ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذميا او مبتدعا يقول استرجعت سلامى تحقيرا له ولو احتاج الى سلام اهل الكتاب يقول السلام على من اتبع الهدى ولورد يقول وعليكم فقط وقد مر ما يتعلق بالسلام مشبعا فى الجلد الاول عند قوله تعالى فى سورة النساء (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ) الآية فارجع قال فى حقائق البقلى قدس سره إذا دخلتم بيوت اولياء الله بالحرمة والاعتقاد الصحيح فانتم من اهل كرامة الله فسلموا على أنفسكم بتحية الله فانها محل كرامة الله فى تلك الساعة يقول الفقير وكذا الحال فى دخول المزارات والمشاهد المتبركة وان كان العامة لا يعرفون ذلك ولا يعتقدون: قال الكمال الخجندي صوفيم ومعتقد صوفيان ... كيست چومن صوفئ نيك اعتقاد قال الحافظ بر سر تربت ما چون كذرى همت خواه ... كه زيارتكه رندان جهان خواهد بود وقال الجامى نسيم الصبح زرعنى ربى نجد وقبلها ... كه بوى دوست مى آيد از ان پاكيزه منزلها اللهم اجعلنا من الذين يجدون النفس الرحمانى من قبل اليمن فى كل حين وزمن إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ نزلت حين جمع النبي عليه السلام المسلمين يوم الجمعة ليستشيرهم فى امر الغزو وكان يثقل المقام عنده على البعض فيخرج بغير اذنه او فى حفر الخندق وكان المنافقون ينصرفون بغير امر رسول الله وكان الحفر من أهم الأمور حتى حفر رسول الله بنفسه وشغل عن اربع صلوات حتى دخلت فى حد القضاء فقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) اى الكاملون فى الايمان وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) عن صميم قلوبهم وأطاعوهما فى جميع الاحكام فى السر والعلانية وَإِذا كانُوا مَعَهُ مع النبي عليه السلام عَلى أَمْرٍ جامِعٍ الى آخره معطوف على آمنوا داخل معه فى حيز الصلة اى على امر مهم يجب اجتماعهم فى شأنه كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة فى الأمور وصلاة الاستسقاء وغيرها من الأمور الداعية الى الاجتماع ووصف الأمر بالجمع للمبالغة فى كونه سببا لاجتماع الناس فان الأمر لكونه مهما عظيم الشان صار كأنه قد جمع الناس فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب لَمْ يَذْهَبُوا من المجمع ولم يفترقوا عنه عليه السلام حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ عليه السلام فى الذهاب فيأذن لهم واعتبر فى كمال الايمان عدم الذهاب قبل الاستئذان لانه المميز للمخلص من المنافق ثم قال لمزيد التأكيد إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ يطلبون الاذن منك أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لا غير المستأذنين قال الكاشفى [تعريض جمع منافقانست كه در غزوه تبوك بتخلف از جهاد دستورى جستند ودرباره ايشان نازل شد كه] (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) الآية اى فبعض المستأذنين وكل غير المستأذنين دخلوا فى الترهيب وذلك بحسب الأغراض الفاسدة ولانه فرق بين الاستئذان فى التخلف وبين الاستئذان فى الانصراف ألا ترى الى عمر رضى الله عنه استأذنه عليه السلام فى غزوة تبوك فى الرجوع الى اهله فأذن له فقال (انطلق فو الله ما أنت بمنافق) هكذا لاح بالبال فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ اى وبعد ما تحقق ان الكاملين فى الايمان هم

المستأذنون فاذا استأذنوك فى الانصراف لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ الشأن الحال والأمر ولا يقال الا فيما يعظم من الأحوال والأمور كما فى المفردات لبعض أمرهم المهم او خطبهم الملم لم يقل لشؤنهم بل قيد بالبعض تغليظا عليهم فى امر الذهاب عن مجلس رسول الله مع العذر المبسوط ومساس الحاجة فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ لما علمت فى ذلك من حكمة ومصلحة فلا اعتراض عليك فى ذلك وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ بعد الاذن فان الاستئذان وان كان لعذر قوى لا يخلو عن شائبة تفضيل امر الدنيا على الآخرة ففيه اشارة الى ان الأفضل ان لا يحدث المرء نفسه بالذهاب فضلا عن الذهاب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ مبالغ فى مغفرة فرطات العباد رَحِيمٌ مبالغ فى افاضة اثر الرحمة عليهم وفى الآية بيان حفظ الأدب بان الامام إذا جمع الناس لتدبير امر من امور المسلمين ينبغى ان لا يرجعوا الا باذنه ولا يخالفوا امير السرية ويرجعوا بالاذن إذا خرجوا للغزو ونحوه وللامام ان يأذن وله ان لا يأذن الا على ما يرى فمن تفرق بغير اذن صار من اهل الهوى والبدع وكان عليه السلام إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد رجل الخروج وقف حيث يراه فيأذن له ان شاء ولذا قال عظماء الطريقة قدس الله أسرارهم ان المريد إذا أراد ان يخرج لحاجة ضرورية ولم يجد الشيخ مكانه فانه يحضر الباب ويتوجه بقلبه فيستأذن من روحانية الشيخ حتى لا يستقل فى خروجه بل يقع ذلك من طريق المتابعة فان للمتابعة تأثيرا عظيما قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان المريد الصادق من يكون مستسلما لتصرفات شيخه وان لا يتنفس الا بإذن شيخه ومن خالف شيخه فى نفسه سرا او جهرا لا يشم رائحة الصدق وسيره غير سريع وان بدر منه شىء من ذلك فعليه بسرعة الاعتذار والإفصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه الى ما فيه كفارة جرمه ويلتزم فى الغرامة بما يحكم به عليه وإذا رجع المريد الى الله والى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فان المريدين عيال على الشيوخ فرض عليهم ان ينفقوا عليهم من قوت أموالهم بما يكون جبرانا لتقصيرهم انتهى فعلى المريدين ان يوافقوا مشايخهم فى جميع الأحوال وان لا يستبدوا بآرائهم فى امور الشريعة والطريقة وان لا يخالفوهم بالاستبعاد بالخروج من عندهم الى السفر والحضر والمجاهدة والرياضة قال عبد الله الرازي قال قوم من اصحاب ابى عثمان لابى عثمان قدس سره أوصنا قال عليكم بالاجتماع على الدين وإياكم ومخالفة الأكابر والدخول فى شىء من الطاعات الا بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم فارجو ان لا يضيع الله لكم سعيا انتهى فمن وقع منه تقصير فلا يقنط فان لله تعالى قبولا ثم قبولا: قال المولى الجامى بلى نبود درين ره نا اميدى ... سياهى را بود رو در سفيدى ز صد در كر اميدت بر نيايد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... از آن در سوى مقصود آورى راه والله تعالى يقبل التوبة والاستغفار واعلم ان هذه الأبيات تشير الى أبواب الشفاعة وكثرتها والا فمن رده باب من الأبواب الحقة فلا تقبله سائر الأبواب ألا ترى ان من رده الله تعالى

[سورة النور (24) : آية 63]

لا يقبله النبي عليه السلام ومن رده النبي عليه السلام لا يقبله الخلفاء الاربعة ولا غيرهم من أمته فمن ترك الاستئذان من رسول الله لا يأذن له أحد ولو اذن لا يفيد وكذا حال من ترك الاستئذان من وارث رسول الله يعنى انه لا يفيد اذن غير الوارث واما اذن وارث آخر فلا يتصور لان الوارثين كالحلقة المفرغة فاذا لم ينطبع فى مرآة واحد منهم صورة صلاح أحد لم ينطبع فى مرآة الآخر نسأل الله القبول بحرمة الرسول لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ المصدر مضاف الى الفاعل اى لا تجعلوا دعوته وامره إياكم فى الاعتقاد والعمل بها كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً اى لا تقيسوا دعوته إياكم الى شىء من الأمور على دعوة بعضكم بعضا فى جواز الاعراض والمساهلة فى الاجابة والرجوع بغير اذن فان المبادرة الى اجابته واجبة والمراجعة بغير اذنه محرمة وقال بعضهم المصدر مضاف الى المفعول والمعنى لا تجعلوا نداءكم إياه وتسميتكم له كنداء بعضكم بعضا باسمه مثل يا محمد ويا ابن عبد الله ورفع الصوت به والنداء وراء الحجرة ولكن بلقبه المعظم مثل يا نبى الله ويا رسول الله كما قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) قال الكاشفى [حضرت عزت همه انبيا را بنداى علامت خطاب كرده وحبيب خود را بنداى كرامت] يا آدمست با پدر انبيا خطاب ... يا ايها النبي خطاب محمد است قال ابو الليث فى تفسيره وفى الآية بيان توقير معلم الخير لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلم الخير فامر الله بتوقيره وتعظيمه وفيه معرفة حق الأستاذ وفيه معرفة اهل الفضل قال فى حقائق البقلى احترام الرسول من احترام الله ومعرفته من معرفة الله والأدب فى متابعته من الأدب مع الله وفى التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المشايخ فان الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته اى عظموا حرمة الشيوخ فى الخطاب واحفظوا فى خدمتهم الأدب وعلقوا طاعتهم على مراعاة الهيبة والتوقير قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ قد للتحقيق بطريق الاستعارة لاقتضاء الوعيد إياه كما ان رب يجيئ للتكثير، وفى الكواشي قد هنا موذنة بقلة المتسللين لانهم كانوا اقل من غيرهم والتسلل الخروج من البين على التدريج والخفية يقال تسلل الرجل اى انسرق من الناس وفارقهم بحيث لا يعلمون والمعنى يعلم الله الذين يخرجون من الجماعة قليلا قليلا على خفية لِواذاً هو ان يستتر بشىء مخافة من يراه كما فى الوسيط قال فى القاموس اللوذ بالشيء الاستتار والاحتصان به كاللواذ المثلثة انتهى. والمعنى ملاوذة بان يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج او بان يلوذ بمن يخرج بالاذن اراءة انه من اتباعه وانتصابه على الحالية من ضمير يتسللون اى ملاوذين او على انه مصدر مؤكد بفعل مضمر هو الجلة فى الحقيقة اى يلاوذون لواذا وهو عام للتسلل من صف القتال ومن المسجد يوم الجمعة وغيرهما من المجامع الحقة وقال بعضهم كان يثقل على المنافقين خطبة النبي يوم الجمعة فيلوذون ببعض أصحابه او بعضهم ببعض فيخرجون من المسجد فى استتار من غير استئذان فاوعدهم الله تعالى بهذه الآية فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ يخالفون امره بترك مقتضاه ويذهبون سمتا بخلاف سمته وعن لتضمينه معنى الاعراض والميل والضمير لله لانه الآمر حقيقة

[سورة النور (24) : آية 64]

او للرسول لانه المقصود بالذكر إِنَّ اى من ان تُصِيبَهُمْ [برسد پريشان] فِتْنَةٌ محنة فى الدنيا فى البدن او فى المال او فى الولد كالمرض والقتل والهلاك وتسلط السلطان قال الكاشفى [يا مهر غفلت بر دل يا روى توبه. جنيد قدس سره فرموده كه فتنه سختىء دلست ومتأثر ناشدن او از معرفت اللهى] أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ اى فى الآخرة وفى الجلالين (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) بلية تظهر نفاقهم (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) عاجل فى الدنيا انتهى وكلمة او لمنع الخلو دون الجمع وإعادة الفعل صريحا للاعتناء بالتحذير وفى ترتيب العذابين على المخالفة دلالة على ان الأمر للوجوب وفى التأويلات النجمية (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) اى عن امر شيخهم (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) من موجبات الفترة بكثرة المال او قبول الخلق او التزويج بلا وقته او السفر بلا امر الشيخ او مخالفة الأحداث والنسوان والافتتان بهم او صحبة الأغنياء او التردد على أبواب الملوك او طلب المناصب او كثرة العيال فان الاشتغال بما سوى الله فتنة (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) بالانقطاع عن الله انتهى وفى حقائق البقلى الفتنة هاهنا والله اعلم فتنة صحبة الاضداد والمخالفين والمنكرين وذلك ان من صاحبهم يسوء ظنه باولياء الله لانهم اعداء الله واعداء أوليائه يقعون كل وقت فى الحق ويقبحون أحوالهم عند العامة لصرف وجوه الناس إليهم وهذه الفتنة أعظم الفتن قال ابو سعيد الخزاز رحمه الله الفتنة هى إسباغ النعم مع الاستدراج من حيث لا يعلم العبد وقال رويم الفتنة للعوام والبلاء للخواص وقال ابو بكر بن طاهر الفتنة مأخوذ بها والبلاء معفو عنه ومثاب عليه أَلا [بدانيد وآگاه باشيد] إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الموجودات بأسرها خلقا وملكا وتصريفا إيجادا واعداما بدأ وإعادة قَدْ كما قبله يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ ايها المكلفون من الأحوال والأوضاع التي من جملتها الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ عطف على ما أنتم عليه ويوم مفعول به لا ظرف اى يعلم تحقيقا يوم يرد المنافقون المخالفون للامر اليه تعالى للجزاء والعقاب فيرجعون من الرجع المتعدى لامن الرجوع اللازم والعلم بوقت وقوع الشيء مستلزم للعلم بوقوعه على ابلغ وجه فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا من الأعمال السيئة اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم أي شىء شنيع عملوا فى الدنيا ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء وعبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته لغلبة احكام الكثرة الخلقية الامكانية وآثار الامزجة الطبيعية الحيوانية فى نشأتهم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء وان كان المنافقون يجتهدون فى ستر أعمالهم عن العيون واخفائها آنكس كه بيافريد پيدا ونهان ... چون نشناسد نهان و پيدا بجهان وفى التأويلات النجمية (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من نعيم الدنيا والآخرة فمن تعلق بشىء منه يبعده الله عن الحضرة ويؤاخذه بقدر تعلقه بغيره (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) بسلاسل المتعلقات (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) عند مطالبتهم بمكافأة الخير خيرا ومجازاة الشر شرا (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ

تفسير سورة الفرقان

عَلِيمٌ) اى بكل شىء من مكافأة الخير ومجازاة الشر عليم بالنقير والقطمير مما عملوا من الصغير والكبير انتهى واعلم ان التعلق بكل من نعيم الدنيا ونعيم الآخرة حرام على اهل الله تعالى نعم ان اهل الله يحبون الآخر بمعنى ان الآخرة فى الحقيقة هو الآخر بالكسر وهو الله تعالى قال بعض اهل الحقيقة ما ألهاك عن مولاك فهو دنياك. فعلى العاقل ان يقطع حبل العلاقات ويتصل بسر تجرد الذات والصفات ويتفكر فى امره ويحاسب نفسه قبل ان يجيئ يوم الجزاء والمكافاة فان عقب هذه الحياة مماة وهذا البقاء ليس على الدوام والثبات وفى الحديث (ما قال الناس لقوم طوبى لكم الا وقد خبأ لهم الدهر يوم سوء) قال الشاعر ان الليالى لم تحسن الى أحد ... الا أساءت اليه بعد احسان وقال آخر أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف شر ما يأتى به القدر وقال آخر لا صحة المرء فى الدنيا تؤخره ... ولا يقدم يوما موته الوجع (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) من يوم الموت والرجوع اختيارا واضطرارا وغير ذلك من الأمور سرا وجهرا فطوبى لمن شاهد ولاحظ هذا الأمر وختم بالخوف والمراقبة الوقت والعمر تمت سورة النور يوم السبت الثالث من شهر الله رجب من سنة ثمان ومائة والف تفسير سورة الفرقان مكية آيها سبع وسبعون فى قول الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ اى تكاثر خير الذي إلخ فالمضاف محذوف من البركة وهى كثرة الخير وترتيبه على تنزيل الفرقان لما فيه من كثرة الخير دينيا ودنيويا او معناه تزايد على كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وأفعاله فان البركة تتضمن معنى الزيادة فترتيبه عليه لدلالته على تعاليه قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة يروى ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنهم وعرف ان الرقيم الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وان تبارك بمعنى صعد وقال بعضهم البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء وسمى محبس الماء بركة لدوام الماء فيها وثبوته. فمعنى تبارك دام دواما ثابتا لا انتقال له ولهذا لا يقال له يتبارك مضارعا لانه للانتقال قال فى برهان القرآن هذه لفظة لا تستعمل الا لله ولا تستعمل الا بلفظ الماضي وخص هذا الموضع بالذكر لان ما بعده امر عظيم وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتب الله. والفرقان مصدر فرق بين الشيئين اى فصل وسمى به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل والمؤمن والكافر عَلى عَبْدِهِ الأخلص ونبيه الأخص وحبيبه الأعلى وصفيه الاولى محمد المصطفى

[سورة الفرقان (25) : آية 2]

صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف له بالعبدية المطلقة وتفضيل بها على جميع الأنبياء فانه تعالى لم يسم أحدا منهم بالعبد مطلقا كقوله تعالى (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) وتنبيه على ان الرسول لا يكون الا عبدا للمرسل ردا على النصارى ولذا قدم فى التشهد عبده على رسوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) غاية للتنزيل اى ليكون العبد منذرا بالقرآن للانس والجن ممن عاصره او جاء بعده ومخوفا من عذاب الله وموجبات سخطه. فالنذير بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف كما ان التبشير اخبار فيه سرور قال الامام الراغب العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والاعراض وهو فى الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة فالعالم آلة فى الدلالة على صانعه واما جمعه فلان كل نوع قد يسمى عالما فيقال عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار واما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم والإنسان إذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه انتهى قال ابن الشيخ جمع بالواو والنون لان المقصود استغراق افراد العقلاء من جنس الجن والانس فان جنس الملائكة وان كان من جملة أجناس العالم الا ان النبي عليه السلام لم يكن رسولا الى الملائكة فلم يبق من العالمين المكلفين الا الجن والانس فهو رسول إليهما جميعا انتهى اى فتكون الآية وقوله عليه السلام (أرسلت للخلق كافة) من العام المخصوص ولم يبعث نبى غيره عليه السلام الا الى قوم معين واما نوح عليه السلام فانه وان كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامة لمن بعده واما سليمان عليه السلام فانه ما كان مبعوثا الى الجن فانه من التسخير العام لا يلزم عموم الدعوة والآية حجة لابى حنيفة رضى الله عنه فى قوله ليس للجن ثواب إذا أطاعوه سوى النجاة من العذاب ولهم عقاب إذا عصوا حيث اكتفى بقوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) ولم يذكر البشارة قال فى الإرشاد عدم التعرض للتبشير لانسياق الكلام على احوال الكفرة الَّذِي اى هو الذي لَهُ خاصة دون غيره استقلالا او اشتراكا مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الملك هو التصرف بالأمر والنهى فى الجمهور قال الكاشفى [پادشاهىء آسمانها را وزمينها چهـ وى منفرد است بآفريد آنها پس او را رسد تصرف در ان] ثم قال ردا على اليهود والنصارى وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ليرث ملكه لانه حى لا يموت وهو عطف على ما قبله من الجملة الظرفية قال فى المفردات تخذ بمعنى أخذ واتخذ افتعل منه والولد المولود ويقال للواحد والجمع والصغير والكبير والذكر والأنثى ثم قال ردا على قريش وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ اى فى ملك السموات والأرض لينازعه او ليعاونه فى الإيجاد: وفى المثنوى واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى «1» نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوت كند جز هالكى وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ أحدث كل موجود من الموجودات من مواد مخصوصة على صور معينة ورتب فيه قوى وخواص مختلفة الاحكام والآثار فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً اى فهيأه لما اراده منه من الخصائص والافعال اللائقة به كهيئة الإنسان للادراك والفهم والنظر والتدبر فى امور المعاش والمعاد واستنباط الصنائع المتنوعة ومزاولة الأعمال المختلفة وهكذا احوال سائر الأنواع

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 3 إلى 4]

وَاتَّخَذُوا اى المشركون لانفسهم مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الذي خلق هذه الأشياء آلِهَةً من الأصنام لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً اى لا تقدر تلك الآلهة على خلق شىء من الأشياء أصلا لا على ذهاب ولا على غيره وانما ذكر الأصنام بلفظ العقلاء لان الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم كما فى تفسير ابى الليث وَهُمْ يُخْلَقُونَ كسائر المخلوقات وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ اى لا يستطيعون ضَرًّا اى دفع ضر قدم لكونه أهم من النفع وَلا نَفْعاً ولا جلب نفع فكيف يملكون شيأ منهما لغيرهم فهم أعجز من الحيوان فانه ربما يملك دفع الضر وجلب النفع لنفسه فى الجملة وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً اى لا يقدرون على اماتة الاحياء واحيائهم اولا وبعثهم ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الالوهية لعرائه عن لوازمها واتصافه بما ينافيها وفيه تنبيه على ان الإله يجب ان يكون قادرا على البعث والجزاء يعنى ان الضار والنافع والمميت والمحيي والباعث هو الله تعالى فهو المعبود الحقيقي وما سواه فليس بمعبود بل عابد لله تعالى كما قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) وفى الآية اشارة الى الأصنام المعنوية وهم المشايخ المدّعون والدجاجلة المضلون فانهم ليسوا بقادرين على احياء القلوب واماتة النفوس فالتابعون لهم فى حكم عابدى الأصنام فليحذر العاقل من اتخاذ اهل الهوى متبوعا فان الموت الأكبر الذي هو الجهل انما يزول بالحياة الأشرف الذي هو العلم فان كان للعبد مدخل فى إفادة الخلق العلم النافع ودعائهم الى الله على بصيرة فهو الذي رقى غيره من الجهل الى المعرفة وانشأه نشأة اخرى وأحياه حياة طيبة بإذن الله تعالى وهى رتبة الأنبياء ومن يرثهم من العلماء العاملين واما من سقط عن هذه الرتبة فليس الاستماع الى كلامه الا كاستماع بنى إسرائيل الى صوت العجل: قال المولى الجامى قدس سره بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله وقد قال تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم وبعضهم ولذا قالوا يلزم للمرء ان يختار من البقاء أحسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان الصادقين قيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيدكم فى علمه منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله: قال الصائب قدس سره نورى از پيشانىء صاحب دلان دريوزه كن ... شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا اى كه روى عالمى را جانب خود كرده ... رو نمى آرى بروى صائب بيدل چرا اللهم بحق الفرقان اجعلنا مع الصادقين من الاخوان وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر ابن الحارث وعبد الله بن امية ونوفل بن خويلد ومن تابعهم إِنْ هَذا اى ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كذب مصروف عن وجهه لان الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل افْتَراهُ اختلقه محمد من عند نفسه. والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه كما فى الاسئلة

[سورة الفرقان (25) : الآيات 5 إلى 10]

المقحمة وَأَعانَهُ عَلَيْهِ اى على اختلاقه قَوْمٌ آخَرُونَ اى اليهود فانهم يلقون اليه اخبار الأمم وهو يعبر عنها بعبارته فَقَدْ جاؤُ فعلوا بما قالوا فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته ظُلْماً عظيما بجعل الكلام المعجز إفكا مختلقا مفتعلا من اليهود يعنى وضعوا الافك فى غير موضعه وَزُوراً اى كذبا كبيرا حيث نسبوا اليه عليه السلام ما هو بريئ منه قال الامام الراغب قيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته لان الزور ميل فى الزور اى وسط الصدر والأزور المائل الزور وَقالُوا فى حق القرآن هذا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما سطره المتقدمون من الخرافات والأباطيل مثل حديث رستم وإسفنديار: وبالفارسية [افسانهاى اوليانست كه در كتابها نوشته اند] وهو جمع اسطار جمع سطر او اسطورة كاحدوثة وأحاديث قال فى القاموس السطر الصف من الشيء الكتاب والشجر وغيره والخط والكتابة والقطع بالسيف ومنه الساطر للقصاب واسطره كتبه والأساطير الأحاديث التي لا نظام لها اكْتَتَبَها امر ان تكتب له لانه عليه السلام لا يكتب وهو كاحتجم وافتصد إذا امر بذلك قال فى المفردات الاكتتاب متعارف فى الاختلاق فَهِيَ اى الأساطير تُمْلى عَلَيْهِ تلقى على محمد وتقرأ عليه بعد اكتتابها وانتساخها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه لكونه أميالا يقدر على ان يتلقاها منه بالقراءة والاملاء فى الأصل عبارة عن إلقاء الكلام على الغير ليكتبه بُكْرَةً وَأَصِيلًا أول النهار وآخره اى دائما او خفية قبل انتشار الناس وحين يأوون الى مساكنهم وفى ضرام السقط أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق قُلْ يا محمد ردا عليهم وتحقيقا للحق أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ الغيب فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه أعجزكم لفصاحته عن آخركم وتضمن اخبارا عن مغيبات مستقبلة او أشياء مكنونة لا يعلمها الا عالم الاسرار فكيف تجعلونه أساطير الأولين إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً اى انه تعالى ازلا وابدا مستمر على المغفرة والرحمة فلذلك لا يعجل على عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليها واستحقاقكم ان يصب عليكم العذاب صبا وفيه اشارة الى ان اهل الضلالة من الذين نسبوا القرآن الى الافك لو رجعوا عن قولهم وتابوا الى الله يكون غفورا لهم رحيما بهم كما قال تعالى (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) در توبه بازست وحق دستكير اعلم ان الله تعالى أنزل القرآن على وفق الحكمة الازلية فى رعاية مصالح الخلق ليهتدى به اهل السعادة الى الحضرة وليضل به اهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه الى الافك كما قال تعالى (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) والقرآن لا يدرك الا بنور الايمان والكفر ظلمة وبالظلمة لا يرى الا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النورانى القديم كلاما مخلوقا ظلمانيا من جنس كلام الانس فكذلك اهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعة رأوا كلاما مخلوقا ظلمانيا بظلمة الحدوث وظلموا أنفسهم بوضع القرآن فى غير موضعه من كلام الانس وفى

[سورة الفرقان (25) : آية 7]

الحديث (القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقا فقد كفر بالذي أنزله) نسأل الله العصمة والحفظ من الإلحاد وسوء الاعتقاد ثم اعلم ان من الأمور اللازمة تعليم الجهلاء ورد الملاحدة والمبتدعة فانه كوضع الدواء على جراحة المجروح او كقتل الباغي المضر وردهم بالاجوبة القاطعة مما لا يخالف الشريعة والطريقة ألا ترى ان الله تعالى امر حبيبه عليه السلام بالجواب للطاعنين فى القرآن وقد أجاب السلف عمن أطال على القرآن وذهب على حدوثه ومخلوقيته وكتبوا رسائل وكذا علماء كل عصر جاهدوا المخالفين بما أمكن من المعارضة حتى ألقموهم الحجر وأفحموهم وخلصوا الناس من شبهاتهم وشكوكهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع (بكلام غليظ صاحب بدعة سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل ملأ الله تعالى قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله تعالى يوم القيامة من الفزع الأكبر) اى النفخة الاخيرة التي تفزع الخلائق عندها او الانصراف الى النار أو حين يطبق على النار او يذبح الموت واطلق الامن فى صورة الانتهار والمراد الا من فى الدنيا مما يخاف خصوصا من مكر من انتهره ويدل عليه ما بعده وهو الايمان فانه من مكاسب الدنيا نسأل الله الامن والامان وكمال الايمان والقيام باوامره والاتعاظ بمواعظه وزواجره وَقالُوا اى المشركون من اشراف قريش كابى جهل وعتبة وامية وعاص وأمثالهم وذلك حين اجتماعهم عند ظهر الكعبة ما استفهامية بمعنى انكار الوقوع ونفيه مرفوعة على الابتداء خبرها قوله لِهذَا الرَّسُولِ وجدت اللام مفصولة عن الهاء فى المصحف واتباعه سنة وفى هذا تصغير لشأنه عليه السلام وتسميته رسولا بطريق الاستهزاء اى أي سبب حصل لهذا الذي يدعى الرسالة حال كونه يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل والطعام ما يتناول من الغذاء وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لطلب المعاش كما نمشى جمع سوق وهو الموضع الذي يجلب اليه المتاع للبيع ويساق أنكروا ان يكون الرسول بصفة البشر يعنى ان صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا قال بعضهم ليس بملك ولا ملك وذلك لان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوفون ولا يبتذلون فعجبوا ان يكون مثلهم فى الحال ولا يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال لعدم بصيرتهم وقصور نظرهم على المحسوسات فان تمييز الرسل عمن عداهم ليس بامور جسمانية وانما هو بأحوال نفسانية فالبشرية مركب الصورة والصورة مركب القلب والقلب مركب العقل والعقل مركب الروح والروح مركب المعرفة والمعرفة قوة قدسية صدرت عن كشف عين الحق قال الكاشفى [ندانستند كه نبوت منافى بشريت نيست بلكه مقتضى آنست تا تناسب وتجانس كه سبب أفاده واستفاده است بحصول پيوندد] جنس بايد تا در آميزد بهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار صم بكم عمى فهم لا يعقلون لانهم نظروا الى الرسول بنظر الحواس الحيوانية وهم بمعزل من الحواس الروحانية والربانية فما رأوا منه الا ما يرى من الحيوان وما رأوه بنظر يرى به النبوة والرسالة ليعرفوه انه ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فلهذا قال تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 8 إلى 10]

وذلك لانه لهم قلوب لا يفقهون بها النبوة والرسالة ولهم أعين لا يبصرون بها الرسول والنبي ولهم آذان لا يسمعون بها القرآن ليعلموا انه معجزة الرسول فيؤمنوا به لَوْلا حرف تحضيض بمعنى: هلا وبالفارسية [چرا] أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ اى على هيئته وصورته المباينة لصورة البشر والجن فَيَكُونَ نصب لانه جواب لولا مَعَهُ مع الرسول نَذِيراً معينا له فى الانذار معلوما صدقه بتصديقه أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ من السماء يستظهر به ويستغنى عن تحصيل المعاش. والكنز المال المكنوز اى المجموع المحفوظ: وبالفارسية [كنج] أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها اى ان لم يلق اليه كنز فلا اقل من ان يكون له بستان يتعيش بفائدة كما لاهل الغنى والقرى وَقالَ الظَّالِمُونَ وهم القائلون الأولون لكن وضع المظهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم وتجاوز الحد فيما قالوا لكونه اضلالا خارجا عن حد الضلال اى قالوا للمؤمنين إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً قد سحر فغلب على عقله قال بعض اهل الحقائق كانوا يرون قبح حالهم فى مرآة النبوة وهم يحسبون انه حال النبي عليه السلام. والسحر مشتق من السحر الذي هو اختلاط الضوء والظلمة من غير تخلص لاحد الجانبين والسحر له وجه الى الحق ووجه الى الباطل فانه يخيل الى المسحور انه فعل ولم يفعل انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى كيف قالوا فى حقك تلك الأقاويل العجيبة الخارجة عن العقول الجارية لغرابتها مجرى الأمثال واخترعوا لك تلك الأحوال الشاذة البعيدة من الوقوع وذلك من جهلهم بحالك غفلتهم عن جمالك قال بعضهم مثلوك بالمسحور والفقير الذي لا يصلح ان يكون رسولا والناقص عن القيام بالأمور إذ طلبوا ان يكون معك مثلك فَضَلُّوا عن الحق ضلالا مبينا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى الهدى ومخرجا من ضلالتهم قال بعض الأكابر وقد أبطلوا الاستعداد بالاعتراض والإنكار على النبوة فحرموا من الوصول الى الله تعالى تَبارَكَ الَّذِي اى تكاثر وتزايد خير الذي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ فى الدنيا لانه قد شاء ان يعطيه ذلك فى الآخرة خَيْراً مِنْ ذلِكَ مما قالوا من إلقاء الكنز وجعل الجنة ولكن أخره الى الآخرة لانه خير وأبقى وخص هذا الموضع بذكر تبارك لان ما بعده من العظائم حيث ذكر النبي عليه السلام والله تعالى خاطبه بقوله (لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات) كذا فى برهان القرآن جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بدل من خيرا ومحقق لخيريته مما قالوا لان ذلك كان مطلقا عن قيد التعدد وجريان الأنهار وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً بيوتا مشيدة فى الدنيا كقصور الجنة: وبالفارسية [كوشكهاى عالى ومسكنهاى رفيع] قال الراغب يقال قصرت كذا ضممت بعضه الى بعض ومنه سمى القصر انتهى والجملة عطف على محل الجزاء الذي هو جعل وفى الحديث (ان ربى عرض على ان يجعل لى بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكن أجوع يوما وأشبع يوما فاما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك وأدعوك واما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك واثنى عليك) قال الكاشفى [در اسباب نزول مذكور است كه چون مالداران قريش حضرت رسالت را بفقر وفاقه سرزنش كردند رضوان كه آراينده روضات جنانست با اين

آيت نازل شد ودرجى از نور پيش حضرت نهاد وفرمود كه پروردگار تو ميفرمايد كه مفاتح خزائن دنيا در اينجاست آنرا بدست تصرف تو ميدهيم بي آنكه از كرامت ونعمتى كه نامزد تو كرده ايم در آخرت مقدار بر پشه كم نكردد حضرت فرمود كه اى رضوان مرا بدينها حاجت نيست فقر را دوستر ميدارم وميخواهم كه بنده شكور وصبور باشم رضوان كفت «أصبت أصاب الله» يك نشانه علو همت آن حضرت همينست كه با وجود تنكدستى واحتياج كوشه چشم التفات بر خزائن روى زمين نيفكند آنرا ملاحظه بايد نمود كه در شب معراج مطلقا نظر بما سوى الله نكشوده وبهيچ چيز از بدائع ملكوت وغرائب عرصه جبروت التفاوت نفرمود تا عبارت از ان اين آمد كه (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) زرنك آميزى ريحان آن باغ ... نهاده چشم خود را مهر ما زاغ نظر چون بر كرفت از نقش كونين ... قدم زد در حريم قاب قوسين وعن عائشة رضى الله عنها قلت يا رسول الله ألا تستطعم الله فيطعمك قالت وبكيت لما رأيت به من الجوع وشد الحجر على بطنه من السغب فقال (يا عائشة والذي نفسى بيده لو سألت ربى ان يجرى معى جبال الدنيا ذهبا لاجراها حيث شئت من الأرض ولكن اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقرها على غناها وحزن الدنيا على فرحها. يا عائشة ان الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد) يقول الفقير عصمه الله القدير كان عليه السلام من اهل الإكسير الأعظم والحجر المكرم فان شأنه على من شأن سائر الأنبياء من كل وجه وقد أوتوا ذلك العلم والشريف وعمل به بعضهم كادريس وموسى ونحوهما على ما فى كتب الصناعة الحجرية لكنه عليه السلام لم يلتفت اليه ولم يعمل به ولو عمل به لجعل مثل الجبال ذهبا ولملك مثل ملك كسرى وقيصر لانه ليس بمناف للحكمة بالكلية فان بعض الأنبياء قد أوتوا فى الدنيا مع النبوة ملكا عظيما وانما اختار الفقر لنفسه لوجوه. أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار الله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى. والثاني ما قيل ان الله اختار الفقر له نظر القلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله. والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على الله تعالى كما قال عليه السلام (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء) فالله تعالى قادر على ان يعطيه ذلك الذي عيروه بفقده وما هو خير من ذلك بكثير ولكنه يعطى عباده على حسب المصالح وعلى وفق المشيئة ولا اعتراض لاحد عليه فى شىء من أفعاله فيفتح على واحد أبواب المعارف والعلوم ويستدّ عليه أبواب الدنيا وفى حق الآخر بالعكس من ذلك وفى القصيدة البردية وراودته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فاراها أيما شمم الشم جمع الأشم والشمم الارتفاع اى أراها ترفعا أي ترفع لا يكتنه كنهه وأكدت زهده فيها ضرورته ... ان الضرورة لا تعدو على العصم جمع عصمة يعنى ان شدة حاجته لم تعد ولم تغلب على العصمة الازلية بل أكدت ضرورته زهده فى الدنيا الدنية فما زاغ بصر همته فى الدنيا وما طغى عين نهمته فى العقبى

[سورة الفرقان (25) : الآيات 11 إلى 15]

وكيف تدعو الى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدم يقال دعاه اليه اى طلبه اليه وحمله عليه وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال (اوحى الله تعالى الى عيسى ان صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم ان يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولاه ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن) فمن كانت الدنيا رشحة من فيض نعمه فكيف تدعو الى الدنيا ضرورة فاقته كذا فى شرح القصيدة لابن الشيخ: وفى المثنوى راهزن هركز كدايى را نزد ... كرك كرك مرده را هركز كزد «1» خضر كشتى را براى آن شكست ... تا تواند كشتى از فجار رست چون شكسته مى رهد اشكسته شو ... أمن در فقرست اندر فقر رو آنگهى كو داشت از كان نقد چند ... كشت پاره پاره از زخم كلند تيغ بهر اوست كو را كردنيست ... سايه افكندست بر وى رحم نيست يعنى فليلازم العبد التواضع والفقر بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ اى القيامة والحشر والنشر. والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) او لما نبه عليه قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) كما فى المفردات وهو إضراب عن توبيخهم بحكاية جنايتهم السابقة وانتقال منه الى توبيخهم بحكاية جنايتهم الاخرى للتخلص الى بيان مالهم فى الآخرة بسببها من فنون العذاب وَأَعْتَدْنا هيأنا وأصله أعددنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ وضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة فى التشنيع سَعِيراً نارا عظيمة شديدة الاشتعال قال بعض اهل الحقائق سعير الآخرة انما سعرت من سعير الدنيا وهى حرص العبد على الدنيا وملاذها إِذا رَأَتْهُمْ صفة للسعير اى إذا كانت تلك السعير بمرأى منهم وقابلتهم بحيث صاروا بإزائها كقولهم دارى تنظر دارك اى تقابلها فاطلق الملزوم وهو الرؤية وأريد اللازم وهو كون الشيء بحيث يرى والانتقال من الملزوم الى اللازم مجاز مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ هو أقصى ما يمكن ان يرى منه قيل من المشرق الى المغرب وهى خمسائة عام وفيه اشارة بان بعد ما بينها وبينهم من المساقة حين رأتهم خارج عن حدود البعد المعتاد فى المسافات المعهودة سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً اى صوت تغيظ على تشبيه صوت غليانها بصوت المغتاظ اى الغضبان إذا غلى صدره من الغيظ فعند ذلك يهمهم والهمهمة ترديد الصوت فى الصدر قال ابن الشيخ يقال اما رأيت غضب الملك إذا رأى ما يدل عليه فكذا هاهنا ليس المسموع التغيظ الذي هو أشد الغضب بل ما يدل عليه من الصوت وفى المفردات التغيظ اظهار الغيظ وهو أشد الغضب وقد يكون ذلك مع صوت مسموع والغضب هو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه وَزَفِيراً وهو صوت يسمع من جوفه وأصله ترديد النفس حتى ينتفخ الضلوع منه قال عبيد بن عمير ان جهنم لتزفر زفرة لا يبقى نبى مرسل ولا ملك مقرب الا خرّ لوجهه ترعد فرائصهم حتى ان ابراهيم عليه السلام ليجثو على ركبتيه ويقول يا رب يا رب لا اسألك الا نفسى قال اهل السنة البنية ليست شرطا

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان تزيف سخن هامان بى ايمان عليه اللعنة

[سورة الفرقان (25) : الآيات 13 إلى 15]

فى الحياة فالنار على ما هى عليه يجوز ان يخلق الله فيها الحياة والعقل والرؤية والنطق يقول الفقير وهو الحق كما يدل عليه قوله تعالى (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) فلا احتياج الى تأويل أمثال هذا المقام وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً اى فى مكان ومنها بيان تقدم فصار حالا منه والضمير عائد الى السعير ضَيِّقاً صفة لمكانا مفيدة لزيادة شدة حال الكرب مع الضيق كما ان الروح مع السعة وهو السر فى وصف الجنة بان عرضها السموات والأرض واعلم انه تضيق جهنم عليهم كما تضيق حديدة الرمح على الرمح او تكون لهم كحال الوتد فى الحائط فيضم العذاب وهو الضيق الشديد الى العذاب وذلك لتضيق قلوبهم فى الدنيا حتى لم تسع فيها الايمان مُقَرَّنِينَ اى حال كونهم قد قرنت أيديهم الى أعناقهم مشدودة إليها بسلسلة او يقرنون مع شياطينهم سلسلة فى سلسلة: يعنى [هر يك را بقرين او از جن بسلسله آتشين بهم باز بسته] يقال قرنت البعير بالبعير جمعت بينهما وقرنته بالتشديد على التكثير دَعَوْا [بخوانند بر خود] هُنالِكَ اى فى ذلك المكان الهائل والحالة الفظيعة ثُبُوراً هو الويل والهلاك [واين كلمه كسى كويد كه آرزومند هلاك باشد] اى يتمنون هلاكا وينادون فيقولون يا ثبوراء يا ويلاه يا هلاكاه تعال فهذا أوانك وفى الحديث (أول من يكسى يوم القيامة إبليس حلة من النار بعضها على حاجبيه فيسحبها من خلفه وذريته خلفه وهو يقول وا ثبوراه وهم ينادون يا ثبورهم حتى يقفوا على النار فينادى يا ثبوراه وينادون يا ثبورهم) فيقول الله تعالى او فيقال لهم على ألسنة الملائكة تنبيها على خلود عذابهم لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً اى لا تقتصروا على دعاء ثبور واحد وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً اى بحسب كثرة الدعاء المتعلق به لا بحسب كثرته فى نفسه فان ما يدعون ثبورا واحدا فى حد ذاته وتحقيقه لا تدعوه دعاء واحدا وادعوا ادعية كثيرة فان ما أنتم فيه من العذاب لغاية شدته وطول مدته مستوجب لتكرير الدعاء فى كل آن قُلْ أَذلِكَ العذاب خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ اى وعدها المتقون اى المتصفون بمطلق التقوى لا بالمرتبة الثانية او الثالثة منها فقط فالمؤمن متق وان كان عاصيا وجنة الخلد هى الدار التي لا ينقطع نعيمها ولا ينقل عنها أهلها فان الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها واضافة الجنة الى الخلد للمدح والا فالجنة اسم للدار المخلدة ويجوز ان تكون الجنة اسما لا يدل على البستان الجامع لوجوه البهجة ولا يدخل الخلود فى مفهومها فاضيفت اليه للدلالة على خلودها فان قيل كيف يتصور الشك فى انه أيهما خير حتى يحسن الاستفهام والترديد وهل يجوز للعاقل ان يقول السكر احلى أم الصبر وهو دواء مرّ يقال ذلك فى معرض التقريع والتهكم والتحسير على ما فات وفى الوسيط هذا التنبيه على تفاوت ما بين المنزلتين لا على ان فى السعير خيرا وقال بعضهم هذا على المجاز وان لم يكن فى النار خير والعرب تقول العافية خير من البلاء وانما خاطبهم بما يتعارفون فى كلامهم كانَتْ تلك الجنة لَهُمْ فى علم الله تعالى جَزاءً على أعمالهم بمقتضى الكرم لا بالاستحقاق والجزاء الغنى والكفاية فالجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا

[سورة الفرقان (25) : الآيات 16 إلى 20]

فخير وان شرا فشر. والجزية ما يؤخذ من اهل الذمة وتسميتها بذلك للاجتزاء بها فى حقن دمهم وَمَصِيراً مرجعا يرجعون اليه وينقلبون. والفرق بين المصير والمرجع ان المصير يجب ان يخالف الحالة الاولى ولا كذلك المرجع لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ اى ما يشاؤنه من انواع النعيم واللذات مما يليق بمرتبتهم فانهم بحسب نشأتهم لا يريدون درجات من فوقهم فلا يلزم تساوى مراتب اهل الجنان فى كل شىء. ومن هذا يعلم فساد ما قيل فى شرح الأشباه بجواز اللواطة فى الجنة لجواز ان يريدها اهل الجنة ويشتهيها وذلك لان اللواطة من الخبائث التي ما تعلقت الحكمة بتحليلها فى عصر من الاعصار كالزنى فكيف يكون ما يخالف الحكمة مرادا ومشتهى فى الجنة فالقول بجوازها ليس الا من الخباثة. والحاصل ان عموم الآية انما هو بالنسبة الى المتعارف ولذا قال بعضهم فى الآية دليل على ان كل المرادات لا تحصل الا فى الجنة ولما لم تكن اللواطة مرادة فى الدنيا للطيبين فكذا فى الآخرة خالِدِينَ فيها حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ كانَ المذكور من الدخول والخلود وما يشاؤن عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا اى موعودا حقيقا بان يسأل ويطلب وما فى على من معنى الوجوب لامتناع الخلف فى وعده واعلم ان أهم الأمور الفوز بالجنة والنجاة من النار كما قال النبي عليه السلام للاعرابى الذي قال له انى اسأل الله الجنة وأعوذ به من النار (انى لا اعرف دندنتك ولا دندنة معاذ) قوله «دندن» معناه انى لا اعرف ما تقول أنت ومعاذ يعنى من الاذكار والدعوات المطولة ولكنى اختصر على هذا المقدار فاسأل الله الجنة وأعوذ به من النار فقال له النبي عليه السلام حولها ندندن اى حول الجنة والنار او حول مسألتهما والمسألة الاولى سؤال طلب والثانية سؤال استعاذة كما فى أبكار الافكار ومعنى الحديث ان المقصود بهذا الذكر الطويل الفوز بهذا الوافر الجزيل كما فى عقد الدرر واللآلى قال فى رياض الصالحين العبد فى حق دينه اما سالم وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي او رابح وهو المتبرع بالقربات والنوافل او خاسر وهو المقصر فى اللوازم فان لم تقدر ان تكون رابحا فاجتهد ان تكون سالما وإياك ان تكون خاسرا وفى الحديث (من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير فى يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان فى يومه ذلك حتى يمسى ولم يأت بأفضل مما جاء به الا أحد عمل اكثر من ذلك) رواه البخاري وغيره قال بعض المشايخ فى هذا الحديث دليل على تفضيل الصوفية ويؤخذ ذلك من جعل هذا الاجر العظيم لمن هذا القول مائة مرة فكيف من يومه كله هكذا فان طريقتهم مبنية على دوام الذكر والحضور وكان عليه السلام طويل الصمت كثير الذكر هر آن كو غافل از حق يكزمانست ... در ان دم كافرست اما نهانست وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله الذين اتخذوا من دونه آلهة ويجمعهم وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما عام يعم العقلاء وغيرهم لكن المراد هنا بقرينة الجواب الآتي العقلاء من الملائكة وعيسى وعزير فَيَقُولُ اى الله تعالى للمعبودين

[سورة الفرقان (25) : آية 18]

أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ [كمراه كرديد] عِبادِي هؤُلاءِ بان دعوتموهم الى عبادتكم وامرتموهم بها أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ عن السبيل بانفسهم لاخلالهم بالنظر الصحيح واعراضهم عن المرشد النصيح فحذف الجار وأوصل الفعل الى المفعول كقوله تعالى (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) والأصل الى السبيل او للسبيل يقول الفقير والظاهر انه محمول على نظيره الذي هو اخطأوا الطريق وهو شائع فان قلت انه تعالى كان عالما فى الأزل بحال المسئول عنه فما فائدة هذا السؤال قلت فائدته تقريع العبدة وإلزامهم كما قيل لعيسى عليه السلام (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) لانهم إذا سئلوا بذلك وأجابوا بما هو الحق الواقع تزداد حسرة العبيد وحيرتهم ويبكتون بتكذيب المعبودين إياهم وتبريهم منهم ومن أمرهم بالشرك وعبادة غير الله قالُوا استئناف كأنه قيل فماذا قالوا فى الجواب فقيل قالوا سُبْحانَكَ هو تعجب مما قيل لهم او تنزيه لله تعالى عن الانداد ويجوز ان يحمل ما يعبدون على الأصنام وهى وان كانت جمادات لا تقدر على شىء لكن الله تعالى يخلق فيها الحياة ويجعلها صالحة للخطاب والسؤال والجواب ما كانَ يَنْبَغِي لَنا اى ما صح وما استقام لنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ اى متجاوزين إياك مِنْ أَوْلِياءَ من مزيدة لتأكيد النفي واولياء مفعول تتخذ وهو من الذي يتعدى الى مفعول واحد كقوله تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) والمعنى معبودين نعبدهم لما بنا من الحالة المنافية له وهى العصمة او عدم القدرة فأنى يتصور ان تحمل غيرنا على ان يتخذ وليا غيرك فضلا عن ان يتخذنا وليا قال ابن الشيخ جعل قولهم ما كان ينبغى إلخ كناية عن استبعاد ان يدعوا أحدا الى اتخاذ ولى دونه لان نفس قولهم بصريحه لا يفيد المقصود وهو نفى ما نسب إليهم من إضلال العباد وحملهم على اتخاذ الأولياء من دون الله وفى التأويلات النجمية نزهوا الله عن ان يكون له شريك ونزهوا أنفسهم عن ان يتخذوا وليا غير الله ويرضوا بان يعبدوا من دون الله من الإنسان فلهذا قال تعالى فيهم (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ التمتع [برخوردارى دادن] اى ما أضللناهم ولكن جعلتهم وآباءهم منتفعين بالعمر الطويل وانواع النعم ليعرفوا حقها ويشكروها فاستغرقوا فى الشهوات وانهمكوا فيها حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ اى غفلوا عن ذكرك وتركوا ما وعظوا به او عن التذكر لآلائك والتدبر فى آياتك فجعلوا اسباب الهداية بسوء اختيارهم ذريعة الى الغواية وهو نسبة الضلال إليهم من حيث انه يكسبهم واسناد له الى ما فعل الله بهم فحملهم عليه كأنه قيل انا لا نضلهم ولم نحملهم على الضلال ولكن أضللت أنت بان فعلت لهم ما يؤثرون به الضلال فخلقت فيهم ذلك وهو مذهب اهل السنة وفيه نظر التوحيد واظهار ان الله هو السبب للاسباب. درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم وَكانُوا فى قضائك الأزلي قَوْماً بُوراً هالكين جمع بائر كما فى المفردات او مصدر وصف به الفاعل مبالغة ولذلك يستوى فيه الواحد والجمع يقال رجل بائر وقوم بور وهو الفاسد الذي لا خير فيه قال الراغب البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى

[سورة الفرقان (25) : الآيات 19 إلى 20]

الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ اى فيقول الله تعالى للعبد فقد كذبكم المعبودون ايها الكفرة بِما تَقُولُونَ اى فى قولكم انهم آلهة والباء بمعنى فى فَما تَسْتَطِيعُونَ اى ما تملكون ايها المتخذون الشركاء صَرْفاً دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه لا بالذات ولا بالواسطة وَلا نَصْراً اى افرادا من افراد النصر لا من جهة أنفسكم ولا من جهة غيركم مما عبدتم وقد كنتم زعمتم انهم يدفعون عنكم العذاب وينصرونكم وَمَنْ [وهر كه] يَظْلِمْ مِنْكُمْ ايها المكلفون اى يشرك كما دل عليه قوله نُذِقْهُ [بچشانيم او را در آخرت] عَذاباً كَبِيراً هى النار والخلود فيها فان ما ترتب عليه العذاب الكبير ليس الا الظلم العظيم الذي هو الشرك وفيه وعيد ايضا لفساق المؤمنين ثم أجاب عن قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق بقوله وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ أحدا مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا رسلا إِنَّهُمْ كسرت الهمزة لوقوعها فى صدر جملة وقعت صفة لموصوف محذوف او الا قيل انهم وان تكسر بعد القول كما فى الاسئلة المقحمة لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ فلم يكن ذلك منافيا لرسالتهم فانت لا تكون بدعا منهم وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ ايها الناس لِبَعْضٍ فِتْنَةً ابتلاء ومحنة الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإذا هم لهم والسقماء بالاصحاء والأسافل بالاعالى والرعايا بالسلاطين والموالي بذوي الأنساب والعميان بالبصراء والضعفاء بالاقوياء قال الواسطي رحمه الله ما وجد موجود الا لفتنة وما فقد مفقود الا لفتنة أَتَصْبِرُونَ غاية للجعل اى لنعلم انكم تصبرون وحث على الصبر على ما افتتنوا به قال ابو الليث اللفظ لفظ الاستفهام والمراد الأمر يعنى اصبروا كقوله (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ) اى توبوا وفى التأويلات النجمية وجعلنا بعضكم يا معشر الأنبياء لبعض فتنة من الأمم بان يقول بعضهم لبعض الأنبياء ائتنا بمعجزة مثل معجزة النبي الفلاني أتصبرون يا معشر الأنبياء على ما يقولون ويا معشر الأمم عما تقولون انتهى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه كأنه قيل لاتتأذ بقولهم فانا جعلنا بعض الناس سببا لامتحان البعض والذهب انما يظهر خلوصه بالنار ومن النار الابتلاء وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً بمن يصبر وبمن يجزع قال الامام الغزالي البصير هو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى وابصاره ايضا منزه عن ان يكون بحدقة وأجفان ومقدس ان يرجع الى انطباع الصور والألوان فى ذاته كما تنطبع فى حدقة الإنسان فان ذلك من التغير والتأثر المقتضى للحدوث وإذا نزه عن ذلك كان البصير فى حقه عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك أوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر من ظواهر المرئيات وحظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب بل يتناول الظواهر ويقصر عن البواطن والسرائر وانما حظه الديني منه أمران أحدهما ان يعلم انه خلق البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة قيل لعيسى عليه السلام هل أحد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى. والثاني

[سورة الفرقان (25) : الآيات 21 إلى 24]

ان يعلم انه بمرأى من الله تعالى ومسمع فلا يستهين بنظره اليه واطلاعه عليه ومن أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر الله والمراقبة احدى ثمرات الايمان بهذه الصفة فمن قارب معصية فهو يعلم ان الله يراه فما اجسره فاخسره ومن ظن انه لا يراه فما اكفره انتهى كلام الغزالي رحمه الله فى شرح الأسماء الحسنى ثم ان العبد لا بد له من السكون الى قضاء الله تعالى فى حال فقره وغناه ومن الصبر على كل امر يرد عليه من مولاه فانه تعالى بصير بحاله مطلع عليه فى كل فعاله وربما يشدد المحنة عليه بحكمته ويمنع مراده عنه مع كمال قدرته: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره مكر ديوانه شوريده ميخاست ... برهنه بد ز حق كرباس ميخواست كه الهى پيرهن در تن ندارم ... وگر تو صبر دارى من ندارم خطابى آمد آن بى خويشتن را ... كه كرباست دهم اما كفن را زبان بگشاد آن مجنون مضطر ... كه من دانم ترا اى بنده پرور كه تا أول نميرد مرد عاجز ... تو ندهى هيچ كرباسيش هركز ببايد مرد أول مفلس وعور ... كه تا كرباس يابد از تو در گور وفى الحكاية اشارة الى الفناء عن المرادات وان النفس ما دامت مغضوبة باقية بعض أوصافها الذميمة وأخلاقها القبيحة فان فيض رحمة الله وان كان يجرى عليها لكن لا كما يجرى عليها إذا كانت مرحومة مطهرة عن الرذائل هذا حال اهل السلوك واما من كان من اهل النفس الامارة وقد جرى عليه مراده بالكلية فهو فى يد الاستدراج ولله تعالى حكمة عظيمة فى اغنائه وتنعيمه وإغراقه فى بحر نعيمه فمثل هذا هو الفتنة الكبيرة لطلاب الحق الباعثة لهم على الصبر المطلق والله المعين وعليه التكلان الجزء التاسع عشر من الاجزاء الثلاثين وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا اصل الرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة واللقاء يقال فى الإدراك بالحس بالبصر وبالبصيرة وملاقاة الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه تعالى اى الرجوع الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه. والمعنى وقال الذين لا يتوقعون الرجوع إلينا اى ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء وهم كفار اهل مكة وفى تاج المصادر الرجاء [اميد داشتن وترسيدن] انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [نمى ترسند از ديدن عذاب ما] لَوْلا حرف تحضيض بمعنى هلا ومعناها بالفارسية [چرا] أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ [فرو فرستاده نمى شود بر ما فرشتكان] اى بطريق الرسالة لكون البشرية منافية للرسالة بزعمهم أَوْ نَرى رَبَّنا جهرة وعيانا فيأمرنا بتصديق محمد واتباعه لان هذا الطريق

[سورة الفرقان (25) : آية 22]

احسن وأقوى فى الإفضاء الى الايمان وتصديقه ولما لم يفعل ذلك علمنا انه ما أراد تصديقه ومن لطائف الشيخ نجم الدين فى تأويلاته أنه قال يشير الى ان الذين لا يؤمنون بالآخرة والحشر من الكفرة يتمنون رؤية ربهم بقولهم (أَوْ نَرى رَبَّنا) فالمؤمنون الذين يدعون انهم يؤمنون بالآخرة والحشر كيف ينكرون رؤية ربهم وقد ورد بها النصوص فلمنكرى الحشر عليهم فضيلة بانهم طلبوا رؤية ربهم وجوزوها كما جوزوا إنزال الملائكة ولمنكرى الرؤية ممن يدعى الايمان شركة مع منكرى الحشر فى جحد ما ورد به الخبر والنقل لان النقل كما ورد بكون الحشر ورد بكون الرؤية لاهل الايمان لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا اللام جواب قسم محذوف اى والله لقد استكبروا والاستكبار ان يشبع فيظهر من نفسه ما ليس له اى أظهروا الكبر باطلا فِي أَنْفُسِهِمْ اى فى شأنها يعنى وضعوا لانفسهم قدرا ومنزلة حيث أرادوا لانفسهم الرسل من الملائكة ورؤية الرب تعالى وقال الكاشفى [بخداى كه بزركى كردند در نفسهاى خود يعنى تعاظم ورزيدن وجراءت نمودن درين تحكم] وَعَتَوْا اى تجاوزوا الحد فى الظلم والطغيان والعتو الغلو والنبو عن الطاعة عُتُوًّا كَبِيراً بالغا الى أقصى غاياته من حيث عاينوا المعجزات القاهرة واعرضوا عنها واقترحوا لانفسهم الخبيثة معاينة الملائكة الطيبة ورؤية الله تعالى التي لم ينلها أحد فى الدنيا من افراد الأمم وآحاد الأنبياء غير نبينا عليه السلام وهو انما رآه تعالى بعد العبور عن حد الدنيا وهو الافلاك السبعة التي هى من عالم الكون والفساد وفى الوسيط انما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لانهم طلبوها فى الدنيا عنادا للحق واباء على الله ورسوله فى طاعتهما فغلوا فى القول والكفر غلوا شديدا وفى الاسئلة المقحمة فاذا كان رؤية الله جائزة فكيف وبخهم على سؤالهم لها قلنا التوبيخ بسبب انهم طلبوا ما لم يكن لهم طلبه لانهم بعد ان عاينوا الدليل قد طلبوا دليلا آخر ومن طلب الدليل بعد الدليل فقد عتا عتوا ظاهرا ولانهم كلفوا الايمان بالغيب فطلبوا رؤية الله وذلك خروج عن موجب الأمر وعن مقتضاه فان الايمان عند المعاينة لا يكون ايمانا بالغيب فلهذا وصفهم بالعتو يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ اى ملائكة العذاب فيكون المراد يوم القيامة ولم يقل يوم تنزل الملائكة إيذانا من أول الأمر بان رؤيتهم لينست على طريق الاجابة الى ما اقترحوه بل على وجه آخر غير معهود ويوم منصوب على الظرفية بما يدل عليه قوله تعالى لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ لانه فى معنى لا يبشر يومئذ المجرمون لا بنفس بشرى لانه مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله وكذا لا يجوز ان يعمل ما بعد لا فيما قبلها واصل الجرم قطع الثمرة من الشجر واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ووضع المجرمون موضع الضمير تسجيلا عليهم بالاجرام مع ما هم عليه من الكفر ويومئذ تكرير للتأكيد بين الله تعالى ان الذي طلبوه سيوجد ولكن يلقون منه ما يكرهون حيث لا بشرى لهم بل إنذار وتخويف وتعذيب بخلاف المؤمنين فان الملائكة تنزيل عليهم ويبشرونهم ويقولون لا تخافوا ولا تحزنوا. ومعنى الآية بالفارسية [هيچ مژده نيست آن روز مر كافران اهل مكه را] وَيَقُولُونَ اى الكفرة المجرمون عند مشاهدة الملائكة وهو معطوف على ما ذكر من الفعل المنفي حِجْراً مَحْجُوراً

[سورة الفرقان (25) : الآيات 23 إلى 24]

الحجر مصدر حجره إذا منعه والمحجور الممنوع وهو صفة حجرا ارادة للتأكيد كيوم أيوم وليل أليل كانوا يقولون هذه الكلمة عند لقاء عدو وهجوم مكروه. والمعنى انهم يطلبون نزول الملائكة عليهم ويقترحونه وهم إذا رأوهم يوم الحشر يكرهون لقاءهم أشد كراهة ويقولون هذه الكلمة وهى ما كانوا يقولون عند نزول بأس استعاذة وطلبا من الله ان يمنع لقاءهم منعا ويحجر المكروه عنهم حجرا فلا يلحقهم [در زاد آورده كه چون كفار در شهر حرام كسى را ديدندى كه ازو ترسيدندى ميكفتند كه] حجرا محجورا يريدون ان يذكروه انه فى الشهر الحرام [تا از شر او ايمن ميشدند اينجا نيز خيال بستند كه مكر بدين كلمه از شدت هول قيامت خلاص خواهند يافت] ويقال ان قريشا كانوا إذا استقبلهم أحد يقولون حاجورا حاجورا حتى يعرف انهم من الحرم فيكف عنهم فاخبر تعالى انهم يقولون ذلك يوم القيامة فلا ينفعهم وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً القدوم عبارة عن مجيئ المسافر بعد مدة والهباء الغبار الذي يرى فى شعاع الشمس يطلع من الكوة من الهبوة وهو الغبار ومنثورا صفته بمعنى مفرقا مثل تعالى حالهم وحال أعمالهم التي كانوا يعملونها فى الدنيا من صلة رحم واغاثة ملهوف وقرى ضيف وفك أسير وإكرام يتيم ونحو ذلك من المحاسن التي لو عملوها مع الايمان لنا لواثوا بها بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه فقصد الى ما تحت أيديهم من الدار والعقار ونحوهما فمزقها وأبطلها بالكلية ولم يبق لها اثرا اى قصدنا إليها وأظهرنا بطلانها بالكلية لعدم شرط قبولها وهو الايمان فليس هناك قدوم على شىء ولا نحوه وهذا هو تشبيه الهيئة وفى مثله تكون المفردات مستعملة فى معانيها الاصلية وشبه أعمالهم المحبطة بالغبار فى الحقارة وعدم الجدوى ثم بالمنثور منه فى الانتثار بحيث لا يمكن نظمه وفيه اشارة الى ان اعمال اهل البدعة التي عملوها بالهوى ممزوجة بالرياء فلا يوجد لها اثر ولا يسمع منها خبر: قال الشيخ سعدى قدس سره شنيدم كه نابالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بچاشت بگفتا بس آن روز سائق نبرد ... بزرك آمدش طاعت از طفل خرد پدر ديده بوسيد ومادر سرش ... فشاندند بادام وزر بر سرش چوبر وى كذر كرد يك نيمه روز ... فتاداند رو آتش معده سوز بدل كفت اگر لقمه چندى خورم ... چهـ داند پدر عيب يا مادرم چوروى پسر در پدر بود وقوم ... نهان خورد و پيدا بسر برد صوم كه داند چودر بند حق نيستى ... اگر بى وضو در نماز ايستى پس اين پير از ان طفل نادان ترست ... كه از بهر مردم بطاعت درست كليد در دوزخست آن نماز ... كه در چشم مردم كزارى دراز اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش نشانند سجاده ات أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى المؤمنون يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يكون ما ذكر من عدم التبشير وقولهم حجرا محجورا وجعل أعمالهم هباء منثورا خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا المستقر المكان الذي

يستقر فيه فى اكثر الأوقات للتجالس والتحادث. والمعنى خير مستقرا من هؤلاء المشركين المتنعمين فى الدنيا: وبالفارسية [بهترند از روى قراركاه يعنى مساكن ايشان در آخرت به از منازل كافرانست كه در دنيا داشتند] ويجوز ان يكون التفضيل بالنسبة الى ما للكفرة فى الآخرة فان قلت كيف يكون اصحاب الجنة خير مستقرا من اهل النار ولا خير فى النار ولا يقال العسل احلى من الخل قلت انه من قبيل التقريع والتهكم كما فى قوله تعالى (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) كما سبق ويجوز ان يكون التفضيل لارادة الزيادة المطلقة اى هم فى أقصى ما يكون من خير وعلى هذا القياس قوله تعالى وَأَحْسَنُ مَقِيلًا اى من الكفرة فى دار الدنيا: وبالفارسية [ونيكوترست از جهت مكان قيلوله] او فى الآخرة بطريق التهكم او هم فى أقصى ما يكون من حسن المقيل وهو موضع القيلولة والقيلولة الاستراحة نصف النهار فى الحر يقال قلت قيلولة نمت نصف النهار والمراد بالمقيل هاهنا المكان الذي ينزل فيه للاستراحة بالأزواج والتمتع بمغازلتهن اى محادثتهن ومراودتهن والا فليس فى الجنة حر ولا نوم بل استراحة مطلقة من غير غفلة ولا ذهاب حس من الحواس وكذا ليس فى النار مكان استراحة ونوم للكفار بل عذاب دائم والم باق وانما سمى بالمقيل لما روى ان اهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة الا قدر النهار من اوله الى وقت القائلة حتى يسكنون مساكنهم فى الجنة واهل النار فى النار واما المحبوسون من العصاة فتطول عليهم المدة مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا والعياذ بالله تعالى ثم فى احسن رمز الى ان مقيل اهل الجنة مزين بفنون الزين والزخارف كبيت العروس فى الدنيا وفى التأويلات النجمية (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) يعنى المؤمنين بالحشر والموقنين بالرؤية (يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) لان مستقر عوامهم الجنة ودرجاتها ومستقر خواصهم حضرة الربوبية وقرباتها لقوله تعالى الى ربك يومئذ المستقر (وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) لان النار مقيل منكرى الحشر والجنة مقيل المؤمنين والحضرة مقيل الراجعين المجذوبين انتهى فعلى العاقل تحصيل المستقر الأخروي والمقيل العلوي وصار الشيخ الحجازي ليلة يردد قوله تعالى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ويبكى فقيل له لقد ابكتك آية ما يبكى عند مثلها اى لانها بيان لسعة عرض الجنة فقال وما ينفعنى عرضها إذا لم يكن لى فيها موضع قدم وفى الحديث (من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء) وسئل بعضهم عن الغنى فقال سعة البيوت ودوام القوت ثم ان سعادات الدنيا كلها مذكرة لسعادات الآخرة فالعاقل من لا تغرّه الدنيا الدنية: وفى المثنوى افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «1» هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط «2» هر كجا يوسف رحى باشد چوماه ... جنت است آن چهـ كه باشد قعر جاه فجنة العارف هى القلب المطهر ومعرفة الله فيه كما قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وما هى قال معرفة الله چودادت صورت خوب وصفت هم ... بيا تا بدهدت اين معرفت هم

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون (2) در اواخر دفتر سوم در بيان پرسيدن معشوقى از عاشق إلخ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 إلى 29]

چوخونى مشك كردد از دم پاك ... بود ممكن كه تن جانى شود پاك وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ اى واذكر يوم تنفتح: وبالفارسية [بشكافد] كما قال فى تاج المصادر التشقق [شكافته شدن] وأصله تتشقق فحذف احدى التاءين كما فى تلظى بِالْغَمامِ هو السحاب يسمى به لكونه ساترا لضوء الشمس والغم ستر الشيء اى بسبب طلوع الغمام منها وهو الغمام الذي ذكر فى قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) قيل هو غمام ابيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن الا لبنى إسرائيل: يعنى [ظلة بنى إسرائيل بود در تيه] وقال ابو الليث الغمام شىء مثل السحاب الأبيض فوق سبع سموات كما روى فى الخبر (دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام) قال الامام النسفي رحمه الله الغمام فوق السموات السبع وهو سحاب ابيض غليظ كغلظ السموات السبع ويمسكه الله اليوم بقدرته وثقله أثقل من ثقل السموات فاذا أراد الله ان يشقق السموات القى ثقله عليها فانشقت فذلك قوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) اى بثقل الغمام فيظهر الغمام ويخرج منها وفيه الملائكة كما قال تعالى وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا اى تنزيلا عجيبا غير معهود قيل تشقق سماء سماء وتنزل الملائكة خلال ذلك الغمام بصحائف اعمال العباد- وروى- فى الخبر انه تنشق السماء الدنيا فتنزل الملائكة الدنيا بمثل من فى الأرض من الجن والانس فيقول لهم الخلق أفيكم ربنا يعنون هل جاء امر ربنا بالحساب فيقولون لا وسوف يأتى ثم ينزل ملائكة السماء الثانية بمثلى من فى الأرض من الملائكة والانس والجن ثم ينزل ملائكة كل سماء على هذا التضعيف حتى ينزل ملائكة سبع سموات فيظهر الغمام وهو كالسحاب الأبيض فوق سبع سموات ثم ينزل الأمر بالحساب فذلك قوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ) الآية الا انه قد ثبت ان الأرض بالقياس الى سماء الدنيا كحلقة فى فلاة فكيف بالقياس الى سماء الدنيا فملائكة هذه المواضع بأسرها كيف تسعها الأرض كذا فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير يمد الله الأرض يوم القيامة مد الأديم فتسع مع ان السموات مقبية فكلما زالت واحدة منها ونزلت تتسع الأرض بقدرها فيكفى لملائكتها أطرافها وقد ثبت ان الملائكة أجسام لطيفة رقيقة فلا تتصور بينهم المزاحمة كمزاحمة الناس الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ الملك مبتدأ والحق صفته وللرحمن خبره ويومئذ ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ. والمعنى ان السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلى العام صورة ومعنى بحيث لا زوال له أصلا ثابت للرحمن يومئذ وفائدة التقييد ان ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يوم القيامة چومدعيان زبان دعوى ... از مالكيت در بسته باشند واما ما عداه من ايام الدنيا فيكون غيره ايضا له تصرف صورى فى الجملة وَكانَ ذلك اليوم يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً اى عسيرا عليهم شديدا لهم: وبالفارسية [دشوار از شدت اهوال] وهو نقيض اليسير واما على المؤمنين فيكون يسيرا بفضل الله تعالى وقد جاء فى الحديث (انه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا) والحاصل ان الكافرين يرون ذلك اليوم عسيرا عظيما من دخول النار وحسرة فوات الجنان

[سورة الفرقان (25) : آية 27]

بعد ما كانوا فى اليسير من نعيم الدنيا واهل الايمان والطلب والجد والاجتهاد يرون فيه اليسر من نعيم الجنان ولقاء الرحمن بعد ان كانوا فى الدنيا راضين بالعسر تاركين لليسر موقنين ان مع العسر يسرا وخرج على سهل الصعلوكي من سجن حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه وقيل للشبلى رحمه الله فى الدنيا أشغال وفى الآخرة اهوال فمتى النجاة قال دع اشغالها تأمن من أهوالها فلله در قوم فرغوا عن طلب الدنيا وشهواتها ولم يغتروا بها ولم يلتفتوا إليها لانه قيل اين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص وقيل [نوشته اند بر ايوان جنة المأوى كه هر كه عشوه دنيا خريد واى بوى] بل وقلعوا من قلوبهم اصل حب ما سوى الله تعالى ونصبوا نفوسهم لمقاساة شدائد الجهاد الى ان يصلوا الى اليسر الذي هو المراد وفى الآية اشارة الى ان اهل الإنكار يلقون يوم القيامة عسرا لانهم وقعوا فى اعراض الأولياء فى الدنيا تنفيرا للناس عنهم وصرفا لوجوه العامة إليهم ارادة اليسر من المال والمعاش والاعانة ونحو ذلك فيجدون فى ذلك اليوم كل ملك لله فلا يملكون لانفسهم صرفا ولا نصرا فلا بد من الإقرار وتجديد الايمان كما ورد (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) فان قلت يفهم منه ان الايمان يخلق قلت معنى خلاقة الايمان ان لا يبقى للمؤمن شوق وانجذاب الى المؤمن به فتكرار الكلمة الطيبة يورث تجديد الميل والانجذاب والمحبة الالهية فعلى الطالب الصادق ان يكررها فى جميع الأحوال حتى لا ينقطع عن الله الملك المتعال جدايى مبادا مرا از خدا ... دكر هر چهـ پيش آيدم شايدم نسأل الله الوقوف عند الأمر الى حلول الاجل وانتهاء العمر وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يوم منصوب با ذكر المقدر. والعض أزم بالأسنان: وبالفارسية [كزيدن بدندان] وعض اليدين عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس ان يفعلوه عند ذلك وكذا عض الأنامل وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لانها من روادفها قال فى الكواشي ويجوز ان تكون على زائدة فيكون المراد بالعض حقيقة العض والاكل كما روى انه يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه ثم تنبتان ثم يأكلهما هكذا كلما نبتتا أكلهما تحسرا وندامة على التفريط والتقصير. والمعنى على الاول بالفارسية [وياد كن روزى را كه از فرط حسرت مى خايد ظالم بر دستهاى خود يعنى بدندان مى كزد دسترا چنانچهـ متحيران ميكنند] والمراد بالظالم الجنس فيدخل فيه عقبة بن ابى معيط وذلك ان عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما وكان يدعو الى الطعام من اهل مكة من أراد وكان يكثر مجالسة النبي عليه السلام ويعجبه حديثه فقدم ذات يوم من سفره وصنع طعاما ودعا رسول الله الى طعامه قال الكاشفى [وبسبب جوار سيد الأبرار را طلبيده بود] فاتاه رسول الله فلما قدم الطعام اليه ابى ان يأكل

[سورة الفرقان (25) : آية 28]

فقال (ما انا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله) وكان عندهم من العار ان يخرج من عندهم أحد قبل ان يأكل شيأ فالح عليه بان يأكل فلم يأكل فشهد بذلك عقبة فاكل رسول الله من طعامه وكان أبيّ بن خلف الجمحي غائبا وكان خليل عقبة وصديقه فلما قدم اخبر بما جرى بين عقبة وبين رسول الله فاتاه فقال صبوت يا عقبة اى ملت عن دين آبائك الى دين حادث فقال لا والله ما صبوت ولكن دخل على رجل فابى ان يأكل من طعامى الا ان اشهد له فاستحييت ان يخرج من بيتي قبل ان يطعم فشهدت فطعم فقال ما انا بالذي ارضى منك ابدا حتى تأتيه فتبزق فى وجهه وتشتمه وتكذبه نعوذ بالله تعالى فاتاه فوجده ساجدا فى دار الندوة ففعل ذلك: يعنى [آب دهن حواله روى دلاراى رسول الله كرد] والعياذ بالله تعالى [در ترجمه اسباب نزول آورده كه آب دهن او شعله آتش جانسوز كشت وبر ان حضرت نرسيد وبر وى بازگشت وهر دو كرانه روى وى بسوخت تا زنده بود آن داغها مى نمود] : وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1» كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة (لا ألقاك خارجا من مكة الا علوت رأسك بالسيف) فاسر يوم بدر فامر عليه السلام عليا رضى الله عنه او عاصم بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه فقتله وطعن عليه السلام بيده الطاهرة الكاسرة أبيا اللعين يوم أحد فى المبارزة فرجع الى مكة فمات فى الطريق بسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وهو مناسب لوصفه لانه مسرف وفى الحديث (شر الناس رجل قتل نبيا او قتله نبى) اما الاول فلان الأنبياء لهم العلو التام فلا يقابلهم الا من هو فى إنزال الدرجات ولذا يعادى السافل العالي وإذا كملت المضادة وقع القتل لان الضد يطلب ازالة ضده. واما الثاني فلان الأنبياء مجبولون على الشفقة على الخلق فلا يقدمون على قتل أحد الا بعد اليأس من فلاحه والتيقن بان خيانته سبب لمزيد شقائه وتعدى ضرره فقتلهم من قتلوا من احكام الرحمة: وفى المثنوى چونكه دندان تو كرمش درفتاد ... نيست دندان بر كنش اى اوستاد «2» تا كه باقى تن نكردد زار ازو ... كر چهـ بود آن تو شو بيزار ازو قال فى انسان العيون ولم يقتل عليه السلام بيده الشريفة قط أحدا الا أبيّ بن خلف لا قبل ولا بعد يَقُولُ إلخ حال من فاعل يعض يا هؤلاء لَيْتَنِي [كاشكى من] فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه اتَّخَذْتُ فى الدنيا مَعَ الرَّسُولِ محمد صلى الله عليه وسلم سَبِيلًا طريقا الى النجاة من هذه الورطات يعنى اتبعته وكنت معه على الإسلام يا وَيْلَتى اى [واى بر من] والويل والويلة الهلكة ويا ويلتا كلمة جزع وتحسر وأصله يا ويلتى بكسر التاء فابدلت الكسرة فتحة وياء المتكلم الفا فرارا من اجتماع الكسر مع الياء اى يا هلكتى تعالى واحضرى فهذا او ان حضورك والنداء وان كان أصله لمن يتأتى منه الإقبال وهم العقلاء الا ان العرب تتجوّز وتنادى ما لا يعقل إظهارا

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعام إلخ (2) در اواسط دفتر سوم در بيان دعوت كردن نوح عليه السلام پسر را إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 29]

للتحسر لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا الخليل الصديق من الخلة وهى المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها والمراد من أضله فى الدنيا كائنا من كان من شياطين الجن والانس فيدخل فيه أبيّ المذكور قال فى القاموس فلان وفلانة مضمومتين كناية عن أسمائها اى فلان كناية عن علم ذكور من يعقل وفلانة عن علم إناثهم وبال اى باللام يعنى الفلان والفلانة كناية عن غيرنا اى عن غير العاقل واختلف فى ان لام فلان واو او ياء لَقَدْ والله لقد أَضَلَّنِي [كمراه كردم او بازداشت] عَنِ الذِّكْرِ اى عن القرآن المذكر لكل مرغوب ومرهوب بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وتمكنت من العمل به وعمرت ما يتذكر فيه من تذكر وَكانَ الشَّيْطانُ اى إبليس الحامل على مخالفة المضلين ومخالفة الرسول وهجر القرآن لِلْإِنْسانِ المطيع له خَذُولًا كثير الخذلان ومبالغا فى حبه يواليه حتى يؤديه الى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه وكذا حال من حمله على صداقته. والخذلان ترك النصرة ممن يظن به ان ينصر وفى وصفه بالخذلان اشعار بانه كان يعده فى الدنيا ويمنيه بانه ينفعه فى الآخرة وهذا اعتراض مقرر لمضمون ما قبله اما من جهته تعالى واما من تمام كلام الظالم وهذه الآية عامة فى كل متحابين اجتمعا على معصية الله تعالى والخلة الحقيقة هى ان لا تكون لطمع ولا لخوف بل فى الدين ولذا ورد (كونوا فى الله إخوانا) اى فى طريق الرحمن لا فى طريق الشيطان وفى الحديث (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وفى الحديث (لا تصاحب الا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) قال مالك بن دينار انك ان تنقل الحجارة مع الأبرار خير من ان تأكل الخبيص مع الفجار قال بعضهم المراد بالشيطان قرين السوء سماه شيطانا لانه الضال المضل فمن لم يكن فيه طلب الله فهو الشيطان كالانعام بل هو أضل لان الانعام ليست بمضلة والشيطان ضال مضل وانشد ابو بكر محمد بن عبد الله الحامدي رحمه الله اصحب خيار الناس حين لقيتهم ... خير الصحابة من يكون عفيفا والناس مثل دراهم ميزتها ... فوجدت فيهم فضة وز يوفا وفى الحديث (مثل الجليس الصالح مثل العطار ان لم ينلك من عطره يعبق بك من ريحه ومثل الجليس السوء مثل الكير ان لم يحرقك بناره يعبق بك ريحه) قدم ناس الى مكة وقالوا قدمنا الى بلدكم فعرفنا خياركم من شراركم فى يومين قيل كيف قالوا الحق خيارنا بخياركم وشرارنا بشراركم فالف كل شكله وأخذ جماعة من اللصوص فقال أحدهم انا كنت مغنيالهم وما كنت منهم فقيل له غن فغنى بقول عدى عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى فقيل صدقت وامر بقتله: وفى المثنوى حق ذات پاك الله الصمد ... كه بود به مار بد از يار بد «1» مار بد جانى ستاند از سليم ... يار بد آرد سوى نار جحيم از قرين بى قول وكفت وكوى او ... خو بد زدد دل نهان از خوى او اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد «2»

_ (1) در اواخر دفتر پنجم در بيان جواب دادن خر روباه را (2) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله إلخ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 30 إلى 34]

واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزندكى از وى بجست چون تو در قرآن حق بگريختى ... با روان انبيا آويختى هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر پاك كبريا ور بخوانى ونه قرآن پذير ... انبيا وأوليا را ديده كير ور پذيرايى چوبر خوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد در قفص مرغ كو اندر قفص زندانيست ... مى نجويد رستن از زندانيست روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبيا ورهبر شايسته اند از برون آوازشان آيد ز دين ... كه ره رستن ترا اين است اين ما بدين رستيم زين تنكين قفص ... جز كه اين ره نيست چاره اين قفص نسأل الله الخلاص والالتحاق بأرباب الاختصاص والعمل بالقرآن فى كل زمان وعلى كل حال وَقالَ الرَّسُولُ عطف على قوله تعالى (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) وما بينهما اعتراض اى قالوا كيت وكيت وقال الرسول محمد عليه السلام اثر ما شاهد منهم غاية العتو ونهاية الطغيان بطريق البث الى ربه يا رَبِّ [اى پروردگار من] إِنَّ قَوْمِي قريشا اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً اى متروكا بالكلية ولم يؤمنوا به وصدوا عنه وفيه تلويح بان حق المؤمن ان يكون كثير التعاهد للقرآن اى التحفظ والقراءة كل يوم وليلة كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم وفى الحديث (من تعلم القرآن وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا اقض بينى وبينه) ومن أعظم الذنوب ان يتعلم الرجل آية من القرآن او سورة ثم ينساها والنسيان ان لا يمكنه القراءة من المصحف كما فى القنية وفى الحديث (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وذكر الله) دل پر درد را دوا قرآن ... جان مجروح را شفا قرآن هر چهـ جويى ز نص قرآن جوى ... كه بود كنج علمها قرآن وفى المثنوى شاهنامه يا كليله پيش تو ... همچنان باشد كه قرآن از عتو «1» فرق آنكه باشد از حق ومجاز ... كه كند كحل عنايت چشم باز ور نه پشك ومشك پيش اخشمى ... هر دو يكسانست چون نبود شمى خويشتن مشغول كردن از ملال ... باشدش قصد كلام ذو الجلال كاتش وسواس را وغصه را ... زان سخن بنشاند وسازد دوا وَكَذلِكَ اى كما جعلنا لك اعداء من مجرمى قومك كابى جهل ونحوه جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ من الأنبياء المتقدمين عَدُوًّا اى اعداء فانه يحتمل الواحد والجمع مِنَ الْمُجْرِمِينَ اى مجرمى قومهم كنمرود لابراهيم وفرعون لموسى واليهود لعيسى فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا وفيه تسلية لرسول الله وحمل له على الاقتداء بمن قبله من الأنبياء الذين هم اصحاب

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان لابه كردن قبطى سبطى را إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 32]

الشريعة والدعوة إليها وَكَفى بِرَبِّكَ اى ربك والباء صلة للتأكيد هادِياً تمييز اى من جهة هدايته لك الى كافة مطالبك ومنها انتشار شريعتك وكثرة الآخذين بها وَنَصِيراً ومن جهة نصرته لك على جميع أعدائك فلا تبال بمن يعاديك وسيبلغ حكمك الى أقطار الأرض وأكناف الدنيا دلت الآية بالعبارة والاشارة على ان لكل نبى وولى عدوا يمتحنه الله به ويظهر شرف اصطفائه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله رفعت درجات الأنبياء والأولياء بامتحانهم بالمخالفين والأعداء از براى حكمتى روح القدس از طشت زر ... دست موسى را بسوى طشت آزر مى برد قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه تعالى يقيض لكل صديق صادق فى الطلب عدوا معاندا من مطرودى الحضرة ليؤذيه وهو يصبر على أذاه فى الله ويختبر به حلمه ويرضى بقضاء الله ويستسلم بالصبر على بلائه ويشكره على نعمة التوفيق للتسليم وتفويض الأمر الى الله والتوكل عليه ليسير بهذه الاقدام الى الله بل يطير بهذه الاجنحة فى الله بالله كما هو سنة الله فى تربية أنبيائه وأوليائه ولن تجد لسنة الله تبديلا وفى الخبر (لو ان مؤمنا ارتقى على ذروة جبل لقيض الله اليه منافقا يؤذيه فيؤجر عليه) ثم لم يغادر الله المجرم المعاند العدو لوليه حتى اذاقه وبال ما استوجبه على معاداته كما قال فى حديث ربانى (من عادى لى وليا فقد بارزني بالحرب) وقال (وانا انتقم لاوليائى كما ينتقم الليث الجريء لجروه) [دانشمندى بود در فن منطق منفرد ودر سائر علوم رياضى متبحر مولانا مير جمال نام كه در كسوت قلندرى مى زيست وكپنك مى پوشيد ونماز نمى كذاريد ودر ارتكاب محرمات بغايت دلير وبى حيا بود ومنكر طريق مشايخ وطائفه أوليا ودائم الأوقات غيبت ومذمت حضرات ايشان ميكرد وسخنان بى ادبانه ميكفت روزى با سه طالب علم كه ايشان نيز در مقام هزل وظرافت وتعرض وسفاهت بودند بمجلس مولانا ناصر الدين اترارى درآمدند و پيش از انكه بسخن آغاز كند مقدارى بنك از آستين كپنك بيرون آورد ودر دهان نهاد وخواست كه فرو برد در كلوى وى محكم شد وراه نفس بر وى بسته كشت آخر حضرت شيخ فرمودند تا مشتى محكم بر كلوى وى زدند وآن بنك از كلوى وى در ميان مجلس افتاد وهمه حاضران برو خنديدند واو با خجالت تام از مجلس بيرون آمد ورسوا شد فرار نمود وديكر كسى ازو نشان نداد] : وفى المثنوى چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان پرد «1» آنكه مى دريد جامه خلق چست ... شد دريده آن او ايشان درست آن دهان كژ كزو تسخير بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب اهل وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ [وكفتند مشركان عرب چرا فرو فرستاده نشده بر محمد قرآن] فلولا تحضيضية بمعنى هلا والتنزيل هاهنا مجرد عن معنى التدريج بمعنى انزل كخبر بمعنى اخبر لئلا يناقض قوله جُمْلَةً واحِدَةً دفعة واحدة كالكتب الثلاثة

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان كثر ماندن دهان آنشخص إلخ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 33 إلى 34]

اى التوراة والإنجيل والزبور حال من القرآن إذ هي فى معنى مجتمعا وهذا اعتراض حيرة وبهت لا طائل تحته لان الاعجاز لا يختلف بنزوله جملة او مفرقا وقد تحدّوا بسورة واحدة فعجزوا عن ذلك حتى اخلدوا الى بذل المهج والأموال دون الإتيان بها مع ان للتفريق فوائد منها ما أشار اليه بقوله كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ محل الكاف النصب على انها صفة لمصدر مؤكد معلل بما بعده وذلك اشارة الى ما يفهم من كلامهم اى مثل ذلك التنزيل المفرق الذي قدحوا فيه نزلناه لا تنزيلا مغايرا له لنقوّى بذلك التنزيل المفرق فؤادك اى قلبك فان فيه تيسيرا لحفظ النظم وفهم المعنى وضبط الاحكام والعمل بها ألا ترى ان التوراة أنزلت دفعة فشق العمل على بنى إسرائيل ولانه كلما نزل عليه وحي جديد فى كل امر وحادثة ازداد هو قوة قلب وبصيرة وبالجملة إنزال القرآن منجما فضيلة خص بها نبينا عليه السلام من بين سائر النبيين فان المقصود من انزاله ان يتخلق قلبه المنير بخلق القرآن ويتقوى بنوره ويتغذى بحقائقه وعلومه وهذه الفوائد انما تكمل بانزاله مفرقا ألا يرى ان الماء لو نزل من السماء جملة واحدة لما كانت تربية الزروع به مثلها إذا نزل مفرقا الى ان يستوى الزرع وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا عطف على ذلك المضمر. والترتيل التفريق ومجيئ الكلمة بعد الاخرى بسكوت يسير دون قطع النفس وأصله فى الأسنان وهو تفريجها. والمعنى كذلك نزلناه وقرأناه عليك شيأ بعد شىء على تؤدة وتمهل فى عشرين سنة او ثلاث وعشرين وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ اى بسؤال عجيب وكلام غريب كأنه مثل فى البطلان يريدون به القدح فى حقك وحق القرآن. والمعنى بالفارسية [ونمى آرند مشركان عرب براى تو يا محمد مثلى يعنى در بيان قدح نبوت وطعن كتاب تو سخن نمى كويند] إِلَّا جِئْناكَ فى مقابلته: وبالفارسية [مكر آنكه ما مى آريم براى تو] فالباء فى قوله بِالْحَقِّ للتعدية ايضا اى بالجواب الحق الثابت المبطل لما جاؤا به القاطع لمادة القيل والقال وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً عطف على الحق. والتفسير تفعيل من الفسر وهو كشف ما غطى. والمعنى وبما هو احسن بيانا وتفصيلا لما هو الحق والصواب ومقتضى الحكمة بمعنى انه فى غاية ما يكون من الحسن فى حد ذاته لا ان ما يأتون به له حسن فى الجملة وهذا احسن منه لان سؤالهم مثل فى البطلان فكيف يصح له حسن اللهم الا ان يكون بزعمهم يعنى لما كان السؤال حسنا بزعمهم قيل الجواب احسن من السؤال والاستثناء مفرغ محله النصب على الحالية اى لا يأتونك بمثل فى حال من الأحوال الا حال إتياننا إياك الحق الذي لا محيد عنه وهذا بعبارته ناطق ببطلان جميع الاسئلة وبصحة جميع الاجوبة وبإشارته منبئ عن بطلان السؤال الأخير وصحة جوابه إذ لولا ان التنزيل على التدريج لما أمكن ابطال تلك الاقتراحات الشنيعة او يقال كل نبى إذا قال له قومه قولا كان النبي هو الذي يرد عليهم واما النبي عليه السلام إذا قالوا له شيأ فالله يرد عليهم الَّذِينَ اى هم الذين يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ اى يحشرون كائنين على وجوههم يسحبون عليها ويجرّون الى جهنم: يعنى [روى بر زمين نهاده ميروند بسوى دوزخ] وفى الحديث (يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة اصناف صنف على الدواب وصنف على

[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 إلى 40]

الاقدام وصنف على الوجوه) فقيل يا نبى الله كيف يحشرون على وجوههم فقال (ان الذي أمشاهم على أقدامهم فهو قادر على ان يمشيهم على وجوههم أُوْلئِكَ [آن كروه] شَرٌّ مَكاناً [برتر از روى مكان يعنى مكان ايشان برترست از منازل مؤمنان كه در دنيا داشتند وايشان طعنه مى زدند كه] (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) وقال تعالى (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) اى من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما وَأَضَلُّ سَبِيلًا واخطأ طريقا من كل أحد: وبالفارسية [وكج تر ونا صوابترند از جهت راه چهـ راه ايشان مفضى بآتش دوزخست] والأظهر ان التفضيل للزيادة المطلقة. والمعنى اكثر ضلالا عن الطريق المستقيم وجعل مكانهم شرا ليكون ابلغ من شرارتهم وكذا وصف السبيل بالإضلال من باب الاسناد المجازى للمبالغة واعلم انهم كانوا يضللون المؤمنين ولذا قال تعالى حكاية (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فاذا افضى طريق المؤمنين الى الجنة وطريقهم الى النار يتبين للكل حال الفريقين: قال الصائب واقف نميشوند كه كم كرده اند راه ... تا رهروان براهنمايى نمى رسند والمميز يوم القيامة هو الله تعالى فانه يقول (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا لسجدة الله تعالى حشرهم الله تعالى على وجوههم ولما تواضع المؤمنون رفعهم الله على النجائب فمن هرب عن المخالفة واقبل الى الموافقة نجا ومن عكس هلك وأين يهرب العاصي والله تعالى مدركه قال احمد بن ابى الجواري كنت يوما جالسا على غرفة فاذا جارية صغيرة تقرع الباب فقلت من بالباب فقالت جارية تسترشد الطريق فقلت طريق النجاة أم طريق الهرب فقالت يا بطال اسكت فهل للهرب طريق وأينما يهرب العبد فهو فى قبضة مولاه فعلى العاقل ان يهرب فى الدنيا الى خير مكان حتى يتخلص فى الآخرة من شر مكان وخير مكان فى الدنيا هو المساجد ومجالس العلوم النافعة فان فيها النفحات الالهية: قال المولى الجامى قدس سره ما نداريم مشامى كه توانيم شنيد ... ور نه هر دم رسد از كلشن وصلت نفحات نسأل الله نفحات روضات التوحيد وروائح حدائق التفريد وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اللام جواب لقسم محذوف اى وبالله لقد آتينا موسى التوراة اى أنزلناها عليه بعد إغراق فرعون وقومه وفى الإرشاد والتعرض فى مطلع القصة لايتاء الكتاب مع انه كان بعد مهلك القوم ولم يكن له مدخل فى هلاكهم كسائر الآيات للايذان من أول الأمر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال ونيله نهاية الآمال التي هى إنجاء بنى إسرائيل من ملك فرعون وإرشادهم الى طريق الحق بما فى التوراة من الاحكام وَجَعَلْنا مَعَهُ الظرف متعلق بجعلنا أَخاهُ مفعول أول له هارُونَ بدل من أخاه وهو اسم أعجمي ولم يرد فى شىء من كلام العرب وَزِيراً مفعول ثان اى معينا يوازره ويعاونه فى الدعوة وإعلاء الكلمة فان الموازرة المعاونة وفى القاموس الوزر بالكسر الثقل والحمل الثقيل والوزير حبأ الملك الذي يحمل ثقله ويعينه برأيه وحاله الوزارة بالكسر ويفتح والجمع وزراء والحبأ محركة جليس الملك

[سورة الفرقان (25) : الآيات 36 إلى 37]

وخاصته وقال بعضهم الوزير الذي برجع اليه ويتحصن برأيه من الوزر بالتحريك وهو ما يلتجأ اليه ويعتصم به من الجبل ومنه قوله تعالى (كَلَّا لا وَزَرَ) اى لا ملجأ يوم القيامة والوزر بالكسر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل لقوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) وقوله (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) والوزير بالفارسية [يار ومددكار وكارساز] فان قلت كون هارون وزيرا كالمنافى لكونه شريكا فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لأن المتشاركين فى الأمر متوازران عليه فَقُلْنَا لهما حينئذ اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا هم فرعون وقومه اى القبط والآيات هى المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يد موسى عليه السلام ولم يوصف القوم عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن الأمر به بل انما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لعلة استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير ويقال بآياتنا التكوينية اى بالعلامات التي خلق الله فى الدنيا ويقال بالرسل وبكتب الأنبياء الذين قبل موسى كما فى قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) فالباء على كل تقدير متعلقة بكذبوا لا باذهبا وان كان الذهاب إليهم بالآيات كما فى قوله فى الشعراء (فَاذْهَبا بِآياتِنا) واما التكذيب فتارة يتعلق بالآيات كما فى قوله فى الأعراف (فَظَلَمُوا بِها) اى بالآيات وقوله فى طه (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) وتارة بموسى وهارون كما فى قوله فى المؤمنين (فَكَذَّبُوهُما) فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) التدمير إدخال الهلاك على الشيء والدمار الاستئصال بالهلاك والدمور الدخول بالمكروه وتقدير الكلام فذهبا إليهم فارياهم آياتنا كلها فكذبوهما تكذيبا مستمرا فاهلكناهم اثر ذلك التكذيب المستمر إهلاكا عجيبا هائلا لا يدرك كنهه: وبالفارسية [پس هلاك كرديم ايشانرا هلاك كردنى بإغراق درياى قلزم] فاقتصر على حاشيتى القصة اى أولها وآخرها اكتفاء بما هو المقصود منها وهو الزام الحجة ببعثة الرسل والتدمير بالتكذيب والفاء للتعقيب باعتبار نهاية التكذيب اى باعتبار استمراره والا فالتدمير متأخر عن التكذيب بأزمنة متطاولة وَقَوْمَ نُوحٍ منصوب بمضمر يدل عليه فدمرناهم اى ودمرنا قوم نوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ اى نوحا ومن قبله من الرسل كشيث وإدريس او نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لاتفاقهم على التوحيد والإسلام ويقال ان نوحا كان يدعو قومه الى الايمان به وبالرسل الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل كما ثبت ان كل نبى أخذ العهد من قومه ان يؤمنوا بخاتم النبيين ان أدركوا زمانه أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان. والإغراق [غرقه كردن] والغرق الرسوب فى الماء اى السفول وهو استئناف مبين لكيفية تدميرهم وَجَعَلْناهُمْ اى إغراقهم وقصتهم لِلنَّاسِ آيَةً عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها او سمعها: وبالفارسية [نشانى وداستانى] وهو مفعول ثان لجعلنا وللناس ظرف لغوله وَأَعْتَدْنا [وآماده كرديم] اى فى الآخرة لِلظَّالِمِينَ اى لهم اى للمغرقين والإظهار فى موقع الإضمار للتسجيل بظلمهم والإيذان بتجاوزهم الحد فى الكفر والتكذيب عَذاباً أَلِيماً سوى ما حلّ

[سورة الفرقان (25) : آية 38]

بهم من عذاب الدنيا ومعنى أليما وجيعا: وبالفارسية [دردناك] وَعاداً عطف على قوم نوح: يعنى [هلاك كرديم قوم عاد را بتكذيب هود] وَثَمُودَ [وكروه ثمود را بتكذيب صالح] وَأَصْحابَ الرَّسِّ الرس البئر وكل ركية لم تطو بالحجارة والآجر فهو رس كما قال فى الكشاف الرس البئر الغير المطوية اى المبنية انتهى وفى القاموس كالصحاح المطوية بإسقاط غير واصحاب الرس قوم يعبدون الأصنام بعث الله إليهم شعيبا عليه السلام فكذبوه فبينما هم حول الرس اى بئرهم الغير المبنية التي يشربون منها ويسقون مواشيهم إذا نهارت فخسف بهم وبديارهم ومواشيهم وأموالهم فهلكوا جميعا وفى القاموس الرس بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورسوه فى بئر انتهى اى دسوه واخفوه فيها فنسبوا الى فعلهم بنبيهم فالرس مصدر ونبيهم هو حنظلة بن صفوان كان قبل موسى على ما ذكر ابن كثير وحين دسوه فيها غار ماؤها وعطشوا بعدريهم ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم بعد أن كان ماؤها يرويهم ويكفى ارضهم جميعا وتبدلوا بعد الانس الوحشة وبعد الاجتماع الفرقة لانهم كانوا ممن يعبد الأصنام وقد كان ابتلاهم الله تعالى بطير عظيم ذى عنق طويل كان فيه من كل لون فكان ينقض على صبيانهم يخطفهم إذا أعوزه الصيد وكان إذا خطف أحدا منهم اغرب به الى جهة الغرب فقيل له لطول عنقه ولذهابه الى جهة المغرب عنقاء مغرب [فرو برنده ونابديد كننده] فيوما خطف ابنة مراهقة فشكوا ذلك الى حنظلة النبي عليه السلام وشرطوا ان كفوا شره ان يؤمنوا به فدعا على تلك العنقاء فارسل الله عليها صاعقة فاحرقتها ولم تعقب او ذهب الله بها الى بعض جزائر البحر المحيط تحت خط الاستواء وهى جريرة لا يصل إليها الناس وفيها حيوان كثير كالفيل والكركدن والسباع وجوارح الطير قال الكاشفى [پيغمبر دعا فرمود كه خدايا اين مرغ را بگير ونسل بريده كردان دعاى پيغمبر بفر اجابت رسيده وآن مرغ غائب شد وديكر ازو خبرى واثرى پيدا نشد وجز نام ازو نشان نماند ودر چيزهاى نايافت بدو مثل زنند كما قيل منسوخ شد مروت ومعدوم شد وفا ... وز هر دو نام ماند چوعنقا وكيميا [وصاحب لمعات از بى نشانىء عشق برين وجه نشان ميدهد] عشقم كه در دو كون مكانم پديد نيست ... عنقاى مغربم كه نشانم بديدنيست فالعنقاء المغرب بالضم وعنقاء مغرب ومغربة ومغرب بالاضافة طائر معروف الاسم لا الجسم او طائر عظيم يبعد فى طيرانه او من الألفاظ الدالة على غير معنى كما فى القاموس ثم كان جزاؤه منهم ان قتلوه وفعلوا به ما تقدم من الرس يقال وجد حنظلة فى بئر بعد دهر طويل يده على شجته فرفعت يده فسال دمه فتركت يده فعادت على الشجة وقيل اصحاب الرس قوم نساؤهم مساحقات ذكر ان الدلهاث ابنة إبليس أتتهن فشهت الى النساء ذلك وعلمتهن فسلط الله عليهم صاعقة من أول الليل وخسفا فى آخره وصيحة مع الشمس فلم يبق منهم أحد وفى الخبر (ان من اشراط الساعة ان تستكفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وذلك السحق) وفى الحديث المرفوع (سحاق النساء زنى بينهن) وقيل قوم كذبوا نبيا أتاهم فحبسوه فى بئر ضيقة القعر ووضعوا

على رأس البئر صخرة عظيمة لا يقدر على حملها الا جماعة من الناس وقد كان آمن به من الجميع عبد اسود وكان العبد يأتى الجبل فيحتطب ويحمل على ظهره ويبيع الحزمة ويشترى بثمنها طعاما ثم يأتى البئر فيلقى اليه الطعام من خروق الصخرة وكان على ذلك سنين ثم ان الله تعالى أهلك القوم وأرسل ملكا فرفع الحجر واخرج النبي من البئر وقيل بل الأسود عالج الصخرة فقواه الله لرفعها والقى حبلا اليه واستخرجه من البئر فاوحى الله الى ذلك النبي انه رفيقه فى الجنة وفى الحديث (ان أول الناس دخولا الجنة لعبد اسود) يريد هذا العبد على بن الحسين ابن على زين العابدين رضى الله عنهم [روايت كند از پدر خويش كفتا مردى آمد از بنى تميم پيش امير المؤمنين على رضى الله عنه كفت يا امير المؤمنين خبر ده ما را از اصحاب رس از كدام قوم بودند ودر كدام عصر وديار ومسكن از ايشان كجا بود پادشاه ايشان كه بود رب العزة پيغمبر بايشان فرستاد يا نفرستاد وايشانرا بچهـ هلاك كرد ما در قرآن ذكر ايشان ميخوانيم كه اصحاب الرس نه قصه بيان كرده نه احوال ايشان كفته امير المؤمنين على كفت يا أخا تميم سؤالى كردى كه پيش از تو هيچ كس اين سؤال از من نكرد وبعد از من قصه ايشان از هيچ كس نشنود ايشان قومى بودند در عصر بنى إسرائيل پيش از سليمان بن داود بدرخت صنوبر مى پرستيدند آن درخت كه يافث بن نوح كشته بود بر شفير چشمه معروف وبيرون از ان چشمه نهرى بود روان وايشانرا دوازده پاره شهر بود بر شط آن نهر ونام آن نهر رس بود ودر بلاد مشرق ودر روزكار هيچ نهر عظيم تر وبزركتر از ان نهر نبود ونه هيچ شهر آبادان تر از ان شهرهاى ايشان ومهينه از شهرهاى مدينه بود نام آن اسفندآباد و پادشاه ايشان از نژاد نمرود بن كعنان بود ودر آن مدينه مسكن داشت وآن درخت صنوبر در آن مدينه بود وايشان تخم آن درخت بردند بآن دوازده پاره شهر تا در شهرى درختى صنوبر برآمد وبباليد واهل آن شهر آنرا معبود خود ساختند وآن چشمه كه در زير صنوبر اصل بود هيچ كس را دستورى نبود كه از آن آب بخورد يا بر كرفتى كه ميكفتند كه «هى حياة آلهتنا فلا ينبغى لاحد ان ينقص من حياتها» پس مردمان كه آب ميخوردند از نهر رس ميخوردند ورسم وآيين ايشان بود در هر ماهى اهل آن شهرها كرد آن درخت صنوبر خويش بر آمدن وآنرا بزيور وجامهاى ألوان بياراستن وقربانها كردن وآتشى عظيم افروختن وآن قربانها بر آن آتش نهادن تا دخان وقتاران بالا كرفتى چندانكه در آن تاركي دود ديدهاى ايشان از آسمان محجوب كشتى ايشان آن ساعت بسجود در افتادندى وتضرع وزارى فرا درخت كردندى تا از ميان آن درخت شيطان آواز دادى كه «انى قد رضيت عنكم فطيبوا نفسا وقروا عينا» چون آواز شيطان بكوش ايشان رسيدى سر برداشتندى شادان وتازان ويك شبانروز در نشاط وطرب وخمر خوردن بسر آوردندى يعنى كه معبود ما از ما راضى است بدين صفت روزكار در آن بسر آوردند تا كفر وشرك ايشان بغايت رسيد وتمرد وطغيان ايشان بالا كرفت رب العالمين بايشان پيغمبرى فرستاد از بنى إسرائيل از نژاد

[سورة الفرقان (25) : الآيات 39 إلى 40]

يهودا بن يعقوب روزكارى دراز ايشانرا دعوت كرد ايشان نكرديدند وشرك وكفر را بيفزودند تا پيغمبر در الله زاريد ودر ايشان دعاى بد كرد كفت «يا رب ان عبادك أبوا الا تكذيبى والكفر بك يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع فأرهم قدرتك وسلطانك» چون پيغمبر اين دعا كرد درختهاى ايشان همه خشك كشت كفتند اين همه از شومى اين مرد است كه دعوىء پيغمبرى ميكند وعيب خدايان ما ميجويد واو را بگرفتند ودر چاهى عظيم كردند آورده اند در قصه كه أنبوبها ساختند فراخ وآنرا بقعر آب فرو بردند وآب از ان أنبوبها بر ميكشيدند تا بخشك رسيد آنكه از آنجا در چاهى دور فرو بردند واو را در آن چاه كردند وسنكى عظيم بر سر آن چاه استوار نهادند وأنبوبها از قعر آب برداشتند كفتند اكنون دانيم كه خدايان ما از ما خشنود شوند كه عيب جوى ايشانرا هلاك كرديم پيغمبر در آن وحشتگاه بالله ناليد وكفت «سيدى ومولاى قد ترى ضيق مكانى وشدة كربى فارحم ضعف ركنى وقلة حيلتى وعجل قبض روحى ولا تؤخر اجابة دعوتى حتى مات عليه السلام فقال الله لجبريل ان عبادى هؤلاء غرهم حلمى وأمنوا مكرى وعبدوا غيرى وقتلوا رسولى فانا المنتقم ممن عصانى ولم يخش عقابى وانى حلفت لاجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين» پس رب العالمين باد عاصف كرم بايشان فرو كشاد تا همه بيكديكر شدند وفراهم پيوستند آنكه زمين در زير ايشان چون سنك كبريت كشت واز بالا ابرى سياه بر آمد وآتش فرو باريد وايشان چنانكه از زير در آتش فرو كدازد فرو كداختند] نعوذ بالله من غضبه ودرك نقمته كذا فى كشف الاسرار للعالم الرباني الرشيد اليزدي وَقُرُوناً اى ودمرنا ايضا اهل اعصار جمع قرن وهم القوم المقترنون فى زمن واحد وفى القاموس الأصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا فعاش مائة سنة) بَيْنَ ذلِكَ المذكور من الطوائف والأمم: وبالفارسية [ميان قوم نوح وعاد وميان عاد وثمود تا باصحاب الرس] كَثِيراً لا يعلم مقدارها الا الله كقوله (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) ولذلك قالوا كذب النسابون اى الذين ادعوا العلم بالأنساب وهو صفة لقوله قرونا والافراد باعتبار معنى الجمع او العدد كما فى قوله تعالى (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً) وَكُلًّا منصوب بمضمر يدل عليه ما بعده اى ذكرنا وأنذرنا كل واحد من الأمم المذكورين المهلكين ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ بيناله القصص العجيبة الزاجرة عماهم عليه من الكفر والمعاصي بواسطة الرسل وَكُلًّا اى كل واحد منهم بعد التكذيب والإصرار تَبَّرْنا تَتْبِيراً أهلكنا إهلاكا عجيبا هائلا فان التبر بالفتح والكسر الإهلاك والتتبير التكسير والتقطيع قال الزجاج كل شىء كسرته وفتته فقد تبرته ومنه التبر لمكسر الزجاج وفتات الذهب والفضة قبل ان يصاغا فاذا صبغا فهما ذهب وفضة وَلَقَدْ أَتَوْا اى وبالله لقد اتى قريش فى متاجرهم الى الشام ومروا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ يعنى سدوم بالدال المهملة وقيل بالذال المعجمة أعظم قرى قوم لوط أمطرت عليها الحجارة وأهلكت فان أهلها كانوا يعملون العمل الخبيث وكان كل حجر منها قدر انسان واعلم ان قرى قوم لوط خمس ما نجا منها الا واحدة لان أهلها كانوا لا يعملون العمل

الخبيث وسدوم من التي أهلكت وتخصيصها هاهنا لكونها فى ممر تجار قريش وكانوا حين مرورهم بها يرونها مؤتفكة ولا يعتبرون. وانتصاب مطر على انه مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل فى أنبته الله نباتا حسنا اى امطار السوء ومطر مجهولا فى الخير وأمطر فى الشر وقيل هما لغتان والسوء بفتح السين وضمها كل ما يسوء الإنسان ويغمه من البلاء والآفة: والمعنى بالفارسية [وبركذشتند بر آن شهر كه باران بد باريد يعنى برو سنك بارانيده شد] وفى الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأى ليلة المعراج فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسأل عن ذلك جبريل فقال هذه الحجارة فضلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك) اى خفيت وأعدت وذلك ان من اشراط الساعة ان يمطر السماء بعض الحبوب كالقمح والذرة ونحوهما وقد شاهدناه فى عصرنا وسيأتى زمان تمطر الحجارة ونحوها على الظالمين نعوذ بالله تعالى أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها [آيا نمى ديدند آنرا سرنكون] اى فى مرار مرورهم فيخافوا ويعتبروا ويؤمنوا بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً حقيقة الرجاء انتظار الخير وظن حصول ما فيه مسرة وليس النشور اى احياء الميت خيرا مؤديا الى المسرة فى حق الكافر فهو مجاز عن التوقع والتوقع يستعمل فى الخير والشر فامكن ان يتصور النسبة بين الكافر وتوقع النشور. والمعنى بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا اى ينكرون النشور المستتبع للجزاء الأخروي ولا يرون لنفس من النفوس نشورا أصلا مع تحققه حتما وشموله للناس عموما واطراده وقوعا فكيف يعترفون بالجزاء الدنيوي فى حق طائفة خاصة مع عدم الاطراد والملازمة بينه وبين المعاصي حتى يتذكروا ويتعظوا بما شاهدوه من آثار الهلاك وانما يحملونه على الاتفاقات واعلم ان النشور لا ينكره الا الكفور وقد جعل الله الربيع فى الدنيا شاهدا له ومشيرا لوقوعه وفى الخبر (إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور) والربيع مثل يوم النشور لان الربيع وقت إلقاء البذر ويكون الزراع قلبه معلقا الى ذلك الوقت أيخرج أم لا فكذلك المؤمن يجتهد فى طاعته وقلبه يكون معلقا بين الخوف والرجاء الى يوم القيامة أيقبل الله تعالى منه أم لا ثم إذا خرج الزرع وأدرك يحصد ويداس ويذرى ثم يطحن ويعجن ويخبز وإذا خرج من التنور بلا احتراق يصلح للخوان ولو احترق ضاع عمله وبطل سعيه وكذلك العبد يصلى ويصوم ويزكى ويحج فاذا جاء ملك الموت وحصد روحه بمنجل الموت وجعلوه فى القبر يكون فيه الى يوم القيامة وإذا جاء يوم القيامة وخرج من قبره ووقع الحشر والنشور وامر به الى الصراط فاذا جاوز الصراط سالما فقد صلح للرؤية والا فقد هلك فعلى العاقل ان يتفكر فى المنشور ويتذكر عاقبة الأمور: وفى المثنوى فضل مردان بر زن اى حالى پرست ... زان بود كه مرد پايان بين ترست مرد كاندر عاقبت بينى خمست ... او ز اهل عاقبت از زن كمست از جهان دو بانك مى آيد بضد ... تا كدامين را تو باشى مستعد «1» آن يكى بانكش نشور اتقيا ... وين دكر بانكش فريب اشقيا آن يكى بانك اين كه اينك حاضرم ... بانك ديكر بنكر اندر آخرم

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا كه زبان حال وبيوفائى إلخ

[سورة الفرقان (25) : الآيات 41 إلى 45]

من شكوفه خارم اى فخر كبار ... كل بريزم من نمايم شاخ خار بانك اشكوفه اش كه اينك كل فروش ... بانك خارش او كه سوى ما مكوش اى خنك آن كو ز اوّل آن شنيد ... كش عقول ومستمع مردان شنيد وَإِذا رَأَوْكَ اى ابصروك يا محمد يعنى قريشا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً ان نافية اى ما يتخذونك الا موضع هزو اى يستهزئون بك قائلين بطريق الاستحقار والتهكم أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا اى بعث الله إلينا رسولا ليثبت الحجة علينا: وبالفارسية [آيا اين كس آنست كه او را بر انگيخت خدا وفرستاد پيغمبر] يعنى لم يقتصروا على ترك الايمان وإيراد الشبهات الباطلة بل زادوا عليه الاستخفاف والاستهزاء إذا رأوه وهو قول ابى جهل لابى سفيان وهذا نبى بنى عبد مناف وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الحس لا يرون النبوة والرسالة بالحس الظاهر لانها تدرك بنظر البصيرة المؤيدة بنور الله وهم عميان بهذا البصر فلما سمعوا منه ما لم يهتدوا به من كلام النبوة والرسالة ما اتخذوه الا هزؤا وقالوا مستهزئين أهذا الذي بعث الله رسولا وهو بشر مثلنا محتاج الى الطعام والشراب: وفى المثنوى كار پاكان را قياس از خود مكير ... كر چهـ ماند در نبشتن شير شير «1» جمله عالم زين سبب كمراه شد ... كم كسى ز ابدال حق آگاه شد همسرى با انبيا برداشتند ... أوليا را همچوخود پنداشتند كفته اينك ما بشر ايشان بشر ... ما وايشان بسته خوابيم وخور اين ندانستند ايشان از عمى ... هست فرق در ميان بى منتهى هر دو كون زنبور خوردند از محل ... ليك شد زين نيش وزان ديكر عسل هر دو كون آهو گيا خوردند وآب ... زين يكى سركين شد وز ان مشك ناب هر دونى خوردند از يك آبخور ... اين يكى خالى وان پر از شكر إِنْ كادَ ان مخففة من الثقيلة واللام فى لَيُضِلُّنا هى الفارقة بينهما وضمير الشان محذوف اى انه كاد اى قارب محمد ليضلنا عَنْ آلِهَتِنا اى ليصرفنا عن عبادتها صرفا كليا بحيث يبعدنا عنها: وبالفارسية [بدرستى نزديك بود كه او بسخن دلفريب وبسيارى جهد در دعوت واظهار دلائل بر مدعاى خود كمراه كند وباز دارد ما را از پرستش خدايان ما لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها قال الله تعالى فى جوابهم وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ البتة وان تراخى حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ الذي يستوجبه كفرهم اى يرون فى الآخرة عيانا ومن العذاب عذاب بدر ايضا مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا نسبوه عليه السلام الى الضلال فى ضمن الإضلال فان أحدا لا يضل غيره الا إذا كان ضالا فى نفسه فردهم الله واعلم انه لا يهملهم وان امهلهم وصف السبيل بالضلال مجازا والمراد سالكوها ومن أضل سبيلا جملة استفهامية معلقة ليعلمون فهى سادة مسد مفعوليه أَرَأَيْتَ [آيا ديدى] مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ كلمة أرأيت تستعمل تارة للاعلام وتارة للسؤال وهاهنا للتعجيب

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان حكايت مرد مقال إلخ

من جهل من هذا وصفه والهه مفعول ثان قدم على الاول للاعتناء به لانه الذي يدور عليه امر التعجب والهوى مصدر هويه إذا أحبه واشتهاه ثم سمى به المهوى المشتهى محمودا كان او مذموما ثم غلب على غير المحمود فقيل فلان اتبع هواه إذا أريد ذمه فالهوى ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند منقول ودليل معقول. والمعنى أرأيت يا محمد من جعل هواه الها لنفسه بان أطاعه وبنى عليه امر دينه معرضا عن استماع الحجة والبرهان بالكلية كأنه قيل ألا تعجب ممن جعل هواه بمنزلة الإله فى الالتزام طاعته وعدم مخالفته فانظر اليه وتعجب منه وهذا الاستفهام للتقرير والتعجيب وكفته اند قومى بودند از عرب كه سنك مى پرستيدند هر كاه كه ايشانرا سنكى نيكو بچشم آمدى ودل ايشان آن خواستى آنرا سجود بردندى وآنچهـ داشتندى بيفكندندى حارث بن قيس از ايشان بود در كاروانى ميرفتند وآن سنك داشتند از شتر بيفتاد آواز در قافله افتاد كه سنك معبود از شتر بيفتاد توقف كنيد تا بجوييم ساعتى جستند ونيافتند كوينده از ايشان آواز داد كه] وجدت حجرا احسن منه فسيروا وفى الحديث (ما عبد اله ابغض على الله من الهوى) فكل من يعيش على ما يكون له فيه شرب نفسانى ولو كان استعمال الشريعة بهذه الطبيعة ومطلبه فيه الحظوظ النفسانية لا الحقوق الربانية فهو عابد هواه كما فى التأويلات النجمية قال الكاشفى صاحب تأويلات فرموده كه هر كه بغير خداى چيزى دوست دارد وبرو باز ماند واو را پرسته در حقيقت هواى خود را مى پرستد زيرا كه هواى او را بر محبت غير خدا ميدارد سيد حسينى رحمه الله در طرب المجالس آورده كه چون آدم صفى عليه السلام با حوا عقد بستند إبليس ودنيا بيكديكر پيوستند وهمچنانكه از امتزاج آنان با يكديكر آدمي وجود كرفت از وصلت إينان با همه هوا مدد مى يابند رسوم وعادات مردوده ومذاهب واديان مختلفه همه از تأثير او ظهور مى يابد غبارى كه خيزد ميان ره اوست ... چهـ كويم كه هر يوسفى را چهـ اوست قوت غلبه او تا حديست كه «الهوى أول اله عبد فى الأرض» در شان او وارد شده وزبان قرآن در حق او چنين فرموده كه (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) كويى كه اصل هواست وآلهه باطله همه فرع اويند وازينجا كه مخالفت هوى سبب وصول بحقيقت ايمانست] سر ز هوى تافتن از سروريست ... ترك هوى قوت پيغمبريست قال ابو سليمان رحمه الله من اتبع نفسه هواها فقد سعى فى قتلها لان حياتها بالذكر وموتها وقتلها بالغفلة فاذا غفل اتبع الشهوات وإذا اتبع الشهوات صار فى حكم الأموات: وفى المثنوى اين جهان شهوتى بتخانه ايست ... انبيا وكافرانرا لانه ايست ليك شهوت بنده پاكان بود ... زر نسوزد ز انكه نقد كان بود «1» كافران قلبند و پاكان همچوزر ... اندرين پوته درند اين دو نفر قلب چون آمد سيه شد در زمان ... زر در آمد شد زرىّ او عيان

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان ظاهر كردانيدن سليمان كه مرا خالصا لامر الله إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 44]

[يكى را از أكابر سمرقند كفتند كه اگر كسى در خواب بيند كه حق سبحانه وتعالى مرده است تعبير آن چيست وى كفت كه أكابر كفته اند كه اگر كسى در خواب بيند كه پيغمبر صلى الله عليه وسلم مرده است تعبيرش آنست كه در شريعت اين صاحب واقعه قصورى وفتورى واقع شده است وآن مردن صورت شريعت است اين نيز مثل آن زنكى دارد. وبعضى كبار مى فرمودند كه ميتوان بود كه كسى حضور مع الله بوده باشد ناكاه آن حضور نماند تعبير آن مردن آن باشد. ومولانا نور الدين عبد الرحمن جامى رحمه الله اين سخن را تأويل ديكر كرده بودند فرموده كه ميتواند بود كه بحكم آيت كريمه (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) يكى از هواها كه صاحب واقعه آنرا خداى خود كرفته بوده است. از دل وى رخت بندند ونابود شود آن مردن خداى عبارت از نابودن اين هوا بود پس اين خواب دليل باشد بر آنكه حضور او زياده شود كذا فى رشحات على الصفي بن الحسين الكاشفى] أَفَأَنْتَ تَكُونُ [آيا مى باشى تو] عَلَيْهِ [بر آنكس كه هواى خود را خدا ساخته] وَكِيلًا حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا اى الاتخاذ اى لست موكلا على حفظه بل أنت منذر فهذا الاستفهام للانكار وليس هذا نهيا عن دعائه إياهم بل الاعلام بانه قد قضى ما عليه من الانذار والاعذار وقال بعض المفسرين هذه منسوخة بآية السيف أَمْ تَحْسَبُ بل أتظن: وبالفارسية [بلكه كمان ميبرى] أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ ما يتلى عليهم من الآيات حق سماع أَوْ يَعْقِلُونَ ما فى تضاعيفها من المواعظ الزاجرة عن القبائح الداعية الى المحاسن فتهتم بشأنهم وتطمع فى ايمانهم وتخصيص الا كثر لانه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استدبارا وخوفا على الرياسة قال ابن عطاء رحمه الله لا تظن انك تسمع نداءك انما تسمعهم ان سمعوا نداء الأزل والا فان نداءك لهم ودعوتك لا تغنى عنهم شيأ واجابتهم دعوتك هو بركة جواب نداء الأزل ودعوته فمن غفل واعرض فانما هو لبعده عن محل الجواب فى الأزل إِنْ هُمْ ما هم فى عدم انتفاعهم بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات وانتفاء التدبر فيما يشاهدونه من الدلائل والمعجزات إِلَّا كَالْأَنْعامِ الا كالبهائم التي هى مثل فى الغفلة وعلم فى الضلالة وفى التأويلات النجمية ليس لهم نهمة الا فى الاكل والشرب واستجلاب حظوظ النفس كالبهائم التي نهمتها الاكل والشرب بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا من الانعام لانها تنقاد لمن يقودها وتميز من يحسن إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ولانها لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا ولا شرا بخلاف هؤلاء ولان جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدى الى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولانها غير متمكنة من طلب الكمال فلا تقصير منها ولاذم وهؤلاء مقصرون مستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم واعلم ان الله تعالى خلق الملائكة وعلى العقل جبلهم وخلق البهائم وركب فيها الشهوة وخلق الإنسان وركب فيه الامرين اى العقل والشهوة فمن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم ولذا قال تعالى (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)

[سورة الفرقان (25) : آية 45]

لان الإنسان بقدمي العقل المغلوب والهوى الغالب ينقل الى أسفل دركة لا تبلغ البهائم إليها بقدم الشهوة فقط ومن غلب عقله هواه اى شهوته فهو بمنزلة الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن كان غالبا على امره فهو خير من الملائكة كما قال تعالى (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) كما قال فى المثنوى در حديث آمد كه يزدان مجيد ... خلق عالم را سه كونه آفريد «1» يك كروه را جمله عقل وعلم وجود ... آن فرشته است او نداند جز سجود نيست اندر عنصرش حرص وهوا ... نور مطلق زنده از عشق خدا يك كروه ديكر از دانش تهى ... همچوحيوان از علف در فربهى او نبيند جز كه إصطبل وعلف ... از شقاوت غافلست واز شرف اين سوم هست آدمي زاد وبشر ... از فرشته نيمى ونيمى ز خر نيم خر خود مائل سفلى بود ... نيم ديكر مائل علوى شود آن دو قسم آسوده از جنك وخراب ... وين بشر باد ومخالف در عذاب واين بشر هم ز امتحان قسمت شدند ... آدمي شكلند وسه امت شدند يك كروه مستغرق مطلق شدست ... همچوعيسى با ملك ملحق شدست نقش آدم ليك معنى جبرئيل ... رسته از خشم وهوا وقال وقيل قسم ديكر با خران ملحق شدند ... خشم محض وشهوت مطلق شدند وصف جبريلى در ايشان بود رفت ... تنك بود آن خانه وآن وصف رفت نام «كالانعام» كرد آن قوم را ... زانكه نسبت كو بيقظه نوم را روح حيوانى ندارد غير نوم ... حسهاى منعكس دارند قوم ماند يك قسمى دكر اندر جهاد ... نيم حيوان نيم حى با رشاد روز وشب در جنك واندر كشمكش ... كرده جاليش آخرش با اولش فعلى العاقل الاحتراز عن الافعال الحيوانية فانها سبب لزوال الجاه الصوري والمعنوي سئل بعض البرامكة عن سبب زوال دولتهم قال نوم الغدوات وشرب العشيات وقيل لى وانا مراقب بعد صلاة الفجر من لم يترك النوم اى من لم يترك الراحة الظاهرة مطلقا ومال كالحيوان الى الدعة والحضور لم يتخلص من الغفلة فمدار الخلاص هو ترك الراحة والعمل بسبيل مخالفة النفس والطبيعة أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والهمزة للتقرير والرؤية رؤية العين. والمعنى ألم تنظر الى بديع صنعه تعالى فان المنظور يجب ان يكون مما يصح ان يتعلق به رؤية العين كَيْفَ منصوبة بقوله مَدَّ الظِّلَّ اصل المد الجزء من المدة للوقت الممتد والظل ما يحصل مما يضيئ بالذات كالشمس او بالغير كالقمر قال فى المفردات الظل ضد الضح وهو بالكسر الشمس وضوءها كما فى القاموس وهو أعم من الفيء فانه يقال ظل الليل وظل الجنة ويقال لكل موضع لا تصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيء الا لما زال عنه الشمس يعنى ان الشمس تنسخ الظل وتزيله شيأ فشيأ الى الزوال ثم ينسخ الظل ضوء

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان اين حديث نبوى كه ان الله تعالى خلق الملائكة وركب فيهم العقل إلخ [.....]

[سورة الفرقان (25) : الآيات 46 إلى 50]

الشمس ويزيله من وقت الزوال الى الغروب فالظل الآخذ فى التزايد الناسخ لضوء الشمس يسمى فيأ لانه فاء من جانب المشرق الى جانب المغرب فهو من الزوال الى الغروب والظل الى الزوال. والمعنى كيف انشأ الظل أي ظل كان من جبل او بناء او شجر عند ابتداء طلوع الشمس ممتدا وهو بيان لكمال قدرته وحكمته بنسبة جميع الأمور الحادثة اليه بالذات وإسقاط الأسباب العادية عن رتبة السببية والتأثير بالكلية وقصرها على مجردة الدالة على وجود المسببات وَلَوْ شاءَ ربك سكون ذلك الظل لَجَعَلَهُ ساكِناً اى ثابتا على حاله من الطول والامتداد ومقيما: وبالفارسية [ثابت وآرام يافته بر يك منوال] يقال فلان يسكن بلد كذا إذا اقام به واستوطن والجملة اعتراضية بين المعطوفين للتنبيه من أول الأمر على انه لا مدخل فيما ذكر من المد للاسباب العادية وانما المؤثر فيه المشيئة والقدرة ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا عطف على مدّ داخل فى حكمه ولم يقل دالة لان المراد ضوء الشمس والمعنى جعلناها علامة يستدل باحوالها المتغيرة على أحواله من غير ان يكون بينهما سببية وتأثير قطعا حسبما نطقت به الشرطية المعترضة والالتفات الى نون العظمة لما فى جعل المذكور العاري عن التأثير مع ما يشاهد بين الشمس والظل من الدوران المطرد المنبئ عن السببية من مزيدة دلالة على عظم القدرة ودقة الحكمة وهو السر فى إيراد كلمة التراخي ثُمَّ قَبَضْناهُ عطف على مدّ داخل فى حكمه وثم للتراخى الزمانى اى أزلناه بعد ما انشأناه ممتدّا ومحوناه بمحض قدرتنا ومشيئتنا عند إيقاع شعاع الشمس موقعه من غير ان يكون له تأثير فى ذلك أصلا وانما عبر عنه بالقبض المنبئ عن جميع المنبسط وطيه لما انه قد عبر عن احداثه بالمد الذي هو البسط طولا إِلَيْنا تنصيص على كون مرجعه الى الله تعالى كما ان حدوثه عنه عز وجل قَبْضاً يَسِيراً اى على مهل قليلا قليلا حسب ارتفاع دليله اى الشمس. يعنى انه كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل فى جانب المغرب فلو قبضه الله تعالى دفعة لتعطلت منافع الظل والشمس قبضه يسيرا يسيرا لتبقى منافعهما والمصالح المتعلقة بهما هذا ما ارتضاه المولى ابو السعود فى تفسيره وقال غيره (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) اى بسطه فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس لانه لا شمس معه وهو أطيب الازمنة لان الظلمة الخالصة سبب لنفرة الطبع وانقباض نور البصر وشعاع الشمس مسخن للجو ومفرق لنور الباصرة وليس فيما بين طلوعيهما شىء من هذين ولذلك قال تعالى فى وصف الجنة (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) ويقال تلك الساعة تشبه ساعات الجنة الا ان الجنة أنور فالظل هو الأمر المتوسط بين ضوء الخالص والظلمة الخالصة (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) دائما لا شمس معه ابدا من السكنى وهو الاستقرار ولا تنسخه الشمس بان لا يتحرك حركة انقباض ولا انبساط بان جعل الشمس مقيمة على موضع واحد فهو من السكون الذي هو عدم الحركة (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) لانه لولا الشمس لما عرف الظل كما انه لولا النور لما عرف الظلمة والأشياء تتبين بأضدادها وهذا المعنى يؤيده تعميم الظل كما سبق من المفردات لكن لم يرض به ابو السعود رحمه الله لان ما ذكر من معنى الظل فى هذا الوجه وان كان فى الحقيقة ظلا للافق الشرقي لكنه غير معهود والمتعارف انه حالة مخصوصة يشاهدونها

فى موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف [در عين المعاني آورده كه مد ظل اشارت بزمان فترتست كه مردم در حيرت بودند وشمس بنور اسلام كه طلوع سيد أنام عليه الصلاة والسلام از أفق إكرام طالع كشت واگر آن سايه دائم بودى خلق در تاريكى غفلت مانده بروشنى آگاهى نرسيدى كرنه خورشيد جمال يار كشتى رهنمون ... از شب تاريك غفلت كس نبردى ره برون [صاحب كشف الاسرار كويد اين آيت از روى ظاهر معجزه مصطفى عليه السلام وبفهم اهل حقيقت اشارتست بقرب وكرامت وى اما بيان معجزه آنست كه حضرت رسالت عليه السلام در سفرى بوقت قيلوله در زير درختى فرود آمد ياران بسيار بودند وسايه درخت اندك حق سبحانه وتعالى بقدرت كامله سايه آن درخت را ممدود كردانيد چنانچهـ همه لشكر اسلام در آن سايه بياسودند واين آيت نازل شد ونشان خصوصيت قربت آنكه فرمود (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) موسى عليه السلام را بوقت طلب (أَرِنِي) داغ (لَنْ تَرانِي) بر دل نهاد واين حضرت را بى طلب فرمود كه نه مرا بينى ودر من مى نكرى ديكر چهـ خواهى] فرقست ميان آنكه يارش در بر ... با آنكه دو چشم انتظارش بر در وفى المثنوى مرغ بر بالا پران وسايه اش ... مى دود بر خاك و پران مرغ وش «1» ابلهى صياد آن سايه شود ... مى دود چند آنكه بى مايه شود بى خبر كان عكس آن مرغ هواست ... بى خبر كه اصل آن سايه كجاست تير اندازد بسوى سايه او ... تركشش خالى شود از جست وجو تركش عمرش تهى شد عمر رفت ... از دويدن در شكار سايه تفت سايه يزدان چوباشد دايه اش ... وا رهاند از خيال وسايه اش سايه يزدان بود بنده خدا ... مرده اين عالم وزنده خدا دامن او كير زوتر بى گمان ... تا رهى در دامن آخر زمان «كيف مد الظل» نقش اولياست ... كاو دليل نور خورشيد خداست اندر اين وادي مرو بي اين دليل ... «لا أحب الآفلين» كو چون خليل رو ز سايه آفتابى را بياب ... دامن شه شمس تبريزى بتاب قال فى المصطلحات الظل هو الوجود الإضافي الظاهر بتعينات الأعيان الممكنة وأحكامها التي هى معدومات ظهرت باسمه النور الذي هو الوجود الخارجي المنسوب إليها فيستر ظلمة عدميتها النور الظاهر بصورها صار ظلا لظهور الظل بالنور وعدميته فى نفسه قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) اى بسط الوجود الإضافي على الممكنات فالظلمة بإزاء هذا النور هو العدم وكل ظلمة فهى عبارة عن عدم النور عما من شأنه ان يتنور به قال الله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) الآية والكامل المتحقق بالحضرد الواحدية والسلطان ظل الله اى ظل الحقيقة الالهية الجامعة وهى سر الإنسان الكامل الذي صورته السلطان أعظم الظاهر

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان سؤال كردن خليفه از ليلى إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 47]

اى فى الجامعية والإحاطة وَهُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً كاللباس يستركم بظلامه كما يستر اللباس فشبه ظلامه باللباس فى الستر. واصل اللبس ستر الشيء وجعل اللباس وهو ما يلبس اسما لكل ما يغطى الإنسان من قبيح وجعل الزوج لزوجها لباسا فى قوله (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) من حيث انه يمنعها عن تعاطى قبيح وجعل التقوى لباسا فى قوله (وَلِباسُ التَّقْوى) على طريق التمثيل والتشبيه فان قلت إذا كان ظلمة الليل لباسا فلا حاجة الى ستر العورة فى صلاة الليل قلت لا اعتبار لستر الظلمة فان ستر العورة باللباس ونحوه لحق الصلاة وهو باق فى الظلمة والضوء وَالنَّوْمَ سُباتاً النوم استرخاء اعصاب الدماغ بر طوبات البخار الصاعد والسبت قطع العمل ويوم سبتهم يوم قطعهم للعمل وسمى يوم السبت لذلك او لانقطاع الأيام عنده لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة ايام فقطع عمله يوم السبت كما فى المفردات. والمعنى وجعل النوم الذي يقع فى الليل غالبا راحة للابدان بقطع المشاغل والأعمال المختصة بحال اليقظة او جعله موتا فعبر عن القطع بالسبات الذي هو الموت لما بينهما من المشابهة التامة فى انقطاع الحياة وعليه قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) فالموت والنوم من جنس واحد خلا ان الموت هو الانقطاع الكلى اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهر البدن وباطنه والنوم هو الانقطاع الناقص اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهره دون باطنه والمسبوت الميت لانقطاع الحياة عنه والمريض المغشى عليه لزوال عقله وتمييزه وعليه قولهم مثل المبطون والمفلوج والمسبوت ينبغى ان لا يبادر الى دفنهم حتى يمضى يوم وليلة ليتحقق موتهم وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً النهار الوقت الذي ينتشر فيه الضوء وهو فى الشرع ما بين طلوع الفجر الى غروب الشمس وفى الأصل ما بين طلوع الشمس الى غروبها والنشور اما من الانتشار اى وجعل النهار ذا نشور اى انتشار ينتشر فيه الناس لطلب المعاش وابتغاء الرزق كما قال (لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) او من نشر الميت إذا عاد حيا اى وجعل النهار زمام بعث من ذلك السبات والنوم كبعث الموتى على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اى نفس البعث على طريق المبالغة وفيه اشارة الى ان النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور وعن لقمان عليه السلام يا بنى كما تنام فتوقظ كذلك تموت فتنشر: وفى المثنوى نوم ما چون شد أخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادر را بدان «1» وفى الآية رخصة للمنام بقدر دفع الضرورة وهو فتور البدن قال بعض الكبار النوم راحة للبدن والمجاهدات اتعاب البدن فيتضادان وحقيقة النوم سد حواس الظاهر لفتح حواس القلب والحكمة فى النوم ان الروح القدسي او اللطيفة الربانية او النفس الناطقة غريبة جدا فى هذا الجسم السفلى مشغولة باصلاحه وجلب منافعه ودفع مضاره محبوسة فيه مادام المرء يقظان فاذا نام ذهب الى مكانه الأصلي ومعدنه الذاتي فيستريح بواسطة لقاء الأرواح ومعرفة المعاني والغيوب مما يتلقى فى حين ذهابه الى عالم الملكوت من المعاني التي يراها بالامثلة فى عالم الشهادة وهو السر فى تعبير الرؤيا فاذا هجر المجاهد النوم والاستراحة ذابت

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان مثال ديكر هم دران معنى

[سورة الفرقان (25) : آية 48]

عليه اجزاء الأركان الاربعة من الترابية والمائية والنارية والهوائية فيعرى القلب حينئذ عن الحجب فينظر الى عالم الملكوت بعين قلبه فيشتاق الى ربه وربما يرى المقصود فى نومه كما حكى عن شاه شجاع انه لم ينم ثلاثين سنة فاتفق انه نام ليلة فرأى الحق سبحانه فى منامه ثم بعد ذلك كان يأخذ الوسادة معه ويضطجع حيث كان فسئل عن ذلك فانشأ يقول رأيت سرور قلبى فى منامى ... فاحببت التنعس والمناما فهذا حال اهل النهاية فانهم حيث كانت بصيرتهم يقظانة كان منامهم فى حكم اليقظة ولذا قال بعضهم مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست واما حال غيرهم فكما قيل سر آنكه ببالين نهد هوشمند ... كه خوابش بقهر آورد در كمند وعن ذى النون المصري رحمه الله ثلاثة من اعلام العبادة حب الليل للسهر فى الطاعة والخلوة بالصلاة وكراهة النهار لرؤية الناس والغفلة عن الصلاة والمبادرة بالأعمال مخافة الفتنة قال بعضهم جعل الليل وقتا لسكون قوم ووقتا لانزعاج آخرين فارباب الغفلة يسكنون فى ليلهم والمحبون يسهرون فان كانوا فى روح الوصال فلا يأخذهم النوم لكمال انسهم وان كانوا فى ألم الفراق فلا يأخذهم النوم لكمال قلقهم فالسهر للاحباب صفة اما لكمال السرور او لهجوم الغموم ثم الأدب عند الانتباه ان يذهب بباطنه الى الله تعالى ويصرف فكره الى امر الله قبل ان يجول الفكر فى شىء سوى الله ويشغل اللسان بالذكر فالصادق كالطفل الكلف بالشيء إذ أنام ينام على محبة الشيء وإذا انتبه يطلب ذلك الذي كان كلفا به وعلى هذا الكلف والشغل يكون الموت والقيام الى الحشر فلينظر وليعتبر عند انتباهه من النوم ما همه فانه يكون هكذا عند القيام من القبر ان كان همه الله والا فهمه غير الله وفى الخبر (إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعد وذكر الله تعالى انحلت عقدة فان توضأ انحلت اخرى وان صلى ركعتين انحلت كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا أصبح كسلان خبيث النفس) وفى خبر آخر (ان نام حتى يصبح بال الشيطان فى اذنه) والعياذ بالله من شر النفس والشيطان وَهُوَ تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ [كشاد بادها در هوا قال فى كشف الاسرار إرسال اينجا بمعنى كشادن است چنانكه كويى] أرسلت الطائر وأرسلت الكلب المعلم انتهى وفى المفردات قد يكون الإرسال للتسخير كارسال الريح والريح معروفة وهى فيما قيل الهواء المتحرك وقيل فى الرحمة رياح بلفظ الجمع لانها تجمع الجنوب والشمال والصبا وقيل فى العذاب ريح لانها واحدة وهى الدبور وهو عقيم لا يلقح ولذا ورد فى الحديث (اللهم اجعلها لنا رياحا ولا تجعلها ريحا) بُشْراً حال من الرياح تخفيف بشر بضمتين جمع بشورا وبشير بمعنى مبشر لان الرياح تبشر بالمطر كما قال تعالى (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالفارسية [بشارت دهندكان] بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ اى قدام المطر على سبيل الاستعارة وذلك لانه ريح ثم سحاب ثم مطر. وبالفارسية [پيش از نزول رحمت كه او بارانست يعنى وزيدن ايشان غالبا دلالت ميكند بر وقوع مطر در أوان آن باران آسمان را رحمت نام كرد از انكه برحمت ميفرستد] وَأَنْزَلْنا بعظمتنا والالتفات الى

[سورة الفرقان (25) : آية 49]

نون العظمة لابراز كمال العناية بالانزال لانه نتيجة إرسال الرياح مِنَ السَّماءِ من جهة الفوق وقد سبق تحقيقه مرارا ماءً طَهُوراً بليغا فى الطهارة وهو الذي يكون طاهرا فى نفسه ومطهرا لغيره من الحدث والنجاسة: وبالفارسية [آبى پاك و پاك كننده] والطهور يجيئ صفة كما فى ماء طهورا واسما كما فى قوله عليه السلام (التراب طهور المؤمن) وبمعنى الطهارة كما فى تطهرت طهورا حسنا اى وضوأ حسنا ومنه قوله عليه السلام (لا صلاة الا بالطهور) قال فى فتح الرحمن الطهور هو الباقي على اصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار على أي صفة كان من عذوبة وملوحة وحرارة وبرودة وغيرها وما تغير بمكثه او بطاهر لا يمكن صونه عنه كالتراب والطحلب وورق الشجر ونحوها فهو طاهر فى نفسه مطهر لغيره يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس بالاتفاق قال تغير عن اصل خلقته بطاهر يغلب على اجزائه ما يستغنى عنه الماء غالبا لم يجز التطهير به عد الثلاثة وجوز ابو حنيفة رحمه الله الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من الطاهرات ما لم تزل رقته وقال ايضا يجوز ازالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد ونحوهما وخالفه الثلاثة ومحمد بن الحسن وزفر كما فصل فى الفقه ثم فى توصيف الماء بالطهور مع ان وصف الطهارة لا دخل له فى ترتيب الاحياء والسقي على إنزال الماء إشعار بالنعمة فيه لان وصف الطهارة نعمة زائدة على إنزال ذات الماء وتتميم للمنة المستفادة من قوله لنحيى به ونسقيه فان الماء الطهور اهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته وتنبيه على ان ظواهرهم لما كانت مما ينبغى ان يطهروها كانت بواطنهم بذلك اولى لأن باطن الشيء اولى بالحفظ عن التلوث من ظاهره وذلك لان منظر الحق هو باطن الإنسان لا ظاهره والتطهير مطلقا سبب لتوسع الرزق كما قال عليه السلام (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) والماء الذي هو سبب الرزق الصوري طاهر ومطهر فينبغى لطالبه ان يكون دائما على الطهارة الظاهرة فانها الجالبة له واما الطهارة الباطنة فجالبة للرزق المعنوي وهو ما يكون غذاء للروح من العلو والفيوض لِنُحْيِيَ بِهِ اى بما أنزلنا من السماء من الماء الطهور وهو تعليل للانزال بَلْدَةً مَيْتاً لا أشجار فيها ولا اثمار ولا مرعى واحياؤها بانبات النبات والمراد القطعة من الأرض عامرة كانت او غيرها: وبالفارسية [شهرى مرده يعنى موضعى كه در خشك سال بوده يا مكانى را كه در زمستان خشك وافسرده كشت] والتذكير حيث لم يقل بلدة ميتة لانه بمعنى البلد او الموضع والمكان ولأنه غير جار على الفعل بان يكون على صيغة اسم الفاعل او المفعول فاجرى مجرى الجامد وَنُسْقِيَهُ اى ذلك الماء الطهور عند جريانه فى الاودية اى اجتماعه فى الحياض او المنابع والآبار: وبالفارسية [وبياشامانيم ان اب] وسقى وأسقي لغتان بمعنى يقال سقاه الله الغيث وأسقي والاسم السقيا قال الامام الراغب السقي والسقيا ان تعطيه ماء ليشربه والاسقاء ان تجعل له ذلك حتى يتناوله كيف يشاء والاسقاء ابلغ من السقي لان الاسقاء هو ان تجعل له ماء يستقى منه ويشرب كقوله أسقيته نهرا. فالمعنى مكناهم من ان يشربوه ويسقوا منه أنعامهم مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً متعلق بقوله نسقيه اى نسقى ذلك الماء بعض خلقنا من الانعام والاناسىّ وانتصابها على البدل من محل الجار والمجرور فى قوله مما خلقنا

[سورة الفرقان (25) : آية 50]

ويجوز ان يكون انعاما وأناسي مفعول نسقيه. ومما خلقنا متعلق بمحذوف على انه حال من انعاما والانعام جمع نعم وهى المال الراعية واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل وقال فى المغرب الانعام الأزواج الثمانية فى قوله (مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) وأناسي جمع انسان عند سيبويه على ان أصله أناسين فابدلت النون ياء وادغم فيها الياء التي قبلها وقال الفراء والمبرد والزجاج انه جمع انسى وفيه نظر لان فعالىّ انما يكون جمعا لما فيه ياء مشددة لا تدل على نسب نحو كراسىّ فى جمع كرسىّ فلو أريد بكرسي النسب لم يجز جمعه على كراسىّ ويبعد ان يقال ان الياء فى انسى ليست للنسب وكان حقه ان يجمع على اناسية نحو مهالية فى جمع المهلىّ كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال الراغب الانسى منسوب الى الانس يقال ذلك لمن كثر أنسه ولكل ما يؤنس به وجمع الانسىّ اناسىّ وقال فى الكرسي انه فى الأصل منسوب الى الكرس اى التلبد ومنه الكراسة للمتلبد من الأوراق انتهى قوله كثيرا صفة أناسي لانه بمعنى بشر والمراد بهم اهل البوادي الذين يعيشون بالمطر ولذا نكر الانعام والأناسي. يعنى ان التنكير للافراد النوعي وتخصيصهم بالذكر لان اهل المدن والقرى يقيمون بقرب الأنهار والمنابع فلا يحتاجون الى سقيا السماء وسائر الحيوانات من الوحوش والطيور تبعد فى طلب الماء فلا يعوزها الشرب غالبا يقال أعوزه الشيء إذا احتاج اليه فلم يقدر عليه وخص الانعام بالذكر لانها قنية للانسان اى يقتنيها ويتخذها لنفسه لا للتجارة وعامة منافعهم ومعايشهم منوطة بها فلذا قدم سقيها على سقيهم كما قدم على الانعام احياء الأرض فانه سبب لحياتها وتعيشها فانظر كيف رتب ذكر ما هو رزق الإنسان ورزق رزقه فان الانعام رزق الإنسان والنبات رزق الانعام والمطر رزق النبات فقدم ذكر المطر ورتب عليه ذكر حياة الأرض بالنبات ورتب عليه ذكر الانعام وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ اى وبالله لقد كررنا هذا القول الذي هو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر لما مر من الغايات الجليلة فى القرآن وغيره من الكتب السماوية بَيْنَهُمْ اى بين الناس من المتقدمين والمتأخرين لِيَذَّكَّرُوا اى ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة فى ذلك ويقوموا بشكره حق القيام وأصله يتذكروا والتذكر التفكر فَأَبى الإباء شدة الامتناع ورجل أبيّ ممتنع من تحمل الضيم وهو متأول بالنفي ولذا صح الاستثناء اى لم يفعل او لم يرد او لم يرض أَكْثَرُ النَّاسِ ممن سلف وخلف إِلَّا كُفُوراً الا كفران النعمة وقلة المبالاة بشأنها فان حقها ان يتفكر فيها ويستدل بها على وجود الصانع وقدرته وإحسانه وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها وأعظم الكفر جحود الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا كما فى المفردات واكثر اهل التفسير على ان ضمير صرفناه راجع الى نفس الماء الطهور الذي هو المطر. فالمعنى (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) اى فرقنا المطر بينهم بانزاله فى بعض البلاد والامكنة دون غيرها او فى بعض الأوقات دون بعض او على صفة دون اخرى بجعله تارة وابلا وهو المطر الشديد واخرى طلا وهو المطر الضعيف ومرة ديمة وهو المطر الذي يدوم أياما فابى اكثر الناس الا جحودا للنعمة وكفرا

[سورة الفرقان (25) : الآيات 51 إلى 54]

بالله تعالى بان يقولوا مطرنا بنوء كذا اى بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم الله بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع الله تعالى ورحمته بل اسندوا مثل هذه النعمة الى الافلاك والكواكب فمن لا يرى الأمطار الا من الأنواء فهو كافر بالله بخلاف من يرى ان الكل بخلق الله تعالى والأنواء امارات بجعل الله تعالى والأنواء النجوم التي يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها لانه فى سلطانه يقال ناء به الحمل أثقله وأماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح اخطأ نوءك وفى الحديث (ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الأنساب والنياحة والأنواء) وعن زيد بن خالد الجهني رضى الله عنه قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال (هل تدرون ماذا قال ربكم) قالوا الله ورسوله اعلم قال (قال أصبح عبادى مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب) كذا فى كشف الاسرار. فعلى المؤمن ان يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير فى كل شىء من رب العباد فالمطر بامره نازل وفى انزاله الى بلد دون بلد وفى وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة ومصلحة وغاية جليلة- روى- ان الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره فى كل عام لانه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد- روى- مرفوعا (ما من ساعة من ليل ولا نهار الا السماء المطر فيها يصرفه الله حيث يشاء) وفى الحديث (ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حوّل الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار) وفى المثنوى تو بزن يا ربنا آب طهور ... تا شود اين نار عالم جمله نور «1» آب دريا جمله در فرمان تست ... آب وآتش اى خداوند ان تست كر تو خواهى آتش آب خوش شود ... ور نخواهى آب آتش هم شود اين طلب از ما هم از إيجاد تست ... رستن از بيداد يا رب دادتست بى طلب تو اين طلب مان داده ... كنج احسان بر همه بگشاده وَلَوْ شِئْنا أردنا لَبَعَثْنا [برانگيختيم وفرستاديم] قال الراغب البعث إثارة الشيء وتوجيهه فِي كُلِّ قَرْيَةٍ مصر ومدينة وبالفارسية: [در هر ديهى ومجتمعى] فان القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس نَذِيراً بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف اى نبيا ينذر أهلها فيخفف عليك أعباء النبوة ولكن بعثناك الى القرى كلها رسولا وقصرنا الأمر عليك إجلالا لشأنك وإعظاما لاجرك وتفضيلا لك على سائر الرسل: وبالفارسية [اما بجهت تعظيم وعلو مكان تو نبوت را بر تو ختم كرديم وترا بر كافه مردمان تا بروز قيامت مبعوث ساختيم] قال فى التأويلات النجمية يشير الى كمال القدرة والحكمة وعزة النبي عليه السلام وتأديب الخواص. اما القدرة فاظهر انه قادر على ما يشاء وليس الأمر كما زعم الفلاسفة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن شير سيب واپسى كشيدن پاى خركوش إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 52]

والطبائعية ان ظهور ارباب النبوة يتعلق بالقرانات والاتصالات فحسب بل يتعلق بالقدرة كيف يشاء وما يشاء والذي يدل على بطلان أقاويلهم وصحة ما قلنا ما روى ان موسى عليه السلام تبرّم وقتا بكثرة ما كان يسأل فاوحى الله فى ليلة واحدة الى الف نبى من بنى إسرائيل فاصبحوا رسلا وتفرق الناس عن موسى عليه السلام فضاق قلب موسى وقال يا رب انى لم أطق ذلك فقبض الله أرواحهم فى ذلك اليوم. واما الحكمة فقد اقتضت قلة الأنبياء فى زمان واحد إظهارا لعزتهم فان فى الكثرة نوعا من الإزراء وايضا فيها احتمال غيرة البعض على البعض كما غار موسى على تلك الأنبياء فاماتهم الله تعالى عزة لموسى عليه السلام. واما عزة النبي عليه السلام فبانفراده فى النبوة فى زمانه واختصاصه بالفضيلة على الكافة وإرساله الى الجملة ونسخ الشرائع بشريعته وختم النبوة به وحفظ كتابه عن النسخ والتغيير والتحريف واقامة ملته الى قيام الساعة. واما تأديب الخواص فبقوله (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) إذ نوع تأديب للنبى عليه السلام بأدق اشارة كما قال (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فالقصد ان يتأدب به خواص عباده وان يكونوا معصومين من رؤبة الأعمال والعجب بها انتهى: يعنى [مقصود آنست كه رب العزة ميخواهد تا دوستان وخواص بندگان خود پيوسته معصوم دارد از آنكه ايشانرا با خود التفاتى بود يا با روش خويش نظرى كنند] فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ فيما ندبوك اليه من عبادة الآلهة واتباع دين الآباء واغلظ عليهم ولا تداهنهم واثبت على الدعوة واظهار الحق وَجاهِدْهُمْ [وجهاد كن با ايشان وباز كوش] والجهاد والمجاهدة استغراق الوسع فى مدافعة العدو بِهِ اى بالقرآن بتلاوة ما فى تضاعيفه من المواعظ وتذكير الحوال الأمم المكذبة جِهاداً كَبِيراً عظيما تاما شديدا لا يخالطه فتور فان مجاهدة السفهاء بالحجج اكبر من مجاهدة الأعداء بالسيف وانما لم يحمل المجاهدة على القتال بالسيف لانه انما ورد الاذن بعد الهجرة بزمان والسورة مكية قال الامام الراغب المجاهدة تكون باللسان واليد وفى الحديث (جاهدوا الكفار بايديكم وألسنتكم) وفى حديث آخر (جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم) قوله وألسنتكم اى اسمعوهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك كما فى مشارع الاشواق يقول الفقير ويجوز ان يكون الجهاد بالالسنة بترك المداهنة فى حقهم وإغراء الناس على دفع فسادهم كما ان الجهاد بالأموال بالدفع الى من يحاربهم ويستأصلهم ثم الاشارة بلفظ المشركين الى اهل الرياء والبدع فاشارة الخطاب فى جاهدوا ايضا الى اصحاب الإخلاص والسنة فانه لا بد لاهل الحق من جهاد اهل البطلان فى كل زمان خصوصا عند غلبة الخوف فانه أفضل الجهاد كما قال عليه السلام (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) وانما كان أفضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين رجاء وخوف ولا يدرى هل يغلب او يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو إذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك أفضل انواع الجهاد من أجل غلبة الخوف كذا فى أبكار الافكار للسمرقندى ثم الاشارة فى الآية الى النفس وصفاتها فلا تطعهم وجاهدهم بسيف الصدق على قانون القرآن فى مخالفة الهوى وترك الشهوات

[سورة الفرقان (25) : آية 53]

وقطع التعلقات جهادا كبيرا لا تواسيهم بالرخص وتعاندهم بالعزائم قائما بحق الله من غير جنوح الى غيره او مبالاة بما سواه: وفى المثنوى اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصمى زان بتر در اندرون «1» كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست دوزخست اين نفس ودوزخ اژدهاست ... كو بدرياها نكردد كم وكاست هفت دريا را در آشامد هنوز ... كم نكردد سوزش آن خلق سوز قوت از حق خواهم وتوفيق ولاف ... تا بسوزن بر كنم اين كوه قاف سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند اللهم سلمنا من آفات العدو مطلقا وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ من مرج الدابة خلاها وأرسلها ترعى ومرج أمرهم اختلط والبحر الماء الكثير عذبا كان او ملحا عند الأكثر وأصله المكان الواسع الجامع للماء الكثير كما فى المفردات. والمعنى خلاهما وأرسلهما فى مجاريهما كما يرسل الخيل فى المرج متلاصقين بحيث لا يتمازجان ولا يلتبس أحدهما بالآخر ويدل على بعد كل منهما عن الآخر مع شدة التقارب بينهما الاشارة الى كل منهما بأداة القرب كما يجيئ ويجوز ان يكون محمولا على المقيد وهو قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) هذا عَذْبٌ حال بتقدير القول اى مقولا فى حقهما هذا عذب اى طيب: وبالفارسية [اين يك اب شيرين] فُراتٌ قاطع للعطش لغاية عذوبته صفة عذب والتاء اصلية قال الطيبي سمى بالفرات لأنه يرفت العطش اى يكسره على القلب يعنى يكفى فى اعتبار معنى الكسر اشتقاق الفرات منه بالاشتقاق الكبير كجبذ من الجذب ومنه سمى الفرات نهر الكوفة وهو نهر عظيم عذب طيب مخرجه من ارمينية وفى الملكوت أصله فى قرية من قرى جابلقا ينحدر الى الكوفة وآخر مصبه بعضا فى دجلة وبعضا فى بحر فارس وَهذا مِلْحٌ [وان ديكر شور] قال الراغب الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب ماء مالح أُجاجٌ بليغ الملوحة صفة الملح قالوا ان الله تعالى خلق ماء البحر مرّا زعاقا اى مرّا غليظا بحيث لا يطاق شربه انزل من السماء ماء عذبا فكل ماء عذب من بئر او نهر او عين فمن ذلك المنزل من السماء وإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكا معه طست لا يعلم عظمه الا الله فجمع تلك المياه فردها الى الجنة. واختلفوا فى ملوحة ماء البحر فزعم قوم انه لما طال مكثه وأحرقته الشمس صار مرا ملحا واجتذب الهواء ما لطف من اجزائه فهو بقية صفته الأرض من الرطوبة فغلظ لذلك. وزعم آخرون ان فى البحر عروقا تغير ماء البحر ولذلك صار مرا زعاقا وَجَعَلَ بَيْنَهُما اى بين البحرين: وبالفارسية [وبساخت ميان اين دو دريا] بَرْزَخاً حدا وحاجزا من قدرته غير مرئى وَحِجْراً مَحْجُوراً الحجر بمعنى المنع والمحجور الممنوع وهو صفة الحجر على التأكيد كليل أليل ويوم ايوم وهذه كلمة استعاذة كما سبق فى هذه السورة. والمعنى هاهنا على التشبيه اى تنافرا بليغا كأن كلا منهما يتعوذ من الآخر بتلك المقالة ويقول حراما محرما عليك ان تغلب

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر

علىّ وتزيل صفتى وكيفيتى اعلم ان اكثر اهل التفسير حمل البحرين على بحرى فارس والروم فانهما يلتقيان فى البحر المحيط وموضع التقائهما هو مجمع البحرين المذكور فى الكهف ولكن يلزم على هذا ان يكون البحر الاول عذبا والثاني ملحا مع انهم قالوا لا وجود للبحر العذب وذلك لانهما فى الأصل خليجان من المحيط وهو مرّ وان كان أصله عذبا كما قال فى فتح القريب عند قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) اى العذب فحين خلق الله الأرض من زبده جزر المحيط عن الأرض فاحاط بالعالم احاطة العين لسوادها فالوجه ان يحمل العذب على واحد من الأنهار فان كل نهر عظيم بحر كما فى مختار الصحاح كدجلة نهر بغداد تنصب الى بحر فارس وتدخل فيه وتشقه وتجرى فى خلاله فراسخ لا يتغير طعمها كما ان الماء الذي يجرى فى نهر طبرية نصفه بارد ونصفه حار فلا يختلط أحدهما بالآخر والاوجه ان يمثل بالنيل المبارك والبحر الأخضر وهو بحر فارس الذي هو شعبة من البحر الهندي الذي يتصل بالبحر المحيط وبحر فارس مرّ فانه صرح فى خريدة العجائب انه يتكون فيه اللؤلؤ وانما يتكون فى الملح وذلك ان بحر النيل يدخل فى البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط به وهو معنى المرج ولولا اختلاطه بملوحته لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته كما فى انسان العيون وذكر بعضهم ان سيحون وجيحون والنيل والفرات تخرج من قبة من زبرجدة خضراء من جبل عال وتسلك على البحر المظلم وهى احلى من العسل واذكى رائحة من المسك ولكنها تتغير المجاري فالبحر الملح على هذا هو بحر الظلمة وهو البحر المحيط الغربي ويسمى المظلم لكثرة أهواله وارتفاع أمواجه وصعوبته ولا يعلم ما خلفه الا الله تعالى وما قيل ان الماء العذب والماء الملح يجتمعان فى البحر فيكون العذب أسفل والملح أعلى لا يغلب أحدهما على الآخر وهو معنى قوله وحجرا محجورا يخالف ما قال بعضهم ان كل الأنهار تبتدئ من الجبال وتنصب فى البحار وفى ضمن ممرها بطائح وبحيرات فاذا صبت فى البحر المالح وأشرقت الشمس على البحر تصعد الى الجو بخارا وتنعقد غيوما اى ولذا لا يزيد ماء البحار بانصباب الأنهار فيها فهو يقتضى ان يكون الماء العذب أعلى لا أسفل إذ العذب خفيف والملح ثقيل وميل الخفيف الى الأعلى وقال وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذا لا يزيد ماء البحار فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة ولا نهاية لقدرة الله تعالى فقد ذكروا ان بحيرة تنيس تصير عذبة ستة أشهر وتصير ملحا أجاجا ستة أشهر كذا دأبها ابدا قال الكاشفى [محققان برآنند كه بحرين خوف ورجاست كه در دل مؤمن هيچ يك بر ديكرى غلبه نكند كه «لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا» وبرزخ حمايت الهى وعنايت نامتناهى] وفى كشف الاسرار البحر الملح لا عذوبة فيه والعذب لا ملوحة فيه وهما فى الجوهرية واحد ولكنه سبحانه بقدرته غاير بينهما فى الصفة كذلك خلق القلوب بعضها معدن اليقين والعرفان وبعضها محل الشك والكفران وقال بعضهم البحران بحر المعرفة وبحر النكرة فالاول بحر الصفات يفيض لطائفه على الأرواح والقلوب والعقول ويستعد به والعارفون والثاني بحر الذات فانه ملح أجاج لا تتناوله العقول والقلوب والأرواح إذ لا تسير السيارات فى بحار

[سورة الفرقان (25) : آية 54]

القدم فهى نكرة وبينهما برزخ المشيئة لا يدخل اهل بحر الصفات بحر الذات ولا يرجع اهل بحر الذات الى بحر الصفات. وايضا قلوب اهل المعرفة منورة بانوار الموافقات وقلوب اهل النكرة مظلمة بظلمة المخالفات وبينهما قلوب العامة ليس لها علم ما يرد عليها وما يصدر منها فليس معها خطاب ولا لها جواب: وفى المثنوى ماهيانرا بحر نكذارد برون ... خاكيانرا بحر نكذارد درون «1» اصل ماهى ز اب وحيوان از كلست ... حيله وتدبير اينجا باطلست قفل زفتست وكشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا قطره با قلزم چهـ استيزه كند ... ابلهست او ريش خود بر مى كند «2» نسأل الله الفياض الوهاب ان يدخلنا فى بحر فيضه الكثير وعطائه الوفير وهو على ذلك قدير وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ أوجد مِنَ الْماءِ هو الماء الذي خمر به طينة آدم عليه السلام او هو النطفة بَشَراً آدميا والبشرة ظاهر الجلد كما ان الادمة محركة باطنه الذي يلى اللحم وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلدة من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوبر كالضأن والمعز والإبل وخص فى القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر واستوى فيه الواحد والجمع فَجَعَلَهُ اى البشر او الماء نَسَباً وَصِهْراً اى قسمه قسمين ذوى نسب اى ذكورا ينسب إليهم فيقال فلان ابن فلان وفلانة بنت فلان فانما أمهات الناس أوعية ... مستودعات وللآباء ابنا وذوات صهر اى إناثا يصاهر بهن ويخالط كقوله تعالى (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) قال الامام الراغب النسب اشتراك من جهة الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسبة بين الاخوة وبنى العم وقيل فلان نسيب فلان اى قريبه انتهى. والصهر زوج بنت الرجل وزوج أخته كالختن على ما فى القاموس وقيل غير ذلك وفى تاج المصادر [المصاهرة: با كسى بنكاح وصلت كردن] وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً مبالغا فى القدرة حيث قدر ان يخلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين وربما يخلق من مادة واحدة توأمين ذكرا وأنثى قال فى كشف الاسرار [ابن سيرين كفت اين آيت در مصطفى عليه السلام وعلى كرم الله وجهه فرو آمد كه مصطفى دختر خويش را بزنى بعلى داد على پسر عمش بود وشوهر دخترش هم نسب بود هم صهر وقصه تزويج فاطمه رضى الله عنها آنست كه مصطفى عليه السلام روزى در مسجد آمد شاخى ريحان بدست كرفته سلمان را رضى الله عنه كفت يا سلمان رو على را خوان سلمان رفت وكفت يا على أجب رسول الله على كفت يا سلمان رسول خدايرا اين زمان چون ديدى و چكونه او را كذشتى كفت يا على سخت شادان وخندان چون ماه تابان وشمع رخشان على آمد بنزديك مصطفى عليه السلام ومصطفى آن شاخ ريحان فرا دست على داد عظيم خوش بوى بود كفت يا رسول الله اين چهـ بويست بدين خوشى كفت يا على از ان نثارهاست كه حور بهشت كرده اند بر تزويج دخترم فاطمه كفت با كه يا رسول الله كفت

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان شناختن هر حيوانى بوى عدو خويش را إلخ

با تو يا على من در مسجد نشسته بودم كه فرشته درآمد بر صفتى كه هركز چنان نديده بودم كفت نام من محمودست ومقام من در آسمان دنيا در مقام معلوم خود بودم ثلثى ز شب ندايى شنيدم از طبقات آسمان كه اى فرشتكان مقربان وروحانيان وكروبيان همه جمع شويد در آسمان چهارم همه جمع شدند وهمچنين مكان مقعد صدق واهل فراديس أعلى ودرجات عدن حاضر كشتند فرمان آمد كه اى مقربان دركاه واى خاصكيان پادشاه سوره هل أتى على الإنسان بر خوانيد ايشان همه بآواز دلربايى بألحان طرب افزايى سوره هل أتى خواندن كرفتند آنكه درخت طوبى را فرمان آمد تو نثار كن بر بهشتها بر تزويج فاطمه زهرا با على مرتضى ودرخت طوبى در بهشت هيچ قصر وغرفه ودريچهـ نيست كه از درخت طوبى در آنجا شاخى نيست پس طوبى بر خود بلرزيد ودر بهشت كوهر ومرواريد وحلها باريدن كرفت پس فرمان آمد تا منبرى از يك دانه مرواريد سپيد در زير درخت طوبى بنهادند فرشته كه نام او را حيل است ودر هفت طبقه آسمان فرشته ازو فصيحتر وكوياتر نيست بآن منبر برآمد وخدايرا جل جلاله ثنا كفت وبر پيغمبران درود داد آنكه جبار كائنات خداوند ذو الجلال قادر بر كمال بى واسطه ندا كرد كه اى جبرائيل واى ميكائيل شما هر دو كواه معرفت فاطمه باشيد ومن كه خداوندم ولى فاطمه ام واى كروبيان واى روحانيان آسمان شما كواه باشيد كه من فاطمه زهرا بزنى بعلى مرتضى دادم آن ساعت كه رب العزة اين ندا كرد ابرى برآمد زير جنات عدن ابرى روشن وخوش كه در آن تيركى وكرفتكى نه وبوى خوش وجواهر نثار كرد ورضوان وولدان وحور بهشت برين عقد نثار كردند پس رب العزة مرا بدين بشارت بتو فرستاد يا محمد كفت حبيب مرا بشارت ده وبا وى بگو كه ما اين عقد در آسمان بستيم تو نيز در زمين ببنديد پس مصطفى عليه السلام مهاجر وأنصار را حاضر كرد آنكه روى با على كرد كفت يا على چنين حكمى در آسمان رفت اكنون من فاطمه دخترم را بچهار صد درم كابين بزنى بتو دادم على كفت يا رسول الله من پذيرفتم نكاه وى رسول كفت بارك الله فيكما] قال فى انسان العيون كان فى السنة الثانية من الهجرة تزويج فاطمة لعلى رضى الله عنهما عقد عليها فى رمضان وكان عمرها خمس عشرة سنة وكان سن على يومئذ احدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وأولم عليها بكبش من عند سعد وآصع من ذرة من عند جماعة من الأنصار رضى الله عنهم ولما خطبها على قال عليه السلام (ان عليا يخطبك فسكتت) وفى رواية قال لها (اى بنية ان ابن عمك قد خطبك فماذا تقولين) فبكت ثم قالت كأنك يا أبت انما ادّخرتنى لفقير قريش فقال عليه السلام (والذي بعثني بالحق ما تكلمت فى هذا حتى اذن الله فيه من السماء) فقالت فاطمة رضيت بما رضى الله ورسوله وقد كان خطبها ابو بكر وعمر رضى الله عنهما فقال عليه السلام (لكل انتظر بها القضاء) فجاء ابو بكر وعمر رضى الله عنهما الى على رضى الله عنه يأمر انه ان يخطبها قال على فنبهانى اى لامر كنت عنه غافلا فجئته عليه السلام فقلت تزوجنى فاطمة قال (وعندك شىء) قال فرسى وبدني اى درعى قال (اما فرسك فلا بد لك منها واما بدنك فبعها) فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما فجئته

عليه السلام فوضعتها فى حجره فقبض منها قبضة فقال (اى بلال ابتع بها طيبا) ولما أراد ان يعقد خطب خطبة منها (الحمد الله المحمود بنعمته المعبود بوحدته الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بحكمته ثم أن الله تعالى جعل المصاهرة نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ثم ان الله أمرني ان أزوج فاطمة من على على اربعمائة مثقال فضة أرضيت يا على) قال رضيت بعد ان خطب على ايضا خطبة منها «الحمد لله شكرا لا نعمه وأياديه واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغه وترضيه» ولما تم العقد دعا عليه السلام بطبق بسر فوضعه بين يديه ثم قال للحاضرين انتهبوا وليلة بنى بها قال عليه السلام لعلى (لا تحدث شيأ حتى تلقانى) فجاءت بها أم أيمن حتى قعدت فى جانب البيت وعلى فى جانب آخر وجاء رسول الله فقال لفاطمة (ائتنى بماء) فقامت تعثر فى ثوبها من الحياء فاتته بقعب فيه ماء فاخذه رسول الله ومج فيه ثم قال لها (تقدمى) وتقدمت فنضح بين ثدييها وعلى رأسها وقال (اللهم انى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) ثم قال (ائتوني بماء) فقال على رضى الله عنه فعلمت الذي يريد فقمت وملأت القعب فاتيت به فاخذه فمج فيه وصنع بي كما صنع بفاطمة ودعالى بما دعا لها به ثم قال اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى شملهما) اى الجماع وتلا قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) والمعوذتين ثم قال (ادخل باهلك باسم الله والبركة) وكان فراشها إهاب كبش اى جلده وكان لهما قطيفة إذا جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما وإذا جعلاها بالعرض انكشفت رؤسهما وقالت له فى بعض الأيام يا رسول الله ما لنا فراش الا جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار فقال لها عليه السلام (يا بنية اصبري فان موسى بن عمران عليه السلام اقام مع امرأته عشر سنين ليس لهما فراش الا عباءة قطوانية) وهى نسبة الى قطوان موضع بالكوفة وفاطمة ولدتها خديجة رضى الله عنها قبل النبوة بخمس سنين ماتت بالمدينة بعد موت النبي عليه السلام بستة أشهر ولها ثمان وعشرون سنة ومناقبها كثيرة معروفة رضى الله عنها وعن أولادها واستشهد على رضى الله عنه بالكوفة وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه الحسن ودفن ليلا وغيب قبره بوصية منه وكان مخفيا فى زمن بنى امية وصدرا من خلافة بنى العباس حتى دل عليه الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه (يهلك فيك رجلان محب مطر وكذاب مفتر) كما فى انسان العيون وفى التأويلات النجمية الاشارة فى الآية الى ان الإنسان خلق مركبا من جنسين مختلفين صورته من عالم الخلق وروحه من عالم الأمر فجعل له نسبا وصهرا فنسبه الى روحه وانتساب الروح الى الله والى رسوله وانتسابه الى الله بقوله (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) والى رسوله بقوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى) فجعل الله خواص عباده من اهل هذا النسب وصهره بشريته التي خلقت من الماء كما قال تعالى (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) جمع بين الامرين فجعل الله عوام خلقه من اهل هذا الصهر فالغالب عليهم خواص البشر وهى الحرص والشهوة والهوى والغضب فيها يرد الى الوركات السفلية والغالب على اهل النسب خواص الروحانية وهى الشوق

[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 إلى 60]

والمحبة والطلب والحلم والكرم وبها يجذب الى الدرجات العلية وكان ربك قديرا على جعل الفريقين من اهل الطريقين انتهى: قال المولى الجامى قدس سره قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... به سابقه فضل ازل نتوان يافت والله المرجو فى كل مسئول وَيَعْبُدُونَ اى المشركون حال كونهم مِنْ دُونِ اللَّهِ متجاوزين عبادة الله تعالى ما لا يَنْفَعُهُمْ ان عبدوه مفعول يعبدون. والنفع ما يستعان به فى الوصول الى الخيرات وما يتوصل به الى الخير فهو خير والنفع الخير وضده الضر وَلا يَضُرُّهُمْ ان لم يعبدوه وما ليس من شأنه النفع والضر أصلا وهو الأصنام وما فى حكمها من المخلوقات إذ ما من مخلوق يستقل بالنفع والضر فلا فائدة فى عبادته والاعتماد عليه واتباعه وَكانَ الْكافِرُ بشركه وعداوته للحق عَلى رَبِّهِ الذي رباه بنعمته متعلق بقوله ظَهِيراً عونا للشيطان فالظهير بمعنى المظاهر اى المعين والمراد بالكافر الجنس او ابو جهل فانه أعان الشيطان على الرحمن فى اظهار المعاصي والإصرار على عداوة الرسول وتشجيع الناس على محاربته ونحوها وَما أَرْسَلْناكَ فى حال من الأحوال إِلَّا حال كونك مُبَشِّراً للمؤمنين بالجنة والرحمة. والتبشير اخبار فيه سرور وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار والغضب. والانذار اخبار فيه تخويف قُلْ لهم ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغ الرسالة التي ينبئ عنها الإرسال مِنْ أَجْرٍ من جهتكم فتقولوا انه يطلب أموالنا بما يدعونا اليه فلا نتبعه. والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا إِلَّا مَنْ شاءَ الا من فعل من يريد أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا ان يتقرب اليه ويطلب الزلفى عنده بالايمان والطاعة حسبما أدعوكم اليه. يعنى ان أعطيتم إياي اجرا فاعطونى ذلك الفعل فانى لا اسأل غيره: وبالفارسية [مزد من ايمان وطاعت مؤمنانست زيرا كه مرا من عند الله اجرى مقرر است وثابت شده كه هر پيغمبرى را برا بر عباد وصلحاى امت او ثواب خواهد بود] والظاهر ان الاستثناء منقطع. والمعنى لا اطلب من أموالكم جعلا لنفسى لكن من شاء إنفاقه لوجه الله فليفعل فانى لا امنعه عنه وفى التأويلات النجمية (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ) بما يتوسل به الى من خدمة او انفاق او تعظيم (إِلى رَبِّهِ) قربة ومنزلة ولهذا قال المشايخ يصل المريد بالطاعة الى الجنة وبالتعظيم وإجلال الشيوخ الى الله تعالى وفى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ أخذ الاجرة على وعظ الناس وهو من أحل ما يأكل وان كان ترك ذلك أفضل وإيضاح ذلك ان مقام الدعوة الى الله يقتضى الاجارة فان ما من نبى دعا الى الله الا قال ان اجرى الا على الله فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من الله لا من المخلوق انتهى وافتى المتأخرون بصحة الاجرة للاذان والاقامة والتذكير والتدريس والحج والغزو وتعليم القرآن والفقه وقراءتهما لفتور الرغبات اليوم ولو كانت الاجرة على امر واجب كما إذا كان المعلم والامام والمفتى واحدا فانها لم تصح اجماعا كما فى الكرماني وغيره وكذا إذا كان الغسال فى القرية واحدا فانه يتعين له غسل الميت ولا يجوز له طلب الاجرة وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ فى الاستكفاء عن شرورهم والإغناء عن أجورهم فانه

[سورة الفرقان (25) : آية 59]

الحقيق بان يتوكل عليه دون الاحياء الذين من شأنهم الموت فانهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم واصل التوكل ان يعلم العبد بان الحادثات كلها صادرة من الله ولا يقدر أحد على الإيجاد غيره فيفوض امره الى الله فيما يحتاج اليه وهذا القدر فرض وهو من شرط الايمان قال تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ومازاد على هذا القدر من سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطراب فهى احوال تلحق بالتوكل على وجه الكمال كذا فى التأويلات النجمية قال الواسطي من توكل على الله لعلة غير الله فلم يتوكل على الله بل توكل على غير الله وسئل ابن سالم أنحن مستنون بالكسب او التوكل فقال ابن سالم التوكل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما استن الكسب لضعف حالهم حين اسقطوا عن درجة التوكل الذي هو حاله فلما سقطوا عنه لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب التي هى سنة ولولا ذلك لهلكوا يقال عوام المتوكلين إذا اعطوا شكروا وإذا منعوا صبروا. وخواصهم إذا اعطوا آثروا وإذا منعوا شكروا ويقال الحق يجود على الأولياء إذا توكلوا بتيسير السبب من حيث يحتسبون ولا يحتسبون. ويجود على الأصفياء بسقوط الارب وإذا لم يكن ارب فمتى يكون طلب ويقال التوكل ان يكون مثل الطفل لا يعرف شيأ يأوى اليه الا ثدى امه كذلك المتوكل يجب ان لا يرى لنفسه مأوى الا الله تعالى: وفى المثنوى نيست كسبى از توكل خوبتر ... چيست از تسليم خود محبوبتر «1» طفل تا گيرا وتا پويا نبود ... مركبش جز گردن بابا نبود چون فضولى كشت ودست و پانمود ... در عنا افتاد ودر كور وكبود ما عيال حضرتيم وشير خواه ... كفت «الخلق عيال للآله» آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو ز رحمت نان دهد وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ اى نزه تعالى عن صفات النقصان وعن كل ما يرد على الوهم والخيال حال كونك مثنيا عليه بنعوت الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابقه وفى الحديث (من قال كل يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) كما فى فتح الرحمن وَكَفى بِهِ الباء زائدة للتأكيد اى حسبك الحي الذي لا يموت وقوله بِذُنُوبِ عِبادِهِ ما ظهر منها وما بطن متعلق بقوله خَبِيراً مطلقا فيجزيهم جزاء وافيا فلا يحتاج معه الى غيره الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ محل الموصول الجر على انه صفة اخرى للحى وَما بَيْنَهُما من الأركان والمواليد فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فى مدتها من ايام الدنيا لانه لم يكن ثمة شمس ولا قمر وذلك مع قدرته على خلقها فى اسرع لمحة ليعلم العباد ان التأنى مستحب فى الأمور ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ اصل الاستواء الاستقرار والتساوي واعتدال الشيء فى ذاته ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء والغلبة كما فى المفردات وهو المراد هنا ومعنى الاستيلاء عليه كناية عن الملك والسلطان والمراد بيان نفاذ تصرفه فيه وفيما دونه لكنه خص العرش بالذكر لكونه أعظم الأجسام الرَّحْمنُ خبر مبتدأ محذوف اى الذي خلق الاجرام العلوية والسفلية وما بينهما هو الرحمن وهو تمهيد لما يأتى من قوله (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ)

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان ترجيح نهادن تخجير ان توكل را بر اجتهاد

[سورة الفرقان (25) : آية 60]

وبيان ان المراد من الاستواء المذكور فى الحقيقة تعيين مرتبة الرحمانية فَسْئَلْ بِهِ متعلق بما بعده وهو خَبِيراً كما فى قوله (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ونظائره اى فاسأل خبيرا بما ذكر من الخلق والاستواء يعنى الذي خلق واستوى لانه هو الخبير بأفعاله وصفاته كما قال (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) وقال (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ومن جعل قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) عطفا على الا الله يكون الخبير المسئول منه هو الراسخون فى العلم وقد مر تحقيق الآية فى سورة الأعراف وسورة يونس وسورة طه فارجع وفى الفتوحات المكية لما كان الحق تعالى هو السلطان الأعظم ولا بد للسلطان من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات مع انه تعالى لا يقبل المكان اقتضت المرتبة ان يخلق عرشا ثم ذكر انه استوى عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج منه كل ذلك رحمة للعباد وتنزلا لعقولهم ولولا ذلك لبقى العبد حائرا لا يدرى اين يتوجه بقلبه وقد خلق الله تعالى القلب ذا جهة فلا يقبل الا ما كان له جهة وقد نسب الحق تعالى لنفسه الفوقية من سماء وعرش واحاطة بالجهات كلها بقوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) وبقوله (ينزل ربنا الى سماء الدنيا) وبقوله عليه السلام (ان الله فى قبلة أحدكم) وحاصله ان الله تعالى خلق الأمور كلها للمراتب لا للاعيان انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لهؤلاء المشركين اسْجُدُوا صلوا وعبر عن الصلاة بالسجدة لانها من أعظم أركانها لِلرَّحْمنِ الذي برحمته أوجد الموجودات قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ اى أي شىء هو او من هو لان وضع ما أعم وهو سؤال عن المسمى بهذا الاسم لانهم ما كانوا يطلقونه على الله ولا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم وان كان مذكورا فى الكتب الاولى انه من اسماء الله تعالى أو لأنهم كانوا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم الا انهم يزعمون انه قد يراد به غيره وهو مسيلمة الكذاب باليمامة فانه يقال رحمن اليمامة وكان المشركون يكذبونه ولذلك غالطوا بذلك وقالوا ان محمدا يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة ونظيره ان المنافقين صدرت منهم كلمات وحركات فى حق النبي عليه السلام بالاستهزاء والاستسخار فقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) فغالطوا فى الجواب عن ذلك بهاتين اللفظتين الموهمتين صدق ما كانوا فيه حتى كذبهم الله تعالى بقوله (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) والمغالطة هو ان المنشئ او المتكلم يدل على معنى له مثل او نقيض فى شىء ويكون المثل او النقيض احسن موقعا لارادته الإبهام به كذا فى العقد الفريد للعلامة ابن طلحة أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا بسجوده من غير ان نعرف ان المسجود له ماذا وهو استفهام انكار اى لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بسجودنا له وَزادَهُمْ اى الأمر بالسجود للرحمن نُفُوراً عن الايمان. والنفور الانزعاج عن الشيء والتباعد وهو نظير قوله (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) فمن جهل وجود الرحمن او علم وجوده وفعل فعلا او قال قولا لا يصدر الا من كافر فكافر بالاتفاق كما فى فتح الرحمن وذلك كما إذا سجد للصنم او القى المصحف فى المزابل او تكلم بالكفر يكفر بلا خلاف لكونه علامة التكذيب وكان سفيان الثوري رحمه الله إذا قرأ هذه الآية رفع رأسه الى السماء وقال الهى زادنى خضوعا مازاد أعداءك نفورا وقال رجل لرسول الله

[سورة الفرقان (25) : الآيات 61 إلى 64]

صلى الله عليه وسلم ادع الله ان يرزقنى مرافقتك فى الجنة قال (اعنى بكثرة السجود) قال فى فتح الرحمن وهذا محل سجود بالاتفاق قال الكاشفى [اين سجده هفتم است بقول امام أعظم وبقول امام شافعى سجده هشتم واين را در فتوحات سجده نفور وانكار ميكويد وميفرمايد كه چون مؤمن در تلاوت اين سجده كند ممتاز كردد از اهل انكار پس اين سجده را امتياز نيز توان كفت] وتكبير سجود تلاوة سنة كما فى النهاية او ندب كما فى الكافي او الثاني ركن كما فى الزاهدي ولم يوجد ان كليهما ركن وإذا اخر عن وقت القراءة يكون قضاء كما قال ابو يوسف فهو على الفور عنده لكنه ليس على الفور عندنا فجميع العمر وقته سوى المكروه كما فى كتب الأصول والفروع والتأخير ليس بمكروه. وذكر الطحاوي انه مكروه وهو الأصح كما فى التجنيس ذكره القهستاني فى شرحه ثم ان قوله تعالى (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) يدل على ان لا سجدة لغير الرحمن ولو كانت لامرت المرأة بسجدة زوجها قال شمس الائمة السرخسي السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر وما يفعلونه من تقبيل الأرض بين يدى العلماء فحرام. وذكر الصدر الشهيد لا يكفر بهذا السجود لانه يريد به التحية انتهى لكنه يلزم عليه ان لا يفعل لانه شريعة منسوخة وهى شريعة يعقوب عليه السلام فان السجود فى ذلك الزمان كان يجرى مجرى التحية كالتكرمة بالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير ويدل عليه قوله تعالى فى حق اخوة يوسف وأبيه (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) . واما الانحناء للسلطان او لغيره فمكروه لانه يشبه فعل اليهود كما ان تقبيل يد نفسه بعد المصافحة فعل المجوس. واختلفوا فى سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم فقال ابو حنيفة ومالك يكره فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وخالف ابو يوسف ومحمد أبا حنيفة فقالا هى قربة يثاب عليها وقال الشافعي واحمد يسن وحكمه عندهما كسجود التلاوة لكنه لا يفعل فى الصلاة كذا فى فتح الرحمن وذكر الزاهدي فى شرح القدورى ان السجدات خمس صلواتية وهى فرض وسجدة سهو وسجدة تلاوة وهما واجبتان وسجدة نذر وهى واجبة بان قال لله علىّ سجدة تلاوة وان لم يقيدها بالتلاوة لا تجب عند ابى حنيفة خلافا لابى يوسف وسجدة شكر ذكر الطحاوي عن ابى حنيفة انه قال لا أراه شيأ قال ابو بكر الرازي معناه ليس بواجب ولا مسنون بل مباح لا بدعة وعن محمد انه كرهها قال ولكنا نستحبها إذا أتاه ما يسره من حصول نعمة او دفع نقمة قال الشافعي فيكبر مستقبل القبلة ويسجد فيحمد الله تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه اما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه واما ما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لان الجهال يعتقدونها سنة او واجبة وكل مباح يؤدى اليه فمكروه انتهى والفتوى على ان سجدة الشكر جائزة بل مستحبة لا واجبة ولا مكروهة كما فى شرح المنية بشكر عشق إ جبهه دائما بر خاك ... كه نعمتست نخوردست ساكن أفلاك اللهم اجعلنا من المتواضعين لك فى اللمع والحلك تَبارَكَ الَّذِي اى تكاثر خير الفياض الذي وقد ذكر فى أول هذه السورة فارجع قال فى برهان القرآن خص هذا الموضع بذكر تبارك لان ما بعده من عظائم الأمور حيث ذكر البروج والسيارات والشمس والقمر والليل

والنهار ولولاها ما وجد فى الأرض حيوان ولا نبات ولا مثلهما جَعَلَ بقدرته الكاملة فِي السَّماءِ [در آسمان] بُرُوجاً هى البروج الاثنا عشر كل برج منزلان وثلث منزل للقمر وهى منازل الكواكب السبعة السيارة وهى ثلاثون درجة للشمس واسماء البروج الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت فالحمل والعقرب بيتا المريخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والسرطان بيت القمر والأسد بيت الشمس والقوس والحوت بيتا المشترى والجدى والدلو بيتا زخل وهذه البروج مقسومة على الطبائع الأربع فيكون لكل واحدة منها ثلاثة بروج مثلثات الحمل والأسد والقوس مثلثة نارية والثور والسنبلة والجدى مثلثة ارضية والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية وسميت المنازل بالبروج وهى القصور العالية لانها للكواكب السيارة كالمنازل الرفيعة لسكانها واشتقاقها من التبرج لظهورها وقال الحسن ومجاهد وقتادة البروج هى النجوم الكبار مثال الزهرة وسهيل والمشترى والسماك والعيوق وأشباهها سميت بروجا لاستتارتها وحسنها وضوئها والابرج الواسع ما بين الحاجبين ثم ان منازل القمر باساميها ذكرت فى أوائل سورة يونس فارجع وَجَعَلَ فِيها اى فى البروج لا فى السماء لان البروج اقرب فعود الضمير إليها اولى وان جاز عوده الى السماء ايضا سِراجاً [چراغى را كه آفتابست] قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ويعبر به عن كل شىء مضىء والمراد به هاهنا الشمس لقوله تعالى (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) شبهت الشمس والكواكب الكبار بالسرج والمصابيح كما فى قوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) فى الانارة والاشراق وَقَمَراً بالفارسية [ماه] والهلال بعد ثلاث قمر سمى قمرا لبياضه كما فى المختار او لابيضاض الأرض به والأقمر الأبيض كما فى كشف الاسرار مُنِيراً مضيئا بالليل قال فى كشف الاسرار [كفته اند مراد ازين آسمان آسمان قرآنست كه جمله اهل ايمان در ظل بيان وى اند هر سورتى از ان چون برجى آنجا در عالم صور سبع مبانى است واينجا در عالم سور سبع مثانى چنانكه در شب هر كه چشم بر ستاره دارد راه زمين وى كم نشود هر كه اندر شب فتنه از بيم شك وشبهه چشم دل بر ستاره آيت قرآن دارد راه دينش كم نشود] قال فى نفائس المجالس فى الآية دلالة على كمال قدرته فان هذه الاجرام العظام والنيرات من آثار قدرته واعلم ان الله تعالى جعل فى سماء نفسك بروج حواسك وجعل فيها سراج روحك وقمر قلبك منيرا بانوار الروحانية فعليك بالاجتهاد فى تنوير وجودك وتخليص قلبك من الظلمات النفسانية لتستعد لانوار التجليات وتتخلص من ظلمة السوي فتصل الى المطلب الأعلى فيحصل لك البقاء بعد الفناء فتجد بعد الفقر كمال الغنى فتشاهد كمال قدرة الملك القادر هنا وفى عرائس القرآن بروج السماء مجارى الشمس والقمر وهى الحمل والنور إلخ. وفى القلب بروج وهى برج الايمان وبرج المعرفة وبرج العقل وبرج اليقين وبرج الإسلام وبرج الإحسان وبرج التوكل وبرج الخوف وبرج الرجاء وبرج المحبة وبرج الشوق وبرج الوله فهذه اثنا عشر برجا بها دوام صلاح القلب كما ان الاثني عشر برجا من الحمل إلخ

[سورة الفرقان (25) : آية 62]

بها صلاح الدار الفانية وأهلها وفى السماء سراج الشمس ونور القمر وفى القلب سراج الايمان والإقرار وقمر المعرفة يتلألأ نور إيمانه ومعرفته على لسانه بالذكر وعلى عينيه بالعبرة وعلى جوارحه بالطاعة والخدمة وفى التأويلات النجمية يشير الى سماء القلوب وبروج المنازل والمقامات وهى اثنا عشر منزلا التوبة والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والشكر واليقين والإخلاص والتسليم والتفويض والرضى وهى منازل سيارات الأحوال فيها شمس التجلي وقمر المشاهدة وزهرة الشوق ومشترى المحبة وعطارد الكشوف ومريخ الفناء وزخل البقاء انتهى هر كه خواهد بجان سير بروج ... آسمان را كند چوعيسى عروج آسمان را طريق معراجست ... دل بمعراج فلك محتاجست چون كذر ميكند ز برج فنا ... يابد آخر تجليات بقا اين تجلى ز سوى عرشى نه ... اين تسلى ز سمت فرشى نه اين تجلئ خالق الابراج ... بسراجش نديده چشم سراج وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ بحكمته التامة اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً الخلفة مصدر للنوع فلا يصلح ان يكون مفعولا ثانيا لجعل ولا حالا من مفعوله فلا بد من تقدير المضاف ويستعمل بمعنى كان خليفته او بمعنى جاء بعده فالمعنى على الاول جعلهما ذوى خلفة يخلف كل واحد منهما الآخر بان يقوم مقامه فيما ينبغى ان يعمل فيه فمن فرط فى عمل أحدهما قضاه فى الآخر فيكون توسعة على العباد فى نوافل العبادات والطاعات ويؤيده ما قال عليه السلام لعمر بن الخطاب رضى الله عنه وقد فاتته قراءة القرآن بالليل (يا ابن الخطاب لقد انزل الله تعالى فيك آية وهو الذي إلخ ما فاتك من النوافل بالليل فاقضه فى نهارك وما فاتك فى النهار فاقضه فى الليل) وعلى الثاني جعلهما ذوى اعتقاب يجىء الليل ويذهب النهار ويجىء النهار ويذهب الليل ولم يجعل نهارا لا ليل له وليلا لانهار له ليعلم الناس عدد السنين والحساب وليكون للانتشار فى المعاش وقت معلوم وللاستقرار والاستراحة وقت معلوم. ففى الآية تذكير لنعمته وتنبيه على كمال حكمته وقدرته لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ ان يتذكر آلاء الله ويتفكر فى صنعه فيعلم ان لا بد له من صانع حكيم واجب بالذات رحيم على العباد فالمراد بمن هو الكافر ثم أشار الى المؤمن بقوله أَوْ أَرادَ شُكُوراً بضم الشين مصدر بمعنى الشكر اى ان يشكر الله بطاعته على ما فيها من النعم فتكون او على حالها ويجوز ان تكون بمعنى الواو فالمعنى جعلناهما خلفة ليكونا وقتين للذاكرين والشاكرين من فاته ورده فى أحدهما تداركه فى الآخر ووجه التعبير باو التنبيه على استقلال كل واحد منهما بكونه مطلوبا من الجعل المذكور ولو عطف بالواو لتوهم ان المطلوب مجموع الامرين قال الامام الراغب الشكر تصور النعمة وإظهارها قيل هو مقلوب عن الكشر اى الكشف ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها وقيل أصله من عين شكرى اى ممتلئة والشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه والشكر على ثلاثة اضرب شكر بالقلب وهو تصور النعمة وشكر باللسان وهو الثناء على النعمة وشكر بسائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقها

عطايست هر موى ازو بر تنم ... چهـ كونه بهر موى شكرى كنم اعلم ان الآية الكريمة اشارة الى ان ورد النفل لا يقضى إذا فات لكن على طريق الاستحباب لا على طريق الوجوب وذلك ان دوام الورد سبب لدوام الوارد ودوام الوارد سبب للوصلة ألا ترى ان النهر انما يصل الى البحر بسبب امداد الأمطار والثلوج التي فى الجبال فلو انقطع المدد فقد المرام كما قال الصائب از زاهدان خشك رسايى طمع مدار ... سيل ضعيف واصل دريا نميشود ولذا أكب العباد والسلاك على الأوراد فى الليل والنهار وجعلوها على أنفسهم بمنزلة الواجبات ولذا لوفات عنهم ورد الليل قضوه فى النهار ولو فات عنهم ورد النهار قضوه فى الليل يعنى أتوا ببدله مما كان مثلا له حتى لا ينقطعوا دون السبيل فمن عرف الطريق الى الله لا يرجع ابدا ولو رجع عذب فى الدارين بما لم يعذب به أحد من العالمين فعليك بالورد صباحا ومساء فانه من ديدن السلف الصالحين وإياك والغفلة عنه فانها من دأب من بال على اذنه الشيطان من الفاسقين وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى الله عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم بالنهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال يا أستاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار أقبح منها منظرا فقلب لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول اسأل لمولاك وارددني الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى لا ترقدنّ الليالى ما حييت فان ... نمت الليالى فهن الدهر أمثالي فاجابتها جارية من الحسان نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القرآن بترجيع ورنات نحن الحسان اللواتى كنت تخطبنا ... جوف الظلام بانات وزفرات قال ثم شهق شهقة خرميتا ذكره الامام اليافعي فى روض الرياحين- وروى- ان إبليس ظهر ليحيى ابن زكريا عليهما السلام فرأى عليه معاليق من كل شىء فقال يحيى يا إبليس ما هذه المعاليق التي ارى عليك قال هذه الشهوات التي أصيب بهن ابن آدم قال فهل لى فيها من شىء قال ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر قال يحيى هل غير ذلك قال لا والله قال لله علىّ ان لا املأ بطني من طعام ابدا قال إبليس ولله على ان لا انصح مسلما ابدا كذا فى آكام المرجان واحتضر عابد فقال ما تأسفى علىّ دار احزان والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله فمن وجد الفرصة فليسارع وبقية العمر ليس لها ثمن اى كه پنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين پنج روز دريابى خواب نوشين بامداد رحيل ... باز دارد پياده را ز سبيل [كفته اند ايزد تعالى فلك را آفريد ومدت دور وى دو قسم كردانيد يك قسم از ان شب ديجور نهاد كه اندر ان وقت روى زمين بسان قير شود وقسم ديكر روز با نور نهاد كه روى زمين بسان كافور شود از روى اشارت ميكويد اى كسانى كه اندر روشنايى روز دولت

[سورة الفرقان (25) : آية 63]

آرام داريد ايمن مباشيد كه شب محنت بر اثرست واى كسانى كه اندر تاريكى شب محنت بى آرام بوده آيد نوميد مباشيد كه روشنايى روز دولت بر اثرست] اى دل صبور باش ومخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح كردد واين شب سحر شود نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل اليقظة والشهود الواصلين الى مطالعة الجمال فى كل مشهود ونعوذ به من البقاء فى ظلمة الوجود والحرمان من فيض الجود انه رحيم ودود وَعِبادُ الرَّحْمنِ دون عباد الدنيا والشيطان والنفس والهوى فانهم وان كانوا عبادا بالإيجاد لكنهم ليسوا باهل لاضافة التشريف والتفضيل من حيث عدم اتصافهم بالصفات الآتية التي هى آثار رحمته تعالى الخاصة المفاضة على خواص العباد. والمعنى عباده المقبولون وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ يَمْشُونَ المشي الانتقال من مكان الى مكان بارادة عَلَى الْأَرْضِ التي هى غاية فى الطمأنينة والسكون والتحمل حال كونهم هَوْناً هو السكينة والوقار كما فى القاموس وتذلل الإنسان فى نفسه بما لا يلحق به غضاضة كما فى المفردات وهين لين وقد يخففان ساكن متئد ملائم رقيق اى هينين لينى الجانب من غير فظاظة او يمشون مشيا هينا مصدر وصف به. والمعنى انهم يمشون بسكينة وتواضع لا بفخر وفرح ورياء وتجبر وذلك لما طالعوا من عظمة الحق وهيبته وشاهدوا من كبريائه وجلاله فخشعت لذلك أرواحهم وخضعت نفوسهم وأبدانهم وفى الحديث (المؤمنون هينون لينون كالجمل الانف ان قيد انقاد وان انيخ على صخرة استناخ) وفى الصحاح انف البعير اشتكى انفه من البرة فهو انف ككتف وفى الحديث (المؤمن كالجمل ان قيد انقاد وان استنيخ على صخرة استناخ) وذلك للوجع الذي به فهو ذلول منقاد. قوله قيد مجهول قاد والقود نقيض السوق فهو من امام وذلك من خلف: والانقياد [كشيده شدن وكردن نهادن] يقال انخت الجمل فاستناخ اى أبركته فبرك قال الشيخ سعدى فروتن بود هوشمند كزين ... نهد شاخ پر ميوه سر بر زمين چوسيل اندر آمد بهول ونهيب ... فتاد از بلندى بسر در نشيب چوشبنم بيفتاد مسكين وخرد ... بمهر آسمانش بعيوق برد وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ الجهل خلو النفس من العلم واعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه وفعل الشيء بخلاف ما حقه ان يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا او فاسدا كما يترك الصلاة عمدا وعلى ذلك قوله (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) فجعل فعل الهزؤ جهلا. والمعنى وإذا كلمهم السفهاء مواجهة بالكلام القبيح قالُوا سَلاماً اى نطلب منكم السلامة فيكون منصوبا بإضمار فعل كما فى المفردات او انا سلمنا من اثمكم وأنتم سلمتم من شرنا كما فى احياء العلوم وقال بعضهم سلاما مصدر فعل محذوف أقيم مقام التسلم اى قالوا نتسلم منكم تسلما اى لا نجاهلكم: والمجاهلة [با كسى سفاهت كردن] ولا تخالط بشىء من أموركم وهو الجهل وما يبتنى على خفة العقل فلا خير بيننا وبينكم ولا شر بل متاركة: بالفارسية [جفاى يكديكر بگذاشتن] واكثر المفسرين على ان السلام ليس عين عبارتهم بل صفة لمصدر

محذوف. والمعنى قالوا قولا سلاما اى سدادا يسلمون فيه من الأذى والإثم [مراد ترك تعرض سفهاست واعراض از مكالمه ومجادله ايشان] كما قال المحقق الرومي اگر كويند زراقى وسالوس ... بگو هستم دو صد چندان وميرو وكر از خشم دشنامى دهندت ... دعا كن خوش دل وخندان وميرو قال الشيخ سعدى قدس سره يكى بربطى در بغل داشت مست ... بشب در سر پارسايى شكست چوروز آمد آن نيك مرد سليم ... بر سنك دل برد يك مشت سيم كه دوشينه معذور بودى ومست ... ترا ومرا بربط وسر شكست مرا به شد آن زخم وبرخاست بيم ... ترا به نخواهد شد الا بسيم أذان دوستان خدا بر سرند ... كه از خلق بسيار بر خر خورند ثم ان قوله وإذا بيان لحالهم فى المعاملة مع غيرهم اثر بيان حالهم فى أنفسهم وهذه الآية محكمة عند أكثرهم لان الحلم عن السفيه مندوب اليه والإغضاء عن الجاهل امر مستحسن فى الأدب والمروءة والشريعة واسلم للعرض وأوفق للورع وفى الحديث (إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة نادى مناد اين اهل الفضل فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون ما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا غفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين) وفى الحديث (رأيت قوما من أمتي ما خلقوا بعد وسيكونون فيما بعد اليوم أحبهم ويحبوننى يتناصحون ويتباذلون ويمشون بنور الله فى الناس رويدا فى خفية وتقية يسلمون من الناس ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم قلوبهم بذكر الله تطمئن ومساجدهم بصلاتهم يعمرون يرحمون صغيرهم ويجلون كبيرهم ويتواسون بينهم يعود غنيهم على فقيرهم يعودون مرضاهم ويتبعون جنائزهم) فقال رجل من القوم فى ذلك يرفقون فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (كلا انه لا رفيق لهم هم خدام أنفسهم هم أكرم على الله من ان يوسع عليهم لهوان الدنيا عند ربهم ثم تلا عليه السلام وعباد الرحمن) الآية وقال بعضهم فى صفة عباد الرحمن العبادة حليتهم والفقر كرامتهم وطاعة الله حلاوتهم وحب الله لذتهم والى الله حاجتهم والتقوى زادهم والهدى مركبهم والقرآن حديثهم والذكر زينتهم والقناعة مالهم والعبادة كسبهم والشيطان عدوهم والحق حارسهم والنهار عبرتهم والليل فكرتهم والحياة مرحلتهم والموت منزلهم والقبر حصنهم والفردوس مسكنهم والنظر الى رب العالمين منيتهم اعلم ان عباد الله كثير فمنهم عبد الرحمن ومنهم عبد الرزاق ومنهم عبد الوهاب الى غير ذلك ولكن لا يكون المرء بمجرد الاسم عبدا حقيقة لا عبد الله ولا نحوه وذلك لان عبد الله هو الذي تجلى بجميع أسمائه تعالى فلا يكون فى عباده ارفع مقاما وأعلى شانا منه لتحققه بالاسم الأعظم واتصافه بجميع صفاته ولذا خص نبينا عليه السلام بهذه الاسم فى قوله (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ) فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة الا له وللاقطاب من ورثته بتبعيته. وعبد الرحمن

[سورة الفرقان (25) : آية 64]

هو مظهر الاسم الرحمن فهو رحمة للعالمين جميعها بحيث لا يخرج أحد من رحمته بحسب قابليته واستعداده. وعبد الرحيم هو مظهر الاسم الرحيم وهو يختص رحمته بمن اتقى وأصلح ورضى الله عنه وينتقم ممن غضب الله عليه. وعبد الرزاق هو الذي وسع الله له رزقه فيؤثر به على العباد. وعبد الوهاب هو الذي تجلى له الحق باسم الجود فيهب ما ينبغى لمن ينبغى على الوجه الذي ينبغى بلا عوض ولا غرض ويمد اهل عنايته تعالى بالامداد جعلنا الله وإياكم من المتحققين بأسمائه الحسنى انه المطلب الأعلى والمقصد الأسنى وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ عطف على الموصوف الاول والبيتوتة خلاف الظلول وهى ان يدركك الليل نمت او لم تنم ولذلك يقال بات فلان قلقا اى مضطربا: والمعنى [بالفارسية عباد الرحمن آنانند كه شب بروز مى آرند] لِرَبِّهِمْ لا لحظ أنفسهم وهو متعلق بما بعده والتقديم للتخصيص مع مراعاة الفاصلة سُجَّداً جمع ساجد اى حال كونهم ساجدين على وجوههم وَقِياماً جمع قائم مثل نيام ونائم او مصدر اجرى مجراه اى قائمين على أقدامهم وتقديم السجود على القيام لرعاية الفواصل وليعلم ان القيام فى الصلاة مقدم مع ان السجدة أحق بالتقديم لما ورد (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) والكفرة عنها يستكبرون حتى قال بعضهم منهم لا افعلها لانى لا أحب ان تعلو رأسى استى. والمعنى يكونون ساجدين لربهم وقائمين اى يحبون الليل كلا او بعضا بالصلاة كما قال تعالى فى حق المتقين (كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) وتخصيص البيتوتة لان العبادة بالليل أشق وابعد من الرياء وهو بيان لحالهم فى معاملتهم مع ربهم ووصف ليلهم بعد وصف نهارهم وقد اشتهر بقيام الليل كله وصلاة الغداة بوضوء العشاء الاخيرة سعيد ابن المسيب وفضيل بن عياض وابو سليمان الداراني وحبيب العجمي ومالك بن دينار ورابعة العدوية وغيرهم قال فى التأويلات النجمية يبيتون لربهم ساجدين ويصبحون واجدين فوجود صباحهم ثمرات سجود رواحهم كما فى الخبر (من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) اى عظم ماء وجهه عند الله واحسن الأشياء ظاهر بالسجود محسن وباطن بالوجود مزين وكانت حفصة بنت سيرين اخت محمد بن سيرين تقرأ كل ليلة نصف القرآن تقوم به فى الصلاة وكانت تقوم فى مصلاها بالليل فربما طفئ المصباح فيضيئ لها البيت حتى تصبح وكانت من عابدات اهل البصرة وكان أخوها ابن سيرين إذا أشكل عليه شىء من القرآن قال اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ وكانت تقول يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فانى ما رأيت العمل الا فى الشباب وكانت رابعة العدوية تصلى الليل كله فاذا قرب الفجر نامت نومة خفيفة ثم تقوم وتقول يا نفس كم تنامين وكم تقومين يوشك ان تنامى نومة لا تقومين منها الا صبيحة يوم النشور فكان هذا دأبها حتى ماتت وفى الخبر (قم من الليل ولو قدر حلب شاة) ومن حرم قيام الليل كسلا وفتورا فى العزيمة او تهاونا بقلة الاعتداد بذلك او اغترارا بحاله فليبك عليه فقد قطع عليه طريق كثير من الخير. والذي يخل بقيام الليل كثرة الاهتمام بامور الدنيا وكثرة أشغال الدنيا واتعاب الجوارح والامتلاء من الطعام وكثرة الحديث واللهو واللغط وإهمال القيلولة والموفق من يغتنم وقته ويعرف داءه ودواءه ولا يهمل فيهمل يقول الفقير قواه الله القدير على فعل

[سورة الفرقان (25) : الآيات 65 إلى 70]

الخير الكثير ان قلت ما تقول فى قوله عليه السلام (من صلى العشاء فى جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى الفجر فى جماعة كان كقيام ليلة) إلخ فانه يرفع مؤنة قيام الليل قلت هذا ترغيب فى الجماعة وبيان للرخصة وتأثير النية فان من نوى وقت العشاء ان يقيم الفجر بجماعة كان كمن أنتظرها فى المسجد فرب همة عالية تسبق الاقدام ولكن العمل مع النية أفضل من النية المجردة والعزيمة فوق الرخصة قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله يحتاج العبد الى السنن الرواتب لتكميل الفرائض ويحتاج الى النوافل لتكميل السنن ويحتاج الى الآداب لتكميل النوافل ومن الأدب ترك الدنيا وقد اختلفوا فى ان طول القيام أفضل او كثرة السجود والركوع قال فى الدرر طول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام (أفضل الصلوات طول القنوت) اى القيام ولان القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أفضل منه انتهى وقال بعضهم بافضلية الثاني [ابن عمر يكى را ديد كه در نماز قيام دراز داشت كفت اگر من او را شناختمى بكثرة ركوع وسجود فرمودمى كه از رسول خدا شنيدم عليه السلام كه كفت] (ان العبد إذا قام يصلى أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه كلما ركع او سجد تساقطت عنه) وقال معدان بن طلحة لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أخبرني بعمل يدخلنى الله به الجنة فقال سألت عن ذلك رسول الله فقال (عليك بكثرة السجود لله فانك لا تسجد لله سجدة الا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة) واعلم ان الأصل فى كل عمل هو تحقيق النية وتصحيح الإخلاص مشايخ همه شب دعا خوانده اند ... سحر كه مصلى بر افشانده اند كسى كو بتابد ز محراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى تو هم پشت بر قبله در نماز ... كرت در خدا نيست روى نياز وجهنا الله وإياكم الى وجهه وَالَّذِينَ يَقُولُونَ اى فى أعقاب صلواتهم او فى عامة أوقاتهم رَبَّنَا [اى پروردگار ما] اصْرِفْ عَنَّا صرفه رده عَذابَ جَهَنَّمَ العذاب الايجاع الشديد إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً اى شرا دائما وهلاكا لازما غير مفارق لمن عذب به من الكفار قال الراغب مأخوذ من قولهم هو مغرم بالنساء اى يلازمهن ملازمة الغريم اى ملازمة من له الدين لغريمه اى من عليه الدين فكلاهما غريم قال محمد بن كعب ان الله تعالى سأل الكفار ثمن نعمته فلم يؤدوها اليه فاغرقهم فادخلهم النار إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً تعليل لاستدعائهم المذكور بسوء حالها فى أنفسها اثر تعليله بسوء حال عذابها فهو من تمام كلامهم والضمير فى ساءت لا يعود الى اسم ان وهو جهنم ولا الى شىء آخر بعينه بل هو ضمير مبهم يفسره ما بعده من التمييز وهو مستقر او مقاما وذلك لان فاعل افعال الذم يجب ان يكون معرفا باللام او مضافا الى المعرف به او مضمرا مميزا بنكرة منصوبة. والمعنى بئست موضع قرار واقامة هى اى جهنم: وبالفارسية [بتحقيق دوزخ بد آرامگاهست وبد جاى بودنى] وفى الآية إيذان بانهم مع حسن مخالقتهم مع الخلق واجتهادهم فى عبادة الحق خائفون

[سورة الفرقان (25) : آية 67]

من العذاب متضرعون الى الله فى صرفه عنهم. يعنى يجتهدون غاية الجهد ويستفرغون نهاية الوسع ثم عند السؤال ينزلون منزلة العصاة ويقفون موقف اهل الاعتذار ويخاطبون بلسان التذلل كما قيل وما رمت الدخول عليه حتى ... حللت محلة العبد الذليل وذلك لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم كقوله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) : قال الشيخ سعدى قدس سره طريقت همينست كاهل يقين ... نكوكار بودند وتقصير بين وقال بنده همان به كه ز تقصير خويش ... عذر بدرگاه خداى آورد ور نه سزاوار خداونديش ... كس نتواند كه بجاى آورد قال ابن نجيد لا يصف لاحد قدم فى العبودية حتى يكون أفعاله عنده كلها رياء وأحواله كلها دعاوى وقال النهر جورى من علامة من تولاه الله فى اعماله ان يشهد التقصير فى إخلاصه والغفلة فى أذكاره والنقصان فى صدقه والفتور فى مجاهدته وقلة المراعاة فى فقره فيكون جميع أحواله عنده غير مرضية ويزداد فقرا الى الله تعالى فى فقره وسيره حتى يفنى عن كل ما دونه ودلت الآية على الدعاء مطلقا خصوصا فى أعقاب الصلوات وهو مخ العبادة فليدع المصلى مفردا وفى الجماعة اماما كان او مأموما وليقل (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم انى اسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم استر عوراتى وآمن روعاتى واقل عثراتى اللهم انى أسئلك ايمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد وقرة عين الابد ومرافقة نبيك محمد اللهم البس وجوهنا منك الحياء واملأ قلوبنا بك فرحا واسكن فى نفوسنا عظمتك وذلل جوارحنا لخدمتك وأجعلك أحب إلينا مما سواك اللهم افعل بنا ما أنت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله اللهم اغفر لي ولوالدى وارحمهما كما ربيانى صغيرا واغفر لاعمامنا وعماتنا وأخوالنا وخالاتنا وأزواجنا وذرياتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات يا ارحم الراحمين ويا خير الغافرين) وغير ذلك مما هو مذكور فى عوارف المعارف نقلا عن قوت القلوب للامام المكي وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا نفق الشيء إذا مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق المبيع نفاقا واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا واما بالفناء نحو نفقت الدراهم وأنفقتها لَمْ يُسْرِفُوا لم يجاوزوا حد الكرم وَلَمْ يَقْتُرُوا ولم يضييقوا تضييق الشحيح فان القتر والاقتار والتقتير هو التضييق الذي هو ضد الإسراف والإسراف مجاوزة الحد فى النفقة وَكانَ الانفاق المدلول عليه بقوله أنفقوا بَيْنَ ذلِكَ اى بين ما ذكر من الإسراف والتقتير وهو خبر كان وقوله قَواماً خبر بعد خبر او هو الخبر وبين ذلك ظرف لغو لكان على رأى من يرى أعمالها فى الظرف. والمعنى وسطا عدلا سمى به لاستقامة الطرفين واعتدالهما بحيث لا ترجح لاحدهما على الآخر بالنسبة اليه لكونه وسطا بينهما كمركز الدائرة فانه يكون نسبة جميع الدائرة اليه على السواء ونظير القوام

السواء فانه سمى به لاستواء الطرفين فالآية نظير قوله تعالى فى سورة الاسراء (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) وسط را مكن هركز از كف رها ... كه خير الامورست أوساطها وتحقيق المقام الانفاق ضربان محمود ومذموم فالمحمود منه ما يكسب صاحبه العدالة وهو بذل ما أوجبت الشريعة بذله كالصدقة المفروضة والانفاق على العيال ولذا قال الحسن ما أنفق الرجل على اهله فى غير إسراف ولا فساد ولا إقتار فهو فى سبيل الله ومنه ما يكسب صاحبه اجرا وهو الانفاق على من ألزمت الشريعة إنفاقه عليه ومنه ما يكسب له الحرية وهو بذل ما ندبت الشريعة الى بذله فهذا يكتسب من الناس شكرا ومن ولى النعمة اجرا والمذموم ضربان افراط وهو التبذير والإسراف وتفريط وهو الإمساك والتقتير وكلاهما يراعى فيه الكمية والكيفية فالتبذير من جهة الكمية ان يعطى اكثر ما يحتمله حاله ومن حيث الكيفية ان يضعه فى غير موضعه والاعتبار فيه بالكيفية اكثر من الكمية فرب منفق درهما من ألوف وهو فى إنفاقه مسرف وببذله ظالم مفسد كمن اعطى فاجرة درهما او اشترى خمرا ورب منفق الوفا لا يملك غيرها هو فيه مقتصد وبذله محمود كما روى فى شأن ابى بكر الصديق رضى الله عنه حيث أنفق جميع ماله فى غزوة تبوك ولما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماذا أبقيت لاهلك يا أبا بكر) قال الله ورسوله وقد قيل لحكيم متى يكون بذل القليل إسرافا والكثير اقتصادا قال إذا كان بذل القليل فى باطل وبذل الكثير فى حق ومن هذا الباب ما قال مجاهد فى الآية لو كان لرجل مثل ابى قبيس ذهبا فانفقه فى طاعة الله لم يكن مسرفا ولو أنفق درهما فى معصية الله كان مسرفا والتقتير من جهة الكمية ان ينفق دون ما يحتمله حاله ومن جهة الكيفية ان يمنع من حيث يجب وينفق حيث لا يجب والتبذير عند الناس احمد لانه جود لكنه اكثر مما يجب والتقتير بخل والجود على كل حال احمد من البخل لان رجوع المبذر الى السخاء سهل وارتقاء البخيل اليه صعب وان المبذر قد ينفع غيره وان أضر بنفسه والمقتر لا ينفع نفسه ولا غيره على ان التبذير فى الحقيقة هو من وجه أقبح إذ لا إسراف الا وفى جنبه حق يضيع ولان التبذير يؤدى صاحبه الى ان يظلم غيره ولذا قيل الشحيح اعذر من الظالم ولانه جهل بقدر المال الذي هو سبب استبقاء النفس والجهل رأس كل شر والمتلاف ظالم من وجهين لاخذه من غير موضعه ووضعه فى غير موضعه قال يزيد بن حبيب فى هذه الآية أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة ولا يلبسون ثيابا للجمال ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم عن الحر والقرّ وفى الحديث (ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء) يعنى كسر الخبز واحدتها جرفة بالكسر وقال عمر رضى الله عنه كفى سرفا ان لا يشتهى الرجل شيأ الا اشتراه فاكله اگر چهـ باشد مرادت خورى ... ز دوران بسى نامرادى برى دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل

[سورة الفرقان (25) : آية 68]

قال الحافظ خواب وخورت ز مرتبه خويش دور كرد ... آنكه رسى بخويش كه بى خواب وخور شوى ثم ان الإسراف ليس متعلقا بالمال بل بكل شىء وضع فى غير موضعه اللائق به ألا ترى ان الله تعالى وصف قوم لوط بالإسراف لوضعهم البذر فى غير المحرث فقال (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) ووصف فرعون بقوله (إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) فالتكبر لغير المتكبر إسراف مذموم وللمتكبر اقتصاد محمود وعلى هذا فقس وفى الآية اشارة الى اهل الله الباذلين عليه الوجود (إِذا أَنْفَقُوا) وجودهم فى ذات الله وصفاته (لَمْ يُسْرِفُوا) اى لم يبالغوا فى المجاهدة والرياضة حتى يهلكوا أنفسهم بالكلية كما قال (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (وَلَمْ يَقْتُرُوا) فى بذل الوجود بان لا يجاهدوا أنفسهم فى ترك هواها وشهواتها كما اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال (انذر قومك من أكل الشهوات فان القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عنى) (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) بحيث لا يهلك نفسه بفرط المجاهدة ولا يفسد قلبه بتركها وتتبع الشهوات كما فى التأويلات النجمية وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ لا يعبدون مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ كالصنم اى لا يجعلونه شريكا له تعالى يقال الشرك ثلاثة. أولها ان يعبد غيره تعالى. والثاني ان يطيع مخلوقا بما يأمره من المعصية. والثالث ان يعمل لغير وجه الله فالاول كفر والآخران معصية وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرفعون حوائجهم الى الأغيار ولا يتوهمون منهم المسار والمضار وايضا لا يشوبون أعمالهم بالرياء والسمعة ولا يطلبون مع الله مطلوبا ولا يحبون معه محبوبا بل يطلبون الله من الله ويحبونه به: قال الصائب غير حق را مى دهى ره در حريم دل چرا ... ميكشى بر صفحه هستى خط باطل چرا وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ اى حرمها بمعنى حرم قتلها فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه مبالغة فى التحريم والمراد نفس المؤمن والمعاهد إِلَّا بِالْحَقِّ المبيح لقتلها اى لا يقتلونها بسبب من الأسباب الا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها كما إذا قتل أحدا فيقتص به او زنى وهو محصن فيرجم او ارتد او سعى فى الأرض بالفساد فيقتل وَلا يَزْنُونَ الزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى واعلم ان الله تعالى نفى عن خواص العباد أمهات المعاصي من عبادة الغير وقتل النفس المحرمة والزنى بعد ما اثبت لهم اصول الطاعات من التواضع ومقابلة القبيح بالجميل واحياء الليل والدعاء والانفاق العدل وذلك إظهارا لكمال ايمانهم فانه انما يكمل بالتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل واشعارا بان الاجر المذكور فيما بعد موعود للجامع بين ذلك وتعريضا للكفرة باضداده اى وعباد الرحمن الذين لا يفعلون شيأ من هذه الكبائر التي جمعتهن الكفرة حيث كانوا مع اشراكهم به سبحانه مداومين على قتل النفوس المحرمة التي من جملتها الموؤدة مكبين على الزنى إذ كان عندهم مباحا وعن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال (ان تجعل لله ندا وهو خلقك) قال قلت ثم أي قال (ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك) قال قلت ثم أي (قال ان تزنى بحليلة جارك) وفى التأويلات النجمية (وَلا يَزْنُونَ) اى لا يتصرفون

[سورة الفرقان (25) : الآيات 69 إلى 70]

فى عجوز الدنيا بشهوة نفسانية حيوانية بل يكون تصرفهم فيها لله وفى الله وبالله اى بخلاف حال العامة وَمَنْ [هر كه] يَفْعَلْ ذلِكَ شيأ مما ذكر من الافعال كما هو دأب الكفرة يَلْقَ أَثاماً هو جزاء الإثم والعقوبة كالوبال والنكال وزنا ومعنى: وبالفارسية [به بيند جزاى بزه كارىء خود] تقول اثم الرجل بالكسر أذنب وإثمه جازاه قال فى القاموس هو كسحاب واد فى جهنم والعقوبة وفى الحديث (الغى والأثام بئران يسيل فيهما صديد اهل النار) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [المضاعفة: افزون كردن يعنى يك دو كردن] كما قال الراغب الضعف تركب قدرين متساويين يقال أضعفت الشيء وضعفته وضاعفته ضممت اليه مثله فصاعدا والجملة بدل من يلق لاتحادهما فى المعنى اى يتزايد عذابه وقتا بعد وقت وذلك لانضمام المعاصي الى الكفر وفى التأويلات النجمية اى يكون معذبا بعذابين عذاب دركات النيران وعذاب فرجات درجات الجنان وقربات الرحمن وَيَخْلُدْ [وجاويد ماند] فِيهِ اى فى ذلك العذاب حال كونه مُهاناً ذليلا محتقرا جامعا للعذاب الجسماني والروحاني لا يغاث: وبالفارسية [خوار وبى اعتبار] قرأ ابن كثير وحفص فيهى مهانا بإشباع كسرة الهاء وجعلها بالياء فى الوصل وذلك للتنبيه على العذاب المضاعف ليحصل التيقظ والامتتاع عن سببه إِلَّا مَنْ تابَ من الشرك والقتل والزنى وَآمَنَ وصدق بوحدانية الله تعالى وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً [وبكند كردار شايسته براى تكميل ايمان] ذكر الموصوف مع جريان الصالح والصالحات مجرى الاسم للاعتناء به والتنصيص على مغايرته للاعمال السابقة والاستثناء لانه من الجنس لان المقصود الاخبار بان من فعل ذلك فانه يحل به ما ذكر الا ان يتوب. واما إصابة اصل العذاب وعدمها فلا تعرض لها فى الآية فَأُوْلئِكَ الموصوفون بالتوبة والايمان والعمل الصالح: وبالفارسية [پس آن كروه] يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ التي عملوها فى الدنيا فى الإسلام حَسَناتٍ يوم القيامة وذلك بان يثبت له بدل كل سيئة حسنة وبدل كل عقاب ثوابا قال الراغب التبديل جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله عن ابى ذر رضى الله عنه قال عليه السلام (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه ويخبأ عنه كبارها فيقال عملت يوم كذا كذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من الكبائر فيقال أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول ان لى ذنوبا ما أراها هاهنا) قال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ثم تلا (فَأُوْلئِكَ) إلخ قال الزجاج ليس ان السيئة بعينها تصير حسنة ولكن التأويل ان السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة انتهى قال المولى الجامى (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) يعنى فى الحكم فان الأعيان نفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى كلامه فى شرح الفصوص وقال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الأربعين حديثا (الطاعات كلها مطهرات) فتارة بطريق المحو المشار اليه بقوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) وبقوله عليه السلام (اتبع الحسنة تمحها) وتارة بطريق التبديل المشار اليه بقوله (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) إلخ فالمحو المذكور

[سورة الفرقان (25) : الآيات 71 إلى 77]

عبارة عن حقيقة العفو والتبديل من مقام المغفرة وان تنبهت لما أشرت اليه عرفت الفرق بين العفو والمغفرة انتهى كلامه وفى التأويلات النجمية (إِلَّا مَنْ تابَ) عن عبادة الدنيا وهوى النفس (وَآمَنَ) بكرامات وكمالات أعدها الله لعباده الصالحين مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً) لتبليغه الى تلك الكمالات وهو الاعراض عما سوى الله بجملته والإقبال على الله بكليته رجاء عواطف إحسانه كما قيل لبعضهم كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول ولعمرى هذا هو الإكسير الأعظم الذي ان طرح ذرة منه على قدر الأرض من نحاس السيئات تبدلها إبريز الحسنات الخالصة كما قال تعالى اخبارا عن اهل هذا الإكسير (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) كما يبدل الإكسير النحاس ذهبا انتهى يقول الفقير لا شك عند اهل الله تعالى فى انقلاب الأعيان واستحالتها ألا ترى الى انحلال مزاج المادة الاصلية الى غيرها فى العالم الصناعى فاذا انحل المزاج واستحالت المادة الى الصورة الهيولانية صلحت لان يولد الحكيم منها انسان الفلاسفة قال الامام الجلدكى الأرض تستحيل ماء والماء يستحيل هواء والهواء يستحيل نارا وبالعكس النار تستحيل هواء والهواء ماء والماء يستحيل أرضا والعناصر يستحيل بعضها الى بعض مع ان كل عنصر من العناصر ممتزج من طبيعتين فاعلة ومنفعلة فهذا برهان واضح على انحلال المزاج الى غيره فى الأصول واما فى الفصول فان الأرض تستحيل نباتا والنبات يستحيل حيوانا فوقف الفاضل ابن سينا وقال ان الحيوان لا يستحيل اللهم الا ان يفسد الى عناصره ويرجع الى طبائعه فنقول ان الأرض والماء إذا لم يفسدا فى الصورة عن كيانهما لما استحالا نباتا والنبات إذا لم يفسد عن كياله لما استحال حيوانا فكيف خفى عليه ان النبات والحيوان يفسدان بالطبخ ويصيران للانسان غذاء وينحل مزاجهما الى الكيموس الغذائى ويصيران فى جوف الإنسان دما ويستحيل الدم بالحركة الشوقية بين الذكر والأنثى فيصير منيا ثم جنينا ثم إنسانا وكذلك جسد الإنسان بعد فساده يمكن ان يصير نباتا ويستحيل الى حيوانات شتى مثل الديدان وغيرها ويستحيل الجميع حتى العظام الرفات الى ان تقبل التكوين إذا شربت ماء الحياة وانما الاجزاء الجسدانية للانسان محفوظة معلومة عند الله وان استحالت من صفة الى صفة وتبدلت من حالة الى حالة وانحل مزاج كل منها الى غيره الا ان روحه وعقله ونفسه وذاته الباطنة باقية فى برزخها: قال الحافظ دست از مس وجود چومردان ره بشوى ... تا كيمياى عشق بيابى وزر شوى وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً ولذلك بدل السيئات حسنات رَحِيماً ولذلك أثاب على الحسنات وَمَنْ تابَ اى رجع عن المعاصي مطلقا بتركها بالكلية والندم عليها وَعَمِلَ صالِحاً يتدارك به ما فرط منه او خرج عن المعاصي ودخل فى الطاعات فَإِنَّهُ بما فعل يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ يرجع اليه تعالى بعد الموت قال الراغب ذكر الى يقتضى الانابة مَتاباً اى متابا عظيم الشان مرضيا عنده ماحيا للعقاب محصلا للثواب فلا يتحد الشرط والجزاء لان فى الجزاء معنى زائدا على ما فى الشرط فان الشرط هو التوبة بمعنى الرجوع عن المعاصي والجزاء هو الرجوع الى الله

[سورة الفرقان (25) : آية 72]

رجوعا مرضيا قال الراغب متابا اى التوبة التامة وهو الجمع بين ترك القبيح وتحرى الجميل اه وهذا تعميم بعد التخصيص لان متعلق التوبة فى الآية الاولى الشرك والقتل والزنى فقط وهاهنا مطلق المعاصي والتوبة فى الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الاعادة فمتى اجتمع هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة: قال المولى الجامى با خلق لاف توبه ودل بر كنه مصر ... كس پى نمى برد كه بدين كونه كمرهم قال ابن عطاء التوبة الرجوع من كل خلق مذموم والدخول فى كل خلق محمود اى وهى توبة الخواص وقال بعضهم التوبة ان يتوب من كل شىء سوى الله تعالى اى وهى توبة الأخص فعليك بالتوبة والاستغفار فانها صابون الأوزار وفى الحديث القدسي (انين المذنبين أحب الىّ من زجل المسبحين) اى من أصواتهم بالتسبيح والإصرار يؤدى الى الشرك والموت على غير الملة الاسلامية قال ابو اسحق رأيت رجلا نصف وجهه مغطى فسألته فقال كنت نباشا فنبشت ليلة قبر امرأة فلطمتنى وعلى وجهه اثر الأصابع فكتبت ذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ ان اسأله كيف وجد اهل القبور فسألته فقال وجدت أكثرهم متحولا عن القبلة فقال الأوزاعي هو الذي مات على غير الملة الاسلامية اى بسبب الإصرار المؤدى الى الكفر والعياذ بالله تعالى. وذكر فى اصول الفقه ان ارتكاب المنهي أشد ذنبا من ترك المأمور ومع ذلك صار إبليس مردودا: وفى المثنوى توبه را از جانب مغرب درى ... باز باشد تا قيامت بر درى «1» تا ز مغرب بر زند سر آفتاب ... باز باشد آن در از وي رو متاب هشت جنت را ز رحمت هشت در ... كه در توبه است زان هشت اى پسر آن همه كه باز باشد كه فراز ... وان در توبه نباشد جز كه باز هين غنيمت دار در بازست زود ... رخت آنجا كش بكورى حسود نسأل الله تعالى توبة نصوحا ومن آثار رحمته فيضا ونوالا وفتوحا وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ من الشهادة وهى الاخبار بصحة الشيء عن مشاهدة وعيان. والزور الكذب وأصله تمويه الباطل بما يوهم انه حق وقال الراغب الأزور المائل الزور اى الصدر وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته وانتصابه على المصدرية والأصل لا يشهدون شهادة الزور باضافة العام الى الخاص فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يقيمون الشهادة الكاذبة: وبالفارسية [كواهى دروغ ندهند] واختلف الأئمة فى عقوبة شاهد الزور فقال ابو حنيفة رحمه الله لا يعزر بل يوقف فى قومه ويقال لهم انه شاهد زور وقال الثلاثة يعزر ويوقف فى قومه ويعرفون انه شاهد زور وقال مالك يشهر فى الجوامع والأسواق والمجامع وقال احمد يطاف به فى المواضع التي يشتهر فيها فيقال انا وجدنا هذا شاهد زور فاجتنبوه وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ويسخم وجهه ويطوف فى الأسواق كما فى كشف الاسرار قال ابن عطاء رحمه الله هى شهادة اللسان من غير مشاهدة القلب ويجوز ان يكون يشهدون من الشهود وهو الحضور وانتصاب

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه در توبه باز وگشوده است

الزور على المفعول به والأصل لا يشهدون مجالس الزور فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يحضرون محاضر الكذب ومجالس الفحش فان مشاهدة الباطل مشاركة فيه من حيث انها دليل الرضى به كما إذا جالس شارب الخمر بغير ضرورة فانه شريك فى الإثم واما الملامية وهم الذين لا يظهرون خيرا ولا يضمرون شرا لانفراد قلوبهم مع الله يمشون فى الأسواق ويتكلمون مع الناس بكلام العامة ويحضرون بعض مواضع الشرور لمشاهدة القضاء والقدر حتى يوافقوا الناس فى الشر فهم فى الحقيقة عباد الرحمن وهم المرادون بقوله عليه السلام (أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيرى) : قال الحافظ مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت وقال الخجندي برخيز كمال از سر ناموس كه رندان ... كردند اقامت بسر كوى ملامت وقال بعضهم المراد بالزور أعياد المشركين واليهود والنصارى [يا بازيكاه ايشان] كما فى تفسير الكاشفى قال فى ترجمة الفتوحات [نبايد كه اهل ذمت ترا بشرك خود فريب دهند كه نزد حق تعالى هلاك تو در آنست شيخ اكبر قدس سره الأطهر ميفرمايد كه در دمشق اين معنى مشاهده كردم كه زنان ومردان بانصارى مسامحت ميكنند وصغار وأطفال خود را بكنايس مى برند واز آب معموديه بر سبيل تبرك بر ايشان مى افشانند واينها قرين كفر است يا خود نفس كفر است وآنرا هيچ مسلمانى نپسندد] وفى قاضى خان رجل اشترى يوم النيروز شيأ لم يشتره فى غير ذلك اليوم ان أراد به تعظيم ذلك اليوم كما عظمه الكفرة يكون كفرا وان فعل ذلك لاجل الشرب والتنعم يوم النيروز لا يكون كفرا انتهى والمراد نيروز النصارى لا نيروز العجم كما هو الظاهر من كلامه وقال بعضهم يدخل فى مجلس الزور اللعب واللهو والكذب والنوح والغناء بالباطل- روى- عن محمد بن المنكدر قال بلغني ان الله تعالى يقول يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان أدخلوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوا عبادى تحميدي وثنائى وتمجيدى واخبروهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كذا فى كشف الاسرار ومن سنن الصوم ان يصون الصائم لسانه عن الكذب والغيبة وفضول الكلام والسب والنميمة والمزاح والمدح والغناء والشعر والمراد بالغناء التغني بالباطل وهو الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبة المخلوقين واما ما يحرك الشوق الى الله فمن التغني بالحق كما فى الاحياء واختلف فى القراءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم ولذا قال فى قاضى خان لا ينبغى ان يقدم فى التراويح «الخوشخوان» بل يقدم «الدرستخوان» فان الامام إذا كان حسن الصوت يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر انتهى وأباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لأن ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب قال فى اصول الحديث إذا جلس الشيخ من اهل الحديث مجلس التحديث يفتتح بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيأ من القرآن انتهى وانما استحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها

ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان أفرط زاد حرفا او أخفى حرفا فهو حرام كما فى أبكار الافكار: قال الشيخ سعدى به از روى زيباست او از خوش ... كه اين حظ نفسست وآن قوت روح ورأى عليه السلام ليلة المعراج ملكا لم ير قبله مثله وكان إذا سبح اهتز العرش لحسن صوته وكان بين يديه صندوقان عظيمان من نور فيهما براءة الصائمين من عذاب النار وتفصيله فى مجالس النفائس لحضرة الهدائى قدس سره وقال سهل قدس سره المراد بالزور مجالس المبتدعين وقال ابو عثمان قدس سره مجالس المدعين وكذا كل مشهد ليس لك فيه زيادة فى دينك بل تنزل وفساد وَإِذا مَرُّوا على طريق الاتفاق بِاللَّغْوِ اى ما يجب ان يلغى ويطرح مما لا خير فيه: وبالفارسية [بچيزى ناپسنديده] وقال فى فتح الرحمن يشمل المعاصي كلها وكل سقط من فعل او قول وقال الراغب اللغو من الكلام ما لا يعتد به هو يعدّ ذلاقة روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور مَرُّوا حال كونهم كِراماً جمع كريم يقال تكرم فلان عما يشينه إذا تنزه وأكرم نفسه عنه قال الرغب الكرم إذا وصف الله به فهو اسم لاحسانه وانعامه المتظاهر وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للاخلاق والافعال المحمودة التي تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه. والمعنى معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الإغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب والكناية عما يستهجن الصريح به قال فى كشف الاسرار قيل إذا أرادوا ذكر النكاح وذكر الفروج كنوا عنه فالكرم هاهنا هو الكناية والتعريض وقوله عز وجل (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) كناية عن البول والخلاء وقد كنى الله عز وجل فى القرآن عن الجماع بلفظ الغشيان والنكاح والسر والإتيان والإفضاء واللمس والمس والدخول والمباشرة والمقاربة فى قوله (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) والطمث فى قوله (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) وهذا باب واسع فى العربية قال الامام الغزالي اما حد الفحش وحقيقته فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة واكثر ذلك يجرى فى ألفاظ الوقاع وما يتعلق به واهل الصلاح يتحاشون من التعرض لها بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز وبذكر ما يقاربها ويتعلق بها مثلا يكنون عن الجماع بالمس والدخول والصحبة وعن التبول بقضاء الحاجة وايضا لا يقولون قالت زوجتك كذا بل يقال قيل فى الحجرة او قيل من وراء السترة او قالت أم الأولاد كذا وايضا يقال لمن به عيب يستحيى منه كالبرحة والقرع والبواسير العارض الذي يشكوه وما يجرى مجراه وبالجملة كل ما يخفى ويستحيى منه فلا ينبغى ان يذكر ألفاظه الصريحة فانه فحش والفاحش يحشر يوم القيامة فى صورة الكلب قال الشيخ سعدى [ريشى اندرون جامه داشتم حضرت شيخ قدس سره هر روز پرسيدى كه ريشت چونست ونپرسيدى كه كجاست دانستم كه از ان احتراز ميكند كه ذكر هر عضوى روا نباشد وخردمندان كفته اند هر كه سخن نسنجد از جوابش برنجد] تا نيك ندانى كه سخن عين صوابست ... بايد كه بگفتن دهن از هم نكشايى كر راست سخن كويى ودر بند بمانى ... به ز انكه دروغت دهد از بند رهايى

[سورة الفرقان (25) : الآيات 73 إلى 74]

والمراد ان الصدق اولى وان لزم الضرر على نفس القائل واما جواز الكذب فانما هو لتخليص الغير ودفع الفتنة بين الناس وهو المراد من قوله [دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز] نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الصادقين المخلصين بل من الصديقين المخلصين ويحشرنا مع الكرماء الحلماء والعلماء الأدباء انه الموفق للاقوال الحسنة والافعال المستحسنة وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا وعظوا: وبالفارسية [پند داده شوند] بِآياتِ رَبِّهِمْ المشتملة على المواعظ والاحكام لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو صُمًّا جمع أصم وهو فاقد حاسة السمع وبه يشبه من لا يصغى الى الحق ولا يقبله وَعُمْياناً جمع أعمى وهو فاقد حاسة البصر. والمعنى لم يقفوا على الآيات حال كونهم صما لم يسمعوا لها وعميا لم يبصروها بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية وانتفعوا بها قال الكاشفى [بكوش هوش شنيدند وبديده بصريت جلوات جمال آنرا ديدند حاصلى آنكه از آيات الهى تغافل نورزيدند] انتهى وانما عبر عن المعنى المذكور بنفي الضد تعريضا لما يفعله الكفرة والمنافقون فالمراد من النفي نفى الصمم والعمى دون الخرور وان دخلت الاداة عليه وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا [اى پروردگار ما] هَبْ لَنا [ببخش ما را] وهو امر من وهب يهب وهبا وهبة. والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض ويوصف الله بالواهب والوهاب بمعنى انه يعطى كلا على قدر استحقاقه مِنْ أَزْواجِنا [از زنان ما] وهو جمع زوج يقال لكل ما يقترن بآخر مماثلا له او مضادا زوج واما زوجة فلغة رديئة كما فى المفردات وَذُرِّيَّاتِنا [وفرزندان ما] وهو جمع ذرية أصلها صغار الأولاد ثم صار عرفا فى الكبار ايضا قال فى القاموس ذرأ الشيء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين قُرَّةَ أَعْيُنٍ [كسى كه روشنىء ديدها بود] اى بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن إذا ساعده اهله فى طاعة الله يسر بهم قلبه وتقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له فى الدين وتوقع لحوقهم به فى الجنة حسبما وعد بقوله (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فالمراد بالقرور المسئول تفضيلهم بالفضائل الدينية لا بالمال والجاه والجمال ونحوها. وقرة منصوب على انه مفعول هب وهى اما من القرار ومعناه ان يصادف قلبه من يرضاه فتقر عينه عن النظر الى غيره ولا تطمح الى ما فوقه واما من القر بالضم وهو البرد والعرب تتأذى من الحر وتستريح الى البرد فقرور العين على هذا يكون كناية عن الفرح والسرور فان دمع العين عند السرور بارد وعند الحزن حار. ومن اما ابتدائية على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح او بيانية على انها حال كأنه قيل هب لنا قرة أعين ثم فسرت القرة وبينت بقوله (مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا) ومعناه ان يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم رأيت منك أسدا اى أنت اسد قال بعضهم نعم الا له على العباد كثيرة ... وأجلهن نجابة الأولاد قال الشيخ سعدى قدس سره زن خوب فرمان بر پارسا ... كند مرد درويش را پادشا

چومستور باشد زن خوب روى ... بديدار وى در بهشت است شوى وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا كما فى المفردات اى اجعلنا بحيث يقتدى بنا اهل التقوى فى اقامة مراسم الدين بافاضة العلم والتوفيق للعمل وفى الإرشاد والظاهر صدوره عنهم بطريق الانفراد وان عبارة كل واحد منهم عند الدعاء واجعلنى للمتقين اماما ما خلا انه حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير للقصد الى الإيجاز على طريقة قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وأبقى اماما على حاله ولم يقل ائمة وإعادة الموصول فى المواضع السبعة مع كفاية ذكر الصلاة بطريق العطف على صلة الموصول الاول للايذان بان كل واحد مما ذكر فى حيز صلة الموصولات المذكورة وصف جليل على حدته له شأن خطير حقيق بان يفرد له موصوف مستقل ولا يجعل شىء من ذلك تتمة لذلك وتوسط العاطف بين الصفة والموصوف لتنزيل الاختلاف العنواني منزلة الاختلاف الذاتي قال القفال وجماعة من المفسرين هذه الآية دليل على ان طلب الرياسة فى الدين واجب وعن عروة انه كان يدعو بان يجعله الله ممن يحمل عنه العلم فاستجيب دعاؤه واما الرياسة فى الدنيا فالسنة ان لا يتقلد الرجل شيأ من القضاء والامارة والفتوى والعرافة بانقياد قلب وارتضائه الا ان يكره عليه بالوعيد الشديد وقد كان لم يقبلها الأوائل فكيف الأواخر بو حنيفه قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى يقول الفقير ان قلت قول الشيخ ابى مدين قدس سره آخر ما يخرج من رؤس الصديقين حب الجاه قد يفسر فيه الخروج بالظهور فما معناه قلت ان الصديقين لما استكملوا مرتبة الاسم الباطن أحبوا ان يظهروا بمرتبة الاسم الظاهر ليكون لهم حصة من كمالات الأسماء الالهية كلها وهذا المعنى لا يقتضى التقلد المعروف كابناء الدنيا بل يكفى ان تنتظم بهم مصالح الدنيا بأى وجه كان ولقد شاهدت من هذا ان شيخى الاجل الأكمل قدس سره رأى فى بعض مكاشفاته انه سيصير سلطانا فلم يمض الا قليل حتى استولى البغاة على القسطنطينية وحاصروا السلطان ومن يليه فلم تندفع الفتنة العامة الا بتدبير حضرة الشيخ حيث دبر تدبيرا بليغا كوشف عنه فاستأصل الله البغاة وأعتق السلطان والمؤمنين جميعا فمثل هذا هو الظهور بالاسم الظاهر وتمامه فى كتابنا المسمى بتام الفيض هذا قال فى كشف الاسرار [جابر بن عبد الله كفت پيش امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه حاضر بودم كه مردى بنزد وى آمد و پرسيد كه يا امير المؤمنين (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) إلخ نزول اين آيت در شان كيست وايشان چهـ قوم اند كه رب العالمين ايشانرا نامزد كرد جابر كفت على رضى الله عنه آن ساعت روى با من كرد وكفت يا جابر تدرى من هؤلاء هيچ دانى كه ايشان كه اند واين آيت كجا فرو آمد كفتم يا امير المؤمنين نزلت بالمدينة بمدينة فرو آمد اين آيت كفت نه يا جابر كه اين آيت بمكة فرو آمد يا جابر (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) أبو بكر بن ابى قحافه است او را حليم قريش ميكفتند بدو كار كه رب العزة او را بعز اسلام كرامى كرد

[سورة الفرقان (25) : آية 75]

او را ديدم در مسجد مكه از هوش برفته از پس كه كفار بنى مخزوم وبنى أمية او را زده بودند وبنو تيم از بهر او خصومت كردند با بنى مخزوم او را بخانه بردند همچنان از هوش برفته چون باهوش آمد مادر خود را ديد بر بالين وى نشسته كفت يا امه اين محمد محمد كجاست وكار وى بچهـ رسيد پدرش بو قحافه كفت] وما سؤالك عنه ولقد أصابك من اجله ما لا يصيب أحدا لاجل أحد [اى پسر چهـ جاى آنست كه تو ز حال محمد پرسى ودل بوى چنين مشغول دارى نمى بينى كه بر تو چهـ ميرود از بهر وى اى پسر نمى بينى بنو تيم كه بتعصب تو برخاستند وميكويند اگر تو از دين محمد باز كردى وبدين پدران خويش باز آيى ما ثار تو از بنى مخزوم طلب داريم وايشانرا بپيچانيم ودمار آريم تا تشفئ تو پديد كنيم ابو بكر سخت حليم بود وبردبار ومتواضع سر برداشت وكفت (اللهم اهد بنى مخزوم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع عن الحق الى الباطل) رب العزة او را بستود در آن حلم ووقار وسخنان آزادوار ودر حق وى كفت (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) يا جابر (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) سالم است مولى ابو حذيفه كه همه شب در قيام بودى متعبد ومتهجد (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) ابو ذر غفاريست كه پيوسته با بكا وحزن بودى از بيم دوزخ واز آتش قطيعت تا رسول خدا او را كفت (يا أبا ذر هذا جبريل يخبرنى ان الله تعالى أجارك من النار) (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا) إلخ ابو عبيده است أنفق ماله على نفسه وعلى أقربائه فرضى الله فعله (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) إلخ على بن ابى طالب است كه هركز بت نپرستيد وهركز زنا نكرد وقتل بي حق نكرد (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل است خطاب بن نفيل درعى بفروخت پس پشيمان شد سعيد را كفت تو دعوى كن كه آن درع جد مرا بود عمرو بن نفيل وخطاب را در ان حقى نه تا ترا رشوتى دهم سعيد كفت مرا برشوت تو حاجتى نيست ودروغ كفتن كار من نيست فرضى الله فعله (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا) إلخ سعيد بن ابى وقاص است (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا) إلخ عمر بن الخطاب است ايشانرا جمله بدين صفات ستوده واخلاق پسنديده كه نتايج اخلاق مصطفاست ياد كرد آنكه كفت] أُوْلئِكَ المتصفون بما فصل فى حيز صلة الموصولات الثمانية من حيث اتصافهم به والمستجمون لهذه الخصال وهو مبتدأ خبره قوله تعالى يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ الجزاء الغناء والكفاية والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر. والغرف رفع الشيء او تناوله يقال غرفت الماء والمرق والغرفة الدرجة العالية من المنازل لكل بناء مرتفع عال اى يثابون أعلى منازل الجنة وهى اسم جنس أريد به الجمع كقوله تعالى (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) ودر فصول عبد الوهاب [كوشكهاست بر چهار قائمه نهاده از سيم وزر ولؤلؤ ومرجان] بِما صَبَرُوا ما مصدرية ولم يقيد الصبر بالمتعلق بل اطلق ليشيع فى كل مصبور عليه. والمعنى بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات ورفض الشهوات وتحمل المجاهدات ومن ذلك الصوم قال عليه السلام (الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان) اى فيكون الصوم ربع الايمان وهو اى الصوم قهر لعدو الله فان وسيلة الشيطان الشهوات وانما تقوى الشهوات بالأكل والشرب

[سورة الفرقان (25) : آية 76]

ولذلك قال عليه السلام (ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع) جوع باشد غداى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا جوع تنوير خانه دل تست ... أكل تعمير خانه كل تست خانه دل كذاشتى بى نور ... خانه كل چهـ ميكنى معمور وفى الحديث (ان فى الجنة لغرفا مبنية فى الهواء لا علاقة من فوقها ولا عماد لها من تحتها لا يأتيها أهلها الا شبه الطير لا ينالها الا اهل البلاء) اى الصابرون منهم وفى التأويلات النجمية (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) من مقام العندية فى مقعد صدق عند مليك مقتدر (بِما صَبَرُوا) فى البداية على أداء الأوامر وترك النواهي وفى الوسط على تبديل الأخلاق الذميمة بالأخلاق الحميدة وفى النهاية على إفناء الوجود الإنساني فى الوجود الرباني انتهى والصبر ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا الى الله قال بعض الكبار من ادب العارف بالله تعالى إذا أصابه ألم ان يرجع الى الله تعالى بالشكوى رجوع أيوب عليه السلام أدبا مع الله وإظهارا للعجز حتى لا يقاوم القهر الإلهي كما يفعله اهل الجهل بالله ويظنون انهم اهل تسليم وتفويض وعدم اعتراف فجمعوا بين جهالتين وَيُلَقَّوْنَ فِيها اى فى الغرفة من جهة الملائكة تَحِيَّةً [التلقية: چيزى پيش كسى را آوردن] يعدى الى المفعول الثاني بالباء وبنفسه كما فى تاج المصادر يقال لقيته كذا وبكذا إذا استقبلته به كما فى المفردات. والمعنى يستقبلون فيها بالتحية وَسَلاماً اى وبالسلام تحييهم الملائكة ويدعون لهم بطول الحياة والسلامة من الآفات فان التحية هى الدعاء بالتعمير والسلام هو الدعاء بالسلامة قال فى المفردات التحية ان يقال حياك الله اى جعل لك حياة وذلك اخبار ثم يجعل دعاء ويقال حيى فلان فلانا تحية إذا قال له ذلك واصل التحية من الحياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة او سبب حياة اما لدنيا واما لآخرة ومنه التحيات لله والسلام والسلامة التعري عن الآفات الظاهرة والباطنة وليست السلامة الحقيقية الا فى الجنة لان فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعزا بلا ذلك وصحة بلا سقم قال بعضهم الفرق ان السلام سلامة العارفين فى الوصال عن الفرقة والتحية روح تجلى حياة الحق الأزلي على أرواحهم وأشباحهم فيحيون حياة ابدية وقال بعضهم ويلقون فيها تحية يحيون بها بحياة الله وسلاما يسلمون به من الاستهلاك الكلى كما استحفظ ابراهيم عليه السلام من آفة البرد بالسلام بقوله تعالى (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم خالِدِينَ فِيها حال من فاعل يجزون اى حال كونهم لا يموتون ولا يخرجون من الغرفة حَسُنَتْ الغرفة مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً من جهة كونها موضع قرار واقامة وهو مقابل ساءت مستقرا معنى ومثله أعرابا فعلى العاقل ان يتهيأ لمثل هذه الغرفة العالية الحسنة بما سبق من الأعمال الفاضلة المستحسنة ولا يقع فى مجرد الأماني والآمال فان الامنية كالموت بلا إشكال وبقدر الكدّ والتعب تكتسب المعالي ... ومن طلب العلى جد فى الأيام والليالى

[سورة الفرقان (25) : آية 77]

قال بعض الكبار من أراد ان يعرف بعض محبة الحق او محبة له فلينظر الى حاله الذي هو عليه من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والائمة المجتهدين بعده فان وجد نفسه على هداهم واخلاقهم من الزهد والورع وقيام الليل على الدوام وفعل جميع المأمورات الشرعية وترك جميع المنهيات حتى صار يفرح بالبلايا والمحن وضيق العيش وينشرح لتحويل الدنيا ومناصبها وشهواتها عنه فليعلم ان الله يحبه والا فليحكم بان الله يبغضه والإنسان على نفسه بصيرة. وفى الإكثار من النوافل توطئة لمحبة الله تعالى قال عليه السلام حاكيا عن الله تعالى (ما تقرب المتقربون الىّ بمثل أداء ما فرضت عليهم ولا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحبه) ومن آثار محبته تعالى لعبده المطيع له إعطاء الغرفة العالية له فى الجنة لعلو قدره ومنزلته عنده وإذا وقع التجلي الإلهي يكونون جلوسا على مراتبهم فالانبياء على المنابر والأولياء على الاسرة والعلماء بالله على الكراسي والمؤمنون المقلدون فى توحيدهم على مراتب وذلك الجلوس كله يكون فى جنة عدن عند الكثيب الأبيض واما من كان موحدا من طريق النظر فى الادلة فيكون جالسا على الأرض وانما نزل هذا عن الرتبة التي للمقلد فى التوحيد لانه تطرقه الشبه من تعارض الادلة والمقالات فى الله وصفاته فمن كان تقليده للشارع جزما فهو أوثق ايمانا ممن يأخذ توحيده من النظر فى الادلة ويؤولها واعلم ان الله تعالى انما ذكر الغرفة فى الحقيقة لاجل الطامعين الراغبين فيها واما خواص عباده فليس لهم طمع فى شىء سوى الله تعالى فلهم فوق الغرفة ونعيمها نعيم آخر تشير اليه التحية والسلام على تقدير ان يكونا من الله تعالى إذ لا يلتذ العاشق بشىء فوق ما يلتذ بمطالعة جمال معشوقه وسماع كلامه وخطابه- حكى- انه كان لبعضهم جار نصرانى فقال له اسلم على ان اضمن لك الجنة فقال النصراني الجنة مخلوقة لا خطر لها ثم ذكر له الحور والقصور فقال أريد أفضل من هذا صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور فقال اسلم على ان اضمن لك رؤية الله تعالى فقال الآن وجدت ليس شىء أفضل من رؤية الله فاسلم ثم مات فرآه فى المنام على مركب فى الجنة فقال له أنت فلان قال نعم قال ما فعل الله بك قال لما خرج روحى ذهب به الى العرش فقال الله تعالى آمنت بي شوقا الى لقائى فلك الرضى والبقاء قُلْ يا محمد للناس كافة ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ هذا بيان لحال المؤمنين منهم وما استفهامية محلها النصب على المصدر او نافية وما يعبأ ما يبالى ولا يعتد كما فى القاموس ما اعبأ بفلان ما أبالي وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ودعاؤكم مبتدأ خبره موجود او واقع وهو مصدر مضاف الى الفاعل بمعنى العبادة كما فى قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) ونظائره والمعنى. على الاستفهامية أي عبئ واعتبار يعتبركم ربى ويبالى ويعتنى بشأنكم لولا عبادتكم وطاعتكم له تعالى فان شرف الإنسان وكرامته بالمعرفة والطاعة والا فهو وسائر الحيوانات سواء وقال الزجاج أي وزن ومقدار يكون لكم عند الله تعالى لولا عبادتكم له تعالى وذلك ان اصل العبئ بالكسر والفتح بمعنى الثقل والحمل من أي شىء كان فمعنى ما أعبأ به فى الحقيقة ما ارى له وزنا وقدرا واليه جنح الامام الراغب فى الآية هذا

وفى الآية معان اخر والأظهر عند المحققين ما ذكرناه فَقَدْ كَذَّبْتُمْ بيان لحال الكفرة من الناس اى فقد كذبتم ايها الكفرة بما أخبرتكم به حيث خالفتموه وخرجتم عن ان يكون لكم عنه الله اعتناء بشأنكم واعتبار او وزن ومقدار فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً مصدر كالقتال أقيم مقام الفاعل كما يقام العدل فى مقام العادل اى يكون جزاء التكذيب او اثره وهو الافعال المتفرعة عليه لازما يحيق بكم لا محالة حتى يكبكم فى النار اى يصرعكم على وجوهكم كما يعرب عنه الفاء الدالة على لزوم ما بعدها لما قبلها وانما أضمر من غير ذكر للايذان بغاية ظهوره وتهويل امره للتنبيه على انه مما لا يكتنهه الوصف والبيان وعن بعضهم ان المراد بالجزاء جزاء الدنيا وهو ما وقع يوم بدر قتل منهم واسر سبعون ثم اتصل به عذاب الآخرة لازما لهم: قال الشيخ سعدى قدس سره رطب ناورد چوب خر زهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار واعلم ان الكفار أبطلوا الاستعداد الفطري وأفسدوا القوى بالإهمال فكان حالهم كحال النوى فانه محال ان ينبت منه الإنسان تفاحا فاصل الخلق والقوة لا يتغير البتة ولكن كما ان فى النوى إمكان ان يخرج ما فى قوته الى الوجود وهو النخل بالتفقد والتربية وان يفسد بالإهمال والترك فكذا فى الإنسان إمكان إصلاح القوة وإفسادها ولولا ذلك لبطل فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهى ولا يجوز العقل ان يقال للعبد لم فعلت ولم تركت وكيف يكون هذا فى الإنسان ممتنعا وقد وجدناه فى بعض البهائم ممكنا فالوحشى قد ينتقل بالعادة الى التأنس والجامح الى السلاسة فالتوحيد والتصديق والطاعة امر ممكن من الإنسان بازالة الشرك والتكذيب والعصيان وقد خلق لاجلها كما قال ابن عباس رضى الله عنهما فى الآية قل ما يعبأ بخلقكم ربى لولا عبادتكم وطاعتكم إياه. يعنى انه خلقكم لعبادته كما قال (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالحكمة الالهية والمصلحة الربانية من الخلق هى الطاعة وافعال الله تعالى وان لم تكن معللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة قال الامام الراغب الإنسان فى هذه الدار الدنيا كما قال امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم الله وجهه الناس سفر والدار دار ممرّ لا دار مقر وبطن امه مبدأ سفره والآخرة مقصده وزمان حياته مقدار مسافته وسنوه منازله وشهوره فراسخه وأيامه امياله وأنفاسه خطاه ويسار به سير السفينة براكبها كما قال الشاعر رأيت أخا الدنيا وان كان ثاويا ... أخا سفر يسرى به وهو لا يدرى وقد دعى الى دار السلام لكن لما كان الطريق إليها مشكلة مظلمة جعل الله لنا من العقل الذي ركبه فينا وكتبه التي أنزلها علينا نورا هاديا ومن عبادته التي كتبها علينا وأمرنا بها حصنا واقيا فمن قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان اوّل مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله تعالى كان خيرا لنا بلا تأويل كفر لان الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الأهون والأسهل نسأل الله ان يسهلها علينا فى الباطن والظاهر والاول والآخر

تفسير سورة الشعراء

تمت سورة الفرقان فى سادس شهر رمضان المبارك يوم السبت من سنة ثمان ومائة والف تفسير سورة الشعراء مكية وهى اثنتان او سبع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم طسم الحروف المقطعة فى أوائل السور يجمعها قولك (سرّ حصين قطع كلامه) واولى ما قال اهل التفسير فى حق هذه الحروف الله اعلم بمراده لانها من الاسرار الغامضة كما قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه «ان لكل كتاب سرا وسر القرآن فى المقطعات» كما فى رياض الاذكار والمعاني المتعلقة بالاسرار والحقائق لا يعلمها الا الله ومن اطلعه الله عليها من الراسخين فى العلم وهم العلماء بالله فلا معنى للبحث عن مرتبة ليس للسان حظ منها ولا للقلم نصيب واما اللوازم التي تشير الى الحقائق فلبيانها مساغ فانها دون الحقائق وفى مرتبة الفهم والى الاول يشير قول ابن عباس رضى الله عنهما فى (طسم) عجزت العلماء عن تفسيرها كما فى فتح الرحمن والى الثاني يشير ما فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية [روايت كنند از على رضى الله عنه كه كفته آنكه كه (طسم) از آسمان فرود آمد رسول خدا عليه السلام كفت «طاء» طور سيناست و «سين» سكندريه و «ميم» مكه معنى آنست والله اعلم كه رب العزة سوكند ياد كرد باين بقاع شريف چنانكه] لا اقسم بهذا البلد. اما جبل طور سينا الذي بين الشام ومدين فهو محل مناجاة موسى عليه السلام وكلامه مع الله تعالى ومقام التجلي كما قال (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة شجر العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود. واما الاسكندرية فهى آخر مدن المغرب ليس فى معمور الأرض مثلها ولا فى أقاصي الدنيا كشكلها وعدت مساجدها فكانت عشرين الف مسجد نقل ان المدينة كانت سبع قصبات متوالية وانما أكلها البحر ولم يبق منها الا قصبة واحدة وهى المدينة الآن وصار منار المرآة الاسكندرية فى البحر لغلبة الماء على قصبة المنار وقصة المرآة أنه كان فى أعلا المنار الذي ارتفاعه ثلاثمائة ذراع الى القبة مرآة غريبة قد عملها الحكماء للاسكندر يرى فيها المراكب من مسيرة شهر وكان بالمرآة اعمال وحركات تحرق المراكب فى البحر إذا كان فيها عدو بقوة شعاعها فارسل صاحب الروم يخدع صاحب مصر ويقول ان الإسكندر قد كنز على المنار كنزا عظيما من الجواهر النفيسة فان صدقت فبادر الى إخراجها وان شككت فانا أرسل لك مركبا مملوأ من ذهب وفضة وأقمشة لطيفة ومكننى من استخراجها ولك ايضا من الكنز ما تشاء فانخدع لذلك وظنه حقا فهدم القبة فلم يجد شيأ وفسد طلسم المرآة. واما مكة المشرفة المكرمة فهى مدينة قديمة غنية عن البيان وفيها كعبة الإسلام وقبلة المؤمنين والحج إليها أحد اركان الدين ويقال الطاء طوله اى قدرته. والسين سناؤه اى رفعته. والميم ملكه ومجده فاقسم الله بهذه ويقال يشير الى طاء طيران الطائرين بالله والى. سين السائرين الى الله. والى ميم مشى الماشين لله فالاول مرتبة اهل النهاية والثاني مرتبة اهل التوسط والثالث مرتبة اهل البداية ولكل

سالك خطوة ولكل طائر جناح ويقال الطاء اشارة الى طهارة اسرار اهل التوحيد. والسين اشارة الى سلامة قلوبهم عن مساكنة كل مخلوق. والميم اشارة الى منة الخالق عليهم بذلك وقال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الطاء طرب التائبين فى ميدان الرحمن. والسين سرور العارفين فى ميدان الوصلة. والميم مقام المحبين فى ميدان القربة وقال نجم الدين قدس سره يشير الى طاء طهارة قلب نبيه عن تعلقات الكونين. والى سين سيادته على الأنبياء والمرسلين. والى ميم مشاهدة جمال رب العالمين وقال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه اقسم الله بشجرة طوبى وسدرة المنتهى ومحمد المصطفى بالقرآن بقوله (طسم) فالطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام. اما سر اصطفاء طوبى فان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيه مقام الوسيلة لخير البرية وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن وأطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظلة على سائر الجنان كلها وليس فى أكمامها ثمر الا الحلىّ والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم ولها اختصاص فضل لكونها خلقها الله بيده ولذلك كانت اجمع الحقائق الجنانية نعمة وأعمها بركة فانها لجميع أشجار الجنة كآدم عليه السلام لما ظهر من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الشجرة وهى محمدية المقام. واما سر اجتباء سدرة المنتهى فهى شجرة بين الكرسي والسماء السابعة لافنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب بها الأرواح والقلوب وتزيد فى الأحوال وهى الحد البرزخى بين الدارين سماها المنتهى لان الأرواح إليها تنتهى وتصعد اعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام الشرعية وأم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء كما فى تفسير التيسير وهى مقام جبريل يسكن فى ذروتها كما ان مقر العقل وسط الدماغ وذلك لان جبريل سدرة العقل ومقامه اشارة الى مقام العقل وهو الدماغ ولذلك من رأى جبريل فانما رأى صورة عقله لان جبريل لا يرى من مقام تعينه لغير الأنبياء عليهم السلام. واخر الميم المشار به الى محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم لسر الختمية وكما ان ختم الأنبياء بسيد المرسلين كذلك ختم حروف الهجاء بالياء المشتمل عليها لفظ الميم فقد جمع الله فى القسم بقوله (طسم) ثلاث حقائق وهى اصول الحقائق كلها. الاولى حقيقة جنانية نعمية جامعة وهى شجرة طوبى ولذا أودعها الله فى المقام المحمدي لكونها جامعة للنعم الجنانية ومقسما لها كما ان النبي عليه السلام مقسم العلوم والمعارف وانواع الكمالات. والثانية حقيقة برزخية جامعة لحقائق الدارين وهى شجرة سدرة المنتهى فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار لانها فى مقعر فلك البروج وهو الفلك الأعظم ويسمى فلك الافلاك لانه يجمع الافلاك وايضا الفلك الأطلس لانه غير مكوكب كالثوب الأطلس الخالي عن النقش ومقعر سطحيه اى الفلك الأعظم يماس محدب الفلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ إذ ليس وراءه شىء لا خلاء ولا ملاء بل عنده

ينقطع امتدادات العالم كلها وقيل فى ورائه أفلاك من أنوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الأعظم بل هو الملأ كذا فى كتب الهيئة وعند الصوفية المقام الذي يقال له لا خلاء ولا ملاء فوق عالم الأرواح لا فوق العرش قال فى شرح التقويم ولما كان المذكور فى الكتب الالهية السموات السبع زعم قوم من حكماء الملة ان الثامن هو الكرسي والتاسع هو العرش وهذا يناسب قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) والثالثة حقيقة الحقائق الكلية وهى الحقيقة المحمدية لقد اقسم الله فى (طسم) بأجمع الحقائق كلها لفضلها على جميع الحقائق لان الحقيقة المحمدية حقيقة الحقائق وروحها دنيا وبرزخا وآخرة ولهذا ختم به الحقائق هر دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكرسى كرده قبله خاك او پيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهان وقال بعض كبار المكاشفين لا يعرف حقائق الحروف المقطعة فى أوائل السور الا اهل الكشف والوجود فانها ملائكة واسماؤهم اسماء الحروف وهم اربعة عشر ملكا لان مجموع المقطعات من غير تكرار اربعة عشر آخرهم (ن وَالْقَلَمِ) وقد ظهروا فى منازل القرآن على وجوه مختلفة فمنازل ظهر فيها ملك واحد مثل «ن وص» ومنازل ظهر فيها اربعة مثل (طس ويس وحم) ومنازل ظهر فيها ثلاثة مثل (الم وطسم) ومنازل ظهر فيها اربعة مثل (المص والمر) ومنازل ظهر فيها خمسة مثل (كهيعص وحم عسق) وصورها مع التكرار تسعة وسبعون ملكا بيد كل ملك شعبة من الايمان فان الايمان بضع وسبعون شعبة والبضع من واحد الى تسعة فقد استعمل فى غاية البضع فاذا انطق القاري بهذه الحروف كان مناديا لهم فيجيبونه يقول القاري (الم) فيقول هؤلاء الثلاثة من الملائكة ما تقول فيقول القاري ما بعد هذه الحروف فيقال بهذا الباب الذي فتحت ترى عجائب وتكون هذه الأرواح الملكية التي هى الحروف أجسامها تحت تسخيره وبما بيدها من شعب الايمان تمده وتحفظ عليه إيمانه قال فى ترجمة وصايا الفتوحات [از جمله شعب ايمان شهادتست بتوحيد ونماز كزاريدن وزكاة دادن وروزه داشتن وحج كزاريدن ووضوء ساختن واز جنابت غسل كردن وغسل روز جمعه وصبر وشكر وورع وحيا وأمان ونصيحت وطاعت أولو الأمر وذكر حق كرفتن ورنج خود از خلق برداشتن وامانت ادا كردن ومظلوم را يارى دادن وترك ظلمه كردن وكسى را خوار ناداشتن وترك غيبت وترك نميمت وترك نجس كردن و چون در خانه كسى خواهى درآمدن دستورى خواستن وخشم را خوابانيدن واعتبار كرفتن وقول نيكو را سماع كردن وبر آنچهـ نيكوترست دفع كردن وقول بد را بجهر ناكفتن وبكلمه طيب إتيان كردن وحفظ فرج وحفظ زبان وتوبه وتوكل وخشوع وترك لغو يعنى سخن بيهوده وترك ما لا يعنى وحفظ عهد وميثاق ووفا نمودن وبر تقوى يارى دادن وبر اثم وعدوان يارى نادادن وتقوى را ملازم بودن ونيكويى كردن وصدق ورزيدن وامر معروف كردن ونهى منكر وميان دو مسلمان إصلاح كردن واز بهر خلق دعا كردن ورحمت خواستن وبزرك را مكرم داشتن وبحدود الله قيام نمودن وترك دعوىء جاهليت كردن واز پس يكديكر بد ناكفتن وبا هم ديكر دشمنى ناكردن وكواهى دروغ وقول

[سورة الشعراء (26) : الآيات 2 إلى 3]

دروغ ناكفتن وترك همز ولمز وغمز يعنى در پيش و پس بد ناكفتن وبچشم نازدن وغمازى ناكردن وبجماعات حاضر شدن وسلام را خاص كردن وبيكديكر هديه فرستادن وحسن خلق وحسن عهدى وسر نكاه داشتن ونكاح دادن وبنكاح كرفتن وحب اهل بيت وحب زنان وبوى خوش دوست داشتن وحب أنصار وتعظيم شعائر وترك عيش وبر مؤمن سلاح نداشتن وتجهيز مرده كردن وبر جنازه نماز كزاردن وبيمار پرسيدن وآنچهـ در راه مسلمانان زحمت باشد دور كردن وهر چهـ براى نفس خود دوست ميدارى براى هر يك از مؤمنان دوست داشتن وحق تعالى ورسول او را از همه دوستر داشتن وبكفر با زنا كشتن وبملائكة وكتب ورسل وهر چهـ ايشان از حق آورده اند ايمان داشتن] وغير ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة وهى كثيرة جدا وفى الحديث (الايمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان) انتهى وهى خصال اهل الايمان ولم يرد تعديدها بأعيانها فى حديث واحد واهل العلم عدوا ذلك على وجوه وأقصى ما يتناوله لفظ هذا الحديث تسعة وسبعون قال الامام النسفي فى تفسير التيسير وانا أعدها على ترتيب اختاره وعلى الاجتهاد فاقول بدأ فيه بالتهليل والذي يليه التكبير والتسبيح والتحميد والتمجيد والتجريد والتفريد والتوبة والانابة والنظافة والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والقيام والاعتكاف والحج والعمرة والقربان والصدقة والغزو والعتق وقراءة القرآن وملازمة الإحسان ومجانبة العصيان وترك الطغيان وهجر العدوان وتقوى الجنان وحفظ اللسان والثناء والدعاء والخوف والرجاء والحياء والصدق والصفاء والنصح والوفاء والندم والبكاء والإخلاص والذكاء والحلم والسخاء والشكر فى العطية والصبر فى البلية والرضى بالقضية والاستعداد للمنية واتباع السنة وموافقة الصحابة وتعظيم اهل الشيبة والعطف على صغار البرية والاقتداء بعلماء الامة والشفقة على العامة واحترام الخاصة وتعظيم اهل السنة وأداء الامانة واظهار الصيانة والإطعام والانعام وبر الأيتام وصلة الأرحام وافشاء السلام وصدق الاستسلام وتحقيق الاستعصام والزهد فى الدنيا والرغبة فى العقبى والموافقة للمولى ومخالفة الهوى والحذر من لظى وطلب جنة المأوى وبث الكرم وحفظ الحرم والإحسان الى الخدم وطلب التوفيق وحفظ التحقيق ومراعاة الجار والرفيق وحسن الملكة فى الرقيق وأدناها اماطة الأذى عن الطريق فمن استكمل الوفاء بشعب الايمان نال بوعد الله كمال الامان وهو الذي قال الله تعالى فيه (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ تلك مبتدأ خبره ما بعده اى هذه السورة آيات القرآن الظاهر اعجازه وصحة انه كلام الله ولو لم يكن كذلك لقدروا على الإتيان بمثله ولما عجزوا عن المعارضة فهو من ابان بمعنى بان او ظهر او المبين للاحكام الشرعية وما يتعلق بها وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الحروف المقطعة هاهنا وفى أوائل السور ليست من قبيل الحروف المخلوقة بل من قبيل آيات الكتاب المبين القديمة إذ كل حرف منها دال على معان كثيرة كالآيات لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ لعل للاشفاق اى الخوف والله تعالى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 4 إلى 5]

منزه عنه فهو بالنسبة الى النبي عليه السلام يقال بخع نفسه قتلها غما وفى الحديث (أتاهم اهل اليمين هم ارق قلوبا وابخع طاعة) فكأنهم فى قهرهم نفوسهم بالطاعة كالباخعين إياها واصل البخع ان يبلغ بالذبح البخاع وذلك أقصى حد الذبح وهو بالكسر عرق فى الصلب غير النخاع بالنون مثلثة فانه الخيط الذي فى جوف الفقار ينحدر من الدماغ ويتشعب منه شعب فى الجسم والمعنى اشفق على نفسك وخف ان تقتلها بالحزن بلا فائدة وهو حث على ترك التأسف وتصبير وتسل له عليه السلام قال الكاشفى [چوقريش قرآنرا ايمان نياوردند وحضرت رسالت عليه السلام بر ايمان ايشان بغايت حريص بود اين صورت بر خاطر مبارك او شاق آمد حق سبحانه وتعالى بجهت تسلى دل مقدس وى فرمود كه مكر تو يا محمد هلاك كننده وكشنده نفس خود را] أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مفعول له بحذف المضاف اى خيفة ان لا يؤمن قريش بذلك الكتاب المبين فان الخوف والحزن لا ينفع فى ايمان من سبق حكم الله بعدم إيمانه كما ان الكتاب المبين لم ينفع فى إيمانه فلا تهتم فقد بلغت قال فى كشف الاسرار [اى سيد اين مشتى بيكانكان كه مقهور سطوت وسياست مااند ومطرود در كاه عزت ما تو دل خويش بايشان چرا مشغول دارى واز انكار ايشان بر خود چرا رنج نهى ايشانرا بحكم ما تسليم كن وبا شغل من آرام كير] وفى التأويلات النجمية يشير الى تأديب النبي عليه السلام لئلا يكون مفرطا فى الرحمة والشفقة على الامة فانه يؤدى الى الركون إليهم وان التفريط فى ذلك يؤدى الى الفظاعة وغلظ القلب بل يكون مع الله مع المقبل والمدبر ترا مهر حق بس ز جمله جهان ... برو از نقوش سوى ساده باش بهار وخزانرا همه در كذر ... چوسرو سهى دائم آزاده باش ثم بين ان ايمانهم ليس مما تعلقت به مشيئة الله تعالى فقال إِنْ نَشَأْ [اگر ما خواهيم] نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً دالة ملجئة الى الايمان كانزال الملائكة او بلية قاسرة عليه كآية من آيات القيامة فَظَلَّتْ فصارت ومالت اى فتظن أَعْناقُهُمْ اى رقابهم: وبالفارسية [پس كردد كردنهاى ايشان] لَها اى لتلك الآية خاضِعِينَ منقادين فلا يكون أحد منهم يميل عنقه الى معصية الله ولكن لم نفعل لانه لا عبرة بالايمان المبنى على القسر والإلجاء كالايمان يوم القيامة وأصله فظلوا لها خاضعين فان الخضوع صفة اصحاب الأعناق حقيقة فاقحمت الأعناق لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع وترك الخبر على حاله وفيه بيان ان الايمان والمعرفة موهبة خاصة خارجة عن اكتساب الخلق فى الحقيقة فاذا حصلت الموهبة نفع الانذار والتبشير والا فلا فليبك على نفسه من جبل على الشقاوة: قال الحافظ چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ من موعظة من المواعظ القرآنية او من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم كل تذكير وتنبهم أتم تنبيه كانها نفس الذكر مِنَ الرَّحْمنِ بوحيه الى نبيه دل هذا الاسم الجليل على ان إتيان الذكر من آثار رحمة الله تعالى على عباده مُحْدَثٍ مجدد انزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير فلا يلزم حدوث القرآن إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ

[سورة الشعراء (26) : الآيات 6 إلى 9]

إلا جددوا إعراضا عن ذلك الذكر وعن الايمان به واصرارا على ما كانوا عليه والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم بإضمار قد وبدونه على الخلاف المشهور اى ما يأتيهم من ذكر فى حال من الأحوال الا حال كونهم معرضين عنه فَقَدْ كَذَّبُوا بالذكر عقيب الاعراض فالفاء للتعقيب اى جعلوه تارة سحرا واخرى شعرا ومرة أساطير فَسَيَأْتِيهِمْ البتة من غير تخلف أصلا والفاء للسبية اى لسبب اعراضهم المؤدى الى التكذيب المؤدى الى الاستهزاء أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى اخبار الذكر الذي كانوا يستهزئون به من العقوبات العاجلة والآجلة التي بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن بانه كان حقا او باطلا وكان حقيقا بان يصدق ويعظم قدره او يكذب فيستخف امره كما يقفون على الأحوال الخافية عنهم باستماع الانباء وفيه تهويل له لان النبأ لا يطلق الا على خبر خطير له وقع عظيم قال الكاشفى [وبعد از ظهور نتايج تكذيب پشيمانى نفع ندهد امروز بدان مصلحت خويش كه فردا دانى و پشيمان شوى وسود ندارد] أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار التوبيخي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى افعل المكذبون من قريش ما فعلوا من الاعراض عن الآيات والتكذيب والاستهزاء بها ولم ينظروا إِلَى الْأَرْضِ اى الى عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية الى الإقبال الى ما اعرضوا كَمْ أَنْبَتْنا فِيها [چند برويانيديم در زمين بعد از مردگى وافسردگى] مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [از هر صنفى كياه نيكو و پسنديده چون رياحين وكل نسرين وبنفشه وياسمين وشكوفهاى رنكارنك وبركهاى كوناكون] وسائر نباتات نافعة مما يأكل الناس والانعام قال اهل التفسير كم خبرية منصوبة بما بعدها على المفعولية والجمع بينها وبين كل لان كل للاحاطة بجميع ازواج النبات وكم لكثرة المحاط به من الأزواج ومن كل زوج اى صنف تمييز والكريم من كل شىء مرضيه ومحموده يقال وجه كريم اى مرضى فى حسنه وجماله وكتاب كريم مرضى فى معانيه وفوائده وفارس كريم مرضى فى شجاعته وبأسه. والمعنى كثير من كل صنف مرضى كثير المنافع أنبتنا فيها وتخصيص النبات النافع بالذكر دون ما عداه من اصناف الضار وان كان كل نبت متضمنا لفائدة وحكمة لاختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معا واعلم انه سبحانه كما أنبت من ارض الظاهر كل صنف ونوع من النبات الحسن الكريم كذلك أنبت فى ارض قلوب العارفين كل نبت من الايمان والتوكل واليقين والإخلاص والأخلاق الكريمة كما قال عليه السلام (لا اله الا الله ينبت الايمان كما ينبت البقل) قال ابو بكر بن طاهر أكرم زوج من نبات الأرض آدم وحواء فانهما كانا سببا فى اظهار الرسل والأنبياء والأولياء والعارفين قال الشعبي الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى الإنبات المذكور او فى كل واحد من تلك الأصناف لَآيَةً عظيمة دالة على كمال قدرة منبتها وغاية وفور علمه ونهاية سعة رحمته موجبة للايمان زاجرة عن الكفر وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر قومه عليه السلام بِمُؤْمِنِينَ مع ذلك لغاية تماديهم فى الكفر والضلالة وانهما كهم فى الغى والجهالة وكان صلة عند سيبويه لانه لو حمل

[سورة الشعراء (26) : آية 9]

على معنى ما كان أكثرهم فى علم الله وقضائه لتوهم كونهم معذورين فى الكفر بحسب الظاهر وبيان موجبات الايمان من جهته تعالى يخالف ذلك يقول الفقير قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ) الآية ونظائره يدل على المعنى الثاني ولا يلزم من ذلك المعذورية لانهم صرفوا اختيارا الى جانب الكفر والمعصية وكانوا فى العلم الأزلي غير مؤمنين بحسب اختيارهم ونسبة عدم الايمان الى أكثرهم لان منهم من سيؤمن وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على الانتقام من الكفرة الرَّحِيمُ المبالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يأخذهم بغتة وقال فى كشف الاسرار يرحم المؤمن الذين هم الأقل بعد الأكثر وفى التأويلات النجمية بعزته قهر الأعداء العتاة وبرحمته ولطفه أدرك اولياء بجذبات العناية وعن السرى السقطي قدس سره قال كنت يوما أتكلم بجامع المدينة فوقف علىّ شاب حسن الشباب فاخر الثياب ومعه أصحابه فسمعنى أقول فى وعظي عجبا لضعيف يعصى قويا فتغير لونه فانصرف فلما كان الغد جلست فى مجلسى وإذا به قد اقبل فسلم وصلى ركعتين وقال يا سرى سمعتك بالأمس تقول عجبا لضعيف كيف يعصى قويا فما معناه فقلت لا أقوى من الله ولا أضعف من العبد وهو يعصيه فنهض فخرج ثم اقبل من الغد وعليه ثوبان أبيضان وليس معه أحد فقال يا سرى كيف الطريق الى الله تعالى فقلت ان أردت العبادة فعليك بصيام النهار وقيام الليل وان أردت الله فاترك كل شىء سواه تصل اليه وليس الا المساجد والمحراب والمقابر فقام وهو يقول والله لا سلكت الا أصعب الطرق وولى خارجا فلما كان بعد ايام اقبل الىّ غلمان كثير فقالوا ما فعل احمد بن يزيد الكاتب فقلت لا اعرف الا رجلا جاءنى من صفته كذا وكذا وجرى لى معه كذا وكذا ولا اعلم حاله فقالوا بالله عليك متى عرفت حاله فعرفنا ودلنا على داره فبقيت سنة لا اعرف له خبرا فبينا انا ذات ليلة بعد العشاء الآخرة جالس فى بيتي إذ بطارق يطرق الباب فاذنت له فى الدخول فاذا بالفتى عليه قطعة من كساء فى وسطه واخرى على عاتقه ومعه زنبيل فيه نوى فقبل بين عينى وقال يا سرى اعتقك الله من النار كما أعتقتني من رق الدنيا فاومأت الى صاحبى ان امض الى اهله فاخبرهم فمضى فاذا زوجته قد جاءت ومعها ولده وغلمانه فدخلت والقت الولد فى حجره وعليه حلى وحلل وقالت يا سيدى ارملتنى وأنت حىّ وأيتمت ولدك وأنت حىّ قال السرى فنظر الىّ وقال يا سرى ما هذا وفاء ثم اقبل عليها وقال والله انك لثمرة فؤادى وحبيبة قلبى وان هذا ولدي لاعز الخلق علىّ غير ان هذا السرى أخبرني ان من أراد الله قطع كل ما سواه ثم نزع ما على الصبى وقال ضعى هذا فى الأكباد الجائعة والأجساد العارية وقطع قطعة من كسائه فلف فيها الصبى فقالت المرأة لا ارى ولدي فى هذه الحالة وانتزعته منه فحين رأها قد اشتغلت به نهض وقال ضيعتم علىّ ليلتى بينى وبينكم الله وولى خارجا وضجت المرأة بالبكاء فقالت ان عدت يا سرى سمعت له خبرا فاعلمنى فقلت ان شاء الله فلما كان بعد ايام أتتني عجوز فقالت يا سرى بالشونيزية غلام يسألك الحضور فمضيت فاذا به مطروح تحت رأسه لبنة فسلمت عليه ففتح عينيه وقال ترى يغفر تلك الجنايات فقلت نعم قال يغفر لمثلى قلت نعم قال انا غريق قلت هو منجى الغرقى فقال على مظالم فقلت فى الخبر

[سورة الشعراء (26) : الآيات 10 إلى 16]

انه يؤتى بالتائب يوم القيامة ومعه خصومه فيقال لهم خلوا عنه فان الله تعالى يعوضكم فقال يا سرى معى دراهم من لقط النوى إذا انا مت فاشتر ما احتاج اليه وكفنى ولا تعلم أهلي لئلا يغيروا كفنى بحرام فجلست عنده قليلا ففتح عليه وقال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مات فاخذت الدراهم فاشتريت ما يحتاج اليه ثم سرت نحوه فاذا الناس يهرعون اليه فقلت ما الخبر فقيل مات ولىّ من اولياء الله نريد ان نصلى عليه فجئت فغسلته ودفناه فلما كان بعد مدة وفد اهله يستعلمون خبره فاخبرتهم بموته فاقبلت امرأته باكية فاخبرتها بحاله فسألتنى ان أريها قبره فقلت أخاف ان تغيروا أكفانه قالت لا والله فاريتها القبر فبكت وأمرت بإحضار شاهدين فاحضرا فاعتقت جواريها ووقفت عقارها وتصدقت بمالها ولزمت قبره حتى ماتت رحمة الله تعالى عليهما چون كند كحل عنايت ديده باز ... اينچنين باشد بدنيا اهل راز وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى إذ منصوب با ذكر المقدر والمناداة والنداء رفع الصوت وأصله من الندى وهو الرطوبة واستعارته للصوت من حيث ان من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق. والمعنى اذكر يا محمد لقومك وقت نداءه تعالى وكلامه موسى اى ليلة رأى الشجرة والنار حين رجع من مدين وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه وحذرهم ان يصيبهم مثل ما أصابهم أَنِ ائْتِ تفسير نادى فان مفسرة بمعنى اى والإتيان مجيىء بسهولة. والمعنى قال له يا موسى ائت الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي واستعباد بنى إسرائيل وذبح أبنائهم قَوْمَ فِرْعَوْنَ بدل من القوم والاقتصار على القوم للايذان بشهرة ان فرعون أول داخل فى الحكم أَلا يَتَّقُونَ استئناف لا محل له من الاعراب وألا تحضيض على الفعل اتبعه إرساله إليهم لانذار وتعجيبا من غلوهم فى الظلم وافراطهم فى العدوان اى ألا يخافون الله ويصرفون عن أنفسهم عقابه بالايمان والطاعة: وبالفارسية [آيا نمى ترسند يعنى بايد كه بترسند از عذاب حضرت الهى ودست از كفر بدارند وبنى إسرائيل را بگذارند] قالَ استئناف كأنه قيل فماذا قال موسى فقيل قال متضرعا الى الله تعالى رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي أَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة أَنْ يُكَذِّبُونِ ينكروا نبوتى وما أقول من أول الأمر قال بعض الكبار خوفه كان شفقة عليهم وأصله يكذبونى فحذفت الياء استغناء بالكسر وَيَضِيقُ صَدْرِي [وتنك شود دل من از انفعال تكذيب] وكان فى موسى حده وهو معطوف على أخاف وكذا قوله وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي [ونكشايد زبان من وعقده كه دارد زياده كردد] فان الانطلاق بالفارسية [كشاده شدن وبشدن] والمراد هنا هو الاول واللسان الجارحة وقوتها قال الله تعالى (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) يعنى من قوة لسانى فان العقدة لم تكن فى الجارحة وانما كانت فى قوتها التي هى النطق بها كما فى المفردات فَأَرْسِلْ جبريل عليه السلام إِلى هارُونَ ليكون معينا لى فى التبليغ فانه افصح لسانا وهو اخوه الكبير: وبالفارسية [او را شريك من كردان برسالت تا باعانت

[سورة الشعراء (26) : الآيات 14 إلى 16]

او نزد فرعونيان روم] واعلم ان التكذيب سبب لضيق القلب وضيق القلب سبب لتعسر الكلام على من يكون فى لسانه حبسة لانه عند ضيق القلب ينقبض الروح والحرارة الغريزية الى باطن القلب وإذا انقبضا الى الداخل ازدادت الحبسة فى اللسان فلهذا بدأ عليه السلام بخوف التكذيب ثم ثنى بضيق الصدر ثم ثلث بعدم انطلاق اللسان وسأل تشريك أخيه هارون فانه لو لم يشرك به فى الأمر لاختلفت المصلحة المطلوبة من بعثة موسى وسبب عقدة لسانه عليه السلام احتراقه من الجمرة عند امتحان فرعون كما قال العطار همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كان ودهان پر اخكرست ولم تحترق أصابعه حين قبض على الجمرة لتكون فصاحته بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة معجزة ولذا قال بعضهم من قال كان اثر ذلك الاحتراق على لسانه بعد الدعوة فقد اخطأ قال بعض الكبار ينبغى للواعظ ان يراقب الله فى وعظه ويجتنب عن تكلم ما يشين بجمال الأنبياء ويهتك حرماتهم ويطلق ألسنة العامة فى حقهم ويسيئ الظن بهم والا مقته الله وملائكته وَلَهُمْ اى لقوم فرعون عَلَيَّ اى بذمتي ذَنْبٌ اى جزاء ذنب وموجبه فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه والمراد به قتل القبطي دفعا عن السبطى وانما سماه ذنبا على زعمهم وقال الكاشفى [وايشانرا بر من دعوى كناهست مراد قتل قبطيست وبزعم ايشان كناه ميكويد] فَأَخافُ ان أتيتهم وحدي أَنْ يَقْتُلُونِ بمقابلته قبل أداء الرسالة كما ينبغى. واما هارون فليس له هذا الذنب قال بعض الكبار ليس بعجب طريان خوف الطبيعة وصفات البشرية على الأنبياء فالقلب ثابت على المعرفة واعلم ان هذا وما قبله ليس تعللا وتوقفا من جانب موسى وتركا للمسارعة الى الامتثال بل هو استدفاع للبلية المتوقعة قبل وقوعها واستظهار فى امر الدعوة وحقيقته ان موسى عليه السلام اظهر التلوين من نفسه ليجد التمكين من ربه وقد آمنه الله وأزال عنه كل كلفة حيث قالَ تعالى كَلَّا اى ارتدع عما تظن فانهم لا يقدرون على قتلك به لانى لا اسلطهم عليك بل اسلطك عليهم فَاذْهَبا اى أنت والذي طلبت وهو هارون فالخطاب إليهما على تغليب الحاضر بِآياتِنا اى حال كونكما ملتبسين بآياتنا التسع التي هى دلائل القدرة وحجة النبوة وهو رمز الى دفع ما يخافه إِنَّا مَعَكُمْ تعليل للردع عن الخوف ومزيد تسلية لهما بضمان كمال الحفظ والنصرة والمراد موسى وهارون وفرعون فمع موسى وهارون بالعون والنصر ومع فرعون بالقهر والكسر وهو مبتدأ وخبر وقوله مُسْتَمِعُونَ خبر ثان او الخبر وحده ومعكم ظرف لغو وحقيقة الاستماع طلب السمع بالاصغاء وهو بالفارسية [كوش فرا داشتن] والله تعالى منزه عن ذلك فاستعير للسمع الذي هو مطلق ادراك الحروف والأصوات من غير إصغاء. والمعنى سامعون لما يجرى بينكما وبينه فاظهر كما عليه مثل حاله تعالى بحال ذى شوكة قد حضر مجادلة قوم يسمع ما يجرى بينهم ليمد الأولياء منهم ويظهرهم على الأعداء مبالغة فى الوعد بالاعانة وجعل الكلام استعارة تمثيلية لكون وجه الشبه هيئة منتزعة من عدة امورأْتِيا فِرْعَوْنَ [پس بياييد بفرعون] وهو الوليد بن مصعب وكنيته ابو العباس وقيل اسمه مغيث وكنيته ابو مرة وعاش اربعمائة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 17 إلى 23]

وستين سنةقُولا إِنَّا اى كل معناسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ [فرستاده پروردگار عالميانيم] وقال بعضهم لم يقل رسولا لان موسى كان الرسول المستقل بنفسه وهارون كان ردأ يصدقه تبعا له فى الرسالة أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ ان مفسرة لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول والإرسال هاهنا التخلية والإطلاق كما تقول أرسلت الكلب الى الصيد اى خلهم وشأنهم ليذهبوا الى ارض الشام وكانت مسكن آبائهم: وبالفارسية [وسخن اينست كه بفرست با ما بنى إسرائيل را يعنى دست از ايشان بدار تا با ما بزمين شام روند كه مسكن آباء ايشان بوده] وكان فرعون استعبدهم اربعمائة سنة وكانوا فى ذلك الوقت ستمائة الف وثلاثين الفا فانطلق موسى الى مصر وهارون كان بها فلما تلاقيا ذهبا الى باب فرعون ليلا ودق موسى الباب بعصاه ففزع البوابون وقالوا من بالباب فقال موسى انا رسول رب العالمين فذهب البواب الى فرعون فقال ان مجنونا بالباب يزعم انه رسول رب العالمين فأذن له فى الدخول من ساعته كما قاله السدى او ترك حتى أصبح ثم دعاهما فدخلا عليه واديا رسالة الله فعرف فرعون موسى لانه نشأ فى بيته فشتمه قالَ فرعون لموسى وقال قتادة انهما انطلقا الى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب هاهنا انسان يزعم انه رسول رب العالمين فقال ائذن له حتى نضحك منه فاديا اليه الرسالة فعرف موسى فقال عند ذلك على سبيل الامتنان أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً فى حجرنا ومنازلنا وقال الكاشفى [نه ترا پرورديم در ميان خويش (وَلِيداً) در حالتى كه طفل بودى نزديك بولادت] عبر عن الطفل بذلك لقرب عهده من الولادة وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ [ودرنك كردى در منزلهاى ما سالها از عمر خود] قوله من عمرك حال من سنين. والعمر بضمتين مصدر عمر اى عاش وحيي قال الراغب العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة قليلة او كثيرة قيل لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج الى مدين واقام بها عشر سنين ثم عاد إليهم يدعوهم الى الله تعالى ثلاثين سنة ثم بقي بعد الغرق خمسين فيكون عمر موسى مائة وعشرين سنة وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ الفعلة بالفتح المرة الواحدة يعنى قتل القبطي الذي كان خباز فرعون واسمه فاتون وبعد ما عدد نعمته من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال نبهه بما جرى عليه من قتل خبازه وعظمه قال ابن الشيخ تعظيم تلك الفعلة يستفاد من عدم التصريح باسمها الخاص فان تنكير الشيء وإبهامه قد يقصد به التعظيم وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ حال من احدى التاءين اى من المنكرين لنعمتى والجاحدين لحق تربيتى حيث عمدت الى رجل من خواصى قالَ موسى فَعَلْتُها اى تلك الفعلة إِذاً اى حين فعلت اى قتلت النفس وهو حرف جواب فقط لان ملاحظة المجازاة هاهنا بعيدة وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ يقال ضل فلان الطريق اخطأه اى ضللت طريق الصواب واخطأته من غير تعمد كمن رمى سهما الى طائر وأصاب آدميا وذلك لان مراد موسى كان تأديبه لا قتله: وبالفارسية [آگاه نبودم كه بمشت زدن من آنكس كشته شود] فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ ذهبت من بينكم الى مدين حذرا على نفسى لَمَّا خِفْتُكُمْ ان تصيبونى بمضرة وتؤاخذونى بما لا استحقه بجنايتي

[سورة الشعراء (26) : الآيات 22 إلى 23]

من العقاب فَوَهَبَ لِي رَبِّي حين رجعت من مدين حُكْماً اى علما وحكمة وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ إليكم وفى فتح الرحمن حكما اى نبوة وجعلنى من المرسلين درجة ثانية للنبوة فرب نبى ليس برسول قال بعض الكبار ان الله تعالى إذا أراد ان يبلغ أحدا من خلقه الى مقام من المقامات العالية يلقى عليه رعبا حتى يفر اليه من خلقه فيكشف له خصائص أسراره كما فعل بموسى عليه السلام ومعاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم فانهم لا يقعون فيها بحكم الشهوة الطبيعية بل بحسب الخطا وذلك مرفوع وَتِلْكَ اى التربية المدلول عليها بقوله (أَلَمْ نُرَبِّكَ) نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ اى تمن بها علىّ ظاهرا وهى فى الحقيقة أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى تعبيدك بنى إسرائيل وقصدك إياهم بذبح أبنائهم فان السبب فى وقوعي عندك وحصولى فى تربيتك يعنى لو لم يفعل فرعون ذلك اى قهر بنى إسرائيل وذبح أبنائهم لتكفلت أم موسى بتربيته ولما قذفته فى اليم حتى يصل الى فرعون ويربى بتربيته فكيف يمتن عليه بما كان بلاؤه سببا له قوله تلك مبتدأ ونعمة خبرها وتمنها علىّ صفة وان عبدت خبر مبتدأ محذوف اى وهى فى الحقيقة تعبيد قومى. والتعبيد: بالفارسية [دام كردن وببندگى كرفتن] يقال عبدته إذا أخذته عبدا وقهرته وذللته رد موسى عليه السلام اولا ما وبخه فرعون قدحا فى نبوته ثم رجع الى ما عده عليه من النعمة ولم يصرح برده حيث كان صدقا غير قادح فى دعواه بل نبه على ان ذلك كان فى الحقيقة نعمة لكونه مسببا عنها قال بعضهم بدأ فرعون بكلام السفلة ومنّ على نبى الله بما أطعمه والمنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين أحدهما ان يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وذلك فى الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثاني ان يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة اى عد النعمة قال محمد بن على الترمذي قدس سره ليس من الفتوة تذكار الصنائع وتعدادها على من اصطنعت اليه ألا ترى الى فرعون لما لم يكن له فتوة كيف ذكر صنيعه وامتن به على موسى از ناكسان دهر ثبوت طمع مدار ... از طبع دير خاصيت آدمي مجوى اعلم ان الله تعالى جعل موسى عليه السلام مظهر صفة لطفه بان جعله نبيا مرسلا وله فى هذا المعنى كمالية لا يبلغها الا بالتربية ومقاساة شدائد الرسالة مع فرعون وجعل فرعون مظهر صفة قهره بان جعله مكذبا لموسى ومعاندا له وكان لفرعون كمالية فى التمرد والآباء والاستكبار لم يبلغها إبليس ليعلم ان للانسان استعدادا فى اظهار صفة اللطف لم يكن للملك ولذلك صار الإنسان مسجودا للملك والملك ساجده ولو لم يكن موسى عليه السلام داعيا لفرعون الى الله تعالى وهو مكذبه لم يبلغ فرعون الى كماليته فى التمرد ليكون مظهر الصفة القهر بالتربية فى التمرد كذا فى التأويلات النجمية وقس عليهما كل موسى وكل فرعون فى كل عصر الى قيام الساعة فان الأشياء تتبين بالاضداد وتبلغ الى كمالها قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ما استفهامية معناها أي شىء والرب المربى والمتكفل لمصلحة الموجودات والعالم اسم لما سوى الله تعالى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 24 إلى 28]

من الجواهر والاعراض والمعنى أي شىء رب العالمين الذي ادعيت انك رسوله وما حقيقته الخاصة ومن أي جنس هو منكرا لان يكون للعالمين رب سواه قال الكاشفى [چون فرعون شنيده بود كه موسى كفت انا رسول رب العالمين اسلوب سخن بگردانيد واز روى امتحان كفت چيست پروردگار عالميان و چهـ چيز است سؤال از ماهيت كرد] ولما لم يمكن تعريفه تعالى الا بلوازمه الخارجية لاستحالة التركيب فى ذاته من جنس وفصل قالَ موسى مجيبا له بما يصح فى وصفه تعالى رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا عين ما اراده بالعالمين لئلا يحمله اللعين على ما تحت مملكته إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بالأشياء المحققين لها بالنظر الصحيح الذي يؤدى الى الإتيان وهو بالفارسية [بي كمان شدن] علمتم ان العالم عبارة عن كل ما يعلم به الصانع من السموات والأرض وما بينهما وان ربها هو الذي خلقها ورزق من فيها ودبر أمورها فهذا تعريفه وجواب سؤالكم لا غير والخطاب فى كنتم لفرعون واشراف قومه الحاضرين قال الكاشفى [هيچ كس را از حقيقة حق آگاهى ممكن نيست هر چهـ در عقل وفهم ووهم وحواس وقياس كنجد ذات خداوند تعالى از ان منزه ومقدس است چهـ آن همه محدثاتند ومحدث جزا ادراك محدث نتوان كرد] آنكه او از حدث برآرد دم ... چهـ شناسد كه چيست سر قدم علم را سوى حضرتش ره نيست ... عقل نيز از كمالش آگه نيست فمعنى العلم بالله العلم به من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما لا توفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة قالَ فرعون عند سماع جوابه خوفا من تأثيره فى قلوب قومه وانقيادهم له (لِمَنْ حَوْلَهُ من اشراف قومه وهم القبط [وايشان پانصد تن بود زيورها بسته وبر كرسيهاى زرين نشسته] وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يحول اليه وينقلب أَلا تَسْتَمِعُونَ ما يقول فاستمعوه وتعجبوا منه فى مقاله وفيه يريد ربوبية نفسه قالَ موسى زيادة فى البيان وحطاله عن مرتبة الربوبية الى مرتبة المربوبية قال الكاشفى [عدول كرد از ظهر آيات با قرب آيات بناظر وواضح آن بر متأمل] رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ وقيل ان فرعون كان يدعى الربوبية على اهل عصره وزمانه فلم يدع ذلك على من كان قبله فبين بهذه الآية ان المستحق للربوبية هو رب كل عصر وزمان قالَ فرعون من سفاهته وصرفا لقومه عن قبول الحق إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ لا يصدر ما قاله عن العقلاء وسماه رسولا على السخرية واضافه الى مخاطبيه ترفعا من ان يكون مرسلا الى نفسه. والجنون حائل بين النفس والعقل كما فى المفردات قالَ موسى زياده فى تعريف الحق ولم يشتغل بمجاوبته فى السفاهة رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما بيان ربوبيته للسموات والأرض وما بينهما وان كان متضمنا لبيان الخافقين وما بينهما لكن أراد التصريح بذكر الشروق والغروب للتغيرات الحادثة فى العالم من النور مرة والظلمة اخرى المفتقرة الى محدث عليم حكيم قال ابن عطاء

[سورة الشعراء (26) : الآيات 29 إلى 32]

منور قلوب أوليائه بالايمان ومشرق ظواهرهم ومظلم قلوب أعدائه بالكفر ومظهر آثار الظلمة على هياكلهم إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ شيأ من الأشياء او من جملة من له عقل وتمييز علمتم ان الأمر كما قلته واستدللتم بالأثر على المؤثر وفيه تلويح بانهم بمعزل من دائرة العقل متصفون بما رموه عليه السلام به من الجنون فمن كمال ضدية موسى وفرعون وكذا القلب والنفس يعد كل منهما ما يصدر من الآخر من الجنون وقس عليهما العاشق والزاهد فان جنون العشق من واد وجنون الزهد من واد آخر زد شيخ نارسيده بعشق تو طعنه ام ... ديوانه را ز سرزنش كودكان چهـ باك قالَ فرعون من غاية تمرده وميلا الى العقوبة كما يفعله الجبابرة وعدولا الى التهديد عن المحاجة بعد الانقطاع وهكذا ديدن المعاند المحجوب وغيظا على نسبة الربوبية الى غيره ولعله كان دهريا اعتقد ان من ملك قطرا وتولى امره بقوة طالعه استحق العبادة من اهله وقال بعضهم كان الملعون مشبها ولذلك قال وما رب العالمين اى أي شىء هو فنوقعه فى الخيال لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ اللام للعهد اى لا جعلنك من الذين عرفت أحوالهم فى سجونى فانه كان يطرحهم فى هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجنك قال الكاشفى [هر آينه كردانيدم ترا از زندانيان آورده اند كه سجن فرعون از قتل بدتر بود زيرا كه زندانيانرا در حفره عميق مى انداختند كه در آنجا هيچ نمى ديدند ونمى شنيدند وبيرون نمى آوردند الا مرده] وفيه اشارة الى سجن حب الدنيا فان القلب إذا كان متوجها الى الله وطلبه معرضا عن النفس وشهواتها فلا استيلاء للنفس عليه الا بشبكة حب الجاه والرياسة فانه آخر ما يخرج عن رؤس الصديقين باشد اهل آخرت را حب جاه ... همچويوسف را در ان شهراه جاه قالَ موسى أَوَلَوْ جِئْتُكَ [اگر بيايم ترا] بِشَيْءٍ مُبِينٍ يعنى أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشىء موضح لصدق دعواى يعنى المعجزة فانها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته والدلالة على صدق مدعى نبوته فالواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام للانكار بعد حذف الفعل اى جائيا بشىء مبين وجعلها بعضهم للعطف اى أتفعل بي ذلك لو لم أجئ بشئ مبين ولو جئتك به اى على كل حال من عدم المجيء والمجيء قالَ فرعون فَأْتِ بِهِ [پس بيار آن چيز را] إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى ان لك بينة موضحة لصدق دعواك وكان فى يد موسى عصا من شجر الآس من الجنة وكان آدم جاء بها من الجنة فلما مات قبضها جبريل ودفعها الى موسى وقت رسالته فقال موسى لفرعون ما هذه التي بيدي قال فرعون هذه عصا فَأَلْقى من يده عَصاهُ والإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح فَإِذا هِيَ [پس آنجا عصا پس از افكندن] ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى ظاهر الثعبانية وانها شىء يشبه الثعبان صورة بالسحر او بغيره والثعبان أعظم الحيات بالفارسية [اژدها] واشتقاقه من ثعبت الماء فانثعب اى فجرته فانفجر قال الكاشفى [وفرعون از مشاهده او بترسيد ومردمان كه حاضر بودند هزيمت كردند چنانچهـ

[سورة الشعراء (26) : الآيات 33 إلى 39]

در وقت فرار بيست و پنج هزار كس كشته شد] قال فرعون من شدة الرعب يا موسى اسألك بالذي أرسلك ان تأخذها فاخذها فعادت عصا ولا تناقض بينه وبين قوله (كَأَنَّها جَانٌّ) وهو الصغير من الحيات لان خلقها خلق الثعبان العظيم وحركتها وخفتها كالجان كما فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى إلقاء القلب عصا الذكر وهو كلمة لا اله الا الله فاذا هى ثعبان مبين يلتقم بفم النفي ما سوى الله وَنَزَعَ يَدَهُ من جيبه: وبالفارسية [ودست راست خويش از زير بازوى چپ خويش بيرون كشيد] فَإِذا هِيَ [پس آنجا دست او] بَيْضاءُ ذات نور وبياض من غير برص: وبالفارسية [سپيد درخشنده بود بعد از انكه كندم كونه بود] لِلنَّاظِرِينَ [مر نظر كنندكانرا كفته اند شعاع دست مبارك موسى بمثابه نور آفتاب ديده را خيره ساختى]- روى- ان فرعون لما رأى الآية الاولى قال فهل غيرها فاخرج يده فقال ما هذه قال فرعون يدك فما فيها فادخلها فى إبطه ثم نزعها ولها شعاع كاد يغشى الابصار ويسد الأفق وفى التأويلات النجمية (وَنَزَعَ يَدَهُ) اى يد قدرته (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) مؤيدة بالتأييد الإلهي منورة بنور ربى يبطش (لِلنَّاظِرِينَ) اى لاهل النظر الذين ينظرون بنور الله فان النور بالنور يرى قالَ فرعون لِلْمَلَإِ اى لاشراف قومه حال كونهم مستقرين حَوْلَهُ فهو ظرف وضع موضع الحال وقد سبق معناه. والملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء إِنَّ هذا [بدرستى كه اين مرد] يعنى موسى لَساحِرٌ عَلِيمٌ فائق فى علم السحر: وبالفارسية [جادوييست دانا واستاد فرعون ترسيد كه كسان وى بموسى ايمان آرند حيله انگيخت وكفت اين جادوييست كه در فن سحر مهارتى تمام دارد] «يريد» إلخ والسحر تخيلات لا حقيقة لها فالساحر المحتال المخيل بما لا حقيقة له وجه الجمع بين شذا وبين قوله فى الأعراف قال الملأ من قوم فرعون حيث أسند القول بالساحرية إليهم ان فرعون قاله للحاضرين والحاضرون قالوه للغائبين كما فى كشف الاسرار يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ من ارض مصر ويتغلب عليكم بِسِحْرِهِ [بجادويئ خود] فَماذا تَأْمُرُونَ [پس چهـ فرماييد مرا شما در كار او واشارت كنيد] قال فى كشف الاسرار هى من المؤامرة لا من الأمر وهى المشاورة وقيل للتشاور ائتمار لقبول بعضهم امر بعض فيما أشار به اى ماذا تشيرون به علىّ فى دفعه ومنعه قهره سلطان المعجزة وحيره حتى حطه عن دعوى الربوبية الى مقام مشاورة عبيده بعد ما كان مستقلا بالرأى والتدبير واظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ونسبة الإخراج والأرض إليهم لاجل تنفيرهم عن موسى قالُوا اى الملأ أَرْجِهْ وَأَخاهُ يقال ارجه اخر الأمر عن وقته كما فى القاموس اى اخر امر موسى وأخيه هارون حتى تنظر ولا تعجل بقتلهما قبل ان يظهر كذبهما حتى لا يسيئ عبيدك الظن بك وتصير معذورا فى القتل وَابْعَثْ [وبرانگيز وبفرست] فِي الْمَدائِنِ فى الأمصار والبلدان وأقطار مملكتك: وبالفارسية [در شهرها مملكت خود] وفى فتح الرحمن هى مدائن الصعيد من نواحى مصر حاشِرِينَ اى شرطا يحشرون الناس ويجمعونهم فحاشرين صفة لموصوف محذوف هو مفعول ابعث والشرط

[سورة الشعراء (26) : الآيات 37 إلى 39]

جمع شرطة بالضم وسكون الراء وفتحها وهى طائفة من أعوان الولاة معروفة كما فى القاموس والشرط بالفتح العلامة ومنه سمى الشرط لانهم جعلوا لانفسهم علامة يعرفون بها يَأْتُوكَ [تا بيارند ترا] اى الحاشرون بِكُلِّ سَحَّارٍ [هر جا نيك جادوييست] عَلِيمٍ [دانا وبر سر آمد در فن سحر] اى فيعارضوا موسى بمثل سحره بل يفضلوا عليه ويتضح للعامة كذبه فتقتله حينئذ. وهذا تدبير النفس وإلقاء الشيطان فى دفع الحق الصريح وكل تدبير هكذا فى كل عصر فصاحبه مدبر البتة وانما يجيىء خبث القول والفعل من خبث النفس إذ كل اناء يترشح بما فيه ولو ترك فرعون وقومه التدبير فى امر موسى وقابلوه بالقبول لسلموا من كل آفة لكن منعهم حب الجاه عن الانتباه وحبك الشيء يعمى ويصم وانما اخلدوا الى الأرض غفلة الباقية الحاصلة بالايمان والاطاعة والاتباع: وفى المثنوى تخت بندست آنكه تختش خوانده ... صدر پندارى وبر درمانده «1» پادشاهان جهان از بدرگى ... بو نبردند از شراب بندگى ور نه ادهم وار سركردان ودنك ... ملك را بر هم زدندى بى درنگ ليك حق بهر ثبات اين جهان ... مهرشان بنهاد بر چشم ودهان تا شود شيرين بريشان تخت وتاج ... كه ستانيم از جهانداران خراج از خراج ار جمع آرى زر چوريك ... آخر آن از تو بماند مرده ريك همره جانت نكردد ملك وزر ... زر بده سرمه ستان بهر نظر تا ببينى كين جهان چاهيست تنك ... يوسفانه آن رسن آرى بچنك هست در چاه انعكاسات نظر ... كمترين آنكه نمايد سنك زر وقت بازي كودكانرا ز اختلال ... مى نمايد اين خزفها زرّ ومال فَجُمِعَ السَّحَرَةُ اى بعث فرعون الشرط فى المدائن لجمع السحرة فجمعوا وهم اثنان وسبعون او سبعون الفا كما يدل عليه كثرة الحبال والعصى التي خيلوها وكان اجتماعهم بالاسكندرية على ما رواه الطبري لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ الميقات الوقت المضروب للشىء اى لما وقت به وعين من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة وهو يوم عيد لهم كانوا يتزينون ويجتمعون فيه كل سنة- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه وافق يوم السبت فى أول يوم من السنة وهو يوم النيروز وهو أول يوم من فرودين ماه ومعنا نيروز بلغة القبط طلع الماء اى علا ماء النيل وبلغة العجم نوروز اى اليوم الجديد وهو أول السنة المستأنفة عندهم وانما وقت لهم موسى وقت الضحى من يوم الزينة فى قوله (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) ليظهر الحق ويزهق الباطل على رؤس الاشهاد ويشيع ذلك فى الأقطار واختاره فرعون ايضا ليظهر كذب موسى بمحضر الجمع العظيم فكان ما كان وَقِيلَ من طرف فرعون لِلنَّاسِ لاهل مصر وغيرهم ممن يمكن حضوره هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ [آيا هستيد شما فراهم آنيدكان يعنى فراهم آييد وجمع شويد] ففيه استبطاء لهم فى الاجتماع حثا على مبادرتهم اليه فليس المراد بهل حقيقة الاستفهام بقرينة عدم

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام إلخ

[سورة الشعراء (26) : الآيات 40 إلى 45]

الجواب لَعَلَّنا [شايد ما همه باتفاق] نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ لا موسى وليس مرادهم ان يتبعوا دينهم حقيقة وانما هو ان لا يتبعوا موسى لكنهم ساقوا كلامهم مساق الكناية حملا لهم على الاهتمام والجد فى المغالبة فالترجى باعتبار الغلبة المقتضية للاتباع لا باعتبار الاتباع فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ [پس آن هنكام كه آمدند جادوان بنزديك فرعون ايشانرا بارداد ودلنوازى بسيار كرد ايشان كستاخ شده] قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا [آيا ما را باشد] لَأَجْراً جعلا عظيما إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ لا موسى قالَ نَعَمْ لكم ذلك: يعنى [آرى مزد باشد شما را] وَإِنَّكُمْ مع ذلك إِذاً ان وقت يعنى إذا غلبتم لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندى تكونون أول من يدخل علىّ وآخر من يخرج من عندى وكان ذلك من أعظم المراتب عندهم وهكذا حال ارباب الدنيا فى حب قربة السلطان ونحوه وهو من أعظم المصائب عند العقلاء [چون برين وعده مستظهر كشته جادوييهاى خود را بميدان معين آوردند وبوقت معلوم در برابر حضرت موسى صف بركشيده كفتند اى موسى تو أول افكنى جادويىء خود را يا ما بيفكنيم] قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا اطرحوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ لم يرد به أمرهم بالسحر والتمويه لان ذلك غير جائز بل الاذن فى تقديم ما هم فاعلوه لا محالة توسلا به الى اظهار الحق وابطال الباطل قال فى كشف الاسرار ظاهر الكلام امر ومعناه التهاون فى الأمر وترك المبالاة بهم وبأفعالهم فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ جمع حبل وَعِصِيَّهُمْ جمع عصا: يعنى [پس بيفكندند رسنها وعصاهاى مجوف پر سيماب ساخته خود را كه هفتاد هزار رسن وهفتاد هزار عصا بود] وَقالُوا [وكفتند بعد از آنكه عصا ورسنها بحرارت آفتاب در حركت آمد واز مردمان غريو برخاست] اى قالوا عند الإلقاء حالفين بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ [بحق بزركى وقوت وغالبيت فرعون] إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ على موسى وهارون اقسموا بعزته على ان الغلبة لهم لفرط اعتقادهم فى أنفسهم وإتيانهم بأقصى ما يمكن ان يؤتى من السحر. والقسم بغير الله من اقسام الجاهلية وفى الحديث (لا تحلفوا بآبائكم ولا بامهاتكم ولا بالطواغيت ولا تحلفوا الا بالله ولا تحلفوا بالله الا وأنتم صادقون) قال بعض الكبار رأوا كثرة تمويهاتهم وقلة العصا فنظروا إليها بنظر الحقارة وظنوا غلبة الكثير على القليل وما علموا ان القليل من الحق يبطل كثيرا من الباطل كما ان قليلا من النور يمحو كثيرا من الظلمة: قال الحافظ تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بى منت سپاهى فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ بالأمر الإلهي فَإِذا هِيَ [پس آن عصا اژدها شده] تَلْقَفُ تبتلع بسرعة من لقفه كسمعه تناوله بسرعة كما فى القاموس ما يَأْفِكُونَ [آنچهـ تزوير مى ساختند وبصورت مار بخلق مى نمودند] اى ما يقلبونه والمأخوذ عند بعض أكابر المكاشفين صور الحيات من حبال السحرة وعصيهم حتى بدت للناس حبالا وعصيا كما هى فى نفس الأمر كما يبطل الخصم بالحق حجة خصمه فيظهر بطلانها لا نفس الحبال والعصى كما عند الجمهور والا لدخل على السحرة الشبهة فى عصا موسى والتبس عليهم الأمر فكانوا لم يؤمنوا وكان الذي

[سورة الشعراء (26) : الآيات 46 إلى 51]

جاء به موسى حينئذ من قبيل ما جاءت به السحرة الا انه أقوى منهم سحرا وانه يدل على ما قلنا قوله تعالى (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) وتلقف ما صنعوا وما افكوا الحبال وما صنعوا العصى بسحرهم وانما افكوا وصنعوا فى أعين الناظرين صور الحيات وهى التي تلقفته عصا موسى ذكره الامام الشعراني فى الكبريت الأحمر فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ على وجوههم ساجِدِينَ لله تعالى [چهـ دانستند كه انقلاب عصا بثعبان وفرو بردن او آنچهـ تزوير مى ساختند نه از قبيل سحر است] اى القوا اثر ما شاهدوا ذلك من غير تلعثم وتردد غير متمالكين كأن ملقيا ألقاهم لعلمهم بان مثل ذلك خارج عن حدود السحر وانه امر الهى قد ظهر على يده لتصديقه وفيه دليل على ان التبحر فى كل فن نافع فان السحرة ما تيقنوا بان ما فعل موسى معجزهم الا بمهارتهم فى فن السحر وعلى ان منتهى السحر تمويه وتزوير وتخييل شىء لا حقيقة له وجه الدلالة ان حقيقة الشيء لو انقلبت الى حقيقة شىء آخر بالسحر لما عدوا انقلاب العصا حية من قبيل المعجزة الخارجة عن حد السحر ولما خروا ساجدين عند مشاهدته وقد سبق تفصيل السحر فى سورة طه قال بعض الكبار السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثاني وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين أدركت امرا لا تشك فيه وما هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائي قال الشعراني بعد ما نقله هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط قالُوا [از روى صدق] آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ بدل اشتمال من القى فلذلك لم يتخلل بينهما عاطف انظر كيف أصبحوا سحرة وامسوا شهداء مسلمين مؤمنين فالمغرور من اعتمد على شىء من اعماله وأقواله وأحواله: قال الحافظ بر عمل تكيه مكن ز انكه در ان روز ازل ... تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت وقال مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت رَبِّ مُوسى وَهارُونَ بدل من رب العالمين لدفع توهم ارادة فرعون حيث كان قومه الجهلة يسمونه بذلك ولو وقفوا على رب العالمين لقال فرعون انا رب العالمين إياي عنوا فزادوا رب موسى وهرون فارتفع الاشكال قالَ فرعون للسحرة آمَنْتُمْ على صيغة الخبر ويجوز تقدير همزة استفهام فى الأعراف لَهُ اى لموسى قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [پيش از انكه اجازت ودستورى دهم شما را در ايمان بوى] اى بغير اذن لكم من جانبى كما فى قوله تعالى (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) لا ان اذن الايمان منه ممكن او متوقع إِنَّهُ موسى لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فواضعكم على ما فعلتم وتواطأتم عليه يعنى [با يكديكر اتفاق كرديد در هلاك من وفساد ملك من] كما قال فى الأعراف (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ) اى قبل ان تخرجوا الى هذا الموضع او علمكم شيأ دون شىء فلذلك غلبكم أراد بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا انهم آمنوا عن بصيرة وظهور حق

[سورة الشعراء (26) : الآيات 50 إلى 51]

فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ اى وبال ما فعلتم واللام للتأكيد لا للحال فلذا اجتمعت بحرف الاستقبال ثم بين ما أوعدهم به فقال لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ لفظ التفعيل وهو التقطيع لكثرة الأيدي والأرجل كما تقول فتحت الباب وفتحت الأبواب مِنْ خِلافٍ من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وذلك زمانة من جانب البدن كما فى كشف الاسرار وهو أول من قطع من خلاف وصلب كما فى فتح الرحمن وقال بعضهم من للتعليل: يعنى [برأى خلافى كه با من كرديد] وذلك لان القطع المذكور لكونه تخفيفا للعقوبة واحترازا عن تفويت منفعة البطش على الجاني لا يناسب حال فرعون ولما هو بصدده الا ان يحمل على حمقه حيث او عدلهم فى موضع التغليظ بما وضع للتخفيف انتهى وذلك وهم محض لانه يدفعه قوله وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ [وهر آينه بردار كنم همه شما را اى على شاطئ البحر تا بميريد وهمه مخالفان عبرت كيرند] قال فى الكشف اى اجمع عليكم التقطيع والصلب- روى- انه علقهم على جذوع النخل حتى ماتوا وفى الأعراف (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ) فاوقع المهلة ليكون هذا التصليب لعذابهم أشد قالُوا اى السحرة المؤمنون لا ضَيْرَ مصدر ضاره يضيره ضيرا إذا ضره اى لا ضرر فيه علينا: وبالفارسية [هيچ ضررى نيست بر ما از تهديد تو وما از مرك نمى ترسيم] إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ راجعون فيثيبنا بالصبر على ما فعلت ويجازينا على الثبات على التوحيد وفى الآية دلالة على ان للانسان ان يظهر الحق وان خاف القتل قال ابن عطاء من اتصلت مشاهدته بالحقيقة احتمل معها كل وارد يرد عليه من محبوب ومكروه ألا ترى ان السحرة لما صحت مشاهدتهم كيف قالوا لا ضير: قال السعدي فى حق اهل الله دما دم شراب ألم در كشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند نه تلخست صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست قال الحافظ عاشقانرا كر در آتش مى پسندد لطف يار ... تنك چشمم كر نظر چشمه كوثر كنم وقال اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست إِنَّا نَطْمَعُ نرجو قال فى المفردات الطمع نزوع النفس الى شىء شهوة له أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا السالفة من الشرك وغيره أَنْ كُنَّا اى لان كنا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ اى من اتباع فرعون او من اهل المشهد قال الكاشفى [آورده اند كه فرعون بفرمود تا دست راست و پاى چپ آن مؤمنان ببريدند وايشانرا از دارهاى بلند آويختند وموسى عليه السلام بر ايشان مى كريست حضرت عزت حجابها برداشته منازل قرب ومقامات انس ايشانرا بنظر وى درآورده تا تسلى يافت] جادوان كان دست و پادر باختند ... در فضاى قرب مولى تاختند كر برفت آن دست و پابر جاى آن ... رست از حق بالهاى جاودان

[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 إلى 58]

تا بدان پرها بپرواز آمدند ... در هواى عشق شهباز آمدند وذلك لان ما نقص عن الوجود زاد فى الروح والشهود والله تعالى يأخذ الفاني من العبد ويأخذ بدله الباقي وكان جعفر ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم آخذ اللواء فى بعض الغزوات بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاثابه الله بذلك جناحين فى الجنة يطير بهما حيث شاء ولذلك قيل له جعفر الطيار وهكذا شان من هو صادق فى دعواه فليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله تعالى هو المبتلى لكن هذا العلم إذا لم يكن من مرتبة المشاهدات لا يحصل التخفيف التام فحال السحرة كانت حال الشهود والجذبة ومثلها يقع نادرا إذ الانجذاب تدريجى لاكثر السالكين لادفعى وكان حال عمر رضى الله عنه حين الايمان كحال السحرة وبالجملة ان الايمان وسيلة الإحسان فمن سعى فى إصلاح حاله فى باب الأعمال أوصله الله الى ما أوصل اليه ارباب الأحوال كما قال عليه السلام (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر كما تعبد لله تعالى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بشريعة ابراهيم عليه السلام قبل نبوته عناية من الله له حتى فجأته الرواية وجاءته الرسالة فكذلك الولىّ الكامل يجب عليه معانقة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يرده الله تعالى الى ارشاد الخلق كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرسل انتهى. فاذا عرفت الطريق فعليك بالسلوك فان اهل السلوك هم الملوك ولن يتم السلوك الا بالانقلاب التام عن الأهل والأولاد والأموال الى الله تعالى كما قالوا انا الى ربنا منقلبون ألا ترى ان السالك الصوري يترك كل ماله فى داره فان العبد ضعيف والضعيف لا يتحمل الحمل الثقيل نسأل الله التيسير والتسهيل وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي الإيحاء اعلام فى خفاء وسرى يسرى بالكسر سرى بالضم وسرى بالفتح واسرى ايضا اى سار ليلا. والمعنى وقلنا لموسى بطريق الوحى يا موسى اذهب ببني إسرائيل بالليل وسيرهم حتى تنتهى الى بحر القلزم فيأتيك هناك امرى فتعمل به وذلك بعد سنين اقام بين أظهرهم يدعوهم الى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا إلا عتوا وفسادا: وبالفارسية [و پيغام كرديم بسوى موسى آنكه ببر بسبب بندگان من يعنى بنى إسرائيل بجانب درياى قلزم كه نجات شما وهلاك كفره در آنست] وعلم الانتهاء الى البحر من الوحى إذ من البعيد ان يؤمر بالمسير ليلا وهو لا يعرف جهة الطريق ومن قول جبريل حين خرجوا من مصر موعد ما بينى وبينك يا موسى البحر اى شط بحر القلزم إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وجنوده وهو تعليل للامر بالاسراء اى أسر بهم حتى إذا اتبعوكم مصبحين كان لكم تقدم عليهم بحيث لا يدركونكم قبل وصولكم الى البحر بل يكونون على اثركم حين تدخلون البحر فيدخلون مداخلكم فاطبقه عليهم فاغرقهم فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ حين اخبر بمسيرهم فى الليل فِي الْمَدائِنِ [در شهرها كه بپاى تحت نزديك بود] حاشِرِينَ اى قوما جامعين للعساكر ليتبعوهم قال الكاشفى [آخر روز خبر خروج ايشان بقبطيان رسيد چهـ مى پنداشتند كه بنى إسرائيل تهينه اسباب

[سورة الشعراء (26) : الآيات 54 إلى 58]

عيد در خانهاى خود اقامت نموده اند روز دوم خواستند كه از عقب ايشان دوند در خانه هر قبطى يكى از اعزه قوم بمرد بتعزيه او مشغول شدند ودرين روز فرعون بجمع كردن لشكر امر كرد. قال فى كشف الاسرار بامداد روز يكشنبه قبطيان بدفن آن كافر مشغول وفرعون آن روز فرمود تا خيل وحشم وى همه جمع آمدند وديكر روز روز دوشنبه فرا پى بنى إسرائيل نشستند] إِنَّ هؤُلاءِ اى قال حين جمع عساكر المدائن ان هؤلاء يريد بنى إسرائيل لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [كروه اندك اند] استقلهم وهم ستمائة الف وسبعون الفا بالنسبة الى جنوده إذ كان عدد آل فرعون لا يحصى قال فى التكملة اتبعهم فى الف الف حصان سوى الإناث وكانت مقدمته سبعمائة الف والشر ذمة الطائفة القليلة وقليلون دون قليلة باعتبار انهم أسباط كل سبط منهم سبط قليل وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ [بخشم آرندگان] والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه. والمعنى لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا بمخالفتهم ديننا وذهابهم باموالنا التي استعاروها بسبب ان لهم عيدا فى هذه الليلة وخروجهم من ارضنا بغير اذن منا وهم منخرطون فى سلك عبادنا وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ يقال للمجموع جمع وجميع وجماعة والحذر احتراز عن مخيف يريد ان بنى إسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالى بهم ولا يتوقع علوهم وغلبتهم ولكنهم يفعلون افعالا تغيظنا وتضيق صدورنا ونحن جمع وقوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم فى الأمور فاذا خرج علينا خارج سار عنا الى اطفاء نائرة فساده قاله فرعون لاهل المدائن لئلا يظن به انه خاف من بنى إسرائيل وقال بعضهم (حاذِرُونَ) يعنى [سلاح وارانيم ودانندكان مراسم حرب تعريض است با آنكه قوم موسى نه سلاح تمام دارند ونه بعلم حرب دانااند] فان الحاذر يجيىء بمعنى المتهيئ والمستعد كما فى الصحاح فَأَخْرَجْناهُمْ اى فرعون وقومه بان خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه يعنى انهم وان خرجوا باختيارهم الا انه أسند الإخراج اليه تعالى اسنادا مجازيا من حيث الخلق المذكور مِنْ جَنَّاتٍ بساتين كانت ممتدة على حافتى النيل وَعُيُونٍ من الماء قال الراغب يقال لمنبع الماء عين تشبيها بالعين الجارحة لما فيها من الماء قال فى كشف الاسرار وعيون اى انهار جارية وقال الكاشفى [واز چشمه سارها] وَكُنُوزٍ [واز كنجها] يعنى الأموال الظاهرة من الذهب والفضة ونحوهما سماها كنزا لان ما لا يؤدى منه حق الله فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الأرض وما ادى منه فليس بكنز وان كان تحت سبع ارضين والكنز المال المجموع المحفوظ والفرق بينه وبين الركاز والمعدن ان الركاز المال المركوز فى الأرض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا قال فى خريدة العجائب وفى ارض مصر كنوز كثيرة ويقال ان غالب ارضها ذهب مدفون حتى قيل انه ما فيها موضع الا وهو مشغول من الدفائن وَمَقامٍ كَرِيمٍ يعنى المنازل الحسنة والمجالس البهية وقال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام هى الفيوم من ارض مصر فى قول طائفة من المفسرين ومعنى الفيوم الف يوم كما فى التكملة وهى مدينة عظيمة بناها يوسف الصديق عليه السلام ولها نهر يشقها ونهرها من عجائب الدنيا وذلك انه متصل بالنيل وينقطع

[سورة الشعراء (26) : الآيات 59 إلى 62]

ايام الشتاء وهو يجرى فى سائر الزمان على العادة ولهذه المدينة ثلاثمائة وستون قرية عامرة كلها مزارع وغلال ويقال ان الماء فى هذا الوقت قد أخذ أكثرها وكان يوسف جعلها على عدد ايام السنة فاذا أجدبت الديار المصرية كانت كل قرية منها تقوم باهل مصر يوما وبأرض الفيوم بساتين وأشجار وفواكه كثيرة رخيصة واسماك زائدة الوصف وبها من قصب السكر كثير كَذلِكَ اى مثل ذلك الإخراج العجيب اخرجناهم فهو مصدر تشبيهى لاخرجنا وقال ابو الليث كذلك اى هكذا افعل بمن عصانى وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ اى مكنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام إياهم على طريقة مال المورث للوارث كأنهم ملكوها من حين خروج أربابها منها قبل ان يقبضوها ويتسلموها: وبالفارسية [وميراث داديم باغ وبستان وكنج وجاريهاى ايشان فرزندان يعقوب را چهـ قول آنست كه بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعونيان بمصر آمده همه اموال قبطيه را بحيطه تصرف آوردند وأصح آنست كه در زمان دولت داود عليه السلام بر ملك استيلا يافته متصرف جهان مصريان شدند] كما قال الطبري انما ملكوا ديار آل فرعون ولم يدخلوها لكنهم سكنوا الشام- القصة-[فرعون ششصد هزار سوار بر مقدمه لشكر روان كرد وششصد هزار بر ميمنه تعيين كرد وششصد هزار بر ميسره نامزد فرمود وششصد هزار در ساقه لشكر مقرر كرد وخود با خلق بيشمار در قلب قرار كرفت يكى لشكر سراپاغرق جوشن شده در موج چون درياى آهن چو چشم دلبران پركين وخونريز بقصد خون دم تيغها تيز] فَأَتْبَعُوهُمْ بقطع الهمزة يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه. والمعنى فاردنا إخراجهم وايراث بنى إسرائيل ديارهم فخرجوا فلحقوا موسى وأصحابه مُشْرِقِينَ يقال أشرق وأصبح وامسى واظهر إذا دخل فى الشروق والصباح والمساء والظهيرة. والمعنى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس اى طلوعها على انه حال اما من الفاعل او من المفعول او منهما جميعا لان الدخول المذكور قائم بهم جميعا قال الكاشفى [يعنى بهنگام طلوع آفتاب ببني إسرائيل رسيدند ودر ان زمان لشكر موسى بكناره درياى قلزم رسيدند تدبير عبور ميكردند كه ناكاه اثر فرعونيان پديد آمد] فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر والمراد جمع موسى وجمع فرعون. وتراءى من التفاعل والترائى [يكديكر را ديدن ودر برابر يكديكر افتادن] كما فى التاج قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ لملحقون من ورائنا ولا طاقة لنا بقوم فرعون وهذا البحر امامنا لا منفذ لنا فيه قالَ موسى كَلَّا [نه چنين است] اى ارتدعوا وانزجروا عن ذلك المقال فانهم لا يدركونكم فان الله تعالى وعدكم الخلاص منهم إِنَّ مَعِي رَبِّي بالحفظ والنصر والرعاية والعناية قال الجنيد حين سئل العناية اولا أم الرعاية قال العناية قبل الماء والطين سَيَهْدِينِ البتة الى طريق النجاة منهم بالكلية [محققان كفته اند موسى عليه السلام در كلام خود معيت را مقدم داشت كه (إِنَّ مَعِي رَبِّي) وحضرت پيغمبر ما عليه السلام در قول خود كه (إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) معيت را تأخير فرمود تا بر ضمائر عرفا روشن كردد كه كليم از خود

[سورة الشعراء (26) : الآيات 63 إلى 68]

بحق نكريست واين مقام مريدست وحبيب از حق بخود نظر كرد واين مقام مرادست مريد را هر چهـ كويند آن كند ومراد هر چهـ كويد چنان كنند] اين يكى را روى او در روى دوست ... وآن دكر را روى او خود روى اوست وفى كشف الاسرار [موسى خود را درين حكم فرموده كه كفت (مَعِي رَبِّي) ونكفت «معنا ربنا» زيرا كه در سابقه حكم رفته بود كه قومى از بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعون وقبطيان كوساله پرست خواهند شد باز مصطفى عليه السلام چون در غار بود با صديق اكبر از احوال صديق آن حقائق معانى ساخته كه او را با نفس خود قرين كرد ودر حكم معيت آورد كفت (إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) وكفته اند موسى خود را كفت (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) ورب العزة امت محمد را كفت (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) موسى آنچهـ خود را كفت الله او را بكرد واو را راه نجات نمود وكيد دشمن از پيش برداشت چكويى آنكه تعالى بخودىء خود امت احمد را كفت ووعده كه داد اولى كه وفا كند از غم كناه برهاند وبرحمت ومغفرت خود رساند]- روى- ان مؤمن آل فرعون كان بين يدى موسى فقال اين أمرت فهذا البحر امامك وقد غشيك آل فرعون قال أمرت بالبحر ولعلى اومر بما اصنع- روى- عن عبد الله بن سلام ان موسى لما انتهى الى البحر قال عند ذلك يا من كان قبل كل شىء والمكون لكل شىء والكائن بعد كل شىء اجعل لنا مخرجا وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أعلمك الكلمات التي قالهن موسى حين انفلق البحر) قلت بلى قال (قل اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وبك المستغاث وأنت المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله) قال ابن مسعود فما تركتهن منذ سمعتهن من النبي عليه السلام فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ يا موسى اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ هو بحر القلزم وسمى البحر بحرا لاستبحاره اى اتساعه وانبساطه. وبحر القلزم طرف من بحر فارس والقلزم بضم القاف وسكون اللام وضم الزاى بليدة كانت على ساحل البحر من جهة مصر وبينها وبين مصر نحو ثلاثة ايام وقد خربت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود منزل ينزله الحاج المتوجه من مصر الى مكة وبالقرب منها غرق فرعون وبحر القلزم بحر مظلم وحش لا خير فيه ظاهرا وباطنا وعلى ساحل هذا البحر مدينة مدين وهى خراب وبها البئر التي سقى موسى عليه السلام منها غنم شعيب وهى معطلة الآن قال الكاشفى [موسى عليه السلام بر لب دريا آمد وعصا بر وى زد وكفت يا أبا خاله ما را راه ده] فَانْفَلَقَ الفاء فصيحة اى فضرب فانفلق ماء البحر اى انشق فصار اثنى عشر فرقا بعدد الأسباط بينهن مسالك فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ اى كل جزء تفرق منه وتقطع قال فى المفردات الفرق يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق والفرق يقال اعتبارا بالانفصال والفرق القطعة المنفصلة وكل فرق بالتفخيم والترقيق لكل القراء والتفخيم اولى كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ كالجبل المرتفع فى السماء الثابت فى مقره قال الراغب الطود الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الأطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال فدخلوا فى شعابها كل سبط فى شعب منها قال الكاشفى [وفى الحال بادى در تك دريا وزيد وكل خشك شده وهر سبطى از راهى بدريا درآمدند] كما قال تعالى (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) وَأَزْلَفْنا اى قربنا من بنى إسرائيل قال فى تاج المصادر: الازلاف [نزديك

[سورة الشعراء (26) : الآيات 65 إلى 68]

كردانيدن وجمع كردن] وفسر بهما قوله تعالى (وَأَزْلَفْنا) الا ان الحمل على المعنى الاول احسن انتهى ثَمَّ حيث انفلق البحر وهو اشارة الى المستبعد من المكان الْآخَرِينَ اى فرعون وقومه حتى دخلوا على اثرهم مداخلهم وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة الى ان عبروا الى البر ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ باطباقه عليهم يعنى: [چون بنى إسرائيل همه از دريا بيرون آمدند موسى ميخواست كه دريا بحال خود باز شود از بيم آنكه فرعون وقبطيان بآن راهها درآيند وبايشان در رسند فرمان آمد كه] يا موسى اترك البحر رهوا اى صفوفا ساكنة فان فرعون وقومه جند مغرقون فتركه على حاله حتى أغرقهم الله تعالى كما مر فى غير موضع آورده اند كه آن روز كه موسى نجات يافت ودشمن وى غرق كشت روز دوشنبه بود دهم ماه محرم وموسى آن روز روزه داشت شكر آن نعمت را] إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى جميع ما فصل خصوصا فى الانجاء والغرق لَآيَةً لعبرة عظيمة للمعتبرين وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر المصريين وهم آل فرعون مُؤْمِنِينَ قالوا لم يكن فيه مؤمن الا آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت ناموشا التي دلت على عظام يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب المنتقم من أعدائه كفرعون وقومه الرَّحِيمُ باوليائه كموسى وبنى إسرائيل يقول الفقير هذا هو الذي يقتضيه ظاهر السوق فان قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) إلخ ذكر فى هذه السورة فى ثمانية مواضع. أولها فى ذكر النبي عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبي عليه السلام وان لم يتقدم صريحا فقد تقدم كناية. والثاني فى قصة موسى ثم ابراهيم ثم نوح ثم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على ان المراد بالأكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبى من الأنبياء المذكورين وقد ثبت فى غير هذه المواضع ايضا ان اكثر الناس من كل امة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة انما يعتبر بالنسبة الى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم الى قيام الساعة فبدخل فيهم قريش لانهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلا من لسان النبي عليه السلام فكانت آية لهم مع ان بيانها من غير ان يسمعها من أحد آية اخرى موجبة للايمان حيث دل على ان ما كان الا بطريق الوحى الصادق نعم ان قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) إذا كان اشارة الى جميع ما جرى بين موسى وفرعون مثلا كان غير الانجاء والغرق آية للمغرقين ايضا وبذلك يحصل التلاؤم الأتم بما بعده فافهم جدا وقد رجح بعضهم رجوع ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام فيكون المعنى ان فى ذلك المذكور لآية لاهل الاعتبار كما كان فى المذكور فى أول السورة آية ايضا وما كان اكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم اهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن ان يصيبهم مثل ما أصاب آل فرعون وان ربك لهو العزيز الغالب على ما أراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يعجل عقوبتهم بعدم ايمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحى مع كمال استحقاقهم لذلك وفى الآية تسلية للنبى عليه السلام لانه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور

[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 إلى 74]

المعجزات على يديه فذكر له أمثال هذه القصص ليقتدى بمن قبله من الأنبياء فى الصبر على عناد قومه والانتظار مجيىء الفرج كما قيل اصبروا تظفروا كما ظفروا: قال الحافظ سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند وَاتْلُ عَلَيْهِمْ من التلاوة وهى القراءة على سبيل التتابع والقراءة أعم اى اقرأ على مشركى العرب واخبر اهل مكة نَبَأَ إِبْراهِيمَ خبره العظيم الشان قال الكاشفى [خبر ابراهيم كه ايشان بدو نسبت درست ميكنند وبفرزندى او مفتخرند ومستظهر] إِذْ قالَ ظرف لنبأ لِأَبِيهِ آزر وهو تاريخ كما سبق وَقَوْمِهِ اهل بابل وهو كصاحب موضع بالعراق واليه ينسب السحر. والقوم جماعة الرجال فى الأصل دون النساء كما نبه عليه قوله تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) وفى عامة القرآن اريدوا به والنساء جميعا كما فى المفردات ما تَعْبُدُونَ أي شىء تعبدونه: وبالفارسية [چيست آنچهـ پرستيد] سألهم وقد علم انهم عبدة الأوثان لينبههم على ضلالهم ويريهم ان ما يعبدونه لا يستحق العبادة قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً وهى اثنان وسبعون صنما من ذهب وفضة وحديد ونحاس وخشب كما فى كشف الاسرار. والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر او غيره كما فى فتح الرحمن قال فى المفردات الصنم جثة متخذة من فضة او نحاس والوتن حجارة كانت تعبد قال الكاشفى [مراد تمثالهاست كه ساخته بودند از انواع فلزات بر صور مختلفه وبر عبادت آن مداومت ميكردند] كما قال فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ لم يقتصروا على قوله أصناما بل اطنبوا فى الجواب بإظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على أصنامهم ابتهاجا وافتخارا بذلك يقال ظللت اعمل كذا بالكسر ظلولا إذا عملت بالنهار دون الليل والظاهر ان عبادتهم الأصنام لا تختص بالنهار فالمراد بالظلول هاهنا الدوام والمعنى بالفارسية [پس هميشه مى باشيم مر انرا مجاور وملازم ومداوم بر عبادت] والعكوف اللزوم ومنه المعتكف لملازمته المسجد على سبيل القربة وصلة العكوف كلمة على وإيراد اللام لافادة معنى زائد كأنهم قالوا فنظل لاجلها مقبلين على عبادتها ومستديرين حولها وقال ابو الليث ان ابراهيم عليه السلام ولدته امه فى الغار فلما خرج وكبر دخل المصر وأراد ان يعلم على أي مذهب هم وهكذا ينبغى للعاقل إذا دخل بلدة ان يسألهم عن مذهبهم فان وجدهم على الاستقامة دخل معهم وان وجدهم على غير الاستقامة أنكر عليهم فلما قال ابراهيم ما تعبدون وقالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين وأراد ان يبين عيب فعلهم قالَ استئناف بيانى هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ اى يسمعون دعاءكم على حذف المضاف فان كم ليس من قبيل المسموعات والواو بحسب زعمهم فانهم كانوا يجرون الأصنام مجرى العقلاء إِذْ تَدْعُونَ وقت دعائكم لحوائجكم فيستجيبون لكم أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ على عبادتكم لها: وبالفارسية [يا سود ميرسانند شما را] أَوْ يَضُرُّونَ او يضرونكم بترك العبادة إذ لا بد للعبادة من جلب نفع او دفع ضر: وبالفارسية [يا زيان ميرسانند بشما قوم ابراهيم نتوانستند كه او را جواب دهند بهانه تقليد پيش آورده] قالُوا ما رأينا منهم ذلك السمع او النفع او الضر بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ منصوب بقوله يَفْعَلُونَ وهو مفعول ثان لوجدنا اى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 75 إلى 79]

وجدناهم يعبدون مثل عبادتنا فاقتدينا بهم اعترفوا بانها بمعزل من السمع والمنفعة والمضرة بالكلية واضطروا الى اظهار أن لا سند لهم سوى التقليد خواهى بسوى كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو قالَ ابراهيم متبرئا من الأصنام أَفَرَأَيْتُمْ اى أنظرتم فابصرتم او تأملتم فعلمتم ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ الأولون حق الابصار او بحق العلم فان الباطل لا ينقلب حقا بكثرة فاعليه وكونه دأبا قديما وما موصولة عبارة عن الأصنام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي بيان لحال ما يعبدونه بعد التنبيه على عدم علمهم بذلك اى لم تنظروا ولم تقفوا على حاله فاعلموا ان الأصنام اعداء لعابديهم لما انهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من عدوه. فسمى الأصنام اعداء وهى جمادات على سبيل الاستعارة وصور الأمر فى نفسه حيث قال عدو لى لا لكم تعريضا لهم فانه انفع فى النصح من التصريح واشعارا بانها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون ادعى الى القبول وقال الفراء هو من المقلوب ومعناه فانى عدو لهم فان من عاديته عاداك وافراد العدو لانه فى الأصل مصدرا وبمعنى النسب اى ذو عداوة كتامر لذى تمر إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ استثناء منقطع اى لكن رب العالمين ليس كذلك بل هو وليي فى الدنيا والآخرة لا يزال يتفضل علىّ بمنافعهما قال بعض الكبار رأى الخليل عليه السلام نفسه بمثابة فى الخلة لم يكن له فى زمانه نظير يسمع كلامه من حيث حاله فوقعت العداوة بينه وبين الخلق جميعا. وايضا هذا اخبار عن كمال محبته إذ لا يليق بصحبته ومحبته أحد غير الحق قال سمنون لا تصح المحبة لمن لم ينظر الى الأكوان وما فيها بعين العداوة حتى يصح له بذلك محبة محبوبه والرجوع اليه بالانقطاع عما سواه ألا ترى الله كيف قال حاكيا عن الخليل (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) هجرت الكل فيك حتى صح لى الاتصال بهجر ما سوى بايد ... طلب كردن وصال او كن من الخلق جانبا ... وارض بالله صاحبا قلب الخلق كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا يقول الفقير اعلم ان العدو لا ينظر الى العدو الا بطرف العين بل لا ينظر أصلا لفقدان الميل القلبي قطعا فاذا كان ما سوى الله تعالى عدوا للسائق فاللائق له ان لا ينظر اليه الا بنظر الاعتبار. وقد ركب الله فى الإنسان عينين اشارة باليمنى الى الملكوت وباليسرى الى الى الملك فمادامت اليسرى مفتوحة الى الملك فاليمنى محجوبة عن الملكوت وما دامت اليمنى ناظرة الى الملكوت فالعبد محجوب عن الجبروت واللاهوت فلا بد من قطع النظر عن الملك والملكوت وإيصاله الى عام الجبروت واللاهوت وهو العمى المقبول والنظر المرضى. وفى الدعاء اللهم اشغلنا بك عمن سواك فان قلت ما يطلق عليه ما سوى الله كله من آثار تجلياته تعالى فكيف يكون عدوا وغيرا قلت هو فى نفسه كذلك لكنه اشارة الى المراتب ولا بد من العبور عن جميع المراتب مع ان كونه عدوا انما هو من حيث كونه صنما ومبدأ علاقة فمن شاهد الله فى كل شىء فقد انقطع عن الأغيار فكل عدو له صديق والحمد لله تعالى جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات

[سورة الشعراء (26) : الآيات 78 إلى 79]

الَّذِي خَلَقَنِي [از عدم بوجود آورد] صفة رب العالمين فَهُوَ وحده يَهْدِينِ يرشدنى الى صلاح الدارين بهدايته المتصلة من الخلق ونفخ الروح متجدد على الاستمرار كما ينبئ عنه فاء العطف التعقيبى وصيغة المضارع وذلك ان مبدأ الهداية بالنسبة الى الإنسان هداية الجنين الى امتصاص دم الحيض من الرحم ومنتهاها الهداية الى طريق الجنة والتنعم بلذائذها وأشار قوله (فَهُوَ يَهْدِينِ) الى قطع الأسباب والاكتساب فى النبوة والولاية والخلة بل أشار الى الاصطفاء الأزلي وذلك ان جميع المقامات اختصاصية عطائية غير نسبية حاصلة للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وليس كذلك فى الحقيقة: قال الحافظ قومى بجهد وجد نهادند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند وَالَّذِي إلخ معطوف على الصفة الاولى وتكرير الموصول فى المواقع الثلاثة للدلالة على ان كل واحدة من الصلات مستقلة باقتضاء الحكم هُوَ وحده يُطْعِمُنِي أي طعام شاء: وبالفارسية [ميخواراند مرا غدايى كه قوام اجزاء بدن منست] وَيَسْقِينِ اى شراب شاء: وبالفارسية [ومى آشاماند مرا شرابى كه موجب تسكين عطش وسبب تربيت أعضاء] اى هو رازقى فمن عنده طعامى وشرابى وليس الإطعام والسقي عبارتين عن مجرد خلق الطعام والشراب له وتمليكهما إياه بل يدخل فيهما إعطاء جميع ما يتوقف الانتفاع بالطعام والشراب عليه كالشهوة وقت المضغ والابتلاع والهضم والدفع ونحو ذلك. ومن دعاء ابى هريرة رضى الله عنه «اللهم اجعل لى ضرسا طحونا ومعدة هضوما ودبرا بثورا» واشارت الآية الى مقام التوكل والرضى والتسليم والتفويض وقطع الأسباب والإقبال اليه بالكلية والاعراض عما سواه صاحب بحر الحقائق [فرمود كه مراد طعام عبوديتست كه دلها بآن زنده شود وشراب طهور تجلى صفت ربوبيت كه أرواح بآن تازه باشد. وذو النون مصرى قدس سره فرمود كه اين طعام طعام معرفتست واين شراب شراب محبت واين بيت خوانده] شراب المحبة خير الشراب ... وكل شراب سواه سراب واز فحواى كلام شمه از اسرار كلام حقائق نظام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) پى تواند برد ترا نوال دمادم ز خانه يطعمنى ... ترا پياله مدام از شراب يسقينى مرا تو قبله دينى از ان سبب كفتم ... بمردمان كه «لكم دينكم ولى دينى» وقد اختلف الناس فى الطعام والشراب المذكورين فى الحديث على قولين. أحدهما انه طعام وشراب حسى للفم قالوا وهذه حقيقة اللفظ ولا يوجب العدول عنه ما قال بعضهم كان يؤتى بطعام من الجنة. والثاني ان المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه ونعيم محبته وتوابع ذلك من الأحوال التي هى غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة الأعين وبهجة النفوس قال الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره انما أكل نبينا عليه السلام فى الظاهر لاجل أمته الضعيفة والا فلا احتياج له الى الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجر على بطنه فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يبقى فى عالم الملك ويحصل له الاستقرار فى عالم الإرشاد وقد حكى عن

[سورة الشعراء (26) : الآيات 80 إلى 86]

بعض أمته انه لم يأكل ولم يشرب سنين وهو اولى وأقوى فى هذا الباب من أمته لقوة انجذابه الى عالم القدس وتجرده عن غواشى البشرية وكان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاء تبع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام يقرأ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) فرمى بقربته فاتاه آت فى منامه بقدح من شراب الجنة فسقاه قال انس رضى الله عنه فعاش بعد ذلك نيفا وعشرين سنة لم يأكل ولم يشرب على شهوة كما فى كشف الاسرار وَإِذا مَرِضْتُ [و چون بيمار شوم] فَهُوَ وحده يَشْفِينِ يبرئنى من المرض ويعطى الشفاء لا الأطباء وذلك انهم كانوا يقولون المرض من الزمان ومن الاغذية والشفاء من الأطباء والادوية فأعلم ابراهيم ان الذي امرض هو الذي يشفى وهو الله تعالى لكن نسب المرض الى نفسه حيث لم يقل وإذا أمرضني والشفاء الى الله تعالى مع انهما من الله تعالى لرعاية حسن الأدب فى العبارة كما قال الخضر عليه السلام فى العيب (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وفى الخير (فاراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما) وكذا الجن راقبوا هذا الأدب بعينه حيث قالوا (وانا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) قوله (وَإِذا مَرِضْتُ) إلخ عطف على يطعمنى ويسقينى نظمهما فى سلك صلة واحدة لما ان الصحة والمرض من متفرعات الاكل والشرب غالبا فان البطنة تورث الأسقام والأوجاع والحمية اصل الراحة والسلامة قالت الحكماء لو قيل لاكثر الموتى ما سبب آجالكم لقالوا التخم. وفى الحكمة ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها قال الكاشفى [از امام جعفر صادق رضى الله عنه منقولست كه چون بيمار شوم بگناه مرا شفا دهد بتوبة. سلمى رحمه الله فرمود كه مرض برؤيت اغيار است وشفا بمشاهده أنوار واحد قهار. ودر بحر آورده كه بيمارى بتعلقات كونين است وشفا بقطع تعلق وآن وابسته بجذبه عنايتست كه چون در رسد سالك را از همه منقطع ساخته بيكى بيوند دهد يعنى بشربت تجريد از مرض تعلقش باز رهاند چكويمت كه چهـ خوش آمدى مسيح صفت ... بيكنفس همه درد مرا دوا كردد وقال بعضهم وإذا مرضت بداء محبته وسقمت بسقم الشوق الى لقائه ووصلته فهو يشفين بحسن وصاله وكشف جماله بمقدمك المبارك زال دائى ... وفى لقياك عجل لى شفائى وفى الآية اشارة الى رفع الرجوع الى غيره والسكون الى التداوى والمعالجة بشىء فهو كمال التسليم قال فى كشف الاسرار [واين نه مرضى معلوم بود در آن وقت بلكه نوعى بود از تمارض] كما يتمارض الأحباب طمعا فى العيادة يود بان يمسى سقيما لعلها ... إذا سمعت عنه سليمى تراسله ان كان يمنعك الوشاة زيارتى ... فادخل الىّ بعلة العوّاد [آن شفاى دل خليل كه بوى اشارت ميكند آنست كه جبريل كاه كاه آمدى بفرمان حق وكفتى «يقول مولاك كيف أنت البارحة» وزبان حال خليل بجواب ميكويد خرسند شدم بدانكه كويى يكبار ... كاى خسته روزكار دوشت چون بود

[سورة الشعراء (26) : الآيات 81 إلى 82]

- وحكى- عن بعضهم انه مرض وضعف اصفر لونه فقيل له ألا ندعو لك طبيبا يداويك من هذا المرض فقال الطبيب أمرضني ثم انشد كيف أشكو الى طبيبى ما بي ... والذي بي أصابني من طبيبى وَالَّذِي يُمِيتُنِي فى الدنيا عند انقضاء الاجل ثُمَّ يُحْيِينِ فى الآخرة لمجازاة العمل ادخل ثم هاهنا لان بين الاماتة الواقعة فى الدنيا وبين الاحياء الحاصل فى الآخرة تراخيا ونسبة الاماتة الى الله تعالى لانها من النعم الالهية فى الحقيقة حيث ان الموت وصلة لاهل الكمال الى الحياة الابدية والخلاص من انواع المحن والبلية پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقااش شادمان اين كودكان چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور امام ثعلبى [گفته بميراند بعدل وزنده كند بفضل وكفته اند كه اماتت بمعصيت است وأحيا بطاعت يا اماتت بجهل است وأحيا بعقل يا اماتت بطمع است وأحيا بورع يا اماتت بفراقست وأحيا بتلاق در حقايق سلمى آورده كه بميراند از سمات روحانيت وزنده كرداند بصفات ربانيت وحقيقت آنست كه بميراند مرا از انانيت من وزنده سازد بهدايت خود كه حيات حقيقى عبارت از آنست نجويم عمر فانى را تويى عمر عزيز من ... نخواهم جان پر غم را تويى جانم بجان تو : وقال بعضهم. غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى ... با كى برد آنكه زندكانيش تويى در نسيه آن جهان كجا دل بندد ... آنكس كه بنقد اين جهانيش تويى وَالَّذِي أَطْمَعُ [طمع ورجا ميدارم] أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ اى يوم الجزاء والحساب دعا بلفظ الطمع ولم يعزم فى سؤاله كما عزم فيما قبل من الأمور المذكورة تأدبا او ليعلم ان العبد ليس له ان يحكم لنفسه بالايمان وعليه ان يكون بين الخوف والرجاء وليدل على كرم الله فان الكريم إذا أطمع أنجز وأسند الخطيئة الى نفسه وهى فى الغالب ما يقصد بالعرض لانه من الخطأ هضما لنفسه وتعليما للامة ان يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب لان يغفر لهم ما فرط منهم وتلافيا لما عسى يقع منه من الصغائر مع ان حسنات الأبرار سيآت المقربين كما ان درجاتهم دركات المقربين [در تلخيص آورده كه مراد خطاياى است محمد است عليه السلام كه حضرت خليل از ملك جليل دعاى غفران نموده] وتعليق المغفرة بيوم الدين مع ان الخطيئة انما تغفر فى الدنيا لان اثرها يتبين وفائدته ثمة تظهر وفى ذلك تهويل له واشارة الى وقوع الجزاء فيه ان لم تغفر ومثله رب اغفر لي ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب وعن عائشة رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله ان ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم فهل ذلك نافعه قال (لا انه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين) يعنى انه كان كافرا ولم يكن مقرا بيوم القيامة لان المقربة طالب لمغفرة خطيئته فيه فلا ينفعه عمله وعبد الله بن جدعان هو ابن عم عائشة رمى الله عنها وكان فى ابتداء امره فقيرا ثم ظفر بكنز استغنى به فكان ينفق من ذلك الكنز ويفعل المعروف ثم هذا كله احتجاج

[سورة الشعراء (26) : الآيات 83 إلى 86]

من ابراهيم على قومه واخبار انه لا يصلح للالهية من لا يفعل هذه الافعال وبعد ما ذكر فنون الألطاف الفائضة عليه من الله تعالى من مبدأ خلقه الى يوم بعثه حمله ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد فقال رَبِّ [اى پروردگار من] هَبْ لِي حُكْماً اى كمالا فى العلم والعمل استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق فان من يعلم شيأ ولا يأتى من العمل بما يناسب علمه لا يقال له حكيم ولا لعلمه حكم وحكمة وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ووفقني من العلوم والأعمال والأخلاق لما ينظمنى فى زمرة الكاملين الراسخين فى الصلاح المتنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها او اجمع بينى وبينهم فى الجنة فقد اجابه تعالى حيث قال (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) وباقى الكلام هنا سبق فى اواخر سورة الكهف وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ جاها وحسن صيت فى الدنيا يبقى اثره الى يوم الدين ولذلك ما من امة الا وهم محبون له مثنون عليه فحصل بالأول الجاه وبالثاني حسن الذكر: وبالفارسية [وكردان براى من زبان راست يعنى ثناى نيكو در ميان پس آيند كان يعنى جارى كن ثنا ونيكنامى وآوازه من بر زبان كسانى كه پس از من آيند] فقوله (فِي الْآخِرِينَ) اى فى الأمم بعدي وعبر عن الثناء الحسن والقبول العام باللسان لكون اللسان سببا فى ظهوره وانتشاره وبقاء الذكر الجميل على ألسنة العباد الى آخر الدهر دولة عظيمة من حيث كونه دليلا على رضى الله عنه ومحبته والله تعالى إذا أحب عبدا يلقى محبته الى اهل السموات والأرض فيحبه الخلائق كافة حتى الحيتان فى البحر والطيور فى الهواء قال ابن عطاء اى اطلق لسان امة محمد بالثناء والشهادة لى فانك قد جعلتهم شداء مقبولين قال سهل اللهم ارزقني الثناء فى جميع الأمم والملل وانما يحصل فى الحقيقة بالفعل الجميل والخلق الحسن واللسان اللين فهى اسباب اللسان الصدق وبها اقتداء الآخرين به فيكون له اجره ومثل اجر من اقتدى به وَاجْعَلْنِي فى الآخرة وارثا مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ شبه الجنة التي استحقها العامل بعد فناء عمله بالميراث الذي استحقه الوارث بعد فناء مورثه فاطلق عليها اسم الميراث وعلى استحقاقها اسم الوراثة وعلى العامل اسم الوارث. فالمعنى واجعلنى من المستحقين لجنة النعيم والمتمتعين بها كما يستحق الوارث مال مورثه ويتمتع به. ومعنى جنة النعيم [بستان پر نعمت] وفيه اشارة الى ان طلب الجنة لا ينافى طلب الحق وترك الطلب مكابرة للربوبية قال بعض الكبار ان الله تعالى هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه ولنا حبان حبه وحب عطائه وهما لذاته فقط لا لغيره أصلا ونحب بحب ذاته وحب صفاته لكن انما نحب بهذين الحبين كما ذكر لحب ذاته فقط لا لغيره فيكون الحب فى أصله واحدا وفى فرعه متعددا على ما هو مقتضى الجمع والوحدة وموجب الفرق والكثرة فحبنا له انما هو فى مقام جمع الجمع لانه مقام الاعتدال لا فى مرتبة الجمع او الفرق فقط وَاغْفِرْ لِأَبِي المغفرة مشروطة بالايمان وطلب المشروط يتضمن طلب شرطه فيكون الاستغفار لاحياء المشركين عبارة عن طلب توفيقهم وهدايتهم للايمان إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ طريق الحق: وبالفارسية از كمراهان] وهذا الدعاء قبل ان يتبين له انه عدو لله كما تقدم فى سورة التوبة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 87 إلى 100]

- روى- عن سمرة بن جندب رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من رجل توضأ فاسبغ الوضوء ثم خرج من بيته يريد المسجد فقال حين خرج بسم الله الذي خلقنى فهو يهدين الا هداه الله لصواب الأعمال والذي هو يطعمنى ويسقين الا أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شرابها وإذا مرضت فهو يشفين الا شفاه الله تعالى والذي يميتنى ثم يحيين الا أحياه الله حياة الشهداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين الا غفر الله خطاياه ولو كانت اكثر من زبد البحر رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين الا وهب له حكما والحقه بصالح من مضى وصالح من بقي واجعل لى لسان صدق فى الآخرين الا كتب عند الله صديقا واجعلنى من ورثة جنة النعيم الا جعل الله له القصور والمنازل فى الجنة) وكان الحسن يزيد فيه واغفر لوالدى كما ربيانى صغيرا كذا فى كشف الاسرار وَلا تُخْزِنِي من الخزي بمعنى الهوان والذل اى ولا تفضحنى ولا تهتك سترى: وبالفارسية [رسوا مساز] بمعاتبتي على ما فرطت من ترك الاولى وانما قال ذلك مع علمه بانه لا يخزيه إظهارا للعبودية وحثا لغيره على الاقتداء به كما قال الكاشفى [اين دعا نيز براى تعليم امتانست والا انبيا را خزى ورسوايى نباشد] وذلك لانهم آمنون من خوف الخاتمة ونحوها ولما كانت مغفرة الخطيئة فى قوله (وَالَّذِي أَطْمَعُ) إلخ لا تستلزم ترك المعاتبة أفرد الدعاء بتركها بعد ذكر مغفرة الخطيئة يَوْمَ يُبْعَثُونَ من القبور اى الناس كافة وإضماره لان البعث عام فيدل عليه وقيد عدم الاخزاء بيوم البعث لان الدنيا مظهر اسم الستار قال ابو الليث الى هاهنا كلام ابراهيم وقد انقطع كلامه ثم ان الله تعالى وصف ذلك اليوم فقال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ بدل من يوم يبعثون ومفعول الفعل محذوف والتقدير لا ينفع مال أحدا وان كان مصروفا فى الدنيا الى وجوه البر والخيرات ولا ينفع بنون فردا وان كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة جدا إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ بدل من مفعوله المحذوف اى الا مخلصا سليم القلب من مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالايمان قال فى كشف الاسرار بنفس سليمة من الكفر والمعاصي وانما اضافه الى القلب لان الجوارح تابعة للقلب فتسلم بسلامته وتفسد بفساده وفى الخبر (ان فى جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهى القلب) قال الليث كان الكفار يقولون نحن اكثر أموالا وأولادا فاخبر الله انه لا ينفعهم ذلك اليوم المال والبنون لعدم سلامة قلوبهم فى الدنيا واما المسلمون فينفعهم خيراتهم وينفعهم البنون ايضا لان المسلم إذا مات ابنه قبله يكون له ذخرا واجرا وان تخلف بعده فانه يذكره بصالح دعائه ويتوقع منه الشفاعة من حيث صلاحه وسئل ابو القاسم الحكيم عن القلب السليم فقال له ثلاث علامات. أولاها ان لا يؤذى أحدا. والثانية ان لا يتأذى من أحد. والثالثة إذا اصطنع مع أحد معروفا لم يتوقع منه المكافأة فاذا هو لم يؤذ أحدا فقد جاء بالورع وإذا لم يتأذ من أحد فقد جاء بالوفاء وإذا لم يتوقع المكافأة بالاصطناع فقد جاء بالإخلاص قال الكاشفى [كفته اند سلامت قلب اخلاص است در شهادت أن لا اله الا الله محمد رسول الله قولى آنست كه دل سليم از حب

[سورة الشعراء (26) : الآيات 90 إلى 91]

دنيا وكويند از حسد وخيانت ودر تيسير كويد از بغض اهل بيت وازواج واصحاب حضرت پيغمبر عليه السلام امام قشيرى رحمه الله فرموده كه قلب سليم آنست كه خالى باشد از غير خداى از طمع دنيا ورجاء عقبى يا خالى باشد از بدعت ومطمئن بسنت. واز سيد طائفه جنيد قدس سره منقولست كه سليم مار كزيده بود ومار كزيده پيوسته در قلق واضطرابست پس بيان ميكند كه دل سليم مدام در مقام جزع وتضرع وزارى از خوف قطيعت يا از شوق وصلت] ز شوق وصل مى نالم وكر دستم دهد روزى ... ز بيم هجر ميكريم كه ناكه در كمين باشد «1» همام از كريه خونين وسوز دل مكن چندين ... ندانستى كه حال عشقبازان اينچنين باشد قال المولى الجامى محنت قرب ز بعد افزونست ... جكر از محنت مرهم خونست هست در قرب همه بيم زوال ... نيست در بعد جز اميد وصال وفى البحر (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) للوصول الى الحضرة لقبول الفيض الإلهي (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ) عند المراقبة (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وهو قلب قد سلم من انحراف المزاج الأصلي الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها فانه خلق مرآة قابلة لتجلى صفات جمال الله وجلاله كما كان لآدم عليه السلام أول فطرته فتجلى فيه قبل ان يصدأ بتعلقات الكونين أشار بقوله «الا من» الى التخلق بخلق الله والاتصاف بصفته إذ لم يكن القلب سليما بلا عيب الا إذا كان متصفا بطهارة قدس الحق عن النظر الى الخلق قال ابن عطاء السليم الذي لا يشوشه شىء من آفات الكون وسئل بعضهم بم تنال سلامة الصدر قال بالوقوف على حد اليقين وترك الارادة فى التلوين والتمكين قال ابو يزيد رحمه الله قطعت المفاوز حتى بلغت البوادي وقطعت البوادي حتى وصلت الى الملكوت وقطعت الملكوت حتى بلغت الى الملك بفتح الميم وكسر اللام فقلت الجائزة قال قد وهبت لك جميع ما رأيت قلت انك تعلم انى لم ار شيأ من ذلك قال فما تريد قلت أريد ان لا أريد قال قد أعطيناك وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ عطف على لا ينفع وصيغة الماضي لتحقق وقوعه كما ان صيغة المضارع فى المعطوف عليه للدلالة على استمرار انتفاع النفع ودوامه اى قربت الجنة للمتقين عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيفرحون بانهم المحشورون إليها وفى البحر اى قربت لانهم تبعدوا عنها لتقربهم الى الله تعالى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ الضالين عن طريق الحق الذي هو الايمان والتقوى اى جعلت بارزة لهم بحيث يرونها مع ما فيها من انواع الأهوال ويوقنون بانهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفا فيزدادون غما يقال يؤتى بها فى سبعين الف زمام وفى اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد فان التبريز لا يستلزم التقريب ثم فى تقديم ازلاف الجنة ايماء الى سبق رحمته على غضبه وفى البحر (وَبُرِّزَتِ) إلخ إذ توجههم كان إليها لطلب الشهوات وقد حفت بالشهوات: وفى المثنوى حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا

_ (1) در أوائل دفتر دوم در بيان سؤال موسى از حق تعالى در سر غلبه ظالمان

[سورة الشعراء (26) : الآيات 92 إلى 100]

يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكروهة لنا وجعلت النار محاطة بالأمور التي كانت محبوبة لنا وَقِيلَ لَهُمْ اى للغاوين يوم القيامة على سبيل التوبيخ والقائلون الملائكة من جهة الحق تعالى وحكمه أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الدنيا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى اين آلهتكم الذين كنتم تزعمون فى الدنيا انهم شفعاؤكم فى هذا الموقف وتقربكم الى الله زلفى هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم: وبالفارسية [يا نكاه ميدارند خود را از حلول عقوبت بديشان] وباب افتعل هاهنا مطاوع فعل قال فى كشف الاسرار النصر المعونة على دفع الشر والسوء عن غيره والانتصار ان يدفع عن نفسه وانما قال او ينتصرون بعد قوله هل ينصرونكم لان رتبة النصر بعد رتبة الانتصار لان من نصر غيره فلا شك فى الانتصار وقد ينتصر من لا يقدر على نصر غيره ثم هذا سؤال تقريع وتبكيت لا يتوقع له جواب ولذلك قيل فَكُبْكِبُوا فِيها الكبكبة [نكونسار كردن] اى تدهور الشيء فى هوّة وهو تكرير الكب وهو الطرح والإلقاء منكوسا وجعل تكرير اللفظ دليلا على تكرير المعنى كرر عين الكب بنفله الى باب التفعيل فاصل كبكبوا كببوا فاستثقل اجتماع الباءات فابدلت الثانية كافا كما فى زحزح فان أصله زحح من زحه يزحه اى نحاه عن موضعه ثم نقل الى باب التفعيل فقيل زححه فابدلت الحاء الثانية زايا فقيل زحزحه اى باعده فمعنى الآية القوا فى الجحيم مرة بعد اخرى منكوسين على رؤسهم الى ان يستقروا فى قعرها هُمْ اى آلهتهم وَالْغاوُونَ الذين كانوا يعبدونهم وَجُنُودُ إِبْلِيسَ شياطينه اى ذريته الذين كانوا يغوونهم ويوسوسون إليهم ويسوّلون لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام وسائر فنون الكفر والمعاصي ليجتمعوا فى العذاب حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه أَجْمَعُونَ تأكيد لضميرهم وما عطف عليه قالُوا استئناف بيانى اى قال العبدة حين فعل بهم ما فعل معترفين بخطاياهم وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ اى والحال انهم فى الجحيم بصدد الاختصام مع من معهم من المذكورين مخاطبين لمعبوداتهم على ان الله تعالى يجعل الأصنام صالحة للاختصام بان يعطيها القدرة على النطق والفهم قال ابو الليث ومعناه قالوا وهم يختصمون فيها على معنى التقديم تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن كنا فى ضلال واضح لا خفاء فيه إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ظرف لكونهم فى ضلال مبين وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية اى تالله لقد كنا فى غاية الضلال الفاحش وقت تسويتها إياكم ايها الأصنام فى استحقاق العبادة برب العالمين الذي أنتم ادنى مخلوقاته وأذلهم وأعجزهم وَما أَضَلَّنا وما دعانا الى الضلال عن الهدى إِلَّا الْمُجْرِمُونَ اى الرؤساء والكبراء كما فى قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) : وبالفارسية [مكر بدان وبدكاران از مهتران] واصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة والجرامة رديى التمر وأجرم صار ذا جرم نحو أتمر وألبن واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال فى عامة كلامهم للكسب المحمود فَما لَنا [پس نيست ما را اكنون] مِنْ شافِعِينَ [هيچ كس از شفاعت كنندكان] كما للمؤمنين من الملائكة والأنبياء عليهم السلام

[سورة الشعراء (26) : الآيات 101 إلى 107]

وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [ونه دوستى مهربان وبا شفقت] كما يرى لهم أصدقاء والصديق من صدقك فى مودته وحميم قريب خاص وحامة الرجل خاصته كما فى فتح الرحمن قال الراغب هو القريب المشفق فكأنه الذي يحتد حماية لذويه وقيل لخاصة الرجل حامته قيل الحامة العامة وذلك لما قلنا واحتم فلان لفلان اى احتد وذلك ابلغ من اهتم لما فيه من معنى الاهتمام وقال الكاشفى [در قوت القلوب آورده كه حميم در اصل هميم بوده كه ها را بحا بدل كرده اند جهت قرب مخرج وهميم مأخوذ است از اهتمام لما فيه من معنى الاهتمام اهتمام كند در مهم كافران وشرط دوستى بجاى آرد] وجمع الشافع لكثرة الشفعاء عادة ألا ترى ان السلطان إذا غضب على أحد ربما شفع فيه جماعة كما ان افراد الصديق لقلته ولو قيل بعدمه لم يبعد قال الصائب درين قحط هوادارى عجب دارم كه خاكستر ... كه در هنكام مردن چشم مى پوشاند آتش را - روى- فى بعض الاخبار انه يجيى يوم القيامة عبد يحاسب فتستوى حسناته وسيآته ويحتاج الى حسنة واحدة ترضى عنه خصومه فيقول الله عبدى بقيت لك حسنة ان كانت ادخلتك الجنة انظر واطلب من الناس لعل واحدا يهب منك حسنة واحدة فيأتى ويدخل فى الصفين ويطلب من أبيه وامه ثم من أصحابه فيقول لكل واحد فى باب فلا يجيبه أحد وكل يقول انا اليوم فقير الى حسنة واحدة فيرجع الى مكانه فيسأله الحق سبحانه ويقول ماذا جئت به فيقول يا رب لم يعطنى أحد حسنة من حسناته فيقول الله عبدى ألم يكن لك صديق فىّ فيذكر العبد صديقا له فيأتيه ويسأله فيعطيه ويجيىء الى موضعه ويخبر بذلك ربه فيقول الله قد قبلتها منه ولم انقص من حقه شيأ فقد غفرت لك وله. ففى هذا المعنى اشارة الى ان للصداقة فى الله اعتبارا عظيما وفوائد كثيرة وفى الحديث (ان الرجل ليقول فى الجنة ما فعل بصديقى فلان وصديقه فى الجحيم فيقول الله اخرجوا له صديقه الى الجنة) يعنى وهبته له قال الحسن استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فان لهم شفاعة يوم القيامة وقال الحسن ما اجتمع ملأ على ذكر الله فيهم عبد من اهل الجنة إلا شفعه فيهم وان اهل الايمان شفعاء بعضهم لبعض وهم عند الله شافعون مشفعون وفى الحديث (ان الناس يمرون يوم القيامة على الصراط والصراط وخص مزلة يتكفأ باهله والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم) اى تمطر عليهم مثل الثلج إذا وقع لها زفير وشهيق (فبيناهم كذلك إذ جاءهم نداء من الرحمن عبادى من كنتم تعبدون فيقولون ربنا أنت تعلم انا إياك كنا نعبد فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط عبادى حق علىّ ان لا أكلكم اليوم الى أحد غيرى فقد غفرت لكم ورضيت عنكم فيقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينجون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم فى النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً لو للتمنى وأقيم فيه لو مقام ليت لتلاقيها فى معنى التقدير اى تقدير المعدوم وفرضه كأنه قيل فليت لنا كرة اى رجعة الى الدنيا فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصب جواب التمني وهذا كلام التأسف والتحسر ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان من يضلل الله فما له من هاد ولو رجع الى الدنيا مرارا ألا ترى الى الأمم فى الدنيا فان الله تعالى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 103 إلى 107]

أخذهم بالبأساء والضراء كرارا ثم كشفه عنهم فلم يزيدوا الا اصرارا جعلنا الله وإياكم من المستمعين المعتبرين لا من المعرضين الغافلين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصة ابراهيم مع قومه لَآيَةً لعبرة لمن يعبد غير الله تعالى ليعلم انه يتبرأ منه فى الآخرة ولا ينفعه أحد ولا سيما لاهل مكة الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اكثر قوم ابراهيم مُؤْمِنِينَ كحال اكثر قريش. وقد روى انه ما آمن لابراهيم من اهل بابل الا لوط وابنة نمرود وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ [اوست غلبه كننده بر مشركان كه سطوت او مردود نكردد] الرَّحِيمُ [وبخشاينده كه توبه بندگان رد نكند وبى احتجاج بديشان عذاب نفرستد] ويمهل كما أمهل قريشا بحكم رحمة الواسعة لكى يؤمنوا هم او واحد من ذريتهم ولكنه لا يهمل فانه لا بد لكل عامل من المكافأة على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر هذا وقد جوز ان يعود ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام الذين يتلى عليهم الآية ليعتبروا ويؤمنوا وقد بين فى المجلس السابق فارجع وفى البحر النفس جبلت على الامارية بالسوء وهو الكفر ولئن آمنت وصارت مأمورة فهو خرق عادتها يدل على هذا قوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) يعنى برحمة الحق تعالى تصير مأمورة مؤمنة على خلاف طبعها ولهذا قال (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى اصحاب النفوس (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ما هدى اكثر الخلق الى الايمان فضلا عن الحضرة (الرَّحِيمُ) فلرحمته هدى الذين جاهدوا فيه الى سبيل الرشاد بل هدى الطالبين الصادقين الى حضرة جلاله انتهى. فالهداية وان كانت من العناية لكن لا بد من التمسك بالأسباب الى ان تفتح الأبواب وملامة النفس عند مخالفتها الأوامر والآداب مما ينفع فى هذا اليوم دون يوم القيامة ألا ترى ان الكفار لاموا أنفسهم على ترك الايمان وتمنوا ان لو كان لهم رجوع الى الدنيا لقبلوا الايمان والتكليف فما نفعهم ذلك امروز قدر پند عزيزان شناختيم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد عصمنا الله وإياكم من سطوته وغشينا برحمته وجعلنا من اهل القبور فى الدنيا والآخرة انه الموفق لخير الأمور الباطنة والظاهرة كَذَّبَتْ تكذيبا مستمرا من حين الدعوة الى انتهائها قَوْمُ نُوحٍ القوم الجماعة من الرجال والنساء معا او الرجال خاصة وتدخل النساء على التبعية ويؤنث بدليل مجيىء تصغيره على قويمة الْمُرْسَلِينَ اى نوحا وحده والجمع باعتبار ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب الجميع لاجتماع الكل على التوحيد واصول الشرائع او لان كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل إِذْ قالَ لَهُمْ ظرف للتكذيب على انه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين الى تمام الأمر أَخُوهُمْ فى النسب لئلا يجهل امره فى الصدق والديانة ولتعرف لغته فيؤدى ذلك الى القبول نُوحٌ عطف بيان لاخوهم أَلا تَتَّقُونَ الله حيث تعبدون غيره: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از خداى تعالى كه ترك عبادت او ميكنيد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم ومن كان أمينا على امور الدنيا كان أمينا على الوحى والرسالة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 108 إلى 113]

فَاتَّقُوا اللَّهَ خافوا الله وَأَطِيعُونِ فيما أمركم به من التوحيد والطاعة لله فانى لا اخونكم ولا أريدكم بسوء والفاء لترتيب ما بعدها على الامانة وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ على أداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ جعل أصلا وذلك لان الرسل إذا لم يسألوا اجرا كان اقرب الى التصديق وابعد عن التهمة إِنْ أَجْرِيَ ما ثوابى فيما أتولاه إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ لان من عمل لله فلا يطلب الاجر من غير الله وبه يشير الى ان العلماء الذين هم ورثة الأنبياء يتأدبون بآداب أنبيائهم فلا يطلبون من الناس شيأ فى بث علومهم ولا يرتفقون منهم بتعليمهم ولا بالتذكير لهم فان من ارتفق من المسلمين المستمعين فى بث ما يذكره من الدين ويعظ به لهم فلا يبارك الله للناس فيما يسمعون ولا للعلماء ايضا بركة فيما يأخذون منهم يبيعون دينهم بعرض يسير ثم لا بركة لهم فيه زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ الفاء لترتيب ما بعدها على تنزهه عن الطمع والتكرير للتأكيد والتنبيه على ان كلا من الامانة وقطع الطمع مستقل فى إيجاب التقوى والطاعة فكيف إذا اجتمعا قالُوا اى قوم نوح أَنُؤْمِنُ لَكَ الاستفهام للانكار اى لا نؤمن لك وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ اى والحال قد اتبعك الأقلون جاها ومالا اى وهذه حالك كما تقول لا نصحبك وصحبك السفلة. والأرذلون جمع الأرذل والرذالة الخسة والدناءة والرذال المرغوب عنه لرداءته يعنون ان لا عبرة لاتباعهم لك إذ ليس لهم رزانة عقل وإصابة رأى قد كان ذلك منهم فى بادى الرأى وهذا من كمال سخافة عقولهم وقصرهم انظارهم على الدنيا وكون الأشرف عندهم من هو اكثر منها حظا والأرذل من حرمها وجهلهم انها لا تزن عند الله جناح بعوضة وان النعيم هو نعيم الآخرة والأشرف من فازبه والأرذل من حرمه وهكذا كانت قريش تقول فى اصحاب رسول الله وما زالت الاتباع الأنبياء ضعفاء الناس وقس اتباع الأولياء على اتباعهم من حيث وراثتهم لدعوتهم وعلومهم واذواقهم ومحنهم وابتلائهم وذلك لان الحقيقة من ارباب الجاه والثروة لم تأت إلا نادرا در ان سرست بزركى كه نيست فكر بزركى قالَ نوح جوابا عما يشير اليه من قولهم انهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ انهم عملوه إخلاصا او نفاقا وما وظيفتي الا اعتبار الظواهر وبناء الاحكام عليها دون التفتيش عن بواطنهم والشق عن قلوبهم والظاهر ان ما فيه استفهامية بمعنى أي شىء فى محل الرفع على الابتداء وعلمى خبرها ويجوز ان تكون نافية والباء متعلقة بعلمي على التقدير الاول وعلى الثاني لا بد من إضمار الخبر ليتم الكلام كما قال الكاشفى [ونيست دانش من رسنده بآنچهـ هستند كه ميكنند] إِنْ حِسابُهُمْ ما محاسبتهم على بواطنهم إِلَّا عَلى رَبِّي فانه المطلع على الضمائر وفى الخبر المعروف (فاذا شهدوا ان لا اله الا الله عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله) قال سفيان الثوري رحمه الله لا نحاسب الاحياء ولا نحكم على الأموات لَوْ تَشْعُرُونَ لو كنتم من اهل الشعور والإدراك

[سورة الشعراء (26) : الآيات 114 إلى 122]

لعلمتم ذلك ولكنكم تجهلون فتقولون ما لا تعلمون وهو من الباب الاول واما الشعر بمعنى النظم فمن الخامس وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ الطرد الإزعاج والابعاد على سبيل الاستخلاف. والمعنى بالفارسية [ونيستم من راننده مؤمنان] وهو جواب عما أوهمه كلامهم أنؤمن لك من استدعاء طردهم وتعليق ايمانهم بذلك حيث جعلوا اتباعهم مانعا عنه قال ابن عطاء رحمه الله وما انا بمعرض عمن اقبل على ربه إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ اى ما انا الا رسول مبعوث لانذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصي سواء كانوا من الأعزاء او الأذلاء فكيف يليق بي طرد الفقراء لاستتباع الأغنياء قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ عما تقول يعنى عن الدعوة والانذار: والانتهاء [باز استيدن] لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ قال الراغب فى المفردات الرجام الحجارة والرجم الرمي بالرجام يقال رجم فهو مرجوم قال تعالى (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) اى المقتولين أقبح قتلة انتهى قالوه قاتلهم الله فى اواخر الأمر قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ أصروا على التكذيب بعد ما دعوتهم هذه الازمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائى الا فرارا فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً اى احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا قال فى التأويلات افتح بابا من أبواب فضلك على مستحقيه وبابا من أبواب عدلك على مستحقينه انتهى من الفتاحة وهى الحكومة والفتاح الحاكم سمى لفتح المغلق من الأمر كما سمى فيصلا لفصله بين الخصومات قال ابن الشيخ أراد به الحكم بانزال العقوبة عليهم لقوله عقبه وَنَجِّنِي خلصنى وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اى من العذاب ومن أذى الكفار فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ حسب دعائه فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ اى المملوء بهم وبكل صنف من الحيوان وبما لا بد لهم منه من الامتعة والمأكولات ومنه الشحناء وهى عداوة امتلأت منها النفوس ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ اى بعد انجائهم الْباقِينَ من قومه ممن لم يركب السفينة وفيه تنبيه على ان نوحا كان مبعوثا الى من على وجه الأرض ولذا قال فى قصته الباقين وفى قصة موسى ثم أغرقنا الآخرين إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعل بقوم نوح لاستكبارهم عن قبول الحق واستخفافهم بفقراء المسلمين لَآيَةً لعبرة لمن بعدهم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ اى اكثر قوم نوح فلم يؤمن من قومه الا ثمانون من الرجال والنساء وقال الكاشفى [هفتاد ونه تن] او اكثر قومك يا محمد وهم قريش فاصبر على اذاهم كما صبر نوح على أذى قومه تظفر كما ظفر كار تو از صبر نكوتر شود ... هر كه شكيباست مظفر شود وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على ما أراد من عقوبة الكفار الرَّحِيمُ لمن تاب او بتأخير العذاب وفى التأويلات النجمية كرر فى كل قصة قوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) مؤمنين دلالة على ان عزة الله وعظمته اقتضت ان يكون أكرم الخلق مؤمنا به مقبولا له كما قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) ولا ريب ان اكثر الخلق لئام وكرام قليلون كما قال الشاعر تعيرنا انا قليل عدادنا ... فقلت لها ان الكرام قليل

[سورة الشعراء (26) : الآيات 123 إلى 129]

ولذلك ذكر فى عقبه (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) اى لا يهتدى اليه الأذلاء من ارباب النفوس لخستهم ولعزته (الرَّحِيمُ) اى يجتبى اليه برحمته من يشاء من اعزة ارباب القلوب لعلو همتهم وفرط رحمته آفرين بر جان درويشى كه صاحب همت است والاشارة بنوح الى نوح القلب وبقومه الى النفس وصفاتها وبالمؤمنين الى الجسد وأعضائه فانهما آمنا بالعمل بالأركان على وفق الشرع والى بعض صفات النفس وذلك بتبدلها. وبالفلك الى فلك الشريعة المملوء بالأوامر والنواهي والحكم والمواعظ والاسرار والحقائق والمعاني فمن ركب هذه السفينة نجا ومن لم يركب غرق بطوفان استيلاء الأخلاق الذميمة وابتلاء آفات الدنيا الدنيئة من المال والجاه والزينة والشهوات ولا بد للسفينة من الملاح وهو معلم الخير فانه بصحبته تحصل النجاة كما قال الحافظ يار مردان خدا باش كه در كشتى نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا يشير الى ان الأمر سهل باشارة المرشد وان العسير عند الغافل يسير عند الواصل كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ انث عاد باعتبار القبيلة وهو اسم أبيهم الأقصى [مقاتل: كفت عاد وثمود ابن عم يكديكر بودند عاد قوم هود بودند وثمود قوم صالح وميان مهلك عاد ومهلك ثمود پانصد سال بود قومى كفتند از اهل تاريخ كه عاد وثمود دو برادر بودند از فرزندان ارم بن سام ابن نوح وسام بن نوح را پنج پسر بود ارم وارفحشه وعالم واليفر والأسود وارم مهينه فرزندان بود واو را هفت پسر بود عاد وثمود وصحار وطنم وجديس وجاسم ووبار مسكن عاد وفرزندان وى يمن بود ومسكن ثمود وفرزندان وى ميان حجاز وشام بود ومسكن طنم عمان وبحران ومسكن جديس زمين تهامه ومسكن صحار ما بين الطائف الى جبال طى ومسكن جاسم ما بين الحرم الى سفوان ومسكن بار زمينى است كه آنرا وبار كويند بنام وى باز خوانند إينان همه زبان ولغت عربى داشتند] وقد انقرضوا عن آخرهم فلم يبق لهم نسل إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ فى النسب ظرف للتكذيب هُودٌ بن شالخ بن ارفحشد بن سام بن نوح قال بعضهم كان اسم هود عابرا وسمى هودا لوقاره وسكونه عاش مائة وخمسين سنة أرسل الى أولاد عاد حين بلغ الأربعين أَلا تَتَّقُونَ الله تعالى فتفعلون ما تفعلون: وبالفارسية [آيا پرهيز نميكنيد از شرك واز عقاب الهى خائف نمى شويد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم فَاتَّقُوا اللَّهَ خافوا من عقابه وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به من الحق وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على أداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ كما يسأل بعض نقلة القصص إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ لانه هو الذي أرسلني فكان اجرى عليه وهو بيان لتنزهه عن المطامع الدنية والاعراض الدنيوية: قال الحافظ تو بندگى چوكدايان بشرط مزد مكن ... كه دوست خود روش بنده پرورى داند أَتَبْنُونَ الهمزة للاستفهام الإنكاري. والمعنى بالفارسية [آيا بنا ميكنيد] بِكُلِّ رِيعٍ [بهر موضعى بكند] والريع بكسر الراء وفتحها جمع ريعة وهو المكان المرتفع ومنه استعير

[سورة الشعراء (26) : آية 129]

ريع الأرض للزيادة والارتفاع الحاصل منها آيَةً بناء عاليا متميزا عن سائر الابنية حال كونكم تَعْبَثُونَ ببنائه فان بناء ما لا ضرورة فيه وما كان فوق الحاجة عبث- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال (ما هذِهِ) قال له أصحابه هذه لرجل من الأنصار فمكث وحملها فى نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله فسلم فى الناس اعرض عنه وصنع به ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والاعراض عنه فشكا ذلك الى أصحابه فقال والله انى لانكر نظر رسول الله ما أدرى ما حدث فىّ وما صنعت قالوا خرج رسول الله فرأى قبتك فقال لمن هذه فاخبرناه فرجع الى قبته فسواها بالأرض فخرج النبي عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال (ما فعلت القبة التي كانت هاهنا) قالوا شكا إلينا صاحبها اعراضك عنه فاخبرناه فهدمها فقال (ان كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الا ما لا بد منه) هذا ما عليه الامام الراغب وصاحب كشف الاسرار وغيرهما وقال فى الجلالين ونحوه (آيَةً) يعنى ابنية الحمام وبروجها: وبالفارسية [كبوتر خانها] أنكر هود عليهم اتخاذهم بروج الحمام عبثا ولعبهم بها كالصبيان قال فى نصاب الاحتساب من اللعب الذي يحتسب بسببه اللعب بالحمام قال محمد السفلة من يلعب بالحمام ويقامر وفى شرح القهستاني ولا بأس بحبس الطيور والدجاج فى بيته ولكن يعلفها وهو خير من إرسالها فى السكك. واما إمساك الحمامات فى برجها فمكروه إذا أضر بالناس وقال ابن مقاتل يجب على صاحبها ان يحفظها ويعلفها انتهى وفى التتارخانية ولا يجوز حبس البلبل والطوطى والقمري ونحوها فى القفص اى إذا كان الحبس لاجل اللهو واللعب. واما إذا كان لاجل الانتفاع كحبس الدجاج والبط والإوز ونحوها لتسمن او لئلا تضر بالجيران فهو جائز وكذا حبس سباع الطيور لاجل الاصطياد وفى فتاوى قارئ الهداية هل يجوز حبس الطيور المغردة وهل يجوز اعتاقها وهل فى ذلك ثواب وهل يجوز قتل الوطاويط لتلويثها حصير المسجد بخرئها الفاحش أجاب يجوز حبسها للاستئناس بها. واما اعتاقها فليس فيه ثواب وقتل المؤذى من الدواب يجوز انتهى وفى الحديث (لا تحضر الملائكة شيأ من الملاهي سوى النضال والرهان) اى المسابقة بالرمي والفرس والإبل والأرجل وقال بعضهم فى الآية تعبثون بمن مرّ بكم لانهم كانوا يبنون الغرف فى الأماكن العالية ليشرفوا على المارة فيسخرون منهم ويعبثون بهم. وذهب بعض من عدّ من اجلاء المفسرين الى ان المعنى (آيَةً) اى علامة للمارة تعبثون ببنائها فانهم كانوا يبنون اعلاما طوالا لاهتداء المارة فعد ذلك عبثا لاستغنائهم عنها بالنجوم قال سعدى المفتى فيه بحث إذ لا نجوم بالنهار وقد يحدث فى الليل ما يستر النجوم من الغيوم انتهى يقول الفقير وايضا ان تلك الاعلام إذا كانت لزيادة الانتفاع بها كالاميال بين بغداد ومكة مثلا كيف تكون عبثا فالاهتداء بالنهار اما بالاعلام واما بشم التراب كما سبق فى الجلد الاول وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ امكنة شريفة كما فى المفردات او مآخذ الماء تحت الأرض كما فى الصحاح والقاموس. المصنعة بفتح الميم وضم النون وفتحها كالحوض يجمع فيها ماء المطر وجمعها المصانع اى الحياض العظيمة لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ راجين ان تخلدوا فى الدنيا اى عاملين عمل من يرجو ذلك فلذلك تحكمون بناءها فلعل للتشبيه

[سورة الشعراء (26) : الآيات 130 إلى 140]

اى كأنكم تخلدون: وبالفارسية [كوييا جاويد خواهد بود در ان] ذمهم اولا باضاعتهم المال عبثا بلا فائدة. وثانيا باحكامهم البناء على وجه يدل على طول الأمل والغفلة: قال الصائب در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه وَإِذا بَطَشْتُمْ بسوط او سيف والبطش تناول الشيء بصولة او قهر وغلبة بَطَشْتُمْ حال كونكم جَبَّارِينَ متسلطين ظالمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر فى العاقبة فاما بالحق والعدل فالبطش جائز والجبار الذي يضرب ويقتل على الغضب فَاتَّقُوا اللَّهَ واتركوا هذه الافعال من بناء الابنية العالية واتخاذ الامكنة الشريفة وإسراف المال فى الحياض والرياض والبطش بغير حق وَأَطِيعُونِ فيما أدعوكم اليه من التوحيد والعدل والانصاف وترك الأمل ونحوها فانه انفع لكم وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ [مدد كارى كرد شما را] والامداد اتباع الثاني بما قبله شيأ بعد شىء على انتظام واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه. واما قوله تعالى (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) فهو من مددت الدواة أمدها لا من القبيل المذكور بِما تَعْلَمُونَ به من انواع النعماء واصناف الآلاء وأجملها اولا ثم فصلها بقوله أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ [مدد كرد شما را بچهار پايان چون شتر وكاو وكوسفندان تا از ايشان أخذ فوائد ميكنيد] وَبَنِينَ [و پسران در همه حال يار ومددكار شمااند] وَجَنَّاتٍ [وبستانها كه از ميوه آن منتفع ميشويد] وَعُيُونٍ [وبچشمهاى روان كه مهم سقيا ونشو ونماى زرع بدان بإتمام رسد] إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ ان لم تقوموا بشكر هذه النعم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فى الدنيا والآخرة فان كفران النعمة مستتبع للعذاب كما ان شكرها مستلزم لزيادتها وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو هبوب الريح الصرصر هاهنا قالُوا [كفتند عاديان در جواب هود] سَواءٌ عَلَيْنا [يكسانست بر ما] أَوَعَظْتَ [يا پند دهى ما را] أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ فانا لن نرجع عما نحن عليه. والوعظ زجر يقترن بتخويف وكلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم إِنْ هذا اى ما هذا الذي جئتنا به وبالفارسية: [نيست اين كه تو آوردى] إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ [مكر خوى وعادت أولين كه ميكفتند كه ما پيغمبرانيم ودروغ ميكفتند] كانوا يلفقون مثل هذا الكذب ويسطرونه والتلفيق [واهم آوردن] او ما هذا الذي نحن فيه الاعادة الأولين من قبلنا من تشييد البناء والبطش على وجه التكبر فلا نترك هذه العادة بقولك او عادتهم وأمرهم انهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ على ما نحن عليه من الأعمال والعادات فَكَذَّبُوهُ اى هودا وأصروا على ذلك فَأَهْلَكْناهُمْ اى عادا بسبب التكذيب بريح صرصر. تلخيصه ان هودا انذر قومه ووعظهم فلم يتعظوا فاهلكوا إِنَّ فِي ذلِكَ [بدرستى كه در هلاك قوم عاد] لَآيَةً [نشانه ايست دلالت كند بر آنكه عاقبت اهل تكذيب بعقوبت كشد] وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر قوم عاد مُؤْمِنِينَ [چهـ اندك از ان قبيله با هود بودند] وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب المنتقم ممن يعمل عمل الجبارين

[سورة الشعراء (26) : الآيات 141 إلى 147]

ولا يقبل الموعظة الرَّحِيمُ [مهربانست كه مؤمنانرا از ان مهلكه عقوبت بيرون آرد ونجات دهد] وهو تخويف لهذه الامة كيلا يسلكوا مسالكهم قيل خير ما اعطى الإنسان عقل يردعه فان لم يكن فحياء يمنعه فان لم يكن فخوف يقمعه فان لم يكن فمال يستره فان لم يكن فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد كالارض إذا استولى عليها الشوك فلا بد من نسفها وإحراقها بتسليط النار عليها حتى تعود بيضاء. فعلى العاقل ان يعتبر ويخاف من عقوبة الله تعالى ويترك العادات والشهوات ولا يصر على المخالفات والمنهيات مكر كه عادت شوم از جنود إبليس است ... كه سد راه عبادت شده است عادت ما وكل ما وقع فى العالم من آثار اللطف والقهر فهو علة لاولى الألباب مدة الدهر عاقلانرا كوش بر آواز طبل رحلتست ... هر طلبيدن قاصدى باشد دل آگاه را وقد أهلك الله تعالى قوم عاد مع شدة قوتهم وشوكتهم بأضعف الأشياء وهو الريح فانه إذا أراد يجعل الأضعف أقوى كالبعوضة ففى الريح ضعف للاولياء وقوة على الأعداء ولان للكمل معرفة تامة بشئون الله تعالى لم يزالوا مراقبين خائفين كما ان الجهلاء ما زالوا غافلين آمنين ولذا قامت عليهم الطامة فى كل زمان قوّانا الله وإياكم بحقائق اليقين وجعلنا من اهل المراقبة فى كل حين كَذَّبَتْ ثَمُودُ أنت باعتبار القبيلة وهو اسم جدهم الأعلى وهو ثمود ابن عبيد بن عوص بن عاد بن ارم بن سام بن نوح وقد ذكر غير هذا فى أول المجلس السابق فارجع الْمُرْسَلِينَ يعنى صالحا ومن قبله من المرسلين او إياه وحده والجمع باعتبار ان تكذيب واحد من الرسل فى حكم تكذيب الجميع لاتفاقهم على التوحيد واصول الشرائع ثم بين الوقت الممتد للتكذيب المستمر فقال إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ النسبي لا الديني فان الأنبياء محفوظون قبل النبوة معصومون بعدها وفائدة كونه منهم ان تعرف أمانته ولغته فيؤدى ذلك الى فهم ما جاء به وتصديقه صالِحٌ ابن عبيد بن آسف بن كاشح بن حاذر بن ثمود أَلا تَتَّقُونَ [آيا نمى ترسيد از عذاب خداى كه بدو شرك مى آريد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فان شهرتى فيما بينكم بالامانة موجبة لتقوى الله وإطاعتي فيما أدعوكم اليه وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على النصح والدعاء مِنْ أَجْرٍ فان ذلك تهمة لاهل العفة إِنْ أَجْرِيَ [نيست مكافات من] إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فانه الذي أرسلني فالاجر عليه بل هو الآجر لعباده الخلص لقوله فى الحديث القدسي (من قتلته فاناديته) : وفى المثنوى عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست «1» أَتُتْرَكُونَ الاستفهام للانكار والتوبيخ اى أتظنون انكم تتركون فِي ما هاهُنا اى فى النعيم الذي هو ثابت فى هذا المكان اى الدنيا وان لادار للمجازاة آمِنِينَ حال من فاعل تتركون: يعنى [در حالتى كه ايمن ز آفات وسالم از فوات] وفسر النعيم بقوله فِي جَنَّاتٍ بساتين وَعُيُونٍ انهار وقال بعضهم لم يكن لقوم صالح انهار جارية فالمراد بالعيون الآبار ويقال كانت لهم فى الشتاء آبار وفى الصيف انهار لانهم كانوا يخرجون

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ثواب عمل عاشق هم از حق است

[سورة الشعراء (26) : الآيات 148 إلى 152]

فى الصيف الى القصور والكروم والأنهار وَزُرُوعٍ [كشتزارها] وَنَخْلٍ [خرما بنان] وأفرد النخل مع دخولها فى أشجار الجنات لفضلها على سائر الأشجار وقد خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام طَلْعُها طلع النخل ما يطلع منها كنصل السيف فى جوفه شماريخ القنو تشبيها بالطلوع قبل طلع النخل كما فى المفردات. والشماريخ جمع شمراخ بالكسر وهو العثكال اى العذق وكل غصن من أغصانه شمراخ وهو الذي عليه البسر والقنو والعذق والكباسة بالكسر فى الكل من الثمر بمنزلة العنقود من الكرم هَضِيمٌ لطيف لين فى جسمه: وبالفارسية [خوشه آن خرما بنان وشكوفه او نازك ونرم آي] للطف الثمر فيكون الطلع مجازا عن الثمر. والهضم بفتحتين الرفة والهزال ومنه هضيم الكشح والحشى اى ضامر لطيف ومنه هضم الطعام إذا لطف واستحال الى مشاكلة البدن كما فى كشف الاسرار او لطيف لان النخل أنثى ويؤيده تأنيث الضمير وطلع إناث النخل لطيف وذكوره غليظ صلب قال ابن الشيخ طلع البرني الطف من طلع اللون والبرني أجود التمر وهو معرب أصله بر نيك اى الحمل الجيد واللون الدقل وهو أردى التمر واهل المدينة يسمون ما عدا البرني والعجوة الوانا ويوصف بهضيم ما دام فى كفراه لدخول بعضه فى بعض ولصوقه فاذا خرج منها فليس بهضيم والكفرى بضم الكاف والفاء وتشديد الراء كم النخل لانه يستر فى جوفه وقال الامام الراغب الهضم شدخ ما فيه رخاوة ونخل طلعها هضيم اى داخل بعضه فى بعض كانما شدخ انتهى او هضيم متدل متكسر من كثرة الحمل فالهضم بمعنى الكسر والتدلي التسفل والنزول من موضعه قال فى المختار الهاضوم الذي يقال له الجوارش لانه يهضم الطعام اى يكسره وطعام سريع الانهضام وبطيئ الانهضام وَتَنْحِتُونَ [ومى تراشيد براى مساكن خود] مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً [كفته اند كه در وادي حجر دو هزار بار هزار وهفصد سراى تراشيدند از سنك سخت در ميان كوهها رب العالمين ايشانرا در ان كار باستادى وتيز كارى وصف كرد وكفت] فارِهِينَ [در حالتى كه ماهريد در تراشيدن سنكها] كما قال الراغب اى حاذقين من الفراهة وهى النشاط فان الحاذق يعمل بنشاط وطيب قلب ومن قرأ فرهين جعله بمعنى مرحين أشرين بطرين فهو على الاول من فره بالضم وعلى الثاني من فره بالكسر واعلم ان ظاهر هذه الآيات يدل على ان الغالب على قوم هود هو اللذات الخيالية وهو طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر. والغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية وهى طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة وكل هذه اللذات من لذات اهل الدنيا الغافلين وفوقها لذات اهل العقبى المتيقظين وهى اللذات القلبية من المعارف والعلوم وما يوصل إليها من التواضع والوقار والتجرد والاصطبار فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ كان مقتضى الظاهر ولا تطيعوا المسرفين بلا اقحام امر فان الطاعة انما تكون للامر على صيغة الفاعل كما ان الامتثال انما يكون للامر على صيغة المصدر فشبه الامتثال بالطاعة من حيث ان كل واحد منهما يفضى الى الوجود والمأمور به فاطلق اسم المشبه به وهو الطاعة وأريد الامتثال اى لا تمتثلوا أمرهم الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ اى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 153 إلى 159]

فى ارض الحجر بالكفر والظلم وهو وصف موضح لاسرافهم وَلا يُصْلِحُونَ بالايمان والعدل عطف على يفسدون لبيان خلو افسادهم عن محالطة الإصلاح [مراد تنى چندند كه قصد هلاك صالح كردند وقصه ايشان در سوره نمل مذكور خواهد شد] قالُوا [كفتند ثمود در جواب صالح] إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ اى من المسحورين مرة بعد اخرى حى اختل عقله واضطرب رأيه فبناء التفعيل لتكثير الفعل ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تأكل وتشرب ولست بملك قال الكاشفى [بصورت بشريت صالح عليه السلام از حقيقت حال وى محجوب شدند وندانستند كه انسان وراى صورت چيزى ديكرست] چند صورت بينى اى صورت پرست ... جان بي معنيست كز صورت ترست در كذر از صورت ومعنى نكر ... ز انكه مقصود از صدف باشد كهر [و چون قوم ثمود وابسته صورت بودند وصالح را بصورت خود ديدند بهانه جويان كفتند تو مثل ما بشرى دعوى رسالت چرا ميكنى و چونكه ترك نميكيرى ودرين دعوى مصرى] فَأْتِ بِآيَةٍ [پس بيار نشانه از خوارق عادات] إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى دعواك [صالح: فرمود كه شما چهـ مى طلبيد ايشان اقتراح كردند كه ازين سنك معين ناقه بدين هيأت بيرون آر و چون بدعاى صالح مدعاى ايشان حاصل شد] كما سبق تفصيله فى سورة الأعراف وسوره هود قالَ هذِهِ ناقَةٌ [اين ناقه ايست كه شما طلبيديد] لَها شِرْبٌ اى نصيب من الماء كالسقى والقيب للحط من السقي والقوت وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ: يعنى [يكروز آب از ان اوست ودو روز از ان شماست] فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها على شربها وفيه دليل على جواز قسمة المنافع بالمهايأة لان قوله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم من المهاياة وهى لغة مفاعلة من الهيئة وهى الحالة الظاهرة للمتهيئ للشىء. والتهايؤ تفاعل منها وهى ان يتواضعوا على امر فيتراضوا به وحقيقته ان كلا منهم رضى بهيئة واحدة واختارها وشرعا قسمة المنافع على التعاقب والتناوب فلو قسم الشريكان منفعة دار مشتركة ووقعت المواضعة بينهما على ان يسكن أحدهما فى بعضها والآخر فى بعضها هذا فى علوها وهذا فى سفلها او على ان يسكن فيها هذا يوما او شهرا ويسكن هذا يوما او شهرا وتهايئا توافقا فى دارين على ان يسكن هذا فى هذه وهذا فى هذه او فى خدمة عبد واحد على ان يخدم هذا يوما ويخدم هذا يوما او خدمة عبدين على ان يخدم هذا هذا وهذا هذا صح التهايؤ فى الصور المذكورة بالإجماع استحسانا للحاجة اليه إذ يتعذر الاجتماع على الانتفاع فاشبه القسمة والقياس ان لا يصح لانها مبادلة المنفعة بجنسها ولكن ترك بالكتاب وهو الآية المذكورة والسنة وهو ما روى انه عليه السلام قسم بغزوة بدر كل بعير بين ثلاثة نفر وكانوا يتناوبون وعلى جوازها اجماع الامة قال فى فتح الرحمن واختلفوا فى حكم المهاياة فقال ابو حنيفة رحمه الله يجبر عليها الممتنع إذا لم يكن الطالب متعنتا وقال الثلاثة هى جائزة بالتراضي ولا إجبار فيها وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ ومس ميكند ويرا بيدي يعنى قصد زدن وكشتن وى ميكنيد كه اگر چنان كنيد] فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ عظم اليوم بالنسبة الى عظم ما حل فيه وهو هاهنا صيحة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 157 إلى 159]

جبريل فَعَقَرُوها عقرت البعير نحرته واصل العقر ضرب الساق بالسيف كما فى كشف الاسرار [پس پى كردند ناقه را وبكشتند] اى يوم الأربعاء فماتت وأسند العقر الى كلهم لان عاقرها انما عقر برضاهم ولذلك أخذوا جميعا- روى- ان مسطعا الجأها الى مضيق فى شعب فرماها بسهم فسقطت ثم ضربها قدار فى عرقوبها. وعن ابى موسى الأشعري رضى الله عنه قال رأيت مبركها فاذا هو ستون ذراعا فى ستين ذراعا فقتلوا مثل هذه الآية العظيمة فَأَصْبَحُوا صاروا نادِمِينَ على عقرها خوفا من خلول العذاب لا توبة او عند معاينتهم العذاب ولذلك لم ينفعهم الندم وان كان بطريق التوبة كفرعون حين ألجمه الغرق والندم والندامة التحسر من تغير رأى فى امر فائت فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ الموعود وهو صيحة جبريل وذلك يوم السبت فهلكوا جميعا إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى العذاب النازل بثمود لَآيَةً دالة على ان الكفر بعد ظهور الآيات المفتوحة موجب لنزول العذاب فليعتبر العقلاء لا سيما قريش وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اكثر قوم ثمود او قريش مُؤْمِنِينَ [آورده اند كه از قبائل ثمود چهار هزار كس ايمان آوردند وبس] وكان صالح عليه السلام نزل عليه السلام نزل عليه الوحى بعد بلوغه وأرسل بعد هود بمائة سنة وعاش مائتين وعشرين سنة وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على ما أراد من الانتقام من قوم ثمود بسبب تكذيبهم فاستأصلهم فليحذر المخالفون لامره حتى لا يقعوا فيما وقع فيه الأمم السالفة المكذبة الرَّحِيمُ [مهربان كه بى استحقاق عذاب نكند] وكانت الناقة علامة لنبوة صالح عليه السلام فلما أهلكوها ولم يعظموها صاروا نادمين حين لم ينفعهم الندم. والقرآن علامة لنبوة نبينا عليه السلام فمن رفضه ولم يعمل بما فيه ولم يعظمه يصير نادما غدا ويصيبه العذاب ومن جملة ما فيه الأمر بالاعتبار فعليك بالامتثال ما ساعدت العقول والابصار وإياك ومجرد القال فالفعل شاهد على حقيقة الحال: وفى المثنوى حفظ لفظ اندر كواه قولى است ... حفظ عهد اندر كواه فعلى است «1» كر كواه قول كژ كويد ردست ... ور كواه فعل كژ پويد بدست قول وفعل بى تناقض بايدت ... تا قبول اندر زمان پيش آيدت چون ترازوى تو كژ بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا «2» چونكه پاى چپ بدى در غدر وكاست ... نامه چون آيد ترا در دست راست چون جزا سايه است اى قد تو خم ... سايه تو كژ فتد در پيش هم كافرانرا بيم كرد ايزد ز نار ... كافران كفتند نار اولى ز عار «3» لا جرم افتند در نار ابد ... الامان يا رب از كردار بد «4» فلا تكن من اهل العار حتى لا تكون من اهل النار ومن له آذان سامعة وقلوب واعية يصيخ الى آيات الله الداعية فيخاف من الله القهار ويصير مراقبا آناء الليل وأطراف النهار ويكثر ذكر الله فى السر والجهار- حكى- ان الشبلي قدس سره رأى فى سياحته فتى يكثر ذكر الله ويقول الله فقال الشبلي لا ينفعك قولك الله بدون العمل لان اليهود والنصارى

_ (1) در أوائل پنجم در بيان نورى كه بى اختيار از سر عارف حقانى ظاهر شود (2) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم قبل استحقاقها إلخ (3) در اواسط دفتر پنجم در بيان داستان آن كنزك كه با خر خاتون خود شهوت ميراند إلخ [.....] (4) لم أجد

[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 إلى 166]

معك سواء لقوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) فقال الفتى الله عشر مرات حتى خر مغشيا عليه فمات على تلك الحالة فجاء الشبلي فرأى صدره قد انشق فاذا على كبده مكتوب الله فنادى مناد وقال يا شبلى هذا من المحبين وهم قليل والله تعالى خلق قلوب العارفين وزينها بالمعرفة واليقين وأدخلهم من طريق الذكر الحقانى فى نعيم روحانى كما أوقع للغافلين من طريق النسيان والإصرار فى عذاب روحانى وجسمانى فالاول من آثار رحمته والثاني من علامات عزته فلا يهتدى اليه الا المستأهلون لقربته ووصلته ولا يتأخر فى الطريق الا المستعدون لقهره ونقمته فنسأله وهو الكريم الرحيم ان يحفظنا من عذاب يوم عظيم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ يعنى اهل سدوم وما يتبعها الْمُرْسَلِينَ يعنى لوطا وابراهيم ومن تقدمهما إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ قال الكاشفى [اينجا مراد اخوت شفقت است] انتهى وذلك لان لوطا ليس من نسبهم وكان أجنبيا منهم إذ روى انه هاجر مع عمه ابراهيم عليهما السلام الى ارض الشام فانزله ابراهيم الأردن فارسله الله الى اهل سدوم وهو لوط بن هاران وهاران أخو تارخ ابى ابراهيم أَلا تَتَّقُونَ ألا تخافون من عقاب الله تعالى على الشرك والمعاصي إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ مرسل من جانب الحق أَمِينٌ مشهور بالامانة ثقة عند كل أحد فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فان قول المؤتمن معتمد وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على التبليغ والتعليم مِنْ أَجْرٍ جعل ومكافأة دنيوية فان ذلك تهمة لمن يبلغ عن الله إِنْ أَجْرِيَ ما ثوابى إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ بل ليس متعلق الطلب الا إياه تعالى خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ الاستفهام للانكار وعبر عن الفاحشة بالإتيان كما عبر عن الحلال فى قوله (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) والذكران والذكور جمع الذكر ضد الأنثى وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص كما فى المفردات. ومن العالمين حال من فاعل تأتون والمراد به الناكحون من الحيوان فالمعنى أتأتون من بين من عداكم من العالمين الذكران وتجامعونهم وتعملون ما لا يشارككم فيه غيركم: وبالفارسية [آيا مى آييد بمردان] يعنى أنه منكر منكم ولا عذر لكم فيه ويجوز ان يكون من العالمين حالا من الذكران والمراد به الناس. فالمعنى أتأتون الذكران من أولاد آدم مع كثرة الإناث فيهم كأنهن قد اعوزنكم اى أفقرنكم وأعد منكم- روى- ان هذا العمل الخبيث علمهم إياه إبليس وَتَذَرُونَ تتركون يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعداده به ولم يستعمل ماضيه ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ لاجل استمتاعكم مِنْ أَزْواجِكُمْ [از زنان شما] ومن لبيان ما ان أريد به جنس الإناث وللتبعيض ان أريد به العضو المباح منهن وهو القبل تعريضا بانهم كانوا يفعلون بنسائهم ايضا فتكون الآية دليلا على حرمة ادبار الزوجات والمملوكات وفى الحديث (من أتى امرأة فى دبرها فهو بريئ مما انزل على محمد ولا ينظر الله اليه) وقال بعض الصحابة قد كفر بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ متجاوزون الحد فى جميع المعاصي وهذا من جملتها واختلفوا

[سورة الشعراء (26) : الآيات 167 إلى 175]

فى اللوطي فقال ابو حنيفة يعزر ولا حد عليه خلافا لصاحبيه وقد سبق شرحه فى سورة هود وقال مالك يجب على الفاعل والمفعول به الرجم احصنا او لم يحصنا وعند الشافعي واحمد حكمه حكم الزنى قالُوا مهددين لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ اى عن تقبيح أمرنا وإنكارك علينا لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ من المعهودين بالنفي والإخراج من القرية على عنف وسوء حال قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ يعنى إتيان الرجال مِنَ الْقالِينَ من المبغضين أشد البغض كأنه يقلى الفؤاد والكبد لشدته اى ينضج لا اقف عن الإنكار عليه بالايعاد وهو اسم فاعل من القلى وهو البغض الشديد متعلق بمحذوف اى لقال من القالين ومبغض من المبغضين وذلك المحذوف وهو قال خبر ان ومن القالين صفته وقوله لعملكم متعلق بالخبر المحذوف ولو جعل من القالين خبر ان لعمل القالين فى لعملكم فيفضى الى تقديم الصلة على الموصول ولعله عليه السلام أراد اظهار الكراهة فى مساكنتهم والرغبة فى الخلاص من سوء جوارهم ولذلك اعرض عن محاورتهم وتوجه الى الله قائلا رَبِّ [اى پروردگار من] نَجِّنِي خلصنى وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ اى من شؤم عملهم الخبيث وعذابه فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ اى اهل بيته ومن اتبعهم فى الدنيا بإخراجهم من بينهم وقت مشارقة حلول العذاب بهم إِلَّا عَجُوزاً هى امرأة لوط اسمها والهة استثنيت من اهله فلا يضره كونها كافرة لان لها شركة فى الاهلية بحق الزوج قال الراغب العجوز سميت لعجزها عن كثير من الأمور فِي الْغابِرِينَ اى مقدرا كونها من الباقين فى العذاب لانها كانت مائلة الى القوم راضية بفعلهم وقد أصابها الحجر فى الطريق فاهلكها- وذكر- ان امرأة لوط حين سمعت الرجفة التفتت وحدها فمسخت حجرا وذلك الحجر فى رأس كل شهر يحيض كذا فى كتاب التعريف للامام السهيلي قال فى المفردات الغابر الماكث بعد مضى من معه قال تعالى (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) يعنى فيمن طال أعمارهم وقيل فيمن بقي ولم يسر مع لوط وقيل فيمن بقي فى العذاب ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ أهلكناهم أشد الإهلاك وأفظعه بقلب بلدتهم والتدمير إدخال الهلاك على الشيء والدمار الهلاك على وجه عجيب هائل وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ اى على الخارجين من بلادهم والكائنين مسافرين وقت الائتفاك والقلب مَطَراً اى مطرا غير معهود وهو الحجارة فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ بئس مطر من انذر فلم يؤمن لم يرد بالمنذرين قوما بأعيانهم فان شرط افعال المدح والذم ان يكون فاعلهما معرفا بلام الجنس او يكون مضافا الى المعرف به او مضمرا مميزا بنكرة والمخصوص بالذم محذوف وهو مطرهم إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعل بقوم لوط لَآيَةً لعبرة لمن بعدهم فليجتنبوا عن قبيح فعلهم كيلا ينزل بهم ما نزل بقوم لوط من العذاب وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ [كه جز دو دختر لوط ودو داماد وى نكرديده بودند] وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ بقهر الأعداء الرَّحِيمُ بنصرة الأولياء او لا يعذب قبل التنبيه والإرشاد وتعذيبه اهل العذاب من كمال رحمته على اهل الثواب ألا ترى ان قطع اليد المتأكلة سبب لسلامة البدن كله فالعالم بمنزلة الجسد واهل الفساد بمنزلة اليد المتأكلة وراحة اهل الصلاح فى ازالة اهل الفساد: وفى المثنوى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 إلى 184]

چونكه دندان تو كرمش در فتاد ... نيست دندان بر كنش اى اوستاد «1» باقى تن تا نكردد زار ازو ... كر چهـ بود آن تو شو بيزار ازو ولو لم يكن فى العزة والقهر فائدة لما وضعت الحدود. وقد قيل اقامة الحدود خير من خصب الزمان قال إدريس عليه السلام من سكن موضعا ليس فيه سلطان قاهر وقاض عادل وطبيب عالم وسوق قائمة ونهر جار فقد ضيع نفسه واهله وماله وولده فعلى العاقل ان يحترز عن الشهوات ويهاجر العادات ويجاهد نفسه من طريق اللطف والقهر فى جميع الحالات كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ اى شعيبا ومن قبله عليهم السلام. والايكة الغيضة التي تنبت ناعم الشجر كالسدر والإدراك وهى غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة فبعث الله إليهم شعيبا بعد بعثه الى مدين ولكن لما كان أخا مدين فى النسب قال تعالى (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) ولما كان أجنبيا من اصحاب الايكة قال إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ولم يقل أخوهم شعيب وهو شعيب بن تويب بن مدين بن ابراهيم او ابن ميكيك بن يشجر بن مدين ابن ابراهيم وأم ميكيك بنت لوط أَلا تَتَّقُونَ [آيا نمى ترسيد از عذاب حضرت پروردگار خود كه بدو شرك مى آريد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ بينكم وعلى الرسالة ايضا لا اطلب الإصلاح حالكم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به فان امرى امر عن الله وإطاعتي إطاعة له فى الحقيقة وَما أَسْئَلُكُمْ [ونمى خواهيم از شما] عَلَيْهِ اى على أداء الرسالة والتبليغ والتعليم المدلول عليه بقوله رسول مِنْ أَجْرٍ ومكافأة إِنْ ما أَجْرِيَ ثواب عملى واجرة خدمتى إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فان الفيض وحسن التربية منه تعالى على الكل خصوصا على من كان مأمورا بامر من جانبه أَوْفُوا الْكَيْلَ اتموه: وبالفارسية [تمام پيماييد پيمانه را] وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ حقوق الناس بالتطفيف: وبالفارسية [ومباشيد از كاهندكان وزيان رسانندكان بحقوق مردمان] يقال خسرته واخسرته نقصته وَزِنُوا الموزونات: وبالفارسية [وى سنجيد] وهو اى زنوا امر من وزن يزن وزنا وزنة والوزن معرفة قدر الشيء بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ اى بالميزان السوي العدل قال فى القاموس القسطاس بالضم والكسر الميزان او أقوم الموازين او هو ميزان العدل أي ميزان كان كالقسطاس او رومى معرب وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ يقال بخس حقه إذا نقصه إياه وهو تعميم بعد تخصيص قال فى كشف الاسرار ذكر باعم الألفاظ يخاطب به القافلة والوزان والنخاس والمحصى والصيرفي انتهى اى ولا تنقصوا شيأ من حقوقهم أي حق كان كنقص العد والزرع ودفع الزيف مكان الجيد والغصب والسرقة والتصرف بغير اذن صاحبه ونحو ذلك وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بالقتل والغارة وقطع الطريق. والعثى أشد الفساد فيما لا يدرك حسا وقوله مفسدين حال مقيدة اى لا تعتدوا حال افسادكم وانما قيده وان غلب العثى فى الفساد لانه قد يكون منه ما ليس بفساد كمقابلة الظالم المعتدى بفعله ومنه ما يتضمن صلاحا راجحا كقتل الخضر الغلام وخرقه السفينة وَاتَّقُوا الله الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ الجبلة الخلقة يقال جبل اى خلق

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان دعوت كردن عليه السلام پسر إلخ

[سورة الشعراء (26) : الآيات 185 إلى 190]

ولا يتعلق بها الخلق فلا بد من تقدير المضاف اى وخلق ذوى الجبلة الأولين يعنى من تقدمهم من الخلائق قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ من المسحورين مرة بعد اخرى [تا حدى كه اثر عقل از ايشان محو شد] وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا [ونيست تو مكر آدمي مانند ما در صفات بشريت پس بچهـ چيز بر ما تفضل ميكنى ودعوى رسالت از كجا آورده] إدخال الواو بين الجملتين للدلالة على ان كلا من التسحير والبشرية مناف للرسالة مبالغة فى التكذيب بخلاف قصة ثمود فانه ترك الواو هناك لانه لم يقصد الا معنى واحد هو التسحير وَإِنْ اى وان الشان نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ فى دعوى النبوة فَأَسْقِطْ عَلَيْنا [پس فرود آر بر ما وبيفكن يعنى خداى خود را بگو تا بيفكند] كِسَفاً مِنَ السَّماءِ [پاره از آسمان كه درو عذابى باشد] جمع كسفة بالكسر بمعنى القطعة. والسماء بمعنى السحاب او المظلة ولعله جواب لما أشعر به الأمر بالتقوى من التهديد إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [از راست كويان كه بر ما عذاب فرو خواهد آمد اين سخن بر سبيل استهزا كفتند وتكذيب] قالَ شعيب رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من الكفر والمعاصي وبما تستحقون بسببه من العذاب فينزله فى وقته المقدر له لا محالة مهلت ده روزه ظالم ببين ... فتنه ببين دم بدمش در كمين أول حالش همه عيش است وناز ... آخر كارش همه سوز وكداز [آورده اند كه چون قوم شعيب در انكار واستكبار از حد تجاوز كردند حق سبحانه وتعالى هفت شبانروز حرارتى سخت بر ايشان كماشت بمثابتى كه آب چاه وحشمه ايشان همه بجوش آمد ونفسهاى ايشان فرو كرفت بدرون خانه درآمدند حرارت زيادت شد روى به بيشه نهادند وهر يك در پاى درختى افتاده از كرما كريخته مى شدند كه نا كه ابر سياه در هوا پديد آمد ونسيم خنك ازو وزيدن كرفت اصحاب ايكه خوش دل شده يكديكر را آواز دادند بياييد كه در زير سايبان ابر آسايش كنيم همين كه مجموع ايشان در زير ابر مجتمع شدند آتشى از وى بيرون آمد وهمه را بسوخت چنانچهـ حق سبحانه وتعالى مى فرمايد] فَكَذَّبُوهُ اى أصروا على تكذيبه بعد وضوح الحجة وانتفاء الشبهة فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ حسبما اقترحوا اما ان أرادوا بالسماء السحاب فظاهر واما ان أرادوا الظلة فلان نزول العذاب من جهتها والظلة سحابة تظل قال الكاشفى [ظل در لغت سايبانست وآن ابر سياه بشكل سايبان بر زبر سر ايشان بوده] وفى اضافة العذاب الى يوم الظلة دون نفسها إيذان بان لهم يوما آخر غير هذا اليوم كالايام السبعة مع لياليها التي سلط الله فيها عليهم الحرارة الشديدة وكان ذلك من علامة انهم يؤخذون بجنس النار إِنَّهُ اى عذاب يوم الظلة كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وعظمه لعظم العذاب الواقع فيه- روى- ان شعيبا أرسل الى أمتين اصحاب مدين ثم اصحاب الايكة فاهلكت مدين بالصيحة والرجفة واصحاب الايكة بعذاب يوم الظلة وعن ابن عباس رضى الله عنهما من حدث ما عذاب يوم الظلة فكذبه لعله أراد انه لم ينج منهم أحد فيخبر به كذا فى كشف الاسرار إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من قصة قوم شعيب لَآيَةً

[سورة الشعراء (26) : الآيات 191 إلى 197]

لعبرة للعقلاء وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ اى اكثر اصحاب الايكة بل كلهم إذ لم ينقل ايمان أحد منهم بخلاف اصحاب مدين فان جميعا منهم آمنوا وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على كل شىء ومن عزته نصر أنبيائه على أعدائه الرَّحِيمُ بالامهال وهذا آخر القصص السبع المذكورة تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديدا للمكذبين به من قريش [تا معلوم كنند كه هر أمتي كه تكذيب پيغمبر كردند معذب شدند وايشانرا نيز بر تكذيب حضرت پيغمبر عذابى خواهد رسيد] فان قلت لم لا يجوز ان يقال ان العذاب النازل بعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم لم يكن لكفرهم وعنادهم بل كان كذلك بسبب اقترانات الكواكب واتصالاتها على ما اتفق عليه اهل النجوم ومع قيام هذا الاحتمال لم يحصل الاعتبار بهذه القصص. وايضا ان الله تعالى قد ينزل العذاب محنة للمكلفين وابتلاء لهم وقد ابتلى المؤمنون بانواع البليات فلا يكون نزول العذاب على هؤلاء الأقوام دليلا على كونهم مبطلين مؤاخذين بذلك قلت اطراد نزول العذاب على تكذيب الأمم بعد إنذار الرسل به واقتراحهم له استهزاء وعدم مبالاة به يدفع ان يقال انه كان بسبب اتصالات فلكية او كان ابتلاء لهم لا مؤاخذة على تكذيبهم لان الابتلاء لا يطرد واعلم ان هذا المذكور هو العذاب الماضي ومن إشارته العذاب المستقبل. واما العذاب الحاضر فتعلق الخاطر بغير الله الناظر فكما لا بد من تخلية القلب عن الإنكار والعزم على العصيان وتحليته بالتصديق والايمان فكذا لا بد من قطع العلائق وشهود شؤن رب الخلائق فان ذلك سبب للخلاص من عذاب الفراق ومدار للنجاة من قهر الخلاق وانما يحصل ذلك من طريقه وهو العمل بالشريعة وأحكامها وقبول نصحها والتأدب بالطريقة وآدابها فمن وجد نفسه على هدى رسول الله وأصحابه والأئمة المجتهدين بعده واخلاقهم من الزهد والورع وقيام الليل على الدوام وفعل جميع المأمورات الشرعية وترك جميع المنهيات كذلك حتى صار يفرح بالبلايا والمحن وضيق العيش وينشرح لتحويل الدنيا ومناصبها وشهواتها عنه فليعلم ان الله تعالى يحبه ومن محبته ورحمته صب على قلبه تعظيم امره وربط جوارحه بالعمل مدة عمره والا فليحكم بان الله تعالى يبغضه والمبغض فى يد الاسم العزيز جعلنا الله تعالى وإياكم من اهل رحمته وعصمنا وإياكم من نقمته بدفع العلة ورفع الذلة ونعم ما قيل محيط از چهره سيلاب كرد راه ميشويد ... چهـ انديشد كسى با عفو حق از كرد ذلتها والله العفو الغفور ومنه فيض الاجر الموفور وَإِنَّهُ راجع الى القرآن وان لم يجر له ذكر للعلم به لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ صيغة التكثير تدل على ان نزوله كان بالدفعات فى مدة ثلاث وعشرين سنة وهو مصدر بمعنى المفعول سمى به مبالغة وفى وصفه تعالى بربوبية العالمين إيذان بان تنزيله من احكام تربيته تعالى ورأفته للكل. والمعنى ان القرآن الذي من جملته ما ذكر من القصص السبع لمنزل من جهته تعالى والا لما قدرت على الاخبار وثبت به صدقك فى دعوى الرسالة لان الاخبار من مثله لا يكون الا بطريق الوحى نَزَلَ بِهِ الباء للتعدية اى أنزله او للملابسة: يعنى [فرو آمده با قرآن] الرُّوحُ الْأَمِينُ اى جبريل فانه أمين على وحيه

[سورة الشعراء (26) : الآيات 194 إلى 195]

وموصله الى أنبيائه وسمى روحا لكونه سببا لحياة قلوب المكلفين بنور المعرفة والطاعة حيث ان الوحى الذي فيه الحياة من موت الجهالة يجرى على يده ويدل عليه قوله تعالى (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وفى كشف الاسرار سمى جبريل روحا لان جسمه روح لطيف روحانى وكذا الملائكة روحانيون خلقوا من الروح وهو الهواء يقول الفقير لا شك ان للملائكة أجساما لطيفة وللطافة نشأتهم غلب عليهم حكم الروح فسموا أرواحا ولجبريل مزيد اختصاص بهذا المعنى إذ هو من سائر الملائكة كالرسول عليه السلام من افراد أمته واعلم ان القرآن كلام الله وصفته القائمة به فكساه الألفاظ بالحروف العربية ونزله على جبريل وجعله أمينا عليه لئلا يتصرف فى حقائقه ثم نزل به جبريل كما هو على قلب محمد عليه السلام كما قال عَلى قَلْبِكَ اى تلاه عليك يا محمد حتى وعيته بقلبك فخص القلب بالذكر لانه محل الوعى والتثبيت ومعدن الوحى والإلهام وليس شىء فى وجود الإنسان يليق بالخطاب والفيض غيره وهو عليه السلام مختص بهذه الرتبة العلية والكرامة السنية من بين سائر الأنبياء فان كتبهم منزلة فى الألواح والصحائف جملة واحدة على صورتهم لا على قلوبهم كما فى التأويلات النجمية قال فى كشف الاسرار الوحى إذا نزل بالمصطفى عليه السلام نزل بقلبه اولا لشدة تعطشه الى الوحى ولاستغراقه به ثم انصرف من قلبه الى فهمه وسمعه وهذا تنزل من العلو الى السفل وهو رتبة الخواص فاما العوام فانهم يسمعون اولا فيتنزل الوحى على سمعهم اولا ثم على فهمهم ثم على قلبهم وهذا ترق من السفل الى العلو وهو شان المريدين واهل السلوك فشتان ما بينهما [جبرائيل چو پيغام كزاردى كاه كاه بصورت ملك بودى وكاه كاه بصورت بشرا كروحى و پيغام بيان احكام شرع بودى وذكر حلال وحرام بودى بصورت بشر آمدى كه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) وذكر قلب در ميان نبودى باز چون وحي پاك حديث عشق ومحبت بودى واسرار ورموز عارفان جبريل بصورت ملك آمدى روحانى ولطيف تا بدل رسول پيوستى واطلاع اغيار بر آن نبودى حق تعالى چنين فرمود] (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) ثم إذا انقطع ذاك كان يقول فينفصم عنى وقد وعيته وفى الفتاوى الزينية سئل عن السيد جبريل كم نزل على النبي عليه السلام أجاب نزل عليه اربعة وعشرين الف مرة على المشهور انتهى وفى مشكاة الأنوار نزل عليه سبعة وعشرين الف مرة وعلى سائر الأنبياء لم ينزل اكثر من ثلاثة آلاف مرة لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ المخوفين مما يؤدى الى عذاب من فعل او ترك وهو متعلق بنزل به مبين لحكمة الانزال والمصلحة منه وهذا من جنس ما يذكر فيه أحد طرفى الشيء ويحذف الطرف الآخر لدلالة المذكور على المحذوف وذلك انه أنزله ليكون من المبشرين والمنذرين يقول الفقير الانذار اصل وقدم لانه من باب التخلية بالخاء المعجمة فاكتفى بذكره فى بعض المواضع من القرآن بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ متعلق ايضا بنزل وتأخيره للاغتناء بامر الانذار واللسان بمعنى اللغة لانه آلة التلفظ بها اى نزل به بلسان عربى ظاهر المعنى واضح المدلول لئلا يبقى لهم عذر ما اى لا يقولوا ما نصنع بما لا نفهمه فالآية صريحة فى ان القرآن انما انزل عليه عربيا لا كما زعمت الباطنية من انه تعالى أنزله على قلبه غير

[سورة الشعراء (26) : الآيات 196 إلى 197]

موصوف بلغة ولسان ثم انه عليه السلام اداه بلسانه العربي المبين من غير ان انزل كذلك وهذا فاسد مخالف للنص والإجماع ولو كان الأمر كما قالوا لم يبق الفرق بين القرآن وبين الحديث القدسي وفى الآية تشريف للغة العرب على غيرها حيث انزل القرآن بها لا بغيرها وقد سماها مبينا ولذلك اختار هذه اللغة لاهل الجنة واختار لغة العجم لاهل النار قال سفيان بلغنا ان الناس يتكلمون يوم القيامة قبل ان يدخلوا الجنة بالسريانية فاذا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية فان قلت كيف يكون القرآن عربيا مبينا مع ما فيه من سائر اللغات ايضا على ما قالوا كالفارسية. (وهو السجيل) بمعنى سنك وكل. والرومية وهو قوله تعالى (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) اى اقطعهن. والارمنية وهو (فِي جِيدِها) والسريانية (وهو وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) بمعنى ليس حين فرار. والحبشية وهو (كِفْلَيْنِ) بمعنى ضعفين قلت لما كانت العرب يستعملون هذه اللغات ويعرفونها فيما بينهم صارت بمنزلة العربية قال الفقيه ابو الليث رحمه الله اعلم بان العربية لها فضل على سائر الالسنة فمن تعلمها او علم غيره فهو مأجور لان الله تعالى انزل القرآن بلغة العرب وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه من تعلم الفارسية خب ومن خب ذهبت عنه مروءته يعنى لو اقتصر على لسان الفارسية ولم يتعلم العربية فانه يكون أعجميا عند من يتكلم بالعربية فذهبت مروءته ولو تكلم بغير العربية فانه يجوز ولا اثم عليه فى ذلك وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه تكلم بالفارسية انتهى باجمال يقول الفقير الفارسية شعبة من لسان العجم المقابل للسان العرب ولها فضل على سائر لغات العجم وكذا ورد فى الحديث الصحيح (لسان اهل الجنة العربية والفارسية الدرية) بتشديد الراء كما فى الكرماني وغيره ذكره صاحب الكافي والقهستاني وابن الكمال وغيرهم وصححوه واما قوله عليه السلام (أحب العرب لثلاث لأنى عربى والقرآن عربى ولسان اهل الجنة فى الجنة عربى) فالتخصيص فيه لا ينافى ما عداه وكذا لا ينافى كون لسان العجم مطلقا لسان اهل النار كون الفارسية منه لسان اهل الجنة وقد تكلم بها فى الدنيا كثير من العارفين: وفى المثنوى فارسى كو كرچهـ تازى خوشترست ... عشق را خود صد زبان ديكرست «1» وهو ترغيب فى تحصيل الفارسية بعد تحصيل العربية ولهذا المقام مزيد تفصيل ذكرناه فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض وَإِنَّهُ اى وان ذكر القرآن لا عينه لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ واحدها زبور بمعنى الكتاب مثل رسل ورسول اى لفى الكتب المتقدمة. يعنى ان الله تعالى اخبر فى كتبهم عن القرآن وانزاله على النبي المبعوث فى آخر الزمان أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ الهمزة لانكار النفي والواو للعطف على مقدر ولهم حال من آية والضمير راجع الى مشركى قريش وآية خبر للكون قدم على اسمه الذي هو قوله ان يعلمه إلخ للاعتناء بالمقدم والتنويه بالمؤخر اى اغفلوا عن ذلك ولم يكن لهم آية دالة على انه تنزيل رب العالمين وانه فى زبر الأولين ان يعلمه علماء بنى إسرائيل كعبد الله بن سلام ونحوه بنعوته المذكورة فى كتبهم ويعلموا من انزل عليه اى قد كان علمهم بذلك آية على صحة القرآن وحقية الرسول [وشهادت مردم دانا بر چيزى موجب تحقيق آنست]- روى- ان اهل

_ (1) لم أجد بعينه

[سورة الشعراء (26) : الآيات 198 إلى 207]

مكة بعثوا الى يهود المدينة يسألونهم عن محمد وبعثته فقالوا ان هذا لزمانه وانا نجد فى التوراة نعته وصفته وَلَوْ نَزَّلْناهُ اى القرآن كما هو بنظمه المعجب المعجز عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية جمع أعجمي بالتخفيف ولذا جمع جمع السلامة ولو كان جمع أعجم لما جمع بالواو والنون لان مؤنث أعجم عجماء وافعل فعلاء لا يجمع جمع السلامة فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ قراءة صحيحة خارفة للعادات ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ مع انضمام اعجاز القراءة الى اعجاز المقروء لفرط عنادهم وشدة شكيمتهم فى المكابرة وفى التأويلات النجمية يشير الى كمال قدرته وحكمته بانه لو انزل هذا الكتاب بهذه اللغة على أعجمي لم يعرف هذه اللغة لكان قادرا على ان يعلمه لغة العرب ويفهمه معانى القرآن وحكمه فى لفظة كما علم آدم الأسماء كلها وكما علم العربية لمن قال «أمسيت كرديا وأصبحت عربيا» ومع هذا لما كان اهل الإنكار مؤمنين به بعد ظهور هذه المعجزة إظهارا لكمال الحكمة كَذلِكَ اى مثل ذلك السلك البديع وهو اشارة الى مصدر قوله سَلَكْناهُ اى أدخلنا القرآن فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ اى فى قلوب مشركى قريش فعرفوا معانيه واعجازه فقوله لا يُؤْمِنُونَ بِهِ استئناف لبيان عنادهم حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ الملجئ الى الايمان به حين لا ينفعهم الايمان فَيَأْتِيَهُمْ العذاب بَغْتَةً اى فجأة فى الدنيا والآخرة معطوف على قوله يروا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه: وبالفارسية [وايشان ندانند وقت آمدن آنرا] فَيَقُولُوا تحسرا على ما فات من الايمان وتمنيا للامهال لتلافى ما فرطوه وهو عطف على يأتيهم هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ الانظار التأخير والامهال اى مؤخرون لنؤمن ونصدق: وبالفارسية [آيا هستيم ما درنك داده شدكان يعنى آيا مهلت دهند تا بگرديم وتصديق كنيم] ولما أوعدهم النبي عليه السلام بالعذاب قالوا الى متى توعدنا بالعذاب ومتى هذا العذاب نزل قوله تعالى أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ [آيا بعذاب ما شتاب ميكنند] فيقولون تارة أمطر علينا حجارة من السماء واخرى فائتنا بما تعدنا وحالهم عند نزول العذاب النظرة والمهلة والفاء للعطف على مقدر اى يكون حالهم كما ذكر من الاستنظار عند نزول العذاب الأليم فيستعجلون بعذابنا وبينهما من التنافي ما لا يخفى على أحد وفى التأويلات النجمية اى استعجالهم فى طلب العذاب من نتائج عذابنا ولو لم يكونوا معذبين لما استعجلوا فى طلب العذاب أَفَرَأَيْتَ مرتب على قولهم هل نحن منظرون وما بينهما اعتراض للتوبيخ والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان ولما كانت الرؤية من أقوى اسباب الاخبار بالشيء وأشهرها شاع استعمال أرأيت فى معنى أخبرني فالمعنى أخبرني يا من يصلح للخطاب إِنْ مَتَّعْناهُمْ جعلنا مشركى قريش متمتعين منتفعين سِنِينَ كثيرة فى الدنيا مع طيب المعاش ولم نهلكهم وقال الكلبي يعنى مدة أعمارهم وقال عطاء يريد مذ خلق الله الدنيا الى ان تنقضى ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ من العذاب والإيعاد. والتخويف بالفارسية [بيم كردن] ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ اى لم يغن عنهم شيأ تمتعهم المتطاول فى رفع العذاب وتخفيفه فما فى ما اغنى نافية ومفعول اغنى محذوف وفاعله ما كانوا يمتعون او أي شىء اغنى عنهم كونهم ممتعين ذلك التمتيع

[سورة الشعراء (26) : الآيات 208 إلى 211]

المؤبد على ان ما فى ما كانوا مصدرية او ما كانوا يمتعون به من متاع الحياة الدنيا على انها موصولة حذف عائدها فما فى ما اغنى مفعول مقدم لاغنى والاستفهام للنفى وما كانوا هو الفاعل وهذا المعنى اولى من الاول لكونه أوفق بصورة الاستخبار وادل على انتفاء الإغناء على ابلغ وجه وآكده كان كل من شانه الخطاب قد كلف بان يخبر بان تمتيعهم ما أفادهم وأي شىء اغنى عنهم فلم يقدر أحد ان يخبر بشىء من ذلك أصلا- روى- ان ميمون بن مهران لقى الحسن فى الطواف وكان يتمنى لقاءه فقال له عظنى فلم يزده على تلاوة هذه الآية فقال ميمون لقد وعظت فابلغت وروى ان عمر بن عبد العزيز كان يقرأ هذه الآية كل صباح إذا جلس على سريره تذكرا بها واتعاظا جهان بى وفاييست مردم فريب ... كه از دل ربايد قد او شكيب نكر تا بجاهش نكردى أسير ... نكردى پى مالش اندر زحير كه آندم كه مردك اندر آيد ز راه ... نه مالت كند دستكيرى نه جاه قال يحيى بن معاذ رحمه الله أشد الناس غفلة من اغتر بحياته الفانية والتذ بموداته الواهية وسكن الى مألوفاته كان الرشيد حبس رجلا فقال الرجل للموكل عليه قل لامير المؤمنين كل يوم مضى من نعمتك ينقص من محنتى والأمر قريب والموعد الصراط والحاكم الله فخر الرشيد مغشيا عليه ثم أفاق وامر باطلاقه وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ من القرى المهلكة إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ قد انذروا أهلها قال فى كشف الاسرار جمع منذرين لان المراد بهم النبي واتباعه المظاهرون له ذِكْرى اى لاجل التذكير والموعظة والزام الحجة فمحلها النصب على العلة وَما كُنَّا ظالِمِينَ فنهلك غير الظالمين والتعبير عن ذلك بنفي الظالمية مع ان إهلاكهم قبل الانذار ليس بظلم أصلا على ما تقرر من قاعدة اهل السنة لبيان كمال نزاهته عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه من الظلم وفى التأويلات النجمية (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) اى من اهل قرية فالقرية الجسد الإنساني وأهلها النفس والقلب والروح وإهلاكهم بإفساد استعدادهم الفطري بترك المأمورات وإتيان المنهيات (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) بالإلهامات الربانية (ذِكْرى) اى تذكرة من ربهم كما قال تعالى (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها: وَما كُنَّا ظالِمِينَ) بان نضع العذاب فى غير موضعه او تضع الرحمة فى غير موضعها انتهى وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ يقال تنزل نزل فى مهلة والباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [وهركز ديوان اين قرآن فرو نياوردند] او للملابسة. والمعنى [وفرو نيايند بقرآن ديوان. مقاتل كفت مشركان قريش كفتند محمد كاهن است وبا وى كسى است از جن كه اين قرآن كه دعوى ميكند كه كلام خداست آن كسى بر زبان وى مى افكند همچنانكه بر زبان كاهن افكند واين از آنجا كفتند كه در جاهلية پيش از مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم با هر كاهنى رئى بود از جن كه استراق سمع كردند بدر آسمان وخبرهاى دوزخ وراست بر زبان كاهن افكندند مشركان پنداشتند كه وحي قرآن هم از ان جنس است تا رب العالمين ايشانرا دروغ زن كرد كفت] (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) بل نزل به الروح الامين وَما يَنْبَغِي لَهُمْ اى وما يصح وما يستقيم لهم ان ينزلوا بالقرآن من السماء (وَما يَسْتَطِيعُونَ

[سورة الشعراء (26) : الآيات 212 إلى 215]

وما يقدرون على ذلك أصلا إِنَّهُمْ بعد مبعث الرسول عَنِ السَّمْعِ لكلام الملائكة لَمَعْزُولُونَ ممنوعون بعد ان كانوا يمكنون لانهم يرجمون بالشهب قال بعض اهل التفسير انهم عن السمع لكلام الملائكة لمعزولون لانتفاء المشاركة بينهم وبين الملائكة فى صفات الذات والاستعداد لقبول فيضان أنوار الحق والانتقاش بصور العلوم الربانية والمعارف النورانية كيف لا ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات غير مستعدة الا لقبول ما لا خير فيه أصلا من فنون الشر والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها الا من الملائكة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ليس للشياطين استعدادات تنزيل القرآن ولا قوة حمله ولا وسع فهمه لانهم خلقوا من النار والقرآن نور قديم فلا يكون للنار المخلوقة حمل النور القديم ألا ترى ان نار الجحيم كيف تستغيث عند ورود المؤمن عليها وتقول (جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى) فاذا لم يكن لهم استطاعة لحمل القرآن وقوة سمعه كيف يمكن لهم تنزيله وان وجدوا السمع الذي هو الإدراك ولكن حرموا الفهم المؤدى للاستجابة لما دعوا اليه فلهذا استوجبوا العذاب انتهى قال بعض الكبار وصف الله تعالى اهل الحرمان ان أسماعهم وأبصارهم وعقولهم وقلوبهم فى غشاوة الغفلة عن سماع القرآن والسامع بالحقيقة هو الذي له سمع قلبى عقلى غيبى روحى يسمع كل لمحة من جميع الأصوات والحركات فى الاكون خطاب الحق سبحانه بحيث يهيج سره بنعت الشوق اليه فطوبى لمن فهم عن الله واستعد لحمل امانة الله شريعة وحقيقة فهو الموفق ومن سواه المعزول فيا ايها السامعون افهموا ويا ايها المدركون تحققوا فالعلم فى الصدر لا عند باب الحواس ولا بالتخمين والقياس فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إذا عرفت يا محمد حال الكفار فلا تعبد معه تعالى الها آخر فَتَكُونَ [پس باشى اگر پرستش ميكنى] مِنَ الْمُعَذَّبِينَ خوطب به النبي عليه السلام مع ظهور استحالة وقوع المنهي عنه لانه معصوم تهيجا لعزيمته وحثا على ازدياد الإخلاص ولطفا بسائر المكلفين ببيان ان الإشراك من القبيح والسوء بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره منه فكيف بمن عداه وان من كان أكرم الخلق عليه إذا عذب على تقدير اتخاذ اله آخر فغيره اولى وفى الخبر ان الله تعالى اوحى الى نبى من أنبياء بنى إسرائيل يقال له ارميا بان يخبر قومه بان يرجعوا عن المعصية فانهم ان لم يرجعوا أهلكتهم فقال ارميا يا رب انهم أولاد أنبيائك أولاد ابراهيم واسحق ويعقوب أفتهلكهم بذنوبهم قال الله تعالى انى انما أكرمت انبيائى لانهم أطاعوني ولو انهم عصونى لعذبتهم وان كان ابراهيم خليلى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان عبادة غير الله من الدنيا والآخرة وطلبه بتوجه القلب اليه عمارة عذاب الله وهو البعد من الله ومن يطلب يكن عذابه أشد فكل طالب شىء يكون قريبا اليه بعيدا عما سواه فطالب الدنيا قريب من الدنيا بعيد عن الآخرة وطالب الآخرة قريب من الآخرة بعيد عن الله ولذا قال ابو سعيد الخراز قدس سره حسنات الأبرار سيآت المقربين فالابرار اهل الجنة وحسناتهم طلب الجنة والمقربون اهل الله وحسناتهم طلب الله وحده لا شريك له وَأَنْذِرْ العذاب الذي يستتبعه الشرك والمعاصي عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ

[سورة الشعراء (26) : آية 215]

العشيرة اهل الرجل الذي يتكثر بهم اى يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وذلك ان العشرة هو العدد الكامل فصارت العشيرة اسما لكل جماعة من أقارب الرجل يتكثر بهم والعشير المعاشر قريبا كان او مقارنا كذا فى المفردات. والمراد بهم بنوا هاشم وبنوا عبد المطلب وانما امر بانذار الأقربين لان الاهتمام بشانهم أهم فالبداية بهم فى الانذار اولى كما ان البداية بهم فى البر والصلة وغيرهما اولى وهو نظير قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ) وكانوا مأمورين بقتال جميع الكفار ولكنهم لما كانوا اقرب إليهم أمروا بالبداية بهم فى القتال كذلك هاهنا وايضا إذا انذر الأقارب فالاجانب اولى بذلك- روى- انه لما نزلت صعد الصفا وناداهم فخذا فخذا حتى اجتمعوا اليه فقال لو أخبرتكم ان يسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقى قالوا نعم قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد- روى- انه قال (يا بنى عبد المطلب يا بنى هاشم يا بنى عبد مناف افتدوا أنفسكم من النار فانى لا اغنى عنكم شيأ. ثم قال يا عائشة بنت ابى بكر ويا حفصة بنت عمر. ويا فاطمة بنت محمد. ويا صفية عمة محمد اشترين انفسكن من النار فانى لا اغنى عنكن شيأ) [در خبرست كه عائشه صديقه رضى الله عنها بگريست وكفت يا رسول الله روز قيامت روزيست كه تو ما را بكار نيايى كفت بلى] عائشة فى ثلاثة مواطن يقول الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فعند ذلك لا املك لكم من الله شيأ وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء الله كبه فى الظلمات فلا املك لكم من الله شيأ وعند الصراط من شاء الله سلمه واجاره ومن شاء كبه فى النار فينبغى للمؤمن ان لا يغتر بشرف الأنساب فان النسب لا ينفع بدون الايمان برب الأرباب فانظر الى حال كنعان ابن نوح والى حال آزر والد ابراهيم عليهما السلام فان فيها كفاية: قال الشيخ سعدى قدس سره چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وفى التأويلات النجمية يشير الى حقيقة قوله (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) وقال عليه السلام (كل حسب ونسب ينقطع الا حسبى ونسبى) فحسبه الايمان والتقوى كما قال عليه السلام (آلى كل مؤمن تقى) ويشير الى أن من كان مصباح قلبه منورا بنور الايمان لا ينور مصباح عشيرته ولو كان والد اله حتى يكون مقتبسا هو لمصباحه من نور مصباحه المنور وهذا سر متابعة النبي عليه السلام والاقتداء بالولى وقوله عليه السلام لفاطمة رضى الله عنها (يا فاطمة بنت محمد انقذى نفسك من النار فانى لا اغنى عنك من الله شيأ) كان لهذا المعنى كما ان أكل المرء يشبعه ولا يشبع ولده حتى يأكل الطعام كما أكل والده وليعلم انه لا ينفعهم قرابته ولا تقبل فيهم شفاعته إذا لم يكن لهم اصل الايمان فان الايمان هو الأصل وما سواه تبع له ولهذا السر قال تعالى عقيب قوله (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) قوله (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اى ألن جانبك لهم وقاربهم فى الصحبة واسحب ذيل التجاوز على ما يبدو منهم من التقصير واحتمل منهم سوء الأحوال وعاشرهم بجميل الأخلاق وتحمل عنهم

[سورة الشعراء (26) : الآيات 216 إلى 220]

كلهم فان حرموك فاعطهم وان ظلموك فتجاوز عنهم وان قصروا فى حقى فاعف عنهم واستغفر لهم: وبالفارسية [وبر خويش فرورد آر بفروتنى ومهربانى يعنى مهربانى ورز وإكرام كن] والخفض ضد الرفع والدعة والسير اللين: يعنى [نرم رفتن شتر] وهو حث على تليين الجانب والانقياد كما فى المفردات وجناح العسكر جانباه وهو مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد ان ينحط فشبه التواضع ولين الأطراف والجوانب عند مصاحبة الأقارب والأجانب بخفض الطائر جناحه اى كسره عند ارادة الانحطاط واما الفاسق والمنافق فلا يخفض له الجناح الا فى بعض الأحوال إذ لكل من اللين والغلظة وقت دل عليه القرآن فلا بد من رعاية كل منهما فى وقته ومن للتبيين لان من اتبع أعم ممن اتبع لدين او لغيره او للتبعيض على ان المراد بالمؤمنين المشارفون للايمان والمصدقون باللسان وفى التأويلات النجمية والنكتة فيه انه قال (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لان كل متابع مؤمن ولم يكن كل مؤمن متابعا لئلا يغتر المؤمن بدعوى الايمان وهو بمعزل عن حقيقته التي لا تحصل الا بالمتابعة انتهى فعلى العاقل ان يختار صحبة الأخيار ويتابعهم فى أعمالهم ويسعى فى تحصيل اخلاقهم وأحوالهم وبشرف القرين يدخل عشرة من الحيوانات الجنة منها كلب اصحاب اهل الكهف ولله در من قال سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت مردم شد حيث دخل الجنة معهم فى صورة الكبش فَإِنْ عَصَوْكَ قال فى كشف الاسرار [خويشان وقرابت رسول الله عليه السلام چون بعداوت رسول در بستند وزبان طعن دراز كردند آيت فرود آمد كه] (فَإِنْ عَصَوْكَ) اى فان خرجت عشيرتك عن الطاعة وخالفوك ولم يتبعوك فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ اى من عبادتكم لغير الله تعالى ولا تبرأ منهم وقل لهم قولا معروفا بالنصح والعظة لعلهم يرجعون الى طاعتك وقبول الدعوة منك يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى روّح الله روحه يقول قطعت الوصلة بينى وبين خلفائى الا من الوصية فان الله تعالى يقول (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) فالوصية بالحق والصبر لا بد لى منها فى حق الكل خصوصا فى حقهم وَتَوَكَّلْ فى جميع حالاتك عَلَى الْعَزِيزِ الذي لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه فهو يقدر على قهر أعدائه الرَّحِيمِ الذي يرحم من توكل عليه وفوض امره اليه بالظفر والنصرة فهو ينصر أولياءه ولا تتوكل على الغير فان الله تعالى هو الكافي لشر الأعداء لا الغير والتوكل على الله تعالى فى جميع الأمور والاعراض عما سواه ليس الا من خواص الكمل جعلنا الله وإياكم من الملحقين بهم ثم اتبع به قوله الَّذِي يَراكَ إلخ لانه كالسبب لتلك الرحمة اى توكل على من يراك حِينَ تَقُومُ اى الى التهجد فى جوف الليل فان المعروف من القيام فى العرف الشرعي احياء الليل بالصلاة فيه وفى الحديث (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام كان لا يدع قيام الليل وكان إذا مرض او كسل صلى قاعدا ومنها إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع او غيره صلى من النهار ثنتى عشرة ركعة رواه مسلم يقول الفقير هذا اى

[سورة الشعراء (26) : الآيات 219 إلى 220]

ما صلى عليه السلام فى النهار بدل ما فات منه فى الليل من ورد التهجد يدل على ان التهجد ليس كسائر النوافل بل له فضيلة على غيره ولذا يوصى بإتيان بدله إذا فات مع ان النوافل لا تقضى وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ التقلب [بركشتن] اى ويرى ترددك فى تصفح احوال المتهجدين لتطلع على حقيقة أمرهم كما روى انه لما نسخ فرض قيام الليل عليه وعلى أصحابه بناء على انه كان واجبا عليه وعلى أمته وهو الأصح وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه كان واجبا على الأنبياء قبله طاف عليه السلام تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون اى هل تركوا قيام الليل لكونه نسخ وجوبه بالصلوات الخمس ليلة المعراج حرصا على كثرة طاعاتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله وتلاوة القرآن إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لما تقوله ولدعوات عباده ومناجاة الاسرار الْعَلِيمُ بما تنويه وبوجود مصالحهم وإرادات الضمائر وقال بعضهم (تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) اى تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم فقوله فى الساجدين معناه مع المصلين فى الجماعة فكأن اصل المعنى يراك حين تقوم وحدك للصلاة ويراك إذا صليت مع المصلين جماعة وفى التأويلات النجمية (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) اى يرى قصدك ونيتك وعزيمتك عند قيامك للامور كلها وقد اقتطعه بهذه الآية عن شهود الخلق فان من علم انه بمشهد الحق راعى دقائق حالاته وخفايا أحواله مع الحق وبقوله (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) هون عليه معاناة مشاق العبادات لاخباره برؤيته له ولا مشقة لمن يعلم انه بمرأى من مولاه ومحبوبه وان حمل الجبال الرواسي يهون لمن حملها على شعرة من جفن عينه على مشاهدة ربه ويقال كنت بمرأى منا حين تقلبك فى عالم الأرواح فى الساجدين بان خلقنا روح كل ساجد من روحك انه هو السميع فى الأزل مقالتك انا سيد ولد آدم ولا فخر لان أرواحهم خلقت من روحك العليم باستحقاقك لهذه الكرامة انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) من نبى الى نبى حتى اخرجك نبيا اى فمعنى فى الساجدين فى أصلاب الأنبياء والمرسلين من آدم الى نوح والى ابراهيم والى من بعده الى ان ولدته امه وهذا لا ينافى وقوع من ليس نبيا فى آبائه فالمراد وقوع الأنبياء فى نسبه. واستدل الرافضة على ان آباء النبي عليه السلام كانوا مؤمنين اى لان الساجد لا يكون الا مؤمنا فقد عبر عن الايمان بالسجود وهو استدلال ظاهرى وقوله عليه السلام (لم ازل انقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات) لا يدل على الايمان بل على صحة انكحة الجاهلية كما قال عليه السلام فى حديث آخر (حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط) وقد سبق نبذ من الكلام مما يتعلق بالمرام فى اواخر سورة ابراهيم وحق المسلم ان يمسك لسانه عما يخل بشرف نسب نبينا عليه السلام ويصونه عما يتبادر منه النقصان خصوصا الى وهم العامة فان قلت كيف نعتقد فى حق آباء النبي عليه السلام قلت هذه المسألة ليست من الاعتقاديات فلا حظ للقلب منها واما حظ اللسان فقد ذكرنا وذكر الحافظ السيوطي رحمه الله ان الذي للخلص ان أجداده عليه السلام من آدم الى مرة بن كعب مصرح بايمانهم اى فى الأحاديث واقوال السلف وبقي بين مرة وعبد المطلب اربعة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 221 إلى 227]

أجداد ولم اظفر فيهم بنقل وعبد المطلب الأشبه انه لم تبلغه الدعوة لانه مات وسنه عليه السلام ثمان سنين والأشهر انه كان على ملة ابراهيم عليه السلام اى لم يعبد الأصنام كما سبق فى سورة براءة هَلْ أُنَبِّئُكُمْ خطاب لكفار مكة وكانوا يقولون ان الشياطين تتنزل على محمد فرد الله عليهم ببيان استحالة تنزلهم عليه بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن. والمعنى هل أخبركم ايها المشركون: وبالفارسية [آيا خبر دهم شما را] عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ اى تتنزل بحذف احدى التاءين وكلمة من تضمنت الاستفهام ودخل عليها حرف الجر وحق الاستفهام ان يصدر فى الكلام فيقال أعلى زيد مررت ولا يقال على أزيد مررت ولكن تضمنه ليس بمعنى انه اسم فيه معنى الحرف بل معناه ان الأصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستعمل على بعد حذفه كما يقال فى هل أصله اهل ومعناه أقد فاذا ادخلت حرف الجر على من فقدر الهمزة قبل حرف الجر فى ضميرك كأنك تقول أعلى من تنزل تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ كثير الافك والكذب قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه أَثِيمٍ كثير الإثم وهو اسم للافعال المبطئة عن الثواب اى تتنزل على المتصفين بالإفك والإثم الكثير من الكهنة والمتنبئة كمسيلمة وطليحة لانهم من جنسهم وبينهم مناسبة بالكذب والافتراء والإضلال وحيث كانت ساحة رسول الله منزهة عن هذه الأوصاف استحال تنزلهم عليه يُلْقُونَ السَّمْعَ الجملة فى محل الجر على انها صفة كل أفاك اثيم لكونه فى معنى الجمع اى يلقى الأفاكون الاذن الى الشياطين فيتلقون منهم اوهاما وامارات لنقصان علمهم فيضمون إليها بحسب تخيلاتهم الباطلة خرافات لا يطابق أكثرها الواقع: وبالفارسية [فرو ميدارند كوش را بسخن شياطين وفرا ميكيرند از ايشان اخبار دروغ وديكر دروغها بآن اضافت ميكنند] وَأَكْثَرُهُمْ اى الأفاكين كاذِبُونَ فيما قالوه من الأقاويل وليس محمد كذلك فانه صادق فى جميع ما اخبر من المغيبات والأكثر بمعنى الكل: يعنى [همه ايشان بصفت كذب موصوفند] كلفظ البعض فى قوله (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) اى كله وذلك كما استعملت القلة فى معنى العدم فى كثير من المواضع وقال بعضهم ان الاكثرية باعتبار الأقوال لا باعتبار الذوات حتى يلزم من نسبة الكذب الى أكثرهم كون أقلهم صادقين وليس معنى الأفاك من لا ينطق الا بالإفك حتى يمتنع منه الصدق بل من يكثر الافك فلا ينافيه ان يصدق نادرا فى بعض الأحيان وقال فى كشف الاسرار استثنى منهم بذكر الأكثر سطيحا وشقا وسواد بن قارب الذين كانوا يلهجون بذكر رسول الله وتصديقه ويشهدون له بالنبوة ويدعون الناس اليه انتهى قال فى حياة الحيوان واما شق وسطيح الكاهنان فكان شق شق انسان له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة وكان سطيح ليس له عظم ولا بنان انما كان يطوى كالحصير لم يدرك ايام بعثة رسول الله عليه السلام وكان فى زمن الملك كسرى وهو ساسان وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ يعنى ليس القرآن بشعر ولا محمد بشاعر لان الشعراء يتبعهم الضالون والسفهاء واتباع محمد ليسوا كذلك بل هم الراشدون المراجيح الرزان وكان شعراء الكفار يهجون رسول الله وأصحابه ويعيبون الإسلام فيتبعهم سفهاء

[سورة الشعراء (26) : آية 225]

العرب حيث كانوا يحفظون هجاءهم وينشدون فى المجالس ويضحكون. ومن لواحق هذا المعنى ما قال ابن الخطيب فى روضته ذهب جماعة من الشعراء الى خليفة وتبعهم طفيلى فلما دخلوا على الخليفة قرأوا قصائدهم واحدا بعد واحد وأخذوا العطاء فبقى الطفيلي متحيرا فقيل له اقرأ شعرك قال لست انا بشاعر وانما انا رجل ضال كما قال الله تعالى (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) فضحك الخليفة كثيرا فامر له بانعام وقال بعضهم معنى الآية ان الشعراء تسلك مسلكهم وتكون من جملتهم الضالون عن سنن الحق لا غيرهم من اهل الرشد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الشعراء بحسب مقاماتهم ومطرح نظرهم ومنشأ قصدهم ونياتهم إذا سلكوا على أقدام التفكر مفاوز التذكر فى طلب المعاني ونظمها وترتيب عروضها وقوافيها وتدبير تجنيسها واساليبها تتبعهم الشياطين بالإغواء والإضلال ويوقعونهم فى الأباطيل والأكاذيب قال فى المفردات شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمته فى الدقة كاصابة الشعر. قيل وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وقوله تعالى (بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ) حمله كثير من المفسرين على انهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا ما جاء فى القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو وجفان كالجوابى وقدور راسيات وقال بعض المحصلين لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك انه ظاهر من هذا الكلام انه ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب وانما رموه بالكذب فان الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الادلة الكاذبة شعرا ولهذا قال تعالى فى وصف عامة الشعراء (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) الى آخر السورة انتهى قال الامام المرزوقي شارح الحماسة تأخر الشعراء عن البلغاء لتأخر المنظوم عند العرب لان ملوكهم قبل الإسلام وبعده يتبجحون بالخطابة ويعدونها أكمل اسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة لان الشعر كان مكسبة وتجارة وفيه وصف اللئيم عند الطمع بصفة الكريم والكريم عند تأخر صلته بوصف اللئيم ومما يدل على شرف النثر ان الاعجاز وقع فى النثر دون النظم لان زمن النبي عليه السلام زمن الفصاحة أَلَمْ تَرَ يا من من شأنه الرؤية اى قد رأيت وعلمت أَنَّهُمْ اى الشعراء فِي كُلِّ وادٍ من المدح والذم والهجاء والكذب والفحش والشتم واللعن والافتراء والدعاوى والتكبر والمفاخر والتحاسد والعجب والاراءة واظهار الفضل والدباءة والخسة والطمع والتكدي والذلة والمهانة واصناف الأخلاق الرذيلة والطعن فى الأنساب والاعراض وغير ذلك من الآفات التي هى من توابع الشعر يَهِيمُونَ يقال هام على وجهه من باب باع هيمانا بفتحتين ذهب من العشق او غيره كما فى المختار اى يذهبون على وجوههم لا يهتدون الى سبيل معين بل يتحيرون فى اودية القيل والقال والوهم والخيال والغى والضلال قال الراغب اصل الوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا ويستعار للطريقة

[سورة الشعراء (26) : الآيات 226 إلى 227]

كالمذهب والأسلوب فيقال فلان فى واد غير واديك وقوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) فانه يعنى أساليب الكلام من المدح والهجاء والجدل والغزل وغير ذلك من الأنواع اى فى كل نوع من الكلام يغلون قال فى الوسيط فالوادى مثل لفنون الكلام وهيمانهم فيه قولهم على الجهل بما يقولون من لغو وباطل وغلو فى مدح او ذم وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فى أشعارهم عند التصلف والدعاوى ما لا يَفْعَلُونَ من الأفاعيل: يعنى [بفسق ناكرده بر خود كواهى ميدهند و پيغامهاى ناداده بكسى در سلك نظم ميكشند] ويرغبون فى الجود ويرغبون عنه وينفرون عن البخل ويصرون عليه ويقدحون فى الناس بأدنى شىء صدر عنهم ثم انهم لا يرتكبون الا الفواحش وذلك تمام الغواية والنبي عليه السلام منزه عن كل ذلك متصف بمحاسن الأوصاف ومكارم الأخلاق مستقر على المنهاج القويم مستمر على الصراط المستقيم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين وَذَكَرُوا اللَّهَ ذكرا كَثِيراً بان كان اكثر أشعارهم فى التوحيد والثناء على الله والحث على طاعته والحكمة والموعظة والزهد فى الدنيا والترغيب فى الآخرة او بان لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله ولم يجعلوه همهم وعادتهم قال ابو يزيد قدس سره الذكر الكثير ليس بالعدد لكنه بالحضور وَانْتَصَرُوا [انتقام كشيدند از مشركان] قال فى تاج المصادر والانتصار [دادبستدن] مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا بالهجو لان الكفار بدأوهم بالهجاء يعنى لو وقع منهم فى بعض الأوقات هجو وقع بطريق الانتصار ممن هجاهم من المشركين كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وغيرهم فانهم كانوا يذبون عن عرض النبي عليه السلام وكان عليه السلام يضع لحسان منبرا فى المسجد فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله: قال الكمال الاصفهانى هجا كفتن ار چهـ پسنديده نيست ... مبادا كسى كالت آن ندارد چوآن شاعرى كو هجا كو نباشد ... چوشيرى كه چنكال ودندان ندارد وعن كعب بن مالك رضى الله عنه انه عليه السلام قال (اهجهم فو الذي نفسى بيده لهو أشد عليهم من النبل) وفى الحديث (جاهدوا المشركون باموالكم وأنفسكم وألسنتكم) اى اسموعهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك قال الامام السهيلي رحمه الله فهم سبب الاستثناء فلو سماهم بأسمائهم الاعلام كان الاستثناء مقصورا عليهم والمدح مخصوصا بهم ولكن ذكرهم بهذه الصفة ليدخل معهم فى هذا الاستثناء كل من اقتدى بهم شاعرا كان او خطيبا او غير ذلك انتهى قال فى الكواشي لا شك ان الشعر كلام فحسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه ولا بأس به إذا كان توحيدا او حثا على مكارم الأخلاق من جهاد وعبادة وحفظ فرج وغض بصر وصلة رحم وشبهه او مدحا للنبى عليه السلام والصالحين بما هو الحق انتهى وفى التأويلات النجمية لارباب القلوب فى الشعر سلوك على أقدام التفكر بنور الايمان وقوة العمل الصالح وتأييد الذكر الكثير ليصلوا الى أعلى درجات القرب وتؤيدهم الملائكة بدقائق المعاني بل يوفقهم الله لاستجلاب الحقائق ويلهمهم بألفاظ الدقائق فبالالهام يهيمون

فى كل واد من المواعظ الحسنة والحكم البالغة وذم الدنيا وتركها وتزيين الآخرة وطلبها وتشويق العباد وتحبيبهم الى الله وتحبيب الله إليهم وشرح المعارف وبيان الموصل والحث على السير والتحذير عن الألفاظ القاطعة للسير وذكر الله وثنائه ومدح النبي عليه السلام والصحابة وهجاء الكفار انتصارا كما قال عليه السلام لحسان (اهج المشركين فان جبريل معك) انتهى. والجمهور على اباحة الشعر ثم المذموم منه ما فيه كذب وقبح وما لم يكن كذلك فان غلب على صاحبه بحيث يشغله عن الذكر وتلاوة القرآن فمذموم ولذا قال من قال در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كه سراسر سخنش حكمت يونان كردد وان لم يغلب كذلك فلا ذم فيه وفى الحديث (ان من الشعر لحكمة) اى كلاما نافعا يمنع عن الجهل والسفه وكان على رضى الله عنه أشعر الخلفاء وكانت عائشة رضى الله عنها ابلغ من الكل قال الكاشفى [حضرت حقائق پناهى در ديباجه ديوان أول آورده اند كه هر چند قادر حكيم جل ذكره در آيت كريمه (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) شعرا را كه سياحان بحر شعرند جمع ساخته وكمند دام استغراق در كردن انداخته كاه در غرقابه بى حد وغايت غوايت مى اندازد وكاه تشنه لب در وادئ حيرت وضلالت سركردان ميسازد واما بسيارى از ايشان بواسطه إصلاح عمل وصدق ايمان در زورق أمان (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) تشنه اند بوسيله بادبان (وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً) بساحل خلاص وناحيت نجات پيوسته ويكى از أفاضل كفته است] شاعرانرا كر چهـ غاوى كفت در قرآن خداى ... هست ازيشان هم بقرآن ظاهر استثناى ما ولما كان الشعر مما لا ينبغى للانبياء عليهم السلام لم يصدر من النبي عليه السلام بطريق الإنشاء دون الإنشاد الا ما كان بغير قصد منه وكان كل كمال بشرى تحت علمه الجامع فكان يجيب كل فصيح وبليغ وشاعر وأشعر وكل قبيلة بلغاتهم وعباراتهم وكان يعلم الكتاب علم الخط واهل الحرف حرفتهم ولذا كان رحمة للعالمين وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) على أنفسهم بالشعر المنهي عنه وغيره فهو عام لكل ظالم والسين للتأكيد أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ أي منصوب بينقلبون على المصدر لا بقوله سيعلم لان أيا وسائر اسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها وقدم على عامله لتضمنه معنى الاستفهام وهو متعلق بسيعلم سادا مسد مفعوليه. والمنقلب بمعنى الانقلاب اى الرجوع. والمعنى ينقلبون أي الانقلاب ويرجعون اليه بعد مماتهم أي الرجوع اى ينقلبون انقلابا سوأ ويرجعون رجوعا شرا لان مصيرهم الى النار وقال الكاشفى [بكدام مكان خواهند كشت واو آنست كه منقلب ايشان آتش خواهد بود]- روى- انه لما ليس ابو بكر رضى الله عنه من حياته استكتب عثمان رضى الله عنه كتاب العهد وهو هذا ما عهد ابن ابى قحافة الى المؤمنين فى الحال التي يؤمن فيها الكافر ثم قال بعد ما غشى عليه وأفاق انى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب رضى الله عنه فانه عدل فذلك ظنى فيه وان لم يعدل سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. والظلم هو الانحراف عن العدالة والعدول عن الحق الجاري مجرى النقطة من الدائرة. والظلمة ثلاثة. الظالم الأعظم وهو الذي لا يدخل تحت شريعة الله وإياه قصد تعالى بقوله (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) والأوسط هو الذي لا يلزم حكم

تفسير سورة النمل

السلطان. والأصغر هو الذي يتعطل عن المكاسب والأعمال فيأخذ منافع الناس ولا يعطيهم منفعته ومن فضيلة العدالة ان الجور الذي هو ضدها لا يستتب الا بها فلو ان لصوصا تشارطوا فيما بينهم شرطا فلم يراعوا العدالة فيه لم ينتظم أمرهم. فعلى العاقل ان يصيخ الى الوعيد والتهديد الأكيد فيرجع عن الظلم والجور وان كان عادلا فنعوذ بالله من الحور بعد الكور والله المعين لكل سالك والمنجى فى المسالك من المهالك تمت سورة الشعراء يوم الخميس وهو التاسع من ذى القعدة من سنة ثمان ومائة والف تفسير سورة النمل وهى مكية ثلاث او اربع وتسعون آية بسم الله الرحمن الرحيم طس هذه طس اى هذه السورة مسماة به قال فى التأويلات النجمية يشير بطائه الى طاء طيب قلوب محبيه وبالسين الى سر بينه وبين قلوب محبيه لا يسعهم فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل. وايضا يقسم بطاء طلب طالبيه وسين سلامة قلوبهم عن طلب ما سواه وفى كشف الاسرار الطاء اشارة الى طهارة قدسه والسين اشارة الى سناء عزه يقول تعالى بطهارة قدسى وسناء عزى لا أخيب امل من املّ لطفى انتهى وقال بعضهم الطاء طوله اى فضله والسين سناؤه اى علوه وقد سبق فى طسم ما يتعلق بهذا المقام فارجع اليه وقال عين القضاء الهمذاني قدس سره فى مقالاته لولا ما كان فى القرآن من الحروف المقطعات لما آمنت به يقول الفقير قد كفره فى قوله هذا كثير من علماء زمانه والأمر سهل على اهل الفهم ومراده بيان اطلاعه على بطون معانى الحروف التي هى دليل لارباب الحقائق وسبب مزيد ايمانهم العيانى تِلْكَ اى هذه السورة العظيمة الشان او آياتها آياتُ الْقُرْآنِ المعروف بعلو الشأن اى بعض منه لمترجم مستقل باسم خاص فهو عبارة عن جميع القرآن او عن جميع المنزل عند نزول السورة إذ هو المتسارع الى الفهم حينئذ عند الإطلاق وَكِتابٍ عظيم الشأن مُبِينٍ مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والاحكام واحوال الآخرة التي من جملتها الثواب والعقاب او ظاهر اعجازه وصحته على انه من ابان يعنى بان اى ظهر وعطفه على القرآن كعطف احدى الصفتين على الاخرى مثل غافر الذنب وقابل التوب اى آيات الكلام الجامع بين القرآنية والكتابية وكونه قرآنا بجهة انه يقرأ وكتابا بسبب انه يكتب وقدم الوصف الاول لتقدم القرآنية على حال الكتابية وأخره فى سورة الحج لما ان الاشارة الى امتيازه عن سائر الكتب بعد التنبيه على انطوائه على كمالات غيره من الكتب ادخل فى المدح فان وصفه بالكتابية مفصح عن اشتماله على صفة كمال الكتب الالهية فكأنه كلها وفى كشف الاسرار القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد ووصفان لانه يقرأ ويكتب فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم وحيث جاء بلفظ النكرة فهو الوصف هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ اى حال كون تلك الآيات هادية لهم ومبشرة فاقيم المصدر مقام الفاعل للمبالغة كأنها نفس الهدى. والبشارة ومعنى هدايتها لهم وهم

[سورة النمل (27) : الآيات 3 إلى 5]

مهتدون انها تزيدهم هدى قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) الآية واما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لانها تبشرهم برحمة من الله ورضوان وخصهم بالذكر لانتفاعهم به الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ صفة مادحة للمؤمنين وتخصيصهما بالذكر لانهما قرينتا الايمان وقطرا العبادات البدنية والمالية مستتبعان لسائر الأعمال الصالحة. والمعنى يؤدون الصلاة بأركانها وشرائطها فى مواقيتها ويؤتون الصدقة المفروضة للمستحقين وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ من تتمه الصلة والواو للحال اى والحال انهم يصدقون بانها كائنة ويعلمونها علما يقينا: وبالفارسية [وحال آنكه ايشان بسراى ديكر بى گمان ميشوند تكرير ضمير اشارت باختصاص ايشانست در تصديق آخرت] او جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الإيقان لا من عداهم فان تحمل مشاق العبادات انما يكون لخوف العاقبة والوقوف على المحاسبة إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لا يصدقون بالبعث بعد الموت زَيَّنَّا لَهُمْ [آراسته كرديم براى ايشان] أَعْمالَهُمْ القبيحة حيث جعلناها مشتهاة للطبع محبوبة للنفس كما ينبئ عنه قوله عليه السلام (حفت النار بالشهوات) اى جعلت محفوفة ومحاطة بالأمور المحبوبة المشتهاة واعلم ان كل مشيئة وتزيين وإضلال ونحو ذلك منسوبة الى الله تعالى بالاصالة والى غيره بالتبعية. ففى الآية حجة قاطعة على المعتزلة والقدرية فَهُمْ يَعْمَهُونَ يتحيرون ويترددون على التجدد والاستمرار فى الاشتغال بها والانهماك فيها من غير ملاحظة لما يتبعها من الضرر والعقوبة والفاء لترتيب المسبب على السبب: وبالفارسية [پس ايشان سركردان ميشوند در ضلالت خود] والعمه التردد فى الأمر من التحير أُوْلئِكَ الموصوفون بالكفر والعمه الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ اى فى الدنيا كالقتل والاسر يوم بدر. والسوء كل ما يسوء الإنسان ويغمه وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أشد الناس خسرانا لاشترائهم الضلالة بالهدى فخسروا الجنة ونعيمها وحرموا النجاة من النار واعلم ان اهل الدنيا فى خسارة الآخرة واهل الآخرة فى خسارة المولى فمن لم يلتفت الى الكونين ريح المولى ولما وجد ابو يزيد البسطامي قدس سره فى البادية قحف رأس مكتوب عليه خسر الدنيا والآخرة بكى وقبله وقال هذا رأس صوفى فمن وجد المولى وجد الكل ومن وجد الكل بدون وجدان المولى لم يجد شيأ مفيد أوضاع وقته: وقال الحافظ اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصل وبيخبرى بود قال بعض العارفين كوشفت بأربعين حوراء رأيتهن يتساعين فى الهواء عليهن ثياب من فضة وذهب وجوهر فنظرت إليهن نظرة فعوقبت أربعين يوما ثم كوشفت بعد ذلك بثمانين حوراء فوقهن فى الحسن والجمال وقيل لى انظر إليهن فسجدت وغضضت عينى فى السجود وقلت أعوذ بك مما سواك لا حاجة لى بهذا ولم ازل أتضرع حتى صرفهن عنى فهذا حال العارفين حيث لا يلتفتون الى ما سوى الله تعالى ويكونون عميا عن عالم الملك والملكوت. واما الغافلون الجاهلون فبحبهم ما سواه تعالى عميت عيون قلوبهم وصمت آذانها فانه لا يكون

[سورة النمل (27) : الآيات 6 إلى 10]

فى عالم المعنى الا ويكون أصم وابكم واليه الاشارة بقوله عليه السلام (حبك الشيء يعمى ويصم) بخلاف أعمى الصورة فان سمعه بحاله فى سماع الدعوة وقبولها. فعلى العاقل ان يجتنب عن الأعمال القبيحة المؤدية للرين والردى والأخلاق الرذيلة الموجبة للعمه والعمى بل يتسارع الى العمل بالقرآن الهادي الى وصول المولى والناهي عن الخسران مطلقا وعن الأعمال الصالحة والصلاة. وانما شرعت لمناجاة الحق بكلامه حال القيام دون غيره من احوال الصلاة للاشتراك فى القيومية ولهذا كان من ادب الملوك إذا كلمهم أحد من رعيتهم ان يقوم بين أيديهم ويكلمهم ولا يكلمهم جالسا فتبع الشرع فى ذلك العرف. ومن آداب العارف إذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لا يقصد قراءة سورة معينة او آية معينة وذلك لانه لا يدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فالعارف بحسب ما يناجيه به من كلامه وبحسب ما يلقى الله الحق فى خاطره وكل صلاة لا يحصل منها حضور قلب فهى ميتة لا روح فيها وإذا لم يكن فيها روح فلا تأخذ بيد صاحبها يوم القيامة. ومن الأعمال الصالحة المذكورة الزكاة والصدقة وأفضلها ما يعطى حال الصحة دون مرض الموت وينبغى لمن قرب اجله وأراد ان يعطى شيأ ان يحضر فى نفسه انه مؤد امانة لصاحبها فيحشر مع الأمناء المؤدين أمانتهم لا مع المتصدقين لفوات محل الأفضل فهذه حيلة فى ربح التجارة فى باب الصدقة وفى الانفاق زيادة للمال وتكثير له واطالة لفروعه كالحبوب إذا زرعت وَإِنَّكَ يا محمد لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ لتعطاه بطريق التلقية والتلقين يقال تلقى الكلام من فلان ولقنه إذا اخذه من لفظه وفهمه قال فى تاج المصادر: التلقية [چيزى پيش كسى وآوردن] وقد سبق الفرق بين التلقي والتلقف والتلقن فى سورة النور مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ بواسطة جبريل لامن لدن نفسك ولا من تلقاء غيرك كما يزعم الكفار. ولدن بمعنى عند الا انه ابلغ منه وأخص وتنوين الاسمين للتعظيم اى حكيم أي حكيم وعليم أي عليم وفى تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على طبقته عليه السلام فى معرفته والإحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق فان من تلقى الحكم والعلوم من مثل ذلك الحكيم العليم يكون علما فى رصانة العلم والحكمة وفى التأويلات النجمية يشير الى انك جاوزت حد كمال كل رسول فانهم كانوا يلقون الكتب بايديهم من يد جبريل والرسالات من لفظه وحيا وانك وان كنت تلقى القرآن بتنزيل جبريل على قلبك ولكنك تلقى حقائق القرآن من لدن حكيم تجلى لقلبك بحكمة القرآن وهى صفة القائمة بذاته فعلمك حقائق القرآن وجعلك بحكمته مستعدا لقبول فيض القرآن بلا واسطة وهو العلم اللدني وهو اعلم حيث يجعل رسالته. وفى الجمع بين الحكيم والعليم اشعار بان علوم القرآن منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع ومنها ما ليس كذلك كالقصص والاخبار الغيبية. ثم شرع فى بيان بعض تلك العلوم فقال إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ اهل الإنسان من يختص به اى اى اذكر لقومك يا محمد وقت قول موسى لزوجته ومن معها فى وادي الطور وذلك انه مكث بمدين عند شعيب عشر سنين ثم سار باهله بنت شعيب الى مصر: يعنى [بقصد آنكه تا مادر خويش ودو خواهر خويش يكى زن قارون ويكى زن يوشع بود از آنجا بيارد] فضل الطريق فى

[سورة النمل (27) : آية 8]

ليلة مظلمة شديدة البرد وقد أخذ امرأته الطلق فقدح فاصلد زنده فبداله من جانب الطور نار فقال لاهله اثبتوا مكانكم إِنِّي آنَسْتُ ناراً أبصرت قال فى التاج [الإيناس: ديدن] والباب يدل على ظهور الشيء وكل شىء خالف طريقة التوحش قال مقاتل النار هو النور وهو نور رب العزة رأه ليلة الجمعة عن يمين الجبل بالأرض المقدسة وقد سبق سر تجلى النور فى صورة النار فى سورة طه سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ اى عن حال الطريق اين هو والسين للدلالة على بعد المسافة او لتحقيق الوعد بالإتيان وان ابطأ فيكون للتأكيد: وبالفارسية [زور باشد كه بيارم از نزديك آن آتش خبرى يعنى از كسى كه بر سر آن آتش باشد خبر راه پرسم] أَوْ آتِيكُمْ [يا بيارم] بِشِهابٍ قَبَسٍ اى بشعلة نار مقبوسة اى مأخوذة من معظم النار ومن أصلها ان لم أجد عندها من يدلنى على الطريق فان عادة الله ان لا يجمع حرمانين على عبده يقال اقتبست منه نارا وعلما استفدته منه وفى المفردات الشهاب الشعلة الساطعة من النار المتوقدة والقبس المتناول من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم استعير لطلب العلم والهداية انتهى فان قلت قال فى طه (لَعَلِّي آتِيكُمْ) ترجيا وهنا (سَآتِيكُمْ) اخبارا وتيقنا وبينهما تدافع قلت لا تدافع لان الراجي إذا قوى رجاؤه يقول سافعل كذا مع تجويزه خلاف ذلك لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ رجاء ان تدفعوا البرد بحرها. والصلاء النار العظيمة والاصطلاء [كرم شدن بآتش] قال بعضهم الاصطلاء بالنار يقسى القلب ولم يرو انه عليه السلام اصطلى بالنار فَلَمَّا جاءَها [پس آن هنكام كه آمد موسى نزديك آن آتش نورانى ديد بي إحراق از درختى بسزد كويند آتشى بود محرق چون سائر آتشها] وكانت الشجرة سمرة نُودِيَ جاءه النداء وهو الكلام المسموع من جانب الطور قال فى عرائس البيان كان موسى عليه السلام فى بداية حاله فى مقام العشق والمحبة وكان اكثر احوال مكاشفته فى مقام الالتباس فلما كان بدو كشفه جعل تعالى الشجرة والنار مرآة فعلية فتجلى بجلاله وجماله من ذاته لموسى وأوقعه فى رسوم الانسانية حتى لا يفزع ويدنو من النار والشجرة ثم ناداه فيها بعد ان كاشف له مشاهدة جلاله ولولا ذلك لفنى موسى فى أول سطوات عظمته وعزته أَنْ مفسرة لما فى النداء من معنى القول اى بُورِكَ او بان بورك على انها مصدرية حذف منها الجار جريا على القاعدة المستمرة وبورك مجهول بارك وهو خبر لادعاء اى جعل مباركا وهو ما فيه الخير والبركة والقائم مقام الفاعل قوله مَنْ فِي النَّارِ اى من فى مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة فى قوله تعالى (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) وَمَنْ حَوْلَها اى ومن حول مكانها والظاهر ان المبارك فيه عام فى كل من فى تلك البقعة وحواليها من ارض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الأنبياء وكفاتهم احياء وأمواتا وخصوصا تلك البقعة التي كلم الله فيها موسى وفى ابتداء خطاب الله موسى بذلك عند مجيئه بشارة بانه قد قضى له امر عظيم دينى تنتشر بركاته فى أقطار الأرض المقدسة وهو تكليمه تعالى إياه واستنباؤه له واظهار المعجزات على يده وكل موضع يظهر فيه مشاهدة الحق ومكالمته يكون ذا بركة ألا ترى الى قوله القائل

[سورة النمل (27) : الآيات 9 إلى 10]

إذا نزلت سلمى بواد فماؤه ... زلال وسلسال وجثجاثه ورد ولم يزل يخضر مواطئ أقدام رجال الله فى الصحارى والجبال من بركات حالاتهم مع الله الملك المتعال. ثم ان بعض المفسرين حمل بورك على التحية كما قال الكاشفى [بركت داده باد] وبعضهم حمل من فى النار على الملائكة وذلك ان النور الذي بان قد بارك فيه وفى الملائكة الذين كانوا فى ذلك النور وقال بعض العارفين ان الله أراد بمن فى النار ذاته المقدسة وهو الذي أفاض بركة مشاهدته على موسى وله تعالى ان يتجلى بوصف النار والنور والشجرة والطور وغيرها مما يليق بحال العاشق مع تنزه ذاته وصفاته عن الجهة فى الحقيقة وفى الحديث (ان الله يرى هيئة ذاته كيف يشاء) وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من تمام ما نودى به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبيها وللتعجيب من عظمة ذلك الأمر: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى پروردگار عالميان ز تشبيه آورده اند كه چون موسى اين ندا شنيد كفت ندا كننده كيست باز ندا آمد كه] يا مُوسى إِنَّهُ اى الشان أَنَا اللَّهُ جملة مفسرة للشان الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى القوى القادر على ما يبعد من الأوهام الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير تام قال فى الاسئلة المقحمة قوله (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ) سمعه من الشجرة فدل ذلك على حدوثه لان المسموع من الجهات علامة الحدوث والجواب نحن ننزه كلام الله تعالى عن الجهة والمكان كما نحن ننزه ذاته عن الجهة والمكان فكذلك ننزه كلامه عن الأصوات والحروف وانما كان سماع كلام الله لموسى حصل من جانب الشجرة فالشجرة ترجع الى سماع موسى لا الى الله تعالى فان قلت كيف سمع موسى كلام الله من غير صوت وحرف وجهة قلت ان كان هذا سؤالا عن كيفية الكلام فهذا لا يجوز فان سؤال الكيفية محال فى ذات الله وصفاته إذ لا يقال كيف ذاته من غير جسم وجوهر وعرض وكيف علمه من غير كسب وضرورة وكيف قدرته من غير صلابة وكيف إرادته من غير شهوة وامنية وكيف تكلمه من غير صوت وحرف وان كان سؤال الكيفية عن سماع موسى قلنا خلق الله لموسى علما ضروريا علم به ان الذي سمعه هو كلام الله القديم الأزلي من غير حرف ولا صوت ولا جهة وقد سمعه من الجوانب الستة فصار جميع جوارحه كسمعه اى صار الوجود كله سمعا ثم يصير فى الآخرة كذلك والكامل الواصل له حكم الآخرة فى الدنيا وَأَلْقِ عَصاكَ عطف على بورك اى نودى ان بورك من فى النار وان الق عصاك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من سمع نداء الحق وشاهد أنوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأه غير الله فلا يتوكأ الأعلى فضل الله وكرمه تكيه بر غير خدا كفريست از كفر طريق ... جز بفضل حق مكن تكيه درين ره اى رفيق فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ الفاء فصيحة تفصح عن جملة محذوفة كأنه قيل فالقاها فانقلبت حية تسعى فلما أبصرها تتحرك بحركة شديدة وتذهب الى كل جانب حال كونها كَأَنَّها جَانٌّ حية خفيفة سريعة فشبه الحية العظيمة المسماة: بالفارسية [اژدها] بالجان فى سرعة الحركة والالتواء والجان ضرب من الحيات اى حية كحلاء العين لا تؤذى كثيرة فى الدور كما فى القاموس وقال ابو الليث الصحيح ان الثعبان كان عند فرعون والجان عند الطور وفيه اشارة الى ان كل متوكأ غير الله فى الصورة ثعبان له فى المعنى ولهذا جاء فى المثنوى

[سورة النمل (27) : الآيات 11 إلى 15]

هر خيالى كو كند در دل وطن ... روز محشر صورتى خواهد شدن «1» وَلَّى رجع واعرض موسى: وبالفارسية [روى بگردانيد] مُدْبِراً [در حالتى كه كريزان بود از خوف] قال فى كشف الاسرار أدبر عنها وجعلها تلى ظهره وَلَمْ يُعَقِّبْ ولم يرجع على عقبه من عقب المقاتل إذا كرّ بعد الفرّ وانما اعتراه الرعب لظنه ان ذلك الأمر أريد به هلاك نفسه ويدل عليه قوله يا مُوسى اى قيل له يا موسى لا تَخَفْ اى من غيرى ثقة بي او مطلقا لقوله (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ عندى الْمُرْسَلُونَ فانه يدل على نفى الخوف عنهم مطلقا لكن لا فى جميع الأوقات بل حين يوحى إليهم بوقت الخطاب فانهم حينئذ مستغرقون فى مطالعة شؤون الله لا يخطر ببالهم خوف من أحد أصلا واما سائر الأحيان فهم أخوف الناس منه سبحانه او لا يكون لهم عند سوء عاقبة فيخافون منه وفى التأويلات النجمية يعنى من فر الى الله عما سواه يؤمنه الله مما سواه ويقول له لا تخف فانك لدى ولا يخاف لدى من غيرى القلوب المنورة الملهمة المرسلة إليها الهدايا والتحف من الطافي وفى عرائس البيان لا تخف من الثعبان فان ما ترى ظهور تجلى عظمتى ولا يخاف من مشاهدة عظمتى وجلالى فى مقام الالتباس المرسلون فانهم يعلمون اسرار ربوبيتى ولما علم ان موسى كان مستشعرا حقيقة من قتله القبطي قال تعريضا به إِلَّا مَنْ ظَلَمَ استثناء منقطع اى لكن من ظلم نفسه من المرسلين بذنب صدر منه كآدم ويونس وداود وموسى وتعبير الظلم لقول آدم ربنا ظلمنا أنفسنا وموسى رب انى ظلمت نفسى ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ [پس بدل كند وبجاى آرد نيكويى بعد از بدى يعنى توبه كند بعد از كناه] فَإِنِّي غَفُورٌ للتائبين رَحِيمٌ مشفق عليهم اختلفوا فى جواز الذنب على الأنبياء وعدمه قال الامام والمختار عندنا انه لم يصدر عنهم ذنب حال النبوة لا الصغير ولا الكبير وترك الاولى منهم كالصغيرة منا لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وفى الفتوحات اعلم ان معاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم بحكم الشهوة الطبيعية وانما تكون معاصيهم بالخطأ فى التأويل وإيضاح ذلك ان الحق تعالى إذا أراد إيقاع المخالفة من العارف بالله زين له الوقوع فى ذلك العمل بتأويل لان معرفة العارف تمنعه من الوقوع فى المخالفة دون تأويل يشهد فيه وجه الحق فان العارف لا يقع فى انتهاك الحرمة ابدا ثم إذا وقع فى ذلك المقدور بالتزيين او التأويل يظهر له تعالى فساد ذلك التأويل الذي اداه الى ذلك الفعل كما وقع لآدم عليه السلام فانه عصى بالتأويل فعند ذلك يحكم العارف على نفسه بالعصيان كما حكم عليه بذلك لسان الشريعة وكان قبل الوقوع غير عاص لاجل شبهة التأويل كما ان المجتهد فى زمان فتواه بامر ما اعتقادا منه ان ذلك عين الحكم المشروع فى المسألة لا يوصف بخطأ ثم فى ثانى الحال إذا ظهر له بالدليل انه اخطأ حكم عليه لسان الظاهر انه اخطأ فى زمان ظهور الدليل لا قبل ذلك فعلم انه يمكن لعبد ان يعصى ربه على الكشف من غير تأويل او تزيين او غفلة او نسيان ابدا واما قول ابى يزيد قدس سره لما قيل له أيعصى العارف الذي هو من اهل الكشف فقال نعم وكان امر الله قدرا مقدورا فلا ينافى ذلك اى لان من ادب العارفين ان لا يحكموا عليه بتقييد كأنه يقول ان كان الحق تعالى قدر عليهم فى سابق علمه بشىء فلا بد

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم إلخ

[سورة النمل (27) : الآيات 12 إلى 14]

من وقوعه وإذا وقع فلا بد له من حجاب أدناه التأويل او التزيين فاعلم ذلك وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ [در آر دست خود را در كريبان پيرهن خود] ولم يقل فى كمك لانه كان عليه مدرعة من صوف لا كم لها ولا أزرار فكانت يده الكريمة مكشوفة فامر بإدخال يده فى مدرعته وهى جبة صغيرة يتدرع بها اى تلبس بدل الدرع وهو القميص تَخْرُجْ حال كونها بَيْضاءَ براقة لها شعاع كشعاع الشمس اى ان أدخلتها تخرج على هذه الصفة مِنْ غَيْرِ سُوءٍ اى آفة كبرص ونحوه فِي تِسْعِ آياتٍ خبر مبتدأ محذوف اى هما داخلتان فى جملتها فتكون الآيات تسعا بالعصا واليد وهنّ العصا واليد البيضاء والجدب فى البوادي ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم إِلى فِرْعَوْنَ اى حال كونك مبعوثا اليه وَقَوْمِهِ القبط إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ تعليل للبعث اى خارجين عن الحدود فى الكفران والعدوان فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا التسع بان جاءهم موسى بها وظهرت على يده حال كونها مُبْصِرَةً مستنيرة واضحة اسم فاعل اطلق على المفعول اشعارا بانها لفرط انارتها ووضوحها للابصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ واضح سحريته: يعنى [همه كس داند كه اين سحر است] وَجَحَدُوا بِها كذبوا بألسنتهم كونها آيات الهية. والجحود انكار الشيء بعد المعرفة والإيقان تعنتا وأريد هنا التكذيب لئلا يلزم استدراك قوله وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ الواو للحال. والاستيقان [بى گمان شدن] اى وقد علمتها أنفسهم اى قلوبهم وضمائرهم علما يقينيا انها من عند الله وليست بسحر قال ابو الليث وانما استيقنتها قلوبهم لان كل آية رأوها استغاثوا بموسى وسألوا منه بان يكشف عنهم فكشف عنهم فظهر لهم بذلك انها من الله تعالى ظُلْماً نفسانيا علة لجحدوا وَعُلُوًّا اباء واستكبارا شيطانيا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ [پس بنكر يا محمد كه چكونه بود] عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وهو الإغراق فى الدنيا والإحراق فى الآخرة: وبالفارسية [عاقبت كار تباه كاران كه در دنيا بآب غرقه شدند ودر عقبى بآتش خواهند سوخت] هم حالت مفسدان خوش است ... سرانجام اهل فساد آتش است وفى هذا تمثيل لكفار قريش إذ كانوا مفسدين مستعلين فمن قدر على إهلاك فرعون كان قادرا على إهلاك من هو على صفته وذلك الى يوم القيامة فان جلال الله تعالى دائم للاعداء كما ان جماله باق للاولياء مستمر فى كل عصر وزمان فعلى العاقل ان يتعظ بحال غيره ويترك الأسباب المؤدية الى الهلاك مثل الظلم والعلو الذي هو من صفات النفس الامارة ويصلح حاله بالعدل والتواضع وغير ذلك مما هو من ملكات القلب والاشارة فى الآية الى ان الذين أفسدوا استعداد الانسانية لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة كان عاقبتهم انهم نزلوا منازل الحيوانات من الانعام والسباع وقرنوا مع الشياطين فى الدرك الأسفل من النار فانظر الى ان الارتقاء الى السودد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل إذ النفس والطبيعة كالحجر المرمى الى الهواء تهوى الى الهاوية فاذا اجتهد المرء فى تلطيفها بالمجاهدات والرياضات تشرف

[سورة النمل (27) : آية 15]

بالارتقاء فى الدرجات وتخلص من الانحطاط الى الدركات: قال الحافظ بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى فما أقبح المرء ان يكون حسن جسمه باعتبار قبح نفسه كجنة يعمرها يوم وصرمة يحرسها ذئب وان يكون اعتباره بكثرة ماله وحسن اثاثه كثور عليه حلى ففضل الإنسان بالهمم العالية والاتباع بالحق والأدب والعقل الذي يعقله عن الوقوع فى الورطات بارتكاب المنهيات نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من القابلين لارشاده والعاملين بكتابه المحفوظين عن عذابه المغبوطين بثوابه وَلَقَدْ اى وبالله قد آتَيْنا أعطينا داوُدَ وَسُلَيْمانَ اى كل واحد منهما قال فى مشكاة الأنوار قالت نملة لسليمان عليه السلام يا نبى الله أتدري لم صار اسم أبيك داود واسمك سليمان قال لا قالت لان أباك داوى قلبه عن جراحة الالتفات الى غير الله فودّ وأنت سليم تصغير سليم آن لك اى حان لك ان تلحق بأبيك عِلْماً اى طائفة من العلم لائقة به من علم الشرائع والاحكام وغير ذلك مما يختص بكل منهما كصنعة لبوس وتسبيح الجبال ومنطق الطير والدواب فان الله تعالى علم سبعة نفر سبعة أشياء. علم آدم اسماء الأشياء فكان سببا فى حصول السجود والتحية. وعلم الخضر علم الفراسة فكان سببا لان وجد تلميذا مثل موسى ويوشع. وعلم يوسف التعبير فكان سببا لوجدان الأهل والمملكة. وعلم داود صنعة الدروع فكان سببا لوجدان الرياسة والدرجة. وعلم سليمان منطق الطير فكان سببا لوجدان بلقيس. وعلم عيسى الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل فكان سببا لزوال التهمة عن الشر. وعلم محمدا صلى الله عليه وسلم الشرع والتوحيد فكان سببا لوجود الشفاعة وقال الماوردي المراد بقوله (عِلْماً) علم الكيمياء وذلك لانه من علوم الأنبياء والمرسلين والأولياء العارفين كما قال حضرة مولانا قدس سره الأعلى از كرامات بلند أوليا ... اولا شعرست وآخر كيميا والكيمياء فى الحقيقة القناعة بالموجود وترك التشوف الى المفقود كيميايى ترا كنم تعليم ... كه در اكسير ودر صناعت نيست «1» رو قناعت كزين كه در عالم ... كيميايى به از قناعت نيست قال فى كشف الاسرار [داود از أنبياء بنى إسرائيل بود از فرزندان يهوذا بن يعقوب وروزكار وى بعد از روزكار موسى بود بصد هفتاد ونه سال وملك وى بعد از ملك طالوت بود وبنى إسرائيل همه بتبع وى شدند وملك بر وى مستقيم كشت اينست رب العالمين كفت (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) هر شب سى وهزار مرد از بزركان بنى اسرائيلى او را حارس بودند وبا وى ملك علم بود ونبوت چنانكه كفت جل جلاله (آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) وحكم كه راندند وعمل كه كردند از احكام توراة كردند كه كتاب وى زبور همه موعظت بود در ان احكام امر ونهى نبود] قال ابن عطاء قدس سره (عِلْماً) اى علما بربه وعلما بنفسه واثبت لهما علمهما بالله علم أنفسهما واثبت لهما علمهما بانفسهما حقيقة العلم بالله لذلك قال امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه «من عرف نفسه فقد عرف ربه»

_ (1) لم أجد فليراجع

بر وجود خداى عز وجل ... هست نفس تو حجت قاطع چون بدانى تو نفس را دانى ... كوست مصنوع وايزدش صانع واعلم ان العلم علمان علم البيان وهو ما يكون بالوسائط الشرعية وعلم العيان وهو ما يستفاد من الكشوفات الغيبية فالمراد بقوله عليه السلام (سائل العلماء وخالط الحكماء وجالس الكبراء) اى سائل العلماء بعلم البيان فقط عند الاحتياج الى الاستفتاء منهم وخالط العلماء بعلم العيان فقط وجالس الكبراء بعلم البيان والاحكام وعلم المكاشفة والاسرار فامر بمجالستهم لان فى تلك المجالسة منافع الدنيا والآخرة تو خود بهترى جوى وفرصت شمار ... كه با چون خودى كم كنى روزكار وَقالا اى كل واحد منهما شكرا لما أوتيه من العلم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا بما آتانا من العلم عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ على ان عبارة كل منهما فضلنى الا انه عبر عنهما عند الحكاية بصيغة المتكلم مع الغير ايجازا وبهذا ظهر حسن موقع العطف بالواو إذ المتبادر من العطف بالفاء ترتب حمد كل منهما على إيتاء ما اوتى كل منهما لا على إيتاء ما اوتى نفسه فقط وقال البيضاوي عطفه بالواو اشعارا بان ما قالاه بعض ما أتيا به فى مقابلة هذه النعمة كأنه قال ففعلا شكرا له ما فعلا وقالا الحمد لله إلخ انتهى والكثير المفضل عليه من لم يؤت مثل علمهما لا من لم يؤت علما أصلا فانه قد بين الكثير بالمؤمنين وخلوهم من العلم بالكلية مما لا يمكن وفى تخصيصهما الكثير بالذكر رمز الى ان البعض متفضلون عليهما وفيه أوضح دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكرا على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه ما أوتيا من الملك الذي لم يؤته غيرهما وتحريض للعلماء على ان يحمدوا الله تعالى على ما آتاهم من فضلة ويتواضعوا ويعتقدوا انهم وان فضلوا على كثير فقد فضل عليهم كثير وفوق كل ذى علم عليم ونعم ما قال امير المؤمنين عمر رضى الله عنه كل الناس افقه من عمر وفى الآية اشارة الى داود الروح وسليمان القلب وعلمهما الإلهام الرباني وعلم الأسماء الذي علم الله آدم عليه السلام وحمدهما على ما فضلهما على الأعضاء والجوارح المستعملة فى العبودية فان شأن الأعضاء العبودية والعمل وشأن الروح والقلب العلم والمعرفة وهو اصل وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال فقال (العلم بالله والفقه فى دينه) وكررهما عليه فقال يا رسول الله اسألك عن العمل فتخبرنى عن العلم فقال (ان العلم ينفعك معه قليل العمل وان الجهل لا ينفعك معه كثير العمل) والمتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة قال فتح الموصلي قدس سره أليس المريض إذا منع عنه الطعام والشراب والدواء يموت فكذا القلب إذا منع عنه العلم والفكر والحكمة يموت ثم ان الامتلاء من الاغذية الظاهرة يمنع التغذي بالاغذية الباطنة كما قال الشيخ سعدى رحمه الله [عابدى حكايت كنند كه هر شب ده من طعام بخوردى وتا بسحر ختمى در نماز بگردى صاحب دلى بشنيد وكفت اگر نيم نان بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتر بودى]

[سورة النمل (27) : الآيات 16 إلى 20]

اندرون از طعام خالى دار ... تا درو نور ومعرفت بينى نهى از حكمتى بعلت آن ... كه پرى از طعام تا بينى وكذا العجب والكبر يمنع النور والصفاء كما قال فى البستان ترا كى بود چون چراغ التهاب ... كه از خود پرى همچوقنديل از آب فاذا أصلح المرء ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة كان مستعدا لفيض العلم الذي أوتوه الأنبياء والأولياء وفضلوا بذلك على مؤمنى زمانهم وهذا التفضيل سبب لمزيد الحمد والشكر لله تعالى فان الثناء بقدر الموهبة والعطية نحمد الله تعالى على آلائه ونعمائه ونستزيد العلم وقطرانه من دأمائه ونسأله التوفيق فى طريق التحقيق والثبات على العمل الصالح بالعلم النافع الذي هو للهوى قامع وللشهوات دافع انه المفضل المنعم الكبير والوهاب الفياض الرحيم وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ اى صار اليه العلم والنبوة والملك بعد موت أبيه دون سائر أولاده فسمى ميراثا تجوزا لان حقيقة الميراث فى المال والأنبياء انما يرثون الكمالات النفسانية ولا قدر للمال عندهم قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه (أنت أخي ووارثي) قال وما إرثك قال (ما ورث الأنبياء قبلى كتاب الله وسنتى) وسأل بعض الاقطاب ربه ان يعطى مقامه لولده فقال له الحق فى سره مقام الخلافة لا يكون بالوراثة انما ذلك فى العلوم او الأموال والمريد الصادق يرث من شيخه علوم الحقائق بعد كونه مستعدا لها فتصير تلك الحقائق مقاماته لذلك قال عليه السلام (العلماء ورثة الأنبياء) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سليمان القلب يرث داود الروح فان كل وارد والهام واشارة ووحي وفيض ربانى يصدر من الحضرة الالهية يكون عبوره على الروح ومن كمال لطافته يعبر عنه فيصل الى القلب لان القلب بصفاته يقبله وبكثافته وصلابته يحفظه فلهذا شرف القلب على الروح ولذلك قال سليمان أقضي من داود وقال عليه السلام (يا وابصة استفت قلبك) ولم يقل استفت روحك قال الكاشفى [كويند داود را نوزده پسر بودند هر يك داعيه ملك داشتند حق سبحانه وتعالى نامه مهر كرده از آسمان فرستاد ودر و چند مسئله ياد كرد وفرمود كه هر كه از أولاد تو اين مسائل را جواب دهد بعد از تو وارث ملك باشد داود فرزندانرا جمع كرد وأحبار واشراف را حاضر كردانيده ومسئلها بر فرزندان عرض كرد كه بگوييد كه. نزديكترين چيزها كدامست. ودورترين اشيا چيست. وآنكه انس بدو بيشترست كدامست. وآنكه وحشت افزايد چيست. وكدامند دو قائم. ودو مختلف. ودو دشمن. وكدام كارست كه آخر آن ستوده است. وكدام امرست كه عاقبت آن نكوهيده است أولاد حضرت داود از جواب آن عاجز آمدند سليمان فرمود كه اگر اجازت باشد من جواب دهم داود ويرا دستورى داد سليمان كفت. اقرب اشيا بآدمى موتست. وابعد اشيا آنچهـ ميكذرد از دنيا. وآنكه انس بدو بيشترست جسد انسانست با روح. وأوحش اشيا بدن خالى از روح. اما قائمان ارض وسمااند. ومختلفان ليل ونهار. ومتباغضان موت وحيات. وكاريكه آخرش محمود است حلم در وقت خشم. وكارى كه عاقبتش مذموم است حدت در وقت غضب و چون جواب مسائل موافق كتاب منزل بود أكابر

بنى إسرائيل بفضل وكمال سليمان معترف شدند وداود ملك را بدو تسليم كرد وديكر روز وفات كرد وسليمان بر تخت نشست] وَقالَ تشهيرا لنعمة الله تعالى ودعاء للناس الى التصديق بذكر المعجزات الباهرة التي أوتيها اى لا فخرا وتكبرا قال البقلى ان سليمان عليه السلام اخبر الخلق بما وهبه الله لان المتمكن إذا بلغ درجة التمكين يجوز له ان يخبر الخلق بما عنده من موهبة الله لزيادة ايمان المؤمنين وللحجة على المنكرين قال تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ النون نون الواحد المطاع على عادة الملوك فانهم متكلمون مثل ذلك رعاية لقاعدة السياسة لا تكبرا وتجبرا وكذا فى أوتينا وقال بعضهم علمنا اى انا وابى وهذا ينافى اختصاص سليمان بفهم منطق الطير على ما هو المشهور والمنطق والنطق فى التعارف كل لفظ يعبر به عما فى الضمير مفردا او مركبا وقد يطلق على كل ما يصوّت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد يقال نطقت الحمامة إذا صوتت قال الامام الراغب النطق فى التعارف الأصوات المقطعة التي يظهرها اللسان وتعيها الآذان ولا يكاد يقال الا للانسان ولا يقال لغيره الا على سبيل التبع نحو الناطق والصامت فيراد بالناطق ماله صوت وبالصامت ما لا صوت له ولا يقال للحيوانات ناطق الا مقيدا او على طريق التشبيه وسميت أصوات الطير منطقا اعتبارا بسليمان الذي كان يفهمه فمن فهم من شىء معنى فذلك الشيء بالاضافة اليه ناطق وان كان صامتا وبالاضافة الى من لا يفهم عنه صامت وان كان ناطقا والطير جمع طائر كركب وراكب وهو كل ذى جناح يسج فى الهواء ويجرى وكان سليمان يعرف نطق الحيوان غير الطير ايضا كما يجيئ من قصة النمل لكنه أدرج هذا فى قوله (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) وخص منطق الطير لشرف الطير على سائر الحيوان. ومعنى الآية علمنا فهم ما يقوله كل طائر إذا صوت: وبالفارسية [اى مردمان آموخته شديم ما كفتار مرغانرا كه ايشان چهـ ميكويند] وكل صنف من اصناف الطير يتفاهم أصواته: يعنى [هر جماعتى را از طيور آوازيست كه جز نوع انسان از ان فهم معانى واغراض نكند] والذي علمه سليمان من منطق الطير هو ما يفهمه بعضه من بعض من أغراضه قال فى انسان العيون وهذا فى طائر لم يفصح العبارة والا فقد سمع من بعض الطيور الإفصاح بالعبارة فنوع من الغربان يفصح بقوله الله حق وعن بعضهم قال شاهدت غرابا يقرأ سورة السجدة وإذا وصل محل السجود سجد وقال سجد لك سوادى وآمن بك فؤادى. والدرة تنطق بالعبارة الفصيحة وقد وقع لى انى دخلت منزلا لبعض أصحابنا وفيه درة لم ارها فاذا هى تقول مرحبا بالشيخ البكري وتكرر ذلك وعجبت من فصاحة عبارتها انتهى- حكى- ان رجلا خرج من بغداد ومعه اربعمائة درهم لا يملك غيرها فوجد فى طريقه أفراخ زريات وهو ابو زريق فاشتراها بالمبلغ الذي كان معه ثم رجع الى بغداد فلما أصبح فتح دكانه وعلق الافراخ عليها فهبت ريح بارادة فماتت كلها الا فرخا واحدا كان أضعفها وأصغرها فايقن الرجل بالفقر فلم يزل يبتهل الى الله تعالى بالدعاء ليله كله يا غياث المستغيثين أغثني فلما أصبح زال البرد وجعل ذلك الفرخ ينفش ريشه ويصيح بصوت فصيح يا غياث المستغيثين أغثني فاجتمع الناس عليه يسمعون صوته

فاجتازت امة لامير المؤمنين فشرته منه بألف درهم كذا فى حياة الحيوان قال الامام الدميري ابو زريق هو القنق وهو طائر على قدر اليمامة واهل الشام يسمونه زريق وهو ألوف للناس فيه قبول للتعليم وسرعة ادراك لما تعلم- ويحكى- ان سليمان عليه السلام مر على بلبل فى شجرة يتصوت ويترقص اى يحرك رأسه ويميل ذنبه فقال لاصحابه أتدرون ما يقول فقالوا الله اعلم ونبيه قال يقول إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء اى التراب والدروس وبالفارسية [خاك بر سر دنيا] ولعله كان صوت البلبل عن شبع وفراغ بال. وصاحت فاختة فاخير انها تقول ليت ذا الخلق لم يخلقوا ولعله كان صياحها عن مقاساة شدة وتألم قلب. وصاح طاوس فقال يقول كما تدين تدان. وصاح هدهد فقال يقول استغفروا الله يا مذنبون. وهكذا صاح الصرد فمن ثمة نهى رسول الله عن قتله وهو طائر فوق العصفور يصيد العصافير وغيرها لان له صفيرا مختلفا يصفر لكل طائر يريد صيده بلغته فيدعوه الى القرب منه فاذا قرب منه قصمه من ساعته وأكله. وفى بعض الروايات يقول الهدهد من لا يرحم لا يرحم وقد يجمع بينه وبين ما تقدم بانه يجوز ان يقول تارة هذا واخرى ما تقدم. وصاح طيطوى فقال يقول كل حى ميت وكل جديد بال ونسبه فى كشف الاسرار الى الطوطى. وصاح خطاف فقال يقول قدموا خيرا تجدوه وفى الكشف إذا صاح الخطاف قرأ الحمد لله رب العالمين ويمد الضالين كما يمدها القارئ وهو بضم الخاء المعجمة كرمان جمعه خطاطيف وسمى زوار الهند وهو من الطيور القواطع الى الناس يقطع البلاد البعيدة إليهم رغبة فى القرب منهم وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة لانه زهد عما فى أيديهم من الأقوات فاحبوه لانه انما يتقوّت من البعوض والذباب. وصاح القمرىّ فقال يقول سبحان ربى الأعلى. وصاح رخمة او حمامة فاخبر انها تقول سبحان ربى الأعلى ملء سمائه وارضه والرخمة طائر أصم ابكم لا يسمع ولا يتكلم ولذلك قالوا ان أطول الطير أعمارا الرخم فالسلامة والبركة فى العمر فى حفظ اللسان. وقال الحدأة تقول كل شىء هالك الا الله وهو بالفارسية [زغن وغليواج] قال خسرو دهلوى بهر اين مردار چندت كاه زارى كاه زو ... چون غليواجى كه شش مه ماده وشش مه نرست . والقطاة تقول من سكت سلم وهى طائر معروف قدر اليمام ويشبهه سميت بحكاية صوتها لانها تقول قطاقطا قال ابن ظفر القطا طائر يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطئ لا صادرا ولا واردا اى ذهابا وإيابا ولذا يضرب به المثل فيقال «اهدى من قطاة» . والببغا يقول ويل لمن كانت الدنيا همه والمراد به الطوطى وهو طائر اخضر قال الكاشفى [وباز ميكويد سبحان ربى العظيم وبحمده] قال فى حياة الحيوان البازي لا تكون الا أنثى وذكرها من نوع آخر الخدأة والشاهين ولهذا اختلف أشكالها وهو من أشد الحيوان تكبرا وأضيقها خلقها [وهزار دستان ميكويد] سبحان الخالق الدائم والديك يقول اذكروا الله يا غافلون دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به ز هر كارست ... سعادت آن كسى دارد كه وقت صبح بيدارست خروسان در سحر كويند قم يا ايها الغافل ... تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيارست

وكان له عليه السلام ديك ابيض وفى الحديث (الديك الأبيض صديقى وصديق صديقى وعدو عدوى) كما فى الوسيط وهو يصيح عند رؤية الملك كما ان الحمار ينهق عند رؤية الشيطان. والنسر يقول يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت وفى هذا مناسبة لما خص النسر به من طول العمر يقال انه يعمر الف سنة وهو أشد الطير طيرانا وأقواها جناحا حتى انه يطير ما بين المشرق والمغرب فى يوم واحد وليس فى سباع الطير اكبر جثة منه وهو عريف الطير كما فى حياة الحيوان. والعقاب يقول فى البعد عن الناس انس. والضفدع يقول سبحان ربى القدوس او سبحان المعبود فى لجج البحار- وحكى- ان نبى الله داود عليه السلام ظن فى نفسه ان أحدا لم يمدح خالقه بأفضل مما مدحه فانزل الله عليه ملكا وهو قاعد فى محرابه والبركة الى جنبه فقال يا داود افهم ما تصوت به الضفادع فأنصت إليها فاذا هى تقول سبحانك وبحمدك منتهى علمك فقال له الملك كيف ترى قال والذي جعلنى نبيا انى لم امدحه بهذا وعن انس رضى الله عنه لا تقتلوا الضفادع فانها مرت بنار ابراهيم عليه السلام فحملت فى أفواهها الماء وكانت ترشه على النار. ونهى النبي عليه السلام عن قتل خمسة النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد. ويقول الورشان لدوا للموت وابنوا للخراب وهذه لام العاقبة قيل الورشان طائر يتولد بين الفاختة والحمامة ويوصف بالحنو على أولاده حتى انه ربما قتل نفسه إذا وجدها فى يد القابض. ويقول الدراج الرحمن على العرش استوى. ويقول القنبر اللهم العن مبغضى محمد وآل محمد. ويقول الحمار اللهم العن العشار وأسند هذا الى الغراب فى بعض الروايات. ويقول الفرس إذا التقى الصفان سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ويقول الزر زور اللهم انى اسألك قوت يوم بيوم يا رزاق وهو بضم الزاى طائر صغير من نوع العصفور سمى بذلك لزرزرته اى لصوته: وقال مولانا قدس سره فى بعض كلماته شيخ مرغانست لك لك لك لكش دانى كه چيست ... الحمد لك والأمر لك والملك لك يا مستعان قال سليمان عليه السلام ليس من الطيور انصح لبنى آدم واشفق عليهم من البومة تقول إذا وقعت عند حربة اين الذين كانوا يتنعمون فى الدنيا ويسعون فيها ويل لبنى آدم كيف ينامون وامامهم الشدائد تزودوا يا غافلون وتأهبوا لسفركم: قال الحافظ دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل ... كه زاد راهروان چستيست و چالاكى قال مقاتل كان سليمان عليه السلام جالسا إذ مر به طير يصوت فقال لجلسائه هل تدرون ما يقول هذا الطائر الذي مر بنا قالوا أنت اعلم قال سليمان انه قال لى السلام عليك ايها الملك المسلط على بنى إسرائيل اعطاك الله الكرامة وأظهرك على عدوك انى منطلق الى فروخى ثم امرّ بك الثانية وانه سيرجع إلينا الثانية فانظروا الى رجوعه قال فنظر القوم إذ مرّ بهم فقال السلام عليك ايها الملك ان شئت ايذن لى كيما اكتسب على فروخى حتى أشبعها ثم آتيك فتفعل بي ما شئت فاخبرهم سليمان بما قال فاذن له وفى عرائس البيان اعلم ان أصوات الطيور والوحوش وحركات الأكوان جميعا هى خطاب من الله للانبياء والمرسلين والأولياء

[سورة النمل (27) : آية 17]

العارفين يفهمونها من حيث أحوالهم ومقاماتهم فالانبياء والمرسلون يعرفون لغاتها ومعانيها بعينها واما الأولياء فانما يعرفونها بغير لغاتها يعنى يفهمون من أصواتها ما يتعلق بحالهم بما يقع فى قلوبهم من الهام الله تعالى لا بانهم يعرفون لغاتها بعينها والاشارة ان طيور الأرواح الناطقة فى الأشباح تنطق بالحق من الحق ونطقها تلفظ الرموز والاسرار بلغة الأنوار ولا يسمعها الا ذو فراسة صادقة قلبه وعقله شاهدان والطف الاشارة علمنا منطق اطار الصفات التي تعبر عن علوم الذات ومنطق أطيار أفعاله التي تخبر عن بطون حكم الازليات قال ابو عثمان المغربي قدس سره من صدق مع الله فى جميع أحواله فهم عنه كل شىء او فهم هو عن كل شىء وكما ان صوت الطبل مثلا دليل يعرفون بسماعه وقت الرحيل والنزول فالحق سبحانه يخص اهل الحضور بفنون التعريفات من سماع الأصوات وشهود احوال المرئيات مع اختلافها كما قيل إذا المرء كان له فكرة ... ففى كل شىء له عبرة وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أراد كثرة ما اوتى به كما يقال فلان يقصده كل أحد ويعلم كل شىء ويراد به كثرة قصاده وغزارة علمه وقال الكاشفى [وداده شديم يعنى ما را عطا كردند هر چيزى كه بدان محتاج بوديم] وفى كشف الاسرار يعنى الملك والنبوة والكتاب والرياح وتسخير الجن والشياطين ومنطق الطير والدواب ومحاريب وتماثيل وجفان كالجواب وعين القطر وعين الصفر وانواع الخير إِنَّ هذا المذكور من التعليم والإيتاء لَهُوَ الْفَضْلُ والإحسان من الله تعالى الْمُبِينُ الواضح الذي لا يخفى على أحد وفى الوسيط لهو الزيادة الظاهرة على ما اعطى غيرنا قاله على سبيل الشكر والحمد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انا سيد ولد آدم ولا فخر) اى أقول هذا القول شكرا لا فخرا قيل اعطى سليمان ما اعطى داود وزيد له تسخير الجن والريح وفهم نطق الطير وفى زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي يتمنع بها الناس وملك سبعمائة سنة وستة أشهر ولما تولى الملك جاءه جميع الحيوانات يهنئونه الانملة واحدة فجاءت تعزيه فعاتبها النمل فى ذلك فقالت كيف اهنيه وقد علمت ان الله إذا أحب عبدا زوى عنه الدنيا وحبب اليه الآخرة وقد شغل سليمان بامر لا يدرى ما عاقبته فهو بالتعزية اولى من التهنئة ذكره السيوطي فى فتاواه قال عمر رمى الله عنه للنبى عليه السلام أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب وخضعت له الأجساد ما هو فقال (ظل الله فى الأرض فاذا احسن فله الاجر وعليكم الشكر وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر) وسأل يزدچرد حكيما ما صلاح الملك قال الرفق بالرعية وأخذ الحق منها بغير عنف والتودد إليها بالعدل وأمن السبل وانصاف المظلوم: قال الشيخ سعدى رعيت نشايد ببيداد كشت ... كه مر سلطنت را پناهند و پشت مراعات دهقان كن از بهر خويش ... كه مزدور خوشدل كند كار بيش وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ الحشر إخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها فلا يقال الحشر الا فى الجماعة كما فى المفردات. والحشر [كردكردن] كما فى التاج والجنود

جمع الجند يقال للعسكر الجند اعتبارا بالغلظ من الجند للارض الغليظة التي فيها حجارة ثم يقال لكل مجتمع جند نحو الأرواح جنود مجندة قال فى كشف الاسرار الجند لا يجمع وانما قال جنوده لاختلاف أجناس عساكره مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فكل جنس من الخلق جند على حدة قال تعالى (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) فالبعوض لنمرود جند والأبابيل لاصحاب الفيل جند والهدهد لعسكر عوج جند والعنكبوت والحمامة لرسول الله عليه السلام جند وعلى هذا والمعنى اخرج لسليمان وجمع له عساكره فى مسير وسفر كان له من الشام الى طرف اليمن وفى فتح الرحمن من إصطخر الى اليمن وإصطخر بكسر الهمزة وفتح الطاء بلدة من بلاد فارس كانت دار السلطنة لسليمان عليه السلام من الجن والانس والطير بمباشرة الرؤساء من كل جنس لانه كان إذا أراد سفرا امر فجمع له طوائف من هؤلاء الجنود وتقديم الجن للمسارعة الى الإيذان بكمال قوة ملكه من أول امر لما ان الجن طائفة طاغية بعيدة من الحشر والتسخير فَهُمْ يُوزَعُونَ الوزع بمعنى الكف والمنع عن التفرق والانتشار والوازع الذي يكف الجيش عن التفرق والانتشار ويكف الرعية عن التظالم والفساد وجمعه وزعة. والمعنى يحبس اوائلهم على أواخرهم ليتلاحقوا ويجتمعوا ولا ينتشروا كما هو حال الجيش الكثير وكان لكل صنف من جنوده وزعة ومنعة ترد أولاهم على أخراهم صيانة من التفرق [ودرين اشارت هست كه ايشان با وجود كثرت عدد مهمل و پريشان نبودند بلكه ضبط وربط ايشان بمرتبه بود كه هيچكس از لشكريان از مقر مقرر خود پيش و پس نتوانستى رفت] ويجوز ان يكون ذلك لترتيب الصفوف كما هو المعتاد كما قال فى المختار الوازع الذي يتقدم الصف فيصلحه ويقدم ويؤخر وتخصيص حبس اوائلهم بالذكر دون سوق أواخرهم مع ان التلاحق يحصل بذلك ايضا لما ان أواخرهم غير قادرين على ما يقدر عليه اوائلهم من السير السريع وهو إذا لم يسيرهم بتسيير الريح فى الجو وفى كشف الاسرار (فَهُمْ يُوزَعُونَ) اى يكفون عن الخروج والطاعة ويحبسون عليها وهو قوله تعالى (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) انتهى- روى- ان معسكره عليه السلام كان مائة فرسخ فى مائة خمسة وعشرون للانس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للطير وخمسة وعشرون للوحش وكان له الف بيت من القوارير مصنوعة على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة سبعمائة سرية وقد نسجت له الجن بساطا من ذهب وإبريسم فرسخا فى فرسخ وكان يوضع منبره فى وسطه وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة الف كرسى من ذهب وفضة فتقعد الأنبياء على كراسى الذهب والعلماء على كراسى الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تقع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر- ويروى- انه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره فاوحى الله تعالى اليه وهو يسير بين السماء والأرض انى قد زدت فى ملكك ان لا يتكلم بشىء الا ألقته الريح فى سمعك فيحكى انه مرّ بحراث فقال لقد اوتى آل داود ملكا عظيما فالتقه الريح فى اذنه فنزل ومشى الى الحراث وقال انما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر

[سورة النمل (27) : آية 18]

عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها الله تعالى خير مما اوتى آل داود ومرّ سليمان بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال هذه دار هجرة نبى فى آخر الزمان طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اتبعه وطوبى لمن اقتدى به حَتَّى ابتدائية وغاية للسير المنبئ عنه قوله (فَهُمْ يُوزَعُونَ) كأنه قيل فساروا حتى إِذا أَتَوْا أشرفوا عَلى وادِ النَّمْلِ وأتوه من فوق وقال بعضهم تعدية الفعل بكلمة على لما ان المراد بالإتيان عليه قطعه من قولهم اتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره ولعلهم أرادوا ان ينزلوا عند منتهى الوادي إذ حينئذ يخافهم ما فى الأرض لا عند مسيرهم فى الهواء كما فى الإرشاد وسيجيئ غير هذا. والوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء. والنمل معروف الواحدة نملة: بالفارسية [مور] سميت نملة لتنملها وهى كثرة حركتها وقلة قوائمها ومعنى وادي النمل واد يكثر فيه النمل كما يقال بلاد الثلج يكثر فيه الثلج والمراد هنا واد بالشام او بالطائف كثير النمل والمشهور انه النمل الصغير وقيل كان نمل ذلك المكان كالذئاب والبخاتي ولذا قال بعضهم فى وادي النمل هو واد يسكنه الجن والنمل مراكبهم قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ جواب إذا كأنها لما رأتهم متوجهين الى الوادي فرت منهم فصاحت صيحة نبهت بها سائر النمل الحاضرة فتبعتها فى الفرار فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك اجروا مجراهم حيث جعلت هى قائلة وما عداها من النمل مقولا لهم مع انه لا يمتنع ان يخلق الله فيها النطق وفيما عداها العقل والفهم. وكانت نملة عرجاء لها جناحان فى عظم الديك او النعجة او الذئب وكانت ملكة النمل: يعنى [مهتر مورچكان آن وادي بود] واسمها منذرة او طاخية او جرمى سميت بهذا الاسم فى التوراة او فى الإنجيل او فى بعض الصحف الالهية سماها الله تعالى بهذا الاسم وعرفها به الأنبياء قبل سليمان وخصت بالتسمية لنطقها والا فكيف يتصور ان يكون للنملة اسم علم والنمل لا يسمى بعضهم بعضا ولا يتميز للآدميين صورة بعضهم من بعض حتى يسمونهم ولا هم واقعون تحت ملك بنى آدم كالخيل والكلاب ونحوهما كما فى كتاب التعريف والاعلام للسهيلى رحمه الله. ونملة مؤنث حقيقى بدليل لحوق علامة التأنيث فعلها لان نملة تطلق على الذكر والأنثى فاذا أريد تمييزها احتيج الى مميز خارجى نحو نملة ذكر ونملة أنثى وكذلك لفظة حمامة ويمامة من المؤنثات اللفظية ذكر الامام ان قتادة دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال سلوا عما شئتم وكان ابو حنيفة حاضرا وهو غلام حدث فقال سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم أنثى فسألوه فافحم فقال ابو حنيفة كانت أنثى فقيل له من اين عرفت فقال من كتاب الله وهو قوله (قالَتْ نَمْلَةٌ) ولو كان ذكرا لقال قال نملة وذلك ان النملة مثل الحمامة والشاة فى وقوعها على الذكر والأنثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة أنثى وهو وهى ولا يجوز ان يقال قامت طلحة ولا حمزة لا يَحْطِمَنَّكُمْ لا يكسرنكم فان الحطم هو الكسر وسمى حجر الكعبة الحطيم لانه كسر منها سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ الجملة استئناف او بدل من الأمر لا جواب له فان النون لا تدخله فى السعة وهو نهى لهم عن الحطم والمراد نهيها عن التوقف والتأخر فى دخول مساكنهم بحيث يحطمونها: يعنى [بحيثيتى كه عرضه تلف شوند] فان قلت

[سورة النمل (27) : آية 19]

بم عرفت النملة سليمان قلنا كانت مأمورة بطاعته فلا بد ان تعرف من أمرت بطاعته ولها من الفهم فوق هذا فان النمل تعرف كثيرا من منافعها من ذلك انها تكسر الحبة قطعتين لئلا تنبت الا الكزبرة فانها تكسرها اربع قطع لانها تنبت إذا كسرت قطعتين وإذا وصلت النداوة الى الحبة تخرجها الى الشمس من حجرها حتى تجف قال فى حياة الحيوان النمل لا يتلاحق ولا يتزاوج انما يسقط منه شىء حقير فى الأرض فينمو حتى يصير بيظا ثم يتكون منه والبيض كله بالضاد إلا بيظ النمل فانه بالظاء وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ حال من فاعل يحطمنكم اى والحال انهم لا يشعرون انهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا اى ان من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده انهم لا يحطمون نملة فما فوقها الا بان لا يشعروا كأنها شعرت عصمة الأنبياء من الظلم والأذى الأعلى سبيل السهو ونظير قول النملة فى حند سليمان وهم لا يشعرون قول الله تعالى فى جند محمد عليه السلام (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) التفاتا الى انهم لا يقصدون ضرر مؤمن الا ان المثنى على جند سليمان هو النملة بإذن الله والمثنى على جند محمد هو الله بنفسه لما لجند محمد من الفضل على جند غيره من الأنبياء كما كان لمحمد الفضل على جميع النبيين عليهم السلام [آورده اند كه باد اين سخن را از سه ميل راه بسمع سليمان رسانيد] فَتَبَسَّمَ التبسم أول الضحك وهو مالا صوت له اى تبسم حال كونه ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها شارعا فى الضحك من قولها وآخذا فيه أراد انه بالغ فى تبسمه حتى بلغ نهايته التي هى أول مراتب الضحك فهو حال مقدرة او مؤكدة على معنى تبسم متعجبا من حذرها وتحذيرها واهتدائها الى مصالحها ومصالح بنى نوعها فان ضحك الأنبياء التبسم والإنسان إذا رأى او سمع ما لا عهد له به يتعجب ويتبسم قال بعضهم ضحك سليمان كان ظاهره تعجبا من قول النملة وباطنه فرحا بما أعطاه الله من فهم كلام النملة وسرورا بشهرة حاله وحال جنوده فى باب التقوى والشفقة فيما بين اصناف المخلوقات فانه لا يسر نبى بامر دنيا وانما كان يسر بما كان من امر الدين- روى- انها احست بصوت الجنود ولم تعلم انهم فى الهواء او على الأرض ولذا خافت من الحطم فامر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعرن حتى دخلن مساكنهن وقال فى الوسيط هذا اى قوله وهم لا يشعرون يدل على ان سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الأرض ولم تحملهم الريح لان الريح لو حملتهم بين السماء والأرض ما خافت النمل ان يطأوها بأرجلهم ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان انتهى وروى ان سليمان لما سمع قول النملة قال ائتوني بها فاتوا بها [كفت اى مورچهـ ندانستى كه لشكر من ستم نكنند كفت دانستم اما مهتر اين قومم مرا از نصيحت ايشان چاره نيست كفت لشكر من بر هوا بودند چهـ كونه قوم ترا پايمال كردندى جواب داد كه غرض من آن نبود كه بر زمين شكسته شوند مراد من آن بود كه ناكاه نظر بر كبكبه ودبدبه تو كنند وبنظاره لشكر تو مشغول شده از ذكر خداى تعالى باز مانند ودر ميدان غفلت پايمال خذلان كردند مملكت تو بينند وآرزوى در دنيا در دل ايشان پديد آيد ودنيا مبغوضه حق است] فقال لها سليمان عظينى فقالت أعلمت لم سمى أبوك داود قال لا قالت لانه داوى جراحة قلبه وهل تدرى لم سميت سليمان قال لا قالت لانك سليم الصدر والقلب [در كشف الاسرار آورده كه سليمان از وى پرسيد كه

لشكر تو چند است كفت من چهار هزار سرهنك دارم زير دست هر يكى چهل هزار نقيب است وزير دست هر نقيبى چهل هزار مور كفت چرا لشكر خود را بيرون نيارى جواب داد كه يا نبى الله ما را روى زمين ميدادند اختيار نكرديم ودر زير زمين جاى كرفتيم تا بجز خداى تعالى حال ما را نداند آنكه كفت اى پيغمبر خدا از عطاها كه خداى تعالى ترا داده يكى بگو كفت باد را مركب من ساخته اند (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) كفت دانى كه اين چهـ معنى دارد يعنى هر چهـ ترا دادم از مملكت دنيا همه چون با دست درآيد ونيايد «فمن اعتمد على الدنيا فكانما اعتمد على الريح» ودرين معنى شيخ سعدى كفته نه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت سليمان عليه السلام بعد از استماع اين كلام روى بمناجات ملك علام كرد وكفت] وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ همزة اوزع للتعدية. والوزع بمعنى الكف والمنع من التفرق والانتشار كما سبق. والمعنى اجعلنى أزع شكر نعمتك عندى واكفه واربطه لا ينفلت عنى بحيث لا انفك عن شكرك أصلا سأل عليه السلام ان يجعله الله وازعا لجيش شكره فتشبيه الشكر بالجماعة النافرة استعارة مكنية واثبات الوزع والربط تخييل وقرينة لذلك التشبيه وفى الحديث (النعمة وحشية قيدوها بالشكر) فانها إذا شكرت قرت وإذا كفرت فرت. ومن كلمات امير المؤمنين على كرم الله وجهه إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر اى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه حرم النعم البعيدة عنه چون بيابى تو نعمتى ور چند ... خرد باشد چونقطه موهوم شكر آن يافته فرو مكذار ... كه ز نايافته شوى محروم الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ من العلم والنبوة والملك والعدل وفهم كلام الطير ونحوها وَعَلى والِدَيَّ اى على والدي داود بن ايشا بالنبوة وتسبيح الجبال والطير معه وصنعة اللبوس وإلانة الحديد وغيرها وعلى والدتي بتشايع بنت اليائن كانت امرأة أوريا التي امتحن بها داود وهى امرأة مسلمة زاكية طاهرة وهى التي قالت له يا بنى لا تكثرن النوم بالليل فانه يدع الرجل فقيرا يوم القيامة كذا فى كشف الاسرار وأدرج ذكر والديه فان الانعام عليهما انعام عليه مستوجب للشكر ضرورة ان انتساب الابن الى اب شريف نعمة من الله تعالى على ابن فيشكر بتلك النعمة والاشارة قال سليمان القلب أنعمت على وعلى والدي الروح بافاضة الفيض الرباني وعلى والدتي الجسد باستعماله فى اركان الشريعة وبهذين الامرين تكمل النعمة اللهم اجعلنا منعمين شاكرين وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ تماما للشكر واستدامة للنعمة. ومعنى ترضاه بالفارسية [پسندى آنرا] قال ابو الليث يعنى تقبله منى وَأَدْخِلْنِي الجنة بِرَحْمَتِكَ فانه لا يدخل الجنة أحد الا بالرحمة والفضل لا بالعمل فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ فى جملتهم وهم الأنبياء ومن تبعهم فى الصلاح مطلقا قال ابن الشيخ الصلاح الكامل هو ان لا يعصى الله تعالى ولا يهمّ بمعصية وهو درجة عالية يطلبها كل نبى وولى وإصلاح الله تعالى

[سورة النمل (27) : آية 20]

الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بازالة ما فيه من الفساد والاول أعز واندر ولذلك جاءت أوائل الأحوال لا كثر الرجال متكدرة مشوبة وبالحجب الكثيرة مصحوبة [در بحر الحقائق آورده كه تشبيه كند وادي نمل را بهواي نفس حريص بر دنيا ونمله منذره را بنفس لو امه وسليمان را بقلب ومساكن را بحواس خمسه] فعلى العاقل ان يكون عالى الهمة على مشرب سليمان كما يدل عليه سيره فى جو الهواء فانه بعد عن الأرض وما تحويه قرب من السماء ومعاليه وانما التفت الى النملة تواضعا كما قال الحافظ نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان با چنين حشمت نظرها بود با مورش ومن يكن من أطيار هواء العشق فانه يفهم ألسنة الطير ومن لم ير سليمان الوقت كيف أدرك معنى الصوت چون نديدى دمى سليمانرا ... تو چهـ دانى زبان مرغانرا والمراد بسليمان هو المرشد الكامل الذي بيده خاتم الحقيقة وبه يحفظ أقاليم القلوب ويطلع على اسرار الغيوب فالكل ينقاد له اما طوعا او كرها والذي ينقاد كرها هو كالشياطين فلا بد من معرفة امام الوقت والانقياد له طوعا كما قال عليه السلام (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) ثم ان سليمان عليه السلام دعا بالثبات على الشكر والصلاح وختمه بسؤال الجنة كما فعل آباؤه الأنبياء الكرام وهو لا ينافى عصمته وكونه مأمون الغائلة بالنسبة الى الخاتمة وفيه ارشاد للامة ان يكونوا على حالة حسنة من الشريعة ومرتبة مرضية من الطريقة ومنصب شريف من المعرفة ومقام عال من الحقيقة فان من لم ينضم الى معرفته الشريعة ومعاملة العبودية فهو مع الهالكين الفاسقين فى الدنيا والآخرة لا مع الاحياء الصالحين فى الأمور الباطنة والظاهرة نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للاعمال المرضية والأحوال الحسنة ويحلينا بخلع الزهد والتقوى وغيرها من الأمور المستحسنة انه بالاجابة جدير وهو على كل شىء قدير وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ قال فى القاموس تفقده طلبه عن غيبة وفى كشف الاسرار التفقد طلب المفقود وانما قيل له التفقد لان طالب الشيء يدرك بعضه ويفقد بعضه وفى المفردات التفقد التعهد لكن حقيقة التفقد تعرف فقدان الشيء والتعهد تعرف العهد المقدم. والطير اسم جامع للجنس كما فى الوسيط والمعنى وتعرف سليمان احوال الطير ولم ير الهدهد فيما بينها وكان رئيس الهداهد واسمه يعفور فَقالَ ما لِيَ اى أي شىء حصل لى حال كونى لا أَرَى الْهُدْهُدَ لساتر ستره او لشىء آخر ثم بدا له ان كان غائبا فاضرب عنه فاخذ يقول أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ بل أهو غائب فام منقطعة مقدرة ببل والهمزة: وبالفارسية [چيست مرا كه در خيل طير نمى بينم هدهد را يا چشم من بر وى نمى افتد يا هست از غائب شدكان زين جمع] وفى الوسيط مالى لا ارى الهدهد اى ما للهدهد لا أراه تقول العرب مالى أراك كئيبا معناه مالك ولكنه من القلب الذي يوضحه المعنى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الواجب على الملوك التيقظ فى مملكتهم وحسن قيامهم وتكفلهم بامور رعاياهم وتفقد أصغر رعيتهم كما يتفقدون أكبرها بحيث لم يخف عليهم غيبة الأصاغر والأكابر منهم كما ان سليمان عليه السلام تفقد حال أصغر

[سورة النمل (27) : الآيات 21 إلى 24]

طير من الطيور ولم يخف عليه غيبته ساعة ثم غاية شفقته على الرعية أحال النقص والتقصير الى نفسه فقال (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) وما قال ما للهدهد لم أره لرعاية مصالح الرعية وتأديبهم قال (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) يعنى من الذين غابوا عنى بلا اذنى وفى حياة الحيوان الهدهد منتن الريح طبعا لانه يبنى افحوصه فى الزبل وهذا عام فى جنسه وان بخر المجنون بعرف الهدهد ابرأه ولحمه إذا بخر به معقود عن المرأة او مسحور ابرأه وفى الفتاوى الزينية سئل عن أكل الهدهد أيجوز أم لا أجاب نعم يجوز انتهى. ثم هدده ان لم يكن عذر لغيبته فقال لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً العذاب الايجاع الشديد وعذبه تعذيبا اكثر حبسه فى العذاب اى لاعذبنه تعذيبا شديدا كنتف ريشه والقائه فى الشمس او حيث النمل تأكله او جعله مع ضده فى قفص وقد قيل أضيق الشجون معاشرة الاضداد او بالتفريق بينه وبين الفه بالفارسية [جفت] وقيل لازوجنه بعجوز كما فى انسان العيون او لا لزمنه خدمة اقران [يا از خدمت خودش بر آنم] كما قال فى التأويلات لاعذبنه بالطرد عن الحضرة والاسقاط عن عينى الرضى والقبول وفى الاسئلة المقحمة ما معنى هذا الوعيد لمن لم يكن مكلفا بشىء والجواب هذا الوعيد بعذاب تأديب وغير المكلف يؤدب كالدابة والصبى وكان يلزمه طاعته فاستحق التأديب على تركها وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الطير فى زمانه كانت فى جملة التكليف ولها وللمسخرين لسليمان من الحيوان والجن والشياطين تكاليف تناسب أحوالهم ولهم فهم وادراك واحوال كاحوال الإنسان فى قبول الأوامر والنواهي معجزة لسليمان عليه السلام أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ لتعتبر به أبناء جنسه او حتى لا يكون له نسل وفى التأويلات او لاذبحنه فى شدة العذاب واصل الذبح شق حلق الإنسان أَوْ لَيَأْتِيَنِّي أصله ليأتيننى بثلاث نونات حذفت النون التي قبل ياء المتكلم بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجة تبين عذره: وبالفارسية [يا بيايد بمن بحجتي روشن كه سبب غيبت او كردد] يشير الى ان حفظ المملكة يكون بكمال السياسة وكمال العدل فلا يتجاوز عن جرم المجرمين ويقبل منهم العذر الواضح بعد البحث عنه والحلف فى الحقيقة على أحد الأولين على عدم الثالث فكلمة او بين الأولين للتخيير وفى الثالث للترديد بينه وبينهما- حكى- انه لما أتم بناء بيت المقدس خرج للحج واقام بالحرم ما شاء وكان يتقرب كل يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف بقرة وعشرين الف شاة ثم عزم على المسير الى اليمن فخرج من مكة صباحا يؤم سهيلا فوافى صنعاء اليمن وقت الزوال وذلك مسيرة شهر فرأى أرضا حسناء أعجبته خضرتها فنزل يصل فلم يجد الماء وكان الهدهد دليل الماء حيث يراه تحت الأرض كما يرى الماء فى الزجاجة ويعرف قربه وبعده فيدل على موضعه بان ينقره بمنقاره فيجيىء الشياطين فيسلخون الأرض كما يسلخ الإهاب عن المذبوح ويستخرجون الماء فتفقده لذلك واما انه يوضع الفخ ويغطى بالتراب فلا يراه حتى يقع فيه فلان القدر إذا جاء يحول دون البصر وقد كان حين نزل سليمان ارتفع الهدهد الى الهواء لينظر الى عرصة الدنيا فرأى هدهد آخر اسمه عنفير واقفا فانحط اليه اى فى الهواء فوصف له ملك سليمان وما سخر له من كل شىء ووصف له صاحبه ملك بلقيس وان تحت يدها اثنى عشر

[سورة النمل (27) : آية 22]

الف قائد تحت يد كل قائد مائة الف فذهب معه لينظر فما رجع الا بعد العصر وذلك قوله تعالى فَمَكَثَ المكث ثبات مع انتظار غَيْرَ بَعِيدٍ اى زمانا غير مديد يشير الى ان الغيبة وان كانت موجبة للعذاب الشديد وهو الحرمان من سعادة الحضور ومنافعه ولكنه من امارات السعادة سرعة الرجوع وتدارك الفائت وذكر انه أصابه من موضع الهدهد شمس فنظر فاذا موضعه خال فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله عنه فلم يجد علمه عنده ثم قال لسيد الطير وهو العقاب علىّ به فارتفعت فنظرت فاذا هو مقبل فقصدته فناشدها الله تعالى وقال بحق الذي قواك وأقدرك الا رحمتنى فتركته وقالت ثكلتك أمك ان نبى الله حلف ليعذبنك قال أو ما استثنى قالت بلى قال أو ليأتينى بعذر مبين فلما قرب من سليمان ارخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا له فلما دنا منه أخذ عليه السلام برأسه فمده اليه فقال يا نبى الله اذكر وقوفك بين يدى الله فارتعد سليمان [وكفته اند كه با هدهد كفت چهـ كويى كه پر وبالت بكنم وترا بآفتاب گرم افكنم هدهد كفت دانم كه نكنى كه اين كار صيادانست نه كار پيغمبر آن سليمان كفت كلوت ببرم كفت دانم كه نكنى كه اين كار قصابانست نه كار پيغمبران كفت ترا با ناجنس در قفص كنم كفت اين هم نكنى كه اين كار نا جوانمردانست و پيغمبران نا جوانمرد نباشند سليمان كفت اكنون تو بكوى كه با تو چهـ كنم كفت عفو كنى ودر كذار كه عفو كار پيغمبران وكريمانست] فعفا عنه ثم سأله فَقالَ أَحَطْتُ الإحاطة العلم بالشيء من جميع جهاته بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ اى علما ومعرفة وحفظته من جميع جهاته وذلك لانه كان مما لم يشاهده سليمان ولم يسمع خبره من الجن والانس يشير الى سعة كرم الله ورحمته بان يختص طائرا بعلم لم يعلمه نبى مرسل وهذا لا يقدح فى حال النبي والرسول بان لا يعلم علما غير نافع فى النبوة فان النبي عليه السلام كان يستعيذ بالله منه فيقول (أعوذ بك من علم لا ينفع) والحاصل ان الذي أحاط به الهدهد كان من الأمور المحسوسة التي لا تعد الإحاطة بها فضيلة ولا الغفلة عنها نقيصة لعدم توقف إدراكها الا على مجرد احساس يستوى فيه العقلاء وغيرهم وفى الاسئلة المقحمة هذا سوء ادب فى المخاطبة فكيف واجهه بمثله وقد احتمله والجواب لانه عقبه بفائدة والخشونة المصاحبة لفائدة قد يحتملها الأكابر انتهى. ثم أشار الى انه بصدد اقامة خدمة مهمة له كما قال وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ [وآمدم بتو از شهر سبا كه مآرب كويند] بِنَبَإٍ يَقِينٍ بخبر خطير محقق لا شك فيه يشير الى ان من شرط المخبر ان لا يخبر عن شىء الا ان يكون متيقنا فيه سيما عند الملوك. وسبأ منصر على انه اسم لحى باليمن سموا باسم أبيهم الأكبر وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان قالوا اسمه عبد الشمس لقب به لكونه أول من سبى ثم سمى مدينة مأرب بسبأ وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة ايام وقيل ان سبأ أول من تتوج من ملوك اليمن وكان له عشرة من البنين تيامن منهم ستة وتشاءم منهم اربعة: يعنى [چهار از ايشان در شام مسكن داشتند لخم وجذام وعامله وغسان وشش در يمن كنده وأشعر وأزد ومذحج وانمار] قالوا يا رسول الله وما انمار قال (والد خثعم وبجيلة) وقال فى المفردات سبأ اسم مكان تفرق اهله ولهذا يقال ذهبوا أيادي سبأ اى تفرقوا

[سورة النمل (27) : الآيات 23 إلى 24]

تفرق اهل ذلك المكان من كل جانب انتهى قال بعضهم انما خفى نبأ بلقيس على سليمان مع قربه منها لانه كان نازلا بصنعاء وهى بمأرب وبينهما مسيرة ثلاثة ايام كما سبق آنفا او ثلاثة فراسخ او ثلاثة أميال لمصلحة رآها الله تعالى كما خفى على يعقوب مكان يوسف كهى بر طارم أعلى نشينم ... كهى بر پشت پاى خود نبينم إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ استئناف لبيان ما جاء به من النبأ وإيثار وجدت على رأيت لانه أراه عليه السلام كونه عند غيبته بصدد خدمته بإبراز نفسه فى معرض من يتفقد احوال تلك المرأة كأنها ضالة ليعرضها على سليمان والضمير فى تملكهم لسبأ على انه اسم للحى او لاهل المدلول عليهم بذكر مدينتهم على انه اسم لها. يعنى انها تملك الولاية والتصرف عليهم ولم يرد به ملك الرقبة والمراد بها بلقيس بنت شرحبيل بن مالك بن ريان من نسل يعرب ابن قحطان وكان أبوها ملك ارض اليمن كلها ورث الملك من أربعين أبا ولم يكن له ولد غيرها فغلبت بعده على الملك ودانت لها الامة وكانت هى وقومها يعبدون النار وكان يقول أبوها لملوك الأطراف ليس أحد منكم كفؤا وابى ان يتزوج منهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها قارعة او ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وتسمى بلقة وبلقيس بالكسر كما فى القاموس وهذا يدل على إمكان العلوق بين الانسى والجنى وذلك فان الجن وان كانوا من النار لكنهم ليسوا بباقين على عنصرهم الناري كالانس ليسوا بباقين على عنصرهم الترابي فيمكن ان يحصل الازدواج بينهما على ما حقق فى آكام المرجان- روى- ان مروان الحمار امر بتخريب تدمر كتنصر بلد بالشام فوجدوا فيها بيتا فيه امرأة قائمة ميتة أمسكوها بالصبر احسن من الشمس قامتها سبعة اذرع وعنقها ذراع عندها لوح فيه انا بلقيس صاحبة سليمان بن داود خرب الله ملك من يخرب بيتي وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اى من الأشياء التي يحتاج إليها الملوك من الخيل والحشم والعدد والسياسة والهيبة والحشمة والمال والنعيم قال بعض العارفين ما ذكر وصف جمالها وحسنها بالتصريح لانه علم ان ذلك من سوء الأدب وفى الحديث (ان احسن الحسن الوجه الحسن والصوت الحسن والخلق الحسن) قال ذو النون من استأنس بالله استأنس بكل شىء مليح وذلك لان حسن كل مستحسن صدر من معدن حسن الأزل واما من لم يستأنس بالله فاستئناسه بالمليح على وجه مجازى وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ اى بالنسبة الى حالها او الى عروش أمثالها من الملوك والعرش فى الأصل شىء مسقف ويراد به سرير كبير وكان عرش بلقيس ثمانين ذراعا فى ثمانين ذراعا وطوله فى الهواء ثمانين ذراعا مقدمه من ذهب مفصص بالياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ومؤخره من فضة مكلل بانواع الجواهر له اربع قوائم قائمة من ياقوت احمر وقائمة من ياقوت اخضر وقائمة من زبرجد وقائمة من در وصفائح السرير من ذهب وعليه سبعة أبيات لكل بيت باب مغلق وكان عليه من الفرش ما يليق به وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى يعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ اى حسن لهم أعمالهم القبيحة التي هى عبادة الشمس ونظائرها من اصناف الكفر

[سورة النمل (27) : الآيات 25 إلى 29]

والمعاصي فَصَدَّهُمْ منعهم بسبب ذلك عَنِ السَّبِيلِ اى سبيل الحق والصواب والسبيل من الطريق ما هو معتاد السلوك فَهُمْ بسبب ذلك لا يَهْتَدُونَ اليه أَلَّا يَسْجُدُوا مفعول له للصد على حذف اللام منه اى فسدهم لئلا يسجدوا وهو ذم لهم على ترك السجود فلذا وجب السجود عند تمام هذه الآيات لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الخبأ يقال للمدخر المستور اى يظهر ما هو مخبوء ومخفى فيها كائنا ما كان كالثلج والمطر والنبات والماء ونحوها وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ فى القلوب وَما تُعْلِنُونَ بالالسنة والجوارح وذكر ما تعلنون لتوسيع دائرة العلم للتنبيه على تساويهما بالنسبة الى العلم الإلهي برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست اللَّهُ مبتدأ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الجملة خبره رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ خبر بعد خبر وسمى العرش عظيما لانه أعظم ما خلق الله من الاجرام فعظم عرش بلقيس بالنسبة الى عروش أمثالها من الملوك وعظم عرش الله بالنسبة الى السماء والأرض فبين العظمين تفاوت عظيم [چهـ نسبت است سها را بآفتاب درخشان] قال فى المفردات عرش الله تعالى مما لا يعلمه البشر الا بالاسم على الحقيقة واعلم ان ما حكى الله عن الهدهد من قوله (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) الى هاهنا ليس داخلا تحت قوله (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) وانما هو من العلوم والمعارف التي اقتبسها من سليمان أورده بيانا لما هو عليه وإظهارا لتصلبه فى الدين وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه السلام نحو قبول كلامه وصرف عنان عزيمته الى غزوها وتسخير ولايتها وفى الحديث (انها كم عن قتل الهدهد فانه كان دليل سليمان على قرب الماء وبعده وأحب ان يعبد الله فى الأرض حيث يقول وجئتك من سبأ بنبإ يقين انى وجدت امرأة تملكهم) الآيات قيل ان أبا قلابة الحافظ الامام العالم عبد الملك بن محمد الرقاش رأت امه وهى حامل به كأنها ولدت هدهدا فقيل لها ان صدقت رؤياك تلدين ولدا كثير الصلاة فولدت فلما كبر كان يصلى كل يوم اربعمائة ركعة وحدث من حفظه بستين الف حديث مات سنة ست وسبعين ومأتين وهذا اى قوله (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) محل سجود بالاتفاق كما فى فتح الرحمن وقال الكاشفى [اين سجده هشتم است بقول امام أعظم رحمه الله ونهم بقول امام شافعى رحمه الله ودر فتوحات اين سجده را سجده خفى ميكويد وموضع سجود مختلف فيه است بعضى از قرائت وما تعلنون سجده ميكنند وبعضى پس از تلاوت رب العرش العظيم سرت بسجده در آر ار هواى حق دارى ... كه سجده شد سبب قرب حضرت بارى قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما فعل سليمان بعد فراغ الهدهد من كلامه فقيل قال سَنَنْظُرُ فيما اخبرتنا من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد اى لنعرف بالتجربة البتة وقال الكاشفى [زود باشد كه در نكريم وتأمل كنيم درين كه] أَصَدَقْتَ فيما قلت أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ وفى هذا دلالة على ان خبر الواحد وهو الحديث الذي يرويه الواحد والاثنان فصاعدا ما لم يبلغ حد الشهرة والتواتر لا يوجب العلم فيجب التوقف فيه

[سورة النمل (27) : الآيات 28 إلى 29]

على حد التجويز وفيه دليل على ان لا يطرح بل يجب ان يتعرف هل هو صدق او كذب فان ظهرت امارات صدقه قبل والا لم يقبل قال بعضهم سليمان عليه السلام [ملك ومال وجمال بلقيس بشنيد ودر وى اثر نكرد وطمع در آن نيست باز چون حديث دين كرد كه (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) متغير كشت واز مهر دين اسلام در خشم شد كفت كاغد ودوات بياريد تا نامه نويسم واو را بدين اسلام دعوت كنم] فكتب اى فى المجلس او بعده كتابا الى بلقيس فقال فيه «من عبد الله سليمان بن داود الى ملكة سبأ بلقيس بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى اما بعد فلا تعلوا علىّ وائتوني مسلمين» ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه المنقوش على فصه اسم الله الأعظم ودفعه الى الهدهد فاخذه بمنقاره او علقه بخيط وجعل الخيط فى عنقه وقال اذْهَبْ بِكِتابِي هذا [ببر اين نوشته مرا] فتكون الباء للتعدية وتخصيصه بالرسالة دون سائر ما تحت ملكه من أبناء الجن الأقوياء على التصرف والتعرف لما عاين فيه من علامات العلم والحكمة وصحة الفراسة ولئلا يبقى لها عذر وفى التأويلات النجمية يشير الى انه لما صدق فيما اخبر وبذل النصح لملكه وراعى جانب الحق عوض عليه حتى اهل لرسالة رسول الحق على ضعف صورته ومعناه فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ اى اطرحه على بلقيس وقومها لانه ذكرهم معها فى قوله وجدتها وقومها وفى الإرشاد وجمع الضمير لما ان مضمون الكتاب الكريم دعوة الكل الى الإسلام. قوله القه بسكون الهاء تخفيفا لغة صحيحة او على نية الوقف يعنى ان أصله القه بكسر القاف والهاء على انه ضمير مفعول راجع الى الكتاب فجزم لما ذكر ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ اى اعرض عنهم بترك وليهم وقربهم وتبعد الى مكان تتوارى فيه وتسمع ما يجيبونه فَانْظُرْ تأمل وتعرف ماذا يَرْجِعُونَ اى ماذا يرجع بعضهم الى بعض من القول [وسخن را بر چهـ قرار ميدهند] قال ابن الشيخ ماذا اسم واحد استفهام منصوب بيرجعون او مبتدأ وذا بمعنى الذي ويرجعون صلتها والعائد محذوف اى أي شىء الذي يرجعونه- روى- ان الهدهد أخذ الكتاب واتى بلقيس فوجدها راقدة فى قصرها بمأرب وكانت إذا رقدت غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة والقى الكتاب على نحرها وهى مستلقية وتأخر يسيرا فانتبهت فزعة وكانت قارئة كاتبة عربية من نسل تبع الحميرى فلما رأيت الخاتم ارتعدت وخضعت لان ملك سليمان كان فى خاتمه وعرفت ان الذي أرسل الكتاب أعظم ملكا منها لطاعة الطير إياه وهيئة الخاتم فعند ذلك قالَتْ لاشراف قومها وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر او اثنا عشر الفا يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا [اى كروه اشراف] والملأ عظماء القوم الذين يملأون العيون مهابة والقلوب جلالة جمعه إملاء كنبأ وانباء إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ مكرم على معظم لدى لكونه مختوما بخاتم عجيب وأصلا على نهج غير معتاد كما قال فى الاسئلة المقحمة معجزة سليمان كانت فى خاتمه فختم الكتاب بالخاتم الذي فيه ملكه فاوقع الرعب فى قلبها حتى شهدت بكرم كتابه إظهارا لمعجزته انتهى. ويدل على ان الكريم هنا بمعنى المختوم قوله عليه السلام (كرم الكتاب ختمه) وعن ابن عباس بزيادة وهو قوله تعالى (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ)

[سورة النمل (27) : الآيات 30 إلى 35]

كما فى المقاصد الحسنة للسخاوى. وكان عليه السلام يكتب الى العجم فقيل انهم لا يقبلون الا كتابا عليه خاتم فاتخذ لنفسه خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله وجعله فى خنصر يده اليسرى على ما رواه انس رضى الله عنه. ويقال كل كتاب لا يكون مختوما فهو مغلوب وفى تفسير الجلالين كريم اى حسن ما فيه انتهى كما قال ابن الشيخ فى أوائل سورة الشعراء كتاب كريم اى مرضى فى لفظه ومعانيه او كريم شريف لانه صدر بالبسملة كما قال بعضهم [چون مضمون نامه نام خداوند بوده پس آن نامه بزركترين وشريفترين همه نامها باشد] اى نام تو بهترين سرآغاز ... بي نام تو نامه چون كنم باز آرايش نامهاست نامت ... آسايش سينها كلامت وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكتاب لما كان سببا لهدايتها وحصول إيمانها سمته كريما لانها بكرامته اهتدت الى حضرة الكريم قال بعضهم لاحترامها الكتاب رزقت الهداية حتى آمنت كالسحرة لما قدموا فى قولهم يا موسى اما ان تلقى وراعوا الأدب رزقوا الايمان ولما مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزق الله ملكه وجازاه على كفره وعناده إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ كأنه قيل ممن هو وماذا مضمونه فقالت انه من سليمان وَإِنَّهُ اى مضمونه او المكتوب فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الباء بقاؤه والسين سناؤه والميم ملكه والالف أحديته واللامان جماله وجلاله والهاء هويته والرحمان اشارة الى رحمته لاهل العموم فى الدنيا والآخرة والرحيم اشارة الى رحمته لاهل الخصوص فى الآخرة قال بعض الكبار انها بسملة براءة فى الحقيقة ولكن لما وقع التبري من أهلها أعطيت للبهائم التي آمنت بسليمان واكتفى فى أول السورة بالباء إذ كل شىء فى الوجود الكونى لا يخلو من رحمة الله عامة او خاصة وهذه البسملة ليست بآية تامة مثل (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها) بخلاف ما وقع فى أوائل السور فانها آية منفردة نزلت مائة واربع عشرة مرة عدد السور [هر حرفى ازين آيت ظرفى است شراب رحيق را وهر كلمتى صدفى است دره تحقيق را هر نقطه زو كوكبى است آسمان هدايترا ونجم رجمى است مر اصحاب غوايت را] : قال المولى الجامى فى حق البسملة نوزده حرفست كه هـژده هزار ... عالم ازو يافته فيض عميم ان فسرة اى أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ لا تتكبروا كما يفعل جبابرة الملوك: وبالفارسية [بر من بزركى مكنيد] وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ حال كونكم مؤمنين فان الايمان لا يستلزم الإسلام والانقياد دون العكس قال قتادة وكذلك كانت الأنبياء عليهم السلام تكتب جملا لا تطيل يعنى ان هذا القدر الذي ذكره الله تعالى كان كتاب سليمان وليس الأمر فيه بالإسلام قبل اقامة الحجة على رسالته حتى يتوهم كونه استدعاء للتقليد فان إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة معجزة باهرة دالة على رسالة مرسلها دلالة بينة يقول الفقير يكفى فى هذا الباب حصول العلم الضروري بصدق الرسول وإلا فهي لا تستبعد كون الإلقاء المذكور بتصرف من الجن وقد كان الجن يظهرون لها بعض الخوارق ومنها صنعة العرش العظيم لها لان أمها كانت

[سورة النمل (27) : الآيات 32 إلى 34]

جنية فاعرف قالَتْ كررت حكاية قولها للايذان بغاية اعتنائها بما فى حيزه من قولها يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي اجيبونى فى الذي ذكرت لكم واذكروا ما تستصوبون فيه: وبالفارسية [فتوى دهيد مرا در كار من وآنچهـ صلاح وصواب باشد با من بگوييد] وعبرت عن الجواب بالفتوى الذي هو الجواب فى الحوادث المشكلة غالبا اشعارا بانهم قادرون على حل المشكلات النازلة قال بعضهم الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى وسميت الفتوى لان المفتى اى المجيب الحاكم بما هو صواب يقوى السائل فى جواب الحادثة ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً فاصلة ومنفذة امرا من الأمور حَتَّى تَشْهَدُونِ تحضروني اى لا اقطع امرا الا بمحضركم وبموجب آرائكم: وبالفارسية [تا شما نزد من حاضر كرديد يعنى بى حضور ومشورت شما كارى نميكنيم] وهو استمالة لقلوبهم لئلا يخالفوها فى الرأى والتدبير وفيه اشارة الى ان المرء لا ينبغى ان يكون مستبدا برأيه ويكون مشاورا فى جميع ما سنح له من الأمور لا سيما الملوك يجب ان يكون لهم قوم من اهل الرأى والبصيرة فلا يقطعون امرا الا بمشاورتهم مشورت رهبر صواب آمد ... در همه كار مشورت بايد كار آنكس كه مشورت نكند ... غايتش غالبا خطا آيد قالُوا كأنه قيل فماذا قالوا فى جوابها فقيل قالوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ ذووا قوة فى الآلات والأجساد والعدد وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ اى نجدة وشجاعة فى الحرب وهذا تعريض منهم بالقتال ان امرتهم بذلك وَالْأَمْرُ مفوض إِلَيْكِ فَانْظُرِي [پس در نكر وببين] ماذا تَأْمُرِينَ تشيرين علينا قال الكاشفى [تا چهـ ميفرمايى از مقاتله ومصالحه اگر جنك خواهى بنزد آوريم ... دل دشمنانرا بدرد آوريم وكر صلح جويى ترا بنده ايم ... بتسليم حكمت سر افكنده ايم وفيه اشارة الى ان شرط أهلي المشاورة ان لا يحكموا على الرئيس المستشير بشىء بل يخيرونه فيما أراد من الرأى الصائب فلعله اعلم بصلاح حاله منهم خلاف رأى سلطان رأى جستن ... بخون خويش باشد دست شستن فلما احست بلقيس منهم الميل الى الحرب والعدول عن سنن الصواب بادعائهم القوى الذاتية والعرضية شرعت فى تزييف مقالتهم المنبئة عن الغفلة عن شأن سليمان قال الكاشفى [بلقيس كفت ما را مصلحت جنك نيست چهـ كار حرب در روى دارد اگر ايشان غالب آيند ديار واموال ما عرضه تلف شود] كما قال تعالى قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً من القرى ومدينة من المدن على منهاج المقاتلة والحرب أَفْسَدُوها بتخريب عمارتها وإتلاف ما فيها من الأموال وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها جمع عزيز بمعنى القاهر الغالب والشريف العظيم من العزة وهى حالة مانعة للانسان من ان يغلب أَذِلَّةً جميع ذليل: وبالفارسية [خوار وبيمقدار] اى بالقتل والاسر والاجلاء وغير ذلك من فنون الاهانة والاذلال وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ [وهمچنين ميكنند] وهو تأكيد لما قبله وتقرير بان ذلك من عادتهم المستمرة

[سورة النمل (27) : آية 35]

فيكون من تمام كلام بلقيس ويجوز ان يكون تصديقا لها من جهة الله تعالى اى وكما قالت هى تفعل الملوك وفيه اشارة الى ان العاقل مهما تيسر له دفع الخصوم بطريق صالح لا يوقع نفسه فى خطر الهلاك بالمحاربة والمقاتلة بالاختيار الا ان يكون مضطرا قال بعضهم من السؤدد الصلح وترك الافراط فى الغيرة وفيه اشارة اخرى وهى ان ملوك الصفات الربانية إذا دخلوا قرية الشخص الإنساني بالتجلى أفسدوها بإفساد الطبيعة الانسانية الحيوانية (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها) وهم النفس الامارة وصفاتها (أَذِلَّةً) لذلوليتهم بسطوات التجلي (وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) مع الأنبياء والأولياء لانهم خلقوا لمرآتية هذه الصفات إظهارا للكنز المخفي فيكون قوله ان الملوك إلخ نعت العارف كما قال ابو يزيد البسطامي قدس سره وقال جعفر الصادق رضى الله عنه أشار الى قلوب المؤمنين فان المعرفة إذا دخلت القلوب زال عنها الأماني والمرادات اجمع فلا يكون القلب محل غير الله وقال ابن عطاء رحمه الله إذا ظهر سلطان الحق وتعظيمه فى القلب تلاشى الغفلات واستولت عليه الهيبة والإجلال ولا يبقى فيه تعظيم شىء سوى الحق فلا تشتغل جوارحه الا بطاعته ولسانه الا بذكره وقلبه الا بالإقبال عليه قال بعضهم من قوبل باسمه الملك رأى نفسه فى قبضته فسلم له فى مملكته وقام بحق حرمته على بساط خدمته وفى الفتوحات المكية للملك ان يعفو عن كل شىء الا عن ثلاثة أشياء وهى التعرض للحرم وافشاء سره والقدح فى الملك نسأل الله حسن الأدب فى طريق الطلب وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ الى سليمان وقومه رسلا بِهَدِيَّةٍ عظيمة وهى اسم للشىء المهدى بملاطفة ورفق قال فى المفردات الهدية مختصة باللطف الذي يهدى بعضنا الى بعض فَناظِرَةٌ قال فى كشف الاسرار الناظر هاهنا بمعنى المنتظر وقال الكاشفى [پس نكرنده ام كه از آنجا] بِمَ أصله بما على انه استفهام اى بأى شىء يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ بالجواب من عنده حتى اعمل بما يقتضيه الحال- روى- انها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري وحليهن كالاساور والاطواق والقرطة مخضبى الأيدي راكبى خيل مغشاة بالديباج محلاة اللجم والسروج بالذهب المرصع بالجواهر وخمسمائة جارية على رماك فى زىّ الغلمان والف لبنة من ذهب وفضة وفى المثنوى هديه بلقيس چهل اشتر بدست ... بار آنها جمله خشت زر بدست «1» وتاجا مكللا بالدر والياقوت المرتفع قيمة والمسك والعنبر وحقة فيها درة ثمينة عذراء اى غير مثقوبة وخرزة جزعية معوجة الثقب وكتبت كتابا فيه نسخة الهدايا وبعثت بالدية رجلا بالإشراف قومها يقال له المنذر بن عمرو وضمت اليه رجالا من قومها ذوى رأى وعقل وقالت ان كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري واخبر بما فى الحقة قبل فتحها وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك فى الخرزة خيطا ثم قالت للمنذر ان نظر إليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهو لنك منظره وان رأيته هشا لطيفا فهو نبى فاقبل الهدهد نحو سليمان مسرعا فاخبره الخبر فأمر سليمان الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوها فى ميدان بين يديه طوله ستة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطا شرفاته من الذهب والفضة [يعنى كرد ميدان ديوار برآوردند

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه هديه فرستادن بلقيس از شهر سبا إلخ

[سورة النمل (27) : الآيات 36 إلى 40]

وبر سر ديوار شرف زرين وسيمين بستند] وامر بأحسن الدواب التي فى البر والبحر قال فى كشف الاسرار [چهار پايان بحرى بنقش پلنگ از رنكهاى مختلف آوردند] فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن وامر باولاد الجن وهم خلق كثير فاقيموا على اليمين واليسار ثم قعد على سريره والكراسي من جانبيه: يعنى [چهار هزار كرسىء زر از راست وى و چهار هزار از چپ وى نهاده] واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والانس صفوفا والوحش والسباع والهوام كذلك [ومرغان در روى هوا پرده بافتند با صد هزار ديده فلك در هزار قرن مجلس بدان تكلف وخوبى نديده بود] فلما دنا رسل بلقيس نظروا وبهتوا ورأوا الدواب تروث على اللبن: وفى المثنوى چون بصحراى سليمانى رسيد ... فرش آنرا جمله زر پخته ديد «1» بارها كفتند زر را وا بريم ... سوى مخزن ما بچهـ كار اندريم عرصه كش خاك زر ده دهيست ... زر بهديه بردن آنجا ابلهيست فكان حالهم كحال أعرابي اهدى الى خليفة بغداد جرة ماء فلما رأى دجلة خجل وصبه باز كفتند ار كساد وار روا ... چيست بر ما بنده فرمانيم ما كر زر وكر خاك ما را بردنيست ... امر فرمانده بجا آوردنيست كر بفرمايند كه كين واپس بريد ... هم بفرمان تحفه را باز آوريد وجعلوا يمرون بكراديس الجن والشياطين فيفزعون وكانت الشياطين يقولون جوزوا ولا تخافوا فلما وقفوا بين يدى سليمان نظر إليهم بوجه حسن طلق وقال ما وراءكم: يعنى [چهـ داريد وبچهـ آمديد] فاخبر المنذر الخبر واعطى كتاب بلقيس فنظر فيه فقال اين الحقة فجيىء بها فقال ان فيها درة ثمينة غير مثقوبة وخرزة جزعية معوجة الثقب وذلك بأخبار جبريل عليه السلام ويحتمل ان يكون بأخبار الهدهد على ما يدل عليه سوق القصة [سليمان جن وانس را حاضر كرد وعلم ثقب وسلك نزديك ايشان نبود شياطين را حاضر كرد واز ايشان پرسيد كفتند] ترسل الى الارضة فجاءت الارضة فاخذت شعرة فى فيها فدخلت فى الدرة وثقبتها حتى خرجت من الجانب الآخر فقال سليمان ما حاجتك فقالت تصير رزقى فى الشجر قال لك ذلك ثم قال من لهذه الخرزة يسلكها الخيط فقالت دودة بيضاء أنالها يا أمين الله فاخذت الخيط فى فيها ونفذت فى الخرزة حتى خرجت من الجانب الآخر فقال سليمان ما حاجتك قالت تجعل رزقى فى الفواكه قال لك ذلك اى جعل رزقها فيها فجمع سليمان بين طرفى الخيط وختمه ودفعها إليهم قال الكاشفى [سليمان آب طلبيد غلمان وجوارى را فرمود كه از غبار راه روى بشوييد] يعنى ميز بين الجواري والغلمان بان أمرهم بغسل وجوههم وأيديهم فكانت الجارية تأخذ الماء بإحدى يديها فتجعله فى الاخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كان يأخذه من الآنية ويضرب به وجهه ثم رد الهدية وقد كانت بلقيس قالت ان كان ملكا أخذ الهدية وانصرف وان كان نبيا لم يأخذها ولم نأمنه على بلادنا وذلك قوله تعالى فَلَمَّا جاءَ اى الرسول المبعوث من قبل بلقيس سُلَيْمانَ بالهدية قالَ اى مخاطبا

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه هديه فرستادن بلقيس از شهر سبا إلخ

[سورة النمل (27) : آية 37]

للرسول والمرسل تغليبا للحاضر على الغائب اى قال بعد ما جرى بينه وبينهم من قصة الحقة وغيرها لا انه خاطبهم به أول ما جاؤه كما يفهم من ظاهر العبارة أَتُمِدُّونَنِ أصله أتمدونني فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة الدالة عليها والهمزة الاستفهامية للانكار. والامداد [مدد كردن] ويعدى الى المفعول الثاني بالباء: والمعنى بالفارسية [آيا مدد ميدهيد مرا وزيادتى] بِمالٍ حقير وسمى مالا لكونه مائلا ابدا ونائلا ولذلك يسمى عرضا وعلى هذا دل من قال المال قحبة يكون يوما فى بيت عطار ويوما يكون فى بيت بيطار كما فى المفردات ثم علل هذا الإنكار بقوله فَما موصولة آتانِيَ اللَّهُ مما رأيتم آثاره من النبوة والملك الذي لا غاية وراءه خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ من المال ومتاع الدنيا فلا حاجة الى هديتكم ولا وقع لها عندى آنكه پرواز كند جانب علوى چوهماى ... دينى اندر نظر همت او مردارست وفى المثنوى من سليمان مى نخواهم ملكتان ... بلكه من برهانم از هر هلكتان «1» از شما كى كديه زر ميكنيم ... ما شما را كيميا كر ميكنيم ترك اين كيريد كر ملك سباست ... كه برون از آب وكل بس ملكهاست تخته بند است آنكه تختش خوانده ... صدر پندارى وبر درمانده قال جعفر الصادق الدنيا أصغر قدرا عند الله وعند أنبيائه وأوليائه من ان يفرحوا بشىء منها او يحزنوا عليه فلا ينبغى لعالم ولا لعاقل ان يفرح بعرض الدنيا مال دنيا دام مرغان ضعيف ... ملك عقبى دام مرغان شريف «2» بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ المضاف اليه المهدى اليه. والمعنى بل أنتم بما يهدى إليكم تفرحون حبا لزيادة المال لما انكم لا تعلمون الا ظاهرا من الحياة الدنيا هذا هو المعنى المناسب لما سرد من القصة وفى الإرشاد إضراب عما ذكر من انكار الامداد بالمال الى التوبيخ بفرحهم بهديتهم التي اهدوها اليه افتخارا وامتنانا واعتدادا بها كما ينبئ عنه ما ذكر من حديث الحقة والجزعة وتغيير زى الغلمان والجواري وغير ذلك انتهى يقول الفقير فيه انهم لما رأوا ما أنعم الله به على سليمان من الملك الكبير استقلوا بما عندهم حتى هموا بطرح اللبنات الا انه منعتهم الامانة من ذلك فكيف امتنوا على سليمان بهديتهم وافتخروا على ان حديث الحقة ونحوه انما كان على وجه الامتحان لا بطريق الهدية كما عرف وفى التأويلات يشير الى ان الهدية موجبة لاستمالة القلوب ولكن اهل الدين لما عارضهم امر دينى فى مقابلة منافع كثيرة دنيوية رجحوا طرف الدين على طرف المنافع الكثيرة الدنيوية واستقلوا كثرتها لانها فانية واستكثروا قليلا من امور الدين لانها باقية كما فعل سليمان لما جاءه الرسول بالهدية استقل كثرتها وقال فما آتاني الله من كمالات الدين والقربات والدرجات الاخروية خير مما آتاكم من الدنيا وزخارفها بل أنتم اى أمثالكم من اهل الدنيا بمثل هديتكم الدنيوية الفانية تفرحون لخسة نفوسكم وجهلكم عن السعادات الاخروية الباقية ارْجِعْ ايها الرسول أفرد الضمير هاهنا بعد جمع الضمائر الخمسة فيما سبق لان الرجوع مختص بالرسول والامداد ونحوه عام

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل سرشوى بود

إِلَيْهِمْ الى بلقيس وقومها بهديتهم ليعلموا ان اهل الدين لا ينخدعون بحطام الدنيا وانما يريدون الإسلام فليأتوا مسلمين مؤمنين والا فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ من الجن والانس والتأييد الإلهي لا قِبَلَ لَهُمْ بِها لا طاقة لهم بمقاومتها ولا قدرة لهم على مقابلتها قال فى المختار رأه قبلا بفتحتين وقبلا بضمتين وقبلا بكسر بعده فتح اى مقابلة وعيانا قال تعالى (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا) ولى قبل فلان حق اى عنده ومالى به قبل اى طاقة انتهى والذي يفهم من المفردات انه فى الأصل بمعنى عند ثم يستعار للقوة والقدرة على المقابلة اى المجازاة فيقال لا قبل لى بكذا اى لا يمكننى ان أقابله ولا قبل لهم بها لا طاقة لهم على دفاعها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ عطف على جواب القسم مِنْها من سبأ ومن ارضها حال كونهم أَذِلَّةً [در حالتى كه بى حرمت وبى عزت باشند] بعد ما كانوا من اهل العز والتمكين وفى جمع القلة تأكيد لذلتهم والذل ذهاب العز والملك وَهُمْ صاغِرُونَ اى أسارى مهانون حال اخرى مفيدة لكون إخراجهم بطريق الاجلاء يقال صغر صغرا بالكسر فى ضد الكبر وصغارا بالفتح فى الذلة والصاغر الراضي بالمنزلة الدنيئة وكل من هذه الذلة والصغار مبنى على الإنكار والإصرار كما ان كلا من العز والشرف مبنى على التصديق والإقرار ولما كان الاعلام مقدما على الجزاء امر سليمان برجوع الرسول لاجل الأداء: وفى المثنوى باز كرديد اى رسولان خجل ... زر شما را دل بمن آريد دل «1» كه نظركاه خداوندست آن ... كز نظر انداز خورشيدست كان كو نظركاه شعاع آفتاب ... كو نظركاه خداوند لباب اى رسولان ميفرستمتان رسول ... رد من بهتر شما را از قبول «2» پيش بلقيس آنچهـ ديديد از عجب ... باز كوييد از بيابان ذهب تا بداند كه بزر طامع نه ايم ... ما زر از زر آفرين آورده ايم هين بيا بلقيس ور نه بد شود ... لشكرت خصمت شود مرتد شود «3» پرده دارت پرده ات را بر كند ... جان تو با تو بجان خصمى كند ملك بر هم زن تو ادهم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود «4» هين بيا كه من رسولم دعوتى ... چون أجل شهوت كشم من شهوتى «5» ور بود شهوت امير شهوتم ... نى أسير شهوت وروى بتم بت شكن بودست اصل اصل ما ... چون خليل حق وجمله انبيا خيز بلقيسا بيا وملك بين ... بر لب درياى يزدان در بچين «6» خواهرانت ساكن چرخ سنى ... تو بمردارى چهـ سلطانى كنى خواهرانت راز بخششهاى داد ... هيچ ميدانى كه آن سلطان چهـ داد تو ز شادى چون كرفتى طبل زن ... كه منم شاه ورئيس كولخن آن سك در كو كدايى كور ديد ... حمله مى آورد ودلقش ميدريد «7» كور كفتش آخر آن ياران تو ... بر كه اند اين دم شكارى صيد جو

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان باز كردانيدن سليمان إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان إلخ (3) در أوائل دفتر چهارم در بيان تهديد فرستادن سليمان إلخ (4) در أوائل دفتر چهارم در بيان سبب هجرت ابراهيم أدهم إلخ (5) در أوائل دفتر چهارم در بيان ظاهر كردانيدن سليمان كه مرا خالصا لامر الله إلخ [.....] (6) در أوائل دفتر چهارم در بيان بقيه قصه دعوت سليمان بلقيس را بايمان (7) در أوائل دفتر چهارم در بيان مثل قانع شدن آدمي بدنيا إلخ

[سورة النمل (27) : آية 38]

قوم تو در كوه ميكيرند كور ... در ميان كوى ميكيرى تو كور ترك اين تزوير كو شيخ نفور ... آب شورى جمع كرده چند كور كاين مريدان من ومن آب شور ... مى خورند از من همى كردند كور آب خود شيرين كن از بحر لدن ... آب بد را دام اين كوران مكن خيز شيران خدا بين كور كير ... تو چوسك چونى بزرقى كور كير فعلى العاقل ان لا يقنع بيسير من القال والحال بل يتضرع الى الله الملك المتعال فى ان يوصله الى المقامات العالية والدرجات العلى انه الكريم المولى- يروى- انه لما رجع رسلها إليها بخبر سليمان قالت والله قد علمت انه ليس بملك ولا لنابه من طاقة وبعثت الى سليمان انى قادمة إليك بملوك قومى حتى انظر ما أمرك وما تدعو اليه من دينك [وتخت خود را در خانه مضبوط ساخت ونكهبانان برو كماشت در خانه قفل كرد ومفتاح را برداشت وبا لشكر متوجه پايه سرير سليمان شد] وكان لها اثنا عشر الف ملك كبير يقال له القيل بفتح القاف تحت كل ملك ألوف كثيرة وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبدأ بشىء حتى يسأل عنه فجلس يوما على سريره فرأى جمعا جما على فرسخ عنه فقال ما هذا فقالوا بلقيس بملوكها وجنودها فاقبل سليمان حينئذ على اشراف قومه وقال او لما علم بمسيرها اليه قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا [اى اشراف قوم من] أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها [كدام شما مى آرد تخت بلقيس را] قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي حال كونهم مُسْلِمِينَ لانه قد اوحى الى سليمان انها تسلم لكن أراد ان يريها بعض ما خصه الله تعالى به من العجائب الدالة على عظم القدرة وصدقه فى دعوى النبوة فاستدعى إتيان سريرها الموصى بالحفظ قبل قدومها: وفى المثنوى چونكه بلقيس از دل وجان عزم كرم ... بر زمان رفته هم أفسوس خورد «1» ترك مال وملك كرد او آنچنان ... كه بترك نام وننك آن عاشقان هيچ مال وهيچ مخزن هيچ رخت ... ميدريغش نامه الا جز كه تحت پس سليمان از دلش آگاه شد ... كز دل او تا دل او راه شد ديد از دورش كه آن تسليم كيش ... تلخش آمد فرقت آن تخت خويش از بزركى تخت كز حد مى فزود ... نقل كردن تخت را إمكان نبود خرده كارى بود وتفريقش خطر ... همچوأوصال بدن با يكديكر پس سليمان كفت كر چهـ فى الأخير ... سرد خواهد شد برو تاج وسرير ليك خود با اين همه بر نقد حال ... چيست بايد تخت او را انتقال تا نكردد خسته هنكام لقا ... كودكانه حاجتش كردد روا وفى التأويلات النجمية يشير الى سليمان عليه السلام كان واقفا على ان فى أمته من هو اهل الكرامة فاراد ان يظهر كرامته ليعلم ان فى امم الأنبياء من يكون اهل الكرامات فلا ينكر مؤمن كرامات الأولياء كما أنكرت المعتزلة فان ادنى مفسدة الإنكار حرمان المنكر من درجة الكرامة كحرمان اهل البدع والأهواء منها ولا يظنن جاهل

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ

[سورة النمل (27) : الآيات 39 إلى 40]

ان سليمان لم يكن قادرا على الإتيان بعرشها ولم يكن له ولاية هذه الكرامات فانه أمرهم بذلك لاظهار اهل الكرامات من أمته ولان كرامات الأولياء من جملة معجزات الأنبياء فانها دالة على صدق نبوتهم وحقيقة دينهم ايضا انتهى قال الشيخ داود القيصري رحمه الله خوارق العادات قلما تصدر من الاقطاب والخلفاء بل من وزرائهم وخلفائهم لقيامهم بالعبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلى فلا يتصرفون لانفسهم فى شىء ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء والأمناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم كآصف وسليمان وقال بعض العارفين لا يلزم لمن كان كامل زمانه ان يكون له التقدم فى كل شىء وفى كل مرتبة كما أشار اليه عليه السلام بقوله فى قصة تأبير النخل (أنتم اعلم بامور دنياكم) فذلك لا يقدح فى مقام الكامل لان التفرد بكل كمال لحضرة الالوهية والربوبية وما سواه وسيم بالعجز والنقص ولكل أحد اختصاص من وجه فى الكمال الخاص كموسى والخضر عليهما السلام وان كان الكليم أفضل زمانه كسليمان عليه السلام فانظر سر الاختصاص فى قوله (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) مع الخليفة أبيه داود حين اختلف رجل وامرأة فى ولد لهما اسود فقالت المرأة هو ابن هذا الرجل وأنكر الرجل فقال سليمان هل جامعتها فى حال الحيض فقال نعم قال هو لك وانما سود الله وجهه عقوبة لكما فهذا من باب الاختصاص قالَ عِفْرِيتٌ مارد خبيث مِنَ الْجِنِّ بيان له إذ يقال للرجل الخبيث المنكر المعفر لاقرانه عفريت وفى المفردات العفريت من الجن هو الفاره الخبيث ويستعار ذلك للانسان استعارة الشيطان له انتهى مأخوذ من العفر محركة ويسكن وهو ظاهر التراب فكأنه يصرع قرنه عليه ويمرغه فيه وأصله عفر زيدت فيه التاء مبالغة كما فى الكواشي وكان اسم ذلك العفريت ذكوان وفى فتح الرحمن كوذى او إصطخر سيد الجن وكان قبل ذلك متمردا على سليمان وإصطخر فارس تنسب اليه وكان الجنى كالجبل العظيم يضع قدمه عند منتهى طرفه أَنَا آتِيكَ بِهِ اى بعرشها قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ اى من مجلسك للحكومة وكان يجلس الى نصف النهار وآتيك اما صيغة مضارع. فالمعنى بالفارسية [من بيارم آنرا بتو] او فاعل. والمعنى [من آرنده ام آنرا بتو] وهو الأنسب لمقام ادعاء الإتيان بلا محالة وأوفق بما عطف عليه من الجملة الاسمية اى انا آت به فى تلك المدة البتة وَإِنِّي عَلَيْهِ اى على الإتيان لَقَوِيٌّ لا يثقل علىّ حمله أَمِينٌ على ما فيه من الجواهر والنفائس ولا ابد له بغيره قالَ حين قال سليمان أريد اسرع من هذا يعنى [زودترا زين خواهم] الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ وهو آصف بن برخيا بن خالة سليمان وزيره وكاتبه ومؤدبه فى حال صغره وكان رجلا صديقا يقرأ الكتب الالهية ويعلم الاسم الأعظم الذي إذا دعى الله به أجاب وقد خلقه الله لنصرة سليمان ونفاذ امره فالمراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة على موسى وابراهيم وغيرهما او اللوح وأسراره المكتومة وقال المعتزلة المراد به جبرائيل وذلك لانهم لا يرون كرامة الأولياء أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ الارتداد الرجوع والطرف تحريك الأجفان وفتحها للنظر

الى شىء والارتداد انضمامها ولكونه امرا طبيعيا غير منوط بالتحريك اوثر الارتداد على الرد ويعبر بالطرف عن النظر إذا كان تحريك الجفن يلازمه النظر وهذا غاية فى الاسراع ومثل فيه لانه ليس بين تحريك الأجفان مدة ما قال الكاشفى [سليمان دستورى داود او بسجده در افتاد وكفت يا حى يا قيوم كه بعيري آهيا شراهيا باشد وبقول بعضى يا ذا الجلال والإكرام وبر هر تقدير چون دعا كرد تخت بلقيس در موضع خود بزمين فرو رفته وطرفة العيني را پيش تخت سليمان از زمين برآمد] وقال اهل المعاني لا ينكر من قدرة الله ان يعدمه من حيث كان ثم يوجده حيث كان سليمان بلا نقل بدعاء الذي عنده علم من الكتاب ويكون ذلك كرامة للولى ومعجزة للنبى انتهى يقول الفقير هذه مسألة الإيجاد والاعدام وإليها الاشارة بقوله عليه السلام (الدنيا ساعة وقل من يفهمها) لانها خارجة عن طور العقل وفى المثنوى پس ترا هر لحظه موت ورجعتيست ... مصطفى فرمود دنيا ساعتيست «1» هر نفس نو مى شود دنيا وما ... بى خبر از نو شدن اندر بقا عمر همچون جوى نو نو مى رسد ... مستمرى مى نمايد در جسد آن ز تيزى مستمر شكل آمدست ... چون شرر كش تيز جنبانى بدست شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد پس دراز اين درازى مدت از تيزىء صنع ... مى نمايد سرعت انگيزى صنع فَلَمَّا رَآهُ اى فاتاه بالعرش فرأه فلما رأه مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ حاضرا لديه تابتا بين يديه فى قدر ارتداد الطرف من غير خلل فيه ناشئ من النقل قالَ سليمان تلقيا للنعمة بالشكر هذا اى حصول مرادى وهو حضور العرش فى هذه المدة القصيرة مِنْ فَضْلِ رَبِّي علىّ وإحسانه من غير استحقاق منى لِيَبْلُوَنِي ليختبرنى: وبالفارسية [بيازمايد مرا باين] وفى المفردات يقال بلى الثوب بلى خلق وبلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له وإذا قيل ابتلى فلان بكذا وبلاه يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته وربما قصد به الأمران وربما يقصد به أحدهما فاذا قيل بلا الله كذا وابتلاه فليس المراد الا ظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على ما يجهل منه إذا كان تعالى علام الغيوب أَأَشْكُرُ بان أراه محض فضله تعالى من غير حول من جهتى ولا قوة وأقوم بحقه أَمْ أَكْفُرُ بان أجد لنفسى مدخلا فى البين واقصر فى اقامة مواجبه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجن وان كان له مع لطافة جسمه قوى ملكوتية يقدر على ذلك بمقدار زمان مجلس سليمان فان للانس ممن عنده علم من الكتاب مع كثافة جسمه وثقله وضعف انسانيته قوة ربانية قد حصلها من علم الكتاب بالعمل به وهو اقدر بها على ما يقدر عليه الجن من الجن ولما كان كرامة هذا الولي فى الإتيان بالعرش من معجزة سليمان (قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ) هذه النعمة التي تفضل بها علىّ برؤية العجز عن الشكر (أَمْ أَكْفُرُ) انتهى قال قتادة فلما رفع رأسه قال الحمد لله الذي

_ (1) در اواسط دفتر يكم هم در بيان مكر خركوش إلخ

جعل فى أهلي من يدعوه فيستجب له كفت حمد الله برين صد چنين ... كه بدى ودستم ز رب العالمين وَمَنْ [وهر كه] شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لان الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة وَمَنْ كَفَرَ اى لم يشكر بان لم يعرف قدر النعمة ولم يؤد حقها فان مضرة كفره عليه فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ عن شكره كَرِيمٌ بإظهار الكرم عليه مع عدم الشكر ايضا وبترك تعجيل العقوبة قال فى المفردات المنحة والمحنة جميعا بلاء فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر فصارت المنحة أعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى الله عنه بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر ولهذا قال امير المؤمنين رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله قال الواسطي رحمه الله فى الشكر ابطال رؤية الفضل كيف يوازى شكر الشاكرين فضله وفضله قديم وشكرهم محدث (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لانه غنى عنه وعن شكره وقال الشبلي رحمه الله الشكر هو الخمود تحت رؤية المنة قال فى الاسئلة المقحمة فى الآية دليل اثبات الكرامات من وجهين. أحدهما ان العفريت من الجن لما ادعى احضاره قبل ان يقوم سليمان من مقامه وسليمان لم ينكر عليه بل قال أريد اعجل من هذا فلما جاز ان يكون مقدورا لعفريت من الجن كيف لا يكون مقدورا لبعض اولياء الله تعالى. والثاني ان الذي عنده علم من الكتاب وهو آصف وزير سليمان لم يكن نبيا وقد أحضره قبل ان يرتد طرفه اليه كما نطق به القرآن دل على جواز اثبات الكرامات الخارقة للعادات للاولياء خلافا للقدرية حيث أنكروا ذلك انتهى. والكرامة ظهور امر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى النبوة فما لا يكون مقرونا بالايمان والعمل الصالح يكون استدراجا وما يكون مقرونا بدعوى النبوة يكون معجزة قال بعضهم لا ريب عند اولى التحقيق ان كل كرامة نتيجة فضيلة من علم او عمل او خلق حسن فلا يعول على خرق العادة بغير علم صحيح او عمل صالح فطى الأرض انما هو نتيجة عن طى العبد ارض جسمه بالمجاهدات واصناف العبادات وإقامته على طول الليالى بالمناجاة والمشي على الماء انما هو لمن اطعم الطعام وكسا العراة اما من ماله او بالسعي عليهم او علم جاهلا او ارشد ضالا لان هاتين الصفتين سر الحياتين الحسية والعلمية وبينهما وبين الماء مناسبة بينة فمن أحكمها فقد حصل الماء تحت حكمه ان شاء مشى عليه وان شاء زهد فيه على حسب الوقت وترك الظهور بالكرامات الحسية والعلمية أليق للعارف لانه محل الآفات وللعارف استخدام الجن او الملك فى غذائه من طعامه وشرابه وفى لباسه قال فى كشف الاسرار قد تحصل الكرامة باختيار الولي ودعائه وقد تكون بغير اختياره وفى الحديث (كم من اشعث اغبر ذى طمرين لا يؤبه له لو اقسم على الله لأبره) [در آثار بيارند كه مصطفى عليه السلام از دنيا بيرون شد زمين بالله ناليد كه «بقيت لا يمشى على نبى الى يوم القيامة» الله كفت جل جلاله من ازين امت محمد مردانى پديد آرم كه دلهاى ايشان بدلهاى پيغمبران يكى باشد وايشان نيستند مكر اصحاب كرامات]

[سورة النمل (27) : الآيات 41 إلى 44]

وكرامات الأولياء ملحقة بمعجزات الأنبياء إذ لو لم يكن النبي صادقا فى معجزته ونبوته لم تكن الكرامة تظهر على من يصدقه ويكون من جملة أمته ولم ينكر كرامات الأولياء الا اهل الحرمان سواء أنكروها مطلقا او أنكروا كرامات اولياء زمانهم وصدقوا بكرامات الأولياء الذين ليسوا فى زمانهم كمعروف وسهل وجنيد وأشباههم كمن صدق بموسى وكذب بمحمد عليهما السلام وما هى الا خصلة اسرائيلية نسأل الله التوفيق وحسن الخاتمة فى عافية لنا وللمسلمين أجمعين ونبتهل اليه فى انه يحشرنا مع اهل الكرامات آمين قالَ سليمان كرر الحكاية تنبيها على ما بين السابق واللاحق من المخالفة لما ان الاول من باب الشكر والثاني امر لخدمه نَكِّرُوا لَها عَرْشَها تنكير الشيء جعله بحيث لا يعرف كما ان تعريفه جعله بحيث يعرف كما قال فى تاج المصادر التنكير [ناشأ سا كردن] والمعنى غيروا هيئته وشكله بوجه من الوجوه بحيث ينكر فجعل الشياطين أسفله أعلاه وبنوا فوقه قبابا اخرى هى اعجب من تلك القباب وجعلوا موضع الجوهر الأحمر الأخضر وبالعكس نَنْظُرْ بالجزم على انه جواب الأمر [تا بنگريم] ماله بعد از سؤال ازو أَتَهْتَدِي الى معرفته فتظهر رجاحة عقلها أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ فتظهر سخافة عقلها وذلك ان الشياطين خافوا ان تفشى بلقيس أسرارهم الى سليمان لان أمها كانت جنية وان يتزوجها سليمان ويكون بينهما ولد جامع للجن والانس فيرث الملك ويخرجون من ملك سليمان الى ملك هو أشد وأفظع ولا ينفكون من التسخير ويبقون فى التعب والعمل ابدا فارادوا ان يبغضوها الى سليمان فقالوا ان فى عقلها خللا وقصورا وانها شعراء الساقين وان رجليها كحافر الحمار فاراد سليمان ان يختبرها فى عقلها فامر بتنكير العرش واتخذ الصرح كما يأتى ليتعرف ساقيها ورجليها فَلَمَّا جاءَتْ بلقيس سليمان والعرش بين يديه قِيلَ من جهة سليمان بالذات وبالواسطة امتحانا لعقلها أَهكَذا عَرْشُكِ [آيا اينچنين است تخت تو] لم يقل هذا عرشك لئلا يكون تلقينا لها فيفوت ما هو المقصود من الأمر بالتنكير وهو اختبار عقلها قالَتْ يعنى لم تقل لا ولا قالت نعم بل شبهوا عليها فشبهت عليهم مع علمها بحقيقة الحال كَأَنَّهُ هُوَ [كويا كه اين آنست] فلوّحت لما اعتراه بالتنكير من نوع مغايرة فى الصفات مع اتحاد الذات فاستدل بذلك على كمال عقلها وكأنها ظنت ان سليمان أراد بذلك اختبار عقلها واظهار معجزة لها فقالت وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها من قبل الآيات الدالة على ذلك وَكُنَّا مُسْلِمِينَ من ذلك الوقت وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ بيان من جهته تعالى لما كان يمنعها من اظهار ما ادعته من الإسلام الى الآن اى صدها ومنعها عن ذلك عبادتها القديمة للشمس متجاوزة عبادة الله تعالى إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ تعليل لسببية عبادتها المذكور للصد اى انها كانت من قوم راسخين فى الكفر ولذلك لم تكن قادرة على إسلامها وهى بين ظهرانيهم الى ان دخلت تحت ملك سليمان اى فصارت من قوم مؤمنين: وفى المثنوى چون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد بست آن جمله را «1» جز مكر مرغى كه بد بيجان و پر ... يا چوماهى كنك بد از اصل وكر

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ

[سورة النمل (27) : آية 44]

وفى الآية دلالة على ان اشتغال المرء بالشيء يصده عن فعل ضده وكانت بلقيس تعبد الشمس فكانت عبادتها إياها تصرفها عن عبادة الله فلا ينبغى الإغراق فى شىء الا ان يكون عبادة الله تعالى ومحبته فان الرجل إذا غلب حب ما سوى الله على قلبه ولم يكن له رادع من عقل او دين أصمه حبه وأعماه كما قال عليه السلام (حبك الشيء يعمى ويصم) - روى- ان سليمان امر قبل قدومها فبنى له على طريقها قصر صحنه من زجاج ابيض واجرى من تحته الماء والقى فيه السمك ونحوه من دواب البحر [چنانكه صحن ان خانه همه آب مينمود] ووضع سريره فى وسطه فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والانس [چون بلقيس بدر كوشك رسيد] يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ الصرح القصر وكل بناء عال سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا من الشوب اى خالصا فان الصرح بالتحريك الخالص من كل شى ءلَمَّا رَأَتْهُ [پس چون بديد قصر را در حالتى كه آفتاب بر آن تافته بود وآب صافى مينمود وماهيانرا ديد] سِبَتْهُ لُجَّةً اللجة معظم الماء وفى المفردات لجة البحر تردد أمواجه وفى كشف الاسرار اللجة الضحضاح من الماء وهو الماء اليسير او الى الكعبين وانصاف السوق او ما لا غرق فيه كما فى القاموس. والمعنى ظنت انه ماء كثير بين يدى سرير سليمان: وبالفارسية [پنداشت كه آب ژرف است ندانست كه آب در زير آبگينه است] فارادت ان تدخل فى الماء كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها تثنية ساق وهى ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب القدم اى تشمرت لئلا تبتل أذيالها فاذا هى احسن الناس ساقا وقدما خلا انها شعراءالَ لها سليمان لا تكشفى عن ساقيك نَّهُ اى ما توهمته ماءرْحٌ مُمَرَّدٌ مملس مسوى: بالفارسية [همواره چون روى آبگينه وشمشير] ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر وكونه أملس الخدين وشجرة مرداء إذا لم يكن عليها ورق نْ قَوارِيرَ اى مصنوع من الزجاج الصافي وليس بماء جمع قارورة: بالفارسية [آبگينه] وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه او يخص بالزجاج الَتْ حين عاينت تلك المعجزة ايضابِ [اى پروردگار من] نِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بعبادة الشمس أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فيه التفات الى الاسم الجليل والوصف بالربوبية لاظهار معرفتها بالوهيته تعالى وتفرده باستحقاق العبودية وربوبيته لجميع الموجودات التي من جملتها ما كانت تعبده قبل ذلك من الشمس. والمعنى أخلصت له التوحيد تابعة لسليمان مقتدية به وقال القيصري أسلمت اسلام سليمان اى كما اسلم سليمان ومع فى هذا الموضع كمع فى قوله (يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) إذ لا شك ان زمان ايمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان ايمان الرسل وكذا اسلام بلقيس ما كان عند اسلام سليمان فالمراد كما انه آمن بالله آمنت بالله وكما انه اسلم أسلمت لله انتهى. ويجوز ان يكون مع هاهنا واقعا موقع بعد كما فى قوله (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) واختلف فى نكاح بلقيس فقيل انكحها سليمان فتى من أبناء ملوك اليمن وهو ذو تبع ملك همدان وتبع بلغة اليمن الملك المتبوع وذلك ان سليمان لما عرض عليها النكاح أبته وقالت مثلى لا ينكح الرجال فاعلمها سليمان ان النكاح من شريعة الإسلام فقالت ان كان ذلك فزوجنى من ذى

تبع فزوجه إياها ثم ردها الى اليمن وسلط زوجها إذا تبع على اليمن ردعا زوبعة امير جن اليمن فامره ان يكون فى خدمة ذى تبع ويعمل له ما استعمله فيه فصنع له صنائع باليمن وبنى له حصونا مثل صرواح ومرواج وهندة وهنيدة وفلتوم [اين نام قلعهاست در زمين يمن كه شياطين آنرا بنا كرده اند از بهر ذى تبع وامروز از ان هيچ برپاى نيست همه خراب كشته ونيست شده] وانقضى ملك ذى تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان ولما مات سليمان نادى زوبعة يا معشر الجن قدمات سليمان فارفعوا رؤسكم فرفعوها وتفرقوا. والجمهور على ان سليمان نكحها لنفسه قال فى التأويلات النجمية فى الآية دليل على ان سليمان أراد ان ينكحها وانما صنع الصرح لتكشف عن ساقيها فرآها ليعلم ما قالت الشياطين فى حقها أصدق أم كذب ولو لم يستنكحها لما جوز من نفسه النظر الى ساقيها انتهى قال فى فتح الرحمن أراد سليمان تزوجها فكره شعر ساقيها فسأل الانس ما يذهب هذا قالوا الموسى فقال الموسى يخدش ساقها فسأل الجن فقالوا لا ندرى ثم سأل الشياطين فقالوا نحتال لك حتى تصير كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة والحمام فكانت النورة والحمام من يومئذ. ويقال ان الحمام الذي يبيت المقدس بباب الأسباط انما بنى لها وانه أول حمام بنى على وجه الأرض وفى روضة الاخبار قال جنى لسليمان ابني لك دارا تكون فى بيوته الاربعة الفصول الاربعة من السنة فبنى الحمام فلما تزوجها سليمان أحبها حبا شديدا وأقرها على ملكها وامر الجن فبنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم ير الناس مثلها ارتفاعا وحسنا وهى ملحين وغمدان وبينون [امروز از ان بناها وقصرها جز اسم وطلل آن بر جاى نيست بلكه همه خرابند] كما قال تعالى فى سورة هود وحصيد ثم كان يزروها فى كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة ايام وولدت له داود بن سليمان بن داود [وآن پسر در حيات پدر از دنيا برفت]- روى- ان سليمان ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فمدة ملكه أربعون سنة ووفاته فى اواخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام وبين وفاته والهجرة الشريفة الاسلامية الف وسبعمائة وثلاث وسبعون سنة ونقل ان قبره ببيت المقدس عند الجيسمانية وهو وأبوه داود فى قبر واحد. وبلقيس بعد [از سليمان بيك ماه از دنيا برفت] ولما كسروا جدار تدمر وجدوها قائمة عليها اثنتان وسبعون حلة قد أمسكها الصبر والمصطكى ذلك وان جمالها شىء عظيم إذا حركت تحركت مكتوب عندها انا بلقيس صاحبة سليمان بن داود خرب الله من يخرب بيتي وكان ذلك فى ملك مروان الحمار همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمانده لا يزال جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم نه لايق بود عشق با دلبرى ... كه هر بامدادش بود شوهرى دريغا كه بي ما بسى روزكار ... برويد كل وبشكفد نو بهار مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت

[سورة النمل (27) : الآيات 45 إلى 48]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ وهى قبيلة من العرب كانوا يعبدون الأصنام أَخاهُمْ النسبي المعروف عندهم بالصدق والامانة صالِحاً قد سبق ترجمته أَنِ مصدرية اى بان اعْبُدُوا اللَّهَ الذي لا شريك له فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ الاختصام [با يكديكر خصومت وجدل كردن] وأصله ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه. والمعنى فاجأوا التفرق والاختصام فآمن فريق وكفر فريق: وبالفارسية [پس آنگاه ايشان دو فريق شدند مؤمن وكافر وبجنگ وخصومت در آمدند با يكديكر] قال الكاشفى [ومخاصمه ايشان در سوره اعراف رقم ذكر يافته] وهو قوله تعالى (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) الآية قالَ صالح للفريق الكافر منهم يا قَوْمِ [اى كروه من] لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ بالعقوبة فتقولون ائتنا بما تعدنا. والاستعجال طلب الشيء قبل وقته واصل لم لما على انه استفهام قَبْلَ الْحَسَنَةِ قبل التوبة فتؤخرونها الى حين نزول العقاب فانهم كانوا من جهلهم وغوايتهم يقولون ان وقع إيعاده تبنا حينئذ والا فنحن على ما كنا عليه قال فى كشف الاسرار [معنى قبل اينجا نه تقدم زمانست بلكه تقدم رتبت واختبارست همچنانكه كسى كويد] صحة البدن قبل كثرة المال لَوْلا حرف تحضيض بمعنى هلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ [چرا استغفار نمى كنيد پيش از نزول عذاب وبايمان وتوبه از خدا آمرزش نميطلبيد] لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بقبولها فلا تعذبون إذ لا إمكان للقبول عند النزول تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب قالُوا اطَّيَّرْنا [فال بد كرفتيم] وأصله تطيرنا والتطير التشاؤم وهو بالفارسية [شوم داشتن] عبر عنه بذلك لانهم كانوا إذا خرجوا مسافرين فمروا بطائر يزجرونه فان مر سانحا تيمنوا وان مر بارحا تشاءموا فلما نسبوا الخير والشر الى الطير استعير لما كان سببا لهما من قدر الله تعالى وقسمته او من عمل العبد قال فى فتح الرحمن والكواشي السانح هو الذي ولاه ميامنه فيتمكن من رميه فيتيمن به والبارح هو الذي ولاه مياسره فلا يتمكن من رميه فيتشاءم به ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به وفى القاموس البارح من الصيد ما مر من ميامنك الى مياسرك وبرح الظبى بروحا ولاك مياسره ومرّ وسنح سنوحا ضد برح ومن لى بالسانح بعد البارح اى بالمبارك بعد المشئوم قال فى كشف الاسرار هذا كان اعتقاد العرب فى بعض الوحوش والطيور انها إذا صاحت فى جانب دون جانب دل على حدوث آفات وبلايا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وقال (أقروا الطير على مكناتها) لانها أوهام لا حقيقة معها والمكنات بيض الضبة واحدتها مكنة قال عكرمة رضى الله عنه كنا عند ابن عباس رضى الله عنهما فمر طائر يصيح فقال رجل من القوم خير فقال ابن عباس رضى الله عنهما لا خير ولا شر لا تنطقن بما كرهت فربما ... نطق اللسان بحادث فيكون وفى الحديث (ان الله يحب الفال ويكره الطيرة) قال ابن الملك كان اهل الجاهلية إذا قصد واحد الى حاجة واتى من جانبه الا يسر طيرا وغيره يتشاءم به فيرجع هذا هو الطيرة ومعنى الآية تشاء منا

[سورة النمل (27) : آية 48]

بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ فى دينك حيث تتابعت علينا الشدائد [اين دعوت تو شوم آمد بر ما] وكانوا قحطوا فقالوا أصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم أصحابك وكذا قال قوم موسى لموسى واهل انطاكية لرسلهم قالَ طائِرُكُمْ سببكم الذي جاء منه شركم عِنْدَ اللَّهِ وهو قدره او عملكم المكتوب عنده. وسمى القدر طائرا لسرعة نزوله ولا شىء اسرع من قضاء محتوم كما فى فتح الرحمن: وبالفارسية [فال شما از خير وشر نزديك خداست يعنى سبب محنت شما مكتوبست نزديك خدا بحكم ازلى وبجهت من متبدل نكردد] قلم به نيك وبد خلق در ازل رفتست ... بكوفت وكوى خلائق كر نخواهد شد بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ تختبرون بتعاقب السراء والضراء اى الخير والشر والدولة والنكبة والسهولة والصعوبة او تعذبون والاضراب من بيان طائرهم الذي هو مبدأ ما يحيق بهم الى ذكر ما هو الداعي اليه يقال فتنت الذهب بالنار اى اختبرته لا نظر الى جودته واختبار الله تعالى انما هو لاظهار الجودة والرداءة ففى الأنبياء والأولياء والصلحاء تظهر الجودة ألا ترى ان أيوب عليه السلام امتحن فصبر فظهر للخلق درجته وقربه من الله تعالى وفى الكفار والمنافقين والفاسقين تظهر الرداءة- حكى- ان امرأة مرضت مرضا شديدا طويلا فاطالت على الله تعالى فى ذلك وكفرت ولذا قيل عند الامتحان يكرم الرجل او يهان خوش بود كر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد والابتلاء مطلقا اى سواء كان فى صورة المحبوب او فى صورة المكروه رحمة من الله تعالى فى الحقيقة لان مراده جذب عبده اليه فان لم ينجذب حكم عليه الغضب فى الدنيا والآخرة كما ترى فى الأمم السالفة ومن يليهم فى كل عصر الى آخر الزمان. ثم ان اهل الله تعالى يستوى عندهم المنحة والمحنة إذ يرون كلا منهما من الله تعالى فيصفون وقتهم فيتوكلون ولا يتطيرون ويحمدون ولا يجزعون ثم ان مصيبة المعصية أعظم من مصيبة غيرها وبلاء الباطن أشد من بلاء الظاهر قال ابن الفارض رحمه الله وكل بلا أيوب بعض بليتى مراده ان مرضى فى الروح ومرض أيوب عليه السلام فى الجسد مع انه مؤيد بقوة النبوة فبلائى أشد من بلائه نسأل الله التوفيق والعافية وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ اى الحجر بكسر الحاء المهملة وهى ديار ثمود وبلادهم فيما بين الحجاز والشام تِسْعَةُ رَهْطٍ اشخاص وبهذا الاعتبار وقع تمييزا للتسعة لا باعتبار لفظه فان مميز الثلاثة الى العشرة مخفوض مجموع. والفرق بينه وبين النفر انه من الثلاثة او من السبعة الى العشرة ليس فيهم امرأة والنفر من الثلاثة الى التسعة واسماؤهم حسبما نقل عن وهب هذيل بن عبد الرب وغنم بن غنم ويأب بن مهرج ومصدع بن مهرج وعمير بن كردية وعاصم بن مخزمة وسبيط بن صدقة وسمعان بن صفى وقدار بن سالف وفى كشف الاسرار اسماؤهم قدار بن سالف ومصدع بن دهر واسلم ورهمى ورهيم ودعمى ودعيم وقبال وصداف وهم الذين سعوا فى عقر الناقة وكانوا عتاة قوم صالح وكانوا من أبناء اشرافهم ثم وصف التسعة بقوله يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فى ارض الحجر بالمعاصي وفى الإرشاد فى الأرض لا فى المدينة فقط وهو بعيد لان العرض فى نظائر هذه القصة انما حملت على ارض

[سورة النمل (27) : الآيات 49 إلى 55]

معهودة هى ارض كل قبيلة وقوم لا على الأرض مطلقا وَلا يُصْلِحُونَ اى لا يفعلون شيأ من الإصلاح ففائدة العطف بيان ان افسادهم لا يخالطه شىء ما من الإصلاح قالُوا استئناف لبيان بعض ما فعلوا من الفساد اى قال بعضهم لبعض فى أثناء المشاورة فى امر صالح وكان ذلك فيما انذرهم بالعذاب على قتلهم الناقة وبين لهم العلامة بتغيير ألوانهم كما قال (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) تَقاسَمُوا بِاللَّهِ) تحالفوا يقال اقسم اى حلف وأصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف وهو امر مقول لقالوا او ماض وقع حالا من الواو بإضمار قد اى والحال انهم تقاسموا بالله لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ لنأتين صالحا ليلا بغتة فلنقتلنه واهله: وبالفارسية [هر آيينه شبيخون ميكنيم بر صالح وبر كسان] او قال فى التاج [التبييت: شبيخون كردن] يعنى مباغتة العدو وقصده ليلا ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ اى لولى دم صالح: يعنى [اگر ما پرسند كه صالح را كه كشته است كوييم] ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ اى ما حضرنا هلاكهم فضلا عن ان نتولى إهلاكهم فيكون مصدرا او وقت هلاكهم فيكون زمانا او مكان هلاكهم فيكون اسم مكان: وبالفارسية [حاضر نبوديم كشتن صالح وكسان او را] وَإِنَّا لَصادِقُونَ فيما نقول فهو من تمام القول: وبالفارسية [وبدرستى كه ما راست كويانيم] وهذا كقولهم ليعقوب فى حق يوسف (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) وَمَكَرُوا مَكْراً) بهذه المواضعة. والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وَمَكَرْنا مَكْراً) اى جعلنا هذه المواضعة سببا لاهلاكهم وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بذلك هر آنكه تخم بدى كشت و چشم نيكى داشت ... دماغ بيهده پخت وخيال باطل بست فَانْظُرْ تفكر يا محمد فى انه كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ اى على أي حال وقع وحدث عاقبة مكرهم وهى أَنَّا دَمَّرْناهُمْ التدمير استئصال الشيء بالهلاك وَقَوْمَهُمْ الذين لم يكونوا معهم فى مباشرة التبييت أَجْمَعِينَ بحيث لم يشذ منهم شاذ- روى- انه كان لصالح مسجد فى الحجر فى شعب يصلى فيه ولما قال لهم بعد عقرهم الناقة انكم تهلكون الى ثلاثة ايام قالوا زعم صالح انه يفرغ منا الى ثلاث فنحن نفرغ منه ومن اهله قبل الثلاث فخرجوا الى الشعب وقالوا إذا جاء يصلى قتلناه ثم رجعنا الى اهله فقتلناهم فبعث الله صخرة خيالهم فبادروا فطبقت عليهم فى الشعب فهلكوا ثمة: وبالفارسية [ناكاه سنكى بر ايشان فرود آمد وهمه را در زير كرفت ودر غار پوشيده وايشان در آنجا هلاك شدند] فلم يدر قومهم اين هم وهلك الباقون فى أماكنهم بالصيحة يقول الفقير الوجه فى هلاكهم بالتطبيق انهم أرادوا ان يباغتوا صالحا فباغتهم الله وفى هلاك قومهم بالصيحة انهم كانوا يصيحون إليهم فيما يتعلق بالإفساد فجاء الجزاء لكل منهم من جنس العمل فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ حال كونها خاوِيَةً خالية عن الأهل والسكان من خوى البطن إذا خلا او ساقطة منهدمة من خوى النجم إذا سقط: وبالفارسية [پس آنست خانهاى ايشان در زمين حجر بنگريد آنرا در حالتى كه خالى وخرابست] بِما ظَلَمُوا اى بسبب ظلمهم المذكور وغيره كالشرك قال سهل رحمه الله الاشارة فى البيوت الى القلوب فمنها عامرة بالذكر ومنها خراب بالغفلة ومن ألهمه

[سورة النمل (27) : الآيات 53 إلى 55]

الله الذكر فقد خلص لله من الظلم إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من التدمير العجيب بظلمهم لَآيَةً لعبرة عظيمة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يتصفون بالعلم فيتعظون. يعنى اعلم يا محمد انى فاعل ذلك العذاب بكفار قومك فى الوقت الموقت لهم فليسوا خيرا منهم كما فى كشف الاسرار وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا صالحا ومن معه من المؤمنين وَكانُوا يَتَّقُونَ اى الكفر والمعاصي اتقاء مستمرا فلذلك خصوا بالنجاة وكانوا اربعة آلاف خرج بهم صالح الى حضر موت وهى مدينة من مدن اليمن وسميت حضر موت لان صالحا لما دخلها مات وفيه اشارة الى ان الهجرة من ارض الظلم الى ارض العدل لازمة خصوصا من ارض الظالمين المؤاخذين بانواع العقوبات إذ مكان الظلم ظلمة فلا نور للعبادة فيه وان الإنسان إذا ظلم فى ارض ثم تاب فالافضل له ان يهاجر منها الى مكان لم يعص الله تعالى فيه. ثم ان الظالم المفسد فى مدينة القالب الإنسان هى العناصر الاربعة والحواس الخمس وهى تسعة رهط يجتهدون فى غلبة صالح القلب لمخالفته لهم فان القلب يدعوهم الى العبودية وترك الشهوات وهم يدعونه الى النظر الى الدنيا والاعراض عن العقبى والتعطل عن خدمة المولى فاذا كان القلب مؤيدا بالإلهام الرباني لا يميل الى الحظوظ الظاهرة والباطنة ويغلب على القوى جميعا فيحصل له النجاة وتهلك الخواص التسع وآفاتها فيبقى القالب والأعضاء التي هى مساكن الخواص خالية عن الخواص والآفات الغالبة ثم لا يحيى ما مات ابدا ونعم ما قيل «الفاني لا يرد الى أوصافه» [پس أوليا را خوف ظهور طبيعت نيست زيرا كه طبيعت ونفس عدو است وعدو خالى نميشود از غدر ومكر پس چون عداوت بمحبت منقلب ميشود مكر زائل كردد وخوف نماند] نسأل الله سبحانه ان ينجينا من مكر النفس والشيطان ويخلصنا من مكاره الأعداء مطلقا فى كل زمان وَلُوطاً اى وأرسلنا لوطا بن هاران إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ظرف للارسال على ان المراد به امر ممتد وقع فيه الإرسال وما جرى بينه وبين قومه من الافعال والأقوال وقال بعضهم انتصاب لوطا بإضمار اذكر وإذ بدل منه اى واذكر إذ قال لوط لقومه على وجه الإنكار عليهم أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال والمراد به هاهنا اللواطة والإتيان فى الأدبار. والمعنى أتفعلون الفعلة المتناهية فى القبح: وبالفارسية [آيا مى آييد بعمل زشت] وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ من بصر القلب وهو العلم فانه يقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة ويقال للضرير بصير على سبيل العكس او لماله قوة بصيرة القلب اى والحال انكم تعلمون فحشها علما يقينيا وتعاطى القبيح من العالم بقبحه أقبح من غيره ولذا قيل فساد كبير جاهل متنسك وعالم متهتك او من نظر العين اى وأنتم تبصرونها بعضكم من بعض لما انهم كانوا يعلنون بها ولا يستترون فيكون افحش أَإِنَّكُمْ [آيا شما] لَتَأْتُونَ الرِّجالَ بيان لاتيانهم الفاحشة وعلل الإتيان بقوله شَهْوَةً للدلالة على قبحه والتنبيه على ان الحكمة فى المواقعة طلب النسل لا قضاء الوطر واصل الشهوة نزوع النفس الى ما تريده مِنْ دُونِ النِّساءِ اى حال كونكم مجاوزين النساء اللاتي هن محال الشهوة بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ حيث لا تعملون بموجب علمكم فان من لا يجرى على مقتضى بصارته وعلمه ويفعل فعل الجاهل

[سورة النمل (27) : الآيات 56 إلى 60]

فهو والجاهل سواء وتجهلون صفة لقوم والتاء فيه لكون الموصوف فى معنى المخاطب تم الجزء التاسع عشر بمنّ الله وكرمه الجزء العشرون من الاجزاء الثلاثين فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ نصب الجواب لانه خبر كان واسمه قوله إِلَّا أَنْ قالُوا اى قول بعضهم لبعض أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ اى لوطا ومن تبعه مِنْ قَرْيَتِكُمْ وهى سدوم إِنَّهُمْ أُناسٌ جمع انس والناس مخفف منه: والمعنى بالفارسية [بدرستى كه ايشان مردمانند كه] يَتَطَهَّرُونَ يتنزهون عن أفعالنا او عن الاقذار ويعدون أفعالنا قذرا وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه على طريق الاستهزاء وهذا الجواب هو الذي صدر عنهم فى المرة الاخيرة من مرات المواعظ بالأمر والنهى لا انه لم يصدر عنهم كلام آخر غيره فَأَنْجَيْناهُ اى لوطا وَأَهْلَهُ اى بنيته ريشاء ورعواء بان امرناهم بالخروج من القرية إِلَّا امْرَأَتَهُ الكافرة المسماة بواهلة لم ننجها قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ اى قدرنا وقضينا كونها من الباقين فى العذاب فلذا لم يخرج من القرية مع لوط او خرجت ومسخت حجرا كما سبق يقال غبر غبورا إذا بقي وتمامه فى اواخر سورة الشعراء وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ بعد قلب قريتهم وجعل عاليها سافلها او على شذاذهم ومن كان منهم فى الاسفار مَطَراً غير معهود وهو حجارة السجيل فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ اى بئس مطر من انذر فلم يخف والمخصوص بالذم هو الحجارة قال ابن عطية وهذه الآية اصل لمن جعل من الفقهاء الرجم فى اللوطي لان الله تعالى عذبهم على معصيتهم به ومذهب مالك رجم الفاعل والمفعول به أحصنا او لم يحصنا ومذهب الشافعي واحمد حكمه كالزنى فيه الرجم مع الإحصان والجلد مع عدمه ومذهب ابى حنيفة انه يعزر ولاحد عليه خلافا لصاحبيه فانهما الحقاه بالزنى وفى شرح الأكمل ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث انه يجازى بما يجازى به القتل والزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة يقول الفقير عذبوا بالرجم لانه أفظع العذاب كما ان اللواطة افحش المنهيات وبقلب المدينة لانهم قلبوا الأبدان عند الإتيان فافهم فجوزوا بما يناسب أعمالهم الخبيثة نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بد مرد را نيك آمد به پيش والاشارة فى الفاحشة الى كل ما زلت به الاقدام عن الصراط المستقيم وامارتها فى الظاهر إتيان منهيات الشرع على وفق الطبع وهو النفس وعلاماتها فى الباطن حب الدنيا وشهواتها والاحتظاظ بها وفى الحديث (أنتم على بينة من ربكم ما لم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل

[سورة النمل (27) : الآيات 59 إلى 60]

وسكرة حب الدنيا) قال بعض الكبار ثلاثة من علامات الصدق والوصول الى محل الأنبياء. الاول إسقاط قدر الدنيا والمال من قلبك حتى يصير الذهب والفضة عندك كالتراب. والثاني إسقاط رؤية الخلق عن قلبك بحيث لا تلتفت الى مدحهم وذمهم فكأنهم أموات وأنت وحيد على الأرض. والثالث احكام سياسة النفس حتى يكون فرحك من الجوع وترك الشهوات كفرح أبناء الدنيا بالشبع ونيل الشهوات ثم ان المرأة الصالحة الجميلة ليست من قبيل الشهوات بل من اسباب التصفية وموافقتها من سعادات الدنيا كما قال على رضى الله عنه من سعادة الرجل خمسة ان تكون زوجته موافقة وأولاده أبرارا وإخوانه اتقيا وجيرانه صالحين ورزقه فى بلده واما الغلام الأمرد فمن أعظم فتن الدنيا إذ لا إمكان لنكاحه كالمرأة. فعلى العاقل ان يجتنب عن زنى النظر ولواطته فضلا عن الوقوع فيهما فان الله تعالى إذا رأى عبده حيث ما نهى غار وقهر فالعياذ به من سطوته والالتجاء اليه من سخطه ونقمته قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قل يا محمد الحمد لله على جميع نعمه التي من جملتها إهلاك اعداء الأنبياء والمرسلين واتباعهم الصديقين فانهم لما كانوا إخوانه عليه السلام كان النعمة عليهم نعمة عليه وَسَلامٌ وسلامة ونجاة عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى اى اصطفاهم الله وجعلهم صفوة خليقته فى الأزل وهداهم واجتباهم للنبوة والرسالة والولاية فى الابد فهم الأنبياء والمرسلون وخواصهم المقربون الذين سلموا من الآفات ونجوا من العقوبات مطلقا وفيه رمز الى هلاك أعدائه عليه السلام ولو بعد حين واشعار له ولاصحابه بحصول السلامة والنجاة من أيديهم وهكذا عادة الله تعالى مع الورثة الكمل وأعدائهم فى كل زمان هذا هو اللائح للبال فى هذا المقام وهو المناسب لسوابق الآيات العظام [وكفته اند اهل اسلام آنانند كه دل ايشان سالم است از لوث علائق وسر ايشان خاليست از فكر خلائق امروز سلام بواسطه شنوند فردا سلام بى واسطه خواهند شنيد] (سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) هر بنده كه او كشت مشرف بسلامت ... البته شود خاص بتشريف سلامت لطفى كن وبنواز دلم را بسلامت ... زيرا كه سلامت همه لطفست وكرامت آللَّهُ بالمد بمقدار الألفين أصله أالله على ان الهمزة الاولى استفهام والثانية وصل فمدوا الاولى تخفيفا. والمعنى الله الذي ذكرت شؤنه العظيمة: وبالفارسية [آيا خداى بحق] خَيْرٌ انفع لعابديه وفى كشف الاسرار [بهست خدايى را] أَمَّا أم الذي فام متصلة وما موصولة يُشْرِكُونَ به من الأصنام اى أم الأصنام انفع لعابديها يعنى الله خير وكان عليه السلام إذا قرأ هذه الآية قال (بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم) فان قيل لفظ الخير يستعمل فى شيئين فيهما خير ولاحدهما مزية ولا خير فى الأصنام أصلا قلنا المراد الزام المشركين وتشديد لهم وتهكم بهم او هو على زعم ان فى الأصنام خيرا ثم هذا الاستفهام والاستفهامات الآتية تقرير وتوبيخ لا استرشاد ثم اضرب وانتقل من التثبيت تعريضا الى التصريح به خطابا لمزيد التشديد فقال ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة أَمَّنْ موصولة مبتدأ خبره محذوف وكذا فى نظائرها الآتية. والمعنى بل أم من خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ

[سورة النمل (27) : الآيات 61 إلى 65]

التي هى اصول الكائنات ومبادى المنافع خير أم ما يشركون. يعنى ان الخالق للاجرام العلوية والسفلية خير لعابديه او للمعبودية كما هو الظاهر وَأَنْزَلَ لَكُمْ اى لاجل منفعتكم مِنَ السَّماءِ ماءً نوعا منه هو المطر ثم عدل عن الغيبة الى التكلم لتأكيد الاختصاص بذاته فقال فَأَنْبَتْنا بِهِ اى بسبب ذلك الماء حَدائِقَ بساتين محدقة ومحاطة بالحوائط: وبالفارسية [بوستانها ديوار بست] من الاحداق وهو الإحاطة وقال فى المفردات الحدائق جمع حديقة وهى قطعة من الأرض ذات ماء سميت بها تشبيها بحدقة العين فى الهيئة وحصول الماء فيها وحدقوا به واحدقوا احاطوا به تشبيها بادارة الحدقة انتهى ذاتَ بَهْجَةٍ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه اى صاحبة حسن ورونق يبتهج به النظار وكل موضع ذى أشجار مثمرة محاط عليه فهو حديقة وكل ما يسر منظره فهو بهجة ما كانَ لَكُمْ اى ما صح لكم وما أمكن أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها شجر الحدائق فضلا عن ثمرها أَإِلهٌ آخر كائن مَعَ اللَّهِ الذي ذكر بعض أفعاله التي لا يكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له فى العبادة: وبالفارسية [آيا هست خداى يعنى نيست معبودى با خداى بحق] بَلْ هُمْ بلكه مشركان قَوْمٌ يَعْدِلُونَ قوم عادتهم العدول والميل عن الحق الذي هو التوحيد والعكوف على الباطل الذي هو الإشراك او يعدلون يجعلون له عديلا ويثبتون له نظيرا قال فى المفردات قوله بل هم قوم يعدلون يصح ان يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا انتهى فهم جاروا وظلموا بوضع الكفر موضع الايمان والشرك محل التوحيد وهو إضراب وانتقال من تبكيتهم بطريق الخطاب الى بيان سوء حالهم وحكاية لغيرهم ثم اضرب وانتقل الى التبكيت بوجه آخر ادخل فى الإلزام فقال ام منقطعة أَمَّنْ موصولة كما سبق جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً يقال قر فى مكانه يقر قرارا إذا ثبت ثبوتا جامدا وأصله القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة والمراد بالقرار هنا المستقر. والمعنى بل أم من جعلها بحيث يستقر عليها الإنسان والدواب بإظهار بعضها من الماء بالارتفاع وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم خير من الذي يشركون به من الأصنام وذكر بعض الآيات بلفظ الماضي لان بعض أفعاله تقدم وحصل مفروغا منه وبعضها يفعلها حالا بعد حال وَجَعَلَ خِلالَها جمع خلل وهى الفرجة بين الشيئين نحو خلل الدار وخلل السحاب ونحوهما أوساطها: وبالفارسية [و پيدا كرد در ميانهاى زمين] أَنْهاراً جارية ينتفعون بها هو المفعول الاول للجعل قدم عليه الثاني لكونه ظرفا وعلى هذا المفاعيل للفعلين الآتيين وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ يقال رسا الشيء يرسو ثبت قال فى كشف الاسرار الرواسي جمع الجمع يقال جبل راس وجبال راسية ثم تجمع الراسية على الرواسي اى جبالا ثوابت تمنعها ان تميل باهلها وتضطرب ويتكون فيها المعادن وينبع فى حضيضها الينابيع ويتعلق بها من المصالح ما لا يخفى قال بعضهم جعل نفوس العابدين قرار طاعتهم وقلوب العارفين قرار معرفتهم وأرواح الواجدين قرار محبتهم واسرار الموحدين قرار مشاهدتهم وفى أسرارهم انهار الوصلة وعيون القربة بها يسكن ظمأ اشتياقهم وهيجان

[سورة النمل (27) : آية 62]

احتراقهم وجعل لها رواسى من الخوف والرجاء والرغبة والرهبة وايضا جعل للارض رواسى من الابدال والأولياء والأوتاد بهم يديم إمساك الأرض وببركاتهم يدفع البلاء عن الخلق وكما لا تختص الرواسي الظاهرة بديار الإسلام كذلك الرواسي الباطنة لا تختص بها بل تعمها وديار الكفرة فان الوجود مطلقا لا بد له من سبب البقاء فسبحان المفيض على الأولياء والأعداء وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ اى العذب والمالح او خليجى فارس والروم حاجِزاً برزخا مانعا من الممازجة والمخالطة كما مر فى سورة الفرقان قال فى المفردات الحجز المنع بين الشيئين بفاصل بينهما وسمى الحجاز بذلك لكونه حاجزا بين الشام والبادية أَإِلهٌ آخر كائن مَعَ اللَّهِ فى الوجود او فى إبداع هذه البدائع: يعنى ليس معه غيره بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ اى شيأ من الأشياء ولذلك لا يفهمون بطلان ما هم عليه من الشرك مع كمال ظهوره أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ الضمير المنصوب راجع الى المبتدأ وهو من الموصولة التي أريد بها الله تعالى والمعنى أم من يستجيب الملجأ الى ضيق من الأمر إذا تضرع بالدعاء اليه وَيَكْشِفُ السُّوءَ ويدفع عن الإنسان ما يسوءه ويحزنه خير أم الذي يشركون به من الأصنام والاضطرار افتعال من الضرورة وهى الحالة المحوجة الى اللجأ والمضطر الذي أحوجته شدة من الشدائد الى اللجأ والضراعة الى الله تعالى كالمرض والفقر والدين والغرق والحبس والجور والظلم وغيرها من نوازل الدهر فكشفها بالشفاء والإغناء والانجاء والإطلاق والتخليص [شيخ داود اليماني قدس سره بعيادت بيمارى رفته بود بيمار كفت اى شيخ دعا كن براى شفاى من شيخ كفت تو دعا كن كه مضطرى واجابت بدعاء مضطر باز بسته زيرا كه نياز او بيشتر باشد وحق سبحانه نياز بيچارگان دوست ميدارد] اين نياز مريمى بودست ودرد ... كان چنان طفلى سخن آغاز كرد «1» هر كجا دردى دوا آنجا بود ... هر كجا فقرى نوا آنجا رود «2» هر كجا مشكل جواب آنجا رود ... هر كجا پستيست آب آنجا رود پيش حق يك ناله از روى نياز ... به كه عمرى در سجود ودر نماز «3» زور را بگذار زارى را بكير ... رحم سوى زارى آيد اى فقير «4» قال بعضهم فصل بين الاجابة وكشف السوء فالاجابة بالقول والكشف بالطول والاجابة بالكلام والكشف بالانعام ودعاء المضطر لا حجاب له ودعاء المظلوم لا مرد له ولكل أجل كتاب قال اهل التفسير اللام فى المضطر للجنس لا للاستغراق حتى يلزم اجابة كل مضطر فان الله تعالى يحب اجابة المضطرين لكن يجيب لبعضهم بالقول ولبعضهم بالفعل على حسب الحكمة والمصلحة قال فى نفائس المجالس جاء فى الحديث (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فلما سمعه ابو بكر رضى الله عنه قال «يا رسول الله حبب الىّ من دنياكم ثلاث النظر إليك وانفاق مالى عليك والجلوس بين يديك» وقال عمر رضى الله عنه «حبب الىّ من دنياكم ثلاث النظر الى اولياء الله والقهر لاعداء الله والحفظ لحدود الله» وقال عثمان رضى الله عنه «يا سيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث افشاء السلام واطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام» وقال على رضى الله عنه «يا سيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث الضرب

_ (1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد رو إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى هر چهـ داد وآفريد إلخ (3) لم أجد (4) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفاوت عقول إلخ

[سورة النمل (27) : الآيات 63 إلى 64]

بالسيف والصوم بالصيف وإكرام الضيف» فجاء جبريل عليه السلام وقال «يا سيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث ارشاد الضالين واعانة المساكين ومؤانسة كلام رب العالمين» ثم غاب وجاء بعد ساعة فقال ان الله يقرئك السلام ويقول (أحب من دنياكم ثلاثا دمع العاصين وعذاب المذنبين الغير التائبين واجابة دعوة المضطرين) قال بعضهم العارف لا يزال مضطرا معناه ان العامة اضطرارهم بمنيرات الأسباب فاذا زالت زال اضطرارهم وذلك لغلبة الحس على شهودهم فلو شهدوا قبضة الله الشاملة المحيطة لعلموا ان اضطرارهم الى الله دائم ولدوام شرط الاضطرار ووصفه لا يزال دعاء العارفين مستجابا والأهم فى الدعاء تخليص النيات وتطهير الاعتقاد عن شوائب الشكوك والتوسل الى الله تعالى بالتوبة النصوح ثم تطهير الجوارح والأعضاء ليكون محلا للامداد من السماء ومنه الاستياك والتطيب ثم الوضوء واستقبال القبلة وتقديم الذكر والثناء والصلاة قبل الشروع فى عرض الحاجات والدعوات وكذا بسط يديه بالضراعة والابتهال ورفعها حذو منكبيه قال ابو يزيد البسطامي قدس سره دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى من كمى دون الاخرى لشدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهرة مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذاك يا رب فنوديت اليد التي خرجت للطلب امتلأت والتي توارت حرمت قال بعضهم ان كان وقت برد او عذر فاشار بالمسبحة قام مقام كفيه كما فى القنية وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ خلفاء فيها بان ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم من الأمم يخلف كل قرن منكم القرن الذي قبله أَإِلهٌ آخر كائن مَعَ اللَّهِ الذي يفيض على كافة الأنام هذه النعم الجسام قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ اى تتذكرون آلاءه تذكرا قليلا وزمانا قليلا وما مزيدة لتأكيد معنى القلة التي أريد بها العدم او ما يجرى مجراه فى الحقارة وقلة الجدوى. وفيه اشارة الى ان مضمون الكلام مركوز فى ذهن كل ذكى وغبى وانه من الوضوح بحيث لا يتوقف الا على التوجه اليه وتذكره ام بل أَمَّنْ الذي يَهْدِيكُمْ يرشدكم الى مقاصدكم فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ اى فى ظلمات الليالى فيها بالنجوم وعلامات الأرض على ان الاضافة للملابسة او فى مشتبهات الطريق يقال طريقة ظلماء او عمياء للتى لا مناربها اى هو خير أم الأصنام وَمَنْ موصولة كما سبق يُرْسِلُ الرِّياحَ حال كونها بُشْراً مبشرة بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يعنى المطر: وبالفارسية [وكسى كه مى فرستد بادها را مژده دهندكان پيش از رحمت كه بارانست] أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يقدر على مثل ذلك تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ تعالى الخالق القادر عن مشاركة العاجز المخلوق أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ اى يوجده أول مرة ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد الموت بالبعث اى يوجده بعد اماتته وأم ومن إعرابه كما تقدم وفى الكواشي وسألوا عن بدء خلقهم واعادتهم مع انكارهم البعث لتقدم البراهين الدالة على ذلك من إنزال الماء وإنبات النبات وجفافه ثم عوده مرة ثانية والعقل يحكم بامكان الاعادة بعد الإبلاء وهم يعلمون انهم وجدوا بعد ان لم يكونوا فايجادهم بعد ان كانوا أيسر وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى بأسباب سماوية وارضية أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يفعل ذلك قُلْ هاتُوا قال الحريري تقول العرب للواحد المذكر هات بكسر التاء وللجمع هاتوا وللمؤنث هاتى ولجماعة الإناث هاتين

[سورة النمل (27) : آية 65]

وللاثنين من المذكر والمؤنث هانيا دون هاتا من غير ان فرقوا فى الأمر لهما كما لم يفرقوا بينهما فى ضمير المثنى فى مثل قولك غلامهما وضربهما ولا فى علامة التثنية التي فى قولك الزيدان والهندان وكان الأصل فى هات آت المأخوذ من آتى اى اعطى فقلبت الهمزة هاء كما قلبت فى ارقت الماء وفى إياك فقيل هرقت وهياك وفى ملح العرب ان رجلا قال لاعرابى هات فقال والله ما اهاتيك اى ما أعطيك: ومعنى هاتوا بالفارسية [بياريد] بُرْهانَكُمْ عقليا او نقليا يدل على ان معه تعالى الها آخر والبرهان أوكد الادلة وهو الذي يقتضى الصدق ابدا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ اى فى تلك الدعوى ثم بين تعالى تفرده بعلم الغيب تكميلا لما قبله من اختصاصه بالقدرة التامة وتمهيدا لما بعده من امر البعث فقال قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الانس والجن الْغَيْبَ وهو ما غاب عن العباد كالساعة ونحوها وسيجيئ بيانه إِلَّا اللَّهُ اى لكن الله وحده يعلمه فالاستثناء منقطع والمستثنى مرفوع على انه بدل من كلمة من على اللغة التميمية واما الحجازيون فينصبونه وَما يَشْعُرُونَ يعنى البشر اى لا يعلمون أَيَّانَ يُبْعَثُونَ متى ينشرون من القبور فايان مركبة من أي وآن فأى للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بنيا على الفتح كبعلبك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للغيب مراتب غيب هو غيب اهل الأرض فى الأرض وفى السماء وللانسان إمكان تحصيل علمه وهو على نوعين. أحدهما ما غاب عنك فى ارض الصورة وسمائها مثل غيبة شخص عنك او غيبة امر من الأمور ولك إمكان إحضار الشخص والاطلاع على الأمر الغائب وفى السماء مثل علم النجوم والهيئة ولك إمكان تحصيله بالتعلم وان كان غائبا عنك. وثانيهما ما غاب عنك فى ارض المعنى وهو ارض النفس فان فيها مخبئات من الأوصاف والأخلاق مما هو غائب عنك كيفية وكمية ولك إمكان الوقوف عليها بطريق المجاهدة والرياضة والذكر والفكر وسماء المعنى وهو سماء القلب فان فيها مخبئات من العلوم والحكم والمعاني مما هو غائب عنك ولك إمكان الوصول اليه بالسير عن مقامات النفس والسلوك فى مقامات القلب وغيب هو غيب اهل الأرض فى الأرض والسماء ايضا وليس للانسان إمكان الوصول اليه الا بارادة الحق تعالى كما قال (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وغيب وهو غيب اهل السماء فى السماء والأرض ليس لهم إمكان الوصول اليه الا بتعليم الحق تعالى مثل الأسماء كما (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) ومن هنا تبين لك ان الله تعالى قد كرم آدم بكرامة لم يكرم بها الملائكة وهو اطلاعه على مغيبات لم يطلع عليها الملائكة وذلك بتعليمه علم الأسماء كلها وغيب هو مخصوص بالحضرة ولا سبيل لاهل السموات والأرض الى علمه الا لمن ارتضى له كما قال (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) وبهذا استدل على فضيلة الرسل على الملائكة لان الله استخصهم باظهارهم على غيبه دون الملائكة ولهذا أسجدهم لآدم لانه كان مخصوصا بإظهار الله إياه على غيبه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) وغيب استأثر الله بعلمه وهو

[سورة النمل (27) : الآيات 66 إلى 70]

علم قيام الساعة فلا يعلمه الا الله كما قال (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) انتهى قالت عائشة رضى الله عنها من زعم ان محمدا يعلم ما فى غد فقد أعظم على الله الفرية يقول الفقير واما ما قيل من ان من قال ان نبى الله لا يعلم الغيب فقد اخطأ فيما أصاب فهو بالنسبة الى الاستثناء الوارد فى قوله تعالى (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) فان بعض الغيب قد أظهره الله على رسوله كما سبق من التأويلات قال فى كشف الاسرار [منجمى در پيش حجاج رفت حجاج سنك ريزه در دست كرد وخود بر شمرد آنكه منجم را كفت بگو تا در دست من سنك ريزه چندست منجم حسابى كه دانست بر كوفت وبكفت وصواب آمد حجاج آن بگذاشت ولختى ديكر سنك ريزه ناشمرده در دست كرفت كفت اين چندست منجم هر چند حساب ميكرد جواب همه خطا مى آمد منجم كفت «ايها الأمير أظنك لا تعرف ما فى يدك» چنان ظن مى برم كه توعد آن نميدانى حجاج كفت چنين است نميدانم عدد آن و چهـ فرقست ميان اين وآن منجم كفت أول بار تو بر شمردى واز حد غيب بدر آمد واكنون تو نميدانى وغيب است «ولا يعلم الغيب الا الله» وفى كتاب كلستان منجمى بخانه خود درآمد مرد بيكانه را ديد با زن او بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه وآشوب برخاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت] تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست ... چوندانى كه در سراى تو كيست بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ أصله تدارك فابدلت التاء دالا وأسكنت للادغام واجتلبت همزة الوصل للابتداء ومعناه تلاحق وتدارك قال فى القاموس جهلوا علمها ولا علم عندهم من أمرها انتهى وهو قول الحسن وحقيقته انتهى علمهم فى لحوق الآخرة فجهلوها كما فى المفردات وقال بعضهم تدارك وتتابع حتى انقطع من قولهم تدارك بنوا فلان إذا تتابعوا فى الهلاك فهو بيان لجهلهم بوقت البعث مع تعاضد اسباب المعرفة. والمعنى تتابع علمهم فى شأن الآخرة حتى انقطع ولم يبق لهم علم بشىء مما سيكون فيها قطعا لكن لا على انه كان لهم علم بذلك على الحقيقة ثم انتفى شيأ فشيأ بل على طريقة المجاز بتنزيل اسباب العلم ومباديه من الدلائل العقلية والسمعية منزلة نفسه واجراء ساقطها عن اعتبارهم كلما لاحظوها مجرى تتابعها الى الانقطاع وتنزيل اسباب العلم بمنزلة العلم سنن مسلوك ثم اضرب وانتقل من بيان علمهم بها الى بيان ما هو أسوأ منه وهو حيرتهم فى ذلك حيث قيل بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها من نفس الآخرة وتحققها كمن تحير فى امر لا يجد عليه دليلا فضلا عن الأمور التي ستقع فيها ثم اضرب عن ذلك الى بيان ان ما هم فيه أشد وأفظع من الشك حيث قيل بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ جاهلون بحيث لا يكادون يدركون دلائلها لاختلال بصائرهم بالكلية جمع عم وهو أعمى القلب قال فى المفردات العمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة ويقال فى الاول أعمى والثاني عمى وعم وعمى القلب أشد ولا اعتبار لافتقاد البصر فى جنب افتقاد البصيرة إذ رب أعمى فى الظاهر بصير فى الباطن ورب بصير فى الصورة أعمى فى الحقيقة كحال الكفار والمنافقين والغافلين وعلاج هذا العمى انما يكون بضده وهو العلم الذي به يدرك الآخرة

[سورة النمل (27) : الآيات 67 إلى 70]

وما تحويه من الأمور قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره ما عصى الله أحد بمعصية أشد من الجهل قيل يا أبا محمد هل تعرف شيأ أشد من الجهل قال نعم الجهل بالجهل فالجهل جهلان جهل بسيط هو سلب العلم وجهل مركب هو خلافه والاول ضعيف والثاني قوى لا يزول الا ان يتداركه الله تعالى: قيل سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء الجهل ليس له طبيب وقيل وفى الجهل قبل الموت موت لاهله ... وأجسامهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور اى كه دارى هنر ندارى مال ... مكن از كردكار خود كله نعمت جهل را مخواه كه هست ... روضه در ميان مزبله اللهم اجعلنا من العلماء ورثة الأنبياء وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى مشركوا مكة أَإِذا كُنَّا تُراباً [آيا چون كرديم ما خاك] وَآباؤُنا [و پدران ما نيز خاك شوند] وهو عطف على ضمير كنا بلا تأكيد لفصل ترابا بينهما أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ [آيا ما بيرون آورندگانيم از كورها زنده شده] والضمير فى أإنا لهم ولآبائهم لان كونهم ترابا يتناولهم وآباءهم والعامل فى إذا ما دل عليه أإنا لمخرجون وهو نخرج لا مخرجون لان كلا من الهمزة وان واللام مانعة من عمله فيما قبلها. والمعنى أنخرج من القبور إذا كنا ترابا اى هذا لا يكون وتكرير الهمزة للمبالغة فى الإنكار وتقييد الإنكار بوقت كونهم ترابا لتقويته بتوجيهه الى الإخراج فى حالة منافية له والافهم منكرون للاحياء بعد الموت مطلقا اى سواء كانوا ترابا اولا لَقَدْ وُعِدْنا هذا اى الإخراج: وبالفارسية [بدرستى وعده داده شده ايم اين حشر ونشر را] نَحْنُ وتقديم الموعود على نحن لانه المقصود بالذكر وحيث اخر كما فى سورة المؤمنين قصد به المبعوث وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ اى من قبل وعد محمد يعنى ان آباءنا وعدوا به فى الازمنة المتقدمة ثم لم يبعثوا ولن يبعثوا إِنْ هذا اى ما هذا الوعد إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أحاديثهم التي سطروها وكتبوها كذابا مثل حديث رستم وإسفنديار: وبالفارسية [مكر افسانها پيشينيان يعنى مانند افسانها كه مجرد سخنيست بى حقيقت] والأساطير الأحاديث التي ليس لها حقيقة ولا نظام جمع اسطار واسطير بالكسر واسطور بالضم وبالهاى فى الكل جمع سطر قُلْ يا محمد سِيرُوا ايها المنكرون المكذبون من السير وهو المضي فِي الْأَرْضِ فى ارض اهل التكذيب مثل الحجر والأحقاف والمؤتفكات ونحوها فَانْظُرُوا تفكروا واعتبروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ آخر امر المكذبين بسبب التكذيب حيث اهلكوا بانواع العذاب وفيه تهديد لهم على التكذيب وتخويف بان ينزل بهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم واصل الجرم قطع الثمر عن الشجر والجرامة رديئ الثمر المجروم واستعير لكل اكتساب مكروه وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ على تكذيبهم وإصرارهم لانهم خلقوا لهذا وهو ليس بنهي عن تحصيل الحزن لان الحزن ليس يدخل تحت اختيار الإنسان ولكن النهى

[سورة النمل (27) : الآيات 71 إلى 75]

فى الحقيقة انما هو عن تعاطى ما يورث الحزن واكتسابه. والحزن والحزن خشونة فى الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيها من النعم ويضاده الفرح وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ [در تنكدلى] وهو ضد السعة ويستعمل فى الفقر والغم ونحوهما مِمَّا يَمْكُرُونَ من مكرهم وكيدهم وتدبيرهم الحيل فى اهلاكك ومنع الناس عن دينك فانه لا يحيق المكر السيئ الا باهله والله يعصمك من الناس ويظهر دينك غم مخور زان رو كه غمخوارت منم ... وز همه بدها نكهدارت منم از تو كر اغيار بر تابند رو ... اين جهان وآن جهان يارت منم وَيَقُولُونَ [وميكويند كافران] مَتى [كجاست وكى خواهد بود] هذَا الْوَعْدُ اى العذاب العاجل الموعود إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى اخباركم بإتيانه والجمع باعتبار شركة المؤمنين فى الاخبار بذلك قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ اى تبعكم ولحقكم وقرب منكم قرب الرديف من مردفه واللام زائدة للتأكيد: وبالفارسية [بكوشايد آنكه باشد كه بحكم الهى پيوندد بشما واز پى درآيد شما را] بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ من العذاب فحل بهم عذاب يوم بدر وسائر العذاب لهم مدخر ليوم البعث وقيل الموت بعض من القيامة وجزؤ منها وفى الخبر (من مات فقد قامت قيامته) وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فمن مات قبل القيامة فقد قامت قيامته من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة كما ان ازمنة الدنيا يتصل بعضها ببعض. وعسى ولعل وسوف فى مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها وانما يطلقونها إظهارا للوقار واشعارا بان الرمز من أمثالهم كالتصريح ممن عداهم وعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ إفضال وانعام عَلَى النَّاسِ على كافة الناس ومن جملة انعاماته تأخير عقوبة هؤلاء على ما يرتكبونه من المعاصي التي من جملتها استعجال العذاب وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ لا يعرفون حق النعمة فلا يشكرون بل يستعجلون بجهلهم وقوع العذاب كدأب هؤلاء. وفيه اشارة الى ان استعجال منكرى البعث فى طلب العذاب الموعود لهم من غاية جهلهم بحقائق الأمور والا فقد ردفهم أنموذج من العذاب الأكبر وهو العذاب الأدنى من البليات والمحن (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) فيما يذيقهم العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون الى الحضرة بالخوف والخشية تاركين الدنيا وزينتها راغبين فى الآخرة ودرجاتها (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) لانهم لا يميزون بين محنهم ومنحهم وعزيز من يعرف الفرق بين ما هو نعمة من الله وفضل له او محنة ونقمة وإذا تقاصر علم العبد عما فيه صلاحه فعسى ان يحب شيأ ويظنه خيرا وبلاؤه فيه وعسى ان يكون شىء آخر بالضد ورب شىء يظنه العبد نعمة يشكره بها ويستديمه وهى محنة له يجب صبره عنها ويجب شكره لله تعالى على صرفه عنه وبعكس هذا كم من شىء يظنه الإنسان بخلاف ما هو كذا فى التأويلات النجمية وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ اى ما تخفيه من أكن إذا أخفى والأكنان جعل الشيء فى الكن وهو ما يحفظ فيه الشيء قال فى تاج المصادر [الأكنان: در دل نهان داشتن والكن پنهان داشتن] فى الكن

[سورة النمل (27) : آية 75]

والنفس كننت الشيء وأكننته فى الكن وفى النفس بمعنى وفرق قوم بينهما فقالوا كننت فى الكن وان لم يكن مستورا وأكننت فى النفس والباب يدل على ستر او جنون انتهى وَما يُعْلِنُونَ من الأقوال والافعال التي من جملتها ما حكى عنهم من استعجال العذاب وفيه إيذان بان لهم قبائح غير ما يظهرونه وانه تعالى يجازيهم على الكل [والإعلان: آشكارا كردن] قال الجنيد قدس سره ما تكن صدورهم من محبته وما يعلنون من خدمته وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [وهيچ نيست پوشيده در آسمان وزمين مكر نوشته در كتابى روشن يعنى لوح محفوظ وباو علم حق محيط] والغائبة من الصفات التي تدل على الشدة والغلبة والتاء للمبالغة كأنه قال وما من شىء شديد الغيبوبة والخفاء الا وقد علمه الله تعالى وأحاط به فالغيب والشهادة بالنسبة الى علمه تعالى وشهوده على السواء كما قال فى بحر الحقائق هذا يدل على انه ما غاب عن علمه شىء من المغيبات الموجود منها والمعدوم واستوى فى علمه وجودها وعدمها على ما هى به بعد إيجادها فلا تغير فى علمه تعالى عند تغيرها بالإيجاد فيتغير المعلوم ولا يتغير العلم بجميع حالاته على ما هو به انتهى فعلى الإنسان ترك النسيان والعصيان فان الله تعالى مطلع عليه وعلى أفعاله وان اجتهد فى الإخفاء: قال الشيخ سعدى فى البستان يكى متفق بود بر منكرى ... كذر كرد بر وى نكو محضرى نشست از خجالت عرق كرده روى ... كه آيا خجيل كشتم از شيخ كوى شنيد اين سخن شيخ روشن روان ... برو بر بشوريد وكفت اى جوان نيايد همى شرمت از خويشتن ... كه حق حاضر وشرم دارى ز من چنان شرم دار از خداوند خويش ... كه شرمت ز بيكانكانست وخويش نياسايى از جانب هيچ كس ... برو جانب حق نكه دار وبس بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نه ترسى ز كس نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى ثم انه ينبغى للمؤمن ان يكون سليم الصدر ولا يكن فى نفسه حقدا وحسدا وعداوة لاحد وفى الحديث (ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة) فدخل عبد الله بن سلام رضى الله عنه فقام اليه ناس من اصحاب رسول الله فاخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا باوثق عملك نرجو به فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى ففى هذا الخبر شيآن أحدهما اخباره عليه السلام عن الغيب ولكن بواسطة الوحى وتعليم الله تعالى فان علم الغيب بالذات مختص بالله تعالى والثاني ان سلامة الصدر من اسباب الجنة وفى الحديث (لا يبلغنى أحد من أصحابي عن أحد شيأ فانى أحب ان اخرج إليكم وانا سليم الصدر) وذلك ان المرء مادام لم يسمع عن أخيه الا مناقبه يكون سليم الصدر فى حقه فاذا سمع شيأ من مساويه واقعا او غير واقع يتغير له خاطره بدى در قفا عيب من كرد وخفت ... بتر زو قرينى كه آورد وكفت

[سورة النمل (27) : الآيات 76 إلى 80]

يكى تيرى افكند ودر ره فتاد ... وجودم نيازرد ورنجم نداد تو برداشتى وآمدى سوى من ... همى در سپوزى به پهلوى من والنصيحة فى هذا للعقلاء ان لا يصيخوا الى الواشي والنمام والغياب والعياب فان عرض المؤمن كدمه ولا ينبغى اساءة الظن فى حق المؤمن بأدنى سبب وقد ورود (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) از ان همنشين تا توانى كريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز كسى را كه نام آمد اندر ميان ... به نيكوترين نام ونعتش بخوان چوهمواره كويى كه مردم خرند ... مبر ظن كه نامد چومردم برند كسى پيش من در جهان عاقلست ... كه مشغول خود در جهان غافلست كسانى كه پيغام دشمن برند ... ز دشمن همانا كه دشمن ترند كسى قول دشمن نيارد بدوست ... مكر آنگهى دشمن يار اوست مريز آب روى برادر بكوى ... كه دهرت نريزد بشهر آب روى ببد كفتن خلق چون دم زدى ... اگر راست كويى سخن هم بدى نسأل الله العصمة إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ المنزل على محمد يَقُصُّ يبين عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ لجهالتهم يَخْتَلِفُونَ مثل اختلافهم فى شأن المسيح وعزير واحوال المعاد الجسماني والروحاني وصفات الجنة والنار واختلافهم فى التشبيه والتنزيه وتناكرهم فى أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضا فلو أنصفوا وأخذوا بالقرآن واسلموا لسلموا وَإِنَّهُ اى القرآن لَهُدىً [ره نمونيست] وَرَحْمَةٌ [وبخشايشى] لِلْمُؤْمِنِينَ مطلقا من بنى إسرائيل او من غيرهم وخصوا بالذكر لانهم المنتفعون به إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يفصل بين بنى إسرائيل المختلفين وذلك يوم القيامة بِحُكْمِهِ بما يحكم به وهو الحق والعدل سمى المحكوم به حكما على سبيل التجوز وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القاهر فلا يرد حكمه وقضاؤه الْعَلِيمُ بجميع الأشياء التي من جملتها ما يقضى فيه فاذا كان موصوفا بهذه الشؤون الجليلة فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ولا تبال بمعاداتهم والتوكل التبتل الى الله وتفويض الأمر اليه والاعراض عن التشبث بما سواه وايضا هو سكون القلب الى الله وطمأنينة الجوارح عند ظهور الهائل وعلل التوكل اولا بقوله إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [يعنى راه تو راست وكار تو درست] وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره وثانيا بقوله إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى فان كونهم كالموتى موجب لقطع الطمع فى مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا وداء الى تخصيص الاعتقاد به تعالى وهو المعنى بالتوكل عليه واطلاق الاسماع على المعقول لبيان عدم سماعهم لشىء من المسموعات وانما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم بما يتلى عليه من الآيات والمراد المطبوعون على قلوبهم فلا يخرج ما فيها من الكفر ولا يدخل ما لم يكن فيها من الايمان فان قلت بعد تشبيه أنفسهم بالموتى لا يظهر لتشبيههم بالعمى والصم كما يأتى مزيد فائدة قلت المراد كما أشير اليه بقوله على قلوبهم تشبيه القلوب

[سورة النمل (27) : الآيات 81 إلى 86]

لا تشبيه النفوس فان الإنسان انما يكون فى حكم الموتى بممات قلبه بالكفر والنفاق وحب الدنيا ونحوها. فحاصل المعنى بالفارسية [مرده دلان كفر فهم سخن تو نمى توانند كرد] قال يحيى بن معاذ رحمه الله العارفون بالله احياء وما سواهم موتى وذلك لان حياة الروح انما هى بالمعرفة الحقيقية قال فى كشف الاسرار [زندكانى بحقيقت سه چيزست وهر دل كه از ان سه چيز خالى بود در شمار موتى است. زندكانى بيم با علم. وزندكانى اميد با علم. وزندكانى دوستى با علم. زندكانى بيم دامن مرد پاك دار دو چشم وى بيدار وراه وى راست. زندكانى اميد مركب وى تيز دارد وزاد تمام وراه نزديك. زندكانى دوستى قدر مردم بزرك دارد وسروى آزاد ودل شاد. بيم بى علم بيم خارجيانست. اميد بى علم اميد مرجيانست. دوستى بى علم أبا حيانست هر كرا اين سه خصلت با علم در هم پيوست بزندكى پاك رسيد واز مردكى بازرست] وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ اى الدعوة الى امر من الأمور جمع أصم والصمم فقدان حاسة السمع وبه شبه من لا يصغى الى الحق ولا يقبله كما شبه هاهنا وفى التأويلات النجمية ولا تسمع الصم الذين اصمهم الله بحب الشهوات فان حبك الشيء يعمى ويصم اى يعمى عن طريق الرشد ويصم عن استماع الحق إِذا وَلَّوْا ولى اعرض وترك قربه مُدْبِرِينَ اى إذا انصرفوا حال كونهم معرضين عن الحق تاركين ذلك وراء ظهرهم يقال أدبر اعرض وولى دبره وتقييد النفي بإذا لتكميل التشبيه وتأكيد النفي فان أسماعهم فى هذه الحالة ابعد اى ان الأصم لا يسمع الدعاء مع كون الداعي بمقابلة صماخه قريبا منه فكيف إذا كان خلفه بعيدا منه ثم شبههم بالعمى بقوله وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ هداية موصلة الى المطلوب فان الاهتداء لا يحصل الا بالبصر وعن متعلقة بالهداية باعتبار تضمنها لمعنى الصرف والعمى جمع أعمى والعمى افتقاد البصر فشبه من افتقد البصيرة بمن افتقد البصر فى عدم الهداية قال فى المفردات لم يعد تعالى افتقاد البصر فى جانب افتقاد البصيرة عمى حتى قال فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي فى الصدور إِنْ تُسْمِعُ اى ما تسمع سماعا نافعا للسامع إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا من هو فى علم الله كذلك اى من من شأنه الايمان بها ولما كان طريق الهداية هو اسماع الآيات التنزيلية قال ان تسمع دون ان تهدى مع قرب ذكر الهداية فَهُمْ مُسْلِمُونَ تعليل لايمانهم بها كأنه قيل منقادون للحق: وبالفارسية [پس ايشان كردن نهند كانند فرمانرا ومخلصان ومتخصصان عالم ايقانند] كوش باطن نهاده بر قرآن ... ديده دل كشاده بر عرفان زنده از نفحهاى كلشن قدس ... معتكف در قضاى عالم انس برده اند از مضائق لا شىء ... به «قل الله ثم ذرهم» پى فالاصل هو العناية الازلية وما سبق فى علم الله من السعادة الابدية- روى- ان النبي عليه السلام قام على منبره فقبض كفه اليمنى فقال (كتاب كتب الله فيه اهل الجنة بأسمائهم وأنسابهم مجمل عليهم لا يزاد فيه ولا ينقص منه) ثم قبض كفه اليسرى فقال (كتاب كتب الله فيه اهل النار بأسمائهم واسماء آبائهم مجمل عليهم لا يزاد فيه ولا ينقص منه وليعلمن اهل السعادة بعمل اهل الشقاء

[سورة النمل (27) : آية 82]

حتى يقال كأنهم منهم بل هم هم ثم يستنقذهم الله قبل الموت ولو بفواق ناقة) وهو بضم الفاء وتخفيف الواو آخره قاف قال الجوهري وغيره هو ما بين الحلبتين من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب انتهى (وليعملن اهل الشقاء بعمل اهل السعادة حتى يقال كأنهم منهم بل هم هم ثم ليخرجنهم الله قبل الموت ولو بفواق ناقة السعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقى بقضاء الله والأعمال بالخواتيم) [آورده اند كه رسول خدا صلى الله عليه وسلم حكايت كرد كه در بنى إسرائيل زاهدى بود دويست سال عبادت كرده در آرزوى آن بود كه وقتى إبليس را به بيند تا با وى كويد الحمد لله كه درين دويست سال ترا بر من راه نبود ونتوانستى مرا از راه حق بگردانيدن آخر روزى إبليس از محراب خويشتن را باو نمود واو را بشناخت وكفت اكنون بچهـ آمدى يا إبليس كفت دويست سالست تا ميكوشم كه ترا از راه ببرم وبكام خويش درآرم واز دستم برنخاست ومراد برنيامد واكنون تو درخواستى كه مرا بينى ديدار من ترا بچهـ كار آيد از عمر تو دويست سال ديكر مانده است اين سخن بكفت ونابديد كشت زاهد در وسواس افتاد وكفت از عمر من دويست سال مانده ومن چنين خويشتن را در زندان كرده ام از لذات وشهوات بازمانده ودويست سال ديكر هم برين صفت دشخوار بود تدبير من آنست كه صد سال در دنيا خوش زندكانى كنم لذات وشهوات بكار دارم آنكه توبه كنم وصد سال ديكر بعبادات بسر آرم كه الله غفور رحيم است آن روز از صومعه بيرون آمد سوى خرابات شد وبشراب ولذات باطل مشغول كشت وبصحبت مؤنسان تن در داد چون درآمد عمرش باخر رسيده بود ملك الموت درآمد وبر سر آن فسق وفجور جان وى برداشت آن طاعات وعبادات دويست ساله بباد بر داده حكم ازلى در وى رسيده وشقاوت دامن او كرفته] نعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء: قال الحافظ در عمل تكيه مكن ز انكه در ان روز ازل ... تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت وقال زاهد ايمن مشو از بارئ غيرت زنهار ... كه ره از صومعه تا دير مغان اين همه نيست وقال حكم مستورى ومستى همه بر خاتمتست ... كس ندانست كه آخر بچهـ حالت برود وقال الشيخ سعدى كرت صورت حال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى بگرمابه گردد سفيد اللهم اجعلنا من السعداء وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ المراد بالوقوع الدنو والاقتراب كما فى قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللَّهِ) وبالقول ما ينطق عن الساعة وما فيها من فنون الأهوال التي كان المشركون يستعجلونها. والمعنى إذا دنا واقترب وقوع القول وحصول ما تضمنه واكثر ما جاء فى القرآن من لفظ وقع جاء فى العذاب والشدائد اى إذا ظهر امارات القيامة التي

تقدم القول فيها انتهى أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ واسمها الجساسة لتحسسها الاخبار للدجال لان الدجال كان موثقا فى دير فى جزيرة بحر الشام وكانت الجساسة فى تلك الجزيرة كما فى حديث المشارق فى الباب الثامن تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ اى تكلم تلك الدابة الكفرة باللسان العربي الفصيح او للعرب بالعربي وللعجم بالعجمي بانهم كانوا لا يؤمنون بآيات الله الناطقة بمجىء الساعة [يعنى: چون زوال دنيا نزديك باشد حق تعالى دابة الأرض بيرون آرد چنانچهـ ناقه صالح از سنك بيرون آورد] قيل انها جمعت خلق كل حيوان ولها وجه كوجه الآدميين مضيئة يبلغ رأسها السحاب فيراها اهل المشرق والمغرب وفى الحديث (طول الدابة ستون ذراعا لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب) وفى الخبر (بينما عيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون إذ تضطرب الأرض تحتهم وتتحرك تحرك القنديل وينشق جبل الصفا مما يلى المسعى فتخرج الدابة منه ولا يتم خروجها الا بعد ثلاثة ايام فقوم يقفون نظارا وقوم يفزعون الى الصلاة فتقول للمصلى طول ما طولت فو الله لا حطمنك فتخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليه السلام فتضرب المؤمن فى مسجده بالعصا فيظهر اثره كالنقطة ينبسط نوره على وجهه ويكتب على جبهته هو مؤمن وتختم الكافر فى انفه بالخاتم فتظهر نكتة فتفشو حتى يسودّ لها وجهه ويكتب بين عينيه هو كافر ثم تقول لهم أنت يا فلان من اهل الجنة وأنت يا فلان من اهل النار) [وكسى نماند در دنيا مكر سفيد روى ومردم يكدكر را بنام ولقب نخوانند بلكه سفيد روى را مى كويند اى بهشتى وسياه روى كه دوزخى وبر روى زمين همى رود وهر كجا نفس وى رسد همه نبات ودرختان خشك ميشود تا در زمين هيچ نبات ودرخت سبز نماند مكر درخت سپيد كه آن خشك نكردد از بهر آنكه بركت هفتاد پيغمبر باويست ودر حديث آمده كه خروج دابه وطلوع آفتاب از مغرب متقارب باشد هر كدام پيش بود آن ديكر بر عقبش ظاهر كردد واز كتب بعض ائمه چنان معلوم ميشود از اشراط ساعت أول آيات سماوى كه طلوع شود شمس از مغرب وأول آيات ارضى دابة الأرض] قال فى حياة الحيوان ظاهر الأحاديث ان طلوع الشمس آخر الاشراط انتهى كما ورد ان الدجال يخرج على رأس مائة وينزل عيسى عليه السلام فيقتله ثم يمكث فى الأرض أربعين سنة وان الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة والحاصل ان بنى الأصفر وهم الافرنج على ما ذهب اليه المحدثون إذا خرجوا وظهروا الى الاعماق فى ست سنين يظهر المهدى فى السنة السابعة ثم يظهر الدجال ثم ينزل عيسى ثم تخرج الدابة ثم تطلع الشمس من المغرب ويدل عليه انهم قالوا إذا أخرجت الدابة حبست الحفظة ورفعت الأقلام وشهدت الأجساد على الأعمال وذلك لكمال تقارب الخروج والطلوع فانه لا يغلق باب التوبة الا بعد الطلوع والعلم عند الله تعالى قال بعض العارفين السر فى صورة الدابة وظهور جمعية الكون فيها انها صورة الاستعداد الكونى الشهادى الحيواني ومثال الطبع الكلى الحيواني وحامل جمعية الحقائق الدنيوية وهى ايضا سر البرزخ الكلى العنصري يظهر منها اسرار الحقائق المتضادة كالكفر والايمان والطاعة والعصيان

[سورة النمل (27) : الآيات 83 إلى 86]

والانسانية والحيوانية وهى آية جامعة فيها معان واسرار لذوى الابصار كذا فى كشف الكنوز فعلى العاقل ان يصيخ الى آيات الله ويتعظ بوعدها ووعيدها ويؤمن بقدر الله تعالى ويتهيأ للبعث والموت قبل ان ينتهى العمر وينقطع الخير ويختل نظام الدنيا بترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقد تقارب الزمان يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... پيشتر ز انكه چوكردى ز ميان برخيزم نسأل الله ان يوفقنا للخير وصالحات الأعمال قبل نفاد العمر ومجيىء الآجال وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً يوم منصوب با ذكر. والحشر الجمع والمراد به هنا هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلى الشامل لكافة الخلق والامة جماعة أرسل إليهم رسول كما فى القاموس والفوج الجماعة من الناس كالزمرة كما فى الوسيط والجماعة المارة المسرعة كما فى المفردات. والمعنى واذكر يا محمد لقومك وقت حشرنا اى جمعنا من كل امة من امم الأنبياء او من اهل كل قرن من القرون جماعة كثيرة فمن تبعيضية لان كل امة منقسمة الى مصدق ومكذب مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا بيان للفوج اى فوجا مكذبين بها لان كل امة وكل عصر لم يخل من كفرة بالله من لدن تفريق بنى آدم والمراد بالآيات بالنسبة الى هذه الامة الآيات القرآنية فَهُمْ يُوزَعُونَ فسر فى هذه السورة فى قصة سليمان اى يحبس أولهم على آخرهم حتى يتلاحقوا ويجتمعوا فى موقع التوبيخ والمناقشة وهو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد أطرافهم او المراد بالفوج رؤساء الأمم المتبوعون فى الكفر والتكذيب فهم يحبسون حتى يلتحق بهم أسافلهم التابعون كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ابو جهل والوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة يساقون بين يدى اهل مكة وهكذا يحشر قادة سائر الأمم بين أيديهم الى النار وفى الحديث (امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء الى النار) حَتَّى إِذا جاؤُ الى موقف السؤال والجواب والمناقشة والحساب: وبالفارسية [تا چون بيايند بحشرگاه] قالَ الله تعالى موبخا على التكذيب والالتفات لتربية المهابة أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً الواو للحال ونصب علما على التمييز اى أكذبتم بآياتى الناطقة بلقاء يومكم هذا بادى الرأى غير ناظرين فيها نظرا يؤدى الى العلم بكنهها وانها حقيقة بالتصديق حتما أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أم أي شىء تعملونه بعد ذلك: وبالفارسية [چهـ كار كرديد بعد از آنكه بخدا ورسول ايمان نياورديد] يعنى لم يكن لهم عمل غير الجهل والتكذيب والكفر والمعاصي كأنهم لم يخلقوا الا لها مع انهم ما خلقوا الا للعلم والتصديق والايمان والطاعة يخاطبون بذلك تبكيتا فلا يقدرون ان يقولوا فعلنا غير ذلك ثم يكبون فى النار وذلك قوله تعالى وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ اى حل بهم العذاب الذي هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله بِما ظَلَمُوا بسبب ظلمهم الذي هو التكذيب بآيات الله فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ باعتذار لشغلهم بالعذاب او لختم أفواههم ثم وعظ كفار مكة واحتج عليهم فقال أَلَمْ يَرَوْا من رؤية القلب وهو العلم: والمعنى بالفارسية [آيا نديدند وندانستند منكران حشر] أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ بما فيه من الاظلام لِيَسْكُنُوا فِيهِ ليستريحوا فيه بالنوم والقرار وَالنَّهارَ مُبْصِراً اى ليبصروا بما فيه من الاضاءة

طرق التقلب فى امور المعاش فبولغ فيه حيث جعل الابصار الذي هو حال الناس حالاله ووصفا من أوصافه التي جعل عليها بحيث لا ينفك عنها ولم يسلك فى الليل هذا المسلك لما ان تأثير ظلام الليل فى السكون ليس بمثابة تأثير ضوء النهار فى الابصار إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى جعلهما كما وصفا لَآياتٍ عظيمة كثيرة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ دالة على صحة البعث وصدق الآيات الناطقة به دلالة واضحة كيف لا وان من تأمل فى تعاقب الليل والنهار وشاهد فى الآفاق تبدل ظلمة الليل الحاكية الموت بضياء النهار المضاهي الحياة وعاين فى نفسه تبدل النوم الذي هو أخو الموت بالانتباه الذي هو مثل الحياة قضى بان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من فى القبور قضاء متقنا وجزم بانه قد جعل هذا أنموذجا له ودليلا يستدل به على تحققه وان الآيات الناطقة بكون حال الليل والنهار برهانا عليه وسائر الآيات كلها حق نازل من عند الله تعالى قال حكيم الدهر مقسوم بين حياة ووفاة فالحياة اليقظة والوفاة النوم وقد أفلح من ادخل فى حياته من وفاته. وفيه اشارة الى ان النهار وامتداده أفضل من الليل وامتداده الا لمن جعل الليل للمناجاة- حكى- ان محمد بن النضر الحارثي ترك النوم قبل موته بستين الا القيلولة ثم ترك القيلولة قال الشيخ سعدى [طريق درويشان ذكر است وشكر وخدمت وطاعت وإيثار وقناعت وتوحيد وتوكل وتسليم وتحمل هر كه بدين صفتها موصوفست بحقيقت درويش است اگر چهـ در قباست نه در خرقه اما هرزه كوى وبى نماز وهوا پرست وهوس باز كه روزها بشب آرد در بند شهوت وشبها بروز كند در خواب غفلت بخورد هر چهـ در ميان آمد وبگويد هر چهـ بزبان آيد رندست اگر چهـ در عباست اى درونت برهنه از تقوى ... وز برون جامه ريا دارى پرده هفت رنك در بگذار ... تو كه در خانه بوريا دارى قال الامام القشيري كان رجل له تلميذان اختلفا فيما بينهما فقال أحدهما النوم خير لان الإنسان لا يعصى فى تلك الحالة وقال الآخر اليقظة خير لانه يعرف الله فى تلك الحالة فتحاكما الى ذلك الشيخ فقال اما أنت الذي قلت بتفضيل النوم فالموت خير لك من الحياة واما أنت الذي قلت بتفضيل اليقظة فالحياة خير لك. وفيه اشارة الى ان طول الحياة واليقظة محبوبان لتحصيل معرفة الله تعالى وحسن القيام لطاعته فانه لا ثواب بعد الموت ولا ترقى الا لاهل الخير ولمن كان فى الطير. فعلى العاقل ان يجد فى طريق الوصول ليكون من اهل الوصال والحصول ويتخلص من العذاب مطلقا فان غاية العمر الموت ونهاية الموت الحشر ونتيجة الحشر اما السوق الى الجنة واما السوق الى النار والمسوق الى النار اما مؤمن عاص فعذابه التأديب والتطهير واما كافر مكذب فعذابه عذاب القطيعة والتحقير والمؤمنون يتفاوتون فى الدنيا فى عقوباتهم على مقادير جرائمهم فمنهم من يعذب ويطلق ومنهم من يعذب ويحبس مدة على قدر ذنبه ومنهم من يحد والحدود مختلفة فمنهم من يقتل وليس بعجب ان لا يسوى بين اهل النار الا من لا خير فيه وهم الكفار الذين ليسوا بموضع الرحمة لان الله تعالى رحمهم فى الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب فاختاروا الغضب بسلوك طريق التكذيب والعناد فهم على السوية فى عذاب الفرقة

[سورة النمل (27) : الآيات 87 إلى 93]

إذ ليس لهم وصلة أصلا لا فى الدنيا ولا فى العقبى لان من كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى نسأل الله ان يفتح عيون بصائرنا عن منام الغفلات ويجعلنا من المكاشفين المشاهدين المعاينين فى جميع الحالات انه قاضى الحاجات ومعطى المرادات وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ النفخ نفخ الريح فى الشيء ونفخ بفمه اخرج منه الريح. والصور هو القرن الذي ينفخ فيه اسرافيل عليه السلام للموت والحشر فكأن اصحاب الجيوش من ذلك أخذوا البوقات لحشر الجند وفى الحديث (لما فرغ الله من خلق السموات والأرض خلق الصور فاعطاه اسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره الى العرش متى يؤمر) قال الراوي ابو هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله ما الصور قال (القرن) قلت كيف هو قال (عظيم والذي نفسى بيده ان أعظم دارة فيه كعرض السماء والأرض فيؤمر بالنفخ فيه فينفخ نفخة لا يبقى عندها فى الحياة أحد الا من شاء الله وذلك قوله تعالى ونفخ فى الصور فصعق الى قوله الا من شاء الله ثم يؤمر بأخرى فينفخ نفخة لا يبقى معها ميت الا بعث وقام وذلك قوله تعالى ونفخ فيه اخرى الآية) وقد سبق بعض ما يتعلق بالمقام فى سورة الكهف والمراد بالنفخ هاهنا هى النفخة الثانية. والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم ينفخ فى الصور نفخة ثانية يعنى ينفخها اسرافيل يوم القيامة لرد الأرواح الى أجسادها فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اى فيفزع ويخاف والتعبير بالماضي للدلالة على وقوعه لان المستقبل من فعل الله تعالى متيقن الوقوع كتيقن الماضي من غيره لان اخباره تعالى حق. والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخوف ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه والمراد بالفزع هنا ما يعترى الكل مؤمنا وكافرا عند البعث والنشور بمشاهدة الأمور الهائلة الخارقة للعادات فى الأنفس والآفاق من الرعب والتهيب الضروريين الجبليين إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ اى ان لا يفزع بان يثبت قلبه وهم الأنبياء والأولياء والشهداء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون والملائكة الاربعة وحملة العرش والخزنة والحور ونحوهم وان أريد صعقه الفزع يسقط الكل الا من استثنى نحو إدريس عليه السلام كما فى التيسير وموسى عليه السلام لانه صعق فى الطور فلا يصعق مرة اخرى وَكُلٌّ اى جميع الخلائق أَتَوْهُ تعالى اى حضروا الموقف بين يدى رب العزة للسؤال والجواب والمناقشة والحساب داخِرِينَ أذلاء: وبالفارسية [خوار شدكان] يقال ادخرته فدخر اى ازللته فذل وَتَرَى الْجِبالَ عطف على ينفخ داخل معه فى حكم التذكير اى تراها يومئذ حال كونك تَحْسَبُها جامِدَةً تظنها ثابتة فى أماكنها من جمد الماء وكل سائل قام وثبت ضد ذاب وَهِيَ والحال ان تلك الجبال تَمُرُّ وتمضى مَرَّ السَّحابِ اى تراها رأى العين ساكنة والحال انها تمر مثل مر السحاب التي تسيرها الرياح سيرا سريعا وذلك لان كل شىء عظيم وكل جمع كثير يقصر عنه البصر ولا يحيط به لكثرته وعظمته فهو فى حسبان الناظر واقف وهو يسير وهذا ايضا مما يقع بعد النفخة الثانية عند حشر الخلق فان الله تعالى يبدل الأرض غير الأرض ويغير هيئتها ويسير الجبال عن مقارها على ما ذكر من الهيئة الهائلة ليشاهدها اهل المحشر وهى وان اندكت وتصدعت عند النفخة الاولى فتسييرها وتسوية الأرض

[سورة النمل (27) : آية 89]

انما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ) فان صيغة الماضي فى المعطوف مع كون المعطوف عليه مستقبلا للدلالة على تقدم الحشر على التسيير والرؤية كأنه قيل وحشرنا قبل ذلك قال جعفر الخلدى حضر الجنيد مجلس سماع مع أصحابه وإخوانه فانبسطوا وتحركوا وبقي الجنيد على حاله لم يؤثر فيه فقال له أصحابه ألا تنبسط كما انبسط اخوانك فقال الجنيد وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب قال بعضهم وكثير من الناس اليوم من اصحاب التمكين ساكنون بنفوسهم سائحون فى الملكوت باسرارهم [محققى فرموده كه أوليا نيز در ميان خلق بر حد رسوم واقفند وخلق آن حركات بواطن ايشان كه بيكدم هزار عالم طى ميكنند خبر ندارند] تو مبين اين پايها را بر زمين ... ز آنكه بر دل ميرود عاشق يقين «1» از ره ومنزل ز كوتاه ودراز ... دل چهـ داند كوست مست دلنواز آن دراز وكوته أوصاف تنست ... رفتن أرواح ديكر رفتن است دست نى و پاى نى سر تا قدم ... آنچنانكه تاخت جانها از قدم قال ابن عطاء الايمان ثابت فى قلب العبد كالجبال الرواسي وأنواره تخرق الحجاب الأعلى وقال جعفر الصادق ترى الأنفس جامدة عند خروج الروح والروح تسرى فى القدس لتأوى الى مكانها من تحت العرش صُنْعَ اللَّهِ الصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا ينسب الى الحيوانات كما ينسب إليها الفعل كما فى المفردات وهو مصدر مؤكد لمضمون ما قبله اى صنع الله ذلك صنعا وفعله على انه عبارة عما ذكر من النفخ فى الصور وما ترتب عليه جميعا الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ قال فى المختار فى تقن صنع الله الذي أتقن إتقان الشيء أحكامه. والمعنى احكم خلقه وسواه على ما ينبغى: وبالفارسية [استوار كرد همه چيزها را وبيارست بر وجهى كه شايد] قال فى الإرشاد قصد به التنبيه على عظم شان تلك الا فاعل وتهويل أمرها والإيذان بانها ليست بطريق إخلال نظام العالم وإفساد احوال الكائنات بالكلية من غير ان تدعو إليها داعية ويكون لها عاقبة بل هى من قبيل بدائع صنع الله المبنية على أساس الحكمة المستتبعة للغايات الجميلة التي لاجلها رتبت مقدمات الخلق ومبادى الإبداع على الوجه المتين والمنهج الرصين إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ عالم بظواهر أفعالكم وبواطنها ايها المكلفون ولذا فعل ما فعل من النفخ والبعث ليجازيكم على أعمالكم كما قال مَنْ [هر كه از شما] جاءَ [بيايد] بِالْحَسَنَةِ بكلمة الشهادة والإخلاص فانها الحسنة المطلقة واحسن الحسنات فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها نفع وثواب حاصل من جهتها ولاجلها وهو الجنة فخير اسم من غير تفضيل إذ ليس شىء خيرا من قول لا اله الا الله ويجوز ان يكون صيغة تفضيل ان أريد بالحسنة غير هذه الكلمة من الطاعات فالمعنى إذا فعله من الجزاء ما هو خير منها إذا ثبت له الشريف بالخسيس والباقي بالفاني وعشرة بل سبعمائة بواحد وَهُمْ اى الذين جاؤا بالحسنات مِنْ فَزَعٍ اى عظيم هائل لا يقادر قدره وهو الفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيئات وهو الذي فى قوله تعالى (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ)

_ (1) در اواسط دفتر سوم باز كشتن بقصة دقوقى عليه الرحمة

[سورة النمل (27) : الآيات 90 إلى 91]

وعن الحسن حين يؤمر بالعبد الى النار وقال ابن جريج حين يذبح الموت وينادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت يَوْمَئِذٍ اى يوم ينفخ فى الصور آمِنُونَ لا يعتريهم ذلك الفزع الهائل ولا يلحقهم ضرره أصلا واما الفزع الذي يعترى كل من فى السموات ومن فى الأرض غير من استثناه الله فانما هو التهيب والرعب الحاصل فى ابتداء النفخة من معاينة فنون الدواهي والأهوال ولا يكاد يخلو منه أحد بحكم الجبلة وان كان آمنا من لحوق الضرر وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ اى الشرك الذي وهو أسوأ المساوى فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ الكب إسقاط الشيء على وجهه اى القوا وطرحوا فيها على وجوههم منكوسين ويجوز ان يراد بالوجوه أنفسهم كما اريدت بالأيدي فى قوله (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) فان الوجه والرأس والرقبة واليد يعبر بها عن جميع البدن هَلْ تُجْزَوْنَ على الالتفات او على إضمار القول اى مقولا لهم ما تجزون إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الشرك وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدى الرب تعالى فيقول الله تعالى للايمان انطلق أنت وأهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق أنت وأهلك الى النار) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) الى قوله (فِي النَّارِ) ويقال لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا بد للمفتاح من أسنان حتى يفتح الباب ومن أسنانه لسان ذاكر طاهر من الكذب والغيبة وقلب خاشع طاهر من الحسد والخيانة وبطن طائر من الحرام والشبهة وجوارح مشغولة بالخدمة طاهرة من المعاصي وعن ابى عبد الله الجدلي قال دخلت على علىّ ابن ابى طالب رضى الله عنه فقال يا أبا عبد الله ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها ادخله الله الجنة والسيئة التي من جاء بها كبه الله فى النار ولم يقبل معها عملا قلت بلى قال الحسنة حبنا والسيئة بغضنا اعلم ان الله تعالى هدى الخلق الى طلب الحسنات بقوله (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) وهى استعمالهم فى احكام الشريعة على وفق آداب الطريقة بتربية ارباب الحقيقة وفى الآخرة حسنة وهى انتقاع من عالم الحقيقة انتفاعا ابديا سرمديا وهم لا يخزنهم الفزع الأكبر أصيبوا بفزع المحبة فى الدنيا فحوسبوا فى فزع العقبى به ومن جاء بحب الدنيا فكبت وجوههم فى نار القطيعة وقيل لهم (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يعنى بطلب الدنيا فانها مبنية على وجه جهنم ودركاتها فمن ركب فى طلبها وقع فى النار اگر خواهى خلاص از نار فرقت ... مده دلرا بجز عشق ومحبت إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها العبادة غاية التذلل والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلدة اى اثر والمراد بالبلدة هنا مكة المعظمة وتخصيصها بالاضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها مثل ناقة الله وبيت الله ورجب شهر الله قال فى التكملة خص البلدة بالذكر وهى مكة وان كان رب البلاد كلها ليعرف المشركون نعمته عليهم ان الذي ينبغى لهم ان يعبدوه هو الذي حرم بلدتهم انتهى قوله الذي نعت لرب والتحريم جعل الشيء حراما اى ممنوعا منه والتعرض لتحريمه تعالى إياها إجلال لها بعد إجلال ومعناه يحرمها من انتهاك حرمتها بقطع شوكها وشجرها

[سورة النمل (27) : آية 92]

ونباتها وتنفير صيدها وارادة الإلحاد فيها بوجه من الوجوه وفى الحديث (ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس) اى كان تحريمها من الله بامر سماوى لا من الناس باجتهاد شرعى واما قوله عليه السلام (ان ابراهيم حرم مكة) فمعناه اظهر الحرمة الثابتة او دعا فحرمها الله حرمة دائمة. ومعنى الآية قل لقومك يا محمد أمرت من قبل الله ان اخصه وحده بالعبادة ولا اتخذ له شريكا فاعبدوه أنتم ففيه عزكم وشرفكم ولا تتخذوا له شريكا وقد ثبتت عليكم نعمته بتحريم بلدتكم قال بعضهم العبودية لباس الأنبياء والأولياء وَلَهُ اى ولرب هذه البلدة خاصة كُلُّ شَيْءٍ خلقا وملكا وتصرفا لا يشاركه فى شىء من ذلك أحد. وفيه تنبيه على ان افراد مكة بالاضافة للتفخيم مع عموم الربوبية لجميع الموجودات صنعش كه همه جهان بياراست وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ من الثابتين على ملة الإسلام والتوحيد او من الذين اسلموا وجوههم لله خاصة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المسلم الحقيقي من يكون إسلامه فى استعمال الشريعة مثل استعمال النبي عليه السلام الشريعة فى الظاهر وهذا كمال العناية فى حق المسلمين لانه لو قال وأمرت ان أكون من المؤمنين لما كان أحد يقدر على ان يكون إيمانه كايمان النبي عليه السلام نظيره قوله تعالى (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) ولهذا قال عليه السلام (صلوا كما رأيتمونى أصلي) يعنى فى الظاهر ولو قال صلوا كما انا أصلي لما كان أحد يقدر على ذلك لانه كان يصلى ولصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء وكان فى صلاته يرى من خلفه كما يرى من امامه وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة أعم يقال تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما اى وأمرت بان أواظب على تلاوته لتكشف لى حقائقه فى تلاوته شيأ فشيأ فانه كلما تفكر التالي العالم تجلت له معان جديدة كانت فى حجب مخفية ولذا لا يشبع العلماء الحكماء من تلاوة القرآن وهو السر فى انه كان آخر وردهم لان المنكشف اولا للعارفين حقائق الآفاق ثم حقائق الأنفس ثم حقائق القرآن فعليك بتلاوة القرآن كل يوم ولا تهجره كما يفعل ذلك طلبة العلم وبعض المتصوفة زاعمين بانهم قد اشتغلوا بما هو أهم من ذلك وهو كذب فان القرآن مادة كل علم فى الدنيا ويستحب لقارئ القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وسماع القرآن اشرف أرزاق الملائكة السياحين وأعلاها ومن لم تتيسر له تلاوة القرآن فليجلس لبث العلم لاجل الأرواح الذين غذاؤهم العلم لكن لا يتعدى علوم القرآن والطهارة الباطنة للاذنين تكون باستماع القول الحسن فانه ثم حسن واحسن فاعلاه حسنا ذكر الله بالقرآن فيجمع بين الحسنين فليس أعلا من سماع ذكر الله بالقرآن مثل كل آية لا يكون مدلولها الا ذكر الله فانه ما كل آية تتضمن ذكر الله فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارئ إذا قرأ من نفسه او غيره فعلم ان ذكر الله إذا سمع فى القرآن أتم من

[سورة النمل (27) : آية 93]

سماع قول الكافرين فى الله ما لا ينبغى كذا فى الفتوحات واعلم ان خلق النبي عليه السلام كان القرآن فانظر فى تلاوتك الى كل صفة مدح الله بها عباده فافعلها او اعزم على فعلها وكل صفة ذم الله بها عباده على فعلها فاتركها او اعزم على تركها فان الله تعالى ما ذكر لك ذلك وأنزله فى كتابه الا لتعمل به فاذا حفظت القرآن عن تضييع العمل به كما حفظته تلاوة فانت الرجل الكامل فَمَنِ اهْتَدى باتباعه إياي فيما ذكر من العبادة والإسلام وتلاوة القرآن فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فان منافع اهتدائه عائدة اليه لا الى غيره وَمَنْ ضَلَّ بمخالفتى فيما ذكر فَقُلْ فى حقه إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ فقد خرجت من عهدة الانذار والتخويف من عذاب الله وسخطه فليس علىّ من وباله شىء وانما هو عليه فقط ويجوز ان يكون معنى وان اتلو القرآن وان أواظب على تلاوته للناس بطريق تكرير الدعوة فمعنى قوله فمن اهتدى حينئذ فمن اهتدى بالايمان والعمل بما فيه من الشرائع والاحكام ومن ضل بالكفر به والاعراض عن العمل بما فيه. وهذه الآية منسوخة بآية السيف وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان نور القرآن يربى جوهر الهداية والضلالة فى معدن قلب الإنسان السعيد والشقي كما يربى ضوء الشمس الذهب والحديد فى المعادن يدل عليه قوله تعالى (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) وقال عليه السلام (الناس كمعادن الذهب والفضة) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اى على ما أفاض علىّ من نعمائه التي أجلها نعمة النبوة والقرآن سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها اى فتعرفون انها آيات الله حين لا تنفعكم المعرفة وقال مقاتل سيريكم آياته عن قريب الأيام فطوبى لمن رجع قبل وفاته والويل على من رجع بعد ذهاب الوقت: قال الشيخ سعدى قدس سره كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آرد ز خوابت چهـ سود تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال كرت چشم عقلست وتدبير كور ... كنون كن كه چشمت نخوردست مور كنون كوش كاب از كمر در كذشت ... نه وقتى كه سيلاب از سر كذشت سكندر كه بر عالمى حكم داشت ... در ان دم كه بگذشت عالم كذشت ميسر نبودش كزو عالمى ... ستانند ومهلت دهندش دمى وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ كلام مسوق من جهته تعالى مقرر لما قبله من الوعد والوعيد كما ينبئ عنه اضافة الرب الى ضمير النبي عليه السلام وتخصيص الخطاب اولا به وتعميمه ثانيا للكفرة تغليبا اى وما ربك بغافل عما تعمل أنت من الحسنات وما تعملون أنتم ايها الكفرة من السيئات لان الغفلة التي هى سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ لا يجوز عليه تعالى فيجازى كلا منكم بعمله وكيف يغفل عن أعمالكم وقد خلقكم وما تعملون كما خلق الشجرة وخلق فيها ثمرتها فلا يخفى عليه حال اهل السعادة والشقاوة وانما يمهل لحكمة لا لغفلة وانما الغفلة لمن لا يتنبه لهذا فيعصى الله بالشرك وسيآت الأعمال وأعظم الأمراض القلبية نسيان الله ولا ريب ان علاج امر انما هو بضده وهو ذكر الله- حكى- ان ابراهيم بن أدهم

تفسير سورة القصص

سر يوما بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله وموعظة فتاب الى الله ورسوله بالقبول والعمل والمجانبة عن التأخر فى طريق الحق والاخذ بالبطالة والكسل براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المجدّين فى الدين الى ان يأتى اليقين والساعين فى طريقه للوصول الى خاص توفيقه تمت سورة النمل يوم الثلاثاء الرابع من شهر الله المحرم المنتظم فى سلك شهور سنة تسع ومائة والف من الهجرة تفسير سورة القصص وهى مكية وآيها ثمان وثمانون على ما فى التفاسير المعولة من المختصرة والمطولة بسم الله الرحمن الرحيم طسم يشير الى القسم بطاء طوله تعالى وطاء طهارة قلب حبيبه عليه السلام عن محبة غيره وطاء طهارة اسرار موحديه عن شهود سواه وبسين سره مع محبيه وبميم مننه على كافة مخلوقاته بالقيام بكفاياتهم على قدر حاجاتهم كذا فى التأويلات النجمية [امام قشيرى آورده كه طا اشارت است بطهارت نفوس عابدان از عبادت اغيار وطهارت قلوب عارفان از تعظيم غير جبار وطهارت أرواح محبان از محبت ما سوى وطهارت اسرار موحدان از شهود غير خداى سلمى رحمه الله كويد سين رمزيست از اسرار الهى با عاصيان بنجات وبا مطيعان بدرجات ومحبان بدوام مناجات ومرامات امام يافعى رحمه الله فرموده كه حق سبحانه وتعالى اين حروف را سبب محافظت قرآن كردانيده از تطرق سمات زياده ونقصان وسر مشار اليه در آيت وانا لحافظون اين حروفست] كما فى تفسير الكاشفى وقد سبق غير هذا من الإشارات الخفية والمعاني اللطيفة فى أول سورة الشعراء فارجع اليه تغنم بما لا مزيد عليه تِلْكَ اى هذا السورة آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ آيات مخصوصة من القرآن الظاهر اعجازه نَتْلُوا عَلَيْكَ التلاوة الإتيان بالثاني بعد الاول فى القراءة اى نقرأ قراءة متتابعة بواسطة جبريل يعنى يقرأ عليك جبريل بامرنا مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ مفعول نتلو اى بعض خبرهما الذي له شأن بِالْحَقِّ حال من فاعل نتلو اى محققين وملتبسين بالحق والصدق الذي لا يجوز فيه الكذب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ متعلق بنتلو وتخصيصهم بذلك مع عموم الدعوة والبيان للكل لانهم المنتفعون به كأن قائلا قال وكيف نبأهما فقال إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ فهو استئناف مبين لذلك البعض وتصديره بحرف التأكيد للاعتناء بتحقيق مضمون ما بعده والعلو الارتفاع: وبالفارسية [بلند شدن وكردن كشى كردن] اى تجبر وطغى فى ارض مصر وجاوز الحدود المعهودة فى الظلم والعدوان قال فى كشف الاسرار [از

[سورة القصص (28) : الآيات 5 إلى 9]

اندازه خويش شد] وقال الجنيد قدس سره ادعى ما ليس له وَجَعَلَ أَهْلَها [وكردانيد اهل مصر را از قبطيان وسبطيان] شِيَعاً جمع شيعة بالكسر وهو من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه لان الشياع الانتشار والتقوية يقال شاع الحديث اى كثر وقوى شاع القوم انتشروا وكثروا. والمعنى فرقا يشيعونه ويتبعونه فى كل ما يريد من الشر والفساد او أصنافا فى استخدامه يستعمل كل صنف فى عمل من بناء وحرث وحفر وغير ذلك من الأعمال الشاقة ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية قال فى كشف الاسرار كان القبط احدى الشيع وهم شيعة الكرامة يَسْتَضْعِفُ الاستضعاف [ضعيف وزبون يافتن وشمردن يعنى زبون كرفت ومقهور ساخت] طائِفَةً مِنْهُمْ [كروهى از ايشان] والجملة حال من فاعل جعل او استئناف كأنه قيل كيف جعلهم شيعا فقال يستضعف طائفة منهم اى من اهل مصر وتلك الطائفة بنوا إسرائيل ومعنى الاستضعاف انهم عجزوا وضعفوا عن دفع ما ابتلوا به عن أنفسهم يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ بدل من الجملة المذكورة واصل الذبح شق حلق الحيوان والتشديد للتكثير والاستحياء الاستبقاء. والمعنى يقتل بعضهم اثر بعض حتى قتل تسعين الفا من أبناء بنى إسرائيل صغارا ويترك البنات احياء لاجل الخدمة وذلك لان كاهنا قال له يولد فى بنى إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده وذلك كان من غاية حمقه إذ لو صدق فما فائدة القتل وان كذب فما وجهه كما روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد وقد قارب البلوغ فقال له رسول الله (أتشهداني رسول الله) فقال لا بل أتشهد انى رسول الله فقلت ذرنى يا رسول الله اقتله عن ظن انه الدجال فقال عليه السلام (ان يكنه فلن تسلط عليه) يعنى ان يكن ابن الصياد هو الدجال فلن تسلط على قتله لانه لا يقتله الا عيسى ابن مريم (وان لا يكنه فلا خير لك فى قتله) إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ اى الراسخين فى الإفساد ولذلك اجترأ على قتل خلق كثير من المعصومين وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ان نتفضل عليهم بانجائهم من بأسه ونريد حكاية حال ماضية معطوفة على ان فرعون علا لتناسبهما فى الوقوع تفسيرا للنبأ يقال منّ عليه منا إذا أعطاه شيأ والمنان فى وصفه تعالى المعطى ابتداء من غير ان يطلب عوضا وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً جمع امام وهو المؤتم به اى قدوة يقتدى بهم فى امور الدين بعد ان كانوا اتباعا مسخرين لآخرين وفى كشف الاسرار أنبياء وكان بين موسى وعيسى عليهما السلام الف نبى من نبى إسرائيل وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ كل ما كان فى ملك فرعون وقومه اخر الوارثة عن الامامة مع تقدمها عليها زمانا لانحطاط رتبتها عنها وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ اصل التمكين ان تجعل لشىء مكانا يتمكن فيه ثم استعير للتسليط اى نسلطهم على ارض مصر والشام يتصرفون فيها كيفما يشاؤن وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وهو وزير فرعون وَجُنُودَهُما وعساكرهما مِنْهُمْ اى من أولئك المستضعفين ما كانُوا يَحْذَرُونَ ويجتهدون فى دفعه من ذهاب ملكهم وهلكهم على يد مولود منهم والحذر احتراز عن مخيف كما فى المفردات قال الكاشفى [وديدن اين صورت را در وقتى كه در دريا علامت غرقه شدن مشاهده كردند

[سورة القصص (28) : آية 7]

وبنى إسرائيل تفرج كنان بر ساحل دريا بنظر در آوردند ودانستند كه بسبب ظلم وتعدى مغلوب ومقهور شده مظلومان وبيچارگان بمراد رسيده غالب وسر إفراز شدند وسر «يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم» آشكارا شد] اى ستمكار بر انديش از ان روز سياه ... كه ترا شومىء ظلم افكند از چاه بچاه آنكه اكنون بحقارت نكرى جانب وى ... بشماتت كند آن روز بسوى تونكا قال الشيخ سعدى قدس سره خبر يافت كردن كشى در عراق ... كه ميكفت مسكينى از زير طاق تو هم بر درى هستى اميدوار ... پس اميد بر درنشينان برآر نخواهى كه باشد دلت دردمند ... دل دردمندان برآور ز بند پريشانىء خاطر داد خواه ... بر اندازد از مملكت پادشاه تحمل كن اى ناتوان از قوى ... كه روزى توانا ترازوى شوى لب خشك مظلوم را كو بخند ... كه دندان ظالم بخواهند كند يقال الظلم يجلب النقم ويسلب النعم قال بعض السلف دعوتان أرجو إحداهما كما أخشى الاخرى دعوة مظلوم أعنته ودعوة ضعيف ظلمته نخفته است مظلوم از آهش بترس ... ز دود دل صبحكاهش بترس نترسى كه پاك اندرونى شبى ... برآرد ز سوز جكر يا ربى وفى الحديث (اسرع الخير ثوابا صلة الرحم واعجل الشر عقوبة البغي) ومن البغي استيلاء صفات النفس على صفات الروح فمن أعان النفس صار مقهورا ولو بعد حين ومن أعان الروح صار من اهل التمكين ومن الائمة فى الدين وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى اسمها يارخا وقيل أيارخت كما فى التعريف للسهيلى ونوحايذ بالنون ويوحانذ بالياء المثناة تحت فى الاول كما فى عين المعاني وكانت من أولاد لاوى بن يعقوب عليه السلام. واصل الوحى الاشارة السريعة ويقع على كل تنبيه خفى والإيحاء اعلام فى خفاء قال الامام الراغب يقال للكلمة الالهية التي تلقى الى أنبيائه وحي وذلك. اما برسول مشاهد يرى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبريل للنبى عليه السلام فى صورة معينة. واما بسماع كلام من غير معاينة كسماع موسى عليه السلام كلام الله تعالى. واما بإلقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام (ان روح القدس نفث فى روعى) واما بالهام نحو قوله (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) . واما بتسخير نحو قوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) او بمنام كقوله عليه السلام (انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن) انتهى باجمال فالمراد وحي الإلهام كما ذكره الراغب. فالمعنى قذفنا فى قلبها وعلمناها وقال بعضهم كان وحي الرؤيا وعلم الهدى [فرموده كه شايد رسول فرستاده باشد از ملائكه] يعنى أتاها ملك كما اتى مريم من غير وحي نبوة حيث قال تعالى (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) وذلك ان أم موسى حبلت بموسى فلم يظهر بها اثر الحبل من نتوء البطن وتغير اللون وظهور اللبن وذلك شىء ستره الله لما أراد ان يمن به على بنى إسرائيل حتى ولدت موسى ليلة لا رقيب

[سورة القصص (28) : آية 8]

عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد من القوابل الموكلة من طرف فرعون بحبالى بنى إسرائيل ولا من غيرهن الا أخته مريم فاوحى الله إليها إِنَّ مفسرة بمعنى اى أَرْضِعِيهِ [شيرده موسى را و پرورد او را] ما أمكنك اخفاؤه وفى كشف الاسرار ما لم تخافي عليه الطلب فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ بان يحس به الجيران عند بكائه: وبالفارسية [پس چون ترسى برو وفهم كنى كه مردم دانسته وقصد او خواهند كرد] فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ فى البحر وهو النيل قال بعض الكبار فاذا خفت حفظه وعجزت عن تدبيره فسلميه إلينا ليكون فى حفظنا وتدبيرنا وَلا تَخافِي عليه ضيقة ولا شدة وَلا تَحْزَنِي بفراقه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ عن قريب بوجه لطيف بحيث تأمنين عليه وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [يعنى: او را شرف نبوت ارزانى خواهيم داشت] فارضعته ثلاثة أشهر او اكثر ثم ألح فرعون فى طلب المواليد واجتهد العيون فى تفحصها فجعلته فى تابوت مطلى بالقار فقذفته فى النيل ليلا قال الكاشفى [نجارى را كه آشناى عمران بود فرمود كه صندوقى پنج شبر بتراشد وآن نجار خربيل ابن صبور بود اين عم فرعون چون صندوق تمام كرد وبمادر موسى داد ودر خاطرش كذشت كه كودكى دارد مى خواهد در صندوق كرده از مؤكلان بگريزاند نزد كماشته فرعون آمد وخواست كه صورت حال باز نمايد زبانش بسته شد بخانه خود آمد خواست كه نزد فرعون رود ونمامى كند چشمش نابينا شد دانست كه آن مولود كه كاهنان نشان داده اينست فى الحال ناديده بدو ايمان آورد ومؤمن آل فرعون اوست ومادر موسى صندوق را بقير اندوده موسى را در وى خوابانيد وسر صندوق هم بقير محكم بست ودر رود نيل افكند] وكان الله تعالى قادرا على حفظه بدون القائه فى البحر لكن أراد ان يربيه بيد عدوه ليعلم ان قضاء الله غالب وفرعون فى دعواه كاذب جهد فرعون چوبى توفيق بود ... هر چهـ او ميدوخت آن تفتيق بود وكان لفرعون يومئذ بنت لم يكن له ولد غيرها وكان من أكرم الناس عليه وكان بها علة البرص وعجزت الأطباء عن علاجها [اهل كهانت كفته بودند كه فلان روز در رود نيل انسانى خرد سال يافته شود واين علت بآب دهن او زائل كردد در ان روز معين فرعون وزن ودختر ومحرمان وى همه در كنار رود نيل انتظار انسان موعود مى بودند كه ناكاه صندوق بر روى آب نمودار شد فرعون بملازمان امر كرد كه آنرا بگيريد وبياريد] فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ الفاء فصيحة مفصحة عن عطفه على جملة محذوفة والالتقاط إصابة الشيء من غير طلب ومنه اللقطة وهو مال بلا حافظ ثم يعرف مالكه واللقيط هو طفل لم يعرف نسبه يطرح فى الطريق او غيره خوفا من الفقر او الزنى ويجب رفعه ان خيف هلاكه بان وجده فى الماء او بين يدى سبع وتفصيله فى الفقه وآل الرجل خاصته الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين. والمعنى فالقته فى اليم بعد ما جعلته فى التابوت حسبما أمرت به فالتقطه آل فرعون اى أخذوه أخذ اعتناء به وصيانة له عن الضياع لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً اللام لام العاقبة والصيرورة لا لام العلة والارادة لانهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا

[سورة القصص (28) : آية 9]

ولكن صار عاقبة أمرهم الى ذلك ابرز مدخولها فى معرض العلة لا لتقاطهم تشبيها له فى الترتب عليه بالغرض الحامل عليه وهو المحبة والتبني وتمامه فى فن البيان وجعل موسى نفس الحزن إيذانا لقوة سببيته لحزنهم قال الكاشفى (عَدُوًّا) [دشمنى مر مردانرا كه بسبب فرعون غرق شوند (وَحَزَناً) واندوهى بزرك مر زنانرا كه برده كيرند] إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) فى كل ما يأتون وما يذرون فليس ببدع منهم ان قتلوا الوفا لاجله ثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون. والخطا مقصورا العدول عن الجهة والخاطئ من يأتى بالخطأ وهو يعلم انه خطأ وهو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان يقال خطئ الرجل إذا ضل فى دينه وفعله والمخطئ من يأتى به وهو لا يعلم اى يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه بخلاف ما يريد يقال اخطأ الرجل فى كلامه وامره إذا زل وهفا- حكى- انهم لما فتحوا التابوت ورأوا موسى القى الله محبته فى قلوب القوم وعمدت ابنة فرعون الى ريقه فلطخت به برصها فبرئت من ساعتها آمد طبيب درد بكلى علاج يافت وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ هى آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر فى زمن يوسف الصديق عليه السلام وقيل كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى وقيل كانت عمته حكاه الشبلي وكانت من خيار النساء اى قالت لفرعون حين اخرج من التابوت قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ اى هو قرة عين لنا لانهما لما رأياه احباه وقال الكاشفى [اين كودك روشنى چشم است مر او ترا كه بسبب او دختر ما شفا يافت] وقد سبق معنى القرة مرارا وفى الحديث (انه قال لك لالى ولو قال لى كما هو لك لهداه الله كما هداها) لا تَقْتُلُوهُ خاطبته بلفظ الجمع تعظيما ليساعدها فيما تريده عَسى أَنْ يَنْفَعَنا [شايد كه سود برساند ما را كه امارت يمن وعلامت بركت در جبين او لايح است] وذلك لما رأت من برء البرصاء بريقه وارتضاعه إبهامه لبنا ونور بين عينيه ولم يره غيرها قال بعض الكبار وجوه الأنبياء والأولياء مرائى أنوار الذات والصفات ينتفع بتلك الأنوار المؤمن والكافر لان معها لذة حالية نقدية وان لم يعرفوا حقائقها فينبغى للعاشق ان يرى بعين اليقين والايمان أنوار الحق فى وجوه أصفيائه كما رأت آسية وقد قيل فى حقهم «من رآهم ذكر الله» أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً اى نتبناه فانه اهل له ولم يكن له ولد ذكر وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ حال من آل فرعون والتقدير فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وقالت امرأته كيت وكيت وهم لا يشعرون بانهم على خطأ عظيم فيما صنعوا من الالتقاط ورجاء النفع منه والتبني له وقوله ان فرعون الآية اعتراض وقع بين المعطوفين لتأكيد خطأهم قال ابن عباس رضى الله عنهما لو ان عدو الله قال فى موسى كما قالت آسية عسى ان ينفعنا لنفعه الله ولكنه ابى للشقاء الذي كتبه الله عليه- روى- انه قالت الغواة من قوم فرعون ان نظن الا ان هذا هو الذي يحذر منه رمى فى البحر خوفا منك فاقتله فهم فرعون بقتله فقالت آسية انه ليس من أولاد بنى إسرائيل فقيل لها وما يدريك فقالت ان نساء بنى إسرائيل يشفقن على أولادهن ويكتمنهم مخافة ان تقتلهم فكيف

[سورة القصص (28) : الآيات 10 إلى 15]

يظن بالوالدة انها تلقى الولد بيدها فى البحر او قالت ان هذا كبير ومولود قبل هذه المدة التي أخبرت لك فاستوهبته لما رأت عليه من دلائل النجاة فتركه وسمته آسية موسى لان تابوته وجد بين الماء والشجر والماء فى لغتهم «مو» والشجر «شا» قال فى بحر الحقائق لما كان القرآن هاديا يهدى الى الرشد والرشد فى تصفية القلب وتوجهه الى الله تعالى وتزكية النفس ونهيها عن هواها وكانت قصة موسى عليه السلام وفرعون تلائم احوال القلب والنفس فان موسى القلب بعصا الذكر غلب على فرعون النفس وجنوده مع كثرتهم وانفراده كرر الحق تعالى فى القرآن قصتهما تفخيما للشأن وزيادة فى البيان لبلاغة القرآن ثم إفادة لزوائد من المذكور قبله فى موضع يكرره منه انتهى قال فى كشف الاسرار [تكرار قصه موسى وذكر فراوان در قرآن دليل است بر تعظيم كار او وبزرك داشتن قدر او وموسى با اين مرتبت ومنقبت جز بقدم تبعيت محمد عربى صلى الله عليه وسلم نرسيد] كما قال عليه السلام (لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعى) [مصطفاى عربى از صدر دولت ومنزل كرامت اين كرامت كه عبارت از ان (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) است قصد صف نعال كرد تا ميكفت (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) وموسى كليم از مقام خود تجاوز نمود وقصد صدر دولت كرد كه ميكفت (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) لا جرم موسا را جواب اين آمد (لَنْ تَرانِي) مصطفا را اين كفتند كه (الم تر الى ربك: لو لاك لما خلقت الافلاك) عادت ميان مرام چنان رفت كه چون بزركى در جايى رود ومتواضع وار در صف النعال بنشيند او را كويند اين نه جاى تست خيز ببالاتر نشين] فعلى العاقل ان يكون على تواضع تام ليستعد بذلك لرؤية جمال رب الأنام فروتن بود هوشمند كزين ... نهد شاخ پر ميوه سر بر زمين وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى أصبح بمعنى صار والفؤاد القلب لكن يقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفؤد اى التحرق والتوقد كما فى المفردات والقاموس فالفؤاد من القلب كالقلب من الصدر يعنى الفؤاد وسط القلب وباطنه الذي يحترق بسبب المحبة ونحوها قال بعضهم الصدر معدن نور الإسلام والقلب معدن نور الإيقان والفؤاد معدن نور البرهان والنفس معدن القهر والامتحان والروح معدن الكشف والعيان والسر معدن لطائف البيان فارِغاً الفراغ خلاف الشغل اى صفرا من العقل وخاليا من الفهم لما غشيها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوع موسى فى يد فرعون دل عليه الربط الآتي فانه تعالى قال فى وقعة بدر (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) اشارة الى نحو قوله (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) فانه لم تكن افئدتهم هواء اى خالية فارغة عن العقل والفهم لفرط الحيرة إِنْ اى انها كادَتْ قاربت من ضعف البشرية وفرط الاضطراب لَتُبْدِي بِهِ لتظهر بموسى وانه ابنها وتفشى سرها وانها ألقته فى النيل يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا ظهر ظهورا بينا وأبداه أظهره إظهارا بينا قال فى كشف الاسرار الباء زائدة اى تبديه او المفعول مقدر اى تبدى القول به اى بسبب موسى قال فى عرائس البيان وقع على أم موسى ما وقع على آسية من انها رأت أنوار الحق من وجه موسى فشفقت عليه ولم يبق فى فؤادها صبر

[سورة القصص (28) : الآيات 11 إلى 12]

من الشوق الى وجه موسى وذلك الشوق من شوق لقاء الله تعالى فغلب عليها شوقه وكادت تبدى سرها لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها شددنا عليه بالصبر والثبات بتذكير ما سبق من الوعد وهو رده إليها وجعله من المرسلين والربط الشد وهو العقد القوى لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [واين لطف كرديم تا باشد آن زن از باور دارند كان مر وعده ما را] اى من المصدقين بما وعدها الله بقوله (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) ولم يقل من المؤمنات تغليبا للذكور. وفيه اشارة الى ان الايمان من مواهب الحق إذ المبنى على الموهبة وهو الوحى اولا ثم الربط بالتذكير ثانيا موهبة وَقالَتْ أم موسى لِأُخْتِهِ اى لاخت موسى لم يقل لبنتها للتصريح بمدار المحبة وهو الاخوة إذ به يحصل امتثال الأمر واسم أخته مريم بنت عمران وافق اسم مريم أم عيسى واسم زوجها غالب بن يوشا قال بعضهم والأصح ان اسمها كلثوم لا مريم لما روى الزبير بن بكار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة رضى الله عنها وهى مريضة فقال لها يا خديجة (أشعرت ان الله زوجنى معك فى الجنة مريم بنت عمران وكلثوم اخت موسى وهى التي علمت ابن عمها قارون الكيمياء وآسية امرأة فرعون) فقالت آلله أخبرك بهذا يا رسول الله فقال (نعم) فقالت بالرفاء والبنين واطعم رسول الله خديجة من عنب الجنة وقولها بالرفاء والبنين اى اعرست اى اتخذت العروس حال كونك ملتبسا بالالتئام والاتفاق وهو دعاء يدعى به فى الجاهلية عند التزويج والمراد منه الموافقة والملاءمة مأخوذ من قولهم رفأت الثوب ضممت بعضه الى بعض ولعل هذا انما كان قبل ورود النهى عن ذلك كذا فى انسان العيون. وفيه ايضا قد حمى الله هؤلاء النسوة عن ان يطأهن أحد فقد ذكر ان آسية لما ذكرت لفرعون أحب ان يتزوجها فتزوجها على كره منها ومن أبيها مع بذله لها الأموال الجليلة فلما زفت له وهم بها اخذه الله عنها وكان ذلك حاله معها وكان قد رضى منها بالنظر إليها واما مريم فقيل انها تزوجت بابن عمها يوسف النجار ولم يقربها وانما تزوجها لمرافقتها الى مصر لما أرادت الذهاب الى مصر بولدها عيسى عليهما السلام وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة ثم عادت مريم وولدها الى الشام ونزلا الناصرة واخت موسى لم يذكر انها تزوجت انتهى قُصِّيهِ امر من قص اثره قصا وقصصا تتبعه اى اتبعى اثره وتتبعى خبره: وبالفارسية [بر پى برادر خود برو وازو خبر كبر] اى فاتبعته يعنى كلثوم [بدرگاه فرعون آمد] فَبَصُرَتْ بِهِ اى أبصرته: يعنى [پس برادر خود را بديد] عَنْ جُنُبٍ عن بعد تبصره ولا توهم انها تراه يقال جنبته واجنبته ذهبت عن ناحيته وجنبه ومنه الجنب لبعده من الصلاة ومس المصحف ونحوهما والجار الجنب اى البعيد ويقال الجار الجنب ايضا للقريب اللازق بك الى جنبك وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ انها تقصه وتتعرف حاله او انها أخته وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ التحريم بمعنى المنع كما فى قوله تعالى (فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) لانه لا معنى للتحريم على صبى غير مكلف اى منعنا موسى ان يرضع من المرضعات ويشرب لبن غير امه بان أحدثنا فيه كراهة ثدى النساء والنفار عنها من قبل قص أخته اثره او من قبل ان نرده على امه كما قال فى الجلالين او من قبل مجيىء امه كما قاله

ابو الليث او فى القضاء السابق لانا أجرينا القضاء بان نرده الى امه كما فى كشف الاسرار والمراضع جمع مرضع وهى المرأة التي ترضع اى من شأنها الإرضاع وان لم تكن تباشر الإرضاع فى حال وصفها به فهى بدون التاء لانها من الصفات الثابتة والمرضعة هى التي فى حالة إرضاع الولد بنفسها ففى الحديث (ليس للصبى خير من لبن امه او ترضعه امرأة صالحة كريمة الأصل فان لبن المرأة الحمقاء يسرى واثر حمقها يظهر يوما) وفى الحديث (الرضاع يغير الطباع) ومن ثمة لما دخل الشيخ ابو محمد الجويني بيته ووجد ابنه الامام أبا المعالي يرتضع ثدى غير امه اختطفه منها ثم نكس رأسه ومسح بطنه وادخل إصبعه فى فيه ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذلك اللبن فقال يسهل على موته ولا يفسد طبعه بشرب لبن غير امه ثم لما كبر الامام كان إذا حصلت له كبوة فى المناظرة يقول هذه من بقايا تلك الرضعة قالوا العادة جارية ان من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير وشر كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي فَقالَتْ اى أخته عند رؤيتها لعدم قبوله الثدي واعتناء فرعون بامره وطلبهم من يقبل ثديها هَلْ أَدُلُّكُمْ [آيا دلالت كنم شما را] عَلى أَهْلِ بَيْتٍ [بر اهل خانه] يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ الكفالة الضمان والعيالة يقال كفل به كفالة وهو كفيل إذا تقبل به وضمنه وكفله فهو كافل إذا عاله اى يربونه ويقومون بارضاعه لاجلكم وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ يبذلون النصح فى امره ولا يقصرون فى ارضاعه وتربيته. والنصح ضد الغش وهو تصفية العمل من شوائب الفساد وفى المفردات النصح تحرى فعل او قول فيه صلاح صاحبه انتهى- روى- انهم قالوا لها من يكفل قالت أمي قالوا ألأمك لبن قالت نعم لبن هارون وكان هارون ولد فى سنة لا يقتل فيها صبى فقالوا صدقت وفى فتح الرحمن قالت هى امرأة قد قتل ولدها فاحب شىء إليها ان تجد صغيرا ترضعه انتهى يقول الفقير ان الاول اقرب الى الصواب الا ان يتأول القتل بما فى حكمه من القائه فى النيل وغيبوبته عنها- وروى- ان هامان لما سمعها قال انها لتعرفه واهله خذوها حتى تخبر من له فقالت انما أردت وهم للملك ناصحون يعنى ارجعت الضمير الى الملك لا الى موسى تخلصا من يده فقال هامان دعوها لقد صدقت فامرها فرعون بان تأتى بمن يكفله فاتت بامه وموسى على يد فرعون يبكى وهو يعلله او فى يد آسية فدفعه إليها فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها بوى خوش تو هر كه ز باد صبا شنيد ... از يار آشنا سخن آشنا شنيد فقال من أنت منه فقد ابى كل ثدى الا ثديك فقالت انى امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا اوتى بصبى الا قبلنى فدفعه إليها واجرى عليها أجرتها [وكفت در هفته يكروز پيش ما آور] فرجعت به الى بيتها من يومها مسرورة فكانوا يعطون الاجرة كل يوم دينارا وأخذتها لانها مال حربى لا انها اجرة حقيقة على ارضاعها ولدها كما فى فتح الرحمن يقول الفقير الإرضاع غير مستحق عليها من حيث ان موسى ابن فرعون ويجوز لها أخذ الاجرة نعم ان أم موسى تعينت للارضاع بان لم يأخذ موسى من لبن غيرها فكيف يجوز أخذ الاجرة اللهم الا ان تحمل على الصلة لا على الاجرة إذ لم تمتنع الا ان تعطى الاجرة ويحتمل ان يكون

[سورة القصص (28) : الآيات 13 إلى 14]

ذلك مما يختلف باختلاف الشرائع كما لا يخفى قال فى كشف الاسرار لم يكن بين القائها إياه فى البحر وبين رده إليها الا مقدار ما يصبر الولد فيه عن الوالدة انتهى وابعد من قال مكث ثمانى ليال لا يقبل ثديا فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ اى صرفنا موسى الى والدته كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها بوصول ولدها إليها: وبالفارسية [تا روشن شود چشم او] وَلا تَحْزَنَ بفراقه وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ اى جميع ما وعده من رده وجعله من المرسلين حَقٌّ لا خلف فيه بمشاهدة بعضه وقياس بعضه عليه وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ آل فرعون لا يَعْلَمُونَ ان وعد الله حق فمكث موسى عند امه الى ان فطمته وردته الى فرعون وآسية فنشأ موسى فى حجر فرعون وامرأته يربيانه بايديهما واتخذاه ولدا فبينا هو يلعب يوما بين يدى فرعون وبيده قضيب له يلعب به إذ رفع القضيب فضرب به رأس فرعون فغضب فرعون وتطير من ضربه حتى همّ بقتله فقالت آسية ايها الملك لا تغضب ولا يشقنّ عليك فانه صبى صغير لا يعقل ضربه ان شئت اجعل فى هذا الطست جمرا وذهبا فانظر على أيهما يقبض فامر فرعون بذلك فلما مد موسى يده ليقبض على الذهب قبض الملك المؤكل به على يده فردها الى الجمرة فقبض عليها موسى فالقاها فى فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها فقالت آسية لفرعون ألم اقل لك انه لا يعقل شيأ فكف عنه وصدقها وكان امر بقتله ويقال ان العقدة التي كانت فى لسان موسى اى قبل النبوة اثر تلك الجمرة التي التقمها ثم زالت بعدها لانه عليه السلام دعا بقوله (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) وقد سبق فى طه: قال الشيخ العطار قدس سره همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم طفل فرعونيم ما كام ودهان پر اخگرست وهو شكاية من زمانه وأهاليه فان لكل زمان فرعون يمتحن به من هو بمشرب موسى واستعداده ولكن كل محنة فهى مقدمة لراحة كما قال الصائب هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت فلا بد من الصبر فانه يصير الحامض حلوا اعلم ان موسى كان ضالة امه فرده الله إليها بحسن اعتمادها على الله تعالى وكذا القلب ضالة السالك فلا بد من طلبه وقص اثره فانه الموعود الشريف الباقي وهو الطفل الذي هو خيلفة الله فى الأرض ومن عرفه واحسن بفراقه وألمه هان عليه بذل النقد الخسيس الفاني نسأل الله الاستعداد لقبول الفيض وَلَمَّا بَلَغَ موسى أَشُدَّهُ اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين واحد على بناء الجمع كما سبق فى سورة يوسف وَاسْتَوى الاستواء اعتدال الشيء فى ذاته اى اعتدل عقله وكمل بان بلغ أربعين سنة كقوله (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) بعد قوله (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) وفى يوسف (بَلَغَ أَشُدَّهُ) فحسب لانه اوحى اليه فى صباه حين كونه فى البئر وموسى عليه السلام اوحى اليه بعد أربعين سنة كما قال آتَيْناهُ حُكْماً اى نبوة وَعِلْماً بالدين قال الكاشفى [ذكر انباى نبوت در اثناى اين قضيه] اى مع انه تعالى استنبأه بعد الهجرة فى المراجعة من مدين الى مصر [بيان صدق هرد ووعده است كه چنانچهـ او را بمادر رسانيديم ونبوت هم داديم]

والجمهور على ان نبينا عليه السلام بعث على رأس الأربعين وكذا كل نبى عند البعض وقال بعضهم اشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشىء لان عيسى عليه السلام نبىء ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين ونبىء يوسف عليه السلام وهو ابن ثمانى عشرة ويحيى عليه السلام نبىء وهو غير بالغ قيل كان ابن سنتين او ثلاث وكان ذبحه قبل عيسى بسنة ونصف وهكذا احوال بعض الأولياء فان سهل بن عبد الله التستري سلك وكوشف له وهو غير بالغ وفى الآية تنبيه على ان العطية الالهية تصل الى العبد وان طال العهد إذا جاء او انها فلطالب الحق ان ينتظر احسان الله تعالى ولا ييأس منه فان المحسن لا بد وان يجازى بالإحسان كما قال تعالى وَكَذلِكَ اى كما جزينا موسى وامه نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم وفيه تنبيه على انهما كانا محسنين فى عملهما متقيين فى عنفوان عمرهما فمن ادخل نفسه فى زمرة اهل الإحسان جازاه الله بأحسن الجزاء- حكى- ان امرأة كانت تتعشى فسألها سائل فقامت ووضعت فى فمه لقمة ثم وضعت ولدها فى موضع فاختلسه الذئب فقالت يا رب ولدي فاخذ آخذ عنق الذئب واستخرج الولد من فيه بغير أذى وقال لها هذه اللقمة بتلك اللقمة التي وضعتها فى فم السائل. والإحسان على مراتب فهو فى مرتبة الطبيعة بالشريعة وفى مرتبة النفس بالطريقة وإصلاح النفس وذلك بترك حظ النفس فانه حجاب عظيم وفى مرتبة الروح بالمعرفة وفى مرتبة السر بالحقيقة. فغاية الإحسان من العبد الفناء فى الله ومن المولى إعطاء الوجود الحقانى إياه ولا يتيسر ذلك الفناء الا لمن أيده الله بهدايته ونور قلبه بانوار التوحيد إذ التوحيد مفتاح السعادات فينبغى لطالب الحق ان يكون بين الخوف والرجاء فى مقام النفس ليزكيها بالوعد والوعيد ويصفى وينور الباطن فى مقام القلب بنور التوحيد ليتهيأ لتجليات الصفات ويطلب الهداية فى مقام الروح ليشاهد تجلى الذات ولا يكون فى اليأس والقنوط ألا ترى ان أم موسى كانت راجية واثقة بوعد الله حتى نالت ولدها موسى وتشرفت ايضا بنبوته فان من كانت صدف درة النبوة تشرفت بشرفها واعلم انه لا بد من الشكر على الإحسان فشكر الإله بطول الثناء وشكر الولاة بصدق الولاء وشكر النظير بحسن الجزاء وشكر من دونك ببذل العطاء يكى كوش كودك بماليد سخت ... كه اى بو العجب رأى بركشته بخت ترا تيشه دادم كه هيزم شكن ... نكفتم كه ديوار مسجد بكن زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نكر داندش حق شناس كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فروكير ودوست برو شكر كن چون بنعمت درى ... كه محرومى آيد ز مستكبرى كرا ز حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد ببخش اى پسر كادمى زاده صيد ... بإحسان توان كرد ووحشي بقيد مكن بد كه بد بينى از يار نيك ... نيايد ز تخم بدى بار نيك

[سورة القصص (28) : آية 15]

اى لا تجيىء ثمرة الخير الا من شجرة الخير كما لا يحصل الحنظل الا من العلقمة فمن أراد الرطب فليبذر النخل- حكى- ان امرأة كانت لها شاة تتعيش بها وأولادها فجاءها يوما ضيف فلم تجد شيأ للاكل فذبحت الشاة ثم ان الله تعالى أعطاها بدلها شاة اخرى وكانت تحلب من ضرعها لبنا وعسلا حتى اشتهر ذلك بين الناس فجاء يوما زائرون لها فسألوا عن السبب فى ذلك فقالت انها كانت ترعى فى قلوب المريدين يعنى ان الله تعالى جازاها على إحسانها الى الضيف بالشاة الاخرى ثم لما كان بذلها عن طيب الخاطر وصفاء البال اظهر الله ثمرته فى ضرع الشاة بإجراء اللبن والعسل فليس جزاء الإحسان الا الإحسان الخاص من قبل الرحمن وليس للامساك والبخل ثمرة سوى الحرمان نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الذين يحسنون لانفسهم فى الطلب والارادة وتحصيل السعادة واستجلاب الزيادة والسيارة وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ودخل موسى مصرا آتيا من قصر فرعون: وبالفارسية [موسى از قصر فرعون برون آمد ودر ميان شهر شد] وذلك لان قصر فرعون كان على طرف من مصر كما سيأتى عند قوله تعالى (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) قيل المراد مدينة منف من ارض مصر وهى مدينة فرعون موسى التي كان ينزلها وفيها كانت الأنهار تجرى تحت سريره وكانت فى غربى النيل على مسافة اثنى عشر ميلا من مدينة فسطاط مصر المعروفة يومئذ بمصر القديمة ومنف أول مدينة عمرت بأرض مصر بعد الطوفان وكانت دار الملك بمصر فى قديم الزمان عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها اى حال كونه فى وقت لا يعتاد دخولها قال ابن عباس رضى الله عنهما دخلها فى الظهيرة عند المقيل وقد خلت الطرق فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ الجملة صفة لرجلين: والاقتتال [كارزار كردن با يكديكر] هذا [آن يكى] مِنْ شِيعَتِهِ اى ممن شايعه وتابعه على دينه وهم بنو إسرائيل روى انه السامري كما فى فتح الرحمن والاشارة على الحكاية والا فهو والذي من عدوه ما كانا حاضرين حال الحكاية لرسول الله ولكنهما لما كانا حاضرين يشار إليهما وقت وجدان موسى إياهما حكى حالهما وقتئذ وَهذا [وآن يكى ديكر] مِنْ عَدُوِّهِ العدو يطلق على الواحد والجمع اى من مخالفيه دينا وهم القبط واسمه فاتون كما فى كشف الاسرار وكان خباز فرعون أراد ان يسخر الاسرائيلى ليحمل حطبا الى مطبخ فرعون فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ اى سأله ان يغيثه بالاعانة عليه ولذلك عدى بعلى يقال استغثت طلبت الغوث اى النصرة: وبالفارسية [پس فرياد خواست بموسى آنكسى كه از كروه او بود بر آنكسى كه از دشمنان او بود يعنى يارى طلبيد سبطى از موسى بر دفع قبطى] وكان موسى قد اعطى شدة وقوة [قبطى را كفت دست ازو بدار قبطى سخن موسى رد كرد] فَوَكَزَهُ مُوسى الوكز كالوعد الدفع والطعن والضرب بجمع الكف وهو بالضم والكسر حين يقبضها اى فضرب القبطي بجمع كفه: وبالفارسية [پس مشت زد او را موسى] فَقَضى عَلَيْهِ اى فقتله فندم فدفنه فى الرمل وكل شىء فرغت منه وأتممته فقد قضيت عليه قال فى المفردات يعبر عن الموت بالقضاء فيقال قضى نحبه لانه فصل امره المختص به من دنياه

[سورة القصص (28) : الآيات 16 إلى 21]

والقضاء فصل الأمر قالَ هذا القتل مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ [از عمل كسى است كه شيطان او را اغوا كند نه عمل أمثال من] فاضيف العمل الى الشيطان لانه كان باغوائه ووسوسته وانما كان من عمله لانه لم يؤمر بقتل الكفار او لانه كان مأمونا فيهم فلم يكن له اغتيالهم ولا يقدح ذلك فى عصمته لكونه خطأ وانما عده من عمل الشيطان وسماه ظلما واستغفر منه جريا على سنن المقربين فى استعظام ما فرط منهم ولو كان من محقرات الصغائر وكان هذا قبل النبوة إِنَّهُ اى الشيطان عَدُوٌّ لابن آدم مُضِلٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة والإضلال قالَ توسيط قال بين كلاميه لابانة ما بينهما من المخالفة من حيث انه مناجاة ودعاء بخلاف الاول رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بقتل القبطي بغير امر فَاغْفِرْ لِي ذنبى فَغَفَرَ لَهُ ربه ذلك لاستغفاره أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اى المبالغ فى مغفرة ذنوب العباد ورحمتهم قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ اما قسم محذوف الجواب اى اقسم عليك بانعامك علىّ بالمغفرة لأتوبن فَلَنْ أَكُونَ بعد هذا ابدا ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ معينا لهم يقال ظاهرته اى قويت ظهره بكونى معه واما استعطاف اى بحق إحسانك علىّ اعصمني فلن أكون معينا لمن تؤدى معاونته الى الجرم وهو فعل يوجب قطيعة فاعله وأصله القطع قال ابن عطاء العارف بنعم الله من لا يوافق من خالف ولى نعمته والعارف بالمنعم من لا يخالفه فى حال من الأحوال انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه لم يستثن فابتلى به اى بالعون للمجرمين مرة اخرى كما سيأتى يقول الفقير المراد بالمجرم هاهنا الجاني الكاسب فعلا مذموما فلا يلزم ان يكون الاسرائيلى كافرا كما دل عليه هذا من شيعته وقوله بالذي هو عدو لهما على ان بنى إسرائيل كانوا على دين يعقوب قبل موسى ولذا استذلهم فرعون بالعبودية ونحوها واما قول ابن عباس رضى الله عنهما عند قوله ظهيرا للمجرمين اى عونا للكافرين فيدل على ان اطلاق المجرم المطلق على المؤمن الفاسق من قبل التغليظ والتشديد ثم ان هذا الدعاء وهو قوله رب بما أنعمت علىّ إلخ حسن إذا وقع بين الناس اختلاف وفرقة فى دين او ملك او غيرهما وانما قال موسى هذا عند اقتتال الرجلين ودعا به ابن عمر رضى الله عنهما عند قتال على ومعاوية كذا فى كشف الاسرار ثم ان فى الآية اشارة الى ان المجرمين هم الذين أجرموا بان جاهدوا كفار صفات النفس بالطبع والهوى لا بالشرع والمتابعة كالفلاسفة والبراهمة والرهابين وغيرهم فجهادهم يكون من عمل الشيطان فَأَصْبَحَ دخل موسى فى الصباح فِي الْمَدِينَةِ وفيه اشارة الى ان دخول المدينة والقتل كانا بين العشاءين حين اشتغل الناس بانفسهم كما ذهب اليه البعض خائِفاً اى حال كونه خائفا على نفسه من آل فرعون يَتَرَقَّبُ يترصد طلب القود او الاخبار وما يقال فى حقه وهل عرف قاتله. والترقب انتظار المكروه وفى المفردات ترقب احترز راقبا اى حافظ وذلك اما لمراعاة رقبة المحفوظ واما لرفعه رقبته فَإِذَا للمفاجأة [پس ناكاه] الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ اى الاسرائيلى الذي طلب من موسى النصرة قبل هذا اليوم على دفع القبطي المقتول يَسْتَصْرِخُهُ الاستصراخ [فرياد رسيدن ميخواستن]

[سورة القصص (28) : الآيات 19 إلى 21]

اى يستغيث موسى برفع الصوت من الصراخ وهو الصوت او شديده كما فى القاموس: وبالفارسية [باز فرياد ميكند ويارى ميطلبد بر قبطىء ديكر] قالَ لَهُ مُوسى اى للاسرائيلى المستنصر بالأمس المستغيث على الفرعون الآخر إِنَّكَ لَغَوِيٌّ [مرد كمراهى] وهو فعيل بمعنى الغاوي مُبِينٌ بين الغواية والضلالة لانك تسببت لقتل رجل وتقاتل آخر يعنى انى وقعت بالأمس فيما وقعت فيه بسببك فالآن تريد ان توقعنى فى ورطة اخرى فَلَمَّا أَنْ أَرادَ موسى أَنْ يَبْطِشَ البطش تناول الشيء بشدة بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما اى يأخذ بيد القبطي الذي هو عدو لموسى والاسرائيلى إذ لم يكن على دينهما ولان القبط كانوا اعداء بنى إسرائيل على الإطلاق قالَ ذلك الاسرائيلى ظانا ان موسى يريد ان يبطش به بناء على انه خاطبه بقوله انك لغوى مبين ورأى غضبه عليه او قال القبطي وكأنه توهم من قولهم انه الذي قتل القبطي بالأمس لهذا الاسرائيلى يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ يعنى القبطي المقتول إِنْ تُرِيدُ اى ما تريد إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وهو الذي يفعل ما يريده من الضرب والقتل ولا ينظر فى العواقب وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ بين الناس بالقول والفعل فتدفع التخاصم ولما قال هذا انتشر الحديث وارتقى الى فرعون وملئه وظهر ان القتل الواقع أمس صدر من موسى حيث لم يطلع على ذلك الا ذلك الاسرائيلى فهموا بقتل موسى فخرج مؤمن من آل فرعون وهو ابن عمه ليخبر موسى كما قال وَجاءَ رَجُلٌ وهو خربيل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ من آخرها او جاء من آخرها: وبالفارسية [از دورتر جايى از شهر يعنى از باركاه فرعون كه بر يك كناره شهر بود] يقال قصوت عنه واقصيت أبعدت والقصي البعيد يَسْعى صفة رجل اى يسرع فى مشيه حتى وصل الى موسى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ اشراف قوم فرعون يَأْتَمِرُونَ بِكَ يتشاورون بسببك وانما سمى التشاور ائتمارا لان كلا من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ من المدينة إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فى امرى إياك بالخروج: وبالفارسية [از نيك خواهان ومهربانم] واللام للبيان كأنه قيل لك أقول هذه النصيحة وليس صلة للناصحين لان معمول الصلة لا يتقدم الموصول وهو اللام فى الناصح فَخَرَجَ مِنْها [پس بيرون رفت در همان دم از ان شهر بى زاد وراحله ورفيق] خائِفاً حال كونه خائفا على نفسه يَتَرَقَّبُ لحوق الطالبين والتعرض له فى الطريق: وبالفارسية [انتظار ميبرد كه كسى از پى او درآيد] قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ خلصنى منهم واحفظني من لحوقهم: وبالفارسية [كفت اى پروردگار من نجات ده مرا وباز رهان از كروه ستمكاران يعنى فرعون وكسان او] فاستجاب الله دعاءه ونجاه كما سيأتى قال بعض العارفين ان الله تعالى إذا أراد بعبده ان يكون له فردا أوقعه فى واقعة شنيعة ليفر من دون الله الى الله فلما فر اليه خائفا من الامتحان وجد جمال الرحمن وعلم ان جميع ما جرى عليه واسطة الوصول الى المراد: وفى المثنوى يك جوانى بر زنى مجنون بدست ... روز شب بى خواب وبى خور آمدست «1» بيدل وشوريده ومجنون ومست ... مى ندادش روزكار وصل دست

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت آن عاشق دراز هجران بسيار امتحان

[سورة القصص (28) : الآيات 22 إلى 26]

پس شكنجه كرد عشقش بر زمين ... خود چرا دارد ز أول عشق كين عشق از أول چرا خونى بود ... تا كريزد هر كه بيرونى بود چون فرستادى رسولى پيش زن ... آن رسول از رشك كردى راه زن ور صبا را پيك كردى در وفا ... از غبارى تيره كشتى آن صبا راههاى چاره را غيرت ببست ... لشكر انديشه را رايت شكست خوشهاى فكرتش بى گاه شد ... شب روانرا رهنما چون ماه شد جست از بيم عسس وشب بباغ ... يار خود را يافت چون شمع و چراغ «1» بود اندر باغ آن صاحب جمال ... كز غمش اين در عنا بد هشت سال «2» سايه او را نبود إمكان ديد ... همچوعنقا وصف او را مى شنيد جز يكى لقيه كه أول از قضا ... بر وى افتاد وشد او را دلربا چون درآمد خوش در ان باغ آن جوان ... خود فرو شد يا بكنجش ناكهان مر عسس را ساخته يزدان سبب ... تا ز بيم او دود در باغ شب كفت سازنده سبب را آن نفس ... اى خدا تو رحمتى كن بر عسس «3» بهر اين كردى سبب اين كار را ... تا ندارم خار من يك خار را پس يد مطلق نباشد در جهان ... بد بنسبت باشد اين را هم بدان «4» زهر ماران مار را باشد حيات ... نسبتش با آدمي باشد ممات خلق آبى را بود دريا چوباغ ... خلق خاكى را بود آن مرك وداغ هر چهـ مكرر هست چون شد او دليل ... سوى محبوبت حبيب است وخليل در حقيقت هر عدو داروى تست ... كيمياى نافع ودلجوى تست «5» كه ازو اندر كريزى در خلا ... استعانت جويى از لطف خدا در حقيقت دوست دانت دشمن اند ... كه ز حضرت دور ومشغولت كنند فاذا اقبل العاشق من طريق الامتحان الى الحق خاف وترقب ان يلحقه أحد من اهل الضلال فيمنعه من الوصول اليه فانه لا ينفك عن الخوف مادام فى الطريق نسأل الله الوصول وهو خير مسئول وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ التوجه [روى باخيرى كردن] والتلقاء تفعال من لقيت وهو مصدر اتسع فيه فاستعمل ظرفا يقال جلس تلقاءه اى حذاءه ومقابلته. ومدين قرية شعيب عليه السلام على بحر القلزم سميت باسم مدين بن ابراهيم عليه السلام من امرأته قنطورا كان اتخذها لنفسه مسكنا فنسبت اليه ولم يكن فى سلطان فرعون وكان بينهما وبين مصر مسيرة ثمانية ايام كما بين الكوفة والبصرة. والمعنى لما جعل موسى وجهه نحو مدين وصار متوجها الى جانبها قالَ [با خود كفت] توكلا على الله وحسن ظن به وكان لا يعرف الطرق عَسى رَبِّي [شايد كه پروردگار من] أَنْ يَهْدِيَنِي [راه نمايد مرا] سَواءَ السَّبِيلِ وسطه ومستقيمه والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك فظهر له ثلاث طرق فاخذ الوسطى وجاء الطلاب عقبيه فقالوا ان الفار لا يأخذ الطريق الوسط

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ (2، 4) در أوائل دفتر چهارم در بيان تمامى حكايت آن عاشق كه از عسس بگريخت إلخ (3) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ [.....] (5) در أوائل دفتر چهارم در بيان حكايت آن واعظ كه در آغاز تذكير دعاى ظالمان كردى

[سورة القصص (28) : آية 23]

خوفا على نفسه بل الطرفين فشرعوا فى الآخرين فلم يجده [پس موسى هشت شبانروز ميرفت وبى زاد وبى طعام پاى برهنه وشكم كرسنه ودر ان هشت روز نمى خورد مكر برك درختان تا رسيد بمدين سلمى. فرموده كه روى مبارك بناحيه مدين داشت اما دلش متوجه بحضرت ذو المدين بود ومسالك پيداى مدين را بهمراهى غم شوق لقا مى پيمود] غمت تا يار من شد روى در راه عدم كردم ... خوشست آوارگى آنرا كه همراهى چنين باشد قال بعضهم مدين اشارة الى عالم الأزل والابد فوجد موسى نسيم الحقيقة من جانبها لانه كان بها شعيب عليه السلام فتوجه إليها للمشاهدة واللقاء كما قال عليه السلام (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) مخبرا عن وجدان نسيم الحق من روضة قلب اويس القرني رضى الله عنه ففى ارض الأولياء نفحات وفى لقائهم بركات وقال بعضهم [چون خواستند كه موسى كليم را لباس نبوت پوشند وبحضرت رسالت ومكالمت برند نخست او را در خم چوكان بيت نهادند تا در ان بارها وفتنها پخته كشت چنانكه رب العزة كفت] (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) اى طبخناك بالبلاء طبخا حتى صرت صافيا نقيا [از مصر بدر آمد ترسان در الله زاريد رب العالمين دعاى وى اجابت كرد واو را از بيم دشمن ايمن كرد سكينه بدل وى فرو آمد وساكن كشت با سر وى كفتند مترس خداوند كه ترا در طفوليت حجر فرعون كه لطمه بر روى وى ميزدى در حفظ وحمايت خود بداشت ودشمن نداد امروز همچنان در حفظ خود بدارد وبدشمن ندهد آنكه روى نهاد بر بيابان پر فتوح نه بقصد مدين اما رب العزة او را بمدين افكند سرى را در ان بقية بود شعيب پيغمبر خداى بود ومسكن بمدين داشت سائق تقدير موسى را بخدمت شعيب راند تا يافت بخدمت وصحبت او آنچهـ يافت خليل عليه السلام چون همه راهها بسته ديد دانست كه حضرت يكيست آواز بر آورد كه (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآية مرد مردانه نه آنست كه بر شاهراه سوارى كند كه راه كشاده بود مرد آنست كه در شب تاريك بر راه بى دليلى بسر كوى دوست شود] كما وقع لاكثر الأنبياء والأولياء المهاجرين الذاهبين الى الله تعالى: قال الحافظ شب تاريك وبيم موج وكردابى چنين هائل ... كجا دانند حال ما سبكباران ساحلها يقول الفقير المراد بقوله «شب تاريك» جلال الذات لان الليل اشارة الى عالم الذات وظلمة جلاله الغالب وبقوله «بيم موج» خوف صفات القهر والجلال وبقوله «كردابى چنين هائل» الامتحانات التي كدور البحر فى الإهلاك فهذا المصراع صفة اهل البداية والتوسط من ارباب الأحوال فانهم بسبب ما وقعوا فى بحر العشق لا يزالون يمتحنوا بالبلايا الهائلة الى ان يخرجوا الى ساحل البقاء والمراد بقوله «سبكباران ساحلها» الذين لم يحملوا الاماتة الكبرى وهى العشق فبقوا فى بر البشرية وهم العباد والزهاد فهم لكونهم اهل البر والبشرية والحجاب لا يعرفون احوال اهل البحر والملكية والمشاهدة فان بين الظاهر والباطن طريقا بعيدا وبين الباب والصدر فرقا كثيرا وبين المبتدأ والمنزل سيرا طويلا نسأل الله العشق وحالاته والوصول الى معانيه وحقائقه من ألفاظه ومقالاته وَلَمَّا وَرَدَ الورود إتيان الماء وضده الصدر وهو

[سورة القصص (28) : آية 24]

الرجوع عنه وفى المفردات الورود أصله قصد الماء ثم يستعمل فى غيره. والمعنى ولما وصل موسى وجاء ماءَ مَدْيَنَ وهو بئر على طرف المدينة على ثلاثة أميال منها او اقل كانوا يسقون منها قال ابن عباس رضى الله عنهما ورده وانه ليترا آي خضرة البقل فى بطنه من الهزال وَجَدَ عَلَيْهِ اى جانب البئر وفوق شفيرها أُمَّةً مِنَ النَّاسِ جماعة كثيرة منهم يَسْقُونَ مواشيهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ فى مكان أسفل منهم امْرَأَتَيْنِ صفورياء وليا ابنتا يثرون ويثرون هو شعيب قاله السهيلي فى كتاب التعريف تَذُودانِ الذود الكف والطرد والدفع اى تمنعان اغنامهما عن التقدم الى البئر قال الكاشفى [از آنجا كه شفقت ذاتى انبيا مى باشد فرا پيش رفت وبطريق تلطف] قالَ عليه السلام ما خَطْبُكُما الخطب الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب اى ما شأنكما فيما أنتما عليه من التأخر والذود ولم لا تباشران السقي كدأب هؤلاء قال بعضهم كيف استجاز موسى ان يكلم امرأتين اجنبيتين والجواب كان آمنا على نفسه معصوما من الفتنة فلاجل علمه بالعصمة كلمهما كما يقال كان للرسول التزوج بامرأة من غير الشهود لان الشهود لصيانة العقد عن التجاحد وقد عصم الرسول من ان يجحد نكاحا او يجحد نكاحه دون غيره من افراد أمته قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ لاصدار [باز كردانيدن] والرعاء بالكسر جمع راع كقيام جمع قائم والرعي فى الأصل حفظ الحيوان اما بغذائه الحافظ لحياته او بذب العدو عنه والرعي بالكسر ما يرعاء والمرعى موضع الرعي ويسمى كل سائس لنفسه او لغيره راعيا وفى الحديث (كلكم مسئول عن رعيته) قيل الرعاء هم الذين يرعون المواشي والرعاة هم الذين يرعون الناس وهم الولاة. والمعنى عادتنا ان لا نسقى مواشينا حتى يصرف الرعاء: وبالفارسية [باز كردانند شبانان] مواشيهم بعد ريها ويرجعوا عجزا عن مساجلتهم وحذرا من مخالطة الرجال فاذا انصرفوا سقينا من فضل مواشيهم وحذف مفعول السقي والذود والإصدار لما ان الغرض هو بيان تلك الافعال أنفسها إذ هى التي دعت موسى الى ما صنع فى حقهما من المعروف فانه عليه السلام انما رحمهما لكونهما على الذياد والعجز والعفة وكونهم على السقي غير مبالين بما وما رحمهما لكون مذودهما غنما ومستقيهم ابلا مثلا وَأَبُونا وهو شعيب شَيْخٌ [پيرى است] كَبِيرٌ كبير السن او القدر والشرف لا يستطيع ان يخرج فيرسلنا للرعى والسقي اضطرارا ومن قال من المعاصرين فيه عبرة ان مواشى النبي لم يلتفت إليها فقد اتى بالعبرة لان الراعي لا يعرف ما النبي كما ان القروي فى زماننا لا يعرف ما شريعة النبي وقد جرت العادة على ان اهل الايمان من كل امة اقل فَسَقى لَهُما ماشيتهما رحمة عليهما وطلبا لوجه الله تعالى- روى- ان الرجال كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يرفعه إلا سبعة رجال او عشرة او أربعون فرفعه وحده مع ما كان به من الوصب والجوع وجراحة القدم [ازينجا كفته اند كه هر پيغمبرى را بجهل مرد نيروى بود پيغمبر ما را بچهل پيغمبر نيرو بود] ولعله زاحمهم فى السقي لهما فوضعوا الحجر على البئر لتعجيزه عن ذلك وهو الذي يقتضيه سوق النظم الكريم ثُمَّ بعد فراغه تَوَلَّى جعل ظهره يلى ما كان يليه وجهه اى اعرض

[سورة القصص (28) : آية 25]

وانصرف إِلَى الظِّلِّ هو ما لم يقع عليه شعاع الشمس وكان ظل سمرة هنالك فجلس فى ظلها من شدة الحر وهو جائع فَقالَ يا رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ اى أي شىء أنزلته الى مِنْ خَيْرٍ قليل او كثير وحمله الأكثرون على الطعام بمعونة المقام فَقِيرٌ محتاج سائل ولذلك عدى باللام وفيه اشارة الى ان السالك إذا بلغ عالم الروحانية لا ينبغى ان يقنع بما وجد من معارف ذلك العالم بل يكون طالبا للفيض الإلهي بلا واسطة قال بعضهم هذا موسى كليم الله لما كان طفلا فى حجر تربية الحق ما تجاوز جده بل قال رب إلخ فلما بلغ مبلغ الرجال ما رضى بطعام الأطفال بل قال أرني انظر إليك فكان غاية طلبه فى بدايته الطعام والشراب وفى نهايته رفع الحجاب ومشاهدة الأحباب قال ابن عطاء نظر من العبودية الى الربوبية فخشع وخضع وتكلم بلسان الافتقار لما ورد على سره من أنوار الربوبية فافتقاره افتقار العبد الى مولاه فى جميع أحواله لا افتقار سؤال وطلب انتهى وسئل سهل عن الفقير الصادق فقال لا يسأل ولا يرد ولا يحبس قال فارس قلت لبعض الفقراء مرة ورأيت عليه اثر الجوع والضر لم لا تسأل فيطعموك فقال أخاف ان اسألهم فيمنعونى فلا يفلحون ولما كان موسى عليه السلام جائعا سأل من الله ما يأكل ولم يسأل من الناس ففطنت الجاريتان فلما رجعتا الى أبيهما قبل الناس واغنامهما قفلت قال لهما ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا ثم تولى الى الظل فقال رب إلخ فقال أبوهما هذا رجل جائع فقال لاحداهما اذهبي فادعيه لنا فَجاءَتْهُ إِحْداهُما عقيب ما رجعتا الى أبيهما وهى الكبرى واسمها صفورياء فان قلت كيف جاز لشعيب إرسال ابنته لطلب اجنبى قلت لانه لم يكن له من الرجال من يقوم بامره ولانه ثبت عنده صلاح موسى وعفته بقرينة الحال وبنور الوحى تَمْشِي حال من فاعل جاءته عَلَى اسْتِحْياءٍ ما هو عادة الابكار. والاستحياء [شرم داشتن] قال ابو بكر ابن طاهر لتمام إيمانها وشرف عنصرها وكريم نسبها أتته على استحياء وفى الحديث (الحياء من الايمان) اى شعبة منه قال أعرابي لا يزال الوجه كريما ما غلب حياؤه ولا يزال الغصن نضيرا ما بقي لحاؤه قالَتْ استئناف بيانى إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ ليكافئك أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا جزاء سقيك لنا [موسى بجهت زيارت شعيب وتقريب آشنايى با وى اجابت كردند نه براى طمع] ولانه كان بين الجبال خائفا مستوحشا فاجابها فانطلقا وهى امامه فالزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته او كشفته عن ساقيها فقال لها امشى خلفى وانعتى الىّ الطريق فتأخرت وكانت تقول عن يمينك وشمالك وقد أمك حتى أتيا دار شعيب فبادرت المرأة الى أبيها وأخبرته فاذن له فى الدخول وشعيب يومئذ شيخ كبير وقد كف بصره فسلم موسى فرد عليه السلام وعانقه ثم أجلسه بين يديه وقدم اليه طعاما فامتنع منه وقال أخاف ان يكون هذا عوضا لما سقيته وانا اهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا لانه كان من بيت النبوة من أولاد يعقوب فقال شعيب لا والله يا شاب ولكن هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا فتناول هذا وان من فعل معروفا فاهدى اليه شىء لم يحرم اخذه فَلَمَّا جاءَهُ [پس آن هنكام آمد موسى نزديك شعيب] وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ أخبره بما جرى عليه من الخبر المقصوص فانه مصدر سمى به

[سورة القصص (28) : آية 26]

المفعول كالعلل قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى فرعون وقومه فانه لا سلطان له بأرضنا ولسنا فى مملكته وفيه اشارة الى ان القلب مهما يكون فى مقامه يخاف عليه ان يصيبه آفات النفس وظلم صفاتها فاذا وصل بالسر الى مقام الروح فقد نجا من ظلمات النفس وظلم صفاتها ألا ترى ان السلطان مادام فى دار الحرب فهو على خوف من الأعداء فاذا دخل حد الإسلام زال ذلك: وفيه اشارة الى ان من وقع فى الخوف يقال له لا تخف كما ان من وقع فى الامن يقال له خف: وفى المثنوى لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائف آن «1» هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون كويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس قال اويس القرني رضى الله عنه كن فى امر الله كأنك قتلت الناس كلهم يعنى خائفا مغموما قال شعيب بن حرب كنت إذا نظرت الى الثوري فكأنه رجل فى ارض مسبعة خائف الدهر كله وإذا نظرت الى عبد العزيز بن ابى داود فكأنه يطلع الى القيامة من الكوة. ثم ان موسى قد تربى عند فرعون بالنعمة الظاهرة ولما هاجر الى الله وقاسى مشاق السفر والغربة عوضه الله عند شعيب النعمة الظاهرة والباطنة: قيل سافر تجد عوضا عمن تفارقه ... وانصب فان اكتساب المجد فى النصب فالاسد لولا فراق الخيس ما افترست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب وقيل بلاد الله واسعة فضاء ... ورزق الله فى الدنيا فسيح فقل للقاعدين على هوان ... إذا ضاقت بكم ارض فسيحوا قال الشيخ سعدى قدس سره سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم ألا ترى ان موسى عليه السلام ولد بمصر ولما ضاقت به هاجر الى ارض مدين فوجد السعة مطلقا فالكامل لا يكون زمانيا ولا مكانيا بل يسيح الى حيث امر الله تعالى من غير لىّ العنق الى ورائه ولو كان وطنه فان الله تعالى إذا كان مع المرء فالغربة له وطن والمضيق له وسيع: وفى المثنوى هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط «2» هر كجا يوسف رضى باشد چوماه ... جنت است آن كر چهـ باشد قعر چاه قالَتْ إِحْداهُما وهى الكبرى التي استدعته الى أبيها وهى التي زوجها موسى يا أَبَتِ [اى پدر من] اسْتَأْجِرْهُ اى اتخذ موسى أجير الرعي الغنم والقيام بامرها إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ اللام للجنس لا للعهد فيكون موسى مندرجا تحته. والقوى بالفارسية [توانا] . والامين [استوار تعريض است بآنكه موسى را قوت وامانت هست]- روى- ان شعيبا قال لها وما أعلمك بقوته وأمانته فذكرت له ما شاهدت منه من إقلال الحجر عن رأس البئر ونزع الدلو الكبير وانه خفض رأسه عند

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمرا إلخ (2) در اواخر دفتر رسوم در بيان پرسيدن معشوقى از عاشق إلخ

[سورة القصص (28) : الآيات 27 إلى 30]

الدعوة ولم ينظر الى وجهها تورعا حتى بلغته رسالته وانه أمرها بالمشي خلفه فخصت هاتين الخصلتين بالذكر لانها كانت تحتاج إليهما من ذلك الوقت اما القوة فلسقى الماء واما الامانة فلحفظ البصر وصيانة النفس عنها كما قال يوسف عليه السلام (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) لان الحفظ والعلم كان محتاجا إليهما اما الحفظ فلاجل ما فى خزانة الملك واما العلم فلمعرفة ضبط الدخل والخرج وكان شريح لا يفسر شيأ من القرآن الا ثلاث آيات. الاولى (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) قال الزوج. والثانية (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) قال الحكمة الفقه والعلم وفصل الخطاب البينة والايمان. والثالثة (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) كما فسرت برفع الحجر وغض البصر قالَ شعيب لموسى عليه السلام بعد الاطلاع على قوته وأمانته إِنِّي أُرِيدُ [من ميخواهم] أَنْ أُنْكِحَكَ [آنكه زنى بتو دهم] إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ [يكى را ازين دو دختران] وهى صفورياء التي قال فيها (اذ قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي حال من المفعول فى أنكحك يقال أجرته إذا كنت له أجيرا كقولك أبوته إذا كنت له أبا كما فى الكشاف. والمعنى حال كونك مشروطا عليك او واجبا ان تكون لى أجيرا ثَمانِيَ حِجَجٍ فى هذه المدة فهو ظرف جمع حجة بالكسر بمعنى السنة وهذا شرط للاب وليس بصداق لقوله تأجرنى دون تأجرها ويجوز ان يكون النكاح جائزا فى تلك الشريعة بشرط ان يكون منعقد العمل فى المدة المعلومة لولى المرأة كما يجوز فى شريعتنا بشرط رعى غنمها فى مدة معلومة [ودر عين المعاني آورده كه در شرائع متقدمه مهر اختران مر پدر را بوده وايشان مى كرفته اند ودر شريعت ما منسوخ شده بدين حكم (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) وآنكه جر منافع مهر تواند بود ممنوع است نزد امام أعظم بخلاف امام شافعى] واعلم ان المهر لا بد وان يكون مالا متقوما اى فى شريعتنا لقوله تعالى (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) وان يكون مسلما الى المرأة لقوله تعالى (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ) فلو تزوجها على تعليم القرآن او خدمته لها سنة يصح النكاح ولكن يصار الى مهر المثل لعدم تقوم التعليم والخدمة هذا ان كان الزوج حرا وان كان عبدا فلها الخدمة فان خدمة العبد ابتغاء بالمال لتضمنها تسليم رقبته ولا كذلك الحر فالآية سواء حملت على الصداق او على الشرط فناظرة الى شريعة شعيب فان الصداق فى شريعتنا للمرأة لا للاب والشرط وان جاز عند الشافعي لكنه لكونه جرا لمنفعة المهر ممنوع عند امامنا الأعظم رحمه الله وقال بعضهم ما حكى عنهما بيان لما عز ما عليه واتفقا على إيقاعه من غير تعرض لبيان موجب العقدين فى تلك الشريعة تفصيلا فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً اى عشر سنين فى الخدمة والعمل فَمِنْ عِنْدِكَ اى فاتمامها من عندك تفضلا لا من عندى إلزاما عليك وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ [ونمى خواهم آنكه رنج نهم بر تن تو بالزام تمام ده سال يا بمناقشه در مراعات اوقات واستيفاى اعمال يعنى ترا كارى فرمايم بر وجهى كه آسان باشد ودر رنج نيفتى] واشتقاق المشقة من الشق فان ما يصعب عليك يشق اعتقادك فى اطاقته ويوزع رأيك فى مزاولته قال بعض العرفاء رأى شعيب بنور النبوة انه يبلغ الى درجة الكمال فى ثمانى حجج ولا يحتاج الى التربية بعد ذلك ورأى ان

[سورة القصص (28) : آية 28]

كمال الكمال فى عشر حجج لانه رأى ان بعد العشر لا يبقى مقام الارادة ويكون بعد ذلك مقام الاستقلال والاستقامة ولا يحتمل مؤنة الارادة بعد ذلك لذلك قال انى أريد إلخ وما أريد إلخ يقول الفقير اقتضى هذا التأويل ان عمر موسى وقتئذ كان ثلاثين لانه لما أتم العشر عاد الى مصر فاستنبئ فى الطريق وقد سبق ان استنباءه كان فى بلوغ الأربعين وهذه سنة لاهل الفناء فى كل عصر وعند ما يمضى ثمان وثلاثون او أربعون من سن السلوك يكمل الفناء والبقاء وينفد الرزق فافهم سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ فى حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالعهد ومراده بالاستثناء التبرك به وتفويض الأمر الى توفيقه لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالى وفى الحديث (بكى شعيب النبي عليه السلام من حب الله حتى عمى فرد الله عليه بصره واوحى الله اليه يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا الى الجنة أم خوفا من النار فقال الهى وسيدى أنت تعلم انى ما ابكى شوقا الى جنتك ولا خوفا من النار ولكن اعتقدت حبك بقلبي فاذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي فاوحى الله اليه يا شعيب ان يكن ذلك حقا فهنيئا لك لقائى يا شعيب لذلك اخدمتك موسى بن عمران كليمى) اعلم ان فى فرار موسى من فرعون الى شعيب اشارة الى انه ينبغى لطالب الحق ان يسافر من مقام النفس الامارة الى عالم القلب ويفر من سوء قرين كفرعون الى خير قرين كشعيب ويخدم المرشد بالصدق والثبات- روى- ان ابراهيم بن أدهم كان يحمل الحطب سبع عشرة سنة وفى قوله (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) اشارة الى طريق الصوفية وان استخدامهم للمريدين من سنن الأنبياء عليهم السلام: قال الحافظ شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند قالَ موسى ذلِكَ الذي قلته وعاهدتنى فيه وشارطتنى عليه قائم وثابت بَيْنِي وَبَيْنَكَ جميعا لا انا اخرج عما شرطت علىّ ولا أنت تخرج عما شرطت على نفسك أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ اى شرطية منصوبة بقضيت وما زائدة مؤكدة لابهام اى فى شياعها والاجل مدة الشيء. والمعنى أكثرهما او اقصرهما وفيتك بأداء الخدمة فيه: وبالفارسية [هر كدام ازين دو مدت كه هشت ساله وده سالست بگذارم وبيابان رسانم] وجواب الشرطية قوله فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ لا تعدى ولا تجاوز بطلب الزيادة فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثماني او أيما الأجلين قضيت فلا اثم علىّ يعنى كما لا اثم علىّ فى قضاء الأكثر كذا لا اثم علىّ فى قضاء الأقصر وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ من الشروط الجارية بيننا وَكِيلٌ شاهد وحفيظ فلا سبيل لاحد منا الى الخروج عنه أصلا. فجمع شعيب المؤمنين من اهل مدين وزوجه ابنته صفوريا ودخل موسى البيت واقام يرعى غنم شعيب عشر سنين كما فى فتح الرحمن- روى- انه لما أتم العقد قال شعيب لموسى ادخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصىّ وكانت عنده عصى الأنبياء فاخذ عصا هبط بها آدم من الجنة ولم يزل الأنبياء يتوارثونها حتى وصلت الى شعيب فمسها وكان مكفوفا فلم يرضها له خوفا من ان لا يكون أهلا لها وقال غيرها فما وقع فى يده الاهى سبع مرات فعلم ان لموسى شأنا وحين خرج للرعى قال له شعيب إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ

[سورة القصص (28) : آية 29]

عن يمينك فان الكلأ وان كان بها اكثر الا ان فيها تنينا أخشى منه عليك وعلى الغنم فاخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها ومشى على اثرها فاذا عشب وريف لم ير مثله فنام فاذا بالتنين قد اقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت الى جنب موسى دامية فلما ابصر هادامية والتنين مقتولا سر ولما رجع الى شعيب أخبره بالشأن ففرح شعيب وعلم ان لموسى والعصا شأنا وقال انى وهبت لك من نتاج غنمى هذا العام كل ادرع ودرعاء والدرع بياض فى صدور الشاء ونحورها وسواد فى الفخذ وهى درعاء كما فى القاموس. فاوحى الله اليه فى المنام ان اضرب بعصاك الماء الذي هو فى مستقى الأغنام ففعل ثم سقى فما اخطأت واحدة الا وضعت ادرع ودرعاء فعلم شعيب ان ذلك رزق ساقه الله تعالى الى موسى وامرأته فوفى له بالشرط وسلم اليه الأغنام قال ابو الليث مثل هذا الشرط فى شريعتنا غير واجب الا ان الوعد من الأنبياء واجب فوفاه بوعده انتهى: وفى المثنوى جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «1» پس پيمبر كفت بهر اين طريق ... باوفاتر از عمل نبود رفيق «2» كر بود نيكو ابد يارت شود ... ور بود بد در لحد بارت شود فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ الفاء فصيحة اى فعقد العقدين وباشر ما التزمه فلما أتم الاجل المشروط بينهما وفرغ منه روى انه قضى ابعد الأجلين وهى عشر سنين: يعنى [ده سال شبانى كرد پس او را آرزوى وطن خاست] فبكى شعيب وقال يا موسى كيف تخرج عنى وقد ضعفت وكبرت فقال له قد طالت غيبتى عن أمي وخالتى وهارون أخي وأختي فى مملكة فرعون فقام شعيب وبسط يديه وقال يا رب بحرمة ابراهيم الخليل وإسماعيل الصفي وإسحاق الذبيح ويعقوب الكظيم ويوسف الصديق رد قوتى وبصرى فامن موسى على دعائه فرد الله عليه بصره وقوته ثم أوصاه بابنته وَسارَ موسى بإذن شعيب نحو مصر والسير المضي فى الأرض بِأَهْلِهِ بامرأته صفوريا وولده فانها ولدت منه قبل السير كما فى كشف الاسرار وقال الكاشفى [وببرد كسان خود را] فالباء على هذا للتعدية قال ابن عطاء لما تم له أجل المحبة ودنت ايام القربة والزلفة واظهار أنوار النبوة عليه سار باهله ليشترك معه فى لطائف الصنع قال فى كشف الاسرار [نماز پيشين فراره بود همى رفت تا شب درآمد] وكان فى البرية والليلة مظلمة باردة فضرب خيمته على الوادي وادخل اهله فيها وهطلت السماء بالمطر والثلج [وأغنام از برف وباد ودمه متفرق شده يعنى أغنام كه او را شعيب داده بود] وقد كان ساقها معه وكانت امرأته حاملا فاخذها الطلق فاراد ان يقدح فلم يظهر له نار فاغتم لذلك فحينئذ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً اى ابصر من الجهة التي تلى الطور نارا يقال جانب الحائط للجهة التي تلى الجنب والطور اسم جبل مخصوص والنار يقال للهب الذي يبدو للحاسة وللحرارة المجردة ولنار جهنم قال بعضهم ابصر نارا دالة على الأنوار لانه رأى النور على هيئة النار لكون مطلبه النار والإنسان يميل الى الأشياء المعهودة المأنوسة ولا تخلو النار من الاستئناس خاصة فى الشتاء وكان شتاء تجلى الحق بالنور فى لباس النار على حسب

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه الا الذين آمنوا إلخ (2) در أوائل دفتر پنجم در بيان معنى حديث شريف لا بد من قرين إلخ

[سورة القصص (28) : آية 30]

ارادة موسى وهذه سنته تعالى ألا ترى الى جبريل انه علم ان النبي عليه السلام أحب دحية فكان اكثر مجيئه اليه على صورة دحية قالَ موسى لِأَهْلِهِ امْكُثُوا المكث ثبات مع انتظار اى قفوا مكانكم واثبتوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي [شايد كه من] آتِيكُمْ [بيارم از براى شما] مِنْها [از ان آتش] بِخَبَرٍ [پيامى يعنى از نزد كسانى كه بر سر آن آتش اند بيارم خبر طريق كه راه مصر از كدام طرفست] وقد كانوا ضلوه أَوْ جَذْوَةٍ عود غليظ سواء كانت فى رأسه نار اولا ولذلك بين بقوله مِنَ النَّارِ وفى المفردات الجذوة التي يبقى من الحطب بعد الالتهاب وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى التجريد فى الظاهر والى التفريد فى الباطن فان السالك لا بد له فى السلوك من تجريد الظاهر عن الأهل والمال وخروجه عن الدنيا بالكلية فقد قيل المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ثم من تفريد الباطن عن تعلقات الكونين فبقدر تفرده عن التعلقات يشاهد شواهد التوحيد فاول ما يبدو له فى صورة شعلة النار كما كان لموسى والكوكب كما كان لابراهيم عليهما السلام ومن جملتها اللوامع والطوالع والسواطع والشموس والأقمار الى ان يتجلى نور الربوبية عن مطلع الالوهية لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ الاصطلاء [كرم شدن بآتش] قال فى كشف الاسرار الاصطلاء التدفؤ بالصلاء وهو النار بفتح الصاد وكسرها فالفتح بالقصر والكسر بالمد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان أوصاف الانسانية جامدة من برودة الطبيعة لا تتسخن الا بجذوة نار المحبة بل نار الجذبة الالهية: قال الكمال الخجندي بچشم اهل نظر كم بود ز پروانه ... دلى كه سوخته آتش محبت نيست فترك موسى اهله فى البرية وذهب فَلَمَّا أَتاها اى النار التي آنسها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ اى أتاه النداء من الشاطئ الايمن بالنسبة الى موسى فالايمن مجرور صفة لشاطئ والشاطئ الجانب والشط وهو شفير الوادي والوادي فى الأصل الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمى المفرج بين الجبلين واديا فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ متصل بالشاطئ او صلة لنودى والبقعة قطعة من الأرض لا شجر فيها وصفت بكونها مباركة لانه حصل فيها ابتداء الرسالة وتكليم الله إياه وهكذا محال تجليات الأولياء قدس الله أسرارهم مِنَ الشَّجَرَةِ بدل اشتمال من شاطئ لانها كانت ثابتة على الشاطئ وبقيت الى عهد هذه الامة كما فى كشف الاسرار وكانت عنابا او سمرة او سدرة او زيتونا او عوسجا والعوسج إذا عظم يقال له الغرقد بالغين المعجمة وفى الحديث (انها شجرة اليهود ولا تنطق) يعنى إذا نزل عيسى وقتل اليهود فلا يختفى منهم أحد تحت شجرة الا نطقت وقالت يا مسلم هذا يهودى فاقتله الا الغرقد فانه من شجرهم فلا ينطق كما فى التعريف والاعلام للامام السهيلي أَنْ مفسرة اى اى يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ اى انا الله الذي ناديتك ودعوتك باسمك وانا رب الخلائق أجمعين وهذا أول كلامه لموسى وهو وان خالف لفظا لما فى طه والنمل لكنه موافق له فى المعنى المقصود قال الكاشفى [موسى در درخت نكاه كرد آتشى سفيد بى دود

ديد وبدل فرو نكريست شعله شوق لقاى حضرة معبود مشاهده نمود از شهود اين در آتش نزديك بود كه شمع وجودش بتمام سوخته كردد هست در من آتش روشن نميدانم كه چيست ... اين قدر دانم كه همچون شمع مى كاهم دكر موسى عليه السلام از نداى (أَنْ يا مُوسى) سوخته عشق وكداخته شوق شده در پيش درخت بايستاد وآن ندا در مضمون داشت كه (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) قال فى كشف الاسرار موسى زير آن درخت متلاشى صفات وفانى ذات كشت وهمكى وى سمع شده وندا آمد پس خلعت قربت پوشيد شراب الفت نوشيد صدر وصلت ديد ريحان رحمت بوييد] اى عاشق دلسوخته اندوه مدار ... روزى بمراد عاشقان كردد كار قال بعضهم لما وصل موسى الى الشجرة ذهبت النار وبقي النور ونام موسى عن موسى فنودى من شجرة الذات بأصوات الصفات وصار الجبل من تأثير التجلي والكلام عقيقا وغشى عليه فارسل الله اليه الملائكة حتى روحوه بمراوح الانس وقالوا له يا موسى تعبت فاسترح يا موسى قد باخت فلا تبرح جئت على قدر يا موسى: يعنى [مقدر بود كه حق سبحانه با تو سخن كند] وكان هذا فى ابتداء الأمر والمبتدأ مرفوق به. وفى المرة الاخرى خر موسى صعقا فكان يصعق والملائكة تقول له يا ابن النساء الحيض مثلك من يسأل الرؤية يا ليت لو تعلم الملائكة اين موسى هناك لم يعيروه فان موسى كان فى أول الحال مريدا طالبا وفى الآخر مرادا مطلوبا طلبه الحق واصطفاه لنفسه قيل شتان بين شجرة موسى وبين شجرة آدم عندها طهرت محنة وفتنة وعند شجرة موسى افتتحت نبوة ورسالة يا صاحبى لو يعلم قائل هذا القول حقيقة شجرة آدم لم يقل مثل هذا فى حق آدم فان شجرة آدم اشارة الى شجرة الربوبية ولذا قال (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) فان آدم إذ كان متصفا بصفات الحق أراد العيشة بحقيقتها فنهاه الحق عنها وقال هذا شىء لم يكن لك فان حقيقة الازلية ممتنعه من الاتحاد بالمحدثية هكذا قال ولكن اظهر أزليته من الشجرة وسكر آدم ولم يصبر عن تناولها فاكل منها حبة الربوبية فكبر حاله فى الحضرة ولم يطق فى الجنة حملها فاهبط منها الى معدن العشاق ومقر المشتاق فشجرة آدم شجرة الاسرار وشجرة موسى شجرة الأنوار فالانوار للابرار والاسرار للاخيار قال بعض الكبار إذا جاز ظهور التجلي من الشجرة وكذا الكلام من غير كيف ولا جهة فاولى ان يجوز ذلك من الشجرة الانسانية ولذا قسموا التوحيد الى ثلاث مراتب. مرتبة لا اله الا هو. ومرتبة لا اله الا أنت. ومرتبة لا اله الا انا والمتكلم فى الحقيقة هو الحق تعالى بكلام قديم ازلى فان شئت الذوق فارجع الى الوجدان ان كنت من اهله والا فعليك بالايمان فان الكلام اما مع الوجدان او مع اهل الايمان فسلام على المصطفين الأخيار والمؤمنين الأبرار اللهم أرنا الأشياء كما هى وانما الكون خيال وهو الحق فى الحقيقة فلا موجود الا هو كما لا مشهود الا هو فاعرف يا مسكين تغنم: قال الشيخ سعدى عن لسان العاشق مرا با وجود تو هستى نماند ... بياد توام خود پرستى نماند كرم جرم بينى مكن عيب من ... تويى سر برآورده از جيب من

[سورة القصص (28) : الآيات 31 إلى 35]

وقال سمندرنه كرد آتش مكرد ... كه مردانكى بايد آنكه نبرد وهو اشارة الى من ليس حاله كحال موسى نسأل الله الوقوع فى نار العشق والوصول الى سر الفناء الكلى (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) عطف على ان يا موسى وكلاهما مفسر لنودى اى ونودى ان الق واطرح من يدك عصاك فالقاها فصارت حية فاهتزت فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ اى تتحرك تحركا شديدا كَأَنَّها جَانٌّ فى سرعة الحركة او فى الهيئة والجثة فانها انما كانت ثعبانا عند فرعون والجان حية كحلاء العين لا تؤذى كثيرة فى الدور وَلَّى مُدْبِراً اعرض حال كونه منهزما من الخوف وَلَمْ يُعَقِّبْ اى لم يرجع قال الخليل عقب اى رجع على عقبه وهو مؤخر القدم فنودى يا مُوسى أَقْبِلْ [پيش آي] وَلا تَخَفْ [ومترس ازين مار] إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ من المخاوف فانه لا يخاف لدى المرسلون كما سبق فى النمل فان قلت ما الفائدة فى القائها قلت ان يألفها ولا يخافها عند فرعون إذا ناظره بقلب العصا وغيره من المعجزات كما فى الاسئلة المقحمة وفيه اشارة الى إلقاء كل متوكأ غير الله فمن اتكأ على الله أمن ومن اتكأ على غيره وقع فى الخوف قال فى كشف الاسرار [جاى ديكر كفت خذها ولا تخف يا موسى عصا مى دار ومهر عصا در دل مدار وآنرا پناه خود مكير از روى اشارت بدنيا دار ميكويد دنيا ميدار ومهر دنيا در دل مدار وآنرا پناه خود مساز] (حب الدنيا رأس كل خطيئة) ويقال شتان بين نبينا صلى الله عليه وسلم وبين موسى عليه السلام موسى رجع من سماع الخطاب واتى بثعبان سلطه على عدوه ونبينا عليه السلام اسرى به الى محل الدنو فاوحى اليه ما اوحى ورجع واتى لامته بالصلاة التي هى المناجاة فقيل له السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته فقال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ أدخلها فى مدرعتك وهى ثوب من صوف يلبس بدل القميص ولا يكون له كم بل ينتهى كمه عند المرفقين: وبالفارسية [در آر دست خود را در كريبان جامه خود] تَخْرُجْ بَيْضاءَ اى حال كونها مشرقة مضيئة لها شعاع كشعاع الشمس مِنْ غَيْرِ سُوءٍ عيب كالبرص: يعنى [سفيدىء او مكروه منفر نباشد چون بياض برص] وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ جناح الإنسان عضده ويقال اليد كلها جناح اى يديك المبسوطتين تتقى بهما الحية كالخائف الفزع بإدخال اليمنى تحت عضد اليسرى وبالعكس او بادخالهما فى الجيب فيكون تكريرا لاسلك يدك لغرض آخر وهو ان يكون ذلك فى وجه العدو اظهار جرأة ومبدأ لظهور معجزة ويجوز ان يكون المراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا حية استعارة من حال الطائر فانه إذا خاف نشر جناحيه وإذا أمن واطمأن ضمهما اليه فعلى هذا يكون تتميما لمعنى انك من الآمنين لا تكريرا لا سلك يدك مِنَ الرَّهْبِ الرهب مخافة مع تحزن واضطراب اى من أجل الرهب اى إذا عراك الخوف فافعل ذلك تجلدا او ضبطا لنفسك فَذانِكَ اشارة الى العصا واليد بُرْهانانِ حجتان نيرتان ومعجزتان باهرتان وبرهان فعلان من قولهم ابره الرجل إذا جاء بالبرهان او من قولهم بره الرجل إذا

[سورة القصص (28) : الآيات 33 إلى 35]

ابيض ويقال برهاء وبرهة للمرأة البيضاء ونظيره تسمية الحجة سلطانا من السليط وهو الزيت لانارتها وقيل هو فعلال لقولهم برهن مِنْ رَبِّكَ صفة لبرهانان اى كائنان منه تعالى واصلان إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ومنتهيان إليهم إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ خارجين عن حدود الظلم والعدوان فكانوا أحقاء بان نرسلك إليهم بهاتين المعجزتين قالَ موسى رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ اى من القوم وهم القبط نَفْساً وهو فاتون خباز فرعون فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ بمقابلتها وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً اطلق لسانا بالبيان وكان فى لسان موسى عقدة من قبل الجمرة التي تناولها وأدخلها فاه تمنعه عن إعطاء البيان حقه ولذلك قال فرعون ولا يكاد يبين قال بعض العارفين مقام الفصاحة هو مقام الصحو والتمكين الذي يقدر صاحبه ان يخبر عن الحق وأسراره بعبارة لا تكون ثقيلة فى موازين العلم وهذا حال نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قال (انا افصح العرب: وبعثت بجوامع الكلم) وهذه قدرة قادرية اتصف بها العارف المتمكن الذي بلغ مشاهدة الخاص ومخاطبة الخواص وكان موسى عليه السلام فى محل السكر فى ذلك الوقت ولم يطق ان يعبر عن حاله كما كان لان كلامه لو خرج على وزان حال يكون على نعوت الشطح عظيما فى آذان الخلق وكلام السكران ربما يفتتن به الخلق ولذلك سأل مقام الصحو والتمكين بقوله (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) لان كلامه من بحر المكافحة فى المواجهة الخاصة التي كان مخصوصا بها دونه بخلاف هارون إذ لم يكن كليما فحاله مع الناس أسهل من حال موسى فَأَرْسِلْهُ الى فرعون وقومه مَعِي حال كونه رِدْءاً اى معينا وهو فى اصل اسم ما يعان به كالدفئ واستعمل هنا صفة بدليل كونه حالا يُصَدِّقُنِي بالرفع صفة ردئا اى مصدقا لى بتلخيص الحق وتقرير الحجة وتوضيحها وتزييف الشبهة وابطالها لا بان يقول له صدقت او للجماعة صدقوه يؤيد ذلك قوله (هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً) لان ذلك يقدر عليه الفصيح وغيره كما فى فتح الرحمن إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ اى يردوا كلامى ولا يقبلوا منى دعوتى ولسانى لا يطاوعنى عند المحاجة وفيه اشارة الى ان من خاصية نمرود وفرعون النفس تكذيب الناطق بالحق ومن خصوصية هارون العقل تصديق الناطق بالحق قالَ الله تعالى سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ العضد ما بين المرفق والكتف: وبالفارسية [بازو] اى سنقويك به لان الإنسان يقوى بأخيه كقوة اليد بعضدها: وبالفارسية [زود باشد كه سخت كنم بازوى ترا يعنى بيفزايم نيروى ترا برادر تو] وكان هارون يومئذ بمصر وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً اى تسلطا وغلبة قال جعفر هيبة فى قلوب الأعداء ومحبة فى قلوب الأولياء وقال ابن عطاء سياسية الخلافة مع اخلاق النبوة فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما باستيلاء او محاجة بِآياتِنا متعلق بمحذوف صرح به فى مواضع اخرى اى اذهبا بآياتنا او بنجعل اى نسلطكما بآياتنا وهى المعجزات او بمعنى لا يصلون اى تمتنعان منهم بآياتنا فلا يصلون اليكما بقتل ولا سوء كما فى فتح الرحمن أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ اى لكما ولأتباعكما الغلبة على فرعون وقومه [زيرا كه رايات آيات ما عالى است وامداد اعانت مر أوليا را] متواتر ومتوالى والله الغالب والمتعالي

[سورة القصص (28) : الآيات 36 إلى 42]

قال فى كشف الاسرار [چون اين مناجات تمام شد رب العالمين او را باز كردانيد. خلافست ميان علما كه موسى آنكه پيش عيال باز شد يا هم از آنجا بمصر رفت سوى فرعون. قومى كفتند هم از آنجا سوى مصر شد واهل وعيال را در ان بيابان بگذاشت سى روز در ان بيابان ميان مدين ومصر بماندند تنها دختر شعيب بود وفرزند موسى وآن كوسفندان آخر بعد از سى روز شبانى بايشان بگذشت دختر شعيب را ديد واو را بشناخت دل تنك واندوهگين نشسته ومى كريد آن شبان ايشانرا در پيش كاد وبا مدين برد پيش شعيب. وقومى كفتند موسى چون از مناجات فارغ شد همان شب بنزديك اهل وعيال باز رفت عيال وى او را كفت آتش آوردى موسى او را كفت من بطلب آتش شدم نور آوردم و پيغمبرى وكرامت خداوند جل جلاله آنكه برخاستند وروى بمصر نهادند چون بدر شهر مصر رسيدند وقت شبانكاه بود برادر وخواهر اما پدرش رفته بود از دنيا موسى بدر سراى رسيد نماز شام بود وايشان طعام در پيش نهاده بودند وميخوردند موسى آواز داد كه من يكى غريبم مرا امشب سپنج دهيد بقربت اندر مادر كفت مر هارونرا كه اين غريب را سپنج بايد داد تا مگ ر كسى بغربت اندر پسر را سپنج دهد موسى را بخانه اندر آوردند وطعام پيش وى نهادند واو را نمى شناختند چون موسى فرا سخن آمد مادر او را بشناخت واو را در كنار كرفت وبسيار بگريست پس موسى كفت مر هارونرا كه خداى عز وجل ما را پيغمبرى داد وهر دو را فرمود كه پيش فرعون رويم واو را بالله جل جلاله دعوت كنيم هارون كفت سمعا وطاعة لله عز وجل مادر كفت من ترسم كه او شما را هر دو بكشد كه او جبارى طاغيست ايشان كفتند الله تعالى ما را فرموده واو ما را خود نكه دارد وايمن كردد پس موسى وهارون ديكر روز رفتند بدر سراى فرعون كروهى كويند همان ساعت باز رفتند و پيغام كذاردند وكروهى كفتند تا يكسال باز نيافتند] يعنى لم يأذن لهما فرعون بالدخول سنة وفيه ان صح لطف لهما حيث يتقويان فى تلك المدة بما ورد عليهما من جنود امداد الله تعالى فتسهل الدعوة حينئذ وأياما كان فالدعوة حاصلة كما قال تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على صحة رسالته منه تعالى والمراد المعجزات حاضرة كانت كالعصا واليد او مترقبة كغيرها من الآيات التسع فان زمان المجيء وقت ممتد يسع الجميع قالُوا ما هذا اى الذي جئت به يا موسى إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً اى سحر مختلق لم يفعل قبل هذا مثله وذلك لان النفس خلقت من أسفل عالم الملكوت متنكسة والقلب خلق من وسط عالم الملكوت متوجها الى الحضرة فما كذب الفؤاد ما رأى وما صدقت النفس ما رأت فيرى القلب إذا كان سليما من الأمراض والعلل الحق حقا والباطل باطلا والنفس ترى الحق باطلا والباطل حقا ولهذا كان من دعائه عليه السلام (اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه) وكان عليه السلام مقصوده فى ذلك سلامة القلب من الأمراض والعلل وهلاك النفس وقمع هواها وكسر سلطانها كذا فى التأويلات النجمية وَما سَمِعْنا بِهذا السحر فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ واقعا فى ايامهم

[سورة القصص (28) : آية 38]

وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ يريد به نفسه: يعنى [او مرا فرستاده وميداند كه من محقم وشما مبطليد] وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ اى عاقبة دار الدنيا وهى الجنة لانها خلقت ممرا الى الآخرة ومزرعة لها والمقصود منها بالذات هو الثواب واما العقاب فمن نتائج اعمال العصاة وسيآتهم فالعاقبة المطلقة الاصلية للدنيا هى العاقبة المحمودة دون المذمومة إِنَّهُ اى الشان لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ لانفسهم باهلاكها فى الكفر والتكذيب اى لا يفوزون بمطلوب ولا ينجون من محذور ومن المحذور العذاب الدنيوي ففيه اشارة الى نجاة المؤمن وهلاك الكافر والى ان الواجب على كل نفس السعى فى نجاتها ولو هلك غيرها لا يضرها وَقالَ فِرْعَوْنُ حين جمع السحرة وتصدى للمعارضة يا أَيُّهَا الْمَلَأُ [اى كروه بزركان] ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قيل كان بين هذه الكلمة وبين قوله انا ربكم الأعلى أربعون سنة اى ليس لكم اله غيرى فى الأرض [وموسى ميكويد خداى ديكر هست كه آفريدگار آسمانهاست] كما قال (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فَأَوْقِدْ لِي الإيقاد [آتش افروختن] يا هامانُ هو وزير فرعون عَلَى الطِّينِ هو التراب والماء المختلط اى اصنع لى آجرا: وبالفارسية [پس برافروز آتشى از براى من اى هامان بر كل تا پخته شود ودر بنا او استحكامى بود] وأول من اتخذ الآجرّ فرعون ولذلك امر باتخاذه على وجه يتضمن تعليم الصنعة حيث لم يقل اطبخ لى الآجر فَاجْعَلْ لِي منه صَرْحاً قصرا رفيعا مشرفا كالميل والمنارة: وبالفارسية [كوشكى بلند كه مرو را پايها باشد چون نردبان تا بر سطح آن روم] لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى انظر اليه واقف عليه: يعنى [شايد كه برو مطلع كردم وببينم كه چنان هست كه موسى كويد] وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ اى موسى مِنَ الْكاذِبِينَ فى ادعائه ان له الها غيرى وانه رسوله قاله تلبيسا وتمويها على قومه لا تحقيقا لقوله تعالى (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) قال فى الاسئلة المقحمة ولا يظن بان فرعون كان شاكا فى عدم استحقاقه لدعوى الالهية فى نفسه إذ كان يعلم حال نفسه من كونها اهل الحاجات ومحل الآفات ولكن كان معاندا فى دعواه مجاحدا من غير اعتقاد له فى نفسه بالالهية وقال الكاشفى [فرعون تصور كرده بود كه حق سبحانه وتعالى جسم وجسمانيست بر آسمان مكانى دارد وترقى بسوى وى ممكن است وبدين معنى دانا نشده بود] كه مكان آفرين مكان چهـ كند ... آسمان كر بر آسمان چهـ كند نه مكان ره برد برو نه زمان ... نه بيان زو خبر دهد نه عيان صاحب كشاف [آورده كه هامان ملعون پنجاه هزار استاد جمع كرد وراى مزدوران آن بطبخ آجر و پختن كج وآهك وتراشيدن چوب ورفع بنا امر نمود] واشتد ذلك على موسى وهارون لان بنى إسرائيل كانوا معذبين فى بنائه قال ابو الليث كان ملاط القصر خبث القوارير وكان الرجل لا يستطيع القيام عليه من طوله مخافة ان ينسفه الريح وكان طوله خمسة آلاف ذراع وعرضه ثلاثة آلاف ذراع [وآن بنايى شد رفيع ومحكم كه هيچكس پيش از ان بدان طريق صرحى نساخته بود ودر همه دنيا مانند آن هركز كس نديد ونشنيد]

[سورة القصص (28) : الآيات 39 إلى 42]

چنان بلند بنايى كه عقل نتوانست ... كمند فكر فكندن بگوشه بامش وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه الخليفة هارون الرشيد يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك فقد ظلمت ان الله لا يحب الظالمين ودر زاده المسير [فرموده چون بنا بإتمام رسيد فرعون لعين ببالا برآمد وخيال او آن بود كه بفلك نزديك رسيده باشد چون در نكريست آسمان را از بالاى صرح چنان ديد كه در روى زمين ميديد منفعل كشته تير اندازى را بكفت تا بر هوا تير انداخت وآن تير باز آمد خون آلود فرعون كفت قد قتلت اله موسى بكشتم نعوذ بالله خداى موسى را حق سبحانه وتعالى جبرائيل را فرستاد تا پر خويش بدان صرح زد سه پاره ساخت. يك قطعه بلشگرگاه فرعون فرود آمد وهزاران هزار قبطى كشته شدند وقطعه ديكر در دريا افتاد وديكر بجانب مغرب وهيچكس ز استادان ومزدوران زنده نماندند] وفى فتح الرحمن ولم يبق أحد ممن عمل فيه الا هلك ممن كان على دين فرعون انتهى. وفرعون [با وجود اين حال متنبه نكشت وغرور او زيادت كشت] وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ تعظموا عن الايمان ولم ينقادوا للحق والاستكبار اظهار الكبر باطلا بخلاف التكبر فانه أعم والكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر وما يليها بِغَيْرِ الْحَقِّ بغير استحقاق وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ لا يردون بالبعث للجزاء من رجع رجعا اى رد وصرف فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ عقيب ما بلغوا من الكفر والعتو أقصى الغايات فَنَبَذْناهُمْ طرحناهم قال الراغب النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به فِي الْيَمِّ بحر القلزم اى عاقبناهم بالاغراق وفيه تعظيم شأن الآخذ وتحقير شأن المأخوذ حيث انهم مع كثرتهم كحصيات تؤخذ بالكف وتطرح فى البحر فَانْظُرْ يا محمد بعين قلبك كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وحذر قومك من مثلها وَجَعَلْناهُمْ اى صيرنا فرعون وقومه فى عهدهم أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ اى ما يؤدى إليها من الكفر والمعاصي اى قدوة يقتدى بهم اهل الضلال فيكون عليهم وزرهم ووزر من تبعهم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً طردا وابعادا من الرحمة او لعنا من اللاعنين لا تزال تلعنهم الملائكة والمؤمنون خلفا عن سلف: وبالفارسية [وبر پى ايشان پيوستيم درين جهان لعنت ونفرين] وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ يوم متعلق بالمقبوحين على ان اللام للتعريف لا بمعنى الذي اى من المطرودين المبعدين يقال قبح الله فلانا قبحا وقبحوحا اى أبعده من كل خير فهو مقبوح كما فى القاموس وغيره قال فى تاج المصادر القبح والقباحة والقبوحة [زشت شدن] انتهى وعليه بنى الراغب حيث قال فى المفردات من المقبوحين اى من الموسومين بحالة منكرة كسواد الوجوه وزرقة العيون وسحبهم بالاغلال والسلاسل وغيرها انتهى باختصار قال فى الوسيط فيكون بمعنى المقبحين انتهى وفى التأويلات النجمية لان قبحهم معاملاتهم القبيحة كما ان حسن وجوه المحسنين معاملاتهم الحسنة هل

[سورة القصص (28) : الآيات 43 إلى 47]

جزاء الإحسان الا الإحسان وجزاء سيئة سيئة مثلها انتهى ودلت الآية على ان الاستكبار من قبائحهم المؤدية الى هذه القباحة والطرد قال عليه السلام حكاية عن الله تعالى (الكبرياء ردائى والعظمة إزاري فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى النار) وصف الحق سبحانه نفسه بالرداء والإزار دون القميص والسراويل لكونهما غير محيطين فبعدا عن التركيب الذي هو من أوصاف الجسمانيات واعلم ان الكبر يتولد من الاعجاب والاعجاب من الجهل بحقيقة المحاسن والجهل رأس الانسلاخ من الانسانية ومن الكبر الامتناع من قبول الحق ولذا عظم الله امره فقال (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) وأقبح كبر بين الناس ما كان معه بخل ولذلك قال عليه السلام (خصلتان لا تجتمعان فى مؤمن البخل والكبر) ومن تكبر لرياسة نالها دل على دناءة عنصره ومن تفكر فى تركيب ذاته فعرف مبدأه ومنتهاه وأوسطه عرف نقصه ورفض كبره ومن كان تكبره لغنية فليعلم ان ذلك ظل زائل وعارية مستردة وانما قال بغير الحق اشارة الى ان التكبر ربما يكون محمودا وهو التكبر والتبختر بين الصفين ولذا نظر رسول الله عليه السلام الى ابى دجانة يتبختر بين الصفين فقال (ان هذه مشية يبغضها الله الا فى هذا المكان) وكذا التكبر على الأغنياء فانه فى الحقيقة عز النفس وهو غير مذموم قال عليه السلام (لا ينبغى للمؤمن ان يذل نفسه) فعلى العاقل ان يعز نفسه بقبول الحق والتواضع لاهله ويرفع قدره بالانقياد لما وضعه الله تعالى من الاحكام ويكون من المنصورين فى الدنيا والآخرة ومن الذين يثنى عليهم بالثناء الحسن لحسن معاملاتهم الباطنة والظاهرة نسأل الله ذلك من نعمه المتوافرة: قال الشيخ سعدى قدس سره بزركان نكردند در خود نكاه ... خدا بينى از خويشتن بين مخواه بزركى بناموس وكفتار نيست ... بلندى بدعوى و پندار نيست بلنديت بايد تواضع كزين ... كه آن بام را نيست سلم جز اين برين آستان عجز ومسكينيت ... به از طاعات وخويشتن بينيت وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى جمع قرن وهو القوم المقترنون فى زمان واحد اى من بعد ما أهلكنا فى الدنيا بالعذاب أقوام نوح وهود وصالح ولوط اى على حين حاجة إليها قال الراغب الهلاك بمعنى الموت لم يذكره الله حيث يفقد الذم الا فى قوله (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) وقوله (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) وقوله (حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا) بَصائِرَ لِلنَّاسِ حال من الكتاب على انه نفس البصائر وكذا ما بعده. والبصائر جمع بصيرة وهى نور القلب الذي به يستبصر كما ان البصر نور العين الذي به تبصر. والمعنى حال كون ذلك الكتاب أنوار القلوب بنى إسرائيل تبصر بها الحقائق وتميز بين الحق والباطل حيث كانت عمياء عن الفهم والإدراك بالكلية وَهُدىً اى هداية الى الشرائع والاحكام التي هى سبيل الله قال فى انسان العيون التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك وانما كانت مشتملة على الايمان بالله وحده وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها

[سورة القصص (28) : الآيات 44 إلى 46]

مجاز وَرَحْمَةً حيث ينال من عمل به رحمة الله تعالى لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ليكونوا على حال يرجى منهم التذكر بما فيه من المواعظ: وبالفارسية [شايد كه ايشان پند پذيرند] وفى الحديث (ما أهلك الله قرنا ولا امة ولا اهل قرية بعذاب من السماء منذ انزل التوراة على وجه الأرض غير اهل القرية الذين مسخوا قردة ألم تر ان الله تعالى قال ولقد آتينا) الآية وَما كُنْتَ يا محمد بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ اى بجانب الجبل او المكان الغربي الذي وقع فيه الميقات وناجى موسى ربه على حذف الموصوف واقامة الصفة مقامه او الجانب الغربي على اضافة الموصوف كمسجد الجامع وعلى كلا التقديرين فجبل الطور غربى إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ اى عهدنا اليه وأحكمنا امر نبوته بالوحى وإيتاء التوراة وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ اى من جملة الشاهدين للوحى وهم السبعون المختارون للميقات حتى تشاهد ماجرى من امر موسى فى ميقاته وكتب التوراة له فى الألواح فتخبره للناس والمراد الدلالة على ان اخباره عن ذلك من قبل الاخبار عن المغيبات التي لا تعرف الا بالوحى ولذلك استدرك عنه بقوله وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً خلقنا بين زمانك وزمان موسى قرونا كثيرة: وبالفارسية [وليكن بيافريديم پس از موسى كروهى بعد از كروهى] فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ تطاول بمعنى طال: وبالفارسية [دراز شد] والعمر بالفتح والضم وبضمتين الحياة قال الراغب اسم لمدة عمارة البدن بالحياة اى طال عليهم الحياة وتمادى الأمد والمهلة فتغيرت الشرائع والاحكام وعميت عليهم الأنبياء لا سيما على آخرهم فاقتضى الحال التشريع الجديد فاوحينا إليك فحذف المستدرك اكتفاء بذكر ما يوجبه وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ نفى لاحتمال كون معرفته للقصة بالسماع ممن شاهد. والثواء هو الاقامة والاستقرار اى وما كنت مقيما فى اهل مدين اقامة موسى وشعيب حال كونك تَتْلُوا عَلَيْهِمْ اى تقرأ على اهل مدين بطريق التعلم منهم [چنانچهـ شاكردان بر استاذان خوانند] وهو حال من المستكن فى ثاويا او خبر ثان لكنت آياتِنا الناطقة بالقصة وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ إياك وموحين إليك تلك الآيات ونظائرها وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا اى وقت ندائنا موسى انى انا الله رب العالمين واستنبائنا إياه وارسالنا له الى فرعون والمراد جانب الطور الايمن كما قال (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) ولم يذكر هنا احترازا عن إيهام الذم فانه عليه السلام لم يزل بالجانب الايمن من الأزل الى الابد ففيه إكرام له وادب فى العبارة معه وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ اى ولكن أرسلناك بالقرآن الناطق بما ذكر رحمة عظيمة كائنة منا لك وللناس لِتُنْذِرَ قَوْماً متعلق بالفعل المعلل بالرحمة ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ صفة قوما اى لم يأتهم نذير لوقوعهم فى فترة بينك وبين عيسى وهى خمسمائة وخمسون سنة او بينك وبين إسماعيل على ان دعوة موسى وعيسى مختصة ببني إسرائيل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتعظون بانذارك وتغيير الترتيب الوقوعى بين قضاء الأمر والثواء فى اهل مدين والنداء للتنبيه على ان كلا من ذلك برهان مستقل على ان حكايته عليه السلام للقصة بطريق الوحى الإلهي ولو ذكر اولا نفى ثوائه عليه السلام فى اهل مدين ثم نفى حضوره عليه السلام عند قضاء

[سورة القصص (28) : آية 47]

الأمر كما هو الموافق للترتيب الوقوعى لربما توهم ان الكل دليل واحد كما فى الإرشاد ثم من التذكر تجديد العهد الأزلي وذلك بكلمة الشهادة وهى سبب النجاة فى الدارين وفى الحديث (كتب الله كتابا قبل ان يخلق الخلق بألفي عام فى ورقة آس ثم وضعها على العرش ثم نادى يا امة محمد ان رحمتى سبقت غضبى أعطيتكم قبل ان تسألونى وغفرت لكم قبل ان تستغفرونى من لقينى منكم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبدى ورسولى أدخلته الجنة وقد أخذ الله الميثاق من موسى ان يؤمن بانى رسول الله فى غيبتى) وفى الحديث (ان موسى كان يمشى ذات يوم بالطريق فناداه الجبار يا موسى فالتفت يمينا وشمالا ولم ير أحدا ثم نودى الثانية يا موسى فالتفت يمينا وشمالا ولم ير أحدا فارتعدت فرائصه ثم نودى الثالثة يا موسى بن عمران انى انا الله لا اله الا انا فقال لبيك فخر لله ساجدا فقال ارفع رأسك يا موسى بن عمران فرفع رأسه فقال يا موسى ان أحببت ان تسكن فى ظل عرشى يوم لا ظل الا ظلى فكن لليتيم كالاب الرحيم وكن للارملة كالزوج العطوف يا موسى ارحم ترحم يا موسى كما تدين تدان يا موسى انه من لقينى وهو جاحد بمحمد أدخلته النار ولو كان ابراهيم خليلى وموسى كليمى فقال الهى ومن محمد قال يا موسى وعزتى وجلالى ما خلقت خلقا أكرم علىّ منه كتبت اسمه مع اسمى فى العرش قبل ان اخلق السموات والأرض والشمس والقمر بألفي سنة وعزتى وجلالى ان الجنة محرمة على الناس حتى يدخلها محمد وأمته قال موسى ومن امة محمد قال أمته الحمادون يحمدون صعودا وهبوطا وعلى كل حال يشدون أوساطهم ويطهرون أبدانهم صائمون بالنهار ورهبان بالليل اقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة لا اله الا الله قال الهى اجعلنى نبى تلك الامة قال نبيها منها قال اجعلنى من امة ذلك النبي قال استقدمت واستأخروا يا موسى ولكن ساجمع بينك وبينه فى دار الجلال) وعن وهب بن منبه قال لما قرب الله موسى نجيا قال رب انى أجد فى التوراة امة هى خير امة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم من أمتي قال يا موسى تلك امة احمد قال يا رب انى أجد فى التوراة انهم يأكلون صدقاتهم وتقبل ذلك منهم ويستجاب دعاؤهم فاجعلهم من أمتي قال تلك امة احمد فاشتاق الى لقائهم فقال تعالى انه ليس اليوم وقت ظهورهم فان شئت أسمعتك كلامهم قال بلى يا رب فقال الله تعالى يا امة محمد فاجابوه من أصلاب آبائهم ملبين اى قائلين لبيك اللهم لبيك [موسى سخن ايشان بشنيد آنكه خداى تعالى روا نداشت كه ايشانرا بي تحف باز كرداند كفت] أجبتكم قبل ان تدعونى وأعطيتكم قبل ان تسألونى وغفرت لكم قبل ان تستغفرونى ورحمتكم قبل ان تسترحمونى [زهى رتبت اين امت عالى همت كه با وجود اختصاص ايشان بحضرت رسالت وقرآن برين وجه يافته اند] حق لطف كرده داد بما هر چهـ بهترست وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ الضمير لاهل مكة والمصيبة العقوبة قال الراغب أصلها فى الرمية ثم اختص بالمعاقبة. والمعنى بالفارسية [واگر نه آن بودى كه بديشان رسيدى عقوبتى

[سورة القصص (28) : الآيات 48 إلى 54]

رسنده] بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ اى بما اقترفوا من الكفر والمعاصي وأسند التقديم الى الأيدي لانها أقوى ما يزال به الأعمال واكثر ما يستعان به فى الافعال فَيَقُولُوا عطف على تصيبهم داخل فى حيز لولا الامتناعية على ان مدار امتناع ما يجاب به هو امتناعه لا امتناع المعطوف عليه وانما ذكر فى حيزها للايذان بانه السبب الملجئ لهم الى قولهم رَبَّنا [اى پروردگار ما] لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا [چرا نفرستادى بسوى ما] فلولا تحضيضية بمعنى هلا رَسُولًا مؤيدا من عندك بالآيات فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الظاهرة على يده وهو جواب لولا الثانية وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بها وجواب لولا الاولى محذوف ثقة بدلالة الحال عليه. والمعنى لولا قولهم هذا عند إصابة عقوبة جناياتهم التي قدموها ما أرسلناك لكن لما كان قولهم ذلك محققا لا محيد عنه أرسلناك قطعا لمعاذيرهم بالكلية وإلزاما للحجة عليهم فَلَمَّا جاءَهُمُ اى اهل مكة وكفار العرب الْحَقُّ اى القرآن لقوله فى سورة الرحمن (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) مِنْ عِنْدِنا اى بامرنا ووحينا كما فى كشف الاسرار وقال ابن عباس رضى الله عنهما فلما جاءهم محمد وفيه اشارة الى انه عليه السلام انما بعث بعد وصوله الى مقام العندية واستحقاقه ان يسميه الله الحق وهو اسمه تعالى وتقدس وفيه اشارة الى كمال فنائه عن انانيته وبقائه بهوية الحق تعالى وله مسلم ان يقول انا الحق وان صدرت هذه الكلمة عن بعض متابعيه فلا غرو ان يكون من كمال صفاء مرآة قلبه فى قبول انعكاس أنوار ولاية النبوة إذا كانت محاذية لمرآة قلبه عليه السلام وكان منبع ماء هذه الحقيقة قلب محمد عليه السلام ومظهره لسان هذا القائل بتبعيته لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة كذا فى التأويلات النجمية قالُوا تعنتا واقتراحا قال بعضهم قاله قريش بتعليم اليهود لَوْلا هلا أُوتِيَ محمد مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى من الكتاب جملة لا مفرقا قال بعض الكبار احتجبوا بكفرهم عن رؤية كماليته عليه السلام والا لقالوا لولا اوتى موسى مثل ما اوتى محمد من الكمالات أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ اى أو لم يكفروا من قبل هذا بما اوتى موسى من الكتاب كما كفروا بهذا الحق ثم بين كيفية كفرهم فقال قالُوا هما اى ما اوتى محمد وما اوتى موسى عليهما السلام سِحْرانِ تَظاهَرا اى تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر وذلك ان قريشا بعثوا رهطا منهم الى رؤساء اليهود فى عيد لهم فسألوهم عن شأنه عليه السلام فقالوا انا نجده فى التوراة بنعته وصفته فلما رجع الرهط واخبروهم بما قالت اليهود قالوا ذلك وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ اى بكل واحد من الكتابين كافِرُونَ وقال بعضهم المعنى أو لم يكفر أبناء جنسهم فى الرأى والمذهب وهم القبط بما اوتى موسى من قبل القرآن قالوا ان موسى وهرون سحران اى ساحران تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون يقول الفقير انه وان صح اسناد الكفر الى أبناء الجنس من حيث ان ملل الكفر واحدة فى الحقيقة فكفر ملة واحدة بشىء فى حكم كفر الملل الآخر به كما أسند افعال الآباء الى الأبناء من حيث رضاهم بما فعلوا لكن يلزم على هذا ان يخص ما اوتى موسى بما عدا

[سورة القصص (28) : الآيات 49 إلى 50]

الكتاب من الخوارق فان إيتاء الكتاب انما كان بعد إهلاك القبط على ان مقابلة القرآن بما عدا التوراة مع ان ما اوتى انما يدل باطلاقه على الكتاب مما لا وجه له فالمعنى الاول هو الذي يستدعيه جزالة النظم الكريم ويدل عليه صريحا قوله تعالى قُلْ يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يقولون هذا القول فَأْتُوا [پس بياريد] بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى بطريق الحق: وبالفارسية [رياست تر راه نماينده تر] مِنْهُما اى مما اوتياه من التوراة والقرآن وسميتموهما بسحرين أَتَّبِعْهُ جواب للامر اى ان تأتوا به اتبعه ومثل هذا الشرط مما يأتى به من يدل وضوح حجته وسنوح محجته لان الإتيان بما هو اهدى من الكتابين امر بين الاستحالة فيوسع دائرة الكلام للتبكيت والافحام إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ اى فى انهما سحران مختلقان وفى إيراد كلمة ان مع امتناع صدقهم نوع تهكم بهم فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ دعاءك الى الإتيان بالكتاب الاهدى ولن يستجيبوا كقوله فان لم تفعلوا ولن تفعلوا وحذف المفعول وهو دعائك للعلم به ولان فعل الاستجابة يتعدى بنفسه الى الدعاء وباللام الى الداعي فاذا عدى اليه حذف الدعاء غالبا فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ الزائغة من غير ان يكون لهم متمسك أصلا إذ لو كان لهم ذلك لأتوابه وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ استفهام إنكاري بمعنى النفي اى لا أضل منه اى هو أضل من كل ضال. ومعنى أضل بالفارسية [كمراه تر] بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ اى بيان وحجة وتقييد اتباع الهوى بعدم الهدى من الله لزيادة التقرير والإشباع فى التشنيع والتضليل والا فمقارنته لهدايته تعالى بينة الاستحالة وقال بعضهم هوى النفس قد يوافق الحق فلذا قيد الهوى به فيكون فى موضع الحال منه إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لا يرشد الى دينه الذين ظلموا أنفسهم بالانهماك فى اتباع الهوى والاعراض عن الآيات الهادية الى الحق المبين وهاهنا إشارات منها ان الطريق طريقان طريق القراءة والدراسة والسماع والمطالعة وطريق الرياضة والمجاهدة والتزكية والتحلية وهى اهدى الى الحضرة الاحدية من الطريق الاولى كما قال تعالى (من تقرب الىّ شبرا) اى بحسب الانجذاب الروحاني (تقربت اليه ذراعا) اى بالفيض والفتح والإلهام والكشف فما لا يحصل بطريق الدراسة من الكتب يحصل بطريق السلوك والسماع فى طريق الدراسة من المخلوق فى طريق الوراثة من الخالق وشتان بين السماعين فيضى كه جامى از دو سه پيمانه كه يافت ... مشكل كه شيخ شهر بيابد بصد چله ومنها انه لو كان للطالب الصادق والمريد الحاذق شيخ يقتدى به وله شأن مع الله ثم استعد لخدمة شيخ كامل هو اهدى الى الله منه وجب عليه اتباعه والتمسك بذيل إرادته حتى يتم امره ولو تجدد له فى أثناء السلوك هذا الاستعداد لشيخ آخر أكمل من الاول والثاني وهلم جرا يجب عليه اتباعه الى ان يظفر بالمقصود الحقيقي وهو الوصول الى الحضرة بلا اتصال ولا انفصال ومنها ان اهل الحسبان والعزة يحسبون انهم لو جاهدوا أنفسهم على ما دلهم بالعقل بغير هدى من الله اى بغير متابعة الأنبياء انهم يهتدون الى الله ولا يعلمون ان من يجاهد نفسه فى عبودية الله بدلالة العقل دون متابعة الأنبياء هو متابع هواه ولا يتخلص

[سورة القصص (28) : الآيات 51 إلى 54]

أحد من اسر الهوى بمجرد العقل فلا تكون عبادته مقبولة إذ هى مشوبة بالهوى ولا يهتدى أحد الى الله بغير هدى من الله كما ان نبينا عليه السلام مع كمال قدره فى النبوة والرسالة احتاج فى الاهتداء الى متابعة الأنبياء كما قال (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ولهذا السر بعثت الأنبياء واحتاج المريد للشيخ المهتدى الى الله بهدى من الله وهو المتابعة ومنها ان الظالمين هم الذين وضعوا متابعة الهوى فى موضع متابعة الأنبياء وطلبوا الهداية من غير موضعها فاهل الهوى ظالمون قال بعضهم للانسان مع هواه ثلاث احوال. الاولى ان يغلبه الهوى فيتملكه كما قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) . والثانية ان يغالبه فيقهر هواه مرة ويقهره هواه اخرى وإياه قصد بمدح المجاهدين وعناه النبي عليه السلام بقوله عليه السلام (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) والثالثة ان يغلب هواه كالانبياء عليهم السلام وصفوة الأولياء قدس الله أسرارهم وهذا المعنى قصده تعالى بقوله (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) وقصده النبي عليه السلام بقوله (ما من أحد الا وله شيطان وان الله قد أعانني على شيطانى حتى ملكته) فان الشيطان يتسلط على الإنسان بحسب وجود الهوى فيه وينبغى للعاقل ان يكون من اهل الهدى لا من اهل الهوى وإذا عرض له أمران فلم يدر أيهما أصوب فعليه بما يكرهه لا بما يهواه ففى حمل النفس على ما تكرهه مجاهدة واكثر الخير فى الكراهية والعمل بما أشار اليه العقل السليم واللب الخالص: قال الشيخ سعدى قدس سره هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سر پنجه عقل تيز وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ التوصيل مبالغة الوصل وحقيقة الوصل رفع الحائل بين الشيئين اى أكثرنا لقريش القول موصولا بعضه ببعض بان أنزلنا عليهم القرآن آية بعد آية وسورة بعد سورة حسبما تقتضيه الحكمة اى ليتصل التذكير ويكون ادعى لهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فيؤمنون ويطيعون او تابعنا لهم المواعظ والزواجر وبينا لهم ما أهلكنا من القرون قرنا بعد قرن فاخبرناهم انا أهلكنا قوم نوح بكذا وقوم هود بكذا وقوم صالح بكذا لعلهم يتعظون فيخافون ان ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم وفى التأويلات النجمية يشير الى توصيل القول فى الظاهر بتفهيم المعنى فى الباطن اى فهمناهم معنى القرآن لعلهم يتذكرون عهد الميثاق إذ آمنوا بجواب قولهم بلى وأقروا بالتوحيد ويجددون الايمان عند سماع القرآن الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مبتدأ وهم مؤمنوا اهل الكتاب مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل إيتاء القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ اى بالقرآن والجملة خبر المبتدأ ثم بين ما أوجب ايمانهم به بقوله وَإِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ اى بانه كلام الله تعالى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا اى الحق الذي كنا نعرف حقيقته: وبالفارسية [راست ودرست است فرود آمدن بنزديك آفريدگار ما] إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل نزوله مُسْلِمِينَ بيان لكون ايمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذ وانما هو امر متقادم العهد لما شاهدوا ذكره فى الكتب المتقدمة وانهم على دين الإسلام قبل نزول القرآن أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من النعوت يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ ثوابهم فى الآخرة

[سورة القصص (28) : الآيات 55 إلى 61]

مَرَّتَيْنِ مرة على ايمانهم بكتابهم ومرة على ايمانهم بالقرآن وقد سبق معنى المرة فى سورة طه عند قوله تعالى (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) بِما صَبَرُوا اى بصبرهم وثباتهم على الايمانين والعمل بالشريعتين وفى التأويلات النجمية على مخالفة هواهم وموافقة أوامر الشرع ونواهيه وفى الحديث (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل كانت له جارية فعلمها فاحسن تعليمها وادبها فاحسن تأديبها ثم تزوجها فله اجره مرتين وعبد ادى حق الله وحق مواليه ورجل آمن بالكتاب الاول ثم آمن بالقرآن فله اجره مرتين) كما فى كشف الاسرار وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ اى يدفعون بالطاعة المعصية وبالقول الحسن القول القبيح وفى التأويلات النجمية اى بأداء الحسنة من الأعمال الصالحة يدفعون ظلمة السيئة وهى مخالفات الشريعة كما قال عليه السلام (اتبع السيئة الحسنة تمحها) وقال تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) وهذا لعوام المؤمنين ولخواصهم ان يدفعوا بحسنة ذكر لا اله الا الله عن مرآة القلوب سيئة صدأ حب الدنيا وشهواتها ولا خص خواصهم ان يدفعوا بحسنة نفى لا اله سيئة شرك وجود الموجودات بقطع تعلق القلب عنها وغض بصر البصيرة عن رؤية ما سوى الله بإثبات وجود الا الله كما كان الله ولم يكن معه شىء وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فى سبيل الخير وفيه اشارة الى انفاق الوجود المجازى فى طلب الوجود الحقيقي وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ من اللاغين وهو الساقط من الكلام: وبالفارسية [سخن بيهوده] أَعْرَضُوا عَنْهُ اى عن اللغو وذلك ان المشركين كانوا يسبون مؤمنى اهل الكتاب ويقولون تبا لكم تركتم دينكم القديم فيعرضون عنهم ولا يشتغلون بالمقابلة وَقالُوا للاغين لَنا أَعْمالُنا من الحلم والصفح ونحوهما وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ من اللغو والسفاهة وغيرهما فكل مطالب بعمله سَلامٌ عَلَيْكُمْ هذا السلام ليس بتسليم مواصل وتحية موافق بل هو براءة وسلام مودع مفارق: يعنى [ترك شما كرديم] لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) الابتغاء الطلب والجهل معرفة الشيء على خلاف ما هو عليه اى لا نطلب صحبتهم ولا نريد مخالطتهم ومخاطبتهم والتخلق بأخلاقهم [چهـ مصاحبت با اشرار موجب بدنامى دنيا است وسبب بد فرجامى عقبى است] از بدان بگريز وبا نيكان نشين ... يار بد زهرى بود بى انگبين وحكم الآية وان كان منسوخا بآية السيف الا ان فيه حثا على مكارم الأخلاق وفى الحديث (ثلاث من لم يكن فيه فلا يعتد بعلمه حلم يرد به جهل جاهل وورع يحجز عن معاصى الله وحسن خلق يعيش به فى الناس ... قال الشيخ سعدى [جالينوس ابلهى را ديد كه دست بگريبان دانشمندى زده وبى حرمتى كرده كفت اگر اين دانشمند دانا بودى كار او بنادان بدين جايكه نرسيدى] دو عاقل را نباشد كين و پيكار ... نه دانايى ستيزد با سبكار اگر نادان بوحشت سخت كويد ... خردمندش برحمت دل بجويد دو صاحب دل نكه دارند مويى ... هميدون سركشى وآزرم جويى

[سورة القصص (28) : آية 56]

اگر بر هر دو جانب جاهلانند ... اگر زنجير باشد بگسلانند يكى را زشت خويى داد دشنام ... تحمل كرد وگفت اى نيك فرجام بتر زانم كه خواهى گفتن آنى ... كه دانم عيب من چون من ندانى [يكى بر سر راهى مست خفته بود وزمام اختيار از دست رفته عابدى بر سر او گذر كرد ودر حالت مستقبح او نظر جوان مست سر بر آورد وگفت] قوله تعالى (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) إذا رأيت أثيما ... كن ساترا وحليما يا من يقبح لغوى ... لم لا تمر كريما متاب اى پارسا روى از كنهكار ... ببخشايندگى در وى نظر كن اگر من ناجوانمردم بكردار ... تو بر من چون جوانمردان گذر كن واعلم ان اللغو عند ارباب الحقيقة ما يشغلك عن العبادة وذكر الحق وكل كلام بغير خطاب الحال والواقعة وطلب ما سوى الله (وَإِذا سَمِعُوا) مثل هذا (اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا) فى بذل الوجود المجازى لنيل الوجود الحقيقي (وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) فى اكتساب مرادات الوجود المجازى واستجلاب مضرات الشهوات وترك الوجود الحقيقي والحرمان من سعادة الانتفاع بمنافعه (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) الغافلين عن الله وطلب المحجوبين عن الله بما سواه فعلم من هذا ان طالب ما سوى الله تعالى جاهل عن الحقيقة ولو كان عارفا بمحاسنها لكان طالبا لها لا لغيرها فينبغى لطالبها من السلاك ان لا يبتغى صحبة الجهلاء فانه ليس بينهم وبينه مجانسه والمعاشرة بالاضداد أضيق السجون مع انه لا يأمن الضعيف ان تؤثر فيه صحبتهم ويتحول حاله ويتغير طبعه ويتوجه عليه المكر وينقلب من الإقبال الى الأدبار فيكون من المرتدين نعوذ بالله من الحور بعد الكور ونسأله الثبات والتوفيق والموت فى طريق التحقيق إِنَّكَ يا محمد لا تَهْدِي هداية موصلة الى المقصود لا محالة مَنْ أَحْبَبْتَ من الناس ولا تقدر ان تدخله فى الإسلام وان بذلت فيه غاية الطاقة وسعيت كل السعى وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فيدخله فى الإسلام وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بالمستعدين للهداية فلا يهدى الا المستعد لها هدايت هر كرا داد از بدايت ... بدو همراه باشد تا نهايت والجمهور على ان الآية نزلت فى ابى طالب بن عبد المطلب عم رسول الله عليه السلام فيكون هو المراد بمن أحببت- روى- انه لما احتضر جاءه رسول الله وكان حريصا على إيمانه وقال (اى عم قل لا اله الا الله كلمة أحاج لك بها عند الله) قال يا ابن أخي قد علمت انك لصادق ولكن اكره ان يقال خرع عند الموت وهو بالخاء المعجمة والراء المهملة كعلم بمعنى ضعف وجبن ولولا ان يكون عليك وعلى بنى أبيك غضاضة بعدي اى ذلة ومنقصة لقلتها ولا قررت بها عينك عند الفراق لما ارى من شدة وجدك ونصيحتك ولكنى سوف أموت على ملة أشياخي عبد المطلب وهاشم وعبد مناف- روى- ان أبا طالب لما ابى عن كلمة التوحيد قال له النبي

[سورة القصص (28) : آية 57]

صلى الله عليه وسلم (لاستغفرن لك ما لم انه عنك) فانزل الله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) وقد جاء فى بعض الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من حجة الوداع احيى الله له أبويه وعمه فآمنوا به كما سبق فى سورة التوبة وفى التأويلات النجمية الهداية فى الحقيقة فتح باب العبودية الى عالم الربوبية وذلك من خصائص قدرة الحق سبحانه لان لقلب العبد با بين باب الى النفس والجسد وهو مفتوح ابدا وباب الى الروح والحضرة وهو مغلوق لا يفتحه الا الفتاح الذي بيده المفتاح كما قال لحبيبه عليه السلام (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) الى الحضرة كما هداه ليلة المعراج الى قرب قاب قوسين او ادنى وقال فى حق المغلوقين اى أبواب قلوبهم (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) وقال عليه السلام (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء) فان شاء اقامه وان شاء ازاغه فالنبى عليه السلام مع جلالة قدره لم يكن آمنا على قلبه وكان يقول (يا مقلب القلوب ثبت قلب عبدك على دينك وطاعتك) والهداية عبارة عن تقليب القلب من الباطل وهو ما سوى الله الى الحق وهو الحضرة فليس هذا من شأن غير الله انتهى وفى عرائس البيان الهداية مقرونة بارادة الأزل ولو كانت ارادة نبينا عليه السلام فى حق ابى طالب مقرونة بارادة الأزل لكان مهتديا ولكن كان محبته وإرادته فى حقه من جهة القرابة ألا ترى انه إذ قال (اللهم أعز الإسلام بعمر) كيف اجابه انتهى وفى كشف الاسرار (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) [ما آنرا كه خواهيم در مفازه تحير همى رانيم وآنرا كه خواهيم بسلسله قهر همى كشيم. ما در ازل أزال تاج سعادت بر سر اهل دولت نهاديم واين موكب فرو كفتيم كه «هؤلاء فى الجنة ولا أبالي» ورقم شقاوت بر ناصيه كروهى كشيديم واين مقرعه بر زديم كه «هؤلاء فى النار ولا أبالي» اى جوانمرد هيچ صفت در صفات خداى تعالى از صفت لا أبالي دردناك تر نيست آنچهـ صديق اكبر كفت «ليتنى كنت شجرة تعضد» از درد اين حديث بود نيكى سخن كه آن پير طريقت كفت كار نه آن داد كه كسى كسل آيد واز كسى عمل كار آن دارد كه تا شايسته كه آمد در ازل آن مهتر مهجوران كه او را إبليس كويند چندين سياه درگاه عمل بود مقراضى وديبا همى ديدند واز كاركاه ازل او را خود كليم سياه آمد كه] (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) : قال الحافظ باب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى را كه بافتند سياه قال الشيخ سعدى قدس سره كرت صورت حال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكر ناخدا جامه بر تن درد وقال الصائب با اختيار حق نبود اختيار ما ... با نور آفتاب چهـ باشد شرار ما وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا معنى اتباع الهدى معه الاقتداء به عليه

السلام فى الدين والسلوك الى طريق الرشاد: وبالفارسية [وكفتند اگر ما قبول كنيم اين پيغام كه آوردى وباين راه نمونى تو پى بريم ودر دين تو آييم با تو] او التخطف الاختلاس بسرعة نزلت فى الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف حيث اتى النبي عليه السلام فقال نحن نعلم انك على الحق قول تو حق وسخن راستست ... وآنچهـ ميفرمايى سبب دولت ماست [در حيات ووسيله سعادت ما بعد از وفات] وما كذبت كذبة قط فنتهمك اليوم ولكنا نخاف ان اتبعناك وخالفنا العرب ان يتخطفونا اى يأخذونا ويسلبونا ويقتلونا ويخرجونا من مكة والحرم لاجماعهم على خلافنا وهم كثيرون ونحن أكلة رأس اى قليلون لا نستطيع مقاومتهم فرد الله عليهم بقوله أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً اى ألم نعصمهم ونجعل مكانهم حرما ذا أمن لحرمة البيت الذي فيه يتقاتل العرب حوله ويضير بعضهم بعضا وهم آمنون: يعنى [أمن آن حرم در همه طباع سرشته مرغ با مردم آشنا وازيشان ايمن وآهو از شبك ايمن وهر ترسنده كه در حرم باشد ايمن كشت چون عرب حرمت حرم دانند كجا درو قتل وغارت روا دارند] يُجْبى إِلَيْهِ يحمل الى ذلك الحرم ويجمع فيه من قولك جبيت الماء فى الحوض اى جمعته والحوض الجامع له جابية ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ اى ألوان الثمرات من جانب كمصر والشام واليمن والعراق لا ترى شرقى الفواكه ولا غربيها مجتمعة الا فى مكة لدعاء ابراهيم عليه السلام حيث قال (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) وقال الكاشفى: يعنى [منافع از هر نوعى وغرايب از هر ناحيتى بانجا آورند] ومعنى الكلية الكثرة والجملة صفة اخرى لحرما دافعة لما عسى يتوهم من تضررهم بانقطاع الميرة وهو الطعام المجلوب من بلد الى بلد رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا من عندنا لا من عند المخلوقات فاذا كان حالهم هذا وهم عبدة الأصنام فكيف يخافون التخطف إذا ضموا الى حرمة البيت حرمة التوحيد: يقول الفقير حرم خاص الهست توحيد ... جمله را جاى پناهست توحيد باعث أمن وامانست ايمان ... كان دلراشه راهست توحيد وانتصاب رزقا على انه مصدر مؤكد لمعنى يجبى لان فيه معنى يرزق اى يرزقون رزقا من لدنا وقال الكاشفى [وروزى داديم ايشانرا درين وادي غير ذى زرع وروزى دادنى از نزديك ما بي منت غيرى] وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ اى اكثر اهل مكة جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموا ذلك قال فى عرائس البيان حرمهم فى الحقيقة قلب محمد عليه السلام وهو كعبة القدس وحرم الانس يجبى اليه ثمرات جميع أشجار الذات والصفات من دخل ذلك الحرم بشرط المحبة والموافقة كان آمنا من آفات الكونين وكان منظور الحق فى العالمين وهكذا كل من دخل فى قلب ولى من اولياء الله: قال الحافظ كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند وفى الآية اشارة الى خوف النفس من التخطف بجذبات الالوهية من ارض الانانية ولو كانت تابعة لحمد القلب لوجد فى حرم الهوية حقائق كل ثمرة روحانية وجسمانية ولذائذ كل شهوة

[سورة القصص (28) : الآيات 58 إلى 59]

ولكنها لا تعلم كمالية ذوق الرزق اللدني كما لا يعلم اكثر العلماء لانهم لم يذوقوه ومن لم يذق لا يدرى: قال الكمال الخجندي زاهد نه عجب كر كند از عشق تو پرهيز ... كين لذت اين باده چهـ داند كه نخوردست ثم بين ان الأمر بالعكس يعنى انهم خافوا الناس وأمنوا من الله واللائق ان يخافوا من بأس الله على ما هم عليه ويأمنوا الناس فقال وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها البطر الطغيان فى النعمة قال بعضهم البطر والأشر واحد وهو دهش يعترى الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها ويقاربه الطرب وهو خفة اكثر ما يعترى من الفرح وانتصاب معيشتها بنزع الحافظ اى فى معيشتها كما فى الوسيط. والمعنى وكم من اهل قرية كانت حالهم كحال اهل مكة فى الامن وسعة العيش حتى أطغتهم النعمة وعاشوا فى الكفران فدمرنا عليهم وخربنا ديارهم فَتِلْكَ [پس آنست] مَساكِنُهُمْ خاوية بما ظلموا ترونها فى مجيئكم وذهابكم لَمْ تُسْكَنْ يعنى [ننشستند دران] مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد تدميرهم إِلَّا قَلِيلًا الا زمانا قليلا إذ لا يسكنها الا المارة يوما او بعض يوم [وباز خالى بگذارند در خانه دنيا چهـ نشستى برخيز كين خانه بدان خوش است كه آيند وروند] ويحتمل ان شؤم معاصى المهلكين بقي اثره فى ديارهم فلم يبق من يسكنها من أعقابهم الا قليلا إذ لا بركة فى سكنى الأرض الشؤم وقال بعضهم سكنها الهام والبوم ولذا كان من تسبيحها سبحان الحي الذي لا يموت پرده دارى ميكند در طاق كسرى عنكبوت ... يوم نوبت ميزند در قلعه افراسياب وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ منهم لتلك المساكن إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم فى ديارهم وسائر متصرفاتهم يعنى ما بيم باقى از فناء همه وهذا وعيد للمخاطبين وَما كانَ رَبُّكَ وما كانت عادته فى زمان مُهْلِكَ الْقُرى قبل الانذار حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها اى فى أصلها وأعظمها التي تلك القرى سوادها واتباعها وخص الأصل والأعظم لكون أهلها أفطن واشرف والرسل انما بعثت غالبا الى الاشراف وهم غالبا يسكنون المدن والقصبات رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا الناطقة بالحق ويدعوهم اليه بالترغيب والترهيب وذلك لالزام الحجة وقطع المعذرة بان يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك وفى التكملة الأم هى مكة والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لان الأرض دحيت من تحتها فيكون المعنى وما كان ربك يا محمد مهلك البلدان التي هى حوالى مكة فى عصرك وزمانك حتى يبعث فى أمها اى أم القرى التي هى مكة رسولا هو أنت وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى بالعقوبة بعد بعثنا فى أمها رسولا يدعوهم الى الحق ويرشدهم اليه فى حال من الأحوال إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ اى حال كون أهلها ظالمين بتكذيب رسولنا والكفر بآياتنا فالبعث غاية لعدم صحة الإهلاك بموجب السنة الإلهية لا لعدم وقوعه حتى يلزم تحقق الإهلاك عقيب البعث دلت الآية على ان الظلم سبب الهلاك ولذا قيل الظلم قاطع

[سورة القصص (28) : الآيات 60 إلى 61]

الحياة ومانع النبات وكذا الكفران يقال النعم محتاجة الى الأكفاء كما تحتاج إليها الكرائم من النساء واهل البطر ليسوا من اكفاء النعم كما ان الأرذال ليسوا اكفاء عقائل الحرم جمع عقيلة وعقيلة كل شىء أكرمه وحرم الرجل اهله فكما ان الكريمة من النساء ليست بكفؤ للرذيل من الرجال فيفرق بينهما للحوق العار فكذا النعمة تسلب من اهل البطر والكبر والغرور والكفران واما اهل الشكر فلا يضيع سعيهم بل يزداد حسن حالهم ولله تعالى رزق واسع فى البلاد ولا فرق فيه بين الشاكر والكفور من العباد كما قال الشيخ سعدى أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست قال الشيخ عبد الواحد وجدنا فى جزيرة شخصا يعبد الأصنام فقلنا له انها لا تضر ولا تنفع فاعبد الله فقال وما الله قلنا الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه قال ومن اين هذا الأمر العظيم قلنا أرسل إلينا رسولا كريما فلما ادى الرسالة قبضه الله اليه وترك عندنا كتاب الملك ثم تلونا سورة فلم يزل يبكى حتى اسلم فعلمناه شيأ من القرآن فلما صار الليل أخذنا مضاجعنا فكان لا ينام فلما قدمنا عبادان جمعنا له شيأ لينفقه فقال هو لم يضيعنى حين كنت اعبد الصنم فكيف يضيعنى وانا الآن قد عرفته اى والعارف محبوب لله فهو إذا لا يترك المحبوب فى يد العدو ومن العدو الفقر الغالب والألم الحاصل منه محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا فعلى العاقل ان يعرف الله تعالى ويعرف قدر النعمة فيقيدها بالشكر ولا يضع الكفر موضع الشكر فانه ظلم صريح يحصل منه الهلاك مطلقا اما للقلب فبالاعراض عن الله ونسيان ان العطاء منه واما للقالب فبالبطش الشديد وكم رأينا فى الدهر من أمثاله من خرب قلبه ثم خرب داره ووجد آخر الأمر بواره ولكن الإنسان من النسيان لا يتذكر ولا يعتبر بل يمضى على حاله من الغفلة أيقظنا الله وإياكم من نوم الغفلة فى كل لحظة وشرفنا فى جميع الساعات باليقظة الكاملة المحضة وَما مبتدأ متضمنة لمعنى الشرط لدخول الفاء فى خبرها بخلاف الثانية: وبالفارسية [وهر چهـ] أُوتِيتُمْ أعطيتم والخطاب لكفار مكة كما فى الوسيط مِنْ شَيْءٍ من اسباب الدنيا فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها اى فهو شىء شأنه ان يتمتع ويتزين به أياما قلائل ثم أنتم وهو الى فناء وزوال سمى منافع الدنيا متاعا لانها تفنى ولا تبقى كمتاع البيت وَما موصولة اى الذي حصل عِنْدَ اللَّهِ وهو الثواب خَيْرٌ لكم فى نفسه من ذلك لانه لذة خالصة من شوائب الا لم وبهجة كاملة عارية من مسة الهمم وَأَبْقى لانه ابدىّ أَفَلا تَعْقِلُونَ اى ألا تتفكرون فلا تعقلون هذا الأمر الواضح فتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير وتؤثرون الشقاوة الحاصلة من الكفر والمعاصي على السعادة المتولدة من الايمان والطاعات: وبالفارسية [آيا در نمى يابيد وفهم نمى كنيد كه بدل ميكنيد باقى را بفانى ومرغوب را بمعيوب] حيف باشد لعل وزر دادن ز چنك ... پس كرفتن در برابر خاك وسنك أَفَمَنْ موصولة مبتدأ وَعَدْناهُ على إيمانه وطاعته وَعْداً حَسَناً هو الجنة

وثوابها فان حسن الوعد بحسن الموعود وقال الكاشفى [آيا كسى كه وعده كرده ايم او را جنت در آخرت ونصرت در دنيا] فَهُوَ اى ذلك الموعود له لاقِيهِ اى مصيبه ذلك الوعد الحسن ومدركه لا محالة لاستحالة الخلف فى وعده تعالى كَمَنْ موصولة خبر للاولى مَتَّعْناهُ [برخوردارى داديم او را] مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا [او متاع زندكانى دنيا كه محبتش آميخته محنت است ودولتش مؤدى نكبت ومالش در صدد زوال وجاهش بر شرف انتقال وطعوم عسلش معقب بسموم حنظل] ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ للحساب او النار والعذاب. وثم للتراخى فى الزمان اى لتراخى حال الإحضار عن حال التمتيع او فى الرتبة ومعنى الفاء فى أفمن ترتيب انكار التشابه بين اهل الدنيا واهل الآخرة على ما قبلها من ظهور التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وبين ما عند الله اى ابعد هذا التفاوت الظاهر يسوى بين الفريقين اى لا يسوى فليس من أكرم بالوعد الأعلى ووجدان المولى وهو المؤمن كمن اهين بالوعيد والوقوع فى الجحيم فى العقبى وهو الكافر وذلك بإزاء شهوة ساعة وجدها فى الدنيا. ويقال رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنا طويلا [وقتى زنبورى مورى را ديد كه بهزار حيله دانه بخانه ميكشيد ودر ان رنج بسيار مى ديد او را كفت اى مور اين چهـ رنجست كه بر خود نهاده واين چهـ بارست كه اختيار كرده بيا مطعم ومشرب من ببين كه هر طعام كه لطيف ولذيذترست تا از من زياده نيايد پادشاهان را نرسد هر آنجا كه خواهم نشينم وآنچهـ خواهم كزينم خورد ودرين سخن بود كه برپريد وبدكان قصابى بر مسلوخى نشست قصاب كارد كه در دست داشت بران زنبوره مغرور زد ودوپاره كرد وبر زمين انداخت ومور بيامد و پاى كشان او را ميبرد ومى كفت] رب شهوة إلخ وفى الحديث (من كانت الدنيا همته جعل الله فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما قدر له ومن كانت الآخرة همته جعل الله الغنى فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة) - يحكى- ان بعض اهل الله كان يرى عنده فى طريق الحج كل يوم خبز طرى فقيل له فى ذلك فقال تأتينى به عجوز أراد بها الدنيا ومن كان له فى هذه الدنيا شدة وغم مع دين الله فهو خير ممن كان له سعة وسرور مع الشرك وفى الحديث (يؤتى بانعم اهل الدنيا من اهل النار يوم القيامة فيصبغ فى النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب) يعنى: شدة العذاب آنسته ما مضى عليه من نعم الدنيا (ويؤتى باشد الناس بؤسا فى الدنيا من اهل الجنة فيصبغ صبغة فى الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط) وفى الحديث (قد أفلح من اسلم ورزق كفافا) وهو ما يكون بقدر الحاجة ومنهم من قال هو شبع يوم وجوع يوم (وقنعه الله بما آتاه) بمد الهمزة اى أعطاه من الكفاف يعنى: من اتصف بالصفات المذكورة فاز بمطلوب الدنيا والآخرة ثم الوعد لعوام المؤمنين بالجنة ولخواصهم بالرؤية ولاخص خواصهم بالوصول والوجدان كما قال تعالى (ألا من طلبنى وجدنى) واوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام تجوّع ترنى تجرد تصل الىّ جوع تنوير خانه دل تست ... أكل تعمير خانه كل تست

[سورة القصص (28) : الآيات 62 إلى 67]

فلا بد للسالك من إصلاح الطبيعة والنفس بالرياضة والمجاهدة وكان يستمع من حجرة الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره الجوع الجوع وحقيقته الزموا الجوع لا ان نفسه الزكية كانت تشكو من الجوع نسأل الله الوصول الى النعمة والتشرف بالرؤية وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يوم منصوب باذكر المقدر والمراد يوم القيامة والضمير للكفار اى واذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم ربهم وهو عليهم غضبان فَيَقُولُ تفسير للنداء أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ اى الذين كنتم تزعمونهم شركائى وكنتم تعبدونهم كما تعبدوننى فحذف المفعولان معا ثقة بدلالة الكلام عليهما قال فى كشف الاسرار وسؤالهم عن ذلك ضرب من ضروب العذاب لانه لا جواب لهم الا ما فيه فضيحتهم واعترافهم بجهل أنفسهم قالَ استئناف مبنى على حكاية السؤال كأنه قيل فماذا صدر عنهم حينئذ فقيل قال الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فى الأزل بان يكونوا من اهل النار المردودين يدل عليه قوله تعالى (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) الآية كما فى التأويلات النجمية وقال بعض اهل التفسير معنى حق عليهم القول ثبت مقتضاه وتحقق مؤداه وهو قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) وغيره من آيات الوعيد والمراد بهم شركاؤهم من الشياطين او رؤساؤهم الذين اتخذوهم أربابا من دون الله بان أطاعوهم فى كل ما امروهم به ونهوهم عنه وتخصيصهم بهذا الحكم مع شموله للاتباع ايضا لاصالتهم فى الكفر واستحقاق العذاب ومسارعتهم الى الجواب مع كون السؤال للعبدة لتفطنهم ان السؤال عنهم لاستحقارهم وتوبيخهم بالإضلال وجزمهم بان العبدة سيقولون هؤلاء أضلونا رَبَّنا [اى پروردگار ما] هؤُلاءِ اى كفار بنى آدم او الاتباع هم الَّذِينَ أَغْوَيْنا فحذف الراجع الى الموصول ومرادهم بالاشارة بيان انهم يقولون ما يقولون بمحضر منهم وانهم غير قادرين على إنكاره ورده أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا هو الجواب فى الحقيقة وما قبله تمهيد له اى ما أكرهنا على الغى وانما أغوينا بما قضيت لنا ولهم الغواية والضلالة مساكين بنو آدم انهم من خصوصية ولقد كرمنا بنى آدم يحفظون الأدب مع الله فى أقصى البعد كما يتأدب الأولياء على بساط أقصى القرب ولا يقولون أغويناهم كما اغويتنا كما قال إبليس صريحا ولم يحفظ الأدب رب بما أغويتني لاقعدن لهم تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ منهم ومما اختاروه من الكفر والمعاصي هوى منهم وهو تقرير لما قبله ولذا لم يعطف عليه وكذا قوله تعالى ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ إيانا مفعول يعبدون اى ما كانوا يعبدوننا وانما كانوا يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم وَقِيلَ لمن عبد غير الله توبيخا وتهديدا والقائلون الخزنة ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ اى الأصنام ونحوها ليخلصوكم من العذاب أضافها إليهم لادعائهم انها شركاء الله فَدَعَوْهُمْ من فرط الحيرة فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة وَرَأَوُا الْعَذابَ الموعود قد غشيهم لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ لوجه من وجوه الحيل يدفعون به العذاب او الى الحق فى الدنيا لما لقوا ما لقوا من العذاب وقال بعضهم لو للتمنى هنا اى تمنوا لو انهم كانوا مهتدين لا ضالين وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ اى واذكر يوم ينادى الله الكفار نداء تقريع وتوبيخ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [چهـ جواب داديد] المرسلين الذين أرسلتهم

[سورة القصص (28) : الآيات 66 إلى 67]

إليكم حين دعوكم الى توحيدى وعبادتى ونهوكم عن الشرك فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ [پس پوشيده باشد بر ايشان خبرها يعنى آنچهـ با پيغمبران كفته باشند وندانند كه چهـ كويند] قال اهل التفسير اى صارت كالعمى عنهم لا تهتدى إليهم وأصله فعموا عن الانباء اى الاخبار وقد عكس بان اثبت العمى الذي هو حالهم للانباء مبالغة وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء والاشتباه وإذا كانت الرسل يفوضون العلم فى ذلك المقام الهائل الى علام الغيوب مع نزاهتهم عن غائلة السؤال فما ظنك باهل الضلال من الأمم بجايى كه دهشت برد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ اى لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب لفرط الدهشة واستيلاء الحيرة او للعلم بان الكل سواء فى الجهل فَأَمَّا مَنْ تابَ من الشرك وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً اى جمع بين الايمان والعمل الصالح فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ اى الفائزين بالمطلوب عند الله تعالى الناجين من المهروب: وبالفارسية [پس شايد آنكه باشد از رستكاران ورستكارى باجابت حضرت رسالت عليه السلام باز بسته است] مزن بي رضاىء محمد نفس ... ره رستكارى همين است وبس خلاف پيغمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد وعسى للتحقيق على عادة الكرام او للترجى من قبل التائب بمعنى فليتوقع الافلاح قال فى كشف الاسرار انما قال فعسى يعنى ان دام على التوبة والعمل الصالح فان المنقطع لا يجد الفلاح ونعوذ بالله من الحور بعد الكور فينبغى لاهل الآخرة ان يباشروا الأعمال الصالحة ويديموا على اورادهم وللاعمال تأثير عظيم فى تحصيل الدرجات وجلب المنافع والبركات ولها نفع لاهل السعادة فى الدنيا والآخرة ولاهل الشقاوة لكن فى الدنيا فقط فانهم يجلبون بها المقاصد الدنيوية من المناصب والأموال والنعم وقد عوض عن عبادة الشيطان قبل كفره طول عمره ورأى اثرها فى الدنيا فلا بد من السعى بالايمان والعمل الصالح- حكى- ان ابراهيم بن أدهم قدس سره لما منع من دخول الحمام بلا اجرة تأوه وقال إذا منع الإنسان من دخول بيت الشيطان بلا شىء فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شىء وأفضل الأعمال التوحيد وذكر رب العرش المجيد ولو ان رجلا اقبل من المغرب الى المشرق ينفق الأموال والآخر من المشرق الى المغرب يضرب بالسيف فى سبيل الله كان الذاكر لله أعظم وفى الحديث (ذكر الله علم الايمان) اى لان المشرك إذا قال لا اله الا الله يحكم بإسلامه وبراءة من النفاق اى لان المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا (وحرز من الشيطان وحصن من النار) كما جاء فى الكلمات القدسية (لا اله الا الله حصنى فمن دخل حصنى أمن من عذابى) وفى التأويلات النجمية (فَأَمَّا مَنْ تابَ) اى رجع الى الحضرة على قدمى المحبة وصدق الطلب (وَآمَنَ) بما جاء به النبي عليه السلام من الدعوة الى الله (وَعَمِلَ صالِحاً) بالتمسك بذيل متابعة دليل كامل واصل صاحب قوة وقدرة توصله الى الله تعالى (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) الفائزين من اسر النفس المخلصين من حبس الانانية الى قضاء وسعة الهوية

[سورة القصص (28) : الآيات 68 إلى 73]

انتهى وَرَبُّكَ [آورده اند كه صناديد عرب طعنه مى زدند كه خداى تعالى چرا محمد را براى نبوت اختيار كرد بايستى كه چنين منصب عالى بوليد بن مغيرة رسيدى كه بزرك مكه است يا بعروة بن مسعود ثقفى كه عظيم طائف] كما قالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فرد الله عليهم بقوله (وَرَبُّكَ) [و پروردگار تو يا محمد] يَخْلُقُ ما يَشاءُ ان يخلقه وَيَخْتارُ مما يخلق ما يشاء اختياره واصطفاءه فكما ان الخلق اليه فكذا الاختيار فى جميع الأشياء ما نافية كانَ لَهُمُ اى المشركين الْخِيَرَةُ اى الاختيار عليه تعالى وهو نفى لاختيارهم الوليد وعروة وانشدوا العبد ذو ضجر والرب ذو قدر ... والدهر ذو دول والرزق مقسوم والخير اجمع فيما اختيار خالقنا ... وفى اختياره سواه اللوم والشوم قال الجنيد قدس سره كيف يكون للعبد اختيار والله المختار له: وقال بعض العارفين إذا نظر اهل المعرفة الى الاحكام الجارية بجميل نظر الله لهم فيها وحسن اختياره فيما أجراه عليهم لم يكن عندهم شىء أفضل من الرضى والسكون: قال الحافظ در دائره قسمت ما نقطه تسليم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنكه تو فرمايى والخيرة بمعنى التخير بالفارسية [كزيدن] كالطيرة بمعنى التطير وفى المفردات الخيرة الحالة التي تحصل للمستخير والمختار نحو القعدة والجلسة لحال القاعد والجالس انتهى وفى الوسيط اسم من الاختيار يقام مقام المصدر وهو اسم للمختار ايضا يقال محمد خيرة الله من خلقه سُبْحانَ اللَّهِ اى تنزه بذاته تنزها خاصا به من ان ينازعه أحد ويزاحم اختياره اختياره وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ عن اشراكهم وفى التأويلات النجمية يشير الى مشيئته الازلية فى الخلق والاختيار وانه فاعل مختار يخلق ما يشاء كيف يشاء ممن يشاء ولما يشاء متى يشاء وله اختيار فى خلق الأشياء فيختار وجود بعض الأشياء فى العدم فيبقيه فانيا فى العدم ولا يوجده وله الخيرة فى انه يخلق بعض الأشياء جمادا وبعض الأشياء نباتا وبعض الأشياء حيوانا وبعض الأشياء إنسانا وان يخلق بعض الإنسان كافرا وبعض الإنسان مؤمنا وبعضهم وليا وبعضهم نبيا وبعضهم رسولا وان يخلق بعض الأشياء شيطانا وبعضها جنا وبعضها ملكا وبعض الملك كروبيا وبعضهم روحانيا وله ان يختار بعض الخلق مقبولا وبعضهم مردودا انتهى وفى الحديث (ان الله خلق السموات سبعا فاختار العليا منها فسكنها واسكن سائر سماواته من شاء من خلقه ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بنى آدم واختار من بنى آدم العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بنى هاشم واختارني من بنى هاشم فانا خيار من خيار الى خيار فمن أحب العرب فبحبى أحبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم) وفى الحديث (ان الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لى من أصحابي اربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا فجعلهم خير أصحابي وفى كل أصحابي خير واختار أمتي على سائر الأمم واختار لى من أمتي اربعة قرون بعد أصحابي القرن الاول والثاني والثالث تترى والرابع فردا) [بدانكه آدمي را اختيار نيست اختيار كسى تواند كه او را ملك بود

وآدمي بنده است وبنده را ملك نيست آن ملك كه شرع او را اثبات كرد آن ملك مجازينست عاريتى عن قريب ازو زائل كردد وملك حقيقى آنست كه آنرا زوال نيست وآن ملك الله است كه مالك پر كمال است ودر ملك ايمن از زوال ودر ذات ونعت متعال] همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمانده لا يزال [عالم بيافريد وآنچهـ خواست از ان بركزيد. فرشتكانرا بيافريد ازيشان جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل را بركزيد. آدم وآدميان را بيافريد ازيشان پيغمبران بركزيد. از پيغمبران خليل وكليم وعيسى ومحمد بركزيد عليهم السلام. صحابه رسول را بيافريد ابو بكر تيمى وعمر غدوى وعثمان اموى وعلى هاشمى بركزيد. بسيط زمين را بيافريد از ان مكه بركزيد موضع ودلات ومدينه بركزيد هجرتكاه رسول وبيت المقدس بركزيد موضع مسراى رسول. روزها بيافريد از ان روز آذينه بركزيد «وهو يوم اجابة الدعوة» . روز عرفه بركزيد «وهو يوم المباهات» . روز عيد بركزيد «وهو يوم الجائزة» روز عاشوراء «بركزيد وهو يوم الخلعة» . شبها بيافريد واز ان شب برات بركزيد كه حق تعالى بخودىء خود نزول كند وبنده را همه شب نداى كرامت خواند. ونوازد شب قدر بركزيد كه فرشتكان آسمان بعدد سنك ريزه بزمين فرستد ونثار رحمت كنند بر بندگان. شب عيد بركزيد كه در رحمت ومغفرت كشايد وكناهكارانرا آمرزد. كوهها بيافريد واز ان طور كزيد كه موسى بر ان بمناجات حق رسيد. جودى بركزيد كه نوح در ان نجات يافت. حرا بركزيد كه مصطفى عربى در ان بعثت يافت. نفس آدمي بيافريد واز ان دل بركزيد وزبان دل محل نور معرفت وزبان موضع كلمه شهادت. كتابها از آسمان فرو فرستاد واز ان چهار بركزيد توراة وإنجيل وزبور وقرآن واز كلمتها چهار «سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر» وفى الحديث (أحب الكلام الى الله سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر لا يضرك بايهن بدأت) الكل فى كشف الاسرار قال فى زهرة الرياض (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) اى ليس للكفار الاختيار بل الاختيار للواحد القهار كأنه قال الاختيار لى ليس لجبرائيل ولا لميكائيل ولا لاسرافيل ولا لعزرائيل ولا لآدم ولا لنوح ولا لابراهيم ولا ليعقوب ولا لموسى ولا لعيسى ولا لمحمد عليهم الصلاة والسلام. ولو كان لجبرائيل وميكائيل لاختارت الملائكة مثل هاروت وماروت. ولو كان لاسرافيل لاختار إبليس. ولو كان لعزرائيل لاختار شداد. ولو كان لآدم لاختار قابيل. ولو كان لنوح لاختار كنعان. ولو كان لابراهيم لاختار آزر. ولو كان ليعقوب لاختار العماليق. ولو كان لموسى لاختار فرعون. ولو كان لعيسى لاختار الحواريين. ولو كان لمحمد لاختار عمه أبا طالب ولكن الاختيار لى اخترتك فاشكر لى لان الله اعلم حيث يجعل رسالته ونبوته وولايته قال يحيى الرازي رحمه الله الهى علمك بعيوبي لم يمنعك عن اختياري فكيف يمنعك عن غفرانى ويقال ان يوسف عليه السلام اختار السجن فاورثه الوبال والله تعالى اختار للفتية الكهف فاورثهم الجمال ألا ترى ان رجلا لو تزوج امرأة فانه يستر عيوبها مخافة ان يقال له أنت اخترتها فالله تعالى اختارك فى الأزل فالرجاء ان يستر عيوبك ويقال اختار من ثمانية عشر الف عالم اربعة

[سورة القصص (28) : الآيات 69 إلى 70]

الماء والتراب والنار والريح فجعل الماء طهورك والتراب مسجدك والنار طباخك والريح نسيمك. واختار من الملائكة اربعة جبرائيل صاحب وحيك وميكائيل خازن نعمتك واسرافيل صاحب لوحك وعزرائيل قابض روحك. واختار من الشرائع اربعة الصلاة عملك والوضوء أمانتك والصوم جنتك والزكاة طهارتك. ومن القبلة اربعة العرش موضع دعوتك والكرسي موضع رحمتك والبيت المعمور مصعد عملك والكعبة قبلتك. ومن الأوقات اربعة فوقت المغرب لطعامك ووقت العشاء لمنامك ووقت السحر لمناجاتك ووقت الصبح لقراءتك. ومن المياه الماء الذي تفجر من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه أفضل من زمزم والكوثر وغيرهما من انهار الدنيا والآخرة. ومن البقاع البقعة التي ضمت جسمه اللطيف عليه السلام فانها أفضل البقاع الارضية والسماوية. ومن الازمنة الزمان الذي ولد فيه عليه السلام ولذا كان شهر ربيع الاول من أفاضل الشهور كشعبان فانه مضاف الى نبينا عليه السلام ايضا. ومن الملوك الخواقين العثمانية لان دولتهم آخر الدول وتتصل بزمان المهدى المنتظر على ما ثبت وصح عن أكابر علماء هذه الامة. واختار من العلماء من تشرف بعلم الظاهر والباطن وكان ذا جناحين نسأل الله الثبات فى طريق التحقيق انه ولى التوفيق وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ اى تضمر قلوبهم وتخفى كعداوة الرسول وحقد المؤمنين يقال أكننت الشيء إذا أخفيته فى نفسك وكننته إذا سترته فى بيت او ثوب او غير ذلك من الأجسام وَما يُعْلِنُونَ بألسنتهم وجوارحهم كالطعن فى النبوة وتكذيب القرآن: والإعلان [آشكارا كردن] وَهُوَ اللَّهُ اى المستحق للعبادة: وبالفارسية [اوست خداى مستحق پرستش] لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا أحد يستحقها الا هو وفى التأويلات النجمية (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ) يصلح للالوهية (إِلَّا هُوَ) وهو المتوحد بعز إلهيته المتفرد بجلال ربوبيته لا شبيه يساويه ولا نظر يضاهيه لَهُ الْحَمْدُ) استحقاقا على عظمته والشكر استيجابا على نعمته فِي الْأُولى اى الدنيا وَالْآخِرَةِ لانه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها على الخلق كافة يحمده المؤمنون فى الآخرة كما حمدوه فى الدنيا بقولهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) ابتهاجا بفضله والتذاذا بحمده اى بلا كلفة وَلَهُ الْحُكْمُ فيما يخلق ويختار ويعز ويذل ويحيى ويميت اى القضاء النافذ فى كل شىء من غير مشاركة فيه لغيره: وبالفارسية [او راست كار بركزاردن] قال فى كشف الاسرار وله الحكم النافذ فى الدنيا والآخرة ومصير الخلق كلهم فى عواقب أمورهم الى حكمه فى الآخرة قال ابن عباس رضى الله عنهما حكم لاهل طاعته بالمغفرة ولاهل معصيته بالشقاء والويل وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بالبعث لا الى غيره وفى التأويلات النجمية (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالاختيار او بالاضطرار فاما بالاختيار فهو الرجوع الى الحضرة بطريق السير والسلوك والمتابعة والوصول وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره واما بالاضطرار فبقبض الروح وهو الحشر والنشر والحساب والجزاء بالثواب والعقاب يقال ثمانية أشياء تعم الخلق كلهم الموت والحشر وقراءة الكتاب والميزان والحساب والصراط والسؤال والجزاء

[سورة القصص (28) : الآيات 71 إلى 72]

واوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام (يا موسى لا تسأل منى الغنى فانك لا تجده وكل خلق مفتقر الىّ وانا الغنى. ولا تسأل علم الغيب فانه لا يعلم الغيب غيرى. ولا تسألنى ان اكف لسان الخلق عنك فانى خلقتهم ورزقتهم وأميتهم واحييهم وهم يذكروننى بالسوء ولم اكف لسانهم عنى ولا اكف لسانهم عنك. ولا تسأل البقاء فانك لا تجده وانا الدائم الباقي) واوحى الله الى محمد عليه السلام فقال (يا محمد احبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه غدا وعش ما شئت فانك ميت) فظهر ان الحكم النافذ بيد الله تعالى ولو كان شىء منه فى يد الخلق لمنعوا عن أنفسهم الموت ودفعوا ملاقاة الأعمال فى الحشر وطريق النجاة التسليم والرضى والرجوع الى الله تعالى بالاختيار فانه إذا رجع العبد الى الله بالاختيار لم يلق عنده شدة بخلاف ما إذا رجع بالاضطرار تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب ومن علامات الرجوع الى الله إصلاح السر والعلانية والحمد له على كل حال فان الجزع والاضطراب من الجهل بمبدأ الأمر ومبديه وليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله هو المبلى وقل فى الضراء والسراء لا اله الا هو والتوحيد أفضل الطاعات وخير الاذكار والحسنات وصورته منجية فكيف بمعناه وعن حذيفة رضى الله عنه سمعت رسول الله يقول (مات رجل من بنى إسرائيل من قوم موسى فاذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى ادخلوا عبدى الجنة قد غفرت له) : قال المغربي اگر چهـ آينه دارى از براى حسن ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بزد اى ... غبار شرك كه پاك كردد از ژنكار نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى حقيقة التوحيد ويخلصنا من ورطة التقليد ويجعلنا من المكاشفين لانوار صفاته واسرار ذاته قُلْ يا محمد لاهل مكة أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني فان الرؤية سبب للاخبار إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً دائما لا نهار معه من السرد وهو المتابعة والاطراد والميم مزيدة وقدم ذكر الليل على ذكر النهار لان ذهاب الليل بطلوع الشمس اكثر فائدة من ذهاب النهار بدخول الليل كذا فى برهان القرآن إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بإسكان الشمس تحت الأرض او تحريكها حول الأفق الغائر مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ صفة لاله: يعنى [كيست خداى بجز خداى بحق كه از روى كمال قدرت] يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ صفة له اخرى عليها يدور أمر التبكيت والإلزام قصد انتفاء الموصوف بانتفاء الصفة ولم يقل هل اله لا يراد الإلزام على زعمهم ان غيره آلهة والباء للتعدية: والمعنى بالفارسية [بيارد براى شما روشنى يعنى روز روشن كه در آن بطلب معاش اشتغال كنيد] أَفَلا تَسْمَعُونَ هذا الكلام الحق سماع تدبر واستبصار حتى تنقادوا له وتعملوا بموجبه فتوحدوا الله تعالى وختم الآية به بناء على الليل لا على الضياء وقال بعضهم قرن بالضياء السمع لان السمع يدرك ما لا يدركه البصر يعنى استفادة العقل من السمع اكثر من استفادته من البصر

[سورة القصص (28) : آية 73]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً متصلا لا ليل له إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بإسكانها فى وسط السماء او تحريكها فوق الأرض مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ استراحة من متابعة الاسفار ولعل تجريد الضياء عن ذكر منافعه مثل تتصرفون فيه ونحوه لكونه مقصودا بذاته ظاهر الاستتباع لما نيط به من المنافع ولا كذلك الليل أَفَلا تُبْصِرُونَ هذه المنفعة الظاهرة التي لا تخفى على من له بصر وختم الآية به بناء على النهار فانه مبصر لا على الليل وقال بعضهم وقرن بسكون الليل البصر لان غيرك يبصر من منفعة الظلام ما لا تبصر أنت من السكون اعلم ان فلك الشمس يدور فى بعض المواضع رحويا لا غروب للشمس فيه فنهاره سرمدى فلا يعيش الحيوان فيه ولا ينبت النبات فيه من قوة حرارة الشمس فيه وكذلك يدور فلك الشمس فى بعض المواضع بعكس هذا تحت الأرض ليس للشمس فيه طلوع فليله سرمدى فلا يعيش الحيوان ايضا فيه ولا ينبت النبات ثمة فلهذا المعنى قال تعالى وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ [واز بخشايش خود بيافريد براى شما شب وروز را] لِتَسْكُنُوا فِيهِ اى فى الليل وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ اى فى النهار بانواع المكاسب وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ولكى تشكروا نعمته تعالى على ما فعل چرخ را دور شبانروزى دهد ... شب برو روز آورد روزى دهد خلوت شب بهر آن تا جان ريش ... راز دل كويد بر جانان خويش روزها از بهر غوغاى عوام ... تا بدايشان كارتن كيرد نظام قال امام الحرمين وغيره من الفضلاء لا خلاف ان الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويا ابدا وسئل الشيخ ابو حامد عن بلاد بلغار كيف يصلون لان الشمس لا تغرب عندهم الا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم والأصح عند اكثر الفقهاء انهم يقدرون الليل والنهار ويعتبرون بحسب الساعات كما قال عليه الصلاة والسلام (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة) فيقدر الصيام والصلاة فى زمنه كذا ورد عن سيد البشر قال فى القاموس بلغر كقرطق والعامة تقول بلغار مدينة الصقالبة ضاربة فى الشمال شديدة البرد انتهى والفجر يطلع فى تلك الديار قبل غيبوبة الشفق فى اقصر ليالى السنة فلا يجب على أهاليها العشاء والوتر لعدم سبب الوجوب وهو الوقت لانه كما انه شرط لاداء الصلاة فهو سبب لوجوبها فلا تجب بدونه على ما تقرر فى الأصول وكذلك لا تجبان على اهالى بلدة يطلع فيها الفجر لما تغرب الشمس فيسقط عنهم ما لا يجدون وقته كما ان رجلا إذا قطع يداه مع المرفقين او رجلاه مع الكعبين ففرائض وضوئه ثلاث لفوات محل الرابع كذا فى الفقه والاشارة فى الآية الى نهار التجلي وليل ستر البشرية فلو دام نهار التجلي لم يقدر المتجلى له على تحمل سطواته فستره الله تعالى بظل البشرية ليستريح من تعب السطوات واليه الاشارة بقوله عليه السلام لعائشة رضى الله عنها (كليمنى يا حميراء) وليس هذا الستر من قبيل الحجاب فان الستر يكون عقيب التجلي وهو حجاب الرحمة والمنحة لا حجاب

[سورة القصص (28) : الآيات 74 إلى 78]

الزحمة والمحنة وذلك من جمله ما كان النبي عليه السلام محميا به إذ كان يقول (انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة) وذلك غابة اللطف والرحمة والحجاب ما يكون محجوبا به عن الحق تعالى وذلك من غاية القهر والعز كما قال فى المقهورين (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) والجبل لم يستقر مكانه عند سطوة تجلى صفة الربوبية وجعله دكا وخر موسى مع قوة نبوته صعقا وذلك التجلي فى اقل مقدار طرفة عين فلو دام كيف يعيش الإنسان الضعيف وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ منصوب باذكر اى واذكر يا محمد يوم ينادى الله المشركين فَيَقُولُ توبيخا لهم أَيْنَ [كجااند] شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ انهم لى شركاء وهو تقريع بعد تقريع للاشعار بانه لا شىء اجلب لغضب الله من الإشراك كما لا شىء ادخل فى مرضاة الله من توحيده وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبده وعطف على يناديهم وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق ولا التفات لابراز كمال الاعتناء بشأن النزع اى أخرجنا من كل امة من الأمم شَهِيداً بالفارسية [كواه] وهو نبيهم يشهد عليهم بما كانوا عليه من الخير والشر وقال بعضهم يشهد عليهم وعلى من بعدهم كما جاء فى الحديث ان اعمال الامة تعرض على النبي عليه السلام ليلة الاثنين والخميس وقال بعضهم عنى بالشهيد العدول من كل امة وذلك انه سبحانه لم يخل عصرا من الاعصار عن عدول يرجع إليهم فى امر الدين ويكونون حجة على الناس يدعونهم الى الدين فيشهدون على الناس بما عملوا من العصيان فَقُلْنا لكل من الأمم هاتُوا [بياريد] وأصله آتوا وقد سبق بُرْهانَكُمْ على صحة ما كنتم تدعون من الشريك فَعَلِمُوا يومئذ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فى الالهية لا يشاركه فيها أحد وَضَلَّ عَنْهُمْ اى غاب غيبة الضائع وَما كانُوا يَفْتَرُونَ فى الدنيا من الباطل وهو الوهية الأصنام واعلم ان الشريك لا ينحصر فى عبادة الأصنام الظاهرة بل الانداد ظاهرة وباطنة. فمنهم من صنمه نفسه. ومنهم من صنمه زوجته حيث يحبها محبة الله ويطيعها إطاعة الله ومنهم من صنمه تجارته فيتكل عليها ويترك طاعة الله لاجلها فهذه كلها لا تنفع يوم القيامة- حكى- ان مالك بن دينار رحمه الله كان إذا قرأ فى الصلاة إياك نعبد وإياك نستعين غشى عليه فسئل فقال نقول إياك نعبد ونعبد أنفسنا اى نطيعها فى أمرها ونقول إياك نستعين ونرجع الى أبواب غيره- روى- ان زكريا عليه السلام لما هرب من اليهود بعد ان قتل يحيى عليه السلام وتوابعه تمثل له الشيطان فى صورة الراعي وأشار اليه بدخول الشجرة فقال زكريا للشجرة اكتمينى فانشقت فدخل فيها واخرج الشيطان هدب ردائه ثم اخبر به اليهود فشقوا الشجرة بالمنشار فهذا الشق انما وقع له لا لتجائه الى الشجرة والشرك أقبح جميع السيئات كما ان التوحيد احسن الحسنات وقد ورد ان الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما روى ان يوسف عليه السلام لما القى فى الجب ذكر الله تعالى بأسمائه الحسنى فسمعه جبريل فقال يا رب اسمع صوتا حسنا فى الجب فامهلنى ساعة فقال الله تعالى ألستم قلتم أتجعل فيها من يفسد فيها وكذلك إذا اجتمع المؤمنون على ذكر الله مراعين لآدابه الظاهرة والباطنة تقول الملائكة الهنا أمهلنا نستأنس بهم فيقول الله تعالى ألستم قلتم أتجعل فيها من يفسد فيها فالآن تتمنون الاستئناس

[سورة القصص (28) : آية 76]

بهم وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله) فينبغى الاشتغال بكلمة التوحيد قبل الموت وهى عروة الوثقى وهى ثمن الجنة وهى التي يشهد بها جميع الأشياء هست هر ذره بوحدت خويش ... پيش عارف كواه وحدت او پاك كن جامه از غبار دويى ... لوح خاطر كه حق يكيست نه دو والوصول الى هذا الشهود والتوحيد الحقيقي انما هو بخير الاذكار اى بالاشتغال به آناء الليل وأطراف النهار: قال الشيخ المغربي نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولوا الابصار إِنَّ قارُونَ اسم أعجمي كهارون فلذلك لم ينصرف كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى كان ابن عمه يصهر بن قاهش بن لاوى بن يعقوب وموسى بن عمران ابن قاهش وكان ممن آمن به واقرأ بنى إسرائيل للتوراة وكان يسمى المنور لحسن صورته ثم تغير حاله بسبب الغنى فنافق كما نافق السامري فَبَغى عَلَيْهِمْ قال الراغب البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوزه وبغى تكبر وذلك لتجاوزه منزلته الى ما ليس له. والمعنى فطلب الفضل عليهم وان يكونوا تحت امره وليس ببعيد فان كثرة المال المشار إليها بقوله (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ) الآية سبب للبغى وامارة بغيه الإباء والاستكبار والعجب والتمرد عن قبول النصيحة وكان يجر ثوبه كبرا وخيلاء وفى الحديث (لا ينظر الله يوم القيامة الى من جر ثوبه خيلاء) وكان يستخف بالفقراء ويمنع عنهم الحقوق وفى الحديث (اتخذوا الأيادي عند الفقراء قبل ان تجيىء دولتهم) اى فان لهم دولة عظمية يوم القيامة يصل اثرها الى من أطعمهم لقمة او سقاهم شربة او كساهم خرقة او نحو ذلك فيأخذون بايديهم ويدخلون الجنة بامر الله تعالى قال اهل العلم بالأخبار كان أول طغيانه وعصيانه ان الله تعالى اوحى الى موسى عليه السلام انه يأمر بنى إسرائيل ان يعلقوا فى أرديتهم خيوطا اربعة خضرا فى كل طرف خيط على لون السماء قال موسى يا رب ما الحكمة فيه قال يذكرون إذا رأوها ان كلامى نزل من السماء ولا يغفلون عنى وعن كلامى والعمل به قال موسى أفلا تأمرهم ان يجعلوا أرديتهم كلها خضرا فانهم يحقرون هذه الخيوط فقال يا موسى ان الصغير من امرى ليس بصغير فانهم ان لم يطيعونى فى الصغير لم يطيعونى فى الكبير فامرهم ففعلوا وامتنع قارون وقال انما يفعل هذا الأرباب بعبيدهم لكى يتميزوا من غيرهم فكان هذا ابتداء بغيه ولما عبروا البحر جعلت حبورة القربان وهى رياسة المذبح فى هارون قال فى كشف الاسرار [در رياست مذبح آن بود كه بنى إسرائيل قربان كه مى كردند بر طريق تعبد پيش هارون مى بردند وهارون بر مذبح مى نهاد تا آتش از اسمان فرود آمدى وبر كرفتى] فحسده قارون وقال يا موسى لك الرسالة ولهارون الحبورة ولست فى شىء وانا اقرأ بنى إسرائيل للتوراة ليس لى على هذا صبر فقال موسى ما انا جعلتها فى هارون بل الله جعلها من فضله قال قارون والله لا أصدقك فى ذلك حتى ترينى آية تدل عليه فامر موسى رؤساء بنى إسرائيل بوضع عصيهم فى القبة التي

[سورة القصص (28) : آية 77]

الله فيها وينزل الوحى عليه ففعلوا وباتوا يحرسونها وأصبحوا فاذا بعصا هارون مورقة خضراء اى صارت بحيث لها ورق اخضر وكانت من شجرة اللوز فلما رأها قارون على تلك الحالة العجيبة قال والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر واعتزل موسى وتبعه طائفة من بنى إسرائيل وجعل موسى يداريه لما بينهما من القرابة وهو لا يلتفت اليه بل يؤذيه ولا يزيد إلا تجبرا وبغيا وَآتَيْناهُ اى قارون مِنَ الْكُنُوزِ اى الأموال المدخرة قال الراغب الكنز جمع المال بعضه فوق بعض وحفظه من كنزت التمر فى الوعاء انتهى. والفرق بين الركاز والمعدن والكنز ان الركاز هو المال المركوز فى الأرض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا ما موصولة اى الذي إِنَّ مَفاتِحَهُ جمع مفتح بالكسر ما يفتح به اى مفاتح صناديقه لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ خبر ان والجملة صلة ما وهو ثانى مفعولى آتينا. وناء به الحمل إذا أثقله حتى أماله فالباء للتعدية والعصبة والعصابة الجماعة الكثيرة وفى المفردات جماعة معصبة اى متعاضدة وعن ابن عباس رضى الله عنهما العصبة فى هذا الموضع أربعون رجلا وخزائنه كانت اربعمائة الف يحمل كل رجل منهم عشرة آلاف مفتاح. والمعنى لتثقلهم وتميل بهم إذا حملوها لثقلها: وبالفارسية [برداشتن آن مفاتح كران ميكند مردمان با نيروى را يعنى مردمان از كران بارى بجانبي ميل ميكنند] وقال بعضهم وجدت فى الإنجيل ان مفاتح خزائن قارون وقرستين بغلا ما يزيد منها مفتح على إصبع لكل مفتح كنز ويقال كان قارون أينما ذهب يحمل معه مفاتح كنوزه وكانت من حديد فلما ثقلت عليه جعلها من خشب فثقلت فجعلها من جلود البقر على طول الأصابع إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ منصوب بتنوء يعنى موسى وبنى إسرائيل وقيل قاله موسى وحده بطريق النصيحة لا تَفْرَحْ [شادى مكن بمال دنيا] والفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة واكثر ما يكون ذلك فى اللذات البدنية الدنيوية والفرح فى الدنيا مذموم مطلقا لانه نتيجة حبها والرضى بها والذهول عن ذهابها فان العلم بان ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح حتما ولذا قال تعالى (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ولم يرخص فى الفرح الا فى قوله (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) وقوله (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) وعلل النهى هاهنا بكونه مانعا من محبة الله تعالى كما قال إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ اى بزخارف الدنيا فان الدنيا مبغوضة عند الله تعالى دنياى دنى چيست سراى ستمى ... افكنده هزار كشته در هر قدمى كر دست دهد كداى شادى نكند ... ور فوت شود نيز نيرزد بغمى وانما يحب من يفرح باقامة العبودية وطلب السعادة الاخروية وَابْتَغِ اى اطلب فِيما آتاكَ اللَّهُ من الغنى لم يقل بما آتاك الله لانه لم يرد بمالك وانما أراد وابتغ فى حال تملك وفى حال قدرتك بالمال والبدن كما فى كشف الاسرار الدَّارَ الْآخِرَةَ اى ثواب الله فيها بصرفه الى ما يكون وسيلة اليه من مواساة الفقراء وصلة الرحم وفك الأسير ونحوها من أبواب الخير

[سورة القصص (28) : آية 78]

بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى وَلا تَنْسَ اى لا تترك ترك المنسى ... قال فى المفردات النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما لضعف قلبه واما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وهو ان تحصل بها آخرتك او تأخذ منها ما يكفيك وتخرج الباقي: وعن على رضى الله عنه لا تنس صحتك وقوتك وشبابك وغناك وفى ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) وقال الكاشفى [وفراموش مكن بهره خود را از مال دنيا يعني نصيب تو در وقت رحلت ازين جهان كفنى خواهد بود و پس از ان حال بر انديش وبمال ومنال غره مشو] كر ملك تو شام تا يمن خواهد بود ... وز سر حد روم تاختن خواهد بود آن روز كزين جهان كنى عزم سفر ... همراه تو چند كز كفن خواهد بود قال الشيخ سعدى قدس سره اگر پهلوانى اگر تيغ زن ... نخواهى بدر بردن الا كفن وقال بعض العارفين نصيب العارف من الدنيا ما أشار اليه عليه السلام بقوله (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) ففى الطيب الرائحة الطيبة وفى النساء الوجه الحسن وفى الصلاة فرح القلب وقد سبق غير هذا وَأَحْسِنْ الى عباد الله كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ فيما أنعم به عليك: قال الشيخ سعدى قدس سره توانكرى چودل دوست كامرانت هست ... بخور ببخش كه دنيا وآخرت بردى وقال اگر كنج قارون بچنك آورى ... نماند مكر آنكه بخشى برى وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ نهى له عما كان عليه من الظلم والبغي وفى التأويلات النجمية (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) فى ارض الروحانية بما آتاك الله من الاستعداد الإنساني باستعماله فى مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة فانه يفسد الاستعداد الروحاني والإنساني إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ لسوء أفعالهم بل يحب المصلحين لحسن أعمالهم وقد اختار من عباده الابدال فانهم يجعلون بدل الجهل العلم وبدل الشح الجود وبدل الشره العفة وبدل الظلم العدالة وبدل الطيش التؤدة وبدل الفساد الصلاح فالانسان إذا صار من الابدال فقد ارتقى الى درجة الأحباب قالَ قارون مجيبا للناصحين إِنَّما أُوتِيتُهُ اى هذا المال عَلى عِلْمٍ عِنْدِي حال من مرفوع أوتيته او متعلق باوتيته وعندى صفة له. والمعنى أوتيته حال كونى مستحقا لما فىّ من علم التوراة وكان أعلمهم بها ادعى استحقاق التفضيل على الناس واستيجاب التفوق بالمال والجاه بسبب العلم ولم ينظر الى منة الله تعالى وفضله ولذا هلك وهكذا كل من كان على طريقه فى الادعاء والافتخار والكفران فانه يهلك يوما بشؤم معصيته وصنيعه: قال الحافظ مباش غره بعلم وعمل فقيه مدام ... كه هيچكس ز قضاى خداى جان نبرد وقال الصائب

بفكر نيستى هركز نمى فتند مغروران ... اگر چهـ صورت مقراض لا دارد كريبانها وقال بعضهم المراد بعلم علم الكيمياء وكان موسى يعلمه تعلما من الله تعالى فعلم يوشع بن نون ثلث ذلك العلم وعلم كالب بن يوقنا ثلثه وعلم قارون ثلثه فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما الى علمه او تعلم قارون صنعة الكيمياء من كلثوم اخت موسى وكان تعرف ذلك فرزق مالا عظيما يضرب به المثل على طول الدهر وكان يأخذ الرصاص فيجعله فضة والنحاس فيجعله ذهبا قال الزجاج علم الكيمياء لا حقيقة له وفى الكواشي ومتعاطى هذا العلم الكثير كذبه فلا يلتفت اليه يقول الفقير وهو اولى من قول الزجاج فان فيه إقرارا بأصله فى الجملة وكذا بوجوده والكيمياء له حقيقة صحيحة وقد عمل به بعض الأنبياء وكمل الأولياء فانه لا شك فى الاستحالة والانقلاب بعد تصفية الأجساد وتطهيرها من الكدورات وقد بين فى موضعه ورأيت من وصل اليه بلا نكير والله العليم الخبير ز كرامات بلند أوليا ... اولا شعرست وآخر كيميا وقال بعضهم المراد بالعلم علم التجارة والدهقنة وسائر المكاسب [كفته اند قارون چهل سال بر كوه متعبد بود ودر عبادت وزهد بر همه بنى إسرائيل غلبه كرد وإبليس شياطين را مى فرستاد تا او را وسوسه كنند وبدنيا در كشند شياطين بر او دست نمى يافتند إبليس خود برخاست وبصورت پيرى زاهد متعبد بر ابروى نشست وخدايرا عبادت همى كرد تا عبادت إبليس بر عبادت وى بيفزود وقارون بتواضع وخدمت وى درآمد وهر چهـ ميكفت باشارت وى ميرفت ورضاى وى مى جست إبليس. روزى كفت ما از جمعه وجماعت باز مانده ايم واز زيارت نيك مردان وتشييع جنازهاى مؤمنان محروم اگر در ميان مردم باشيم وآن خصلتهاى نيكو بر دست كيريم مكر صوابتر باشد قارون را بدين سخن از كوه بزير آورد ودر بيعه شدند وتعبدكاه ايشان معين ساختند مردم چون از حال ايشان با خبر شدند رفقا از هر جانب روى بايشان نهاد وبا ايشان نيكو ميكردند وطعامها مى بردند. روزى إبليس كفت اگر ما بهفته يكروز بكسب مشغول باشيم واين بار وثقل از مردم فرو نهيم مكر بهتر باشد قارون همان صواب ديد وروز آذينه بكسب شدند وباقى هفته عبادت همى كردند روزى چند برآمد إبليس كفت يكروز كسب كنيم ديكر روز عبادت تا از معاش وبغت چيزى بسر آيد وبصدقه ميدهيم ومردمانرا از ما منفعت بود همان كردند وبكسب مشغول شدند تا دوستىء كسب ودوستىء مال در سر قارون شد إبليس آنگاه از وى جدايى كرفت وكفت من كار خود كردم واو را در دام دنيا آوردم پس قارون بكسب مشغول كشت ودنيا بوى روى نهاد وطغيان بالا كرفت وادعاى استحقاق كرد بسبب علم مكاسب وطريق او] فقال تعالى أَوَلَمْ يَعْلَمْ [آيا ندانست قارون يعنى دانست] أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ الكافرة: يعنى [از اهل روز كارها] والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً بالعدد والعدد وَأَكْثَرُ جَمْعاً للمال كنمرود وغيره وقال بعضهم واكثر جمعا للعلم والطاعة مثل إبليس قال المفسرون هذا تعجيب

[سورة القصص (28) : الآيات 79 إلى 83]

منه وتوبيخ له من جهته تعالى على اغتراره بقوته وكثرة ماله مع علمه بذلك الإهلاك قراءة فى التوراة وتلقينا من موسى وسماعا من حفاظ التواريخ فالمعنى ألم يقرأ التوراة ويعلم ما فعل الله باضرابه من اهل القرون السابقة حتى لا يغتر بما اغتر به مكن تكيه بر ملك و چاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم بگير عبرت از ما سواى قرون ... خورد ضرب هر اسب كه باشد حرون وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ عند إهلاكهم لئلا يشتغلوا بالاعتذار كما قال تعالى (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) كما فى التأويلات النجمية وقال الحسن لا يسألون يوم القيامة سؤال استعلام فانه تعالى مطلع عليها بل يسألون سؤال تقريع وتوبيخ وقال بعضهم لا يسألون بل يعاقبون بلا توقف ولا حساب او لا يسألون لانهم تعرفهم الملائكة بسيماهم فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ عطف على قال وما بينهما اعتراض وقوله فِي زِينَتِهِ اما متعلق بخرج او بمحذوف هو حال من فاعله اى كائنا فى زينته والمراد الزينة الدنيوية من المال والأثاث والجاه يقال زانه كذا وزينه إذا اظهر حسنه اما بالفعل او بالقول. قيل خرج قارون يوم السبت وكان آخر يوم من عمره على بغلة شهباء عليه الأرجوان يعنى قطيفة ارغوانى وعليها سرج من ذهب ومعه اربعة آلاف على زيه. وقال بعضهم ومعه تسعون الفا عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤى فيه اللباس المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر وهو صبغ احمر معروف وقد نهى الرجال عن لبس المعصفر لانه من لباس الزينة واسباب الكبر ولان له رائحة لا تليق بالرجال واصل الزينة عند العارفين وجوه مسفرة عليها آثار دموع الشوق والمحبة ساجدة على باب الربوبية قال ابن عطاء ازين ما تزين به العبيد المعرفة ومن نزلت درجاته عن درجات العارفين فازين ما تزين به طاعة ربه ومن تزين بالدنيا فهو مغرور فى زينته: قال الحافظ قلندران حقيقت به نيم چونخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست وفى المثنوى افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «1» وقال الشيخ العطار رحمه الله همچوطفلان منكر اندر سرخ وزرد ... چون زنان مغرور رنك وبو مكرد وقال الشيخ السعدي كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را نبايد كليد وقال المولى الجامى وصلش مجو در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه بر تنى كه نهان زير زنده بود قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا من بنى إسرائيل جريا على سنن الجبلة البشرية من الرغبة فى السعة واليسار يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ [يا قوم كاشكى بودى ما را از مال همچنانكه قارونرا دادند] وقيل يا ليت يا متمناى تعالى فهذا او انك تمنوا مثله لا عينه حذرا من الحسد فدل على انهم كانوا مؤمنين إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ لذو نصيب وافر من الدنيا

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم

[سورة القصص (28) : الآيات 80 إلى 81]

قال الراغب الحظ النصيب المقدر وهو تمنيهم وتأكيد له قال فى كشف الاسرار [فائده اين آيت آنست كه رب العالمين خبر ميدهد ما را كه مؤمن نبايد كه تمنى كند آنچهـ طغيان در آنست از كثرت مال وذلك قوله (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) بلكه از خداى عز وجل كفاف خواهد در دنيا وبلغه عيش چنانكه در خبرست] (اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا) وفى الحديث (اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف ومن ابغضنى فارزقه مالا وولدا) وفى الحديث (طوبى لمن هدى الى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به) : قال الحافظ كنج زر كر نبود كنج قناعت باقيست ... آنكه آن داد بشاهان بگدايان اين داد وقال همايى چون تو عاليقدر حرص استخوان حيفست ... دريغا سايه همت كه برنا اهل افكندى درين بازار اگر سوديست با درويش خرسندست ... الهى منعم كردان بدرويشى وخرسندى وقال المولى الجامى هر سفله پى بكنج قناعت كجا برد ... اين نقد در خزينه ارباب همتست وقال الشيخ السعدي نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش وفى التأويلات النجمية انما وقع نظرهم على عظمة الدنيا وزينتها لا على دناءتها وخساستها وهو انها وقلة متاعها لانهم اغتذوا بغداء شبل حب الدنيا وزينتها المتولد من اسود ظلمات صفات النفس بعضها فوق بعض فهم ينظرون بنظر ظلمات صفات النفس بعد ان كانوا ينظرون بنظر نور صفات القلب يبصرون عزة الآخرة وعظمتها وخسة الدنيا وهوانها فان الرضاع يغير الطباع وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بأحوال الآخرة وزهدوا فى الدنيا اى قالوا للمتمنين وَيْلَكُمْ [واى بر شما اى طالبان دنيا] وهو دعاء بالإهلاك. بمعنى ألزمكم الله ويلا اى عذابا وهلاكا ساغ استعماله فى الزجر عما لا يرتضى وقد سبق فى طه ثَوابُ اللَّهِ فى الآخرة خَيْرٌ مما تتمنون لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فلا يليق بكم ان تتمنوه غير مكتفين بثوابه ونعيمه وَلا يُلَقَّاها اى ولا يوفق لهذه الكرامة كما فى الجلالين والمراد بالكرامة الثواب والجنة ولا يعطى هذه الكلمة التي تكلم بها العلماء وهى ثواب الله خير قال الله تعالى (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) اى أعطاهم ولقيته كذا إذا استقبلته به: وبالفارسية وتلقيه وتلقين [نخواهد كرد اين كلمه كه علما كفته اند يعنى در دل وزبان نخواهند دار] إِلَّا الصَّابِرُونَ على الطاعات وعن زينة الدنيا وشهواتها اهل صبر از جمله عالم برترند ... صابران ازواج كردون بگذرند هر كه كارد تخم صبر اندر جهان ... بدرود محصول عيش صابران فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ يقال خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض كما فى القاموس وخسف القمر زال ضوءه وعين خاسفة إذا غابت حدتها والباء للتعدية

والمعنى بالفارسية [پس فرو برديم قارون وسراى او را بزمين] قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزلت الزكاة على موسى صالحه على ان يعطيه عن كل الف دينار دينارا وعن كل الف درهم درهما وعن كل الف شاة شاة وذلك بالأمر الإلهي وكان الواجب عشر المال لاربعه فحسب قارون ماله فوجد الزكاة مبلغا عظيما فمنعه البخل والحرص عن دفعها فجمع جمعا من بنى إسرائيل فقال لهم انكم قد أطعتم موسى فى كل ما أمركم به وهو الآن يريد ان يأخذ أموالكم قالوا أنت كبيرنا مرنا بما شئت قال أريد ان افضحه بين بنى إسرائيل حتى لا يسمع بعد كلامه أحد فامرى ان تجلبوا فلانة البغي فنجعل لها جعلا حتى تقذف موسى بنفسها فاذا فعلت ذلك خرج عليه بنوا إسرائيل ورفضوه فدعوها فجعل لها قارون الف دينار وطشتا من ذهب على ان تفعل ما امر به من القذف إذا حضر بنوا إسرائيل من الغد وكان يوم عيد فلما كان الغد قام موسى خطيبا فقال من سرق قطعناه ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصنا رجمناه فقال قارون وان كنت أنت قال وان كنت انا فقال ان بنى إسرائيل يزعمون انك فجرت بفلانة فاحضرت فناشدها موسى بالذي فلق البحر وانزل التوراة ان تصدق فتداركها الله بالتوفيق ووجدت فى نفسها هيبة آلهية من تأثير الكلام فقالت يا كليم الله جعل لى قارون جعلا على ان أقذفك بنفسي وافترى عليك [ومن با وجود كنهكاريها وبد كرداريهاى خود چهـ كنه پسندم كه بر تو تهمت كويم] فخر موسى ساجدا لله تعالى يبكى ويشكو من قارون ويقول اللهم ان كنت رسولك فاغضب لى فاوحى الله اليه انى أمرت الأرض ان تطيعك فمرها بما شئت فقال موسى يا بنى إسرائيل ان الله بعثني الى قارون كما بعثني الى فرعون فمن كان معه فليثبت مكانه ومن كان معى فليعتزل فاعتزلوا ولم يبق مع قارون الا رجلان ثم قال لقارون يا عدو الله تبعث الىّ امرأة تريد فضيحتى على رؤس بنى إسرائيل يا ارض خذيهم فاخذتهم الأرض الى الكعبين فاخذوا فى التضرع وطلب الامان ولم يلتفت موسى إليهم ثم قال خذيهم فاخذتهم الى الركب ثم الى الاوساط ثم الى الأعناق فلم يبق على وجه الأرض منهم شىء إلا رءوسهم وناشده قارون الله والرحم فلم يلتفت موسى لشدة غضبه ثم قال يا ارض خذيهم فانطبقت عليهم الأرض آنرا كه زمين كشد چون قارون ... نى موسيش آورد برون نى هارون فاسد شده را ز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون قال الله تعالى يا موسى استغاث بك فلم تغثه فو عزتى وجلالى لو استغاث بي لاغثته قال يا رب غضبالك فعلت قال قتادة خسف به فهو يتجلجل فى الأرض كل يوم قامة رجل لا يبلغ قعرها الى يوم القيامة صاحب لباب [فرموده هر روز قارون بمقدار قامت خود بزمين ميرود] وعند نفخ الصور بأرض سفلى [خواهد رسيد] وفى كشف الاسرار [در قصه آورده اند كه هر روز يك قامت خويش بزمين فرو ميشد تا آن روز كه يونس در شكم ماهى در قعر بحر بدو رسيد قارون از حال موسى پرسيد چنانكه خويشانرا پرسند] فاوحى الله تعالى الى الأرض لا تزيدى فى خسفه بحرمة انه سأل عن ابن عمه ووصل به رحمه. ولما خسف به قال

[سورة القصص (28) : آية 82]

سفهاء بنى إسرائيل ان موسى انما دعا على قارون ليستقل بداره وكنوزه وأمتعته ويتصرف فيها فدعا موسى فخسف بجميع أمواله وداره: قال الحافظ كنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست وقال احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد وقال توانكرا دل درويش خود بدست آور ... كه مخزون زر وكنج درم نخواهد ماند قال بعضهم ان قارون نسى الفضل وادعى لنفسه فضلا فخسف الله به الأرض ظاهرا وكم خسف بالاسرار وصاحبها لا يشعر بذلك وخسف الاسرار هو منع العصمة والرد الى الحول والقوة واطلاق اللسان بالدعاوى الفرضية والعمى عن رؤية الفضل والقعود عن القيام بالشكر على ما اولى واعطى وحينئذ يكون وقت الزوال. وخرج قارون على قومه بالزينة فهلك وهكذا حال من يخرج على اولياء الله بالدعاوى الباطلة والكبر والرياسة لا محالة يسقطون من عيونهم وقلوبهم بعد سقوطهم من نظر الحق وتنخسف أنوار ايمانهم فى قلوبهم فلا يرى آثارها بعد ذلك نعوذ بالله سبحانه فَما كانَ لَهُ اى لقارون مِنْ فِئَةٍ جماعة قال الراغب الفئة الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم الى بعض فى التعاضد انتهى من فاء اى رجع يَنْصُرُونَهُ بدفع العذاب عنه وهو الخسف مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونهم متجاوزين نصرة الله تعالى وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ اى من الممتنعين عنه بوجه من الوجوه يقال نصره من عدوه فانتصر اى منعه فامتنع وَأَصْبَحَ اى صار الَّذِينَ تَمَنَّوْا التمني تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها وأكثره تصور ما لا حقيقة له والامنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشيء مَكانَهُ اى منزلته وجاهه بِالْأَمْسِ اى بالوقت القريب منه فانه يذكر الأمس ولا يراد به اليوم الذي قبل يومك ولكن الوقت المستقرب على طريق الاستعارة يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ اى يضيق يقال قدر على عياله بالتخفيف مثل قتر ضيق عليهم بالنفقة اى يفعل كل واحد من البسط والقدر اى التضييق بمحض مشيئته وحكمته لا لكرامة توجب البسط ولا لهوان يوجب القبض. وويكأن عند البصريين مركب من وى للتعجب [چنانست كه كسى از روى ترحم وتعجب با ديكرى كويد «وى لم فعلت ذلك» وى اين چيست كه تو كردى] كما قال الراغب وى كلمة تذكر للتحسر والتندم والتعجب تقول وى لعبد الله انتهى وكأن للتشبيه. والمعنى ما أشبه الأمر ان الله يبسط إلخ وعند الكوفين من ويك بمعنى ويلك وان واعلم مضمر وتقديره ويك اعلم ان الله إلخ: وبالفارسية [واى بر تو بدانكه خداى تعالى إلخ] وانما استعمل عند التنبيه على الخطأ والتندم. والمعنى انهم قد تنبهوا على خطأهم فى تمنيهم وتندموا على ذلك لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ أنعم عَلَيْنا فلم يعطنا ما تمنينا: وبالفارسية [اگر آن نبودى كه خداى تعالى منت نهادى بر ما ونداد بما آنچهـ تمناى ما بود از دنيا] لَخَسَفَ بِنا [ما را بزمين فرو برديد] كما خسف به لتوليد الاستغناء فينا مثل ما ولده فيه من الكبر والبغي ونحوهما من اسباب العذاب والهلاك وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ لنعمة الله اى لا ينجون من عذابه

او المكذبون برسله وبما وعدوا به من ثواب الآخرة قال فى كشف الاسرار حب الدنيا حمل قارون على جمعها وجمعها حمله على البغي عليهم وصارت كثرة ماله سبب هلاكه وفى الخبر (حب الدنيا رأس كل خطيئة) [دوستى دنيا سر همه كناهها هست ومايه هر فتنه وبيخ هر فساد. وهر كه از خداى بازماند بمهر ودوستى دنيا بازماند دنيا پلى كذشتنى وبساطى در نوشتنى ومرتع لافكاه مدعيان ومجمع باركاه بى خطران سرمايه بى دولتان ومصطبه بدبختان معشوقه ناكسان وقبله خسيسان دوست بى وفا ودايه بى مهر جمالى با نقاب دارد ورفتارى ناصواب و چون تو دوست زير خاك صد هزاران هزار دارد بر طارم طرازى نشسته واز شبكه بيرون مى نكرد وبا تو ميكويد من چون تو هزار عاشق از غم كسستم نالود بخون هيچكس انكشتم مصطفى عليه السلام كفت] (ما من أحد يصيب فى الدنيا الا وهو بمنزلة الضيف وماله فى يده عارية فالضيف منطلق والعارية مردودة) وفى رواية اخرى (ان مثلكم فى الدنيا كمثل الضيف وان ما فى ايديكم عارية) [ميكويد مثل شما درين دنياى غدار مثل مهمانى است كه بمهمان خانه فرو آيد هر آينه مهمان رفتنى بود نه بودنى هم چومرد كاروانى كه بمنزل فرو آيد لا بد از آنجا رخت بردارد در تمنا كند كه آنجا بيستد سخت نادان وبى سامان بود كه آن نه بمقصود رسد ونه بخانه باز آيد جهد آن كن اى جوانمرد كه پل بلوى بسلامت باز كذارى وآنرا دار القرار خود نسانى ودل درو بندى تا بر تو شيطان ظفر نيابد صد شير كرسنه در كله كوسفند چندان زيان بكند كه شيطان با تو كند] (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [وصد شيطان آن نكند كه نفس اماره با تو كند (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك) [يكى تأمل كن در كار قارون بدبخت نفس وشيطان هر دو دست در هم دادند تا او را ز دين بر آوردند از انكه آبش از سرچشمه خود تاريك بود يكچند او را با عمل عاريتى دادند لؤلؤ شاهوار همى نمود چون حكم ازلى وسابقه أصلي در رسيد خود شبه قير رنك بود زبان حالش همى كويد] من پندارم كه هستم اندر كارى ... اى بر سر پندار چون من بسيارى اكنون كه نماند با قوم بازارى ... در ديده پنداشت زدم مسمارى واعلم ان تمنى الدنيا مذموم الا ما كان لغرض صحيح وهو صرفها الى وجوه البر كالصدقة ونحوها وعن كبشة الأنماري رضى الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ثلاث اقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه. فاما التي اقسم عليهن فانه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها الا زاده الله به عزا ولا فتح عبد باب مسألة الا فتح الله عليه باب فقر. واما الذي أحدثكم فاحفظوه) فقال (انما الدنيا لاربعة نفر عبد رزقه الله علما ومالا فهو يتقى فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو ان لى مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته واجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو لا يتقى فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل لله فيه بحقه وعبد لم يرزقه الله علما ولا مالا فهو يقول لو ان لى مالا لعملت

[سورة القصص (28) : آية 83]

فيه بعمل فلان فهو بنيته ووزرهما سواء) كما فى المصابيح تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ اشارة تعظيم كأنه قيل تلك الجنة التي سمعت خبرها وبلغك وصفها والدار صفة والخبر قوله نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ اى ارتفاعا وغلبة وتسلطا كما أراد فرعون حيث قال تعالى فى أول السورة (إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) وَلا فَساداً اى ظلما وعدوانا على الناس كما أراد قارون حيث قال تعالى فى حقه على لسان الناصح (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) وفى تعليق الوعد بترك ارادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما وَالْعاقِبَةُ الحميدة: وبالفارسية [سرانجام نيكو] لِلْمُتَّقِينَ اى للذين يتقون العلو والفساد وما لا يرضاه الله من الأقوال والافعال: وعن على رضى الله عنه ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها يعنى ان من تكبر بلباس يعجبه فهو ممن يريد علوا فى الأرض وعن على رضى الله عنه انه كان يمشى فى الأسواق وحده وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ (تِلْكَ الدَّارُ) إلخ ويقول نزلت هذه الآية فى اهل العدل والتواضع من الولاة واهل المقدرة من سائر الناس وعن عمر بن عبد العزيز كان يردد هذه الآية حتى قبض وكان عليه السلام يحلب الشاة ويركب الحمار ويجيب دعوة المملوك ويجالس الفقراء والمساكين قال بعض الكبار احذر ان تريد فى الأرض علوا او فسادا والزم الذل والانكسار والخمول فان أعلى الله كلمتك فما أعلاها الا الحق وذلك ان يرزقك الرفعة فى قلوب الخلق وإيضاح ذلك ان الله ما انشأك الا من الأرض فلا ينبغى لك ان تعلو على أمك واحذر ان تتزهد او تتعبد او تتكرم وفى نفسك استجلاب ذلك لكونه يرفعك على اقرانك فان ذلك من ارادة العلو فى الأرض وما استكبر مخلوق على آخر إلا لحجابه عن معية مع الحق ذلك المخلوق الآخر ولو شهدها لذل وخضع قال فى كشف الاسرار [فردا در سراى عزت ساكنان مقعد صدق ومقربان حضرت جبروت قومى باشند كه در دنيا برترى ومهترى نجويند وخود را از همه كس كهتر وكمتر دانند وبچشم پسند هركز در خود ننكرد چنانكه آن جوانمرد طريقت كفت كه از موقف عرفات بازگشته بود او را كفتند] كيف رأيت اهل الموقف قال رأيت قوما لولا انى كنت فيهم لرجوت ان يغفر الله لهم: قال الشيخ سعدى بزركى كه خود را ز خردان شمرد ... بدنيى وعقبى بزركى ببرد تو آنكه شوى پيش مردم عزيز ... كه مر خويشتن را نكيرى بچيز [يكى از بزركان دين إبليس را ديد كفت ما را پندى ده كفت مكو من تا نشوى چون من شيخ حيف كفت منى بيفكندن در شريعت زندقه است ومنى اثبات كردن در حقيقت شرك است چون در مقام شريعت باشى همى كوى كه او خود همه ازو شريعت تعاليست وحقيقت احوال أقوام افعال بتو ونظام احوال با او] قال بعضهم العلو النظر الى النفس والفساد النظر الى الدنيا والدنيا خمر إبليس من شرب منها شربة لا يفيق الا يوم القيامة ويقال العلو الخطرات فى القلب والفساد فى الأعضاء فمن كان فى قلبه حب الرياسة والجاه وحظوظ النفس

[سورة القصص (28) : الآيات 84 إلى 88]

وفى اعماله الرياء والسمعة فهو لا يصل الى مقام القرب وكذا من كان فى قلبه سوء العقيدة وفى جوارحه عبادة غير الله والدعوة إليها وأخذ الأموال وكسر الاعراض واستحلال المعاصي فهو لا يصل الى الجنة ايضا وهو قرين الشيطان والشياطين فى النار مع قرنائهم واعلم ان العلو فى ارض البشرية علو الفراعنة والجبابرة والاكاسرة والعلو فى ارض الروحانية علو الأبالسة وبعض الأرواح الملكية مثل هاروت وماروت وكلاهما مذموم وكذا الفساد النظر الى غير الله فالله تعالى لا يجعل مملكة عالم الغيب والملكوت الا فى تصرف من خلص من طلب العلو والنظر الى الغير بنظر المحبة وسلم التصرف كله الى المالك الحقيقي وخرج من البين هر چهـ خواخى بكن كه ملك تراست «1» جعلنا الله وإياكم من الآخذين بذيل حقيقة التقوى وعصمنا من الاعتراض والانقباض والدعوى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ [هر كجا بيارد خصلت نيكو در روز قيامت] فَلَهُ بمقابلتها خَيْرٌ مِنْها ذاتا ووصفا وقدرا اما الخيرية ذاتا فظاهرة فى اجزية الأعمال البدنية لانها اعراض واجزيتها جواهر وكذا فى المالية إذ لا مناسبة بين زخارف الدنيا ونفائس الآخرة فى الحقيقة واما وصفا فلانها أبقى وأنقى من الآلام والاكدار واما قدرا فللمقابلة بعشر أمثالها لا اقل يعنى انه يجازى بالحسنة الواحدة عشرا فيكون الواحد ثوابا مستحقا والتسعة تفضلا وجودا والتسعة خير من الواحد من ذلك الجنس وقال بعضهم الحسنة المعرفة وما هو خير منها هو الرؤية. او الاعراض عما سوى الله وما هو خير منه هو مواهب الحق تعالى لان الاعراض مضاف الى الفاني ومتعلق بالمخلوق والمواهب مضافة الى الباقي ومتعلقة بالقديم وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ كالشرك والرياء والجهل ونحوها فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ وضع فيه الظاهر موضع الضمير لتهجين حالهم بتكرير اسناد السيئة إليهم وفائدة هذه الصورة انزجار العقلاء عن ارتكاب السيئات هر چهـ در شرع وعقل بد باشد ... نكند هر كه با خرد باشد إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ الا مثل ما كانوا يعملون فحذف المثل وأقيم مقامه ما كانوا يعملون مبالغة فى المماثلة اخبر تعالى ان السيئة لا يضاعف جزاؤها فضلا منه ورحمة ولكن يجزى عليها عدلا فليجتنب العبد عما نهت عنه الفتوى والتقوى إذ لكل نوع من السيئة نوع من الجزاء عاجلا وآجلا: وفى المثنوى هر چهـ بر تو آيد از ظلمات وغم ... آن ز بى شرمى وكستاخيست هم - حكى- عن ابراهيم بن أدهم رحمه الله انه كان بمكة فاشترى من رجل تمرا فاذا هو بتمرتين فى الأرض بين رجليه ظن انهما من الذي اشتراه فرفعهما وأكلهما وخرج الى بيت المقدس وفيه قبة تسمى الصخرة فدخلها وسكن فيها يوما وكان الرسم ان يخرج منها من كان فيها لتخلو للملائكة فاخرج بعد العصر من كان فيها فانحجب ابراهيم ولم يروه فبقى الليلة فيها ودخل الملائكة فقالوا هاهنا حس آدمي وريحه قال واحد منهم هو ابراهيم بن أدهم زاهد

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق رعايت ادب إلخ

[سورة القصص (28) : آية 85]

خراسان وقال آخر الذي يصعد منه كل يوم الى السماء عمل متقبل قال نعم غير ان طاعته موقوفة منذ سنة ولم تستجب دعوته منذ سنة لمكان التمرتين عليه قال ثم نزلت الملائكة واشتغلوا بالعبادة حتى طلع الفجر ورجع الخادم وفتح القبة وخرج ابراهيم وتوجه الى مكة وجاء الى باب ذلك الحانوت فاذا هو بفتى يبيع التمر فسلم عليه وقال كان هاهنا شيخ فى العام الاول فاخبره انه كان والدي فارق الدنيا فقص ابراهيم قصة التمرتين فقال الفتى جعلتك فى حل من نصيبى وأنت اعلم فى نصيب أختي ووالدتي قال فاين أختك ووالدتك قال هما فى الدار فجاء ابراهيم الى الباب وقرعه فخرجت عجوز متكئة على عصاها فسلم ابراهيم عليها وأخبرها القصة قالت جعلتك فى حل من نصيبى وكذا ابنتها فخرج ابراهيم وتوجه الى بيت المقدس ودخل القبة فدخلت الملائكة وقالوا هو ابراهيم وكان لا تستجاب دعوته منذ سنة غير انه أسقط ما عليه من التمرتين فقبل الله ما كان موقوفا من طاعته واستجاب دعوته وإعادة الى درجته فبكى ابراهيم فرحا وكان بعد ذلك لا يفطر الا فى كل سبعة ايام بطعام يعلم انه حلال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان جزاء السيئات على حسب ما يعملون من السيئات فان كانت السيئة الشرك بالله فجزاؤه النار الى الابد وان كانت المعاصي فجزاؤها العذاب بقدر المعاصي صغيرها وكبيرها وان كانت حب الدنيا وشهواتها فجزاؤه الحرمان من نعيم الآخرة بحسبها وان كانت طلب الجاه والرياسة والسلطنة الدنيوية فجزاؤه الذلة والصغار ونيل الدركات وان كانت طلب نعيم الآخرة ورفعة الدرجات فجزاؤه الحرمان من الكمالات وكشف شواهد الحق تعالى وان كانت التلذذ بفوائد العلوم واستحلاء المعاني المعقولة فجزاؤه الحرمان من كشوف العلوم والمعارف الربانية وان كانت ببقاء الوجود فجزاؤه الحرمان من الفناء فى الله والبقاء بالله بتجلى صفات الجمال والجلال انتهى كلامه قدس سره إِنَّ الَّذِي اى ان الله الذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل به لَرادُّكَ اى بعد الموت والرد الصرف والإرجاع إِلى مَعادٍ اى مرجع عظيم يغبطك به الأولون والآخرون وهو المقام المحمود الموعود ثوابا على إحسانك فى العمل وتحمل هذه المشقات التي لا تحملها الجبال وقال الامام الراغب فى المفردات الصحيح ما أشار به امير المؤمنين وذكره ابن عباس رضى الله عنهما ان ذلك الجنة التي خلقه الله تعالى فيها بالقوة فى ظهر آدم وأظهره منه يقال عاد فلان الى كذا وان لم يكن فيه سابقا واكثر اهل التفسير على ان المراد بالمعاد مكة تقول العرب رد فلان الى معاده يعنى الى بلده لانه يتصرف فى الأرض ثم يعود الى بلده والآية نزلت بالجحفة بتقديم الجيم المضمومة على الحاء الساكنة موضع بين مكة والمدينة وهو ميقات اهل الشام وعليه المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة. والمعنى لراجعك الى مكان هو لعظمته اهل لان يقصد العود اليه كل من خرج منه وهو مكة المشرفة وطنك الدنيوي- وروى- انه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار مهاجرا الى المدينة ومعه أبو بكر رضى الله عنه عدل عن الطريق مخافة الطلب فلما أمن رجع الى الطريق ونزل الجحفة وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة وكانت تسمى مهيعة فنزلها بنوا

عبيد وهم اخوة عاد وكان أخرجهم العماليق من يثرب فجاءهم سيل فاجحفهم اى ذهب بهم فسميت جحفة فلما نزل اشتاق الى مكة لانها مولده وموطنه ومولد آبائه وبها عشيرته وحرم ابراهيم عليه السلام مشتاب ساريان كه مرا پاى در كلست ... بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلست چون عاقبت ز صحبت ياران بريدنست ... پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست وقال فتنها در انجمن پيدا شود از شور من ... چون مرا در خاطر آيد مسكن ومأواى دوست فنزل جبريل عليه السلام فقال له أتشتاق الى مكة قال نعم ممكن نشد شرح دهم اشتياق را فاوحاها اى الآية اليه وبشره بالغلبة والظهور اى لرادك الى مكة ظاهرا من غير خوف فلا تظن انه يسلك به سبيل أبويك ابراهيم فى هجرته من حران بلد الكفر الى الأرض المقدسة فلم يعد إليها وإسماعيل من الأرض المقدسة الى اقدس منها فلم يعد إليها: قال الحافظ سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند قال ابن عطاء رحمه الله ان الذي يسر عليك القرآن قادر على ان يردك الى وطنك الذي ظهرت منه حتى تشاهد سرك على دوام أوقاتك كما قال فى تأويلات الكاشفى [معاد فنا فى الله است در احديت ذات وبقا بالله در مقام تحقق بجميع صفات وبرسالك متبصر اينجا سر منه بدا واليه يعود روشن ميگردد چون او زبد اين وآنرا ابتدا ... هم بدو بايد كه باشد انتها نورهايى را كه كرد از حق طلوع ... جمله را هم سوى او باشد رجوع ثم قرر الوعد السابق فقال قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ يعلم مَنْ جاءَ بِالْهُدى وما يستحقه من الثواب فى المعاد والنصرة فى الدنيا وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يريد به المشركين ودلت الآية على ان الله تعالى يفتح على المهتدى ويقهر الضال ولكل عسر يسر فسوف يراه من يصبر فلا ينبغى للعاقل ان ييأس من روح الله- روى- ان رجلا ركب البحر فانكسرت السفينة فوقع فى جزيرة فمكث ثلاثة ايام لا يرى أحدا ولم يذق شيأ فتمثل بقوله إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القير كاللبن الحليب وصار البر مسكن كل حوت ... وصار البحر مرتع كل ذيب فسمع هاتفا يهتف عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب فيأمن خائف ويفك عان ... ويأتى اهله الرجل الغريب قال فما لبث ساعة الا فرج الله عنه وفى تفسير الآية اشارة الى ان حب الوطن من الايمان وكان عليه السلام يقول كثيرا الوطن الوطن فحقق الله سؤله فحقق الله سؤله يقال الإبل نحن الى أوطانها وان كان عهدها بعيدا والطير الى وكره وان كان موضعه مجدبا والإنسان الى وطنه وان كان غيره اكثر له

[سورة القصص (28) : الآيات 86 إلى 87]

نفعا وقدم اصيل الغفاري على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قبل ان يضرب الحجاب فقالت له عائشة رضى الله عنها كيف تركت مكة قال اخضر نباتها وابيض بطحاؤها واغدق اذخرها واث سملها فقال عليه السلام (حسبك يا اصيل لا تحزنى) قال عمر رضى الله عنه لولا حب الوطن لخرب بلد السوء فبحب الأوطان عمرت البلدان واعلم ان الميل الى الأوطان وان كان لا ينقطع عن الجنان لكن يلزم للمرء ان يختار من البقاع أحسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان قيل لعيسى عليه السلام من نجالس يا روح الله قال من يزيد فى علمكم منطقة ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله: قال الشيخ سعدى قدس سره سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم وقال الحافظ ديار يار مرد مرا مقيد ميكند ور نه ... چهـ جاى فارس كين محنت جهان بكسر نمى ازرد والعاقل يختار الفراق عن الأحباب والاوطاق ولا يجترئ على الفراق عن الملك الديان لكل شىء إذا فارقته عوض ... وليس لله ان فارقت من عوض فاقطع الالفة عما سوى الله اختيارا ... قبل الانقطاع اضطرارا الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع ذو النون مصرى قدس سره [ميكويد روزى در اثناى سفر كه شهرى رسيدم خواستم كه در اندرون شهر روم بر در ان شهر كوشكى ديدم وجويى روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم چون چشم بر بام كوشك افتاد كنيزكى را ديدم ايستاده در غايت حسن وجمال چون نظر او بمن افتاد كفت اى ذو النون من ترا از دور ديدم پنداشتم كه مجنونى و چون طهارت كردى تصور كردم عالمى و چون از طهارت فارغ شدى و پيش آمدى پنداشتم عارفى اكنون محقق شدم نه مجنونى نه عالمى ونه عارفى كفتم چرا كفت اگر ديوانه بودى طهارت نكردى واگر عالم بودى نظر بخانه بيكانه ونامحرم نكردى واگر عارف بودى دل تو بما سوى الله مايل نبودى] كذا فى جليس الخلوة وأنيس الوحدة وَما كُنْتَ يا محمد تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ اى يرسل وينزل كما تقول العجم خبر [بمن افكند] كما فى كشف الاسرار والمعنى سيردّك اى معادك كما القى إليك القرآن وما كنت ترجوه فهو تقرير للوعد السابق ايضا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ولكن ألقاه إليك رحمة منه فاعمل به فالاستثناء منقطع وفى التأويلات النجمية (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) القرآن إلقاء الإكسير على النحاس لتعديل جوهر نحاس انانيتك بابريز هويته ما كان ذلك (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) اختصك بهذه الرحمة عن جميع الأنبياء لان كتبهم أنزلت فى الألواح والصحف على صورتهم وكتابك نزل به الروح الامين على قلبك إلقاء كالقاء الإكسير فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً [پشت ويار] لِلْكافِرِينَ على ما كانوا عليه بل كن ظهيرا ومعينا للمؤمنين وَلا يَصُدُّنَّكَ اى لا يصرفنك ويمنعنك الكافرون عَنْ آياتِ اللَّهِ اى عن قراءتها والعمل بها بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ تلك الآيات القرآنية إِلَيْكَ وقرئت عليك وذلك حين دعوه عليه السلام

[سورة القصص (28) : آية 88]

الى دين آبائهم وتعظيم أوثانهم والموافقة الى أباطيلهم وَادْعُ الناس إِلى رَبِّكَ الى عبادته وتوحيده وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بمساعدتهم فى الأمور وفى التأويلات النجمية (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فى الدعوة بان تدعو طلاب الحق وعشاقه الى الجنة والنعيم فادعهم الى ربهم خالصا عن شرك الجنة وفى فتح الرحمن وجميع الآية يتضمن المهادنة والموادعة وهذا كله منسوخ بآية السيف انتهى وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ: قال الكاشفى [مخاطب درين آيات حضرت پيغمبر است ومراد امت اند وفائده خطاب بآن حضرت قطع طمع مشركانست از موافقت وى با ايشان] وفيه اظهار ان المنهي عنه فى القبح بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره عنه أصلا لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وحده كُلُّ شَيْءٍ من الإنسان والحيوان والجن والشيطان والملك والحور عين والجنة والنار والعرش والكرسي ونحوها هالِكٌ الهلاك هنا بطلان الشيء من العالم وعدمه رأسا اى فان وباطل ومعدوم ولو لحظة إِلَّا وَجْهَهُ إلا ذاته تعالى فانه واجب الوجود وكل ما عداه ممكن فى حد ذاته عرضة للهلاك والعدم والوجه يعبر به عن الذات وقال ابو العالية كل شىء فان الا ما أريد به وجهه من الأعمال وفى الأثر (يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال ميزوا ما كان منها لله فيميز ما كان منها لله ثم يؤمر بسائرها فيلقى فى النار) وقال بعض أكابر العارفين الضمير راجع الى الشيء والمعنى كل شىء فان فى حد ذاته الا وجهه الذي يلى جهته تعالى وذلك لان الممكن له وجود ماهية عارضة على وجوده فماهيته امر اعتباري معدوم فى الخارج لا يقبل الوجود فيه من حيث هو هو ووجوده موجود لا يقبل العدم من حيث هو هو كما قال بعضهم الأعيان من حيث تعيناتها العدمية وهى الإمكان والحدوث راجعة الى العدم وان كانت باعتبار الحقيقة والتعينات الوجودية عين الوجود فاذا قرع سمعك من كلام العارفين ان عين المخلوق عدم والوجود كله لله فتلق بالقبول فانه يقول ذلك من هذه الجهة قال المغربي غير تو نيست اما هستى همى نمايد ... چون پيش چشم تشنه در باديه سرابى وقال المولى الجامى شهود يار در اغيار مشرب جاميست ... كدام غير كه لا شىء فى الوجود سواه لَهُ الْحُكْمُ اى القضاء النافذ فى الخلق وَإِلَيْهِ لا الى غيره تعالى تُرْجَعُونَ تردون عند البعث للجزاء بالحق والعدل فمن كان رجوعه بالاضطرار وجد الجبار القهار فوفاه حسابه ومن كان رجوعه بالاختيار وجد العفو الغفار فافرغ عليه ثوابه وذلك بالفناء قبل الفناء بازالة حجاب التعين واذابة انانيات الوجود قال الشيخ سعدى اى برادر چوعاقبت خاكست ... خاك شو پيش از انكه خاك شوى [در شرح عوارف مذكور است كه نكفت نهلك تا معلوم شود كه وجود همه اشيا در وجود او امروز هالك است وحواله مشاهده اين حال بفردا در حق محجوبانست] (يوم يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) با وجود تو ز من راست نيايد كه منم قال الشيخ ابو الحسن البكري قدس سره استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات

تفسير سورة العنكبوت

وجوده لذاته والعارف لا ينظر الى الوجود الموهوم فيفنيه بحقائق التوحيد ويتحقق بسر الوحدة الذاتية والهوية الالهية قال فى كشف الاسرار [هو يك حرفست فرد اشارت فرا خداوند فرد نه مست ونه صفت اما اشارتست فرا خداوندى كه او را نامست وصفت وآن يك حرف هاست واو قراركاه نفس است نه بينى كه چون تثنيه كنى هما كويى نه هو ما تا بدانى كه آن خود يك حرفست تنها دليل بر خداوند يكتا همه أسامي وصفات كه كويى از سر زبان كويى مكر هو كه آن از ميان جان برآيد از صميم سينه وقعر دل رود زبان ولب را با وى كارى نيست مردان راه دين وخداوندان عين اليقين كه دلهاء صافى دارند وهمتهاء عالى وسينهاء خالى چون از قعر سينه نبود خود حقيقت هويت بر وى مكشوف ايشان اين كلمه سر بر زند مقصود ومفهوم ايشان جز حق جل جلاله نبود تا چنين جوانمردى نكردد آن عزيزى كه در راهى ميرفت درويشى پيش وى باز آمد وكفت از كجا مى آيى كفت هو كفت كجا ميروى كفت هو كفت مقصودت چيست كفت هو از هر چهـ سؤال ميكردى مى كفت هو اين چنانست كه كفته اند] از بس كه دو ديده در خيالت دارم ... در هر چهـ نكه كنم تويى پندارم فلا معبود الا هو كما للعابدين ولا مقصود الا هو كما للعاشقين ولا موجود الا هو كما للمكاشفين الواجدين تمت سورة القصص بعون الله تعالى فى اواخر شهر ربيع الاول من سنة تسع ومائة والف تفسير سورة العنكبوت سبع وستون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم الم قال الكاشفى [حروف مقطعه جهت تعجيز خلق است تا دانند كه كسى را بحقائق اين كتاب راه نيست وعقل هيچ كامل از كنه معرفت اين كلام آگاه نى خرد عاجز وفهم در وى كم است در حروف أول اين سوره كفته اند الف اشارتست باسم الله ولام بلطيف وميم بمجيد ميفرمايد كه الله منم روى بطاعت من آر لطيف منم اخلاص در عبادت فرو مكذار مجيد منم بزركى ديكران مسلم مدار] يقول الفقير من لطفه الابتلاء لانه لتخليص الجوهر من الكدورات الكونية وتصفية الباطن من العلائق الامكانية. ومن مجده وعظمته خضع له كل شىء فلا يقدر ان يخرج عن دائرة التسخير ويمتنع عن قبول الابتلاء. وفى الالف اشارة اخرى وهى استغناؤه عن كل شىء واحتياج كل شىء اليه كاستغناء الالف عن الاتصال بالحروف واحتياج الحروف الى الاتصال به أَحَسِبَ النَّاسُ الحسبان بالكسر الظن كما فى القاموس وقال فى المفردات الحسبان هو ان يحكم لاحد النقيضين أحدهما على الآخر نزلت فى قوم من المؤمنين كانوا بمكة وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام فكانت صدورهم تضيق لذلك ويجزعون فتداركهم الله بالتسلية بهذه الآية قال ابن عطية وهذه الآية وان كانت نزلت بهذه السبب فى هذه الجماعة فهى فى معناها باقية فى امة محمد موجود حكمها بقية الدهر

والمعنى بالفارسية [آيا پنداشتند مردمان يعنى اين ظن منكر ومستبعد است] أَنْ يُتْرَكُوا اى يهملوا سادّ مسدّ مفعولى حسب لاشتماله على مسند ومسند اليه أَنْ اى لان يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ اى والحال انهم لا يُفْتَنُونَ لا يمتحنون فى دعواهم بما يظهرها ويثبتها اى أظنوا أنفسهم متروكين بلا فتنة وامتحان بمجرد ان يقولوا آمنا بالله يعنى ان الله يمتحنهم بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة ورفض الشهوات ووظائف الطاعات وانواع المصائب فى الأنفس والأموال ليتميز المخلص من المنافق والراسخ فى الدين من المضطرب فيه ولينالوا بالصبر عليها عوالى الدرجات فان مجرد الايمان وان كان عن خلوص لا يقتضى غير الخلاص من الخلود فى العذاب عاشقانرا درد دل بسيار مى بايد كشيد ... جور يار وطعنه اغيار مى بايد كشيد وفى التأويلات النجمية (أَحَسِبَ النَّاسُ) يعنى الناسين من اهل الغفلة والبطالة (أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا) بالتقليد والجهالة بمجرد الدعوى دون المطالبة بالبلوى (وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) بانواع البلاء لتخليص إبريز الولاء فان البلاء للولاء كاللهب للذهب وان المحبة والمحنة توأمان فلا مميز بينهما الا نقطة الباء وبه يشير الى ان اهل المحبة إذا أوقعوا أنفسهم كنقطة الباء تحتها تواضعا لله رفعهم الله كالنقطة فوق النون ومن تكبر وطلب الرفعة والعلو فى الدنيا كالنقطة فوق النون وضعه الله بالذلة كالنقطة تحت الباء. وقيل عند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زاد قدر معناه زاد قدر بلواه كما قال عليه السلام (يبتلى الرجل على حسب دينه) وقال (البلاء موكل بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) فالعافية لمن لا يعرف قدرها كالداء والبلاء لمن يعرف قدره كالدواء فالبلاء على النفوس لاخراجها من أوطان الكسل وتصريفها فى احسن العمل والبلاء على القلوب لتصفيتها من شين الرين لقبول نقوش الغيوب والبلاء على الأرواح لتجردها بالبوائق عن العلائق والبلاء على الاسرار فى اعتكافها فى شاهد الكشف بالصبر على آثار التجلي الى ان يصير مستهلكا فيه باقيا به وان أشد الفتن حفظ وجود التوحيد لئلا يجرى عليه مكر فى اوقات غلبات شواهد الحق فيظن انه هو الحق ولا يدرى انه من الحق ولا يقال انه الحق وعزيز من يهتدى الى ذلك انتهى قال ابن عطاء ظن الخلق انهم يتركون مع دعاوى المحبة ولا يطالبون بحقائقها وحقائق المحبة هى صب البلاء على المحب وتلذذه بالبلاء فبلاء يلحق جسده وبلاء يلحق قلبه وبلاء يلحق سره وبلاء يلحق روحه وبلاء النفس فى الظاهر الأمراض والمحن وفى الحقيقة منعها عن القيام بخدمة القوى العزيز بعد مخاطبته إياها بقوله (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وبلاء القلب تراكم الشوق ومراعاة ما يرد عليه فى الوقت بعد الوقت من ربه والمحافظة على أقواله مع الحرمة والهيبة وبلاء السر هو المقام مع من لا مقام للخلق معه والرجوع الى من لا وصول للخلق اليه وبلاء الروح الحصول فى القبضة والابتلاء بالمشاهدة وهذا ما لا طاقة لاحد فيه : وفى البستان فى حق العشاق دمادم شراب الم در كشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند بلاي خمار است در عيش مل ... سلحدار خارست با شاه كل

[سورة العنكبوت (29) : آية 3]

نه تلخست صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست اسيرش نخواهد رهايى ز بند ... شكارش نجويد خلاص از كمند وَلَقَدْ فَتَنَّا [وبدرستى كه ما امتحان كرديم ودر فتنه انداختيم] الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل الناس وهم هذه الامة ومن قبلهم هم الأنبياء وأممهم الصالحون يعنى ان ذلك سنة قديمة الهية مبنية على الحكم والمصالح جارية فى الأمم كلها فلا ينبغى ان يتوقع خلافها وقد أصابهم من ضروب الفتن والمحن ما هو أشد مما أصاب هؤلاء فصبروا كما يعرب عنه قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا) : يعنى [اين صورت در همه امم واقع بود ونقد دعوى هر يك را بر محك بلا آزموده اند] وفى الحديث (كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فينفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بامشاط الحديد ما دون عظم ولحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه) فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ معنى علمه تعالى وهو عالم بذلك فيما لم يزل ان يعلمه موجودا عند وجوده كما علمه قبل وجوده انه يوجد. والمعنى فو الله ليتعلقن علمه تعالى بالامتحان تعلقا حاليا يتميز به الذين صدقوا فى الايمان بالله والذين هم كاذبون فيه مستمرون على الكذب ويرتب عليه اجزيتهم من الثواب والعقاب ولذلك قيل المعنى ليميزن او ليجازين يعنى ان بعضهم فسر العلم بالتمييز والمجازاة على طريق اطلاق السبب وارادة المسبب فان المراد بالعلم تعلقه الحالي الذي هو سبب لهما قال ابن عطاء تبين صدق العبد من كذبه فى اوقات الرخاء والبلاء فمن شكر فى ايام الرخاء وصبر فى ايام البلاء فهو من الصادقين ومن بطر فى ايام الرخاء وجزع فى ايام البلاء فهو من الكاذبين در محبت هر كه او دعوى كند ... صد هزاران امتحان بر وى زنند كر بود صادق كشد بار جفا ... ور بود كاذب كريزد از بلا قيل آن بود دل كه وقت پيچاپيچ ... اندر وجز خدا نيابى هيچ وفى التأويلات النجمية يشير الى ان صدق الصادقين وكذب الكاذبين الذي عجن فى تخمير طينتهم لا يظهر الا إذا طرح فى نار البلاء فاذا طرح فيها تصاعدت منها روائج الصبر وفوائح الشكر عن عود جوهر الصادقين او بضده يصعد من الضجر وكفران النعمة وشق جوهر الكاذبين وانهم فى البلاء على ضروب منهم من يصبر فى حال البلاء ويشكر فى حال النعماء وهذه صفة الصادقين ومنهم من يضجر ولا يصبر فى البلاء ولا يشكر فى النعماء فهو من الكاذبين ومنهم من يؤثر فى حال الرخاء ولا يستمتع بالعطاء ويستروح الى البلاء فيستعذب مقاساة الضر والعناء وهذا أحد الكبراء انتهى واعلم ان البلاء كالملح يصلح وجود الإنسان بإذن الله تعالى كما ان الملح يصلح الطعام وإذا أحب الله عبدا جعله للبلاء غرضا اى هدفا وكل محنة مقدمة لراحة ولكل شدة نتيجة شريفة [آورده اند كه امير نصر احمد سامانى را معلمى بود كه در ايام كودكى او را بسيار رنجانيدى وامير نصر با خود عهد كرده بود كه چون بزرك شود

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 4 إلى 5]

وبپادشاهى رسد ازو انتقام خواهد چون بزرك شد وبپادشاهى رسيد روزى در اثناى فكر آن معلم را ياد آورد وخادمى را كفت برو او را حاضر كردان واز باغ چوبى چندان با خود بيار خادم برفت وبإحضار او فرمان برد ومعلم را دريافت وتا هر دو روانه شدند حاضر در راه چوب بود ببرداشت او تحريك داد وروى بمعلم نهاد وكفت جاى خود چون بينى معلم دست در آستين كرد وبهى بيرون آورد وكفت عمر امير دراز باد اين ميوه باين لطيفى وآبدارى از ان چوبست و چندين اخلاق حميده واستعداد پادشاهى كه حاصل فرموده است از خوردن آن چوب بوده است باقى فرمان امير راست امير نصر را اين سخن خوش آمد وتشريف ونواخت بسيار ارزانى فرمود] أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ اى الكفر والمعاصي فان العمل يعم افعال القلوب والجوارح أَنْ يَسْبِقُونا اصل السبق التقدم فى السير ثم تجور به فى غيره من التقدم اى يفوتونا ويعجزونا فلا نقدر على مجازاتهم على مساويهم وهو سادّ مسدّ مفعولى حسب لاشتماله على مسند ومسند اليه وأم منقطعة بمعنى بل والهمزة وبل ليس لابطال السابق لان انكار الحسبان الاول ليس بباطل بل للانتقال من التوبيخ بانكار حسبانهم متروكين غير مفتونين الى التوبيخ بانكار ما هو أبطل من الحسبان الاول وهو حسبانهم ان يجاوزوا بسيآتهم وهم وان لم يحسبوا انهم يفوتونه تعالى ولم يحدثوا نفوسهم بذلك لكنهم حيث أصروا على المعاصي ولم يتفكروا فى العاقبة نزلوا منزلة من يحسب ذلك كما فى قوله تعالى (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) ساءَ ما يَحْكُمُونَ اى بئس الحكم الذي يحكمونه حكمهم ذلك فحذف المخصوص بالذم قال الكاشفى [در فتوحات مذكور است كه آيا مى پندارند كنهكاران ما كه به سيآت خود بر مغفرت وشمول رحمت من سبقت كيرند اين حكم ناپسنديده است زيرا كه رحمت من سبقت كرفته است بر ذنوب ايشان كه موجب غضب باشد] كر كناه تو از عدد پيش است ... سبقت رحمتم از ان پيش است مَنْ [هر كه] كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ الرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة وتفسيره بالخوف لان الرجاء والخوف متلازمان ولقاء الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه والمعنى يتوقع ملاقاة جزائه ثوابا او عقابا فليستعد لاجل الله باختياره من الأعمال ما يؤدى الى حسن الثواب واجتنابه عما يسوقه الى سوء العذاب فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ الاجل عبارة عن غاية زمان ممتد عينت لامر من الأمور وقد يطلق على كل ذلك الزمان والاول هو الأشهر فى الاستعمال اى فان الوقت الذي عينه تعالى لذلك لَآتٍ لا محالة وكائن البتة لان اجزاء الزمان على الانقضاء والانصرام دائما فلا بد من إتيان الوقت المعين وإتيانه موجب لاتيان اللقاء والجزاء وَهُوَ السَّمِيعُ لاقوال العباد الْعَلِيمُ بأحوالهم من الأعمال الظاهرة والباطنة فلا يفوته شىء ما فبادروا العمل قبل الفوت وفى التأويلات النجمية من امّل الثواب يفرّ من اعمال تورث العذاب ويعانق المجاهدات فانها تورث المشاهدات من مضى عمره فى رجاء لقائنا فسوف نبيح النظر الى جمالنا

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 6 إلى 10]

عظمت همة عين ... طمعت فى ان تراكا أو ما يكفى لعين ... ان ترى من قد رآكا (وَهُوَ السَّمِيعُ) لانين المشتاقين (الْعَلِيمُ) بحنين الوامقين الصادقين وَمَنْ [وهر كه] جاهَدَ نفسه بالصبر على طاعة الله وجاهد الكفار بالسيف وجاهد الشيطان بدفع وساوسه. والمجاهدة استفراغ الجهد بالضم اى الطاقة فى مدافعة العدو فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ لان منفعتها عائدة إليها إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ فلا حاجة به الى طاعتهم ومجاهدتهم وانما أمرهم بها رحمة عليهم لينالوا الثواب الجزيل كما قال (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لاربح عليهم) فالعاملون هم الفقراء الى الله والمحتاجون اليه فى الدارين وهو مستغن عنهم برى ذاتش از تهمت ضد وجنس ... غنى ملكش از طاعت جن وانس مر او را سزد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى نه مستغنى از طاعتش پشت كس ... نه بر حرف او جاى انكشت كس قال ابو العباس المشتهر بزروق فى شرح الأسماء الحسنى الغنى هو الذي لا يحتاج الى شىء فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله إذ لا يلحقه نقض ولا يعتريه عارض ومن عرف انه الغنى استغنى به عن كل شىء ورجع اليه بكل شىء وكان له بالافتقار فى كل شىء وللتقرب بهذا الاسم تعلق بإظهار الفاقة والفقر اليه ابدا قيل لابى حفص بماذا يلقى الفقير مولاه فقال فهل يلقى الغنى الا بالفقر قلت يلقاه بفقره حتى من فقره والا فهو مستعد بفقره ولذلك قال ابن مشيش رحمه الله للشيخ ابى الحسن لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالاسم الأعظم وبتمام فقره له يصح غناه عن غيره فيكون متخلقا بالغنى. وخاصية هذا الاسم وجود العافية فى كل شىء فمن ذكره على مرض او بلاء أذهبه الله عنه وفيه سر للغنى ومعنى الاسم الأعظم لمن استأهل به انتهى وفى الاحياء يستحب ان يقول بعد صلاة الجمعة «اللهم يا غنى يا حميد يا مبدئ يا معيد يا رحيم يا ودود أغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك» فيقال من داوم على هذا الدعاء أغناه الله تعالى عن خلقه ورزقه من حيث لا يحتسب وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ [هر آينه محو كنيم] عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ الكفر بالايمان والمعاصي بما يتبعها من الطاعات وتكفير الاسم ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل قال بعضهم التكفير اذهاب السيئة وابطالها بالحسنة وسترها وترك العقوبة عليها وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ اى احسن جزاء أعمالهم بان نعطى بواحد عشرا او اكثر لاجزاء احسن أعمالهم فقط رسم باشد كز غنى چيزى رسد محتاج را والعمل الصالح عندنا كل ما امره الله فانه صار صالحا بامره ولو نهى عنه لما كان صالحا فليس الصلاح والفساد من لوازم الفعل فى نفسه وقالت المعتزلة ذلك من صفات الفعل ويترتب عليه الأمر والنهى فالصدق عمل صالح فى نفسه يأمر الله تعالى به لذلك فعندنا الصلاح والفساد والحسن والقبح يترتب على الأمر والنهى وعندهم الأمر والنهى يترتب على الحسن والقبح

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 8 إلى 9]

واعلم ان كل ما يفعله الإنسان من الخير فالله تعالى يجازيه عليه ويجده عند الله حين يلقاء فمنفعة خيره تعود الى نفسه وان كان نفعه الى الغير بحسب الظاهر وفى صحيح مسلم عن ابى هريرة رضى الله عنه (يا ابن آدم مرضت فلم تعدنى قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال اما علمت ان عبدى فلانا مرض فلم تعده اما علمت لوعدته لوجدتنى عنده. يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمنى قال كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال اما علمت انه استطعمك فلان فلم تطعمه اما علمت انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى. يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقنى قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدى فلان فلم تسقه اما انك لو سقيته وجدت ذلك عندى) قال بعضهم كنت فى طريق الحج فاعترض ثعبان اسود امام القافلة فاتحا فاه ومنع القوم من المرور فاخذت قربة ماء وسللت سيفى وتقدمت ووضعت فم القربة فى فيه فشرب ثم غاب فلما حججت ورجعت الى هذا المكان مع القافلة أخذني النوم وذهبت القافلة وبقيت متحيرا فاذا بناقة مع ناقتى وقفت بين يدى فقالت لى قم واركب فركبت وأخذت ناقتى وقت السحر ولحقنا القافلة فاشارت الىّ بالنزول فقلت بالله الذي خلقك من أنت قالت انا الأسود المعترض امام القافلة فانت دفعت ضرورتى وانا دفعت ضرورتك الآن هل جزاء الإحسان الا الإحسان بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى كر از حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد غم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً اى بايتاء والديه وايلائهما فعلا ذا حسن اى أمرناه بان يفعل بهما ما يحسن من المعاملات فان وصى ويجرى مجرى امر معنى وتصرفا غير انه يستعمل فيما كان فى المأمور به نفع عائد الى المأمور وغيره يقال وصيت زيدا بعمرو أمرته بتعهده ومراعاته. والتوصية [وصيت كردن] قال الراغب الوصية التقدم الى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ وَإِنْ جاهَداكَ اى وقلنا له ان جاهداك: يعنى [اگر كوشش نمايد والدين وجنك وجدل كنند بتو] وان كان معنى وصينا وقلنا له افعل بهما حسنا فلا يضمر القول هنا لِتُشْرِكَ بِي [تا شرك آورى بمن وانباز كيرى] ما لَيْسَ لَكَ بِهِ اى بإلهيته على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه عِلْمٌ عبر عن نفى الالهية بنفي العلم بها للايذان بان ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه وان لم يعلم بطلانه فكيف بما علم بطلانه فَلا تُطِعْهُما فى ذلك فانه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق كما ورد فى الحديث ويدخل فيه الأستاذ والأمير إذا امرا بغير معروف وهو ما أنكره الشارع عليه إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ مرجع من آمن منكم ومن أشرك ومن بر بوالديه ومن عق فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انّهما سببان للعلم اى اظهر لكم على رؤس الاشهاد وأعلمكم أي شىء كنتم تفعلون فى الدنيا على الاستمرار وارتب عليه جزاءه اللائق به وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ اى فى زمرة الراسخين فى الصلاح

ولنحشرنهم معهم وهم الأنبياء والأولياء وكل من صلحت سريرته مع الله والكمال فى الصلاح منتهى درجات المؤمنين وغاية مأمول الأنبياء والمرسلين- روى- ان سعد بن مالك وهو سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه من السابقين الأولين لما اسلم او حين هاجر كما فى التكملة قالت له امه حمنة بنت ابى سفيان بن امية يا سعد ما هذا الذي قد أحدثت لتدعن دينك اولا انتقل من الضح الى الظل ولا آكل ولا اشرب حتى أموت فتعير بي فيقال يا قاتل امه فلبثت ثلاثة ايام كذلك حتى جهدت اى وقعت فى الجهد والمشقة بسبب الجوع فقال سعد والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما كفرت فكلى وان شئت فلا تأكلى فلما رأت ذلك أكلت فامره الله تعالى ان يحسن إليها ويقوم بامرها ويسترضيها فيما ليس بشرك ومعصية ويعرض عنها ويخالف قولها فيما أنكره الشارع: قال الشيخ سعدى قدس سره چون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى وفى هدية المهديين يجب على المرء نفقة الأبوين الكافرين وخدمتهما وزيارتهما وان خاف من ان يجلباه الى الكفر ترك زيارتهما ويقود بهما زوجته لو كان كل منهما فاقد البصر من البيعة الى البيت لا العكس لان الذهاب إليها معصية والى البيت لا ومنه يعلم ان الذمي إذا سأل مسلما عن طريق البيعة لا يدله عليه سئل ابراهيم بن أدهم رحمه الله عن طريق بيت السلطان فارشده الى المقابر فضربه الجندي وشجه ثم عرفه واستعفاه فقال كنت عفوت عنك فى أول ضربة وقلت اضرب رأسا ظالما عصى الله كذا فى البزازية قال الامام الغزالي رحمه الله اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجب فى الحرام المحض لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم اى واجب. ويجيب إذا كان فى صلاة النافلة دعاء امه دون دعوة أبيه اى يقطع صلاته ويقول لبيك مثلا وقال الطحاوي مصلى النافلة إذا ناداه أحد أبويه ان علم انه فى الصلاة وناداه لا بأس بان لا يجيبه وان لم يعلم يجيبه واما مصلى الفريضة إذا دعاه أحد أبويه لا يجيبه ما لم يفرغ من صلاته الا ان يستغيثه لشىء لان قطع الصلاة لا يجوز الا لضرورة وكذلك الأجنبي إذا خاف ان يسقط من سطح او تحرقه النار او يغرق فى الماء وجب عليه ان يقطع الصلاة وان كان فى الفريضة وكذا لو قال له كافر اعرض علىّ الإسلام او سرق منه الدراهم او فارت قدرها او خافت على ولدها الفرض والنفل فيه سواء كما فى البزازية قال فى شرح التحفة لا يفطر فى النافلة بعد الزوال الا إذا كان فى ترك الإفطار عقوق الوالدين ولا يتركهما لغزو او حج او طلب علم نفل فان خدمتهما أفضل من ذلك وفى الخبر (يسأل الولد عن الصلاة ثم عن حق الوالدين وتسأل المرأة عن الصلاة ثم عن حق الزوج ويسأل العبد عن الصلاة ثم عن حق المولى فان أجاب تجاوز عن موقفه الى موقف آخر من المواقف الخمسين والا عذب فى كل موقف الف سنة ودعاء الوالدين على الولد لا يردّ) وقوله عليه السلام (دعاء المرء على محبوبه خير بالنسبة الى غيرهما) كما فى المقاصد الحسنة سأل الزمخشري بعض العلماء عن سبب قطع رجله قال أمسكت عصفورا فى صباى وربطته بخيط فى رجله وأفلت من يدى ودخل فى خرق فجذبته فانقطعت رجله

فتألمت والدتي وقالت قطع الله رجل الا بعد كما قطعت رجله فلما رحلت الى بخارى لطلب العلم سقطت من الدابة فانكسرت رجلى وقيل أصابه البرد فى الطريق فسقطت رجله وكان يمشى بخشب كذا فى روضة الاخبار ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسبب الجفاء وسوء المعاملة ويعيناه على البر. فمن البر وهما حيان ان ينفق عليهما ويمتثل أمرهما فى الأمور المشروعة ويجامل فى معاملتهما. ومن البر بعد موتهما التصدق لهما وزيارة قبرهما فى كل جمعة والدعاء لهما فى ادبار الصلاة وتنفيذ عهودهما ووصاياهما ونحو ذلك وفى التأويلات (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) يشير الى تعظيم الحق تعالى وعظم شأنه وعزة الأنبياء وإعزازهم وعرفان قدر المشايخ وإكرامهم لان الأمر برعاية حق الوالدين لمعنيين أحدهما انهما كانا سبب وجود الولد والثاني ان لهما حق التربية فكلا المعنيين فى انعام الحق تعالى على العباد حاصل بأعظم وجه وأجل حق منهما لان حقهما كان مشوبا بحظ نفسهما وحق الحق تعالى منزه عن الشوب وانهما وان كانا سبب وجود الولد لم يكونا مستقلين بالسببية بغير الحق تعالى وإرادته لانهما كانا فى السببية محتاجين الى مشيئته وإرادته بان يجعلهما سببا لوجود الولد فان الولد لا يحصل بمجرد تسببهما بالنكاح بل يحصل بموهبة الله تعالى كما قال تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) الآية فالسبب الحقيقي فى إيجاد الولد هو الله تعالى فان شاء يوجده بواسطة تسبب الوالدين وان شاء بغير تسببهما كايجاد آدم عليه السلام واما التربية فنسبتها الى الله تعالى حقيقية فانه رب كل شىء ومربيه والى الوالدين مجازية لان صورة التربية إليهما وحقيقة التربية الى الله تعالى كما ربى نطف الولد فى الرحم حتى جعله علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كساه اللحم ثم انشأه حلقا آخر فالله تبارك وتعالى أعظم قدرا فى رعاية حقوقه بالعبودية من رعاية حق الوالدين لاحسان وان الواجب على العبد ان يخرج من عهدة حق العبودية بالإخلاص اولا ثم يحسن بالوالدين كما قال تعالى (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) واما النبي والشيخ فكانا سبب الولادة الثانية بإلقاء نطفة النبوة والولاية فى رحم قلب الامة والمريد وتربيتها الى ان يولد الولد عن رحم القلب فى عالم الملكوت كما اخبر النبي عليه السلام رواية عن عيسى عليه السلام انه قال (لن يلج ملكوت السموات والأرض الا من يولد مرتين) وكانا سبب ولادته فى عالم الأرواح وأعلى عليين القرب والولدان كانا سبب ولادته فى عالم الأشباح وأسفل سافلين البعد ولهذا السر كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم (انما انا لكم كالوالد لولده) وقد كانت أزواجه أمهات للامة وقد قال عليه السلام (الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته) ولما كان الله تعالى فى الإحسان العميم بالعبد والامتنان القديم الذي خصه به قبل وبعد أحق واولى برعاية حقوقه عن والديه قال تعالى (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) وفيه اشارة الى ان المريد الصادق والطالب العاشق إذا تمسك بذيل ارادة شيخ كامل ودليل واصل بصدق الارادة وعشق الطلب بعد خروجه عن الدنيا بتركها بالكلية عن جاهها ومالها وقد سعى بقدر الوسع فى قطع تعلقات تمنعه

[سورة العنكبوت (29) : آية 10]

عن السير الى الله متوجها الى الحضرة بعزيمة كعزيمة الرجال فان كان له الولدان وهما بمعزل عما يهيجه من الصدق والمحبة فهما بجهلهما عن حال الولد يمنعان عن صحبة الشيخ وطلب الحق بالاعراض ويقبلان به الى الدنيا ويرغبانه فى طلب جاهها ومالها ويحثان على التزويج فى غير أوانه فالواجب على المريد ان لا يطيعهما فى شىء من ذلك فان ذلك بالكلية طاغوت وقته وعليه ان يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ليستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها وهما يجاهدانه على ان يشرك بالله لجهلهما بحاله وحال أنفسهما وانه يريد ان يخرج عن عهدة العبودية الخالصة لربه كما قضى ربه ان لا يعبد الا إياه ولا يعبد ما دونه من الدنيا والآخرة وما فيهما وما يعلمان انهما من عبدة الهوى وانهما يدعوانه الى عبادة غير الله فالواجب عليه ان لا يطيعهما فى ذلك ولكن عليه ان يردهما باللطف ولا يزجرهما بالعنف الى ان يخرج عن عهدة ما قضى ربه من العبودية بالإخلاص ثم الواجب عليه ان يحسن إليهما ويسمع كلامهما ويطيعهما فيما لا يقطعه عن الله على وفق امره ثم أوعد الجميع بالمرجع اليه فقال (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ) ايها الولد والولدان (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من العبادة الخالصة لله ومن عبادة الهوى على لسان جزائكم ليقول لكم ان مرجع عبدة الهوى الهاوية (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بمحبة الحق (وَ) طلبوه بان (عَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اى أعمالا تصلح للسير الى الله والوصول الى حضرة جلاله (لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) اى نجعل مدخلهم مقام الأنبياء والأولياء بجذبات العناية تفهم ان شاء الله تعالى وتؤمن به وَمِنَ النَّاسِ مبتدأ باعتبار مضمونه اى وبعض الناس والخبر قوله مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ اى فى شأنه تعالى بان عذبهم الكفرة على الايمان وهو مجهول آذى يؤذى أذى واذية ولا تقل إيذاء كما فى القاموس والأذى ما يصل الى الإنسان من ضرر اما فى نفسه او فى جسمه او فى قنياته دنيويا كان اواخر ويا جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ اى ما يصيبه من اذيتهم والفتنة الامتحان والاختبار تقول فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتظهر جودته من رداءته وأطلقت على المحنة لانها سبب نقادة القلب كَعَذابِ اللَّهِ فى الآخرة فى الشدة والهول ويستولى عليه خوف البشرية إذ من لم يكن فى حماية خوف الله وخشيته يفترسه خوف الحق فيساوى بين العذابين فيخاف العاجل الذي هو ساعة ويهمل الآجل الذي هو باق لا ينقطع فيرتد عن الدين ولو علم شدة عذاب الله وان لا قدر لعذاب الناس عند عذابه تعالى لما ارتد ولو قطع اربا اربا ولما خاف من الناس ومن عذابهم وفى الحديث [من خاف الله خوّف الله منه كل شىء ومن لم يخف الله يخوّفه من كل شىء] وقال بعضهم جعل فتنة الناس فى الصرف عن الايمان كعذاب الله فى الصرف عن الكفر: يعنى [ترك ايمان كند از خوف عذاب خلق چنانكه ترك كفرى بايد كرد از خوف خداى تعالى] وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ اى فتح وغنيمة للمؤمنين فالآية مدنية لَيَقُولُنَّ بضم اللام نظرا الى معنى من كما ان الافراد فيما سبق بالنظر الى لفظها إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ اى متابعين لكم فى الدين فاشركونا فى المغنم وهم ناس من ضعفة المسلمين كانوا إذا مسهم أذى من الكفار وافقوهم وكانوا يكتمونه

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 11 إلى 15]

من المسلمين فرد عليهم ذلك بقوله أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ اى با علم منهم بما فى صدورهم من الإخلاص والنفاق حتى يفعلوا ما يفعلون من الارتداد والإخفاء وادعاء كونهم منهم لنيل الغنيمة: وبالفارسية [آيا نيست خداى تعالى داناتر از همه دانايان بآنچهـ در سينه عالميانست از صفاى اخلاص وكدورت نفاق] وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالإخلاص وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ سواء كان نفاقهم باذية الكفرة اولا اى ليجزينهم على الايمان والنفاق فان المراد تعلق علمه تعالى بالامتحان تعلقا حاليا يبتنى عليه الجزاء كما سبق فجوهر الايمان والنفاق المودع فى القلب انما يظهر بالصبر او بالتزلزل عند البلاء والمحنة كما ان عيار النقدين يظهر بالنار بشكل وهيآت انسان ز ره مرو زنهار ... توان بصبر وتحمل شناخت جوهر مرد اگر نه پاك بود از بلا نخواهد جست ... وكر در اصل بود پاك صبر خواهد كرد وفى الآية تنبيه لكل مسلم ان يصبر على الأذى فى الله وحقيقة الايمان نور إذا دخل قلب المؤمن لا تخرجه اذية الخلق بل يزيد بالصبر على اذاهم والتوكل على الله فانه نور حقيقى أصلي ذاته لا يتكدر بالعوارض كنور الشمس والقمر فانهما إذا طلعا يزداد نورهما بالارتفاع ولا يقدر أحد ان يطفئ نورهما وكنور الحجر الشفاف المضيء بالليل فانه لا يقبل الانطفاء مثل الشمعة لان نوره أصلي ونور الشمعة عارضى ثم ان فى المحن والأذى تفاوتا فمن كانت محنته بموت قريب من الناس او فقد حبيب من الخلق او نحوه فحقير قدره وكثير من الناس مثله ومن كانت محنته لله وفى الله فعزيز قدره وقليل مثله وقد كان كفار مكة يؤذون النبي عليه الصلاة والسلام بانواع الأذى فيصبر وقد قال (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) اى ما صفى نبى مثل ما صفيت لان الأذى سبب لصفوة الباطن وبقدر الوقوف فى البلاء تظهر جواهر الرجال وتصفو من الكدر مرآئى قلوبهم ألا ترى الى أيوب عليه السلام حيث خلص له جوهر نعم العبدية عن معدن الانسانية مدة ايام البلاء والصبر عليه وكذا كانوا يؤذون الاصحاب رضى الله عنهم تؤذى كل قبيلة من اسلم منها وتعذبه وتفتنه عن دينه وذلك بالحبس والضرب والجوع والعطش وغير ذلك حتى ان الواحد منهم ما يقدر ان يستوى جالسا من شدة الضرب الذي به وكان ابو جهل ومن يتابعه يحرض على الأذى وكان إذا سمع بان رجلا اسلم له شرف ومنعة جاء اليه ووبخه وقال له ليغلبن رأيك وليضعفن شرفك وان كان تاجرا قال والله لتكسدن تجارتك ويهلك مالك وان كان ضعيفا حرّض على أذاه حتى ان بعض الضعفاء فتن عن دينه ورجع الى الشرك نعوذ بالله تعالى وكان بلال رضى الله عنه ممن يعذب فى الله ولا يقول الا أحد أحد اى الله لا شريك له وهكذا الأقوياء من اهل السعادة ثبتوا على دينهم واختاروا عذاب الدنيا وفضوحها على عذاب الآخرة وفضوحها فان عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا أضعافا كثيرة ويدل عليه النار فانها جزء من الاجزاء السبعين لنار الآخرة وهى بهذه الحرارة فى الدنيا مع ما غسلت فى بعض انهار الجنة قال الواسطي رحمه الله لا يؤذى فيها الا الأنبياء وخواص الأولياء وأكابر العباد فالصبر لازم فى موطن الأذى والملام: قال المولى الجامى

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 12 إلى 13]

عاشق ثابت قدم آنكس بود كز كوى دوست ... رو نكرداند اگر شمشير بارد بر سرش وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اللام للتبليغ اى قال كفار مكة مخاطبين للمؤمنين استمالة ليرتدوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا اى اسلكوا طريقتنا التي نسلكها فى الدين عبر عن ذلك بالاتباع الذي هو المثنى خلف ماش آخر تنزيلا للمسلك منزلة السالك فيه وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ اى ان كان لكم خطيئة تؤاخذون عليها وان كان بعث ومؤاخذة كما تقولون اى لا بعث ولا مؤاخذة وان وقع فرضا نحمل آثامكم عنكم وهى جمع خطيئة من الخطأ وهو العدول عن الجهة فرد الله عليهم بقوله وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ اى والحال انهم ليسوا بحاملين شيأ من خطاياهم التي التزموا ان يحملوها كلها على ان من الاولى للتبيين والثانية مزيدة للاستغراق إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى دعوى الحمل بانهم قادرون على انجاز ما وعدوا وَلَيَحْمِلُنَّ اى هؤلاء القائلون أَثْقالَهُمْ اى ذنوبهم التي عملوها وذلك يوم القيامة جمع ثقل بالكسر وسكون القاف كحمل وأحمال والثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح على ما يوزن به او يقدر به يقال هو ثقيل وأصله فى الأجسام ثم يقال فى المعاني أثقله الغرم والوزر قال الراغب اثقالهم اى آثامهم التي تثقلهم وتثبطهم عن الثواب وَأَثْقالًا آخر مَعَ أَثْقالِهِمْ وهى أثقال الإضلال فيعذبون بضلال أنفسهم وإضلال غيرهم من ان ينقص من أثقال من اضلوه شىء ما أصلا فتكون أثقال المضلين زائدة على أثقال الضالين لان من دعا الى ضلالة فاتبع فعليه حمل أوزار الذين اتبعوه وكذا من سن سنة سيئة كما ورد فى الحديث: وفى المثنوى هر كه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى «1» جمع كردد بر وى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ سؤال تقريع وتبكيت لم فعلوه ولأى حجة ارتكبوه عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ اى يختلقونه فى الدنيا من الأكاذيب والأباطيل التي أضلوا بها ومن جملتها كذبهم هذا ويدخل فى هذا بعض الجهلة حيث يقول لمثله افعل هذا وإثمه فى عنقى ثم التعبير عن الخطايا بالأثقال للايذان بغاية ثقلها: قال الشيخ سعدى قدس سره مرو زير بار كناه اى پسر ... كه حمال عاجز بود در سفر يعنى ان الحمال يعجز عن حمل الثقيل خصوصا إذا كان المنزل بعيدا وفى الطريق عقبات. ثم ان الخطايا على تفاوت فى الثقل وفى الخبر (التهمة على البريء انقل من سبع سماوات وسبع ارضين وأثقل من جميع الموجودات) جبل الوجود والانانيات كما ورد (وجودك ذنب لا يقاس عليه ذنب آخر) جمعست خيرها همه در خانه ونيست ... آن خانه را كليد بغير از فروتنى شرها بدين قياس بيك خانه راست جمع ... وانرا كليد نيست بجز مائى ومنى وكمال ان عذاب الإضلال والحمل على الكفر والمعاصي أشد فكذا عذاب إفساد استعداد الغير وحمله على الإنكار ومنعه عن سلوك طريق الحق ومثل هذا الإفساد أشد من الزنى

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان معنىء قوله تعالى خلق الجان من مارج إلخ

[سورة العنكبوت (29) : آية 14]

لان فى الزنى يهلك الولد الصوري لبقائه بلا والد وفى الإفساد يهلك الولد المعنوي لبقائه بلا فيض وفساد المعنى أشد من فساد الصورة ففى الآية اشارة الى حال ارباب الإلحاد والدعوى مع من يتبعهم ممن لا يفرق بين الفساد والصلاح والبقاء والهلاك اللهم اجعلنا من الثابتين على الطريق القويم وَلَقَدْ أَرْسَلْنا للدعوة الى التوحيد وطريق الحق من قبل ارسالنا إياك يا محمد نُوحاً واسمه عبد الغفار كما ذكره السهيلي رحمه الله فى كتاب التعريف والشاكر كما ذكره ابو الليث فى البستان. وسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله ولد بعد مضى الف وستمائة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وبعث عند الأربعين إِلى قَوْمِهِ وهم اهل الدنيا كلها. والفرق بين عموم رسالته وبين عموم رسالة نبينا عليه السلام ان نبينا عليه السلام مبعوث الى من فى زمانه والى من بعده الى يوم القيامة بخلاف نوح فانه مرسل الى جميع اهل الأرض فى زمانه لا بعده كما فى انسان العيون وهو أول نبى بعث الى عبدة الأصنام لان عبادة الأصنام أول ما حدثت فى قومه فارسله الله إليهم ينهاهم عن ذلك وايضا أول نبى بعث الى الأقارب والأجانب واما آدم فاول رسول الله الى أولاده بالايمان به وتعليم شرائعه وهو اى نوح عليه السلام أبونا الأصغر وقبره بكرك بالفتح من ارض الشام كما فى فتح الرحمن فَلَبِثَ فِيهِمْ بعد الإرسال ولبث بالمكان اقام به ملازما له أَلْفَ سَنَةٍ الالف العدد المخصوص سمى بذلك لكون الاعداد فيه مؤلفة فان الاعداد اربعة آحاد وعشرات ومئون وألوف فاذا بلغ الالف فقد ائتلف وما بعده ويكون مكررا قال بعضهم الالف من ذلك لانه مبدأ النظام والسنة أصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا اى عاملته سنة فسنة وقيل أصلها من الواو لقولهم سنوات والهاء للوقف إِلَّا خَمْسِينَ عاماً العام كالسنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء وفى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة وهى ان نوحا عاش بعد إغراق قومه ستين سنة فى طيب زمان وصفاء عيش وراحة بال وقيل سمى السنة عاما لعوم الشمس فى جميع بروجها والعوم السباحة ويدل على معنى العوم قوله تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) . ومعنى الآية فلبث بين أظهرهم تسعمائة وخمسين عاما يخوفهم من عذاب الله ولا يلتفتون اليه وانما ذكر الالف تخييلا لطول المدة الى السامع اى ليكون افخم فى اذنه ثم اخرج منها الخمسون إيضاحا لمجموع العدد فان المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتثبيته على ما يكابد من الكفرة: يعنى [إيراد قصه نوح بجهت تسليه سيد أنام است وتثبيت بر كشيدن أذى از قوم وتهديد يكزبان بذكر طوفان يعنى نوح نهصد و پنجاه سال جفاى قوم كشيد وهمچنان دعوت ميفرمود وكسى نمى كرويد] الا القليل الذين ذكرهم فى قوله (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) فاذن له فى الدعاء فدعا عليهم بالهلاك فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ اى عقيب تمام المدة المذكورة فغرق من فى الدنيا كلها من الكفار. والطوفان يطلق على كل ما يطوف بالشيء ويحيط به على كثرة وشدة وغلبة من السيل والريح والظلام والقتل والموت والطاعون والجدري والحصبة والمجاعة وقد

[سورة العنكبوت (29) : آية 15]

غلب على طوفان الماء وقد طاف الماء ذلك اليوم بجميع الأرض وَهُمْ ظالِمُونَ اى والحال انهم مستمرون على الظلم والكفر لم يستمعوا الى داعى الحق هذه المدة المتمادية فَأَنْجَيْناهُ اى نوحا من الغرق والابتلاء بمشاق الكفرة وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ اى ومن ركب معه فيها من أولاده واتباعه وكانوا ثمانين ذكورا وإناثا قال الكاشفى يعنى [هر كه با وى بود از مؤمنان وهر چهـ در سفينه بود از انواع جانوران] والسفينة من سفنه يسفنه قشره ونحته كانها تسفن الماء اى تقشره فهى فعيلة بمعنى فاعلة وَجَعَلْناها اى السفينة او القصة آيَةً لِلْعالَمِينَ اى عبرة لمن بعدهم من الاهالى يتعظون بها او دلالة يستدلون بها على قدرة الله قال ابو الليث فى تفسيره وقد بقيت السفينة على الجودي الى قريب من وقت خروج النبي عليه السلام وبين الطوفان والهجرة الشريفة ثلاثة آلاف وتسعمائة واربع وسبعون سنة على ما فى فتح الرحمن وكان ذلك علامة وعبرة لمن رآها ولمن لم يرها لان الخبر قد بلغه وقال بعضهم سفينة نوح أول سفينة فى الدنيا فابقيت السفن آية وعبرة للخلائق وعلامة من سفينة نوح وهو قوله تعالى (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) - روى- ان نوحا بعث على رأس الأربعين ودعا قومه تسعمائة وخمسين عاما وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا وذلك من أولاده حام وسام ويافث لانهم لما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم الا أولاد نوح كما فى البستان فيكون عمره الفا وخمسين عاما وهو أطول الأنبياء عمرا ومن ذلك قيل له كبير الأنبياء وشيخ المرسلين وهو أول من تنشق عنه الأرض بعد نبينا عليه السلام قال الكاشفى [ملك الموت بوقت قبض روح از وى پرسيد كه اى درازترين پيغمبران از جهت عمر دنيا را چون يافتى فرمود كه يافتم مانند خانه كه دو در داشته باشد از يكى درآيند واز ديكرى بيرون روند] كر عمر تو عمر نوح ولقمان باشد ... آخر بر وى چنانكه فرمان باشد در بودن دنيا وبرون رفتن ازو ... يكروز وهزار سال يكسان باشد قيل ألا انما الدنيا كظل سحابة ... أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت فلاتك فرحانا بها حين أقبلت ... ولا تك جزعانا بها حين ولت قال الحسن أفضل الناس ثوابا يوم القيامة المؤمن المعمر وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبي عليه السلام آخى بين الرجلين فقتل أحدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام (ما قلتم) قالوا دعونا الله ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال عليه السلام (فاين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله) او قال (صيامه بعد صيامه لما بينهما ابعد مما بين السماء والأرض فطوبى لمن طال عمره وحسن عمله) والفيض الحاصل للامة المتقدمة فى المدة المتطاولة حاصل لهذه الامة فى المدة القصيرة لكمال الاستعداد الفطري فلا ينبغى للمرء ان يتمنى اعمال القرون الاولى فان السبعين عمر طويل والمائة أطول بل يتمنى كثرة المدد والخلاص من يد النفس الامارة فانه إذا لم تصلح النفس فلا يغنى طول العمر عن

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 16 إلى 21]

قهر الله شيأ وصلاحها باستعمال احكام الشريعة التي اشارت إليها السفينة فكما ان السفينة تنجى راكبها فكذا الشريعة تنجى عاملها وهى دلالة للناس الى يوم القيامة تدل بظاهرها الى طريق الجنة وبباطنها الى طريق القربة والوصلة فبعبارتها نور واشارتها سرور واهل الاشارة مقربون والمتقربون إليهم متخلصون: قال الحافظ يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا فليجدّ من وقع فى طوفان نفسه حتى يجد الخلاص واليه الملجأ والمناص وَإِبْراهِيمَ نصب بالعطف على نوحا اى ولقد أرسلنا ابراهيم ايضا من قبل ارسالنا إياك يا محمد إِذْ قالَ نصب با ذكر المقدر هكذا ألهمت اى اذكر لقومك وقت قوله لِقَوْمِهِ وهم اهل بابل ومنهم نمرود اعْبُدُوا اللَّهَ وحده وَاتَّقُوهُ ان تشركوا به شيأ ذلِكُمْ اى ما ذكر من العبادة والتقوى خَيْرٌ لَكُمْ مما أنتم عليه من الكفر ومعنى التفضيل مع انه لا خير فيه قطعا باعتبار زعمهم الباطل إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى الخير والشر وتميزون أحدهما عن الآخر إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً هى فى نفسها تماثيل مصنوعة لكم ليس فيها وصف غير ذلك جمع وثن قال بعضهم الصنم هو الذي يؤلف من شجر او ذهب او فضة فى صورة الإنسان والوثن هو الذي ليس كذلك بل كان تأليفه من حجارة وفى غير صورة الإنسان وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً قال الراغب الخلق لا يستعمل فى كافة الناس الأعلى وجهين أحدهما فى معنى التقدير والثاني فى الكذب انتهى يقال خلق واختلق اى افترى لسانا او يدا كنحت الأصنام كما فى كشف الاسرار. والافك أسوأ الكذب وسمى الافك كذبا لانه مأفوك اى مصروف عن وجهه. والمعنى وتكذبون كذبا حيث تسمونها آلهة وتدعون انها شفعاؤكم عند الله وهو استدلال على شرارة ما هم عليه من حيث انه زور وباطل ثم استدل على شرارة ذلك من حيث انه لا يجدى بطائل فقال إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً يقال ملكت الشيء إذا قدرت عليه ومنه قول موسى لا املك الا نفسى وأخي اى لا اقدر الا على نفسى وأخي ورزقا مصدر وتنكيره للتقليل. والمعنى لا يقدرون على ان يرزقوكم شيأ من الرزق فَابْتَغُوا فاطلبوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ كله فانه القادر على إيصال الرزق وَاعْبُدُوهُ وحده وَاشْكُرُوا لَهُ على نعمائه متوسلين الى مطالبكم بعبادته مقيدين للنعمة بالشكر ومستجلبين للمزيد قال ابن عطاء اطلبوا الرزق بالطاعة والإقبال على العبادة وقال سهل اطلبوا الرزق فى التوكل لا فى الكسب وهذا سبيل العوام إِلَيْهِ لا الى غيره تُرْجَعُونَ تردون بالموت ثم البعث فافعلوا ما أمرتكم به وَإِنْ تُكَذِّبُوا اى وان تكذبونى فيما أخبرتكم به من انكم اليه ترجعون فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ تعليل للجواب اى فلا تضروننى بتكذيبكم فان من قبلكم من الأمم قد كذبوا من قبلى من الرسل وهم شيت وإدريس ونوح فما ضرهم تكذيبهم شيأ وانما ضر أنفسهم حيث تسبب لما حل بهم من العذاب فكذا تكذيبكم وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى التبليغ الذي لا يبقى معه شك وما عليه ان يصدق ولا يكذب البتة وقد خرجت

[سورة العنكبوت (29) : آية 19]

عن عهدة التبليغ بما لا مزيد عليه فلا يضرنى تكذيبكم بعد ذلك أصلا وكل أحد بعد ذلك مأخوذ بعمله قال فى الاسئلة المقحمة معنى البلاغ هو إلقاء المعنى الى النفس على سبيل الافهام وان لم يفهم السامع فقد حصل منى ذلك الإبلاغ والاسماع والافهام من الله تعالى پيش وحي حق اگر كر سر نهد ... كبريا از فضل خود سمعش دهد جز مكر جانى كه شد بى نور وفر ... همچوماهى كنك بد از اصل كر وفى الآية تسلية للرسول عليه السلام ودعاء له الى الصبر وزجر لمخالفيه فيما فعلوا من التكذيب والجحود فعلى المؤمن الطاعة والتقوى وقبول وصية الملك الأقوى فان التقوى خير الزاد يوم التلاق وسبب النجاة وجالبة الأرزاق وأعظم اسباب التقوى التوحيد وهو أساس الايمان ومفتاح الجنان ومغلاق النيران- روى- ان عمر رضى الله عنه مر بعثمان رضى الله عنه وسلم عليه فلم يرد سلامه فشكا الى ابى بكر رضى الله عنه فقال لعله لعذر ثم أرسل الى عثمان وسأل عن ذلك فقال لم اسمع كلامه فانى كنت فى امر وهو انا صاحبنا النبي زمانا فلم نسأل عما تفتح به الجنان وتغلق أبواب النيران فقال ابو بكر رضى الله عنه سألت عن ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فقال هى الكلمة التي عرضتها على عمى ابى طالب فابى لا اله الا الله محمد رسول الله وذكر الله اكثر الأشياء تأثيرا فاذكروا الله ذكرا كثيرا قال السرى رحمه الله صحبت زنجيا فى البرية فرأيته كلما ذكر الله تغير لونه وابيض فقلت يا هذا أرى عجبا فقال يا أخى اما انك لو ذكرت الله تغيرت صفتك قال الحكيم الترمذي رحمه الله ذكر الله يرطب اللسان فاذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوة فتعس ويبس وامتنعت الأعضاء عن الطاعة كالشجرة اليابسة لا تصلح الا للقطع وتصير وقود النار وبالتوحيد تحصل الطهارة التامة عن لوث الشرك والسوي فالنفس تدعو مع الشيطان الى أسفل السافلين والله تعالى يدعو بلسان نبيه الى أعلى عليين وقد دعا الأنبياء كلهم فقبحوا الأوثان والشرك والدنيا وحسنوا عبادة الله والتوحيد والاخرى ورغبوا الى الشكر والطاعة فى الدنيا التي هى الساعة بل كلمح البصر لا يرى لها اثر ولا يسمع لها خبر فالعاقل يستمع الى الداعي الحق ولا يكذب الخبر الصدق فيصل بالتصديق والقبول والرضى الى الدرجات العلى والراحة العظمى مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دو سه روز از غم ابد بگريز أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ اعتراض بين طرفى قصة ابراهيم عليه السلام لتذكير اهل مكة وانكار تكذيبهم بالبعث مع وضوح دليله والهمزة لانكار عدم رؤيتهم الموجب لتقريرها والواو للعطف على مقدر وإبداء الخلق اظهارهم من العدم الى الوجود ثم من الوجود الغيبى الى الوجود العيني قال الامام الغزالي رحمه الله الإيجاد إذا لم يكن مسبوقا بمثله يسمى إبداء وان كان مسبوقا بمثله يسمى إعادة والله تعالى بدأ خلق الإنسان ثم هو يعيدهم اى يرجعهم ويردهم بعد العدم الى الوجود ويحشرهم والأشياء كلها منه بدت واليه تعود. ومعنى الآية ألم ينظروا اى اهل مكة وكفار قريش ولم يعلموا علما جاريا مجرى الرؤية فى الجلاء والظهور كيفية خلق الله ابتداء من مادة ومن غير مادة اى قد علموا ثُمَّ يُعِيدُهُ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 20 إلى 21]

اى يرده الى الوجود عطف على أو لم يروا لا على يبدأ لعدم وقوع الرؤية عليه فهو اخبار بانه تعالى يعيد الخلق قياسا على الإبداء وقد جوز العطف على يبدأ بتأويل الاعادة بانشائه تعالى كل سنة ما انشأه فى السنة السابقة من النبات والثمار وغيرهما فان ذلك مما يستدل به على صحة البعث ووقوعه من غير ريب: قال الشيخ سعدى قدس سره بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست دكر ره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد إِنَّ ذلِكَ اى ما ذكر من الاعادة عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل لا نصب فيه: وبالفارسية [آسانست] إذ لا يفتقر فى فعله الى شىء من الأسباب قُلْ يا محمد لمنكرى البعث سِيرُوا فِي الْأَرْضِ سافروا فى أقطارها فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ خلقهم ابتداء على كثرتهم مع اختلاف الاشكال والافعال والأحوال ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ يقال نشأ نشأة حيى وربا وشب قال الراغب الإنشاء إيجاد الشيء وتربيته واكثر ما يقال ذلك فى الحيوان انتهى والنشأة مصدر مؤكد لينشئ بحذف الزوائد والأصل الانشاءة او بحذف العامل اى ينشئ فينشأون النشأة الآخرة كما فى قوله تعالى (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) اى فنبتت نباتا حسنا والنشأة الآخرة هى النشأة الثانية وهى نشأة القيام من القبور والجملة معطوفة على جملة سيروا فى الأرض داخلة معها فى حيز القول وعطف الاخبار على الإنشاء جائز فيما له محل من الاعراب وانما لم تعطف على قوله بدأ الخلق لان النظر غير واقع على إنشاء النشأة الاخرى فان الفكر يكون فى الدليل لا فى النتيجة. والمعنى ثم الله يوجد الإيجاد الآخر ويحيى الحياة الثانية اى بعد النشأة الاولى التي شاهدتموها وهى الإبداء فانه والاعادة نشأتان من حيث ان كلا اختراع وإخراج من العدم الى الوجود: وبالفارسية [پس الله باز فردا بآفرينش پسين خلق را زنده كند وظاهر كرداند آفريدن ديكر را ملخص سخن آنست كه چون بديديد وبدانستيد كه خالق همه در ابتدا الله است حجت لازم شود بر شما در أعادت وبضرورت دانيد آنكه مبدئ خلائق است ميتواند آنكه معيد ايشان باشد] إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لان قدرته لذاته ونسبة ذاته الى كل الممكنات على سواء فيقدر على النشأة الاخرى كما قدر على النشأة الاولى يُعَذِّبُ اى بعد النشأة الآخرة مَنْ يَشاءُ ان يعذبه وهم المنكرون لها وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ ان يرحمه وهم المصدقون بها وتقديم التعذيب لما ان الترهيب انسب بالمقام من الترغيب وَإِلَيْهِ تعالى لا الى غيره تُقْلَبُونَ تردون بالبعث فيفعل بكم ما يشاء من التعذيب والرحمة مجازاة على أعمالكم قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه عذابش از روى عدلست ورحمتش از راه فضل پس هر كرا خواهد با وى عدل كند از پيش براند وآنرا كه خواهد با وى فضل نمايد بلطف خويش بخواند] اگر رانى ز راه عدل رانى ... وكر خوانى ز روى فضل خوانى مرا با راندن وخواندن چهـ كارست ... اگر خوانى وكر رانى تو دانى [در زاد المسير آورده كه عذاب بزشت خوييست ورحمت بخوش خلقى. ونزد بعضى عذاب

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 22 إلى 27]

ورحمت بميل دنياست وترك آن يا بحرص وقناعت يا بمتابعت بدعت وملازمت سنت يا بتفرقه خاطر وجمعيت دل. امام قشيرى فرموده كه عذاب با آنست كه بنده را با او كذارد ورحمت آنكه بخود متولئ كار او شود] تا تو نباشى يار ما رونق نيابد كار ما وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [ونيستيد شما اى مردمان عاجز كنندكان پروردگار خود را] اى عن اجراء حكمه وقضائه عليكم وان هربتم فِي الْأَرْضِ الواسعة بالتواري فيها: يعنى [در زير زمين] وَلا فِي السَّماءِ ولا بالتحصن فى السماء التي هى أوسع منها لو استطعتم الترقي فيها. يعنى فى الأرض كنتم او فى السماء لا تقدرون ان تهربوا منه فهو يدرككم لا محالة ويجرى عليكم احكام تقديره وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ [دوست كار ساز] وَلا نَصِيرٍ يارى ومعين. يعنى ليس غيره تعالى يحرسكم مما يصيبكم من بلاء يظهر من الأرض او ينزل من السماء ويدفعه عنكم ان أراد بكم ذلك قال بعضهم الولي الذي يدفع المكروه عن الإنسان والنصير الذي يأمر بدفعه عنه والولي أخص من النصير إذ قد ينصر من ليس بولي وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ اى بدلائله التكوينية والتنزيلية الدالة على ذاته وصفاته وأفعاله فيدخل فيه النشأة الاولى الدالة على تحقق البعث والآيات الناطقة به دخولا أوليا قال فى كشف الاسرار الكفر بآيات الله ان لا يستدل بها عليه وتنسب الى غيره ويجحد موضع النعمة فيها وَلِقائِهِ الذي تنطق به تلك الآيات ومعنى الكفر بلقاء الله جحود الورود عليه وانكار البعث وقيام الساعة والحساب والجنة والنار أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الكفر بآياته تعالى ولقائه يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي اليأس انتفاء الطمع كما فى المفردات: وبالفارسية [نوميد شدن] كما فى تاج المصادر اى ييأسون منها يوم القيامة وصيغة الماضي للدلالة على تحققه او يئسوا منها فى الدنيا لانكارهم البعث والجزاء وَأُولئِكَ الموصوفون بالكفر بالآيات واللقاء وباليأس من الرحمة الممتازون بذلك عن سائر الكفرة لَهُمْ بسبب تلك الأوصاف القبيحة عَذابٌ أَلِيمٌ لا يقادر قدره فى الشدة والإيلام قال فى كشف الاسرار [بدانكه تأثير رحمت الله در حق بندگان پيش از تأثير غضب است ودر قرآن ذكر صفات رحمت پيش از ذكر صفات غضب است ودر خبرست كه (سبقت رحمتى غضبى) اين رحمت وغضب هر دو صفت حق است وروا نباشد كه كويى يكى پيش است ويكى پس يا يكى پيش است ويكى كم زيرا كه اگر يكى پيش كويى ديكر را نقصان لازم آيد واگر يكى را پيش كويى ديكر را حدوث لازم آيد پس مراد ازين تأثير ورحمت است يعنى پيشى كرد تأثير رحمت من بر تأثير غضب من تأثير غضب اوست نوميدى كافران از رحمت او تا مى كويد جل جلاله (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) وتأثير رحمت اوست اميد مؤمنان بمغفرت او دل نهادن بر رحمت او تا ميكويد] عز وجل (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ) فينبغى للمؤمن ان لا ييأس من رحمته وان لا يأمن من عذابه فان كلا من اليأس والا من كفر بل يكون راجيا خائفا واما الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف وإذا ترقى العبد عن حالة الخوف والرجاء يعرض له حالتا القبض

[سورة العنكبوت (29) : آية 24]

والبسط فالقبض للعارف كالخوف للمستأنف والبسط له كالرجاء له. والفرق بينهما ان الخوف والرجاء يتعلقان بامر مستقبل مكروه او محبوب فالقبض والبسط بامر حاضر فى الوقت يغلب على قلب العارف من وارد غيبى فتارة يغلب القبض فيقول ذلى كذل اذلّ اليهود واليه الاشارة بالابداء فى الآية واخرى يغلب البسط فيقول اين السموات والأرضون حتى احملهما على شعرة جفن عينى واليه الاشارة بالاعادة فى الآية ومن هذا القبيل ما قال عليه السلام (ليت رب محمد لم يخلق محمدا) وما قال (انا سيد ولد آدم) وفى قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا) إلخ اشارة الى انه تعالى كما بدأ خلق الخلق بإخراجهم من العدم الى الوجود الى عالم الأرواح ثم اهبطهم من عالم الأرواح الى عالم الأشباح عابرين على الملكوت والنفوس السماوية والافلاك والأنجم وفلك الأثير والهواء والبحار وكرة الأرض ثم على المركبات والمعادن والنبات والحيوان الى ان بلغ أسفل سافلين الموجودات وهو القالب الإنساني كما قال (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) اى بتدبير النفخة الخاصة كما قال (وَنَفَخْتُ فِيهِ) فكذلك يعيده بجذبات العناية الى الحضرة راجعا من حيث هبط عابرا على المنازل والمقامات التي كانت على ممره بقطع تعلق نظره الى خواص هذه المنازل وترك الانتفاع بها فانه حالة العبور على هذه المنازل استعار خواصها وبعض اجزائها منها لاستكمال الوجود الإنساني روحانيا وجسمانيا فصار محجوبا مبعدا عن الحضرة فعند رجوعه الى الحضرة بجذبة ارجعي يرد فى كل منزل ما استعار منه فان العارية مردودة الى ان يعاد الى العدم بلا انانية بتصرف جذبة العناية وهو معنى الفناء فى الله: قال المولى الجامى طى كن بساط كون كه اين كعبه مراد ... باشد وراى كون ومكان چند مرحله وقال الشيخ المغربي ز تنكناى جسد چون برون نهى قدمى ... بجز حظيره قدسئ پادشاه مپرش وفى المثنوى از جمادى مردم نامى شدم ... وز نما مردم بحيوان بر زدم «1» مردم از حيوانى وآدم شدم ... پس چهـ ترسم كى ز مردن كم شدم جمله ديكر بميرم از بشر ... تا بر آرم از ملائك پاوسر وز ملك هم بايدم جستن ز جو ... كل شىء هالك الا وجهه بار ديكر از ملك قربان شوم ... آنچهـ اندر وهم نايد آن شوم پس عدم كردم عدم چون ارغنون ... كويدم كانا اليه راجعون وفى قوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) إلخ اشارة الى الطائفة من ارباب الطلب واصحاب السلوك العابرين على بعض المقامات المشاهدين آثار شواهد الحق الذين كوشفوا ببعض الاسرار ثم أدركتهم العزة بحجاب الغيرة فابتلاهم الله للغيره بالالتفات الى الغير فحجبوا بعد ان كوشفوا وستروا بعد ان تجردوا واستدرجوا بعد ان رفعوا وبعدوا بعد ان قربوا وردوا بعد ان دعوا فحاروا بعد ان كاروا نعوذ بالله من الحور بعد الكور كذا فى التأويلات النجمية فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ اى قال ابراهيم عليه السلام اعبدوا الله واتقوه فما كان جواب قومه آخر الأمر

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن عاشق عازلاترا إلخ

[سورة العنكبوت (29) : آية 25]

وهو بالنصب على انه خبر كان واسمها قوله إِلَّا أَنْ قالُوا الا قول بعضهم لبعض اقْتُلُوهُ اصل القتل ازالة الروح عن الجسد كالموت لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت أَوْ حَرِّقُوهُ التحريق [نيك سوزانيدن] والفرق بين التحريق والإحراق وبين الحرق ان الاول إيقاع ذات لهب فى الشيء ومنه استعير أحرقني بلومه إذا بالغ فى اذيته بلوم والثاني إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهيب كحرق الثوب بالدق كما فى المفردات وفيه تسفيه لهم حيث أجابوا من احتج عليهم بان يقتل او يحرق وهكذا ديدن كل محجوج مغلوب فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ الفاء فصيحة اى فالقوه فى النار فانجاه الله من أذاها بان جعلها عليه بردا وسلاما روى انه لم ينتفع يومئذ بالنار فى موضع أصلا وذلك لذهاب حرها إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى انجائه منها لَآياتٍ بينة عجيبة هى حفظه تعالى إياه من حرها وإخمادها مع عظمها فى زمان يسير يعنى عقيب احتراق الحبل الذي أوثقوه به لانه ما أحرقت منه النار الا وثاقه وانشئ روض فى مكانها يعنى كل وريحان لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لانهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها واما الكافرون فمحرومون من الفوز بمغانم آثارها وفيه اشارة الى دعوة ابراهيم الروح نمرود النفس وصفاتها الى الله تعالى ونهيهم عن عبادة الهوى والدنيا وما سوى الله والى اجابتهم إياه من لؤم طبعهم وغاية سفههم لقولهم اقتلوه بسيف الكفر والشرك او اوقدوا عليه نار الشهوات والأخلاق الذميمة وحرقوه بها فخلص الله جوهر الروحية من حرقة النار الشهوات والأخلاق الذميمة ومتعه بالخصائص المودعة فيها مما لم يكن فى جبلة الروح مركوزا وكان به محتاجا فى سيره الى الله ولهذه الاستفادة بعث الى أسفل سافلين القالب وَقالَ ابراهيم مخاطبا لقومه إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً اى اتخذتموها آلهة لا لحجة قامت بذلك بل مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ اى لتتوادوا بينكم وتتلاطفوا لاجتماعكم على عبادتها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يعنى مدة بقائكم فى الدنيا: وبالفارسية [ميخاهيد تا شما را در عبادت آن بتان اجتماعي باشد ودوستى با يكديكر تا يكديكر را اتباع ميكنيد وبر آن اتباع دوست يكديكر ميشويد همچنانكه مؤمنان در عبادت الله با يكديكر مهر دارند ودوستى وتا در دنيا باشيد آن دوستى باقيست] ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ بعد الخروج من الدنيا تنقلب الأمور ويتبدل التواد تباغضا والتلاطف تلاعنا حيث يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ وهم العبدة بِبَعْضٍ وهم الأوثان وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى يلعن ويشتم كل فريق منكم ومن الأوثان حيث ينطقها الله الفريق الآخر واللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وهو من الإنسان دعاء على غيره وفى التأويلات النجمية تكفر النفس بشهوات الدنيا إذا شاهدت وبال استعمالها وخسران حرمانها من شهوات الجنة وتلعن على الدنيا لانها كانت سببا لشقاوتها وتلعن الدنيا عليها كما قال عليه السلام (ان أحدكم إذا لعن الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لله) وَمَأْواكُمُ جميعا العابدون والمعبودون والتابعون والمتبعون النَّارُ اى هى منزلكم الذي تأوون اليه ولا ترجعون منه ابدا وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونكم منها كما خلصنى ربى من النار التي القيتمونى

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 26 إلى 27]

فيها وجمع الناصر لوقوعه فى مقابلة الجمع اى وما لاحد منكم من ناصر أصلا چون بت سنكين شما را قبله شد ... لعنت وكورى شما را ظاهر شد نيست هركز از خدا نفرت شما ... شد محرم جنت ورحمت شما فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ آمن له وآمن به متقارب فى المعنى ولوط ابن أخته: يعنى [خواهر زاده ابراهيم بود وبقولي برادر زاده او] والمعنى صدقه فى جميع مقالاته لا فى نبوته وما دعا اليه من التوحيد فقط فانه كان منزها عن الكفر وما قيل انه آمن له حين رأى النار لم تحرقه ينبغى ان يحمل على ما ذكرنا او على انه يراد بالايمان الرتبة العالية منه وهى التي لا يرتقى إليها الا همم الافراد وهو أول من آمن به وَقالَ اى ابراهيم للوط وسارة وهى ابنة عمه وكانت آمنت به وكانت تحت نكاحه إِنِّي مُهاجِرٌ اى تارك لقومى وذاهب إِلى رَبِّي اى حيث أمرني. والمهاجرة [از زمينى شدن واز كسى ببريدن] ومنه الحديث (لا يذكر الله الا مهاجرا) اى قلبه مهاجر للسانه غير مطابق له قال فى المفردات الهجر والهجران مفارقة الإنسان غيره اما بالبدن او باللسان او بالقلب قال بعض العارفين انى راجع من نفسى ومن الكون اليه فالرجوع اليه بالانفصال عما دونه ولا يصح لاحد الرجوع اليه وهو متعلق بشىء من الكون حتى ينفصل عن الأكوان اجمع ولا يتصل بها: قال الكمال الخجندي وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب على امره فيمنعنى من أعدائي الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما فيه حكمة ومصلحة فلا يأمرنى الا بما فيه صلاحى ومن لم يقدر فى بلدة على طاعة الله فليخرج الى بلدة اخرى وفى التأويلات النجمية (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) اى ان الله أعز من ان يصل اليه أحد الا بعد مفارقته لغيره (الْحَكِيمُ) الذي لا يقبل بمقتضى حكمته إلا طيبا من لوث انانيته كما قال عليه السلام (ان الله طيب لا يقبل الا الطيب) انتهى- روى- ان ابراهيم عليه السلام أول من هاجر ولكل نبى هجرة ولابراهيم هجرتان فانه هاجر من كوتى وهى فرية من سواد الكوفة مع لوط وسارة وهاجر الى حران ثم منها الى الشام فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم [صاحب كشاف آورده كه ابراهيم در وقت هجرت هفتاد و پنج ساله بود ودر همين سال خدا إسماعيل را بوى داد از هاجر كه كنيزك ساره خاتون بود و چون سن مبارك آن حضرت بصد وبيست رسيد حق تعالى ويرا از ساره فرزندى بخشيد چنانچهـ ميفرمايد] وَوَهَبْنا لَهُ من عجوز عاقر وهى سارة إِسْحاقَ ولدا لصلبه اى من بعد إسماعيل من هاجر وَيَعْقُوبَ نافلة وهى ولد الولد حين ايس من الولادة قال القاضي ولذلك لم يذكر إسماعيل يعنى ان المقام مقام الامتنان والامتنان لهما اكثر لما ذكر- روى- ان الله تعالى وهب له اربعة أولاد إسحاق من سارة وإسماعيل من هاجر ومدين ومداين من غيرهما وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ فى نسله يعنى فى بنى إسماعيل وبنى إسرائيل النُّبُوَّةَ فكثر منهم الأنبياء يقال اخرج من ذريته الف نبى وكان شجرة الأنبياء وَالْكِتابَ اى جنس الكتاب المتناول الكتب الاربعة يعنى التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ بمقابلة

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 إلى 33]

هجرته إلينا فِي الدُّنْيا بإعطاء الولد فى غير أوانه والمال والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وانتماء اهل الملل اليه والثناء والصلاة عليه الى آخر الدهر [ماوردى كويد مزد او در دنيا بقاء ضيافت اوست يعنى همچنانكه در حال حياة در مهمانخانه وى بساط دعوت انداخته حالا نيز هست وخاص وعام از ان مائده پر فائده بهره مندند سفره اش مبسوط بر اهل جهان ... نعمتش مبذول شد بى امتنان وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ لفى عداد الكاملين فى الصلاح وهم الأنبياء واتباعهم عليهم السلام قال ابن عطاء أعطيناه فى الدنيا المعرفة والتوكل وانه فى الآخرة لمن الراجعين الى مقام العارفين فالدنيا والآخرة حظ العارفين وذلك بمقاساتهم الشدائد ظاهرا وباطنا كالهجرة ونحوها اعلم ان الهجرة على قسمين صورية وقد انقطع حكمها بفتح مكة كما قال عليه السلام (لا هجرة بعد الفتح) ومعنوية وهى السير من موطن النفس الى الله تعالى بفتح كعبة القلب وتخليصها من أصنام الشرك والهوى فيجرى حكمها الى يوم القيامة وإذا سار الإنسان من موطن النفس الى مقام القلب فكل ما اراده يعطيه الله وهو الاجر الدنيوي كما قال ابو سعيد الخراز رحمه الله أقمنا بمكة ثلاثة ايام لم نأكل شيأ وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما أراه يأكل خبزا حوّارى فقلت له نحن ضيفك فقال نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولنى در همين فاشترينا خبزا فقلت بم وصلت الى ذلك فقال يا أبا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل الى حاجتك ثم اعلم بان الله تعالى منّ على ابراهيم عليه السلام بهبة الولد والولد الصالح الذي يدعو لوالديه من الأجور الباقية الغير المنقطعة كالاوقاف الجارية والمصاحف المتلوة والأشجار المنتفع بها ونحوها وكذلك منّ عليه بان جعل فى ذريته النبوة والاشارة فيه ان من السعادات ان يكون فى ذرية الرجل اهل الولاية الذين هم ورثة الأنبياء فان بهم تقوم الدنيا والدين وتظهر الترقيات الصورية والمعنوية للمسلمين وتسطع الأنوار الى جانب الأرواح المقربين وأعلى عليين فيحصل الفخر التام والشرف الشامل والانتفاع العام وهؤلاء ان كانوا من النسب الطيني فذاك وان كانوا من النسب الديني فالاولاد الطيبون والأحفاد الطاهرون مطلقا من نعم الله الجليلة نعم الإله على العباد كثيرة ... وأجلهن نجابة الأولاد ربنا هب لنا من أزواجنا إلخ وَلُوطاً اى ولقد أرسلنا لوطا من قبلك يا محمد اذكر لقومك إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ من اهل المؤتفكات إِنَّكُمْ [بدرستى كه شما] لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ اى الخصلة المتناهية فى القبح: وبالفارسية [بفاحشة مى آييد يعنى ميكنيد كارى كه بغايت زشت است] كأن قائلا قال لم كانت تلك الخصلة فاحشة فقيل ما سَبَقَكُمْ بِها اى بتلك الفاحشة مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ [هيچكس از جهانيان] اى لم يقدم أحد قبلكم عليها لافراط قبحها وكونها مما تنفر عنها النفوس والطباع وأنتم اقدمتم عليها لخباثة طبيعتكم قالوا لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط اى مع طول الزمان وكثرة القرون

[سورة العنكبوت (29) : آية 29]

أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ [آيا شما مى آييد ومى كراييد بمردان بطريق مباشرت وآن كار زشت ميكنيد] وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ السبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك وفيه سهولة وقطع الطريق يقال على وجهين أحدهما يراد به السير والسلوك والثاني يراد به الغصب من المارة والسالكين للطريق لانه يؤدى الى انقطاع الناس عن الطريق فجعل قطعا للطريق. والمعنى تتعرضون لابناء السبيل بالفاحشة حتى انقطع الناس عن طريقكم- روى- انهم كانوا كثيرا ما يفعلونها بالغرباء ويجبرونهم عليها او تقطعونها بالقتل وأخذ المال وكانوا يفعلون ذلك لكيلا يدخلوا فى بلدهم ولا يتناولوا من ثمارهم او تقطعون سبيل النسل بالاعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث وَتَأْتُونَ تفعلون وتتعاطون من غير مبالاة فِي نادِيكُمُ فى مجلسكم ومتحدثكم الجامع لاصحابكم فانه لا يقال النادي والندى الا لما فيه اهله فاذا قاموا عنه لم يبق ناديا قال فى كشف الاسرار النادي مجمع القوم للسمر والانس وجمعه اندية الْمُنْكَرَ قال الراغب المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة انتهى وهو هاهنا امور. منها الجماع واللواطة فى المجالس بالعلانية والضراط وهو بالفارسية [باد را رهايى كردن] زعمت الهند ان حبس الضراط داء وإرساله دواء ولا يحبسون فى مجالسهم ضرطة ولا يرون ذلك عيبا وأفلتت من معاوية ريح على المنبر فقال ايها الناس ان الله خلق أبدانا وجعل فيها ارياحا فمتى يتمالك الناس ان لا تخرج منهم فقال صعصعة بن صوحان فقال اما بعد فان خروج الأرياح فى المتوضاة سنة وعلى المنابر بدعة واستغفر الله لى ولكم. ومنها حل أزرار القباء وضرب الأوتار والمزامير والسخرية بمن يمر بهم وفى هذا اعلام انه لا ينبغى ان يتعاشر الناس على المناكير وان لا يجتمعوا على الهزؤ والمناهي- سئل- الجنيد رحمه الله عن هذه الآية فقال كل شىء يجتمع الناس عليه الا الذكر فهو منكر وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو اى المنكر الحذف بالحصى: يعنى [بسر انكشت سبابه وناخن انكشت سترك سنك بمردم انداختن] وكانوا يجلسون على الطريق وعند كل واحد قصعة فيها حصى فمن مر بهم حذفوه فمن أصابه منهم فهو أحق به فيأخذ ما معه وينكحه ويغرّمه ثلاثة دراهم ولهم قاض يقضى بينهم بذلك. ومنه «هو أجور من قاضى سدوم» وفى الحديث (إياكم والحذف فانه لا ينكى عدوا ولا يقتل صيدا ولكن يفقأ العين ويكسر السن) وكان من اخلاق قوم لوط الرمي بالبنادق والجلاهق والصفير وتطريف الأصابع بالحناء والفرقعة اى مد الأصابع حتى تصوت ولذا كرهت فى الصلاة وخارجها لئلا يلزم التشبه بهم. ومن اخلاقهم مضغ العلك ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها أضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الأسنان ويشد اللثة كالسواك ويكره للرجل إذا لم يكن من علة كالبخر لما فيه من تشبه النساء. ومن اخلاقهم السباب والفحش فى المزاح يقال المزاح يجلب صغيرة الشرك وكبيرة الحرب. ومن اخلاقهم اللعب بالحمام عن سفيان الثوري انه قال كان اللعب بالحمام من عمل قوم لوط وان من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 30 إلى 33]

يذوق ألم الفقر كما فى حياة الحيوان فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ لما أنكر عليهم قبائحهم إِلَّا أَنْ قالُوا له استهزاء [ما ترك اين عملها نخواهيم كرد] ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ [بيار عذاب خدايرا بما] إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فيما تعدنا من نزول العذاب: وبالفارسية [از راست كويان در آنكه اين فعلها قبيح است وبسبب آن عذاب بشما نازل خواهد شد] قال فى الإرشاد فما كان جواب من جهتهم بشىء من الأشياء الا هذه الكلمة الشنيعة اى لم يصدر عنهم فى هذه المرة من مرات مواعظ لوط وقد كان أوعدهم فيها العذاب واما ما فى سورة الأعراف من قوله (فَما كانَ) إلخ وما فى سورة النمل من قوله (فَما كانَ) إلخ فهو الذي صدر عنهم بعد هذه المرة وهى المرة الاخيرة من مرات المقاولات الجارية بينهم وبينه عليه السلام قالَ لوط بطريق المناجاة لما ايس منهم رَبِّ [اى پروردگار من] انْصُرْنِي اى بانزال العذاب الموعود عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ بابتداع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم والإصرار عليها فاستجاب الله دعاءه [وفرشتكان فرستاد تا قوم او را عذاب كنند وايشانرا فرموده كه نخست بإبراهيم بگذريد واو را بشارت دهيد] كما سيأتى وانما وصفهم بالإفساد ولم يقل عليهم او على قومى مبالغة فى استنزال العذاب عليهم واشعارا بانهم أحقاء بان يعجل لهم العذاب قال الطيبي الكافر إذا وصف بالفسق او الإفساد كان محمولا على غلوه فى الكفر وَلَمَّا جاءَتْ [آن هنكام كه آمدند] رُسُلُنا يعنى الملائكة وهم جبريل ومن معه إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى اى بالبشارة والولد النافلة قالُوا لابراهيم فى تضاعيف الكلام إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ اى قرية سدوم والاضافة لفظية لان المعنى على الاستقبال إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ بالكفر والتكذيب وانواع المنكرات قالَ ابراهيم للرسل إشفاقا على المؤمنين ومجادلة عنهم إِنَّ فِيها لُوطاً [لوط در ان شهرست] اى فكيف تهلكونها سمى بلوط لان حبه ليط بقلب عمه ابراهيم اى تعلق ولصق وكان ابراهيم يحبه حبا شديدا قالُوا اى الملائكة نَحْنُ أَعْلَمُ منك بِمَنْ فِيها ولسنا بغافلين عن حال لوط فلا تخف ان يقع حيف على مؤمن لَنُنَجِّيَنَّهُ اى لوطا وَأَهْلَهُ اتباعه المؤمنين وهم بناته إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ اى الباقين فى العذاب او القرية: يعنى [خواهيم كفت تا لوط از ميان قوم بيرون آيد باهل خود وهمه كسان وى بيرون روند مكر زن او كه در ميان قوم بماند وبا ايشان هلاك شود] وَلَمَّا أَنْ صلة لتأكيد الفعلين وما فيهما من الاتصال جاءَتْ رُسُلُنا المذكورون بعد مفارقة ابراهيم لُوطاً سِيءَ بِهِمْ اى اعتراه المساءة بسببهم مخافة ان يتعرض لهم قومه بسوء اى الفاحشة لانهم كانوا يتعرضون للغرباء ولم يعرف لوط انهم ملائكة وانما رأى شبانا مردا حسانا بثياب حسان وريح طيبة فظن انهم من الانس وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً اى ضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه اى طاقته فلم يدر أيأمرهم بالخروج أم بالنزول كقولهم ضاقت يده وبإزائه رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا به قادرا عليه وذلك ان طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع وَقالُوا لما رأوا فيه اثر الضجرة: يعنى [فرشتكان اثر ملال بر جبين مبارك لوط مشاهده كرده

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 34 إلى 40]

او را تسلى دادند وكفتند] لا تَخَفْ من قومك علينا وَلا تَحْزَنْ على شىء إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ مما يصيب القوم من العذاب إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ يعنى سدوم وكانت مشتملة على سبعمائة الف رجل كما فى كشف الاسرار رِجْزاً مِنَ السَّماءِ عذابا منها يعنى الخسف والحصب والرجز العذاب الذي يقلق المعذب اى يزعجه من قولهم ارتجز إذا ارتعش واضطرب بِما كانُوا يَفْسُقُونَ بسبب فسقهم المستمر فانتسف جبريل المدينة وما فيها بأحد جناحيه فجعل عاليها سافلها وانصبت الحجارة على من كان غائبا اى بعد خروج لوط مع بناته منها [پس بحكم خداى لوط با اهالى خود خلاص يافت وكفار مؤتفكه هلاك شدند وشهر خراب شده ايشان عبرت عالميان كشت چنانچهـ ميفرمايد] وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها اى من القرية ومن للتبيين لا للتبعيض لان المتروك الباقي ليس بعض القرية بل كلها آيَةً بَيِّنَةً [نشانه روشن] وهى قصتها العجيبة وحكايتها السابقة او آثار ديارها الخربة او الحجارة الممطورة التي على كل واحد منها اسم صاحبها فانها كانت باقية بعدها وأدركها أوائل هذه الامة وقيل ظهور الماء الأسود على وجه الأرض حين خسف بهم وكان منتنا يتأذى الناس برائحته من مسافة بعيدة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم فى الاعتبار وهو متعلق اما بتركنا او ببينة وفيه اشارة الى شرف العقل فانه هو الذي يعتبر ويردع الإنسان عن الذنب والوقوع فى الخطر: وفى المثنوى عقل إيماني چوشحنه عادلست ... پاسبان وحاكم شهر دلست «1» همچوكربه باشد او بيدار هوش ... دزد در سوراخ ماند همچوموش در هر آنجا كه برآرد موش دست ... نيست كربه يا كه نقش كربه است كربه چون شير شير افكن بود ... عقل إيماني كه اندر تن بود غره او حاكم درندكان ... نعره او مانع چرندكان شهر پر دزدست وبر جامه كنى ... خواه شحنه باش كو وخواه نى وعن انس رضى الله عنه اثنى قوم على رجل عند رسول الله حتى بالغوا فى الثناء بخصال الخير فقال رسول الله (كيف عقل الرجل) فقالوا يا رسول الله نخبرك عنه باجتهاده فى العبادة واصناف الخير وتسألنا عن عقله فقال نبى الله عليه السلام (ان الأحمق بحمقه أعظم من فجور الفاجر وانما يرتفع العباد غدا فى الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم) قيل كل شىء إذا كثر رخص غير العقل فانه إذا كثر غلا قال أعرابي لو صور العقل لاظلمت معه الشمس ولو صور الحمق لاضاء معه الليل اى لكان الليل مضيئا بالنسبة اليه مع انه لا ضوء فيه من حيث انه ليل: وفى المثنوى كفت پيغمبر كه أحمق هر كه هست ... او عدو ماست غول ورهزن است «2» هر كه او عاقل بود از جان ماست ... روح او وريح او ريحان ماست مائده عقلست نى نان وشوى ... نور عقلست اى پسر جان را غدى

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه شخصى كه با شخص مشورت ميكرد إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان ستودن پيغمبر عليه السلام عاقلان إلخ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 36 إلى 38]

نيست غير نور آدم را خورش ... از جز آن جان نبايد پرورش زين خورشها اندك اندك باز بر ... زين غذاى خر بود نى آن حر تا غداى اصل را قابل شوى ... لقمهاى نور را آكل شوى ثم ان الآية تدل على كمال قدرته على الانجاء والانتقام من الأعداء والله غالب على امره ألا ان حزب الله هم المفلحون وهم الأنبياء والأولياء ومن يليهم وعلى ان المعتبر فى باب النجاة والحشر اهل الفلاح والرشاد وهو حبهم وحسن اتباعهم لان الاتصال المعنوي بذلك الاختلاط الصوري فقط ألا يرى الى امرأة لوط وامرأة نوح حيث قيل لهما ادخلا النار مع الداخلين لخيانتهما وعدم إطاعتهما وقد نجت بنتا لوط لايمانهما فسبحان من يخرج الحي من الميت وَإِلى مَدْيَنَ اى وأرسلنا الى اهل مدين أَخاهُمْ شُعَيْباً لانه من نسبهم وقد سبق تفسير الآية على التفصيل مرارا فَقالَ شعيب بطريق الدعوة يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ المراد يوم القيامة لانه آخر الأيام اى توقعوه وما سيقع فيه من فنون الأحوال وافعلوا اليوم من الأعمال ما تنتفعون به فى العاقبة وتأمنون من عذاب الله ويقال وارجوا يوم الموت لانه آخر عمرهم وَلا تَعْثَوْا عثا أفسد من الباب الاول فِي الْأَرْضِ فى ارض مدين حال كونكم مُفْسِدِينَ بنقص الكيل والوزن اى لا تعتدوا حال افسادكم وانما قيده وان غلب فى الفساد لانه قد يكون فيه ما ليس بفساد كمقابلة الظالم المعتدى بفعله ومنه ما يتضمن صلاحا راجحا كقتل الخضر الغلام وخرقه السفينة فَكَذَّبُوهُ اى شعيبا ولم يمتنعوا من الفساد فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الزلزلة الشديدة حتى تهدمت عليهم دورهم وفى سورة هود (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) اى صيحة جبريل فانها الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاوره من الأرض فَأَصْبَحُوا اى صاروا فِي دارِهِمْ اى بلدهم او منازلهم ولم يجمع بان يقال فى ديارهم لامن اللبس جاثِمِينَ باركين على الركب ميتين مستقبلين بوجوههم الأرض وذلك بسبب عدم استماعهم الى داعى الحق وتزلزل باطنهم فالجزاء من جنس العمل وَعاداً منصوب بإضمار فعل دل عليه ما قبله اى وأهلكنا عادا قوم هود وَثَمُودَ قوم صالح وهو غير مصروف على تأويل القبيلة وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ اى وقد ظهر لكم يا اهل مكة إهلاكنا إياهم من جهة بقية منازلهم باليمن ديار عاد والحجر ديار ثمود بالنظر إليها عند مروركم بها فى اسفاركم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ من فنون الكفر والمعاصي وحسنها فى أعينهم فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ صرفهم عن السبيل الذي وجب عليهم سلوكه وهو السبيل السوي الموصل الى الحق على التوحيد وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ يقال استبصر فى امره إذا كان ذا بصيرة اى والحال انهم اى عادا وثمود قد كانوا ذوى بصيرة عقلاء متمكنين من النظر والاستدلال ولكنهم لم يفعلوا ذلك لمتابعتهم الشيطان فلم ينتفعوا بعقولهم فى تمييز الحق من الباطل فكانوا كالحيوان: وفى المثنوى مهر حق بر چشم وبر كوش خرد ... كر فلاطونست حيوانش كند «1»

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان كژ وزندن باد بر سليمان عليه السلام إلخ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 39 إلى 40]

وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ معطوف على عادا وتقديم قارون لشرف نسبه كما سبق ففيه تنبيه لكفار قريش ان شرف نسبهم لا يخلصهم من العذاب كما لم يخلص قارون وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ بالدلالات الواضحة والمعجزات الباهرة فَاسْتَكْبَرُوا وتعظموا عن قبول الحق فِي الْأَرْضِ [در زمين مصر] وَما كانُوا سابِقِينَ مفلتين فائتين بل أدركهم امر الله فهلكوا من قولهم سبق طالبه إذا فاته ولم يدركه قال الراغب اصل السبق التقدم فى السير ثم تجوز به فى غيره من التقدم كما قال بعضهم ان الله تعالى طالب كل مكلف بجزاء عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر فَكُلًّا تفسير لما ينبئ عنه عدم سبقهم بطريق الإبهام اى كل واحد من المذكورين أَخَذْنا بِذَنْبِهِ اى عاقبناه بجنايته لا بعضهم دون بعض كما يشعر به تقديم المفعول قال بعضهم الاخذ أصله باليد ثم يستعار فى مواضع فيكون بمعنى القبول كما فى قوله (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) اى قبلتم عهدى وبمعنى التعذيب فى هذا المقام قال فى المفردات الاخذ حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو (مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) وتارة بالقهر نحو (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ قال فى الاسئلة المقحمة قوله (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) دليل على انه تعالى لا يعاقب أحدا الا بذنبه وانهم يقولون انه تعالى لو عاقب ابتداء جاز والجواب نحن لا ننكر انه تعالى يعاقب الكفار على كفرهم والمذنبين بذنبهم وانما الكلام فى انه لو عاقب ابتداء لا يكون ظالما لانه يفعل ما يشاء بحكم الملك المطلق فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً تفصيل للاخذ اى ريحا عاصفا فيه حصباء وهى الحصى الصغار وهم عاد او ملكا رماهم بها وهم قوم لوط وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ كمدين وثمود صاح بهم جبريل صيحة فانشقت قلوبهم وزهقت أرواحهم. وبالفارسية [بانك كرفت ايشانرا تا زهره ايشان ترقيد] وَمِنْهُمْ مَنْ [واز ايشان كسى بود كه] خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ [فرو برديم او را بزمين چون قارون واتباع او] فالباء للتعدية وهو الجزاء الوفاق لعمله لان المال الكثير يوضع غالبا تحت الأرض وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا كقوم نوح وفرعون وقومه والإغراق [غرقه كردن] كما فى التاج والغرق الرسوب فى الماء اى السفول والنزول فيه وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ بما فعل بهم بان يضع العقوبة فى غير موضعها فان ذلك محال من جهته تعالى لانه قد تبين بإرسال الرسل وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالاستمرار على ما يوجب العذاب من انواع الكفر والمعاصي اى كه حكم شرع را رد ميكنى ... راه باطل ميروى بد ميكنى چون تو بد كردى بدى يابى جزا ... پس بديها جمله با خود ميكنى وفى المثنوى پس ترا هر غم كه پيش آيد ز درد ... بر كسى تهمت منه بر خويش كرد «1» قال وهب بن منبه قرأت فى بعض الكتب حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ومرارة الدنيا حلاوة الآخرة وظمأ الدنيا رىّ الآخرة ورىّ الدنيا ظمأ الآخرة وفرح الدنيا حزن الآخرة

_ (1) لم أجد فى المثنوى

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 إلى 45]

وحزن الدنيا فرح الآخرة ومن قدم شيأ من خير او شر وجده والأمر بآخره ألا ترى ان هؤلاء المذكورين لما صار آخر أمرهم التكذيب اوخذوا عليه ولو صار التصديق لسومحوا فيما صدر عنهم اولا. والحاصل انهم لما عاشوا على الإصرار هلكوا على العذاب ويحشرون على ما ماتوا عليه ولذا يقولون عند القيام من قبورهم وا ويلاه فقط وعظ الله بهذه الآيات اهل مكة ومن جاء بعدهم الى يوم القيام ليعتبروا وينتفعوا بعقولهم ويجتنبوا عن الظلم والأذى والاستكبار والإفساد فان فيه الصلاح والنجاة والفوز بالمراد لكن التربية والإرشاد انما تؤثر فى المستعد من العباد: قال الشيخ سعدى قدس سره چون بود اصل جوهرى قابل ... تربيت را درو اثر باشد هيچ صيقل نكو نداند كرد ... آهنى را كه بد كهر باشد والقرآن كالبحر وانما يتطهر به من كان من شأنه ذلك كالانسان واما الكلب فلا سك بدرياى هفت كانه مشوى ... كه چوتر شد پليدتر باشد خر عيسى اگر بمكة برند ... چون بيايد هنوز خر باشد - حكى- ان بعض المتشيخين ادعى الفضل بسبب انه خدم فلانا العزيز أربعين سنة فقال واحد من العرفاء كان لذلك العزيز بغل قد ركبه أربعين سنة فلم يزل من ان يكون بغلا حتى هلك على حاله اى لم يؤثر فيه ركوب الإنسان الكامل لعدم استعداده لكونه إنسانا فافحم المدعى ولله دره نسأل الله الخروج من موطن النفس والاقامة فى حظيرة القدس مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ مثل الشيء بفتحتين صفته كما فى المختار والاتخاذ افتعال من الاخذ والمراد بالأولياء الآلهة اى الأصنام. والمعنى صفتهم العجيبة فيما اتخذوه معتمدا كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغالب فى الاستعمال التأنيث وتاؤه كتاء طاغوت اى زائدة لا للتأنيث اتَّخَذَتْ لنفسها بَيْتاً اى كمثلها فيما نسجته فى الوهن بل ذلك اوهن من هذا لان له حقيقة وانتفاعا فى الجملة فالآية من قبيل تشبيه الهيئة بالهيئة لتشبيه حال من اتخذ الأصنام اولياء وعبدها واعتمد عليها راجيا نفعها وشفاعتها بحال العنكبوت التي اتخذت بيتا فكما ان بيتها لا يدفع عنها حرا ولا بردا ولا مطرا ولا أذى وينتقض بأدنى ريح فكذلك الأصنام لا تملك لعابديها نفعا ولا ضرا ولا خيرا ولا شرا پيش چوب و پيش سنك نقش كند ... كه بسا كولان سرها مى نهند ومن تخيل السراب شرابا لم يلبث الا قليلا حتى يعلم انه كان تخييلا ومن اعتمد شيأ سوى الله فهو هباء لا حاصل له وهلاكه فى نفس ما اعتمد ومن اتخذ سواه ظهيرا قطع من نفسه سبيل العصمة ورد الى حوله وقوته وفى الآية اشارة الى ان الذين اتخذوا الله وليا وعبدوه واعتمدوا عليه وهم المؤمنون فمثلهم كمثل من بنى بيتا من حجر وجص له حائط يحول عن تطرق الشرور الى من فيه وسقف مظل يدفع عنه البرد والحر دوستيهاى همه عالم بروب از دل كمال ... پاك بايد داشتن خلوت سراى دوست را وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ اى أضعفها: وبالفارسية [سست ترين خانها] لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 42 إلى 43]

لا بيت اوهن منه فيما تتخذه الهوام لانه بلا أساس ولا جدار ولا سقف لا يدفع الحر والبرد ولذا كان سريع الزوال وفيه اشارة الى انه لا اصل لموالاة ما سوى الله فانه لا أس لبنيانها يقول الفقير تكيه كم كن صوفى بر ديوار غير ... غير او ديار نى خلاق دير لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ اى شيأ من الأشياء لجزموا ان هذا مثلهم وابعدوا عن اعتقاد ما هذا مثله قال الكاشفى [صاحب بحر الحقائق آورده كه عنكبوت هر چند بر خود مى تند ژندان براى نفس خود ميسازد وقيدى بدست و پاى خود مى نهد پس خانه او محبس اوست آنها نيز كه بدون خداى تعالى أوليا كيرند يعنى پرستش هوا و پيروى دنيا ومتابعت شيطان ميكنند بسلاسل وأغلال ووزر وبال مقيد كشته روى خلاصى ندارند وعاقبت در مهلكه نيران ودركه بعد وحرمان افتاده معاقب ومعذب كردند وبعضى هواى نفس را در بى اعتبارى بتار عنكبوت تشبيه كرده اند] كما قيل از هوا بگذر كه پس بى اعتبار افتاده است ... رشته دام هوا چون تار بيت عنكبوت اللهم ارزقنا دنيا بلا هوى وخلصنا مما يطلق عليه السوي قال بعض العارفين [عاشقان در دمى دو عيد كنند عنكبوتان مكس قديد كنند. دو عيد عبارتست از نيستى وهستى كه هر لحظه در نظر عارف واقع است چهـ عيد در إصلاح ما يعود على القلب است. وجماعتى كه بدام تعينات كرفتارند كه عنكبوتان عبارت از ان جماعت است مكس قديد كنند يعنى وجودات موهومه عالم را متحقق مى شمارند واز حقيقت حال غافلند كه اشيا را وجود حقيقى نيست وموجوديت اشيا عبارت از نسبت وجود حقست با ايشان و چون آن نسبت قطع كرده ميشود اشيا معدومانند كه] التوحيد إسقاط الإضافات جهانرا نيست هستى جز مجازى ... سراسر حال او لهو است وبازي كذا قال بعض اهل التأويل يقول الفقير لعل العيدين اشارة الى النفس الداخل والخارج وللعارفين فى كل منهما عيد اكبر باعتبار كونهم مع الحق وشهوده والعناكيب اشارة الى العباد الذين يتقيدون بالعبادات الظاهرة من غير شهود الحق فاين من يأكل القديد ممن يأكل الحلاوى إِنَّ اللَّهَ على إضمار القول اى قل للكفرة تهديدا ان الله يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ يعبدون وما استفهامية منصوبة بيدعون ويعلم معلق عنها مِنْ دُونِهِ اى من دون الله مِنْ شَيْءٍ من للتبيين اى سواء كان ما يدعون صنما او نجما او ملكا او جنيا او غيره لا يخفى عليه ذلك فهو يجازيهم على كفرهم وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على انتقام أعدائه الْحَكِيمُ ذو الحكمة فى ترك المعاجلة بالعقوبة ولما كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون ان رب محمد لا يستحيى ان يضرب مثلا بالذباب والبعوضة والعنكبوت ويضحكون من ذلك قال تعالى وَتِلْكَ الْأَمْثالُ اى هذا المثل وأمثاله والمثل كلام سائر يتضمن تشبيه الآخر بالأول اى تشبيه حال الثاني بالأول نَضْرِبُها لِلنَّاسِ نذكرها ونبينها لاهل مكة وغيرهم تقريبا لما بعد عن افهامهم قال فى المفردات ضرب المثل هو من ضرب الدرهم اعتبارا بضربه

[سورة العنكبوت (29) : آية 44]

بالمطرقة وهو ذكر شىء اثره يظهر فى غيره وَما يَعْقِلُها اى وما يفهم حسن تلك الأمثال وفائدتها إِلَّا الْعالِمُونَ اى الراسخون فى العلم المتدبرون فى الأشياء على ما ينبغى وهم الذين عقلوا عن الله اى ما صدر عنه فعملوا بطاعته واجتنبوا سخطه والعالم على الحقيقة من حجزه علمه عن المعاصي فالعاصى جاهل وان كان عالما صورة فان قيل لم لم يقل وما يعلمها الا العاقلون والعقل يسبق العلم قلنا لان العقل آلة تدرك بها معانى الأشياء بالتأمل فيها ولا يمكن التأمل فيها والوصول إليها بطريقها الا بالعلم ودلت الآية على فضل العلم على العقل ولا عالم منا الا وهو عاقل فاما العاقل فقد يكون غير عالم قال الامام الراغب فى المفردات العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه أقول العقل عقلان ... فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع ... إذا لم يك مسموع كما لا تنفع الشمس ... وضوء العين ممنوع والى الاول أشار عليه السلام بقوله (ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل) والى الثاني أشار بقوله (ما كسب أحد شيأ أفضل من عقل يهديه الى هدى ويرده عن ردى) وهذا العقل هو المعنى بقوله (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) وكل موضع ذم فيه الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثاني دون الاول وكل موضع رفع فيه التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول انتهى: وفى المثنوى عقل دو عقلست أول مكسبى ... كه در آموزى چودر مكتب صبى «1» از كتاب واوستاد وفكر وذكر ... از علوم واز معانى خوب وبكر عقل تو افزون شود بر ديكران ... ليك تو باشى ز حفظ آن كران لوح حافظ باشى اندر دور وكشت ... لوح محفوظ اوست كو زين دركذشت عقل ديكر بخشش يزدان بود ... چشمه آن در ميان جان بود چون ز سينه آب دانش جوش كرد ... نى شود كنده نى ديرينه نى زرد ور ره نبعش بود بسته چهـ غم ... كو همى جو شد ز خانه دمبدم عقل تحصيلى مثال جويها ... كان رود در خانه از كويها راه آبش بسته شد شد بى نوا ... از درون خويشتن چون چشمه را جهد كن تا بير عقل ودين شوى ... تا چون عقل كل تو باطن بين شوى خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى حال كونه محقا مراعيا للحكم والمصالح على انه حال من فاعل خلق او ملتبسة بالحق الذي لا محيد عنه مستتبعة للمنافع الدينية والدنيوية على على انه حال من مفعوله فانها مع اشتمالها على جميع ما يتعلق به معاشهم شواهد دالة على وحدانيته وعظم قدرته وسائر صفاته كما أشار اليه بقوله إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى خلقهما لَآيَةً دالة على شؤونه لِلْمُؤْمِنِينَ تخصيص المؤمنين بالذكر مع عموم الهداية والإرشاد فى خلقهما

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان رقعه ديكر نوشتن آن غلام پيش شاه إلخ [.....]

[سورة العنكبوت (29) : آية 45]

للكل لانهم المنتفعون بذلك وفى التأويلات النجمية (خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) لمرآتية صفات الحق تعالى ليكون مظهرها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) اى فى السموات والأرض آية حق مودعة ولكن (لِلْمُؤْمِنِينَ) الذين ينظرون بنور الله فان النور لا يرى الا بالنور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات فعلى العاقل النظر الى آثار رحمة الله والتفكر فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى يستخرج الدر من بحار معرفته- روى- ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال ما يعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت يا داود أتعجبك نفسك وانا على ما انا والله اذكر الله واشكره اكثر منك على ما آتاك الله- وحكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى الخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد أن يعرفنى ان اخس المخلوقات أعز الادوية كذا فى حياة الحيوان فظهر ان الله تعالى ما خلق شيأ باطلا بل خلق الكل حقا مشتملا على المصلحة سواء عرفها الإنسان او لم يعرفها واللائق بشأن المؤمن ان يسلك طريق التفكر ثم يترقى منه حتى يرى الأشياء على ما هى عليه كما هو شان ارباب البصيرة. وقد قالوا المشاهدة ثمرة المجاهدة فلا بد من استعمال العقل وسائر القوى وكذا الأعضاء فبالخدمة تزداد الحرمة ويحصل الانكشاف وتزول الحيرة ويجيىء الاطمئنان: قال المولى الجامى بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را ومعنى الطلب ليس القصد القلبي والذكر اللساني فقط بل الاجتهاد بجميع الظاهر والباطن بقدر الإمكان وهو وظيفة الإنسان ثم الفتح بيد الله ان شاء أراه ملكوت السموات والأرض وجعله مكاشفا ومعاينا ومحققا واحدا وان شاء أوقفه فى مقامه واقل الأمر حصول التفكر بالعقل المودع ويلزم شكره فان الله تعالى أخرجه بذلك عن دائرة الغافلين المعرضين اللهم اجعلنا من المتفكرين المتيقظين والمدركين لحقائق الأمور فى كل شىء من خلق السموات والأرضين اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ التلاوة القراءة على سبيل التوالي والإيحاء اعلام فى الخفاء ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى الأنبياء والأولياء وحي. والمعنى اقرأ يا محمد ما انزل إليك من القرآن تقربا الى الله بقراءته وتحفظا لنظمه وتذكرا لمعانيه وحقائقه فان القارئ المتأمل ينكشف له فى كل مرة ما لم ينكشف قبل وتذكيرا للناس وحملالهم على العمل بما فيه من الاحكام ومحاسن الآداب ومكارم الأخلاق كما روى ان عمر رضى الله عنه اتى بسارق فامر بقطع يده فقال لم تقطع يدى وكان جاهلا بالاحكام فقال له عمر بما امر الله فى كتابه

فقال اتل علىّ فقال (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فقال السارق والله ما سمعتها ولو سمعتها ما سرقت فامر بقطع يده ولم يعذره. فسن التراويح بالجماعة ليسمع الناس القرآن وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ وهو جالس فى الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ وهو فى غير الصلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات وعن الحسن البصري رحمه الله قراءة القرآن فى غير الصلاة أفضل من صلاة لا يكون فيها كثير القراءة كما قال الفقهاء طول القيام أفضل من كثرة السجود لقوله عليه السلام (أفضل الصلاة طول القنوت) اى القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أفضل منه. قالوا أفضل التلاوة على الوضوء والجلوس نحو القبلة وان يكون غير مربع ولا متكئ ولا جالس جلسة متكبر ولكن نحو ما يجلس بين يدى من يهابه ويحتشم منه وقد سبق فى آخر سورة النمل بعض ما يتعلق بالتلاوة من الآداب والاسرار فارجع وَأَقِمِ الصَّلاةَ اى دوام على إقامتها وحيث كانت الصلاة منتظمة للصلوات المكتوبة المؤداة بالجماعة وكان امره عليه السلام بإقامتها متضمنا لامر الامة بها علل بقوله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ المعروفة وهى المقرونة بشرائطها الظاهرة والباطنة تَنْهى اى من شأنها وخاصيتها ان تنهاهم وتمنعهم عَنِ الْفَحْشاءِ [از كارى كه نزد عقل زشت بود] وَالْمُنْكَرِ [واز عملى كه بحكم شرع منهى باشد] قال فى الوسيط المنكر لا يعرف فى شريعة ولا سنة اى سواء كان قولا او فعلا والمعروف ضده: يعنى [نماز سبب باز استادن مى باشد از معاصى چهـ مداومت برو موجب دوام ذكر ومورث كمال خشيت است وبخاصيت بنده را از كناه باز دارد]- كما روى- ان فتى من الأنصار كان يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ثم لا يدع شيأ من الفواحش الا ركبه فوصف لرسول الله فقال (ان صلاته ستنهاه) فلم يلبث ان تاب وحسن حاله وصار من زهاد الصحابة رضى الله عنه وعنهم يقول الفقير لا شك ان لكل عمل خيرا او شرا خاصية فخاصية الصلاة اثارة الخشية من الله والنهى عن المعاصي كما ان خاصية الكفر الذي قوبل به ترك الصلاة فى قوله عليه السلام (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر) اثارة الخوف من الناس والإقبال على المناهي دل عليه قوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) وفى الحديث (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا) يعنى تكون صلاته وبالا عليه ويكون سبب القرب فى حقه سبب البعد لعل ذلك لعدم خروجه عن عهدة حقيقة الصلاة كما قال بعضهم حقيقة الصلاة حضور القلب بنعت الذكر والمراقبة بنعت الفكر فالذكر فى الصلاة يطرد الغفلة التي هى الفحشاء والفكر يطرد الخواطر المذمومة التي هى المنكر فهذه الصلاة كما تنهى صاحبها وهو فى الصلاة عما ذكر كذلك تنهاه وهو فى خارجها عن رؤية الأعمال وطلب الأعواض ومثل هذه الصلاة قرة عين العارفين لانها مبنية على المعاينة لا على المغايبة والصلاة فريضة كانت او نافلة أفضل الأعمال البدنية لان لها تأثيرا عظيما فى إصلاح النفس التي هى مبدأ جميع الفحشاء والمنكر

وفى الخبر (قال عيسى عليه السلام يقول الله بالفرائض نجا منى عبدى وبالنوافل يتقرب الىّ) واعلم ان الصلاة على مراتب فصلاة البدن باقامة الأركان المعلومة. وصلاة النفس بالخشوع والطمأنينة بين الخوف والرجاء. وصلاة القلب بالحضور والمراقبة. وصلاة السر بالمناجات والمكالمة. وصلاة الروح بالمشاهدة والمعاينة. وصلاة الخفي بالمناغاة والملاطفة ولا صلاة فى المقام السابع لانه مقام الفناء والمحبة الصرفة فى عين الوحدة. فنهاية الصلاة الصورية بظهور الموت الذي هو صورة اليقين كما قال تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) اى الموت. ونهاية الصلاة الحقيقة بالفناء المطلق الذي هو حق اليقين فكل صلاة تنهى عن الفحشاء فى مرتبتها: يعنى [نماز تن ناهيست از معاصى وملاهى. ونماز نفس مانعست از رذائل وعلائق واخلاق رديه وهيآت مظلمه. ونماز دل باز دارد از ظهور فضول ووفور غفلت را. ونماز سر منع نمايد از التفات بما سواى حضرت را را. ونماز روح نهى كند از استقرار بملاحظه اغيار. ونماز خفى بگذارند سالك را از شهود اثنينيت وظهور انانيت يعنى برو ظاهر كردد كه از روى حقيقت] جز يكى نيست نقد اين عالم ... باز بين وبعالمش مفروش قال بعض ارباب الحقيقة رعاية الظاهر سبب للصحة مطلقا وأرى ان فوت ما فات من ترك الصلوات يقول الفقير هذا يحتمل معنيين. الاول انه على سبيل الفرض والتقدير يعنى لو فرض للمرء ما يكون سببا لبقائه فى الدنيا لكان ذلك اقامة الصلاة فكان وفاته انما جاءت من قبل ترك الصلاة كما ان الصدقة والصلة تزيدان فى الأعمار يعنى لو فرض للمرء ما يزيد به العمر لكان ذلك هو الصدقة وصلة الرحم ففيه بيان فضيلة رعاية الاحكام الظاهرة خصوصا من بينها الصلاة والصدقة والصلة. والثاني ان لكل شىء حيا او جمادا أجلا علق ذلك بانقطاعه عن الذكر لانه ما من شىء الا يسبح بحمده فالشجر لا يقطع وكذا الحيوان لا يقتل ولا يموت الا عند انقطاعه عن الذكر وفى الحديث (ان لكل شىء أجلا فلا تضربوا اماءكم على كسر انائكم) فمعنى ترك الصلاة ترك التوجه الى الله بالذكر والحضور معه لان العمدة فيها هى اليقظة الكاملة فاذا وقعت النفس فى الغفلة انقطع عرق حياتها وفاتت بسببها وهذا بالنسبة الى الغافلين الذاكرين واما الذين هم على صلاتهم دائمون فالموت يطرأ على ظاهرهم لا على باطنهم فانهم لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار كما ورد فى بعض الآثار هذا هو اللائح والله اعلم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ اى والصلاة اكبر من سائر الطاعات وانما عبر عنها بالذكر كما فى قوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ) للايذان بان ما فيها من ذكره تعالى هو العمدة فى كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات او ولذكر الله أفضل الطاعات لان ثواب الذكر هو الذكر كما قال تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) وقال عليه السلام (يقول الله تعالى انا عند ظن عبدى بي وانا معه حين يذكرنى فان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى وان ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ اكثر من الملأ الذي ذكرنى فيهم) فالمراد بهذا الذكر هو الذكر الخالص وهو أصفى واجلى من الذكر المشوب بالأعمال الظاهرة وهو خير من ضرب الأعناق وعتق الرقاب وإعطاء المال للاحباب وأول الذكر توحيد ثم تجريد ثم تفريد كما قال عليه السلام (سبق المفردون) قالوا يا رسول

الله وما المفردون قال (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) : قال الشيخ العطار اصل تجريدت وداع شهوتست ... بلكه كلى انقطاع لذتست گر تو ببريدى ز موجودات اميد ... آنكه از تفريد كردى مستفيد والذكر طرد الغفلة ولذا قالوا ليس فى الجنة ذكر اى لانه لا غفلة فيها بل حال اهل الجنة الحضور الدائم وفى التأويلات النجمية ما حاصله ان الفحشاء والمنكر من امارات مرض القلب ومرضه نسيان الله وذكر الله اكبر فى ازالة هذا المرض من تلاوة القرآن واقامة الصلاة لان العلاج انما هو بالضد فان قلت إذا كانت تلاوة القرآن واقامة الصلاة والذكر صادرة من قلب مريض معلول بالنسيان الطبيعي للانسان لا يكون كل منها سببا لازالة المرض المذكور قلت الذكر مختص بطرح اكسير ذكر الله للعبد كما قال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) فابطل خاصية المعلولية وجعله إبريزا خاصا بخاصيته المذكورة فذكر العبد فنى فى ذكر الله فلذا كان اكبر وقال بعض الكبار ذكر اللذات فى مقام الفناء المحض وصلاة الحق عند التمكين فى مقام البقاء اكبر من جميع الاذكار وأعظم من جميع الصلوات قال ابن عطاء رحمه الله ذكر الله اكبر من ذكركم لان ذكره للفضل والكرم بلا علة وذكركم مشوب بالعلل والأماني والسؤال وقال بعضهم إذا قلت ذكر الله اكبر من ذكر العبد قابلت الحادث بالقديم وكيف يقال الله احسن من الخلق ولا يوازى قدمه إلا قدمه ولا ذكره الا ذكره ولا يبقى الكون فى سطوات المكون وقال بعضهم [ذكر خداى بزركتر است از همه چيزيرا كه ذكر او طاعتست وذكر غير او طاعت نيست] فويل لمن مر وقته بذكر الأغيار: قال الحافظ اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت ... باقى همه بيحاصل وبيخبرى بود وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ من الذكر وسائط الطاعات لا يخفى عليه شىء فيجازيكم بها احسن المجازاة وقال بعض الكبار والله يعلم ما تصنعون فى جميع المقامات والأحوال فمن تيقن ان الله يعلم ما يصنعه تجنب عن المعاصي والسيئات وتوجه الى عالم السر والخفيات بالطاعات والعبادات خصوصا الصلوات ولا بد من تفريغ القلب عن الشواغل فصلاة بالحضور أفضل من الف صلاة بدونه- حكى- ان واحدا كان يتضرع الى الله ان يوفقه لصلاة مقبولة فصلى مع حبيب العجمي فلم يعجبه ظاهرها من امر القراءة فاستأنف الصلاة فقيل له فى الرؤيا قد وفقك الله لصلاة مقبولة فلم تعرف قدرها فاصلاح الباطن أهم فان به يتفاضل الناس وتتفاوت الحسنات ويحصل الفلاح الحقيقي هو الخلاص من حبس الوجود بجود واجب الوجود ونظر العبد لا يدرك كمالية الجزاء المعدّ له بمباشرة اركان الشريعة وملازمة آداب الطريقة للوصول الى العالم الحقيقي ولكن الله يعلم ما تصنعون باستعمال مفتاح الشريعة وصناعة الطريقة بفتح أبواب طلسم الوجود المجازى والوصول الى الكنز المخفي من الوجود الحقيقي نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للفعل الحسن والصنع الجميل ويسعدنا بالمقام الأرفع والاجر الجزيل

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 46 إلى 49]

الجزء الحادي والعشرون من الاجزاء الثلاثين وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ المجادلة والجدال [پيكار سخت كردن با يكديكر] كما فى التاج قال الراغب الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة وأصله من جدلت الحبل اى أحكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه. والمعنى ولا تخاصموا اليهود والنصارى: وبالفارسية [و پيكار مكنيد وجدال منماييد با اهل كتاب] إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اى بالخصلة التي هى احسن كمعاملة الخشونة باللين والغضب بالحلم والمشاغبة اى تحريك الشر واثارته بالنصح اى بتحريك الخير واثارته والعجلة بالتأنى والاحتياط على وجه لا يؤدى الى الضعف ولا الى إعظام الدنيا الدنية إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ بالإفراط فى الاعتداء والعناد فان الكافر إذا وصف بمثل الفسق والظلم حمل على المبالغة فيما هو فيه او بإثبات الولد وهم اهل نجران او بنبذ العهد ومنع الجزية ونحو ذلك فانه يجب حينئذ الموافقة بما يليق بحالهم من الغلظة باللسان وبالسيف والسنان وَقُولُوا آمَنَّا بالصدق والإخلاص بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا من القرآن وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ اى وبالذي انزل إليكم من التوراة والإنجيل وسمع النبي عليه السلام ان اهل الكتاب يقرأون التوراة ويفسرونها بالعربية لاهل الإسلام فقال (لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه وبرسله فان قالوا باطلا لم تصدقوهم وان قالوا حقا لم تكذبوهم) قال ابن الملك انما نهى عن تصديقهم وتكذيبهم لانهم حرفوا كتابهم وما قالوه ان كان من جملة ما غيروه فتصديقهم يكون تصديقا بالباطل وان لم يكن كذلك يكون تكذيبهم تكذيبا لما هو حق وهذا اصل فى وجوب التوقف فيما يشكل من الأمور والعلوم فلا يقضى فيه بجوار ولا بطلان وعلى هذا كان السلف رحمهم الله وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ لا شريك له فى الالوهية وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى مطيعون له خاصة وفيه تعريض بحال الفريقين حيث اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وَكَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده اى ومثل ذلك الانزال البديع الموافق لانزال سائر الكتب أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ من الطائفتين يُؤْمِنُونَ بِهِ أريد بهم عبد الله بن سلام واضرابه من اهل الكتاب خاصة كأن من عداهم لم يؤتوا الكتاب حيث لم يعملوا بما فيه او من تقدم عهد الرسول عليه السلام حيث كانوا مصدقين بنزوله حسبما شاهدوا فى كتابيها ومنهم قس بن ساعدة وبحيرا ونسطورا وورقة وغيرهم وتخصيصهم بايتاء الكتاب للايذان بان من بعدهم من معاصرى رسول الله قد نزع عنهم الكتاب بالنسخ فلم يؤتوه والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فان ايمانهم به مترتب على انزاله على الوجه المذكور

وَمِنْ هؤُلاءِ اى من العرب مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ اى بالقرآن وَما يَجْحَدُ الجحد نفى ما فى القلب إثباته او اثبات ما فى القلب نفيه بِآياتِنا اى بالكتاب المعظم بالاضافة إلينا عبر عنه بالآيات للتنبيه على ظهور دلالته على معانيه وعلى كونه من عند الله إِلَّا الْكافِرُونَ المتوغلون فى الكفر المصممون عليه فان ذلك يصدهم عن التأمل فيما يؤديهم الى معرفة حقيتها وفى الآية اشارة الى ان ارباب القلوب واصحاب العلوم الباطنة الذين علومهم من مواهب الحق يجب ان يجادلوا اهل علم الظاهر الذين علومهم من طريق الكسب والدراسة بالرفق واللين والسكون ونحوها لئلا تهيج الفتنة الا مارية ويزدادوا إنكارا فمن رحمه الله منهم صدق الدلائل الكشفية والبراهين الحقيقة فى دلالتها الى الحق واهتدى ومن حرمه الله استقبل بالإنكار وزاد بعدا من الوصول الى الله الغفار: وفى المثنوى هر كرا مشك نصيحت سود نيست ... لا جرم با بوى بد خو كرد نيست «1» مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «2» كاشكى چون طفل از حيل پاك آمدى ... تا چوطفلان چنك در مادر زدى «3» يا بعلم ونقل كم بودى ملى ... علم وحي دل ربودى از ولى با چنين نورى چو پيش آرى كتاب ... جان وحي آساى تو آرد عتاب چون تيمم با وجود آب دان ... علم نقلى با دم قطب زمان خويش ابله كن تبع مى روز پس ... رستكى زين ابلهى يا پى وبس اكثر اهل الجنة البله اى پدر ... بهر اين كفتست سلطان البشر زيركى چون كبر باد انگيز تست ... ابلهى شو تا بماند دل درست ابلهى نى كو بمسخركى دو توست ... ابلهى كو واله وحيران هوست ابلهانند آن زنان دست بر ... از كف ابله وزرخ يوسف نذر واعلم ان المجادلة فى الدين تبطل ثواب الأعمال إذا كانت تعنتا وترويجا للباطل واما الجدال بالحق لاظهاره فمأمور به وقد جادل على رضى الله عنه شخصا قال انى املك حركاتى وسكناتى وطلاق زوجتى وأعتق أمتي فقال على رضى الله عنه أتملكها دون الله او مع الله فان قلت أملكها دون الله فقد اثبت دون الله مالكا وان قلت أملكها مع الله فقد اثبت له شريكا كذا فى شرح المواقف قال الشيخ سعدى [يكى در صورت درويشان در محفلى ديدم نشسته ودفتر شكايت باز كرده وذم توانكاران آغاز كفتم اى يار توانكران مقصد زائران وكهف مسافرانند عبادت إينان بمحل قبول نزديكترست كه جمعند وحاضر نه پراكنده خاطر ودر خبر است (الفقر سواد الوجه فى الدارين) كفت آن نشنيدى كه پيغمبر عليه السلام فرموده است [الفقر فخرى] كفتم خاموش كه اشارت سيد عالم بفقر طائفه ايست كه مردان ميدان رضااند وتسليم تير قضا درويش بى معرفت نياراميد تا فقرش بكفر انجاميد (كاد الفقر ان يكون كفرا) با كرسنكى قوت و پرهيز نماند ... افلاس عنان از كف تقوى بستاند

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان معالجه كردن برادر دباغ دباغ را إلخ (2) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي إلخ (3) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه رستن ضروب در كوشه مسجد أقصى إلخ

[سورة العنكبوت (29) : آية 48]

[كفت توانكران مشتى طائفه اند مغرور نظر نكنند بغير الا بكراهت سخن نكويند الا بسفاهت علما را بگدايى منسوب كنند وفقرا را به بي سر و پايى معيوب كردانند كفتم مذمت ايشان روا مدار كه خداوندان كرمند كفت خطا كفتى بنده درمند چهـ فائده اگر ابر آذرند بر كس نمى بارند كفتم بر بخل خداوندان وقوف نيافته الا بعلت كدايى ور نه هر كه طمع يكسو نهد كريم وبخيلش يكسان نمايند كفتا بتجربه آن ميكويم كه متعلقان بر در بدارند تا دست بر سينه صاحب تمييز نهند وكويند كه كسى اينجا نيست وراست كفته باشند زيرا آنرا كه عقل وهمت وتدبير وراى نيست ... خوش كفت پرده دار كه كس در سراى نيست كفتم اين حركت ازيشان بعد از آنست كه از دست سائلان بجان آمده اند ومحال عقلست كه اگر ريك بيابان در شود چشم كدايان پر نشود كفتا كه من بر حال ايشان رحمت مى برم «اى لان لهم مالا ولا يشترون ثوابا» كفتم نه كه بر مال ايشان حسرت مى خورى «اى لحرصك» ما درين كفتار وهر دو بهم كرفتار هر بيدقى براندى بدفع آن بكوشيدمى تا نقد كيسه همت همه در باخت عاقبة الأمر دليلش نماند ذليلش كردم دست تعدى دراز كرد وسنت جاهلانند كه چون بدليل فرو مانند سلسله خصومت بجنبانند دشنامم داد سقطش كفتم كريبانم دريد زنخدانش كرفتم مرافعه اين سخن پيش قاضى برديم قاضى چون هيئات ما ديد ومنطق ما شنيد بعد از تأمل بسيار كفت اى آنكه توانكرانرا ثنا كفتى بدانكه هر جا كلست خار هست وبر سر كنج مار همچنان در زمره توانكران شاكرانند وكفور ودر حلقه درويشان صابرانند وضجور واى كه كفتى توانكران مشتغل تباهي ومست ملاهى اند قومى از ايشان برين صفتند وطائفه ديكر طالب نبك نامند ومغفرت وصاحب دنيا وآخرت قاضى چون اين سخن بكفت بمقتضاى حكم قضا رضا داديم واز ما مضى در كذشتيم وبوسه بر سر وروى همدكر داديم وختم سخن بدين دو بيت بود] مكن ز كردش كيتى شكايت اى درويش ... كه تيره بختي اگر هم برين نسق مردى توانكرا چودل ودست كامرانت هست ... بخور ببخش كه دنيا وآخرت بردى وهذه الحكاية طويلة قد اختصرناها وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ اى وما كانت عادتك يا محمد قبل انزالنا إليك القرآن ان تتلو شيأ مِنْ كِتابٍ من الكتب المنزلة وَلا تَخُطُّهُ ولا ان تكتب كتابا من الكتب والخط كالمد ويقال لماله طول ويعبر عن الكتابة بالخط بِيَمِينِكَ حسبما هو المعتاد يعنى ذكر اليمين لكون الكتابة غالبا باليمين لا انه لا يخط بيمينه ويخط بشماله فان الخط بالشمال من ابعد النوادر قال الشيعة انه عليه السلام كان يحسن الخط قبل الوحى ثم نهى عنه بالوحى وقالوا ان قوله ولا تخطه نهى فليس ينفى الخط قال فى كشف الاسرار قرئ ولا تخطه بالفتح على النهى وهو شاذ والصحيح انه لم يكن يكتب انتهى وفى الاسئلة المقحمة قول الشيعة مردود لان لا تخطه لو كان نهيا لكان بنصب الطاء او قال لا تخططه بطريق التضعيف إِذاً [آن هنكام] اى لو كنت ممن يعتاد التلاوة والخط لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ قال فى المختار الريب الشك قال الراغب الريب ان

يتوهم بالشيء امرا ينكشف عما يتوهمه ولهذا قال تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ) والارابة ان يتوهم فيه امرا فلا ينكشف عما يتوهمه والارتياب يجرى مجرى الارابة ونفى عن المؤمنين الارتياب كما قال (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) والمبطل من يأتى بالباطل وهو نقيض المحق وهو من يأتى بالحق لما ان الباطل نقيض الحق قال فى المفردات الابطال يقال فى إفساد الشيء وإزالته حقا كان ذلك الشيء او باطلا قال تعالى (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) وقد يقال فيمن يقول شيأ لا حقيقة له. والمعنى لارتابوا وقالوا لعله تعلمه او التقطه من كتب الأوائل وحيث لم تكن كذلك لم يبق فى شأنك منشأ ريب أصلا قال الكاشفى [در شك افتادندى تباه كاران وكچروان يعنى مشركان عرب كفتندى كه چون مى خواند ومى نويسد پس قرآنرا از كتب پيشينيان التقاط كرده وبر ما مى خواند يا جهودان در شك افتادند كه در كتب خود خوانده ايم كه پيغمبر آخر زمان أمي باشد واين كس قارى وكاتب است] فان قلت لم سماهم المبطلين ولو لم يكن اميا وقالوا ليس بالذي نجده فى كتبنا لكانوا محقين ولكان اهل مكة ايضا على حق فى قولهم لعله تعلمه او كتبه فانه رجل قارئ كاتب قلت لانهم كفروا به وهو أمي بعيد من الريب فكأنه قال هؤلاء المبطلون فى كفرهم به لو لم يكن اميا لارتابوا أشد الريب فحيث انه ليس بقارئ ولا كاتب فلا وجه لارتيابهم قال فى الاسئلة المقحمة كيف منّ الله على نبيه بانه أمي ولا يعرف الخط والكتابة وهما من قبيل الكمال لا من قبيل النقص والجواب انما وصفه بعدم الخط والكتابة لان اهل الكتاب كانوا يجدون من نعته فى التوراة والإنجيل انه أمي لا يقرأ ولا يكتب فاراد تحقيق ما وعدهم به على نعته إياه ولان الكتابة من قبيل الصناعات فلا توصف بالمدح ولا بالذم ولان المقصود من الكتابة والخط هو الاحتراز عن الغفلة والنسيان وقد خصه الله تعالى بما فيه غنية عن ذلك كالعين بها غنية عن العصا والقائد انتهى وقال فى اسئلة الحكم كان عليه السلام يعلم الخطوط ويخبر عنها فلماذا لم يكتب والجواب انه لو كتب لقيل قرأ القرآن من صحف الأولين وقال النيسابورى انما لم يكتب لانه إذا كتب وعقد الخنصر يقع ظل قلمه وإصبعه على اسم الله تعالى وذكره فلما كان ذلك قال الله تعالى لا جرم يا حبيبى لما لم ترد ان يكون قلمك فوق اسمى ولم ترد ان يكون ظل القلم على اسمى أمرت الناس ان لا يرفعوا أصواتهم فوق صوتك تشريفا لك وتعظيما ولا ادع بسبب ذلك ظلك يقع على الأرض صيانة له ان يوطأ ظله بالاقدام قيل انه نور محض وليس للنور ظل وفيه اشارة الى انه أفنى الوجود الكونى الظلي وهو نور متجسد فى صورة البشر وكذلك الملك إذا تجسد بصورة البشر لا يكون له ظل وبذلك علم بعض العارفين تجسد الأرواح القدسية وإذا تجسدت الأرواح الخبيثة وقعت كثافة ظلها وظلمته على الأرض اكثر من سائر الاظلال الكونية فليحفظ ذلك قال الكاشفى [در تيسير آورده كه خط وقرائت فضيلت بوده است مر غير پيغمبر ما را وعدم آن فضل معجزه آن حضرت بوده و چون معجزه ظاهر شده ودر أميت او شك وشبه نماند حق سبحانه در آخر عمر اين فضيلت نيز بوى ارزانى داشته تا معجزه ديكر باشد وابن ابى شيبه در مصنف خود از طريق عون بن عبد الله نقل ميكند كه «مامات رسول الله حتى كتب وقرأ» واين صورت منافئ قرآن نيست زيرا كه در آيت نفى كتابت مقرر ساخته بزمانى قبل از نزول قرآن ومذهب آنانكه ويرا أمي دانند از أول عمر تا آخر بصواب اقربست

[سورة العنكبوت (29) : آية 49]

بقلم كر نرسيد انكشتش ... بود لوح وقلم اندر مشتش از سواد خط اگر ديده ببست ... بكمالش نرسد هيچ شكست بود او نور خط تيره ظلم ... نشود نور وظلم جمع بهم ولذا قال بعضهم من كان القلم الا على يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره لا يحتاج الى تصوير الرسوم وتمثيل العلوم بالآلات الجسمانية لان الخط صنعة ذهنية وقوة طبعية صدرت بآلاتها الجسمانية قال رجل من الأنصار للنبى عليه السلام انى لاسمع الحديث ولا احفظه فقال (استعن بيمينك) اى اكتبه قيل أول من كتب الكتاب العربي والفارسي والسرياني والعبراني وغيرها من بقية الاثني عشر وهى الحميرى واليوناني والرومي والقبطي والبربري والأندلسي والهندي والصيني آدم عليه السلام كتبها فى طين وطبخه فلما أصاب الأرض وانفرق وجد كل قوم كتابا فكتبوه فاصاب إسماعيل عليه السلام كتاب العربي واما ما جاء (أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام) فالمراد به خط الرمل وفى التأويلات النجمية القلب إذا تجرد عن المعلومات والسر تقدس عن المرقومات والروح تنزه عن الموهومات كانوا اقرب الى الفطرة ولم يشتغلوا بقبول النفوس السفلية من الحسيات والخياليات والوهميات فكانوا لما صادفهم من المغيبات قابلين من غير ممازجة طبع ومشاركة كسب وتكلف بشرية ولما كان قلب النبي عليه السلام فى البداية مشروطا بعمل جبريل إذا خرج منه ما اخرج وقال هذا حظ الشيطان منك وفى النهاية لما كان محفوظا من النقوش التعليمية بالقراءة والكتابة كان قابلا للانزال عليه مختصا عن جميع الأنبياء كما قال (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) ثم اثبت هذه بتبعيته لمتابعيه فقال بَلْ هُوَ اى القرآن آياتٌ بَيِّناتٌ واضحات ثابتات راسخات فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من غير ان يلتقط من كتاب يحفظونه بحيث لا يقدر أحد على تحريفه قال الكاشفى [در سينه آنانكه داده شده اند علم را يعنى مؤمنان اهل كتاب يا صحابه كرام كه آنرا ياد ميكردند تا هيچ كس تحريف نتوان كرد واما خواندن قرآن از ظهر القلب خاصه امت مرحومه است چهـ كتب مقدمه را از أوراق مى خوانده اند] يعنى كونه محفوظا فى الصدور من خصائص القرآن لان من تقدم كانوا لا يقرأون كتبهم الا نظرا فاذا أطبقوها لم يعرفوا منها شيأ سوى الأنبياء وما نقل عن قارون من انه كان يقرأ التوراة عن ظهر القلب فغير ثابت [وازينجاست كه موسى عليه السلام در مناجاة حضرت كفت] يا رب انى أجد فى التوراة امة أناجيلهم فى صدورهم يقرأون ظاهرا لو لم يكن رسم الخطوط لكانوا يحفظون شرائعه عليه السلام بقلوبهم لكمال قوتهم وظهور استعداداتهم ولما اختل رسم التوراة اختلت شريعتهم وفى بعض الآثار ما حسدتكم اليهود والنصارى على شىء كحفظ القرآن قال ابو امامة ان الله لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن وقال عليه السلام (القلب الذي ليس فيه شىء من القرآن كالبيت الخراب) وفى الحديث (تعاهدوا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل من عقلها) اى من الإبل المعقلة إذا أطلقها صاحبها والتعاهد والتعهد التحفظ اى المحافظة وتجديد الأمر به والمراد هنا

الأمر بالمواظبة على تلاوته والمداومة على تكراره فمن سنة القارئ ان يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه وعن النبي عليه السلام (عرضت علىّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا اكبر من آية او سورة أوتيها الرجل ثم نسيها) والنسيان ان لا يمكنه القراءة من المصحف كذا فى القنية وكان ابن عيينة يذهب الى ان النسيان الذي يستحق صاحبه اللوم ويضاف اليه الإثم ترك العمل به والنسيان فى لسان العرب الترك قال تعالى (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) اى تركوا وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ) اى تركوا طاعته (فَنَسِيَهُمْ) اى فترك رحمتهم قال شارح الجزرية وقراءة القرآن من المصحف أفضل من قراءة القرآن من حفظه هذا هو المشهور عن السلف ولكن ليس هذا على إطلاقه بل ان كان القارئ من حفظه يحصل له التدبر والتفكر وجمع القلب والبصر اكثر مما يحصل له من المصحف فالقراءة من الحفظ أفضل وان تساويا فمن المصحف أفضل لان النظر فى المصحف عبادة واستماع القرآن من الغير فى بعض الأحيان من السنن دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملول چيست «1» قال فى كشف الاسرار قلوب الخواص من العلماء بالله خزائن الغيب فيها براهين حقه وبينات سره ودلائل توحيده وشواهد ربوبيته فقانون الحقائق قلوبهم وكل شىء يطلب من موطنه ومحله [در شب افروز از صدف جويند وآفتاب تابان از برج فلك وعسل مصفى از نحل ونور معرفت ووصف ذات احديت از دلهاى عارفان جويند كه دلهاى ايشان قانون معرفت است ومحل تجلىء صفات] بل يطلب حضرة جلاله عند حظائر قدس قلوب خواص عباده كما سأل الله موسى عليه السلام قال «الهى اين أطلبك قال انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى» : وفى المثنوى از درون واهل دل آب حيات ... چند نوشيدى ووا شد چشمهات پس غذاى سكر ووجد وبيخودى ... از در اهل دلان بر جان زدى قال المولى الجامى نكته عرفان مجو از خاطر آلودگان ... كوهر مقصود در دلهاى پاك آمد صدف وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا مع كونها كما ذكر إِلَّا الظَّالِمُونَ اى المتجاوزون للحدود فى الشر والمكابرة والفساد- روى- ان المسيح بن مريم عليه السلام قال للحواريين «انا اذهب وسيأتيكم الفارّ قليط يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه ولكنه ما يسمع به يكلمكم ويسوسكم بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب وهو يشهدلى كما شهدت له فانى جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ويفسر لكم كل شىء» قوله يخبركم بالحوادث. يعنى ما يحدث فى الازمنة المستقبلة مثل خروج الدجال وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها وأشباه ذلك ويعنى بالغيوب امر القيامة من الحساب والجنة والنار مما لم يذكر فى التوراة والإنجيل والزبور وذكره نبينا صلى الله عليه وسلم كذا فى كشف الاسرار وفى الآية اشارة الى ان الحرمان من رؤية الآيات من خصوصية رين الجحد والإنكار إذا غلب على القلوب فتصدأ كما تصدأ المرآة فلا تظهر فيها نقوش الغيوب وتعمى عن رؤية الآيات: قال الكمال الخجندي

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان قصه اهل سبا وطاغى كردن إلخ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 50 إلى 54]

له فى كل موجود علامات وآثار ... دو عالم پر ز معشوقست كويك عاشق صادق قال الشيخ المغربي قدس سره نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولو الابصار ترا كه چشم نباشد چهـ حاصل از شاهد ... ترا كه كوش نباشد چهـ سود از كفتار اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بزداى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار قال ابراهيم الخواص رحمه الله دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. والخلاء. وقيام الليل. والتضرع الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين جعلنا الله وإياكم من اهل الصلاح والفلاح انه القادر الفتاح فالق الإصباح خالق المصباح وَقالُوا اى كفار قريش لَوْلا تحضيضية بمعنى هلا: وبالفارسية [چرا] أُنْزِلَ [فرو فرستاده نمى شود] عَلَيْهِ على محمد آياتٌ مِنْ رَبِّهِ مثل ناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى عليهم السلام قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ فى قدرته وحكمه ينزلها كما يشاء وليس بيدي شىء فآتيكم بما تقترحونه وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ليس من شأنى الا الانذار والتخويف من عذاب الله بما أعطيت من الآيات: يعنى [تخويف ميكنم بلغتي كه شما دريابيد] وهو معنى الظهور قال فى كشف الاسرار والحكمة فى ترك اجابة النبي عليه السلام الى الآيات المقترحة انه يؤدى الى ما لا يتناهى وان هؤلاء طلبوا آيات تضطرهم الى الايمان فلو أجابهم إليها لما استحقوا الثواب على ذلك انتهى ولو لم يؤمنوا لاستأصلوا وعذاب الاستئصال مرفوع عن هذه الامة ببركة النبي عليه السلام ثم قال تعالى بيانا لبطلان اقتراحهم أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد فى الأمر اى اقصر ولم يكفهم آية مغنية عما اقترحوه أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وأنت بمعزل من مدارستها وممارستها يُتْلى عَلَيْهِمْ بلغتهم فى كل زمان ومكان فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل كما تزول كل آية بعد كونها وتمكون فى مكان دون مكان وفيه اشارة الى عمى بصر قلوبهم حيث لم يروا الآية الواضحة التي هى القرآن حتى طلبوا الآيات والى ان تيسير قراءة مثل هذا القرآن فى غير كاتب وقارئ وانزاله عليه وحفظه لديه واحالة بيانه اليه آية واضحة إِنَّ فِي ذلِكَ الكتاب العظيم الشان الباقي على ممر الدهور والأزمان لَرَحْمَةً اى نعمة عظيمة وَذِكْرى اى نذكرة: وبالفارسية [پندى ونصيحتى] لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اى لقوم هممهم الايمان لا التعنت كاولئك المقترحين: وفى المثنوى پند كفتن با جهول خابناك ... تخم افكندن بود در شوره خاك «1» قُلْ كَفى بِاللَّهِ اى كفى الله والباء صلة بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً بما صدر عنى وعنكم يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى من الأمور التي من جملتها شأنى وشأنكم وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ الذي لا يجوز الايمان به كالصنم والشيطان وغيرهما وفيه اشارة الى ان من

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه آن مرغ كه وصيت كرد إلخ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 53 إلى 54]

ابصر بعين النفس لا يرى الا الباطل فيؤمن به وَكَفَرُوا بِاللَّهِ الذي يجب الايمان به مع تعاضد موجبات الايمان أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ المغبونون فى صفقتهم الاخروية حيث اشتروا الكفر بالايمان وضيعوا الفطرة الاصلية والادلة السمعية الموجبة للايمان عمر تو كنج وهر نفس از وى بكل كهر ... كنجى چنين لطيف مكن رايكان تلف وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ الاستعجال طلب الشيء قبل وقته: يعنى [شتاب ميكنند كافران ترا بعذاب آوردن بايشان] اى يقول نضر بن الحارث وأمثاله بطريق الاستهزاء متى هذا الوعد وأمطر علينا حجارة من السماء وفيه اشارة الى ان من استعجل العذاب ولم يصبر على العافية لعجل خلق منه وهو مركوز فى جبلته كيف يصبر على البلاء والضراء لو لم يصبره الله كما قال لنبيه عليه السلام (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) نسأل الله العافية من كل بلية (وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى اى وقت معين لعذابهم وهو يوم القيامة كما قال (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) وذلك ان الله تعالى وعد النبي عليه السلام انه لا يعذب قومه استئصالا بل يؤخر عذابهم الى يوم القيامة وقد سمت الارادة القديمة بالحكمة الازلية لكل مقدور كائن أجلا فلا تقدم له ولا تأخر عن المضروب المسمى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ عاجلا وفيه اشارة الى ان الاستعجال فى طلب العذاب فى غير وقته المقدر لا ينفع وهو مذموم فكيف ينفع الاستعجال فى طلب مرادات النفس وشهواتها فى غير أوانها [وكيف لم يكن مذموما وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ العذاب الذي عين لهم عند حلول الاجل: وبالفارسية [وبي شك خواهد آمد عذاب بديشان] بَغْتَةً [ناكاه] قال الراغب البغت مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه: يعنى [وحال آنكه ايشان ندانند كه عذاب آيد بايشان وايشان ناآكاه] يقول الفقير ان قلت عذاب الآخرة ليس من قبيل المفاجأة فكيف يأتى بغتة قلت الموت يأتيهم بغتة اى فى وقت لا يظنون انهم يموتون فيه وزمانه متصل بزمان القيامة ولذا عد القبر أول منزل من منازل الآخرة ويدل عليه قوله عليه السلام (من مات فقد قامت قيامته) وفى البرزخ عذاب ولو كان نصفا من حيث انه حظ الروح فقط وقال بعضهم لعل المراد بإتيانه كذلك ان لا يأتيهم بطريق التعجيل عند استعجالهم والاجابة الى مسئولهم فان ذلك إتيان برأيهم وشعورهم وفى بعض الآثار من مات مصححا لامره مستعدا لموته ما كان موته بغتة وان قبض نائما ومن لم يكن مصححا لامره ولا مستعدا لموته فموته موت فجأة وان كان صاحب الفراش سنة قال فى لطائف المنن وقد تحاورت الكلام انا وبعض من يشتغل بالعلم فى انه ينبغى اخلاص النية فيه وان لا يشتغل به الا لله فقلت الذي يطلب العلم لله إذا قيل له غدا تموت لا يضع الكتاب من يده اى لكونه وفى الخقوق فلم ير أفضل مما هو فيه فيحب ان يأتيه الموت على ذلك تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وغدرى بكوى كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ [تعجيل ميكنند ترا بعذاب آوردن] وَإِنَّ جَهَنَّمَ اى

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 55 إلى 59]

والحال ان محل العذاب الذي لا عذاب فوقه لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ اى ستحيط بهم عن قريب لان ما هو آت قريب قال فى الإرشاد وانما جيىء بالاسمية دلالة على تحقق الإحاطة واستمرارها وتنزيلا لحال السبب منزلة المسبب فان الكفر والمعاصي الموجبة لدخول جهنم محيطة بهم وقال بعضهم ان الكفر والمعاصي هى النار فى الحقيقة ظهرت فى هذه النشأة بهذه الصورة يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ ظرف لمضمر اى يوم يعلوهم ويسترهم العذاب الذي أشير اليه بإحاطة جهنم بهم يكون من الأحوال والأهوال ما لا يفى به المقال مِنْ فَوْقِهِمْ [اى از زبر سرهاى ايشان] وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [واز زير پايهاى ايشان] والمراد من جميع جهاتهم وَيَقُولُ الله او بعض الملائكة بامره ذُوقُوا [بچشيد] والذوق وجود الطعم بالفم وأصله مما يقل تناوله فاذا اكثر يقال له الاكل واختير فى القرآن لفظ الذوق فى العذاب لان ذلك وان كان فى التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير فخصه بالذكر ليعلم الامرين كما فى المفردات ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى جزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من السيئات التي من جملتها الاستعجال بالعذاب قال الكاشفى [دنيا دار عمل بود وعقبى دار جزاست هر جه آنجا كاشته ايد اينجا مى درويد] تو تخمى بيفشان كه چون بد روى ... ز محصول خود شاد وخرم شوى وفى التأويلات النجمية قوله (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) يشير الى ان استعجال العذاب لاهل العذاب وهو نفس الكافر لا حاجة اليه بالاستدعاء (وَإِنَّ جَهَنَّمَ) الحرص والشره والشهوة والكبر والحسد والغضب والحقد (لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) بالنفوس الكافرة الآن بنفاد الوقت (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) بإحاطة هذه الصفات (مِنْ فَوْقِهِمْ) الكبر والغضب والحسد والحقد (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) الحرص والشره والشهوة ولكنهم بنوم الغفلة نائمون ليس لهم خبر عن ذوق العذاب كالنائم لا شعور له فى النوم بما يجرى على صورته لانه نائم الصورة فاذا انتبه يجد ذوق ما يجرى عليه من العذاب كما قال (وَيَقُولُ) يعنى يوم القيامة (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) اى عذاب ما كنتم تعاملون الخلق والخالق به والذي يؤكد هذا التأويل قوله تعالى (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) يعنى فى الوقت ولا شعور لهم (يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) الذي يكون فيه الصلى والدخول يوم القيامة (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) اليوم ولكن لا شعور لهم بها فمن تطلع له شمس الهداية والعناية من مشرق القلب فيخرج من ليل الدين الى يوم الدين وأشرقت ارض بشريته بنور ربها يرى نفسه محاطة جهنم أخلاقها فيجد ذوق المهاد بقصد الخروج والخلاص منها فان ارض الله واسعة كما يأتى نسأل الله الخلاس يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا خطاب تشريف لبعض المؤمنين الذين لا يتمكنون من اقامة امور الدين كما ينبغى لممانعة من جهة الكفر وارشاد لهم الى الطريق الأسلم قال الكاشفى [آورده اند كه جمعى از مؤمنان در مكه اقامت كرده از جهت قلت زاد وكمى استعداد پابسبب محبت أوطان يا صحبت اخوان هجرت نميكردند وبترس وهراس پرستش خدا نمودند] وربما يعذبون فى الدين فانزل الله هذه الآية وقال يا عبادى المؤمنين إذا لم تسهل لكم

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 57 إلى 59]

العبادة فى بلد ولم يتسر لكم اظهار دينكم فهاجروا الى حيث يتمشى لكم ذلك إِنَّ أَرْضِي الأرض الجرم المقابل للسماء اى بلاد المواضع التي خلقتها واسِعَةٌ لا مضايقة لكم فيها فان لم تخلصوا العبادة لى فى ارضى فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ اى فاخلصوها فى غيره فالفاء جواب شرط محذوف ثم حذف الشرط وعوض عنه تقديم المفعول مع إفادة تقديم معنى الاختصاص والإخلاص قال الكاشفى [واگر از دوستى اهل وولد پابسته بلده شده ايد روزى مفارقت ضرورت خواهد بود زيرا كه] كُلُّ نَفْسٍ من النفوس سواء كان نفس الإنسان او غيرها وهو مبتدأ وجاز الابتداء بالنكرة لما فيها من العموم ذائِقَةُ الْمَوْتِ اى واجدة مرارة الموت ومتجرعة غصص المفارقة كما يجد الذائق ذوق المذوق وهذا مبنى على ان الذوق يصلح للقليل والكثير كما ذهب اليه الراغب وقال بعضهم اصل الذوق بالفم فيما يقل تناوله فالمعنى إذا ان النفوس تزهق بملابسة البدن جزأ من الموت واعلم ان للانسان روحا وجسدا وبخارا لطيفا بينهما هو الروح الحيواني فمادام هذا البخار باقيا على الوجه الذي يصلح ان يكون علاقة بينهما فالحياة قائمة وعند انطفائه وخروجه عن الصلاحية تزول الحياة ويفارق الروح البدن مفارقة اضطرارية وهو الموت الصوري ولا يعرف كيفية ظهور الروح فى البدن ومفارقة له وقت الموت الا اهل الانسلاخ التام ثُمَّ إِلَيْنا اى الى حكمنا وجزائنا تُرْجَعُونَ من الرجع وهو الرد اى تردون فمن كانت هذه عاقبته ينبغى ان يجتهد فى التزود والاستعداد لها ويرى مهاجرة الوطن سهلة واحتمال الغربة هونا هذا إذا كان الوطن دار الشرك وكذا إذا كان ارض المعاصي والبدع وهو لا يقدر على تغييرها والمنع منها فيهاجر الى ارض المطيعين من ارض الله الواسعة سفر كن چوجاى تو ناخوش بود ... كزين جاى رفتن بدان ننك نيست وكر تنك كردد ترا جايكاه ... خداى جهانرا جهان تنك نيست وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ومن الصالحات الهجرة للدين لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم: وبالفارسية [هر آينه فرود أديم ايشانرا] قال فى التاج النبوء [كسى را جايى فر آوردن] مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً مفعول ثان لنبوئنهم اى قصورا عالية من الدر والزبرجد والياقوت وانما قال ذلك لان الجنة فى جهة عالية والنار فى سافلة ولان النظر من الغرف الى المياه والحضر أشهى وألذ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ صفة لغرفا خالِدِينَ فِيها اى ماكثين فى تلك الغرف الى غاية نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الأعمال الصالحة: يعنى [نيك مزديست مزد عمل كنندكان خير را كوشكهاى بهشت] الَّذِينَ صَبَرُوا صفة للعاملين او نصب على المدح اى صبروا على اذية المشركين وشدائد الهجرة للدين وغير ذلك من المحن والمشاق وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ اى لا يعتمدن فى أمورهم الا على الله تعالى وهذا التوكل من قوة الايمان فاذا قوى الايمان يخرج من الكفر ملاحظة الأوطان والأموال والأرزاق وغيرها وتصير الغربة والوطن سواء ويكفى ثواب الله بدلا من الكل وفى الحديث (من فرّ بدينه من ارض الى ارض ولو كان شبرا استوجب الجنة وكان رفيق ابراهيم ومحمد) عليهما السلام اما

استيجابه الجنة والغرف فلتركه المسكن المألوف لاجل الدين وامتثال امر رب العالمين واما رفاقته لهما فلمتابعتهما فى باب الهجرة واحياء سنتهما فان ابراهيم عليه السلام هاجر الى الأرض المقدسة ونبينا عليه السلام هاجر الى ارض المدينة وفيه اشارة الى ان السالك ينبغى ان يهاجر من ارض الجاه وهو قبول الخلق الى ارض الخمول- حكايت كنند از ابو سعيد خراز قدس سره- كفت در شهرى بودم ونام من در آنجا مشهور شده در كار من عظيم برفتند چنانكه پوست خربزه كه از دست من بيفتاد برداشتند واز يكديكر بصد دينار مى خريدند وبر آن مى افزودند با خود كفتم اين نه جاى منست ولائق روزكار من پس از آنجا هجرت كردم بجاى افتادم كه مرا زنديق مى كفتند وهر روز دو يار بر من سنك باران همى كردند همان جاى مقام ساختم وآن رنج وبلا همى كشيدم وخوش همى بودم- واز ابراهيم أدهم قدس سره حكايت كنند- كه كفت در همه عمر خويش در دنيا سه شادى ديدم وبإذن الله تعالى شادى نفس خويش را قهر كردم. در شهر أنطاكية شدم برهنه پاى وبرهنه سر ميرفتم هر يكى طعنه بر من همى زد يكى كفت «هذا عبد آبق من مولاه» مرا اين سخن خوش آمد با نفس خويش كفتم اگر كريخته ورميده كاه آن نيامد كه بطريق صلح باز آيى. دوم شادى آن بود كه در كشتى نشسته بودم مسخره در ميان آن جمع بود وهيچ كس را از من حقيرتر وخوارتر نمى ديد هر ساعتى بيامدى ودست در قفاى من داشتى سوم. آن بود كه در شهر مطيه در مسجدى سر بزانوى حسرت نهاده بودم در وادي كم وكاست خود افتاده بى حرمتى بيامد وبند ميزر بگشاد وآب در من ريخت يعنى تبول كرد وكفت «خذ ماء الورد» ونفس من آن ساعت از آن حقارت خوش بكشت ودلم بدان شاد شد واين شادى از باركاه عزت در حق خود تحفه سعادت يافتم. پير طريقت كفت بسا مغرور در سير الله ومستدرج در نعمت الله ومفتون بثناى خلق] فعلى العاقل ان يموت عن نفسه ويذوق ألم الفناء المعنوي قبل الفناء الصوري فان الدنيا دار الفناء [هر نفسى چشنده مركست وهر كسى را راه كند بر مركست راهى رفتنى و پلى كذشتنى وشرابى آشاميدنى سيد صلوات الله عليه پيوسته امت را اين وصيت كردى (أكثروا ذكر هاذم اللذات) زينهار مرك را فراموش مكنيد واز آمدن او غافل مباشيد از ابراهيم بن أدهم قدس سره سؤال كردند كه اى قدوه اهل طريقت واى مقدمه زمره حقيقت آن چهـ معنى بود كه در سويداى دل وسينه تو پديدار آمد تا تاج شاهى از سر بنهادى ولباس سلطانى از تن بركشيدى ومرقع درويشى در پوشيدى ومحنت وبى نوايى اختيار كردى كفت آرى روزى بر تخت مملكت نشسته بودم وبر چهار بالش حشمت تكيه زده كه ناكاه آيينه در پيش روى من داشتند در آيينه نكه كردم منزل خود در خاك ديدم ومرا مونس نه سفر دراز در پيش ومر از ادنه زندانى تافته ديدم ومرا طاقت نه قاضى عدل ديدم ومرا حجت نه اى مردى كه اگر بساط امل تو كوشه باز كشند از قاف تا قاف بگيرد بارى بنكر كه صاحب قاب قوسين چهـ ميكويد (والله ما رفعت قدما وظننت انى وضعتها وما أكلت لقمة وظننت انى ابتلعتها) كفت بدان خدايى كه مرا بخلق فرستاد كه هيچ قدمى از زمين

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 60 إلى 64]

بر نداشتم كه كمان بردم كه پيش از مرك من آنرا بزمين باز توانم نهاد وهيچ لقمه در دهان ننهادم كه چنان پنداشتم كه من آن لقمه را پيش از مرك توانم فرو برد او كه سيد أولين وآخرين ومقتداى اهل آسمان وزمين است چنين ميكويد وتو مغرور وغافل امل دراز در پيش نهاده وصد ساله كار وبار ساخته ودل بر آن نهاده خبر ندارى كه اين دنيا غدار سراى غرورست نه سرور وسراى فرارست نه سراى قرار] تا كى از دار الغرورى ساختن دار السرور ... تا كى از دار الفرارى ساختن دار القرار اى خداوندان مال الاعتبار الاعتبار ... وى خداوندان قال الاعتذار الاعتذار پيش از ان كين جان عذر آرد فرو ماند ز نطق ... پيش از ان كين چشم عبرت بين فرو ماند ز كار كذا فى كشف الاسرار وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا كأين للتكثير بمعنى كم الخبرية ركب كاف التشبيه مع أي فجرد عنها معناها الافرادى فصار المجموع كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكين ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط وهو مبتدأ. وجملة قوله الله يرزقها خبره. ولا تحمل صفة دابة. والدابة كل حيوان يدب ويتحرك على الأرض مما يعقل ومما لا يعقل. والحمل بالفتح [برداشتن بسر وبه پشت] وبالكسر اسم للمحمول على الرأس وعلى الظهر. والرزق لغة ما ينتفع به واصطلاحا اسم لما يسوقه الله الى الحيوان فيأكله- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما امر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة الى المدينة قالوا كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت والمعنى وكثير من دابة ذات حاجة الى الغذاء لا تطيق حمل رزقها لضعفها او لا تدخره وانما تصبح ولا معيشة عندها [وذخيره كننده از جانوران آدميست وموش ومور وكفته اند سياه كوش ذخيره نهد وفراموش كند. ودر كشاف از بعضى نقل ميكند كه بلبلى را ديدم خوردنى در زير بالهاى خود نهان ميكرد القصة جانوران بسيارند از دواب وطيور ووحوش وسباع وهوام وحيوانات آبى كه ذخيره ننهند وحامل رزق خود نشوند] اللَّهُ يَرْزُقُها يعطى رزقها يوما فيوما حيث توجهت وَيرزق إِيَّاكُمْ حيث كنتم اى ثم انها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء فى انه لا يرزقها وإياكم الا الله لان رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا الفقر بالمهاجرة والخروج الى دار الغربة هست ز فيض كرم ذو الجلال ... مشرب أرزاق پر آب زلال شاه وكدا روزى از ان ميخورند ... مور وملخ قسمت از او ميبرند وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ المبالغ فى السمع فيسمع قولكم هذا فى امر الرزق المبالغ فى العلم فيعلم ضمائركم وقال الكاشفى [دانا بآنكه شما را روزى از كجا دهد] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ اى اهل مكة مَنْ استفهام خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لمصالح العباد حيث يجريان على الدوام والتسخير جعل الشيء منقادا للآخر وسوقه الى الغرض المختص به قهرا لَيَقُولُنَّ خلقهن اللَّهُ إذ لا سبيل لهم الى الإنكار لما تقرر فى العقول من وجوب انتهاء الممكنات الى واحد واجب الوجود فَأَنَّى [پس كجا]

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 62 إلى 63]

يُؤْفَكُونَ الأفك بالفتح الصرف والقلب وبالكسر كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه اى فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرده فى الالهية مع إقرارهم بتفرده فيما ذكر من الخلق والتسخير فهو انكار واستبعاد لتركهم العمل بموجب العلم وتوبيخ وتقريع عليه وتعجيب منه اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ان يبسط له مِنْ عِبادِهِ مؤمنين او كافرين أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست وَيَقْدِرُ [تنك ميسازد] لَهُ اى لمن يشاء ان يقدر له منهم كائنا من كان على ان الضمير مبهم حسب إبهام مرجعه ويحتمل ان يكون الموسع له والمضيق عليه واحدا على ان البسط والقبض على التعاقب اى يقدر لمن يبسط له على التعاقب قال الحسن يبسط الرزق لعدوه مكرا به ويقدر على وليه نظرا له فطوبى لمن نظر الله اليه إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسط له ويعلم من يليق بقبضه فيقبض له او فيعلم ان كلا من البسط والقبض فى أي وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلا منهما فى وقته وفى الحديث القدسي (ان من عبادى من لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لا فسده ذلك وان من عبادى من لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لا فسده ذلك) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ اى مشركى العرب مَنْ [كه] نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا [پس زنده كرد وتازه ساخت] بِهِ [بسبب آن آب] الْأَرْضَ بإخراج الزرع والنبات والأشجار منها مِنْ بَعْدِ مَوْتِها يبسها وقحطها: وبالفارسية [پس از مردگى وافسردگى] ويقال للارض التي ليست بمنبتة ميتة لانه لا ينتفع بها كما لا ينتفع بالميتة لَيَقُولُنَّ نزل واحيي اللَّهُ اى يعترفون بانه الموجد للممكنات بأسرها أصولها وفروعها ثم انهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شىء ما أصلا قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على ان جعل الحق بحيث لا يجترئ المبطلون على جحوده وان اظهر حجتك عليهم بَلْ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر الكفار لا يَعْقِلُونَ اى شيأ من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى قولهم فيشركون به سبحانه اخس مخلوقاته وهو الصنم يقول الفقير أغناه الله القدير قد ذكر الله تعالى آية الرزق ثم آية التوحيد ثم كررهما فى صورتين أخريين تنبيها منه لعباده المؤمنين على انه سبحانه لا يقطع أرزاق الكفار مع وجود الكفر والمعاصي فكيف يقطع أرزاق المؤمنين مع وجود الايمان والطاعات اى كريمى كه از خزانه غيب ... كبر وترسا وظيفه خوردارى دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى وانه سبحانه لا يسأل من العباد الا التوحيد والتقوى والتوكل فانما الرزق على الله الكريم وقد قدر مقادير الخلق قبل خلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وما قدر فى الخلق والرزق والاجل لا يتبدل بقصد القاصدين ألا ترى الى الوحوش والطيور لا تدخر شيأ الى الغد تغدو خماصا وتروح بطانا اى ممتلئة البطون والحواصل لا تكالها على الله تعالى بما وصل الى قلوبها من نور معرفة خالقها فكيف يهتم الإنسان لاجل رزقه ويدخر شيأ لغده ولا يعرف

[سورة العنكبوت (29) : آية 64]

حقيقة رزقه واجله فربما يأكل ذخيرته غيره ولا يصل الى غده ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيأ لغد إذ الأرزاق مجددة كالانفاس المجددة فى كل لمحة والرزق يطلب الرجل كما يطلبه اجله [خواجه عالم صلى الله عليه وسلم فرموده كه اى مردم رزق قسمت كرده شده است تجاوز نمى كند از مرد آنچهـ از براى وى نوشته شده است پس خوبى كنيد در طلب روزى يعنى بطاعت جوييد نه بمعصيت اى مردم در قناعت فراخى است ودر ميانه رفتن واندازه بكار داشتن پسندگى وكفايت است در زهد راحت است وخفت حساب وهر عملى را جزاييست وكل آت قريب] : قال المولى الجامى درين خرابه مكش بهر كنج غصه ورنج ... چونقد وقت تو شد فقر خاك بر سر كنج بقعر عشرت وايوان عيش شاهان بين ... كه زاغ نغمه سرا كشت وجفد قافيه سنج وعن بعضهم قال كنت انا وصاحب لى نتعبد فى بعض الجبال وكان صاحبى بعيدا منى فجاءنى يوما وقال قد نزل بقرينا بدو فقم نمش إليهم لعله يحصل لنا منهم شىء من لبن غيره فامتنعت فلم يزل يلح علىّ حتى وافقته فذهبنا إليهم فاطعمونا من طعامهم ورجعنا وعاد كل واحد منا الى مكانه الذي كان فيه ثم انى انتظرت الظبية فى الوقت الذي كانت تأتينى فيه فلم تأتنى ثم انتظرتها بعد ذلك فلم تأتنى فانقطعت عنى فعرفت ان ذلك بشؤم ذنبى الذي أحدثته بعد ان كنت مستغنيا بلبنها وهذا الذنب الذي ذكر ثلاثة أشياء أحدها خروجه من التوكل الذي كان دخل فيه والثاني طمعه وعدم قناعته بالرزق الذي كان مستغنيا به والثالث أكله طعاما خبيثا فحرم رزقا حلالا طيبا محضا أخرجته القدرة الالهية من باب العدم وأدخلته فى باب الإيجاد بمحض الجود والكرم آتيا من طريق باب خرق العادة كرامة لولى من أوليائه اولى السعادة ذكره اليافعي فى الرياض وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا اشارة تحقير للدنيا وكيف لاوهى لا تزن عند الله جناح بعوضة: والمعنى بالفارسية [ونيست اين زندكانىء دنيا] قال الامام الراغب الحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة فهى اشارة الى ان الحياة الدنيا بمعنى الحياة الاولى بقرينة المقابلة بالآخرة فانه قد يعبر بالأدنى عن الاول المقابل للآخر والمراد بالحياة الاولى ما قبل الموت لدنوه اى قربه وبالآخرة ما بعد الموت لتأخره إِلَّا لَهْوٌ وهو ما يلهى الإنسان ويشغله عما يعنيه ويهمه والملاهي آلات اللهو وَلَعِبٌ يقال لعب فلان إذا لم يقصد بفعله مقصدا صحيحا قال الكاشفى (إِلَّا لَهْوٌ) [مكر مشغولى وبيكارى ولعب وبازي يعنى در سرعت انقضا وزوال ببازى كودكان مى ماند كه يكجا جمع آيند وساعتى بدان متهيج كردند واندك زمانى را ملول ومانده كشته متفرق شوند و چهـ زيبا كفته است] بازيچهـ ايست طفل قريب اين متاع دهر ... بى عقل مردمان كه بدين مبتلا شوند وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الحياة التي يعيش بها المرء فى الدنيا بالنسبة الى الحياة التي يعيش بها اهل الآخرة فى الآخرة وجوار الحق تعالى لهو ولعب وانما شبهها باللهو واللعب لمعنيين ... أحدهما ان امر اللهو واللعب سريع الانقضاء لا يداوم عليه فالمعنى ان الدنيا وزينتها وشهواتها لظل زائل لا يكون لها بقاء فلا تصلح

لاطمئنان القلب بها والركون إليها والثاني ان اللهو واللعب من شأن الصبيان والسفهاء دون العقلاء وذوى الأحلام ولهذا كان النبي عليه السلام يقول (ما انا من دد ولا الدد منى) والدد اللهو واللعب فالعاقل يصون نفسه منه انتهى قال فى كشف الاسرار فان قيل لم سماها لهوا ولعبا وقد خلقها لحكمة ومصلحة قلنا انه سبحانه بنى الخطاب على الأعم الأغلب وذلك ان غرض اكثر الناس من الدنيا اللهو واللعب انتهى ورد فى الخبر النبوي حين سئل عن الدنيا فقال (دنياك ما يشغلك عن ربك) : وفى المثنوى چيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش نقره فرزند وزن «1» مال را كر بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پشتى است چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جز مسكين نخواند كوزه سر بسته اندر آب رفت ... از دل پر باد فوق آب رفت باد درويشى چودر باطن بود ... بر سر آب جهان ساكن بود كر چهـ جمله اين جهان ملك ويست ... ملك در چشم دل او لا شى است قيل الشر كله فى بيت واحد ومفتاحه حب الدنيا وما احسن من شبهها بخيال الظل حيث قال رأيت خيال الظل أعظم عبرة ... لمن كان فى علم الحقائق راقى شخوص وأصوات يخالف بعضها ... لبعض وإشكال بغير وفاق تمر وتقضى اوبة بعد اوبة ... وتفنى جميعا والمحرك باقى ومن إشارات المثنوى ما قال اى دريده پوستين يوسفان ... كرك برخيزى ازين خواب كران «2» كشته كركان يك بيك خواهاى تو ... مى درانند از غضب اعضاى تو خون نخسبد بعد مركت در قصاص ... تو مكو كه مردم ويابم خلاص اين قصاص نقد حيلت سازيست ... پيش زخم آن قصاص اين بازيست زين لعب خواندست دنيا را خدا ... كين جزا لعبست پيش آن جزا اين جزا تسكين جنك وفتنه است ... آن چواخصا است واين چون ختنه است وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ اى وان الجنة لهى دار الحياة الحقيقية لامتناع طريان الموت والفناء عليها او هى فى ذاتها حياة للمبالغة. والحيوان مصدر حيى سمى به ذو الحياة وأصله حييان فقلبت الياء الثانية واوا لئلا يحذف احدى الألفات وهو ابلغ من الحياة لما فى بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحيوان ولذلك اختير على الحياة فى هذا المقام المقتضى للمبالغة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ لما آثروا عليها الدنيا التي أصلها عدم الحياة ثم ما يحدث فيها من الحياة عارضة سريعة الزوال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان دار الدنيا لهى الموتان لانه تعالى سمى الكافر وان كان حيا بالميت بقوله (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) وقال (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) فثبت ان الدنيا وما فيها من الموتان الا من أحياه الله بنور الايمان فهو

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را از توكل (2) در اواخر دفتر چهارم در بيان أطوار خلقت آدم در فطرت

الحي والآخرة عبارة عن عالم الأرواح والملكوت فهى حياة كلها وانما سماها الحيوان والحيوان ما يكون حيا وله حياة فيكون جميع اجزائه حيا فالآخرة حيوان لان جميع اجزائها حى فقد ورد فى الحديث (ان الجنة بما فيها من الأشجار والثمار والغرف والحيطان والأنهار حتى ترابها وحصاها كلها حى) فالحياة الحقيقية التي لا تشينها الغصص والمحن والأمراض والعلل ولا يدكها الموت والفوت لهى حياة اهل الجنات والقربات لو كانوا يعلمون قدرها وغاية كماليتها وحقيقة عزتها لكانوا أشد حرصا فى تحصيلها هاهنا فمن فاتته لا يدركها فى الآخرة ألا ترى ان من صفة اهل النار ان لا يموت فيها ولا يحيى يعنى ولا يحيى بحياة حقيقية يستريح بها وانهم يتمنون الموت ولا يجدونه انتهى قال فى كشف الاسرار [غافل بي حاصل تاشند شربت مرادى آميزى وتا كى آرزوى پزى. كاه چون شير هر چت پيش آيد مى شكنى. كاه چون كرك هر چهـ بينى همى درى. كاه چون كبك در كوههاى مراد مى پرى كاه چون آهو در مرغزار آرزو همه جرى. خبر ندارى كه اين دنيا كه تو بدان همى نازى وترا همى فريبد ودر دام غرورى كشد لهو ولعبست سراى بي سرمايكان وسرمايه بى دولتان وبازيچهـ بى كاران وبند معشوقه فتاتست ورعناى بى سر وسامان دوستى بى وفا دايه بى مهر دشمنى پر كزند بو العجبى پر فند هر كرا بامداد بنوازد شبانكاه بگدازد وهر كرا يك دو ز دل بشادى بيفروزد وديكر وزش بانش هلاك مى سوزد] أحلام نوم او كظل زائل ... ان اللبيب بمثلها لا يخدع وفى المثنوى صوفىء در باغ از بهرى كشاد ... صوفيانه روى بر زانو نهاد «1» پس فرو رفت او بخود اندر نفول ... شد ملول از صورت خوابش فضول كه چهـ خسبى آخر اندر رزنكر ... اين درختان بين وآثار خضر امر حق بشنو كه كفتست انظروا ... سوى اين آثار رحمت آر رو كفت آثارش دلست اى بو الهوس ... آن برون آثار آثارست وبس باغها وسبزها بر عين جان ... بر برون عكسش چودر آب روان آن خيال باغ باشد اندر آب ... كه كند از لطف آب آن اضطراب باغها وميوها اندر دلست ... عكس لطف آن برين آب وكلست كر نبودى عكس آن سر وسرور ... پس بخواندى ايزدش دار الغرور اين غرور آنست يعنى اين خيال ... هست از عكس دل جان رجال جمله مغروران برين عكس آمده ... بر كمانى كين بود جنت كده مى كريزند از اصول باغها ... بر خيالى ميكنند آن لاغها چونكه خواب غفلت آيدشان بسر ... راست بينند و چهـ سودست آن نظر پس بگورستان غريو افتاد واه ... تا قيامت زين غلط وا حسرتاه اى خنك آنرا كه پيش از مرك مرد ... جان او از اصل اين رز بويى برد

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه صوفى كه در ميان كلستان سر بر زانوى مراقبت نهاده بود إلخ

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 65 إلى 69]

[اين حيات لعب ولهو در چشم كسى آيد كه از حياة طيبه وزندكانى مهر خبر ندارد مر او را دوستانند كه زندكانى ايشان امروز بذكر است وبمهر وفردا زندكانى ايشان بمشاهدت بود ومعاينت زندكانى ذكر را ثمره انس است وزندكانى مهر را ثمره فنا ايشانند كه يك طرف ازو محجوب نيند وهيچ محجوب مانند زنده نمانند] غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى ... يا كى ميرد آنكه زندكانيش تويى فالعاقل لا يضيع العمر العزيز فى الهوى واشتغال الدنيا الدنية الرذيلة بل يسارع فى تحصيل الباقي قال الفضيل رحمه الله لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان ينبغى لنا ان نختار خزفا يبقى على ذهب يفنى كما روى ان سليمان عليه السلام قال لتسبيحة فى صحيفة مؤمن خير مما اوتى ابن داود فانه يذهب والتسبيحة تبقى ولا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اى عن كدورات الدنيا وأنسه بذكر الله وحبه لله ولا يخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ متصل بما دل عليه شرح حالهم. والركوب هو الاستعلاء على الشيء المتحرك وهو متعد بنفسه كما فى قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) واستعماله هاهنا وفى أمثاله بكلمة فى للايذان بان المركوب فى نفسه من قبيل الامكنة وحركته قسرية غير ارادية. والمعنى ان الكفار على ما وصفوا من الإشراك فاذا ركبوا فى السفينة لتجاراتهم وتصرفاتهم وهاجت الرياح واضطربت الأمواج وخافوا الغرق: وبالفارسية [پس چون نشينند كافران در كشتى وبسبب موج در كرداب اضطراب افتند] دَعَوُا اللَّهَ حال كونهم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى على صورة المخلصين لدينهم من المؤمنين حيث لا يدعون غير الله لعلمهم بانه لا يكشف الشدائد عنهم الا هو وقال فى الاسئلة المقحمة ما معنى الإخلاص فى حق الكافر والإخلاص دون الايمان لا يتصور وجوده والجواب ان المراد به التضرع فى الدعاء عند مسيس الضرورة والإخلاص فى العزم على الإسلام عند النجاة من الغرق ثم العود والرجوع الى الغفلة والإصرار على الكفر بعد كشف الضر ولم يرد الإخلاص الذي هو من ثمرات الايمان انتهى ويدل عليه ما قال عكرمة كان اهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فاذا اشتدت بهم الريح القوا تلك الأصنام فى البحر وصاحوا «يا خداى يا خداى» كما فى الوسيط و «يا رب يا رب» كما فى كشف الاسرار فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع فى فعل الخير كما فى المفردات: والمعنى بالفارسية [پس آن هنكام كه نجات دهد خداى تعالى ايشانرا از بحر وغرق وبرون آرد بسلامت بسوى خشك ودشت] إِذا هُمْ [آنگاه ايشان] يُشْرِكُونَ اى فاجأوا المعاودة الى الشرك. يعنى [باز كردند بعادت خويش] لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللام فيه لام كى اى ليكونوا كافرين بشركهم بما آتيناهم من نعمة النجات التي حقها ان يشكروها وَلِيَتَمَتَّعُوا اى ولينتفعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها ويجوز ان تكون لام الأمر

فى كليهما ومعناه التهديد والوعيد كما فى اعملوا ما شئتم فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ اى عاقبة ذلك وغائلته حين يرون العذاب وفى التأويلات وبقوله (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) يشير الى ان الإخلاص تفريغ القلب من كل ما سوى الله والثقة بان لا نفع ولا ضرر الا منه وهذا لا يحصل الا عند نزول البلاء والوقوع فى معرض التلف وورطة الهلاك ولهذا وكل بالأنبياء والأولياء لتخليص الجوهر الإنساني القابل للفيض الإلهي من قيد التعلقات بالكونين والرجوع الى حضرة المكوّن فان الرجوع إليها مركوز فى الجوهر الإنسان لوخلى وطبعه لقوله (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) فالفرق بين اخلاص المؤمن واخلاص الكافر بان يكون اخلاص المؤمن مؤيدا بالتأييد الإلهي وانه قد عبد الله مخلصا فى الرخاء قبل نزول البلاء فنال درجة الإخلاص المؤيد من الله بالسر الذي قال تعالى (الإخلاص سر بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فلا يتغير فى الشدة والرخاء ولا فى السخط والرضى واخلاص الكافر اخلاص طبيعى قد حصل له عند نزول البلاء وخوف الهلاك بالرجوع الطبيعي غير مؤيد بالتأييد الإلهي عند خمود التعلقات كراكبى الفلك (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) دعاء اضطراريا فاجابهم من يجيب المضطر بالنجاة من ورطة الهلاك (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ) وزال الخوف والاضطرار عاد الميشوم الى طبعه (إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) اى ليكون حاصل أمرهم من شقاوتهم ان يكفروا بنعمة الله ليستوجبوا العذاب الشديد (وَلِيَتَمَتَّعُوا) أياما قلائل (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ان عاقبة أمرهم دوام العقوبة الى الابد انتهى: قال الشيخ سعدى ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روز پسين سز برآرى بهيچ قال الشيخ الشهير بزروق الفاسى فى شرح حزب البحر اما حكم ركوب البحر من حيث هو فلا خلاف اليوم فى جوازه وان اختلف فيه نظرا لمشقته فهو ممنوع فى احوال خمسة. أولها إذا ادى لترك الفرائض او نقصها فقد قال مالك للذى يميد فلا يصلى الراكب حيث لا يصلى ويل لمن ترك الصلاة. والثاني إذا كان مخوفا بارتجاجه من الغرق فيه فانه لا يجوز ركوبه لانه من الإلقاء الى التهلكة قالوا وذلك من دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء. والثالث إذا خيف فيه الاسر واستهلاك العدو فى النفس والمال لا يجوز ركوبه بخلاف ما إذا كان معه أمن والحكم للمسلمين لقوة يدهم وأخذ رهائنهم وما فى معنى ذلك. والرابع إذا ادى ركوبه الى الدخول تحت أحكامهم والتذلل لهم ومشاهدة منكرهم مع الامن على النفس والمال بالاستئمان منهم وهذه حالة المسلمين اليوم فى الركوب مع اهل الطرائد ونحوهم وقد أجراها بعض الشيوخ على مسألة التجارة لارض الحرب ومشهور المذهب فيها الكراهة وهى من قبيل الجائز وعليه يفهم ركوب ائمة العلماء والصلحاء معهم فى ذلك وكأنهم استخفوا الكراهة فى مقابلة تحصيل الواجب الذي هو الحج وما فى معناه. والخامس إذا خيف بركوبه عورة كركوب المرأة فى مركب صغير لا يقع لها فيه سترها فقد منع مالك

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 67 إلى 68]

ذلك حتى فى حجها الا ان يختص بموضع ومركب كبير على المشهور. ومن أوراد البحر «الحي القيوم» ويقول عند ركوب السفينة (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فانه أمان من الغرق (أَوَلَمْ يَرَوْا) اى ألم ينظر اهل مكة ولم يشاهدوا أَنَّا جَعَلْنا اى بلدهم حَرَماً محترما آمِناً مصونا من النهب والتعدي سالما اهله آمنا من كل سوء وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ التخطف بالفارسية [ربودن] وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يتحول اليه اى والحال ان العرب يختلسون ويؤخذون من حولهم قتلا وسبيا إذ كانت العرب حوله فى تغاور وتناهب أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ اى أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه بالباطل وهو الصنم او الشيطان يؤمنون دون الحق ونقديم الصلة لاظهار شناعة ما فعلوه وكذا فى قوله وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ المستوجبة للشكر يَكْفُرُونَ حيث يشركون به غيره وفى التأويلات النجمية (أَفَبِالْباطِلِ) وهو ما سوى الله من مشارب النفس (يُؤْمِنُونَ) اى يصرفون صدقهم (وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ) وهى مشاهدة الحق (يَكْفُرُونَ) بان لا يطلبوها انتهى انما فسر الباطل بما سوى الله لان ما خلا الله باطل مجازى اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي واعلم ان الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لا يفارق الثاني بخلاف العكس والكفار جمعوا بينهما فكانوا اذم وَمَنْ أَظْلَمُ [وكيست ستمكارتر] مِمَّنِ افْتَرى [پيدا كرد از نفس خويش] عَلَى اللَّهِ الأحد الصمد كَذِباً بان زعم ان له شريكا اى هو اظلم من كل ظالم أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ بالرسول او بالقرآن لَمَّا جاءَهُ من غير توقف عنادا ففى لما تسفيه لهم بان لم يتوقفوا ولم يتأملوا قط حين جاءهم بل سارعوا الى التكذيب أول ما سمعوه أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ تقرير لثوائهم فيها اى إقامتهم فان همزة الاستفهام الإنكاري إذا دخلت على النفي صار إيجابا اى لا يستوجبون الاقامة والخلود فى جهنم وقد فعلوا ما فعلوا من الافتراء والتكذيب بالحق الصريح مثل هذا التكذيب الشنيع او انكار واستبعاد لاجترائهم على الافتراء والتكذيب اى ألم يعلموا ان فى جهنم مثوى للكافرين حتى اجترءوا هذه الجراءة وفى التأويلات النجمية (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) بان يرى من نفسه بان له مع الله حالا او وقتا او كشفا او مشاهدة ولم يكن له من ذلك شىء وقالوا إذا فعلوا فاحشة وجدنا عليها آباءنا به يشير الى ان الأباحية واكثر مدعى زماننا هذا إذا صدر منهم شىء على خلاف السنة والشريعة يقولون انا وجدنا مشايخنا عليه والله أمرنا بهذا اى مسلم لنا من الله هذه الحركات لمكانة قربنا الى الله وقوة ولايتنا فانها لا تضر بل تنفعنا وتفيد (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ) اى بالشريعة وطريقة المشايخ وسيرتهم لما جاءه (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) النفس (مَثْوىً) محبس (لِلْكافِرِينَ) اى لكافرى نعمة الدين والإسلام والشريعة والطريقة بما يفترون وبما يدعون بلا معنى القيام به كذابين فى دعواهم انتهى: قال الحافظ مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبر سينه نامحرم زد

فالمدعى اجنبى عن الدخول فى حرم المعنى كما ان الأجنبي ممنوع عن الدخول فى حرم السلطان وقال الكمال الخجندي مدعى نيست محروم دريار ... خادم كعبه بو لهب نبود فالواجب الاجتناب عن الدعوى والكذب وغيرهما من صفات النفس واكتساب المعنى والصدق ونحوهما من أوصاف القلب: قال الحافظ طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزاد كى چوسرو چمن - حكى- عن ابراهيم الخواص رحمه الله انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسوار فبينما نحن معه فى مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله تعالى قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله تعالى سجدة فعرفت ابراهيم فقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما علىّ صلاة قال ألست مسلما قال لا قال فأى شىء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه يكون معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول اليه قال الله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) والذي أردت ان تستكشف من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذا به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فاكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما الحال يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فاسلمت واغتسلت وأحرمت فها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء رحمه الله تعالى يقول الفقير أصلحه الله القدير فى هذه الحكاية إشارات. منها كما ان حرم الكعبة لا يدخله مشرك متلوث بلوث الشرك كذلك حرم القلب لا يدخله مدع متلوث بلوث الدعوى. ومنها ان النصراني المذكور صحب ابراهيم أياما فى طريق الصورة فلم يضيعه الله حيث هداه الى الصحبة به فى طريق المعنى. ومنها ان صدقه فى طريقه ادّاه الى ان آمن بالله وكفر بالباطل. ومنها ان من كان نظره صحيحا فاذا شاهد شيأ من شواهد الحق يستدل به على الحق ولا يكذب بآيات

[سورة العنكبوت (29) : آية 69]

ربه كما وقع للنصرانى المذكور حين رأى الكعبة التي هى صورة سر الذات وكما وقع لعبد الله ابن سلام فانه حين رأى النبي عليه السلام آمن وقال عرفت انه ليس بوجه كذاب نسأل الله حقيقة الصدق والإخلاص والتمتع بثمرات اهل الاختصاص وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو اى جدوا وبذلوا وسعهم فى شأننا وحقنا ولو جهنا خالصا. واطلق المجاهدة ليعم جهاد الأعداء الظاهرة والباطنة اما الاول فكجهاد الكفار المحاربين واما الثاني فكجهاد النفس والشيطان وفى الحديث (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) ويكون الجهاد باليد واللسان كما قال عليه السلام (جاهدوا الكفار بايديكم والسنتكم) اى بما يسوءهم من الكلام كالهجو ونحوه قال ابن عطاء المجاهدة صدق الافتقار الى الله بالانقطاع عن كل ما سواه وقال عبد الله بن المبارك المجاهدة علم ادب الخدمة فان ادب الخدمة أعز من الخدمة وفى الكواشي المجاهدة غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلب ويجمعها الخروج عن العادات البشرية انتهى فيدخل فيها الغرض والقصد لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا الهداية الدلالة الى ما يوصل الى المطلوب. والسبل جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك ويلزمه السهولة ولهذا قال الامام الراغب السبيل الطريق الذي فيه سهولة انتهى. وانما جمع لان الطريق الى الله بعدد أنفاس الخلائق والمعنى سبل السير إلينا والوصول الى جنابنا وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد المهاجرين والأنصار اى والذين جاهدوا المشركين وقاتلوهم فى نصرة ديننا لنهدينهم سبل الشهادة والمغفرة والرضوان وقال بعضهم معنى الهداية هاهنا التثبيت عليها والزيادة فيها فانه تعالى يزيد المجاهدين هداية كما يزيد الكافرين ضلالة فالمعنى لنزيدنهم هداية الى سبل الخير وتوفيقا لسلوكها كقوله تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) وفى الحديث (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) وفى الحديث (من أخلص لله أربعين صباحا انفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله والذين جاهدوا فى اقامة السنة لنهدينهم سبيل الجنة ثم قيل مثل السنة فى الدنيا كمثل الجنة فى العقبى من دخل الجنة فى العقبى سلم كذلك من لزم السنة فى الدنيا سلم ويقال والذين جاهدوا بالتوبة لنهدينهم الى الإخلاص. والذين جاهدوا فى طلب العلم لنهدينهم الى طريق العمل به. والذين جاهدوا فى رضانا لنهدينهم الى الوصول الى محل الرضوان. والذين جاهدوا فى خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا والانس بنا والمشاهدة لنا. والذين اشغلوا ظواهرهم بالوظائف أوصلنا الى أسرارهم اللطائف والعجب ممن يعجز عن ظاهره ويطمع فى باطنه ومن لم يكن أوائل حاله المجاهدة كانت أوقاته موصولة بالأماني ويكون حظه البعد من حيث يأمل القرب والحاصل انه بقدر الجد تكتسب المعالي فمن جاهد بالشريعة وصل الى الجنة ومن جاهد بالطريقة وصل الى الهدى ومن جاهد بالمعرفة والانفصال عما سوى الله وصل الى العين واللقاء. ومن تقدمت مجاهدته على مشاهدته كما دلت الآية عليه صار مريدا مرادا وسالكا مجذوبا وهو أعلى درجة ممن تقدمت مشاهدته على مجاهدته وصار مرادا مريدا ومجذوبا سالكا لان سلوكه على وفق العادة الالهية ولانه متمكن

هاضم بخلاف الثاني فانه متلون مغلوب وربما تكون مفاجاة الكشف من غير ان يكون المحل متهيئا له سببا للالحاد والجنون والعياذ بالله تعالى وفى التأويلات (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) اى سبيل وجداننا كما قال (ألا من طلبنى وجدنى ومن تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) قال الكاشفى در ترجمه بعضى از كلمات زبور آمده انا المطلوب فاطلبنى تجدنى ... انا المقصود فاطلبنى تجدنى اگر در جست وجوى من شتابد ... مراد خود بزودى باز يابد وفى المثنوى كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود «1» در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست قالت المشايخ المجاهدات تورث المشاهدات ولو قال قائل للبراهمة والفلاسفة انهم يجاهدون النفس حق جهادها ولا تورث لهم المشاهدة قلنا لانهم قاموا بالمجاهدات فجاهدوا وتركوا الشرط الأعظم منها وهو قوله فينا اى خالصا لنا وهم جاهدوا فى الهوى والدنيا والخلق والرياء والسمعة والشهرة وطلب الرياسة والعلو فى الأرض والتكبر على خلق الله فاما من جاهد فى الله جاهد اولا بترك المحرمات ثم بترك الشبهات ثم بترك الفضلات ثم بقطع التعلقات تزكية للنفس ثم بالتنقى عن شواغل القلب على جميع الأوقات وتخليته عن الأوصاف المذمومات تصفية للقلب ثم بترك الالتفات الى الكونين وقطع الطمع عن الدارين تحلية للروح فالذين جاهدوا فى قطع النظر عن الأغيار بالانقطاع والانفصال لنهدينهم سبلنا بالوصول والوصال واعلم ان الهداية على نوعين هداية تتعلق بالمواهب وهداية تتعلق بالمكاسب فالتى تتعلق بالمواهب فمن هبة الله وهى سابقة والتي تتعلق بالمكاسب فمن كسب العبد وهى مسبوقة ففى قوله تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) اشارة الى ان الهداية الموهبية سابقة على جهد العبد وجهده ثمرة ذلك البذر فلو لم يكن بذر الهداية الموهبية مزروعا بنظر العناية فى ارض طينة العبد لما نبتت فيها خضرة الجهد ولو لم يكن المزروع مربى جهد العبد لما اثمر بثمار الهداية المكتسبية: قال الحافظ قومى بجد وجهد نهادند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند قال بعض الكبار النبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لا مدخل لكسب العبد فيها واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما تمكن الوزارة بالكسب كذلك تمكن الولاية بالكسب وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ بمعية النصرة والاعانة والعصمة فى الدنيا والثواب والمغفرة فى العقبى وفى التأويلات النجمية لمع المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه وفى كشف الاسرار (جاهَدُوا) [درين موضع سه منزل است. يكى جهاد اندر باطن با هوا ونفس. ديگر جهاد بظاهر اعداى دين وكفار زمين. ديكر اجتهاد باقامت حجت وطلب حق وكشف شبهت باشد مر آنرا اجتهاد كويند وهر چهـ اندر باطن بود اندر رعايت عهد الهى مر آنرا جهد كويند اين (جاهَدُوا فِينا) بيان هر سه حالست او كه بظاهر جهاد كند

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده مرده پنداشت إلخ

رحمت نصيب وى او كه باجتهاد بود عصمت بهره وى او كه اندر نعمت جهد بود كرامت وصل نصيب وى وشرط هر سه كس آنست كه آن جهد فى الله بود تا در هدايت خلعت وى بود آنكه كفت (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) چون هدايت دادم من با وى باشم روى با من بود زبان حال بنده ميكويد الهى بعنايت هدايت دادى بمعونت زرع خدمت رويانيدى به پيغام آب قبول دادى بنظر خويش ميوه محبت ووفا رسانيدى اكنون سزد كه سموم مكر از ان باز دارى وبنايى كه خود افراشته بجرم ما خراب نكنى الهى تو ضعيفانرا پناهى قاصدانرا بر سر راهى واجدان را كواهى چهـ بود كه افزايى ونكاهى] روضه روح من رضاى تو باد ... قبله كاهم در سراى تو باد سرمه ديده جهان بينم ... تا بود كرد خاكپاى تو باد كر همه راى تو فناى منست ... كار من بر مراد راى تو باد شد دلم ذره وار در هوست ... دائم اين ذره در هواى تو باد انتهى ما فى كشف الاسرار لحضرة الشيخ رشيد الدين اليزدي قدس سره هذا آخر ما أودعت فى المجلد الثاني من التفسير الموسوم به «روح البيان» من جواهر المعاني ونظمت فى سلكه من فوائد العبارة والاشارة والإلهام الرباني وسيحمده أولوا الألباب ان شاء الله الوهاب ووقع الإتمام بعون الملك الصمد وقت الضحوة الكبرى من يوم الأحد وهو العشر السابع من الثلث الثاني من السدس الخامس من النصف الاول من العشر التاسع من العشر الاول من العقد الثاني من الالف الثاني من الهجرة النبوية على صاحبها الف الف تحية وقلت بالفارسية چوز هجرت كذشت بى كم وكاست ... نه وصد سال يعنى بعد هزار آخر فصل خزان شد موسم ... كه نماند ورقى از كلزار در جماداى نخستين آخر ... بلبل خامه دم كرفت از زار به نهايت رسيد جلد دوم ... شد بتاريك روز اين بازار جد وجهدى كه اوفتاده درين ... شد بنوك قلم حقىء زار تمت الجلد السادس ويليه الجلد السابع ان شاء الله تعالى اوله سورة الروم

الجزء السابع من تفسير روح البيان بسم الله الرحمن الرحيم هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ الحمد لله الذي انزل القرآن تبيانا لكل شىء وهدى فانه لم يكن من شأنه ان يترك الإنسان سدى ونظمه فى عقد الحفظ تنويرا للصدور وتزيينا للنحور معجزة باقية على ممر الزمان والدهور والصلاة والسلام على من اوتى جوامع الكلم من بين الأنبياء والرسل وروعى بنفث الروع الذي هو ألذ النزل وعلى آله وأصحابه مجتلى ربيع القلوب الذي هو حضرة القرآن ومن تبعهم من العرب والعجم والروم وسائر اصناف الإنسان (وبعد) فان الملك القدير منّ على عبده الفقير الشيخ إسماعيل حقى نزيل بلدة بروسا صينت عن المكاره والبؤسى فضحك بمداد إمداده وجوه القراطيس وتبسم بأزهار فيضه جمال الكراريس حتى جاء المجلد الثاني محتاجا فى الوصول الى غاية الأمر الى برهة من الزمان وتنفس من العمر مع ما يكنفه من استجماع الشرائط وارتفاع الموانع لا سيما الامداد الملكوتي والفيض الجبروتى الجامع فاسأل الله تعالى عناق هذه الامنية قبل ادراك المنية وان يصرف عنى يد مصارعة الحوادث الملقية على التراب وكف مصادمة النوائب الداعية الى الهدم والحراب مع انى أقول متى أصبح وأمسى ويومى خير من امسى وقددنا من أم الدنيا الفطام والفصال وحان انقطاع الاعصاب والأوصال ولم يبق من عمر الإنسان من حيث اقتراب الزمان إلا صبابة كصبابة المساء وبقية الإناء لكن الله إذا أراد شيأ هيأ أسبابه وفتح بيد التسهيل بابه فهو المرجو فى كل دعاء ومنه حصول كل رجاء يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... پيشتر زانكه چوكردى ز ميان برخيزم

الجزء السابع

تفسير سورة الروم مكية إلا قوله (فَسُبْحانَ اللَّهِ) وآيها ستون بسم الله الرحمن الرحيم الم [ابو الجوزاء از ابن عباس رضى الله عنهما نقل كرده كه حروف مقطعه آيت ربانيه اند هر حرفى اشارت است بصفتى كه حق را بدان ثنا كويند چنانكه الف ازين كلمه كنايتست از الوهيت ولام از لطف وميم از ملك وكفته اند الف اشارت باسم الله است ولام بلام جبريل وميم باسم محمد. يعنى الله جل جلاله بواسطه جبرائيل عليه السلام وحي فرستاد بحضرت محمد صلى الله عليه وسلم] وفى التأويلات النجمية يشير بالألف الى الفة طبع المؤمنين بعضهم ببعض وباللام يشير الى لؤم طبع الكافرين وبالميم الى مغفرة رب العالمين فبالمجموع يشير الى ان الفة المؤمنين لما كانت من كرم الله وفضله بان الله الف بين قلوبهم انتهت الى غاية حصلت الفة ما بينهم وبين اهل الكتاب إذ كانوا يوما ما من اهل الايمان وان كانوا اليوم خالين عن ذلك وان لؤم الكافرين لما كان جبليا لهم غلب عليهم حتى انهم من لؤم طبعهم يعادى بعضهم بعضا كمعاداة اهل الروم واهل فارس مع جنسيتهم فى الكفر وكانوا مختلفين فى الالفة متفقين على العداوة وقتل بعضهم بعضا وان مغفرة رب العالمين لما كانت من كرمه العميم وإحسانه القديم انتهت الى غاية سلمت الفريقين ليتوب على العاتي من الحزبين ويعم للطائفتين خطاب ان الله يغفر الذنوب جميعا انتهى وفى كشف الاسرار الم الف بلايانا من عرف كبريانا ولزم بابنا من شهد جمالنا ومكن من قربتنا من اقام على خدمتنا [اى جوانمرد دل با توحيد او سپار وجان با عشق ومحبت او پر دار وبغير او التفات مكن هر كه بغير او باز نكرد تيغ غيرت دمار از جان او بر آرد وهر كه از بلاي او بنالد دعوى دوستى درست نيايد مردى بود در عهد پيشين مهترى از سلاطين دين او را عامر بن القيس ميكفتند چنين مى آيد كه در نماز نافله پايهاى او خون سياه بگرفت كفتند پايها ببر تا اين فساد زيادت نشود كفت پسر عبد القيس كه باشد كه او را بر اختيار حق اختياري بود پس چون در فرائض ونوافل وى خلل آمد روى سوى آسمان كرد كفت پادشاها كر چهـ طاقت بلا دارم طاقت باز ماندن از خدمت نمى آرم پاى مى برم تا از خدمت باز نمانم آنكه كفت كسى را بخوانيد تا آيتي از قرآن برخواند چون بينيد كه در وجد وسماع حال بر ما بگردد شما بر كار خود مشغول باشيد پايها از وى جدا كردند وداغ نهادند وآن مهتر در وجد وسماع آن چنان رفته بود كه از ان ألم خبر نداشت پس چون مقرى خاموش شد وشيخ بحال خود باز آمد كفت اين پاى بريده بطلا بشوييد وبمشك وكافور معطر كنيد كه بر دركاه خدمت هركز بر بى وفايى كامى ننهاده است] يقول الفقير الالف من الم اشارة الى عالم الأمر الذي هو المبدأ لجميع التعينات واللام اشارة الى عالم الأرواح الذي هو الوسط بين الوجوديات والميم اشارة الى عالم الملك الذي هو آخر التنزلات والاسترسالات. فكما ان فعل بالنسبة الى اهل النحو مشتمل على حروف المخارج الثلاثة التي هى الحلق والوسط والفم. فكذا الم بالاضافة الى اهل المحو محتو على حروف المراتب

[سورة الروم (30) : الآيات 2 إلى 3]

الثلاث التي هى الجبروت والملكوت والملك وفرق بين كلمتيها اللفظيتين كما بين كلمتيها المعنويتين إذ كلمة اهل المحو مستوية مرثية وكلمة اهل النحو منحية غير مرتبة ثم اسرار الحروف المقطعة والمتشابهات القرآنية مما ينكشف لاهل الله بعد الوصول الى غاية المراتب وان كان بعض لوازمها قد يحصل لاهل الوسط ايضا فلا يطمع فى حقائقها من توغل فى الرسوم واشتغل بالعلوم عن المعلوم نسأل الله تعالى ان ينجينا من ورطات العلاقات الوجودية المانعة عن الأمور الشهودية غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ الغلبة القهر كما فى المفردات والاستعلاء على القرن بما يبطل مقاومته فى الحرب كما فى كشف الاسرار. والروم تارة يقال للصنف المعروف وتارة لجمع رومى كفارسى وفرس وهم بنوا روم بن عيص بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام والروم الاول منهم بنوا روم بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام. والفرس بسكون الراء قوم معروفون نسبوا الى فارس بن سام بن نوح. وادنى الفه منقلبة عن واو لانه من دنا يدنو وهو يتصرف على وجوه فتارة يعبر به عن الأقل والأصغر فيقابل بالأكثر والأكبر وتارة عن الأحقر والأذل فيقابل بالأعلى والأفضل وتارة عن الاول فيقابل بالآخر وتارة عن الأقرب فيقابل بالابعد وهو المراد فى هذا المقام اى اقرب ارض العرب من الروم إذ هي الأرض المعهودة عندهم وهى أطراف الشام او فى اقرب ارض الروم من العرب على ان اللام عوض عن المضاف اليه وهى ارض جزيرة ما بين دجلة والفرات. والمعنى بالفارسية [مغلوب شدند روميان يعنى فارسيان بر ايشان غلب بردند در نزديكترين زمين كه عرب را باشد نسبت بزمين روم] وكان ملك الفرس يوم الغلبة أبرويز بن هرمز بن انو شروان بن قباذ صاحب شيرين وهو المعروف بخسرو وتفسير أبرويز بالعربية مظفر وتفسير انو شروان مجدد الملك وآخر ملوك الفرس الذي قتل فى زمن عثمان رضى الله عنه هو يزدجرد بن شهريار بن أبرويز المذكور وكان ملك الروم هرقل كسبحل وزبرج وهو أول من ضرب الدنانير وأول من أحدث البيعة قيل فارس والروم قريش العجم وفى الحديث (لو كان الايمان معلقا بالثريا لناله اصحاب فارس) - روى- ان النبي عليه السلام كتب الى قيصر ملك الروم يدعوه الى الإسلام فقرأ كتابه ووضعه على عينيه ورأسه وختمه بخاتمه ثم أوثقه على صدره ثم كتب جواب كتابه انا نشهد انك نبى ولكنا لا نستطيع ان نترك الدين القديم الذي اصطفاه الله لعيسى عليه السلام فعجب النبي عليه السلام فقال (لقد ثبت ملكهم الى يوم القيامة ابدا) وقال لفارس (نطحة او نطحتان ثم لا فارس بعدها) والروم ذات قرون كلما ذهب قرن خلف قرن هيهات الى آخر الابد كما فى كشف الاسرار واما قوله (إذا هلك قيصر لا قيصر بعده) فمعناه إذا زال ملكه عن الشام لا يخلفه فيه أحد وكان كذلك لم يبق الا ببلاد الروم كما فى انسان العيون وكتب الى كسرى ملك فارس وهو خسرو المذكور وكسرى معرب خسرو فمزق كتابه ورجع الرسول بعد ما أراد قتله فدعا عليه النبي عليه السلام ان يمزق كل ممزق فمزق الله ملكهم فلا ملك لهم ابدا وَهُمْ اى الروم مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ اى من بعد مغلوبيتهم على يد فارس فهو من اضافة المصدر الى المفعول والفاعل متروك والأصل بعد غلبة فارس إياهم

[سورة الروم (30) : آية 4]

والغلب والغلبة كلاهما مصدر سَيَغْلِبُونَ سيغلبون فارس فِي بِضْعِ سِنِينَ البضع بالفتح قطع اللحم وبالكسر المنقطع عن العشرة ويقال ذلك لما بين الثلاث الى العشر وقيل بل هو فوق الخمس دون العشر وفى القاموس ما بين الثلاث الى التسع وفى كشف الاسرار البضع اسم للثلاث والخمس والسبع والتسع وفى تفسير المناسبات وذلك من ادنى العدد لانه فى المرتبة الاولى وهو مرتبة الآحاد وعبر بالبضع ولم يعين ابقاء للعباد فى ربقة نوع من الجهل تعجيز الهم انتهى [كفته اند كه ملك فارس يعنى خسرو پرويز شهريار وفرخان را كه دو امير وى بودند ودو برادر با لشكر كران فرستاد وملك روم يعنى هرقل چون خبر يافت از توجه عسكر فارس خنس نام اميرش مهتر كرد بر لشكر خويش وفرستاد هر دو لشكر بأزرعات بهم رسيدند] وهى ادنى الشام الى ارض العرب والعجم فغلب الفرس على الروم وأخذوا من أيديهم بعض بلادهم وبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين وقالوا أنتم والنصارى اهل كتاب ونحن وفارس أميون لان فارس كانوا مجوسا وقد ظهر إخواننا على إخوانكم فلنظهرن عليكم فشق ذلك على المسلين واغتموا فانزل الله الآية واخبر ان الأمر يكون على غير ما زعموا فقال ابو بكر رضى الله عنه للمشركين لا يقرّنّ الله أعينكم فو الله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين فقال أبيّ بن خلف اللعين كذبت اجعل بيننا أجلا اناحبك عليه والمناحبة المخاطرة فناحبه على عشرة ناقة شابة من كل واحد منهما: يعنى [ضمان از يكديكر بستند هر آن يكى كه راست كوى بود آن ده شتر بستاند از ان ديكر] وجعلا الاجل ثلاث سنين فاخبر ابو بكر رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال البضع ما بين الثلاث الى التسع فزايده فى الخطر وماده فى الاجل فجعلاهما مائة ناقة الى تسع سنين فلما خشى ابى ان يخرج ابو بكر مهاجرا الى المدينة أتاه فلزمه فكفل له عبد الرحمن ابن ابى بكر رضى الله عنهما فلما أراد ابى ان يخرج الى أحد أتاه محمد بن ابى بكر رضى الله عنهما ولزمه فاعطاه كفيلا ثم خرج الى أحد ومات ابى من جرح برمح رسول الله بعد قفوله اى رجوعه من أحد وظهرت الروم على فارس عند رأس سبع سنين [وآن چنان بود كه چون شهريار وفرخان بر بعضى بلاد روم مستولى كشتند پرويز بغمازئ ارباب غرض بر دو برادر متغير كشت وخواستند كه يكى را بدست ديكر هلاك كند وهر دو بر صورت حال واقف شده كيفيت بقيصر روم عرضه كردند ودين ترسايى اختيار نمودند سپهدار لشكر روم شدند وفارسيانرا مغلوب ساخته بعضى از بلاد ايشان بگرفتند وشهرستان روميه آنكه بنا كردند] ووقع ذلك يوم الحديبية وفى الوسيط فجاءه جبريل بهزيمة فارس وظهور الروم عليهم ووافق ذلك يوم بدر انتهى وأخذ ابو بكر الخطر من ورثة ابى فجاء به رسول الله فقال تصدق به [ابو بكر رضى الله عنه آن همه بصدقه بداد بفرمان رسول] وكان ذلك قبل تحريم القمار بقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) والقمار ان يشترط أحد المتلاعبين فى اللعب أخذ شىء من صاحبه ان غلب عليه والتفصيل فى كراهية الفقه والآية من دلائل النبوة لانها اخبار عن الغيب ثم ان القراءة المذكورة

[سورة الروم (30) : الآيات 5 إلى 10]

هى القراءة المشهورة ويجوز ان يكون غلبت على البناء للفاعل على ان الضمير لفارس والروم مفعوله اى غلبت فارس الروم وهم اى فارس من بعد غلبهم للروم سيغلبون على البناء للمفعول اى يكونون مغلوبين فى أيدي الروم ويجوز ان يكون الروم فاعل غلبت على البناء للفاعل اى غلبت الروم اهل فارس وهم اى الروم بعد غلبهم سيغلبون على المجهول اى يكونون مغلوبين فى أيدي المسلمين فكان ذلك فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه غلبهم على بلاد الشام واستخرج بيت المقدس لما فتح على يد عمر رضى الله عنه فى سنة خمس عشرة اوست عشرة من الهجرة واستمر بايدى المسلمين اربعمائة سنة وسبعا وسبعين سنة ثم تغلب عليه الفرنج واستولوا عليه فى شعبان سنة اثنتين وتسعين واربعمائة من الهجرة واستمر بايديهم احدى وتسعين سنة الى ان فتحه الله على يد الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فى يوم الجمعة سابع عشر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فامتدحه القاضي محيى الدين بن البركى قاضى دمشق بقصيدة منها فتوحكم حلبا بالسيف فى صفر ... مبشر بفتوح القدس فى رجب فكان كما قال وفتح القدس فى رجب كما تقدم فقيل له من اين لك هذا فقال أخذته من تفسير ابن مرجان فى قوله تعالى (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) وكان الامام ابو الحكم بن مرجان الأندلسي قد صنف تفسيره المذكور فى سنة عشرين وخمسمائة وبيت المقدس يومئذ بيد الافرنج لعنهم الله تعالى واستخرج الشيخ سعد الدين الحموي من قوله تعالى (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) مغلوبية الروم سنة ثمانمائة فغلب تيمور على الروم يقول الفقير لا يزال ظهور الغالبية او المغلوبية فى البضع سواء كان باعتبار المآت او باعتبار الآحاد وقد غلب اهل الإسلام مرة فى تسع وثمانين بعد الالف كما أشار اليه غالبون المفهوم من سيغلبون وغلبهم الكفار فى السابعة والتسعين بعد الالف على ما أشار اليه ادنى الأرض يقال ما من حادثة الا إليها اشارة فى كتاب الله بطريق علم الحروف ولا تنكشف الا لاهله قال على كرم الله وجهه العلم بالحرف سر الله يدركه ... من كان بالكشف والتحقيق متصفا لِلَّهِ وحده الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ اى فى أول الوقتين وفى آخرهما حين غلبوا وحين يغلبون كأنه قيل من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ومن بعد كونهم مغلوبين وهو وقت كونهم غالبين. والمعنى ان كلا من كونهم مغلوبين اولا وغالبين آخرا ليس الا بامر الله وقضائه وتلك الأيام نداولها بين الناس وَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يغلب الروم على فارس ويحل ما وعده الله تعالى من غلبتهم يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [شاد خواهند شدن مؤمنان] قال الراغب الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة واكثر ما يكون ذلك فى اللذات البدنية الدنيوية ولم يرخص فى الفرح الا فى قوله فبذلك فليفر حوا وقوله ويومئذ يفرح المؤمنون بِنَصْرِ اللَّهِ اى بتغليب من له كتاب على من لا كتاب له وغيظ من شمت بهم من كفار مكة وكون ذلك من دلائل غلبة المؤمنين على الكفرة فالنصرة فى الحقيقة لكونها منصبا شريفا ليست الا للمؤمنين وقال بعضهم يفرح المؤمنون بقتل الكفار بعضهم

[سورة الروم (30) : الآيات 6 إلى 7]

بعضا لما فيه من كسر شوكتهم وتقليل عددهم لا بظهور الكفار كما يفرح بقتل الظالمين بعضهم بعضا وفى كشف الاسرار. اليوم ترح وغدا فرح. اليوم عبرة وغدا خبرة. اليوم أسف وغدا لطف. اليوم بكاء وغدا لقاء [هر چند كه دوستانرا امروز درين سراى بلا وعنا همه در دست واندوه همه حسرت وسوز اما آن اندوه وسوز را بجان ودل خريدار آيد وهر چهـ معلوم ايشانست فداى آن درد مى كنند. چنانكه آن جوانمرد كفته اكنون بارى بنقدى دردى دارم كه آن درد بصد هزار درمان ندهم داود پيغمبر عليه السلام چون آن زلت صغيره از وى برفت واز حق بدو عتاب آمد تا زنده بود سر بر آسمان نداشت ويكساعت از تضرع نياسود با اين همه ميكفت الهى خوش معجونى كه اينست وخوش دردى كه اينست الهى تخمى ازين كريه واندوه در سينه من إ تا هركز ازين درد خالى نباشم. اى مسكين تو هميشه بى درد بوده از سوز درد زدكان خبر ندارى از ان كريه پر شادى واز ان خنده پر اندوه نشانى نديده] من كريه بخنده درهمى پيوندم ... پنهان كريم وبآشكارا خندم اى دوست كمان مبر كه من خرسندم ... آگاه نه كه من نيازمندم يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ان ينصره من ضعيف وقوى من عباده استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) وَهُوَ الْعَزِيزُ المبالغ فى العزة والغلبة فلا يعجزه من يشاء ان ينصر عليه كائنا من كان الرَّحِيمُ المبالغ فى الرحمة فينصر من يشاء ان ينصره أي فريق كان او لا يعز من عادى ولا يذل من والى كما فى المناسبات وهو محمول على ان المراد بالنصر نصر المؤمنين على المشركين فى غزوة بدر كما أشير اليه من الوسيط وفى الإرشاد المراد من الرحمة هى الرحمة الدنيوية اما على القراءة المشهورة فظاهر لان كلا الفريقين لا يستحق الرحمة الدنيوية واما على القراءة الاخيرة فلان المسلمين وان كانوا مستحقين لها لكن المراد بها نصرهم الذي هو من آثار الرحمة الدنيوية وتقديم وصف العزة لتقدمه فى الاعتبار وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لنفسه لان ما قبله وهو ويومئذ إلخ فى معنى الوعد إذ الوعد هو الاخبار بايقاع شىء نافع قبل وقوعه وقوله ويومئذ إلخ من هذا القبيل ومثل هذا المصدر يجب حذف عامله والتقدير وعد الله وعدا يعنى انظروا وعد الله ثم استأنف تقرير معنى المصدر فقال لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ لا هذا الذي فى امر الروم ولا غيره مما يتعلق بالدنيا والآخرة لاستحالة الكذب عليه سبحانه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ وهم المشركون واهل الاضطراب لا يَعْلَمُونَ صحة وعده لجهلهم وعدم تفكرهم فى شئون الله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهو ما يشاهدونه من زخارفها وملاذها وسائر أحوالها الموافقة لشهواتهم الملائمة لاهوائهم المستدعية لانهما كهم فيها وعكوفهم عليها وتنكير ظاهرا للتحقير والتخسيس اى يعلمون ظاهرا حقيرا خسيسا من الدنيا قال الحسن كان الرجل منهم يأخذ درهما ويقول وزنه كذا ولا يخطىء وكذا يعرف رداءته بالنقد وقال الضحاك يعلمون بنيان قصورها وتشقيق أنهارها وغرس أشجارها ولا فرق بين

عدم العلم وبين العلم المقصور على الدنيا وفى التيسير قوله (لا يَعْلَمُونَ) نفى للعلم بامور الدين وقوله (يَعْلَمُونَ) اثبات للعلم بامور الدنيا فلا تناقض لان الاول نفى الانتفاع بالعلم بما ينبغى والثاني صرف العلم الى ما لا ينبغى ومن العلم القاصر ان يهيىء الإنسان امور شتائه فى صيفه وامور صيفه فى شتائه وهو لا يتيقن بوصوله الى ذلك الوقت ويقصر فى الدنيا فى إصلاح امور معاده ولا بدله منها وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ التي هى الغاية القصوى والمطلب الأسنى هُمْ غافِلُونَ لا يخطرونها بالبال ولا يدركون من الدنيا ما يؤدى الى معرفتها من أحوالها ولا يتفكرون فيها. وهم الثانية تكرير للاولى للتأكيد يفيد انهم معدن الغفلة عن الآخرة او مبتدأ وغافلون خبره والجملة خبر للاولى وفى الآية تشبيه لاهل الغفلة بالبهائم المقصور إدراكاتها من الدنيا على الظواهر الحسية دون أحوالها التي هى من مبادى العلم بامور الآخرة وغفلة المؤمنين بترك الاستعداد لها وغفلة الكافرين بالجحود بها قال بعضهم من كان عن الآخرة غافلا كان عن الله اغفل ومن كان عن الله غافلا فقد سقط عن درجات المتعبدين [در خبر است كه فردا در انجمن رستاخيز وعرصه عظمى دنيا را بيارند بصورت پيره زنى آراسته كويد بار خدايا امروز مرا جزاى كمتر بنده كن از بندگان خود از دركاه عزت وجناب جبروت فرمان آيد كه اى ناچيز خسيس من راضى نباشم كه كمترين بنده از بندگان خود را با چون تو جزاى وى دهم آنكه كويد «كونى ترابا» يعنى خاك كرد ونيست شو چنان نيست شود كه هيچ جاى پديد نيايد. وكفته اند طالبان دنيا سه كروه اند. كروهى در دنيا از وجه حرام كرد كنند چون دست رسد بغصب وقهر بخود مى كشند واز سرانجام وعاقبت آن نينديشند كه ايشان اهل عقابند وسزاى عذاب مصطفى عليه السلام كفت كسى كه در دنيا حلال جمع كند از بهر تفاخر وتكاثر تا كردن كشد وبر مردم تطاول جوايد رب العزه از وى اعراض كند ودر قيامت با وى بخشم بود او كه در دنيا حلال جمع كرد بر نيت تفاخر حالش اينست پس او كه حرام طلب كند وحرام كيرد وخورد حالش خود چون بود. كروه دوم دنيا بدست آرند از وجه مباح چون كسب وتجارات و چون معاملات ايشان اهل حسابند در مشيت حق در خبرست كه (من نوقش فى الحساب عذب) . كروه سوم از دنيا بسد جوعت وستر عورت قناعت كنند مصطفى عليه السلام (ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء) يعنى از كسر الخبز ايشانرا نه حسابست ونه عتاب ايشانند كه چون سر از خاك بركنند رويهاى ايشان چون ماه چهارده بود] قال بعضهم الآية وصف المدعين الذين هم عارفون بالأمور الظاهرة والاحكام الدنيوية محجوبون عن معاملات الله غافلون عما فتح الله على قلوب أوليائه الذين غلب عليهم شوق الله واذهلهم حب الله عن تدابير عيش الدنيا ونظام أمورها ولذلك قال عليه السلام (أنتم اعلم بامور دنياكم وانا اعلم بامور آخرتكم) وفى التأويلات النجمية قوله (غلبت الروم) فيه اشارة الى ان حال اهل الطلب يتغير بحسب الأوقات ففى بعض الأحوال يغلب فارس النفس على روم القلب للطالب الصادق فينبغى ان لا يزل هذا قدمه عن صراط الطلب

[سورة الروم (30) : آية 8]

ويكون له قدم صدق عند ربه بالثبات والبقاء (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) اى سيغلب روم القلب على فارس النفس بتأييد الله ونصرته (فِي بِضْعِ سِنِينَ) من ايام الطلب (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ) يعنى غلبة فارس النفس على روم القلب اولا كانت بحكم الله وتقديره وله فى ذلك حكمة بالغة فى صلاح الحال والمآل ألا يرى ان فارس نفس جميع الأنبياء والأولياء فى البداية غلبت على روم قلبهم ثم غلبت روم قلبهم على فارس نفسهم (وَمِنْ بَعْدُ) يعنى غلبة روم القلب على فارس النفس ايضا بحكم الله فانه يحكم لا معقب لحكمه (وَيَوْمَئِذٍ) يعنى يوم غلبت الروم (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) يعنى الروح والسر والعقل (بِنَصْرِ اللَّهِ) القلب على النفس وبنصر الله المؤمنين على الكافرين (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فبعزته يعز أولياءه ويذل أعداءه (الرَّحِيمُ) برحمته ينصر اهل محبته وهم ارباب القلوب (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) من ناسى الطافه (لا يَعْلَمُونَ) صدق وعده ووفاء عهده لانهم (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يجدون ذوق حلاوة عسل شهوات الدنيا بالحواس الظاهرة (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ) وكمالاتها ووجدان شوق شهواتها بالحواس الباطنة وانها موجبة للبقاء الابدى وان عسل شهوات الدنيا مسموم مهلك (هُمْ غافِلُونَ) لاستغراقهم فى بحر البشرية وتراكم امواج أوصافها الذميمة انتهى: قال الكمال الخجندي جهان وجمله لذاتش بزنبور عسل ماند كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش عصمنا الله وإياكم من الانهماك فى لذات الدنيا أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ الواو للعطف على مقدر. والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب وهو قبل ان يتصفى اللب والتذكر بعده ولذا لم يذكر فى كتاب الله تعالى مع اللب الا التذكر قال بعض الأدباء الفكر مقلوب الفرك لكن يستعمل الفكر فى المعاني وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول الى حقيقتها قوله (فِي أَنْفُسِهِمْ) ظرف للتفكر وذكره فى ظهور استحالة كونه فى غيرها لتصوير حال المتفكر فهو من بسط القرآن نحو يقولون بأفواههم والمعنى اقصر كفار مكة نظرهم على ظاهر الحياة الدنيا ولم يحدثوا التفكر فى قلوبهم فيعلموا انه تعالى ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ الاجرام العلوية وكذ سموات الأرواح وَالْأَرْضَ الاجرام السفلية وكذا ارض الأجسام وَما بَيْنَهُما من المخلوقات والقوى ملتبسة بشىء من الأشياء إِلَّا ملتبسة بِالْحَقِّ والحكمة والمصلحة ليعتبروا بها ويستدلوا على وجود الصانع ووحدته ويعرفوا انها مجالى صفاته ومرائى قدرته وانما جعل متعلق الفكر والعلم هو الخلق دون الخالق لان الله تعالى منزه عن ان يوصف بصورة فى القلب ولهذا روى (تفكروا فى آلاء الله تعالى ولا تتفكروا فى ذات الله) : وفى المثنوى عالم خلقست با سوى جهات ... بي جهت دان عالم امر وصفات «1» بي تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيچون اى عمو اين تعلق را خرد چون پى برد ... بسته فصلست ووصلست اين خرد زين وضيت كرد ما را مصطفى ... بحث كم جوييد در ذات خدا

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه خلق دوزخ كرسنكان ونالانند إلخ

[سورة الروم (30) : آية 9]

آنكه در ذاتش تفكر كردنيست ... در حقيقت آن نظر در ذات نيست هست آن پندار او زيرا براه ... صد هزاران پرده آمد تا اله هر يكى در پرده موصول جوست ... وهم او آنست كه آن عين هوست پس پيمبر دفع كرد اين وهم ازو ... تا نباشد در غلط سودا پز او در عجائبهاش فكر اندر رويد ... از عظيمى وز مهابت كم شويد چونكه صنعش ريش وسبلت كم كند ... حد خود داند ز صانع تن زند جز كه لا احصى نكويد او ز جان ... كز شمار وحد برونست آن بيان ثم انه لما كان معنى الحق فى اسماء الله تعالى هو الثابت الوجود على وجه لا يقبل الزوال والعدم والتغير كان الجاري على ألسنة اهل الفناء من الصوفية فى اكثر الأحوال هو الاسم الحق لانهم يلاحظون الذات الحقيقية دون ما هو هالك فى نفسه وباطل فى ذاته وهو ما سوى الله تعالى وَأَجَلٍ مُسَمًّى عطف على الحق اى وبأجل معين قدره الله تعالى لبقائها لا بد لها من ان تنتهى اليه وهو وقت قيام الساعة وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ مع غفلتهم عن الآخرة واعراضهم عن التفكر فيما يرشدهم الى معرفتها بِلِقاءِ رَبِّهِمْ اى بلقاء حسابه وجزائه بالبعث والباء متعلق بقوله لَكافِرُونَ اى منكرون جاحدون يحسبون ان الدنيا ابدية وان الآخرة لا تكون بحلول الاجل المسمى أَوَلَمْ يَسِيرُوا اهل مكة والسير المضي فى الأرض فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا اى اقعدوا فى أماكنهم ولم يسيروا فينظروا اى قد ساروا وقت التجارات فى أقطار الأرض وشاهدوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المهلكة كعاد وثمود والعاقبة إذا أطلقت تستعمل فى الثواب كما فى قوله تعالى (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وبالاضافة قد تستعمل فى العقوبة كما فى هذه الآية وهى آخر الأمر: وبالفارسية [سرانجام] ثم بين مبدأ احوال الأمم ومآلها فقال كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً يعنى انهم كانوا اقدر من اهل مكة على التمتع بالحياة الدنيا حيث كانوا أشد منهم قوة وَأَثارُوا الْأَرْضَ يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعا وقد اثرته فالاثارة تحريك الشيء حتى يرتفع غباره: وبالفارسية [برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] كما فى تاج المصادر. والثور اسم البقر الذي يثار به الأرض فكأنه فى الأصل مصدر جعل فى موضع الفاعل والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة ومنه قيل لمحمد بن الحسين بن على الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا. والمعنى وقلبوا الأرض للزراعة والحراثة واستنباط المياه واستخراج المعادن وَعَمَرُوها العمارة نقيض الخراب اى عمروا الأرض بفنون العمارات من الزراعة والغرس والبناء وغيرها مما يعد عمارة لها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها اى عمارة اكثر كما وكيفا وزمانا من عمارة هؤلاء المشركين. يعنى اهل مكة إياها كيف لا وهم اهل واد غير ذى زرع لا تنشط لهم فى غيره وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والآيات الواضحات فكذبوهم فاهلكهم الله تعالى فَما كانَ اللَّهُ بما فعل بهم من العذاب والإهلاك لِيَظْلِمَهُمْ من غير جرم

[سورة الروم (30) : آية 10]

يستدعيه من جانبهم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بما اجتر أو أعلى اكتساب المعاصي الموجبة للهلاك ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا اى عملوا السيئات: وبالفارسية [بد كردند يعنى كافر شدند] السُّواى اى العقوبة التي هى أسوأ العقوبات وأفظعها وهى العقوبة بالنار فانها تأنيث الاسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن او مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السواى. وقيل السواى اسم لجهنم كما ان الحسنى اسم للجنة وانما سميت سواى لانها تسوء صاحبها قال الراغب السوء كل ما يعم الإنسان من الأمور الدنيوية والاخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وفقد حميم وعبر بالسوأى عن كل ما يقبح ولذلك قوبل بالحسنى قال (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) كما قال (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) انتهى. والسوءى مرفوعة على انها اسم كان وخبرها عاقبة وقرىء على العكس وهو ادخل فى الجزالة كما فى الإرشاد أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ علة لما أشير اليه من تعذيبهم الدنيوي والأخروي اى لان كذبوا بآيات الله المنزلة على رسله ومعجزاته الظاهرة على أيديهم وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ عطف على كذبوا داخل معه فى حكم العلة وإيراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده وحاصل الآيات ان الأمم السالفة المكذبة عذبوا فى الدنيا والآخرة بسبب تكذيبهم واستهزائهم وسائر معاصيهم فلم ينفعهم قوتهم ولم يمنعهم أموالهم من العذاب والهلاك فما الظن باهل مكة وهم دونهم فى العدد والعدد وقوة الجسد واعلم ان طبع القلوب والموت على الكفر مجازاة على الاساءة كما قال ابن عيينة ان لهذه الذنوب عواقب سوء لا يزال الرجل يذنب فينكت على قلبه حتى يسوّد القلب كله فيصير كافرا والعياذ بالله: وفيه اشارة الى طلبة العلم الذين يشرعون فى علوم غير نافعة بل مضرة مثل الكلام والمنطق والمعقولات فيشوش عليهم عقيدتهم على مذهب اهل السنة والجماعة وان وقعوا فى ادنى شك وقعوا فى الكفر علم بى دينان رها كن جهل را حكمت مخوان ... از خيالات وظنون اهل يونان دم مزن فمن كان له نور الايمان الحقيقي بالسير والسلوك ينظر كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من حكماء الفلاسفة انهم كانوا أشد منهم قوة فى علم القال وأثاروا الأرض البشرية بالرياضة والمجاهدة وعمروها بتبديل الأخلاق والاستدلال بالدلائل العقلية والبراهين المنطقية اكثر مما عمروها المتأخرون لانهم كانوا أطول أعمارا منهم فوسوس لهم الشيطان وغرهم بعلومهم العقلية واستبدت نفوسهم بها وظنوا انهم غير محتاجين الى الشرائع ومتابعة الأنبياء وجاءتهم رسلهم بالمعجزات الظاهرة فنسبوها الى السحر والنيرنج واعتمدوا على مسولات أنفسهم من الشبهات بحسبان انها من البراهين القاطعة فاهلكهم الله فى اودية الشكوك والحسبان فما كان الله ليظلمهم بالابتلاء بهذه الآفات بان يكلهم الى وساوس الشيطان وهواجس نفوسهم ولا يرسل إليهم الرسل ولم ينزل معهم الكتب ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتكذيب الأنبياء ومتابعة الشيطان وعبادة الهوى ثم كان عاقبة امر الفلاسفة لما أساؤوا بتكذيب الأنبياء السوءى بان صاروا ائمة الكفر وصنفوا الكتب فى الكفر وأوردوا فيها

[سورة الروم (30) : الآيات 11 إلى 15]

الشبهات على بطلان ما جاء به الأنبياء من الشرائع والتوحيد وسموها الحكمة وسموا أنفسهم الحكماء فالآن بعض المتعلمين من الفقهاء اما لوفور حرصهم على العلم والحكمة واما لخباثة الجوهر ليتخلصوا من تكاليف الشرع يطالعون تلك الكتب ويتعلمونها وبتلك الشبهات التي دونوا بها كتبهم يهلكون فى اودية الشكوك ويقعون فى الكفر وهذه الآفة وقعت فى الإسلام من المتقدمين والمتأخرين منهم وكم من مؤمن عالم قد فسدت عقدتهم بهذه الآفة واخرجوا ربقة الإسلام من عنقهم فصاروا من جملتهم ودخلوا فى زمرتهم ولعل هذه الآفة تبقى فى هذه الامة الى قيام الساعة فان فى كل يوم يزداد تقل طلبة علوم الدين من التفسير والحديث والمذهب وتكثر طلبة علوم الفلسفة والزندقة ويسمونها الأصول والكلام علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير از ين كردد خبيث «1» وقد قال الشافعي رحمه الله من تكلم تزندق ثم وبال هذه جملة الى قيام الساعة يكتب فى ديوان من سن هذه السنة السيئة ومن أوزار من عمل بها من غير ان ينقص من أوزارهم شىء على ان كذبوا بالقرآن وسموا الأنبياء عليهم السلام اصحاب النواميس وسموا الشرائع الناموس الأكبر عليهم لعنات الله تترى كذا فى تأويلات حضرة الشيخ نجم الدين قدس سره اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يخلقهم اولا فى الدنيا وهو الإنسان المخلوق من النطفة ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد الموت احياء كما كانوا اى يحييهم فى الآخرة ويبعثهم وتذكير الضمير باعتبار لفظ الخلق ثُمَّ إِلَيْهِ اى الى موقف حسابه تعالى وجزائه تُرْجَعُونَ تردون لا الى غيره والالتفات للمبالغة فى الترهيب. وقرئ بياء الغيبة والجمع باعتبار معنى الخلق وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ التي هى وقت إعادة الخلق ورجعهم اليه للجزاء. والساعة جزء من اجزاء الزمان عبر بها عن القيامة تشبيها لها بذلك لسرعة حسابها كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) او لما نبه عليه قوله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ يسكنون سكوت من انقطع عن الحجة متحيرين آيسين من الاهتداء الى الحجة او من كل خير قال الراغب الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق إبليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعينه. قيل ابلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ أوثانهم التي عبدوها رجاء الشفاعة شُفَعاءُ يجيرونهم من عذاب الله ومجيئه بلفظ الماضي لتحققه فى علم الله وصيغة الجمع لوقوعها فى مقابلة الجمع اى لم يكن لكل واحد منهم شفيع أصلا وكتب فى المصحف شفعواء بواو قبل الالف كما كتب علمواء بنى إسرائيل فى الشعراء والسواى بالألف قبل الياء اثباتا للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ يكفرون بآلهتهم حيث يئسوا منهم. يعنى [چون از مطلوب نااميد كردند از ايشان بيزار شوند] وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أعيد لتهويله وتفظيع ما يقع فيه يَوْمَئِذٍ [آن هنكام] يَتَفَرَّقُونَ تهويل له اثر تهويل وفيه رمز الى ان التفرق يقع فى بعض منه وضمير يتفرقون لجميع الخلق المدلول عليهم بما تقدم من بدئهم واعادتهم

_ (1) لم أجد فى المثنوى فليراجع

[سورة الروم (30) : آية 15]

ورجوعهم لا المجرمين خاصة. والمعنى يتفرق المؤمنون والكافرون بعد الحساب الى الجنة والنار فلا يجتمعون ابدا قال الحسن رحمه الله لئن كانوا اجتمعوا فى الدنيا ليتفرقن يوم القيامة هؤلاء فى أعلى عليين وهؤلاء فى أسفل سافلين [يكى در درجه وصلت يكى در دركه فرقت آن بر سرير محبت واين بر حصير محنت آنرا انواع ثواب واين را اصناف عقاب جمعى از دولت تلاقى نازان وبرخى بر آتش فراق كدازان] يكى خندان بصد عشرت ... يكى نالان بصد عسرت يكى در راحت وصلت ... يكى در شدت هجرت قال ابو بكر بن طاهر قدس سره يتفرق كل الى ما قدر له من محل السعادة ومنزل الشقاوة ومن كان تفرقته الى الجمع كان مجموع السر ثم لا يألف الخلق ابدا فينقلب الى محل السعداء ومن كان تفرقته الى الفرق كان متفرق السر ثم لا يألف الحق ابدا فيرجع الى محل اهل الشقاوة ثم فصل احوال الفريقين وكيفية تفرقهم فقال فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ عظيمة وهى كل ارض ذات نبات وماء ورونق ونضارة والمراد بها الجنة قال الراغب الروض مستنقع الماء والخضرة وفى روضة عبارة عن رياض الجنة وهى محاسنها وملاذها انتهى. وخص الروضة بالذكر لانه لم يكن عند العرب شىء احسن منظرا ولا أطيب نشرا من الرياض. ففيه تقريب المقصود من افهامهم. والمعنى بالفارسية [پس ايشان در مرغزارهاى مشتمل بر ازهار وانهار] يُحْبَرُونَ يسرون سرورا تهللت له وجوههم: يعنى [شادمان كردانيده باشند چنان شادمانى كه اثر آن بر صفحات وجنات ايشان ظاهر باشد] فالحبور السرور يقال حبره إذا سره سرورا تهلل له وجهه وفى المفردات يفرحون حتى يظهر عليهم حبار نعميهم اى اثره يقال حبر فلان بقي بجلده اثر من قرح. والحبر العالم لما يبقى من اثر علومه فى قلوب الناس ومن آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها والى هذا المعنى أشار امير المؤمنين رضى الله عنه بقوله «العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم فى القلوب موجودة» ويقال التحبير التحسين الذي يسر به يقال للعالم حبر لانه يتخلق بالأخلاق الحسنة. وللمداد حبر لانه يحسن به الأوراق فيكون الحبرة كل نعمة حسنة قال فى الإرشاد واختلف فيه الأقاويل لاختلاف وجوه. فعن ابن عباس رضى الله عنهما ومجاهد يكرمون. وعن قتادة ينعمون. وعن ابن كيسان يحلون. وعن ابى بكر بن عياش يتوّجون [متوج سازندشان] . وعن وكيع يسرون بالسماع: يعنى [آواز خوش شنوانند ايشانرا وهيچ لذت برابر سماع نيست. در خبر است كه أبكار بهشت تغنى كنند باصواتى كه خلائق مثل آن نشنيده باشد واين أفضل نعيم بهشت بود از ابى درداء رضى الله عنه را پرسيدند كه مغنيات بهشت بچهـ چيز تغنى كنند فرموده كه با تسبيح. از يحيى بن معاذ رازى رضى الله عنه را پرسيدند كه از آوازها كدام دوستر دارى فرمود مزامير انس فى مقاصير قدس بألحان تحميد فى رياض تمجيد]- وروى- ان فى الجنة أشجارا عليها اجراس من فضة فاذا أراد اهل الجنة السماع يهب الله ريحا من تحت العرش فتقع فى تلك الأشجار فتحرك تلك الاجراس بأصوات لو سمعها اهل الدنيا لماتوا

طربا وفى الحديث (الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها سموا وأوسطها محلا ومنها يتفجر انهار الجنة وعليها يوضع العرش يوم القيامة) فقام اليه رجل فقال يا رسول الله انى رجل حبب الىّ الصوت فهل فى الجنة صوت حسن فقال (اى نعم والذي نفسى بيده ان الله سبحانه ليوحى الى شجرة فى الجنة ان اسمعي عبادى الذين اشتغلوا بعبادتي وذكرى عن عزف البرابط والمزامير فترفع صوتا لم يسمع الخلائق مثله قط من تسبيح الرب وتقديسه) [فردا دوستان خدا در روضات بهشت ميان رياحين انس بشادى وطرب سماع كنند فرمان آيد بداود عليه السلام كه يا داود بآن نغمه دلپذير وصوت شوق انگيز كه ترا داده ايم زبور بخوان. اى موسى تلاوت تورات كن. اى عيسى بتلاوت إنجيل مشغول شو. اى درخت طوبى آواز دل آراى بتسبيح ما بگشاى. اى اسرافيل تو قرآن آغاز كن] قال الأوزاعي ليس أحد من خلق الله احسن صوتا من اسرافيل فاذا أخذ فى السماع قطع على اهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم [اى ماه رويان فردوس چهـ نشينيد خيزيد ودوستانرا اقبال كنيد. اى تلهاى مشك أذفر وكافور معنبر بر سر مشتاقان ما نثار شويد. اى درويشان كه در دنيا غم خورديد اندوه بسر آمد ودرخت شادى ببر آمد خيزيد وطرب كنيد در حظيره قدس وخلوتكاه انس بنازيد. اى مستان مجلس مشاهده. اى مخمور خمر عشق. اى عاشقان سوخته كه سحركاهان در ركوع وسجود چون خون از ديدها روان كرده ودلها باميد وصال ما تسكين داده كاه آن آمد كه در مشاهده ما بياساييد بار غم از خود فرو نهيد وبشادى دم زنيد. اى طالبان ساكن شويد كه نقد تزديكست. اى شب روان آرام كيريد كه صبح نزديكست. اى مشتاقان طرب كنيد كه ديدار نزديكست] فيكشف الحجاب ويتجلى لهم تبارك وتعالى فى روضة من رياض الجنة ويقول انا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتى فهذا محل كرامتى فسلونى روزى كه سراپرده برون خواهى كرد ... دانم كه زمانه را زبون خواهى كرد كر زيب وجمال ازين فزون خواهى كرد ... يا رب چهـ جكر هست كه خون خواهى كرد [حاصل سخن آنكه شريفترين لذتى بعد از مشاهده أنوار تجلى در بهشت سماع خواهد بود واز ينجا كفته آن عزيز در شرح مثنوى كه سماع منادى است كه درماندكان بيابان محنت افزاى دنيا را از عشرت آباد بهشت نورانى ياد ميدهد] مؤمنان كويند كاثار بهشت ... نغز كردانيد هر آواز زشت «1» ما همه اجزاء آدم بوده ايم ... در بهشت آن لحن را بشنوده ايم كر چهـ بر ما ريخت آب وكل شكى ... ياد ما آيد از انها اندكى پس نى و چنك ورباب وسازها ... چيزكى ماند بدان آوازها «2» عاشقان كين نغمها را بشنوند ... جزؤ بگذارند وسوى كل روند قال بعض العارفين ان الله تعالى بجوده وجلاله يطيب اوقات عشاقه بكل لسان فى الدنيا وكل صوت حسن فى الآخرة ورب روضة فى الدنيا للعارف العاشق الصادق يرى الحق فيها

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان سبب هجرت ابراهيم أدهم إلخ (2) لم أجد

[سورة الروم (30) : الآيات 16 إلى 25]

ويسمع منه بغير واسطة وربما كان بواسطة فيسمعه الحق من ألسنة كل ذرة من العرش الى الثرى أصواتا قدوسية وخطابات سبوحية قال جعفر فابدأ به فى صباحك وبه فاختم فى مسائك فمن كان به ابتداؤه واليه انتهاؤه لا يشقى فيما بينهما قال البقلى رحمه الله وصف الله اهل الحبور بالايمان والعمل الصالح فاما ايمانهم فشهود أرواحهم مشاهد الأزل فى أوائل ظهورها من العدم. واما أعمالهم الصالحة فالعشق والمحبة والشوق فآخر درجاتهم فى منازل الوصال الفرح بمشاهدة الله والسرور بقربه وطيب العيش لسماع كلامه يطربهم الحق بنفسه ابد الآبدين فى روح وصاله وكشف جماله وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا القرآنية التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل وَلِقاءِ الْآخِرَةِ اى البعث بعد الموت صرح بذلك مع اندراجه فى تكذيب الآيات للاعتناء بامره فَأُولئِكَ الموصوفون بالكفر والتكذيب فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ مدخلون على الدوام لا يغيبون عنه ابدا قال بعضهم الإحضار انما يكون على اكراه فيجاء به على كراهة اى يحضرون العذاب فى الوقت الذي يحبر فيه المؤمنون فى روضات الجنان فيكونون على عذاب وويل وثبور كما يكون المؤمنون على ثواب وسماع وحبور. فعلى العاقل ان يجتنب عن القيل والقال ويكسب الوجد والحال من طريق صالحات الأعمال فان لكل عمل صالح اثرا ولكل ورع وتقوى ثمرة فمن حبس نفسه فى زاوية العبادة والطاعة وتخلى فى خلوة الذكر والفكر تفرج فى رياض الجنان بما قاسى بالأعضاء والجنان. ومن اغلق باب سمعه عن سماع الملاهي وصبر عنه فتح الله له باب سماع الأغاني فى الجنة والا فقد حرم من أمثل اللذات به از روى زيباست آواز خوش ... كه آن حظ نفس است واين قوت روح كما ان من شرب الخمر فى الدنيا لم يشربها فى الآخرة وأشار بالاحضار الى ان جهنم سجن الله تعالى فكما ان المجرم فى الدنيا يساق الى السجن وهو كاره له فكذا المجرم فى العقبى يساق ويجرّ الى النار بالسلاسل والاغلال فيذوق وبال كفره وتكذيبه وحضوره محاضر اهل الهوى من اهل الملاهي وربما يحضر فى العذاب من ليس بمكذب الحاقا له فى بعض الأوصاف وان كان غير مخلد فيه وربما تؤدى الجراءة على المعاصي والإصرار عليها الى الكفر والعياذ بالله تعالى. فيا اهل الشريعة عليكم بترك المحرمات الموجبة للعقوبات. ويا اهل الطريقة عليكم بترك الفضلات المؤدية الى التنزلات ولا يغرنكم احوال أبناء الزمان فان أكثرهم اباحيون غير مبالين ألا ترى الى مجامعهم المشحونة بالأحداث ومجالسهم المملوءة باهل الملاهي كأنهم المكذبون بلقاء الآخرة فلذا قصروا همتهم على الأمور الظاهرة يطلبون العشق والحال فى الأمر الزائل كالمتغنى والمزمّر ويعرضون عن الذكر والتوحيد الباقي لذته وصفوته مدى الدهر ولعمرى ان من عقل لا يستن بسنن الجهلاء واهل الارتكاب ولا يرفع الى مجالسهم قدما ولو خطوة خوفا من العذاب فانه تعالى قال (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) وأي نار أعظم من نار البعد والفراق إذ هي دائمة الإحراق نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لسدّ خلل الدين والاعراض عن متسامحات الغافلين ويجعلنا ممن تعلق بحبل الشرع المبين وعروة الطريق القويم المتين ويحيينا بالحياة الطيبة الى آخر الأعمار ويعيدنا من الأجداث والوجوه أقمار

[سورة الروم (30) : الآيات 17 إلى 18]

ولا يخيبنا فى رجاء شفاعات الأعالي انه الكريم المتعالي فَسُبْحانَ اللَّهِ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها. والسبح المر السريع فى الماء او فى الهواء والتسبيح تنزيه الله وأصله المر السريع فى عبادة الله جعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية والسبوح والقدوس من اسماء الله تعالى وليس فى كلامهم فعول سواهما. وسبحان هنا مصدر كغفران موضوع موضع الأمر مثل فضرب الرقاب والتسبيح محمول على حقيقته وظاهره الذي هو تنزيه الله عن السوء والثناء عليه بالخير. والمعنى إذا علمتم ايها العقلاء المميزون ان الثواب والنعيم للمؤمنين العاملين والعذاب والجحيم للكافرين المكذبين فسبحوا الله اى نزهوه عن كل ما لا يليق بشأنه تعالى حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ الحين بالكسر وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان طال او قصر ويتخصص بالمضاف اليه كما فى هذا المقام. والإمساء الدخول فى المساء كما ان الإصباح الدخول فى الصباح والمساء والصباح ضدان قال بعضهم أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجير ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق. والمعنى سبحوه تعالى وقت دخولكم فى المساء وساعة دخولكم فى الصباح وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يحمده خاصة اهل السموات والأرض ويثنون عليه اى احمدوه على نعمه العظام فى الأوقات كلها فان الاخبار بثبوت الحمد له تعالى ووجوبه على اهل التمييز من خلق السموات والأرض فى معنى الأمر على ابلغ وجه. وتقديم التسبيح على التحميد لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة كشرب المسهل متقدم على شرب المصلح وكالاساس متقدم على الحيطان وما يبنى عليها من النقوش وَعَشِيًّا آخر النهار من عشى العين إذا نفص نورها ومنه الأعشى وهو معطوف على حين تمسون اى سبحوه وقت العشى وتقديمه على قوله وَحِينَ تُظْهِرُونَ اى تدخلون فى الظهيرة التي هى وسط النهار لمراعاة الفواصل وتغيير الأسلوب لانه لا يجىء منه الفعل بمعنى الدخول فى العشى كالمساء والصباح والظهيرة وتوسيط احمد بين اوقات التسبيح للاشعار بان حقها ان يجمع بينها كما ينبىء عنه قوله تعالى (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) وقوله عليه السلام (من قال حين يصبح وحين يمسى سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له خطاياه وان كانت مثل زبد البحر) وقوله عليه السلام (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) وتخصيص التسبيح والتحميد بتلك الأوقات للدلالة على ان ما يحدث فيها من آيات قدرته واحكام رحمته ونعمته شواهد ناطقة بتنزهه تعالى واستحقاقه الحمد موجبة لتسبيحه وتحميده حتما وفى الحديث (من سرّه ان يكال له بالقفيز الاوفى فليقل فسبحان الله حين تمسون) الآية وحمل بعضهم التسبيح والتحميد فى الآية على الصلاة لاشتمالها عليهما. والسبحة الصلاة ومنه سبحة الضحى وقد جاء فى القرآن اطلاق التسبيح بمعنى الصلاة فى قوله تعالى (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) قال القرطبي وهو من اجلاء المفسرين اى من المصلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الآية جامعة للصلوات الخمس ومواقيتها. تمسون صلاة المغرب والعشاء

[سورة الروم (30) : آية 19]

وتصبحون صلاة الفجر. وعشيا صلاة العصر. وتظهرون صلاة الظهر فالمعنى فصلوا لله فى هذه الأوقات واتفق الائمة على ان الصلاة المفروضة فى اليوم والليلة خمس وعلى انها سبع عشرة ركعة. الظهر اربع. والعصر اربع. والمغرب ثلاث. والعشاء اربع. والفجر ركعتان قيل فرضت الصلوات الخمس فى المعراج أربعا الا المغرب ففرضت ثلاثا والا الصبح ففرضت ركعتين والا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الأربع فى السفر وتجب الصلاة باول الوقت لغير معذور وعليه بآخره بالاتفاق. وعند ابى حنيفة إذا طلعت الشمس وهو فى صلاة الفجر بطلت صلاته وليس كذلك إذا خرج الوقت فى بقية الصلاة والزائد على قدر واجب فى الصلاة فى قيام ونحوه نفل بالاتفاق كما فى فتح الرحمن وفى الحديث (ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد أحب اليه من الصلاة ولو كان شىء أحب اليه من الصلاة لتعبد به ملائكته فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد) وفى الحديث (من حافظ على الصلوات الخمس بإكمال طهورها ومواقيتها كانت له نورا وبرهانا يوم القيامة ومن ضيعها حشر مع فرعون وهامان) والجماعة سنة مؤكدة اى قوية تشبه الواجب فى القوة لقوله عليه السلام (الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف عنها الا منافق) واكثر المشايخ على انها واجبة وتسميتها سنة لانها ثابتة بالسنة لكن ان فاتته جماعة لا يجب عليه الطلب فى مسجد آخر كذا فى الفقه قال ابو سليمان الداراني قدس سره أقمت عشرين سنة لم احتلم فدخلت مكة فاحدثت بها حدثا فما أصبحت الا احتلمت وكان الحدث فاتته صلاة العشاء بجماعة: وفى المثنوى هر چهـ آيد بر تو از ظلمات غم ... آن ز بى شرمى وكستاخيست هم «1» فلكل عمل اثر وجزاء واجر دز انكه شاكر را زيادت وعده است ... آنچنانكه قرب مزد سجده است «2» كفت واسجد واقترب يزدان ما ... قرب جان شد سجده ابدان ما يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ كالانسان من النطفة والطير من البيضة وايضا المؤمن من الكافر والمصلح من المفسد والعالم من الجاهل. وايضا القلب الحي بنور الله من النفس الميتة عن صفاتها وأخلاقها الذميمة إظهارا للطفه ورحمته وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ النطفة والبيضة من الحيوان. وايضا الكافر والمفسد والجاهل من المؤمن والمصلح والعالم. وايضا القلب الميت عن الأخلاق الحميدة الروحانية من النفس الحية بالصفات الحيوانية الشهوانية إظهارا لقهره وعزته وَيُحْيِ الْأَرْضَ بالمطر والنبات بَعْدَ مَوْتِها قحلها ويبسها وَكَذلِكَ مثل ذلك الإخراج تُخْرَجُونَ من القبور احياء الى موقف الحساب فانه ايضا يعقب الحياة الموت تلخيصه الإبداء والاعادة فى قدرته سواء قال مقاتل يرسل الله يوم القيامة ماء الحياة من السماء السابعة من البحر المسجور بين النفختين فينشر عظام الموتى وذلك قوله تعالى (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) فكما ينبت النبات من الأرض بالمطر فكذا ينبت الناس من القبور بمطر البحر المسجور كالمنى ويحيون به والاشارة ان الله يحيى ارض القلوب بعد اماتته إياها وكذلك تخرجون من العدم الى الوجود بالقدرة وفى الحديث (من قال حين يصبح

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق ادب إلخ [.....] (2) در ديباجه دفتر چهارم

[سورة الروم (30) : آية 20]

فسبحان الله حين تمسون الى قوله وكذلك تخرجون أدرك مافات من ليلته ومن قالها حين يمسى أدرك مافاته فى يومه) وفى كشف الاسرار عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) هذه الآيات الثلاث من سورة الروم وآخر سورة الصافات (دبر كل صلاة يصليها كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء وقطر المطر وعدد ورق الشجر وعدد تراب الأرض فاذا مات اجرى له بكل حسنة عشر حسنات فى قبره وكان ابراهيم خليل الله عليه السلام يقولها فى كل يوم وليلة ست مرات) يعنى مضمونها بلغة السريان إذ لم تكن العربية يومئذ وَمِنْ آياتِهِ اى ومن علامات الله الدالة على البعث وقال الكاشفى [واز نشانهاى قدرت خداى تعالى] أَنْ خَلَقَكُمْ يا بنى آدم فى ضمن خلق آدم لانه خلقه منطويا على خلق ذرياته انطواء اجماليا والخلق عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الأجسام مِنْ تُرابٍ لم يشم رائحة الحياة قط ولا مناسبة بينه وبين ما أنتم عليه فى ذاتكم وصفاتكم وانما خلق الله الإنسان من التراب ليكون متواضعا ذلولا حمولا مثله والأرض وحقائقها دائمة فى الطمأنينة والإحسان بالوجود ولذلك لا تزال ساكنة وساكنة لفوزها بوجود مطلوبها فكانت أعلى مرتبة وتحققت فى مرتبة العلو فى عين السفل وقامت بالرضى ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ [پس اكنون شما] بَشَرٌ [مردمانيد آشكارا] اى آدميون من لحم ودم عقلاء ناطقون قال فى المفردات البشرة ظاهر الجلد وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوبر. واستوى فى لفظ البشر الواحد والجمع وخص فى القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر تَنْتَشِرُونَ الانتشار [پراكنده شدن] قال الراغب انتشار الناس تصرفهم فى الحاجات. والمعنى فاجأتم بعد ذلك وقت كونكم بشرا تنتشرون فى الأرض فدل بدء خلقكم على اعادتكم وهذا مجمل ما فصل فى قوله تعالى فى أوائل سورة الحج (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) اى ان كنتم فى شك من البعث بعد الموت فانظروا الى ابتداء خلقكم وقد خلقناكم بالاطوار لتظهر لكم قدرتنا على البعث فتؤمنوا به وانشد بعضهم خلقت من التراب فصرت شخصا ... بصيرا بالسؤال وبالجواب وعدت الى التراب فصرت فيه ... كأنى ما برحت من التراب قال الشيخ سعدى قدس سره بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جزا وكردن از نيست هست دكر ره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان التراب ابعد الموجودات الى الحضرة لانا إذا نظرنا الى الحقيقة وجدنا اقرب الموجودات الى الحضرة عالم الأرواح لانه أول ما خلق الله الأرواح ثم العرش لانه محل استواء الصفة الرحمانية ثم الكرسي ثم السماء السابعة ثم السموات كلها

ثم فلك الأثير ثم فلك الزمهرير اعنى الهواء ثم الماء ثم التراب وهو جماد لا حس فيه ولا حركة وليس له قدرة على تغيير ذاته وصفاته فلما وجدنا ذاته متغيرة عن وصف الترابية صورة ومعنى متبدلة كتغير صورته بصورة البشر وتبدل صفته بصفة البشرية علم انه محتاج الى مغير ومبدل وهو الله سبحانه وأشار بقوله (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) يعنى كنتم ترابا جمادا ميتا ابعد الموجودات عن الحضرة جعلتكم بشرا بنفخ الروح المشرف باضافة من روحى وهو اقرب الموجودات الى الحضرة فأى آية اظهر وأبين من الجمع بين ابعد الأبعدين واقرب الأقربين بكمال القدرة والحكمة ثم جعلتكم مسجود الملائكة المقربين وجعلتكم مرآة مظهرة لجميع صفات جمالى وجلالى ولهذا السر جعلتكم خلائق الأرض انتهى يقول الفقير والخليفة لا بد له من الانتقال من موطن الى موطن إعطاء لاحكام الإسلام فالموطن الدنيوي هو من آثار الاسم الظاهر والانتقال الى الموطن البرزخى من احكام الاسم الباطن فلما صار الغيب شهادة بالنسبة الى الموطن الاول فى ابتداء الظهور واوله فكذلك تصير الشهادة غيبا بالنسبة الى الموطن الثاني والموطن الحشرى فى انتهاء الظهور وثانيه. يعنى ان الدنيا تصير غيبا راجعا الى حكم الاسم الباطن عند ظهور البعث والحشر كما كانت شهادة قبله راجعة الى حكم الاسم الظاهر وان الاخرى تصير شهادة بعده كما كانت غيبا قبله فهى كالقلب الآن وسينقلب الأمر فيكون القلب قالبا والقالب قلبا نسأل الله الانتقال بالكمال التام والظهور فى النشأة الآخرة بالوجود المحيط العالم وَمِنْ آياتِهِ الدالة على البعث وما بعده من الجزاء أَنْ خَلَقَ لَكُمْ اى لاجلكم مِنْ أَنْفُسِكُمْ [از تن شما] أَزْواجاً [زنان وجفتان] فان خلق اصل أزواجكم حواء من ضلع آدم متضمن لخلقهن من أنفسكم والأزواج جمع زوج وهو الفرد المزاوج لصاحبه وكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات كما فى المفردات ويجوز ان يكون معنى من أنفسكم من جنسكم لا من جنس آخر وهو الأوفق بقوله لِتَسْكُنُوا إِلَيْها اى لتميلوا الى تلك الأزواج وتألفوا بها فان المجانسة من دواعى التضام والتعارف كما ان المخالفة من اسباب التفرق والتنافر بجنس خود كند هر جنس آهنك ... ندارد هيچكس از جنس خود ننك بجنس خويش دارد ميل هر جنس ... فرشته با فرشته انس با انس يقول الفقير ذهب العلماء من الفقهاء وغيرهم الى جواز المناكحة والعلوق بين الجن والانس فقد جعل الله أزواجا من غير الجنس والجواب ان ذلك من النوادر فلا يعتبر وليس السكون الى الجنية كالسكون الى الانسية وان كانت متمثلة فى صورة الانس وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ وبين أزواجكم من غير ان يكون بينكم سابقة معرفة او رابطة قرابة ورحم مَوَدَّةً محبة وَرَحْمَةً شفقة وعن الحسن البصري المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كما قال تعالى وَرَحْمَةً مِنَّا اى فى حق عيسى عليه السلام وقال ابن عباس رضى الله عنهما المودة للكبير والرحمة للصغير إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من خلقهم من تراب وخلق أزواجهم من أنفسهم وإلقاء المودة والرحمة بينهم لَآياتٍ عظيمة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى

[سورة الروم (30) : آية 22]

صنعه وفعله فيعلمون ما فى ذلك من الحكم والمصالح قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله (يَتَفَكَّرُونَ) لان الفكر يؤدى الى الوقوف على المعاني المذكورة يقول الفقير لعل الوجه فى الختم به ان ادراك ما ذكر ليس مما يختص بخواص اهل التفكر وهم العلماء بل يدركه من له ادنى شىء من التفكر. والتفكر دون التذكر ولذا لم يذكر التذكر فى القرآن الا مع اولى الباب وفى الآية اشارة الى ازدواج الروح والنفس فانه تعالى خلق النفس من الروح وجعلها زوجه كما خلق حواء من آدم وجعلها زوجه لتسكن الأرواح الى النفوس كما سكن آدم الى حواء ولو لم تكن حواء لاستوحش آدم فى الجنة كذلك الروح لو لم تكن النفس خلقت منه ليسكن إليها استوحش من القالب ولم يسكن فيه وجعل بين الروح والنفس الفة واستئناسا ليسكنا فى القالب ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون بالكفر السليم فى الإنسان كيف أودع الله فيه سرا من المعرفة التي كل المخلوقات كانت فى الخلقية تبعا له كذا فى التأويلات النجمية وَمِنْ آياتِهِ الدالة على ما ذكر خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على عظمتها وكثافتها وكثرة اجزائها بلا مادة فهو اظهر قدرة على إعادة ما كان حيا قبل ذلك فهذه من الآيات الآفاقية ثم أشار الى شىء من الآيات الانفسية فقال وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ اى لغاتكم من العربية والفارسية والهندية والتركية وغيرها بان جعل لكل صنف لغة قال الراغب اختلاف الالسنة اشارة الى اختلاف اللغات واختلاف النغمات فان لكل لسان نغمة يميزها السمع كما ان له صورة مخصوصة يميزها البصر انتهى فلا تكاد تسمع منطقين متساويين فى الكيفية من كل وجه: يعنى [در پست وبلند وفصاحت ولكنت وغير آن] قال وهب جميع الالسنة اثنان وسبعون لسانا منها فى ولد سام تسعة عشر لسانا وفى ولد حام سبعة عشر لسانا وفى ولد يافث ستة وثلاثون لسانا وَأَلْوانِكُمْ بالبياض والسواد والادمة والحمرة وغيرها قال الراغب فى الآية اشارة الى ان انواع الألوان من اختلاف الصور التي يختص كل انسان بهيئة غير هيئة صاحبه مع كثرة عددهم وذلك تنبيه على سعة قدرته يعنى ان اختلاف الألوان اشارة الى تخطيطات الأعضاء وهيآتها وحلاها ألا ترى ان التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور الملاقية لهما فى التخليق يختلفان فى شىء من ذلك لا محالة وان كانا فى غاية التشابه [اگر برين وجه نبودى امتياز بين الاشخاص مشكل بودى وبسيار از مهمات معطل ماندى] قال ابن عباس رضى الله عنهما كان آدم مؤلفا من انواع تراب الأرض ولذلك كان بنوه مختلفين منهم الأحمر والأسود والأبيض كل ظهر على لون ترابه وقابليته وتصور صورة كل رجل على صورة من أجداده الى آدم يحضر اشكالهم عند تصوير صورته فى الرحم كما أشار اليه بعض المفسرين فى قوله تعالى (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من خلق السموات والأرض واختلاف الالسنة والألوان لَآياتٍ عظيمة فى نفسها كثيرة فى عددها لِلْعالِمِينَ بكسر اللام اى المتصفين بالعلم كما فى قوله (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) وخص العلماء لانهم اهل النظر والاستدلال دون الجهال المشغولين بحطام الدنيا وزخارفها فلما كان الوصول الى معرفة ما سبق ذكره انما يمكن بالعلم ختم الآية بالعالمين. وقرىء بفتح اللام ففيه اشارة الى كمال وضوح الآيات وعدم خفائها

[سورة الروم (30) : آية 23]

على أحد من الخلق من ملك وانس وجن وغيرهم وفى الآية اشارة الى اختلاف ألسنة القلوب وألسنة النفوس فان لسان القلوب يتحرك بالميل الى العلويات وفى طلبها يتكلم ولسان النفوس يتحرك بالميل الى السفليات وفى طلبها يتكلم كما يشاهد فى مجالس اهل الدنيا ومحافل اهل الآخرة: ومن كلمات مولانا قدس سره ما را چهـ از ين قصه كه كاو آمد وخر رفت ... اين وقت عزيزست ازين عربده باز آي وايضا اشارة الى اختلاف الألوان اى الطبائع منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ومنكم من يريد الله ان فى ذلك لآيات للعارفين الذين عرفوا حقيقة أنفسهم وكماليتها فعرفوا الله ورأوا آياته بإراءته إياهم لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) ثم ان الله تعالى خلق الآيات وأشار إليها مع وضوحها تنبيها للناظرين وتعليما للجاهلين وتكميلا للعالمين فمن له بصر رآها ومن له بصيرة عرفها يقال الأمم على اختلاف الأزمان والأديان متفقة على مدح اخلاق اربعة العلم والزهد والإحسان والامانة والمتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة ثم ان المعتبر هو العلم بالله الناظر الى عالم الملكوت وهذا العلم من الآيات الكبرى وصاحبه يشاهد الشواهد العظمى بالبصيرة الاجلى بل يعلم الكائنات قبل وجودها ويخبر بها قبل حصول أعيانها وفى زماننا قوم لا يحصى عددهم غلب عليهم الجهل بمقام العلم ولعبت بهم الأهواء حتى قالوا ان العلم حجاب ولقد صدقوا فى ذلك لو اعتقدوا اى والله حجاب عظيم يحجب القلب عن الغفلة والجهل قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره السماء رحمة للارض وبطن الأرض رحمة لظهرها والآخرة رحمة للدنيا والعلماء رحمة للجهال والكبار رحمة للصغار والنبي عليه السلام رحمة للخلق والله تعالى رحيم بخلقه وأجناس العلوم كثيرة منها علم النظر وعلم الخبر وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم الرصد الى غير ذلك من العلوم ولكل جنس من هذه العلوم وأمثالها فصول تقومها وفصول تقسمها فلننظر ما تحتاج اليه فى أنفسنا مما تقترن به سعادتنا فنأخذه ونشتغل به ونترك ما لا نحتاج اليه احتياجا ضروريا مخافة فوت الوقت حتى تكون الأوقات لنا ان شاء الله تعالى. والذي يحتاج من فصول هذه الأجناس فصلان فصل يدخل تحت جنس النظر وهو علم الكلام ونوع آخر يدخل تحت جنس الخبر وهو الشرع والعلوم الداخلة تحت هذين النوعين التي يحتاج إليها فى تحصيل السعادة ثمانية وهى الواجب والجائز والمستحيل والذات والصفات والافعال وعلم السعادة وعلم الشقاوة فهذه الثمانية واجب طلبها على كل طالب نجاة نفسه وعلم السعادة والشقاوة موقوف على معرفة الواجب والمحظور والمندوب والمكروه والمباح. واصول هذه الاحكام الخمسة ثلاثة الكتاب والسنة المتواترة والإجماع كذا فى مواقع النجوم للشيخ الأكبر قدس سره الأطهر وفقكم الله وإيانا لهذه العلوم النافعة وشرح ضدورنا بالفيوض والاسرار وجعلنا مستضيئين بين شمس وقمر الى نهاية الأعمار وفناء الدار وَمِنْ آياتِهِ اى ومن اعلام قدرته تعالى على مجازاة العباد فى الآخرة مَنامُكُمْ مفعل من النوم اى نومكم الذي هو راحة لابدانكم وقطع لاشغالكم ليدوم لكم به البقاء الى آجالكم بِاللَّيْلِ كما هو المعتاد

وَالنَّهارِ ايضا على حسب الحاجة كالقيلولة وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وطلب معاشكم فيهما فان كلا من المنام وطلب القوت يقع فى الليل والنهار وان كان الأغلب وقوع المنام فى الليل والطلب فى النهار وفيه اشارة الى الحياة بعد الممات فانها نظير الانتباه من المنام والانتشار للمعاش: وفى المثنوى نوم ما چون شداخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادر را بدان وقدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الأنبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال الامام النيسابورى الليل أفضل من النهار يقول الفقير الليل محل السكون وهو الأصل والنهار محل الحركة وهو الفرع كما أشار اليه تعالى فى قوله (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق) إذ لخلق يقتضى حركة معنوية وكان ما قبل الخلق سكونا محضا يعنى عالم الذات البحت قال بعض الكبار لم يقل تعالى وبالنهار ليتحقق لنا ان يريد اننا فى منام فى حال يقظتنا المعتادة اى أنتم فى منام مادمتم فى هذه الدار يقظة ومناما بالنسبة لما إمامكم فهذا سبب عدم ذكر الباء فى قوله والنهار والاكتفاء بباء الليل انتهى يعنى لو قيل وبالنهار كان لا يتعين فيه ذلك لجواز ان يكون الجار والمجرور معمولا لمحذوف معطوف على المبتدأ تقديره ويقظتكم بالنهار ثم حذف لدلالة معموله او مقابله عليه كقوله علفتها تبنا وماء باردا اى وسقيتها ماء باردا إِنَّ فِي ذلِكَ الأمر العظيم العلى المرتبة من إيجاد النوم بعد النشاط والنشاط بعد النوم الذي هو الموت الأصغر وإيجاد كل من الملوين بعد إعدامهما والجد فى الابتغاء مع المفاوتة فى التحصيل لَآياتٍ عديدة على القدرة والحكم لا سيما البعث لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ اى شأنهم ان يسمعوا الكلام من الناصحين سماع من انتبه من نومه فجسمه مستريح نشيط وقلبه فارغ عن مكدر للنصح مانع قبوله وفيه اشارة الى ان من لم يتأمل فى هذه الآيات فهو نائم لا مستيقظ فهو غير مستأهل لان يسمع: قال الشيخ سعدى قدس سره كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود «1» ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد بسنك كرت در درياى فضلست خيز ... بتذكير در پاى درويش ريز نه بينى كه در پاى افتاده خار ... برويد گل وبشكفد نوبهار وقال الحافظ چهـ نسبت است برندى صلاح وتقوى را ... سماع وعظ كجا نغمه رباب كجا قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله (يَسْمَعُونَ) فان من سمع ان النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر أحد على احتلابه إذا امتنع ولا على دفعه إذا ورد تيقن ان له صانعا مدبرا قال الخطيب معنى يسمعون هاهنا يستجيبون لما يدعوهم اليه الكتاب واعلم ان النوم فضل من الله للعباد ولكن للعباد ان لا يناموا الا عند الضرورة وبقدر دفع الفتور المانع عن العبادة سر آنكه ببالين نهد هوشمند ... كه خوابش بقهر آورد در كمند وقد قيل فى ذم اهل البطالة

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه روح حيوانى وعقل جزوى ووهم وخيال إلخ

[سورة الروم (30) : آية 24]

ز سنت نه بينى در ايشان اثر ... مكر خواب پيشين ونان سحر ومن آداب النوم ان ينام على الوضوء قال عليه السلام (من بات طاهرا بات فى شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك اللهم اغفر لعبدك فلان فانه بات طاهرا) وإذا استطاع الإنسان ان يكون على الطهارة ابدا فليفعل لان الموت على الوضوء شهادة ويستحب ان يضطجع على يمينه مستقبلا للقبلة عند أول اضطجاعه فان بدا له ان ينقلب الى جانبه الآخر فعل ويقول حين يضطجع (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم) وكان عليه السلام يقول (باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان أمسكت نفسى فارحمها وان أرسلتها فاحفظها) ويقول عند ما قام من نومه (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا ورد إلينا أرواحنا واليه البعث والنشور) ثم اعلم ان حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى أول الأمر. ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة. ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الإلهي فحاله من الانتباه الى هنا اشارة الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت ودخوله فى عالم الملكوت. ثم الانتقال الى الركوع اشارة الى تجاوزه الى الجبروت. ثم الانتقال الى السجدة اشارة الى وصوله الى عالم اللاهوت وهو مقام الفناء الكلى وعند ذلك يحصل الصعود الكلى الى وطنه الأصلي. ثم القيام من السجدة اشارة الى حالة البقاء فانه رجوع الى الورى ففى صورة النزول عروج كما ان فى صورة العروج نزولا والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الذات الواحدية والسجدة مقام او ادنى وهو مقام الذات الاحدية والحركات الست وهى الحركة من القيام الى الركوع ثم منه الى القومة ثم منها الى السجدة الاولى ثم منها الى الجلسة ثم منها الى السجدة الثانية ثم منها الى القيام اشارة الى خلق الله السموات والأرضين فى ستة ايام فالركعة الواحدة من الصلاة تحتوى على أول السلوك وآخره وغيره من الصور والحقائق الدنيوية والاخروية والعلمية والعينية والكونية والالهية ثم اعلم ان توارد الليل والنهار اشارة الى توارد السيئة والحسنة فكما ان الدنيا لا تبقى على الليل وحده او النهار وحده بل هما على التعاقب دائما فكذا العبد المؤمن لا يخلو من نور العمل الصالح وظلمة العمل الفاسد والفكر الكاسد فاذا كان يوم القيامة يلقى الله الليل فى جهنم والنهار فى الجنة فلا يكون فى الجنة ليل كما لا يكون فى النار نهار يعنى ان النهار فى الجنة هو نور ايمان المؤمن ونور عمله الصالح بحسب مرتبته والليل فى النار هو ظلمة كفر الكافر وظلمة عمله الفاسد فكما ان الكفر لا يكون ايمانا فكذا الليل لا يكون نهارا والنار لا تكون نورا فيبقى كل من اهل النور والنار على صفته الغالبة عليه واما القلب وحاله بحسب التجلي فهو على عكس حاله الغالب فان نهاره المعنوي لا يتعاقب عليه ليل وان كان يطرأ عليه استتار فى بعض الأوقات فهو استتار رحمة لا استتار رحمة كحال المحجوبين وكذا سمع اهل القلب لا يقصر على امر واحد بل يسمعون من شجرة الموجودات كما سمع موسى عليه السلام فهم القوم السامعون على الحقيقة وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ أصله ان يريكم فلما حذف ان لدلالة الكلام عليه سكن الياء كما فى برهان القرآن. وقيل غير ذلك كما فى التفاسير. والبرق لمعان السحاب

: وبالفارسية [درخش] وفى اخوان الصفاء البرق نار وهواء خَوْفاً مفعول له بمعنى الاخافة كقوله فعلته رغما للشيطان اى إرغاما له. والمعنى يريكم ضوء السحاب اخافة من الصاعقة خصوصا لمن كان فى البرية من أبناء السبيل وغيرهم [وصاعقه آوازيست هائل كه با او آتشى باشد بي زبانه ودود كه بهر جا رسد بسوزد] وَطَمَعاً اى اطماعا فى الغيث لا سيما لمن كان مقيما فان قلت المقيم يطمع لضرورة سقى الزروع والكروم والبساتين ونحوها واما المسافر فلا قلت يطمع المسافر ايضا فى الأرض القفر وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ [از آسمان يا از ابر] ماءً [آبى را] قال فى اخوان الصفاء المطر هو الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت نحو الأرض فَيُحْيِي بِهِ اى بسبب ذلك الماء وهو المطر الْأَرْضَ بالنبات بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها فان قيل ما الأرض يقال جسم غليظ اغلظ ما يكون من الأجسام واقف فى مركز العالم مبين لكيفية الجهات الست فالمشرق حيث تطلع الشمس والمغرب حبث تغيب والشمال حيث مدار الجدى والجنوب حيث مدار سهيل والفوق مايلى المحيط والأسفل ما يلى مركز الأرض فان قيل ما النبات يقال ما الغالب عليه المائية ويقول الفرس إذا زخرت الاودية اى كثرت بالماء كثر الثمر وإذا اشتد الرياح كثر الحب واعلم ان الثمر والشجر من فيض المطر والكل آثار شؤونه تعالى فى الأرض. وغرس معاوية نخلا بمكة فى آخر خلافته فقال ما غرستها طمعا فى إدراكها ولكن ذكرت قول الأسدي ليس الفتى بفتى لا يستضاء به ... ولا تكون له فى الأرض آثار إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور لَآياتٍ [علامتهاست بر قدرت الهى] لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يفهمون عن الله حججه وأدلته قال الكاشفى [مر كروهى را كه تعقل كنند در تكون حادثات حق تا بر ايشان ظاهر كردد كمالات قدرت صانع در هر حادثه] فكما انه تعالى قادر على ان يحيى الأرض بعد موتها كذلك قادر على ان يحيى الموتى ويبعث من فى القبور قال فى برهان القرآن ختم بقوله (يَعْقِلُونَ) لان العقل ملاك الأمر فى هذه الأبواب وهو المؤدى الى العلم انتهى قال بعض العلماء العاقل من يرى باول رأيه آخر الأمور ويهتك عن مهماتها ظلم الستور ويستنبط دقائق القلوب ويستخرج ودائع الغيوب قال حكيم العقل والتجربة فى التعاون بمنزلة الماء والأرض لا يطيق أحدهما بدون الآخر إنباتا: وفى المثنوى پس نكو كفت آن رسول خوش جواز ... ذره عقلت به از صوم ونماز «1» ز انكه عقلت جوهرست اين دو عرض ... اين دو در تكميل آن شد مفترض تا جلا باشد مران آيينه را ... كه صفا آيد ز طاعت سينه را ليك كر آيينه از بن فاسدست ... صيقل او را دير باز آرد بدست اين تفاوت عقلها را نيك دان ... در مراتب از زمين تا آسمان هست عقلى همچوقرص آفتاب ... هست عقلى كمتر از زهره شهاب هست عقلى چون چراغ سرخوشى ... هست عقلى چون ستاره آتشى

_ (1) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه لطف حق را همه كس دانند وهمه از قهر حق كريزانند إلخ

[سورة الروم (30) : آية 25]

عقل جزوى عقل را بدنام كرد ... كام دنيا مرد را بى كام كرد وفى التأويلات النجمية (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) اى برق شواهد الحق عند انحراق سحاب حجب البشرية وظهور تلألؤ أنوار الروحانية أولها البروق ثم اللوامع ثم الطوالع ثم الاشراق ثم التجلي فبنور البرق يرى شهوات الدنيا انها نيران فيخاف منها ويتركها ويرى مكروهات تكاليف الشرع على النفس انها جنان فيطمع فيها ويطلبها (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ) الروح (ماءً) الرحمة (فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ) القلوب (بَعْدَ مَوْتِها) بالمعاصي والذنوب واستغراقها فى بحر الدنيا وتموج شهواتها برياح الخذلان (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) لا يبيعون الآخرة بالأولى ولاقربات المولى بنعيم جنة المولى انتهى اللهم اجعلنا من المشتغلين بذكرك وحسن طاعتك واصرفنا عن الميل الى ما سوى حضرتك انك أنت محيى القلوب بفيوض الغيوب وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ اى قيامهما واستمرارهما على ماهما عليه من الهيآت الى الاجل المقدر لقيامهما وهو يوم القيامة بِأَمْرِهِ اى بإرادته تعالى والتعبير عن الارادة بالأمر للدلالة على كمال القدرة والغنى عن المبادي والأسباب. والأمر لفظ عام للافعال والأقوال كلها كما فى المفردات ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ متعلق بدعاكم إذ يكفى فى ذلك كون المدعو فيها يقال دعوته من أسفل الوادي فطلع الىّ. والمعنى ثم إذا دعاكم بعد انقضاء الاجل وأنتم فى قبوركم دعوة واحدة بان قال ايها الموتى اخرجوا [اى مرد كان بيرون آييد] والداعي فى الحقيقة هو اسرافيل عليه السلام فانه يدعو الخلق على صخرة بيت المقدس حين ينفخ فى الصور النفخة الاخيرة إِذا أَنْتُمْ [آنگاه شما] تَخْرُجُونَ إذا للمفاجأة ولذلك ناب مناب الفاء فى الجواب فانهما يشتركان فى إفادة التعقيب اى فاجأتم الخروج منها بلا توقف ولا اباء ولذلك قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) وفى الآية اشارة الى سماء القلب وارض النفس وقيامهما بالروح فانه من عالم الأمر والى جذبة خطاب ارجعي فانه تعالى إذا دعا النفس والقلب والروح بتلك الجذبة فتخرج من قبور انانية الوجود الى عرصة الهوية والشهود وهو حشر أخص الخواص فان للحشر مراتب مرتبة العام وهى خروج الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور ومرتبة الخاص وهى خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية لانهم ماتوا بالارادة عن صفات الحيوانية النفسانية قبل ان يموتوا بالموت عن صورة الحيوانية ومرتبة الأخص وهى الخروج من قبور الانانية الروحانية الى الهوية الربانية وهى مقام الحبيب فيبقى مع الله بلا هو: وفى المثنوى هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما «1» جان هر يك مرده اندر كورتن ... مى جهد ز آوازشان اندر كفن كويد اين آواز ز آوازها جداست ... زنده كردن كار آواز خداست ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه برخاستيم

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان داستان پير چنكلى كه در عهد عمر إلخ

[سورة الروم (30) : الآيات 26 إلى 34]

بانك حق اندر حجاب وبى حجيب ... آن دهد كو داد مريم را ز جيب اى فناتان نيست كرده زير پوست ... باز كرديد از عدم ز آواز دوست مطلق آن آواز خود از شه بود ... كرچهـ از حلقوم عبد الله بود كفته او را من زبان و چشم تو ... من حواسى ومن رضا وخشم تو وَلَهُ اى لله خاصة مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الانس والجن خلقا وملكا وتصرفا ليس لغيره شركة فى ذلك بوجه من الوجوه كُلٌّ اى كل من فيها لَهُ تعالى وهو متعلق بقوله قانِتُونَ القنوت الطاعة: يعنى [فرمان بردارى] والمراد طاعة الارادة لا طاعة العبادة اى منقادون لما يريده بهم من حياة وموت وبعث وصحة وسقم وعز وذل وغنى وفقير وغيرها لا يمتنعون عليه تعالى فى شأن من شئونه: يعنى [تمرد نمى توانند كرد] اى منقادون لما يريده بهم من حياة وموت وبعث وصحة وسقم فهم مسخرون تحت حكمه على كل حال وفيه اشارة الى ان من فى سموات الروحانية من ارباب القلوب وارض البشرية من اصحاب النفوس كل له مطيعون بان تكون الطائفة الاولى مظهر صفات اللطف والفرقة الثانية مظهر صفات القهر ولذلك خلقهم وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ بمعنى المخلوق اى ينشئهم فى الدنيا ابتداء فانه انشأ آدم وحواء وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ثم يميتهم عند انتهاء آجالهم ثُمَّ يُعِيدُهُ تذكير الضمير باعتبار لفظ الخلق اى ثم يعيدهم فى الآخرة بنفخ صور اسرافيل فيكونون احياء كما كانوا وَهُوَ اى الاعادة وتذكير الضمير لانها فى تأويل ان يعيدوا لقوله أَهْوَنُ عَلَيْهِ اى أسهل وأيسر عليه تعالى من البدء بالاضافة الى قدركم ايها الإنسان والقياس الى أصولكم والا فهما عليه تعالى سواء انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون سواء هناك مادة أم لا يعنى ان ابتداء الشيء أشد عند الخلق من إعادته وإعادته أهون من ابتدائه فتكون الآية وارادة على ما يزعمون فيما بينهم ويعتقدون عندهم والا فما شق على الله ابتداء الخلق ليكون اعادتهم أهون عليه قال الكاشفى [إعادة باعتقاد شما آسانترست از إبداء پس چون إبداء اقرار داريد إعادة را چرا منكريد وإبداء وإعادة نزد قدرت او يكسانست] چون قدرت او منزه از نقصانست ... آوردن خلق وبردنش يكسانست نسبت بمن وتو هرچهـ دشوار بود ... در قدرت پر كمال او آسانست قال بعضهم افعل هاهنا بمعنى فعيل اى أهون بمعنى هين مثل الله اكبر بمعنى كبير قال الفرزدق ان الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعز وأطول اى عزيزة طويلة وفى التأويلات النجمية يعنى الاعادة أهون عليه من البداءة لان فى البداءة كان بنفسه مباشرا للخليقة وفى الاعادة كان المباشر اسرافيل بنفخته والمباشرة بنفس الغير فى العمل أهون من المباشرة بنفسه عند نظر الخلق وعنده سواء لان افعال الأغيار ايضا مخلوقة وفيه اشارة اخرى فى غاية الدقة واللطافة وهى ان الخلق أهون على الله عند الاعادة منهم عند البداءة لان فى البداءة لم يكونوا متلوثين بلوث الحدوث ولا متدنسين

بدنس الشركة فى الوجود بان يكونوا شركاء فى الوجود مع الله فلعزتهم فى البداءة باشر بنفسيه وخلقهم وفى الاعادة لهوانهم باشر بنفسي غيره انتهى قال فى القاموس هان هونا بالضم وهوانا ومهانة ذل وهونا سهل فهو هين بالتشديد والتخفيف وأهون وَلَهُ اى لله تعالى الْمَثَلُ الْأَعْلى المثل بمعنى الصفة كما فى قوله (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي. مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) اى الوصف الأعلى العجيب الشان من القدرة العامة والحكمة التامة وسائر صفات الكمال التي ليس لغيره ما يدانيها فضلا عما يساويها: وبالفارسية [ومرو راست صفت برتر وصنعت بزركتر چون قدرت كامله وحكمت شامله ووحدت ذات وعظمت صفات] ومن فسره بقوله لا اله الا الله أراد به الوصف بالوحدانية يعنى له الصفة العليا وهو انه لا اله الا هو ولا رب غيره فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ متعلق بمضمون الجملة المتقدمة على معنى انه تعالى قد وصف به وعرف فيهما على ألسنة الخلائق اى نطقا وألسنة الدلائل اى دلالة وَهُوَ الْعَزِيزُ اى القادر الذي لا يعجز عن بدء ممكن وإعادته الْحَكِيمُ الذي يجرى الافعال على سنن الحكمة والمصلحة يقول الفقير دلت الآية على ان السموات والأرض مشحونة بشواهد وحدته ودلائل قدرته تعالى ز هر ذره بدو رويى وراهيست ... بر اثبات وجود او كواهيست وذلك لاهل البصيرة قانهم هم المطالعون جمال أنواره والمكاشفون عن حقيقة أسراره والعجب منك انك إذا دخلت بيت غنى فتراه مزينا بانواع الزين فلا ينقطع تعجبك عنه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك وأنت تنظر ابدا الى الآفاق والأنفس وهى بيوت الله المزينة بأسمائه وصفاته وآثاره المتجلية بقدرته وعجيب آياته ثم أنت فيما شاهدته أعمى عن حقيقته لعمى باطنك وعدم دخولك فى بيت القلب الذي بالتفكر المودع فيه يستخرج الحقائق وبالتذكر الموضوع فيه يرجع الإنسان الى ما هو بالرجوع لائق وبالشهود الذي فيه يرى الآيات ويدرك البينات ولولا هداية الملك المتعال لبقى الخلق فى ظلمات الضلال وسرادقات الجلال قال بعض الكبار فى سبب توبته كنت مستلقيا على ظهرى فسمعت طيورا يسبحن فاعرضت عن الدنيا وأقبلت الى المولى وخرجت فى طلب المرشد فلقيت أبا العباس الخضر عليه السلام فقال لى اذهب الى الشيخ عبد القادر قدس سره فانى كنت فى مجلسه فقال ان الله تعالى جذب عبدا الى جنابه فارسله الىّ إذا لقيته قال فلما جئت اليه قال مرحبا بمن جذبه الرب اليه بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير فجميع ما فى العالم حجج واضحة وادلة ساطعة ترشدك الى المقصود فعليك بتوحيد الله تعالى فى الليل والنهار فانه خير أوراد واذكار قال تعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) وذكر الله سبب الحضور وموصل الى مشاهدة المذكور ولكن الكل بعناية الله الملك الغفور ومن لم يجعل له نورا فما له من نور يا ذا الذي انس الفؤاد بذكره ... أنت الذي ما ان سواك أريد تفنى الليالى والزمان باسره ... وهواك غض فى الفؤاد جديد

[سورة الروم (30) : آية 28]

قال ذو النون المصري قدس سره رأيت فى جبل لكام فتى حسن الوجه حسن الصوت وقد احترق بالعشق والوله فسلمت عليه فرد علىّ السلام وبقي شاخصا يقول أعميت عينى عن الدنيا وزينتها ... فانت والروح شىء غير مفترق إذا ذكرتك وافى مقلتى ارق ... من أول الليل حتى مطلع الفلق وما تطابقت الاحداق عن سنة ... الا رأيتك بين الجفن والحدق قلت أخبرني ما الذي حبب إليك الانفراد وقطعك عن المؤانسين وهيمك فى الاودية والجبال فقال حبى له هيمنى وشوقى اليه هيجنى ووجدي به افردنى ثم قال يا ذا النون أعجبك كلام المجانين قلت اى والله وأشجاني ثم غاب عنى فلم أدر اين ذهب رضى الله عنه وجعل من حاله نصيبا لاهل الاعتقاد ومن طريقه سلوكا لاهل الرشاد انه العزيز الحكيم الجواد والرؤوف بالعباد الرحيم يوم التناد الموصل فى الدارين الى المراد ضَرَبَ لَكُمْ يا معشر من أشرك بالله مَثَلًا بين به بطلان الشرك مِنْ أَنْفُسِكُمْ من ابتدائية اى منتزعا من أحوالها التي هى اقرب الأمور إليكم واعرفها عندكم يقال ضرب الدرهم اعتبارا بضربه بالمطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه وضرب المثل هو من ضرب الدرهم وهو ذكر شىء اثره يظهر فى غيره والمثل عبارة عن قول فى شىء يشبه قولا فى شىء آخر بينهما مشابهة لتبيين أحدهما بالآخر وتصويره قال ابو الليث نزلت فى كفار قريش كانوا يعبدون الآلهة ويقولون فى إحرامهم لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك تملكه وما ملك ثم صور المثل فقال هَلْ لَكُمْ [آيا شما را هست اى آزادگان] مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من العبيد والإماء ومن تبعيضية مِنْ شُرَكاءَ من مزيدة لتأكيد النفي المستفاد من الاستفهام فِي ما رَزَقْناكُمْ من الأموال والأسباب اى هل ترضون لانفسكم شركة فى ذلك ثم حقق معنى الشركة فقال فَأَنْتُمْ وهم اى مما ليككم فِيهِ اى فيما رزقناكم سَواءٌ متساوون يتصرفون فيه كتصرفكم من غير فرق بينكم وبينهم قال فى الكواشي محل الجملة نصب جواب الاستفهام تَخافُونَهُمْ خبر آخر لانتم داخل تحت الاستفهام الإنكاري كما فى الإرشاد اى تخافون مماليككم ان يستقلوا وينفردوا بالتصرف فيه كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ معنى أنفسكم هاهنا أمثالكم من الأحرار كقوله (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) اى بعضكم بعضا. والمعنى خيفة كائنة مثل خيفتكم من أمثالكم من الأحرار المشاركين لكم فيما ذكر والمراد نفى مضمون ما فصل من الجملة الاستفهامية اى لا ترضون بان يشارككم فيما بايديكم من الأموال المستعارة مماليككم وهم عندكم أمثالكم فى البشرية غير مخلوقين لكم بل لله تعالى فكيف تشركون به سبحانه فى المعبودية التي هى من خصائصه الذاتية مخلوقه بل مصنوع مخلوقه حيث تصنعونه بايديكم ثم تعبدونه وقال الكاشفى نقلا عن بعض التفاسير [چون حضرت مصطفى عليه السلام اين آيت بر صناديد قريش خواند كفتند «كلا والله لا يكون ذلك ابدا» آن حضرت فرمود كه شما بندگان خود را در مال خود شركت نمى دهيد پس چكونه آفريد كانرا كه بندگان خدااند در ملك او شريك مى سازيد]

[سورة الروم (30) : آية 29]

خلق چون بندگان سر در پيش ... مانده در بند حكم خالق خويش جمله هم بنده اند وهم بندى ... نرسد بنده را خداوندى وفى الآية دليل على ان العبد لا ملك له لانه اخبر ان لا مشاركة للعبيد فيما رزقنا الله من الأموال وفيه اشارة الى ان الإنسان إذا تجلى الله له بانوار جماله وجلاله حيث اضمحل به آثار ظلمات أوصافه لا يكون شريكا له تعالى فى كمالية ذاته وصفاته بل الكمال فى لحقيقة لله تعالى فلا يحسب أحد من اهل التجلي ان الله صار حالا فيه او صار هو بعضا منه تعالى او صار العبد حقا او الحق عبدا فمن كبريائه ان لا يكون جزأ لاحد او مثلا ومن عظمته ان لا يكون أحد جزأه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير كَذلِكَ اى مثل ذلك التفصيل الواضح نُفَصِّلُ الْآياتِ اى نبين ونوضح دلائل الوحدة لا تفصيلا ادنى منه فان التمثيل تصوير للمعانى المعقولة بصورة المحسوس فيكون فى غاية البيان والإيضاح لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم فى تدبر الأمور والأمثال [اما جاهلان وستمكاران از حقيقت اين سخنها بى خبرند] ثم اعرض عن مخاطبتهم وبين استحالة تبعيتهم للحق فقال بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لم يعقلوا شيأ بل اتبعوا أَهْواءَهُمْ [آرزوهاى خود را] والهوى ميل النفس الى الشهوة ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بانهم فى ذلك الاتباع ظالمون بِغَيْرِ عِلْمٍ اى حال كونهم جاهلين ما أتوا لا يكفهم عنه شىء فان العالم إذا اتبع هواه ربما ردعه علمه فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ اى خلق فيه الضلالة بصرف اختياره الى كسبها: وبالفارسية [پس كيست كه راه نمايد بسوى توحيد كمكرده الله را] اى لا يقدر على هدايته أحد وَما لَهُمْ اى لمن أضله الله تعالى والجمع باعتبار المعنى والمراد المشركون مِنْ ناصِرِينَ يخلصونهم من الضلال ويحفظونهم من آفاته اى ليس لاحد منهم ناصر واحد على ما هو قاعدة مقابلة الجمع بالجمع قال فى كشف الاسرار [درين آيت اثبات إضلال از خداوند است وبعض آيات اثبات ضلال از بنده است وذلك فى قوله تعالى (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) قدريان منكراند مر إضلال را از خداوند جل جلاله وكويند همه از بنده است وجبريان منكراند مر ضلال را از بنده كه ايشان بنده را اختيار نكويند وكويند همه از الله است واهل سنت هر دو اثبات كنند إضلال از خداوند تعالى واختيار ضلال از بنده وهر چهـ در قرآن ذكر إضلال وضلالست هم برين قاعده است كه ياد كرديم وفى المثنوى در هر آن كارى كه ميلستت بدان ... قدرت خود را همى بينى عيان «1» در هر آن كارى كه ميلت نيست خواست ... اندر آن جبرى شدى كين از خداست انبيا در كار دنيا جبريند ... كافران در كار عقبى جبريند انبيا را كار عقبا اختيار ... جاهلانرا كار دنيا اختيار وفى الآية اشارة الى ان العمل بمقتضى العقل السليم هدى والميل الى التقليد للجهلة هوى فكما ان اهل الهدى منصورون أبدا فكذا اهل الهوى مخذولون سرمدا والى ان الخذلان

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان اعتراض كردن مريدان از خلوت وزير إلخ

[سورة الروم (30) : آية 30]

واتباع الهوى من عقوبات الله المعنوية فى الدنيا فلا بد من قرع باب العفو بالتوبة والسلوك الى طريق التحقيق والاعراض عن الهوى والبدعة فانهما شر رفيق: قال الشيخ سعدى قدس سره غبار هوى چشم عقلت بدوخت ... سموم هوس كشت عمرت بسوخت وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان دستور دانا خرد هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبينند سرپنچهـ عقل تيز واعلم ان من الهوى ما هو، مذموم وهو الميل الى الدنيا وشهواتها والى ما سوى الله ومنه ما هو ممدوح وهو الميل الى العقبى ودرجاتها بل الى الله تعالى بتجريد القلب عما سواه قال بعضهم ناولت بعض الشبان من ارباب الأحوال دريهمات فابى ان يأخذ فالححت عليه فالقى كفا من الرمل فى ركوته فاستقى من ماء البحر وقال كل فنظرت فاذا هو سويق سكره كثير فقال من كان حاله معه مثل هذا يحتاج الى دراهمك ثم انشأ يقول بحق الهوى يا اهل ودى تفهموا ... لسان وجود بالوجود غريب حرام على قلب تعرض للهوى ... يكون لغير الحق فيه نصيب فعلى السالك ان يسأل الله الهداية الى طريق الهوى والعشق والوصول الى منزل الذوق فى مقعد صدق فان كل ماسوى الله تعالى هو وبال وصورة وخيال فمن أراد المعنى فلينتقل اليه من المبنى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الاقامة [بر پاى كردن وراست كردن] كما فى تاج المصادر والوجه الجارحة المخصوصة وقد يعبر به عن الذات كما فى قوله (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ) والدين فى الأصل الطاعة والجزاء واستعير للشريعة. والفرق بينه وبين الملة اعتباري فان الشريعة من حيث انها يطاع لها وينقاد دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة. والإملال بمعنى الاملاء وهو ان يقول فيكتب آخر عنه واقامة الوجه للدين تمثيل لاقباله على الدين واستقامته واهتمامه بترتيب أسبابه فان من اهتم بشىء محسوس بالبصر عقد عليه طرفه ومد اليه نظره وقوّم له وجهه مقبلا عليه. والمعنى فاذا كان حال المشركين اتباع الهوى والاعراض عن الهدى فقوّم وجهك يا محمد للدين الحق الذي هو دين الإسلام وعدله غير ملتفت يمينا وشمالا: وبالفارسية [پس راست دار اى محمد روى خود دين را] حَنِيفاً اى حال كونك مائلا اليه عن سائر الأديان مستقيما عليه لا ترجع له عنه الى غيره ويجوز ان يكون حالا من الدين قال فى القاموس الحنيف الصحيح الميل الى الإسلام الثابت عليه وفى المفردات الحنف ميل عن الضلال الى الاستقامة وتحنف فلان تحرى طريق الاستقامة وسمت العرب كل من اختتن او حج حنيفا تنبيها على انه على دين ابراهيم عليه السلام ومن بلاغات الزمخشري الجود والحلم حاتمى واحنفى. والدين والعلم حنيفى وحنفى اى الجود منسوب الى حاتم الطائي والحلم الى أحنف بن قيس كما ان الدين منسوب الى ابراهيم الحنيف والعلم الى ابى حنيفة رحمه الله وقال بعضهم فى الآية الوجه ما يتوجه اليه وعمل الإنسان ودينه مما يتوجه الإنسان اليه لتسديده وإقامته. فالمعنى أخلص دينك وسدد عملك مائلا اليه عن جميع الأديان المحرفة المنسوخة فِطْرَتَ اللَّهِ الفطرة الخلقة وزنا ومعنى وقولهم صدقة الفطرة اى صدقة انسان

مفطور اى مخلوق فيؤول الى قولهم زكاة الرأس والمراد بالفطرة هاهنا القابلية للتوحيد ودين الإسلام من غير اباء عنه وانكار له قال الراغب فطرة الله ما فطر اى أبدع وركز فى الناس من قوتهم على معرفة الايمان وهو المشار اليه بقوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) وانتصابها على الإغراء اى الزموا فطرة الله والخطاب للكل كما يفصح عنه قوله منيبين اليه والافراد فى أقم لما ان الرسول امام الامة فامره مستتبع لامرهم والمراد بلزومها الجريان على موجبها وعدم الإخلال به باتباع الهوى وتسويل الشيطان الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها صفة لفطرة الله مؤكدة لوجوب الامتثال بالأمر فان خلق الله الناس على فطرته التي هى عبارة عن قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه او عن ملة الإسلام من موجبات لزومها والتمسك بها قطعا فانهم لو خلوا وما خلقوا عليه ادى بهم إليها وما اختاروا عليها دينا آخر ومن غوى منهم فباغواء شياطين الانس والجن ومنه قوله عليه السلام حكاية عن رب العزة (كل عبادى خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وامروهم ان يشركوا بي غيرى) والاجتيال بالجيم الجول اى استخفتهم فجالوا معها يقال اجتال الرجل الشيء ذهب به وساقه كذا فى تاج المصادر: قال ابن الكمال فى كتابه المسمى بنگارستان بر سلامت زايد از مادر پسر ... آن سقامت را پذيرد از پدر صدق محض است اين كه كفتم شاهدش ... در خبر وارد شد از خير البشر وهو قوله عليه السلام (ما من مولود الا وقد يولد على فطرة الإسلام ثم أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة هل تحسون فيها من جدعاء) يعنى [بينى بريده] (حتى تكونوا أنتم تجدعونها) اى تقطعون أنفها معناه كل مولود انما يولد فى مبدأ الخلقة واصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها الى غيرها لان هذا الدين حسنه موجود فى النفوس وانما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد فان قلت ما معنى قوله عليه السلام (ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا) وقد قال (كل مولود يولد على الفطرة) قلت المراد بالفطرة استعداده لقبول الإسلام كما مر وذلك لا ينافى كونه شقيا فى جبليته او يراد بالفطرة قولهم بلى حين قال الله ألست بربكم قال النووي لما كان أبواه مؤمنين كان هو مؤمنا ايضا فيجب تأويله بان معناه والله اعلم ان ذلك الغلام لو بلغ لكان كافرا انتهى ثم لا عبرة بالايمان الفطري فى احكام الدنيا وانما يعتبر الايمان الشرعي المأمور به المكتسب بالارادة والفعل ألا يرى انه يقول فابواه يهودانه فهو مع وجود الايمان الفطري فيه محكوم له بحكم أبويه الكافرين كما فى كشف الاسرار قال بعض الكبار [هر آدمي كه باشد او را البته سه مذهب باشد. يكى مذهب پدر ومادر وعوام شهر بود اينست «ما من مولود» إلخ. دوم مذهب پادشاه ولايت بود كه اگر پادشاه عادل باشد بيشتر اهل ولايت عادل شوند

واگر ظالم باشد ظالم شوند واگر زاهد باشد زاهد شوند واگر حكيم باشد حكيم شوند واگر حنفى مذهب باشد حنفى شوند واگر شافعى مذهب باشد شافعى شوند از جهت آنكه همه كس را قرب پادشاه مطلوب باشد وهمه كس طالب أرادت ومحبت پادشاه باشند اينست معنى «الناس على دين ملوكهم» سوم مذهب يار بود با كه صحبت دوستى مى ورزد هر آينه مذهب او كيرد ومعنى شرط صحبت مشابهت بيرون وموافقت اندرون اينست معنى «المرء على دين خليله» ] عن المرء لاتسأل وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى ونعم ما قيل نفس از همنفس بگيرد خوى ... بر حذر باش از لقاى خبيث باد چون بر فضاى بد كذرد ... بوى بد كيرد از هواى خبيث لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ تعليل للامر بلزوم فطرته تعالى لوجوب الامتثال به اى لا صحة ولا استقامة لتبديله بالإخلال بموجبه وعدم ترتيب مقتضاه عليه بقبول الهوى واتباع وسوسة الشيطان وفى التأويلات النجمية لا تحويل لما له خلقهم فطر الناس كلهم على التوحيد فاقام قلب من خلقه للتوحيد والسعادة وأزاغ قلب من خلقه للالحاد والشقاوة انتهى يقول الفقير عالم الشهادة مرآة اللوح المحفوظ فلصورها تغير وتبدل واما رحم الام فمرآة عالم الغيب ولا تبدل لصورها فى الحقيقة ولذا (السعيد سعيد فى بطن امه والشقي شقى فى بطن امه) مشكل آيد خلق را تغيير خلق ... آنكه بالذات است كى زائل شود اصل طبعست وهمه اخلاق فرع ... فرع لا بد اصل را مائل شود جعلنا الله وإياكم من المداوين لمرض هذا القلب العليل لا ممن إذا صدمه الوعظ والتذكير قيل لا تبديل ذلِكَ الدين المأمور باقامة الوجه له او لزوم فطرة الله المستفاد من الإغراء او الفطرة ان فسرت بالملة والتذكير بتأويل المذكور او باعتبار الخبر الدِّينُ الْقَيِّمُ المستوي الذي لا عوج فيه وهو وصف بمعنى المستقيم المستوي وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ كفار مكة لا يَعْلَمُونَ استقامته فينحرفون عنه انحرافا وذلك لعدم تدبرهم وتفكرهم مُنِيبِينَ إِلَيْهِ حال من الضمير فى الناصب المقدر لفطرة الله او فى أقم لعمومه للامة وما بينهما اعتراض وهو من أناب إذا رجع مرة بعد اخرى. والمعنى الزموا على الفطرة او فاقيموا وجوهكم للدين حال كونكم راجعين اليه تعالى والى كل ما امر به مقبلين عليه بالطاعة [شيخ ابو سعيد خراز قدس سره فرموده كه انابت رجوع است از خلق بحق ومنيب او را كويند كه جز حق سبحانه مرجعى نباشد] تو مرجعى همه را من رجوع با كه كنم ... كرم تو در نپذيرى كجا روم چهـ كنم قال ابن عطاء قدس سره راجعين اليه من الكل خصوصا من ظلمات النفوس مقيمين معه على حد آداب العبودية لا يفارقون عرصته بحال ولا يخافون سواه قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وَاتَّقُوهُ اى من مخالفة امره وهو عطف على الزموا المقدر وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أدوها فى أوقاتها

[سورة الروم (30) : آية 32]

على شرائطها وحقوقها قال الراغب اقامة الشيء توفية حقه ولم يأمر تعالى بالصلاة حيث امر ولا مدح بها حيثما مدح الا بلفظ الاقامة تنبيها على ان المقصود منها توفية شرائطها لا الإتيان بهيآتها وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ المبدلين لفطرة الله تبديلا وقال الكاشفى [ومباشيد از شرك آرندگان بترك نماز متعمدا خطاب با امّت است. در تيسير از شيخ محمد اسلم طوسى رحمه الله نقل ميكند كه حديثى بمن رسيده كه هر چهـ از من روايت كنند عرض كنيد بر كتاب خداى تعالى اگر موافق بود قبول كنيد من اين حديث را كه (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر) خواستم كه بآيتى از قرآن موافقت كنم سى سال تأمل كردم تا اين آيه يافتم كه] (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ بدل من المشركين باعادة الجار. والمعنى بالفارسية [مباشيد از آنكه جدا كرده اند و پراكنده ساخته دين خود را] وتفريقهم لدينهم اختلافهم فيما يعبدون على اختلاف اهوائهم وفائدة الابدال التحذير عن الانتماء الى ضرب من إضراب المشركين ببيان ان الكل على الضلال المبين وَكانُوا شِيَعاً اى فرقا مختلفة يشايع كل منها اى يتابع امامها الذي هو اصل دينها كُلُّ حِزْبٍ [هر كروهى] قال فى القاموس الحزب جماعة الناس بِما لَدَيْهِمْ بما عندهم من الدين المعوج المؤسس على الزيغ والزعم الباطل فَرِحُونَ مسرورون ظنا منهم انه حق وأنى لهم ذلك هر كسى را در خور مقدار خويش ... هست نوعى خوشدلى در كار خويش ميكند اثبات خويش ونفى غير ... چهـ امام صومعه چهـ پير دير اعلم ان الدين عند الله الإسلام من لدن آدم عليه السلام الى يومنا هذا وان اختلفت الشرائع والاحكام بالنسبة الى الأمم والاعصار وان الناس كانوا امة واحدة ثم صاروا فرقا مختلفة يهودا ونصارى ومجوسا وعابدى وثن وملك ونجم ونحو ذلك وقد روى ان امة ابراهيم عليه السلام صارت بعده سبعين فرقة كلهم فى النار الا فرقة واحدة وهم الذين كانوا على ما كان عليه ابراهيم فى الأصول والفروع. وان امة موسى عليه السلام صارت بعده احدى وسبعين فرقة كلهم فى النار الا واحدة كانت على اعتقاد موسى وعمله. وان امة عيسى عليه السلام صارت بعده ثنتين وسبعين فرقة كلهم فى النار الا من وافقه فى اعتقاده وعمله. وان امة محمد عليه السلام صارت بعده ثلاثا وسبعين فرقة كلهم فى النار الا فرقة واحدة وهم الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة السلام وأصحابه وهم الفرقة الناجية وهذه الفرق الضالة كليات والا فجزئيات المذاهب الزائغة كثيرة لا تحصى كما قال بعضهم [من در ولايت پارس صد مذهب يافتم كه آن صد مذهب باين هفتاد وسه مذهب هيچ تعلق ندارد وبهيچ وجه باين نماند پس وقتى كه در يك ولايت صد مذهب باشد جز آن هفتاد وسه مذهب نظر كن در عالم چند مذهب بود بدانكه اصل اين هفتاد ودو مذهب كه از اهل آتش اند شش مذهب است. تشبيه. وتعطيل. وجبر. وقدر. ورفض. ونصب اهل تشبيه خدايرا بصفات ناسزا وصف كردند وبمخلوقات مانند كردند. واهل تعطيل خدايرا منكر شدند ونفى صفات خدا كردند

واهل جبر اختيار وفعل بندگانرا منكر شدند وبندگى خود را بخداوند اضافت كردند. واهل قدر خدايى خدايرا بخود اضافت كردند وخود را خالق افعال خود كفتند. واهل رفض در دوستى على رضى الله عنه غلو كردند ودر حق صديق وفاروق طعن كردند وكفتند كه هر كه بعد از محمد عليه السلام بلا فصل با على بيعت نكردند واو را خليفه وامام ندانستند از دائره ايمان بيرون رفتند. واهل نصب در دوستى صديق وفاروق رضى الله عنهما غلو كردند ودر حق على طعن كردند وكفتند هر كه بعد از محمد عليه السلام با صديق بيعت نكردند واو را خليفه وامام ندانستند از دائره ايمان بيرون رفتند وهر يك ازين فرقه شش كانه دوازده فرق شدند وهفتاد ودو فرقه آمدند. واين مذاهب حالا موجودست وجمله از قران وأحاديث ميكويند وهر يك اين چنين ميكويند كه از اوّل قرآن تا آخر قرآن بيان مذهب ماست اما مردم فهم نمى كنند. واصل خلاف از آنجا پيدا آمد كه مردمان شنيدند از انبيا عليهم السلام كه اين موجوداترا خداوندى هست هر كسى در خداوند وصفات خداوندى چيزى اعتقاد كردند و چنين كمان بردند كه اين جمله دلائل ايشان راست ودرست است وآن كمان ايشان خطا بود زيرا جمله را اتفاق هست كه «طريق العقل واحد» چون طريق عقل دو نمى شايد هفتاد وسه وبلكه زياده كى روا باشد واين سخن ترا بيك حكايه معلوم سود چنانكه هيچ شبهت نماند- وحكايت- آوردند كه شهرى بود كه اهل آن شهر جمله نا؟ ينا بود وحكايت پيل شنيده بودند ميخواستند كه پيل را مشاهد كنند ودرين آرزو مى بودند ناكاه روزى كاروانى رسيد وبر در آن شهر فرو آمد ودر آنكاروان پيلى بود اهل آن شهر شنيدند پيل آورده اند آنچهـ عاقلترين ايشان بودند كفتند كه بيرون رويم و پيل را مشاهده كنيم. جماعتى از ان شهر بيرون آمدند وبنزديك پيل آمدند. يكى دست دراز كرد كوش پيل بدست وى آمد چيزى ديد همچون سپرى اين كس اعتقاد كرد كه پيل همچون سپرست. ويكى ديكر دست دراز كرد وخرطوم پيل بدست او آمد چيزى ديدى همچون عمودى اين كس اعتقاد كرد كه پيل همچون عموديست. ويكى ديكر دست دراز كرد و پشت پيل بدست وى آمد چيزى ديد همچون تخت اين كس اعتقاد كرد كه پيل همچون تختيست. ويكى ديكر دست دراز كرد و پاى پيل بدست او آمد چيزى ديد همچون عمادى اين كس اعتقاد كرد كه پيل همچون عماديست. جمله شادمان شدند وبازگشتند وبشهر درآمدند هر كسى محله خود رفتند. سؤال كردند كه پيل را ديديد كفتند كه ديديم كفتند چكونه ديديد و چهـ شكل بود. يكى در محله خود كفت پيل همچون سپر بود. وديكر در محله خود كفت پيل همچون عمود بود واهل هر محله چنانكه شنيدند اعتقاد كردند. چون جمله بيكديكر رسيدند همه خلاف يكديكر كفته بودند جمله يكديكر را منكر شدند ودليل كفتن آغاز كردند هر يك بإثبات اعتقاد خود ونفى اعتقاد ديكران كرد وآن دليل را دليل عقلى ونقلى نام نهادند. يكى كفت كه پيل را نقل كنند كه در روز جنك پيش لشكرى دارند بايد كه پيل همچون سپرى باشد. وديكر كفت كه نقل

ميكنند كه پيل روز جنك خود را بر لشكر خصم مى زند ولشكر خصم بدين شكست ميشود پس بايد كه پيل همچون عمودى باشد. وديكر كفت كه نقل ميكنند كه پيل هزار من بار برميدارد وزحمتى بوى نمى رسد پس بايد كه پيل همچون عمادى باشد. وديكر كفت نقل ميكنند كه چندين كس بر پيل مينشيند پس بايد كه پيل همچون تختي باشد. اكنون تو با خود انديشه كن كه ايشان بدين دلائل هركز بمدلول كه پيل است كجا رسند وبترتيب اين مقدمات هركز نتيجه راست را كجا يابند جمله عاقلانرا دانند كه هر چندين ازين نوع دليل بيشتر كويند از معرفت پيل دور افتد وهركز بمدلول كه پيل است نرسند واين اختلاف از ميان ايشان برنخيزد وبلكه زياده شود. چون عنايت حق در رسد ويكى از ميان ايشان بينا شود و پيل را چنانكه پيل است بيند وبداند وبا ايشان كويد كه اين كه شما از پيل حكايت ميكنيد چيزى از پيل دانستيد وباقى ديكر ندانستيد مرا خداى تعالى بينا كردانيد كويند ترا خيالست ودماغ تو خلل يافته است وديوانكى ترا زحمت مى دهد واگر نه بينا ماييم كس سخن بينا را قبول نكند مكر اندك باقى بر همان جهل مركب اصرار نمايند واز ان رجوع نكنند. وآنكه در ميان ايشان سخن بينا را شنود وقبول كند وموافقت كند او را كافر نام نهند «وليس الخبر كالمعاينة» اكنون مذاهب مختلفه را همچون مى دان كه شنيدى اين موجوداترا خداوندى هست وهر يك در ذات وصفات خداوندى چيزى اعتقاد كردند چون با يكديكر حكايت كردند وقرآن وأحاديث را آنچهـ موافق اعتقاد ايشان نبود تأويل كردند وباعتقاد خود راست كردند. پس هر كه از سر انصاف تأمل كند وتقليد وتعصب را بگذارد بيقين داند كه اين جمله اعتقادات نه بدليل نقلى ونه بدليل عقلى درستست زيرا كه دلائل عقلى ونقلى مقتضىء يك اعتقاد بيش نباشد پس اعتقاد جمله بلا دليل است وجمله مقلدانند واز مقلد كى روا باشد كه ديكريرا كويد كه او كمراه وكافرست زيرا كه در نادانى با همه برابرند پس مذهب مستقيم آنست كه در وى تشبيه وتعطيل وجبر وقدر ورفض ونصب نباشد اسلامست ودر مذهب اهل سنت وجماعتست از جهت آنكه معنى سنت وجماعت آنست سنت رسول وعقيدة الصحابة. واعتقاد صحابه آنست كه خدا يكيست. وموصوفست بصفات سزا. ومنزه است از صفات ناسزا. وذات وصفات او قديمست ولا غيره كالواحد من العشرة. واو را ضدّ وند ومثل وشريك وزن وفرزند وحيز ومكان نيست وإمكان ندارد كه باشد. واو از چيزى نيست وبر چيزى نيست ودر چيزى نيست وبچيزى نيست بلكه همه چيز از وى است وقائم بوى است وباقى بوى است. واو ديدنى نيست بچشم سر وديدار او در دنيا جائز نيست ودر آخرت اهل بهشت را هر آينه خواهد بود. وكلام او قديمست. واو فاعل مختارست وخالق خير وشر وكفر وايمانست. وجز وى خالق ديكر نيست. خالق عباد وافعال عبادست. وعباد خالق افعال خود نيستند اما فاعل مختارند. وهيچ صفتى ز صفات مخلوقات بوى نماند. وهر چهـ در خاطر ووهم كسى آيد از خيال وأمثال كه وى آنست وى آن نيست وى آفريدگار آنست (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وفعل او از علت وغرض پاك ومنزه . وهيچ چيزى بر وى واجب

نيست. وفرستادن انبيا از وى فضل است. وانبيا معصومند وغير انبيا كسى معصوم نيست. ومحمد عليه السلام ختم انبياست وبهترين وداناترين آدميانست. وبعد از محمد عليه السلام ابو بكر خليفه وامام بحق بود. وبعد از ابو بكر عمر خليفه وامام بحق بود. وبعد ازو عثمان وامامت بعلى تمام شد. واجماع صحابه واجماع علما بعد از صحابه حجتست. واجتهاد وقياس از علما درست است. ودرين جمله كه كفته شد ابو حنيفه وشافعى را اتفاقست] واعلم ان الشيخين الكاملين من طائفة اهل الحق اسم أحدهما الشيخ ابو الحسن الأشعري من نسل الصحابي ابى موسى الأشعري رضى الله عنه ومن ذهب الى طريقه واعتقد موافقا لمذهبه يسمونه الاشعرية واسم الآخر الشيخ ابو منصور الماتريدى رحمه الله وكل من اعتقد موافقا لمذهب هذا الشيخ يسمونه الماتريدية. ومذهب ابى حنيفة موافق لمذهب الشيخ الثاني وان جاء الشيخ الثاني بعد ابى حنيفة بمدة. ومذهب الشافعي موافق لمذهب الشيخ الاول فى باب الاعتقاد وان جاء بعد الشافعي بمدة والماتريديون حنفيون فى باب الأعمال كما ان الاشاعرة شافعيون فى باب الأعمال والتزام مذهب من المذاهب الحقة لازم لقوله تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) والاحتراز عن المذاهب الباطلة واجب لقوله تعالى (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقد نهى عليه السلام عن مجالسة اهل الأهواء والبدع وتبرأ منهم وفى الحديث (يجيىء قوم يميتون السنة ويدغلون فى الدين فعلى أولئك لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين) وقد تفرق اهل التصوف على ثنتى عشرة فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقي بدعيون وهم الخلوتية والحالية والاوليائية والشمراخية والحبية والحورية والإباحية والمتكاسلة والمتجاهلة والواقفية والالهامية وكان الصحابة رضى الله عنهم من اهل الجذبة ببركة صحبة النبي عليه السلام ثم انتشرت تلك الجذبة فى مشايخ الطريقة وتشعبت الى سلاسل كثيرة حتى ضعفت وانقطعت عن كثير منهم فبقوا رسميين فى صورة الشيوخ بلا معنى ثم انتسب بعضهم الى قلندر وبعضهم الى حيدر وبعضهم الى أدهم الى غير ذلك وفى زماننا هذا اهل الإرشاد اقل من القليل. ويعلم اهله بشاهدين أحدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة فيرى من يقتدى به وهو النبي عليه السلام ويجعله واسطة بينه وبين الله حتى لا يكون سلوكه على العمى قال بعض الكبار [هر كه در چنين وقت افتد كه اعتقادات بسيار واختلافات بى شمار باشد يا در ان شهر يا در ولايت دانايى نباشد مذهب مستقيم آنست كه دوازده چيز را حرفت خود سازد كه اين دوازده چيز حرفت دانايانست وسبب نور وهدايت. أول آنكه با نيكان صحبت دارد. دوم آنكه فرمان بردارىء ايشان كند. سوم آنكه از خداى راضى شود. چهارم آنكه با خلق خداى صلح كند. پنجم آنكه آزارى بخلق نرساند. ششم آنكه اگر تواند راحت رساند اين شش چيز است معنى «التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله» . هفتم متقى و پرهيزكار وحلال خور باشد. هشتم ترك طمع وحرص كند. نهم آنكه با هيچكس بد نكويد مكر ضرورت وهركز بخود كمان دانايى نبرد. دهم آنكه اخلاق نيك حاصل كند. يازدهم آنكه پيوسته برياضات ومجاهدات مشغول

[سورة الروم (30) : الآيات 33 إلى 34]

باشد. دوازدهم آنكه بى دعوى باشد وهميشه نيازمند بود كه اصل جمله سعادات وتخم جمله درجات اين دوازده چيزست در هر كه اين دوازده چيز هست مردى از مردان خدايست ورونده وسالك راه حق ودر هر كه اين دوازده چيز نيست اگر صورت عوام دارد ودر لباس خواصست ديو است وكمراه كننده مردم است] الخناس الذي يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس وفى التأويلات النجمية (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الملتفتين الى غير الله (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) الذي كانوا عليه فى الفطرة التي فطر الناس عليها من التجريد والتفريد والتوحيد والمراقبة فى مجلس الانس والملازمة للمكالمة مع الحق (وَكانُوا شِيَعاً) اى صاروا فرقا فريقا منهم مالوا الى نعيم الجنان وفريقا منهم رغبوا فى نعيم الدنيا بالخذلان وفريقا منهم وقعوا فى شبكة الشيطان فساقهم بتزيين حب الشهوات الى دركات النيران (كُلُّ حِزْبٍ) من هؤلاء الفرق (بِما لَدَيْهِمْ) من مشتهى نفوسهم ومقتضى طبائعهم (فَرِحُونَ) فجالوا فى ميادين الغفلات واستغرقوا فى بحار الشهوات وظنوا بالظنون الكاذبة ان جذبتهم الى ما فيه السعادة الجاذبة فاذا انكشف ضباب وقتهم وانقشع سحاب جهدهم انقلب فرحهم ترحا واستيقنوا انهم كانوا فى ضلالة ولم يعرجوا الا الى أوطان الجهالة كما قيل سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار وَإِذا مَسَّ النَّاسَ [و چون برسد آدميان يعنى مشركان مكه را] ضُرٌّ سوء حال من الجوع والقحط واحتباس المطر والمرض والفقر وغير ذلك من انواع البلاء قال فى المفردات المس يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى دَعَوْا رَبَّهُمْ حال كونهم مُنِيبِينَ إِلَيْهِ راجعين اليه من دعاء غيره لعلمهم انه لا فرج عند الأصنام ولا يقدر على كشف ذلك عنهم غير الله ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ [پس چون بچشاند ايشانرا] مِنْهُ من عنده رَحْمَةً خلاصا وعافية من الضر النازل بهم وذلك بالسعة والغنى والصحة ونحوها إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ اى فاجأ فريق منهم بالعود الى الإشراك بربهم الذي عافاهم: وبالفارسية [آنگاه كروهى ازيشان بپروردگار خود شرك آرند يعنى در مقابله نجات از بلا چنين عمل كنند] وتخصيص هذا الفعل ببعضهم لما ان بعضهم ليسوا كذلك كما فى قوله تعالى (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) اى مقيم على الطريق القصد او متوسط فى الكفر لانزجاره فى الجملة لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللام فيه للعاقبة والمراد بالموصول نعمة الخلاص والعافية فَتَمَتَّعُوا اى بكفركم قليلا الى وقت آجالكم وهو التفات من الغيبة الى الخطاب وفى كشف الاسرار [كوى برخوريد وروزكار فرا سربريد] وقال الكاشفى: يعنى [اى كافران برخوريد دو سه روز از نعمتهاى دنيوى] فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة تمتعكم فى الآخرة وهى العقوبة وفى التأويلات النجمية يشير الى طبيعة الإنسان انها ممزوجة من هداية الروح واطاعته ومن ضلالة النفس وعصيانها وتمردها فالناس إذا أظلتهم المحنة ونالتهم الفتنة ومستهم البلية انكسرت نفوسهم وسكنت دواعيها وتخلصت أرواحهم من اسر ظلمة شهواتها ورجعت على وفق طبعها المجبولة عليه الى الحضرة ورجعت النفوس ايضا بموافقة الأرواح على خلاف طباعها مضطرين فى دفع البلية الى الله

[سورة الروم (30) : الآيات 35 إلى 40]

مستغيثين بلطفه مستجيرين من محنهم مستكشفين للضر فاذا جاد عليهم بكشف مانالهم ونظر إليهم باللطف فيما أصابهم (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) وهم النفوس المتمردة يعودون الى عادتهم المذمومة وطبيعتهم الدنيئة وكفران النعمة (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) من النعمة والرحمة ثم هدّدهم بقوله (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) جزاء ما تعملون على وفق طباعكم اتباعا لهواكم أَمْ أَنْزَلْنا [آيا فرستاده ايم] عَلَيْهِمْ سُلْطاناً اى حجة واضحة كالكتاب فَهُوَ يَتَكَلَّمُ تكلم دلالة كما فى قوله تعالى (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ) بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ اى باشراكهم به تعالى وصحته فتكون ما مصدرية او بالأمر الذي بسببه يشركون فى ألوهيته فتكون موصولة والمراد بالاستفهام النفي والإنكار اى لم ننزل عليهم ذلك وفيه اشارة الى ان اعمال العباد إذا كانت مقرونة بالحجة المنزلة تكون حجة لهم وان كانت من نتائج طباع نفوسهم الخبيثة تكون حجة عليهم فالعمل بالطبع هوى وبالحجة هدى فقد دخل فيه افعال العباد صالحاتها وفاسداتها وان كانوا لا يشعرون ذلك فيظنون بعض أعمالهم الخبيثة طيبة من غير سلطان يتكلم لهم بطيبها ونعوذ بالله من الخوض فى الباطل واعتقاد انه امر تحته طائل ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كين ره كه تو ميروى بتركستانست وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً اى نعمة وصحة وسعة فَرِحُوا بِها بطرا وأشرا لا حمدا وشكرا وغرتهم الحياة الدنيا واعرضوا عن عبودية المولى وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ اى شدة من بلاء وضيق بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ اى بشؤم معاصيهم إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ فاجأوا القنوط واليأس من رحمة الله تعالى: وبالفارسية [آنگاه ايشان نوميد وجزع ميكنند يعنى نه شكر ميكذارند در نعمت ونه صبر دارند بر محنت] وهذا وصف الغافلين المحجوبين واما اهل المحبة والارادة فسواء نالوا ما يلائم الطبع او فات عنهم ذلك فانهم لا يفرحون ولا يحزنون كما قال تعالى (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) فلما كان بهم من قوة الاعتماد على الله تعالى لا يقنطون من الرحمة الظاهرة والباطنة ويرون التنزلات من التلوينات فيرجعون الى الله بتصحيح الحالات بانواع الرياضات والمجاهدات ويصبرون الى ظهور التمكينات والترقيات بصبر كوش دلا روز هجر فائده نيست ... طبيب سربت تلخ از براى فائده ساخت أَوَلَمْ يَرَوْا اى ألم ينظروا ولم يشاهدوا أَنَّ اللَّهَ الرزاق يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ اى يوسعه لمن يرى صلاحه فى ذلك ويمتحنه بالشكر وَيَقْدِرُ اى يضيقه لمن يرى نظام حاله فى ذلك ويمتحنه بالصبر ليستخرج منهم بذلك معلومه من الشكر والكفران والصبر والجزع فما لهم لا يشكرون فى السراء ولا يتوقعون الثواب بالصبر فى الضراء كالمؤمنين قال شقيق رحمه الله كما لا تستطيع ان تزيد فى خلقك ولا فى حياتك كذلك لا تستطيح ان تزيد فى رزقك فلا تتعب نفسك فى طلب الرزق رزق اگر بر آدمي عاشق نمى باشد چرا ... از زمين كندم كريبان چاك مى آيد چرا

[سورة الروم (30) : آية 38]

إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من القبض والبسط لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة: قال ابو بكر محمد بن سابق فكم قوى قوى فى تقلبه ... مهذب الرأى عنه الرزق ينحرف وكم ضعيف ضعيف فى تقلبه ... كأنه من خليج البحر يغترف هذا دليل على ان الإله له ... فى الخلق سر خفى ليس ينكشف - وحكى- انه سئل بعض العلماء ما الدليل على ان للعالم صانعا واحدا قال ثلاثة أشياء. ذل اللبيب. وفقر الأديب. وسقم الطبيب قال فى التأويلات النجمية الاشارة فيه الى ان لا يعلق العباد قلوبهم الا بالله لان ما يسوءهم ليس زواله الا من الله وما يسرهم ليس وجوده الا من الله فالبسط الذي يسرهم ويؤنسهم منه وجوده والقبض الذي يسوءهم ويوحشهم منه حصوله فالواجب لزوم بابه بالاسرار وقطع الافكار عن الأغيار انتهى. إذ لا يفيد للعاجز طلب مراده من عاجز مثله فلا بد من الطلب من القادر المطلق الذي هو الحق قال ابراهيم بن أدهم قدس سره طلبنا الفقر فاستقبلنا الغنى وطلب الناس الغنى فاستقبلهم الفقر. فعلى العاقل تحصيل سكون القلب والفناء عن الإرادات فان الله تعالى يفعل ما يريد على وفق علمه وحكمته وفى الحديث (انما يخشى المؤمن الفقر مخافة الآفات على دينه) فالملحوظ فى كل حال تحقيق دين الله المتعال وتحقيقه انما يحصل بالامتثال الى امر صاحب الدين وقد امر بالتوكل واليقين فى باب الرزق فلا بد من الائتمار وإخراج الافكار من القلب فان من شك فى رازقه فقد شك فى خالقه- كما حكى- ان معروفا الكرخي قدس سره اقتدى بامام فسأله الامام بعد الصلاة وقال له من اين تأكل يا معروف فقال معروف اصبر يا امام حتى أقضي ما صليت خلفك ثم أجيب فان الشاك فى الرازق شاك فى الخالق ولا يجوز اقتداء المؤمن الموقن بالمتزلزل المتردد ولذا قال تعالى (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فان غير المؤمن لا يعرف الآيات ولا يقدر على الاستدلال بالدلالات فيبقى فى الشك والتردد والظلمات قال هرم لاويس رضى الله عنه اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة اى لان العظة كالصقر لا يصيد الا الحي والقلب الذي خالطه الشك بمثابة الميت فلا يفيده التنبيه نسأل الله سبحان ان يوقظنا من سنة الغفلة ولا يجعلنا من المعذبين بعذاب الجهالة انه الكريم الرؤوف الرحيم فَآتِ أعط يا من بسط له الرزق ذَا الْقُرْبى صاحب القرابة حَقَّهُ من الصلة والصدقة وسائر المبرات يحتج ابو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على وجوب النفقة لذوى الأرحام المحارم عند الاحتياج ويقيسهم الشافعي على ابن العم فلا يوجب النفقة الا على الولد والولدين لوجود الولاد وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ما يستحقانه من الصدقة والاعانة والضيافة فان ابن السبيل هو الضيف كما فى كشف الاسرار قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان القرابة على قسمين قرابة النسب وقرابة الدين فقرابة الدين أمس وبالمراعاة أحق وهم الاخوان فى الله والأولاد من صلب الولاية من اهل الارادة الذين تمسكوا بأذيال الأكابر منقطعين الى الله مشتغلين بطلب الله متجردين عن الدنيا غير مستفزعين

بطلب المعيشة فالواجب على الأغنياء بالله القيام بأداء حقوقهم فيما يكون لهم عونا على الاشتغال بمواجب الطلب بفراغ القلب والمسكين من يكون محروما من صدق الطلب وهو من اهل الطاعة والعبادة او طالب العلم فمعاونته بقدر الإمكان وحسب الحال واجب وابن السبيل وهو المسافر والضيف فحقه القيام بشأنه بحكم الوقت فمن يكون همته فى الطلب أعلى فهو من أقارب ذوى القربى وبايثار الوقت عليه اولى فحفه آكد وتفقده أوجب انتهى قال فى كشف الاسرار [قرابت دين سزاوارترست بمواساة از قرابت نسب مجرد زيرا كه قرابت نسب بريده كردد وقرابت دين روا نيست كه هركز بريده كردد اينست كه مصطفى عليه السلام كفت (كل نسب وسبب ينقطع إلا نسبي وسببى) قرابت دين است كه سيد عالم صلوات الله عليه وسلامه اضافت با خود كردد وديندارانرا نزديكان وخويشان خود شمرد بحكم اين آيت وهر كه روى بعبادة الله آرد وبر وظائف طاعات مواظبت نمايد ونعمت مراقب بر سر دارد ودر وقت ذكر الله نشيند چنانكه با كسب وتجارت نپردازد وطلب معيشت نكند كما قال تعالى (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) او را بر مسلمانان حق مواسات واجب شود او را مراعات كنند ودل وى از ضرورت قوت فارغ دارند چنانكه رسول خدا كرد باصحاب صفه وايشان بودند كه در صفه پيغمبر وطن داشتند وصفه پيغمبر جاييست بمدينه كه آنرا قبا خوانند از مدينه تا آنجا دو فرسنك است رسول الله خدا روزى ماحضرى در پيش داشت وبعضى اهل بيت خويش را كفت (لا أعطيكم وادع اصحاب الصفة تطوى بطونهم من الجوع) اين اصحاب صفه چهل تن بودند از دنيا بيكباركى اعراض كرده واز طلب معيشت برخاسته وبا عبادت وذكر الله پرداخته وبر فتوح وتجريد روز بسر آورده وبيشترين ايشان برهنه بودند خويشتن را در ميان پنهان كرده چون وقت نماز بودى آن گروه كه جامه داشتند نماز كردندى آنكه جامه بر ديكران دادندى واصل مذهب تصوف از ايشان كرفته اند از دنيا اعراض كردن واز راه خصومت برخاستن وبر توكل زيستن وبيافته قناعت كردن وآز وحرص وشره بگذاشتن] قال الشيخ سعدى قدس سره بر اوج فلك چون پرده چره باز ... كه بر شهپرش بسته سنك آز ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى ذلِكَ اى إيتاء الحق وإخراجه من المال خَيْرٌ من الإمساك لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ اى يقصدون بمعروفهم إياه تعالى خالصا فيكون الوجه بمعنى الذات او جهة التقرب اليه لا جهة اخرى من الأغراض والأعواض فيكون بمعنى الجهة قال فى كشف الاسرار المريد هو الذي يؤثر حق الله على نفسه. جنيد قدس الله روحه [مريديرا وصيت ميكرد وكفت چنان كن كه خلق را با رحمت باشى وخود را بلا كه مؤمنان ودوستان از الله بر خلق رحمت اند و چنان كن كه در سايه صفات خود نه نشينى تا ديكران در سايه تو بياسايند. ذو النون مصرى را پرسيدند كه مريد كيست ومراد كيست كفت «المريد يطلب والمراد يهرب» . مريد مى طلبد وازو صد هزار نياز. ومراد مى كريزد واو را صد هزار ناز مريد با دل سوزان. مراد با مقصود

[سورة الروم (30) : آية 39]

بر بساط خندان. مريد در خبر آويخته. مراد در عيان آميخته. پير را پرسيدند مريد به يا مراد از حقيقت تفريد جواب داد كه «لا مريد ولا مراد ولا خبر ولا استخبار ولا حد ولا رسم وهو الكل بالكل» اين چنانست كه كويند] اين جاى نه عشقست نه شوق نه يار ... خود جمله تويى خصومت از ره بردار وَأُولئِكَ [آن كروه منفقان] هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالمطلوب فى الآخرة حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم. والمعنى لهم فى الدنيا خير وهو البركة فى مالهم لان إخراج الزكاة يزيد فى المال زكات مال بدر كن كه فضله رز را ... چوباغبان ببرد بيشتر دهد انگور وفى الآخرة يصير لطاعة ربه فى إخراج الصدقة من الفائزين بالجنة توانكرا چودل ودست كامرانت هست ... بخور ببخش كه دنيا وآخرت بردى وعن على رضى الله عنه ان المال حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لا قوام. وكان لقمان إذا مر بالأغنياء يقول يا اهل النعيم لا تنسوا النعيم الأكبر وإذا مر بالفقراء يقول إياكم ان تغبنوا مرتين وعن على رضى الله عنه فرض فى اموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير الا بما منع غنى والله يسألهم عن ذلك قال بعضهم أول ما فرض الصوم على الأغنياء لاجل الفقراء فى زمن الملك طهمورث ثالث ملوك بنى آدم وقع القحط فى زمانه فامر الأغنياء بطعام واحد بعد غروب الشمس وبامساكهم بالنهار شفقة على الفقراء وإيثارا عليهم بطعام النهار وتعبدا وتواضعا لله تعالى توانكرانرا وقفست وبذل ومهمانى ... زكاة وفطره واعتاق وهدى وقربانى تو كى بدولت ايشان رسى كه نتوانى ... جز اين دو ركعت وآن هم بصد پريشانى شرف نفس بجودست وكرامت بسجود ... هر كه اين هر دو ندارد عدمش به ز وجود وَما [چيزى كه وآنچهـ] آتَيْتُمْ [مى دهيد] مِنْ رِباً كتب بالواو للتفخيم على لغة من يفخم فى أمثاله من الصلاة والزكوة او للتنبيه على أصله لانه من ربا يربو زاد وزيدت الالف تشبيها بواو الجمع وهى الزيادة فى المقدار بان يباع أحد مطعوم او نقد بنقد بأكثر منه من جنسه ويقال له ربا الفضل او فى الاجل بان يباع أحدهما الى أجل ويقال له ربا النساء وكلاهما محرم. والمعنى من زيادة خالية من العوض عند المعاملة لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ ليزيدو يزكو فى أموالهم: يعنى [تا زيادتى در مال سود خوران پديد آيد] فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ لا يزيد عنده ولا يبارك له فيه كما قال تعالى (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا) وقال بعضهم المراد بالربا فى الآية هوان يعطى الرجل العطية او يهدى الهدية ويثاب ما هو أفضل منها فهذا ربا حلال جائز ولكن لا يناب عليه فى القيامة لانه لم يرد به وجه الله وهذا كان حراما للنبى عليه السلام لقوله تعالى (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) اى لا تعط ولا تطلب اكثر مما أعطيت كذا فى كشف الاسرار يقول الفقير قوله تعالى (مِنْ رِباً) يشير الى انه لو قال المعطى للآخذ انا لا اعطى هذا المال إياك على انه ربا وجعله فى حل لا يكون حلالا ولا يخرج عن كونه ربا لان ما كان حراما بتحريم الله تعالى لا يكون حلالا بتحليل

[سورة الروم (30) : آية 40]

غيره والى ان المعطى والآخذ سواء فى الوعيد الا إذا كانت الضرورة قوية فى جانب المعطى فلم يجد بدّا من الاخذ بطريق الرباء بان لا يقرضه أحد بغير معاوضة وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ مفروضة او صدقة سميت زكاة لانها تزكو وتنمو تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ تبتغون به وجهه خالصا اى ثوابه ورضاه لا ثواب غيره ورضاه بان يكون رياء وسمعة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ اى ذووا الأضعاف من الثواب كما قال تعالى (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) ونظير المضعف المقوي لذوى القوة والموسر لذوى اليسار او الذين أضعفوا ثوابهم وأموالهم ببركة الزكاة وانما قال (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) فعدل عن الخطاب الى الاخبار ايماء الى انه لم يخص به المخاطبون بل هو عام فى جميع المكلفين الى قيام الساعة قال سهل رحمه الله وقع التضعيف لارادة وجه الله به لا بايتاء الزكاة وزكاة البدن فى تطهيره من المعاصي وزكاة المال فى تطهيره من الشبهات وفى التأويلات النجمية يشير الى ان فى انفاق المال فى سبيل الله تزكية النفس عن لوث حب الدنيا كما كان حال ابى بكر رضى الله عنه حيث تجرد عن ماله تزكية لنفسه كما اخبر الله تعالى عن حاله بقوله (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) اى شوقا الى لقاء ربه (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) اى يعطون أضعاف ما يرجون ويتمنون لانهم بقدر هممهم وحسب نظرهم المحدث يرجون والله تعالى بحسب إحسانه وكرمه القديم يعطى عطاء غير منقطع انتهى واعلم ان المال عارية مستردة فى يد الإنسان ولا أحد أجهل ممن لا ينقذ نفسه من العذاب الدائم بما لا يبقى فى يده وقد تكفل الله باعواض المنفق: وفى المثنوى كفت پيغمبر كه دائم بهر پند ... دو فرشته خوش منادى ميكند «1» كاى خدايا منفقانرا سير دار ... هر درمشانرا عوض ده صد هزار اى خدايا ممسكانرا در جهان ... تو مده الا زيان اندر زيان كر نماند از جود در دست تو مال ... كى كند فضل الهت پايمال هر كه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اشپش وموش وحوادثهاش خورد وفى البستان پريشان كن امروز كنجينه چست ... كه فردا كليدش نه در دست تست تو با خود ببر توشه خويشتن ... كه شفقت نيايد ز فرزند وزن كنون بر كف ودست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست بحال دل خستكان در نكر ... كه روزى دلت خسته باشد مكر فروماندكانرا درون شاد كن ... ز روز فروماندكى ياد كن نه خواهنده بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده از در مران اللَّهُ وحده الَّذِي خَلَقَكُمْ أوجدكم من العدم ولم تكونوا شيأ ثُمَّ رَزَقَكُمْ أطعمكم ما عشتم ودمتم فى الدنيا قال فى كشف الاسرار [يكى را روزى وجود ارزاقست ويكى را شهود رزاق عامه خلق در بند روزى وتهى معده اند طعام وشراب ميخواهند واهل

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير دعاى دو فرشته كه هر روز بر سر بازار منادى كند إلخ

خصوص روزىء دل خواهند توفيق طاعات واخلاص عبادات دون همت كسى باشد كه همت وى همه آن نان بود شربتى آب «من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه» نيكو سخنى كه آن جوانمرد كفت] اى توانكر بكنج خرسندى ... زين بخيلان كناره كير وكنار اين بخيلان عهد ما همه بار ... راح خوردند ومستراح أنبار ثُمَّ يُمِيتُكُمْ وقت انقضاء آجالكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فى النفخة الاخيرة ليجازيكم بما عملتم فى الدنيا من الخير والشر فهو المختص بهذه الأشياء هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ اللاتي زعمتم انها شركاء الله مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ اى الخلق والرزق والاماتة والاحياء مِنْ شَيْءٍ اى لا يفعل أحد شيأ قط من تلك الافعال [چون از هيچكدام آن كار نيايدش بتان را شريك كرفتن نشايد] ومن الاولى والثانية تفيدان شيوع الحكم فى جنس الشركاء والافعال والثالثة مزيدة لتعميم المنفي وكل منهما مستعملة للتأكيد لتعجيز الشركاء سُبْحانَهُ تنزه تنزيها بليغا وَتَعالى تعاليا كبيرا عَمَّا يُشْرِكُونَ عن اشراك المشركين وفى التأويلات النجمية (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) من العدم باخراجكم الى عالم الأرواح (ثُمَّ رَزَقَكُمْ) استماع كلامه بلا واسطة عند خطابه «ألست بربكم» وهو رزق آذانكم ورزق أبصاركم مشاهدة شواهد ربوبيته ورزق قلوبكم فهم خطابه ودرك مراده من خطابه ورزق ألسنتكم اجابة سؤاله والشهادة بتوحيده (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بنور الايمان والإيقان والعرفان (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) من الأصنام والأنام (مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى) منزه بذاته وصفاته (عَمَّا يُشْرِكُونَ) اعداؤه بطريق عبادة الأصنام وأولياؤه بطريق عبادة الهوى انتهى وفى الحديث القدسي (انا اغنى الشركاء عن الشرك) يعنى انا اكثر استغناء عن العمل الذي فيه شركة لغيرى فافعل للزيادة المطلقة من غير ان يكون فى المضاف اليه شىء مما يكون فى المضاف ويجوز ان يكون للزيادة على من أضيف اليه يعنى انا اكثر الشركاء استغناء وذلك لانهم قد يثبت لهم الاستغناء فى بعض الأوقات والاحتياج فى بعضها والله تعالى مستغن فى جميع الأوقات (من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه) بفتح الكاف اى مع شريكه والضمير فى تركته لمن يعنى ان المرائى فى طاعته آثم لا ثواب له فيها قيل الشرك على اقسام أعظمها اعتقاد شريك لله فى الذات ويليه اعتقاد شريك لله فى الفعل كقول من يقول العباد خالقون أفعالهم الاختيارية ويليه الشرك فى العبادة وهو الرياء وهذا هو المراد فى الحديث قال الشيخ ابو حامد رحمه الله إذا كان مع الرياء قصد الثواب راجحا فالذى نظنه والعلم عند الله ان لا يحبط اصل الثواب ولكن ينقص منه فيكون الحديث محمولا على ما إذا تساوى القصدان او يكون قصد الرياء أرجح قال الشيخ الكلاباذى رحمه الله العمل إذا صح فى اوله لم يضره فساد بعد ولا يحبطه شىء دون الشرك لان الرياء هو ما يفعل العبد من اوله ليرائى به الناس ويكون ذلك قصده ومراده عند اهل السنة والجماعة لقوله تعالى (خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) ولو كان الأمر على ما زعم

[سورة الروم (30) : الآيات 41 إلى 44]

المعتزلة من احباط الطاعات بالمعاصي لم يجز اختلاطها واجتماعها كذا فى شرح المشارق لابن الملك قال فى الأشباه نقلا عن التاتار خانية لو افتتح الصلاة خالصا لله تعالى ثم دخل فى قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء انه لو خلا عن الناس لا يصلى ولو كان مع الناس يصلى فاما لو صلى مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب اصل الصلاة دون الإحسان ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الكشف والعيان حتى يلاحظ الله تعالى فى كل فعل باشره من مأموراته ولا يلاحظ غيره من مخلوقاته ألا يرى ان الراعي إذا صلى عند الأغنام لا يلتفت إليها إذ وجودها وعدمها سواء فالرياء لها هواء والله تعالى خلق العبد وخلق القدرة على الحركة ورزقه القيام بامره فما معنى الشركة اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات نسأل الله سبحانه وتعالى الخلاص من الأغيار وإخراج الملاحظات والافكار من القلب الذي خلق للتوجه اليه والحضور لديه ترا بگو هر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نكاه دار مخسب ظَهَرَ الْفَسادُ شاع فِي الْبَرِّ كالجدب وقلة النبات والربح فى التجارات والريع فى الزراعات والدر والنسل فى الحيوانات ومحق البركات من كل شىء ووقوع الموتان بضم الميم كبطلان الموت الشائع فى الماشية وظهور الوباء والطاعون فى الناس وكثرة الحرق بفتحتين اسم من الإحراق وغلبة الأعداء ووجود الفتن والحرب ونحو ذلك من المضار وَالْبَحْرِ كالغرق بفتحتين اسم من الإغراق وعمى دواب البحر بانقطاع المطر فان المطر لها كالكحل للانسان واخفاق الغواصين اى خيبتهم من اللؤلؤ فانه يتكوّن من مطر نيسان فاذا انقطع لم ينعقد. وبيانه انه إذا اتى الربيع يكثر هبوب الرياح وترتفع الأمواج ويضطرب البحر فاذا كان الثامن عشر من نيسان خرجت الاصداف من قعور بحر الهند وفارس ولها أصوات وقعقعة وبوسط كل صدفة دويبة صغيرة وصفحتا الصدفة لها كالجناحين وكالسور تتحصن به من عدو مسلط عليها وهو سرطان البحر فربما تفتتح أجنحتها تشم الهواء فيدخل السرطان مقصيه بينهما ويأكلها وربما يتحيل السرطان فى أكلها بحيلة دقيقة وهو ان يحمل فى مقصيه حجرا مدورا كبندقة الطين ويراقب دابة الصدف حتى تشق عن جناحيها فيلقى السرطان الحجر بين صفحتى الصدفة فلا تنطبق فيأكلها ففى الثامن عشر من نيسان لا تبقى صدفة فى قعور البحار المعروفة بالدر الا صارت على وجه الماء وتفتحت على وجه يصير وجه الماء ابيض كاللؤلؤ وتأتى سحابة بمطر عظيم ثم تتقشع السحابة وقد وقع فى جوف كل صدقة ما قدر الله تعالى واختار من القطر اما قطرة واحدة واما اثنتان واما ثلاث وهلم جرا الى المائة والمائتين وفوق ذلك ثم تنطبق الاصداف وتلحم وتموت الدابة التي كانت فى جوف الصدفة فى الحال وترسب الاصداف الى قعر البحر حتى لا يحركها الماء فيفسد ما فى بطنها وتلحم صفحتا الصدفة الحاما بالغا حتى لا يدخل الى الدرة ماء البحر فيصفرها وأفضل الدر المتكوّن فى هذه الاصداف القطرة الواحدة ثم الاثنتان ثم الثلاث وكلما قل العدد كان اكبر جسما

وأعظم قيمة وكلما كثر العدد كان أصغر جسما وأرخص قيمة والمتكون من قطرة واحدة هى الدرة اليتيمة التي لا قيمة لها والأخريان بعدها ز بر افكند قطره سوى يم ... ز صلب او افكند نطفه در شكم از ان قطره لؤلؤ لالا كند ... وزين صورتى سرو بالا كند فالصدفة تنقلب الى ثلاثة أطوار فى الاول طور الحيوانية فاذا وقع القطر فيها ماتت الدويبة وصارت فى طور الحجرية ولذلك غاصت الى القرار وهذا طبع الحجر وهو الطور الثاني وفى الطور الثالث وهو الطور النباتي تشرس فى قرار البحر وتمد عروقها كالشجرة ذلك تقدير العزيز العليم ولمدة حملها وانعقادها وقت معلوم وموسم يجتمع فيه الغواصون والتجار لاستخراج ذلك هذا فى البحر. واما فى البر ففى الثامن عشر من نيسان تخرج فراخ الحيات التي ولدت فى تلك السنة وتصير من بطن الأرض الى وجهها كالاصداف فى البحر وتفتح أفواهها نحو السماء كما فتحت الاصداف فما نزل من قطر السماء فى فمها أطبقت فمها عليه ودخلت بطن الأرض فاذا تم حمل الصدف فى البحر وصار لؤلؤا شفافا صار ما دخل فى فم فراخ الحيات داء وسماء فالماء واحد والاوعية مختلفة والقدرة صالحة لكل شىء وقد قيل فى هذا المعنى ارى الإحسان عند الحرّ دينا ... وعند الندل منقصة وذمّا كقطر الماء فى الاصداف درّا ... وفى جوف الأفاعي صار سما كذا فى خريدة العجائب وفريدة الغرائب للشيخ العلامة ابى حفص الوردي رحمه الله قال فى التأويلات النجمية يشير الى بر النفس وبحر القلب وفساد النفس بأكل الحرام وارتكاب المحظورات وتتبع الشهوات وفساد القلب بالعقائد السوء ولزوم الشبهات والتمسك بالأهواء والبدع والاتصاف بالأوصاف الذميمة وحب الدنيا وزينتها وطلب شهواتها ومنافعها ومن أعظم فساد القلب عقد الإصرار على المخالفات كما ان من أعظم الخيرات صحة العزم على التوجه الى الحق والاعراض عن الباطل انتهى. وايضا البر لسان علماء الظاهر وفساده بالتأويلات الفاسدة. والبحر لسان علماء الباطن وفساده بالدعاوى الباطلة ماه ناديده نشانها ميدهند بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ اى بسبب شؤم المعاصي التي كسبها الناس فى البر والبحر بمزاولة الأيدي غالبا ففيه اشارة الى ان الكسب من العبد والتقدير والخلق من الله تعالى فالطاعة كالشمس المنيرة تنتشر أنوارها فى الآفاق فكذا الطاعة تسرى بركاتها الى الأقطار فهى من تأثيرات لطفه تعالى والمعصية كالليلة المظلمة فكما ان الليلة تحيط ظلمتها بالجوانب فكذا المعصية تتفرق شامتها الى الأقارب والأجانب فهى من تأثيرات قهره تعالى وأول فساد ظهر فى البر قتل قابيل أخاه هابيل. وفى البحر أخذ الجلندى الملك كل سفينة غصبا وفى المثل اظلم من ابن الجلندى بزيادة ابن كما فى انسان العيون وكان من أجداد الحجاج بينه وبينه سبعون جدّا وكانت الأرض خضرة معجبة بنضارتها لا يأتى ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة وكان ماء البحر عذبا وكان لا تقصد الأسود البقر فلما وقع قتل المذكور تغير ما على الأرض

وشاكت الأشجار اى صارت ذات شوك وصار ماء البحر ملحا مرّا جدّا وقصد بعض الحيوان بعضا وتعلقت شوكة بنبي فلعنها فقالت لا تلعننى فانى ظهرت من شؤم ذنوب الآدميين يقول الفقير چون عمل نيكو بود كلها دمد ... چونكه زشت آيد برويد خار زار كر بد وكر نيك باشد كار تو ... هر چهـ كارى بد روى انجام كار لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا اللام للعلة والذوق وجود الطعم بالفم وكثر استعماله فى العذاب يعنى أفسد الله اسباب دنياهم بسوء صنيعهم ليذيقهم بعض جزاء ما عملوا من الذنوب والاعراض عن الحق ويعذبهم بالبأساء والضراء والمصائب وانما قال بعض لان تمام الجزاء فى الآخرة ويجوز ان يكون اللام للعاقبة اى كان عاقبة ظهور الشرور منهم ذلك نعوذ بالله من سوء العاقبة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما كانوا عليه من الشرك والمعاصي والغفلات وتتبع الشهوات وتضييع الأوقات الى التوحيد والطاعة وطلب الحق والجهد فى عبوديته وتعظيم الشرع والتأسف على مافات وهذا كقوله تعالى (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) اى يتعظون فلم يتعظوا ففيه تنبيه على ان الله تعالى انما يقضى بالجدوبة ونقص الثمرات والنبات لطفا من جنابه فى رجوع الخلق عن المعصية بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز كيرد از پى اظهار عدل «1» تا پشيمان ميشوى از كار بد ... تا حيا دارى ز الله الصمد اعلم ان الله تعالى غير بشؤم المعصية أشياء كثيرة. غير صورة إبليس واسمه وكان اسمه الحارث وعزازيل فسماه إبليس. وغير لون حام بن نوح بسبب انه نظر الى سوءة أبيه فضحك وكان أبوه نوح نائما فاخبر بذلك فدعا عليه فسوده الله تعالى فتولد منه الهند والحبشة. وغير الصورة على قوم موسى فصيرهم قردة وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير. وغير ماء القبط ومالهم فصيرهما دما وحجرا. وغير العلم على امية بن ابى الصلت وكان من بلغاء العرب حيث كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه. وغير اللسان على رجل بسبب العقوق حيث نادته والدته فلم يجب فصار اخرس. وغير الايمان على برصيصا بسبب شرب الخمر والزنى بعد ما عبد الله تعالى مائتين وعشرين سنة الى غير ذلك وقد قال كعب الأحبار لما اهبط الله تعالى آدم عليه السلام جاءه ميكائيل بشىء من حب الحنطة وقال هذا رزقك ورزق أولادك قم فاضرب الأرض وابذر البذر قال ولم يزل الحب من عهد آدم الى زمن إدريس عليهما السلام كبيضة النعام فلما كفر الناس نفص الى بيضة الدجاجة ثم الى بيضة الحمامة ثم الى قدر البندقة وكان فى زمن عزير عليه السلام على قدر الحمصة وقد ثبت فى الأحاديث الصحيحة ان ظهور الفاحشة فى قوم واعلانها سبب لفشوّ الطاعون والأوجاع ونقص الميزان والمكيال سبب للقحط وشدة المئونة وجور السلطان ومنع الزكاة سبب لانقطاع المطر ولولا البهائم لم يمطروا ونقض عهد الله وعهد رسوله سبب لتسلط العدو وأخذ الأموال من أيدي الناس وعدم حكم الائمة بكتاب الله سبب لوقوع السيف

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آنكه حق تعالى بنده را بگناه أول رسوا نكند

[سورة الروم (30) : الآيات 42 إلى 44]

والقتال بين الناس وأكل الربا سبب للزلزلة والخسف فضرر البعض يسرى الى الجميع ولذا يقال من أذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة فلا بد من الرجوع الى الله تعالى بالتوبة والطاعة والإصلاح فان فيه الفوز والفلاح قال ذو النون المصري قدس سره رأيت رجلا احدى رجليه خارجة من صومعته يسيل منها الصديد فسألته عن ذلك فقال زارتنى امرأة فنامت بجنب صومعتى فحملتنى نفسى على ان انزل عليها بالفجور فساعدتنى احدى رجلى دون الاخرى فخلفت ان لا تصحبنى ابدا وهذا حقيقة التوبة والندامة نسأل الله العفو والعافية والسلامة توبه كردم حقيقت با خدا ... نشكنم تا جان شدن از تن جدا «1» كذا فى المثنوى نقلا عن لسان نصوح قُلْ يا محمد سِيرُوا ايها المشركون وسافروا فِي الْأَرْضِ فى ارض الأمم المعذبة فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ اى آخر امر من كان قبلكم والنظر على وجهين يقال نظر اليه إذا نظر بعينه ونظر فيه إذا تفكر بقلبه وهاهنا قال فانظروا ولم يقل اليه او فيه ليدل على مشاهدة الآثار ومطالعة الأحوال كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ اى كان اكثر الذين من قبل مشركين فاهلكوا بشركهم وهو استئناف للدلالة على ان ما أصابهم لفشوّ الشرك فيما بينهم او كان الشرك فى أكثرهم وما دونه من المعاصي فى قليل منهم فاذا أصابهم العذاب بسبب شركهم ومعاصيهم فليحذر من كان على صفتهم من مشركى قريش وغيرهم ان أصروا على ذلك فَأَقِمْ عدل يا محمد وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ البليغ الاستقامة الذي ليس فيه عوج أصلا وهو دين الإسلام وقد سبق معنى اقامة الوجه للدين فى هذه السورة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ يوم القيامة لا مَرَدَّ لَهُ لا يقدر أحد على رده ولا ينفع نفسا إيمانها حينئذ مِنَ اللَّهِ متعلق بيأتي او بمرد لانه مصدر على معنى لا يرده الله تعالى لتعلق إرادته القديمة بمجيئه وقد وعد ولا خلف فى وعده يَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة بعد محاسبة الله اهل الموقف يَصَّدَّعُونَ أصله يتصدعون فادغمت التاء فى الصاد وشددت. والصدع الشق فى الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ومنه استعير صدع الأمر اى فصله والصداع وهو الانشقاق فى الرأس من الوجع ومنه الصديع للفجر لانه ينشق من الليل والمعنى يتفرقون فريق فى الجنة وفريق فى السعير كما قال مَنْ [هركه] كَفَرَ بالله فى الدنيا فَعَلَيْهِ لا على غيره كُفْرُهُ وبال كفره وجزاؤه وهو النار المؤبدة وَمَنْ [وهر كه] عَمِلَ صالِحاً وحده وعمل بالطاعة الخالصة بعد التوحيد: وبالفارسية [كار ستوده كند] فَلِأَنْفُسِهِمْ وحدها يَمْهَدُونَ اصل المهد إصلاح المضجع للصبى ثم استعير لغيره كما فى كشف الاسرار يسوّون منزلا فى الجنة ويفرشون ويهيئون: وبالفارسية [خويشتن را نشستكاه سازد در بهشت وبساط مى كستراند] ومن التمهيد تمهيد المضاجع فى القبور فان بالعمل الصالح يصلح منزل القبر ومأوى الجنة يروى ان بعض اهل القبور فى برزخ محمود مفروش فيه الريحان وموسد فيه السندس والإستبرق الى يوم القيامة وفى الحديث (ان عمل الإنسان يدفن

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان باز خواندن شاه زاده نصوح را إلخ

[سورة الروم (30) : الآيات 45 إلى 50]

معه فى قبره فان كان العمل كريما أكرم صاحبه وان كان لئيما أسلمه) اى ان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونوره وحماه من الشدائد والأهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال برك عيشى بكور خويش فرست ... كس نيارد ز پس ز پيش فرست لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا به فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وهى ما أريد به وجه الله تعالى ورضاه مِنْ فَضْلِهِ [از بخشش خود] متعلق بيجزى وهو متعلق بيصدعون اى يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين ليجزى كلا منهما بحسب أعمالهم وحيث كان جزاء المؤمنين هو المقصود بالذات ابرز ذلك فى معرض الغاية وعبر عنه بالفضل لما ان الاثابة عند اهل السنة بطريق التفضل لا الوجوب كما عند المعتزلة وأشير الى جزاء الفريق الآخر بقوله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ فان عدم محبته تعالى كناية عن بغضه الموجب لغضبه المستتبع للعقوبة لا محالة قال بعضهم [دوست نميدارد كافرانرا تا با مؤمنان جمع كند بلكه ايشانرا جدا ساخته بدوزخ فرستد]- روى- ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلا مني ولكن اكره ان اجمع أعدائي وأوليائي فى دار واحدة نسأل الله تعالى دار أوليائه ونستعيذ به من دار أعدائه وفى الآيات إشارات منها ان النظر بالعبرة من اسباب الترقي فى طريق الحق وذلك ان بعض السلاك استحلوا بعض الأحوال فسكنوا إليها وبعضهم استحسنوا بعض المقامات فركنوا إليها فاشركوا بالالتفات الى ما سوى الحق تعالى فمن نظر من اهل الاستعداد الكامل الى هذه المساكنات والركون الى الملائمات يسير على قدمى الشريعة والطريقة لكى يقطع المنازل والمقامات ويجتهد فى ان لا يقع فى ورطة الفترات والوقفات كما وقع بعض من كان قبله فحرم من الوصول الى دائرة التوحيد الحقانى اى برادر بى نهايت دركهيست ... هر كچاكه ميرسى بالله مأيست ومنها انه لا بد للطالب من الاستقامة وصدق التوجه وذلك بالموافقة بالاتباع دون الاستبداد برأيه على وجه الابتداع ومن لم يتأدب بشيخ كامل ولم يتلقف كلمة التوحيد ممن هو لسان وقته كان خسرانه أتم ونقصانه أعم من نفعه زمن اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير كه قطره تا صدف را درنيابد ... نكردد كوهر وروشن نتابد ومنها ان من أنكر على اهل الحق فعليه جزاء إنكاره وهو الحرمان من حقائق الايمان والله تعالى لا يحب المنكرين إذ لو أحبهم لرزقهم الصدق والطلب ولما وقعوا بالخذلان فى الإنكار والكفران مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار وفى الحديث (الأصل لا يخطىء) وتأويله ان اهل الإقرار يرجع الى صفات اللطف واهل الإنكار الى صفات القهر لان اصل خلقة الاول من الاولى والثاني من الثانية

[سورة الروم (30) : آية 46]

شراب داد خدا مر مرا وسركه ترا ... چوقسمت است چهـ جنكست مر مرا وترا نسأل الله العشق والاشتياق والسلوك الى طريقة العشاق ونعوذ بالله من الزيغ والضلال على كل حال وَمِنْ آياتِهِ علامات وحدته وقدرته أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ [فرو كشايد از هوا بادها] اى الشمال والجنوب والصبا فانها رياح الرحمة. واما الدبور فانها ريح العذاب ومنه قوله عليه السلام (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) قال فى القاموس الشمال بالفتح ويكسر مامهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا. والجنوب ريح تخالف الشمال مهبه من مطلع سهيل الى مطلع الثريا. والصبا ريح تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار ومقابلتها الدبور والصبا موصوفة بالطيب والروح لا نخفاضها عن برد الشمال وارتفاعها عن حر الجنوب وفى الحديث (الريح من روح الله تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها) وكان للمتوكل بيت يسميه بيت مال الشمال فكلما هبت الريح شمالا تصدق بألف درهم- وذكر- فى سبب مد النيل ان الله تعالى يبعث عليه الريح الشمالي فينقلب عليه من البحر فتصير كالسكر له فيزيد حتى يعم البلاد فاذا بلغ حد الرىّ بعث الله عليه ريح الجنوب فاخرجته الى البحر وليس فى الدنيا نهر يضرب من الجنوب الى الشمال ويمد فى شدة الحر حين تنقص الأنهار كلها ويزيد بترتيب وينقص بترتيب غير النيل المبارك وهو احلى من العسل وازكى رائحة من المسك ولكنه يتغير بتغير المجاري قال وكيع لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا قيل الريح تموج الهواء بتأثير الكواكب وسيلانه الى احدى الجهات. والصحيح عند اهل الشرع ما ذكر فى الحديث من انها من روح الله والاشارة ان الله تعالى يرسل رياح الرجاء على قلوب العوام فتكنس قلوبهم من غبار المعاصي وغثاء اليأس ويبشر بدخول نور الايمان ثم يرسل رياح البسط على أرواح الخواص فيطهرها من وحشة القبض ودنس الملاحظات ويبشرها بدرك الوصال ويرسل رياح التوحيد فتهب على اسرار أخص الخواص ويطهرها من آثار الأغيار ويبشرها بدوام الوصال وذلك قوله تعالى مُبَشِّراتٍ اى حال كون تلك الرياح مبشرات للخلق بالمطر ونحوه: وبالفارسية [مژده دهندكان بباران تا بفرياد شما رسد] وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وهى المنافع التابعة لها والجملة معطوفة على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم بها وليذيقكم وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فى البحر بسوق الرياح بِأَمْرِهِ فالسفن تجرى بالرياح والرياح بامر الله فهى فى الحقيقة جارية بامره وفى الاسرار المحمدية لا تعتمد على الريح فى استواء السفينة وسيرها وهذا شرك فى توحيد الافعال وجهل بحقائق الأمور ومن انكشف له امر العالم كما هو عليه علم ان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعنى تجارة البحر وفيه جواز ركوب البحر للتجارة وقد سبق شرائطه فى آخر الجلد الثاني سود دريا نيك بودى كر نبودى بيم موج ... صحبت كل خوش بدى كر نيستى تشويش حار ومن الأبيات المشهورة للعطار قدس سره

[سورة الروم (30) : آية 47]

بدريا در منافع بى شمارست ... اگر خواهى سلامت در كنارست وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وتشكروا نعمة الله فيما ذكر من الغايات الجليلة فتوحدوه وتطيعوه مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روز پسين سر بر آرى بهيچ ثم حذر من اخل بموجب الشكر فقال لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ كما أرسلناك الى قومك جاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الباء تصلح للتعدية والملابسة اى جاء كل رسول قومه بما يخصه من الدلائل الواضحة على صدقه فى دعوى الرسالة كما جئت قومك بالبراهين النيرةانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا النقمة العقوبة ومنها الانتقام وهو بالفارسية [كينه كشيدن] والفاء فصيحة اى فكذبوهم فانتقمنا من الذين أجرموا من الجرم وهو تكذيب الأنبياء والإصرار عليه اى عاقبناهم وأهلكناهم وانما وضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على مكان المحذوف وللاشعار بكونه علة للانتقام كانَ حَقًّا [سزاوار] لَيْنا قال بعضهم واجبا وجوب كرم لا وجوب الزام وفى الوسيط واجبا وجوبا هو أوجبه على نفسه وفى كشف الاسرار هذا كما يقال علىّ قصد هذا الأمر اى انا افعله وحقا خبر كان واسمه قوله صْرُ الْمُؤْمِنِينَ وانجاؤهم من شر أعدائهم ومما أصابهم من العذاب نصر عزيز وإنجاء عظيم وفيه اشعار بان الانتقام للمؤمنين واظهار لكرامتهم حيث جعلوا مستحقين على الله ان ينصرهم وفى الحديث (ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه الا كان حقا على الله ان يرد عنه نار جهنم) ثم تلا قوله تعالىَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) - حكى- عن الشيخ ابى على الرودبارى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد منهم وبقي فى علته أياما فمل أصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ نفسه وحلف ان لا يتولى خدمته غيره فتولى خدمته بنفسه أياما ثم مات ذلك الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما أراد ان يفتح رأس كفنه عند إضجاعه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا أبا على لانصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك ففى القصة امور. الاول ان احباب الله احياء فى الحقيقة وان ماتوا وانما ينقلون من دار الى دار. والثاني ما أشار اليه النبي عليه السلام بقوله (اتخذوا الأيادي عند الفقراء قبل ان تجيىء دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من أطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة) . والثالث ان الشفاعة من باب النصرة الالهية وفى الآية تبشير للنبى عليه السلام بالظفر فى العاقبة والنصر على من كذبه وتنبيه للمؤمنين على ان العاقبة لهم لانهم هم المتقون وقد قال تعالى (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند وفى التأويلات النجمية قولهَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ) يشير به الى المتقدمين من المشايخ المنصوبين لتربية قومهم من المريدين ودلالتهم بالتسليك الى حضرة رب العالمينَ جاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) على لسان التحقيق فى بيان الطريق لاهل التصديق فمن

[سورة الروم (30) : الآيات 48 إلى 50]

قابلهم بالتصديق وصل الى خلاصة التحقيق ومن عارضهم بالإنكار والجحود ابتلاهم بعذاب الخلود فى الابعاد والجمود وذلك تحقيق قولهَ انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) اى أنكرواَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) المتقربين إلينا بان ننصرهمم بتقربنا إليهم انتهى اللهم اجعلنا من المنصورين مطلقا ووجهنا الى نحو بابك صدقا وحقا انك أنت الناصر المعين ومحول القلوب الى جانب اليقين اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ رياح الرحمة كالصبا ونحوها فَتُثِيرُ سَحاباً يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعا وقد اثرته قال فى تاج المصادر: الانارة [برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] والسحاب اسم جنس يصح إطلاقه على سحابه واحدة وما فوقها قال فى المفردات اصل السحب الجر ومنه السحاب اما لجر الريح له او لجره الماء. والمعنى فتنشره تلك الرياح وتزعجه وتخرجه من أماكنه: وبالفارسية [برانگيزد آن باد هان ابر را] وأضاف الاثارة الى الرياح وانما المثير هو الله تعالى لانها سببها والفعل قد ينسب الى سببه كما ينسب الى فاعله فَيَبْسُطُهُ [پس خداى تعالى بگستراند سحاب را] يعنى يجعله متصلا تارة فِي السَّماءِ فى سمتها كَيْفَ يَشاءُ سائرا وواقفا مسيرة يوم او يومين او اقل او اكثر من جانب الجنوب او ناحية الشمال او سمت الدبور او جهة الصبا الى غير ذلك وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً تارة اخرى اى قطعا: بالفارسية [پاره پاره هر قطعه در طرفى] جمع كسفة وهى قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الأجسام المتخلخلة كما فى المفردات فَتَرَى الْوَدْقَ اى المطر يا محمد ويا من من شأنه الرؤية. قيل الودق فى الأصل ما يكون خلال المطر كانه غبار وقد يعبر به عن المطر يَخْرُجُ بالأمر الإلهي مِنْ خِلالِهِ فرج السحاب وشقوقه فى التارتين: يعنى [در وقتى كه متصل است ودر وقتى كه متفرق] قال الراغب الخلل فرجة بين الشيئين وجمعه خلال نحو خلل الدار والسحاب وقيل السحاب كالغربال ولولا ذلك لا فسد المطر الأرض- روى- عن وهب بن منبه ان الأرض شكت الى الله عز وجل ايام الطوفان لان الله تعالى أرسل الماء بغير وزن ولا كيل فخرج الماء غضبا لله تعالى فخدش الأرض وخددها: يعنى [خراشيد روى زمين را وسوراخ كردش] فقالت يا رب ان الماء خددنى وخدشنى فقال الله تعالى فيما بلغني والله اعلم انى ساجعل للماء غربالا لا يخدّدك ولا يخدشك فجعل السحاب غربال المطر فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ الباء للتعدية والضمير للودق. والمعنى بالفارسية [پس چون برساند خداى تعالى باران را در أراضي وبلاد هر كه خواهد ز بندگان خود أَذاهُمْ [آنگاه ايشان] يَسْتَبْشِرُونَ [شادمان وخوشدل ميشوند] اى فاجأوا الاستبشار والفرح بمجىء الخصب وزوال القحط وَإِنْ اى وان الشأن كانُوا اى اهل المطر مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ المطر مِنْ قَبْلِهِ اى قبل التنزيل تكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم منه لَمُبْلِسِينَ اى آيسين من نزوله خبر كانوا واللام فارقة وقد سبق معنى الإبلاس فى أوائل السورة فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ الخطاب وان توجه نحو النبي عليه السلام فالمراد به جميع

المكلفين والمراد برحمة الله المطر لانه أنزله برحمته على خلقه. والمعنى فانظروا الى آثار المطر من النبات والأشجار وانواع الثمار والازهار والفاء للدلالة على سرعة ترتب هذه الأشياء على تنزيل المطر كَيْفَ يُحْيِ اى الله تعالى الْأَرْضَ بالآثار بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها قال فى الإرشاد كيف إلخ فى حيز النصب بنزع الخافض وكيف معلق لانظر اى فانظروا الى الاحياء البديع للارض بعد موتها والمراد بالنظر التنبيه على عظيم قدرته وسعة رحمته مع ما فيه من تمهيد امر البعث إِنَّ ذلِكَ العظيم الشأن الذي قدر على احياء الأرض بعد موتها لَمُحْيِ الْمَوْتى لقادر على احيائهم فى الآخرة فانه احداث لمثل ما كان فى مواد أبدانهم من القوى الحيوانية كما ان احياء الأرض احياء لمثل ما كان فيها من القوى النباتية وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اى مبالغ فى القدرة على جميع الأشياء التي من جملتها احياء قالب الإنسان بعد موته فى الحشر ومن احياء قلبه بعد موته فى الدنيا لان نسبة قدرته الى جميع الممكنات على سواء رجع كل شىء الى قدرته فلم يعظم عليه شىء فقدرة الله الكاملة بخلاف قدرة العبد فانها مستفادة من قدرة الله تعالى تعالى الله زهى قيوم ودانا ... توانايى ده هر ناتوانا وسيجيئ ان الإنسان خلق من ضعف فالله تعالى اقدره وقواه اعلم ان الله سبحانه زين الأرض بآثار قدرته وأنوار فعله وحكمته فانبت الخضرة وأضاء الزهر وتجلى فى صورها لاعين العارفين الذين شاهدوا الله تعالى بنعت الحسن ولذا قال الشيخ المغربي مغربى زان ميكند ميلى بگلشن كاندر او ... هر چهـ را رنكى وبويى هست رنك وبوى اوست وسأل بنوا إسرائيل موسى عليه السلام هل يصبغ ربك قال نعم يصبغ ألوان الثمار والرياحين الأحمر والأصفر والأبيض والصباغ يقدر بان يسود الأبيض ولا يقدر بان يبيض الأسود والله تعالى يبيض الشعر الأسود والقلب الأسود ومن احسن من الله صبغة خرج ابو حفص قدس سره الى البستان ائتمارا بقوله تعالى (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ) فاضافه مجوسى فى بستان له فلما علم ان قلوب أصحابه نظرت الى بستان المجوسي قال اقرأوا (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) الآية ولما أراد ان يخرج ابو حفص اسلم المجوسي وثمانية عشر من أولاده وأقربائه فقال ابو حفص إذا خرجتم لاجل التفرج فاخرجوا هكذا أشار قدس سره الى ان هذا الخروج ليس مع النفس والهوى والا لم يكن له اثر محمود ثم انه يلزم للانسان ان ينظر بعين ظاهره الى زهرة الدنيا وبعين قلبه الى فنائها ويعتبر ايام الربيع بانواع الاعتبار وفى الحديث (إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور) اى فان خروج الموتى من القبور كخروج النبات من الأرض فيلزم ان يذكره عند رؤية الربيع ويذكر شمس القيامة عند اشتداد الحر وفى الحديث (إذا كان اليوم حارا فاذا قال الرجل لا اله الا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجار بي من حرك وانا أشهدك انى قد أجرته وإذا كان اليوم شديد البرد فاذا قال العبد لا اله الا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله تعالى ان عبدا من عبيدى استجار بي من زمهريرك وانى

أشهدك انى قد أجرته) قالوا وما زمهرير جهنم قال (بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده) اى يتفرق ويتفسخ. وينبغى ان يذكر بكاء العصاة على الصراط عند رؤية نزول المطر من السماء قالت رابعة القيسية ما سمعت الاذان إلا ذكرت منادى يوم القيامة وما رأيت الثلوج الا ذكرت تطاير الكتب وما رأيت الجراد الا ذكرت الحشر. وان يذكر حمرة وجوه المشتاقين عند رؤية الريحان الأحمر. وبياض وجه المؤمنين عند رؤية الأبيض. وصفرة وجوه العصاة عند رؤية الأصفر. وغبرة وجوه الشبان والنسوان الحسان فى القبر بعد سبعة ايام عند رؤية الريحان الأكهب وهو ماله لون غبرة وفى كشف الاسرار [كل زرد طبيبى است براى شفاى عالم واو خود بيمار. كل سرخ كويى مست است از ديدار او همه هشيار كشته واو در خمار. كل سپيد كويى ستم رسيده ايست از دست روزكار جوانى بباد داده وعمر رسيده بكنار در وقت اعتدال سال دو آفتاب برآيد از مطلع غيب يكى خورشيد جمال فلكى ويكى خورشيد جمال ملكى آن يكى بر كل تابد كل شكفته كردد اين يكى بر دل تابد دل افروخته كردد چون كل شكفته شد بلبل برو عاشق شود دل كه افروخته شد نظر خالق درو حاضر بود. كل باخر بريزد بلبل در هجر او ماتم كيرد. دل كر بماند حق تعالى او را در كنف الطاف وكرم كيرد: قلب المؤمن لا يموت ابدا] چشمى كه ترا ديد شد از درد معاف ... جانى كه ترا يافت شد از مرك مسلم وخرج ابن السماك قدس سره ايام الربيع فنظر الى الأنوار فصاح وقال يا منور الأشجار بانواع الأنوار نور قلوبنا بذكرك وحسن طاعتك وبعض الصالحين كانوا يبكون ايام الربيع شوقا الى الله تعالى ومنهم من يبكى خوفا من الفراق- حكى- ان الشيخ الشبلي قدس سره خرج يوما فوجده أصحابه تحت شجرة يبكى فقيل له فى ذلك قال مررت بهذه الشجرة فقطع منها غصن ووقع على الأرض وهو بعد اخضر لا خبر له بقطعه من أصله فقلت يا نفس ماذا أنت صانعة ان لو قطعت من الحق ولا علم لك بذلك فجلس أصحابه يبكون ويقال الربيع يدل على نعيم الجنة وراحتها والإنسان الكامل فى الربيع يظهر تأسفا وحسرة فلا يدرى سبب ذلك وذلك ان الأرواح كلها كانت فى صلب آدم عليه السلام حين كان فى الجنة فلما تفرقت فى انفس أولاده فاذا رأت شبه الجنة او زهرة او طيبا ذكرت نعيم الجنة فاسفت على مفارقتها وجزعت على الخروج منها ونظر بعض العلماء الى الورد فبكى وقال ان الميت يبكى فى الأرض الا بياض عينيه فاذا جاء الربيع وانفتح الورد انشق بياض عينبه وإذا تزوجت امرأته انشق قلبه بنصفين ويقال فى الآية كيف يحيى الأرض يعنى نفس المؤمن بعد يبوستها من الطاعات- روى- فى الخبر (من احيى أرضا ميتة فهى له) فالله تعالى احيى نفس المؤمن وقلبه فهو له لا للشيطان كذلك التائب إذا احيى نفسه بالطاعة فهو للجنة لا للنار ويقال يحيى النفوس بعد فترتها بصدق الإرادات ويحيى القلوب بعد غفلتها بانوار المحاضرات ويحيى الأرواح بعد حجبتها بدوام المشاهدات أموت إذا ذكرتك ثم احيى ... فكم احيى عليك وكم أموت

[سورة الروم (30) : الآيات 51 إلى 54]

والقلب بستان العارف وجنته وحياته بمعرفة الله تعالى فمن نظر الى أنواره استغنى عن العالم وأزهاره: وفى المثنوى صوفىء در باغ از بهر كشاد ... صوفيانه روى بر زانو نهاد «1» پس فرو رفت او بخود اندر نغول ... شد ملول از صورت خوابش فضول كه چهـ خسبى آخر اندر رز ذمكر ... اين درختان بين وآثار خضر امر حق بشنو كه كفت است انظروا ... سوى اين آثار رحمت آر رو كفت آثارش دلست اى بوالهوس ... آن برون آثار آثارست و پس باغها وميوها اندر دلت ... عكس لطف آن برين آب وكلست چون حيات از حق بگيرى اى روى ... پس غنى كردى ز كل در دل روى «2» نسأل الله تعالى ان يفتح بصائرنا لمشاهدة آثار رحمته ومطالعة أنوار صفاته ويأذن لنا فى دخول بستان اسرار ذاته والانتقال الى حرم هويته من حريم آياته وبيناته انه مفيض الخير والمراد ومحيى الفؤاد وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ اللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط والريح ريح العذاب كالدبور ونحوها والفاء فصيحة والضمير المنصوب راجع الى اثر الرحمة المدلول عليه بالآثار دلالة الجمع على واحده او النبات المعبر عنه بالآثار فانه اسم جنس يعم القليل والكثير. والمعنى وبالله لئن أرسلنا ريحا مضرة حارة او باردة فافسدت زرع الكفار فرأوه مُصْفَرًّا من تأثير الريح اى قد اصفر بعد خضرته وقرب من الجفاف والهلاك. والاصفرار بالفارسية [زرد شدن] والصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهو الى البياض اقرب لَظَلُّوا اللام لام جواب القسم الساد مسد الجوابين ولذلك فسر الماضي بالاستقبال اى يظلون وظل يظل بالفتح أصله العمل بالنهار ويستعمل فى موضع صار كما فى هذا المقام. والمعنى الفارسية [هر آينه باشند] مِنْ بَعْدِهِ اى بعد اصفرار الزرع والنبت يَكْفُرُونَ من غير توقف وتأخير يعنى ان الكفار لا اعتماد لهم على ربهم فان أصابهم خير وخصب لم يشكروا الله ولم يطيعوه وافرطوا فى الاستبشار وان نالهم ادنى شىء يكرهونه جزعوا ولم يصبروا وكفروا سالف النعم ولم يلتجئوا اليه بالاستغفار وليس كذلك حال المؤمن فانه يشكر عند النعمة ويصبر عند المحنة ولا ييأس من روح الله ويلتجىء اليه بالطاعة والاستغفار ليستجلب الرحمة فى الليل والنهار: وفى المثنوى چون فرود آيد بلا بى دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى «3» جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار «4» چونكه غم بينى تو استغفار كن ... غم بامر خالق آمد كار كن «5» وفى الآية اشارة الى ان ريح الشقاوة الازلية إذا هبت من مهب القهر والعزة على زروع معاملات الأشقياء وان كانت مخضرة اى على وفق الشرع تجعلها مصفرة يابسة تذروها الرياح كاعمال المنافق فيصيرون من بعد الايمان التقليدى بالنفاق يكفرون بالله وبنعمته وهذا الكفر أقبح من الكفر المتعلق بالنعمة فقط نعوذ بالله من درك الشقاء وسوء الحال وسيآت الأقوال

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه صوفى كه در ميان كلستان سر بر زانوى مراقبت نهاده بود إلخ (2) در أوائل دفتر سوم در بيان اختلاف كردن در چكونكى شكل إلخ (3) لم أجد (4) در اواخر دفتر سوم در بيان دعوت كردن نوح عليه السلام إلخ (5) در أوائل دفتر يكم در بيان عتاب كردن جهود إلخ

[سورة الروم (30) : الآيات 52 إلى 53]

والافعال فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى اى من كان من الكفار كما وصفنا فلا تطمع يا محمد فى فهمهم مقالتك وقبولهم دعوتك فانك لا تسمع الموتى. والكفار فى التشبيه كالموتى لانسداد مشاعرهم عن الحق وهم الذين علم الله قبل خلقهم انهم لا يؤمنون به ولا برسله وفى الآية دليل على ان الاحياء قد تسمون أمواتا إذا لم يكن لهم منفعة الحياة قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه مات خزان الأموال وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أجسادهم مفقودة وآثارهم بين الورى موجودة واعلم ان الكفر موت القلب كما ان العصيان مرضه فمن مات قلبه بالكفر بطل سمعه بالكلية فلا ينفعه النصح أصلا ومن مرض قلبه بالعصيان فيسمع سمعا ضعيفا كالمريض فيحتاج الى المعالجة فى إزالته حتى يعود سمعه الى الحالة الاولى ثم أشار تعالى الى تشبيه آخر بقوله وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ جمع أصم والصمم فقدان حاسة السمع وبه شبه من لا يصغى الى الحق ولا يقبله كما فى المفردات الدُّعاءَ اى الدعوة: وبالفارسية [خواندن] إِذا وَلَّوْا اعرضوا عن الداعي حال كونهم مُدْبِرِينَ تاركين له وراء ظهورهم فارين منه وتقييد الحكم بإذا إلخ لبيان كمال سوء حال الكفرة والتنبيه على انهم جامعون لخصلتى السوء بنبو أسماعهم عن الحق واعراضهم عن الإصغاء اليه ولو كان فيهم إحداهما لكفتهم فكيف وقد جمعوهما فان الأصم المقبل الى التكلم ربما يتفطن منه بواسطة أوضاعه وحركات فمه وإشارات يده ورأسه شيأ من كلامه وان لم يسمعه أصلا واما إذا كان معرضا عنه يعنى: [كرى كه پشت بر متكلم دارد] فلا يكاد يفهم منه شيأ ثم أشار الى تشبيه آخر بقوله وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ جمع أعمى وهو فاقد البصر عَنْ ضَلالَتِهِمْ متعلق بالهداية باعتبار تضمنها معنى الصرف سماهم عميا اما لفقدهم المقصود الحقيقي من الابصار او لعمى قلوبهم كما فى الإرشاد: وبالفارسية [ونيستى تو راه نماينده كوردلان از كمراهىء ايشان يعنى قادر نيستى بر آنكه توفيق ايمان دهى مشركانرا] فانهم ميتون والميت لا يبصر شيأ كما لا يسمع شيأ فكيف يهتدى إِنْ ما تُسْمِعُ مواعظ القرآن ونصائحه إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فان ايمانهم يدعوهم الى التدبر فيها وتلقيها بالقبول. يعنى ان الايمان حياة القلب فاذا كان القلب حيا يكون له السمع والبصر واللسان ويجوز ان يراد بالمؤمن المشارف للايمان اى الامن يشارف الايمان بها ويقبل عليها إقبالا حقيقيا فَهُمْ مُسْلِمُونَ تعليل لايمانهم اى منقادون لما تأمرهم به من الحق وفى التأويلات النجمية مستسلمون لاحكام الشريعة وآداب الطريقة فى التوجه الى عالم الحقيقة انتهى فان الاحكام والآداب كالجناحين للسالك الطائر الى الله تعالى فالمؤمن مطلقا سواء كان سالكا الى طريق الجنان او الى طريق قرب الرحمان يعرض عن النفس والشيطان ويقبل على داعى الحق بالوجه والجنان: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره فى الهى نامه يكى مرغيست اندر كوه پايه ... كه در سالى نهد چل روز خايه بحد شام باشد جاى او را ... بسوى بيضه نبود راى او را چوبنهد بيضه در چل روز بسيار ... شود از چشم مردم نابديدار

[سورة الروم (30) : آية 54]

يكى بيكانه مرغى آيد از راه ... نشيند بر سر آن بيضه آنگاه چنان آن بيضه در زير پر آرد ... كه تا روزى ازو بچهـ بر آرد چنانش پرورد آن دايه پيوست ... كه ندهد هيچ كس را آنچنان دست چوجوقى بچهـ او پر برآرند ... بيكده روى در يكديكر آرند درآيد زود مادرشان بپرواز ... نشيند بر سر كوهى سرافراز كند بانكى عجب از دور ناكاه ... كه آن خيل بچهـ كردند آگاه چوبنيوشند بانك مادر خويش ... شوند از مرغ بيكانه بر خويش بسوى مادر خود باز كردند ... وزان مرغ دكر ممتاز كردند اگر روزى دكر إبليس مغرور ... كرفته زير پر هستى تو معذور كه چون كردد خطاب خود بديدار ... بسوى حق شود ز إبليس بيزار فعلى العاقل ان يرجع الى أصله من صحبة الفروع ويجتهد فى ان يحصل له سمع الروع قبل ان تنسدّ الحواس وينهدم الأساس اللَّهُ مبتدأ خبره قوله الَّذِي خَلَقَكُمْ أوجدكم ايها الإنسان مِنْ ضَعْفٍ اى من اصل ضعيف هو النطفة او التراب على تأويل المصدر باسم الفاعل. والضعف بالفتح والضم خلاف القوة وفرقوا بان الفتح لغة تميم واختاره عاصم وحمزة فى المواضع الثلاثة والضم لغة قريش واختاره الباقون ولذا لما قرأه ابن عمر رضى الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح اقرأه بالضم ثُمَّ للتراخى فى الزمان جَعَلَ خلق لانه عدى لمفعول واحد مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ آخر وهو الضعف الموجود فى الجنين والطفل قُوَّةً هى القوة التي تجعل للطفل من التحرك واستدعائه اللبن ودفع الأذى عن نفسه بالبكاء قال بعض العلماء أول ما يوجد فى الباطن حول ثم ما يجربه فى الأعضاء قوة ثم ظهور العمل بصورة البطش والتناول قدرة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ اخرى هى التي بعد البلوغ وهى قوة الشباب ضَعْفاً آخر هو ضعف الشيخوخة والكبر وَشَيْبَةً شيبة الهرم والشيب والمشيب بياض الشعر ويدل على ان كل واحد من قوله ضعف وقوة اشارة الى حالة غير الحالة الاولى ذكره منكرا والمنكر متى أعيد ذكره معرفا أريد به ما تقدم كقولك رأيت رجلا فقال لى الرجل كذا ومتى أعيد منكرا أريد به غير الاول ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) لن يغلب عسر يسرين هكذا حققه الامام الراغب وتبعه اجلاء المفسرين وفى التأويلات النجمية (خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) فى البداية وهو ضعف العقل (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) فى العقل بالبراهين والحجج (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) فى الايمان لمن كان العقل عقيله فيعقله بعلاقة المعقولات فينظر فيها بداعية الهوى بنظر مشوب بآفة الوهم والخيال فيقع فى ظلمات الشبهات فتزل قدمه عن الصراط والدين القويم فيهلك كما هلك كثير ممن شرع فى تعلم المعقولات لاطفاء نور الشريعة وسعى فى ابطال الشريعة بظلمة الطبيعة يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون. وايضا (خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) التردد والتحير فى الطلب (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ

ضَعْفٍ قُوَّةً) فى صدق الطلب (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) فى الطلب (ضَعْفاً) فى حمل القول الثقيل وهو حقيقة قول لا اله الا الله فانها توجب الفناء الحقيقي وتوجب الضعف الحقيقي فى الصورة بحمل المعاتبات والمعاشقات التي تجرى بين المحبين فانها تورث الضعف والشيبة كما قال صلى الله عليه وسلم (شيبتنى سورة هود وأخواتها) فان فيها اشارة من المعاشقات بقوله (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) يَخْلُقُ الله تعالى ما يَشاءُ من الأشياء التي من جملتها ما ركب من الضعف والقوة والشباب والشيبة. يعنى هذا ليس طبعا بل بمشيئة الله تعالى وفى التأويلات النجمية (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) من القوة والضعف فى السعيد والشقي فيخلق فى السعيد قوة الايمان وضعف البشرية وفى الشقي قوة البشرية لقبول الكفر وضعف الروحانية لقبول الايمان وَهُوَ الْعَلِيمُ بخلقه الْقَدِيرُ بتحويله من حال الى حال. وايضا العليم باهل السعادة والشقاوة التقدير بخلق اسباب السعادة والشقاء فيهم واعلم ان نفس الإنسان اقرب الى الاعتبار من نفس غيرهم ولذا اخبر عن خلق أنفسهم فى أطوار مختلفة ليتغيروا ويتقلبوا وينتقلوا من معرفة هذا التغير والتقلب الى معرفة الصانع الكامل بالعلم والقدرة المنزه عن الحدوث والإمكان ويصرفوا القوى الى طاعته قال بعضهم رحم الله امرأ كان قويا فاعمل قوته فى طاعة الله او كان ضعيفا فكف لضعفه عن معصية الله قيل إذا جاوز الرجل الستين وقع بين قوة العلل وعجز العمل وضعف الأمل ووثبة الاجل فلا بد للشبان من دفع الكسل وسد الخلل وقد اثنى عليهم رسول الله عليه السلام خيرا حيث قال (أوصيكم بالشبان خيرا ثلاثا فانهم ارق افئدة ألا وان الله أرسلني شاهدا ومبشرا ونذيرا فخالصنى الشبان وخالفنى الشيوخ) : يعنى [وصيت ميكنم شما را به جوانانكه بهتراند سه بار زيرا كه ايشان رحيم دل ترند آگاه باشيد خداى تعالى مرا فرستاد شاهد ومبشر ونذير دوستى كردند با من جوانان ومخالفت كردند پيران] واثنى على الشيوخ ايضا حيث (قال من شاب شيبة فى الإسلام كانت له نورا يوم القيامة ما لم يخضبها او ينتفها) والمراد الخضاب بالسواد فانه حرام لغير الغزاة وحلال لهم ليكونوا اهيب فى عين العدو واما الخضاب بالحمرة والصفرة فمستحب ودل قوله (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) على ان الله تعالى لو لم يخلق الشيب فى الإنسان ما شاب واما قول الشاعر أشاب الصغير وأفنى الكبي ... ر كر الغداة ومر العشى فمن قبيل الاسناد المجازى ونظر ابو يزيد قدس سره الى المرآة فقال ظهر الشيب ولم يذهب العيب ولا أدرى ما فى الغيب يا عامر الدنيا على شيبه ... فيك أعاجيب لمن يعجب ما عذر من يعمر بنيانه ... وجسمه مستهدم يخرب قال الشيخ سعدى قدس سره كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آرد ز خوابت چهـ سود چوشيب اندر آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بر كن ز خواب من آن روز بركندم از عمر اميد ... كه افتادم اندر سياهى سپيد

[سورة الروم (30) : الآيات 55 إلى 60]

دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد چون كرمش ابريشمين بدخمه درآمد پس از چند روز ... كه بر وى بگريد بزارى وسوز چو پوسيده ديدش حرير كفن ... بفكرت چنين كفت با خويشتن من از كرم بركنده بودم بزور ... بكندند ازو باز كرمان كور - روى- ان عثمان رضى الله عنه كان إذا وقف على قبر بكى حتى تبل لحيته فقيل تذكر الجنة والنار ولا تبكى وتبكى من هذا فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان القبر أول منزل من منازل الآخرة فان نجامنه فما بعده أيسر منه وان لم ينج منه فما بعده أشد منه) - روى- ان الحسن البصري رحمه الله رأى بنتا على قبر تنوح وتقول يا أبت كنت افرش فراشك فمن فرشه الليلة يا أبت كنت أطعمك فمن أطعمك الليلة الى غير ذلك فقال الحسن لا تقولى كذلك بل قولى يا أبت وضعناك متوجها الى القبلة فهل بقيت او حولت عنها يا أبت هل كان القبر روضة لك من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران يا أبت هل أجبت الملكين على الحق اولا فقالت ما احسن قولك يا شيخ وقبلت نصيحته. فعلى العاقل ان يتذكر الموت ويتفكر فى بعد السفر ويتأهب بالايمان والأعمال مثل الصلاة والصيام والقيام ونحوها وأفضلها إصلاح النفس وكف الأذى عن الناس بترك الغيبة والكذب وتخليص العمل لله تعالى وذلك يحتاج الى قوة التوحيد بتكريره وتكريره بصفاء القلب آناء الليل وأطراف النهار وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ اى القيامة سميت بها لانها تقوم فى آخر ساعة من ساعات الدنيا او لانها تقع بغتة وبداهة وصارت علما لها بالغلبة كالنجم للثريا والكوكب للزهرة وفى فتح الرحمن ويوم تقوم الساعة التي فيها القيامة يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ يحلف الكافرون يقال اقسم اى حلف أصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف ما لَبِثُوا فى القبور وما نافية ولبث بالمكان اقام به ملازما له غَيْرَ ساعَةٍ اى الا ساعة واحدة وهى جزؤ من اجزاء الزمان استقلوا مدة لبثهم نسيانا او كذبا او تخمينا ويقال ما لبثوا فى الدنيا والاول هو الأظهر لان لبثهم مغيى بيوم البعث كما سيأتى وليس لبثهم فى الدنيا كذلك كَذلِكَ مثل ذلك الصرف: وبالفارسية [مثل اين بركشتن از راستى در آخرت] كانُوا فى الدنيا بانكار البعث والحلف على بطلانه كما اخبر سبحانه فى قوله (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ) من يموت يُؤْفَكُونَ يقال افك فلان إذا صرف عن الصدق والخير اى يصرفون عن الحق والصدق فيأخذون فى الباطل والافك والكذب يعنى كذبوا فى الآخرة كما كانوا يكذبون فى الدنيا: وبالفارسية [كار ايشان دروغ كفتن است در ين سرا ودر ان سرا] واعلم ان الله تعالى خلق الصدق فظهر من ظله الايمان والإخلاص وخلق الكذب فظهر من ظله الكفر والنفاق فانتج الايمان المتولد من الصدق ان يقول المؤمنون يوم القيامة الحمد لله الذي صدقنا وعده وهذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ونحوه وانتج الكفر المتولد من الكذب ان يقول الكافرون يومئذ والله ما كنا مشركين وما لبثوا غير ساعة ونحوه من الأكاذيب: قال الحافظ

[سورة الروم (30) : الآيات 56 إلى 57]

بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست يعنى ان آخر الصدق النور كما ان آخر الصبح الصادق الشمس وآخر الكذب الظلمة كما ان آخر الصبح الكاذب كذلك وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ فى الدنيا من الملائكة والانس ردالهم وإنكارا لكذبهم لَقَدْ والله قد لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ وهو التقدير الأزلي فى أم الكتاب اى علمه وقضائه إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [تا روز انگيختن] وهو مدة مديدة وغاية بعيدة لا ساعة حقيقة. وفى الحديث (ما بين فناء الدنيا والبعث أربعون) وهو محتمل للساعات والأيام والأعوام والظاهر أربعون سنة او أربعون الف سنة ثم أخبروا بوقوع البعث تبكيتا لهم لانهم كانوا ينكرونه فقالوا فَهذا الفاء جواب شرط محذوف اى ان كنتم منكرين البعث فهذا يَوْمِ الْبَعْثِ الذي أنكرتموه وكنتم توعدون فى الدنيا اى فقد تبين بطلان انكاركم وَلكِنَّكُمْ من فرط الجهل وتفريط النظر كُنْتُمْ فى الدنيا لا تَعْلَمُونَ انه حق سيكون فتستعجلون به استهزاء فَيَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا اى أشركوا مَعْذِرَتُهُمْ اى عذرهم وهو فاعل لا ينفع. والعذر تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة واصل الكلمة من العذرة وهى الشيء النجس تقول عذرت الصبى إذا طهرته وأزلت عذرته وكذا عذرت فلانا إذا أزلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كذا فى المفردات وقال فى كشف الاسرار أخذ من العذار وهو الستر وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ الاعتاب ازالة العتب اى الغضب والغلظة: وبالفارسية [خوشنود كردن] والاستعتاب طلب ذلك: يعنى [از كسى خواستن كه ترا خوشنود كند] من قولهم استعتبني فلان فاعتبته اى استرضانى فارضيته. والمعنى لا يدعون الى ما يقتضى اعتابهم اى ازالة عتبهم وغضبهم من التوبة والطاعة كما دعوا اليه فى الدنيا إذ لا يقبل حينئذ توبة ولا طاعة وكذا لا يصح رجوع الى الدنيا لادراك فائت من الايمان والعمل: قال الشيخ سعدى قدس سره كنونت كه چشم است اشكى ببار ... زبان در دهانست عذرى بيار كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بحسرت نشست وفى الآية اشارة الى ان القالب للانسان كالقبر للميت فهم يستقصرون يوم البعث ايامهم الدنيوية الفانية المتناهية وان طالت مدتهم بالنسبة الى صباح الحشر فانه يوم طويل قال عليه السلام (الدنيا ساعة فاجعلها طاعة) واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الأحزان والغموم والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف وليأتينّ عليها مئون من سنين ليس عليها موحد يعنى قرب القيامة فانه حينئذ ينقرض اهل الايمان لما أراد الله من فناء الدنيا ثم ينتهى دور السنبلة وينتقل الظهور الى

[سورة الروم (30) : الآيات 58 إلى 59]

البطون ثم بعد تمام مدة البرزخ وينفخ فى الصور فيبعث اهل الايمان على ما ماتوا عليه من التوحيد ويبعث اهل الكفر على ما هلكوا عليه من الإشراك وتكون الدنيا ومدتها وما تحويه من الأمور والأحوال نسيا منسيا فيا طوبى لمن صام طول نهاره حتى يطعمه الله فى ذلك اليوم الطويل من نعم جناته ولمن قام طول ليلته فيقيمه الله فى ظل عرشه اراحة له من الكدر ولمن وقع فى نار محبته فيخلصه من نار ذلك اليوم ويحيطه بالنور فانه لا يجتمع شدة الدنيا وحدّة الآخرة للمؤمن المتقى: قال الشيخ العطار فى الهى نامه مكر يكروز در بازار بغداد ... بغايت آتشى سوزنده افتاد فغان برخاست از مردم بيكبار ... وزان آتش قيامت شد بديدار بزه بر پيره زالى مبتلايى ... عصا در دست مى آمد ز جايى يكى كفتا مكر ديوانه تو ... كه افتاد آتش اندر خانه تو زنش كفتا تويى ديوانه من ... كه حق هركز نسوزد خانه من بآخر چون بسوخت عالم جهانى ... نبود آن زال را ز آتش زيانى بدو كفتند هان اى زال دمساز ... بگو كز چهـ بدانستى تو اين راز چنين كفت آنگهى زال فروتن ... كه يا خانه بسوزد يا دل من چوسوخت از غم دل ديوانه را ... نخواهد سوخت آخر خانه را فعلى العاقل ان يكون على مراد الله فى أحكامه وأوامره حتى يكون الله تعالى على مراده فى انجائه من ناره والاسترضاء لا يكون الا فى الدنيا فانها دار تكليف فاذا جاء الموت يختم الفم والأعضاء وتنسد الحواس والقوى وطرق التدارك بالكلية فيبقى كل امرئ مرهونا بعمله وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ اى وبالله لقد بينا لهم كل حال ووصفنا لهم كل صفة كأنها فى غرابتها كالامثال وذلك كالتوحيد والحشر وصدق الرسل وسائر ما يحتاجون اليه من امر الدين والدنيا مما يهتدى به المتفكر ويعتبر به الناظر المتدبر وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ [اگر بيارى تو اى محمد عليه السلام بديشان يعنى بمنكران متعاندان] بِآيَةٍ من آيات القرآن الناطقة بامثال ذلك لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا من فرط عنادهم وقساوة قلوبهم مخاطبين للنبى عليه السلام والمؤمنين إِنْ ما أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ مزوّرون يقال أبطل الرجل إذا جاء بالباطل وأكذب إذا جاء بالكذب وفى المفردات الابطال يقال فى إفساد الشيء وإزالته حقا كان ذلك الشيء او باطلا قال تعالى (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) وقد يقال فيمن يقول شيأ لا حقيقة له قال تعالى (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) كَذلِكَ اى مثل ذلك الطبع الفظيع يَطْبَعُ اللَّهُ يختم بسبب اختيارهم الكفر: وبالفارسية [مهر مى نهد خداى تعالى] عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لا يطلبون العلم ويصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها فان الجهل المركب يمنع ادراك الحق ويوجب تكذيب الحق واعلم ان الطبع ان يصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم والطابع فاعل ذلك وبه اعتبر الطبع

[سورة الروم (30) : آية 60]

والطبيعة التي هى السجية فان ذلك هو نقش النفس بصورة ما اما من حيث الخلقة او من حيث العادة وهو فيما ينقش به من جهة الخلقة اغلب وشبه احداث الله تعالى فى نفوس الكفار هيئة تمرنهم وتعودهم على استجاب الكفر والمعاصي واستقباح الايمان والطاعات بسبب اعراضهم عن النظر الصحيح بالختم والطبع على الأواني ونحوها فى انهما مانعان فان هذه الهيئة مانعة عن نفوذ الحق فى قلوبهم كما ان الختم على الأواني ونحوها مانع عن التصرف فيها ثم استعير الطبع لتلك الهيئة ثم اشتق منه يطبع فيكون استعارة تبعية فَاصْبِرْ يا محمد على اذاهم قولا وفعلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بنصرتك واظهار دينك حَقٌّ لا بد من إنجازه والوفاء به [نكه داريد وقت كارها را كه هر كارى بوقتى بايسته است] وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ اى لا يحملنك على الخفة والقلق جزعا قال فى المفردات لا يزعجنك ولا يزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ الإيقان [بى گمان شدن] واليقين أخذ من اليقين وهو الماء الصافي كما فى كشف الاسرار اى لا يوقنون بالآيات بتكذيبهم إياها واذاهم بأباطيلهم التي من جملتها قولهم ان أنتم الا مبطلون فانهم شاكون ضالون ولا يستبدع منهم أمثال ذلك فظاهر النظم الكريم وان كان نهيا للكفرة عن استخفافه عليه السلام لكنه فى الحقيقة نهى له عن التأثر من استخفافهم على طريق الكناية- روى- انه لمامات ابو طالب عم النبي عليه السلام بالغ قريش فى الأذى حتى ان بعض سفهائهم نثر على رأسه الشريفة التراب فدخل عليه السلام بيته والتراب على رأسه فقام اليه بعض بناته وجعلت تزيله عن رأسه وتبكى ورسول الله عليه السلام يقول لها (لا تبكى يا بنية فان الله مانع أباك) وكذا او ذى الاصحاب كلهم فصبروا وظفروا بالمراد فكانت الدولة لهم دينا ودنيا وآخرة: قال الحافظ دلا در عاشقى ثابت قدم باش ... كه در اين ره نباشد كار بى اجر وفى التأويلات النجمية وبقوله (فَاصْبِرْ) يشير الى الطالب الصادق فاصبر على مقاساة شدائد فطام النفس عن مألوفاتها تزكية لها وعلى مراقبة القلب عن التدنس بصفات النفس تصفية له وعلى معاونة الروح على بذل الوجود لنيل الجود تحلية له (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) فيما قال (ألا من طلبنى وجدنى) (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) يشير به الى استخفاف اهل البطالة واستجهالهم اهل الحق وطلبه وهم ليسوا اهل الإيقان وان كانوا اهل الايمان التقليدى يعنى لا يقطعون عليك الطريق بطريق الاستهزاء والإنكار كما هو عادة اهل الزمان يستخفون طالبى الحق وينظرون إليهم بنظر الحقارة ويزرونهم وينكرون عليهم فيما يفعلون من ترك الدنيا وتجردهم عن الاهالى والأولاد والأقارب وذلك لانهم لا يوقنون بوجوب طلب الحق تعالى ويجب على طالبى الحق اولا التجريد لقوله تعالى (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) وبعد تجريد الظاهر يجب عليهم التفريد وهو قطع تعلق القلب من سعادة الدارين وبهذين القدمين وصل من وصل الى مقام التوحيد كما قال بعضهم خطوتان وقد وصلت قال الشيخ العطار قدس سره مكر سنك وكلوخى بود در راه ... بدريايى درافتادند ناكاه

تفسير سورة لقمان

بزارى سنك كفتا غرقه كشتم ... كنون با قعر كويم سركذشتم وليكن آن كلوخ از خود فنا شد ... ندانم تا كجا رفت وكجا شد كلوخى بى زبان آواز برداشت ... شنود آن راز او هر كو خبر داشت كه از من در دو عالم تن نماندست ... وجودم يك سر سوزن نماندست زمن نه جان ونه تن مى توان ديد ... همه درياست روشن مى توان ديد اگر همرنك دريا كردى امروز ... شوى در وى تو هم در شب افروز وليكن تا تو خواهى بود خود را ... نخواهى يافت جانرا وخرد را وفى المثنوى آن يكى نحوى بكشتى درنشست ... رو بكشتيبان نهاد آن خودپرست «1» كفت هيچ از نحو خواندى كفت لا ... كفت نيم عمر تو شد در فنا دل شكسته گشت كشتيبان ز تاب ... ليك آندم كرد خاموش از جواب باد كشتى را بگردابى فكند ... گفت كشتيبان بآن نحوى بلند هيچ دانى آشنا كردن بگو ... گفت نى از من تو سباحى مجو گفت كل عمرت اى نحوى فناست ... زانكه كشتى غرق اين گردابهاست محو مى بايد نه نحو اينجا بدان ... گر تو محوى بى خطر در آب ران آب دريا مرده را بر سرنهد ... ور بود زنده ز دريا كى رهد چون بمردى تو ز أوصاف بشر ... بحر اسرارت نهد بر فرق سر تم تفسير سورة الروم وما يتعلق بها من العلوم بعون الله ذى الامداد على كافة العباد يوم السبت السادس من شهر الله رجب المنتظم فى شهور سنة تسع ومائة والف من الهجرة تفسير سورة لقمان اربع وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم الم اى هذه سورة الم قال بعضهم الحروف المقطعات مبادى السور ومفاتيح كنوز العبر. والاشارة هاهنا بهذه الحروف الثلاثة الى قوله انا الله ولى جميع صفات الكمال ومنى الغفران والإحسان وقال بعضهم الالف اشارة الى الفة العارفين واللام الى لطف صنعه مع المحسنين والميم الى معالم محبة قلوب المحبين وقال بعضهم يشير بالألف الى آلائه وباللام الى لطفه وعطائه وبالميم الى مجده وثنائه فبآلائه رفع الجحد من قلوب الأولياء وبلطف عطائه اثبت المحبة فى اسرار أصفيائه وبمجده وثنائه مستغن عن جميع خلقه بوصف كبريائه مر او را رسد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى تِلْكَ اى هذه السورة وآياتها آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ اى ذى الحكمة لاشتماله عليها او المحكم المحروس من التغيير والتبديل والممنوع من الفساد والبطلان فهو فعيل بمعنى المفعل وان كان قليلا كما قالوا اعقدت اللبن فهو عقيد اى معقد هُدىً من الضلالة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان ماجراى مرد نحوى در كشتى با كشتيبان إلخ [.....]

[سورة لقمان (31) : آية 4]

وهو بالنصب على الحالية من الآيات والعامل معنى الاشارة وَرَحْمَةً من العذاب وقال بعضهم سماه هدى لما فيه من الدواعي الى الفلاح والألطاف المؤدية الى الخيرات فهو هدى ورحمة للعابدين ودليل وحجة للعارفين وفى التأويلات النجمية هدى يهدى الى الحق ورحمة لمن اعتصم به يوصله بالجذبات المودعة فيه الى الله تعالى لِلْمُحْسِنِينَ اى العاملين للحسنات والمحسن لا يقع مطلقا الا مدحا للمؤمنين. وفى تخصيص كتابه بالهدى والرحمة للمحسنين دليل على انه ليس يهدى غيرهم وفى التأويلات المحسن من يعتصم بحبل القرآن متوجها الى الله ولذا فسر النبي عليه السلام الإحسان حين سأله جبريل ما الإحسان قال (ان تعبد الله كأنك تراه) فمن يكون بهذا الوصف يكون متوجها اليه حتى يراه ولا بد للمتوجه اليه ان يعتصم بحبله والا فهو منزه عن الجهات فلا يتوجه اليه لجهة من الجهات انتهى. ولذا قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ اشارة الى انه ليس هناك شىء من الأين حتى يتوجه اليه صوفى چهـ فغانست كه من اين الى اين ... اين نكته عيانست من العلم الى العين جامى مكن انديشه ز نزديكى ودورى ... لا قرب ولا بعد ولا وصل ولا بين ثم ان أريد بالحسنات مشاهيرها المعهودة فى الدين فقوله تعالى الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ إلخ صفة كاشفة للمحسنين وبيان لما عملوه من الحسنات فاللام فى للمحسنين لتعريف الجنس وان أريد بها جميع الحسنات الاعتقادية والعملية على ان يكون اللام للاستغراق فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لاظهار فضلها على غيرها ومعنى اقامة الصلاة أداؤها وانما عبر عن الأداء بالإقامة اشارة الى ان الصلاة عماد الدين وفى المفردات اقامة الشيء توفية حقه واقامة الصلاة توفية شرائطها لا الإتيان بهيئتها: يعنى [شرائط نماز دو قسم است قسمى را شرائط جواز كويند يعنى فرائض وحدود واوقات آن وقسمى را شرائط قبول كويند يعنى تقوى وخشوع واخلاص وتعظيم وحرمت آن قال تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وتا هر دو قسم بجاى نيارد معنىء اقامت درست نشود ازينجاست كه رب العزه در قرآن هر جا كه بنده را نماز فرمايد ويا بناى مدح كند (أَقِيمُوا الصَّلاةَ: وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) كويد «صلوا ويصلون» نكويد] وفى التأويلات النجمية (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) اى يديمونها بصدق التوجه وحضور القلب والاعراض عما سواه انتهى أشار الى معنى آخر لا قام وهو ادام كما قاله الجوهري وفى الحديث (ان بين يدى الخلق خمس عقبات لا يقطعها كل ضامر ومهزول) فقال ابو بكر رضى الله عنه ما هى يا رسول الله قال عليه السلام (. أولاها الموت وغصته. وثانيتها القبر ووحشته وضيقه. وثالثتها سؤال منكر ونكير وهيبتهما. ورابعتها الميزان وخفته. وخامستها الصراط ودقته) فلما سمع ابو بكر رضى الله عنه هذه المقالة بكى بكاء كثيرا حتى بكت السموات السبع والملائكة كلها فنزل جبريل وقال يا محمد قل لابى بكر حتى لا يبكى اما سمع من العرب كل داء له دواء الا الموت ثم قال (من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته ومن

[سورة لقمان (31) : آية 5]

صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضيقه ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبتهما ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته) ويقال من تهاون فى الصلاة منع الله منه عند الموت قول لا اله الا الله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ اى يعطونها بشرائطها الى مستحقيها من اهل السنة فان المختار انه لا يجوز دفع الزكاة الى اهل البدع كما فى الأشباه يقال من منع الزكاة منع الله منه حفظ المال ومن منع الصدقة منع الله منه العافية كما قال عليه السلام (حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ومن منع العشر منع الله منه بركة ارضه) وفى التأويلات النجمية (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) تزكية للنفس. فزكاة العوام من كل عشرين دينارا نصف دينار لتزكية نفوسهم من نجاسة البخل كما قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) فبايتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الأركان الاخرى نجاة العوام من النار. وزكاة الخواص من المال كله لتصفية قلوبهم من صدأ محبة الدنيا. وزكاة أخص الخواص بذل الوجود ونيل المقصود من المعبود كما قال عليه السلام (من كان لله كان الله له) : وفى المثنوى چون شدى من كان لله ازو له ... من ترا باشم كه كان الله له «1» وَهُمْ بِالْآخِرَةِ اى بالدار الآخرة والجزاء على الأعمال سميت آخرة لتأخرها عن الدنيا هُمْ يُوقِنُونَ فلا يشكون فى البعث والحساب [والإيقان بي كمان شدن] : وبالفارسية [ايشان بسراى ديكر بى گمانانند يعنى بعث وجزا را تصديق ميكنند] وإعادة لفظة هم للتوكيد فى اليقين بالبعث والحساب ولما حيل بينه وبين خبره بقوله بالآخرة وفى التأويلات النجمية وهم بالآخرة هم يوقنون لخروجهم من الدنيا وتوجههم الى المولى. والآخرة هى المنزل الثاني لمن يسير الى الله بقدم الخروج من منزل الدنيا فمن خرج من الدنيا لا بد له ان يكون فى الآخرة فيكون موفنابها بعد ان كان مؤمنا بها انتهى يقول الفقير لا شك عند اهل الله ان الدنيا من الحجب الجسمانية الظلمانية وان الآخرة من الحجب الروحانية النورانية ولا بد للسالك من خرقها بان يتجاوز من سير الأكوان الى سير الأرواح ومنه الى سير عالم الحقيقة فانه فوق الأولين فاذا وصل الى الأرواح صار الايمان إيقانا والعلم عيانا وإذا وصل الى عالم الحقيقة صار العيان عينا والحمد لله تعالى أُولئِكَ المحسنون المتصفون بتلك الصفات الجليلة عَلى هُدىً كائن مِنْ رَبِّهِمْ اى على بيان منه تعالى بين لهم طريقهم ووفقهم لذلك قال فى كشف الاسرار [بر راست راهى اند وراهنمونى خداوند خويش (عَلى هُدىً) بيان عبوديت است و (مِنْ رَبِّهِمْ) بيان ربوبيت بعد از كزار ومعاملت وتحصيل عبادت ايشانرا بستود هم باعتقاد سنت همه بگزارد عبوديت هم بإقرار ربوبيت] وفى الآية دليل على ان العبد لا يهتدى بنفسه الا بهداية الله تعالى ألا ترى انه قال (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) وهو رد على المعتزلة فانهم يقولون العبد يهتدى بنفسه قال شاه شجاع قدس سره ثلاثة من علامات الهدى. الاسترجاع عند المصيبة. والاستكانة عند النعمة. ونفى الامتنان عند العطية وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلوب والناجون من كل مهروب لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح قال فى المفردات الفلاح الظفر

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير من كان لله كان الله له إلخ

[سورة لقمان (31) : الآيات 6 إلى 10]

وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى. فالدنيوى الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا: والأخروي اربعة أشياء. بقاء بلا فناء. وغنى بلا فقر. وعز بلا ذل. وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة ألا ترى الى قوله عليه السلام (المؤمن لا يخلو عن قلة او علة او ذلة) يعنى مادام فى الدنيا فانها دار البلايا المصائب والأوجاع ودل قوله تعالى (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) على ان الإنسان عند أرذل العمر يعود الى حال الطفولية من الجهل والنسيان اى إذا كان علمه حصوليا اما إذا كان حضوريا كالعلوم الوهبية لخواص المؤمنين فانه لا يغيب ولا يزول عن قلبه ابدا لا فى الدنيا ولا فى برزخه ولا فى آخرته فان ذلك العلم الشريف الوهبي اللدني ليس بيد العقل الجزئى الذي من شأنه عروض النسيان له عند ضعف حال الشيخوخة ولذا لا يطرأ عليهم العته بالكبر بخلاف عوام المؤمنين والعلماء غالبا فعلى العاقل ان يجتهد حتى يدخل فى زمرة اهل الفلاح وذلك بتزكية النفس فى الدنيا والترقي الى مقامات المقربين فى العقبى وهى المقامات الواقعة فى جنات عدن والفردوس فالعاليات انما هى لاهل الهمة العالية نسأ الله تعالى ان يلحقنا بالابرار وَمِنَ النَّاسِ اى وبعض الناس فهذا مبتدأ خبره قوله مَنْ يَشْتَرِي الاشتراء دفع الثمن وأخذ المثمن والبيع دفع المثمن وأخذ الثمن وقد يتجوز بالشراء والاشتراء فى كل ما يحصل به شىء فالمعنى هاهنا يستبدل ويختار لَهْوَ الْحَدِيثِ وهو ما يلهى عما يعنى من المهمات كالاحاديث التي لا اصل لها. والأساطير التي لا اعتداد بها والاضاحيك وسائر ما لا خير فيه من الكلام. والحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ قال ابو عثمان رحمه الله كل كلام سوى كتاب الله او سنة رسوله او سيرة الصالحين فهو لهو وفى عرائس البيان الاشارة فيه الى طلب علوم الفلسفة من علم الإكسير والسحر والنير نجات وأباطيل الزنادقة وترهاتهم لان هذه كلها سبب ضلالة الخلق وفى التأويلات النجمية ما يشغل عن الله ذكره ويحجب عن الله سماعه فهو لهو الحديث. والاضافة بمعنى من التبيينية ان أريد بالحديث المنكر لان اللهو يكون من الحديث ومن غيره فاضيف العام الى الخاص للبيان كأنه قيل من يشترى اللهو الذي هو الحديث وبمعنى من التبعيضية ان أريد به الأعم من ذلك كأنه قيل من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه. واكثر اهل التفسير على ان الآية نزلت فى النضر بن الحارث بن كلدة [مردى كافردل وكافركيش بود سخت خصومت با رسول خدا كرد] قتله رسول الله صبرا حين فرغ من وقعة بدر- روى- انه ذهب الى فارس تاجرا فاشترى كليلة ودمنة واخبار رستم وإسفنديار وأحاديث الاكاسرة فجعل يحدث بها قريشا فى أنديتهم ولعلها كانت مترجمة بالعربية ويقول ان محمدا يحدثكم بعاد وثمود وانا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن فيكون الاشتراء على حقيقته بان يشترى بماله كتبا فيها لهو الحديث وباطل الكلام لِيُضِلَّ الناس ويصرفهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دينه الحق الموصل اليه او ليضلهم ويمنعهم بتلك الكتب المزخرفة عن قراءة كتابه الهادي اليه وإذا أضل غيره فقد ضل هو ايضا بِغَيْرِ عِلْمٍ اى حال كونه جاهلا بحال ما يشتريه ويختاره او بالتجارة حيث استبدل اللهو بقراءة القرآن

[سورة لقمان (31) : الآيات 7 إلى 9]

وَيَتَّخِذَها بالنصب عطفا على ليضل والضمير للسبيل فانه مما يذكر ويؤنث اى وليتخذها هُزُواً مهزوءا بها ومستهزأة أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الاشتراء والإضلال لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ لاهانتهم الحق بايثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه: وبالفارسية [عذابى خوار كننده كه سبى وقتل است در دنيا وعذاب خزى در عقبى] وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ اى على المشترى أفرد الضمير فيه وفيما بعده كالضمائر الثلاثة الاول باعتبار لفظ من وجمع فى أولئك باعتبار معناه قال فى كشف الاسرار هذا دليل على ان الآية السابقة نزلت فى النضر بن الحارث آياتُنا اى آيات كتابنا وَلَّى اعرض غير معتد بها مُسْتَكْبِراً مبالغا فى التكبر ودفع النفس عن الطاعة والإصغاء كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها حال من ضمير ولى او من ضمير مستكبرا والأصل كأنه فخذف ضمير الشان وخففت المثقلة اى مشابها حاله حال من لم يسمعها وهو سامع. وفيه رمز الى ان من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الأمور الموجبة للاقبال عليها والخضوع لها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً حال من ضمير لم يسمعها اى مشابها حاله حال من فى اذنيه ثقل مانع من السماع قال فى المفردات الوقر الثقل فى الاذن وفى فتح الرحمن الوقر الثقل الذي يغير ادراك المسموعات قال الشيخ سعدى [از آنرا كه كوش أرادت كران آفريده است چهـ كند كه بشنود وانرا كه بكند سعادت كشيده اند چون كند كه نرود] قال فى كشف الاسرار [آدميان دو كروهند آشنايان وبيكانكان آشنايان را قرآن سبب هدايت است بيكانكانرا سبب ضلالت كما قال تعالى (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) بيكانكان چون قرآن شنوند پشت بران كنند وكردن كشند كافروار چنانكه رب العزة كفت] إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى) إلخ دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست [آشنايان چون قرآن شنوند بنده وار بسجود درافتند وبا دل تازه وزنده دران زارند چنانكه الله تعالى كفت] (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) ذوق سجده در دماغ آدمي ... ديو را تلخى دهد او از غمى فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ اى فاعلمه بان العذاب المفرط فى الإيلام لا حق به لا محالة وذكر البشارة للتهكم ثم ذكر احوال أضدادهم بقوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بآياتنا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وعملوا بموجبها قال فى كشف الاسرار الايمان التصديق بالقلب وتحقيقه بالأعمال الصالحة ولذلك قرن الله بينهما وجعل الجنه مستحقة بهما قال تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) لَهُمْ بمقابلة ايمانهم وأعمالهم جَنَّاتُ النَّعِيمِ [بهشتهاى با نعمت ناز ويا نعمتهاى بهشت] كما قال البيضاوي اى نعيم جنات فعكس للمبالغة. وقيل جنات النعيم احدى الجنات الثمان وهى دار الجلال ودار السلام ودار القرار وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم كذا روى وهب بن منبه عن ابن عباس رضى الله عنهما خالِدِينَ فِيها حال من الضمير فى لهم وَعْدَ اللَّهِ اى وعد الله جنات النعيم

وعدا فهو مصدر مؤكد لنفسه لان معنى لهم جنات النعيم وعدهم بها حَقًّا اى حق ذلك الوعد حقا فهو تأكيد لقوله لهم جنات النعيم ايضا لكنه مصدر مؤكد لغيره لان قوله لهم جنات النعيم وعد وليس كل وعد حقا وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه شىء فيمنعه عن انجاز وعده او تحقيق وعيده الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة نه در وعده اوست نقض وخلاف ... نه در كار او هيچ لاف وكذاف هذا وقد ذهب بعض المفسرين الى ان المراد بلهو الحديث فى الآية المتقدمة الغناء: يعنى [تغنى وسرور فاسقانست در مجلس فسق وآيت در ذم كسى فرود آمد كه بندگان مغنيان خرد يا كنيزكان مغنيات تا فاسقانرا مطربى كند] فيكون المعنى من يشترى ذا لهو الحديث او ذات لهو الحديث قال الامام مالك إذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بهذا العيب قال فى الفقه ولا تقبل شهادة الرجل المغني للناس لاجتماع الناس فى ارتكاب ذنب يسببه لنفسه ومثل هذا لا يحترز عن الكذب واما من تغنى لنفسه لدفع الوحشة وازالة الحزن فتقبل شهادته إذ به لا تسقط العدالة إذا لم يسمع غيره فى الصحيح وكذا لا تقبل شهادة المغنية سواء تغنت للناس اولا إذ رفع صوتها حرام فبارتكابها محرما حيث نهى النبي عليه السلام عن صوت المغنية سقطت عن درجة العدالة وفى الحديث (لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ولا شراؤهن وثمنهن حرام) وقد نهى عليه السلام عن ثمن الكلب وكسب الزمارة: يعنى [از كسب ناى زدن] قالوا المال الذي يأخذه المغني والقوال والنائحة حكمه أخف من الرشوة لان صاحب المال أعطاه عن اختيار بغير عقد قال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم اصل عليه ان الله يقول (وَمِنَ النَّاسِ) إلخ وفى الحديث (ان الله بعثني هدى ورحمة للعالمين وأمرني بمحو المعازف والمزامير والأوتار والصنج وامر الجاهلية وحلف ربى بعزته لا يشرب عبد من عبيدى جرعة من خمر متعمدا الا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفور اله او معذبا ولا يتركها من مخافتى الا سقيته من حياض القدس يوم القيامة) وفى الحديث (بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير) قال ابن الكمال المراد بالمزامير آلات الغناء كلها تغليبا اى وان كانت فى الأصل اسماء لذوات النفخ كالبوق ونحوه مما ينفخ فيه والكسر ليس على حقيقته بدليل قرينه بل مبالغة فى النهى وفى الحديث (من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له ان يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة) قيل وما الروحانيون يا رسول الله قال (قراء اهل الجنة) اى من الملائكة والحور العين ونحوهم قال اهل المعاني يدخل فى الآية كل من اختار اللهو واللعب والمزامير والمعازف على القرآن وان كان اللفظ يذكر فى الاستبدال والاختيار كثيرا كما فى الوسيط قال فى النصاب ويمنع اهل الذمة عن اظهار بيع المزامير والطنابير واظهار الغناء وغير ذلك واما الأحاديث الناطقة برخصة الغناء ايام العيد فمتروكة غير معمول بها اليوم ولذا يلزم على المحتسب إحراق المعازف يوم العيد واعلم انه لما كان القرآن اصدق الأحاديث واملحها وسماعه والإصغاء اليه مما يستجلب الرحمة من الله استحب التغني به وهو تحسين الصوت وتطييبه لان ذلك سبب للرقة واثارة للخشية على ما ذهب اليه الامام

الأعظم رحمه الله كما فى فتح القريب ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان أفرط حتى زاد حرفا او أخفى حرفا فهو حرام كما فى أبكار الافكار. وعليه يحمل ما فى القنية من انه لوصلى خلف امام للحسن فى القراءة ينبغى ان يعيد. وما فى البزازية من ان من يقرأ بالالحان لا يستحق الاجر لانه ليس بقارئ فسماع القرآن بشرطه مما لا خلاف فيه وكذا لا خلاف فى حرمة سماع الأوتار والمزامير وسائر الآلات. لكن قال بعضهم حرمة الآلات المطربة ليست لعينها كحرمة الخمر والزنى بل لغيرها ولذا استثنى العلماء من ذلك الطبل فى الجهاد وطريق الحج فاذا استعملت باللهو واللعب كانت حراما وإذا خرجت عن اللهو زالت الحرمة قال فى العوارف واما الدف والشبابة وان كان فى مذهب الشافعي فيهما فسحة فالاولى تركهما والاخذ بالأحوط والخروج من الخلاف انتهى خصوصا إذا كان فى الدف الجلاجل ونحوها فانه مكروه بالاتفاق كما فى البستان. وانما الاختلاف فى سماع الاشعار بالالحان والنغمات فان كانت فى ذكر النساء وأوصاف أعضاء الإنسان من الخدود والقدود فلكونه مما يهيج النفس وشهوتها لا يليق باهل الديانات الاجتماع لمثل ذلك خصوصا إذا كان على طريقة اللهو والتغني بما يعتاده اهل الموسيقى «من بلالا» و «وتنادرتن» وخرافات يستعملونها فى مجالس اهل الشرب ومحافل اهل الفساد كما فى حواشى العوارف للشيخ زين الدين الحافى قدس سره وقد ادخل الموسيقى فى الأشباه فى العلوم المحرمة كالفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وغيرها وان كانت القصائد فى ذكر الجنة والنار والتشويق الى دار القرار ووصف نعم الملك الجبار وذكر العبادات والترغيب فى الخيرات فلا سبيل الى الإنكار ومن ذلك قصائد الغزاة والحجاج ووصف الغزو والحج مما يثير العزم من الغازي وساكن الشوق من الحاج. وإذا كان القوال امرد تنجذب النفوس بالنظر اليه وكان للنساء اشراف على الجمع يكون السماع عين الفسق المجمع على تحريمه. واللوطية على ثلاثة اصناف صنف ينظرون وصنف يصافحون وصنف يعملون ذلك العمل الخبيث. وكما يمنع الشاب الصائم من القبلة لحليلته حيث جعلت حريم حرام الوقاع. ويمنع الأجنبي من الخلوة بالاجنبية يمنع السامع من سماع صوت الأمرد والمرأة لخوف الفتنة وربما يتخذ للاجتماع طعام تطلب النفوس الاجتماع لذلك لا رغبة للقلوب فى السماع فيصير السماع معلولا تركن اليه النفوس طلبا للشهوات واستجلاء لمواطن اللهو والفضلات فينبغى ان يحذر السامع من ميل النفس لشىء من هواها وسئل بعضهم عن التكلف فى السماع فقال هو على ضربين تكلف فى المستمع بطلب جاه او منفعة دنيوية وذلك تلبيس وخيانة وتكلف فيه لطلب الحقيقة كمن يطلب الوجد بالتواجد وهو بمنزلة التباكي المندوب اليه فاذا فعل لغرض صحيح كان مما لا بأس به كالقيام للداخل لم يكن فى زمن النبي عليه السلام فمن فعله لتطييب قلب الداخل والمداراة ودفع الوحشة ان كان فى البلاد عادة يكون من قبيل العشرة وحسن الصحبة قالوا لو قعد واحد على ظهر بيته وقرىء عليه القرآن من اوله الى آخره فان رمى بنفسه فهو صادق والا فليحذر العاقل من دخول الشيطان فى جوفه وحمله عند السماع على نعرة او تصفيق او تحريق او رقص رياء وسمعة وفى سماع

اهل الرياء ذنوب منها انه يكذب على الله وانه وهب له شيأ وما وهب له والكذب على الله من أقبح اللذات ومنها ان يغر بعض الحاضرين فيحسن به الظن والاغرار خيانة لقوله عليه السلام (من غشنا فليس منا) ومنها ان يحوج الحاضرين الى موافقته فى قيامه وقعوده فيكون متكلفا مكلفا للناس بباطله فيجتنب الحركة ما أمكن الا إذا صارت حركته كحركة المرتعش الذي لا يجد سبيلا الى الإمساك وكالعاطس الذي لا يقدر ان يرد العطسة والحاصل ان الميل عند السماع على انواع. منها ميل يتولد من مطالعة الطبيعة للصوت الحسن وهو شهوة وهو حرام لانه شيطانى چهـ مرد سماعست شهوت پرست ... بآواز خوش خفته خيزد نه مست . ومنها ميل يتولد من النفس ومطالعة النغمات والالحان وهو هوى وهو حرام ايضا لكونه شيطانيا حاصلا لذى القلب الميت والنفس الحية ومن علامات موت القلب نسيان الرب ونسيان الآخره والانكباب على أشغال الدنيا واتباع الهوى فكل قلب ملوث بحب الدنيا فسماعه سماع طبع وتكلف اگر مردى بازي ولهوست ولاغ ... قوى تر بود ديوش اندر دماغ . ومنها ميل يتولد من القلب بسبب مطالعة نور افعال الحق وهو عشق وهو حلال لانه رحمانى حاصل لذى قلب حى ونفس ميتة. ومنها ميل يتولد من الروح بسبب مطالعة نور صفاته وهو محبة وحضور وسكون وهو حلال ايضا. ومنها ما يتولد من السر بسبب مشاهدة نور ذاته تعالى وهو انس وهو حلال ايضا ولذا قال الشيخ سعدى قدس سره نكويم سماع اى برادر كه چيست ... مكر مستمع را بدانم كه كيست كر از برج معنى پرد طير او ... فرشته فروماند از سير او فهو حال العاشق الصادق واصحاب الحال هم الذين اثرت فيهم أنوار الأعمال الصالحة فوهبهم الله تعالى على أعمالهم بالمجازاة حالا الوجد والذوق ومآلا الكشف والمشاهدة والمعاينة والمعرفة بشرط الاستقامة قال زين الدين الحافى قدس سره فمن يجد فى قلبه نورا يسلك به طريق من اباحه والا فرجوعه الى من كرهه من العلماء اسلم. ومعنى السماع استماع صوت طيب موزون محرك للقلب وقد يطلق على الحركة بطريق تسمية المسبب باسم السبب وجبلت النفوس حتى غير العاقل على الإصغاء الى ما يحب من سماع الصوت الحسن فقد كانت الطيور تقف على رأس داود عليه السلام لسماع صوته به از روى خوبست آواز خوش ... كه اين حظ نفس است وآن قوت روح وكان الأستاذ الامام ابو على البغدادي رحمه الله اوتى حظا عظيما وانه اسلم على يده جماعة من اليهود والنصارى من سماع قراءته وحسن صوته كما تغير حال بعضهم من سماع بعض الأصوات القبيحة ونقل عن الامام تقى الدين المصري انه كان استاذا فى التجويد وانه قرأ يوما فى صلاة الصبح (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) وكرر هذه الآية فنزل طائر على رأس الشيخ يسمع قراءته حتى أكملها فنظروا اليه فاذا هو هدهد قالوا الروح

[سورة لقمان (31) : آية 10]

إذا استمع الصوت الحسن والتذ بذلك تذكر مخاطبة الحق إياه بقوله (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) فحنّ الى العود بالحضرة الربوبية وطار من الأوكار البشرية الى الحضرة الصمدية چهـ كونه جان نپرد سوى حضرت متعال ... نداء لطف الهى رسد كه عبدى تعال قال حضرة الشيخ ابو طالب المكي فى قوت القلوب ان أنكرنا السماع مجملا مطلقا غير مقيد مفصل يكون إنكارنا على سبعين صديقا وان كنا نعلم ان الإنكار اقرب الى قلوب القراء والمتعبدين الا انا لا نفعل ذلك لانا نعلم ما لا يعلمون وسمعنا عن السلف من الاصحاب والتابعين ما لا يسمعون انتهى فقد جوز الشيخ قدس سره السماع اى سماع الصوت الحسن واستدل عليه بأخبار وآثار فى كتابه وقوله يعتبر كما فى العوارف لوفور علمه وكمال حاله وعلمه بأحوال السلف ومكان ورعه وتقواه وتحريه الأصوب والأعلى لكن من اباحه لم ير إعلانه فى المساجد والبقاء الشريفة فعليك بترك القيل والقال والاخذ بقوة الحال خَلَقَ الله تعالى وأوجد السَّماواتِ السبع وكذا الكرسي والعرش بِغَيْرِ عَمَدٍ بفتحتين جمع عماد كاهب وإهاب وهو ما يعمد به اى يسند يقال عمدت الحائط إذا ادعمته اى خلقها بغير دعائم وسوارى على ان الجمع لتعدد السموات: وبالفارسية [بيافريد آسمانها را بي ستون] تَرَوْنَها استئناف جيىء به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى إياها غير معمودة بمشاهدتهم لها كذلك او صفة لعمد اى خلقها بغير عمد مرئية على ان التقييد للرمز على انه تعالى عمدها بعمد لا ترى هى عمد القدرة واعلم ان وقوف السموات وثبات الأرض على هذا النظام من غير اختلال انما هو بقدرة الله الملك المتعال ولله تعالى رجال خواص مظاهر القدرة هم العمد المعنوية للسموات والسبب الموجب لنظام العالم مطلقا وهم موجودون فى كل عصر فاذا كان قرب القيامة يحصل لهم الانقراض والانتقال من هذه النشأة بلا خلف فيبقى العالم كشبح بلا روح فتنحل اجزاؤه انحلال اجزاء الميت ويرجع الظهور الى البطون ولا ينكر هذه الحال الا مغلوب القال نعوذ بالله من الإنكار والإصرار وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ الإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح. والرواسي جمع راسية من رسا الشيء يرسو اى ثبت والمراد الجبال الثوابت لانها ثبتت فى الأرض وثبتت بها الأرض شبه الجبال الرواسي استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الأرض وما هو إلا تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الأذهان فهو هين عليه والمراد قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا اى تضطرب فلم يدرا حد مم خلقت أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ الميد اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض يقال ماد يميد ميدا وميدانا تحرك واضطراب: وبالفارسية [الميد: جنبيدن وخراميدن] والباء للتعدية. والمعنى كراهة ان تميل بكم فان بساطة اجزائها تقتضى تبدل أحيازها وأوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته او لشىء من لوازمه بحيز معين ووضع مخصوص: وبالفارسية [تا زمين شما را نه جنباند يعنى حركت ندهد ومضرب نسازد چهـ زمين بر روى آب متحرك بود چون كشتى وبجبال راسيات آرام يافت كما قال الشيخ سعدى قدس سره

[سورة لقمان (31) : الآيات 11 إلى 15]

چومى كسترانيد فرش تراب ... چوسجاده نيك مردان بر آب زمين از تب لرزه آمد ستوه ... فرو كفت بر دامنش ميخ كوه [در موضح از ضحاك نقل ميكنند كه حق سبحانه نوزده كوه را ميخ زمين كرد تا بر چاى بايستاد از جمله كوه قاف وابو قبيس وجودى ولبنان وسينين وطور سينا وفيران] واعلم ان الجبال تزيد فى بعض الروايات على ما فيه الموضح كما سبق فى تفسير سورة الحجر قال بعضهم ان الجبال عظام الأرض وعروقها وهذا كقول من قال من اهل السلوك الشمس والقمر عينا هذا التعين والكواكب ليست مركوزة فيه وانما هى بانعكاس الأنوار فى بعض عروقه اللطيفة وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرف بالكشف وَبَثَّ [و پراكنده كرد] فِيها [در زمين] مِنْ كُلِّ دابَّةٍ من كل نوع من أنواعها مع كثرتها واختلاف أجناسها. اصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما انطوت عليه من الغم والشر فبث كل دابة فى الأرض اشارة الى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره إياه والدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى الحشرات اكثر وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ من السحاب لان السماء فى اللغة ما علاك واظلك ماءً هو المطر فَأَنْبَتْنا فِيها فى الأرض بسبب ذلك الماء والالتفات الى نون العظمة فى الفعلين لابراز مزيد الاعتناء بامرهما مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ من كل صنف كثير المنفعة قال فى المفردات وكل شىء يشرف فى بابه فانه يوصف بالكرم: وبالفارسية [از هر صنف كياهى نيكو وبسيار منفعت] وكل ما فى العالم فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركبا ما من جوهر وعرض ومادة وصورة. وفيه تنبيه على انه لا بد للمركب من مركب وهو الصانع الفرد واعلم وفقنا الله جميعا للتفكر فى عجائب صنعه وغرائب قدرته ان عقول العقلاء وإفهام الأذكياء قاصرة متحيرة فى امر النباتات والأشجار وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها وكيف لا وأنت تشاهد اختلاف أشكالها وتباين ألوانها وعجائب صور أوراقها وروائح ازهارها وكل لون من ألوانها ينقسم الى اقسام كالحمرة مثلا كوردىّ وأرجواني وسوسنى وشقائقى وخمرى وعنابى وعقيقى ودموى ولكىّ وغير ذلك مع اشتراك الكل فى الحمرة ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضا واشتراك الكل فى طيب الرائحة وعجائب إشكال أثمارها وحبوبها وأوراقها ولكل لون وريح وطعم وورق وثمر وزهر وحب وخاصية لا تشبه الاخرى ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها الا الله والذي يعرف الإنسان من ذلك بالنسبة الى ما لا يعرفه كقطرة من بحر وقد اخرج الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام من الجنة فبكيا على الفراق سنين كثيرة فنبت من دموعهما نباتات حارة كالزنجبيل ونحوه فلم يضيع دموعهما كما لم يضيع نطفته حيث خلق منها يأجوج ومأجوج إذ لا يلزم ان يكون نزول النطفة على وجه الشهوة حتى يرد انه لم يحتلم نبى قط وقد سبق البحث فيه هذا الذي ذكر من السموات والأرض والجبال والحيوان والنبات خَلْقُ اللَّهِ مخلوقه كضرب الأمير اى مضروبه فاقيم المصدر مقام المفعول توسعا فَأَرُونِي ايها المشركون: والاراءة بالفارسية [نمودن]

يقال أريته الشيء وأصله أرأيته ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ اى من دون الله تعالى مما اتخذتموهم شركاء له تعالى فى العبادة حتى استحقوا مشاركته فى العبودية وماذا بمنزلة اسم واحد بمعنى أي شىء نصب بخلق او ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا وصلته وأرونى معلق عنه على التقديرين بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ إضراب عن تبكيتهم اى كفار قريش الى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر اى فى ذهاب عن الحق بين واضح وابان بمعنى بان ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على انهم ظالمون باشراكهم وفى فتح الرحمن بل هذا الذي قريش فيه ضلال مبين فذكرهم بالصفة التي تعم معهم أشباههم ممن فعل فعلهم من الأمم قال الكاشفى [بلكه مشركان در كمراهى آشكارانند كه عاجز را با قادر ومخلوق را با خالق در پرستش شركت مى دهند] هر كه هست آفريده او بنده است ... بنده در بند آفريننده است پس كجا بنده كه در بنده است ... لائق شركت خداوند است واعلم ان التوحيد أفضل الفضائل كما ان الشرك اكبر الكبائر وللتوحيد نور كما ان للشرك نارا وان نور التوحيد احرق لسيئات الموحدين كما ان نار الشرك احرق لحسنات المشركين ولكون التوحيد أفضل العبادات وذكر الله اقرب القربات لم يقيد بالزمان والأوقات بخلاف سائر الأعمال من الصيام والصلوات فالخلاص من الضلالة انما هو بالهداية الى التوحيد واخلاص العبادة لله الحميد وفى الحديث (من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله) اى فى الآخرة فيما يخفيه من الإخلاص وغيره ثم علم المشرك بالشرك الجلى وكذا عمله وان كانا فى صورة الحسنة كلاهما مردود مبعود وكذا علم المشرك بالشرك الخفي وعمله فان عمل الرياء والسمعة يدور بين السماء والأرض ثم يضرب به على وجه صاحبه واما المخلص وعمله فكلاهما محبوب مقرب عند الله تعالى- روى- ان المنزل الاول من منازل الأعمال المتقبلة المشروعة هو سدرة المنتهى ويتعدى بعض الأعمال الى الجنة وبعضها الى العرش وكل عمل غلبت عليه الصفات الروحانية وقواها إذا اقترن به علم محقق او اعتقاد حاصل عن تصور صحيح مطابق للمتصور مع حضور وجمعية وصدق فانه يتجاوز العرش الى عالم المثال فيدخر فيه لصاحبه الى يوم الجمع وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح فيتعين صورته فيه ثم يرد الى صاحبه يوم الجمع ثم من تتعدى اعماله الى مقام القلم ثم الى العماد فانظر الى الأعمال الصالحة ومقاماتها العلوية واعرض عن الشرك والأعمال السفلية قال الشيخ سعدى قدس سره ره راست رو تا بمنزل رسى ... تو برره نه زين قبل واپسى چوكاوى كه عصار چشمش به بست ... دوان تا بشب شب هم آنجا كه هست كسى كر بتابد ز محراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى تو هم پشت بر قبله كن در نماز ... كرت در خدا نيست روى نياز فاذا كان ما سوى الله تعالى لا يقدر على خلق شىء وإعطاء ثواب فلا معنى للقصد اليه بالعبادة

[سورة لقمان (31) : آية 12]

ففروا الى الله ايها المؤمنون لعلكم تنزلون منازل أهلها آمنون وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [آورده اند كه قصه لقمان حكيم ووصايا او نزد يهود شهرتى داشت عظيم وعرب در مهمى كه بديشان رجوع كردندى از حكمتها ولقمان براى ايشان مثل زدندى حق سبحانه وتعالى از حال وى خبر داد وفرمود: ولقد إلخ] وهو على ما قال محمد بن إسحاق صاحب المغازي لقمان بن باغور بن باحور بن تارخ وهو آزر ابو ابراهيم الخليل عليه السلام وعاش الف سنة حتى أدرك زمن داود عليه السلام وأخذ عنه العلم وكان يفتى قبل مبعثه فلما بعث ترك الفتيا فقيل له فى ذلك فقال ألا اكتفى إذا كفيت وقال بعضهم هو لقمان بن عنقا بن سرون كان عبدا نوبيا من اهل ايلة اسود اللون ولا ضير فان الله تعالى لا يصطفى عباده اصطفاء نبوة او ولاية وحكمة على الحسن والجمال وانما يصطفيهم على ما يعلم من غائب أمرهم ونعم ما قال المولى الجامى چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش والجمهور على انه كان حكيما حكمة طب وحكمة حقيقة: يعنى [مردى حكيم بود از نيك مردان بنى إسرائيل خلق را پند دادى وسخن حكمت كفتى وليكن سبط او معلوم نيست ولم يكن نبيا اما هزار پيغمبر را شاكردى كرده بود وهزار پيغمبر او را شاكرد بودند در سخن حكمت] وفى بعض الكتب قال لقمان خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات. ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك. وان كنت فى الطعام فاحفظ حلقك. وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك. وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك. واذكر اثنين. وانس اثنين اما اللذان تذكرهما فالله والموت واما اللذان تنساهما إحسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك ويؤيد كونه حكيما لانبيا كونه اسود اللون لان الله تعالى لم يبعث نبيا الأحسن الشكل حسن الصوت. وما روى انه قيل ما أقبح وجهك يا لقمان فقال أتعيب بهذا على النقش أم على النقاش. وما قال عليه السلام حقا أقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فاحبه فمنّ عليه بالحكمة وهى إصابة الحق باللسان وإصابة الفكر بالجنان وإصابة الحركة بالأركان ان تكلم تكلم بحكمة وان تفكر تفكر بحكمة وان تحرك تحرك بحكمة كما قال الامام الراغب الحكمة إصابة الحق بالعلم والفعل. فالحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام. ومن الإنسان معرفة الموجودات على ما هى عليه وفعل الخيرات وهذا هو الذي وصف به لقمان فى هذه الآية قال الامام الغزالي رحمه الله من عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله لم يستحق ان يسمى حكيما لانه لم يعرف أجل الأشياء وأفضلها والحكمة أجل العلوم وجلالة العلم بقدر جلالة المعلوم ولا أجل من الله ومن عرف الله فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها ومن عرف الله كان كلامه مخالفا لكلام غيره فانه قلما يتعرف للجزئيات بل يكون كلامه جمليا ولا يتعرض لمصالح العاجلة بل يتعرض لما ينفع فى العاقبة ولما كانت الكلمات الكلية اظهر عند الناس من احوال الحكيم من معرفته بالله ربما اطلق الناس اسم الحكمة على مثل تلك

الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الأنبياء عليه السلام (رأس الحكمة مخافة الله. ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. كن ورعا تكن اعبد الناس. وكن تقيا تكن اشكر الناس. البلاء موكل بالمنطق. السعيد من وعظ بغيره. القناعة مال لا ينفد. اليقين الايمان كله) فهذه الكلمات وأمثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما وفى التأويلات النجمية الحكمة عدل الوحى قال عليه السلام (أوتيت القرآن وما يعدله) وهو الحكمة بدليل قوله تعالى (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) فالحكمة موهبة للاولياء كما ان الوحى موهبة للانبياء وكما ان النبوة ليست كسبية بل هى فضل الله يؤتيه من يشاء فكذلك الحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الأنبياء إياه طريق تحصيلها بل بايتاء الله تعالى كما علمنا النبي عليه السلام طريق تحصيلها بقوله (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وكما ان القلب مهبط الوحى من ايحاء الحق تعالى كذلك مهبط الحكمة بايتاء الحق تعالى كما قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) وقال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) فثبت ان الحكمة من المواهب لامن المكاسب لانها من الأقوال لا من المقامات والمعقولات التي سمتها الحكماء حكمة ليست بحكمة فانها من نتائج الفكر السليم من شوب آفة الوهم والخيال وذلك يكون للمؤمن والكافر وقلما يسلم من الشوائب ولهذا وقع الاختلاف فى أدلتهم وعقائدهم ومن يحفظ الحكمة التي أوتيت لبعض الحكماء الحقيقية لم تكن هى حكمة بالنسبة اليه لانه لم يؤت الحكمة ولم يكن هو حكيما انتهى قال فى عرائس البيان الحكمة ثلاث. حكمة القرآن وهى حقائقه. وحكمة الايمان وهى المعرفة. وحكمة البرهان وهى ادراك لطائف صنع الحق فى الافعال واصل الحكمة ادراك خطاب الحق بوصف الإلهام قال شاه شجاع ثلاث من علامات الحكمة. إنزال النفس من الناس منزلتها. وإنزال الناس من النفس منزلتهم. ووعظهم على قدر عقولهم فيقوم بنفع حاضر وقال الحسين بن منصور الحكمة سهام وقلوب المؤمنين اهدافها والرامي الله والخطأ معدوم وقيل الحكمة هو النور الفارق بين الإلهام والوسواس ويتولد هذا النور فى القلب من الفكر والعبرة وهما ميراث الحزن والجوع قال حكيم قوت الأجساد المشارب والمطاعم وقوت العقل الحكمة والعلم. وأفضل ما اوتى العبد فى الدنيا الحكمة وفى الآخرة الرحمة والحكمة للاخلاق كالطب للاجساد وعن على رضى الله عنه روّحوا هذه القلوب واطلبوا لها طرائف الحكمة فانها تمل كما تمل الأبدان وفى الحديث (ما زهد عبد فى الدنيا الا أنبت الله الحكمة فى قلبه وانطق بها لسانه وبصّره عيوب الدنيا وعيوب نفسه وإذا رأيتم أخاكم قد زهد فاقربوا اليه فاستمعوا منه فانه يلقى الحكمة) . والزهد فى اللغة ترك الميل الى الشيء وفى اصطلاح اهل الحقيقة هو بعض الدنيا والاعراض عنها وشرط الزاهد ان لا يحنّ الى ما زهد فيه وأدبه ان لا يذم المزهود فيه لكونه من جملة افعال الله تعالى وليشغل نفسه بمن زهد من اجله قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الأرض وهو موضع نبع الماء والتواضع سر من اسرار الله المخزونة عنده لا يهبه على الكمال الا لنبىّ او صديق فليس كل تواضع تواضعا

وهو أعلى مقامات الطريق وآخر مقام ينتهى اليه رجال الله وحقيقة العلم بعبودية النفس ولا يصح من العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها. ولهذا قال ابو مدين قدس سره آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق بسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع شريف لا يقدر عليه كل أحد فانه موقوف على صاحب التمكين فى العالم والتحقق فى التخلق كذا فى مواقع النجوم لحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر- روى- ان لقمان كان نائما نصف النهار فنودى يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة فى الأرض وتحكم بين الناس بالحق فاجاب الصوت فقال ان خيرنى ربى قبلت العافية ولم اقبل البلاء وان عزم علىّ اى جزم فسمعا وطاعة فانى اعلم ان فعل بي ذلك أعانني وعصمنى فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان قال لان الحاكم باشد المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان ان أصاب فبالحرى ان ينجو وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ومن يكن فى الدنيا ذليلا خير من ان يكون شريفا ومن يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقه ثم نام نومة اخرى فاعطى الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى او را پسنديد وحكمت را برو إفاضه كرد بمثابه كه ده هزار كلمه حكمت ازو منقولست كه هر كلمه بعالمى ارزد] فانظر الى قابليته وحسن استعداده لحسن حاله مع الله واما امية بن ابى الصلت الذي كان يأمل ان يكون نبى آخر الزمان وكان من بلغاء العرب فانه نام يوما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه لسوء حاله مع الله تعالى ثم نودى داود بعد لقمان فقبلها فلم يشترط ما اشترط لقمان فوقع منه بعض الزلات وكانت مغفورة له وكان لقمان يوازره بحكمته: يعنى [وزيرىء وى ميكند بحكمت] فقال له داود طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى واعطى داود الخلافة وابتلى بالبلية والفتنة در قصر عافيت چهـ نشينيم اى سليم ... ما را كه هست معركهاى بلا نصيب وقال دائم كه شاد بودن من نيست مصلحت ... جز غم نصيب جان ودل ناتوان مباد ولما كانت الحكمة من انعام الله تعالى على لقمان ونعمة من نعمه طالبه بشكره بقوله أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ اى قلنا له اشكر لله على نعمة الحكمة إذ آتاك الله إياها وأنت نائم غافل عنها جاهل بها وَمَنْ [وهر كه] يَشْكُرْ له تعالى على نعمه فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لان منفعته التي هى دوام النعمة واستحقاق مزيدها عائدة إليها مقصورة عليها ولان الكفران من الوصف اللازم للانسان فانه ظلوم كفار والشكر من صفة الحق تعالى فان الله شاكر عليم فمن شكر فانما يشكر لنفسه بازالة صفة الكفران عنها واتصافها بصفة ساكرية الحق تعالى وَمَنْ كَفَرَ نعمة ربه فعليه وبال كفره فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عنه وعن شكره حَمِيدٌ محمود فى ذاته وصفاته وأفعاله سواء حمده العباد وشكروه أم كفروه ولا يحصى عليه أحد ثناء كما يثنى هو على نفسه وعدم التعرض لكونه تعالى شكورا لما ان الحمد متضمن للشكر وهو رأسه

كما قال عليه السلام (الحمد رأس الشكر لم يشكر الله عبد لم يحمده) فاثباته له تعالى اثبات للشكر قال فى كشف الاسرار رأس الحكمة الشكر لله ثم المخافة منه ثم القيام بطاعته ولا شك ان لقمان امتثل امر الله فى الشكر وقام بعبوديته [لقمان ادبى تمام داشت وعبادت فراوان وسينه آبادان ودلى پر نور وحكمت روشن بر مردمان مشفق ودر ميان خلق مصلح وهمواره ناصح خود را پوشيده داشتى وبر مرك فرزندان وهلاك مال غم نخوردى واز تعلم هيچ نياسودى حكيم بود وحليم ورحيم وكريم] فلقمان ذو الخير الكثير بشهادة الله له بذلك فانه قال (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وأول ما روى من حكمته الطبية انه بينا هو مع مولاه إذ دخل المخرج فاطال الجلوس فناداه لقمان ان طول الجلوس على الحاجة يتجزع منه الكبد ويورث الناسور ويصعد الحرارة الى الرأس فاجلس هوينا وقم هوينا فخرج فكتب حكمته على باب الحش واوّل ما ظهرت حكمته العقلية انه كان راعيا لسيده فقال مولاه يوما امتحانا لعقله ومعرفته اذبح شاة وائتنى منها بأطيب مضغتين فاتاه باللسان والقلب وفى كشف الاسرار [آنچهـ از جانور بدتر است وخبيث تر بمن آر] فاتاه باللسان والقلب ايضا فسأله عن ذلك فقال لقمان ليس شىء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا [خواجه آن حكمت از وى بپسنديد واو را آزاد كرد] وفى بعض الكتب ان لقمان خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة فبينا هو يعظ الناس يوما وهم مجتمعون عليه لاستماع كلمة الحكمة إذ مر به عظيم من عظماء بنى إسرائيل فقال ما هذه الجماعة قيل له هذه جماعة اجتمعت على لقمان الحكيم فاقبل اليه فقال له ألست العبد الأسود الذي كنت ترعى بموضع كذا وكذا: وبالفارسية [تو آن بنده سياه نيستى كه شبانىء رمه فلان مى كردى] قال نعم فقال فما الذي بلغ بك ما ارى قال صدق الحديث وأداء الامانة وترك ما لا يعنى: يعنى [آنچهـ در دين بكار نيايد واز ان بسر نشود بگذاشتن] قال فى كشف الاسرار [لقمان سى سال با داود همى بود بيك جاى واز پس داود زنده بود تا بعهد يونس بن متى] وكان عند داود وهو يسرد دروعا لان الحديد صار له كالشمع بطريق المعجزة فجعل لقمان يتعجب مما يرى ويريد ان يسأله وتمنعه حكمته عن السؤال فلما أتمها لبسها وقال نعم درع الحرب هذه فقال لقمان ان من الحكمة الصمت وقليل فاعله اى من يستعمله كما قال الشيخ سعدى [هر آنچهـ دانى كه هر آينه معلوم تو خواهد شد بپرسيدن او تعجيل مكن كه حكمت را زيان كند] چون لقمان ديد كاندر دست داود ... همى آهن بمعجز موم كردد نپرسيدش چهـ مى سازى كه دانست ... كه بي پرسيدنش معلوم كردد ومن حكمته ان داود عليه السلام قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت بيد غيرى فتفكر داود فيه صعق صعقة: يعنى [نعره زد وبيهوش شد ومراد از يد غير قبضتين فضل وعدلست] كما فى تفسير الكاشفى قال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس. وقال ضرب الوالد كالسبار للزرع [در تفسير ثعلبى از حكمت لقمان مى آرد كه روزى خواجه وى او را با غلامان ديكر بباغ فرستاد تا ميوه بيارد «وكان من أهون مملوك على سيده»

[سورة لقمان (31) : آية 13]

بود لقمان پيش خواجه خويشتن ... در ميان بندگانش خوارتن بود لقمان در غلامان چون طفيل ... پر معانى تيره صورت همچوليل غلامان ميوه را در راه بخورند وحواله خوردن آن بلقمان كردند خواجه برو خشم كرفت لقمان كفت ايشان ميوه خورده اند دروغ بمن بستند خواجه كفت حقيقت اين سخن بچهـ چيز معلوم توان كرد كفت آنكه ما را آب كرم بخورانى ودر صحرا پاره بدوانى تا قى كنيم از درون هر كه ميوه بيرون آيد خائن اوست] كشت ساقى خواجه از آب حميم ... مر غلامانرا وخوردند آن ز بيم «1» بعد از ان مى راندشان در دشتها ... ميدويدند آن نفر تحت وعلا قى درافتادند ايشان از عنا ... آب مى آورد ز يشان ميوها چونكه لقمان را درآمد قى ز ناف ... مى برآمد از درونش آب صاف حكمت لقمان چوداند اين نمود ... پس چهـ باشد حكمت رب ودود يوم تبلى والسرائر كلها ... بان منكم كامن لا يشتهى چون سقوا ماء حميما قطعت ... جملة الأستار مما افضحت هر چهـ پنهان باشد آن پيدا شود ... هر كه او خائن بود رسوا شود «2» وعن عبد الله بن دينار ان لقمان قدم من سفر فلقى غلامه فى الطريق فقال ما فعل ابى قال مات قال الحمد لله ملكت امرى قال وما فعلت أمي قال قد ماتت قال ذهب همى قال ما فعلت امرأتى قال ماتت قال جدد فراشى قال ما فعلت أختي قال ماتت قال سترت عورتى قال ما فعل أخي قال مات قال انقطع ظهرى وانكسر جناحى ثم قال ما فعل ابني قال مات قال انصدع قلبى قال فى فتح الرحمان وقبر لقمان بقرية صرفند ظاهر مدينة الرملة من اعمال فلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين هى البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وعلى قبره مشهد وهو مقصود بالزيارة وقال قتادة قبره بالرملة ما بين مسجدها وسوقها وهناك قبور سبعين نبيا ماتوا بعد لقمان جوعا فى يوم واحد أخرجهم بنوا إسرائيل من القدس فالجأوهم الى الرملة ثم احاطوهم هناك فتلك قبورهم جهان جاى راحت نشد اى فتى ... شدند انبيا أوليا مبتلا وَإِذْ قالَ لُقْمانُ واذكر يا محمد لقومك وقت قول لقمان لِابْنِهِ أنعم فهو ابو أنعم اى يكنى به كما قالوا وَهُوَ اى والحال ان لقمان يَعِظُهُ اى الابن والوعظ زجر يقترن بتخويف وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والاسم العظة والموعظة: وبالفارسية [ولقمان پند مى داد او را وميكفت] يا بُنَيَّ بالتصغير والاضافة الى ياء المتكلم بالفتح والكسر وهو تصغير رحمة وعطوفة ولهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك: وبالفارسية [اى پسرك من] لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ لا تعدل بالله شيأ فى العبادة: وبالفارسية [انباز مكير بخداى] إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لانه تسوية بين من لا نعمة إلا منه ومن لا نعمة منه وفى كشف الاسرار [بيدادى است بر خويشتن بزرك] وعظمه انه لا يغفر ابدا قال الشاعر

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان متهم كردن غلامان وخواجه تاشان مر لقمانرا إلخ (2) لم أجد

[سورة لقمان (31) : آية 14]

الحمد لله لا شريك له ... ومن أباها فنفسه ظلما وكان ابنه وامرأته كافرين فما زال بهما حتى أسلما بخلاف ابن نوح وامرأته فانهما لم يسلما وبخلاف ابنتي لوط وامرأته فان ابنتيه اسلمتا دون امرأته ولذا ما سلمت فكانت حجرا فى بعض الروايات كما سبق قيل وعظ لقمان ابنه فى ابتداء وعظه على مجانبة الشرك. والوعظ زجر النفس عن الاشتغال بما دون الله وهو التفريد للحق بالك نفسا وقلبا وروحا فلا تشتغل بالنفس الا بخدمته ولا تلاحظ بالقلب سواه ولا تشاهد بالروح غيره وهو مقام التفريد فى التوحيد هر كه در درياى وحدت غرقه باشد جان او ... جوهر فرد حقيقت يافت از جانان او اللهم اجعلنا من المفرّدين وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ الى آخره اعتراض فى أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك يقال وصيت زيدا بعمرو أمرته بتعهده ومراعاته: والمعنى [وصيت كرديم مردم را به پدر ومادر ورعايت حقوق ايشان] ثم رجح الام ونبه على عظم حق والديه فقال حَمَلَتْهُ أُمُّهُ الى قوله عامين اعتراض بين المفسر والمفسر اى التوصية والشكر. والمعنى بالفارسية [برداشت مادر او را در شكم] وَهْناً حال من امه اى ذات وهن والوهن الضعف من حيث الخلق والخلق عَلى وَهْنٍ اى ضعفا كائنا على ضعف فانه كلما عظم ما فى بطنها زادها ضعفا الى ان تضع وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ الفصال التفريق بين الصبى والرضاع ومنه الفصيل وهو ولد الناقة إذا فصل عن امه. والعالم بالتخفيف السنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذي فيه الشدة والجدب ولذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء اى فطام الإنسان من اللبن يقع فى تمام عامين من وقت الولادة وهى مدة الرضاع عند الشافعي فلا يثبت حرمة الرضاع بعدها فالارضاع عنده واجب الى الاستغناء ويستحب الى الحولين وجائز الى حولين ونصف وهذا الخلاف بينهما فى حرمة الرضاع كما أشير اليه اما استحقاق الاجرة فمقدر بحولين فلا تجب نفقة الإرضاع على الأب بعد الحولين بالاتفاق وتمام الباب فى كتاب الرضاع فى الفقه قال فى الوسيط المعنى ذكر مشقة الوالدة بارضاع الولد بعد الوضع عامين أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ تفسير لوصيناه اى قلنا له اشكر لى او علة له اى لان يشكر لى وما بينهما اعتراض مؤكد للوصية فى حقها خاصة ولذلك قال عليه السلام لمن قال له من ابر (أمك ثم أمك ثم أمك) ثم قال بعد ذلك (ثم أباك) والمعنى اشكر لى حيث أوجدتك وهديتك بالإسلام واشكر لوالديك حيث ربياك صغيرا وشكر الحق بالتعظيم والتكبير وشكر الوالدين بالاشفاق والتوقير وفى شرح الحكم قرن شكرهما بشكره إذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقي فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وفى الحديث (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده ثم حق المعلم فى الشكر فوق حق الوالدين سئل الإسكندر وقيل ما بالك تعظم مؤدّبك أشد من تعظيمك لابيك فقال ابى حطنى من السماء الى الأرض ومؤدبى رفعنى من الأرض الى السماء: قال الحافظ

[سورة لقمان (31) : آية 15]

من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين دير خراب آبادم وقيل لبرزجمهر ما بالك تعظيمك لمعلمك أشد من تعظيمك لابيك قال لان ابى سبب حياتى الفانية ومعلمى سبب حياتى الباقية إِلَيَّ الْمَصِيرُ تعليل لوجوب الامتثال بالأمر اى الى الرجوع لا الى غيرى فاجازيك على شكرك وكفرك. ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الىّ حيث لا حاكم ولا مالك سواه قال سفيان بن عيينة من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه فى ادبار الصلوات الخمس فقد شكر والديه وفى الحديث (من أحب ان يصل أباه فى قبره فليصل اخوان أبيه من بعده ومن مات والداه وهو لهما غير بار وهو حى فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كان بارا) وفى الحديث (من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي خمس مرات وقل هو الله أحد خمس مرات والمعوذتين خمسا خمسا فاذا فرغ من صلاته استغفر الله خمس عشرة مرة وجعل ثوابه لوالديه فقد ادى حق والديه عليه وان كان عاقا لهما وأعطاه الله تعالى ما يعطى الصديقين والشهداء) كذا فى الاحياء وقوت القلوب وَإِنْ جاهَداكَ المجاهدة استفراغ الجهد اى الوسع فى مدافعة العدو: وبالفارسية [با كسى كارزار كردن در راه خداى] والمعنى وقلنا للانسان ان اجتهد أبواك وحملاك: وبالفارسية [واگر كشش وكوشش كنند پدر ومادر تو با تو] عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ اى بشركته تعالى فى استحقاق العبادة عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما فى الشرك يعنى ان خدمة الوالدين وان كانت عظيمة فلا يجوز للولد ان يطيعهما فى المعصية چون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى وَصاحِبْهُما [ومصاحبت كن با ايشان ومعاشرت] فِي الدُّنْيا صحابا مَعْرُوفاً ومعاشرة جميلة يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم من الانفاق وغيره وفى الحديث (حسن المصاحبة ان يطعمهما إذا جاعا وان يكسوهما إذا عريا) فيجب على المسلم نفقة الوالدين ولو كانا كافرين وبرهما وخدمتهما وزيارتهما الا ان يخاف ان يجلباه الى الكفر وحينئذ يجوز ان لا يزورهما ولا يقودهما الى البيعة لانه معصية ويقودهما منها الى المنزل وقال بعضهم المعروف هاهنا ان يعرفهما مكان الخطأ والغلط فى الدين عند جهالتهما بالله قال فى المفردات المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر ما ينكر بهما ولهذا قيل للاقتصاد فى الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا فى العقول بالشرع وَاتَّبِعْ فى الدين سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ رجع بالتوحيد والإخلاص فى الطاعة وهم المؤمنون الكاملون ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ مرجعك ومرجعهما فَأُنَبِّئُكُمْ عند رجوعكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بان أجازي كلا منكم بما صدر عنه من الخير والشر: وبالفارسية [پس آگاه كنم شما را بپاداش آن چيز كه مى كرديد] ونزل الآية فى سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه من العشرة المبشرة حين اسلم وحلفت امه ان لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع عن دينه [آورده اند كه مادر سعد سه روز نان

وآب نخورد تا دهن او بچوبى بشكافتند وآب دران ريختند وسعد ميكفت اگر او را هفتاد روح باشد ويك بيك اگر قبض كنند يعنى بفرض اگر هفتاد بار بميرد من از دين اسلام برنمى كردم] وقد سبقت قصته مع فوائد كثيرة فى أوائل سورة العنكبوت واعلم ان أهم الواجبات بعد التوحيد بر الوالدين- روى- ان رجلا قال يا رسول الله ان أمي هرمت فاطعمها بيدي وأسقيها وأوضيها واحملها على عاتقى فهل جازيتها حقها قال عليه السلام (لا ولا واحدا من مائة) قال ولم يا رسول الله قال (لانها خدمتك فى وقت ضعفك مريدة حياتك وأنت تخدمها مريدا مماتها ولكنك أحسنت والله يثيبك على القليل كثيرا) : قال الشيخ سعدى جوانى سر از راى مادر بتافت ... دل دردمندش بآزر بتافت چوبيچاره شد پيشش آورد مهد ... كه اى سست مهر وفراموش عهد نه كريان ودرمانده بودى وخرد ... كه شبها ز دست تو خوابم نبرد نه در مهد نيروى حالت نبود ... مكس راندن از خود مجالت نبود تو انى كه از يك مكس رنجه ... كه امروز سالار سر پنجه بحالي شوى باز در قعر كور ... كه نتوانى از خويشتن دفع مور دكر ديده چون بر فروزد چراغ ... چوكرم لحد خورد پيه دماغ چو پوشيده چشمى نه بينى كه راه ... نداند همى وقت رفتن ز چاه تو كر شكر كردى كه با ديده ... وكرنه تو هم چشم پوشيده وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لولا انى أخاف عليكم تغير الأحوال عليكم بعدي لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة. أولهم امرأة وهبت صداقها لزوجها لاجل الله وزوجها راض. والثاني ذو عيال كثير يجتهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال. والثالث التائب من الذنب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدي. والرابع البار بوالديه) ثم قال عليه السلام (طوبى لمن بر بوالديه وويل لمن عقهما) وعن عطاء بن يسار ان قوما سافروا فنزلوا برية فسمعوا نهيق حمار حتى اسهرهم فلما أصبحوا نظروا فرأوا بيتا من شعر فيه عجوز فقالوا سمعنا نهيق حمار حتى اسهرهم فلما أصبحوا نظروا فرأوا بيتا من شعر فى عجوز فقالوا سمعنا نهيق حمار وليس عندك حمار فقالت ذاك ابني كان يقول لى يا حمارة فدعوت الله ان يصيره حمارا فذاك منذمات ينهق كل ليلة حتى الصباح وعن وهب لما خرج نوح عليه السلام من السفينة نام فانكشفت عورته وكان عنده حام ولده فضحك ولم يستره فسمع سام ويافث صنع حام فألقيا عليه ثوبا فلما سمعه نوح قال غير الله لونك فجعل السودان من نسل حام فصار الذل لاولاده الى يوم القيامة: قال الحافظ دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم ثم ان الآية قد تضمنت النهى عن صحبة الكفار والفساق والترغيب فى صحبة الصالحين فان المقارنة مؤثرة والطبع جذاب والأمراض سارية وفى الحديث (لا تساكنوا المشركين ولا بجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن

[سورة لقمان (31) : الآيات 16 إلى 20]

الواحد ولا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا تسرى إليكم اخلاقهم الخبيثة وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة باد چون بر فضاى بد كذرد ... بوى بد كيرد از هواى خبيث قال ابراهيم الخواص قدس سره دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. واخلاء البطن. وقيام الليل. والتضرع الى الله تعالى عند السحر. ومجالسة الصالحين پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كه اين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى كذا فى البستان يا بُنَيَّ [كفت لقمان فرزند خود را كه أنعم نام بود] بضم العين [اى پسرك من] قال فى الإرشاد شروع فى حكاية بقية وصايا لقمان اثر تقرير ما فى مطلعها من النهى عن الشرك وتأكيده بالاعتراض إِنَّها اى الخصلة من الاساءة او الإحسان وقال مقاتل وذلك ان ابن لقمان قال لابيه يا أبتاه ان عملت الخطيئة حيث لا يرانى أحد كيف يعلمها الله فرد عليه لقمان فقال يا بنى انها اى الخطيئة إِنْ تَكُ أصله تكون حذفت الواو لاجتماع الساكنين الحاصل من سقوط حركة النون بان الشرطية وحذفت النون ايضا تشبيها بحرف العلة فى امتداد الصوت او بالواو فى الغنة او بالتنوين وقال بعضهم حذفت تخفيفا لكثرة الاستعمال فلا تحذف من مثل لم يصن ولم يخن فان وصلت بساكن ردت النون وتحرك نحو لم يكن الذين الآية مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل صنج وفى كشف الاسرار يقال مثقال الشيء ما يساويه فى الوزن وكثر الكلام فصار عبارة عن مقدار الدنيا انتهى: والحبة بالفارسية [دانه] والخردل من الحبوب معروف. والمعنى مقدار ما هو أصغر المقادير التي توزن بها الأشياء من جنس الخردل الذي هو أصغر الحبوب المقتاتة فَتَكُنْ [پس باشد آن] اى مع كونها فى أقصى غايات الصغر فِي صَخْرَةٍ الصخر الحجر الصلب اى فى أخفى مكان واحرزه كجوف صخرة ما وقال المولى الجامى فى صخرة هى أصلب المركبات وأشدها منعا لاستخراج ما فيها انتهى والمراد بالصخرة أية صخرة كانت لانه قال بلفظ النكرة وعن ابن عباس رضى الله عنهما الأرض على الحوت والحوت فى الماء والماء على صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة التي ذكر لقمان ليست فى السموات ولا فى الأرض كذا فى التكملة أَوْ فِي السَّماواتِ مع ما بعدها وفى بعض التفاسير فى العالم العلوي كمحدب السموات أَوْ فِي الْأَرْضِ مع طولها وعرضها وفى بعض التفاسير فى العالم السفلى كمقعر الأرض يَأْتِ بِهَا اللَّهُ اى يحضرها فيحاسب عليها لانه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره: وبالفارسية [بيارد خداى تعالى آنرا وحاضر كرداند وبر آن حساب كند] فالباء للتعدية قال المولى الجامى فى شرح الفصوص انها اى القصة ان تك مثقال حبة بالرفع كما هو قراءة نافع وحينئذ كان تامة وتأنيثها لاضافة المثقال الى الحبة وقوله يأت بها الله اى للاغتذاء بها إِنَّ اللَّهَ من قول لقمان لَطِيفٌ يصل علمه الى

[سورة لقمان (31) : آية 17]

كل خفى فان أحد معانى اللطيف هو العالم بخفيات الأمور ومن عرف انه العالم بالخفيات يحذر ان يطلع عليه فيما هو فيه ويثق به فى علم ما يجهله برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست خَبِيرٌ عالم بكنهه قال فى شرح حزب البحر الخبير هو العليم بدقائق الأمور التي لا يتوصل إليها غيره الا بالاختيار والاحتيال ومن عرف انه الخبير ترك الرياء والتصنع لغيره بالإخلاص له فالله تعالى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء ويحيط باسرار الضمائر وبطون الخواطر ويحاسب عليها سواء كانت فى صخرة النفوس او فى سماء الأرواح او فى ارض القلوب وفيه تنبيه لاهل المراقبة وتحذير من الملاحظات لاطلاع الحق على نوادر الخطرات وبطون الحركات وفى التأويلات النجمية (يا بُنَيَّ إِنَّها) يشير الى المقسومات الازلية من الأرزاق والاخلاصات الانسانية والمواهب الالهية (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) اى صخرة العدم (أَوْ فِي السَّماواتِ) فى الصورة والمعنى (أَوْ فِي الْأَرْضِ) فى الصورة والمبنى (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ) لمن قدر له وقسم من اسباب السعادة والشقاوة ان شاء بطريق كسب العبد وان شاء يجعل له مخرجا فى حصولها من حيث لا يحتسب (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ) بعباده (خَبِيرٌ) بإتيان ما قسم لهم بلطف ربوبيته فالواجب على العبد ان يتق بوعده ويتكل على كرمه فيما قدر له ويسعى الى القيام بعبوديته انتهى وفى بعض الكتب ان هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات انتهى يقول الفقير هذا الحضور فى مقام الهيبة من صفات المقربين. وكان ابراهيم عليه السلام إذا صلى يسمع غليان صدره وذلك من استيلاء الهيبة عليه وهذا الغليان يقال له برهان الصدر وقع لنبينا عليه السلام فى مرتبة الاكملية فواعجبا لامثالنا كيف لا ينجع فينا الوعظ ولا يأخذ بنا معانى اللفظ وليس الا من الغفلة والنسيان وكثرة العصيان تا نيابى رتبه لقمانرا ... آتش هيبت نسوزد جانرا جان عاشق همچو پروانه بود ... نزد شمع آيدا كر سوزان شود ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [لقمان پسر خويش را پند داد ووصيت كرد كه اى پسر بسورها مرو كه ترا رغبت در دنيا پديد آيد واخرى بر دل تو فراموش كردد وكفت كه اى پسر بسورها مرو كه ترا رغبت در دنيا پديد آيد واخرى بر دل تو فراموش كردد وكفت كه اى پسر كر سعادت آخرت ميخواهى وزهد در دنيا به تشييع جنازها بيرون شو ومرك را پيش چشم خويش دار ودر دنيا چنان مباش كه عيال ووبال مردم شوى از دنيا قوت ضرورى بردار وفضول بگذار واز ننك زنان تا توانى بر حذر باش وبر زنان بد فرياد خواه بالله كه ايشان دام شيطانند وسبب فتنه] يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ التي هى أكمل العبادات تكميلا لنفسك من حيث العمل بعد تكميلها من حيث العلم والاعتقادات لان النهى عن الشرك فيما سبق قد تضمن الأمر بالتوحيد الذي هو أول ما يجب على الإنسان وفى التأويلات النجمية ادمها وادامتها فى ان تنتهى عن الفحشاء والمنكر فان الله وصف الصلاة بانها تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن كان منتهيا عنهما فانه فى الصلاة وان لم يكن على هيئتها ومن لم يكن منتهيا عنهما فليس فى الصلاة وان كان مؤديا هيئتها انتهى ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار

[اى پسر روزه كه دارى چنان دار كه شهوت ببرد نه قوت ببرد وضعيف كند تا از نماز با زمانى كه بنزديك خدا نماز دوستر از روزه] وذلك لان الصوم والرياضات لاصلاح الطبيعة وتحسين الأخلاق واما الصلاة فلا صلاح النفس التي هى مأوى كل شر ومعدن كل هوى وما عبد اله ابغض الى الله من الهوى وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ بالمستحسن شرعا وعقلا وحقيقته ما يوصل العبد الى الله وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ اى عن المستقبح شرعا وعقلا تكميلا لغيرك وحقيقته ما يشغل العبد عن الله وَاصْبِرْ الصبر حبس النفس عما يقتضى الشرع او العقل الكف عنه عَلى ما أَصابَكَ من الشدائد والمحن كالامراض والفقر والهم والغم لا سيما عند التصدي للامر بالمعروف والنهى عن المنكر من أذى الذين تأمرهم بالمعروف وتبعثهم على الخير وتنهاهم عن المنكر وتزجرهم عن الشر إِنَّ ذلِكَ المذكور من الوصايا وهو الأمر والنهى والصبر مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ العزم والعزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر وعزم الأمور ما لا يشوبه شبهة ولا يدافعه ريبة وفى الخبر (من صلى قبل العصر أربعا غفر الله له مغفرة عزما) اى هذا الوعد صادق عزيم وثيق وفى دعائه عليه السلام (اسألك عزائم مغفرتك) اى اسألك ان توفقنى للاعمال التي تغفر لصاحبها لا محالة واطلق المصدر اى العزم على المفعول اى المعزوم. والمعنى من معزومات الأمور ومقطوعاتها ومفروضاتها بمعنى مما عزمه الله اى قطعه قطع إيجاب وامر به العباد امرا حتما ويجوز ان يكون بمعنى الفاعل اى من عازمات الأمور وواجباتها ولازماتها من قوله فاذا عزم الأمر اى جد وفى هذا دليل على قدم هذه الطاعات والحث عليها فى شريعة من تقدمنا وبيان لهذه الامة ان من امر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغى ان يكون صابرا على ما يصيبه فى ذلك ان كان امره ونهيه لوجه الله لانه قد أصابه ذلك فى ذات الله وشانه واشارة الى ان البلاء والمحنة من لوازم المحبة فلابد للمريد الصادق ان يصبر على ما أصابه فى أثناء الطلب مما ابتلاه الله به من الخوف من الأعداء فى الظاهر والباطن والجزع من الجوع الظاهر عند قلة الغذاء للنفس ومن الباطن عند قلة الكشوف والمشاهدات التي هى غذاء للقلب ونقص من الأموال والأنفس من مفارقة الأولاد والاهالى والاخوان والأخدان والثمرات. يعنى ثمرات المجاهدات وبشر الصابرين على هذه الأحوال بان عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون الى الحضرة ومن وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار [اى پسر مبادا كه ترا كارى پيش آيد از محبوب ومكروه كه تو نيز در ضمير خود چنان دانى كه خير وصلاح تو در آنست پسر كفت اى پدر من اين عهد نتوانم داد تا آنكه بدانم كه آنچهـ كفتى چنانست كه تو كفتى پدر كفت الله تعالى پيغمبر مى فرستاد است وعلم وبيان آنچهـ من كفتم باوى است تا هر دو نزديك وى شويم واز وى بپرسيم هر دو بيرون آمدند وبر مركوب نشستند وآنچهـ در بايست بود از توشه وزاد سفر برداشتند بيابانى در پيش بود مركوب همى راندند تا روز بنماز پيشين رسيد وكرما عظيم بود آب وتوشه سپرى كشت وهيچ نماند هر دو از مركوب فرود آمدند و پياده بشتاب همى رفتند ناكاه لقمان در پيش نكرست سياهى ديد ودود با دل خويش كفت آن

[سورة لقمان (31) : آية 18]

سياهى درخت است وآن دود نشان آبادانى ومردمانكه آنجا وطن كرفته اند همچنان رفتند بشتاب ناكاه پسر لقمان پاى بر استخوانى نهاد آن استخوان بزير قدم وى برآمد وبپشت پاى بيرون آمد پسر بيهوش كشت وبر جاى بيفتاد لقمان در وى آويخت واستخوان بدندان از پاى وى بيرون كرد وعمامه وى پاره كرد وبر پاى وى بست لقمان آن ساعت بگريست ويك قطره آب چشم بر روى پسر افتاد و پسر روى فرا پدر كرد وكفت اى باباى من بگريى بچيزى كه ميكويى كه بهتر من وصلاح من در آنست اى پدر چهـ بهتريست ما را درين حال وتوشه سپرى شد وما هر دو درين بيابان متحير مانده ايم اگر تو بروى ومرا درين حال بجاى مانى با غم وانديشه روى واگر با من اينجا مقام كنى برين حال هر دو بميريم درين چهـ بهترست و چهـ خيرست پدر كفت كريستن من اينجا آنست كه مرا دوست داشتيد كه بهر حظى كه مرا از دنياست من فداى تو كردمى كه من پدرم ومهربانى پدران بر فرزندان معلومست واما آنچهـ تو ميكويى كه درين چهـ خيرست تو چهـ دانى مكر آن بلا كه از تو صرف كرده اند خود بزركتر ازين بلاست كه بتو رسانيده اند وباشد كه اين بلا كه بتو رسانيده اند آسانتر از آنست كه از تو صرف كرده اند ايشان درين سخن بودند كه لقمان فرا پيش نكرست وهيچ چيز نديد از ان سواد ودخان با دل خويش كفت من اينجا چيزى ميديدم واكنون نمى بينم ندانم تا آن چهـ بود ناكاه شخصى را ديد كه مى آمد بر اسبى نشسته وجامه پوشيده آواز داد كه لقمان تويى كفت آرى كفت حكيم تويى كفت چنين ميكويند كفت آن پسر بى خرد چهـ كفت اگر آن نبودى كه اين بلا بوى رسيد شما را هر دو بزمين فرو بردندى چنانكه آن ديكر انرا فرو بردند لقمان روى با پسر كرد وكفت دريافتى وبدانستى كه هر چهـ بر بنده رسد از محبوب ومكروه خيرت وصلاحت در آنست پس هر دو برخاستند ورفتند. عمر خطاب رضى الله عنه از آنجا كفت من باك ندارم كه بامداد برخيزم بر هر حال باشم بر محبوب يا بر مكروه زيرا كه من ندانم خيرت من اندر چيست. موسى عليه السلام كفت بار خدايا از بندگان تو كيست بزرك كناهتر كفت آنكس كه مرا متهم دارد كفت آن كيست كفت استخارت كند واز من بهترىء خويش خواهد آنكه بحكم من رضا ندهد] قال الصائب چون سرو در مقام رضا ايستاده ام ... آسوده خاطرم ز بهار وخزان خويش وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ التصعر التواء وميل فى العنق من خلقة أوداء او من كبر فى الإنسان وفى الإبل. والتصعير امالته عن النظر كبرا كما قال فى تاج المصادر [التصعير: روى بگردانيدن از كبر] . وخد الإنسان ما اكتنف الانف عن اليمين والشمال او ما جاوز مؤخر العينين الى منتهى الشدق او من لدن المحجر الى اللحى كما فى القاموس. والمعنى اقبل على الناس بجملة وجهك عند السلام والكلام واللقاء تواضعا ولا تحول وجهك عنهم ولا تغط شق وجهك وصفحته كما يفعله المتكبرون استحقارا للناس خصوصا الفقراء وليكن الغنى والفقير عندك على السوية فى حسن المعاملة والاشارة لا تمل خدك تكبرا او تجبرا معجبا بما فتح الله عليك فتكون بهذا مفسدا فى لحظة ما أصلحته فى مدة: قال الحافظ

[سورة لقمان (31) : آية 19]

ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً المرح أشد الفرح والخفة الحاصلة من النعمة كالاشر والبطر اى حال كونك ذا فرح شديد ونشاط وعجب وخفة اى مشيا كمشى المرح من الناس كما يرى من كثيرهم لا سيما إذا لم يتضمن مصلحة دينية او دنيوية: وبالفارسية [مخرام چون جاهلان ومانند دنياپرستان] إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ الاختيال والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة ومنه لفظ الخيل كما قيل انه لا يركب أحد فرسا إلا وجد فى نفسه نخوة اى لا يرضى عن المتكبر المتبختر فى مشيته بل يسخط عليه: وبالفارسية [هر خرامنده كه متكبرانه رود] وهو بمقابلة الماشي مرحا فَخُورٍ هو بمقابلة المصعر خده وتأخيره لرعاية الفواصل. والفخر المباهاة فى الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه والفخور الذي يعدد مناقبه تطاولا بها واحتقارا لمن عدم مثلها. والمعنى بالفارسية [نازش كننده كه بأسباب تنعم بر مردمان تطاول نمايد] وفى الحديث (خرج رجل يتبختر فى الجاهلية عليه حلة فامر الله الأرض فاخذته فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة) چوصبيان مباز و چوصنوان مناز ... برو مرد حق شو ز روى نياز قال بعض الحكماء ان افتخرت بفرسك فالحسن والفراهة له دونك. وان افتخرت بثيابك وآلاتك فالجمال لها دونك. وان افتخرت بآبائك فالفضل فيهم لا فيك ولو تكلمت هذه الأشياء لقالت هذه محاسننا فما لك من الحسن شىء. فان افتخرت فافتخر بمعنى فيك غير خارج عنك: قال الحافظ قلندران حقيقت بنيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست وإذا أعجبك من الدنيا شىء فاذكر فناءك وبقاءه او بقاءك وزواله او فناءكما جميعا فاذا راقك ما هو لك فانظر الى قرب خروجه من يدك وبعد رجوعه إليك وطول حسابه عليك ان كنت تؤمن بالله واليوم الآخر- حكى- انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم ير له نظير ففرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا فقال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كانت مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل إليك فى أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا انما الدنيا كرؤيا فرّحت ... من رآها ساعة ثم انقضت وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ القصد ضد الافراط والتفريط. والمعنى واعدل فى المشي بعد الاجتناب عن المرح فيه: وبالفارسية [وميانه باش در رفتن خود] اى توسد بين الدبيب والاسراع فلا تمش كمشى الزهاد المظهرين الضعف فى المشي من كثرة العبادات والرياضات فكأنهم أموات وهم المراءون الذين ضل سعيهم ولا كمشى الشطار ووثوبهم وعليك بالسكينة والوقار وفى الحديث (سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن) وقول عائشة رضى الله عنها فى عمر رضى الله عنه كان إذا مشى اسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت قال بعضهم ان للشيطان من ابن آدم

نزغتين بايتهما ظفر قنع الافراط والتفريط وذلك فى كل شىء يتصور ذلك فيه وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ يقال غض صوته وغض بصره إذا خفض صوته وغمض بصره قال فى المفردات الغض النقص من الطرف والصوت: وبالفارسية [فرو خوابانيدن چشم وفرو داشتن او از] والصوت هو الهواء المنضغط عند قرع جسمين قال بعضهم الهواء الخارج من داخل الإنسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموّج بتصادم جسمين يسمى صوتا وإذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة بأسباب معلومة يسمى حروفا. والمعنى وانقص من صوتك واقصر واخفض فى محل الخطاب والكلام خصوصا عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعند الدعاء والمناجاة. وكذلك وصية الله فى الإنجيل لعيسى ابن مريم مر عبادى إذا دعونى يخفضوا أصواتهم فانى اسمع واعلم ما فى قلوبهم: وبالفارسية [فرو آور وكم كن آواز خويش يعنى فرياد كننده ونعره زننده ودراز زبان وسخت كوى مباش] واستثنى منه الجهر لارهاب العدو ونحوه وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم انتهى وفى الخلاصة لا يجهر الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف. والفرق بين الكراهة والاساءة هو ان الكراهة افحش من الاساءة وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين أصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما إذا بلغهم صوت الامام فان التبليغ حينئذ بدعة منكرة باتفاق الائمة الاربعة ومعنى منكرة مكروهة وفى أنوار المشارق المختار عند الأخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والإخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء وقد جمع النووي بين الأحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر أفضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همة الفكر ويشنف سمعه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وكان عليه السلام إذا سلم من صلاته قال بصوته الأعلى (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) ومن اللطائف ان الحجاج سأل بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ان ذلك لحسن. وقال آخر ما سمعت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه. فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الأحب الزاد إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أوحشها وأقبحها الذي ينكره العقل الصحيح ويحكم بقبحه وبالفارسية [زشت ترين آوازها] لَصَوْتُ الْحَمِيرِ جمع حمار قال بعضهم سمى حمارا لشدته من قولهم طعنة حمراء اى شديدة وحمارة القيظ شدته وافراد الصوت مع إضافته الى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل

بيان حال صوت هذا الجنس من بين أصوات سائر الأجناس قال ابو الليث صوت الحمار كان هو المعروف عند العرب وسائر الناس بالقبح وان كان قد يكون ما سواه أقبح منه فى بعض الحيوان وانما ضرب الله المثل بما هو معروف عند الناس بالقبح لان اوله زفير وآخره شهيق كصوت اهل النار يتوحش من يسمعه ويتنفر منه كل التنفر. والمعنى ان أنكر أصوات الناس حين يصوتون ويتكلمون لصوت من يصوّت صوت الحمار اى يرفع صوته عند التصويت كما يرفع الحمار صوته. ففيه تشبيه الرافعين أصواتهم فوق الحاجة بالحمير وتمثيل أصواتهم بالنهاق ثم اخلاء الكلام عن لفظ التشبيه وإخراجه مخرج الاستعارة وجعلهم حميرا وأصواتهم نهاقا مبالغة شديدة فى الذم والزجر عن رفع الصوت فوق الحاجة وتنبيه على انه من المكاره عند الله لا من المحاب قال الكاشفى [يعنى در ارتفاع صوت فضيلتى نيست چوصوت حمار با وجود رفعت مكروهست طباع را وموجب وحشت اسماع است. در عين المعاني آورده كه مشركان عرب برفع أصوات تفاخر ميكردندى بدين آيت رد كرد بر ايشان فخر ايشان] يقول الفقير ان الرد ليس بمنحصر فى رفع الصوت بل كل ما فى وصايا لقمان من نهى الشرك وما يليه رد لهم لانهم كانوا متصفين بالشرك وسائر ما حكى من الأوصاف القبيحة آتين بالسيئات تاركين للصلاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر جزعين عند المصيبات والحمار مثل فى الذم سيما نهاقه ولذلك كنى عنه فيقال طويل الأذنين قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى صوت كل شىء تسبيح إلا صوت الحمير فانها تصيح لرؤية الشيطان ولذلك سماه منكرا وفى الحديث (إذا سمعتم نهاق الحمير) وهو بالضم صوتها (فتعوّذوا بالله من الشيطان فانها رأت شيطانا وإذا سمعتم صياح الديكة) بفتح الياء جمع ديك (فاسألوا الله من فضله فانها رأت ملكا) وفى الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور اهل الصلاح فيستحب الدعاء فى ذلك الوقت وعلى نزول الغضب عند اهل المعصية فيستحب التعوذ كما فى شرح المشارق لابن الملك يقول الفقير ومن هنا قال عليه السلام (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب) اى يقطع كما لها وينقصها مرور هذه الأشياء بين يدى المصلى. اما المرأة فلكونها أحب الشهوات الى الناس وأشد فسادا للحال من الوسواس. واما الكلب والمراد الكلب الأسود فلكونه شيطانا كما قال عليه السلام (الكلب الأسود شيطان) سمى شيطانا لكونه اعقر الكلاب واخبثها وأقلها نفعا وأكثرها نعاسا ومن هذا قال احمد بن حنبل لا يحل الصيد به. واما الحمار فلكون الشيطان قد تعلق بذنبه حين دخل سفينة نوح عليه السلام فهو غير مفارق عنه فى اكثر الأوقات وهو السر فى اختصاص الحمار برؤية الشيطان والله اعلم كما ان وجه اختصاص الديك برؤية الملك كون صياحه تابعا لصياح ديك العرش كما ثبت فى بعض الروايات الصحيحة فالملك غير مفارق عنه فى غالب الحالات وفى الحديث (ان الله يبغض ثلاثة أصواتها نهقة الحمير ونباح الكلب والداعية بالحرب) [ورد فيه ما فيه از حضرت مولوى قدس سره وجه انكريت صوت حمار چنين نقل كرده اند كه در غالب او براى كاه وجوست. ويا بجهت اجراء شهوت. يا جنك با درازگوش ديكر. وصدايى كه

از غلبه صفات بهيمى زايد زشت ترين صداها باشد وازينجا معلوم ميشود كه ندايى كه از صاحب اخلاق روحانى وملكى آيد خوبترين نداها خواهد بود نغمهاى عاشقانه پس دلكش است استماع نغمه ايشان خوش وحضرت رسالت عليه السلام آواز نرم را دوست داشتى وجهر صوت را كاره بودى] ودخل فى الصوت المنكر العطسة المنكرة فلتدفع بقدر الاستطاعة وكذا الزفرات والشهقات الصادرة من اهل الطبيعة والنفس بدون غلبة الحال فانها ممزوجة بالحظوظ مخلوطة بالرياء فلا تكون صيحة حقيقة بل صيحة طبيعة ونفس نعوذ بالله من شهوات الطبيعة وهوى النفس ومخالطة اهل الدعوى قال بعضهم فى الآية اشارة الى الذي يتكلم فى لسان المعرفة من غير اذن من الحق وقبل أوانه ومن تصدر قبل أوانه تصدى لهوانه ثم من وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار قوله [اى پسر چون قدرت يابى بر ظلم بندگان قدرت خداى بر عقوبت خود ياد كن واز انتقام وى بينديش كه او جل جلاله منتقم است دادستان از كردن كشان وكين خواه از ستمكاران وبحقيقت دان كه ظلم تو از ان مظلوم فرا كذرد وعقوبة الله بر ان ظلم بر تو بماند و پاينده بود] : قال الشيخ سعدى قدس سره شنيدم كه لقمان سيه فام بود ... نه تن پرور ونازك أندام بود يكى بنده خويش پنداشتش ... ببغداد در كار كل داشتش به سالى سرايى بپرداختش ... كس از بنده خواجه نشناختش چو پيش آمدش بنده رفته باز ... ز لقمانش آمد نهيبى فراز به پايش درافتاد و پوزش نمود ... بخنديد لقمان كه پوزش چهـ سود بسالى ز جورت جكر خون كنم ... بيك ساعت از دل بدر چون كنم وليكن ببخشايم اى نيك مرد ... كه سود تو ما را زيانى نكرد تو آباد كردى شبستان خويش ... مرا حكمت ومعرفت كشت بيش غلاميست در خيم اى نيك بخت ... كه فرمايمش وقتها كار سخت دگر ره نيازارمش سخت دل ... چوياد آيدم سختىء كار كل هر آنكس كه جور بزركان نبرد ... نسوزد دلش بر ضعيفان خرد كه از حاكمان سخت آيد سخن ... تو بر زيردستان درشتى مكن مها زورمندى مكن بر كهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان [لقمانرا كفتند ادب از كه آموختى كفت از بى ادبان كه هر چهـ از ايشان در نظرم ناپسند آمد از ان فعل پرهيز كردم] نكويند از سر بازيچهـ حرفى ... كزان پندى نكيرد صاحب هوش وكر صد باب حكمت پيش نادان ... بخوانند آيدش بازيچهـ در كوش وعن على رضى الله عنه الحكمة ضالة المؤمن فالتقفها ولو من أفواه المشركين: يعنى [مرد مؤمن هميشه طالب حكمت بود چنانكه طالب كم كرده خويش بود] قال عيسى عليه

[سورة لقمان (31) : آية 20]

السلام لا تقولوا العلم فى السماء من يصعد يأتى به ولا فى تخوم الأرض من ينزل يأتى به ولا من وراء البحر من يعبر يأتى به العلم مجعول فى قلوبكم تأدبوا بين يدى الله بآداب الروحانيين يظهر عليكم كما فى شرح منازل السائرين. ومن آداب الروحانيين ترك الأمور الطبيعية والقيام فى مقام الصمدية [عابدى را حكايت كنند كه هر شب ده من طعام بخوردى وتا بسحر ختمى در نماز بگردى صاحب دلى بشنيد وكفت اگر نيم من بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتر بودى اندرون از طعام خالى دار ... تا درو نور معرفت بينى تهى از حكمتى بعلت آن ... كه پرى از طعام تا بينى واعلم ان الحكمة قد تكون متلفظا بها كالاحكام الشرعية المتعلقة بظواهر القرآن وقد تكون مسكوتا عنها كالاسرار الالهية المستورة عن غير أهلها المتعلقة ببواطن القرآن فمن لج فى الطلب من طريقه ولج فى المعرفة بفضل الله تعالى وتوفيقه أَلَمْ تَرَوْا ألم تعلموا يا بنى آدم أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ التسخير سياقة الشيء الى الغرض المختص به قهرا ما فِي السَّماواتِ من الكواكب السيارة مثل الشمس والقمر وغيرهما والملائكة المقربين بان جعلها أسبابا محصلة لمنافعكم ومراداتكم فتسخير الكواكب بان الله تعالى سيرها فى البروج على الافلاك التي دبر لكل واحد منها فلكا وقدر لها القرانات والاتصالات وجعلها مدبرات العالم السفلى من الزمانى مثل الشتاء والصيف والخريف والربيع ومن المكاني مثل المعدن والنبات والحيوان والإنسان وظهور الأحوال المختلفة بحسب سير الكواكب على الدوام لمصالح الإنسان ومنافعهم منها قال الكاشفى [رام ساخت براى نفع شما آنچهـ در آسمانهاست از آفتاب وماه وستاره تا از روشنىء ايشان بهره مند شويد] ز مشرق بمغرب مه وآفتاب ... روان كرد وكسترد كيتى بر آب [واز ستاركان تابد ايشان راه بريد] كما قال تعالى (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) وتسخير الملائكة بان الله تعالى من كمال قدرته وحكمته جعل كل صنف من الملائكة موكلين على نوع من المدبرات وعونا لها كالملائكة الموكلين على الشمس والقمر والنجوم وأفلاكها والموكلين على السحاب والمطر وقد جاء فى الخبر ان على كل قطرة من المطر موكلا من الملائكة لينزلها حيث أمروا الموكلين على البحور والفلوات والرياح والملائكة الكتاب للناس الموكلين عليهم ومنهم المعقبات من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من امر الله حتى جعل على الأرحام ملائكة فاذا وقعت نطفة الرجل فى الرحم يأخذها الملك بيده اليمنى وإذا وقعت نطفة المرأة يأخذها الملك بيده اليسرى فاذا امر بمشجها يمشج النطفتين وذلك قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) والملائكة الموكلين على الجنة والنار كلهم مسخرون لمنافع الإنسان ومصالحهم حتى الجنة والنار مسخرتان لهم تطميعا وتخويفا لانهم يدعون ربهم خوفا وطمعا وكذا سخر ما فى سموات القلوب من الصدق والإخلاص والتوكل واليقين والصبر والشكر وسائر المقامات القلبية والروحانية والمواهب الربانية وتسخيرها بان يسر لمن يسر له العبور عليها بالسير والسلوك المتداركة بالجذبة والانتفاع

بمنافعها والاجتناب عن مضارها وَما فِي الْأَرْضِ من الجبال والصحارى والبحار والأنهار والحيوانات والنباتات والمعادن بان مكنكم من الانتفاع بها بوسط او بغير وسط وكذا سخر ما فى ارض النفوس من الأوصاف الذميمة مثل الكبر والحسد والحقد والبخل والحرص والشره والشهوة وغيرها وتسخيرها بتبديلها بالأخلاق الحميدة والعبور عليها والتمتع بخواصها محترزا عن آفاتها وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ أتم وأكمل نِعَمَهُ جمع نعمة وهى فى الأصل الحالة الطيبة التي يستلذها الإنسان فاطلقت للامور اللذيذة الملائمة للطبع المؤدية الى تلك الحالة الطيبة ظاهِرَةً اى حال كون تلك النعم محسوسة مشاهدة مثل حسن الصورة وامتداد القامة وكمال الأعضاء دهد نطفه را صورتى چون پرى ... كه كردست بر آب صورتكرى والحواس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والنطق وذكر اللسان والرزق والمال والجاه والخدم والأولاد والصحة والعافية والامن ووضع الوزر ورفع الذكر والأدب الحسن ونفس بلا ذلة وقدم بلا ذلة والإقرار والإسلام من نطق الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج والقرآن وحفظه ومتابعة الرسول والتواضع لاولياء الله والاعراض عن الدنيا ويبين آياته للناس وأنتم الأعلون يعنى النصرة والغلبة وغير ذلك مما يعرفه الإنسان وَباطِنَةً ومعقولة غير مشاهدة بالحس كنفخ الروح فى البدن واشراقه بالعقل والفهم والفكر والمعرفة وتزكية النفس عن الرذائل وتحلية القلب بالفضائل ولذا قال عليه السلام (اللهم كما حسنت خلقى فحسن خلقى) ومحبة الرسول وزينه فى قلوبكم والسعادة السابقة وأولئك المقربون وشرح الصدر وشهود المنعم وامداد الملائكة فى الجهاد ونحوه وصحة الدين والبصيرة وصفاء الأحوال والولاية فانها باطنة بالنسبة الى النبوة والفطرة السليمة وطلب الحقيقة والاستعداد لقبول الفيض واتصال الذكر على الدوام والرضى والغفران وقلب بلا غفلة وتوجه بلا علة وفيض بلا قلة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة قال (اما الظاهرة فالاسلام وما حسن من خلقك وما أفضل عليك من الرزق واما الباطنة فما ستر من سوء عملك ولم يفضحك به) پس پرده بيند عملها بد ... هم او پرده پوشد بآلاى خود (يا ابن عباس يقول الله تعالى انى جعلت للمؤمن ثلث صلاة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله اكفر به عنه خطاياه وجعلت له ثلث ماله ليكفر به عنه خطاياه وسترت عليه سوء عمله الذي لو قد أريته للناس لنبذه اهله فمن سواهم) وَمِنَ النَّاسِ اى وبعض الناس فهو مبتدأ خبره قوله مَنْ يُجادِلُ ويخاصم يقال جدلت الحبل إذا أحكمت فتله ومنه الجدال فكأن المتجادلين يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه فِي اللَّهِ فى توحيده وصفاته ويميل الى الشرك حيث يزعم ان الملائكة بنات الله وقال الكاشفى (فِي اللَّهِ) [در كتاب خداى يعنى نضر بن الحارث كه ميكفت افسانه پيشينيانست. ودر عين المعاني آورده كه

[سورة لقمان (31) : الآيات 21 إلى 24]

يكى از يهود از حضرت رسالت پناه عليه السلام پرسيد كه خداى تو از تو چيزست فى الحال او را صاعقه كرفت واين آيت آمد كه كسى بود كه مجادله كند در ذات حق] بِغَيْرِ عِلْمٍ مستفاد من دليل وَلا هُدىً من جهة الرسول وَلا كِتابٍ أنزله الله تعالى مُنِيرٍ مضيىء له بالحجة بل يجادل بمجرد التقليد كما قال وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لمن يجادل والجمع باعتبار المعنى اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ على نبيه من القرآن الواضح والنور البين فآمنوا به قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا الماضين يريدون به عبادة الأصنام يقول الله تعالى فى جوابهم أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ الاستفهام للانكار والتعجب من التعلق بشبهة هى فى غاية البعد من مقتضى العقل والضمير عائد الى الآباء والجملة فى حيز النصب على الحالية. والمعنى أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم بما هم عليه من الشرك إِلى عَذابِ السَّعِيرِ فهم مجيبون اليه حسبما يدعوهم والسعر التهاب النار وعذاب السعير اى الحميم كما فى المفردات وفى الآية منع صريح من التقليد فى الأصول اى التوحيد والصفات والتقليد لغة وضع الشيء فى العنق محيطا به ومنه القلادة ثم استعمل فى تفويض الأمر الى الغير كأنه ربطه بعنقه واصطلاحا قبول قول الغير بلا حجة فيخرج الاخذ بقوله عليه السلام لانه حجة فى نفسه وفى التعريفات التقليد عبارة عن اتباع الإنسان غيره فيما يقول او يفعل معتقدا للحقيقة فيه من غير نظر وتأمل فى الدليل كأن هذا المتبع جعل قول الغير او فعله قلادة فى عنقه انتهى. فالتقليد جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد ظاهر عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما يجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه قال فى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد يعنى ان مثل هذا المقلد لو ترك الاستدلال لا يأثم كمن فى شاهق جبل فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا النمط البديع ولا يقدر أحد غيره على خلق مثل هذا فهو استدلال بالأثر على المؤثر واثبات للقدرة والارادة وغير ذلك فالاستدلال هو الانتقال من المصنوع الى الصانع لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول وعلى هذا فالمقلد فى هذا الزمان نادر وفى الآية اشارة الى ان من سلك طريق المعرفة بالعقل القاصر فهو مقلد لا يصح الاقتداء به خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو فلابد من الاقتداء بصاحب ولاية عالم ربانى واقف على اسرار الطريقة عارف بمنازل عالم الحقيقة مكاشف عن حقائق القرآن مطلع على معانى الفرقان فانه يخرج بإذن الله تعالى من الظلمات الانسانية الى النور الرباني ويخلص من عذاب النفس الامارة ويشرف بنعيم

[سورة لقمان (31) : الآيات 22 إلى 24]

القلب فان كان مطلبك ايها السالك هو المطلب الحقيقي فان طريقه بعيد وبرازخ منازله كثيرة لا يقدر اهل الجدل وارباب العقول المشوبة بالوهم والخيال والشبهات على دلالة تلك الطريق فأين الثريا من يد المتطاول فهم انما يصيدون الريح لا العنقاء إذا العنقاء فى قاف الوجود وحقائق الوجود لا يعرفها الا اهل المعرفة والشهود نسأل الله سبحانه ان يجعلنا وإياكم من العاملين باحكام القرآن العظيم والمتأدبين بآداب الكلام القديم والواصلين الى أنواره والمصاحبين بمن يتحقق باسراره وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ من شرطية معناها بالفارسية [هر كه ما] واسلم إذا عدى بالى يكون بمعنى سلم وإذا عدى باللام تضمن معنى الإخلاص والوجه بمعنى الذات. والمعنى ومن يسلم نفسه الى الله تسليم المتاع للعامل بان فوض امره اليه واقبل بكليته عليه وَهُوَ مُحْسِنٌ والحال انه محسن فى عمله آت به على الوجه اللائق الذي هو حسنه الوصفي المستلزم لحسنه الذاتي ولا يحصل ذلك غالبا الا عن مشاهدة ولذا فسر النبي عليه السلام الإحسان بان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال فى المفردات إمساك الشيء التعلق به وحفظه واستمسكت بالشيء إذا تحريت بالإمساك انتهى. والاستمساك بالفارسية [چنك در زدن] كما فى تاج المصادر. والعروة بالضم ما يعلق به الشيء من عروته بالكسر اى ناحيته والمراد مقبض نحو الدلو والكوز. والوثقى الموثقة المحكمة تأنيث الأوثق كالصغرى تأنيث الأصغر والشيء الوثيق ما يأمن صاحبه من السقوط. والمعنى فقد تعلق باوثق ما يتعلق به من الأسباب وأقواه: وبالفارسية [دست در زد استوارتر كوشه وبدست آويز محكم] وهو تمثيل لحال المتوكل المشتغل بالطاعة بحال من أراد ان يترقى الى شاهق جبل فتمسك باوثق عرى الحبل المتدلى منه بحيث لا يخاف انقطاعه وَإِلَى اللَّهِ لا الى أحد غيره عاقِبَةُ الْأُمُورِ عاقبة امر المتوكل وامر غيره فيجازيه احسن الجزاء: وبالفارسية [وبالله كردد سرانجام همه كار و چنان بود كه او خواهد] وَمَنْ كَفَرَ [وهر كه نكردد چنك در عروه وثقى نزند] فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ فانه لا يضرك فى الدنيا والآخرة يقال أحزنه من المزيد ويحزنه من الثلاثي واما حزن الثلاثي ويحزن المزيد فليس بشائع فى الاستعمال إِلَيْنا لا الى غيرنا مَرْجِعُهُمْ رجوعهم ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا فى الدنيا من الكفر والمعاصي بالعذاب والعقاب وجمع الضمائر الثلاثة باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الموضعين باعتبار لفظه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى الضمائر والنيات المصاحبة بالصدر فيجازى عليها كما يجازى على الأعمال الظاهرة نُمَتِّعُهُمْ اى الكافرين بمنافع الدنيا قَلِيلًا تمتيعا قليلا او زمانا قليلا: وبالفارسية [برخوردارى دهم ايشانرا بنعمت وسرور زمانى اندك كه زود انقطاع يابد] فان ما يزول وان كان بعد أمد طويل بالنسبة الى ما يدوم قليل ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ الاضطرار حمل الإنسان على ما يضره وهو فى التعارف حمل على امر يكرهه اى نلجئهم ونردهم فى الآخرة قهرا: وبالفارسية [پس بياريم ايشانرا به بيچارگى

[سورة لقمان (31) : الآيات 25 إلى 29]

يعنى ناچار بيايند] إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ يثقل عليهم ثقل الاجرام الغلاظ او نضم الى الإحراق الضغط والتضييق وفى التأويلات النجمية غلظة العذاب عبارة عن دوامه الى الابد انتهى. والغليظ ضد الرقيق وأصله ان يستعمل فى الأجسام لكن قد يستعار للمعانى كما فى المفردات وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ اى الكافرين مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والسفلية لَيَقُولُنَّ خلقهن اللَّهُ لغاية وضوح الأمر بحيث اضطروا الى الاعتراف به قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على ان جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون ايضا بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شيأ من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم بان يتركوا الشرك ويعبدوا الله وحده لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فلا يستحق العبادة فيهما غيره إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ بذاته وصفاته قبل خلق السموات والأرض وبعده لا حاجة به فى وجوده وكماله الذاتي الى شىء أصلا وكلمة هو للحصر اى هو الغنى وحده وليس معه غنى آخر دليله قوله (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) الْحَمِيدُ المحمود فى ذاته وصفاته وان لم يكن له حامد فهو الحامد لنفسه اى غنى در ذات خود از ما سواى خويشتن ... خود تو ميكويى بحمد خود ثناى خويشتن وفى الأربعين الادريسية يا حميد الفعال ذا المنّ على جميع خلقه بلطفه قال السهروردي رحمه الله من داوم على هذا الذكر يحصل له من الأموال ما لا يمكن ضبطه وفى الآيات امور منها ان التفويض والتوكل واخلاص القصد والاعراض عما سوى الله والإقبال على الله بالتوحيد والطاعة من موجبات حسن العاقبة وهى الجنة والقربة والوصلة كما ان الكفر والشرك والرياء والسمعة من اسباب سوء العاقبة وهى النار والعذاب الغليظ والفرقة والقطيعة: قال الشيخ العطار قدس سره زر وسيم وقبول كار وبارت ... نيايد در دم آخر بكارت اگر اخلاص باشد آن زمانت ... بكار آيد وكرنه واى جانت وفى البستان شنيدم كه نابالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بچاشت پدر ديده بوسيد ومادر سرش ... فشاندند بادام وزر بر سرش چوبر وى كذر كرد يك نيم روز ... فتاد اندر روز آتش معده سوز بدل كفت اگر لقمه چندى خورم ... چهـ داند پدر غيب يا مادرم چوروى پسر در پدر بود وقوم ... نهان خورد و پيدا بسر برد صوم پس اين پير از ان طفل نادانترست ... كه از بهر مردم بطاعت درست فالتمسك باحكام الدين هى العروة الوثقى لاهل اليقين فانها لا تنفصم بخلاف سائر العرى ومنها ان ليس لعمر الدنيا بقاء بل هى ساعة من الساعات فعلى العاقل ان لا يغتر بالتمتع القليل بل يتأهب لليوم الطويل دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز

[سورة لقمان (31) : آية 27]

كنون وقت تخمست اگر پرورى ... كر اميد دارى كه خرمن برى ومنها ان الله تعالى قدر المقادير ودبر الأمور فالكل يجرى فى الافعال والأحوال على قضائه وقدره وليس على الناصح الا التبليغ دون الجبر والحزن على عدم القبول فان الحجر لا يصير مرآة بالصيقل توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه ومنها ان عدم الجريان بموجب العلم من الجهل فى الحقيقة كر همه علم عالمت باشد ... بي عمل مدعى وكذابى ومنها ان الله تعالى خلق الخلق ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فمنفعة الطاعات والعبادات راجعة الى العباد لا الى. الله تعالى إذ هو غنى عن العالمين لا ينتفع بطاعاتهم ولا يتضرر بمعاصيهم فهو يمنّ عليهم ان هداهم للايمان والطاعات وليس لهم ان يمنوا عليه بإسلامهم جعلنا الله وإياكم من عباد المخلصين وحفظنا فى حصنه الحصين من عونه وتوفيقه الرصين وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ جواب لليهود حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم او أمروا وفد قريش ان يسألوه عن قوله (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) وقد انزل التوراة وفيها علم كل شىء يعنى ان علم التوراة وسائر ما اوتى الإنسان من الحكمة والمعرفة وان كان كثيرا بالنسبة إليهم لكنه قطرة من بحر علم الله وقال قتادة قال المشركون ان القرآن يوشك ان ينفد وينقطع فنزلت. وقوله من شجرة حال من الموصول وهى ماله ساق وتوحيدها لما ان المراد تفصيل الآحاد يعنى ان كل فرد من جنس الشجر بحيث لا يبقى منه شىء لوبرى قلما واصل القلم القص من الشيء الصلب كالظفر وخص ذلك بما يكتب به وفى كشف الاسرار سمى قلما لانه قط رأسه والإقليم القطعة من الأرض وتقليم الأظفار قطعها. والفرق بين القط والقدّ ان القط القطع عرضا والقدّ القطع طولا والقطع فصل الجسم بنفوذ جسم آخر فيه. والمعنى لو ثبت ان الأشجار أقلام وَالْبَحْرُ اى والحال ان البحر المحيط بسعته وهو البحر الأعظم الذي منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه الا الله تعالى والبحار التي على وجه الأرض خلجان منه وفى هذا البحر عرش إبليس لعنه الله وفيه مدائن تطفو على وجه الماء وأهلها من الجن فى مقابلة الربع الخراب من الأرض وفى هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الأشجار فى الأرض وفيه من الجزائر المسكونة والخالية ما لا يعلمه الا الله تعالى وهو اى البحر مبتدأ خبره قوله يَمُدُّهُ اى يزيده وينصب فيه من مد الدواة جعلها ذات مداد وزاده فيها فلذا اغنى عن ذكر المداد مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد نفاده وفنائه سَبْعَةُ أَبْحُرٍ نحو بحر الصين وبحر تبت كسكر على ما فى القاموس وبحر التهد وبحر السند وبحر فارس وبحر الشرق وبحر الغرب والله اعلم قال فى اسئلة الحكم ان الله زين الدنيا بسبعة أبحر وسبعة أقاليم انتهى ولم يتعرضوا لتعداد الأبحر فيما رأينا وقد استخرجناها من موضعها بطريق التقريب وأجرينا القلم فيها ويحتمل ان يكون المراد الأنهار السبعة من الفرات ودجلة وسيحان

وسيحون وجيحان وجيحون والنيل لان البحر عند العرب هو الماء الكثير وقال الكاشفى (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [هفت درياى ديكر مانند او] انتهى فيكون ذكر العدد للتكثير كما لا يخفى وفى الإرشاد اسناد المد الى الأبحر السبعة دون البحر المحيط مع كونه أعظم منها وأطم لانها هى المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية وإليها تنصب الأنهار العظام اولا ومنها تنصب الى البحر المحيط ثانيا. والمعنى يمده الأبحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ اى ما فنيت متعلقات علمه وحكمته ونفدت تلك الأقلام والمداد وقد سبق تحقيقه فى اواخر سورة الكهف عند قوله تعالى (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) الآية وإيثار جمع القلة فى الكلمات للايذان بان ما ذكر لا يفى بالقليل منها فكيف بالكثير وفى التأويلات النجمية اى لوان ما فى الأرض من الأشجار أقلام والبحر يصير مدادا وبمقدار ما يقابله ينفق القرطاس ويتكلف الكتاب حتى تنكسر الأقلام وتفنى البحار وتستوفى القراطيس ويفنى عمر الكتاب ما نفدت معانى كلام الله تعالى لان هذه الأشياء وان كثرت فهى متناهية ومعانى كلامه لا تتناهى لانها قديمة والمحصور لا يفى بما لا حصر له انتهى وقد قصر من جعل الأرض قرطاسا وفى الآية اشارة ظاهرة الى قدم القرآن فان عدم التناهى من خاصية القديم. وجاء فى حق القرآن (ولا تنقضى عجائبه) اى لا ينتهى أحد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة وفى الآية اشارة ايضا الى ان كلمات الحكماء الالهية وعلومهم لا تنقطع ابدا لانها من عيون الحكمة كما ان ماء العين لا ينقطع عن عينه وكيف ينقطع وحكمة الحكيم تلقين من رب العالمين وفيض من خزائنه وخزائنه لا تنفد كما دلت عليه الآية ولبعض العارفين تجلى برقىّ يعطى فى مقدار طرفة عين من العلوم ما لا نهاية له وإذا كان حاله هذا فى جزء يسير من الزمان فما ظنك بحاله فى مدة عمره إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شىء حَكِيمٌ لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما. وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة ومعنى فمن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أغناه الله وأعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه والتقرب بهذا الاسم فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق وهو عزيز جدا. وخاصية الاسم الحكيم دفع الدواهي وفتح باب الحكمة من اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب من الحكمة والتقرب بهذا الاسم تعلقا ان تراعى حكمته فى الأمور مقدما ما جاء شرعا ثم عادة فتسلم من معارض شرعى وتخلقا ان تكون حكيما والحكمة فى حقنا الاصابة فى القول والعمل وقد سبق فى أول قصة لقمان واعلم ان فى خلق البحار والأنهار والجزائر ونحوها حكما ومصالح تدل على عظم ملكه تعالى وسعة سلطانه وليس من بر ولا بحر إلا وفيه خلق من الخلائق يعبد الله تعالى على ان الإسكندر وصل الى جزيرة الحكماء وهى جزيرة عظيمة فرأى بها قوما لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف فى الصخر والحجر فسألهم مسائل فى الحكمة فاجابوا بأحسن جواب وألطف خطاب لما انهم من مظاهر الاسم الحكيم فقال لهم سلوا حوائجكم لتقضى فقالوا له نسألك

[سورة لقمان (31) : الآيات 28 إلى 29]

الخلد فى الدنيا فقال وانى به لنفسى ومن لا يقدر على نفس من أنفاسه كيف يبلغكم الخلد فقال كبيرهم نسألك صحة فى أبداننا ما بقينا فقال وهذا ايضا لا اقدر عليه قالوا فعرّفنا بقية أعمارنا فقال لا اعرف ذلك لروحى فكيف بكم فقالوا له فدعنا نطلب ذلك ممن يقدر على ذلك وأعظم من ذلك وجعل الناس ينظرون الى كثرة الجنود اى جنود الإسكندر وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك لا يرفع رأسه فقال الإسكندر مالك لا تنظر الى ما ينظر اليه الناس قال الشيخ ما أعجبني الملك الذي رأيت قبلك حتى انظر إليك والى ملكك فقال الإسكندر وما ذاك قال الشيخ كان عندنا ملك وآخر صعلوك فماتا فى يوم واحد فغبت عنهما مدة ثم جئت إليهما واجتهدت ان اعرف الملك من المسكين فلم أعرفه فتركهم وانصرف: قال الشيخ العطار قدس سره چهـ ملكت اين وتو چهـ پادشاهى ... كه با شير أجل بر مى نيايى اگر تو فى المثل بهرام زورى ... بروز واپسين بهرام كورى چوملك اين جهان ملكى رونده است ... بملك آن جهان شد هر كه زنده است اگر آن ملك خواهى اين فدا كن ... كه بإبراهيم أدهم اقتدا كن رباط كهنه دنيا درانداخت ... جهاندارى بدرويشى فروباخت اگر چهـ ملك دنيا پادشاييست ... ولى چون بنگرى اصلش كداييست ما خَلْقُكُمْ قال مقاتل وقتادة ان كفار قريش قالوا ان الله خلقنا أطوارا نطفة علقة مضغة لحما فكيف يبعثنا خلقا جديدا فى ساعة واحدة فانزل الله هذه الآية وقال ما خلقكم ايها الإنسان مع كثرتكم وقال الكاشفى [نيست آفريدن شما اى اهل مكة] وَلا بَعْثُكُمْ احياؤكم وإخراجكم من القبور: وبالفارسية [ونه برانگيختن شما بعد از مرك] إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ الا كخلقها وبعثها فى سهولة الحصول إذ لا يشغله شأن عن شأن لانه يكفى لوجود الكل تعلق إرادته وقدرته قلوا او كثروا ويقول كن فيكون وقال الكاشفى: يعنى [حق سبحانه وتعالى در خلق اشيا بآلات وأدوات احتياج ندارد بلكه اسرافيل را كويد بگو بر خيزند از كورها بيك دعوت او همه خلائق از كور با بيرون آيند] ومثاله فى الدنيا ان السلطان يضرب النقارة عند الرحيل فيتهيأ الكل فى ساعة واحدة إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع كل مسموع فيدخل فيه ما قالوا فى امر الخلق والبعث مما يتعلق بالإنكار والاستبعاد بَصِيرٌ يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن بعض فكذلك الخلق والبعث وقال بعضهم بصير بأحوال الاحياء والأموات پس بقدرت چنين كس عجز را راه نيست قدرت بي عجز ندادى بكس قدرت بي عجز تو دارى وبس أَلَمْ تَرَ ألم تعلم يا من يصلح للخطاب علما قويا جاريا مجرى الرؤية أَنَّ اللَّهَ بقدرته وحكمته يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ الولوج الدخول فى مضيق والإيلاج الإدخال اى يدخل

الليل فى النهار ويضيفه اليه بان يزيد من ساعات الليل فى ساعات النهار صيفا بحسب مطالع الشمس ومغاربها: يعنى [از وقت نزول آفتاب بنقطه شتوى تا زمان حلول او بنقطه انقلاب صيفى از اجزاى شب مى كاهد ودر اجزاى روز مى افزايد تا روزى كه در أول جدى اقصر ايام سنه در أول سرطان أطول ايام سنه ميشود] يعنى يصير النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات قال عبد الله بن سلام أخبرني يا محمد عن الليل لم سمى ليلا قال (لانه منال الرجال من النساء جعله الله الفة ومسكنا ولباسا) قال صدقت يا محمد ولم سمى النهار نهارا قال (لانه محل طلب الخلق لمعايشهم ووقت سعيهم واكتسابهم) قال صدقت وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ اى يدخله فيه ويضم بعض اجزائه اليه بان يزيد من ساعات النهار فى ساعات الليل شتاء بحسب المطالع والمغارب: يعنى [در باقى سنه از اجزاى روز كم مى كند واجزاى شب را بدان زياده مى زاد تا شبى كه در آخر جوزا اقصر ليالى بود در آخر قوس أطول ليالى ميشود] : يعنى يصير الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتا آن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار وبعضها حر وبعضها برد وممالك الأقاليم السبعة التي ضبط عددها فى زمن المأمون ثلاثمائة وثلاث وأربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى أضيقها وثلاثة أشهر وهى أوسعها والمملكة سلطان الملك وبقاعه التي يتملكها وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [رام كرد آفتاب وماه را كه سبب منافع الخلق اند] قال عبد الله بن سلام أخبرني يا محمد عن الشمس والقمر أهما مؤمنان أم كافران قال عليه السلام (مؤمنان طائعان مسخران تحت قهر المشيئة) قال صدقت قال فما بال الشمس والقمر لا يستويان فى الضوء والنور قال (لان الله تعالى محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة نعمة منه وفضلا ولولا ذلك لما عرف الليل من النهار) والجملة عطف على يولج والاختلاف بينهما صيغة لما ان إيلاج أحد الملوين فى الآخر امر متجدد فى كل حين واما تسخير النيرين فامر لا تعدد فيه ولا تجدد وانما التعدد والتجدد فى آثاره وقد أشير الى ذلك حيث قيل كُلٌّ من الشمس والقمر يَجْرِي بحسب حركته الخاصة القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الأيام جريا مستمرا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قدره الله تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما روى عن الحسن فانهما لا ينقطع جريهما الا حينئذ وذلك لانه تموت الملائكة الموكلون عليهما فيبقى كل منهما خاليا كبدن بلا روح ويطمس نورهما فيلقيان فى جهنم ليظهر لعبدة الشمس والقمر والنار انها ليست بآلهة ولو كانت آلهة لدفعت عن أنفسها فالجملة اعتراض بين المعطوفين لبيان الواقع بطريق الاستطراد هذا وقد جعل جريانهما عبارة عن حركتها الخاصة بهما فى فلكهما والاجل المسمى عن منتهى دورتهما وجعل مدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهرا فالجملة حينئذ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيه على كيفية إيلاج أحد الملوين فى الآخر وكون ذلك بحسب انقلاب جريان الشمس والقمر على مداراتهما اليومية وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ عالم بكنهه عطف على ان الله يولج إلخ داخل معه فى حيز الرؤية فان من شاهد ذلك الصنع الرائق والتدبير اللائق لا يكاد يغفل عن كون

[سورة لقمان (31) : الآيات 30 إلى 34]

صانعه محيطا بجلائل اعماله ودقائقها ذلِكَ المذكور من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص الباري بها بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب ان الله تعالى هُوَ الْحَقُّ إلهيته فقط وَأَنَّ ما يَدْعُونَ يعبدون مِنْ دُونِهِ تعالى من الأصنام الْباطِلُ إلهيته لا يقدر على شىء من ذلك فليس فى عبادته نفع أصلا والتصريح بذلك مع ان الدلالة على اختصاص حقية إلهيته به تعالى مستتبعة للدلالة على بطلان الهية ما عداه لابراز كمال الاعتناء بامر التوحيد وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ المرتفع عن كل شىء الْكَبِيرُ المتسلط عليه يحتقر كل فى جنب كبريائه قال فى شرح حزب البحر من علم انه العلى الذي ارتفع فوق كل شىء علوه مكانة وجلالا يرفع همته اليه ولا يختار سواه ويحب معالى الأمور ويكره سفسافها وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان: قال الحافظ همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا سايه همت كه برنا اهل افكندى ومن عرف كبرياءه ونسى كبرياء نفسه تعلق بعروة التواضع والانصاف ولزم حفظ الحرمة وفى الأربعين الادريسية يا كبير أنت الذي لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردي إذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبة سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا ثم فى قوله (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) اشارة الى ان كل ما يطلب من دونه تعالى هو الباطل فلابد من تركه بالاختيار قبل الفوت بالاضطرار ومن المبادرة الى طلب العلى الكبير قبل فوات الفرصة مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيز است والوقت سيف نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست نسأل الله التدارك أَلَمْ تَرَ رؤية عيانية ايها الذي من شأنه الرؤية والمشاهدة أَنَّ الْفُلْكَ بالفارسية [كشتى] تَجْرِي [مى رود] قال فى المفردات الجري المر السريع وأصله لمر الماء ولما يجرى بجريه فِي الْبَحْرِ [در دريا] بِنِعْمَتِ اللَّهِ الباء للصلة اى متعلقة بتجرى او للحال اى متعلقة بمقدر هو حال من فاعله اى ملتبسة بنعمته تعالى وإحسانه فى تهيئة أسبابه وقال الكاشفى [بمنت واحسان او آنرا بر روى آب نكه ميدارد باد را براى رفتن او ميفرستد] وفى الاسئلة المفخمة برحمة الله حيث جعل الماء مركبا لكم لتقريب المزار لِيُرِيَكُمْ [تا بنمايد شما را] مِنْ آياتِهِ اى بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وبعض عجائبه وهو فى الظاهر سلامتهم فى السفينة كما قيل لتاجر ما اعجب ما رأيته من عجائب البحر قال سلامتى منه وفى الحقيقة سلامة السالكين فى سفينة الشريعة بملاحية الطريقة فى بحر الحقيقة إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من امر الفلك والبحر لَآياتٍ عظيمة فى ذاتها كثيرة فى عددها لِكُلِّ صَبَّارٍ مبالغ فى الصبر على المشاق فيتعب نفسه فى التفكر فى الأنفس والآفاق شَكُورٍ مبالغ فى الشكر على نعمائه وهما صفتا المؤمن فكأنه قيل لكل مؤمن وانه وصفه بهما لان احسن خصاله الصبر والشكر والايمان نصفان نصف للصبر ونصف للشكر واعلم ان الصبر تحمل المشاق بقدر القوة البدنية وذلك فى الفعل كالمشى ورفع الحجر كما يحصل للجسوم

[سورة لقمان (31) : آية 32]

الخشنة وفى الانفعال كالصبر على المرض واحتمال الضرب والقطع وكل ذلك ليس بفضيلة تامة بل الفضيلة فى الصبر عن تناول مشتهى لاصلاح الطبيعة والصبر على الطاعات لاصلاح النفس فالصبر كالدواء المر وفيه نفع طبيب شربت تلخ از براى فائده ساخت والشكر تصور النعمة بالقلب والثناء على المنعم باللسان والخدمة بالأركان وجعل الصبر مبدأ والشكر منتهى يدل على كون الشكر أفضل من الصبر فان من صبر فقد ترك اظهار الجزع ومن شكر فقد تجاوز الى اظهار السرور بما جزع له الصابر فكم من فرق بين حبس النفس على مقاساة البلاء وهو الصبر وبين عدم الالتفات الى البلاء بل يراه من النعماء وهو الشكر وفى وصف الأولياء خوشا وقت شوريدكان غمش ... اگر زخم بينند اگر مرهمش دمادم شراب الم در كشند ... وكر تلخ بينند دم دركشند نه تلخ است صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست وَإِذا غَشِيَهُمْ غشيه ستره وعلاه والضمير لمن ركب البحر مطلقا او لاهل الكفر اى علاهم وأحاط بهم مَوْجٌ هو ما ارتفع من الماء كَالظُّلَلِ كما يظل من جبل او سحاب او غيرهما: وبالفارسية [موج دريا كه در بزركى مانند سايبانها يا مثل كوهها يا ابرها] جمع ظلة بالضم: وبالفارسية [سايبان] كما قال فى المفردات الظلة شىء كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى (مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) وذلك موج كقطع السحاب انتهى وفى كشف الاسرار كل ما اظلك من شىء فهو ظلة شبه بها الموج فى كثرتها وارتفاعها وجعل الموج وهو واحد كالظلل وهو جمع لان الموج يأتى منه شىء بعد شىء دَعَوُا اللَّهَ [خوانند خدايرا] حال كونهم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الدعاء والطاعة لا يذكرون معه سواه ولا يستغيثون بغيره لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد والإخلاص افراد الشيء من الشوائب فَلَمَّا نَجَّاهُمْ الله تعالى إِلَى الْبَرِّ وجاد بتحقيق مناهم بسبب إخلاصهم فى الدعاء: وبالفارسية [پس آن هنكام كه برهاند ايشانرا وبرساند بسلامت بسوى صحرا وبيابان] فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ اى مقيم على الطريق القصد وهو التوحيد او متوسط فى الكفر لانزجاره فى الجملة قال بعضهم لما كان يوم فتح مكة امّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الا اربعة نفر وقال (اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن ابى جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن سبابة وعبد الله بن سعد بن ابى سرح) فاما عكرمة فهرب الى البحر فاصابتهم ريح عاصف فقال اهل السفينة أخلصوا فان آلهتكم لا تغنى عنكم شيأ هاهنا فقال عكرمة لئن لم ينجنى فى البحر الا الإخلاص فما ينجينى فى البر غيره اللهم ان لك على عهدا ان أنت عافيتنى مما انا فيه ان اتى محمدا حتى أضع يدى فى يده فلاجدن عفوّا كريما فسكنت الريح فرجع الى مكة فاسلم واحسن إسلامه قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكرنا خدا جامه بر تن درد

[سورة لقمان (31) : آية 33]

كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست سلامت در اخلاص اعمال هست ... شود زورق زرق كاران شكست وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا [وانكار نكنند نشانهاى قدرت ما را] إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ غدار فانه نقض للعهد الفطري او رفض لما كان فى البحر. والختر أسوأ الغدر واقبحه قال فى المفردات الختر غدر يختر فيه الإنسان اى يضعف ويكسر لاجتهاده فيه كَفُورٍ مبالغ فى كفران نعم الله تعالى وانما يذكر هذا اللفظ لمن صار عادة له كما يقال ظلوم وانما وصف الكافر بهما لانهما أقبح خصال فيه. وقد عد النبي عليه السلام الغدر من علامات المنافق لكن قال على رضى الله عنه الوفاء لاهل الغدر غدر والغدر باهل الغدر وفاء عند الله تعالى كما ان التكبر على المتكبر صدقة فعلى العاقل الوفاء بالعهد وهو الخروج عن عهدة ما قيل عند الإقرار بالربوبية بقوله (بَلى) حيث قال الله تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وهو للعامة العبادة رغبة فى الوعد ورهبة من الوعيد وللخاصة الوقوف مع الأمر لا لغرض وقد يعرض للانسان النسيان فينسى العهد فيصير مبتلى بحسب مقامه- حكى- ان الشيخ أبا الخير الأقطع سئل عن سبب قطع يده فقال كنت أتعيش من سقط مائدة الناس فخطرلى الترك والتوكل فعهدت ان لا آكل من طعام الناس ولا من حبوب الأراضي فلم يفتح الله لى شيأ من القوت قريبا من خمسين يوما حتى غلب الضعف على القوى ثم فتح قرصتين مع شىء من الادام ثم انى خرجت من بين الناس وسكنت فى مغارة فيوما من الأيام خرجت من المغارة فرأيت بعض الفواكه البرية فتناولت شيأ منها حتى إذا جعلته فى فمى تذكرت العهد وألقيته وعدت الى المغارة ففى أثناء ذلك أخذ بعض اللصوص وقطاع الطريق فقطع أيديهم وأرجلهم فى حضور امير البلدة فاخذونى ايضا وقالوا أنت منهم حتى إذا كنت عند الأمير قطع يدى فلما أرادوا قطع رجلى تضرعت الى الله تعالى وقلت يا رب ان يدى هذه جنت فقطعت فما جناية رجلى فعند ذلك جاء شخص الى الأمير كان يعرفنى فوصف له الحال حتى عفا بل اعتذر اعتذارا بليغا فهذه حال الرجال مع الله فالعبرة حفظ العهد ظاهرا وباطنا: قال الحافظ از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود واما الكفران فسبب لزوال الايمان ألا ترى ان بلعم بن باعوراء لم يشكر يوما على توفيق الايمان وهداية الرحمن حتى سلب عنه والعياذ بالله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ نداء عام لكافة المكلفين وأصله لكفار مكة اتَّقُوا رَبَّكُمْ [بپرهيزيد از عذاب وخشم خداوند خويش] وذلك بالاجتناب عن الكفر والمعاصي وما سوى الله تعالى قال بعض العارفين مرة يخوّفهم بأفعاله فيقول (اتَّقُوا فِتْنَةً) ومرة بصفاته فيقول (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى) ومرة بذاته فيقول (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) وَاخْشَوْا الخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى عليه يَوْماً قال فى التيسير يجوز ان يكون على ظاهره لان يوم القيامة مخوف لا يَجْزِي فيه والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ اى لا يقضى عنه شيأ من الحقوق ولا يحمل من سيآته ولا يعطيه من طاعاته يقال جزاه دينه إذا قضاه وفى المفردات الجزاء

الغناء والكفاية كقوله تعالى (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) وبالفارسية [وبترسيد از روزى كه دفع نكند عذاب را وباز ندارد پدر از پسر خويش] والولد ولو كان يقع على القريب والبعيد اى ولد الولد لكن الاضافة تشير الى الصلبى القريب فاذا لم يدفع عما هو الصق به لم يقدر ان يدفع عن غيره بالطريق الاولى. ففيه قطع لاطماع اهل الغرور المفتخرين بالآباء والأجداد المعتمدين على شفاعتهم من غير ان يكون بينهم جهة جامعة من الايمان والعمل الصالح وَلا مَوْلُودٌ [ونه فرزندى] عطف على والد وهو مبتدأ خبره قوله هُوَ جازٍ قاد ومؤدّ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً ما من الحقوق وخص الولد والوالد بالذكر تنبيها على غيرهما والمولود خاص بالصلبي الأقرب فاذا لم يقبل شفاعته للاب الاول الذي ولدمنه لم يقبل لمن فوقه من الأجداد وتغيير النظم للدلالة على ان المولود اولى بان لا يجزى ولقطع طمع من توقع من المؤمنين ان ينفع أباه الكافر فى الآخرة ولذا قالوا ان هذا الخبر خاص بالكفار فان أولاد المؤمنين وآباءهم ينفع بعضهم بعضا قال تعالى (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) اى بشرط الايمان إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالحشر والجنة والنار والثواب والعقاب والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر وعدا وميعادا والوعيد فى الشر خاصة حَقٌّ كائن لا خلف فيه فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا يقال غره خدعه وأطعمه بالباطل فاغتر هو كما فى القاموس والمراد بالحياة الدنيا زينتها وزخارفها وآمالها: يعنى [بمتاعهاى دلفريب او فريفته مشويد] وفى التأويلات النجمية اى بسلامتكم فى الحال وعن قريب ستندمون فى المآل انتهى وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ قال فى المفردات الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين اى ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ فى الغرور والخدعة بان يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصي وينسيكم الرجوع الى القبور ويحملكم على الغفلة عن احوال القيامة وأهوالها وعذر فردارا عمر فردا بايد كار امروز بفردا نكذارى زنهار ... روز چون يافته كار كن وعذر ميار قال فى كشف الاسرار الغرة بالله حسن الظن به مع سوء العمل وفى الخبر (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله المغفرة) ونعم ما قيل ان السفينة لا تجرى على اليبس فلا بد من الأعمال الصالحة فان بها النجاة وبها يلتحق الأواخر بالاوائل ففى الآية حسم لمادة الطمع فى الانتفاع بالغير مع إهمال الإسلام او الطاعات اعتمادا على صلاح الغير فان يوم القيامة يوم عظيم لا ينفع فيه من له اتصال الولادة فما ظنك بما سواها ويشتغل كل أحد بنفسه الا من رحمه الله تعالى وعن كعب الأحبار تقول امرأة من هذه الامة لولدها يوم القيامة يا ولدي أما كان لك بطني وعاء وحجرى وطاء وثديى سقاء كما قال الشيخ سعدى قدس سره نه طفلى زبان بسته بودى ز لاف ... همى روزى آمد بجوفت ز ناف چونافت بريدند روزى گسست ... به پستان مادر درآويخت دست

[سورة لقمان (31) : آية 34]

كنار وبر مادر دلپذير ... بهشت است و پستان ازو جوى شير فاحمل عنى واحدا فقد أثقلني ذنوبى فيقول هيهات يا أماه كل نفس بما كسبت رهينة فاذا حملت عنك فمن يحمل عنى من وتو دو محتاج يك مائده ... نه از من نه از تو بمن فائده وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (انه ليكون للوالدين على ولدهما دين فاذا كان يوم القيامة يتعلقان به فيقول ان ولدكما فيودّ ان لو كان اكثر من ذلك) فلا يليق للمؤمن الإهمال فى العبادة والتوبة والندم اغترارا واعتمادا على مجرد الكرم- ذكر فى الاسرائيليات- ان الكليم عليه السلام مرض فذكر له دواء المرض فابى وقال يعافينى بغير دواء فطالت علته فاوحى الله تعالى اليه وقال وعزتى وجلالى لا ابرئك حتى تتداوى أتريد ان تبطل حكمتى. فاتضح بهذا ان الأعمال اسباب ووسائل للجنات والدرجات وان لم تكن عللا موجبة فكما ان اهل الدنيا يباشرون الأسباب فى تحصيل مرامهم فكذلك ينبغى لاهل الآخرة ان يباشروا الأعمال الصالحة فى تحصيل الدرجات العالية والمطالب الاخروية ومن هذا المقام ما حكى عن ابراهيم بن أدهم قدس سره انه لما منع من دخول الحمام بلا اجرة تأوّه وقال إذا منع من دخول بيت الشيطان بلا شىء فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شىء قال بعض الكبار لا ينبغى للمؤمن ان يتطير ويعد نفسه من الأشقياء فيتكاسل فى العمل بل ينبغى ان يحسن الظن بالله تعالى ويجاهد فى طريقه فان للاعتقاد تأثيرا بليغا وقد وعد الله ووعد الشيطان ووعد الله تعالى صدق محض لانه هو الولي ووعد الشيطان كذب محض لانه هو العدو فالاصغاء لكلام الولي خير من استماع كلام العدو فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس ولا بالحياة الدنيا فان دولتها ذاهبة وزينتها زائلة وليس لها لاحد وفاء بر مرد هشيار دنيا خس است ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست منه بر جهان دل كه بيكانه ايست ... چومطرب كه هر روز در خانه ايست نه لائق بود عشق با دلبرى ... كه هر بامدادش بود شوهرى مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمانده لا يزال وغم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت خدايا بحق بنى فاطمه ... كه بر قول ايمان كنم خاتمه نسأل الله سبحانه ان يختمنا على أفضل الأعمال الذي هو التوحيد وذكر رب العرش المجيد ويجعلنا فى جنات تجرى من تحتها الأنهار ويشرفنا برؤية جماله المنير فى الليل والنهار آمين بجاه النبي الامين إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الساعة جزء من اجزاء الجديدين سميت بها القيامة لانها تقوم فى آخره ساعة من ساعات الدنيا اى عنده علم وقت قيام القيامة وما يتبعه من الأحوال والأهوال وهو متفرد بعلمه فلا يدرى أحد من الناس فى أي سنة وفى أي

شهر وفى أي ساعة من ساعات الليل والنهار تقوم القيامة- روى- ان الحارث بن عمرو من اهل البادية اتى النبي عليه السلام فسأله عن الساعة ووقتها وقال ان ارضنا أجدبت وانى ألقيت حباتى فى الأرض فمتى ينزل المطر وتركت امرأتى حبلى فحملها ذكر أم أنثى وانى اعلم ما عملت أمس فما اعمل غدا وقد عملت اين ولدت فبأى ارض أموت فنزلت: يعنى [اين پنج علم در خزانه مشيت حضرت آفريدگار است وكليد اطلاع بدان بدست اجتهاد هيچ آدمي نداده اند] وانما أخفى الله وقت الساعة ليكون الناس على حذر واهبة كما روى ان أعرابيا قال للنبى عليه السلام متى الساعة فقال عليه السلام (وما اعددت لها) قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله فقال (أنت مع من أحببت) لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود در دو غمش مايه سودا وخوشى ذره وارم بهوا درىء او رقص كنان ... تا شد او شهره آفاق بخورشيد وشى وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ عطف على ما يقتضى الظرف من الفعل تقديره ان الله يثبت عنده علم الساعة وينزل الغيث كما فى المدارك. وسمى المطر غيثا لانه غياث الخلق به رزقهم وعليه بقاؤهم فالغيث مخصوص بالمطر النافع اى وينزله فى زمانه الذي قدره من غير تقديم وتأخير الى محله الذي عينه فى علمه من غير خطأ وتبديل فهو متفرد بعلم زمانه ومكانه وعدد قطراته- روى- مرفوعا (ما من ساعة من ليل ولانهار الا السماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء) وفى الحديث (ما سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا اعصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار) فمن أراد استجلاب الرحمة فعليه بالتوبة والندامة والتضرع الى قاضى الحاجات باخلص المناجاة تو از فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الرحم بيت منبت الولد ووعاؤه اى يعلم ذاته أذكر أم أنثى حى أم ميت وصفاته أتام أم ناقص حسن أم قبيح سعيد أم شقى بر احوال نابوده علمش بصير ... بر اسرار ناكفته لطفش خبير قديمى نكوكار نيكو پسند ... بكلك قضا در رحم نقش بند زبر افكند قطره سوى يم ... ز صلب آورد نطفه در شكم از آن قطره لؤلؤى لالا كند ... وزين صورتى سرو بالا كند وَما تَدْرِي نَفْسٌ من النفوس. والدراية المعرفة المدركة بضرب من الحيل ولذا لا يوصف الله بها ولا يقال الداري واما قول الشاعر لا هم لا أدرى وأنت تدرى فمن تصرف اجلاف العرب او بطريق المشاكلة كما فى قوله تعالى (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) اى ذاتك ماذا اى أي شىء تَكْسِبُ غَداً الكسب ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ مثل كسب المال وقد يستعمل فيما يظن الإنسان ان يجلب به منفعة به مضرة والغد اليوم الذي يلى يومك الذي أنت فيه كما ان أمس اليوم الذي قبل يومك بليلة اى يفعل ويحصل من خير وشر ووفاق وشقاق وربما تعزم على خير فتفعل الشر وبالعكس وإذا لم يكن

للانسان طريق الى معرفة ما هو أخص به من كسبه وان اعمل حيله وانفذ فيها وسعه كان من معرفة ما عداه مما لم ينصب له دليل عليه ابعد وكذا إذا لم يعلم ما فى الغد مع قربه فما يكون بعده لا يعلمه بطريق الاولى نداند كسى چون شود امر او ... چهـ حاصل كند در پس عمر او بجز حق كه علمش محيط كلست ... برابر باو ماضى مستقبلست وَما تَدْرِي نَفْسٌ وان أعملت حيلها بِأَيِّ أَرْضٍ مكان تَمُوتُ من بر وبحر وسهل وجبل كما لا تدرى فى أي وقت تموت وان كان يدرى انه يموت فى الأرض فى وقت من الأوقات- روى- ان ملك الموت مر على سليمان عليه السلام فجعل ينظر الى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا قال ملك الموت فقال كأنه يريدنى فمر الريح ان تحملني وتلقينى فى بلاد الهند ففعل فقال الملك كان دوام نظرى اليه تعجبا منه إذ أمرت ان اقبض روحه بالهند وهو عندك قال فى المقاصد الحسنة كان رجل يقول اللهم صل على ملك الشمس فيكثر ذلك فاستأذن ملك الشمس ربه ان ينزل الى الأرض فيزوره فنزل ثم اتى الرجل فقال انى سألت الله النزول من أجلك فما حاجتك فقال بلغني ان ملك الموت صديقك فاسأله ان ينسىء فى اجلى ويخفف عنى الموت فحمله معه وأقعده مقعده من الشمس واتى ملك الموت فاخبره فقال من هو فقال فلان ابن فلان فنظر ملك الموت فى اللوح معه فقال ان هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس قال فقد قعد مقعدى من الشمس فقال فقد توفته رسلنا وهم لا يفرّطون فرجع ملك الشمس الى الشمس فوجده قدمات وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ببعض نواحى المدينة فاذا بقبر يحفر فاقبل حتى وقف عليه فقال لمن هذا قيل لرجل من الحبشة فقال (لا اله الا الله سيق من ارضه وسمائه حتى دفن فى الأرض التي خلق منها تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني) وانشدوا إذا ما حمام المرء كان ببلدة ... دعته إليها حاجة فيطير وفائدة هذا تنبيه العبد على التيقظ للموت والاستعداد له بحسن الطاعة والخروج عن المظلمة وقضاء الدين واثبات الوصية بماله وعليه فى الحضر فضلا عن أوان الخروج عن وطنه الى سفر فانه لا يدرى اين كتبت منيته من بقاع الأرض وانشد بعضهم مشينا فى خطى كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها وأرزاق لنا متفرقات ... فمن لم تأته منا أتاها ومن كتبت منيته بأرض ... فليس يموت فى ارض سواها كما فى عقد الدرر إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ يعلم الأشياء كلها خَبِيرٌ يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها وعنه عليه السلام (مفاتيح الغيب خمس وتلا هذه الآية فمن ادعى علم شىء من هذه المغيبات الخمس فهو كافر بالله تعالى) وانما عد هذه الخمس وكل المغيبات لا يعلمها الا الله لما ان السؤال ورد عنها كما سبق فى سبب النزول. وكان اهل الجاهلية يسألون المنجمين عنها زاعمين انهم يعلمونها وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر لقوله عليه السلام (من اتى كاهنا فصدقه

تفسير سورة السجدة

فيما يقول فقد كفر بما انزل الله على محمد) والكاهن هو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل الزمان ويدّعى معرفة الاسرار وكان فى العرب كهنة يدعون معرفة الأمور فمنهم من يزعم انه له رئيا من الجن يلقى اليه الاخبار قال ابو الحسن الآمدى فى مناقب الشافعي التي الفها سمعت الشافعي يقول من زعم من اهل العدالة انه يرى الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالى (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) الا ان يكون الزاعم نبيا كذا فى حياة الحيوان. والمنجم إذا ادعى العلم بالحوادث الآتية فهو مثل الكاهن وفى الحديث (من سأل عرّافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) والعرّاف من يخبر عن المسروق ومكان الضالة والمراد من سأله على وجه التصديق لخبره وتعظيم المسئول يعنى إذا اعتقد انه ملهم من الله او ان الجن يلقون اليه مما يسمعون من الملائكة فصدقه فهو حرام وإذا اعتقد انه عالم بالغيب فهو كفر كما فى حديث الكاهن. واما إذا سأل ليمتحن حاله ويخبر باطن امره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهو جائز فعلم ان الغيب مختص بالله تعالى وما روى عن الأنبياء والأولياء من الاخبار عن الغيوب فبتعليم الله تعالى اما بطريق الوحى او بطريق الإلهام والكشف فلا ينافى ذلك الاختصاص علم الغيب مما لا يطلع عليه الا الأنبياء والأولياء والملائكة كما أشار اليه بقوله (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ومنه ما استأثر لنفسه لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل كما أشار اليه بقوله (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) ومنه علم الساعة فقد أخفى الله علم الساعة لكن اماراتها بانت من لسان صاحب الشرع كخروج الدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها وغيرها مما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى وكذا اخبر بعض الأولياء عن نزول المطر واخبر عما فى الرحم من ذكر وأنثى فوقع كما اخبر لانه من قبيل الإلهام الصحيح الذي لا يتخلف وكذا مرض ابو العزم الاصفهانى فى شيراز فقال ان مت فى شيراز فلا تدفنونى الا فى مقابر اليهود فانى سألت الله ان أموت فى طرطوس فبرىء ومضى الى طرطوس ومات فيها يعنى اخبر انه لا يموت فى شيراز فكان كذلك يقول الفقير اخبر شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته عن وقت وفاته قبل عشرين سنة فوقع كما قال وذلك من امارات وراثته الصحيحة فان قيل إذا أمكن العلم بالغيب لخلص عباده تعالى بتعلميه إياهم فلم لم يعلم الله نبيه الغيوب المذكورة فى الآية فالجواب ان الله تعالى انما فعل ذلك اشعارا بان المهم للعبد ان يشتغل بالطاعة ويستعد لسعادة الآخرة ولا يسأل عما لا يهم ولا يشتغل بما لا يعنيه فافهم جدا واعمل لتكون عاقبتك خيرا تمت سورة لقمان يوم الأربعاء ثامن شعبان المبارك من شهور تسع ومائة والف تفسير سورة السجدة مكية وآيها ثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم الم [مرتضى على كرم الله وجهه فرمود كه هر كتاب خدايرا خلاصه بوده وخلاصه قرآن

[سورة السجده (32) : الآيات 2 إلى 3]

حروف مقطعه است. وكفته اند الف از اقصاى حلق آيد وآن أول مخارج است. ولام از طرف لسان كفته شود وآن اوسط مخارج است. وميم را از شفه كويند وآن آخر مخارج است واين سخن اشارتست بآن كه بنده بايد كه در مبادى واواسط واواخر اقوال وافعال خود بذكر حق سبحانه وتعالى مستأنس باشد] وقال البقلى رحمه الله الالف اشارة الى الاعلام واللام الى اللزوم والميم الى الملك اعلم من نفسه اهل الكون لزوم العبودية عليهم وملكهم قهرا وجبرا حتى عبدوه طوعا وكرها فمن علم وقع فى الاسم ومن عبد وقع فى الصفة ومن تسخر لمراده كما أراد وقع فى نور الذات وفى التأويلات النجمية يشير بالألف الى انه الف المحبون بقربتى فلا يصبرون عنى والف العارفون بتمجيدى فلا يستأنسون بغيري والاشارة فى اللام لانى لاحبائى مدخر لقائى فلا أبالي أقاموا على صفائى أم قصروا فى وفائى والاشارة فى الميم ترك أوليائي مرادهم لمرادى فلذلك آثرتهم على جميع عبادى وفى كشف الاسرار [كفته اند كه رب العزة جل جلاله چون نور فطرت مصطفى عليه السلام بيافريد انرا بحضرت عزت خود بداشت چنانكه خود خواست] فبقى بين يدى الله مائة الف عام وقيل الفى عام ينظر الله فى كل يوم سبعين الف نظرة يكسوه فى كل نظرة نورا جديدا وكرامة جديدة [ودر ان نظرها با سر فطرت او كفته بودند كه عزت قرآن مرتبت دار عصمت تو خواهد بود آن خبر در نظرت او راسخ كشته بود چون عين طينت او باسر فطرت او باين عالم آوردند واز دركاه عزت وحي منزل روى آورد او مى كفت ارجوك اين تحقيق آن وعد است كه مرا آن وقت دادند تسكين دل ويرا وتصديق انديشه او آيت فرستاد كه (الم) الف اشارتست بالله لام بجبرئيل ميم بمحمد. ميكويد بالهيت من وتقدس جبريل ومجد تو يا محمد اين وحي وآن قرآن آنست كه ترا وعده داده بوديم كه مرتبت دار نبوت ومعجز دولت تو خواهد بود] وقال اهل التفسير الم خبر لمبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بالم تَنْزِيلُ الْكِتابِ فى هذا المقام وجوه من الاعراب الاوجه الأنسب بما بعده انه مبتدأ ومعناه بالفارسية [فرو فرستادن قرآن] لا رَيْبَ فِيهِ حال من الكتاب اى حال كونه لا شك فيه عند اهل الاعتبار مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ خبر المبتدأ فان كونه من رب العالمين حكم مقصود الافادة وانما كان منه لكونه معجزا فلما أنكر قريش كونه منزلا من رب العالمين قال أَمْ منقطعة اى بل أيَقُولُونَ افْتَراهُ اختلق محمد القرآن فهذا القول منهم منكر متعجب منه لغاية ظهور بطلانه وفى التأويلات النجمية إذا تعذر لقاء الأحباب فاعز الأشياء على الأحباب كتاب الأحباب ذوقى رسد از نامه تو روز فراقم ... كر نامه طاعت نرسد روز قيامت انزل رب العالمين الى العالمين كتابا فى الظاهر ليقرأ على اهل الظاهر فينذر به اهل الغفلة ويبشر به اهل الخدمة وكتابا فى الباطن على اهل الباطن ليتنور بانواره بواطنهم ويتزين باسراره سرائرهم فينذر به اهل القربة لئلا يلتفتوا الى غيره ولا يستأنسوا بغيره فتسقطهم الغيرة عن القربة ويبشر به اهل المحبة بالوفاء بوعد الرؤية وباللقاء على بساط الوصلة وبالبقاء

بعد الفناء فى الوحدة فيتكلموا بالحق عن الحق للحق فاذا سمع اهل الباطن كلامهم فى الحقائق من ربهم أنكر عليهم اهل الغفلة انه من الله زد شيخ شهر طعنه بر اسرار اهل دل ... المرء لا يزال عدوا لما جهل «1» ثم اضرب عنه الى بيان حقيقة ما أنكروه فقال بَلْ [نه چنين است كافران ميكويند بلكه] هُوَ اى القرآن الْحَقُّ [سخن درست وراست است فرآمده] مِنْ رَبِّكَ [از پروردگار تو] ثم بين غايته فقال لِتُنْذِرَ [تا بيم كنى از عذاب الهى] قَوْماً هم العرب ما نافية أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مخوف مِنْ قَبْلِكَ اى من قبل إنذارك او من قبل زمانك إذ كان قريش اهل الفطرة وأضل الناس وأحوجهم الى الهداية لكونهم امة أمية وفى الحديث (ليس بينى وبينه نبى) اى ليس بينى وبين عيسى نبى من العرب اما إسماعيل عليه السلام فكان نبيا قبل عيسى مبعوثا الى قومه خاصة وانقطعت نبوته بموته واما خالد بن سنان فكان نبيا بعد عيسى ولكنه إضاعة قومه فلم يعش الى ان يبلغ دعوته وقد سبقت قصته على التفصيل فعلم من هذا ان اهل الفطرة ألزمتهم الحجة العقلية لانهم كانوا عقلاء قادرين على الاستدلال لكنهم لم تلزمهم الحجة الرسالية لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ بانذارك إياهم والترجي معتبر من جهته عليه السلام اى لتنذرهم راجيا لاهتدائهم الى التوحيد والإخلاص فعلم منه ان المقصود من البعثة تعريف طريق الحق وكل يهتدى بقدر استعداده الا ان لا يكون له استعداد أصلا كالمصرين فانهم لم يقبلوا التربية والتعريف وكذا من كان على جبلتهم الى يوم القيام توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه واما قول المثنوى كر تو سنك صخره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى كوهر شوى فلذلك فى حق المستعد فى الحقيقة ألا ترى ان أبا جهل رأى النبي عليه السلام ووصل اليه لكن لما رآه بعين الاحتقار وانه يتيم ابى طالب لابعين التعظيم وانه رسول الله ووصل اليه وصول عناد وانكار لا وصول قبول واقرار لم يصر جوهرا وهكذا حال ورثته مع المقرين والمنكرين ثم ان الاهتداء اما اهتداء الى الجنة ودرجاتها وذلك بالايمان والإخلاص واما اهتداء الى القربة والوصلة وذلك بالمحبة والترك والفناء والاول حال اهل العموم والثاني حال اهل الخصوص وهو أكمل من الاول فعليك بقبول الإرشاد لتصل الى المراد وإياك ومتابعة اهل الهوى فانهم ليسوا من اهل الهدى والميت لا يقدر على تلقين الحي وانما يقدر الحي تلقين الميت- روى- ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض أصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا انه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول ألا تعجبون من ميت يلقن حيا قال الصائب

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان منازعت كردن امرا با يكديكر را

[سورة السجده (32) : الآيات 4 إلى 5]

ز بي دردان علاج درد خود جستن بدان ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها وقال المولى الجامى بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله وقال الحافظ در راه عشق وسوسه أهرمن بسست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المهتدين الى جنابه اللائقين بحسن خطابه ويصوننا من الضلالة والصحبة باربابها ويحفظنا من الغواية والاقتداء بأصحابها انه الهادي والمرشد اللَّهُ مبتدأ خبره قوله الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والسفلية وَما بَيْنَهُما من السحاب والرياح ونحوهما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [در مقدار شش از ايام دنيا] وقال فى كشف الاسرار [در شش روز هر روزى از آن هزار سال] انتهى ولو شاء خلقها فى ساعة واحدة لفعل ولكنه خلقها فى ستة ايام ليدل على التأنى فى الأمور ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [پس مستولى شد حكم او بر عرش كه أعظم مخلوقاتست] وقد سبق تحقيق الآية مرارا ويكفى لك إرشادا ما فى سورة الفرقان ان كنت من اهل الايمان فارجع الى تفسيرها وما فيها من الكلام الاكبرى قدس سره الخطير ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ اى ما لكم حال كونكم متجاوزين رضى الله تعالى أحد ينصركم ويشفع لكم ويجيركم من بأسه أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ [آيا پندپذير نمى شويد از مواعظ ربانى ونصائح قرآنى] قال فى الإرشاد اى ألا تسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها فالانكار متوجه الى عدم الاستماع وعدم التذكر او تسمعونها فلا تتذكرون بها فالانكار متوجه الى عدم التذكر مع تحقق ما يوجبه من السماع. والفرق بين التذكر والتفكر ان التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى الأزل من التوحيد والمعارف يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ التدبير التفكر فى دبر الأمور والنظر فى عاقبتها: وبالفارسية [انديشه كردن در عاقبت كار] وهو بالنسبة اليه تعالى التقدير وتهيئة الأسباب وله تعالى مدبرات سماوية كما قال فالمدبرات امرا فجبريل موكل بالرياح والجنود وميكائيل بالقطر والنبات وملك الموت بقبض الأنفس واسرافيل ينزل عليهم بالأمور. والمعنى يدبر الله تعالى امر الدنيا بأسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها الى الأرض وأضاف التدبير الى ذاته اشارة الى ان تدبير العباد عند تدبيره لا اثر له ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ العروج ذهاب فى صعود من عرج بفتح الراء يعرج بضمها صعد اى يصعد ذلك الأمر اليه تعالى ويثبت فى علمه موجودا بالفعل فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ [اندازه آن] أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ اى فى برهة من الزمان متطاولة والمراد بيان طول امتداد ما بين تدبير الحوادث وحدوثها من الزمان وقال بعضهم (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) [ميسازد كار دنيا يعنى حكم ميكند بدان وميفرستد ملكى را كه موكلست بدان (مِنَ السَّماءِ) از آسمان (إِلَى الْأَرْضِ) بسوى زمين پس ملك مى آيد وآن كار بجاى

مى آرد پس عروج ميكند بسوى آسمان در روزى كه هست اندازه او هزار سال از آنچهـ شما شماره ميكنيد سالى دوازده ماه وماهى سى روز يعنى فرشته فرو مى آيد از آسمان وبالا ميرود در مدتى كه اگر آدمي رود آيد جز هزار سال ميسر نشود زيرا كه از زمين تا آسمان پانصد ساله راهست پس مقدار نزول وعروج هزار سال بود] واما قوله فى سورة المعارج (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فاراد به مدة المسافة بين سدرة المنتهى والأرض ثم عوده الى السدرة فالملك يسيره فى قدر يوم واحد من ايام الدنيا فضمير اليه حينئذ راجع الى مكان الملك يعنى المكان الذي امره الله تعالى ان يعرج اليه وقال بعضهم يدبر الله امر الدنيا مدة ايام الدنيا فينزل القضاء والقدر من السماء الى الأرض ثم يعود الأمر والتدبير اليه حين ينقطع امر الأمراء وحكم الحكام وينفرد الله بالأمر فى يوم اى يوم القيامة كان مقداره الف سنة لان يوما من ايام الآخرة مثل الف سنة من ايام الدنيا كما قال تعالى (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ) فمعنى خمسين الف سنة على هذا ان يشتد على الكافرين حتى يكون كخمسين الف سنة فى الطول ويسهل على المؤمنين حتى يكون كقدر صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا فقيامة كل واحد على حسب ما يليق بمعاملته ففى الحشر مواقف ومواطن بحسب الاشخاص من جهة الأعمال والأحوال والمقامات يقول الفقير قد اختلف العلماء فى تفسير هذه الآية على وجوه شتى وسكت بعضهم تفويضا لعلمها الى الله تعالى حيث ان كل ما ذكر فيها يقبل نوعا من الجرح ويشعر بشىء من القصور ولا شك عند العلماء بالله ان لليوم مراتب واحكاما فى الزمان فيوم كالآن وهو الجزء الغير المنقسم المشار اليه بقوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ثم ينفصل منه اليوم الذي هو كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم الرب ثم ينفصل منه اليوم الذي هو كخمسين ألف سنة وهو يوم القيامة فالله تعالى يمتحن عباده بما شاء فيتقدر لهم اليوم بحسبه ومنهم من يكون حاله اسرع من لمح البصر كما قال (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وهو سر اليوم الشأنى المذكور. ثم ان للملائكة مقامات علوية معلومة فى عالم ملكوت فربما ينزل بعضهم من المصعد المعلوم الى مسقط الأمر فى اقل من ساعة بل فى لمحة كجبريل عليه السلام فانه كان ينزل من سدرة المنتهى التي إليها ينزل الاحكام ويصعد الأعمال الى النبي عليه السلام كذلك وربما ينزل فى اكثر منها وانما يتفاوت النزول والعروج باعتبار المبدأ فاذا اعتبر السماء الدنيا التي هى مهبط احكام السدرة قدر مدتهما بألف سنة وإذا اعتبر سدرة المنتهى التي هى مهبط احكام العرش قدرت بأكثر منها ولما كان القرآن يفسر بعضه بعضا دل قوله (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) الآية على ان فاعل يعرج فى آية سورة السجدة ايضا الملك وانما قال اليه اى الى الله مع انه لم يكن للحق مكان ومنتهى يمكن العروج اليه اشارة الى التقرب وشرف العندية المرتبية وحقيقته الى المقام العلوي المعين له هذا ما سنح لى والعلم عند الله الملك العلى وفى التأويلات النجمية هو الذي (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ) اى امركن طبق سماء الروح والقلب (إِلَى الْأَرْضِ) ارض النفس والبدن بتدبير الأمر (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) النفس المخاطبة بخطاب ارجعي الى ربك (فِي يَوْمٍ)

[سورة السجده (32) : الآيات 6 إلى 11]

طلعت فيه شمس القلب وأشرقت الأرض بنور جذبات الحق تعالى (كانَ مِقْدارُهُ) فى العروج بالجذبة (كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) من أيامكم فى السير من غير جذبة كما قال عليه السلام (جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين) انتهى وفى كشف الحقائق للشيخ النسفي قدس سره [بدانكه نفس جزؤى اوجى دارد حضيضى دارد اوج وى فلك نهم است كه فلك الافلاك محيط عالمست وحضيض وى خاكست كه مركز عالمست ونزولى دارد وعروجى دارد ونزول وى آمدنست بخاك (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) وعروج وى بازگشتن است بفلك الافلاك (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) ومدت آمدن ورفتن از هزار سال كم نيست واز پنجاه هزار سال زياده نيست] تعرج الملائكة والروح اليه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة انتهى ذلِكَ الله العظيم الشان المتصف بالخلق والاستواء وانحصار الولاية والنصرة فيه وتدبير امر الكائنات عالِمُ الْغَيْبِ ما غاب عن الخلق وَالشَّهادَةِ ما حضر لهم ويدبر أمرهما حسبما يقتضيه وقال الكاشفى [داند امور دنيا وآخرت يا عالم بآنچهـ بوده باشد وخواهد بود] وقال بعض الكبار الغيب الروح والشهادة النفس والبدن الْعَزِيزُ الغالب على امره الرَّحِيمُ على عباده فى تدبيره. وفيه ايماء الى انه تعالى يراعى المصالح تفضلا وإحسانا لا إيجابا الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ خبر آخر لذلك قال الراغب الإحسان يقال على وجهين أحدهما الانعام على الغير يقال احسن الى فلان والثاني احسان من فعله وذلك إذا علم علما حسنا او عمل عملا حسنا وعلى هذا قول امير المؤمنين رضى الله عنه الناس على ما يحسنون اى منسوبون الى ما يعلمون من الافعال الحسنة انتهى اى جعل كل شىء خلقه على وجه حسن فى الصورة والمعنى على ما يقتضيه استعداده وتوجبه الحكمة والمصلحة: وبالفارسية [نيكو كرد هر چيزى را كه بيافريد يعنى بياراست بر وجه نيكو بمقتضاى حكمت] كردن آنچهـ در جهان شايد ... كرده آنچنانكه مى بايد از تو رونق كرفت كار همه ... كه تويى آفريدگار همه نقش دنيا بلوح خاك از تست ... دل دانا وجان پاك از تست طوّل رجل البهيمة والطائر وطوّل عنقهما لئلا يتعذر عليهما ما لا بد لهما منه من قوتهما ولو تفاوت ذلك لم يكن لهما معاش وكذلك كل شىء من أعضاء الإنسان مقدر لما يصلح به معاشه فجميع المخلوقات حسنة وان اختلفت أشكالها وافترقت الى حسن واحسن كما قال تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) قال ابن عباس رضى الله عنهما الإنسان فى خلقه حسن قال البقلى القبيح قبيح من جهة الامتحان وحسن من حيث صدر من امر الرحمن وقال الشيخ اليزدي ان الله تعالى خلق الحسن والقبيح لكن القبيح كان فى علمه ان يكون قبيحا فلما كان ينبغى تقبيحه كان الأحسن والأصوب فى خلقه تقبيحه على ما ينبغى فى علم الله لان المستحسنات انما حسنت فى مقابلة المستقبحات فلما احتاج الحسن الى قبيح يقابله ليظهر حسنه كان تقبيحه حسنا انتهى يقول الفقير لا شك ان الله تعالى خلق الحسن والقبح وان كان كل صنعه وفعله جميلا ومطلق الخلق قد مدح به ذاته كما قال (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)

[سورة السجده (32) : الآيات 8 إلى 9]

لكنه لا يقال فى مقام المدح انه تعالى خالق القردة والخنازير والحيات والعقارب ونحوها من الأجسام القبيحة والضارة بل يقال خالق كل شىء فالقبيح ليس خلقه وإيجاده بل ما خلقه وان كان قبح القبيح بالنسبة الى مقابلة الحسن لا فى ذاته وقد طلب عين الحمار بلسان الاستعداد صورته التي هو عليها وكذا الكلب ونحوه وصورتها مقتضى عينها الثابتة وكذا الحكم على الكلب بالنجاسة مقتضى ذاته وكل صورة وصفة فى الدنيا فهى صورة كمال وصفة كمال فى مرتبتها فى الحقيقة ولو لم يظهر كل موجود فى صورة التي هو عليها وفى صفته التي البسها الخلاق اليه بمقتضى استعداده لصار ناقصا قبيحا فاين القبح فى الأشياء وقد خلقها الله بالأسماء الحسنى وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ من بين جميع المخلوقات وهو آدم ابو البشر عليه السلام مِنْ طِينٍ الطين التراب والماء المختلط وقد سمى بذلك وان زال عنه قوة الماء قال الشيخ عبد العزيز النسفي رحمه الله [خداوند تعالى قالب آدم را ز خاك آفريد يعنى از عناصر اربعه اما خاك ظاهرتر بود خاكرا ذكر كردد وخاك آدم را ميان مكه وطائف مى پرورد وتربيت داد بروايتى چهل هزار سال وبروايتى چهل هزار سال اينست معنىء «خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا» ] وفى كشف الاسرار [چهـ زيان دارد اين جوهر را كه نهاد وى از كل بوده چون كمال وى در دل نهاده قيمت او كه هست از روى تربت آن سر كه با آدميان بود نه با عرش ونه با كرسى نه با فلك نه با ملك زيرا كه همه بندگان مجرد بودند وآدميان همه بندگان بودند وهم دوستان] ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ ذريته سميت به لانها تنسل من الإنسان اى تنفصل كما قال فى المفردات النسل الانفصال من الشيء والنسل الولد لكونه ناسلا عن أبيه انتهى مِنْ سُلالَةٍ اى من نطفة مسلولة اى منزوعة من صلب الإنسان وقال الكاشفى [از خلاصه بيرون آورده از صلب] ثم أبدل منها قوله مِنْ ماءٍ مَهِينٍ حقير وضعيف كما فى القاموس: وبالفارسية [از آب ضعيف وخوار] وهو المنى ثُمَّ سَوَّاهُ اى قوم النسل بتكميل أعضائه فى الرحم وتصويرها على ما ينبغى وقال الكاشفى [پس راست كرد قالب آدم را] قال النسفي [مراد: از تسويه آدم برابرىء اركانست يعنى اجزاى هر چهار برابر باشد وتسويه قالب بمثابت نارست كه آهن را بتدبير بجايى رسانند كه شفاف وعكس پذير شود وقابل صورت كردد] وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ اضافه الى نفسه تشريفا وإظهارا بانه خلق عجيب ومخلوق شريف وان له شأنا له مناسبة الى حضرة الربوبية ولاجله من عرف نفسه فقد عرف ربه وفى الكواشي جعل فيه الشيء الذي اختص تعالى به ولذلك اضافه اليه فصار بذلك حيا حساسا بعد ان كان جمادا لا ان ثمة حقيقة نفخ قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الروح ليس بجسم يحل فى البدن حلول الماء فى الإناء ولا هو عرض يحل القلب او الدماغ حلول السواد فى الأسود والعلم فى العالم بل هو جوهر لا يتجزأ باتفاق اهل البصائر فالتسوية عبارة عن فعل فى المحل القابل وهو الطين فى حق آدم عليه السلام والنطفة فى حق أولاده بالتصفية وتعديل المزاج حتى ينتهى فى الصفاء ومناسبة الاجزاء الى الغاية فيستعد لقبول الروح وإمساكها والنفخ عبارة عما

اشتعل به نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشتعال وصورة النفخ فى حق الله محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال والسبب الذي اشتعل به نور الروح هو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذي هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل بالاستنارة عند ارتفاع الحجاب بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذي لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية ومثال صفة القابل صقالة المرآة والروح منزهة عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الأشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيرها من الجسمانية فلذلك اختصت بالاضافة الى الله تعالى انتهى كلامه باختصار قال الشيخ النسفي [انسان را چند روح است انسان روح طبيعى دارد ومحل وى جكرست در پهلوى راست است وروح حيوانى دارد ومحل وى دلست در پهلوى چب است وروح نفسانى دارد ومحل وى دماغست وروح انسانى دارد ومحل آن روح نفسانيست وروح قدسى دارد ومحل وى روح انسانيست روح قدسى بمثابه نارست وروح انسانى بمثابه روغنست وروح نفسانى بمثابه فتيله است وروح حيوانى بمثابه زجاجه است وروح طبيعى بمثابه مشكاتست اينست] معنى (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) الآية والمنفوخ هو الروح الإنساني والإنسان يشارك الحيوان فى الروح الطبيعي والروح الحيواني والروح النفساني ويمتاز عنه بالروح الإنساني الذي هو من عالم الأمر وخواص الإنسان يشاركون عوامهم فى الأرواح الاربعة المذكورة ويمتازون عنهم بالروح القدسي الذي ينفخه الله عند الفناء التام جعلنا الله وإياكم ممن حى بهذا الروح وأوصلنا الى انواع الفتوح وَجَعَلَ وخلق لَكُمُ لمنافعكم يا بنى آدم السَّمْعَ لتسمعوا الآيات التنزيلية الناطقة بالبعث وبالتوحيد وَالْأَبْصارَ لتبصروا الآيات التكوينية المشاهدة فيهما وَالْأَفْئِدَةَ لتعقلوا وتستدلوا بها على حقيقة الآيتين جمع فؤاد بمعنى القلب لكن انما يقال فؤاد إذا اعتبر فى القلب معنى التفؤد اى التوقد قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ اى تشكرون رب هذه النعم شكرا قليلا على ان القلة بمعنى النفي والعدم فهو بيان لكفرهم بتلك النعم وربها وفيه اشارة الى ان قليلا من الإنسان يعرف نفسه بالمرءاتية ليعرف ربه بالمحسنية المتجلى فيها وقد خلقه الله تعالى لمعرفة ذاته وصفاته كما قال (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) اى ليعرفون وانما يصل الإنسان الى مرتبة المعرفة الحقيقية بدلالة الرسول ووراثته [حق سبحانه وتعالى همه عالم بيافريد فلك وملك وعرش وكرسى ولوح وقلم وبهشت ودوزخ وآسمان وزمين وباين آفريدها هيچ نظر مهر ومحبت نكرد رسول بايشان نفرستاد و پيغام بايشان نداد چون نوبت بخاكيان رسيد كه بر كشيدكان لطف بودند ونواختكان فضل ومعادن أنوار واسرار بلطف وكرم خويشتن ايشانرا محل نظر خود كرد پيغمبر بايشان فرستاد تا مهتدى شوند وفرشتكانرا رقيب ونكهبان ايشان كرد سوز مهر در سينهاى ايشان نهاد وآتش عشق در دلها افكند وخطوط ايمان بر صفحه دلهاى شان

[سورة السجده (32) : الآيات 10 إلى 11]

بنوشت ورقم محبت بر ضميرشان كشيد ونعيم دنيا وطيبات رزق كه آفريد از بهر مؤمنان آفريد چنانكه كفت (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) كافر كه در دنيا روزى ميخورد وبطفيل مؤمن ميخورد آنكه كفت (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) روز قيامت خالص مر مؤمن را بود وكافر را يك شربت آب نبود] فعلى العاقل أن يعرف النعم والمنعم ويجتهد فى خدمة الشكر حتى لا يكون من اهل البطالة وإذا كان من اهل الشكر للنعم الداخلة والخارجة من القوى والأعضاء وغيرهما فالله تعالى يشكر له اى يقبل طاعته ويثنى عليه عند الملأ الأعلى ويجازيه بأحسن الجزاء وهو الجنان ودرجاتها ونعيمها الابدى لاهل العموم وقرباته ومواصلاته وتجليه السرمدي لاهل الخصوص نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الذين مدحهم بالشكر والطاعة فى كل ساعة لا ممن ذمهم بتضييع الحقوق وإفساد الاستعداد والسعى فى الأرض بالفساد وَقالُوا اى كفار قريش كابى بن خلف ونحوه من المنكرين للبعث بعد الموت أَإِذا [آيا چون] ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ قال فى القاموس ضل صار ترابا وعظاما وخفى وغاب انتهى وأصله ضل الماء فى اللبن إذا غاب وهلك. والمعنى هلكنا وصرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض بحيث لا نتميز منه: يعنى [خاك اعضاى ما از خاك زمين متميز نباشد چنانكه آب در شير متميز نباشد] أو غبنا فيها بالدفن ذهبنا عن أعين الناس والعامل فيه نبعث او يجدد خلقنا كما دل عليه قوله أَإِنَّا [آيا ما] والهمزة لتأكيد الإنكار السابق وتذكيره لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى انبعث بعد موتنا وانعدامنا ونصير احياء كما كنا قبل موتنا يعنى هذا منكر عجب فانهم كانوا يقرون بالموت ويشاهدونه وانما ينكرون البعث فالاستفهام الإنكاري متوجه الى البعث دون الموت: وبالفارسية [در آفرينش نو خواهم بود يعنى چون خاك شويم آفريدن نو بما تعلق نخواهد كرفت] ثم اضرب وانتقل من بيان كفرهم بالبعث الى بيان ما هو ابلغ واشنع منه وهو كفرهم بالوصول الى العاقبة وما يلقونه فيها من الأهوال فقال بَلْ [نه چنانست كه ميكويند بلكه] هُمْ [ايشان] بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لقاء الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه: يعنى [بآخرت كه سراى بقاست] كافِرُونَ جاحدون فمن أنكره لقى الله وهو عليه غضبان ومن أقره لقى الله وهو عليه رحمن قُلْ بيانا للحق وردا على زعمهم الباطل يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ التوفى أخذ الشيء تاما وافيا واستيفاء العدد قال فى الصحاح توفاه الله قبض روحه والوفاة الموت. والملك جسم لطيف نورانى يتشكل باشكال مختلفة قال بعض المحققين المتولى من الملائكة شيأ من السياسة يقال له ملك بالفتح ومن البشر يقال له ملك بالكسر فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا بل الملك هم المشار إليهم بقوله فالمدبرات فالمقسمات والنازعات ونحو ذلك ومنه ملك الموت انتهى. والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة. والمعنى يقبض عزرائيل أرواحكم بحيث لا يترك منها شيأ بل يستوفيها ويأخذها تماما على أشد ما يكون من الوجوه وأفظعها من ضرب وجوهكم وأدباركم او يقبض أرواحكم بحيث لا يترك منكم أحدا ولا يبقى شخصا من العدد الذي كتب عليهم الموت واما ملك الموت نفسه فيتوفاه الله تعالى- كما روى- انه إذا أمات

الله الخلائق لم يبق شىء له روح يقول الله لملك الموت من بقي من خلقى وهو اعلم فيقول يا رب أنت اعلم بمن بقي لم يبق الا عبدك الضعيف ملك الموت فيقول الله يا ملك الموت قد اذقت انبيائى ورسلى وأوليائي وعبادى الموت وقد سبق فى علمى القديم وانا علام الغيوب ان كل شىء هالك الا وجهى وهذه نوبتك فيقول الهى ارحم عبد ملك الموت وألطف به فانه ضعيف فيقول سبحانه وتعالى ضع يمينك تحت خدك الايمن واضطجع بين الجنة والنار ومت فيموت بامر الله تعالى وفى الآية رد للكافرين حيث زعموا ان الموت من الأحوال الطبيعية العارضة للحيوان بموجب الجبلة الَّذِي وُكِّلَ التوكيل ان تعتمد على غيرك وتجعله نائبا عنك: وبالفارسية [وكيل كردن كسى را بر چيزى كماشتن وكار با كسى كذاشتن] بِكُمْ اى بقبض أرواحكم وإحصاء آجالكم ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ تردون بالبعث للحساب والجزاء وهذا معنى لقاء الله واعلم ان الله تعالى اخبر هاهنا ملك الموت هو المتوفى والقابض وفى موضع انه الرسل اى الملائكة وفى موضع انه هو تعالى فوجه الجمع بين الآي ان ملك الموت يقبض الأرواح والملائكة أعوان له يعالجون ويعملون بامره والله تعالى يزهق الروح فالفاعل لكل فعل حقيقة والقابض لارواح جميع الخلائق هو الله تعالى وان ملك الموت وأعوانه وسائط قال ابن عطية ان البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها وكذلك الأمر فى بنى آدم الا ان لهم نوع شرف بتصرف ملك الموت والملائكة معه فى قبض أرواحهم قالوا ان عزرائيل يقبض الأرواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد فهو حالة مختصة به كما ان لوسوسة الشيطان فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة مختصة به قال انس بن مالك رضى الله عنه لقى جبريل ملك الموت بنهر بفارس فقال يا ملك الموت كيف تستطيع قبض الأنفس عند الوباء هاهنا عشرة آلاف وهاهنا كذا وكذا فقال له ملك الموت تزوى لى الأرض حتى كأنها بين فخذىّ فالتقطهم بيدىّ- وروى- ان الدنيا لملك الموت كراحة اليد او كطست لديه يتناول منه ما يشاء من غير تعب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب. وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه ان لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب وهو يتصفح وجوه الناس فما من اهل بيت الا وملك الموت يتصفحهم فى اليوم مرتين فاذا رأى إنسانا قد انقضى اجله ضرب رأسه بتلك الحربة وقال الآن يزاد بك عسكر الموتى- وروى- ان ملك الموت على معراج بين السماء والأرض وله أعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فينزع أعوانه روح الإنسان ويخرجونها من جسده فاذا بلغت ثغرة النحر نزعها هو- وروى- فى الخبر ان له وجوها اربعة فوجه من نار يقبض به أرواح الكافرين ووجه من ظلمة يقبض به أرواح المنافقين ووجه من رحمة يقبض به أرواح المؤمنين ووجه من نور يقبض به أرواح الأنبياء والصديقين فاذا قبض روح المؤمن دفعها الى ملائكة الرحمة وإذا قبض روح الكافر دفعها الى ملائكة العذاب. وكان ملك الموت يقبض الأرواح بغير وجع فاقبل الناس يسبونه ويلعنونه فشكا الى ربه فوضع الله الأمراض والأوجاع فقالوا مات فلان من وجع كذا وكذا. وفى الحديث (الأمراض والأوجاع

[سورة السجده (32) : الآيات 12 إلى 16]

كلها بريد الموت ورسل الموت فاذا جاء الاجل اتى ملك الموت بنفسه فقال ايها العبد كم خبر بعد خبر وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد انا المخبر ليس بعدي خبر وانا الرسول ليس بعدي رسول أجب ربك طائعا او مكرها فاذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون فو الله ما ظلمت له أجلا ولا أكلت له رزقا بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه فان لى فيكم عودات وعودات حتى لا أبقى منكم أحدا) قال عليه السلام (لو رأوا مكانه وسمعوا كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم) قال الكاشفى [عجب از آدمي كه با وجود چنين حريفى در كمين چكونه لاف آسايش تواند زد] آسودگى مجوى كه از صدمت أجل ... كس را نداده اند برات مسلمى وفى البستان بيا اى كه عمرت بهفتاد رفت ... مكر خفته بودى كه بر باد رفت كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان قال بعضهم لولا غفلة قلوب الناس ما أحال قبض أرواحهم على ملك الموت [خير نساج قدس سره بيمار بود ملك الموت خواست كه جان او برآرد مؤذن كفت وقت نماز شام كه الله اكبر الله اكبر خير نساج كفت يا ملك الموت باش تا فريضه نماز بگزارم كه اين فرمان بر من فوت ميشود وفرمان تو فوت نمى شود چون نماز بگزارد سر بسجود نهاد كفت الهى آن روز كه اين وديعت مى نهادى زحمت ملك الموت در ميان نبود چهـ باشد كه امروز بى زحمت او بردارى اين بكفت وجان بداد] يا رب ار فانى كنى ما را بتيغ دوستى ... مر فرشته مرك را با ما نباشد هيچ كار هر كه از جام تو روزى شربت شوق تو خورد ... چون نماند آن شراب او داند آن رنج خمار قال بعض الكبار ملك الموت هو المحبة الإلهية فانها تقبض الأرواح عن الصفات الانسانية وتميتها عن محبوباتها لقطع تعلق الروح الإنساني عما سوى الحق تعالى فترجع الى الله بجذبة ارجعي الى ربك والموت باصطلاح اهل الحقيقة قمع هوى النفس فمن مات عن هواه حيى حياة حقيقية قال الامام جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنه الموت هو التوبة قال تعالى (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) فمن تاب فقد قتل نفسه مكن دامن از كرد زلت بشوى ... كه ناكه ز بالا به بندند چوى وَلَوْ تَرى [واگر بينى اى بيننده] إِذِ الْمُجْرِمُونَ هم القائلون أئذا ضللنا إلخ قال فى الكواشي لو وإذ للماضى ودخلتا على المستقبل هنا لان المستقبل من فعله كالماضى لتحقق وقوعه ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ النكس قلب الشيء على رأسه: وبالفارسية [سر فرو افكندن ونكونسار كردن] اى مطرقوا رؤسهم ومطأطئوها فى موقف العرض على الله من الحياء والحزن والغم يقولون رَبَّنا [اى پروردگار ما] أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا اى صرنا ممن يبصر ويسمع وحصل لنا الاستعداد لادراك الآيات المبصرة والمسموعة وكنا من قبل عميا لاندرك شيأ فَارْجِعْنا فارددنا الى الدنيا من رجعه رجعا اى رده وصرفه نَعْمَلْ

[سورة السجده (32) : آية 13]

عملا صالِحاً حسبما تقضيه تلك الآيات إِنَّا مُوقِنُونَ الآن: يعنى [بي كمانيم] قال فى الإرشاد ادعاء منهم لصحة الافئدة والاقتدار على فهم معانى الآيات والعمل بموجبها كما ان ما قبله ادعاء لصحة مشعرى البصر والسمع كأنهم قالوا أيقنا وكنا من قبل لا نعقل شيأ أصلا وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا فهذا الأمر مستقبل فى التحقيق ماض بحسب التأويل كأنه قيل قد انقضى الأمر ومضى لكنك ما رأيته ولو رأيته لرأيت امرا فظيعا وفى التأويلات النجمية يشير الى اهل الدنيا من المجرمين وكان جرمهم انهم نكسوا رؤسهم فى أسفل الدنيا وشهواتها بعد ان خلقوا رافعى رؤسهم عند ربهم يوم الميثاق عند استماع خطاب ألست بربكم حيث رفعوا رؤسهم وقالوا بلى فلما ابتلوا بالدنيا وشهواتها وتزيينها من الشيطان نكسوا رؤسهم بالطبع فيها فصاروا كالبهائم والانعام فى طلب شهوات الدنيا كما قال تعالى (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) لان للانعام ضلالة طبيعية جبلية فى طلب شهوات الدنيا وما كانوا مأمورين بعبودية الله ولا منهيين عن الشهوات حتى يحصل لهم ضلالة مخالفة للامر والنهى وللانسان شركة مع الانعام فى الضلالة الطبيعية بميل النفس الى الدنيا وشهواتها وله اختصاص بضلالة المخالفة فلهذا صار أضل من الانعام فكما عاشوا ناكسى رؤسهم الى شهوات الدنيا ماتوا فيما عاشوا فيه ثم حشروا على ما ماتوا عليه ناكسى رؤسهم عند ربهم وقد ملكتهم الدهشة وغلبتهم الخجلة فاعتذروا حين لا عذر واعترفوا حين لا اعتراف سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون كنونت كه چشمست اشكى ببار ... زبان در دهانست عذرى بيار نه پيوسته باشد روان در بدن ... نه همواره كردد زبان در دهن وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها مقدر بقول معطوف على ما قدر قبل قوله ربنا أبصرنا اى ونقول لو شئنا اى لو تعلقت مشيئتنا تعلقا فعليا بان نعطى كل نفس من النفوس البرّة والفاجرة ما تهتدى به الى الايمان والعمل الصالح بالتوفيق لهما لا عطيناها إياه فى الدنيا التي هى دار الكسب وما أخرناه الى دار الجزاء وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ثبت قضائى وسبق وعيدى وهو لَأَمْلَأَنَّ [ناچار پركنيم] جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ بالكسر جماعة الجن والمراد الشياطين وكفار الجن وَالنَّاسِ الذين اتبعوا إبليس فى الكفر والمعاصي أَجْمَعِينَ يستعمل لتأكيد الاجتماع على الأمر وقال بعضهم (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) اى سبقت كلمتى حيث قلت لابليس عند قوله (لَأُغْوِيَنَّهُمْ) الآية (لَأَمْلَأَنَّ) إلخ وفى التأويلات (وَلَوْ شِئْنا) فى الأزل هدايتكم وهداية اهل الضلالة (لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) باصابة رشاش النور على الأرواح (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) قبل وجود آدم وإبليس (لَأَمْلَأَنَّ) إلخ ولكن تعلقت المشيئة باغواء قوم كما تعلقت باهداء قوم وأردنا ان يكون للنار قطان كما أردنا ان يكون للجنة سكان إظهارا لصفات لطفنا وصفات قهرنا لان الجنة وأهلها مظهر لصفات لطفى والنار وأهلها مظهر لصفات قهرى وانى فعال لما أريد وفى عرائس البيان ان جهنم فم قهره انفتح ليأخذ نصيبه ممن له استعداد مباشرة القهر كما ان الجنة فم لطفه انفتح ليأخذ نصيبه ممن له

[سورة السجده (32) : آية 14]

استعداد مباشرة لطفه فاللطيف يرجع الى اللطيف والكثيف يرجع الى الكثيف ولو شاء لجعل الناس كلهم عارفين به ولكن جرى القلم فى الأزل بالوعد والوعيد كما قال ابن عطاء قدس سره لو شئنا لوفقنا كل عبد لرضانا ولكن حق القول بالوعد والوعيد ليتم الاختيار وسئل الشبلي قدس سره عن هذه الآية فقال يا رب املأ نارك من الشبلي واعف عن عبيدك ليتروح الشبلي بتعذيبك كما يتروح جميع العباد بالعوافي وذلك ان من استوى عنده اللطف والقهر بالوصول الى الأصل رأى مقصوده فى كل واحد منهما كما رأى أيوب عليه السلام المبتلى فى بلائه فطاب وقته وحاله وصفا باله فى عين الكدر ما بلا خواهيم وزاهد عافيت ... هر متاعى را خريدارى فتاد وعن الحسن قال خطبنا ابو هريرة رضى الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله يقول (ليعتذرن الله الى آدم ثلاث معاذير يقول الله يا آدم لولا انى لعنت الكذابين وأبغضت الكذب والخلف وأعذب عليه لرحمت اليوم ولدك أجمعين من شدة ما اعددت لهم من العذاب ولكن حق القول منى لئن كذب رسلى وعصى امرى لا ملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين. ويقول الله يا آدم اعلم انى لا ادخل من ذريتك النار أحدا ولا أعذب منهم بالنار أحدا الا من قد علمت بعلمي انى لو رددته الى الدنيا لعاد الى اشر مما كان فيه ولم يرجع ولم يتب ويقول الله قد جعلتك حكما بينى وبين ذريتك قم عند الميزان فانظر ما يرفع إليك من أعمالهم فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة حتى تعلم انى لا ادخل منهم الا ظالما) واعلم ان الله تعالى يملأ جهنم من الأقوياء كما يملأ الجنة من الضعفاء بدليل قوله عليه السلام (إذا ملئت جهنم تقول الجنة ملأت جهنم من الجبابرة والملوك والفراعنة ولم تملأنى من ضعفاء خلقك فينشىء الله خلقا عند ذلك فيدخلهم الجنة فطوبى لهم من خلق لم يذوقوا موتا ولم يروا سوأ بأعينهم) رواه انس رضى الله عنه. وقوله عليه السلام (تحاجت الجنة والنار فقالت النار اوثرت) اى فضلت (بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة انى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله للنار أنت عذابى أعذبك من أشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها) رواه ابو هريرة رضى الله عنه كذا فى بحر العلوم فَذُوقُوا الفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما يعرب عنه ما قبله من نفى الرجع الى الدنيا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما لضعف قلب واما عن غفلة او قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الإنسان ذمه الله به فهو ما كان أصله من تعمد كما فى هذه الآية وأشار بالباء الى انه وان سبق القول فى حق التعذيب لكنه كان بسبب موجب من جانبهم ايضا فان الله قد علم منهم سوء الاختيار وذلك السبب هو نسيانهم لقاء هذا اليوم الهائل وتركهم التفكر فيه والاستعداد له بالكلية بالاشتغال باللذات الدنيوية وشهواتها فان التوغل فيها يذهل الجن والانس عن تذكر الآخرة وما فيها من لقاء الله ولقاء جزائه ويسلط عليهم نسيانها واضافة اللقاء الى اليوم كاضافة المكر فى قوله (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) اى لقاء الله فى يومكم هذا وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم كنتم فى الغفلة والنائم لا يذوق الم ما عليه من العذاب مادام نائما ولكنه إذا انتبه من نومه

[سورة السجده (32) : آية 15]

يذوق الم ما به من العذاب فالناس نيام ليس لهم ذوق ما عليهم من العذاب فاذا ماتوا انتبهوا فقيل لهم ذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ تركناكم فى العذاب ترك المنسى بالكلية استهانة بكم ومجازاة لما تركتم وفى التأويلات (إِنَّا نَسِيناكُمْ) من الرحمة كما نسيتمونا من الخدمة وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ اى العذاب المخلد فى جهنم فهو من اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بالذي كنتم تعملونه من الكفر والمعاصي وهو تكرير للامر للتأكيد واظهار الغضب عليهم وتعيين المفعول المطوى للذوق والاشعار بان سببه ليس مجرد ما ذكر من النسيان بل له اسباب اخر من فنون الكفر والمعاصي التي كانوا مستمرين عليها فى الدنيا وعن كعب الأحبار قال إذا كان يوم القيامة تقوم الملائكة فيشفعون ثم تقوم الشهداء فيشفعون ثم تقوم المؤمنون فيشفعون حتى إذا انصرمت الشفاعة كلها خرجت الرحمة فتشفع حتى لا يبقى فى النار أحد يعبأ الله به ثم يعظم بكاء أهلها فيها ويؤمر بالباب فيقبض عليهم فلا يدخل فيها روح ولا يخرج منها غم ابدا الهى ز دوزخ دو چشمم بدوز ... بنورت كه فردا بنارت مسوز إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا اى انكم ايها المجرمون لا تؤمنون بآياتنا ولا تعملون بموجبها عملا صالحا ولو رجعناكم الى الدنيا كما تدعون حسبما ينطق به قوله تعالى (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) وانما يؤمن بها الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها وعظوا: وبالفارسية [پند داده شوند] خَرُّوا سُجَّداً قال فى المفردات خر سقط سقوطا سمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من العلو فاستعمال الخرور فى الآية تنبيه على اجتماع أمرين السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح وقوله بعد (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) تنبيه على ان ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد الله لا شيأ آخر انتهى اى سقطوا على وجوههم حال كونهم ساجدين خوفا من عذاب الله وَسَبَّحُوا نزهوه عن كل ما لا يليق به من الشرك والشبه والعجز عن البعث وغير ذلك بِحَمْدِ رَبِّهِمْ فى موضع الحال اى ملتبسين بحمده تعالى على نعمائه كتوفيق الايمان والعمل وغيرهما وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ الظاهر انه عطف على صلة الذين اى لا يتعظمون عن الايمان والطاعة كما يفعل من يصر مستكبرا كأن لم يسمعها وهذا محل سجود بالاتفاق قال الكاشفى [اين سجده نهم است بقول امام أعظم رحمه الله وبقول امام شافعى دهم حضرت شيخ اكبر قدس سره الأطهر اين را سجده تذكر كفته وساجد بايد كه متذكر كردد آن چيزى را كه از آن غافل شده وتصديق كند دلالات وجود واحد را كه آن دلالتها در همه اشيا موجودست] همه ذرات از مه تا بماهى ... بوحدانينش داد كواهى همه اجزاى كون از مغز تا پوست ... چووا بينى دليل وحدت اوست وينبغى ان يدعو الساجد فى سجدته بما يليق بآيتها ففى هذه الآية يقول اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك من ان أكون من المستكبرين عن أمرك وكره مالك رحمه الله قراءة السجدة فى قراءة صلاة الفجر جهرا وسرا فان قرأ هل يسجد

[سورة السجده (32) : آية 16]

فيه قولان كذا فى فتح الرحمن قال فى خلاصة الفتاوى رجل قرأ آية السجدة فى الصلاة ان كانت السجدة فى آخر السورة او قريبا من آخرها بعدها آية او آيتان الى آخر السورة فهو بالخيار ان شاء ركع بها ينوى التلاوة وان شاء سجد ثم يعود الى القيام فيختم السورة وان وصل بها سورة اخرى كان أفضل وان لم يسجد للتلاوة على الفور حتى ختم السورة ثم ركع وسجد لصلاته سقط عنه سجدة التلاوة وفى التأويلات (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) عن سجودك كما استكبر إبليس ان يسجد لك الى قبلة آدم ولو سجد لآدم بامرك لكان سجوده فى الحقيقة لك وكان آدم قبلة للسجود كما ان الكعبة قبلة لنا فى سجودنا لك انتهى قال بعض الكبار وليس الإنسان بمعصوم من إبليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن ويشتغل بنفسه ويعتزل عن المصلى فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس. فخواطر السجود كلها اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا قام من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه واشتغل بك فعلى العاقل ان يسارع الى الصلاة فريضة كانت او نافلة حتى يحصل الرغم للشيطان والرضى للرحمان ويتقرب الروح الى حضرة الملك المتعال ويجد لذة المناجاة وطعم الوصال ذوق سجده زائد است از ذوق سكر نزد جان ... هر كرا اين ذوق نى بي مغز باشد در جهان اللهم اجعلنا من اهل سجدة الفناء انك سميع الدعاء تَتَجافى جُنُوبُهُمْ استئناف لبيان بقية محاسن المؤمنين. والتجافي النبوّ والبعد أخذ من الجفاء فان من لم يوافقك فقد جافاك وتجنب وتنحى عنك والجنوب جمع جنب وهو شق الإنسان وغيره. والمعنى ترتفع وتنتحى اضلاعهم عَنِ الْمَضاجِعِ اى الفرش ومواضع النوم جمع مضجع كمقعد بمعنى موضع الضجوع اى وضع الجنب على الأرض: وبالفارسية [دور ميشود پهلوهاى ايشان از خوابكهها] وفى اسناد التجافي الى الجنوب دون ان يقال يجافون جنوبهم اشارة الى ان حال اهل اليقظة والكشف ليس كحال اهل الغفلة والحجاب فانهم لكمال حرصهم على المناجاة ترتفع جنوبهم عن المضاجع حين ناموا بغير اختيارهم كان الأرض ألقتهم من نفسها واما اهل الغفلة فيتلاصقون بالأرض لا يحركهم محرك يَدْعُونَ رَبَّهُمْ حال من ضمير جنوبهم اى داعين له تعالى على الاستمرار خَوْفاً من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته وَطَمَعاً فى رحمته قال عليه السلام فى تفسير الآية قيام العبد من الليل يعنى انها نزلت فى شأن المتهجدين فان أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل قال الكاشفى [چون پرده شب فرو كذارند وجهانيان سر بر بالين غفلت بنهند ايشان پهلو از بستر كرم وفراش نرم تهى كرده بر قدم نياز بايستند ودر شب دراز با حضرت خداوند راز كويند. از سهيل يمنى يعنى اويس قرنى رضى الله عنه منقولست كه در شبى ميكفت «هذه ليلة الركوع» وبيك ركوع بسر مى برد ودر شبى ديكر ميفرمود كه «هذه ليلة السجود» وبيك سجده بصبح ميرسانيد كفتند اى اويس چون طاقت طاعت دارى سبب چيست كه شبها بدين درازى بر يك حال مى كذرانى كفت كجاست

شب درازى كاشكى ازل وابد يكشب بودى تا بيك سجده بآخر بردمى دران سجده نالهاى زار وكريهاى بيشمار كردمى] به نيم شب كه همه مست خواب خوش باشند ... من وخيال تو ونالهاى دردآلود وفى الحديث (عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أحبته واهله الى صلاته فيقول الله تعالى لملائكته انظروا الى عبدى ثار عن فراشه ووطائه من بين أحبته واهله الى صلاته رغبة فيما عندى وإشفاقا مما عندى ورجل غزا فى سبيل الله فانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه من الانهزام وماله فى الرجوع فرجع حتى أهريق دمه فيقو الله لملائكته انظروا الى عبدى رجع رغبة فيما عندى وإشفاقا مما عندى حتى أهريق دمه) وفى الحديث (ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن ألان الكلام واطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام) قال ابن رواحة رضى الله عنه يمدح النبي عليه السلام وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع أرنا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات ان ما قال واقع يبيت يجافى جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع وفى الحديث (إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم اهل الجمع اليوم من اولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فيقول ليقم الذين يحمدون الله فى السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرّحون جميعا الى الجنة ثم يحاسب سائر الناس) واعلم ان قيام الليل من علو الهمة وهو وهب من الله تعالى فمن وهب له هذا فيلقم ولا يترك ورد الليل بوجه من الوجوه قال ابو سليمان الداراني قدس سره نمت عن وردى فاذا انا بحوراء تقول يا أبا سليمان تنام وانا اربى لك فى الخيام منذ خمسمائة عام وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى الله عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال لى يا أستاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا فيهن واحدة شوهاء لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول اسأل لمولاك وارددني الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى لا ترقدّن الليالى ما حييت فان ... نمت الليالى فهنّ الدهر أمثالي فاجابتها جارية من الحسان تقول ابشر بخير فقد نلت الغنى ابدا ... فى جنة الخلد فى روضات جنات نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القرآن بترجيع ورنات ابشر وقد نلت ما ترجوه من ملك ... بر يجود بإفضال وفرحات غدا تراه تجلى غير محتجب ... تدنى اليه وتحظى بالتحيات

[سورة السجده (32) : الآيات 17 إلى 20]

قال ثم شهق شهقة خرميتا رحمه الله تعالى وفى آكام المرجان ظهر إبليس ليحيى عليه السلام فقال له يحيى هل قدرت منى على شىء قال لا إلا مرة واحدة فانك قدّمت طعاما لتأكله فلم ازل اشهيه إليك حتى أكلت منه اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة فلم تقم الى الصلاة كما كنت تقوم إليها فقال له يحيى لا جرم لا شبعت من طعام ابدا قال له الخبيث لا جرم لا نصحت آدميا بعدك باندازه خور زاد اگر مردمى ... چنين پر شكم آدمي يا خمى ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ أعطيناهم من المال يُنْفِقُونَ فى وجوه الخير والحسنات قال بعضهم هذا عام من الواجب والتطوع وذلك على ثلاثة اضرب زكاة من نصاب ومواساة من فضل وإيثار من قوت بد ونيك را بذل كن سيم وزر ... كه آن كسب خير است وآن دفع شر از آن كس كه خيرى بماند روان ... دمادم رسد رحمتش بر روان فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ من النفوس لا ملك مقرب ولا نبى مرسل فضلا عمن عداهم ما أُخْفِيَ لَهُمْ اى لاولئك الذين عددت نعوتهم الجليلة من التجافي والدعاء والانفاق ومحل الجملة نصب بلا تعلم سدت مسد المفعولين مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ مما تقربه أعينهم إذا رأوه وتسكن به أنفسهم وقال الكاشفى [از روشنىء چشمها يعنى چيزى كه بدان چشمها روشن كردد] وفى الحديث (يقول الله تعالى اعددت لعبادى الصالحين ما لاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بل ما اطلعتم عليه اقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى جزوا جزاء بسبب ما كانوا يعملون فى الدنيا من اخلاص النية وصدق الطوية فى الأعمال الصالحة [بزركى فرموده كه چون عمل پنهان ميكردند جزا نيز پنهانست تا چنانچهـ كس را بر طاعت ايشان اطلاع نبود كسى را نيز بمكافات ايشان اطلاع نباشد] روزى كه روم همره جانان بچمن ... نه لاله وگل بينم ونه سرو وسمن زيرا كه ميان من واو كفته شود ... من دانم واو داند واو داند ومن وفى التأويلات النجمية (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) عن مضاجع الدارين وتتباعد قلوبهم عن مضاجعات الأحوال فلا يساكنون أعمالهم ولا يلاحظون أحوالهم ويفارقون مآلفهم ويهجرون فى الله معارفهم يدعون ربهم بربهم لربهم خوفا من القطيعة والابعاد (وَطَمَعاً) فى القربات والمواصلات (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من نعمة الوجود (يُنْفِقُونَ) ببذل المجهود فى طلب المفقود وليردّ إليهم بالجود ما أخفى لهم من النقود كما قال تعالى (فَلا تَعْلَمُ) إلخ. وفى الحقيقة ان ما أخفى لهم انما هو جمالهم فقد أخفى عنهم لعينهم فان العين حق فاعلم انه مادام ان تكون عينكم الفانية باقية يكون جمالكم الباقي مخفيا عنكم لئلا تصيبه عينكم فلو طلع صبح سعادة التلاقي وذهب بظلمة البين من البين وتبدلت العين بالعين فذهب الجفاء وظهر الخفاء ودام اللقاء

[سورة السجده (32) : الآيات 18 إلى 19]

كما أقول مذ جاء هواكم ذاهبا بالبين ... لم يبق سوى وصالكم فى البين ما جاء بغير عينكم فى عينى ... والآن محت عينكمولى عينى وبقوله (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يشير الى ان عدم علم كل نفس بما أخفى لهم وحصول جهلهم به انما كان جزاء بما كانوا يعملون بالاعراض عن الحق لاقبالهم على طلب غير الله وعبادة ما سواه انتهى أَفَمَنْ [آيا آنكس كه] كانَ فى الدنيا مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً خارجا عن الايمان لانه قابل به المؤمن وايضا اخبر انه يخلد فى النار ولا يستحق التخليد فيها الا الكافر لا يَسْتَوُونَ فى الشرف والجزاء فى الآخرة والتصريح به مع إفادة الإنكار نفى المشابهة للتأكيد وبناء التفصيل الآتي عليه والجمع للحمل على معنى من قال الكاشفى [آورده اند كه وليد بن عقبه با شير بيشه مردى در مقام مفاخرت آمده كفت اى على سنان من از سنان تو سخترست وزبان من از زبان تو تيزتر على كفت خاموش باش اى فاسق ترا با من چهـ زهره مساوات و چهـ ياراى مجادلاتست حق سبحانه وتعالى براى تصديق على رضى الله عنه آيت فرستاد] فالمؤمن هو علىّ رضى الله عنه ودخل فيه من مثل حاله والكافر هو الوليد ودخل فيه من هو على صفته ولذلك أورد الجمع فى لا يستوون قال ابن عطاء من كان فى أنوار الطاعة والايمان لا يستوى مع من هو فى ظلمات الفسق والطغيان وفى كشف الاسرار أفمن كان فى حلة الوصال يجرّ أذياله كمن هو فى مذلة الفراق يقاسى وباله أفمن كان فى روح القربة ونسيم الزلفة كمن هو فى هول العقوبة يعانى مشقة الكلفة أفمن أيد بنور البرهان وطلعت عليه شموس العرفان كمن ربط بالخذلان ووسم بالحرمان لا يستويان ولا يلتقيان ايها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان هى شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يمانى أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ استحقاقا جَنَّاتُ الْمَأْوى قال الراغب المأوى مصدر أوى الى كذا انضم اليه وجنة المأوى كقوله دار الخلود فى كون الدار مضافا الى المصدر وفى الإرشاد أضيفت الجنة الى المأوى لانها المأوى الحقيقي وانما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة ولذلك سميت قنطرة لانها معبر للآخرة لا مقر: وبالفارسية [ايشانراست بوستانها وبهشتها كه مأواى حقيقى است] وعن ابن عباس رضى الله عنهما جنة المأوى كلها من الذهب وهى احدى الجنان الثمان التي هى دار الجلال ودار القرار ودار السلام وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم نُزُلًا اى حال كون تلك الجنات ثوابا واجرا: وبالفارسية [در حالتى كه پيشكش باشد يعنى ماحضرى كه براى مهمانان آرند] وهو فى الأصل ما يعد للنازل والضيف من طعام وشراب وصلة ثم صار عاما فى العطاء بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بسبب أعمالهم الحسنة التي عملوها فى الدنيا وفى التأويلات النجمية (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) بطلب الحق تعالى (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) بطلب ما سوى

[سورة السجده (32) : آية 20]

الحق (لا يَسْتَوُونَ) اى الطالبون لله والطالبون لغير الله ف (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بطلب الحق (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بالإقبال على الله والاعراض عما سواه (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا) يعنى ان جنات مأوى الأبرار ومنزلهم يكون نزلا للمقربين السائرين الى الله واما مأواهم ومنزلهم ففى مقعد صدق عند مليك مقتدر وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا خرجوا عن الايمان والطاعة بايثار الكفر والمعصية عليهما فَمَأْواهُمُ اسم مكان اى ملجأهم ومنزلهم النَّارُ مكان جنات المأوى للمؤمنين كُلَّما [هركاه كه] أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها عبارة عن الخلود فيها فانه لا خروج ولا إعادة فى الحقيقة كقوله (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) ونار جهنم لا تخبو يعنى كلما قال قائلهم قد خبت زيد فيها ويروى انه يضربهم لهيب النار فيرتفعون الى طبقاتها حتى إذا قربوا من بابها وأرادوا ان يخرجوا منها يضربهم لهيب النار او تتلقاهم الخزنة بمقامع: يعنى [بگرزهاى آتشين] فتضربهم فيهوون الى قعرها سبعين خريفا وهكذا يفعل بهم ابدا وكلمة فى للدلالة على انهم مستقرون فيها وانما الاعادة من بعض طبقاتها الى بعض وَقِيلَ لَهُمْ اهانة وتشديدا عليهم وزيادة فى غيظهم ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ اى بعذاب النار تُكَذِّبُونَ على الاستمرار فى الدنيا وتقولون لا جنة ولا نار قال فى برهان القرآن وفى سبأ (عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) لان النار فى هذه السورة وقعت موقع الكناية لتقدم ذكرها والكنايات لا توصف بوصف العذاب وفى سبأ لم يتقدم ذكر النار فحسن وصف النار وهذه لطيفة فاحفظها انتهى وفى التأويلات (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) خرجوا عن سبيل الرشاد ووقعوا فى بئر البعد والابعاد (فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) لانهم فى هذه الصفة عاشوا وفيها ماتوا فعليها حشروا وذلك ان دعاة الحق لما كانوا فى الدنيا ينصحون لهم ان يخرجوا من أسفل الطبيعة بحبل الشريعة برعاية آداب الطريقة حملهم الشوق الروحاني على التوجه الى الوطن الأصلي العلوي فلما عزموا على الخروج من الدركات الشهوانية أدركتهم الطبيعة النفسانية الحيوانية السفلية واعادتهم الى أسفل الطبيعة (وَقِيلَ لَهُمْ) يوم القيامة (ذُوقُوا) إلخ لانكم وان كنتم معذبين فى الدنيا ولكن ما كان لكم شعور بالعذاب الذي يجلل حواسكم الاخروية ولو كنتم تجدون ذوق العذاب لانتهيتم عن الأعمال الموجبة لعذاب النار كما انكم لماذقتم ألم عذاب النار فى الدنيا احترزتم عنها غاية الاحتراز انتهى. فالاحتراق وصف الكافر والفاسق واما المؤمن والمطيع فقد قال عليه السلام فى حقه (تقول جهنم للمؤمن جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى) كما قال فى المثنوى كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم «1» وذلك النور هو نور التوحيد وله تأثير جدا فى عدم الاحتراق- كما حكى- ان مجذوبا كان يصاحب الشيخ الحاجي بيرام قدس سره وكان يحبه فلما توفى الشيخ جاء المجذوب الى الشيخ الشهير بآق شمس الدين لكونه خليفة الشيخ الحاجي بيرام فقال له شمس الدين يوما يا أخي ما لبست كسوة الشيخ الحاجي بيرام فى حياته فكيف لو لبستها من يدنا فقبل ففرح شمس الدين مع مريديه فعملوا ضيافة وألبسوه كسوة فلما لبسها القى نفسه فى نار كانت فى ذلك المجلس فلبث

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى

[سورة السجده (32) : الآيات 21 إلى 24]

فيها حتى احترقت الكسوة ولم يحترق المجذوب ثم خرج منها وقال يا ايها الشيخ لا خير فى كسوة تحرقها النار قال بعض العارفين لو كان المشتاقون دون جماله فى الجنة وا ويلاه ولو كانوا فى الجحيم معه ووا شوقاه فمن كان مع المحبوب فهو لا يحترق ألا ترى ان النبي عليه الصلاة والسلام نظر الى جهنم وما فيها ليلة المعراج ولم يحترق منه شعرة وكما ان النار تقول للمؤمن ذلك القول كذلك الجنة تقول له حين يذهب الى مقامه جز يا مومن الى مقامك فان نورك يذهب بزينتى ولطافتى كما قال فى المثنوى كويدش جنت كذر كن همچوباد ... ور نه كردد هر چهـ من دارم كساد «1» وذلك لان نور المؤمن نور التجلي والتجلي انما يكون للمؤمن لا للجنة فيغلب نوره على الجنة التي ليس لها نور التجلي ألا ترى ان من جلس للوعظ وفى المجلس من هو أعلى حالا منه فى العلم يحصل له الانقباض والكساد فلا يطلب الا قيام ذلك من المجلس فاذا كان هذا حال العالم مع من هو اعلم منه فى الظاهر فقس عليه حال العالم مع من هو اعلم منه فى الباطن فمن عرف مراتب اهل الله تعالى يسكت عند حضورهم لان لهم الغلبة فى كل شان ولهم المعرفة بكل مقام قدس الله أسرارهم وَلَنُذِيقَنَّهُمْ اى اهل مكة. والاذاقة بالفارسية [چشانيدن] مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى اى الأقرب وهو عذاب الدنيا وهو ما محنوا به من القحط سبع سنين بدعاء النبي عليه السلام حين بالغوا فى الاذية حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام المحترقة والعلهز وهو الوبر والدم بان يخلط الدم باوبار الإبل وشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان وكذا ابتلوا بمصائب الدنيا وبلاياها مما فيه تعذيبهم حتى آل أمرهم الى القتل والاسر يوم بدر دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ اى قبل العذاب الأكبر الذي هو عذاب الآخرة فدون هنا بمعنى قبل وفى كشف الاسرار وتبعه الكاشفى فى تفسيره [فروتر از عذاب بزركتر كه خلودست در آتش] وذلك لانه فى الأصل ادنى مكان من الشيء فيقال هذا دون ذلك إذا كان أحط منه قليلا ثم استعير منه للتفاوت فى الأموال [والرتب در لباب از تفسير نقاش نقل كرده كه ادنى غلاى اسعارست واكبر خروج مهدى بشمشير آبدار وكفته اند خوارىء دنيا ونكو نسارىء عقبا يا افتادن در كناه ودور افتادن از دركاه قرب الله] دور ماندن از وصال او عذاب اكبر است ... آتش سوز فراق از هر عذابى بدترست وفى حقائق البقلى العذاب الأدنى حرمان المعرفة والعذاب الأكبر الاحتجاب عن مشاهدة المعروف وقال ابو الحسن الوراق الأدنى الحرص على الدنيا والأكبر العذاب عليه لَعَلَّهُمْ اى لعل من بقي منهم وشاهده ولعل فى مثله بمعنى كى يَرْجِعُونَ يتوبون عن الكفر والمعاصي وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واصحاب السلوك إذا وقعت لاحدهم فى أثناء السلوك وقفة لعجب تداخله او لملالة وسآمة نفس او لحسبان وغرور قبول او وقعت له فترة بالتفاته الى شىء من الدنيا وزينتها وشهواتها فابتلاه الله اما ببلاء فى نفسه او ماله او بيته من أهاليه وأقربائه وأحبائه لعلهم بإذاقة عذاب البلاء والمحن انتبهوا من نوم الغفلة وتداركوا ايام العطلة قبل ان يذيقهم العذاب الأكبر بالخذلان والهجران وقسوة القلب كما قال تعالى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ)

_ (1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى

[سورة السجده (32) : الآيات 22 إلى 23]

الآية لعلهم يرجعون الى صدق طلبهم وعلو محبتهم وَمَنْ أَظْلَمُ [وكيست ستمكارتر] مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ اى وعظ بالقرآن ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها فلم يتفكر فيها ولم يقبلها ولم يعمل بموجبها وثم لاستبعاد الاعراض عنها مع غاية وضوحها وإرشادها الى سعادة الدارين كقولك لصاحبك دخلت المسجد ثم لم تصل فيه استبعادا لتركه الصلاة فيه. والمعنى هو اظلم من كل ظالم وان كان سبك التركيب على نفى الأعظم من غير تعرض لنفى المساوى إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ اى من كل من اتصف بأجرام وان هانت جريمته مُنْتَقِمُونَ فكيف من كان اظلم من كل ظالم وأشد جرما من كل مجرم: وبالفارسية [انتقام كشيدكانيم هلاك وعذاب] يقال نقمت من الشيء ونقمته إذا أنكرته اما باللسان واما بالعقوبة والنقمة العقوبة والانتقام [كينه كشيدن] فاذا نبه العبد بانواع الزجر وحرك فى تركه حدود الوفاق بصنوف من التأديب ثم لم يرتدع عن فعله واغتر بطول سلامته وأمن هواجم مكر الله وخفايا امره اخذه بغتة بحيث لا يجد فرجة من أخذته كما قال (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) اى المصرين على جرمهم (مُنْتَقِمُونَ) بخسارة الدارين: قال الحافظ كمين كهست وتو خوش تيز ميروى هش دار ... مكن كه كرد بر آيد ز شهره عدمت وفى الحديث (ثلاثة من فعلهن فقد أجرم من عقد لواء فى غير حق ومن عق لوالديه ومن نصر ظالما) واعلم ان الظلم أقبح الأمور ولذلك حرمه الله على نفسه فينبغى للعاقل ان يتعظ بمواعظ الله ويتخلق بأخلاقه ويجتنب عن اذية الروح بموافقة النفس والطبيعة واذية عباد الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه استند الى جدار الكعبة وقال يا كعبة ما أعظم حرمتك على الله لكنى لوهدمتك سبع مرات كان أحب الى من أوذي مسلما مرة واحدة وعن وهب بن منبه انه قال جمع عالم من علماء بنى إسرائيل سبعين صندوقا من كتب العلم كل صندوق سبعون ذراعا فاوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان ان قل لهذا العالم لا تنفعك هذه العلوم وان جمعت أضعافا مضاعفة مادام معك ثلاث خصال حب الدنيا ومرافقة الشيطان وأذى مسلم فهذه الأسباب توقع الإنسان فى ورطة الانتقام وانتقام الله لا يشبه انتقام غيره ألا ترى انه وصف العذاب بالأكبر وفى الحديث (ان فى أهون باب منها سبعين الف جبل من نار وفى كل جبل سبعون الف واد من نار وفى كل واد سبعون الف شعب من نار وفى كل شعب سبعون الف مدينة من نار وفى كل مدينة سبعون الف دار من نار وفى كل دار سبعون الف قصر من نار وفى كل قصر سبعون الف صندوق من نار وفى كل صندوق سبعون الف نوع من العذاب ليس فيها عذاب يشاكل عذابا) فسمع عمر رضى الله عنه فقال يا ليتنى كنت كبشا فذبحونى وأكلوني ولم اسمع ذكر جهنم. وقال ابو بكر رضى الله عنه يا ليتنى كنت طيرا فى المفازة ولم اسمع ذكر النار. وقال على رضى الله عنه يا ليت أمي لم تلدنى ولم اسمع ذكر جهنم نسأل الله تعالى ان يحفظنا من الوقوع فى اسباب العذاب والوقوف فى مواقف المناقشة وسوء الحساب وهو الذي خلق فهدى الى طريق رضاه ومنه الثبات على دينه الموصل الى جنته وقربته ووصلته ولقاه وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ اى شك

[سورة السجده (32) : آية 24]

وفى المفردات المرية التردد فى الأمر وهو أخص من الشك مِنْ لِقائِهِ اللقاء [ديدن] يقال لقيه كرضيه رآه قال الراغب يقال ذلك فى الإدراك بالحس بالبصر وبالبصيرة وهو مضاف الى مفعوله. والمعنى من لقاء موسى الكتاب فانا ألقينا عليه التوراة يقول الفقير هذا هو الذي يستدعيه ترتيب الفاء على ما قبلها فان قلت ما معنى النهى وليس له عليه السلام فى ذلك شك أصلا قلت فيه تعريض للكفار بانهم فى شك من لقائه إذ لو لم يكن لهم فيه شك لآمنوا بالقرآن إذ فى التوراة وسائر الكتب الإلهية ما يصدق القرآن من الشواهد والآيات فايتاء الكتاب ليس ببدع حتى يرتابوا فيه فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان موسى عليه السلام لما اوتى الكتاب وهو حظ سمعه فلا تشك يا محمد ان يحظى غدا حظ بصره بالرؤية ولكن بشفاعتك وبركة متابعتك واختصاصه فى دعائه بقوله اللهم اجعلنى من امة احمد فان الرؤية مخصوصة بك وبامتك بتبعيتك وَجَعَلْناهُ اى الكتاب الذي آتيناه موسى هُدىً من الضلالة: وبالفارسية [راه نماينده] لِبَنِي إِسْرائِيلَ لانه انزل إليهم وهم متعبدون به دون بنى إسماعيل وعليهم يحمل الناس فى قوله تعالى (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ اى من بنى إسرائيل أَئِمَّةً جمع امام بمعنى المؤتم والمقتدى به قولا وفعلا: وبالفارسية [پيشوا] يَهْدُونَ يرشدون الخلق الى الحق بما فى التوراة من الشرائع والاحكام والحكم بِأَمْرِنا إياهم بذلك او بتوفيقنا لهم لَمَّا صَبَرُوا على الحق فى جميع الأمور والأحوال وهى شرط لما فيها من معنى الجزاء نحو أحسنت إليك لما جئتنى والتقدير لما صبر الائمة اى العلماء من بنى إسرائيل على المشاق وطريق الحق جعلناهم ائمة او هى ظرف بمعنى الحين اى جعلناهم ائمة حين صبروا وَكانُوا بِآياتِنا التي فى تضاعيف الكتاب يُوقِنُونَ لا معانهم فيها النظر والإيقان [بى گمان شدن] ولا تشك انها من عندنا كما يشك الكفار من قومك فى حق القرآن وفيه اشارة الى انه كما ان الله تعالى جعل التوراة هدى لبنى إسرائيل فاهتدوا بها الى مصالح الدين والدنيا كذلك جعل القرآن هدى لهذه الامة المرحومة يهتدون به الى الشرائع والحقائق وكما انه جعل من بنى إسرائيل قادة ادلاء كذلك جعل من هذه الامة سادة اجلاء بل رجحهم على الكل بكل كمال فان الأفضل اولى بإحراز الفضائل كلها قال الشيخ العارف ابو الحسن الشاذلى قدس سره رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فى النوم باهى موسى وعيسى عليهما السلام بالإمام الغزالي قدس سره وقال أفي امتكما حبر كذا قالا لا ورضى الله عن جميع الأولياء والعلماء ونفعنا بهم فانظر ما اشرف علم هذه الامة وما أعز معرفتهم ولذا يشرفون يوم القيامة بكل حلية- كما قال بعض الأخيار- رأيت الشيخ أبا اسحق ابراهيم ابن على بن يوسف الشيرازي رحمه الله فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم قال بعض الكبار من عدم الانصاف عدم ايمان الناس بما جاء به الأنبياء المعصومون وعدم الايمان بما اتى به الأولياء المحفوظون فان البحر واحد فمن آمن بما جاء به الأصل من الوحى يجب ان يؤمن بما جاء به

[سورة السجده (32) : الآيات 25 إلى 30]

الفرع من الإلهام بجامع الموافقة وقد ثبت ان العلماء ورثة الأنبياء فعلومهم علومهم ففى الاتباع لهم فى أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم اجر كثير وثواب عظيم ونجاة من المهالك كما قال الحافظ يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ يقضى بَيْنَهُمْ بين الأنبياء وأممهم المكذبين او بين المؤمنين والمشركين يَوْمَ الْقِيامَةِ فيميز بين المحق والمبطل [وهر يك را مناسب او جزا دهد] وكلمة هو للتخصيص والتأكيد وان ذلك الفصل يوم القيامة ليس الا اليه وحده لا يقدر عليه أحد سواه ولا يفوّض الى من عداه فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من امور الدين هنا اى فى الدنيا قال بعض الكبار ان الله تبارك وتعالى يحكم بين عباده لوجوه. او لها لعزتهم لانهم عنده أعز من ان يجعل حكمهم الى أحد من المخلوقين بل هو بفضله وكرمه يكون حاكما عليهم. وثانيها غيرة عليهم لئلا يطلع على أحوالهم أحد غيره. وثالثها رحمة وكرما فانه ستار لا يفشى عيوبهم ويستر عن الأغيار ذنوبهم. ورابعها لانه كريم ومن سنة الكرام انهم إذا مروا باللغو مروا كراما. وخامسها فضلا وعدلا لانه الخالق الحكيم الذي خلقهم وما يعملون على مقتضى حكمته ووفق مشيئته فان رأى منهم حسنا فذلك من نتائج إحسانه وفضله وان رأى منهم قبيحا فذلك من موجبات حكمته وعدله وانه (لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) الآية. وسادسها عناية وشفقة فانه تعالى خلقهم ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فلا يجوز من كرمه ان يخسروا عليه. وسابعها رحمة ومحبة فانه تعالى بالمحبة خلقهم لقوله (فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لاعرف) وللمحبة خلقهم لقوله (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فينظر فى شأنهم بنظر المحبة والرضى وعين الرضى عن كل عيب كليلة. وثامنها لطفا وتكريما فانه نادى عليهم بقوله (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) فلا يهين من كرّمه. وتاسعها عفوا وجودا فانه تعالى عفو يحب العفو فان رأى جريمة فى جريدة العبد يحب عفوها وانه جواد يحب ان يجود عليه بالمغفرة والرضوان. وعاشرها انه تعالى جعلهم خزائن أسراره فهو اعلم بحالهم واعرف بقدرهم فانه خمر طينتهم بيده أربعين صباحا وجعلهم مرآة يظهر بها جميع صفاته عليهم لا على غيرهم ولو كان الملائكة المقربين ألا ترى انه تعالى لما قال (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فما عرفوهم حق معرفتهم حتى قال تعالى فيهم عزة وكرامة (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) اى من فضائلهم وشمائلهم فانهم خزائن أسراري ومرآة جمالى وجلالى فانتم تنظرون إليهم بنظر الغيرة وانا انظر إليهم بنظر المحبة والرحمة فلا ترون منهم الا كل قبيح ولا أرى منهم الا كل جميل فلا ارضى ان أجعلكم حاكما بينهم بل بفضلي وكرمى انا افصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون فاحسن الى محسنهم وأتجاوز عن مسيئهم فلا يكبر علىّ اختلافهم لعلمى بحالهم انهم لا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم فعلى العاقل ان يرفع الاختلاف من البين ولا يقع

[سورة السجده (32) : الآيات 26 إلى 27]

فى البين فان الله تعالى قد هدى بهداية القرآن الى طريق القربات ولكن ضل عن الاتفاق الأعضاء والقوى فى قطع العقبات اللهم ارحم انك أنت الجواد الأكرم أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ تخويف لكفار مكة اى اغفلوا ولم يبين لهم مآل أمرهم والفاعل ما دل عليه قوله كَمْ أَهْلَكْنا اى كثرة إهلاكنا لان كم لا يقع فاعلا فلا يقال جاءنى كم رجل مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ مثل عاد وثمود وقوم لوط. والقرن اسم لسكان الأرض عصرا والقرون سكانها على الأعاصير يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ الجملة حال من ضميرهم يعنى اهل مكة يمرون فى متاجرهم على ديار الهالكين وبلادهم ويشاهدون آثار هلاكهم وخراب منازلهم إِنَّ فِي ذلِكَ الإهلاك وما يتعلق به من الآثار لَآياتٍ حججا ومواعظ لكل مستبصر ومعتبر: وبالفارسية [عبرتهاست مر امم آتيه را] أَفَلا يَسْمَعُونَ آيات الله ومواعظه سماع تدبر واتعاظ فينتهوا عماهم عليه من الكفر والتكذيب كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ السوق [راندن] والمراد سوق السحاب الحامل للماء لانه هو الذي ينسب الى الله تعالى واما السقي بالأنهار فمنسوب الى العبد وان كان الإنبات من الله تعالى ولما كان هذا السوق وما بعده من الإخراج محسوسا حمل بعضهم الرؤية على البصرية ويدل عليه ايضا آخر الآية وهو أفلا يبصرون وقال فى بحر العلوم حملا على المقصود من النظر اى قد علموا انا نسوق الماء: وبالفارسية [آيا نمى بينند ونميدانند كه ما آب را در ابر ميرانيم] إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ اى التي حرز نباتها اى قطع وازيل بالكلية لعدم المطر او لغيره كالرعى لا التي لا تنبت لقوله فَنُخْرِجُ من تلك الأرض بِهِ اى بسبب ذلك الماء المسوق زَرْعاً [كشت زارها وغلات وأشجار] وهو فى الأصل مصدر عبر به عن المزروع تَأْكُلُ مِنْهُ اى من ذلك الزرع أَنْعامُهُمْ [چهارپايان ايشان] كالتبن والقصيل والورق وبعض الحبوب المخصوصة بها وَأَنْفُسُهُمْ كالحبوب التي يقتاتها الإنسان والثمار أَفَلا يُبْصِرُونَ اى ألا ينظرون فلا يبصرون ذلك فيستدلون به على وحدته وكمال قدرته وفضله تعالى وانه الحقيق بالعبادة وان لا يشرك به بعض خلقه من ملك وانسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع وايضا فيعلمون انا نقدر على اعادتهم واحيائهم قال ابن عطاء فى الآية نوصل بركات المواعظ الى القلوب القاسية المعرضة عن الحق فتتعظ بتلك المواعظ قال بعضهم يسوق مياه معرفته من بحار تجلى جلاله الى ارض القلوب الميتة فينبت نرجس الوصلة وياسمين المودة وريحان المؤانسة وبنفسج الحكمة وزهر الفطنة وورد المكاشفة وشقائق الحقيقة وقال بعضهم نسوق ماء الهداية الى القلوب الميتة فنسقى حدائق وصلهم بعد جفاف عودها وزوال المأنوس من معهودها فيعود عودها مورقا بعد ذبوله حاكيا لحالة حال حصوله فنخرج به زرعا من الواردات التي تصلح لزينة النفوس ومن المشاهدات التي تصلح لتغذية القلوب ولا يخفى ان الهداية على انواع فهداية الكافر

[سورة السجده (32) : الآيات 28 إلى 29]

الى الايمان وهداية المؤمن الفاسق الى الطاعات وهداية المؤمن المطيع الى الزهد والورع وهداية الزاهد المتورع الى المعرفة وهداية العارف الى الوصول وهداية الواصل الى الحصول فعند الحصول تنبت حبة القلب بفيض الإلهام الصريح نباتا لا جفاف لها بعده فمن هاهنا يأخذ الإنسان الكامل فى الحياة الباقية وينبغى لطالب الحق ان يجتهد فى طريق العبودية فان الفيض والنماء انما يحصل من طريق العبادات ولذا جعل الله الطاعات رحمة على العباد ألا ترى ان الإنسان إذا صلى صلاة الفجر يقع فى بحر المناجاة مع الله ولكن تنقطع هذه الحالة الى صلاة الظهر بالنسبة الى الإنسان الناقص إذ ربما يشتغل فى البين بما ينقطع به المدد فصلاة الظهر إذا تجدد له حالته وهكذا فتكرر الصلوات فى الليل والنهار كتكرر سقى الأرض والزرع صباحا ومساء وكذا الصوم فان شهر رمضان يفتح فيه باب القلب ويغلق باب الطبيعة فيحصل للصائم صفة الصمدية فيكون كالملائكة فى المحل ففى تكرر رمضان عليه امداد له لتكميل تلك الصفة الالهية وانما لا يظهر اثر الطاعات فى حق العوام لانهم لا يؤدونها من طريقها وبشرائطها فالله تعالى قادر على ان ينقذهم من شهواتهم ويخرجهم من دائرة غفلاتهم ومن استعجز القدرة الالهية فقد كفر قال فى شرح الحكم وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك فانظر لحال من كان مثلك ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من محرومى البداية ومرزوقى النهاية: وفى المثنوى سايه حق بر سر بنده بود ... عاقبت جوينده يابنده بود «1» كفت پيغمبر كه چون كوبى درى ... عاقبت زان در برون آيد سرى چون نشينى بر سر كوى كسى ... عاقبت بينى تو هم روى كسى چون ز چاهى ميكنى هر روز خاك ... عاقبت اندر رسى در آب پاك جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ ميكاريش روزى بد روى وقال فى موضع آخر چون صلاى وصل بشنيدن كرفت ... اندك اندك مرده جنبيدن كرفت «2» نى كم از خاكست كز عشوه صبا ... سبز پوشد سر برآرد از قنا كم ز آب نطفه نبود كز خطاب ... يوسفان زايند رخ چون آفتاب كم ز بادى نيست شد از امركن ... در رحم طاوس ومرغ خوش سخن كم ز كوه وسنك نبود كز ولاد ... ناقه كان ناقه ناقه زاد زاد وَيَقُولُونَ وذلك ان المؤمنين كانوا يقولون لكفار مكة ان لنا يوما يفتح الله فيه بيننا اى يحكم ويقضى يريدون يوم القيامة او ان الله سيفتح لنا على المشركين ويفصل بيننا وبينهم وكان اهل مكة إذا سمعوه يقولون بطريق الاستعجال تكذيبا واستهزاء مَتى هذَا الْفَتْحُ اى فى أي وقت يكون الحكم والفصل او النصر والظفر إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انه كائن قُلْ تبكيتا لهم وتحقيقا للحق لا تستعجلوا ولا تستهزئوا فان يَوْمَ الْفَتْحِ يوم ازالة الشبهة باقامة القيامة فان أصله ازالة الاغلاق والاشكال او يوم الغلبة على الأعداء لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ (2) در اواخر دفتر سوم در بيان نواختن معشوق عاشق بيهوش خود را إلخ

[سورة السجده (32) : آية 30]

فاعل لا ينفع والموصول مفعوله وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يمهلون ويؤخرون فان الانظار بالفارسية [زمان دادن] اما إذا كان المراد يوم القيامة فان الايمان يومئذ لا ينفع الكافر لفوات الوقت ولا يمهل ايضا فى ادراك العذاب ولا فى بيان العذر فانه لا عذر له واما إذا كان المراد يوم النصرة كيوم بدر فانه لا ينفع إيمانه حال القتل إذ هو ايمان يأس كايمان فرعون حين ألجمه الغرق ولا يتوقف فى قتله أصلا والعدول عن تطبيق الجواب على ظاهر سؤالهم للتنبيه على انه ليس مما ينبغى ان يسأل عنه لكونه امرا بينا غنيا عن الاخبار وكذا ايمانهم واستنظارهم يومئذ وانما المحتاج الى البيان عدم نفع ذلك الايمان وعدم الانظار فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ اى لا تبال بتكذيبهم: وبالفارسية [پس روى بگردان بطريق اهانت از ايشان تا مدت معلوم يعنى تا نزول آية السيف] وَانْتَظِرْ النصرة عليهم وهلاكهم لصدق وعدى إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ الغلبة عليك وحوادث الزمان من موت او قتل فيستريحوا منك او إهلاكهم كما فى قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ) الآية ويقرب منه ما قيل وانتظر عذابنا فانهم منتظرون فان استعجالهم المذكور وعكوفهم على ما هم عليه من الكفر والمعاصي فى حكم انتظارهم العذاب المترتب عليه لا محالة وقد أنجز الله وعده فنصر عبده وفتح للمؤمنين وحصل أمانيهم أجمعين شكر خدا كه هر چهـ طلب كردم از خدا ... بر منتهاى همت خود كامران شدم قال بعضهم هر كرا اقبال باشد رهنمون ... دشمنش كردد بزودى سرنكون وفى الآية حث على الانتظار والصبر قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل واشارة الى ان اهل الأهواء ينكرون على الأولياء ويستدعون منهم اظهار الكرامات وعرض الفتوحات ولكن إذا فتح الله على قلوب أوليائه لا ينفع الايمان بفتوحهم زمرة أعدائه إذ لم يقتدوا بهم ولم يهتدوا بهدايتهم فما لهم الا الحسرات والزفرات فانتظار المقر المقبل لفتوحات الألطاف وانتظار المنكر المدبر لهواجم المقت وخفايا المكر والقهر نعوذ بالله تعالى. وفى الحديث (من قرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك اعطى من الاجر كأنما احيى ليلة القدر) وفى الحديث (من قرأ الم تنزيل فى بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة ايام) كما فى الإرشاد وفى الحديث (تجيىء الم تنزيل السجدة يوم القيامة لها جناحان تطاير صاحبها وتقول لا سبيل عليك) كما فى بحر العلوم- وروى- عن جابر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الم السجدة وتبارك الذي بيده الملك ويقول (هما تفضلان كل سورة فى القرآن بسبعين حسنة فمن قرأهما كتب له سبعون حسنة ومحى عنه سبعون سيئة ورفع له سبعون درجة) وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان النبي عليه السلام يقرأ فى الفجر يوم الجمعة الم تنزيل وهل اتى على الإنسان كما فى كشف الاسرار. ويسن عند الشافعي واحمد ان يقرأ فى فجر يوم الجمعة فى الركعة الاولى الم السجدة وفى الثانية هل اتى على الإنسان وكره احمد المداومة

تفسير سورة الأحزاب

عليها لئلا يظن انها مفضلة بسجدة وعند ابى حنيفة ومالك لا يسن بل كره ابو حنيفة تعيين سورة غير الفاتحة لشىء من الصلوات لما فيه من هجران الباقي كما فى فتح الرحمن قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ان من ادب العارف إذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لا يقصد قراءة سورة معينة او آية معينة وذلك لانه لا يدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فالعارف يقرأ بحسب ما يناجيه به من كلامه وبحسب ما يلقى اليه الحق فى خاطره كما فى الكبريت الأحمر نسأل الله سبحانه ان يجعلنا ممن يقوم بكلامه آناء الليل وأطراف النهار ويتحقق بمعانيه ومناجاته فى السر والجهار تمت سورة السجدة بعون الله تعالى يوم الأحد الرابع من شهر رمضان المنتظم فى شهور سنة الف ومائة وتسع تفسير سورة الأحزاب مدنية وهى ثلاث وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ من النبأ وهو خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبة ظن وسمى نبيا لانه منبىء اى مخبر عن الله بما تسكن اليه العقول الزكية او من النبوة اى الرفعة لرفعة لرفعة محل النبي عن سائر الناس المدلول عليه بقوله (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) ناداه تعالى بالنبي لا باسمه اى لم يقل يا محمد كما قال يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى ويا زكريا ويا يحيى تشريفا فهو من الألقاب المشرفة الدالة على علو جنابه عليه السلام. وله اسماء والقاب غير هذا وكثرة الأسماء والألقاب تدل على شرف المسمى واما تصريحه باسمه فى قوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) فلتعليم الناس انه رسول الله وليعتقدوه كذلك ويجعلوه من عقائدهم الحقة [در اسباب نزول مذكور است كه ابو سفيان وعكرمة وابو الأعور بعد از واقعه أحد از مكه بمدينه آمده در مركز نفاق يعنى وثاق ابن ابى نزول كردند وروزى ديكر از رسول خدا درخواستند تا ايشانرا أمان دهد وبا وى سخن كويند رسول خدا ايشانرا أمان داد با جمعى از منافقان برخاستند بحضرت مصطفى عليه السلام آمدند وكفتند «ارفض ذكر آلهتنا وقل انها تشفع يوم القيامة وتنفع لمن عبدها ونحن ندعك وربك» اين سخن بدان حضرت شاق آمد روى مبارك در هم كشيد عبد الله ابن أبيّ ومقت بن قشير وجد بن قيس از منافقان كفتند يا رسول الله سخن اشراف عرب را باور كن كه صلاح كلى در ضمن آنست فاروق رضى الله عنه حميت اسلام وصلابت دين دريافته قصد قتل كفره فرمود حضرت عليه السلام كفت اى عمر من ايشانرا بجان أمان داده ام تو نقض عهد مكن] فاخرجهم عمر رضى الله عنه من المسجد بل من المدينة وقال اخرجوا فى لعنة الله وغضبه فنزلت هذه الآية اتَّقِ اللَّهَ فى نقض العهد ونبذ الامان واثبت على التقوى وزد منها فانه ليس لدرجات التقوى نهاية وانما حملت على الدوام لان المشتغل بالشيء لا يؤمر به فلا يقال للجالس مثلا اجلس امره الله بالتقوى تعظيما لشأن التقوى فان تعظيم المنادى ذريعة الى تعظيم شان المنادى له قال فى كشف الاسرار يأتى فى القرآن الأمر بالتقوى كثيرا لتعظيم ما بعده من امر او نهى كقول (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ)

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 2 إلى 3]

وقول لوط (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) قال فى الكبير لا يجوز حمله على غفلة النبي عليه السلام لان قوله النبي ينافى الغفلة لان النبي خبير فلا يكون غافلا قال ابن عطاء ايها المخبر عنى خبر صدق والعارف بي معرفة حقيقية اتق الله فى ان يكون لك الالتفات الى شىء سواى واعلم ان التقوى فى اللغة بمعنى الاتقاء وهو اتخاذ الوقاية وعند اهل الحقيقة هو الاحتراز بطاعة الله من عقوبته وصيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل او ترك قال بعض الكبار المتقى اما ان يتقى بنفسه عن الحق تعالى واما بالحق عن نفسه والاول هو الاتقاء بإسناد النقائص الى نفسه عن إسنادها الى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية له تعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات الى الحق سبحانه عن إسنادها الى نفسه فيجعل الحق وقاية لنفسه والعدم نقصان فهو مضاف الى العبد والوجود كمال فهو مضاف الى الله تعالى وفى كشف الاسرار [آشنا با تقوى كسانند كه بپناه طاعت شوند از هر چهـ معصيتست واز حرام بپرهيزند خادمان تقوى ايشانند كه بپناه احتياط شوند واز هر چهـ شبهتست بپرهيزند عاشقان تقوى ايشانند كه از حسنات وطاعات خويش از روى ناديدن چنان پرهيز كنند كه ديكران از معاصى] ما سواى حق مثال كلخنست ... تقوى از وى چون حمام روشنست هر كه در حمام شد سيماى او ... هست پيدا بر رخ زيباى او وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ اى المجاهرين بالكفر وَالْمُنافِقِينَ اى المضمرين له اى دم على ما أنت عليه من انتفاء الطاعة لهم فيما يخالف شريعتك ويعود بوهن فى الدين وذلك ان رسول الله لم يكن مطيعا لهم حتى ينهى عن اطاعتهم لكنه أكد عليه ما كان عليه وثبت على التزامه والاطاعة الانقياد وهو لا يتصور إلا بعد الأمر. فالفرق بين الطاعة والعبادة ان الطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير بخلاف العبادة إِنَّ اللَّهَ كانَ على الاستمرار والدوام لا فى جانب الماضي فقط عَلِيماً بالمصالح والمفاسد فلا يأمرك الا بما فيه مصلحة ولا ينهاك الا عما فيه مفسدة حَكِيماً لا يحكم الا بما تقتضيه الحكمة البالغة وَاتَّبِعْ فى كل ما تأتى وما تذر من امور الدين ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فى التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك اى فاعمل بالقرآن لا برأى الكافرين قال سهل قطعه بذلك عن اتباع أعدائه وامره بالاتباع فى كل أحواله ليعلم ان أصح الطريق شريعة الاتباع والاقتداء لا طريقة الابتداع والاستبداد من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الامتثال وتركه وهو خطاب للنبى عليه السلام والمؤمنين خَبِيراً [آگاه وخبردار] فيرتب على كل منهما جزاءه ثوابا او عقابا فهو ترغيب وترهيب وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اى فوض جميع أمورك اليه وَكَفى بِاللَّهِ اى الله تعالى وَكِيلًا حافظا موكولا اليه كل الأمور: وبالفارسية [كار ساز ونكهبان وكفايت كننده مهمات] چون ره لطف عنايت كند ... جمله مهمات كفايت كند قال الشيخ الزورقي فى شرح الأسماء الحسنى الوكيل هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم فى كل امر ومن عرف انه الوكيل اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه. وخاصيته نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف

[سورة الأحزاب (33) : آية 4]

عنه ويفتح له أبواب الخير والرزق قال فى كشف الاسرار ابو يزيد بسطامى قدس سره [با كروه مريدان بر توكل نشسته بودند مدتى بگذشت كه ايشانرا فتوحى برنيامد واز هيچ كس رفقى نيافتند بى طاقت شدند كفتند اى شيخ اگر دستورى باشد بطلب رزقى رويم شيخ كفت اگر دانيد كه روزىء شما كجاست رويد وطلب كنيد كفتند تا الله را خوانيم ودعا كنيم] ارباب حاجتيم وزبان سؤال نيست ... در حضرت كريم تمنا چهـ حاجتست [كفتند اى شيخ پس بر توكل مى نشينيم وخاموش مى باشيم كفتا خدايرا آزمايش ميكنيد كفتند اى شيخ پس چاره وحيلت چيست شيخ كفت «الحيلة ترك الحيلة» يعنى حيلت آنست كه اختيار ومراد خود در باقى كنيد تا آنچهـ قضاست خود ميرود اى جوانمرد حقيقت توكل آنست كه مرد از راه اختيار خود برخيزد ديده تصرف را ميل دركشد خيمه رضا وتسليم بر سر كوى قضا وقدر بزند ديده مطالعت بر مطالع مجارىء احكام كذارد تا از پرده عزت چهـ آشكارا شود وبهر چهـ پيش آيد در نظاره محول باشد نه در نظاره حال چون مرد بدين مقام رسد كليد كنج مملكت در كنار وى نهند توانكر دل كردد] فعلى العاقل ان يجتهد فى ترك الالتفات الى غير الله ويركب المشاق فى طريق من يهواه فان الاخذ بالعزائم نعت الرجل الحازم وأولوا العزم من الرسل هم الذين لقوا الشدائد فى تمهيد السبل. ما جنح الى الرخص الا من يقع فى الغصص. من سلك هاهنا ما توعر تيسر له فى آخرته ما تعسر. فما أثقل ظهرك سوى وزرك. فهنا تحط الأثقال أثقال الأعمال والأقوال. فاحذر من الابتداع فى حال الاتباع واعلم ان النعم لا يمكن العبد تحصيلها بالاصالة فالله يحصلها له بالوكالة والعاقبة للتقوى وقال بعض الكبار من الأدب ان تسأل لانه تعالى ما أوجدك الا لتسأل فانك الفقير الاول فاسأل من كريم لا يبخل فانه ذو فضل عميم ومن اتبع هواه لم يبلغ مناه ومن قام بالخدمة مع طرح الحرمة والحشمة فقد خاب وما نجح وخسر وما ربح الخادم فى مقام الاذلال فما له وللدلال إذا دخل الخادم على مخدومه واعترض ففى قلبه مرض فبالحرمة والتسليم والتوكل تنال الرغائب فى جميع المناصب والله تعالى هو الخبير اى العليم بدقائق الأمور وخفاياها ومن عرف انه الخبير اكتفى بعلمه ورجع عن غيره ونسى ذكر غيره بذكره ويترك الدعوى والرياء والتصنع ويكون على اخلاص فى العمل فان الناقد بصير بروى ريا حرقه سهلست دوخت ... كرش با غدا در توانى فروخت نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التقوى والإخلاص ويلحقنا بأرباب الاختصاص ويفتح لنا باب الخيرات والفتوح ما مكث فى هذا البدن الروح ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ جعل بمعنى خلق والرجل مخصوص بالذكر من الإنسان والتنكير ومن الاستغراقية لافادة التعميم والقلب مضغة صغيرة فى هيئة الصنوبرة خلقها الله فى الجانب الأيسر من صدر الإنسان معلقة بعرف الوتين وجعلها محلا للعلم وجوف الإنسان بطنه كما فى اللغات وذكره لزيادة التقرير كما فى قوله تعالى (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) : والمعنى بالفارسية

[الله تعالى هيچ مرد را دو دل نيافريد در اندرون وى زيرا كه قلب معدن روح حيوانى ومنبع قوتهاست پس يكى بيش نشايد زيرا كه روح حيوانى يكيست] وفيه طعن على المنافقين كما قاله القرطبي يعنى ان الله تعالى لم يخلق للانسان قلبين حتى يسع أحدهما الكفر والضلال والإصرار والانزعاج والآخر الايمان والهدى والانابة والطمأنينة فما بال هؤلاء المنافقين يظهرون ما لم يضمروه وبالعكس وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان المنافقون يقولون ان لمحمد قلبين قلبا معنا وقلبا مع أصحابه فاكذبهم الله وقال بعضهم هذا رد ما كانت العرب تزعم من ان للعاقل المجرب للامور قلبين ولذلك قيل لابى معمر ذى القلبين وكان من احفظ العرب وادراهم واهدى الناس الى طريق البلدان وكان مبغضا للنبى عليه السلام وكان هو او جميل بن اسد يقول فى صدرى قلبان اعقل بهما أفضل مما يعقل محمد بقليه [كفت در سينه من دو دل نهاده اند تا دانش ودريافت من بيش از دريافت محمد باشد] وكان الناس يظنون انه صادق فى دعواه فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم فيهم وهو يعدو فى الرمضاء واحدي نعليه فى يده والاخرى فى رجله فلقيه ابو سفيان وهو يقول اين نعلى اين نعلى ولا يعقل انها فى يده فقال له احدى نعليك فى يدك والاخرى فى رجلك فعلموا يومئذ انه لو كان له قلبان ما نسى نعله فى يده ويقول الفقير اما ما يقال بين الناس لفلان قلبان فليس على حقيقته وانما يريدون بذلك وصفه بكمال القوة وتمام الشجاعة كأنه رجلان وله قلبان وفى الآية اشارة الى ان القلب خلق للمحبة فقط فالقلب واحد والمحبة واحدة فلا تصلح الا لمحبوب واحد لا شريك له كما أشار اليه من قال دلم خانه مهر يارست و پس ... از ان مى نكنجد درو كين كس فمن اشتغل بالدنيا قالبا وقلبا ثم ادعى حب الآخرة بل حب الله فهو كاذب فى دعواه چمشيد جز حكايت جام از جهان نبرد ... زنهار دل مبند بر اسباب دنيوى وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ نساءكم جمع زوج كما ان الزوجات جمع زوجة والزوج افصح وان كان الثاني أشهر: وبالفارسية [ونساخته زنان شما را] اللَّائِي جمع التي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَ اى تقولون لهن أنتن علينا كظهور أمهاتنا اى فى التحريم فان معنى ظاهر من امرأته قال لها أنت علىّ كظهر أمي فهو مأخوذ من الظهر بحسب اللفظ كما يقال لبى المحرم إذا قال لبيك واقف الرجل إذا قال أف وتعديته بمن لتضمنه معنى التجنب وكان طلاقا فى الجاهلية وكانوا يجتنبون المطلقة: يعنى [طلاق جاهليت اين بود كه با زن خويش ميكفتند] أنت علىّ كظهر أمي اى أنت علىّ حرام كبطن أمي فكنوا عن البطن بالظهر لئلا يذكروا البطن الذي ذكره يقارب ذكر الفرج وانما جعلوا الكناية بالظهر عن البطن لانه عمود البطن وقوام البنية أُمَّهاتِكُمْ اى كامهاتكم جمع أم زيدت الهاء فيه كما زيدت فى إحراق من أراق وشدت زيادتها فى الواحدة بان يقال امه. والمعنى ما جمع الله الزوجية والامومة فى امرأة لان الام مخدومة لا يتصرف فيها والزوجة خادمة يتصرف فيها والمراد بذلك نفى ما كانت العرب تزعمه من ان الزوجة المظاهر منها كالام قال فى كشف الاسرار [چون

اسلام آمد وشريعت راست رب العالمين براى اين كفارت وتحلت پديد كرد وشرع آنرا اظهار نام نهاد] وهو فى الإسلام يقتضى الطلاق والحرمة الى أداء الكفارة وهى عتق رقبة فان عجز صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان ولا شىء من الأيام المنهية وهى يوما العيد وايام التشريق فان عجز اطعم ستين مسكينا كل مسكين كالفطرة او قيمة ذلك. وقوله أنت على كظهر أمي لا يحتمل غير الظهار سواء نوى او لم ينو ولا يكون طلاقا او إيلاء لانه صريح فى الظهار. ولو قال أنت علىّ مثل أمي فان نوى الكرامة اى ان قال أردت انها مكرمة علىّ كامى صدق او الظهار فظهار او الطلاق فبائن وان لم ينو شيأ فليس شىء. ولو قال أنت علىّ حرام كامى ونوى ظهارا او طلاقا فكما نوى. ولو قال أنت علىّ حرام كظهر أمي ونوى طلاقا وإيلاء فهو ظهار وعندهما ما نوى ولا ظهار الا من الزوجة فلا ظهار من أمته لان الظهار منقول عن الطلاق لانه كان طلاقا فى الجاهلية ولا طلاق فى المملوك. ولو قال لنسائه أنتن علىّ كظهر أمي كان مظاهرا منهن وعليه لكل واحدة كفارة وان ظاهر من واحدة مرارا فى مجلس او مجالس فعليه لكل ظهار كفارة كما فى تكرار اليمين فكفارة الظهار واليمين لا تتداخل بخلاف كفارة شهر رمضان وسجدة التلاوة اى إذا تكررت التلاوة فى موضع لا يلزم الا سجدة واحدة وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ جمع دعى فعيل بمعنى مفعول وهو الذي يدعى ولدا ويتخذ ابنا اى المتبنى بتقديم الباء الموحدة على النون: وبالفارسية [كسى را به پسرى كرفتن] وقياسه ان يجمع على فعلى كجرحى بان يقال دعيا فان افعلاء مختص بفعيل بمعنى فاعل مثل تقى وأتقياء كأنه شبه فعيل بمعنى مفعول فى اللفظ بفعيل بمعنى فاعل فجمع جمعه أَبْناءَكُمْ حقيقة فى حكم الميراث والحرمة والنسب اى ما جعل الله الدعوة والبنوة فى رجل لان الدعوة عرض والنبوة اصل فى النسب ولا يجتمعان فى الشيء الواحد وهذا ايضا رد ما كانوا يزعمون من ان دعى الرجل ابنه فيجعلون له من الميراث مثل نصيب الذكر من أولادهم ويحرمون نكاح زوجته إذا طلقها ومات عنها ويجوز ان يكون نفى القلبين لتمهيد اصل يحمل عليه نفى الامومة عن المظاهر منها والنبوة عن المتبنى. والمعنى كما لم يجعل الله قلبين فى جوف واحد لادائه الى التناقض وهو ان يكون كل منهما أصلا لكل القوى وغير اصل كذلك لم يجعل الزوجة امّا والدعىّ ابنا لاحد يعنى كون المظاهر منها امّا وكون الدعىّ ابنا اى بمنزلة الام والابن فى الآثار والاحكام المعهودة بينهم فى الاستحالة بمنزلة اجتماع قلبين فى جوف واحد وفيه اشارة الى ان فى القرابة النسبية خواص لا توجد فى القرابة السببية فلا سبيل لاحد ان يضع فى الأزواج بالظهار ما وضع الله فى الأمهات ولا ان يضع فى الأجانب بالتبني ما وضع الله فى الأبناء فان الولد سر أبيه فما لم يجعل الله فليس فى مقدور أحد ان يجعله ذلِكُمْ [اين مظاهره را مطلقه ودعى را ابن خواندن] او هو اشارة الى الأخير فقط لانه المقصود من سياق الكلام اى دعاؤكم الدعي بقولكم هذا ابني قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ فقط لا حقيقة له فى الأعيان كقول الهار؟ فاذا هو بمعزل عن احكام النبوة كما زعمتم والأفواه جمع فم واصل فم فوه بالفتح مثل ثوب وأثواب

[سورة الأحزاب (33) : آية 5]

وهو مذهب سيبويه والبصريين وفوه بالضم مثل سوق وأسواق وهو مذهب الفراء حذفت الهاء حذفا غير قياسى لخفائها ثم الواو لاعتلالها ثم أبدلت الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم قال الراغب وكل موضع علق الله فيه حكم القول بالفم فاشارة الى الكذب وتنبيه على ان الاعتقاد لا يطابقه وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ اى الكلام المطابق للواقع لان الحق لا يصدر إلا من الحق وهو ان غير الابن لا يكون ابنا وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ اى سبيل الحق لا غيره فدعوا أقوالكم وخذوا بقوله هذا. والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك وما فيه سهولة وفى التأويلات النجمية (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ) فيما سمى كل شىء بإزاء معناه (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) الى اسم كل شىء مناسب لمعناه كما هدى آدم عليه السلام بتعليم الأسماء كلها وخصصه بهذا العلم دون الملائكة المقربين قال بعض الكبار اعلم ان آداب الشريعة كلها ترجع الى ما نذكره وهو ان لا يتعدى العبد فى الحكم موضعه فى جوهر كان اوفى عرض او فى زمان او مكان او فى وضع او فى اضافة او فى حال او فى مقدار او عدد او فى مؤثر او فى مؤثر فيه. فاما أولاها فى الجوهر فهو ان يعلم العبد حكم الشرع فى ذلك فيجريه فيه بحسنه. واما ادب العبد فى الاعراض فهو ما يتعلق بافعال المكلفين من وجوب وحظر واباحة ومكروه وندب. واما أدبه فى الزمان فلا يتعلق الا باوقات العبادات المرتبطة بالأوقات فكل وقت له حكم فى المكلف ومنه ما يضيق وقته ومنه ما يتسع. واما أدبه فى المكان كمواضع العبادات مثل بيوت الله فيرفعها عن البيوت المنسوبة الى الخلق ويذكر فيها اسمه. واما أدبه فى الوضع فلا يسمى الشيء بغير اسمه ليغير عليه حكم الشرع بتغيير اسمه فيحلل ما كان محرما ويحرم ما كان محللا كما فى حديث (سيأتى على أمتي زمان يظهر فيه أقوام يسمون الخمر بغير اسمها) اى فتحا لباب استحلالها بالاسم وقد تفطن لما ذكره الامام مالك رحمه الله فسئل عن خنزير البحر فقال هو حرام فقيل له انه من جملة سمك البحر فقال أنتم سميتوه خنزيرا فانسحب عليه حكم التحريم لاجل الاسم كما سموا الخمر نبيذا او إبريزا فاستحلوها بالاسم وقالوا انما حرم علينا ما كان اسمه خمرا. واما ادب الاضافة فهو مثل قول الخضر عليه السلام (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وقوله (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما) وذلك للاشتراك بين ما يحمد ويذم وقال (فَأَرادَ رَبُّكَ) لتخليص المحمدة فيه فان الشيء الواحد يكتسب ذما بالنسبة الى جهة ويكتسب حمدا بالاضافة الى جهة اخرى وهو هو بعينه وانما يغير الحكم بالنسبة. واما ادب الأحوال كحال السفر فى الطاعة وحال السفر فى المعصية فيختلف الحكم بالحال. واما الأدب فى الاعداد فهو ان لا يزيد فى افعال الطهارة على أعضاء الوضوء ولا ينقص وكذلك القول فى اعداد الصلوات والزكوات ونحوها وكذلك لا يزيد فى الغسل عن صاع والوضوء عن مد. واما أدبه فى المؤثر فهو ان يضيف القتل او الغصب مثلا الى فاعله ويقيم عليه الحدود. واما أدبه فى المؤثر فيه كالمقتول قودا فينظر هل قتل بصفة ما قتل به او بامر آخر وكالمغصوب إذا وجد بغير يد الذي باشر الغصب فهذه اقسام آداب الشريعة كلها فمن عرفها وأجراها كان من المهتدين الى السبيل الحق والمحفوظين عن الضلال المطلق فاعرف ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ يقال فلان يدعى لفلان اى ينسب اليه ووقوع اللام

هاهنا للاستحقاق قال بعضهم [اين آيت براى زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي بود] سبى صغيرا وكانت العرب فى جاهليتها يغير بعضهم على بعض ويسبى فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد رضى الله عنها فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له وطلبه أبوه وعمه فخير فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتقه ورباه كالاولاد وتبناه قبل الوحى وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب وكان يدعى زيد ابن محمد وكذا يدعى المقداد بن عمرو البهراني المقداد ابن الأسود وسالم مولى ابى حذيفة سالم ابن ابى حذيفة وغير هؤلاء ممن تبنى وانتسب لغير أبيه [ودر صحيح بخارى از ابن عمر منقولست كه نمى كفتيم الا زيد ابن محمد تا اين آيت آمد وما او را زيد بن حارثه كفتيم] فالمعنى انسبوا الأدعياء الى الذين ولدوهم فقولوا زيد بن حارثة وكذا غيره: وبالفارسية [مردانرا به پدران بازخوانيد] هُوَ اى الدعاء لآبائهم فالضمير لمصدر ادعوا كما فى قوله (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ القسط بالكسر العدل وبالفتح هو ان يأخذ قسط غيره وذلك غير انصاف ولذلك قيل قسط الرجل إذا جار واقسط إذا عدل- حكى- ان امرأة قالت للحجاج أنت القاسط فضربها وقال انما أردت القسط بالفتح واقسط افعل تفضيل قصد به الزيادة المطلقة والمعنى بالغ فى العدل والصدق: وبالفارسية [راسترست ودادتر] وفى كشف الاسرار هو اعدل واصدق من دعائهم إياهم لغير آبائهم فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا [پس اگر ندانيد ونشناسيد] آباءَهُمْ [پدران ايشانرا تا نسبت دهيد بآنها] قال بعضهم متى عرض ما يحيل معنى الشرط جعلت ان بمعنى إذ وإذ يكون للماضى فلا منافاة هاهنا بين حرفى الماضي والاستقبال قال البيضاوي فى قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ان تفعلوا جزم بلم فانها لما صيرته اى المضارع ماضيا صارت كالجزء منه وحرف الشرط كالداخل على المجموع وكأنه قال فان تركتم الفعل ولذلك ساغ اجتماعهما اى حرف الشرط ولم فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ اى فهم إخوانكم فى الدين يعنى من اسلم منهم وَمَوالِيكُمْ واولياؤكم فيه اى فادعوهم بالاخوة الدينية والمولوية وقولوا هذا أخي وهذا مولاى بمعنى الاخوة والولاية فى الدين فهو من الموالاة والمحبة قال بعضهم [ايشانرا برادر مى خوانيد واگر شما را مولاست يعنى آزاد كرده مولى ميخوانيد] ويدل عليه ان أبا حذيفة أعتق عبدا يقال له سالم وتبناه وكانوا يسمونه سالم ابن ابى حذيفة كما سبق فلما نزلت هذه الآية سموه سالما مولى ابى حذيفة وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى اثم يقال جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها وسمى الإثم المائل بالإنسان على الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا وقال بعضهم انه معرب كناه على ما هو عادة العرب فى الابدال ومثله الجوهر معرّب كوهر فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ بقطع الهمزة لان همزة باب الافعال مقطوعة اى فيما فعلتموه من ذلك مخطئين قبل النهى او بعده على سبق اللسان او النسيان وقال ابن عطية لا تتصف التسمية بالخطأ الا بعد النهى والخطأ العدول عن الجهة. وفرق بين الخاطئ والمخطئ فان من يأتى بالخطأ وهو يعلم انه خطأ فهو خاطئ فاذا لم يعلم فهو مخطئ يقال اخطأ الرجل فى كلامه وامره إذا زل وهفا وخطأ الرجل إذا ضل فى دينه وفعله ومنه (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ)

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 6 إلى 10]

والمعنى: بالفارسية [در ان چيزى كه خطا كرديد بآن] وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ اى ولكن الجناح فيما قصدت قلوبكم بعد النهى على ان ما فى محل الجر عطفا على ما اخطأتم او ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح على ان محل ما الرفع على الابتداء محذوف الخبر وفى الحديث (من دعى الى غير أبيه وهو يعلم انه غير أبيه فالجنة عليه حرام) وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً بليغ المغفرة والرحمة يغفر لخطيئتى ويرحم. وسمع عمر رضى الله عنه رجلا يقول اللهم اغفر خطاياى فقال يا ابن آدم استغفر العمد واما الخطأ فقد تجاوز لك عنه يقول الفقير هذا لا يخالف الآية لان المخطئ إذا قصر ووقع فى اسباب ادّته الى الخطأ كأن مظنة المغفرة ومحل الرحمة ثم المتبنى بقوله هو ابني إذا كان مجهول النسب وأصغر سنا من المتبنى ثبت نسبه منه وان كان عبدا له عتق مع ثبوت النسب وان كان لا يولد لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عند ابى حنيفة خلافا لصاحبيه فانه لا يعتق عندهما لان كلامه محال فيلغو واما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبني وان كان عبدا عتق واعلم ان من نفى نسب الدعي عنه لا يلزمه شىء إذ هو ليس بابن له حقيقة واما إذا نفى نسب ولده الثابت ولادته منه فيلزمه اللعان لانه قذف منكوحته بالزنى وان كذب نفسه يحد واللعان باب من الفقه فليطلب هناك ثم اعلم ان النسب الحقيقي ما ينسب الى النبي صلى الله عليه وسلم فانه النسب الباقي كما قال (كل حسب ونسب ينقطع الا حسبى ونسبى) فحسبه الفقر ونسبه النبوة فينبغى ان لا يقطع الرحم عن النبوة بترك سننه وسيرته فان قطع الرحم الحقيقي فوق قطع الرحم المجازى فى الإثم إذ ربما يقطع الرحم المجازى إذا كان الوصل مؤديا الى الكفر او المعصية كما قال تعالى (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) إلخ چون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى واما قطع الرحم الحقيقي فلا مساغ له أصلا والأب الحقيقي هو الذي يقدر على التوليد من رحم القلب بالنشأة الثانية يعنى فى عالم الملكوت وهم الأنبياء والورثة من كمل الأنبياء فاعرف هذا وانتسب نسبة لا تنقطع فى الدنيا والآخرة قال عليه السلام (كل تقى نقى آلى) جعلنا الله وإياكم من هذا الآل النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يقال فلان اولى بكذا اى أحرى وأليق: وبالفارسية [سزاوارتر]- روى- انه عليه السلام أراد غزوة تبوك فامر الناس بالخروج فقال ناس نشاور آباءنا وأمهاتنا فنزلت والمعنى النبي عليه السلام أحرى وأجدر بالمؤمنين من أنفسهم فى كل امر من امور الدين والدنيا كما يشهد به الإطلاق على معنى انه لو دعاهم الى شىء ودعتهم نفوسهم الى شىء آخر كان النبي اولى بالاجابة الى ما يدعوهم اليه من اجابة ما تدعوهم اليه نفوسهم لان النبي لا يدعوهم الا الى ما فيه نجاتهم وفوزهم واما نفوسهم فربما تدعوهم الى ما فيه هلاكهم وبوارهم كما قال تعالى حكاية عن يوسف الصديق عليه السلام (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فيجب ان يكون عليه السلام أحب إليهم من أنفسهم وامره انفذ عليهم من أمرها وآثر لديهم من حقوقها وشفقتهم عليه اقدم من شفقتهم عليها وان يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه فى الخطوب والحروب ويتبعوه فى كل ما دعاهم اليه: يعنى [بايد كه فرمان او را از همه فرمانها لازمتر شناسند] وفى الحديث (مثلى ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش والجنادب) جمع جندب

بضم الجيم وفتح الدال وضمها نوع من الجراد. والفراش جمع فراشة بفتح الفاء وهى دويبة تطير وتقع فى النار: وبالفارسية [پروانه] (يقعن فيها وهو يذب عنها) اى يدفع عن النار من الوقوع فيها (وانا آخذ بحجزكم) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجزة وهى معقد الإزار وحجزة السراويل موضع التكة (عن النار) اى ادفع عن نار جهنم (وأنتم تفلتون) بتشديد اللام اى تخلصون (من يدى) وتطلبون الوقوع فى النار بترك ما أمرته وارتكاب ما نهيته وفى الحديث (ما من مؤمن الا وانا اولى به فى الدنيا والآخرة) اى فى الشفقة (من أنفسهم ومن آبائهم) وفى الحديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه وولده وماله والناس أجمعين) قال سهل قدس سره من لم ير نفسه فى ملك الرسول ولم ير ولايته عليه فى جميع أحواله لم يذق حلاوة سننه بحال در دو عالم غيب وظاهر اوست دوست ... دوستىء ديكران بر بوى اوست دوستىء اصل بايد كرد وبس ... فرع را بهر چهـ دارد دوست كس اصل دارى فرع كوهر كز مباش ... تن بمان وجان بكير اى خواجه تاش قال فى الاسئلة المقحمة والآية تشير الى ان اتباع الكتاب والسنة اولى من متابعة الآراء والاقيسة حسبما ذهب اليه اهل السنة والجماعة وَأَزْواجُهُ [وزنان او] أُمَّهاتُهُمْ اى منزلات منازلهن فى وجوب التعظيم والاحترام وتحريم النكاح كما قال تعالى (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) واما فيما عدا ذلك من النظر إليهن والخلوة بهن والمسافرة معهن والميراث فهن كالاجنبيات فلا يحل رؤيتهن كما قال تعالى (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ولا الخلوة والمسافرة ولا يرثن المؤمنين ولا يرثونهن. وعن ابى حنيفة رحمه الله كان الناس لعائشة رضى الله عنها محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس غيرها من النساء كذلك انتهى وقد سبق وجهه فى سورة النور فى قصة الافك فبان ان معنى هذه الامومة تحريم نكاحهن فقط ولهذا قالت عائشة رضى الله عنها لسنا أمهات النساء اى بل أمهات الرجال وضعف ما قال بعض المفسرين من انهن أمهات المؤمنين والمؤمنات جميعا ولما ثبت التحريم خصوصا لم يتعد الى عشيرتهن فلا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين ولا لاخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم ولهذا قال الشافعي تزوج الزبير اسماء بنت ابى بكر وهى اخت أم المؤمنين ولم يقل هى خالة المؤمنين ثم ان حرمة نكاحهن من احترام النبي عليه السلام واحترامه واجب وكذا احترام ورثته الكمل ولذا قال بعض الكبار لا ينكح المريد امرأة شيخه ان طلقها او مات عنها وقس عليه حال كل معلم مع تلميذه وهذا لانه ليس فى هذا النكاح يمن أصلا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وان كان رخصة فى الفتوى ولكن التقوى فوق امر الفتوى فاعرف هذا ورد مصحف أبيّ وقرأة ابن مسعود رضى الله عنهما [چنين بوده «وهو اب لهم وأزواجه أمهاتهم» مراد شفقت تمام ورحمت لاكلام است] وقال بعضهم اى النبي عليه السلام اب لهم فى الدين لان كل نبى اب لامته من حيث انه اصل فيما به الحياة الابدية ولذلك صار المؤمنون اخوة قال الامام الراغب

الأب الوالد ويسمى كل من كان سببا الى إيجاد شىء او إصلاحه او ظهوره أبا ولذلك سمى النبي عليه السلام أبا للمؤمنين قال الله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وفى بعض القراآت وهو «اب لهم» - وروى- انه قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه (انا وأنت ابو هذه الامة) والى هذا أشار بقوله (كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى) وَأُولُوا الْأَرْحامِ اى ذووا القرابات بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فى التوارث كان المسلمون فى صدر الإسلام يتوارثون بالموالاة فى الدين والمؤاخاة وبالهجرة لا بالقرابة كما كانت تؤلف قلوب قوم باسهام لهم فى الصدقات ثم نسخ ذلك لما قوى الإسلام وعز اهله وجعل التوارث بالقرابة فِي كِتابِ اللَّهِ اى فى اللوح المحفوظ او فى القرآن المنزل وهو هذه الآية او آية المواريث او فيما فرض الله كقوله كتاب الله عليكم وهو متعلق باولوا وافعل يعمل فى الجار والمجرور مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعنى الأنصار وَالْمُهاجِرِينَ [واز مهاجران كه حضرت پيغمبر ايشانرا با يكديكر برادرى داد] وهو بيان لاولى الأرحام اى الأقرباء من هؤلاء بعضهم اولى ببعض بان يرث بعضهم بعضا من الأجانب أو صلة اولى اى أولوا الأرحام بحق القرابة اولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية فى الدين ومن المهاجرين بحق الهجرة وفى التأويلات النجمية (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) اى أحق بهم فى توليدهم من صلبه فالنبى بمنزلة أبيهم (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) يشير الى ان أمهاتهم قلوبهم وهن أزواجه يتصرف فى قلوبهم تصرف الذكور فى الإناث بشرط كمال التسليم ليأخذوا من صلب النبوة نطفة الولاية فى أرحام القلوب وإذا حملوا النطفة صانوها من الآفات لئلا تسقط بأدنى رائحة من روائح حب الدنيا وشهواتها فانها تسقط الجنين فيرتدوا على أعقابهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ثم قال (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) يعنى بعد اولوية النبي عليه السلام بالمؤمنين أولوا الأرحام فى الدين بعضهم اولى ببعض للتربية او بعد النبي عليه السلام أكابرهم من المؤمنين الكاملين اولى باصاغرهم من الطالبين (فِي كِتابِ اللَّهِ) اى فى سنة الله وتقديره للتوالد فى النشأة الثانية نيابة عن النبي عليه السلام (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بالنشأة الاخرى (وَالْمُهاجِرِينَ) عما سوى الله انتهى إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً استثناء من أعم ما تقدر الاولوية فيه من النفع كقولك القريب اولى من الأجنبي الا فى الوصية تريد أحق منه فى كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك الا فى الوصية فالمراد بالأولياء من يوالونهم ويواخونهم وبفعل المعروف التوصية بثلث المال او اقل منه لا بمازاد عليه اى انهم أحقاء فى كل نفع منهم الا فى الوصية لانه لا وصية لوارث ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى الأقارب أحق بالميراث من الأجانب لكن فعل التوصية اولى للاجانب من الأقارب لانه لا وصية لوارث كانَ ذلِكَ اى ما ذكر فى الآيتين من اولوية النبي عليه السلام وتوارث ذوى الأرحام فِي الْكِتابِ متعلق بقوله مَسْطُوراً يقال سطر فلان كذا اى كتب سطرا سطرا وهو الصف من الكتابة اى مثبتا محفوظا فى اللوح او مكتوبا فى القرآن اعلم انه لا توارث بين المسلم والكافر ولكن صحت الوصية بشىء من مال المسلم

[سورة الأحزاب (33) : آية 7]

للذمى لانه كالمسلم فى المعاملات وصحت بعكسه اى من الذمي للمسلم ولذا ذهب بعضهم الى ان المراد بالأولياء هم الأقارب من غير المسلمين اى الا ان توصوا لذوى قرابتكم بشىء وان كانوا من غير اهل الايمان وذلك فان القريب الغير المسلم يكون كالاجنبى فتصح الوصية له مثله وندبت الوصية عند الجمهور فى وجوه الخير لتدارك التقاصير وفى الزاهدي انها مباحة كالوصية للاغنياء من الأجانب ومكروهة كالوصية لاهل المعصية ومستحبة كالوصية بالكفارات وفدية الصيامات والصلوات وفى الآية اشارة الى ان النفس إذا تزكت عن الأخلاق الذميمة وتبدلت عداوتها وصارت من الأولياء بعد ان كانت من الأعداء فيواسيها ويعمل معها معروفا برفق من الارفاق كان ذلك المعروف فى حق النفس مسطورا فى أم الكتاب واما قبل التزكى فلا يرفق بها لانها عدوة الله ولا بد للعدو من الغلظة وترك المواساة ولهذا لم تصح الوصية للحربى لانه ليس من اهل البر فالوصية لمثله كتربية الحية الضارة لتلدغه: وفى المثنوى دست ظالم را ببر چهـ جاى آن ... كه بدست او نهى حكم وعنان «1» تو بدان بزمانى اى مجهول داد ... كه نژاد كرك را او شير داد نقش بى عهدست كان رو كشتنيست ... او دنى وقبله كاه او دنيست «2» ومن الأمثال كمجير أم عامر وكان من حديثه ان قوما خرجوا الى الصيد فى يوم حار فبينماهم كذلك إذ عرضت لهم أم عامر وهى الضبع فطردوها حتى الجأوها الى خباء أعرابي فاقتحمت فخرج إليهم الاعرابى فقال ما شأنكم قالوا صيدنا وطريدتنا قال كلا والذي نفسى بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفى بيدي فرجعوا وتركوه فقام الى لقحة فحلبها وقرّب منها ذلك وقرب إليها ماء فاقبلت مرة تلغ من هذا ومرة من هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الاعرابى قائم فى جوف بيته إذ وثبت عليه فبقرت بطنه وشربت دمه وتركته فجاء ابن عم له وإذا به على تلك الصورة فالتفت الى موضع الضبع فلم يرها فقام اثرها فقال صاحبتى والله وأخذ سيفه وكنانته واتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها وانشأ يقول ومن يصنع المعروف مع غير اهله ... يلاق كما لاقى مجير أم عامر ادام لها حين استجارت بقربه ... قراها بالبان اللقاح الغزائر فقل لذوى المعروف هذا جزاء من ... غدا يصنع المعروف مع غير شاكر كذا فى حياة الحيوان نسأل الله العناية والتوفيق وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ اى واذكر يا محمد لقومك او ليكن ذكر منك يعنى لا تنس وقت أخذنا من الأنبياء كافة عند تحميلهم الرسالة مِيثاقَهُمْ الميثاق عقد يؤكد بيمين اى عهودهم بتبليغ الرسالة والدعاء الى الدين الحق وَمِنْكَ اى وأخذنا منك يا حبيبى خاصة وقدم تعظيما واشعارا بانه أفضل الأنبياء وأولهم فى الخلق وان كان آخرهم فى البعث وفى الحديث (انا سيد ولد آدم ولا فخر) اى لا قول هذا بطريق الفخر وَمِنْ نُوحٍ شيخ الأنبياء وأول الرسل بعد الطوفان وَإِبْراهِيمَ الخليل وَمُوسى الكليم وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ روح الله خصهم بالذكر مع اندراجهم فى النبيين للايذان بمزيد فضلهم وكونهم من مشاهير ارباب الشرائع وأساطين اولى العزم من الرسل

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان طيره شدن قاضى از كستاخىء زان رنجور سبلى إلخ (2]] لم أجد

[سورة الأحزاب (33) : آية 8]

وَأَخَذْنا مِنْهُمْ اى من النبيين مِيثاقاً غَلِيظاً اى عهدا وثيقا شديدا على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالات وأداء الأمانات وهذا هو الميثاق الاول بعينه والتكرير لبيان هذا الوصف لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ متعلق بمضمر مستأنف مسوق لبيان ما هو داع الى ما ذكر من أخذ الميثاق وغاية له لا باخذنا فان المقصود تذكير نفس الميثاق ثم بيان الغرض منه بيانا قصديا كما ينبىء عنه تغيير الأسلوب بالالتفات الى الغيبة. والمعنى فعل الله ذلك ليسأل يوم القيامة الأنبياء الذين صدقوا عهودهم عما قالوا لقومهم: يعنى [از راستىء ايشان در سخن كه با قوم كفته اند]- روى- فى الخبر انه يسأل القلم يوم القيامة فيقول ما فعلت بامانتى فيقول يا رب سلمتها الى اللوح ثم يصير القلم يرتعد مخافة ان لا يصدقه اللوح فيسأل اللوح فيقر بان القلم قد ادى الامانة وانه قد سلمها الى اسرافيل فيقول لاسرافيل ما فعلت بامانتى التي سلمها إليك اللوح فيقول سلمتها الى جبريل فيقول لجبريل ما فعلت بامانتى فيقول سلمتها الى أنبيائك فيسأل الأنبياء فيقولون سلمناها الى خلقك فذلك قوله (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) قال القرطبي إذا كان الأنبياء يسألون فكيف من سواهم دران روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دادى بيا وفى مسألة الرسل والله يعلم انهم لصادقون التبكيت للذين كفروا بهم واثبات الحجة عليهم ويجوز ان يكون المعنى ليسأل المصدقين للانبياء عن تصديقهم لان مصدق الصادق صادق وفى الاسئلة المقحمة ما معنى السؤال عن الصدق فان حكم الصدق ان يثاب عليه لا ان يسأل عنه والجواب ان الصدق هاهنا هو كلمة الشهادتين وكل من تلفظ بهما وارتسم شعائرهما يسأل عن تحقيق احكامهما والإخلاص فى العمل والاعتقاد بهما كما قال الراغب ليسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله ففيه تنبيه على انه لا يكفى الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل از عشق دم مزن چونكشتى شهيد عشق ... دعوىء اين مقام درست از شهادتست : وفى المثنوى وقت ذكر غز وشمشيرش دراز ... وقت كروفر تيغش چون پياز «1» قال الجنيد قدس سره فى الآية ليسأل الصادقين عن صدقهم اى عنده لا عندهم انتهى وهذا الذي فسره معنى لطيف فان الصدق والإسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صلب فنسأل الله ان يجعل صدقنا واسلامنا حقيقيا وَأَعَدَّ [وآماده كرد وساخت] لِلْكافِرِينَ المكذبين للرسل عَذاباً أَلِيماً [عذابى دردناك ودردنماى] وهو عطف على ما ذكر من المضمر وعلى ما دل عليه ليسأل إلخ كأنه قال فاثاب المؤمنين وأعد للكافرين عذابا أليما وفى التأويلات النجمية (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) فى الأزل وهم فى كتم العدم مختفون (وَمِنْكَ) يا محمد اولا بالحبيبية (وَمِنْ نُوحٍ) بالدعوة (وَ) من (إِبْراهِيمَ) بالخلة (وَ) من (مُوسى) بالمكالمة (وَ) من (عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) بالعبدية (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) بالوفاء وبغلظة الميثاق يشير الى انا غلظنا ميثاقهم بالتأييد والتوفيق للوفاء به (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) فى العهد والوفاء به (عَنْ صِدْقِهِمْ)

_ (1) در اواخر دفتر سوم در بيان ملامت كردن اهل مسجد مهمان را إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 9]

لما صدقوا إظهارا لصدقهم كما اثنى عليهم بقوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) فكان سؤال تشريف لا سؤال تعنيف وسؤال إيجاب لا سؤال عتاب. والصدق ان لا يكون فى أحوالك شوب ولا فى أعمالك عيب ولا فى اعتقادك ريب. ومن امارات الصدق فى المعاملة وجود الإخلاص من غير ملاحظة مخلوق. وفى الأحوال تصفيتها من غير مداخلة إعجاب. وفى القول السلامة من المعاريض. وفيما بينك وبين الناس التباعد من التلبيس والتدليس. وفيما بينك وبين الله ادامة التبري من الحول والقوة بل الخروج عن الوجود المجازى شوقا الى الوجود الحقيقي وأعد للكافرين المنكرين على هذه المقامات المعرضين عن هذه الكرامات عذابا أليما من الحسرات والغرامات انتهى قال البقلى ان الله تعالى أراد بذلك السؤال ان يعرّف الخلق شرف منازل الصادقين فرب قلب يذوب من الحسرة حيث ما عرفهم وما عرف قدرهم قال تعالى (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) وصدقهم استقامة أسرارهم مع الحق فى مقام المحبة والإخلاص قال سهل يقول الله لهم لمن عملتم وماذا أردتم فيقولون لك عملنا وإياك أردنا فيقول صدقتم فوعزته لقوله لهم فى المشاهدة صدقتم ألذ عندهم من نعيم الجنة لذت شيرينىء كفتار جانان لذتيست ... كز دماغ جان كى بيرون شود پر حالتست قال فى كشف الاسرار [مصطفى را عليه السلام پرسيدند كه كمال در چيست جواب داد كه كفتار بحق وكردار بصدق. وكفته اند صدق را دو درجه است يكى ظاهر ويكى باطن اما ظاهر سه چيز است در دين صلابت ودر خدمت سنت ودر معاملت خشيت. وآنچهـ باطنست سه چيز است آنچهـ كويى كنى وبآنچهـ نمايى دارى وآنچهـ كه دارى دهى و پاشى] قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اسوداد الوجوه من الحق المكروه كالغيبة والنميمة وافشاء السر فهو مذموم وان كان صدقا فلذلك قال تعالى (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) اى هل اذن لهم فى افشائه اولا فما كل صدق حق انتهى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- ان النبي عليه السلام لما قدم المدينة صالح بنى قريظة وبنى النضير على ان لا يكونوا عليه بل معه فنقض بنوا النضير وهم حى من يهود خيبر عهودهم وذلك انهم كانوا يسكنون قرية يقال لها زهرة فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة ومعه الخلفاء فجلس الى جانب جدار من بيوتهم فطمعوا فيه حتى صعد بعضهم على البيت ليلقى عليه صخرة فيقتله فاتاه الخبر من السماء بما أراد القوم فقام مسرعا الى المدينة ولما نقضوا العهد أرسل إليهم رسول الله محمد بن مسلمة رضى الله عنه ان اخرجوا من بلدي يعنى المدينة لان قريتهم كانت من أعمالها فامتنعوا من الخروج بسبب عناد سيدهم حيى بن اخطب وكان حيى فى اليهود يشبه بابى جهل فى قريش فخرج عليه السلام مع أصحابه لمحاربتهم فحاصرهم ست ليال وحذف الله فى قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله ان يجليهم ويكف عن دمائهم فمنهم من سار الى خيبر ومنهم من سار الى أذرعات من بلاد الشام ولما وقع اجلاؤهم من أماكنهم سار سيدهم حيى وجمع من كبرائهم الى قريش فى مكة يحرّضونهم على حرب رسول الله ويقولون انا سنكون معكم جملة واحدة ونستأصله فوافقهم قريش لشدة عداوتهم لرسول الله ثم جاؤا

الى غطفان وهو محركة حى من قيس وحرضوهم ايضا على الحرب واعلموهم ان قريشا قد تابعوهم فى ذلك فتجهزت قريش ومن اتبعهم من قبائل شتى وعقد اللواء فى دار الندوة وكان مجموع الأحزاب من قريش وغطفان وبنى مرة وبنى أشجع وبنى سليم وبنى اسد ويهود قريظة والنضير قدر اثنى عشر الفا وقائد الكل ابو سفيان ولما تهيأت قريش للخروج اتى ركب من خزاعة فى اربع ليال حتى أخبروا رسول الله فجمع عليه السلام الناس وشاورهم فى امر العدو هل يبرزون من المدينة او يقيمون فيها فقال سلمان الفارسي رضى الله عنه يا رسول الله انا كنا إذا تخوفنا الخيل بأرض فارس خندقنا علينا وكان الخندق من مكايد الفرس وأول من فعله من ملوك الفرس ملك كان فى زمن موسى عليه السلام فاستحسن عليه السلام رأى سلمان فركب فرسا ومعه المهاجرون والأنصار وهم ثلاثة آلاف وامر بالذراري والنساء فرفعوا فى الآطام وسبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فصارت كالحصن وطلب موضعا ينزله فجعل سلعا وهو جبل فوق المدينة خلف ظهره يعنى ضرب معسكره بالفارسية [لشكركاه] فى أسفل ذلك الجبل على ان يكون الجبل خلف ظهره والخندق بينه وبين العدو وأمرهم بالجد فى عمل الخندق على ان يكون عرضه أربعين ذراعا وعمقه عشرا ووعدهم النصر ان صبروا فعمل فيه بنفسه مع المسلمين وحمل التراب على ظهره الشريف وكان فى زمن عسرة وعام مجاعة فى شوال من السنة الخامسة من الهجرة ولما رأى رسول الله ما بأصحابه من التعب قال اللهم لا عيش الا عيش الآخره ... فارحم الأنصار والمهاجرة [انس رضى الله عنه كفت مهاجر وأنصار بدست خويش تير ميزدند وكار ميكردند كه مزدوران و چاكران نداشتند وسرما سخت بود وبخوش دلى آن رنج دشوارى ميكشيدند رسول خدا كه ايشانرا چنان ديد وكفت] لا همّ ان العيش عيش الآخره ... فاكرم الأنصار والمهاجرة [ايشان جواب دادند كه] نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا ابدا وإذ اشتد على الصحابة فى حفر الخندق كدية اى محل صعب شكوا ذلك الى رسول الله فاخذ المعول وضرب فصار كثيبا مهيلا قال سلمان وضربت فى ناحية من الخندق فغلظت على وكان رجلا قويا يعمل عمل عشرة رجال حتى تنافس فيه المهاجرون والأنصار فقال المهاجرون سلمان منا وقال الأنصار سلمان منا فقال عليه السلام (سلمان منا اهل) ولذلك يشير بعضهم بقوله لقد رقى سلمان بعد رقه ... منزلة شامخة البنيان وكيف لا والمصطفى قد عده ... من اهل بيته العظيم الشان قال سلمان فاخذ عليه السلام المعول من يدى وقال (بسم الله) وضرب ضربة فكسر ثلث الحجارة وبرق منها برقة فخرج نور من قبل اليمن كالمصباح فى جوف الليل المظلم فكبر رسول الله وقال (أعطيت مفاتيح اليمن والله انى لابصر أبواب صنعاء من مكانى الساعة كانها أنياب

الكلاب) ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر وبرق منها برقة فخرج نور من قبل الروم فكبر رسول الله وقال (أعطيت مفاتيح الشام والله انى لا بصر قصورها) ثم ضرب الثالثة فقطع بقية الحجر وبرق منها برقة فخرج نور من قبل فارس فكبر رسول الله وقال (أعطيت مفاتيح فارس والله انى لا بصر قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب) وجعل يصف لسلمان أماكن فارس ويقول سلمان صدقت يا رسول الله هذه صفتها ثم قال رسول الله (هذه فتوح يفتحها الله بعدي يا سلمان) وعند ذلك قال جمع من المنافقين منهم معتب بن قشير ألا تعجبون من محمد يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون ان تبرزوا اى تجاوزوا الرحل وتخرجوا الى الصحراء وتذهبوا الى البراري ما هذا الا وعد غرور ولما فرغ رسول الله من حفر الخندق على المدينة قال الكاشفى [بعد از شش روز كه مهم خندق سمت إتمام يافت] أقبلت قريش ومن معهم [خندق را ديدند كه كفتند اين عرب را نبودست] فنزلوا بمجمع الاسيال ونقض بنوا قريظة العهد بينه عليه السلام وبينهم باغواء حيى وأرادوا الاغارة على المدينة بمعاونة طائفة من قريش ولما جاء خبر النقض عظم البلاء وصار الخوف على الذراري أشد الخوف على اهل الخندق فبعث عليه السلام ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون النكير تخوفا على الذراري من العدو اى بنى قريظة وكانوا من يهود المدينة ومكث عليه السلام فى الخندق قريبا من شهر وهو اثبت الأقاويل وكان اكثر الحال بينهم وبين العدو الرمي بالنبال والحصى واقبل نوفل بن عبد الله فضرب فرسه ليدخل الخندق فوقع فيه مع فرسه فنزل اليه على رضى الله عنه فضربه بالسيف فقطعه نصفين وكذا اقبل طائفة من مشاهير الشجعان واكرهوا خيولهم على اقتحام الخندق من مضيق به وفيهم عمرو بن ودّ وكان عمره إذ ذاك تسعين سنة فقال من يبارز فقام اليه على رضى الله عنه بعد الاستئذان من رسول الله فقال يا ابن أخي لا أحب ان أقتلك فقال على رضى الله عنه أحب ان أقتلك فحمى عمرو عند ذلك اى أخذته الحمية وكان غيورا مشهورا بالشجاعة ونزل عن فرسه وسل سيفه كأنه شعلة نار واقبل على على رضى الله عنه فاستقبله على بدرقته فضربه عمرو فيها فقدّها ونفذ منها السيف وأصاب رأسه فشجه فضربه على ضربة على موضع الرداء من العنق فسقط فكبر المسلمون فلما سمع رسول الله التكبير عرف ان عليا قتل عمرا لعنه الله وقال حينئذ (لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار) فلما قتل انهزم من معه قال فى كشف الاسرار [سه تن از كافران كشته شدند واز صحابه رسول هيچ كس كشته نشد عبد الرحمن بن ابى بكر رضى الله عنه هنوز در اسلام نيامده بود بيرون آمد ومبارزت خواست ابو بكر فرا پيش آمد عبد الرحمن چون روى پدر ديد بركشت پس با ابو بكر كفتند اگر پسرت حرب كردى با تو چهـ خواستى كردن با وى ابو بكر كفت بآن خدايى كه يكانه ويكتاست كه بازنگشتمى تا ويرا بكشتمى يا او مرا بكشتى] وفات منه عليه السلام ومن أصحابه فى بعض ايام الخندق صلاة العصر ولذلك قال عليه السلام (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا) وهذا

دعاء عليهم بعذاب الدارين من خراب بيوتهم فى الدنيا فتكون النار استعارة للفتنة ومن اشتعال النار فى قبورهم وقام عليه السلام فى الناس فقال (ايها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فان لقيتم العدو فاصبروا واعلموا ان الجنة تحت ظلال السيوف) اى السبب الموصل الى الجنة عند الضرب بالسيف فى سبيل الله ثم دعا عليه السلام على الأحزاب فقال (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم وزلزلهم ) ودعا ايضا بقوله (اللهم يا صريخ المكروبين يا مجيب المضطرين اكشف همى وغمى وكربى فانك ترى ما نزل بي وبأصحابي) وقال له المسلمون هل من شىء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر قال (نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا) فاستجاب الله دعاءه يوم الأربعاء بين الظهر والعصر فاتاه جبريل فبشره ان الله يرسل عليهم ريحا وجنودا واعلم عليه السلام أصحابه بذلك وصار يرفع يديه قائلا شكرا شكرا وذلك قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ذكر النعمة شكرها اى اشكروا انعام الله عليكم بالنصرة إِذْ ظرف للنعمة. والمعنى بالفارسية [آنگاه كه] جاءَتْكُمْ [آمد بشما] جُنُودٌ لشكرها والمراد الأحزاب المذكورة من قريش وغطفان ونحوهما يقال للعسكر الجند اعتبارا بالغلظ من الجند وهى الأرض الغليظة التي فيها حجارة ثم يقال لكل مجتمع جند نحو الأرواح جنود مجندة فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ من جانب الاسم القهار ليلا عطف على جاءتكم رِيحاً اى ريح الصبا وهى تهب من جانب المشرق والدبور من قبل المغرب قال ابن عباس رضى الله عنهما قالت الصبا للدبور اى الريح الغربية اذهبي بنا ننصر رسول الله فقالت ان الحرائر لا تهيب بالليل فغضب الله عليها فجعلها عقيما وفى الحديث (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور) وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وهم الملائكة وكانوا الفا- روى- ان الله تعالى بعث على المشركين ريحا صبا باردة فى ليلة ذات شتاء ولم تجاوز عسكرهم فاحصرتهم وسفت التراب فى وجوههم وأمرت الملائكة فقلعت الأوتاد وقطعت الاطناب واطفأت النيران واكفأت القدور ونفثت فى روعهم الرعب وكبرت فى جوانب معسكرهم حتى سمعوا التكبير وقعقعة السلاح واضطربت الخيول ونفرت فصار سيد كل حى يقول لقومه يا بنى فلان هلموا الىّ فاذا اجتمعوا قال النجاء النجاء اى الاسراع الاسراع وحملوا ما وقع على السحر فانهزموا من غير قتال وارتحلوا ليلا وتركوا ما استثقلوه من متاعهم وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من حفر الخندق وترتيب الأسباب بَصِيراً رائيا ولذلك فعل ما فعل من نصركم عليهم وعصمتكم من شرهم فلا بد لكم من الشكر على هذه النعمة الجليلة باللسان والجنان والأركان [شكر زبان آنست كه پيوسته خدايرا ياد ميكند وزبان خود بذكر تر ميدارد و چون نعمتى تازه شود الحمد لله ميكويد. شكر دل آنست كه همه خلق را خير خواهد ودر نعمت هيچ كس حسد نبرد. وشكر تن آنست كه اعضاى خود در ما خلق له استعمال كند وهمه اعضا را حق تعالى براى آخرت آفريد] عطايست هر موى ازو بر تنم ... چكونه بهر موى شكرى كنم وفى التأويلات النجمية يشير الى نعمه الظاهرة والباطنة. أولها نعمة الإيجاد من كتم العدم

[سورة الأحزاب (33) : آية 10]

وثانيها إذا أخرجكم من العدم جعلكم أرواحا مطهرة انسانية فى احسن تقويم لا حيوانا او نباتا او جمادا. وثالثها يوم الميثاق شرفكم بخطاب ألست بربكم ثم وفقكم لاستماع خطابه ثم دلكم على إصابة جوابه. ورابعها أنعم عليكم بالنفخة الخاصة عند بعثكم الى القالب الإنساني لئلا تنزلوا بمنزل من المنازل السماوية والكوكبية والجنية والشيطانية والنارية والهوائية والمائية والارضية والنباتية والحيوانية وغيرها الى ان أنزلكم فى مقام الانسانية. وخامسها عجن طينة قالبكم بيده أربعين صباحا ثم صوركم فى الأرحام وسواكم ثم نفخ فيكم من روحه. وسادسها شرف روحكم بتشريف إضافته الى نفسه بقوله «من روحى» وما اعطى هذا التشريف لروح من أرواح الملائكة المقربين. وسابعها أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيأ فبالهامات الربانية علمكم ما تحتاجون اليه من اسباب المعاش. وثامنها ألهمكم فجوركم وتقواكم لتهتدوا الى سبيل الرشاد للرجوع الى الميعاد. وتاسعها أرسل إليكم الأنبياء والرسل ليخرجوكم من الظلمات الخلقية الى نور الخالقية. وعاشرها أنعم عليكم بالايمان ثم بالإيقان ثم بالإحسان ثم بالعرفان ثم بالعيان ثم بالعين ثم آتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وذكر نعمته استعمالها فى عبوديته أداء شكر نعمته وشكر النعمة رؤية النعمة ورؤية النعمة ان تكون ترى نعم توفيقه لاداء شكره الى ان تعجز عن أداء شكره فان نعمته غير متناهية وشكرك متناه فرؤية العجز عن أداء الشكر حقيقة الشكر ومن الشكر ان تذكر ما سلف من الذي دفع عنك وأنت بصدده من انواع البلاء والمحن والمصائب والمكائد فمن جملة ذلك قوله (إِذْ جاءَتْكُمْ) إلخ يشير الى جنود الشياطين وجنود صفات النفس وجنود الدنيا وزينتها فارسلنا عليهم ريحا من نكباء قهرنا وجنودا لم تروها من حفظنا وعصمتنا وكان الله بما تعملون من الميل الى الدنيا وشهواتها بصيرا بدفعها وعلاجها كم من بلاء صرفه عن العبد ولم يشعر وكم شغل كان بصدده فصده عنه ولم يعلم وكم امر عوّقه والعبد يضج وهو يعلم ان فى تيسيره هلاكه فيمنعه منه رحمة عليه والعبد يهتم ويضيق به صدره هر چهـ آمد ز آسمان قضا ... بقضا مى نكر بعين رضا خوش دل شو ز ماجراى قلم ... زانكه حق از تو بحالت اعلم إِذْ جاؤُكُمْ بدل من إذ جاءتكم مِنْ فَوْقِكُمْ من أعلى الوادي من جهة المشرق وهم بنوا غطفان ومن تابعهم من اهل نجد وقائدهم عيينة بن حصين الفزاري وعامر بن الطفيل ومعهم اليهود وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ اى من أسفل الوادي من قبل المغرب وهم قريش ومن تابعهم من الجماعات المتفرقة وقائدهم ابو سفيان والفوق اشارة الى الآفات السماوية والأسفل الى المتولدات البشرية والكل بلاء وقضاء وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ عطف على ما قبله داخل فى حكم التذكير. والزيغ الميل عن الاستقامة قال الراغب يصح ان يكون اشارة الى ما تداخلهم من الخوف حتى اظلمت أبصارهم ويصح ان يكون اشارة الى ما قال (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) انتهى والبصر الجارحة الناظرة والمعنى وحين مالت عن مستوى نظرها حيرة وشخوصا لكثرة ما رأت من العدد والعدد فانه كان مع قريش ثلاثمائة فرس والف وخمسائة بعير

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 11 إلى 15]

: وبالفارسية [وآنكه كه بكشت چشمها در چشم خانها از بيم او خيره شد] وقال بعضهم المراد أبصار المنافقين لانهم أشد خوفا ولا حاجة اليه لان من شأن ضعف الانسانية التغير عند تراكم البلاء وترادف النكبات وهو لا ينافى قوة اليقين وكمال الاعتماد على الرب المعين كما دل عليه ما بعد الآية ألا ترى الى قوله تعالى (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ) كما سبق فى سورة البقرة وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ جمع حنجرة وهى منتهى الحلقوم مدخل الطعام والشراب اى بلغت رأس الغلصمة من خارج رعبا وغما لان الرئة بالفارسية [شش] تنتفخ من شدة الفزع والغم فيرتفع القلب بارتفاعها الى رأس الحنجرة وهو مشاهد فى مرض الخفقان من غلبة السوداء قال قتادة شخصت عن أماكنها فلولا انه ضاق الحلقوم بها عن ان تخرج لخرجت وقال بعضهم كادت تبلغ فان القلب إذا بلغ الحنجرة مات الإنسان فعلى هذا يكون الكلام تمثيلا لاضطراب القلوب من شدة الخوف وان لم تبلغ الحناجر حقيقة واعلم انهم وقعوا فى الخوف من وجهين. الاول خافوا على أنفسهم من الأحزاب لان الأحزاب كانوا أضعافهم. والثاني خافوا على ذراريهم فى المدينة بسبب ان نقض بنوا قريظة العهد كما سبق وقد قاسوا شدائد البرد والجوع كما قال بعض الصحابة لبثنا ثلاثة ايام لا نذوق زادا وربط عليه السلام الحجر على بطنه من الجوع وهو لا ينافى قوله (انى لست مثلكم انى أبيت عند ربى يطعمنى ربى ويسقينى) فانه قد يحصل الابتلاء فى بعض الأحيان تعظيما للثواب. وأول بعض العارفين حديث ربط الحجر بان لم يكن من الجوع فى الحقيقة بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت ويستقر فى عالم الإرشاد فمن كانت الدنيا رشحة من فيض ديمه وقطرة من زواخر بحار نعمه لا يحتاج إليها ولكن الصبر عند الحاجة مع الوجدان من خواص من عصم بعصمة الرحمن در بزم احتشام تو سياره هفت جام ... بر مطبخ نوال تو أفلاك نه طبق وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ يا من يظهر الايمان على الإطلاق الظُّنُونَا انواع الظنون المختلفة حيث ظن المخلصون المثبتوا القلوب والاقدام ان الله تعالى ينجز وعده فى إعلاء دينه او يمتحنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال كما فى وقعة أحد وظن الضعاف القلوب الذين هم على حرف والمنافقون ما حكى عنهم مما لا خير فيه. والجملة معطوفة على زاغت وصيغة المضارع لاستحضار الصورة والدلالة على الاستمرار. واثبت حفص فى الظنونا والسبيلا والرسولا هذه الألفات اتباعا لمصحف عثمان رضى الله عنه فانها وجدت فيه كذلك فبقيت على حكمها اليوم فهى بغير الالف فى الوصل وبالألف فى الوقف. وقرىء الظنون بحذف الالف على ترك الإشباع فى الوصل والوقف وهو الأصل والقياس وجه الاول ان الالف مزيدة فى أمثالها لمراعاة الفواصل تشبيها لها بالقوافي فان البلغاء من الشعراء يزيدونها فى القوافي اشباعا للفتحة هُنالِكَ هو فى الأصل للمكان البعيد لكن العرب تكنى بالمكان عن الزمان وبالزمان عن المكان فهو اما ظرف زمان او ظرف مكان لما بعده اى فى ذلك الزمان الهائل او فى ذلك المكان الدحض الذي تدحض فيه الاقدام ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ بالحصر والرعب اى عوملوا

معاملة من يختبر فظهر المخلص من المنافق والراسخ من المتزلزل وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً الزلة فى الأصل استرسال الرجل من غير قصد يقال زلت رجله تزل والمزلة المكان الزلق وقيل للذنب من غير قصد زلة تشبيها بزلة الرجل والتزلزل الاضطراب وكذا الزلزلة شدة الحركة وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرر معنى الزلل. والمعنى حركوا تحريكا شديدا وازعجوا إزعاجا قويا وذلك ان الخائف يكون قلقا مضطربا لا يستقر على مكان قال فى كشف الاسرار [اين جايست كه عجم كويند فلان كس را از جاى ببردند از خشم يا از بيم يا از خجل قال الكاشفى يعنى از جاى برفتند بمثابه كه بددلان عزم سفر اين المفرّ نمودند وناشكيبان أوراق الفرار مما لا يطلق من سنن المرسلين تكرار مى فرمودند] آرام زدل شد ودل از جاىء ... هوش از سر رفت وقوت از پاى وقد صح ان من فى قلبه مرض فر الى المدينة وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل اليقين من المؤمنين وهذا وان كان بيانا للاضطراب فى الابتداء لكن الله تعالى هون عليهم الشدائد فى الانتهاء حتى تفرقت عن قلوبهم الغموم وتفجرت ينابيع السكينة وهذا عادة الله مع المخلصين [مصطفى عليه السلام كفت در فراديس أعلى بسى درجات ومنازلست كه بنده هركز بجهت خود بدان نتواند رسيد رب العزه بنده را بآن بلاها كه در دنيا بر سر وى كمارد بدان رساند وكفته اند كه حق تعالى ذريت آدم را هزار قسم كردانيد وايشانرا بر بساط محبت اشراف داد همه را از روى محبت خاست آنكه دنيا را بياراست وبر ايشان عرضه كرد ايشان چون زخارف وزهرات ديدند مست وشيفته دنيا كشتند وبا دنيا بماندند مكر يك طائفه كه همچنان بر بساط محبت ايستاده وسر بگريبان دعوى فروبرده پس اين طائفه را هزار قسم كردانيد وعقبى بر ايشان عرض كرد و چون ايشان آن ناز ونعيم أبدى ديدند ظل ممدود وماء مسكوب وحور وقصور شيفته آن شدند وبآن بماندند مكر يك طائفه كه همچنان ايستاده بودند بر بساط محبت طالب كنوز معرفت خطاب آمد از جانب جبروت ودركاه عزت كه شما چهـ ميجوييد ودر چهـ مانده ايد ايشان كفتند «وانك تعلم ما نريد» خداوندا زبان بى زبانان تويى عالم الاسرار والخفيات تويى خود دانى كه مقصود ما چيست] ما را ز جهانيان شمارى دكرست ... در سر بجز از باده خمارى دكرست [رب العالمين ايشانرا بسر كوى بلا آورد ومفاوز ومهالك بلا بايشان نمود آن قسم هزار قسم كشتند همه روى از قبله بلا بگردانيدند اين نه كار ماست وما را طاقت اين بار بلا كشيدن نيست مكر يك طائفه كه روى نكردانيدند كفتند ما را خود آن دولت پس كه محمل اندوه تو كشتيم وغم وبلاي تو خوريم] من كه باشم كه به تن رخت وفاى تو كشم ... ديده حمال كنم بار جفاى تو كشم كر تو بر من به تن وجان ودلى حكم كنى ... هر سه را رقص كنان پيش هواى تو كشم قال الله تعالى فى حقهم (أولئك عبادى حقا) [قدر درد او كسى داند كه او را شناسد او كه ويرا نشناسد قدر درد او چهـ داند]

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 12 إلى 13]

جاميا دل بغم ودرد نه اندر ره عشق ... كه نشد مرد ره آنكس كه نه اين درد كشيد - روى- انه أرسل ابو سفيان بعد الفرار كتابا لرسول الله فيه باسمك اللهم فانى احلف باللات والعزى واساف ونائلة وهبل لقد سرت إليك فى جمع وانا أريد ان لا أعود ابدا حتى استأصلكم فرأيتك قد كرهت لقاءنا واعتصمت بالخندق وفى لفظ قد اعتصمت بمكيدة ما كانت العرب تعرفها وانما تعرف ظل رماحها وسيوفها وما فعلت هذا إلا فرارا من سيوفنا ولقائنا ولك منى يوم كيوم أحد فارسل له عليه السلام جوابا فيه (اما بعد) اى بعد بسم الله الرحمن الرحيم (من محمد رسول الله الى صخر بن حرب فقد أتاني كتابك وقديما غرّك بالله الغرور أما ما ذكرت انك سرت إلينا وأنت لا تريد ان تعود حتى تستأصلنا فذلك امر يحول الله بينك وبينه ويجعل لنا العاقبة وليأتين عليك يوم اكثر فيه اللات والعزى واساف ونائلة وهبل حتى أذكرك يا سفيه بنى غالب) انتهى فاجتهدوا وقاسوا الشدائد فى طريق الحق الى ان فتح الله مكة واتسع الإسلام وبلاده وأهاليه وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ [وآنكه كه دورويان كفتندن] وهو عطف على إذ زاغت وصيغته للدلالة على استحضار القول واستحضار صورته وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف اعتقاد فان قلت ما الفرق بين المنافق والمريض قلت المنافق من كذب الشيء تكذيبا لا يعتريه فيه شك والمريض من قال الله تعالى فى حقه (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) كذا فى الاسئلة المقحمة قال الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وهو ضربان جسمى ونفسى كالجهل والجبن والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية وشبه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) واما لميل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل بدن المريض الى الأشياء المضرة ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ من الظفر وإعلاء الدين وهم لم يقولوا رسول الله وانما قالوه باسمه ولكن الله ذكره بهذا اللفظ إِلَّا غُرُوراً اى وعد غرور وهو بالضم [فريفتن] والقائل لذلك معتب بن قشير ومن تبعه وقد سبق وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ هم أوس بن قيظى ومن تبعه فى رأيه: وبالفارسية [وانرا نيز ياد كنيد كه كفتند كروهى از منافقان] يا أَهْلَ يَثْرِبَ [اى مردان مدينه] هو اسم للمدينة المنورة لا ينصرف للتعريف وزنة الفعل وفيه التأنيث وقد نهى النبي عليه السلام ان تسمى المدينة بيثرب وقال هى طيبة أو طابة والمدينة كانه كره هذا اللفط لان يثرب يفعل من التثريب وهو اللوم الذي لا يستعمل الا فيما يكره غالبا ولذلك نفاه يوسف الصديق عليه السلام حيث قال لاخوته (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) وكأن المنافقين ذكروها بهذا الاسم مخالفة له عليه السلام فحكى الله عنهم كما قالوا وقال الامام السهيلي سميت يثرب لان الذي نزلها من العماليق اسمه يثرب بن عبيل بن مهلاييل بن عوص بن عملاق ابن لاود بن ارم وعبيل هم الذين سكنوا الجحفة وهى ميقات الشاميين فاجحفت بهم السيول فيها اى ذهبت بهم فسميت الجحفة وقال بعضهم هى من الثرب بالتحريك وهو الفساد

[سورة الأحزاب (33) : آية 14]

وكان فى المدينة الفساد واللؤم بسبب عفونة الهواء وكثرة الحمى فلما هاجر رسول الله كره ذلك فسماها طيبة على وزن بصرة من الطيب وقد افتى الامام مالك رحمه الله فيمن قال تربة المدينة رديئة بضربه ثلاثين درة وبحبسه وقال ما أحوجه الى ضرب عنقه تربة دفن فيها رسول الله يزعم انها غير طيبة وفى الحديث (من سمى المدينة بيثرب فليستغفر الله فليستغفر الله هى طيبة هى طيبة) وقوله عليه السلام حين أشار الى دار الهجرة (لا أراها الا يثرب) ونحو ذلك من كل ما وقع فى كلامه عليه السلام من تسميتها بذلك كان قبل النهى عن ذلك. وانما سميت طيبة لطيب رائحة من مكث بها وتزايد روائح الطيب بها ولا يدخلها طاعون ولا دجال ولا يكون بها مجذوم لان ترابها يشفى الجذام وهو كغراب علة تحدث من انتشار السوداء فى البدن كله فيفسد مزاج الأعضاء وهيآتها وربما انتهى الى تأكل الأعضاء وسقوطها عن تقرّح لا مُقامَ لَكُمْ لا موضع اقامة لكم هاهنا لكثرة العدو وغلبة الأحزاب يريدون المعسكر بالفارسية [لشكركاه] فهو مصدر من اقام فَارْجِعُوا اى الى منازلكم بالمدينة ومرادهم الأمر بالفرار لكنهم عبروا عنه بالرجوع وترويجا لمقالهم وإيذانا بانه ليس من قبيل الفرار المذموم وقد ثبطوا الناس عن الجهاد والرباط لنفاقهم ومرضهم ولم يوافقهم الا أمثالهم فان المؤمن المخلص لا يختار الا الله ورسوله وفيه اشارة الى حال اهل الفساد والإفساد فى هذه الامة الى يوم القيام نسأل الله تعالى ان يقيمنا على نهج الصواب ويجعلنا من اهل التواصي بالحق والصبر دون التزلزل والاضطراب وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ [ودستورىء رجوع ميطلبند از پيغمبر كروهى از منافقان] يعنى بنى حارثة وبنى سلمة يَقُولُونَ بدل من يستأذن إِنَّ بُيُوتَنا فى المدينة عَوْرَةٌ بجزم الواو فى الأصل أطلقت على المختل مبالغة يقال عور المكان عورا إذا بدا فيه خلل يخاف منه العدو والسارق وفلان يحفظ عورته اى خلله والعورة ايضا سوءة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهورها من العار اى المذمة ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء للكلمة القبيحة. والمعنى انها غير حصينة متخرّقة ممكنة لمن أرادها فأذن لنا حتى نحصنها ثم نرجع الى العسكر وكان عليه السلام يأذن لهم وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ اى والحال انها ليست كذلك بل هى حصينة محرزة إِنْ يُرِيدُونَ ما يريدون بالاستئذان إِلَّا فِراراً من القتال وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ أسند الدخول الى بيوتهم وأوقع عليهم لما ان المراد فرض دخولها وهم فيها لا فرض دخولها مطلقا كما هو المفهوم لو لم يذكر الجار والمجرور مِنْ أَقْطارِها جمع قطر بالضم بمعنى الجانب اى من جميع جوانبها لا من بعضها دون بعض فالمعنى لو كانت بيوتهم مختلة بالكلية ودخلها كل من أراد الخبث والفساد ثُمَّ سُئِلُوا من جهة طائفة اخرى عند تلك النازلة الْفِتْنَةَ اى الردة والرجعة الى الكفر مكان ما سئلوا من الايمان والطاعة لَآتَوْها لا عطوها السائلين اى أعطوهم مرادهم غير مبالين بما دهاهم من الداهية والغارة وَما تَلَبَّثُوا بِها [التلبث: درنك كردن كالتمكث يعنى درنك نكند باجابت فتنة] إِلَّا يَسِيراً قدر ما يسمع السؤال والجواب من الزمان

[سورة الأحزاب (33) : آية 15]

فضلا عن التعلل باختلال البيوت عند سلامتها كما فعلوا الآن وما ذلك الا لمقتهم الإسلام وشدة بغضهم لاهله وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه قال الامام الراغب اليسير السهل ومنه قوله تعالى (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) ويقال فى الشيء القليل ومنه (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) وفى الآية اشارة الى مرض القلوب وصحة النفوس. وخاصيتهما إذا وكلتا الى حالتهما من فساد الاعتقاد وسوء الظن بالله ورسوله ونقض العهود والاغترار بتسويلات الشياطين والفرار من معادن الصدق والتمسك بالحيل والمكائد والكذب والتعلل بالاعذار الواهية وغلبات خوف البشرية والجبانة وقلة اليقين والصبر وكثرة الريب والجزع من احتمال خطر الاذية لو سئلوا الارتداد عن الإسلام والإشراك بعد الإقرار بالتوحيد لا جابوهم وجاؤا به وما تلبثوا بها يعنى فى الاحتراز عن الوقوع فى الفتنة الا يسيرا بل اسرعوا فى إجابتها لا ستيلاء أوصاف النفوس وغلباتها وتصدئ القلوب وهجوم غفلاتها ومن عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين واعلم ان الله تعالى ذم المنافقين فى أقوالهم وأفعالهم فان للانسان اختيارا فى كل طريق سلكه فمن وجد شرا فلا يذم إلا نفسه ولم تجب الهداية على النبي عليه السلام فى حق الكفار والمنافقين فكيف على غيره من الورثة فى حق العاصين كما قال عليه السلام (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس اليه من الضالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لا ضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء) مؤمن وكافر درين دير فنا ... صورتى دارد ز نقش كبريا نقش كر چهـ آمد از دست قضا ... ليك ميدان نقش را از مقتضا فافهم جدا وَلَقَدْ كانُوا اى الفريق الذين استأذنوك للرجوع الى منازلهم فى المدينة وهم بنوا حارثة وبنوا سلمة عاهَدُوا اللَّهَ العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا والمعاهدة المعاقدة كما فى تاج المصادر. والمعنى بالفارسية [عهد كردند با خداى تعالى] مِنْ قَبْلُ اى من قبل واقعة الخندق يعنى يوم أحد حين هموا بالانهزام ثم تابوا لما نزل فيهم ما نزل كما سبق فى آل عمران لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ جواب قسم لان عاهدوا بمعنى حلفوا كما فى الكواشي [والتولية: پشت بگردانيدن] ودبر الشيء خلاف القبل وولاه دبره انهزم. والمعنى لا يتركون العدو خلف ظهورهم ولا يفرون من القتال ولا ينهزمون ولا يعودون لمثل ما فى يوم أحد ثم وقع منهم هذا الاستئذان نقضا للعهد: وبالفارسية [پشتها بر نكردانند در كار زارها] وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا مطلوبا مقتضى حتى يوفى يقال سألت فلانا حقى اى طالبته به او مسئولا يوم القيامة يسأل عنه هل وفى المعهود به او نقضه فيجازى عليه وهذا وعيد: قال الحافظ وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وكرنه هر كه تو بينى ستمكرى داند وقال فى حق وفاء العشاق از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 16 إلى 21]

قُلْ يا محمد لهم لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ [سود نميدارد شما را كريختن] إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ [از مرك] أَوِ الْقَتْلِ [يا از كشتن] فانه لا بد لكل شخص من الفناء والهلاك سواء كان بحتف انف او بقتل سيف فى وقت معين سبق به القضاء وجرى عليه القلم ولا يتغير جدا والقتل فعل يحصل به زهوق الروح قال الراغب اصل القتل ازالة الروح عن الجسد كالموت لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت انتهى. والحتف الهلاك قال على كرم الله وجهه ما سمعت كلمة عربية من العرب الا وقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول (مات حتف انفه) وما سمعتها من عربى قبله وهو ان يموت الإنسان على فراشه لانه سقط لا نفه فمات وكانوا يتخيلون ان روح المريض تخرج من انفه فان جرح خرجت من جراحته وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا [التمتيع: برخوردارى دادن] اى وان نفعكم الفرار مثلا فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع الا تمتيعا او زمانا قليلا: وبالفارسية [وآنگاه كه كريزد زنده نكذارند شما را مكر زمانى اندك چهـ آخر شربت فنا نوشيد نيست وخرقه فوات پوشيدنى] كه مينهد قدم اندر سراى كون وفساد ... كه باز روى براه عدم نمى آرد] الموت كأس وكل الناس شاربه ... والقبر باب وكل الناس داخله وعمر الدنيا كله قليل فكيف مدة آجال أهلها وقد قال من عرف الحال مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد وعن بعض المروانية انه مر بحائط مائل فاسرع فتليت له هذه الآية فقال ذلك القليل اطلب قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مذهب سيبويه على ان من الاستفهامية مبتدأ وذا خبره والذي صفة او بدل منه: والمعنى بالفارسية [آن كيست كه] نگاه دارد شما را] وذهب بعض النحاة الى كون من خبرا مقدما فالمعنى [كيست آنكه] والعصمة الإمساك والحفظ مِنَ اللَّهِ اى من قضائه إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً بالفارسية [بدى] وهو كل ما يسوء الإنسان ويغمه والمراد هنا القتل والهزيمة ونحوهما أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً من عافية ونصرة وغير هما مما هو من آثار الرحمة قرينة السوء فى العصمة ولا عصمة الا من السوء لان معناه او يصيبكم بسوء ان اراده بكم رحمة فاختصر الكلام كما فى قوله متقلدا سيفا ور محا اى ومعتقلا رمحا والاعتقال أخذ الرمح بين الركب والسرج وفى التاج] الاعتقال: نيز بميان ساق وركاب بر داشتن] وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ اى لا نفسهم مِنْ دُونِ اللَّهِ متجاوزين الله تعالى وَلِيًّا [دوستى كه نفع رساند] وَلا نَصِيراً يدفع الضرر عنهم: وبالفارسية [ونه يارى كه ضرر باز دارد] واعلم ان الآية دلت على امور. الاول ان الموت لا بد منه قال بعضهم [عمر اگر چهـ دراز بود چون مرك روى نمود از آن درازى چهـ سود نوح عليه السلام هزار سال در جهان بسر برده است امروز پنج هزار سالست كه مرده است] دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز قال بعضهم إذا بلغ الرجل أربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا الرحيل فاعدّ زادا قال الثوري ينبغى

[سورة الأحزاب (33) : آية 18]

لمن كان له عقل إذا اتى عليه عمر النبي عليه السلام ان يهيىء كفنه قال حاتم الأصم ما من صباح الا ويقول الشيطان لى ما تأكل وما تلبس واين تسكن فاقول له آكل الموت والبس الكفن واسكن القبر. والثاني ان الفرار لا يزيد فى الآجال ومن أسوأ حالا ممن سعى لتبديل الآجال والأرزاق ورجا دفع ما قدر له انه لاق وانه لا يقيه منه ولاق قال على كرم الله وجهه ان أكرم الموت القتل والذي نفس ابن ابى طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش فلو لم يكن فى القتل الذي يفر منه الإنسان الا الراحة من سكرات الموت لكان فى ذلك ما يوهب الثبات وان لم ينظر الى ما بعده وهو الفوز العظيم وذلك ان شهيد البحر لا الم له أصلا واما شهيد البر فلا يجد من ألم الموت الا كمس قرصة قال بعضهم الفار مسلم لنفسه والمقاتل مدافع عنها وإذا انقضت مدة الاجل فالمنية لا بد منها بروز أجل نيزه جوشن درد ... ز پيراهنى بى اجل نكذرد كرت زند كانى نبشتست دير ... نه مارت كز آيد نه شمشير وتير . اما تخشى ايها الفار. ان تدركك المنية فتكون من اصحاب النار. اما تخاف ان يأتيك سهم وأنت مول فيسكنك دار البوار. اما تخشى ان تؤسر فتفتن عن دينك او ينوّع عذابك ولا شك عند كل ذى لب ان استقبال الموت إذا كان وقته خير من استدباره وقد اشتاق اهل الله الى لقاء الله: قال المولى العارف فى المثنوى پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقااش شادمان اين كودكان «1» چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور . والثالث ان من اتخذ الله وليا ونصيرا نال ما يتمناه قليلا وكثيرا ونصر أميرا وفقيرا وطاب له وقته مطلقا وأسيرا فثبت ثبات الجبال وعامل معاملة الرجال قال بعض العارفين فى الآية اشارة الى مدعيى الطلب فانهم يعاهدون الله من قبل الشروع فى الطلب انهم لا يولون ادبارهم عند المحاربة مع الشيطان وعند الجهاد مع النفس فلما شرعوا فى الحرب والجهاد مع احزاب النفس والشيطان وقد حمل كل حزب منهم أسلحتهم وأخذوا خدعات الحرب ومكايدها وهم الشجعان الأقوياء والابطال المجربون وعسا كر الطلاب المرضى القلوب وهم بعد أغمار غير مجربى القتال والحروب وان كان لهم الاسلحة ولكنهم بمعزل عن استعمالها لضعفهم وعدم العلم بكيفية الاستعمال فاذا قام الحرب ودام الضرب غلب الأقوياء على الضعفاء وانهزم المرضى على الأصحاء چالش است وخمره خوردن نيست اين فلم يساعدهم الصدق ولم يعاونهم العشق ولم يذكروا حقيقة قوله (وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا) ولم يتفكروا فى ان الفرار النافع انما هو الى الله لا من الله فمن فر من موت النفس وقتلها بالمجاهدة فلا يتمتع كالبهائم والانعام فى رياض الدنيا الا قليلا ولا يجد بركة عمره بل يكون الفرار سبب قصر العمر نسأل الله سبحانه ان يعصمنا من الفرار من نحو بابه والإقبال على الأدبار عن جنابه انه الولي النصير ذو الفضل الكثير قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ قد لتأكيد العلم بالتعويق

_ (1) در اواخر دفتر چهارم معنء حديث من بشر بي بخروج الصفر إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 19]

ومرجع العلم الى توكيد الوعيد. والتعويق التثبيط بالفارسية [بازداشتن] يقال عاقه وعوقه إذا صرفه عن الوجه الذي يريده والعائق الصارف عما يراد منه خير ومنه عوائق الدهر والخطاب لمن اظهر الايمان مطلقا. والمعنى قد علم الله المثبطين للناس عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصارفين عن طريق الخير وهم المنافقون أيا من كان منهم وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ من منافقى المدينة فالمراد الاخوة فى الكفر والنفاق هَلُمَّ إِلَيْنا هلم صوت سمى به فعل متعد نحو احضر او اقرب ويستوى فيه الواحد والجمع على لغة اهل الحجاز واما بنوا تميم فيقولون هلم يا رجل وهلموا يا رجال وكلمة الى صلة التقريب الذي تضمنه هلم. والمعنى قربوا أنفسكم إلينا وهذا يدل على انهم عند هذا القول خارجون عن العسكر متوجهون نحو المدينة فرارا من العدو وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ اى الحرب والقتال وهو فى الأصل الشدة إِلَّا اتيانا قَلِيلًا فانهم يعتذرون ويتأخرون ما أمكن لهم او يخرجون مع المؤمنين يوهمونهم انهم معهم لا تراهم يبارزون ويقاتلون إلا شيئا قليلا إذا اضطروا اليه وهذا على تقدير عدم الفرار أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ حال من فاعل يأتون جمع شحيح وهو البخيل قال الراغب الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة يقال رجل شحيح وقوم اشحة اى حال كونهم بخلاء عليكم بالمعاونة او الانفاق فى سبيل الله على فقراء المسلمين [يا نمى خواهد كه ظفر وغنيمت شما را باشد] فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ خوف العدو رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ فى تلك الحالة تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ فى احداقهم يمينا وشمالا كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ اى دورانا كائنا كدوران عين المغشى عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخوفا والتجاء بك يقال غشى على فلان اذانا به ما غشى فهمه اى ستره فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ وجمعت الغنائم سَلَقُوكُمْ يقال سلقه بالكلام آذاه كما فى القاموس قال فى تاج المصادر [السلق: بزبان آزردن] ومنه سلقوكم بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ اى جهروا فيكم بالسوء من القول وآذوكم. والحداد جمع حديد يقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك إذا كان يؤثر تأثير الحديد: يعنى [برنجانند شما را وسخنهاى سخت كويند بزبانهاى تيز يعنى تيززبانى كنند] وقالوا وفروا قسمنا فانا قد ساعدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم وبنا نصرتم عليه أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ نصب على الحال من فاعل سلقوكم: يعنى [در حالتى كه سخت حريصند بر غنيمت مشاحنه ومجادله ميكنند در وقت قسمت او بخيلند بر مال اين جهان نمى خواهند كه رساند بشما كرم وفضل خدا] فهم عند الغنيمة أشح الناس وأجبنهم عند البأس أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من صفات السوء لَمْ يُؤْمِنُوا بالإخلاص حيث ابطنوا خلاف ما أظهروا فصار أخبث الكفرة وابغضهم الى الله فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ اى اظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم اعمال فتبطل لانهم منافقون وفى هذا دلالة على ان المعتبر عند الله هو العمل المبنى على التصديق والا فهو كبناء على غير أساس وَكانَ ذلِكَ الإحباط عَلَى اللَّهِ يَسِيراً هينا: بالفارسية [آسان] لتعلق الارادة به وعدمها يمنعه عنه وفى التأويلات النجمية يشير الى مدعيى الطلب إذا ارتدوا عن الطلب فانهم لم يؤمنوا ايمانا حقيقيا فى صدق الطلب والا لم يرتدوا عن الطلب

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 20 إلى 21]

فان المشايخ قد قالوا ان مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ولهذا قال تعالى (فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ) لانها لم تكن بايمان حقيقى بل كانت بالتقليد والرياء والسمعة وكان ذلك الرد والابطال على الله يسيرا وقد قال بعض الكبار انى لست بقطب الوجود ولكن مؤمن به فقيل له ونحن مؤمنون به ايضا فقال بين ايمان وايمان فرق فمن ايمان لا يزول كاصل الشجرة الراسخة ومن ايمان يزول كاصل النباتات الواهية وذلك لان المحسن الموقن مأمون من الارتداد والريب بخلاف اهل الغفلة والمتعبد على حرف لا يزيل الماء نقشا فى الحجر ... بل يزيل النقش فى وجه الورق باش بر عشق خدا ثابت قدم ... رو نمى كردان ز وجه پاك حق يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا اى هؤلاء المنافقون لجبنهم المفرط يظنون ان الأحزاب لم ينهزموا ففروا الى المدينة والأحزاب هم الذين تحزبوا على النبي عليه السلام يوم الخندق وهم قريش وغطفان وبنوا قريظة والنضير من اليهود [والتحزب: كروه كروه شدن] كما فى التاج وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ كرة ثانية الى المدينة: وبالفارسية [اگر بيايند اين لشكرها نوبتى ديكر] يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ تمنوا انهم خارجون من المدينة الى البدو وحاصلون بين الاعراب لئلا يقاتلوا. والود محبة الشيء وتمنى كونه وبدا يبدو بداوة إذا خرج الى البادية وهى مكان يبدو ما يعن فيه اى يعرض ويقال للمقيم بالبادية باد فالبادون خلاف الحاضرين والبدو خلاف الحضر يَسْئَلُونَ كل قادم من جانب المدينة عَنْ أَنْبائِكُمْ عن اخباركم وعما جرى عليكم: يعنى [از آنچهـ كذشته باشد ميان شما ودشمنان] وهو داخل تحت الود اى يودون انهم غائبون عنكم يسمعون اخباركم بسؤالهم عنها من غير مشاهدة وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ فى الخندق هذه الكرة الثانية ولم يرجعوا الى المدينة وكان قتال: وبالفارسية [واگر باشند در ميان يعنى در مدينه ومقاتله با أعداست دهد] ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا رياء وخوفا من التعيير من غير حسبة لَقَدْ كانَ لَكُمْ ايها المؤمنون كما فى تفسير الجلالين وهو الظاهر من قوله فيما بعد لمن كان يرجو الله إلخ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة الحالة التي يكون الإنسان عليها فى اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا وان سارّا وان ضارا ويقال تأسيت به اى اقتديت. والمعنى لقد كان لكم فى محمد صلى الله عليه وسلم خصلة حسنة وسنة صالحة حقها ان يؤتسى بها اى يقتدى كالثبات فى الحرب ومقاساة الشدائد فانه قد شج فوق حاجبه وكسرت رباعيته وقتل عمه حمزة يوم أحد وأوذي بضروب الأذى فوقف ولم ينهزم وصبر فلم يجزع فاستسنوا بسنته وانصروه ولا تتخلفوا عنه وقال بعضهم كلمة فى تجريدية جرد من نفسه الزكية شىء وسمى قدوة وهى هو يعنى ان رسول الله فى نفسه أسوة وقدوة يحسن التأسى والاقتداء به كقولك فى البيضة عشرون منا حديدا اى هى نفسها هذا القدر من الحديد لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ اى يأمل ثواب الله ونعيم الآخرة او يخاف الله واليوم الآخر. فالرجاء يحتمل الأمل والخوف ولمن كان صلة الحسنة او صفة لها لا بدل من لكم فان الأكثر على ان ضمير المخاطب لا يبدل

منه وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً اى ذكرا كثيرا فى جميع أوقاته وأحواله اى وقرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية الى ملازمة الطاعة وبها يتحقق الاتساء برسول الله قال الحكيم الترمذي الاسوة فى الرسول الاقتداء به والاتباع لسنته وترك مخالفته فى قول وفعل قال الشيخ سعدى درين بحر جز مرد ساعى نرفت ... كم آن شد كه دنبال راعى نرفت كسانى كزين راه بركشته اند ... برفتند بسيار وسركشته اند خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جز بر پى مصطفى فمتابعة الرسول تجب على كل مؤمن حتى يتحقق رجاؤه ويثمر عمله لكونه الواسطة والوسيلة وذكر الرجاء اللازم للايمان بالغيب فى مقام النفس وقرن به الذكر الكثير الذي هو عمل ذلك المقام ليعلم ان من كان فى البداية يلزم متابعته فى الأعمال والأخلاق والمجاهدات بالنفس والمال إذ لو لم يستحكم البداية لم يفلح بالنهاية ثم إذا تجرد وتزكى عن صفات نفسه فليتابعه فى موارد قلبه كالصدق والإخلاص والتسليم ليحتظى ببركة المتابعة بالمواهب والأحوال وتجليات الصفات فى مقام القلب كما احتظى بالمكاسب والمقامات وتجليات الافعال فى مقام النفس وهكذا فى مقام الروح حتى الفناء وفى التأويلات النجمية يشير الى ما سبقت به العناية لهذه الامة فى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما اخبر بلفظ (لَقَدْ كانَ) اى كان (لَكُمْ) مقدرا فى الأزل ان يكون لكم عند الخروج من العدم الى الوجود (فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) اى اقتداء حسن وذلك فان أول كل شىء تعلقت به القدرة للايجاد كان روح رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله (أول ما خلق الله روحى) فالاسوة الحسنة عبارة عن تعلق القدرة بأرواح هذه الامة لاخراجهم من العدم الى الوجود عقيب إخراج روح رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدم الى الوجود فمن أكرم بهذه الكرامة يكون له اثر فى عالم الأرواح قبل تعلقه بعالم الأشباح وبعد تعلقه بعالم الاشخاص فأما اثره فى عالم الأرواح فبتقدمه على الأرواح بالخروج الى عالم الأرواح وبرتبته فى الصف الاول بقرب روح رسول الله صلى الله عليه وسلم او فى الصف الذي يليه وبتقدمه فى قبول الفيض الإلهي وبتقدمه عند استخراج ذرات الذريات من صلب آدم فى استخراج ذراته وبإحضارها فى الحضرة وبتقدمه فى استماع خطاب ألست بربكم وبتقدمه فى اجابة الرب تعالى بقوله قالوا بلى وبتقدمه فى المعاهدة مع الله وبتأخره فى الرجوع الى صلب آدم وبتأخره فى الخروج عن أصلاب الآباء الى أرحام الأمهات وفى الخروج عن الرحم وبتأخر تعلق روحه بجسمه فان لله الذي هو المقدم والمؤخر فى هذه التقدمات والتأخرات حكمة بالغة ولها تأثيرات عجيبة يطول شرحها واما اثره فى عالم الأشباح فاعلم انه بحسب هذه المراتب فى ظهور اثر الاسوة يظهر اثرها فى عالم الأشباح عند تعلق نظر الروح بالنطفة فى الرحم اولا الى ان تتربى النطفة بنظره فى الأطوار المختلفة ويصير قالبا مسويا مستعدا لقبول تعلق الروح به فمثل القالب المسوى مع الروح كمثل الشمعة مع نقش الخاتم إذا وضع عليها يقبل جميع نقوش الخاتم فالروح المكرم إذا تعلق بالقالب المسوّى يودع فيه جميع خواصه التي استفادها من

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 22 إلى 27]

تلك التقدمات والتأخرات الاسوتية فكل ما يجرى على الإنسان من بداية ولادته الى نهاية عمره من الافعال والأقوال والأخلاق والأحوال كلها من آثار خواص أودعها الله فى الروح فبحسب قرب كل روح الى روح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عنه له اعمال ونيات تناسب حاله فى الاسوة فاما حال اهل القرب منهم فبان يكون عملهم على وفق السنة خالصا لوجه الله تعالى كما قال (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ) واما من هو دونهم فى القرب والإخلاص فبان يكون عملهم لليوم الآخر اى للفوز بنعيم الجنان كما قال تعالى (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) اى لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ثم جعل نيل هذه المقامات مشروطا بقوله تعالى (وَذَكَرَ اللَّهَ) كثيرا لان فى الذكر وهو كلمة لا اله الا الله نفيا واثباتا وهما قدمان للسائرين الله تعالى وجناحان للطائرين بالله بهما يخرجون من ظلمات الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى كلام التأويلات وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ اى الجنود المجتمعة لمحاربة النبي عليه السلام وأصحابه يوم الخندق. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات قالُوا هذا البلاء العظيم ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بقوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية وقوله عليه السلام (سيشتدّ الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم) وقوله عليه السلام (ان الأحزاب سائرون إليكم بعد تسع ليال او عشر) وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ظهر صدق خبر الله ورسوله وَما زادَهُمْ ما رأوه: وبالفارسية [ونيفزود ديدن احزاب مؤمنانرا] إِلَّا إِيماناً بالله ومواعيده وَتَسْلِيماً لاوامره ومقاديره وقال الكاشفى [وكردن نهادن احكام امر حضرت رسالت پناهى را كه سعادت دو سراى دران تسليم مندرجست] هر كه دارد چون قلم سر بر خط فرمان او ... مى نويسد بخت طغراى شرف بر نام او مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالإخلاص رِجالٌ صَدَقُوا أتوا الصدق فى ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ من الثبات مع الرسول والمقاتلة لاعلاء الدين اى حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومعصب بن عمير وانس بن النضر وغيرهم رضى الله عنهم نذروا انهم إذا لقوا حزبا مع رسول الله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا قال الحكيم الترمذي رحمه الله خص الله الانس من بين الحيوان ثم خص المؤمنين من بين الانس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال (رِجالٌ صَدَقُوا) فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل فى ميادين الصدق فقد خرج من حد الرجولية واعلم ان النذر قربة مشروعة وقد اجمعوا على لزومه إذا لم يكن المنذور معصية واما قوله عليه السلام (لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيأ) فانما يدل على ان النذر المنهي لا يقصد به تحصيل غرض او دفع مكروه على ظن ان النذر يرد من القدر شيأ فليس مطلق النذر منهيا إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به وآخر الحديث (وانما يستخرج به من البخيل) وهو اشارة الى لزومه لان غير البخيل يعطى باختياره بلا واسطة النذر والبخيل انما يعطى بواسطة النذر الموجب عليه واما لو كان النذر وعدمه سواء عنده وانما نذر لتحقيق عزيمته وتوكيدها فلا كلام

فى حسن مثل هذا النذر واكثر نذور الخواص ما خطر ببالهم وعقده جنانهم فان العقد اللساني ليس الا لتتميم العقد الجناني فكما يلزم الوفاء فى المعاقدة اللسانية فكذا فى المعاقدة الجنانية فليحافظ فانه من باب التقوى المحافظ عليها من اهل الله تعالى طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ تفصيل لحال الصادقين وتقسيم لهم الى قسمين. والنحب النذر المحكوم بوجوبه وهو ان يلتزم الإنسان شيأ من اعماله ويوجبه على نفسه وقضاؤه الفراغ منه والوفاء به يقال قضى فلان نحبه اى وفى بنذره ويعبر بذلك عمن مات كقولهم قضى اجله واستوفى أكله وقضى من الدنيا حاجته وذلك لان الموت كنذر لازم فى عنق كل حيوان ومحل الجار والمجرور الرفع على الابتداء اى فبعضهم من خرج عن عهدة النذر بان قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر الخزرجي الأنصاري عم انس بن مالك رضى الله عنه- روى- ان أنسا رضى الله عنه غاب عن بدر فشهد أحدا فلما نادى إبليس ألا ان محمدا قد قتل مر بعمر رضى الله عنه ومعه نفر فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم جال بسيفه فوجد قتيلا وبه بضع وثمانون جراحة بي زخم تيغ عشق ز عالم نمى روم ... بيرون شدن ز معركه بى زخم عار ماست وَمِنْهُمْ اى وبعضهم مَنْ يَنْتَظِرُ قضاء نذره لكونه موقتا كعثمان وطلحة وغيرهما فانهم مستمرون على نذورهم وقد قضوا بعضها وهو الثبات مع رسول الله والقتال الى حين نزول الآية الكريمة ومنتظرون قضاء بعضها الباقي وهو القتال الى الموت شهيدا وفى وصفهم بالانتظار اشارة الى كمال اشتياقهم الى الشهادة غافلان از مرك مهلت خواستند ... عاشقان كفتند نى نى زود باد : وفى المثنوى دانه مردن مرا شيرين شدست ... بل هم احياء پى من آمدست «1» صدق جان دادن بود هين سابقوا ... از نبى بر خوان رجال صدقوا «2» اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود وَما بَدَّلُوا عطف على صدقوا وفاعله فاعله اى وما بدلوا عهدهم وما غيروه تَبْدِيلًا ما لا أصلا ولا وصفا بل ثبتوا عليه راغبين فيه مراعين لحقوقه على احسن ما يكون اما الذين قضوا فظاهر واما الباقون فيشهد به انتظارهم اصدق الشهادة- روى- ان طلحة رضى الله عنه ثبت مع رسول الله يوم أحد يحميه حتى أصيبت يده وجرح أربعا وعشرين جراحة فقال عليه السلام (أوجب طلحة الجنة) وسماه النبي عليه السلام يومئذ طلحة الخير ويوم حنين طلحة الجود ويوم غزوة ذات العشيرة طلحة الفياض وقتل يوم الجمل. وفى الآية تعريض بأرباب النفاق واصحاب مرض القلب فانهم ينقضون العهود ويبدّلون العقود فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان بقيه قصه امير المؤمنين على رضى الله عنه إلخ (2) در اواخر دفتر پنجم در بيان رجوع بحكايت آن مجاهد در قتال [.....]

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 24 إلى 25]

لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ اى وقع جميع ما وقع ليجزى الله الصادقين بما صدر عنهم من الصدق والوفاء قولا وفعلا قال فى كشف الاسرار فى الدنيا بالتمكين والنصرة على العدو وإعلاء الراية وفى الآخرة بجميل الثواب وجزيل المآب والخلود فى النعيم المقيم والتقديم على الأمثال بالتكريم والتعظيم وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ بما صدر عنهم من الأقوال والأعمال المحكية إِنْ شاءَ تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ اى يقبل توبتهم ان تابوا إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً ستورا على من تاب محاء لما صدر منه رَحِيماً منعما عليه بالجنة والثواب قال بعضهم امارة الرجولية الصدق فى العهد وهو ان لا يعبد غيره تعالى من الدنيا والعقبى والدرجات العليا الى ان يصل الى حضرة العلى الأعلى. فمن الصادقين من بلغ مقصده ونال مقصوده وهذا حال المنتهين. ومنهم من ينتظر البلوغ والوصول وهو فى السير وهذا حال المتوسطين وما بدلوا تبديلا بالاعراض عن الطلب والإقبال على طلب غير الله ليجزى الله الصادقين بصدقهم فى الطلب وبقدم الصدق ينزلون عند ربهم ويعذب المنافقين ان شاء وهم مدعوا الطلب بغير قدم صدق بل بقدم كذب وتلبيس ورياء فهم فى زى اهل الخرقة ولباس القوم وفى سيرة اهل الرياء والنفاق كما قال بعضهم اما الخيام فانها كخيامهم ... وارى نساء الحي غير نسائه فلابد من التوبة والصدق والثبات حتى تظهر الآثار من المغفرة والرحمة والهداية [اى جوانمرد عنايت ازلى كوهر صادقانرا رنكى دهد كه هر كه در ايشان نكرد اگر بيكانه بود آشنا كردد ور عاصى بود عارف كردد ور درويش بود توانكر كردد ابراهيم أدهم قدس سره كفت وقتى كشش روم در باطن من سر برزد كفتم آيا چهـ حالتست اين واز كجا افتاد اين كشش در باطن من همى سر در نهادم ورفتم تا بدار الملك روم در سرايى شدم جمعى انبوه آنجا كرد آمده زنارهاى ايشان بديدم غيرت دين در من كار كرد پيراهن از سر تا پاى فرو دريدم ونعره چند كشيدم آن روميان فراز آمدند وهمى پرسيدند كه ترا چهـ بود ودر تو چهـ صفرا افتاد كفتم من اين زنارهاى شما نميتوانم ديد كفتند همانا تو از محمديانى كفتم آرى من از محمديانم كفتند كارى سهل است بما چنين رسيد كه سنك وخاك بنبوّت محمد كواهى ميداد واز روى جماديت اين زنارهاى ما حالت آن سنك وخاك دارد اگر با تو صدقى هست از خدا بخواه تا اين زنارهاى بنبوت محمد كواهى دهند تا ما در دائره اسلام آييم ابراهيم سر بر سجده نهاد ودر الله زاريد وكفت خداوندا بر من ببخشاى وحبيب خويش را نصرت كن ودين اسلام را قوى كن هنوز آن مناجات تمام ناكرده كه هر زنارى بزبان فصيح ميكفت لا اله الا الله محمد رسول الله] وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى الأحزاب وهو رجوع الى حكاية بقية القصة اى وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الذين كفروا حال كونهم ملتبسين بِغَيْظِهِمْ وحسرتهم: يعنى [خشمناك برفتند] والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه لَمْ يَنالُوا خَيْراً حال بعد حال

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 إلى 27]

اى حال كونهم لم يصيبوا ما أرادوا من الغلبة وسماها خيرا لان ذلك كان عندهم خيرا فجاء على استعمالهم وزعمهم وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بما ذكر من إرسال الريح الشديدة والملائكة باد صبا ببست ميان نصرت ترا ... ديدى چراغ را كه كند باد ياورى وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا على احداث كل ما يريده عَزِيزاً غالبا على كل شىء ثم اخبر بالكفاية الاخرى فقال وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ اى عاونوا الأحزاب المردودة على رسول الله والمسلمين حين نقضوا العهد مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم بنوا قريظة قوم من اليهود بالمدينة من خلفاء الأوس وسيد الأوس حينئذ سعد بن معاذ رضى الله عنه مِنْ صَياصِيهِمْ من حصونهم جمع صيصة بالكسر وهى ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبى وشوكة الديك وهى فى مخلبته التي فى ساقه لانه يتحصن بها ويقاتل وَقَذَفَ رمى والقى فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ اى الخوف والفزع بحيث سلموا أنفسهم للقتل وأهليهم وأولادهم للاسر حسبما ينطق به قوله تعالى فَرِيقاً تَقْتُلُونَ يعنى رجالهم وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً يعنى نساءهم وصبيانهم من غير ان يكون من جهتهم حركة فضلا عن المخالفة والاسر الشد بالقيد وسمى الأسير بذلك ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا ذلك وَأَوْرَثَكُمْ [وميراث داد شما را] أَرْضَهُمْ مزارعهم وحدائقهم وَدِيارَهُمْ حصونهم وبيوتهم وَأَمْوالَهُمْ نقودهم واثاثهم ومواشيهم شبهت فى بقائها على المسلمين بالميراث الباقي على الوارثين إذ ليسوا فى الشيء منهم من قرابة ولا دين ولا ولاء فاهلكهم الله على أيديهم وجعل املاكهم وأموالهم غنائم لهم باقية عليهم كالمال الباقي على الوارث وَأَرْضاً [وشما را داد زمينى را كه] يعنى فى علمه وتقديره لَمْ تَطَؤُها باقدامكم بعد كفارس والروم وماستفتح الى يوم القيامة من الأراضي والممالك من وطئ يطأ وطئا: بالفارسية [بپاى سپردن] وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً فقد شاهدتم بعض مقدوراته من ايراث الأرض التي تسلمتموها فقيسوا عليها ما بعدها قال الكاشفى [پس قادر باشد بر فتح بلاد وتسخير آن براى ملازمان سيد عباد لشكر عزم ترا فتح وظفر همراهست ... لا جرم هر نفس إقليم دكر مى كيرى - روى- انه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وكان وقت الظهيرة وصلى الظهر ودخل بيت زينب وقد غسلت شق رأسه الشريف اتى جبريل عليه السلام على فرسه حيزوم معتجرا بعمامة سوداء فقال أو قد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم قال جبريل ما وضعت ملائكة الله السلاح منذ نزل بك العدو ان الله يأمرك بالمسير الى بنى قريظة فانى عامد إليهم بمن معى من الملائكة فمزلزل بهم الحصون وداقهم دق البيض على الصفا فادبر بمن معه وسار حتى سطع الغبار فامر عليه السلام بلالا رضى الله عنه فاذن فى الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر الا فى بنى قريظة وقد لبس عليه السلام الدرع والمغفر وأخذ قناة بيده الشريفة وتقلد السيف وركب فرسه اللحيف بالضم والناس حوله قد لبسوا السلاح وهم ثلاثة

آلاف واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضى الله عنه ودفع اللواء الى على رضى الله عنه وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق وأرسله متقدما مع بعض الاصحاب ومر عليه السلام بنفر من بنى النجار قد لبسوا السلاح فقال هل مرّبكم أحد قالوا نعم دحية الكلبي رضى الله عنه وأمرنا بحمل السلاح وقال لنا رسول الله يطلع عليكم الآن فقال ذلك جبريل فلما دنا على رضى الله من الحصون وغرز اللواء عند اصل الحصون سمع من بنى قريظة مقالة قبيحة فى حقه عليه السلام وحق أزواجه فسكت المسلمون وقالوا السيف بيننا وبينكم فلما رأى على رضى الله عنه رسول الله مقبلا امر قتادة الأنصاري ان يلزم اللواء ورجع اليه عليه السلام فقال يا رسول الله لا عليك ان لا تدنو من هؤلاء الاخابث قال لعلك سمعت منهم لى أذى قال نعم قال لو رأونى لم يقولوا من ذلك شيأ فلما دنا من حصونهم قال يا اخوان القردة والخنازير لان اليهود مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير فى زمن داود عليه السلام عند اعتدائهم يوم السبت بصيد السمك أخزاكم الله وانزل بكم نقمته أتشتمونني فجعلوا يحلفون ويقولون ما قلنا يا أبا القاسم ما كنت فحاشا: يعنى [تو فحاش نبودى وهركز ناسزا نكفتى چونست كه امروز ما را ميكويى] ثم ان جماعة من الصحابة شغلهم ما لم يكن منه بد عن المسير لبنى قريظة ليصلوا بها العصر فاخروا صلاة العصر الى ان جاؤا بعد العشاء الاخيرة فصلوها هناك امتثالا لقوله عليه السلام (لا يصلينّ العصر الا فى بنى قريظة) وقال بعضهم نصلى ما يريد رسول الله منا ان ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وانما أراد الحث على الاسراع فصلوها فى أماكنهم ثم ساروا فما عابهم الله فى كتابه ولا عنفهم رسول الله لقيام عذرهم فى التمسك بظاهر الأمر فكل من الفريقين متأول ومأجور بقصده وهو دليل على ان كل مختلفين فى الفروع من المجتهدين مصيب. ومن هنا أخذ الصوفية ما ذكروا فى آداب الطريقة ان الشيخ المرشد إذا أرسل المريد لحاجة فمر فى الطريق بمسجد وقد حضرت الصلاة فانه يقدم السعى للحاجة اهتماما لا تهاونا بالصلاة. وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى قريظة خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله فى قلوبهم الخوف الشديد وكان حيى ابن اخطب سيد بنى النضير دخل مع بنى قريظة حصنهم حين رجعت الأحزاب فلما أيقنوا ان رسول الله غير منصرف حتى يقاتلهم قال كبيرهم كعب بن اسد يا معشر اليهود نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم انه النبي الذي تجدونه فى كتابكم وان المدينة دار هجرته وما معنى من الدخول معه الا الحسد للعرب حيث لم يكن من بنى إسرائيل ولقد كنت كارها لنقض العهد ولم يكن البلاء والشؤم الا من هذا الجالس يعنى حيى بن اخطب فقالوا لا نفارق حكم التوراة ابدا ولا نستبدل به غيره اى القرآن فقال ان أبيتم علىّ هذه الخصلة فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج الى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف حتى لا نترك وراءنا نسلا يخشى عليه ان هلكنا فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم ان لم نهلك فقال فان أبيتم فان الليلة ليلة السبت وان محمدا وأصحابه قد آمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب منهم غفلة فقالوا نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 إلى 31]

فقال لهم عمرو بن سعدى فان أبيتم فاثبتوا على اليهودية واعطوا الجزية فقالوا نحن لا نقر للعرب بخراج فى رقابنا يأخذونه القتل خير من ذلك ثم قال لهم رسول الله تنزلون على حكمى فابوا فقال على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس فرضوا به وعاهدوا على ان لا يخرجوا من حكمه فارسل عليه السلام فى طلبه وكان جريحا فى وقعة الخندق فجاء راكب حمار وكان رجلا جسيما فقال عليه السلام (قوموا الى سيدكم) فقام الأنصار فانزلوه وبه ثبت الاستقبال للقادم فحكم بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ونسائهم فكبر النبي عليه السلام وقال (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة ارقعة) اى السموات السبع والمراد ان شأن هذا الحكم العلو والرفعة ثم استنزلهم وامر بان يجمع ما وجد فى حصونهم فوجدوا فيها الفا وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع والفى رمح وخمسمائة ترس وأثاثا وأواني كثيرة وجمالا ومواشى وشياها وغيرها وخمس ذلك وجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار لانه كان لهم منازل فرضى الكل بما صنع الله ورسوله وامر بالمتاع ان يحمل وترك المواشي هناك ترعى الشجر ثم غدا الى المدينة فامر بالأسارى وكانوا ستمائة مقاتل او اكثر ان يكونوا فى دار اسامة بن زيد رضى الله عنه والنساء والذرية وكانت سبعمائة فى دار ابنة الحارث النجارية لان تلك الدار كانت معدودة لنزول الوفود من العرب ثم خرج الى سوق المدينة فامر بالخندق فحفروا فيه حفائر فضرب أعناق الرجال والقوا فى تلك الخنادق وردوا عليهم التراب وكان المتولى لقتلهم عليا والزبير ولم يقتل من نسائهم إلا بنانة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد رضى الله عنه تحت الحصن فقتلته ولم يستشهد فى هذه الغزوة الإخلاد قال عليه السلام (له اجر شهيدين) ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الأنصاري بسبايا بنى قريظة الى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قسمها رسول الله على المسلمين ونهى عليه السلام ان يفرق بين أم وولدها حتى يبلغ اى تحيض الجارية ويحتلم الغلام وقال (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) واصطفى عليه السلام لنفسه منهم ريحانة بنت شمعون وكانت جميلة وأسلمت فاعتقها رسول الله وتزوجها ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر فدفنها بالبقيع وكانت هذه الوقعة فى آخر ذى القعدة سنة خمس من الهجرة وفى الآية اشارة الى انه كما ان بنى قريظة أعانوا المشركين على المسلمين فهلكوا فكذلك العلماء المداهنون أعانوا النفس والشيطان والدنيا على القلوب وأفتوا بالرخص لارباب الطلب وفتروهم عن التجريد والمجاهدة وترك الدنيا والعزلة والانقطاع وقالوا هذه رهبانية وليست من ديننا وتمسكوا بآيات واخبار لها ظاهر وباطن فأخذوها بظاهرها وضيعوا باطنها فآمنوا ببعض هو على وفق طباعهم وكفروا ببعض هو على خلاف طباعهم أولئك أعوان النفوس والشياطين والدنيا فمن قاربهم هلك كما هلكوا فى وادي المساعدات ونعوذ بالله من المخالفات وترك الرياضات والمجاهدات: وفى لمثنوى اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دمى آخر دمى فارغ مباش «1» فان البطالة لا تثمر الا الحرمان والجد يفتح أبواب المراد من أي نوع كان يا أَيُّهَا النَّبِيُّ الرفيع الشان المخبر عن الله الرحمن قال الكاشفى [ارباب سير برانند كه سال تاسع از هجرت

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان رجوع بحكايت خواجه تاجر إلخ

سيد عالم عليه السلام از ازواج طاهرات عزلت نمود وسوكند خورد كه يك ماه با ايشان مخالطت نكند وسبب آن بود كه از ان حضرت ثياب زينت وزيادت نفقه ميطلبيدند واو را ربحه داشتند بسبب غيرت چنانكه عادت زنان ضرائر بود فخر عالم ملول وغمناك كشته بغرفه در مسجد كه خزانه وى بود تشريف فرمود بعد از بيست ونه روز كه آن ماه بدان عدد تمام شده بود جبرائيل عليه السلام آيت تخيير فرود آورد كه] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) قُلْ امر وجوب فى تخييرهن وهو من خصائصه عليه السلام لِأَزْواجِكَ نسائك وهن يومئذ تسع نسوة خمس من قريش عائشة بنت ابى بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة واسمها رملة بنت ابى سفيان وأم سلمة واسمها هند بنت ابى امية المخزومية وسودة بنت زمعة العامرية واربع من غير قريش زينب بنت جحش الاسدية وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حيى بن اخطب الخيبرية الهارونية وجويرية بنت الحارث الخزاعية المصطلقية وكانت هذه بعد وفاة خديجة رضى الله عنها إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا اى السعة والتنعم فيها وَزِينَتَها [وآرايش چون ثياب فاخره و پيرايها بتكلف] فَتَعالَيْنَ اصل تعالى ان يقوله من فى المكان المرتفع لمن فى المكان المنخفض ثم كثر حتى استوت فى استعماله الامكنة ولم يرد حقيقة الإقبال والمجيء بل أراد اجبن على ما اعرض عليكن واقبلن بارادتكن واختياركن لاحدى الخصلتين كما يقال اقبل يكلمنى وذهب يخاصمى وقام يهددنى أُمَتِّعْكُنَّ بالجزم جوابا للامر: والتمتيع بالفارسية [برخوردارى دادن] اى اعطكن المتعة: وبالفارسية [پس بياييد كه بدهم شما را متعه طلاق چنانچهـ مطلقه را دهند] سوى المهر واصل المتعة والمتاع اما ينتفع به انتفاعا قليلا غير باق بل ينقضى عن قريب ويسمى التلذذ تمتعا لذلك وهى درع وهو ما يستر البدن وملحفة وهى ما يستر المرأة عند خروجها من البيت وخمار وهو ما يستر الرأس وهى واجبة عند ابى حنيفة رضى الله عنه فى المطلقة التي لم يدخل بها ولم يسم لها مهر عند العقد ومستحبة فيما عداها والحكمة فى إيجاب المتعة جبر لما أوحشها الزوج بالطلاق فيعطيها لتنتفع بها مدة عدتها ويعتبر ذلك بحسب السعة والاقتار الا ان يكون نصف مهرها اقل من ذلك فحينئذ يجب لها الأقل منه ولا ينقص عن خمسة دراهم لان اقل المهر عشرة فلا ينقص عن نصفها وَأُسَرِّحْكُنَّ السرح شجر له ثمرة وأصله سرحت الإبل ان ترعيها السرح ثم جعل لكل إرسال فى الرعي والتسريح فى الطلاق مستعار من تسريح الإبل كالطلاق فى كونه مستعارا من طلاق الإبل وصريح اللفظ الذي يقع به الطلاق من غير نية هو لفظ الطلاق عند ابى حنيفة واحمد والطلاق والفراق والسراح عند الشافعي ومالك والمعنى أطلقكن سَراحاً جَمِيلًا طلاقا من غير ضرار وبدعة واتفق الائمة على ان السنة فى الطلاق ان يطلقها واحدة فى طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضى عدتها وان طلق المدخول بها فى حيضها او طهر أصابها فيه وهى ممن تحبل فهو طلاق بدعة محرم ويقع بالاتفاق وجمع الثلاثة بدعة عند ابى حنيفة ومالك وقال احمد هو محرم خلافا للشافعى ويقع بلا خلاف بينهم واعلم ان الشارع انما كره الطلاق ندبا الى الالفة وانتظام الشمل ولما علم الله ان الافتراق لا بد منه

[سورة الأحزاب (33) : آية 29]

لكل مجموع مؤلف لحقيقة خفيت عن اكثر الناس شرع الطلاق رحمة لعباده ليكونوا مأجورين فى أفعالهم محمودين غير مذمومين إرغاما للشيطان فانهم فى ذلك تحت اذن الهى وانما كان الطلاق ابغض الحلال الى الله تعالى لانه رجوع الى العدم إذ بائتلاف الطبائع ظهر وجود التركيب وبعد الائتلاف كان العدم فمن أجل هذه الرائحة كرهت الفرقة بين الزوجين لعدم عين الاجتماع كذا فى الفتوحات. وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم وفيه قطع لمعاذيرهن من أول الأمر وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى تردن رسوله وصحبته ورضاه وذكر الله للايذان بجلالته عليه السلام عنده تعالى وَالدَّارَ الْآخِرَةَ اى نعيمها الذي لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ [مر زنان نيكوكارانرا] مِنْكُنَّ بمقابلة إحسانهن ومن للتبيين لان كلهن محسنات أصلح نساء العالمين ولم يقل لكن اعلاما بان كل الإحسان فى إيثار مرضاة الله ورسوله على مرضاة انفسهن أَجْراً عَظِيماً لا يعرف كنهه وغايته وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفى وصف التسريح بالجميل ولما نزلت هذه الآية بدأ عليه السلام بعائشة رضى الله عنها وكانت أحب أزواجه اليه وقرأها عليها وخيرها فاختارت الله ورسوله- وروى- انه قل لعائشة رضى الله عنها انى ذاكر لك امرا أحب ان لا تعجلى حتى تستأمرى أبويك اى تشاورى لما علم ان أبويها لا يأمرانها بفراقه عليه السلام قالت وما هو يا رسول الله فتلا عليها الآية فقالت أفي هذا استأمر أبوي بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة [رسول را اين سخن ازو عجب آمد وبدان شاد شد واثر شادى بر بشره مبارك وى پيدا آمد] ثم اختارت الباقيات اختيارها فلما آثرنه عليه السلام والنعيم الباقي على الفاني شكر الله لهن ذلك وحرم على النبي التزوج بغيرهن فقال (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) الآية كما سيأتى واختلف فى ان هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق إليهن حتى يقع الطلاق باختيارهن او كان تخييرا لهن بين الإرادتين على انهن ان أردن الدنيا فارقهن عليه السلام كما ينبىء عنه قوله (فَتَعالَيْنَ) إلخ فذهب البعض الى الاول وقالوا لو اخترن انفسهن كان ذلك طلاقا ولذا اختلف فى حكم التخيير فانه إذا خير رجل امرأته فاختارت نفسها فى ذلك المجلس قبل القيام او الاشتغال بما يدل على الاعراض بان تقول اخترت نفسى وقعت طلقة بائنة عند ابى حنيفة ورجعية عند الشافعي وثلاث تطليقات عند مالك ولو اختارت زوجها لا يقع شىء أصلا وكذا إذا قامت من مجلسها قبل ان تختار نفسها انقطع التخيير باتفاقهم واختلفوا فيما إذا قال أمرك بيدك فقال ابو حنيفة إذا قال أمرك بيدك فى تطليقة فاختارت نفسها يقع طلقة رجعية وان نوى الثلاث صح فلو قالت اخترت واحدة فهى ثلاث وهو كالتخيير يتوقف على المجلس وفى الآية إشارتان الاولى ان حب الدنيا وزينتها موجب للمفارقة عند صحبة النبي عليه السلام لازواجه مع انهن محال النطفة الانسانية فى عالم الصورة ليعلم ان حب الدنيا وزينتها آكد فى إيجاب المفارقة عن صحبة النبي عليه السلام لامته لان أرحام قلوبهم محل النطفة الروحانية الربانية فينبغى ان يكون أطيب وازكى لاستحقاق تلك النطفة الشريفة فان الطيبات للطيبين

[سورة الأحزاب (33) : آية 30]

خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر اين نقش پراكنده ورق ساده كنى والثانية ان محبة الله ورسوله والدار الآخرة موجبة للاتصال بالنبي عليه السلام والوصلة الى الله ان كانت خالصة لوجه الله فان كانت مشوبة بنعيم الجنة فله نعيم الجنة بقدر شوب محبة الله محبة نعيم وله من الاجر العظيم بحسب محبة الله فان قال قائل قد تحقق ان محبة الله إذا كانت مشوبة بمحبة غير الله توجب النقص من الاجر العظيم بقدر شوب محبة غير الله فكذلك هل يوجب النقص شوب محبة النبي عليه السلام من الاجر العظيم قلنا لا توجب النقص من الاجر العظيم بل تزيد فيه لان من أحب النبي عليه السلام فقد أحب الله كما ان من يطع الرسول فقد أطاع الله والفرق بين محبة النبي ومحبة الجنة ان محبته بالحق دون الحظ ومحبة الجنة بالحظ دون الحق فان الجنة حظ النفس كما قال تعالى (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) ومحبة النبي ومتابعته مؤدية الى محبة الله للعبد كقوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) : قال المولى الجامى لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود در دو غمش مايه شادى وخوشى فهم رازش نكنم او عربى من عجمى ... لاف مهرش چهـ زنم او قرشى من حبشى ذره وارم بهوا دارىء او رقص كنان ... تا شد او شهره آفاق بخورشيد وشى كر چهـ صد مرحله دورست ز پيش نظرم ... وجهه فى نظرى كل غداة وعشى يا نِساءَ النَّبِيِّ توجيه الخطاب إليهن لاظهار الاعتناء بنصحهن ونداؤهن هاهنا وفيما بعده بالاضافة اليه عليه السلام لانها التي يدور عليها ما يرد عليهن من الاحكام مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ بسيئة بليغة فى القبح وهى الكبيرة: وبالفارسية [هر كه بيايد از شما بكارى ناپسنديده] مُبَيِّنَةٍ ظاهرة القبح من بين بمعنى تبين قيل هذا كقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) لا ان منهن من أتت بفاحشة اى معصية ظاهرة قال ابن عباس رضى الله عنهما يعنى النشوز وسوء الخلق قال الراغب الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال انتهى يقول الفقير لعل وجه قول ابن عباس رضى الله عنهما ان الزلة منهن كسوء الخلق مما يعد فاحشة بالنسبة إليهن لشرفهن وعلو مقامهن خصوصا إذا حصل بها اذية النبي صلى الله عليه وسلم ولذا قال يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ اى يعذبن ضعفى عذاب غيرهن اى مثليه وَكانَ ذلِكَ اى تضعيف العذاب عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لا يمنعه عنه كونهن نساء النبي بل يدعوه اليه لمراعاة حقه قال فى الاسئلة المقحمة ما وجه تضعيف العذاب لزوجات النبي عليه السلام الجواب لما كان فنون نعم الله عليهن اكثر وعيون فوائده لديهن اظهر من الاكتحال بميمون غرّة النبي عليه السلام وترداد الوحى الى حجراتهن بانزال الملائكة فلا جرم كانت عقوبتهن عند مخالفة الأمر من أعظم الأمور وأفخمها ولهذا قيل ان عقوبة من عصى الله تعالى عن العلم اكثر من عقوبة من يعصيه عن الجهل وعلى هذا ابدا. وحد الحر أعظم من حد العبد وحد المحصن أعظم من حد غير المحصن لهذه الحقيقة انتهى. وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به الأمم والحاصل ان الذنب يعظم بعظم جانيه وزيادة قبحه تابعة لزيادة شرف المذنب والنعمة فلما كانت الأزواج المطهرة أمهات

المؤمنين واشراف نساء العالمين كان الذنب منهن أقبح على تقدير صدوره وعقوبة الأقبح أشد وأضعف: وفى المثنوى آنچهـ عين لطف باشد بر عوام ... قهر شد بر عشق كيشان كرام «1» وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الثواب والعقاب بقدر نفاسة النفس وخستها يزيد وينقص وان زيادة العقوبة على الجرم من امارات الفضيلة كحد الحر والعبد وتقليل ذلك من امارات النقص وذلك لان اهل السعادة على صنفين. صنف منهم السعيد والآخر الأسعد فالسعيد من اهل الجنة والأسعد من اهل الله فاذا صدر من السعيد طاعة فاعطى بها اجرا واحدا من الجنة وان صدر منه معصية فاعطى بها عذابا واحدا من الجحيم وإذا صدر من الأسعد طاعة فاعطى اجره مرتين وذلك بان يزيد له بها درجة فى الجنة ومرتبة فى القرية وان صدر منه معصية يضاعف له العذاب ضعفين بنقص فى درجة من الجنة ونقص فى مرتبته من القربة او عذاب من ألم مس النار وعذاب من ألم مس البعد وذل الحجاب ومن هنا دعاء السرىّ السقطي قدس سره اللهم ان كنت تعذبنى بشىء فلا تعذبنى بذل الحجاب وكان ذلك على الله يسيرا ان يضاعف لهم العذاب ضعفين بخلاف الخلق لان تضعيف العذاب فى حقهم ليس بيسير لانهم يتبعون به ويعسر عليهم ذلك انتهى عصمنا الله وإياكم من العذاب وشرفنا بجزيل الثواب. ومن اسباب العذاب والتنزل عدم التوكل وترك القناعة بالواصل والسعى بلا حاصل قال عبد الواحد بن زيد سألت الله تعالى ثلاث ليال ان يرينى رفيقى فى الجنة فقيل لى يا عبد الواحد رفيقك فى الجنة ميمونة السوداء فقلت واين هى فقيل لى فى بنى فلان بالكوفة فخرجت فاذا هى قائمة تصلى وإذا بين يديها عكاز وعليها جبة صوف مكتوب عليها لاتباع ولا تشترى وإذا الغنم مع الذئاب ترعى فلا الذئاب تأكل الغنم ولا الغنم تخاف الذئاب فلما رأتنى او جزت فى صلاتها ثم قالت ارجع يا ابن زيد ليس الموعد هاهنا انما الموعد ثمة فقلت رحمك الله من أعلمك انى ابن زيد فقالت ان الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها اختلف فقلت لها عظينى فقالت ووا عجبا لواعظ يوعظ بلغني انه ما من عبد اعطى من الدنيا شيأ فابتغى اليه ثانيا الا سلبه الله حب الخلوة معه وبدله بعد القرب بعدا وبعد الانس وحشة ولهذا السر وعظ الله الأرواح المطهرة فى القرآن وذلك من فضله: قال الصائب تا ز خاك پاى درويشى توانى سرمه كرد ... خاك در چشمت اگر در پادشاهى بنگرى يعنى ان جلاء البصر فى الفقر والقناعة وترك زينة الدنيا لا فى الدولة والسلطنة والنعيم الفاني فان الدنيا كدر بما فيها فعلى العاقل تخفيف الأثقال والأوزار وتكميل التجرد الى آخر جزء من عمره السيار

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان كفتن جبرائيل عليه السلام مر خليل عليه السلام را إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 31]

الجزء الثاني والعشرون من الاجزاء الثلاثين وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ ومن تدم على الطاعة: وبالفارسية [وهر كه مداومت كند بر طاعت از شما كه ازواج پيغمبريد] قال الراغب القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [مر خدا ورسول او را] وَتَعْمَلْ صالِحاً [وبكند كارى پسنديده نُؤْتِها أَجْرَها [بدهيم او را مزد او] مَرَّتَيْنِ مرة على الطاعة والتقوى واخرى على طلبها رضى رسول الله بالقناعة وحسن المعاشرة قال مقاتل بحسنة عشرين وَأَعْتَدْنا لَها فى الجنة زيادة على أجرها المضاعف. والاعتاد التهيئة من العتاد وهو العدة قال الراغب الاعتاد ادّخار الشيء قبل الحاجة اليه كالاعداد وقيل أصله أعددنا فابدلت تاء رِزْقاً كَرِيماً اى حسنا مرضيا قال فى المفردات كل شىء يشرف فى بابه فانه كريم وفيه اشارة الى ان الرزق الكريم فى الحقيقة هو نعيم الجنة فمن اراده يترك التنعم فى الدنيا قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه (إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين) يعنى ان عباد الله الخلص لا يرضون نعيم الدنيا بدل نعيم الآخرة فان نعيم الدنيا فان شنيدم كه جمشيد فرخ شرشت ... بسر چشمه بر بسنكى نبشت برين چشمه چون ما بسى دم زدند ... برفتند چون چشم بر هم زدند وفى الآية اشارة الى ان الطاعة والعمل الخالص من غير شوب بطمع الجنة ونحوها يوجب اجرا بمزيد فى القربة وبتبعيتها يوجب اجرا آخر فى درجات الجنة والعمل بالنفس يزيد فى وجودها واما العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء والأولياء فيخلصها من الوجود وعلامة الخلاص من الوجود العمل بالحضور والتوجه التام لا بالانقلاب والاضطراب ألا ترى ان بعض المريدين دخل التنور اتباعا لامر شيخه ابى سليمان الداراني رحمه الله فلم يحترق منه شىء وكيف يحترق ولم يبق منه سوى الاسم من الوجود وهذا هو الشهود وهو الرزق الكريم فان الكريم هو الله فيرزق المخلص من المشاهدات الربانية والمكاشفات والمكالمات مزيدا على القربة وهذا معنى قوله تعالى (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) ألا ترى ان ابراهيم الخليل عليه السلام لم يحترق فى نار النمرود بل وجد الرزق الكريم من الله الودود لان كل نعيم ظاهرى لاهل الله فانما ينعكس من نعيم باطني لهم وحقيقة الاجر انما تعطى فى النشأة الآخرة لان هذه النشأة لا تسعها لضيقها نسأل الله القنوت والعمل ونستعيذ به من الفتور والكسل فان الكسل يورث الغفلة والحجاب كما ان العمل يورث الشهود وارتفاع النقاب فان التجليات الوجودية مظاهر التجليات الشهودية ومنه يعرف سر قوله عليه السلام (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) فكما ان الطهارة الصورية تجلب بخاصيتها الرزق الصوري

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 32 إلى 36]

فكذا الطهارة المعنوية تجذب بمقتضاها الرزق المعنوي فيحصل لكل من الجسم والروح غذاؤه ويظهر سر الحياة الباقية فان اذواق الروح لا نهاية لها لا فى الدنيا ولا فى الآخرة: وفى المثنوى اين زمين وسختيان پردست وبس ... اصل روزى از خدا دان هر نفس «1» رزق از وى جو مجو از زيد وعمرو ... مستى از وى جو مجو از بنك وخمر منعمى زوخواه نى از كنج ومال ... نصرت از وى خواه نى از عم وخال اللهم اجعلنا من خلص العباد وثبت أقدامنا فى طريق الرشاد بحق النون والصاد يا نِساءَ النَّبِيِّ [اى زنان پيغمبر] لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ [نيستيد شما چون هيچ كس از زنان ديكر] واصل أحد وحد بمعنى الواحد قلبت واوه همزة على خلاف القياس ثم وضع فى النفي العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد والكثير. والمعنى لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء فى الفضل والشرف بسبب صحبة النبي عليه السلام فان المضاف الى الشريف شريف إِنِ اتَّقَيْتُنَّ مخالفة حكم الله ورضى رسوله وهو استئناف والكلام تام على أحد من النساء ويحتمل ان يكون شرطا لخيريتهن وبيانا ان فضيلتهن انما تكون بالتقوى لا باتصالهن بالنبي عليه السلام زهد وتقوى فضل را محراب شد فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ عند مخاطبة الناس اى لا تجبن بقولكن خاضعا لينا مثل قول المطمعات: وبالفارسية [پس نرمى وفروتنى مكنيد در سخن كفتن ونياز مكوييد با مردان بيكانه] والخضوع التطامن والتواضع والسكون والمرأة مندوبة الى الغلظة فى المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الاطماع فاذا اتى الرجل باب انسان وهو غائب فلا يجوز للمرأة ان تلين بالقول معه وترفق الكلام له فانه يهيج الشهوة ويورث الطمع كما قال فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ اى محبة فجور وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً بعيدا من التهمة والاطماع بجد وخشونة لا بتكسر وتغنج كما يفعله المخنث فالزنى من اسباب الهلاك المعنوي كالمرض من اسباب الهلاك الصوري وسببه الملاينة والمطاوعة هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى ميبرد جان خارپشت وفى الآية اشارة الى ان احوال ارباب القلوب الذين اسلموا أرحام قلوبهم لتصرفات ولاية المشايخ ليست كاحوال غيرهم من الخلق فالمتقى بالله من غيره لا يخضع لشىء من الدارين فان الخضوع بالقول يجذب الى الخضوع بالقلب والعمل وكثير من الصادقين يخضعون بالقول لارباب الدنيا والأعمال الدنيوية لصلاح الآخرة ومصالح الدين بزعمهم فبالتدريج يقعون فى ورطة الهلاك ويرجعون القهقرى الى الدنيا ويستغرقون فى بحر الفضلات لضعف الخالات فلا بد من ترك المساعدات وترك الشروع فى شىء من احوال الدنيا وأعمالها الا بالمعروف والا فيكون مغلوبا بالمنكرات فنعوذ بالله من المخالفات وَقَرْنَ [وآرام كيريد] فِي بُيُوتِكُنَّ [در خانهاى خويش] قرأ نافع وعاصم وابو جعفر بفتح القاف فى المضارع من باب علم وأصله اقررن نقلت حركة الراء الاولى الى القاف وحذفت لالتقاء الساكنين ثم حذفت

_ (1) در اواسط دفتر پنجم در بيان قصه اهل خروان وحسد ايشان إلخ

همزة الوصل استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالي فلن والأصل افعلن والباقون بكسرها لما انه امر من وقر يقر وقارا إذا ثبت وسكن وأصله او قرن فحذفت الواو تخفيفا ثم الهمزة استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالي علن او من قريقر بكسر القاف فى المضارع فاصله اقررن نقلت كسرة الراء الى القاف ثم حذفت فاستغنى عن همزة الوصل فصار قرن ووزنه الحالي فلن. والمعنى الزمن يا نساء النبي بيوتكن واثبتن فى مساكنكن. والخطاب وان كان لنساء النبي فقد دخل فيه غيرهن- روى- ان سودة بنت زمعة رضى الله عنها من الأزواج المطهرة ما خطت باب حجرتها لصلاة ولا لحج ولا لعمرة حتى أخرجت جنازتها من بيتها فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقيل لها لم لا تحجين ولا تعتمرين فقالت قيل لنا (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ز بيكانكان چشم زن كور باد ... چوبيرون شد از خانه در كور باد وفى الخبر (خير مساجد النساء قعر بيوتهن) وَلا تَبَرَّجْنَ قال الراغب يقال ثوب متبرج صور عليه بروج واعتبر حسنه فقيل تبرجت المرأة اى تشبهت به فى اظهار الزينة والمحاسن للرجال اى مواضعها الحسنة فيكون المعنى [اظهار پيرايها مكيند] ويدل عليه قوله فى تهذيب المصادر [التبرج: بزن خويشتن را بياراستن] قال تعالى (وَلا تَبَرَّجْنَ) واصل التبرج صعود البرج وذلك ان من صعد البرج ظهر لمن نظر اليه قاله ابو على انتهى وقيل تبرجت المرأة ظهرت من برجها اى قصرها ويدل على ذلك قوله ولا تبرجن كما فى المفردات وقال بعضهم ولا تتبخترن فى مشيكن تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى اى تبرجا مثل تبرج النساء فى ايام الجاهلية القديمة وهى ما بين آدم ونوح وكان بين موت آدم وطوفان نوح الف ومائتا سنة واثنتان وسبعون سنة كما فى التكملة. والجاهلية الاخرى ما بين محمد وعيسى عليهما السلام قال ابن الملك الجاهلية الزمان الذي كان قبل بعثته عليه السلام قريبا منها سمى به لكثرة الجهالة انتهى- روى- ان بطنين من ولد آدم سكن أحدهما السهل والآخر الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفى نسائهم دمامة والسهل بالعكس فجاء إبليس وآجر نفسه من رجل سهلى وكان يخدمه فاتخذ شيأ مثل ما يزمر الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس بمثله فبلغ ذلك من فى السهل فجاؤا يستمعون اليه واتخذوا عيدا يجتمعون اليه فى السنة فتبرج النساء للرجال وتزينوا لهن فهجم رجل من اهل الجبل عليهم فى عيدهم فرأى النساء وصباحتهن فاخبر أصحابه فتحولوا إليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة فيهن فذلك قوله (وَلا تَبَرَّجْنَ) إلخ وذلك بعد زمان إدريس قال الكاشفى [أصح آنست كه جاهليت اولى در زمان حضرت ابراهيم عليه السلام بود كه زنان لباسها بمرواريد بافته پوشيده خود را در ميان طريق بمردان عرض كردندى] وقيل الجاهلية الاخرى قوم يفعلون مثل فعلهم فى آخر الزمان. وفى الحديث (صنفان من اهل النار لم أرهما بعد) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك العصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط (كأذناب البقر يضربون بها الناس) جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلد طرفها مشدود عرضه كعرض الإصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة وقيل هم الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب

يطردون الناس عنها بالضرب والسباب (ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) يعنى فى الحقيقة (عاريات) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا نصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتي يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا. او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة إذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات أكنافهن واكفالهن كما تفعل الرقاصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن (مائلات) اى الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن (رؤسهن كأسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن (المائلة) لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد مسيرة أربعين عاما) وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ التي هى اصل الطاعات البدنية وَآتِينَ الزَّكاةَ التي هى اشرف العبادات المالية اى ان كان لكن مال كما فى تفسير ابى الليث وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى سائر الأوامر والنواهي وقال بعضهم اطعن الله فى الفرائض ورسوله فى السنن إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ الرجس الشيء القذر اى الذنب المدنس لعرضكم وعرض الرجل جانبه الذي يصونه وهو تعليل لامرهن ونهيهن على الاستئناف ولذلك عم الحكم بتعميم الخطاب لغيرهن وصرح بالمقصود حيث قيل أَهْلَ الْبَيْتِ اى يا اهل البيت والمراد به من حواه بيت النبوة رجالا ونساء قال الراغب اهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب او دين او ما يجرى مجراهما من صناعة وبيت وبلد وضيعة فاهل الرجل فى الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوّز به فقيل اهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب وتعورف فى اسرة النبي عليه السلام مطلقا إذا قيل اهل البيت يعنى اهل البيت متعارف فى آل النبي عليه السلام من بنى هاشم ونبه عليه السلام بقوله (سلمان منا اهل البيت) على ان مولى القوم يصح نسبته إليهم. والبيت فى الأصل مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان الشيء بانه بيته الكل فى المفردات وَيُطَهِّرَكُمْ من ادناس المعاصي تَطْهِيراً بليغا واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطهير لمزيد التنفير عنها وهذه كما ترى آية بينة وحجة نيرة على كون نساء النبي عليه السلام من اهل بيته قاضية ببطلان مذهب الشيعة فى تخصيصهم اهل البيت بفاطمة وعلى وابنيه اى الحسن والحسين رضى الله عنهم واما ما تمسكوا به من ان النبي عليه السلام خرج ذات يوم غدوة وعليه مرط مرجل من شعر اسود: يعنى [بروى ميزر معلم بود از موى سياه] فجلس فأتت فاطمة فادخلها فيه ثم جاء على فادخله فيه ثم جاء الحسن والحسين فادخلهما فيه ثم قال انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت فانه يدل على كونهم من اهل البيت لا ان من عداهم ليسوا كذلك ولو فرضت دلالته على ذلك لما اعتد بها لكونها فى مقابلة النص قال الكاشفى [وازين جهت است كه آل عبا بر پنج تن اطلاق ميكنند آل العباء رسول الله وابنته ... والمرتضى ثم سبطاه إذا اجتمعوا

[سورة الأحزاب (33) : آية 34]

قال فى كشف الاسرار [رجس در افعال خبيثه است واخلاق دنيه افعال خبيثه فواحش است ما ظهر منها وما بطن واخلاق دنيه هوا وبدعت وبخل وحرص وقطع رحم وامتثال آن رب العالمين ايشانرا بجاى بدعت سنت نهاد وبجاى بخل سخاوت وبجاى حرص قناعت وبجاى قطع رحم وصلت وشفقت آنكه كفت (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وشما را پاك ميدارد از آنكه بخود معجب باشيد يا خود را بر الله دلالى دانيد يا بطاعات واعمال خود نظرى كنيد پير طريقت كفت نظر دو است نظر انسانى ونظر رحمانى. نظر انسانى آنست كه تو بخود نكرى. ونظر رحمانى آنست كه حق بتو نكرد وتا نظر انسانى از نهاد تو رخت برنيارد نظر رحمانى بدلت نزول نكند اى مسكين چهـ نكرى تو باين طاعت آلوده خويش وآنرا بدرگاه بى نيازى چهـ وزن نهى خبر ندارى كه اعمال همه صديقان زمين وطاعات همه قدوسيان آسمان جمع كنى در ميزان جلال ذى الجلال پر پشه نسنجند ليكن او جل جلاله با بى نيازىء خود بنده را به بندگى مى پسند دو راه بندگى بوى مى نمايد] قال المولى الجامى كاهى كه تكيه بر عمل خود كنند خلق ... او را مباد جز كرمت هيچ تكيه كاه با او بفضل كار كن اى مفضل كريم ... كز عدل تو بفضل تو مى آورد پناه وفى التأويلات (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) يخاطب به القلوب ان يقروا فى وكناتهم من عالم الملكوت والأرواح متوجهين الى الحضرة (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) لا تخرجوا الى عالم الحواس راغبين فى زينة الدنيا وشهواتها كما هو من عادات الجهلة (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) بدوام الحضور والمراقبة والعروج الى الله بالسير فان الصلاة معراج المؤمن بان يرفع يديه من الدنيا ويكبر عليها ويقبل على الله بالاعراض عما سواه ويرجع عن مقام التكبر الإنساني الى خضوع الركوع الحيواني ومنه الى خشوع السجود النباتي ثم الى القعود الجمادى فانه بهذا الطريق اهبط الى أسفل القالب فيكون رجوعه بهذا الطريق الى ان يصل الى مقام الشهود الذي كان فيه فى البداية الروحانية ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها مستغرق فى بحر الالوهية باقامة الصلاة وادامتها (وَآتِينَ الزَّكاةَ) فالزكاة هى ما زاد على الوجود الحقيقي من الوجود المجازى فايتاؤها صرفها وافناؤها فى الوجود الحقيقي بطريق (وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) وهو لوث الحدوث (أَهْلَ الْبَيْتِ) بيت الوصول ومجلس الوحدة ويطهركم عن لوث الحدوث بشراب طهور تجلى صفات جماله وجلاله تطهيرا لا يكون بعده تلوث انتهى كما قالوا الفاني لا يرد الى أوصافه [پس اولياء كمل را خوف ظهور طبيعت نيست] تا بنده ز خود فانىء مطلق نشود ... توحيد بنزد او محقق نشود توحيد حلول نيست نابودن تست ... ور نه بگزاف آدمي حق نشود حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد وأيدنا من عنده باشد التأييد ومحا عنا نقوش وجوداتنا وطهرنا من ادناس انانياتنا انه الكريم الجواد الرؤوف بكل عبد من العباد وَاذْكُرْنَ [وياد كنيد اى زنان پيغمبر] اى للناس بطريق العظة والتذكير ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ

آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ اى من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله البينة الدالة على صدق النبوة بنظمه المعجز وكونه حكمة منطوية على فنون العلم والشرائع وقد سبق معنى الحكمة فى سورة لقمان. وحمل قتادة الآيات على آيات القرآن والحكمة على الحديث الذي هو محض حكمة وهذا تذكير بما أنعم عليهن من كونهن اهل بيت النبوة ومهبط الوحى حثا على الانتهاء والائتمار فيما كلفن به والتعرض للتلاوة فى البيوت دون النزول فيها مع انه الا نسب لكونها مهبط الوحى لعمومها جميع الآيات ووقوعها فى كل البيوت وتكررها الموجب لتمكنهن من الذكر والتذكير بخلاف النزول وعدم تعيين التالي ليعم تلاوة جبريل وتلاوة النبي وتلاوتهن وتلاوة غيرهن تعلما وتعليما قال فى الوسيط وهذا حث لهن على حفظ القرآن والاخبار ومذاكرتهن بها للاحاطة بحدود الشريعة والخطاب وان اختص بهن فغيرهن داخل فيه لان مبنى الشريعة على هذين القرآن والسنة وبهما يوقف على حدود الله ومفترضاته انتهى. ومن سنة القاري ان يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه ولا يخرج عن صدره فان النسيان وهو ان لا يمكنه القراءة من المصحف من الكبائر. ومن السنة ان يجعل المؤمن لبيته حظا من القرآن فيقرأ فيه منه ما تيسر له من حزبه ففى الحديث (ان فى بيوتات المسلمين لمصابيح الى العرش يعرفها مقربوا ملائكة السموات السبع والأرضين السبع يقولون هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن) ومن السنة ان يستمع القرآن أحيانا من الغير. وكان عليه السلام يستمع قراءة أبيّ وابن مسعود رضى الله عنهما. وكان عمر رضى الله عنه يستمع قراءة ابى موسى الأشعري رضى الله عنه وكان حسن الصوت واستماع القرآن فى الصلاة فرض وفى خارجها مستحب عند الجمهور فعليك بالتذكير والتحفظ والاستماع دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً بليغ اللطف والبر بخلقه كلهم خَبِيراً بليغ العلم بالأشياء كلها فيعلم ويدبر ما يصلح فى الدين ولذلك امر ونهى او يعلم من يصلح لنبوته ومن يستأهل ان يكون من اهل بيته- روى- انه تكلم رجل فى زين العابدين رضى الله عنه وافترى عليه فقال زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر الله وان لم أكن نستغفر الله لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كما قلت فاستغفر لى قال غفر الله لك فقال الرجل الله اعلم حيث يجعل رسالته وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال بالله ألا ما سترت من أمرنا ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وامر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسول قال بعض الكبار القرابة طينية وهى ما كان من النسب ودينية وهى ما كان من مجانسة الأرواح فى مقام المعرفة ومشابهة الأخلاق فى مقام الطريقة ومناسبة الأعمال الصالحة فى مقام الشريعة كما قال عليه السلام (آل محمد كل تقى نقى) فاهل التقوى الحقيقية وهم العلماء بالله التابعون له عليه السلام فى طريق الهدى من جملة اهل البيت وذوى القربى وأفضل الخلق عند الله وكذا السادات الصالحون لهم

[سورة الأحزاب (33) : آية 35]

كرامة عظمى فرعايتهم راجعة الى النبي عليه السلام- روى- ان علوية فقيرة مع بناتها نزلت مسجدا بسمرقند فخرجت لطلب القوت لبناتها فمرت على امير البلد وذكرت انها علوية وطلبت منه قوت الليلة فقال ألك بينة على انك علوية فقالت ما فى البلد من يعرفنى فاعرض عنها فمضت الى مجوسى هوضا من البلد فعرضت له حالها فارسل المجوسي الى بناتها وأكرم مثواهن فرأى امير البلد فى المنام كأن القيامة قد قامت وعند النبي عليه السلام لواء وإذا قصر من زمرد اخضر فقال لمن هذا القصر يا رسول الله فقال عليه السلام (لمؤمن موحد) فقال انا مسلم موحد قال عليه السلام (ألك بينة على انك مسلم موحد) فانتبه يبكى ويلطم وجهه وسأل عن العلوية وعرفها عند المجوسي وطلبها منه فابى المجوسي فقال خذ منى الف دينار وسلمهن الىّ قال لا يكون ذلك وقد اسلمنا على يد العلوية وقد أخبرنا النبي عليه السلام بان القصر لنا- وروى- انه كان ببغداد تاجر له بضاعة يسيرة فاتفق انه صلى صلاة فى جماعة فلما سلموا قام علوى وقال ان لى بنية أريد تزويجها بحق جدى رسول الله أعطوني ما أصلح به لها جهازها فاعطاه التاجر رأس ماله وكان خمسمائة درهم فلما كان الليل رأى التاجر رسول الله فى المنام فقال له يافتى قد وصل الىّ ما اتحفتنى فاقصد الى مدينة بلخ فان عبد الله بن طاهر بها فقل له ان محمدا يقرئك السلام ويقول قد بعثت إليك وليا له عندى يد فادفع اليه خمسمائة دينار فانتبه التاجر واخبر بذلك امرأته فقالت ومن يقوم بنفقتنا الى ان ترجع من بلخ فقصد الى خباز من جيرانه وقال ان أعطيت أهلي كفايتهم مدة غيبتى أعطيتك إذا رجعت بدل كل درهم دينارا فقال الخباز ان الذي أمرك بالخروج الى بلخ أوصاني بنفقة أهلك الى رجوعك ففرح التاجر وخرج نحو بلخ فلما قرب استقبله عبد الله ابن طاهر وقال مرحبا برسول رسول الله ان الذي أرسلك الى أوصاني بالإحسان إليك فاحسن ضيافته ثلاثة ايام ثم أعطاه خمسمائة دينار وفق امره عليه السلام وأعطاه خمسمائة دينار لكونه رسول رسول الله وبعث معه جماعة او صلوه الى منزله: قال الشيخ سعدى زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد از تو بيرون ز فرمان تست فروماندكانرا درون شاد كن ... ز روز فروماندكى ياد كن نه خواهنده بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده از در مران جوانمردا كر راست خواهى وليست ... كرم پيشه شاه مردان عليست بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى بقنطار زر بخش كردن ز كنج ... نباشد چوقيراطى از دست رنج برد هر كسى بار در خورد زور ... كرانست پاى ملخ پيش مور فاذا سمعت الى هذا المقال فابسط يدك بالنوال ان كان لك مال والا فالعاقل الغيور يطير ويجود بهمته إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ- روى- انه لما نزل فى نساء النبي عليه السلام الآيات المذكورة قالت نساء المؤمنين فما نزل فينا ولو كان فينا خير لذكرنا فنزلت والمعنى ان الداخلين فى السلم بعد الحرب المنقادين لحكم الله من الذكور والإناث وفى التأويلات

النجمية المسلم هو المستسلم للاحكام الازلية بالطوع والرغبة مسلما نفسه الى المجاهدة والمكابدة ومخالفة الهوى وقد سلم المسلمون من لسانه ويده وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ المصدقين بما يجب ان يصدق به من الفريقين وفى التأويلات المؤمن من امنه الناس وقد احيى الله قلبه اولا بالعقل ثم بالعلم ثم بالفهم عن الله تعالى ثم بنور الله تعالى ثم بالتوحيد ثم بالمعرفة ثم أحياه بالله قال فى بحر العلوم ومراد أصحابنا باتحاد الايمان والإسلام ان الإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول ما جاء به من عند الله والإذعان له وذلك حقيقة التصديق ولذلك لم يصح فى الشرع ان يحكم على أحد بانه مسلم وليس بمؤمن او مؤمن وليس بمسلم فلا يمتاز أحدهما عن الآخر ولم يريدوا الاتحاد بحسب المفهوم لان الايمان هو تصديق الله فيما اخبر من أوامره ونواهيه ومواعيده والإسلام هو الخضوع والانقياد لالوهيته وهذا لا يحصل الا بقبول الأمر والنهى والوعد والوعيد والإذعان لذلك فمن لم يقبل شيأ من هذه الاربعة فقد كفر وليس بمسلم انتهى وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ اى المداومين على الطاعات القائمين بها وفى التأويلات القنوت استغراق الوجود فى الطاعة والعبودية وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ فى القول والعمل والنية وفى التأويلات فى عقودهم وعهودهم ورعاية حدودهم والصدق نور اهدى لقلوب الصديقين بحسب قربهم من ربهم وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ على الطاعات وعن المعاصي وفى التأويلات على الخصال الحميدة وعن الصفات الذميمة وعند جريان القضاء ونزول البلاء وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم وفى التأويلات الخشوع اطراق السريرة عند توارد الحقيقة انتهى قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له وفى القاموس الخشوع الخضوع او هو فى البدن والخشوع فى الصوت وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ بما وجب فى مالهم والمعطين للصدقات فرضا او نفلا يقال تصدق على الفقراء إذا أعطاهم الصدقة وهى العطية التي بها تبتغى المثوبة من الله تعالى وفى المفردات الصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الأصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة الواجب صدقة إذا تحرى صاحبه الصدق فى فعله وفى التأويلات والمتصدقين والمتصدقات باموالهم واعراضهم حتى لا يكون لهم مع أحد خصميه فيما ينال منهم: يعنى [بخشندگانند هم بمال وهم بنفس حق هيچ كس بر خود نكذاشته واز راه خصومت با خلق برخاسته] وحقيقة الصدقة ما يكون بالأحوال على ارباب الطلب: قال الحافظ اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوا را وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ الصوم المفروض او مطلق الصوم فرضا او نفلا وفى التأويلات الممسكين عما لا يجوز فى الشريعة والطريقة بالقلب والقالب فيصوم القالب بالإمساك عن الشهوات ويصوم القلب بالإمساك عن رؤية الدرجات والقربات وفى المفردات الصوم فى الأصل الإمساك عن الفعل مطعما كان او كلاما او مشيا وفى الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الأبيض الى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين والاستمناء والاستقاءة وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ فى الظاهر عن الحرام وفى الحقيقة عن تصرفات المكونات اى والحافظاتها فحذف

المفعول لدلالة المذكور عليه وفى المفردات الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ ذكرا كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ اى والذاكراته فترك المفعول كما فى الحافظات اى بقلوبهم وألسنتهم وفى التأويلات النجمية بجميع اجزاء وجودهم الجسمانية والروحانية بل بجميع ذرات المكونات بل بالله وجميع صفاته وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفى المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا وراح من منزله ذكر الله انتهى والاشتغال بالعلم النافع وتلاوة القرآن والدعاء من الذكر وفى الحديث (من استيقظ من منامه وايقظ امرأته فصليا جميعا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) وعن مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ بسبب ما عملوا من الطاعات العشر المذكورة وجمعوا بينها وهو خبر ان والعطف بالواو بين الذكور والإناث كالمسلمين والمسلمات كالعطف بين الضدين لاختلاف الجنسين. واما عطف الزوجين على الزوجين كعطف المؤمنين والمؤمنات على المسلمين والمسلمات فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع اى عطفهما لتغاير الوصفين مَغْفِرَةً لما اقترفوا من الصغائر لانهن مكفرات بما عملوا من الأعمال الصالحات وفى التأويلات هى نور من أنوار جماله جعل مغفر الرأس روحهم يعصمهم مما يقطعهم عن الله وَأَجْراً عَظِيماً على ما صدر عنهم من الطاعات وهو الجنة واليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وغدا تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول وفى التأويلات العظيم هو الله يعنى اجرا من واهب الطافه بتجلى ذاته وصفاته وعن عطاء بن ابى رباح من فوّض امره الى الله فهو داخل فى قوله (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) ومن أقرّ بأن الله ربه ومحمدا عليه السلام رسوله ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل فى قوله (وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ومن أطاع الله فى الفرائض والرسول فى السنة فهو داخل فى قوله (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل فى قوله (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ) ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل فى قوله (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل فى قوله (وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ) قال فى بحر العلوم بنى الأمر فى هذا على الأشد وليس هذا بمرضى عنه انتهى يقول الفقير بل بنى على الأسهل فانه أراد ترك الالتفات يمينا وشمالا وهو أسهل بالنسبة الى الاستغراق فى الشهود. ومن تصدق فى كل أسبوع بدرهم فهو داخل فى قوله (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) ومن صام من كل شهر ايام البيض فهو داخل فى قوله (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل فى قوله (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة قال (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) قالوا يا رسول الله ومن الغازي فى سبيل الله قال (لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى تكسر او تخضب دما لكان ذاكر الله كثيرا أفضل

[سورة الأحزاب (33) : آية 36]

منه درجة) وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فى طريق مكة فمر على جپل يقال له جمدان كعثمان فقال (سيروا هذا جمدان سبق المفرّدون) قالوا ومن مفردون يا رسول الله قال (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) اى كثيرا والمفرّدون نقله البعض بكسر الراء وتشديدها والبعض الآخر بتخفيفها وانما لم يقولوا من المفردون لان مقصودهم من النبي عليه السلام كان ان يبين لهم ما المراد من الافراد والتفريد لا بيان من يقوم به الفعل فبينه عليه السلام بقوله (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) يعنى المراد من الافراد هنا ان يجعل الرجل بان لا يذكر معه غيره والمراد من كثرة ذكره ان لا ينساه على كل حال لا الذكر بكثرة اللغات قال ابن ملك وفى ذكره عليه السلام هذا الكلام عقيب قوله (هذا جمدان) لطيفة وهى ان جمدان كان منفردا ولم يكن مثله فكذا هؤلاء السادات منفردون ثابتون على السعادات يقول الفقير أشار عليه السلام بجمدان الى جبل الوجود والسير فيه وقطع طريقه بتفريد التوحيد وهو تقطيع الموحد عن الأنفس كما ان تجريد التوحيد تقطيعه عن الآفاق جعلنا الله وإياكم من السائرين الطائرين لامن الواقفين الحائرين سالكا بى كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش بن رباب الأسدي بنت عمته اميمة بنت عبد المطلب لمولاه زيد بن حارثة وكانت زينب بيضاء جميلة وزيد اسود أفطس فابت وقالت انا بنت عمتك يا رسول الله وارفع قريش فلا أرضاه لنفسى وكذلك ابى أخوها عبد الله بن جحش فنزلت. والمعنى ما صح وما استقام لرجل ولا امرأة من المؤمنين فدخل فيه عبد الله وأخته زينب إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً مثل نكاح زينب اى قضى رسول الله وحكم وذكر الله لتعظيم امره والاشعار بان قضاءه عليه السلام قضاء الله كما ان طاعته طاعة الله تعالى أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ الخيرة بالكسر اسم من الاختيار اى ان يختاروا مِنْ أَمْرِهِمْ ما شاؤا بل يجب عليهم ان يجعلوا آراءهم واختيارهم تبعا لرأيه عليه السلام واختياره وجمع الضميرين لعموم مؤمن ومؤمنة لوقوعهما فى سياق النفي وقال بعضهم الضمير الثاني للرسول اى من امره والجمع للتعظيم وَمَنْ [وهر كه] يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى امر من الأمور ويعمل برأيه وفى كشف الاسرار ومن يعص الله فخالف الكتاب ورسوله فخالف السنة فَقَدْ ضَلَّ طريق الحق وعدل عن الصراط المستقيم ضَلالًا مُبِيناً اى بين الانحراف عن سنن الصواب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان العبد ينبغى ان لا يكون له اختيار بغير ما اختاره الله بل تكون خيرته فيما اختاره الله له ولا يعترض على أحكامه الازلية عند ظهورها له بل له الاحتراز عن شرّ ما قضى الله قبل وقوعه فاذا وقع الأمر فلا يخلو اما ان يكون موافقا للشرع او يكون مخالفا للشرع فان يكن موافقا للشرع فلا يخلو اما ان يكون موافقا لطبعه او مخالفا لطبعه فان يكن موافقا لطبعه فهو نعمة من الله يجب عليه شكرها وان يكن مخالفا لطبعه فيستقبله بالصبر والتسليم والرضى وان يكن مخالفا للشرع يجب عليه التوبة والاستغفار والانابة الى الله تعالى

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 إلى 41]

من غير اعتراض على الله فيما قدّر وقضى وحكم به فانه حكيم يفعل ما يشاء بحكمته ويحكم ما يريد بعزته انتهى يقول الفقير هذه الآية اصل فى باب التسليم وترك الاختيار والاعتراض فان الخير فيما اختاره الله واختاره رسوله واختاره ورثته الكمل والرسول حق فى مرتبة الفرق كما ان الوارث رسول للخلافة الكاملة فكل من الرسول والوارث لا ينطق عن الهوى لفنائه عن إرادته بل هو وحي يوحى والهام يلهم فيجب على المريد ان يستسلم لامر الشيخ المرشد محبوبا او مكروها ولا يتبع هو نفسه ومقتضى طبيعته وقد قال تعالى (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فيمكن وجدان ماء الحياة فى الظلمات (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) فقد يجعل فى السكر السم ومن عرف ان فعل الحبيب حبيب وان المبلى ليس لبلائه سواه طبيب لم يتحرك يمينا وشمالا ورضى جمالا وجلالا: قال الحافظ عاشقانرا كر در آتش مى نشاند قهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم واعلم ان الفناء عن الارادة امر صعب وقد قيل المريد من لا ارادة له يعنى لا ارادة له من جهة نفسه فله ارادة من جهة ربه فهو لا يريد الا ما يريد الله ولصعوبة إفناء الارادة فى ارادة الله وارادة رسوله وارادة وارث رسوله بقي اكثر السلاك فى حجاب الوجود وغابوا عن الشهود وحرموا من بركة المتابعة ونماء المشايعة قال بعض الكبار القهر عذاب ومن أراد ان يزول عنه حكم هذا القهر فليصحب الحق تعالى بلا غرض ولا شوق بل ينظر فى كل ما وقع فى العالم وفى نفسه فيجعله كالمراد له فيلتذبه ويتلقاه بالقبول والبشر والرضى فلا يزال من هذه حالته مقيما فى النعيم الدائم لا ينصف بالقهر ولا بالذلة وصاحب هذا المقام يحصل له اللذة بكل واقع منه او فيه او من غيره او فى غيره نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التسليم وارباب القلب السليم ويحفظنا من الوقوع فى الاعتراض والعناد لما حكم وقضى وأراد وَإِذْ تَقُولُ- روى- انه لما نزلت الآية المتقدمة قالت زينب وأخوها عبد الله رضينا يا رسول الله اى بنكاح زيد فانكحها عليه السلام إياه وساق إليها مهرها عشرة دنانير وستين درهما وخمارا وملحفة ودرعا وإزارا وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر وبقيت بالنكاح معه مدة فجاء النبي عليه السلام يوما الى بيت زيد لحاجة فابصر زينب فاعجبه حسنها فوقع فى قلبه محبتها بلا اختيار منه والعبد غير ملوم على مثله ما لم يقصد المأثم ونظرة المفاجأة التي هى النظرة الاولى مباحة فقال عليه السلام عند ذلك (سبحان الله يا مقلب القلوب ثبت قلبى) وانصرف وذلك ان نفسه كانت تمتنع عنها قبل ذلك لا يريدها ولو أرادها لخطبها وسمعت زينب التسبيحة فذكرتها لزيد بعد مجيئه وكان غائبا ففطن: يعنى [بدانست كه چيزى در دل رسول افتاد وبآنكه در حكم ازلى زينب زن رسول باشد الله تعالى محبت زينب در دل رسول افكند ونفرت وكراهت در دل زيد] فاتى رسول الله تلك الساعة فقال يا رسول الله انى أريد ان أفارق صاحبتى فقال (مالك أرأيت منها شيأ) قال لا والله ما رأيت منها إلا خبرا ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وتؤذيني بلسانها فمنعه عليه السلام من الفرقة وذلك قوله تعالى (وَإِذْ تَقُولُ) اى واذكر وقت قولك يا محمد لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالتوفيق للاسلام الذي هو أجل النعم وللخدمة والصحبة وفى التأويلات النجمية بان أوقعه فى معرض هذه

الفتنة العظيمة والبلية الجسيمة وقواه على احتمالها وأعانه على التسليم والرضى فيما يجرى الله عليه وفيما يحكم به عليه من مفارقة الزوجة وتسليمها الى رسول الله وبان ذكر اسمه فى القرآن من بين الصحابة وأفرد به وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بحسن التربية والاعتاق والتبني وفى التأويلات بقبول زينب بعد ان أنعمت عليه بايثارها عليه بقولك امسك إلخ وهو زيد بن حارثة رضى الله عنه مولاه عليه السلام وهو أول من اسلم من الموالي وكان عليه السلام يحبه ويحب ابنه اسامة شهد بدرا والخندق والحديبية واستخلفه النبي عليه السلام على المدينة حين خرج الى بنى المصطلق وخرج أميرا فى سبع سرايا وقتل يوم مؤتة بضم الميم وبالهمزة ساكنة موضع معروف عند الكرك وقد سبق فى ترجمته عند قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) فى أوائل هذه السورة قال فى الإرشاد وإيراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حاله لما صدر منه عليه السلام على زيد لا ينافى استحياءه منه فى بعض الأمور خصوصا إذا قارن تعيير الناس ونحوه كما سيجيئ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ [نكاه دار براى خود زن خود را يعنى زينب] وإمساك الشيء التعلق به وحفظه وَاتَّقِ اللَّهَ فى أمرها ولا تطلقها ضرارا: يعنى [از وى ضرر طلاقش مده] او تعللا بتكبرها وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ الموصول مفعول تخفى والإبداء الإظهار. يعنى [ونكاه داشتى چيزى در دل كه الله آنرا پيدا خواست كر] وهو علم بان زيدا سيطلقها وسينكحها يعنى انك تعلم بما أعلمتك انها ستكون زوجتك وأنت تخفى فى نفسك هذا المعنى والله يريد ان ينجز لك وعده ويبدى انها زوجتك بقوله (زَوَّجْناكَها) وكان من علامات انها زوجته إلقاء محبتها فى قلبه وذلك بتحبيب الله تعالى لا بمحبته بطبعه وذلك ممدوح جدا ومنه قوله عليه السلام (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وانه لم يقل أحببت ودواعى الأنبياء والأولياء من قبيل الاذن الإلهي إذ ليس للشيطان عليهم سبيل قال فى الاسئلة المقحمة قد اوحى اليه ان زيدا يطلقها وأنت تزوج بها فاخفى عن زيد سرما اوحى اليه لان ذلك السر يتعلق بالمشيئة والارادة ولا يجب على الرسل الاخبار عن المشيئة والارادة وانما يجب عليهم الاخبار والاعلام عن الأوامر والنواهي لا عن المشيئة كما انه كان يقول لابى لهب آمن بالله وقد علم ان الله أراد ان لا يؤمن ابو لهب كما قال تعالى (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) لان ذلك الذي يتعلق بعذاب ابى لهب انما هو من المشيئة والارادة فلا يجب على النبي إظهاره ولا الاخبار عنه وَتَخْشَى النَّاسَ تخاف لومهم وتعييرهم إياك به: يعنى [مى ترسى از سرزنش مردم كه كويند زن پسر را بخواست] وفى التأويلات النجمية اى تخشى عليهم ان يقعوا فى الفتنة بان يخطر ببالهم نوع انكار او اعتراض عليه او شك فى نبوته بان النبي من تنزه عن مثل هذا الميل وتتبع الهوى فيخرجهم من الايمان الى الكفر فكانت تلك الخشية إشفاقا منه عليهم ورحمة بهم انهم لا يطيقون سماع هذه الحالة ولا يقدرون على تحملها وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ وان كان فيه ما يخشى قال الكاشفى [مقرر است كه حضرت رسالت عليه السلام ترسكارترين خلق بوده زيرا كه خوف وخشيت نتيجه علمست (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) پس بحكم (انا أعلمكم بالله وأخشاكم از همه عالميان أخشى بود ودر حديث آمده (الخوف رفيقى) ]

خوف وخشيت نتيجه علمست ... هر كرا علم بيش خشيت بيش هر كرا خوف شد رفيق رهش ... باشد از جمله رهروان در پيش وفى كشف الاسرار انما عوتب عليه السلام على إخفاء ما اعلمه الله انها ستكون زوجة له قالت عائشة رضى الله عنها لو كتم النبي عليه السلام شيأ من الوحى لكتم هذه الآية إذ تقول إلخ وما نزل على رسول الله آية هى أشد عليه من هذه الآية وفى التأويلات يشير الى ان رعاية جانب الحق أحق من رعاية جانب الخلق لان لله تعالى فى إبداء هذا الأمر واجراء هذا القضاء حكما كثيرة فاقصى ما يكون فى رعاية جانب الخلق ان لا يضل به بعض الضعفاء فلعل الحكمة فى اجراء هذه الحكم فتنة لبعض الناس المستحقين الضلالة والإنكار ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حىّ عن بينة وهذا كما قال (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) فالواجب على النبىّ إذا عرض له أمران فى أحدهما رعاية جانب الحق وفى الآخر رعاية جانب الخلق ان يختار رعاية جانب الحق على الخلق فان للحق تعالى فى اجراء حكم من أحكامه وإصفاء امر من أوامره حكما كثيرة كما قال تعالى فى اجراء تزويج النبي عليه السلام بزينب قوله (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها اى من زوجه وهى زينب وَطَراً قال فى القاموس الوطر محركة الحاجة او حاجة لك فيها همّ وعناية فاذا بلغتها فقد قضيت وطرك وفى الوسيط معنى قضاء الوطر فى اللغة بلوغ منتهى ما فى النفس من الشيء يقال قضى منها وطرا إذا بلغ ما أراد من حاجة فيها ثم صار عبارة عن الطلاق لان الرجل انما يطلق امرأته إذا لم يبق له فيها حاجة والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها وفى التأويلات اما وطر زيد منها فى الصورة استيفاء حظه منها بالنكاح ووطره منها فى المعنى شهرته بين الخلق الى قيام الساعة بان الله تعالى ذكره فى القرآن باسمه دون جميع الصحابة وبانه اثر النبي عليه السلام على نفسه بايثار زينب وفى الاسئلة المقحمة كيف طلق زيد زوجته بعد ان امر الله ورسوله بامساكه إياها والجواب ما هذا للوجوب واللزوم وانما هو امر للاستحباب زَوَّجْناكَها هلال ذى القعدة سنة اربع من الهجرة على الصحيح وهى بنت خمس وثلاثين سنة والمراد الأمر بتزوجها او جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده ما روى انس رضى الله عنه انها كانت تفخر على سائر ازواج النبي عليه السلام وتقول زوجكن اهاليكن وزوجنى الله من فوق سبع سموات: يعنى [سيد عالم از نزول آيت بخانه زينب آمد بى دستورى وزينب كفت يا رسول الله بى خطبه وبى گواه حضرت فرموده كه] (الله المزوج وجبريل الشاهد) وهو من خصائصه عليه السلام وأجاز الامام محمد انعقاد النكاح بغير شهود خلافا لهما قاس الامام محمد ذلك بالبيع فان النكاح بيع البضع والثمن المهر فكما ان نفس العقد فى البيع لا يحتاج الى الشهود فكذا فى باب النكاح ونظر الامامان الى المآل فانه إذا لم يكن عند الشهود بدون الإعلان فقد يحمل على الزنى فالنبى عليه السلام شرط ذلك حفظا عن الفسخ وصونا للمؤمنين عن شبهة الزنى- وروى- انها لما اعتدت قال رسول الله لزيد (ما أجد أحدا أوثق فى نفسى منك اخطب علىّ زينب) قال زيد فانطلقت فاذا هى تخمر عجينها فقلت يا زينب أبشري فان رسول الله

يخطبك ففرجت وقالت ما انا بصانعة شيأ حتى أوامر ربى فقامت الى مسجدها ونزل القرآن زوجنا كها فزوجها رسول الله ودخل بها وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ذبح شاة واطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار وجعل زيد سفيرا فى خطبتها ابتلاء عظيم له وشاهد بين على قوة إيمانه ورسوخه فيه اعتقاد من چوبيخ سرو دارد محكمى ... بيش باشد از هواى عشق وسودانه كمى لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ اى ضيق ومشقة قال فى المفردات اصل الحرج مجتمع الشجر وتصور منه ضيق بينها فقيل للضيق حرج وللاثم حرج واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتوكيد وقال بعضهم اللام جارة لتعليل التزويج وكى حرف مصدرى كأن فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ فى حق تزوج زوجات الذين دعوهم أبناء والأدعياء جمع دعىّ وهو الذي يدعى ابنا من غير ولادة إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً اى إذا لم يبق لهم فيهن حاجة وطلقوهن وانقضت عدتهن فان لهم فى رسول الله أسوة حسنة. وفيه دليل على ان حكمه عليه السلام وحكم الامة سواء الا ما خصه الدليل قال الحسن كانت العرب تظن ان حرمة المتبنى كحرمة الابن فبين الله ان حلائل الأدعياء غير محرمة على المتبنى وان أصابوهن اى وطئوهن بخلاف ابن الصلب فان امرأته تحرم بنفس العقد وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ اى ما يريد تكوينه من الأمور مَفْعُولًا مكوّنا لا محالة لا يمكن دفعه ولو كان نبيا كما كان تزويج زينب وكانت كالعارية عند زيد. ولذا قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره فى اعتقادنا ان زينب بكر كعائشة رضى الله عنها لان زيدا كان يعرف انها حق النبي عليه السلام فلم يمسها وذلك مثل آسية وزليخا ولكن عرفان عائشة لا يوصف ويكفينا ان ميله عليه السلام إليها كان اكثر من غيرها ولم تلد ايضا لانها فوق جميع التعينات وكانت عائشة رضى الله عنها تقول فى حق زينب هى التي كانت تساوينى فى المنزلة عند رسول الله ما رأيت امرأة قط خيرا فى الدين واتقى لله واصدق فى حديث وأوصل للرحم وأعظم صدقة من زينب [واز پس درويش نواز ومهماندار وبخشنده بود او را أم المساكين ميكفتند وأول زنى كه بعد از رسول خدا از دنيا بيرون شد زينب بود] ماتت بالمدينة سنة عشرين وصلى عليها عمر بن الخطاب رضى الله عنه ودفنت بالبقيع ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة وأبدل الله منها لزيد جارية فى الجنة كما قال عليه السلام (استقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة) قوله استقبلتني اى خرجت من الجنة واستقبلته عليه السلام بعد مجاوزة السماء السابعة ليلة المعراج. واللعس لون الشفة إذا كانت تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح قاله فى الصحاح. وأبدى السهيلي حكمة لذكر زيد باسمه فى القرآن وهى انه لما نزل قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) وصار يقال له زيد بن حارثة ولا يقال له زيد بن محمد ونزع عنه هذا التشريف وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بذكر اسمه فى القرآن دون غيره من الصحابة فصار اسمه يتلى فى المحاريب. وزاد فى الآية ان قال وإذ تقول للذى أنعم الله عليه اى بالايمان فدل على انه من اهل الجنة علم بذلك قبل ان يموت وهذه فضيلة اخرى. ثم ان هذا الإيثار الذي نقل عن زيد انما يتحقق به

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 38 إلى 39]

السالك القوى الاعتقاد الثابت فى طريق الرشاد فانظر الى حال الاصحاب يفتح الله لك الحجاب- روى- انه عليه السلام آخى بعد الهجرة بين عبد الرحمن بن عوف من المهاجرين وبين سعد بن الربيع من الأنصار وعند ذلك قال سعد لعبد الرحمن يا عبد الرحمن انى من اكثر الأنصار مالا فانا مقاسمك وعندى امرأتان فانا مطلق إحداهما فاذا انقضت عدتها فتزوجها فقال له بارك الله لك فى أهلك ومالك كما فى انسان العيون ثم دار الزمان فصار كل امر معكوسا فرحم الله امرأ نصب نفسه لرفع البدع والهوى وجانب جرالذيل الى جانب الردى ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ اى ما صح وما استقام فى الحكمة ان يكون عليه ضيق فمن زائدة بعد النفي وحرج اسم كان الناقصة فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ اى قسم الله له وقدر كتزوج زينب من قولهم فرض له فى الديوان كذا ومنه فروض العساكر لارزاقهم سُنَّةَ اللَّهِ اسم موضوع موضع المصدر مؤكد لما قبله من نفى الحرج اى سن الله نفى الحرج سنة اى جعله طريقة مسلوكة فِي الَّذِينَ خَلَوْا مضوا قال فى المفردات الخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب انتهى يقول الفقير الخلو فى الحقيقة حال الزمان والمكان لان المراد خلوهما عما فيهما بموت ما فيهما فافهم مِنْ قَبْلُ من الأنبياء حيث وسع عليهم فى باب النكاح وغيره ولقد كان لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية فلك التوسعة فى امر النكاح مثل الأنبياء الماضين وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ [وهست كار خدا] قَدَراً مَقْدُوراً قضاء مقضيا وحكما مبتوتا قال فى المفردات القدر اشارة الى ما بين به القضاء والكتابة فى اللوح المحفوظ وهو المشار اليه بقوله (فرغ ربك من الخلق) والخلق والاجل والرزق والمقدور اشارة الى ما يحدث حالا فحالا وهو المشار اليه بقوله (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا قضى امر نبى او ولى لم يجعل عليه فى ذلك من حرج ولا سبب نقصان وان كان فى الظاهر سبب نقصان ما عند الخلق والذي يجرى على الأنبياء والأولياء قضاء مبرم مبنى على حكم كثيرة ليس فيه خطأ ولا غلظ ولا عبث پير ما كفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ مجرور المحل على انه صفة للذين خلوا. ومعناه بالفارسية [آنانكه ميرسانيدند پيغامهاى خدا را بامتان خود] والمراد ما يتعلق بالرسالة وهى سفارة العبد بين الله وبين ذوى الألباب من خلقه اى إيصال الخبر من الله الى العبد وَيَخْشَوْنَهُ فى كل ما يأتون ويذرون لا سيما فى امر تبليغ الرسالة حيث لا يقطعون منها حرفا ولا تأخذهم فى ذلك لومة لاثم وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وفى وصفهم بقصرهم الخشية على الله تعريض بما صدر عنه عليه السلام من الاحتراز عن لائمة الخلق بعد التصريح فى قوله (وَتَخْشَى النَّاسَ) الآية قال بعض الكبار خشية الأنبياء من العقاب وخشية الأولياء من الحجاب وخشية عموم الخلق من العذاب وفى الاسئلة المقحمة كيف قال ويخشونه ولا يخشون أحدا الا الله ومعلوم انهم خافوا غير الله وقد خاف موسى عليه السلام حين قال له (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ

الْأَعْلى) وكذلك قال يعقوب عليه السلام (انى أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) وكذلك خاف نبينا عليه السلام حين قيل له (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وكذلك اخبر الكتاب عن جماعة من الأنبياء انهم خافوا أشياء غير الله والجواب ان معنى الآية لا يعتقدون ان شيأ من المخلوقات يستقل باضرارهم ويستبد بايذائهم دون ارادة الله ومشيئته لما يعلمون ان الأمور كلها بقضاء الله وقدره فاراد بالخوف خوف العقيدة والعلم واليقين لا خوف البشرية الذي هو من الطباع الخلقية وخواص البشرية ونتائج الحيوانية وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً محاسبا لعباده على أعمالهم فينبغى ان يحاسب العبد نفسه قبل محاسبة الله إياه ولا يخاف غير الله لا فى امر النكاح ولا فى غيره إذا علم ان رضى الله وحكمه فيه واعلم ان السواك والتعطر والنكاح ونحوها من سنن الأنبياء عليهم السلام وليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم الى الآن ثم تستمر تلك العبادة فى الجنة الا الايمان والنكاح قال بعض الكبار من كان اتقى كانت شهوته أشد وذلك ان حرارة الشهوة الحقيقية انما هى بعد نار العشق التي بعد نور المحبة فانظركم من فرق بين شهوة اهل الحجاب وشهوة اهل الشهود فعروق اهل الغفلة ممتلئة بالدم وعروق اهل اليقظة ممتلئة بالنور ولا شك ان قوّة النور فوق قوة الدم فنسأل الله الهدى لا الحركة بالهوى- حكى- عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض العارفين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام حيث قال (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فقلت له أما تستحيى من الله تعالى فانه عليه السلام ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان من عند الله بلا اختيار منه قال ثم حصل لى غم وهمّ فرأيت النبي عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفينا امره ثم سمعت انه قتل فى طريق ضيعة له قال بعض الكبار من أراد فهم المعاني الغامضة فى الشريعة فليتعمل فى تكثير النوافل فى الفرائض وان امكنه ان يكثر من نوافل النكاح فهو اولى إذ هو أعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والانتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شىء من العلم بالعالم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة أتم واقرب لتحصيل ما يرونه فانه إذا فعل ذلك أحبه الحق وإذا أحبه صار من اهل الله كاهل القرآن وإذا صار من اهل القرآن كان محلا للقائه وعرشا لاستوائه وسماء لنزوله وكرسيا لامره ونهيه فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وقال كنت من ابغض خلق الله للنساء وللجماع فى أول دخولى فى الطريق وبقيت على ذلك نحو ثمانى عشرة سنة حتى خفت على نفسى المقت لمخالفة ما حبب لرسول الله صلى عليه وسلم فلما افهمنى الله معنى حبب علمت ان المراد ان لا يحبهن طبعا وانما يحبهن بتحبيب الله فزالت تلك الكراهة عنى وانا الآن من أعظم خلق الله شفقة على النساء لانى فى ذلك على بصيرة لاعن حب طبيعى انتهى- وروى- ان جماعة أتوا منزل زكريا عليه السلام فاذا فتاة جميلة قد أشرق لها البيت حسنا قالوا من أنت قالت انا امرأة زكريا فقالوا لزكريا كنا نرى نبى الله لا يريد الدنيا وقد اتخذت امرأة جميلة فقال انما تزوجت امرأة جميلة لا كف بها بصرى واحفظ بها فرجى فالمرأة الصالحة المعينة ليست من الدنيا فى الحقيقة: قال الشيخ سعدى قدس سره

[سورة الأحزاب (33) : آية 40]

زن خوب وفرمان بر و پارسا ... كند مرد درويش را پادشا كرا خانه آباد وهمخوابه دوست ... خدا را برحمت نظر سوى اوست چومستور باشد زن خوبروى ... بديدار او در بهشتست شوى ما كانَ مُحَمَّدٌ ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. والمختار انه لا يشترط فى الإسلام معرفة اب النبي عليه السلام واسم جده بل يكفى فيه معرفة اسمه الشريف كما فى هداية المريدين للمولى أخي چلبى يقال فلان محمود إذا حمد ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة كما فى المفردات قال الشيخ زكريا فى شرح المقدمة الجزرية هو البليغ فى كونه محمودا وهو الذي حمدت عقائده وأفعاله وأقواله وأخلاقه سماه به جده عبد المطلب بالهام من الله فى سابع ولادته فقيل له لم سميت محمدا وليس من اسماء آبائك ولا قومك فقال رجوت ان يحمد فى السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه وتفؤله فكان عليه السلام بخصاله المحبوبة وشمائله المرغوبة محمودا عند الله وعند الملائكة المقربين وعند الأنبياء والمرسلين وعند اهل الأرض أجمعين وان كفر به بعضهم فان ما فيه من صفات الكمال محمود عند كل عاقل. وله الف اسم كما ان لله تعالى الف اسم وجميع أسمائه مشتقة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال فله من كل وصف اسم ألا ترى انه الماحي لان الله محابه الكفر اى سورته التي كانت قبل بعثه. والحاشر لانه الذي يحشر الناس على قدمه اى على اثره وبعده. والعاقب وهو الآتي عقيب الأنبياء. وأشار بالميم الى انه الختام لان مخرجها ختام المخارج وكذا الى بعثته عند الأربعين قال الامام النيسابورى كان من الاسم الشريف اربعة أحرف ليوافق اسم الله تعالى كما ان محمد رسول الله اثنا عشر حرفا مثل لا اله الا الله وهو من اسرار المناسبة وكذا لفظ ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلى بن ابى طالب لكمال مناسبتهم فى اخلاقهم لتلك الحضرة المحمدية ولهذه المناسبة يلتقى نسبهم بنسبه. فعلىّ يلتقى نسبه فى الأب الثاني. وعثمان فى الخامس. وابو بكر فى السابع. وعمر فى التاسع. ومحمد باعتبار البسط لا بحساب ابجد ثلاثمائة وثلاثة عشر مثل عدد المرسلين فانك إذا أخذت فى بسط الميمين والميم المدغم «م ى م، حا، دال» «2» يظهر لك العدد المذكور: قال المولى الجامى محمدت چون بلا نهايه ز حق ... يافت شد نام او از آن مشتق مى نمايد بچشم عقل سليم ... حرف حايش عيان ميان دو ميم چون رخ حور كز كناره او ... كشته پيدا دو كوشواره او ياد وحلقه ز عنبرين مويش ... آشكار از جانب رويش دال آن كز همه فرودنشت ... دل بنازش كرفته بر سر دست وفى الحديث (من ولد له مولود فسماه محمدا حبالى وتبركا باسمي كان هو ومولوده فى الجنة. ومن كان له ذو بطن فاجمع ان يسميه محمدا رزقه الله غلاما. ومن كان لا يعيش له ولد فجعل لله عليه ان يسمى الولد المرزوق محمدا عاش) ومن خصائصه البركة فى الطعام الذي عليه مسمى باسم محمد وكذا المشاورة ونحوها وينبغى ان يعظم هذا الاسم وصاحبه [در مجمع اللطائف

_ (2) قال سيدى محمد بن احمد بنيس فى لوامع أنوار الكواكب الدري فى شرح همزية الامام البوصيرى قدس سره قال بعض العلماء فى اسم محمد ثلاث ميمات إذا بسطت كلا منهما قلت «ميم» وعدتها تسمعون فيحصل من الميمات الثلاث مائتان وسبعون. وإذا بسطت الحاء والدال قلت «دال» بخمسة وثلاثين و «حا» بتسعة فالجملة ثلاثمائة واربعة عشر فتلك عدة الرسل عليهم الصلاة والسلام اه بعبارته مصححه

آورده كه أياز خاص پسرى داشت محمد نام واو را ملازم سلطان محمود ساخته بود روزى سلطان متوجّه طهارت خانه شده فرمود كه پسر أياز را بگوييد تا آب طهارت بيارد أياز اين سخن شنوده در تأمل افتاد كه آيا پسر من چهـ گناه كرده كه سلطان نام او بر زبان نمى راند سلطان وضو ساخته بيرون آمد ودر أياز نكريست او را انديشه مند ديد پرسيد كه سبب اثر ملال كه بر جبين تو مى بينم چيست أياز از روى نياز بموقف عرض رسانيد كه بنده زاده را بنام نخواند برترسيدم كه مبادا ترك ادبى ازو صادر شده باشد وموجب انحراف مزاج همايون كشته سلطان تبسمى فرمود وكفت اى أياز دل جمع دار كه ازو صورتى كه مكروه طبع من باشد صدور نيافته بلكه وضو نداشتم واو محمد نام داشت مرا شرم آمد لفظ محمد بر زبان من كذرد وقتى كه بى وضو باشم چهـ اين لفظ نشانه حضرت سيد أنام است هزار بار بشويم دهن بمشك وكلاب ... هنوز نام تو بردن ادب نمى دانم وكان رجل فى بنى إسرائيل عصى الله مائة سنة ثم مات فاخذه فالقوه فى مزبلة فاوحى الله تعالى الى موسى ان أخرجه وصل عليه قال يا رب ان بنى إسرائيل شهدوا انه عصاك مائة سنة فاوحى الله اليه انه هكذا الا انه كان كلما نشر التوراة ونظر الى اسم محمد قبله ووضعه على عينيه فشكرت له ذلك وغفرت له وزوجته سبعين حوراء قال اهل التفسير لما نكح النبي عليه السلام زينب بعد انقضاء عدتها استطال لسان المنافقين وقالوا كيف نكح زوجة ابنه لنفسه وكان من حكم العرب ان من تبنى ولدا كان كولده من صلبه فى التوريث وحرمة نكاح امرأته على الأب المتبنى وأراد الله ان يغير هذا الحكم فانزل (ما كانَ مُحَمَّدٌ) أَبا أَحَدٍ [پدر هيچ كس] مِنْ رِجالِكُمْ [از مردان شما] على الحقيقة يعنى بالنسب والولادة حتى يثبت بينه وبينه ما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولا ينتقض عمومه بكونه أبا للطاهر والقاسم وابراهيم لانهم لم يبلغوا مبلغ الرجال لان الرجل هو الذكر البالغ: يعنى [ايشان بمبلغ رجال نرسيدند او را فى الحقيقة پسر صلبى نيست كه ميان وى وآن پسر حرمت مصاهرت باشد] ولو بلغوا لكانوا رجاله لا رجالهم وكذا الحسن والحسين رضى الله عنهما لانهما ابنا النبي عليه السلام بشهادة لفظه عليه السلام على انهما ايضا لم يكونا رجلين حينئذ بل طفلين او المقصود ولده خاصة لا ولد ولده قال فى الاسئلة المقحمة كان الله عالما فى الأزل بان لا يكون لذكور أولاد رسوله نسل ولا عقب وانما يكون نسبه لاناث أولاده دون ذكر انهم فقال (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) فعلى هذا كان الخبر من قبيل معجزاته على صدقه فان المخبر عنه قد حصل كما اخبر وقد صدق الخبر انتهى وأبناء النبي عليه السلام على الصحيح ثلاثة. القاسم وبه يكنى إذ هو أول أولاده عاش سنتين ومات قبل البعثة بمكة. وعبد الله وهو الطيب الطاهر مات فى الرضاع بعد البعثة ودفن بمكة وهما من خديجة رضى الله عنها. وابراهيم من مارية القبطية ولد فى ذى الحجة فى ثمان من الهجرة عق عنه عليه السلام بكبشين يوم سابع ولاده وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وامر بشعره فدفن فى الأرض ومات فى الرضاع وهو ابن ثمانية عشر شهرا ودفن بالبقيع وجلس عليه السلام على شفير

القبر ورش على قبره ماء وعلم على قبره بعلامة ولقنه وقال (يا بنى قل الله ربى ورسول الله ابى والإسلام دينى) ومن هاهنا ذهب بعضهم الى ان الأطفال يسألون فى القبر وان العقل يكمل لهم فيسن تلقينهم وذهب جمع الى انهم لا يسألون وان السؤال خاص بالمكلف قال السيوطي لم يثبت فى التلقين حديث صحيح ولا حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين ولهذا ذهب جمهور الامة الا ان التلقين بدعة حسنة وآخر من افتى بذلك عز الدين بن عبد السلام وانما استحبه ابن الصلاح وتبعه النووي نظرا الى ان الحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال وحينئذ فقول الامام السبكى حديث التلقين اى تلقين النبي عليه السلام لابنه ليس له اصل اى اصل صحيح او حسن كذا فى انسان العيون وبقية الكلام فى السؤال والتلقين سبق فى سورة ابراهيم عليه السلام عند قوله تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ الرسول والمرسل بمعنى واحد من أرسلت فلانا فى رسالة فهو مرسل ورسول قال القهستاني الرسول فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الإرسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا هو من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان وهذا الفرق هو المعول عليه انتهى. والمعنى ولكن كان رسول الله وكل رسول الله ابو أمته لكن لا حقيقة بل بمعنى انه شفيق ناصح لهم وسبب لحياتهم الابدية واجب التوقير والطاعة له ولذا حرمت أزواجه عليه السلام على أمته حرمة أمهاتهم فانه من باب التعظيم وما زيد بن حارثة الا واحد من رجالكم الذين لا ولادة بينهم وبينه عليه السلام فحكم حكمهم وليس للتبنى والادعاء حكم سوى التقريب والاختصاص قال بعضهم لم يسمه لنا أبا لانه لوسماه أبا لكان يحرم نكاح أولاده كما حرمت على الامة نساؤه لكونهن أمهاتها او لانه لو سماه أبا لكان يحرم عليه ان يتزوج من نساء أمته كما يحرم على الأب ان يتزوج بابنته وتزوج بنات أمته ليس بحرام قال فى كشف الاسرار [هر چند اسم پدرى ازو بيفكند اما از همه پدران مشفق ومهربانتر بود قال عليه السلام (انا لكم مثل الوالد لولده) كفته اند شفقت او بر امت از شفقت پدران افزون بود اما او را پدر امت نخوانند از بهر آنكه در حكم ازلى رفته كه روز قيامت دران عرصه كبرى كه سرا پرده قهارى بزنند وبساط عظمت بگسترانند وترازوى عدل بياويزند وزندان عذاب از حجاب بيرون آرند جانها بگلو رسد زبانها فصيح كردد وعذرها همه باطل شود نسبها بريده كردد پدران همه از فرزندان بگريزند چنانكه رب العزت كفت (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) آدم كه پدر همكانست فرا پيش آيد بار خدايا آدم را بگذارد با فرزندان تو دان كه چهـ كنى نوح هم آن كويد ابراهيم هم آن كويد وموسى وعيسى وديكر پيغمبران هم آن كويند از سياست قيامت وفزع او همه بگريزند وبخود درماندند وبا فرزندان نپردازند وكويند (نفسى نفسى) خداوندا ما را برهان وبا فرزندان هر چهـ خواهى كن ومصطفى عربى عليه السلام رحمت وشفقت بگشاده كه بار خدايا امت من مشتى ضعيفان وبيچارگانند طاقت عذاب وعقاب تو ندارند بر ايشان ببخشاى ورحمت كن وبا محمد هر چهـ خواهى ميكن بحكم آنكه در ازل رفته كه پدران از فرزندان

بگريزند آن روز او را پدر نخوانند تا ازيشان نكريزد واز بهر ايشان شفاعت كند وديكر او را پدر نخوانند كه اگر پدر بودى كواهىء پدر مر پسر قبول نكند در شرع واو صلوات الله عليه در قيامت بعدالت امت كواهى خواهد داد] وذلك قوله تعالى (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ قرأ عاصم بفتح التاء وهو آلة الختم بمعنى ما يختم به كالطابع بمعنى ما يطبع به. والمعنى وكان آخرهم الذي ختموا به: وبالفارسية [مهر پيغمبران يعنى بدو مهر كرده شد در نبوت و پيغمبران را بدو ختم كرده اند] وقرأ الباقون بكسر التاء اى كان خاتمهم اى فاعل الختم بالفارسية [مهر كننده پيغمبرانست] وهو بالمعنى الاول ايضا وفى المفردات لانه ختم النبوة اى تممت بمجيئه وأياما كان فلو كان له ابن بالغ لكان نبيا ولم يكن هو عليه السلام خاتم النبيين كما يروى انه قال فى ابنه ابراهيم (لو عاش لكان نبيا) وذلك لان أولاد الرسل كانوا يرثون النبوة قبله من آبائهم وكان ذلك من امتنان الله عليهم فكانت علماء أمته ورثته عليه السلام من جهة الولاية وانقطع ارث النبوة بختميته ولا يقدح فى كونه خاتم النبيين نزول عيسى بعده لان معنى كونه خاتم النبيين انه لا ينبأ أحد بعده كما قال لعلى رضى الله عنه (أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدي) وعيسى ممن تنبأ قبله وحين ينزل انما ينزل على شريعة محمد عليه السلام مصليا الى قبلته كأنه بعض أمته فلا يكون اليه وحي ولا نصب احكام بل يكون خليفة رسول الله فان قلت قد روى ان عيسى عليه السلام إذا نزل فى آخر الزمان يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويزيد فى الحلال ويرفع الجزية عن الكفرة فلا يقبل الا الإسلام قلت هذه من احكام الشريعة المحمدية لكن ظهورها موقت بزمان عيسى وبالجملة قوله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) يفيد زيادة الشفقة من جانبه والتعظيم من جهتهم لان النبي الذي بعده نبى يجوز ان يترك شيأ من النصيحة والبيان لانها مستدركة من بعده واما من لا نبى بعده يكون اشفق على أمته واهدى بهم من كل الوجوه شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجه پيغمبران (نظم) احمد مرسل كه نوشته قلم ... حمد بنام وى وحم هم چون شده او مظهر الله هاد ... در ره ارشاد وجودش نهاد جمله اسباب هدى از خدا ... كرد بتقرير بديعش ادا وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فيعلم من يليق بان يختم به النبوة وكيف ينبغى لشانه ولا يعلم أحد سواه ذلك قال ابن كثير فى تفسير هذه الآية هى نص على انه لا نبى بعده وإذا كان لا نبى بعده فلا رسول بطريق الاولى والأحرى لان مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فان كل رسول نبى ولا ينعكس وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله فمن رحمة الله بالعباد إرسال محمد إليهم ثم من تشريفه له ختم الأنبياء والمرسلين به وإكمال الدين الحنيف له وقد اخبز الله فى كتابه ورسوله فى السنة المتواترة عن انه لا نبى بعده ليعلموا ان كل من ادعى هذا المقام بعده كذاب أفاك دجال ضال مضل ولو تخرق وشعبذ واتى بانواع السحر والطلاسم

والنيرنجيات فكلها محال وضلال عند اولى الألباب كما اجرى سبحانه على يدى الأسود العبسي باليمن ومسيلمة الكذاب باليمامة من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة ما علم كل ذى لب وفهم وحجى انهما كاذبان ضالان لعنهما الله تعالى وكذلك كل مدع لذلك الى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب ما جاء بها انتهى. ولما نزل قوله تعالى (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) استغرب الكفار كون باب النبوة مسدودا فضرب النبي عليه السلام لهذا مثلا ليتقرر فى نفوسهم وقال (ان مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بنيانا فاحسنه وأجمله الا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فانا اللبنة وانا خاتم النبيين) قال فى بحر الكلام وصنف من الروافض قالوا بان الأرض لا تخلو عن النبي والنبوة صارت ميراثا لعلى وأولاده ويفرض على المسلمين طاعة على وكل من لا يرى اطاعته يكفر وقال اهل السنة والجماعة لا نبى بعد نبينا لقوله تعالى (وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وقوله عليه السلام (لا نبى بعدي) ومن قال بعد نبينا نبى يكفر لانه أنكر النص وكذلك لو شك فيه لان الحجة تبين الحق من الباطل. ومن ادعى النبوة بعد موت محمد لا يكون دعواه الا باطلا انتهى وتنبأ رجل فى زمن ابى حنيفة وقال أمهلوني حتى أجيء بالعلامات فقال ابو حنيفة من طلب منه علامة فقد كفر لقوله عليه السلام (لا نبى بعدي) كذا فى مناقب الامام وفى الفتوحات المكية وانما لم يعطف المصلى السلام الذي سلم به على نفسه بالواو على السلام الذي سلم به على نبيه اى لم يقل والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بعد قوله السلام عليك ايها النبي لانه لو عطفه عليه وقال والسلام علينا على نفسه من جهة النبوة وهو باب قد سده الله كما سد باب الرسالة عن كل مخلوق بمحمد الى يوم القيامة وتعين بهذا انه لا مناسبة بيننا وبين رسول الله فانه فى المرتبة التي لا تنبغى لنا فابتدأنا بالسلام علينا فى طورنا من غير عطف والمقام المحمدي ممنوع دخوله لنا وغاية معرفتنا بالنظر اليه كما تنظر الكواكب فى السماء وكما ينظر اهل الجنة السفلى الى من هو فى عليين. وقد وقع للشيخ ابى يزيد البسطامي فى مقام النبي قدر خرم ابرة تجليا لا دخولا فاحترق وفى الفصوص وشرحه للجامى لا نبى بعده مشرعا او مشرعا له والاول هو الآتي بالاحكام الشرعية من غير متابعة لنبى آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام والثاني هو المتبع لما شرعه له النبي المقدم كانبياء بنى إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين الى شريعة موسى فالنبوة والرسالة منقطعتان عن هذا الموطن بانقطاع الرسول الخاتم فلم يبق الا النبوة اللغوية التي هى الانباء عن الحق وأسمائه وصفاته واسرار الملكوت والجبروت وعجائب الغيب ويقال لها الولاية وهى الجهة التي تلى الحق كما ان النبوة هى الجهة التي تلى الحق فالولاية باقية دائمة الى قيام الساعة يقول الفقير كان له عليه السلام نوران نور النبوة ونور الولاية فلما انتقل من هذا الموطن بقي نور النبوة فى الشريعة المطهرة وهى باقية فكأن صاحب الشريعة حى بيننا لم يمت وانتقل نور الولاية الى باطن قطب الاقطاب يعنى ظهر فيه ظهورا تاما فكان له مرآة وهو واحد فى كل عصر ويقال له قطب الوجود وهو مظهر التجلي

الحقي. واما قطب الإرشاد فكثير وهم مظاهر التجلي العيني قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فانه يجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وقال فى الأشباه فى كتاب السير إذا لم يعرف ان محمدا عليه السلام آخر الأنبياء فليس بمسلم لانه من الضروريات وفى الآية اشارة الى قطع نسبه عن الخلق لانه نفى الابوة لرجال الناس والى اثبات نسبه لاولاده وآله ففى قوله (مِنْ رِجالِكُمْ) تشريف لهم وانهم ليسوا كرجالهم بل هم المخصوصون بزيادة الانعام لا ينقطع حسبهم ونسبهم كما قال عليه السلام (كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبى) اى فانه يختم باب التناسل برجل من اهل البيت من صلب المهدى خاتم الخلافة العامة وخاتم الولاية الخاصة ولا يلزم من ذلك ان يكون منهم أنبياء ولو جاء بعده نبى لجاء على رضى الله عنه لانه كان منه عليه السلام بمنزلة هارون من موسى فاذا لم يكن هو نبيا لم يكن الحسنان ايضا نبيين لانهما لم يكونا أفضل من أبيهما قال بعض الكبار الحسب فى الحقيقة الفقر والنسب التقوى فمن أراد ان يرتبط برسول الله وان يكون من آله المقبولين فليرتبط بهذين [در عيون الاجوبة آورده كه صحت هر كتابى بمهر اوست حق تعالى پيغمبر را مهر كفت تا دانند كه تصحيح دعوت محبت الهى جز بمتابعت حضرت رسالتپناهى نتوان كرد (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) وشرف بزركوارىء كتاب بمهر اوست شرف جمله أنبياء نيز بدان حضرتست وشاهد هر كتاب مهر اوست پس شاهد همه در محكمه قيامت او خواهد بود (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) و چون كتاب را مهر كردند كتاب در جهان باقى شد چون نبوت بدان حضرت سمت اختتام يافت در نبوت بسته كشت وديكر چون از همه انبيا بمهر مخصوص بختميت ايشان نيز اختصاص يافت] : وفى المثنوى بهر اين خاتم شده است او كه بجود ... مثل او نى بود ونى خواهند بود «1» چونكه در صنعت بود استاد دست ... نى تو كويى ختم صنعت بر تو است قال فى حل الرموز الختم إذا كان على الكتاب لا يقدر أحد على فكه كذلك لا يقدر أحد ان يحيط بحقيقة علوم القرآن دون الخاتم ومادام خاتم الملك على الخزانة لا يجسر أحد على فتحها ولا شك ان القرآن خزانة جميع الكتب الالهية المنزلة من عند الله ومجمع جواهر العلوم الالهية والحقائق اللدنية فلذلك خص به خاتم النبيين محمد عليه السلام ولهذا السر كان خاتم النبوة على ظهره بين كتفيه لان خزانة الملك تختم من خارج الباب لعصمة الباطن وما فى داخل الخزانة. وفى الخبر القدسي (كنت كنزا مخفيا) فلا بد للكنز من المفتاح والخاتم فسمى عليه السلام بالخاتم لانه خاتمه على خزانة كنز الوجود وسمى بالفاتح لانه مفتاح الكنز الأزلي به فتح وبه ختم ولا يعرف ما فى الكنز الا بالخاتم الذي هو المفتاح قال تعالى (فاحببت ان اعرف) فحصل العرفان بالفيض الحثى على لسان الحبيب ولذلك سمى الخاتم حبيب الله لان اثر الختم على كنز الملك صورة الحب لما فى الكنز [كفته اند معنىء خاتم النبيين آنست كه رب العزة نبوت همه انبيا جمع كرد ودل مصطفى عليه السلام را معدن آن كرد ومهر نبوت

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ

بر ان نهاد تا هيچ دشمن بموضع نبوت راه نيافت نه هواى نفس نه وسوسه شيطان ونه خطرات مذمومه وديكر پيغمبران را اين مهر نبوت نبود لا جرم از خطرات وهواجس أمين نبودند پس رب العالمين كمال شرف مصطفا را آن مهر كه در دل وى نهاد نكذاشت تا در ميان دو كتف وى آشكارا كرد تا هر كسى كه نكرستى آنرا ديدى همچوخانه كبوترى] وفى صفاته عليه السلام بين كتفيه خاتم النبوة ووجه كونه بين كتفيه يعرف مما نقله الامام الدميري فى حياة الحيوان ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق تعالى هيكل الإنسان فى صورة بللور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتجسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب وكان خاتمه مثل زرّ الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر قال الترمذي وزرّها بيضها قال الدميري والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرّها الذي يدخل فى عروتها وكان حول ذلك الخاتم شعرات مائلة الى الخضرة مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله او محمد نبى أمين او غير ذلك كما قال فى السبعيات كان خاتم النبوة «تنجيخ هيصور توجه حيث شئت فانك منصور» والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين ولكون ما بين الكتفين مدخل الشيطان كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم وعصم عليه السلام من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الالهىّ وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك وفى سفر السعادة ان النبي عليه السلام لما سحره اليهودىّ ووصل المرض الى الذات المقدسة النبوية امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة فى كل متضرر فى السحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة ومن لا حظ له فى الدين والايمان يستشكل هذا العلاج وفى الحديث (الحجامة فى الرأس شفاء من سبع) من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها فى عينيه والحجامة فى وسط الرأس وكذا بين الكتفين نافعة. وتكره فى نقرة القفاء فانها تورث النسيان قال بعضهم الحجامة فى البلاد الحارة انفع من الفصد وروى انه عليه السلام ماشكا اليه رجل وجعا فى رأسه إلا قال (احتجم) ولا وجعا فى رجليه إلا قال (اخضبه) وخير ايام الحجامة يوم الأحد والاثنين وجاء فى بعض الروايات النهى عن يوم الأحد واختار بعضهم يوم الثلاثاء وكرهه بعضهم وتكره يوم السبت والأربعاء الا ان يكون قد غلب عليه الدم وخير أزمانها الربيع بعد نصف الشهر فى السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين فالاولى ان تكون فى الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وتكره فى المحاق وهو ثلاثة ايام من آخر الشهر ولا يستحب ان يحتجم فى ايام الصيف فى شدة الحر ولا فى شدة البرد فى ايام الشتاء وخير أوقاتها من لدن طلوع الشمس الى وقت الضحى وتستحب الحجامة على الريق فانها شفاء

[سورة الأحزاب (33) : آية 41]

وبركة وزيادة فى العقل والحفظ وعلى الشبع داء الا إذا كان به ضرر فليذق اولا شيأ قليلا ثم ليحتجم وإذا أراد الحجامة يستحب ان لا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده مثل ذلك ولا يدخل فى يومه الحمام وإذا احتجم او افتصد لا ينبغى ان يأكل على اثره مالحا فانه يخاف منه القروح او الجرب ولا يأكل رأسا ولا لبنا ولا شيأ مما يتخذ من اللبن ويستحب على اثره الخل ليسكن ما به ثم يحسو شيأ من المرقة ويتناول شيأ من الحلاوة ان قدر عليه كما فى بستان العارفين والله الشافي وهو الكافي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ بما هو اهله من التهليل والتحميد والتكبير ونحوها. والذكر إحضار الشيء فى القلب او فى القول وهو ذكر عن نسيان وهو حال العامة او ادامة الحضور والحفظ وهو حال الخاصة إذ ليس لهم نسيان أصلا وهم عند مذكورهم مطلقا ذِكْراً كَثِيراً فى جميع الأوقات ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى عموم الامكنة برا وبحرا سهلا وجبلا وفى كل الأحوال حضرا وسفرا صحة وسقما سرا وعلانية قياما وقعودا وعلى الجنوب وفى الطاعة بالإخلاص وسؤال القبول والتوفيق وفى المعصية بالامتناع منها وبالتوبة والاستغفار وفى النعمة بالشكر وفى الشدة بالصبر فانه ليس للذكر حد معلوم كسائر الفرائض ولا لتركه عذر مقبول الا ان يكون المرء مغلوبا على عقله واحوال الذاكرين متفاوتة يتفاوت اذكارهم فذكر بعضهم بمجرد اللسان بدون فكر مذكوره ومطالعة آثاره بعقله وبدون حضور مذكوره ومكاشفة أطواره بقلبه وبدون انس مذكوره ومشاهدة أنواره بروحه وبدون فنائه فى مذكوره ومعاينة أسراره بسره وهذا مردود مطلقا وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله لكن ليس له الحضور والانس والفناء المذكور وهو ذكر الأبرار مقبول بالنسبة الى الاول وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب فقط بدون الانس والفناء المذكور وهو ذكر اهل البداية من المقربين مقبول بالنسبة الى ذكر الأبرار وما تحته وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب والروح والسر جميعا وهو ذكر ارباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الأكملين وهو مقبول مطلقا وللارشاد الى هذه الترقيات قال عليه السلام (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل يا رسول الله فما جلاؤها قال (تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره) فبكثرة الذكر يترقى السالك من مرتبة اللسان الى ما فوقها من المراتب العالية ويصقل مرآة القلب من ظلماتها واكدارها ثم ان ذكر الله وان كان يشتمل الصلاة والتلاوة والدراسة ونحوها الا ان أفضل الاذكار لا اله الا الله فالاشتغال به منفردا مع الجماعة محافظا على الآداب الظاهرة والباطنة ليس كالاشتغال بغيره [سلمى كويد مراد از ذكر كثير ذكر دلست چهـ دوام ذكر بزبان ممكن نيست] وقال بعضهم الأمر بالذكر الكثير اشارة الى محبة الله تعالى يعنى أحبوا الله لان النبي عليه السلام قال من أحب شيأ اكثر من ذكره [نشان دوستى آنست كه نكذارد كه زبان از ذكر دوست يا دل از فكر او خالى ماند] در هيچ مكان نيم ز فكرت خالى ... در هيچ زمان نيم ز ذكرت غافل فاوجب الله محبته بالاشارة فى الذكر الكثير وانما أوجبها بالاشارة دون العبارة الصريحة

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 42 إلى 46]

لان اهل المحبة هم الأحرار عن رق الكونين والحر تكفيه الاشارة وانما لم يصرح بوجوب المحبة لانها مخصوصة بقوم دون سائرا الخلق كما قال (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فعلى هذا بقوله (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) يشير الى أحبوني احببكم بدرياى محبت آشنا باش ... صدف سان معدن در صفا باش وَسَبِّحُوهُ ونزهوه تعالى عما لا يليق به قال فى المفردات السبح المر السريع فى الماء اوفى الهواء والتسبيح تنزيه الله وأصله المر السريع فى عبادة الله وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى أول النهار وآخره وقد يذكر الطرفان ويفهم منهما الوسط فيكون المراد سبحوه فى جميع الأوقات خصوصا فى الوقتين المذكورين المفضلين على سائر الأوقات لكونهما مشهودين على ما دل عليه قوله عليه السلام (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) وافراد التسبيح من بين الاذكار لكونه العمدة فيها من حيث انه من باب التحلية وفى الحديث (اربع لا يمسك عنهن جنب سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) فاذا قالها الجنب فالمحدث اولى فلا منع من التسبيح على جميع الأحوال الا ان الذكر على الوضوء والطهارة من آداب الرجال وفى كشف الاسرار [وسبحوه اى صلوا له بكرة يعنى صلاة الصبح وأصيلا يعنى صلاة العصر [اين تفسير موافق آن خبرست كه مصطفى عليه السلام كفت (من استطاع منكم ان لا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس ولا غروبها فليفعل) ميكويد هر كه تواند از شما كه مغلوب كارها وشغل دنيوى نكردد بر نماز بامداد پيش از برآمدن آفتاب ونماز ديكر پيش از فروشدن آفتاب با چنين كند اين هر دو نماز بذكر مخصوص كردد از بهر آنكه بسيار افتد مردم را اين دو وقت تقصير كردن در نماز وغافل بودن از ان اما نماز بامداد بسبب خواب ونماز ديكر بسبب امور دنيا ونيز شرف اين دو نماز در ميان نمازها پيداست نماز بامداد شهود فرشتكانست] لقوله تعالى (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعنى تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار [ونماز ديكر نماز وسطى است كه رب العزة كفت] (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) وفى الحديث (ما عجت الأرض الى ربها من شىء كعجيجها من دم حرام او غسل من زنى او نوم عليها قبل طلوع الشمس) والله تعالى يقسم الأرزاق وينزل البركات ويستجيب الدعوات فيما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فلا بد من ترك الغفلة فى تلك الساعة الشريفة وفى الحديث (من صلى الفجر فى جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كاجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) ومن هنا لم يزل الصوفية المتأدبون يجتمعون على الذكر بعد صلاة الصبح الى وقت صلاة الاشراق فللذكر فى هذا الوقت اثر عظيم فى النفوس وهو اولى من القراءة كما دل عليه قوله عليه السلام (ثم قعد يذكر الله) على ما فى شرح المصابيح ويؤيده ما ذكر فى القنية من ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها. وذكر فى المحيط انه يكره الكلام بعد انشقاق الفجر الى صلاته وقيل بعد صلاة الفجر ايضا الى طلوع الشمس وقيل الى ارتفاعها وهو كمال العزيمة قال بعض الكبار إذا قارب

[سورة الأحزاب (33) : آية 43]

طلوع الشمس يبتدئ بقراءة المسبعات وهى من تعليم الخضر عليه السلام علمها ابراهيم التيمي وذكر انه تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وينال بالمداومة عليها جميع المتفرق فى الاذكار والدعوات وهى عشرة أشياء سبعة سبعة الفاتحة والمعوذتان وقل هو الله أحد وقل يا ايها الكافرون وآية الكرسي وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والصلاة على النبي عليه السلام وآله بان يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم والاستغفار بان يقول اللهم اغفر لى ولوالدىّ ولجميع المؤمنين والمؤمنات وقوله سبعا اللهم افعل بنا وبهم عاجلا وآجلا فى الدين والدنيا والآخرة ما أنت له اهل ولا تفعل بنا وبهم يا مولانا ما نحن له اهل انك غفور حليم جواد كريم رؤف رحيم روى ان ابراهيم التيمي لما قرأ هذه بعد ان تعلمها من الخضر رأى فى المنام انه دخل الجنة ورأى الملائكة والأنبياء وأكل من طعام الجنة ومكث اربعة أشهر لم يطعم لكونه أكل من طعام الجنة ويلازم الذاكر موضعه الذي صلى فيه مستقبل القبلة الا ان يرى انتقاله الى زاوية فانه اسلم لدينه كيلا يحتاج الى حديث او نحوه مما يكره فى ذلك الوقت فان حديث الدنيا ونحوه يبطل ثواب العمل وشرف الوقت فلابد من محافظة اللسان عن غير ذكر الله ومحافظة القلب عن غير فكره فان اللسان والقلب إذا لم يتوافقا كان مجرد ولولة الواقف على الباب وصوت الحارس على السطح: وفى المثنوى ذكر آرد فكر را در اهتزاز ... ذكر را خورشيد اين افسرده ساز «1» اصل خود جذبه است ليك اى خواجه تاش ... كار كن موقوف آن جذبه مباش زانكه ترك كار چون نازى بود ... نازكى درخور وجانبازى بود نى قبول انديش ونى رد اى غلام ... امر را ونهى را مى بين مدام مرغ جذبه ناكهان پرد زعش ... چون بديدى صبح شمع آنكه بكش چشمها چون شد كذاره نور اوست ... مغزها مى بيند او در عين پوست بيند اندر ذره خورشيد بقا ... بيند اندر قطره كل بحر را نسأل الله الحركات التي تورث البركات انه قاضى الحاجات هُوَ الَّذِي [اوست آن خداونديكه] يُصَلِّي عَلَيْكُمْ يعتنى بكم بالرحمة والمغفرة والتزكية [والاعتناء: عنايت ورعايت داشتن] وَمَلائِكَتُهُ عطف على المستكن فى يصلى لمكان الفصل المغني عن التأكيد بالمنفصل اى ويعتنى ملائكته بالدعاء والاستغفار فالمراد بالصلاة المعنى المجازى الشامل للرحمة والاستغفار وهو الاعتناء بما فيه خيرهم وصلاح أمرهم وعن السدى قالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام أيصلى ربنا فكبر هذا الكلام عليه فاوحى الله اليه ان قل لهم انى أصلي وان صلاتى رحمتى التي تطفئ غضبى وقيل له عليه السلام ليلة المعراج (قف يا محمد فان ربك يصلى) فقال عليه السلام ان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى (انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى غضبى اقرأ يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته الآية فصلاتى رحمة لك ولامتك) فكانت هذه الآية الى قوله رحيما مما نزلت بقاب قوسين بلا وساطة جبريل عليه السلام. وفى رواية لما وصلت الى السماء السابعة قال لى جبريل رويدا اى قف

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان معنىء قوله عليه السلام ليس للماضين هم الموت إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 44]

قليلا فان ربك يصلى قلت أهو يصلى قال نعم قلت وما يقول قال (سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتى غضبى) وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ان تذكرونى بذكر محدث فانى قد صليت عليكم بصلاة قديمة لا أول لها ولا آخر وانكم لولا صلاتى عليكم لما وفقتم لذكرى كما ان محبتى لو لم تكن سابقة على محبتكم لما هديتم الى محبتى واما صلاة الملائكة فانما هى دعاء لكم على انهم وجدوا رتبة الموافقة مع الله فى الصلاة عليكم ببركتكم ولولا استحقاقكم لصلاة الله عليكم لما وجدوا هذه الرتبة الشريفة وفى عرائس البقلى صلوات الله اختياره للعبد فى الأزل بمعرفته ومحبته فاذا خص وجعل زلاته مغفورة وجعل خواص ملائكته مستغفرين له لئلا يحتاج الى الاستغفار بنفسه لاشتغاله بالله وبمحبته قال ابو بكر بن طاهر صلوات الله على عبده ان يزينه بانوار الايمان ويحليه بحلية التوفيق ويتوجه بتاج الصدق ويسقط عن نفسه الأهواء المضلة والإرادات الباطلة ويجعل له الرضى بالمقدور: قال الحافظ رضا بداده بده وز جبين كره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشا دست لِيُخْرِجَكُمْ الله تعالى بتلك الصلاة والعناية وانما لم يقل ليخرجاكم لئلا يكون للملائكة منة عليهم بالإخراج ولانهم لا يقدرون على ذلك لان الله هو الهادي فى الحقيقة لا غير مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الظلمة عدم النور ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق ونحوها كما يعبر بالنور عن أضدادها اى من ظلمات الجهل والشرك والمعصية والشك والضلالة والبشرية وصفاتها والخلقية الروحانية الى نور العلم والتوحيد والطاعة واليقين والهدى والروحانية وصفاتها والربوبية بجذبات تجلى ذاته وصفاته. والمعنى برحمة الله وبسبب دعاء الملائكة فزتم بالمقصود ونلتم الشهود وتنورتم بنور الشريعة وتحققتم بسر الحقيقة وقال الكاشفى [مراد از إخراج ادامت واستقامت است بر خروج چهـ در وقت صلات خدا وملائكه بر ايشان در ظلمات نبوده اند] وَكانَ فى الأزل قبل إيجاد الملائكة المقربين بِالْمُؤْمِنِينَ بكافتهم قبل وجوداتهم العينية رَحِيماً ولذلك فعل بهم ما فعل من الاعتناء بصلاحهم بالذات وبواسطة الملائكة فلا تتغير رحمته يتغير احوال من سعد فى الأزل كرد عصيان رحمت حق را نمى آرد بشور ... مشرب دريا نكردد تيره از سيلابها ولما بين عنايته فى الاولى وهى هدايتهم الى الطاعة ونحوها بين عنايته فى الآخرة فقال تَحِيَّتُهُمْ من اضافة المصدر الى المفعول اى ما يحيون به. والتحية الدعاء بالتعمير بان يقال حياك الله اى جعل لك حياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة او سبب حياة اما لدنيا واما لآخرة يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ يوم لقائه تعالى عند الموت او عند البعث من القبور او عند دخول الجنة سَلامٌ تسليم عليهم من الله تعظيما لهم خوشست از تو سلامى بما در آخر عمر ... چونامه رفت بإتمام والسلام خوشست او من الملائكة بشارة لهم بالجنة او تكرمة لهم كما فى قوله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) او اخبار بالسلامة من كل مكروه وآفة وشدة. وعن انس رضى الله عنه

عن النبي عليه السلام (إذا جاء ملك الموت الى ولىّ الله سلم عليه وسلامه عليه ان يقول السلام عليك يا ولى الله قم فاخرج من دارك التي خربتها الى دارك التي عمرتها فاذا لم يكن وليا لله قال له قم فاخرج من دارك التي عمرتها الى دارك التي خربتها) يقول الفقير عمارة الدنيا بزرع الحبوب وتكثير القوت وكرى الأنهار وغرس الأشجار ورفع ابنية الدور وتزيين القصور وعمارة الآخرة بالاذكار والأعمال والأخلاق والأحوال كما قال المولى الجامى ياد كن آنكه در شب اسرى ... با حبيب خدا خليل خدا كفت كوى از من اى رسول كرام ... امت خويش را ز بعد سلام كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده غرس أشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمد له است پس تهليل هست تكبير نيز از ان أشجار ... خوش كسى كش جز اين نباشد كار باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار وفى الآية اشارة الى ان التحية إذا قرنت بالرؤية واللقاء إذا قرن بالتحية لا يكونان الا بمعنى رؤية البصر والتحية خطاب يفاتح به الملوك فبهذا اخبر عن علو شانهم ورفعة درجتهم وانهم قد سلموا من آفات القطيعة بدوام الوصلة قال ابن عطاء أعظم عطية المؤمنين فى الجنة سلام الله عليهم من غير واسطة سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم وَأَعَدَّ لَهُمْ [وآماده كرد خداى تعالى براى مؤمنان با وجود تحيت بر ايشان] أَجْراً كَرِيماً ثوابا حسنا دائما وهو نعيم الجنة وهو بيان لآثار رحمته الفائضة عليهم بعدد خول الجنة عقيب بيان آثار رحمته الواصلة إليهم قبل ذلك وإيثار الجملة الفعلية دون وأجرهم اجر كريم ونحوه لمراعاة الفواصل وفيه اشارة الى سبق العناية الازلية فى حقهم لان فى الاعداد تعريفا بالإحسان السابق والاجر الكريم ما يكون سابقا على العمل بل يكون العمل من نتائج الكرم قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت بر هر چهـ توان كرفتن او را بدلى ... تو بي بدلى ترا بدل نتوان يافت ثم هذه الآية من اكبر نعم الله على هذه الامة ومن ادل دليل على أفضليتها على سائر الأمم ومن جملة ما اوحى اليه عليه السلام ليلة المعراج (ان الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها يا محمد وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك) فاذا كانوا اقدم فى الدخول للتعظيم كانوا أفضل واكثر فى الاجر الكريم ثم ان فقراء هذه الامة اكبر شأنا من أغنيائهم. وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال بعث الفقراء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقال يا رسول الله انى رسول الفقراء إليك فقال (مرحبا بك وبمن جئت من عندهم جئت من عند قوم أحبهم) فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الأغنياء ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 45 إلى 46]

ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخرا لهم فقال عليه السلام (بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شىء اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر إليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام والخصلة الثالثة إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها) فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب رضينا ذكره اليافعي فى روض الرياحين صائب فريب نعمت ألوان نمى خوريم ... روزىء خود ز خوان كرم مى خوريم ما وقال افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها مى كنيم ما وقال الحافظ از كران تا بكران لشكر ظلمست ولى ... از ازل تا بابد فرصت درويشانست يا أَيُّهَا النَّبِيُّ نداء كرامة وتعظيم لان الشريف ينادى باللقب الشريف لا نداء علامة مثل يا آدم ونحوه إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة وهو حال مقدرة من كاف أرسلناك فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت الأداء وذلك متأخر عن زمان الإرسال نحو مررت برجل معه صقر صائدا به غدا اى مقدرا به الصيد غدا. والمعنى انا أرسلناك بعظمتنا مقدر شهادتك على أمتك بتصديقهم وتكذيبهم تؤديها يوم القيامة أداء مقبولا قبول قول الشاهد العدل فى الحكم وَمُبَشِّراً لاهل الايمان والطاعة بالجنة ولاهل المحبة بالرؤية وَنَذِيراً ومنذرا لاهل الكفر والعصيان بالنار ولاهل الغفلة بالحجاب وَداعِياً إِلَى اللَّهِ اى الى الإقرار به وبوحدانيته وبسائر ما يجب الايمان به من صفاته وأفعاله وفيه اشارة الى ان نبينا عليه السلام اختص برتبة دعوة الخلق الى الله من بين سائر الأنبياء والمرسلين فانهم كانوا مأمورين بدعوة الخلق الى الجنة وايضا دعا الى الله لا الى نفسه فانه افتخر بالعبودية ولم يفتخر بالربوبية ليصح له بذلك الدعاء الى سيده فمن أجاب دعوته صارت الدعوة له سراجا منيرا يدله على سبيل الرشد ويبصره عيوب النفس وغيها بِإِذْنِهِ اى بتيسيره وتسهيله فاطلق الاذن وأريد به التيسير مجازا بعلاقة السببية فان التصرف فى ملك الغير متعسر فاذا اذن تسهل وتيسر وانما لم يحمل على حقيقته وهو الاعلام بإجازة الشيء والرخصة فيه لانفهامه من قوله أرسلناك وداعيا الى الله وقيد به الدعوة إيذانا بانها امر صعب لا يتأتى الا بمعونة وامداد من جانب قدسه كيف لا وهى صرف الوجوه عن سمت الخلق الى الخلاق وإدخال قلادة غير معهودة فى الأعناق قال بعض الكبار باذنه اى بامره لا بطبعك ورأيك وذلك فان حكم

الطبع مرفوع عن الكمل فلا يدعون قولا ولا عملا الا بالفناء فى ذات الله عز وجل وَسِراجاً مُنِيراً السراج الزاهر بفتيلة: يعنى [آتش پاره كه در فتيله شمعست] والسراج المنير بالفارسية [چراغ روشن ودرخشان] اعلم ان الله تعالى شبه نبينا عليه السلام بالسراج لوجوه الاول انه يستضاء به فى ظلمات الجهل والغواية ويهتدى بانواره الى مناهج الرشد والهداية كما يهتدى بالسراج المنير فى الظلام الى سمت المرام كما قال بعضهم [حق تعالى پيغمبر ما را چراغ خواند زيرا كه ضوء چراغ ظلمت را محو كند ووجود آن حضرت نيز ظلمت كفر را از عرصه جهان نابود ساخت] چراغ روشن از نور خدايى ... جهانرا داده از ظلمت رهايى والثاني [هر چهـ در خانه كم شود بنور چراغ باز توان يافت حقايقى كه از مردم پوشيده بود بنور اين چراغ بر مقتبسان أنوار معرفت روشن كشت] ازو جانرا بدانش آشناييست ... وزو چشم جهانرا روشناييست در كنج معانى بر كشاده ... وزان صاحب دلانرا مايه داده والثالث [چراغ اهل خانه سبب أمن وراحتست ودزد را واسطه خجلت وعقوبت آن حضرت دوستانرا وسيله سلامتست ومنكرانرا حسرت وندامت] والرابع ان السراج الواحد يوقد منه الف سراج ولا ينقص من نوره شىء وقد اتفق اهل الظاهر والشهود على ان الله تعالى خلق جميع الأشياء من نور محمد ولم ينقص من نوره شىء وهذا كما روى ان موسى عليه السلام قال يا رب أريد ان اعرف خزائنك فقال له اجعل على باب خيمتك نارا يأخذ كل انسان سراجا من نارك ففعل فقال هل نقص من نارك قال لا يا رب قال فكذلك خزائنى. وايضا علوم الشريعة وفوائد الطريقة وأنوار المعرفة واسرار الحقيقة قد ظهرت فى علماء أمته وهى بحالها فى نفسه عليه السلام ألا ترى ان نور القمر مستفاد من الشمس ونور الشمس بحاله وفى القصيدة البردية فانه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس فى الظلم تو مهر منيرى همه اخترند ... تو سلطان ملكى همه لشكرند اى ان سيدنا محمدا عليه السلام شمس من فضل الله طلعت على العالمين والأنبياء اقمارها يظهرن الأنوار المستفادة منها وهى العلوم والحكم فى عالم الشهادة عند غيبتها ويختفين عند ظهور سلطان الشمس فينسخ دينه سائر الأديان. وفيه اشارة الى ان المقتبس من نور القمر كالمقتبس من نور الشمس: وفى المثنوى كفت طوبى من رآنى مصطفى ... والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغ نور شمعى را كشيد ... هر كه ديد آنرا يقين آن شمع ديد «1» همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ... ديدن آخر لقاى اصل شد خواه از نور پسين بستان تو آن ... هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان والخامس انه عليه السلام يضيىء من جميع الجهات الكونية الى جميع العوالم كما ان السراج

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير من كان لله كان الله له وبيان آن

يضيىء من كل جانب وايضا يضيىء لامته كلهم كالسراج لجميع الجهات الا من عمى مثل ابى جهل ومن تبعه على صفته فانه لا يستضيىء بنوره ولا يراه حقيقة كما قال تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) - حكى- ان السلطان محمود الغزنوي دخل على الشيخ ابى الحسن الخرقاني قدس سره وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى فقال السلطان وكيف ذلك وان أبا جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخلص من الضلالة قال الشيخ فى جوابه انه ما رأى رسول الله وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله لدخل فى السعادة اى لو رآه عليه السلام من حيث انه رسول معلم هاد لا من حيث انه بشر يتيم. والسادس انه عليه السلام عرج به من العالم السفلى الى العالم العلوي ومن الملك الى الملكوت ومن الملكوت الى الجبروت والعظموت بجذبة (ادن منى) الى مقام (قابَ قَوْسَيْنِ) وقرب (أَوْ أَدْنى) الى ان نوّر سراج قلبه بنور الله بلا واسطة ملك او نبى ومن هنا قال (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) لانه كان فى مقام الوحدة فلا يصل اليه أحد الا على قدمى الفناء عن نفسه والبقاء بربه فناء بالكلية وبقاء بالكلية بحيث لا تبقى نار نور الالهية من حطب وجوده قدر ما يصعد منه دخان نفسى نفسى وما بلغ كمال هذه الرتبة الا نبينا عليه السلام فانه من بين سائر الأنبياء يقول أمتي أمتي وحسبك فى هذا حديث المعراج حيث انه عليه السلام وجد فى كل سماء نفرا من الأنبياء الى ان بلغ السماء السابعة ووجد هناك ابراهيم عليه السلام مستندا الى سدرة المنتهى فعبر عنه مع جبرائيل الى أقصى السدرة وبقي جبرائيل فى السدرة فادلى اليه الرفرف فركب عليه فاداه الى قاب قوسين او ادنى فهو الذي جعل الله له نورا فارسله الى الخلق وقال (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ) فاذن له ان يدعو الخلق الى الله بطريق متابعته فانه من يطع الرسول حق اطاعته فقد أطاع الله والذين يبايعونه انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فان يده فانية فى يد الله باقية بها وكذلك جميع صفاته تفهم ان شاء الله وتنتفع بها ووصفه تعالى بالانارة حيث قال (مُنِيراً) لزيادة نوره وكماله فيه فان بعض السراج له فتور لا ينير قال الكاشفى (مُنِيراً) [تأكيد است يعنى تو چراغى نه چون چراغهاى ديكر كه آن چراغها كاهى مرده باشد وكاهى افروخته واز تو از أول تا آخر وروشنىء چراغها ببادى مقهور شود وهيچ كس نور ترا مغلوب نتواند ساخت] كما قال تعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) : وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس [ديكر چراغها بشب نور دهند نه بروز وتو شب ظلمت دنيا را بنور دعوت روشن ساخته وروز قيامت را نيز به پرتو شفاعت روشن خواهى ساخت] شد بدنيا رخش چراغ افروز ... شب ما كشت ز التفاتش روز «1» باز فردا چراغ افروزد ... كه از ان جرم عاصيان سوزد

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعا؟ هـ را إلخ

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 47 إلى 51]

[در كشف الاسرار فرموده كه حق سبحانه آفتاب را چراغ خواند كه (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) . و پيغمبر ما را نيز چراغ كفت. آن چراغ آسمانست. واين چراغ زمين. آن چراغ دنياست. واين چراغ دين. آن چراغ منازل فلكست. واين چراغ محافل ملك. آن چراغ آب وكلست. واين چراغ جان ودل بطلوع. آن چراغ از خواب بيدار شوند. وبظهور اين چراغ از خواب عدم برخاسته بعرصه گاه وجود آمده اند] از ظلمات عدم راه كه بر وى برد ... كر نشدى نور تو شمع روان همه [واشارت بهمين معنى فرموده از إقليم عدم مى آمدى و پيش رو آدم چراغى بود بر دستش همه از نور نخستينست] وقال بعضهم المراد بالسراج الشمس وبالمنير القمر جمع له الوصف بين الشمس والقمر دل على ذلك قوله تعالى (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) وانما حمل على ذلك لان نور الشمس والقمر أتم من نور السراج ويقال سماه سراجا ولم يسمه شمسا ولا قمرا ولا كوكبا لانه لا يوجد يوم القيامة شمس ولا قمر ولا كوكب ولان الشمس والقمر لا ينقلان من موضع الى موضع بخلاف السراج ألا ترى ان الله تعالى نقله عليه السلام من مكة الى المدينة وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عطف على المقدر اى فراقب احوال أمتك وبشر المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً اى على مؤمنى سائر الأمم فى الرتبة والشرف او زيادة على أجور أعمالهم بطريق التفضل والإحسان- وروى- ان الحسنة الواحدة فى الأمم السالفة كانت بواحدة وفى هذه الامة بعشر أمثالها الى ما لا نهاية له وقال بعضهم (فَضْلًا كَبِيراً) يعنى [بخششى بزرك زياده از مرد كار ايشان يعنى دولت لقا كه بزركتر عطايى وشريفتر جزاييست] وفى كشف الاسرار [داعى را اجابت وسائر را عطيت ومجتهد را معونت وشاكر را زيادت ومطيع را مثوبت وعاصى را إقالت ونادم را رحمت ومحب را كرامت ومشتاق را لقاء ورؤيت] قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله عليه السلام عليا ومعاذا فبعثهما الى اليمن وقال (اذهبا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا فانه قد نزل علىّ) وقرأ الآية كما فى فتح الرحمن ودل الآية والحديث وكذا قوله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) على انه لا بأس بالجلوس للوعظ إذا أراد به وجه الله تعالى وكان ابن مسعود رضى الله عنه يذكر عشية كل خميس وكان يدعو بدعوات ويتكلم بالخوف والرجاء وكان لا يجعل كله خوفا ولا كله رجاء ومن لم يذكر لعذر وقدر على الاستخلاف فله ذلك ومنه إرسال الخلفاء الى أطراف البلاد فان فيه نفع العباد كما لا يخفى على ذوى الرشاد وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ من اهل مكة وَالْمُنافِقِينَ من اهل المدينة ومعناه الدوام اى دم واثبت على ما أنت عليه من مخالفتهم وترك اطاعتهم واتباعهم وفى الإرشاد نهى عن مداراتهم فى امر الدعوة واستعمال لين الجانب فى التبليغ والمسامحة فى الانذار كنى عن ذلك بالنهى عن طاعتهم مبالغة فى الزجر والتنفير عن النهى عنه بنظمه فى سلكها وتصويره بصورتها وَدَعْ أَذاهُمْ اى لا تبال بايذائهم لك بسبب تصلبك فى الدعوة والانذار وعن ابن مسعود رضى الله عنه قسم رسول الله قسمة فقال رجل من الأنصار ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فاخبر

[سورة الأحزاب (33) : آية 49]

بذلك فاحمر وجهه فقال (رحمه الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد وفى التأويلات النجمية (وَلا تُطِعِ) إلخ اى لا تتخلق بخلق من اخلاقهم ولا توافق من أعرضنا عنه وأغفلنا قلبه عن ذكرنا واضللناه من اهل الكفر والنفاق واهل البدع والشقاق وفيه اشارة الى ارباب الطلب بالصدق ان لا يطيعوا المنكرين الغافلين عن هذا الحديث فيما يدعونهم الى ما يلائم هوى نفوسهم ويقطعون به الطريق عليهم ويزعمون انهم ناصحوهم ومشفقون عليهم وهم يحسنون صنعا (وَدَعْ أَذاهُمْ) بالبحث والمناظرة على ابطالهم فانهم عن سمع كلمات الحق لمعزولون فتضيع أوقاتك ويزيد انكارهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فى كل الأمور خصوصا فى هذا الشان فانه تعالى يكفيكهم والعاقبة لك وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا موكولا اليه الأمور فى كل الأحوال فهو فعيل بمعنى المفعول تمييز من فاعل كفى وهو الله إذ الباء صلة والتقدير وكفى الله من جهة الوكالة فان اهل الدارين لا يكفى كفاية الله فيما يحتاج اليه فمن عرف انه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم فى كل امر اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه- روى- ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان إذ ذاك بمكة فقال علىّ بالرجال فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الإسلام سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى أخاه قال تركته عظيما جسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا قال ليس عن هذا سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن سيرته قال تركته ظلوما غشوما مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وأنت تعلم مكانه منى قال أترى مكانه منك أعز مني بمكاني من الله وانا وافد بيته مصدق نبيه فسكت الحجاج ولم يحسن جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم بك أعوذ وبك الوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فخلص من يد الحجاج بسبب توكله على الله فى قوله الخشن وبعدم اطاعته وانقياده للمخلوق يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ قال فى بحر العلوم اصل النكاح الوطئ ثم قيل للعقد نكاح مجازا تسمية للسبب باسم المسبب فان العقد سبب الوطئ المباح وعليه قوله تعالى (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) اى لا يتزوج ونظيره تسمية النبات غيثا فى قوله رعينا الغيث لانه سبب للنبات والخمر اثما لانها سبب لاكتساب الإثم وقال الامام الراغب فى المفردات اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الأصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فحشا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى وفى القاموس النكاح الوطئ والعقد والمعنى إذا تزوجتم الْمُؤْمِناتِ وعقدتم عليهن وخص المؤمنات مع ان هذا الحكم الذي فى الآية يستوى فيه المؤمنات والكتابيات تنبيها على ان من شأن المؤمن ان لا ينكح الا مؤمنة تخيرا لنطفته ويجتنب عن مجانبة الفواسق فما بال الكوافر فالتى فى سورة المائدة تعليم ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب وهذه فيها تعليم ما هو اولى بالمؤمنين

من نكاح المؤمنات وقد قيل الجنس يميل الى الجنس: وفى المثنوى جنس سوى جنس صد پره برد ... بر خيالش بندها را بر درد «1» آن يكى را صحبت أخيار خار ... لا جرم شد پهلوى فجار جار «2» ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ اصل الطلاق التخلية من وتاق يقال أطلقت الناقة من عقالها وطلقها وهى طالق وطلق بلا قيد ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق اى مخلاة عن حبالة النكاح مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ اى تجامعوهن فان لمس اى اللمس كناية عن الوطئ وفائدة ثم ازاحة ما عسى يتوهم ان تراخى الطلاق ريثما تمكن الاصابة يؤثر فى العدة كما يؤثر فى النسب فلا تفاوت فى الحكم بين ان يطلقها وهى قريبة العهد من النكاح وبين ان يطلقها وهى بعيدة منه. قالوا فيه دليل على ان الطلاق قبل النكاح غير واقع لان الله تعالى رتب الطلاق على النكاح كما قال بعضهم انما النكاح عقدة والطلاق يحلها فكيف تحل عقدة لم تعقد فلو قال متى تزوجت فلانة او كل امرأة أتزوجها فهى طالق لم يقع عليه طلاق إذا تزوج عند الشافعي واحمد وقال ابو حنيفة يقع مطلقا لانه تطليق عند وجود الشرط الا إذا زوجها فضولى فانها لم تطلق كما فى المحيط وقال مالك ان عين امرأة بعينها او من قبيلة او من بلد فتزوجها وقع الطلاق وان عمم فقال كل امرأة أتزوجها من الناس كلهم لم يلزمه شىء ثم ان حكم الخلوة التي يمكن معها المساس فى حكم المساس عند ابى حنيفة وأصحابه والخلوة الصحيحة غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطئ من الطرفين وهو ثلاثة حسىّ كمرض يمنع الوطأ ورتق وهو انسداد موضع الجماع بحيث لا يستطاع وشرعى كصوم رمضان دون صوم التطوع والقضاء والنذر والكفارة فى الصحيح لعدم وجوب الكفارة بالإفساد وكاحرام فرض او نفل فان الجماع مع الإحرام يفسد النسك ويوجب دما مع القضاء وطبعى كالحيض والنفاس إذ الطباع السليمة تنفر منها فاذا خلابها فى محل خال عن غيرهما حتى عن الأعمى والنائم بحيث أمنا من اطلاع غيرهما عليهما بلا اذنهما لزمه تمام المهر لانه فى حكم الوطئ ولو كان خصيا وهو مقطوع الأنثيين او عنينا وهو الذي لا يقدر على الجماع وكذا لو كان مجبوبا وهو مقطوع الذكر خلافا لهما وفرض الصلاة مانع كفرض الصوم للوعيد على تركها والعدة تجب بالخلوة ولو مع المانع احتياطا لتوهم شغل الماء ولانها حق الشرع والولد واعلم ان الحيض والنفاس والرتق من الاعذار المخصوصة بالمرأة واما المرض والإحرام والصوم فتعتبر فى كل من الرجل والمرأة وتعد مانعا بالنسبة الى كليهما كما فى تفسير ابى الليث. ومعنى الآية بالفارسية [پس چون طلاق دهيد زنانرا قبل از دخول يا پيش از خلوت صحيحه] فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ [پس نيست شما را برين مطلقات] مِنْ عِدَّةٍ ايام ينتظرن فيها وعدة المرأة هى الأيام التي بانقضائها تحل للزوج تَعْتَدُّونَها محله الجر على انه صفة عدة اى تستوفون عددها او تعدونها وتحصونها بالأقراء ان كانت من ذوات الحيض او بالأشهر ان كانت آيسة. وفى الاسناد الى الرجال دلالة على ان العدة حقهم كما أشعر به فما لكم. فدلت الآية على انه لا عدة على غير المدخول بها لبراءة رحمها من نطفة الغير فان شاءت تزوجت من يومها وكذا إذا تيقن بفراغ رحم الامة من ماء البائع لم يستبرئ عند

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان مثل بازپادشاه وكمپيرزن كه بخانه او بود (2) لم أجد

[سورة الأحزاب (33) : آية 50]

ابى يوسف وقالا إذا ملك جارية ولو كانت بكرا او مشرية ممن لا يطأ أصلا مثل المرأة والصبى والعنين والمجبوب او شرعا كالمحرم رضاعا او مصاهرة او نحو ذلك حرم عليه وطؤها ودواعيه كالقبلة والمعانقة والنظر الى فرجها بشهوة او غيرها حتى يستبرئ بحيضة او يطلب براءة رحمها من الحمل كذا فى شرح القهستاني فَمَتِّعُوهُنَّ اى فاعطوهن المتعة وهى درع وخمار وملحفة كما سبقت فى هذه السورة وهو محمول على إيجاب المتعة ان لم يسم لها مهر عند العقد وعلى استحبابها ان سمى ذلك فانه ان سمى المهر عنده وطلق قبل الدخول فالواجب نصفه دون المتعة كما قال تعالى (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) اى فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهن من المهر وَسَرِّحُوهُنَّ قد سبق معنى التسريح فى هذه السورة والمراد هنا اخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن من عدة سَراحاً جَمِيلًا اى من غير ضرار ولا منع حق وفى كشف الاسرار معنى الجميل ان لا يكون الطلاق جور الغضب او طاعة لغيره وان لا يكون ثلاثا بتا او لمنع صداق انتهى. ولا يجوز تفسير التسريح بالطلاق السنى لانه انما يتسنى فى المدخول بها والضمير لغير المدخول بها وفى التأويلات النجمية وفى الآية اشارة الى كرم الأخلاق يعنى إذا نكحتم المؤمنات ومالت قلوبهن إليكم ثم آثرتم الفراق قبل الوصال فكسرتم قلوبهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن ليكون لهن عليكم تذكرة فى ايام الفرقة واوائلها الى ان تتوطن نفوسهن على الفرقة وسرحوهن سراحا جميلا بان لا تذكروهن بعد الفراق الا بخير ولا تستردوا منهن شيأ تفضلتم به معهن فلا تجمعوا عليها الفراق بالحال والإضرار من جهة المال انتهى. وينبغى للمؤمن ان لا يؤذى أحدا بغير حق ولو كلبا او خنزيرا ولا يظلم ولو بشق تمرة ولو وقع شىء من الأذى والجور يجب الاستحلال والإرضاء ورأينا كثيرا من الناس فى هذا الزمان يطلقون ضرارا ويقعون فى الإثم مرارا يخالعون على المال بعد الخصومات كأنهم غافلون عما بعد الممات: قال المولى الجامى هزار كونه خصومت كنى بخلق جهان ... ز بسكه در هوس سيم وآرزوى زرى تراست دوست زر وسيم وخصم صاحب اوست ... كه كيرى از كفش آنرا بظلم وحيله كرى نه مقتضاى خرد باشد ونتيجه عقل ... كه دوست را بگذارى وخصم را ببرى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ [الاحلال: حلال كردن] واصل الحل حل العقدة ومنه استعير قولهم حل الشيء حلالا كما فى المفردات: والمعنى بالفارسية بدرستى كه ما حلال كرده ايم براى تو] أَزْواجَكَ نساءك اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد وهو ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان اواخر ويا وهو هاهنا كناية عن المهر اى مهورهن لان المهر اجر على البضع اى المباشرة وايتاؤها اما إعطاؤها معجلة او تسميتها فى العقد وأياما كان فتقييد الاحلال له عليه السلام بالايتاء ليس لتوقف الحل عليه ضرورة انه يصح العقد بلا تسمية ويجب مهر المثل او المتعة على تقديرى الدخول وعدمه بل لايتاء الأفضل له وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ [وحلال ساخته ايم بر تو آنچهـ مالك شده است دست راست تو يعنى مملوكات ترا] مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ [الافاءة: مال كسى

غنيمت دادن] وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فىء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على ان اشرف اعراض الدنيا يجرى مجرى ظل زائل قال الفقهاء كل ما يحل اخذه من اموال الكفار فهو فىء فالفيىء اسم لكل فائدة تفىء الى الأمير اى تعود وترجع من اهل الحرب والشرك فالغنيمة هى ما نيل من اهل الشرك عنوة والحرب قائمة فىء والجزية فىء ومال اهل الصلح فىء والخراج فىء لان ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين وحقيقة أفاء الله عليك فيئا لك اى غنيمة وتقييد حلال المملوكة بكونها مسبية لاختيار الاولى له عليه السلام فان المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها هكذا قالوا وهو لا يتناول مثل مارية القبطية ونحوها فان مارية ليست سبية بل أهداها له عليه السلام سلطان مصر الملقب بالمقوقس وقد قال فى انسان العيون ان سراريه عليه السلام اربع مارية القبطية أم سيدنا ابراهيم رضى الله عنه وريحانة وجارية وهبتها له عليه السلام زينب بنت جحش واخرى واسمها زليخا القرظية انتهى وكون ريحانة بنت يزيد من بنى النضير سرية اضبط على ما قاله العراقي وزوجة اثبت عند اهل العلم على ما قاله الحافظ الدمياطي. واما صفية بنت حيى الهارونية من غنائم خيبر. وجويرية بنت الحارث بن ابى صوار الخزاعية المصطلقية وان كانتا من المسبيات لكنه عليه السلام أعتقهما فتزوجهما فهما من الأزواج لا من السرايا على ما بين فى كتب السير فالوجه ان المعنى مما أفاء الله اى إعادة عليك بمعنى صيره لك ورده لك بأى جهة كانت هدية او سبية واستفتى من المولى ابى السعود صاحب التفسير هل فى تصرف الجواري المشتراة من الغزاة بلا نكاح نوع كراهية إذ فى القسمة الشرعية بينهم شبهة فافتى بانه ليس فى هذا الزمان قسمة شرعية وقع التنفيل الكلى فى سنة تسعمائة وثمان وأربعين فاذا اعطى ما يقال له بالفارسية [پنج يك] لا يبقى شبهة والنفل ما ينفله الغازي اى يعطاه زائدا على سهمه وهو ان يقول الامام او الأمير من قتل قتيلا فله سلبه او قال للسرية ما أصبتم فهو لكم او ربعه او خمسه وعلى الامام الوفاء به وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ البنت والابنة مؤنث ابن والعم أخ الأب والعمة أخته. والمعنى وأحللنا لك نساء قريش من أولاد عبد المطلب وأعمامه عليه السلام اثنا عشر وهم الحارث وابو طالب والزبير وعبد الكعبة وحمزة والمقوم بفتح الواو وكسرها مشددة وجحل بتقديم الجيم على الحاء واسمه المغيرة والجحل السقاء الضخم وقيل بتقديم الحاء المفتوحة على الجيم وهو فى الأصل الخلخال والعباس وضرار وأبو لهب وقثم والغيداق واسمه مصعب او نوفل وسمى بالغيداق لكثرة جوده ولم يسلم من أعمامه الذين أدركوا البعثة إلا حمزة والعباس وبنات أعمامه عليه السلام صباغة بنت الزبير بن عبد المطلب وكانت تحت المقداد وأم الحكم بنت الزبير وكانت تحت النضر بن الحارث وأم هانىء بنت ابى طالب واسمها فاختة وجمانة بنت ابى طالب وأم حبيبة وآمنة وصفية بنات العباس بن عبد المطلب واروى بنت الحارث بن عبد المطلب وعماته عليه السلام ست وهن أم حكيم واسمها البيضاء وعاتكة وبرة واروى واميمة وصفية ولم تسلم من عماته اللاتي أدركن البعثة من غير خلاف الا صفية أم الزبير بن العوام أسلمت وهاجرت

وماتت فى خلافة عمر رضى الله عنه. واختلف فى اسلام عاتكه واروى ولم يتزوج رسول الله من بنات أعمامه دينا واما بنات عماته دينا فكانت عنده منهن زينب بنت جحش بن رباب لان أمها اميمة بنت عبد المطلب كما فى التكملة وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ الخال أخ الام والخالة أختها والمراد نساء بنى زهرة يعنى أولاد عبد مناف بن زهرة لا اخوة امه ولا أخواتها لان آمنة بنت وهب أم رسول الله لم يكن لها أخ فاذا لم يكن له عليه السلام خال ولا خالة فالمراد بذلك الخال والخالة عشيرة امه لان بنى زهرة يقولون نحن أخوال النبي عليه السلام لان امه منهم ولهذا قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله تعالى عنه (هذا خالى) وانما أفرد العم والخال وجمع العمات والخالات فى الآية وان كان معنى الكل الجمع لان لفظ العم والخال لما كان يعطى المفرد معنى الجنس استغنى فيه عن لفظ الجمع تخفيفا للفظ ولفظ العمة والخالة وان كان يعطى معنى الجنس ففيه الهاء وهى تؤذن بالتحديد والافراد فوجب الجمع لذلك ألا ترى ان المصدر إذا كان بغير هاء لم يجمع وإذا حدد بالهاء جمع هكذا ذكره الشيخ ابو على رضى الله عنه كذا فى التكملة اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ صفة للبنات والمهاجرة فى الأصل مفارقة الغير ومتاركته استعملت فى الخروج من دار الكفر الى دار الايمان والمعنى خرجن معك من مكة الى المدينة وفارقن اوطانهن والمراد بالمعية المتابعة له عليه السلام فى المهاجرة سواء وقعت قبله او بعده او معه وتقييد القرائب بكونها مهاجرات معه للتنبيه على الأليق له عليه السلام فالهجرة وصفهن لا بطريق التعليل كقوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) ويحتمل تقييد الحل بذلك فى حقه عليه السلام خاصة وان من هاجر معه منهن يحل له نكاحها ومن لم تهاجر لم تحل ويعضده قول أم هانىء بنت ابى طالب خطبنى رسول الله فاعتذرت اليه فعذرنى ثم انزل الله هذه الآية فلم أحل له لانى لم أهاجر معه كنت من الطلقاء وهم الذين اسلموا بعد الفتح اطلقهم رسول الله حين أخذهم ولفائدة التقييد بالهجرة أعاد هنا ذكر بنات العم والعمات والخال والخالات وان كن داخلات تحت عموم قوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وأول بعضهم الهجرة فى هذه الآية على الإسلام اى اسلمن معك فدل ذلك على انه لا يحل له نكاح غير المسلمة وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً بالنصب عطف على مفعول أحللنا إذ ليس معناه إنشاء الاحلال الناجز بل اعلام مطلق الاحلال المنتظم لما سبق ولحق. والمعنى وأحللنا لك ايضا اى أعلمناك حل امرأة مؤمنة أية امرأة كانت من النساء المؤمنات فانه لا تحل له المشركة وان وهبت نفسها قال فى كشف الاسرار اختلفوا فى انه هل كان يحل للنبى عليه السلام نكاح اليهودية والنصرانية بالمهر فذهب جماعة الى انه كان لا يحل له ذلك لقوله (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) إِنْ وَهَبَتْ تلك المرأة المؤمنة نَفْسَها لِلنَّبِيِّ اى لك والالتفات للايذان بان هذا الحكم مخصوص به لشرف نبوته والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والحرة لا تقبل الهبة ولا البيع ولا الشراء إذ ليست بمملوكة فمعناه ان ملكته بعضها بلا مهر بأى عبارة كانت من الهبة والصدقة والتمليك والبيع والشراء والنكاح والتزويج ومعنى الشرط ان اتفق ذلك اى وجد اتفاقا إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها

شرط للشرط الاول فى استيجاب الحل فان هبتها نفسها منه لا توجب له حلها الا بإرادته نكاحها فانها جارية مجرى القبول والاستنكاح طلب النكاح والرغبة فيه والمعنى أراد النبي ان يتملك بعضها كذلك اى بلا مهر ابتداء وانتهاء خالِصَةً لَكَ مصدر كالكاذبة اى خلص لك إحلال المرأة المؤمنة خالصة اى خلوصا او حال من ضمير وهبت اى حال كون تلك الواهبة خالصة لك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فان الاحلال للمؤمنين انما يتحقق بالمهر او بمهر المثل ان لم يسم عند العقد ولا يتحقق بلا مهر أصلا قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ اى أوجبنا على المؤمنين فِي أَزْواجِهِمْ فى حقهن وَفى حق ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من الاحكام لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ متعلق بخالصة ولام كى دخلت على كى للتوكيد اى لئلا يكون عليك ضيق فى امر النكاح فقوله قد علمنا إلخ اعتراض بين قوله لكيلا يكون عليك حرج وبين متعلقه وهو خالصة لك من دون المؤمنين مقرر لما قبله من خلوص الاحلال المذكور لرسول الله وعدم تجاوزه للمؤمنين ببيان انه قد فرض عليهم من شرائط العقد وحقوقه ما لم يفرض عليه صلى الله عليه وسلم تكرمة له وتوسعة عليه اى قد علمنا ما ينبغى ان يفرض عليهم فى حق أزواجهم ومملوكاتهم وعلى أي حد وعلى أي صفة يحق ان يفرض عليهم ففرضنا ما فرضنا على ذلك الوجه وخصصناك ببعض الخصائص كالنكاح بلا مهر وولى وشهود ونحوها وفسروا المفروض فى حق الأزواج بالمهر والولي والشهود والنفقة ووجوب القسم والاقتصار على الحرائر الأربع وفى حق المملوكات بكونهن ملكا طيبا بان تكون من اهل الحرب لا ملكا خبيثا بان تكون من اهل العهد وفى الحديث (الصلاة وما ملكت ايمانكم) اى احفظوا الصلوات الخمس والمماليك بحسن القيام بما يحتاجون اليه من الطعام والكسوة وغيرها وبغير تكليف ما لا يطيقون من العمل وترك التعذيب قرنه عليه السلام بامر الصلاة اشارة الى ان حقوق المماليك واجبة على السادات وجوب الصلوات جوانمرد وخوشخوى وبخشنده باش ... چوحق بر تو پاشد تو بر خلق پاش حق بنده هركز فرامش مكن ... بدستت اگر نوشد وكر كهن چوخشم آيدت بر كناه كسى ... تأمل كنش در عقوبت بسى كه سهلست لعل بدخشان شكست ... شكسته نشايد دكرباره بست وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً اى فيما يعسر التحرز عنه رَحِيماً منعما على عباده بالتوسعة فى مظانّ الحرج ونحوه واختلف فى انه هل كان عنده عليه السلام امرأة وهبت نفسها منه اولا فعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما كانت عنده امرأة الا بعقد نكاح او ملك يمين وقال آخرون بل كان عنده موهوبة نفسها واختلفوا فيها فقال قتادة هى ميمونة بنت الحارث الهلالية خالة عبد الله بن عباس رضى الله عنه حين خطبها النبي عليه السلام فجاءها الخاطب وهى على بعيرها فقالت البعير وما عليه لرسول الله وقال الشعبي هى زينب بنت خزيمة الانصارية يقول الفقير ذهب الأكثر الى تلقيبها بام المساكين والملقبة به ليست زينب هذه فى المشهور وان كانت تدعى به

فى الجاهلية بل زينب بنت جحش التي كانت تعمل بيدها وتتصدق على الفقراء والمساكين فسميت به لسخاوتها ويدل عليه قوله عليه السلام خطابا لازواجه (أسرعكن لحاقابى أطولكن يدا) اى أول من يموت منكن بعد موتى من كانت أسخى وهى زينب بنت جحش بالاتفاق ماتت فى خلافة عمر رضى الله تعالى عنه كما سبق. واما زينب بنت خزيمة فانها ماتت فى حياته عليه السلام كما قال الكاشفى [اگر واهبه زينب بوده باشد كه اشهرست وواقع است در رمضان المبارك سال سوم از هجرت وهشت ماه در حرم محترم آن حضرت بود ودر ربيع الآخر در سال چهارم وفات كرد] وقال على بن الحسين والضحاك ومقاتل هى أم شريك كزبير بنت جابر من بنى اسد واسمها غزبة فالاكثرون على انه لم يقبلها وقيل بل قبلها ثم طلقها قبل ان يدخل بها وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقع فى قلب أم شريك الإسلام وهى بمكة فاسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن للاسلام وترغبهن فيه حتى ظهر أمرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك ما فعلنا ولكنا نسيرك إليهم قالت فحملونى على بعير ليس تحتى شىء ثم تركونى ثلاثا لا يطعموننى ولا يسقوننى وكانوا إذا نزلوا منزلا أوقفوني فى الشمس واستظلوا فبينماهم قد نزلوا منزلا وأوقفوني فى الشمس إذا انا بأبرد شىء على صدرى فتناولته فاذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ثم نزع منى ورفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد مرارا ثم رفع مرارا فشربت منه حتى رويت ثم افضت سائره على جسدى وثيابى فلما استيقظوا اذاهم بأثر الماء على ثيابى فقالوا انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه فقلت لا والله ولكنه كان من الأمر كذا وكذا فقالوا ان كنت صادقة لدينك خير من ديننا فلما نظروا الى أسقيتهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك وأقبلت الى النبي عليه السلام فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها. وفى ذلك ان من صدق فى حسن الاعتماد على الله وقطع طمعه عما سواه جاءته الفتوحات من الغيب هر كه باشد اعتمادش بر خدا ... آمد از غيب خدايش صد غذا وقال عروة بن الزبير هى اى الواهبة نفسها خولة بنت حكيم من بنى سليم وكانت من المهاجرات الاول فارجأها فتزوجها عثمان بن مظعون رضى الله عنه قالت عائشة رضى الله عنها كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن انفسهن لرسول الله فدل انهن كن غير واحدة وجملة من خطبه عليه السلام من النساء ثلاثون امرأة منهن من لم يعقد عليه وهذا القسم منه من دخل به ومنه من لم يدخل به ومنهن من عقد عليه وهذا القسم ايضا منه من دخل به ومنه من لم يدخل به وفى لفظ جملة من دخل عليه ثلاث وعشرون امرأة والذي دخل به منهن اثنتا عشرة وقال ابو الليث فى البستان جميع ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة خديجة ثم سودة ثم عائشة ثم حفصة ثم أم سلمة ثم أم حبيبة ثم جويرية ثم صفية ثم زينب ثم ميمونة ثم زينب بنت خزيمة ثم امرأة من بنى هلال وهى التي وهبت نفسها للنبى عليه السلام ثم امرأة من كندة وهى التي استعاذت منه فطلقها ثم امرأة من بنى كليب قال فى انسان العيون لا يخفى ان أزواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة خديجة ثم سودة

[سورة الأحزاب (33) : آية 51]

ثم عائشة ثم حفصة ثم زينب بنت خزيمة ثم أم سلمة ثم زينب بنت جحش ثم جويرية ثم ريحانة ثم أم حبيبة ثم صفية ثم ميمونة على هذا الترتيب فى التزوج. ومن جملة التي لم يدخل بهن عليه السلام التي ماتت من الفرح لما علمت انه عليه السلام تزوج بها غراء اخت دحية الكلبي. ومن جملتهن سودة القريشية التي خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها وكانوا خمسة او ستة فقال لها خيرا. ومن جملتهن التي تعوذت منه عليه السلام وهى اسماء بنت معاذ الكندية قلن لها ان أردت ان تحظى عنده فتعوذى بالله منه فلما دخل عليها رسول الله قالت أعوذ بالله منك ظنت ان هذا القول كان من الأدب فقال عليه السلام (عذت بمعاذ عظيم الحقي باهلك) ومتعها ثلاثة أثواب. ومن جملتهن التي اختارت الدنيا حين نزلت آية التخيير وهى فاطمة بنت الضحك وكانت تقول انا الشقية اخترت الدنيا. ومن جملتهن قتيلة على صيغة التصغير زوجه إياها أخوها وهى بحضرموت ومات عليه السلام قبل قدومها عليه واوصى بان تخير فان شاءت ضرب عليها الحجاب وكانت من أمهات المؤمنين وان شاءت الفراق فتنكح من شاءت فاختارت الفراق فتزوجها عكرمة بن ابى جهل بحضرموت وفى الحديث (ما تزوجت شيأ من نسائى ولا زوجت شيأ من بناتي الا بوحي جاءنى جبريل عليه السلام من ربى عز وجل تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وابو جعفر ترجى بياء ساكنة والباقون ترجىء بهمزة مضمومة. والمعنى واحد إذ الياء بدل من الهمزة وذكر فى القاموس فى الهمزة ارجأ الأمر أخره وترك الهمزة لغة وفى الناقص الارجاء التأخير وهو بالفارسية [واپس افكندن] قال فى كشف الاسرار الارجاء تأخير المرأة من غير طلاق والمعنى تؤخر يا محمد من تشاء من أزواجك وتترك مضاجعتها من غير نظر الى نوبة وقسم وعدل وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ يقال أوى الى كذا اى انضم وآواه غيره إيواء اى وتضمها إليك وتضاجعها من غير التفات الى نوبة وقسمة ايضا فالاختيار بيديك فى الصحبة بمن شئت ولو أياما زائدة على النوبة وكذا فى تركها او تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء او تترك تزوج من شئت من نساء أمتك وتتزوج من شئت كما فى بحر العلوم وَمَنِ ابْتَغَيْتَ اى وتؤوي إليك ايضا من ابتغيتها وطلبتها مِمَّنْ عَزَلْتَ اى طلقتها بالرجعة. والعزل الترك والتبعيد فَلا جُناحَ لا اثم ولا لوم ولا عتاب ولا ضيق عَلَيْكَ فى شىء مما ذكر من الأمور الثلاثة كما فى كشف الاسرار [درين هر سه بر تو تنكى نيست] وقال فى الكواشي من مبتدأ بمعنى الذي او شرط نصب بقوله ابتغيت وخبر المبتدأ وجواب الشرط على التقديرين فلا جناح عليك وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض وهو اما ان يطلق واما ان يمسك وإذا امسك ضاجع او ترك وقسم او لم يقسم وإذا طلق فاما ان لا يبتغى المعزولة او يبتغيها والجمهور على ان الآية نزلت فى القسم بينهن فان التسوية فى القسم كانت واجبة عليه فلما نزلت سقط عنه وصار الاختيار اليه فيهن وكان ذلك من خصائصه عليه السلام- ويروى- ان أزواجه عليه السلام لما طلبن زيادة النفقة ولباس الزينة هجرهن شهرا حتى نزلت آية التخيير فاشفقن ان يطلقهن وقلن يا نبى الله افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت ودعنا على حالنا فارجأ منهن خمسا أم حبيبة وميمونة وسودة

وصفية وجويرية فكان يقسم لهن ما شاء وآوى اليه اربع عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة فكان يقسم بينهن سواء. ويروى انه عليه السلام لم يخرج أحدا منهن عن القسم بل كان يسوى بينهن مع ما اطلق له وخير فيه الاسودة فانها رضيت بترك حقها من القسم ووهبت ليلتها لعائشة وقالت لا تطلقنى حتى احشر فى زمرة نسائك ذلِكَ اى ما ذكر من تفويض الأمر الى مشيئتك أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ [نزديكتر است بآنكه روشن شود چشمهاى ايشان] فاصله من القر بالضم وهو البرد وللسرور دمعة قارة اى باردة وللحزن دمعة حارة او من القرار اى تسكن أعينهن ولا تطمح الى ما عاملتهن به قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة وتضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها او رأت ما كانت متشوفة اليه وقر بالمكان يقر بالكسر والفتح قرارا ثبت وسكن كاستقر وَلا يَحْزَنَّ [واندوهناك نشوند] وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ [وخوشنود باشند بآنچهـ دهى ايشانرا يعنى چون همه دانستند كه آنچهـ تو ميكنى از ارجاء وايوا. وتقريب وتبعيد بفرمان خداست ملول نميشوند] قوله كلهن بالرفع تأكيد لفاعل يرضين وهو النون اى اقرب الى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا لانه حكم كلهن فيه سواء ثم ان سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وان رجحت بعضهن علمن انه بحكم الله فتطمئن به نفوسهن ويذهب التنافس والتغاير فرضين بذلك فاخترنه على الشرط ولذا قصره الله عليهن وحرم عليه طلاقهن والتزوج بسواهن وجعلهن أمهات المؤمنين كما فى تفسير الجلالين وَاللَّهُ وحده يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ من الضمائر والخواطر فاجتهدوا فى إحسانها وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً مبالغا فى العلم فيعلم ما تبدونه وما تخفونه حَلِيماً لا يعاجل بالعقوبة فلا تغتروا بتأخيرها فانه امهال لا إهمال نه كردن كشانرا بگيرد بفور ... نه عذر آورانرا براند بجور وكر خشم كيرد بكردار زشت ... چوباز آمدى ماجرا در نوشت مكن يك نفس كار بد اى پسر ... چهـ دانى چهـ آيد بآخر بسر وفى التأويلات النجمية لما انسلخت نفسه عليه السلام عن صفاتها بالكلية لم يبق له ان يقول يوم القيامة نفسى نفسى ومن هنا قال (اسلم شيطانى على يدى) فلما اتصفت نفسه بصفات القلب وزال عنها الهوى حتى لا ينطق بالهوى اتصفت دنياه بصفات الآخرة فحل له فى الدنيا ما يحل لغيره فى الآخرة لانه نزع من صدره فى الدنيا غل ينزع من صدره غيره فى الآخرة كما قال (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) وقال فى حقه (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يعنى نزع الغل منه فقال الله تعالى له فى الدنيا (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ) إلخ اى على من تتعلق به إرادتك ويقع عليه اختيارك فلا حرج عليك ولا جناح كما يقول لاهل الجنة (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) (وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً) فى الأزل بتأسيس بنيان وجودك على قاعدة محبوبيتك ومحبيتك (حَلِيماً) فيما صدر منك فيحلم عنك ما لم يحلم عن غيرك انتهى قيل انما لم يقع ظله عليه السلام على الأرض لانه نور محض وليس للنور ظل وفيه اشارة الى انه أفنى الوجود الكونىّ الظلىّ وهو متجسد فى صورة البشر ليس له ظلمة المعصية وهو مغفور عن اصل قال بعض الكبار ليس فى مقدور البشر

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 52 إلى 56]

مراقبة الله فى السر والعلن مع الأنفاس فان ذلك من خصائص الملأ الأعلى. واما رسول الله عليه السلام فكان له هذه المرتبة فلم يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهو ذاكر الله على احيانه. وما نقل من سهوه عليه السلام فى بعض الأمور فهو ليس كسهو سائر الخلق الناشئ عن رعونة الطبع وغفلته حاشاه عن ذلك بل سهوه تشريع لامته ليقتدوا به فيه كالسهو فى عدد الركعات حيث انه عليه السلام صلى الظهر ركعتين ثم سلم فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه صليت ركعتين فقام وأضاف إليهما ركعتين وبعض سهوه عليه السلام ناشىء عن الاستغراق والانجذاب ولذلك كان يقول (كلمينى يا حميراء) والحاصل ان حاله عليه السلام ليس كاحوال افراد أمته ولذا عامل الله تعالى به ما لم يعامل بغيره إذ هو يعلم ما فى القلوب والصدور ويحيط باطراف الأمور نسأل منه التوفيق لرضاه والوسيلة لعطاه وهو المفيض على كل نبى وولى والمرشد فى كل امر خفى وجلى لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ بالياء لان تأنيث الجمع غير حقيقى ولوجود الفصل وإذا جاز التذكير بغيره فى قوله وقال نسوة كان معه اجوز. والنساء والنسوان والنسوة بالكسر جموع المرأة من غير لفظها اى لا تحل واحدة من النساء مسلمة او كتابية لما تقرر ان حرف التعريف إذا دخل على الجمع يبطل الجمعية ويراد الجنس وهو كالنكرة يخص فى الإثبات ويعم فى النفي كما إذا حلف لا يتزوج النساء ولا يكلم الناس او لا يشترى العبيد فانه يحنث بالواحد لان اسم الجنس حقيقة فيه مِنْ بَعْدُ اى من بعد هؤلاء التسع اللاتي خيرتهن بين الدنيا والآخرة فاخترنك لانه نصابك من الأزواج كما ان الأربع نصاب أمتك منهن او من بعد اليوم حتى لو ماتت واحدة لم يحل له نكاح اخرى وانما حرّم على أمته الزيادة على الأربع بخلافه فانه عليه السلام فى بذرقة النبوة وعصمة الرسالة قد يقدر على أشياء لا يقدر عليها غيره وقد افترض الله عليه أشياء لم يفترضها على أمته لهذا المعنى وهى قيام الليل وانه إذا عمل نافلة يجب المواظبة عليها وغير ذلك وسرّ الاقتصار على الأربع ان المراتب اربع. مرتبة المعنى. ومرتبة الروح. ومرتبة المثال. ومرتبة الحس ولما كان الوجود الحاصل للانسان انما حصل له بالاجتماع الحاصل من مجموع الأسماء الغيبية والحقائق العلمية والأرواح النورية والصور المثالية والصور العلوية والسفلية والتوليدية شرع له نكاح الأربع وتمامه فى كتب التصوف وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ تبدل بحذف أحد التاءين والأصل تتبدل وبدل الشيء الخلف منه وتبدله به وأبدله منه وبدله اتخذه بدلا كما فى القاموس قال الراغب التبدل والابدال والتبديل والاستبدال جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله انتهى. وقوله من ازواج مفعول تبدل ومن مزيدة لتأكيد النفي تفيد استغراق جنس الأزواج بالتحريم. والمعنى ولا يحل لك ان تتبدل بهؤلاء التسع أزواجا اخر بكلهن او بعضهن بان تطلق واحدة وتنكح مكانها اخرى: وبالفارسية [وحلال نيست ترا آنكه بدل كنى بديشان از زنان ديكر يعنى يكى را از ايشان طلاق دهى وبجاى او ديكرى را نكاح كنى] أراد الله لهنّ كرامة وجزاء على ما اخترن رسول الله والدار الآخرة لا الدنيا وزينتها ورضين بمراده فقصر رسوله عليهن ونهاه عن تطليقهن والاستبدال بهن

وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ الواو عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها ولو فى أمثال هذا الموقع لا يلاحظ لها جواب: والاعجاب [شكفتى نمودن وخوش آمدن] قال الراغب العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء وقد يستعار للروق فيقال أعجبني كذا اى راقنى والحسن كون الشيء ملائما للطبع واكثر ما يقال الحسن بفتحتين فى تعارف العامة فى المستحسن بالبصر. والمعنى ولا يحل لك ان تستبدل بهن حال كونك لو لم يعجبك حسن الأزواج المستبدلة وجمالهن ولو أعجبك حسنهن اى حال عدم إعجاب حسنهن إياك وحال إعجابه اى على كل حال ولو فى هذه الحالة فان المراد استقصاء الأحوال: وبالفارسية [بشكفت آرد ترا خوبى ايشان] قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما هى اسماء بنت عميش الخثعمية امرأة جعفر بن ابى طالب لما استشهد أراد رسول الله ان يخطبها فنهاه الله عن ذلك فتركها فتزوجها ابو بكر بإذن رسول الله فهى ممن أعجبه حسنهن وفى التكملة قيل يريد حبابة اخت الأشعث بن قيس انتهى وفى الحديث (شارطت ربى ان لا أتزوج الا من تكون معى فى الجنة) فاسماء او حبابة لم تكن أهلا لرسول الله فى الدنيا ولم تستأهل ان تكون معه فى مقامه فى الجنة فلذا صرفها الله عنه فانه تعالى لا ينظر الى الصورة بل الى المعنى چون ترا دل أسير معنى بود ... عشق معنى ز صورت اولى بود حسن معنى نمى شود سپرى ... عشق آن باشد از زوال برى اهل عالم همه درين كارند ... بحجاب صور كرفتارند وفى الحديث (من نكح امرأة لمالها وجمالها حرم مالها وجمالها ومن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها) إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ استثناء من النساء لانه يتناول الأزواج والإماء: يعنى [حلال نيست بر تو زنان پس ازين نه تن كه دارى مكر آنچهـ مالك آن شود دست تو يعنى بتصرف تو درآيد وملك تو كردد] فانه حل له ان يتسرى بهن قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ملك من هؤلاء التسع مارية القبطية أم سيدنا ابراهيم رضى الله تعالى عنه وقال مجاهد معنى الآية لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات من بعد المسلمات ولا ان تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية الا ما ملكت يمينك أحل الله له ما ملكت يمينه من الكتابيات ان يتسرى بهن وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً يقال رقبته حفظته والرقيب الحافظ وذلك اما لمراعاة رقبة المحفوظ واما لرفعه رقبته. والرقيب هو الذي لا يغفل ولا يذهل ولا يجوز عليه ذلك فلا يحتاج الى مذكر ولا منبه كما فى شرح الأسماء للزورقى اى حافظا مهيمنا فتحفظوا ما أمركم به ولا تتخطوا ما حد لكم وفى الآية الكريمة امور منها ان الجمهور على انها محكمة وان رسول الله عليه السلام مات على التحريم ومنها ان الله لما وسع عليه الأمر فى باب النكاح حظيت نفسه بشرب من مشاربها موجب لانحراف مزاجها كمن أكل طعاما حلوا حارا صفراويا فيحتاج الى غذاء حامض بارد دافع للصفراء حفظا للصحة فالله تعالى من كمال عنايته فى حق حبيبه غذاه بحامض (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) الآية لاعتدال المزاج القلبي والنفسي فهو من باب تربية نفس النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها انه تعالى لما ضيق الأمر

على الأزواج المطهرة فى باب الصبر بما أحل للنبى عليه السلام ووسع امر النكاح عليه وخيره فى الارجاء والإيواء اليه كان احمض شىء فى مذاقهن وأبرد شىء لمزاج قلوبهن فغذاهن بحلاوة (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) وسكن بها برودة مزاجهن حفظا لسلامة قلوبهن وجبرا لانكسارها فهو من باب تربية نفوسهن ومنها ان فيها ما يتعلق بمواعظ نفوس رجال الامة ونسائها ليتعظوا بأحوال النبي عليه السلام واحوال نسائه ويعتبروا بها (وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من احوال النبي عليه السلام واحوال أزواجه واحوال أمته (رَقِيباً) يراقب مصالحهم ومنها ان المراد بهؤلاء التسع عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية اما عائشة رضى الله عنها فهى بنت ابى بكر رضى الله عنه تزوجها عليه السلام بمكة فى شوال وهى بنت سبع وبنى بها فى شوال على رأس ثمانية أشهر من الهجرة وهى بنت تسع وقبض عليه السلام عنها وهى بنت ثمانى عشرة ورأسه فى حجرها ودفن فى بيتها وماتت وقد قارفت سبعا وستين سنة فى شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها ابو هريرة بالبقيع ودفنت به ليلا وذلك فى زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة من خلافة معاوية وكان مروان استخلف على المدينة أبا هريرة رضى الله عنه لما ذهب الى العمرة فى تلك السنة واما حفصة رضى الله عنها فهى بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأمها زينب اخت عثمان بن مظعون اخوه عليه السلام من الرضاعة تزوجها عليه السلام فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة قبل أحد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبنى البيت وبلغت ثلاثا وستين وماتت بالمدينة فى شعبان سنة خمس وأربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو امير المدينة يومئذ وحمل سريرها وحمله ايضا ابو هريرة رضى الله عنه واما أم حبيبة رضى الله عنها واسمها رملة فهى بنت ابى سفيان بن حرب رضى الله عنه هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش الى ارض الحبشة الهجرة الثانية وتنصر عبيد الله هناك وثبتت هى على الإسلام وبعث رسول الله عمرو بن امية الضمري الى النجاشي ملك الحبشة فزوجه عليه السلام إياها وأصدقها النجاشي عن رسول الله اربعمائة دينار وجهزها من عنده وأرسلها فى سنة سبع واما سودة رضى الله عنها فهى بنت زمعة العامرية وأمها من بنى النجار لانها بنت أخي سلمى بن عبد المطلب واما أم سلمة واسمها هند فهى بنت ابى امية المخزومية تزوجها عليه السلام ومعها اربع بنات ماتت فى ولاية يزيد بن معاوية وكان عمرها أربعا وثمانين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها ابو هريرة رضى الله عنه واما صفية رضى الله عنها فهى بنت حيى سيد بنى النضير من أولاد هارون عليه السلام قتل حيى مع بنى قريظة واصطفاها عليه السلام لنفسه فاعتقها فتزوجها وجعل عتقها صداقها وكانت رأت فى المنام ان القمر وقع فى حجرها فتزوجها عليه السلام وكان عمرها لم يبلغ سبع عشرة ماتت فى رمضان سنة خمس وخمسين ودفنت بالبقيع واما ميمونة رضى الله عنها فهى بنت الحارث الهلالية تزوجها عليه السلام وهو محرم فى عمرة القضاء سنة سبع وبعد الاحلال بنى بها بسرف ماتت سنة احدى وخمسين وبلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف الذي هو محل الدخول بها وهو ككتف موضع قرب التنعيم واما زينب رضى الله عنها فهى بنت جحش بن رباب

الاسدية وقد سبقت قصتها فى هذه السورة واما جويرية فهى بنت الحارث الخزاعية سبيت فى غزوة المصطلق وكانت بنت عشرين سنة ووقعت فى سهم ثابت بن قيس فكاتبها على تسع آواق فادى عليه السلام عنها ذلك وتزوجها وقيل انها كانت بملك اليمين فاعتقها عليه السلام وتزوجها توفيت بالمدينة سنة ست وخمسين وقد بلغت سبعين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو والى المدينة يومئذ وهؤلاء التسع مات عنهن صلى الله عليه وسلم وقد نظمهن بعضهم فقال توفى رسول الله عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب فعائشة ميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن ليعذب ومنها ان الآية دلت على جواز النظر الى من يريد نكاحها من النساء وعن ابى هريرة ان رجلا أراد ان يتزوج امرأة من الأنصار فقال له النبي عليه السلام (انظر إليها فان فى أعين نساء الأنصار شيأ) قال الحميدي يعنى الصغر وذلك ان النظر الى المخطوبة قبل النكاح داع للالفة والانس وامر النبي عليه السلام أم سلمة خالته من الرضاعة حين خطب امرأة ان تشم هى عوارضها اى أطراف عارضى تلك المرأة لتعرف ان رائحتها طيبة او كريهة وعارضا الإنسان صفحتا خدّيه وبالاعذار يجوز النظر الى جميع الأعضاء حتى العورة الغليظة وهى تسعة الاول تحمل الشهادة كما فى الزنى يعنى ان الرجل إذا زنى بامرأة يجوز النظر الى فرجهما ليشهد بانه رآه كالميل فى المكحلة والثاني أداء الشهادة فان أداء الشهادة بدون رؤية الوجه لا يصح والثالث حكم القاضي والرابع الولادة للقابلة والخامس البكارة فى العنة والرد بالعيب والسادس والسابع الختان والخفض فالختان للولد سنة مؤكدة والخفض للنساء وهو مستحب وذلك ان فوق ثقبة البول شيأ هو موضع ختانها فان هناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها وفى الحديث (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ويزيد لذتها ويجف رطوبتها) والثامن ارادة الشراء والتاسع ارادة النكاح ففى هذه الاعذار يجوز النظر وان كان بالشهوة لكن ينبغى ان لا يقصدها فان خطب الرجل امرأة أبيح له النظر إليها بالاتفاق فعند احمد ينظر الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم وعند الثلاثة لا ينظر غير الوجه والكفين كما فى فتح الرحمن ومنها ان من علم انه تعالى هو الرقيب على كل شىء راقبه فى كل شىء ولم يلتفت الى غيره قال الكاشفى [وكسى كه از سر رقيبى حق آگاه كردد او را از مراقبه چاره نيست] چودانستى كه حق دانا وبيناست ... نهان وآشكار خويش كن راست والتقرب بهذا الاسم تعلقا من جهة مراقبته تعالى والاكتفاء بعلمه بان يعلم ان الله رقيبه وشاهده فى كل حال ويعلم ان نفسه عدو له وان الشيطان عدو له وانهما ينتهزان الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة فيأخذ منها حذره بان يلاحظ مكانها وتلبيسها ومواضع انبعاثها حتى يسد عليها المنافذ والمجاري ومن جهة التخلق ان يكون رقيبا على نفسه كما

[سورة الأحزاب (33) : آية 53]

ذكر وعلى من امره الله بمراقبته من اهل وغيره وخاصية هذا الاسم جمع الضوال والحفظ فى الأهل والمال فصاحب الضالة يكثر من قراءته فتنجمع عليه ويقرأه من خاف على الجنين فى بطن امه سبع مرات وكذلك لو أراد سفرا يضع يده على رقبة من يخاف عليه المنكر من اهل وولد يقوله سبعا فانه يأمن عليه ان شاء الله ذكره ابو العباس الفاسى فى شرح الأسماء الحسنى نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظنا فى الليل والنهار والسر والجهار ويجعلنا من اهل المراقبة الى ان تخلو منا هذه الدار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آورده اند كه چون حضرت پيغمبر عليه السلام زينب را رضى الله عنها بحكم ربانى قبول فرموده وليمه ترتيب نمود ومردم را طلبيده دعوتى مستوفى داد و چون طعام خورده شد بسخن مشغول كشتند وزينب در كوشه خانه روى بديوار نشسته بود حضرت عليه السلام ميخواست كه مردمان بروند آخر خود از مجلس برخاست وبرفت صحابه نيز برفتند وسه كس مانده همچنان سخن ميكفتند حضرت بدر خانه آمد وشرم ميداشت كه ايشانرا عذر خواهد وبعد از انتظار بسيار كه خلوت شد آيت حجاب نازل شد]- وروى- ان ناسا من المؤمنين كانوا ينتظرون وقت طعام رسول الله فيدخلون ويقعدون الى حين إدراكه ثم يأكلون ولا يخرجون وكان رسول الله يتأذى من ذلك فقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ حجراته فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ الا حال كونكم مأذونا لكم ومدعوا إِلى طَعامٍ [پس آن هنكام درآييد] وهو متعلق بيؤذن لانه متضمن معنى يدعى للاشعار بانه لا يحسن الدخول على الطعام من غير دعوة وان اذن به كما أشعر به قوله غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ حال من فاعل لا تدخلوا على ان الاستثناء وقع على الظرف والحال كأنه قيل لا تدخلوا بيوت النبي الا حال الاذن ولا تدخلوها الا غير ناظرين اناه اى غير منتظرين وقت الطعام او إدراكه وهو بالقصر والكسر مصدر انى الطعام إذا أدرك قال فى المفردات الانا إذا كسر اوله قصر وإذا فتح مد وانى الشيء يأنى قرب اناه ومثله آن يئين اى حان يحين. وفيه اشارة الى حفظ الأدب فى الاستئذان ومراعاة الوقت وإيجاب الاحترام وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا استدراك من النهى عن الدخول بغير اذن وفيه دلالة بينة على ان المراد بالاذن الى الطعام هو الدعوة اليه اى إذا اذن لكم فى الدخول ودعيتم الى الطعام فادخلوا بيوته على وجوب الأدب وحفظ احكام تلك الحضرة فَإِذا طَعِمْتُمْ الطعام وتناولتم فان الطعم تناول الغذاء: وبالفارسية [پس چون طعام خورديد] فَانْتَشِرُوا فتفرقوا ولا تمكثوا: وبالفارسية [پس پراكنده شويد از خانهاى او] هذه الآية مخصوصة بالداخلين لاجل الطعام بلا اذن وأمثالهم والا لما جاز لاحد ان يدخل بيوته بالاذن لغير الطعام ولا اللبث بعد الطعام لامر مهم وَلا مُسْتَأْنِسِينَ [الاستئناس: انس كرفتن] وهو ضد الوحشة والنفور لِحَدِيثٍ الحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ وهو عطف على ناظرين او مقدر بفعل اى ولا تدخلوا طالبين الانس لحديث بعضكم او لحديث اهل البيت بالتسمع له: وبالفارسية [ومنشينيد آرام كرفتكان براى سخن بيكديكر]

وفى التأويلات النجمية إذا انتهت حوائجكم فاخرجوا ولا تتغافلوا ولا يمنعكم حسن خلقه من حسن الأدب ولا يحملنكم فرط احتشامه على الإبرام عليه وكان حسن خلقه جسرهم على المباسطة معه حتى انزل الله هذه الآية إِنَّ ذلِكُمْ اى الاستئناس بعد الاكل الدال على اللبث كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ [مى رنجاند وآزرده كند پيغمبر را] لتضييق المنزل عليه وعلى اهله وأشغاله فيما لا يعنيه. والأذى ما يصل الى الإنسان من ضرر اما فى نفسه او فى جسمه او فتياته دنيويا كان او أخرويا فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ محمول على حذف المضاف اى من إخراجكم بدليل قوله وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ فانه يستدعى ان يكون المستحيى منه امرا حقا متعلقا بهم لانفسهم وما ذلك الا إخراجهم. يعنى ان إخراجكم حق فينبغى ان لا يترك حياء ولذلك لم يتركه الله ترك الحي وأمركم بالخروج والتعبير عن عدم الترك بعدم الاستحياء للمشاكلة وكان عليه السلام أشد الناس حياء وأكثرهم عن العورات اغضاء وهو التغافل عما يكره الإنسان بطبيعته. والحياء رقة تعترى وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهته او ما يكون تركه خيرا من فعله قال الراغب الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركه لذلك- روى- ان الله تعالى يستحيى من ذى الشيبة المسلم ان يعذبه فليس يراد به انقباض النفس إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك وانما المراد به ترك تعذيبه وعلى هذا ما روى ان الله تعالى حى اى تارك للمقابح فاعل للمحاسن ثم فى الآية تأديب للثقلاء قال الأحنف نزل قوله تعالى (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) فى حق الثقلاء فينبغى للضيف ان لا يجعل نفسه ثقيلا بل يخفف الجلوس وكذا حال العائد فان عيادة المرضى لحظة قيل للاعمش ما الذي اعمش عينيك قال النظر الى الثقلاء قيل إذا دخل الثقيل بأرض قوم ... فما للساكنين سوى الرحيل وقيل مجالسة الثقيل حمى الروح وقيل لأنوشروان ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل ولا يحمل مجالسة الثقيل قال يحمل الحمل بجميع الأعضاء والثقيل تنفرد به الروح. قيل من حق العاقل الداخل على الكرام قلة الكلام وسرعة القيام. ومن علامة الأحمق الجلوس فوق القدر والمجيء فى غير الوقت. وقد قالوا إذا اتى باب أخيه المسلم يستأذن ثلاثا ويقول فى كل مرة السلام عليكم يا اهل البيت ثم يقول أيدخل فلان ويمكث بعد كل مرة مقدار ما يفرغ الآكل من أكله ومقدار ما يفرغ المتوضئ من وضوئه والمصلى بأربع ركعات من صلاته فان اذن دخل وخفف وإلا رجع سالما عن الحقد والعداوة. ولا يجب الاستئذان على من أرسل اليه صاحب البيت رسولا فاتى بدعوته قال فى كشف الاسرار [ادب نهايت قال است وبدايت حال حق جل جلاله أول مصطفى را عليه السلام بأدب بيارست پس بخلق فرستاد: كما قال (أدبني ربى فاحسن تأديبى) . عام را هر عضوى از اعضاى ظاهر ادبى بايد والا هالكند. وخاص را هر عضوى از اعضاى باطن ادبى بايد والا هالكند. وخاص الخاص در همه اوقات ادب بايد قال المولى الجامى أدبوا النفس ايها الأحباب ... طرق العشق كلها آداب

مايه دولت ابد ادبست ... مايه رفعت خرد ادبست چيست آن داد بندگى دادن ... بر حدود خداى ايستادن قول وفعل از شنيدن وديدن ... بموازين شرع سنجيدن با حق وخلق وشيخ ويار ورفيق ... ره سپردن بمقتضاى طريق حركات جوارح واعضا ... راست كردن بحكم دين هدا خطرات وخواطر وأوهام ... پاك كردن ز شوب نفس تمام دين واسلام در ادب طلبيست ... كفر وطغيان ز شوم بي ادبيست ومن الله التوفيق للآداب الحسنة والافعال المستحسنة وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً الماعون وغيره فَسْئَلُوهُنَّ اى المتاع مِنْ وَراءِ حِجابٍ من خلف ستر: وبالفارسية [از پس پرده] ويقال خارج الباب ذلِكُمْ اى سؤال المتاع من وراء الحجاب أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ اى اكثر تطهيرا من الخواطر النفسانية والخيالات الشيطانية فان كل واحد من الرجل والمرأة إذا لم ير الآخر لم يقع فى قلبه شىء قال فى كشف الاسرار نقلهم عن مألوف العادة الى معروف الشريعة ومفروض العبادة وبين ان البشر بشر وان كانوا من الصحابة وازواج النبي عليه السلام فلا يأمن أحد على نفسه من الرجال والنساء ولهذا شدد الأمر فى الشريعة بان لا يخلو رجل بامرأة ليس بينهما محرمية كما قال عليه السلام (لا يخلوّن رجل بامرأة فان ثالثهما الشيطان) وكان عمر رضى الله عنه يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة وكان يذكره كثيرا ويود ان ينزل فيه وكان يقول لو أطاع فيكن ما رأتكن عين وقال يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت- وروى- انه مر عليهن وهن مع النساء فى المسجد فقال احتجبن فان لكن على النساء فضلا كما ان لزوجكن على الرجال الفضل فقالت زينب انك يا ابن الخطاب لتغار علينا والوحى ينزل فى بيوتنا: يعنى [اگر مراد الله بود خود فرمايد وحاجت بغيرت تو نباشد تا درين حديث بودند بر وفق قول عمر رضى الله عنه آيت حجاب فرود آمد (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ) إلخ وعن عائشة رضى الله عنها ان ازواج النبي عليه السلام كن يخرجن الليل لحاجتهن وكان عمر يقول للنبى احجب نساءك فلم يكن يفعل فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالى عشيا وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على ان تنزل آية الحجاب فانزلها الله تعالى وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال [وبعد از نزولش حكم شد تا همه زنان پرده فرو كذاشتند] ولم يكن لاحد ان ينظر الى امرأة من نساء رسول الله متنقبة كانت او غير متنقبة: يعنى [بعد از نزول آيت حجاب هيچ كس را روا نبود كه در زنى از زنان رسول نكرستند اگر در نقاب بودى يا بى نقاب] واستدل بعض العلماء بأخذ الناس عن ازواج النبي عليه السلام من وراء الحجاب على جواز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت وهو مذهب مالك واحمد ولم يجزها ابو حنيفة سواء كانت فيما يسمع اولا خلافا لابى يوسف فيما إذا تحملها بصيرا فان العلم حصل له بالنظر وقت التحمل وهو العيان فاداؤه صحيح إذ لا خلل

فى لسانه وتعريف المشهود عليه يحصل بذكر نسبه ولابى حنيفة انه يحتاج فى أدائها الى التمييز بين الخصمين وهو لا يفرق بينهما الا بالنغمة وهى لا تعتبر لانها تشبه نغمة اخرى ويخاف عليه التلقين من الخصم والمعرفة بذكر النسب لا تكفى لانه ربما يشاركه غيره فى الاسم والنسب وهذا الخلاف فى الدين والعقار لا فى المنقول لان شهادته لا تقبل فيه اتفاقا لانه يحتاج الى الاشارة والدين يعرف ببيان الجنس والوصف والعقار بالتحديد وكذا قال الشافعي تجوز شهادة الأعمى فيما رآه قبل ذهاب بصره او يقر فى اذنه فيتعلق به حتى يشهد عند قاض به وَما كانَ لَكُمْ اى وما صح وما استقام لكم أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ اى ان تفعلوا فى حياته فعلا يكرهه ويتأذى به وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ [زنان او را كه مدخول بها باشد] مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد وفاته او فراقه أَبَداً فان فيه تركا لمراعاة حرمته فانه اب وأزواجه أمهات ويقال لانهن أزواجه فى الدنيا والآخرة كما قال عليه السلام (شارطت ربى ان لا أتزوج الا من تكون معى فى الجنة] ولو تزوجن لم يكنّ معه فى الجنة لان المرأة لآخر أزواجها لما روى ان أم الدرداء رضى الله عنها قالت لابى الدرداء رضى الله عنه عند موته انك خطبتنى من ابوىّ فى الدنيا فانكحاك فانى أخطبك الى نفسى فى الآخرة فقال لها لا تنكحى بعدي فخطبها معاوية بن ابى سفيان فاخبرته بالذي كان وأبت ان تتزوجه- وروى- عن حذيفة رضى الله عنه انه قال لامرأته ان أردت ان تكونى زوجى فى الجنة فلا تتزوجى بعدي فان المرأة لآخر أزواجها- وروى- فى خبر آخر بخلاف هذا وهو ان أم حبيبة رضى الله عنها قالت يا رسول الله ان المرأة منا إذا كان لها زوجان لايهما تكون فى الآخرة فقال (انها تخير فتختار أحسنهما خلقا منها) ثم (قال يا أم حبيبة ان حسن الخلق ذهب بالدنيا والآخرة) والحاصل انه يجب على الامة ان يعظموه عليه السلام ويوقروه فى جميع الأحوال فى حال حياته وبعد وفاته فانه بقدر ازدياد تعظيمه وتوقيره فى القلوب يزداد نور الايمان فيها وللمريدين مع الشيوخ فى رعاية أمثال هذا الأدب أسوة حسنة لان الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته كما سبق بيانه عند قوله (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وفى الآية اشارة الى ان قوى النفس المحمدية من جهة الراضية والمرضية والمطمئنة بطبقاتها بكلياتها متفردة بالكمالات الخاصة للحضرة الاحمدية دنيا وآخرة فافهم سر الاختصاص والتشريف ثم ان اللاتي طلقهن النبي عليه السلام اختلف فيهن ومن قال بحلهن فلانه عليه السلام قطع العصمة حيث قال (أزواجي فى الدنيا هن أزواجي فى الآخرة) فلم يدخلن تحت الآية والصحيح ان من دخل بها النبي عليه السلام ثبتت حرمتها قطعا فخص من الآية التي لم يدخل بها لما روى ان الأشعث بن قيس تزوج المستعيذة فى ايام خلافة عمر رضى الله عنه فهمّ برجمهما فاخبر بانه عليه السلام فارقها قبل ان يمسها فترك من غير نكير وسبب نزول الآية ان طلحة بن عبيد الله التيمي قال لئن مات محمد لا تزوجن عائشة وفى لفظ تزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا يعنى يمنعنا من الدخول على بنات عمنا لانه وعائشة كانا من بنى تيم ابن مرة فقال لئن مات لا تزوجن عائشة من بعده فنزل فيه قوله تعالى (وَما كانَ لَكُمْ) الآية قال الحافظ السيوطي وقد كنت فى وقفة شديدة

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 54 إلى 55]

من صحة هذا الخبر لان طلحة أحد العشرة المبشرين بالجنة أجل مقاما من ان يصدر منه ذلك حتى رأيت انه رجل آخر شاركه فى اسمه واسم أبيه ونسبته كما فى انسان العيون إِنَّ ذلِكُمْ يعنى ايذاءه ونكاح أزواجه من بعده كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً اى ذنبا عظيما وامرا هائلا [زيرا كه حرمت آن حضرت لازمست در حيات او وبعد از وفات او بلكه حيات وممات او در اداى حقوق تعظيم يكسانست چهـ خلعت خلافت ولباس شفاعت كبرى پس از وفات بر بالاى اعتدال او دوخته اند] قباى سلطنت هر دو كون تشريفست ... كه جز بقامت زيباى او نيامد راست ثم بالغ فى الوعيد فقال إِنْ تُبْدُوا على ألسنتكم [يعنى آشكارا كنيد] شَيْئاً مما لا خير فيه كنكاحهن وفى التأويلات من ترك الأدب وحفظ الحرمة وتعظيم شأنه صلى الله عليه وسلم أَوْ تُخْفُوهُ فى صدوركم: يعنى [بزبان نياريد زيرا كه نكاح عائشة رضى الله عنها در دل بعض كذشته بود وبزبان نياورده] كذا قال الكاشفى فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بظاهر كل شىء وباطنه فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصي البادية والخافية لا محالة وعمم ذلك ليدخل فيه نكاحهن وغيره قال فى كشف الاسرار [چون ميدانى كه حق تعالى بر اعمال واحوال تو مطلع است ونهان وآشكاراى تو ميداند ومى بيند پيوسته بر دركاه او باش افعال خود را مهذب داشته باتباع علم وغذاى حلال ودوام ورد واقوال خود را رياضت داده بقراءت قرآن ومداومت عذر ونصيحت خلق واخلاق خود پاك داشته از هر چهـ غبار راه دين است وسد منهج طريقت چون بخل وريا وطمع است وآرايش سخا وتوكل وقناعت وكلمه «لا اله الا الله» بر هر دو حالت مشتمل است «لا اله» نفى آلايش است و «الا الله» اثبات وآرايش چون بنده كويد «لا اله» هر چهـ آلايش است وحجاب راه از بيخ بكند آنكه جمال «الا الله» روى نمايد وبنده را بصفات آرايش بيارايد واو را آراسته و پيراسته فرا مصطفى برد تا ويرا بامتى قبول كند واگر اثر «لا اله» بر وى ظاهر نبود وجمال خلعت «الا الله» بر وى نبيند او را بامتى فرا نپذيرد وكويد سحق سحقا] : قال المولى الجامى «لا» نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش او كشيده بكام هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... از من وما نه بوى مانده نه رنك كر چهـ «لا» داشت تيركىء عدم ... دارد «الا» فروغ نور قدم چون كند «لا» بساط كثرت طى ... دهد «الا» ز جام وحدت مى تا نسازى حجاب كثرت دور ... ندهد آفتاب وحدت نور كر زمانى ز خود خلاص شوى ... مهبط فيض نور خاص شوى جذب آن فيض يابد استيلا ... هم ز «لا» وارهى هم از «الا» هر كه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش جان بحق تن بغير حق كائن ... تن ز حق جان ز غير حق بائن لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ استئناف لبيان من لا يجب الاحتجاب عنهم- روى- انه لما نزلت

آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله او نكلمهن ايضا اى كالاباعد من وراء حجاب فنزلت ورخص الدخول على نساء ذوات محارم بغير حجاب: يعنى [هيچ كناهى نيست بر زنان در نمودن روى بپدران خويش] وَلا أَبْنائِهِنَّ [ونه بپسران خويش] وَلا إِخْوانِهِنَّ [ونه ببرادران ايشان] وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ [ونه بپسران برادران ايشان] وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ [ونه بپسران خواهران ايشان] فهؤلاء ينظرون عند ابى حنيفة الى الوجه والرأس والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها وأبيح النظر لهؤلاء لكثرة مداخلتهن عليهن واحتياجهن الى مداخلتهن وانما لم يذكر العم والخال لانهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم أبا فى قوله (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) او لانه كره ترك الاحتجاب منهما مخافة ان يصفاهن لا بنائهما وابناؤهما غير محارم لجواز النكاح بينهم وكره وضع الخمار عندهما وقد نهى عن وصف المرأة لزوجها بشرة امرأة اخرى ومحاسنها بحيث يكون كأنه ينظر إليها فانه يتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة وَلا نِسائِهِنَّ يعنى المؤمنات فتنظر المسلمة الى المسلمة سوى ما بين السرة والركبة وابو حنيفة يوجب ستر الركبة فالمراد بالنساء نساء اهل دينهن من الحرائر فلا يجوز للكتابيات الدخول عليهن والتكشف عندهن او المراد المسلمات والكتابيات وانما قال ولا نسائهن لانهن من اجناسهن فيحل دخول الكتابيات عليهن وقد كانت النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن يدخلن على نساء النبي عليه السلام فلم يكن يحتجبن ولا امرن بالحجاب وهو قول ابى حنيفة واحمد ومالك وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من العبيد والإماء فيكون عبد المرأة محرما لها فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا وان ينظر إليها كالمحارم وقد أباحت عائشة النظر لعبدها وقالت لذكوان انك إذا وضعتني فى القبر وخرجت فانت حر وقيل من الإماء خاصة فيكون العبد حكمه حكم الأجنبي معها قال فى بحر العلوم وهو اقرب الى التقوى لان عبد المرأة كالاجنبى خصيا كان او فحلا واين مثل عائشة واين مثل عبدها فى العبيد لا سيما فى زماننا هذا وهو قول ابى حنيفة وعليه الجمهور فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وقد أجاز رؤيته الى وجهها وكفيها إذا وجد الامن من الشهوة ولكن جواز النظر لا يوجب المحرمية وقد سبق بعض ما يتعلق بالمقام فى سورة النور فارجع لعلك تجد السرور وَاتَّقِينَ اللَّهَ فيما امرتن من الاحتجاب واخشين حتى لا يراكن غير هؤلاء ممن ذكر وعليكن بالاحتياط ما قدرتن قال الكاشفى [پس عدول كرد از غيبت بخطاب بجهت تشديد وامر فرمود كه اى زنان در پس حجاب قرار كيريد وبترسيد از خداى و پرده شرم از پيش برنداريد] إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً لا يخفى عليه خافية من الأقوال والافعال ولا يتفاوت فى علمه الا ما كان والأوقات والأحوال چونكه خدا شد بخفايا كواه ... كرد شما را همه لحظه نكاه ديده بپوشيد ز نامحرمان ... دور شويد از ره وهم وكمان در پس زانوى حيا ووقار ... خوش بنشينيد بصبر وقرار

[سورة الأحزاب (33) : آية 56]

وفى التأويلات النجمية يشير بالآية الى تسكين قلوبهن بعد فطامهن عن مألوفات العادة ونقلهن الى معروف الشريعة ومفروض العبادة فمنّ عليهن وعلى اقربائهن بانزاله هذه الرخصة لانه ما أخرجهن وما خلى سبيل الاحتياط لهن مع ذلك فقال (وَاتَّقِينَ اللَّهَ) فيهن وفى غيرهن بحفظ الخواطر وميل النفوس وهمها (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من اعمال النفوس واحوال القلوب (شَهِيداً) حاضرا وناظرا إليها قال ابو العباس الفاسى الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومن عرف انه الشهيد عبده على المراقبة فلم يره حيث نهاه ولم يفقده حيث امره واكتفى بعلمه ومشاهدته عن غيره فالله تعالى لا يغيب عنه شىء فى الدنيا والآخرة وهو يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم ذره نيست در مكين ومكان ... كه نه علمش بود محيط بر آن عدد ريك در بيابانها ... عدد بركها ببستانها همه نزديك او بود ظاهر ... همه در علم او بود حاضر وخاصية هذا الاسم الرجوع عن الباطل الى الحق حتى انه إذا أخذ من الولد العاق من جبهته شعر وقرئ عليه او على الزوجة كذلك الفا فانه يصلح حالها كما فى شرح الأسماء للفاسى نسأل الله سبحانه ان يصلح أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا ويوجه الى جنابه الكريم آمالنا إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ اعلم ان الملائكة عند اهل الكشف من أكابر اهل الله على قسمين. قسم تنزلوا من مرتبة الأرواح الى مرتبة الأجسام فلهم أجسام لطيفة كما ان للبشر أجساما كثيفة وهم المأمورون بسجود آدم عليه السلام ويدخل فيهم جميع الملائكة الارضية والسماوية أصاغرهم وأكابرهم كجبريل وغيره بحيث لا يشذ منهم فرد أصلا. وقسم بقوافى عالم الأرواح وتجردوا عن ملابس الجسمانية لطيفة كانت او كثيفة وهم المهيمون الذين أشير إليهم بقوله تعالى (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) وهم غير مأمورين بالسجود إذ ليس لهم شعور أصلا لا بانفسهم ولا بغيرهم من الموجودات مطلقا لاستغراقهم فى بحر شهود الحق. والإنسان أفضل من هذين القسمين فى شرف الحال ورتبة الكمال لانه مخلوق بقبضتى الجمال والجلال بخلاف الملائكة فانهم مخلوقون بيد الجمال فقط كما أشير اليه بقوله ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت وذلك لان العشق يقتضى المحنة وموطنها الدنيا ولذا اهبط آدم من الجنة والمحنة من باب التربية وهى من آثار الجلال والمراد بالملائكة هاهنا هو القسم الاول لانهم يشاركون مؤمنى البشر فى الجمال والوجود الجسماني فكما ان مؤمنى البشر كلهم يصلون على النبي فكذا هذا القسم من الملائكة مع ان مقام التعظيم يقتضى التعميم كما لا يخفى على ذى القلب السليم فاعرف واضبط ايها اللبيب الفهيم يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ اى يعتنون بما فيه خيره وصلاح امره ويهتمون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله تعالى بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار. فقوله يصلون محمول على عموم المجاز إذ لا يجوز ارادة معنيى المشترك معا فانه لا عموم للمشترك مطلقا اى سواء كان بين المعاني تناف أم لا قال القهستاني الصلاة من الله

الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الانس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء ونحوها ومن الطير والهوام التسبيح اسم من التصلية وكلاهما مستعمل بخلاف الصلاة بمعنى أداء الأركان فان مصدرها لم يستعمل فلا يقال صليت تصلية بل صلاة وقال بعضهم الصلاة من الله تعالى بمعنى الرحمة لغير النبي عليه السلام وبمعنى التشريف بمزيد الكرامة للنبى والرحمة عامة والصلاة خاصة كما دل العطف على التغاير فى قوله تعالى (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) وقال بعضهم صلوات الله على غير النبي رحمة وعلى النبي ثناء ومدحة قولا وتوفيق وتأييد فعلا وصلاة الملائكة على غير النبي استغفار وعلى النبي اظهار للفضيلة والمدح قولا والنصرة والمعاونة فعلا وصلاة المؤمنين على غير النبي دعاء وعلى النبي طلب الشفاعة قولا واتباع السنة فعلا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ اعتنوا أنتم ايضا بذلك فانكم اولى به وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً بان تقولوا اللهم صل على محمد وسلم او صلى الله عليه وسلم بان يقال اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم لقوله عليه السلام (إذا صليتم علىّ فعمموا) والا فقد نقصت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما فى شرح القهستاني وقال الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة لم اقف عليه اى على هذا الحديث بهذا اللفظ ويمكن ان يكون بمعنى صلوا علىّ وعلى أنبياء الله فان الله بعثهم كما بعثني انتهى. وخص اللهم ولم يقل يا رب ويا رحمن صل لانه اسم جامع دال على الالوهية وعلامة الإسلام فى قوله لا اله الا الله فناسب ذكره وقت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لانه عليه السلام جامع لنعوت الكمال مشتمل على اسرار الجمال والجلال وخص اسم محمد لان معناه المحمود مرة بعد اخرى فناسب مقام المدح والثناء. والمراد بآله الأتقياء من أمته فدخل فيه بنوا هاشم والأزواج المطهرة وغيرهم جميعا قال فى شرح الكشاف وغيره معنى قوله اللهم صل على محمد اللهم عظمه فى الدنيا بإعلاء دينه وإعظام ذكره واظهار دعوته وابقاء شريعته وفى الآخرة بتشفيعه فى أمته وتضعيف اجره ومثوبته واظهار فضله عن الأولين والآخرين وتقديمه على كافة الأنبياء والمرسلين ولما لم يكن حقيقة الثناء فى وسعنا أمرنا ان نكل ذلك اليه تعالى فالله يصلى عليه بسؤالنا سلام من الرحمن نحو جنابه ... لان سلامى لا يليق ببابه فان قلت فما الفائدة فى الأمر بالصلاة قلت اظهار المحبة للصلاة كما استحمد فقال قل الحمد لله إظهارا لمحبة الحمد مع انه هو الحامد لنفسه فى الحقيقة ومعنى سلم اجعله يا رب سالما من كل مكروه كما قال القهستاني وقال بعضهم [التسليم هنا بمعنى: آفرين كردن] ويجيىء بمعنى [پاك ساختن وسپردن وفروتنى كردن وسلامت دادن] وفى الفتوحات المكية ان السلام انما شرع من المؤمنين لان مقام الأنبياء يعطى الاعتراض عليهم لامرهم الناس بما يخالف أهواءهم فكأن المؤمن يقول يا رسول الله أنت فى أمان من اعتراضي عليك فى نفسى وكذلك السلام على عباد الله الصالحين فانهم كذلك يأمرون الناس بما يخالف أهواءهم بحكم الإرث للانبياء واما تسليمنا على أنفسنا فان فينا ما يقتضى الاعتراض واللوم منا علينا فنلزم نفوسنا التسليم

فيه لنا ولا نعترض كما يقول الإنسان قلت لنفسى كذا فقالت لا ولم نقف على رواية عن النبي عليه السلام فى تشهده الذي كان يقوله فى الصلاة هل كان يقول مثلنا السلام عليك ايها النبي او كان يقول السلام علىّ او كان لا يقول شيأ من ذلك ويكتفى بقوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فان كان يقول مثل ما أمرنا نقول فى ذلك وجهان. أحدهما ان يكون المسلم عليه هو الحق وهو مترجم عنه كما جاء فى سمع الله لمن حمده. والوجه الثاني انه كان يقام فى صلاته فى مقام الملائكة مثلا ثم يخاطب نفسه من حيث المقام الذي أقيم فيه ايضا من كونه نبيا فيقول السلام عليك ايها النبي فعل الأجنبي فكأنه جرد من نفسه شخصا آخر انتهى كلام الفتوحات قالوا السلام مخصوص بالحي والنبي عليه السلام ميت وأجيب بان المؤمن لا يموت حقيقة وان فارق روحه جسده فالنبى عليه السلام مصون بدنه الشريف من التفسخ والانحلال حى بالحياة البرزخية ويدل عليه قوله (ان الله ملائكة سياحين يبلغوننى عن أمتي السلام) وفى الحديث (ما من مسلم يسلم علىّ الا رد الله علىّ روحى حتى اردّ عليه السلام) ويؤخذ من هذا الحديث انه حى على الدوام فى البرزخ الدنيوي لانه محال عادة ان يخلو الوجود كله من واحد يسلم على النبي فى ليل او نهار. فقوله رد الله علىّ روحى اى أبقى الحق فىّ شعور خيالى الحسى فى البرزخ وادراك حواسى من السمع والنطق فلا ينفك الحس والشعور الكلى عن الروح المحمدي وليس له غيبة عن الحواس والأكوان لانه روح العالم وسره الساري قال الامام السيوطي وللروح بالبدن اتصال بحيث يسمع ويشعر ويرد السلام فيكون عليه السلام فى الرفيق الأعلى وهى متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهى فى مكانها هناك وانما يأتى الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد ان الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن ان تكون فى غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي موسى عليهما السلام ليلة المعراج قائما يصلى عليه وهو فى الرفيق الأعلى ولا تنافى بين الامرين فان شأن الأرواح غير شأن الأبدان ولولا لطافة الروح ونورانيتها ما صح اختراق بعض الأولياء الجدران ولا كان قيام الميت فى قبره والتراب عليه او التابوت فانه لا يمنعه شىء من ذلك عن قعوده وقد صح ان الإنسان يمكن ان يدخل من الأبواب الثمانية للجنة فى آن واحد لغلبة الروحانية مع تعذره فى هذه النشأة الدنيوية. وقد مثل بعضهم بالشمس فانها فى السماء كالارواح وشعاعها فى الأرض وفى الحديث (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) ولعل المراد ان يرد السلام بلسان الحال لا بلسان المقال لانهم يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه قال الشيخ المظهر التسليم على الأموات كالتسليم على الاحياء واما قوله عليه السلام (عليكم السلام تحية الموتى) اى بتقديم عليكم فمبنى على عادة العرب وعرفهم فانهم كانوا إذا سلموا على قبر يقدمون لفظ عليكم فتكلم عليه السلام على عادتهم وينبغى ان يقول المصلى اللهم صل على محمد وعلى آل محمد باعادة كلمة على فان اهل السنة التزموا إدخال على على الآل ردا على الشيعة فانهم منعوا ذكر على بين النبي وآله وينقلون فى ذلك حديثا وهو (من فصل بينى وبين آلى بعلى لم ينله شفاعتى) قاله القهستاني والعصام وغيرهما وقال

محمد الكردي هذا غير ثابت وعلى تقدير الثبوت فالمراد به على بن ابى طالب بان يجعل عليا من آله دون غيرهم فيكون فيه تعريض للشيعة فانهم الذين يفصلون بينه وبين آله به لفرط محبتهم له ولذا قال عليه السلام لعلى (هلك فيك اثنان محب مفرط ومبغض مفرط) فالمحب المفرط الروافض والمبغض الخوارج ونحن فيما بين ذلك انتهى كلامه ولا يقول فى الصلاة وارحم محمدا فانه يوهم التقصير إذ الرحمة تكون بإتيان ما يلام عليه وهو الأصح كما ذكره شرف الدين الطيبي فى شرح المشكاة وقال فى الدر الصحيح انه يكره قال الشيخ على فى اسئلة الحكم حرمت الصدقة على رسول الله وعلى آله لان الصدقة تنشأ عن رحمة الدافع لمن يتصدق عليه فلم يرد الله ان يكون مرحوم غيره ولهذا نهى بعض الفقهاء عن الترحم فى الصلاة عليه تأدبا لتلك الحضرة وان كانت الرواية وردت به كما ذكره صدر الشريعة ويتصل به قراءة الفاتحة لروحه المطهرة فالشافعى وأصحابه منعوا ذلك لروحه ولارواح سائر الأنبياء عليهم السلام لان العادة جرت بقراءة الفاتحة لارواح العصاة فيلزم التسوية بأرواحهم مع ان فى الدعاء بالترحم التحقير وجوزه ابو حنيفة وأصحابه لانه عليه السلام دعا لبعض الأنبياء بالرحمة كما قال (رحم الله أخي موسى. ورحم الله أخي لوطا) وقال بين السجدتين (اللهم اغفر لى وارحمني) وقال فى تعليم السلام (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فليس أحد مستغنيا عن الرحمة. وايضا فائدة القراءة ونحوها عائدة إلينا كما قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر الصلاة على النبي فى الصلاة وغيرها دعاء من العبد المصلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بظهر الغيب وقد ورد فى الحديث الصحيح (ان من دعا لاخيه بظهر الغيب قال له الملك ولك بمثله) وفى رواية (ولك بمثليه) فشرع ذلك رسول الله وامر الله به فى قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) ليعود هذا الخير من الملك الى المصلى انتهى وفى الدعاء ايضا حكمة جليلة قال بعض الكبار اما الوسيلة فهى أعلى درجة فى الجنة اى جنة عدن وهى لرسول الله حصلت له بدعاء أمته فعلى ذلك الحق سبحانه حكمة أخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة أخرجت للناس وبه ختم الله لنا كما ختم به النبيين وهو عليه السلام بشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله نناجيه منه ويناجينا وكذلك كل مخلوق له وجه خاص الى الله فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء أمته وهذا من باب الغيرة الالهية ان فهمت قال فى التأويلات النجمية يشير بهذا الاختصاص الى كمال العناية فى حق النبي وفى حق أمته. اما فى حق النبي فانه يصلى عليه صلاة تليق بتلك الحضرة المقدسة عن الشبه والمثال مناسبة لحضرة نبوته بحيث لا يفهم معناها سواها. واما فى حق أمته فهو انه تعالى أوجب على أمته الصلاة عليه ثم جازاهم بكل صلاة عليه عشر صلوات من صلاته وبكل سلام عشرا لان من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وهذه عناية مختصة بالنبي وأمته ولصلاة الله على عباده مراتب بحسب مراتب العباد ولها معان كالرحمة والمغفرة والوارد والشواهد والكشوف والمشاهدة والجذبة والقرب والشرب والري والسكر والتجلي والفناء فى الله والبقاء بالله فكل هذا من قبيل الصلاة على العبد وقال بعضهم صلوات الله على النبي تبليغه الى المقام المحمود وهو مقام الشفاعة لامته وصلوات الملائكة دعاؤهم له بزيادة

مرتبته واستغفارهم لامته وصلوات الامة متابعتهم له ومحبتهم إياه والثناء عليه بالذكر الجميل وهذا التشريف الذي شرف الله به نبينا عليه السلام أتم من تشريف آدم عليه السلام بامر الملائكة بالسجود له لانه لا يجوز ان يكون الله تعالى مع الملائكة فى هذا التشريف وقد اخبر تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي ثم عن الملائكة عقل دورانديش ميداند كه تشريفى چنين ... هيچ دين پرور نديد وهيچ پيغمبر نيافت يصلى عليه الله جل جلاله ... بهذا بدا للعالمين كماله بجامه خانه دين خلعت درود وسلام ... چوكشت دوخته بر قامت تو آمد راست نشان حرمت صلوا عليه بر نامت ... نوشته اند و چنين منصبى شريف تر است [بعد از نزول آيت صلوات هر دو رخسار مبارك آن حضرت از غايت مسرت برافروخته كشت وفرمود كه تهنيت كوييد مرا كه آيت بر من فرود آمد كه دوستر است نزديك من از دنيا وهر چهـ در اوست] نورى از روزن اقبال در افتاد مرا ... كه از ان خانه دل شد طرب آباد مرا عن الأصمعي قال سمعت المهدى على منبر البصرة يقول ان الله أمركم بامر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال (إِنَّ اللَّهَ) إلخ آثره صلى الله عليه وسلم من بين الرسل واختصكم بها من بين الأمم فقابلوا نعمة الله بالشكر وانما بدأ تعالى بالصلاة عليه بنفسه إظهارا لشرفه ومنزلته وترغيبا للامة فانه تعالى مع استغنائه إذا كان مصليا عليه كان الامة اولى به لاحتياجهم الى شفاعته وتقوية لصلوات الملائكة والمؤمنين فان صلاة الحق حق وصلاة غيره رسم والرسم يتقوى بمقارنة الحق از كنه وصف تو كه تواند كه دم زند ... وصفى سزاى تو نكند خداى تو واشارة الى انه عليه السلام مجلى تام لانوار الجمال والجلال ومظهر جامع لنعوت الكمال به فاض الجود وظهر الوجود ثم ثنى بملائكة قدسه فانهم مقدمون فى الخلقة واهل عليين فى الصورة خائفون كبنى آدم من نوازل القضاء ومستعيذون بالله من مثل واقعة إبليس وهاروت وماروت فاحتاجوا الى الصلاة على النبي عليه السلام ليحصل لهم جمعية الخاطر والحفظ من المحن والبليات ببركة الصلوات وايضا ليظهر لصلوات المؤمنين رواج بسبب موافقة صلواتهم كما ورد فى آمين وايضا لما خلق آدم رأوا أنوار محمد عليه السلام على جبينه فصلوا عليه وقتئذ فلما تشرف بخلقه الوجود قيل لهم هذا هو الذي كنتم تصلون عليه وهو نور فى جبين آدم فصلوا عليه وهو موجود بالفعل فى العالم. ثم ثلث بالمؤمنين من برية جنه وأنسه فان المؤمنين محتاجون الى الصلاة عليه أداء لبعض حقوق الدعوة والابوة فانه عليه السلام بمنزلة الأب للامة وقد أجاد فى التعليم والتربية والإرشاد وبالغ فى لوازم الشفقة على العباد وثناء المعلم واجب على المتعلم وشكر الأب لازم على الابن ميان باغ جهان از زلال فيض حبيب ... نهال جان مرا صد هزار نشو ونماست وايضا فى الصلوات شكر على كونه أفضل الرسل وكونهم خير الأمم وايضا فيها إيجاب حق

الشفاعة على ذمة ذلك الجناب فان الصلوات ثمن الشفاعة فاذا أدوا الثمن هذا اليوم يرجى ان يحرزوا المثمن يوم القيامة بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى ألا ايها الاخوان صلوا وسلموا ... على المصطفى فى كل وقت وساعة فان صلاة الهاشمي محمد ... تنجى من الأهوال يوم القيامة وبقدر صلواتهم عليه تحصل المعارفة بينهم وبينه وعلامة المصلى يوم القيامة ان يكون لسانه ابيض وعلامة التارك ان يكون لسانه اسود وبهما تعرف الامة يومئذ وايضا فيها مزيد القربات وذلك لان بالصلوات تزيد مرتبة النبي فتزيد مرتبة الامة لان مرتبة التابع تابعة لمرتبة المتبوع كما أشار اليه حضرة المولى جلال الدين الرومي فى المعراجية بقوله صلوات بر تو آرم كه فزوده باد قربت ... چهـ بقرب كل بگردد همه جزؤها مقرب وايضا فيها اثبات المحبة ومن أحب شيأ اكثر ذكره قال بعضهم صيغة المضارع: يعنى (يُصَلُّونَ) [دلالت بر آن ميكند كه ملائكه پيوسته در كفتن صلواتند پس درود دهنده متشبه باشد بديشان وبحكم (من تشبه بقوم فهو منهم) از طهارت وعصمت كه لوازم ذات ملائكه است محتظى كردد وبا عالم روحانى آشنايى يابد] يا سيد أنام درود وصلات تو ... ورد زبان ماست مه وسال وصبح وشام نزديك تو چهـ تحفه فرستيم ما ز دور ... در دست ما همين صلاتست والسلام قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره الصلاة على محمد أفضل العبادات لان الله تولاها هو وملائكته ثم امر بها المؤمنين وسائر العبادات ليس كذلك يعنى ان الله تعالى امر بسائر العبادات ولم يفعله بنفسه قال الصديق الأكبر رضى الله عنه الصلاة عليه امحق للذنوب من الماء البارد للنار وهى أفضل من عتق الرقاب لان عتق الرقاب فى مقابلة العتق من النار ودخول الجنة والسلام على النبي عليه السلام فى مقابلة سلام الله وسلام الله أفضل من الف حسنة قال الواسطي صل عليه بالأوقار ولا تجعل له فى قلبك مقدار اى لا تجعل لصلواتك عليه مقدرا تظن انك تقضى به من حقه شيأ بصلواتك عليه استجلاب رحمة على نفسك به وفى الحديث (ان لله ملكا أعطاه سمع الخلائق وهو قائم على قبرى إذا مت الى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلى علىّ صلاة إلا سماه باسمه واسم أبيه قال يا محمد صلى عليك فلان كذا وكذا ويصلى الرب على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا) وفى الحديث (إذا صليتم علىّ فاحسنوا علىّ الصلاة فانكم تعرضون علىّ باسمائكم واسماء آبائكم وعشائركم وأعمامكم) ومن احسان الصلوات حضور القلب وجمع الخاطر وقد قال بعضهم انما تكون الصلوات على النبي طاعة وقربة ووسيلة واستجابة إذا قصد بها التحية والتوسل والتقرب الى حضرة النبوة الاحمدية فانه بهذه المناسبة يحصل له التقرب الى الحضرة الاحدية ألا ترى ان التقرب الى القمر كالتقرب الى الشمس فانه مرآتها ومطرح أنوارها وفى الحديث (من صلى واحدة امر الله حافظه ان لا يكتب عليه ثلاثة ايام) ورأت امرأة ولدها بعد موته يعذب فحزنت لذلك

ثم رأته بعد ذلك فى النور والرحمة فسألته عن ذلك فقال مر رجل بالمقبرة فصلى على النبي عليه السلام واهدى ثوابها للاموات فجعل نصيبى من ذلك المغفرة فغفرلى- وحكى- عن سفيان الثوري رحمه الله انه قال بينا انا أطوف بالبيت إذ رأيت رجلا لا يرفع قدما الا وهو يصلى على النبي عليه السلام فقلت يا هذا انك تركت التسبيح والتهليل وأقبلت بالصلاة على النبي عليه السلام فهل عندك فى هذا شىء فقال من أنت عافاك الله فقلت انا سفيان الثوري فقال لولا انك غريب فى اهل زمانك لما أخبرتك عن حالى ولا اطلعتك على سرى ثم قال خرجت انا وابى حاجين الى بيت الله الحرام حتى إذا كنا فى بعض المنازل مرض ابى ومات واسود وجهه وازرقت عيناه وانتفخ بطنه فبكيت وقلت انا لله وانا اليه راجعون مات ابى فى ارض غربة هذه الموتة فجذبت الإزار على وجهه فغلبتنى عيناى فنمت فاذا انا برجل لم ار أجمل منه وجها ولا أنظف ثوبا ولا أطيب ريحا فدنا من ابى فكشف الإزار عن وجهه ومسح على وجهه فصار أشد بياضا من اللبن ثم مسح على بطنه فعاد كما كان ثم أراد ان ينصرف فقمت اليه فامسكت بردائه وقلت يا سيدى بالذي أرسلك الى ابى رحمة فى ارض غربة من أنت فقال أو ما تعرفنى انا محمد رسول الله كان أبوك هذا كثير المعاصي غير انه كان يكثر الصلاة علىّ فلما نزل به ما نزل استغاث بي فاغثته وانا غياث لمن يكثر الصلاة علىّ فى دار الدنيا فانتبهت فاذا وجه ابى قد ابيض وانتفاخ بطنه قد زال يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع السقم شفع نبيك فى ذلى ومسكنتى ... واستر فانك ذو فضل وذو كرم قال كعب بن عجرة رضى الله عنه لما نزل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قمنا اليه فقلنا اما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد) كما فى تفسير التيسير وهى الصلاة التي تقرأ فى التشهد الأخير على ما هو الأصح ذكرها الزاهدي رواية عن محمد. والمعنى اللهم صل على محمد صلاة كاملة كما دل عليه الإطلاق. وقوله وعلى آل محمد من عطف الجملة اى وصل على آله مثل الصلاة على ابراهيم وآله فلا يشكل بوجوب كون المشبه به أقوى كما هو المشهور ذكره القهستاني وقال فى الضياء المعنوي هذا تشبيه من حيث اصل الصلاة لا من حيث المصلى عليه لان نبينا أفضل من ابراهيم فمعناه اللهم صل على محمد بمقدار فضله وشرفه عندك كما صليت على ابراهيم بقدر فضله وشرفه وهذا كقوله تعالى (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) يعنى اذكروا الله بقدر نعمه وآلائه عليكم كما تذكرون آباءكم بقدر نعمهم عليكم وتشبيه الشيء بالشيء يصح من وجه واحد وان كان لا يشبهه من كل وجه كما قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) من وجه واحد وهو تخليقه عيسى من غير اب انتهى [ودر شرح مشكاة مذكور است كه تشبيهى كه در كما صليت واقع شده نه از قبيل الحاق ناقص است بكامل بلكه از باب بيان حال ما لا يعرف است بما يعرف يعنى بسبب نزول

آيت (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) درود ابراهيم وآل او ميان اهل ايمان اشتهار تام داشت وهمه دانسته بودند كه خداى بر ابراهيم درود وبركت فرستاده پس حضرت پيغمبر فرمود كه از خداى درخواهيد كه فرستد بر من صلواتى مشهور ومعروف مانند صلوات ابراهيم وكويند كاف در «كما» براى تأكيد وجود آيد نه براى قرآن در وقوع چنانچهـ (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) زيرا كه تربيت واقعست از والدين ورحمت مطلوب الوقوع براى ايشان پس فائده كاف تأكيد است در وجود رحمت يعنى إيجاد كن رحمت ايشانرا إيجادي محقق ومقرر است پس ميكويد إرسال كن صلوات را بر حبيب خود ووجود ده آنرا همچنانچهـ قبل ازين وجود داده بودى براى خليل خود] وهذا المعنى قريب مما فى الضياء المعنوي كما سبق [وكفته اند حضرت پيغمبر در ضمن اين تشبيه مر امت خود را طريق تواضع تعليم فرموده وبتكريم آباء اشارتى نموده يعنى با آنكه صلوات من أكمل واشرفست از درود ابراهيم آنرا در رتبه أقوى وارفع ميدارم وحرمت ابوت ويرا فرو نمى كذارم ومانند اين در كسر نفس ونفى غائله تكبر بسيار از آن حضرت مروى ومذكور است چنانچهـ] (انا أول من ينشق عنه الأرض ولا فخر وانا حبيب ولا فخر وانا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر ولا تفضلونى على موسى. ولا تخيرونى على ابراهيم. ولا ينبغى لاحد ان يقول انا خير من يونس) وانما صلينا على ابراهيم وعلى آل ابراهيم لانه حين تم بناء البيت دعو للحجاج بالرحمة فكافأناهم بذلك وقال الامام النيسابورى لانه سأل الله ان يبعث نبيا من ذرية إسماعيل فقال (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) ولذا قال عليه السلام (انا دعوة ابى ابراهيم) فكافأه وشكره واثنى عليه مع نفسه بالصلاة التي صلى الله وملائكته عليه وهذه الصلاة من الحق عليه هى قرة عين لانه أكمل مظاهر الحق ومشاهد تجلياته ومجامع أسراره وفى الخبر ان ابراهيم عليه السلام رأى فى المنام جنة عريضة مكتوب على أشجارها لا اله الا الله محمد رسول الله فسأل جبريل عنها فاخبره بقصتها فقال يا رب اجر على لسان امة محمد ذكرى فاستجاب الله دعاءه وضم فى الصلاة مع محمد عليهما السلام وايضا أمرنا بالصلاة على ابراهيم لان قبلتنا قبلته ومناسكنا مناسكه والكعبة بناؤه وملته متبوعة الأمم فاوجب الله على امة محمد ثناءه يقول الفقير كان ابراهيم عليه السلام قطب التوحيد الذاتي وصلوات الله عليه أتم من صلواته على سائر أصفيائه وكان أمته اكثر استعدادا من الأمم السالفة حتى بعث الله غيره الى جميع المراتب من الافعال والصفات والذات وان لم يظهر حكمها تفصيلا كما فى هذه الامة المرحومة ولذا اختص ببناء الكعبة اشارة الى سر الذات ولذا لم يتكرر الحج تكرر سائر العبادات وامر نبينا باتباع ملته اى باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فلهذه المعاني خص ابراهيم بالذكر فى الصلاة وشبه صلوات نبينا بصلاته دون صلوات غيره فاعرف ثم ان الآية الكريمة دلت على وجوب الصلاة والسلام على نبينا عليه السلام وذلك لان النفس الانسانية منغمسة غالبا فى العلائق البدنية والعوائق الطبيعية كالاكل والشرب ونحوها وكالاوصاف الذميمة والأخلاق

الرديئة والمفيض تعالى وتقدس فى غاية التنزه والتقدس فليس بينهما مناسبة والاستفاضة منه انما تحصل بواسطة ذى جهتين اى جهة التجرد وجهة التعلق كالحطب اليابس بين النار والحطب الرطب وكالغضروف بين اللحم والعظم وتلك الواسطة حضرة صاحب الرسالة عليه السلام حيث يستفيض من جهة تجرده ويفيض من جهة تعلقه فالصلاة عليه واجبة عقلا كما انها واجبة شرعا اى بهذه الآية لكن مطلقا اى فى الجملة إذ ليس فيها تعرض للتكرار كما فى قوله تعالى (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) وقال الطحاوي تجب الصلاة عليه كلما جرى ذكره على لسانه او سمعه من غيره قال فى بحر العلوم وهو الأصح لان الأمر وان كان لا يقتضى التكرار الا ان تكرار سبب الشيء يقتضى تكراره كوقت الصلاة لقوله عليه السلام (من ذكرت عنده فلم يصل علىّ فدخل النار فابعده الله) اى من رحمته وفى الحديث (لا يرى وجهى ثلاثة أقوام أحدها العاق لوالديه والثاني تارك سنتى والثالث من ذكرت عنده فلم يصل علىّ) وفى الحديث (اربع من الجفاء ان يبول الرجل وهو قائم وان يمسح جبهته قبل ان يفرغ وان يسمع النداء فلا يشهد مثل يشهد المؤذن وان اذكر عنده فلا يصلى علىّ) فان قلت الصلاة على النبي لم تخل عن ذكره ولو وجبت كلما ذكر لم نجد فراغا من الصلاة عليه مدة عمرنا قلت المراد من ذكر النبي الموجب للصلاة عليه الذكر المسموع فى غير ضمن الصلاة عليه وقيل تجب الصلاة فى كل مجلس مرة فى الصحيح وان تكرر ذكره كما قيل فى آية السجدة وتشميت العاطس وان كان السنة ان يشمت لكل مرة الى ان يبلغ الى ثلاث ثم هو مخير ان شاء شمته وان شاء تركه وكذلك تجب الصلاة فى كل دعا فى اوله وآخره وقيل تجب فى العمر مرة كما فى اظهار الشهادتين والزيادة عليها مندوبة والذي يقتضيه الاحتياط وتستدعيه معرفة علو شأنه ان يصلى عليه كلما جرى ذكره الرفيع كما قال فى فتح الرحمن المختار فى مذهب ابى حنيفة انها مستحبة كلما ذكر وعليه الفتوى وفى تفسير الكاشفى [وفتوى بر آنست كه نام آن حضرت هر چند تكرار يابد يك نوبت درود واجبست وباقى سنت] اى يستحب تكرارها كلما ذكر بخلاف سجود التلاوة فانه لا يندب تكراره بتكرير التلاوة فى مجلس واحد. والفرق ان الله تعالى غنى غير محتاج بخلاف النبي عليه السلام كما فى حواشى الهداية للامام الخبازى ولو تكرر اسم الله فى مجلس واحد او فى مجالس يجب لكل مجلس ثناء على حدة بان يقول سبحان الله او تبارك الله او جل جلاله او نحو ذلك فان تعظيم الله لازم فى كل زمان ومكان ولو تركه لا يقضى بخلاف الصلاة على النبي عليه السلام لانه لا يخلو عن تجدد نعم الله الموجبة للثناء فلا يخلص للقضاء وقت بخلاف الصلاة على النبي فتبقى دينا فى الذمة فتقضى لان كل وقت محل للاداء وفى قاضى خان رجل يقرأ القرآن ويسمع اسم النبي لا تجب عليه الصلاة والتسليم لان قراءة القرآن على النظم والتأليف أفضل من الصلاة على النبي فاذا فرغ من القرآن ان صلى عليه كان حسنا وان لم يصل لا شىء عليه اما الصلاة عليه فى التشهد الأخير كما سبق فسنة عند ابى حنيفة ومالك وشرط لجواز الصلاة عند الشافعي وركن عند احمد فتبطل الصلاة عندهما بتركها عمدا كان او سهوا لقوله عليه

السلام (لا صلاة لمن لم يصل علىّ فى صلاته) قلنا ذلك محمول على نفى الكمال ولو كانت فريضة لعلمها النبي عليه السلام الاعرابى حين علمه اركان الصلاة واما الصلاة على غير الأنبياء فتجوز تبعا بان يقول اللهم صل على محمد وعلى آله. ويكره استقلالا وابتداء كراهة تنزيه كما هو الصحيح الذي عليه الأكثرون فلا يقال اللهم صل على ابى بكر لانه فى العرف شعار ذكر الرسل. ومن هنا كره ان يقال محمد عز وجل مع كونه عزيزا جليلا ولتأديته الى الاتهام بالرفض لانه شعار اهل البدع وقد نهينا عن شعارهم وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم) واما السلام فهو فى معنى الصلاة فلا يستعمل الغائب فلا يفرد به غير الأنبياء فلا يقال علىّ عليه السلام كما تقول الروافض وتكتبه وسواء فى هذا الاحياء والأموات. واما الحاضر فيخاطب به فيقال السلام عليك او عليكم وسلام عليك او عليكم وهذا مجمع عليه. والسلام على الأموات عند الحضور فى القبور من قبيل السلام على الحاضر وقد سبق واما افراد الصلاة عن ذكر السلام وعكسه فقد اختلفت الروايات فيه منهم من ذهب الى عدم كراهته فان الواو فى وسلموا لمطلق الجمع من غير دلالة على المعية وعن ابراهيم النخعي ان السلام اى قول الرجل عليه السلام يجزى عن الصلاة على النبي عليه السلام لقوله تعالى (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) ولكن لا يقتصر على الصلاة فاذا صلى او كتب اتبعها التسليم ويستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار فيقال ابو بكر وابو حنيفة رضى الله عنه او رحمه الله او نحو ذلك فليس رضى الله عنه مخصوصا بالصحابة بل يقال فيهم رحمه الله ايضا. والأرجح فى مثل لقمان ومريم والخضر والإسكندر المختلف فى نبوته ان يقال رضى الله عنه او عنها ولو قال عليه السلام او عليها السلام لا بأس به وقال الامام اليافعي فى تاريخه والذي أراه ان يفرق بين الصلاة والسلام والترضي والترحم والعفو. فالصلاة مخصوصة على المذهب الصحيح بالأنبياء والملائكة. والترضي مخصوص بالصحابة والأولياء والعلماء. والترحم لمن دونهم. والعفو للمذنبين. والسلام مرتبة بين مرتبة الصلاة والترضي فيحسن ان يكون لمن منزلته بين منزلتين اعنى يقال لمن اختلف فى نبوتهم كلقمان والحضر وذى القرنين لا لمن دونهم. ويكره ان يرمز للصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام فى الخط بان يقتصر من ذلك على الحرفين هكذا «عم» او نحو ذلك كمن يكتب «صلعم» يشير به الى صلى الله عليه وسلم. ويكره حذف واحد من الصلاة والتسليم والاقتصار على أحدهما وفى الحديث (من صلى علىّ فى كتاب لم تزل صلاته جارية له مادام اسمى فى ذلك الكتاب) كما فى أنوار المشارق لمفتى حلب ثم ان للصلوات والتسليمات مواطن فمنها ان يصلى عند سماع اسمه الشريف فى الاذان قال القهستاني فى شرحه الكبير نقلا عن كنز العباد اعلم انه يستحب ان يقال عند سماع الاولى من الشهادة الثانية (صلى الله عليك يا رسول الله) وعند سماع الثانية (قرة عينى بك يا رسول الله) ثم يقال (اللهم متعنى بالسمع والبصر) بعد وضع ظفر الا بهامين على العينين فانه صلى الله عليه وسلم يكون قائدا له الى الجنة انتهى قال بعضهم [پشت ابهامين بر چشم

ماليده اين دعا بخواند (اللهم متعنى) إلخ. ودر صلوات نجمى فرموده كه ناخن هر دو إبهام را بر چشم نهد بطريق وضع نه بطريق مد. ودر محيط آورده كه پيغمبر صلى الله عليه وسلم بمسجد درآمد ونزديك ستون بنشست وصديق رضى الله عنه در برابر آن حضرت نشسته بود بلال رضى الله عنه برخاست وباذان اشتغال فرمود چون كفت اشهد ان محمدا رسول الله ابو بكر رضى الله عنه هر دو ناخن ابهامين خود را بر هر دو چشم خود نهاده كفت «قرة عينى بك يا رسول الله» چون بلال رضى الله عنه فارغ شد حضرت رسول صلى الله عليه وسلم فرموده كه يا أبا بكر هر كه بكند چنين كه تو كردى خداى بيامرزد كناهان جديد وقديم او را اگر بعمد بوده باشد اگر بخطإ وحضرت شيخ امام ابو طالب محمد بن على المكي رفع الله درجته در قوت القلوب روايت كرده از ابن عيينه رحمه الله كه حضرت پيغمبر عليه الصلاة والسلام بمسجد درآمد در دهه محرم وبعد از آنكه نماز جمعه ادا فرموده بود نزديك أسطوانة قرار كرفت وابو بكر رضى الله عنه بظهر ابهامين چشم خود را مسح كرد وكفت قرة عينى بك يا رسول الله و چون بلال رضى الله عنه از أذان فراغتى روى نمود حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمود كه اى أبا بكر هر كه بگويد آنچهـ تو كفتى از روى شوق بلقاى من وبكند آنچهـ تو كردى خداى دركذارد كناهان ويرا آنچهـ باشد نو وكهنه خطا وعمد ونهان وآشكارا ومن درخواستكيم جرايم ويرا ودر مضمرات برين وجه نقل كرده] وفى قصص الأنبياء وغيرها ان آدم عليه السلام اشتاق الى لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه هو من صلبك ويظهر فى آخر الزمان فسأل لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه فجعل الله النور المحمدي فى إصبعه المسبحة من يده اليمنى فسبح ذلك النور فلذلك سميت تلك الإصبع مسبحة كما فى الروض الفائق. او اظهر الله تعالى جمال حبيبه فى صفاء ظفرى ابهاميه مثل المرآة فقبل آدم ظفرى ابهاميه ومسح على عينيه فصار أصلا لذريته فلما اخبر جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة قال عليه السلام (من سمع اسمى فى الاذان فقبل ظفرى ابهاميه ومسح على عينيه لم يعم ابدا) قال الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة ان هذا الحديث لم يصح فى المرفوع والمرفوع من الحديث هو ما اخبر الصحابي عن قول رسول الله عليه السلام وفى شرح اليماني ويكره تقبيل الظفرين ووضعهما على العينين لانه لم يرد فيه حديث والذي فيه ليس بصحيح انتهى يقول الفقير قد صح عن العلماء تجويز الاخذ بالحديث الضعيف فى العمليات فكون الحديث المذكور غير مرفوع لا يستلزم ترك العمل بمضمونه وقد أصاب القهستاني فى القول باستحبابه وكفانا كلام الامام المكي فى كتابه فانه قد شهد الشيخ السهروردي فى عوارف المعارف بوفور علمه وكثرة حفظه وقوة حاله وقبل جميع ما أورده فى كتابه قوت القلوب ولله در ارباب الحال فى بيان الحق وترك الجدال ومنها ان يصلى بعد سماع الاذان بان يقول (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) فانه عليه السلام وعد لقائله الشفاعة العظمى

ومنها ان يصلى عند ابتداء الوضوء ثم يقول (بسم الله) وبعد الفراغ منه فانه يفتح له أبواب الرحمة وفى المرفوع (لا وضوء لمن لم يصل على النبي عليه السلام) ومنها ان يصلى عند دخول المسجد ثم يقول (اللهم افتح لى أبواب رحمتك) وعند الخروج ايضا ثم يقول (اللهم افتح لى أبواب فضلك واعصمني من الشيطان) وكذا عند المرور بالمساجد ووقوع نظره عليها ويصلى فى التشهد الأخير كما سبق وقبل الدعاء وبعده فان الصلوات مقبولة لا محالة فيرجى ان يقبل الدعاء بين الصلاتين ايضا وفى المصابيح عن فضالة بن عبيد رضى الله عنه قال دخل رجل مسجد الرسول فصلى فقال اللهم اغفر لي وارحمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجلت ايها المصلى إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو اهله وصل علىّ ثم ادعه) قال ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله تعالى وصلى على النبي عليه السلام فقال له النبي عليه السلام (ايها المصلى ادع تجب) وفى الحديث (ما من دعاء الا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد فاذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء) ذكره فى الروضة وسره ما سبق من ان نبينا عليه السلام هو الواسطة بيننا وبينه تعالى والوسيلة ولا بد من تقديم الوسيلة قبل الطلب وقد قال الله تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) بي بدرقه درود او هيچ دعا ... البته بمنزل اجابت نرسد وقد توسل آدم عليه السلام الى الله تعالى بسيد الكونين فى استجابة دعوته وقبول توبته كما جاء فى الحديث (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك إذ خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم انه لا حب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله از نسل آدمي تو ولى به ز آدمي ... شك نيست اندر اين كه بود در به از صدف سلطان انبيا كه بدرگاه كبريا ... چون او نيافت هيچ كسى عزت وشرف ويصلى بعد التكبير الثاني فى صلاة الجنازة على الاستحباب عند ابى حنيفة ومالك وعلى الوجوب عند الشافعي واحمد وكذا فى خطبة الجمعة على هذا الاختلاف بين الائمة وكذا فى خطبة العيدين والاستسقاء على مذهب الشافعي والإمامين فانه ليس فى الاستسقاء خطبة ولا أذان واقامة عند الامام بل ولا صلاة بجماعة وانما فيه دعاء واستغفار ويصلى فى الصباح والمساء عشرا ومن صلى بعد صلاة الصبح والمغرب مائة فان الله يقضى له مائة حاجة ثلاثين فى الدنيا وسبعين فى الآخرة وبعد ختم القرآن وهو من مواطن استجابة الدعاء ويصلى قبل الاشتغال بالذكر منفردا او مجتمعا فان الملائكة يحضرون مجالس الذكر ويوافقون اهله فى الذكر والدعاء والصلوات. وعند ابتداء كل امر ذى بال وفى ايام شعبان ولياليها فانه عليه السلام أضاف شعبان الى نفسه ليكثر فيه أمته الصلوات عليه [ودر آثار آمده كه در آسمان درياييست كه انرا درياى بركات كويند وبر لب آن دريا درختيست كه آنرا درخت تحيات خوانند وبر ان

درخت مرغيست كه مسمى بمرغ صلوات واو را پر بسيارست چون بنده مؤمن در ماه شعبان برسيد آخر الزمان صلوات فرستد آن مرغ بدان دريا فرو شود وغوطه زده بيرون آيد وبر ان درخت نشيند و پرهاى خود را بيفشاند حق تعالى از هر قطره آب كه از پر وى بچكد فرشته بيافريند وآن همه بحمد وثناى حق تعالى مشغول كردند وثواب ايشان در ديوان عمل درود دهنده رقم ثبت يابد ودر خبر آمده كه يك درود در ماه شعبان برابرست با ده درود در غير آن] شعبان شهر رسول الله فاغتنموا ... صيام أيامه الغر الميامين صلوا على المصطفى فى شهره وارجوا ... منه الشفاعة يوم الحشر والدين ويصلى يوم الجمعة وليلته فان الجمعة سيد الأيام ومخصوص بسيد الأنام فللصلوات فيه مزية وزيادة مثوبة وقربة ودرجة وفى الحديث (ان أفضل أيامكم يوم الجمعة خلق فيه آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة فاكثروا علىّ من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علىّ) قيل يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا وقدر ممت اى بليت قال (ان الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء) وفى الحديث (من صلى علىّ يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة ومن صل علىّ كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر ابدا) [ودر ازهار الأحاديث آيد كه حق تعالى بعضى از ملائكه مقربين روز پنجشنبه از دائره چرخ برين بمركز زمين فرستد با صحيفها از نقره وقلمها از زر تا بنويسند صلواتى را كه مؤمنان در شب وروز جمعه برسيد عالم مى فرستد] بروز جمعه درود محمد عربى ... ز روى قدر ز ايام ديكر افزونست وعن بعض الكبار ان من صلى على النبي عليه السلام ليلة الجمعة ثلاثة آلاف رأى فى منامه ذلك الجناب العالي ذكره على الصفي فى الرشحات ويصلى عند الركوب: يعنى [در همه سفرها در وقت نشستن بر مركب بايد كفت كه] بسم الله والله اكبر وصل على محمد خير البشر ثم يتلو قوله تعالى (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ويصلى فى طريق مكة: يعنى [در راه حرم كعبه چون كسى خواهد كه بر بلندى رود تكبير بايد كفت و چون روى بنشيب آرد صلوات بايد فرستاد] وعند استلام الحجر يقول (اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وسنة نبيك) ثم يصلى على النبي عليه السلام. ويصلى على جبل الصفا والمروة وبعد الفراغ من التلبية ووقت الوقوف عند المشعر الحرام وفى طريق المدينة وعند وقوع النظر عليها وعند طواف الروضة المقدسة وحين التوجه الى القبر المقدس [هر كه نزديك قبر آن حضرت ايستاده آيت (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ) تا آخر بخواند وهفتاد بار بگويد] صلى الله عليك يا محمد [فرشته ندا كند كه] صلى الله عليك يا فلان [بخواه حاجتى كه دارى كه هيچ حاجت تو رد نمى شود] ويصلى بين القبر والمنبر ويكبر ويدعو. ويصلى وقت استماع ذكره عليه السلام كما سبق. وكذا وقت ذكر اسمه الشريف وكتابته: يعنى [كاتب را صلوات بايد فرستاد بزبان وبدست نيز بايد نوشت] ويصلى عند ابتداء درس الحديث وتبليغ السنن فيقول (الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال والصلاة والسلام الأتمان

والأكملان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغى ان يسلكه السالكون) ويصلى عند ابتداء التذكير والعظة اى بعد الحمد والثناء لانه موطن تبليغ العلم المروي عنه عليه السلام ووقت كفاية المهم ورفع الهم ووقت طلب المغفرة والكفارة فان الصلاة عليه محاء الذنوب ووقت المنام والقيام منه وحين دخول السوق لتربح تجارة آخرته وحين المصافحة لاهل الإسلام وحين افتتاح الطعام فيقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وطيب أرزاقنا وحسن أخلاقنا وفى الشرعة والسنة فى أكل الفجل بضم الفاء وسكون الجيم بالفارسية [ترب] ان يذكر النبي عليه السلام فى أول قضمة: يعنى [در أول دندان برو زدن] لئلا يوجد ريحه: يعنى [تا دريافته نشود رايحه آن] قال بعضهم المقصود الأصلي من الفجل ورقه كما قالوا المطلوب من الحمام العرق ومن الفجل الورق ويصلى عند اختتام الطعام فيقول (الحمد لله الذي أطعمنا هذا ورزقناه من غير حول منا وقوة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ويصلى عند قيامه من المجلس فيقول (صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبيائه) فانه كفارة اللهو واللغو الواقعين فيه ويصلى عند العطسة عند البعض وكرهه الأكثرون كما قال فى الشرعة وشرحها. ولا يذكر اسم النبي عند العطاس بل يقول الحمد لله. ولا وقت الذبح حتى لو قال بسم الله واسم محمد لا يحل لانه لا يقع الذبح خالصا لله ولو قال بسم الله وصلى الله على محمد يكره. ولا وقت التعجب فان الذكر عند التعجب ان يقول سبحان الله ويصلى عند طنين الاذن ثم يقول (ذكر الله بخير من ذكرنى) وفى خطبة النكاح فيقول (الحمد لله الذي أحل النكاح وحرم السفاح والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي الى الله القادر الفتاح وعلى آله وأصحابه ذوى الفلاح والنجاح) وعند شم الورد وفى مسند الفردوس (الورد الأبيض خلق من عرقى ليلة المعراج. والورد الأحمر خلق من عرق جبريل. والورد الأصفر خلق من عرق البراق) وعن انس رضى الله عنه رفعه (لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد احمر ألا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر) قال ابو الفرج النهرواني هذا الخبر يسير من كثير مما أكرم الله به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة ز كيسوى او نافه بو يافته ... كل از روى او آبرو يافته [در خبر آمده كه هر كل بوى كند وبر من صلوات نفرستد جفا كرده باشد با من] ويصلى عند خطور ذلك الجناب بباله وعند ارادة ان يتذكر ما غاب عن الخاطر فان بركة الصلوات تخطر على القلب ومن آداب المصلى ان يصلى على الطهارة وقد سبق حكاية السلطان محمود عند قوله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ) إلخ الآية وان يرفع صوته عند أداء الحديث [ودر آثار آمده كه برداريد آواز خود را در اداى صلوات كه رفع الصوت بوقت اداى درود صيقليست كه غبار شقاق و ژنكار نفاق را از مراياء قلوب مى زدايد

نام تو صيقليست كه دلهاى تيره را ... روشن كند چوآينهاء سكندرى وان يكون على المراقبة وهو حضور القلب وطرد الغفلة وان يصحح نيته وهو ان تكون صلواته امتثالا لامر الله وطلبا لرضاه وجلبا لشفاعة رسوله وان يستوى ظاهره وباطنه فان الذكر اللساني ترجمان الفكر الجناني فلا بد من تطبيق أحدهما بالآخر والا فمجرد الذكر اللساني من غير حضور القلب غير مفيد وان يصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مشهود لديه كما يقتضيه الخطاب فى قوله السلام عليك فان لم يكن يراه حاضرا وسامعا لصلاته فاقل الأمران يعلم انه عليه السلام يرى صلاته معروضة عليه وإلا فهي مجرد حركة لسان ورفع صوت واعلم ان الصلوات متنوعة الى اربعة آلاف وفى رواية الى اثنى عشر الفا على ما نقل عن الشيخ سعد الدين محمد الحموي قدس سره كل منها مختار جماعة من اهل الشرق والغرب بحسب ما وجدوه رابطة المناسبة بينهم وبينه عليه السلام وفهموا فيه الخواص والمنافع منها ما سبق فى أوائل الآية وهو قوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم [در رياض الأحاديث آورده كه پيغمبر عليه السلام فرمود كه در بهشت درختيست كه آنرا محبوبه كويند ميوه او خردترست از أنار وبزركترست از سيب وآن ميوه ايست سفيدتر از شير وشيرين تر از عسل ونرم تر از مسكه نخورد از آن ميوه الا كسى كه هر روز مداومت كند بر كفتن] اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ومنها قوله (اللهم صل على محمد النبي كما امرتنا ان نصلى عليه وصل على محمد النبي كما ينبغى ان يصلى عليه وصل على محمد بعدد من صلى عليه وصل على محمد النبي بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد النبي كما تحب ان يصلى عليه) من صلى هذه الصلوات صعد له من العمل المقبول ما لم يصعد لفرد من افراد الامة وأمن من المخاوف مطلقا خصوصا إذا كان على طريق يخاف فيه من قطاع الطريق واهل البغي هست از آفات دوران ومخافات زمان ... نام او حصن حصين وذكر او دار الامان ومنها قوله (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات) من صلى هذه الصلوات كثر ماله يوما فيوما ومنها قوله (اللهم صل على محمد وآله عدد ما خلقت اللهم صل على محمد وآله ملئ ما خلقت اللهم صل على محمد وآله عدد كل شىء اللهم صل على محمد وآله ملئ كل شىء اللهم صل على محمد وآله عدد ما أحصاه كتابك اللهم صل على محمد وآله ملئ ما أحصاه كتابك اللهم صل على محمد وآله عدد ما أحاط به علمك اللهم صل على محمد وآله ملئ ما أحاط به علمك) قال الكاشفى [اين صلوات ثمانيه منسوبست بنجبا وايشان هشت تن اند در هر زمانى زياده وكم نشوند حضرت شيخ قدس سره در فتوحات فرمود كه ايشان اهل علم اند بصفات ثمانيه ومقام ايشان كرسى است يعنى كشف ايشان از ان تجاوز نتواند نمود ودر علم تيسير كواكب از جهت كشف واطلاع نه بروجه اصطلاح قدمى راسخ دارند وسلطان ابراهيم بن أدهم قدس سره ايشانرا در قبة الملائكة ديده در حرم مسجد أقصى وهر يك يك كلمه ازين صلوات بوى آموخته اند فرموده كه ما را ببركات اين كلمات تصرفات كلى هست واحوال ومواجيد بجهت اين ورد بر ما غلب مى كند وفوائد

اين بسيارست نقلست كه حضرت ابراهيم أدهم بقيه عمر بر اداى اين صلوات مواظبت مى نموده ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد مفرّق فرق الكفر والطغيان ومشتت بغاة جيوش القرين والشيطان وعلى آل محمد وسلم) [از حضرت شيخ المشايخ سعد الدين الحموي قدس سره روايت كرده اند كه اگر كسى از وسوسه شيطان ودغدغه نفس وهوى متضرر باشد بايد كه پيوست بدين نوع صلوات فرستد تا از شر شياطين وهمزات ايشان مأمون ومحفوظ باشد] ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم بعدد ما فى جميع القرآن حرفا حرفا وبعدد كل حرف الفا الفا) من قاله من الحفاظ بعد تلاوة حزب من القرآن استظهر بميامنه فى الدنيا والآخرة واستفاد من فائدته صورة ومعنى ومنها قوله اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملوان وتعاقب العصران وكرّ الجديدان واستقل الفرقدان وبلغ روحه وأرواح اهل بيته منا التحية والسلام وبارك وسلم عليه كثيرا) [آورده اند كه كسى نزد سلطان غازى محمود غزنوى آمد وكفت مدتى بود كه حضرت پيغمبر را عليه السلام ميخواستم كه در خواب ببينم وغمى كه در دل دارم بآن دلدار غمخوار بازگويم] همه شب ديده بعمدا نكشايم از خواب ... بو كه در خواب بدان دولت بيدار رسم [قضا را سعادت مساعده نموده شب دوش بدان دولت بيدار رسيدم ورخسار جانفزاى جهان آرايش «كالقمر ليلة البدر وكالروح ليلة القدر» ديدم چون آن حضرت را منبسط يافتم كفتم يا رسول الله هزار درم قرض دارم اداى ويرا قادر نيستم ومى ترسم كه أجل در رسد ووام در كردن من بماند حضرت پيغمبر عليه السلام فرمود كه نزد محمود سبكتكين رو واين مبلغ ازو بستان كفتم يا سيد البشر شايد از من باور نكند ونشانى طلبد كفت بگو بدان نشانى كه در أول شب كه تكيه ميكنى سى هزار بار بر من درود مى دهى وباخر شب كه بيدار ميشوى سى هزار نوبت ديكر صلوات مى فرستى وام مرا ادا كن سلطان محمود بگريه درآمد واو را تصديق كرده قرضش ادا كرد وهزار درم ديكرش بداد اركان دولت متعجب شده كفتند اى سلطان اين مرد را درين سخن محال كه كفت تصديق كردى وحال آنكه ما در أول شب وآخر با توييم ونمى بينم كه بصلوات اشتغال ميكنى واگر كسى بفرستادن درود مشغول كردد وبجدي وجهدى كه زياده از ان در حين تصور نيايد در تمام اوقات وساعات شبانه روز شصت هزار بار صلوات نميتواند فرستاد باندك فرصتى در أول وآخر شب چكونه اين صورت تيسييرپذير باشد سلطان محمود فرمود كه من از علما شنوده بودم كه هر كه يكبار بدين نوع صلوات فرستد كه (اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملوان إلخ) چنان باشد كه ده هزار بار صلوات فرستاده باشد ومن در أول شب سه نوبت ودر آخر شب سه كرت اين را مى خوانم و چنان ميدانم كه شصت هزار صلوات فرستاده ام پس اين درويش كه پيغام سيد أنام عليه الصلاة السلام آورده است كفت آن كريه كه كردم از شادى بود كه سخن علما راست بوده وحضرت رسول عليه الصلاة والسلام بران كواهى داده] ومنها قوله (اللهم صل على محمد وآل محمد بعدد كل داء ودواء)

[مولانا شمس الدين كيشى وقتى كه در ولايت وى وباى عام بوده حضرت رسالت را عليه السلام در واقعه ديده وكفته يا رسول الله مرا دعايى تعليم ده كه ببركت آن از بليه طاعون ايمن شوم آن حضرت فرموده كه هر كه بدين نوع بر من صلوات دهد از طاعون أمان يابد] اگر ز آفت دوران شكسته حال شوى ... أمان طلب ز جناب مقدس نبوى وگر سهام حوادث ترا نشانه كند ... پناه بر بحصار درود مصطفوى ومنها قوله (اللهم صل على محمد بعدد ورق هذه الأشجار. وصل على محمد بعدد الورد والأنوار. وصل على محمد بعدد قطر الأمطار. وصل على محمد بعدد رمل القفار. وصل على محمد بعدد دواب البراري والبحار.) [در ذخيرة المذكرين آورده كه يكى از صلحاى امت در ايام بهار بصحرا بيرون شد وسرسبز أشجار وظهور أنوار وازهار مشاهده نمود كفت «يا رب صل على محمد بعدد ورق إلخ» هاتفى آواز داد كه اى درود دهنده در رنج انداختى كرام الكاتبين را بجهت نوشتن ثواب اين كلمات ومستوجب درجها بنوشتيدى كار از سر كير كه هرچهـ از بدى كرده بودى درين وقت بيامرزند] ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات. وتقضى لنا بها جميع الحاجات. وتطهرنا بها من جميع السيئات. وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات. وتبلغنا بها أقصى الغايات. من جميع الخيرات فى الحياة وبعد الممات.) [در شفاء السقم آورده كه فاكهانى در كتاب فجر منير از شيخ ابو موسى ضرير رحمه الله نقل ميكند با جمعى مردم در كشتى نشسته بوديم ناكاه بادى كه او را ريح اقلابيه كويند وزيدن آغاز كرد وملاحان مضطرب شدند چهـ ار كشتى از ان باد سالم راندى از نوادر شمردندى اهل كشتى ازين حال واقف كشت غريو وزارى درگرفتند ودل بر مرگ نهاده يكديكر را وصيت ميكردند ناكاه چشم من در خواب شد وحضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم ديدم كه بكشتى درآمد وكفت يا أبا موسى اهل كشتى را بگو تا هزار بار صلوات فرستند بدين نوع كه (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد إلخ) بيدار شدم وقصه با ياران كفتم وآن كلمات بر زبان من جارى بود باتفاق مى خوانديم نزديك به سيصد عدد كه خوانده شد آن باد بياراميد وكشتى بسلامت بگذشت] على المصطفى صلوا فان صلاته ... أمان من الآفات والخطرات تحيته اصل الميامن فاطلبوا ... بها جملة الخيرات والبركات ومنها قوله (الصلاة والسلام عليك يا رسول الله. الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله. الصلاة والسلام عليك يا خليل الله. الصلاة والسلام عليك يا صفى الله. الصلاة والسلام عليك يا نجى الله. الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله. الصلاة والسلام عليك يا من اختاره الله. الصلاة والسلام عليك يا من زينه الله. الصلاة والسلام عليك يا من أرسله الله. الصلاة والسلام عليك يا من شرفه الله. الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. الصلاة والسلام عليك يا من كرمه الله. الصلاة والسلام عليك يا سيد المرسلين. الصلاة والسلام عليك يا امام المتقين. الصلاة والسلام عليك يا خاتم النبيين. الصلاة والسلام عليك يا شفيع المذنبين. الصلاة والسلام عليك يا رسول

رب العالمين. الصلاة والسلام عليك يا سيد الأولين. الصلاة والسلام عليك يا سيد الآخرين. الصلاة والسلام عليك يا قائد المرسلين. الصلاة والسلام عليك يا شفيع الامة. الصلاة والسلام عليك يا عظيم الهمة. الصلاة والسلام عليك يا حامل لواء الحمد. الصلاة والسلام عليك يا صاحب المقام المحمود. الصلاة والسلام عليك يا ساقى الحوض المورود. الصلاة والسلام عليك يا اكثر الناس تبعا يوم القيامة. الصلاة والسلام عليك يا سيد ولد آدم. الصلاة والسلام عليك يا أكرم الأولين والآخرين. الصلاة والسلام عليك يا بشير. الصلاة والسلام عليك يا نذير. الصلاة والسلام عليك يا داعى لله باذنه والسراج المنير. الصلاة والسلام عليك يا نبى التوبة. الصلاة والسلام عليك يا نبى الرحمة. الصلاة والسلام عليك يا مقفى. الصلاة والسلام عليك يا عاقب. الصلاة والسلام عليك يا حاشر. الصلاة والسلام عليك يا مختار. الصلاة والسلام عليك يا ماحى. الصلاة والسلام عليك يا احمد. الصلاة والسلام عليك يا محمد صلوات الله وملائكته ورسله وحملة عرشه وجميع خلقه عليك وعلى آلك وأصحابك ورحمة الله وبركاته) [اين صلوات را صلوات فتح كويند چهل كلمه است صلواتى مباركست ونزد علما معروف ومشهور وبهر مرادى كه بخوانند حاصل كردد هر كه چهل بامداد بعد از اداى فرض بگويد كار فرو بسته او بگشايد وبر دشمن ظفر يابد واگر در حبس بود حق سبحانه وتعالى او را رهايى بخشد وخواص او بسيارست وحضرت عارف صمدانى امير سيد على همدانى قدس سره بعضى ازين صلوات در آخر أوراد فتحيه إيراد فرموده اند وشرط خواندن اين صلوات آنست كه حضرت پيغمبر را صلى الله تعالى عليه وسلم حاضر بيند ومشافهه با ايشان خطاب كند ومنها قوله (السلام عليك يا امام الحرمين. السلام عليك يا امام الخانقين. السلام عليك يا رسول الثقلين. السلام عليك يا سيد من فى الكونين وشفيع من فى الدارين. السلام عليك يا صاحب القبلتين. السلام عليك يا نور المشرقين وضياء المغربين. السلام عليك يا جد السبطين الحسن والحسين عليك وعلى عترتك وأسرتك وأولادك واحفادك وأزواجك وافواجك وخلفائك ونقبائك ونجبائك وأصحابك واحزابك واتباعك واشياعك سلام الله والملائكة والناس أجمعين الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين) [اين را تسليمات سبعه كويند كه هفت سلامست هر كه بكارى درماند ومهمات او فرو بسته باشد هفت روزى بعد از نمازى يازده بار صلوات فرستد پس اين را تسليمات هفت بار بخواند مهم كفايت شود وحاجت روا كردد] يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك بسلام آمدم جوابم ده ... مرهمى بر دل خرابم نه پس بود جاه واحترام مرا ... يك عليك از تو صد سلام مرا زارىء من شنو تكلم كن ... كريه من نكر تبسم كن لب بجنبان پى شفاعت من ... منكر در كناه وطاعت من قال الكاشفى [فى تفسيره وفى تحفة الصلوات ايضا در كيفيت صلاة أحاديث متنوعه وارد شده وامام نووى فرموده كه أفضل آنست كه جمع نمايند ميان أحاديث طرق مذكوره

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 57 إلى 60]

چهـ اكثر آن بصحت پيوسته وألفاظ وارده را بتمام بيارند برين وجه كه] (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم فى العالمين انك حميد مجيد) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ يقال أذى يؤذى أذى واذية واذاية ولا يقال إيذاء كما فى القاموس ولكن شاع بين اهل التصنيف استعماله كما فى التنبيه لابن كمال. ثم ان حقيقة التأذى وهو بالفارسية [آزرده شدن] فى حقه تعالى محال فالمعنى يفعلون ما يكرهه ويرتكبون ما لا يرضاه بترك الايمان به ومخالفة امره ومتابعة هواهم ونسبة الولد والشريك اليه والإلحاد فى أسمائه وصفاته ونفى قدرته على الاعادة وسب الدهر ونحت التصاوير تشبيها بخلق الله تعالى ونحو ذلك وَرَسُولَهُ بقولهم شاعر ساحر كاهن مجنون وطعنهم فى نكاح صفية الهارونية وهو الأذى القولى وكسر رباعيته وشج وجهه الكريم يوم أحد ورمى التراب عليه ووضع القاذورات على مهر النبوة عبد الله بن مسعود [كفت ديدم رسول خدايرا عليه السلام در مسجد حرام در نماز بود سر بر سجود نهاده كه آن كافر بيامد وشكنبه شتر ميان دو كتف وى فروگذاشت رسول همچنان در سجود بخدمت الله ايستاده وسر از زمين برنداشت تا آنكه كه فاطمه زهرا رضى الله عنها بيامد وآن از كتف مبارك وى بينداخت وروى نهاد در جمع قريش وآنچهـ سزاى ايشان بود كفت] ونحو ذلك من الأذى الفعلى ويجوز ان يكون المراد بايذاء الله ورسوله إيذاء رسول الله خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة مقداره عنده وان ايذاءه عليه السلام إيذاء له تعالى لانه لما قال (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) فمن آذى رسوله فقد آذى الله قال الامام السهيلي رحمه الله ليس لنا ان نقول ان أبوي النبي صلى الله عليه وسلم فى النار لقوله عليه السلام (لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات) والله تعالى يقول (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية يعنى يدخل التعامل المذكور فى اللعنة الآتية ولا يجوز القول فى الأنبياء عليهم السلام بشىء يؤدى الى العيب والنقصان ولا فيما يتعلق بهم وعن ابى سهلة بن جلاد رضى الله عنه ان رجلا أم قوما فبصق فى القبلة ورسول الله ينظر اليه فقال عليه السلام حين فرغ (لا يصل بكم هذا) فاراد بعد ذلك ان يصلى بهم فمنعوه واخبروه بقول رسول الله فذكر ذلك لرسول الله فقال (نعم) وحسبت انه قال انك آذيت الله ورسوله كما فى الترغيب للامام المنذرى قال العلماء إذا كان الامام يرتكب المكروهات فى الصلاة كره الاقتداء به لحديث ابى سهلة هذا وينبغى للناظر وولى الأمر عزله لانه عليه السلام عزله بسبب بصاقه فى قبلة المسجد وكذلك تكره الصلاة بالموسوس لانه يشك فى افعال نفسه كما فى فتح القريب وانما يكره للامام ان يؤم قوما وهم له كارهون بسبب خصلة توجب الكراهة او لان فيهم من هو اولى منه واما ان كانت كراهتهم بغير سبب يقتضيها فلا تكره إمامته لانها كراهة غير مشروعة فلا تعتبر ومن الاذية ان لا يذكر اسمه الشريف بالتعظيم والصلاة والتسليم: وفى المثنوى آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند «1»

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن آن شخص گستاخ كه نام پيغمبر بتمسخر برد

[سورة الأحزاب (33) : آية 58]

باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف علم من لدن من ترا أفسوس مى كردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس لَعَنَهُمُ اللَّهُ طردهم وابعدهم من رحمته فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيأ منها وَأَعَدَّ لَهُمْ مع ذلك عَذاباً مُهِيناً يصيبهم فى الآخرة خاصة اى نوعا من العذاب يهانون فيه فيذهب بعزهم وكبرهم قال فى التأويلات لما استحق المؤمنون بطاعة الرسول والصلاة عليه صلاة الله فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وإيذائه لعنة الله فلعنة الدنيا هى الطرد عن الحضرة والحرمان من الايمان ولعنة الآخرة الخلود فى النيران والحرمان من الجنان وهذا حقيقة قوله (وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) قال فى فتح الرحمن يحرم أذى النبي عليه السلام بالقول والفعل بالاتفاق واختلفوا فى حكم من سبه والعياذ بالله من المسلمين. فقال ابو حنيفة والشافعي هو كفر كالردة يقتل ما لم يتب وقال مالك واحمد يقتل ولا تقبل توبته لان قتله من جهة الحد لا من جهة الكفر واما الكافر إذا سبه صريحا بغير ما كفر به من تكذيبه ونحوه. فقال ابو حنيفة لا يقتل لان ما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعزر. وقال الشافعي ينتقض عهده فيخير فيه الامام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء ولا يرد مأمنه لانه كافر لا أمان له ولو لم يشترط عليه الكف عن ذلك بخلاف ما إذا ذكره بسوء يعتقده ويتدين به كتكذيب ونحوه فانه لا ينتقض عهده بذلك الا باشتراط. وقال مالك واحمد يقتل ما لم يسلم واختار جماعة من ائمة مذهب احمد ان سابه عليه السلام يقتل بكل حال منهم الشيخ تقى الدين بن تيمية وقال هو الصحيح من المذهب وحكم من سب سائر أنبياء الله وملائكته حكم من سب نبينا عليه السلام واما من سب الله تعالى والعياذ بالله من المسلمين بغير الارتداد عن الإسلام ومن الكفار بغير ما كفروا به من معتقدهم فى عزير والمسيح ونحو ذلك فحكمه حكم من سب النبي صلى الله عليه وسلم نسأل الله العصمة والهداية ونعوذ به من السهو والزلل والغواية انه الحافظ الرقيب وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يفعلون بهم ما يتأذون به من قول او فعل بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا اى بغير جناية يستحقون بها الاذية وتقييد اذاهم به بعد إطلاقه فى الآية السابقة للايذان بان أذى الله ورسوله لا يكون الا غير حق واما أذى هؤلاء فقد يكون حقا وقد يكون غير حق والآية عامة لكل أذى بغير حق فى كل مؤمن ومؤمنة. فتشمل ما روى ان عمر رضى الله عنه خرج يوما فرأى جارية مزينة مائلة الى الفجور فضربها فخرج أهلها فآذوا عمر باللسان. وما روى ان المنافقين كانوا يؤذون عليا رضى الله عنه ويسمعونه ما لا خير فيه. وما سبق من قصة الافك حيث اتهموا عائشة بصفوان السهمي رضى الله عنهما. وما روى ان الزناة كانوا يتبعون النساء إذا برذن بالليل لطلب الماء او لقضاء حوائجهن وكانوا لا يتعرضون الا للاماء ولكن ربما كان يقع منهم التعرض للحرائر ايضا جهلا او تجاهلا لاتحاد الكل فى الزي واللباس حيث كانت تخرج الحرة والامة فى درع

وخمار وما سيأتى من اراجيف المرجفين وغير ذلك مما يثقل على المؤمن فَقَدِ احْتَمَلُوا الاحتمال مثل الاكتساب بناء ومعنى كما فى بحر العلوم وقال بعضهم تحملوا لان الاحتمال بالفارسية [برداشتن] بُهْتاناً افتراء وكذبا عليهم من بهته فلان بهتانا إذا قال عليه ما لم يفعله: وبالفارسية [دروغى بزرگ] وَإِثْماً مُبِيناً اى ذنبا ظاهرا وقال الكاشفى: يعنى [سزاوار عقوبت بهتان ومستحق عذاب كناه ظاهر ميشوند] واعلم ان أذى المؤمنين قرن بأذى الرسول عليه السلام كما ان أذى الرسول قرن بأذى الله ففيه اشارة الى ان من آذى المؤمنين كان كمن آذى الرسول ومن آذى الرسول كان كمن آذى الله تعالى فكما ان المؤذى لله وللرسول مستحق الطرد واللعن فى الدنيا والآخرة فكذا المؤذى للمؤمن- روى- ان رجلا شتم علقمة رضى الله عنه فقرأ هذه الآية وعن عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه قال خرج النبي عليه السلام على أصحابه فقال (رأيت الليلة عجبا رأيت رجالا يعلقون بألسنتهم فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) وفى الحديث القدسي (من آذى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) : يعنى [هر كه دوستى را از دوستان من بيازارد آن آزارنده جنك مرا ساخته واز آزار آن دوست جفاى من خواسته وهر كه جنك مرا سازد ويرا بلشكر انتقام مقهور كنم واو را بخوارى اندر جهان مشهور سازم]- روى- ان ابن عمر رضى الله عنهما نظر يوما الى الكعبة فقال ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك واوحى الله الى موسى عليه السلام لو يعلم الخلق إكرامي الفقراء فى مجلى قدسى ودار كرامتى للحسوا أقدامهم وصاروا ترابا يمشون عليهم فوعزتى ومجدى وعلوى وارتفاع مكانى لاسفرّن لهم عن وجهى الكريم واعتذر إليهم بنفسي واجعل شفاعتهم لمن برهم فىّ او آواهم فىّ ولو كان عشارا وعزتى ولا أعز مني وجلالى ولا أجل منى انى اطلب نارهم ممن عاداهم حتى أهلكه فى الهالكين: قال الشيخ سعدى قدس سره نكوكار مردم نباشد بدش ... نورزد كسى بد كه نيك آيدش نه هر آدمي زاده از دد بهست ... كه دد ز آدمى زاده بد بهست بهست از دد انسان صاحب خرد ... نه انسان كه در مردم افتد چودد يعنى خاصمه وافترسه كالاسد مثلا قال فضيل رحمه الله والله لا يحل لك ان تؤذى كلبا ولا خنزيرا بغير ذنب فكيف ان تؤذى مسلما وفى الحديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) بان لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم واعراضهم قدم اللسان فى الذكر لان التعرض به اسرع وقوعا واكثر وخص اليد بالذكر لان معظم الافعال يكون بها واعلم ان المؤمن إذا أوذي يلزم عليه ان لا يتأذى بل يصبر فان له فيه الاجر فالمؤذى لا يسعى فى الحقيقة الا فى إيصال الاجر الى من آذاه ولذا ورد (واحسن الى من أساء إليك) وذلك لان المسيئ وان كان مسيئا فى الشريعة لكنه محسن فى الحقيقة بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء

[سورة الأحزاب (33) : آية 59]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ اى نسائك وكانت تسعا حين توفى عليه السلام وهن عائشة وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وسودة وزينب وميمونة وصفية وجويرية وقد سبق تفاصيلهن نسبا واوصافا وأحوالا وَبَناتِكَ وكانت ثمانى أربعا صلبية ولدتها خديجة وهى زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن متن فى حياته عليه السلام الا فاطمة فانها عاشت بعده ستة أشهر. وأربعا ربائب ولدتها أم سلمة وهى برة وسلمة وعمرة ودرة رضى الله عنهن وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ فى المدينة يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ مقول القول [والادناء: نزديك كردن] من الدنو وهو القرب. والجلباب ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله الى صدرها بالفارسية [چار] ومن للتبعيض لان المرأة ترخى بعض جلبابها وتتلفع ببعض [والتلفع: جامه بسر تا پاى درگرفتن] والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والأبدان كالاماء حتى لا يتعرض لهن السفهاء ظنا بانهن إماء وعن السدى تغطى احدى عينيها وشق وجهها والشق الآخر الا العين ذلِكَ اى ما ذكر من التغطى أَدْنى اقرب أَنْ يُعْرَفْنَ ويميزن من الإماء والقينات اللاتي هن مواقع تعرض الزناة واذاهم كما ذكر فى الآية السابقة فَلا يُؤْذَيْنَ من جهة اهل الفجور بالتعرض لهن قال انس رضى الله عنه مرت لعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يا لكاع تتشبهين بالحرائر القى القناع وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما سلف من التفريط وترك الستر رَحِيماً بعباده حيث يراعى مصالحهم حتى الجزئيات منها وفى الآية تنبيه لهن على حفظ انفسهن ورعاية حقوقهن بالتصاون والتعفف. وفيه اثبات زينتهن وعزة قدرهن (ذلِكَ) التنبيه (أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) ان لهن قدرا ومنزلة وعزة فى الحضرة (فَلا يُؤْذَيْنَ) بالاطماع الفاسدة والأقوال الكاذبة (وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً) لهن بامتثال الأوامر (رَحِيماً) بهن بإعلاء درجاتهن كما فى التأويلات النجمية واعلم انه فهم من الآية شيآن الاول ان نساء ذلك الزمان كن لا يخرجن لقضاء حوائجهن الا ليلا تسترا وتعففا وإذا خرجن نهارا لضرورة يبالغن فى التغطى ورعاية الأدب والوقار وغض البصر عن الرجال الأخيار والأشرار ولا يخرجن الا فى ثياب دنيئة فمن خرجت من بيتها متعطرة متبرجة اى مظهرة زينتها ومحاسنها للرجال فان عليها ما على الزانية من الوزر: قال الشيخ سعدى قدس سره چوزن راه بازار كيرد بزن ... وگر نه تو در خانه بنشين چوزن ز بيكانكان چشم زن كور باد ... چوبيرون شد از خانه در كور باد وعلامة المرأة الصالحة عند اهل الحقيقة ان يكون حسنها مخافة الله وغناها القناعة وحليها العفة اى التكفف عن الشرور والمفاسد والاجتناب عن مواقع التهم. يقال ان المرأة مثل الحمامة إذا نبت لها جناح طارت كذلك الرجل إذا زين امرأته بالثياب الفاخرة فلا تجلس فى البيت چوبينى كه زن پاى بر جاى نيست ... ثبات از خردمندى وراى نيست

[سورة الأحزاب (33) : آية 60]

كريز از كفش در دهان نهنك ... كه مردن به از زندكانى به ننك قال الجامى چومرد از زن بخوش خويى كشد بار ... ز خوش خويى ببد بويى كشد كار مكن بر كار زن چندان صبورى ... كه افتد رخنه در رسد غيورى قيل لا خير فى بنات الكفرة وقد يؤذى عليهن فى الأسواق وتمر عليهن أيدي الفساق يعنى انها فى الابتذال بحيث لا يميل إليها اكثر الرجال والغالب عليها النظر الى الأجانب والميل الى كل جانب فأين نساء الزمان من رابعة العدوية رحمها الله فانها مرضت مرة مرضا شديدا فسئلت عن سببه فقالت نظرت الى الجنة فادبنى ربى وعاتبنى فاخذنى المرض من ذلك العتاب فاذا كان الناظر الى الجنة فى معرض الخطاب والعتاب لكونها مادون الله تعالى مع كونها دار كرامته وتجليه فما ظنك بالناظر الى الدنيا وحطامها ورجالها ونسائها والثاني ان الدنيا لم تخل عن الفسق والفجور حتى فى الصدر الاول فرحم الله امرأ غض بصره عن اجنبية فان النظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة قال ابن سيرين رحمه الله انى لأرى المرأة فى منامى فاعلم انها لا تحل لى فاصرف بصرى فيجب ان لا يقرب امرأة ذات عطر وطيب ولا يمس يدها ولا يكلمها ولا يمازحها ولا يلاطفها ولا يخلو بها فان الشيطان يهيج شهوته ويوقعه فى الفاحشة وفى الحديث (من فاكه امرأة لم تحل له ولا يملكها حبس بكل كلمة الف عام فى النار ومن التزم امرأة حراما) اى اعتنقها (قرن مع الشيطان فى سلسلة ثم يؤمر به الى النار) والعياذ بالله من دار البوار لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ لام قسم والانتهاء الانزجار عما نهى عنه: وبالفارسية [باز ايستيدن] والمعنى والله لئن لم يمتنع المنافقون عما هم عليه من النفاق وأحكامه الموجبة للايذاء وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف ايمان وقلة ثبات عليه او فجور من تزلزلهم فى الدين وما يستتبعه مما لا خير فيه او من فجورهم وميلهم الى الزنى والفواحش وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ الرجف الاضطراب الشديد يقال رجف الأرض والبحر وبحر رجاف والرجفة الزلزلة والإرجاف إيقاع الرجفة والاضطراب اما بالفعل او بالقول وصف بالارجاف الاخبار الكاذب لكونه متزلزلا غير ثابت وفى التاج [الإرجاف: خبر دروغ افكندن] والمعنى لئن لم ينته المخبرون بالأخبار الكاذبة فى الفريقين عماهم عليه من نشر اخبار السوء عن سرايا المسلمين بان يقولوا انهزموا وقتلوا وأخذوا وجرى عليهم كيت كيت وأتاكم العدو وغير ذلك من الأراجيف المؤذية الموقعة لقلوب المسلمين فى الاضطراب والكسر والرعب لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ جواب القسم المضمر [الإغراء: برانگيختن بر چيز] يقال غرى بكذا اى لهج به ولصق واصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به وقد أغريت فلانا بكذا إغراء الهجته به والضمير فى بهم لاهل النفاق والمرض والإرجاف اى لنأمرنك بقتالهم واجلائهم او بما يضطرهم الى الجلاء ولنحرضنك على ذلك: وبالفارسية [هر آينه ترا بركماريم بريشان ومسلط سازيم وامر كنيم بقتل ايشان] ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها عطف على جواب القسم وثم للدلالة على ان الجلاء ومفارقه

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 61 إلى 63]

جوار الرسول أعظم ما يصيبهم اى لا يساكنونك: وبالفارسية [پس همسايكى نكند با تو در مدينه] فان الجار من يقرب مسكنه [والمجاورة: با كسى همسايكى كردن] إِلَّا قَلِيلًا زمانا او جوارا قليلا ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه وفى بحر العلوم ريثما يرتحلون بانفسهم وعيالهم مَلْعُونِينَ مطرودين عن الرحمة والمدينة وهو نصب على الشتم والذم اى اشتم واذم او على الحال على ان حرف الاستثناء داخل على الظرف والحال معا اى لا يجاورونك الا حال كونهم ملعونين أَيْنَما ثُقِفُوا فى أي مكان وجدوا وأدركوا: وبالفارسية [هر كجا يافته شوند] قال الراغب الثقف الحذق فى ادراك الشيء وفعله يقال ثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق فى النظر ثم قد تجوز به فاستعمل فى الإدراك وان لم يكن معه ثقافة أُخِذُوا [كرفته شوند يعنى بايد كه بگيرند ايشانرا] وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا [وكشته كردند يعنى بكشند كشتنى را بخوارى وزارى] يعنى الحكم فيهم الاخذ والقتل على جهة الأمر فما انتهوا عن ذلك كما فى تفسير ابى الليث وقال محمد بن سيرين فلم ينتهوا ولم يغر الله بهم والعفو عن الوعيد جائز لا يدخل فى الخلف كما فى كشف الاسرار سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ مصدر مؤكد اى سن الله ذلك فى الأمم الماضية سنة وجعله طريقة مسلوكة من جهة الحكمة وهى ان يقتل الذين نافقوا الأنبياء وسعوا فى توهين أمرهم بالارجاف ونحوه أينما ثقفوا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا تغييرا أصلا اى لا يبدلها لابتنائها على أساس الحكمة التي عليها يدور فلك التشريع اولا يقدر أحد على ان يبدلها لانّ ذلك مفعول له لا محالة وفى الآية تهديد للمنافقين عبارة ومن بصددهم من منافقى اهل الطلب من المتصوفة والمتعرفة الذين يلبسون فى الظاهر ثيابهم ويتلبسون فى الباطن بما يخالف سيرتهم وسرائرهم وانهم لو لم يمتنعوا عن أفعالهم ولم يتغيروا عن أحوالهم لا جرى معهم سنته فى التبديل والتغيير على من سلف من نظائرهم ولكل قوم عقوبة بحسب جنايتهم مالك بن دينار رضى الله عنه [كفت كه از حسن بصرى پرسيدم كه عقوبت عالم چهـ باشد كفت مردن دل كفتم مردن دل از چهـ باشد كفت از جستن دنيا «فلا بد من احياء القلب وإصلاح الباطن» نقلست كه جنيد بغدادى قدس سره جامه بر سم علماى دانشمندان پوشيدى او را كفتند اى پير طريقت چهـ بود اگر براى اصحاب مرقع در پوشى كفت اگر دانشمندى بمرقع كار مى شود از آتش وآهن لباس ساختمى ودر پوشيدمى ولكن هر ساعت در باطن من ندايى ميكنند كه «ليس الاعتبار بالخرقة انما الاعتبار بالحرفة» اى درونت برهنه از تقوى ... وز برون جامه ريا دارى پرده هفت رنك در مكذار ... تو كه در خانه بوريا دارى نقلست كه وقتى نماز شام حسن بصرى بدر صومعه حبيب أعجمي كذشت وى اقامت نماز شام كفته بودى وبنماز ايستاد حسن درآمد وشنيد كه «الحمد» را «الهمد» ميخواند كفت نماز او درست نبود بدو اقتدا نكرد وخود نماز بگذارد چون شب بخفت حق را تبارك وتعالى بخواب ديد اى بار خدا رضاى تو در چهـ چيز است كفت يا حسن رضاى من در تو

[سورة الأحزاب (33) : آية 63]

يافته بودى واين نماز مهر نمازهاى تو خواسته بود اما ترا سقم عبادت از صحت نيت بازداشت بسى تفاوتست از زبان راست كردن تا دل] فعلى العاقل ان لا يميل الى الشقاوة والنفاق بل الى الإخلاص والوفاق ويقال هاتان الآيتان فى الزنادقة تستثقلهم اهل كل ملة فى الدنيا كما فى كشف الاسرار. والزنديق هو الملحد المبطن للكفر قال ابو حنيفة رضى الله عنه اقتلوا الزنديق وان قال تبت. قال بعضهم الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من المحرمات ويقول ان الأموال مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذي يرجح عدم قبولها قاتله الله ومن يليه من الملاحدة ولعنهم على حدة وحفظ الأرض من ظهورهم وشرورهم يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ [مى پرسند ترا مردمان] عن وقت قيامها والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابها كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) كان المشركون يسألونه عليه السلام عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء والتعنت والإنكار واليهود امتحانا لما أن الله تعالى عمى اى أخفى وقتها فى التوراة وسائر الكتب قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا [كويند از خلفاى يكى بخواب ديد ملك الموت را ازو پرسيد كه عمر من چند مانده است او پنج انكشت اشارت كرد تعبير خواب از بسيار كس پرسيدند معلوم نشد امام أعظم ابو حنيفه را رضى الله عنه خواندند كفت اشارت بپنج علمست كه كس نداند وآن پنج علم درين آيتست كه الله تعالى كفت (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الآية خلعت نيكو دادش اما نپوشيد] وَما يُدْرِيكَ أي شىء يجعلك داريا وعالما بوقت قيامها اى لا يعلمك به شىء أصلا فانت لا تعرفه وليس من شرط النبي ان يعلم الغيب بغير تعليم من الله تعالى: وبالفارسية [و چهـ چيز ترا دانا كرد بآن] لَعَلَّ السَّاعَةَ [شايد كه قيامت] تَكُونُ شيأ قَرِيباً او تكون الساعة فى وقت قريب فتكون تامة وانتصاب قريبا على الظرفية وفيه تهديد للمستعجلين وإسكات للمتعنتين قالوا من اشراط الساعة ان يقول الرجل افعل غدا فاذا جاء غد خالف قوله فعله وان ترفع الأشرار وتوضع الأخيار ويرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنى والفجور ورقص القينات وشرب الخمور ونحو ذلك من موت الفجأة وعلوّ أصوات الفساق فى المساجد والمطر بلا نبات وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار) الى غير ذلك وذكر أمورا لم تحدث فى زمانه ولا بعده وكانت إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام وقال (تخوفت الساعة) وقال (ما امدّ طرفى ولا أغضه الا وأظن الساعة قد قامت) يعنى موته فان الموت الساعة الصغرى اى موت كل انسان كما ان موت اهل القرن الواحد هى الساعة الوسطى نسأل الله التدارك قال المولى الجامى قدس سره كار امروز را مباش أسير ... بهر فردا ذخيره برگير روز عمرت بوقت عصر رسيد ... عصر تو تا نماز شام كشيد خفتن خواب مرك نزديكست ... موج كرداب مرك نزديكست

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 64 إلى 67]

فانتبه قد أقيمت الساعة ... ان عمر الخلائق ساعه إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ على الإطلاق لا منكرى الحشر ولا معاندى الرسول فقط اى طردهم وابعدهم من رحمته العاجلة والآجلة ولذلك يستهزئون بالحق الذي لا بد لكل خلق من انتهائه اليه والاهتمام بالاستعداد له وَأَعَدَّ لَهُمْ مع ذلك سَعِيراً نارا مسعورة شديدة الاتقاد يقاسونها فى الآخرة: وبالفارسية [آماده كرد براى عذاب ايشان آتشى افروخته] يقال سعر النار واسعرها وسعرها أوقدها خالِدِينَ فِيها مقدّرا خلودهم فى السعير أَبَداً دائما: وبالفارسية [در حالتى كه جاويد باشند در ان يعنى هميشه در آتش معذب مانند] أكد الخلود بالتأييد والدوام مبالغة فى ذلك لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحفظهم وَلا نَصِيراً يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ظرف لعدم الوجدان اى يوم تصرف وجوههم فيها من جهة الى جهة كاللحم ليشوى فى النار او يطبخ فى القدر فيدور به الغليان من جهة الى جهة ومن حال الى حال او يطرحون فيها مقلوبين منكوسين وتخصيص الوجوه بالذكر للتعبير عن الكل وهى الجملة بأشرف الاجزاء وأكرمها ويقال تحول وجوههم من الحسن الى القبيح ومن حال البياض الى حال السواد يَقُولُونَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يصنعون عند ذلك فقيل يقولون متحسرين على ما فاتهم يا لَيْتَنا يا هؤلاء فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه: وبالفارسية [كاشكى ما] أَطَعْنَا اللَّهَ فى دار الدنيا فيما أمرنا ونهانا وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا فيما دعانا الى الحق فلن نبتلى بهذا العذاب وَقالُوا اى الاتباع عطف على يقولون والعدول الى صيغة الماضي للاشعار بان قولهم هذا ليس مسببا لقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين القوهم فى تلك الورطة وان علموا عدم قبوله فى حق خلاصهم منها رَبَّنا [اى پروردگار ما] إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا يعنون قادتهم ورؤساء هم الذين لقنوهم الكفر والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار والا فهم فى مقام التحقير والاهانة. والسادة جمع سيد وجمع الجمع سادات وقد قرئ بها للدلالة على الكثرة قال فى الوسيط وسادة احسن لان العرب لا تكاد تقول سادات. والكبراء جمع كبير وهو مقابل الصغير والمراد الكبير رتبة وحالا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا اى صرفونا عن طريق الإسلام والتوحيد بما زينوا لنا الكفر والشرك يقال أضله الطريق وأضله عن الطريق بمعنى واحد اى اخطأ به عنه: وبالفارسية [پس كم كردند راه ما را يعنى ما را از راه ببردند وبافسون وافسانه فريب دادند] والالف الزائدة فى الرسولا والسبيلا لاطلاق الصوت لان اواخر آيات السورة الالف والعرب تحفظ هذا فى خطبها واشعارها قال فى بحر العلوم قرأ ابن كثير وابو عمرو وحمزة وحفص والكسائي (أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) بغير الف فى الوصل. وحمزة وابو عمرو ويعقوب فى الوقف ايضا والباقون بالألف فى الحالين تشبيها للفواصل بالقوافي فان زيادة الالف لاطلاق الصوت وفائدتها الوقف والدلالة على ان الكلام قد انقطع وان ما بعده مستأنف واما حذفها

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 68 إلى 73]

فهو القياس اى فى الوصف والوقف رَبَّنا تصدير الدعاء بالنداء المكرر للمبالغة فى الجؤار واستدعاء الاجابة آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ اى مثلى العذاب الذي أوتيناه لانهم ضلوا وأضلوا فضعف لضلالهم فى أنفسهم عن طريق الهداية وضعف لاضلالهم غيرهم عنها وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً اى شديدا عظيما واصل الكبير والعظيم ان يستعملا فى الأعيان ثم استعيرا للمعانى: وبالفارسية [وبر ايشان راندن بزرك كه بآن خواندن نباشد ومقرر است كه هر كرا حق تعالى براند ديكرى نتواند كه بخواند] هر كه را قهر تو راند كه تواند خواندن ... وانكه را لطف تو خواند نتوانش راندن وقرئ كثيرا اى كثير العدد اى اللعن على اثر اللعن اى مرة بعد مرة ويشهد للكثرة قوله تعالى (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) قال فى كشف الاسرار [محمد بن ابى السرى مردى بود از جمله نيك مردان روزكار كفتا بخواب نمودند مرا كه در مسجد عسقلان كسى قرآن مى خواند باينجا رسيد كه (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) من كفتم كثيرا وى كفت كبيرا باز نكرستم رسول خدايرا ديدم در ميان مسجد كه قصد مناره داشت فرا پيش وى رفتم كفتم «السلام عليك يا رسول الله استغفر لى» رسول از من بركشت ديكر بار از سوى راست وى درآمدم كفتم «يا رسول الله استغفر لى» رسول اعراض كرد برابر وى بايستادم كفتم يا رسول الله سفيان بن عيينه مرا خبر كرد از محمد بن المنكدر از جابر بن عبد الله كه هركز از تو نخواستند كه كفتى «لا» چونست كه سؤال من رد ميكنى ومرادم نميدهى رسول خدا تبسمى كرد آنكه كفت (اللهم اغفر له) پس كفتم يا رسول الله ميان من واين مرد خلافست او ميكويد (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) ومن ميكويم (كثيرا) رسول همچنان بر مناره ميشد وميكفت] (كثيرا كثيرا كثيرا) ثم ان الله تعالى اخبر بهذه الآيات عن صعوبة العقوبة التي علم انه يعذبهم بها وما يقع لهم من الندامة على ما فرطوا حين لا تنفعهم الندامة ولا يكون سوى الغرامة والملامة حسرت از جان او برآرد دود ... وان زمان حسرتش ندارد سود بسكه ريزد ز ديده أشك ندم ... غرق كردد ز فرق تا بقدم آب چشمش شود در ان شيون ... آتشش را بخاصيت روغن كاش اين كريه پيش ازين كردى ... غم اين كار بيش ازين كردى اى بمهد بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير پيش از ان كت أجل كند بيدار ... كر بمردى ز خواب سر بردار اللهم أيقظنا من الغفلة وادفع عنا الكسر واستخدمنا فيما يرضيك من حسن العمل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا فى ان تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل نزلت فى شأن زينب وما سمع فيه من مقالة الناس كما سبق وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قسم النبي عليه السلام قسما فقال رجل ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فاتيت النبي عليه السلام فاخبرته فغضب حتى رأيت الغضب فى وجهه ثم قال (يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا) كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى كقارون وأشياعه وغيرهم من سفهاء بنى إسرائيل كما سيأتى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ

مِمَّا قالُوا اصل البراءة التفصى مما تكره مجاورته اى فاظهر براءة موسى عليه السلام مما قالوا فى حقه اى من مضمونه ومؤداه الذي هو الأمر المعيب فان البراءة تكون من العيب لا من القول وانما الكائن من القول التخلص وَكانَ موسى عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً فى الوسيط وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر قال فى تاج المصادر [الوجاهة: خداوند قدر وجاه شدن] والمعنى ذا جاه ومنزلة وقربة فكيف يوصف بعيب ونقيصة وقال ابن عباس رضى الله عنهما وجيها اى حظيا لا يسأل الله شيأ الا أعطاه وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام كان فى الأزل عند الله مقضيا له بالوجاهة فلا يكون غير وجيه بتعيير بنى إسرائيل إياه كما قيل ان كنت عندك يا مولاى مطرحا ... فعند غيرك محمول على الحذف وفى المثنوى كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس وفى البستان أمين وبدانديش طشتند ومور ... نشايد درو رخنه كردن بزور «1» واختلفوا فى وجه أذى موسى عليه السلام فقال بعضهم ان قارون دفع الى زانية مالا عظيما على ان تقول على رأس الملأ من بنى إسرائيل انى حامل من موسى على الزنى فاظهر الله نزاهته عن ذلك بان أقرت الزانية بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل بقارون ما فعل من الخسف كما فصل فى سورة القصص كند از بهر كليم الله چاه ... در چهـ افتاد وبشد حالش تباه چون قضا آيد شود تنك اين جهان ... از قضا حلوا شود رنج دهان اين جهان چون قحبه مكاره بين ... كس ز مكر قحبه چون باشد أمين او بمكرش كرد قارون در زمين ... شد ز رسوايى شهير عالمين وقال بعضهم قذفوه بعيب فى بدنه من برص وهو محركة بياض يظهر فى ظاهر البدن لفساد مزاج او من ادرة وهى مرض الأنثيين ونفختهما بالفارسية [مادخايه] وذلك لفرط تستره حياء فاطلعهم الله على براءته وذلك ان بنى إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم الى سوءة بعضهم اى فرجه وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده قال ابن ملك وهذا مشعر بوجوب التستر فى شرعه فقال بعضهم والله ما يمنع موسى ان يغتسل معنا الا انه آدر على وزن افعل وهو من له ادرة فذهب مرة موسى يغتسل فوضع ثوبه على حجر قيل هو الحجر الذي يتفجر منه الماء ففر الحجر بثوبه اى بعد ان اغتسل وأراد ان يلبس ثوبه فاسرع موسى خلف الحجر وهو عريان وهو يقول ثوبى حجر ثوبى حجر اى دع ثوبى يا حجر فوقف الحجر عند بنى إسرائيل ينظرون اليه فقالوا والله ما بموسى من بأس وعلموا انه ليس كما قالوا فى حقه فاخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا فضربه خمسا او ستا او سبعا او اثنتي عشرة ضربة بقي اثر الضربات فيه قال فى انسان العيون كان موسى عليه السلام إذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته نارا لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه ضربه مع انه لا ادراك له

_ (1) در أوائل دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعانه را إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 70]

ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة إذا جمحت بصاحبها يؤدبها بالضرب انتهى يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى فهم يعاملونها بها معاملة الاحياء: قال فى المثنوى باد را بى چشم اگر بينش نداد ... فرق چون ميكرد اندر قوم عاد «1» كر نبودى نيل را آن نور ديد ... از چهـ قبطى را ز سبطى ميكزيد كر نه كوه وسنك با ديدار شد ... پس چرا داود را آن يار شد اين زمين را كر نبودى چشم جان ... از چهـ قارونرا فرو خورد آنچنان وفى القصة اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام لا بد وان يكونوا متبرئين من النقص فى اصل الخلقة وقد يكون تبريهم بطريق خارق للعادة كما وقع لموسى من طريق فرار الحجر كما شاهدوه ونظروا الى سوأته وفى الخصائص الصغرى ان من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انه لم تر عورته قط ولو رآها أحد طمست عيناه وقال بعضهم فى وجه الأذى ان موسى خرج مع هارون الى بعض الكهوف فرأى سريرا هناك فنام عليه هارون فمات ثم ان موسى لما عاد وليس معه هارون قال بنوا إسرائيل قتل موسى هارون حسدا له على محبة بنى إسرائيل إياه فقال لهم موسى ويحكم كان أخي ووزيري أترونني اقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا فنزل السرير الذي نام عليه فمات حتى نظروا اليه بين السماء والأرض فصدقوه وان هارون مات فيه فدفنه موسى فقيل فى حقه ما قيل كما ذكر حتى انطلق موسى ببني إسرائيل الى قبره ودعا الله ان يحييه فاحياه الله تعالى وأخبرهم انه مات ولم يقتله موسى عليه السلام وقد سبقت قصة وفاة موسى وهارون فى سورة المائدة فارجع إليها وفى التأويلات النجمية يشير الى هذه الامة بكلام قديم ازلى ان لا يكونوا كامة موسى فى الإيذاء فانه من صفات السبع بل يكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه) وقال (المؤمن من امنه الناس) وقوله (لا تَكُونُوا) نهى عن كونهم بنفي هذه الصفة عنهم اى كونوا ولا تكونوا بهذه الصفة لتكونوا خير امة أخرجت للناس فكانوا ولم يكونوا بهذه الصفة وفيه اشارة الى ان كل موجود عند إيجاده بامركن مأمور بصفة مخصوصة به ومنهى عن صفة غير مخصوصة به فكان كل موجود كما امر بامر التكوين ولم يكن كما نهى بنهي التكوين كما قال تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) بالاستقامة بامر التكوين عند الإيجاد فكان كما امر وقال تعالى ناهيا له نهى التكوين (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) فلم يكن من الجاهلين كما نهى عن الجهل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ فى رعاية حقوقه وحقوق عباده فمن الاول الامتثال لامره ومن الثاني ترك الأذى لا سيما فى حق رسوله قال الواسطي التقوى على اربعة أوجه. للعامة تقوى الشرك. وللخاصة تقوى المعاصي. وللخاص من الأولياء تقوى التوصل بالافعال. وللانبياء تقواهم منه اليه وَقُولُوا فى أي شأن من الشؤون قَوْلًا سَدِيداً مستقيما مائلا الى الحق من سد يسد سدادا صار صوابا ومستقيما فان السداد الاستقامة بقال سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل به عن سمتها وخص القول الصدق بالذكر وهو ما أريد به وجه الله ليس فيه شائبة غير وكذب أصلا لان التقوى

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان هر حسى مدرك را از آدمي نيز مدركاتى ديكر است إلخ

[سورة الأحزاب (33) : آية 71]

صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل او ترك فلا يدخل فيها وقال بعضهم القول السديد داخل فى التقوى وتخصيصه لكونه أعظم أركانها قال الكاشفى [قول جامع درين باب آنست كه قول سديد سخنست كه صدق باشد نه كذب وصواب بود نه خطا وجد بود نه هزل چنين سخن كوييد] والمراد نهيهم عن ضده اى عما خاضوا فيه من حديث زينب الجائر عن العدل والقصد: يعنى [دروغ مكوييد وناراستى مكنيد در سخن چون حديث افك] وقصة زينب وبعثهم على ان يسددوا قولهم فى كل باب لان حفظ اللسان وسداد القول رأس الخير كله- حكى- ان يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت من أكابر علماء العربية جلس يوما مع المتوكل فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال أيما أحب إليك ابناى أم الحسن والحسين قال والله ان قنبرا خادم على رضى الله عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات فى تلك الليلة ومن العجب انه انشد قبل ذلك للمعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ يوفقكم للاعمال الصالحة او يصلحها بالقبول والاثابة عليها وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويجعلها مكفرة باستقامتكم فى القول والفعل وفيه اشارة الى ان من وفقه الله لصالح الأعمال فذلك دليل على انه مغفور له ذنوبه وَمَنْ [وهر كه] يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى الأوامر والنواهي التي من جملتها هذه التكليفات والطاعة موافقة الأمر والمعصية مخالفته فَقَدْ فازَ فى الدارين والفوز الظفر مع حصول السلامة فَوْزاً عَظِيماً عاش فى الدنيا محمودا وفى الآخرة مسعودا او نجا من كل ما يخاف ووصل الى كل ما يرجو وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان لا يكمل الا بالتقوى وهو التوحيد عقدا وحفظ الحدود جهدا ولا يحصل سداد اعمال التقوى الا بالقول السديد وهى كلمة لا اله الا الله فبالمداومة على قول هذه الكلمة بشرائطها يصلح لكم اعمال التقوى فسداد أقوالكم سبب لسداد أعمالكم وبسداد الأقوال وسداد الأعمال يحصل سداد الأحوال وهو قوله ويغفر لكم ذنوبكم وهو عبارة عن رفع الحجب الظلمانية بنور المغفرة الربانية ومن يطع الله فيما امره ونهاه ويطع الرسول فيما أرشده الى صراط مستقيم متابعته فقد فاز فوزا عظيما بالخروج عن الحجب الوجودية بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية انتهى وقال بعضهم من يطع الله ورسوله فى التزكية ومحو الصفات فقد فاز بالتحلية والاتصاف بالصفات الالهية وهو الفوز العظيم وفى صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه (اما بعد فان خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدى محمد) اى خير الإرشاد إرشاده صلى الله عليه وسلم واعلم ان إطاعة الله تعالى فى تحصيل مراتب التوحيد من الافعال والصفات والذات وإطاعة الرسول بالاستمساك بحبل الشريعة فان النجاة من بحر الجحود وظلمة الشرك اما بنور الكشف او بسفينة الشريعة اما الاول فهو ان يعتصم الطالب فى طلبه بالله حتى يهتدى اليه بنوره ويؤتيه الله العلم من لدنه واما الثاني فهو ان

[سورة الأحزاب (33) : آية 72]

يكتفى بالإقرار بالوحدانية والايمان التقليدى والعمل بظواهر الشرع- روى- ان الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان الله جعلك للناس اماما برعايتك الشريعة [نقلست كه در بغداد چون معتزله غلبه كردند كفتند ويرا تكليف بايد كردن تا قرآنرا مخلوق كويد پس عزم كردند واو را بسراى خليفه بردند سرهنكى بود بر در سراى كفت اى امام مردانه باش كه وقتى من دزدى كردم وهزار چوبم زدند ومن مقر نكشتم تا عاقبت رهايى يافتم من كه در باطل چنين صبر كردم تو كه بر حقى اوليتر باشى بصبر كردن احمد كفت آن سخن او مرا عظيم يارى داد وتأثير كرد پس او را مى بردند واو پير وضعيف بود دو دستش از پس برون كشيدند وهزار تازيانه بزدندش كه قرآنرا مخلوق كوى نكفت ودر ان ميان بند ازارش كشاده شد ودستش بسته بود در حال دو دست از غيب پديد آمد وبه بست وآن از آن بود كه بارى تنها در حمام بود خواست كه إزار بگشايد وبشويد آنرا ترك كرد ونكشود كفت اگر خلق حاضر نيست خداى تعالى حاضر است چون اين برهان ديدند بگذاشتند] در ره حق كشيده اند بلا ... اين بلا شد سبب بقرب وو لا صبر وتقوى وطاعت مولى ... نزد عارف ز هر شرف اولى إِنَّا هذه النون نون العظمة والكبرياء عند العلماء فان الملوك والعظماء يعبرون عن أنفسهم بصيغة الجمع ونون الأسماء والصفات عند العرفاء فانها متعددة ومتكثرة عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ يقال عرض لى امر كذا اى ظهر وعرضت له الشيء اى اظهرته له وأبرزته اليه وعرضت الشيء على البيع وعرض الجند إذا امرّهم عليه ونظر ما حالهم والامانة ضد الخيانة والمراد هنا ما ائتمن عليها وهى على ثلاث مراتب المرتبة الاولى انها التكاليف الشرعية والأمور الدينية المرعية ولذا سميت امانة لانها لازمة الوجود كما ان الامانة لازمة الأداء وفى الإرشاد عبر عن التكاليف الشرعية بالامانة لانها حقوق مرعية أودعها الله المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وأمرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وأدائها من غير إخلال بشىء من حقوقها انتهى وتلك الامانة هى العقل اوّلا فان به يحصل تعلم كل ما فى طوق البشر تعلمه وفعل ما فى طوقهم فعله من الجميل وبه فضل الإنسان على كثير من الخلائق ثم التوحيد والايمان باليوم الآخر والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وصدق الحديث وحفظ اللسان من الفضول وحفظ الودائع وأشدها كتم الاسرار وقضاء الدين والعدالة فى المكيال والميزان والغسل من الجنابة والنية فى الأعمال والطهارة فى الصلاة وتحسين الصلاة فى الخلوة والصبر على البلاء والشكر لدى النعماء والوفاء بالعهود والقيام بالحدود وحفظ الفرج الذي هو أول ما خلق الله من الإنسان وقال له هذه امانة استودعتكها والاذن والعين واليد والرجل وحروف التهجي كما نقله الراغب فى المفردات وترك الخيانة فى قليل وكثير لمؤمن ومعاهد وغير ذلك مما امر به الشرع وأوجبه وهى بعينها المواثيق والعهود التي أخذت من الأرواح فى عالمها ووضعت امانة فى

الجوهر الجمادى صورة المسمى بالحجر الأسود لسيادته بين الجواهر وألقمه الحق تلك المواثيق وهو أمين الله لتلك الامانة والمرتبة الثانية انها المحبة والعشق والانجذاب الإلهي التي هى ثمرة الامانة الاولى ونتيجتها وبها فضل الإنسان على الملائكة إذ الملائكة وان حصل لهم المحبة فى الجملة لكن محبتهم ليست بمبنية على المحن والبلايا والتكاليف الشاقة التي تعطى الترقي إذ الترقي ليس الا للانسان فليس المحنة والبلوى إلا له ألا ترى الى قول الحافظ شب تاريك وبيم موج وكردابى چنين هائل ... كجا دانند حال ما سبكباران ساحلها أراد بقوله «شب تاريك» جلال الذات وبقوله «بيم موج» خوف صفات القهر وبقوله «كرداب» درّ در بحر العشق وهى الامتحانات الهائلة والبرازخ المخوفة وبقوله «سبكباران ساحل» الزهاد والملائكة الذين بقوا فى ساحل بحر العشق وهو بر الزهد والطاعة المجردة وهم اهل الامانة الاولى ومن هذا القبيل ايضا قوله فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام كلابى بخاك آدم ريز وقول المولى الجامى ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت [در لوامع آورده كه آن بو العجبى كه عشق را در عالم بشريتست در مملكت ملكيت نيست كه ايشان سايه پرورد لطف وعصمت اند ومحبت بى درد را قدر وقيمتى نيست عشق را طائفه درخورند كه صفت (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) سرمايه بازار ايشان وسمت (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) پيرايه روزكار ايشانست ملكى را بينى كه اگر جناحى را بسط كند خافقين را در زير جناح خود آرد اما طاقت حمل اين معنى ندارد وآن بيچاره آدمى زادى را بينى پوستى در استخوانى كشيده بيباك واز شراب بلا در قدح ولا چشيده ودر وى تغير نيامده آن چراست زيرا كه آن صاحب دلست] والقلب يحمل ما لا يحمل البدن والمرتبة الثالثة انها الفيض الإلهي بلا واسطة ولهذا سماه بالامانة لانه من صفات الحق تعالى فلا يتملكه أحد وهذا الفيض انما يحصل بالخروج عن الحجب الوجودية المشار إليها بالظلومية والجهولية وذلك بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية وهذه المرتبة نتيجة المرتبة الثانية وغايتها فان العشق من مقام المحبة الصفاتية وهذا الفيض والفناء من مقام المحبوبية الذاتية وفى هذا المقام يتولد من القلب طفل خليفة الله فى الأرض وهو الحامل للامانة فالمرتبة الاولى للعوام والثانية للخواص والثالثة لاخص الخواص والاولى طريق الثانية وهى طريق الثالثة ولم يجد سر هذه الامانة الا من اتى البيت من الباب وكل وجه ذكره المفسرون فى معنى الامانة حق لكن لما كان فى المرتبة الاولى كان ظرفا ووعاء للامانة ولبه ما فى المرتبة الثانية ولب اللب ما فى المرتبة الثالثة ومن الله الهداية الى هذه المراتب والعناية فى الوصول الى جميع المطالب ثم المراد بالسماوات والأرض والجبال هى أنفسها أعيانها وأهاليها وذلك لان تخصص الإنسان بحمل الامانة يقتضى ان يكون المعروض عليه ما عداه من جميع الموجودات أيا مّا كان حيوانا او غيره وانما خص فى مقام الحمل ذلك لانه أصلب الأجسام وأثبتها وأقواها كما خص الافلاك فى

قوله (لولاك لما خلقت الافلاك) لكونها أعظم الأجسام ولهذا السر لم يقل فابوا ان يحملوها بواو العقلاء فان قلت ما ذكر من السموات وغيرها جمادات والجمادات لا ادراك لها فما معنى عرض الامانة عليها قلت للعلماء فيه قولان الاول انه محمول على الحقيقة وهو الأنسب بمذهب اهل السنة لانهم لا يؤولون أمثال هذا بل يحملونها على حقيقتها خلافا للمعتزلة وعلى تقدير الحقيقة فيه وجهان أحدهما أدق من الآخر الاول ان للجمادات حياة حقانية دل عليها كثير من الآيات نحو قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) وقوله (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وقوله (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) وقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وقوله (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والأمر عندنا ليس كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد (ان كل شى سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له) ولا يشهد الا من علم وقد أخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله ولولا ما عنده من معرفة العظمة لما تدكدك انتهى ومثله ما روينا ان حضرة شيخنا وسندنا روح الله روحه ووالى فى البرزخ فتوحه دعا مرة من عنده للافطار فجلسنا له وبين يديه ماء وكعك مبلول وكان لا يأكل فى اواخر عمره الا الكعك المجرد فقال أثناء الإفطار ان لهذا الخبر روحا حقانيا فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا: وفى المثنوى علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال «1» ثم قال ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى غير روحه الحيواني الذي فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو أنطقه لنطق فنطقه انما هو لروحه وقد جاء ان كل شىء يسبح بحمده حجرا او شجرا او غير ذلك وما هو الا لسريان الحياة فيه حقيقة ولذا سبح الجبال مع داود وحمل الريح سليمان عليه السلام وجذبت الأرض قارون وحن الجذع فى المسجد النبوي وسلم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا لا يحصى: وفى المثنوى چون شما سوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان چون شويد «2» از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزاى عالم بشنويد چون ندارد جان تو قنديلها ... بهر بينش كرده تأويلها والوجه الثاني ان الله تعالى ركب العقل والفهم فى الجمادات المذكورة عند عرض الامانة

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را إلخ [.....] (2) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشت إلخ

كما ركب العقل وقبول الخطاب فى النملة السليمانية والهدهد وغيرهما من الطيور والوحوش والسباع بل وفى الحجر والشجر والتراب فهن بهذا العقل والإدراك سمعن الخطاب وانطقهن الله بالجواب حيث قال لهن أتحملن هذه الامانة على ان يكون لكنّ الثواب والنعيم فى الحفظ والأداء والعقاب والجحيم فى الغدر والخيانة فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء وَأَشْفَقْنَ مِنْها قال فى المفردات الإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه فاذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه اظهر وإذا عدى بعلى فمعنى العناية فيه اظهر كما قال فى تاج المصادر [الإشفاق: ترسيدن ومهربانى كردن] ويعدى بعلى وأصلهما واحد. والمعنى وحفن من الامانة وحملها وقلن يا رب نحن مسخرات بامرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ولم يكن هذا القول منهن من جهة المعصية والمخالفة بل من جهة الخوف والخشية من ان لا يؤدين حقوقها ويقعن فى العذاب ولو كان لهن استعداد ومعرفة بسعة الرحمة واعتماد على الله لما أبين وكان العرض عرض تخيير لا عرض الزام وإيجاب لان المخالفة والإباء عن التكليف الواجب يوجب المقت والسقوط عن درجة الكمال ولم يذكر تعالى توبيخا على الإباء ولا عقوبة والقول الثاني انه محمول على الفرض والتمثيل فعبر عن اعتبار الامانة بالنسبة الى استعدادهن بالعرض عليهن لاظهار مزيد الاعتناء بامرها والرغبة فى قبولهن لها وعن عدم استعدادهن لقبولها بالاباء والإشفاق منها لتهويل أمرها ومزيد فخامتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الأجسام الثقيلة التي يستعمل فيها القوى الجسمانية التي هى أشدها وأعظمها ما فيهن من القوة والشدة فالمعنى ان تلك الامانة فى عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الاجرام العظام التي هى مثل فى الشدة والقوة مراعاتها وكانت ذات شهود وادراك لا بين قبولها وأشفقن منها ولكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق روما لزيادة تحقيق المعنى المقصود بالتمثيل وتوضيحه وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ عند عرضها عليه كما قال الامام القشيري [امانتها بر انها عرض نمود وبر انسان فرض نمود آنجا كه عرض بود سر باز زدند واينجا كه فرض بود در معرض حمل آمدند] والمراد بالإنسان الجنس بدليل قوله (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) اى تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة لان الحمل انما يكون بالهمة لا بالقوة قال فى الإرشاد وهو اما عبارة عن قبولها بموجب استعداده الفطري او عن اعترافه يوم الميثاق بقوله بلى ولما حملها قال الله تعالى (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [واين را در ظاهر مثالى هست درختانى كه اصل ايشان محكم ترست وشاخ ايشان بيشتر بار ايشان خردتر وسبكتر باز درختانى كه ضعيف ترند وسست تر بار ايشان شكرف تر است وبزركتر چون خربزه وكدو ومانند آن ليكن اينجا لطيفه ايست آن درخت كه بار او شكرف تر است وبزركتر طاقت كشيدن آن ندارد او را كفتند بار كران از كردن خويش بر فرق زمين نه تا عالميان بدانند كه هر كجا ضعيفى است مربىء او لطف حضرت عزت است اينست سر] (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) فالانسان اختص بالعشق وقبول الفيض بلا واسطة وحمله

من سائر المخلوقات لاختصاصه باصابة رشاش النور الإلهي وكل روح أصابه رشاش نور الله صار مستعدا لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة وكان عرض العشق والفيض عاما على المخلوقات وحمله خاصا بالإنسان لان نسبة الإنسان مع المخلوقات كنسبة القلب مع الشخص فالعالم شخص وقلبه الإنسان فكما ان عرض الروح عام على الشخص الإنساني وقبوله وحمله مخصوص بالقلب بلا واسطة ثم من القلب بواسطة العروق الممتدة يصل عكس الروح الى جميع الأعضاء فيكون متحركا به كذلك عرض العشق والفيض الإلهي عام لاحتياج الموجودات الى الفيض وقبوله وحمله خاص بالإنسان ومنه يصل عكسه الى سائر المخلوقات ملكها وملكوتها فاما الى ملكها وهو ظاهر الكون اعنى الدنيا فيصل الفيض اليه بواسطة صورة الإنسان من صنائعه الشريفة وحرفه اللطيفة التي بها العالم معمور ومزين واما الى ملكوتها وهو بامركن باطن الكون اعنى الآخرة فيصل الفيض إليها بواسطة روح الإنسان وهو أول شىء تعلقت به القدرة فيتعلق الفيض الإلهي من امركن اولا بالروح الإنساني ثم يفيض منه الى عالم الملكوت فظاهر العالم وباطنه معمور بظاهر الإنسان وباطنه وهذا سر الخلافة المخصوصة بالإنسان وقال بعضهم المراد بالإنسان آدم وقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال مثلت الامانة كالصخرة الملقاة ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير ان دعى وحرك الصخرة وقال لو أمرت بحملها لحملتها فقلن له احمل فحملها الى ركبتيه ثم وضعها وقال لو أردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها الى حقوه ثم وضعها وقال لو أردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه فاراد ان يضعها فقال الله مكانك فانها فى عنقك وعنق ذريتك الى يوم القيامة آسمان بار امانت نتوانست كشيد ... قرعه فال بنام من ديوانه زدند وفى كشف الاسرار [چون آسمان وزمين وكوهها بترسيدند از پذيرفتن امانت وباز نشستند از برداشتن آن رب العزة آدم را كفت (انى عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال فلم يطقنها وأنت آخذها بما فيها قال يا رب وما فيها قال ان أحسنت جوزيت وان اسأت عوقبت قال بين اذنى وعاتقى) يعنى آدم بطاعت وخدمت بنده وار درآمد وكفت برداشتم ميان كوش ودوش خويش رب العالمين كفت اكنون كه برداشت ترا در ان معونت وقوت دهم] اجعل لبصرك حجابا فاذا خشيت ان تنظر الى ما لا يحل لك فارخ حجابه واجعل للسانك لحيين وغلقا فاذا خشيت ان تتكلم بما لا يحل فاغلقه واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك شيخ جنيد قدس سره [فرموده كه نظر آدم بر عرض حق بود نه بر امانت لذت عرض ثقل امانت را برو فراموش كردانيد لاجرم لطف ربانى بزبان عنايت فرموده كه برداشتن از تو ونكاه داشتن از من چون تو بطوع بار مرا برداشتى من هم از ميان همه تر برداشتم] (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) - وروى- ان آدم عليه السلام قال احمل الامانة بقوتي أم بالحق فقيل من يحملها يحمل بنا فان ما هو منا لا يحمل إلا بنا فحملها راه او را بدو توان پيمود ... بار او را بدو توان برداشت قال بعضهم آن بار كه از بردن آن عرش أبا كرد ... با قوت او حامل آن بار توان بود

- القصة-[خلعت حمل امانت جز بر قامت با استقامت انسان كه منشور (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) او بر نام نامى نوشته اند راست نيامد و چون كارى بدين عظمت وفهمى بدين ابهت نامزد او شد جهت دفع چشم زخم حسود آن شياطين كه دشمن ديرينه اند سپند (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) بر آتش غيرت افكندند تا كور شود هر آنكه نتواند ديد] كما قال إِنَّهُ اى الإنسان كانَ ظَلُوماً لنفسه بمعصية ربه حيث لم يف بالامانة ولم يراع حقها جَهُولًا بكنه عاقبتها يعنى [نادان بعقوبت خيانت اگر واقع شود] والظلم وضع الشيء فى غير موضعه المختص به اما بنقصان او بزيادة واما بعدول عن وقته او مكانه ومن هذا ظلمت السقاء إذا تناولته فى غير وقته ويسمى ذلك اللبن الظلم وظلمت الأرض إذا حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الأرض يقال لها المظلومة والتراب الذي يخرج منها ظليم والظلم يقال فى مجاوزة الحد الذي يجرى مجرى النقطة فى الدائرة ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز ولذا يستعمل فى الذنب الصغير والكبير ولذا قيل لآدم فى تقدمه ظالم وفى إبليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد قال بعض الحكماء الظلم ثلاثة. أحدها بين الإنسان وبين الله وأعظمه الكفر والشرك والنفاق. والثاني ظلم بينه وبين الناس. والثالث ظلم بينه وبين نفسه وهذه الثلاثة فى الحقيقة للنفس فان الإنسان أول مايهم بالظلم فقد ظلم نفسه أول بظالمان اثر ظلم ميرسد ... پيش از هدف هميشه كمان تار ميكند والجهل خلو النفس من العلم وهو على قسمين ضعيف وهو الجهل البسيط وقوى وهو الجهل المركب الذي لا يدرى صاحبه انه لا يدرى فيكون محروما من التعلم ولذا كان قويا قال فى الإرشاد وقوله انه إلخ اعتراض وسط بين الحمل وغايته للايذان من أول الأمر بعدم وفائه بما عهده وتحمله اى انه كان مفرطا فى الظلم مبالغا فى الجهل اى بحسب غالب افراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة او عهودهم يوم الأرواح دون من عداهم من الذين لم يبدلوا فطرة الله وجروا على ما اعترفوا بقولهم بلى وقال بعضهم الإنسان ظلوم وجهول اى من شأنه الظلم والجهل كما يقال الماء طهور اى من شأنه الطهارة واعلم ان الظلومية والجهولية صفتا ذم عند اهل الظاهر لانهما فى حق الخائنين فى الامانة فمن وضع الغدر والخيانة موضع الوفاء والأداء فقد ظلم وجهل قال فى كشف الاسرار [عادت خلق آنست كه چون أمانتي عزيز بنزديك كسى نهند مهرى بر وى نهند وآن روز كه باز خواهند مهر را مطالعت كنند اگر مهر بر جاى بود او را ثناها كويند أمانتي بنزديك تو نهادند از عهد ربوبيت (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ومهرى كه بر وى نهادند چون عمر بآخر رسد وترا بمنزل خاك برند آن فرشته درآيد وكويد «من ربك» آن مطالعت كه ميكند تا مهر روز أول بر جاى هست يا نه] قال الحافظ از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود وقال اهل الحقيقة هما صفتا مدح اى فى حق مؤدى الامانة فان الإنسان ظلم نفسه بحمل الامانة لانه وضع شيأ فى غير موضعه فافنى نفسه وأزال حجبها الوجودية وهى المعروفة بالانانية

وجهل ربه فانه فى أول الأمر يخب هذه البهيمية التي تأكل وتشرب وتنكح وتحمل الذكورية والأنوثية اللتين اشترك فيهما جميع الحيوانات وما يدرى ان هذه الصورة الحيوانية قشر وله لب هو محبوب الحق الذي قال (يُحِبُّهُمْ) وهو محب الحق الذي قال (يُحِبُّونَهُ) فاذا عبر عن قشر جسمانية الظلمانية ووصل الى لب روحانية النورانية ثم علم ان هذا اللب النورانى ايضا قشر فان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان لله سبعين الف حجاب من نور وظلمة) فعبر عن القشر الروحاني ايضا ووصل الى لبه الذي هو محبوب الحق ومحبه فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه بتوحيد لا شرك فيه وجهل ما سوى الله تعالى بالكلية وايضا ان الجهول هو العالم لان نهاية العلم هو الاعتراف بالجهل فى باب المعرفة والعجز عن درك الإدراك ادراك قال المولى الجامى قدس سره غير انسان كسش نكرد قبول ... زانكه انسان ظلوم بود وجهول ظلم او آنكه هستىء خود را ... ساخت فانى بقاى سرمد را جهل او آنكه هر چهـ جز حق بود ... صورت آن ز لوح دل نزدود نيك ظلمى كه عين معدلتست ... نغز جهلى كه مغز معرفتست اى نكرده دل از علائق صاف ... مزن از دانش خلائق لاف زانكه در عالم خدا دانى ... جهل علمست علم نادانى فلو لم يكن للانسان قوة هذه الظلومية والجهولية لما حمل الامانة وبهذا الاعتبار صح تعليل الحمل بهما وقال بعض اهل التفسير وتبعهم صاحب القاموس ان الوصف بالظلومية والجهولية انما يليق بمن خان فى الامانة وقصر عن حقها لا بمن يتحملها ويقبلها فمعنى حملها الإنسان اى خانها والإنسان الكافر والمنافق من قولك فلان حامل للامانة ومحتمل لها بمعنى انه لا يؤديها الى صاحبها حتى تزول عن ذمته ويخرج من عهدتها بجعل الامانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها كما يقال ركبته الديون فما يحمل إذا كناية عن الخيانة والتضيع والمعنى انا عرضنا الطاعة على هذه الاجرام العظام فانقادت لامر الله انقيادا يصح من الجمادات واطاعت له إطاعة تليق بها حيث لم تمتنع عن مشيئته وإرادته إيجادا وتكوينا وتسوية على هيآت مختلفة وإشكال متنوعة كما قال (أَتَيْنا طائِعِينَ) والإنسان مع حياته وكمال عقله وصلاحه للتكليف لم يكن حاله فيما يصح منه ويليق به من الانقياد لاوامر الله ونواهيه مثل حال تلك الجمادات بل مال الى ان يكون محتملا لتلك الامانة مؤديا إياها ومن ثم وصف بالظلم حيث ترك أداء الامانة وبالجهل حيث اخطأ طريق السعادة ففى هذا التمثيل تشبيه انقياد تلك الاجرام لمشيئة الله إيجادا وتكوينا بحال مأمور مطيع لا يتوقف عن الامتثال فالحمل فى هذا مجاز وفى التمثيل السابق على حقيقته وليس فى هذا المعنى حذف المعطوف مع حرف العطف بخلافه فى محل الحمل على التحمل فان المراد حينئذ وحملها الإنسان ثم غدر بالحمل حتى يصح التعليل بقوله انه كان إلخ فاعرف هذا المقام والقول ما قالت حذام قال فى الاسئلة المقحمة كيف عرض الامانة عليه مع علمه بحاله من كونه ظلوما جهولا والجواب هذا سؤال طويل

[سورة الأحزاب (33) : آية 73]

الذيل فانه تعالى قد بعث الرسل مبشرين ومنذرين الى جميع الخلق ليدعوهم الى الايمان مع علمه السابق بان يؤمن بعضهم ويكفر بعضهم والخطاب عم الكل مع علمه باختلاف أحوالهم فى الايمان والكفر فهذا من قبيله وسبيله فانه مالك الأعيان والآثار على الإطلاق وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ظلوما بحق الامانة جهولا بما يفعل من الخيانة يعنى لم تكن الخيانة عن عمد وقصد بل كانت عن جهل وسهو كما قال (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) والسهو والنسيان مغفور والجهل فى بعض المواضع معذور الهنا اصنع بنا ما أنت اهله ولا تصنع بنا ما نحن اهله: قال الشيخ سعدى قدس سره بر در كعبه سائلى ديدم ... كه همى كفت ميكرستى خوش من نكويم كه طاعتم بپذير ... قلم عفو بر كناهم كش لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ الذين ضيعوا الامانة بعد ما قبلوها وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الذين خانوا فى الامانة بعدم قبولها رأسا قال فى الإرشاد اشارة الى الفريق الاول اى حملها الإنسان ليعذب الله بعض افراده الذين لم يراعوها ولم يقابلوها بالطاعة على ان اللام للعاقبة فان التعذيب وان لم يكن غرضا له من الحمل لكن لما ترتب عليه بالنسبة الى بعض افراده ترتب الأغراض على الافعال المعللة بها ابرز فى معرض الغرض اى كان عاقبة حمل الإنسان لها ان يعذب الله هؤلاء من افراده لخيانتهم الامانة وخروجهم عن الطاعة بالكلية قال فى بحر العلوم ويجوز ان تكون اللام علة لعرضنا اى عرضنا ليظهر نفاق المنافقين واشراك المشركين فيعذبهما الله وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الذين حفظوا الامانة وراعوا حقها قال فى الإرشاد اشارة الى الفريق الثاني اى كان عاقبة حمله لها ان يتوب الله على هؤلاء من افراده اى يقبل توبتهم لعدم خلعهم ربقة الطاعة عن رقابهم بالمرة وتلافيهم لما فرط منهم من فرطات قلما يخلو عنها الإنسان بحكم جبليته وتداركهم لها بالتوبة والانابة والالتفات الى الاسم الجليل اولا لتهويل الخطب وتربية المهابة والإظهار فى موضع الإضمار ثانيا لابراز مزيد الاعتناء بامر المؤمنين توفية لكل من مقامى الوعيد والوعد حقه وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا فى المغفرة والرحمة حيث تاب عليهم وغفر لهم فرطاتهم وأثاب بالفوز على طاعاتهم وفى التأويلات النجمية هذه اللام لام الصيرورة والعاقبة يشير الى ان الحكمة فى عرض الامانة ان يكون الخليقة فى أمرها على ثلاث طبقات. طبقة منها تكون الملائكة وغيرهم ممن لم يحملها فلا يكون لهم فى ذلك ثواب ولا عقاب. وطبقة منها من يحملها ولم يؤد حقها وقد خان فيها وهم المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات الذين حملوها بالظلومية على أنفسهم وضيعوها بجهولية قدرها فما رعوها حق رعايتها فحاصل أمرهم العذاب المؤبد. وطبقة منها من يحملها ويؤدى حقها ولم يخن فيها ولكن لثقل الحمل وضعف الانسانية يتلعثم فى بعض الأوقات فيرجع الى الحضرة بالتضرع والابتهال معترفا بالذنوب وهم المؤمنون والمؤمنات فيتوب الله عليهم لقوله (وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) والحكمة فى ذلك ليكون كل طبقة من الطبقات الثلاث مرآة يظهر فيها جمال

صفة من صفاته. فالطبقة الاولى إذا لم يحملوا الامانة وتركوا نفعها لضرها فهم مرآة جمال صفة عدله. والطبقة الثانية إذ حملوها طمعا فى نفعها ولم يؤدوا حقها وقد خانوا فيها بان باعوها بعوض من الدنيا الفانية فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فهم مرآة يظهر فيها جمال صفة قهره. والطبقة الثالثة إذ حملوها بالطوع والرغبة والشوق والمحبة وأدوا حقها بقدر وسعهم ولكن كما قيل لكل جواد كبوة وقع فى بعض الأوقات قدم صدقهم عند ربهم فى حجر بلاء وابتلاء بغير اختيارهم ثم اجتباهم ربهم فتاب عليهم وهداهم بجذبات العناية الى الحضرة فهم مرآة يظهر فيها جمال فضله ولطفه وذلك قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً للمؤمنين بفضله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء انتهى قال بعض العارفين الحكمة الالهية اقتضت ظهور المخالفة من الإنسان ليظهر منه الرحمة والغفران: قال الحافظ سهو وخطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنىء عفو ورحمت آمرزگار چيست وفى الحديث القدسي (لو لم تذنبوا لذهبت بكم وخلقت خلقا يذنبون ويستغفرون فاغفر لهم) وفى الحديث النبوي (لو لم تذنبوا لخشيت عليكم أشد من الذنب ألا وهو العجب) ولهذه الحكمة خلق الله آدم بيديه اى بصفاته الجلالية والجمالية فظهر من صفة الجلال قابيل والمخالفة ومن صفة الجمال هابيل والموافقة وهكذا يظهر الى يوم قيام الساعة وليس الحديثان المذكوران واردين على سبيل الحث على الذنب فان قضية البعثة إصلاح العالم وهو لا يوجد الا بترك الكفر والشرك والمعاصي ولكن على سبيل الحث على التوبة والاستغفار ابراهيم أدهم قدس سره [كفت فرصت مى جستم تا كعبه را خالى يابم از طواف وحاجتى خواهم هيج فرصتى نيافتم تا شبى باران عظيم بود كعبه خالى ماند طواف كردم ودست در حلقه زدم وعصمت خواستم ندا آمد كه چيزى مى خواهى كه كسى را نداده ام اگر من عصمت دهم آنگاه درياى غفارى وغفورى ورحمانى ورحيمىء من كجا شود پس كفتم «اللهم اغفر لى ذنوبى» آوازى شنودم كه از همه جهان با ما سخن كوى واز خود مكوى كه سخن تو ديكران كويند ودر مناجات كفت يا رب العزة مرا از ذل معصيت با عز طاعت آور وديكر كفت الهى آه «من عرفك لم يعرفك فكيف حال من لم يعرفك» آه آنكه ترا مى داند ترا نمى داند پس چكونه باشد حال كسى كه ترا نميداند ابراهيم كفت پانزده سال مشقت كشيدم تا ندايى شنودم كه] كن عبدا فاسترح يعنى ليست الراحة الا فى العبودية للمولى والاعراض عن الهوى من الأدنى والأعلى فلا راحة لعبد الدنيا ومادون المولى لا فى الاولى ولا فى العقبى فاذا وقع تقصير او سهو او نسيان فالله تعالى يحكم اسميه الغفور الرحيم بمحوه ويعرض عنه ولا يثبته فى صحيفة ولا يناقش عليه ولا يعذب به بل من العصاة من يبدل الله سيآتهم حسنات هذا قال أبيّ بن كعب رحمه الله كانت سورة الأحزاب تقارب سورة البقرة او أطول منها وكان فيها آية الرجم وهى «إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله العزيز الحكيم» ثم رفع أكثرها من الصدور ونسخ وبقي ما بقي وفى الحديث (من قرأ سورة الأحزاب وعلمها اهله وما ملكت يمينه اعطى الامان من عذاب القبر)

تفسير سورة سبأ

اللهم اختم لنا بالخير واعصمنا من كل سوء وضير وآمنا من البلايا وفتنة القبر ومحاسبة الحشر تمت سورة الأحزاب بعون الله الوهاب يوم الأحد الثامن عشر من شهر الله المحرم سنة عشر ومائة والف تفسير سورة سبأ اربع وخمسون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركة لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال الَّذِي لَهُ خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالإيجاد والاعدام والاحياء والاماتة ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجي لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والأرض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) وهذا القول اى الحمد لله إلخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوي به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) وقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) اى لما جزاؤه هذا من الايمان والعمل الصالح يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع أحدها حين نودى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله من قومه والثاني حين جاوزوا الصراط قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) والرابع لما دخلوا الجنة واستقبلتهم الملائكة بالتحية قالوا (الحمد لله الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثاني على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر (انهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس) [وكفته اند مجموع اهل آخرت مرو را حمد كويند دوستان او را بفضل ستايند ودشمنان بعدل] يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام يقتضى ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل إذ لا اعتبار بحال اهل

[سورة سبإ (34) : آية 2]

العدل كما لا يخفى وَهُوَ الْحَكِيمُ الذي احكم امور الدين والدنيا ودبرها حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة الْخَبِيرُ بليغ الخبرة والعلم ببواطن الأشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا فقال يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ الولوج الدخول فى مضيق اى يعلم ما يدخل فيها من البزور والغيث ينفذ فى موضع وينبع من آخر والكنوز والدفائن والأموات والحشرات والهوام ونحوها وايضا يعلم ما يدخل فى ارض البشرية بواسطة الحواس الخمس والاغذية الصالحة والفاسدة من الحلال والحرام وَما يَخْرُجُ مِنْها كالحيوان من جحره والزرع والنبات وماء العيون والمعادن والأموات عند الحشر ونحوها وايضا ما يخرج من ارض البشرية من الصفات المتولدة منها والأعمال الحسنة والقبيحة وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالملائكة والكتب والمقادير والأرزاق والبركات والأمطار والثلوج والبرد والانداء والشهب والصواعق ونحوها وايضا ما ينزل من سماء القلب من الفيوض الروحانية والإلهامات الربانية وَما يَعْرُجُ يصعد فِيها كالملائكة والأرواح الطاهرة والابخرة والادخنة والدعوات واعمال العباد ولم يقل «إليها» لان قوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يشير الى ان الله تعالى هو المنتهى لا السماء ففى ذكر «فى» اعلام بنفوذ الأعمال فيها وصعودها منها. وايضا وما يعرج فى سماء القلب من آثار الفجور والتقوى وظلمة الضلالة ونور الهدى وقال بعضهم [آنچهـ بالا ميرود ناله تائبانست وآه مفلسان كه چون سحركاه از خلوتخانه سينه ايشان روى بدرگاه رحمت پناه آرد فى الحال رقم قبول بر وى افتد كه (انين المذنبين أحب الىّ من زجل المسبحين) غلغل تسبيح شيخ ار چند مقبولست ليك آه درد آلود رندانرا قبول ديكرست بداود عليه السلام وحي آمد كه اى داود آن ذلت كه از تو صادر شد بر تو مبارك بود داود كفت بار خدا ذلت چكونه مبارك باشد كفت اى داود پيش از ان ذلت هر بار كه بدرگاه ما آمدى ملك وار مى آمدى با كرشمه وناز طاعت واكنون مى آيى بنده وار مى آيى با سوز ونياز مفلسى] وَهُوَ الرَّحِيمُ للحامدين ولمن تولاه الْغَفُورُ للمقصرين ولذنوب اهل ولايته فاذا كان الله متصفا بالخلق والملك والتصرف والحكمة والعلم والرحمة والمغفرة ونحوها من الصفات الجليلة فله الحمد المطلق والحمد هو الثناء على الجميل الاختياري من جهة التعظيم من نعمة وغيرها كالعلم والكرم واما قولهم الحمد لله على دين الإسلام فمعناه على تعليم الدين وتوفيقه والحمد القولى هو حمد اللسان وثناؤه على الحق بما اثنى به بنفسه على لسان أنبيائه والحمد الفعلى هو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاء لوجه الله والحمد الحالي هو الاتصاف بالمعارف والأخلاق الالهية والحمد عند المحنة الرضى عن الله فيما حكم به وعند النعم الشكر فيقال فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة دون الشكر لله خوفا من زيادة المحنة لان الله تعالى قال (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) والحمد على النعمة كالروح للجسد فلا بد من إحيائها وابلغ الكلمات فى تعظيم صنع الله وقضاء شكر نعمته الحمد لله ولذا جعلت زينة لكل خطبة وابتداء لكل مدحة وفاتحة

[سورة سبإ (34) : آية 3]

لكل ثناء وفضيلة لكل سورة ابتدئت بها على غيرها وفى الحديث (كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم) اى اقطع فله الحمد قبل كل كلام بصفات الجلال والإكرام حمد او تاج تارك سخنست ... صدر هر نامه نو وكهنست قال فى فتوح الحرمين احسن ما اهتم به ذو الهمم ... ذكر جميل لولى النعم چون نعم اوست برون از خيال ... كيف يؤديه لسان المقال نعمت او بيشتر از شكر ماست ... شكر هم از نعمتهاى خداست وعن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه صلى الله عليه وسلم من الركوع قال (سمع الله لمن حمده) فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال (من المتكلم آنفا) قال الرجل انا قال (لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها اولا) وانما ابتدرها هذا العدد لان ذلك عدد حروف هذه الكلمات فلكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح تبقى الصور وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ترتفع حيث منتهى همة العامل وللملائكة مراتب منها مخلوقة من الأنوار القدسية والأرواح الكلية ومنها من الأعمال الصالحة والاذكار الخالصة بعضها على عدد بعض كلمات الاذكار وبعضها على عدد حروف الاذكار وبعضها على عدد الحروف المكررة وبعضها على عدد اركان الأعمال على قدر استعداد الذاكرين وقوتهم الروحية وهمتهم العلية. وفى الحديث المذكور دليل على ان من الأعمال ما يكتبه غير الحفظة مع الحفظة ويختصم الملأ الأعلى فى الأعمال الصالحة ويستبقون الى كتابة اعمال بنى آدم على قدر مراتبهم وتفصيل سر الحديث فى شرح الأربعين لحضرة الشيخ الاجل صدر الدين القنوى قدس سره وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ [نمى آيد بما قيامت] وعبر عن القيامة بالساعة تشبيها لها بالساعة التي هى جزء من اجزاء الزمان لسرعة حسابها قال فى الإرشاد أرادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا أنفسهم او معاصرهم فقط كما أرادوا بنفي إتيانها نفى وجودها بالكلية لا عدم حضورها مع تحققها فى نفس الأمر وانما عبروا عنه بذلك لانهم كانوا يوعدون بإتيانها ولان وجود الأمور الزمانية المستقبلة لا سيما اجزاء الزمان لا تكون الا بالإتيان والحضور وفى كشف الاسرار [منكران بعث دو كروه اند كروهى كفتند (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) يعنى ما در كمانيم برستاخيز يقين نميدانيم كه خواهد بود ورب العالمين ميكويد ايمان بنده وقتى درست شود كه برستاخيز وآخرت بيكمان باشد: وذلك قوله (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) كروهى ديكر كفتند (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) رستاخيز بما نيايد ونخواهد بود] قُلْ بَلى رد لكلامهم واثبات لما نفوه من إتيان الساعة على معنى ليس الأمر الا إتيانها [در لباب كفته كه ابو سفيان بلات وعزى سوكند خورد كه بعث ونشور نيست حق تعالى فرمود كه اى حبيب من تو هم سوكند خور كه] وَرَبِّي الواو للقسم: يعنى [بحق آفريدگار من بزودى] لَتَأْتِيَنَّكُمْ

[سورة سبإ (34) : الآيات 4 إلى 5]

الساعة البتة: يعنى [بيايد بشما قيامت] وهو تأكيد لما قبله عالِمِ الْغَيْبِ نعت لربى او بدل منه وهو تشديد للتأكيد يريد ان الساعة من الغيوب والله عالم بكلها والغيب ما غاب عن الخلق على ما قال بعضهم العلقة غيب فى النطفة والمضغة غيب فى العلقة والإنسان غيب فى هذا كله والماء غيب فى الهواء والنبات غيب فى الماء والحيوان غيب فى النبات والإنسان غيب فى هذا كله والله تعالى قد أظهره من هذه الغيوب وسيظهره بعد ما كان غيبا فى التراب وفائدة الأمر باليمين ان لا يبقى للمعاندين عذر أصلا لما انهم كانوا يعرفون أمانته ونزاهته عن وصمة الكذب فضلا عن اليمين الفاجرة وانما لم يصدقوه مكابرة وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الكاذبة المكذبة فمن وكله الله بالخذلان الى طبيعة نفسه لا يصدر منه الا الإنكار ومن نظره الله الى قلبه بنظر العناية فلا يظهر منه عند سماع قوله (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ) الا الإقرار والنطق بالحق لا يَعْزُبُ عَنْهُ [العزوب: در شدن] والعازب المتباعد فى طلب الكلأ وعن اهله اى لا يبعد عن علمه ولا يغيب مِثْقالُ ذَرَّةٍ المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج كما فى المفردات. والذرة النملة الصغيرة الحميراء وما يرى فى شعاع الشمس من ذرات الهواء اى وزن أصغر نملة او مقدار الهباء فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ اى كائنة فيهما وفيه اشارة الى علمه بالأرواح والأجسام وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ المثقال وَلا أَكْبَرُ منه ورفعهما على الابتداء فلا وقف عند اكبر والخبر قوله تعالى إِلَّا مسطور ومثبت فِي كِتابٍ مُبِينٍ هو اللوح المحفوظ المظهر لكل شىء وانما كتب جريا على عادة المخاطبين لا مخافة نسيان وليعلم انه لم يقع خلل وان اتى عليه الدهر والجملة مؤكدة لنفى العزوب لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ علة لقوله (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) وبيان لما يقتضى إتيانها فاللام للعلة عقلا وللمصلحة والحكمة شرعا أُولئِكَ الموصوفون بالايمان والعمل لَهُمْ بسبب ذلك مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لما صدر عنهم مما لا يخلو عنه البشر وَرِزْقٌ كَرِيمٌ لا تعب فيه ولا منّ عليه وَالَّذِينَ سَعَوْا [بشتافتند] فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ومنع الناس عن التصديق بها مُعاجِزِينَ اى مسابقين كى يفوتونا قال فى البحر ظانين فى زعمهم وتقديرهم انهم يفوتوننا وان كيدهم للاسلام يتم لهم وفى المفردات السعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان او شرا وأعجزت فلانا وعاجزته جعلته عاجزا اى ظانين ومقدرين انهم يعجزوننا لانهم حسبوا ان لا بعث ولا نشور فيكون لهم ثواب وعقاب وهذا فى المعنى كقوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا) وقال فى موضع اخر اى اجتهدوا فى ان يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات: وبالفارسية [وميكوشند در انكه ما را عاجز آرند و پيش شوند] أُولئِكَ الساعون لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ من للبيان والرجز سوء العذاب اى من جنس سوء العذاب أَلِيمٌ بالرفع صفة عذاب اى شديد الإيلام ويجيىء الرجز بمعنى القذر والشرك والأوثان كما فى قوله وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ سماها رجزا لانها تؤدى الى العذاب وكذا سمى كيد الشيطان رجزا فى قوله تعالى (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ)

[سورة سبإ (34) : الآيات 6 إلى 10]

لانه سبب العذاب وفى المفردات اصل الرجز الاضطراب وهو فى الآية كالزلزلة وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مستأنف مسوق للاستشهاد باولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات اى يعلم أولوا العلم من اصحاب رسول الله ومن شايعهم من علماء الامة او من آمن من علماء اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونحوهما والاول اظهر لان السورة مكية كما فى التكملة الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى النبوة والقرآن والحكمة والجملة مفعول أول لقوله يرى هُوَ ضمير فصل يفيد التوكيد كقوله تعالى (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) الْحَقَّ بالنصب على انه مفعول ثان ليرى وَيَهْدِي عطف على الحق عطف الفعل على الاسم لانه فى تأويله كما فى قوله تعالى (صَافَّاتٍ) اى وقابضات كأنه قيل ويرى الذين أوتوا العلم الذي انزل إليك الحق وهاديا إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الذي هو التوحيد والتوشح بلباس التقوى وهذا يفيد رهبة لان العزيز يكون ذا انتقام من المكذب ورغبة لان الحميد يشكر على المصدق وفيه ان دين الإسلام وتوحيد الملك العلام هو الذي يتوصل به الى عزة الدارين والى القربة والوصلة والرؤية فى مقام العين كما ان الكفر والتكذيب يتوصل به الى المذمة والمذلة فى الدنيا والآخرة والى البعد والطرد والحجاب عما تعاينه القلوب الحاضرة والوجوه الناظرة قال بعض الكبار يشير بالآية الى الفلاسفة الذين يقولون ان محمدا صلى الله عليه وسلم كان حكيما من حكماء العرب وبالحكمة اخرج هذا الناموس الأكبر يعنون النبوة والشريعة ويزعمون ان القرآن كلامه انشأه من تلقاء نفسه يسعون فى هذا المعنى مجاهدين جهدا تاما فى ابطال الحق واثبات الباطل فلهم أسوأ الطرد والابعاد لان القدح فى النبوة ليس كالقدح فى سائر الأمور. واما الذين أوتوا العلم من عند الله موهبة منه لا من عند الناس بالتكرار والبحث فيعلمون ان النبوة والقرآن والحكمة هو الحق من ربهم وانما يرون هذه الحقيقة لانهم ينظرون بنور العلم الذي أوتوه من الحق تعالى فان الحق لا يرى الا بالحق كما ان النور لا يرى الا بالنور ولما كان يرى الحق بالحق كان الحق هاديا لاهل الحق وطالبيه الى طريق الحق وذلك قوله (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) فهو العزيز لانه لا يوجد الا به وبهدايته والحميد لانه لا يرد الطالب بغير وجدان كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ: قال المولى الجامى هر چهـ جز حق ز لوح دل بتراش ... بگذر از خلق جمله حق را باش رخت همت بخطه جان كش ... بر رخ غير خط نسيان كش بكسلى خويش از هوا وهوس ... روى دل در خداى دارى پس وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا منكرى البعث وهم كفار قريش قالوا بطريق الاستهزاء مخاطبا بعضهم لبعض هَلْ نَدُلُّكُمْ [يا دلالت كنيم ونشان دهيم شما را] عَلى رَجُلٍ يعنون به النبي صلى الله عليه وسلم وانما قصدوا بالتنكير الهزؤ والسخرية يُنَبِّئُكُمْ اى يحدثكم ويخبركم بأعجب الأعاجيب ويقول لكم إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ الممزق مصدر بمعنى التمزيق وهو بالفارسية [پراكنده كردن] واصل التمزيق التفريق يقال مزق ثيابه

[سورة سبإ (34) : آية 8]

اى فرقها والمعنى إذا متم وفرقت أجسادكم كل تفريق بحيث صرتم رفاتا وترابا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى مستقرون فيه: وبالفارسية [در آفرينش تو خواهيد بود يعنى زنده خواهيد كشت] وجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين من جدّ فهو جديد كقل فهو قليل وبمعنى المفعول عند الكوفيين من جدّ النساج الثوب إذا قطعه قال فى المفردات يقال جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه والخلق الجديد اشارة الى النشأة الثانية والجديدان الليل والنهار والعامل فى إذا محذوف دل عليه ما بعده اى تنشأون خلقا جديدا ولا يعمل فيها مزقتم لاضافتها اليه ولا ينبئكم لان التنبئة لم تقع وقت التمزيق بل تقدمت ولا جديد لان ما بعد انّ لا يعمل فيما قبلها أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [دروغ بافتن] اى اختلق محمد على الله كذبا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [يا بدو جنونى هست] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء والكذب لا عن عمد وهو المعنىّ بالجنون فيكون معنى أم به جنة أم لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الأخص لا الكذب الأعم ثم أجاب الله عن ترديدهم فقال بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شىء كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون فِي الْعَذابِ فى الآخرة وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة إذ هو فى الأصل وصف الضال لانه الذي يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان أضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترءوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقي لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون أي جنون واختلال عقل أي اختلال إذ لو كان فهمهم وادراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترءوا على سوء المقال قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الأصلي بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الإنسان القاسي قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الأصلي لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة أخرجت من صلب آدم كيف جمع الله

[سورة سبإ (34) : آية 9]

ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع الله اجزاءه المتفرقة للبعث بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست دكر ره بكتم عدم در برد ... وزانجا بصحراى محشر برد دهد روح كر تربت آدمي ... شود تربت آدم در ان يكدمى كسى كو بخواهد نظير نشور ... بگو در نكر سبزه را در ظهور كه بعد خزان بشكفد چند كل ... بجوشد زمين در بهاران چومل أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ الفاء للعطف على مقدر اى افعلوا ما فعلوا من المنكر المستتبع للعقوبة فلم ينظروا الى ما أحاط بهم من جميع جوانبهم بحيث لا مفرّ لهم وهو السماء والأرض فانهما امامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم حيثما كانوا وساروا: وبالفارسية [آيا نمى نكرند كافران بسوى آنچهـ در پيش ايشانست از آسمان وزمين] ثم بين المحذور المتوقع من جهتهما فقال إِنْ نَشَأْ جريا على موجب جناياتهم نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسفناها بقارون وخسف به الأرض غاب به فيها فالباء للتعدية: وبالفارسية [فرو بريم ايشانرا بزمين] أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ كما أسقطناها على اصحاب الايكة لاستيجابهم ذلك بما ارتكبوه من الجرائم والكسف كقطع لفظا ومعنى جمع كسفة قال فى المفردات ومعنى الكسفة قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الأجسام المتخلخلة ومعنى إسقاط الكسف من السماء إسقاط قطع من النار كما وقع لاصحاب الايكة وهم قوم شعيب كانوا اصحاب غياض ورياض وأشجار ملتفة حيث أرسل الله عليهم حرا شديدا فرأوا سحابة فجاؤا ليستظلوا تحتها فامطرت عليهم النار فاحترقوا إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من السماء والأرض من حيث احاطتهما بالناظر من جميع الجوانب او فيما تلى من الوحى الناطق بما ذكر لَآيَةً لدلالة واضحة لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ شأنه الانابة والرجوع الى ربه فانه إذا تأمل فيهما اوفى الوحى المذكور ينزجر عن تعاطى القبيح وينيب اليه تعالى قال فى المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفى الآية حث بليغ على التوبة والانابة وزجر عن الجرم والجناية وان العبد الخائف لا يأمن من قهر الله طرفة عين فان الله قادر على كل شىء يوصل اللطف والقهر من كل ذرة من ذرات العالم قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وقال ابو سعيد القرشي المنيب الراجع عن كل شىء يشغله عن الله الى الله وقال بعضهم الانابة الرجوع منه اليه لا من شىء غيره فمن رجع من غيره اليه ضيع أحد طرفى الانابة والمنيب على الحقيقة من لم يكن له مرجع سواه ويرجع اليه من رجوعه ثم يرجع من رجوع رجوعه فيبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدى الحق مستغرقا فى عين الجمع سرى سقطى قدس سره [كويد معروف كرخى را روح الله روحه بخواب ديدم در زير عرش خداى واله ومدهوش واز حق ندايى رسيد بملائكة اين مرد كيست كفتند خداوندا تو داناترى كفت معروف از دوستىء ما واله كشته است جز بديدار

[سورة سبإ (34) : آية 10]

ما بهوش نيايد وجز بلقاى ما از خود خبر نيابد] فهذه هى حقيقة الرجوع ومن هذا القبيل ما حكى عن ابراهيم بن أدهم قدس سره انه حج الى بيت الله الحرام فبينما هو فى الطواف إذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض أصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذي يخالطه البكاء فقال ابراهيم يا أخي انى عقدت مع الله عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى منى واسلم عليه لانه ولدي وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارّا الى الله تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من الله ان أعود الى شىء خرجت منه هجرت الخلق كلا فى هواكا ... وأيتمت العيال لكى اراكا فلو قطعتنى فى الحب اربا ... لما سكن الفؤاد الى سواكا قال بعضهم هجر النفس مواصلة الحق ومواصلة النفس هجر الحق ومن الله الإيصال الى مقام الوصال وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا اعطى الله تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بألطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الألقاب والأسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الأنبياء مطلقا سواء كانوا أنبياء بنى إسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير وإلانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى أعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبينا صلى الله عليه وسلم انه ذكر فضله فى حق داود على صفة النكرة وهى تدل على نوع من الفضل وشىء منه وهو الفيض الإلهي بلا واسطة كما دل عليه كلمة منا وقال فى حق نبينا صلى الله عليه وسلم (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل الله لما أضاف الفضل الى الله اشتمل على جميع الفضل كما لو قال أحد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير. ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامته الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الأنبياء فالمعنى إذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ بدل من آتينا بإضمار قلنا او من فضلا بإضمار قولنا والتأويب على معنيين. أحدهما الترجيع وهو بالفارسية [نغمه كردانيدن] لانه من الأوب وهو الرجوع. والثاني السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة قال فى كشف الاسرار اوّبى سبحى معه إذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى: وبالفارسية [باز كردانيدن آواز خود را با داود در وقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد با وى] وذلك بان يخلق الله تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى

معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع فان قلت قد ثبت ايضا عندهم ان اذكار العوالم متنوعة فمتى سمع السالك من الأشياء الذكر الذي هو مشغول به فكشفه خيالى غير صحيح يعنى انه خيال أقيم له فى الموجودات وليس له حقيقة وانما الكشف الصحيح الحقيقي هو ان يسمع من كل شىء ذكرا غير ذكر الآخر قلت لا يلزم من موافقة الجبال لداود ان لا يكون لها تسبيح آخر فى نفسها مسموع لداود كما هى فيه والمعنى على الثاني سيرى معه حيث سار: يعنى [سير كنيد با او هر جا كه رود وهركاه كه خواهد واين معجزه داود بود كه با او روان شدى] ولعل تخصيص الجبال بالتسبيح او السير لانها على صور الرجال كما دل عليه ثباتها وَالطَّيْرَ بالنصب عطفا على فضلا يعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها إياه عليه السلام لتسخيرها له فلا حاجة الى إضماره ولا الى تقدير المضاف اى تسبيح الطير كما فى الإرشاد: وبالفارسية [ومسخر كرديم ويرا مرغان تا در وقت ذكر با او موافق بودندى] نزل الجبال والطير منزلة العقلاء حيث نوديت نداءهم إذ ما من حيوان وجماد الا وهو منقاد لمشيئته ومطيع لامره فانظر إذ من طبع الصخور الجمود ومن طبع الطيور النفور ومع هذا قد وافقته عليه السلام فاشد منها القاسية قلوبهم الذين لا يوافقون ذكرا ولا يطاوعون تسبيحا وينفرون من مجالس اهل الحق نفور الوحوش بل يهجمون عليها باقدام الإنكار كأنهم الأعداء من الجيوش قال المولى الجامى فى شرح الفصوص وانما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى أعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور أعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه يعنى لما كان تسبيحها ينشأ من تسبيحه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك انتهى والحاصل ان الذكر من اللسان يعبر الى ان يصل الى الروح ثم ينعكس النور من الروح الى جبال النفس وطير القلب ثم بالمداومة ينعكس من النفس الى البدن فيستوعب جميع اجزاء البدن ظاهرها وباطنها ثم ينعكس من اجزائه العنصرية الى العناصر الاربعة مفردها ومركبها وينعكس من النفس الى النفوس اعنى النفس النامية والنفس الحيوانية والنفس السماوية والنفس النجومية وينعكس من الروح الإنساني الى عالم الأرواح الى ان يستوعب جميع العالم ملكه وملكوته وإليهما الاشارة بالجبال والطير فيذكر العالم بما فيه موافقة للذاكر ثم يعبر الذكر عن المخلوقات ويصعد الى رب العالمين كما قال (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) فيذكره الله تعالى فيكون ذاكرا ومذكورا متصفا بصفة الرب وبخلقه ويكون الفضل فى حقه كونه مذكورا للحق ثم ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان لداود عليه السلام حسن صوت جدا زائد على غيره كما انه كان ليوسف عليه السلام حسن زائد على حسن غيره [هر كاه كه

[سورة سبإ (34) : الآيات 11 إلى 15]

داود بزبور خواندن مشغول شدى سباع ووحوش از منازل خود بيرون آمده استماع آواز دلنوازش كردندى وطيور از نغمات جانفزايش مضطرب كشته خود از منزل بر زمين افكندندى ز صوت دلكشش جان تازه كشتى ... روانرا ذوق بى اندازه كشتى سپهر چنك پشت ارغنون ساز ... از ان پر حالت نشنوده آواز وكفتند چون داود تسبيح كفتى كوهها بصدا ويرا مدد دادندى ومرغان برز بر سر وى كشيده بألحان دلاويز امداد نمودندى وهر كس كه آواز وى شنيدى از لذت آن نغمه بيخود كشتى واز ان وجد وسماع بودى كه در يك مجلس چهار صد جنازه بركرفتندى] چوكردد مطرب من نغمه پرداز ... ز شوقش مرغ روح آيد بپرواز قال القرطبي حسن الصوت هبة الله تعالى وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بتزيين الصوت وبالترجيع ما لم يكن لحنا مفسدا مغيرا للمبنى مخرجا للنظم عن صحة المعنى لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب [شبى داود عليه السلام با خود كفت «لا عبدّن الله تعالى عبادة لم يعبده أحد بمثلها» اين بكفت وبر كوه شد تا عبادت كند وتسبيح كويد در ميانه شب وحشتي بوى درآمد ورب العالمين آن ساعت كوه را فرمود تا انس دل داود را با وى تسبيح وتهليل مساعدت كند چندان آواز تسبيح وتهليل از كوه پديد آمد كه آواز داود در جنب آن ناچيز كشت با خود كفت] كيف يسمع صوتى مع هذه الأصوات فنزل ملك وأخذ بعضد داود وأوصله الى البحر فوضع قدمه عليه فانفلق حتى وصل الى الأرض تحته فوضع قدمه عليها حتى انشقت فوصل الى الحوت تحت الأرض ثم الى الصخرة تحت الحوت فوضع قدمه على الصخرة فظهرت دودة وكانت تنشر فقال له الملك يا داود ان ربك يسمع نشير هذه الدودة فى هذا الموضع من وراء السبع الطباق فكيف لا يسمع صوتك من بين أصوات الصخور والجبال فتنبه داود لذلك ورجع الى مقامه همه آوازها در پيش حق باز ... اگر پيدا اگر پوشيده آواز كسى كو بشنود آواز از حق ... شود در نفس خود خاموش مطلق اللهم أسمعنا كلامك وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ اللين ضد الخشونة يستعمل فى الأجسام ثم يستعار للمعانى وإلانة الحديد بالفارسية [نرم كردانيدن آهن] اى جعلناه لينا فى نفسه كالشمع والعجين والمبلول يصرفه فى يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التي آتيناها إياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر قوى البشرية وكان داود اوتى شدة قوة فى الجسد وان لم يكن جسيما وهو أحد الوجهين لقوله ذا الأيد فى سورة ص أَنِ اعْمَلْ اى أمرناه بان عمل على ان ان مصدرية حذف منها الباء سابِغاتٍ اى دروعا واسعة تامة طويلة قال فى القاموس سبغ الشيء سبوغا طال الى الأرض والنعمة انسغت ودرع سابغة تامة طويلة انتهى ومنه استعير إسباغ الوضوء او إسباغ النعمة كما فى المفردات وهو عليه السلام أول من اتخذها وكانت قبل ذلك صفائح حديد مضروبة قالوا

كان عليه السلام حين ملك على بنى إسرائيل يخرج متنكرا فيسأل الناس ما تقولون فى داود فيثنون عليه فقيض الله له ملكا فى صورة آدمي فسأله على عادته فقال نعم الرجل لولا خصلة فيه فسأله عنها فقال لولا انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ولو أكل من عمل يده لتمت فضائله فعند ذلك سأل ربه ان يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع فكان يعمل كل يوم درعا ويبيعها باربعة آلاف درهم او بستة آلاف ينفق عليه وعلى عياله الفين ويتصدق بالباقي على فقراء بنى إسرائيل [در لباب كويد چون وفات فرمود هزار ذره در خزانه او بود] وفى الحديث (كان داود لا يأكل الا من كسب يده] وفى الآية دليل على تعلم اهل الفضل الصنائع فان العمل بها لا ينقص بمرتبتهم بل ذلك زيادة فى فضلهم إذ يحصل لهم التواضع فى أنفسهم والاستغناء عن غيرهم وفى الحديث (ان خير ما أكل المرء من عمل يده) قال الشيخ سعدى قدس سره بياموز پرورده را دست رنج ... وكر دست دارى چوقارون كنج بپايان رسد كيسه سيم وزر ... نكردد تهى كيسه پيشه ور وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ التقدير بالفارسية [اندازه كردن] والسرد فى الأصل خرز ما يخشن ويغلظ كخرز الجلد ثم استعير لنظم الحديد ونسج الدروع كما فى المفردات وقيل لصانع الدروع سراد وزراد بابدال الزاء من السين وسرد كلامه وصل بعضه ببعض واتى به متتابعا وهو انما يكون مقبولا إذا لم يخل بالفهم والمعنى اقتصد فى نسجها بحيث تناسب حلقها: وبالفارسية [واندازه نكه دار در بافتن آن «يعنى حلقها مساوى» در هم افكن تا وضع آن متناسب افتد] ولا تصرف جميع أوقاتك اليه بل مقدار ما يحصل به القوة واما الباقي فاصرفه الى العبادة وهو الأنسب بما بعده وفى التأويلات النجمية يشير الى إلانة قلبه والسابغات الحكم البالغة التي ظهرت ينابيعها من قلبه على لسانه (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الحديث بان تتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس نكته كفتن پيش كژفهمان ز حكمت بيكمان ... جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خرست وَاعْمَلُوا خطاب لداود واهله لعموم التكليف صالِحاً عملا صالحا خالصا من الأغراض إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لا أضيع عمل عامل منكم فاجازيكم عليه وهو تعليل للامر او لوجوب الامتثال به وفى التأويلات النجمية أشار بقوله (وَاعْمَلُوا صالِحاً) الى جميع أعضائه الظاهرة والباطنة ان تحمل فى العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت انى بعمل كل واحدة منكن بصير وبالبصارة خلقتكن انتهى. والبصير هو المدرك لكل موجود برؤيته ومن عرف انه البصير راقبه فى الحركات والسكنات حتى لا يراه حيث نهاه او يفقده حيث امره وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل وان كان الإنسان لا يخلو عن الخطأ يقال كان داود عليه السلام يقول اللهم لا تغفر للخطائين غيرة منه وصلابة فى الدين فلما وقع له ما وقع من الزلة كان يقول اللهم اغفر للمذنبين ويقال لما تاب الله عليه اجتمع الانس والجن والطير بمجلسه فلما رفع صوته

[سورة سبإ (34) : آية 12]

وأدار لسانه فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالت الصوت صوت داود والحال ليست تلك الحال فبكى داود عليه السلام وقال ما هذا يا رب فاوحى الله اليه يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت تلك من انس الطاعة قدم نتوان نهاد آنجا كه خواهى ... بفرمان رو بفرمان كن نكاهى كه هر كاو نه بامر حق قدم زد ... چوشمع از سر برآمد تيز دم زد وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ اى وسخرنا له الريح وهى الصبا غُدُوُّها اى جريها وسيرها بالغداة اى من لدن طلوع الشمس الى زوالها وهو وقت انتصاف النهار: وبالفارسية [بامداد بردن باد او را] شَهْرٌ مسيرة شهر اى مسير دواب الناس فى شهر قال الراغب الشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة. والمشاهرة المعاملة بالشهر كما ان المسانهة والمياومة المعاملة بالسنة واليوم وَرَواحُها اى جريها وسيرها بالعشي اى من انتصاف النهار الى الليل: وبالفارسية [ورفتن او شبانكاه] شَهْرٌ مسيرة شهر ومسافته يعنى كانت تسير فى يوم واحد مسيرة شهرين للراكب. والجملة اما مستأنفة او حال من الريح وعن الحسن كان يغدو بدمشق مع جنوده على البساط فيقيل بإصطخر وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وإصطخر بوزن فردوس بلدة من بلاد فارس بناها لسليمان صخر الجنى المراد بقوله (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ) ثم يروح اى من إصطخر فيكون رواحه بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وكابل بضم الباء الموحدة ناحية معروفة من بلاد الهند وكان عليه السلام يتغدى بالري ويتعشى بالسمرقند والري من مشاهير ديار الديلم بين قومس والجبال وسمرقند أعظم مدينة بما وراء النهر اى نهر جيحون ويحكى- ان بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض اصحاب سليمان نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من إصطخر فقلناه ونحن رائحون عنه فبائتون بالشام ان شاء الله قال فى كشف الاسرار [كفته اند سفر وى از زمين عراق بود تا بمرو واز آنجا تا ببلخ واز آنجا تا در بلاد ترك شدى وبلاد ترك باز بريدى تا زمين چين آنكه سوى راست ز جانب مطلع آفتاب بركشتى بر ساحل دريا تا بزمين قندهار واز آنجا تا بمكران وكرمان واز آنجا تا بإصطخر فارس نزولكاه وى بود يكچند آنجا مقام كردى واز آنجا بامداد برفتى وشبانكاه بشام بودى بمدينه تدمر ومسكن ومستقر وى تدمر بود] وكان سليمان امر الشياطين قبل شخوصه من الشام الى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر وقد وجدت هذه الأبيات منقورة فى صخرة بأرض الشام انشأها بعض اصحاب سليمان ونحن ولا حول سوى حول ربنا ... نروح الى الأوطان من ارض تدمر إذا نحن رحنا كان ريث رواحنا ... مسيرة شهر والغدوّ لآخر أناس شر والله طوعا نفوسهم ... بنصر ابن داود النبي المطهر متى يركب الريح المطيعة أرسلت ... مبادرة عن شهرها لم تقصر

تظلهمو طير صفوف عليهم و ... متى رفرفت من فوقهم لم تبتر قال مقاتل كان ملك سليمان ما بين مصر وكابل وقال بعضهم جميع الأرض وهو الموافق لما اشتهر من انه ملك الدنيا بأسرها اربعة اثنان من اهل الإسلام وهما الإسكندر وسليمان واثنان من اهل الكفر وهما نمرود وبخت نصر [بعض كبار كفته كه سليمان عليه السلام اسبان نيكويى عيب داشت همچون مرغان با پر چون آن قصه فوت نماز بيفتاد تيغ بركشيد وكردن اسبان مى بريد كفتند كه اكنون كه بترك اسبان بگفتى ما باد مركب تو كرديم «من كان لله كان الله له» هر كه بترك نظر خود بگريد نظر الله بدلش پيوند هيچ كس نبود كه بترك چيزى نكفت از بهر خدا كه نه عوضى به از آنش ندادند مصطفى عليه السلام جعفر را رضى الله عنه بغزو فرستاد وامارت جيش بوى داد لواى اسلام در دست وى بود كفار حمله آوردند ويك دستش بينداختند لوا بديگر دست كرفت يك زخم ديكر بر او زدند وديگر دستش بينداختند بعد از ان هفتاد ونه زخم برداشت شهيد از دنيا بيرون شد او را بخواب ديدند كه «ما فعل الله بك» گفت «عوّضنى الله من اليدين جناحين أطير بهما فى الجنة حيث أشاء مع جبريل وميكائيل» اسما بنت عميس كفت رسول خدا ايستاده بود ناكاه كفت «وعليكم السلام» كفتم «على من ترد السلام يا رسول الله» جواب سلام كه ميدهى هيچ كس را نمى بينم كه بر تو سلام ميكند كفت «ان جعفر بن ابى طالب مر مع جبريل وميكائيل» اى جعفر دست بدادى اينك پر جزاى تو اى سليمان اسبان بدادى اينك اسبان در بر وبحر حمال تو اى محب صادق اگر بحكم رياضت ديده فدا كردى و چشم نثار اينك لطف ما ديده تو وفضل ما سمع تو وكرام ما چراغ وشمع تو «فاذا أحببته كنت له سمعا يسمع بي وبصرا يبصر بي ويدا يبطش بي» أول مرد كوينده شود پس داننده شود پس رونده شود پس پرنده شود اى مسكين ترا هركز آرزوى آن نبود كه روزى مرغ دلت از قفس ادبار نفس خلاص يابد وبر هواى رضاى حق پرواز كند بجلال قدر بار خدا كه جز نواخت «أتيته هرولة» استقبال تو نكند چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى ... قفس بشكن چوطاوسان يكى بر پر برين بالا قفس قالب است وامانت مرغ جان پر او عشق پرواز او إرادات أفق او غيب منزل او در دركاه كه مرغ امانت ازين قفس بشريت بر أفق غيب پرواز كند كروبيان عالم قدس دستها بديده خويش بازنهند تا از برق اين جمال ديدهاى ايشان نسوزد] وفى التأويلات النجمية يشير قوله (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) الى آخره الى القلب وسيره الى عالم الأرواح وسرعته فى السير للطافته بالنسبة الى كثافة النفس وإبطائها فى السير وذلك لان مركب النفس فى السير البدن وهو كثيف بطيء السير ومركب القلب فى السير هو الجذبة الالهية وهى من صفات لطفه كما قال عليه السلام (قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء) وتقليبها الى الحضرة برياح العناية واللطف كما قال عليه السلام (قلب المؤمن كريشة فى فلاة يقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر) وهو حقيقة قوله ولسليمان الريح اى لسليمان القلب سخرنا ريح العناية ليسير بها وهو ابن داود الروح وبساطه الذي كان مجلسه ويجرى به الريح هو السر ولهذا المعنى قيل ان سليمان فى سيره لاحظ

ملكه يوما فمال الريح ببساطه فقال سليمان للريح استوى فقالت الريح استوانت ما دمت مستويا بقلبك كنت مستوية ملت فملت كذلك حال السر والقلب وريح العناية إذا زاغ القلب أزاغ الله بريح الخذلان بساط السر فان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم انتهى: وفى المثنوى همچنين تاج سليمان ميل كرد ... روز روشن را برو چون ليل كرد كفت تاجا كژ مشو بر فرق من ... آفتابا كم مشو از شرق من راست مى كرد او بدست آن تاج را ... باز كژ مى شد برو تاج اى فتى هشت بارش راست كرد وكشت كژ ... كفت تاجا چيست آخر كژ مغژ كفت اگر صد ره كنى تو راست من ... كژ روم چون كژ روى اى مؤتمن پس سليمان اندرون وراست كرد ... دل بر آن شهرت كه بودش كرد سرد بعد از ان تاجش همان دم راست شد ... آنچنانكه تاج را ميخواست شد پس ترا هر غم كه پيش آيد ز درد ... بر كسى تهمت منه بر خويش كرد - حكى- ان رجلا سقاء بمدينة بخارى كان يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت شيأ فالحت عليه فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فأعجبنى بياضها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذي فى الدكان فانه لما غير حاله مع الله بمس الاجنبية غير الله حاله معه بمس الأجنبي زوجته ومثل ذلك من عدل الله تعالى والله تعالى غيور إذا رأى عبده فيما نهاه يؤاخذه بما يناسب حاله وفعله فاذا عرف العبد ان الحال هذا وجب عليه ان يترك الجفاء والأذى ويسلك طريق العدل والانصاف ولا يأخذ سمت الجور والاعتساف والشقاق والخلاف وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ اى اذبنا وأجرينا لسليمان عين النحاس المذاب اساله من معدنه كما الان الحديد لداود فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سمى عينا: وبالفارسية [وجارى كرديم براى سليمان چشمه مس كداخت را تا از معدن بيرون آمدى چون آب روان واز ان مس هر چهـ ميخواست ميساخت وآن در موضعى بود از يمن بقرب صنعاء] قال فى كشف الاسرار لم يعمل بالنحاس قبل ذلك فكل ما فى أيدي الناس من النحاس فى الدنيا من تلك العين يقول الفقير يرد عليه ان فى بعض البلاد معدن النحاس يلتقط جوهره منه اليوم يذاب ويعمل فكيف يكون ما فى أيدي الناس مما اعطى سليمان الا ان يقال ان أصله كان من تلك العين كما ان المياه كلها تخرج من تحت الصخرة فى بيت المقدس على ما ورد فى بعض الآثار وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ جملة من مبتدأ وخبر. يعنى [از طائفه جن است كسى كه

[سورة سبإ (34) : آية 13]

كار كردى پيش سليمان] بِإِذْنِ رَبِّهِ بامره كما ينبىء عنه قوله تعالى وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا الزيغ الميل عن الاستقامة اى ومن يعدل من الجن ويمل عما أمرناه به من طاعة سليمان ويعصه نُذِقْهُ [بچشانيم او را] مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ اى عذاب النار فى الآخرة- وروى- عن السدى انه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه الجنى ضربه من حيث لا يراه ضربة أحرقته بالنار وفيه اشارة الى تسخير الله لسليمان صفات الشيطنة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (ان الله سلطنى على شيطانى فاسلم على يدى فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كانت القوى الباطنة مسخرة كانت الظاهرة الصورية ايضا مسخرة فتذهب الظلمة ويجيىء النور ويزول الكدر ويحصل السرور وهذا هو حال الكمل فى النهايات يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ تفصيل لما ذكر من عملهم مِنْ مَحارِيبَ بيان لما يشاء جمع محراب قال فى القاموس المحراب الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس انتهى وفى المفردات محراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى او لكون حق الإنسان فيه ان يكون حريبا اى مسلوبا من أشغال الدنيا ومن توزع الخاطر وقيل الأصل فيه ان محراب البيت صدر المجلس ثم لما اتخذت المساجد سمى صدرها به وقيل بل المحراب اصل فى المسجد وهو اسم خص به صدر المسجد وسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وهذا أصح انتهى. والمعنى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لانها يذب عنها ويحارب عليها وأدرج فى تفسير الجلالين ايضا قال المفسرون فبنت الشياطين لسليمان تدمر كتنصر وهى بلدة بالشام والابنية العجيبة باليمن وهى صرواج ومرواج وبينون وسلحين وهيذة وهنيذة وفلتوم وغمدان ونحوها وكلها خراب الآن وعملوا له بيت المقدس فى غاية الحسن والبهاء [اصحاب سير كفته اند كه رب العالمين در نژاد ابراهيم عليه السلام بركت كرد چنانكه كس طاقت شمردن نسل آن نداشت خصوصا در روزكار داود عليه السلام داود خواست كه عدد بنى إسرائيل بداند ايشان كه در زمين فلسطين مسكن داشتند روزكارى دراز مى شمردند وبسر نرسيدند ونوميد كشتند پس وحي آمد بداود كه چون ابراهيم آن خواب كه او را نموديم بذبح فرزند تصديق ووفا كرد من او را وعده دادم كه در نسل وى بركت كنم اين كثرت ايشان از آنست اما ايشان فراوانى از خويشتن ديدند وخودبين كشتند لا جرم عدد ايشان كم كنم اكنون مخيراند ميان سه بليه آن يكى كه اختيار كنند بر ايشان كمارم يا قحط ونياز وكرسنكى يا دشمن سه ماه يا وبا وطاعون سه روز داود بنى إسرائيل را جمع كرد وايشانرا درين سه بليت مخير كرد از هر سه طاعون اختيار كردند كفتند اين يكى آسانتر است وار فضيحت دورتر پس همه جهاز مرك بساختند غسل كردند وخنود بر خود ريختند وكفن در پوشيدن وبصحرا بيرون رفتند با اهل وعيال وخرد وبزرك در ان صعيد بيت المقدس پيش از بنا نهادن آن وداود بصخره سجود درافتاد وايشان دعا وتضرع كردند

رب العالمين طاعون بر ايشان فرود كشاد يك شبان روز چندان هلاك شدند كه بعد از ان بدو ماه ايشانرا دفن توانستند كرد چون يك شبان روز از طاعون بگذشت رب العالمين دعاى داود اجابت وتضرع ايشان روا كرد وآن طاعون از ايشان برداشت بشكر آنكه رب العالمين در ان مقام بر ايشان رحمت كرد بفرمود تا آنجا مسجدى سازند كه پيوسته آنجا ذكر الله ودعا وتضرع رود پس ايشان در كار ايستادند ونخست مدينه بيت المقدس بنا نهادند وداود بر دوش خود سنك ميكشيد وخيار بنى إسرائيل همچنان سنك مى كشيدند تا يك قامت بنا بر آوردند پس وحي آمد بداود كه اين شهرستانرا بيت المقدس نام نهاديم قدمكاه پيغمبران وهجرتكاه ونزولكاه پاكان ونيكان] قال بعض الكبار أراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فلما فرغ منه تهدّم فشكا ذلك الى الله فاوحى الله اليه ان بيتي هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك فى سبيلك قال بلى ولكنهم أليسوا عبادى فقال يا رب اجعل بنيانه على يدى من هو منى فاوحى الله اليه ان ابنك سليمان يبنيه فانى أملكه بعدك وأسلمه من سفك الدماء وأقضي إتمامه على يده وسبب هذا ان الشفقة على خلق الله أحق بالرعاية من الغيرة فى الله بإجراء الحدود المفضية الى هلاكهم ولكون اقامة هذه النشأة اولى من هدمها فرض الله فى حق الكفار الجزية والصلح ابقاء عليهم ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم أخذ الفدية او العفو فان ابى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه إذا كان اولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية او عفا وباقى الأولياء لا يرون الا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ثم نرجع الى القصة فصلوا فيه زمانا [كفته اند داود در آن روز صد وبيست وهفت سال بود چون سال وى بصد و چهل رسيد از دنيا بيرون شد وسليمان بجاى وى نشست] وكان مولد سليمان بغزة وملك بعد أبيه وله اثنتا عشرة سنة ولما كان فى السنة الرابعة من ملكه فى شهر أيار سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام ابتدأ سليمان فى عمارة بيت المقدس وإتمامه حسبما تقدم وصية أبيه اليه وجمع حكماء الانس والجن وعفاريت الأرض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام وفريقا يغوصون فى البحر فيخرجون منه الدر والمرجان وكان فى الدر ما هو مثل بيضة النعامة والدجاجة وبنى مدينة بيت المقدس وجعلها اثنى عشر ربضا وانزل كل ربض منها سبطا من أسباط بنى إسرائيل وكانوا اثنى عشر سبطا ثم بنى المسجد الأقصى بالرخام الملون وسقفه بألواح الجواهر الثمينة ورصع سقوفه وحيطانه باللئالئ واليواقيت وأنبت الله شجرتين عند باب الرحمة إحداهما تنبت الذهب والاخرى تنبت الفضة فكان كل يوم ينزع من كل واحدة مائتى رطل ذهبا وفضة وفرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وبألواح الفيروزج فلم يكن يومئذ فى الأرض بيت ابهى ولا أنوار من ذلك المسجد كان يضيىء فى الظلمة كالقمر ليلة البدر وفرغ منه فى السنة الحادية عشرة من ملكه وكان ذلك بعد هبوط آدم عليه السلام باربعة آلاف واربعمائة واربع عشرة سنة وبين عمارة سليمان لمسجد بيت المقدس والهجرة النبوية المحمدية على صاحبها ازكى السلام الف وثمانمائة

وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل الله ثلاثا حكما يوافق حكمه وسأله ملكا لا ينبغى لاحد من بعده وسأله ان لا يأتى الى هذا المسجد أحد لا يريد الا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته امه قال عليه السلام نرجو ان يكون قد أعطاه إياه ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فاخبرهم انه مسجد لله تعالى وهو امره ببنائه وان كل شىء فيه لله من انتقص شيأ منه فقد خان الله تعالى ثم اتخذ طعاما وجمع الناس جمعا لم ير مثله ولا طعام اكثر منه وقرب القرابين لله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه فيه عيدا قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سليمان فلم تنفتح حتى قال فى دعائه بصلوات ابى داود وافتتح الأبواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بنى إسرائيل خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار فلا يأتى ساعة من ليل ولانهار الا والله يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان اربعمائة سنة وثلاثا وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله الى دار مملكته من ارض العراق واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة ثم أهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه وذلك انه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه الله تعالى بتسليط أضعف حيوان على دماغه نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به پيش وَتَماثِيلَ جميع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير اى وصور الملائكة والأنبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فانها كانت تعمل حينئذ فى المساجد من زجاج ونحاس ورخام ونحوها ليراها الناس ويعبدوا مثل عباداتهم ويقال ان هذه التماثيل رجال من نحاس وسأل ربه ان ينفخ فيها الروح ليقاتلوا فى سبيل الله ولا يعمل فيهم السلاح وكان إسفنديار رويين تن منهم كما فى تفسير القرطبي- وروى- انهم عملوا أسدين فى أسفل كرسيه ونسرين فوقه فاذا أراد ان يصعد بسط الأسدان ذراعيهما فارتقى عليهما: يعنى [چون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دو شير بازوهاى خود برافراختندى تا پاى بر ان نهاده بالا رفتى] وإذا قعد اظله النسران بأجنحتهما فلما مات سليمان جاء أفريدون ليصعد الكرسي ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الأسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر أحد بعده ان يدنو من ذلك الكرسي واعلم ان حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الامة مباحا وانما حرم على هذه الامة لان قوم رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا يعبدون التماثيل اى الأصنام فهى عن الاشتغال بالتصوير وابغض الأشياء الى الخواص ما عصى الله به وفى الحديث (من صور صورة فان الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها ابدا) وهذا يدل على ان تصوير ذى الروح حرام قال الشيخ الأكمل هل هو كبيرة اولا فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد الوعيد عليه من الشرع فهو كبيرة واما من جعل الكبيرة منحصرة فى عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولا على المستحل او على استحقاق العذاب المؤبد واما تصوير ما لا روح له فرخص فيه وان كان مكروها من حيث انه اشتغال بما لا يعنى قال فى نصاب الاحتساب

ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لان الصورة فى البيت سبب لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام «انا لا ندخل بيتا فيه كلب او صورة» ولو زخرفه بنقش لا صورة فيه لا بأس به وفى ملتقط الناصري لو هدم بيتا مصورا فيه بهذه الاصباغ تماثيل الرجال والطيور ضمن قيمة البيت وإصباغه غير مصورة انتهى فاذا منع من التصاوير فى البيت فاولى ان يمنع منها فى المسجد ولذا محيت رؤس الطيور فى المساجد التي كانت كنائس وفيها تماثيل وجاء فى الفروع انه يكره ان يكون فوق رأس المصلى او بين يديه او بحذائه صورة وأشدها كراهة ان يكون امام المصلى ثم فوق رأسه ثم على يمينه ثم على يساره ثم خلفه قيل ولو كانت خلفه لا يكره لانه لا يشبه عبادة الصنم وفيه اهانة لها ولو كانت تحت قدميه لا يكره قال فى العناية قيل إذا كانت خلفه لا تكره الصلاة ويكره كونها فى البيت لان تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة مستحب لا يقال فعلى هذا لا يكره كونها تحت القدم فيه ايضا لانا نقول فيه من التحقير والاهانة ما لا يوجد فى الخلف فلا قياس لوجود الفارق ثم الكراهة إذا كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو وتظهر للناظر بلا تأمل فلو كانت صغيرة بحيث لا تتبين تفاصيل اعضائها الا بتأمل لا يكره لان الصغير جدا لا يعبد ولو قطع رأسها لا يكره لانها لا تعبد بلا رأس عادة ومعنى قطع الرأس ان يمحى رأسها بخيط يخاط عليها وينسج حتى لم يبق للرأس اثر أصلا بل طمست هيئته قطعا ولو خيط ما بين الرأس والجسد لا يعتبر لان من الطيور ما هو مطوق فيكون احسن فى العين ولو محى وجه الصورة فهو كقطع رأسها بخلاف قطع يديها ورجليها ولا تكره الصلاة على بساط مصور لانه اهانة وليس بتعظيم ان لم يسجد عليها لان السجود عليها يشبه عبادة الأصنام واطلق الكراهة فى المبسوط لان البساط الذي يصلى عليه معظم بالنسبة الى سائر البسط فكان فيه تعظيم الصورة وقد أمرنا باهانتها وفى حواشى أخي چلبى إذا كان التمثال تمثال ما يعظم الكفار كشكل الصليب مثلا لا ريب فى كراهة السجدة عليه ألا يرى الى ظهير الدين حيث قال الأصل فيه ان كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمون يكره الاستقبال بالصلاة اليه ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة او بساط مفروش لم يكره لانها توطأ فكأنه استهانة بالصورة بخلاف ما لو كانت الوسادة منصوبة كالوسائد الكبار او كانت على الستر لانها تعظيم لها وفى الخلاصة الصورة إذا كانت على وسادة او بساط لا بأس باستعمالهما وان كان يكره اتخاذهما وان كانت على الإزار والستر فمكروه ولا يفسد صلاته فى كل الفصول لوجود شرائط الجواز والنهى لمعنى فى غير المنهي عنه وتعاد على وجه غير مكروه وهو الحكم فى كل صلاة أديت مع الكراهة كما لو ترك تعديل الأركان كما فى الكافي وَجِفانٍ [وميكردندى يعنى شياطين براى سليمان از كاسهاى چوبين وغير آن] وهى جمع جفنة وهى القصعة العظيمة فان أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحفة تشبع الرجل فتفسير الجفان بالصحاف كما فعله البعض منظور فيه قال سعدى المفتى والجفنة خصت بوعاء الاطعمة كما فى المفردات كَالْجَوابِ كالحياض الكبار أصله الجوابى بالياء كالجوارى جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى

من الصفات الغالبة كالدابة قال الراغب يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية قيل كان يقعد على الجفنة الفا رجل فيأكلون منها وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر الف شاة والف بقرة وكان له اثنا عشر الف خباز واثنا عشر الف طباخ يصلحون الطعام فى تلك الجفان لكثرة القوم وكان لعبد الله بن جدعان من رؤساء قريش وهو ابن عم عائشة الصديقة رضى الله عنها جفنة يستظل بظلها ويصل إليها المتناول من ظهر البعير ووقع فيها صبى فغرق وكان يطعم الفقراء كل يوم من تلك الجفنة وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها اربعة رجال يقال لها الغراء اى البيضاء فلما دخلوا فى الضحى وصلوا صلاة الضحى اتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا حولها اى اجتمعوا فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي ما هذه الجلسة فقال عليه السلام (ان الله جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا) ثم قال (كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها) قال فى الشرعة ولا بركة فى القصاع الصغار ولتكن قصعة الطعام من خزف او خشب فانهما اقرب الى التواضع. ويحرم الاكل فى الذهب والفضة وكذا الشرب منهما. ويكره فى آنية النحاس إذا كان غير مطلىّ بالرصاص. وكذا فى آنية الصفر وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء شىء مركب من المعدنيات كالنحاس والأسرب وغير ذلك يقال له بالفارسية [روى] بترقيق الراء فانه بتفخيمها بمعنى الوجه وَقُدُورٍ راسِياتٍ القدر بالكسر اسم لما يطبخ فيه اللحم كما فى المفردات. والجمع قدور. والراسيات جمع راسية من رسا الشيء يرسو إذا ثبت ولذلك سميت الجبال الرواسي والمعنى وقدور ثابتات على الأثافي لا تنزل عنهما لعظمها ولا تحرك من أماكنها وكان يصعد عليها بالسلال وكانت باليمن [وهنوز در بعض از ولايات شام ديكهاى چنين از سنك تراشيده موجودست] وكانت تتخذ القدور من الجبال او هى قدور النحاس وكانت موضوعة على الأثافي او كانت اثافيها منها كما فى الكواشي وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَجِفانٍ) الى آخره الى مأدبة الله التي لا نهاية لها التي يأكل منها الأولياء إذ يبيتون عنده كما قال عليه السلام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اعْمَلُوا يا آلَ داوُدَ فنصبه على النداء والمراد به سليمان لان هذا الكلام قد ورد فى خلال قصته وخطاب الجمع للتعظيم او أولاده او كل من ينفق عليه او كل من يتأتى منه الشكر من أمته كما فى بحر العلوم والمعنى وقلنا له او لهم اعملوا شُكْراً نصب على العلة اى اعملوا له واعبدوه شكرا لما أعطيتكم من الفضل وسائر النعماء فانه لا بد من اظهار الشكر كظهور النعمة او على المصدر لا عملوا لان العمل للمنعم شكر له فيكون مصدرا من غير لفظه او لفعل محذوف اى اشكروا شكرا او حال اى شاكرين او مفعول به اى اعملوا شكرا ومعناه انا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكرا على طريق المشاكلة قال بعض الكبار قال تعالى فى حق داود (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) فلم يقرن بالفضل الذي آتاه شكرا يطلبه منه ولا اخبر انه أعطاه هذا الفضل جزاء لعمل من اعماله ولما طلب الشكر على ذلك الفضل بالعمل طلبه من آل داود لامنه ليشكره الآل على ما أنعم به على داود فهو فى

حق داود عطاء نعمة وإفضال وفى حق آله عطاء لطلب المعاوضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم مبنيا على طلب من الله سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال (أفلا أكون عبدا شكورا) وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفي والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح فشكر البدن استعمال الشريعة بجميع أعضائه وجوارحه ومحال الحواس الخمس ولهذا قال اعملوا. وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع. وشكر القلب بمحبة الله وخلوه عن محبة ما سواه. وشكر السر مراقبته من التفاته لغير الله. وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع. وشكر الخفي قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى الله يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ قليل خبر مقدم للشكور وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [واندكى از بندگان من سپاس دارند [والشكور المبالغ فى أداء الشكر على النعماء والآلاء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر أوقاته واغلب أحواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر حق شكر حق نداند هيچ كس ... حيرت آمد حاصل دانا وبس آن بزركى كفت با حق در نهان ... كاى پديد آرنده هر دو جهان اى منزه از زن وفرزند وجفت ... كى توانم شكر نعمتهات كفت پيك حضرت دادش از ايزد پيام ... كفتش از تو اين بود شكر مدام چون درين راه اين قدر بشناختى ... شكر نعمتهاى ما پرداختى قال الامام الغزالي رحمه الله احسن وجوه الشكر لنعم الله تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى وعن النبي عليه السلام (إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وأيوب صابر الدنيا والآخرة) وفى التأويلات النجمية وبقوله (قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذي يكون شكره بالأحوال. فللعوام شكرهم بالأقوال كقوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) . وللخواص شكرهم بالأعمال كقوله (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) . ولخواص الخواص شكرهم بالأحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو الله تعالى لقوله تعالى (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندكم ينفد وما عنده الى السرمد ان الله كثير الإحسان فاعمل

[سورة سبإ (34) : آية 14]

شكرا ايها الإنسان فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ القضاء الحكم والفصل والموت زوال القوة الحساسة اى لما حكمنا على سليمان بالموت وفصلناه به عن الدنيا ما دَلَّهُمْ [دلالت نكرد ديوانرا] عَلى مَوْتِهِ [بر مرك سليمان] إِلَّا [مكر] دَابَّةُ الْأَرْضِ اى الارضة وهى دويبة تأكل الخشب بالفارسية [كرمك چوب خور] أضيفت الى فعلها وهو الأرض بمعنى الاكل ولذا سميت الأرض مقابل السماء أرضا لانها تأكل أجساد بنى آدم يقال ارضت الارضة الخشبة أرضا اكلتها فارضت أرضا على ما لم يسم فاعله فهى مأروضة تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ اى عصاه التي يتوكأ عليها من النسيء وهو التأخير فى الوقت لان العصا يؤخر بها الشيء ويزجر ويطرد فَلَمَّا خَرَّ سقط سليمان ميتا قال الراغب خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ من تبينت الشيء إذا علمته بعد النباسه عليك اى علمت الجن علما يقينيا ينتفى عنده الشكوك والشبه بعد التباس الأمر عليهم أَنْ اى انهم لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما غاب عن حواسهم كما يزعمون ما لَبِثُوا [درنك نمى كردند يكسال] فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [در عذاب خوار كننده] يعنى التكاليف الشاقة والأعمال الصعبة التي كانوا يعملونها والحاصل انهم لو كان لهم علم بالغيب كما يزعمون لعلموا موت سليمان ولما لبثوا بعده حولا فى تسخيره الى ان خر فلما وقع ما وقع علموا انهم جاهلون لا عالمون. ويجوز ان يؤخذ تبينت من تبين الشيء إذا ظهر وتجلى فتكون ان مع ما فى حيزها بدل اشتمال من الجن نحو تبين زيد جهله اى ظهر للانس ان الجن لو كانوا يعلمون الى آخره واصل القصة انه لما دنا أجل سليمان عليه السلام كان أول ما ظهر من علاماته انه لم يصبح الا ورأى فى محرابه شجرة نابتة كما قال فى المثنوى هر صباحى چون سليمان آمدى ... خاضع اندر مسجد أقصى شدى نو كياهى رسته ديدى اندرو ... پس بگفتى نام ونفع خود بگو تو چهـ دارويى چىء نامت چهـ است ... تو زيان كه ونفعت بر كى است پس بگفتى هر كياهى فعل ونام ... كه من آنرا جانم واين را حمام من مرين را زهرم واو را شكر ... نام من اينست بر لوح از قدر پس طبيبان از سليمان زان كيا ... عالم ودانا شدندى مقتدا تا كتبهاى طبيبى ساختند ... جسم را از رنج مى پرداختند اين نجوم وطب وحي انبياست ... عقل وحس را سوى بى سوره كجاست هم بر ان عادت سليمان سنى ... رفت در مسجد ميان روشنى قاعده هر روز را مى جست شاه ... كه ببيند مسجد اندر نو كياه پس سليمان ديد اندر كوشه ... نو كياهى رسته همچون خوشه ديد پس نادر كياهى سبز وتر ... مى ربود آن سبزيش نور از بصر كفت نامت چيست بر كو بى دهان ... نام من خروب اى شاه جهان

كفت فعلت چيست وز تو چهـ رود ... كفت من رستم مكان ويران شود من كه خروبم خراب منزلم ... من خرابى مسجد آب وكلم پس سليمان آن زمان دانست زود ... كه أجل آمد سفر خواهد نمود كفت تا من هستم اين مسجد يقين ... در خلل نايد ز آفات زمين تا كه من باشم وجود من بود ... مسجد أقصى مخلخل كى شود پس خرابى مسجد ما بى گمان ... نبود الا بعد مرك ما بدان مسجد است آن دل كه چشمش ساجد است ... يار بد خروب هر جا كه مسجد است يار بد چون رست در تو مهر او ... هين ازو بگريز وكم كن كفت وكو بر كن از بيخش كه كر سر برزند ... مر ترا ومسجدت را بركند [پس از ان سليمان بملك الموت رسيد وكفت چون ترا بقبض روح من فرمايند مرا خبر ده ملك الموت بوقتى كه او را فرمودند آمد واو را خبر داد كفت نماند از عمر تو الا يك ساعت اگر وصيتي ميكنى يا كارى از بهر مرك ميسازى بساز] فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى قال فى كشف الاسرار [پس بآخر كار عصاى خود پيش كرفت وتكيه بر آن كرد وهر دو كف زير سر نهاد وآن عصا او را همچنان پناهى كشت وملك الموت در آن حال قبض روح وى كرد ويكسال برين صفت بر آن عصا تكيه زده بماند وشياطين همجنان در كار ورنج وعمل خويش مى بودند ونمى دانستند كه سليمان را وفات رسيد] ولا ينكرون احتباسه عن الخروج الى الناس لطول صلاته قبل ذلك وقال الكاشفى فى تفسيره [چون سليمان دركذشت وبشستند وبرو نماز كذاردند واو را بر عصا تكيه دادند ومرك او بموجب وصيت او فاش نكردند وديوان از دور زنده مى پنداشتند وبهمان كار كه نامزد ايشان بود قيام نمودند تا بعد از يكسال أسفل عصاى او را دوده بخورد سليمان بر زمين افتاد همكنانرا موت او معلوم شد] قال بعضهم كانت الشياطين تجتمع حول محرابه أينما صلى فلم يكن شيطان ينظر اليه فى صلاته الا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع صوته ثم نظر فاذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فاذا العصا قد اكلتها الارضة فارادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا الارضة على العصا فاكلت منها فى يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا ولو علموا انه مات لما لبثوا فى العذاب سنة وقال فى كشف الاسرار [وعذاب ايشان از جهت سليمان آن بودى چون بر يكى از ايشان خشم كرفتى] كان قد حبسه فى دنّ وشدّ رأسه بالرصاص او جعله بين طبقتين من الصخر فالقاه فى البحر او شدّ رجليه بشعره الى عنقه فالقاه فى الحبس ثم ان الشياطين قالوا للارضة لو كنت تأكلين الطعام اتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين من الشراب سقيناك أطيب الشراب ولكن ننقل إليك الماء والطين فهم ينقلون ذلك حيث كانت ألم تر الى الطين الذي يكون فى جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين تشكرا لها قال القفال قد دلت هذه الآية على ان الجن لم يسخروا الا

[سورة سبإ (34) : آية 15]

لسليمان وانهم تخلصوا بعد موته من تلك الأعمال الشاقة: يعنى [چون بدانستند كه سليمان را وفات رسيد فى الحال فرار نموده در شعاب جبال وأجواف بوادي كريختند واز رنج وعذاب بازرستند] وانما تهيأ لهم التسخير والعمل لان الله تعالى زاد فى أجسامهم وقواهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون ولا يقدرون على شىء من هذه الأعمال الشاقة مثل نقل الأجسام الثقال ونحوه لان ذلك كان معجزة لسليمان عليه السلام قالت المعتزلة الجن أجسام رقاق ولرقتها لا نراها ويجوز ان يكثف الله أجسام الجن فى زمان الأنبياء دون غيره من الازمنة وان يقويهم بخلاف ما هم عليه فى غير زمانهم قال القاضي عبد الجبار ويدل على ذلك ما فى القرآن من قصة سليمان انه كشفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى يعملون له الأعمال الشاقة واما تكثيف أجسامهم وأقدارهم عليها فى غير زمان الأنبياء فانه غير جائز لكونه نقضا للعادة قال اهل التاريخ كان سليمان عليه السلام ابيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس البياض وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة وكانت وفاته بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة يقول الفقير هو الصحيح اى كون وفاته بعد الفراغ من البناء لا قبله بسنة على ما زعم بعض اهل التفسير وذلك لوجوه الاول ما فى المرفوع من ان سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله ثلاثا فاعطاه اثنتين ونحن نرجو ان يكون قد أعطاه الثالثة وقد سبق فى تفسير قوله تعالى (مِنْ مَحارِيبَ) والثاني اتفاقهم على ان داود أسس بيت المقدس فى موضع فسطاس موسى وبنى مقدار قامة انسان فلم يؤذن له فى الإتمام كما مر وجهه ثم لما دنا اجله وصى به الى ابنه سليمان وبعيد ان يؤخر سليمان وصية أبيه الى آخر عمره مع ما ملك مدة أربعين سنة والثالث قصة الخروب التي ذكرها الاجلاء من العلماء فانها تقتضى ان سليمان صلى فى المسجد الأقصى بعد إتمامه زمانا كثيرا وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كمال قدرته وحكمته وانه هو الذي سخر الجن والانس لمخلوق مثلهم وهم الألوف الكثيرة والوحوش والطيور ثم قضى عليه الموت وجعلهم مسخرين لجثة بلا روح وبحكمته جعل دابة الأرض حيوانا ضعيفا مثلها دليلا لهذه الألوف الكثيرة من الجن والانس تدلهم بفعلها على علم ما لم يعلموا وفيه ايضا اشارة الى انه تعالى جعل فيها سببا لايمان امة عظيمة وبيان حال الجن انهم لا يعلمون الغيب وفيه اشارة اخرى ان نبيين من الأنبياء اتكئا على عصوين وهما موسى وسليمان فلما قال موسى هى عصاى اتوكأ عليها قال ربه ألقها فلما القاها جعلها ثعبانا مبينا يعنى من اتكأ على غير فضل الله ورحمته يكون متكؤه ثعبانا ولما اتكأ سليمان على عصاه فى قيام ملكه بها واستمسك بها بعث الله أضعف دابة وأخسها لابطال متكئه ومتمسكه ليعلم ان من قام بغيره زال بزواله وان كل متمسك بغير الله طاغوت من الطواغيت ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها انتهى كلامه لَقَدْ اى بالله لقد كانَ لِسَبَإٍ كجبل وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة اى كان لقبيلة سبأ وهم أولاد سبأ بن يشجب بالجيم على ما فى القاموس ابن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. وسبأ لقب عبد شمس بن يشجب وانما لقب به لانه أول من سبى كما قاله السهيلي

وهو يجمع قبائل اليمن. ويعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية فهو ابو عرب اليمن يقال لهم العرب العاربة. ويقال لمن تكلم بلغة إسماعيل العرب المستعربة وهى لغة اهل الحجاز فعربية قحطان كانت قبل إسماعيل عليه السلام وهو لا ينافى كون إسماعيل أول من تكلم بالعربية لانه أول من تكلم بالعربية البينة المحضة وهى عربية قريش التي نزل بها القرآن وكذا لا ينافى ما قيل ان أول من تكلم بالعربية آدم فى الجنة فلما اهبط الى الأرض تكلم بالسريانية وجاء (من احسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث النفاق) واشتهر على ألسنة الناس انه صلى الله عليه وسلم (قال انا افصح من نطق بالضاد) قال جمع لا اصل له ومعناه صحيح لان المعنى انا افصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون بالضاد ولا توجد فى غير لغتهم كما فى انسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبي فِي مَسْكَنِهِمْ بالفارسية [نشستكاه] والمعنى فى بلدهم الذي كانوا فيه باليمن وهو مأرب كمنزل على ما فى القاموس بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال وهى المرادة بسبا بلدة بلقيس فى سورة النمل قال السهيلي مأرب اسم ملك كان يملكهم كما ان كسرى اسم لكل من ملك الفرس. وخاقان اسم لكل من ملك الصين. وقيصر اسم لكل من ملك الروم. وفرعون لكل من ملك مصر. وتبع لكل من ملك الشحر واليمن وحضر موت. والنجاشي لكل من ملك الحبشة وقيل مأرب اسم قصر كان لهم ذكره المسعودي قال فى انسان العيون ويعرب بن قحطان قيل له ايمن لان هودا عليه السلام قال له أنت ايمن ولدي وسمى اليمن يمنا بنزوله فيه آيَةٌ علامة ظاهرة دالة بملاحظة الأحوال السابقة واللاحقة لتلك القبيلة من الإعطاء والترفية بمقتضى اللطف ثم من المنع والتخريب بموجب القهر على وجود الصانع المختار وقدرته على كل ما يشاء من الأمور البديعة ومجازاته للمحسن والمسيء وما يعقلها الا العالمون وما يعتبرها الا العاقلون جَنَّتانِ بدل من آية والمراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط عَنْ يَمِينٍ جماعة عن يمين بلدتهم واليمين فى الأصل الجارحة وهى اشرف الجوارح لقوتها وبها تعرف من الشمال وتمتاز عنها وَشِمالٍ وجماعة عن شمالها كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة او بستانان لكل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله كُلُوا حكاية لما قال لهم نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها او لسان الحال او بيان لكونهم أحقاء بان يقال لهم ذلك مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ من انواع الثمار وَاشْكُرُوا لَهُ على ما رزقكم باللسان والجنان والأركان بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به اى بلدتكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم ما فيها من الطيبات وطلب منكم الشكر رب غفور لفرطات من يشكره فمعنى طيبة انها لم تكن سبخة بل لينة حيث أخرجت الثمار الطيبة او انها طيبة الهواء والماء كما قال الكاشفى [اين شهرى كه خداى تعالى در وى روزى ميدهد شهرى پاكيزه است هواى تن درست وآب شيرين وخاك پاك] شهرى چوبهشت از نكويى ... چون باغ ارم بتازه رويى وفى فتح الرحمن وطيبتها انها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية

[سورة سبإ (34) : الآيات 16 إلى 20]

ولا غيرها من المؤذيات وكان يمر بها الغريب وفى ثيابه القمل فتموت كلها لطيب هوائها ومن ثمة لم يكن بها آفات وامراض ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما كانت أطيب البلاد هواء واخصبها. وكانت المرأة تخرج من منزلها الى منزل جارتها وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىء المكتل مما يتساقط فيه من انواع الثمار من غير ان تمديدها والى هذا المعنى أشير بعبارة الجنة إذ حال الجنة يكون هكذا. ولله تعالى جنان فى الأرض كجنانه فى السماء وأفضلها الجنة المعنوية التي هى القلب وما يحتويه من انواع المعارف والفيوض والكشوف فالطيب من الأشياء ما يستلذه الحواس ومن الإنسان من تطهر عن نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتطيب بالعلم والايمان ومحاسن الافعال قال بعض الكبار بلدة طيبة بلدة الإنسانية قابلة لبذر التوحيد وكلمة لا اله الا الله ورب غفور يستر عيوب أوليائه بنور مغفرته ويغفر ذنوبهم لعزة معرفته انتهى وبسببهم يغفر ذنوب كثير من عباده ويقبل حسناتهم [نقلست عبد الله بن مبارك رضى الله عنه در حرم محترم يكسال از حج فارغ شده بود بخواب ديد كه دو فرشته درآمدندى ويكى از ديكرى پرسيدى كه خلق امسال چند جمع آمدند ديكرى كفت سيصد هزار من كفتم حج چند كس مقبول افتاد كفتند حج هيچ كس عبد الله كفت چون اين شنودم اضطرابى در من پديد آمد كفتم آخر اين همه خلق از أطراف جهان با اين همه رنج وتعب مى آمدند واين همه ضايعست كفتند كفشكريست در دمشق على بن موفق كويند او اينجا نيامده است وليكن حج او را قبول كردند واين جمله را در كار او كردند] وكان حجه انه قال جمعت ثلاثمائة وخمسين درهما للحج فمرت بي حامل فقالت ان هذه الدار يجيىء منها رائحة طعام فاذهب وخذ شيأ منه لى لئلا يسقط حملى قال فذهبت فاخبرت القصة لصاحب الدار فبكى وقال ان لى أولادا لم يذوقوا طعاما منذ أسبوع فقمت اليوم وجئت بلحم من ميتة حمار فهم يطبخونه فهو لنا حلال فانا مضطرون ولك حرام فكيف أعطيك منه قال على فلما سمعت ذلك منه احترق فؤادى ودفعت المبلغ المذكور اليه وقلت حجى هذا فتقبل الله تعالى ذلك منه بقبول حسن ووهب له جميع الحجاج بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى يعنى فى طريق مكة المشرفة فَأَعْرَضُوا اى أولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفر والنعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال. يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ الإرسال مقابل الإمساك والتخلية وترك المنع سَيْلَ الْعَرِمِ السيل أصله مصدر كالسيلان بمعنى [رفتن آب] وجعل اسما للماء الذي يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل إذا شرس خلقه اى ساء وصعب أضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو

من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الأمر العرم. والمعنى بالفارسية [پس فرستاديم وفروكشاديم بر ايشان سيل صعب ودشوار] وقال ابن عباس رضى الله عنهما العرم اسم الوادي: يعنى [نام وادي كه آب از جانب او آمد] وقال بعضهم العرم السد الذي يحبس الماء ليعلوا على الأرض المرتفعة: يعنى [عرم بند آبست بلغة حمير] وقال بعضهم هو الجرذ الذكر أضاف السيل اليه لان الله تعالى أرسل جرذانا برية كان لها أنياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد: يعنى [بند را سوراخ كرد] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الأعمى الذي لا يدرك الا بالسمع قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل الله له الأرض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه الله حدة السمع فيدرك الوطء الخفي من مسافة بعيدة فاذا أحس بذلك جعل يحفر فى الأرض قيل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيد بها فانه إذا شمها خرج إليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل الله له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه إذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان قال الكاشفى [در مختار آورده كه فرزندان سبا را در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود در ميان دو كوه از أعلى تا أسفل آن منزل هـژده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادي بود از چشمه در پايان كوى كاه بودى كه فاضل آب از اوديه يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى] قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [از بلقيس كه از واليه ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار در دهانه كوه تا آبهاى أصلي وزائدى از امطار وعيون آنجا جمع شدند] وقال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان الذي بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى [وسه ثقبه بر آن سد ترتيب كرد تا أول ثقبه أعلى بگشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند و چون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى چون سيزده پيغمبر را تكذيب كردند و پيغمبر آخرين در زمان پادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد از رفع عيسى بديشان آمد واو را بسيار رنجانيدند حق سبحانه وتعالى موشهاى دستى در زير بند ايشان پديد آورده بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بند شكسته شد وسيل درآمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم و چهارپاى هلاك كشت] وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذي لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار اى الى الجبل وأغرق أموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ المذكورتين وآتيناهم بدلهما: وبالفارسية [وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان] والتبديل جعل الشيء مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة جَنَّتَيْنِ ثانى مفعولى بدلنا ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالألف وهى تثنية

[سورة سبإ (34) : آية 17]

ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ: وبالفارسية [دو باغ خداوند ميوهاى تلخ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الأراك على ما قاله البخاري والاكل ثمره قال فى المختار الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم وَأَثْلٍ معطوف على أكل لا على خمط فان الأثل هو الطرفاء بالفارسية [كز] او شجر يشبهه أعظم منه ولا ثمر له: قال الشيخ سعدى قدس سره اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هركز نيارد كز انگور بار وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وهو معطوف ايضا على أكل قال البيضاوي وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلا وهو البرى الذي يقال له الضال والمراد هاهنا هو الثاني فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب أعمالهم القبيحة والحاصل ان الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها غير المثمرة ذلِكَ اشارة الى مصدر قوله تعالى جَزَيْناهُمْ فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره بِما كَفَرُوا بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسل وفى هذه الآية دليل على بعث الأنبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التي بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر. فهل وان كان استفهاما فمعناه النفي ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الإيقان والتقوى والصدق والإخلاص والتوكل والأخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والأوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى. فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الأشجار الخبيثة لم يجدوا الا الأثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التي حفروا

[سورة سبإ (34) : آية 18]

كما قيل «يداك اوكتا وفوك نفخ» وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال او كأعلى سقائه إذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذي يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية (فمن وجد خيرا فليحمد الله) اى الذي هو ينبوع الرحمة والخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه) : وفى المثنوى داد حق اهل سبا را بس فراغ ... صد هزاران قصر وايوانها وباغ شكر آن نكزاردند آن بدرگان ... در وفا بودند كمتر از سكان مر سكانرا لقمه نانى ز در ... چون رسد بر در همى بندد كمر پاسبان وحارس در ميشود ... كر چهـ بر وى جور سختى ميرود هم بر ان در باشدش باش وقرار ... كفر دارد كرد غيرى اختيار بيوفايى چون سكانرا عار بود ... بيوفايى چون روا دارى نمود وَجَعَلْنا عطف على كان لسبأ وهو بيان لما أوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما أوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم بَيْنَهُمْ اى بين بلادهم اليمنية وَبَيْنَ الْقُرَى الشامية الَّتِي بارَكْنا فِيها [بركت داده ايم در ان] يعنى بالمياه والأشجار والثمار والخصب والسعة فى العيش للاعلى والأدنى والقرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين وأريحا وأردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير قُرىً ظاهِرَةً اصل ظهر الشيء ان يحصل على ظهر الأرض فلا يخفى وبطن الشيء ان يحصل فى بطنان الأرض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين أهلها او راكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ودر عين المعاني آورده كه از مأرب كه منزل اهل سبا بود تا شام چهار هزار وهفتصد ديه بود متصل از سبا تا بشام] وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ [التقدير: اندازه كردن] والسير المضي فى الأرض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال أبناء السبيل قيل كان الغادي من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكميلا لما أوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر سِيرُوا فِيها على ارادة القول بلسان المقال والحال فانهم لما مكنوا من السير وسويت لهم أسبابه فكأنهم أمروا بذلك واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم لَيالِيَ وَأَيَّاماً اى متى شئتم من الليالى والأيام حال كونكم آمِنِينَ اصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه من الأعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الامن فيها باختلاف الأوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى

[سورة سبإ (34) : آية 19]

وأياما كثيرة او سيروا فيها ليالى اعماركم وأيامها لا تلقون فيها الا الامن لكن لا على الحقيقة بل على تنزيل تمكينهم من السير المذكور وتسوية مباديه وأسبابه على الوجه المذكور منزلة أمرهم بذلك فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا [المباعدة والبعاد: از كسى دور شدن وكسى را دور كردن] والسفر خلاف الحضر وهو فى الأصل كشف الغطاء وسفر الرجل فهو سافر وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بان الإنسان قد سفر عن المكان والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتقت السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه من الجلد المستدير وقال بعضهم وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال ويستخرج دعاوى النفوس ودفائنها قال اهل التفسير بطر اهل سبأ النعمة وسئموا طيب العيش وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنوا إسرائيل الثوم والبصل مكان السلوى والعسل وقالوا لو كان جنى جناننا ابعد لكان أجدر ان نشتهيه وسألوا ان يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز وقفارا ليركبوا فيها الرواحل ويتزودوا الأزواد ويتطاولوا فيها على الفقراء: يعنى [توانكرانرا بر درويشان حسد آمد كه ميان ما وايشان در رفتن هيچ فرقى نيست پياده ومفلس اين راه همچنان ميرود كه سواره وتوانكر (فَقالُوا) پس كفتند اغنياى ايشان اى پروردگار ما دورى افكن ميان منازل سفرهاى ما: يعنى بيابانها پديد كن از منزلى بمنزلى تا مردم بى زاد وراحله سفر نتوانند كرد] فعجل لهم الاجابة بتخريب تلك القرى المتوسطة وجعلها بلقعا لا يسمع فيها داع ولا مجيب وفى المثنوى آن سبا ز اهل صبا بودند وخام ... كارشان كفران نعمت با كرام باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى با محسن خود تو جدال كه نمى بايد مرا اين نيكويى ... من برنجم زين چهـ رنچهـ ميشوى لطف كن اين نيكويى را دور كن ... من نخواهم عافيت رنجور كن پس سبا كفتند باعد بيننا ... شيننا خير لنا خذ زيننا ما نمى خواهيم اين ايوان وباغ ... نى زنان خوب ونى أمن وفراغ شهرها نزديك همديكر بدست ... آن بيابانست خوش كانجاد دست يطلب الإنسان فى الصيف الشتا ... فاذا جاء الشتا أنكر ذا فهو لا يرضى بحال ابدا ... لا بضيق لا بعيش رغدا قتل الإنسان ما اكفره ... كلما نال هدى أنكره وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الأنبياء فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ قال ابن الكمال الأحاديث مبنى على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على الأحاديث اى جعلنا اهل سبا اخبارا وعظة وعبرة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من أحوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ اى فرقناهم غاية التفريق على ان الممزق مصدر او كل مطرح ومكان تفريق على انه اسم مكان وفى عبارة التمزيق الخاص بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الأمر والدلالة على شدة التأثير والإيلام ما لا يخفى اى مزقناهم تمزيقا لا غاية وراءه

[سورة سبإ (34) : آية 20]

بحيث تضرب به الأمثال فى كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا أيدي سبأ اى تفرقوا تفرق اهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا فى البلاد [تا يكى از ايشان دو مأرب نمايد قبيله غسان از ايشان بشام رفت وقضاعه بمكة واسد ببحرين وانمار بيثرب وجذام بتهامة واز دبعمان] إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من قصتهم لَآياتٍ عظيمة ودلالات كثيرة وعبرا وحججا واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة قال بعضهم جمع الآيات لانهم صاروا فرقا كثيرة كل منهم آية مستقلة لِكُلِّ صَبَّارٍ عن المعاصي ودواعى الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات شَكُورٍ على النعم الإلهية فى كل الأوقات والحالات او لكل مؤمن كامل لان الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر [در كشف الاسرار آورده كه اهل سبا در خوش حال وفارغ بالى مى كذرانيدند بسبب بى صبرى بر عافيت وناشكرى بر نعمت رسيد بديشان آنچهـ رسيد] اى روزكار عافيت شكرت نكفتم لا جرم ... دستى كه در آغوش بود اكنون بدندان مى كزم وفى المثنوى چون ز حد بردند اصحاب سبا ... كه به پيش ما وبابه از صبا «1» ناصحانشان در نصيحت آمدند ... از فسوق وكفر مانع مى شدند قصد خون ناصحان ميداشتند ... تخم فسق وكافرى مى كاشتند بهر مظلومان همى كندند چاه ... در چهـ افتادند ومى كفتند آه صبر آرد آرزو رانى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب «2» قال بعض الكبار ان طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن الله وعن حضرته والميل الى الدنيا والرغبة فى شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله الله عبرة لاهل الطلب وأوقعه فى وادي الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والشكر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا الله وإياكم من الراغبين اليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد إرشاده وتوفيقه انه الرحمن الذي بيده القلوب وتقليبها من حال الى حال وتصريفها كيف يشاء فى الأيام والليال وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ التصديق بالفارسية [راستى يافتن] وضمير عليهم الى اهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر انه راجع الى الناس كما يشهد به ما بعده. وإبليس مشتق من الإبلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما فى المفردات ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي انتهى والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشيء بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وبالله لقد وجد إبليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم فى الشهوات صادقا فَاتَّبَعُوهُ اى اتبع اهل سبأ الشيطان فى الشرك والمعصية إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية اى الا جماعة هم المؤمنون لم يتبعوه فى اصل الدين وتقليلهم بالاضافة الى الكفار او تبعيضية اى الافريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان باقى قصه اهل سبا (2) در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه دفتر أول

[سورة سبإ (34) : الآيات 21 إلى 24]

او وجد ظنه ببني آدم صادقا فاتبعوه الافريقا من المؤمنين وذلك انه حين شاهد آدم عليه السلام قد أصغى الى وسوسته قال ان ذريته أضعف منه عزما ولذا قال لاضلنهم وقال الكاشفى [شيطان لعين كمان برده بود كه من بر بنى آدم بسبب شهوت وغضب كه در نهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان او درباره اهل غوايت راست شد] او قال انا نارى وآدم طينى والنار تأكل الطين او ظن عند قول الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان إبليس لم يكن متيقنا ان يقدر على الإغواء والإضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على إغواء من لم يطع الله ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصي وكانوا مستعدين لقبولها حكمة لله فى ذلك وقبلوا منه بعض ما أمرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه اى وجدهم كما ظن فيهم: قال الشيخ سعدى قدس سره نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كز إينان نيايد بجز كار بد فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما كجا سر برآريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى وَما كانَ لَهُ اى لابليس عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء وإلا فهو ما سل سيفا ولا ضرب بعصا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ استثناء مفرغ من أعم العلل ومن موصولة منصوبة بنعلم. والعلم ادراك الشيء بحقيقته والعالم فى وصف الله تعالى هو الذي لا يخفى عليه شىء والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك إيذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفي للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه إذا كان منشأ الشك متعلقه لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح. والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلقا حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم الله قديم وتعلقه حادث إذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان بالله ظن السوء ان الله جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم إبليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان الله بكمال قدرته وحكمته خلق اهل الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام (خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلق النار وخلق لها أهلا) وقال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فالله تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذي خلقهم على ما هم به وانما سلط الله الشيطان على بنى آدم لاستخراج

[سورة سبإ (34) : آية 22]

جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوس فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره در زمين كر نيشكر ور خوردنى است ... ترجمان هر زمين بنت وى است وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ محافظ عليه بالفارسية [نكهبانست] فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان وقال بعضهم هو الذي يحفظ كل شىء على ما هو به والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والأمانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه الملكات المفضية الى البوار قال بعض الحكماء الالهية اسباب الحفظ الجد والمواظبة وترك المعاصي واستعمال السواك وتقليل النوم وصلاة الليل وقراءة القرآن نظرا وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل احدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق ومن خاصية هذا الاسم وهو الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته ومن حفظ الله تعالى ما قال ذو النون رضى الله عنه وقعت ولولة فى قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعدو فتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم وإذا بأفعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم قال ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل وإذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بي هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك وهذا من لطف الله باوليائه فواحد يحفظ عليه اعماله ليجازيه وآخر يحفظه فيدفع عنه الآفات اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحفظنا برأفتك التي لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين قُلِ يا محمد للمشركين إظهارا لبطلان ما هم عليه وتبكيتا لهم ادْعُوا نادوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ قال فى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه وفى المفردات الزعم حكاية قول يكون مظنة الكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذم القائلين به والمعنى زعمتموهم آلهة وهما مفعولا زعم ثم حذف الاول وهو ضمير الراجع الى الموصول تخفيفا لطول الموصول بصلته والثاني وهو آلهة لقيام صفته اعنى قوله مِنْ دُونِ اللَّهِ مقامه والمعنى ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله فيما يهتمكم من جلب نفع ودفع ضر لعلهم يستجيبون لكم ان صح دعواكم ثم أجاب عنه اشعارا بتعين الجواب وانه لا يقبل المكابرة فقال بطريق الاستئناف لبيان حالهم لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ من خير وشر ونفع وضر وقد سبق معنى المثقال والذرة فى أوائل هذه السورة فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ

[سورة سبإ (34) : آية 23]

اى فى امر ما من الأمور وذكرهما للتعميم عرفا يعنى ان اهل العرف يعبرون بهما عن جميع الموجودات كما يعبرون بالمهاجرين والأنصار عن جميع الجماعة أو لأن آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها ارضية كالاصنام أو لأن الأسباب القريبة للخير والشر سماوية وارضية وَما لَهُمْ اى لآلهتهم فِيهِما فى السموات والأرض مِنْ شِرْكٍ اى شركة لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا وَما لَهُ اى لله تعالى مِنْهُمْ من آلهتهم مِنْ ظَهِيرٍ من عون يعينه فى تدبير أمورهما. تلخيصه انه تعالى غنى عن كل خلقه وآلهتهم عجزة عن كل شىء: وفى المثنوى نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى «1» ذات او مستغنيست از ياورى ... بلكه يابد عون ازو هر سرورى «2» وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ وهى طلب العفو او الفضل للغير من الغير يعنى ان الشافع شفيع للمشفوع له فى طلب نجاته او زيادة ثوابه ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه واما دعاء الامة للنبى عليه السلام وسؤالهم له مقام الوسيلة فلا يطلق عليه الشفاعة اما لاشتراط العلو فى الشفيع واما لاشتراط العجز فى المشفوع له وكلاهما منتف هاهنا عِنْدَهُ تعالى كما يزعمون اى لا توجد رأسا لقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وانما علق النفي بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفي ما هو غرضهم من وقوعها إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا تنفع الشفاعة فى حال من الأحوال الا كائنة لمن اذن له اى لاجله وفى شأنه من المستحقين للشفاعة واما من عداهم من غير المستحقين لها فلا تنفعهم أصلا وان فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء إذ لم يأذن لهم فى شفاعتهم بل فى شفاعة غيرهم فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء بعبارة النص ومن شفاعة الأصنام بدلالته إذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها فلان يحرموها من جهة العجزة عنها اولى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ التفزيع من الاضداد فانه التخويف وازالة الخوف والفزع: وبالفارسية [بترسانيدن واندوه وابردن] وهذا يعدى بعن كما فى هذا المقام والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولذا لا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه والمعنى حتى إذا ازيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين واما الكفرة فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بألف منزل وحتى غاية لما ينبىء عنه ما قبلها من الاشعار بوقوع الا لمن اذن له فانه يشعر بالاستئذان المستدعى الترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون فى موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفون على وجل وفزع زمانا طويلا حتى إذا ازيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتي وظهرت لهم تباشير الاجابة قالُوا اى المشفوع لهم إذ هم المحتاجون الى الاذن والمهتمون بامره ماذا [چهـ چيز] قالَ رَبُّكُمْ اى فى شأن الاذن قالُوا اى الشفعاء لانهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة الْحَقَّ اى قال ربنا القول الحق وهو الاذن فى الشفاعة للمستحقين لها وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ من

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ (2) لم أجد

[سورة سبإ (34) : آية 24]

تمام كلام الشفعاء قالوه اعترافا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر وإذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو إضافي لا مطلق والتخلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الأمور والبعد عن سفسافها وفى الحديث (ان الله يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها) وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان: قال الصائب چون بسير لا مكان خود ميروم از خويشتن ... همچوهمت توسنى در زير زين داريم ما وخاصية هذا الاسم الرفع عن أسافل الأمور الى أعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل الله تعالى واما الكبير فهو الذي يحتقر كل شىء فى جنب كبريائه وقيل فى معنى الله اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه غيره قال بعض الكبار معنى قول المصلى الله اكبر بلسان الظاهر الله اكبر ان يقيد ربى حال من الأحوال بل هو تعالى فى كل الأحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلّم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام وأكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح وفى الأربعين الادريسية يا كبير أنت الذي لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردي إذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا قُلْ مَنْ استفهام بمعنى [كه] بالفارسية يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ بانزال المطر وَالْأَرْضِ بإخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الإقرار بان آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ... فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الإلزام قيل له عليه السلام قُلِ اللَّهُ يرزقكم إذ لا جواب سواه عندهم ايضا اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الأقوات والاطعمة المتعلقة بالأبدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالأرواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة) اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث (من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه واجرى ينابيع الحكمة من قلبه) وفى الحديث (ان لله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من أكل حراما لم يقبل منه صرف

[سورة سبإ (34) : الآيات 25 إلى 30]

ولا عدل) اى نافلة وفريضة [وكفته اند از پاكى مطعم وحلالى قوت صفاى دل خيزد واز صفاى دل نور معرفت افزايد وبا نور معرفت مكاشفات ومنازلات در پيوندد] : وفى المثنوى لقمه كان نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال روغنى كايد چراغ ما كشد ... آب خوانش چون چراغى را كشد علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال چون ز لقمه تو حسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام هيچ كندم كارى وجو بر دهد ... ديده اسبى كه كره خر دهد لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها زايد از لقمه حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان وَإِنَّا [وديكر بگو با ايشان كه بدرستىء ما] أَوْ إِيَّاكُمْ عطف على اسم ان يعنى [با شما] لَعَلى هُدىً [بر راه راستيم] أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يا در كمراهى آشكار] اى وان أحد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به فى العبادة الجماد النازل فى ادنى المراتب الامكانية لعلى أحد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو فى الضلال ابلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الألد ونحوه قول الرجل فى التعريف لصاحبه الله يعلم ان أحدنا لكاذب: يعنى [اين سخن چنانست دو كس در خصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد از ما يكى دروغ زنست ناچار ومقصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را] الله يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب وأو هاهنا لمجرد إبهام واظهار نصفة لا للشك والتشكيك وقال بعضهم أو هاهنا بمعنى الواو: يعنى انا وإياكم لعلى هدى ان آمنا او فى ضلال مبين ان لم نؤمن انتهى واختلاف الجارين للايذان بان الهادي الذي هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الأشياء ويتطلع عليها او ركب فرسا جوادا يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيأ ولا يدرى اين يتوجه او متردى فى بئر عميق او محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا [الاجرام: جرم كردن] والجرم بالضم الذنب وأصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه كما فى المفردات اى فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت وهذا ابلغ فى الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث أسند فيه الاجرام وان أريد به الزلة وترك الاولى الى أنفسهم ومطلق العمل الى المخاطبين مع ان أعمالهم اكبر الكبائر قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا يوم القيامة عند الحشر والحساب ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ [الفتح: كشادن وحكم كردن] اى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بان يدخل المحقين الجنة

[سورة سبإ (34) : آية 27]

والمبطلين النار وَهُوَ الْفَتَّاحُ الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة اى المشكلة الْعَلِيمُ بما ينبغى ان يقضى به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شىء من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك قال الزروقى الفتاح المتفضل بإظهار الخير والسعة على اثر ضيق وانغلاق باب للارواح والأشباح فى الأمور الدنيوية والاخروية وقال بعض المشايخ الفتاح من الفتح وهو الإفراج عن الضيق كالذى يفرج تضايق الخصمين فى الحق بحكمه والذي يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله قال الامام الغزالي رحمه الله الفتاح هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لانبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه ويقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ويفتح لهم الأبواب الى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالاحرى ان يكون فتاحا وينبغى ان يتعطش العبد الى ان يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الالهية وان يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية ليكون له حظ من اسم الفتاح وخاصية هذا الاسم تيسير الأمور وتنوير القلب والتمكين من اسباب الفتح فمن قرأه فى اثر صلاة الفجر احدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر امره وفيه تيسير الرزق وغيره والعليم مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف انه تعالى هو العالم بكل شىء راقبه فى كل شىء واكتفى بعلمه فى كل شىء فكان واثقا به عند كل شىء ومتوجها له بكل شىء قال ابن عطاء الله متى آلمك عدم اقبال الناس عليك او توجههم بالذم إليك فارجع الى علم الله فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف الله حق معرفته على الوجه الذي يليق به وفى شمس المعارف من انبهم عليه امر او كشف سر من اسرار الله فليدم عليه فانه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وان أراد فتح باب الصفة الالهية فتح له باب من العلم والعمل قُلْ أَرُونِيَ [بنماييد بمن] الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ اى ألحقتموهم: يعنى [بربسته آيد] قال فى تاج المصادر [الإلحاق: در رسيدن ودر رسانيدن] بِهِ تعالى شُرَكاءَ أريد بامرهم اراءة الأصنام مع كونها بمرأى منه عليه السلام اظهار خطأهم العظيم واطلاعهم على بطلان رأيهم اى ارونيها لا نظر بأى صفة الحقتموها بالله الذي ليس كمثله شىء مع استحقاق العبادة هل يخلقون وهل يرزقون وفيه مزيد تبكيت لهم بعد الزام الحجة عليهم كَلَّا ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة كما قال ابراهيم عليه السلام أف لكم ولما تعبدون بعد ما حجهم يعنى: [اين انبازى درست نيست] بَلْ هُوَ اى الله وحده او الشان كما قال هو الله أحد اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فاين شركاؤكم التي هى اخس الأشياء وأذلها من هذه الرتبة العالية: يعنى [بس كه با او دم شركت تواند زد وحده لا شريك له صفتش وهو الفرد اصل معرفتش شرك را سوى وحدتش ده نه عقل از كنه ذاتش آگه نه هست در راه كبريا وجلال شرك نالائق وشريك محال] والتقرب باسم العزيز فى التمسك

[سورة سبإ (34) : آية 28]

بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق فان العز فيه ومن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون والتقرب باسم الحكيم ان تراعى حكمته فى الأمور فتجرى عليها مقدما ما جاء شرعا ثم عادة سلمت من معارض شرعى وخاصيته دفع الدواهي وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب من الحكمة والحكمة فى حقنا إصابة الحق فى القول والعمل وفى حق الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام قال بعضهم الحكمة تقال بالاشتراك على معنيين. الاول كون الحكيم بحيث يعلم الأشياء على ما هى عليه فى نفس الأمر. والثاني كونه بحيث تصدر عنه الافعال المحكمة الجامعة وقد سبق باقى البيان فى تفسير سورة لقمان ومن الله العون على تحصيل العلم والاجتهاد فى العمل ومعرفة الأشياء على ما هى عليه وَما أَرْسَلْناكَ يا محمد اى ما بعثناك: والإرسال بالفارسية [فرستادن] إِلَّا إرسالا كَافَّةً عامة شاملة لِلنَّاسِ محيطة بأحمرهم وأسودهم من الكف بمعنى المنع لانها إذا عمتهم وشملتهم فقد كفتهم ان يخرج منها أحد منهم فانتصاب كافة على انها صفة مصدر محذوف والتاء للتأنيث والجار متعلق بها ويجوز ان تكون حالا من الكاف والتاء للمبالغة كتاء علامة اى ما أرسلناك فى حال من الأحوال الا حال كونك جامعا لهم فى الإبلاغ لان الكف يلزم الجمع وفى كشف الاسرار الكافة هى الجامعة للشىء المانعة له عن التفرق ومنه الكفاف من العيش وقولك كف يدك اى اجمعها إليك ولا يجوز ان يكون حالا من الناس لامتناع تقدم الحال على صاحبها المجرور كامتناع تقدم المجرور على الجار قال الراغب وما أرسلناك الا كافا لهم عن المعاصي والتاء فيه للمبالغة انتهى بَشِيراً حال كونك بشيرا بالفارسية [مژده دهنده] للمؤمنين بالجنة وللعاشقين بالرؤية وَنَذِيراً وحال كونك منذرا بالفارسية [بيم كننده] للكافرين بالنار وللمنكرين بالحجاب وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك فيحملهم جهلهم على المخالفة والعصيان وكرر ذكر الناس تخصيصا للجهل بنعمتي البشارة والنذارة ونعمة الرسالة بهم وانهم هم الذين لا يعلمون فضل الله بذلك عليهم ولا يشكرونه وذلك لان العقل لا يستقل بإدراك جميع الأمور الدنيوية والاخروية والتمييز بين المضار والمنافع فاحتاج الناس الى التبشير والانذار وبيان المشكلات من جهة اهل الوحى قال صاحب كشف الاسرار [صديق صديقان عالم كرد شراك نعلين چاكران وى بود وبيكانكان منكران او را كاذب ميكفتند صداى وحي غيب عاشق سمع عزيز وى بود او را كاهى ميخواندند عقول همه عقول عقلاء عالم از ادراك نور شراك غرا وعاجز بود وكافران نام او ديوانه نهادند آرى ديدهاى ايشان بحكم لطف ازل توتياى صدق نيافته وبچشمهاى ايشان كحل اقبال حق نرسيده واز آنست كه او را نشناختند] ودلت الآية على عموم رسالته وشمول بعثته وفى الحديث (فضلت على الأنبياء

بست أعطيت جوامع الكلم) وهى ما يكون ألفاظه قليلة ومعانيه كثيرة (ونصرت بالرعب) يعنى نصرنى الله بإلقاء الخوف فى قلوب أعدائي (من مسيرة شهر بينى وبينهم) وجعل الغاية شهرا لانه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه المحاربين له اكثر من شهر (وأحلت لى الغنائم) يعنى ان من قبله من الأمم كانوا إذا غنموا الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الأنبياء فخص نبينا عليه السلام بأخذ الخمس والصفي وإذا غنموا غيرها من الامتعة والاطعمة والأموال جمعوه فتجيىء نار بيضاء من السماء فتحرقه حيث لا غلول وخص هذه الامة المرحومة بالقسمة بينهم كاكل لحم القربان فان الله أحله لهم زيادة فى أرزاقهم ولم يحله لمن قبلهم من الأمم (وجعلت لى الأرض طهورا ومسجدا) يعنى أباح الله لامتى الصلاة حيث كانوا تخفيفا لهم وأباح التيمم بالتراب عند فقد الماء ولم يبح الصلاة للامم الماضية الا فى كنائسهم ولم يجز التطهر لهم الا بالماء (وأرسلت الى الخلق كافة) اى فى زمنه وغيره ممن تقدم او تأخر بخلاف رسالة نوح عليه السلام فانها وان كانت عامة لجميع اهل الأرض لكنها خصت بزمانه قال فى انسان العيون والخلق يشتمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول اى إرساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وزيد على ذلك انه مرسل الى نفسه وذهب جمع الى انه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقي والجلال المحلى وحكى الفخر الرازي فى تفسيره والبرهان النسفي فيه الإجماع فيكون قوله عليه السلام (أرسلت الى الخلق كافة) وقوله تعالى (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) من العام المخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان رضى الله عنه إذا كان الرجل فى ارض واقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لانه يجوز ان يكون ذلك صادرا عن بعثته إليهم يقول الفقير دل كونه أفضل المخلوقات على عموم بعثته لجميع الموجودات ولذا بشر بمولده اهل الأرض والسماء وسلموا عليه حتى الجماد بفصيح الأداء فهو رحمة للعالمين ورسول الى الخلق أجمعين: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره داعىء ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از ان كفتى حصات قال بعضهم ترا دادند منشور سعادت ... وزان پس نوع انسان آفريدند پرى را جمله در خيل تو كردند ... پس آنگاهى سليمان آفريدند وختم به النبيون اى فلا نبى بعده لا مشرعا ولا متابعا كما بين فى سورة الأحزاب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان إرسال ماهية وجودك التي عبرت عنها مرة بنوري وتارة بروحى من كتم العدم الى عالم الوجود لم يكن منا الا لتكون بشيرا ونذيرا للناس كافة من اهل الأولين والآخرين والأنبياء والمرسلين وان لم يخلقوا بعد لاحتياجهم لك من بدء الوجود فى هذا الشأن وغيره الى الابد كما قال صلى الله عليه وسلم (الناس محتاجون الى شفاعتى حتى ابى

[سورة سبإ (34) : الآيات 29 إلى 30]

ابراهيم) فاما فى بدء وجودهم فالارواح لما حصلت فى عالم الأرواح باشارة كن تابعة لروحك احتاجت الى ان تكون لها بشيرا ونذيرا لتعلقها بالأجسام لانها علوية بالطبع لطيفة نورانية والأجسام سفلية بالطبع كثيفة ظلمانية لا تتعلق بها ولا تميل إليها لمضادة بينهما فتحتاج الى بشير يبشرها بحصول كمال لها عند الاتصال بها لترغب إليها وتحتاج الى نذير ينذرها بانها ان لم تتعلق بالأجسام تحرم من كمالها وتبقى ناقصة غير كاملة كمثل حبة فيها شجرة مركوزة بالقوة فان تزرع وترب بالماء تخرج الشجرة من القوة الى الفعل الى ان تبلغ كمال شجرة مثمرة فالروح بمثابة الأكار المربى فبعد تعلق الروح بالقالب واطمئنانه واتصافه بصفته يحتاج الى بشير بحسب مقامه يبشره بنعيم الجنة وملك لا يبلى ثم يبشره بقرب الحق تعالى ويشوقه الى جماله ويعده بوصاله ونذير ينذره اولا بنار جهنم ثم يوعده بالبعد عن الحق ثم بالقطيعة والهجران وإذا أمعنت النظر وجدت شجرة الموجودات منبتة من بذر روحه صلى الله عليه وسلم وهو ثمرة هذه الشجرة من جميع الأنبياء والمرسلين وهم وان كانوا ثمرة هذه الشجرة ايضا ولكن وجدوا هذه المرتبة بتبعيته كما انه من بذر واحد يظهر على الشجرة ثمار كثيرة بتبعية ذلك البذر الواحد فيجد كل بشير ونذير فرعا لاصل بشيريته ونذيريته والذي يدل على هذا التحقيق قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) دخلت شجرات الموجودات كلها تحت الخطاب وبقوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يشير الى ان اكثر الناس الذين هم اجزاء وجود الشجرة وما وصلوا الى رتبة الثمرية لا يعلمون حقيقة ما قررنا لان احوال الثمرة ليست معلومة للشجرة الا لثمرة مثلها فى وصفها لتكون واقفة بحالها نداند آدم كامل جز آدم وَيَقُولُونَ اى المشركون من فرط جهلهم وغاية غيهم مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به بطريق الاستهزاء مَتى [كى باشد] هذَا الْوَعْدُ المبشر به والمنذر عنه يعنى الجنة والنار إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعوى الوقوع والوجود قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ اى وعد يوم وهو يوم البعث مصدر ميمى لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ اى عن ذلك الميعاد عند مفاجأته فالجملة صفة للميعاد ساعَةً [مقدار اندك از زمان] وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [الاستئخار: پس شدن. والاستقدام: پيش شدن] وفى هذا الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واستعجالهم فيما وعدوهم من رتبة الثمرية يعنى متى نصل الى الكمال الذي بشرتمونا به وبقوله (قُلْ لَكُمْ) الى آخره يجيبهم كما ان لثمرة كل شجرة وقتا معلوما لادراكها وبلوغها الى كمالها كذلك لكل سالك وقت معلوم لبلوغه الى رتبة كماله كما قال تعالى (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ولهذا السر قال تعالى مع حبيبه عليه السلام (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) هذا يشير الى ان لنيل كل مقام صبرا مناسبا لذلك المقام كما ان النبي عليه السلام لما كان من اولى العزم من الرسل امر بصبر اولى العزم من الرسل كما قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره

[سورة سبإ (34) : الآيات 31 إلى 34]

صبر آرد آرزو را نى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفار قريش لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ الذي ينزل على محمد وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى ولا بما نزل قبله من الكتب القديمة الدالة على البعث كالتوراة والإنجيل قال فى كشف الاسرار [چشمى كه مستعمل شده مملكت شيطان باشد ما را چون شناسد. دلى كه ملوث تصرف ديو بود از كجا جلال عزت قرآن بداند. دلى بايد بضمان أمان وحرم كرم حق پناه يافته تا راه بر رسالت ونبوت ما برد. شمعى بايد بزلال اقبال ازل شسته تا جلال عزت قرآن او را بخود راه دهد. ديده بايد از رمص كفر خلاص يافته واز خواب شهوت بيدار شده تا معجزات وآيات ما بيند ودريابد. اى جوانمرد هر كه جمالى ندارد كه با سلطان نديمى كند چهـ كند تا كلخانيانرا حريقى نكند] در مصطبها هميشه فراشم من ... شايسته صومعه كجا باشم من «1» هر چند قلندرى وقلاشم من ... تخمى باميد درد مى پاشم من وَلَوْ تَرى يا محمد او يا من يليق بالخطاب إِذِ الظَّالِمُونَ المنكرون للبعث لانهم ظلموا بان وضعوا الإنكار موضع الإقرار مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى محبوسون فى موقف المحاسبة على أطراف أناملهم وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا شنيعا تقصر العبارة عن تصويره: يعنى [هر آينه به بينى امرى صعب وكارى دشوار] وانما دخلت لو على المضارع مع انها للشرط فى الماضي لتنزيله منزلة الماضي لان المترقب فى اخبار الله كالماضى المقطوع به فى تحقق وقوعه او لاستحضار صورة الرؤية ليشاهدها المخاطب يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ اى يرد من رجع رجعا بمعنى رد إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ اى يتحاورون ويتراجعون القول ويتجاذبون أطراف المجادلة: وبالفارسية [محاوره ميكنند سخن بر هم ميكردانند وجواب ميكويند] ثم أبدل منه قوله يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الاستضعاف: ضعيف شمردن] اى يقول الاتباع الذين عدوا ضعفاء وقهروا: وبالفارسية [زبون وبيچاره كرفتكان] لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا [سركشى ميكردند در دنيا] اى للرؤساء الذين بالغوا فى الكبر والتعظم عن عبادة الله وقبول قوله المنزل على أنبيائه واستتبعوا الضعفاء فى الغى والضلال لَوْلا أَنْتُمْ اى لولا اضلالكم وصدكم لنا عن الايمان لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ اى أنتم منعتمونا من الايمان واتباع الرسول كأنه قيل فماذا قال الذين استكبروا فقيل قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا منكرين لكونهم الصادين لهم عن الايمان مثبتين ذلك لانفسهم اى المستضعفين أَنَحْنُ [آيا ما] صَدَدْناكُمْ منعناكم وصرفناكم عَنِ الْهُدى [از قبول ايمان وهدايت] بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ اى الهدى اى لم نصدكم عنه كقولك ما انا أقلت هذا تريد لم اقله مع انه مقول لغيرى فان دخول همزة الاستفهام الإنكاري على الضمير يفيد نفى الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره كما قال بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ فى الاجرام فبسبب ذلك صددتم أنفسكم عن الايمان وآثرتم التقليد وفى هذا تنبيه للكفار على ان طاعة بعضهم لبعض فى الدنيا تصير سبب عداوة فى الآخرة وتبرى بعضهم من بعض وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا مجيبين لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه

[سورة سبإ (34) : آية 34]

عطف على الجملة الاستئنافية وإضراب على اضرابهم وابطال له بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم إيانا على الشرك والأوزار فحذف المضاف اليه وأقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله «يا سارق الليلة اهل الدار» او جعل ليلهم ونهارهم ما كرين مجازا إِذْ تَأْمُرُونَنا ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت أمركم لنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس أمرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أي نعمة واما امور اخر مقارنه للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ الندامة التحسر فى امر فائت اى أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال حين ما نفعتهم الندامة وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [سرزنش كردن] او أظهروها فانه من الاضداد إذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى أشكيته وهو المناسب لحالهم وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا يقال فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشيء ومنه الغل للماء الجاري خص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى أعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وإيراد المستقبل بلفظ الماضي من جهة تحقق وقوعه والإظهار فى موضع الإضمار حيث لم يقل فى أعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصي والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا أنفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى وهو معتاد بين الظلمة وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق كما فى الكبرى. ولا يكره ان يجعل قيدا فى رجل عبده لانه سنة المسلمين فى السفهاء واهل الفساد فلا يكره فى العبد إذ فيه تحرز عن إباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه قال فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى إطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فى ادب القاضي للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [تخته كله] ويجوز ان تكون الاطافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ من القرى: وبالفارسية [نفرستاديم در هيچ ديهى وشهرى] قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقرى أهلها وتجمعهم مِنْ نَذِيرٍ نبى ينذر أهلها بالعذاب إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه وأترفته النعمة أطغته اى قال رؤساء تلك القرية المتكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من التوحيد

[سورة سبإ (34) : الآيات 35 إلى 39]

والايمان كافِرُونَ منكرون على مقابلة الجمع بالجمع وهذه الآية جاءت لتسلية النبي عليه السلام اى يا محمد هذه سيرة اغنياء الأمم الماضية فلا يهمك امر أكابر قومك فتخصيص المتنعمين بالتكذيب مع اشتراك الكل فيه اما لانهم المتبوعون او لان الداعي المعظم الى التكذيب والإنكار هو التنعم المستتبع للاستكبار وَقالُوا اى الكفار المترفون للفقراء المؤمنين فخرا بزخارف الدنيا وبما هو فتنة لهم نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً منكم فى الدنيا وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فى الآخرة على تقدير وقوعها لان المكرم فى الدنيا لا يهان فى الآخرة قُلْ يا محمد ردا عليهم إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ويوسعه لِمَنْ يَشاءُ ان يبسطه له ويوسعه من مؤمن وكافر وَيَقْدِرُ اى يضيق على من يشاء ان يقدره عليه ويضيقه من مؤمن وكافر حسب اقتضاء مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا ينقاس على ذلك امر الثواب والعقاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها فليس فى التوسيع دلالة على الإكرام كما انه ليس فى التضييق دلالة على الاهانة وفى الحديث (الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر) أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ وهم اهل الغفلة والخذلان لا يَعْلَمُونَ حكمة البسط والقدر فيزعمون ان مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الذل والهوان ولا يدرون ان الاول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثاني بطريق الابتلاء ورفع الدرجات قال الصائب نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مزدور را وَما [ونيست] أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ كلام مستأنف من جهته تعالى مبالغة فى تحقيق الحق اى وما جماعة أموالكم وأولادكم ايها الناس بِالَّتِي بالجماعة التي فان الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء فى حكم التأنيث او بالخصلة التي فيكون تأنيث الموصول باعتبار تأنيث الصفة المحذوفة تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى نصب مصدرا بتقربكم كانبتكم من الأرض نباتا والزلفى والزلفة والقربى والقربة بمعنى واحد وقال الأخفش زلفى اسم مصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا تقريبا إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً استثناء من مفعول تقربكم اى وما الأموال والأولاد تقرب أحدا الا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله فى سبيل الله وعلم أولاده الخير ورباهم على الصلاح والطاعة او من مبتدأ خبره ما بعده كما فى الكواشي فيكون الاستثناء منقطعا كما فى فتح الرحمن فَأُولئِكَ المؤمنون العاملون ثابت لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ على ان الجار والمجرور خبر لما بعده والجملة خبر لاولئك واضافة الجزاء الى الضعف من اضافة المصدر الى المفعول أصله فاولئك لهم ان يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف ثم جزاء الضعف ومعناه ان يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرا فما فوقها الى سبعمائة الى ما لا يحصى بِما عَمِلُوا بسبب ما عملوا من الصالحات وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ اى غرفات الجنة وهى قصورها ومنازلها الرفيعة جمع غرفة وهى البيت فوق البناء يعنى كل بناء يكون

[سورة سبإ (34) : آية 38]

علوا فوق سفل آمِنُونَ من جميع المكاره والآفات كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك وفى الآية اشارة الى انه لا تستحق الزلفى عند الله بالمال والأولاد مما زين للناس حبه وحب غير الله يوجب البعد عن الله كما قال صلى الله عليه وسلم (حبك الشيء يعمى ويصم) يعنى يعميك عن رؤية غيره ويصمك عن دعوة غيره وهذا امارة كمال البعد فان كمال البعد يورث العمى والصمم ولكن من موجبات القربة الأعمال الصالحة والأحوال الصافية والأنفاس الزكية بل العناية السابقة والهداية اللاحقة والرعاية الصادقة فاهل هذه الأسباب هم اهل الدرجات والا من من الهجران والقطيعة واما المنقطعون عن هذه الأسباب المفتخرون بما لا ينفع يوم الحساب وهم اهل الغفلات والدعوى والترهات فلهم الدركات والخوف الغالب فى جميع الحالات: قال الصائب نميدانند اهل غفلت انجام شراب آخر ... بآتش مى روند اين غافلان از راه آب آخر قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل أدرهم فى المنام أحب إليك أم دينار فى اليقظة قال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذي تحبه فى الدنيا كانك تحبه فى المنام والذي لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فى داره فوجده فى بيت منخفض السطح وقد اثر فى جنبه الحصير فقال ما هذا قال (يا عمر اما تأثير الحصير فى جنبى فحبذا خشونة بعدها لين واما السطح فسطح القبر يكون اخفض من هذا فنحن تركنا الدنيا لاهلها وهم تركوا لنا الآخرة وما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها) فالعاقل من لم يغتر بزينة الدنيا ويسعى الى مرضاة المولى هر كه كوته كند بدنيا دست ... پر بر آرد چوجعفر طيار فالاولى ان يأخذ الباقي ويترك الفاني- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حقيقة الحال فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت فالانسان لم يجيىء الى هذه الدار المزينة الا للامتحان فانه كالعروس وهى لا تلتفت الى ما ينثر عليها فان التفتت فمن دناءة الهمة ونقصان العقل فاليوم يوم الفرصة وتدارك الزاد لسفر المعاد از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا نسأل الله سبحانه ان يقطع رجاءنا من غيره مطلقا ويجعل عزمنا اليه صدقا واقبالنا عليه حقا وَالَّذِينَ هم كفار قريش يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ويجتهدون فى ابطالها حال كونهم مُعاجِزِينَ ظانين انهم يعجزوننا ويفوتوننا فلا يكون لهم مؤاخذة بمقابلة ذلك قال فى تاج المصادر [المعاجزة: بر كسى پيشى كرفتن در كارى] وقد سبق فى أوائل السورة أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ من الإحضار وهو بالفارسية [حاضر كردن] اى مدخلون لا يغيبون عنه ولا ينفعهم ما اعتمدوا عليه وفى التأويلات النجمية

[سورة سبإ (34) : آية 39]

هم الذين لا يحترمون الأنبياء والأولياء ولا يرعون حق الله فى السر فهم فى عذاب الاعتراض عليهم وعذاب الوقوع بشؤم ذلك فى ارتكاب محارم الله ثم فى عذاب السقوط من عين الحق: وفى المثنوى چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد «1» قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ اى يوسعه عليه تارة وَيَقْدِرُ لَهُ اى يضيقه عليه تارة اخرى ابتلاء وحكمة فهذا فى شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق فى شخصين فلا تكرار وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ما موصولة بمعنى الذي: وبالفارسية [آنچهـ] مبتدأ خبره قوله فَهُوَ يُخْلِفُهُ او شرطية بمعنى أي شىء: وبالفارسية [هر چهـ] نصب بقوله أنفقتم ومن شىء بيان له وجواب الشرط قوله فهو يخلفه [والانفاق: نفقه كردن] يقال نفق الشيء مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق البيع نفاقا واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا واما بالفناء نحو نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها [والأخلاف: بدل باز دادن از مال وفرزند] يقال اخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه والمعنى الذي او أي شىء أنفقتم فى طاعة الله وطريق الخير والبر فالله تعالى يعطى خلفا له وعوضا منه اما فى الدنيا بالمال او بالقناعة التي هى كنز لا يفنى واما فى الآخرة بالثواب والنعيم او فيهما جميعا فلا تخشوا الفقر وأنفقوا فى سبيل الله وتعرضوا لالطاف الله عاجلا وآجلا وفى التأويلات النجمية وما أنفقتم من شىء من الموجود او الوجود فهو يخلفه من الموجود الفاني بالموجود الباقي ومن الوجود المجازى بالوجود الحقيقي فمن الخلف فى الدنيا الرضى بالعدم والفقر صورة ومعنى وهو أتم من السرور بالموجود والوجود افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اى خير من اعطى الرزق فان غيره كالسلطان والسيد والرجل بالنسبة الى جنده وعبده وعياله واسطة فى إيصال رزقه ولا حقيقة لرازقيته والله تعالى يعطى الكل من خزائن لا تفنى وفى التأويلات النجمية يشبر الى انه خير المنفقين لان خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة فما ينفق كل منفق فى النفقة فهو فان وما ينفق الله من نفقة ليخلفه بها فهى باقية والباقيات خير من الفانيات انتهى قال فى بحر العلوم لما كانت اقامة مصالح العباد من أجل الطاعات واشرف العبادات لانها من وظيفة الأنبياء والصالحين دلهم الله فى الآية على طرف منها حثا عليها كما قال عليه السلام حثا لامته عليها (الخلق كلهم عيال الله وأحبهم اليه انفعهم لعياله) قال العسكري هذا على التوسع والمجاز كأن الله تعالى لما كان المتضمن لارزاق العباد والكافل بها كان الخلق كالعيال له وفى الحديث (ان لله املاكا خلقهم كيف يشاء وصورهم على ما يشاء تحت عرشه ألهمهم ان ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فى كل يوم مرتين ألا من وسع على عياله وجيرانه وسع الله عليه فى الدنيا والآخرة ألا من ضيق ضيق الله عليه ألا ان الله قد اعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارا) والقنطار كجبل أحد وزنا (أنفقوا ولا تخشوا ولا تضيقوا ولا تقتروا وليكن اكثر نفقتكم يوم الجمعة) وفى الحديث (كل معروف صدقة وكل ما أنفق الرجل على نفسه واهله كتب له به صدقة

_ (1) دراوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن شخص كستاخ إلخ

[سورة سبإ (34) : الآيات 40 إلى 45]

وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة) ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الأموال والأقوال والافعال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد الحقانى والمعرفة الذاتية أفضل واشرف لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلوب والأرواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث (ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة) وفى الحديث (ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا) : قال الحافظ احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد وفى المثنوى آن درم دادن سخى را لايقست ... جان سپردن خود سخاى عاشقست «1» نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند هر كه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اشپش وموش وحوادثهاش خورد جمله در بازار زان كشتند بند ... تا چهـ سود افتاد مال خود دهند «2» وفى الحديث (يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين) قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرح هذا الحديث اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس. فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه. ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعم بل للانفاق وقت الحاجة. ومنهم من يقتصر على أداء الواجب قال الغزالي رحمه الله الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد أسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا الله وإياكم من اهل البذل والإحسان بلا إمساك وادّخار واخلف خيرا مما أنفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم جَمِيعاً مجتمعين لا يشد أحد منهم وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات الله

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان قربانى كردن سروان عرب باميد قبول افتادن (2) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن مهمان ايشانرا ومثل آوردن بدفع حارس إلخ

[سورة سبإ (34) : الآيات 41 إلى 42]

لذلك سترهم فان قلت لم لم يقولوا ذلك فى حق الجن مع انهم مستورون ايضا عن أعين الناس قلت لان الملائكة سماوية والجن ارضية وهم اعتقدوا ان الله تعالى فى السماء ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ توبيخا للمشركين العابدين وإقناطا لهم من شفاعتهم كما زعموا أَهؤُلاءِ اى الكفار: وبالفارسية [آيا اين كروه اند كه] إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ فى الدنيا وإياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لانهم اشرف شركائهم بطريق الاولوية قالُوا متنزهين عن ذلك وهو استئناف بيانى سُبْحانَكَ تنزيها لك عن الشرك وفى كشف الاسرار [پاكى ترا است از آنكه غير ترا پرستند] أَنْتَ وَلِيُّنا الولي خلاف العدو اى أنت الذي نواليه مِنْ دُونِهِمْ [بجز مشركان يعنى ميان ايشان هيچ دوستى نيست وحاشا كه بپرستش ايشان رضا داده باشيم] ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم بَلْ كانُوا من جهلهم وغوايتهم يَعْبُدُونَ الْجِنَّ اى الشياطين حيث أطاعوهم فى عبادة غير الله وقيل كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون انهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس ولذا أطلقه بعضهم على الملائكة ايضا أَكْثَرُهُمْ الأكثر هاهنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق اى كل المشركين وقال بعضهم الضمير للانس والأكثر بمعناه اى اكثر الانس بِهِمْ اى الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات الله مُؤْمِنُونَ مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون إليهم من انهم يشفعون لهم وفى الآية اشارة الى انه كما يعبد قوم الملائكة بقول الشيطان وتتبرأ الملائكة منهم يوم القيامة كذلك من يعبد الله بقول الوالدين او الاستاذين او اهل بلده او بالتعصب والهوى كما يعبده اليهود والنصارى والصابئون والمجوس واهل البدع والأهواء يتبرأ الله منه ويقول انا بريىء من ان اعبد بقول الغير وبقول من يعبدنى بالهوى او باعانة اهل الهوى فان من عبدنى بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدنى باعانة اهل الهوى إياه على ان يعبدنى فقد عبد اهل الهوى لانه ما عبدنى مخلصا كما أمرته ولهذا المعنى أمرنا الله ان نقول فى عبادته فى الصلاة إياك نعبد اى لم نعبد غيرك وإياك نستعين على عبادتك باعانتك لا باعانة غيرك وبقوله (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) يشير الى ان اكثر مدعى الإسلام باهل الهوى مؤمنون اى بتقليدهم وتصديقهم فيما ينتمون اليه من البدع والاعتقاد السوء كذا فى التأويلات النجمية: قال الصائب چهـ قدر راه بتقليد توان پيمودن ... رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را فَالْيَوْمَ اى يوم الحشر لا يَمْلِكُ [الملك بالحركات الثلاث: خداوند شدن] بَعْضُكُمْ يعنى المعبودين لِبَعْضٍ يعنى العابدين نَفْعاً بالشفاعة وَلا ضَرًّا اى دفع ضر وهو العذاب على تقدير المضاف إذ الأمر فيه كله لله لان الدار دار جزاء ولا يجازى الخلق أحد غير الله قال فى الإرشاد تقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الإطلاق لانعقاد رجائهم على تحقيق النفع يومئذ وهذا الكلام من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبري مما نسب إليهم الكفرة يخاطبون على رؤس الاشهاد إظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها

[سورة سبإ (34) : آية 43]

من الحكم على جواب الملائكة فانه محقق أجابوا بذلك أم لابل لترتيب الاخبار به عليه وَنَقُولُ فى الآخرة لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر والتكذيب فوضعوهما موضع الايمان والتصديق وهو عطف على يقول للملائكة لا على يملك كما قيل لانه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكي وهذا حكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة ذُوقُوا الذوق فى الأصل وان كان فيما يقل تناوله كالاكل فيما يكثر تناوله الا انه مستصلح للكثير عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ فى الدنيا بِها متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ وتصرون على القول بانها غير كائنة فقد وردتموها وبطل ظنكم ودعواكم وفى التأويلات يشير الى ان من علق قلبه بالاغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالأمثال والاشكال نزع الله الرحمة من قلوبهم فتتركهم وتشوش أحوالهم فلا لهم من الاشكال والأمثال معونة ولا لهم من عقولهم فى أمورهم استبصار ولا الى الله رجوع الا فى الدنيا فان رجعوا اليه فى الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم ويذيقهم عذاب نار البعد والقطيعة لكونهم ظالمين اى عابدين غير الله تعالى [احمد حرب كفت خداى تعالى خلق را آفريده تا او را بيكانكى شناسند وشريك نسازند ورزق داد تا او را برزاقى بدانند وميراند تا او را بقهارى شناسند «ألا ترى ان الموت يذل الجبابرة ويقهر الفراعنة» وزنده كردانيد تا او را بقادرى بدانند چونكه قادر مطلق اوست انسان ببايد كه عجز خود را بداند وعدم طاقت او در زير بار قهرش شناسند ورجوع كند باختيار نه باضطرار واز حق شناسد توفيق هر كار] نكشود صائب از مدد خلق هيچ كار ... از خلق روى خود بخدا مى كنيم ما اعلم ان من عبد الجن وأطاع الشيطان فيما شاء وهو زوال دينه يكون عذابه فى التأبيد كعذاب إبليس ومن أطاع النفس فيما شاءت وهى المعصية يكون عذابه على الانقطاع ومن أطاع الهوى فيما شاء وهو الشهوات يكون له شدة الحساب من أجاب إبليس ذهب عنه المولى ومن أجاب النفس ذهب عنه الورع ومن أجاب الهوى ذهب عنه العقل وكان يحيى عليه السلام مع جلالة قدره وعدم همه بخطيئة يخاف من عذاب النار ويبكى فى الليل والنهار والغافل كيف يأمن من سلب الايمان مع كثرة العصيان وله عدو مثل الشيطان فلا بد من التوبة عن الميل الى غير الله تعالى فى جميع الأحوال والتضرع والبكاء فى البكر والآصال لتحصل النجاة من النيران والفوز بدرجات الجنان والتنعم بنعيم القرب وشهود الرحمن ز پشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است از خدا چهـ خبر وَإِذا تُتْلى اى تقرأ قراءة متتابعة بلسان الرسول عليه السلام عَلَيْهِمْ اى على مشركى مكة آياتُنا القرآنية حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك قالُوا مشيرين الى النبي عليه السلام ما هذا إِلَّا رَجُلٌ تنكيره للتهكم والتلهي والا فرسول الله كان علما مشهورا بينهم يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ اى يمنعكم ويصرفكم عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ من الأصنام منذ ازمنة متطاولة فيستتبعكم بما يستبدعه من غير ان يكون هناك دين الهى: يعنى [مدعاى او آنست كه شما از بت پرستيدن منع كند

[سورة سبإ (34) : الآيات 44 إلى 45]

وبدين وآيين كه احداث كرده در آورد وتابع خود سازد] واضافة الآباء الى المخاطبين لا الى أنفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغة فى تقريرهم على الشرك وتنفيرهم عن التوحيد وَقالُوا ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التوحيد والبعث الواقع مُفْتَرىً بإسناده الى الله تعالى والافتراء الكذب عمدا قالوه عنادا ومكابرة والا فقد قال كبيرهم عتبة بن ربيعة والله ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ اى للقرآن على ان العطف لاختلاف العنوان بان يراد بالأول معناه وبالثاني نظمه المعجز ووضع المظهر موضع المضمر إظهارا للغضب عليهم ودلالة على ان هذا لا يجترئ عليه الا المتمادون فى الكفر المنهمكون فى الغى والباطل لَمَّا جاءَهُمْ من الله تعالى ومعنى التوقع فى لما انهم كذبوا به وجحدوه على البديهة ساعة أتاهم وأول ما سمعوه قبل التدبر والتأمل أَنْ بمعنى ما النافية هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته لا شبهة فيه. والسحر من سحر يسحر إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه كما فى شرح الأمالي وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثاني واختلاطته وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين أدركت امرا ما لا تشك فيه ولا هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائي انتهى قال الشيخ الشعراني فى الكبريت الأحمر هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط وَما آتَيْناهُمْ اى مشركى مكة مِنْ كُتُبٍ اى كتبا فان من الاستغراقية داخلة على المفعول لتأكيد النفي يَدْرُسُونَها يقرأونها فيها دليل على صحة الإشراك كما فى قوله تعالى (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) وقوله (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) وفى إيراد كتب بصيغة الجمع تنبيه على انه لا بد لمثل تلك الشبهة من نظائر الادلة والدرس قراءة الكتاب بامعان النظر فيه طلبا لدرك معناه والتدريس تكرير الدرس قال الراغب فى المفردات درس الشيء معناه بقي اثره وبقاء الأثر يقتضى انمحاءه فى نفسه ولذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يدعوهم الى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل ان لا وجه له بوجه من الوجوه فمن اين ذهبوا هذا المذهب الزائغ وهو تجهيل لهم وتسفيه لآرائهم ثم هددهم بقوله وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المتقدمة والقرون الماضية كما كذب قومك من قريش وَما بَلَغُوا [ونرسيدند قريش ومشركان مكه] مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ اى عشر ما آتينا أولئك من قوة الأجسام وكثرة الأموال والأولاد وطول الأعمار. فالمعشار بمعنى العشر كالمرباع بمعنى الربع قال الواحدي المعشار والعشير والعشر جزء من العشرة وقيل المعشار عشر العشر فَكَذَّبُوا رُسُلِي عطف على وكذب الذين

[سورة سبإ (34) : الآيات 46 إلى 54]

إلخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) إلخ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري لهم بالاستئصال والتدمير فأى شىء خطر هؤلاء بجنب أولئك فليحذروا من مثل ذلك: وبالفارسية [پس چهـ كونه بود ناپسند من ايشانرا وعذاب دادن] وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر إذا دل الناس على الله ودعاهم اليه قال أخدانهم السوء وإخوانهم الجهلة وأعوانهم الغفلة من الأقارب وأبناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم فيهم (أولئك قطاع الطريق على العباد) هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه وأعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى أموالكم ومن ذا الذي يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن أقاربه وأهاليه ويضيع أولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لاتتمم هذا الأمر ولا بدلك من الدنيا ما دمت تعيش وأمثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الإقبال على الله والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة أمرهم الا الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الأحباب: وفى المثنوى آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست قال المولى الجامى فى درة التاج چون سكندر بقصد آب حيات ... كرد عزم عبور بر ظلمات بزمينى رسيد پهن وفراخ ... راند خيل وحشم در ان كستاخ هر كجا مى شد از يسار ويمين ... بود پر سنكريزه روى زمين كرد روى سخن بسوى سپاه ... كاى همه كرده كم ز ظلمت راه اين همه كوهر است بى شك وريب ... كيسه تان پر كنيد ودامن وجيب هر كرا بود شك در إسكندر ... آن حكايت نيامدش باور كفت در زير نعل لعل كه ديد ... درّ وكوهر برهكذر كه شنيد وانكه آيينه سكندر بود ... سرّ جانش در ومصوّر بود هر چهـ از وى شنيد باور داشت ... آنچهـ مقدور بود از ان برداشت چون بريدند راه تاريكى ... تافت خورشيدشان ز نزديكى آن يكى دست ميكزيد كه چون ... زين كهر بر نداشتم افزون وان دكر خون همى كريست كه آه ... نفس وشيطان زدند بر من راه كاشكى كز كهر بكردم بار ... بر سكندر نكردمى انكار تا نيفتادمى از ان تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ الوعظ زجر يقترن به تخويف وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى

ما أنشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى أَنْ تَقُومُوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالأمر والاهتمام بطلب الحق لِلَّهِ لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين مَثْنى اثنين اثنين وَفُرادى واحدا واحدا قال الراغب الفرد الذي لا يختلط به غيره فهو أعم من الوتر وأخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا التفكر طلب المعنى بالقلب: يعنى [تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى] اى تتفكروا فى امره صلى الله عليه وسلم فتعلموا ما نافية بِصاحِبِكُمْ المراد الرسول عليه السلام مِنْ جِنَّةٍ اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين إذا التجئا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد إذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيها الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الا نصرة المذهب. وفى تقديم مثنى إيذان بانه أوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين إذا قعدا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من أجل الله اما غيرة واما تعظيما وقوله (مَثْنى) اى بالله ورسوله فانه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيرة نفسية وقوله (وَفُرادى) اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا إذا علقت (ما بِصاحِبِكُمْ) بمحذوف كما قدر فلا يوقف إذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تتفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لا دعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم انه عليه السلام أرجح العالمين عقلا وأصدقهم قولا وانزههم نفسا وأفضلهم علما وأحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال أَنْ ما هُوَ صاحبكم إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ مخوف لكم بلسان ينطق بالحق بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ اى قدام عذاب الآخرة ان عصيتموه لانه مبعوث فى نسم الساعة اى أولها وقربها وذلك لان النسم النفس ومن قرب منك يصل إليك نفسه وفى التأويلات النجمية (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والإنكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل

[سورة سبإ (34) : الآيات 47 إلى 50]

ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال قُلْ ما اى شىء سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ جعل على تبليغ الرسالة فَهُوَ لَكُمْ والمراد نفى السؤال رأسا: يعنى [هيچ اجرى نخواهم] كقول من قال لمن لم يعطه شيأ ان أعطيتني شيأ فخذه وقال بعضهم لما نزل قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال عليه السلام لمشركى مكة (لا تؤذوني فى قرابتى) فكفوا عن ذلك فلما سب آلهتهم قالوا لن ينصفنا يسألنا ان لا نؤذيه فى قرابته وهو يؤذينا بذكر آلهتنا بسوء فنزل (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) ان شئتم آذوهم وان شئتم امتنعوا إِنْ أَجْرِيَ اى ما اجرى وثوابى إِلَّا عَلَى اللَّهِ فانما اطلب ثواب الله لا عرض الدنيا وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى وفيه اشارة الى انه من شرط دعوة الخلق الى الله ان تكون خالصة لوجه الله لا يشوبها طمع فى الدنيا والآخرة: قال الشيخ سعدى قدس سره زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد قال الامام الزروقى الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومنه عرف ان الشهيد عبد حافظ على المراقبة واتقى بعلمه ومشاهدته عن غيره قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ القذف الرمي البعيد بنحو الحجارة والسهم ويستعار لمعنى الإلقاء والباء للتعدية اى يلقى الوحى وينزله على من يجتبيه من عباده فالاجتباء ليس لعلة والاصطفاء ليس لحيلة او يرمى به الباطل فيدمغه ويزيله عَلَّامُ الْغُيُوبِ بالرفع صفة محمولة على محل ان واسمها او بدل من المستكن فى يقذف او خبر ثان لان اى عالم بطريق المبالغة بكل ما غاب عن خلقه فى السموات والأرض قولا كان او فعلا او غيرهما قال بعض الكبار من أدمن ذكر يا علام الغيوب الى ان يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما فى الضمائر وتترقى روحه الى العالم العلوي ويتحدث بامور الكائنات والحوادث. وايضا هو نافع لقوة الحفظ وزوال النسيان وفى التأويلات انما ذكر الغيوب بلفظ الجمع لانه عالم بغيب كل أحد وهو ما فى ضمير كل أحد وانه تعالى عالم بما يكون فى ضمير أولاد كل أحد الى يوم القيامة وانما قال علام بلفظ المبالغة ليتناول علم معلومات الغيوب فى الحالات المختلفة كما هى بلا تغير فى العلم عند تغير المعلومات من حال الى حال بحيث لا يشغله شأن حال عن حال قُلْ جاءَ الْحَقُّ اى الإسلام والتوحيد وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ ابدأ الشيء فعله ابتداء [والاعادة: باز كردانيدن] والمعنى زال الشرك وذهب بحيث لم يبق اثره أصلا مأخوذ من هلاك الحي فانه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالكلية- روى- ابن مسعود رضى الله عنه ان النبي عليه السلام دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول (جاء الحق وزهق الباطل قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الطريق الحق كما تزعمون وتقولون لقد ضللت حين تركت دين آبائك فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي فان وبال ضلالى عليها لانه بسببها إذ هى الحاملة عليه بالذات

[سورة سبإ (34) : آية 51]

والامارة بالسوء وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله وَإِنِ اهْتَدَيْتُ الى الطريق الحق فَبِما يُوحِي فبسبب ما يوحى إِلَيَّ رَبِّي من الحكمة والبيان فان الاهتداء بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى منشأ الضلالة نفس الإنسان فاذا وكلت النفس الى طبعها لا يتولد منها الا الضلالة وان الهداية من مواهب الحق تعالى ليست النفس منشأها ولذلك قال تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) إِنَّهُ تعالى سَمِيعٌ قَرِيبٌ يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وان بالغ فى اخفائهما قال بعض الكبار سميع بمنطق كل ناطق قريب لكل شىء وان كان بعيدا منه دوست نزديكتر از من بمن است ... وين عجبتر كه من از وى دورم چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم قال بعضهم السميع هو الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلام وغيره وخاصية هذا الاسم اجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس خمسمائة مرة كان مجاب الدعوة وقرب الله من العبد بمعنى انه عند ظنه كما قال (انا عند ظن عبدى بي) وقال بعضهم هو قريب من الكل لظهوره على العموم وان لم يره الا اهل الخصوص لانه لا بد للرؤية من ازالة كل شىء معترض وحائل وهى حجب العبد المضافة الى نفسه وسئل الجنيد عن قرب الله من العبد فقال هو قريب لا بالاجتماع بعيد لا بالافتراق وقال القرب يورث الحياء ولذا قال بعضهم نعره كمتر زن كه نزديكست يار يشير الى حال اهل الشهود فانهم يراعون الأدب مع الله فى كل حال فلا يصيحون كما لا يصيح القريب للقريب واما اهل الحجاب فلهم ذلك لان قربهم بالهم لا بالشهود وكم من فرق بينهما وفى الآية اشارة الى انه لا يصير المرء ضالا بتضليل الآخر إياه فان الضال فى الحقيقة من خلق الله فيه الضلالة بسبب اعراضه عن الهدى كما انه لا يكون كافرا با كفار الغير إياه فان الكافر فى الحقيقة من قبل الكفر واعرض عن الايمان والى انه لا تزر وازرة وزر اخرى وان كل شاة معلقة برجلها اى كل واحد مجزى بعمله لا بعمل غيره فالصالح مجزى بأعماله الصالحة وأخلاقه الحسنة ولا ضرر له من الأعمال القبيحة لغيره وكذا الفاسق مجزى بعمله السوء ولا نفع له من صالحات غيره هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر چهـ ميكند يابد وقيل للنابغة حين اسلم أصبوت يعنى آمنت بمحمد قال بلى غلبنى بثلاث آيات من كتاب الله فاردت ان أقول ثلاثة أبيات من الشعر على قافيتها فلما سمعت هذه الآية تعبت فيها ولم أطق فعلمت انه ليس من كلام البشر وهى هذه (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) الى قوله (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) وَلَوْ تَرى يا محمد أو يا من يفهم الخطاب ويليق به إِذْ فَزِعُوا اى حين يفزع الكفار ويخافون عند الموت او البعث او يوم بدر وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا هائلا وجيء بالماضي لان المستقبل بالنسبة الى الله تعالى كالماضى فى تحققه وعن ابن عباس رضى الله

[سورة سبإ (34) : الآيات 52 إلى 54]

عنهما ان ثمانين الفا وهم السفياني وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا دخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذي يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين قال الكاشفى [از تمام لشكر دو كس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى او بر قفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند] فَلا فَوْتَ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه اى فلا فوت لهم من عذاب الله ولا نجاة بهرب او تحصن ويدركهم ما فزعوا منه وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ اى من ظهر الأرض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت أقدامهم إذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من الله والجملة معطوفة على فزعوا وَقالُوا عند معاينة العذاب آمَنَّا بِهِ اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) فلا يلزم الإضمار قبل الذكر وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ التناوش بالواو التناول السهل بالفارسية [كرفتن] من النوش يقال تناوش وتناول إذا مديده الى شىء يصل اليه ومن همزه فاما انه أبدل من الواو همزة لانضمامه نحو أقتت فى وقتت وادؤر فى أدور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشيء من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذي انذرهم أيا مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد أغلقت الأبواب وندموا وقد تقطعت الأسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والألم فخل سبيل العين بعدك للبكا ... فليس لايام الصفاء رجوع قال الحافظ چوبر روى زمين باشى توانايى غنيمت دان ... كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد اى لا يقدر الإنسان على شىء إذا مات وصار الى تحت الأرض كما كان يقدر إذا كان فوق الأرض وهو حى وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا وَحِيلَ بَيْنَهُمْ اى أوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الايمان والنجاة من النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ اى بأشياعهم من كفرة الأمم الماضية إِنَّهُمْ كانُوا

تفسير سورة الملائكة

فى الدنيا فِي شَكٍّ مما وجب به الايمان واليقين كالتوحيد والبعث ونزول العذاب على تقدير الإصرار مُرِيبٍ [بتهمت افكنده ودلرا مضطرب سازنده وشوراننده] قال اهل التفسير مريب موقع لهم فى الريبة والتهمة من ارابه إذا أوقعه فى الريبة او ذى ريبة من اراب الرجل إذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز فى الاسناد الا ان بينهما فرقا وهو ان المريب من الاول منقول ممن يصلح ان يكون مريبا من الاشخاص والأعيان الى المعنى وهو الشك اى يكون صفة من أوقع فى الريب حقيقة وقد جعل فى الآية صفة نفس الشك الذي هو معنى من المعاني والمريب من الثاني منقول من صاحب الشك الى الشك اى انهم كانوا فى شك ذى شك كما تقول شعر شاعر وانما الشاعر فى الحقيقة صاحب الشعر وانما أسند الشاعرية الى الشعر للمبالغة وإذا كان حال الكفرة الشك فى الدنيا فلا ينفعهم اليقين فى الآخرة لانه حاصل بعد معاينة العذاب والخروج من موطن التكليف وقد ذموا فى هذه الآيات بالشك والكفر والرجم بالغيب فليس للمرء ان يبادر الى انكار شىء الا بعد العلم اما بالدليل او بالشهود قال فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد المبادرة الى الإنكار إذا رأى رجلا ينظر الى امرأة فى الطريق مثلا فربما يكون قاصدا خطبتها او طبيبا فلا ينبغى المبادرة للانكار الا فيما لا يتطرق اليه احتمال وهذا يغلط فيه كثير من المذنبين لا من اصحاب الدين لان صاحب الدين أول ما يحتفظ على نفسه ولا سيما فى الإنكار خاصة وقد ندبنا الحق الى حسن الظن بالناس لا الى سوء الظن فصاحب الدين لا ينكر قط مع الظن لانه يعلم ان بعض الظن اثم ويقول لعل هذا من ذلك البعض وإثمه ان ينطق به وان وافق العلم فى نفس الأمر وذلك انه ظن وما علم فنطق فيه بامر محتمل وما كان له ذلك فمعلوم ان سوء الظن بنفس الإنسان اولى من سوء ظنه بالغير وذلك لانه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة فلا يقال فى حقه ان فلانا أساء الظن بنفسه بل انه عالم بنفسه وانما عبرنا بسوء الظن بنفسه اتباعا لتعبيرنا بسوء الظن بغيره فهو من تناسب الكلام والى الآن ما رأيت أحدا من العلماء استبرأ لدينه هذا الاستبراء فالحمد لله الذي وفقنا لاستعماله انتهى كلام الشيخ فى الفتوحات هميشه در صدد عيب جوئى خويشيم ... نبوده ايم پى عيب ديكران هركز والله الموفق لصالحات الأعمال وحسنات الأخلاق تمت سورة سبأ فى اصيل يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الاول من سنة ست عشرة ومائة والف تفسير سورة الملائكة مكية وآيها خمس وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ اى كل المحامد مختصة بالله تعالى لا تتجاوز منه الى من سواه وهو وان كان فى الحقيقة حمد الله لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه واعلم ان الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة إذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لانه سبب لانفتاح المسام اى ثقب الجسد واندفاع الابخرة المحتبسة عن الدماغ الذي فيه قوة التذكر والتفكر فهو بحران الرأس كما ان العرق

بحران بدن المريض ولذا أوجب الشارع الحمد للعاطس قال ابن عباس رضى الله عنهما من سبق العاطس بالحمد لله وقى وجع الرأس والأضراس ومن المحنة التجشي وفى الحديث (من عطس او تجشا فقال الحمد لله على كل حال دفع الله بها عنه سبعين داء أهونها الجذام) والتجشى تنفس المعدة: وبالفارسية [بدروغ شدن] وذلك لان التجشى انما يتولد من امتلاء المعدة من الطعام فهو من المصائب فى الدين خصوصا إذا وقع حال الصلاة ويدل عليه انه عليه السلام كان يقول عند كل مصيبة (الحمد لله على كل حال) ثم رتب الحمد على نعمة الإيجاد اولا إذ لا غاية وراءها إذ كل كمال مبنى عليها فقال فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إضافته محضة لانه بمعنى الماضي فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلا منه وهو قليل فى المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق او الشق طولا كما ذهب اليه الراغب كأنه شق العدم باخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت أدرى ما فاطر السموات حتى اختصم الىّ أعرابيان فى بئر فقال أحدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدىء ففيه اشارة الى ان أول كل شىء تعلقت به القدرة سموات الأرواح وارض النفوس واما الملائكة فقد خلقت بعد خلق أرواح الإنسان ويدل عليه تأخير ذكرهم كما قال جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا إضافته محضة ايضا على انه نعت آخر للاسم الجليل ورسلا منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضي وان كان لا يعمل عند البصريين الا معرفا باللام الا انه بالاضافة أشبه المعرف باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم ويقال لم ينزل اسرافيل على نبى الا على محمد صلى الله عليه وسلم نزل فاخبره بما هو كائن الى يوم القيامة ثم عرج وفى انسان العيون نزل عليه ستة أشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه. والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين أنبيائه والصالحين من عباده يبلغون إليهم رسالاته بالوحى والإلهام والرؤيا الصادقة قال بعض الكبار الإلقاء اما صحيح او فاسد فالصحيح الهىّ ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاما والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا أُولِي أَجْنِحَةٍ صفة لرسلا وأولوا بمعنى اصحاب اسم جمع لذو كما ان أولاء اسم جمع لذا وانما كتبت الواو بعد الالف حالتى الجر والنصب لئلا يلتبس بالى حرف الجر وانما كتبوه فى الرفع حملا عليهما. والاجنحة جمع جناح بالفارسية [پر وبال] مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ صفات لا جنحة فهى فى موضع خفض ومعناها اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة اى ذوى اجنحة متعددة متفاوتة فى العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء الى الأرض ويعرجون او يسرعون بها فان ما بين السماء والأرض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها فى بعض الأحيان فى وقت واحد ففى تعدد الاجنحة اشارة الى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى ان من الملائكة خلقا لكل منهم جناحان

وخلقا لكل منهم ثلاثة وخلقا آخر لكل منهم اربعة قال الكاشفى [مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع چهار چهار براى آرايش] انتهى- وروى- ان صنفا من الملائكة له ستة اجنحة بجناحين منها يلفون أجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما أمروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله تعالى ويفهم من كلام بعضهم ان الطيران بكل الاجنحة كما قال عرف تعالى الى العباد بأفعاله وندبهم الى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والأرض وغيرهما ومنها ما سبيل إثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملائكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم وأجنحتهم وانهم كيف يطيرون بأجنحتهم الثلاثة والاربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى- وروى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق الى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الأربع انه تعالى لم يرد خصوصية الاعداد ونفى ما زاد عليها وذكر السهيلي ان المراد بالاجنحة فى حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كاجنحة الطير ولا ينافى ذلك وصف كل جناح منها بانه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما فى انسان العيون يقول الفقير لا يجوز العدول عن الظاهر مع إمكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على اثبات الاجنحة للملائكة وان لم تكن كاجنحة الطير من حيث ان الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وان كانوا روحانيين لكن لهم أجسام لطيفة فلا يمنع ان يكون للاجسام اجنحة جسمانية كما لا يمنع ان يكون للارواح اجنحة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضى الله عنه والحاصل ان المناسب لحال العلويين ان يكونوا طائرين كما ان المناسب لحال السفليين ان يكونوا سائرين ومن أمعن النظر فى خلق الأرض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا ان البراق وان كان فى صورة البغل فى الجملة لكنه لما كان علويا اثبت له الجناح نعم ان الاجنحة من قبيل الاشارة الى القوة الملكية والاشارة لا تنافى العبارة هذا وفى كشف الاسرار وردت فى عجائب صور الملائكة اخبار يقال ان حملة العرش لهم قرون وهم فى صورة الأوعال: يعنى [بزان كوهى] وفى الخبر (ان فى السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب المؤمنين) وقيل لم يجمع الله فى الأرض لشىء من خلقه بين الاجنحة والقرون والخراطيم والقوائم الا لاضعف خلقه وهو البعوض وفيه ايضا [هر چند كه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان بر ايشان شرف دارند] كما قال عليه السلام (المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده) فالملائكة وان طاروا من الأرض الى السماء فى اسرع وقت فاهل الشهود طاروا الى ما فوق السماء فى لمحة بصر فلهم اجنحة من العقول السليمة والألباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا وسلكوا ثم صاروا ثم طاروا طيرانا عجز عنده الملائكة وحاروا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) بر بساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... با وجود نى سوارى برق جولانيم ما

چون باوج حق پريم عاجز شود از ما ملك ... كرد باد لامكانى طرفه سيرانيم ما يَزِيدُ الله تعالى: يعنى [زياده ميكند ومى افزايد] فان زاد مشترك بين اللازم والمتعدى وليس فى اللغة ازاد فِي الْخَلْقِ فى أي خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق ما يَشاءُ كل ما يشاء ان يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التي لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت احوال الملائكة فى عدد الاجنحة وكذا تفاوت احوال غيرهم فى بعض الأمور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من احكام المشيئة ومقتضيات الحكم وذلك لان اختلاف الأصناف بالخواص والفصول بالأنواع ان كان لذواتهم المشتركة لزم تنافى لوازم الأمور المتفقة وهو محال والآية متناولة لزيادات الصور والمعاني فمن الاولى حسن الصورة خصوصا الوجه قيل ما بعث الله نبيا الأحسن الشكل وكان نبينا عليه السلام أملح: يعنى [بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود] فمن قال كان اسود يقتل كما فى هدية المهديين الا ان لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والأسود العرب كما ان الأحمر العجم كما قال عليه السلام (بعثت الى الأسود والأحمر) آن سيه چرده كه شيرينىء عالم با اوست ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفى الحديث (لله أشد اذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة الى قينته) اى من استماع مالك جارية مغنية أريد هنا المغنية وفى الحديث (زينوا القرآن بأصواتكم) اى أظهروا زينته بحسن أصواتكم والا فجل كلام الخالق ان يزينه صوت مخلوق ورخص تحسين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة او نقصان فى الحروف چنانكه ميرود از جاى دل بوقت سماع ... هم از سماع بمأواى خود كند پرواز خدايرا حدىء عاشقانه سر كن ... كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز ومنها حسن الخط وفى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخط الحسن يزيد الحق وضحا) وهو بالفتح الضوء والبياض وفى الحديث (عليكم بحسن الخط فانه من مفاتيح الرزق) يقول الفقير حسن الخط مما يرغب فيه الناس فى جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وان كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج الى الغير فتكون المنة لله على كل حال برو بحسن خطت دل فراخ كن يارا ... ز تنكدستى مبر شكوه اهل دنيا را ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة [در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وسخا در اغنيا وتعفف در فقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان امام قشيرى فرموده كه علو همت است همت عالى كسى را دهد كه خود خواهد] فالمراد بعلو الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا سايه همت كه بر نااهل افكندى

[سورة فاطر (35) : آية 2]

ويقال يزيد فى الجمال والكمال والدمامة يقول الفقير هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على اهل الإذعان إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل شىء ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فان شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء مما يوجب قدرته على ان يزيد كل ما يشاؤه إيجابا بينا فقد ابان سبحانه ان قدرته شاملة لكل شىء ومن الأشياء الانقاذ من الشهوات والإخراج من الغفلات والإدخال فى دائرة العلم والشهود الذي هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الالهية فقد كفر ألا ترى الى حال ابراهيم بن أدهم حيث تجلى الله له بجمال اللطف الصوري اولا وأعطاه الجاه والسلطنة ثم منّ له باللطف المعنوي ثانيا حيث أنقذه من حبس العلاقات وخلصه من أيدي الكدورات وشرفه بالوصول الى عالم الإطلاق والدخول فى حرم الوفاق- حكى- انه كان سبب خروج ابراهيم بن أدهم عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا ثم أرنبا فبينما هو فى طلبه إذ هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان- وحكى- ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رضى الله عنه خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيها الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ الذّمنه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شىء الا أحضرته الىّ حين يخطر ببالي أما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان فهذان الملكان بالكسر صارا ملكين بالفتح بقدرة الله تعالى فجاء فى حقهما يزيد فى الخلق ما يشاء والله الموفق ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ما شرطية فى محل النصب بيفتح. والفتح فى الأصل ازالة الاغلاق وفى العرف الظفر ولما كان سببا للارسال والإطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح وفى الإرشاد عبر عن إرسالها بالفتح إيذانا بانها انفس الخزائن وأعزها منالا وتنكيرها للاشاعة والإبهام اى أي شىء يفتح الله من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة الى غير ذلك: وبالفارسية [آنكه بگشايد خداى براى مردمان وفرستد بديشان از بخشايش خويش چون نعمت وعافيت وصحت] فَلا مُمْسِكَ لَها اى لا أحد من المخلوقات يقدر على إمساكها وحبسها فانه لا مانع لما أعطاه قيل الفتح ضربان فتح الهى وهو النصرة بالوصول الى العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقامات

المحمودة فذلك قوله (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وقوله (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) والثاني فتح دنيوى وهو النصرة فى الوصول الى اللذات البدنية وذلك قوله (ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) وقوله (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وَما يُمْسِكْ اى أي شىء يمسكه ويحبسه ويمنعه فَلا مُرْسِلَ لَهُ اى لا أحد من الموجودات يقدر على إرساله وإعطائه فانه لا معطى لما منعه. واختلاف الضمير بالتذكير والتأنيث لما ان مرجع الاول مفسر بالرحمة ومرجع الثاني مطلق فى كل ما يمسكه من رحمته وغضبه. ففى التفسير الاول وتقييده بالرحمة إيذان بان رحمته سبقت غضبه اى فى التعلق والا فهما صفتان لله تعالى لا تسبق إحداهما الاخرى فى ذاتهما مِنْ بَعْدِهِ على تقدير المضاف اى من بعد إمساكه ومنعه كقوله (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ) اى من بعد هداية الله وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل ما يشاء من الأمور التي من جملتها الفتح والإمساك فلا أحد ينازعه الْحَكِيمُ الذي يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه كان النبي عليه السلام يقول فى دبر الصلاة (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وهو بالفتح الحظ والإقبال فى الدنيا اى لا ينفع الفتى المحظوظ حظه منك اى بدل طاعتك وانما ينفع العمل والطاعة وعن معاذ رضى الله عنه مرفوعا (لا تزال يد الله مبسوطة على هذه الامة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظم برّهم فاجرهم ويعن قراؤهم امراءهم على معصية الله فاذا فعلوا نزع الله يده عنهم) صاحب كشف الاسرار [كويد ارباب فهم بدانند كه اين آيت در باب فتوح مؤمنان وارباب عرفانست وفتوح آنرا كويند كه ناجسته وناخواسته آيد وآن دو قسمت يكى مواهب صوريه چون رزق نامكتسب وديكر مطالب معنويه وآن علم لدنيست ناآموخته] دست لطفش منبع علم وحكم ... بى قلم بر صفحه دل زد رقم علم اهل دل نه از مكتب بود ... بلكه از تلقين خاص رب بود فعلى العاقل ان يجتهد حتى يأتى رزقه الصوري والمعنوي بلا جهد ومشقة وتعب- روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصري رضى الله عنه انه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجدت ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادي لعلى أجد شيأ يسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فاذا برجل جاء فجلس بين يدىّ ووضع قمطرة وقال هذه لك فقلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشىء ونذرت انا ان خلصنى الله ان أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصرى من المجاورين وأنت أول من لقيته قلت افتحها ففتحها فاذا فيها كعك ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت ردّ الباقي الى صبيانك هدية متى إليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير إليك منذ عشرة ايام وأنت تطلبه من الوادي

[سورة فاطر (35) : الآيات 3 إلى 4]

صائب فريب نعمت ألوان نمى خوريم ... روزىء خود ز خوان كرم ميخوريم ما وقال كشاد عقده روزى بدست تقدير است ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار اللهم افتح لنا خير الباب وارزقنا مما رزقت اولى الألباب انك مفتح الأبواب يا أَيُّهَا النَّاسُ عامة فاللام للجنس او يا اهل مكة خاصة فاللام للعهد اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ نعمة رسمت بالتاء فى أحد عشر موضعا من القرآن ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويعقوب اى انعامه عليكم ان جعلت النعمة مصدرا وكائنة عليكم ان جعلت اسما اى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بمعطيها سواء كانت نعمة خارجة كالمال والجاه او نعمة بدنية كالصحة والقوة او نعمة نفسية كالعقل والفطنة ولما كان ذكر النعمة مؤديا الى ذكر المنعم قال بطريق الاستفهام الإنكاري هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ اى هل خالق مغاير له تعالى موجود اى لا خالق سواه على ان خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه من تأكيدا للعموم وغير الله نعت له باعتبار محله كما انه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه قال فى الاسئلة المفحمة اى حجة فيها على المعتزلة الجواب انه تعالى اخبر بان لا خالق غيره وهم يقولون نحن نخلق أفعالنا وقوله من صلة وذلك يقتضى غاية النفي والانتفاء يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى المطر من السماء والنبات من الأرض وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب ولا مساغ لكونه صفة اخرى لخالق لان معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير تعرض لنفى وجود ما اتصف به المغايرة فقط ولا لكونه خبرا للمبتدأ لان معناه نفى رازقية خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع انه المراد حتما وفائدة هذا التعريف انه إذا عرف انه لا رازق غيره لم يعلق قلبه بأحد فى طلب شىء ولا يتذلل للانفاق لمخلوق وكما لا يرى رزقه من مخلوق لا يراه من نفسه ايضا فيتخلص من ظلمات تدبيره واحتياله وتوهم شىء من أمثاله واشكاله ويستريح بشهود تقديره قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض تعليقاته يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله آمين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وإذا تبين تفرده تعالى بالالوهية والخالقية والرازقية فَأَنَّى فمن أي وجه تُؤْفَكُونَ تصرفون عن التوحيد الى الشرك وعن عبادته الى عبادة الأوثان فالفاء لترتيب انكار عدولهم عن الحق الى الباطل على ما قبلها وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت إليهم فلا تحزن واصبر فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ أولوا شأن خطير وذووا عدد كثير مِنْ قَبْلِكَ فصبروا وظفروا وَإِلَى اللَّهِ لا الى غيره تُرْجَعُ الْأُمُورُ من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم واولياء أمته وتسهيل الصبر على الاذية إذا علم ان الأنبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك

[سورة فاطر (35) : آية 5]

سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الأجانب من هذه الطريقة كاحوال الأنبياء مع السفهاء من أممهم وانهم لا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين هم لهذه الأصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع إليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق إرادته الأحوال فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والإقرار وان كان فيه الأذى والملامة ويجتنب عن طريق النفي والإنكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين: قال الحافظ هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت ... كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبة لانه من اهل الحجاب واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما (هـ و) وفى العقل من حرفين ايضا وهما (اى) فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الإحاطة التربيعية التي هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالألف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان ثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال (انا جليس من ذكرنى) وشهود الحق أفضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى حضور قلب ببايد كه حق شود مشهود ... وكر نه ذكر مجرد نمى دهد يك سود يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث والجزاء حَقٌّ ثابت لا محالة لا خلف فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما وعد به الله من الثواب والعقاب والدرجات فى الجنة والدركات فى النار والقربات فى أعلى عليين وفى مقعد صدق عند مليك مقتدر والبعد الى أسفل سافلين حق فاذا علم ذلك استعد للموت قبل نزول الموت ولم يهتم للرزق ولم يتهم الرب فى كفاية الشغل ونشط فى استكثار الطاعة ورضى بالمقسوم فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بان يذهلكم التمتع بها عن طلب الآخرة والسعى لها وتقطعكم زينتها وشهواتها عن الرياضات والمجاهدات وترك الأوطان ومفارقة الاخوان فى طريق الطلب والمراد نهيهم عن الاغترار بها وان توجه النهى صورة إليها وفى بعض الآثار (يا ابن آدم لا يغرنك طول المهلة فانما يعجل بالأخذ من يخاف الفوت) وعن العلاء بن زياد رأيت الدنيا فى منامى قبيحة عمشاء ضعيفة عليها من كل زينة فقلت من أنت أعوذ بالله منك فقالت انا الدنيا فان سرك ان يعيذك الله منى فابغض الدراهم يعنى لا تمسكها عن النفقة فى موضع الحق وفى الحديث

[سورة فاطر (35) : الآيات 6 إلى 10]

(الدنيا غنيمة الأكياس وغفلة الجهال) وذلك لان الأكياس يزرعون فى مزرعة الدنيا انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل ان الدنيا مزرعة الآخرة نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل برنكند وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ وكرمه وعفوه وسعة رحمته الْغَرُورُ فعول صيغة مبالغة كالشكور والصبور وسمى به الشيطان لانه لا نهاية لغروره: بالفارسية [فريفتن] وفى المفردات الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر. والمعنى ولا يغرنكم بالله الشيطان المبالغ فى الغرور بان يمنيكم المغفرة مع الإصرار على المعاصي قائلا اعملوا ما شئتم ان الله غفور يغفر الذنوب جميعا وانه غنى عن عبادتكم وتعذيبكم فان ذلك وان أمكن لكن تناول الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم اعتمادا على دفع الطبيعة فالله تعالى وان كان أكرم الأكرمين مع اهل الكرم لكنه شديد العقاب مع اهل العذاب [بزركان فرموده اند كه يكى مصائد إبليس تسويفست در توبه يعنى توبه بنده را در تأخير افكند كه فرصت باقيست عشرت نقد از دست مده امشب همه شب يار ومى وشاهد باش ... چون روز شود توبه كن وزاهد باش [عاقل بايد كه بدين فريب از راه نرود واز نكته «الفرصة تمر مر السحاب» غافل نكردد] عذر با فردا فكندى عمر فردا را كه ديد إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ عداوة قديمة بما فعل بأبيكم ما فعل لا تكاد تزول وتقديم لكم للاهتمام به فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا بمخالفتكم له فى عقائدكم وأفعالكم وكونكم على حذر منه فى جميع أحوالكم [از بزركى پرسيدند كه چكونه شيطانرا دشمان كيريم كفت از پى آرزو مرويد ومتابع هواى نفس مشويد وهر چهـ كنيد بايد كه موافق شرع ومخالف طبع بود] فلا تكفى العداوة باللسان فقط بل يجب ان تكون بالقلب والجوارح جميعا ولا يقوى المرء على عداوته الا بملازمة الذكر ودوام الاستعانة بالرب فان من هجم عليه كلاب الراعي يشكل عليه دفعها الا ان ينادى الراعي فانه يطردها بكلمة منه إِنَّما يَدْعُوا الشيطان حِزْبَهُ جماعته واتباعه قال فى التأويلات حزبه المعرضون عن الله المشتغلون بغير الله لِيَكُونُوا اى حزبه مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ: يعنى [جز اين نيست كه مى خواند شيطان باتباع هوى وميل بدنيا كروه خود را يعنى پيروان وفرمان برداران را تا باشند در آخرت با آواز ياران آتش يعنى ملازمان دوزخ] قال فى الإرشاد تقرير لعداوته وتحذير من طاعته بالتنبيه على ان غرضه فى دعوة شيعته الى اتباع الهوى والركون الى ملاذ الدنيا ليس تحصيل مطالبهم ومنافعهم الدنيوية كما هو مقصد المتحابين فى الدنيا عند سعى بعضهم فى حاجة بعض بل هو توريطهم والقاؤهم فى العذاب المخلد من حيث لا يحتسبون الَّذِينَ كَفَرُوا اى ثبتوا على الكفر بما وجب به الايمان وأصروا عليه لَهُمْ بسبب كفرهم واجابتهم لدعوة الشيطان

[سورة فاطر (35) : آية 8]

عَذابٌ شَدِيدٌ معجل ومؤجل. فمعجله تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الأصنام والهوى والدنيا والشيطان. ومؤجله عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته وَالَّذِينَ آمَنُوا ثبتوا على الايمان واليقين وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان لَهُمْ بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذي من جملته عداوة الشيطان مَغْفِرَةٌ عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا وَأَجْرٌ كَبِيرٌ لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الأحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول قيل مثل الصالحين وما زينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فالله تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وبأجورها العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد الله كثيرا من استخدمه الله واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان: قال الحافظ نشان اهل خدا عاشقيست با خود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم ولله عباد لهم قلوب الهموم عمارتها والأحزان أوطانها والعشق والمحبة قصورها وبروجها أحبك حبين حب الهوى ... وحبا لانك اهل لذاكا فاما الذي هو حب الهوى ... فذكر شغلت به عن سواكا واما الذي أنت اهل له ... فكشفك للحجب حتى اراكا ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا نسأل الله سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا بأصناف الإرادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة أنوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ [التزيين: آراستن] سُوءُ عَمَلِهِ اى قبيح عمله بالفارسية [زشت وبد] فَرَآهُ حَسَناً فظنه جميلا لان رأى إذا عدّى الى مفعولين اقتضى معنى الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكون من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف لدلالة ما سبق عليه فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة الله تعالى اى فانه تعالى يضل مَنْ يَشاءُ ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى أسفل سافلين وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى أعلى عليين

فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الفاء للسببية فان ما سبق سبب للنهى عن التحسر. والذهاب المضىّ وذهاب النفس كناية عن الموت. والحسرة شدة الحزن على ما فات والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه: وقوله حسرات مفعول له والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه عليه السلام على أحوالهم او على كثرة قبائح أعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تدهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز ان يتعلق بحسرات لان المصدر لا تتقدم عليه صلته والمعنى إذا عرفت ان الكل بمشيئة الله فلا تهلك نفسك للحسرات على غبهم وإصرارهم والغموم على تكذيبهم وانكارهم: وبالفارسية [پس بايد كه نرود جان تو يعنى هلاك نشود براى حسرتهاى متوالى كه مى خورى وتأسفهاى كوناكون كه دارى بر فعلهاى ناخوش ايشان كه هر يك متتضىء حسرت است] فقد بذلت لهم النصح وخرجت عن عهدة التبليغ فلا مشقة لك من بعد وانما المشقة عليهم فى الدنيا والآخرة لانهم سقطوا عن عينك ومن سقط عن عينك فقد سقط عن عين الله فلا يوجد أحد يرحمه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بليغ العلم بِما يَصْنَعُونَ يفعلون من القبائح فيجازيهم عليها جزاء قبيحا فانهم وان استحسنوا القبائح لقصور نظرهم فالقبيح لا يكون حسنا ابدا واعلم ان الكافر يتوهم ان عمله حسن كما قال تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ثم الراغب فى الدنيا يجمع حلالها وحرامها ولا يتفكر فى زوالها ولا فى ارتحاله عنها قبل كمالها فقد زين له سوء عمله شد قواى جمله اجزاى جسمت درفنا ... با هزاران آرزو دست وكريبانى هنوز ثم الذي يتوهم انه إذا وجد نجاته ودرجاته فى الجنة فقد استراح واكتفى فقد زين له سوء عمله حيث تغافل عن حلاوة مناجاة ربه فانها فوق نعيم الجنان ماييم وهمين عاشقى ولذت ديدار ... زاهد تو برو در طلب خلد برين باش فمن زين له الدنيا بشهواتها ليس كمن زين له العقبى بدرجاتها ومن زين له نعيم العقبى ليس كمن زين له جمال المولى اى لا يستوى هذا وذاك فاصرف الى الاشهى هواك والله تعالى هو مبدأ كل حسن فمن وصل اليه حسن بحسن ذاته وصفاته وأفعاله واعماله ومن وجده وجد كل شىء ومن لم يجده لم يجد شيأ وان وجد الدنيا كلها [نقلست كه ابراهيم بن أدهم قدس سره روزى بر لب دجله نشسته بود خرقه مى دوخت سوزنش بدريا افتد يكى ازو پرسيد كه ملك چنان از دست دادى چهـ يافتى اشارت بدريا كرد كه سوزنم بدهيد قرب هزار ماهى از دريا بر آمدند هر يكى سوزن زرين بر لب كرفته كفت سوزن من خواهم ماهيكه ضعيف بر آمد وسوزن او آورد بستد وكفت كمترين چيزى كه يافتم اين است باقى تو ندانى] فهذا من ثمرات الهداية الخاصة ونتائج النيات الخالصة والأعمال الصالحة وحسن الحال مع الله تعالى ولا يحصل الا لمن أخذ الأمر من طريقه فاصلح الطبيعة فى مرتبة الشريعة والنفس فى مرتبة الطريقة وحسن ما حسنه الشرع والعقل السليم وقبح ما قبحه كل منهما فاما اصحاب الأهواء والبدع فقد زين لهم سوء أعمالهم

[سورة فاطر (35) : آية 9]

ونياتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذي سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الأعمال الحسنة ويحلينا بالأخلاق المستحسنة وَاللَّهُ وحده وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ الإرسال فى القرآن على معنيين. الاول بمعنى [فرستادن] كما فى قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) . والثاني بمعنى [فرو كشادن] كما فى قوله تعالى (أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفى المفردات الإرسال يقال فى الإنسان وفى الأشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) والإرسال يقابل الإمساك. والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك أصله روح ولذا يجمع على أرواح واما أرياح قياسا على رياح فخطأ قال صاحب كشف الاسرار [الله است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنگام دربايست وباندازه دربايست بادهاى مختلف از مخارج مختلف] أراد بها الجنوب والشمال والصبا فانها رياح الرحمة لا الدبور فانها رياح العذاب اما الجنوب فريح تخالف الشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا واما الصبا فمهبها من جانب المشرق إذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو إليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها فَتُثِيرُ سَحاباً تهيجه وتنشره بين السماء والأرض لانزال المطر فانه مزيد ثار الغبار إذا هاج وانتشر ساطعا قال فى تاج المصادر [الاثارة: برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] والسحاب جسم يملأه الله ماء كما شاء وقيل بخار يرتفع من البحار والأرض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والإنسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى أرسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان إحداثها لتلك الخاصية ولذلك أسند إليها فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ السوق بالفارسية [راندن] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذي لانبت فيه قد اغبر من القحط قال الراغب الموت يقال بإزاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق الله ذلك السحاب وأجراه الى الأرض التي تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير فصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء فَأَحْيَيْنا الفاءات الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الأخيرتين فانهما دخلتا على المسبب بِهِ اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب الْأَرْضَ اى صيرناها

[سورة فاطر (35) : آية 10]

خضراء بالنبات بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها كَذلِكَ النُّشُورُ الكاف فى حيز الرفع على الخبرية اى مثل ذلك الاحياء الذي تشاهدونه احياء الموتى وإخراجهم من القبور يوم الحشر فى صحة المقدورية وسهولة التأتى من غير تفاوت بينهما أصلا سوى الالف فى الاول دون الثاني فالآية احتجاج على الكفرة فى انكارهم البعث حيث دلهم على مثال يعاينونه وعن ابى رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال (اما مررت بواد ممحلا ثم مررت به خضرا) قلت بلى قال (فكذلك يحيى الله الموتى) او قال (كذلك النشور) وقال بعضهم فى آية كذلك النشور اى فى كيفية الاحياء فكما ان احياء الأرض بالماء فكذا احياء الموتى كما روى ان الله تعالى يرسل من تحت العرش ماء كمنى الرجال فينبت به الأجساد كنبات البقل ثم يأمر اسرافيل فيأخذ الصور فينفخ نفخة ثانية فتخرج الأرواح من ثقب الصور كامثال النحل وقد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الأرواح فى الأرض الى الأجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الأجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الأرض فيخرجون حفاة عراة وفى الآية اشارة الى انه تعالى من سنته إذا أراد احياء ارض يرسل الرياح فتثير سحابا ثم يوجه ذلك السحاب الى الموضع الذي يريد تخصيصا له كيف يشاء ويمطرها هنالك كيف يشاء كذلك إذا أراد احياء قلب عبد يرسل اولا رياح الرجاء ويزعج بها كوامن الارادة ثم ينشىء فيه سحاب الاحتياج ولوعة الانزعاج ثم يأتى بمطر الجود فينبت به فى القلب ازهار البسط وأنوار الروح ويطيب لصاحبه العيش والحضور يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... پيشتر زانكه چوكردىء زمان برخيزم المقصود طلب الهداية الخاصة الى الفيض الإلهي الذي يحصل عند الفناء التام مَنْ كانَ [هر كه باشد] يُرِيدُ الْعِزَّةَ الشرف والمنعة بالفارسية [ارجمندى] قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التي لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التي للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعبادة الأصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين فَلِلَّهِ وحده لا لغيره الْعِزَّةَ حال كونها جَمِيعاً اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيأ منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله إيذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من أراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشيء لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد أقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا قال الكاشفى [وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او]

عزيزى كه هر كه از درش سر بتافت ... بهر در كه شد هيچ عزت نيافت وفى الحديث (ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز) ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ الضمير الى الله تعالى وهو الظاهر. والصعود الذهاب فى المكان العالي استعير لما يصل من العبد الى الله كما استعير النزول لما يصل من الله الى العبد. والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما ذهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذي به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله (سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الأعمال المقبولة لا الى الله كما قال (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) وقال الخليل (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) اى ذاهب الى الشام الذي أمرني بالذهاب اليه فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر الله ان توضع او يصعد هو بنفسه قال بعض الكبار بعض الأعمال ينتهى الى سدرة المنتهى وبعضها يتعدى الى الجنة وبعضها الى العرش وبعضها يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والإخلاص وصحة التصور والشهود والعيان. فعلى هذا فبعض الأعمال يتجاوز السماء وعالم الأجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت إذا كثيرة بعضها فوق بعض الى مرتبة العماء نسأل الله قبول الأعمال وصحت توجه البال وقوة الحال وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا اعليتها عن مقرها وتارة فى البناء إذا طولته وتارة فى الذكر إذا نوهته وتارة فى المنزلة إذا شرفتها كما فى المفردات وفى مرجع المستكن فى يرفعه وجوه. الاول انه للكلم فان العمل لا يقبل الا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعنى ان التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بان يكون سببا لقبوله ألا ترى ان اعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك. والثاني انه للعمل فانه يحقق الايمان ويقويه ولا ينال الدرجات العالية الا به كما فى الإرشاد وقال الشيخ التوحيد انما قبل بسبب الطاعة إذ هو مع العصيان لا ينفع اى لا يمنع العقاب والاولى ما فى الإرشاد فان الأعمال كالمراقى وقول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر وقال الكاشفى فى الآية [وعمل شايسته بر ميدارد آنرا وبمحل قبول ميرساند چهـ مجرد قول بى عمل صالح كه اخلاصست نافع نيست. يا كلم طيب دعاست وعمل صالح صدقه مساكين ودر غالب اجابت دعوات بتصدقاتست. يا كلم طيب دعاى ائمه است وعمل تأمين جماعتيان. يا كلم تكبير غزاست وعمل شمشير زدن. يا كلم استغفار است وعمل ندم ودرين همه صور بردارنده كلمه عمل است] . والثالث انه لله تعالى يعنى يتقبله قال ابن عطية وهذا أرجح الأقوال وتخصيص العمل بهذا الشرف على هذا الوجه لما فيه من الكلفة وقال فى حل الرموز قالوا كلمة «لا اله الا الله

محمد رسول الله» تصعد الى الله بنفسها وغيرها من الاذكار والأعمال ترفعها الملائكة كما قال تعالى (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) اى يرفعه الحق ويقبله على أيدي الملائكة من الحفظة والسفرة وقد روى ان دعوة اليتيم وكذا دعوة المظلوم تصعد الى الله بنفسها اى من غير ملائكة وفيه معنى آخر وهو ان يرفعه بمعنى يجعله ذا قدر وقيمة مثل ثوب رفيع ومرتفع: يعنى [قدر ومرتبه او رفيع سازد مراد عمل موحد مخلص است كه هيچ چيزى بقيمت آن نيست وكاريرا كه بآن آميخته باشد از همه چيزى خوارتر وبى مقدارتر است] كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست زر قلب آلوده بى قيمت است ... زريرا كه خالص بود حرمت است وفى التأويلات النجمية بقوله (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) يشير الى ان الإنسان خلق ذليلا مهينا محتاجا الى كل شىء ولا يحتاج شىء الى شىء كاحتياج الإنسان الى الأشياء كلها ولا يحتاج الى كل شىء الا الإنسان والذلة قرين الحاجة فمن ازدادت حاجته ازدادت مذلته (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) لعدم احتياجه وكل شىء ذليل له لاحتياجه اليه فكلما كان احتياج الإنسان كاملا كان ذله كاملا فقال تعالى من كان الى آخره اى لا يطلب العزة من غير الله لانه ذليل ايضا لله فبقدر قطع النظر عن الأشياء وطلب العزة منها تنقص ذلة العبد وتزيد عزته الى ان لا يبقى له الاحتياج الى غير الله ولا يزول الاحتياج والافتقار الى غير الله من القلوب الا بنفي لا اله واثبات الا الله فبالنفى تنقطع تعلقاته عن الكونين وبالاثبات يتوجه بالكلية الى الحق تعالى فاذا لم يبق له تعلق ترجع حقيقة الكلمة الى الحضرة كما ان النار تستزل من الفلك الأثير باصطكاك الحجر والحديد ثم يوقد بها شجرة فالنار تأكل الشجرة وتفنيها من الحطبية وتبقيها بالنارية الى ان تفنى الشجرة بالكلية فلما لم يبق من وجود الحطب شىء ترجع النار الى الأثير وهذا سرّ قول الله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) والعمل الصالح هو اركان الشريعة فاول ركن منها كمال استنزال نار نور الله من اثير الحضرة باصطكاك حديد «لا اله الا الله» وحجر القلب القاسي فلما وقعت النار فى شجرة الوجود الإنساني عمل العبد بركن من الأركان الخمسة التي بنى الإسلام عليها والأركان الاربعة الباقية هى العمل الصالح الذي يقلع اصل الشجرة من ارض الدنيا ويقطعها قطعا تستعد به لقبولها النار واشتعالها بالنار واحتراقها بها لتقع النار الى ان تحترق الشجرة بالكلية وترفع بالعبور عن الشجرة الى اثير الحضرة ولما كانت الشجرة مشتعله بتلك النار آنس موسى عليه السلام من جانب الطور نارا فلما أتاها نودى من شاطىء الوادي الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة على لسان الشعلة (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) تأمله تفهم ان شاء الله تعالى وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وفى القاموس المكر الخديعة وهذا بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيّء وأهلهما بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيئات على انها صفة للمصدر المحذوف فان يمكر لازم لا ينصب المفعول به اى يمكرون المكرات السيئات وهى مكرات قريش بالنبي عليه السلام فى دار الندوة وتدارؤهم الرأى فى احدى الثلاث التي هى

[سورة فاطر (35) : الآيات 11 إلى 15]

الإثبات والقتل والإخراج كما حكى الله عنهم فى سورة الأنفال بقوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) لَهُمْ بسبب مكراتهم عَذابٌ شَدِيدٌ فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به وَمَكْرُ أُولئِكَ المفسدين الذين أرادوا ان يمكروا به عليه السلام. وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك هُوَ خاصة دون مكر الله بهم وفى الإرشاد لا من مكروا به يَبُورُ يهلك ويفسد فان البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم الله تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث أخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التي اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته فللمكر السيّء قوم أشقياء غاية أمرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شأنهم النجاة قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء وفى التأويلات النجمية بقوله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيئات من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيئات التي يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات قال ابو يزيد البسطامي قدس سره [كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اگر شيطانست من از ان عزيزترم وبلند همت كه او را در من طمع افتد واگر از نزديك تست بگذار تا از سراى خدمت بسراى كرامت رسم] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الأنوار وانكشاف الاسرار وقد قيل ليس الايمان بالتمني يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمني المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى حفظنا الله وإياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الحدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب. وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من التراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شىء من المخلوقات الى الحضرة لان التراب أسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الأثير السماء وهى ألطف من الأثير ولكن لا تشبه

لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الأجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام. فالفرق بينهما ان لطافة الأجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسي وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسي وفوقه عالم الأرواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الأرواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الأرواح غير قابلة للجهات وفوق الأرواح هو الله القاهر فوق عباده وهو ألطف من الأرواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الأرواح لان لطافة الأرواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم والله تعالى فوق كل شىء وهو منزه عن هذه الأوصاف ليس كمثله شىء وهو السميع البصير العليم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ النطفة هى الماء الصافي الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذي هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه بالتناسل والتوالد وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من أسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركة المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى أسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه الله تعالى من اصناف المخلوقات كما ان أعلى الشجرة آخر شىء يخلقه الله وهو البذر الذي يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً أصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا وإناثا وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض وفى التأويلات يشير الى ازدواج الروح والقالب فالروح من أعلى مراتب القرب والقالب من أسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمع بين اقرب الأقربين وابعد الأبعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة آدمي شاه وكائنات سپاه ... مظهر كل خليفه الله وَما نافية تَحْمِلُ [بر نكيرد يعنى از فرزند] مِنْ أُنْثى [هيچ زنى] من مزيدة لاستغراق النفي وتأكيده والأنثى خلاف الذكر ويقالان فى الأصل اعتبارا بالفرجين كما فى المفردات وَلا تَضَعُ [وننهد آنچهـ در شكم اوست يعنى نزايد] إِلَّا حال كونها ملتبسة بِعِلْمِهِ تابعة لمشيئته قال فى بحر العلوم بعلمه فى موضع الحال والمعنى ما يحدث شىء من حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم مكان الحمل ووضعه وأيامه وساعاته وأحواله من الخداج والتمام والذكورة والأنوثة وغير ذلك وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ما نافية [والتعمير: عمر دادن] والمعمر من أطيل عمره ويقال للمعمر ابن الليالى. وقوله من معمر اى من أحد ومن زائدة لتأكيد النفي كما فى من أنثى وانما سمى معمرا باعتبار مصيره يعنى هو من باب

تسمية الشيء بما يأول اليه والمعنى وما يمد فى عمر أحد وما يطول: وبالفارسية [وزندكانى داده نشود هيچ درازى عمرى] وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر أحد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا: وبالفارسية [وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر أول نرسد] إِلَّا فِي كِتابٍ اى اللوح او علم الله او صحيفة كل انسان إِنَّ ذلِكَ المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لاستغنائه عن الأسباب فكذلك البعث وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص على الله يسير لا يمنعه منه مانع ولا يحتاج فيه الى أحد واعلم ان الزيادة والنقصان فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة أثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والا فاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر وإذا لم يحج فلا يجاوز الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه أشار عليه السلام بقوله (الصدقة والصلة تعمر ان الديار وتزيدان فى الأعمار) وفى الحديث (ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاثة ايام فينسئه الله الى ثلاثين سنة وانه ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيرده الله الى ثلاثة ايام) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) قال بعض الكبار لم يختلف أحد من علماء الإسلام فى ان حكم القضاء والقدر شامل لكل شىء ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والأحوال وغير ذلك . فما الفرق بين ما نهى النبي عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكليات المختصة بالإنسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة أشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو أمكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزيّة على غيرهما ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقدّر حصوله بدون الشرط او الشروط وقال ابن الكمال اما الذي يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه

[سورة فاطر (35) : آية 12]

فيزيد عمره على الاول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغيير فى التقدير وذلك لان المقدر لكل شخص انما هو الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام المعدودة ولاخفاء فى ان ايام ما قدر من الأنفاس تزيد وتنقص بالصحة والحضور والمرض والتعب فافهم هذا السر العجيب حتى ينكشف لك سر اختيار بعض الطوائف حبس النفس ويتضح وجه كون الصدقة والصلة سببا لزيادة العمر انتهى وقيل المراد من النقص ما يمر من عمره وينقص فانه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى جعل لكل نسمة عمرا تنتهى اليه فاذا جرى عليه الليل والنهار نقص من عمره بالضرورة وقد قيل نقصان العمر صرفه الى غير مرضاة الله تعالى: قال الحافظ قدس سره فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد وقال اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصلى وبى خبرى بود وقال المولى الجامى قدس سره هر دم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آه آه وقال الشيخ سعدى قدس سره هر دم از عمر ميرود نفسى ... چون نكه ميكنم نمانده بسى عمر برفست وآفتاب تموز ... اندكى ماند وخواجه غره هنوز أيقظنا الله وإياكم وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا وقال بعضهم البحر فى الأصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحران إلخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الأرض حاصرة للمياه المجتمعة فيها هذا البحر عَذْبٌ طيب بالفارسية [شيرين] فُراتٌ بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش قال فى تاج المصادر [الفروتة: خوش شدن آب] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع سائِغٌ شَرابُهُ سهل انحدار مائه فى الحلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة. والسائغ بالفارسية [كوارنده] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء وَهذا البحر الآخر مِلْحٌ [تلخست] قال فى المفردات الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح أُجاجٌ شديد ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا أجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والأزمان وعلى ممرّ الاحقاب والأحيان فيهلك من نتنه العالم الأرضي ولو كان عذبا

لكان كذلك ألا ترى الى العين التي بها ينظر الإنسان الأرض والسماء والعالم والألوان وهى شحمة مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لايصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى. واما الأنهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان وَمِنْ كُلٍّ اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما تَأْكُلُونَ ايها الناس لَحْماً طَرِيًّا غضا جديدا من الطراء [والطراوة: بالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ماهى] وصف السمك بالطراوة وهى: بالفارسية [تازه شدن] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى أكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل وَتَسْتَخْرِجُونَ اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم حِلْيَةً زينة اى لؤلؤا ومرجانا وفى الاسئلة المقحمة أراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح أجاج لا من عذب فرات فكيف أضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها تَلْبَسُونَها اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا أسند إليهم وفى الحديث (كلم الله البحرين فقال للبحر الذي بالشام يا بحر انى قد خلقتك وأكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أغرقهم قال الله تعالى فانى احملهم على ظهرك واجعل بأسك فى نواصيك) وقال للبحر الذي باليمن (انى قد خلقتك وأكثرت فيك الماء وانى حامل فيك عبادا يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أسبحك وأحمدك واهللك وأكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى أفضلك على البحر الآخر بالحلية والطري) كذا فى كشف الاسرار وَتَرَى الْفُلْكَ السفينة فِيهِ اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل أحد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط مَواخِرَ يقال سفينة ماخرة إذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا [تا طلب كنيد] واللام متعلق بمواخر مِنْ فَضْلِهِ اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى أعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام (تسعة أعشار رزق أمتي فى البيع والشراء) وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجي للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [يكى از حلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر أجاج كفر وطغيان آن آب

حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست] فقوله ومن كل إلخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما والكافر خلا من المنافع بالكلية على طريقة قوله تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) ورحم الله أبا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شىء من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها أحمال الأوامر والنواهي وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها أحمال الاسرار والحقائق والمعاني والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة وفى كشف الاسرار [اين دو درياى مختلف يكى فرات ويكى أجاج. مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات. در درياى هلاك پنج كشتى روانست. يكى حرص. وديكر رياست. ديكر اصرار بر معاصى. چهارم غفلت پنجم قنوط. هر كه در كشتىء حرص نشيند بساحل حسرت رسد. هر كه در كشتىء قنوط نشيند بساحل كفر رسد اما درياى نجات بساحل عطا رسد. هر كه در كشتىء زهد نشيند بساحل قربت رسد هر كه در كشتىء معرفت نشيند بساحل انس رسد. هر كه در كشتىء توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد. پير طريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خود را كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطه فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مپروريد دل بى يقظت غول است تا بغول صحبت مداريد نفس بى آكاهى باد است با باد عمر مكذرانيد باسمي ورسمى از حقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد از كار خاتمه ونفس باز پسين همواره بر حذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است] اى دل ار عقبيت بايد چنك ازين دنيا بدار ... پاك بازي پيشه كير وراه دين كن اختيار پاى در دنيا نه وبردوز چشم نام وننك ... دست در عقبى زن وبربند راه فخر وعار چون زنان تا كى نشينى بر اميد رنك وبوى ... همت اندر راه بند كامزن مردانه وار چشم آن نادان كه عشق آورد بر رنك صدف ... والله ار ديدش رسد هركز بدر شاهوار قال بعض اهل المعرفة (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [بنده تا در قبض است خوابش چون خواب غرق شدكان خوردش چون خورد بيماران عيشش چون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى وبزبان

[سورة فاطر (35) : الآيات 13 إلى 14]

تذلل مى كويد پر آب دو چشم و پر آتش جكرم پر باد دو دستم و پر از خاك سرم چون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند در بسط وانبساط بر دل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش با مولى پيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى چراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى] نسأل الله الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ اى يدخل الله الليل فى النهار باضافة بعض اجزاء الليل الى النهار فينقص الاول ويزيد الثاني كما فى فصلى الربيع والصيف وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ باضافة بعض اجزاء النهار الى الليل كما فى فصلى الخريف والشتاء وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ورام كرد آفتاب وماه را يعنى مسخر فرمان خود ساخت] وفى بحر العلوم معنى تسخير الشمس والقمر تصييرهما نافعين للناس حيث يعلمون بمسيرهما عدد السنين والحساب انتهى يقول الفقير ومنه يعلم حكمة الإيلاج فانه بحركة النيرين تختلف الأوقات وتظهر الفصول الاربعة التي تعلق بها المصالح والأمور المهمة ثم قوله وسخر عطف على يولج واختلافهما صيغة لما ان إيلاج أحد الملوين فى الآخر متجدد حينا فحينا واما تسخير النيرين فلا تعدد فيه وانما المتعدد والمتجدد آثاره وقد أشير اليه بقوله تعالى كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر يَجْرِي اى بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد ايام السنة جريا مستمرا لِأَجَلٍ وقت مُسَمًّى معين قدره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة فحينئذ ينقطع جريهما وقال بعضهم يجرى الى أقصى منازلهما فى الغروب لانهما يغربان كل ليلة فى موضع ثم يرجعان الى ادنى منازلهما فجريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما. والاجل المسمى عبارة عن منتهى دوريتهما ومدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهر فاذا كان آخر السنة ينتهى جرى الشمس وإذا كان آخر الشهر ينتهى جرى القمر قال فى البحر والمعنى فى التحقيق يجرى لادراك أجل على ان الجري مختص بإدراك أجل ذلِكُمُ مبتدأ اشارة الى فاعل الأفاعيل المذكورة اشارة تجوّز فان الأصل فى الاشارة ان تكون حسية ويستحيل إحساسه تعالى وما فيه من معنى البعد للايذان بغاية العظمة اى ذلك العظيم الشان الذي أبدع هذه الصنائع البديعة اللَّهُ خبر رَبُّكُمْ خبر ثان لَهُ الْمُلْكُ خبر ثالث اى هو الجامع لهذه الأوصاف من الالهية والربوبية والمالكية لما فى السموات والأرض فاعرفوه ووحدوه وأطيعوا امره وَالَّذِينَ تَدْعُونَ [وآنان را كه مى خوانيد ومى پرستيد] مِنْ دُونِهِ اى حال كونكم متجاوزين الله وعبادته ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ هو القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة كاللفافة لها وهو مثل فى القلة والحقارة كالنقير الذي هو النكتة فى ظهر النواة ومنه ينبت النخل والفتيل الذي فى شق النواة على هيئة الخيط المفتول والمعنى لا يقدرون على ان ينفعوكم مقدار القطمير إِنْ تَدْعُوهُمْ اى الأصنام للاصنام للاعانة وكشف الضر

[سورة فاطر (35) : آية 15]

لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ لانهم جماد والجماد ليس من شأنه السماع وَلَوْ سَمِعُوا على الفرض والتمثيل مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ فانهم لالسان لهم او ما أجابوكم لملتبسكم لعجزهم عن النفع بالكلية فان من لا يملك نفع نفسه كيف يملك نفع غيره قال الكاشفى يعنى [قادر نيستند بر إيصال منافع ودفع مكاره] وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ اى يجحدون باشراككم لهم وبعبادتكم إياهم بقولهم ما كنتم إيانا تعبدون وانما جيىء بضمير العقلاء لان عبدتهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة ولانه أسند إليهم ما يسند الى اولى العلم من الاستجابة والسمع ويجوز ان يريد كل معبود من دون الله من الجن والانس والأصنام فغلب غير الأصنام عليها كما فى بحر العلوم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ اى لا يخبرك يا محمد بالأمر مخبر مثل خبير أخبرك به وهو الحق سبحانه فانه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الالهية [صاحب لباب آورده كه اضافت مثل بخداى جائز نيست پس اين مثليست در كلام عرب شايع كشته واستعمال كنند در اخبار مخبرى كه سخن او فى نفس الأمر معتمد عليه باشد] قال الزروقى الخبير هو العليم بدقائق الأمور التي لا يتوصل إليها غيره الا بالاختيار والاحتيال وقال الغزالي هو الذي لا يعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها بر احوال نابوده علمش بصير ... بر اسرار ناكفته لطفش خبير وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى بدنه وقلبه من الغش والخيانة والتطوف حول العاجلة وإضمار الشر واظهار الخير والتحمل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه ولا يكون خبيرا بمثل هذه الخفايا الا بإظهار التوحيد واخفائه وتحقيقه والوصول الى الله بالاعراض عن الشرك وما يكون متعلق العلاقة والميل غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست وذلك ان التعلق بما سوى الله تعالى لا يفيد شيأ من الجلب والسلب فانه كله مخلوق والمخلوق عاجز وليست القدرة الكاملة الا لله تعالى فوجب توحيده والعبادة له والتعلق به وخاصية الاسم الخبير حصول الاخبار بكل شىء فمن ذكره سبعة ايام أتته الروحانية بكل خبر يريده من اخبار السنة واخبار الملوك واخبار القلوب وغير ذلك كذا فى شمس المعارف ومن كان فى يد شخص يؤذيه فليكثر ذكره يصلح حاله كذا فى شرح الأسماء الحسنى للشيخ الزروقى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ الفقراء جمع فقير كالفقائر جمع فقيرة والفقير المكسور الفقار والفقر [پشت كسى شكستن] ذكره فى تاج المصادر فى باب ضرب وجعله فى القاموس من حد كرم وقال الراغب فى المفردات يقال افتقر فهو مفتقر وفقير ولا يكاد يقال فقر وان كان القياس يقتضيه انتهى. وفهم من هذا ان الفقير صيغة مبالغة كالمفتقر بمعنى ذى الاحتياج الكثير والشديد والفقر وجود الحاجة الضرورية وفقد ما يحتاج اليه وتعريف الفقراء للمبالغة فى فقرهم فانهم لكثرة افتقارهم وشدة احتياجهم هم الفقراء فحسب وان افتقار

سائر الأخلاق بالنسبة الى فقرهم بمنزلة العدم. والمعنى يا ايها الناس أنتم المحتاجون الى الله تعالى بالاحتياج الكثير الشديد فى أنفسكم وفيما يعرض لكم من امر مهم او خطب ملم فان كل حادث مفتقر الى خالقه ليبديه وينشئه اولا ويديمه ويبقيه ثانيا ثم الإنسان محتاج الى الرزق ونحوه من المنافع فى الدنيا مع دفع المكاره والعوارض والى المغفرة ونحوها فى العقبى فهو محتاج فى ذاته وصفاته وأفعاله الى كرم الله وفضله قال بعض الكبار ان الله تعالى ما شرّف شيأ من المخلوقات بتشريف خطاب أنتم الفقراء الى الله حتى الملائكة المقربين سوى الإنسان وذلك ان افتقار المخلوقات الى افعال الله تعالى من حيث الخلق ونحوه وافتقار الإنسان الى ذات الله وصفاته فجميع المخلوقات وان كانت محتاجة الى الله تعالى لكن الاحتياج الحقيقي الى ذات الله وصفاته مختص بالإنسان من بينها كمثل سلطان له رعية وهو صاحب جمال فيكون افتقار جميع رعاياه الى خزائنه وممالكه ويكون افتقار عشاقه الى عين ذاته وصفاته فيكون غنى كل مفتقر بما يفتقر اليه فغنى الرعية يكون بالمال والملك وغنى العاشق يكون بمعشوقه كام عاشق دولت ديدار يار ... قصد زاهد جنت ونقش ونكار هر چهـ جز عشق حقيقى شد وبال ... هر چهـ جز معشوق باقى شد خيال هست در وصلت غنا اندر غنا ... هست در فرقت غم وفقر وعنا ومن الكمالات الانسانية الاحتياج الى الاسم الأعظم من جميع وجوه الأسماء الالهية بحسب مظهريته الكاملة واما غيره من الموجودات فاحتياجهم انما هو بقدر استعدادهم فهو احتياج بوجه دون وجه ولذا ورد (الفقر فخرى وبه افتخر) وهذا صحيح بمعناه وان اختلف فى لفظه كما قال عليه السلام (اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرنى بالاستغناء عنك) قال فى كشف الاسرار [صحابه را فقرا نام نهاد] حيث قال (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) وقال (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [وآن تلبيس توانكرى حال ايشانست تا كس توانكرىء ايشان نداند اين چنانست كه كفته اند] ارسلانم خوان تا كس به نداند كه كه ام [پيران طريقت كفته اند بناى دوستى بر تلبيس نهاده اند سليمانرا نام ملكى تلبيس فقر بود آدم را نام عصيان تلبيس صفوت بود ابراهيم را التباس نعمت تلبيس خلت بود زيرا كه شرط محبت غير تست ودوستان حال خود بهر كس ننمايند كسى كه از كون ذره ندارد وبكونين نظرى ندارد وهمواره نظر الله پيش چشم خود دارد او را فقير كويند از همه درويش است وبحق توانكر «انما الغنى غنى القلب» توانكرى در سينه مى بايد نه در خزينه فقير اوست كه خود را در دو جهان جز از حق دست آويز نكند ونظر خود ندارد چهار تكبير بر ذات وصفات خود كند چنانكه آن جوانمرد كفت] نيست عشق لايزالى را در ان دل هيچ كار ... كاو هنوز اندر صفات خويش مانداست استوار هر كه در ميدان عشق نيكوان نامى نهاد ... چار تكبيرى كند بر ذات او ليل ونهار وَاللَّهُ هُوَ وحده الْغَنِيُّ المستغنى على الإطلاق فكل أحد يحتاج اليه لان أحدا

[سورة فاطر (35) : الآيات 16 إلى 22]

لا يقدر ان يصلح امره الا بالأعوان لان الأمير ما لم يكن له خدم وأعوان لا يقدر على الامارة وكذا التاجر يحتاج الى المكارين والله الغنىّ عن الأعوان وغيرها وفى الاسئلة المقحمة معناه الغنىّ عن خلقه فلو لم يخلقهم لجاز ولو ادام حياتهم لابتلاهم كلفهم او لم يكلفهم فالكل عنده بمثابة واحدة لانه غنى عنهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا لو لم يكلفهم معرفته وشكره لم يكن حكيما وهذا غاية الخزي ويفضى الى القول بان خلقهم لنفع او دفع وهو قول المجوس بعينه حيث زعموا وقالوا خلق الله الملائكة ليدفع بهم عن نفسه أذى الشيطان انتهى الْحَمِيدُ المنعم على جميع الموجودات حتى استحق عليهم الحمد على نعمته العامة وفضله الشامل فالله الغنىّ المغني قال الكاشفى [ببايد دانست كه ماهيات ممكنه در وجود محتاجند بفاعل (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) اشارة با آنست وحق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى خود از وجود عالم وعالميان مستغنيست (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عبارت از آنست و چون ظهور كمال أسمائي موقوفست بر وجود اعيان ممكنات پس در إيجاد آن كه نعمتيست كبرى مستحق حمد است وثنا كلمه (الْحَمِيدُ) بدان ايمايى مينمايد وازين رباعى پى بدين معنى توان برد] تا خود كردد بجمله أوصاف عيان ... واجب باشد كه ممكن آيد بميان ور نه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى چنانكه خود كرد بيان إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى يُذْهِبْكُمْ عن وجه الأرض ويعدمكم كما قدر على ايجادكم وبقائكم وَيَأْتِ [وبيارد] بِخَلْقٍ مخلوق جَدِيدٍ مكانكم وبدلكم ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة فيكون الخلق الجديد من جنسهم وهو الآدمي او يأت بعالم آخر غير ما تعرفونه: يعنى [يا كروهى بيارد كس نديده ونشنيده بود] فيكون من غير جنسهم وعلى كلا التقديرين فيه اظهار الغضب للناس الناسين وتخويف لهم على سرفهم ومعاصيهم وفيه ايضا من طريق الاشارة تهديد لمدعى محبته وطلبه اى ان لم تطلبوه حق الطلب يفنكم ويأت بخلق جديد فى المحبة والطلب وَما ذلِكَ اى ما ذكر من الاذهاب بهم والإتيان بآخرين عَلَى اللَّهِ متعلق بقوله بِعَزِيزٍ بمتعذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشيء وضده فاذا قال لشىء كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد أهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين الى ان حاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا ايها الناس وبين انهم محتاجون اليه احتياجا كليا وهو غنى عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم الى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الايمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق الا المشيئة ثم انه تعالى شاء هلاكهم لاصرارهم فهلك بعضهم فى بدر وبعضهم فى غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما أمرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الافناء والإيجاد الى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الامهال فانه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر ففى الآية وعظ وزجر لجميع الأصناف من الملوك ومن دونهم فمن أهمل امر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد

[سورة فاطر (35) : آية 18]

جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس فينبغى للعاقل المكلف ان يعبد الله ويخافه ولا يجترىء على ما يخالف رضاه ولا يكون أسوأ من الجمادات مع ان الإنسان اشرف المخلوقات قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يقال وزر يزر من الثاني وزرا بالفتح والكسر ووزر يوزر من الرابع حمل. والوزر الإثم والثقل والوازرة صفة للنفس المحذوفة وكذا اخرى والمعنى لا تحمل نفس آثمة يوم القيامة اثم نفس اخرى بحيث تتعرى منه المحمول عنها بل انما تحمل كل منهما وزرها الذي اكتسبته بخلاف الحال فى الدنيا فان الجبابرة يأخذون الولي بالولى والجار بالجار واما فى قوله تعالى (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) من حمل المضلين اثقالهم وأثقالا غير اثقالهم فهو حمل أثقال ضلالهم مع أثقال اضلالهم وكلاهما أوزارهم ليس فيها شىء من أوزار غيرهم ألا يرى كيف كذبهم فى قولهم (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) بقوله (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) ومنه يعلم وجه تحميل معاصى المظلومين يوم القيامة على الظالمين فان المحمول فى الحقيقة جزاء الظلم وان كان يحصل فى الظاهر تخفيف حمل المظلوم ولا يجرى الا فى الذنب المتعدى كما ذكرناه فى اواخر الانعام وفيه اشارة الى ان لله تعالى فى خلق كل واحد من الخلق سرا مخصوصا به وله مع كل واحد شان آخر فكل مطالب بما حمل كما ان كل بذر ينبت بنبات قد أودع فيه ولا يطالب بنبات بذر آخر لانه لا يحمل الا ما حمل عليه كما فى التأويلات النجمية: قال الشيخ سعدى رطب ناورد چوب خرزهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار وَإِنْ تَدْعُ صيغة غائبة اى ولو دعت: وبالفارسية [واگر بخواند] مُثْقَلَةٌ اى نفس أثقلتها الأوزار والمفعول محذوف اى أحدا قال الراغب الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح عما يوزن به او يقدّر به يقال هو ثقيل وأصله فى الأجسام ثم يقال فى المعاني أثقله الغرم والوزر انتهى. فالثقل الإثم سمى به لانه يثقل صاحبه يوم القيامة ويثبطه عن الثواب فى الدنيا إِلى حِمْلِها الذي عليها من الذنوب ليحمل بعضها قيل فى الأثقال المحمولة فى الظاهر كالشىء المحمول على الظهر حمل بالكسر وفى الأثقال المحمولة فى الباطن كالولد فى البطن حمل بالفتج كما فى المفردات لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ لم تجب لحمل شىء منه وَلَوْ للوصل كانَ اى المدعو المفهوم من الدعوة وترك ذكره ليشمل كل مدعو ذا قُرْبى ذا قرابة من الداعي كالاب والام والولد والأخ ونحو ذلك إذ لكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه وحمل يعجزه ففى هذا دليل انه تعالى لا يؤاخذ بالذنب الا جانيه وان الاستغاثة بالاقربين غير نافعة لغير المتقين عن ابن عباس رضى الله عنهما يلقى الأب والام ابنه فيقول يا بنى احمل عنى بعض ذنوبى فيقول لا أستطيع حسبى ما علىّ وكذا يتعلق الرجل بزوجته فيقول لها انى كنت لك زوجا فى الدنيا

فيثنى عليها خيرا فيقول قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك لعلى أنجو بها مما ترين فتقول ما أيسر ما طلبت ولكن لا أطيق انى أخاف مثل ما تخوفت هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ خيرى نه پدر را به پسر مى آيد دختر از پهلوى مادر بكند قصد فرار ... دوستى از همه خويش بسر مى آيد قال فى الإرشاد هذه الآية نفى للتحمل اختيارا والاولى نفى له اجبارا. والاشارة ان الطاعة نور والعصيان ظلمة فاذا اتصف جوهر الإنسان بصفة النور او بصفة الظلمة لا تنقل تلك الصفة من جوهره الى جوهر انسان آخر أياما كان ألا ترى ان كل أحد عند الصراط يمشى فى نوره لا يتجاوز منه الى غيره شىء وكذا من غيره اليه إِنَّما تُنْذِرُ يا محمد بهذه الانذارات. والانذار الإبلاغ مع التخويف الَّذِينَ يَخْشَوْنَ يخافون رَبَّهُمْ حال كونهم بِالْغَيْبِ غائبين عن عذابه واحكام الآخرة او عن الناس فى خلواتهم: يعنى [در خلوتها اثر خشيت بر ايشان ظاهرت نه در صحبتها] فهو حال من الفاعل او حال كون ذلك العذاب غائبا عنهم فهو حال من المفعول وَأَقامُوا الصَّلاةَ اى راعوها كما ينبغى وجعلوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا قال فى كشف الاسرار وغاير بين اللفظين لان اوقات الخشية دائمة واوقات الصلاة معينة منقضية. والمعنى انما ينفع إنذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من اهل التمرد والفساد وان كنت نذيرا للخلق كلهم وخص الخشية والصلاة بالذكر لانهما أصلا الأعمال الحسنة الظاهرية والباطنية. اما الصلاة فانها عماد الدين. واما الخشية فانها شعار اليقين وانما يخشى المرء بقدر علمه بالله كما قال تعالى (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) فقلب لم يكن عالما خاشيا يكون ميتا لا يؤثر فيه الانذار كما قال تعالى (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) ومع هذا جعل تأثير الانذار مشروطا بشرط آخر وهو اقامة الصلاة وامارة خشية قلبه بالغيب محافظة الصلاة فى الشهادة وفى الحديث (ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وَمَنْ [وهر كه] تَزَكَّى تظهر من اوضار الأوزار والمعاصي بالتأثر من هذه الانذارات وأصلح حاله بفعل الطاعات فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ لاقتصار نفعه عليها كما ان من تدنس بها لا يتدنس الا عليها ويقال من يعطى الزكاة فانما ثوابه لنفسه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ اى الرجوع لا الى غيره استقلالا واشتراكا فيجازيهم على تزكيهم احسن الجزاء واعلم ان ثواب التزكى عن المعاصي هو الجنة ودرجاتها وثواب التزكى عن التعلق بما سوى الله تعالى هو جماله تعالى كما أشار اليه بقوله (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فمن رجع الى الله بالاختيار لم يبق له بما دونه قرار: قال الشيخ سعدى قدس سره ندادند صاحب دلان دل بپوست ... وكر ابلهى داد بى مغز اوست مى صرف وحدت كسى نوش كرد ... كه دنيى وعقبى فراموش كرد والأصل هو العناية وعن ابراهيم المهلب السائح رضى الله عنه قال بينا انا أطوف وإذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وأنفق الأموال حتى أخرجني

[سورة فاطر (35) : الآيات 19 إلى 22]

من بلاد الشرك وأدخلني فى التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى إياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة قلت وكيف حبك له قالت أعظم شىء واجله قلت وكيف هو قالت هوارق من الشراب واحلى من الجلاب. وانما تتولد معرفة الله من معرفة النفس بعد تزكيتها كما أشار اليه (من عرف نفسه فقد عرف ربه) ففى هذا ان الولد يكون أعظم فى القدر من الوالد فافهم رحمك الله وإياي بعنايته وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ تمثيل للكافر والمؤمن فان المؤمن من ابصر طريق الفوز والنجاة وسلكه بخلاف الكافر فكما لا يستوى الأعمى والبصير من حيث الحس الظاهري إذ لا بصر للاعمى كذلك لا يستوى الكافر والمؤمن من حيث الإدراك الباطني ولا بصيرة للكافر بل الكافر أسوأ حالا من الأعمى المدرك للحق إذ لا اعتبار بحاسة البصر لاشتراكها بين جميع الحيوانات وفيه اشارة الى حال المحجوب والمكاشف فان المحجوب أعمى عن مطالعة الحق فلا يستوى هو والمكاشف الذي كوشف له عن وجه السر المطلق وقال الكاشفى (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى) [وبرابر نيست نابينا يعنى كافر يا جاهل يا كمراه (وَالْبَصِيرُ) وبينا يعنى مؤمن يا عالم يا راه يافته] وَلَا لتأكيد نفى الاستواء الظُّلُماتُ جمع ظلمة وهى عدم النور وَلَا للتأكيد النُّورُ هو الضوء المنتشر المعين للابصار تمثيل للباطل والحق. فالكافر فى ظلمة الكفر والشرك والجهل والعصيان والبطلان لا يبصر اليمين من الشمال فلا يرجى له الخلاص من المهالك بحال. والمؤمن فى نور التوحيد والإخلاص والعلم والطاعة والحقانية بيده الشموع والأنوار أينما سار. وجمع الظلمات مع افراد النور لتعدد فنون الباطل واتحاد الحق يعنى ان الحق واحد وهو التوحيد فالموحد لا يعبد الا الله تعالى واما الباطل فطرقه كثيرة وهى وجوه الإشراك فمن عابد للكواكب ومن عابد للنار ومن عابد للاصنام الى غير ذلك فالظلمات كلها لا تجد فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فى ظلمة الغفلات المتضاعفة والمكاشف فى نور الروح واليقظة وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ قدم الأعمى على البصير والظلمات على النور والظل على الحرور ليتطابق فواصل الآي وهو تمثيل للجنة والنار والثواب والعقاب والراحة والشدة. الظل بالفارسية [سايه] قال الراغب يقال لكل موضع لاتصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيء الا لما رال عنه الشمس ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهية انتهى. والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وحر الشمس والحر الدائم والنار كما فى القاموس فعول من الحر غلب على السموم وهى الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم تكون غالبا بالنهار. والمعنى كما لا يستوى الظل والحرارة من حيث ان فى الظل استراحة للنفس وفى الحرارة مشقة وألما كذلك لا يستوى ما للمؤمن من الجنة التي فيها ظل وراحة وما للكافر من النار التي فيها حرارة شديدة وفيه اشارة الى ان البعد من الله تعالى كالحرور فى إحراق الباطن والقرب منه كالظل فى تفريح القلب وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين ابلغ من الاول ولذلك كرر الفعل واوثرت صيغة الجمع فى الطرفين تحقيقا للتباين بين افراد الفريقين والحي ما به القوة الحساسة

[سورة فاطر (35) : الآيات 23 إلى 27]

والميت ما زال عنه ذلك وجه التمثيل ان المؤمن منتفع بحياته إذ ظاهره ذكر وباطنه فكر دون الكافر إذ ظاهره عاطل وباطنه باطل وقال بعض العلماء هو تمثيل للعلماء والجهال وتشبيه الجهلة بالأموات شائع ومنه قوله لا تعجبن الجهول خلته ... فاته الميت ثوبه كفن لان الحياة المعتبرة هى حياة الأرواح والقلوب وذلك بالحكم والمعارف ولا عبرة بحياة الأجساد بدونها لاشتراك البهائم فيها قال بعض الكبار الاحياء عند التحقيق هم الواصلون بالفناء التام الى الحياة الحقيقية وهم الذين ماتوا بالاختيار قبل ان يموتوا بالاضطرار ومعنى موتهم إفناء أفعالهم وصفاتهم وذواتهم فى افعال الحق وصفاته وذاته وازالة وجودياتهم بالكلية طبيعة ونفسا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (من أراد ان ينظر الى ميت متحرك فلينظر الى ابى بكر) فالحياة المعنوية لا يطرأ عليها الفناء بخلاف الحياة الصورية فانها تزول بالموت فطوبى لاهل الحياة الباقية وللمقارنين بهم والآخذين عنهم قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت وهو العلم اللدني الذي يحصل من طريق الإلهام بدون تطلب وتكلف: قال الشيخ سعدى قدس سره نه مردم همين استخوانند و پوست ... نه هر صورتى جان ومعنى دروست نه سلطان خريدار هر بنده ايست ... نه در زير هر ژنده زنده ايست إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ كلامه اسماع فهم واتعاظ وذلك بإحياء القلب مَنْ يَشاءُ ان يسمعه فينتفع بانذارك وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت وقبرته جعلته فى القبر. وهذا الكلام ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأموات وإشباع فى إقناطه عليه السلام من ايمانهم وترشيح الاستعارة اقترانها بما يلائم المستعار منه شبه الله تعالى من طبع على قلبه بالموتى فى عدم القدرة على الاجابة فكما لا يسمع اصحاب القبور ولا يجيبون كذلك الكفار لا يسمعون ولا يقبلون الحق إِنْ ما أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ منذر بالنار والعقاب واما الاسماع البتة فليس من وظائفك ولا حيلة لك اليه فى المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى وقوله (إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ) إلخ وقوله (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) وغير ذلك لتمييز مقام الالوهية عن مقام النبوة كيلا يشتبها على الامة فيضلوا عن سبيل الله كما ضل بعض الأمم السالفة فقال بعضهم عزير ابن الله وقال بعضهم المسيح ابن الله وذلك من كمال رحمته لهذه الامة وحسن توفيقه يقول الفقير أيقظه الله القدير ان قلت قد ثبت انه عليه السلام امر يوم بدر بطرح أجساد الكفار فى القليب ثم ناداهم بأسمائهم وقال (هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدني الله حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجساد الأرواح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) فهذا الخبر يقتضى ان النبي عليه السلام اسمع من فى القليب وهم موتى وايضا تلقين الميت بعد الدفن للاسماع والا فلا

[سورة فاطر (35) : آية 24]

معنى له. قلت اما الاول فيحتمل ان الله تعالى احيى اهل القليب حينئذ حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والا فالميت من حيث هو ميت ليس من شأنه السماع وقوله عليه السلام (ما أنتم باسمع) إلخ يدل على ان الأرواح اسمع من الأجساد مع الأرواح لزوال حجاب الحس وانخراقه. واما الثاني فانما يسمعه الله ايضا بعد احيائه بمعنى ان يتعلق الروح بالجسد تعلقا شديدا بحيث يكون كما فى الدنيا فقد اسمع الرسول عليه السلام وكذا الملقن باسماع الله تعالى وخلق الحياة والا فليس من شأن أحد الاسماع كما انه ليس من شأن الميت السماع والله اعلم قال بعض العارفين [اى محمد عليه السلام دل در بو جهل چهـ بندى كه او نه از ان اصلست كه طينت خبيث وى نقش نكين تو پذيرد دل در سلمان بند كه پيش از انكه تو قدم در ميدان بعثت نهادى چندين سال كرد عالم سركردان در طلب تو مى كشت ونشان تو ميجست] ولسان الحال يقول كرفت خواهم من زلف عنبرينت را ... ز مشك نقش كنم برك ياسمينت را بتيغ هندى دست مرا جدا نكند ... اگر بگيرم يك ره سر آستينت را إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ حال من المرسل بالكسر اى حال كوننا محقين او من المرسل بالفتح اى حال كونك محقا او صفة لمصدر محذوف اى إرسالا مصحوبا بالحق وأرسلناك بالدين الحق الذي هو الإسلام او بالقرآن بَشِيراً حال كونك بشيرا للمؤمنين بالجنة: وبالفارسية [مژده دهنده] وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار: وبالفارسية [بيم كننده] وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ اى ما من امة من الأمم السالفة واهل عصر من الاعصار الماضية الْأَخِلَّاءُ مضى قال الراغب الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء وساكن وغيرهما. والخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضىّ فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب فِيها اى فى تلك الامة نَذِيرٌ [بيم وآگاه كننده] من نبى او عالم ينذرهم والاكتفاء بالإنذار لانه هو المقصود الأهم من البعثة قال فى الكواشي واما فترة عيسى فلم يزل فيها من هو على دينه وداع الى الايمان وفى كشف الاسرار والآية تدل على ان كل وقت لا يخلو من حجة خبرية وان أول الناس آدم وكان مبعوثا الى أولاده ثم لم يخل بعده زمان من صادق مبلغ عن الله او آمر يقوم مقامه فى البلاغ والأداء حين الفترة وقد قال تعالى (أيحسب الإنسان ان يترك سدى) لا يؤمر ولا ينهى فان قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون) قلت معنى الآية ما من امة من الأمم الماضية الا وقد أرسلت إليهم رسولا ينذرهم على كفرهم ويبشرهم على ايمانهم اى سوى أمتك التي بعثناك إليهم يدل على ذلك قوله (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) وقوله (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) وقيل المراد ما من امة هلكوا بعذاب الاستئصال الا بعد ان أقيم عليهم الحجة بإرسال الرسول بالاعذار والانذار انتهى ما فى كشف الاسرار وهذا الثاني هو الأنسب بالتوفيق بين الآيتين يدل عليه ما بعده من قوله (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ الخ) والا فلا يخفى ان اهل الفترة ما جاءهم نذير على ما نطق به قوله تعالى (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) ويدل

[سورة فاطر (35) : الآيات 25 إلى 27]

ايضا ان كل امة أنذرت من الأمم ولم تقبل استؤصلت فكل امة مكذبة معذبة بنوع من العذاب وتمام التوفيق بين الآيتين يأتى فى يس وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ [واگر معاندان قريش ترا دروغ زن دارند وبر تكذيب استمرار نمايند پس بايشان وبتكذيب آنان مبالات مكن] فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم العاتية أنبياءهم جاءَتْهُمْ [آمدند بديشان] وهو وما بعده استئناف او حال اى كذب المتقدمون وقد جاءتهم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات الظاهرة الدالة على صدق دعواهم وصحت نبوتهم وَبِالزُّبُرِ كصحف شيث وإدريس وابراهيم عليهم السلام جمع زبور بمعنى المكتوب من زبرت الكتاب كتبته كتابة غليظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور كما فى المفردات وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ اى المظهر للحق الموضح لما يحتاج اليه من الاحكام والدلائل والمواعظ والأمثال والوعد والوعيد ونحوها كالتوارة والإنجيل والزبور على ارادة التفصيل دون الجمع اى بعض هذه المذكورات جاءت بعض المكذبين وبعضها بعضهم لا ان الجميع جاءت كلا منهم ثُمَّ أَخَذْتُ بانواع العذاب الَّذِينَ كَفَرُوا ثبتوا على الكفر وداوموا عليه وضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما فى حيز الصلة والاشعار بعلية الاخذ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري بالعقوبة وتعييرى عليهم: وبالفارسية [پس چكونه بود انكار من بر ايشان بعذاب وعقاب] قال فى كشف الاسرار [پيدا كردن نشان ناخوشنودى چون بود حال كردانيدن من چون ديدى] قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير فانه عليه السلام علم شدة الله عليهم فحسن الاستفهام على هذا الوجه فى مقابلة التسلية يحذر كفار هذه الامة بمثل عذاب الأمم المكذبة المتقدمة والعاقل من وعظ بغيره نيك بخت آنكسى بود كه دلش ... آنچهـ نيكى دروست بپذيرد ديكرانرا چو پند داده شود ... او از ان پند بهره بركيرد ويسلى ايضا رسوله عليه السلام فان التكذيب ليس ببدع من قريش فقد كان اكثر الأولين مكذبين وجه التسلي انه عليه السلام كان يحزن عليهم وقد نهى الله عن الحزن بقوله (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) وذلك لانهم كانوا غير مستعدين لما دعوا اليه من الايمان والطاعة فتوقع ذلك منهم كتوقع الجوهرية من الحجر القاسي توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه مع ان الحزن للحق لا يضيع كما ان امرأة حاضت فى الموقف فقالت آه فرأت فى المنام كأن الله تعالى يقول أما سمعت انى لا أضيع اجر العاملين وقد أعطيتك بهذا الحزن اجر سبعين حجة قال بعض الكبار لا يخفى ان اجر كل نبى فى التبليغ يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة له من المخالفين وعلى قدر ما يقاسيه منهم وكل من رد رسالة نبى ولم يؤمن بها أصلا فان لذلك النبي اجر المصيبة وللمصاب اجر على الله بعدد من رد رسالته من أمته بلغوا ما بلغوا وقس على هذا حال الولي الوارث الداعي الى الله على بصيرة أَلَمْ تَرَ الاستفهام تقريرى والرؤية قلبية اى ألم تعلم يعنى قد علمت يا محمد او يا من يليق به الخطاب أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بقدرته

وحكمته مِنَ السَّماءِ اى من الجهة العلوية سماء او سحابا ماءً مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ اى بذلك الماء. والالتفات من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بفعل الإخراج لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة ولان الرجوع الى نون العظمة اهيب فى العبارة وقال الكاشفى [عدول متكلم جهت تخصيص فعل است يعنى ما تواناييم كه بيرون آريم بدان آب] ثَمَراتٍ جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من أحمال الشجر مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وصف سببى للثمرات اى أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرها او أصنافها على ان كلا منها ذو اصناف مختلفة كالعنب فان اصنافه تزيد على خمسين وكالتمر فان اصنافه تزيد على مائة او هيآتها من الصفرة والحمرة والخضرة والبياض والسواد وغيرها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ مبتدأ وخبر. والجدد جمع جدة بالضم بمعنى الطريقة التي يخالف لونها ما يليها سواء كانت فى الجبل او فى غيره والخطة فى ظهر الحمار تخالف لونه وقد تكون للظبى جدتان مسكيتان تفصلان بين لونى ظهره وبطنه ولما لم يصح الحكم على نفس الجدد بانها من الجبال احتيج الى تقدير المضاف فى المبتدأ اى ومن الجبال ما هو دو جدد اى خطط وطرائق متلونة يخالف لونها لون الجبل فيؤول المعنى الى ان من الجبال ما هو مختلف ألوانه لان بيض صفة جدد وحمر عطف على بيض فتلا عليه السلام القرائن الثلاث فان ما قبلها فاخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها وما بعدها ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه اى منهم بعض مختلف ألوانه فلا بد فى القرينة المتوسطة بينهما من ارتكاب الحذف ليؤول المعنى الى ما ذكر فيحصل تناسب القرائن وفى المفردات اى طرائق ظاهرة من قولهم طريق مجدود اى مسلوك مقطوع ومنه جادة الطريق وفى الجلالين الطرائق تكون فى الجبال كالعروق بِيضٌ جمع ابيض صفة جدد وَحُمْرٌ جمع احمر وفى كشف الاسرار [واز كوهها راهها پيدا شده از روندكان خطها سپيد وخطها سرخ در كوههاى سپيد وكوههاى سرخ] حمل صاحب كشف الاسرار الجدد على الطرائق المسلوكة والظاهر هو الاول لان المقام لبيان ما هو خلقى على ان كون الطريقة بيضاء لا يستلزم كون الجبال كذلك إذ للجبال عروق لونها يخالف لونها وكذا العكس وهو ان كون الجبل ابيض لا يقتضى كون الطريقة كذلك فمن موافق ومن مخالف مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها اى ألوان تلك الجدد البيض والحمر بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد الا ان قوله مختلف ألوانها صفة لكل واحدة من الجدد البيض والحمر بمعنى ان بياض كل واحدة من الجدد البيض وكذا حمرة الجدد الحمر يتفاوتان بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد فرب ابيض أشد بياضا من ابيض آخر وكذا رب أحمر أشد حمرة من احمر آخر فنفس البياض مختلف وكذا نفس الحمرة فلذلك جمع لفظ ألوان مضافا الى ضمير كل واحد من البيض والحمر فيكون كل واحد منهما من قبيل الكلى المشكك. ويحتمل ان يكون قوله مختلف ألوانها صفة ثالثة لجدد فيكون ضمير ألوانها للجدد فيكون تأكيدا لقوله بيض وحمر ويكون اختلاف ألوان الجدد بان يكون بعضها ابيض وبعضها احمر فتكون الحدد كلها على لونين بياض

[سورة فاطر (35) : الآيات 28 إلى 32]

وحمرة الا انه عبر عن اللونين بالألوان لتكثر كل واحد منهما باعتبار محاله كذا فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير من شاهد جبال ديار العرب فى طريق الحج وغيرها وجد هذه الاقسام كلها فانها وجددها مختلفة متلونة وَغَرابِيبُ سُودٌ عطف على بيض فيكون من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها كالبيض والحمر كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب. وانما وسط الاختلاف لانه علم من الوصف بالغرابيب انه ليس فى الأسود اختلاف اللون بالشدة والضعف. ويجوز ان يكون غرابيب عطفا على جدد فلا يكون داخلا فى تفاصيل الجدد بل يكون قسيمها كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد وهو السواد فالغرض من الآية اما بيان اختلاف ألوان طرائق الجبال كاختلاف ألوان الثمرات فترى الطرائق الجبلية من البعيد منها بيض ومنها حمر ومنها سود واما بيان اختلاف ألوان الجبال نفسها وكل منها اثر دال على القدرة الكاملة كذا فى حواشى ابن الشيخ. والغرابيب جمع غربيب كعفريت يقال اسود غربيب اى شديد السواد الذي يشبه لون الغراب وكذا يقال اسود حالك كما يقال اصفر فاقع وابيض يقق محركة واحمر قان لخالص الصفرة وشديد البياض والحمرة وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) يعنى الذي يخضب بالسواد كما فى تفسير القرطبي والذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة والسود جمع اسود فان قلت إذا كان الغربيب تأكيدا للاسود كالفاقع مثلا للاصفر ينبغى ان يقال وسود غرابيب بتقديم السود إذ من حق التأكيد ان يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه قلت الغرابيب تأكيد لمضمر يفسره ما بعده والتقدير سود غرابيب سود فالتأكيد إذا متأخر عن المؤكد وفى الإضمار ثم الإظهار مزيد تأكيد لما فيه من التكرار وهذا أصوب من كون السود بدلا من الغرابيب كما ذهب اليه الأكثر حتى صاحب القاموس كما قال واما غرابيب سود بدل لان تأكيد الألوان لا يتقدم وَمِنَ النَّاسِ [واز آدميان] وَالدَّوَابِّ [واز چهار پايان] جمع دابة وهى ما يدب على الأرض من الحيوان وغلب على ما يركب من الخيل والبغال والحمير ويقع على المذكر وَالْأَنْعامِ [واز چرندكان] جمع نعم محركة وقد يسكن عينه الإبل والبقر والضأن والمعز دون غيرها فالخيل والبغال والحمير خارجة عن الانعام والمعنى ومنهم بعض مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ او وبعضهم مختلف ألوانه بان يكون ابيض واحمر واسود ولم يقل هنا ألوانها لان الضمير يعود الى البعض الدال عليه من كَذلِكَ تم الكلام هنا وهو مصدر تشبيهى لقوله مختلف اى صفة لمصدر مؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك اى كاختلاف الثمار والجبال إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ يعنى [هر كه نداند قدرت خدايرا بر آفريدن اشيا وعالم نبود بتحويل هر چيزى از حالى بحالي چكونه از خداى تعالى ترسد (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ) إلخ وفى الإرشاد وهو تكملة لقوله تعالى (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) بتعيين من يخشاه من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم اما فى الأوصاف المعنوية فبطريق التمثيل واما فى الأوصاف الصورية فبطريق التصريح توفية لكل واحدة منها حقها اللائق بها من البيان

[سورة فاطر (35) : آية 29]

اى انما يخشاه تعالى بالغيب العالمون به وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة لما ان مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشؤونه فمن كان اعلم به تعالى كان أخشى منه كما قال عليه السلام (انا أخشاكم لله وأتقاكم له) ولذلك عقب بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل عن هذه المعرفة امتنع إنذارهم بالكلية انتهى. وتقديم المخشى وهو المفعول للاختصاص وحصر الفاعلية اى لا يخشى الله من بين عباده الا العلماء ولو اخر لانعكس الأمر وصار المعنى لا يخشون الا الله وبينهما تغاير ففى الاول بيان ان الخاشين هم العلماء دون غيرهم وفى الثاني بيان ان المخشى منه هو الله دون غيره وقرأ ابو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين برفع اسم الله ونصب العلماء على ان الخشية استعارة للتعظيم فان المعظم يكون مهيبا فالمعنى انما يعظمهم الله من بين جميع عباده كما يعظم المهيب المخشى من الرجال بين الناس وهذه القراءة وان كانت شاذة لكنها مفيدة جدا وجعل عبد الله بن عمر الخشية بمعنى الاختيار اى انما يختار الله من بين عباده العلماء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ [غالبست در انتقام كشيدن از كسى كه نترسد از عقوبت او] غَفُورٌ للخاشين وهو تعليل لوجوب الخشية لدلالته على انه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب من عصيانه ومن حق من هذه صفته ان يخشى قيل الخشية تألم القلب بسبب توقع مكروه فى المستقبل يكون تارة بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته وخشية الأنبياء من هذا القبيل فعلى المؤمن ان يجتهد فى تحصيل العلم بالله حتى يكون أخشى الناس فبقدر مراتب العلم تكون مراتب الخوف والخشية- روى- عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل يا رسول الله أينا اعلم قال (أخشاكم لله سبحانه وتعالى انما يخشى الله من عباده العلماء) قالوا يا رسول الله فأى الاصحاب أفضل قال (من إذا ذكرت الله اعانك وإذا نسيت ذكرك) قالوا فأى الاصحاب شر قال (الذي إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك) قالوا فأى الناس شر قال (اللهم اغفر للعلماء العالم إذا فسد فسد الناس) كذا فى تفسير ابى الليث علم چندانكه بيشتر خوانى چون عمل در تو نيست نادانى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا عالمين ومحققين وفى الخوف والخشية صادقين ومحققين إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ اى يداومون على تلاوة القرآن ويعملون بما فيه إذ لا تنفع التلاوة بدون العمل والتلاوة القراءة أعم متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة منها لكن التهجي وتعليم الصبيان لا يعد قراءة ولذا قالوا لا يكره التهجي للجنب والحائض والنفساء بالقرآن لانه لا يعد قارئا وكذا لا يكره لهم التعليم للصبيان وغيرهم حرفا حرفا وكلمة كلمة مع القطع بين كل كلمتين وَأَقامُوا الصَّلاةَ بآدابها وشرائطها وغاير بين المستقبل والماضي لان اوقات التلاوة أعم بخلاف اوقات الصلاة وكذا اوقات الزكاة المدلول عليها بقوله وَأَنْفَقُوا فى وجوه البر: يعنى [از دست بيرون كنند درويشانرا] مِمَّا رَزَقْناهُمْ أعطيناهم: يعنى [از آنچهـ روزى داده ايم ايشانرا سِرًّا وَعَلانِيَةً وهى ضد السر واكثر ما يقال ذلك فى المعاني دون الأعيان يقال اعلنته فعلن اى فى السر والعلانية او انفاق سر وعلانية او ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين كيفما اتفق من غير قصد إليهما وقال الكاشفى (سِرًّا) [پنهان از خوف آنكه بريا آميخته نكردد (وَعَلانِيَةً)

[سورة فاطر (35) : الآيات 30 إلى 31]

وآشكار بطمع آنكه سبب رغبت ديگران گردد بتصدق] فالاولى هى المسنونة والثانية هى المفروضة وفيهما اشارة الى علم الباطن والظاهر وفيه بعث للمنفق على الصدقة فى سبيل الله فى عموم الأوقات والأحوال يَرْجُونَ خبر ان تِجارَةً تحصيل ثواب بالطاعة والتاجر الذي يبيع ويشترى وعمله التجارة وهى التصرف فى رأس المال طالبا للربح قيل وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة واما تجاه فاصله وجاه وتجوب فالتاء فيه للمضارعة لَنْ تَبُورَ البوار فرط الكساد والوصف بائر. ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد عبر بالبوار عن الهلاك مطلقا ومن الهلاك المعنوي ما فى قولهم خذوا الطريق ولو دارت وتزوجوا البكر ولو بارت واسكنوا المدن ولو جارت. والمعنى لن تكسد ولن تهلك مطلقا بالخسران أصلا: وبالفارسية [فاسد نبود وزيان بدان نرسيد بلكه در روز قيامت متاع اعمال ايشان رواجى تمام يابد] قال فى الإرشاد قوله (لَنْ تَبُورَ) صفة للتجارة جىء بها للدلالة على انها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لانه اشتراء باق بفان والاخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ [التوفية: تمام بدادن] والاجر ثواب العمل وهو متعلق بلن تبور على معنى انه ينتفى عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بحسب أعمالهم وخلوص نياتهم أجور أعمالهم من التلاوة والاقامة والانفاق فلا وقف على لن تبور وَيَزِيدَهُمْ [وزياده كند بر ثواب ايشانرا] مِنْ فَضْلِهِ اى جوده وتفضله وخزائن رحمته ما يشاء مما لم يخطر ببالهم عند العمل ولم يستحقوا له بل هو كرم محض ومن فضله يوم القيامة نصبهم فى مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الأقرباء وغيرهم إِنَّهُ غَفُورٌ تعليل لما قبله من التوفية والزيادة اى غفور لفرطاتهم وفى بحر العلوم ستار لكل ما صدر عنهم مما من شأنه ان يستر محاءله عن قلوبهم وعن ديوان الحفظة شَكُورٌ لطاعاتهم اى مجازيهم عليها ومثيب وفى التأويلات النجمية غفور يغفر تقصيرهم فى العبودية شكور يشكر سعيهم مع التقصير بفضل الربوبية قال ابو الليث الشكر على ثلاثة أوجه. الشكر ممن دونه يكون بالطاعة وترك مخالفته. والشكر ممن هو شكله يكون بالجزاء والمكافاة. والشكر ممن فوقه يكون رضى منه باليسير كما قال بعضهم الشكور هو المجازى بالخير الكثير على العمل اليسير والمعطى بالعمل فى ايام معدودة نعما فى الآخرة غير مجذوذة ومن عرف انه الشكور شكر نعمته وآثر طاعته وطلب رحمته وشهد منته قال الغزالي رحمه الله واحسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وخاصية هذا الاسم انه لو كتبه احدى وأربعين مرة من به ضيق فى النفس وتعب فى البدن وثقل فى الجسم وتمسح به وشرب منه برىء بإذن الله تعالى وان تمسح به ضعيف البصر على عينيه وجد بركة ذلك وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وهو القرآن ومن للتبيين او للجنس او للتبعيض هُوَ الْحَقُّ الصدق لا كذب فيه ولا شك مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى حال كونه موافقا لما قبله من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء فى العقائد واصول الاحكام وهو حال مؤكدة اى احقه مصدقا لان حقيته لا تنفك عن هذا التصديق إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ

[سورة فاطر (35) : آية 32]

متعلق بقوله لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ وتقديمه عليه لمراعاة الفاصلة التي على حرف الراء اى محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان فى أحوالك ما ينافى النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب يعرف صدقها منه وتقديم الخبير للتنبيه على ان العمدة فى ذلك العلم والإحاطة هى الأمور الروحانية وفى التأويلات النجمية (إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ) من اهل السعادة واهل الشقاوة (لَخَبِيرٌ) لانه خلقهم (بَصِيرٌ) بما يصدر منهم من الأخلاق والأعمال انتهى فقد اعلم الله تعالى حقية القرآن ووعد على تلاوته والعمل به الاجر الكثير ولا يحصل اجر التلاوة للامى إذ لا تلاوة له بل للقارىء فلا بد من التعلم والاشتغال فى جميع الأوقات: قال المولى الجامى چون ز نفس وحديثش آيى تنك ... بكلام قديم كن آهنك مصحفى جو چوشاهد مهوش ... بوسه زن در كنار خويشش كش حرف او كن حواس جسمانى ... وقف او كن قواى روحانى دل بمعنى زبان بلفظ سپار ... چشم بر خط نه ونقط بگذار وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور مطوقة ينور عند كل منبر ناقة من نوق الجنة ينادى مناد اين من حمل كتاب الله اجلسوا على هذه المنابر فلا روع عليكم ولا حزن حتى يفرغ الله مما بينه وبين العباد فاذا فرغ الله من حساب الخلق حملوا على تلك النوق الى الجنة) وفى الحديث (ان أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان فى الميزان) ذكر فى القنية ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها. فالمستحب بعد الفجر مثلا ذكر الله تعالى كما هو عادة الصوفية الى ان تطلع الشمس فان هذا الوقت وان جاز فيه قضاء الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة ولكن يكره التطوع فهو منهى عنه فيه وكذا المنذورة وركعتا الطواف وقضاء تطوع إذا أفسده لانها ملحقة بالنفل إذ سبب وجوبها من جهته جعلنا الله وإياكم من المغتنمين بتلاوة كتابه والمتشرفين بلطف خطابه والواصلين الى الأنوار والاسرار ثُمَّ للترتيب والتأخير اى بعد ما أوحينا إليك او بعد كتب الأولين كما دل ما قبله على كل منهما وسئل الثوري على ماذا عطف بقوله ثم قال على ارادة الأزل والأمر المقضى اى بعد ما أردنا فى الأزل أَوْرَثْنَا الْكِتابَ اى ملكنا بعظمتنا ملكا تاما وأعطينا هذا القرآن عطاء لا رجوع فيه قال الراغب الوراثة انتقال قينة إليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت ويقال لكل من حصل له شىء من غير تعب قدورث كذا انتهى وسيأتى بيانه الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الموصول مع صلته مفعول ثان لاورثنا. والاصطفاء فى الأصل تناول صفو الشيء بالفارسية [بركزيدن وعباد اينجا بموضع كرامت است اگر چهـ كه نسبت عبوديت آدم را حقيقت است] كما فى كشف الاسرار والمعنى بالفارسية [آنان را كه بركزيديم از بندگان ما «وهم الامة باسرهم»

زيرا آن روز كه اين آيت آمد مصطفى عليه السلام سخت شاد شد واز شادى كه بوى رسيد سه بار بكفت] أمتي ورب الكعبة والله تعالى اصطفاهم على سائر الأمم كما اصطفى رسولهم على جميع الرسل وكتابهم على كل الكتب وهذا الايراث للمجموع لا يقتضى الاختصاص بمن يحفظ جميع القرآن بل يشمل من يحفظ منه جزأ ولو انه الفاتحة فان الصحابة رضى الله عنهم لم يكن واحد منهم يحفظ جميع القرآن ونحن على القطع بانهم مصطفون كما فى المناسبات قال الكاشفى [عطارا ميراث خواند چهـ ميراث مالى باشد كه بى تعب طلب بدست آيد همچنين عطيه قرآن بى جست وجوى مؤمنان بمحض عنايت ملك منان بديشان رسيد وبيكانكان را در ميراث دخل نيست دشمنان نيز وبهرهاى اهل قرآن متفاوتست هر كس بقدر استحقاق واندازه استعداد خود از حقائق قرآن بهره مند شوند] زين بزم يكى جرعه طلب كرد يكى جام وفى التأويلات النجمية انما ذكر بلفظ الميراث لان الميراث يقتضى صحة النسب او صحة السبب على وجه مخصوص فمن لا سبب له ولا نسب له فلا ميراث له فالسبب هاهنا طاعة العبد والنسب فضل الرب فاهل الطاعة هم اهل الجنة كما قال تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فهم ورثوا الجنة بسبب الطاعة واصل وراثتهم بالسببية المبايعة التي جرت بينهم وبين الله بقوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فهؤلاء أطاعوا الله بانفسهم وأموالهم فادخلهم الله الجنة جزاء بما كانوا يعملون واهل الفضل هم اهل الله وفضله معهم بان أورثهم المحبة والمعرفة والقربة كما قال (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) الآية ولما كانت الوراثة بالسبب والنسب وكان السبب جنسا واحدا كالزوجية وهما صاحبا الفرض وكان النسب من جنسين الأصول كالآباء والأمهات والفروع كل ما يتولد من الأصول كالاولاد والاخوة والأخوات وأولادهم والأعمام وأولادهم وهم صاحب فرض وعصبية فصار مجموع الورثة ثلاثة اصناف صنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالنسب وصنف صاحب الباقي وهم العصبة كذلك الورثة هاهنا ثلاثة اصناف كما قال تعالى فَمِنْهُمْ اى من الذين اصطفينا من عبادنا ظالِمٌ لِنَفْسِهِ فى العمل بالكتاب وهو المرجأ لامر الله اى الموقوف امره لامر الله اما يعذبه واما يتوب عليه وذلك لانه ليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) الآية ولا من ضرورة الاصطفاء المنع عن الوصف بالظلم هذا آدم عليه السلام اصطفاه الله كما قال (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ) وهو القائل (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الآية سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره أيعصى العارف الذي هو من اهل الكشف فقال نعم (وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) يعنى ان كان الحق قدر عليه فى سابق علمه شيأ فلا بد من وقوعه واعلم ان الظلم ثلاثة. ظلم بين الإنسان وبين الله وأعظمه الكفر والشرك والنفاق وظلم بينه وبين الناس. وظلم بينه وبين نفسه وهو المراد بما فى الآية كما فى المفردات وتقديم الظلم بالذكر لا يدل على تقديمه فى الدرجة لقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) كما فى

الاسئلة المقحمة وقال بعضهم قدم الظالم لكثرة الفاسقين ولان الظلم بمعنى الجهل والركون الى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان وقال ابو الليث الحكمة فى تقديم الظالم وتأخير السابق كى لا يعجب السابق بنفسه ولا ييأس الظالم من رحمة الله يعنى [ابتداء بظالم كرد تا شرم زده نكردند وبرحمت بى غايت او اميدوار باشند] نيايد از من آلوده طاعت خالص ... ولى برحمت وفضلت اميدوارى هست وقال القشيري فى الإرث يبدأ بصاحب الفرض وان قل نصيبه فكذا هاهنا بدأ بالظالم ونصيبه اقل من نصيب الآخرين [وكفته اند تقديم ظالم از روى فضلست وتأخيرش از راه عدل وحق سبحانه فضل را از عدل دوستر دارد وتأخير سابق جهت آنست كه تا بثواب كه دخول جنانست اقرب باشد يا بجهت آنكه اعتماد بر عمل خود نكند وبطاعت معجب نكردد كه عجب آتشيست كه چون برافروخته شود هزار خرمن عبادت بدو سوخته شود] اى پسر عجب آتشى عجبست ... كرم ساز تنور بو لهبست هر كجا شعله ازو افروخت ... هر چهـ از علم وزهد ديد بسوخت وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ يعمل بالكتاب فى اغلب الأوقات ولا يخلو من خلط الشيء: وبالفارسية [وهست از ايشان كه راه ميان رفت نه هنر سابقان ونه تفريط ظالمان] فان الاقتصاد بالفارسية [ميان رفتن در كار] وانما قال مقتصد بصيغة الافتعال لان ترك الإنسان للظلم فى غاية الصعوبة وَمِنْهُمْ سابِقٌ اصل السبق التقدم فى السير ويستعار لاحراز الفضل فالمعنى متقدم الى ثواب الله وجنته ورحمته بِالْخَيْراتِ بالأعمال الصالحة بضم التعليم والإرشاد الى العلم والعمل والخير ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع وضده الشر قال بعض الكبار وهذه الخيرات على قسمين. قسم من كسب العبد بتقديم الخيرات. وقسم من فضل الرب بتواتر الجذبات الى ان يسبق على الظالم لنفسه وعلى المقتصد بالسير بالله فى الله وان كان مسبوقا بالذكر فى الأخير كما كان حال النبي عليه السلام مسبوقا بالخروج فى آخر الزمان للرسالة سابقا بالرجوع الى الحضرة ليلة المعراج على جميع الأنبياء والرسل كما اخبر عن حال نفسه وحال سابقى أمته بقوله (نحن الآخرون السابقون) اى الآخرون خروجا فى عالم الصورة السابقون وصولا الى عالم الحقيقة وعن جعفر الصادق رضى الله عنه بدأ بالظالمين اخبارا انه لا يتقرب اليه الا بكرمه وان الظلم لا يؤثر فى الاصطفاء ثم ثنى بالمقتصدين لانهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره وكلهم فى الجنة بحرمة كلمة الإخلاص وقد روى ان عمر رضى الله عنه قال على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له) وقال ابو بكر بن الوراق رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس لان احوال العبد ثلاث معصية وغفلة ثم توبة ثم قربة فاذا عصى دخل فى حيز الظالمين وإذا تاب دخل فى جملة المقتصدين وإذا صحت التوبة وكثرت العبادة والمجاهدة دخل فى عداد السابقين. والسابق على ضربين سابق ولد سابقا وعاش سابقا ومات سابقا وسابق ولد سابقا وعاش ظالما ومات سابقا فاسم الظالم عليهم عارية إذا ولدوا سابقين

وماتوا سابقين ولا عبرة بالظلم العارض بل العبرة بالأزل والابد لا بالبرزخ بينهما فاما من ولد ظالما وعاش ظالما ومات ظالما من هذه الامة فهو من اهل الكبائر الذين قال النبي عليه السلام فيهم (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المقتصد من مات على التوبة والسابق من عاش فى الطاعة ومات فى الطاعة. او السابق هو الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيآته مكفرة وهو معنى قوله عليه السلام (اما الذين سبقوا فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) . واما المقتصد فاولئك يحاسبون حسابا يسيرا. واما الذين ظلموا فاولئك يحبسون فى طول المحشر ثم يتلقاهم الله برحمته وهاهنا مقالات اخر كثيرة ذكرنا بعضا منها على ترتيب الآية وهو ان المراد بالطوائف الثلاث التالي للقرآن تلاوة مجردة والقارئ له العامل به والقارئ العامل بما فيه والمعلم له. او من استغنى بماله ومن استعنى بدينه ومن استغنى بربه. او الذي يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة والذي يدخله وقد اذن والذي يدخله قبل تأذين المؤذن وانما كان الاول ظالما لانه نقص نفس الاجر فلم يحصل لها ما حصل لغيرها. او الذي يعبد الله على الغفلة والعادة والذي يعبده على الرغبة والرهبة والذي يعبده على الهيبة. او الذي شغله معاشه عن معاده والذي اشتغل بالمعاش والمعاد جميعا والذي شغله معاده عن معاشه. او من يرتكب المعاصي غير مستحل لها ولا جاحد تحريمها ومن لا يزيد من الطاعات على الفرائض والواجبات ومن يكثر الطاعات ويبلغ النهاية فيها مع اجتناب المعاصي. او من هو معذب ناج ومن هو معاتب ناج ومن هو مقرب ناج. او الذي ترك الحرام والذي ترك الشبهة والذي ترك الفضل فى الجملة. او الذي رجحت سيآته والذي ساوت حسناته سيآته والذي رجحت حسناته. او من ظاهره خير من باطنه ومن استوى ظاهره وباطنه ومن باطنه خير من ظاهره. او من اسلم بعد فتح مكة ومن اسلم بعد الهجرة قبل الفتح ومن اسلم قبل الهجرة. او اهل البدو: يعنى [اهل باديه كه نه كمر جهاد بندند ونه دولت جماعت يابند] واهل الحضر اى الأمصار وهم اصحاب الجماعات والجمعات واهل الجهاد فى سبيل الله. او من لا يبالى من اين أخذ من الحلال او الحرام ومن أخذ من الحلال ومن ترك الدنيا لما انه فى حلالها حساب وفى حرامها عذاب. او الذي يطلب فوق القوت والكفاف والذي يطلب القوت لا الزيادة عليه والذي يتوكل على الله ويجعل جميع جهده فى طاعته. او الذي يدخل الجنة بشفاعة الشافعين والذي يدخلها برحمة الله وفضله والذي ينجو بنفسه وينجو غيره بشفاعته. او الذي يضيع العمر فى الشهوة والمعصية والذي يحارب فيهما والذي يجتهد فى الزلات لان محاربة الصديقين فى الزلات ومحاربة الزاهدين فى الشهوات ومحاربة التائبين فى الموبقات. او من يطلب الدنيا تمتعا ومن يطلبها تلذذا ومن يتركها تزاهدا. او الذي يطلب ما لم يؤمر بطلبه وهو الرزق والذي يطلب ما امر به وما لم يؤمر به والذي يطلب مرضاة الله ومحبته. او اصحاب الكبائر وارباب الصغائر والمجتنب عنهما جميعا فهذا القائل انما حمل الأمر على أشده. او من يشتغل بعيب غيره ولا يصلح عيب نفسه ومن يطلب عيب نفسه ويطمع فى عيب غيره ايضا ومن يشتغل بعيب نفسه ولا يطلب عيب غيره أصلا. او الجاهل والمتعلم والعالم [يا آنكه انصاف ستاند وندهد وآنكه هم ستاند وهم دهد وآنكه او دهد

ونستاند يا طالب نجات ودرجات ومناجات يا ناظر از خود بخود ونكرنده از خود بآخرت وناظر از حق بحق يا آنكه پيوسته در خواب غفلت باشد وآنكه كاهى بيدار كردد وآنكه هميشه بيدار بود] . او الزاهد لانه ظلم نفسه بترك حظه من الدنيا والعارف والمحب. او الذي يجزع عند البلاء والصابر على البلاء والمتلذذ بالبلاء. او من ركن الى الدنيا ومن ركن الى العقبى ومن ركن الى المولى نعيم هر دو جهان ميكنند بر ما عرض ... دل از ميانه تمنا ندارد الا دوست . او من جاد بنفسه ومن جاد بقلبه ومن جاد بروحه. او من له علم اليقين ومن له عين اليقين ومن له حق اليقين. او الذي يحب الله لنفسه والذي يحبه له والذي أسقط عنه مراده لمراد الحق لم ير لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه. او من يراه فى الآخرة بمقدار ايام الدنيا فى كل جمعة مرة ومن يراه فى كل يوم مرة ومن هو غير محجوب عنه ولو ساعة. او من هو فى ميدان العلم ومن هو فى ميدان المعرفة ومن هو فى ميدان الوجد. او السالك والمجذوب والمجذوب السالك فالسالك هو المتقرب والمجذوب هو المقرب والمجذوب السالك هو المستهلك فى كمالات القرب الفاني عن نفسه الباقي بربه. او من هو مضروب بسوط الأمل مقتول بسيف الحرص مضطجع على باب الرجاء ومن هو مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرم ومن هو مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة اگر عاشقى خواهى آموختى ... بكشتن فرج يابى از سوختن مكن كريه بر كور مقتول دوست ... قل الحمد لله كه مقبول اوست فالظالم على هذه الأقاويل كلها هو المؤمن واما قول من قال الظالم لنفسه آدم عليه السلام والمقتصد ابراهيم عليه السلام والسابق محمد عليه السلام ففيه ان الآية فى حق هذه الامة الا ان يعاد الضمير فى قوله منهم الى العباد مطلقا فان قلت هل يقال ان آدم ظلم نفسه قلت هو قد اعترف بالظلم لنفسه فى قوله (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) وان كان الأدب الإمساك عن مثل هذا المقال فى حقه وان كان له وجه فى الجملة كما قال الراغب الظلم يقال فى مجاوزة الحق الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة ويقال فيما يقل ويكثر من التجاوز ولهذا يستعمل فى الذنب الكبير والصغير ولذلك قيل لآدم ظالم فى تعديه ولابليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد انتهى بِإِذْنِ اللَّهِ جعله فى كشف الاسرار متعلقا بالاصناف الثلاثة على معنى ظلم الظالم وقصد المقتصد وسبق السابق بعلم الله وإرادته. والظاهر تعلقه بالسابق كما ذهب اليه اجلاء المفسرين على معنى بتيسيره وتوفيقه وتمكينه من فعل الخير لا باستقلاله وفيه تنبيه على عزة منال هذه الرتبة وصعوبة مأخذها قال القشيري قدس سره كأنه قال يا ظالم ارفع رأسك فانك وان ظلمت فما ظلمت الا نفسك ويا سابق اخفض رأسك فانك وان سبقت فما سبقت الا بتوفيقى ذلِكَ السبق بالخيرات هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ من الله الكبير لا ينال الا بتوفيقه او ذلك الا يراث والاختيار فيكون بالنظر الى جمع المؤمنين من الامة وكونه فضلا لان القرآن

[سورة فاطر (35) : الآيات 33 إلى 38]

أفضل الكتب الالهية وهذه الامة المرحومة أفضل جميع الأمم السابقة وفى التأويلات النجمية اى الذي ذكر من الظالم مع السابق فى الايراث والاصطفاء ودخول الجنة ومن دقائق حكمته انه تعالى ما قال فى هذا المعرض الفضل العظيم لان الفضل العظيم فى حق الظالم ان يجمعه مع السابق فى الفضل والمقام كما جمعه معه فى الذكر جَنَّاتُ عَدْنٍ يقال عدن بمكان كذا إذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة بلا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى يَدْخُلُونَها جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين وما لهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن أريد بقوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) او المنافقون والمتابعون بالإحسان واصحاب النبي عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه فعلى هذه الأقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وإرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب والاول هو الأصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار قال ابو الليث فى تفسير أول الآية وآخرها دليل على ان الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون فاما أول الآية فقوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة واما آخر الآية فقوله (يَدْخُلُونَها) إذ لم يقل يدخلانها- وروى- عن كعب الأحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول الله عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة إلا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم الله يوم القيامة ثلاثة أثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى أكون من الصنف الاول وان لم أكن من الصنف الثاني او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) الى قوله (يَدْخُلُونَها) وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم أصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعم والتزين فيها ذكرهم على الجمع (جَنَّاتُ عَدْنٍ) الآية نبه على ان دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر (ان من اهل الجنة من يرى الله سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة) كما سبق يُحَلَّوْنَ [التحلية: با زيور كردن] اى يلبسون على سبيل التزين والتحلي نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة فِيها اى فى تلك الجنات مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ من الاولى تبعيضية والثانية بيانية. وأساور جمع اسورة وهو جمع سوار مثل كتاب وغراب معرب «دستواره» والمعنى يحلون بعض أساور من ذهب لانه أفضل من سائر افرادها اى بعضا سابقا لسائر الأبعاض

[سورة فاطر (35) : آية 34]

كما سبق المسورون به غيرهم وقال فى سورة هل اتى (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) قيل يجمع لهم الذهب والفضة جميعا وهو أجمل او بعضهم يحلون بالذهب وهم المقربون وبعضهم يحلون بالفضة وهم الأبرار وَلُؤْلُؤاً بالنصب عطفا على محل من أساور. واللؤلؤ الدر سمى بذلك لتلألئه ولمعانه والمعنى ويحلون لؤلؤا قال الكاشفى [چنانچهـ پادشاهان عجم] وقرىء بالجر عطفا على ذهب اى من ذهب مرصع باللؤلؤ ومن ذهب فى صفاء اللؤلؤ وذلك لانه لم يعهد الاسورة من نفس اللؤلؤ الا ان تكون بطريق النظم فى السلك وقال فى بحر العلوم عطف على ذهب فانهم يسورون بالجنسين أساور من ذهب ومن لؤلؤ وذلك على الله يسيروكم من امر من امور الآخرة يخالف امور الدنيا وهذا منها وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ لا كحرير الدنيا فانه لا يوجد من معناه فى الدنيا الا الاسم واللباس اسم ما يلبس: وبالفارسية [جامه و پوشش] والحرير من الثياب مارق كما فى المفردات وثوب يكون سداه ولحمته إبريسما وان كان فى الأصل الإبريسم المطبوخ كما فى القهستاني. ويحرم لبسه على الرجال دون النساء الا فى الحرب ولكن لا يصلى فيه الا ان يخاف العدو او لضرورة كحكة او جرب فى جسده او لدفع القمل ولا يلبسه وان لم يتصل بجلده وهو الصحيح وجاز ان يكون عروة القميص وزره حريرا كالعلم فى الثوب ولا بأس ان يشد خمارا اسود من الحرير على العين الرامدة والناظرة الى الثلج وان تكون التكة حريرا ورخص قدر اربع أصابع كما هى. وقيل مضمومة ولا يجمع المتفرق من الحرير. ويجوز عند الامام ان يجعل الحرير تحت رأسه وجنبه ويكره عندهما وبه أخذ اكثر المشايخ. وعلى هذا الخلاف تعليق الحرير على الجدر والأبواب ولا بأس بالجلوس على بساط الحرير والصلاة على السجادة منه وبوضع ملاءة الحرير على مهد الصبى. ويلبس الرجل فى الحرب وغيره بلا كراهة اجماعا ما سداه إبريسم ولحمته غيره سواء كان مغلوبا او غالبا او مساويا للحرير وهو الصحيح. ويلبس عكسه اى ما لحمته إبريسم وسداه غيره فى حرب فقط. وكره إلباس الصبى ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والإثم على الملبس لان الفعل مضاف اليه. وكذا يكره كل لباس خلاف السنة والمستحب ان يكون من القطن والكتان او الصوف. وأحب الألوان البياض. ولبس الأخضر سنة. ولبس الأسود مستحب ولا بأس بالثوب الأحمر كما فى الزاهدي الكل من القهستاني وقد سبق باقى البيان فى سورة الحج وغيرها وَقالُوا اى ويقولون عند دخول الجنة حمدا لربهم على ما صنع بهم وصيغة الماضي للدلالة على التحقق: وبالفارسية [وكويند اين جمع چون از حفره دوزخ برهند وبروضه بهشت برسند] الْحَمْدُ لِلَّهِ اى الإحاطة باوصاف الكمال لمن له تمام القدرة الَّذِي أَذْهَبَ أزال عَنَّا بدخولنا الجنة الْحَزَنَ الحزن بفتحتين والحزن بالضم والسكون واحد وهو خشونة الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيه من الغم ويضاده الفرح وفى التأويلات النجمية سمى الحزن حزنا لحزونة الوقت على صاحبه وليس فى الجنة وهى جوار الحضرة حزونة وانما هى رضى واستبشار انتهى والمراد جنس الحزن سواء كان حزن الدنيا او حزن الآخرة من هم المعاش وحزن زوال النعم والجوع والعطش وقوت من الحلال وخوف السلطان ودغدغة التحاسد والتباغض وحزن الاعراض والآفات ووسوسة إبليس والسيئات

[سورة فاطر (35) : آية 35]

ورد الطاعات وسوء العاقبة والموت واهوال يوم القيامة والنار والمرور على الصراط وخوف المفراق وتدبير الأحوال وغير ذلك وفى الحديث (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى منشرهم وكأنى باهل لا اله الا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) قال ابو سعيد الخراز قدس سره اهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى الآخرة فتركوا الدنيا فى الدنيا فتنعموا وعاشوا عيش الجنانيين بالحمد والشكر بلا خوف ولا حزن جنت نقدست اينجا ذوق ارباب حضور ... در دل ايشان نباشد حزن وغم تا نفخ صور إِنَّ رَبَّنا المحسن إلينا مع اساءتنا لَغَفُورٌ للمذنبين فيبالغ فى ستر ذنوبهم الفائتة للحصر شَكُورٌ للمطيعين فيبالغ فى اثابتهم فان الشكر من الله الاثابة والجزاء الوفاق وفى التأويلات غفور للظالم لنفسه شكور للمقتصد والسابق وانما قدم ما للظالم رفقا بهم لضعف أحوالهم انتهى ثم وصفوا الله بوصف آخر هو شكر له فقالوا الَّذِي أَحَلَّنا أنزلنا يقال حلت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل حل حلولا وأحله غيره والمحلة مكان النزول كما فى المفردات دارَ الْمُقامَةِ مفعول ثان لاحل وليست بظرف لانها محدودة. والمقامة بالضم مصدر تقول اقام يقيم اقامة ومقامة اى دار الاقامة التي لا انتقال عنها ابدا فلا يريد النازل بها ارتحالا منها ولا يراد به ذلك مِنْ فَضْلِهِ اى من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شىء من قبلنا من الأعمال فان الحسنات فضل منه ايضا فلا واجب عليه وذلك ان دخول الجنة بالفضل والرحمة واقتسام الدرجات بالأعمال والحسنات هذا مخلوق تحت رق مخلوق مثله لا يستحق على سيده عوضا لخدمته فكيف الظن بمن له الملك على الإطلاق أيستحق من يعبده عوضا على عبادته تعالى الله عما يقول المعتزلة من الإيجاب وفى التأويلات وبقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) من فضله كشف القناع عن وجه الأحوال كلها فدخل كل واحد من الظالم والمقتصد والسابق فى مقام أحله الله فيه من فضله لا بجهده وعمله وان الذي ادخله الله الجنة جزاء بعمله فتوفيقه للعمل الصالح ايضا من فضل الله وهذا حقيقة قوله عليه السلام (قبل من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة) لا يَمَسُّنا المس كاللمس وقد يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والمعنى: بالفارسية [نميرسد ما را] فِيها اى فى دار الاقامة فى وقت من الأوقات نَصَبٌ تعب بدن ولا وجع كما فى الدنيا وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ كلال وفتور إذ لا تكليف فيها ولا كدّ: وبالفارسية [ماندكى وملال چهـ كلفتى ومحنتى نيست در وى بلكه همه عيش وحضور وفرح وسرورست] وإذا أرادوا ان يروه لا يحتاجون الى قطع مسافة وانتظار وقت بل هم فى غرفهم يلقون فيها تحية وسلاما وإذا رأوه لا يحتاجون الى تحديق مقلة فى جهة يرونه كما هم بلا كيفية كل صفة لهم أرادت الرؤية لقوله تعالى (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) والفرق بين النصب واللغوب ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور للجوارح قال ابو حيان هو لازم من تعب البدن فهى الجديرة لعمرى بان يقال فيها

[سورة فاطر (35) : الآيات 36 إلى 37]

علياء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لومسها حجر مسته سراء والتصريح بنفي الثاني مع استلزام نفى الاول له وتكرير الفعل المنفي للمبالغة فى بيان انتفاء كل منهما- روى- عن الضحاك رحمه الله قال إذا دخل اهل الجنة الجنة استقبلهم الولدان والخدم كأنهم اللؤلؤ المكنون فبعث الله من الملائكة من معه هدية من رب العالمين وكسوة من كسوة الجنة فيلبسه فيريد ان يدخل الجنة فيقول الملك كما أنت ويقف ومعه عشرة خواتيم من خواتيم الجنة هدية من رب العالمين فيضعها فى أصابعه مكتوب فى أول خاتم منها (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) وفى الثاني مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) وفى الثالث مكتوب (رفعت عنكم الأحزان والهموم) وفى الرابع مكتوب (زوجناكم الحور العين) وفى الخامس مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) وفى السادس مكتوب (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) وفى السابع مكتوب (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) وفى الثامن مكتوب (صرتم آمنين لا تخافوا ابدا) وفى التاسع مكتوب (رافقتم النبيين والصديقين والشهداء) وفى العاشر مكتوب (فى جوار من لا يؤذى الجيران) ثم يقول الملك (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) فلما دخلوا (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الى آخر الآية [اى جوانمرد. قدر ترياق مار كزيده داند. قدر آتش سوزان پروانه داند. قدر پيرهن يوسف يعقوب غمكين داند او كه مغرور سلامت خويش است اگر او را ترياق دهى قدر آن چهـ داند جان بلب رسيده بايد تا قدر ترياق بداند درويشى دل شكسته غم خورده اندوه كشيده بايد تا قدر اين شناسد وعز اين خطاب بداند كه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) باش تا فردا كه آن درويش دلريش را در حظيره قدس بر سرير سرور نشانند وآن غلمان وولدان چاكروار پيش تخت دولت او سماطين بر كشند شب محنت بپايان رسيده خورشيد سعادت از أفق كرامت بر آمده وحضرت عزت از الطاف وكرم روى بدرويش نهاده بزبان ناز ودلال همى كويد بنعت شكر (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلخ نماند اين شب تاريك ميرسد سحرش ... نماند ابر ز خورشيد ميرود كدرش نسأل الله الانكشاف وَالَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا بوجود الله تعالى او بوحدته لَهُمْ بمقابلة كفرهم الذي هو اكبر الكبائر وأقبح القبائح نارُ جَهَنَّمَ التي لا تشبه نارا لا يُقْضى عَلَيْهِمْ لا يحكم عليهم بموت ثان: يعنى [وقتى كه در دوزخ باشند] فَيَمُوتُوا ويستريحوا من العذاب ونصبه بإضمار ان لانه جواب النفي وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها طرفة عين بل كلما خبت زيد استعارها: يعنى [هر كاه كه آتش فرو نشيند زياده كنند إحراق والتهاب او را] وقوله كلما خبت لا يدل على تخفيف عنهم بل على نقصان فى النار ثم يزداد كما فى كشف الاسرار قوله عنهم نائب مناب الفاعل ومن عذابها فى موقع النصب او بالعكس وان كانت زائدة يتعين له الرفع كَذلِكَ اى مثل هذا الجزاء الفظيع نَجْزِي [جزا ميدهيم] كُلَّ كَفُورٍ مبالغ فى الكفر او فى الكفران لاجزاء أخف وادنى منه وَهُمْ اى الكفار يَصْطَرِخُونَ فِيها يستغيثون: وبالفارسية [فرياد ميخواهند در

دوزخ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن] لجهر المستغيث صوته رَبَّنا بإضمار القول يقولون ربنا أَخْرِجْنا من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً [عمل پسنديده] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الأعمال مبنى على الايمان غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه إذ كان هوى وطبعا ومخالفة: يعنى [اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار ما در دنيا شايسته نبود] أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [والتعمير: زندكانى دادن] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [والتذكر: پند كرفتن] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثاني مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [آيا زندكانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شما را آن مقدار پند كيريد ودر ان عمر هر كه خواهد كه پند كيرد] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه وإصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة أعظم يعنى إذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثماني عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة أشد من الاول وفى الحديث (اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة) اى أزال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام (أعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين) وأقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث (ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده وأبناء الستين ما قدمتم وما عملتم وأبناء السبعين هلموا الى الحساب) وكان الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره إذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولا نسيناك لما نسيتنا أنت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لانسنا. وكان إذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبرسنك وتمردجنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت إلينا قبلناك دل ز دنيا زودتر كردد جوانانرا خنك ... كهنكى از سردىء آبست مانع كوزه را وكان جماعة من الصحابة ومن بعدهم إذا بلغ أربعين سنة او رأى شيبا بالغ فى الاجتهاد وطوى الفراش واقبل على قيام الليل واقل معاشرة الناس ولا فرق فى ذلك بين الأربعين فما دونها

[سورة فاطر (35) : آية 38]

لان الاجل مكتوم لا يدرى متى يحل أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغافلين وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ عطف على الجملة الاستفهامية لانها فى معنى قد عمرناكم من حيث ان همزة الإنكار إذا دخلت على حرف النفي أفادت التقرير كما فى قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا) إلخ لانه فى معنى قد شرحنا إلخ والمراد بالنذير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الجمهور او ما معه من القرآن او العقل فانه فارق بين الخير والشر او موت الأقارب والجيران والاخوان او الشيب وفيه ان مجيىء الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله قال الكاشفى [واكثر علما بر آنند كه مراد از نذير شيب است چهـ زمان شيب فرو نشاننده شعله حياتست وموسم پيرى ژنك فزاينده آيينه ذات] نوبت پيرى چوزند كوس درد ... دل شود از خوشدلى وعيش فرد در تن وأندام در آيد شكست ... لرزه كند پاى ز سستى چودست موى سفيد از أجل آرد پيام ... پشت خم از مرك رساند سلام قيل أول من شاب من ولد آدم عليه السلام ابراهيم الخليل عليه السلام فقال ما هذا يا رب قال هذا وقار فى الدنيا ونور فى الآخرة فقال رب زدنى من نورك ووقارك وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) اى الذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة وقال فى الكواشي يجوز ان يراد بالنذير كل ما يوزن بالانتقال فلا بد من التنبه عند مجيئه ولذا قال اهل الأصول الصحيح من قولى محمد ان الحج يجب موسعا يحل فيه التأخير الا إذا غلب على ظنه انه إذا اخر يفوت فاذا مات قبل ان يحج فان كان الموت فجأة لم يلحقه اثم وان كان بعد ظهور امارات يشهد قلبه بانه لواخر يفوت لم يحل له التأخير ويصير مضيقا عليه لقيام الدليل فان العمل بدليل القلب أوجب عند عدم دلالته [در موضح آورده كه چون دوزخيان استغاثه كنند وبفرياد آيند وكويند خدايا ما را بدنيا فرست تا عمل خير كنيم بمقدار زمان دنيا از أول إبداع تا آخر انقطاع فرياد كنند تا حق سبحانه وتعالى جواب فرمايد كه زندكانى دادم شما را ونذير فرستادم بشما كويند بلا زندكانى يافتيم ونذير را ديديم خداى تعالى فرمايد] فَذُوقُوا [پس بچشيد عذاب دوزخ فالفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجيىء النذير فَما الفاء للتعليل لِلظَّالِمِينَ على أنفسهم بالكفر والشرك مِنْ نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم وفيه اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا نائمين ولذا لم يذوقوا الألم فلما ماتوا وبعثوا وتيقظوا تيقظا تاما ذاقوا العذاب وأدركوه إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى يختص بالله علم كل شىء فيهما غاب عن العباد وخفى عليهم فكيف يخفى عليه أحوالهم وانهم لوردوا الى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ لم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات تأنيث ذى بمعنى صاحب والمعنى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور اى القلوب: وبالفارسية [داناست بچيزها كه مضمر است در سينها] فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وجعلت الخواطر القائمة بالقلب صاحبة له بملازمتها وحلولها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة وهو جنين ذو بطنها فالاضافة لادنى ملابسة وفى التأويلات

[سورة فاطر (35) : الآيات 39 إلى 45]

النجمية اى عالم بإخلاص المخلصين وصدق الصادقين وهما من غيب سموات القلوب وعالم بنفاق المنافقين وجحد الجاحدين وهما من غيب ارض النفوس انتهى ففيه وعد ووعيد وحكم الاول الجنة والقربة وحكم الثاني النار والفرقة قيل لا يا رب الا ما لا خير فيه قال كذلك لا ادخل النار من عبادى الا من لا خير فيه وهو الايمان در خلائق روحهاى پاك هست ... روحهاى شيره كلناك هست واجبست اظهار اين نيك وتباه ... همچنان اظهار كندمها ز كاه هُوَ اى الله تعالى وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ جمع خليفة واما خلفاء فجمع خليف وكلاهما بمعنى المستخلف اى جعلكم خلفاء فى ارضه والقى إليكم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها وأباح لكم منافعها او جعلكم خلفاء ممن كان قبلكم من الأمم وأورثكم ما بايديهم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة وفيه اشارة الى ان كل واحد من الأفاضل والأراذل خليفة من خلفائه فى ارض الدنيا. فالافاضل يظهرون جمال صنائعه فى مرآة اخلاقهم الربانية وعلومهم اللدنية. والأراذل يظهرون كمال بدائعه فى مرآة حرفهم وصنعة أيديهم. ومن خلافتهم ان الله تعالى استخلفهم فى خلق كثير من الأشياء كالخبز فانه تعالى يخلق الحنطة بالاستقلال والإنسان بخلافته يطحنها ويخبزها وكالثوب فانه تعالى يخلق القطن والإنسان يغزله وينسج منه الثوب بالخلافة وهلم جرا فَمَنْ [پس هر كه] كَفَرَ منكم نعمة الخلافة بان يخالف امر مستخلفه ولا ينقاد لاحكامه ويتبع هواه فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ اى وبال كفره وجزاؤه وهو الطرد واللعن والنار لا يتعداه الى غيره وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً قال الراغب المقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح: يعنى [نتيجه كفر ايشان بنسبت مكر بغض ربانى كه سبب غضب جاودانى همان تواند بود] وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً [مكر زيانى در آخرت كه حرمانست از جنت] والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على ان اقتضاء الكفر لكل واحد من الامرين الهائلين القبيحين بطريق الاستقلال والاصالة. والتنكير للتعظيم اى مقتا عظيما ليس وراءه خزى وصغار وخسارا عظيما ليس بعده شر وتبار قُلْ تبكيتا لهم أَرَأَيْتُمْ [آيا ديديد] شُرَكاءَكُمُ اى آلهتكم وأصنامكم والاضافة إليهم حيث لم يقل شركائى لانهم جعلوهم شركاء الله وزعموا ذلك من غير ان يكون له اصل ما أصلا الَّذِينَ تَدْعُونَ [ميخوانيد ايشانرا ومى پرستيد] مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين دعاء الله وعبادته أَرُونِي أخبروني: وبالفارسية [بنماييد وخبر كنيد مرا] وذلك لان الرؤية والعلم سبب الاخبار فاستعمل الاراءة فى الاخبار وهو بدل من أرأيتم بدل اشتمال كأنه قيل أخبروني عن شركائكم أروني ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أي جزء من اجزاء الأرض استبدوا بخلقه دون الله والمراد من الاستفهام نفى ذلك: وبالفارسية [اين شركا چهـ چيز آفريده اند از زمين وآنچهـ درو برويست] أَمْ لَهُمْ [آيا هست ايشانرا] شِرْكٌ فِي السَّماواتِ شركة مع الله فى خلق السموات ليستحقوا بذلك شركة فى الالوهية

[سورة فاطر (35) : آية 41]

ذاتية أَمْ آتَيْناهُمْ اى الشركاء ويجوز ان يكون الضمير للمشركين كِتاباً ينطق بانا اتخذناهم شركاء فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ اى حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بان لهم شركة جعلية ولما نفى انواع الحجج فى ذلك اضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو التقرير فقال بَلْ [نه چنين است بلكه] إِنْ نافية اى ما يَعِدُ الظَّالِمُونَ [وعده نمى دهند مشركان برخى ايشان كه أسلاف يا رؤسا واشرافند] بَعْضاً [برخى ديكر را كه اخلاف ويا اراذل واتباعند] إِلَّا غُرُوراً باطلا لا اصل له وهو قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهو تغرير محض يسفه بذلك آراءهم وينبئهم على ذميم أحوالهم وأفعالهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم باعراضهم عن الله وإقبالهم على ما سواه فعلى العاقل ان يصحح التوحيد ويحققه ولا يرى الفاعل والخالق الا الله وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينا انا أسير فى تيه بنى إسرائيل إذا انا بجارية سوداء قد استلبها الوله من حب الرحمن شاخصة ببصرها نحو السماء فقلت السلام عليك يا أختاه فقالت وعليك السلام يا ذا النون فقلت لها من اين عرفتنى يا جارية فقالت يا بطال ان الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم أدارها حول العرش فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فعرفت روحى روحك فى ذلك الجولان فقلت انى لاراك حكيمة علمينى شيأ مما علمك الله فقالت يا أبا الفيض ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير الله ويبقى القلب مصفى ليس فيه غير الرب فحينئذ يقيمك على الباب ويوليك ولاية جديدة ويأمر الخزان لك بالطاعة فقلت يا أختاه زيدينى فقالت يا أبا الفيض خذ من نفسك لنفسك وأطع الله إذا خلوت يجبك إذا دعوت ولن يستجيب الا من قلب غير غافل وهو قلب الموحد الحقيقي الذي زال عنه الشرك مطلقا اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى يحفظهما بقدرته فان الإمساك ضد الإرسال وهو التعلق بالشيء وحفظه أَنْ تَزُولا الزوال الذهاب وهو يقال فى كل شىء قد كان ثابتا قبل اى كراهة زوالهما عن أماكنهما فان الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ فعلى هذا يكون مفعولا له او يمنعهما من ان تزولا لان الإمساك منع يقال أمسكت عنه كذا اى منعته فعلى هذا يكون مفعولا به وَلَئِنْ زالَتا اى والله لئن زالت السموات والأرض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة إِنَّ نافية اى ما أَمْسَكَهُما [نكاه ندارد ايشانرا] اى ما قدر على إعادتهما الى مكانهما مِنْ أَحَدٍ [هيچ يكى] ومن مزيدة لتأكيد نفى الإمساك عن كل أحد مِنْ بَعْدِهِ من للابتداء اى من بعد إمساكه تعالى او من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط إِنَّهُ سبحانه كانَ حَلِيماً غير معاجل بالعقوبة التي تستوجبها جنايات الكفار حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بان تهدّا هدّا لعظم كلمة الشرك غَفُوراً لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما فى المفردات والفرق بين الحليم والصبور

[سورة فاطر (35) : آية 42]

ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيء ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم وفى شرح الأسماء للامام الغزالي رحمه الله تعالى الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالإحسان فانه من كمالات الإنسان بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء - روى- عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبي عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ وأشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج. ولعل سره ان السموات والأرض اشارة الى الأرواح والأجساد فكما ان الله تعالى يحفظ عالم الصورة من أوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو أنموذجه وهو عالم الإنسان. وايضا ان الجاني وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما واعلم ان التوحيد سبب لنظام العالم باسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه إذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الأمر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه إذا يكون كجسد بلا روح والروح إذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والأرض وامساكهما عن الزوال والذهاب وان الإنسان الكامل من حيث انه خليفة الله هو العماد المعنوي فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل إقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا- يروى- ان آخر مولود فى النوع الإنساني يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى الله فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه الله وقبض مؤمنى زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الأمر الى الآخرة مدار نظم امور جهان انسانست ... جميع اهل جهان جسم وجان انسانست فناى عالم صورت برحلتش مربوط ... مقام بود سما اوت كرد بأرض هبوط وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ اقسم حلف أصله من القسامة وهى ايمان تقسم على اولياء المقتول ثم صار اسما لكل حلف كما فى المفردات والضمير لمشركى مكة: والمعنى بالفارسية [وسوكند خوردند اهل مكه بخداى تعالى] جَهْدَ أَيْمانِهِمْ مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم. والجهد والجهد الطاقة والمشقة. وقيل الجهد بالفتح المشقة وبالضم الوسع والايمان

[سورة فاطر (35) : آية 43]

بالفتح جمع يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين بمعنى اليد اعتبارا بما يفعل المحالف والمعاهد عنده قال الراغب اى حلفوا واجتهدوا فى الحلف ان يأتوا به على ابلغ ما فى وسعهم انتهى وكان اهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك وكانوا يحلفون بالله ويسمونه جهد اليمين وهى اليمين المغلظة كما قال النابغة حلفت فلم اترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مطلب اى كما ان الله تعالى أعلى المطالب كذلك الحلف به أعلى الاحلاف- روى- ان قريشا بلغهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وحلفوا لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ اى والله لئن جاء قريشا نبى منذر لَيَكُونُنَّ أَهْدى أطوع وأصوب دينا مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ [از يكى امتان كذشته] اى من كل من اليهود والنصارى وغيرهم لان احدى شائعة. والأمم جمع فليس المراد احدى الامتين اليهود والنصارى فقط ولم يقل من الأمم بدون احدى لانه لو قال لجاز ان يراد بعض الأمم وقوله فى اواخر الانعام (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) اى اليهود والنصارى ثم قوله (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) اى الى الحق لا ينافى العموم لان تخصيص الطائفتين وكتابيهما انما هو لاشتهارهما بين الأمم واشتهارهما فيما بين الكتب السماوية وقال بعضهم معنى من احدى الأمم من الامة التي يقال لها احدى الأمم تفضيلا لها على غيرها فى الهدى والاستقامة ومنه قولهم للداهية هى احدى الدواهي اى العظيمة واحدى سبع اى احدى ليالى عاد فى الشدة وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لما كان مركبا من الروح والجسد فبروحانيته يميل الى الدين وما يتعلق به وببشريته يميل الى الدنيا وما يتعلق بها الكافر والمؤمن فيه سواء الا ان الكافر إذا مال الى شىء من الدين بحسب غلبة روحانيته على بشريته وعاهد عليه ثم وقع فى معرض الوفاء به لم توافقه نفسه لانها مائلة الى الكفر راغبة عن الدين وظلمة الكفر تحرّضه على نقض العهد فينقضه وان المؤمن إذا مال الى شىء من الدنيا بحسب غلبة بشريته على روحانيته وعاهد عليه وهو يريد الوفاء به يمنعه نور إيمانه عن ذلك ويحرضه على نقض العهد فينقضه وكذلك المريد الصادق إذا اشتد عليه القبض وملت نفسه من مقاساة شدة الرياضة والمجاهدة يمنى نفسه بنوع من الرخص استمالة لها وربما عاهد الله عليه ويؤكد الشيطان فيه عهده ويمنيه وبعده فاذا وقع فى معرض الوفاء وأراد ان يفى بعده فاذا صدقت إرادته تسبق عزيمته وتحرك سلسلة طلبه فينقض عهده مع النفس ويجدد عهد الطلب مع الله ويتمسك بدوام الذكر وملازمته الى ان يفتح الله بمفتاح الذكر باب قلبه الى الحضرة ويزهق بمجىء الحق باطل ما تمناه فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وأي نذير أفضل الكل واشرف الأنبياء والرسل عليهم السلام ما زادَهُمْ اى النذير او مجيئه على التسبب إِلَّا نُفُوراً تباعدا عن الحق والهدى: وبالفارسية [مكر رميدن از حق ودور شدن] اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نفورا او مفعول له يعنى عتوا على الله وتكبرا عن الايمان به: وبالفارسية [كردن كشى از فرمان

الهى] قال فى بحر العلوم الاستكبار التكبر كالاستعظام والتعظم لفظا ومعنى انتهى قال بعض الكبار ان الله تعالى قد انشأك من الأرض فلا ينبغى لك ان تعلو على أمك ز خاك آفريدت خداوند پاك ... پس اى بنده افتادگى كن چوخاك وَمَكْرَ السَّيِّئِ عطف على استكبارا او على نفورا وأصله ان مكروا المكر السيّء فحذف الموصوف استغناء بوصفه ثم بدل ان مع الفعل بالمصدر ثم أضيف اتساعا قال فى تاج المصادر [المكر: تاريك شدن شب] ومنه اشتق المكر لانه السعى بالفساد فى خفية وقال الراغب المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان محمود وهو ان يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قوله (وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ومذموم وهو ان يتحرى به فعل قبيح انتهى ومنه الآية ولذا وصف بالسيىء والمعنى ما زادهم الا المكر السيّء فى دفع امره عليه السلام بل وفى قتله وإهلاكه: وبالفارسية [وآنكه مكر كردند مكرى بد يعنى حيله انديشيدند در هلاك كردن آن تدبير] وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ قال فى القاموس حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أحاط به كاحاق وحاق بهم العذاب أحاط ونزل كما فى المختار والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله والمعنى ولا يحيط المكر السيّء الا باهله وهو الماكر وقد حاق بهم يوم بدر: وبالفارسية [واحاطه نميكنند مكر بد مكر باهل وى يعنى مكر هر ماكرى بوى احاطه كند وأطراف وجوانب وى فرو كيرد وهر چهـ در باب قصد كسى انديشيده باشد درباره خود مشاهد نمايد] قال فى بحر العلوم المعنى الا حيقا ملصقا باهله وهو استثناء مفرغ فيجب ان يقدر له مستثنى منه عام مناسب له من جنسه فيكون التقدير ولا يحيق المكر السيّء حيقا الا حيقا باهله وفى الحديث (لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا فان الله يقول ولا يحيق المكر السيّء الا باهله ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا فان الله يقول انما بغيكم على أنفسكم) واما قوله عليه السلام (انصر أخاك ظالما او مظلوما) فمعناه بالنسبة الى نصرة الظالم ان تنصره على إبليس الذي يوسوس فى صدره بما يقع منه فى الظلم بالكلام الذي تستحليه النفوس وتنقاد اليه فتعينه على رد ما وسوس اليه الشيطان من ذلك وفى حديث آخر (المكر والخديعة فى النار) يعنى أصحابهما لانهما من اخلاق الكفار لا من اخلاق المؤمنين الأخيار وفى أمثالهم من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا فلا يصيب الشر الا اهل الشر [وابن باميين را درين باب قطعه است اين دو بيت اينجا ثبت افتاد] در باب من ز روى حسد يكدو ناشناس ... دمها زدند وكوره تزوير تافتند ز اعمال نفسهم همه نيكى بمن رسيد ... وايشان جزاى فعل بد خويش يافتند جعلنا الله وإياكم ممن صفا قلبه من الغل والكدر وحفظنا من الوقوع فى الخطر فَهَلْ يَنْظُرُونَ النظر هنا بمعنى الانتظار اى ما ينتظرون: وبالفارسية [پس آيا انتظار ميبرند مكذبان ومكاران يعنى نمى برند و چشم نمى دارند] إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله فى الأمم المتقدمة بتعذيب مكذبيهم وماكريهم. والسنة الطريقة وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة الله طريقة حكمته فَلَنْ الفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه تَجِدَ [پس نيابى تو البته] لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا بان يضع موضع العذاب

[سورة فاطر (35) : آية 44]

غير العذاب وهو الرحمة والعفو وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا بان ينقله من المكذبين الى غيرهم [والتحويل: بگردانيدن] ونفى وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهاني وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما وفى الآية تنبيه على ان فروع الشرائع وان اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول الى ثواب الله وجواره كما فى المفردات أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ الهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الأرض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة فَيَنْظُرُوا بمشاهدة آثار ديار الأمم الماضية العاتية كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم وَكانُوا اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً [سخترين از مكيان از روى توانايى] وأطول أعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [الاعجاز: عاجز كردن] واللام ومن لتأكيد النفي والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز الله تعالى شىء ويسبقه ويفوته فِي السَّماواتِ وَلا تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات فِي الْأَرْضِ [پس هر چهـ خواهد كند وكسى بر حكم او پيشى نكيرد] إِنَّهُ تعالى كانَ عَلِيماً بليغ العلم بكل شىء فى العالم مما وجد ويوجد قَدِيراً بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع أعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا على معاقبتهم إذا كانت أعمالهم مثل أعمالهم والآية وعظ من الله تعالى ليعتبروا نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ولا ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على أعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك قال بعض الكبار ما أخذ الله من أخذ من الأمم الا فى آخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الإلهي المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما إذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل أولهما معا او فى حق طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من أخذ من الأمم إذا انقضت دورته وقع الاخذ الإلهي فى آخره انتهى كلامه قدس سره واعلم ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة ليروا ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم إذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال أخذهم فى الدنيا والآخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير إذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصي غير الكفر

[سورة فاطر (35) : آية 45]

عصمنا الله وإياكم مما يوجب سخطه وعذابه وعقابه وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ جميعا بِما كَسَبُوا من المعاصي: وبالفارسية [واگر مؤاخذه كرد خداى تعالى مردمانرا بجزاى آنچهـ كسب ميكنند از شرك ومعصيت چنانكه مؤاخذه كرد امم ماضيه] ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها الظهر بالفارسية [پشت] والكناية راجعة الى الأرض وان لم يسبق ذكرها لكونها مفهومة من المقام مِنْ دَابَّةٍ من نسمة تدب عليها من بنى آدم لانهم المكلفون المجازون ويعضده ما بعد الآية او من غيرهم ايضا فان شؤم معاصى المكلفين يلحق الدواب فى الصحارى والطيور فى الهواء بالقحط ونحوه ولذا يقال من أذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة وقد أهلك الله فى زمان نوح عليه السلام جميع الحيوانات الا ما كان منها فى السفينة وذلك بشؤم المشركين وسببهم وقال بعض الائمة ليس معناه ان البهيمة تؤخذ بذنب ابن آدم ولكنها خلقت لابن آدم فلا معنى لابقائها بعد إفناء من خلقت له وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين معلوم عند الله وهو يوم القيامة فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [پس چون بيايد وقت هلاك ايشان] فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً فيجازيهم عند ذلك بأعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر آنرا بلوامع رضا بنوازد ... اين را بلوامع غضب بگدازد كس را بقضاي قدرتش كارى نيست ... آنست صلاح خلق كو ميسازد وفى الآية اشارة الى انه ما من انسان الا ويصدر منه ما يستوجب المؤاخذة ولكن الله تعالى بفضله ورحمته يمهل ثم يؤاخذ من كان اهل المؤاخذة ويعفو عمن هو اهل العفو ففى الآية بيان حلمه تعالى وارشاد للعباد الى الحلم فان الحلم حجاب الآفات وملح الأخلاق وساد أحنف بن قيس بعقله وحلمه حتى كان يتجرد لامره مائة الف سيف وكان أمراء الأمصار يلتجئون اليه فى المهمات وهو المضروب به المثل فى الحلم وقال له رجل دلنى على المروءة فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح ثم قال ألا ادلك على أدوى الداء قال بلى قال اكتساب الذم بلا منفعة ومن بلاغات الزمخشري «البأس والحلم حاتمى واحنفى: والدين والعلم حنيفى وحنفى» وفيه لف ونشر على الترتيب والبأس الشجاعة وفيها السخاوة إذ لا تكون الشجاعة الا بسخاوة النفس ولا تكون السخاوة الا بالشجاعة فان المال محبوب لا يصدر إنفاقه الا ممن غلب على نفسه. والجود منسوب الى حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي. والحلم منسوب الى الأحنف المذكور. والدين منسوب الى ابراهيم بن الحنيف معلم ابى حنيفة رحمه الله. والعلم منسوب الى ابى حنيفة وفى هذا المعنى قيل الفقه زرع ابن مسعود وعلقمة ... حصاده ثم ابراهيم دوّاس نعمان طاحنه يعقوب عاجنه ... محمد خابز والآكل الناس ثم ان الحلم لا بد وان يكون فى محله كما قيل ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة ... وفى بعضها عزا يسود فاعله وكذلك الإحسان فانه انما يحسن إذ وقع فى موقعه هر آنكس كه بر دزد رحمت كند ... ببازوى خود كاروان ميزند

تفسير سورة يس

ثم ان البصير هو المدرك لكل موجود برؤيته وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفّقه لصالح القول والعمل نسأل الله سبحانه ان يفتح بصيرتنا الى جانب الملكوت ويأخذنا عن التعلق بعالم الناسوت ويحلم عنا باسمه الحليم ويختمنا بالخير ويجعلنا ممن اتى بقلب سليم تمت سورة الملائكة فى اواخر شهر الله رجب من سنة عشر ومائة والف من هجرة من له أكمل الشرف تفسير سورة يس ثلاث وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم يس اما مسرود على نمط التعديل فلا حظ له من الاعراب او اسم للسورة وعليه الأكثر فمحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هذه يس او النصب على انه مفعول لفعل مضمر اى اقرأ يس ويؤيد كونه اسم السورة قوله عليه السلام (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان خلق آدم بألفي عام فاذا سمعت الملائكة قالوا طوبى لامة ينزل عليهم هذا وطوبى لالسن تتكلم بهذا وطوبى لا جواف تحمل هذا) [ودر خبرست كه چون دوستان حق در بهشت رسند از جناب جبروت ندا آيد كه از ديكران بسيار بشنيديد وقت آن آمد كه از ما شنويد «فيسمعهم سورد الفاتحة وطه ويس» مصطفى عليه السلام كفت] (كأن الناس لم يسمعوا القرآن حين سمعوا الرحمن يتلوه عليهم) كما فى كشف الاسرار وقال بعضهم ان الحروف المقطعة اسماء الله تعالى ويدل عليه ان عليا رضى الله عنه كان يقول «يا كهيعص يا حمعسق» فيكون مقسما به مجرورا او منصوبا بإضمار حرف القسم وحذفه والمراد بحذفه ان لا يكون اثره باقيا وبإضماره ان يبقى اثره مع عدم ذكره ففى نحو الله لافعلن يجوز النصب بنزع الخافض واعمال فعل القسم المقدر ويجوز الجر ايضا بإضمار حرف الجر اى اقسم بيس اى الله تعالى وفى الإرشاد لا مساغ للنصب بإضمار فعل القسم لان ما بعده مقسم به وقد أبوا الجمع بين القسمين على شىء واحد قبل انقضاء الاول وقال بعض الحكماء الالهية انها اسماء ملائكة هم اربعة عشر كما سبق بيانه فى طسم وعن ابن عباس رضى الله عنهما وهو قول كثير منهم ان معنى (يس) يا انسان فى لغة طى على ان المراد به رسول الله عليه السلام ولعل أصله يا انيسين تصغير انسان للتكبير فان صيغة التصغير قد تكون لاظهار العطف والتعظيم ولا سيما ان المتكلم بصيغة التصغير هو الله تعالى وهو لا يقول ولا يفعل الا ما هو صواب وحكمة فتكون «يا» من يس حرف نداء و «سين» شطر انيسين فلما كثر النداء به فى ألسنتهم اقتصروا على شطره الثاني للتخفيف كما قالوا فى القسم من الله أصله ايمن الله [واين خطاب با صورت رد بشريت مصطفاست عليه السلام چنانكه جاى ديكر كفت (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) از آنجا كه انسانيت وجنسيت آنست او مشاكل خلق است واين خطاب با انسان بر وفق آنست واز آنجا كه

شرف نبوتست وتخصيص رسالت خطاب با وى اينست كه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) واين خطاب كه با صورت وبشريت از بهر آن رفت كه تا نقاب غيرت سازند وهر نامحرمرا بر جمال وكمال وى اطلاع ندهند اين چنانست كه كويند] ارسلانم خوان تا كس نه بداند كه كيم وعن ابن الحنفية معناه يا محمد دليله قوله بعده انك لمن المرسلين وفى الحديث (ان الله سمانى بسبعة اسماء محمد واحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله) ويؤيده انه يقال لاهل البيت آل يس كما قيل سلام على ال طه ويس سلام على ال خير النبيين لله دركمو يا آل ياسينا يقول الفقير يحتمل ان يكون المراد بآل يس أول من عظمه الله تعالى بما فى سورة يس فلا يحصل التأييد وقال الكاشفى [حقيقت آنست كه در كلام عرب از كلمه بحرفى تعبير ميكنند چنانچهـ قد قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت پس ميشايد كه حرف سين اشارت بكلمه يا سيد البشر او يا سيد الأولين والآخرين وحديث (انا سيد ولد آدم) تفسير اين حرف بود] كما قال فى العرائس لم يمدح عليه السلام بذلك نفسه ولكن اخبر عن معنى مخاطبة الحق إياه بقوله يس انتهى [وديكر ببايد دانست كه از ميان حروف سين را سويت اعتداليه هست كه ميان زبر وبينات او توافق وتساوى هست وهيچ حرفى ديكر آن حال ندارد لا جرم مخصوص بحضرت ختميه است صلى الله عليه وسلم كه عدالت حقيقى خواه در طريق توحيد وخواه در احكام شرع بدو اختصاص دارد تراست مرتبه اعتدال در همه حال ... كه در خصائص توحيد اعدل از همه تمكن است ترا در مقام جمع الجمع ... بدين فضيلت مخصوص افضلى از همه واز فحواى كلمات سابقه روايح رياحين قلب القرآن يس استشمام ميتواند نمود] وسيجيئ تمامه فى آخر السورة ان شاء الله تعالى وقال نعمة الله النقشبندي يا من تحقق بينبوع بحر اليقين وسبح سالما من الانحراف والتلوين وشيخ نجم الدين [كفت قسمست بيمن نبوت حبيب وبسر مطهر او] وقال البقلى اقسم بيد القدرة الازلية وسناء الربوبية وقال القشيري الياء يشير الى يوم الميثاق والسين الى سره مع الأحباب كأنه قال بحق يوم الميثاق وسرى مع الأحباب والقرآن إلخ وذهب قوم الى ان الله تعالى لم يجعل لاحد سبيلا الى ادراك معانى الحروف المقطعة فى أوائل السور وقالوا ان الله تعالى متفرد بعلمها ونحن نؤمن بانها من جملة القرآن العظيم ونكل علمها اليه تعالى ونقرأها تعبدا وامتثالا لامر الله وتعظيما لكلامه وان لم نفهم منها ما نفهمه من سائر الآيات [در ينابيع آورده كه هر حرفى از حروف مقطعه را سريست از اسرار خزانه غيب كه حضرت حق حبيب خود را بر آن اطلاع داده بعد از ان جبرائيل بر آن نازل شده وجز خدا ورسول مقبول كسى بر آن وقوف ندارد] قال الشيخ ابن نور الدين فى بعض وارداته سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسرار المتشابهات من الحروف فقال هى من اسرار المحبة بينى وبين الله فقلت هل يعرفها أحد فقال ولا يعرفها جدى ابراهيم

[سورة يس (36) : الآيات 2 إلى 4]

عليه السلام هى من اسرار الله تعالى التي لا يطلع عليها نبى مرسل ولا ملك مقرب ويؤيده ما فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى (كهيعص) فلما قال كاف قال النبي عليه السلام (علمت) فقال ها فقال (علمت) فقال يا فقال (علمت) فقال عين فقال (علمت) فقال صاد فقال (علمت) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم يقول الفقير لا شك انه عليه السلام وصل الى مقام فى الكمال لم يصل اليه أحد من كمل الافراد فضلا عن الغير ويدل عليه عبوره ليلة المعراج جميع المواطن والمقامات فلهذا جاز ان يقال لم يعرف أحد من الثقلين والملائكة ما عرفه النبي عليه السلام فان علوم الكل بالنسبة الى علمه كقطرة من البحر فله عليه السلام علم حقائق الحروف بما لا مزيد عليه بالنسبة الى ما فى حد البشر واما غيره فلهم علم لوازمها وبعض حقائقها بحسب استعداداتهم وقابلياتهم هذا ما يعطيه الحال والله تعالى اعلم بالخفايا والاسرار وما ينطوى عليه كتابه ويحيط به خطابه وَالْقُرْآنِ بالجر على انه مقسم به ابتداء الْحَكِيمِ اى الحاكم كالعليم بمعنى العالم فانه يحكم بما فيه من الاحكام او المحكم من التناقض والعيب ومن التغير بوجه ما كما قال تعالى (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وهو الذي احكم نظمه وأسلوبه واتقن معناه وفحواه او ذى الحكمة اى المتظمن لها والمشتمل عليها فانه منبع كل حكمة ومعدن كل عظة فيكون بمعنى النسب مثل تامر بمعنى ذى تمر او هو من قبيل وصف الكلام بصفة المتكلم به اى الحكيم قائله إِنَّكَ يا أكمل الرسل وأفضل الكل وهو مخاطبة المواجهة بعد شرف القسم بنفسه وهو مع قوله لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ جواب للقسم والجملة لرد انكار الكفرة بقولهم فى حقه عليه السلام لست مرسلا وما أرسل الله إلينا رسولا. والإرسال قد يكون للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل كما فى المفردات قال فى بحر العلوم هو من الايمان الحسنة البديعة لتناسب بين المرسل به والمرسل اليه اللذين أحدهما المقسم المنزل والآخر المقسم عليه المنزل اليه انتهى وهذه الشهادة منه تعالى من جملة ما أشير اليه بقوله تعالى (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ولم يقسم الله لاحد من أنبيائه بالرسالة فى كتابه الإله قال فى انسان العيون من خصائصه عليه السلام ان الله تعالى اقسم على رسالته بقوله (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : قال الشيخ سعدى قدس سره ندانم كدامين سخن كويمت ... كه والاترى زانچهـ من كويمت ترا عز لولاك تمكين بس است ... ثناى توطه ويس بس است ومعنى ثناء طه انه عليه السلام صلى فى الليالى حتى تورمت قدماه فقال تعالى طه اى يا طه او يا طالب الشفاعة وهادى البشر ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى اى لتقع به فى التعب وقال بعضهم الطاء تسعة والهاء خمسة معناه يا من هو كالقمر المنير ليلة البدر ومعنى ثناء يس ما ذكر من الاقسام على رسالته مع انه يحتمل ان يراد بيس يا سيد البشر ونحوه على ما سلف وذلك ثناء من الله أي ثناء عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ خبر آخر لان اى متمكن على توحيد وشرائع موصلة الى الجنة والقربة والرضى واللذة واللقاء وفى موضع انك لعلى هدى مستقيم [يعنى كه تو از مرسلانى بر طريقى راست بر دينى درست وشريعتى پاك وسيرتى پسنديده]

[سورة يس (36) : آية 5]

كما فى كشف الاسرار فان قلت أي حاجة الى قوله على (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومن المعلوم ان الرسل لا يكونون الا على صراط مستقيم قلت فائدته وصف الشرع بالاستقامة صريحا وان دل عليه (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) التزاما فجمع بين الوصفين فى نظام واحد كأنه قال انك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت استقامته وقد نكره ليدل به على انه أرسل من بين الصراط على صراط مستقيم لا يوازيه صراط ولا يكتنه وصفه فى الاستقامة فالتنكير للتفخيم وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (يس) الى (مُسْتَقِيمٍ) الى سيادة النبي عليه السلام والى انه ما بلغ أحد من المرسلين الى رتبته فى السيادة وذلك لانه تعالى اقسم بالقرآن الحكيم انه لمن المرسلين على صراط مستقيم الى قاب قوسين من القرب او ادنى اى بل ادنى من كمال القرب كما قال صلى الله عليه وسلم (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فان لكل نبى مرسل سيرة الى مقام معين على صراط مستقيم هو صراط الله كما ان النبي عليه السلام اخبر انه رأى ليلة المعراج فى كل سماء بعض الأنبياء حتى قال عليه السلام (رأيت موسى عليه السلام فى السماء السادسة ورأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة) وقد عبر عنهم الى كمال رتبة ما بلغ أحد من العالمين إليها تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ نصب على المدح بإضمار اعنى والتقدير اعنى بالقرآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم انك لمن المرسلين لتنذر إلخ وهو مصدر بمعنى المفعول اى المنزل كما تقول العرب هذا الدرهم ضرب الأمير اى مضروبه عبر به عن القرآن لكمال عراقته فى كونه منزلا من عند الله تعالى كأنه نفس التنزيل [وتنزيل بناء كثرات ومبالغه است اشارت است كه اين قرآن بيكبار از آسمان فرو آمد بلكه بكرات ومرات فرو آمد بمدت بيست وسه سال سيزده سال بمكة وده سال بمدينه نجم نجم آيت آيت سورت سورت چنانكه حاجت بود ولائق وقت بود] والعزيز الغالب على جميع المقدورات المتكبر الغنى عن طاعة المطيعين المنتقم ممن خالفه ولم يصدق القرآن وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة او حقيقة او معنى فمن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأ سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك الله خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون والرحيم المتفضل على عباده المؤمنين بانزال القرآن ليوقظهم من نوم الغفلة ونعاس النسيان وخاصية هذا الاسم رقة القلب والرحمة للمخلوقين فمن داومه كل يوم مائة كان له ذلك ومن خاف الوقوع فى مكروه ذكره مع قرينه وهو اسم الرحمن او حمله وفى الأربعين الادريسية يا رحيم كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه قال السهروردي إذا كتبه ومحاه بماء وصب فى اصل شجرة ظهر فى ثمرها البركة ومن شرب من ذلك اشتاق لكاتبه وكذا ان كتب مع اسم الطالب والمطلوب وامه فانه يهيم ويدركه من الشوق ما لا يمكنه الثبات معه ان كان وجها يجوز فيه ذلك والا فالعكس قال فى الإرشاد وفى تخصيص الاسمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حث على الايمان به ترهيبا وترغيبا حسبما نطق به قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن تنزيل من عزيز غنى لا يحتاج

[سورة يس (36) : الآيات 6 إلى 11]

الى تنزيله لعلة بل هو رحيم اقتضت رحمته تنزيل القرآن فانه حبل الله يعتصم به الطالب الصادق ويصعد الى سرادقات عزته وعظمته وفى كشف الاسرار [عزيز به بيكانكان رحيم بمؤمنان اگر عزيز بود بى رحيم هركز او را كسى نيابد واگر رحيم بود بى عزيز همه كس او را يابد عزيز است تا كافران در دنيا او را ندانند رحيم است در عقبى تا مؤمنان او را بينند] دست رحمت نقاب خود بكشيد ... عاشقان ذوق وصل او بچشيد ماند اهل حجاب در پرده ... ببلاى فراق او مرده لِتُنْذِرَ متعلق بتنزيل اى لتخوف بالقرآن قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ ما نافية والجملة صفة مبينة لغاية احتياجهم الى الانذار. والمعنى لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة ولم يكونوا من اهل الكتاب ويؤيده قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) يعنى العرب وقوله (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) الى قوله (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ويجوز ان تكون ما موصولة او موصوفة على ان تكون الجملة مفعولا ثانيا لتنذر بحذف العائد. والمعنى لتنذر قوما العذاب الذي أنذره او عذابا أنذره آباؤهم الأبعدون فى زمن إسماعيل عليه السلام وانما وصف الآباء فى التفسير الاول بالاقربين وفى الثاني بالابعدين لئلا يلزم ان يكونوا منذرين وغير منذرين فآباؤهم الأقدمون أتاهم النذير لا محالة بخلاف آبائهم الأدنين وهم قريش فيكون ذلك بمعنى قوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) فان قلت كيف هذا وقد وقعت الفترات فى الازمنة بين نبى ونبى حسبما يحكى فى التواريخ واما الحديث فقيل كان خالد مبعوثا الى بنى عبس خاصة دون غيرهم من العرب وكان بين عهد عيسى وعهد نبينا عليه السلام. ويقال ان قبره بناحية جرجان على قلة جبل يقال له خدا وقد قال فيه الرسول عليه السلام لبعض من بناته جاءته (يا بنت نبى ضيعه قومه) كذا فى الاسئلة المقحمة ويحتمل التوفيق بوجه آخر وهو ان المراد بالامة التي خلافيها نذير هى الامة المستأصلة فانه لم يستأصل قوم إلا بعد النذير والإصرار على تكذيبه وايضا ان خلو النذير فى كل عصر يستلزم وجوده فى كل ناحية والله اعلم فَهُمْ غافِلُونَ متعلق بنفي الانذار مترتب عليه. والضمير للفريقين اى لم ينذر آباؤهم فهم جميعا لاجله غافلون عن الايمان والرشد وحجج التوحيد وادلة البعث والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله فالنفى المتقدم سبب له يعنى ان عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم ويجوز ان يكون متعلقا بقوله لتنذر ردا لتعليل إنذاره فالضمير للقوم خاصة اى فهم غافلون بما انذر آباؤهم الأقدمون لامتداد المدة فالفاء داخلة على سبب الحكم المتقدم. والغفلة ذهاب المعنى عن النفس والنسيان ذهابه عنها بعد حضوره قال بعضهم الغفلة نوم القلب فلا تعتبر حركة اللسان إذا كان القلب نائما ولا يضر سكونه إذا كان متيقظا ومعنى التيقظ ان يشهده تعالى حافظا له رقيبا عليه قائما بمصالحه: قال المولى الجامى قدس سره رب تال يفوه بالقرآن ... وهو يفضى به الى الخذلان لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت

[سورة يس (36) : آية 7]

نشود بر دل تو تابنده ... كين كلام خداست يا بنده حكم لعنت ز قفل بى اخلاص ... نيست با قارئان قرآن خاص پس مصلى كه در ميان نماز ... ميكند بر خداى عرض نياز چون در صدق نيست باز برو ... ميكند لعنت آن نماز برو وفى الحديث (الغفلة فى ثلاث الغفلة عن ذكر الله والغفلة فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وغفلة الرجل عن نفسه فى الدين) وفى كشف الاسرار [غافلان دواند يكى از كار دين غافل واز طلب إصلاح خود بى خبر سر بدنيا در نهاده ومست شهوت كشته وديده فكرت وعبرت بر هم نهاده حاصل وى آنست كه رب العزه كفت (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) وفى الخبر (عجبت لغافل وليس بمغفول عنه) [ديكر غافلى است پسنديده از كار دنيا وترتيب معاش غافل سلطان حقيقت بر باطن وى استيلا نموده در مكاشفه جلال احديت چنان مستهلك شده كه از خود غائب كشته نه از دنيا خبر دارد نه از عقبا بزبان حال ميكويد] اين جهان در دست عقلست آن جهان در دست روح ... پاى همت بر قفاى هر دو ده سالار زن قالوا الصوفي كائن بائن هر كه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش جان بحق تن بغير حق كائن ... تن ز حق جان ز غير حق بائن ظاهر او بخلق پيوسته ... باطن او ز خلق بگسسته از درون آشنا وهمخانه ... وز برون در لباس بيكانه فاهل هذه الصفة هم المتيقظون حقيقة وان ناموا لانه لا تنام عين العارفين وما سواهم هم النائمون حقيقة وان سهروا لانه لم تنفتح أبصار قلوبهم [ودر وصايا واردست كه يا على با مردكان منشين على رضى الله عنه كفت يا رسول الله مردكان كيانند كفت اهل جهلت وغفلت] اللهم اجعلنا من اهل العلم والعرفان والإيقان والشهود والعيان وشرفنا بلقائك فى الدارين واصرفنا عن ملاحظة الكونين آمين لَقَدْ اللام جواب القسم اى ولله لقد حَقَّ الْقَوْلُ وجب وتحقق عَلى أَكْثَرِهِمْ اى اكثر القوم الذين تنذرهم وهم اهل مكة فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ اى بانذارك إياهم والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله واختلفوا فقال بعضهم القول حكم الله تعالى انهم من اهل النار وفى المفردات علم الله بهم وقال بعضهم القول كناية عن العذاب اى وجب على أكثرهم العذاب. والجمهور على ان المراد به قوله تعالى لابليس عند قوله (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وهو المعنى بقوله (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) وهذا القول لما تعلق بمن تبع إبليس من الجنّ والانس وكان اكثر اهل مكة ممن علم الله منهم الإصرار على اتباعه واختيار الكفر الى ان يموتوا كانوا ممن وجب وثبت عليهم مضمون هذا القول لكن لا بطريق الجبر من غير ان يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب إصرارهم الاختياري على الكفر والإنكار وعدم

[سورة يس (36) : آية 8]

تأثرهم من التذكير والانذار ولما كان مناط ثبوت القول وتحققه عليهم إصرارهم على الكفر الى الموت كان قوله (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) متفرعا فى الحقيقة على ذلك لا على ثبوت القول قال الكاشفى [مراد آنانند كه خداى تعالى ميدانست كه ايشان بر كفر ميرند يا بر شرك كشته شوند چون ابو جهل وإضراب او] وحقيقة هذا المقام ان الكل سعيدا كان او شقيا يجرون فى هذه النشأة على مقتضى استعداداتهم فالله تعالى يظهر أحوالهم على صفحات أعمالهم لا يجبرهم فى شىء أصلا فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غيره فلا يلومن الا نفسه والأعمال امارات وليست بموجبات فان مصير الأمور فى النهاية الى ما جرى به القدر فى البداية وفى الخبر الصحيح روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يديه كتابان فقال للذى فى يده اليمنى (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال للذى بشماله (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال بيده فنبذهما ثم قال (فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) وحكم الله تعالى على الأكثر بالشقاوة فدل على ان الأقل هم اهل السعادة وهم الذين سمعوا فى الأزل خطاب الحق ثم إذا سمعوا نداء النبي عليه السلام أجابوه لما سبق من الاجابة لنداء الحق. وانما كان اهل السعادة اقل لان المقصود من الإيجاد ظهور الخليفة من العباد وهو يحصل بواحد مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فى الحقيقة قال بعض الكبار من رأى محمدا عليه السلام فى اليقظة فقد رأى جميع المقربين لانطوائهم فيه ومن اهتدى بهداه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين. والإسلام عمل. والايمان تصديق. والإحسان رؤية او كالرؤية فشرط الإسلام الانقياد وشرط الايمان الاعتقاد وشرط الإحسان الاشهاد فمن آمن فقد أعلى الدين ومن أعلاه فقد تعرض لعلوه وعزه عند الله تعالى ومن كفر فقد أراد اطفاء نور الله والله متم نوره: وفى المثنوى هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوز و پوز او «1» لما قال المشركون يوم أحد اعل هبل اعل هبل إذ لهم الله وهبلهم وهو صنم كان يعبد فى الجاهلية وهو الحجر الذي يطأه الناس فى العتبة السفلى من باب بنى شيبة وهو الآن مكبوب على وجهه وبلط الملوك فوقه البلاط فان كنت تفهم مثل هذه الاسرار والا فاسكت والله تعالى حكيم يضع الأمور كلها فى مواضعها فكل ما ظهر فى العالم فهو حكمة وضعه فى محله لكن لا بد من الإنكار لما أنكره الشارع فاياك والغلط إِنَّا بمقتضى قهرنا وجلالنا جَعَلْنا خلقنا او صيرنا فِي أَعْناقِهِمْ جمع عنق بالفارسية [كردن] والضمير الى اكثر اهل مكة أَغْلالًا عظيمة ثقالا جمع غل بالضم وهو ما يشد به اليد الى العنق للتعذيب والتشديد سواء كان من الحديد او غيره وقال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس وفى المفردات اصل الغلل تدرع الشيء وتوسطه ومنه الغلل للماء الجاري مختص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وغل فلان قيد به وقيل للبخيل هو مغلول اليد قال تعالى

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعانه را إلخ

[سورة يس (36) : آية 9]

(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) انتهى فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ الفاء للنتيجة او التعقيب. والأذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين بالفارسية [زنخدان] اى فالاغلال منتهية الى أذقانهم بحيث لا يتمكن المغلول معها من تحرك الرأس والالتفات: وبالفارسية [پس آن غلها وزنجيرها پيوسته شده بزنخدانهاى ايشان ونمى كذارند كه سرها بجنبانند] ووجه وصول الغل الى الذقن هو اما كونه غليظا عريضا يملأ ما بين الصدر والذقن فلا جرم يصل الى الذقن ويرفع الرأس الى فوق واما كون طوق الغل الذي يجمع اليدين الى العنق بحيث يكون فى ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة يدخل فيها رأس العمود الواصل بين ذلك الطوق وبين قيد اليد خارجا عن الحلقة الى الذقن فلا يخليه يحرك رأسه فَهُمْ مُقْمَحُونَ رافعون رؤسهم غاضون أبصارهم فان الاقماح رفع الرأس الى فوق مع غض البصر يقال قمح البعير قموحا فهو قامح إذا رفع رأسه عند الحوض بعد الشرب اما لارتوائه او لبرودة الماء او لكراهة طعمه وأقمحت البعير شددت رأسه الى خلف وأقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه قال بعضهم لفظ الآية وان كان ماضيا لكنه اشارة الى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله تعالى (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ولهذا قال الفقهاء كره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال الفقيه ان فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق بخلاف التقييد فانه غير مكروه لانه سنة المسلمين فى المتمردين هذا والجمهور على ان الآية تمثيل لحال الأكثر فى تصميمهم على الكفر وعدم امتناعهم عنه وعدم التفاتهم الى الحق وعدم انعطاف أعناقهم نحوه بحال الذين غلت أعناقهم فوصلت الاغلال الى أذقانهم وبقوا رافعين رؤسهم غاضين أبصارهم فهم ايضا لا يلتفتون الى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤسهم له ولا يكادون يرون الحق او ينظرون الى جهته وقال الراغب قوله فهم مقمحون تشبيه بحال البعير ومثل لهم وقصد الى وصفهم بالتأبى عن الانقياد للحق وعن الإذعان لقبول الرشد والتأبى عن الانفاق فى سبيل الله انتهى: وفى المثنوى كفت أغلالا فهم به مقمحون ... نيست آن أغلال بر ما از برون «1» بند پنهان ليك از آهن را بتر ... بند آهن را كند پاره بتر بند آهن را توان كردن جدا ... بند غيبى را نداند كس دوا مرد را زنبور اگر نيشى زند ... طبع او آن لحطه بر دفعى تند زخم نيش اما چواز هستىء تست ... غم قوى باشد نكردد دردست قال النقشبندي هى أغلال الأماني والآمال وسلاسل الحرص والطمع بمزخرفات الدنيا الدنية وما يترتب عليها من اللذات الوهمية والشهوات البهيمية وَجَعَلْنا اى خلقنا لهم من كمال غضبنا عليهم وصيرنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ [از پيش روى ايشان] سَدًّا [ديوارى وحجابى] قرأه حفص بالفتح والباقون بالضم وكلاهما بمعنى وقيل ما كان من عمل الناس بالفتح وما كان من خلق الله بالضم وَمِنْ خَلْفِهِمْ [واز پس ايشان] سَدًّا [پرده ومانعى] فَأَغْشَيْناهُمْ [الاغشاء: بر پوشانيدن وكور كردن] والمضاف محذوف

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان مرتد شدن كاتب وحي إلخ

والتقدير غطينا أبصارهم وجعلنا عليها غشاوة وهو ما يغشى به الشيء: وبالفارسية [پس بپوشيديم چشمهاى ايشانرا] فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله لان من احاطه السد من جميع جوانبه لا يبصر شيأ إذ الظاهر ان المراد ليس جهتى القدام والخلف فقط بل يعم جميع الجهات الا ان جهة القدام لما كانت اشرف الجهات وأظهرها وجهة الخلف كانت ضدها خصت بالذكر والآية اما تتمة للتمثيل وتكميل له أي تكميل اى وجعلنا مع ما ذكر من امامهم سدا عظيما ومن ورائهم سدا كذلك فغطينا بهما أبصارهم فهم بسبب ذلك لا يقدرون على أبصار شىء ما أصلا. واما تمثيل مستقل فان ما ذكر من جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطينا بهما أبصارهم بحيث لا يبصرون شيأ قطعا كاف فى الكشف عن فظاعة حالهم وكونهم محبوسين فى مطمورة الغى والجهالات محرومين من النظر فى الادلة والآيات قال الامام المانع من النظر فى الآيات والدلائل قسمان. قسم يمنع من النظر فى الآيات التي فى أنفسهم فشبه ذلك بالغل الذي يجعل صاحبه مقمحا لا يرى نفسه ولا يقع بصره على بدنه. وقسم يمنع من النظر فى آيات الآفاق فشبه بالسد المحيط فان المحاط بالسد لا يقع نظره على الآفاق فلا تتبين له الآيات التي فى الآفاق كما ان المقمح لا تتبين له الآيات التي فى الأنفس فمن ابتلى بهما حرم من النظر بالكلية لان الدلائل والآيات مع كثرتها منحصرة فيهما كما قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله تعالى (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ) مع قوله (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) إلخ اشارة الى عدم هدايتهم لآيات الله تعالى فى الأنفس والآفاق [محققان كويند كه سد پيش طول املست وطمع بقا وسد عقب غفلت از جنايات كذشته وقلت ندم واستغفار برو هر كه او را دو سد چنين احاطه كرده باشد هر آينه چشم او پوشيده باشد از نظر در دلائل قدرت ونه بيند راه فلاح وهدايت] : وفى المثنوى خلفهم سدا فاغشيناهمو ... مى نه بيند بند را پيش و پس او رنك صحرا دارد آن سدى كه خاست ... او نمى داند كه آن سر قضاست شاهد تو سد روى شاهد است ... مرشد تو سد كفت مرشد است [وآوردند كه ابو جهل سوكند خورد بلات وعزى كه اگر پيغمبر را عليه السلام در نماز بيند سر مبارك او نعوذ بالله بشكند وعرب را ازو باز رهاند روزى ديد كه آن حضرت نماز مى كرد ودر حرم كعبه آن ملعون سنكى برداشت ونزد آن حضرت آمد و چون دست بالا برد كه سنك بر وى زند دست او بر كردن چنبر شده سنك بر دست او چسبيد در كردنش بماند نوميد بازگشت قوم بنى مخزوم دست او را بجهد بسيار از كردن او دور كردند واين آيت يعنى (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ) إلخ آمد كه ما ايشانرا باز داشتيم چنانچهـ مغلولان از كارها باز داشته شوند ومخزومى ديكر كه وليد بن مغيره است كفت من بروم وبدين سنك محمد را عليه السلام بكشم نعوذ بالله چون بنزديك آن حضرت آمد نابينا شد تا حس وآواز مى شنيد وكس را نديد] فرجع الى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه وأخبرهم بالحال فنزل فى حقه قوله تعالى (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) إلخ فيكون ضمير الجمع فى الآيتين

[سورة يس (36) : الآيات 10 إلى 11]

على طريقة قولهم بنوا فلان فعلوا كذا والفاعل واحد منهم [وكفته اند اين آيت حرزى نيكوست كسى را كه از دشمن ترسد اين آيت بر روى دشمن خواند الله تعالى شر آن دشمن از وى بازدارد دشمن را از وى در حجاب كند چنانكه با رسول خدا كرد آن شب كه كافران قصد وى كردند بدر سراى وى آمدند تا بر سر وى هجوم برند رسول خدا على را رضى الله عنه بر جاى خود خوابانيد وبيرون آمد وبايشان بر كذشت واين آيت مى خواند (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) إلخ ودشمنان او را نديدند ودر حجاب بماندند رسول بر كذشت وقصد مدينه كرد وآن ابتداى هجرت بود] كذا فى كشف الاسرار وقال فى انسان العيون لما خرج عليه السلام من بيته الشريف أخذ حفنة من تراب ونثره على رؤس القوم عند الباب وتلا (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) الى قوله (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فاخذ الله تعالى أبصارهم عنه عليه السلام فلم يبصروه وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ اى مستو عند اكثر اهل مكة إنذارك إياهم وعدمه لان قوله (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) وان كانت جملة فعلية استفهامية لكنه فى معنى مصدر مضاف الى الفاعل فصح الاخبار عنه فقد هجر فيه جانب اللفظ الى المعنى ومنه «تسمع بالمعيدي خير من ان تراه» وهمزة الاستفهام وأم لتقرير معنى الاستواء والتأكيد فان معنى الاستفهام منسلخ منهما رأسا بتجريدهما عنه لمجرد الاستواء كما جرد حرف النداء عن الطلب لمجرد التخصيص فى قولهم «اللهم اغفر لنا أيتها العصابة» فكما ان هذا جرى على صورة النداء وليس بنداء كذلك (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) على صورة الاستفهام وليس باستفهام لا يُؤْمِنُونَ [نمى كردند ايشان كه علم قديم موت ايشان بر كفر حكم كرده است بسبب اختيار ايشان] وهو استئناف مؤكد لما قبله مبين لما فيه من إجمال ما فيه الاستواء قال فى كشف الاسرار اى من أضله الله هذا الضلال لم ينفعه الانذار- روى- ان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى دعا غيلان القدري فقال يا غيلان بلغني انك تتكلم فى القدر فقال يا امير المؤمنين انهم يكذبون علىّ قال يا غيلان اقرأ أول سورة يس الى قوله (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فقال غيلان يا امير المؤمنين والله لكأنى لم اقرأها قط قبل اليوم أشهدك يا امير المؤمنين انى تائب مما كنت أتكلم به فى القدر فقال عمر بن عبد العزيز اللهم ان كان صادقا فتب عليه وثبته وان كان كاذبا فسلط عليه من لا يرحمه واجعله آية للمؤمنين قال فاخذه هشام بن عبد الملك فقطع يديه ورجليه قال بعضهم انا رأيته مصلوبا على باب دمشق دلت الحكاية على ان القدرية هم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى وقال الامام المطرزي فى المغرب والقدرية هم الفرقة المجبرة الذين يثبتون كل الأمر بقدر الله وينسبون القبائح اليه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولما بين كون الانذار عندهم كعدمه عقبه ببيان من يتأثر منه فقيل إِنَّما تُنْذِرُ اى ما ينفع إنذارك الا مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ اى القرآن بالتأمل فيه او الوعظ والتذكير ولم يصر على اتباع خطوات الشيطان وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ اى خاف عقابه تعالى والحال انه غائب عن العقاب على انه حال من الفاعل او والحال ان العقاب غائب عنه اى قبل نزول العقاب وحلوله

[سورة يس (36) : الآيات 12 إلى 17]

على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعد ان قال (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه أتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر وفى التأويلات النجمية (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان فَبَشِّرْهُ اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة للفظ من بِمَغْفِرَةٍ عظيمة لذنوبه وَأَجْرٍ كَرِيمٍ حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما أعده الله لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب البشارة او الأمر بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية يقول الفقير رتب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان الله تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تؤدى الى الحسنات المؤدية الى الاجر الكريم لانه تعالى قال (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال بعضهم الانذار لا يؤثر الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهدة عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم الله تعالى وإجلاله وإذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف. واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى (هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي) وانما كان الحق تعالى لا يبالى بذلك لان رحمته سبقت غضبه فى حق الموحدين او فى حق المشركين ويكون المراد بالرحمة رحمة الإيجاد من العدم لانها سابقة على سبب الغضب الواقع منهم فلذلك كان تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين. ولو كان المراد من عدم المبالاة ما توهمه بعضهم لما وقع الاخذ بالجرائم ولا وصف الحق نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية إِنَّا من مقام كمال قدرتنا والجمع للتعظيم ولكثرة الصفات وقال بعضهم لما فى احياء الموتى من حظ الملائكة وينافيه الحصر الدال عليه قوله نَحْنُ قال فى البحر كرر الضمير لتكرير التأكيد نُحْيِ الْمَوْتى نبعثهم بعد مماتهم ونجزيهم على حسب أعمالهم فيظهر حينئذ كمال الإكرام والانتقام للمبشرين والمنذرين من الأنام والاحياء جعل الشيء حيا ذا حس وحركة والميت من اخرج روحه وقد اطلق النبي عليه السلام لفظ الموتى على كل غنى مترف وسلطان جائر وذلك فى قوله عليه السلام (اربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مصاحبة النساء وحديثهن وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله وما مجالسة الموتى قال كل غنى مترف وسلطان جائر) وفى التأويلات النجمية نحيى قلوبا ماتت بالقسوة بما نمطر عليها من صوب الإقبال والزلفة انتهى فالاحياء إذا مجاز عن الهداية وَنَكْتُبُ اى نحفظ ونثبت فى اللوح المحفوظ يدل عليه آخر الآية او يكتب رسلنا وهم الكرام الكاتبون وانما أسند

اليه تعالى ترهيبا ولانه الآمر به ما قَدَّمُوا اى اسلفوا من خير وشر وانما اخر الكتابة مع انها مقدمة على الاحياء لانها ليست مقصودة لذاتها وانما تكون مقصودة لامر الاحياء ولولا الاحياء والاعادة لما ظهر للكتابة فائدة أصلا وَآثارَهُمْ اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده اى آثارهم التي ابقوها من الحسنات كعلم علموه او كتاب الفوه او حبيس وقفوه او بناء شىء من المساجد والرباطات والقناطر وغير ذلك من وجوه البرّ: قال الشيخ سعدى نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى ... پل ومسجد وخان ومهمان سراى هر آن كو نماند از پسش يادگار ... درخت وجودش نياورد بار ور كرفت آثار خيرش نماند ... نشايد پس از مرك الحمد خواند ومن السيئات كوظيفة وظفها بعض الظلمة على المسلمين مسانهة او مشاهرة وسكة أحدثها فيها تحسيرهم وشىء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله من الحان وملاهى ونحوه قوله تعالى (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) اى بما قدم من اعماله واخر من آثاره: وفى المثنوى هر كه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى جمع كردد بر وى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه فعلى العدول ان يرفعوا الأحداث التي فيها ضرر بين للناس فى دينهم ودنياهم والا فالراضى كالفاعل وكل مجزى بعمله از مكافات عمل غافل مشو ... كندم از كندم برويد جو ز جو كين چنين كفتست پير معنوى ... كاى برادر هر چهـ كارى بدروى وقال بعض المفسرين هى آثار المشائين الى المساجد ولعل المراد انها من جملة الآثار كما فى الإرشاد- روى- ان جماعة من الصحابة بعدت دورهم عن المسجد النبوي فارادوا النقلة الى جوار المسجد فقال عليه السلام (ان الله يكتب خطواتكم ويثيبكم عليها فالزموا بيوتكم) والله تعالى لا يترك الجزاء على الخطى سواء كانت فى حسنة او فى سيئة وفى الحديث (أعظم الناس اجرا من يصلى ثم ينام) واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل لكثرة الثواب الحاصل بكثرة الخطى وقال بعضهم الصلاة فى الأقرب أفضل لما ورد (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولماله من الجوار وان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه يحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل لما فيه من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة واما لو كان إذا صلى فى مسجد الجوار صلى وحده فالبعيد أفضل ولو كان إذا صلى فى بيته صلى جماعة وإذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته أفضل قال بعضهم جار المسجد أربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء قال فى مجمع الفتاوى رجل لو كان فى جواره مسجدان يصلى فى أقدمهما لان له زيادة حرمة وان كانا سواء أيهما اقرب يصلى هناك وان كان فقيها يذهب الى الذي قومه اقل حتى يكثر بذهابه وان لم يكن فقيها يخير قالوا كل ما فيه الجماعة كالفرائض والتراويح فالمسجد فيه أفضل فثواب المصلين فى البيت بالجماعة

دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وفى الحديث (صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه (خمسة وعشرين ضعفا) وفى رواية (سبعة وعشرين) وذلك لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون واكثر العلماء على ان الجماعة واجبة وقال بعضهم سنة مؤكدة وفى الحديث (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرّق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت المتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا جاز إحراق البيت على ترك الواجب او السنة المؤكدة فما ظنك فى ترك الفرض وفى الحديث (بشروا المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة واطلاق اللفظ يشعر بان المتحرى للافضل ينبغى ان لا يتخلف عن الجماعة بأى وجه كان الا ان يكون العذر ظاهرا والاعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة هى المرض الذي يبيح التيمم ومثله كونه مقطوع اليد والرجل من خلاف او مفلوجا او لا يستطيع المشي او أعمى والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة فى الصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين جعلنا الله وإياكم ممن قام بامره فى جميع عمره وَكُلَّ شَيْءٍ من الأشياء كائنا ما كان سواء كان ما يصنعه الإنسان او غيره وهو منصوب بفعل مضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ ضبطناه وبيناه قال ابن الشيخ اصل الإحصاء العد ثم استعير للبيان والحفظ لان العد يكون لاجلهما وفى المفردات الإحصاء التحصيل بالعدد يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون عليه فى العد اعتمادنا فيه على الأصابع فِي إِمامٍ مُبِينٍ اصل عظيم الشان مظهر لجميع الأشياء مما كان وما سيكون وهو اللوح المحفوظ سمى اماما لانه يؤتم به ويتبع قال الراغب الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وبفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا وجمعه ائمة نحو قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اى بالذي يقتدون به وقيل بكتابهم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فقد قيل اشارة الى اللوح المحفوظ انتهى. وفى الإحصاء ترغيب وترهيب فان المحصى لم يصح منه الغفلة فى حال من الأحوال بل راقب نفسه فى كل وقت ونفس وحركة وسكنة وخاصية هذا الاسم تسخير القلوب فمن قرأه عشرين مرة على كل كسرة من الخبر والكسر عشرون فانه يسخر له الخلق فان قلت ما فائدة تسخير الخلق قلت دفع المضرة او جلب المنفعة وأعظم المنافع التعليم والإرشاد واختار بعض الكبار ترك التصرف والالتفات الى جانب الخلق بضرب من الحيل فان الله تعالى يفعل ما يريد والا هم تسخير النفس الامارة حتى تنقاد للامر وتطيع للحق فمن لم يكن له امارة على نفسه كان ذليلا فى الحقيقة وان كان مطاعا فى الظاهر وفى التأويلات النجمية (وَكُلَّ شَيْءٍ) مما يتقربون به إلينا (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) اى أثبتنا آثاره وأنواره فى لوح محفوظ قلوب احبابنا انتهى واعلم ان قلب الإنسان الكامل امام مبين ولوح الهى فيه أنوار الملكوت منتقشة واسرار الجبروت منطبعة مما كان فى حد البشر دركه وطوق العقل الكلى كشفه وانما يحصل هذا بعد التصفية بحيث لم يبق فى القلب

[سورة يس (36) : آية 13]

صورة ذرة مما يتعلق بالكونين ومعنى التصفية ازالة المتوهم ليظهر المتحقق فمن لم يدر المتوهم من المتحقق حرم من المتحقق: قال المولى الجامى قدس سره سككى مى شد استخوان بدهان ... كرده ره بر كنار آب روان بسكه آن آب صاف وروشن بود ... عكس آن استخوان در آب نمود برد بيچاره سك كمان كه مكر ... هست در آب استخوان دكر لب چوبگشاد سوى آن بستاد ... استخوان از دهان در آب فتاد نيست را هستىء تو هم كرد ... بهر آن نيست هست را كم كرد فعلى العاقل ان يجلو المرآة ليظهر صورة الحقيقة وحقيقة الوجود ويحصل كمال العيان والشهود نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من اهل الصفوة ويحفظنا من الكدورات والهفوة انه غاية المقصود ونهاية الأمل من كل علم وعمل وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ الى قوله خامدون يشير الى اصناف الطافه مع أحبائه وانواع قهره مع أعدائه كما فى التأويلات النجمية امر الله تعالى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بانذار مشركى مكة بتذكيرهم قصة اصحاب القرية ليحترزوا عن ان يحل بهم ما نزل بكفار اهل تلك القرية قال فى الإرشاد ضرب المثل يستعمل على وجهين. الاول فى تطبيق حالة غريبة بحالة اخرى مثلها فالمعنى اجعل اصحاب القرية مثلا لاهل مكة فى الغلو فى الكفر والإصرار على تكذيب الرسل اى طبق حالهم بحالهم على ان مثلا مفعول ثان واصحاب القرية مفعوله الاول اخر عنه ليتصل به ما هو شرحه وبيانه. والثاني فى ذكر حالة غريبة وبيانها للناس من غير قصد الى تطبيقها بنظيرة لها فالمعنى اذكر وبين لهم قصة هى فى الغرابة كالمثل فقوله اصحاب القرية اى مثل اصحاب القرية على تقدير المضاف كقوله (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) وهذا المقدر بدل من الملفوظ او بيان له والقرية انطاكية من قرى الروم وهى بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة بلاد يقال لها العواصم وهى ذات عين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس ويقال لها انتاكية بالتاء بدل الطاء وهو المسموع من لسان الملك فى قصة ذكرت فى مشارع الاشواق قال الامام السهيلي نسبت انطاكية الى انطقيس وهو اسم الذي بناها ثم غيرت وفى التكملة وكانت قصتهم فى ايام ملوك الطوائف وفى بحر العلوم انطاكية من مدائن النار بشهادة النبي عليه السلام حيث قال (اربع مدائن من مدائن الجنة مكة والمدينة وبيت المقدس وصنعاء اليمن واربع مدائن من مدائن النار انطاكية وعمورية وقسطنطينية وظفار اليمن) وهو كقطام بلد باليمن قرب صنعاء اليه ينسب الجزع وهو بالفتح خرز فيه سواد وبياض يشبه به الأعين وكانت انطاكية احدى المدن الأربع التي يكون فيها بطارقة النصارى وهى انطاكية والقدس والاسكندرية ورومية ثم بعدها قسطنطينية قال فى خريدة العجائب رومية الكبرى مدينة عظمية فى داخلها كنيسة عظيمة طولها ثلاثمائة ذراع وأركانها من نحاس مفرع مغطى كلها بالنحاس الأصفر وبها كنيسة ايضا بنيت على هيئة بيت المقدس وبها الف حمام والف فندق وهو الخان ورومية اكبر من ان يحاط بوصفها ومحاسنها وهى

[سورة يس (36) : آية 14]

للروم مثل مدينة فرانسة للافرنج كرسى ملكهم ومجتمع أمرهم وبيت ديانتهم وفتحها من اشراط الساعة إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ بدل من اصحاب القرية بدل الاشتمال لاشتمال الظروف على ما حل فيها كأنه قيل واجعل وقت مجيىء المرسلين مثلا او بدل من المضاف المقدر كأنه قيل واذكر لهم وقت مجيىء المرسلين وهم رسل عيسى عليه السلام الى اهل انطاكية إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ بدل من إذ الاولى اى وقت ارسالنا اثنين الى اصحاب القرية وهما يحيى ويونس ونسبة إرسالهما اليه تعالى بناء على انه بامره تعالى فكانت الرسل رسل الله. ويؤيده مسألة فقهية وهى ان وكيل الوكيل بإذن الموكل بان قال الموكل له اعمل برأيك يكون وكيلا للموكل لا للوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل إياه وينعزل إذا عزله الموكل الاول فَكَذَّبُوهُما اى فاتياهم فدعواهم الى الحق فكذبوهما فى الرسالة بلا تراخ وتأمل وضربوهما وحبسوهما على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما وسيأتى فَعَزَّزْنا اى قوينا هما فحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولان القصد ذكر المعزز به وبيان تدبيره اللطيف الذي به عز الحق وذل الباطل يقال عزز المطر الأرض إذا لبدها وسددها وارض عزاز اى صلبة وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى هزاز يصعب الوصول اليه وفى تاج المصادر [التعزيز والتعزة: ليرومند كردند] ومنه الحديث (انكم لمعزز بكم) اى مشدد [وفرو نشاندن باران زمين را] انتهى بِثالِثٍ هو شمعون الصفار ويقال له شمعون الصخرة ايضا رئيس الحواريين وقد كان خليفة عيسى عليه السلام بعد رفعه الى السماء قال فى التكملة اختلف فى المرسلين الثلاثة فقيل كانوا أنبياء رسلا أرسلهم الله تعالى وقيل كانوا من الحواريين أرسلهم عيسى بن مريم الى اهل القرية المذكورة ولكن لما كان إرساله إياهم عن امره أضاف الإرسال اليه انتهى علم منه ان الحواريين لم يكونوا أنبياء لا فى زمان عيسى ولا بعد رفعه واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى بين عيسى وان احتمل ان يكون المراد النبي الذي يأتى بشريعة مستقلة وهو لا ينافى وجود النبي المقرر للشريعة المتقدمة فَقالُوا اى جميعا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ مؤكدين كلامهم لسبق الإنكار لما ان تكذيبهما تكذيب للثالث لاتحاد كلمتهم قال فى كشف الاسرار [قصه آنست كه رب العالمين وحي فرستاد بعيسى عليه السلام كه من ترا بآسمان خواهم برد حواريان را يكان يكان ودوان دوان بشهرها فرست تا خلق را بدين حق دعوت كنند عيسى ايشانرا حاضر كرد ورئيس ومهتر ايشان شمعون وايشانرا يكان يكان ودوان دوان قوم بقوم فرستاد وشهر شهر ايشانرا نامزد مى زد وايشانرا كفت چون من بآسمان رفتم شما هر كجا كه معين كرده ام ميرويد ودعوت ميكنيد واگر زبان آن قوم ندانيد در آن راه كه ميرويد شما را فرشته پيش آيد جامى شراب بر دست نهاده از ان شراب نورانى باز خوريد تا زبان ان قوم بدانيد ودو كس را بشهر أنطاكية فرستاد] وكانوا عبدة أصنام وقال اكثر اهل التفسير أرسل إليهم عيسى اثنين قبل رفعه ولما أمرهما ان يذهبا الى القرية قالا يا نبى الله انا لا نعرف لسان القوم فدعا الله لهما فناما بمكانهما فاستيقظا وقد حملتهما الملائكة والقتهما الى ارض انطاكية فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار الذي ينحت الأصنام وهو صاحب

يس لان الله تعالى ذكره فى سورة يس فى قوله تعالى (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) فسلما عليه فقال من أنتما فاخبراه بانهما من رسل عيسى [آمده ايم تا شما را بر دين حق دعوت كنيم وراه راست وملت پاك شما نماييم كه دين حق توحيد است وعبادت خداى يكتا پير كفت شما را بر راستى اين سخن هيچ معجزه هست كفتند آرى] نحن نشفى المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله وكان للرسل من المعجزة ما للانبياء بدعاى عيسى [پير كفت مرا پسريست ديوانه ويا خود دير كاه تا وى بيمار است ودرد وى علاج اطبا نپذيرد خواهم كه او را به بينيد ايشانرا بخانه برد] فدعوا الله تعالى ومسحا المريض فقام بإذن الله صحيحا قدم نهادى وبر هر دو ديده جا كردى ... بيكنفس دل بيمار را دوا كردى فآمن حبيب وفشا الخبر وشفى على أيديهما خلق كثير وبلغ حديثهما الى الملك واسمه بحناطيس الرومي او انطيخس او شلاحن فطلبهما فاتياه فاستخبر عن حالهما فقالا نحن رسل عيسى ندعوك الى عبادة رب وحده فقال ألنا رب غير الهتنا قالا نعم وهو من او جدك وآلهتك من آمن به دخل الجنة ومن كفر به دخل النار وعذب فيها ابدا فغضب وضربهما وحبسهما فانتهى ذلك الى عيسى فارسل ثالثا وهو شمعون لينصرهما فانه رفع بعده كما قاله البعض فجاء القرية متنكرا اى لم يعرف حاله ورسالته وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا حديثه الى الملك فانس به وكان شمعون يظهر موافقته فى دينه حيث كان يدخل معه على الصنم فيصلى ويتضرع وهو يظن انه من اهل دينه كما قال الشيخ سعدى فى قصة صنم سومنات لما دخل الكنيسة متنكرا وأراد ان يعرف كيفية الحال بتك را يكى بوسه دادم بدست ... كه لعنت برو باد وبر بت پرست بتقليد كافر شدم روز چند ... برهمن شدم در مقالات زند فقال شمعون للملك يوما بلغني انك حبست رجلين دعواك الى اله غير إلهك فهل لك ان تدعوهما فاسمع كلامهما واخاصمهما عنك فدعاهما. وفى بعض الروايات لما جاء شمعون الى انطاكية دخل السجن اولا حتى انتهى الى صاحبيه فقال لهما ألم تعلما انكما لا تطاعان الا بالرفق واللطف چوبينى كه جاهل بكين اندر است ... سلامت بتسليم دين اندر است قال وان مثلكما مثل امرأة لم تلد زمانا من دهرها ثم ولدت غلاما فاسرعت بشأنه فاطعمته الخبز قبل أوانه فغص به فمات فكذلك دعوتكما هذا الملك قبل او ان الدعاء ثم انطلق الى الملك يعنى بعد التقرب اليه استدعاهما للمخاصمة فلما حضرا قال لهما شمعون من أرسلكما قالا الله الذي خلق كل شىء وليس له شريك فقال صفاه واو جزا قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال وما برهانكما على ما تدعيانه قالا ما يتمنى الملك فجيىء بغلام مطموس العينين اى كان لا يتميز موضع عينيه من جبهته فدعوا الله حتى انشق له موضع البصر فاخذا بندقتين من الطين فوضعهما فى حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما فتعجب الملك فقال له شمعون أرأيت لوسألت آلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف قال ليس لى عنك سر مكتوم ان

[سورة يس (36) : الآيات 15 إلى 17]

إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع ثم قال له الملك ان هنا غلاما مات منذ سبعة ايام كان لا بيه ضيعة قد خرج إليها واهله ينتظرون قدومه واستأذنوا فى دفنه فامرتهم ان يؤخروه حتى يحضر أبوه فهل يحييه ربكما فامر بإحضار ذلك الميت فدعوا الله علانية ودعا شمعون سرا فقام الميت حيا بإذن الله [كفت چون جانم از كالبد جدا كشت مرا بهفت وادئ آتش بگذرانيدند از آنكه بكفر مرده ام] وانا أحذركم عما أنتم فيه من الشرك فآمنوا [وكفت اينك درهاى آسمان مى بينم كشاده وعيسى پيغمبر ايستاده زير عرش واز بهر اين ياران شفاعت ميكند وميكويد كه بار خدايا ايشانرا نصرت ده كه ايشان رسولان من اند] حتى أحياني الله وانا اشهد ان لا اله الا الله وان عيسى روح الله وكلمته وان هؤلاء الثلاثة رسل الله قال الملك ومن الثلاثة قال الغلام شمعون وهذان فتعجب الملك فلما رأى شمعون ان قول الغلام قد اثر فى الملك أخبره بالحال وانه رسول المسيح إليهم ونصحه فآمن الملك فقط كما حكاه القشيري خفية على خوف من عتاة ملئه وأصر قومه فرجموا الرسل بالحجارة وقالوا ان كلمتهم واحدة وقتلوا حبيب النجار وأبا الغلام الذي احيى لانه ايضا كان قد آمن ثم ان الله تعالى بعث جبريل فصاح عليهم صيحة فما تواكلهم كما سيجيئ تمام القصة وقال وهب بن منبه وكعب الأحبار بل كفر الملك ايضا وأصروا جميعا هو وقومه على تعذيب الرسل وقتلهم ويؤيده حكاية تماديهم فى اللجاج والعناد وركوبهم متن المكابرة فى الحجاج ولو آمن الملك وبعض قومه كما قال بعضهم لكان الظاهر ان يظاهروا الرسل ويساعدوهم قبلوا فى ذلك او قتلوا كدأب النجار الشهيد ولم ينقل ذلك مع ان الناس على دين ملوكهم لا سيما بعد وضوح البرهان قالُوا اى اهل انطاكية الذين لم يؤمنوا مخاطبين للثلاثة ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ آدمي مِثْلُنا هو من قبيل قصر القلب فالمخاطبون وهم الرسل لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا ولا منكرين لذلك لكنهم نزلوا منزلة المنكرين لاعتقاد الكفار ان الرسول لا يكون بشرا فنزلوهم منزلة المنكرين للبشرية لما اعتقدوا التنافي بين الرسالة والبشرية فقلبوا هذا الحكم وعكسوه وقالوا ما أنتم الا بشر مثلنا اى أنتم مقصورون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التي تدعونها فلا فضل لكم علينا يقتضى اختصاصكم بالرسالة دوننا ولو أرسل الرحمن الى البشر رسلا لجعلهم من جنس أفضل منهم وهم الملائكة على زعمهم وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ من وحي سماوى ومن رسول يبلغه فكيف صرتم رسلا وكيف يجب علينا طاعتكم وهو تتمة الكلام المذكور لانه يستلزم الإنكار ايضا إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم إِلَّا تَكْذِبُونَ فى دعوى رسالته قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ بعلمه الحضوري إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وان كذبتمونا استشهدوا بعلم الله وهو يجرى مجرى القسم فى التوكيد مع ما فيه من تحذيرهم معارضة علم الله وزادوا اللام المؤكدة لما شاهدوا منهم من شدة الإنكار وَما عَلَيْنا اى من جهة ربنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى الا تبليغ رسالته تبليغا ظاهرا مبينا بالآيات الشاهدة بالصحة فانه لا بد للدعوى من البينة وقد خرجنا من عهدته فلا مؤاخذة لنا بعد ذلك من جهة ربنا وليس فى وسعنا اجباركم على الايمان ولا ان نوقع

[سورة يس (36) : الآيات 18 إلى 21]

فى قلوبكم العلم بصدقنا فان آمنتم والا فينزل العذاب عليكم وفيه تعريض لهم بان انكارهم للحق ليس لخفاء حاله وصحته بل هو مبنى على محض العناد والحمية الجاهلية قالُوا لما ضاقت عليهم الحيل ولم يبق لهم علل إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ اصل التطير التفاؤل بالطير فانهم يزعمون ان الطائر السانح سبب للخير والبارح سبب للشر كما سبق فى النمل ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به والمعنى انا تشاءمنا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث كانوا يتيمنون بكل ما يوافق شهواتهم وان كان مستجلبا لكل شر ووبال ويتشاءمون بكل ما لا يوافقها وان كان مستتبعا لسعادة الدارين وقال النقشبندي قد تشاءمنا بقدومكم إذ منذ قدمتم الى ديارنا ما نزل القطر علينا وما أصابنا هذا الشر الا من قبلكم اخرجوا من بيننا وارجعوا الى أوطانكم سالمين وانتهوا عن دعوتكم ولا تتفوهوا بها بعد. وكان عليه السلام يحب التفاؤل ويكره التطير والفرق بينهما ان الفأل انما هو من طريق حسن الظن بالله والتطير انما هو من طريق الاتكال على شىء سواه وفى الخبر لما توجه النبي عليه السلام نحو المدينة لقى بريدة بن اسلم فقال (من أنت يا فتى) قال بريدة فالتفت عليه السلام الى ابى بكر فقال (برد أمرنا وصلح) اى سهل ومنه قوله (الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة) ثم قال عليه السلام (ابن من أنت يافتى) قال ابن اسلم فقال عليه السلام لابى بكر رضى الله عنه (سلمنا من كيدهم) وفى الفقه لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند البعض وفى الحديث (ليس عبد الا سيدخل فى قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل انا عبد الله ما شاء الله لا قوة الا بالله لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله اشهد ان الله على كل شىء قدير ثم يمضى بوجهه) يعنى يمضى مارّا بوجهه اى بجهة وجهه فعدى يمضى بالباء لتضمين معنى المرور قالوا من تطير تطيرا منهيا عنه حتى منعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه كما فى عقد الدر لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا والله لئن لم تمتنعوا عن مقالتكم هذه ولم تسكتوا عنا: وبالفارسية [واگر نه باز ايستيد از دعواى خود] لَنَرْجُمَنَّكُمْ [الرجم: سنكسار كردن] اى لنرمينكم بالحجارة وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ [وبشما رسد از ما عذابى درد نماى] اى لا نكفى برجمكم بحجر او حجرين بل نديم ذلك عليكم الى الموت وهو العذاب الأليم او ليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب مؤلم. وفسر بعضهم الرجم بالشتم فيكون المعنى لا نكتفى بالشتم بل يكون شتمنا مؤديا الى الضرب والإيلام الحسى- حكى- ان دباغا مر بسوق العطارين فغشى عليه وسقط فاجتمع عليه اهل السوق وعالجوه بكل ما يمكن من الأشياء العطرة فلم يفق بل اشتد عليه الحال ولم يدر أحد من اين صار مصروعا ثم اخبر اقرباؤه بذلك فجاء اخوه وفى كمه شىء من نجاسة الكلب فسحقه حتى إذا وصلت رائحته الى شمه أفاق وقام وهكذا حال الكفار كما قال جلال الدين قدس سره فى المثنوى ناصحان او را بعنبر يا كلاب ... مى دوا سازند بهر فتح باب مر خبيثانرا نشايد طيبات ... در خور ولايق نباشد اى ثقات چون ز عطر وحي كم كشتند وكم ... بد فغان شان كه تطيرنا بكم

[سورة يس (36) : آية 19]

رنج وبيماريست ما را زين مقال ... نيست نيكو وعظتان ما را بفال كر بياغازيد نصحى آشكار ... ما كنيم آن دم شما را سنكسار ما بلغو ولهو فربه كشته ايم ... در نصيحت خويش را نسرشته ايم هست قوت ما دروغ ولاف ولاغ ... شورش معده است ما را زين بلاغ هر كرا مشك نصيحت سود نيست ... لا جرم با بوى بد خو كردنيست مشركانرا از ان نجس خواندست حق ... كاندرون پشك زادند از سبق كرم كو زادست در سركين ابد ... مى نكرداند بعنبر خوى خود قالُوا اى المرسلون لاهل انطاكية طائِرُكُمْ اى سبب شؤمكم مَعَكُمْ لا من قبلنا وهو سوء اعتقادكم وقبح أعمالكم فالطائر بمعنى ما يتشاءم به مطلقا أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بهمزتين استفهام وشرط اى وعظتم بما فيه سعادتكم وخوّفتم: وبالفارسية [آيا اگر پند داده مى شويد] وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه اى تطيرتم او توعدتم بالرجم والتعذيب بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ إضراب عما تقتضيه الشرطية من كون التذكير سببا للشؤم او مصححا للتوعد اى ليس الأمر كذلك بل أنتم قوم عادتكم الإسراف فى العصيان والتجاوز فيه عن الحد فلذلك أتاكم الشؤم او فى الظلم والعدوان ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب إكرامه والتبرك به. وهؤلاء القوم فى الحقيقة هم النفس وصفاتها فانها أسرفت فى موافقة الطبع ومخالفة الحق فكل من كان فى يد مثل هذه النفس فهو لا يبالى بالوقوع فى المهالك ولا يزال يدعو الناس الى ما سلكه من شر المسالك هر كرا باشد مزاج وطبع سست ... او نخواهد هيچ كس را تن درست وكل من تخلص عنها وزكاها أفلح هو ومن تبعه ولذا وعظ الأنبياء والأولياء وذكروا ونبهوا الناس على خطاهم وإسرافهم وردوهم عن طريقة أسلافهم ولكن الذكرى انما تنفع المؤمنين- حكى- ان غلام الخليل سعى بالصوفية الى خليفة بغداد وقال انهم زنادقة فاقتلهم ولك ثواب جزيل فاحضرهم الخليفة وفيهم الجنيد والشبلي والنوري فامر بضرب فتقدم ابو الحسين النوري فقال السياف أتدري الى ما تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر أصحابي بحياة ساعة فتحير السياف وانهى الأمر الى الخليفة فتعجب الخليفة ومن عنده من ذلك فامر بان يختبر القاضي حالهم فقال القاضي يخرج الىّ واحد منهم حتى ابحث معه فخرج اليه ابو الحسين النوري فالقى اليه القاضي مسائل فقهية فالتفت عن يمينه ثم التفت عن يساره ثم اطرق ساعة ثم اجابه عن الكل ثم أخذ يقول وبعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد كلاما ابكى القاضي ثم سأله القاضي عن التفاته فقال سألتنى عن المسائل ولا اعلم لها جوابا فسألت عنها صاحب اليمين فقال لا علم لى ثم سألت صاحب الشمال فقال لا علم لى فسألت قلبى فاخبرنى قلبى عن ربى فاجبتك بذلك فارسل القاضي الى الخليفة ان كان هؤلاء زنادقة فليس على وجه الأرض مسلم [خليفه ايشانرا بخواند وكفت حاجتى خواهيد كفتند حاجت ما آنست كه ما را فراموش كنى نه بقبول خود ما را

[سورة يس (36) : آية 20]

مشرف كردانى نه برد مهجور كه ما را رد تو چون قبول تست خليفه بسيار بگريست وايشانرا باكرامى تمام روانه كرد چون در نهاد خليفه وقاضى عدل وانصاف سرشته مى شد لا جرم بجانب حق ميل كردند ودر حق صوفيه محققين طريقه ظلم وإسراف سالك نشدند] عصمنا الله وإياكم من مخالفة الحق الصريح بعد وضوحه بالبرهان الصحيح وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ ابعد جوانب انطاكية: وبالفارسية [وآمد از دورتر جايى از ان شهر] رَجُلٌ فيه اشارة الى رجولية الجائى وجلادته وتنكيره لتعظيم شأنه لا لكونه رجلا منكورا غير معلوم فانه رجل معلوم عند الله تعالى وكان منزله عند أقصى باب فى المدينة وفى مجيئه من أقصى المدينة بيان لكون الرسل أتوا بالبلاغ المبين حتى بلغت دعوتهم الى أقصى المدينة حيث آمن الرجل وكان دور السور اثنى عشر ميلا كما سبق يَسْعى حال كونه يسرع فى مشيه فان السعى المشي السريع وهو دون العدو كما فى المفردات. والمراد حبيب بن مرى النجار المشهور عند العلماء بصاحب يس كما سبق وجهه وفى بعض التواريخ كان من نسل الإسكندر الرومي وانما سمى حبيب النجار لانه كان ينحت أصنامهم يقول الفقير هذا ظاهر على تقدير ان يكون إيمانه على أيدي الرسل وهو الذي عليه الجمهور واما قوله عليه السلام (سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين على بن ابى طالب وصاحب يس ومؤمن آل فرعون) فمعناه انهم لم يسجدوا للصنم ولم يخلوا بما هو من اصول الشرائع ولا يلزم من نحت الأصنام السجدة لها والأظهر انه كان نجارا كما فى التعريف للسهيلى ولا يلزم من كونه نجارا كونه ناحتا للاصنام وقد قالوا انه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة. وكان سبب إيمانه به انه كان من العلماء بكتاب الله ورأى فيه نعته ووقت بعثته فآمن به ولم يؤمن بنبي غيره عليه السلام قبل مبعثه وقد آمن به قبل مبعثه ايضا غير حبيب النجار كما قال السيوطي أول من اظهر التوحيد بمكة وما حولها قس بن ساعدة وفى الحديث (رحم الله قسا انى لارجو يوم القيامة ان يبعث امة وحده) وورقة بن نوفل ابن عم خديجة رضى الله عنها وزيد بن عمرو بن نفيل وكذا آمن به عليه السلام قبل مبعثه واظهر التوحيد تبع الأكبر وقصته انه اجتاز بمدينة الرسول عليه السلام وكان فى ركابه مائة الف وثلاثون الفا من الفرسان ومائة الف وثلاثة عشر الفا من الرجالة فاخبر ان اربعمائة رجل من اتباعه من الحكماء والعلماء تبايعوا ان لا يخرجوا منها فسألهم عن الحكمة فقالوا ان شرف البيت انما هو برجل يخرج يقال له محمد هذه دار إقامته ولا يخرج منها فبنى فيها لكل واحد منهم دارا واشترى له جارية وأعتقها وزوجها منه وأعطاهم عطاء جزيلا وكتب كتابا وختمه ورفعه الى عالم عظيم منهم وامره ان يدفع ذلك الكتاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ان أدركه وفى ذلك الكتاب انه آمن به وعلى دينه وبنى له صلى الله عليه وسلم دارا ينزلها إذا قدم تلك البلدة ويقال انها دار ابى أيوب وانه من ولد ذلك العالم الذي دفع اليه الكتاب فهو عليه السلام لم ينزل الا فى داره ووصل اليه عليه السلام الكتاب المذكور على يد بعض ولد العالم المسطور فى أول البعثة او حين هاجر وهو بين مكة والمدينة ولما قرئ عليه قال (مرحبا بتبع الأخ الصالح) ثلاث مرات وكان إيمانه قبل مبعثه بألف سنة ويقال

[سورة يس (36) : آية 21]

ان الأوس والخزرج من أولاد أولئك العلماء والحكماء. وذكر انه حفر قبر بصنعاء قبل الإسلام فوجد فيه امرأتان لم تبليا وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب هذا قبر فلانة وفلانة ابنتي تبع ماتتا وهما تشهدان ان لا اله الا الله ولا تشركان به وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما وفى الحديث (من مات وهو يعلم لا اله الا الله دخل الجنة) وانما لم يقل من مات وهو يؤمن او يقول ليعلمنا ان كل موحد لله فى الجنة يدخلها من غير شفاعة ولو لم يوصف بالايمان كقس ابن ساعدة واضرابه ممن لا شريعة بين أظهرهم يؤمنون بها وبصاحبها فقس موحد لا مؤمن كما فى الفتوحات المكية [كفتند حبيب نجار خانه داشت در آن كوشه از شهر بدورتر جايى از مردمان وكسب كردى هر روز آنچهـ كسب وى بود يك نيمه بصدقه دادى ويك نيمه بخرج عيال كردى وخدايرا پنهان عبادت كردى وكس از حال وى خبر نداشتى تا آن روز كه رسولان عيسى را رنجانيدند وجفا كردند از ان منزل خويش بشتاب بيامد وايمان خويش آشكارا كرد وكفته اند اهل أنطاكية دارها بردند وآن رسولانرا با چهل تن كه ايمان آورده بودند كلوهاى شان سوراخ كردند ورسنها بگلو در كشيدند واز دار بياويختند خبر بحبيب نجار رسيد كه خدايرا مى پرستيد در غارى چنانكه ابدال در كوه نشينند واز خلق عزلت كيرند بشتاب از منزل خويش بيامد] قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال عند ما جاء ساعيا ووصل الى المجمع ورآهم مجتمعين على الرسل قاصدين قتلهم فقيل قال يا قَوْمِ أصله يا قومى معناه: بالفارسية [اى كروه من] خاطبهم بيا قوم لتأليف قلوبهم واستمالتها نحو قبول نصيحته وللاشارة الى انه لا يريد بهم الا الخير وانه غير متهم بارادة السوء بهم قال بعضهم وكان مشهورا بينهم بالورع واعتدال الأخلاق اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ المبعوثين إليكم بالحق تعرض لعنوان رسالتهم حثالهم على اتباعهم [قتاده كفت چون بيامد نخست رسولانرا بديد كفت شما باين دعوت كه ميكنيد هيچ مزد ميخواهيد كفتند ما هيچ مزد نميخواهيم وجز اعلاى كلمه حق واظهار دين الله مقصود نيست حبيب قوم را بكفت] اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ [نمى خواهند از شما] أَجْراً اجرة ومالا على النصح وتبليغ الرسالة وَهُمْ مُهْتَدُونَ الى خير الدين والدنيا والمهتدى الى طريق الحق الموصل الى هذا الخير إذا لم يكن متهما فى الدعوة يجب اتباعه وان لم يكن رسولا فكيف وهم رسل ومهتدون ومن قال الإيغال هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها تكون الآية عنده مثالا له لان قوله وهم مهتدون مما يتم المعنى بدونه لان الرسول مهتد لا محالة الا ان فيه زيادة حث على اتباع الرسل وترغيب فيه فقوله من لا يسألكم بدل من المرسلين معمول لاتبعوا الاول والثاني تأكيد لفظى للاول قال فى الإرشاد تكرير للتأكيد وللتوسل به الى وصفهم بما يرغبهم فى اتباعهم من التنزه عن الغرض الدنيوي والاهتداء الى خير الدنيا والدين انتهى وفيه ذم للمتشيخة المزوّرين الذين يجمعون بتلبيساتهم أموالا كثيرة من الضعفاء الحمقى المائلين نحو أباطيلهم كما فى التأويلات النقشبندية ره كاروان شير مردان زنند ... ولى جامه مردم إينان كنند

[سورة يس (36) : الآيات 22 إلى 26]

عصاى كليمند بسيار خوار ... بظاهر چنين زرد روى ونزار [چون حبيب آن قوم را نصيحت كرد ايشان كفتند] وأنت مخالف لديننا ومتابع لهؤلاء الرسل فقال وَما لِيَ وأي شىء عرض لى لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي خلقنى وأظهرني من كتم العدل وربانى بانواع اللطف والكرم وقد سبق الفطر فى أول فاطر وهذا تلطف فى الإرشاد بايراده فى معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح حيث أراهم انه اختار لهم ما يختار لنفسه والمراد لنفسه والمراد تقريعهم على ترك عبادة خالقهم الى عبادة غيره كما ينبئ عنه قوله وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ مبالغة فى التهديد اى اليه تعالى لا الى غيره تردون ايها القوم بعد البعثة للمجازاة او للمحاسبة قال فى فتح الرحمن أضاف الفطرة الى نفسه والرجوع إليهم لان الفطرة اثر النعمة وكانت عليه اظهر وفى الرجوع معنى الزجر وكان بهم أليق قال بعض العارفين العبودية ممزوجة بالفطرة والمعرفة فوق الخلقة والفطرة وهذا المعنى مستفاد من قول النبي عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) ولو كانت المعرفة ممزوجة بالفطرة لما قال (وأبواه يهودانه ويمجسانه وينصرانه) بل المعرفة تتعلق بكشف جماله وجلاله صرفا بالبديهة بغير علة واكتساب لقوله (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال بعضهم العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة لا غير وأجل منه من يعمل على رؤية الفاطر ثم عاد على المساق الاول وهو إبراز الكلام فى صورة النصيحة لنفسه فقال أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ اى دون الذي فطرنى وهو الله تعالى آلِهَةً باطلة وهى الأصنام وهو انكار ونفى لاتخاذ الآلهة على الإطلاق اى لا اتخذ ثم استأنف لتعليل النفي فقال إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ يعنى [اگر خواهد رحمن ضررى بمن رسد] والضر اسم لكل سوء ومكروه يتضر ربه لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ اى الآلهة شَيْئاً اى لا تنفعنى شيأ من النفع إذ لا شفاعة لهم فتنفع فنصب شيأ على المصدرية وقوله لا تغن جواب الشرط والجملة الشرطية استئناف لا محل لها من الاعراب وَلا يُنْقِذُونِ الانقاذ التخليص اى لا يخلصوننى من ذينك الضر والمكروه بالنصرة والمظاهرة وهو عطف على لا تغن وعلامة الجزم حذف نون الاعراب لان أصله لا ينقذوننى وهو تعميم بعد تخصيص مبالغة بهما فى عجزهم وانتفاء قدرتهم قال الامام السهيلي ذكروا ان حبيبا كان به داء الجذام فدعا له الحوارى فشفى فلذلك قال ان يردن الرحمن إلخ انتهى وقال بعضهم ان المريض كان ابنه كما سبق الا ان يقال لا مانع من ابتلاء كليهما او ان مرض ابنه فى حكم مرض نفسه فلذا أضاف الضر الى نفسه ويحتمل ان الضر ضر القوم لانه روى شفاء كثير من مرضاهم على يدى الرسل فاضافه حبيب الى نفسه على طريقة ما قبله من الاستمالة وتعريفا للاحسان بهم بطريق اللطف إِنِّي إِذاً اى إذا اتخذت من دونه آلهة لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فان اشراك ما ليس من شأنه النفع ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذي لا قادر غيره ولا خير إلا خيره ضلال بين لا يخفى على أحد ممن له تمييز فى الجملة إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ الذي خلقكم ورباكم بانواع النعم وانما قال آمنت بربكم وما قال آمنت بربي ليعلموا ان ربهم هو الذي يعبده فيعبدوا ربهم ولو قال انى آمنت بربي لعلهم يقولون أنت تعبد ربك ونحن نعبد

[سورة يس (36) : آية 26]

ربنا وهو آلهتهم فَاسْمَعُونِ اجيبونى فى وعظي ونصحى واقبلوا قولى كما يقال سمع الله لمن حمده اى قبله فالخطاب للكفرة شافههم بذلك إظهارا للتصلب فى الدين وعدم المبالاة بالقتل. واضافة الرب الى ضميرهم لتحقيق الحق والتنبيه على بطلان ما هم عليه من اتخاذ الأصنام أربابا كما فى الإرشاد وانما أكده إظهارا لصدوره عنه بكمال الرغبة والنشاط ولما فرغ من نصيحته لهم وثبوا عليه فوطئوه بأرجلهم حتى خرجت امعاؤه من دبره ثم القى فى البئر وهو قول ابن مسعود رضى الله عنه وقال السدى رجموه يعنى [ايشان او را سنك مى زدند تا هلاك شد وهو يقول رب اهد قومى آن دليل است بر كمال وفرط شفقت وى بر خلق اين آنچنان است كه ابو بكر الصديق بنى تيم را كفت آنكه كه او را مى رنجانيدند واز دين حق با دين باطل ميخواندند كفت «اللهم اهد بنى تيم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع من الحق الى الباطل» كمال شفقت ومهربانىء ابو بكر رضى الله عنه بر خلق خدا غرفه بود از بحر نبوت عربى عليه السلام بآن خبر كه كفت (ما صب الله تعالى شيأ فى صدرى الا وصببته فى صدر ابى بكر) وخلق مصطفى عليه السلام با خلق چنان بود كه كافران بقصد وى برخاسته بودند ودندان عزيز وى ميشكستند ونجاست بر مهر نبوت مى انداختند وآن مهتر عالم دست شفقت بر سر ايشان نهاده كه] (اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) : وفى المثنوى طبع را كشتند در حمل بدى ... نا حمولى كر بود هست ايزدى «1» اى مسلمان خود ادب اندر طلب ... نيست الا حمل از هر بي ادب وقال الحسن خرقوا خرقا فى حلق حبيب فعلقوه من وراء سور المدينة وقيل نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه وقيل القى فى البئر وهو الرس وقبره فى سوق انطاكية قيل طوّل معهم الكلام ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل الى ان قال انى آمنت بربكم فاسمعون فوثبوا عليه فقتلوه وباشتغالهم بقتله تخلص الرسل كما فى حواشى ابن الشيخ وكذا قال الكاشفى [وبقولي آنست بسلامت بيرون رفتند وحبيب كشته شد وقولى آنست كه پيغمبران وملك ومؤمنان كشته شدند] كما قال ابو الليث فى تفسيره وقتلوا الرسل الثلاثة چون سفيهانراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا «2» قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قيل له اى لحبيب النجار ذلك لما قتلوه إكراما له بدخولها حينئذ كسائر الشهداء وقيل معناه البشرى بدخول الجنة وانه من أهلها يدخلها بعد البعث لا انه امر بدخولها فى الحال لان الجزاء بعد البعث وانما لم يقل قيل له لان الغرض بيان المقول لا المقول له لظهوره وللمبالغة فى المسارعة الى بيانه والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية حاله ومقاله كأنه قيل كيف كان لبقاء ربه بعد ذلك التصلب فى دينه والتسخى بروحه لوجهه تعالى فقيل قيل ادخل الجنة وكذا قوله تعالى قالَ الى آخره فانه جواب عن سؤال نشأ من حكاية حاله كأنه قيل فماذا قال عند نيله تلك الكرامة السنية فقيل قال متمنيا علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على اكتساب مثله بالتوبة عن الكفر والدخول فى الايمان

_ (1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تحمل كردن از هر بي ادبى إلخ (2) در أوائل دفتر دوم در بيان آمدن دوستان بيمارستان جهة پرسش ذو النون

[سورة يس (36) : الآيات 27 إلى 31]

والطاعة جريا على سنن الأولياء فى كظم الغيظ والترحم على الأعداء وليعلموا انهم كانوا على خفاء عظيم فى امره وانه كان على الحق وان عداوتهم لم تكسبه إلا سعادة يا لَيْتَ قَوْمِي يا فى مثل هذا المقام لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه [اى كاشكى قوم من] يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي ما موصولة اى بالذي غفر لى ربى بسببه ذنوبى او مصدرية اى بمغفرة ربى والباء صلة يعلمون او استفهامية وردت على الأصل وهو ان لا تحذف الالف بدخول الجار والباء متعلقة بغفر اى بأى شىء غفر لى ربى يريد به تفخيم شأن المهاجرة عن ملتهم والمصابرة على اذيتهم لاعزاز الدين حتى قتل وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ اى المنعمين فى الجنة وان كان على النصف إذ تمامه انما يكون بعد تعلق الروح بالجسد يوم القيامة وفى الحديث المرفوع (نصح قومه حيا وميتا) [اگر آن قوم اين كرامت ديدندى ايشان نيز ايمان آوردندى] وهكذا ينبغى للمؤمن ان يكون ناصحا للناس لا يلتفت الى تعصبهم وتمردهم ويستوى حاله فى الرضى والغضب قال حمدون القصار لا يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال ولو سقط عنها فى وقت لسقط فى المشهد الأعلى فى الحضرة ألا تراه فى وقت دخول الجنة يقول يا ليت قومى يعلمون يحدّث نفسه إذ ذاك يقول الفقير وذلك لان حجاب الإمكان الذي هو متعلق بجانب النفس والخلق والكثرة لا يزول ابدا وان كان الانسلاخ التام ممكنا لا كامل البشر عند كمال الشهود فان هذا الانسلاخ لا يخرجهم عن حد الحدوث والإمكان بالكلية والا يلزم ان ينقلب الحادث الممكن واجبا قديما وهو محال قال فى كشف الاسرار [نشان كرامت بنده آنست كه مردوار درآيد وجان ودل وروزكار فداى حق ودين اسلام كند چنانكه حبيب كرد تا از حضرت عزت اين خلعت كرامت بدو رسيد كه (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) دوستان او چون بآن عقبه خطرناك رسند بايشان خطاب آيد (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) باز ايشانرا بشارت دهند كه (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) احمد بن حنبل رحمه الله در نزع بود بدست اشارت مى كرد وبزبان دند نه مى كفت عبد الله پسرش كوش بر دهان او نهاد تا چهـ شنود او در خويشتن مى كفت «لا بعد لا بعد» پسرش كفت اى پدر اين چهـ حالتست كفت اى عبد الله وقتى با خطر است بدعا مددى ده اينك إبليس بر ايستاده وخاك ادبار بر سر مى ريزد وميكويد كه جان ببردى از زخم ما ومن ميكويم «لا بعد» هنوز نه با يك نفس مانده جاى خطر است نه جاى أمن وكار موقوف بعنايت حق. امير المؤمنين على رضى الله عنه كويد يكى را در خاك مى نهادم سه بار روى او بجانب قبله كردم هر بار روى از قبله بگردانيد پس ندايى شنيد كه اى على دست بدار آنكه ما ذليل كرديم تو عزيز نتوانى كرد وكذا العكس در خبر آيد كه بنده مؤمن چون از سراى فانى روى بدان منزل بقا نهد غسال او را بدان تخته چوب خواباند تا بشويد از جناب قدم بنعت كرم خطاب آيد كه اى مقربان دركاه درنكريد چنانكه آن غسال ظاهر او بآب ميشويد ما باطن او بآب رحمت ميشوييم ساكنان حضرت جبروت كويند پادشاها ما را خبر كن تا آنچهـ نورست كه از دهان وى شعله مى زند وكويد از نور جلال ماست كه از باطن وى بر ظاهر تجلى ميكند

[سورة يس (36) : الآيات 28 إلى 29]

حبيب نجار چون بآن مقام دولت رسيد او را كفتند (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) اى در آي درين جاى ناز دوستان وميعاد را ز محبان ومنزل آسايش مشتاقان تا هم طوبى بينى هم زلفى هم حسنى. طوبى عيش بي عتابست. وزلفى ثواب بي حسابست. وحسنى ديدار بي حجابست حبيب چون آن نواخت وكرامت ديد كفت (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) إلخ آرزو كرد كه كاشكى قوم من دانستندى كه ما كجا رسيديم و چهـ ديديم نواخت حق ديديم وبمغفرت الله رسيديم] آنجاى كه ابرار نشستند نشستيم ... صد كونه شراب از كف اقبال چشيديم ما را همه مقصود بخشايش حق بود ... المنة لله كه بمقصود رسيديم تم الجزء الثاني والعشرون الجزء الثالث والعشرون من الاجزاء الثلاثين وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ اى قوم حبيب وهم اهل انطاكية مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد قتله مِنْ جُنْدٍ [عسكر] مِنَ السَّماءِ لاهلاكهم والانتقام منهم كما فعلناه يوم بدر والخندق بل كفينا أمرهم بصيحة ملك وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ وما صح فى حكمتنا ان ننزل لاهلاك قومه جندا من السماء لما انا قدرنا لكل شىء سببا حيث أهلكنا بعض الأمم بالحاصب وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالاغراق وجعلنا إنزال الجند من السماء من خصائصك فى الانتصار من قومك وفى الآية استحقار لاهل انطاكية ولاهلاكهم حيث اكتفى فى استئصالهم بما يتوسل به الى زجر نحو الطيور والوحوش من صيحة عبد واحد مأمور وايماء الى تفخيم شأن الرسول عليه السلام لانه إذا كان ادنى صيحة ملك واحد كافيا فى إهلاك جماعة كثيرة ظهر ان إنزال الجنود من السماء يوم بدر والخندق لم يكن الا تعظيما لشأنه وإجلالا لقدره لا لاحتياج الملائكة الى المظاهرة والمعاونة فانه قيل كما لم ينزل عليهم جندا من السماء لم يرسل إليهم جندا من الأرض ايضا فما فائدة قوله من السماء فالجواب انه ليس للاحتراز بل لبيان ان النازل عليهم من السماء لم يكن الا صيحة واحدة أهلكتهم باسرهم إِنْ كانَتْ اى ما كانت الاخذة او العقوبة على اهل انطاكية إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً [مكر يك فرياد كه جبرائيل هر دو بازي در شهر ايشان كرفته صيحه زد] فَإِذا هُمْ [پس آنجا ايشان] خامِدُونَ ميتون لا يسمع لهم حس ولا يشاهد لهم حركة شبهوا بالنار الخامدة رمزا الى ان الحي كالنار الساطعة فى الحركة والالتهاب والميت كالرماد يقال خمدت النار سكن لهبها ولم ينطفئ جمرها وهمدت إذا طفىء جمرها قال فى الكواشي لم يقل هامدون وان كان ابلغ لبقاء أجسادهم بعد هلاكهم ووقعت الصيحة فى اليوم الثالث من قتل

[سورة يس (36) : آية 30]

حبيب والرسل او فى اليوم الذي قتلوهم فيه. وفى رواية فى الساعة التي عادوا فيها بعد قتلهم الى منازلهم فرحين مستبشرين وانما عجل الله عقوبتهم غضبا لاوليائه الشهداء فانه تعالى يغضب لهم كما يغضب الأسد لجروه نسأل الله ان يحفظنا من موجبات غضبه وسخطه وعذابه يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ المصرين على العناد تعالى فهذه من الأحوال التي حقها ان تحضرى فيها وهى ما دل عليه قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فان المستهزئين بالناصحين الذين نيطت بنصائحهم سعادة الدارين أحقاء بان يتحسروا ويتحسر عليهم المتحسرون وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين فقوله (يا حَسْرَةً) نداء للحسرة عليهم والحسرة وهى أشد الغم والندامة على الشيء الفائت لا تدعى ولا يطلب اقبالها لانها مما لا تجيب والفائدة فى ندائها مجرد تنبيه المخاطب وايقاظه ليتمكن فى ذهنه ان هذه الحالة تقتضى الحسرة وتوجب التلهف فان العرب تقول يا حسرة يا عجبا للمبالغة فى الدلالة على ان هذا زمان الحسرة والتعجب والنداء عندهم يكون لمجرد التنبيه وقد جوز ان يكون تحسرا عليهم من جهة الله بطريق الاستعارة لتعظيم ماجنوه على أنفسهم شبه استعظام الله لجنايتهم على أنفسهم بتحسر الإنسان على غيره لاجل ما فاته من الدولة العظمى من حيث ان ذلك التحسر يستلزم استعظام ما أصاب ذلك الغير والإنكار على ارتكابه والوقوع فيه ويؤيده قراءة يا حسرتا لان المعنى يا حسرتى ونصبها لطولها بما تعلق بها من الجار اى لكونها مشابهة بالمنادى المضاف فى طولها بالجار المتعلق وفى بحر العلوم قوله (ما يَأْتِيهِمْ) إلخ حكاية حال ماضية مستمرة اى كانوا فى الدنيا على الاستمرار يستهزئون بمن يأتيهم من الرسول من غاية الكبر ويستحقرون ويستنكفون عن قبول دينه ودعوته وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه وفى تفسير العيون قوله (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) بيان حال استهزائهم بالرسل اى يقال يوم القيامة يا حسرة وندامة على الكفار حيث لم يؤمنوا برسلهم وقوله (ما يَأْتِيهِمْ الخ) تفسير لسبب الحسرة النازلة بهم وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس فى الدنيا يفتح لهم يوم القيامة باب من أبواب الجنة فيقال لهم هلم هلم فيأتيه أحدهم بكربه وغمه فاذا أتاه اغلق دونه فلا يزال يفعل به ذلك حتى يفتح له الباب فيدعى اليه فلا يجيب من الإياس) وقال مالك بن دينار قرأت فى زبور داود طوبى لمن لم يسلك سبيل الآثمين ولم يجالس الخطائين ولم يدخل فى هزؤ المستهزئين: وفى المثنوى پاره دوزى ميكنى اندر دكان ... زير اين دكان تو مدفون دو كان هست اين دكان كر آيى زود باش ... تيشه بستان وتكش را مى تراش تا كه تيشه ناكهان بر كان نهى ... از دكان و پاره دوزى وارهى پاره دوزى چيست خورد آب ونان ... مى زنى اين پاره بر دلق كران هر زمان مى درد اين دلق تنت ... پاره بر وى مى زنى زين خوردنت پاره بر كن ازين قعر دكان ... تا بر آرد سر به پيش تو دو كان پيش از ان كين مهلت خانه كرى ... آخر آيد تو نبردى زو برى

[سورة يس (36) : آية 31]

پس ترا بيرون كند صاحب دكان ... وين دكانرا بر كند از روى كان تو ز حسرت كاه بر سر مى زنى ... كاه ريش خام خود بر ميكنى كاى دريغا آن من بود اين دكان ... كور بودم بر نخوردم زين مكان اى دريغا بود ما را برد باد ... تا ابد يا حسرة شد للعباد أَلَمْ يَرَوْا وعيد للمشركين فى مكة بمثل عذاب الأمم الماضية ليعتبروا ويرجعوا عن الشرك اى ألم يعلم اهل مكة كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ كم خبرية. والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد اى كثرة إهلاكنا من قبلهم من المذكورين آنفا ومن غيرهم بشؤم تكذيبهم وقوله ألم يروا معلق عن العمل فيما بعده لان كم لا يعمل فيها ما قبلها وان كانت خبرية لان أصلها الاستفهام خلا ان معناه نافذ فى الجملة كما نفذ فى قولك ألم تر ان زيدا لمنطلق وان لم يعمل فى لفظه فالجملة منصوبة المحل بيروا أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ بدل من أهلكنا على المعنى اى ألم يعلموا كثرة إهلاكنا القرون الماضية والأمم السالفة كونهم اى الهالكين غير راجعين إليهم اى الى هؤلاء المشركين اى اهلكوا إهلاكا لا رجوع لهم من بعده فى الدنيا: وبالفارسية [ومشاهده نكردند كه هلاك شدكان سوى إينان بازنمى گردند يعنى بدنيا معاودت نمى كنند] أفلا يعتبرون ولم لا ينتبهون فكما انهم مضوا وانقرضوا الى حيث لم يعودوا الى ما كانوا فكذلك هؤلاء سيهلكون وينقرضون اثرهم ثم لا يعودون وقال بعضهم ألم يروا ان خروجهم من الدنيا ليس كخروج أحدهم من منزله الى السوق او الى بلد آخر ثم عودته الى منزله عند إتمام مصلحته هناك بل هو مفارق من الدنيا ابدا فكونهم غير راجعين إليهم عبارة عن هلاكهم بالكلية ويجوز ان يكون المعنى ان الباقين لا يرجعون الى المهلكين بسبب الولادة وقطعنا نسلهم وأهلكناهم كما فى التفسير الكبير [سلمان فارسى رضى الله عنه هر كاه كه بخرابى بر كذشتى توقف كردى دل بدادند ومال ورفتكان آن منزل ياد كردى كفتى كجايند ايشان كه اين بنا نهادند واين مسكن ساختند وبزارى بناليدى وجان بر در باختند تا آن غرفها بياراستند چون دلبران نهادند و چون كل بشكفتند برك بريختند ودر كل خفتند] سل الطارم العالي الذرى عن قطينه ... نجا ما نجا من بؤس عيش ولينه فلما استوى فى الملك واستعبد العدى ... رسول المنايا تله لجبينه وهذه الآية ترد قول اهل الرجعة اى من يزعم ان من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت كما حكى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قيل له ان قوما يزعمون ان عليا رضى الله عنه مبعوث قبل يوم القيامة فقال بئس القوم نحن إذا نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه اى لو كان راجعا لكان حيا والحي لا تنكح نساؤه ولا يقسم ميراثه كما قال الفقهاء إذا بلغ الى المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شىء من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن لا يقربها حتى تنقضى عدتها من النكاح الثاني. ويجب إكفار الروافض فى قولهم بان عليا وأصحابه يرجعون

[سورة يس (36) : الآيات 32 إلى 35]

الى الدنيا فينتقمون من أعدائهم ويملأون الأرض قسطا كما ملئت جورا وذلك القول مخالف للنص نعم ان روحانية على رضى الله عنه من وزراء المهدى فى آخر الزمان على ما عليه اهل الحقائق ولا يلزم من ذلك محذور قطعا لان الأرواح تعين الأرواح والأجسام فى كل وقت وحال فاعرف هذا وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ ان نافية وتنوين كل عوض عن المضاف اليه. ولما بمعنى الا. وجميع فعيل بمعنى مفعول جمع بين كل وجميع لان الكل يفيد الإحاطة دون الاجتماع والجميع يفيد ان المحشر يجمعهم. ولدينا بمعنى عندنا ظرف لجميع او لما بعده. والمعنى ما كل الخلائق الا مجموعين عندنا محضرون للحساب والجزاء وهذه الآية بيان لرجوع الكل الى المحشر بعد بيان عدم الرجوع الى الدنيا وان من مات ترك على حاله ولو لم يكن بعد الموت بعث وجمع وحبس وعقاب وحساب لكان الموت راحة للميت ولكنه يبعث ويسأل فيكرم المؤمن والمخلص والصالح والعادل ويهان الكافر والمنافق والمرائى والفاسق والظالم فيفرح من يفرح ويتحسر من يتحسر فللعباد موضع التحسر ان لم يتحسروا اليوم واعلم انه غلبت على اهل زماننا مخالفة اهل الحق ومعاداة اولياء الله واستهزاؤهم ألا ترون انهم يستمعون القول من المحققين فيتبعون اقبحه ويقعون فى اولياء الله ويستهزئون بهم وبكلماتهم المستحسنة الا من يشاء الله به خيرا من اهل النظر وارباب الارادة وقليل ما هم فكما ان الله تعالى هدد كفار الشريعة فى هذا المقام من طريق العبارة كذلك هدد كفار الحقيقة من طريق الاشارة فانه لم يفت منهم أحد ولم ينفلت من قبضة القدرة الى يومنا هذا ولم يكن لواحد منهم عون ولا مدد وكلهم رجعوا اليه واحضروا لديه وعوتبوا بل عوقبوا على ما هم عليه ثم اعلم ان الله تعالى جعل هذه الامة آخر الأمم فضلا منه وكرما ليعتبروا بالماضين وما جعلهم عبرة لامة اخرى وانه تعالى قد شكا لهم من كل امة وما شكا الى أحد من غيرهم شكايتهم الا ما شكا الى نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج كما قال عليه السلام (شكا ربى من أمتي شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والربعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العز من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون ان يوفعوا أنفسهم فيها) فغان از بديها كه در نفس ماست ... نه فعل نكو هست نه كفتار راست دو خواهنده بودن بمحشر فريق ... ندانم كدامين دهندم طريق خدايا دو چشمم ز باطل بدوز ... بنورم كه فردا بنارت مسوز وَآيَةٌ علامة عظيمة ودلالة واضحة على البعث والجمع والإحضار وهو خبر مقدم للاهتمام به وقوله لَهُمُ اى لاهل مكة اما متعلق بآية لانها بمعنى العلامة او بمضمر هو صفة لها والمبتدأ قوله الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ اليابسة الجامدة: وبالفارسية [خشك وبي كياه] أَحْيَيْناها استئناف مبين لكيفية كون الأرض الميتة آية كأن قائلا قال كيف تكون آية

[سورة يس (36) : آية 34]

فقال أحييناها والاحياء فى الحقيقة إعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة والمعنى هاهنا هيجنا القوى النامية فيها وأحدثنا نضارتها بانواع النباتات فى وقت الربيع بانزال الماء من بحر الحياة وكذلك النشور فانا نحيى الأبدان البالية المتلاشية فى الأجداث بانزال ورشحات من بحر الجود فنعيدهم احياء كما ابدعناهم اولا من العدم وَأَخْرَجْنا مِنْها اى من الأرض حَبًّا الحب الذي يطحن والبزر الذي يعصر منه الدهن وهو جمع حبة والمراد جنس الحبوب التي تصلح قواما للناس من الارز والذرة والحنطة وغيرها فَمِنْهُ اى فمن الحب يَأْكُلُونَ تقديم الصلة ليس لحصر جنس المأكول فى الحب حتى يلزم ان لا يؤكل غيره بل هو لحصر معظم المأكول فيه فان الحب معظم ما يؤكل ويعاش به ومنه صلاح الانس حتى إذا قلّ قلّ الصلاح وكثر الضر والصياح وإذا فقد فقد النجاح باختلال الأشباح والأرواح ولامر ما قال عليه السلام (أكرموا الخبز فان الله أكرمه فمن أكرم الخبز أكرمه الله) وقال عليه السلام (أكرموا الخبز فان الله سخر له بركات السموات والأرض والحديد والبقر وابن آدم ولا تسندوا القصعة بالخبز فانه ما اهانه قوم الا ابتلاهم الله بالجوع) وقال عليه السلام (اللهم متعنا بالإسلام وبالخبز فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا حججنا ولا غزونا وارزقنا الخبز والحنطة) كما فى بحر العلوم قال فى شرعة الإسلام ويكرم الخبز بأقصى ما يمكن فانه يعمل فى كل لقمة يأكلها الإنسان من الخبز ثلاثمائة وستون صانعا أولهم ميكائيل الذي يكيل الماء من خزانة الرحمة ثم الملائكة التي تزجر السحاب والشمس والقمر والافلاك وملائكة الهواء ودواب الأرض وآخرهم الخباز: قال الشيخ سعدى قدس سره ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى ومن إكرام الخبز ان يلتقط الكسرة من الأرض وان قلت فيأكلها تعظيما لنعمة الله تعالى وفى الحديث (من أكل ما يسقط من المائدة عاش فى وسعة وعوفى فى ولده وولد ولده من الحمق) ويقال ان التقاط الفتات مهور الحور العين ولا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها الا ما يؤكل به من الادام. ويكره مسح الأصابع والسكين بالخبز الا إذا أكله بعده وكذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوى. وكذا يكره أكل وجه الخبز او جوفه ورمى باقيه لما فى كل ذلك من الاستخفاف بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا فى شرح النقاية والعوارف- وذكر- ان الارز خلق من عرق النبي عليه السلام. زعم بعضهم ان اهل الهند لما منعوا من إخراجه الى الروم أطعموه البط ثم ذبحوه فاخرجوه خيفة منهم بهذه الحيلة قال بعض الكبار من لم يأكل الارز بهذا الزعم فليأكل السم وَجَعَلْنا فِيها وخلقنا فى الأرض جَنَّاتٍ بساتين مملوءة مِنْ نَخِيلٍ جمع نخلة وَأَعْنابٍ جمع عنب اى من انواع النخل والعنب ولذلك جمعا دون الحب فان الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع فان قلت لم ذكر النخيل دون التمور حتى يطابق الحب والأعناب فى كونها مأكولة لان التمور والحب والأعناب كلها مأكولة دون النخيل قلت لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع

وذلك لانها أول شجرة استقرت على وجه الأرض وهى عمتنا لانها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام وهى تشبه الإنسان من حيث استقامة قدّها وطولها وامتياز ذكرها من بين النبات واختصاصها باللقاح ورائحة طلعها كرائحة المنى ولطلعها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها ولو قطع رأسها ماتت كما قالوا اقرب الجماد الى النبات المرجان لانه ينبت فى البحر كالنبات ويكون له أغصان واقرب النبات الى الحيوان النخل لانها تموت بقطع رأسها ولا تثمر بدون اللقاح كما ذكر واقرب الحيوان الى الإنسان الفرس: يعنى [از حيثيت شعور وزيركى] ويرى المنامات كبنى آدم ولو أصاب جمار النخلة آفة هلكت والجمار من النخلة كالمخ من الإنسان وإذا تقارب ذكورها وإناثها حملت حملا كثيرا لانها تستأنس بالمجاورة وإذا كانت ذكورها بين إناثها القحتها بالريح وربما قطع الفها من الذكور فلا تحمل لفراقه ويعرض لها العشق وهو ان تميل الى نخلة اخرى ويخف حملها وتهزل وعلاجه ان يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعه ومن خواص النخلة ان مضغ خوصها يقطع رائحة الثوم وكذا رائحة الخمر واما العنب فقد جاء فى بعض الكتب المنزلة أتكفرون بي وانا خالق العنب وله خواص كثيرة وكذا الزبيب روى انه اهدى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبيب فقال (بسم الله كلوا نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويرضى الرب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفى اللون) وماء الكرم الذي يتقاطر من قضبانها بعد كسحها ينفع للجرب شربا ويجمع ويسقى للمشغوف بالخمر بعد شرب الخمر من غير علمه فيبغض الخمر قطعا وأول من استخرج الخمر جمشيد الملك فانه توجه مرة الى الصيد فرأى فى بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فامر بحملها حتى يجرّ بها ويطعم العنب لمن يستحق القتل فحملوه فتكسرت حباته فعصروها وجعلوا ماءها فى ظرف فما عاد الملك الى قصره إلا وقد تخمر العصير فاحضر رجلا وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة ونام نومة ثقيلة ثم انتبه وقال اسقوني منه فسقوه ايضا مرارا فلم يحدث فيه الا السرور والطرب فسقوا غيره وغيره فذكروا انهم انبسطوا بعد ما شربوه ووجدوا سرورا وطربا فشرب الملك فاعجبه ثم امر بغرسه فى سائر البلاد وكانت الخمر حلالا فى الأمم السالفة فحرمها الله تعالى علينا لانها مفتاح لكل شر وجالبة لكل سوء وضرّ ومميتة للقلب ومسخطة للرب وفى الحديث (خير خلكم خل خمركم) وذلك لان انقلاب الخمر الى الخل مرضاة للرب وفيه خواص كثيرة واكثر الناس السعال والتنحنح فى مجلس معاوية فامر بشرب خل الخمر والخل ورد فيه (نعم الادام) وقد تعيش به كثير من السلف الكرام نسأل لله القناعة على الدوام وَفَجَّرْنا الفجر شق الشيء شقا واسعا كما فى المفردات قال بعضهم التفجير كالتفتيح لفظا ومعنى وبناء التفعيل للتكثير: والمعنى بالفارسية [در كشاديم وروانه كرديم] فِيها اى فى الأرض مِنَ الْعُيُونِ جمع عين وهى فى الأصل الجارحة ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء منها ومن عين الماء اشتق ماء معين اى ظاهر للعيون ومعنى من العيون من ماء العيون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه او العيون

[سورة يس (36) : آية 35]

ومن مزيدة على رأى الأخفش واعلم ان تفجير الأنهار والعيون فى البلاد رحمة من الله تعالى على العباد إذ حياة كل شىء من الماء وللبساتين منه النضارة والنماء. والعيون اما جارية واما غير جارية والجارية غير الأنهار إذ هى اكثر وأوسع من العيون ومنبعها غير معلوم غالبا كالنيل المبارك حيث لم يوجد رأسه وغير الجارية هى الآبار. وفى الدنيا عيون وآبار كثيرة وفى بعضها خواص زائدة كعين شبرم وهى بين أصفهان وشيراز وهى من عجائب الدنيا وذلك ان الجراد إذا وقعت بأرض يحمل إليها من ذلك العين ماء فى ظرف او غيره فيتبع ذلك الماء طيور سود تسمى السمر مر ويقال له السوادية بحيث ان حامل الماء لا يضعه الى الأرض ولا يلتفت وراءه فتبقى تلك الطيور على رأس حامل الماء فى الجو كالسحابة السوداء الى ان يصل الى الأرض التي بها الجراد فتصيح الطير عليها فتقتلها فلا يرى شىء من الجراد متحركا بل يموت من أصوات تلك الطيور يقول الفقير فى حد الروم ايضا عين يقال لها ماء الجراد وهى مشهورة فى جميع البلاد الرومية ينقل ماؤها من بلدة الى بلدة لقتل الجراد إذا استولت وقد حصلت تلك الخاصية لها بنفس من أنفاس بعض الأولياء وان كان التأثير فى كل شىء من الله تعالى ولهذا نظائر منها ان فى قبر ابراهيم بن أدهم قدس سره ثقبة إذا قصد ظالم بسوء البلدة التي فيها ذلك القبر المنيف يخرج من تلك الثقبة نحل وزنابير تلسعه ومن يتبعه فيتفرقون: وفى المثنوى أوليا را هست قوت از آله ... تير جسته باز كرداند ز راه نسأل الله العصمة والتوفيق والشرب من عين التحقيق لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ متعلق بجعلنا وتأخيره عن تفجير العيون لانه من مبادى الأثمار اى وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ورتبنا مبادى أثمارها ليأكلوا من ثمر ما ذكر من الجنات والنخيل ويواظبوا على الشكر أداء لحقوقنا ففيه اجراء الضمير مجرى اسم الاشارة وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ عطف على ثمره وأيديهم كناية عن القوة لان أقوى جوارح الإنسان فى العمل يده فصار ذكر اليد غالبا فى الكناية ومثله ذلك بما قدمت ايديكم وفى كلام العجم [بدست خويش كردم بخويشتن] وأنت لا تنوى اليد بعينها كما فى كشف الاسرار والمعنى وليأكلوا من الذي عملته أيديهم وهو ما يتخذ منه من العصير والدبس ونحوهما وقيل ما نافية والمعنى ان الثمر بخلق الله تعالى لا بفعلهم ومحل الجملة النصب على الحالية ويؤكد الاول قراءة عملت بلا هاء فان حذف العائد من الصلة احسن من الحذف من غيرها أَفَلا يَشْكُرُونَ انكار واستقباح لعدم شكرهم النعم المعدودة والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى يرون هذه النعم او يتنعمون بها فلا يشكرونها بالتوحيد والتقديس والتحميد [صاحب بحر الحقائق فرموده كه معنىء آيت بزبان اهل اشارت آنست كه زمين دلرا زنده كرديم بباران عنايت وبيرون آورديم از آن حب طاعت تا أرواح از آن غذا مى يابند وساختيم بوستانها از نخيل اذكار وأعناب أشواق وعيون حكمت در وى روان كرديم تا از اثمار مكاشفات ومشاهدات تمتع مى كيرند از نتايج اعمال كه كرده اند از صدقات وخيرات آيا سپاس دارى نميكنند يعنى سپاس نمى بايد داشت برين نعم ظاهره وباطنه تا موجب مزيد آن شود كه] (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)

[سورة يس (36) : الآيات 36 إلى 40]

كر شكر كنى زياده كردد نعمت ... وز دل ببرد دغدغه بيش وكمت پس زود بسر منزل مقصود رسى ... از منهج شكر آگه نلغزد قدمت سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها سبحان علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا اى اعتقاد البعد عنه والحكم به فان العلم كما يكون علما للاشخاص كزيد وعمرو وللاجناس كاسامة يكون للمعانى ايضا لكن علم الأعيان لا يضاف وهذا لا يجوز بغير اضافة كما فى الآية أقيم مقام المصدر وبين مفعوله بإضافته اليه والمراد بالأزواج الأصناف والأنواع جمع زوج بالفارسية [جفت] خلاف الفرد ويقال للانواع ازواج لان كل نوع زوج بقسميه. وفى سبحان استعظام ما ذكر فى حيز الصلة من بدائع آثار قدرته وروائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجب من إخلال الكفرة بذلك والحالة هذه فان التنزيه لا ينافى التعجب. والمعنى اسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه اى انزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقا بشأنه فهو حكم منه تعالى بتنزهه وبراءته عن كل ما لا يليق به كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران أريد به التنزه التام والتباعد الكلى عن السوء على ان تكون الجملة اخبار من الله بالتنزه والمعنى تنزه تعالى بذاته عن كل لا ما يليق به تنزها خاصا ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز ان يشرك به ما لا يخلق شيأ بل هو مخلوق عاجز قال ابن الشيخ والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالأركان معهما جميعا وهو العمل الصالح والاول هو الأصل والثاني ثمرة الاول والثالث ثمرة الثاني وذلك لان الإنسان إذا اعتقد شيأ ظهر من قلبه على لسانه وإذا قال ظهر صدقه فى مقاله من افعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والأركان ترجمان اللسان مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ بيان للازواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ اى خلق الأزواج من أنفسهم اى الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ اى والأزواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الإحاطة بها ولما انه لم يتعلق بها شىء من مصالحهم الدينية والدنيوية قال القرطبي اى من اصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والأرض ثم يجوز ان يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز ان لا يعلمه مخلوق يقال دواب البحر والبر الف صنف لا يعلم الناس أكثرها قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الأشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام (اربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع إبليس وثواب اهل الجنة وعقاب اهل النار) ومنه الروح فانه ما بلغنا ان الله تعالى اطلع أحدا على حقيقة الروح وفى الآية اشارة الى انه ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا إذ الفردية من أخص أوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكي رحمه الله خلق الأزواج كلها ثم قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ليستدل بذلك ان خالق الأشياء منزه عن الزوج والى ان فى كل شىء دليلا على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته قال فى كشف الاسرار [هر يكى بر هستى الله كواه وبر يكانكىء وى نشان نه كواهى دهنده را خرد نه نشان دهنده را زبان]

[سورة يس (36) : آية 37]

وفى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد قال فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة [وقتى پادشاهى بود او را بكفر وزندقه ميلى بود وزيري داشت عاقل ومسلمان خواست كه پادشاهرا از ان بازآورد وعادت وزير آنچنان بود كه هر سال پادشاهرا يكبار ضيافت كردى چون وقت ضيافت در رسيد پادشاهرا دعوت كرد بزمين شورستان كفت آنجاى چهـ جاى ميزبانيست وزير گفت آنجا بوستانهاى خوش وانهار دلكش روان وعمارتهاى گران ظاهر شده است بي آنكه كسى مباشرت وأقدام نموده پادشاه چون اين سخن دور از عقل شنيد بخنديد وگفت در عقل چهـ گونه گنجد كه بنا بى بنا كننده ظاهر شود وزير كفت ظاهر شدن عالم علوى وسفليست با چندين عجائب وغرائب بي آفريدگارى چهـ كونه معقول بود پادشاهرا اين سخن عظيم خوش آمد واو را سعادت وهدايت روى نمود] چشمها وكوشها را بسته اند ... جز مرا آنها كه از خود رسته اند «1» جز عنايت كى كشايد چشم را ... جز محبت كى نشاند خشم را چون كريزم زانكه بي تو زنده نيست ... بي خداونديت بود بنده نيست «2» توبه بي توفيقت اى نور بلند ... چيست جز بدريش توبه ريش خند نسأل الله الوقوف على أسراره والاستتارة بانوار آثاره انه الظاهر فى المجالى بحسن أسمائه وصفاته والباطن بحقائق كمالاته فى غيب ذاته وَآيَةٌ لَهُمُ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو مبتدأ خبره قوله اللَّيْلُ المظلم كأنه قيل كيف كان آية فقيل نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ المضيء اى نزيل النهار ونكشفه على مكان الليل ونلقى ظله بحيث لا يبقى معه شىء من ضوئه الذي هو شعاع الشمس فى الهواء مستعار من السلخ وهى ازالة ما بين الحيوان وجلده من الاتصال وان غلب فى الاستعمال تعليقه بالجلد يقال سلخت الإهاب بمعنى أخرجتها عنه فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ داخلون فى الظلام مفاجأة فان إذا للمفاجأة اى ليس لهم بعد ذلك امر سوى الدخول فيه وفيه رمز الى ان الأصل هو الظلمة والنور عارض متداخل فى الهواء فاذا خرج منه اظلم فعلى هذا المعنى كان الواقع عقيب اذهاب الضوء عن مواضع ظلمة الليل هو ظهور الظلمة كما كان الواقع عقيب سلخ الإهاب هو ظهور المسلوخ واما على معنى الإخراج فالواقع بعده وان كان هو الابصار دون الاظلام والمقام مقام ان يقال فاذا هم مبصرون لكن لما كان الليل زمان ترح وألم وعدم أبصار والنهار وقت فرح وسرور وأبصار جعل الليل كأنه يفاجئهم عقيب إخراج النهار من الليل بلا مهلة إذ زمان السرور ليس فيه مهلة حكما وان كان ممتدا بخلاف زمان الغم فانه كان فيه المهلة وان كان قصيرا كما قيل سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة وقيل ويوم لا أراك كألف شهر ... وشهر لا أراك كالف عام قال الحافظ آندم كه با تو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بي تو باشم يكلحظه هست سالى محن الزمان كثيرة لا تنقضى ... وسروره يأتيك كالاعياد

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان تمنى كردن هاروت وماروت آمدن بزمين را [.....] (2) در أوائل دفتر ششم در بيان حواله كردن مرغ كرفتارى خود را إلخ

[سورة يس (36) : آية 38]

وفى الخبر عن سلمان رضى الله عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فاذا حان وقته أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت إليها الشمس وجبت اى سقطت فى اسرع من طرفة العين وقد أمرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى الملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجىء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد أمرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار وقد نشر النور من تحت حناحى الملك فلنور النهار ملك موكل ولظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار ذكره السيوطي فى كتاب الهيئة السنية قال فى كشف الاسرار [بزركى را پرسيدند كه شب فاضلتر يا روز جواب داد كه شب فاضلتر كه در همه شب آسايش وراحت بود والراحة من الجنة ودر روز همه رنج ودشوارى بود اندر طلب معاش والمشقة من النار] يقول الفقير فكون النهار زمان سرور بالنسبة الى العامة ايضا إذا كانت ليلة الإفطار فان للصائم فرحة عند ذلك كما ورد فى الحديث [وبزركى كفت شب حظ مخلصانست كه عبادت بإخلاص كنند ريا دران نه وروز حظ مرائيانست كه عبادت بر پاكنند اخلاص دران نه وحي آمد ببعض انبيا كه] كذب من ادعى محبتى إذا جنه الليل نام عنى أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها انا مطلع عليكم اسمع وارى وفى التأويلات النجمية (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) البشرية (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) الروحانية (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) بظلمة الخلقية فان الله خلق الخلق بظلمة ثم رش عليهم من نوره وَالشَّمْسُ معطوف على الليل اى وآية لهم الشمس المضيئة المشرقة على صحائف الكائنات كاشراق نور الوجود المطلق الفائض على هياكل الموجودات حسب التجليات الالهية كأنه قيل كيف كانت آية فقيل تَجْرِي او حال كونها جارية وسائرة لِمُسْتَقَرٍّ لَها فيه وجوه الاول ان اللام فى لمستقر للتعليل والمستقر اسم مكان اى تجرى لبلوغ مستقر وحد معين ينتهى اليه دورها فى آخر السنة فشبه بمستقر المسافر إذا قطع سيره والثاني ان اللام بمعنى الى والمستقر كبد السماء اى وسطها والمعنى تجرى الى ان تبلغ الى وسط السماء وتستقر فيه شبه بطؤ حركتها فيه بالوقفة والاستقرار والا فلا استقرار لها حقيقة كما قال فى المفردات الزوال يقال فى شىء قد كان ثابتا ومعلوم ان لاثبات للشمس فكيف يقال زوال الشمس فالجواب قالوه لاعتقادهم فى الظهيرة ان لها ثباتا فى كبد السماء وكما قال فى شرح التقويم فان قلت لم سميت السيارة بها وليست السموات بساكنة قلت لسرعة حركتها بالنسبة الى حركة الكواكب الباقية فان حركتها فى غاية البطء ولذلك تسمى ثوابت والثالث ان اللام لام العاقبة والمستقر مصدر ميمى اى تجرى بحيث يترتب على جريها استقرارها فى كل برج من البروج الاثني عشر على نهج مخصوص بان تستقر فى كل برج شهرا ويأخذ الليل من النهار فى نصف الحول والنهار من الليل فى النصف الآخر منه وتبلغ نهاية ارتفاعها فى الصيف ونهاية انحطاطها فى الشتاء ويترتب عليه اختلاف الفصول الاربعة وتهيئة اسباب معاش الأرضيات وتربيتها والرابع ان المعنى المنتهى مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فان لها فى دورها ثلاثمائة وستين

مشرقا ومغربا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود إليها الى العام القابل فالمستقر اسم زمان اى تجرى الى زمان استقرارها وانقطاع حركتها عند خراب العالم أو إلى وقت قرارها وتغير حالها بالطلوع من مغربها كما قال أبو ذر رضى الله عنه دخلت المسجد ورسول الله عليه السلام جالس فلما غابت الشمس قال عليه السلام (يا أبا ذر أتدري اين تذهب هذه الشمس) فقلت الله ورسوله اعلم فقال (تذهب تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك ان تسجد ولا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجرى لمستقر لها) وفهم من الحديث ان المستقر ايضا تحت العرش والمراد بالسجدة الانقياد ويجوز ان تكون على حقيقتها فان الله تعالى قادر على ان يخلق فيها حياة وإدراكا يصح معهما سجدتها كما سبق نظائرها قال بعض العارفين تسجد بروحها عند العرش كما تسجد الروح عند النوم إذا باتت على طهارة قال امام الحرمين وغيره من الفضلاء لا خلاف ان الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند قوم آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويين ابدا والأرض مدورة مسيرة خمسمائة عام كأنها نصف كرة مدورة فيكون وسطها ارفع ولذلك سموا الجزيرة التي هى وسط الأرض كلها المستوي فيها الليل والنهار قبة الأرض وحول الأرض البحر الأعظم المحيط فيه ماء غليظ منتن لا تجرى فيه المراكب وحول هذا البحر جبل قاف خلق من زمرد اخضر وسماء الدنيا مقبية عليه ومنه خضرتها وسئل الشيخ ابو حامد رضى الله عنه عن بلاد بلغار كيف يصلون لان الشمس لا تغرب عندهم الا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم والأصح عند اكثر الفقهاء انهم يقدرون الليل والنهار ويعتبرون بحسب الساعات كما قال عليه السلام فى حق الدجال (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة فيقدر الصلاة والصيام فى زمنه) ذلِكَ الجري البديع المنطوى على الحكم العجيبة التي تتحير فى فهمها العقول والافهام تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الغالب بقدرته على كل مقدور الْعَلِيمِ المحيط علمه بكل معلوم قال فى المفردات التقدير تبيين كمية الشيء وتقدير الله الأشياء على وجهين أحدهما بإعطاء القدرة. والثاني ان يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضته الحكمة وذلك ان فعل الله ضربان ضرب أوجده بالفعل ومعنى إيجاده بالفعل إظهاره. وضرب أجراه بالقوة وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه كتقديره فى النواة ان ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون وتقدير منى الآدمي ان يكون منه الإنسان دون سائر الحيوانات فتقدير الله على وجهين. أحدهما بالحكم منه ان يكون كذا ولا يكون كذا اما على سبيل الوجوب واما على سبيل الإمكان. والثاني بإعطاء القدرة عليه وفى الآية اشارة الى شمس نور الله فانها (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) وهو قلب استقر فيه رشاش نور الله (ذلِكَ) المستقر (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الذي لا يهتدى اليه أحد الا به (الْعَلِيمِ) الذي يعلم حيث يجعل رسالته فليس كل قلب مستقرا لذلك النور فلا بد من التهيئة والتصقيل الى ان يتلطف ويزول منه كل ثقيل مما يتعلق بظلمات الكون والفساد

[سورة يس (36) : آية 39]

كوهر أنوار را دلهاى پاك آمد صدف وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ بالنصب بإضمار فعل يفسره الظاهر كما فى زيدا ضربته اى وقدرنا القمر قدرناه اى قدرنا له وعينا مَنازِلَ وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثني عشر برجا كما استوفينا الكلام عليها فى أوائل سورة يونس ينزل القمر كل ليلة فى واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين او ليلة ان كان تسعة وعشرين وقد صام عليه السلام ثمانية او تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقي ثلاثين وقد قال عليه السلام (شهرا العيد لا ينقصان) اى حكمهما إذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما إذا كانا ثلاثين فى الفضل وقد صح ان دور هذه الامة هو الدور القمري العربي الذي حسابه مبنى على الشهر لا الدور الشمسى الذي مبنى حسابه على الأيام حَتَّى عادَ [تا عود كرد ماه] وقال ابن الشيخ حتى صار القمر فى آخر الشهر وأول الشهر الثاني فى دقته واستقواسه واصفراره كَالْعُرْجُونِ فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج وهو عود العذق ما بين شماريخه الى منبته من النخلة. والعذق بالكسر فى النخل بمنزلة العنقود فى الكرم بالفارسية [خوشه خرما] . والشماريخ جمع شمراخ او شمروخ ما عليه البسر من العيدان الْقَدِيمِ العتيق فاذا قدم وعتق دق وتقوس واصفر شبه به القمر فى آخر الشهر فى هذه الوجوه الثلاثة اى فى عين الناظر وان كان فى الحقيقة عظيما بنفسه فالقديم ما تقادم عهده بحكم العادة ولا يشترط فى اطلاق لفظ القديم عليه مدة بعينها إذ يقال لبعض الأشياء قديم وان لم يمض عليه حول وقيل اقل هذا القديم الحول فمن حلف كل مملوك قديم لى فهو حر عتق من مضى عليه الحول قال فى كشف الاسرار [از روى حكمت كفته اند كه زيادت ونقصان ماه از آنست كه در ابتداى آفرينش نور او بر كمال بود بخود نظرى كرد عجبى در وى پيدا شد رب العزة جبريل را فرمود تا پر خويش بر روى ماه زد وآن نور از وى بستاد ابن عباس رضى الله عنهما كفت آن خطها كه بر روى ماه مى بينيد نشان پر جبرائيل است نور از وى بست اما نقش بر جاى بماند ونقش كلمه توحيد است بر پيشانى ماه نبشت «لا اله الا الله محمد رسول الله» يا خود حروفى كه از ان اسم جميل حاصل ميشود چون نور از ماه بستدند او را از خدمت دركاه منع كردند ماه از فرشتكان مدد خواست تا از بهر وى شفاعت كردند كفتند بار خدايا ماه در خدمت دركاه عزت خوى كرده هيچ روى آن دارد كه بيكباركى او را مهجور كنى رب العزه شفاعت ايشان قبول كرد واو را دستورى داد تا هر ماهى بيكبار سجود كند در شب چارده اكنون هر شب كه برآيد وبوقت خدمت نزديكتر مى كردد نور وى مى افزايد تا شب چهارده كه وقت سجود بود نورش بكمال رسد باز چون از چهارده دركذرد هر شب در نور وى نقصان مى آيد از بساط خدمت دورتر مى كردد] وقيل شبيه الشمس عبد يكون ابدا فى ضياء معرفته وهو صاحب تمكين غير متلون أشرقت شمس معرفته من بروج سعادته دائما لا يأخذه كسوف ولا يستره حجاب. وشبيه القمر عبد تكون أحواله فى التنقل وهو صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه

الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى القبض مما كان به من صفاء الحال فيتناقص ويرجع الى نقصان امره الى ان يرفع قلبه من وقته ثم يجود عليه الحق فيوفقه لرجوعه عن فترته وافاقته من سكرته فلا يزال يصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرتقى الى ذروة الكمال فعند ذلك يقول بلسان الحال ما زلت انزل من ودادك منزلا تتحير الألباب عند نزوله وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) يشير الى قمر القلب فان القلب كالقمر فى استفادة النور من شمس الروح اولا ثم من شمس شهود الحق تعالى ثانيا وله ثمانية وعشرون منزلا على حسب حروف القرآن كما ان للقمر ثمانية وعشرون منزلا فالقلب ينزل فى كل حين منها بمنزل وهذه اسماؤها الالفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والسلامة والشوق والصدق والضرر والطلب والظمأ والعشق والغيرة والفتوة والقربة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين فاذا صار الى آخر منازله فقد تخلق بخلق القرآن واعتصم بحبل الله وله آن ان يعتصم بالله ولهذا قال الله تعالى لنبيه فى قطع منازل العبودية (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ويقال للمؤمن فى الجنة اقرأ وارق يعنى اقرأ القرآن وارتق فى مقامات القرب وبقوله (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يشير الى سير قمر القلب فى منازله فاذا الف الحق تعالى فى أول منزله ثم بر بالايمان والعمل الصالح ثم تاب وتوجه الى الحضرة ثم ثبت على تلك التوبة جعل له الجمعية مع الله فيستنير قمر قلبه بنور ربه حتى يصير بدرا كاملا ثم يتناقص بدنوه من شمس شهود الحق تعالى قليلا كلما ازداد دنوه من الشمس ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى له اثر وهذا مقام الفقر الحقيقي الذي افتخر به النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله (الفقر فخرى) لانه عليه السلام كلما ازداد دنوه الى الحضرة ليلة المعراج ازداد فى فقره عن الوجود كما اخبر الله تعالى عنه بقوله (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) كمل هاهنا فقره عن الوجود فوجده الله تعالى عائلا فاغناه بجوده انتهى واعلم ان القمر مرآة قابلة لان تكتسب النور من قرص الشمس حسب المحاذاة بينهما ولما كان دور الشمس بطيئا كان ظهور اثرها دائرا على حصول الفصول الاربعة التي هى الربيع والصيف والخريف والشتاء ولما كان دور القمر سريعا كان ظهور اثره فى الكون سريعا والى القمر ينظر القلب فى سرعة الحركة ولهذا السر اسكن الله آدم فى فلك القمر لمناسبة باطنه به فى سرعة حركاته وتقلباته. ثم ان القمر مرئى مدرك واما الشمس فى إشراقها واضاءتها وتلألؤ شعاعها لا تدرك كيفيتها وكميتها على ما هى عليه من تمنعها وامتناعها واحتيج الى طريق يتوصل به الى ابصارها بقدر الوسع فافادت الفكرة والخبرة ان يأخذ الإنسان اناء كثيفا ويملأه ماء صافيا نظيفا ويضعه فى مقابلة الشمس لتنعكس صورة من الشمس فى الماء فيلاحظ الإنسان الشمس بغير دفع تلألؤ الاضواء ويراها فى أسفل قعر الإناء فان اللطيف من شأنه القبول والكثيف من شأنه الإمساك فقبل الماء وامسك الإناء وهذا تدبير من يريد أبصار الشمس الظاهرة بمقلته

[سورة يس (36) : آية 40]

الباصرة فاذا كان الشمس الظاهرة المتناهية لا يدرك عكسها بالاستعدادات السابقة والتدبيرات اللاحقة فما ظنك بشمس عالم الاحدية الالهية الربوبية الغير المتناهية وان نسبتها اليه فى الانارة والاضاءة والظهور والإظهار ودفع أنوار العظمة ليست الا كذرّة فى الآفاق والسبع الطباق او كقطرة بالنسبة الى البحار الزاخرة او كجزء لا يتجزأ بالنسبة الى الدنيا والآخرة سبحان الله وله المثل الأعلى فى الأرض والسماء فاذا عرفت هذا المثال عرفت حال القلب مع شمس الربوبية وانعكاس نورها فيه: قال الشيخ المغربي قدس سره نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از آنكه يار كند جلوه بر أولو الابصار ترا كه چشم نباشد چهـ حاصل از شاهد ... ترا كه كوش نباشد چهـ سود از كفتار اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار وقال ايضا كجا شود بحقيقت عيان جمال حقيقت ... اگر مظاهر وآينه مجاز نباشد مجوى در دل ما غير دوست ز آنكه نيابى ... از آنكه در دل محمود جز أياز نباشد به پيش عقل مكو قصهاى عشق كه آنرا ... قبول مى نكند آنكه عشقباز نباشد لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها هو ابلغ من لا ينبغى للشمس كما ان أنت لا تكذب بتقديم المسند اليه آكد من لا تكذب أنت لاشتمال الاول على تكرر الاسناد. ففى ذكر حرف النفي مع الشمس دون الفعل دلالة على ان الشمس مسخرة لا يتيسر لها الا ما أريد بها وقدر لها وينبغى من الانفعال وثلاثيه بغى يبغى بمعنى طلب تجاوز الاقتصار فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوز واما استعمال انبغى ماضيا فقليل قال فى كشف الاسرار يقال بغيت الشيء فانبغى لى اى استسهلته فتسهل لى وطلبته فتيسر لى والمعنى لا الشمس يصح لها ويتسهل: وبالفارسية [نه آفتاب سزد مرورا وشايد] أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ فى سرعة سيره فان القمر اسرع سيرا حيث يقطع فلكه ويدور فى منازله الثماني والعشرين فى شهر واحد بخلاف الشمس فانها ابطأ منه حيث لا تقطع فلكها ولا تدور فى تلك المنازل المقسومة على الاثني عشر برجا الا فى سنة فيكون مقام الشمس فى كل منزلة ثلاثة عشر يوما فهى لا تدرك القمر فى سرعة سيره فانه تعالى جعل سيرها ابطأ من سير القمر واسرع من سير زحل وهو كوكب السماء السابعة وذلك لان الشمس كاملة النور فلو كانت بطيئة السير لدامت زمانا كثيرا فى مسامتة شىء واحد فتحرقه ولو كانت سريعة السير لما حصل لها لبث فى بقعة واحدة بقدر ما يخرج النبات من الأرض والأوراق والثمار من الأشجار وبقدر ما ينضج الثمار والحبوب ويجف فلو أدركت القمر فى سرعة سيره لكان فى شهر واحد صيف وشتاء فيختل بذلك احكام الفصول وتكوّن النبات وتعيش الحيوان ويجوز ان يكون المعنى ليس للشمس ان تدرك القمر فى آثاره ومنافعه مع قوة نورها وإشراقها فان لكل واحد منهما آثارا ومنافع تخصه وليس للآخر ان يدركه فيها كما قالوا الثمرة تنضجها الشمس ويلونها القمر ويعطيها الطعم الكوكب وقالوا ان سهيلا

وهو كوكب يمنىّ يعطى الحجر اللون الأحمر فيصير عقيقا. ويجوز ان يكون معنى ان تدرك القمر اى فى مكانه فان القمر فى السماء الدنيا والشمس فى السماء الرابعة فهى لا تدركه فى مكانه ولا يجتمعان فى موضع اولا تدركه فى سلطانه اى نوره الذي هو برهان لوجوده فان نوره انما يكون بالليل فليس للشمس ان تجامعه فى وقت من اوقات ظهور سلطانه بان تطلع بالليل فتطمس نوره فسلطان القمر بالليل وسلطان الشمس بالنهار ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه وبطل سلطانه ودخل النهار على الليل وفى بعض التصاوير لا ينبغى للشمس ان تدرك سلطان القمر فتراه ناقصا وذلك ان الله تعالى لما قبض نور القمر سأله القمر ان لا ترى الشمس نقصانه وقال بعض الكبار جعل الله شهورنا قمرية ولم يجعلها شمسية تنبيها من الله تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر بمحوه عن العالم الظاهر لمن اعتبر فى قوله تعالى وتدبر (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) اى فى علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي أعطاها للمحمديين العربيين وأجراها وأخفاها فيهم يعنى ان آيات المحمديين ليست بظاهرة فى ظواهرهم غالبا كآية القمر وستظهر كراماتهم فى الآخرة التي هى آثار ما فى بواطنهم من العلوم والكشوف والحقائق والخوارق وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ اى ولا الليل يسبق النهار فيعجزه من ان ينتهى اليه ويجيء الليل بعده ولكن الليل يعاقب النهار ويناوبه وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران وبالسبق سبق القمر الى سلطان الشمس فى محو نورها فيكون عكسا للاول فالمعنى لا يصح للقمر ايضا ان يطلع فى وقت ظهور سلطان الشمس وضوئها بحيث يغلب نورها ويصير الزمان كله ليلا فهما يسيران الدهر ولا يدخل أحدهما على الآخر ولا يجتمعان إلا عند ابطال الله هذا التدبير ونقض هذا التأليف وتطلع الشمس من مغربها ويجتمع معها القمر كما قال تعالى (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) وذلك من اشراط الساعة فان قلت إذا كان هذا عكس ما ذكر قبله كان المناسب ان يقال ولا الليل مدرك النهار قلت إيراد السبق مكان الإدراك لانه الملائم لسرعة سيره وفيه اشارة الى انه كما لا يصير القمر شمسا والشمس قمرا فكذلك قمر القلب بتوجهه الى شمس شهود الحق يتنور بنورها كما قال تعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ولكنه لا يصير الرب تعالى عبدا ولا العبد ربا فان للرب الربوبية وللعبد العبودية تعالى الله عما يقول اصحاب الحلول وارباب الفضول وَكُلٌّ اى وكلهم على ان التنوين عوض عن المضاف اليه الذي هو الضمير العائد الى الشمس والقمر والجمع باعتبار التكاثر العارض لهما بتكاثر مطلعهما فان اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما فى الذات او الى الكواكب فان ذكرهما مشعر بها فِي فَلَكٍ مخصوص معين من الافلاك السبعة وفى بحر العلوم فى جنس الفلك كقولهم كساهم الأمير حلة يريدون كساهم هذا الجنس والفلك مجرى الكواكب ومسيرها وتسميته بذلك لكونه كالفلك كما فى المفردات والجار متعلق يَسْبَحُونَ السبح المر السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات وقال فى كشف الاسرار السبح الانبساط فى السير كالسباحة فى الماء وكل من انبسط فى شىء فقط سبح فيه والمعنى يسيرون بانبساط

[سورة يس (36) : الآيات 41 إلى 44]

وسهولة لا مزاحم لهم سير السابح فى سطح الماء واخرج السيوطي فى كتاب الهيئة السنية خلق الله بحرا دون السماء جاريا فى سرعة السهم قائما فى الهواء بامر الله تعالى لا يقطر منه قطرة يجرى فيه الشمس والقمر والنجوم فذلك قوله تعالى (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والقمر يدور دوران العجلة فى لجة غمر ذلك البحر فاذا أحب الله ان يحدث الكسوف حرف الشمس عن العجلة فتقع فى غمر ذلك البحر ويبقى سائرا على العجلة النصف او الثلث او ما شاء الرب تعالى للحكمة الربانية واقتضاء الاستعداد الكونى قال المنجمون قوله تعالى (يَسْبَحُونَ) يدل على ان الشمس والقمر والكواكب السيارة احياء عقلاء لان الجمع بالواو والنون لا يطلق على غير العقلاء وقال الامام الرازي ان أرادوا القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لان كل شىء يسبح بحمده وان أرادوا شيأ آخر فذلك لم يثبت والاستعمال لا يدل عليه كما فى قوله تعالى فى حق الأصنام (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) وقوله (أَلا تَأْكُلُونَ) وقال الامام النسفي جمع يسبحون بالواو والنون لانه تعالى وصفها بصفات العقلاء كالسباحة والسبق والإدراك وان لم يكن لها اختيار فى افعالها بل مسخرة عليها يفعل بها ذلك تجبرا يقول الفقير هنا وجه آخر هو ان صيغة العقلاء باعتبار مبادى حركات الافلاك والنجوم فان مبادى حركاتها جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها ومتعلقة بها فى حركاتها ويقال لتلك الجواهر النفوس الفلكية على انه ليس عند اهل الله شىء خال عن الحياة فان سرّ الحياة سار فى جميع الأشياء ارضية كانت او سماوية لا سيما الشمس والقمر اللذان هما عينا هذا التعين الكونى جمله ذرات زمين وآسمان ... مظهر سرّ حياتست اى جوان كى تواند يافتن آنرا خرد ... هست او سرى خرد كى پى برد نسأل الله تعالى حقيقة الإدراك والحفظ عن الزلق والهلاك وَآيَةٌ لَهُمْ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو خبر مقدم لقوله أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ [الحمل: برداشتن] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى قال الراغب الذرية أصلها الصغار من الأولاد وان كان يقع على الصغار والكبار فى المتعارف ويستعمل فى الواحد والجمع وأصله الجمع انتهى ويطلق على النساء ايضا لا سيما مع الاختلاط مجازا على طريقة تسمية المحل باسم الحال لانهم مزارع الذرية كما فى حديث عمر رضى الله عنه حجوا بالذرية يعنى النساء وفى الحديث نهى عن قتل الزراري يعنى النساء والمعنى انا حملنا أولادهم الكبار الذين يبعثونهم الى تجاراتهم فِي الْفُلْكِ [در كشتى] وهو هاهنا مفرد بدليل وصفه بقوله الْمَشْحُونِ اى المملوء منهم ومن غيرهم والشحناء عداوة امتلأت منها النفوس كما فى المفردات او حملنا صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم: يعنى [برداشتيم فرزندان خرد وزنان ايشانرا كه آنان را قوت سفر نيست بر خشكى] وتخصيص الذرية بمعنى الضعفاء الذين يستصحبونهم فى سفر البحر مع ان تسخير البحر والفلك نعمة فى حق أنفسهم ايضا لما ان استقرارهم فى السفن أشق واستمساكهم فيها اعجب وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ

[سورة يس (36) : آية 43]

مما يماثل الفلك ما يَرْكَبُونَ من الإبل فانها سفائن البر فتعريف الفلك للجنس لان المقصود من الآية الاحتجاج على اهل مكة ببيان صحة البعث وإمكانه. استدل عليه اولا بإحياء الأرض الميتة وجعلها سببا لتعيشهم. ثم استدل عليه بتسخير الرياح والبحار والسفن الجارية فيها على وجهه يتوسلون بها الى تجارات البحر ويستصحبون من يهمهم حمله من النساء والصبيان كما قال تعالى (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) . وقيل تعريفه للعهد الخارجي والمراد فلك نوح عليه السلام المذكور فى قوله (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) فيكون المعنى انا حملنا ذريتهم اى أولادهم الى يوم القيامة فى ذلك الفلك المشحون منهم ومن سائر الحيوانات التي لا تعيش فى الماء ولولا ذلك لما بقي للآدمى نسل ولا عقب وخلقنا لهم من مثله اى مما يماثل ذلك الفلك فى صورته وشكله من السفن والزوارق: وبالفارسية [چون زورق وصندل وناو] فان قلت فعلى هذا لم لم يقل حملناهم وذريتهم مع ان أنفسهم محمولون ايضا قلت اشارة الى ان نعمة التخليص عامة لهم ولا ولادهم الى يوم القيامة ولو قيل حملناهم لكان امتنانا بمجرد تخليص أنفسهم من الغرق وجعل السفن مخلوقة لله تعالى مع كونها من مصنوعات العباد ليس لمجرد كونها صنعتهم باقدار الله تعالى والهامه بل لمزيد اختصاص أهلها بقدرته تعالى وحكمته حسبما يعرب عنه قوله تعالى (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) والتعبير عن ملابستهم بهذه السفن بالركوب لانها باختيارهم كما ان التعبير عن ملابسة ذريتهم بفلك نوح بالحمل لكونها بغير شعور منهم واختيار واما قوله تعالى فى سورة المؤمنينَ عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) فبطريق التغليب وجعل بعضهم المعنى الثاني اظهر لانه إذا أريد بمثل الفلك الإبل لكان قوله (وَخَلَقْنا لَهُمْ) إلخ فاصلابين متصلين لان قوله (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) متصل بالفلك واعتذر عنه فى الإرشاد بان حديث خلق الإبل فى خلال الآية بطريق الاستطراد لكمال التماثل بين الإبل والفلك فكأنها نوع منه وقيل المراد بالذرية الآباء والأجداد فان الذرية تطلق على الأصول والفروع لانها من الذرء بمعنى الخلق فيصلح الاسم للاصل والنسل لان بعضهم خلق من بعض فالآباء ذريتهم لان منهم ذرأ الأبناء. وفيه ان الذرية فى اللغة لم تقع الا على الأولاد وعلى النساء كما ذكر اللهم الا ان يراد ذرية أبيهم آدم عليه السلام وهم الأصول والفروع الى قيام الساعة والعلم عند الله تعالى [كفتند سه چيز را الله تعالى راند بكمال قدرت خويش شتران در صحرا وميغ در هوا وكشتى در دريا] وفهم من الامتنان بالحمل جواز ركوب البحر الامن دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء فانه لا يجوز ركوبه حينئذ لانه من الإلقاء الى التهلكة كما فى شرح حزب البحر للشيخ الزروقى قدس سره وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ إلخ من تمام الآية فانهم معترفون بمضمونه كما ينطق به قوله تعالى (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وفى تعليق الإغراق وهو بالفارسية [غرقه كردن] بمحض المشيئة اشعار بانه قد تكامل ما يوجب هلاكهم من معاصيهم ولم يبق الا تعلق مشيئته تعالى به قال فى بحر العلوم وهو محمول على الفرض والتقدير بدليل قوله (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) إلخ والمعنى ان نشأ إغراقهم نغرقهم فى اليم مع ما حملناهم فيه من الفلك

[سورة يس (36) : آية 44]

وبالفارسية [واگر خواهيم اهل كشتى را كه مراد ذريت مذكوره است غرقه سازيم ودر آب كشيم] فان الغرق الرسوب فى الماء فَلا صَرِيخَ لَهُمْ فعيل بمعنى مفعول اى مصرخ وهو المغيب بالفارسية [فريادرس] والصريخ ايضا صوت المستصرخ والمعنى فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ويدفعه عنهم قبل وقوعه: وبالفارسية [پس هيچ فريادرسى نيست مر ايشانرا كه از غرقه شدن نكاه دارد] قبل الوقوع وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ ينجون منه بعد وقوعه يقال أنقذه واستنقذه إذا خلصه من ورطة ومكروه إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة اى لا يغاثون ولا ينقذون لشىء من الأشياء الا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية الى الاغاثة والانقاذ: وتمتع بالفارسية [برخوردارى وانتفاع دادن] بالحياة مترتب عليهما الى زمان قدر لآجالهم وفى الآية رد على ما زعم الطبيعي من ان السفينة تحمل بمتقضى الطبيعة وان المجوف لا يرسب فقال تعالى فى رده ليس الأمر كذلك بل لو شاء الله تعالى إغراقهم لأغرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبيعة والا لماطر أعليها آفة ورسوب والاشارة الى ان المنعم عليه ينبغى ان لا يأمن فى حال النعمة عذاب الله تعالى فان كفار الأمم السالفة آمنوا من بطشه تعالى فاخذوا من حيث لا يشعرون فكيف يأمن اهل مكة واهل السفينة لكن لا يعرفون قدر النعمة الا بعد تحولها عنهم ولا قدر العافية الا بعد الابتلاء بمصيبة قال الشيخ سعدى [پادشاهى با غلام عجمى در كشتى نشسته بود غلام دريا را هركز نديده بود ومحنت كشتى نكشيده كريه وزارى در نهاد ولرزه بر اندامش افتاد چندانكه ملاطفت كردند آرام نكرفت ملك را عيش ازو منغص شد چاره ندانستند حكيمى در ان كشتى بود ملك را كفت اگر فرمان دهى من او را بطريقي خاموش كنم كفت غايت لطف باشد فرمود تا غلام را بدريا انداختند بارى چند غوطه بخورد مويش كرفتند وسوى كشتى آوردند بهر دو دست در سكان كشتى آويخت چون برآمد بگوشه بنشست وقرار كرفت ملك را عجب آمد و پرسيد درين چهـ حكمت بود كفت اى خداوند أول محنت غرق شدن نچشيده بود قدر سلامت كشتى نمى دانست همچنان قدر عافيت كسى داند كه بمصيبت كرفتار آيد اى سير ترا نان جوين خوش ننمايد ... معشوق منست آنكه بنزديك تو زشتست حوران بهشتى را دوزخ بود اعراف ... از دوزخيان پرس كه اعراف بهشتست فلا بد من مقابلة النعمة بالشكر والعطاء بالطاعة والاجتهاد فى طريق التوحيد والمعرفة فان المقصود من الامهال هو تدارك الحال وفى التأويلات النجمية (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) يشير الى حمله عباده فى سفينة الشريعة خواصهم فى بحر الحقيقة وعوامهم فى بحر الدنيا فان من نجا من تلاطم امواج الهوى فى بحر الدنيا انما نجا بحمله للعناية فى سفينة الشريعة وكذا من نجا من تلاطم امواج الشبهات فى بحر الحقيقة انما نجا بحمله لعواطف احسان ربه فى سفينة الشريعة بملاحية ارباب الطريقة (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) وهو جناح همة المشايخ الواصلين الكاملين (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) يعنى العوام فى بحر الدنيا والخواص فى بحر الحقيقة بكسر سفينة الشريعة فمن ركب من المتمنين بحر الحقيقة بلا سفينة الشريعة او كسروا

[سورة يس (36) : الآيات 45 إلى 50]

السفينة اغرقوا فادخلوا نارا (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) وهم المشايخ فانهم صورة رحمة الحق تعالى (وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) اى الى حين تدركهم العناية الازلية انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لكفار مكة بطريق الانذار: وبالفارسية [و چون كفته شود مر كافرانرا كه اتَّقُوا [بترسيد] ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ اى العقوبات النازلة على الأمم الماضية الذين كذبوا رسلهم واحذروا من ان ينزل بكم مثلها ان لم تؤمنوا جعلت الوقائع الماضية باعتبار تقدمها عليهم كأنها بين أيديهم وَما خَلْفَكُمْ من العذاب المعد لكم فى الآخرة بعد هلاككم جعلت احوال الآخرة باعتبار انها تكون بعد هلاكهم كأنها خلفهم او ما بين ايديكم من امر الآخرة فاعملوا لها وما خلفكم من الدنيا فلا تغتروا بها وقيل غير ذلك وما قدمناه اولى لان الله خوف الكفار فى القرآن بشيئين أحدهما العقوبات النازلة على الأمم الماضية والثاني عذاب الآخرة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اما حال من واو اتقوا اى راجين ان ترحموا او غاية لهم اى كى ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة الله وجواب إذا محذوف اى اعرضوا عن الموعظة حسبما اعتادوه وتمرنوا عليه وزادوا مكابرة وعنادا كما دلت عليه الآية الثانية كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك وفى التأويلات النجمية (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) اى احذروا من الدنيا وما فيها من شهواتها ولذائذها (وَما خَلْفَكُمْ) من الآخرة وما فيها من نعيمها وحورها وقصورها وأشجارها وأثمارها وأنهارها وفيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين منها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بمشاهدة الجمال ومكاشفة الجلال وكمالات الوصال وقال بعضهم (اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من احوال القيامة الكبرى (وَما خَلْفَكُمْ) من احوال القيامة الصغرى فان الاولى تأتى من جهة الحق والثانية تأتى من جهة النفس بالفناء فى الله وبالتجرد عن الهيآت البدنية فى الثانية والنجاة منها والرحمة هى الخلاص من الغضب بالكلية فانه ما دامت فى النفس بقية فالعبد لا يخلو عن غضب وحجاب وتشديد بلاء وعذاب وَما نافية تَأْتِيهِمْ تنزل إليهم مِنْ مزيدة لتأكيد العموم آيَةٍ تنزيلية كائنة مِنْ تبعيضية آياتِ رَبِّهِمْ التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع الله وسوابغ آلائه الموجبة للاقبال عليها والايمان بها إِلَّا كانُوا عَنْها متعلق بقوله مُعْرِضِينَ يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته والجملة حال من مفعول تأتى والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال اى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم فى حال من الأحوال الا حال اعراضهم عنها على وجه التكذيب والاستهزاء ويجوز ان يراد بالآيات ما يعم الآيات التنزيلية والتكوينية فالمراد بإتيانهم ما يعم نزول الوحى وظهور تلك الأمور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالالوهية الا كانوا تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى الى الايمان به تعالى فكل ما فى الكون فهو صورة صفة من صفاته تعالى وسر من اسرار ذاته مغربى آنچهـ عالمش خواند ... عكس رخسار تست در مرآت

[سورة يس (36) : آية 47]

وآنچهـ او آدمش همى داند ... نسخه عالمست مظهر ذات وقال المولى الجامى قدس سره جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات ثم ان أعظم الآيات واكبر العلامات الرجال البالغون الكاملون فى الدين من ارباب الحقيقة واهل اليقين فمن وفق للقبول والتسليم وتربى بتربيتهم الحسنة الى ان يحصل على القلب السليم نجا وكان مقبلا مقبولا. ومن قابلهم بالاعراض ونازلهم بالاعتراض هلك وكان مدبرا مردودا قال بعض الكبار من عدم الانصاف ايمان الناس بما جاء من اخبار الصفات على لسان الرسل وعدم الايمان بها إذا اتى بها أحد من العلماء الوارثين لهم فان البحر واحد وإذا لم يؤمنوا بما جاءت به الأولياء فلا اقل من ان يأخذوه منهم على سبيل الحكاية وكما جاءت الأنبياء بما تحيله العقول من الصفات وآمنا به كذلك يجب الايمان بما جاء به الأولياء المحفوظون وكما سلمنا ما جاء به الأصل كذلك نسلم ما جاء به الفرغ بجامع الموافقة انتهى واما قول ابى حنيفة رضى الله عنه ما أتانا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما أتانا عن الصحابة رضى الله عنه فنأخذ تارة ونترك اخرى وما أتانا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فانما هو بالنظر الى الاجتهاد الظاهر الذي يختلف فيه العلماء والاعراض فيه انتقال من الأدنى الى الأعلى بحسب الدليل الأقوى وقد يفتح الله على الطالب على لسان شيخه بعلوم لم تكن عند الشيخ لحسن أدبه مع الله ومع شيخه وسأل الأعمش أبا حنيفة عن مسائل فاجاب فقال الأعمش من اين لك هذا قال مما حدثتنا به فقال يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة وهى الجماعة المنسوبة الى الصندل وهو شجر طيب الرائحة قلبت النون ياء كما يقال صندلانى وصيدلانى والمراد من يبيع مواد الادوية. ومن علامة العلم المكتسب دخوله فى ميزان العقول وعلامة العلم الموهوب ان لا يقبله ميزان الا فى النادر وترده العقول من حيث افكارها. ومن أعظم المكر بالعبد ان يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فاذا رأيت يا أخي هذا من نفسك او علمته من غيرك فاعلم ان المقبل به ممكور به فالاقبال الى الله تعالى انما هو بالإخلاص فان وجه الرياء الى الغير حفظنا الله تعالى وإياكم وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للكافرين بطريق النصيحة أَنْفِقُوا على المحتاجين مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى بعض ما اعطاكم بطريق التفضل والانعام من انواع الأموال فان ذلك مما يرد البلاء ويدفع المكاره قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالصانع تعالى وهم زنادقة كانوا بمكة. والزنديق من لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء لِلَّذِينَ آمَنُوا تهكما بهم وبما كانوا عليه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى حيث كانوا يقولون لو شاء الله لاغنى فلانا ولو شاء الله لاعزه ولو شاء لكان كذا وكذا وانما حمل على التهكم لان المعطلة ينكرون الصانع فلا يكون جوابهم المذكور عن اعتقاد وجدّ أَنُطْعِمُ من أموالنا حسبما تعظوننا به: وبالفارسية [آيا طعام دهيم] اى لا نطعم فان الهمزة للانكار والطعام فى الأصل البر وقوله عليه السلام فى ماء زمزم (انه طعام طعم وشفاء سقم) فتنبيه منه انه غذاء بخلاف سائر المياه مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ اى على

[سورة يس (36) : آية 48]

زعمكم: يعنى [خدا كه بزعم شما قادرست بر اطعام خلق بايستى كه ايشانرا طعام دهد چون او طعام نداد ما نيز نمى دهيم إِنْ أَنْتُمْ [نيستيد شما اى مؤمنان] إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان او سهوا يسيرا كان او كثيرا ولهذا صح ان يستعمل فيمن يكون منه خطأ ما كما فى المفردات. والمعنى فى خطأ بين بالفارسية [كمراهى آشكارا] حيث تأمروننا بما يخالف مشيئة الله تعالى [واين سخن از ايشان خطا بود براى آنكه بعض مردم را خداى تعالى توانكر ساخته وبعضى را درويش كذشته وبجهت ابتلا حكم فرموده كه اغنيا مال خدايرا بفقرا دهند پس مشيت را بهانه ساختن وامر الهى را كه بانفاق فرموده فرو كذاشتن محض خطا وعين جفاست درويش را خدا بتوانگر حواله كرد ... تا كار او بسازد وفارغ كند دلش از روى بخل اگر نشود ملتفت بوى ... فردا بود ندامت واندوه حاصلش وفى الحديث (لو شاء الله لجعلكم اغنياء لا فقير فيكم ولو شاء لجعلكم فقراء لا غنى فيكم ولكنه ابتلى بعضكم ببعض لينظر كيف عطف الغنى وكيف صبر الفقير) وهذه الآية ناطقة بترك شفقتهم على خلق الله وجملة التكاليف ترجع الى أمرين التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله وهم قد تركوا الامرين جميعا وقد تمسك البخلاء بما تمسكوا به حيث يقولون لا نعطى من حرم الله ولو شاء لاغناه نعم لو كان مثل هذا الكلام صادرا عن يقين وشهود وعيان لكان مفيدا بل توحيدا محضا يدور عليه كمال الايمان ولكنهم سلكوا طريق التقليد والإنكار والعناد ومن لم يهد الله فما له من هاد وكان لقمان يقول إذا مر بالأغنياء يا اهل النعيم لا تنسوا النعيم الأكبر وإذا مر بالفقراء يقول إياكم ان تغبنوا مرتين وعن على رضى الله عنه ان المال حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لا قوام قال الفضيل رحمه الله من أراد عز الآخرة فليكن مجلسه مع المساكين نسأل الله تعالى فضله الكثير ولطفه الوفير فانه مسبب الأسباب ومنه فتح الباب: وفى المثنوى ما عيال حضرتيم وشير خواه ... كفت الخلق عيال للاله «1» آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو ز رحمت نان دهد كل يوم هو فى شأن بخوان ... مرورا بي كار وبي فعلى مدان «2» وَيَقُولُونَ اى اهل مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إنكارا واستبعادا مَتى [كى است] هذَا الْوَعْدُ بقيام الساعة والحساب والجزاء. ومعنى طلب القرب فى هذا اما بطريق الاستهزاء واما باعتبار قرب العهد بالوعد. والوعد يستعمل فى الخير والشر والنفع والضر والوعيد فى الشر خاصة. والوعد هنا يتضمن الامرين لانه وعد بالقيامة وجزاء العباد ان خيرا فخير وان شرا فشر قال فى كشف الاسرار انما ذكر بلفظ الوعد دون الوعيد لانهم زعموا ان لهم الحسنى عند الله ان كان الوعد حقا يقول الفقير هذا انما يتمشى فى المشركين دون المعطلة وقد سبق انهم زنادقة كانوا بمكة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان ياز ترجيح نخجيران توكل را بر جهد وكسب إلخ (2) در اواخر دفتر يكم در بيان قصه آنكس كه در يارى بكفت إلخ

[سورة يس (36) : الآيات 49 إلى 50]

فى وعدكم فقولوا متى يكون وهذا الاستعجال بهجوم الساعة والاستبطاء لقيام القيامة انما وقع تكذيبا للدعوة وإنكارا للحشر والنشر ولو كان تصديقا وإقرارا واستخلاصا من هذا السجن وشوقا الى الله تعالى ولقائه لنفعهم جدا ولما قامت عليهم القيامة عند الموت كما لا تقوم على المؤمنين بل يكون الموت لهم عيدا وسرورا: وفى المثنوى خلق در بازار يكسان مى روند ... آن يكى در ذوق وديكر دردمند همچنان در مرك وزنده مى رويم ... نيم در خسران ونيمى خسرويم ما يَنْظُرُونَ جواب من جهته والنظر بمعنى الانتظار اى ما ينتظر كفار مكة إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً لا تحتاج الى ثانية هى النفخة الاولى التي هى نفخة الصعق والموت والصيحة رفع الصوت تَأْخُذُهُمْ مفاجأة وتصل الى جميع اهل الأرض. والاخذ حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو (مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) وتارة بالقهر نحو (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ أصله يختصمون فقلبت التاء صادا ثم أسكنت وأدغمت فى الصاد الثانية ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وخاصمته نازعته واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه وان يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب وهو الجانب الذي فيه العروة. والمعنى والحال انهم يتخاصمون ويتنازعون فى تجاراتهم ومعاملاتهم ويشتغلون بامور دنياهم حتى تقوم الساعة وهم فى غفلة عنها فلا يغتروا لعدم ظهور علامتها ولا يزعموا انها لا تأتيهم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تهيج الساعة والرجلان يتبايعان قد نشرا اثوابهما فلا يطويانها والرجل يلوط حوضه فلا يستقى منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته فلا يطعمه والرجل قد رفع أكلته الى فيه فلا يأكلها ثم تلا (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) - روى- ان الله تعالى يبعث ريحا يمانية ألين من الحرير وأطيب رائحة من المسك فلا تدع أحدا فى قلبه مثقال ذرة من الايمان الا قبضته ثم يبقى شرار الخلق مائة عام لا يعرفون دينا وعليهم تقوم الساعة وهم فى أسواقهم يتبايعون فان قلت هم ما كانوا منتظرين بل كانوا جازمين بعدم الساعة والصيحة قلت نعم الا انهم جعلوا منتظرين نظرا الى ظاهر قولهم متى يقع لان من قال متى يقع الشيء الفلاني يفهم من كلامه انه ينتظر وقوعه فَلا يَسْتَطِيعُونَ الاستطاعة استفعال من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا اى لا يقدرون تَوْصِيَةً مصدر بالفارسية [وصيت كردن] والوصية اسم من الإيصاء يقال وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به وسمى الزام شىء من مال او نفقة بعد الموت بالوصية لانه لما اوصى به اى أوجب والزم وصل ما كان من امر حياته بما بعده من امر مماته والتنكير للتعميم اى فى شىء من أمورهم إذ كانت فيما بين أيديهم قال ابن الشيخ لا يستطيعون توصية ما ولو كانت بكلمة يسيرة فاذا لم يقدروا عليها يكونون أعجز عما يحتاجون فيه الى زمان طويل من أداء الواجبات ورد المظالم ونحوها لان القول أيسر من الفعل فاذا عجزوا عن أيسر ما يكون من القول تبين ان الساعة لا تمهلهم بشىء ما واختيار الوصية من جنس الكلمات لكونها أهم بالنسبة الى المحتضر فالعاجز

[سورة يس (36) : الآيات 51 إلى 55]

عنها يكون أعجز عن غيرها وَلا إِلى أَهْلِهِمْ الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء والأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك قال الراغب اهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب وعبر باهل الرجل عن امرأته يَرْجِعُونَ ان كانوا فى خارج أبوابهم بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيث ما كانوا: وبالفارسية [پس نتوانند وصيت كردن با حاضران ونه بسوى ايشان كر غائب باشند بازگردند يعنى مجال از بازار بخانه رفتن نداشته باشند الحاصل در ان وقت كه در بازار بخصومت وجدال ومعاملات مشغول باشند ومهمات دنيايى سازند يكبار اسرافيل بصور در دمد وهمه خلق بر جاى بميرند] الا ما شاء الله كما يأتى فى سورة الزمر ان شاء الله تعالى واعلم ان الموت يدرك الإنسان سريعا والإنسان لا يدرك كل الأماني فعلى العبد ان يتدارك الحال بقصر الآمال: قال الشيخ سعدى قدس سره تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال غبار هوى چشم عقلت بدوخت ... شموس هوس كشت عمرت بسوخت خبر دارى اى استخوان قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس چومرغ از قفس رفت وبگسست قيد ... دكر ره نكردد بسعى تو صيد نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست سكندر كه بر عالمى حكم داشت ... در ان دم كه بگذشت عالم كذاشت ميسر نبودش كزو عالمى ... ستانند ومهلت دهندش دمى دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بحسرت نكون طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان دعا عمرو بن العاص رضى الله عنه حين احتضاره بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغر غر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقب فيما قدمت يداى سبحانك لا اله الا أنت انى كنت من الظالمين فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه ومن السنة حسن الوصية عند الموت وان كان الذي يوصى عند الموت كالذى يقسم ماله عند الشبع. ومن مات بغير وصية لم يؤذن له فى الكلام بالبرزخ الى يوم القيامة ويتزاور الأموات ويتحدثون وهو ساكت فيقولون انه مات من غير وصية فيوصى بثلث ماله وعن ابن عباس رضى الله عنهما الضرار فى الوصية من الكبائر ويوصى بإرضاء خصومه وقضاء ديونه وفدية صلاته وصيامه جعلنا الله وإياكم من المتداركين لحالهم والمتفكرين فى مآلهم والمكثرين من صالحات الأعمال والمنتقلين من الدنيا على اللطف والجمال وَنُفِخَ فِي الصُّورِ اى ينفخ

[سورة يس (36) : آية 52]

فى الصور وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع والنفخ نفخ الريح فى الشيء: وبالفارسية [در دميد] والجمهور على اسكان واو الصور وفيه وجهان أحدهما انه القرن الذي ينفخ فيه اسرافيل عليه السلام وفيه بعدد كل روح ثقبة هى مقامه فالمعنى ونفخ فى القرن نفخا هو سبب لحياة الموتى. والثاني جمع صورة كصوف جمع صوفة ويؤيد هذا الوجه قراءة بعض القراء ونفخ فى الصور بفتح الواو فالمعنى ونفخ فى الصور الأرواح وذلك ايضا بنفخ القرن والمراد النفخة الثانية التي يحيى الله بها كل ميت لا النفخة الاولى التي يميت الله بها كل حى وبينهما أربعون سنة تبقى الأرض على حالها مستريحة بعد ما مر بها من الأهوال العظام والزلازل وتمطر سماؤها وتجرى مياهها وتطعم أشجارها ولا حى على ظهرها من المخلوقات فاذا مضى بين النفختين أربعون عاما أمطر الله من تحت العرش ماء غليظا كمنى الرجال يقال له ماء الحيوان فتنبت أجسامهم كما ينبت البقل وتأكل الأرض ابن آدم الأعجب الذنب فانه يبقى مثل عين الجرادة لا يدركه الطرف فينشأ الخلق من ذلك وتركب عليه اجزاؤه كالهباء فى شعاع الشمس فاذا تكاملت الأجساد يحيى الله تعالى اسرافيل فينفخ فى الصور فيطير كل روح الى جسده ثم ينشق عنه القبر فَإِذا هُمْ بغتة من غير لبث اى الكفار كما دل عليه ما بعد الآية مِنَ الْأَجْداثِ اى القبور جمع جدث محركة وهو القبر كما فى القاموس فان قيل اين يكون فى ذلك الوقت أجداث وقد زلزلت الصيحة الجبال أجيب بان الله يجمع اجزاء كل ميت فى الموضع الذي أقبر فيه فيخرج من ذلك الموضع وهو جدثه إِلى رَبِّهِمْ اى الى دعوة ربهم ومالك أمرهم على الإطلاق وهى دعوة اسرافيل للمنشور او الى موقف ربهم الذي أعد للحساب والجزاء وقد صح ان بيت المقدس هى ارض المحشر والمنشر وكل من الجارين متعلق بقوله يَنْسِلُونَ كما دل عليه قوله (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) اى يسرعون بطريق الإجبار دون الاختيار لقوله تعالى (لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) من نسل الثعلب ينسل اسرع فى عدوه والمصدر نسل ونسلان وإذا المفاجأة بعد قوله (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) اشارة الى كمال قدرته تعالى والى ان مراده لا يتخلف عن إرادته زمانا حيث حكم بان النسلان وهو سرعة المشي وشدة العدو يتحقق فى وقت النفخ لا يتخلف عنه مع ان النسلان لا يكون الا بعد مراتب وهى جمع الاجزاء المتفرقة والعظام المتفتتة وتركيبها واحياؤها وقيام الحي ثم نسلانه فان قيل قال تعالى فى آية اخرى (فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) وقال هاهنا (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) والقيام غير النسلان وقد صدر كل واحد منهما فى موضعه بإذا المفاجأة فيلزم ان يكونا معا والجواب من وجهين. الاول ان القيام لا ينافى المشي السريع لان الماشي قائم ولا ينافى النظر ايضا. والثاني ان الأمور المتعاقبة التي لا يتخلل بينها زمان ومهلة تجعل كأنها واقعة فى زمان واحد كما إذا قيل مقبل مدبر قالُوا اى الكفار فى ابتداء بعثهم من القبور منادين لويلهم وهلاكهم من شدة ما غشيهم من امر القيامة يا وَيْلَنا احضر فهذا أوانك ووقت مجيئك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] فويل منادى أضيف الى ضمير المتكلمين وهو كلمة عذاب وبلاء كما ان ويح كلمة رحمة مَنْ استفهام بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا كان حفص يقف على مرقدنا وقفة لطيفة دون قطع نفس

[سورة يس (36) : آية 53]

لئلا يتوهم ان اسم الاشارة صفة لمرقدنا ثم يبتدئ هذا ما وعد الرحمن على انها جملة مستأنفة ويقال لهذه الوقفة وقفة السكت وهى قطع الصوت مقدارا اخصر من زمان النفس. والبعث [برانگيختن] والمرقد اما مصدر اى من رقادنا وهو النوم او اسم مكان أريد به الجنس فينتظم مراقد الكل اى من مكاننا الذي كنا فيه راقديين: وبالفارسية [كه برانگيخته يعنى بيدار كرد ما را ز خوابكاه ما] فان كان مصدرا تكون الاستعارة الاصلية تصريحية فالمستعار منه الرقاد والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والكل عقلى وان كان اسم مكان تكون الاستعارة تبعية فيعتبر التشبيه فى المصدر لان المقصود بالنظر فى اسم المكان وسائر المشتقات انما هو المعنى القائم بالذات وهو الرقاد هاهنا لا نفس الذات وهى هاهنا القبر الذي ينام فيه واعتبار التشبيه فى المقصود الأهم اولى قال فى الاسئلة المقحمة ان قيل اخبر الكفار بانهم كانوا فى القبر قبل البعث فى حال الرقاد وهذا يرد عذاب القبر قلت انهم لاختلاط عقولهم يظنون انهم كانوا نياما او ان الله تعالى يرفع عنه العذاب بين النفختين فكأنهم يرقدون فى قبورهم كالمريض يجد خفة ما فينسلخ عن الحس بالمنام فاذا بعثوا بعد النفخة الآخرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل ويؤيد هذا الجواب قوله عليه السلام (بين النفختين أربعون سنة وليس بينهما قضاء ولا رحمة ولا عذاب الا ما شاء ربك) او ان الكفار إذا عاينوا جهنم وانواع عذابها وافتضحوا على رؤس الاشهاد وصار عذاب القبر فى جنبها كالنوم قالوا من بعثنا من مرقدنا وذلك ان عذاب القبر روحانى فقط وقول الامام الأعظم رحمه الله ان سؤال القبر للروح والجسد معا أراد به بيان شدة تعلق أحدهما بالآخر كارواح الشهداء ولذا عدوا احياء واما عذاب يوم القيامة فجسدانى وروحانى وهو أشد من الروحاني فقط هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ جملة من مبتدأ وخبر وما موصولة والعائد محذوف اى هذا البعث هو الذي وعده الرحمن فى الدنيا وأنتم قلتم متى هذا الوعد إنكارا وصدق فيه المرسلون بانه حق وهو جواب من قبل الملائكة او المؤمنين عدل به عن سنن سؤال الكفار تذكيرا لكفرهم وتقريعا لهم عليه وتنبيها على ان الذي يهمهم هو السؤال عن نفس البعث ماذا هو دون الباعث كأنهم قالوا بعثكم الرحمن الذي وعدكم ذلك فى كتبه وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم فيه وليس بالبعث الذي تتوهمونه وهو بعث النائم من مقده حتى تسألوا عن الباعث وانما هذا البعث الأكبر ذو الافزاع والأهوال إِنْ كانَتْ اى ما كانت النفخة الثانية المذكورة إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً حصلت من نفخ اسرافيل فى الصور وقيل صيحة البعث هو قول اسرافيل على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة والأعضاء المتمزقة والشعور المنتشرة ان الله المصور الخالق يأمركنّ ان تجتمعن لفصل القضاء فاجتمعوا وهلموا الى العرض والى جبار الجبابرة يقول الفقير الظاهر ان هذا ليس غير النفخ فى الحقيقة فيجوز ان يكون المراد من أحدهما المراد من الآخر او ان يقال ذلك أثناء النفخ بحيث يحصل هو والنفخ معا إذ ليس من ضرورة التكلم على الوجه المعتاد حتى يحصل التنافي بينهما فَإِذا هُمْ بغتة من غير لبث ما طرفة عين وهم مبتدأ خبره قوله جَمِيعٌ

[سورة يس (36) : الآيات 54 إلى 55]

اى مجموع وقوله لَدَيْنا اى عندنا متعلق بقوله مُحْضَرُونَ للفصل والحساب وفيه من تهوين امر البعث والحشر والإيذان باستغنائهما عن الأسباب ما لا يخفى كما هو عسير على الخلق يسير على الله تعالى لعدم احتياجه الى مزاولة الأسباب ومعالجة الآلات كالخلق وانما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وفى الآية اشارة الى الحشر المعنوي الحاصل لاهل السلوك فى الدنيا وذلك ان العالم الكبير صورة الإنسان وتفصيله فكما انه تتلاشى اجزاؤه وقت قيام الساعة بالنفخ الاول ثم تجتمع بالنفخ الثاني فيحصل الوجود بعد العدم كذلك الإنسان العاشق يتفرق انياته ويتقطع تعيناته وقت حصوله العشق بالجذبة القوية الالهية ثم يظهر ظهورا آخر فيحصل البقاء بعد الفناء فاذا وصل الى هذه المرتبة يكون هو اسرافيل وقته كما جاء فى المثنوى هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را ز ايشان حياتست ونما جان هر يك مرده از كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن فالرقاد هو غفلة الروح فى جدث البدن ولا يبعثه فى الحقيقة غير فضل الله تعالى وكرمه ولا يفنيه عنه الا تجلى من جلاله والأنبياء والأولياء عليهم السلام وسائط بين الله تعالى وبين ارباب الاستعداد فمن ليس له قابلية الحياة لا ينفعه النفخ همه فيلسوفان يونان وروم ... ندانند كرد انكبين از زقوم ز وحشي نيايد كه مردم شود ... بسعى اندر وتربيت كم شود بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى بگرمابه كردد سفيد نسأل الله المحسان كثير الإحسان فَالْيَوْمَ اى فيقال للكفار حين يرون العذاب المعد لهم اليوم اى يوم القيامة وهو منصوب بقوله لا تُظْلَمُ نَفْسٌ من النفوس برة كانت او فاجرة والنفس الذات والروح ايضا شَيْئاً نصب على المصدرية اى شيأ من الظلم بنقص الثواب وزيادة العقاب وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى الاجزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من الكفر والمعاصي والأوزار ايها الكفار على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه للتنبيه على قوة التلازم والارتباط بينهما كأنهما شىء واحد او الا بما كنتم تعملونه اى بمقابلة او بسببه فقوله لا تُظْلَمُ نَفْسٌ ليأمن المؤمن وقوله وَلا تُجْزَوْنَ إلخ لييأس الكافر فان قلت ما الفائدة فى إيثار طريق الخطاب عند الاشارة الى يأس المجرم والعدول عن الخطاب عند الاشارة الى أمان المؤمن فالجواب ان قوله (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) يفيد العموم وهو المقصود فى هذا المقام فانه تعالى لا يظلم أحدا مؤمنا كان او مجرما واما قوله (لا تُجْزَوْنَ) فانه يختص بالكافر فانه تعالى يجزى المؤمن بما لم يعمله من جهة الوراثة وجهة الاختصاص الإلهي فانه تعالى يختص برحمته من يشاء من المؤمنين بعد جزاء أعمالهم فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله أضعافا مضاعفة فضل او بى نهايت و پايان ... لطف او از تصورت بيرون فيض او هم سعد آرا مبذول ... اجر او ميشده غير ممنون إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ إلخ من جملة ما سيقال لهم يومئذ زياده لحسرتهم وندامتهم فان الاخبار

بحسن حال أعدائهم اثر بيان سوء حالهم مما يزيدهم مساءة على مساءة الْيَوْمَ اى يوم القيامة مستقرون فِي شُغُلٍ قال فى المفردات الشغل بضم الغين وسكونها العارض الذي يذهل الإنسان وفى الإرشاد والشغل هو الشان الذي يصد المرء ويشغله عما سواه من شؤونه لكونه أهم عنده من الكل اما لا يجابه كمال المسرة والبهجة او كمال المساءة والغم والمراد هنا هو الاول والتنوين للتفخيم اى فى شغل عظيم الشان فاكِهُونَ خبر آخر لان من الفكاهة بفتح الفاء وهى طيب العيش والنشاط بالتنعم واما الفكاهة بالضم فالمزاح والشطارة اى حديث ذوى الانس ومنه قول على رضى الله عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الإنسان من حد العبوس والمعنى متنعمون بنعيم مقيم فائزون بملك كبير. ويجوز ان يكون فاكهون هو الخبر وفى شغل متعلق به ظرف لغوله اى متلذذون فى شغل فشغلهم شغل التلذذ لا شغل فيه تعب كشغل اهل الدنيا. والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها تنزيل للمترقب المتوقع منزلة الواقع للايذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ولزيادة مساءة المخاطبين بذلك وهم الكفار ثم ان الشغل فسر على وجوه بحسب اقتضاء مقام البيان ذلك منها افتضاض الابكار وفى الحديث (ان الرجل ليعطى قوة مائة رجل فى الاكل والشرب والجماع) فقال رجل من اهل الكتاب ان الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة فقال عليه السلام (يفيض من جسد أحدهم عرق مثل المسك الأذفر فيضمر بذلك بطنه) وفى الحديث (ان أحدهم ليفتض فى الغداة الواحدة مائة عذراء) قال عكرمة فتكون الشهوة فى أخراهن كالشهوة فى اولاهن وكلما افتضها رجعت على حالها عذراء ولا تجد وجمع الافتضاض أصلا كما فى الدنيا وجاء رجل فقال يا رسول الله أنفضي الى نسائنا فى الجنة كما نفضى إليهن فى الدنيا قال (والذى نفسى بيده ان المؤمن ليفضى فى اليوم الواحد الى الف عذراء) [عبد الله بن وهب كفت كه در جنت غرفه ايست كه ويرا عاليه كفته مى شود در وى حوريست ويرا غنچهـ كفته مى شود هر كاه كه دوست خداى بوى آيد آيد بوى جبرائيل اذن دهد ويرا پس برخيزد بر اطرافش با وى چهار هزار كنيزك باشد كه جمع كنند دامنهاى وى وكيسوهاى ويرا بخور كنند از براى وى بمجمرهاى بي آتش. كفته اند در صحبت بهشتيان منى ومذى وفضولات نباشد چنانكه در دنيا بلى لذت صحبت آن باشد كه زير هر تار موى يك قطره عرق بيايد كه رنكش رنك عرق بود وبويش بوى مشك] وفى الفتوحات المكية ولذة الجماع هناك تضاعف على لذة جماع اهل الدنيا أضعافا مضاعفة فيجد كل من الرجل والمرأة لذة لا يقدر قدرها لو وجداها فى الدنيا غشى عليهما من شدة حلاوتها لكن تلك اللذة انما تكون بخروج ريح إذ لا منى هناك كالدنيا كما صرحت به الأحاديث فيخرج من كل من الزوجين ريح كرائحة المسك وليس لاهل الجنة ادبار مطلقا لان الدبر انما خلق فى الدنيا مخرجا للغائط ولا غائط هناك ولولا ان ذكر الرجل او فرج المرأة يحتاج اليه فى جماعهم لما كان وجد فى الجنة فرج لعدم البول فيها ونعيم اهل الجنة مطلق والراحة فيها مطلقة الاراحة النوم فليس عندهم من نعيم راحته شىء لانهم لا ينامون ولا يعرف شىء الا بصده ومنها سماع الأصوات الطيبة والنغمات اللذيذة [چون بنده مؤمن در بهشت آرزوى سماع

كند رب العزت اسرافيل را بفرستد تا بر جانب راست وى بايستد وقرآن خواندن كيرد داود بر چپ بايستد زبور خواندن كيرد بندد سماع همى كند تا وقت وى خوش كردد وجان وى در شهود جانان مستغرق رب العزت در آن دم پرده جلال بردارد ديدار بنمايد بنده بجام شراب طهور بنوازد طه ويس خواندن كيرد جان بنده آنكه بحقيقت در سماع آيد] ثم انه ليس فى الجنة سماع المزامير والأوتار بل سماع القرآن وسماع أصوات الابكار المغنية والأوراق والأشجار ونحو ذلك كما سبق بعض ما يتعلق بهذا المقام فى أوائل سورة الروم واواخر الفرقان قال بعض العلماء السماع محرك للقلب مهيج لما هو الغالب عليه فان كان الغالب عليه الشهوة والهوى كان حراما والا فلا قال بعض الكبار إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر ولكن السماع لا يتقيد بالنغمات المعروفة فى العرف إذ فى ذلك الجهل الصرف فان الكون كله سماع عند صاحب الاستماع فالمنتهى غنى عن تغنى اهل العرف فان محركه فى باطنه وسماعه لا يحتاج الى الأمر العارض الخارج المقيد الزائد ومنها التزاور: يعنى [شغل ايشان در بهشت زيارت يكديكرست اين بزيارت آن ميرود وآن بزيارت اين مى آيد وقتى پيغمبران بزيارت صديقان وأوليا وعلما روند وقتى صديقان وأوليا وعلما بزيارت پيغمبران روند وقتى همه بهم جمع شوند بزيارت دركاه عزت وحضرت الهيت روند] وفى الحديث (ان اهل الجنة يزورون ربهم فى كل يوم جمعة فى رحال الكافور وأقربهم منه مجلسا اسرعهم اليه يوم الجمعة وابكرهم غدوا) قال بعض الكبار ان اهل النار يتزاورون لكن على حالة مخصوصة وهى ان لا يتزاور الا اهل كل طبقة مع اهل طبقته كالمحرور يزور المحرورين والمقرور يزور المقرورين فلا يزور المقرور محرورا وعكسه بخلاف اهل الجنة للاطلاق والسراح الذي لاهلها المشاكل للنعيم ضد ما لاهل النار من الضيق والتقييد ومنها ضيافة الله تعالى [خدايرا عز وجل دو ضيافت است مر بندگانرا يكى اندر ربض بهشت بيرون بهشت ويكى اندر بهشت ولكن آن ضيافت كه در بهشت است متكرر ميشود چنانكه] رؤيت وما ظنك بشغل من سعد بضيافة الله والنظر الى وجهه وفى الحديث (إذا نظروا الى الله نسوا نعيم الجنة) ومنها شغلهم عما فيه اهل النار على الإطلاق وشغلهم عن أهاليهم فى النار لا يهمهم ولا يبالون بهم ولا يذكرونهم كيلا يدخل عليهم تنغيص فى نعيمهم: يعنى [بهشتيانرا چندان ناز ونعيم بود كه ايشانرا پرواى اهل دوزخ نبود به خبر ايشان پرسند نه پرواى ايشان دارند كه نام ايشان برند] وذلك لان الله تعالى ينسيهم ويخرجهم من خاطرهم إذ لو خطر ذكرهم بالبال تنغص عيش الوقت [وكفته اند شغل بهشتيان ده چيز است ملكى كه در وعزل نه. جوانى كه با او پيرى نه صحتى بر دوام كه با او بيمارى نه. عزى پيوسته كه با او ذل نه. راحتى كه با او شدت نه. نعمتى كه با او محنت نه بقائي كه با او فنا نه، حياتى كه با او مرك نه. رضايى كه با او سخط نه. انسى كه با او وحشت نه] والظاهر ان المراد بالشغل ما هم فيه من فنون الملاذ التي تلهيهم عما عداها بالكلية أي شغل كان وفى الآية اشارة الى ان اهل النار لا نعم لهم من الطعام والشراب والنكاح وغيرها لان النعيم من تجلى الصفات الجمالية وهم ليسوا من اهله لان حالهم القهر والجلال

[سورة يس (36) : الآيات 56 إلى 60]

غير ان بعض الكبار قال اما اهل النار فينامون فى اوقات ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك هو القدر الذي ينالهم من النعيم فنسأل الله العافية انتهى وهذا كلام من طريق الكشف وليس ببعيد إذ قد ثبت فى تذكرة القرطبي ان بعض العصاة ينامون فى النار الى وقت خروجهم منها ويكون عذابهم نفس دخولهم فى النار فانه عار عظيم وذل كبير ألا يرى ان من حبس فى السجن كان هو عذابا له بالنسبة الى مرتبته وان لم يعذب بالضرب والقيد ونحوهما ثم انا نقول والعلم عند الله تعالى [ودر بحر الحقائق كويد مراد از اصحاب جنت طالبان بهشت اند كه مقصد ايشان نعيم جنات بود حق سبحانه وتعالى ايشانرا بتنعم مشغول كرداند وآن حال اگر چهـ نسبت با دوزخيان از جلائل احوال است نسبت با طالبان حق بغايت فرو مى نمايد واينجا سر «اكثر اهل الجنة البله» پى توان برد] وعن بعض ارباب النظر انه كان واقفا على باب الجامع يوم الجمعة والخلق قد فرغوا من الصلاة وهم يخرجون من الجامع قال هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة أقوام آخرون وقد قرئ عند الشبلي رحمه الله قوله تعالى (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) إلخ فشهق شهقة وغاب فلما أفاق قال مساكين لو علموا انهم عما شغلوا لهلكوا: يعنى [بيچارگان اگر دانند كه از كه مشغول شده اند فى الحال در ورطه هلاك مى افتند ودر كشف الاسرار از شيخ الإسلام الأنصاري نقل ميكند كه مشغول نعمت بهشت از ان عامه مؤمنانست اما مقربان حضرت از مطالعه شهود وملاحظه نور وجود يك لحظه با نعيم بهشت نپردازند] قال على رضى الله عنه لو حجبت عنه ساعة لمت روزيكه مرا وصل تو در چنك آيد ... از حال بهشتيان مرا ننك آيد وربى تو بصحراى بهشتم خوانند ... صحراى بهشت بر دلم تنك آيد وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى عبادا استخصهم للتخلق بأخلاقه فى سر قوله (كنت سمعه وبصره فى يسمع وبي يبصر) فلا يشغلهم شأن اشتغالهم بأبدانهم مع أهلهم عن شأن شهود مولاهم فى الجنة كما انهم اليوم مستديمون لمعرفته بأى حال من حالاتهم ولا يقدح اشتغالهم باستيفاء حظوظهم من معارفهم فعلى العاقل ان يكون فى شغل الطاعات والعبادات لكن لا يحتجب به عن المكاشفات والمعاينات فيكون له شغلان شغل الظاهر وهو من ظاهر الجنة وشغل الباطن وهو من باطنها فمن طلبه تعالى لم يضره ان يطلب منه لان عدم الطلب مكابرة له فى ربوبيته ومن طلب منه فقط لم ينل لقاءه قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه رأيت رب العزة فى منامى فقال لى يا معاذ كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى واعلم ان كل مطلوب يوجد فى الآخرة فهو ثمرة بذر طلبه فى الدنيا سواء تعلق بالجنة او بالحق كما قال عليه السلام (يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه) هُمْ إلخ استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة وهم مبتدأ والضمير لاصحاب الجنة وَأَزْواجُهُمْ عطف عليه والمراد نساؤهم اللاتي كن لهم فى الدنيا او الحور العين او اخلاؤهم كما فى قوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) ويجوز ان يكون الكل مرادا فقوله وأزواجهم

اشارة الى عدم الوحشة لان المنفرد يتوحش إذا لم يكن له جليس من معارفه وان كان فى أقصى المراتب ألا ترى انه عليه السلام لحقته الوحشة ليلة المعراج حين فارق جبريل فى مقامه فسمع صوتا يشابه صوت ابى بكر رضى الله عنه فزالت عنه تلك الوحشة لانه كان يأنس به وكان جليسه فى عامة الأوقات ولامر ما نهى النبي عليه السلام عن ان يبيت الرجل منفردا فى بيت فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ قوله متكئون خبر المبتدأ والجاران صلتان له قدمتا عليه لمراعاة الفواصل ويجوز ان يكون فى ظلال خبرا ومتكئون على الأرائك خبرا ثانيا. والظلال جمع ظل كشعاب جمع شعب والظل ضد الضح بالفارسية [سايه] او جمع ظلة كقباب جمع قبة وهى الستر الذي يسترك من الشمس. والأرائك جمع اريكة وهى كسفينة سرير فى حجلة وهى محركة موضع يزين بالثياب والستور للعروس كما فى القاموس قال فى المختار الاريكة سرير متخذ مزين فى قبة او بيت فاذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة اى لا اريكة وتسميتها بالاريكة اما لكونها فى الأصل متخذة من الأراك وهو شجر يتخذ منه المسواك او لكونها مكانا للاقامة فان اصل الاروك الاقامة على رعى الأراك ثم تجوز به فى سائر الاقامات. والاتكاء الاعتماد بالفارسية [تكيه زدن] اى معتمدون فى ظلال على السرر فى الحجال والاتكاء على السرر دليل التنعم والفراغ قال فى كشف الاسرار [معنى آنست كه ايشان وجفتان ايشان زير سايهااند بناها وخيمها كه از براى ايشان ساخته اند خيمهاست از مرواريد سفيد چهار فرسنك در چهار فرسنك آن خيمه زده شصت ميل ارتفاع آن ودران خيمه سريرها وتختها نهاده هر تختي سيصد كزار ارتفاع آن بهشتى چون خواهد كه بر ان تخت شود تخت بزمين پهن باز شود تا بهشتى آسان بى رنج بر ان تخت شود] فان قيل كيف يكون اهل الجنة فى ظلال والظل انما يكون حيث تكون الشمس وهم لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا أجيب بان المراد من الظل ظل أشجار الجنة من نور العرش لئلا يبهر أبصار اهل الجنة فانه أعظم من نور الشمس وقيل من نور قناديل العرش كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال فى المفردات ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهة قال تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) اى فى عزة ومنعة وأظلني فلان اى حرسنى وجعلنى فى ظله اى فى عزه ومنعته وندخلهم ظلا ظليلا كناية عن نضارة العيش انتهى وقال الامام فى سورة النساء ان بلاد العرب كانت فى غاية الحرارة فكان الظل عندهم من أعظم اسباب الراحة وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة قال عليه السلام (السلطان ظل الله فى الأرض) وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يقول لاقوام فارغين عن الالتفات الى الكونين مراقبين للمشاهدات ان اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هم وأزواجهم اى اشكالهم فارغبوا أنتم الىّ واشتغلوا بي وتنعموا بنعيم وصالى وتلذذوا بمشاهدة جمالى فانه لا لذة فوقها رزقنا الله وإياكم ذلك: قال الحافظ صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دگرى پردازم وقال ايضا نعيم اهل جهان پيش عاشقان يك جو

[سورة يس (36) : الآيات 57 إلى 58]

لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ إلخ بيان لما يتمتعون به فى الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الانس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة والفاكهة الثمار كلها والمعنى لهم فى الجنة غاية مناهم فاكهة كثيرة من كل نوع من انواع الفواكه عظيمة لا توصف جمالا وبهجة وكمالا ولذة كما روى ان الرمانة منها تشبع السكن وهو اهل الدار والتفاحة تنفتق عن حوراء عيناء وكل ما هو من نعيم الجنة فانما يشارك نعيم الدنيا فى الاسم دون الصفة وفيه اشارة الى ان لا جوع فى الجنة لان التفكه لا يكون لدفع ألم الجوع وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ الجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا يتوهم كون ما عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها وما عبارة عن مدعو عظيم الشان معين او مبهم. ويدعون أصله يدتعيون على وزن يفتعلون من الدعاء لا من الادّعاء بمعنى الإتيان بالدعوى: وبالفارسيه [دعوى كردن بر كسى] فبناء افتعل الشيء فعله لنفسه وإعلاله انه استثقلت الضمة على الياء فنقلت الى ما قبلها فحذفت لاجتماع الساكنين فصار يدتعون ثم أبدلت التاء دالا فادغمت الدال فى الدال فصار يدعون والمعنى ولهم ما يدعون الله به لانفسهم من مدعو عظيم الشان او كل ما يدعون به كائنا ما كان من اسباب البهجة وموجبات السرور قال ابن الشيخ اى ما يصح ان يطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب كما قال الامام ليس معناه انهم يدعون لانفسهم شيأ فيستجاب لهم بعد الطلب بل معناه لهم ذلك فلا حاجة الى الدعاء كما إذا سألك أحد شيأ فقلت لك ذلك وان لم تطلبه ويجيئ الادعاء بمعنى التمني كما قال فى تاج المصادر [الادعاء: آرزو خواستن] من قولهم ادع على ما شئت بمعنى تمنه علىّ فالمعنى ولهم ما يتمنونه: وبالفارسية [ومر ايشانرا آنچهـ خواهند وآرزو برند وابن عباس رضى الله عنهما كفت كه بهشتى از أطعمه واشربه بي آنكه بزبان آرد پيش خود حاضر بيند] سَلامٌ بدل من ما يدعون كأنه قيل ولهم سلام وتحية يقال لهم قَوْلًا كائنا مِنْ جهة رَبٍّ رَحِيمٍ اى يسلم عليهم من جهته تعالى بواسطة الملك او بدونها مبالغة فى تعظيمهم فقولا مصدر مؤكد لفعل هو صفة لسلام وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له والاوجه ان ينتصب قولا على الاختصاص اى بتقدير اعنى فان المقام مقام المدح من حيث ان هذا القول صادر من رب رحيم فكان جديرا بان يعظم امره وفى الحديث (بينا اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فاذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله سلام قولا من رب رحيم فينظر إليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شىء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم فى ديارهم) سلام دوست شنيدن سعادتست وسلامت ... بوصل يار رسيدن فضيلتست وكرامت قال فى كشف الاسرار [معنى سلام آنست كه سلمت عبادى من الحرقة والفرقة واشارت رحمت درين موضع آنست كه ايشانرا برحمت خويش قوت وطاقت دهد تا بي واسطه كلام حق بشنوند وديدار وى بينند وايشانرا دهشت وحيرت نبود] وفى التأويلات النجمية

[سورة يس (36) : آية 59]

يشير الى ان سلامه تبارك وتعالى كان قولا منه بلا واسطة وأكده بقوله رب ليعلم انه ليس بسلام على لسان سفير وقوله رحيم فالرحمة فى تلك الحالة ان يرزقهم الرؤية حال ما يسلم عليهم ليكمل لهم النعمة وفى حقائق البقلى سلام الله ازلى الى الابد غير منقطع عن عباده الصادقين فى الدنيا والآخرة لكن فى الجنة يرفع عن آذانهم جميع الحجب فيسمعون سلامه وينظرون الى وجهه كفاحا. سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم قال فى كشف الاسرار [سلام خداوند كريم بر بندگان ضعيف دو ضرب است يكى بسفير وواسطه ويكى بي سفير وبي واسطه اما آنچهـ بواسطه است أول سلام مصطفاست عليه السلام: وذلك فى قوله (إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) اى محمد چون مؤمنان بر تو آيند ونواخت ما طلبند تو بنيابت ما بر ايشان سلام كن وبكوى (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) باز چون روزكار حيات بنده برسد وبريد مرك در رسد در ان دم زدن باز پسين ملك الموت را فرمان آيد كه تو بريد حضرت مايى بفرمان ما قبض روح بنده ميكنى نخست او را شربت شادى ده ومرهمى بر دل خسته بر وى نه بر وى سلام كن ونعمت بر وى تمام كن اينست كه رب العزت كفت (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) آن فرشتكان ديكر كه أعوان ملك الموت اند چون آن نواخت وكرامت بينند همه كويند (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) اى بنده مؤمن خوشدلى وديعت جان تسليم كردى نوشت باد وسلام ودرود مر ترا باد از سراى حكم قدم در ساخت بهشت نه كه كار كار تست ودولت دولت تو واز ان پس چون از حساب وكتاب ديوان قيامت فارغ شود بدر بهشت رسد ورضوان او را استقبال كند كويد (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) سلام ودرود بر شما خوش كشتيد و پاك آمديد و پاك زندكانى كرديد اكنون در رويد درين سراى جاودان وناز ونعيم بى كران واز ان پس كه در بهشت آيد بغرفه خويش آرام كيرد فرستادگان ملك آيند واو را مژده دهند وسلام رسانند وكويند (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) چون كوش بنده از شنيدن سلام واسطه پر شود واز درود فرشتگان پر شود آرزوى ديدار حق وسلام وكلام متكلم مطلق كند كويد بزبان افتقار در حالت انكسارى بساط انبساط كه. اى معدن ناز من اين نياز من تا كى. اى شغل جان من اين شغل جان من تا كى. اى همراز دل من اين انتظار دل من تا كى. اى ساقى سر من اين تشنكى من تا كى. اى مشهود جان من اين خبر پرسيدن من تا كى. خداوندا موجود دل عارفانى در ذكر يكانه آرزوى مشتاقانى در وجود يكانه هيچ روى آن دارد خداوندا كه ديدار بنمايى وخود سلام كنى برين بنده] فيتجلى الله عز وجل ويقول سلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله (سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) قيل سبعة أشياء ثواب لسبعة اغضاء لليد (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) للرجل (ادْخُلُوها بِسَلامٍ) للبطن (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) للعين (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) للفرج (وَحُورٌ عِينٌ) للاذن (سَلامٌ قَوْلًا) للسان (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وَامْتازُوا يقال مازه عنه يميزه ميزا اى عزله

[سورة يس (36) : آية 60]

ونحاه فامتاز والتمييز الفصل بين المتشابهات ودل الامتياز على انه حين يحشر الناس يختلط المؤمن والكافر والمخلص والمنافق ثم يمتاز أحد الفريقين عن الآخر كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) وهو عطف قصة سوء حال هؤلاء وكيفية عقابهم على قصة حسن حال أولئك ووصف ثوابهم وكان تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين الفريقين وحاليهما ويجوز ان يكون معطوفا على مضمر ينساق اليه حكاية حال اهل الجنة كأنه قيل بعد بيان كونهم فى شغل عظيم الشان وفوزهم بنعيم مقيم يقصر عنه البيان فليقروا بذلك عينا وامتازوا عنهم وانفردوا الْيَوْمَ وهو يوم القيامة والفصل والجزاء أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ الى مصيركم فكونوا فى السعير وفنون عذابها ولهبها بدل الجنة لهم وألوان نعمها وطربها: وبالفارسية [وجدا شويد آن روز اى مشركان از موحدان واى منافقان از مخلصان كه شما بزندان دشمنان مى رانند وايشانرا ببوستان دوستان خوانند] وعن قتادة اعتزلوا عما ترجون وعن كل خير او تفرقوا فى النار لكل كافر بيت من النار ينفرد به ويردم بابه بالنار فيكون فيه ابد الآبدين لا يرى ولا يرى وهو على خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بالاخوان وعذاب الفرقة عن القرناء والاصحاب من أسوأ العذاب وأشد العقاب وفى التأويلات يشير الى امتياز المؤمن والكافر فى المحشر والمنشر بابيضاض وجه المؤمن واسوداد وجه الكافر وبايتاء كتاب المؤمن بيمينه وبايتاء كتاب الكافر بشماله وبثقل الميزان وبخفته وبالنور وبالظلمة وثبات القدم على الصراط وزلة القدم عن الصراط وغير ذلك قال بعض الكبار اعلم ان اهل النار الذين لا يخرجون منها اربع طوائف المتكبرون والمعطلة والمنافقون والمشركون ويجمعها كلها المجرمون قال تعالى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) اى المستحقون لان يكونوا أهلا لسكنى النار فهؤلاء اربع طوائف هم الذي لا يخرجون من النار من انس وجن وانما جاء تقسيمهم الى اربع طوائف من غير زيادة لان الله تعالى ذكر عن إبليس انه يأتينا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ولا يدخل أحد النار الا بواسطته فهو يأتى للمشرك من بين يديه ويأتى للمتكبر عن يمينه ويأتى للمنافق عن شماله ويأتى للمعطل من خلفه وانما جاء للمشرك من بين يديه لان المشرك بين يديه جهة غيبية فاثبت وجود الله ولم يقدر على إنكاره فجعله إبليس يشرك بالله فى ألوهيته شيأ يراه ويشاهده وانما جاء للمتكبر من جهة اليمين لان اليمين محل القوة فلذلك تكبر لقوته التي أحس بها من نفسه وانما جاء للمنافق من جهة شماله الذي هو الجانب الأضعف لكون المنافق أضعف الطوائف كما ان الشمال أضعف من اليمين ولذلك كان فى الدرك الأسفل من النار ويعطى كتابه بشماله وانما جاء للمعطل من خلفه لان الخلف ما هو محل نظر فقال له ما ثم شىء فهذه اربع مراتب لاربع طوائف ولهم من كل باب من أبواب جهنم جزء مقسوم وهى منازل عذابهم فاذا ضربت الأربع التي هى المراتب فى السبعة أبواب كان الخارج ثمانية وعشرين منزلا عدد منازل القمر وغيره من الكواكب السيارة انتهى كلامه أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ إلخ من جملة ما يقال لهم يوم القيامة بطريق التقريع والإلزام والتبكيت بين الأمر بالامتياز وبين الأمر بدخول جهنم بقوله تعالى (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ)

[سورة يس (36) : الآيات 61 إلى 65]

إلخ والعهد والوصية التقدم بامر فيه خير ومنفعة والمراد هاهنا ما كلفهم الله تعالى على ألسنة الرسل من الأوامر والنواهي التي من جملتها قوله تعالى (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) وقوله تعالى (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وغيرها من الآيات الكريمة الواردة فى هذا المعنى والمراد ببني آدم المجرمون: والمعنى بالفارسية [آيا عهد نكرده ام شما را يعنى عهد كردم وفرمودم شما را] أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ان مفسرة للعهد الذي فيه معنى القول بالأمر والنهى او مصدرية حذف منها الجار اى ألم اعهد إليكم فى ترك عبادة الشيطان والمراد بعبادة الشيطان عبادة غير الله لان الشيطان لا يعبده أحد ولم يرد عن أحد انه عبد الشيطان الا انه عبر عن عبادة غير الله بعبادة الشيطان لوقوعها بامر الشيطان وتزيينه والانقياد فيما سوّله ودعا اليه بوسوسته فسمى إطاعة الشيطان والانقياد له عبادة له تشبيها لها بالعبادة من حيث ان كل واحد منهما ينبئ عن التعظيم والإجلال ولزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها فى مقابلة عبادته تعالى قال ابن عباس رضى الله عنهما من أطاع شيأ عبده دل عليه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) والمعنى بالفارسية [نپرستيد شيطانرا يعنى بتان بفرموده شيطان] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ اى ظاهر العداوة لكم يريد ان يصدكم عما جبلتم عليه من الفطرة وكلفتم به من الخدمة وهو تعليل لوجوب الانتهاء عن المنهي عنه ووجه عداوة إبليس لبنى آدم انه تعالى لما أكرم آدم عليه السلام عاداه إبليس حسدا والعاقل لا يقبل من عدوه وان كان ما يلقاه اليه خيرا إذ لا أمن من مكره فان ضربة الناصح خير من تحية العدو قال الشيخ سعدى قدس سره [دشمن چون از همه حيلتى درماند سلسله دوستى بجنباند پس آنگاه بدوستى كارها كند كه هيچ دشمن نتواند كرد] حذر كن ز آنچهـ دشمن كويد آن كن ... كه بر زانو زنى دست تغابن كرت راهى نمايد راست چون تير ... از آن بر كرد وراه دست چپ كير قال بعض الكبار اعلم ان عداوة إبليس لبنى آدم أشد من معاداته لابيهم آدم عليه السلام وذلك ان بنى آدم خلقوا من ماء والماء منافر للنار واما آدم فجمع بينه وبين إبليس اليبس الذي فى التراب فبين التراب والنار جامع ولهذا صدقه لما اقسم له بالله انه لناصح وما صدقه الأبناء لكونه لهم ضدا من جميع الوجوه فبهذا كانت عداوة الأبناء أشد من عداوة الأب ولما كان العدو محجوبا عن ادراك الابصار جعل الله لنا علامات فى القلب من طريق الشرع نعرفه بها تقوم لنا مقام البصر فنتحفظ بتلك العلامة من القائه واعانة الله عليه بالملك الذي جعله الله مقابلاله غيبا بغيب انتهى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى كمال رأفته وغاية مكرمته فى حق بنى آدم إذ يعاتبهم معاتبة الحبيب للحبيب ومناصحة الصديق للصديق وانه تعالى يكرمهم ويجعلهم عن ان يعبدوا الشيطان لكمال رتبتهم واختصاص قربتهم بالحضرة وغاية ذلة الشيطان وطرده ولعنه من الحضرة وسماه عدوا لهم وله وسمى بنى آدم الأولياء والأحباب وخاطب المجرمين منهم كالمعتذر الناصح لهم ألم اعهد إليكم ألم انصح ألم أخبركم عن خباثة الشيطان وعداوته لكم وانكم أعز من ان تعبدوا مثله ملعونا مهينا وَأَنِ اعْبُدُونِي

[سورة يس (36) : آية 62]

لان مثلكم يستحق لعبادة مثلى فانى انا العزيز الغفور وانى خلقتكم لنفسى وخلقت المخلوقات لاجلكم وعززتكم وأكرمتكم بان أسجدت لكم ملائكتى المقربين وعبادى المكرمين وهو عطف على ان لا تعبدوا وان فيه كما هى فيه اى وحدونى بالعبادة ولا تشركوا بها أحدا وتقديم النهى على الأمر لما ان حق التخلية التقدم على التحلية ولتصل به قوله تعالى هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فانه اشارة الى عبادته تعالى التي هى عبارة عن التوحيد والإسلام وهو المشار اليه بقوله تعالى (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) والمقصود بقوله تعالى (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) والتنكير للتفخيم قال البقلى طلب الحق منهم ما خلق فى فطرتهم من استعداد قبول الطاعة اى اعبدوني بي لابكم فهذا صراط مستقيم حيث لا تنقطع العبودية عن العباد ابدا ولا يدخل فى هذا الصراط اعوجاج واضطراب أصلا وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول «لا اله الا الله محمد رسول الله» فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد قال الواسطي من عبد الله لنفسه فانما يعبد نفسه ومن عبده لاجله فانه لم يعرف ربه ومن عبده بمعنى ان العبودية جوهرة فطرة الربوبية فقد أصاب ومن علامات العبودية ترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى وحفظ الحدود والوفاء بالعهود وترك الشكوى عند المحنة وترك المعصية عند النعمة وترك الغفلة عند الطاعة قال بعض الكبار لا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ رضوان الله عليهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الجاه واعلم انه كم نصح الله ووعظ وانذر وحذر ووصل القول وذكر ولكن المجرمين لم يقبلوا النصح ولم يتعظوا بالوعظ ولم يعملوا بالأمر بل عملوا بامر الشيطان وقبلوا إغواءه إياهم فليرجع العاقل من طريق الحرب الى طريق الصلح: قال الشيخ سعدى قدس سره نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كز إينان نيايد بجز كار بد فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما كجا بر سر آيم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ نظر دوست تا در كند سوى تو ... كه در روى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى وقال ايضا من طريق الاشارة نه ما را در ميان عهد ووفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى هنوزت ار سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً جواب قسم محذوف والخطاب لبنى آدمه وفى الإرشاد الجملة استئناف مسوق لتشديد التوبيخ وتأكيد التقريع ببيان ان جناياتهم ليست بنقض العهد فقط بل به وبعدم الاتعاظ بما شاهدوا من العقوبات النازلة على الأمم الخالية بسبب طاعتهم للشيطان والخطاب لمتأخريهم الذين من جملتهم كفار مكة

[سورة يس (36) : آية 63]

خصوا بزيادة التوبيخ والتقريع لتضاعف جناياتهم والجبل بكسر الجيم وتشديد اللام الخلق اى المخلوق ولما تصور من الجبل العظم قيل للجماعة العظيمة جبل تشبيها بالجبل فى العظم واسناد الإضلال الى الشيطان مجاز والمراد سببيته كما فى قوله تعالى (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) والا فالهداية والإضلال والإرشاد والإغواء صفة الله تعالى فى الحقيقة بدليل قوله عليه السلام (بعثت داعيا ومبلغا وليس الىّ من الهدى شىء وخلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء) والمعنى وبالله لقد أضل الشيطان منكم خلقا كثيرا يعنى صار سببا لضلالهم عن ذلك الصراط المستقيم الذي أمرتكم بالثبات عليه فاصابهم لاجل ذلك ما أصابهم من العقوبات الهائلة التي ملأ الآفاق اخبارها وبقي مدى الدهر آثارها وقال بعضهم وكيف تعبدون الشيطان وتنقادون لامره مع انه قد أضل منكم يا بنى آدم جماعة متعددة من بنى نوعكم فانحرفوا بإضلاله عن سواء السبيل فحرموا من الجنة الموعودة لهم أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أكنتم تشاهدون آثار عقوباتهم فلم تكونوا تعقلون انها لضلالهم وطاعتهم إبليس او فلم تكونوا تعقلون شيأ أصلا حتى ترتدعوا عما كانوا عليه كيلا يحيق بكم العقاب وقال الكاشفى [آيا نيستيد شما كه تعقل كنيد وخود را در دام فريب او بيفكنيد] وفى كشف الاسرار هو استفهام تقريع على تركهم الانتفاع بالعقل وفى الحديث (قسم الله العقل ثلاثة اجزاء فمن كانت فيه فهو العاقل حسن المعرفة بالله) اى الثقة بالله فى كل امر والتفويض اليه والائتمار له على نفسك وأحوالك والوقوف عند مشيئته لك فى كل امر دنيا وآخرة وحسن الطاعة لله وهو ان تطيعه فى كل أموره وحسن الصبر لله وهو ان تصبر فى النوائب صبرا لا يرى عليك فى الظاهر اثر النائبة كذا فى درر الأصول وفى التأويلات النجمية (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) عن صراط مستقيم عبوديتى وأبعدكم عن جوارى وقربتى (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) لتعلموا ان الرجوع الى الحق اولى من التمادي فى الباطل فلا تظلموا على أنفسكم وارجعوا الى ربكم واعلم ان العقل نور يستضاء به كما قال فى المثنوى كر بصورت وا نمايد عقل رو ... تيره باشد روز پيش نور او «1» ور مثال احمقى پيدا شود ... ظلمت شب پيش او روشن بود اندك اندك خوى كن با نور روز ... ور نه خفاشىء بمانى بي فروز عقل كل را كفت ما زاغ البصر ... عقل جزئى ميكند هر سو نظر «2» ثم اعلم ان الجاهل الأحمق والضال المطلق فى يد الشيطان يقوده حيث يشاء ولو علم حقيقة الحال وعقل ان الله الملك المتعال واهتدى الى طريق التوحيد والطاعة لحفظه الله من تلك الساعة فان التوحيد حصنه الحصين ومن دخل فيه أمن من مكر العدو المهين ومن خرج عنه طالبا للنجاة أدركه الهلاك ومات فى يد الآفات ومن أهمل نفسه فلم يتحرك لشىء كان كمجنون لا يعرف شمسا من فىء فنسأل الله الاشتغال بطاعته واستيعاب الأوقات بعبادته وطرد الشيطان بانوار الخدمة وقهر النفس بانواع الهمة هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ ايها المرجون تُوعَدُونَ اى توعدونها على ألسنة الرسل فى الدنيا فى أزمنتها المتطاولة

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان بيان رسول عليه السلام سبب تفضيل واختيار كردن او إلخ (2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آلوختن پيشه كوركنى قابيل إلخ

[سورة يس (36) : الآيات 64 إلى 65]

بمقابلة عبادة الشيطان مثل قوله تعالى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وغير ذلك وهو استئناف يخاطبون به من خزنة جهنم بعد تمام التوبيخ والتقريع والإلزام والتبكيت عند اشرافهم على شفير جهنم اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ يقال صلى اللحم كرمى يصليه صليا شواه وألقاه فى النار وصلى النار قاسى حرها وأصله اصليوها فاعل كاحشيوا وهو امر تنكيل واهانة كقوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) والمعنى ادخلوها وقاسوا حرها وفنون عذابها اليوم بكفركم المستمر فى الدنيا وفى ذكر اليوم ما يوجب شدة ندامتهم وحسرتهم يعنى ان ايام لذاتكم قد مضت ومن هذا الوقت واليوم وقت عذابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه أوقدت النار الف عام فابيضت ثم أوقدت الف عام فاحمرت ثم أوقدت الف عام فاسودت فهى سوداء كالليل المظلم وهى سجن الله تعالى لمجرمين قال النبي عليه السلام لجبرائيل (ما لى لم أر ميكائيل ضاحكا قط) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار قال بعضهم ذكر النار شديد فكيف القطيعة والفضيحة فيها ولذا ورد فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة وعن السرى السقطي رحمه الله اشتهى ان أموت ببلدة غير بغداد مخافة ان لا يقبلنى قبرى فافتضح عندهم وقال العطار رحمه الله لو ان نارا أوقدت فقيل من قبل الرحمن من القى نفسه فيها صار لاشيا لخشيت ان أموت من الفرح قبل ان اصل الى النار لخلاصى من العذاب الابدى فانظر الى انصاف هؤلاء السادات كيف أساءوا الظن بانفسهم مع انهم موحدون توحيدا حقيقيا عابدون عارفون وقد جعل دخول النار مسببا عن الكفر والشرك والأوزار خدايا بعزت كه خوارم مكن ... بذل كنه شرمسارم مكن مرا شرمسارى ز روى تو بس ... دكر شرمسارم مكن پيش كس بلطفم بخوان يا بران از درم ... ندارد بجز آستانت سرم بحقت كه چشمم ز باطل بدوز ... بنورت كه فردا بنازم مسوز الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ الختم فى الأصل الطبع ثم استعير للمنع والأفواه جمع فم واصل فم فوه بالفتح وهو مذهب سيبويه والبصريين كثوب وأثواب حذفت الهاء حذفا على غير قياس لخفائها ثم الواو لاعتدالها ثم أبدل الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم فلما أضيف رد الى أصله ذهابا به مذهب أخواته من الأسماء وقال الفراء جمع فوه بالضم كسوق وأسواق وفى الآية التفات الى الغيبة للايذان بان ذكر أحوالهم القبيحة استدعى ان يعرض عنهم ويحكى أحوالهم الفظيعة لغيرهم مع ما فيه من الإيماء الى ان ذلك من مقتضيات الختم لان الخطاب لتلقى الجواب وقد انقطع بالكلية والمعنى نمنع أفواههم من النطق ونفعل بها ما لا يمكنهم معه ان يتكلموا فتصير أفواههم كأنها مختومة فتعترف جوارحهم بما صدر عنها من الذنوب وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ باستنطاقنا إياها بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فتنطق الأربع بما كسبوه من السيئات والمراد جميع الجوارح لا ان كل عضو يعترف بما صدر منه [والكسب: حاصل

كردن كسى چيزى را والمعنى بالفارسية [امروز مهر مى نهيم بر دهنهاى ايشان چون ميكويد كه مشرك نبوده ايم وتكذيب رسل نكرده وشيطانرا نپرستيده وسخن كويد با ما دستهاى ايشان وكواهى دهد پايهاى ايشان بآنچهـ بودند در دنيا ميكردند] قال بعضهم لما قيل لهم (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) جحدوا وقالوا والله ربنا ما كنا مشركين وما عبدنا من دونك من شىء وما اطعنا الشيطان فى شىء من المنكرات فيختم على أفواههم وتعترف جوارحهم بمعاصيهم. والختم لازم للكفار ابدا. اما فى الدنيا فعلى قلوبهم كما قال تعالى (خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) . واما فى الآخرة فعلى أفواههم ففى الوقت الذي كان الختم على قلوبهم كان قولهم بأفواههم كما قال تعالى (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) فلما ختم على أفواههم ايضا لزم ان يكون قولهم باعضائهم لان الإنسان لا يملك غير القلب واللسان والأعضاء فاذا لم يبق القلب واللسان تعين الجوارح والأركان وفى كشف الاسرار [روز قيامت عمل كافران بر كافران عرضه كنند وصحيفهاى كردار ايشان بايشان نمايند آن رسواييها بينند وكردها بر مثال كوههاى عظيم انكار كنند وخصومت دركيرند وبر فرشتكان دعوى دروغ كنند كويند ما اين كه در صحيفهاست نكرده ايم وعمل ما نيست همسايكان بر ايشان كواهى دهند همسايكانرا دروغ زن كيرند اهل وعشيرت كواهى دهند وايشانرا نيز دروغ زن كيرند پس رب العزت مهر بر دهنهاى ايشان نهد وجوارح ايشان بسخن آرد تا بر كردهاى ايشان كواهى دهند] وعن انس رضى الله عنه كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال (هل تدرون مم اضحك) قلنا الله ورسوله اعلم قال (فى مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرنى من الظلم يقول بلى فيقول لا أجيز عن نفسى الا شاهدا منى فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لاركانه انطقى فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل) اى أدافع وأول عظم من الإنسان ينطق يوم يختم على الأفواه فخذه من رجله الشمال وكفه كما جاء فى الحديث. والسر فى نطق الأعضاء والجوارح بما صدر عنها ليعلم ان ما كان عونا على المعاصي صار شاهدا فلا ينبغى لاحد ان يلتفت الى ما سوى الله ويصحب أحدا غير الله لئلا يفتضح ثمة بسبب صحبته نكشود صائب از مدد خلق هيچ كار ... از خلق روى خود به خدا ميكنيم ما وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الغالب على الأفواه الكذب كما قال (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) والغالب على الأعضاء الصدق ويوم القيامة يوم يسأل الصادقين عن صدقهم فلا يسأل الأفواه فانها كثيرة الكذب ويسأل الأعضاء فانها كثيرة الصدق فتشهد بالحق اما الكفار فشهادة أعضائهم عليهم مبيدة لهم واما العصاة من المؤمنين الموحدين فقد تشهد عليهم أعضاؤهم بالعصيان ولكن تشهد لهم بعض أعضائهم ايضا بالإحسان كما جاء فى بعض الاخبار المروية المسندة ان عبدا تشهد عليه أعضاؤه بالزلة فتتطاير شعرة من جفن عينيه فتستأذن بالشهادة له فيقول الحق تعالى تكلمى يا شعرة جفن عين عبدى واحتجى عن عبدى

[سورة يس (36) : الآيات 66 إلى 70]

فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادى مناد هذا عتيق الله بشعرة [در كشف الاسرار فرمود كه چنانكه جوارح اعدا بر افعال بد ايشان كواهى ميدهد همچنين اعضاى بر طاعت ايشان اقامت شهادت كند چنانچهـ در آثار آورده اند كه حق سبحانه وتعالى بنده مؤمن را خطاب كند كه چهـ آورده او شرم دارد كه عبادات وخيرات خود بر شمارد حق سبحانه اعضاى ويرا بسخن درآورد تا هر يك اعمال خود را باز كويند انامل كواهى بر دهد بر تسبيحات] كما قال عليه السلام لبعض النساء (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فانهن مسئولات مستنطقات) يعنى بالشهادة يوم القيامة ولذا سن عد الاذكار بالأصابع وان لم يعلم العقد المعهود يعدّهن بأصابعه كيف شاء كما فى الاسرار المحمدية وقال بعض العرفاء معنى الختم على الأفواه وتكلم الأيدي وشهادة الأرجل تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير أيديهم وأرجلهم على صورة تدل بهيآتها وأشكالها على أعمالها وتنطق بألسنة أحوالها على ما كان من هيئة افعالها انتهى. فكما ان هيئة أعضاء المجرمين تدل على قبح أحوالهم وسوء أفعالهم كذلك شكل جوارح المؤمنين يدل على حسن أحوالهم وجمال أفعالهم وكل اناء يترشح بما فيه فطوبى للسعداء ومن يتبعهم فى زيهم وهيآتهم وطاعاتهم وعباداتهم پى نيك مردان بيايد شتافت ... كه هر كين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست وَلَوْ نَشاءُ لو للمضى ان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه اى ولو أردنا عقوبة المشركين فى الدنيا هم اهل مكة لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ طمس الشيء ازالة اثره بالكلية يقال طمسته اى محوته واستأصلت اثره كما فى القاموس اى لسوينا أعينهم ومحوناها بان أزلنا ضوءها وصورتها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن وتصير مطموسة ممسوخة كسائر أعضائهم: وبالفارسية [هر آينه ناپيدا كنيم يعنى رقم محو كشيم بر چشمهاى ايشان] يعنى كما اعمينا قلوبهم ومحونا بصائرهم لو نشاء لاعمينا أبصارهم الظاهرة وازلناها بالكلية فيكون عقوبة على عقوبة فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ الاستباق افتعال: وبالفارسية [بر يكديكر پيش كرفتن] والصراط من السبيل مالا التواء فيه بل يكون على سبيل القصد وانتصابه بنزع الجار لان الصراط مسبوق اليه لا مسبوق اى فارادوا ان يستبقوا ويتبادروا الى الطريق الواسع الذي اعتادوا سلوكه: وبالفارسية [پس پيشى كيرند وآهنك كنند راهى را كه در سلوك آن معتادند] فَأَنَّى يُبْصِرُونَ اى فكيف يبصرون الطريق وجهة السلوك الى مقاصدهم حين لاعين لهم للابصار فضلا عن غيره اى لا يبصرون لان أنى بمعنى كيف وكيف هنا انكار فتفيد النفي وحاصله تهديد لاهل مكة بالطمس فان الله تعالى قادر على ذلك كما فعل بقوم لوط حين كذبوه وراودوه عن ضيفه وفى التأويلات النجمية يشير الى طمس عين الظاهر بحيث لا يكون لها شق فكيف تبكى حتى تشهد بالبكاء على صاحبها ويشير ايضا الى طمس عين

[سورة يس (36) : آية 67]

الباطن فاذا كانت مطموسة كيف يبصر بها الحق والباطل ليرجع من الباطل الى الحق وإذا لم يبصر بها الحق كيف يخاف من الباطل ليحترق قلبه بنار الخوف فيسيل منه الدمع ليشهد له بالبكاء من الخوف كريه وزارى دليل رهبتست ... هر كرا اين نيست اهل شقوتست وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ المسخ تحويل الصورة الى ما هو أقبح منها سواء كان ذلك التحويل بقلبها الى صورة البهيمية مع بقاء الصورة الحيوانية او بقلبها حجرا ونحوه من الجمادات بابطال القوى الحيوانية. والمعنى ولو نشاء نسقطهم عن رتبة التكليف ودرجة الاعتبار لغيرنا صورهم بان جعلناهم قردة وخنازير كما فعلنا بقوم موسى اى بنى إسرائيل فى زمان داود عليه السلام او بان جعلناهم حجارة ومدرة وهذا أشد من الاول وأقبح لان الاول خروج عن رتبة الانسانية الى الحيوانية وهذا عن الحيوانية الى الجمادية التي ليس فيها شعور أصلا وقطعا عَلى مَكانَتِهِمْ بمعنى المكان الا ان المكانة أخص كالمقامة والمقام اى مكانهم ومنزلهم الذي هم فيه قعود: وبالفارسية [بر جاى خويش تا هم آنجا افسرده شوند] وقال بعضهم لاقعدناهم على أرجلهم وازمناهم فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا ذهابا وإقبالا الى جانب امامهم اى لم يقدروا ان يبرحوا مكانهم بإقبال. أصله مضوى قلبت الواو ياء وأدغمت الياء فى الياء وكسرت الضاد قبل الياء لتسلم الياء ومن قرأ مضيا بكسر الميم فانما كسرها اتباعا للضاد وَلا يَرْجِعُونَ اى ولا رجوعا وإدبارا الى جهة خلفهم فوضع موضع الفعل لمراعاة الفاصلة وليس مساق الشرطين لمجرد بيان قدرته تعالى على ما ذكر من عقوبة الطمس والمسخ بل لبيان انهم بما هم عليه من الكفر ونقض العهد وعدم الاتعاظ بما شاهدوا من آثار دثار أمثالهم أحقاء بان يفعل بهم فى الدنيا تلك العقوبة كما فعل بهم فى الآخرة عقوبة الختم وان المانع من ذلك ليس الا عدم تعلق المشيئة الالهية به كأنه قيل لو نشاء عقوبتهم بما ذكر من الطمس والمسخ لفعلناها لكنا لم نفعل جريا على سنن الرحمة العامة والحكمة التامة الداعيتين الى إمهالهم زمانا الى ان يتوبوا ويؤمنوا ويشكروا النعمة او الى ان يتولد منهم من يتصف بذلك قال بعض الحكماء المسخ ضربان خاص وهو تشويه الخلق بالفتح وعام فى كل زمان وهو تبديل الخلق بالضم وذلك ان يصير الإنسان متخلقا بخلق ذميم من اخلاق بعض الحيوانات نحو ان يصير فى شدة الحرص كالكلب او الشره كالخنزير او الغمارة كالثور. فعبارة الآية فى تحويل الصورة واشارتها فى تحويل الصفات الانسانية بالصفات السبعية والشيطانية فلا يقدرون على ازالة هذه الصفات ولا يقدرون على رجوعهم الى صفاتهم الانسانية فمن مسخه الله فى الدنيا بصفات حشره فى صورة صفته الممسوخة كما جاء فى الحديث الصحيح (ان آزر يحشر على صفة ضبع) قال فى حياة الحيوان فى الحديث يلقى ابراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم اقل لك لا تعص فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتني ان لا تخزينى يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ان يكون ابى فى النار فيقول الله تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا

[سورة يس (36) : آية 68]

هو بذبح متلطخ وهو بكسر الذال والخاء المعجمتين ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمه ويلقى فى النار والحكمة فى كون آزر مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع تغفل عما يجب التيقظ له وتوصف بالحمق فلما لم يقبل آزر النصيحة من اشفق الناس عليه وقبل خديعة عدوه الشيطان أشبه الضبع الموصوفة بالحمق لان الصياد إذا أراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فنخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك ولان آزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد الله تعالى إكرام ابراهيم عليه السلام بجعل أبيه على هيئة متوسطة قال فى المحكم يقال خزيته اى ذللته فلما خفض ابراهيم عليه السلام له جناح الذل من الرحمة لم يخز بصفة الذل يوم القيامة فاذا كان حال ابراهيم فما ظنك بغيره ممن لم يأت الله بقلب سليم فينبغى ان لا يلتفت الى الاكتساب بل يؤخذ بصالحات الأعمال وخالصات الأحوال نرجو من الله المتعال ان لا يفضحنا يوم السؤال وَمَنْ نُعَمِّرْهُ [التعمير: زندكانى دادن] والعمر مدة عمارة البدن بالروح اى ومن نطل عمره فى الدنيا: وبالفارسية [هر كرا عمر دراز دهيم] نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ [التنكيس: نكونسار كردن] وهو ابلغ والنكس أشهر وهو قلب الشيء على رأسه ومنه نكس الولد إذا خرج رجله قبل رأسه والنكس فى المرض ان يعود فى مرضه بعد افاقته والنكس فى الخلق وهو بالفارسية [آفرينش] الرد الى أرذل العمر والمعنى نقلبه فيه ونخلقه على عكس ما خلقناه اولا فلا يزال يتزايد ضعفه وتتناقص قوته وتنتقض بنيته ويتغير شكله وصورته حتى يعود الى حالة شبيهة بحال الصبى فى ضعف الجسد وقلة العقل والخلو عن الفهم والإدراك أراني كل يوم فى انتقاص ... ولا يبقى على النقصان شىء أَفَلا يَعْقِلُونَ اى أيرون ذلك فلا يعقلون ان من قدر على ذلك يقدر على ما ذكر من الطمس والمسخ فانه مشتمل عليهما وزيادة غير انه على تدرج وان عدم إيقاعهما لعدم تعلق مشيئه تعالى بهما نزد قدرت كارها دشوار نيست وفى البحر فان لم نفعلها بكم فى الدنيا نفعلها بكم فى الآخرة ان لم تتوبوا عن الكفر والمعاصي فانه روى ان بعض الناس من هذه الامة يحشرون على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكوسين أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها وبعضهم عميا وبعضهم صما وبكما وبعضهم يمضغنون ألسنتهم فهى مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم اهل الجمع الى عير ذلك وسيجيئ تفصيله فى محله قال ابو بكر الوراق قدس سره من عمره الله بالغفلة فان الأيام والأحوال مؤثرة فيه حالا فحالا من طفولة وشباب وكهولة وشيبة الى ان يبلغ ما حكى الله عنه من قوله (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) ومن أحياه الله بذكره فان تلون الأحوال لا يؤثر فيه فانه متصل الحياة بحياة الحق حى به وبقربه قال الله تعالى (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) قال فى كشف الاسرار [اين بندگانرا تنبيهى است عظيم بيدار كردن ايشان از خواب غفلت يعنى كه خود را دريابيد وروزكار جوانى وقوت بغنيمت داريد وعمل كنيد پيش از انكه

[سورة يس (36) : آية 69]

نتوانيد (قال النبي صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك [پس اگر روزكار جوانى ضايع كند ودر عمل تقصير كند بر سر پيرى وعجز عذرى باز خواهد هم نكو بود] قال النبي عليه السلام (إذا بلغ الرجل تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب أسير الله فى الأرض وشفع فى اهل بيته وإذا بلغ مائة سنة استحيى الله عز وجل منه ان يحاسبه) اى رضى عنه وسامح فى حسابه: قال الشيخ سعدى قدس سره دلم ميدهد وقت وقت اين اميد ... كه حق شرم دارد ز موى سفيد عجب دارم ار شرم دارد ز من ... كه شرمم نمى آيد از خويشتن وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ رد وابطال لما كانوا يقولون فى حقه عليه السلام من انه شاعر وما يقوله شعر والظاهر فى الرد ان يقال انه ليس بشاعر وان ما يتلوه عليكم ليس بشعر الا ان عدم كونه شاعرا لما كان ملزوما لعدم كون معلمه علمه الشعر نفى اللازم وأريد نفى الملزوم بطريق الكناية التي هى ابلغ من التصريح قال الراغب يقال شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمت علما فى الدقة كاصابة الشعر وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وفى القاموس الشعر غلب على منظوم القول لشرفه بالوزن والقافية وان كان كل علم شعرا والجمع اشعار يقال شعر به كنصر وكرم علم به وفطن له وعقله والشعر عند الحكماء القدماء ليس على وزن وقافية ولا الوزن والقافية ركن فى الشعر عندهم بل الركن فى الشعر إيراد المقدمات المخيلة فحسب ثم قد يكون الوزن والقافية معينين فى التخيل فان كانت المقدمة التي تورد فى القياس الشعرى مخيلة فقط تمحض القياس شعريا وان انضم إليها قول اقناعى تركبت المقدمة من معنيين شعرى واقناعى وان كان الضميم اليه قولا يقينيا تركبت المقدمة من شعرىّ وبرهانىّ قال بعضهم الشعر اما منطقى وهو المؤلف من المقدمات الكاذبة واما اصطلاحى وهو كلام مقفى موزون على سبيل القصد والقيد الأخير يخرج ما كان وزنه اتفاقيا كآيات شريفة اتفق جريان الوزن فيها اى من بحور الشعر الستة عشر نحو قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا) وقوله (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) وقوله (نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) ونحو ذلك وكلمات شريفة نبوية جاء الوزن فيها اتفاقيا من غير قصد اليه وعزم عليه نحو قوله عليه السلام حين عثر فى بعض الغزوات فاصاب إصبعه حجر فدميت هل أنت الا إصبع دميت ... وفى سبيل الله ما لقيت وقوله يوم حنين حين نزل ودعا واستنصر او يوم فتح مكة انا النبي لا كذب ... انا ابن عبد المطلب وقوله يوم الخندق باسم الإله وبه بدانا ... ولو عبدنا غيره شقينا

وغير ذلك سواء وقع فى خلال المنثورات والخطب أم لا. والمراد بالشعر الواقع فى القرآن الشعر المنطقي سواء كان مجردا عن الوزن أم لا والشعر المنطقي اكثر ما يروج بالاصطلاحى قال الراغب قال بعض الكفار للنبى عليه السلام انه شاعر فقيل لما وقع فى القرآن من الكلمات الموزونة والقوافي وقال بعض المحصلين أرادوا به انه كاذب لان ظاهر القرآن ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتم من العجم فضلا عن بلغاء العرب فانما رموه بالكذب لان اكثر ما يأتى به الشاعر كذب ومن ثمة سموا الادلة الكاذبة شعرا قال الشريف الجرجاني فى حاشية المطالع والشعر وان كان مفيدا للخواص والعوام فان الناس فى باب الاقدام والاحجام أطوع للتخييل منهم للصدق الاان مداره على الا كاذيب ومن ثمة قيل احسن الشعر أكذبه فلا يليق بالصادق المصدوق لما شهد به قوله تعالى (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) الآية والمعنى وما علمنا محمدا الشعر بتعليم القرآن على معنى ان القرآن ليس بشعر فان الشعر كلام متكلف موضوع ومقال مزخرف مصنوع منسوج على منوال الوزن والقافية مبنى على خيالات وأوهام واهية فاين ذلك من التنزيل الجليل الخطر المنزه عن مماثلة كلام البشر المشحون بفنون الحكم والاحكام الباهرة الموصلة الى سعادة الدنيا والآخرة ومن اين اشتبه عليهم الشؤون واختلط بهم الظنون قاتلهم الله انى يؤفكون وفى الآية اشارة الى ان النبي عليه السلام معلم من عند الله لانه تعالى علمه علوم الأولين والآخرين وما علمه الشعر لان الشعر قرآن إبليس وكلامه لانه قال رب اجعل لى قرآنا قال تعالى قرآنك الشعر قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى قوله تعالى (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) اعلم ان الشعر محل للاجمال واللغز والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم شيأ ولا ألغزنا ولا خاطبناه بشىء ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهم انتهى وهل يشكل على هذه الحروف المقطعة فى أوائل السور ولعله رضى الله عنه لا يرى ان ذلك من قبيل المتشابه او ان المتشابه ليس مما استأثر الله بعلمه وفى التأويلات النجمية يشير قوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) الى ان كل اقوال واعمال واحوال تجرى على العباد فى الظاهر والباطن كلها تجرى بتعليم الحق تعالى حتى الحرف والصنائع وذلك سر قوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) وتعليمه الصنائع لعباده على ضربين بواسطة وبغير واسطة اما بالواسطة فبتعليم بعضهم بعضا واما بغير الواسطة فكما علم داود عليه السلام صنعة اللبوس وكل حرفة وصنعة يعملها الإنسان من قريحته بغير تعليم أحد فهى من هذا القبيل انتهى: وفى المثنوى قابل تعليم وفهمست اين جسد ... ليك صاحب وحي تعليمش دهد جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود هيچ حرفت را بين كين عقل ما ... داند او آموختن بي اوستا كر چهـ اندر مكر موى اشكاف بد ... هيچ بيشه رام بي استاد شد ثم حكى قصة قابيل فانه تعلم حفر القبر من الغراب حتى دفن أخاه هابيل بعد قتله وحمله على عاتقه أياما (وَما يَنْبَغِي لَهُ) البغاء الطلب والانبغاء انفعال منه يقال بغيته اى طلبته فانطلب

قال الراغب هو مثل قوله النار ينبغى ان تحرق الثوب اى هى مسخرة للاحراق والمعنى وما يصح لمحمد الشعر ولا يتسخرّ ولا يتسهل ولا يتأتى له لو طلبه اى جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يكن لسانه يجرى به الا منكسرا عن وزنه بتقديم وتأخير او نحو ذلك كما جعلناه اميا لا يهتدى للخط ولا يحسنه ولا يحسن قراءة ما كتبه غيره لتكون الحجة اثبت وشبهة المرتابين فى حقية رسالته ادحض فانه لو كان شاعرا لدخلت الشبهة على كثير من الناس فى ان ما جاء به يقوله من عند نفسه لانه شاعر صناعته نظم الكلام وقال فى انسان العيون والحاصل ان الحق الحقيق بالاعتماد وبه تجتمع الأقوال ان المحرم عليه صلى الله عليه وسلم انما هو إنشاء الشعر اى الإتيان بالكلام الموزون عن قصد وزنه وهذا هو المعنى بقوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) فان فرض وقوع كلام موزون منه عليه السلام لا يكون ذلك شعرا اصطلاحا لعدم قصد وزنه فليس من الممنوع منه والغالب عليه انه إذا انشد بيتا من الشعر متمثلا به او مسندا لقائله لا يأتى به موزونا وادعى بعض الأدباء انه عليه السلام كان يحسن الشعر اى يأتى به موزونا قصدا ولكنه كان لا يتعاطاه اى لا يقصد الإتيان به موزونا قال وهذا أتم وأكمل مما لو قلنا انه كان لا يحسنه وفيه ان فى ذلك تكذيبا للقرآن وفى التهذيب للبغوى من أئمتنا قيل كان عليه السلام يحسن الشعر ولا يقوله والأصح انه كان لا يحسنه ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه ولعل المراد بين الموزون منه وغير الموزون ثم رأيته فى ينبوع الحياة قال كان بعض الزنادقة المتظاهرين بالإسلام حفظا لنفسه وماله يعرض فى كلامه بان النبي عليه السلام كان يحسن الشعر يقصد بذلك تكذيب كتاب الله تعالى فى قوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) الآية الكل فى انسان العيون يقول الفقير أغناه الله القدير هذا ما قالوه فى هذا المقام وفيه إشكال كما لا يخفى على ذوى الافهام لانهم حين حملوا الشعر فى هذا الكلام على المنطقي ثم بنوا قوله وما ينبغى له على القريض لم يتجاوب آخر النظم باوله والظاهر ان المراد وما ينبغى له من حيث نبوته وصدق لهجته ان يقول الشعر لان المعلم من عند الله لا يقول الا حقا وهذا لا ينافى كونه فى نفسه قادرا على النظم والنثر ويدل عليه تمييزه بين جيد الشعر ورديئه اى موزونه وغير موزونه على ما سبق ومن كان مميزا كيف لا يكون قادرا على النظم فى الإلهيات والحكم لكن القدرة لا تستلزم الفعل فى هذا الباب صونا عن اطلاق لفظ الشعر والشاعر الذي يوهم التخييل والكذب وقد كان العرب يعرفون فصاحته وبلاغته وعذوبة لفظه وحلاوة منطقه وحسن سرده والحاصل ان كل كمال انما هو مأخوذ منه كما سبق فى اواخر الشعراء. وكان أحب الحديث اليه صلى الله عليه وسلم الشعر اى ما كان مشتملا على حكمة او وصف جميل من مكارم الأخلاق او نصرة الإسلام او ثناء على الله ونصيحة للمسلمين. وايضا كان ابغض الحديث اليه صلى الله عليه وسلم الشعر اى ما كان فيه كذب وقبح وهجو ونحو ذلك. واما ما روى من انه عليه السلام كان يضع لحسان فى المسجد منبرا فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله والمؤمنين فذلك من قبيل المجاهدة التي أشير إليها فى قوله (جاهدوا باموالكم وأنفسكم وألسنتكم) شاعران شيران شدند وهجوشان ... همچو چنكال و چودندانست دان

[سورة يس (36) : آية 70]

تيز كن دندان وموزى قطع كن ... اين چنين باشد مكافات بدان إِنْ هُوَ اى ما القرآن إِلَّا ذِكْرٌ اى عظة من الله تعالى وارشاد للانس والجن كما قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) وَقُرْآنٌ مُبِينٌ اى كتاب سماوى بين كونه كذلك او فارق بين الحق والباطل يقرأ فى المحاريب ويتلى فى المعابد وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدين فكم بينه وبين ما قالوا. فعطف القرآن على الذكر عطف الشيء على أحد أوصافه فان القرآن ليس مجرد الوعظ بل هو مشتمل على المواعظ والاحكام ونحوها فلا تكرار قال فى كشف الاسرار [هر پيغمبرى كه آمد برهان نبوت وى از راه ديدها درآمد چون آتش ابراهيم وعصا ويد بيضاء موسى واحياء موتاى عيسى عليهم السلام وبرهان نبوت محمد عربى از راه دلها در آمد بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم اگر چهـ مصطفى را نيز معجزات بسيار بود كه محل اطلاع ديدها بود چون انشقاق قمر وتسبيح حجر وكلام ذئب واسلام ضب وغير آن اما مقصود آنست كه موسى تحدى بعصا كرد وعيسى تحدى بإحياء موتى كرد ومصطفى عليه السلام تحدى بكلام كرد (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) عصاى موسى هر چند درو صفت ربانى تعبيه بود از درخت عوسج بود ودم عيسى هر چند كه درو لطف الهى تعبيه بود اما وديعت سنيه بشر بود اى محمد تو كه مى روى دمى و چوبى با خود مبر چوب نفقه خران باشد ودم نصيب بيماران تو صفت قديم ما قرآن مجيد با خود ببر تا معجزه تو صفت ما بود] لِيُنْذِرَ اى القرآن متعلق بقوله وقرآن او بمحذوف دل عليه قوله الا ذكر وقرآن اى الا ذكر انزل لينذر ويخوف مَنْ كانَ حَيًّا اى عاقلا فهيما يميز المصلحة من المفسدة ويستخدم قلبه فيما خلق له ولا يضيعه فيما لا يعنيه فان الغافل بمنزلة الميت وجعل العقل والفهم للقلب بمنزلة الحياة للبدن من حيث ان منافع القلب منوطة بالعقل كما ان منافع البدن منوطة بالحياة وفيه اشارة الى ان كل قلب تكون حياته بنور الله وروح منه يفيده الانذار ويتأثر به وامارة تأثره الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة والمولى وقال بعضهم من كان حيا اى مؤمنا فى علم الله فان الحياة الابدية بالايمان يعنى ان ايمان من كان مؤمنا فى علم الله بمنزلة الحياة للبدن لكونه سببا للحياة الابدية قال ابن عطاء من كان فى علم الله حيا أحياه الله بالنظر اليه والفهم عنه والسماع منه والسلام عليه وقال الجنيد الحي من كان حياته بحياة خالقه لا من تكون حياته ببقاء نفسه ومن كان بقاؤه ببقاء نفسه فانه ميت فى وقت حياته ومن كان حياته بربه كان حقيقة حياته عند وفاته لانه يصل بذلك الى رتبة الحياة الاصلية وتخصيص الانذار بمن كان حى القلب مع انه عام له ولمن كان ميت القلب لانه المنتفع به وَيَحِقَّ الْقَوْلُ اى يجب كلمة العذاب وهو (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) عَلَى الْكافِرِينَ المصرين على الكفر لانه إذا انتفت الريبة الا المعاندة فيحق القول عليهم وفى إيرادهم بمقابلة من كان حيا اشعار بانهم لخلوهم عن آثار الحياة وأحكامها التي هى المعرفة أموات فى الحقيقة كالجنين ما لم ينفخ فيه الروح فالمعرفة تؤدى الى الايمان والإسلام والإحسان التي لا يموت أهلها بل ينتقل من مكان الى مكان قال

[سورة يس (36) : الآيات 71 إلى 76]

حضرة شيخى وسندى روح الله روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى أول الأمر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الإلهي والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما أشار اليه المولوى فى قوله فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت ... لم يقل انا اليه راجعون ثم ان الانذار صفة النبي عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء الخطاب ثم صفة وارثه الأكمل الذي هو على بصيرة من امره قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الأربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب إذا كان لوجه الله تعالى ولكن لا يحصل الترقي قدر ذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الأزلي بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالإنذار إذ الباز الأشهب انما يصيد الصيد الحي فنسأل الله الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والضمير للمشركين من اهل مكة اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما يقينيا هو فى حكم المعاينة اى قد رأوا وعلموا أَنَّا بمقتضى جودنا خَلَقْنا لَهُمْ اى لاجلهم وانتفاعهم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا العمل كل فعل من الحيوان يقصد فهوا خص من الفعل اى مما تولينا احداثه بالذات لم يشاركنا فيه غيرنا بمعاونة وتسبب وذكر الأيدي واسناد العمل إليها استعارة تمثيلية من عمل يعمل بالأيدي لانه تعالى منزه عن الجوارح قال الكاشفى [ميان مردمان مثاليست هر كارى كه تنها كند كويند من اين مهم بدست خود ساخته ام يعنى ديكر مرا در ساختن يارى نداده] وانما تخاطب العرب بما يستعملون فى مخاطباتهم [اينجا نيز ميفرمايد كه ما آفريديم براى ايشان بخود بي مشاركت غيرى] قال الراغب الأيدي جمع يد بمعنى الجارحة خص لفظ اليد لقصورنا إذ هي أجل الجوارح التي يتولى بها الفعل فيما بيننا وقال العتبى الأيدي هنا القوة والقدرة وقوله عملت أيدينا حكاية عن الفعل وان لم يباشر الفعل باليد هذا كقوله جرى بناء هذه القنطرة وهذا القصر على يدى فلان. وفى الخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فالامانة مؤداة وان لم تباشر باليد فيقول مالى فى يد فلان او اليتيم تحت يد القيم فاليد يكنى بها عن الملكة والضبط وقال فى الاسئلة المقحمة الأيدي هنا صلة وهو كقوله (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ومذهب العرب الكناية باليد والوجه عن الجملة انتهى وهذه المعاني متقاربة فى الحقيقة أَنْعاماً مفعول خلقنا اخر جمعا بينه وبين أحكامه المتفرعة عليه بقوله تعالى (فَهُمْ الخ) جمع نعم وهو المال الراعية وهى الإبل والبقر والغنم والمعز مما فى سيره نعومة اى لين ولا يدخل فيها الخيل والبغال والحمر لشدة وطئها الأرض وخص بالذكر من بين سائر ما خلق الله من المعادن والنبات والحيوان غير الانعام لما فيها من بدائع الفطرة كما فى الإبل وكثرة المنافع كما فى البقر والغنم اى الضأن والمعز فَهُمْ لَها مالِكُونَ قال ابن الشيخ

[سورة يس (36) : الآيات 72 إلى 76]

الفاء للسببية ومالكون من ملك السيد والتصرف اى فهم لسبب ذلك مالكون لتلك الانعام بتمليكنا إياها وهم متصرفون فيها بالاستقلال يختصون بالانتفاع بها لا يزاحمهم فى ذلك غيرهم وَذَلَّلْناها لَهُمْ [التذليل: خوار وذليل ومنقاد كردن] والذل بالضم ويكسر ضد الصعوبة وفى المفردات الذل ما كان عن قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول ليست بصعبة. والمعنى وصيرنا تلك الانعام منقادة لهم: وبالفارسية [رام كرديم انعام را براى ايشان] بحيث لا تستعصى عليهم فى شىء مما يريدون بها من الركوب والحمل والسوق الى ما شاؤا والذبح مع كمال قوتها وقدرتها فهو نعمة من النعم الظاهرة ولهذا الزم الله الراكب ان يشكر هذه النعمة ويسبح بقوله (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) فَمِنْها رَكُوبُهُمْ بفتح الراء بمعنى المركوب كالحلوب بمعنى المحلوب اى فبعض منها مركوبهم اى معظم منافعها الركوب وقطع المسافات وعدم التعرض للحمل لكونه من تتمات الركوب قال الكاشفى [پس بعضى از ان مركوب ايشانست كه بران سوارى كنند چون شتر] والركوب فى الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص فى التعارف بممتطى البعير [والامتطاء: مركب ومطيه كرفتن] وَمِنْها يَأْكُلُونَ اى وبعض منها يأكلون لحمه وشحمه وَلَهُمْ فِيها اى فى الانعام المركوبة والمأكولة مَنافِعُ اخر غير الركوب والاكل كالجلود والاصواف والأوبار والاشعار والنسيلة اى النتائج وكالحراثة بالثيران وَمَشارِبُ من اللبن جمع مشروب والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره أَفَلا يَشْكُرُونَ اى أيشاهدون هذه النعم التي يتنعمون بها فلا يشكرون المنعم بها بان يوحدوه ولا يشركوا به فى العبادة فقد تولى المنعم احداث تلك النعم ليكون إحداثها ذريعة الى ان يشكروها فجعلوها وسيلة الى الكفران كما شكا مع حبيبه وقال وَاتَّخَذُوا اى مع هذه الوجوه من الإحسان مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين الله المتفرد بالقدرة المتفضل بالنعمة آلِهَةً من الأصنام وأشركوها به تعالى فى العبادة لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ رجاء ان ينصروا من جهتهم فيما أصابهم من الأمور او ليشفعوا لهم فى الآخرة ثم استأنف فقال لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ اى لا تقدر آلهتهم على نصرهم والواو لوصفهم الأصنام باوصاف العقلاء وَهُمْ اى المشركون لَهُمْ اى لآلهتهم جُنْدٌ عسكر مُحْضَرُونَ اثرهم فى النار اى يشيعون عند مساقهم الى النار ليجعلوا وقودا لها: وبالفارسية [سپاه اند حاضر كرده شدكان فردا كه لشكر ايشانند با ايشان حاضر شوند در دوزخ] قال الكواشي روى انه يؤتى بكل معبود من دون الله ومعه اتباعه كأنهم جنده فيحضرون فى النار هذا لمن امر بعبادة نفسه او كان جمادا عابد ومعبود باشد در جحيم ... حسرت ايشان شود تا كه عظيم فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ الفاء لترتيب النهى على ما قبله والنهى وان كان بحسب الظاهر متوجها الى قولهم لكنه فى الحقيقة متوجه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى له عن التأثر منه

بطريق الكناية على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية. وقد يوجه النهى الى المسبب ويراد النهى عن السبب كما فى قوله لا ارينك هاهنا يريد به نهى مخاطبه عن الحضور لديه والمراد بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتخاذهم الأصنام آلهة فان ذلك مما لا يخلو عن التفوه بقولهم هؤلاء آلهتنا وانهم شركاء الله تعالى فى المعبودية وغير ذلك مما يورث الحزن كذا فى الإرشاد قال ابن الشيخ الفاء جزائية اى إذا سمعت قولهم فى الله ان له شريكا وولدا وفيك انك كاذب شاعر وتألمت من اذائهم وجفائهم فتسل بإحاطة علمى بجميع أحوالهم وبانى أجازيهم على تكذيبهم إياك واشراكهم بي إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ قال فى الإرشاد تعليل صريح للنهى بطريق الاستئناف بعد تعليله بطريق الاشعار فان العلم بما ذكر مستلزم للمجازاة قطعا اى نعلم بعلمنا الحضوري عموم ما يضمرون فى صدورهم من العقائد الفاسدة ومن العداوة والبغض وجميع ما يظهرون بألسنتهم من كلمات الكفر والشرك بالله والإنكار للرسالة فنجازيهم على جميع جناياتهم الخافية والبادية بآشكار ونهان هر چهـ كفتى وكردى ... جزا دهد بتو داناى آشكار ونهان وتقديم السر على العلن اما للمبالغة فى بيان شمول علمه تعالى لجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون مع استوائهما فى الحقيقة فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شىء فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأشياء البارزة والكامنة واما لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه مضمر فى القلب قبل ذلك فتعلق علمه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية حقيقة وفى الآية اشارة الى ان كلام الأعداء الصادر من العداوة والحسد جدير ان يحزن قلوب الأنبياء مع كمال قوتهم وانهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات وتطييب القلوب فى مقاساة الشدائد فى الله بان لها ثمرات كريمة عند الله وللحساد مطالب بها عند الله كما قال (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من الحسد والضغائن (وَما يُعْلِنُونَ) من العداوة والطعن وانواع الجفاء وإذا علم العبد ان ألمه آت من الحق هان عليه ما يقاسيه لا سيما إذا كان فى الله كما فى التأويلات النجمية قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء علمك بان الله هو المبتلى هر چهـ از جانان مى آيد صفا باشد مرا هذا قال فى برهان القرآن قوله (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ) وفى يونس (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) تشابها فى الوقف على قولهم فى السورتين لان الوقف عليه لازم وان فيهما مكسورة فى الابتداء لا فى الحكاية ومحكى القول فيهما محذوف ولا يجوز الوصل لان النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ان يخاطب بذلك انتهى قال فى بحر العلوم قوله (إِنَّا) إلخ تعليل للنهى على الاستئناف ولذلك لو قرئ انا بفتح الهمزة على حذف لام التعليل جاز وعليه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم (لبيك ان الحمد والنعمة لك) كسر ابو حنيفة وفتح الشافعي وكلاهما تعليل انتهى وفى الكواشي وزعم بعضهم ان من فتح (إِنَّا) بطلت صلاته وكفر وليس كذلك لانه لا يخلو اما ان يفتحها تعليلا فمعناه كالمكسورة او يفتحها بدلا من قولهم وليس بكفر

[سورة يس (36) : الآيات 77 إلى 83]

ايضا لجواز ان يخاطب هو صلى الله عليه وسلم والمراد غيره نحو (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) بل ان اعتقد ان محمدا عليه السلام يحزن لعلمه تعالى سرهم وعلانيتهم فقد كفر او يفتحها معمولة قولهم عند من يعمل القول بكل حال وليس بكفر ايضا انتهى كلامه باجمال أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان انكارهم البعث بعد ما شاهدوا فى أنفسهم أوضح دلائله واعدل شواهده كما ان ما سبق مسوق لبيان بطلان اشراكهم بالله بعد ما عاينوا فيما بايديهم ما يوجب التوحيد والإسلام. والهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والرؤية قلبية والنطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل- روى- ان جماعة من كفار قريش منهم أبيّ بن خلف ووهب بن حذافة بن جمح وابو جهل والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة اجتمعوا يوما فقال أبيّ بن خلف ألا ترون الى ما يقول محمد ان الله يبعث الأموات ثم قال واللات والعزى لاذهبن اليه ولا خصمنه وأخذ عظما باليا فجعل يفته بيده ويقول يا محمد ان الله يحيى هذا بعد ما رمّ قال عليه السلام (نعم ويبعثك ويدخلك جهنم) فنزلت ردا عليه فى إنكاره البعث لكنها عامة تصلح ردا لكل من ينكره من الإنسان لان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وفى الإرشاد وإيراد الإنسان موضع المضمر لان مدار الإنكار متعلق بأحواله من حيث هو انسان كما فى قوله تعالى (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) والمعنى ألم يتفكر الإنسان المنكر للبعث أيا من كان ولم يعلم علما يقينيا انا خلقناه من نطفة: وبالفارسية [آيا نديد وندانست أبيّ وغير او آنرا كه ما بيافريديم او را از آبى مهين در قرارى مكين چهل روز او را در طور نطفه نكه داشتيم تا مضغه كشت مصطفى عليه السلام كفت (ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله عز وجل اليه ملكا بأربع كلمات فيقول اكتب اجله ورزقه وانه شقى او سعيد) آنكه تقطيع هيكل او صورت شخص او در ظهور آورديم واو را كسوت بشريت پوشانيديم واز ان قرار مكين باين فضاى رحيب آورديم واز بستان پر از خون او را شير صافى داديم وبعقل وفهم وسمع وبصر ودل وجان او را بياراستيم وبقبض وبسط ومشى وحركات او را قوت داديم و چون از ان نطفه باين رتب رسانيديم وسخن كوى ودلير كشت] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] خَصِيمٌ شديد الخصومة والجدال بالباطل مُبِينٌ اى مبين فى خصومته او مظهر للحجة وهو عطف على الجملة المنفية داخل فى حيز الإنكار والتعجيب كأنه قيل أو لم ير انا خلقناه من اخس الأشياء وامهنها ففاجأ خصومتنا فى امر يشهد بصحته وتحققه مبدأ فطرته شهادة بينة فهذا حال الإنسان الجاهل الغافل ونعم ما قيل اعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رمانى اعلمه القوافي كل حين ... فلما قال قافية هجانى وما قيل لقد ربيت جروا طول عمرى ... فلما صار كلبا عض رجلى

[سورة يس (36) : الآيات 78 إلى 79]

قال السمرقندي العامل فى إذا المفاجأة معنى المفاجأة وهو عامل لا يظهر استغنى عن إظهاره بقوة ما فيها من الدلالة عليه ولا يقع بعدها الا الجملة المركبة من المبتدأ والخبر وهو فى المعنى فاعل لان معنى (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فاجأه خصومة بينة كما ان معنى قوله (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فاجأهم قنوطهم او مفعول اى فاجأ الخصومة وفاجأوا القنوط يعنى خاصم خالقه مخاصمة ظاهرة وقنطوا من الرحمة وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا عطف على الجملة الفجائية اى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا اى أورد فى شأننا قصة عجيبة فى نفس الأمر وهى فى الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وهى انكار احيائنا العظام ونفى قدرتنا عليه قال ابن الشيخ المثل يستعار للامر العجيب تشبيها له فى الغرابة بالمثل العرفي الذي هو القول السائر ولا شك ان نفى قدرة الله على البعث مع انه من جملة الممكنات وانه تعالى على كل شىء قدير من اعجب العجائب وَنَسِيَ خَلْقَهُ عطف على ضرب داخل فى حيز الإنكار والتعجيب والمصدر مضاف الى المفعول اى خلقنا إياه من النطفة اى ترك التفكر فى بدء خلقه ليدله ذلك على قدرته على البعث فانه لا فرق بينهما من حيث ان كلا منهما احياء موات وجماد وقال البقلى فى خلق الإنسان والوجوه الحسان من علامات قدرته اكثر مما يكون فى الكون لان الكونين والعالمين فى الإنسان مجموعون وفيه علمه معلوم لو عرف نفسه فقد عرف ربه لان الخليقة مرآة الحقيقة تجلت الحقيقة فى الخليقة لاهل المعرفة ورب قلب ميت أحياه بجمالته بعد موته بجهالته قالَ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية ضرب المثل كأنه قيل أي مثل ضرب او ماذا قال فقيل قال مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ منكرا له أشد النكير مؤكدا له بقوله وَهِيَ رَمِيمٌ اى بالية أشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد حيث لا جلد عليها ولا لحم ولا عروق ولا اعصاب يقال رمّ العظم يرم رمة بكسر الراء فيهما اى بلى فهو رميم وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنثة لانه اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرفات وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من اثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت وهو الشافعي ومالك واحمد واما أصحابنا الحنفية فلا يقولون بنجاسته كالشعر ويقولون المراد بإحياء العظام ردها الى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة فى بدن حى حساس واختلفوا فى الآدمي هل يتنجس بالموت تقال ابو حنيفة يتنجس لانه دموى الا انه يطهر بالغسل كرامة له وتكره الصلاة عليه فى المسجد وقال الشافعي واحمد لا يتنجس به ولا تكره الصلاة عليه فيه وعن مالك خلاف والأظهر الطهارة واما الصلاة عليه فى المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها كقول ابى حنيفة قُلْ يا محمد تبكيتا لذلك الإنسان المنكر بتذكير ما نسيه من فطرة الدالة على حقيقة الحال وإرشاده الطريقة للاشتشهاد بها يُحْيِيهَا اى تلك العظام الَّذِي أَنْشَأَها أوجدها أَوَّلَ مَرَّةٍ اى فى أول مرة ولم تكن شيأ فان قدرته كما هى لاستحالة التغير فيها والمادة على حالها فى القابلية اللازمة لذاتها وهو من النصوص القاطعة الناطقة بحشر الأجساد استدلالا بالابتداء على الاعادة وفيه رد على من لم يقل به وتكذيب له وَهُوَ اى الله المنشئ بِكُلِّ خَلْقٍ

عَلِيمٌ مبالغ فى العلم بتفاصيل كيفيات الخلق والإيجاد إنشاء وإعادة محيط بجميع الاجزاء المتفتتة المتبددة لكل شخص من الاشخاص أصولها وفروعها وأوضاع بعضها من بعض من الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق فيعيد كلا من ذلك على النمط السابق مع القوى التي كانت قبل وفى بحر العلوم بليغ العلم بكل شىء من المخلوقات لا يخفى عليه شىء من الاجزاء المتفتتة وأصولها وفروعها فاذا أراد ان يحيى الموتى يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الأرواح إليها ويحيون كما كانوا احياء وهو معنى حشر الأجساد والأرواح وبعث الموتى قال القاضي عضد الدين فى المواقف هل يعدم الله الاجزاء البدنية ثم يعيدها او يفرقها ويعيد فيها التأليف والحق انه لم يثبت ذلك ولا نجزم فيه نفيا ولا اثباتا لعدم الدليل على شىء من الطرفين وقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) لا يرجح أحد الاحتمالين لان هلاك الشيء كما يكون باعدام اجزائه يكون ايضا بتفريقها وابطال منافعها انتهى. فالجسم المعاد هو المبتدأ بعينه اى بجميع عوارضه المشخصة سواء قلنا ان المبتدأ قد فنى بجميع أعضائه وصار نفيا محضا وعدما صرفا ثم انه تعالى إعادة باعادة اجزائه الاصلية وصفاته الحالة فيها او قلنا ان المبتدأ قد فنى بتفرق اجزائه الاصلية وبطلان منافعها ثم انه تعالى الف بين الاجزاء المتفرقة وضم بعضها الى بعض على النمط السابق وخلق فيها الحياة واعلم ان المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهم الأكثرون كقولهم (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وقولهم (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ومن قال (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) قاله على طريق الاستبعاد فابطل الله استبعادهم بقوله (وَنَسِيَ خَلْقَهُ) اى نسى انا خلقناه من تراب ثم من نطفة متشابهة الاجزاء ثم جعلنا له من ناصيته الى قدمه أعضاء مختلفة الصور وما اكتفينا بذلك حتى او دعناه ما ليس من قبيل هذه الاجرام وهو النطق والعقل اللذان بهما استحق الإكرام فان كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون خلق الناطق العاقل من نطفة قذرة لم تكن محلا للحياة أصلا ويستبعدون إعادة النطق والعقل الى محل كانا فيه ومنهم من ذكر شبهة وان كانت فى آخرها تعود الى مجرد الاستبعاد وهى على وجهين. الاول انه بعد العدم لم يبق شيأ فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود فاجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى انه كما خلق الإنسان ولم يك شيأ مذكورا كذلك يعيده وان لم يبق شيأ مذكورا. والثاني ان من تفرقت اجزاؤه فى مشارق العالم ومغاربه وصار بعضه فى أبدان السباع وبعضه فى حواصل الطيور وبعضه فى جدران المنازل كيف يجتمع وابعد من هذه انه لو أكل انسان إنسانا وصارت اجزاء المأكول داخلة فى اجزاء الآكل فان أعيدت اجزاء الآكل لا يبقى للمأكول اجزاء تتخلق منها أعضاؤه وان أعيدت الاجزاء المأكولة الى بدن المأكول وأعيد المأكول بأجزائه لا تبقى للآكل اجزاء يتخلق منها فابطل الله هذه الشبهة بقوله (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) ووجهه ان فى الآكل اجزاء اصلية واجزاء فضلية وفى المأكول ايضا كذلك فاذا أكل انسان إنسانا صارت الاجزاء الاصلية للمأكول

[سورة يس (36) : الآيات 80 إلى 81]

فضلة بالنسبة الى الآكل والاجزاء الاصلية للآكل وهى ما كان قبل الاكل هى التي تجمع وتعاد مع الآكل والاجزاء المأكولة مع المأكول والله بكل خلق عليم يعلم الأصل من الفضل فيجمع الاجزاء الاصلية للآكل ويجمع الاجزاء الاصلية للمأكول وينفخ فيه الروح وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة فى البقاع المتباعدة بحكمته وقدرته قال بعض الأفاضل لما كان تمسكهم بكون العظام رميمة من وجهين. أحدهما اختلاط اجزاء الأبدان والأعضاء بعضها مع بعض فكيف يميز اجزاء بدن من اجزاء رميمة يابسة جدا مع ان الحياة تستدعى رطوبة البدن. أشار الى جواب الاول بقوله (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) فيمكنه تمييز اجزاء الأبدان والأعضاء. والى جواب الثاني بقوله الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً بدل من الموصول الاول وعدم الاكتفاء بعطف الصلة للتأكيد ولتفاوتها فى كيفية الدلالة. والشجر من النبت ماله ساق. والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب فلهذا سمى الأسود اخضر والأخضر اسود. وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة ووصف الشجر بالأخضر دون الخضراء نظرا الى اللفظ فان لفظ الشجر مذكر ومعناه مؤنث لانه جمع شجرة كثمر وثمرة والجمع مؤنث لكونه بمعنى الجماعة. والمعنى خلق لاجلكم ومنفعتكم من الشجر الأخضر كالمرخ والعفار نارا والمرخ بالخاء المعجمة شجر سريع الورى والعفار بالعين المهملة كسحاب شجر آخر تقدح منه النار قال الحكماء لكل شجر نار الا العناب فمن ذلك يدق القصار الثوب عليه ويتخذ منه المطرقة والعرب تتخذ زنودها من المرخ والعفار وهما موجودان فى اغلب المواضع من بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين كالمسواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وذلك قوله تعالى فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ إذا للمفاجأة والجار متعلق بتوقدون والضمير راجع الى الشجر [والإيقاد: آتش افروختن] اى تشعلون النار من ذلك الشجر لا تشكون فى انها نار تخرج منه كذلك لا تشكون فى ان الله يحيى الموتى ويخرجهم من القبور للسؤال والجزاء من الثواب والعقاب فان من قدر على احداث النار وإخراجها من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفية كان اقدر على إعادة الغضاضة الى ما كان غضا فطرأ عليه اليبوسة والبلى وعلم منه ان الله تعالى جامع الاضداد ألا يرى انه جمع الماء والنار فى الخشب فلا الماء يطفئ النار ولا النار تحرق الخشب ويقال ان الله تعالى خلق ملائكة نصف أبدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج وفى الآية اشارة الى شجر اخضر البشرية ونار المحبة فمصباح القلوب انما يوقد منه قال بعض الكبار ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما تنحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد ترتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب والحاصل انه ينقدح الظاهر بالأعمال فيحدث منها نور يتنور به البال ويزيد الحال ادخلوا الأبيات من ابوابها ... واطلبوا الأغراض من أسبابها نسأل الله الدخول فى الطريق والوصول الى منزل التحقيق أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ

وَالْأَرْضَ الهمزة للانكار وانكار النفي إيجاب والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام فهمزة الإنكار وان دخلت على حرف العطف ظاهرا لكنها فى التحقيق داخلة على كلمة النفي قصدا الى اثبات القدرة له وتقريرها. والمعنى أليس القادر المقتدر الذي انشأ الأناسي أول مرة وأليس الذي جعل لهم من الشجر الأخضر نارا وأليس الذي خلق السموات اى الاجرام العلوية وما فيها والأرض اى الاجرام السفلية وما عليها مع كبر جرمهما وعظم شأنهما: وبالفارسية [آيا نيست آنكس كه بيافريد آسمانها وزمينها با بزركى اجرام ايشان] بِقادِرٍ فى محل النصب لانه خبر ليس عَلى أَنْ يَخْلُقَ فى الآخرة مِثْلَهُمْ اى مثل الأناسي فى الصغر والحقارة بالنسبة إليهما ويعيدهم احياء كما كانوا فان بديهة العقل قاضية بان من قدر على خلقهما فهو على خلق الأناسي اقدر كما قال تعالى (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) او مثلهم فى اصول الذات وصفاتها وهو المعاد فان المعاد مثل الاول فى الاشتمال على الاجزاء الاصلية والصفات المشخصة وان غايره فى بعض العوارض لان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضر سه مثل أحد وغير ذلك وقال شرف الدين الطيبي لفظ مثل هاهنا كناية عن المخاطبين نحو قولك مثلك يجود اى على ان يخلقهم وفى التأويلات النجمية قال ان الاعادة فى معنى الابتداء فاذا أقررتم بالابتداء فأى إشكال بقي فى جواز الاعادة فى الانتهاء ثم قال الذي قدر على خلق النار فى الاغصان من المرخ والعفار قادر على خلق الحياة فى الرمة البالية ثم زاد فى البيان بان قال القدرة على مثل الشيء كالقدرة عليه لاستوائهما بكل وجه وانه يحيى النفوس بعد موتها فى العرصة كما يحيى الإنسان من النطفة والطير من البيضة ويحيى القلوب بالعرفان لاهل الايمان كما يحيى نفوس اهل الكفر بالهوى والطغيان دل عاشق چوباغ وفيض حق ابر بهار آسا ... حيات تازه بخشد حق دمادم باغ دلها را بَلى جواب من جهته تعالى وتصريح بما أفاده الاستفهام الإنكاري من تقرير ما بعد النفي وإيذان بتعين الجواب نطقوا به او تلعثموا فيه مخافة الإلزام قال ابن الشيخ هى مختصة بايجاب النفي المتقدم ونقضه فهى هاهنا لنقض النفي الذي بعد الاستفهام اى بلى انه قادر كقوله تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) اى بلى أنت ربنا وفى المفردات بلى جواب استفهام مقترن بنفي نحو (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) . ونعم يقال فى الاستفهام المجرد نحو (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) ولا يقال هاهنا بلى فاذا قيل ما عندى شىء فقلت بلى فهو رد لكلامه فاذا قلت نعم فاقرار منك انتهى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ عطف على ما يفيده الإيجاب اى بلى هو قادر على ذلك والمبالغ فى العلم والخلق كيفا وكما وقال بعضهم كثير المخلوقات والمعلومات يخلق خلقا بعد خلق ويعلم جميع الخلق- ذكر البرهان الرشيدي- ان صفات الله تعالى التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لانها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لان المبالغة ان يثبت للشىء اكثر مما له وصفاته تعالى متناهية فى الكمال لا يمكن المبالغة فيها. وايضا فالمبالغة تكون فى صفات تفيد الزيادة والنقصان وصفات الله منزهة عن ذلك واستحسنه الشيخ تقى الدين السبكى وقال الزركشي فى البرهان التحقيق ان صيغة المبالغة قسمان. أحدهما ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل. والثاني بحسب زيادة

[سورة يس (36) : آية 82]

المفعولات ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواقع قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفات الله وارتفع الاشكال ولهذا قال بعضهم فى حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة الى الشرائع وقال فى الكشاف المبالغة فى التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده او لانه بليغ فى قبول التوبة ينزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه إِنَّما أَمْرُهُ اى شأنه تعالى إِذا أَرادَ شَيْئاً وجود شىء من الأشياء خلقه أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ اى ان يعلق به قدرته فَيَكُونُ قرئ بالنصب على ان يكون معطوف على يقول والجمهور على رفعه بناء على انه فى تقدير فهو يكون بعطف الجملة الاسمية على الاسمية المتقدمة وهى قوله انما امره ان يقول له كن فالمعنى فهو يحدث من غير توقف على شىء آخر أصلا. وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فيما اراده بامر الآمر المطاع للمأمور المطيع فى سرعة حصول المأمور به من غير توقف على شىء ما وهو قول ابى منصور الماتريدى لانه لا وجه لحمل الكلام على الحقيقة إذ ليس هناك قول ولا آمر ولا مأمور لان الأمر ان كان حال وجود المكون فلا وجه للامر وان كان حال عدمه فكذلك إذ لا معنى لان يؤمر المعدوم بان يوجد نفسه قال النقشبندي والتعقيب فى فيكون انما نشأ من العبارة والا فلا تأخير ولا تعقيب فى سرعة نفوذ قضائه سبحانه [وكويند اين كن كلمه علامتيست كه چون ملائكه بشنوند دانند كه خير حادث خواهد شد] حرفيست كاف ونون ز تو امير صنع او ... از قاف تا بقاف بدين حرف كشته دال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الارادة الازلية كما تعلقت بايجاد المكونات تعلقت القدرة الازلية على وفق الحكمة الازلية بالمقدورات الى الابد على وفق الارادة باشارة امر كن فيكون الى الابد ما شاء فى الأزل انتهى فان قلت إرادته قديمة فلو كان القول قديما صار المكون قديما قلت تعلق الارادة حادث فى وقت معين وهو وقت وجود المكون فى الخارج والعين فلا يلزم ذلك وعن بعض الكبار فى قوله عليه السلام (ان الله فرد يحب الفرد) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الإيجاد يبتنى على ذلك واليه الاشارة بقوله (إِنَّما أَمْرُهُ) إلخ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوب اللقاء بعد الاعلال فليس عند الحقيقة هناك قول وانما لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة وعليها يدور سر قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) إذ لا نفخ هناك أصلا وانما هو تصوير قال الحسين النوري قدس سره ابدأ الأكوان كلها بقوله كن اهانة وتصغيرا ليعرف الخلق اهانتها ولا يركنوا إليها ويرجعوا الى مبدئها ومنشئها فشغل الخلق زينة الكون فتركهم معه واختار من خواصه من أعتقهم من رق الكون وأحياهم به فلم يجعل للعلل عليهم سبيلا ولا للآثار فيهم طريقا محو معنى وفارع از صورم ... نيست از جلوه صور خبرم تا شدم از سواى حق فانى ... يافتم من وجود حقانى شد ز من غائب عالم أكوان ... ديده ام كشت پر ز نور جهان

[سورة يس (36) : آية 83]

فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ الملكوت والرحموت والرهبوت والجبروت مصادر زيدت الواو والتاء فيها للمبالغة فى الملك والرحمة والرهبة والجبر قال فى المفردات الملكوت مختص بملك الله تعالى والملك ضبط الشيء والتصرف فيه بالأمر والنهى اى فاذا تقرر ما يوجب تنزهه تعالى وتنزيهه أكمل إيجاب من الشئون المذكورة كالانشاء والاحياء وان إرادته لا تتخلف عن مراده ونحو ذلك فنزهوا الله الذي بيده اى تحت قدرته وفى تصرف قبضته ملك كل شىء وضبطه وتصرفه عما وصفوه تعالى به من العجز وتعجبوا مما قالوه فى شأنه تعالى من النقصان: وبالفارسية [پس وصف كنيد به پاكى وبي عيبى آنكسى را كه بدست اقتدار اوست پادشاهى همه چيز] وَإِلَيْهِ لا الى غيره إذ لا مالك سواه على الإطلاق تُرْجَعُونَ تردون بعد الموت فيجازيكم بأعمالكم وهو وعد للمقرين ووعيد للمنكرين: يعنى [وعده دوستانست ووعيد دشمنان اينانرا شديد العقابست وآنان را] طوبى لهم وحسن مآب فالخطاب للمؤمنين والكافرين وفى التأويلات النجمية اثبت لكل شىء ملكوتا وملكوت الشيء ما هو الشيء به قائم ولو لم يكن للشىء ملكوت يقوم به لما كان شىء والملكوتات قائمة بيد قدرته (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالاختيار اهل القبول وبالاضطرار اهل الرد عصمنا الله من الرد بفضله وسعة كرمه اه وعن ابن عباس رضى الله عنهما كنت لا اعلم ما روى فى فضل يس وقراءتها كيف خصت به فاذا انه لهذه الآية وفى الحديث (اقرأوا سورة يس على موتاكم) قال الامام وذلك لان الإنسان حينئذ ضعيف القوة وكذا الأعضاء لكن القلب يكون مقبلا على الله تعالى بكليته فاذا قرئ عليه هذه السورة الكريمة تزداد قوة قلبه ويشتد تصديقه بالأصول فيزداد اشراق قلبه بنور الايمان وتتقوى بصيرته بلوامع العرفان انتهى يقول الفقير أغناه الله القدير وايضا ان المشرف على النزع يناسبه خاتمة السورة إذ الملكوت الذي هو الروح القائم هو به وسر الفائض عليه من ربه يرجع الى أصله حينئذ وينسلخ عن عالم الملك وقتئذ واليه الاشارة بالقول المذكور لابن عباس رضى الله عنهما وفى الحديث (ان لكل شىء قلبا وقلب القرآن يس) خدايت لشكرى داده ز قرآن ... پس آنكه قلب آن لشكر ز يس قيل انما جعل يس قلب القرآن اى أصله ولبه لان المقصود الأهم من إنزال الكتب بيان انهم يحشرون وانهم جميعا لديه محضرون وان المطيعين يجازون بأحسن ما كانوا يعملون ويمتاز عنهم المجرمون وهذا كله مقرر فى هذه السورة بأبلغ وجه وأتمه ونقل عن الغزالي انه انما كانت قلب القرآن لان الايمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهذا المعنى مقرر فيها بأبلغ وجه فشابهت القلب الذي يصح به البدن وقال ابو عبد الله القلب امير على الجسد وكذلك يس امير على سائر السور موجود فيه كل شىء. ويجوز ان يقال فى وجه شبهه بالقلب انه لما كان القلب غائبا عن الاحساس وكان محلا للمعانى الجليلة وموطنا للادراكات الخفية والجلية وسببا لصلاح البدن وفساده شبه الحشر به فانه من عالم الغيب وفيه يكون انكشاف

الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الابدية وبالاعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلى بالشقاوة السرمدية وقال النسفي يمكن ان يقال فى كونه قلب القرآن ان هذه السورة ليس فيها الا تقرير الأصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو الذي يتعلق بالقلب والجنان واما الذي باللسان والأركان ففى غير هذه السورة فلما كان فيها اعمال القلب لا غير سماها قلبا. وآخر الحديث المذكور (من قرأها يريد بها وجه الله غفر الله له واعطى من الاجر كأنما قرأ القرآن ثنتين وعشرين مرة وأيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت يس نزل بكل حرف منها عشرة املاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه وأيما مسلم قرأ يس وهو فى سكراته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة يشربها وهو على فراشه ويقبض روحه وهو ريان ويمكث فى قبره وهو ريان ولا يحتاج الى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان) وفى الحديث (ان فى القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لسامعها تدعى فى التوراة المعمة) قيل يا رسول الله وما المعمة قال (تعم صاحبها بخير الدارين وتدفع عنه أهاويل الآخرة وتدعى الدافعة والقاضية) قيل يا رسول الله وكيف ذلك قال (تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضى له كل حاجة) وفى الحديث (من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها كان له ثواب صدقة الف دينار فى سبيل الله ومن كتبها ثم شربها ادخلت جوفه الف دواء والف نور والف بركة والف رحمة ونزع منه كل داء وغل) وفى الحديث (من قرأ سورة يس فى ليلة أصبح مغفورا له) وعن يحيى بن كثير قال بلغنا انه من قرأ يس حين يصبح لم يزل فى فرح حتى يمسى ومن قرأها حين يمسى لم يزل فى فرح حتى يصبح وفى الحديث (اقرأوا يس فان فيها عشر بركات ما قرأها جائع إلا شبع وما قرأها عار الا اكتسى وما قرأها اعزب الا تزوج وما قرأها خائف الا أمن وما قرأها مسجون الا فرج وما قرأها مسافر الا أعين على سفره وما قرأها رجل ضلت له ضالة الا وجدها وما قرئت عند ميت الا خفف عنه وما قرأها عطشان الا روى وما قرأها مريض الا برىء) وفى الحديث (يس لما قرئت له) وفى الحديث (من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات) وفى ترجمة الفتوحات [و چون ببالين محتضر حاضر شوى سوره يس بخوان شيخ اكبر قدس سره ميفرمايد كه وقتى بيمار بودم ودرين مرض مرا غشيانى شد بحدى كه مرا از جمله مردكان شمردند در ان حالت قومى ديدم منظرهاى كريه وصورتهاى قبيح ميخواستند كه بمن أذيتي رسانند وشخصى ديدم بغايت خوب روى با قوت تمام واز وى بوى خوش مى آمد آن طائفه را از من دفع كرد وتا بدان حد كه ايشانرا مقهور كردانيد واو را پرسيدم تو كيستى كفت من سوره يس ام از تو دفع ميكنم چون از ان حالت بهوش آمدم پدر خود را ديدم كه ميكريست وسوره يس ميخواند در ان لحظه ختم كرد او را از آنچهـ مشاهده كرده بودم خبر دادم وبعد از ان بمدتى از رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمن رسيد كه (اقرأوا على موتاكم يس) قال الامام اليافعي قد جاء فى الحديث (ان عمل الإنسان يدفن معه فى قبره

تفسير سورة الصافات

فان كان العمل كريما أكرم صاحبه وان كان لئيما آلمه) اى ان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونورّه وحماه من الشدائد والأهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال كما جاء فى المثنوى در زمانه مر ترا سه همره اند ... آن يكى وافى واين يك غدرمند آن يكى ياران وديكر رخت ومال ... وآن سوم وافيست وان حسن الفعال مال نايد با تو بيرون از قصور ... يار آيد ليك آيد تا بكور چون ترا روز أجل آيد به پيش ... يار كويد از زبان حال خويش تا بدينجا بيش همره نيستم ... بر سر كورت زمانى بيستم فعل تو وافيست زو كن ملتحد ... كه در آيد با تو در قعر لحد پس پيمبر كفت بهر اين طريق ... با وفاتر از عمل نبود رفيق كر بود نيكو ابد يارت شود ... ور بود بد در لحد مارت شود وعن بعض الصالحين فى بعض بلاد اليمن انه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع فى القبر صوتا ودقا عنيفا نم خرج من القبر كلب اسود فقال له الشيخ الصالح ويحك أىّ شىء أنت فقال انا عمل الميت قال فهذا الضرب فيك أم فيه قال فى وجدت عنده سورة يس وأخواتها فحالت بينه وبينى وضربت وطردت قال اليافعي قلت لما قوى عمله الصالح غلب عمله الصالح وطرد عنه بكرم الله ورحمته ولو كان عمله القبيح أقوى لغلبه وافزعه وعذبه نسأل الله الكريم الرحيم لطفه ورحمته وعفوه وعافيته لنا ولاحبابنا ولاخواننا المسلمين اللهم أجب دعانا بحرمة سورة يس تمت سورة يس فى ثانى ذى القعدة الشريف من الشهور المنسلكة فى سلك سنة عشر ومائة والف تفسير سورة الصافات احدى او اثنتان وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالصَّافَّاتِ صَفًّا الواو للقسم والصافات جمع صافة بمعنى جماعة صافة فالصافات بمعنى الجماعات الصافات ولو قيل والصافين وما بعدها بالتذكير لم يحتمل الجماعات. والصف ان يجعل الشيء على خط مستقيم كالناس والأشجار: وبالفارسية [رسته كردن] تقول صففت القوم من باب ردّ فاصطفوا إذا أقمتم على خط مستو لاداء الصلاة او لاجل الحرب. اقسم الله سبحانه بالملائكة الذين يصفون للعبادة فى السماء ويتراصون فى الصف اى بطوائف الملائكة الفاعلات للصفوف على ان المراد إيقاع نفس الفعل من غير قصد الى المفعول واللاتي يقفن صفا صفا فى مقام العبودية والطاعة: وبالفارسية [وبحق فرشتكان صف بر كشيده در مقام عبوديت صف بر كشيدنى] او الصافات أنفسها اى الناظمات لها فى سلك الصفوف بقيامها فى مواقف الطاعة ومنازل الخدمة وفى الحديث (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم) قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال (يتمون الصفوف المقدّمة ويتراصون فى الصف) [والتراص: نيك در يكديكر بايستادن] وكان عمر بن الخطاب رضى الله

[سورة الصافات (37) : الآيات 2 إلى 3]

عنه إذا أراد ان يفتتح بالناس الصلاة قال استووا تقدم يا فلان تأخر يا فلان ان الله عز وجل يرى لكم بالملائكة أسوة يقول والصافات صفا: يعنى [خداى تعالى مى نمايد بر شما را به بملائكة اقتدا كويد] والصافات صفا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ترد الملائكة صفوفا صفوفا لا يعرف كل ملك منهم من الى جانبه لم يلتفت منذ خلقه الله تعالى وفى القاموس والصافات صفا الملائكة المصطفون فى الهواء يسبحون ولهم مراتب يقومون عليها صفوفا كما يصطف المصلون انتهى وقال بعضهم الصافات أجنحتها فى الهواء منتظرة لامر الله تعالى فيما يتعلق بالتدبير وقيل غير ذلك وقوله تعالى فى اواخر هذه السورة (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) يحتمل الكل قال بعض الكبار الملائكة على ثلاثة اصناف مهيمون فى جلال الله تعالى تجلى لهم فى اسمه الجليل فهيمهم وأفناهم عنهم فلا يعرفون نفوسهم ولا من هاموا فيه وصنف مسخرون ورأسهم القلم الأعلى سلطان عالم التدوين والتسطير وصنف اصحاب التدبير للاجسام كلها من جميع الأجناس كلها وكلهم صافون فى الخدمة ليس لهم شغل غير ما أمروا به وفيه لذتهم وراحتهم وفى الآية بيان شرف الملائكة حيث اقسم بهم وفضل الصفوف وقد صح ان الشيطان يقف فى فرجة الصف فلا بد من التلاصق والانضمام والاجتماع ظاهرا وباطنا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً يقال زجرت البعير إذا حثثته ليمضى وزجرت فلانا عن سوء فانزجر اى نهيته فانتهى فزجر البعير كالحث له وزجر الإنسان كالنهى وفى كشف الاسرار الزجر الصرف عن الشيء بتخويف وفى المفردات الزجر طرد بصوت ثم يستعمل فى الطرد تارة وفى الصوت اخرى وفى تاج المصادر [الزجر: تهديد كردن وبانك بر ستور زدن تا برود] اى الفاعلات للزجر او الزاجرات لمانيط بها زجره من الاجرام العلوية والسفلية وغيرها على وجه يليق بالمزجور ومن جملة ذلك زجر العباد عن المعاصي وزجر الشيطان عن الوسوسة والإغواء وعن استراق السمع كما سيأتى قال بعضهم يعنى الملائكة الذين يزجرون السحاب ويؤلفونه ويسوقونه الى البلد الذي لامطربه فَالتَّالِياتِ ذِكْراً مفعول التاليات واما صفا وزجرا فمصدران مؤكدان لما قبلهما بمعنى صفا بديعا وزجرا بليغا اى التاليات ذكرا عظيم الشأن من آيات الله وكتبه المنزلة على الأنبياء عليهم السلام وغيرهما من التسبيح والتقديس والتحميد والتمجيد. او المراد بالمذكورات نفوس العلماء العمال الصافات أنفسها فى صفوف الجماعات وأقدامها فى الصلاة الزاجرات بالمواعظ والنصائح التاليات آيات الله الدارسات شرائعه وأحكامه. او طوائف الغزاة الصافات أنفسهم فى مواطن الحرب كأنهم بنيان مرصوص. او طوائف قوادهم الصافات لهم فيها الزاجرات الخيل للجهاد سوقا والعدو فى المعارك طردا التاليات آيات الله وذكره وتسبيحه فى تضاعيف ذلك لا يشغلهم عن الذكر مقابلة العدوّ وذلك لكمال شهودهم وحضورهم مع الله وفى الحديث (ثلاثة أصوات يباهى الله بهن الملائكة الاذان والتكبير فى سبيل الله ورفع الصوت بالتلبية) . او نفوس العابدين الصفات عند اداء الصلاة بالجماعة الزاجرات الشياطين بقراءة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم التاليات القرآن بعدها ويقال فالتاليات ذكرا اى الصبيان يتلون فى الكتاب فان الله تعالى يحول العذاب عن الخلق مادامت تصعد هذه الاربعة الى السماء أولها أذان المؤذنين

[سورة الصافات (37) : آية 4]

والثاني تكبير المجاهدين. والثالث تلبية الملبين. والرابع صوت الصبيان فى الكتاب [صاحب تأويلات فرموده كه سوكند ميخورد بنفوس سالكان طريق توحيد كه در مواقف مشاهده صف بركشيده دواعى شيطانى ونوازع شهوات نفسانى را زجرى نمايند وبانواع ذكر لسانى يا قلبى يا سرى يا روحى بحسب احوال خود اشتغال ميفرمايند] وفى التأويلات النجمية (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) يشير الى صفوف الأرواح وجاء انهم لما خلقوا قبل الأجساد كانوا فى اربعة صفوف. كان الصف الاول أرواح الأنبياء والمرسلين. وكان الصف الثاني الرواح الأولياء والأصفياء. وكان الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين. وكان الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) هى الإلهامات الربانية الزاجرات للعوام عن المناهي والخواص عن رؤية الطاعات والأخص عن الالتفات الى الكونين (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) هم الذاكرون الله تعالى كثيرا والذاكرات انتهى وهذه الصفات ان أجريت على الكل فعطفها بالفاء للدلالة على ترتيبها فى الفضل اما بكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة او على العكس وان أجريت كل واحدة منهن على طوائف معينة فهو للدلالة على ترتب الموصوفات فى مراتب الفضل بمعنى ان طوائف الصافات ذوات فضل والزاجرات أفضل والتاليات ابهر فضلا او على العكس وفى تفسير الشيخ وغيره وجاء بالفاء للدلالة على ان القسم بمجموع المذكورات إِنَّ إِلهَكُمْ يا اهل مكة فان الآية نزلت فيهم إذ كانوا يقولون بطريق التعجب أجعل الآلهة الها واحدا او يا بنى آدم: وبالفارسية [وبدرستى كه خداى شما در ذات وحدانيت خود] لَواحِدٌ لا شريك له فلا تتخذوا آلهة من الأصنام والدنيا والهوى والشيطان. والجملة جواب للقسم والفائدة فيه مع ان المؤمن مقر من غير حلف والكافر غير مقرّ ولو بالحلف تعظيم المقسم به واظهار شرفه وتأكيد المقسم عليه على ما هو المألوف فى كلامهم وقد انزل القرآن على لغتهم وعلى أسلوبهم فى محاوراتهم وقيل تقدير الكلام فيها وفى مثلها ورب الصافات ورب التين والزيتون وفى المفردات الوحدة الانفراد والواحد فى الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى انه ما من عدد الا ويصح وصفه به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة فالواحد لفظ مشترك يستعمل فى خمسة أوجه. الاول ما كان واحدا فى الجنس او فى النوع كقولنا الإنسان والفرس واحد فى الجنس وزيد وعمرو واحد فى النوع. والثاني ما كان واحدا بالاتصال اما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد واما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة. والثالث ما كان واحدا لعدم نظيره اما فى الخلقة كقولك الشمس واحدة واما فى دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره وكقولك هو نسيج وحده. والرابع ما كان واحد الامتناع التجزى فيه اما لصغره كالهباء واما لصلابته كالماس. والخامس للمبتدأ اما لمبدأ العدد كقولك واحد اثنين واما لمبدأ الخط كقولك النقطة الواحدة والوحدة فى كلها عارضة فاذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه هو الذي لا يصح عليه التجزى ولا التكثر ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالى (وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) انتهى قال الغزالي رحمه الله الواحد هو الذي لا يتجزى

[سورة الصافات (37) : آية 5]

ولا يثنى اما الذي لا يتجزى فكالجواهر الواحد الذي لا ينقسم فيقال انه واحد بمعنى انه لا جزء له وكذا النقطة لا جزء لها والله تعالى واحد بمعنى انه يستحيل تقدير الانقسام على ذاته واما الذي لا يثنى فهو الذي لا نظير له كالشمس مثلا فانها وان كانت قابلة للقسمة بالوهم متجزئة فى ذاتها لانها من قبيل الأجسام فهى لا نظير لها الا انه يمكن لها نظير فما فى الوجود موجود ينفرد بخصوص وجود الا ويتصور ان يشاركه فيه غيره الا الله تعالى فانه الواحد المطلق ازلا وابدا فالعبد انما يكون واحدا إذا لم يكن فى أبناء جنسه نظير له فى خصلة من خصال الخير وذلك بالاضافة الى أبناء جنسه وبالاضافة الى الوقت إذ يمكن ان يظهر فى وقت آخر مثله وبالاضافة الى بعض الخصال دون الجميع فلا وحدة على الإطلاق الا لله تعالى انتهى. ولا يوحده تعالى حق توحيده الا هو إذ كل شىء وحده اى اثبت وجوده وفعله بتوحيده فقد جحده بإثبات وجود نفسه وفعله واليه الاشارة بقول الشيخ ابى عبد الله الأنصاري قدس سره تعالى ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من ينعته جاحد فاذا أفنى الوجود المجازى صح التوحيد الحقيقي الذاتي وكل شىء من الأشياء عين مرآة توحيده كما قالوا ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد وذلك لان كل شىء واحد بهويته او بانتهائه الى الجزء الذي لا يتجزى او بغير ذلك تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن قال الشيخ الزروقى فى شرح الأسماء من عرف انه الواحد أفرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام (ان الله وتر يحب الوتر) يعنى القلب المنفرد له وخاصة هذا الاسم الواحد إخراج الكون من القلب فمن قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه فكفى خوف الخلق وهو اصل كل بلاء فى الدنيا والآخرة وسمع عليه السلام رجلا يقول فى دعائه اللهم انى اسألك باسمك الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال (سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى) وفى الأربعين الادريسية يا واحد الباقي أول كل شىء وآخره قال السهروردي يذكره من توالت عليه الافكار الرديئة فتذهب عنه وان قرأه الخائف من السلطان بعد صلاة الظهر خمسمائة مرة فانه يأمن ويفرج همه ويصادقه اعداؤه رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما خبر ثان لان اى مالك السموات والأرض وما بينهما من الموجودات ومربيها ومبلغها الى كمالاتها وَرَبُّ الْمَشارِقِ اى مشارق الشمس وهى ثلاثمائة وستون مشرقا تشرق كل يوم من مشرق منها وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفى بذكرها يعنى إذا كانت المشارق بهذا العدد تكون المغارب ايضا بهذا العدد فتغرب فى كل يوم من مغرب منها واما قوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما وقوله رب المشرق والمغرب أراد به الجهة فالمشرق جهة والمغرب جهة وإعادة الرب فى المشارق لغاية ظهور آثار الربوبية فيها وتجددها كل يوم كما ذكر آنفا. تلخيصه هو رب جميع الموجودات وربوبيته لذاته لا لنفع يعود اليه بخلاف

[سورة الصافات (37) : الآيات 6 إلى 10]

تربية الخلق والربوبية بمعنى المالكية والخالقية ونحوهما عامة وبمعنى التربية خاصة بكل نوع بحسبه فهو مربى الأشباح بانواع نعمه ومربى الأرواح بلطائف كرمه ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة والرب عنوان الادعية فلا بد للداعى من استحضاره لسانا وقلبا حتى يستجاب فى دعائه اللهم ربنا انك أنت الواحد وحدة حقيقية ذاتية لا انقسام لك فيها فاجعل توحيدنا توحيدا حقانيا ذاتيا سريا لا مجازية فيه وانك أنت الرب الكريم الرحيم فكما انك ربنا وخالقنا فكذا مربينا ومولينا فاجعلنا فى تقلبات انواع نعمك شاغلين بك فارغين عن غيرك وأوصل إلينا من كل خيرك إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى القربى منكم ومن الأرض واما بالنسبة الى العرش فهى البعدى. والدنيا تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب بِزِينَةٍ عجيبة بديعة الْكَواكِبِ بالجر بدل من زينة على ان المراد بها الاسم اى ما يزان به لا المصدر فان الكواكب بانفسها وأوضاع بعضها عن بعض زينة وأي زينة وفيه اشارة الى ان الزينة التي تدرك بالبصر يعرفها الخاصة والعامة والى الزينة التي يختص بمعرفتها الخاصة وذلك أحكامها وسيرها والكواكب معلقة فى السماء كالقناديل او مكوكبة عليها كالمسامير على الأبواب والصناديق وكون الكواكب زينة للسماء الدنيا لا يقتضى كونها مر كوزة فى السماء الدنيا ولا ينافى كون بعضها مركوزة فيما فوقها من السموات لان السموات إذا كانت شفافة واجراما صافية فالكواكب سواء كانت فى السماء الدنيا او فى سماوات اخرى فهى لا بد وان تظهر فى السماء الدنيا وتلوح منها فتكون سماء الدنيا مزينة بالكواكب والحاصل ان المراد هو التزيين فى رأى العين سواء كانت اصول الزينة فى سماء الدنيا او فى غيرها وهذا مبنى على ما ذهب اليه اهل الهيئة من ان الثوابت مركوزة فى الفلك الثامن وما عدا القمر فى السنة المتوسطة وان لم يثبت ذلك فحقيقة العلم عند الله تعالى وَحِفْظاً منصوب بعطفه على زينة باعتبار المعنى كأنه قيل انا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا برمى الشهب مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ اى خارج عن الطاعة متعر عن الخير من قولهم شجر امرد إذا تعرى من الورق ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر وفى التأويلات النجمية بقوله (إِنَّا زَيَّنَّا) إلخ يشير الى الرأس فانه بالنسبة الى البدن كالسماء مزين (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) الحواس وايضا زين سماء الدنيا بالنجوم وزين قلوب أوليائه بنجوم المعارف والأحوال وكما حفظ السموات بان جعل النجوم للشياطين رجوما كذلك زين القلوب بانوار التوحيد فاذا قرب منها الشياطين رجموهم بنور معارفهم كما قال (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) يعنى من شياطين الانس وحكى ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس فى المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف العصا وانما أخاف من شعاع شمس المعرفة بسوزد نور پاك اهل عرفان ديو نارى را لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى اصل يسمعون يتسمعون فادغمت التاء فى السين وشددت والتسمع وتعديته بالى لتضمنه معنى الإصغاء. والملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون

[سورة الصافات (37) : الآيات 9 إلى 10]

العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء والملأ الأعلى الملائكة او اشرافهم او الكتبة وصفوا بالعلو لسكونهم فى السموات العلى والجن والانس هم الملأ الأسفل لانهم سكان الأرض وهذا كلام مبتدأ مسوق لبيان حالهم بعد بيان حفظ السماء منهم مع التنبيه على كيفية الحفظ وما يعتريهم فى أثناء ذلك من العذاب. والمعنى لا يتطلبون السماء والإصغاء الى الملائكة الملكوتية: يعنى [ملائكه كه مطلع اند بر بعضى از اسرار لوح با يكديكر [ميكويند ايشانرا نمى شنوند بلكه طاقت شنودن وكوش فرا نهادن ندارند] وَيُقْذَفُونَ القذف الرمي البعيد ولاعتبار البعد فيه قيل منزل قذف وقذيف وقذفته بحجر رميت اليه حجرا ومنه قذفه بالفجور اى يرمون: وبالفارسية [وانداخته مى شوند] مِنْ كُلِّ جانِبٍ من جميع جوانب السماء إذا قصدوا الصعود إليها دُحُوراً علة للقذف اى للدحور وهو طرد يقال دحره دحرا ودحورا إذا طرده وأبعده وَلَهُمْ فى الآخرة غير ما فى الدنيا من عذاب الرجم بالشهب عَذابٌ واصِبٌ دائم غير منقطع من وصب الأمر وصوبا إذا دام قال فى المفردات الوصب السقم اللازم إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه. والخطف الاختلاس بسرعة والمراد اختلاس الكلام اى كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة اى لا يسمع جماعة الشياطين الا الشيطان الذي خطف اى اختلس الخطفة اى المرة الواحدة يعنى كلمة واحدة من كلام الملائكة: وبالفارسية [وانرا قوت استماع كلام ملائكه نيست مكر كسى كه در ربايد يك ربودن يعنى بدزدد سخنى از فرشته] فَأَتْبَعَهُ اى طبعه ولحقه: وبالفارسية [پس از پى درآيد او را] قال ابن الكمال الفرق بين اتبعه وتبعه انه يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه شِهابٌ قال فى القاموس الشهاب ككتاب شعلة من نار ساطعة انتهى والمراد هنا ما يرى منقضا من السماء ثاقِبٌ قال فى المفردات الثاقب النير المضيء يثقب بنوره واضاءته ما يقع عليه انتهى اى مضىء فى الغاية كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين إذا صعدوا لاستراق السمع وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فى نفر من أصحابه إذ رمى بنجم فاستتار فقال عليه السلام (ما كنتم تقولون لمثل هذا فى الجاهلية) فقالوا يموت عظيم او يولد عظيم فقال (انه لا يرمى لموت أحد ولا لحياته ولكن الله إذا قضى امرا يسبحه حملة العرش واهل السماء السابعة يقولون) اى اهل السماء السابعة (لحملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم فيستخبر اهل كل سماء اهل سماء حتى ينتهى الخبر الى السماء الدنيا فيتخطب الجن فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ويكذبون فما ظهر صدقه فهو من قسم ما سمع من الملائكة وما ظهر كذبه فهو من قسم ما قالوه) قيل كان ذلك فى الجاهلية ايضا لكن غلظ المنع وشدّد حين بعث النبي عليه السلام. قيل هيئة استراقهم ان الشياطين يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا فيسمع من فوقهم الكلام فيلقيه الى من تحته ثم هو يلقيه الى الآخر حتى الى الكاهن فيرمون بالكوكب فلا يخطئ ابدا فمنهم من يقتل ومنهم من يحرق بعض أعضائه واجزائه ومنهم من يفسد عقله وربما

[سورة الصافات (37) : الآيات 11 إلى 18]

أدركه الشهاب قبل ان يلقيه وربما ألقاه قبل ان يدركه ولاجل ان يصيبهم مرة ويسلمون اخرى لا يرتدعون عن الاستراق بالكلية كراكب البحر للتجارة فانه قد يصيبه الموج وقد لا يصيبه فلذا يعود الى ركوب البحر رجاء السلامة ولا يقال ان الشيطان من النار فلا يحترق لانه ليس من النار الصرف كما ان الإنسان ليس من التراب الخالص مع ان النار القوية إذا استولت على الضعيفة استهلكتها ثم ان المراد بالشهاب شعلة نار تنفصل من النجم لا انه النجم نفسه لانه قار فى الفلك على حاله وقالت الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التي دون الفلك انتهى وقال بعض كبار اهل الحقيقة لولا الأثير الذي هو بين السماء والأرض ما كان حيوان ولا نبات ولا معدن فى الأرض لشدة البرد الذي فى السماء الدنيا فهو يسخن العالم لتسرى فيه الحياة بتقدير العزيز العليم وهذا الأثير الذي هو ركن النار متصل بالهواء والهواء حار رطب ولما فى الهواء من الرطوبة إذا اتصل بهذا الأثير اثر فيه لتحركه اشتعالا فى بعض اجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذوات الأذناب لانها هواء محترق لا مشتعل وهى سريعة الاندفاع وان أردت تحقيق هذا فانظر الى شرر النار إذا ضرب الهواء النار بالمروحة يتطاير منها شرر مثل الخيوط فى رأى العين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب وقد جعلها الله رجوما للشياطين الذين هم كفار الجن كما قال الله تعالى انتهى كلامه قدس سره قال بعضهم لما كان كل نير يحصل فى الجو مصابيح لاهل الأرض فيجوز ان تنقسم الى ما تكون باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد وهى الكواكب المركوزة فى الافلاك والى ما لا تبقى بل تضمحل وهو الحادث بالبخار الصاعد على ما ذهب اليه الفلاسفة او بتحريك الهواء الأثير واشعاله على ما ذهب اليه بعض الكبار فلا يبعد ان يكون هذا الحادث رجما للشيطان يقول الفقير أغناه الله القدير قول بعض الكبار يفيد حدوث بعض الكواكب ذوات الاذناب من التحريك المذكور وهى الكواكب المنقضة سواء كانت ذوات أذناب اولا وهذا لا ينافى ارتكاز الكواكب الغير الحادثة فى أفلاكها او تعليقها فى السماء او بايدى الملائكة كالقناديل المعلقة فى المساجد او كونها ثقبا فى السماء او عروقا نيرة من الشمس على ما ذهب الى كل منها طائفة من اهل الظاهر والحقيقة قال قتادة جعل الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به. فعلى طالب الحق ان يرجم شيطانه بنور التوحيد والعرفان كيلا يحوم حول جنانه ويكون كالملأ الأعلى فى الاشتغال بشانه كاه كويى أعوذ وكه لا حول ... ليك فعلت بود مكذب قول بحقيقت بسوز شيطانرا ... ساز از نور حال درمانرا فَاسْتَفْتِهِمْ خطاب للنبى عليه السلام والضمير لمشركى مكة [والاستفتاء: فتواى خواستن] والفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الاحكام يقال استفتيته فافتانى بكذا قال بعضهم الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى وسمى الفتوى فتوى لان المفتى يقوى السائل فى جواب الحادثة وجمعه فتاوى بالفتح والمراد بالاستفتاء هنا الاستخبار كما فى قوله تعالى فى قصة اهل

[سورة الصافات (37) : آية 12]

الكهف (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) وليس المراد سؤال الاستفهام بل التوبيخ. والمعنى فاستخبر يا محمد مشركى مكة توبيخا واسألهم سؤال محاجة أَهُمْ [آيا ايشان] أَشَدُّ خَلْقاً أقوى خلقة وامتن بنية او أصعب على الخالق خلقا او أشق إيجادا أَمْ مَنْ اى أم الذي خَلَقْنا من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب والشياطين المردة ومن لتغليب العقلاء على غيرهم إِنَّا خَلَقْناهُمْ اى خلقنا أصلهم وهو آدم وهم من نسله مِنْ طِينٍ لازِبٍ لاصق يلصق ويعلق باليد لارمل فيه قال فى المفردات اللازب الثابت الشديد الثبوت ويعبر باللازب عن الواجب فيقال ضربة لازب اه والباء بدل من الميم والأصل لازم مثل مكة وبكة كما فى كشف الاسرار والمراد اثبات المعاد ورد استحالتهم وتقريره ان استحالة المعاد اما لعدم قابلية المادة ومادتهم الاصلية هى الطين اللازب الحاصل من ضم الجزء المائى الى الجزء الأرضي وهما باقيان قابلان الانضمام بعد واما لعدم قدرة الفاعل وهو باطل فان من قدر على خلق هذه الأشياء العظيمة قادر على ما يعتد به بالاضافة إليها وهو خلق الإنسان وإعادته سيما ومن الطين اللازب بدأهم وقدرته ذاتية لا تتغير فهى بالنسبة الى جميع المخلوقات على السواء [پس هر كاه خورشيد قدرت از أفق أرادت طلوع نمايد ذرات مقدورات در هواى إبداع وفضاى اختراع بجلوه درآيند] قدس سره كاينك ز عدم سوى وجود آمده ايم قال الشيخ سعدى قدس سره بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست دكر ره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد وفى الآية اشارة الى انه تعالى أودع فى الطينة الانسانية خصوصية لزوب ولصوق يلصق بكل شىء صادقه فصادف قوما الدنيا فلصقوا بها وصادف قوما الآخرة فلصقوا بها وصادف قوما نفحات الطاف الحق فلصقوا بها فاذابتهم وجذبتهم عن انانيتهم بهويتها كما تذيب الشمس الثلج وتجذبه إليها فطوبى لعبد لم يتعلق بغير الله تعالى: قال الحافظ غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ قال سعدى المفتى إضراب عن الأمر بالاستفتاء اى لا تستفتهم فانهم معاندون ومكابرون لا ينفع فيهم الاستفتاء وانظر الى تفاوت حالك وحالهم أنت تعجب من قدرة الله تعالى على خلق هذه الخلائق العظيمة ومن قدرته على الاعادة وانكارهم للبعث وهم يسخرون من تعجبك وتقريرك للبعث وقال قتادة عجب نبى الله من هذا القرآن حين انزل وضلال بنى آدم وذلك ان النبي عليه السلام كان يظن ان كل من يسمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه ولم يؤمنوا عجب من ذلك النبي عليه السلام فقال الله تعالى (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) والسخرية الاستهزاء والعجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء ولهذا قال بعض الحكماء العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل

[سورة الصافات (37) : الآيات 13 إلى 18]

لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب لا يخفى عليه خافية. والعجب فى صفة الله تعالى قد يكون بمعنى الإنكار الشديد والذم كما فى قراءة بل عجبت بضم التاء وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضى كما فى حديث (عجب ربكم من شاب ليست له صبوة ونخوة) وفى فتح الرحمن هى عبارة عما يظهره الله فى جانب المتعجب منه من التعظيم والتحقير حتى يصير الناس متعجب منه انتهى وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال ان الله تعالى لا يعجب من شىء ولكن الله وافق رسوله فقال (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) اى هو كما تقوله وفى المفردات بل عجبت ويسخرون اى عجبت من انكارهم البعث لشدة تحققك بمعرفته ويسخرون بجهلهم. وقرأ بعضهم بل عجبت بضم التاء وليس ذلك اضافة التعجب الى نفسه فى الحقيقة بل معناه انه مما يقال عنده عجبت او تكون عجبت مستعارة لمعنى أنكرت نحو (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) انتهى وَإِذا ذُكِّرُوا اى ودأبهم المستمر انهم إذا وعظوا بشىء من المواعظ: وبالفارسية [و چون پند داده شون به چيزى لا يَذْكُرُونَ لا يتعظون: وبالفارسية [ياد نكنند آنرا وبدان پند پذير نشوند] وفيه اشارة الى انهم نسوا الله غاية النسيان بحيث لا يذكرونه وإذا ذكروا يعنى بالله تعالى لا يتذكرون وَإِذا رَأَوْا آيَةً اى معجزة تدل على صدق القائل بالبعث يَسْتَسْخِرُونَ [الاستسخار: أفسوس داشتن] والسين والتاء للمبالغة والتأكيد اى يبالغون فى السخرية والاستهزاء او للطلب على أصله اى يستدعى بعضهم من بعض ان يسخر منها: يعنى [يكديكر را بسخريه مى خوانند] وَقالُوا إِنْ هذا [نيست اين كه ما ديدم] ان نافية بمعنى ما وهذا اشارة الى ما يرونه من الآية الباهرة إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته وفيه اشارة الى ان اهل الإنكار إذا رأوا رجلا يكون آية من آيات الله يسخرون منه ويعرضون عن الايمان به ويقولون لما يأتى به ان هذا الا سحر مبين لانسداد بصائرهم عن رؤية حقيقة الحال بغطاء الإنكار ونسبة اهل الهدى الى الضلال چون نباشد چشم ويرا نورجان ... كفت وكوى وجه باقى شد خيال أَإِذا اى أنبعث إذا مِتْنا وبالفارسية [آيا برانگيختگان باشيم چون ميريم ما] وَكُنَّا تُراباً [وباشيم خاك] وَعِظاماً [واستخوانهاى بى گوشت و پوست] اى كان بعض اجزائنا ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لانه منقلب من الاجزاء البالية أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ اى لا نبعث فان الهمزة للانكار الذي يراد به النفي وتقديم الظرف لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه الى حالة منافية له غاية المنافاة أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الهمزة للاستفهام والواو للعطف وآباؤنا رفع على الابتداء وخبره محذوف عند سيبويه اى وآباؤنا الأولون اى الأقدمون ايضا مبعوثون ومرادهم زيادة الاستبعاد بناء على انهم اقدم فبعثهم ابعد على زعمهم قُلْ تبكيتا لهم نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ نعم بفتحتين يقع فى جواب الاستخبار المجرد من النفي ورد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام والخطاب لهم ولآبائهم على التغليب. والدخور أشد الصغار والذلة يقال ادخرته فدخر أي أذللته فذل والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم اى كلكم مبعوثون والحال انكم صاغرون أذلاء على رعم منكم

[سورة الصافات (37) : الآيات 19 إلى 23]

فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ لا تحتاج الى نعم الاخرى وهى اما ضمير مبهم يفسره خبره او ضمير البعثة المذكورة فى ضمن نعم لان المعنى نعم مبعوثون والجملة جواب شرط مضمر او تعليل لنهى مقدر اى إذا امر الله بالبعث فانما هى إلخ اولا تستصعبوه فانما هى إلخ. والزجرة الصيحة من زجر الراعي غنمه او ابله إذا صاح عليها وهى النفخة الثانية فَإِذا هُمْ إذا للمفاجأة والضمير للمشركين وفى بعض التفاسير للخلائق كلهم اى فاذا هم قائمون من مراقدهم احياء يَنْظُرُونَ حيارى او يبصرون كما كانوا او ينتظرون ما يفعل بهم وَقالُوا اى المبعوثون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق والتقرر يا وَيْلَنا الويل الهلاك اى يا هلاكنا احضر فهذا أوان حضورك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] هذا يَوْمُ الدِّينِ تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف اى اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا وانما علموا ذلك لانهم كانوا يسمعون فى الدنيا انهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده ايضا فتقول لهم الملائكة بطريق التوبيخ والتقريع هذا يَوْمُ الْفَصْلِ اى القضاء او الفرق بين فريقى الهدى والضلال الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ اى كنتم على الاستمرار تكذبون به وتقولون انه كذب ليس له اصل ابدا فيقول الله تعالى للملائكة احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا الحشر يجيىء بمعنى البعث وبمعنى الجمع والسوق وهو المراد هاهنا دون الاول كما لا يخفى والمراد بالظالمين المشركون من بنى آدم [جمع كنيد وبهم آريد آنان را كه ستم كردند بر خود بشرك] وَأَزْواجَهُمْ اى أشباههم من اهل الشرك والكفر والنفاق والعصيان عابد الصنم مع عبدته وعابد الكواكب مع عبدتها واليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمجوس مع المجوس وغيرهم من الملل المختلفة ويجوز ان يكون المراد بالأزواج نساءهم اللاتي على دينهم او قرناءهم من الشياطين كل كافر مع شيطانه فى سلسلة وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام ونحوها زيادة فى تحسيرهم وتخجيلهم فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ الضمير للظالمين وأزواجهم ومعبوديهم اى فعرّفوهم طريق جهنم ووجهوهم إليها وفيه تهكم بهم ويقال الظالم فى الآية عام على من ظلم نفسه وغيره فيحشر كل ظالم مع من كان معينا له اهل الخمر مع اهل الخمر واهل الزنى مع اهل الزنى واهل الربا مع اهل الربا وغيرهم كل مع مصاحبه [در قوت القلوب آورده كه يكى از عبد الله بن مبارك قدس سره پرسيد كه من خياطم وأحيانا براى ظلمه چامه مى دوزم ناكاه از عوان ايشان نباشيم ابن مبارك فرمودنى تو كه از أعوان نيستى بلكه از ظالمانى أعوان ظلمه آنهااند كه سوزن ورشته بتو ميفروشند] وفى الفروع ويكره للخفاف والخياط ان يستأجر على عمل من زى الفساق ويأخذ فى ذلك اجرا كثيرا لانه اعانة على المعصية [نقليست كه يكبار امام أعظم رضى الله عنه را محبوس كردند يكى از ظلمه بيامد كه مرا قلمى تراش كن كفت ترسم كه از ان قوم باشم كه حق تعالى ميفرمايد] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) اى اتباعهم وأعوانهم واقرانهم المقتدين بهم فى أفعالهم وفى الحديث (امرؤ القيس قائد لواء الشعراء الى النار) كما فى تذكرة القرطبي يار ظالم مباش تا نشوى ... روز حشر از شماره ايشان

[سورة الصافات (37) : الآيات 24 إلى 28]

- ويروى- ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل بك ربك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاث سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فكيف حال القاعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وفى الروضة يجيب دعوة الفاسق والورع ان لا يجيب ويكره للرجل المعروف الذي يقتدى به ان يتردد الى رجل من اهل الباطل وان يعظم امره بين الناس فانه يكون مبتدعا ايضا ويكون سببا لترويج امره الباطل واتباع الناس له فى اعتقاده الفاسد وفعله الكاسد. والحاصل ان ارباب النفوس الامارة كانوا يدلون فى الدنيا على صراط الجحيم من حيث الأسباب من الأقوال والافعال والأخلاق فلذا يحشرون على ما ماتوا وكذلك من أعان صاحب فترة فى فترته او صاحب زلة فى زلته كان مشاركا له فى عقوبته واستحقاق طرده واهانته كما اشتركت النفوس والأجساد فى الثواب والعقاب نسأل الله العمل بخطابه والتوجه الى جنابه والسلوك بتوفيقه والاهتداء الى طريقه انه المعين وَقِفُوهُمْ قفوا امر من وقفه وقفا بمعنى حسبه لا من وقف وقوفا بمعنى دام قائما فالاول متعد والثاني لازم. والمعنى احبسوا المشركين ايها الملائكة عند الصراط كما قال بطريق التعليل إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عما ينطق به وقوله تعالى ما لَكُمْ [چيست بشما كه] لا تَناصَرُونَ حال من معنى الفعل فى مالكم اى ما تصنعون حال كونكم غير متناصرين وحقيقته ما سبب عدم تناصركم وان لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص من العذاب كما كنتم تزعمون فى الدنيا كما قال ابو جهل يوم بدر نحن جميع منتصر: يعنى [ما همه هم پشتيم يكديكر را تا كين كشيم از محمد] وتأخير هذا السؤل الى ذلك الوقت لانه وقت تنجز العذاب وشدة الحاجة الى النصرة وحالة انقطاع الرجاء منها بالكلية فالتوبيخ والتقريع حينئذ أشد وقعا وتأثيرا وفى الحديث (لا تزال قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن اربعة عن شبابه فيم أبلاه وعن عمره فيم أفناه وعن ماله من اين اكتسبه وفيم أنفقه وعن عمله ماذا عمل به) قال بعض الكبار مقام السؤال صعب قوم يسألهم الملك وقوم يسألهم الملك فالذين تسألهم الملائكة أقوام لهم اعمال صالحة تصلح للعرض والكشف وأقوام لهم اعمال لا تصلح للكشف وهم قسمان الخواص يسترهم الحق عن اطلاع الخلق عليهم فى الدنيا والآخرة وأقوام هم اهل الزلات يخصهم الله تعالى برحمته فلا يفضحهم واما الأغيار والأجانب فيقال لهم كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فاذا قرأوا كتابهم يقال لهم فما جزاء من عمل هذا فيقولون جزاؤه النار فيقال لهم ادخلوا بحكمكم كما ان جبرائيل جاء فى صورة البشر الى فرعون وقال ما جزاء عبد عصى سيده وادعى العلو عليه وقدرباه بانواع نعمه قال جزاؤه الغرق قال اكتب لى فكتب له صورة فتوى فلما كان يوم الغرق اظهر الفتوى وقال كن غريقا بحكمك على نفسك. ويجوز ان يقال لهم فى بعض احوال استيلاء الفزع عليهم ما لكم لا تناصرون فيكون منقطعا عما قبله قال فى بحر العلوم والآية نص قاطع ينطق بحقية الصراط وهو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر واحد من السيف يعبره اهل الجنة وتزل به أقدام اهل النار وأنكره بعض المعتزلة لانه لا يمكن العبور عليه وان أمكن فهو تعذيب للمؤمنين وأجيب بان الله قادر

[سورة الصافات (37) : الآيات 26 إلى 28]

ان يمكن من العبور عليه ويسهله على المؤمنين حتى ان منهم من يجوزه كالبرق الخاطف ومنهم كالريح الهابّة ومنهم كالجود الى غير ذلك: وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى هر كه باشد ز مؤمن وكافر ... بر سر پل كنندشان حاضر هر كه كافر بود چوبنهد پاى ... قعر دوزخ بود مر او را جاى مؤمنانرا ز حق رسد تأييد ... ليك بر قدر قوت توحيد هر كرا بر طريقت نبوى ... ره نبودست غير راست روى دوزخ از نور او كند پرهيز ... بگذرد همچوبرق خاطف تيز يا چومرغ پران وباد وزان ... يا چو چيزى دكر سبكتر از ان وانكه ضعفى بود در ايمانش ... نبود زان كذشتن آسانش بلكه در رنج آن كذركه تنك ... باشد او را بقدر ضعف درنك ليك يابد خلاص آخر كار ... كرچهـ بيند مشقت بسيار وفى الحديث (إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط قيل للعابد ادخل الجنة وتنعم بعبادتك وقيل للعالم قف هاهنا فاشفع لمن أحببت فانك لا تشفع لاحد الا شفعت فقام مقام الأنبياء) وقد جاء فى الفروع رجلان تعلما علما كعلم الصلاة او نحوها أحدهما يتعلم ليعلم الناس والآخر يتعلم ليعمل به فالاول أفضل لان منفعة تعليم الخلق اكثر لكونه خيرا متعديا فكان هو أفضل من الخير اللازم لصاحبة وقد جاء فى الآثار (ان مذاكرة العلم ساعة خير من احياء الليلة) خصوصا إذا كان مما يتعلق بالعلم بالله وقد قل اهله فى هذا الزمان وانقطعت مذاكرته عن اللسان لانقطاع ذوق الجنان وانسداد البصيرة والعياذ بالله من الخذلان والحرمان بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الاستسلام: كردن نهادن] يقال استسلم للشىء إذا انقاد له وخضع وأصله طلب السلامة. والمعنى منقادون ذليلون خاضعون بالاضطرار لظهور عجزهم وانسداد باب الحيل عليهم اسلم بعضهم بعضا وخذ له عن عجز فكل مستسلم غير منتصر كقوم متحابين انكسرت سفينتهم فوقعوا فى البحر فاسلم كل واحد منهم صاحبه الى الهلكة لعجزه عن تنجية نفسه فضلا عن غيره بخلاف حال المتحابين فى الله: قال الحافظ يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا وَأَقْبَلَ حينئذ [والإقبال: پيش آمدن وروى فرا كسى كردن] يقال اقبل عليه بوجهه وهو ضد الأدبار بَعْضُهُمْ هم الاتباع او الكفرة عَلى بَعْضٍ هم الرؤساء او القرناء حال كونهم يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ بطريق الخصومة والجدال ولذا فسر بيتخاصمون كأنه قيل كيف يتساءلون فقيل قالُوا اى الاتباع للرؤساء او الكفرة للقرناء إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا فى الدنيا عَنِ الْيَمِينِ عن القوة والإجبار فنتجبروننا على الغى والضلال فاتبعناكم خوفا منكم بسبب القهر والقوة وبها يقع اكثر الأعمال. او عن الناحية التي كان منها الحق فتصرفوننا عنها كما فى المفردات. او عن الجهة التي كنا نأمنكم منها لحلفكم انكم على الحق فصدقناكم فانتم اضللتمونا كما فى فتح الرحمن فاليمين

[سورة الصافات (37) : الآيات 29 إلى 35]

إذا بمعنى الحلف والاول أوفق للجواب الآتي كما فى الإرشاد ويقال من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين لتلبيس الحق عليه. ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات. ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل تكذيب القيامة. ومن أتاه من خلفه أتاه من قبل تخويفه بالفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة وفى الآية إشارتان الاولى ان دأب اهل الدنيا انهم يلقون ذنب بعضهم على بعض ويدفعون عن أنفسهم ويبرئون اعراض الاخوان من تهمة الذنوب ويتهمون أنفسهم بها كما كان عيسى عليه السلام إذا رأى قد سرق شيأ يقول له أسرقت فيقول لا والذي لا اله الا هو فيقول عيسى صدقت وكذبت عيناى. والثانية ان من كان مؤمنا حقيقيا لا يقدر أحد على إضلاله ومن كان مؤمنا تقليديا يضل بإضلال اهل الهوى والبدع ويزول إيمانه بأدنى شبهة كما أشار بنفي الايمان فى الجواب الآتي قالُوا استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال الرساء او القرناء فقيل قالوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ اى لم نمنعكم من الايمان بالقوة والقهر او بنحو ذلك بل لم تؤمنوا باختياركم وأعرضتم عنه مع تمكنكم منه وآثرتم الكفر عليه وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ من قهر وتسلط نسلب به اختياركم. والسلاطة التمكن من القهر سلطه فتسلط ومنه سمى السلطان بمعنى الغالب والقاهر والسلطان يقال فى السلاطة ايضا ومنه ما فى الآية ونظائرها بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ مختارين للطغيان مصرين عليه والطغيان مجاوزة الحد فى العصيان فَحَقَّ عَلَيْنا اى لزم وثبت علينا قَوْلُ رَبِّنا وهو قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) إِنَّا لَذائِقُونَ اى السناب الذي ورد به الوعيد: وبالفارسية [بدرستى كه چشندكانيم عذاب را در ان روز] فَأَغْوَيْناكُمْ فدعوناكم الى الغى والضلال دعوة غير ملجئة فاستجبتم لنا باختياركم الغى على الرشد: وبالفارسية [پس ما شما را دعوت كرديم بگمراهى وكژ راهى بجهت آنكه] إِنَّا كُنَّا غاوِينَ ثابتين على الغواية فلا عتب علينا فى تعرضنا لاغوائكم بتلك المرتبة من الدعوة لتكونوا امثالنا فى الغواية: وبالفارسية [ما بوديم كمراهان خواستيم كه شما نيز مثل ما باشيد در مثل است كه خرمن سوخته خرمن سوخته طلبد من مستم وخواهم كه تو هم مست شوى ... تا همچومن سوخته همدست شوى حق سبحانه وتعالى فرمود كه] فَإِنَّهُمْ اى الاتباع والمتبوعين يَوْمَئِذٍ [آن روز] فِي الْعَذابِ متعلق بقوله مُشْتَرِكُونَ حسبما كانوا مشتركين فى الغواية إِنَّا كَذلِكَ اى مثل ذلك الفعل البديع الذي تقتضيه الحكمة التشريعية وهو الجمع بين الضالين والمضلين فى العذاب نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ المتناهين فى الاجرام وهم المشركون كما يعرب عنه التعليل بقوله تعالى إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ بطريق الدعوة والتلقين بان يقال قولوا لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ يتعظمون عن القول وقع ذكر لا اله الا الله فى القرآن فى موضعين. أحدهما فى هذه السورة. والثاني فى سورة القتال فى قوله (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وليس فى القرآن لهما ثالث وفى التلويح لا يخفى ان الاستثناء هاهنا بدل من اسم لا على المحل والخبر محذوف اى لا اله موجود فى الوجود الا الله انتهى قال الهندي ويجوز فى المستثنى النصب على الاستثناء

[سورة الصافات (37) : الآيات 36 إلى 40]

ولا يضعف الا فى نحو لا اله الا الله من حيث انه يوهم وجها ممتنعا وهو الابدال من اللفظ انتهى قال العصام لان إيهام البدل هاهنا من اللفظ إيهام الكفر وبينه وبين قصد المخبر بالتوحيد تناف وَيَقُولُونَ أَإِنَّا [آيا ما] لَتارِكُوا آلِهَتِنا [ترك كنندكانيم عبادات خداى خود را] لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ اى لاجل قول شاعر مغلوب على عقله يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم وهمزة الاستفهام للانكار اى ما نحن بتاركي عبادة آلهتنا وهى الأصنام: وبالفارسية [ما بسخن او ترك عبادت أصنام نكنيم] ولقد كذبوا فى ذلك حيث جننوه وشعروه وقد علموا انه أرجح الناس عقلا وأحسنهم رأيا وأشدهم قولا وأعلاهم كعبا فى المآثر والفضائل كلها وأطولهم باعا فى العلوم والمعارف بأسرها ويشهد بذلك خطبة ابى طالب فى تزويج خديجة الكبرى فى محضر بنى هاشم ورؤساء مضر على ما سبق فى سورة آل عمران عند قوله تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ) الآية بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ اى ليس الأمر على ما قالوه من الشعر والجنون بل جاء محمد بالحق وهو التوحيد وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ جميعا فى مجيئهم بذلك فما جاء به هو الذي اجمع عليه كافة الرسل فاين الشعر والجنون من ساحته الرفيعة هر كرا در عقل كل باشد كمال ... نيست او مجنون اى شوريده حال إِنَّكُمْ بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول والاستكبار لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ والالتفات الى الخطاب لاظهار كمال الغضب عليهم وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى الاجزاء ما كنتم تعملونه من السيئات او الا ما كنتم تعملونه منها قال ابن الشيخ ولما كان المقام مظنة ان يقال كيف يليق بالكريم الرحيم المتعالي عن النفع والضر ان يعذب عباده أجاب عنه بقوله (وَما تُجْزَوْنَ) إلخ وتقريره ان الحكمة تقتضى الأمر بالخير والطاعة والنهى عن القبيح والمعصية ولا يكمل المقصود من الأمر والنهى الا فى الترغيب فى الثواب والترهيب بالعقاب ولما وقع الاخبار بذلك وجب تحقيقه صونا للكلام عن الكذب فلهذا السبب وقعوا فى العذاب انتهى فعلى العاقل ان يحذر من يوم القيامة وجزائه فينتقل من الإنكار الى الإقرار ومن الشك الى اليقين ومن الكبر الى التواضع ومن الباطل الى الحق ومن الفاني الى الباقي ومن الشرك الى التوحيد ومن الرياء الى الإخلاص وسئل عن على رضى الله عنه ما علامة المؤمن قال اربع. ان يطهر قلبه من الكبر والعداوة. وان يطهر لسانه من الكذب والغيبة. وان يطهر قلبه من الرياء والسمعة. وان يطهر جوفه من الحرام والشبهة وأعظم الكبر ان يتكبر عن قول لا اله الا الله الذي هو أساس الايمان وخير الاذكار وكلمة الإخلاص وبه يترقى العبد الى جميع المراتب الرفيعة لكن بشرائطه وأركانه [حسن بصرى را پرسيدند كه چهـ كويى درين خبر كه] (من قال لا اله الا الله دخل الجنة) قال لمن عرف حدها وادى حقها هر كرا از خدا بود تأييد ... نشود كار او بجز توحيد ذكر توحيد مايه حالست ... چون از ان بگذرى همه قالست إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من ضمير ذائقون وما بينهما اعتراض جيىء به مسارعة

[سورة الصافات (37) : الآيات 41 إلى 43]

الى تحقيق الحق ببيان ان ذوقهم العذاب ليس الا من جهتهم لا من جهة غيرهم أصلا ولكون الاستثناء منقطعا والا بمعنى لكن قال فى كشف الاسرار تم الكلام هاهنا اى عند قوله تعالى (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والمعنى انكم لذائقوا العذاب الأليم لكن عباد الله المخلصين لا يذوقونه. والمخلصون بالفتح من أخلصه الله لدينه وطاعته واختاره لجناب حضرته كقوله تعالى (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) اى اصطفاهم الله تعالى فلهم سلامة من الأزل الى الابد. والمخلص بالكسر من أخلص عبادته لله تعالى ولم يشرك بعبادته أحدا كقوله تعالى (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) وحقيقة الفرق بينهما على ما قال بعض العارفين ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو من تخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو من تخلص من شوائب الغيرية ايضا والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس فرحم الله حفصا حيث قرأ بالفتح حيثما وقع فى القرآن أُولئِكَ إلخ استئناف فكأن سائلا سأل ما لهؤلاء المخلصين من الاجر والثواب فقيل أولئك الممتازون عما عداهم بالاضافة والإخلاص لَهُمْ بمقابلة إخلاصهم فى العبودية رِزْقٌ لا يدانيه رزق ولا يحيط به وصف على ما يفيده التنكير والرزق اسم لما يسوقه الله الى الحيوان فيأكله مَعْلُومٌ الخصائص من حسن المنظر ولذة الطعم وطيب الرائحة ونحوها من نعوت الكمال والظاهر ان معناه معلوم وجودا وقدرا وحسنا ولذة وطيبا ووقتا بكرة وعشيا او دواما كل وقت اشتهوه فان فيه فراغ الخاطر وانما يضطرب اهل الدنيا فى حق الرزق لكون أرزاقهم غير معلومة لهم كما فى الجنة تشنكانرا نمايد اندر خواب ... همه عالم بچشم چشمه آب هر كرا چشمه شد جدا لب او ... كى بماند بآنكه در لب جو فَواكِهُ بدل من رزق جمع فاكهة وهى كل ما يتفكه به اى يتنعم باكله من الثمار كلها رطبها ويابسها وتخصيصها بالذكر لان أرزاق اهل الجنة كلها فواكه اى ما يأكل بمجرد التلذذ دون الاقتيات: وبالفارسية [قوت كرفتن] لانهم مستغنون عن القوت لكون خلقتهم على حالة تقتضى البقاء فهى محكمة محفوظة من التحلل المحوج الى البدل بخلاف خلقة اهل الدنيا فانها على حالة تقتضى الفناء فهى ضعيفة محتاجة الى ما يحصل به القوام اللهم الا خلقة بعض الافراد المصونة من التحلل والتفسخ دنيا وبرزخا وقال بعضهم لان الفواكه من اتباع سائر الاطعمة فذكرها مغن عن ذكرها يقول الفقير والظاهر ان الاقتصار على الفواكه للترغيب والتشويق من حيث انه لا يوجد فى اغلب ديار العرب خصوصا فى الحجاز انواع الفواكه وَهُمْ مُكْرَمُونَ عنده لا يلحقهم هوان وذلك أعظم المثوبات وأليقها باولى الهمم وقال بعضهم لما فصل خصائص رزقهم بين ان ذلك الرزق يصل إليهم بالتعظيم والإكرام لان مجرد المطعوم من غير إعزاز وإكرام يليق بالبهائم ولما ذكر مأكولهم وصف مساكنهم فقال فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ النعيم النعمة اى فى جنات ليس فيها الا النعيم فالاضافة للاختصاص والظرف يقرر محل الرزق والإكرام او خبر آخر

[سورة الصافات (37) : الآيات 44 إلى 48]

لقول هم مثل قوله عَلى سُرُرٍ [بر تختهاى آراسته] جمع سرير وهو الذي يجلس عليه من السرور إذ كان كذلك لاولى النعمة وسرير الميت يشبه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق بالميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن) ويجوز ان يتعلق على سرر بقوله مُتَقابِلِينَ اى حال كونهم متقابلين على سرر وهو حال من الضمير فى قوله على سرر: والمعنى بالفارسية [روى در روى يكديكر تا بديدار هم شاد وخرم باشند] والتقابل وهو ان ينظر بعضهم وجه بعض أتم للسرور والانس وقيل لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدوران الاسرة بهم ثم ان استئناس بعضهم برؤية بعض صفة الأبرار فان من صفة الأحرار ان لا يستأنسوا الا بمولاهم وسئل يحيى بن معاذ رضى الله عنه هل يقبل الحبيب بوجهه على الحبيب فقال وهل يصرف الحبيب وجهه عن الحبيب وذلك لكون أحدهما مرآة للآخر فالله تعالى يتجلى للمقربين كل لحظة فيدوم عليهم انسهم الباطن حال كون ظواهرهم مستغرقة فى نعيم الجنان: قال الكمال الخجندي دولت آن نيست كه يابم دو جهان زير نكين ... دولت اينست وسعادت كه ترا يافته ام ولما ذكر مأكل المخلصين ومسكنهم ذكر بعده صفة شربهم فقال يُطافُ عَلَيْهِمْ استئناف مبنى على ما نشأ عن حكاية تكامل مجالس انسهم. والطواف الدوران حول الشيء وكذا الاطافة كما قال فى التهذيب [الاطافة: كرد چيزى بر كشتن] : والمعنى بالفارسية [كردانيده ميشود بر ايشان يعنى ساقيان بهشت وخادمان بر سر ايشان مى كردانند] بِكَأْسٍ [جامى تر] اى باناء فيه خمر فان الكأس يطلق على الزجاجة مادام فيها خمر والا فهو قدح واناء مِنْ مَعِينٍ صفة كأس اى كائنة من شراب معين اى ظاهر للعين او من نهر معين اى جار على وجه ارض الجنة فان فى الجنة أنهارا جارية من خمر كأنهار جارية من ماء قال فى المفردات هو من قولهم معن الماء جرى فهو معين وقيل ماء معين هو من العين والميم زائدة فيه انتهى وفى الآية اشارة الى ان قوما شربوا ومشربهم الشراب بالكأس والشراب معين محسوس وقوما شربوا ومشربهم الحب والحب مغيب مستور وقوما شربوا ومشربهم المحبوب هو سر مكنون نسيم الحب يحييكم ... رحيق الحب يلهيكم من المحبوب يأتيكم ... الى المحبوب ينهيكم بَيْضاءَ لونا أشد من لون اللبن والخمر البيضاء لم تر فى الدنيا ولن ترى وهذا من جملة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت. وبيضاء تأنيث ابيض صفة ايضا لكأس وكذا قوله لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لكل من يشرب منها. ووصفها بلذة اما للمبالغة اى كأس لذيذة عذبة شهية طيبة صارت فى لذتها كأنها نفس اللذة او لانها تأنيث اللذ بمعنى اللذيذ وصفها باللذة بيانا لمخالفتها لخمور الدنيا لانقطاع اللذة عن خمور الدنيا كلها رأسا بالكلية لا فِيها غَوْلٌ بخلاف خمور الدنيا فان فيها غولا كالصداع ووجع البطن وذهاب العقل والإثم فهو من قصر المسند اليه على المسند. يعنى ان عدم الغول مقصور على الاتصاف بفي إذ خمور الجنة لا تتجاوز الاتصاف بفي كخمور الدنيا: وبالفارسية [نيست دران شراب آفتى وعلتى كه بر

[سورة الصافات (37) : آية 48]

خمر دنيا مرتب است چون فساد حال وذهاب عقل وصداع سر وخواب وجز آن] وهى صفة لكأس ايضا وبطل عمل لا وتكررت لتقدم خبرها. والغول اسم بمعنى الغائلة يطلق على كل اذية ومضرة قال فى المفردات قال تعالى فى صفة خمر الجنة (لا فِيها غَوْلٌ) نفيا لكل ما نبه عليه بقوله (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) وبقوله (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) انتهى يقال غاله الشيء إذا اخذه من حيث لم يدر وأهلكه من حيث لا يحس به ومنه سمى السعلاة غولا بالضم والسعلاة سحرة الجن كما سبق فى سورة الحجر قال فى بحر العلوم ومنه الغول الذي يراه بعض الناس فى البوادي ولا يكذبه ولا ينكره الا المعتزلة من جميع اصناف الناس حتى جعلوه من كذبات العرب مع انه يشهد بصحته قوله عليه السلام (إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان) انتهى قال ابن الملك عند قوله عليه السلام (لا عدوى ولا طيرة ولا غول) هو واحد الغيلان وهى نوع من الجن كانت العرب يعتقدون انه فى الفلاة يتصرف فى نفسه ويتراءى للناس بألوان مختلفة وإشكال شتى ويضلهم عن الطريق ويهلكهم فان قيل ما معنى النفي وقد قال عليه السلام (إذا تغولت الغيلان) اى تلونت لونا بصور شتى (فعليكم بالأذان) أجيب بانه كان ذلك فى الابتداء ثم دفعه الله عن عباده. او يقال المنفي ليس وجود الغول بل ما يزعمه العرب من تصرفه فى نفسه انتهى اى من تلونه بالصور المختلفة واغتياله اى إضلاله وإهلاكه والغول يطلق على ما يهلك كما فى المفردات: وفى المثنوى ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز أخذ ذكر الحق من الاذان فى الحديث وأراد بالغيلان ما يضل السالك أيا كان وَلا هُمْ اى المخلصون عَنْها اى عن خمر الجنة يُنْزَفُونَ يسكرون من نزف الشارب فهو نزيف ومنزوف إذا ذهب عقله من السكر وبالكسر من انزف الرجل إذا سكر وذهب عقله او نفد شرابه وفى المفردات نزف الماء نزحه كله من البئر شيأ بعد شىء ونزف دمه ودمعه اى نزح كله ومنه قيل سكران نزف اى نزف فمه بسكره. وقرئ ينزفون اى بالكسر من قولهم انزف القوم إذا نزف ماء بئرهم انتهى ثم انه أفرد هذا بالنفي مع اندراجه فيما قبله من نفى الغول عنها لما انه من معظم مفاسد الخمر كأنه جنس برأسه. والمعنى لا فيها نوع من انواع الفساد من مغص اى وجع فى البطن او صداع او حمى او عربدة اى سوء خلق والمعربد مؤذ نديمه فى سكره قاموس اى لا لغو ولا تأثيم ولا هم يسكرون وفى بحر العلوم وبالجملة ففى خمر الدنيا انواع من الفساد من السكر وذهاب العقل ووقوع العداوة والبغضاء والصداع والخسارة فى الدين والدنيا حتى جعل شاربها كعابد الوثن ومن القيء والبول وكثيرا ما تكون سببا للقتال والضراب والزنى وقتل النفس بغير حق كما شوهد من أهلها ولا شىء من ذلك كله فى خمر الجنة قال بعض العرفاء جميع البلاء والارتكابات ليس الا لكثافتنا فلولا هذه الكثافة لما عرض لنا الأمراض والأوجاع ولم يصدر منا ما يقبح فى العقول والأوضاع ألا يرى انه لا مرض فى عالم الآخرة ولا شىء مما يتعلق بالكثافة ولكن معرفة الله تعالى لا تحصل لو لم تكن تلك الكثافة فهى مدار الترقي والتنزل ولذلك لا يكون للملائكة ترق وتدل فهم على خلقتهم وجبلتهم الاصلية وَعِنْدَهُمْ

[سورة الصافات (37) : الآيات 49 إلى 52]

اى عند المخلصين قاصِراتُ الطَّرْفِ القصر الحبس والمنع وطرف العين جفنه والطرف تحريك الجفن وعبر به عن النظر لان تحريك الجفن يلازمه النظر. والمعنى حور قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفا الى غيرهم ولا يبغين بهم بدلا لحسنهم عندهن ولعفتهن كما فى بعض التفاسير عِينٌ صفة بعد صفة لموصوف ترك ذكره للعلم به. جمع عيناء بمعنى واسعة العين وأصله فعل بالضم كسرت الفاء لتسلم الياء والمعنى حسان الأعين وعظامها قال فى المفردات يقال للبقر الوحشي عيناء وأعين لحسن عينه وبها شبه الإنسان كَأَنَّهُنَّ اى القاصرات بَيْضٌ بفتح الباء جمع بيضة وهو المعروف سمى البيض لبياضه والمراد به هنا بيض النعام: يعنى [خايه شتر مرغ] مَكْنُونٌ ذكر المكنون مع انه وصف به الجمع فينبغى ان يؤنث اعتبارا للفظ الموصوف ومكنون اى مستور من كننته اى جعلته فى كن وهو السترة شبهن بيض النعام المصون من الغبار ونحوه فى الصفاء والبياض المخلوط بأدنى صفرة فان ذلك احسن ألوان الأبدان اى لم تنله الأيدي فان ما مسته الأيدي يكون متدنسا وقال الطبري اولى الأقاويل ان يقال ان البيض هو الجلدة التي فى داخل القشرة قبل ان يمسها شىء لانه مكنون يعنى هو البيض أول ما ينحى عنه قشره يقول الفقير أغناه الله القدير ذكر الله تعالى فى هذه الآيات ما كان لذة الجسم ولذة الروح. اما لذة الجسم فالتنعم بالفواكه وانواع النعم والخمر التي لم يكن عند العرب أحب منها والتمتع بالأزواج الحسان. واما لذة الروح فالسرور الحاصل من الإكرام والانس الحاصل من صحبة الاخوان والانبساط الحاصل من النظر الى وجوه الحسان وفى الحديث (ثلاث يجلين البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن) قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم نسأل الله لقاءه وشهوده ونطلب منه فضله وجوده دارم اندك روشنايى در بصر ... بي جمال او ولى فيه النظر قال بعض العرفاء البيضة حلال لطيف ولكن اهل التصوف لا يأكلها لانها ناقصة وانما كمالها إذا كانت دجاجة وكذا لا يحصل منها الشبع التام وكذا من مرق العمارة لعدم طهارته فلتكن هذه المسألة نقلا وفاكهة لاهل الارادة ومن الله الوصول الى اسباب السعادة فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ معطوف على يطاف اى ليشرب عباد الله المخلصون فى الجنة فيتحادثون على الشراب كما هو عادة الشرب فى الدنيا فيقبل بعضهم على بعض حال كونهم يتساءلون عن الفضائل والمعارف وعما جرى عليهم ولهم فى الدنيا: وبالفارسية [مى پرسند از احوال دنيا وماجراى ايشان با دوست ودشمن] فالتعبير عنهم بصيغة الماضي للتأكيد والدلالة على تحقق الوقوع حتما وفى الآية اشارة الى ان اهل الجنة هم الذين كانوا ممن لم يقبلوا على الله بالكلية وان كانوا مؤمنين موحدين والا كانوا فى مقعد صدق مع المقربين قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ فى تضاعيف محاوراتهم وأثناء مكالماتهم إِنِّي كانَ لِي فى الدنيا قَرِينٌ مصاحب وجليس: وبالفارسية [مرا يارى وهمنشينى بود] يَقُولُ لى على

[سورة الصافات (37) : الآيات 53 إلى 59]

طريقة التوبيخ بما كنت عليه من الايمان والتصديق بالبعث أَإِنَّكَ [آيا تو] لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ المعتقدين والمقرين بالبعث أَإِذا مِتْنا [آيا چون بميريم] وَكُنَّا تُراباً [وخاك كرديم] وَعِظاماً [واستخوانهاى كهنه] أَإِنَّا لَمَدِينُونَ جمع مدين من الدين بمعنى الجزاء ومنه كما تدين تدان اى لمبعوثون ومحاسبون ومجزيون اى لا نبعث ولا نجزى قالَ اى ذلك القائل بعد ما حكى لجلسائه مقالة قرينه فى الدنيا هَلْ أَنْتُمْ [آيا شما] مُطَّلِعُونَ [الاطلاع: ديده ور شدن] اى ناظرون الى اهل النار لاريكم ذلك القرين المكذب بالبعث يريد بذلك بيان صدقه فيما حكاه فقال جلساؤه أنت اعرف به منا فاطلع أنت فَاطَّلَعَ عليه: يعنى [فرو نكيرد بر ايشان] فَرَآهُ اى قرينه فِي سَواءِ الْجَحِيمِ فى وسط جهنم: وبالفارسية [در ميان آتش دوزخ] وسمى وسط الشيء سواء لاستواء المسافة منه الى جميع الجوانب قال ابن عباس رضى الله عنهما فى الجنة كوى ينظر منها أهلها الى اهل النار ويناظرونهم لان لهم فى توبيخ اهل النار لذة وسرورا يقول الفقير لا شك ان الجنة فى جانب الأوج والنار فى طرف الحضيض فلاهل الجنة النظر الى النار وأهلها كما ينظر اهل الغرف الى من دونهم واما سرورهم لعذابهم مع كونهم مؤمنين رحماء فلان يوم القيامة يوم ظهور اسم المنتقم والقهار ونحوهما فكما انهم فى الدنيا رحماء بينهم أشداء على الكفار كذلك لا يرحمون الأعداء كما لا يرحمهم الله إذ لو رحمهم لادخلهم الجنة نسأل الله ثوابه وجنته قالَ اى القائل مخاطبا لقرينه متشمتا به حين رآه على صورة قبيحة تَاللَّهِ إِنْ اى ان الشان كِدْتَ قاربت: وبالفارسية [بخداى كه نزديك تو بودى كه] لَتُرْدِينِ [مرا هلاك كردى وتباه] اى لتهلكنى بالإغواء والردى الهلاك والارداء الإهلاك وأصله تردينى بياء المتكلم فحذفت اكتفاء بالكسرة وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي بالهداية والعصمة لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ الإحضار لا يستعمل الا فى الشر كما فى كشف الاسرار اى من الذين احضروا العذاب كما أحضرته أنت وامثالك وفى التأويلات النجمية (وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي) حفظه وعصمته وهدايته (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) معكم فيما كنتم فيه من الضلالة فى البداية وفيما أنتم فيه من العذاب والبعد فى النهاية وانما اخبر الله تعالى عن هذه الحالة قبل وقوعها ليعلم ان غيبة الأشياء وحضورها عند الله سواء لا يزيد حضورها فى علم الله شيأ ولا ينقص عيبتها من علمه شيأ سواء فى علمه وجودها وعدمها بل كانت المعدومات فى علمه موجودة برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ رجوع الى محاورة جلسائه بعد إتمام الكلام مع قرينه سرورا بفضل الله العظيم والنعيم المقيم فان تذكر الخلود فى الجنة لذة عظيمة والهمزة للتقرير وفيها معنى التعجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه نظم الكلام اى أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين اى بمن شأنه الموت إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى التي كانت فى الدنيا وهى متناولة لما فى القبر بعد الاحياء للسؤال قاله تصديقا لقوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) اى لا نموت فى الجنة ابدا سوى موتتنا الاولى فى الدنيا ونصبها على المصدر من اسم الفاعل يعنى انه مستثنى مفرغ معرب

[سورة الصافات (37) : الآيات 60 إلى 63]

على حسب العوامل منصوب بميتين كما ينصب المصدر بالفعل المذكور قبله فى مثل قولك ما ضربت زيدا الا ضربة واحدة كأنه قيل وما نحن نموت موتة الا موتتنا الاولى وقيل نصبها على الاستثناء المنقطع بمعنى لكن الموتة الاولى قد كانت فى الدنيا وقيل الا هنا بمعنى بعد وسوى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كالكفار فان النجاة من العذاب ايضا نعمة جليلة مستوجبة للتحدث بها كما ان العذاب محنة عظيمة مستدعية لتمنى الموت كل ساعة وعن ابى بكر الصديق رضى الله عنه الموت أشد مما قبله وأهون مما بعده وفى الآية اشارة الى ان من مات الموتة الاولى وهى الموتة الارادية عن الصفات النفسانية الحيوانية فقد حيى بحياة روحانية ربانية لا يموت بعدها ابدا بل ينقل المؤمن من دار الى دار فى جوار الحق ولا يعذب بنار الهجران وآفة الحرمان هر كه فانى شد از أرادت خويش ... زندكى يافت او ز مهجت خويش از عذاب والم مسلم كشت ... در جوار خدا منعم كشت إِنَّ هذا اى الأمر العظيم الذي نحن فيه من النعمة والخلود والا من من العذاب لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفوز الظفر مع حصول السلامة اى لهو السعادة والظفر بكل المراد إذ الدنيا وما فيها تحتقر دونه كما تحتقر القطرة من البحر المحيط والحبة من البيدر الكبير لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ اى لنيل هذا المرام الجليل يجب ان يعمل العاملون ويجتهد المجتهدون لا للحظوظ الدنيوية السريعة الانقطاع المشوبة بفنون الآلام والبلايا والصداع قال الكاشفى [از براى اين نعمتها پس بايد كه عمل كنندكان نه براى مال وجاه دنيا كه پر شرف زوال وصدد انتقال است] كر بار كشى بار نكارى بارى ... ور كار كنى براى يارى بارى ور روى بخاكراهى خواهى ماليد ... بر خاك ره طرفه سوارى بارى ويحتمل ان يكون قوله ان هذا إلخ من كلام رب العزة فهو ترغيب فى طلب ثواب الله بطاعته ويقال فليحتمل المحتملون الأذى لانه قد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما قال جلال الدين الرومي قدس سره حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكرهة لنا وجعلت النار محاطة بالأشياء التي محبوبة لنا فما بين المرء وبين الجنة حجاب الا المكاره وهو حجاب عظيم صعب خرقه وما بين النار وبينه حجاب الا الشهوات وهو حجاب حقير سهل لاهله والعياذ بالله من الإقبال على الشهوات والأدبار عن الكرامات فى الجنات قال فى كشف الاسرار [پس عارفان سزاتراند كه بر اميد ديدار جلال احديت ويافت حقائق قربت وتباشير صبح وصلت ديده ديده ودل فرا كنند وجان وروان درين بشارت نثار كنند] يعنى ان هبت نفحة من نفحات الحق من جنات القدس أو شم رائحة من نسيم القرب او بدت شطبة من الحقائق وتباشير الوصلة حق للعارف ان يقول ان هذا لهو الفوز العظيم وبالحرى ان يقول (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) بل لمثل هذه الحالة تبذل الأرواح وتفدى الأشباح كما قيل على مثل ليلى يقتل المرء نفسه ... وان بات من سلمى على اليأس طاويا

[سورة الصافات (37) : الآيات 62 إلى 63]

والحاصل ان لكل من العابدين والعارفين حصة من اشارة هذا فى الآية وكان بعض الصلحاء يصلى الضحى مائة ركعة ويقول لهذا خلقنا وبهذا أمرنا يوشك اولياء الله ان يكفوا ويحمدوا اى على ما آتاهم الله فى مقابلة مجاهداتهم وطاعاتهم من الاجر الجزيل والثواب الجميل. وقد ثبت ان كثيرا من الصلحاء تلوا عند النزع قوله تعالى لمثل هذا الى آخر ما أشير اليه لما شاهده من حيث مقامه فنسأل الله القلب السليم فى الدنيا والنعيم المقيم فى العقبى ولله تعالى ألطاف لا تحويها الافكار- حكى- ان موسى عليه السلام سأل ربه تعالى من ادنى اهل الجنة منزلة فقال رجل يجيىء بعد ما دخل اهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول رب وكيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذهم فيقال له أترضى ان يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت يا رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله فيقول فى الخامسة رضيت يا رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت يا رب قال موسى عليه السلام فمن أعلاهم منزلة فقال أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم ترعين ولم تسمع اذن ولم يخطر على قلب بشر والكل فوز لكن الفوز بالأعلى فوز عظيم ألا ترى انه لا تستوى الرعية والسلطان فى الدنيا فان كان للرعية عباء فللسلطان قباء وان كان لهم حجرة فله غرفة وان كان لهم كسرة خبز فله ألوان نعمة وهكذا فقد تفاوتت الهمم فى الدنيا واختلف الأغراض ولذا تفاوت المراتب فى العقبى وتباين الأعواض فمن وجد الله تعالى وجد الجنة ايضا بكل ما فيها ولكن ليس كل من يجد الجنة بأسرها يصل الى الله تعالى والانس به والاحتظاظ بلقائه المستغرق جميع الأوقات وشهوده المستوعب لكل الحالات فكن عالى الهمة فان علو الهمة من الايمان وغاية الايمان الإحسان ونهايته الاستغراق فى شهود المنان أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ الهمزة للتقرير والمراد حمل الكفار على اقرار مدخولها وذلك اشارة الى نعيم الجنة. وخير وارد على سبيل التهكم والاستهزاء بهم وانتصاب نزلا على الحالية وهو ما يهيأ من الطعام الحاضر للنازل اى الضيف ومنه إنزال الأجناد لارزاقهم. والزقوم اسم شجرة صغيرة الورق مرة كريهة الرائحة تكون بتهامة يعرفها المشركون سميت بها الشجرة الموصوفة بقوله انها شجرة إلخ وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن أطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيأ كريها. والمعنى ان نعم الجنة والرزق المعلوم للمؤمنين فيها خير طعاما يعنى ان الرزق المعلوم نزل اهل الجنة واهل النار نزلهم شجرة الزقوم اى ثمرها فايهما خير فى كونهما نزلا وفى ذكره دلالة على ان ما ذكره من النعيم لاهل الجنة بمنزلة ما يعد ويرفع للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الافهام وكذلك الزقوم لاهل النار ويقال اصل النزل الفضل والزيادة والريع ومنه قولهم العسل ليس من إنزال الأرض اى من ريعها وما يحصل منها فاستعير للحاصل من الشيء فانتصاب نزلا على التمييز. والمعنى أذلك الرزق المعلوم الذي حاصله اللذة والسرور خير حاصلا أم شجرة الزقوم التي حاصلها الألم والغم إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ محنة وعذابا لهم فى الآخرة فان الفتن فى اللغة الإحراق او ابتلاء فى الدنيا حيث فتنوا وضلوا عن الحق بسببه فان الفاتن قد يطلق على المضل عن الحق فان الكفار لما سمعوا كون هذه الشجرة فى النار فتنوا به فى دينهم وتوسلوا به الى الطعن

[سورة الصافات (37) : الآيات 64 إلى 68]

فى القرآن والنبوة والتمادي فى الكفر وقالوا كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر ولم يعلموا ان من قدر على خلق حيوان يعيش فى النار ويتلذذ بها اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الإحراق إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ اى تنبت فى قعر جهنم فمنبتها فى قعرها وأغصانها ترتفع الى دركاتها ولما كان اصل عنصرها النار لم تحرق بها كسائر الأشجار ألا ترى ان السمك لما تولد فى الماء لم يغرق بخلاف ما لم يتولد فيه ولعله رد على ابن الزبعرى وصناديد قريش وتجهيل لهم حيث قال ابن الزبعرى لهم ان محمدا يخوفنا بالزقوم والزقوم بلسان البربر الزبد والتمر فادخلهم ابو جهل بيته وقال يا جارية زقمينا فاتتهم بالزبد والتمر فقال استهزاء تزقموا فهذا ما توعدكم به محمد فقال تعالى (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) فليس الزقوم ما فهم هؤلاء الجهلة الضلال طَلْعُها اى حملها وثمرها الذي يحرج منها ويطلع مستعار من طلع النخلة لمشاركته له فى الشكل. والطلع شىء يخرج من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود كَأَنَّهُ [كويا او] رُؤُسُ الشَّياطِينِ فى تناهى القبح والهول لان صورة الشيطان أقبح الصور وأكرهها فى طباع الناس وعقائدهم ومن ثمة إذا وصفوا شيأ بغاية القبح والكراهة قالوا كأنه شيطان وان لم يروه فتشبيه الطلع برؤس الشياطين تشبيه بالمخيل كتشبيه الفائق فى الحسن بالملك قال تعالى حكاية (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) وفيه اشارة الى ان من كان هاهنا معلوماته فى قبح صفات الشياطين يكون هناك مكافاته فى قبح صورة الشياطين فَإِنَّهُمْ [پس دوزخيان] لَآكِلُونَ مِنْها اى من الشجرة ومن طلعها فالتأنيث مكتسب من المضاف اليه فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ لغلبة الجوع او للقسر على أكلها وان كرهوها ليكون ذلك نوعا آخر من العذاب وفيه اشارة الى انهم كانوا لها فى مزرعة الآخرة اعنى الدنيا زارعين فما حصدوا الا ما زرعوا. والمالئ اسم فاعل من ملأ الإناء ماء يملؤه فهو مالئ ومملوء. والبطون جمع بطن وهو خلاف الظهر فى كل شىء ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها اى على الشجرة التي ملأوا منها بطونهم بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم كما ينبىء عنه كلمة ثم فتكون للتراخى الزمانى ويجوز ان تكون للرتبى من حيث ان كراهة شرابهم وبشاعته لما كانت أشد وأقوى بالنسبة الى كراهة طعامهم كان شرابهم ابعد من طعامهم من حيث الرتبة فيكونون جامعين بين أكل الطعام الكريه البشيع وشرب شراب الاكره الابشع لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الشوب الخلط والحميم الماء الحار الذي قد انتهى حره اى شرابا من دم او قيح اسود او صديد ممزوجا مشوبا بماء حار غاية الحرارة يقطع أمعاءهم ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ اى مصيرهم لَإِلَى الْجَحِيمِ اى الى دركاتها او الى نفسها فان الزقوم والحميم نزل يقدّم إليهم قبل دخولها وقيل الجحيم خارج عنها لقوله تعالى (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم من الجحيم الى شجره الزقوم فيأكلون منها الى يتملئوا ثم يسقون من الحميم ثم يردون الى الجحيم كما يرد الإبل عن موارد الماء ويؤيده قراءة ابن مسعود «ثم ان منقلبهم» وفى الحديث (يا ايها الناس اتقوا الله ولا تموتن الا وأنتم مسلمون فلو ان قطرة من الزقوم قطرت لامرّت

[سورة الصافات (37) : الآيات 69 إلى 74]

على اهل الدنيا معيشتها فكيف بمن هو طعامه وشرابه وليس له طعام غيره إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ تعليل لاستحقاقهم ما ذكر من فنون العذاب بتقليد الآباء فى الدين من غير ان يكون لهم ولآبائهم شىء يتمسك به أصلا. والالفاء بالفاء الوجدان: وبالفارسية [يافتن] وضالين مفعول ثان لقوله الفوا بمعنى وجدوا. والمعنى وجدوهم ضالين فى نفس الأمر عن الهدى وطلب الحق ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية الدليل فَهُمْ اى الكافرون الظالمون عَلى آثارِهِمْ اى آثار الآباء جمع اثر بالفارسية [پى] يُهْرَعُونَ يسرعون من غير ان يتدبروا انهم على الحق اولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل والاهراع. الاسراع الشديد كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الاسراع على آثارهم وَلَقَدْ جواب قسم اى وبالله لقد ضَلَّ [كمراه شد] قَبْلَهُمْ اى قبل قومك قريش أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ من الأمم السابقة أضلهم إبليس ولم يذكر لان فى الكلام دليلا فاكتفى بالاشارة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ [وبتحقيق ما فرستاديم در ميان ايشان] يعنى الأكثرين مُنْذِرِينَ اى أنبياء اولى عدد كثير ذوى شأن خطير بينوا لهم بطلان ما هم عليه وانذروهم عاقبته الوخيمة فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ اى آخر امر الذين انذروا من الهول والفظاعة والهلاك لما لم يلتفتوا الى الانذار ولم يرفعوا لهم رأسا. والخطاب اما للرسول او لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم وسماع اخبارهم وحيث كان المعنى انهم اهلكوا إهلاكا فظيعا استثنى منهم المخلصون بقوله تعالى إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ اى الذين أخلصهم الله بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الانذار يعنى انهم نجوا مما أهلك به كفار الأمم الماضية وفى الآية تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ببيان انه تعالى أرسل قبله رسلا الى الأمم الماضية فانذروهم بسوء عاقبة الكفر والضلال فكذبهم قومهم ولم ينتهوا بالإنذار وأصروا على الكفر والضلال فصبر الرسل على اذاهم واستمروا على دعوتهم الى الله تعالى فاقتدبهم وما عليك الا البلاغ ثم ان عاقبة الإصرار الهلاك وغاية الصبر النجاة والفوز بالمراد فعلى العاقل تصحيح العمل بالإخلاص وتصحيح القلب بالتصفية قال الواسطي مدار العبودية على ستة أشياء التعظيم والحياء والخوف والرجاء والمحبة والهيبة. فمن ذكر التعظيم يهيج الإخلاص. ومن ذكر الحياء يكون العبد على خطرات قلبه حافظا. ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب ويأمن من المهالك. ومن ذكر الرجاء يسارع الى الطاعات. ومن ذكر المحبة يصفو له الأعمال. ومن ذكر الهيبة يدع التملك والاختيار ويكون تابعا فى إرادته لارادة الله تعالى ولا يقول الا سمعنا واطعنا وقد صح ان ذا القرنين لما دخل الظلمات قال لعسكره ليرفع كل منكم من الأحجار التي تحت أقدام الافراس فانها جواهر فمن رفع بلغ نهاية الغنى ومن خالف وأنكر ندم وبقي فى التحسر ابدا كاشكى بهر امتحان بارى ... كردمى نان ذخيره مقدارى تا كنون نقد وقت من كشتى ... وقتم اينسان بمقت نكذشتى كاشكى كز كهر بكردم بار ... بر سكندر نكردمى انكار تا نيفتادمى از آن تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير

[سورة الصافات (37) : الآيات 75 إلى 77]

اين بود حال كافر ومسلم ... كاو درين تنك موطن ومظلم چون رسيد از خدا كتاب ورسول ... آن برد پيش رفت اين بقبول نزدند از سر فساد وغلو ... كافران جز در عناد وعتو مؤمنان كرده در پيمبر روى ... هم سمعنا وهم اطعنا كوى شد بلايا نهايت انكار ... شد عطايا نهايت اقرار ومن الله التوفيق بطريق التحقيق وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ نوع تفصيل لحسن عاقبة المنذرين بالكسر وسوء خاتمة المنذرين بالفتح. والنداء الدعاء بقرينة فلنعم المجيبون. والمعنى وبالله لقد دعانا نوح وهو أول المرسلين حين أيس من ايمان قومه بعد ما دعاهم اليه أحقابا ودهورا فلم يزدهم دعاؤه الا فرارا ونفورا فاجبناه احسن الاجابة حيث أوصلناه الى مراده من نصرته على أعدائه والانتقام منهم بأبلغ ما يكون فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ اى فو الله لنعم المجيبون نجن فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه والجمع دليل العظمة والكبرياء وَنَجَّيْناهُ [التنجية: نجات دادن] وَأَهْلَهُ [وكسان او] مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [از اندوه بزرك] اى من الغرق او من أذى قومه دهرا طويلا. والكرب الغم الشديد والكربة كالغمة واصل ذلك من كرب الأرض وهو قلبها بالحفر فالغم يثير النفس اثارة ذلك ويصح ان يكون الكرب من كربت الشمس إذا دنت للمغيب وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ نسله هُمُ فحسب الْباقِينَ حيث أهلكنا الكفرة بموجب دعائه رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وقد روى انه مات كل من كان معه فى السفينة غير ابنائه وأزواجهم وهم الذين بقوا متناسلين الى يوم القيامة قال قتادة انهم كلهم من ذرية نوح وكان له ثلاثة أولاد سام وحام ويافث. فسام ابو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى. وحام ابو السودان من المشرق الى المغرب والسند والهند والنوبة والزنج والحبشة والقبط والبربر وغيرهم. ويافث ابو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك قال فى كشف الاسرار [اصحاب التواريخ كفتند فرزندان يافث هفت بودند نامهاى ايشان ترك وخزر وصقلاب وتاريس ومنسلك وكمارى وصين ومسكن ايشان ميان مشرق ومهب شمال بود وهر چهـ ازين جنس مردم اند از فرزندان اين هفت برادرانند وهمچنين فرزندان حام بن نوح هفت بودند نامهاى ايشان سند وهند وزنج وقبط وحبش ونوب وكنعان ومسكن ايشان ميان چنوب ودبور وصبا بود وجنس سياهان همه از فرزندان اين هفت برادرانند اما فرزندان سام ميكويند پنج بودند وقومى ميكويند كه هفت بودند ارم وارفخشد وعالم ويفر واسود وتارخ وتورخ ارم پدر عاد وثمود بود ارفحشد پدر عرب بود از ايشان فالغ وقحطان بود فالغ جد ابراهيم عليه السلام قحطان ابو اليمن بود وعالم پدر خراسان واسود پدر فارس ويفر پدر روم بود وتورخ پدر ارمين بود صاحب أرمينية وتارخ پدر كرمان بود واين ديار وأقطاع همه بنام ايشان باز ميخوانند وبعد از نوع خليفه وى سام بود بر سر فرزندان نوح فرمانده بود وكارساز ومسكن وى زمين عراق بود وايران شهر] وقيل يشتوا بأرض خوخى ويصيف بالموصل [ونوح را پسر چهارمين بود نام او يام] وهو الغريق

[سورة الصافات (37) : الآيات 78 إلى 83]

ولم يكن له عقب وَتَرَكْنا عَلَيْهِ أبقينا على نوح فِي الْآخِرِينَ من الأمم: وبالفارسية [در ميان پسينيان] سَلامٌ عَلى نُوحٍ اى هذا الكلام بعينه وهو وارد على الحكاية كقولك قرأت سورة أنزلناها فلم ينتصب السلام لان الحكاية لا تزال عن وجهها. والمعنى يسلمون عليه تسليما ويدعون له على الدوام امة بعد امة فِي الْعالَمِينَ بدل من قوله فى الآخرين لكونه ادل منه على الشمول والاستغراق لدخول الملائكة والنقلين فيه. والمراد الدعاء بثبات هذه التحية واستمرارها ابدا فى العالمين من الملائكة والثقلين جميعا. وفى تفسير القرطبي جاءت الحية والعقرب لدخول السفينة فقال نوح لا احملكما لانكما سبب الضر والبلاء فقالا احملنا فنحن نضمن لك ان لا نضر أحدا ذكرك فمن قرأ حين يخاف مضرتهما (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) لم يضراه ذكره القشيري وفى التأويلات النجمية يشير بهذا الى ان المستحق لسلام الله هو نوح روح الإنسان لانه ما جاء ان الله سلم على شىء من العالمين غير الإنسان كما قال تعالى ليلة المعراج (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فقال عليه السلام (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وما قال وعلى ملائكتك المقربين. وانما كان اختصاص الإنسان بسلام من بين العالمين لانه حامل الامانة الثقيلة التي اعرض عنها غيره فكان أحوج شىء الى سلام الله ليعبر بالامانة على الصراط المستقيم الذي هو أدق من الشعرة واحد من السيف ولهذا قال النبي عليه السلام (تكون دعوة الرسل حينئذ رب سلم سلم) وهل سمعت ان يكون لغير الإنسان العبور على الصراط وانما اختصوا بالعبور على الصراط لانهم يؤدون الامانة الى أهلها وهو الله تعالى فلا بد من العبور على صراط الله الموصل اليه لاداء الامانة إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الكاف متعلقة بما بعدها اى مثل ذلك الجزاء الكامل من اجابة الدعاء وابقاء الذرية والذكر الجميل وتسليم العالمين ابدا نجزى الكاملين فى الإحسان لاجزاء ادنى منه فهو تعليل لما فعل بنوح من الكرامات السنية بانه مجازاة له على إحسانه إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ تعليل لكونه من المحسنين بخلوص عبوديته وكمال إيمانه وفيه اظهار لجلالة قدر الايمان وأصالة امره وترغيب فى تحصيله والثبات عليه وفى كشف الاسرار خص الايمان بالذكر والنبوة اشرف منه بيانا لشرف المؤمنين لا لشرف نوح كما يقال ان محمدا عليه السلام من بنى هاشم قال عباس بن عطاء ادنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وادنى مراتب النبيين أعلى مراتب الصديقين وادنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ اى المغايرين لنوح واهله وهم كفار قومه أجمعين [والإغراق: غرقه كردن يعنى آنكه ديكرانرا بآب كشتيم] وهو عطف على نجيناه. وثم لما بين الانجاء والإغراق من التفاوت وكذا إذا كان عطفا على تركنا وليس للتراخى لان كلا من الانجاء والإبقاء انما هو بعد الإغراق دون العكس كما يقتضيه التراخي وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ اى ممن شايع نوحا وتابعه فى اصول الدين لَإِبْراهِيمَ وان اختلفت فروع شريعتيهما ويجوز ان يكون بين شريعتيهما اتفاق كلى او أكثري وعن ابن عباس رضى الله عنهما من اهل دينه وعلى سنته او ممن شايعه على التصلب

[سورة الصافات (37) : الآيات 84 إلى 89]

فى دين الله ومصابرة المكذبين وما كان بينهما الأنبياء هود وصالح وكان بين نوح وابراهيم الفان وستمائة وأربعون سنة وفى بعض التفاسير ان الضمير عائد الى حضرة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم وان كان غير مذكور فابراهيم وان كان سابقا فى الصورة لكنه متابع لرسول الله فى الحقيقة ولذا اعترف بفضله ومدح دينه ودعا فيه حيث قال (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) الآية پيش آمدند بسى انبيا وتو ... كر آخر آمدى همه را پيشوا تويى خوان خليل هست نمكدان خوان تو ... بر خوان اصطفا نمك انبيا تويى إِذْ جاءَ رَبَّهُ منصوب باذكر بِقَلْبٍ سَلِيمٍ الباء للتعدية اى بقلب سليم من آفات القلوب بل من علاقة من دون الله مما يتعلق بالكونين ومعنى مجيئه به ربه إخلاصه له كأنه جاء به متحضنا إياه بطريق التمثيل والا فليس القلب مما ينقل من مكان الى مكان حتى يجاء به إِذْ قالَ إلخ بدل من إذ الاولى لِأَبِيهِ آزر بن باعر بن ناحور بن فالغ بن سالح بن ارفخشد ابن سام بن نوح وَقَوْمِهِ وكانوا عبدة الأصنام ماذا تَعْبُدُونَ استفهام إنكاري وتوبيخ اى أي شىء تعبدون أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ الافك أسوأ الكذب اى أتريدون آلهة من دون الله إفكا اى للافك فقدم المفعول على الفعل للعناية ثم المفعول له على المفعول به لان الأهم مكافحتهم بانهم على افك آلهتهم وباطل شركهم فَما ظَنُّكُمْ اى أي شىء ظنكم فما مبتدأ خبره ظنكم بِرَبِّ الْعالَمِينَ إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره ان يغفل عنكم او لا يؤاخذكم بما كسبت ايديكم اى لا ظن فكيف القطع قال فى كشف الاسرار [در دل ابراهيم بود كه بتان ايشان را كيدى سازد تا حجت بر ايشان الزام كنند وآشكارا نمايد كه ايشان معبودى را نشايند روزى پدر وياران وى كفتند كه اى ابراهيم بيا تا بصحرا بيرون شويم وبعيدگاه ما برويم] فَنَظَرَ ابراهيم نَظْرَةً فِي النُّجُومِ جمع نجم وهو الكواكب الطالع اى فى علمها وحسابها إذ لو نظر الى النجوم أنفسها لقال الى النجوم وكان القوم يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه واعتل فى التخلف عن عيدهم اى عن الخروج معهم الى معبدهم فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قال فى المفردات السقم والسقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون فى البدن وفى النفس. وقوله انى سقيم فمن التعريض والاشارة به اما الى ماض واما الى مستقبل واما الى قليل مما هو موجود فى الحال إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتريه وان كان لا يحس به ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف انتهى وقال ابن عطاء انى سقيم من مخالفتكم وعبادتكم الأصنام او بصدد الموت فان من فى عنقه الموت سقيم وقد فوجىء رجل فاجتمع عليه الناس وقالوا مات وهو صحيح فقال أعرابي أصحيح من الموت فى عنقه وأيا ما كان فلم يقل الا عن تأول فان العارف لا يقع فى انهتاك الحرمة ابدا وكان ذلك من ابراهيم لذب عن دينه وتوسل الى الزام قومه قال عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان

[سورة الصافات (37) : الآيات 90 إلى 94]

تحصيل ذلك المقصود مباحا. وواجب ان كان ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه وفى الاسئلة المقحمة ومن الناس من يجوّز الكذب فى الحروب لاجل المكيدة والخداع وإرضاء الزوجة والإصلاح بين المتهاجرين والصحيح ان ذلك لا يجوز ايضا فى هذه المواضع لان الكذب فى نفسه قبيح والقبيح فى نفسه لا يصير حسنا باختلاف الصور والأحوال وانما بجوز فى هذه المواضع بتأويل وتعريض لا بطريق التصريح. ومثاله يقول الرجل لزوجته إذا كان لا يحبها كيف لا أحبك وأنت حلالى وزوجتى وقد صحبتك وأمثال هذه فاما إذا قال صريحا بانى أحبك وهو يبغضها فيكون كذبا محضا ولا رخصة فيه. مثاله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد النهضة نحو يمينه كان يسأل عن منازل اليسار ليشبه على العدو من أي جانب يأتيه واما إذا كان يقصد جانبا ويقول امضى الى جانب آخر فهذه من قبيلها انتهى. وكان القوم يتطيرون من المريض فلما سمعوا من ابراهيم ذلك هربوا منه الى معبدهم وتركوه فى بيت الأصنام فريدا ليس معه أحد وذلك قوله تعالى فَتَوَلَّوْا عَنْهُ فاعرضوا وتفرقوا عن ابراهيم مُدْبِرِينَ هاربين مخافة العدوى اى السراية وقال بعضهم ان المراد بالسقم هو الطاعون وكان اغلب الأسقام وكانوا يخافون العدوى يقول الفقير المشهور ان الطاعون قد فشا فى بنى إسرائيل ولم يكن قبلهم الأعلى رواية كما قال عليه السلام (الطاعون رجز أرسل على بنى إسرائيل او على من كان قبلكم) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ اى ذهب إليها فى خفية وأصله الميل بحيلة من روغة الثعلب وهو ذهابه فى خفية وحيلة قال فى القاموس راغ الرجل والثعلب روغا وروغانا مال وحاد عن الشيء وفى تاج المصادر [الروغ والروغان: روباهى كردن] [والروغ: پنهان سوى چيزى شدن] وفى التهذيب [الروغ والروغان: دستان كردن] فَقالَ للاصنام استهزاء [چون ديد ايشانرا آراسته وخوانهاى طعام در پيش ايشان نهاده] أَلا تَأْكُلُونَ [آيا نمى خوريد ازين طعامها] وكانوا يضعون الطعام عند الأصنام لتحصل له البركة بسببها ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ اى ما تصنعون غير ناطقين بجوابى: وبالفارسية [چيست شما را كه سخن نمى كوييد ومرا جوابى ندهيد] فَراغَ عَلَيْهِمْ فمال مستعليا عليهم حال كونه يضربهم ضَرْباً بِالْيَمِينِ او حال كونه ضاربا باليمين فالمصدر بمعنى الفاعل اى ضربا شديدا قويا وذلك لان اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما وقوة الآلة تقتضى قوة الفعل وشدته وقيل بسبب الحلف وهو قوله (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ فلما رجعوا من عيدهم الى بيت الأصنام وجدوها مكسورة: يعنى [پاره پاره كشته] فسألوا عن الفاعل فظنوا ان ابراهيم عليه السلام فعله فقيل فائتوا به فَأَقْبَلُوا اى توجه المأمورون بإحضاره إِلَيْهِ الى ابراهيم قال ابن الشيخ اليه يجوز ان يتعلق بما قبله وبما بعده يَزِفُّونَ حال من واو اقبلوا اى يسرعون من زفيف النعام وهو ابتداء عدوها قال فى المفردات اصل الزفيف فى هبوب الريح وسرعة النعامة التي تخلط الطيران بالمشي وزفزف النعام إذا اسرع ومنه استعير زف العروس استعارة ما تقتضى السرعة لا لاجل مشيها ولكن

[سورة الصافات (37) : الآيات 95 إلى 99]

للذهاب بها على خفة من السرور قالَ اى بعد ما أتوا به وجرى بينهم وبينه من المحاورات ما نطق به قوله تعالى (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) الى قوله (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) أَتَعْبُدُونَ همزة الاستفهام للانكار ما تَنْحِتُونَ ما تنحتونه من الأصنام فما موصولة. والنحت نحت الشجر والخشب ونحوهما من الأجسام: وبالفارسية [تراشيدن يعنى آيا مى پرستيد آنچهـ مى تراشيد از سنك و چوب بدست خود] وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ حال من فاعل تعبدون مؤكدة للانكار والتوبيخ اى والحال انه تعالى خلقكم والخالق هو الحقيق بالعبادة دون المخلوق وَما تَعْمَلُونَ اى وخلق ما تعملونه من الأصنام وغيرها فان جواهر أصنامهم ومادتها بخلقه تعالى وشكلها وان كان بفعلهم لكنه باقدار الله تعالى إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد والأسباب فلم يلزم ان يكون الشيء مخلوقا لله تعالى ومعمولا لهم وظهر من فحوى الآية ان الافعال مخلوقة لله تعالى مكتسبة للعباد حسبما قالته اهل السنة والجماعة وبالاكتساب يتعلق الثواب والعقاب: قال المولى الجامى فعل ما خواه زشت وخواه نكو ... يك بيك هست آفريده او نيك وبد كر چهـ مقتضاى قضاست ... اين خلاف رضا وآن برضاست قالُوا [كفت نمرود وخواص او] وقال السهيلي فى التعريف قائل هذه المقالة لهم فيما ذكر الطبري اسمه الهيزن رجل من اعراب فارس وهم الترك وهو الذي جاء فى الحديث (بينا رجل يمشى فى حلة يتبختر فيها فخسف به فهو يتجلجل فى الأرض الى يوم القيامة) ابْنُوا لَهُ بُنْياناً [بنا كنيد براى سوختن ابراهيم بنايى واز هيزم پر ساخته آتش در ان زنيد]- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال بنوا حائطا من حجر طوله فى السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملأوه حطبا واشعلوه نارا وطرحوه فيها كما قال فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فى النار الشديدة الإيقاد: وبالفارسية [پس طرح كنيد ودر افكنيد او را در آتش سوزان] من الجحمة وهى شدة التأجج والالتهاب واللام عوض عن المضاف اليه اى ذلك البنيان فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً اى شرا وهو ان يحرقوه بالنار عليه السلام لما قهر لهم بالحجة وألقمهم الحجر قصدوا ان يكيدوا به ويحتالوا لاهلاكه كما كاد أصنامهم بكسره إياهم لئلا يظهر للعامة عجزهم والكيد ضرب من الاحتيال كما فى المفردات فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ الأذلين بابطال كيدهم وجعله برهانا نيرا على علو شانه عليه السلام بجعل النار عليه بردا وسلاما على ما سبق تفصيل القصة فى سورة الأنبياء فان قلت لم ابتلاه تعالى بالنار فى نفسه قلت لان كل انسان يخاف بالطبع من ظهور صفة القهر كما قيل لموسى عليه السلام (وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) فاراه تعالى ان النار لا تضر شيأ الا بإذن الله تعالى وان ظهرت بصورة القهر وصفته وكذلك اظهر الجمع بين المتضادين بجعلها بردا وسلاما وفيه معجزة قاهرة لاعدائه فانهم كانوا يعبدون النار والشمس والنجوم ويعتقدون وصف الربوبية لها فاراهم الحق تعالى انها لا تضر الا بإذن الله تعالى وقد ورد فى الخبر ان النمرود لما شاهد النار كانت على ابراهيم بردا وسلاما قال ان ربك لعظيم نتقرب اليه بقرابين فذبح تقربا اليه

[سورة الصافات (37) : آية 99]

آلافا كثيرة فلم ينفعه لاصراره على اعتقاده وعمله وسوء حاله: قال المولى الجامى يافت ناكاه آن حكيمك راه ... پيش جمعى ز اولياء الله فصل دى بود ومنقلى آتش ... شعله ميزد ميان ايشان خوش شد بتقريب آتش ومنقل ... از خليلى برى ز نقص وخلل ذكر آن قصه كهن بتمام ... كه برو نار كشت برد وسلام آن حكيمك ز جهل واستكبار ... كفت بالطبع محرق آمد نار آنچهـ بالطبع محرقست كجا ... كردد از مقتضاى طبع جدا يكى از حاضران ز غيرت دين ... كفت هين دامنت بيار وببين منقل آتشش بدامان ريخت ... آتش خجلتش ز جان انكيخت كفت در كن ميان آتش دست ... هيچ كرمى ببين در آتش هست چون نه دستش بسوخت نى دامن ... شد از ان جهل او برو روشن طبع را هم مسخر حق ديد ... جانش از تيركىء عقل رهيد اگر آن علم او يقين بودى ... قصه او كى اينچنين بودى علم كامد يقين ز بيم زوال ... بيقين ايمن است در همه حال وَقالَ ابراهيم بعد ما أنجاه الله تعالى من النار قاله لمن فارقه من قومه فيكون ذلك توبيخا لهم او لمن هاجر معه من اهله فيكون ذلك ترغيبا لهم إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي اى مهاجر من ارض حرّان او من بابل او قرية بين البصرة والكوفة يقال لها هرمز بحره الى حيث أمرني ربى وهو الشام او الى حيث اتجرد فيه لعبادته تعالى أي موضع كان فان الذهاب الى ذات الرب محال إذ ليس فى جهة وفى بحر العلوم ولعله امره الله تعالى بان يهجر دار الكفر ويذهب الى موضع يقدر على زيارة الصخرة التي هى قبلته وعلى عمارة المسجد الحرام او هى القرية التي دفن فيها كما امر نبينا بالجهرة من مكة الى المدينة وفى بعض التواريخ دفن ابراهيم بأرض فلسطين وهى بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها سَيَهْدِينِ الى مقصدى الذي أردت وهو الشام او الى موضع يكون فيه صلاح دينى وبت القول بذلك لسبق الوعد او للبناء على عادته تعالى معه ولم يكن كذلك حال موسى حيث قال (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ولذلك اتى بصيغة التوقع وهذه الآية اصل فى الهجرة من ديار الكفر الى ارض يتمكن فيها من اقامة وظائف الدين والطاعة وأول من فعل ذلك ابراهيم هاجر مع لوط وصار الى الأرض المقدسة قال فى كشف الاسرار [بر ذوق اهل معرفت (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) اشارتست بانقطاع بنده ومعنىء انقطاع با حق بريدنست در بدايت بجهد ودر نهايت بكل بدايت تن در سعى وزبان در ذكر وعمر در جهد ونهايت با خلق عاريت وبا خود بيكانه واز تعلق آسوده] وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست فمن بقي له فى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت لم ينفتح له باب العلم بالله من حيث المشاهدة

[سورة الصافات (37) : الآيات 100 إلى 107]

ولم يدخل عالم الحقيقة واسطى [كفت خليل از خلق بحق مى شد وحبيب از حق بخلق مى آمد او كه از خلق بحق شود حق را بدليل شناسد واو كه از حق بخلق آيد دليل را بحق شناسد]- روى- ان ابراهيم عليه السلام لما جعل الله النار عليه بردا وسلاما وأهلك عدوه النمرود وتزوج بسارة وكانت احسن النساء وجها وكانت تشبه حواء فى حسنها عزم الانتقال من ارض بابل الى الشام [پس روى مبارك بشام نهاد ودر ان راه هاجر بدست ساره خاتون افتاد وآنرا بإبراهيم بخشيد و چون هاجر ملك يمين وى شد دعا كرده كه] رَبِّ [اى پرودگار من] هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ المراد ولد كامل الصلاح عظيم الشأن فيه اى بعض الصالحين يعيننى على الدعوة والطاعة ويؤنسنى فى الغربة يعنى الولد لان لفظ الهبة على الإطلاق خاص به وان كان قد ورد مقيدا بالأخ (فى قوله وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) ولقوله تعالى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فانه صريح فى ان المبشر به غير ما استوهبه عليه السلام. والغلام الطارّ الشارب والكهل ضد او من حين يولد الى ان يشيب كما فى القاموس وقال بعض اهل اللغة الغلام من جاوز العشر واما من دونها فصبى والحليم من لا يعجل فى الأمور ويتحمل المشاق ولا يضطرب عند إصابة المكروه ولا يحركه الغضب بسهولة. والمعنى بالفارسية [پس مژده داديم او را بفرزندى بردبار يعنى چون ببلوغ رسد حليم بود] ولقد جمع فيه بشارات ثلاث بشارة انه غلام وانه يبلغ أوان الحلم فان الصبى لا يوصف بالحلم وانه يكون حليما وأي حلم يعادل حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح وهو مراهق فاستسلم قال الكاشفى [پس خداى تعالى إسماعيل را از هاجر بوى ارزانى داشت وبحكم سبحانه از زمين شام هاجر يسر آورده را بمكة برد وإسماعيل آنجا نشو ونما يافت] فَلَمَّا بَلَغَ الغلام مَعَهُ مع ابراهيم السَّعْيَ الفاء فصيحة معربة عن مقدر اى فوهبنا له فنشأ فلما بلغ رتبة ان يسعى معه فى أشغاله وحوائجه ومصالحه ومعه متعلق بالسعي وجاز لانه ظرف فيكفيه رائحة من الفعل لا يبلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعى ولم يكن معا كذا فى بحر العلوم. وتخصيصه لان الأدب أكمل فى الرفق والاستصلاح فلا نستسعيه قبل أوانه لانه استوهبه لذلك وكان له يومئذ ثلاث عشرة سنة قالَ ابراهيم يا بُنَيَّ [اى پسرك من تصغير شفقت است] إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ قربانا لله تعالى اى ارى هذه الصورة بعينها او ما هذه عبارته وتأويله وقيل انه رأى ليلة التروية كأن قائلا يقول له ان الله يأمرك بذبح ابنك هذا فلما أصبح روّى فى ذلك من الصباح الى الرواح أمن الله تعالى هذا الحلم أم من الشيطان فمن ثمة سمى يوم التروية فلما امسى رأى مثل ذلك فعرف انه من الله تعالى فمن ثمة سمى يوم عرفة ثم رأى فى الليلة الثالثة فهم بنحره فسمى اليوم يوم النحر فَانْظُرْ ماذا منصوب بقوله تَرى من الرأى فيما ألقيت إليك: وبالفارسية [پس در نكر درين كار چهـ چيزى بينى رأى تو چهـ تقاضا ميكند] فانما يسأله عما يبديه قلبه ورأيه أي شىء هل هو الإمضاء او التوقف فقوله ترى من الرأى الذي يخطر بالبال لا من رؤية العين وانما شاوره فيه وهو امر محتوم ليعلم ما عنده فيما نزل من بلاء الله تعالى فتثبت قدمه ان جزع ويأمن ان سلم ويكتسب

[سورة الصافات (37) : آية 103]

المثوبة عليه بالانقياد له قبل نزوله وتكون سنة فى المشاورة. فقد قيل لو شاور آدم الملائكة فى أكله من الشجرة لما فرط منه ذلك قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ [كفت اى پدر بكن] ما تُؤْمَرُ [آنچهـ فرموده شدى بدان] اى ما تؤمر به فحذف الجار اولا على القاعدة المطردة ثم حذف العائد الى الموصول بعد انقلابه منصوبا بايصاله الى الفعل او حذفا دفعة او افعل أمرك اضافة المصدر الى المفعول وتسمية المأمور به امرا وصيغة المضارع حيث لم يقل ما أمرت للدلالة على ان الأمر متعلق به متوجه اليه مستمر الى حين الامتثال به ولعله فهم من كلامه انه رأى ذبحه مأمورا به ولذا قال ما تؤمر وعلم ان رؤيا الأنبياء حق وان مثل ذلك لا يقدمون عليه الا بامر وانما امر به فى المنام دون اليقظة مع ان غالب وحي الأنبياء ان يكون فى اليقظة ليكون مبادرتهما الى الامتثال ادل على كمال الانقياد والإخلاص. قالوا رؤيا الأنبياء حق من قبيل الوحى فانه يأتيهم الوحى من الله ايقاظا إذ لا تنام قلوبهم ابدا ولانه لطهارة نفوسهم ليس للشيطان عليهم سبيل وفى اسئلة الحكم لم امر الله تعالى ابراهيم بذبح ولده فى المنام ورؤيا الأنبياء حق وقتل الإنسان بغير حق من أعظم الكبائر قيل امره فى المنام دون اليقظة لانه ليس شىء ابغض الى الله من قتل المؤمن سَتَجِدُنِي [زود باشد كه يابى مرا] ثم استعان بالله فى الصبر على بلائه حيث استثنى فقال إِنْ شاءَ اللَّهُ ومن أسند المشيئة الى الله تعالى والتجأ اليه لم يعطب مِنَ الصَّابِرِينَ على الذبح او على قضاء الله تعالى قال الذبيح من الصابرين ادخل نفسه فى عداد الصابرين فرق عليه وموسى عليه السلام تفرد بنفسه حيث قال للخضر (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً فخرج. والتفويض اسلم من التفرد وأوفق لتحصيل المرام ولما كان إسماعيل فى مقام التسليم والتفويض الى الله تعالى وقف وصبر ولما كان موسى فى صورة المتعلم ومن شأن المتعلم ان يتعرض لاستاذه بالاعتراض فيما لم يفهمه خرج ولم يصبر وقال بعضهم ظاهر موسى تعرض وباطنه تسليم ايضا لانه انما اعترض على الخضر بغيرة الشرع فَلَمَّا أَسْلَما اى استسلم ابراهيم وابنه لامر الله وانقادا وخضعاله: وبالفارسية [پس هنكام كه كردن نهادند خدايرا] يقال سلم لامر الله واسلم واستسلم بمعنى واحد قرىء بهن جميعا وأصلها من قولك سلم هذا لفلان إذا خلص له ومعناه سلم ان ينازع فيه وقولهم سلم لامر الله واسلم له منقولان منه ومعناهما أخلص نفسه لله وجعلها سالمة وكذلك معنى استسلم استخلص نفسه لله تعالى وعن قتادة فى أسلما اسلم ابراهيم ابنه وإسماعيل نفسه وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ قال فى القاموس تله صرعه وألقاه على عنقه وخده. والجبين أحد جانبى الجبهة فللوجه فوق الصدغ جبينان عن يمين الجبهة وشمالها قال الراغب اصل التل المكان المرتفع والتليل العنق وتله للجبين أسقطه على التل او على تليله وقال غيره صرعه على شقه فوقع جبينه على الأرض لمباشرة الأمر بصبر وجلد ليرضيا الرحمن ويحزنا الشيطان وكان ذلك عند الصخرة من منى او فى الموضع المشرف على مسجد منى او فى المنحر الذي ينحر فيه اليوم- وروى- ان إبليس عرض لابراهيم عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم مضى ابراهيم لامر الله تعالى وعزم على الذبح ومنه شرع رمى الجمرات فى الحج فهو

[سورة الصافات (37) : الآيات 104 إلى 105]

من واجبات الحج يجب بتركه الفدية باتفاق الائمة قال فى التأويلات النجمية ومن دقة النظر فى رعاية آداب العبودية فى حفظ حق الربوبية فى القصة ان إسماعيل امر أباه ان يشد يديه ورجليه لئلا يضطرب إذا مسه ألم الذبح فيعاتب ثم لماهم بذبحه قال افتح القيد عنى فانى أخشى ان أعاتب فيقال لى أمشدود اليد حبيبى يطيعنى ولو بيد الحبيب سقيت سما ... لكان السم من يده يطيب وقد قيل ضرب الحبيب يطيب از دست تو مشت بر دهان خوردن ... خوشتر كه بدست خويش نان خوردن وَنادَيْناهُ أَنْ مفسرة لمفعول ناديناه المقدر اى ناديناه بلفظ هو قولنا يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا بالعزم على الإتيان بالمأمور به وترتيب مقدماته: وبالفارسية [بدرستى كه راست كردى خوابى كه ديده بودى] وفى شرح الفصوص للمولى الجامى اى حققت الصورة المرئية وجعلتها صادقة مطابقة للصورة الحسية الخارجية بالاقدام على الذبح والتعرض لمقدماته وقد قيل انه امرّ السكين بقوته على حلقه مرارا فلم يقطع ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين آن توكل تو خليلانه ترا ... تا نبرد تيغت إسماعيل را فعند ذلك وقع النداء وفى الخبر سأل نبينا عليه السلام جبريل هل أصابك مشقة وتعب فى نزولك من السماء قال نعم فى اربعة مواضع. الاول حين القى ابراهيم فى النار كنت تحت العرش قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته وقلت له هل لك من حاجة فقال اما إليك فلا. والثاني حين وضع ابراهيم السكين على حلق إسماعيل كنت تحت العرش قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته طرفة عين فقلبت السكين. والثالث حين شبحك الكفار وكسروا رباعيتك يوم أحد قال الله تعالى أدرك دم حبيبى فانه لو سقط من دمه على الأرض قطرة ما أخرجت منها نباتا ولا شجرا فقبضت دمك بكفى ثم رميته فى الهواء. والرابع حين القى يوسف فى الجب قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته قبل ان وصل الى قعر الجب وأخرجت حجرا من أسفل البئر فاجلسته عليه. وجواب لما محذوف إيذانا بعدم وفاء التعبير بتفاصيله كأنه قيل كان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان من استبشارهما وشكرهما لله تعالى على ما أنعم به عليهما من رفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق أحد لمثله واظهار فضلهما بذلك على العالمين مع إحراز الثواب العظيم الى غير ذلك قال بعض العارفين الإنسان مجبول على حب الولد فاقتضت غيرة الخلة ومقام المحبة ان يقطع علاقة القلب عن غيره فامر بذبح ولده امتحانا واختبارا له ببذل أحب الأشياء فى سبيل الله من غير توقف واشعارا للملائكة بانه خليل الله لا يسعه غير الحق فليس المبتغى منه تحصيل الذبح انما هو اخلاء السر عنه وترك عادة الطبع وقال المولى الجامى غلبت عليه محبة الحق حتى تبرأ من أبيه فى الحق ومن قومه وتصدى لذبح ابنه فى سبيل الله وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله تعالى- ورد- فى الخبر انه كان له خمسة آلاف قطيع من الغنم فتعجب الملائكة من كثرة ماله مع خلته العظيمة عند الله فخرج يوما خلف غنمه وكلاب قطائع الأغنام عليها اطواق الذهب فطلع ملك فى صورة آدمي على شرف الوادي فسبح قائلا سبوح قدوس رب الملائكة والروح فلما سمع الخليل تسبيح حبيبه أعجبه وشوّقه نحو لقائه فقال يا انسان كرر ذكر ربى فلك نصف مالى فسبح

[سورة الصافات (37) : الآيات 106 إلى 107]

بالتسبيح المذكور فقال كرر تسبيح خالقى فلك جميع أموالي مما ترى من الأغنام والغلمان وكانوا خمسة آلاف غلام فانصفت الملائكة وسلمت بخلته كما سلمت بخلافة آدم وهذا من جملة الاسرار التي جعل بها أبا ثانيا لنا يقول الفقير أغناه الله القدير سمعت من شيخى قدس سره انه قال ان ابراهيم له الاحراز بجميع مراتب التوحيد من الافعال والصفات والذات وذلك لان الحجب الكلية ثلاثة هى المال والولد والبدن فتوحيد الافعال انما يحصل بالفناء عن المال وتوحيد الصفات بالفناء عن الولد وتوحيد الذات بالفناء عن الجسم والروح فتلك الحجب على الترتيب بمقابلة هذه المقامات من التوحيد فاخذ الله من ابراهيم المال تحقيقا للتوحيد الاول وابتلاه بذبح الولد تحقيقا للتوحيد الثاني وبجسمه حين رمى به فى نار نمرود تحقيقا للتوحيد الثالث فظهر بهذا كله فناؤه فى الله وبقاؤه بالله حققنا الله وإياكم بحقيقة التوحيد وأوصلنا وإياكم الى سر التجريد والتفريد إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تعليل لتفريج تلك الكربة عنهما باحسانهما واحتج به من جوز النسخ قبل وقوع المأمور به فانه عليه السلام كان مأمورا بالذبح ولم يحصل قال فى اسئلة المقحمة وهذه القصة حجة على المعتزلة فان الآية تدل على ان الله تعالى قد يأمر بالشيء ولا يريده فانه تعالى امر ابراهيم بذبح ولده ولم يرد ذلك منه والمعتزلة لا يجوزون اختلاف الأمر والارادة إِنَّ هذا [بدرستى كه اين كار] لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ الابتلاء البين الذي يتميز فيه المخلص من غيره او المحنة البينة الصعوبة إذ لا شىء أصعب منها قال البقلى اخبر سبحانه وتعالى ان هذا بلاء فى الظاهر ولا يكون بلاء فى الباطن لان فى حقيقته بلوغ منازل المشاهدات وشهود اسرار حقائق المكاشفات وهذا من عظائم القربات واصل البلاء ما يحجبك عن مشاهدة الحق لحظة ولم يقع هذا البلاء بين الله وبين أحبابه قط فالبلاء لهم عين الولاء قال الحريري البلاء على ثلاثة أوجه على المخالفين نقم وعقوبات وعلى السابقين تمحيص وكفارات وعلى الأولياء والصديقين نوع من الاختبارات جاميا دل بغم ودرد نه اندر ره عشق ... كه نشد مرد ره آنكس كه نه اين درد كشيد وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ بما يذبح بدله فيتم به الفعل المأمور وهو فرى الأوداج وانهار الدم اى جعلنا الذبح بالكسر اسم لما يذبح فداء له وخلصناه به من الذبح: وبالفارسية [وفدا داديم إسماعيل را بكبشى] والفادي فى الحقيقة هو ابراهيم وانما قال وفديناه لانه تعالى هو المعطى له والآمر به على التجوز فى الفداء او الاسناد عَظِيمٍ اى عظيم الجثة سمين وهى السنة فى الأضاحي كما قال عليه السلام (عظموا ضحاياكم فانها على الصراط مطاياكم) او عظيم القدر لانه يفدى به الله نبيا ابن نبى وأي نبيى من نسله سيد المرسلين وفى التأويلات النجمية انما سمى الذبح عظيما لانه فداء نبيين عظيمين أحدهما أعظم من الآخر وهما إسماعيل ومحمد عليهما السلام لانه كان محمد فى صلب إسماعيل انتهى وفى اسئلة الحكم لم عظم الله الذبح مع ان البدن أعظم فى القربان من الكبش لانها تنوب عن سبعة الجواب لشدة المناسبة بين الكبش وبين النفس المسلمة الفانية فى الله فانه خلق مستسلما للذبح فحسب فيكون الكبش فى الآخرة صورة الموت يذبح على الصراط كما كان صورة الفناء الكلى والتسليم والانقياد ولذلك المعنى عظمه الله تعالى لان فضل كل

شىء بالمعنى لا بالصورة إذ فضل الصورة تابع لفضل المعنى بخلاف البدنة فان المقصود الأعظم منها الركوب وحملّ الأثقال عليها قيل كان ذلك كبشا من الجنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه الكبش الذي قربه هابيل فتقبل منه وكان يرعى فى الجنة حتى فدى به إسماعيل وحينئذ تكون النار التي نزلت فى زمن هابيل لم تأكله بل رفعته الى السماء وحينئذ يكون قول بعضهم فنزلت النار فاكلته محمولا على التسمح كما فى انسان العيون. ويحتمل ان تتجسم الروح كما تتجسم المعاني وتبقى ابدا فلا ينافى ان تأكله النار فى زمن هابيل ان يذبحه ابراهيم ثانيا وروى انه هرب من ابراهيم عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى اخذه فبقى سنة فى الرمي وروى انه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده كما سبق وروى انه لما ذبحه قال جبريل «الله اكبر الله اكبر» فقال الذبيح «لا اله الا الله والله اكبر» فقال ابراهيم «الله اكبر ولله الحمد» فبقى سنة واعلم ان الذبح ثلاثة وهو ذبح هابيل ثم ذبح ابراهيم ثم ذبح الموت فى صورة الكبش. وكذا الفداء فانه فداء إسماعيل بكبش هابيل وفداء المؤمنين يوم القيامة يفدى عن كل مؤمن بكافر يأخذ المؤمن بناصيته فيلقيه فى النار وفداء الله عن الحياة الابدية بالموت يذبح فى صورة الكبش على الصراط فيلقى به فى النار بشارة لاهل الجنة بالخلود الدائم وتبكيتا لاهل النار بالعقوبة الدائمة ففيه اشارة الى مراتب التوحيد فذبح هابيل اشارة الى توحيد الافعال وذبح يحيى الى توحيد الصفات وذبح ابراهيم الى توحيد الذات لانه مظهر توحيد الذات والفناء الكلى فى ذات الله تعالى فذبحه أعظم من كل ذبح وفداؤه أتم من كل فداء قالوا ان الدم إذا تعين على الحاج فلا يسقط عمن تعين عليه ولما تعين ذبح ولد ابراهيم لم يسقط عنه الدم أصلا ففداه الله تعالى بكبش عظيم حيث جعله بدل إفساد نبى مكرم فحصل الدم وبعد ان وجب فلا يرتفع ولذا من نذر بذبح ولده لزمه شاة عند الحنفية فصارت صورة ولد ابراهيم صورة الكبش يساق الى الجنة يدخل فيها فى أي صورة شاء فذبحت صورة الكبش ولبست صورة ولد ابراهيم صورة الكبش وهذا سبب العقيقة التي كل انسان مرهون بعقيقته ولو لم يفد الله بالكبش لصار ذبح الناس واحدا من أبنائهم سنة الى يوم القيامة وتحقيق المقام انه كان كبش ظهر فى صورة ابن ابراهيم فى المنام لمناسبة واقعة بينهما وهى الاستسلام والانقياد فكان مراد الله الكبش لا ابن ابراهيم فما كان ذلك المرئي عند الله الا الذبح العظيم متمثلا فى صورة ولده ففدى الحق ولده بالذبح العظيم وهذا كما ان العلم يرى فى صورة اللبن فليس ما يرى فى حضرة الخيال عين اللبن وحقيقته فلو تجاوز ابراهيم عليه السلام عما رآه فى حضرة الخيال الى المعنى المقصود منه بان يعبر ذبح ابنه فى منامه بذبح الكبش الذي فى صورته لما ظهر لاهل الآفاق كمال فنائه وتمام استسلامه وكذلك انقياد ابنه لكن الله سبحانه أراد اراءة استسلامهما واظهار انقيادهما لامره تعالى فاخفى عليه تعبير رؤياه وستر المقصود من المنام حتى صدق الرؤيا وفعل ما فعل لتلك الحكمة العلية) واختلف (فى ان الذبيح إسماعيل او إسحاق فذهب اكثر المفسرين الى الاول لوجوده ذكرت فى التفاسير ولان قرنى الكبش كانا معلقين بالكعبة الى ان احترق البيت واحترق القرنان فى ايام ابن الزبير والحجاج ولم يكن

[سورة الصافات (37) : الآيات 108 إلى 114]

إسحاق ثمة وفى فضائل القدس كان فى السلسلة التي فى وسط القبة على صخرة الله درة يتيمة وقرنا كبش ابراهيم وتاج كسرى معلقات فيها ايام عبد الملك بن مروان فلما صارت الخلافة الى بنى هاشم حولوا الى الكعبة حرسها الله انتهى يقول الفقير هذا يقتضى ان لا تأكل النار الكبش الذي جاء فداء لان بقاء القرن من موجبات ذلك وأكل النار القربان كان عادة الهية من لدن آدم الى زمان نبينا عليه السلام ثم رفع عن قربان هذه الامة اللهم الا ان يحمل على أحد وجوه. الاول ان معنى أكل النار القربان إحراقه بحيث يخرج عن الانتفاع به وهذا لا يوجب كون القرنين حريقين بالكلية. والثاني ان الذي كان يحرقه النار ليس جثة القربان بمجموعها من القرن الى القدم بل ثروبه وأطايب لحمه كما روى ان بنى إسرائيل كانوا إذا ذبحوا قربانا وضعوا ثروبه وأطايب لحمه فى موضع فيدعو النبي فتأتى نار فتأكله فلا يلزم ان يكون جميع اجزائه مأكولة محروقة. والثالث انه محمول على التمسح كما سبق فى قربان هابيل فان قلت قد صح ان عبد المطلب نذر ان يذبح ولدا ان سهل الله حفر بئر زمزم او بلغ بنوه عشرة فلما سهل الله فخرج السهم على عبد الله والد رسول الله منعه أخواله ففداه بمائة من الإبل ولذلك سنت الدية بمائة فقد روى انه فرق لحموم القرابين المذكورة الى الفقراء ولم تأكلها النار فكيف كان سنة الهية بين جميع الملل قلت المتقرب ان كان جاهليا فلا شك ان قربانه غير معتدبه وان كان اسلاميا فلابد ان يكون فى محضر نبى من الأنبياء إذ هو الذي يدعو فتأتى النار كما لا يخفى على من له حظ او فى من علم التفسير والتأويل) وذهب (الى الثاني بعض ارباب الحقائق والتوفيق بين الروايتين عند التحقيق ان صورة الذبح جرى فى الظاهر الى حقيقة إسماعيل اولا ثم سرى ثانيا الى حقيقة إسحاق لتحققه ايضا بمقام الإرث الابراهيمى من التسليم والتفويض والانقياد الذي ظهر فى صورة الكبش ولهذا السر اشتركا فى البشارة الالهية (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) فكان إسماعيل وإسحاق مختلفين فى الصورة والتشخص متفقين فى المعنى والحقيقة فان شئت قلت ان الذبيح هو إسماعيل وان شئت قلت انه إسحاق فانت مصيب فى كل من القولين فى الحقيقة لما عرفت ان أحدهما عين الآخر فى التحقق بسر ابراهيم عليه وعليهما السلام الى يوم القيام وَتَرَكْنا عَلَيْهِ اى أبقينا على ابراهيم فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ اى هذا الكلام بعينه كما سبق فى قصة نوح كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الكاف متعلقة بما بعدها وذلك اشارة الى ابقاء ذكره الجميل فيما بين الأمم لا الى ما أشير اليه فيما سبق فلا تكرار اى مثل ذلك الجزاء الكامل نجزى المحسنين لا جزاء ادنى منه يعنى ان ابراهيم من المحسنين وما فعلناه به مما ذكر مجازاة له على إحسانه إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ الراسخين فى الايمان على وجه الإيقان والاطمئنان وفى التأويلات النجمية اى من عبادنا المخلصين لا من عباد الدنيا والهوى والسوي وَبَشَّرْناهُ اى ابراهيم: والتبشير بالفارسية [مژده دادن] وهو الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر به ومنه تباشير الصبح لما ظهر من أوائل ضوئه بِإِسْحاقَ من سارة رضى الله عنها نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ اى مقضيا بنبوته مقدرا كونه من الصالحين

[سورة الصافات (37) : الآيات 113 إلى 114]

وبهذا الاعتبار وقعا حالين ولا حاجة الى وجود المبشر به وقت البشارة فان وجود ذى الحال ليس بشرط وانما الشرط مقارنة تعلق الفعل به لاعتبار معنى الحال وفى التأويلات النجمية (نَبِيًّا) اى ملهما من الحق تعالى كما قال بعضهم حدثنى قلبى عن ربى (مِنَ الصَّالِحِينَ) اى من المستعدين لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة انتهى. وفى ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه وايماء الى انه الغاية لها لتضمنها معنى الكمال والتكميل بالفعل على الإطلاق وقد سبق الكلام المشبع فيه فى اواخر سورة يوسف وَبارَكْنا عَلَيْهِ على ابراهيم فى أولاده: وبالفارسية [وبركت داديم بر ابراهيم] وَعَلى إِسْحاقَ بان أخرجنا من صلبه أنبياء من بنى إسرائيل وغيرهم كايوب وشعيب او أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ فى عمله او لنفسه بالايمان والطاعة وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ بالكفر والمعاصي مُبِينٌ ظاهر ظلمه وفيه تنبيه على ان الظلم فى أولادهما وذريتهما لا يعود عليهما بعيب ولا نقيصة وان المرء يجازى بما صدر من نفسه طاعة او معصية لا بما صدر من أصله وفرعه كما قال (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وان النسب لا تأثير له فى الصلاح والفساد والطاعة والعصيان فقد يلد الصالح العاصي والمؤمن الكافر وبالعكس ولو كان ذلك بحسب الطبيعة لم يتغير ولم يتخلف وفيه قطع لاطماع اليهود المفاخرين بكونهم أولاد الأنبياء وفى الحديث (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) الواو فى وتأتونى واو الصرف ولهذا نصب وتأتونى حذف نون تأتون علامة للنصب وهذه النون نون الوقاية اى لا يكون اعمال الناس وانسابكم مجتمعين فائتونى بالأعمال والغرض تقبيح افتخارهم لديه عليه السلام بالأنساب حين يأتى الناس بالأعمال أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراح وليس بنافع نسب زكى ... تدنسه صنائعك القباح وقال بعضهم وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله وقبيلة باهلة عرفوا بالدناءة لانهم كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية ويأكلون نقى عظام الميتة كر بنگرى بأصل همه بنى آدمند ... زان اعتبار جمله عزيز ومكرمند بيش اند ناس صورت نسناس سيرتان ... خلقى كه آدمند بخلق وكرم كمند وفى المثل «ذهب الناس وما بقي الا النسناس» وهم الذين يتشبهون بالناس وليسوا بالناس او هم خلق فى صورة الناس وقال بعضهم اصل را اعتبار چندان نيست ... روى همچوورد خندان نيست مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي فعلى العاقل ترك الاغترار بالأنساب والاحساب والاجتهاد فيما ينفعه يوم الحساب وكان زين العابدين رضى الله عنه يقول اللهم انى أعوذ بك ان تحسن فى لوامع العيون علانيتى وتقبح سريرتى ومن الله التوفيق وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ المنان فى صفة الله تعالى المعطى ابتداء من غير ان يطلب عوضا يقال منّ عليه منا إذا أعطاه شيأ ومنّ عليه منة إذا أعد

[سورة الصافات (37) : الآيات 115 إلى 122]

نعمته عليه وامتن وهو مذموم من الخلق لا من الحق كما قال تعالى (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) والمعنى وبالله لقد أنعمنا على موسى وأخيه هارون بالنبوة وغيرها من النعم الدينية والدنيوية وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما وهم بنو إسرائيل مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ من تعذيب فرعون وأذى قومه القبط وقد سبق معنى الكرب فى هذه السورة ولما كانت النتيجة عبارة عن التخليص من المكروه وهى لا تقتضى الغلبة اتبعها بقوله وَنَصَرْناهُمْ اى موسى وهارون وقومهما فَكانُوا بسبب ذلك هُمُ فحسب الْغالِبِينَ على عدوهم فرعون وقومه غلبة لا غاية وراءها بعد ان كان قومهما فى اسرهم وقسرهم مقهورين تحت أيديهم وفيه اشارة الى تنجية موسى القلب وهارون السر من غرق بحر الدنيا وماء شهواتها ونصرتهما مع صفاتهما على فرعون النفس وصفاتها فليصبر المجاهدون على انواع البلاء الى ان تظهر آثار الولاء فان آخر الليل ظهور النهار وغاية الخريف والشتاء طلوع الازهار والأنوار: قال الحافظ چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نوبهار باز آمد وَآتَيْناهُمَا بعد ذلك المذكور من النتيجة الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ اى البليغ والمتناهي فى البيان والتفصيل وهو التوراة فانه كتاب مشتمل على جميع العلوم التي يحتاج إليها فى مصالح الدين والدنيا قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) . فاستبان مبالغة بان بمعنى ظهر ووضح وجعل الكتاب بالغا فى بيانه من حيث انه لكماله فى بيان الاحكام وتمييز الحلال عن الحرام كأنه يطلب من نفسه ان يبينها ويحمل نفسه على ذلك وقيل هذه السين كهى فى قوله يستسخرون فان بان واستبان وتبين واحد نحو عجل واستعجل وتعجل فيكون معناه الكتاب المبين وَهَدَيْناهُمَا بذلك الكتاب الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الموصل الى الحق والصواب بما فيه من تفاصيل الشرائع وتفاريع الاحكام وفى كشف الاسرار وهديناهما دين الله الإسلام اى ثبتناهما عليه واستعير الصراط المستقيم من معناه الحقيقي وهو الطريق المستوي للدين الحق وهو ملة الإسلام وهذا امر تحقق عقلا فقد نقل اللفظ الى امر معلوم من شانه ان ينص عليه ويشار اليه اشارة عقلية ولاجل تحققه سميت هذه الاستعارة بالتحقيقية وفيه اشارة الى إيتاء العلوم الحقيقية والإلهامات الربانية والهداية بذلك الى الحضرة الواحدية والاحدية وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ اى أبقينا عليهما فيما بين الأمم الآخرين هذا الذكر الجميل والثناء الجزيل فهم يسلمون عليهما ويقولون سلام على موسى وهارون ويدعون لهما دعاء دائما الى يوم الدين إِنَّا كَذلِكَ اى مثل هذا الجزاء الكامل نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ لذين هما من جملتهم لا جزاء قاصرا عنه إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ يشير الى ان طريق الإحسان هو الايمان فالايمان هو مرتبة الغيب والإحسان هو مرتبة المشاهدة ولما كان الايمان ينشأ عن المعرفة كان الأصل معرفة الله والجري على مقتضى العلم فالانسان من حيث ما يتغذى نبات ومن حيث ما يحس ويتحرك حيوان ومن حيث الصورة التخطيطية فكصورة فى جدار وانما فضيلته بالنطق والعلم والفهم وسائر الكمالات البشرية وفى الحديث (ما فضلكم

[سورة الصافات (37) : الآيات 123 إلى 132]

ابو بكر بكثير صوم ولا صلاة ولكن بسرّ وقر فى صدره) ومن آثار هذا السر الموقور ثباته يوم موت الرسول عليه السلام وعدم تغيره كسائر الاصحاب حيث صعد المنبر وقرأ (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية فكان إيمانه أقوى وثباته او فى ومشاهدته أعلى وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ اى الى بنى إسرائيل وهو الياس بن ياسين بن شير بن فخاص بن الغيرار بن هارون ابن عمران وهو من سبط هارون أخي موسى بعث بعد موسى هذا هو المشهور وعليه الجمهور ودل عليه ما فى بعض المعتبرات ان الموجود من الأنبياء بأبدانهم العنصرية اربعة اثنان فى السماء إدريس وعيسى واثنان فى الأرض الخضر والياس فادريس والياس اثنان من حيث الهوية والتشخص وقال جماعة من العلماء منهم احمد بن حنبل ان الياس هو إدريس اى أخنوخ ابن متوشلخ بن لمك وكان قبل نوح كما قالوا خمسة من الأنبياء لهم اسمان الياس هو إدريس ويعقوب هو إسرائيل ويونس هو ذو النون وعيسى هو المسيح ومحمد هو احمد صلوات الله عليهم أجمعين ووافقهم فى ذلك بعض أكابر الكاشفين فعلى هذا معناه ان هوية إدريس مع كونها قائمة فى انيته وصورته فى السماء الرابعة ظهرت وتعينت فى آنية الياس الباقي الى الآن فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعين الصوري اثنتين كنحو جبرائيل وميكائيل وعزرائيل يظهرون فى الآن الواحد فى مائة الف مكان بصور شتى كلها قائمة لهم وكذلك أرواح الكمل كما يروى عن قضيب البان الموصلي قدس سره انه كان يرى فى زمان واحد فى مجالس متعددة مشتغلا فى كل بامر غير ما فى الآخر وليس معناه ان العين خلع الصورة الادريسية ولبس الصورة الالياسية والا لكان قولا بالتناسخ إِذْ قالَ اى اذكر وقت قوله لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ اى عذاب الله تعالى: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از عذاب الهى] أَتَدْعُونَ بَعْلًا أتعبدونه اى لا تعبدوه ولا تطلبوا منه الخير. والبعل هو الذكر من الزوجين ولما تصور من الرجل استعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها شبه كل مستعل على غيره به فسمى باسمه فسمى العرب معبودهم الذي يتقربون به الى الله بعلا لاعتقادهم ذلك. فالبعل اسم صنم كان لاهل بك من الشام وهو البلد المعروف اليوم ببعلبك وكان من ذهب طوله عشرون ذراعا وله اربعة أوجه وفى عينيه ياقوتتان كبيرتان فتنوا به وعظموه حتى اخدموه اربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه فكان الشيطان يدخل جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ وتتركون عبادته اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ بالنصب على البدلية من احسن الخالقين والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم للاشعار ببطلان آرائهم ايضا. ثم ان الخلق حقيقة فى الاختراع والإنشاء والإبداع ويستعمل ايضا بمعنى التقدير والتصوير وهو المراد به هاهنا لان الخلق بمعنى الاختراع لا يتصور من غير الله حتى يكون هو أحسنهم كما قال الراغب ان قيل قوله (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) يدل على انه يصح ان يوصف غيره بالخلق قيل ذلك معناه احسن المقدرين او يكون على تقدير ما كانوا يعبدون ويزعمون ان غير الله يبدع فكأنه قيل وهب ان هاهنا مبدعين وموجدين فالله تعالى أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم انتهى. وعبد الخالق عند الصوفية المتحققين

[سورة الصافات (37) : الآيات 127 إلى 132]

هو الذي يقدر الأشياء على وفق مراد الحق لتجليه له بوصف الخلق والتقدير فلا يقدر الا بتقديره له تعالى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا بلغ العبد فى مجاهدة نفسه بطريق الرياضة فى سياستها وسياسة الخلق مبلغا ينفرد فيه باستنباط امور لم يسبق إليها ويقدر مع ذلك على فعلها والترغيب فيها كان كالمخترع لما لم يكن له وجود قبل إذ يقال لواضع الشطرنج انه الذي وضعه واخترعه حيث وضع ما لم يسبق اليه انتهى يقول الفقير ان بعض الكمل كانوا يتركون فى مكانهم بدلا منهم على صورتهم وشكلهم ويكونون فى امكنة فى آن واحد كما روى عن قضيب البان فيما سبق فهو من اسرار هذا المقام لانه انما يقدر عليه بعد المظهرية للاسم الخالق والوصول الى سره فاعرف واكتم وصن وصم فَكَذَّبُوهُ اى الياس فَإِنَّهُمْ بسبب تكذيبهم إياه لَمُحْضَرُونَ لمدخلون فى النار والعذاب لا يغيبون منها ولا يخفف عنهم كقوله (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) لان الإحضار المطلق مخصوص بالشر عرفا إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء متصل من فاعل كذبوه وفيه دلالة على ان من قومه من لم يكذبه ولم يحضر فى العذاب وهم الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الدعوة والإرشاد وَتَرَكْنا عَلَيْهِ وأبقينا على الياس فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ اى هذا الكلام بعينه فيدعون له ويثنون عليه الى يوم القيامة وهو لغة فى الياس كسيناء فى سينين فان كل واحد من طور سيناء وطور سينين بمعنى الآخر زيد فى أحدهما الياء والنون فكذا الياس والياسين وقرىء باضافة آل الى ياسين لانهما فى المصحف مفصولان فيكون ياسين أبا الياس والآل هو نفس الياس إِنَّا كَذلِكَ مثل هذا الجزاء الكامل نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إحسانا مطلقا ومن جملتهم الياس إِنَّهُ لا شبهة ان الضمير لالياس فيكون الياس والياسين شخصا واحدا وليس الياسين جمع الياس كما دل عليه ما قبله من قوله سلام على نوح وسلام على ابراهيم وسلام على موسى وهرون مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ قال الكاشفى [ايمان اسميست من جميع كمالات صورى ومعنوى ونام بندگى بتشريفيست خاص از براى اهل اختصاص] اگر بنده خويش خوانى مرا ... به از مملكت جاودانى مرا شهانى كه با بخت فرخنده اند ... همه بندگان ترا بنده اند - روى- انه بعث بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون ثم كالب بن يوقنا ثم حزقيل ثم لما قبض الله حزقيل النبي عظمت الأحداث فى بنى إسرائيل ونسوا عهد الله وعبدوا الأوثان وكانت الأنبياء من بنى إسرائيل يبعثون بعد موسى بتجديد ما نسوا من التوراة وبنو إسرائيل كانوا متفرقين بأرض الشام وكان سبط منهم حلوا ببعلبك ونواحيها من ارض الشام وهم السبط الذين كان منهم الناس فلما أشركوا وعبدوا الصنم المذكور وتركوا العمل بالتوراة بعث الله الياس إليهم نبيا وتبعه يسع بن أخطوب وآمن به وكان على سبط الياس ملك اسمه أجب وكان له امرأة يقال لها ازبيل يستخلفها على رعيته إذا غاب عنهم وكانت تبرز للناس وتقضى بينهم وكانت قتالة للانبياء والصالحين يقال انها هى التي قتلت يحيى بن زكريا عليهما السلام وقد تزوجت سبعة من ملوك بنى إسرائيل وقتلتهم كلهم غيلة وكانت معمرة يقال انها ولدت سبعين ولدا وكان لزوجها

أجب جار صالح يقال له مزدكى وكانت له جنينة يعيش منها فى جنب قصرهما فحسدته فى ذلك حتى إذا خرج الملك الى سفر بعيد أمرت جمعا من الناس ان يشهدوا على مزدكى انه سب زوجها أجب فاطاعوها فيه وكان فى حكم ذلك الزمان يحل قتل من سبب الملك إذا قامت عليه البينة فاحضرته فقالت له بلغني انك شتمت الملك فانكر فاحضرت الشهود فشهدوا عليه بالزور فامرت بقتله وأخذت جنينة غصبا ثم لما قدم الملك اوحى الله الى الياس ان يخبرهما بان الله قد غضب عليهما لوليه مزدكى حين قتلاه ظلما وآلى على نفسه انهما ان لم يتوبا عن صنيعهما ولم يردا الجنينة على ورثة مزدكى ان يهلكهما فى جوف الجنينة ثم يدعهما جيفتين ملقاتين حتى تتعرى عظامهما من لحومهما فلما سمعا ذلك اشتد غضبهما الى الياس ولم يظهر منهما ولا من قومهما الا المخالفة والعصيان والإصرار الى ان هم الملك بتعذيب الياس وقتله فلما أحس الياس بالشر خرج من بينهم لان الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين وارتقى الى أصعب جبل وارفعه فدخل مغارة فيه يقال انه بقي فيها سبع سنين يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم فى طلبه قد وضعوا عليه العيون والله تعالى ستره كما وقع مثله لاصحاب الكهف فلما طال عصيانهم دعا عليهم بالقحط والجوع سبع سنين فقال الله تعالى يا الياس انا ارحم بخلقي من ذلك وان كانوا ظالمين ولكن أعطيك مرادك ثلاث سنين فقحطوا بتلك المدة فلم يقلعهم ذلك عن الشرك ولما رأى ذلك منهم الياس دعا الله تعالى بان يريحه منهم فقيل له اخرج يوم كذا الى موضع كذا فما جاءك من شىء فاركبه ولا تهبه فخرج الياس فى ذلك اليوم ومعه خادمه أليسع فوصل الموضع الذي امر فاستقبله فرس من نار وجميع الآلة من النار حتى وقف بين يديه فركب عليه فانطلق به الفرس الى جانب السماء فناداه أليسع ما تأمرنى فقذف اليه الياس بكسائه من الجو الأعلى: يعنى [كه ترا خليفه خويش كردم بر بنى إسرائيل] ورفع الله الياس من بين أظهرهم وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش فكان إنسيا ملكيا ارضيا سماويا وقال بعضهم كان قد مرض وأحس بالموت فبكى فاوحى الله اليه لم تبكى أحرصا على الدنيا أم جزعا من الموت أم خوفا من النار قال لا ولكن وعزتك جلالك انما جزعى كيف يحمدك الحامدون بعدي ولا أحمدك ويذكرك الذاكرون بعدي ولا أذكرك ويصوم الصائمون بعدي ولا أصوم ويصلى المصلون بعدي ولا أصلي فقيل له يا الياس لاؤخرنك الى وقت لا يذكرنى ذاكر يعنى يوم القيامة وسلط الله على قومه عدوا لهم من حيث لا يشعرون فاهلكم وقتل أجب وامرأته ازبيل فى جنينة مزدكى فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فيها الى ان بليت لحومهما ورمت عظامهما ونبأ الله أليسع وبعثه الى بنى إسرائيل وأيده فآمنت به بنو إسرائيل وكانوا يعظمونه ويطيعونه وحكم الله فيهم قائم الى ان فارقهم أليسع- روى- ان الياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم فى كل عام وهما آخر من يموت من بنى آدم وقيل ان الياس موكل بالفيافي جمع فيفاة بمعنى الصحراء والحضر موكل بالبحار وذكر انهما يقولان عند افتراقهما من الموسم ما شاء الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله. ما شاء الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله

[سورة الصافات (37) : الآيات 133 إلى 138]

ما شاء الله ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله. ما شاء الله ما شاء الله توكلنا على الله حسبنا الله ونعم الوكيل [محمد بن احمد العابد كويد در مسجد أقصى نشسته بودم روز آدينه بعد از نماز ديكر كه دو مرد ديدم يكى بر صفت وهيئت ما وآن ديكر شخصى عظيم بود قدى بلند و پيشانى فراخ پهن صدر وذراعين اين شخص عظيم از من دور نشست وآن پير كه بر صفت وقد ما بود فرا پيش آمد وسلام كرد جواب سلام دادم وكفتم «من أنت رحمك الله» تو كيستى وآنكه از ما دور نشسته است كيست كفت من خضرم واو برادرم الياس از كفتار ايشان در دل من هراس آمد وبلرزيدم خضر كفت «لا بأس عليك نحن نحبك» ما ترا دوست داريم چهـ انديشه برى. آنكه كفت هر كه روز آدينه نماز ديكر بگزارد وروى بسوى قبله كند وتا بوقت فرو شدن آفتاب همى كويد «يا الله يا رحمن» رب العزة دعاى وى مستجاب كرداند وحاجت وى روا كند كفتم «آنستني آنسك الله بذكره» كفتم طعام تو چهـ باشد كفت كرفس وكماءة كفتم طعام الياس چهـ باشد كفت دو رغيف خوارى هر شب وقت إفطار كفتم مقام او كجا باشد كفت در جزائر دريا كفتم شما كى فراهم آييد كفت چون يكى از اولياء الله از دنيا بيرون شود هر دو بر وى نماز كنيم ودر موسم عرفات فراهم آييم وبعد از فراغ مناسك او موى من باز كند ومن موى او باز كنم كفتم اولياء الله را همه شناسى كفت قومى معدود را شناسم كفت چون رسول خدا صلوات الله عليه از دنيا بيرون شد زمين بالله ناليد كه «بقيت لا يمشى علىّ نبى الى يوم القيامة» رب العالمين كفت من از اين امت مردانى را بديدارم دلها انبيا باشد. آنكه خضر برخاست تا رود من نيز برخاستم تا با وى باشم كفت تو با من نتوانى بود من هر روز نماز بامداد بمكة كزارم در مسجد حرام وهمچنان نشينم نزديك ركن شامى در حجر تا آفتاب برآيد آنكه طواف كنم ودو ركعت خلف المقام بگزارم ونماز پيشين بمدينه مصطفى عليه السلام كزارم ونماز شام بطور سينا ونماز خفتن بر سد ذو القرنين وهمه شب آنجا پاس دارم چون وقت صبح باشد نماز بامداد با مكه برم در مسجد حرام] وَإِنَّ لُوطاً هو لوط بن هاران أخي ابراهيم الخليل عليه السلام لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الى قومه وهم اهل سدوم بالدال المهملة فكذبوه وأرادوا إهلاكه فقال رب نجنى وأهلي مما يعملون فنجاه الله واهله فذلك قوله تعالى إِذْ نَجَّيْناهُ اى اذكر وقت تنجيتنا إياه ولا يتعلق بما قبله لانه لم يرسل إذ نجى وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ [وهمه اهل بيت او را از دختران وغير ايشان] إِلَّا عَجُوزاً هى امرأة الخائنة واهلة كانت كافرة وكان نكاح الوثنيات والاقامة عليهن جائزا فى شريعته وسميت المرأة المسنة عجوزا لعجزها عن كثير من الأمور كما فى المفردات فِي الْغابِرِينَ صفة لها بمعنى الا عجوزا مقدرا غبورها لان الغبور لم يكن صفتها وقت تنجيتهم فلم يكن بد من تقدير مقدر أي الباقين فى العذاب والهلاك وقيل للباقى غابر تصورا بتخلف الغبار عن الذي يعدو فيخلفه او الماضين الهالكين وقيل غابر تصور المضي الغبار عن الأرض. والمعنى بالفارسية [مكر پيره زنى كه زن او بود چهـ او اقرار كرفت در بازارماندكان بعذاب وبا لوط همراهى نكرد: قال الشيخ سعدى

[سورة الصافات (37) : الآيات 136 إلى 138]

با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد ثُمَّ دَمَّرْنَا التدمير إدخال الهلاك على الشيء اى أهلكنا الْآخَرِينَ بالائتفاك بهم وامطار الحجارة عليهم فانه تعالى لم يرض بالائتفاك حتى اتبعه مطرا من حجارة: وبالفارسية [پس هلاك كردم ديكرانرا از قوم وى وديار ايشان وقتى زير وزبر ساختيم] فان فى ذلك شواهد على جلية امره وكونه من جملة المرسلين وتقدم ذكر قصته فى سورة هود والحجر فارجع وَإِنَّكُمْ يا اهل مكة لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ اى على ديار قوم لوط المهلكين ومنازلهم فى متاجركم الى الشام وتشاهدون آثار هلاكهم فان سدوم فى طريق الشام وهو قوله تعالى (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) مُصْبِحِينَ حال من فاعل تمرون اى حال كونكم داخلين فى الصباح وَبِاللَّيْلِ اى وملتبسين بالليل اى مساء ولعلها وقعت بقرب منزل يمر به المرتحل عنه صباحا والقاصد له مساء ويجوز ان يكون المعنى نهارا وليلا على ان يعمم المرور للاوقات كلها من الليل والنهار ولا يخصص بوقتى الصباح والمساء أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أفتشاهدون ذلك فلا تعقلون حتى تعتبروا به وتخافوا ان يصيبكم مثل ما أصابهم فان من قدر على إهلاك اهل سدوم واستئصالهم بسبب كفرهم وتكذيبهم كان قادرا على إهلاك كفار مكة واستئصالهم لاتحاد السبب ورجحانه لانهم اكفر من هؤلاء وأكذب كما يشهد به قوله (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) وكان النبي عليه السلام يقول لابى جهل (ان هذا أعتى على الله من فرعون) فعلى العاقل ان يعتبر ويؤمن بوحدانية الحق ويرجع الى أبواب فضله وكرمه ورحمته ويؤدب عجوز نفسه الامارة ويحملها على التسليم والامتثال كى لا تهلك مع اهل القهر والجلال قال بعض الكبار لا بد من نصرة لكل داخل طريق اهل الله عز وجل ثم إذا حصلت فاما ان يعقبها رجوع الى الحال الاول من العبادة والاجتهاد وهم اهل العناية الإلهية واما ان لا يعقبها رجوع فلا يفلح بعد ذلك ابدا انتهى اى فيكون كالمصر على ذنبه ابتداء وانتهاء ثم ان الله تعالى ركب العقل فى الوجود الإنساني ومن شأنه ان يرى ويختار ابدا الأصلح والأفضل فى العواقب وان كان على النفس فى المبدأ مؤونة ومشقة واما الهوى فهو على ضد ذلك فانه يؤثر ما يدفع به المؤذى فى الوقت وان كان يعقبه مضرة من غير نظر منه فى العواقب كالصبى الرمد الذي يؤثر أكل الحلاوات واللعب فى الشمس على أكل الإهليلج والحجامة ولهذا قال النبي عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) تو بر كره توسنى در كمر ... نكر تا نپيچد ز حكم تو سر اگر پالهنك از كفت در كسيخت ... تن خويشتن كشت وخونت بريخت ففيه اشارة الى فكر العواقب وجاء فى الأمثال [وقتى زنبورى مورى را ديد كه بهزار حيله دانه بخانه مكشيد ودر ان رنج بسيارى ديد او را كفت اى مور اين چهـ رنجست كه بر خود نهاده واين چهـ بارست كه اختيار كرده بيا مطعم ومشرب من ببين كه هر طعام كه

[سورة الصافات (37) : الآيات 139 إلى 144]

لطيف ولذيذترست تا از من زياده نيايد بپادشاهان نرسد هر آنجا كه خواهم كزينم وخورم درين سخن بود كه برپريد وبدكان قصابى بر مسلوخى نشست قصاب كارد كه در دست داشت بر ان زنبور مغرور زد ودو پاره كرد وبر زمين انداخت ومور بيامد و پاى كشان او را مى برد وكفت «رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنا طويلا» زنبور كفت مرا بجايى مبر كه نخواهم مور كفت هر كه از روى حرص وشهوت جايى نشيند كه خواهد بجايى كشندش كه نخواهد] نسأل الله ان يوفقنا لاصلاح الطبيعة والنفس ويجعل يومنا خيرا من الأمس فى التوجه الى جنابه والرجوع الى بابه انه هادى القلوب الراجعة فى الأوقات الجامعة ومنه المدد كل يوم لكل قوم وَإِنَّ يُونُسَ ابن متى بالتشديد وهو اسم أبيه او امه وفى كشف الاسرار اسم أبيه متى واسم امه تنجيس كان يونس من أولاد هود كما فى أنوار المشارق وهو ذو النون وصاحب الحوت لانه التقمه. واما ذو النون المصري من اولياء هذه الامة فقيل انما سمى به لانه ركب سفينة مع جماعة فقد واحد منهم ياقوتا فلم يجده فآل رأيهم الى ان هذا الرجل الغريب قد سرقه فعوتب عليه فانكر الشيخ فحلف فلم يصدقوه بل أصروا على انه ليس الا فيه فلما اضطر توجه ساعة فاتى جميع الحوت من البحر فى فيها يواقيت فلما رأوا ذلك اعتذروا عن فعلتهم فقام وذهب الى البحر ولم يغرق بإذن الله تعالى فسمى ذا النون لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الى بقية ثمود وهم اهل نينوى بكسر النون الاولى وفتح الثانية وقيل بضمها قرية على شاطئ دجلة فى ارض الموصل وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالأندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الأرض فرأيت طول قدمه ثلاثة أشبار وثلثى شبر انتهى ولما بعث إليهم دعاهم الى التوحيد أربعين سنة وكانوا يعبدون الأصنام فكذبوه وأصروا على ذلك فخرج من أظهرهم وأوعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث او بعد أربعين ليلة ثم ان قومه لما أتاهم امارات العذاب بان أطبقت السماء غيما اسود يدخن دخانا شديدا ثم يهبط حتى يغشى مدنيتهم حتى صار بينهم وبين العذاب قدر ميل أخلصوا الله تعالى بالدعاء والتضرع بان فرقوا بين الأمهات والأطفال وبين الأتن والجحوش وبين البقر والعجول وبين الإبل والفصلان وبين الضأن والحملان وبين الخيل والافلاء ولبسوا المسوح ثم خرجوا الى الصحراء متضرعين ومستغفرين حتى ارتفع الضجيج الى السماء فصرف الله عنهم العذاب وقبل توبتهم ويونس ينتظر هلاكهم فلما امسى سأل محتطبا مر بقومه كيف كان حالهم فقال هم سالمون وبخير وعافية وحدثه بما صنعوا فقال لا ارجع الى قوم قد كذبتهم وخرج من ديارهم مستنكفا خجلا منهم ولم ينتظر الوحى وتوجه الى جانب البحر وذلك قوله تعالى إِذْ أَبَقَ اى اذكر وقت إباقه اى هربه وأصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير اذن ربه حسن إطلاقه عليه بطريق المجاز تصويرا لقبحه فانه عبد الله فكيف يفر بغير الاذن والى اين يفر والله محيط به وقد صح انه لا يقبل فرض الآبق ولا نفله حتى يرجع فاذا كان الأدنى مأخوذا بزلة فكيف الأعلى إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ اى المملوء من الناس

[سورة الصافات (37) : الآيات 141 إلى 144]

والدواب والمتاع ويقال المجهز الذي فرغ من جهازه يقال شحن السفينة ملأها كما فى القاموس- روى- ان يونس لما دخل السفينة وتوسطت البحر احتسبت عن الجري ووقفت فقال الملاحون هنا عبد آبق من سيده وهذا رسم السفينة إذا كان فيها عبد آبق لا تجرى وقال الامام فقال الملاحون ان فيكم عاصيا والا لم يحصل فى السفينة ما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر وقال التجار قد جربنا مثل هذا فاذا رأينا نقترع فمن خرج سهمه نرميه فى البحر لان غرق الواحد خير من غرق الكل فاقترعوا ثلاث مرات فخرجت القرعة على يونس فى كل مرة وذلك قوله تعالى فَساهَمَ المساهمة المقارعة: يعنى [با كسى قرعه زدن] والسهم ما يرمى به من القداح ونحوه. والمعنى فقارع اهل الفلك من الآبق والقوا السهام على وجه القرعة. والمفهوم من تفسير الكاشفى ان الضمير الى يونس: يعنى [يونس قرعه زد باهل كشتى سه نوبت] فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فصار من المغلوبين بالقرعة وأصله المزلق عن مقام الظفر والغلبة قال فى القاموس دحضت رجله زلقت والشمس زالت والحجة دحوضا بطلت انتهى. فالادحاض بالفارسية [باطل كردن حجت] وحين خرجت القرعة على يونس قال انا العبد الآبق او يا هؤلاء انا والله العاصي فتلفف فى كسائه ثم قام على رأس السفينة فرمى بنفسه فى البحر: يعنى [يونس كليم در سر خود كشيده خود را در بحر افكند] فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ الالتقام الابتلاع: يعنى [لقمه كردن وفرو بردن] يقال لقمت اللقمة والتقمتها إذا ابتلعتها اى فابتلعه السمك العظيم قال الكاشفى [حق تعالى وحي فرستاد بماهى كه در آخرين ديارها باشد تا پيش كشتى آمده دهن باز كرده] وقال فى كشف الاسرار فصادفه حوت جاء من قبل اليمن فابتلعه فسفل به الى قرار الأرضين حتى سمع تسبيح الحصى وَهُوَ مُلِيمٌ حال من مفعول التقمه اى داخل فى الملامة ومعنى دخوله فى الملامة كونه يلام سواء استحق اللوم أم لا او آتى بما يلام عليه فيكون المليم بمعنى من يستحق اللوم سواء لاموه أم لا يقال الام الرجل إذا اتى بما يلام عليه او يلوم نفسه: يعنى [واو ملامت كننده بود نفس خود را كه چرا از قوم كريختى] فالهمزة على هذا للتعدية لا على التقديرين الأولين- روى- ان الله تعالى اوحى الى السمكة انى لم اجعله لك رزقا ولكن جعلت بطنك له وعاء فلا تكسرى منه عظما ولا تقطعى منه وصلا فمكث فى بطن الحوت أربعين ليلة كما دل عليه كونه منبوذا على الساحل وهو سقيم قال الكاشفى [سه روز يا هفت روز أشهر آنست كه چهل روز در شكم ماهى بود وآن ماهى هفت دريا را بكشت وحق سبحانه وتعالى كوشت و پوست او را نازك وصافى ساخته بود چون آبگينه تا يونس عجائب وغرائب بحر را مشاهده كرد و پيوسته بذكر حق سبحانه وتعالى اشتغال داشت] فَلَوْلا أَنَّهُ [پس اگر نه آنست كه يونس] كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ فى بطن الحوت وهو قوله (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) او من الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح مدّة عمره وعن سهل من القائمين بحقوق الله قبل البلاء ذكرا او صلاة او غيرهما لَلَبِثَ لمكث حيا او ميتا فِي بَطْنِهِ اى فى بطن الحوت إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يعنى [تا آن روز كه خلق را برانگيزند از قبور] قال فى كشف الاسرار

[سورة الصافات (37) : الآيات 145 إلى 150]

فيه ثلاثة أوجه. أحدها يبقى هو والحوت الى يوم البعث. والثاني يموت الحوت ويبقى هو فى بطنه. والثالث يموتان ثم يحشر يونس من بطنه فيكون بطن الحوت قبرا له الى يوم القيامة فلم يلبث لكونه من المسبحين وفيه حث على إكثار الذكر وتعظيم لشأنه واشارة الى ان خلاص يونس القلب إذا التقمه حوت النفس لا يكون الا بملازمة ذكر الله ومن اقبل عليه فى السراء أخذ بيده عند الضراء والعمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا صرع يجد متكئا وفى الوسيط كان يونس عبدا صالحا ذاكر الله فلما وقع فى بطن الحوت قال الله (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) الآية وان فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا ذكر الله (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) قال الله تعالى (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) وعن الشافعي انفس ما يداوى به الطاعون التسبيح لان الذكر يرفع العقوبة والعذاب كما قال الله تعالى (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) وعن كعب قال سبحان الله يمنع العذاب وعن عمر رضى الله عنه انه امر بجلد رجل فقال فى أول جلده سبحان الله فعفا عنه ذكر حق شافع بود دركاه را ... راضى وخشنود كند الله را قال فى كشف الاسرار [خداوند كريم چون يونس را در شكم ماهى بزندان كرد نام الله چراغ ظلمت او بود يا الله انس ورحمت او بود هر چند كه از روى ظاهر ماهى بلاي يونس بود اما از روى باطن خلوتكاه وى بود ميخواست بي زحمت اغيار با دوست رازى كويد چنانكه يونس را در شكم ماهى خلوتكاه ساختند خليل را در ميان آتش نمرود خلوتكاه ساختند وصديق اكبر را با مهتر عالم در ان كوشه غار خلوتكاه ساختند همچنين هر كجا مؤمنين وموحدين است او را خلوتكاهى است وآن سينه عزيز وى است وغار سر وى نزول كاه لطف الهى وموضع نظر ربانى] روى ابو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (سبح يونس فى بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة فقال تعالى ذلك عبدى يونس عصانى فحبسته فى بطن الحوت فى البحر قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه فى يوم وليلة عمل صالح قال نعم فشفعوا له فامر الحوت فقذفه بالساحل فى ارض نصيبين) وهى بلدة قاعدة ديار ربيعة وذلك قوله تعالى فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به. والعراء ممدودا مكان لا سترة فيه وهو من التعري سمى به الفضاء الخالي عن البناء والأشجار المظلة لتعريه عما يستر اهله ومعارى الإنسان الأعضاء التي من شأنها ان تعرى كاليد والوجه والرجل. والاسناد المعبر فى قوله فنبذناه من قبيل اسناد الفعل الى السبب الحامل على الفعل فالمعنى فحملنا الحوت على لفظه ورميه بالمكان الخالي عما يغطيه من شجر او نبت وَهُوَ سَقِيمٌ اى عليل البدن من أجل ما ناله فى بطن الحوت من ضعف بدنه فصار كبدن الطفل ساعة يولد لا قوة له او بلى لحمه ونتف شعره حتى صار كالفرخ ليس عليه شعر وريش ورق عظمه وضعف بحيث لا يطيق حر الشمس وهبوب الرياح وفيه اشارة الى ان القلب وان تخلص من سجن النفس وبحر الدنيا يكون سقيما بانحراف مزاجه القلبي بمجاورة صحبة النفس واستراق طبعها وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ اى فوقه مظللة عليه شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ يفعيل مشتق

[سورة الصافات (37) : الآيات 147 إلى 148]

من قطن بالمكان إذا اقام به كاشتقاق الينبوع من نبع فهو موضوع لمفهوم كلى متناول للقرع والبطيخ والقثاء والقثد والحنظل ونحوها مما كان ورقه كله منبسطا على وجه الأرض ولم يقم على ساق واحدته يقطينة وفى القاموس اليقطين ما لا ساق له من النبات ونحوه وبهاء القرعة الرطبة انتهى اطلق هنا على الفرع استعمالا للعام فى بعض جزئياته قال ابن الشيخ ولعل اطلاق اسم الشجر على القرع مع ان الشجر فى كلامهم اسم لكل نبات يقوم على ساقه ولا ينبسط على وجه الأرض مبنى على انه تعالى أنبت عليه شجرة صارت عريشا لما نبت تحتها من القرع بحيث استولى القرع على جميع أغصانها حتى صارت كأنها شجرة من يقطين وكان هذا الإنبات كالمعجزة ليونس فاستظل بظلها وغطته باوراقها عن الذباب فانه لا يقع عليها كما يقع على سائر العشب وكان يونس حين لفظه البحر متغيرا يؤلمه الذباب فسترته الشجرة بورقها. قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انك تحب القرع قال (أجل هى شجرة أخي يونس) وعن ابى يوسف لو قال رجل ان رسول الله كان يحب القرع مثلا فقال الآخر انا لا أحبه فهذا كفر يعنى إذا قاله على وجه الاهانة والاستخفاف والا فلا يكفر على ما قاله بعض المتأخرين وروى انه تعالى قيض له اروية وهى الأنثى من الوعل تروح عليه بكرة وغشية فيشرب من لبنها حتى اشتد لحمه ونبت شعره وعادت قوته وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ هم قومه الذين هرب منهم والمراد إرساله السابق وهو إرساله إليهم قبل ان خرج من بينهم والتقمه الحوت. اخبر اولا بانه من المرسلين على الإطلاق ثم اخبر بانه قد أرسل الى مائة الف جمة وكان توسيط تذكير وقت هربه الى الفلك وما بعده بينهما لتذكير سببه وهو ما جرى بينه وبين قومه من إنذاره إياهم عذاب الله وتعيينه لوقت حلوله وتعللهم وتعليقهم لايمانهم بظهور اماراته ليعلم ان ايمانهم الذي سيحكى بعد لم يكن عقيب الإرسال كما هو المتبادر من ترتب الايمان عليه بالفاء بل بعد اللتيا والتي أَوْ يَزِيدُونَ اى فى مرأى الناظر فانه إذا نظر إليهم قال انهم مائة الف او يزيدون عليها عشرين الفا او ثلاثين او سبعين فاو التي للشك بالنسبة الى المخاطبين إذا الشك على الله محال والغرض وصفهم بالكثرة وهذا هو الجواب عن كل ما يشبه هذا كقوله (عُذْراً أَوْ نُذْراً. لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) وغير ذلك فَآمَنُوا اى بعد ما شاهدوا علائم حلول العذاب ايمانا خالصا فَمَتَّعْناهُمْ اى بالحياة الدنيا وابقيناهم إِلى حِينٍ قدره الله سبحانه لهم وهذا كناية عن رد العذاب عنهم وصرف العقوبة- روى- ان يونس عليه السلام نام يوما تحت الشجرة فاستيقظ وقد يبست فخرج من ذلك العراء ومر بجانب مدينة نينوى فرأى هنالك غلاما يرعى الغنم فقال له من أنت يا غلام فقال من قوم يونس قال فاذا رجعت إليهم فاقرأ عليهم منى السلام وأخبرهم انك قد لقيت يونس ورأيته فقال الغلام ان تكن يونس فقد تعلم ان من يحدث ولم يكن له بينة قتلوه وكان فى شرعهم ان من كذب قتل فمن يشهد لى فقال له يونس تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة فقال الغلام ليونس مرهما بذلك فقال لهما إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له قالتا نعم فرجع الغلام الى قومه فاتى الملك فقال انى لقيت يونس وهو

يقرأ عليكم السلام فامر الملك ان يقتل فقال ان لى بينة فارسل معه جماعة فانتهوا الى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام أنشدكما الله عز وجل اى اسألكما بالله تعالى هل أشهدكما يونس قالتا نعم فرجع القوم مذعورين فاتوا الملك فحدثوه بما رأوا فتناول الملك يد الغلام فاجلسه فى منزله وقال له أنت أحق منى بهذا المقام والملك فاقام بهم الغلام أربعين سنة- روى- فى بعض التفاسير ان قومه آمنوا فسألوه ان يرجع إليهم فابى يونس لان النبي إذا هاجر لم يرجع إليهم مقيما فيهم- وروى- انه لما استيقظ فوجد انه قد يبست الشجرة فاصابته الشمس حزن لذلك حزنا شديدا فجعل يبكى فبعث الله اليه جبرائيل وقال قل له أتحزن على شجرة لم تخلقها أنت ولم تنبتها ولم تربها وانا الذي خلقت مائة الف من الناس او يزيدون تريد منى ان استأصلهم فى ساعة واحدة وقد تابوا وتبت عليهم فاين رحمتى يا يونس وانا ارحم الراحمين وما احسن ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ترغيبا للعبد فيما يوصله الى ما خلق له وتفضيلا لهذا الموصل على هدم النشأة الانسانية وان كان ذلك الهدم واقعا بموجب الأمر وكان للهادم رتبة إعلاء كلمة الله وثواب الشهادة (ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من ان تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله) اى ما هو خير لكم مما ذكر ذكر الله تعالى فابقاه هذه النشأة أفضل من هدمها وان كان بالأمر وفى كشف الاسرار [در قصه آورده اند كه چون يونس عليه السلام از ان ظلمت نجات يافت واز ان محنت برست وبا ميان قوم خود شد وحي آمد بوى كه فلان مرد فخارى را كوى تا آن خنورهاى ويرانها كه باين يكسال ساخته و پرداخته همه بشكند وبتلف آرد يونس باين فرمان كه آمده اندوهگين كشت وبر ان فخار بخشايشى كرد وكفت بار خدايا مرا رحمت مى آيد بر ان مرد كه يكساله عمل وى تباه خواهى كرد ونيست خواهد شد الله تعالى كفت اى يونس بخشايش مى نمايى بمردى كه عمل يكساله وى تباه ونيست ميشود وبر صد هزار مرد از بندگان من بخشايش ننمودى وهلاك وعذاب ايشان خواستى «يا يونس لم تخلقهم ولو خلقتهم لرحمتهم» بشر حافى را رحمه الله بخواب ديدند كفتند حق تعالى با تو چهـ كرد كفت با من عتاب كرد كفت اى بشر آن همه خوف ووجل در دنيا ترا از بهر چهـ بود «اما علمت ان الرحمة والكرم صفتى» فردا مصطفى عربى را عليه السلام در كنهكاران امت شفاعت دهد تا آنكه كه كويد خداوند مرا در حق كسانى شفاعت ده كه هر نيكى نكرده اند فيقول الله عز وجل يا محمد اين يكى مراست حق من وسزاى منست آنكه خطاب آيد كه «اخرجوا من النار من ذكرنى مرة فى مقام او خاف منى فى وقت» اين آن رحمتست كه سؤال در وى كم كشت اين آن لطف است كه انديشه در وى نيست كشت اين آن كرم است كه وهم درو متحير كشت اين آن فضلست كه حد آن از غايت اندازه دركذشت. اى بنده اگر طاعت كنى قبول بر من. ور سؤال كنى عطا بر من. ور كناه كنى عفو بر من. آب در جوى من. راحت در كوى من. طرب در طلب من. انس با جمال من. سرور ببقاى من. شادى بلقاى من] قال الكاشفى (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) [پس برخوردارى داديم ايشانرا تا هنكام أجل ايشان وبعد از انكه متقاضى أجل باسترداد وديعت روح

[سورة الصافات (37) : الآيات 149 إلى 150]

متوجه كردد نه بمدافعت ابطال منع او ميسر است ونه ببذل اموال دفع او متصور] روزى كه أجل دست كشايد بستيز ... وز بهر هلاك بركشد خنجر تيز نه وقت جدل بود نه هنكام دخيل ... نه روى مقاومت نه ياراى كريز وصارت قصة يونس آخر القصص لما فيها من ذكر عدم الصبر على الأذى والإباق كما انهم أخروا ذكر الحلاج فى المناقب لما صدر منه من الدعوى على الإطلاق ولعل عدم ختم هذه القصة وقصة لوط بما ختم به سائر القصص من ذكر السلام وما يتبعه للتفرقة بينهما وبين ارباب الشرائع الكبار واولى العزم من الرسل او اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين فى آخر السورة قاله البيضاوي والشيخ رشيد الدين فى كشف الاسرار وأورده المولى ابو السعود فى تفسيره بصيغة التمريض يقول الفقير وجهه ان الياس ويونس سواء فى ان كلا منهما ليس من ارباب الشرائع الكبار واولى العزم من الرسل فلا بد لتخصيص أحدهما بالسلام من وجه وان التسليم المذكور فى آخر السورة شامل لكل من ذكر هنا ومن لم يذكر فحينئذ كان الظاهر ان يقتصر على ذكر سلام نوح ونحوه ثم يعمم عليهم وعلى غيرهم ممن لم يكن فى درجتهم فَاسْتَفْتِهِمْ [پس پرس از ايشان] اى إذا كان الله موصوفا بنعوت الكمال والعظمة والجلال متفردا بالخلق والربوبية وجميع الأنبياء مقرين بالعبودية داعين للعبيد الى حقيقة التنزيه والتوحيد فاستخبر على سبيل التوبيخ والتجهيل قريشا وبعض طوائف العرب نحو جهينة وبنى سلمة وخزاعة وبنى مليح فانهم كانوا يقولون ان الله تعالى تزوج من الجن فخرجت منها الملائكة فهم بنات الله ولذا يسترهن عن العيون فاثبتوا الأولاد لله تعالى ثم زعموا انها من جنس الإناث لا من جنس الذكور وقسموا القسمة الباطلة حيث جعلوا الإناث لله تعالى وجعلوا الذكور لانفسهم فانهم كانوا يفتخرون بذكور الأولاد ويستنكفون من البنات ولذا كانوا يقتلونهن ويدفنونهن حياء قال تعالى (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) الآية ومن هنا انه من رأى فى المنام انه اسود وجهه فانه يولد له بنت والذي يستنكف منه المخلوق كيف يمكن إثباته للخالق كما قال تعالى أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ اللاتي هن أوضع الجنسين (وَلَهُمُ الْبَنُونَ الذين هم ارفعهما وفيه تفضيل لانفهسم على ربهم وذلك مما لا يقول به من له ادنى شىء من العقل وهذا كقوله تعالى (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) اى قسمة جائرة غير عادلة وفيه اشارة الى كمال جهالة الإنسان وضلالته إذا وكل الى نفسه الخسيسة وخلى الى طبيعته الركيكة انه يظن بربه ورب العالمين نقائص لا يستحقها ادنى عاقل بل غافل من اهل الدنيا برى ذاتش از تهمت ضد وجنس ... غنى ذاتش از تهمت جن وانس نه مستغنى از طاعتش پشت كست ... نه بر حرف او جاى انكشت كس ثم انتقل الى تبكيت آخر فقال أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً الإناث ككتاب جمع الأنثى اى بل أم خلقنا الملائكة الذين هم من اشرف الخلائق وابعدهم من صفات الأجسام ورذائل الطبائع إناثا والأنوثة من اخس صفات الحيوان ولو قيل لادناهم فيك انوثة لتمزقت نفسه

[سورة الصافات (37) : الآيات 151 إلى 158]

من الغيظ لقائله ففى جعلهم الملائكة إناثا استهانة شديدة بهم وَهُمْ شاهِدُونَ حال من فاعل خلقنا مفيد للاستهزاء والتجهيل اى والحال انهم حاضرون حينئذ فيقدمون على ما يقولون فان أمثال هذه الأمور لا تعلم الا بالمشاهدة إذ لا سبيل الى معرفتها بطريق العقل الصرف بالضرورة او بالاستدلال إذ الأنوثة ليست من لوازم ذاتهم بل من اللوازم الخارجية وانتفاء النقل مما لا ريب فيه فلا بد ان يكون القائل بانوثتهم شاهدا اى حاضرا عند خلقهم إذ اسباب العلم هذه الثلاثة فكيف جعلوهم إناثا ولم يشهدوا خلقهم ثم استأنف فقال أَلا حرف تنبيه: يعنى [بدانكه] إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ اى من أجل كذبهم الاسوء وهو متعلق بقوله لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ [بزاد خداى تعالى يعنى براى او بزادند آن] يعنى مبنى مذهبهم الفاسد ليس الا الافك الصريح والافتراء القبيح من غير ان يكون لهم دليل او شبهة قطعا. والولد يعم الذكور والإناث والقليل والكثير وفيه تجسيم له تعالى وتجويز الفناء عليه لان الولادة مختصة بالأجسام القابلة للكون والفساد وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى قولهم ذلك كذبا بينا لا ريب فيه أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ بفتح الهمزة على انما همزة استفهام للانكار والاستبعاد دخلت على الف الافتعال أصله أاصطفى فحذفت همزة الافتعال التي هى همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام. والاصطفاء أخذ صفوة الشيء لنفسه اى أتقولون انه اختار البنات على البنين مع نقصانهن رضى بالاخص الأدنى: وبالفارسية [آيا بركزيد خداى تعالى دخترانرا كه مكروه طباع شمااند به پسران كه ماده افتخار واستظهار شما ايشانند] ما لَكُمْ أي شىء لكم فى هذه الدعوى وقال الكاشفى [چيست شما را قسمت] كَيْفَ تَحْكُمُونَ على الغنى عن العالمين بهذا الحكم الذي تقضى ببطلانه بديهة العقول ارتدعوا عنه فانه جور: وبالفارسية [چكونه حكم ميكنيد ونسبت ميدهيد بخداى آنرا كه براى خود نمى پسنديد] قال ابن الشيخ جملتان استفهاميتان ليس لاحديهما تعلق بالأخرى من حيث الاعراب استفهم اولا عما استقر لهم وثبت استفهام انكار ثم استفهم استفهام تعجب من حكمهم هذا الحكم الفاسد وهو ان يكون احسن الجنسين لانفسهم وأخسهما لربهم أَفَلا تَذَكَّرُونَ بحذف احدى التاءين من تتذكرون والفاء للعطف على مقدر اى أتلاحظون ذلك فلا تتذكرون بطلانه فانه مركوز فى عقل زكى وغبى ثم انتقل الى تبكيت آخر فقال أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ اى هل لكم حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بان الملائكة بنات الله ضرورة ان الحكم بذلك لا بد له من سند حسى او عقلى وحيث انتفى كلاهما فلا بد من سند نقلى فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ الناطق بصحة دعواكم: وبالفارسية [پس بياريد آن كتاب منزل را] فالباء للتعدية إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيها فاذا لم ينزل عليكم كتاب سماوى فيه ذكر ذلك الحكم فلم تصرون على الكذب ثم التفت الى الغيبة للايذان بانقطاعهم عن الجواب وسقوطهم عن درجة الخطاب واقتضاء حالهم ان يعرض عنهم ويحكى جناياتهم لآخرين فقال وَجَعَلُوا بَيْنَهُ تعالى وَبَيْنَ الْجِنَّةِ الجنة بالكسر جماعة الجن والملائكة كما فى القاموس والمراد هنا الملائكة

[سورة الصافات (37) : الآيات 159 إلى 164]

وسموا جنة لاجتنانهم واستتارهم عن الابصار ومنه سمى الجنين وهو المستور فى بطن الام والجنون لانه خفاء العقل. والجنة بالضم الترس لانه يجن صاحبه ويستره. والجنة بالفتح لانها كل بستان ذى شجر يستر باشجاره الأرض فمن له اجتنان عن الأعين جنس يندرج تحته الملائكة والجن المعروف قالوا الجن واحد ولكن من خبث من الجن ومرد وكان شرا كله فهو شيطان ومن طهر منهم ونسك وكان خيرا فهو ملك قال الراغب الجن يقال على وجهين أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الانس فعلى هذا يدخل فيه الملائكة والشياطين فكل ملائكة جن وليس كل جن ملائكة وقيل بل الجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانيين ثلاثة أخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فهم أخيار واشرار وهم الجن ويدل على ذلك قوله تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) الى قوله (وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) نَسَباً النسب والنسبة اشتراك من جهة الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسبة بين الاخوة وبنى العم وقيل فلان نسيب فلان اى قريبه. والمعنى وجعل المشركون بما قالوا نسبة بين الله وبين الملائكة واثبتوا بذلك جنسية جامعة له وللملائكة وفى ذكر الله الملائكة بهذا الاسم فى هذا الموضع اشارة الى ان من صفته الاجتنان وهو من صفات الاجرام لا يصلح ان يناسب من لا يجوز عليه ذلك وفيه اشارة الى جنة الإنسان وقصور نظر عقله عن كمال احدية الله وجلال صمديته إذا وكل الى نفسه فى معرفة ذات الله وصفاته فيقيس ذاته على ذاته وصفاته على صفاته فيثبت له نسبا كما له نسب ويثبت له زوجة وولدا كما له زوجة وولد ويثبت له جوارح كما له جوارح ويثبت له مكانا كما له مكان تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وهو يقول تبارك وتعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) جهان متفق بر الهيتش ... فرو مانده از كنه ماهيتش بشر ماوراى جلالش نيافت ... بصر منتهاى كمالش نيافت نه ادراك در كنه ذاتش رسد ... نه فكرت بنور صفاتش رسد ثم ان هذا وهو قوله تعالى (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ) إلخ عبارة عن قولهم الملائكة بنات الله وانما أعيد ذكره تمهيدا لما يعقبه من قوله وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ اى وبالله لقد علمت الجنة التي عظموها بان جعلوا بينها وبينه تعالى نسبا وهم الملائكة إِنَّهُمْ اى الكفرة لَمُحْضَرُونَ النار معذبون بها لا يغيبون عنها لكذبهم وافرائهم فى ذلك والمراد به المبالغة فى التكذيب ببيان ان الذي يدعى هؤلاء المشركون لهم تلك النسبة ويعلمون انهم اعلم منهم بحقيقة الحال يكذبونهم فى ذلك ويحكمون بانهم معذبون لاجله حكما مؤكدا قال فى كشف الاسرار [نحويان كفتند چون ان از قفاى علم وشهادت آيد مفتوح بايد مكر كه در خبر لام آيد آنكه مكسور باشد] كقول العرب اشهد ان فلانا عاقل وان فلانا لعاقل وجهه ان ان المكسورة لا تغير معنى الجملة واللام الداخلة على الخبر لتأكيد معنى الجملة ثم ان الله تعالى نزه نفسه عما قالوه من الكذب فقال سُبْحانَ اللَّهِ اى تنزه تعالى

[سورة الصافات (37) : الآيات 160 إلى 164]

تنزها لائقا بجنابه عَمَّا يَصِفُونَ به من الولد والنسب او نزهوه تنزيها عن ذلك او ما ابعد وما انزه من هؤلاء خلقه وعبيده عما يضاف اليه من ذلك فهو تعجب من كلمتهم الحمقاء وجعلتهم العوجاء إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من الواو فى يصفون اى يصفه هؤلاء بذلك ولكن المخلصين الذين أخلصهم الله بلطفه من الواث الشكوك والشبهات ووفقهم للجريان بموجب اللب برءاء من ان يصفوه به وجعل ابو السعود قوله سبحان الله عما يصفون بتقدير قول معطوف على علمت الملائكة ان المشركين لمعذبون لقولهم ذلك وقالوا سبحان الله عما يصفون به من الولد والنسب لكن عباد الله المخلصين الذين نحن من جملتهم برءاء من ذلك الوصف بل نصفه بصفات العلى فيكون المستثنى ايضا من كلام الملائكة فَإِنَّكُمْ ايها المشركون عود الى خطابهم لاظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام وَما تَعْبُدُونَ ومعبوديكم وهم الشياطين الذين أغووهم ما أَنْتُمْ ما نافية وأنتم خطاب لهم ولمعبوديهم تغليبا للمخاطب على الغائب عَلَيْهِ الضمير لله وعلى متعلقة بقوله بِفاتِنِينَ الفاتن هنا بمعنى المضل والمفسد يقال فتن فلان على فلان امرأته اى أفسدها عليه واضلها حاملا إياها على عصيان زوجها فعدى الفاتن بعلى لتضمينه معنى الحمل والبعث. والمعنى ما أنتم بفاتنين أحدا من عباده اى بمضلين ومفسدين بحمله على المعصية والخلاف فمفعول فاتنين محذوف إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ منهم اى داخلها لعلمه تعالى بانه يصر على الكفر بسوء اختياره ويصير من اهل النار لا محالة فيضلون بتقدير الله من قدر الله ان يكون من اهل النار واما المخلصون منهم فانهم بمعزل عن افسادهم واضلالهم فهم لا جرم برءاء من ان يفتنوا بكم ويسلكوا مسلككم فى وصفه تعالى بما وصفتموه به. قوله صال بالكسر أصله صالى على وزن فاعل من الصلى وهو الدخول فى النار يقال صلى فلان النار يصلى صليا من الباب الرابع دخل فيها واحترق فاعل كقاض فلما أضيف الى الجحيم سقط التنوين وأفرد حملا على لفظ من واحتج اهل السنة والجماعة بهذه الآية وهى قوله (فَإِنَّكُمْ) إلخ على انه لا تأثير لالقاء الشيطان ووسوسته ولا لاحوال معبودهم فى وقوع الفتنة وانما المؤثر هو قضاء الله وتقديره وحكمه بالشقاوة ولا يلزم منه الجبر وعدم لوم الضال والمضل بما كسبا لما أشير اليه من انهم لا يقدرون على إضلال أحد الا إضلال من علم الله منه اختيار الكفر والإصرار عليه وعلم الله وتقديره وقضاؤه فعلا من افعال المكلفين لا ينافى اختيار العبد وكسبه هر كه در فعل خود بود مختار ... فعل او دور باشد از إجبار بهر آن كرد امر ونهى عباد ... تا شود ظاهر انقياد وعناد زايد از انقياد حب ورضا ... وز خلاف وعناد سوء قضا پس بود امر ونهى شرط ظهور ... فعلها را ز بنده مأمور وَما مِنَّا حكاية اعتراف الملائكة للرد على عبدتهم كأنه قيل ويقول الملائكة الذين جعلتموهم بنات الله وعبدتموهم بناء على ما زعمتم من ان بينهم وبينه تعالى مناسبة وجنسية

[سورة الصافات (37) : الآيات 165 إلى 169]

جامعة وما منا أحد اى ملك على حذف الموصوف واقامة الصفة مقامه فالموصوف المقدر فى الآية مبتدأ وقوله إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ صفة وما منا مقدم خبره اى أحد استثنى منه من له مقام معلوم ليس منا يعنى لكل واحد منا مرتبة فى المعرفة والعبادة والانتهاء الى امر الله فى تدبير العالم مقصور عليها لا يتجاوزها ولا يستطيع ان ينزل عنها قدر ظفر خضوعا لعظمته وخشوعا لهيبته وتواضعا لجلاله كما روى فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه ففيه تنبيه على فساد قول المشركين انهم أولاد الله لان مبالغتهم فى اظهار العبودية تدل على اعترافهم بالعبودية فكيف يكون بينه تعالى وبينهم جنسية قال ابن عباس رضى الله عنهما ما فى السموات موضع شبر الا وعليه ملك يصلى او يسبح بل والعالم مشحون بالأرواح فليس فيه موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله ولذا امر النبي عليه الصلاة والسلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين وقال السدى (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) فى القربة والمشاهدة وقال ابو بكر الوراق قدس سره (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) يعبد الله عليه كالخوف والرجاء والمحبة والرضى: يعنى [مراد مقامات سنيه است چون خوف ورجا ومحبت ورضا كه هر يك از مقربان حظائر ملكوت ومقدسان صوامع جبروت در مقامى از ان ممكن اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للملك مقاما معلوما لا يتعدى حده وهو مقام الملك الروحاني او الكروبى فالروحانى لا يعبر عن مقامه الى مقام الكروبى والكروبى لا يقدم على مقام الروحاني فلا عبور لهم من مقامهم الى مقام فوق مقامهم ولا نزول لهم الى مقام دون مقامهم ولهم بهذا فضيلة على انسان بقي فى أسفل سافلين فى الدرك الأسفل من النار وللذين عبروا منهم عن أسفل سافلين بالايمان والعمل الصالح وصعدوا الى أعلى عليين بل ساروا الى مقام قاب قوسين بل طاروا الى منزل او أدنى فضيلة عليهم ولهذا أمروا بسجدة اهل الفضل منهم فقعوا له ساجدين فللانسان ان يتنزل من مقام الانسانية الى دركة الحيوانية كقوله تعالى (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) وله ان يترقى بحيث يعبر عن المقام الملكي ويقال له تخلقوا بأخلاق الله انتهى وقال جعفر رضى الله عنه الخلق مع الله على مقامات شتى من تجاوز حده هلك فللانبياء مقام المشاهدة والمرسل مقام العيان وللملائكة مقام الهيبة وللمؤمنين مقام الدنو وللعصاة مقام التوبة وللكفار مقام الغفلة والطرد واللعنة وقال الحسين قدس سره المريدون يتحولون من مقام الى مقام والمرادون يتجاوزون المقامات الى رب المقامات وقال بعضهم العارف يأكل فى هذه الدار الحلوى والعسل فهذا مقامه والكامل المحقق يأكل فيها الحنظل لا يتلذذ فيها بنعمة لاشتغاله بما كلفه الله تعالى من الشكر عليها وغير ذلك من تحمل هموم الناس فكم من فرق بين المقامين واهل الفناء وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بالم بل أشد العذاب والألم فيما إذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم باش تا فانى شود احوال تو ... بگذرد از حال كل تا حال تو از مقامى ساز بقعه خويش را ... كه بماند جمله زير بال تو وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ فى مواقف الطاعة ومواطن الخدمة: وبالفارسية [وبدرستى كه

[سورة الصافات (37) : الآيات 166 إلى 169]

ما صف كشيدكانيم در مواقف در طاعات ومواضع خدمت] قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ليس للملائكة نافلة انما هم دائما فى فرائض بعدد أنفاسهم فلا نفل لهم بخلاف البشر انتهى قيل ان المسلمين انما اصطفوا فى الصلاة منذ نزلت هذه الآية وليس يصطف أحد من اهل الملل فى صلاتهم غير المسلمين يقول الفقير الاصطفاف فى الصلاة حصل بفعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى أول ما صلى من الصلوات وهى صلاة الظهر فانه لما نزل من المعراج وزالت الشمس امر فصيح بأصحابه الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى به عليه السلام جبريل وصلى النبي عليه السلام بالناس الا ان يتفق نزول الآية فى ذلك الوقت ولكن كلام القائل يقتضى كونهم مقيمين للصلاة فرادى قبل نزولها كما قال قتادة كان الرجال والنساء يصلون معا حتى نزلت (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) فتقدم الرجال وتأخر النساء فكانوا يصلون منفردين حتى نزلت (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المقدسون لله تعالى عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وتحلية كلامهم بفنون التأكيد لابراز صدوره عنهم بكمال الرغبة والنشاط قال البيضاوي ولعل الاول اشارة الى درجاتهم فى الطاعات وهذا فى المعارف انتهى قال بعض الكبار للملائكة الترقي فى العلم لا فى العمل فلا يترقون بالأعمال كما لا نترقى باعمال الآخرة إذا انتقلنا إليها واما الإنسان فله الترقي فى العلم والعمل ولو ان الملائكة ما كان لها الترقي فى العلم ما قبلت الزيادة حين علمه الأسماء كلها فانه زادهم علما بالأسماء لم يكن عندهم قال البقلى رحمه الله لما كانوا من اهل المقامات افتخروا بمقاماتهم فى العبودية من الصلاة والتسبيح ولو كانوا من اهل الحقائق فى المعرفة لفنوا عن ملاحظة طاعاتهم من استيلاء أنوار مشاهدة الحق وفى التأويلات النجمية ولو كان من مفاخر الملك ان يقولوا وانا لنحن الصافون يعنى فى الصلاة والعبودية فان للانسان معه شركة فى هذا وللانسان صف يحبه الله وليس للملك فيه شركة وذلك قوله (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) وان يقولوا (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) ايضا للانسان معهم شركة ومن مفاخر الإنسان ان يقولوا انا لنحن المحبون وانا لنحن المحبوبون وهم المخصوصون به فى الترقي من مقام المحبية الى مقام المحبوبية انتهى وهذا بالنسبة الى أكاملهم وأفاضلهم لفظ انسان يكى ولى هر كس ... زده از وى بقدر خويش نفس جنبش هر كسى ز جاى ويست ... روى هر كس بفكر ورأى ويست تا بر اهل طلب خداى مجيد ... متجلى نشد باسم مريد بارادت كسى نشد موصوف ... بمحبت كسى نشد معروف وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ ان هى المخففة من الثقيلة وضمير الشان محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية وفى الإتيان بان المخففة واللام اشارة الى انهم كانوا يقولون ما قالوه مؤكدين جادّين فيه فكم بين أول أمرهم وآخره. والمعنى وان الشان كان قريش تقول قبل المبعث لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ اى كتابا من كتب الأولين من التوراة والإنجيل: وبالفارسية [اگر بودى نزديك ما كتابى كه سبب بند ونصيحت بودى] لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

[سورة الصافات (37) : الآيات 170 إلى 177]

اى لاخلصنا العبادة لله ولما خالفنا كما خالفوا فَكَفَرُوا بِهِ الفاء فصيحة اى فجاءهم ذكر أي ذكر سيد الاذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والاسفار وهو القرآن فكفروا به وأنكروه وقالوا فى حقه وفى حق من انزل عليه ما قولوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ اى عاقبة كفرهم وغائلته من المغلوبية فى الدنيا والعذاب العظيم فى العقبى وهو وعيد لهم وتهديد وفيه اشارة الى تنزل الإنسان الى الدرك الأسفل والى ان مآل الدعوى بلا تطبيق للصورة بالمعنى خزى وقهر وجلال عصمنا الله الملك الكريم المتعال قال بعضهم وكان الملامية الذين هم أكابر القوم لا يصلون مع الفرائض الا ما لا بد منه من مؤكدات النوافل خوفا ان يقوم بهم دعوى انهم أتوا بالفرائض على وجه الكمال الممكن وزادوا على ذلك فانه لا نفل الا عن كمال فرض ونعم ما فهموا ولكن ثم ما هو أعلى وهو ان يكثروا من النوافل توطئة لمحبة الله لهم ثم يرون ذلك جبرا لبعض ما فى فرائضهم من النقص وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) ولكون الهدية سببا للمحبة قال عليه السلام (تهادوا تحابوا) واعلم ان القرآن ذكر جليل انزل تذكيرا للناس وطردا للوسواس الخناس فانه كلما ذكر الإنسان خنس الشيطان اى تأخر والقرآن وان كان كله ذكرا لكن ما كل آي القرآن يتضمن ذكر الله فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارئ إذا قرأه من نفسه وغيره فذكر الله إذا سمع فى القرآن أتم من استماع قول الكافرين فى الله ما لا ينبغى فالاول من قبيل استماع القول الأحسن والثاني من استماع القول الحسن فاعرف ذلك. ويستحب لقارىء القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وكان كبار السلف يقرأون على سبيل التأنى والتدبر للوقوف على أسراره وحقائقه كما حكى ان الشيخ العطار قدس سره كان يختم فى اوائله فى كل يوم ختمة وفى كل ليلة ختمة ثم لما آل الأمر الى الشهود وأخذ الفيض من الله ذى الجود بقي فى السبع الاول من القرآن اكثر من عشرين سنة ومن الله العناية والهداية وَلَقَدْ سَبَقَتْ اى وبالله لقد تقدمت فى الأزل او كتبت فى اللوح المحفوظ ثم ان السبق والتقدم الموقوف على الزمان انما هو بالنسبة الى الإنسان والا فالامر بالاضافة الى الله كائن على ما كان كَلِمَتُنا وعدنا على ما لنا من العظمة لِعِبادِنَا الذين أخلصوا لنا العبادة فى كل حركة وسكون الْمُرْسَلِينَ الذين زدناهم على شرف الإخلاص فى العبودية شرف الرسالة ثم فسر ذلك الوعد بطريق الاستئناف فقال إِنَّهُمْ لَهُمُ خاصة الْمَنْصُورُونَ فمن نصرناه فلا يغلب كما ان من خذلناه لا يغلب ثم عمم فقال إِنَّ جُنْدَنا اى من المرسلين واتباعهم المؤمنين والجند العسكرهُمُ اى لا غيرهمْ غالِبُونَ على أعدائهم فى الدنيا والآخرة وان رؤى انهم مغلبون فى بعض المشاهد لان العاقبة لهم والحكم للغالب والنادر كالمعدوم والمغلوبية لعارض كمخالفة امر الحاكم

[سورة الصافات (37) : الآيات 174 إلى 177]

وطمع الدنيا والعجب والغرور ونحو ذلك لا تقدح فى النصر المقضى بالذات. والنصر منصب شريف لا يليق الا بالمؤمن واما الكافر فشأنه الاستدراج وغاية الخذلان وقال بعضهم لم يرد بالنصر هذا النصر المعهود بل الحجة لان الحق انما يتبين من الباطل بالحجة لا بالسيف فاراد بذلك ان الحجة تكون للانبياء على سائر الأمم فى اختلاف الأطوار والاعصار وقال الحسن البصري رحمه الله أراد بالنصرة هذه النصرة بعينها دون الحجة ثم قال ما انتهى الى ان نبيا قتل فى حرب قط يقول الفقير أراد الحسن المأمور بالحرب منصور لا محالة بخلاف غير المأمور وهو التوفيق بين قوله تعالى (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) ونظائره وبين هذه الآية وأمثالها والحاصل ان المؤمنين المخلصين هم المنصورون والغالبون لان المستند الى غير الله خصوصا الى الحصون والقلاع المبنية من الأحجار هو المنهزم المدمر المغلوب المقهور تكيه بر غير بود جهل وهوى ... نيست انجام اعتماد سوى ثم ان جنده تعالى هم مظاهر اسمه العزيز والمنتقم ومظاهر قوله (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) وفى التأويلات النجمية جنده الذين نصبهم لنشر دينه وأقامهم لنصر الحق وتبيينه فمن أراد إذلالهم فعلى أذقانه يخرّ والجند كما ورد فى الحديث جندان جند الوغى وجند الدعاء فلا بد لجند الوغى من عمل الوغى وشغل الحرب ولجند الدعاء من عمل الدعاء وشغل الأدب فمن وجد فى قلبه الحضور واليقظة فليطمع فى الاجابة ومن وجد الفتور والغفلة فليخف عدم الاصابة كى دعاى تو مستجاب شود ... كه بيك روى در دو محرابى وفى الحديث (لانزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم) اى عاداهم (حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) ولا شك ان الملوك العثمانية خاتمة هذه الطائفة وعيسى والمهدى عليهما السلام خاتمة الخاتمة والصيحة الواحدة الآخذة كل من بقي على الأرض عند قيام الساعة من الكفرة الفجرة خاتمة خاتمة الخاتمة فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اى إذا علمت ان النصرة والغلبة لك ولاتباعك فاعرض عن كفار مكة واصبر على اذاهم حَتَّى حِينٍ اى مدة يسيرة وهى مدة الكف عن القتال فالآية محكمة لا منسوخة بآية القتال وَأَبْصِرْهُمْ على أسوأ حال وأفظع نكال حل بهم من القتل والاسر والمراد بالأمر بأبصارهم الإيذان بغاية قربه كأنه بين يديه يبصره فى الوقت والا فمتعلق الابصار لم يكن حاضرا عند الأمر فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ما يقع حينئذ من الأمور وفى التأويلات وابصر أحوالهم فسوف يبصرون جزاء ما عملوا من الخير والشر انتهى. وسوف للوعيد ليتوبوا ويؤمنوا دون التبعيد لان تبعيد الشيء المحذر منه كالمنافى لارادة التخويف به ولما نزل (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) قالوا استعجالا واستهزاء لفرط جهلهم متى هذا فنزل قوله تعالى أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ اى أبعد هذا التكرير من الوعيد يستعجلون بعذابنا والهمزة للانكار والتعجب يعنى تعجبوا من هذا الأمر المستنكر: وبالفارسية [آيا بعذاب ما شتاب ميكنند ووقت نزول آن مى پرسند] وفى التوراة «أبى يغترون أم علىّ يجترئون» : يعنى [بمهلت دادن وفرا كذشتن من فريفته شوند يا بر من ديرى كنند ونمى ترسند] فَإِذا نَزَلَ العذاب الموعود بِساحَتِهِمْ

[سورة الصافات (37) : الآيات 178 إلى 182]

قال فى المفردات الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار انتهى وفى حواشى ابن الشيخ الساحة الفناء الخالي عن الابنية وفناء الدار بالكسر ما امتد من جوانبها معدا لمصالحها: وبالفارسية [پيشگاه منزل] والمعنى بفنائهم وقربهم وحضرتهم كأنه جيش قد هزمهم فاناخ بفنائهم بغتة فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ فبئس صباح المنذرين صباحهم اى صباح من انذر بالعذاب وكذبه فلم يؤمن واللام للجنس فان افعال المدح والذم تقتضى الشيوع والإبهام والتفصيل فلا يجوز ان تكون للعهد. والصباح مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب ولما كثرت منهم الاغارة فى الصباح سموها صباحا وان وقعت ليلا قال الكاشفى [آورده اند كه در ميان عرب قتل وغارت واسر بسيار بود هر لشكر كه قصد قبيله داشتندى شب همه شب راه پيموده وقت سحر كه خواب كرانيست بحواله ايشان آمدندى ودست بقتل وغارت واسر وتاراج بر كشاده قوم را مستأصل كردندى وبدين سبب كه اغلب غارت در صباح واقع مى شد غارت را صباح نام نهادند وهر چند در وقتى ديكر وقوع يافتى همان صباح كفتندى] وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اثر تسلية وتأكيد لوقوع الميعاد غب تأكيد مع ما فى اطلاق الفعلين عن المفعول من الإيذان بان ما يبصره عليه السلام من فنون المسار وما يبصرون من انواع المضار لا يحيط به الوصف والبيان وفى البرهان حذف الضمير من الثاني اكتفاء بالأول سُبْحانَ رَبِّكَ خطاب للنبى عليه السلام وقوله رَبِّ الْعِزَّةِ بدل من الاول عَمَّا يَصِفُونَ اى نزه يا محمد من هو مربيك ومكلك ومالك العزة والغلبة على الإطلاق عما يصفه المشركون به مما لا يليق بجناب كبريائه من الأولاد والأزواج والشركاء وغير ذلك من الأشياء التي من جملتها ترك نصرتك عليهم كما بدل عليه استعجالهم بالعذاب قال فى بحر العلوم أضاف الرب الى العزة لاختصاصه بها كأنه قيل ذى العزة كقولك صاحب صدق لاختصاصه بالصدق فلا عزة الا له على ان العزة ذاتية او لمن أعزه من الأنبياء وغيرهم فالعزة حادثة كائنة بين خلقه وهى وان كانت صفة قائمة بغيره تعالى الا انها مملوكة له مختصة به يضعها حيث يشاء كما قال تعالى (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) وفيه اشعار بالسلوب والإضافات كما فى قوله تعالى (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) وذلك ان قوله سبحان اشارة الى السلوب كالجلال فان كل منهما يفيد ما أفاد الآخر فى قولنا سبحان ربنا عن الشريك والشبيه وجل ربنا عنهما. وقوله ربك رب العزة اشارة الى الإضافات كالاكرام وانما قدم السلب على الاضافة لان السلوب كافية فيها ذاته من حيث هو هو بخلاف الإضافات فانه لا بد فى تحققها من غيره لان الاضافة لا توجد الا عند وجود المضافين قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام سبحان الله كلمة مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات الله وصفاته فما كان من أسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذي سلم من كل آفة فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه. ثم ان المرسلين لما كانوا وسائط بين الله وبين عباده نبه على علو شانهم بقوله وَسَلامٌ وسلامة ونجاة من كل المكاره وفوز

[سورة الصافات (37) : آية 182]

بجميع المآرب عَلَى الْمُرْسَلِينَ الذين يبلغون رسالات الله الى الأمم ويبينون لهم ما يحتاجون اليه من الأمور الدينية والدنيوية أولهم آدم وآخرهم محمد عليهم السلام فهو تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم فيما سبق لان تخصيص كل واحد بالذكر يطول وفى الحديث (إذا سلمتم علىّ فسلموا على المرسلين فانما انا أحدهم) كما فى فتح الرحمن وحواشى ابن الشيخ وغيرهما وفى الحديث (إذا صليتم علىّ فعمموا) اى للآل والاصحاب قال فى المقاصد الحسنة لم اقف عليه بهذا اللفظ ويمكن ان يكون بمعنى صلوا علىّ وعلى أنبياء الله فان الله بعثهم كما بعثني انتهى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال الشيخ عز الدين الحمد لله كلمة مشتملة على اثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته تعالى فما كان من أسمائه متضمنا للاثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير فهو مندرج تحتها فاثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه وكل جلال أدركناه قال المولى ابو السعود هذا اشارة الى وصفه تعالى بصفاته الكريمة الثبوتية بعد التنبيه على اتصافه بجميع صفاته السلبية وإيذان باستتباعها للافعال الجميلة التي من جملتها إفاضته عليهم من فنون الكرامات السنية والكمالات الدينية والدنيوية واسباغه عليهم وعلى من اتبعهم من فنون النعماء الظاهرة والباطنة الموجبة لحمده تعالى واشعار بان ما وعده من النصرة والغلبة قد تحقق. والمراد تنبيه المؤمنين على كيفية تسبيحه وتحميده والتسليم على رسله الذين هم وسائط بينهم وبينه عز وجل فى فيضان الكمالات الدينية والدنيوية عليهم ولعل توسط التسليم على المرسلين بين تسبيحه تعالى وتحميده لختم السورة الكريمة بحمده مع ما فيه من الاشعار بان توفيقه عليهم من جملة نعمه الموجبة للحمد انتهى وقال بعضهم والحمد لله على إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين وعلى كل حال يعنى هو المحمود فى كل من الحالات ساء أم سرّ نفع أم ضرّ در بلا ودر ولا الحمد خوان ... اين بود آيين پاك عاشقان وعن على رضى الله تعالى عنه من أحب ان يكتال بالمكيال الاوفى من الاجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه من مجلسه سبحان ربك إلخ وفى بعض النسخ من أحب ان يكال له واليه الاشارة بقوله الكاشفى [هر كه دوست ميدارد كه برو پيمايند مزد ثواب را به پيمانه بزركتر بايد كه آخر كلام او از مجلس اين آيت باشد] يقول الفقير أصلحه الله القدير فللمؤمن ان يتدارك حاله بشيئين قبل ان يقوم من مجلسه أحدهما بجلب الاجر الجزيل وهو بالآية المذكورة. والثاني بالكفارة وهو بما أشار اليه النبي عليه السلام فى قوله (من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل ان يقوم سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك فقد غفر له) يعنى من الصغائر ما لم يتعلق بحق آدمي كالغيبة كما فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب فعلى العاقل ان لا يغفل فى مجلسه بل يذكر ربه لانسه ويختمه بما هو من باب التخلية والتحلية والتصفية والتجلية وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين تمت سورة الصافات والحمد لله رب الكائنات فى أوائل المحرم من سنة احدى عشرة ومائة والف تمت الجلد السابع ويليه الجلد الثامن ان شاء الله تعالى اوله سورة ص

الجزء الثامن من تفسير روح البيان تفسير روح البيان للأمام الشّيخ إسماعيل حقّي البروسوي المتوفى سنة 1137 هـ الجزء الثامن دار الفكر للطباعة والنّشر والتوزيع

الجزء الثامن

تفسير سورة ص مكية آيها ست او ثمان وثمانون بسم الله الرحمن الرحيم ص خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة ص كما مر فى أخواته [بعضى برآنند كه حروف مقطعه براى إسكات كفارست كه هر وقت كه حضرت محمد عليه السلام در نماز وغير آن قرآن بجهر تلاوت فرمودى ايشان از روى عناد صفير زدندى ودست بر دست كوفتندى تا آن حضرت در غلط افتد حق سبحانه وتعالى اين حروف فرستاد تا ايشان بعد از استماع آن متأمل ومتفكر شده از تغليط باز مى ماندند] وقال الشعبي ان لله تعالى فى كل كتاب سرا وسره فى القرآن فواتح السور وقال بعضهم ص مفتاح اسمه الصادق والصبور والصمد والصانع وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بصاد صمديته فى الأزل وبصاد صانعيته فى الوسط وبصاد صبوريته الى الابد وبصاد صدق الذي جاء بالصدق وصاد صديقية الذي صدق به وبصاد صفوته فى مودته ومحبته اهـ وقال ابن جبير رضى الله عنه (ص) يحيى الله به الموتى بين النفختين وقال ابن عباس رضى الله عنهما (ص) كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار وفى بعض المعتبرات كان جبلا بمكة ومضى شرح هذا الكلام فى أول (المص) وقيل فى (ص) معناه ان محمدا عليه السلام صاد قلوب الخلائق واستمالها حتى أمنوا به كما قال فى انسان العيون ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره عليه السلام للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه صلى الله عليه وسلم واختاروه على أنفسهم وقاتلوا دونه أهلهم وآباءهم وأبناءهم وهجروا فى رضاه أوطانهم انتهى يقول الفقير أغناه الله القدير سمعت

[سورة ص (38) : الآيات 2 إلى 3]

شيخى وسندى قدس سره وهو يقول ان قوله تعالى (ق) اشارة الى مرتبة الاحدية التي هى التعيين الاول كما فى سورة الإخلاص المصدرة بكلمة قل المبتدأة بحرف ق وقوله ص اشارة الى مرتبة الصمدية التي هى التعيين الثاني المندرجة تحته مرتبة بعد مرتبة وطورا بعد طور الى آخر المراتب والأطوار وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الواو للقسم. والذكر الشرف والنباهة او الذكرى والموعظة او ذكر ما يحتاج اليه فى امر الدين من الشرائع والاحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء واخبار الأمم الماضية والوعد والوعيد وحذف جواب القسم فى مثل ذلك غير عزيز والتقدير على ما هو الموافق لما فى أول يس ولسياق الآية ايضا وهو عجبوا إلخ ان محمدا الصادق فى رسالته وحق نبوته ليس فى حقيته شك ولا فيما انزل عليه من القرآن ريب بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من رؤساء اهل مكة فهو إضراب عن المفهوم من الجواب فِي عِزَّةٍ قال الراغب العزة حالة مانعة للانسان من ان يغلب ويمدح بالعزة تارة كما فى قوله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) لانها الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية ويذم بها اخرى كما فى قوله تعالى (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ) لان العزة التي هى التعزز وهى فى الحقيقة ذل وقد تستعار للحمية والانفة المذمومة وذلك فى قوله تعالى (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ انتهى وقد حمل اكثر اهل التفسير العزة فى هذا المقام على الثاني لما قالوا بل هم فى استكبار عن الاعتراف بالحق والايمان وحمية شديدة: وبالفارسية [در سركشى اند از قبول حق] وَشِقاقٍ اى مخالفة لله وعداوة عظيمة لرسول الله عليه السلام فلذا لا ينقادون وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) يشير الى القسم بالقرآن الذي هو مخصوص بالذكر وذلك لان القرآن قانون معالجات القلوب المريضة وأعظم مرض القلب نسيان الله تعالى كما قال (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) وأعظم علاج مرض النسيان بالذكر كما قال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ولان العلاج بالضد وبقوله (بَلِ الَّذِينَ) إلخ يشير الى انحراف مزاج قلوب الكفار بمرض نسيان الله من اللين والسلامة الى الغلظة والقساوة ومن التواضع الى التكبر ومن الوفاق الى الخلاف ومن الوصلة الى الفرقة ومن المحبة الى العداوة ومن مطالعة الآيات الى الاعراض عن البحث فى الادلة والسير للشواهد كَمْ مفعول قوله أَهْلَكْنا ومن فى قوله مِنْ قَبْلِهِمْ لابتداء الغاية وقوله مِنْ قَرْنٍ تمييز. والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد. والمعنى قرنا كثيرا أهلكنا من القرون المتقدمة اى امة من الأمم الماضية بسبب الاستكبار والخلاف فَنادَوْا عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة او توبة واستغفارا لينجوا من ذلك: وبالفارسية [پس ندا كردند وآواز بلند برداشتند تا كسى ايشانرا بفرياد رسد] وَلاتَ حِينَ مَناصٍ حال من ضمير نادوا اى نادوا واستغاثوا طلبا للنجاة والحال ان ليس الحين حين مناص اى فوت وفرار ونجاة لكونه حالة اليأس: وبالفارسية [ونيست آن هنكام وقت رجوع بگريزگاه] فقوله لا هى المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب وثم وخصت بنفي الأحيان ولم يبرز الا أحد معموليها اسمها او خبرها والأكثر حذف اسمها وفى بعض التفاسير لات بمعنى ليس بلغة اهل اليمن انتهى. والوقف عليها بالتاء عند الزجاج وابى على وعند الكسائي نحو قاعدة وضاربة وعند ابى عبيد على لا

[سورة ص (38) : آية 4]

ثم يبتدئ تحين مناص لانه عنده ان هذه التاء تزاد مع حين فيقال كان هذا تحين كان ذاك كذا فى الوسيط. والمناص المنجأ اى النجاة والفوت عن الخصم على انه مفعل من ناصه ينوصه إذا فاته أريد به المصدر ويقال ناص ينوص اى هرب ويقال اى تأخر ومنه ناص قرنه اى تأخر عنه حينا وفى المفردات ناص الى كذا التجأ اليه وناص عنه تنحى ينوص نوصا. والمناص الملجأ انتهى [در معالم فرموده كه عادت كفار مكى آن بود كه چون در كار زار كار بر ايشان زار شدى گفتندى مناص مناص يعنى بكرزيد حق سبحانه وتعالى خبر ميدهد كه بهنگام حلول عذاب در بدر خلاص مناص خواهند گفت وآنجا جاى گريز نخواهد بود] وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى عجب كفار اهل مكة من ان جاءهم منذر ينذرهم النار اى رسول من جنسهم بل أدون منهم فى الرياسة الدنيوية والمال على معنى انهم عدوا ذلك خارجا عن احتمال الوقوع وأنكروه أشد الإنكار لا انهم اعتقدوا وقوعه وتعجبوا منه قالوا ان محمدا مساو لنا فى الخلقة الظاهرة والأخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة فكيف يعقل ان يختص من بيننا بهذا المنصب العالي ولم يتعجبوا من ان تكون المنحوتات آلهة وهذه مناقضة ظاهرة فلما تحيروا فى شأن النبي عليه السلام نسبوه الى السحر والكذب كما قال حكاية وَقالَ الْكافِرُونَ وضع فيه الظاهر موضع المضمر غضبا عليهم وإيذانا بانه لا يتجاسر على مثل ما يقولونه الا المتوغلون فى الكفر والفسوق هذا [اين منذر] ساحِرٌ فيما يظهره من الخوارق كَذَّابٌ فيما يسنده الى الله من الإرسال والانزال لم يقل كاذب لرعاية الفواصل ولان الكذب على الله ليس كالكذب على غيره ولكثرة الكذب فى زعمهم فانه يتعلق بكل آية من الآيات القرآنية بخلاف اظهار الخوارق فانه قليل بالنسبة اليه هكذا لاح لى هذا المقام وفى التأويلات النجمية لما كانوا منحرفى مزاج القلوب لمرض نسيان الحق جاءت النبوة على مذاق عقولهم المتغيرة سحرا والصدّيق كذابا قال الكاشفى [چهـ تيره رايى كه أنوار لمعات وحي را از تاريكى سحر امتياز نكند و چهـ بى بصيرتى كه آثار شعاع صدق را از ظلمات كذب باز نشناسند] كشته طالع آفتابى اينچنين عالم فروز ... ديده خفاش را يكذره از وى نورنه از شعاع روز روشن روى كيتى مستنير ... تيركئ شب هنوز از ديدّ وى دورنه واعلم ان اثبات النبوة والولاية سهل بالنسبة الى اهل العناية والتوفيق فان قلوبهم ألفت الاعراض عما سوى الله بخلاف اهل الإنكار والخذلان فان قلوبهم الفت الاعراض عن الله فلذا صحبتهم الوقيعة فى أنبياء الله وأوليائه قال الأستاذ ابو القاسم الجنيد رضى الله عنه التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى قال اليافعي والناس على اربعة اقسام. القسم الاول حصل لهم التصديق بعلمهم والعلم بطريقتهم والذوق لمشربهم وأحوالهم. والقسم الثاني حصل لهم التصديق والعلم المذكور دون الذوق. والقسم الثالث حصل لهم التصديق دونهما. والقسم الرابع لم يحصل لهم من الثلاثة شىء نعوذ بالله من الحرمان ونسأله التوفيق والغفران فهم الذين أطالوا ألسنتهم فى حق الخواص ورموهم بالسحر والكذب والجنون لكونهم ليسوا من المحارم فى شأن من الشؤون: وفى المثنوى

[سورة ص (38) : الآيات 5 إلى 9]

چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً الهمزة للانكار والاستبعاد. والآلهة جمع اله وحقه ان لا يجمع إذ لا معبود فى الحقيقة سواه تعالى لكن العرب لاعتقادهم ان هاهنا معبودات جمعوه فقالوا آلهة. والها واحدا مفعول ثان لجعل لانه بمعنى صير اى صيرهم الها واحدا فى زعمه وقوله لا فى فعله لان جعل الأمور المتعددة شيأ واحدا بحسب الفعل محال [آورده اند كه بعد از اسلام حمزة وعمر رضى الله عنهما اشراف قريش چون وليد وابو سفيان وابو جهل وعتبه وشيبه وأمية از روى اضطراب نزد ابو طالب آمده در مرض موت او گفتند اى عبد مناف تو بزرگتر ومهترمايى آمده ايم تا ميان ما وبرادر زاده خود حكم فرمايى كه يك يك از سفهاى قوم را مى فريبد ودين محدث وآيين مجدد خود را بديشان جلوه ميدهد سنك تفرقه در مجمع ما افكنده است ونزديك بآن رسيده كه دست تدارك از اطفاى اين نائره عاجز آيد ابو طالب آن حضرت را صلى الله تعالى عليه وسلم طلبيد وگفت اى محمد قوم تو آمده اند وايشانرا از تو مدعاييست يكبارگى طرف انحراف مورد متمناى ايشان تأمل نماى حضرت عليه السلام فرمود اى معشر قريش مطلوب شما از من چهـ چيزست گفتند آنكه دست از نقض دين ما بداري وسب آلهه ما فروگذارى تا ما نيز متعرض تو ومتابعان تو نشويم حضرت عليه السلام فرمود كه من هم از شما مى طلبم كه بيك كلمه با من متفق شويد تا ممالك غرب شما را مسخر شود وأكابر عجم كمر فرمان بردارى شما بربندند گفتند آن كلمه كدامست سيد عالم عليه السلام فرمود كه «لا اله الا الله محمد رسول الله» بيكبار اشراف قريش از ان حضرت اعراض نموده كفتند] أجعل إلخ اى أصير محمد بزعمه الآلهة الها واحدا بان نفى الالوهية عنهم وقصرها على واحد ولم يعلموا انهم جعلوا الا له الواحد الهة إِنَّ هذا [بدرستى كه يگانگى خداى تعالى] لَشَيْءٌ عُجابٌ العجاب بمعنى العجيب وهو الأمر الذي يتعجب منه كالعجب الا ان العجيب ابلغ منه والعجاب بالتشديد ابلغ من العجاب بالتخفيف مثل كبار فى قوله (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) فانه ابلغ من الكبار بالتخفيف ونحوه طويل وطوال. والمعنى بليغ فى العجب لانه خلاف ما اتفق عليه آباؤنا الى هذا الآن وقال بعضهم [نيك شكفت چهـ سيصد وشصت بت كه ما داريم كار يك شهر مكه راست نمى توانند كرد يك خداى كه محمد ميكويد كار تمام عالم چون سازد] يعنى انهم ما كانوا اهل النظر والبصيرة بل اوهامهم كانت تابعة للمحسوسات فقاسوا الغائب على الشاهد وقالوا لا بد لحفظ هذا العالم الكبير من آلهة كثيرة يحفظونه بامره وقضائه تعالى ولم يعرفوا الإله ولا معنى الإلهية فان الإلهية هى القدرة على الاختراع وتقدير قادرين على الاختراع غير صحيح لما يجب من وجوده التمانع بينهما وجوازه وذلك يمنع من كمالها ولو لم يكونا كاملى الوصف لم يكونا الهين وكل امر جرّ ثبوته سقوطه فهو مطروح. باطل وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ الانطلاق الذهاب والملأ الاشراف لا مطلق الجماعة ويقال لهم ملأ لانهم إذا حضروا مجلسا ملأت العيون وجاهتهم والقلوب مهابتهم اى وذهب الاشراف من قريش وهم خمسة وعشرون عن مجلس ابى طالب بعد ما أسكتهم رسول الله عليه السلام بالجواب الحاضر

[سورة ص (38) : آية 7]

وشاهدوا تصلبه عليه السلام فى الدين وعزيمته على ان يظهره على الدين كله ويئسوا مما كانوا يرجونه بتوسط ابى طالب من المصالحة على الوجه المذكور أَنِ مفسرة للمقول المدلول عليه بالانطلاق لان الانطلاق عن مجلس التقاول لا يخلو عن القول اى وانطلق الملأ منهم بقول هو قول بعضهم لبعض على وجه النصيحة امْشُوا سيروا على طريقتكم وامضوا فلا فائدة فى مكالمة هذا الرجل. وحكى المهدوى ان قائلها عقبة بن ابى معيط وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ اى واثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه فى حقها من القدح وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار إذا تراضوا فيما بينهم بالصبر على آلهتهم فالمؤمنون اولى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة فى دينهم بل الطالب الصادق والعاشق الوامق اولى بالصبر والثبات على قدم الصدق فى طلب المحبوب المعشوق إِنَّ هذا تعليل للامر بالصبر أو لوجوب الامتثال به اى هذا الذي شاهدناه من محمد من امر التوحيد ونفى آلهتنا وابطال أمرنا لَشَيْءٌ يُرادُ من جهته عليه السلام امضاؤه وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لا قول يقال من طرف اللسان أو أمر يرجى فيه المسامحة بشفاعة او امتناع فاقطعوا اطماعكم عن استنزاله عن رأيه بواسطة ابى طالب وشفاعته وحسبكم ان لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية فاصبروا عليها وتحملوا ما تسمعونه فى حقها من القدح وسوء المقالة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود فى الإرشاد وقال فى تفسير الجلالين لامر يراد بنا ومكر يمكر علينا وقال سعدى المفتى وسنح بالبال انه يجوز ان يكون المراد ان دينكم لشئ يستحق ان يطلب ويعض عليه بالنواجذ فيكون ترغيبا وتعليلا للامر السابق وقال بعضهم [بدرستى كه مخالفت محمد با ما چيز نيست كه خواسته اند بما از حوادث زمان واز وقوع آن چاره نيست] يقول الفقير امده الله القدير بالفيض الكثير ويجوز ان يكون المعنى ان الصبر والثبات على عبادة الآلهة التي هى الدين القديم يراد منكم فانه أقوى ما يدفع به امر محمد كما قالوا نتربص به ريب المنون فيكون موافقا لقرينه فى الاشارة الى المذكور فيما قبله او ان شأن محمد لشئ يراد دفعه واطفاء نائرته بأى وجه كان قبل ان يعلو ويشيع كما قيل علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد ودل عليه اجتماعهم على مكره عليه السلام مرارا فابى الله الا ان يتم نوره ما سَمِعْنا بِهذا الذي يقوله من التوحيد فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ظرف لغو سمعنا اى فى الملة التي أدركنا عليها آباءنا وهى ملة قريش ودينهم الذي هم عليه فانها متأخرة عما تقدم عليها من الأديان والملل وفيه اشارة الى ركون الجهال الى التقليد والعادة وما وجدوا عليه أسلافهم من الضلال وأخطأ طريق العبادة ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كين ره كه تو ميروى بتركستانست والملة كالدين اسم لما شرع الله لعباده على يد الأنبياء ليتوصلوا به الى ثواب الله وجواره فاطلاق كل منهما على طريقة المشركين مجاز مبنى على التشبيه إِنْ هذا نافية بمعنى ما إِلَّا اخْتِلاقٌ [الاختلاق دروغ كفتن از نزد خود] اى كذب اختلقه من عند نفسه قال

[سورة ص (38) : الآيات 8 إلى 9]

فى المفردات وكل موضع استعمل فيه الخلق فى وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا امتنع كثير من الناس من اطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله ان هذا الا اختلاق أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ونحن رؤساء الناس واشرافهم وأكبرهم سنا وأكثرهم أموالا وأعوانا وأحقاء بكل منصب شريف ومرادهم انكار كون القرآن ذكرا منزلا من الله تعالى. وأمثال هذه المقالات الباطلة دليل على ان مناط تكذيبهم ليس الا الحسد على اختصاصه عليه السلام بشرف النبوة من بينهم وحرمانهم منه وقصر النظر على متاع الدنيا وغلطوا فى القصر والقياس. اما الاول فلان الشرف الحقيقي انما هو بالفضائل النفسانية دون الخارجية واما الثاني فلان قياس نفسه عليه السلام بانفسهم فاسد إذ هو روح الأرواح واصل الخليقة فأنى يكون هو مثلهم واما الصورة الانسانية فميراث عام من آدم عليه السلام لا تفاوت فيها بين شخص وشخص نعم وجهه عليه السلام كان يلوح منه أنوار الجمال بحيث لم يوجد مثله فيما بين الرجال اى حسن سعادت زجبين تو هويدا ... اين حسن چهـ حسنست تقدس وتعالى وفيه اشارة الى حال اكثر علماء زماننا وعبادهم انهم إذا رأوا عالما ربانيا من ارباب الحقائق يخبر عن حقائق لم يفهموها ويشير الى دقائق لم يذوقوها دعتهم النفوس المتمردة الى تكذيبه فيجحدونه بدل الاغتنام بانفاسه والاقتباس من أنواره ويقولون أكوشف هو بهذه الحقائق من بيننا ويقعون فى الشك من أمرهم كما قال تعالى بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي اى القرآن او الوحى بميلهم الى التقليد واعراضهم عن النظر فى الادلة المؤدية الى العلم بحقيته وليس فى عقيدتهم ما يجزمونه فهم مذبذبون بين الأوهام ينسبونه تارة الى السحر واخرى الى الاختلاق وفيه اشارة الى ان القرآن قديم لانه سماه الذكر ثم اضافه الى نفسه ولا خفاء بان ذكره قديم لان الذكر المحدث يكون مسبوقا بالنسيان وهو منزه عنه بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ فى لما دلالة على ان ذوقهم العذاب على شرف الوقوع لانها للتوقع اى بل لم يذوقوا بعد عذابى فاذا ذاقوه تبين لهم حقيقة الحال وفيه تهديد لهم اى سيذوقون عذابى فيلجئهم الى تصديق الذكر حين لا ينفع التصديق وفيه اشارة الى انهم مستغرقون فى بحر عذاب الطرد والبعد ونار القطيعة لكنهم عن ذوق العذاب بمعزل لغلبة الحواس الى ان يكون يوم تبلى السرائر فتغلب السرائر على الصور والبصائر على البصر فيقال لهم ذوقوا العذاب يعنى كنتم معذبين وما كنتم ذائقى العذاب فالمعنى لو ذاقوا عذابى ووجدوا ألمه لما قدموا على الجحود دل على هذا قوله عليه السلام (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) شو ز خواب كران جان بيدار ... تا جمالش عيان ببين اى يار أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة وهى للانكار. والخزائن جمع خزانة بالكسر بمعنى المخزن اى بل أعندهم خزائن رحمته تعالى يتصرفون فيها حسبما بشاؤن حتى يصيبوا بها من شاؤا ويصرفوها عمن شاؤا ويتحكموا فيها بمقتضى آرائهم فيتخيروا للنبوة بعض صناديدهم. والمعنى ان النبوة عطية من الله تعالى

[سورة ص (38) : الآيات 10 إلى 14]

يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فانه العزيز اى الغالب الذي لا يغالب الوهاب الذي له ان يهب كل ما يشاء چون ز حال مستحقان آگهى ... هر چهـ خواهى هر كرا خواهى دهى ديگرانرا اين تصرف كى رواست ... اختيار اين تصرفها تراست أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ترشيح اى تربية لما سبق اى بل الهم ملك هذه العوالم العلوية والسفلية حتى يتكلموا فى الأمور الربانية ويتحكموا فى التدابير الإلهية التي يستأثر بها رب العزة والكبرياء فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ جواب شرط محذوف. والارتقاء الصعود قال الراغب السبب الحبل الذي يصعد به النخل وقوله تعالى (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) اشارة الى قوله (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ) فيه وسمى كل ما يتوصل به الى شىء سببا انتهى. والمعنى ان كان لهم ما ذكر من الملك فليصعدوا فى المعارج والمناهج التي يتوصل بها الى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا امر العالم وينزلوا الوحى الى ما يختارون ويستصوبون وفيه من التهكم بهم مالا غاية وراءه جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ الجند جمع معد للحرب وما مزيدة للتقليل والتحقير نحو أكلت شيأما وهنالك مركب من ثلاث كلمات احداها هنا وهو اشارة الى مكان قريب والثانية اللام وهى للتأكيد والثالثة الكاف وهى للخطاب قالوا واللام فيها كاللام فى ذلك فى الدلالة على بعد المشار اليه. والهزم الكسر يقال هزم العدو كسرهم وغلبهم والاسم الهزيمة وهزمه يهزمه فانهزم غمزه بيده فصارت فيه حفرة كما فى القاموس. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات قال ابن الشيخ جند خبر مبتدأ محذوف ومن الأحزاب صفته اى جملة الأحزاب وهم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب فقهروا وهلكوا ومهزوم خبر ثان للمبتدأ المقدر او صفة لجند وهنالك ظرف لمهزوم او صفة اخرى لجند وهو اشارة الى الموضع الذي تقاولوا وتحاوروا فيه بالكلمات السابقة وهو مكة اى سيهزمون بمكة وهو اخبار بالغيب لانهم انهزموا فى موضع تكلموا فيه بهذه الكلمات وقال بعضهم هنالك اشارة الى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب اى الاجابة والمطاوعة لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لامر ليس من اهله لست هنالك فان هواهم الزائغ وحسدهم البالغ حملهم على ان يقولوا أأنزل عليه الذكر من بيننا فانتدبوا له ووضعوا أنفسهم فى مرتبة ان يقولوا ذلك العظيم فانه لاستلزامه الاعتراض على مالك الملك والملكوت لا ينبغى لاحد ان يجترئ عليه ويضع نفسه فى تلك المرتبة. والمعنى هم كجند ما من الكفار المتحزبين على الرسل مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث بما يهذون ففيه اشارة الى عجزهم وعجز آلهتهم يعنى ان هؤلاء الكفار ليس معهم حجة ولا لاصنامهم من النفع والضر مكنة ولا فى الدفع والرد عن أنفسهم قوة وسمعت من فم حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول استناد الكفار الى الأحجار ألا ترى الى القلاع والحصون واستناد المؤمنين الى «لا اله الا الله محمد رسول الله» ألا ترى انهم لا يتحصنون بحصن سوى التوكل على الله تعالى وهو يكفيهم كما قال تعالى

[سورة ص (38) : الآيات 12 إلى 14]

(لا اله الا الله حصنى فمن دخل حصنى أمن من عذابى) انتهى كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل قومك يا محمد وهم قريش قَوْمُ نُوحٍ اى كذبوا نوحا وقد دعاهم الى الله وتوحيده الف سنة إلا خمسين عاما وَعادٍ قوم هود وَفِرْعَوْنُ موسى عليه السلام ذُو الْأَوْتادِ جمع وتد محركة وبكسر التاء وهو ما غرز فى الأرض او الحائط من خشب: وبالفارسية [ميخ] اى ذو الملك الثابت لانه استقام له الأمر اربعمائة سنة من غير منازع وأصله ان يستعمل فى ثبات الخيمة بان يشد أطنابها على أوتاد مركوزة فى الأرض فان أطنابها إذ اشتدت عليها كانت ثابتة فلا تلقيها الريح على الأرض ولا تؤثر فيها ثم استعير لثبات الملك ورسوخ السلطنة واستقامة الأمر بان شبه ملك فرعون بالبيت المطنب استعارة بالكناية واثبت له لوازم المشبه به وهو الثبات بالأوتاد تخييلا. وجه تخصيص هذه الاستعارة ان اكثر بيوت العرب كانت خياما وثباتها بالأوتاد ويجوز ان يكون المعنى ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لانهم يشدون البلاد والملك ويشد بعضهم بعضا كالوتد يشد البناء والخباء فتكون الأوتاد استعارة تصريحية وفى الحديث (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) اى لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة أخيه كما ان بعض البناء يتقوى ببعضه ويكفى دليلا على كثرة جموع فرعون انه قال فى حق بنى إسرائيل ان هؤلاء لشرذمة قليلون مع انهم كانوا ينيفون على ستمائة الف مقاتل سوى الصغير والشيخ. ويجوز ان يكون الأوتاد حقيقة لا استعارة فانه على ما روى كانت له أوتاد من حديد يعذب الناس عليها فكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين اربعة أوتاد وشد كل يد وكل رجل منه الى سارية وكان كذلك فى الهواء بين السماء والأرض حتى يموت او كان يمد الرجل مستلقيا على الأرض ثم يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد يقول الفقير هذه الرواية هى الأنسب لما ذكروه فى قصة آسية امرأة فرعون فى سورة التحريم من انها لما آمنت بموسى أوتد لها فرعون باوتاد فى يديها ورجليها كما سيجئ وَثَمُودُ قوم صالح قال ابن عباس رضى الله عنهما ان قوم صالح آمنوا به فلما مات صالح رجعوا بعده عن الايمان فاحيى الله صالحا وبعثه إليهم ثانيا فاعلمهم انه صالح فكذبوه فاتاهم بالناقة فكذبوه فعقروها فاهلكهم الله قال الكاشفى [بعضى ايمان آوردند وجمعى تكذيب نمودند وبسبب عقر ناقه هلاك شدند] وَقَوْمُ لُوطٍ قال مجاهد كانوا اربعمائة الف بيت فى كل بيت عشرة وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء الا ويقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا لوط فانه يقوم وحده كما فى كشف الاسرار وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ اصحاب الغيضة من قوم شعيب بالفارسية [اهل بيشه] قال الراغب الأيك شجر ملتف واصحاب الايكة قيل نسبوا الى غيضة كانوا يسكنونها وقيل هى اسم بلد كما فى المفردات أُولئِكَ الْأَحْزابُ بدل من الطوائف المذكورة يعنى المتحزبين اى المجتمعين على أنبيائهم الذين جعل الجند المهزوم يعنى قريشا منهم إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ استئناف جييء به تهديدا لما يعقبه اى ما كل حزب وجماعة من أولئك الأحزاب الا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع لتدل على انقسام الآحاد بالآحاد كما فى قولك ركب القوم دوابهم والاستثناء مفرغ أمن أعم الاحكام

[سورة ص (38) : الآيات 15 إلى 19]

فى حيز المبتدأ اى ما كل واحد منهم محكوما عليه بحكم الا محكوم عليه بانه كذب الرسل ويجوز ان يكون قوله (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) مبتدأ وقوله (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) خبره محذوف العائد اى ان كل منهم فَحَقَّ عِقابِ اى ثبت ووقع على كل منهم عقابى الذي كانت توجبه جناياتهم من اصناف العقوبات المفصلة فى مواقعها وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ الاشارة الى كفار مكة بهؤلاء تحقير لشأنهم وتهوين لامرهم وما ينتظر هؤلاء الكفرة الذين هم أمثال أولئك الطوائف المذكورة المهلكة فى الكفر والتكذيب إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هى النفخة الثانية اى ليس بينهم وبين حلول ما أعد لهم من العقاب الفظيع الاهى حيث أخرت عقوبتهم الى الآخرة لما ان تعذيبهم بالاستئصال حسبما يستحقونه والنبي عليه السلام بين أظهرهم خارج عن السنة الالهية المبنية على الحكم الباهرة كما نطق به قوله تعالى (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ثم ان الانتظار يحتمل ان يكون حقيقة او استهزاء فهم وان كانوا ليسوا بمنتظرين لان تأتيهم الصيحة الا انهم جعلوا منتظرين لها تنبيها على قربها منهم فان الرجل انما ينتظر الشيء ويمد طرفه اليه مترقبا فى كل آن حضوره إذا كان الشيء فى غاية القرب منه ما لَها مِنْ فَواقٍ اى ما للصيحة من توقف مقدار فواق ففيه تقدير مضاف هو صفة لموصوف مقدر. والفواق بالضم كغراب ويفتح كما فى القاموس ما بين حلبتى الحالب من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لا درار اللبن ثم تحلب ثانية يعنى إذا جاء وقت الصيحة لم تستأخر هذا القدر من الزمان كقوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) وهو عبارة عن الزمان اليسير وفى الحديث (من اعتكف قدر فواق فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل) وفى الحديث (من قاتل فى سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة) وفى الآيتين اشارة الى تسلية قلب النبي عليه السلام وتصفيته عن الاهتمام بكفار مكة لئلا يضيق قلبه من تكذيبهم ولا يحزن عليهم لكفرهم فان هؤلاء الأحزاب كذبوا الرسل كما كذبه قومه وكانوا أقوياء متكثرين عددا وقومه جندا قليلا من تلك المتحزبين ثم انهم كانوا مظهر القهر وحطب نار الغضب ما اغنى عنهم جمعهم وقوتهم أبدانا وكثرتهم أسبابا فكذا حال قريش فانتظارهم ايضا اثر من آثار القهر الإلهي ونار من نيران الغضب القهارى وَقالُوا بطريق الاستهزاء والسخرية عند سماعهم بتأخير عقابهم الى الآخرة والقائل النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة الخزاعي واضرابه وكان النضر من شياطينهم ونزل فى شأنه فى القرآن بضع عشرة آية وهو الذي قال (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) رَبَّنا وتصدير دعائهم بالنداء للامعان فى الاستهزاء كأنهم يدعون ذلك بكمال الرغبة والابتهال عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ القط القطعة من الشيء من قطه إذا قطعه والمراد هنا القسط والنصيب لانه قطعه من الشيء مفرزة قال الراغب اصل القط الشيء المقطوع عرضا كما ان القدّ هو المقطوع طولا والقط النصيب المفروض كأنه قط وافرز وقد فسر ابن عباس رضى الله عنهما الآية به انتهى. فالمعنى عجل لنا قسطنا وحظنا من العذاب الذي توعدنا به محمد ولا تؤخره الى يوم الحساب الذي مبدأه الصيحة المذكورة ويقال لصحيفة

[سورة ص (38) : آية 17]

الجائزة ايضا قط لانها قطعة من القرطاس. فالمعنى عجل لنا صحيفة اعمالنا لننظر فيها قال سهل ابن عبد الله التستري رحمه الله لا يتمنى الموت الا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت او رجل يفر من أقدار الله عليه او مشتاق محب لقاء الله وفيه اشارة الى ان النفوس الخبيثة السفلية يميل طبعها الى السفليات وهى فى الدنيا لذائذ الشهوات الحيوانية وفى الآخرة دركات أسفل سافلين جهنم كما ان القلوب العلوية اللطيفة يميل طبعها الى العلويات وهى فى الدنيا حلاوة الطاعة ولذاذة القربات وفى الآخرة درجات أعلى عليين الجنات وكما ان الأرواح القدسية تشتاق بخصوصيتها الى شواهد الحق ومشاهدات أنوار الجمال والجلال ولكل من هؤلاء الأصناف جذبة بالخاصية جاذبة بلا اختيار كجذبة المغناطيس للحديد وميلان طبع الحديد الى المغناطيس من غير اختيار بل باضطرار كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را همچوكاه وكهرباست اصْبِرْ يا محمد عَلى ما يَقُولُونَ اى ما يقوله كفار قريش من المقالات الباطلة التي من جملتها قولهم فى تعجيل العذاب ربنا عجل لنا إلخ فعن قريب سينزل الله نصرك ويعطيهم سؤلهم قال شاه الكرماني الصبر ثلاثة أشياء ترك الشكوى وصدق الرضى وقبول القضاء بحلاوة القلب قال البقلى كان خاطر النبي عليه السلام ارق من ماء السماء بل الطف من نور العرش والكرسي من كثرة ما ورد عليه من نور الحق فلكمال جلاله فى المعرفة كان لا يحتمل مقالة المنكرين وسخرية المستهزئين لا انه لم يكن صابرا فى مقام العبودية وَاذْكُرْ من الذكر القلبي اى وتذكر عَبْدَنا المخصوص بعنايتنا القديمة داوُدَ ابن ايشا من سبط يهودا بن يعقوب عليه السلام بينه وبين موسى عليه السلام خمسمائة وتسع وستون سنة وقام بشريعة موسى وعاش مائة سنة ذَا الْأَيْدِ يقال آد يئيد ايدا مثل باع يبيع بيعا اشتد وقوى. والأيد القوة كما فى القاموس والقوة الشديدة كما فى المفردات اى ذا القوة فى الدين القائم بمشاقه وتكاليفه وفى الكواشي ويجوز ان يراد القوة فى الجسد والدين انتهى واعلم انه تعالى ذكر اولا قوة داود فى امر الدين ثم زلته بحسب القضاء الأزلي ثم توبته بحسب العناية السابقة وامره عليه السلام بتذكر حاله وقوته فى باب الطاعة ليتقوى على الصبر ولا يزل عن مقام استقامته وتمكينه كما زل قدم داود فظهرت المناسبة بين المسندين واتضح وجه عطف واذكر على اصبر إِنَّهُ أَوَّابٌ من الأوب وهو الرجوع اى رجاع الى الله ومرضاته اى عن كل ما يكره الله الى ما يحب الله وهو تعليل لكونه ذا الأيد ودليل على ان المراد به القوة فى امر الدين وما يتعلق بالعبادة لا قوة البدن لان كونه راجعا الى مرضاة الله لا يستلزم كونه قوى البدن وقد روى انه لم يكن جسيما كسائر الأنبياء بل قصير القامة واكثر القوى البدنية كان فيمن زاده الله بسطة فى جسمه وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كماليته فى العبودية بانه لم يكن عبد الدنيا ولا عبد الآخرة وانما كان عبدنا خالصا مخلصا وله قوة فى العبودية ظاهرا وباطنا. فاما قوته ظاهرا فبانه قتل جالوت وكثيرا من جنوده بثلاثة أحجار رماها عليهم. واما قوته فى الباطن فلانه كان اوابا وقد سرت اوابيته فى الجبال والطير فكانت تؤوب

[سورة ص (38) : آية 18]

معه انتهى. ومن قوة عبادة داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وذلك أشد الصوم وكان ينام النصف الاول من الليل ويقوم النصف الأخير منه مع سياسة الملك وفى بعض التفاسير كان ينام النصف الاول من الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وهو الموافق لما فى المشارق من قوله عليه السلام (أحب الصيام الى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة الى الله) اى فى النوافل (صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) وانما صار هذا النوع أحب لان النفس إذا نامت الثلثين من الليل تكون أخف وانشط فى العبادة إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ بيان لفضله مع داود اى ذللناها ومع متعلق بالتسخير وايثارها على اللام لكون تسخير الجبال له عليه السلام لم يكن بطريق تفويض التصرف فيها اليه كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام لكون سيرها معه بطريق التبعية له فتكون مع على حالها ويجوز ان تكون مع متعلقة بما بعدها وهو قوله يُسَبِّحْنَ اى حال كونها تقدس الله تعالى مع داود لم يقل مسبحات للدلالة على تجدد التسبيح حالا بعد حال قال فى كشف الاسرار كان داود يسمع ويفهم تسبيح الجبال على وجه تخصيصه به كرامة له ومعجزة انتهى واختلفوا فى كيفية التسبيح فقيل بصوت يتمثل له وهو بعيد وقيل بلسان الحال وهو ابعد وقيل بخلق الله فى جسم الجبل حياة وعقلا وقدرة ونطقا فحينئذ يسبح الله كما يسبح الاحياء العقلاء وهذا لسان اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فسر الحياة سار فى جميع الموجودات حيوانا او نباتا او جمادا فالحياة فى الكل حقيقة لا عارضية او حالية او تمثيلية لكن انما يدركها كمل المكاشفين فتسبيح الجبال مع داود على حقيقته لكن لما كان على كيفية مخصوصة وسماعه على وجه غريب خارج عن العقول كان من معجزات داود عليه السلام وكراماته وقد سبق مرارا تحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه من الكلام بِالْعَشِيِّ فى آخر النهار وَالْإِشْراقِ فى أول النهار ووقت الاشراق هو حين تشرق الشمس اى تضيئ ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى واما شروقها فطلوعها يقال شرقت الشمس ولما تشرق وعن ابن عباس رضى الله عنهما كنت امر بهذه الآية لا أدرى ما هى حتى حدثتنى أم هانى بنت ابى طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم فتح مكة فدعا بوضوء فتوضأ وفى البخاري واغتسل فى بيتها ثم صلا الضحى ثمانى ركعات وقال (يا أم هانى هذه صلاة الاشراق) ومن هنا قال بعضهم من دخل مكة وأراد ان يصلى الضحى أول يوم اغتسل وصلاها كما فعله عليه السلام يوم فتح مكة وقال بعضهم صلاة الضحى غير صلاة الاشراق كما دل عليه قوله عليه السلام (من صلى الفجر بجماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كاجر حجة وعمرة تامة تامة) وهى صلاة الاشراق كما فى شرح المصابيح وقوله عليه السلام (صلاة الأوابين حين تدمض الفصال من الضحى) والمعنى أن صلاة الضحى تصلى إذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء اى من الأرض التي اشتد حرها من شدة وقع الشمس عليها فان الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره والفصيل الذي يفصل ويفطم عن الرضاع من الإبل وخص الفصال هنا بالذكر لانها التي ترمض لرقة جلد رجلها وفيه اشارة الى مدحهم بصلاة الضحى فى الوقت الموصوف

[سورة ص (38) : آية 19]

لان الحر إذا اشتد عند ارتفاع الشمس تميل النفوس الى الاستراحة فيرد على قلوب الأوابين المستأنسين بذكر الله تعالى ان ينقطعوا عن كل مطلوب سواه يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بوجهين. الاول يحتمل ان يكون الاشراق من أشرق القول إذا دخلوا فى الشروق اى الطلوع فلا يدل على الضحى الذي هو الوقت المتوسط بين طلوع الشمس وزوالها. والثاني ان أول وقت صلاة الاشراق هو ان ترتفع الشمس قدر رمح وآخر وقتها هو أول وقت صلاة الضحى فصلاة الضحى فى الغداة بإزاء صلاة العصر فى العشى فلا ينبغى ان تصلى حتى تبيض الشمس طالعة ويرتفع كدرها بالكلية وتشرق بنورها كما يصلى العصر إذا اصفرت الشمس فقوله عليه السلام (هذه صلاة الاشراق) اما بمعنى انها اشراق بالنسبة الى آخر وقتها واما بمعنى انها ضحى باعتبار أول وقتها قال الشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره فى ترويح القلوب يصلى اربع ركعات بنية صلاة الاشراق فقد وردت السنة يقرأ فى الركعة الاولى بعد الفاتحة سورة والشمس وضحاها وفى الثانية والليل إذا يغشى وفى الثالثة والضحى وفى الرابعة ألم نشرح لك ثم إذا حان وقت صلاة الضحى وهو إذا انتصف الوقت من صلاة الصبح الى الظهر يصلى صلاة الضحى. واقل صلاة الضحى ركعتان او اربع ركعات او اكثر الى ثنتى عشرة ركعة ولم ينقل أزيد منها بثلاث تسليمات وان شئت بست تسليمات ورد فى فضلها اخبار كثيرة من صلاها ركعتين فقد ادى ما عليه من شكر الأعضاء لان الصلاة عمل بجميع الأعضاء التي فى البدن ومن صلاها ثنتى عشرة ركعة بنى له قصر من ذهب فى الجنة وللجنة باب يقال له الضحى فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين كانوا يدومون على صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله عز وجل وَالطَّيْرَ عطف على الجبال جمع طائر كركب وراكب وهو كل ذى جناح يسبح فى الهواء مَحْشُورَةً حال من الطير والعامل سخرنا اى وسخرنا الطير حال كونها محشورة مجموعة اليه من كل جانب وناحية: وبالفارسية [جمع كرده شد نزد وى وصف زده بالاى سروى] وكانت الملائكة تحشر اليه ما امتنع عليه منها كما فى كشف الاسرار عن ابن عباس رضى الله عنهما كان إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت اليه الطير فسبحت وذلك حشرها وانما لم يراع المطابقة بين الحالين بان يقال يحشرن لان الحشر جملة ادل على القدرة منه متدرجا كما يفهم من لفظ المضارع كُلٌّ اى كل واحد من الجبال والطير لَهُ اى لاجل داود اى لاجل تسبيحه فهو على حذف المضاف أَوَّابٌ رجاع الى التسبيح إذا سبح سبحت الجبال والطير معه: وبالفارسية [باز كرداننده آواز خود با وى بتسبيح] ووضع الأواب موضع المسبح لانها كانت ترجع التسبيح والمرجع رجاع لانه يرجع الى فعله رجوعا بعد رجوع. والفرق بينه وبين ما قبله وهو يسبحن. ان يسبحن يدل على الموافقة فى التسبيح وهذا يدل على المداومة عليها وقيل الضمير لله اى كل من داود والجبال والطير لله أواب اى مسبح مرجع لله. التسبيح والترجيع بالفارسية [نغمت كردانيدن]- روى- ان الله تعالى لم يعط أحدا من خلقه ما اعطى داود من حسن الصوت فلما وصل الى الجبال الحان داود تحركت من لذة السماع فوافقته فى الذكر والتسبيح ولما سمعت الطيور نغماته صفرت بصفير التنزيه والتقديس ولما

[سورة ص (38) : الآيات 20 إلى 24]

أصغت الوحوش الى صوته ودنت منه حتى كانت تؤخذ بأعناقها فقبل الكل فيض المعرفة والحالة بحسب الاستعداد ألا ترى الى الهدهد والبلبل والقمري والحمامة ونحوها دانى چهـ كفت مرا آن بلبل سحرى ... تو خود چهـ آدمي كز عشق بيخبرى اشتر بشعر عرب در حالتست وطرب ... كر ذوق نيست ترا كژ طبع جانورى فالتأثر والحركة والبكاء ونحوها ليست من خواص الإنسان فقط بل إذا نظرت بنظر الحقيقة وجدتها فى الحيوانات بل فى الجمادات ايضا لكونها احياء بالحياة الحقيقية كما أشير اليه فيما سبق قال الكاشفى [يكى از أوليا سنكى را ديد كه چون قطرات باران آب ازو ميچكد ساعتى توقف كرد بتأمل در ان نكريست سنك با وى بسخن در آمد كه اى ولى خدا چندين سالست كه خداى تعالى مرا آفريده واز بيم سياست او أشك حسرت ميريزم آن ولى مناجات كرد كه خدايا اين سنك را ايمن كردان دعاى او باجابت پيوسته مژده أمان بدان سنك رسيد آن ولى بعد از مدتى ديكر باره همانجا رسيد وآن سنك را ديد كه از نوبت أول بيشتر قطرها ميريخت فرمود كه اى سنك چون ايمن شدى اين كريه از چيست جواب داد كه أول مى كريستم از خوف عقوبت وحالا ميكريم از شادى أمن وسلامت از سنك كريه بين ومكو آن ترشحست ... در كوه ناله بين ومپندار كان صداست قال بعض كبار المكاشفين سبحت الجبال وكذا الطير لتسبيح داود ليكون له عملها لان تسبيحها لما كان لتسبيحه منتشأ منه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك بخلاف الإنسان فانه إذا وافقه انسان آخر فى ذكره وتسبيحه او عمل بقوله يكون له مثل ثواب ذكره وتسبيحه لاحيائه وايقاظه فهو صيده وأحق به وانما كان يسبح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى أعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور أعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه وخاصية العشى والاشراق ان فيهما زيادة ظهور أنوار قدرته وآثار بركة عظمته وان وقت الضحى وقت صحو اهل السكر من خمار شهود المقامات المحمودة وان العشى وقت اقبال المصلين الى المناجاة وعرض الحاجات وَشَدَدْنا مُلْكَهُ قوينا ملكه بالهيبة والنصرة ونحوهما قال الكاشفى [ومحكم كرديم پادشاهى ويرا بدعاى مظلومان. يا بوزراى نصيحت كنندكان. يا بكوتاه كردن ظلم از رعيت. يا بالقاى رعب وى در دل أعادي. يا بيافتن زره وساختن آلات حرب. يا به بسيارى لشكر. يا بكثرت پاسپانان چهـ هر شب سى وشش هزار مرد پاس خانه وى ميداشتند] وقيل كان أربعون الف لابسى درع يحرسونه فاذا أصبح قيل ارجعوا فقد رضى عنكم نبى الله وكان نبينا عليه السلام يحرس ايضا الى نزول قوله تعالى (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ومن ذلك أخذ السلاطين الحرس فى السفر والحضر فلا يزالون يحرسونهم فى الليالى ولهم اجر فى ذلك وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه ادعى رجل على آخر بقرة وعجز عن اقامة البينة فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام ان اقتل المدعى عليه فاعلم الرجل فقال صدقت يا نبى الله ان الله لم يأخذنى بهذا

الذنب ولكن بانى قتلت أبا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب. والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ اى العلم بالأشياء على ماهى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل واعلم ان الحكمة نوعان. أحدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة. والثاني الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع أصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة وأولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى الله الله ارحم بعباده أم انا با ولادى فقال عليه السلام (بل الله ارحم فانه ارحم الراحمين) فقالت يا رسول الله أتراني أحب ان القى ولدي فى النار فقال (لا) فقالت فكيف يلقى الله عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوي فبكى رسول الله عليه السلام فقال (هكذا اوحى الى) وَفَصْلَ الْخِطابِ لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه الله فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذي ينبه المخاطب على المرام من غير التباس وفى شرح الجندي يعنى الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير ارتياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته وأريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه وفى التأويلات النجمية (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) فى الظاهر بان جعلناه أشد ملوك الأرض (وَ) فى الباطن بان (آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف با دل دليل واتل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة وقال زياد أول من قال فى كلامه اما بعد داود عليه السلام فهو فصل الخطاب ورد بانه لم يثبت عنه انه تكلم بغير لغته واما بعد لفظة عربية وفصل الخطاب الذي أوتيه داود هو فصل الخصومة كما فى انسان العيون اللهم الا ان يقال ان صح هذا القول لم يكن ذلك بالعربية على هذا النظم وانما كان بلسانه عليه السلام وقال علىّ رضى الله عنه فصل الخطاب ان يطلب البينة من المدعى ويكلف اليمين من أنكر لان كلام الخصوم لا ينقطع ولا ينفصل الا بهذا الحكم قالوا كان قبل ذلك قد علق الله سلسلة من السماء وامره بان يقضى بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة وتصل يده إليها ومن كان ظالما لا يقدر على أخذ السلسلة فاتفق ان رجلا غصب من رجل آخر لؤلؤا فجعل اللؤلؤ فى جوف عصاه ثم خاصم المدعى الى داود عليه السلام فقال ان هذا قد أخذ لؤلؤا وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة ثم قال المدعى عليه خذ منى العصا فاخذ عصاه فقال انى دفعت اللؤلؤ اليه وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة فتحير داود فى ذلك ورفعت السلسلة وامر عليه السلام بان يقضى بالبينات والايمان فذلك قوله (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) يعنى العلم والفهم وفصل الخطاب يعنى القضاء بالبينات والايمان على الطالبين والمدعى عليهم كذا فى تفسير الامام ابى الليث رحمه الله وكان

[سورة ص (38) : الآيات 21 إلى 23]

الحكم فى شرعنا ايضا بذلك لانه اسدّ الطرق واحسن الوسائل فى كل مسئلة من المسائل لكل سائل وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماع ما فى حيزه للايذان بانه من الاخبار البديعة التي حقها ان لا تخفى على أحد. والنبأ الخبر العظيم والخصم بمعنى المخاصم واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه ولما كان الخصم فى الأصل مصدرا متساويا افراده وجمعه اطلق على الجمع فى قوله تعالى إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ يقال تسور المكان إذا علا سوره وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وقد يطلق على حائط مرتفع وهو المراد هنا. والمراد من المحراب البيت الذي كان داود عليه السلام يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه قيل كان ذلك البيت غرفة وسمى ذلك البيت محرابا لاشتماله على المحراب على طريقة تسمية الشيء بأشرف اجزائه وإذ متعلقة بمحذوف وهو التحاكم اى نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا المحراب اى تصعدوا سور الغرفة ونزلوا اليه. والمراد بالخصم المتسورين جبرائيل وميكائيل بمن معهما من الملائكة على صورة المدعى والمدعى عليه والشهود والمزكين من بنى آدم إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ بدل مما قبله فَفَزِعَ مِنْهُمْ الفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه وانما فزع منهم لانه كان الباب مغلقا وهو يتعبد فى البيت فنزلوا عليه بغتة من فوق اى من غير الباب على خلاف العادة وفيه اشارة الى كمال ضعف البشرية مع انه كان أقوى الأقوياء إذ فزع منهم ولعل فزع داود كان لاطلاع روحه على انه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه كما سيأتى فلما رأوه فزعا قالُوا ازالة لفزعه لا تَخَفْ منا قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه لا تخف من صورة أحوالنا فانا جئنا لتحكم بيننا بالحق ولكن خف من حقيقة أحوالنا فانها كشف أحوالك التي جرت بينك وبين خصمك أوريا خَصْمانِ اى نحن فريقان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما تجوزا والحاصل انه اطلق لفظ الخصم فيما سبق على الجمع بدليل تسوروا ثم ثنى بتأويل الفريق وهم وان لم يكونوا فريقين بل شخصين اثنين بدليل ان هذا أخي الآية لكن جعل مصاحب الخصم خصما فكانا بمن معهما فريقين من الخصوم فحصل الانطباق بين صيغة التثنية فى قوله خصمان وبين ما مر من ارادة الجمع بَغى [ستم وجور كرد] بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ هو على الفرض وقصد التعريض بداود لا على تحقيق البغي من أحدهما فلا يلزم الكذب إذ الملائكة منزهون عنه فلا يحتاج الى ما قيل ان المتخاصمين كانا لصين دخلا عليه للسرقة فلما رآهما اخترعا الدعوى كما فى شرح المقاصد فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ بالعدل: وبالفارسية [پس حكم كن در ميان ما براستى] وَلا تُشْطِطْ [الاشطاط: پيدا كردن واز حد در كذشتن] من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق. والمعنى لا تجر فى الحكومة وهو تأكيد للامر بالحكم بالحق والمقصود من الأمر والنهى الاستعطاف وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ الى وسط طريق الحق بزجر الباغي عما سلكه من طريق الجور وإرشاده الى منهاج العدل إِنَّ هذا استئناف لبيان ما فيه الخصومة أَخِي فى الدين او فى الصحبة

[سورة ص (38) : آية 24]

والتعرض لذلك تمهيد لبيان كمال قبح ما فعل به صاحبه لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ قرأ حفص عن عاصم ولى بفتح الياء والباقون بإسكانها على الأصل نَعْجَةٌ واحِدَةٌ النعجة هى الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة والكناية والتعريض ابلغ فى المقصود وهو التوبيخ فان حصول العلم بالمعرض به يحتاج الى تأمل فاذا تأمله واتضح قبحه كان ذلك أوقع فى نفسه واجلب لخجالته وحيائه فَقالَ أَكْفِلْنِيها اى ملكنيها وحقيقته اجعلنى اكفلها كما اكفل ما تحت يدى والكافل هو الذي يعولها وينفق عليها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ اى غلبنى فى مخاطبته إياي محاجة بان جاء بحجاج لم اقدر على رده وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان أعز منى وأقوى على مخاطبتى لانه كان الملك فالمعنى كان اقدر على الخطاب لعزة ملكه كما فى الوسيط قالَ داود بعد اعتراف المدعى عليه او على تقدير صدق المدعى والا فالمسارعة الى تصديق أحد الخصمين قبل سماع كلام الآخر لا وجه له وفى الحديث (إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض لاحدهما حتى تسمع من الآخر) لَقَدْ ظَلَمَكَ جواب قسم محذوف قصد به عليه السلام المبالغة فى انكار فعل صاحبه وتهجن طعمه فى نعجة من ليس له غيرها مع ان له قطيعا منها بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ السؤال مصدر مضاف الى مفعوله وتعديته الى مفعول آخر بالى لتضمنه معنى الاضافة والضم كأنه قيل بضم نعجتك الى نعاجه على وجه السؤال والطلب وفى هذا اشارة الى ان الظلم فى الحقيقة من شيم النفوس فان وجدت ذا عفة فالعلة كما قال يوسف (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) الآية فالنفوس جبلت على الظلم والبغي وسائر الصفات الذميمة ولو كانت نفوس الأنبياء عليهم السلام كذا فى التأويلات النجمية يقول الفقير هذا بالنسبة الى اصل النفوس وحقيقتها وإلا فنفوس الأنبياء مطمئنة لا امارة إذ لم يظهر فيهم الا آثار المطمئنة وهى أول مراتب سلوكهم وقد أشار الشيخ الى الجواب بقوله فان وجدت إلخ فاعرف ذلك فانه من مزالق الاقدام وقد سبق التحقيق فيه فى سورة يوسف ثم قال داود عليه السلام حملا للنعجة على حقيقتها لا على كونها مستعارة للمرأة وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ اى الشركاء الذين خلطوا أموالهم جمع خليط كظريف والخلطة الشركة وقد غلبت فى الماشية لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ اى ليتعدى غير مراعى لحق الصحبة والشركة: يعنى [از حق خود زياده مى طلبند] إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ منهم فانهم يجتنبون عن البغي والعدوان وَقَلِيلٌ ما هُمْ وهم قليل فهم مبتدأ وقليل خبره قدم عليه للاهتمال به وانما أفرد تشبيها بفعيل بمعنى مفعول وما مزيدة لتأكيد القلة او للابهام او التعجب من قلة الموصوفين بالايمان وصالح العمل وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ الظن مستعار للعلم الاستدلالي لما بينهما من المشابهة. يعنى ان الظن الغالب لما كان يقارب العلم استعير له فالظن يقين لكنه ليس بيقين عيان فلا يقال فيه الا العلم. وما فى انما كافة والمعنى وعلم داود بما جرى فى مجلس الحكومة انما فعلنا به الفتنة والامتحان لا غير بتوجيه الحصر الى نفس الفعل بالقياس الى ما يغايره من الافعال فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ اثر ما علم ان ما صدر عنه ذنب كما استغفر آدم عليه السلام بقوله ربنا ظلمنا أنفسنا إلخ وموسى عليه السلام بقوله تبت إليك وغيرهما من الأنبياء

[سورة ص (38) : الآيات 25 إلى 29]

الكرام على ما بين فى موضعه وَخَرَّ سقط حال كونه راكِعاً اى ساجدا على تسمية السجود ركوعالانه مبدأه لانه لا يكون ساجدا حتى يركع وفى كل من الركوع والسجود التحنى والخضوع وبه استشهد ابو حنيفة وأصحابه فى سجدة التلاوة على ان الركوع يقوم مقام السجود او خرّ للسجود راكعا اى مصليا إطلاقا للجزء وارادة لكل كأنه احرم بركعتى الاستغفار والدليل على الاول اى على ان الركوع هاهنا بمعنى السجود ما رواه ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام كان يقول فى سجدة ص وسجدة الشكر (اللهم اكتب لى عندك بها اجرا واجعلها لى عندك ذخرا وضع عنى بها وزرا واقبلها منى كما قبلت من عبدك داود سجدته) وَأَنابَ اى رجوع الى الله تعالى بالتوبة من جميع المخالفات التي هى الزلات وما كان من قبيل ترك الاولى والأفضل لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام سجد فى ص (وقال سجدها داود توبة ونسجدها شكرا) وهذه السجدة من عزائم السجود عند ابى حنيفة ومالك رحهما الله وكل منهما على أصله فابو حنيفة يقول هى واجبة ومالك هى فضيلة وعند الشافعي واحمد سجدة شكر. تستحب فى غير الصلاة فلو سجد بها فى الصلاة بطلت عندهما كما فى فتح الرحمن وقال الكاشفى [اين سجده نزد امام أعظم سجده عزيمت است وميكويد بتلاوت وى سجده بايد كرد در نماز وغير نماز ونزد امام شافعى از عزائم نيست واز امام احمد درين سجده دو روايتست واين سجده دهم است بقول امام أعظم ودر فتوحات مكيه اين را سجده انابت كفته وفرموده كه] يقال لها سجدة الشكر فى حضرة الأنوار لان داود سجدها شكرا فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ اى ما استغفر منه وكان ذلك فى شهر ذى الحجة كما فى بحر العلوم- وروى- انه عليه السلام بقي فى سجوده أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه الا لصلاة مكتوبة او لما لا بد منه ولا يرقأ دمعه حتى نبت منه العشب حول رأسه ولم يشرب ماء الا ثلثاه دمع وجهد نفسه راغبا الى الله فى العفو عنه حتى كاد يهلك واشتغل بذلك عن الملك حتى وثب ابن له يقال له ايشا على ملكه فاجتمع اليه اهل الزيغ من بنى إسرائيل فلما نزلت توبته بعد الأربعين وغفر له حاربه فهزمه وقد قال نبينا عليه السلام (إذا بويع لخليفتين) اى لأحدهما اولا وللآخر بعده (فاقتلوا الآخر منهما) لانه كالباغى هذا إذا لم يندفع الا بقتله وَإِنَّ لَهُ اى داود عِنْدَنا لَزُلْفى لقربة وكرامة بعد المنفرة كما وقع لآدم عليه السلام. والزلفى القربة والازلاف التقريب والازدلاف الاقتراب ومنه سميت المزدلفة لقربها من الموقف وعن مالك بن دينار فى قوله (وَإِنَّ لَهُ) إلخ يقول الله تعالى لداود عليه السلام وهو قائم بساق العرش يا داود مجدنى بذلك الصوت الرخيم اللين فيقول كيف وقد سلبتنيه فى الدنيا فيقول انى أرده عليك فيرفع داود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم اهل الجنة كما فى الوسيط وَحُسْنَ مَآبٍ حسن مرجع فى الجنة وفى كشف الاسرار هو الجنة يعنى الجنة هى مآب الأنبياء والأولياء واصل هذه القصة ان داود عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له أوريا بن حنانا ويقال لها بنشاوع او بنشاويع بنت شايع فمال قلبه إليها وابتلى بعشقها وحبها من غير اختيار منه كما ابتلى نبينا عليه السلام بزينب رضى الله عنها لما رآها يوما حتى قال يا مقلب القلوب فسأله داود ان يطلقها فاستحيى ان يرده ففعل فتزوجها وهى

أم سليمان عليه السلام وكان ذلك جائزا فى شريعته معتادا فيما بين أمته غير مخل بالمروءة حيث كان يسأل بعضهم بعضا ان ينزل عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته خلا انه عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شانه نبه بالتمثيل على انه لم يكن ينبغى له ان يتعاطى ما يتعاطاه آحاد أمته ويسأل رجلا ليس له الا امرأة واحدة ان ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان يجب عليه ان يصبر على ما امتحن به كما صبر نبينا عليه السلام حتى كان طالب الطلاق هو زوج زينب وهو زيد المذكور فى سورة الأحزاب لا هو عليه السلام اى لم يكن هو عليه السلام طالب الطلاق قال البقلى عشق داود عليه السلام لعروس من عرائس الحق حين تجلى الحق منها له فانه كان عاشق الحق فسلاه بواسطة من وسائطه وهذه القصة تسلية لقلب نبينا عليه الصلاة والسلام حيث أوقع الله فى قلبه محبة زينب فضاق صدره فقال سبحانه (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) وفرح بذلك وزادله محبة الله والشوق الى لقائه قال ابو سعيد الخراز قدس سره زلات الأنبياء فى الظاهر زلات وفى الحقيقة كرامات وزلف ألا ترى الى قصة داود حين احسن باوائل امره كيف استغفر وتضرع ورجع فكان له بذلك عنده زلفى وحسن مآب صدق ابو سعيد فيما قال لان بلاء الأنبياء والأولياء لا ينقص اصطفائيتهم بل يزيدهم شرفا على شرفهم وذلك لان مقام الخلافة مظهر الجمال والجلال فيتحقق بتجليات الجلال بالافتتان والابتلاء وفى ذلك ترق له كما قال فى التأويلات النجمية ان من شأن النبي والولي ان يحكم كل واحد منهم بين الخصوم بالحق كما ورد الشرع به بتوفيق الله وان الواجب عليهم ان يحكموا على أنفسهم بالحق كما يحكمون على غيرهم كما قال تعالى (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) فلما تنبه داود انه ما حكم على نفسه بالحق كما حكم على غيره استغفر ورجع الى ربه متضرعا خاشعا باكيا بقية العمر معتذرا عما جرى عليه فتقبل الله منه ورحم عليه وعفا عنه كما قال (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) اى لقربة بكل تضرع وخضوع وخشوع وبكاء وانين وحنين وتأوّه صدر منه (وَ) له بهذه المراجعات (حُسْنَ مَآبٍ) عندنا انتهى وفى الحديث (اوحى الله تعالى الى داود يا داود قل للعاصين ان يسمعونى ضجيج أصواتهم فانى أحب ان اسمع ضجيج العاصين إذا تابوا الىّ يا داود لن يتضرع المتضرعون الى من هو أكرم منى ولا يسأل السائلون أعظم منى جودا وما من عبد يطيعنى الا وانا معطيه قبل ان يسألنى ومستجيب له قبل ان يدعونى وغافر له قبل ان يستغفرنى) وقد أنكر القاضي عياض ما نقله المؤرخون والمفسرون فى هذه القصة وو هى قولهم فيها ونقل عن ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم انهما قالا ما زاد داود على ان قال للرجل انزل لى عن امرأتك وأكفلنيها فعاتبه الله على ذلك ونبه عليه وأنكر عليه شغله بالدنيا قال وهذا هو الذي ينبغى ان يعول عليه من امره- وحكى- بعضهم ان أوريا كان خطب تلك المرأة: يعنى [أوريا آن زن را خطبه كرده بود او را بخواسته واز قوم وى اجابت يافته ودل بر وى نهاده «فاما عقد نكاح» هنوز نرفته بود «فلما غاب أوريا» يعنى بغزا رفت] وكان من غزاة البلقاء ثم خطبها داود فزوجت منه لجلال قدره فاغتم لذلك أوريا فعاتبه الله على ذلك فكان ذنبه ان خطب على خطبة أخيه المسلم مع عدم احتياجه لانه

[سورة ص (38) : آية 26]

كانت تحت نكاحه وقتئذ تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا غير من خطبها يقول الفقير دل نظم القرآن على الرواية فقوله (أَكْفِلْنِيها) دل على انها كانت تحت نكاح أوريا وايضا دل لفظ (الْخَصْمِ) على ان أوريا بصدد الخصام ولا يكون بهذا الصدد الا بكونها تحت نكاحه مطلوبة منه بغير حسن رضاه وصفاء قلبه ومجرد جواز استنزال الرجل عن امرأته فى شريعتهم لا يستلزم جواز الجبر فلما طلقها أوريا استحياء من داود بقيت الخصومة بينه وبين داود إذ كان كالجبر كما دل (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) فكان السائل العزيز الغالب فهاتان الروايتان أصح ما ينقل فى هذه القصة فانهم وان أكثروا القول فيها لكن الأنبياء منزهون عما يشين بكمالهم او لا يزين بجمالهم خصوصا عما يقوله القصاص من حديث قتل أوريا وسببية داود فى ذلك بتزوج امرأته ولذلك قال على رضى الله عنه من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وذلك حد الفرية على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وفى الفتوحات المكية فى الباب السابع والخمسين بعد المائة ينبغى للواعظ ان يراغب الله فى وعظه ويجتنب عن عن كل ما كان فيه تجر على انتهاك الحرمات مما ذكره المؤرخون عن اليهود من ذكر زلات الأنبياء كداود ويوسف عليهما السلام مع كون الحق اثنى عليهم واصطفاهم ثم الداهية العظمى ان يجعل ذلك فى تفسير القرآن ويقول قال المفسرون كذا وكذا مع كون ذلك كله تأويلات فاسدة بأسانيد واهية عن قوم غضب الله عليهم وقالوا فى الله ما قصه الله علينا فى كتابه وكل واعظ ذكر ذلك فى مجلسه مقته الله وملائكته لكونه ذكر لمن فى قلبه مرض من العصاة حجة يحتج بها ويقول إذا كان مثل الأنبياء وقع فى مثل ذلك فأى شىء انا فعلم ان الواجب على الواعظ ذكر الله وما فيه تعظيمه وتعظيم رسله وعلماء أمته وترغيب الناس فى الجنة وتحذيرهم من النار واهوال الموقف بين يدى الله تعالى فيكون مجلسه كله رحمة انتهى كلام الفتوحات على صاحبه أعلى التجليات قال الشيخ الشعراني قدس سره فى الكبريت الأحمر وكذلك لا ينبغى له ان يحقق المناط فى نحو قوله تعالى (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ولا نحو قوله (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وقوله (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) فان العامة إذا سمعوا مثل ذلك استهانوا بالصحابة ثم احتجوا بأفعالهم انتهى كلامه قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضى الله عنه وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذلك الخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة او الدنيا كما لا يخفى انتهى والحاصل ان معاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم بان يقعوا فيها بحكم الشهوة الطبيعية وانما تكون معاصيهم بالخطأ فى التأويل فاذا اظهر الله لهم فساد ذلك التأويل الذي أداهم الى ذلك الفعل حكموا على أنفسهم بالعصيان وتابوا ورجعوا الى حكم العزيز المنان يا داوُدُ اى فغفر ناله ذلك وقلنا له يا داود إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه فى الأرض إذ الوجوه الاول محال فى حق

الله تعالى فالخليفة عبارة عن الملك النافذ الحكم وهو من كان طريقته وحكومته على طريقة النبي وحكومته والسلطان أعم والخلافة فى خصوص مرتبة الامامة ايضا أعم. والمعنى استخلفناك على الملك فى الأرض والحكم فيما بين أهلها اى جعلناك اهل تصرف نافذ الحكم فى الأرض كمن يستخلفه بعض السلاطين على بعض البلاد ويملكه عليها وكان النبوة قبل داود فى سبطه والملك فى سبط آخر فاعطاهما تعالى داود عليه السلام فكان يدبر امر العباد بامره تعالى وفيه دليل بين على ان حاله عليه السلام بعد التوبة كما كان قبلها لم يتغير قط بل زادت اصطفائيته كما قال فى حق آدم عليه السلام (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) قال بعض كبراء المكاشفين ثم المكانة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وهم الأنبياء وان كان فيهم خلفاء فان قلت آدم عليه السلام قد نص الله على خلافته فليس داود مخصوصا بالتنصيص على خلافته قلنا ما نص على خلافة آدم مثل التنصيص على خلافة داود وانما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة فيحتمل ان يكون الخليفة الذي اراده الله غير آدم بان يكون بعض أولاده ولو قال ايضا انى جاعل آدم لم يكن مثل قوله انا جعلناك خليفة بضمير الخطاب فى حق داود فان هذا محقق ليس فيه احتمال غير المقصود قال بعضهم تجبرت الملائكة على آدم فجعله الله خليفة وتجبر طالوت على داود فجعله خليفة وتجبرت الأنصار على ابى بكر رضى الله عنه فجعله خليفة فلذا جعل الله الخلفاء ثلاثة آدم وداود وأبا بكر. وكان مدة ملك داود أربعين سنة مما وهبه الخليفة الاول من عمره فان آدم وهب لداود من عمره ستين سنة فلذا كان خليفة فى الأرض كما كان آدم خليفة فيها وفى الآية اشارة الى معان مختلفة منها ان الخلافة الحقيقية ليست بمكتسبة للانسان وانما هى عطاء وفضل من الله يؤتيه من يشاء كما قال تعالى (إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) اى أعطيناك الخلافة ومنها ان استعداد الخلافة مخصوص بالإنسان كما قال تعالى (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ومنها ان الإنسان وان خلق مستعدا للخلافة ولكن بالقوة فلا يبلغ درجاتها بالفعل الا الشواذ منهم ومنها ان الجعلية تتعلق بعالم المعنى كما ان الخلقية تتعلق بعالم الصورة ولهذا لما اخبر الله تعالى عن صورة آدم عليه السلام قال (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) ولما اخبر عن معناه قال (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ومنها ان الروح الإنساني هو الفيض الاول وهو أول شىء تعلق به امر كن ولهذا نسبه الى امره فقال تعالى (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فلما كان الروح هو الفيض الاول كان خليفة الله ومنها ان الروح الإنساني خليقة الله بذاته وصفاته اما بذاته فلانه كان له وجود من جود وجوده بلا واسطة فوجوده كان خليفة وجود الله واما بصفاته فلانه كان له صفات من جود صفات الله بلا واسطة فكل وجود وصفات تكون بعد وجود الخليفة يكون خليفة خليفة الله بالذات والصفات وهلم جرا الى ان يكون القالب الإنساني هو أسفل سافلين الموجودات وآخر شىء لقبول الفيض الإلهي واقل حظ من الخلافة فلما أراد الله ان يجعل الإنسان خليفة خليفته فى الأرض خلق لخليفة روحه منزلا صالحا لنزول الخليفة فيه وهو قالبه واعدّ له عرشا فيه ليكون محل استوائه عليه وهو القلب ونصب له خادما وهو النفس فلو بقي الإنسان على

فطرة الله التي فطر الناس عليها يكون روحه مستفيضا من الحق تعالى فائضا بخلافة الحق تعالى على عرش القلب والقلب فائض بخلافة الروح على خادم النفس والنفس فائضة بخلافة القلب على القالب والقالب فائض بخلافة النفس على الدنيا وهى ارض الله فيكون الروح بهذه الأسباب والآلات خليفة الله فى ارضه بحكمه وامره بتواقيع الشرائع ومنها ان من خصوصية الخلافة الحكم بين الناس بالحق والاعراض عن الهوى بترك متابعته كما ان من خصوصية أكل الحلال العمل الصالح قال تعالى (كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) ومنها ان الله تعالى جعل داود الروح خليفة فى ارض الانسانية وجعل القلب والسر والنفس والقالب والحواس والقوى والأخلاق والجوارح والأعضاء كلها رعية له ثم على قضية كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته امر بان يحكم بين رعيته بالحق اى بامر الحق لا بامر الهوى كما قال تعالى فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ اى بحكم الله تعالى فان الخلافة مقتضية له حتما وحكم الله بين خلقه هو العدل المحض وبه يكون الحاكم عادلا لا جائرا. والحكم لغة الفصل وشرعا امر ونهى يتضمنه إلزاما وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى اى ما تهواه النفس وتشتهيه فى الحكومات وغيرها من امور الدين والدنيا: وبالفارسية [و پيروى مكن هواى نفس را وآرزوهاى او را] قال بعضهم وهو يؤيد ما قيل ان ذنب داود الهم الذي هم به حين نظر الى امرأة أوريا وهو ان يجعلها تحت نكاحه او ما قيل ان ذنبه المبادرة الى تصديق المدعى وتظليم الآخر قبل مسألته فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالنصب على انه جواب النهى اى فيكون الهوى او اتباعه سببا لضلالك عن دلائله التي نصبها على الحق تكوينا وتشريعا قال بعض الكبار (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) اى ما يخطر لك فى حكمك من غير وحي منى (فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) اى عن الطريق الذي اوحى بها الى رسلى انتهى فان قلت كيف يكون متابعة الهوى سببا للضلال قلت لان الهوى يدعو الى الاستغراق فى اللذات الجسمانية فيشغل عن طلب السعادات الروحانية التي هى الباقيات الصالحات فمن ضل عن سبيل الله الذي هو اتباع الدلائل المنصوبة على الحق او اتباع الحق فى الأمور وقع فى سبيل الشيطان بل فى حفرة النيران والحرمان إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تعليل لما قبله ببيان غائلته واظهار فى سبيل الله فى موضع الإضمار للايذان بكمال شناعة الضلال عنه لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا اى بسبب نسيانهم يَوْمَ الْحِسابِ مفعول لنسوا. ولما كان الضلال عن سبيل الله مستلزما لنسيان يوم الحساب كان كل منهما سببا وعلة لثبوت العذاب الشديد تأدب سبحانه وتعالى مع داود حيث لم يسند الضلال اليه بان يقول فلئن ضللت عن سبيلى فلك عذاب شديد لما هو مقتضى الظاهر بل أسنده الى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم واعلم ان الله تعالى خلق الهوى الباطل على صفة الضلالة مخالفا للحق تعالى فان من صفته الهداية والحكمة فى خليفته يكون هاديا الى الحضرة بضدية طبعه ومخالفة امره كما ان الحق تعالى كان هاديا الى حضرته بنور ذاته وموافقة امره ليسير السائر الى الله على قدمى موافقته امر الله ومخالفته هواه ولهذا قال المشايخ لولا الهوى ما سلك أحد طريقا الى الله وأعظم جنايات العبد وأقبح

[سورة ص (38) : آية 27]

خطاياه متابعة الهوى كما قال عليه السلام (ما عبد اله فى الأرض ابغض على الله من الهوى) وفى الحديث (ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه) وللهوى كمالية فى الإضلال لا توجد فى غيره وذلك لانه يحتمل ان يتصرف فى الأنبياء عليهم السلام باضلالهم عن سبيل الله كما قال لداود عليه السلام (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وبقوله (إِنَّ الَّذِينَ) إلخ يشير الى ان الضلال الكبير هو الانقطاع عن طلب الحق ومن ضل عن طريق الحق أخذ بعذاب شديد القطيعة والحرمان من القرب وجوار الحق وذلك بما نسوا يوم الحساب وهو يوم يجازى فيه كل محق بقدر هدايته وكل مبطل بحسب ضلالته كما فى التأويلات النجمية وفى الآية دليل بين على وجوب الحكم بالحق وان لا يميل الحاكم الى أحد الخصمين بشئ من الأشياء وفى الحديث انه عليه السلام قال لعلى (يا على احكم بالحق فان لكل حكم جائر سبعين درعا من النار لوان درعا واحدا وضع على رأس جبل شاهق لا صبح الجبل رمادا) [در فوائد السلوك آورده كه بنكر كه پادشاهى چهـ صعب كاريست كه حضرت داود عليه السلام با كمال درجه نبوت وجلال مرتبه رسالت بحمل اعباى چنين امرى مأمور وبخطب أثقال چنين خطابى مخاطب مى شود كه (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) ميان مردمان حكم بطريق معدلت ونصفت كن وداورى بر منهج عدل وانصاف نماى و پاى بر جاى حق نه بر طريق باطل ومتابعت هواى نفس بر متابعت مراد حق اختيار مكن كه ترا از مسالك مراضئ ما كمراه كردند: ودر سلسلة الذهب ميفرمايد نص قرآن شنو كه حق فرمود ... در مقام خطاب يا دود كه ترازان خليفكى داديم ... سوى خلقان از آن فرستاديم تا دهى ملك را ز عدل أساس ... حكم رانى بعدل بين الناس هر كرا نه ز عدل دستورست ... از مقام خليفكى دورست آنكه كيرد ستم ز ديو سبق ... عدل چون خواندش خليفه حق پيشه كرده خلاف فرمان را ... كشته نائب مناب شيطان را حق ز شاهان بغير عدل نخواست ... آسمان وزمين بعدل بپاست شاه باشد شبان خلق همه ... رمه وكرك آن رمه ظلمه بهر آنست هاى هوى شبان ... تا بيابد رمه زكرك أمان چون شبان سازكار كرك بود ... رمه را آفت بزرك بود هر كرا دل بعدل شد مائل ... طمع از مال خلق كوبكسل طمع وعدل آتش وآبند ... هر دو يكجا قرار كى يابند هر كرا از خليفكئ خداى ... نشود سير نفس بد فرماى سير مشكل شود از آن زر وسيم ... كه كشد كه زبيوه كه زيتيم ومن الله التوفيق للعدل فى الأنفس والآفاق واجراء احكام الشريعة وآداب الطريقة على الإطلاق انه المحسن الخلاق وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من المخلوقات باطِلًا

[سورة ص (38) : آية 28]

اى خلقا باطلا لا حكمة فيه بل ليكون مدارا للعلم والعمل ومذكرا للآخرة وما فيها من الحساب والجزاء فان الدنيا لا تخلو عن الصفو والكدر وكل منهما يفصح عما فى الآخرة من الراحة والخطر وايضا ليكون مرآة يشاهد فيها المؤمنون الذين ينظرون بنور الله شواهد صفات الجمال والجلال جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات ذلِكَ اى كونه خلقا باطلا خاليا عن الغاية الجليلة والحكمة الباهرة ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى مظنون كفار مكة فانهم وان كانوا مقرين بان الله هو الخالق لكن لما اعتقدوا بان الجزاء الذي هو علة خلق العالم باطل لزمهم ان يظنوا ان المعلول باطل ويعتقدوا ذلك فَوَيْلٌ اى فاذا كان مظنونهم هذا فالهلاك كل الهلاك اى فشدة هلاك حاصل: وبالفارسية [پس واى] لِلَّذِينَ كَفَرُوا خبر لويل مِنَ النَّارِ من تعليلية مفيدة لعلية النار لثبوت الويل لهم صريحا بعد الاشعار بعلية ما يؤدى إليها من ظنهم وكفرهم اى فويل لهم بسبب النار المرتبة على ظنهم وكفرهم فلا بد من رؤية الحق حقا والباطل باطلا وتدارك زاد اليوم اى يوم الجزاء ظاهرا وباطنا ليحصل الخلاص والنجاة والنعيم واللذات فى أعلى الدرجات أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة الانكارية اى بل أنجعل المؤمنين المصلحين فى الأرض كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ بالكفر والمعاصي اى لا نجعلهم سواء فلو بطل البعث والجزاء كما يظن الكفار لا ستوت عند الله حال من أصلح ومن أفسد ومن سوى بينهما كان سفيها والله تعالى منزه عن السفه فانما بالايمان والعمل الصالح يرفع المؤمنين الى أعلى عليين ويرد الكافرين الى أسفل سافلين أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ اى كما لا نجعل اهل الايمان والعمل الصالح الذين هم مظاهر صفات لطفنا وجمالنا كالمفسدين الذين هم مظاهر صفات قهرنا وجلالنا كذلك لا نجعل اهل التقوى كالفجار والفجر شق الشيء شقا واسعا والفجور شق سر الديانة. أنكر التسوية اولا بين اهل الايمان والشرك ثم بين اهل التقوى والهوى يعنى من المؤمنين وهو المناسب لمقام التهديد والوعيد كى يخاف من الله تعالى كل صنف بحسب مرتبته ويجوز ان يكون تكرير الإنكار الاول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم- وروى- ان كفار قريش قالوا للمؤمنين انا نعطى فى الآخرة من الخير ما تعطون بل اكثر فقال تعالى (أَمْ نَجْعَلُ) إلخ وانما قالوا ذلك على تقدير وقوع الآخرة كما سبق من قوله تعالى (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) وسيجئ فى قوله تعالى (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) اى فى ثواب الآخرة واعلم ان الله تعالى سوى بين الفريقين فى التمتع بالحياة الدنيا بل الكفار أوفر حظا من المؤمنين لان الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة لكن الله جعل الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا وهم المؤمنون المخلصون المنقادون لله ولامره وانما لم يجازهم فى هذه الدار لسعة رحمته وضيق هذه الدار فلذا اخر الجزاء الى الدار الآخرة فاذا ترقى الإنسان من الهوى الى الهدى ومن الفجور الى التقوى أخذ الاجر بالكيل الاوفى ثم لما كان القرآن منبع جميع السعادات والخيرات وصفه

[سورة ص (38) : آية 29]

اولا ثم بين المصلحة فيه فقال كِتابٌ خبر مبتدأ محذوف وهو عبارة عن القرآن اى هذا كتاب أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ صفته مُبارَكٌ خبر ثان للمبتدأ اى كثير المنفعة دنيا ودينا لمن آمن به وعمل باحكامه وحقائقه وإشاراته فان البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ متعلق بانزلنا وأصله يتدبروا فادغمت التاء فى الدال اى أنزلناه ليتفكروا فى آياته بالفكر السليم فيعرفوا ما يتبع ظاهرها من المعاني الفائقة والتأويلات اللائقة اى ليتفكروا فى معانيها فان التدبر عبارة عن النظر فى عواقب الأمور والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ اى وليتعظ به اصحاب العقول الخالصة عن شوب الوهم عمم التدبر لعموم العلماء وخص التذكر بخصوص العقلاء لان التدبر للفهم والتذكر لوقوع الإجلال والخشية الخاص باكابر اهل العلم قال بعضهم التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الأزل من التوحيد والمعارف انتهى فعلم ان المقصود من كلام الحق التفكر والتذكر والاتعاظ به لا حفظ الألفاظ فقط قال الشبلي قدس سره قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها حديثا واحدا وكان علم الأولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه (اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها) وكان الصحابة يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون بالعمل بها فان المقصود من القرآن العمل به- روى- ان رجلا جاء الى النبي عليه السلام وقال علمنى مما علمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إذا زلزلت الأرض حتى إذا بلغ فمن يعمل إلخ قال حسبى فاخبر النبي عليه السلام بذلك فقال (دعوه فقد فقه الرجل) وقال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى ينفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم وعن البصري رحمه الله قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده حتى ان أحدهم ليقول والله لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا والله وقد أسقط كله ما يرى عليه للقرآن اثر فى خلق ولا عمل والله ما هو بحفظ حروفه واضاعة حدوده والله ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة لا اكثر الله فى الناس مثل هؤلاء فمن اقتفى بظاهر المتلوّ كان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها ومهرة نتوج لا يستولدها قال انس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تعوذوا بالله من فخر القراء فانهم أشد فخرا من الجبابرة) ولا أحد ابغض الى رسول الله من قارئ متكبر وعن على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (تعوذوا بالله من دار الحزن فانها إذا فتحت استجارت منها جهنم سبعين مرة أعدها الله للقراء المرائين بأعمالهم وان شر القراء لمن يزور الأمراء) : وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى قدس سره رب تال يفوه بالقران وهو يفضى به الى الخذلان

[سورة ص (38) : الآيات 30 إلى 34]

خواجه را نيست جز تلاوت كار ... ليكن آن طرد ولعنت آرد بار لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت نشود بر دل تو تا بنده ... كين كلام خداست يابنده لعنتست اين كه سازدت بى سيم ... روز شب با امير وخواجه نديم خانه شان مزبله است وقرآن نور ... دار اين نور را ز مزبله دور معنئ لعن چيست مردودى ... بمقامات بعد خشنودى هر كه ماند از خدا بيك سر مو ... آمد اندر مقام بعد فرو كرچهـ ملعون نشد ز حق مطلق ... هست ملعون بقدر بعد از حق وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ [وبخشيديم داود را فرزندى كه آن سليمانست] عليهما السلام. والهبة عطاء الواهب بطريق الانعام لا بطريق العوض والجزاء الموافق لاعمال الموهوب له فسليمان النعمة التامة على داود لان الخلافة الظاهرة الالهية قد كملت لداود وظهرت أكمليتها فى سليمان وكذا على العالمين لما وصل منه إليهم من آثار اللطف والرحمة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال أولادنا من مواهب الله ثم قرأ (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) - روى- ان داود عليه السلام عاش مائة سنة ومات يوم السبت فجأة ويوم السبت لهم كيوم الجمعة لنا أتاه ملك الموت وهو يصعد فى محرابه اى الغرفة وينزل وقال جئت لا قبض روحك فقال دعنى حتى انزل وارتقى فقال مالى الى ذلك سبيل نفدت الأيام والشهور والسنون والآثار والأرزاق فما أنت بمؤثر بعدها فسجد داود على مرقاة من الدرج فقبض نفسه على تلك الحال. وموت الفجأة رحمة للصالحين وتخفيف ورفق بهم إذ هم المنقطعون المستعدون فلا يحتاجون الى الإيصاء وتجديد التوبة ورد المظالم بخلاف غيرهم ولذا كان من آثار غضب الله على الفاسقين واوصى داود لابنه سليمان بالخلافة نِعْمَ الْعَبْدُ سليمان لصلاحية استعداده للكمال النوعي الإنساني وهو مقام النبوة والخلافة قال بعضهم العبودية هى الذبول عن موارد الربوبية والخمول تحت صفات الالوهية إِنَّهُ أَوَّابٌ رجاع الى الحضرة بإخلاص العبودية بلا علة دنيوية ولا اخروية او رجاع الى الله فى جميع الأحوال فى النعمة بالشكر وفى المحنة بالصبر [بظاهر ملك ومملكت ميراند وبباطن فقر وفاقت همى پرورد سليمان روزى تمنى كرد كفت بار خدايا جن وانس وطيور ووحوش بفرمان من كردى چهـ بود كه إبليس را نيز بفرمان من كنى تا او را بند كنم كفت اى سليمان اين تمنى مكن كه در ان مصلحت نيست كفت بار خدايا كر هم دو روز باشد اين مراد من بده كفت دادم سليمان إبليس را در بند كرد ومعاش سليمان با آن همه ملك ومملكت از دست رنج خويش بود هر روز زنبيلى ببافتى وبدو قرص بدادى ودر مسجد با درويشى بهم بخوردى وكفتى] مسكين وجالس مسكينا يك كدا بود سليمان بعصا وزنبيل ... يافت از لطف تو آن حشمت وملك آرايى آن روز كه إبليس را در بند كرد زنبيل ببازار فرستاد وكس نخريد كه در بازار آن

[سورة ص (38) : آية 31]

روز هيچ معاملت وتجارت نبود ومردم همه بعبادت مشغول بودند آن روز سليمان هيچ طعام نخورد ديكر روز همچنان بر عادت زنبيل بافت وكس نخريد سليمان كرسنه شد بالله ناليد كفت بار خدايا كرسنه ام وكس زنبيلى نمى خرد فرمان آمد كه اى سليمان نمى دانى كه چون تو مهتر بازاريان در بند كنى در معاملات بر خلق فرو بسته شود ومصلحت خلق نباشد او معمار دنياست ومشارك خلق در اموال وأولاد] يقول الله تعالى (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فظهر من هذه الحكاية حال سليمان مع الله تعالى وكونه متخليا عن المال فارغا عن الملك فى الحقيقة چوهر ساعت از تو بجايى رود دل ... بتنهايى اندر صفايى نبينى ورت مال وجاهست وزرع وتجارت ... چودل با خدايست خلوت نشينى إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ اى اذكر ما صدر عنه إذ عرض عليه يقال عرض له امر كذا اى ظهر وعرضته له اى اظهرته وعرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم بِالْعَشِيِّ هو من الظهر الى آخر النهار الصَّافِناتُ مرفوع بعرض جمع صافن لا صافنة لانه لذكور الخيل وصفة المذكر الذي لا يعقل يجمع هذا الجمع مطردا كما عرف فى النحو. والصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما الى بعض يقال صفن الفرس قوائمه إذا قام على ثلاث وثنى الرابغة اى قلب أحد حوافره وقام على طرف سنبك يد او رجل والسنبك طرف مقدم الحافر وهو من الصفات المحمودة فى الخيل لا يكاد يتفق الا فى العربي الخالص: والمعنى بالفارسية [اسبان ايستاده به سه پاى وبر كناره سم از قائم چهارم] الْجِيادُ جمع جواد وجود وهو الذي يسرع فى جريه تشبيها له بالمطر الجود: والمعنى بالفارسية [اسبهاى تازى نيورنك نيكو قد تيزرو] كذا قاله صاحب كشف الاسرار وكأنه جمع بين معنى الجيد والجواد قال فى القاموس الجواد السخي والسخية والجمع الأجواد والجيد ضد الرديء والجمع الجياد وقيل الجواد هو الفرس الذي يجود عند الركض اى العدو وعن ابن عباس رضى الله عنهما الجياد الخيل السوابق وإذا جرت كانت سراعا خفافا فى جريها- روى- ان سليمان عليه السلام غزا اهل دمشق ونصيبين وهى قاعدة ديار ربيعة فاصاب الف فرس عربى او أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه وهذا على تقدير عدم بقاء قوله عليه السلام (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة) على عمومه او يحمل على الاستعارة بعلاقة المشابهة فى ثبوت ولاية التصرف فان لسليمان حق التصرف فيما تركه أبوه فى بيت المال كالدروع ونحوها كما كان للخلفاء حق التصرف فيما تركه نبينا عليه السلام ولذا منع أبو بكر رضى الله عنه فاطمة رضى الله عنها عن الميراث حين طلبته وذلك ان ما تركه عليه السلام من صفايا اموال النفير وفدك كان مصروفا الى نفقة نسائه كما فى حياته لكونهن محبوسات عليه الى وفاتهن وايضا الى نفقة خليفته لكونه خادما له قائما مقامه وما فضل من ذلك كان يصرف الى مصالح المسلمين فلم يبق له بعد وفاته ما يكون ميراثا لاهل بيته [وكفته اند اسبان دريايى بودند و پر داشتند وديوان براى سليمان از بحر برآوردند] وسيجئ ما يؤيده

[سورة ص (38) : آية 32]

وعلى كل تقدير قعد سليمان يوما بعد ما صلى الظهر على كرسيه وكان يريد جهادا فاستعرض تلك الافراس اى طلب عرضها عليه فلم تزل تعرض عليه وهو ينظر إليها ويتعجب من حسنها حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضا عليه كما فى كشف الاسرار وعن ورد كان له من الذكر وقتئذ وتهيبه قومه فلم يعلموه فاغتم لما فاته بسبب السهو والنسيان فاستردها فعقرها تقربا الى الله وطلبا لمرضاته على ان يكون العقر قربة فى تلك الشريعة ولذا لم ينكر عليه فعله او مباحا فى ذلك اليوم وانما أراد بذلك الاستهانة بمال الدنيا لمكان فريضة الله كما قاله ابو الليث فلم يكن من قبيل تعذيب الحيوان يقول الفقير سر العقر هاهنا هو ان تلك الخيل لما شغلته عن القيام الى الصلاة كان العقد كفارة موافقة له وقال بعضهم المراد من العقر الذبح فيكون تقديم السوق كما يأتى لرعاية الفاصلة فذبحها وتصدق بلحومها وكان لحم الخيل حلالا فى ذلك الوقت وانما لم يتصدق بها لانه يحتاج الى زمان ووجدان محل صالح له. والحاصل انه ذبح تسعمائة وبقي مائة وهو ما لم يعرض عليه بعد فما فى أيدي الناس من الجياد فمن نسل تلك المائة الباقية كذا قالوا وفيه ان هذا يؤيد كون تلك الخيل قد أخرجت من البحر إذ لو كانت من غنائم الغزو لم يلزم ان يكون نسل الجياد من تلك المائة لوجود غيرها فى الدنيا وايضا على تقدير كونها ميراثا من أبيه بالمعنى الثاني كما سبق تكون امانة فى يده والامانة لا تعقر ولا تذبح كما لا يخفى فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي قاله عليه السلام عند غروب الشمس اعترافا بما صدر عنه من الاشتغال بها عن الصلاة وندما عليه وتمهيدا لما يعقبه من الأمر بردها وعقرها والتعقيب بالفاء باعتبار اواخر العرض المستمر دون ابتدائه والتأكيد للدلالة على ان اعترافه وندمه عن صميم القلب لا لتحقيق مضمون الخبر واصل أحببت ان يعدى بعلى لانه بمعنى آثرت كما فى قوله تعالى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) وكل من أحب شيأ فقد آثره لكن لما أنيب مناب أنبت وضمن معناه عدى تعديته بعن وحب الخير مفعوله اى مفعول به لانبت المضمن والذي أنيب مناب الذكر هو الاطلاع على احوال الخيل لا حب الخيل الا انه عدى الفعل الى حب الخيل للدلالة على غاية محبته لها فان الإنسان قد يحب شيأ ولكنه يحب ان لا يحبه كالمريض الذي يشتهى ما يضره ولذا لما قيل لمريض ما تشتهى قال اشتهى ان لا اشتهى واما من أحب شيأ وأحب ان يحبه فذلك غاية المحبة. والخير المال الكثير والمراد به الخيل التي شغلته عليه السلام لانها مال ويحتمل انه سماها خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها قال عليه السلام (الخير) اى الاجر والمغنم (معقود بنواصي الخيل الى يوم القيامة) والمراد بالذكر صلاة العصر بدليل قوله بالعشي وسميت الصلاة ذكرا لانها مشحونة بالذكر كما فى كشف الاسرار او الورد المعين وقتئذ. ومعنى الآية أنبت حب الخيل اى جعلته نائبا عن ذكر ربى ووضعته موضعه وكان يحب لمثلى ان يشتغل بذكر ربه وطاعته حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ التواري الاستتار والضمير للشمس واضمارها من غير ذكر لدلالة العشى عليها إذ لا شىء يتوارى حينئذ غيرها فالحجاب مغيب الشمس ومغربها كما فى المفردات وحتى متعلق بقوله أحببت

[سورة ص (38) : آية 33]

وغاية له باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض. والمعنى أنبت حب الخير عن ذكر ربى واستمر ذلك حتى توارت اى غربت الشمس تشبيها لغروبها فى مغربها بتوارى الجارية المخبأة بحجابها اى المستترة بخبائها وخدرها وقيل الضمير فى توارت للصافنات اى حتى توارت بحجاب الليل اى بظلامه لان ظلام الليل يستر كل شىء رُدُّوها عَلَيَّ من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى أعيدوا تلك الخيل على فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الامتثال بالأمر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى أخذ وشرع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الأغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح إمرار اليد على الشيء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر أعلى الرأس او العنق قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل. والأعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والباء مزيدة كما فى قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد. والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها وأعناقها اى يقطع أعناقها ويعرقب ارجلها اى هو وأصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد وفى الآية اشارة الى ان حب غير الله شاغل عن الله وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى الله إذا حجبك عن الله لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف نفى لا اله الا الله «لا» نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش در كشيده بكام هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... از من وما نه بوى ماند ونه رنك وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر بإحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا أجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما أجريها وأحبها لامر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى تورات بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفق يمسح سوقها وأعناقها اى بيده حبالها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان فى قهر الأعداء وإعلاء الدين وهو قول الزهري وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو أحق بالقبول عند اولى الافهام وفى الفتوحات المكية معنى الآية أحببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده

على أعناقها وسوقها فرحا وإعجابا بخير ربه لا فرحا بالدنيا لان الأنبياء منزهون عن ذلك وهذه تشبه ما وقع لايوب عليه السلام حين أرسل الله له جرادا من ذهب فصار يحثو فى ثوبه منه ويقول لا غنى لى عن بركتك يا رب فما أحب سليمان الخير الا لكونه تعالى أحب حب الخير ولذلك اشتاق إليها لما تورات بالحجاب يعنى الصافنات الجياد لكونه فقد المحل الذي أوجب له حب الخير عن ذكر ربه فقال ردوها علىّ. وليس للمفسرين الذين جعلوا التواري للشمس دليل فان الشمس ليس لها هنا ذكر ولا الصلاة التي يزعمون ومساق الآية لا يدل على ما قالوه بوجه ظاهر البتة انتهى كلام الفتوحات وعن على رضى الله عنه اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الافراس للجهاد حتى تورات بالحجاب اى غربت الشمس فقال بامر الله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها يعنى الشمس فردوها الى موضع وقت العصر حتى صلى العصر فى وقتها فذلك من معجزات سليمان عليه السلام قال فى كشف الاسرار [سليمان عليه السلام در راه خدا آن همه اسبان فدا كرد ودل از ان زينت وآرايش دنيا برداشت وبا عبادت الله پرداخت لاجرم رب العزة او را به از ان عوض داد بجاى اسبان باد را مركب او ساخت وبسبب آن اندوه كه بوى رسيد بر فوت عبادت فرشته قرص آفتاب از مغرب باز كردانيد از بهر وى تا نماز ديكر بوقت خويش بگزارد وآن ويرا معجزه كشت و چنانكه اين معجزه از بهر سليمان پيغمبر پيدا كشت درين امت از بهر امير المؤمنين على رضى الله عنه از روى كرامت پيدا كشت در خبرست مصطفى عليه السلام سر بر كنار على نهاد وبخفت على نماز ديكر نكرده بود نخواست كه خواب بر رسول قطع كند مرد عالم بود كفت نماز طاعت حق وخدمت راست رسول طاعت حق همچنان مى بود تا قرص آفتاب بمغرب فروشد مصطفى عليه السلام از خواب درآمد على كفت يا رسول الله وقت نماز ديكر فوت شد ومن نماز نكردم رسول كفت اى على چرا نماز نكردى كفت نخواستم كه لذت خواب بر تو قطع كنم جبريل آمد كه يا محمد حق تعالى مرا فرمود تا قرص آفتاب را از مغرب باز آرم تا على نماز ديكر بوقت بگزارد بعض ياران كفتند قرص آفتاب را چندان باز آورد كه شعاع آفتاب ديديم كه بر ديوارهاى مدينه مى تافت قال الكاشفى وانكه آفتاب بدعاى حضرت پيغمبر عليه السلام در صهباى خيبر بعد از غروب بازگشت وبجاى عصر آمد تا حضرت على رضى الله عنه نماز كزارد ونزد محدثان مشهورست وامام طحاوى در شرح آثار خويش فرمود كه روات اين ثقات اند واز احمد ابن صالح رحمه الله نقل كرده كه اهل علم را سزاوار نيست كه تغافل كنند از حفظ اين حديث كه از علامات نبوتست] ولا عبرة بقول بعضهم بوضعه كه دعوتش كرفته كريبان آفتاب ... بالا كشيده از چهـ مغرب بر آسمان كه قرص بدر را بسر كرد خوان چرخ ... دستش دو نيم كرده بيك ضربت بنان واعلم ان حبس الشمس وردها وقع مرارا ومعنى حبسها وقوفها عن السير والحركة بالكلية او بطؤ حركتها او ردها الى ورائها ومعنى ردها إعادتها بعد غروبها ومغيبها فقد

[سورة ص (38) : آية 34]

حبست لداود عليه السلام وذلك فى رواية ضعيفة وردت لسليمان على ما قرر. وحبست ايضا لخليفة موسى عليه السلام وهو يوشع بن نون فانه سار مع بنى إسرائيل لقتال الجبارين وكان يوم الجمعة ولما كاد يفتحها كادت الشمس تغرب فقال للشمس أيتها الشمس انك مأمورة وانا مأمور بحرمتي عليك ألا ركدت اى مكثت ساعة من النهار وفى رواية اللهم احبسها علىّ فحبسها الله حتى افتتح المدينة وانما دعا بحبسها خوفا من دخول البيت المحرم عليهم فيه المقاتلة. وردت ايضا لعلى رضى الله عنه بدعاء نبينا عليه السلام على ما سبق. وحبست ايضا عن الغروب لنبينا عليه السلام وذلك انه اخبر فى قصة المعراج ان عير قريش تقدم يوم كذا فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون ذلك وقد ولى النهار حتى كادت الشمس تغرب فدعا الله تعالى فحبس الشمس عن الغروب حتى قدمت العير وفى بعض الروايات حبست له عن الطلوع لانه عليه السلام قال (وتطلع العير عليكم من الثنية عند طلوع الشمس) فحبس الله الشمس عن الطلوع حتى قدمت العير. وحبست ايضا له عليه السلام فى بعض ايام الخندق الى الاحمرار والاصفرار وصلى حينئذ وفى بعضها لم تحبس بل صلى بعد الغروب واليه الاشارة بقوله عليه السلام (شغلونا عن الصلاة الوسطى) اى عن صلاة العصر وفى كلام سبط ابن الجوزي ان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت او ردّت لاختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات. وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد انه قعد يعظ بعد العصر ثم أخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار إليهم ان لا يتحركوا ثم أدار وجهه الى ناحية المغرب وقال لا تغربى يا شمس حتى ينتهى ... مدحى لآل المصطفى ولنجله ان كان للمولى وقوفك فليكن ... هذا الوقوف لولده ولنسله فطلعت الشمس فلا يحصى مارمى عليه من الحلىّ والثياب هذا كلامه رحمه الله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ الفتنة الاختبار والابتلاء وَأَلْقَيْنا الإلقاء الطرح عَلى كُرْسِيِّهِ الكرسي اسم لما يقعد عليه والمراد سريره المشهور وقد سبق فى سورة سبأ جَسَداً قال فى المفردات الجسد الجسم لكنه أخص قال الخليل لا يقال الجسد لغير الإنسان من خلق الأرض ونحوه وايضا فان الجسد يقال لما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء وقال فى أنوار المشارق الفرق بين الجسد والبدن ان الاول يعم لذى الروح وغيره ويتناول الرأس والشوى والثاني مخصوص بذي الروح ولا يتناولهما ومن هذا قد اشتهر فيما بينهم حشر الأجساد باضافة الحشر الخاص بذي الروح الى الأجساد العامة له ولغيره دون الأبدان المخصوصة وذلك لان فى إضافته الى البدن باعتبار انه لا يتناول الرأس والشوى على ما نص عليه الزمخشري فى الفائق والخليل فى كتاب العين قصورا مخلا بحكم الاعادة بعينه واما ما فى الجسد من العموم الزائد على قدر الحاجة فمندفع بقرينة اضافة الحشر انتهى كلام الأنوار والمراد به فى الآية القالب بلا روح كما سيأتى ثُمَّ أَنابَ اى سليمان

عليه السلام. والانابة الرجوع الى الله تعالى- روى- ان سليمان كان له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية وكان فى ظهره ماء مائة رجل اى قوتهم وهكذا أنبياء الله اعطى كل منهم من القوة الجماعية ما لم يعط أحد من افراد أمته وكذا الولي الأكمل فان له قوة زائدة على سائر الآحاد وان لم تبلغ مرتبة قوة النبي فقال سليمان عليه السلام يوما لا طوفن الليلة على سبعين امرأة اى اجامعهن او تسعين او تسع وتسعين او مائة تأتى كل واحدة بفارس يجاهد فى سبيل الله ولم يقل ان شاء الله فقال له صاحبه اى وزيره آصف قل ان شاء الله فلم يقل فطاف عليهن تلك الليلة فلم تحمل الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد له عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فالقته القابلة على كرسيه وهو الجسد المذكور قال نبينا عليه السلام (لو قال ان شاء الله لجاهدوا فى سبيل الله فرسانا أجمعون) قال القاضي عياض رحمه الله وان سئل لم لم يقل سليمان فى تلك القصة المذكورة ان شاء الله فعنه اجوبة. اسدّها ما روى فى الحديث الصحيح انه نسى ان يقولها اى كلمة ان شاء الله وذلك لينفذ مراد الله. والثاني انه لم يسمع صاحبه وشغل عنه انتهى فمعنى ابتلائه قوله لا طوفن إلخ وتركه الاستثناء ومعنى إلقاء الجسد على كرسيه إلقاء الشق المذكور عليه ومعنى انابته رجوعه الى الله تعالى عن زلته وهو تركه الاستثناء فى مثل ذلك الأمر الخطير لان ترك الاولى زلة للانبياء إذ حسنات الأبرار سيآت المقربين ألا ترى ان نبينا عليه السلام لما سئل عن الروح وعن اصحاب الكهف وذى القرنين قال (ائتوني غدا أخبركم) ولم يستثن فحبس عنه الوحى أياما ثم نزل قوله تعالى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ- وروى- ان سليمان عليه السلام ولد له ابن فاجتمعت الشياطين على قتله وذلك انهم كانوا يقدرون فى أنفسهم انهم سيستريحون مماهم فيه من تسخير سليمان إياهم على التكاليف الشاقة والأعمال المستمرة الدائمة بموته فلما ولد له ابن قال بعضهم لبعض ان عاش له ولده لم ننفك عما نحن فيه من البلاء فسبيلنا ان نقتل ولده او نخبله والتخبيل إفساد العقل والعضو فعلم سليمان بذلك فامر السحاب فحمله وكانت الريح تعطيه غذاءه وربى فيه خوفا من مضرة الشياطين فابتلاه الله لاجل خوفه هذا وعدم توكله فى امر ابنه على ربه العزيز بموت ابنه حيث مات فى السحاب والقى ميتا على كرسيه فهو المراد من الجسد الملقى على كرسيه قال فى شرح المقاصد فتنبه لخطأه فى ترك التوكل فاستغفر وتاب فهذا مما لا بأس به وغايته ترك الاولى إذ ليس فى التحفظ ومباشرة الأسباب ترك الامتثال لامر التوكل على ما قال عليه السلام (اعقلها وتوكل) انتهى فان قلت كان الشياطين يصعدون الى السماء وقتئذ فما فائدة رفعه فى السحاب فى المنع عنهم قلت فائدته ان الشياطين التي خاف سليمان على ابنه منهم كانوا فى خدمته الدائمة فى الأرض فكان فى الرفع الى السحاب رفعه عن أبصارهم وتغييبه عن عملهم وتسليمه الى محافظة الملائكة ولما القى ابنه الميت على كرسيه جزع سليمان عليه إذ لم يكن له الا ابن واحد فدخل عليه ملكان فقال أحدهما ان هذا مشى فى زرعى فافسده فقال له سليمان لم مشيت فى زرعه قال لان هذا الرجل زرع فى طريق الناس فلم أجد مسلكا غير ذلك فقال سليمان للآخر لم زرعت على طريق الناس أما علمت ان الناس لا بدلهم من طريق يمشون

فيه فقال لسليمان صدقت لم ولدت على طريق الموت أما علمت ان ممر الخلق على الموت ثم غابا عنه فاستغفر سليمان وأناب الى الله تعالى: قال الشيخ سعدى قدس سره مكن خانه در راه سيل اى غلام ... كه كس را نكشت اين عمارت تمام نه از معرفت باشد وعقل ورأى ... كه در ره كند كاروانى سراى ز هجران طفلى كه در خاك رفت ... چهـ نالى كه پاك آمد و پاك رفت تو پاك آمدى بر حذر باش وباك ... كه ننكست ناپاك رفتن بخاك مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف قال الكاشفى [ومشهور آنست كه بواسطه ترك ازلى انكشتر مملكت سليمان بدست صخرجن افتاد و چهل روز بر تخت سليمان نشست وباز آن خاتم بدست سليمان آمد بمملكت بازگشت] فيكون المعنى ولقد ابتليناه بسبب ملكه وألقينا على كرسيه جسدا يعنى العفريت الذي أخذ خاتمه وجلس على كرسيه وهو صخر صاحب البحر على أشهر الأقاويل وسمى جسدا لانه تمثل بصورة سليمان ولم يكن هو فكان جسدا محضا وصورة بلا معنى ثم أناب اى رجع الى ملكه بعد أربعين يوما يقول الفقير أرشده الله القدير هذا وان كان مشهورا محررا خصوصا فى نظم بعض العرب والعجم لكنه مما ينكر جدا ولا يكاد يصح قطعا وذلك لوجوه. أحدها انه ليس فى جلوس الجن على الكرسي معنى الإلقاء الا ان يتكلف. والثاني ان جميع الأنبياء معصومون من ان يظهر شيطان بصورهم فى النوم واليقظة لئلا يشتبه الحق بالباطل ولان الأنبياء عليهم السلام صور الاسم الهادي ومظاهر صفة الهداية والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يجتمعان ولا يظهر أحدهما بصورة الآخر وقس على الأنبياء احوال الكمل من الأولياء فانهم ورثتهم ومتحققون بمعارفهم وحقائقهم فان قيل عظمة الحق سبحانه أتم من عظمة كل عظيم فكيف امتنع على إبليس ان يظهر بصورة الأنبياء مع ان اللعين قد ترا أي لكثيرين وخاطبهم بانه الحق طلبا لاضلالهم وقد أضل جماعة بمثل هذا حتى ظنوا انهم رأوا الحق وسمعوا خطابه قلنا ان كل عاقل يعلم ان الحق ليست له صورة معينة معلومة توجب الاشتباه ولذا جوز بعض العلماء رؤية الله فى المنام فى أي صورة كانت لان ذلك المرئي غير ذات الله إذ ليس لها صورة واما الأنبياء فانهم ذووا صور معينة معلومة مشهودة توجب الاشتباه. والثالث انه كيف يصح من الحكيم ان يجلس شيطانا من الشياطين على كرسى نبى من الأنبياء ويسلطه على المسلمين ويحكمه عليهم مع انه لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ابدا كس نيايد بزير سايه بوم ... ور هماى از جهان شود معدوم والرابع ان الخاتم كان نورانيا فكيف صح ان يستقر فى يد الشيطان الظلماني بطريق تقلد الحكومة وقد ثبت ان الشيطان يحرقه النور مطلقا ولذا جعل الشهاب رجما للشياطين. والخامس انه كان ملك سليمان فى الخاتم فكيف يصح ان يجلس الجنى على كرسيه على تقدير قذف الخاتم فى البحر على ما قالوا قال فى كشف الاسرار [ملك سليمان در خاتم وى بود

[سورة ص (38) : الآيات 35 إلى 39]

ونكين آن خاتم كبريت احمر بود] انتهى وفى عقد الدرر انه كان خاتم آدم عليه السلام قبل خروجه من الجنة البسه الحق إياه ثم أودع فى ركن من اركان العرش وكان مكتوب عليه فى السطر الاول «بسم الله الرحمن الرحيم» وفى الثاني «لا اله الا الله» وفى الثالث «محمد رسول الله» فلما أنزله جبريل الى سليمان اضطرب العالم من مهابته ولما وضعه فى إصبعه غاب عن أعين الناس فقالوا يا نبى الله تريد ان نتشرف بمشاهدة جمالك فقال اذكروا الله فلما ذكروه رأوه فالتأثير من الله وبسليمان المظهرية والخاتم واسطة فى الحقيقة. وانما وضع ملكه فى فص خاتم لانه تعالى أراه فى ذلك ان ما أعطيت فى جنب ما لم تعط قدر هذا الحجر من بين سائر الأحجار إذ كان ملك الدنيا عند الله تعالى كقدر حجر من الأحجار والله يعز من يشاء بما يشاء قالَ سليمان وهو بدل من أناب وتفسير له رَبِّ [اى پروردگار من] اغْفِرْ لِي ما صدر منى من الزلة التي لا تليق بشأنى وتقديم الاستغفار على الاستيهاب الآتي لمزيد اهتمامه بامر الدين جريا على سنن الأنبياء والصالحين وكون ذلك ادخل فى الاجابة وَهَبْ لِي [وببخش مرا] مُلْكاً [پادشاهى وتصرفى كه] لا يَنْبَغِي [نسزد ونشايد] لِأَحَدٍ من الخلق مِنْ بَعْدِي الى يوم القيامة بان يكون الظهور به بالفعل فى عالم الشهادة فى الأمور العامة والخاصة مختصابى وهو الغاية التي يمكنه بلوغها دل على هذا المعنى قول نبينا عليه السلام (ان عفريتا من الجن) وهو الخبيث المنكر (تفلت علىّ البارحة) اى تعرض فى صورة هر كما فى حياة الحيوان قال فى تاج المصادر [التفلت بجستن] وفى الحديث (ان عفريتا من الجن تفلت علىّ البارحة) اى تعرض له فلتة اى فجأة (ليقطع على صلاتى فامكننى الله منه) الإمكان القدرة على الشيء مع ارتفاع الموانع اى أعطاني الله مكنة من اخذه وقدرة عليه (فاخذته فاردت ان اربطه) بكسر الباء وضمها اى أشده (على سارية من سوارى المسجد) اى اسطوانة من أساطينه (حتى تنظروا اليه كلكم ويلعب به ولدان اهل المدينة فذكرت دعوة أخي سليمان رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدي فرددته خاسئا) اى ذليلا مطرودا لم يظفر بي ولم يغلب على صلاتى فدل على ان الملك الذي آتاه الله سليمان ولم يؤته أحدا غيره من بعده هو الظهور بعموم التصرف فى عالم الشهادة لا التمكن منه فان ذلك مما آتاه الله غيره من الكمل نبيا كان او وليا ألا ترى ان نبينا عليه السلام قال (فامكننى الله منه) اى من العفريت فعلمنا ان الله تعالى قد وهب التصرف فيه بما شاء من الربط وغيره ثم ان الله تعالى ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف فى الخصوص فكيف فى العموم فرد الله ذلك العفريت ببركة هذا التأدب خاسئا عن الظفر به. وكان فى وجود سليمان عليه السلام قابلية السلطنة العامة ولهذا ألهمه الله تعالى ان يسأل الملك المخصوص به فلم يكن سؤاله للبخل والحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة والرغبة فيها كما توهمه الجهلة. واما سلطان الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقدا فنى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شىء فظهر مكانه شىء لا يوصف حيث وقع تجلى الذات فى مرتبة لم ينلها أحد من افراد الخلق سابقا ولا لا حقا وستظهر سلطنته الصورية ايضا بحيث يكون آدم ومن دونه تحت لوائه

در بزم احتشام تو سياره هفت جام ... وز مطبخ نوال تو أفلاك نه طبق هر خطبه كمال بنام تو شد ازل ... كس تا ابد ز لوح نمى خوانده اين سبق إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ لجميع استعدادات كل ما سألت من الكمالات كما قال تعالى (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) وفى التأويلات النجمية بقوله (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) الآية يشير الى معان مختلفة. منها انه لما أراد طلب الملك الذي هو رفعة الدرجة بنى الأمر فى ذلك على التواضع الموجب للرفعة وهو قوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي) ومنها انه قدم طلب المغفرة على طلب الملك لانه لو كان طلب الملك زلة فى حق الأنبياء كانت مسبوقة بالمغفرة لا يطالب بها. ومنها ان الملك مهما يكن فى يد مغفور له منظور بنظر العناية ما يصدر منه تصرف فى الملك الا مقرونا بالعدل والنصفة وهو محفوظ من آفات الملك وتبعاته. ومنها قوله (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى يكون ذلك موهوبا له بحيث لا ينزعه منه ويؤتيه من يشاء كما هى السنة الالهية جارية فيه ومنها قوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى لا يطلبه أحد غيرى لئلا يقع فى فتنة الملك على مقتضى قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) فان الملك جالب للفتنة كما كان جالبا لها الى سليمان بقوله (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) . ومنها قوله (لا ينبغى لاحد غيرى اى لا يكون هذا الملك ملتمس أحد منك غيرى للتمتع والانتفاع به وهو بمعزل عن قصدى ونيتى فى طلب هذا فان لى فى طلب هذا الملك نية لنفسى ونية لقلبى ونية لروحى ونية للممالك بأسرها ونية للرعايا فاما نيتى لنفسى فتزكيتها عن صفاتها الذميمة وأخلاقها اللئيمة وذلك فى منعها عن استيفاء شهواتها وترك مستلذاتها النفسانية بالاختيار دون الاضطرار وانما يتيسر ذلك بعد القدرة الكاملة عليه بالمالكية والملكية بلا مانع ولا منازع وكماليته فى المملكة بحيث لا يكون فيها ما يحرك داعية من دواعى البشرية المركوزة فى جبلة الإنسان ليكون كل واحدة من المشتهيات والمستلذات النفسانية محركة لداعية تناسبها عند تملكها والقدرة عليها عند توقان النفس إليها وغلبات هواها فيحرم على النفس مراضعها ويحرمها من مشاربها وينهاها عن هواها خالصا لله وطلبا لمرضاته فتموت النفس عن صفاتها كما يموت البدن عند إعواز فقدان ما هو غذاء يعيش به فاذا ماتت عن صفاتها الذميمة يحييها الله بالصفات الحميدة كما قال (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) وقال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) فلا يبقى لها نظر الى الدنيا وسائر نعمها كما كان حال سليمان لم يكن له نظر الى الدنيا ونعيمها وانما كان مع تلك الوسعة فى المملكة يأكل كسرة من كسب يده مع جليس مسكين ويقول مسكين جالس مسكينا وامانيته لقلبه فتصفيته عن محبة الدنيا وزينتها وشهواتها وتوجيهه الى الآخرة بالاعراض عنها عند القدرة عليها والتمكن فيها ثم صرفها فى سبيل الله وقلع أصلها من ارض القلب ليبقى القلب صافيا من الدنس قابلا للفيض الإلهي فانه خلق مرآة لجميع الصفات الالهية وامانيته لروحه فلتحليته بالأخلاق الحميدة الربانية ولا سبيل إليها الا بعلو الهمة وخلوص النية فان المرء يطير بهمته كالطائر يطير بجناحيه وتربية الهمة بحسب نيل المقاصد الدنيوية الدينية وصرفها فى نيل المراتب الدينية الاخروية الباقية وان ترك المقاصد الدنيوية الدينية وان كان اثر التربية الهمة ولكن لا يبلغ حد اثر صرف ما يملك

[سورة ص (38) : آية 36]

من المقاصد الدنيوية لنيل الدرجات العلية فلما كان من اخلاق الله ان يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها التمس سليمان أقصى مراتب الدنيا ونهاية مقاصدها لئلا يلنفت ويستعملها فى تربية الهمة لتتخلى روحه بان يحسن إليهم ويؤلف قلوبهم ببذل المال والجاه فان القلوب جبلت على حب من احسن إليها فانهم إذا أحبوا نبى الله لزمهم حب الله فيكون حب الله وحب نبيه فى قلوبهم محض الايمان ومن لم يمكن ان يؤمن بالإحسان فيدخلهم فى الايمان بالقهر والغلبة بان يأتيهم بجنود لم يروها كما ادخل بلقيس وقومها فى الايمان وامانيته للممالك فبان يجعل الممالك الدنيوية الفانية اخروية باقية بان يتوسل بها الى الحضرة بصرفها بإظهار الدين واقامة الحق وإعلاء كلمة الإسلام فان قيل قوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) هل يتناول النبي عليه السلام اولا قلنا اما بالصورة فيتناول ولكن لعلو همته وكمال قدره لا لعدم استحقاقه لانه عرض عليه صلى الله عليه وسلم ملك أعظم من ملكه فلم يقبله (وقال الفقر فخرى) واما بالمعنى فلم يتناول النبي صلى الله عليه وسلم لانه قال (فضلت على الأنبياء بست) يعنى على جميع الأنبياء ولا خفاء فى ان سليمان عليه السلام ما بلغ درجة واحد من اولى العزم من الرسل مع اختصاصه بصورة الملك منهم وهم معه مفضولون بست فضائل من النبي عليه السلام فمعنى الملك الحقيقي الذي كان ملك سليمان صورته بلا ريب يكون داخلا فى الفضائل التي اختصه الله بها واخبر عنها بقوله (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) بل أعطاه الله ما كان مطلوب سليمان من صورة الملك ومعناه أوفر ما اعطى سليمان وفتنه به من غير زحمة مباشرة صورة الملك والافتتان به عزة ودلالا انتهى كلام التأويلات على مكاشفه أعلى التجليات فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ قال ابو عمرو انه ريح الصبا اى فذللناها لطاعة سليمان اى جعلناها مطيعة لا تخالفه اجابة لدعوته فعاد امره عليه السلام على ما كان عليه قبل الفتنة فيكون ذلك مسببا عن انابته: وبالفارسية [پس رام كردانيدم مر سليمان را باد تا فرمان وى برد] وفيه اشارة الى ان سليمان لما فعل بالصافنات الجياد ما فعل فى سبيل الله عوضه الله مركبا مثل الريح كان غدوها شهرا ورواحها شهرا كما فى التأويلات النجمية وقد سبق ايضا من كشف الاسرار قال البقلى رحمه الله كان سليمان عليه السلام من فرط حبه جمال الحق يحب ان ينظر الى صنائعه وممالكه ساعة فساعة من الشرق الى الغرب حتى يدرك عجائب ملكه وملكوته فسخر الله له الريح وأجراها بمراده وهذا جزاء صبره فى ترك حظوظ نفسه تَجْرِي بِأَمْرِهِ بيان لتسخيرها له رُخاءً حال من ضمير تجرى. والرخاء الريح اللينة من قولهم شىء رخو كما فى المفردات: وبالفارسية [نرم وخوش] وفى الفتوحات المكية ان الهواء لا يسمى ريحا الا إذا تحرك وتموج فان اشتدت حركته كان زعزعا وان لم تشتد كان رخاء وهو ذو روح يعقل كسائر اجزاء العالم وهبوبه تسبيحه تجرى به الجواري ويطفأ به السراج وتشتعل به النار وتتحرك المياه والأشجار ويموج البحر وتزلزل الأرض ويزجى السحاب انتهى. والمعنى حال كون تلك الريح لينة طيبة لا تزعزع ولا تنافى بين كونها لينة الهبوب وبين قوله تعالى (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) لان المراد ان تلك الريح ايضا فى قوة الرياح العاصفة الا انها لما جرت بامره عليه السلام كانت لينة رخاء او تسخر له كلا نسيميها

[سورة ص (38) : الآيات 37 إلى 38]

حَيْثُ أَصابَ ظرف لتجرى او لسخرنا. وأصاب بمعنى أراد لغة حميرا وهجر وفى القاموس الاصابة القصد اى حيث قصد وأراد من النواحي والأطراف واعلم ان المراد بقوله بامره جريان الريح بمجرد امره من غير جمعية خاطر ولا همة قلب فهو الذي جعل الله من الملك الذي لا ينبغى لاحد من بعده لا مجرد التسخير فان الله تعالى سخر لنا ايضا ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما لكن انما تفعل اجرام العالم لهمم النفوس إذا أقيمت فى مقام الجمعية فهذا التسخير عن امر الله لا عن أمرنا كحال سليمان عليه السلام وَالشَّياطِينَ عطف على الريح كُلَّ بَنَّاءٍ بدل من الشياطين وهو مبالغة بان اسم الفاعل من بنى وكانوا يعملون له عليه السلام ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات لما سبق فى سورة سبأ ويبنون له الابنية الرفيعة بدمشق واليمن ومن بنائهم بيت المقدس وإصطخر وهى من بلاد فارس تنسب الى صخر الجنى المراد بقوله تعالى (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ) وَغَوَّاصٍ مبالغة غائص من غاص يغوص غوصا وهو الدخول تحت الماء وإخراج شىء منه قال فى المفردات قوله تعالى (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) اى يستخرجون له الأعمال الغريبة والافعال البديعة وليس استنباط الدر فقط انتهى وكانوا يستخرجون الدرر والجواهر والحلىّ من البحر وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ عطف على كل بناء داخل فى حكم البدل يقال قرنت البعيرين إذا جمعت بينهما وقرنت على التكثير كما فى الآية قال الراغب والتقرين بالفارسية [برهم كردن] قال ابن الشيخ مقرنين صفة لآخرين وهو اسم مفعول من باب التفعيل منقول من قرنت الشيء بالشيء اى وصلته به وشدد العين للمبالغة والكثرة. والأصفاد جمع صفد محركة وهو القيد وسمى به العطاء لانه يرتبط بالمنعم عليه وفرقوا بين فعليهما فقالوا صفده قيده واصفده أعطاه على عكس وعد وأوعد فان الثلاثي فيه للخير والمنفعة والرباعي للشر والمضرة ولكن فى كون اصفد بمعنى اعطى نكتة وهى ان الهمزة للسلب. والمعنى أزلت ما به من الاحتياج بان أعطيته ما تندفع به حاجته بخلاف أوعد فانه لغة اصلية موضوعة للتهديد. ومعنى الآية وسخرنا له شياطين آخرين لا يبنون ولا يغوصون كأنه عليه السلام فصل الشياطين الى عملة استعملهم فى اعمال الشاقة من البناء والغوص ونحو ذلك والى مردة قرن بعضهم مع بعض فى السلاسل وأوثقهم بالحديد لكفهم على الشر والفساد فان قيل ان هذه الآية تدل على ان الشياطين لها قوة عظيمة قدروا بها على تلك الابنية العظيمة التي لا يقدر عليها البشر وقدروا على الغوص فى البحار واستخراج جواهرها وانى يمكن تقييدهم بالاغلال والأصفاد وفيه إشكال وهو ان هذه الشياطين اما ان تكون أجسادهم كثيفة او لطيفة فان كانت كثيفة وجب ان يراهم من كان صحيح الحاسة إذ لو جاز ان لا يراهم مع كثافة أجسادهم لجاز ان يكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة لا نراها ولا نسمعها وذا سفسطة وان كانت أجسادهم لطيفة واللطافة تنافى الصلابة فمثل هذا يمتنع ان يكون موصوفا بالقوة الشديدة بحيث يقدر بها على ما لا يقدر عليه البشر لان الجسم اللطيف يكون ضعيف القوام تتمزق اجزاؤه بأدنى المدافعة فلا يطيق

[سورة ص (38) : آية 39]

تحمل الأشياء الثقيلة ومزاولة الأعمال الشاقة وايضا لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال قلنا ان أجسادهم لطيفة ولكن شفافة ولطافتها لا تنافى صلابتها بمعنى الامتناع من التفرق فلكونها لطيفة لا ترى ولكونها صلبة يمكن تقيدها وتحملها الأشياء الثقيلة ومزاولتها الأعمال الشاقة ولو سلم ان اللطافة تنافى الصلابة الا انا لا نسلم ان اللطيف الذي لا صلابة له يمتنع ان يتحمل الأشياء الثقيلة ويقدر على الأعمال الشاقة ألا ترى ان الرياح العاصفة تفعل افعالا عجيبة لا تقدر عليها جماعة من الناس وقال فى بحر العلوم والأقرب ان المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالتقرين فى الصفد يعنى ان قولهم لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال حقيقة مسلم ولكن ليس الكلام محمولا على حقيقته لانهم لما كانوا مسخرين مذللين لطاعته عليه السلام بتسخير الله إياهم له كان قادرا على كفهم عن الإضرار بالخلق فشبه كفهم عن ذلك بالتقرين فى الأصفاد فاطلق على الكف المذكور لفظ التقرين استعارة اصلية ثم اشتق من التقرين يعنى المعنى المجازى لفظ مقرنين فهو استعارة تبعية بمعنى ممنوعين عن الشرور وفى الاسئلة المقحمة الجن أجسام مؤلفة واشخاص ممثلة ولا دليل يقضى بان تلك الأجسام لطيفة او كثيفة بل يجوز ان تكون لطيفة وان تكون كثيفة وانما لا نراهم لا للطافتهم كما يزعمه المعتزلة ولكن لان الله تعالى لا يخلق فينا إدراكا لهم انتهى قال القاضي ابو بكر الأصل الذي خلقوا منه هى النار ولسنا ننكر مع ذلك ان يكثفهم الله تعالى ويغلظ أجسامهم ويخلق لهم إعراضا زائدة على ما فى النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا وأشكالا مختلفة فيجوز ان نراهم إذا قوى الله أبصارنا كما يجوز ان نراهم لو كثف الله أجسامهم قال القاضي عبد الجبار ان الله تعالى كثفهم لسليمان حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملون له الأعمال الشاقة والمقرّن فى الأصفاد لا يكون الا جسما كثيفا واما أقداره عليهم وتكثيفهم فى غير ازمان الأنبياء فانه غير جائز لانه يؤدى الى ان يكون نقضا للعادة كما فى آكام المرجان فى احكام الجان وقال بعضهم ان الشياطين كانوا يشاهدون فى زمن سليمان ثم انه لما توفى أمات الله أولئك الشياطين وخلق نوعا آخر فى غاية الرقة واللطافة وفيه ان الشياطين منظرون فكيف يموتون الى ان يختص الانظار بإبليس او الا ان يحمل الشياطين على كفار الجن فانهم ماردون ايضا- روى- ان الله تعالى أجاب دعاء سليمان بان سخر له ما لم يسخره لاحد من الملوك وهو الرياح والشياطين والطير وسخر له من الملوك ما لم يتيسر لغيره مثل ذلك فانه روى انه ورث ملك أبيه داود فى عصر كيخسرو بن سياوش وسار من الشام الى العراق فبلغ خبره الى كيخسرو فهرب الى خراسان فلم يلبث قليلا حتى هلك ثم سار الى مرو ثم سار الى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاز بلاد الصين ثم عطف الى ان وافى بلاد فارس فنزلها أياما ثم عاد الى الشام ثم امر ببناء بيت المقدس فلما فرغ منه سار الى تهامة ثم الى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبة صنعاء وهى بلقيس ما ذكره الله تعالى فى كتابه الكريم وغزا بلاد المغرب الأندلس وطنجة وافرنجة ونواحيها هذا اى فسخرنا وقلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك العظيم والبسطة والتسلط على ما لم يسلط

[سورة ص (38) : الآيات 40 إلى 44]

عليه غيرك عَطاؤُنا الخاص بك الذي لا يقدر عليه غيرنا فَامْنُنْ من قوله منّ عليه منا اى أنعم اى فاعط منه من شئت أَوْ أَمْسِكْ وامنع منه من شئت واو للاباحة بِغَيْرِ حِسابٍ حال من المستكن فى الأمر اى غير محاسب على منّه وإحسانه ومنعه وإمساكه لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق وفى المفردات قيل تصرف فيه تصرف من لا يحاسب اى تناول كما تحب فى وقت ما تحب وعلى ما تحب وأنفقه كذلك انتهى قال الحسن ما أنعم الله على أحد نعمة الا كان عليه تبعة الا سليمان فان اعطى اجر عليه وان لم يعط لم يكن عليه تبعة واثم وهذا مما خص به والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة وكل حق يجب للمظلوم على الظالم بمقابلة ظلمه عليه قال بعض الكبار المحققين كان سؤال سليمان ذلك عن امر ربه والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان امتثال امر وعبادة فللطالب الاجر التام على طلبه من غير تبعة حساب ولا عقاب فهذا الملك والعطاء لا ينقصه من ملك آخرته شيأ ولا يحاسب عليه أصلا كما يقع لغيره. واما ما روى ان سليمان آخر الأنبياء دخولا الجنة لمكان ملكه فعلى تقدير صحته لا ينافى الاستواء بهم فى درجات الجنة ومطلق التأخر فى الدخول لا يستلزم الحساب وقد روى (ان الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة سنة) ويجوز ان يكون بغير حساب حالا من العطاء اى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته كما يقال للشئ الكثير هذا لا يحيط به حساب او صلة له وما بينها اعتراض على التقديرين وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى اى لقربة فى الآخرة مع ما له من الملك العظيم فى الدنيا وَحُسْنَ مَآبٍ وهو الجنة وفى الحديث (أرأيتم ما اعطى سليمان بن داود من ملكه فان ذلك لم يزده الا تخشعا ما كان يرفع بصره الى السماء تخشعا لربه) انتهى اى ولذا وجد الزلفى وحسن المرجع فطوبى له حيث كان فقيرا فى صورة الغنى وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا كمل فى انسانيته يصير قابلا للفيض الإلهي بلا واسطة فيعطيه الله تعالى من آثار الفيض تسخير ما فى السموات من الملائكة كما سخر لآدم بقوله اسجدوا لآدم وما فى الأرض كما سخر لسليمان الجن والانس والشياطين والوحوش والطيور وذلك لان كل ما فى السموات وما فى الأرض اجزاء وجود الإنسان الكامل فاذا أنعم الله عليه بفيضه سخر له اجزاء وجوده فى المعنى اما فى الصورة فيظهر على بعض الأنبياء تسخر بعضها اعجازا له كما ظهر على نبينا عليه السلام تسخر القمر عند انشقاقه باشارة إصبع ولذا قال هذا عطاؤنا إلخ يشير الى ان للانبياء بتأييد الفيض الإلهي ولاية افاضة الفيض على من هو اهله عند استفاضته ولهم إمساك الفيض عند عدم الاستفاضة من غير اهله ولا حرج عليهم فى الحالتين وان له عندنا لزلفى فى الافاضة والإمساك وحسن مآب لانه كان متقربا إلينا بالعطاء والمنع كما فى التأويلات النجمية- روى- ان سليمان عليه السلام فتن بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ثم انتقل الى حسن مآب: قال الشيخ سعدى جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست كه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت

[سورة ص (38) : آية 41]

أيقظنا الله تعالى وإياكم وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ابن آموص بن رازح بن روم بن عيص بن اسحق ابن ابراهيم عليه السلام وامه من أولاد لوط بن هاران وزوجته رحمة بنت افرائيم بن يوسف عليه السلام أوليا بنت يعقوب عليه السلام ولذا قال فى كشف الاسرار كان أيوب فى زمان يعقوب او ما خير بنت ميشا بن يوسف والاول أشهر الأقاويل قال القرطبي لم يؤمن بايوب إلا ثلاثة نفر وعمره ثلاث وتسعون وقوله أيوب عطف بيان للعبد إِذْ نادى رَبَّهُ بدل من عبدنا اى دعا وتضرع بلسان الاضطرار والافتقار أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ أصابني وبالفارسية [ديو بمن رسيد] فتكون الباء فى قوله بِنُصْبٍ للتعدية اى تعب ومشقة وكذا النصب بفتحتين وَعَذابٍ العذاب الايجاع الشديد اى ألم ووصب يريد مرضه وما كان يقاسيه من فنون الشدائد وهو المراد بالضر فى قوله فى سورة الأنبياء (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) وهو حكاية لكلامه الذي ناداه به بعبارته والا لقيل انه مسه إلخ وليس هذا تمام دعائه عليه السلام بل من جملته قوله (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فاكتفى هاهنا عن ذكره بما فى سورة الأنبياء كما ترك هناك ذكر الشيطان ثقة بما ذكر هاهنا فان قلت لا قدرة للشيطان البتة على إيقاع الناس فى الأمراض والأسقام لانه لو قدر على ذلك لسعى فى قتل الأنبياء والأولياء والعلماء والصالحين فهو لا يقدر ان يضر أحدا الا بطريق إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة فما معنى اسناد المس اليه قلت ان الذي أصابه لم يصبه الا من الله تعالى الا انه أسنده الى الشيطان لسؤال الشيطان منه تعالى ان يمسه الله تعالى بذلك الضر امتحانا لصبره ففى اسناده اليه دون الله تعالى مراعاة للادب- روى- ان أيوب عليه السلام كان له اموال كثيرة من صنوف مختلفة وهو مع ذلك كان مواظبا على طاعة الله محسنا للفقراء واليتامى وارباب الحاجات فحسده إبليس لذلك وقال انه يذهب بالدنيا والآخرة فقال الهى عبدك أيوب قد أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع النعمة والعافية لتغير عن حاله فقال تعالى انى اعلم منه ان يعبدنى ويحمدنى على كل حال فقال إبليس يا رب سلطنى عليه وعلى أولاده وأمواله فسلطه على ذلك فاحرق زرعه وأسقط الابنية على أولاده فلم يزدد أيوب إلا حمدا لربه ثم نفخ فى جسده نفخة خرجت بها فيه النفاخات ثم تقطرت بالدم الأسود وأكله الدود سبع سنين وهو على حاله فى مقام الصبر والرضى والتسليم فكان بلاؤه امتحانا من غير ان يكون منه ذنب يعاقب عليه ليبرز الله ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه كما ذكره الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول. وعلى هذا القول اعتماد الفحول فدع ما عداه فانه غير مقبول وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَاذْكُرْ) إلخ الى معانى مختلفة منها ان من شرط عبودية خواص عباده من الأنبياء والأولياء الصبر عند نزول البلاء والرضى بجريان احكام القضاء ومنها ليعلم ان الله تعالى لو سلط الشيطان على بعض من أوليائه وأنبيائه لا يكون لاهانتهم بل يكون لعزتهم واعانتهم على البلوغ الى رتبة نعم العبدية ودرجة الصابرين المحبوبين ومنها ان العباد من الأنبياء والأولياء لو لم يكونوا فى كنف عصمة الله وحفظه لمستهم الشياطين بنصب وعذاب ومنها ان من آداب العبودية إجلال الربوبية وإعظامها عن احالة الضر والبلاء والمحن عليها لا على الشيطان كما قال يوسف عليه السلام (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)

[سورة ص (38) : آية 42]

وقال يوشع عليه السلام (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ) وقال موسى عليه السلام (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ومنها ليعلم انه ما بلغ مقام الرجال البالغين الا بالصبر على البلوى وتفويض الأمور الى المولى ولرضى بما يجرى عليه من القضاء انتهى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ الركض الضرب والدفع القوى بالرجل فمتى نسب الى الراكب فهو إغراء مركوبه وحثه للعدو نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشي فوطئ الأرض كما فى الآية كذا قاله الراغب. والرجل القدم او من اصل الفخذ الى رؤس الأصابع. والمعنى إذ نادى فقلنا له على لسان جبريل عليه السلام حين انقضاء مدة بلائه اركض برجلك اى اضرب بها الأرض: وبالفارسية [بزن پاى خود را بزمين] وهى ارض الجابية بلد فى الشام من أقطاع ابى تمام فضربها فنبعت عين فقلنا له هذا [اين چشمه] مُغْتَسَلٌ بارِدٌ تغتسل به وقال الكاشفى [جاى غسل كردنست يا آبيست كه بدان غسل كنند] أشار الى ان المغتسل هو الموضع الذي يغتسل فيه والماء الذي يغتسل به والاغتسال غسل البدن وغسلت الشيء غسلا أسلت عليه الماء فازلت درنه وَشَرابٌ تشرب منه فيبرأ باطنك. والشراب هو ما يشرب ويتناول من كل مائع ماء كان او غيره والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف وقال بعض الكبار هذا مغتسل به اى ماء يغتسل به وموضعه وزمانه بارد يبرد حرارة الظاهر وشراب يبرد حرارة الباطن يعنى انما كان الماء باردا لما كان عليه من افراط حرارة الألم فسكن الله افراطها الزائد المهلك ببرد الماء وأبقى الحرارة النافعة للانسان وفى كلام الشيخ الشهير بافتاده البرسوى قدس سره ان المراد بالماء فى هذه الآية صورة احياء الله تعالى وهو المراد بماء المطر ايضا فيما روى انه إذا كان يوم القيامة ينزل المطر على الأموات أربعين سنة فيظهرون من الأرض كالنبات انتهى فاغتسل أيوب عليه السلام من ذلك الماء وشرب فذهب ما به من الداء من ظاهره وباطنه فان الله تعالى إذا نظر الى العبد بنظر الرضى يبدل مرضه بالشفاء وشدته بالرخاء وجفاءه بالوفاء فقام صحيحا وكسى حلة وعاد اليه جماله وشبابه احسن ما كان قال ابن عباس رضى الله عنهما مكث فى البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة ايام وسبع ساعات لم يغمض فيهن ولم ينقلب من جنب الى جنب كما فى زهرة الرياض قال حضرة الشيخ بالى الصوفي فى شرح الفصوص الاشارة فيه ان الله تعالى امر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لازالة ألم البدن فهو امر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج ماء الحياة وهو العلم بالله من ارض وجودنا لازالة امراض أرواحنا وهى الحجب المبعدة عن الحق ثم قال وفى هذه الآية سر لطيف وهو ان السالكين مسلك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا فى منزل وذكروا الله كثيرا با على صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أية حركة كانت وكانت نيتهم بذلك ازالة الألم الروحاني جاز منهم ذلك إذا ضرب الرجل الصورية على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل الى الحقيقة إذ ما من حكم شرعى إلا وله حقيقة توصل عامله الى حقيقته انتهى كلامه قال بعض العلماء بالله ارتفاع الأصوات فى بيوت العبادات بحسن النيات وصفاء الطويات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات حتى قال

[سورة ص (38) : آية 43]

اهل البصائر ان الأنفاس البشرية هى التي تدير الافلاك العلوية انتهى. فقد شرطوا فى ضرب الرجل وكذا فى رفع الصوت حسن النية وصفوة الباطن من كل غرض ومرض فاذا كان المرء حسن النية يراعى الأدب الظاهري والباطني من كل الوجوه فيعرج بمعراج الخلوص على ذروة مراتب اهل الخصوص ويسلم من الجرح والقدح لكون حركته على ما أشار اليه النصوص قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد التواجد الا باشارة شيخ مرشد عارف بامراض الباطن. وفى محل آخر من شرط اهل الله فى السماع ان يكونوا على قلب رجل واحد وان لا يكون فيهم من ليس من جنسهم او غير مؤمن بطريقهم فان حضور مثل هؤلاء يشوش. وفى آخر لا ينبغى للاشياخ ان يسلموا للمريد حركة الوجد الذي تبقى معه الاحساس بمن فى المجلس ولا يسلم له حركته الا ان غاب ومهما احسن بمن كان فى المجلس تعين عليه ان يجلس الا ان يعرف الحاضرون انه متواجد لا صاحب وجد فيسلم له ذلك لان هذه الحالة غير محمودة بالنظر الى ما فوقها. وفى آخر إذا كانت حركة المتواجد نفسية فليست بقدسية وعلامتها الاشارة بالأكمام والمثنى الى خلف والى قدام والتمايل من جانب الى جانب والتفريق بين راجع وذاهب فقد اجمع الشيوخ على ان مثل هذا محروم مطرود انتهى. فقد شرط الشيخ رضى الله عنه فى هذه الكلمات لمن أراد الوجد والسماع حضور القلب والعشق والمحبة والصدق وغلبة الحال. فقول القرطبي استدل بعض الجهال المتزهدة وطغاة المتصوفة بقوله تعالى لا يوب عليه السلام (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) على جواز الرقص وهذا احتجاج بارد لانه تعالى انما امر بضرب الرجل لنبع الماء لا لغيره وانما هو لاهل التكلف كما دل عليه صيغة التزهد والتصوف فان أتقياء الامة برآء من التكلف فهو زجر لفسقة الزمان عما هم عليه من الاجتماع المنافى لنص القرآن فانهم لو كانوا صلحاء مستأهلين لأباحت لهم اشارة القرآن ذلك لكنهم بمعزل عن الركض بشرائط فهم ممنوعون جدا قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجي بيرام قدس سره الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر الله قياما وقعودا ولا نرقص على وفق قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) وقال ايضا ليس فى طريقتنا رقص فان الرقص والأصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الأنبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ معطوف على مقدر اى فاغتسل وشرب فكشفنا بذلك مابه من ضر كما فى سورة الأنبياء ووهبنا له اهله: يعنى [فرزندان ويرا زنده كرديم] وكانوا ثلاثة عشر روى الحسن ان الله تعالى أحياهم بعد هلاكهم اى بما ذكر من ان إبليس هدم عليهم البناء فماتوا تحته وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ عطف على اهله فكان له من الأولاد ضعف ما كان له قبل اى زاده على ما كان له قبل البلاء: قال الصائب ز فوت مطلب جزؤى مشو غمين كه فلك ... ستاره ميبرد وآفتاب مى آرد رَحْمَةً مِنَّا اى لرحمة عظيمة عليه من عندنا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ولتذكيرهم

[سورة ص (38) : آية 44]

بذلك ليصبروا على الشدائد كما صبر ويلجأوا الى الله فيما ينزل بهم كما لجأ ليفعل بهم ما فعل به من حسن العاقبة: قال الكاشفى رحمت الهى فرج را بصبر ناريست] اصبر فان الصبر مفتاح الفرج كليد صبر كسى را كه باشد اندر دست ... هر آينه در كنج مراد بگشايد بشام تيره محنت بساز وصبر نماى ... كه دمبدم سحر از پرده روى بنمايد [آورده اند كه در زمان مرض أيوب عليه السلام زوجه او رحمه بهمى رفته بود ودير مى آمد أيوب سوكند خورد كه او را صد چوب بزند چون تباشير صبح صحت از أفق رحمت روى نمود وأيوب بحالت تن درستى وجوانى بازآمد خواست تا سوكند خود را راست كند خطاب از حضرت عزت رسيد كه] وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً قال فى الإرشاد معطوف على اركض او على وهبنا بتقدير وقلنا خذ بيدك إلخ والاول اقرب لفظا وهذا انسب معنى فان الحاجة الى هذا الأمر لا تمس الا بعد الصحة. والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه فى المفردات الضغث قبضة ريحان او حشيش وبه شبه الأحلام المختلطة التي لا يتبين حقائقها انتهى وقال الكاشفى [وبكير بدست خود دسته از چوب از خرما يا از حشائش خشك شده كه بعدد صد باشد وفى كشف الاسرار مفسران كفتند إبليس بر صورت طبيبى بر سر راه نشست وبيماران را مداوات مى كرد زن أيوب آمد وكفت بيمارى كه فلان علت دارد او را مداوات كنى إبليس كفت او را مداوات كنم وشفا دهم بشرط آنكه چون او را شفا دهم او مرا كويد «أنت شفيتنى» يعنى تو مرا شفا دادى از شما جز اين نخواهم زن بيامد وآنچهـ از وى شنيد بايوب كفت أيوب بدانست كه آن شيطانست واو را از راه مى برد وكفت «والله لئن برئت لا ضربنك مائة» پس چون به شد جبريل آمد و پيام آورد از حق تعالى كه آن زن ترا در ايام بلا خدمت نيكو كرد اكنون تخفيف ويرا وتصديق سوكند خود را دسته كياه وريحان كه بعدد صد شاخ باشد با قبضه كه ازين درخت كندم كه خوشه بر سر دارد آنرا بدست خويش كير] فانه قال فى التكملة وقد روى انه أخذ مائة سنبلة فى كف واحد فضربها بها وقيل باعث ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب إذا قام فحلف بذلك قال فى فتح الرحمن روى ان أيوب عليه السلام كانت زوجته مدة مرضه تختلف اليه فيتلقاها الشيطان مرة فى صورة طبيب ومرة فى هيئة ناصح فيقول لها لو سجد هذا المريض للصنم الفلاني لبرئ ولو ذبح عناقا للصنم الفلاني لبرئ ويعرض لها وجوها من الكفر فكانت هى ربما عرضت ذلك على أيوب فيقول لقيت عدو الله فى طريقك فلما أغضبته حلف ان عوفى ليجلدنها مائة جلدة انتهى يقول الفقير هذه الوجوه ذكرت ايضا فى غيره من التفاسير لكنها ضعيفة فان امرأة أيوب وهى رحمة وكانت بنت ابن يوسف الصديق عليه السلام على ما هو الأرجح ولا يتصور من مثل هذه المرأة المتدينة ان تحمل أيوب على ما هو كفر فى دينه وفى سائر الأديان وبمجرد نقل كلام العدو لا يلزم الغضب والحلف فالوجه الاول أليق بالمقام فَاضْرِبْ بِهِ اى بذلك الضغث زوجك وَلا تَحْنَثْ فى يمينك فان البر يتحقق به فاخذ

ضغثا فضربها ضربة واحدة يقال حنث فى يمينه إذا لم يف بها وقال بعضهم الحنث الإثم ويطلق على فعل ما حلف على تركه وترك ما حلف على فعله من حيث ان كل واحد منهما سبب له وفى تاج المصادر [الحنث: دروغ شدن سوكند] ويعدى بفي [وبزه مند شدن] فان قيل لم قال الله تعالى لايوب عليه السلام (لا تَحْنَثْ) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) قلنا لان كفارة اليمين لم تكن لاحد قبلنا بل هى لنا مما أكرم الله به هذه الامة بدليل قوله تعالى لكم كذا فى اسئلة الحكم وفى كلام بعض المفسرين لعل التكفير لم يجز فى شرعهم او ان الأفضل الوفاء به انتهى قال الشيخ نجم الدين رحمه الله أراد الله ان يعصم نبيه أيوب عليه السلام من الذنبين اللازمين. أحدهما اما الظلم واما الحنث وان لا يضيع اجر احسان المرأة مع زوجها وان لا يكافئها بالخير شرا وتبقى ببركتها هذه الرخصة فى الأمم الى يوم القيامة انتهى. فقد شرع الله هذه الرحمة رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها وهى رخصة باقية فى الحدود يجب ان يصيب المضروب كل واحد من المائة اما بأطرافها قائمة او باعراضها مبسوطة على هيئة الضرب اى بشرط ان توجد صورة الضرب ويعمل بالحيل الشرعية بالاتفاق- روى- ان الليث بن سعد حلف ان يضرب أبا حنيفة بالسيف ثم ندم من هذه المقالة وطلب المخرج من يمينه فقال ابو حنيفة رحمه الله خذ السيف واضربنى بعرضه فتخرج عن يمينك كما فى مناقب الامام رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن مذهب الشافعي إذا وجب الحد على مريض وكان جلدا اخر للمرض فان لم يرج برؤه جلد بعثكال عليه مائة غصن فان كان خمسين ضرب به مرتين وتمسه الاغصان او ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم فان برئ اجزأه ومذهب ابى حنيفة رحمه الله يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ كمذهب الشافعي فان كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب شديدا يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب ومذهب مالك لا يضرب الا بالسوط ويفرق الضرب وعدد الضربات مستحق لا يجوز تركه فان كان مريضا آخر الى ان يبرأ كمذهب الشافعي وابى حنيفة ومذهب احمد يقام الحد فى الحال ولا يؤخر للمرض ولو رجى زواله ويضرب بسوط يؤمن معه التلف كالقضيب الصغير فان خشى عليه من السوط أقيم باطراف الثياب وعثكول النخل فان خيف عليه من ذلك جمع ضغث فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة كقول الشافعي واما إذا كان الحد رجما فلا يؤخر بالاتفاق ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف فابو حنيفة ان كان حدها الجلد فحتى تتعالّ ااى تخرج من نفاسها وان كان الرجم فعقيب الولادة وان لم يكن للصغير من يربيه فحتى يستغنى عنها والشافعي حتى ترضعه اللبان ويستغنى بغيرها او فطام لحولين ومالك واحمد بمجرد الوضع إِنَّا وَجَدْناهُ علمناه صابِراً فيما أصابه فى النفس والأهل والمال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان أيوب عليه السلام لم يكن ليجد نفسه صابرا لولا انا وجدناه صابرا اى جعلناه يدل على هذا المعنى قوله تعالى لنبيه عليه السلام (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) اى هو الذي صبرك وان لم تكن تصبر انتهى- روى- انه بلغ امر أيوب عليه السلام الى ان لم يبق منه الا القلب واللسان فجاءت دودة الى القلب فعضته واخرى الى اللسان

فعضته فعند ذلك دعا أيوب فوقعت دودة فى الماء فصار علقا واخرى فى البر فصار نحلا يخرج منه العسل وفى زهرة الرياض انه بقي على بدنه اربعة من الديدان واحد طار ووقع على شجرة الفرصاد فصار دود القز وواحد وقع فى الماء فصار علقا وواحد وقع فى الحبوب فصار سوسا والرابع طار ووقع فى الجبال والأشجار فصار نحلا وهذا بعد ما كشف الله عنه واعلم ان العلماء قالوا ان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الأمراض المنفرة ويناقش فيه بحديث أيوب عليه السلام إذ روى انه تفرق عنه الناس حتى ارتد بعض من آمن به الا ان يستثنى أيوب عليه السلام فان ابتلاءه كان خارقا للعادة وابتلاء الناس به أي ابتلاء ثم اعلم انه ليس فى شكواه الى الله تعالى إخلال بصبره فان الصبر حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا الى الله تعالى وفى حبس النفس عن الشكوى الى الله فى رفع الضر مقاومة القهر الإلهي وهو ليس من آداب العبودية فلا بد من الشكاية ليصح الافتقار الذي هو حقيقتك المميزة نسبة العبودية من الربوبية ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام وجاع بعض العارفين فبكى فعاتبه فى ذلك بعض من لا ذوق له فقال انما جوّعنى لا بكى واسأل نِعْمَ الْعَبْدُ اى أيوب إِنَّهُ أَوَّابٌ تعليل لمدحه اى انما كان نعم العبد لانه رجاع الى الله تعالى لا الى الأسباب مقبل بجملة وجوده الى طاعته او رجاع الى الحضرة فى طلب الصبر على البلاء والرضى بالقضاء ولقد سوى الله تعالى بين عبديه اللذين أحدهما أنعم عليه فشكر والآخر ابتلى فصبر حيث اثنى عليهما ثناء واحدا فقال فى وصف سليمان (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) وفى وصف أيوب كذلك ولم يلزم من الاوابية الذنب لان بلاء أيوب كان من قبيل الامتحان على ما سبق واعلم ان العيش فى البلاء مع الله عيش الخواص وعيش العافية مع الله عيش العوام وذلك لان الخواص يشاهدون المبلى فى البلاء وتطيب عيشتهم بخلاف العوام فانهم بمعزل من الشهود فيكون البلاء لهم عين المحنة ولذا لا صبر لهم قال ابن مسعود رضى الله عنه أيوب عليه السلام رأس الصابرين الى يوم القيامة قال بعضهم [بلا ذخيره أوليا واختيار اصفيا است هر يكى بنوعى ممتحن بودند. نوح بدست قوم خويش كرفتار. ابراهيم بآتش نمرود. إسماعيل بفتنه ذبح. يعقوب بفراق فرزند. زكريا ويحيى بمحنت قتل. موسى بدست فرعون وقبطيان وعلى هذا أوليا واصفيا. يكى را محنت غربت بود ومذلت. يكى را كرسنكى وفاقت. يكى را بيمارى وعلت. يكى را قتل وشهادت. مصطفى عليه السلام كفت (ان الله ادخر البلاء لاوليائه كما ادخر الشهادة لاحبابه) چون رب عزت آن بلاها از أيوب كشف كرد روزى بخاطر وى بگذشت كه نيك صبر كردم در ان بلا ندا آمد كه «أأنت صبرت أم نحن صبرناك يا أيوب لولا انا وضعنا تحت كل شعرة من البلاء جبلا من الصبر لم تصبر» جنيد قدس سره كفت] من شهد البلاء بالبلاء ضج من البلاء ومن شهد البلاء من المبلى حنّ الى البلاء قال ابن عطاء ليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله هو المبلى واعلم ان لكل بلاء خلفا اما فى الدنيا واما فى الآخر واما فى كليهما: قال الصائب

[سورة ص (38) : الآيات 45 إلى 50]

هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت - يروى- ان الله تعالى لما اذهب عن أيوب ما كان فيه من الأذى انزل عليه ثوبين أبيضين من السماء فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ثم مشى الى منزله فاقبلت سحابة فسحت فى اندر قمحه ذهبا حتى امتلأ وأقبلت سحابة اخرى الى اندر شعيره فسحت فيه ورقا حتى امتلأ وشكر الله خدمة زوجته فردها الى شبابها وجمالها وَاذْكُرْ عِبادَنا المخصوصين من اهل العناية إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ابن ابراهيم وَيَعْقُوبَ ابن اسحق ثم اومأ الى وجه اختصاصهم بجنابه تعالى فقال أُولِي الْأَيْدِي ذوى الأيدي وهى جمع يد بمعنى الجارحة فى الأصل أريد بها القوة مجازا بمعونة المقام وذلك لكونها سبب التقوى على اكثر الأعمال وبها يحصل البطش والقهر ولم تجمع القوة لكونها مصدرا يتناول الكثير وَالْأَبْصارِ جمع بصر حمل على بصر القلب ويسمى البصيرة وهى القوة التي يتمكن بها الإنسان من ادراك المعقولات قال فى المفردات البصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التي فيها ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة. وجمع البصر أبصار وجمع البصيرة بصائر. والمعنى ذوى القوة فى الطاعة والبصيرة فى امور الدين ويجوز ان يراد بالأيدي الأعمال الجليلة لان اكثر الأعمال تباشر بها فغلب الأعمال بالأيدي على سائر الأعمال التي تباشر بغيرها وان يراد بالأبصار المعارف والعلوم الشريفة لان البصر والنظر أقوى مباديها وهم ارباب الكمالات العملية والنظرية والذين لا يفكرون فكر ذوى الديانات فى حكم من لا استبصار لهم وفيه تعريض بالجهلة البطالين وانهم كالزمنى والعميان حيث لا يعملون عمل الآخرة ولا يستبصرون فى دين الله وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع تمكنهم منهما: وفى المثنوى اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية وعلو الرتبة. والتنكير للتفخيم اى انا جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة عظيمة الشأن لا شوب فيها ذِكْرَى الدَّارِ مصدر بمعنى التذكر مضاف الى مفعوله وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة خالصة. والتقدير هى تذكرهم للدار الآخرة دائما ولا همّ لهم غيرها واطلاق الدار يعنى مرادا بها الدار الآخرة للاشغار بانها الدار فى الحقيقة وانما الدنيا معبر فان قيل كيف يكونون خالصين لله تعالى وهم مستغرقون فى الطاعة وفيما هو سبب لها وهو تذكر الآخرة قلت ان استغراقهم فى الطاعة انما هو لاستغراقهم فى الشوق الى لقاء الله ولما لم يكن ذلك الا فى الآخرة استغرقوا فى تذكرها وفى الآخرة [آن ياد كردن سراى آخرتست چهـ مطمح نظر انبيا جزفوز بلقاى حضرت كبريا نيست وآن در آخرت ميسر شود] وفى التأويلات انا صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة الانانية وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية ليس لغيرنا فيهم نصيب ولا يميلون الى الغير بالمحبة العارضة لا الى أنفسهم ولا الى غيرهم بسبب خصلة خالصة غير مشوبة بهمّ آخر هى ذكرى الدار الباقية والمقر الأصلي اى استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس واعراضهم عن معدن الرجس مستشرفين لانواره لا التفات لهم الى الدنيا وظلماتها أصلا

[سورة ص (38) : الآيات 47 إلى 48]

انتهى يقول الفقير أراد ان الدنيا ظلمة لانها مظهر جلاله تعالى والآخرة نور لانها مجلى جماله تعالى والتاء للتخصيص والأصل الآخر الذي هو الله تعالى ولذا يرجع العباد اليه بالآخرة وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ قوله عند ظرف لمحذوف دل عليه المصطفين ولا يجوز ان يكون معمولا لقوله من المصطفين لان الالف واللام فيه بمعنى الذي وما فى حيز الصلة لا يتقدم على الموصول. والمصطفين بفتح الفاء والنون جمع مصطفى أصله مصطفيين بالياءين وبكسر الاولى. والمعنى لمن المختارين من أمثالهم الْأَخْيارِ المصطفين عليهم فى الخير وفى التأويلات وانهم فى الحضرة الواحدية لمن الذين اصطفيناهم لقربنا من بنى نوعهم الأخيار المنزهين عن شوائب الشر والإمكان والعدم والحدثان انتهى وذكر العندية وقرن بها الاصطفائية اشارة الى ان الاصطفائية فى العبودية ازلية قبل وجود الكون فشرفهم خاص وموهبة خالصة بلا علل. والأخيار جمع خير كشر واشرار على انه اسم تفضيل او خير بالتشديد او خير بالتخفيف كاموات جمع ميت وميت وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ ابن ابراهيم عليهما السلام وليس هو باشموئيل بن هلقاثان على ما قال قتادة وانما فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه للاشعار بعراقته فى الصبر الذي هو المقصود بالتذكر وذلك لانه اسلم نفسه للذبح فى سبيل الله او ليكون اكثر تعظيما فانه جد أفضل الأنبياء والمرسلين وَالْيَسَعَ هو ابن أخطوب من العجوز استخلفه الياس عليه السلام على بنى إسرائيل ثم استنبىء ودخل اللام على العلم لكونه منكرا بسبب طرو الاشتراك عليه فعرف باللام العهدية على ارادة اليسع الفلاني مثل قول الشاعر رأيت الوليد بن اليزيد مباركا وَذَا الْكِفْلِ هو ابن عم يسع او يشير بن أيوب عليه السلام بعث بعد أبيه الى قوم فى الشام واختلف فى نبوته والأكثرون على انه نبى لذكره فى سلك الأنبياء واختلف ايضا انه الياس او يوشع او زكريا او غيرهم وانما لقب بذي الكفل لانه فرّ اليه مائة نبى من بنى إسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم بمعنى أطعمهم وكساهم وكتمهم من الأعداء وفى التأويلات النجمية قيل ان اليسع وذا الكفل كانا أخوين وذو الكفل تكفل بعمل رجل صالح مات فى وقته كان يصلى لله كل يوم مائة صلاة فاحسن الله اليه الثناء وَكُلٌّ اى وكلهم على ان يكونوا بدلا منهم مِنَ الْأَخْيارِ المشهورين بالخيرية والآيات تعزية وتسلية للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا اجتهدوا فى الطاعات وقاسوا الشدائد والآفات وصبروا على البلايا والأذيات من أعدائهم مع انهم مفضولون فالنبى عليه السلام اولى بذلك لكونه أفضل منهم والأفضل يقاسى ما لا يقاسى المفضول إذ به تتم رتبته وتظهر رفعته قال فى كشف الاسرار [اسما دختر صديق رضى الله عنها روايت كند كه مصطفى عليه السلام روزى در انجمن قريش بگذشت يكى از ايشان برخاست كفت تويى كه خدايان ما را بد ميكويى ودشنام مى دهى رسول خدا كفت من ميكويم كه معبود عالميان يكيست بى شريك وبى نظير شما در پرستش

[سورة ص (38) : الآيات 49 إلى 50]

أصنام بر باطليد ايشان همه بيكبار هجوم كردند ودر رسول آويختندن واو را ميزدند اسما كفت اين ساعت يكى آمد بدر سراى أبو بكر وكفت «أدرك صاحبك» صاحب خويش را درياب كه در زخم دشمنانى كرفتارست أبو بكر بشتاب رفت وبا ايشان كفت «ويلكم أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم» ايشان رسول را بگذاشتند وابو بكر را بيمحابا زدند وابو بكر كيسوان داشت چون بخانه باز آمد دست بگيسوان فرو مى آورد وموى بدست وى باز مى آمد وميكفت «تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام» رب العالمين اين همه رنج وبلا بر دوستان نهد كه از ايشان دو چيز دوست دارد چشمى كريان ودلى بريان ودوست دارد كه بنده مى كريد واو را دران كريه مى ستايد كه «ترى أعينهم تفيض من الدمع» ودوست دارد كه بنده مى نالد وبر دركاه او مى زارد واو راد آن مى ستايد كه] وجلت قلوبهم وفى المثنوى با سياستهاى جاهل صبر كن ... خوش مدارا كن بعقل من لدن «1» صبر برنا اهل اهلانرا جليست ... صبر صافى ميكند هر جا دليست آتش نمرود ابراهيم را ... صفوت آينه آمد در جلا جور كفر نوحيان وصبر نوح ... نوح را شد صيقل مرآت نوح انبيا رنج خسان بس ديده اند ... از چنين ماران بسى پيچيده اند «2» رو بكش خندان وخوش بار حرج ... از پى الصبر مفتاح الفرج اللهم أعنا على الصبر هذا المذكور من الآيات الناطقة بمجالس الأنبياء ذِكْرٌ اى شرف لهم وذكر جميل يذكرون به ابدا كما يقال يموت الرجل ويبقى اسمه وذكره ويموت الفرس ويبقى ميدانه يادگارست چون حديث بشر ... ياد كارت بخير به كه بشر وفى التفسير الفارسي [اين خبر انبيا سبب ياد كردست ترا اى محمد وقوم ترا] كما فى قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وعن ابن عباس رضى الله عنهما هذا ذكر من مضى من الأنبياء وفى التأويلات النجمية هذا اى القرآن فيه ذكر ما كان وذكر الأنبياء وقصصهم لتعتبر بهم وتقتدى بسيرهم وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الله لا ما سواه وهذا لان جنات عدن مقام اهل الخصوص لَحُسْنَ مَآبٍ مرجع فى الآخرة مع مالهم فى الدنيا من الثناء الجميل وهو من اضافة الصفة الى الموصوف اى مآبا حسنا جَنَّاتِ عَدْنٍ عطف بيان لحسن مآب. واصل العدن فى اللغة الاقامة ثم صار علما بالغلبة- روى- ابو سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ان الله تعالى بنى جنة عدن بيده وبناها بلبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصباءها الياقوت ثم قال لها تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون قالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك) يقول الفقير دل الحديث على ان جنة عدن مقر الخواص والمقربين الذين هم بمنزلة الملوك من الرعايا ودل عليه الإطلاق فى قوله ايضا قد أفلح المؤمنون لان الله تعالى عقب فى القرآن

_ (1) در اواسط دفتر ششم در بيان تسليم كردن كنج نامه باز فقير إلخ (2) لم أجد فى المثنوى فليراجع

[سورة ص (38) : الآيات 51 إلى 55]

قوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) بصفات جليلة لا تتيسر الا للخواص فاين السياس من منازل السلاطين مُفَتَّحَةً اى حال كون تلك الجنات مفتحة لَهُمُ الْأَبْوابُ منها والأبواب مفعول مفتحة اى إذا وصلوا إليها وجدوها مفتوحة الأبواب لا يحتاجون الى فتح بمعاناة ولا يلحقهم ذل الحجاب ولا كلفة الاستئذان تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب والإكرام يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقيل هذا مثل كما تقول متى جئتنى وجدت بابى مفتوحا لا تمنع من الدخول فان قيل ما فائدة العدول عن الفتح الى التفتيح قلنا المبالغة وليست لكثرة الأبواب بل لعظمها كما ورد من المبالغة فى وسعها وكثرة الداخلين ويحتمل ان يكون للاشارة الى ان اسباب فتحها عظيمة شديدة لان الجنة قد حفت بالمكاره على وجه لما رآها جبرائيل عليه السلام مع عظمة نعيمها قال يا رب أنى هذه لا يدخلها أحد مُتَّكِئِينَ فِيها حال من لهم اى حال كونهم جالسين فيها جلسة المتنعمين للراحة ولا شك ان الاتكاء على الأرائك دليل التنعم ثم استأنف لبيان حالهم فى الجنات فقال يَدْعُونَ فِيها [مى خوانند دران بهشتها] بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ اى بألوان الفاكهة وهى ما يؤكل للذة لا للغذاء. والاقتصار على دعاء الفاكهة للايذان بان مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي فانه لتحصيل بدل المتحلل ولا تحلل فيها وَشَرابٍ اى ويدعون فيها ايضا بشراب وقيل تقديره وشراب كثير فحذف اكتفاء بالأول اى يدعون بشراب كثير بمعنى ألوانه يقال نطق القرآن بعشرة اشربة فى الجنة منها الخمر الجارية من العيون وفى الأنهار ومنها العسل واللبن وغيرهما ولا شك ان الأذواق المعنوية فى الدنيا متنوعة ومقتضاه تنوع التجليات الواقعة فى الجنة سواء كانت تجليات شرابية او غيرها وَعِنْدَهُمْ اى عند المتقين قاصِراتُ الطَّرْفِ اى زوجات قصرن طرفهن اى نظرهن على أزواجهن لا ينظرن الى غيرهم: يعنى [زنانى كه از غير شوهر چشم باز كيرند] قال فى كشف الاسرار هذا كقولهم فلانة عند فلان اى زوجته أَتْرابٌ جمع ترب بالكسرة وهى اللدة اى من ولد معك والهاء فى اللدة عوض عن الواو الذاهبة من اوله لانه من الولادة. والمعنى لدات اقران ينشأن معا تشبيها فى التساوي والتماثل بالترائب التي هى ضلوع الصدر ولوقوعهن على الأرض معا اى يمسهن التراب فى وقت واحد قال فى كشف الاسرار لدات مستويات فى السن لا عجوز فيهن ولا صبية وقال بعضهم لدات لازواجهن اى هن فى سن أزواجهن: يعنى [تمام زنان بهشت در سن متساوى ازواج باشند مجموع سى وسه سال] لا أصغر ولا اكبر. وفيه ان رغبة الرجل فيمن هى دونه فى السن أتم وانه كان التحاب بين الاقران ارسخ فلا يكون كونهن لدات لازواجهن صفة مدح فى حقهن [وبعضى برانند كه مراد از اتراب آنست كه همه زنان متساوى باشند در حسن يعنى هيچ يك را بر ديكرى فضلى نبود دران تا طبع بفاضله كشد واز مفضوله منصرف كردد] وفى الخبر الصحيح (يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين سنة لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها) هذا اى تقول لهم الملائكة هذا المعد من الثواب والنعيم ما تُوعَدُونَ

[سورة ص (38) : الآيات 54 إلى 55]

ايها المتقون على لسان النبي عليه السلام لِيَوْمِ الْحِسابِ اى لاجله فان الحساب علة للوصول الى الجزاء يقول الفقير ويحتمل ان يكون التقدير ما توعدون بوقوعه فى يوم الحساب والجزاء إِنَّ هذا اى ما ذكر من ألوان النعم والكرامات لَرِزْقُنا عطاؤنا أعطيناكموه ما لَهُ مِنْ نَفادٍ اى ليس له انقطاع ابدا وفناء وزوال قال فى المفردات النفاد الفناء قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ليس لشئ نفاد ما أكل من ثمارها خلف مكانه مثله وما أكل من حيوانها وطيرها عاد مكانه حيا وفى التأويلات النجمية وبقوله (جَنَّاتِ عَدْنٍ) الى قوله (لِيَوْمِ الْحِسابِ) يشير الى ان هذه الجنات بهذه الصفات مفتوحة لهم الأبواب وأبواب الجنة بعضها مفتوحة الى الخلق وبعضها مفتوحة الى الخالق لا يغلق عليهم واحد منها فيدخلون من باب الخلق وينتفعون بما أعد لهم فيها ثم يخرجون من باب الخالق وينزلون فى فى مقعد صدق عند مليك مقتدر لا يقيدهم نعيم الجنة ليكونوا من اهل الجنة كما لم يقيدهم نعيم الدنيا ليكونوا من اهل النار بل أخلصهم من حبس الدارين ومتعهم بنزل المنزلين وجعلهم من اهل الله وخاصته (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) اى هذا ما رزقناهم فى الأزل فلا نفاد له الى الابد انتهى فعلى العاقل الاعراض عن اللذات الفانية والإقبال على الأذواق الباقية فالفناء يوصل الى البقاء كما ان الفقر يوصل الى الغنى ولكل احتياج استغناء [حكايت- كنند مردى مال بسيار داشت در دلش افتاد كه بازركانى كند در ان كشتى كه نشسته بود بشكست ومال او جمله غرق شد واو بر لوحى بماند بجزيره افتاد حالى بي مونسى ورفيقى سالها بر وى آمد دلتنك كشت وغمكين شد شبى بر لب دريا نشسته بود وموى پاليده وجامها از وى فرو شد اين بيت ميكفت] إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وهيهات الغراب متى يشيب [آوازى از دريا شنيد كه كسى ميكفت] عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب [ديكر روز آن مرد را چشم بر دريا افتاد و چيزى عظيم ديد چون نزديك آمد كشتى چوعروسى بود چون اين مرد را بديدند كفتند حال تو چيست قصه اش بكفت واز شهرش خبر داد كفتند ترا هيچ بسر بود كفت نعم وصفتش بيان كرد ايشان همه بر وى افتادند وبوسه بر وى دادند وكفتند اين پسر تو است واين كشتى از ان اوست وما بندگان اوييم وهر چهـ از ان اوست از ان تو بود واو را موى فرو كرند وجامهاى فاخر پوشيدند وبراحت با جايكاه خويش آوردند] فظهر ان ذلك الرجل ظن ان نفسه هلك ورزقه نفد فوجد الله تعالى قد أعطاه حالا احسن من حاله الاولى فان رزقه ليس له نفاد وعطاءه غير مجذوذ هذا اى الأمر فى حق المتقين هذا الذي ذكرناه وقال بعضهم هذا من قبيل ما إذا فرغ الكاتب من فصل وأراد الشروع فى فصل آخر منفصل عما قبله قال هذا اى احفظ ما كان كيت وكيت وانتظر الى ما يجيئ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ اى للذين طغوا على الله وكذبوا الرسل يعنى للكافرين قال الراغب الطغيان تجاوز الحد فى العصيان لَشَرَّ مَآبٍ مرجع فى الآخرة

[سورة ص (38) : الآيات 56 إلى 61]

جَهَنَّمَ عطف بيان لشر مآب يَصْلَوْنَها حال من المنوي فى للطاغين اى حال كونهم يدخلونها ويجدون حرها يوم القيامة ولكن اليوم مهدوا لانفسهم فَبِئْسَ الْمِهادُ اى جهنم: وبالفارسية [پس بد آرامگاهيست دوزخ] وهو المهد والفرش مستعار من فراش النائم إذ لا مهاد فى جهنم ولا استراحة وانما مهادها نار وغواشيها نار كما قال تعالى (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) اى فراش من تحتهم ومن تجريدية (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) اى اغطية: يعنى [زير وزبر ايشان آتش باشد] هذا فَلْيَذُوقُوهُ اى ليذوقوا هذا العذاب فليذوقوه والذوق وجود الطعم بالفم وأصله فى القليل لكنه يصلح للكثير الذي يقال له الاكل وكثر استعماله فى العذاب تهكما حَمِيمٌ اى هو حميم وهو الماء الذي انتهى حره: يعنى [آن آب كرم است در نهايت حرارت چون پيش لب رسد ويرا بسوزد و چون بخورند دو پاره شود] وَغَسَّاقٌ ما يغسق من صديد اهل النار اى يسيل من غسقت العين سال دمعها قال الكاشفى [مراد ريم است كه از كوشت و پوست دوزخيان واز فروج زانيان سيلان ميكند آنرا جمع كرده بديشان مى خورانند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو الزمهرير يحرقهم برده كما تحرقهم النار بحرّها وفى القاموس الغساق كسحاب وشداد البارد المنتن فلو قطرت منه قطرة فى المشرق لنتنت اهل المغرب ولو قطرت قطرة فى المغرب لنتنت اهل المشرق وعن الحسن هو عذاب لا يعلمه الا الله ان ناسا اخفوا لله طاعة فاخفى لهم ثوابا فى قوله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) واخفوا معصية فاخفى لهم عقوبة وقيل هو مستنقع فى جهنم يسيل اليه سم كل ذى سم من عقرب وحية يغمس فيه الآدمي فيسقط جلده ولحمه عن العظام وفى التأويلات النجمية (هذا) الذي مهدوا اليوم (فَلْيَذُوقُوهُ) يوم القيامة يعنى قد حصلوا اليوم معنى صورته (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) يوم القيامة ولكن مذاقهم بحيث لا يجدون ألم عذاب ما حصلوه بسوء أعمالهم فليذوقوه يوم القيامة هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر كه ميكند يابد فاذا تنعم المؤمنون بالفاكهة والشراب تعذب الكافرون بالحميم والغساق وَآخَرُ ومذوق آخر او عذاب آخر مِنْ شَكْلِهِ اى من مثل هذا المذوق او العذاب فى الشدة والفظاعة أَزْواجٌ قوله آخر مبتدأ وازواج مبتدأ ثان ومن شكله خبر لازواج والجملة خبر المبتدأ الاول وازواج اى أجناس لانه يجوز ان يكون ضروبا: يعنى [اين عذاب كونا كونست اما همه متشابه يكديكرند در تعذيب وإيلام] وفى التأويلات النجمية اى فنون اخر مثل ذلك العذاب يشير به الى ان لكل نوع من المعاصي نوعا آخر من العذاب كما ان كل بذر يزرعونه يكون له ثمرة تناسب البذر همينت بسندست اگر بشنوى ... كه كر خار كارى سمن ندروى هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ الفوج الجماعة والقطيع من الناس وأفاج اسرع وعدا وندّ قال الراغب الفوج الجماعة المارة المسرعة وهو مفرد اللفظ ولذا قيل مقتحم لا مقتحمون والاقتحام الدخول فى الشيء بشدة والقحمة الشدة قال فى القاموس قحم فى الأمر كنصر قحوما رمى

[سورة ص (38) : الآيات 60 إلى 61]

بنفسه فيه فجأة بلا رؤية. والمعنى يقول الخزنة لرؤساء الطاغين إذا دخلوا النار مشيرين الى الاتباع الذين أضلوهم هذا اى الاتباع فوج تبعكم فى دخول النار بالاضطرار كما كانوا قد تبعوكم فى الكفر والضلالة بالاختيار فانظروا الى اتباعكم لم يحصل بينكم وبينهم تناصر وانقطعت مودتكم وصارت عداوة قيل يضرب الزبانية المتبوعين والاتباع معا بالمقامع فيسقطون فى النار خوفا من تلك المقامع فذلك هو الاقتحام: وبالفارسية [اين كرد هست كه درآمدكانند در دوزخ برنج وسختى با شما هر كه از روى حرص وشهوت جايى نشيند كه خواهد بجاى كشندش كه نخواهد] لا مَرْحَباً بِهِمْ مصدر بمعنى الرحب وهو السعة وبهم بيان للمدعو وانتصابه على انه مفعول به لفعل مقدر اى لا يصادفون رحبا وسعة او لا يأتون رحب عيش ولا وسعة مسكن ولا غيره وحاصله لا كرامة لهم او على المصدر اى لا رحبهم عيشهم ومنزلهم رحبا بل ضاق عليهم: وبالفارسية [هيچ مرحبا مباد ايشانرا] يقول الرجل لمن يدعوه مرحبا اى أتيت رحبا من البلاء وأتيت واسعا وخيرا كثيرا قال الكاشفى [مرحبا كلمه ايست براى إكرام مهمان ميكويند] وقال غيره يقصد به إكرام الداخل واظهار المسرة بدخوله ثم يدخل عليه كلمة لا فى دعاء السوء وفى بعض شروح الحديث التكلم بكلمة مرحبا سنة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (مرحبا يا أم هانى) حين ذهبت الى رسول الله عام الفتح وهى بنت ابى طالب أسلمت يوم الفتح ومن أبواب الكعبة باب أم هانى لكون بيتها فى جانب ذلك الباب وقد صح انه عليه السلام عرج به من بيتها كما قال المولى الجامى چودولت شد ز بد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى أم هانى إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ تعليل من جهة الخزنة لاستحقاقهم الدعاء عليهم اى داخلون النار بأعمالهم السيئة وباستحقاقهم قالُوا اى الاتباع عند سماع ما قيل فى حقهم بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ [بلكه شما مرحبا مباد شما را بدين نفرين سزاوار تريد] خاطبوا الرؤساء مع ان الظاهر ان يقولوا بطريق الاعتذار الى الخزنة بل هم لا مرحبا بهم قصدا منهم الى اظهار صدقهم بالمخاصمة مع الرؤساء والتحاكم الى الخزنة طمعا فى قضائهم بتخفيف عذابهم او تضعيف عذاب خصمائهم اى بل أنتم ايها الرؤساء أحق بما قيل لنا من جهة الخزنة لاغوائكم إيانا مع ضلالكم فى أنفسكم أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا تعليل لأحقيتهم بذلك اى أنتم قدمتم العذاب او الصلىّ لنا واوقعتمونا فيه بتقديم ما يؤدى اليه من العقائد الزائغة والأعمال السيئة وتزيينها فى أعيننا وإغرائنا عليها لا انا باشرنا من تلقاء أنفسنا وذلك ان سبب عذاب الاتباع هو تلك العقائد والأعمال والرؤساء لم يقدموها بل الذين قدموها هم الاتباع باختيارهم إياها واتصافهم بها والذي قدمه الرؤساء لهم ما يحملهم عليها من الإغواء والإغراء عليها وهذا القدر من السببية كاف فى اسناد تقديم العذاب او الصلي الى الرؤساء فَبِئْسَ الْقَرارُ اى فبئس المقر جهنم قصدوا بذمها جناية الرؤساء عليهم قالُوا اى الاتباع معرضين عن خصومتهم متضرعين الى الله رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا العذاب او الصلى وفى التفسير

[سورة ص (38) : الآيات 62 إلى 66]

الفارسي [هر كه فرا پيش داشت براى ما اين كفر وضلال وما را از راه حق بلغزانيد] فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ [پس زياده كن او را عذابى دوباره در آتش يعنى آن مقدار عذاب كه دارد آنرا دو چندان كن] ومن يجوز ان تكون شرطية وفزده جوابها وان تكون موصولة بمعنى الذي مرفوعة المحل على الابتداء والخبر فزده والفاء زائدة لتضمن المبتدأ معنى الشرط وضعفا صفة لعذابا بمعنى مضاعفا وفى النار ظرف لزده او نعت لعذابا قال الراغب الضعف من الأسماء المتضايفة التي يقتضى وجود أحدها وجود الآخر كالضعف والزوج وهو تركب قدرين مساويين ويختص بالعدد فاذا قيل ضعفت الشيء وضاعفته اى ضممت اليه مثله فصاعدا فمعنى عذابا ضعفا اى عذابا مضاعفا اى ذا ضعف بان يزيد عليه مثله ويكون ضعفين اى مثلين فان ضعف الشيء وضعفيه مثلاه كقولهم ربنا وآتهم ضعفين من العذاب فان قلت كل مقدار يعرض من العذاب ان كان بقدر الاستحقاق لم يكن مضاعفا وان كان زائدا عليه كان ظلما فكيف يجوز سؤاله من الله تعالى يوم القيامة قلت ان المسئول من التضعيف ما يكون بقدر الاستحقاق بان يكون أحد الضعفين بمقابلة الضلال والآخر بمقابلة الإضلال قال عليه السلام (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) ونظيره ان الكافرين إذا قتل أحدهما وزنى دون الآخر فهما متساويان فى وزر الكفر واما القاتل والزاني فعذابه مضاعف لمضاعفة عمله السيئ وقال ابن مسعود رضى الله عنه العذاب الضعف هو الحيات والأفاعي وذلك المضل آذى روح من أضله فى الدنيا فسلط الله عليه المؤذى فى الآخرة لان الجزاء من جنس العمل فعلى العاقل إصلاح الباطن وتزكيته من الأخلاق الذميمة والأوصاف القبيحة وإصلاح الظاهر وتحليته عن الأقوال الشنيعة والأعمال الفظيعة ولا يغتر بالقرناء السوء فانهم منقطعون غدا عن كل خلة ومودة ولا ينفع لاحد الا القلب السليم والعلم النافع والعمل الصالح بضاعت بچندان كه آرى برى ... وكر مفلسى شرمسارى برى اللهم اجعلنا من اهل الرحمة لا من اهل الغضب وَقالُوا اى الطاغون مثل ابى جهل واضرابه: وبالفارسية [وكويند صناديد قريش در دوزخ] ما لَنا [چيست ما را امروز] وما استفهامية مبتدأ ولنا خبره وهو مثل قوله ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ فى ان الاستفهام محمول على التعجب لا على حقيقته إذ لا معنى لاستفهام العاقل عن نفسهه لا نَرى رِجالًا الفعل المنفي حال من معنى الفعل فى مالنا كما تقول مالك قائما بمعنى ما تصنع قائما اى ما نصنع حال كوننا غير رائين رجالا. والمعنى أي حال لنا لا نرى فى النار رجالا كُنَّا فى الدنيا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ يعنى [از بدان ومردودان] جمع شر وهو الذي يرغب عنه الكل كما ان الخير هو الذي يرغب فيه الكل يعنون فقراء المسلمين كانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم مثل صهيب الرومي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وحباب وعمار وغيرهم من صعاليك المهاجرين الذين كانوا يقولون لهم هؤلاء منّ الله عليهم من بيننا سموهم اشرارا اما بمعنى الأراذل والسفلة الذين لا خير فيهم ولا جدوى كما قال هذا من شر المتاع أو لأنهم

[سورة ص (38) : الآيات 63 إلى 65]

كانوا على خلاف دينهم فكانوا عندهم اشرارا أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا بقطع الهمزة على انها استفهام والأصل أاتخذناهم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بهمزة الاستفهام. وسخريا بضم السين وكسرها مصدر سخر قال فى القاموس سخر اى هزئ كاستسخر والاسم السخرية والسخرى ويكسر انتهى زيد فيه ياء النسبة للمبالغة لان فى ياء النسبة زيادة قوة فى الفعل كما قيل الخصوصية فى الخصوص قالوه إنكارا على أنفسهم ولو مالها فى الاستخبار منهم فمعنى الاستفهام الإنكار والتوبيخ والتعنيف واللوم: وبالفارسية [ما ايشانرا كرفتيم مهزوء بهم] أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ يقال زاغ اى مال عن الاستقامة وزاغ البصر كل وأم متصلة معادلة لاتخذناهم والمعنى أي الامرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم الازدراء بهم وتحقيرهم فان زيغ البصر وعدم الالتفات الى الشيء من لوازم تحقيره فكنى به عنه قال الحسن كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم. والمعنى انكار كل واحد من الفعلين على أنفسهم توبيخا لها ويجوز ان تكون أم منقطعة والمعنى اتخذناهم سخريا بل زاغت عنهم أبصارنا فى الدنيا تحقيرا لهم وكانوا خيرا منا ونحن لا نعلم على معنى توبيخ أنفسهم على الاستسخار ثم الاضراب والانتقال منه الى التوبيخ على الازدراء والتحقير [در آثار آمده كه حق سبحانه وتعالى آن كروه فقرا را بر غرفات بهشت جلوه دهد تا كفار ايشانرا بينند وحسرت ايشان زياده شود] إِنَّ ذلِكَ الذي حكى من أحوالهم لَحَقٌّ لا بد من وقوعه البتة تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك اى هو تخاصم إلخ يعنى تخاصم القادة والاتباع: وبالفارسية [جنك وجدل كردن اهل دوزخ وماجراى ايشان] وهذا اخبار عما سيكون وسمى ذلك تخاصما على تشبيه تقاولهم وما يجرى بينهم من السؤال والجواب بما يجرى بين المتخاصمين من نحو ذلك وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَقالُوا ما لَنا) إلخ يشير الى تخاصم اهل النار مع أنفسهم يسخرون بانفسهم كما كانوا يسخرون بالمؤمنين فيقولون (ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) وما كانوا من الأشرار (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) فلا نراهم معنا وهم هاهنا (إِنَّ ذلِكَ) التخاصم (لَحَقٌّ) مع أنفسهم (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) من الندامة حين لا ينفعهم التخاصم ولا الندامة انتهى وفى الآية ذم وفى الحديث (اتخذوا الأيادي عند الفقراء قبل ان تجييء دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من أطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة) : قال الحافظ از كران تا بكران لشكر ظلمست ولى ... از ازل تا بابد فرصت درويشانست وفى الحديث (ملوك الجنة كل اشعث اغبر إذا استأذنوا فى الدنيا لم يؤذن لهم وان خطبوا النساء لم ينكحوا وإذا قالوا لم ينصت لقولهم ولو قسم نور أحدهم بين اهل الأرض لوسعهم) كذا فى أنيس المنقطعين: قال الحافظ نظر كردن بدرويشان منافى بزركى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش اللهم اجعل حليتنا حب الفقراء واحشرنا فى الدنيا والآخرة مع الفقراء قُلْ يا محمد لمشركى

[سورة ص (38) : آية 66]

مكة إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ رسول منذر من جهته تعالى أنذركم وأحذركم عذابه على كفركم ومعاصيكم وقل ايضا وَما مِنْ إِلهٍ فى الوجود إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الذي لا يقبل الشركة والكثرة أصلا اى لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله فلا ملجأ ولا مفرّ الا اليه يعنى من عرف انه الواحد أفرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام (ان الله وتر يحب الوتر) يعنى القلب المنفرد له إذا كان ما تهواه فى الحسن واحدا ... فكن واحدا فى الحب ان كنت تهواه ومن خاصية هذا الاسم ان من قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه الْقَهَّارُ لكل شىء سواه ومن الأشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف تكون له شركاء وايضا يقهر العباد بذنوبهم ومعاصيهم قال الكاشفى [قهر كننده كه بناى آمال را بقواصف آجال درهم شكند با شركت متوهم وكثرت بى اعتبار را فى نفس الأمر وجود ندارد در نظر عارف مضمحل ومتلاشى سازد] غيرتش غير در جهان نكذاشت ... وحدتش اسم اين وآن برداشت كم شود جمله ظلمت پندار ... نزد أنوار واحد قهار يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول فى هذه الآية ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى قال بعضهم القهار الذي له الغلبة التامة على ظاهر كل امر وباطنه ومن عرف قهره لعباده نسى مراد نفسه لمراده فكان له وبه لا لأحد سواه ولا شىء دونه وخاصية هذا الاسم اذهاب حب الدنيا وعظمة ما سوى الله تعالى عن القلب ومن اكثر ذكره ظهرت له آثار القهر على عدوه ويذكر عند طلوع الشمس وجوف الليل لاهلاك الظالم بهذه الصفة يا جبار يا قهار يا ذا البطش الشديد مرة ثم تقول خذ حقى ممن ظلمنى وعدا علىّ وفى الأربعين الادريسية يا قاهر ذا البطش الشديد الذي لا يطاق انتقامه يكتب على جام صينى لحل المعقود وعلى ثوب الحرب فى وقته لقهر الأعداء وغلبة الخصوم رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا من المخلوقات اى مالك جميع العوالم فكيف يتوهم ان يكون له شريك الْعَزِيزُ الذي لا يغلب فى امر من أموره. وايضا العزيز بالانتقام من المجرمين فالعزة لله تعالى وبه التعزز ايضا كما قيل ليكن بربك عزك تستقر وتثبت فان أعززت بمن يموت فان عزك يموت قال الشيخ ابو العباس المرسى رحمه الله والله ما رأيت العز الا فى رفع الهمة عن المخلوقين وخاصية هذا الاسم ان من ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك الله خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون الْغَفَّارُ المبالغ فى المغفرة والستر والمحو لمن تاب وآمن وعمل صالحا قال بعضهم الغفار كثير المغفرة لعباده والمغفرة الستر على الذنوب وعدم المؤاخذة بها وما جاء على فعال فاشعار بترداد الفعل وفى الحديث (إذا قال العبد يا رب اغفر لى قال الله أذنب

[سورة ص (38) : الآيات 67 إلى 72]

عبدى ذنبا فعلم ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم انى قد غفرت له) وخاصية هذا الاسم وجود المغفرة فمن ذكره اثر صلاة الجمعة مائة مرة ظهرت له آثار المغفرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضوّر من الليل قال (لا اله الا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار) ومعنى تضوّر تلوّى إذا قام من النوم وفى تاج المصادر [التضور: بر خويشتن پيچيدن از كرسنكى يا از زخم] وفى هذه الأوصاف الجارية على اسم الله تعالى تقرير للتوحيد فان اجراء الواحد عليه يقرر وحدانيته واجراء القهار العزيز عليه وعيد للمشركين واجراء الغفار عليه وعد للموحدين وتنبيه ما يشعر بالوعيد من وصفي القهر والعز وتقديم وصف القهارية على وصف الغفارية لتوفية مقام الانذار حقه قُلْ هُوَ اى القرآن وما انبأكم به من امر التوحيد والنبوة واخبار القيامة والحشر والجنة والنار وغيرها نَبَأٌ عَظِيمٌ وشأن جسيم لانه كلام الرب القديم وارد من جانبه الكريم يستدل به على صدقى فى دعوى النبوة. والنبأ ما اخبر النبي عليه السلام عن الله تعالى ولا يستعمل الا فى خبر ذى فائدة عظيمة أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ لا تتفكرون فيه وتعدونه كذبا لغاية ضلالتكم وغاية جهالتكم فلذا لا تؤمنون به مع عظمته وكونه موجبا للاقبال الكلى عليه وتلقيه بحسن القبول فالتصديق فيه نجاة والكذب فيه هلكة ما كانَ لِي قرأ حفص عن عاصم بفتح الياء والباقون بإسكانها اى ما كان لى فيما سبق مِنْ عِلْمٍ اى علم ما بوجه من الوجوه على ما يفيده حرف الاستغراق بِالْمَلَإِ الْأَعْلى اى بحال الملأ الأعلى وهم الملائكة وآدم عليهم السلام وإبليس عليه اللعنة سموا بالملأ الأعلى لانهم كانوا فى السماء وقت التقاول قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء إِذْ يَخْتَصِمُونَ اى بحالهم وقت اختصامهم ورجوع بعضهم الى بعض فى الكلام فى شأن آدم فان اخباره عن تقاول الملائكة وما جرى بينهم من قولهم (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها حين قال الله لهم إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً على ما ورد فى الكتب المتقدمة من غير سماع ومطالعة كتاب لا يتصور الا بالوحى اى فلو لم يكن لى نبوة ما أخبرتكم عن اختصامهم وإذ متعلق بالحال المحذوف الذي يقتضيه المقام إذ المراد نفى علمه بحالهم لا بذواتهم والحال يشمل الأقوال الجارية فيما بينهم والافعال ايضا من سجود الملائكة واستكبار إبليس وكفره إِنْ اى ما يُوحى إِلَيَّ اى من حال الملأ الأعلى وغيره من الأمور المغيبة إِلَّا أَنَّما بفتح الهمزة على تقدير لانما بإسقاط اللام أَنَا نَذِيرٌ نبى من جهته تعالى مُبِينٌ ظاهر النظارة والنبوة بالدلائل الواضحة عبر عن النبي بالنذير لانه صفته وخصص النذير مع انه بشير ايضا لان المقام يقتضى ذلك قال فى كشف الاسرار [وكفته اند اين نبأ عظيم سه خبرست هول مرك وحساب قيامت وآتش دوزخ يحيى بن معاذ رحمه الله كفت «لو ضربت السموات والأرض بهذه السياط الثلاثة لانقادت خاشعة فكيف وقد ضرب بها ابن آدم

[سورة ص (38) : الآيات 71 إلى 72]

الموت والحساب والنار» مسكين فرزند آدم او را عقبهاى عظيم در پيش است وآنچهـ در كمانها مى افتد پيش اما در درياى عشق دنيا بموج غفلت چنان غرق كشته كه نه از سابقه خويش مى انديشه نه از خاتمه كار مى ترسد هر روز بامداد فرشته ندا ميكند كه «خلقتم لامر عظيم وأنتم عنه غافلون» در كار روزكار خود چون انديشه كند كسى زبانرا بدروغ ملوث كرده ودلرا بخلف آلوده وسر از خيانت شوريده كردانيده سرى كه موضع امانت است بخيانت سپرده دلى كه معدن تقوى است زنكار خلف كرفته زبانى كه آلت تصديق است. بر دروغ وقف كرده لاجرم سخن جز خداع نيست ودين جز نفاق نيست إذا ما الناس جرّ بهم لبيب ... فانى قد أكلتهمو وذاقا فلم ار ودّهم إلا خداعا ... ولم ار دينهم إلا نفاقا اكنون اگر ميخواهى كه درد غفلت را مداوات كنى راه تو آنست كه تخته نفاق را بآب چشم كه از حسرت خيزد بشويى وبر راه كذر بادى كه از مهب ندامت برآمد بنهي وبدبيرستان شرع شوى وسوره اخلاص بنويسى كه خداوند عالم از بندگان اخلاص درخواهد ميكويد (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ) ومصطفى عليه السلام كفت] (أخلص العمل يجزك منه القليل) والله الموفق إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ بدل من إذ يختصمون فان قيل كيف يجوز ان يقال ان الملائكة اختصموا بهذا القول والمخاصمة مع الله تعالى كفر قلت لا شك انه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة تجوّز اطلاق اسم المشبه به على المشبه فحسن اطلاق المخاصمة على المقاولة الواقعة هناك فان قلت ان الاختصام المذكور سابقا مسند الى الملأ الأعلى وواقع فيما بينهم وما وقع فى جملة البدل هو التقاول الواقع بين الله تعالى وبينهم لانه تعالى هو الذي قال لهم وقالوا له فكيف تجعل هذه الجملة بدلا من قوله إذ يختصمون مبينا ومشتملا له قلت حيث كان تكليمه تعالى إياهم بواسطة الملك صح اسناد الاختصام الى الله تعالى لكونه سببا آمرا وقد سبق المراد بالملائكة فى سورة الحجر فارجع إِنِّي خالِقٌ اى فيما سيأتى بَشَراً قال الراغب عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر فان البشرة هى ظاهر الجلد بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوبر وقال بعضهم اى ارباب الحقائق سمى آدم بشرا لانه باشره الحق سبحانه بيديه عند خلقه مباشرة لائقة بذلك الجناب مقدسة عن توهم التشبه فان المباشرة حقيقة هى الإفضاء بالبشرتين ولذا كنى بها عن الجماع مِنْ طِينٍ اى من تراب مبلول قال بعض الكبار من عجز وضعف كما قال الله تعالى (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) قالوا مقام التراب مقام التواضع والمسكنة ومقام التواضع الرفعة والثبات ولذا ورد (من تواضع لله رفعه) وكان من دعائه عليه السلام (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا) فَإِذا سَوَّيْتُهُ اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية او سويت اجزاء بدنه بتعديل طبائعه كما فى الجنين الذي اتى عليه اربعة أشهر فلا بد لنفخ الروح من هذه التسوية البتة

كما لا بد لنفخ روح الحقيقة من تسوية الشريعة والطريقة فليحافظ ولذا قال النجم فى تأويلاته (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) تسوية تصلح لنفخ الروح المضاف الى الحضرة وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صلح لا مساكها والامتلاء بها وليس ثمة نفخ ولا منفوخ وانما هو تمثيل لاضافة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها اى فاذا أكملت استعداده وافضت عليه ما يحيى به من الروح التي هى من امرى وإضافته الى نفسه لشرفه وطهارته او على سبيل التعظيم لان المضاف الى العظيم عظيم كما فى بيت الله وناقة الله وبهذا ظهر فساد ما ذهب اليه الحلولية من ان من تبعيضية فيكون الروح جزأ من الله تعالى وذلك انه ليس لله تعالى روح هذا الروح من اجزائه وانما روحه نفسه الرحمانى. وايضا ان كل ماله جزء فهو ممكن ومحدث والله تعالى منزه عنهما قال القاضي عياض رحمه الله فى الشفاء من ادعى حلول الباري تعالى فى أحد الاشخاص كان كافرا بإجماع المسلمين قال الراغب الروح اسم للنفس وذلك لكون النفس بعض الروح فهو كتسمية النوع باسم الجنس كتسمية الإنسان بالحيوان وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور فى قوله (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) وقوله (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وإضافته تعالى الى نفسه اضافة ملك وتخصيصه بالاضافة تشريف له وتعظيم كقوله (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) انتهى قال الامام الغزالي رحمه الله ان الروح روحان. حيوانى وهى التي تسميها الأطباء المزاج وهى جسم لطيف بخارى معتدل سار فى البدن الحامل لقواه من الحواس الظاهرة والقوى الجسمانية وهذه الروح تفنى بفناء البدن وتنعدم بالموت. وروح روحانى وهى التي يقال لها النفس الناطقة ويقال لها اللطيفة الربانية والعقل والقلب من الألفاظ الدالة على معنى واحد لها تعلق بقوى النفس الحيوانية وهذه الروح لا تفنى بفناء البدن وتبقى بعد الموت يقول الفقير قال شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض تحريراته اعلم ان الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الأرواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سار فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهله بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الأشياء وان الأشياء من أي وجه عينه ومن أي وجه عينه ومن أي وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن ومن أي وجه عينه ومن اى وجه غيره لان الروح رب بدنه فمن تحقق له حال الرب مع المربوب تحقق له ما ذكرنا وهو الهادي الى العلم والفهم هذا كلامه قدس سره فاحفظه ودع عنك القيل والقال قال السمرقندي فى بحر العلوم الظاهر ان هذا النفخ بغير وسط وسبب من ملك ويجوز ان يكون بوسط ملك نفخ فيه الروح باذنه كما صرح به النبي عليه السلام فى خلق بنى آدم بقوله ثم (يرسل الله اليه ملكا فينفخ فيه الروح) الحديث وفيه كلام انتهى يقول الفقير لا يجوز ذلك لان مقام التشريف يأبى عنه لا سيما وقد قال (وَنَفَخْتُ فِيهِ)

[سورة ص (38) : الآيات 73 إلى 76]

وقال (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) فانه لا معنى لارتكاب التجوز فى مثله. واما أولاده فيجوز ذلك فيهم لظهورهم بالوسائط ومنهم عيسى عليه السلام لظهوره بوساطة امه فيجوز ان النافخ فى حقه هو جبريل عليه السلام وان كان الله قد اضافه الى نفسه فى قوله (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) ثم يقول الفقير نفخ الروح عندى عبارة عن إظهارها فى محلها وعبر عنه بالنفخ لان البدن بعد ظهور الروح فيه يكون كالمنفوخ المرتفع الممتلئ ألا ترى الى ان الميت يبقى بعد مفارقة الروح كالخشب اليابس ففيه رمز آخر فى سورة الحجر. ثم فى اضافة الروح اشارة الى تقديم روح آدم على أرواح الملائكة وغيرها لان المضاف الى القديم قديم وان كان جسد بعض الأشياء متقدما على جسده فَقَعُوا لَهُ امر من وقع يقع اى اسقطوا له: وبالفارسية [پس بر وى درافتيد] وفيه دليل على ان المأمور به ليس مجرد انحناء كما قيل وكذا فى قوله ساجِدِينَ فان حقيقة السجود وضع الوجه على الأرض اى حال كونكم ساجدين لاستحقاقه للخلافة وهذه السجود من باب التحية والتكريم فانه لا يجوز السجود لغير الله على وجه العبادة لا فى هذه الامة ولا فى الأمم السابقة وانما شاع بطريق التحية للمتقدمين ثم أبطله الإسلام فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة خلافة عن الحق تعالى إذ كان متجليا فيه فوقعت هيبته على الملائكة فسجدوا له وأول من سجد له اسرافيل ولذلك جوزى بولاية اللوح المحفوظ قاله السهيلي نقلا عن النقاش كُلُّهُمْ بحيث لم يبق منهم أحد إلا سجد أَجْمَعُونَ بطريق المعية بحيث لم يتأخر فى ذلك أحد منهم عن أحد ولا اختصاص لافادة هذا المعنى بالحالية بل يفيده التأكيد ايضا چون ملك أنوار حق در وى بيافت ... در سجود افتاد ودر خدمت شتافت إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد والاستثناء متصل لانه كان من الملائكة فعلا ومن الجن نوعا ولذلك تناوله أمرهم. وكان اسم إبليس قبل ان يبلس من رحمة الله عزازيل والحارث وكنيته ابو كردوس وابو مرة كأنه سئل كيف ترك السجود هل كان ذلك للتأمل والتروي او غير ذلك فقيل اسْتَكْبَرَ [الاستكبار: كردن كشى كردن] اى تعظم: وبالفارسية [بزرك داشت خود را وفرمان نبرد] وسببه انه كان اعور فما رأى آثار أنوار التجلي على آدم عليه السلام در محفلى كه خورشيد اندر شمار ذره است ... خود را بزرك ديدن شرط ادب نباشد وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ فى علم الله ازلا بالذات وفى الخارج ابدا باستقباح امر الله ولذا كانت شقاوته ذاتية لا عارضية وسعادته فى البين عارضية لا ذاتيه: قال الحافظ من آن نكين سليمان بهيچ نستانم ... كه كاه كاه برو دست أهرمن باشد فالعبرة لما هو بالذات وذلك لا يزول لا لما هو بالعرض إذ ذاك يزول ومن هذا القبيل حال برصيصا وبلعام ونحوهما ممن هو مرزوق البداية ومحروم النهاية فالعصاة كلهم فى خطر المشيئة بل الطائعون لا يدرون بما ذايختم لهم قالوا ان الإصرار على المعاصي يجر كثيرا من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ بالله تعالى كما جاء فى تفسير قوله تعالى (كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ)

[سورة ص (38) : آية 75]

والاستهزاء بها وذلك هو الكفر أعاذنا الله وإياكم منه ومن أسبابه المؤدية اليه وأماتنا على ملة الإسلام وجعلنا من المقبولين لديه انه السميع للدعاء فى كل الحضرات والمجيب للرجاء فى كل الحالات قالَ الله تعالى لابليس مشافهة حين امتنع من السجود يا إِبْلِيسُ وهذه مشافهة لا تدل على إكرام إبليس إذ يخاطب السيد عبده بطريق الغضب وتمامه فى سورة الحجر ما أي شىء مَنَعَكَ من أَنْ تَسْجُدَ اى دعاك الى ترك السجود لِما اى لمن خَلَقْتُ بِيَدَيَّ خصصته بخلقي إياه بيدي كرامة له اى خلقته بالذات من غير توسط اب وأم فذكر اليد لنفى توهم التحوز اى لتحقيق اضافة خلقه اليه تعالى واسناد اليد الى اب بعد قيام البرهان على تنزهه عن الأعضاء مجاز عن التفرد فى الخلق والإيجاد تشبيها لتفرده بالإيجاد باختصاص ما عمل الإنسان بها والتثنية فى اليد لما فى خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل فان طينته خمرت أربعين صباحا وكان خلقه مخالفا لسائر أبناء جنسه المتكونة من نطفة الأبوين او من نطفة الام مميزا عنه ببديع صنعه تعالى ولقد نظم الحكيم السنائي بعض التأويلات بالفارسية يد او قدرتست ووجه بقاش ... آمدن حكمش ونزول عطاش اصبعينش نفاذ حكم قدر ... قدمينش جلال وقهر وخطر [ودر بعضى تفسير آمده كه مراد يد قدرت ويد نعمتست ودر فتوحات فرموده كه قدرت ونعمت شاملست همه موجودات را «لانه خلق إبليس بالقدرة التي خلق بها آدم» پس بدين منوال تأويل آدم را هيچ شرفى ثابت نشود پس لا بد است از آنكه بيدي معنى باشد كه دلالت كند بر تشريف آدم عليه السلام بر حمل نسبتين تنزيه وتشبيه كه آدم جامع هر دو صفتست مناسب مى نمايد] وفى بحر الحقائق يشير بيدي الى صفتى اللطف والقهر وهما تشتملان على جميع الصفات وما من صفة الا وهى اما من قبيل اللطف واما من قبيل القهر وما من مخلوق من جميع المخلوقات الا وهو اما مظهر صفة اللطف او مظهر صفة القهر كما ان الملك مظهر صفة لطف الحق والشيطان مظهر صفة قهر الحق الا الآدمي فانه خلق مظهر كلتى صفتى اللطف والقهر والعالم بما فيه بعضه مرآة صفة لطفه تعالى وبعضه مرآة صفة قهره تعالى والآدمي مرآة ذاته وصفاته تعالى كما قال (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وبهذه الجامعية كان مستحقا لمسجودية الملائكة [ودرين معنى كفته اند] آمد آيينه جميله ولى ... همچوآيينه نكرده جلى كشت آدم جلاء اين مرآت ... شد عيان ذات او بجمله صفات مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات وصفات از ولامع والحاصل ان الله تعالى أوجد العالم ذا خوف ورجاء فنخاف غضبه ونرجو رضاه فهذا الخوف والرجاء اثر صفتى الغضب والرضى ووصف تعالى نفسه بانه جميل وذو جلال اى متصف بالصفات الجمالية وهى ما يتعلق باللطف والرحمة ومتصف بالصفات الجلالية وهى

[سورة ص (38) : آية 76]

ما يتعلق بالقهر والغلبة فاوجدنا على انس وهيبة فالانس من كونه جميلا والهيبة من كونه جليلا وهكذا جميع ما ينسب اليه تعالى ويسمى به من الأسماء المتقابلة كالهداية والإضلال والإعزاز والاذلال وغيرها فانه سبحانه أوجدنا بحيث نتصف بها تارة ويظهر فينا آثارها تارة فعبر عن هذين النوعين المتقابلين من الصفات باليدين لتقابلهما وتصرف الحق بهما فى الأشياء وهاتان اليدان هما اللتان توجهتا من الحق سبحانه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته التي هى مظاهر لجميع الأسماء فلهذا السر ثنى الله اليدين. واما الجمع فى قوله (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) فوارد على طريق التعظيم كما هو عادة الملوك وايضا ان العرب تسمى الاثنين جمعا كما فى قوله تعالى فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما واما الواحد فى قوله تعالى (يَدُ اللَّهِ) فباعتبار المبدأ والمآل والله الملك المتعال أَسْتَكْبَرْتَ بقطع الالف أصله أاستكبرت ادخلت همزة الاستفهام للتوبيخ والإنكار على همزة الوصل فحذفت همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام وبقيت همزة الاستفهام مفتوحة. والمعنى أتكبرت من غير استحقاق أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ المستحقين للتفوق والعلو ويحتمل ان يكون المراد بالعالين الملائكة المهيمين الذين ما أمروا بالسجود لآدم لاستغراقهم فى شهود الحق وهم الأرواح المجردة كما سبق بيانهم فى سورة الحجر قالَ إبليس إبداء للمانع قال الكاشفى [إبليس شق ثانى اختيار كرده كفت] أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ اى أفضل من آدم: وفى المثنوى علتى بدتر ز پندار كمال ... نيست اندر جان تو اى ذو دلال علت إبليس انا خيرى بدست ... وين مرض در نفس هر مخلوق هست كرچهـ خود را بس شكسته بيند او ... آب صافى دان وسركين زير جو چون بشوراند ترا در امتحان ... آب سركين رنك كرد در زمان ثم بين وجه الخيرية بقوله خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ [بيافريدى مرا از آتش واو را لطافت ونورانيت است] نسب خلقه الى النار باعتبار الجزء الغالب إذ الشيطان مخلوق من نار وهواء مع انا نقول ان الله تعالى قادر على ان يخلقه من نار فقط من غير اختلاط شىء آخر معها من سائر العناصر ولا يستحيله الا فلسفى او متفلسف وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [وبيافريدى از كل كه در كثافت وظلمانيت است] نسب خلقه الى الطين باعتبار الجزء الغالب ايضا إذ آدم مخلوق من العناصر الاربعة. والمعنى لو كان آدم مخلوقا من نار لما سجدت له لانه مثلى فكيف اسجد لمن هو دونى لانه من طين والنار تغلب الطين وتأكله فلا يحسن ان يسجد الفاضل للمفضول فكيف يحسن ان يؤمر ظن ان ذلك شرف له ولم يعلم ان الشرف يكتسب بطاعة الله تعالى ولقد اخطأ اللعين حيث خص الفضل بما من جهة المادة والعنصر وزل عما من جهة الفاعل كما انبأ عنه قوله تعالى (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) وما من جهة الصورة كما نبه عليه قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) واما من جهة الغاية وهو ملاك الأمر كما قال تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) ولذلك امر الملائكة بسجوده حين ظهر لهم انه اعلم منهم بما يدور عليه امر الخلافة فى الأرض وان له خواص ليست لغيره وفى تفسير سورة ص يعنى ان النار اقرب الى الأشرف الذي

هو الفلك وهى خليفة الشمس والقمر فى الاضاءة والحرارة وهى ألطف من الأرض وهى مشرقة وهى شبيه الروح واشرف الأعضاء القلب والروح وهما على طبيعة النار وكل جسم أشبه النار كالذهب والياقوت فهو اشرف والشمس اشرف الأجسام وهى تشبه النار فى الطبع والصورة وايضا لم يتم المزاج الا بالحرارة ومآل كل هذه الى ان أصله خير فهو خير وهذا ممنوع ولذا قال من قال أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراع وليس بنافع نسب زكى ... تدنسه صنائعك القباح فيجوز ان يكون اصل أحد الشيئين أفضل وينضم اليه ما يقتضى مرجوحيته كما فى إبليس فانه قد انضم الى أصله عوارض رديئة كالكبر والحسد والعجب والعصيان فاقتضت اللعنة عليه. وامر آدم عليه السلام بالعكس وقال فى آكام المرجان اعلم ان هذه الشبهة التي ذكرها إبليس انما ذكرها على سبيل التعنت والا فامتناعه عن السجود لآدم انما كان عن كبر وكفر ومجرد اباء وحسد ومع ذلك فما أبداه من الشبهة فهو داحض اى باطل لانه رتب على ذلك انه خير من آدم لكونه خلق من نار وآدم خلق من طين ورتب على هذا انه لا يحسن منه الخضوع لمن هو دونه وهذا باطل من وجوه الاول ان النار طبعها الفساد وإتلاف ما تعلقت به بخلاف التراب فانه إذا وضع القوت فيه أخرجه أضعاف ما وضع فيه بخلاف النار فانها آكلة لا تبقى ولا تذر والثاني ان النار طبعها الخفة والطيش والحدة والتراب طبعه الرزانة والسكون والثبات والثالث ان التراب يتكون فيه ومنه أرزاق الحيوانات وأقواتهم ولباس العباد وزينهم وآلات معايشهم ومساكنهم والنار لا يتكون فيها شىء من ذلك والرابع ان التراب ضرورى للحيوان لا يستغنى عنه البتة ولا عما يتكون فيه ومنه والنار يستغنى عنها الحيوان مطلقا وقد يستغنى عنها الإنسان أياما وشهورا فلا تدعوه إليها ضرورة والخامس ان النار لا تقوم بنفسها بل هى مفتقرة الى محل تقوم به يكون حاملا لها والتراب لا يفتقر الى حامل فالتراب أكمل منها لغناه وافتقارها والسادس ان النار مفتقرة الى التراب وليس بالتراب فقر إليها فان المحل الذي تقوم به النار لا يكون الا متكونا من التراب او فيه فهى المفتقرة الى التراب وهو الغنى عنها والسابع ان المادة الإبليسية هى المارج من النار وهو ضعيف تتلاعب به الاهوية فيميل معها كيفما مالت ولهذا غلب الهوى على المخلوق منه فاسره وقهره ولما كانت المادة الآدمية هى التراب وهو قوى لا يذهب مع الهواء أينما ذهب فهو قهر هواه واسره ورجع الى ربه فاجتباه فكان الهواء الذي مع المادة الآدمية عارضا سريع الزوال فزال فكان الثبات والرزانة أصلا له فعاد اليه وكان إبليس بالعكس من ذلك فعاد كل منهما الى أصله وعنصره آدم الى أصله الطيب الشريف واللعين الى أصله الرديء الخبيث والثامن ان النار وان حصل بها بعض المنفعة من الطبخ والتسخين والاستضاءة بها فالشر كامن فيها لا يصدها عنه إلا قسرها وحبسها ولولا القاسر والحابس لها لا فسدت الحرث والنسل واما التراب فالخير والبركة كامن فيه

كلما اثير وقلب ظهر خيره وبركته وثمرته فاين أحدهما من الآخر والتاسع ان الله تعالى اكثر ذكر الأرض فى كتابه واخبر عن منافعها وانه جعلها مهادا وفراشا وبساطا وقرارا وكفاتا للاحياء والأموات ودعا عباده الى التفكر فيها والنظر فى آياتها وعجائبها وما أودع فيها ولم يذكر النار الا فى معرض العقوبة والتخويف والعذاب الا موضعا او موضعين ذكرها فيه بانها تذكرة ومتاع للمقوين تذكرة بنار الآخرة ومتاع لبعض افراد الناس وهم المقوون النازلون بالقواء وهى الأرض الخالية إذا نزلها المسافر تمتع بالنار فى منزله فاين هذا من أوصاف الأرض فى القرآن والعاشر ان الله تعالى وصف الأرض بالبركة فى غير موضع من كتابه وذلك عموما كما فى قوله تعالى (وَبارَكَ فِيها) وخصوصا كما فى قوله (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) الآية ونحوها واما النار فلم يخبر انه جعل فيها بركة بل المشهور انها مذهبة للبركات فاين المبارك فى نفسه من المزيل لها والحادي عشر ان الله تعالى جعل الأرض محل بيوته التي يذكر فيها اسمه ويسبح له فيها بالغدو والآصال عموما وبيته الحرام الذي جعله قياما للناس مباركا وهدى للعالمين خصوصا فلو لم يكن فى الأرض الا بيته الحرام لكفاها ذلك شرفا وفخرا على النار والثاني عشر ان الله تعالى أودع فى الأرض من المعادن والأنهار والعيون والثمرات والحبوب والأقوات واصناف الحيوانات وأمتعتها والجبال والرياض والمراكب البهية والصور البهيجة ما لم يودع فى النار شيأ من ذلك فأى روضة وجدت فى النار او جنة او معدن او صورة او عين فوّارة او نهر او ثمرة لذيذة والثالث عشر ان غاية النار انها وضعت خادمة فى الأرض فالنار انما محلها محل الخادم لهذه الأشياء فهى تابعة لها خادمة فقط إذا استغنت عنها طردتها وابعدتها عن قربها وإذا احتاجت إليها استدعتها استدعاء المخدوم لخادمه والرابع عشر ان اللعين لقصور نظره وضعف بصره رأى صورة الطين ترابا ممتزجا بماء فاحتقره ولم يعلم انه مركب من اصلين الماء الذي جعل الله منه كل شىء حى والتراب الذي جعله خزانة المنافع والنعم هذا ولم يتجاوز من الطين الى المنافع وانواع الامتعة فلو تجاوز نظره صورة الطين الى مادته ونهايته لرأى انه خير من النار وأفضل ثم لو سلم بطريق الفرض الباطل ان النار خير من الطين لم يلزم من ذلك ان يكون المخلوق منها خيرا من المخلوق من الطين فان القادر على كل شىء يخلق من المادة المفضولة من هو خير من المادة الفاضلة فان الاعتبار بكمال النهاية لا بنقصان المادة فاللعين لم يتجاوز نظره محل المادة ولم يعبر منها الى كمال الصورة ونهاية الخلقة [ودر كشف الاسرار فرموده كه آتش سبب فرقتست وخاك وسيله وصلت واز آتش كسستن آيد واز خاك پيوستن آدم كه از خاك بود بپيوست تا خلقه (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) يافت إبليس كه از آتش بود بگسست تا فرمان (فَاهْبِطْ مِنْها) مردود كشت روزى شوريده با سلطان العارفين ابو يزيد كفت چهـ بودى اگر اين خاك بي باك نبودى ابو يزيد بانك برو زد كه اگر اين خاك نبودى آتش عشق افروخته نشدى وسوز سينها وآب ديدها ظاهر نكشتى كه اگر خاك نبودى بوى مهر ازل كه شنودى وآشناى قرب لم يزل كه بودى]

[سورة ص (38) : الآيات 77 إلى 82]

اى خاك چهـ خوش طينت قابل دارى ... كلهاى لطيفست كه در كل دارى در مخزن كنت كنز هر كنج كه بودى ... تسليم تو كردند كه در دل دارى ثم فى الآية اشارة الى ان اهل الدعوى والإنكار لا يدركون فضائل الأنبياء والأولياء الى ابد الآباد ولا يرون أنوار الجمال والجلال عليهم فلا يذوقون حلاوة برد الوصال بل يخاطبون من جانب رب العزة بالطرد والابعاد الى يوم المعاد مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبر سينه نامحرم زد قالَ الله تعالى بقهره وعزته فَاخْرُجْ مِنْها الفاء لترتيب الأمر على مخالفته وتعليلها بالباطل اى فاخرج يا إبليس من الجنة او من زمرة الملائكة وهو المراد بالأمر بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قال البيضاوي فان وسوسته لآدم كانت بعد هذا الطرد يقول الفقير عظم جناية إبليس يقتضى هبوطه من السماء الى الأرض لا التوقف فيها الى زمان الوسوسة واما امر الوسوسة فيجوز ان يكون بطريق الصعود الى السماء ابتلاء من الله تعالى ودخوله الجنة وهو فى السماء ليس باهون من دخوله وهو فى الأرض إذ هو ممنوع من الدخول مطلقا سواء كان فى الأرض او فى السماء الا بطريق الامتحان ثم ان الحكمة الالهية اقتضت ان يخرج إبليس من الخلقة التي كان عليها وينسلخ منها فانه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا وكذا حال العصاة مطلقا فانه كما تتغير بواطنهم بسبب العصيان تتغير ظواهرهم ايضا بشؤمه فاذا رأيت أحدا منهم بنظر الفراسة والحقيقة وجدت عليه اثر الاسوداد وذلك ان المعصية ظلمة وصاحبها ظلمانى والطاعة نور وأهلها نورانى فكل يكتسى بكسوة حال نفسه فَإِنَّكَ رَجِيمٌ تعليل للامر بالخروج اى مطرود عن كل خير وكرامة فان من يطرد يرجم بالحجارة اهانه له او شيطان يرجم بالشهب السماوية او الاثيرية والى الثاني ذهب بعض اهل الحقائق وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي اى ابعادى عن الرحمة فان اللعن طرد او ابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخر عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وتقييدها بالاضافة مع إطلاقها فى قوله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) لما ان لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين ايضا من جهته تعالى وانهم يدعون عليه بلعنة الله وابعاده من الرحمة يقول الفقير اللعنة المطلقة هى لعنة الله تعالى فمآل الآيتين واحد ويجوز ان يكون المعنى وان عليك لعنتى على ألسنة عبادى يلعنونك إِلى يَوْمِ الدِّينِ اى يوم الجزاء والعقوبة يعنى ان عليك اللعنة فى الدنيا ولا يلزم من هذا التوقيت انقطاع اللعنة عنه فى الآخرة إذ من كان ملعونا مدة الدنيا ولم يشم رائحة الرحمة فى وقتها كان ملعونا ابديا فى الآخرة ولم يجد اثر الرحمة فيها لكونها ليست وقت الرحمة للكافر وقد علم خلوده فى النار بالنص وكذا لعنه كما قال (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) مع ما ينضم اليه من عذاب آخر ينسى عنده اللعنة والعياذ بالله تعالى قال بعضهم اما طرد إبليس فلعجبه ونظره الى نفسه ليعتبر كل مخلوق بعده قال انا خير منه ويقال طرده وخذله ترهيبا للملائكة ولبنى آدم كى يحذروا مما لا يرضى الله عنه ويحصل لهم العبرة

[سورة ص (38) : الآيات 79 إلى 82]

اين خوديرا خرج كن اندر خدا ... تا نمانى همچوآن إبليس جدا كن حذر از سطوت قهاريش ... رو بسوى حضرت غفاريش عبرت پيشينيان كير اى خلف ... تا خلاصى يابى از قهر وتلف ومن الله العصمة والتوفيق قالَ إبليس رَبِّ [اى پروردگار من] فَأَنْظِرْنِي الانظار الامهال والتأخير والفاء فصيحة اى إذا جعلتنى رجيما فامهلنى ولا تمتنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ من قبورهم للجزاء وهو يوم القيامة والمراد آدم وذريته [والبعث: مرده را زنده كردن] وأراد بدعائه ان يجد فسحة لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت بالكلية إذ لا موت بعد يوم البعث فلم يجب ولم يوصل الى مراده قالَ الله تعالى فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم ازلا بحسب الحكمة كالملائكة ونحوهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الذين قدره الله وعينه لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الاولى لا الى وقت البعث الذي هو المسئول قال فى اكام المرجان ظاهر القرآن يدل على ان إبليس غير مخصوص بالانظار واما ولده وقبيله فلم يقم دليل على انهم منظرون معه وقال بعضهم الشياطين يتوالدون ولا يموتون الى وقت النفخة الاولى بخلاف الجن فانهم يتوالدون ويموتون ويحتمل ان بعض الجن ايضا منظرون كما ان بعض الانس كالخضر عليه السلام كذلك وفيه ان الظاهر ان يموت الخضر وأمثاله حين يموت المؤمنون ولا يبقى منهم أحد وذلك قبل الساعة بكثير من الزمان ثم ان قوله تعالى (فَإِنَّكَ) إلخ اخبار من الله تعالى بالانظار المقدر ازلا لا إنشاء لانظار خاص به قد وقع اجابة لدعائه وكان استنظاره طلبا لتأخير الموت لا لتأخير العقوبة هكذا فى الإرشاد يقول الفقير لا شك ان الله تعالى استجاب دعاء إبليس ليكون طول بقائه فى الدنيا اجرا له فى مقابلة طول عبادته قبل لعنه ودعاء الكافر مستجاب فى امور الدنيا فلا مانع ان يكون انظاره بطريق الإنشاء يدل عليه ترتيبه على دعاءه الحادث وذلك لا يمنع كونه من المنظرين ازلا لان كل امر حادث فى جانب الابد فهو مبنى على امر قديم فى الأزل ألا ترى ان كفره بانشاء استقباح امر الله تعالى مبنى على كفره الأزلي فى علم الله تعالى ثم لا مانع ان يكون الاستنظار لطلب تأخير الموت وتأخير العقوبة جميعا لان اللعن من موجبات العقوبة فطلب الانظار خوفا من العذاب المعجل ولما حصل مراده صرح بالإغواء لاجل الانتقام لان آدم هو الذي كان سبب لعنه وفى الآية اشارة الى ان من أبعده الحق وطرده قلب عليه أحواله حتى يجر الى نفسه اسباب الشقاوة كما دعا إبليس ربه وسأله الانظار من كمال شقاوته ليزداد الى يوم القيامة إثمه الذي هو سبب عقوبته واغتر بالمدة الطويلة ولم يعلم ان ما هو آت قريب [عمر اگر چهـ دراز بود چون مرك رو نمود از ان درازى چهـ سود نوح عليه السلام هزار سال در جهان بسر برده است امروز چند هزار سالست كه مرده است دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دم چند نيز فانظره الله تعالى واجابه إذ سأله بربوبيته ليعلم ان كل من سأله باسم الرب فانه يجيبه كما أجاب إبليس وكما أجاب آدم عليه السلام إذ قال (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) فاجابه (فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) قالَ

[سورة ص (38) : الآيات 83 إلى 85]

إبليس عليه ما يستحق فَبِعِزَّتِكَ الباء للقسم اى فاقسم بعزتك اى بقهرك وسلطانك وبالفارسية بغالبيت وقهر تو سوكند ولا ينافيه قوله تعالى حكاية فيما أغويتني لان إغواء إياه اثر من آثار قدرته وعزته وحكم من احكام قهره وسلطنته ولهذه النكتة الخفية ورد الحلف بالعزة مع أن الصفات اللائقة للحلف كثير وفى التأويلات النجمية ثم إبليس لتمام شقاوت قال فبعزتك إلخ ولو عرف عرته لما اقسم بها على مخالفته لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ لأحملنهم على الغى وهو ضد الرشد ولأكونن سببا لغوايتهم اى ذرية آدم بتزيين المعاصي لهم وإدخال الشكوك والشبهات فيهم والإغواء بالفارسية كمراه كردن ثم صدق حيث استثنى فقال إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ اى عبادك المخلصين من ذرية آدم وهم الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته وعصمهم من الغواية وقرئ بالكسر على صيغة الفاعل اى الذين أخلصوا قلوبهم وأعمالهم لله تعالى من غير شائبة الرياء وفى التأويلات النجمية ثم لعجزه وعزة عباد الله قال الا عبادك منهم المخلصون فى عبوديتك انتهى قال بعضهم العبد المخلص هو الذي يكون سره بينه وبين ربه بحيث لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ثم لا شك أن من العباد عبادا إذا رأى الشيطان اثر سلطنة ولايتهم وعزة أحوالهم يذوب كما يذوب الملح فى الإناء ولا يبقى له حيل ولا يطيق ان يمكر بهم بل ينسى فى رؤيتهم جميع مكر يأته ولا يطيق ان يرمى إليهم من أسهم وسوسته بل مكره محيط به لا باهل الحق وهكذا حال ورثة الشيطان من المنكرين المفسدين مع اهل الله تعالى فانهم محفوظون عما سوى الله تعالى مطلقا قالَ الله تعالى فَالْحَقُّ بالرفع على انه مبتدأ محذوف الخبر أي فالحق قسمى على ان الحق اما اسمه تعالى كما فى قوله تعالى ان الله هو الحق المبين او نقيض الباطل عظمه الله تعالى باقسامه به ويحتمل ان يكون التقدير فالحق منى كما قال الحق من ربك وَالْحَقَّ أَقُولُ بالنصب على انه مفعول لأن قوله قدم عليه للقصر اى لا أقول الا الحق لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ اى من جنسك من الشيطان وَمِمَّنْ تَبِعَكَ فى الغواية والضلال بسوء اختياره مِنْهُمْ اى من ذرية آدم أَجْمَعِينَ تأكيد للكاف وما عطف عليه اى لأملأنها من المتبوعين والاتباع أجمعين لا اترك أحدا منهم وفى التأويلات النجمية ولما كان تجاسره فى مخاطبته الحق حيث أصر على الخلاف واقسم عليه أقبح واولى فى استحقاق اللعنة من امتناعه للسجود لآدم قال فالحق إلخ انتهى فعلى العاقل ان يتأدب بالآداب الحسنة قولا وفعلا ولا يتجاسر على الله تعالى أصلا ولا يتبع خطوات الشيطان حتى لا يرد معه النار وعن ابى موسى الأشعري قال إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مسلما ألبسته التاج قال فيقول له القائل لم أزل بفلان حتى طلق امرأته قال يوشك أن يتزوج ويقول الاخر لم ازل بفلان حتى عق اى عصى والديه او أحدهما قال يوشك ان يبر قال فيقول القائل لم ازل بفلان حتى شرب قال أنت اى أنت فعلت شيأ عظيما ارضى عنه قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى زنى فيقول أنت قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى قتل فيقول أنت أنت اى أنت صنعت شيأ أعظم وحصلت غاية أمنيتي وكمال رضاى وذلك لان وعيد القتل أشد وأعظم كما قال

[سورة ص (38) : الآيات 86 إلى 88]

تعالى ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له إلخ فلذلك كرر أنت اشارت الى كمال رضاه عنه وعن بعض الأشياخ انه قال الشيطان أشد بكاء على المؤمن إذا مات لما فاته من افتنانه إياه فى الدنيا ويقال لما انظر الله إبليس واهبطه الى الأرض أعطاه منشور الدنيا فاول نظرة منه وقعت على الجبال فمن شؤمه من ذلك الوقت لا تحتمل الماء للاحجار بل يرسلها الى أسفله ومن كان على دينه لا يبقى على الصراط ما لم ينته الى أسفل السافلين فيا خسارة من كان إنسانا دخل النار معه قُلْ يا محمد للمشركين ما أَسْئَلُكُمْ نميخواهيم از شما عَلَيْهِ اى على لقرءآن الذي اتيتكم به او على تبليغ الوحى وأداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ من مال دنيوى ولكن أعلمكم بغير اجر وذلك لان من شرط العبودية الخالصة ان لا يراد عليها الجزاء ولا الشكور فمن قطع رأس كافر فى دار الحرب او اسره وأحضره عند رئيس العسكر ليعطى له مالا فقد فعله للأجر لالله تعالى وعلى هذه جميع ما يتعلق به الأغراض الفاسدة فرادا كه پيشگاه حقيقت شود پديد ... شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ اى المتصنعين بما ليسوا من اهله على ما عرفتم من حالى حتى انتحل النبوة اى ادعيها لنفسى كاذبا واتقول القرآن من تلقاء نفسى وبالفارسية ومن نيستم از جماعتى كه بتصنع از خود چيزى ظاهر كنند وبرسازند كه ندارند وحاصله ما جئتكم باختياري دون ان أرسلت إليكم فكن من قال شيأ من تلقاء نفسه فقد تكلف له والتكلف فى الأصل التعسف فى طلب الشيء الذي لا يقتضيه الا لعقل وفى تاج المصادر التكلف رنج چيزى بكشيدن واز خويشتن چيزى نمودن كه آن نباشد والمتكلف المتعرض لما لا يعينه انتهى وفى المفردات تكلف الشيء ما يفعله الإنسان بإظهار كلفة مع مشقة تناله فى تعاطيه وصارت الكلفة فى التعاريف اسما للمشقة والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع او تشبع ولذلك صار التكليف ضربين محمودا وهو ما يتحراه الإنسان ليتوصل به الى أن يصير الفعل الذي يتعاطاه سهلا عليه ويصير كلف به ومحبا له وبهذا النظر استعمل التكليف فى تكليف العبادات والثاني ما يكون مذموما وإياه عنى بقوله وما انا من المتكلفين وصح فى الحديث النهى عن التكلف كما قال عليه السلام انا بريئى من المتكلف وصالحوا أمتي وفى حديث آخر أنا والأتقياء من أمتي برءاء من التكلف وكذ صح عن رسول الله عليه السلام النهى عن السجع فى الدعاء لانه من باب التكلف والتصنع ومن هذا قال اهل الحقائق لايعين للصلاة شيأ من القرآن بل يقرأ أول ما يقرع خاطره فى أول الركعة فانه المسلك الذي اختار الله تعالى له وعنه عليه السلام للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه يعنى يكى آنكه نزاع كند با كسى كه برتر از وست ويتعاطى ما لا ينال يعنى دوم آنكه ميخواهد كه فرا كيرد آنچهـ يافتن آن نه مقدور اوست ويقول ما لم يعلم يعنى سوم آنكه كويد چيزى كه نداند قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يا ايها الناس من علم شيأ فليقل ومن لم يعلم فليقل الله اعلم فان من

[سورة ص (38) : الآيات 87 إلى 88]

العلم ان تقول لما لا تعلم الله اعلم فانه تعالى قال لنبيه عليه السلام (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) وفى الحديث (من افتى بغير علم لعنته ملائكة السموات والأرض) إِنْ هُوَ اى ما هو: يعنى [نيست اين كه من آوردم از خدا] يعنى القرآن والرسالة إِلَّا ذِكْرٌ اى عظة من الله تعالى وايضا شرف وذكر باق لِلْعالَمِينَ للثقلين كافة وَلَتَعْلَمُنَّ ايها المشركون نَبَأَهُ اى ما انبأ القرآن به من الوعد والوعيد وغيرهما أو صحة خبره وانه الحق والصدق بَعْدَ حِينٍ بعد الموت او يوم القيامة حين لا ينفع العلم وفيه تهديد قال فى المفردات الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله وهو مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف اليه نحو (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ومن قال حين على أوجه للاجل نحو (وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) وللسنة نحو (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) وللساعة نحو (حِينَ تُمْسُونَ) وللزمان المطلق نحو (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) فانما فسر ذلك بحسب ما وجده وقد علق به انتهى قال الحسن ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين فينبغى للمؤمن ان يكون بحيث لو كشف الغطاء ما ازداد يقينا ومن كلام سيدنا على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال وخلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد كر حجاب از ميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد [معنى اين كلمه آنست كه دار دنيا سراى حجابست واحوال آخرت مرا يقين كشته است از حشر ونشر وثواب وعقاب ونعيم وجحيم وغير آن پس اگر حجاب بردارند تا آن جمله را مشاهده كنم يك ذره در يقين من زيادت نشود كه علم اليقين من امروز چون عين اليقين منست در فردا] واخبر القرآن ان الكفار يؤمنون بعد الموت بالقرآن وبما اخبر به ولكن لا يقبل ايمانهم وسئل ابو القاسم الحكيم فقيل له العاصي يتوب من عصيانه أم كافر يرجع من الكفر الى الايمان فقال بل عاص يتوب من عصيانه لان الكافر فى حال كفره اجنبى والعاصي فى حال عصيانه عارف بربه والكافر إذا اسلم ينتقل من درجة الأجانب الى درجة المعارف والعاصي إذا تاب ينتقل من درجة المعارف الى درجة الأحباء فلا بد من التوبة والتوبة الى الله تعالى قبل الموت حتى يزول التهديد والوعيد ويظهر الوعيد والتأييد ويحصل الانبساط فى جميع المواطن وينصب الفيض فى الظاهر والباطن بلطفه تعالى وكرمه تمت سورة ص بعون من هو بالمرصاد فى ثالث جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة ومائة والف تفسير سورة الزمر خمس وسبعون او اثنتان وسبعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن وخصوصا منه هذه السورة الشريفة وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لا من غيره كما يقول المشركون ان محمدا تقوّله من تلقاء نفسه وقيل معناه تنزيل الكتاب من الله فاستمعوا له واعملوا به فهو كتاب عزيز نزل من رب عزيز على عبد عزيز بلسان ملك عزيز فى شأن امة عزيزة والتعرض لوصفى العزة

[سورة الزمر (39) : آية 2]

والحكمة للايذان بظهور اثريهما فى الكتاب بجريان أحكامه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مدافع ولا ممانع وبابتناء جميع ما فيه على أساس الحكم الباهرة وقال الكاشفى (الْعَزِيزِ) [خداوند غالب در تقدير (الْحَكِيمِ) دانا است در تدبير] وفى فتح الرحمن العزيز فى قدرته الحكيم فى ابداعه إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ شروع فى بيان شأن المنزل اليه وما يجب عليه اثر بيان شأن المنزل وكونه من عند الله فلا تكرار فى اظهار الكتاب فى موضع الإضمار لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه. والباء اما متعلقة بالانزال اى بسبب الحق وإثباته وإظهاره واما بمحذوف هو حال من نون العظمة اى أنزلناه إليك حال كوننا محقين فى ذلك او حال من الكتاب اى أنزلناه حال كونه ملتبسا بالحق والصواب اى كل ما فيه حق لا ريب فيه موجب للعمل حتما وفى التأويلات النجمية اى من الحق نزل وبالحق نزل وعلى الحق نزل قال فى برهان القرآن كل موضع خاطب الله النبي عليه السلام بقوله (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) ففيه تكليف وإذا خاطبه بقوله (أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) ففيه تخفيف ألا ترى الى ما فى أول السورة إليك فكلفه الإخلاص فى العبودية والى ما فى آخرها عليك فختم الآية بقوله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) اى لست بمسئول عنهم فخفف عنه ذلك فَاعْبُدِ اللَّهَ حال كونك مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ الإخلاص ان يقصد العبد بنيته وعمله الى خالقه لا يجعل ذلك لغرض من الأغراض اى ممحضا له الطاعة من شوائب الشرك والرياء فان الدين الطاعة كما فى الجلالين وغيره قال فى عرائس البيان امر حبيبه عليه السلام بان يعبده بنعت ان لا يرى نفسه فى عبوديته ولا الكون واهله ولا يتجاوز عن حد العبودية فى مشاهدة الربوبية فاذا سقط عن العبد حظوظه من العرش الى الثرى فقد سلك مسلك العبودية الخالصة كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل قال بعض الكبار العبادة الخالصة معانقة الأمر على غاية الخضوع. وتكون بالنفس فاخلاصها فيها التباعد عن الانتقاص. وبالقلب فاخلاصه فيها العمى عن رؤية الاشخاص. وبالروح فاخلاصه فيها التنقى عن طلب الاختصاص واهل هذه العبادة موجود فى كل عصر لما قال عليه السلام (لا يزال الله يغرس فى هذا الدين غرسا يستعملهم فى طاعته) قال الكاشفى [مخاطب حضرتست ومراد امت است كه مأمورند بآنكه طاعت خود را از شرك وريا خالص سازند] وفى كشف الاسرار [فرموده رسول خدا عليه السلام باين خطاب چنان ادب كرفت كه جبريل آمد وكفت «يا محمد أتختار ان تكون ملكا نبيا او عبدا نبيا» كفت خداوندا بندگى خواهم وملكى نخواهم ملكى ترا مسلم است وبندگى ما را مسلم اگر ملك اختيار كنم با ملك بمانم وآنكه افتخار من بملك باشد ليكن بندگى اختيار كنم تا مملوك تو باشم وافتخار من بملك تو باشد ازينجا كفت (انا سيد ولد آدم ولا فخر) يعنى ما را بهيچ چيز فخر نيست فخر ما بخالقست زيرا كه بر ما كس نيست جز او اگر بغير او فخر كنم بغير او نكرسته باشم وفرمان (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً) بگذاشته باشم وبگذاشته فرمان نيست وبغير او نكرستن شرط نيست لاجرم بغير او فخر نيست] قال الحافظ

[سورة الزمر (39) : آية 3]

كدايىء در جانا بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بآفتاب رود أَلا بدانيد كه لِلَّهِ اى من حقه وواجباته الدِّينُ الْخالِصُ من الشرك اى- الا هو الذي يجب أن يخص بإخلاص الطاعة له يعنى او سزاوار آنست كه طاعت او خالص باشد لتفرده بصفات الالوهية واطلاعه على الغيوب والاسرار وخلوص نعمته عن استجرار- النفع وفى الكواشي ألا لله الدين الخالص من الهوى والشك والشرك فيتقرب به اليه رحمة لا ان له حاجة الى اخلاص عبادته وفى التأويلات النجمية الدين الخالص ما يكون جملته لله وما للعبد فيه نصيب والمخلص من خلصه الله من حبس الوجود بجوده لا بجهده وعن الحسن الدين الخالص الإسلام لان غيره من الأديان ليس بخالص من الشرك فليس بدين الله الذي امر به فالله تعالى لا يقبل الا دين الإسلام وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله انى أتصدق بالشيء واضع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس فقال عليه السلام والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيأ شورك فيه ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لله الدين الخالص وقال عليه السلام قال الله سبحانه من عمل لى عملا أشرك فيه معى غيرى فهوه له كله وانا بريىء منه وانا اغنى الأغنياء عن الشرك وقال عليه السلام لا يقبل الله عملا فيه مقدار ذرة من رياء ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار سزاى الله تعالى عبادت پاكست بى نفاق وطاعت خالصه بى ريا وكوهر اخلاص كه يابند در صدق دل يابند يا در درياى سينه واز اينجاست كه حذيقه كويد رضى الله عنه از ان مهتر كائنات عليه السلام پرسيدم كه اخلاص چيست كفت از جبريل پرسيدم كه اخلاص چيست كفت از رب العزة پرسيدم كه اخلاص چيست كفت سر من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادى كفت كوهرست كه از خزينه اسرار خويش بيرون آوردم ودر سو يداى دل دوستان خويش وديعت نهادم اين اخلاص نتيجه دوستى است واثر بندگى هر كه لباس محبت پوشيد وخلعت بندگى برافكند هر كار كه كند از ميان دل كند دوستى حق تعالى بآرزوهاى پراكنده در يك دل جمع نشود وفريضه تن نماز وروزه است وفريضه دل دوستى حق نشان دوستى آنست كه هر مكروه طبيعت ونهاد كه از دوست بتو آيد بر ديده نهى ... ولو بيد الحبيب سقيت سما لكان السم من يده يطيب ... زهرى كه بياد تو خورم نوش آيد ديوانه ترا بيند وباهوش آيد ... آن دل كه تو سوختى ترا شكر كند وآن خون كه تو ريختى بتو فخر كند وَالَّذِينَ عبارة عن المشركين اتَّخَذُوا يعنى عبدوا مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجارزين الله وعبادته أَوْلِياءَ أربابا او ثانا كالملائكة وعيسى وعزير والأصنام لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غيره حال كونهم قائلين ما نَعْبُدُهُمْ اى الأولياء لشىء من الأشياء إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى

اى تقريبا فهو مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر ملاق له فى المعنى وكانوا إذا سئلوا عمن خلق السموات والأرض قالوا الله فاذا قيل لهم لم تعبدون الأصنام قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله (وفى تفسير الكاشفى) درخواست كنند تا بشفاعت ايشان منزلت يابيم وذكر- الشيخ عبد الوهاب الشعراني أن اصل وضع الأصنام انما كان من قوة التنزيه من العلماء الأقدمين فانهم نزهوا الله عن كل شىء وأمروا بذلك عامتهم فلما رأوا ان بعض عامتهم صرح بالتعطيل وضعوا لهم الأصنام وكسوها الديباج والحلي والجواهر وعظموها بالسجود وغيره ليتذكروا بها الحق الذي غاب عن عقولهم وغاب عن أولئك العلماء ان ذلك لا يجوز الا بإذن من لله تعالى إِنَّ اللَّهَ إلخ خبر للموصول يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اى بين المتخذين بالكسر غير المخلصين وبين خصمائهم المخلصين للدين وقد حذف لدلالة الحال عليه فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الدين الذي اختلفوا فيه بالتوحيد والإشراك وادعى كل فريق صحة ما انتحله وحكمه تعالى فى ذلك إدخال الموحدين الجنة والمشركين النار فالضمير للفريقين إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي لا يوفق الى الاهتداء الى الحق الذي هو طريق النجاة من المكروه والفوز بالمطلوب مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ اى راسخ فى الكذب مبالغ فى الكفر كما يعرب عنه قراءة كذاب وكذوب فانهما فاقدان للبصيرة غير قابلين للاهتداء لتغييرهما الفطرة اصلية بالتمرن فى الضلالة والتمادي فى الغى قال فى الوسيط هذا فيمن سبق عليه القضاء بحرمان الهداية فلا يهتدى الى الصدق والايمان البتة (قال الحافظ) كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردده ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد وكذبهم قولهم فى بعض أوليائهم بنات الله وولده وقولهم ان الآلهة تشفع لهم وتقربهم الى الله وكفرهم عبادتهم تلك الأولياء وكفرانهم النعمة بنسيان المنعم الحقيقي وفى التأويلات النجمية ان الإنسان مجبول على معرفة صانعه وصانع العالم ومقتضى طبعه عبادة صانعه والتقرب اليه من خصوصية فطرة الله التي فطر الناس عليها ولكن لا عبرة بالمعرفة الفطرية والعبادة الطبيعية لانها مشوبة بالشركة لغير الله ولانها تصدر من نشاط النفس واتباع هواها وانما تعتبر المعرفة الصادرة عن التوحيد الخالص ومن اماراتها قبول دعوة الأنبياء والايمان بهم وبما انزل عليهم من الكتب ومخالفة الهوى والعبادة على وفق الشرق لا على وفق الطبع والتقرب الى الله بأداء ما افترض الله عليهم ونافلة قد استن النبي صلى الله عليه وسلم بها او بمثلها فانه كان من طبع إبليس السجود لله ولما امر بالسود على خلاف طبعه ابى واستكبر وكان من الكافرين بعد اركان من الملائكة المقربين وكذلك حال الفلاسفة ممن لا يتابع الأنبياء منهم ويدعى معرفة الله ويتقرب الى الله بانواع العلوم واصناف الطاعات والعبادات بالطبع لا بالشرع ومتابعة الهوى لا بامر المولى فيكون حاصل امره ما قال تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا فاليوم كل مدع يدعى حقيقة ما عنده من لدين والمذهب على اختلاف طبقاتهم فالله تعالى يحكم بينهم فى الدنيا والآخرة اما فى الدنيا فيحق الحق باتساع صدور اهل الحق بنور الإسلام وبكتابة الايمان فى قلوبهم وتأييدهم بروح منه وكشف شواهد الحق عن أسرارهم وبتجلى صفات جماله وجلاله لارواحهم ويبطل الباطل

[سورة الزمر (39) : الآيات 4 إلى 5]

بتضييق صدور اهل الأهواء والبدع وقسوة قلوبهم وعمى أسرارهم وبصائرهم وغشاوة أرواحهم بالحجب. واما فى الآخرة فبتبييض وجوه اهل الحق وإعطاء كتابهم باليمين وتثقيل موازينهم وجوازهم على الصراط وسعى نورهم بين أيديهم وايمانهم ودخول الجنة ورفعتهم فى الدرجات وبتسويد وجوه اهل الباطل وإيتاء كتبهم بالشمال ومن وراء ظهورهم وتخفيف موازينهم وزلة أقدامهم عن الصراط ودخول النار ونزولهم فى الدركات وبقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) يشير الى تهديد من يتعرض لغير مقامه ويدعى رتبة ليس بصادق فيها فالله لا يهديه قط الى ما فيه سداده ورشده وعقوبته ان يحرمه تلك الرتبة التي تصدى لها بدعواه قبل تحققه بوجودها: قال الحافظ كر انكشت سليمانى نباشد ... چهـ خاصيت دهد نقش نكينى خدا زان خرقه بيزارست صد بار ... كه صد بت ماندش در آستينى ومن الله العصمة من الدعوى قبل التحقق بحقيقة الحال وهو المنعم المتعال لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً كما زعم المشركون بان الله تعالى اتخذ ولدا لَاصْطَفى لاتخذ واختار مِمَّا يَخْلُقُ اى من جنس مخلوقاته ما يَشاءُ ولم يخص مريم ولا عيسى ولا عزيرا بذلك ولخلق جنسا آخر أعز وأكرم مما خلق واتخذه ولدا لكنه لا يفعله لامتناعه والممتنع لا تتعلق به القدرة والارادة وانما امره اصطفاء من شاء من عباده وتقريبهم منه وقد فعل ذلك بالملائكة وبعض الناس كما قال الله تعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) ولذا وضع الاصطفاء مكان الاتخاذ وقال بعضهم معناه لو اتخذ من خلقه ولدا لم يتخذه باختيارهم بل يصطفى من خلقه من يشاء وقال الكاشفى [هر آينه اختيار كردى از آنچهـ مى آفريند آنچهـ خواستى از أعز اشيا واحسن آن وأكمل كه بنون اند نه از نقص كه بتانند اما مخلوق مماثل خالق نيست وميان والد ومولود مجانست شرط است پس او را فرزند نبود] سُبْحانَهُ مصدر من سبح إذا بعد اى تنزه تعالى بالذات عن ذلك الاتخاذ وعما نسبوا اليه من الأولاد والأولياء وعلم للتسبيح مقول على ألسنة العباد اى أسبحه تسبيحا لائقا به او سبحوه تسبيحا حقيقا بشانه هُوَ مبتدأ خبره قوله اللَّهُ المتصف بالالوهية الْواحِدُ الذي لا ثانى له والولد ثانى والده وجنسه وشبهه وفى بحر العلوم واحد اى موجود جل عن التركيب والمماثلة ذاتا وصفة فلا يكون له ولد لانه يماثل الوالد فى الذات والصفات الْقَهَّارُ الذي بقهاريته لا يقبل الجنس والشبه بنوع ما وفى الإرشاد قهار لكل الكائنات كيف يتصور ان يتخذ من الأشياء الفانية ما يقوم مقامه خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وما بينهما من الموجودات حال كونها ملتبسة بِالْحَقِّ والصواب مشتملة على الحكم والمصالح لا باطلا وعبثا قال الكاشفى [بيافريد آسمان وزمين را براستى نه بباطل وبازي بلكه در آفرينش هر يك از ان صد هزار آثار قدرت وأطوار حكمت است نعميه تا ديده وران از روى اعتبار ارقام معرفت آفريدگار بر صفحات آن دلائل مطالعه نمايند] نوشته است بر أوراق آسمان وزمين ... خطى كه فاعتبروا منه يا اولى الابصار

يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ قال فى تاج المصادر تكوير الليل على النهار تغشيته إياه ويقال زيادته من هذا فى ذاك كما قال الراغب فى المفردات تكوير الشيء ادارته وضم بعضه الى بعض ككور العمامة وقوله تعالى (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ) إلخ اشارة الى جريان الشمس فى مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما انتهى. والمعنى يغشى كل واحد منهما الآخر كأنه يلفه عليه لف اللباس على اللابس: وبالفارسية [بر مى پيچد ودر مى آرد شب را بروز وبه پرده ظلمت آن نور اين مى پوشد ودر مى آرد روز را بر شب وشعله روشنىء آن تاريكى اين را مختفى مى سازد] وذلك ان النور والظلمة عسكران مهيبان عظيمان وفى كل يوم يغلب هذا ذاك كما فى الكبير او يغيب كل واحد منهما بالآخر كما يغيب الملفوف باللفافة عن مطامح الابصار او يجعله كارّا عليه كرورا متتابعا تتابع اكوار العمامة بعضها على بعض وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ جعلهما منقادين لامره تعالى كُلٌّ منهما يَجْرِي يسير فى بروجه لِأَجَلٍ مُسَمًّى لمدة معينة هى منتهى دورته فى كل يوم او شهر او منقطع حركته اى وقت انقطاع سيره وهو يوم القيامة وانما ذلك لمنافع بنى آدم وفى الحديث (وكل بالشمس سبعة املاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أصابت شيأ الا أحرقته) [وكفته اند ستاركان آسمان دو قسم اند قسمى بر آفتاب كذر كنند واز وى روشنايى كيرند وقسمى آفتاب بر ايشان كذر كند وايشانرا روشنايى دهد از روى اشارت ميكويد مؤمنان دو كروهند كروهى بدرگاه شوند بجد واجتهاد تا نور هدايت يابند] كما قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [وكروهى آنند كه عنايت ازلى بر ايشان كذر كند وايشانرا نور معرفت دهد] كما قال تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) أَلا اعملوا هُوَ وحده الْعَزِيزُ الغالب القادر على كل شىء فيقدر على عقاب العصاة الْغَفَّارُ المبالغ فى المغفرة ولذلك لا يعاجل بالعقوبة وسلب ما فى هذه الصنائع البديعة من آثار الرحمة وعموم المنفعة: وبالفارسية [سلب اين نعمتها نمى كند از آدميان با وجود وقوع شرك ومعصيت از ايشان] قال الامام الغزالي رحمه الله الغفار هو الذي اظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها باسبال الستر عليها فى الدنيا والتجاوز عن عقوبتها فى الآخرة والغفر هو الستر وأول ستره على عبده ان جعل مقابح بدنه التي تستقبحها الأعين مستورة فى باطنه مغطاة بجمال ظاهره فكم بين باطن العبد وظاهره فى النظافة والقذارة وفى القبح والجمال فانظر ما الذي أظهره وما الذي ستره. وستره الثاني ان جعل مستقر خواطره المذمومة وإرادته القبيحة سر قلبه حتى لا يطلع أحد على سر قلبه ولو انكشف للخلق ما يخطر بباله فى مجارى وسواسه وما ينطوى عليه ضميره من الغش والخيانة وسوء الظن بالناس لمقتوه بل سعوا فى تلف روحه وإهلاكه فانظر كيف ستر عن غيره أسراره وعوارفه. والثالث مغفرة ذنوبه التي كان يستحق الافتضاح بها على ملأ من الخلق وقد وعد ان يبدل من سيآته حسنات ليستر مقابح ذنوبه بثواب حسناته إذا مات على الايمان وحظ العبد من هذا الاسم ان يستر

[سورة الزمر (39) : الآيات 6 إلى 10]

من غيره ما يحب ان يستر منه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل وعن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق الله الا احسن ما فيهم ولا ينفك مخلوق عن كمال ونقص وعن قبح وحسن فمن تغافل عن المقابح وذكر المحاسن فهو ذو نصيب من هذا الاسم والوصف كما روى عن عيسى عليه السلام أنه مر مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما أنتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو أحسنه (قال الشيخ سعدى) مكن عيب خلق اى خردمند فاش ... بعيب خود از خلق مشغول باش چوباطل سرايند مكمار كوش ... چوبى ستر بينى نظر را بپوش خَلَقَكُمْ اى الله تعالى ايها الناس جميعا مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هى نفس آدم عليه السلام ثُمَّ جَعَلَ مِنْها اى خلق من جنس تلك النفس واحدة او من قصيراها وهى الضلع التي تلى الخاصرة أو هي آخر الأضلاع وبالفارسية از استخوان پهلوى چب او زَوْجَها حواء عليها السلام وثم عطف على محذوف هو صفة لنفس اى من نفس واحدة خلقها ثم جعل منها زوجها فشفعها وذلك فان ظاهر الآية يفيدان خلق حواء بعد خلق ذرية آدم وليس كذلك وفيه اشارة الى أن الله تعالى خلق الإنسان من نفس واحدة هى الروح وخلق منها زوجها وهو القلب فانه خلق من الروح كما خلقت حواء من ضلع آدم عليه السلام فالله تعالى متفرد بهذا الخلق مطلقا فينبغى ان يعرف ويعبد بلا اشراك وَأَنْزَلَ لَكُمْ اى قضى وقسم لكم فان قضاياه تعالى وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث تكتب فى اللوح المحفوظ او أحدث لكم وانشأ بأسباب نازلة من السماء كالامطار وأشعة الكواكب وهذا كقوله قد أنزلنا عليكم لباسا ولم ينزل اللباس نفسه ولكن انزل الماء الذي هو سبب القطن والصوف واللباس منهما مِنَ الْأَنْعامِ از چهار پايان ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ذكرا وأنثى هى الإبل والبقر والضأن والمعز والانعام جمع نعم بفتحتين وهى جماعة الإبل فى الأصل لا واحد لها من لفظها قال ابن الشيخ فى أول المائدة الانعام مخصوص بالأنواع الاربعة وهى الإبل والبقر والضأن والمعز ويقال لها الأزواج الثمانية لان ذكر كل واحد من هذه الأنواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين والخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام قال فى بحر العلوم الواحد إذا كان وحده فهو فرد وإذا كان معه غيره من جنسه سمى كل واحد منهما زوجا فهى زوجان بدليل قوله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى وعند الحساب الزوج خلاف الفرد كالاربعة والثمانية فى خلاف الثلاثة والسبعة وخصصت هذه الأنواع الاربعة بالذكر لكثرة الانتفاع بها من اللحم والجلد والشعر والوبر وفن التأويلات النجمية وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج اى خلق فيكم من صفات الانعام ثمانى صفات وهى الاكل والشرب والتغوط والتبول والشهوة والحرص والشره

والغضب واصل جميع هذه الصفات الصفتان الاثنتان الشهوة والغضب فانه لا بد لكل حيوان من هاتين الصفتين لبقاء وجوده بهما فبا الشهوة يجلب المنافع الى نفسه وبالغضب يدفع المضرات يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ اى فى أرحامهن جمع أم زيدت الهاء فيه كما زيدت فى اهراق من أراق خَلْقاً كائنا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ اى خلقا مدرجا حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغ مخلقة من بعد مضغ غير مخلقة من بعد علقة من بعد نطفة ونظيره قوله تعالى وقد خلقكم أطوارا فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ متعلق بيخلقكم وهى ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة وهى بالفتح محل الولد اى الجلد الرقيق المشتمل على الجنين او ظلمة الصلب والبطن والرحم وفيه اشارة الى ظلمة الخلقية وظلمة وجود الروح وظلمة البشرية وان شئت قلت ظلمة الجسد وظلمة الطبيعة وظلمة النفس فكما أن الجنين يخرج فى الولادة الاولى من الظلمات المذكورة الى نور عالم الملك والشهادة فكذا السالك يخرج فى الولادة الثانية من الظلمات المسطورة الى نور عالم الملكوت والغيب فى مقام القلب والروح قال الحافظ بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى ذلِكُمُ اشارة اليه تعالى باعتبار أفعاله المذكورة ومحله الرفع على الابتداء اى ذلكم العظيم الشأن الذي عدت أفعاله اللَّهُ خبره وقوله تعالى رَبُّكُمْ خبر آخر له اى مربيكم فيما ذكر من الأطوار وفيما بعدها وما لككم المستحق لتخصيص العبادة به وفى التأويلات النجمية اى انا خلقتكم وانا صورتكم وانا الذي أسبغت عليكم انعامى وخصصتكم بجميع إكرامي وغرقتكم فى بحار افضالى وعرفتكم استحقاق شهود جمالى وجلالى وهديتكم الى توحيدى وأدعوكم الى وحدانيتي فما لكم لا تنطقون الى بالكلية وما لكم لا تطلبون منى ولا تطلبوننى وقد بشرتكم بقولي ألا من طلبنى وجدنى ومن كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى لَهُ الْمُلْكُ على الإطلاق فى الدنيا والآخرة ليس لغيره شركة فى ذلك بوجه من الوجوه وبالفارسية مرورا پادشاهى مطلق كه زوال وفنا بدو راه نيابد وقال بعض الكبار له ملك القدرة على تبليغ العباد الى المقامات العليه والكرامات السنية فينبغى للعبدان لا يقنط فان الله تعالى قادر ليس بعاجز والجملة خبر آخر وكذا قوله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ نيست معبودى بسزا مكرا وفكما أن لا معبود الا هو فكذا لا مقصود بل لا موجود الا هو فهوا الوجود المطلق والهوية المطلقة والواحدة الذاتية فَأَنَّى تُصْرَفُونَ اى فكيف ومن اى وجه تصرفون وتردون عن ملازمة بابه بالعبودية الى باب عاجز مثلكم من الخلق اى عن عبادته تعالى الى عبادة أوثان مع وفور موجباتها ودواعيها وانتفاء الصارف عنها بالكلية الى عبادة غيره من غير داع إليها مع كثرة الصوارف عنها قال على كرم الله وجه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قال لا وما زلت اعرف ان الذي هم اى الكفار عليه من عبادة الأوثان ونحوها كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان فادلة العقل وحدها كافية فى الحكم ببطلان عبادة غير الله فكيف وقد انضم إليها ادلة الشرع فلا بد من الرجوع الى باب الله تعالى فانه المنعم الحقيقي والعبودية له لأنه

[سورة الزمر (39) : آية 7]

الخالق قال ابو سعيد الخراز قدس سره العبودية ثلاثة الوفاء لله على الحقيقة ومتابعة الرسول فى الشريعة والنصيحة لجماعة الامة واعلم ان العبادة هى المقصود من خلق الأشياء كما قال الله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سواء فسرت العبادة بالمعرفة أم لا إذ لا تكون المعرفة الحقيقية الا من طريق العبادة وعن معاذ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلنى الجنة ويباعدنى من النار قال (لقد سألت عن عظيم وانه يسير على من يسر الله تعالى تعبد الله لا تشرك به شيأ وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا ادلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفأ النار بالماء وصلاة الرجل فى جوف الليل) ثم تلا (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) الآية ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد) ثم قال (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) قلت بلى يا رسول الله فاخذ بلسانه وقال (كيف عليك هذا) قلت يا نبى الله وانا المؤاخذون بما نتكلم به فقال (ثكلتك أمك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم او على منا خرهم الا حصائد ألسنتهم) ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى كفتار ودل جاى هوش مكر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوته است آن دراز إِنْ تَكْفُرُوا به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة الموجبة للايمان والشكر. والخطاب لاهل مكة كما فى الوسيط والظاهر التعميم لكل الناس كما فى قوله تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذي يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وان تعلقت به إرادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى. وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده واعلم ان الرضى ترك السخط والله تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعدله جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة إذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فالله تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال وقال ابن عباس رضى الله عنهما والذي لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قوله (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) فيكون عاما مخصوصا كقوله (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ) يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان الله يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصي كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدري باشارة علماء الشام بقوله ان الله لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن الله قادرا على دفع الكفر عن الكافر يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان وفى الأسئلة المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه الله تعالى للكافر قلنا ان الله تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له

وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الإطلاق وتكلف بعض اهل الأصول فقال ان الله تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالى (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) والأليق باهل الزمان والا بعد عن التشنيع والأقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا يقول الفقير ان رضى الله بكفر الكافر ومعصية العاصي اختياره وإرادته له فى الأزل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) انكشف له حقيقة الحال وَإِنْ تَشْكُرُوا تؤمنوا به تعالى وتوحدوه يدل عليه ذكره فى مقابلة الكفر يَرْضَهُ لَكُمْ أصله يرضاه على ان الضمير عائد الى الشكر حذف الالف علامة للجزم وهو باختلاس ضمة الهاء عند اهل المدينة وعاصم وحمزة وبإسكان الهاء عند ابى عمرو وبإشباع ضمة الهاء عند الباقين لانها صارت بخلاف الالف موصولة بمتحرك. والمعنى يرضى الشكر والايمان لاجلكم ومنفعتكم لانه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرضى لكفركم لانه موجب للعذاب الشديد ويرضى لشكركم لانه موجب لمزيد النعمة وذلك لان رحمته سبقت غضبه يقول يا مسكين انا لا ارضى لك ان لا تكون لى يا قليل الوفاء كثير التجني فان أطعتني شكرتك وان ذكرتنى ذكرتك وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى بيان لعدم سراية كفر الكافر الى غيره أصلا. والوزر الحمل الثقيل ووزره اى حمله. والمعنى ولا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس اخرى من الذنب والمعصية [بلكه هر يك بردارنده وزر خود بردارد چنانكه كناه كسى در دفتر ديكر نمى نويسند] كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالبعث بعد الموت لا الى غيره فَيُنَبِّئُكُمْ عند ذلك: وبالفارسية [پس خبر دهد شما را] بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا من اعمال الكفر والايمان اى يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا كما قال الكاشفى [و اخبار از آن بمحاسبه ومجازات باشد] وفى تفسير ابى السعود فى غير هذا المحل عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لكم على رؤس الاشهاد ويعلمكم أي شىء شنيع كنتم تفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ تعليل للتنبئة اى مبالغ فى العلم بمضمرات القلوب فكيف بالأعمال الظاهرة وأصله عليم بمضمرات صاحبة الصدور وفى الآية دليل على ان ضرر الكفر والطغيان يعود الى نفس الكافر كما ان نفع الشكر والايمان يعود الى نفس الشاكر والله غنى عن العالمين كما وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم) اى على تقوى اتقى قلب رجل (ما زاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) وفى آخر الحديث فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه

[سورة الزمر (39) : آية 8]

واعلم أن الشكر سببب الرضوان ألا ترى الى قوله تعالى وان تشكروا يرضه لكم ولشرف الشكر امر أنبياءه فقال لموسى فخذما آتيتك وكن من الشاكرين روى أنه أخذ التوراة وهى خمسة الواح او تسعة من الياقوت وفيها مكتوب يا موسى من لم يصبر على قضائى ولم يشكر نعمائى فليطلب ربا سواى وكان الأنبياء لمعرفتهم لفضل الشكر يبادرون اليه روى أنه عليه السلام لما تورمت قداماه من قيام الليل اى انتفختا من الوجع الحاصل من طول القيام فى الصلاة قالت عائشة رضى الله عنها أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال عليه السلام أفلا أكون عبدا شكورا اى مبالغا فى شكر ربى وفى ذلك تنبيهه على كمال فضل قيام الليل حيث جعله النبي عليه السلام شكرا لنعمته تعالى ولا يخفى أن نعمة عظيمة وشكره ايضا عظيم فاذا جعل النبي عليه السلام قيام الليل شكرا لمثل هذه نعم الجليلة ثبت أنه من أعظم الطاعات وأفضل العبادات وفى الحديث صلاة فى مسجدى هذا أفضل من عشرة آلاف فى غيره الا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فى غيره ثم قال ألا أدلكم على ما هو أفضل من ذلك قالو نعم قال رجل قام فى سودا الليل فاحسن الوضوء وصلى ركعتين يريد بهما وجه الله تعالى وعن عائشه رضى الله عنها أن النبي عليه السلام كان إذا فاته قيام الليل بعذر قضاه ضحواة اى من غير وجوب عليه بل على طريق الاحتياط فان الورد الملتزم إذا فات عن محله يلزم أن يتدارك فى وقت آخر حتى يتصل الاجر ولا ينقطع الفيض فانه بدوام التوجه يحصل دوام العطا وشرط عليه السلام ارادة وجه الله تعالى فانه تعالى لا يقبل ما كان لغيره ولذا وعدوا وعد بقوله انه عليم بذات الصدور فمن اشتمل صدره على الخلوص تخلص من يد القهره ومن اشتمل على الشرك والرياء وجد الله عند عمله فوفاه حسابه اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات اگر جانب حق ندارى نكاه ... بگويى بروز أجل آه آه چهـ وزن آورد جايى انبان باد ... كه ميزان عدلست وديوان داد مرايى كه چندان عمل مى نمود ... بديدند هيچش در انبان نبوت منه آب روى ريا را محل ... كه اين آب در زير دارد وحل جعلعنا الله وإياكم من الصالحين الصادقين المخلصين فى الأقوال والافعال والأحوال دون الفاسقين الكاذبين المرائين آمين يا كريم العفو كثير النوال وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ أصابه ووصل اليه سوء حال من فقرا ومرض او غيرهما وبالفارسية و چون آنگاه كه برسيد ايشانرا سختى قال الراغب المس يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والضر يقابل بالسرآء والنعماء والضرر بالنفع دَعا رَبَّهُ فى كشف ذالك الضر حال كونه مُنِيباً إِلَيْهِ راجعا اليه مما كان يدعوه فى حالة الانابة الى الله والرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل والنوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى وهذا وصف للجنس بحال بعض افراده كقوله تعالى ان الإنسان لظلوم كفار وفيه اشارة الى أن من طبيعة الإنسان انه إذا مسه ضر

خشع وخضع والى ربه فزع وتملق بين يديه وتضرع (وفى المثنوى) بند مى نالد بحق از درد ونيش ... صد شكايت ميكند از رنج خويش حق همى كويد كه آخر رنج ودرد ... مر ترا لابه كان او راست كرد در حقيقت هر عدد را روى تست ... كيميا ونافع دلجوى تست كه ازو اندر كريزى در خلا ... استعانت جويى از لطف خدا در حقيقت دوستان دشمن اند ... كه ز حضرت دور ومشغولت كنند ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ اى أعطاه نعمة عظيمة من جنابه تعللى وأزال عنه ضره وكفاه امره وأصلح باله واحسن حاله من التخول وهو التعهد اى المحافظة والمراعاة اى جعله خائل مال من قولهم فلان خائل ماله إذا كان متعهدا له حسن القيام به ومن شأن الغنى الجواد أن يراعى احوال الفقراء او من الخول وهو الافتخار لان الغنى يكون متكبرا طويل الذيل اى جعله يخول اى يختال ويفتخر بالنعمة نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ اى نسى الضر الذي كان يدعو الله الى كشفه مِنْ قَبْلُ اى من قبل التخويل كقوله تعالى مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه او نسى ربه الذي كان يدعوه ويتضره اليه اما بناء على أن ما بمعنى من كما فى قوله تعالى وما خلق الذكر والأنثى واما إيذانا بأن نسيانه بلغ الى حيث لا يعرف مدعوه ما هو فضلا عن أن يعرفه من هو فيعود الى رأس كفرانه وينهمك فى كبائر عصيانه ويشرك بمعبوده ويصر على جحوده وذلك لكون دعائه المحسوس معلولا بالضر الممسوس لا ناشئا عن الشوق الى الله المأنوس (وفى المثنوى) آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا مى زند وفى عرائس البقلى وصف الله اهل الضعف من اليقين إذا مسه ألم امتحانه دعاه بغير معرفته وإذا وصل اليه نعمته احتجب بالنعمة عن المنعم فبقى جاهلا من كلا الطريقين لا يكون صابرا فى البلاء ولا شاكرا فى النعماء وذلك من جهله بربه ولو أدركه بنعت المعرفة وحلاوة المحبة لبذل له نفسه حتى يفعل به ما يشاء وقال بعضهم اقل العبيد علما ومغرفة أن يكون دعاؤه لربه عند نزول ضر به فان من دعاه بسبب او لسبب فذلك دعاء معلول مدخول حتى يدعوه رغبة فى ذكره وشوقا اليه وقال الحسين من نسى الحق عند العوافي لم يجب الله دعاءه عند المحن والاضطرار ولذلك قال النبي عليه السلام لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة وقال النهر جورى لا تكون النعمة التي تحمل صاحبها الى نسيان المنعم نعمة بل هى الى النقم اقرب اين كله زان نعمتى كن كت زند ... از در ما دور مطرودت كند وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً شركاء فى العبادة اى رجع الى عبادة الأوثان جمع ند وهو يقال لما يشارك فى الجوهر فقط كما فى المفردات وقال فى بحر العلوم هو المثل المخالف اى أمثالا يعتقد انها قادرة على مخالفة الله ومضادته لِيُضِلَّ الناس بذلك يعنى تا كمراه كند مردمانرا

[سورة الزمر (39) : آية 9]

عَنْ سَبِيلِهِ الذي هو التوحيد. والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك استعين للتوحيد لانه موصل الى الله تعالى ورضاه قرى ليضل بفتح الياء اى ليزداد ضلالا او يثبت عليه والا فاصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور واللام لام العاقبة فان النتيجة قد تكون غرضا فى الفعل وقد تكون غير غرض والضلال والإضلال ليسا بغرضين بل نتيجة الجعل وعاقبته قُلْ الأمر الآتي للتهديد كقوله (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) فالمعنى قل يا محمد تهديدا لذلك الضال المضل وبيانا لحاله ومآله وفى التأويلات النجمية قل للانسان الذي هذه طبيعته فى السراء والضراء تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا اى تمتعا قليلا فهو صفة مصدر محذوف او زمانا قليلا فهو صفة زمان محذوف يعنى: [از متمتعات بهر چهـ خواهى اشتغال كن در دنيا تا وقت مرك والتمتع برخوردارى كرفتن] يعنى الانتفاع إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ فى الآخرة اى من ملازميها والمعذبين فيها على الدوام [ولذتهاى دنيا در جنب شدت عذاب دوزخ بغايت محقر است] وهو تعليل لقلة التمتع وفيه من الاقناط من النجاة ما لا يخفى كأنه قيل وإذ قدا بيت قبول ما أمرت به من الايمان والطاعة فمن حقك ان تؤمر بتركه لتذوق عقوبته وفيه اشارة الى ان من صاحب فى الدنيا اهل النار وسلك على أقدام مخالفات المولى وموافقات الهوى طريق الدركات السفلى وهو صاحب النار وأهلها والى ان عمر الدنيا قليل فكيف بعمر الإنسان وان التمتع بمشتهيات الدنيا لا يغنى عن الإنسان شيأ فلا بد من الانتباه قبل نداء الاجل وصلى ابو الدرداء رضى الله عنه فى مسجد دمشق ثم قال يا اهل دمشق الا تستحيون الى متى تؤمّلون ما لا تبلغون وتجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون ان من كان قبلكم امّلوا بعيدا وبنوا مشيدا وجمعوا كثيرا فاصبح أملهم غرورا وجمعهم بورا ومساكنهم قبورا وذكر فى الاخبار ان رجلا قال لموسى عليه السلام ادعو الله ان يرزقنى ما لا فدعا ربه فاوحى الله اليه يا موسى أقليلا سألت أم كثيرا قال يا رب كثيرا قال فاصبح الرجل أعمى فغدا على موسى فتلقاه سبع فقتله فقال موسى يا رب سألتك ان ترزقه كثيرا وأكله السبع فاوحى الله اليه يا موسى انك سألت له كثيرا وكل ما كان فى الدنيا فهو قليل فاعطيته الكثير فى الآخرة فطوبى لمن ابغض الدنيا وما فيها وعمل للآخرة والمولى قبل دنو الاجل وظهور الكسل جعلنا الله وإياكم من المتيقظين آمين أَمَّنْ بالتشديد على ان أصله أم من والاستفهام بمعنى التقرير والمعنى الكافر القاسي الناسي خير حالا واحسن مالا أم من وهو عثمان بن عفان رضى الله عنه على الأشهر ويدخل فيه كل من كان على صفة التزكية ومن خفف الميم تبع المصحف لان فيه ميما واحدة فالالف للاستفهام دخلت على من ومعناه أم من هُوَ قانِتٌ كمن ليس بقانت القنوت يجيىء على معانى. منها الدعاء فقنوت الوتر دعاؤه واما دعاء القنوت فالاضافة فيه بيانية كما فى حواشى أخي چلبى. ومنها الطاعة كما فى قوله تعالى (وَالْقانِتاتِ) . ومنها القيام فالمصلى قانت اى قائم وفى الفروع وطول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام (أفضل الصلاة طول القنوت) اى القيام كما فى الدرر وفى الحديث (مثل المجاهد فى سبيل الله كمثل القانت الصائم) يعنى المصلى الصائم كما فى كشف الاسرار. والتعقيب بآناء الليل وبساجدا

وقائما يخصصه اى القنوت بالقيام فالمعنى أم من هو قائم آناءَ اللَّيْلِ اى فى ساعاته واحده انى بكسر الهمزة وفتحها مع فتح النون وهو الساعة وكذا الانى والانو بالكسر وسكون النون يقال مضى أنوان وانيان من الليل اى ساعتان ساجِداً حال من ضمير قانت اى حال كونه ساجدا وَقائِماً تقديم السجود على القيام لكونه ادخل فى معنى العبادة والواو للجمع بين الصفتين. والمراد بالسجود والقيام الصلاة عبر عنها بهما لكونهما من أعظم أركانها. فالمعنى قانت اى قائم طويل القيام فى الصلاة كما يشعر به آناء الليل لانه إذا قام فى ساعات الليل فقد أطال القيام بخلاف من قام فى جزء من الليل يَحْذَرُ الْآخِرَةَ حال اخرى على الترادف او التداخل او استئناف كأنه قيل ما باله يفعل القنوت فى الصلاة فقيل يحذر عذاب الآخرة لا يمانه بالبعث وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ اى المغفرة او الجنة لا انه يحذر ضرّ الدنيا ويرجو خيرها فقط كالكافر وفى التأويلات النجمية يشير الى القيام بأداء العبودية ظاهرا وباطنا من غير فتور ولا تقصير (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) ونعيمها كما يحذر الدنيا وزينتها (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) لا نعمة ربه انتهى ودلت الآية على ان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة ربه لعمله ويحذر عذابه لتقصيره فى عمله ثم الرجاء إذا جاوز حدّه يكون أمنا والخوف إذا جاوز حدّه يكون اياسا وكل منهما كفر فوجب ان يعتدل كما قال عليه السلام (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا) كر چهـ دارى طاعتى از هيبتش ايمن مباش ... ور كنه دارى ز فيض رحمتش دل بر مدار نيك ترسان شو كه قهر اوست بيرون از قياس ... باش پس خوش دل كه لطف اوست افزون از شمار ثم فى الآية تحريض على صلاة الليل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال من أحب ان يهوّن الله عليه الموقف يوم القيامة فليره الله فى سواد الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه كما فى تفسير الحدادي قال ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتيت بوضوئه وحاجته فقال لى (سل) فقلت اسألك مرافقتك فى الجنة فقال (أو غير ذلك) فقلت هو ذلك قال (فاعن نفسك على كثرة السجود) اى بكثرة الصلاة قال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين فى الاسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر العوافي من قلوبهم الى قلوب الغافلين خروسان در سحر كويد كه قم يا ايها الغافل ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست قُلْ بيانا للحق وتنبيها على شرف العلم والعمل هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حقائق الأعمال فيعملون بموجب علمهم كالقانت المذكور وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ما ذكر فيعملون بمقتضى جهلهم وضلالهم كالكافر. والاستفهام للتنبيه على كون الأولين فى أعلى معارج الخير وكون الآخرين فى أقصى مدارج الشر وفى بحر العلوم الفعل منزل منزلة اللازم ولم يقدّر له مفعول لان المقدر كالمذكور. والمعنى لا يستوى من يوجد فيه حقيقة العلم ومن لا يوجد إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ كلام مستقل غير داخل فى الكلام المأمور به وارد من جهته تعالى اى انما يتعظ بهذه البيانات الواضحة اصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل والوهم وهؤلاء

بمعزل عن ذلك قيل قضية اللب الاتعاظ بالآيات ومن لم يتعظ فكأنه لالب له ومثله مثل البهائم وفى المفردات اللب العقل الخالص من الشوائب وسمى بذلك لكونه خالص ما فى الإنسان من قواه كاللباب من الشيء وقيل هو ما زكا من العقل فكل لب عقل وليس كل عقل لبا ولذا علق الله تعالى الاحكام التي لا تدركها الا العقول الزكية باولى الألباب نحو قوله (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) ونحو ذلك من الآيات انتهى وفى التأويلات النجمية (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) قدر جوار الله وقربته ويختارونه على الجنة ونعيمها (وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قدره (إِنَّما يَتَذَكَّرُ) حقيقة هذا المعنى (أُولُوا الْأَلْبابِ) وهم الذين انسلخوا من جلد وجودهم بالكلية وقد ماتوا عن انانيتهم وعاشوا بهويته انتهى وفى الآية بيان لفضل العلم وتحقير للعلماء الغير العاملين فهم عند الله جهلة حيث جعل القانتين هم العلماء قال الشيخ السهروردي فى عوارف المعارف ارباب الهمة اهل العلم الذين حكم الله تعالى لهم بالعلم فى قوله تعالى (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) الى قوله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي) إلخ حكم لهؤلاء الذين قاموا بالليل بالعلم فهم لموضع علمهم ازعجوا النفوس عن مقار طبيعتها ورقوها بالنظر الى اللذات الروحانية الى ذرى حقيقتها فتجافت جنوبهم عن المضاجع وخرجوا من صفة الغافل الهاجع انتهى وفى الحديث (يشفع يوم القيامة ثلاث الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) وقال ابن عباس رضى الله عنهما خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فاعطى المال والملك- وفى الخبر- ان الله تعالى أرسل جبرائيل الى آدم عليهما السلام بالعقل والحياء والايمان فخيره بينهن فاختار العقل فتبعاه وفى بعض الروايات أرسل بالعلم والحياء والعقل فاستقر العلم فى القلب والحياء فى العين والعقل فى الدماغ وفى الحديث (من أحب ان ينظر الى عتقاء الله من النار فلينظر الى المتعلمين فو الذي نفسى بيده ما من متعلم يختلف الى باب العلم الا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل قدم مدينة فى الجنة ويمشى على الأرض تستغفر له ويستغفر له كل من يمشى على الأرض ويمسى ويصبح مغفور الذنب وشهدت الملائكة هؤلاء عتقاء الله من النار) وذكر ان شرف العلم فوق شرف النسب ولذا قيل ان عائشة رضى الله عنها أفضل من فاطمة رضى الله عنها ولعله المراد بقول الأمالي وللصدّيقة الرجحان فاعلم ... على الزهراء فى بعض الخصال لان النبي عليه السلام قال (خذوا ثلثى دينكم من عائشة) واما اكثر الخصال فالرجحان للزهراء على الصدّيقة كما دل عليه قوله عليه السلام (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) وفى الحديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم) قال فى الاحياء اختلف الناس فى العلم الذي هو فرض على كل مسلم فقال المتكلمون هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم ذات الله وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه إذ به يعرف العبادات والحلال والحرام وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل العلوم كلها وقال المتصوفة هو علم التصوّف إذ به يعرف العبد مقامه من الله تعالى. وحاصله ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده قوله (على كل مسلم)

اى مكلف ذكرا كان او أنثى قال فى شرح الترغيب مراده علم ما لا يسع الإنسان جهله كالشهادة باللسان والإقرار بالقلب واعتقاد ان البعث بعد الموت ونحوه حق وعلم ما يجب عليه من العبادات وامر معايشه كالبيع والشراء فكل من اشتغل بامر شرعىّ يجب طلب علمه عليه مثلا إذا دخل وقت الصلاة تعين عليه ان يعرف الطهارة وما يتيسر من القرآن ثم تعلم الصلاة وان أدركه رمضان وجب عليه ان ينظر فى علم الصيام وان اخذه الحج وجب عليه حينئذ علمه وان كان له مال وحال عليه الحول تعين عليه علم زكاة ذلك الصنف من المال لا غير وان باع او اشترى وجب عليه علم البيوع والمصارفة وهكذا سائر الاحكام لا يجب عليه الا عند ما يتعلق به الخطاب فان قيل يضيق الوقت على نيل علم ما خوطب به فى ذلك الوقت قلنا لسنا نريد عند حلول الوقت المعين وانما نريد بقربه بحيث ان يكون له من الزمان بقدر ما يحصل ذلك العلم المخاطب به ويدخل عقيبه وقت العمل وهذا المذكور هو المراد بعلم الحال فعلم الحال بمنزلة الطعام لا بد لكل أحد منه وعلم ما يقع فى بعض الأحايين بمنزلة الدواء يحتاج اليه فى بعض الأوقات وقال فى عين العلم المراد المكاشفة فيما ورد (فضل العالم على العابد كفضلى على أمتي) إذ غيره وهو علم المعاملة تبع للعمل لثبوته شرطا له وكذا المراد المعاملة القلبية الواجبة فيما ورد (طلب العلم فريضة على كل مسلم) اى يفترض عليه علم احوال القلب من التوكل والانابة والحشية والرضى فانه واقع فى جميع الأحوال وكذلك فى سائر الأخلاق نحو الجود والبخل والجبن والجراءة والتكبر والتواضع والعفة والشره والإسراف والتقتير وغيرها ويمتنع ان يراد غير هذه المعاملات اما التوحيد فللحصول واما الصلاة فلجواز ان يتأهلها شخص وقت الضحى بالإسلام او البلوغ ومات قبل الظهر فلا يفترض عليه طلب علم تلك الصلاة فلا يستقيم العموم المستفاد من لفظة كل وكذا المراد علم الآخرة مطلقا اى مع قطع النظر عن المعاملة والمكاشفة فيما ورد (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) لئلا يفضل علماء الزمان على الصحابة فمجادلة الكلام والتعمق فى فتاوى ندر وقوعها محدث وبالجملة علم التوحيد اشرف العلوم لشرف معلومه وكل علم نافع وان كان له مدخل فى التقرب الى الله تعالى الا ان القربة التامة انما هى بالعلم الذي اختاره الصوفية المحققون على ما اعترف به الامام الغزالي رحمه الله فى منقذ الضلال. وكان المتورعون من علماء الظاهر يعترفون بفضل ارباب القلوب ويتخلفون الى مجالسهم. وسأل بعض الفقهاء أبا بكر الشبلي قدس سره اختبارا لعلمه وقال كم فى خمس من الإبل فقال اما الواجب فشاة واما عندنا فكلها لله فقال وما دليلك فيه قال ابو بكر رضى الله عنه حين خرج عن جميع ماله لله ولرسوله فمن خرج عن ماله كله فامامه ابو بكر رضى الله عنه ومن ترك بعضه فامامه عمر رضى الله عنه ومن اعطى لله ومنع لله فامامه عثمان رضى الله عنه ومن ترك الدنيا لاهلها فامامه على رضى الله عنه فكل علم لا يدل على ترك الدنيا فليس بعلم وقد قال عليه السلام (أعوذ بك من علم لا ينفع) وهو العلم الذي لا يمنع صاحبه عن المنهي ولا يجره الى المأمور به وفى كشف الاسرار [علم سه است علم خبرى وعلم الهامى وعلم غيبى. علم خبرى كوشها شنود. وعلم الهامى دلها شنود. وعلم غيبى جانها شنود. علم خبرى

[سورة الزمر (39) : آية 10]

بروايت است. علم الهامى بهدايت است. علم غيبى بعنايت است. علم خبرى را كفت (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) «فقدم العلم لانه امام العمل» علم الهامى را كفت (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) علم غيبى را كفت (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) ووراى اين همه علمى است كه وهم آدمي بدان نرسد وفهم از ان در ماند] وذلك علم الله عز وجل بنفسه على حقيقته قال الله تعالى (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) قال الشبلي قدس سره العلم خبر والخبر جحود وحقيقة العلم عندى بعد اقوال المشايخ الاتصاف بصفة الحق من حيث علمه حتى يعرف ما فى الحق وقال بعض الكبار المقامات كلها علم والعلم حجاب اى ما لم يتصل بالمعلوم ويفنى فيه وكذا الاشتغال بالقوانين والعلوم الرسمية حجاب مانع عن الوصول وذلك لان العلم الإلهي الذي يتعلق بالحقائق الالهية لا يحصل الا بالتوجه والافتقار التام وتفريغ القلب وتعريته بالكلية عن جميع المتعلقات الكونية والعلوم والقوانين الرسمية واما علم الحال فمن مقدمات السلوك فحجبه مانع لا هو نفسه وعينه ولا يدعى أحد ان العلم مطلقا حجاب وكيف يكون حجابا وهو سبب الكشف والعيان لكن لا بد من فنائه فى وجود العالم وفناء ما يقتضيه من الافتخار والتكبر والازدراء بالغير ونحوها ولكون بقائه حجابا قلما سلك العلماء بالرسوم تسأل الله سبحانه ان يزين ظواهرنا بالشرائع والاحكام وينور بواطننا بانواع العلوم والإلهام ويجعلنا من الذين يعلمون وهم الممدوحون لا من الذين لا يعلمون وهم المذمومون آمين وهو المعين قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اى قل لهم قولى هذا بعينه وفيه تشريف لهم باضافتهم الى ضمير الجلالة فان أصله يا عبادى بالياء حذفت اكتفاء بالكسرة وفى كشف الاسرار [اين خطاب با قومى است كه مراد نفس خويش بموافقت حق بدادند ورضاى الله بر هواى نفس بركزيدند تا صفت عبوديت ايشان درست كشت ورب العالمين رقم اضافت بر ايشان كشيد كه (يا عِبادِ) ومصطفى عليه السلام كفت (من مقت نفسه فى ذات الله آمنه الله من عذاب يوم القيامة) وابو يزيد بسطامى قدس سره ميكويد اگر فرداى قيامت مرا كويند كه آرزويى كن آرزوى من آنست بدوزخ اندر آيم واين نفس بر آتش عرض كنم كه در دنيا ازو بسيار پيچيدم ورنج وى كشيدم] انتهى وايضا ان أخص الخواص هم العباد الذين خلصوا من عبودية الغير من الدنيا والآخرة لكونهما مخلوقتين وآمنوا بالله الخالق ايمان الطلب شوقا ومحبة اتَّقُوا رَبَّكُمْ اى اثبتوا على تقوى ربكم لان بالايمان حصول التقوى عن الكفر والشرك او اتقوا عذابه وغضبه باكتساب طاعته واجتناب معصيته او اتقوا به عما سواه حتى تتخلصوا من نار القطيعة وتفوزوا بوصاله ونعيم جماله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا اى عملوا الأعمال الحسنة فى هذه الدنيا على وجه الإخلاص ورأسها كلمة الشهادة فانها احسن الحسنات حَسَنَةٌ مبتدأ وخبره للذين وفى هذه الدنيا متعلق بأحسنوا وفيه اشارة الى قوله (الدنيا مزرعة الآخرة) اى حسنة ومثوبة عظيمة فى الآخرة لا يعرف كنهها وهى الجنة والشهود لان جزاء الإحسان الإحسان والإحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فالمحسن هو المشاهد وبمشاهدة الله يغيب ما سوى الله

فلا يبقى الا هو وذلك حقيقة الإخلاص واما غير المحسن فعلى خطر لبقائه مع ما سوى الله تعالى فلا يأمن من الشرك والرياء القبيح ومن كان عمله قبيحا لم يكن جزاؤه حسنا وفى التأويلات النجمية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) فى طلبى (فِي هذِهِ الدُّنْيا) ولا يطلبون منى غيرى حسنة اى لهم حسنة وجداني يعنى حسن الوجدان مودع فى حسن الطلب: قال الخجندي بكوش تا بكف آرى كليد كنج وجود ... كه بى طلب نتوان يافت كوهر مقصود تو چاكر در سلطان عشق شو چوأياز ... كه هست عاقبت كار عاشقان محمود وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ فمن تعسر عليه التوفر على التقوى والإحسان فى وطنه فليهاجر الى حيث يتمكن فيه من ذلك كما هو سنة الأنبياء والصالحين فانه لا عذر له فى التفريط أصلا وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي وقد ورد (ان من فر بدينه من ارض الى ارض وجبت له الجنة) وانما قال بدينه احترازا عن الفرار بسبب الدنيا ولاجلها خصوصا إذا كان المهاجر اليه اعصى من المهاجر منه وفى التأويلات النجمية يشير الى حضرة جلاله انه لا نهاية لها فلا يغتر طالب بما يفتح عليه من أبواب المشاهدات والمكاشفات فيظن انه قد بلغ المقصد الأعلى والمحل الأقصى فانه لا نهاية لمقامات القرب ولا غاية لمراتب الوصول: وفى المثنوى اى برادر بى نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مأيست إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للاذى وحافظوا على حدوده ولم يفرطوا فى مراعاة حقوقه لما اعتراهم فى ذلك من فنون الآلام والبلايا التي من جملتها مهاجرة الأهل ومفارقة الأوطان [والتوفية: تمام بدادن] قال فى المفردات توفية الشيء بذله وافيا كاملا واستيفاؤه تناوله وافيا. والمعنى يعطون أَجْرَهُمْ بمقابلة ما كابدوا من الصبر بِغَيْرِ حِسابٍ اى بحيث لا يحصى ويحصر وفى الحديث (انه تنصب الموازين يوم القيامة لاهل الصلاة والصدقة والحج فيوفون بها أجورهم ولا تنصب لاهل البلاء بل يصب عليهم الاجر صبا حتى يتمنى اهل المعافاة فى الدنيا ان أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به اهل البلاء من الفضل) تو مبين رنجورى غمديدكان ... كاندران رنجيده از بگزيدگان هر كرا از زخمها غم بيشتر ... لطف يارش داده مرهم بيشتر قال سفيان لما نزل (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) قال عليه السلام (رب زد لامتى) فنزل (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) فقال عليه السلام (رب زد لامتى) فنزل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) فقال (رب زد لامتى) فنزل (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسئل النبي عليه السلام أي الناس أشد بلاء قال (الأنبياء ثم الأمثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه) فان كان فى دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان فى دينه ذارقة هون عليه فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض كمن ليس له ذنب وقال صلى الله عليه

[سورة الزمر (39) : الآيات 11 إلى 16]

وسلم (ان العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله فى جسده او فى ماله اوفى ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله) وان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط وفى عرائس البقلى وصف الله القوم بأربع خصال بالايمان والتقوى والإحسان والصبر فاما ايمانهم فهو المعرفة بذاته وصفاته من غير استدلال بالحدثان بل عرفوا الله بالله فاما تقواهم فتجريدهم أنفسهم عن الكون حتى قاموا بلا احتجاب عنه واما إحسانهم فادراكهم رؤيته تعالى بقلوبهم وأرواحهم بنعت كشف جماله واما صبرهم فاستقامتهم فى مواظبة الأحوال وكتمان الكشف الكلى وحقيقة الصبر ان لا يدعى الديمومية بعد الاتصاف بها ومعنى أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ) ارض القلوب ووسعها بوسع الحق فاذا كان العارف بهذه الأوصاف فله أجران اجر الدنيا وهو المواجيد والواردات الغريبة واجر الآخرة وهو غوصه فى بحار الآزال والآباد والفناء فى الذات والبقاء فى الصفات قال الحارث المحاسبى الصبر التهدّف لسهام البلاء وقال طاهر المقدسي الصبر على وجوه صبر منه وصبر له وصبر عليه وصبر فيه أهونه الصبر على أوامر الله وهو الذي بين الله ثوابه فقال (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) إلخ وقال يوسف بن الحسين ليس بصابر من يتجرع المصيبة ويبدى فيها الكراهة بل الصابر من يتلذذ بصبره حتى يبلغ به الى مقام الرضى قُلْ روى ان كفار قريش قالوا للنبى عليه السلام ما يحملك على الذي أتيتنا به ألا تنظر الى ملة آبائك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فتأخذ بتلك الملة فقال تعالى قل يا محمد للمشركين إِنِّي أُمِرْتُ من جانبه تعالى أَنْ اى بان أَعْبُدَ اللَّهَ حال كونى مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ اى العبادة من الشرك والرياء بان يكون المقصد من العبادة هو المعبود بالحق لا غير كما فى قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) وَأُمِرْتُ بذلك لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ من هذه الامة اى لاجل ان أكون مقدمهم فى الدنيا والآخرة لان السبق فى الدين انما هو بالإخلاص فيه فمن أخلص عدّ سابقا فاذا كان الرسول عليه السلام متصفا بالإخلاص قبل اخلاص أمته فقد سبقهم فى الدارين إذ لا يدرك المسبوق مرتبة السابق ألا ترى الى الاصحاب مع من جاء بعدهم والظاهر ان اللام مزيدة فيكون كقوله تعالى (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) فالمعنى وأمرت ان أكون أول من اسلم من اهل زمانى لان كل نبى يتقدم اهل زمانه فى الإسلام والدعاء الى خلاف دين الآباء وان كان قبله مسلمون قال بعضهم الإخلاص ان يكون جميع الحركات فى السر والعلانية لله تعالى وحده لا يمازجه شىء وقال الجنيد قدس سره امر جميع الخلق بالعبادة وامر النبي عليه السلام بالإخلاص فيها اشارة الى ان أحدا لا يطيق تمام مقام الإخلاص سواه قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي بترك الإخلاص والميل الى ما أنتم عليه من الشرك عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى أخاف من عذاب يوم القيامة وهو يوم عظيم لعظمة ما فيه من الدواهي والأهوال بحسب عظم المعصية وسوء الحال وفيه زجر عن المعصية بطريق المبالغة لانه عليه السلام مع جلالة قدره إذا

[سورة الزمر (39) : الآيات 14 إلى 16]

خاف على تقدير العصيان فغيره من الامة اولى بذلك ودلت الآية على ان المترتب على المعصية ليس حصول العقاب بل الخوف من العقاب فيجوز العفو عن الصغائر والكبائر: قال الصائب محيط از چهره سيلاب كرده راه ميشويد ... چهـ انديشد كسى با عفو حق از كرد زلتها قُلِ اللَّهَ نصب بقوله أَعْبُدُ على ما أمرت لا غيره لا استقلالا ولا اشتراكا مُخْلِصاً لَهُ دِينِي من كل شوب وهو بالاضافة لان قوله اعبد اخبار عن المتكلم بخلاف ما فى قوله مخلصا له الدين لان الاخبار فيه أمرت وما بعده صلته ومفعوله فظهر الفرقان كما فى برهان القرآن وقال الكاشفى [پاك كننده براى او كيش خود را از شرك يا خالص سازنده عمل خود را از ريا] وفى التأويلات النجمية قل الله اعبد لا الدنيا ولا العقبى واطلب بعبادتي المولى مخلصا له دينى وكل له سؤل ودين ومذهب ... فلى انتمو سؤلى ودينى هوا كمو ز پشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است از خدا چهـ خبر فَاعْبُدُوا اى قد امتثلت ما أمرت به فاعبدوا يا معشر الكفار ما شِئْتُمْ ان تعبدوه مِنْ دُونِهِ تعالى. والأمر للتحديد كما فى قوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) قال فى الإرشاد وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى كأنهم لما لم ينتهوا عما نهوا عنه أمروا به كى يحل بهم العقاب ولما قال المشركون خسرت يا محمد حيث خالفت دين آبائك قال تعالى قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ اى الكاملين فى الخسران الذي هو عبارة عن اضاعة ما يهمه وإتلاف ما لا بد منه وفى المفردات الخسران انتقاص رأس المال يستعمل فى المال والجاه والصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذي جعل الله الخسران المبين وهو بالفارسية [زيان: والخاسر زيانكار بگو بدرستى كه زيانكاران] الَّذِينَ [آنانند كه] فالجملة من الموصول والصلة خبران خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بالضلال واختيار الكفر لها اى أضاعوها واتلفوها إتلاف البضاعة فقوله أنفسهم مفعول خسروا وقال الكاشفى [زيان كردند در نفسهاى خود كه كمراه كشتند] وَأَهْلِيهِمْ بالضلال واختيار الكفر لهم ايضا أصله أهلين جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذو قرابته كما فى القاموس ويفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك يَوْمَ الْقِيامَةِ حين يدخلون النار بدل الجنة حيث عرضوهما للعذاب السرمدي واوقعوهما فى هلكة لاهلكة وراءها أَلا ذلِكَ الخسران هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ حيث استبدلوا بالجنة نارا وبالدرجات دركات كما فى كشف الاسرار وقال الكاشفى [بدانيد وآگاه باشيد كه آنست آن زيان هويدا كه بر هيچكس از هل موقف پوشيده نماند] وفى التأويلات النجمية الخاسر فى الحقيقة من خسر دنياه بمتابعة الهوى وخسر عقباه بارتكاب ما نهى عنه وخسر مولاه بتولي غيره ثم شرح خسرانهم بنوع بيان فقال لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ لهم خبر الظلل والضمير للخاسرين ومن فوقهم حال من ظلل والظلل جمع ظلة كغرف جمع غرقه وهى سحابه نظل وشىء كهيئة الصفة بالفارسية [سايبان] وفى كشف الاسرار ما اظلك من فوقك. والمعنى للخاسرين ظل من النار كثيرة متراكبة بعضها فوق بعض حال كون تلك الظل من فوقهم والمراد طباق وسرادقات من النار ودخانها وسمى النار ظلة لغلظها وكثافتها

ولانها تمنع من النظر الى ما فوقهم وفيه اشعار بشدة حالهم فى النار وتهكم بهم لان الظلة انما هى للاستظلال والتبرد خصوصا فى الأراضي الحارة كأرض الحجاز فاذا كانت من النار نفسها كانت احرّ ومن تحتها اغمّ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ايضا ظُلَلٌ والمراد احاطة النار بهم من جمع جوانبهم كما قال تعالى (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) اى فسطاطها وهو الخيمة شبه به ما يحيط بهم من النار كما سبق فى الكهف ونظير الآية قوله تعالى (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) وقوله (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) وقال بعضهم ومن تحتهم ظلل اى طباق من النار ودركات كثيرة بعضها تحت بعض هى ظلل للآخرين بل لهم ايضا عند تردّيهم فى دركاتها كما قال السدى هى لمن تحتهم ظلل وهكذا حتى ينتهى الى القعر والدرك الأسفل الذي هو للمنافقين فالظلل لمن تحتهم وهى فرش لهم وكما قال فى الاسئلة المقحمة كيف سمى ما هو الأسفل ظللا والظلال ما يكون فوقا والجواب لانها تظلل من تحتها فاضاف السبب الى حكمه ذلِكَ العذاب الفظيع هو الذي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ فى القرآن ليؤمنوا ويحذرهم إياه بآيات الوعيد ليجتنبوا ما يوقعهم فيه وفى الوسيط يخوف الله به عباده المؤمنين يعنى ان ما ذكر من العذاب معد للكفار وهو تخويف للمؤمنين ليخافوه فيتقوه بالطاعة والتوحيد يا عِبادِ [اى بندگان من] وأصله يا عبادى بالياء فَاتَّقُونِ ولا تتعرضوا لما يوجب سخطى وهذه عظة من الله تعالى بالغة منطوية على غاية اللطف والرحمة وفيه اشارة الى ان الله تعالى خلق جهنم سوطا يسوق به عباده الى الجنة إذ ليس تحت الوجود الا ما هو مشتمل للحكمة والمصلحة فمن خاف بتخويف الله إياه من هذا الخسران فهو عبده عبدا حقيقيا ومستأهل لشرف الاضافة اليه وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره ان الخلق يفرون من الحساب وانا اقبل عليه فان الله تعالى لو قال لى أثناء الحساب عبدى لكفانى فعلى العاقل تحصيل العبودية وتكميلها كى يليق بخطاب الله تعالى ويكون من اهل الحرمة عند الله تعالى ألا ترى ان من خدم ملكا من الملوك يستحق الكرامة ويصير محترما عنده وهو مخلوق فكيف خدمة الخالق نقل فى آخر فتاوى الظهيرية ان الامام الأعظم أبا حنيفة رحمه الله لما حج الحجة الاخيرة قال فى نفسه لعلى لا اقدر ان أحج مرة اخرى فسأل حجاب البيت ان يفتحوا له باب الكعبة ويأذنوا له فى الدخول ليلا ليقوم فقالوا ان هذا لم يكن لاحد قبلك ولكنا نفعل ذلك لسبقك وتقدمك فى علمك واقتداء الناس كلهم بك ففتحوا له الباب فدخل فقام بين العمودين على رجل اليمنى حتى قرأ القرآن الى النصف وركع وسجد ثم قام على رجل اليسرى وقد وضع قدمه اليمنى على ظهر رجله اليسرى حتى ختم القرآن فلما سلم بكى وناجى وقال الهى ما عبدك هذا العبد الضعيف حق عبادتك ولكن عرفك حق معرفتك فهب نقصان خدمته لكمال معرفته فهتف هاتف من جانب البيت يا أبا حنيفة قد عرفت وأخلصت المعرفة وخدمت فاحسنت الخدمة فقد غفرنا لك ولمن اتبعك وكان على مذهبك الى قيام الساعة ثم ان مثل هذه العبودية ناشئة عن التقوى والخوف من الله تعالى ومطالعة هيبته وجلاله وكان عليه السلام يصلى وبصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء. والأزيز الغليان وقيل صوته والمرجل

[سورة الزمر (39) : الآيات 17 إلى 20]

قدر من نحاس كذا نقل مثل ذلك عن ابراهيم عليه السلام فحرارة هذا الخوف إذا أحاطت بظاهر الجسم وباطنه سلم الإنسان من الاحتراق وإذا مضى الوقت تعذر تدارك الحال فليحافظ على زمان الفرصة وحشىء فرصت چوتير از چشم بيرون جسته است ... تا تو زه مى سازى اى غافل كمان خويش را وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ [الاجتناب: با يك سو شدن] يقال اجتنبه بعد عنه. والطاغوت البالغ أقصى غاية الطغيان وهو تجاوز الحد فى العصيان فلعوت من الطغيان بتقديم اللام على العين لان أصله طغيوت بنى للمبالغة كالرحموت والعظموت ثم وصف به للمبالغة فى النعت كأن عين الشيطان طغيان لان المراد به هو الشيطان وتاؤه زائدة دون التأنيث كما قال فى كشف الاسرار التاء ليست باصلية هى فى الطاغوت كهى فى الملكوت والجبروت واللاهوت والناسوت والرحموت والرهبوت ويذكر اى الطاغوت ويؤنث كما فى الكواشي ويستعمل فى الواحد والجمع كما فى المفردات والقاموس قال الراغب وهو عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله وفى القاموس الطاغوت اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة اهل الكتاب وقال فى كشف الاسرار كل من عبد شيأ غير الله فهو طاغ ومعبوده طاغوت وفى التأويلات النجمية طاغوت كل أحد نفسه وانما يجتنب الطاغوت من خالف هواه وعانق رضى مولاه ورجع اليه بالخروج عما سواه رجوعا بالكلية وقال سهل الطاغوت الدنيا وأصلها الجهل وفرعها المآكل والمشارب وزينتها التفاخر وثمرتها المعاصي وميراثها القسوة والعقوبة: والمعنى بالفارسية [وآنانكه بيكسو رفتند از شيطان يا بتان يا كهنه يعنى از هر چهـ بدون خداى تعالى پرستند ايشان برطرف شدند] أَنْ يَعْبُدُوها بدل اشتمال منه فان عبادة غير الله عبادة للشيطان إذ هو الآمر بها والمزين لها قال فى بحر العلوم وفيها اشارة الى ان المراد بالطاغوت هاهنا الجمع وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ واقبلوا عليه معرضين عما سواه إقبالا كليا قال فى البحر واعلم ان المراد باجتناب الطاغوت الكفر بها وبالانابة الى الله الايمان بالله كما قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) وقدم اجتناب الطاغوت على الانابة الى الله كما قدم الكفر بالطاغوت على الايمان بالله على وفق كلمة التوحيد لا اله الا الله حيث قدم نفى وجود الإلهية على اثبات الالوهية لله تعالى لَهُمُ الْبُشْرى بالثواب والرضوان الأكبر على ألسنة الرسل بالوحى فى الدنيا او الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون وبعد ذلك وقال بعض الكبار لهم البشرى بانهم من اهل الهداية والفضل من الله وهى الكرامة الكبرى فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ فيه تصريح بكون التبشير من لسان الرسول عليه السلام وهو تبشير فى الدنيا واما تبشير الملك فتبشير فى الآخرة كما قال تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) وبالجملة تبشير الآخرة مرتب على تبشير الدنيا فمن استأهل الثاني استأهل الاول. والأصل عبادى بالياء فحذفت قيل ان الآية نزلت فى عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وطلحة والزبير حين سألوا

أبا بكر رضى الله عنه فاخبرهم بايمانه فآمنوا حكاه المهدوى فى التكملة فيكون المعنى يستمعون القول من ابى بكر فيتبعون أحسنه وهو قول لا اله الا الله كما فى كشف الاسرار. وقال فى الإرشاد ونحوه اى فبشر فوضع الظاهر موضع ضميرهم تشريفا لهم بالاضافة ودلالة على ان مدار انصافهم بالاجتناب والانابة كونهم نقادا فى الدين يميزون الحق من الباطل ويؤثرون الأفضل فالافضل انتهى. وهذا مبنى على اطلاق القول وتعميمه جريا على الأصل يقول الفقير ويحتمل ان يكون المعنى يستمعون القول مطلقا قرآنا كان او غيره فيتبعون أحسنه بالايمان والعمل الصالح وهو القرآن لانه تعالى قال فى حقه (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) كما سيأتى فى هذه السورة وقال الراغب فى المفردات فيتبعون أحسنه اى الا بعد من الشبهة [ودر بحر الحقائق فرموده كه قول أعم است از سخن خدا وملك وانسان وشيطان ونفس. اما انسان حق وباطل ونيك وبد كويد. وشيطان بمعاصي خواند. ونفس بآرزوها ترغيب كند. وملك بطاعت دعوت نمايد. وحضرت عزت بخود خواند كما قال (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) پس بندگان خالص آنانند كه احسن خطاب را كه خطاب رب الأرباب است از زبان حضرت رسول استماع نموده اند پيروى كنند] وايضا ان الالف واللام فى القول للعموم فيقتضى ان لهم حسن الاستماع فى كل قول من القرآن وغيره ولهم ان يتبعوا احسن معنى يحتمل كل قول اتباع درايته والعمل به واحسن كل قول ما كان من الله او لله او يهدى الى الله وعلى هذا يكون استماع قول القوّال من هذا القبيل كما فى التأويلات النجمية وقال الكلبي يجلس الرجل مع القوم فيستمع الأحاديث محاسن ومساوى فيتبع أحسنها فيأخذ المحاسن ويحدث بها ويدع مساويها [ودر لباب كفته كه مراد از قول سخنانست كه در مجالس ومحافل كذرد واهل متابعت احسن آن اقوال اختيار ميكنند در ايشان ودر أمثال آمده] خذ ما صفا دع ما كدر قول كس چون بشنوى در وى تأمل كن تمام ... صاف را بردار ودردى را رها كن والسلام [وكفته اند استماع قول واتباع احسن آن عمومى دارد ومرد از قول قرآنست واحسن او محكم باشد دون منسوخ وعزيمت دون رخصت وكفته اند كه در قرآن مقابح اعدا وممادح اولياست ايشان متابعت احسن مينمايند كه مثلا طريقه موسى است عليه السلام دون سيرت فرعون] وعلى هذا وفى كشف الاسرار مثال هذا الأحسن فى الدين ان ولى القتيل إذا طالب بالدم فهو حسن وإذا عفا ورضى بالدية فهو احسن. ومن جزى بالسيئة السيئة مثلها فهو حسن وان عفا وغفر فهو احسن. وان وزن او كال فهو حسن وان أرجح فهو احسن. وان اتزن وعدل فهو حسن وان طفف على نفسه فهو احسن. وان رد السلام فقال وعليكم السلام فهو حسن وان قال وعليكم السلام ورحمة الله فهو احسن. وان حج راكبا فهو حسن وان فعله راجلا فهو احسن. وان غسل أعضاءه فى الوضوء مرة مرة فهو حسن وان غسلها ثلاثا ثلاثا فهو احسن. وان جزى من ظلمه بمثل مظلمته فهو حسن وان جازاه بحسنة فهو احسن. وان سجد او ركع ساكتا فهو جائز والجائز حسن وان فعلهما مسبحا فهو احسن. ونظير هذه

[سورة الزمر (39) : آية 19]

الآية قوله عز وجل لموسى عليه السلام (فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وقوله (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) انتهى ما فى الكشف وهذا معنى ما قال بعضهم يستمعون قول الله فيتبعون أحسنه ويعملون بأفضله وهو ما فى القرآن من عفو وصفح واحتمال على أذى ونحو ذلك فالقرآن كله حسن وانما الأحسن بالنسبة الى الآخذ والعامل قال الامام السيوطي رحمه الله فى الإتقان اختلف الناس هل فى القرآن شىء أفضل من شىء فذهب الامام ابو الحسن الأشعري رحمه الله وبعض الائمة الاعلام الى المنع لان الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه. وذهب آخرون من المحققين وهو الحق كلام الله فى الله أفضل من كلامه فى غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا ابى لهب لان فيه فضيلة الذكر وهو كلام الله وفضيلة المذكور وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته الايجابية والسلبية وسورة تبت فيها فضيلة الذكر فقط وهو كلام الله تعالى. والاخبار الواردة فى فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب فى تلاوتها لا تحصى قال الامام الغزالي رحمه الله فى جوهر القرآن كيف يكون بعض الآيات والسور اشرف من بعض مع ان الكل كلام الله فاعلم نوّرك الله بنور البصيرة وقلد صاحب الرسالة عليه السلام فهو الذي انزل عليه القرآن وقال (پس قلب القرآن: وفاتحة الكتاب سور القرآن: وآية الكرسي سيدة القرآن: وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) ومن توقف فى تعديل الآيات أول قوله عليه السلام أفضل سورة وأعظم سورة أراد فى الاجر والثواب لا ان بعض القرآن أفضل من بعض فالكل فى فضل الكلام واحد والتفاوت فى الاجر لافى كلام الله من حيث هو كلام الله القديم القائم بذاته واعلم ان استماع القول عند العارفين يجرى فى كل الأشياء فالحق تعالى يتكلم بكل لسان من العرش الى الثرى ولا يتحقق بحقيقة سماعه الا اهل الحقيقة وعلامة سماعهم انقيادهم الى كل عمل مقرب الى الله من جهة التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن والتصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آيات الله والرفث والجدال وسماع القيان وكل محرم حجر الشارع عليه سماعه فاذا كان كذلك كان مفتوح الاذن الى الله تعالى: وفى المثنوى پنبه آن كوش سر كوش سراست ... تا نكردد اين كران باطن كراست وللفقير پنبه بيرون آر از كوش دلت ... ميرسد تا صوت از هر بلبلت «1» أُولئِكَ المنعوتون بالمحاسن الجميلة وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ للدين الحق والاتصاف بمحاسنه وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ اصحاب العقول السليمة من معارضة الوهم ومنازعة الهوى المستحقون للهداية لا غيرهم وفى الكلام دلالة على ان الهداية تحصل بفعل الله تعالى وقبول النفس لها يعنى ان لكسب العبد مدخلا فيها بحسب جرى العادة وفيه اشارة الى ان أولئك القوم هم الذين عبروا عن قشور الأشياء ووصلوا الى الباب حقائقها أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ بيان لاحوال العبدة الطاغوت

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان دفع كردون وزير سوهان إلخ

[سورة الزمر (39) : آية 20]

بعد بيان احوال المجتنبين عنها. والهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على محذوف دل عليه الكلام ومن شرطية والمفهوم من كشف الاسرار وتفسير الكاشفى كونها موصولة وحق بمعنى وجب وثبت وكلمة العذاب قوله تعالى لابليس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وكررت الهمزة فى الجزاء لتأكيد الإنكار والفاء فيه فاء الجزاء ثم وضع موضع الضمير من فى النار لمزيد تشديد الإنكار والاستبعاد والتنبيه على ان المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع فى النار وان اجتهاده عليه السلام فى دعائهم الى الايمان سعى فى إنقاذهم من النار اى تخليصهم فان الانقاذ التخليص من ورطة كما فى المفردات. والمعنى أأنت يا محمد مالك امر الناس فمن حق اى وجب وثبت عليه من الكفار عدلا فى علم الله تعالى كلمة العذاب فانت تنقذه فالآية جملة واحدة من شرط وجزاء: وبالفارسية [آيا هر كسى يا آنكسى كه واجب شد برو كلمه وعيد آيا تو اى محمد مى رهانى آنرا كه در دوزخ باشد يعنى ميتوانى كه او را مؤمن سازى واز عذاب باز رهانى يعنى اين كار بدست تو نيست كه دوزخيانرا باز رهانى همچوابو لهب و پسرش عقبه وغير آن] . وفيه اشارة الى ان من حق عليه فى القسمة الاولى ان يكون مظهرا لصفات قهره الى الابد لا ينفعه شفاعة الشافعين ولا يخرجه من جهنم سخط الله وطرده وبعده جميع الأنبياء والمرسلين وانما الشفاعة للمؤمنين بدليل قوله تعالى (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) وحيث كان المراد بمن فى النار الذين قيل فى حقهم (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) استدرك بقوله تعالى لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ [ليكن آنانكه بترسيدند از عذاب پروردگار خويش وبايمان وطاعت متصف شدند] وفى التأويلات النجمية (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) اليوم عن الشرك والمعاصي والزلات والشهوات وعبادة الهوى والركون الى غير المولى فقد انقذهم الله تعالى فى القسمة الاولى من ان يحق عليهم كلمة العذاب وحق عليهم ان يكونوا مظهر صفات لطقه الى الابد لَهُمْ غُرَفٌ [منزلهاى بلندتر در بهشت] اى بحسب مقاماتهم فى التقوى جمع غرفة وهى علية من البناء وسمى منازل الجنة غرفا كما فى المفردات مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ اى لهم علالى بعضها فوق بعض بين ان لهم درجات عالية فى جنات النعيم بمقابلة ما للكفرة من دركات سافلة فى الجحيم مَبْنِيَّةٌ تلك الغرف الموصوفة بناء المنازل على الأرض فى الرصانة والاحكام قال سعدى المفتى الظاهر ان فائدة هذا الوصف تحقيق الحقيقة وبيان كون الغرف كالظلل حيث أريد بها المعنى المجازى على الاستعارة التهكمية وفى بحر العلوم مبنية ببيت من زبرجد وياقوت ودرّ وغير ذلك من الجواهر وفى كشف الاسرار مبنية: يعنى [بخشت زرين وسيمين برآورده] وفيه اشارة بانها مبنية بايدى اعمال العاملين واحوال السالكين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت تلك الغرف المنخفضة والمرتفعة الْأَنْهارُ الاربعة من غير تفاوت بين العلو والسفل وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لان قوله لهم غرف فى معنى الوعد اى وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ لان الخلف نقص وهو على الله محال [والأخلاف: وعده خلاف دادن] والميعاد بمعنى الوعد وفى التأويلات النجمية وعد الله الذي وعد التائبين بالمغفرة والمطيعين بالجنة

[سورة الزمر (39) : الآيات 21 إلى 26]

والمشتاقين بالرؤية والعاشقين الصادقين بالقربة والوصلة لا يخلف الله الميعاد. يعنى إذا لم يقع لهم فترة فلا محالة يصدق وعده وإذا وقع لهم ذلك فلا يلومن الا أنفسهم وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف من فوقهم) المراد من أهلها اصحاب المنازل الرفيعة وتراءى القوم الهلال رأوه بأجمعهم ومنه الحديث (كما يتراءون الكوكب الدرّى الغابر فى الأفق من المشرق والمغرب) الغابر الباقي يعنى يرى التباعد بين اهل الغرف وسائر اصحاب الجنة كالتباعد المرئي بين الكوكب ومن فى الأرض وانهم يضيئون لاهل الجنة اضاءة الكوكب الدري (لتفاضل ما بينهم) يعنى يرى اهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من سواهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال (بلى والذي نفسى بيده رجال) يعنى يبلغها رجال وانما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما فى وصول المؤمنين لمنازل الأنبياء من استبعاد السامعين (آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) وفيه بشارة واشارة الى ان الداخلين مداخل الأنبياء من مؤمنى هذه الامة لانه قال وصدقوا المرسلين وتصديق جميع الرسل انما صدر منهم لا ممن قبلهم من الأمم وفى الحديث (من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) قوله ينعم بفتح الياء والعين اى يصيب نعمة وقوله ولا ييأس بفتح الهمزة اى لا يفتقر وفى بعض النسخ بضمها اى لا يرى شدة قوله لا تبلى بفتح حرف المضارعة واللام أَلَمْ تَرَ [آيا نمى بينى يا محمد] او يا ايها الناظر أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من تحت العرش ماءً هو المطر- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس) يعنى كل ماء فى الأرض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه الله بين البقاع فَسَلَكَهُ يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ اى عيونا ومجارى كالعروق فى الأجساد فقوله (يَنابِيعَ) نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قوله (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) وقوله (فِي الْأَرْضِ) بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الأرض ثم يخرجه شيأ فشيأ فالينابيع جمع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التي يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التي ينبع ويخرج منها الماء ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ [پس بيرون مى آرد بدان آب] زَرْعاً هو فى الأصل مصدر بمعنى الإنبات عبر به عن المزروع اى مزروعا مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفياته من الألوان والطعوم وغيرهما. وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الأبيض والأسود وما يركب منهما ويقال تلوّن إذا اكتسى لونا غير اللون الذي كان له ويعبر بالألوان عن الأجناس والأنواع يقال فلان اتى بألوان من الأحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى ثُمَّ يَهِيجُ اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر ثار وهاج النبت

[سورة الزمر (39) : آية 22]

يبس كما فى القاموس: وبالفارسية [پس خشك ميشود آن مزروع] فَتَراهُ مُصْفَرًّا من يبسه بعد خضرته ونضرته: وبالفارسية [پس مى بينى آنرا زرد شده بعد از تازگى وسبزى] قال الراغب الصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى الى البياض اقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد ثُمَّ يَجْعَلُهُ اى الله تعالى حُطاماً فتاتا متكسرا كأن لم يغن بالأمس: وبالفارسية [ريزه ريزه ودرهم شكسته] يقال تحطم العود إذا تفتت من اليبس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالاخراج إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور مفصلا لَذِكْرى لتذكيرا عظيما [والتذكير: ياد دادن] لِأُولِي الْأَلْبابِ لاصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك ان حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضي والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بفتنها بود حال دنيا چوآن سبزه زار ... كه پس تازه بينى بفصل بهار چوبروى وزد تند باد خزان ... يكى برگ سبزى نيابى از آن قال فى كشف الاسرار الاشارة فى هذه الآية الى ان الإنسان يكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم يصير الى أرذل العمر ثم آخره يخترم ويقال ان الزرع ما لم يؤخذ منه الحب الذي هو المقصود منه لا يكون له قيمة كذلك الإنسان ما لم يخل من نفسه لا يكون له قدر ولا قيمة وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (أَلَمْ تَرَ) إلخ الى إنزال ماء الفيض الروحاني من سماء القلب (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) الحكمة (فِي الْأَرْضِ) البشرية (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) من الأعمال البدنية (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد (ثُمَّ يَهِيجُ) إلخ يشير الى اعمال المرائى تراها مخضرة على وفق الشرع ثم تجف من آفة العجب والرياء (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) لا نور له (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) من رياح القهر أذهبت عليه (حُطاماً) لا حاصل له الا الحسرة وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ) إلخ اشارة الى ان السالك إذا جرى على مقتضى عقله وعلمه يظهر منه آثار الاجتهاد ثم إذا ترقى الى مقام المعرفة تضمحل منه حالته الاولى ثم إذا بدت أنوار التوحيد استهلكت الجملة كما قالوا فلما استبان الصبح أدرج ضوءه ... بانواره أنوار تلك الكواكب فالتوحيد كالشمس ونورها فكما انه بنور الشمس تضمحل أنوار الكواكب فكذا بنور التوحيد تتلاشى أنوار العلوم والمعارف ويصير حالها الى الأفول والفناء ويظهر حال اخرى من عالم البقاء أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية او موصولة وخبرها محذوف دل عليه ما بعده. واصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهته تعالى وروح منه كما فى المفردات قال فى الإرشاد شرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فان الصدر بالفارسية [سينه] محل القلب الذي هو منبع للروح التي تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته

بنوره فهذا شرح قبل الإسلام لا بعده والمعنى أكل الناس سواء فمن بالفارسية [پس هر كسى ويا آنكس كه] (شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ) اى خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقى على الفطرة الاصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة القادمة فيها فَهُوَ بموجب ذلك مستقر عَلى نُورٍ عظيم مِنْ رَبِّهِ وهو اللطف الإلهي الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها الى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختياره واستولت عليه ظلمات الغى والضلالة فاعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها كقوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) يعنى ليس من هو على نور كمن هو على ظلمة فلا يستويان كما لا يستوى النور والظلمة والعلم والجهل واعلم انه لا نور ولا سعادة لمسلم الا بالعلم والمعرفة ولكل واحد من المؤمنين معرفة تختص به وانما تتفاوت درجاتهم بحسب تفاوت معارفهم والايمان والمعارف أنوار فمنهم من يضىء نوره جميع الجهات ومنهم من لا يضىء نوره الا موضع قدميه فايمان آحاد العوام نوره كنور الشمع وبعضهم نوره كنور السراج وايمان الصديقين نوره كنور القمر والنجوم على تفاوتها واما الأنبياء فنور ايمانهم كنور الشمس وأزيد فكما ينكشف فى نورها كل الآفاق مع اتساعها ولا ينكشف فى نور الشمع الا زاوية ضيقة من البيت كذلك يتفاوت انشراح الصدور بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب المؤمنين ولهذا جاء فى الحديث (انه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من فى قلبه مثقال من الايمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة) ففيه تنبيه على تفاوت درجات الايمان وبقدره تظهر الأنوار يوم القيامة فى المواقف خصوصا عند المرور على الصراط فَوَيْلٌ [پس شدت عذاب] لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ القسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك ومن اجلية وسببية كما فى قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) والمعنى من أجل ذكره الذي حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب اى إذا ذكر الله تعالى عندهم وآياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) وقرئ عن ذكر الله اى فويل للذين غلظت قلوبهم عن قبول ذكر الله وعن مالك بن دينار رحمه الله ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلبه وما غضب الله على قوم الا نزع منهم الرحمة وقال الله تعالى لموسى عليه السلام فى مناجاته يا موسى لا تطل فى الدنيا املك فيقسو قلبك والقلب القاسي منى بعيد وكن خلق الثياب جديد القلب تخف على اهل الأرض وتعرف فى اهل السماء وفى الحديث (تورث القسوة فى القلب ثلاث خصال حب الطعام وحب النوم وحب الراحة) وفى كشف الاسرار [بدانكه اين قسوة دل از بسيارى معصيت خيزد عائشه صديقه رضى الله عنها كويد أول بدعتى كه بعد از رسول خدا در ميان خلق پديد آمد سيرى بود. ذون مصرى رحمه الله كويد هركز سير نخوردم كه نه معصيتى كردم. شبلى رحمه الله كفت هيچ وقت كرسنه نه نشستم كه در دل خود حكمتى وعبرتى تازه يافتم] وفى الحديث (أفضلكم عند الله أطولكم جوعا وتفكرا وأبغضكم الى الله كل أكول شروب نؤوم كلوا

واشربوا فى انصاف البطون فانه جزؤ من النبوة) : قال الشيخ سعدى باندازه خور زاد اگر آدمي ... چنين پر شكم آدمي يا خمى درون جاى قوتست وذكر نفس ... تو پندارى از بهر نانست وبس ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى أُولئِكَ البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلب: وبالفارسية [آن كروه غافلان وسنكدلان] فِي ضَلالٍ بعيد عن الحق مُبِينٍ ظاهر كونه ضلالا للناظر بأدنى نظر: يعنى [ضلالت ايشان بر هر كه اندك فهمى دارد ظاهر است] واعلم ان الآية عامة فيمن شرح صدره للاسلام بخلق الايمان فيه وقيل نزلت فى حمزة بن عبد المطلب وعلى بن ابى طالب رضى الله عنهما وابى لهب وولده. فحمزة وعلى ممن شرح الله صدره للاسلام. وابو لهب وولده من الذين قست قلوبهم فالرحمة للمشروح صدره والغضب للقاسى قلبه- روى- فى الخبر انه لما نزلت هذه الآية قالوا كيف ذلك يا رسول الله يعنى ما معنى شرح الصدر قال (إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح) فقيل ما علامة ذلك قال (الانابة الى دار الخلود) يعنى التوجه للآخرة (والتجافي عن دار الغرور) [يعنى پرهيز كردن از دنيا] (والتأهب للموت قبل نزوله) [وعزيزى درين معنا فرموده است] . نشان آن دلى كز فيض ايمانست نورانى ... توجه باشد أول سوى دار الملك روحانى ز دنيا روى كردانيدن وفكر أجل كردن ... كه چون مرگ اندر آيد خوش توان مردن بآسانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان نور ينوّر الله به مصباح قلوب عباده المؤمنين والإسلام ضوء نور الايمان تستضيء به مشكاة صدورهم ففى الحقيقة من شرح الله صدره بضوء نور الإسلام فهو على نور من نظر عناية ربه. ومن امارات ذلك النور محو آثار ظلمات الصفات الذميمة النفسانية من حب الدنيا وزينتها وشهواتها واثبات حب الآخرة والأعمال الصالحة والتحلية بالأخلاق الكريمة الحميدة قال تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ومن اماراته ان تلين قلوبهم لذكر الله فتزداد أشواقهم الى لقاء الله تعالى وجواره فيسأمون من محن الدنيا وحمل أثقال أوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية فيفرون الى الله ويتنورون بانوار صفاته منها نور اللوائح بنور العلم ثم نور اللوامع ببيان الفهم ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين ثم نور المكاشفة بتجلى الصفات ثم نور المشاهدة بظهور الذات ثم أنوار جلال الصمدية بحقائق التوحيد فعند ذلك لا وجد ولا وجود ولا قصد ولا مقصود ولا قرب ولا بعد ولا وصال ولا هجران ان كل شىء هالك الا وجهه كلا بل هو الله الواحد القهار جامى مكن انديشه ز نزديكى ودورى ... لا قرب ولا بعد ولا وصل ولا بين قال الواسطي نور الشرح منحة عظيمة لا يحتمله أحد الا المؤيدون بالعناية والرعاية فان العناية تصون الجوارح والأشباح والرعاية تصون الحقائق والأرواح وفى كشف الاسرار [بدان كه دل آدمي را چهار پرده است. پرده أول صدر است مستقر عهد اسلام كقوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) . پرده دوم قلب است محل نور ايمان كقوله تعالى (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) .

[سورة الزمر (39) : آية 23]

پرده سوم فؤادست سراپرده مشاهده حق كقوله تعالى (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) . پرده چهارم شفافست محبط رحل عشق كقوله تعالى (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) رب العالمين چون خواهد كه رميده را بكمند لطف در راه دين خويش كشد أول نظرى كند بصد روى تا سينه وى از هوى وبدعتها پاك كردد وقدم وى بر جاده سنت مستقيم شود پس نظر كند بقلب وى تا از آلايش دنيا واخلاق نكوهيده چون عجب وحسد وكبر وريا وحرص وعداوت ورعونت پاك كردد ودر راه ورع روان شود پس نظرى كند بفؤاد وى واو را از خلائق وعلائق باز برده چشمه علم وحكمت در دل وى كشايد نور هدايت تحفه نطفه وى كرداند چنانكه كفت (فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) پس نظرى كند بشغاف وى واو را از آب وكل باز برد قدم در كوى فنا نهد ونور بر سه قسم است يكى بر زبان ويكى در دل ويكى در تن. نور زبان توحيد است وشهادت. ونور تن خدمت است وطاعت. ونور دل شوق است ومحبت. نور زبان بجنت رساند لقوله تعالى (فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ) . نور تن بفردوس رساند لقوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) . نور دل بلقاى دوست رساند] لقوله (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وفى الحديث (ان لاهل النعم اعداء فاحذروهم) قال بعضهم وأجل النعم على العبد نعمة الإسلام وعدوها إبليس فاحفظ هذه النعمة وسائر النعم واحذر من النسيان والقسوة والكفران قال الحسين النوري رحمه الله قسوة القلب بالنعم أشد من قسوته بالشدة فانه بالنعمة يسكن وبالشدة يذكر وقال من همّ بشىء مما اباحه العلم تلذذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب فليبك على نفسه من صرف عمره وضيع وقته ولم يدرك مراتب المنشرحين صدورهم وبقي مع القاسين قلوبهم نسألك اللهم الحفظ والعصمة اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ هو القرآن الكريم الذي لا نهاية لحسنه ولا غاية لجمال نظمه وملاحة معانيه وهو احسن مما نزل على جميع الأنبياء والمرسلين وأكمله وأكثره احكاما. وايضا احسن الحديث لفصاحته واعجازه. وايضا لانه كلام الله وهو قديم وكلام غيره مخلوق محدث. وايضا لكونه صدقا كله الى غير ذلك سمى حديثا لان النبي عليه السلام كان يحدّث به قومه ويخبرهم بما ينزل عليه منه فلا يدل على حدوث القرآن فان الحديث فى عرف العامة الخبر والكلام قال فى المفردات كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث- روى- ان اصحاب رسول الله عليه السلام ملوا ملة فقالوا له عليه السلام حدثنا حديثا او لو حدثتنا: يعنى [چهـ شود كه براى ما سخنى فرمايند وكام طوطيان أرواح مستمعان را بحديث ازل شكر بار وشيرين كردانند سرمايه حيات ابد اهل ذوق را در يك حكايت از لب شكر فشان يست] فنزلت هذه الآية. والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الأحاديث كِتاباً بدل من احسن الحديث مُتَشابِهاً معانيه فى الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق فى المعاد والمعاش وتناسب ألفاظه فى الفصاحة وتجاوب نظمه فى الاعجاز مَثانِيَ صفة اخرى لكتابا ووصف الواحد وهو

الكتاب بالجمع وهو المثاني باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات والإنسان عروق وعظام واعصاب وهو جمع مثنى بضم الميم وتشديد النون بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وانبائه وأحكامه وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده ومواعظه او لانه ثنى فى التلاوة فلا يمل كما جاء فى نعته لا يخلق على كثرة الترداد اى لا يزول رونقه ولذة قراءته واستماعه من كثرة ترداده على ألسنة التالين وتكراره على آذان المستمعين وأذهان المتفكرين على خلاف ما عليه كلام المخلوق وفى القصيدة البردية فلا تعد ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسأم اى لا تقابل آيات القرآن مع الإكثار بالملال وفى المفردات وسمى سور القرآن مثانى لانها تثنى على مرور الأيام وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الأشياء التي تضمحل وتبطل على مرور الأيام وانما تدرس الأوراق كما روى ان عثمان رضى الله عنه حرق مصحفين لكثرة قراءته فيهما. ويصح ان يقال للقران مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما جاء فى نعته ولا تنقضى عجائبه. ويجوز ان يكون ذلك من الثناء تنبيها على انه ابدا يظهر منه ما يدعو الى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم فى قوله (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) وبالمجد فى قوله (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) او هو جمع مثنى بفتح الميم واسكان الثاء مفعل من الثنية بمعنى التكرير والاعادة كما فى قوله تعالى (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) اى كرة بعد كرة او جمع مثنى بضم الميم وسكون الثاء وفتح النون اى مثنى عليه بالبلاغة والاعجاز حتى قال بعضهم لبعض ألا سجدت لفصاحته ويجوز ان يكون بكسر النون اى مثن علىّ بما هو اهله من صفاته العظمى قال ابن بحر لما كان القرآن مخالفا لنظم البشر ونثرهم حول أسماءه بخلاف ما سموا به كلامهم على الجملة والتفصيل فسمى جملته قرآنا كما سموا ديوانا وكما قالوا قصيدة وخطبة ورسالة قال سورة وكما قالوا بيت قال آية وكما سميت الأبيات لاتفاق أواخرها قوافى سمى الله القرآن لاتفاق خواتيم الآي فيه مثانى وفى التأويلات النجمية القرآن كتاب متشابه فى اللفظ مثانى فى المعنى من وجهين. أحدهما ان لكل لفظ منه معانى مختلفة بعضها يتعلق بلغة العرب وبعضها يتعلق بإشارات الحق وبعضها يتعلق باحكام الشرع كمثل الصلاة فان معناها فى اللغة الدعاء وفى احكام الشرع عبارة عن هيآت واركان وشرائط وحركات مخصوصة بها وفى اشارة الحق تعالى هى الرجوع الى الله كما جاء روحه من الحضرة بالنفخة الخاصة الى القالب فانه عبر على القيام الذي يتعلق بالسماوات ثم على الركوع الذي يتعلق بالحيوانات ثم على السجود الذي يتعلق بالنباتات ثم على التشهد الذي يتعلق بالمعادن فبالصلاة يشير الله عز وجل الى رجوع الروح الى حضرة ربه على طريق جاء منها ولهذا قال النبي عليه السلام (الصلاة معراج المؤمن) . والوجه الثاني ان لكل آية تشبها بآية اخرى من حيث صورة الألفاظ ولكن المعاني والإشارات والاسرار والحقائق مثانى فيها الى ما لا ينتهى والى هذا يشير بقوله (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) الآية تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ استئناف مسوق

لبيان آثاره الظاهرة فى سامعيه بعد بيان أوصافه فى نفسه وتقرير كونه احسن الحديث يقال اقشعر جلده أخذته قشعريرة اى رعدة كما فى القاموس. والجلد قشر البدن كما فى المفردات وقال بعضهم اصل الاقشعرار تغير كالرعدة يحدث فى جلد الإنسان عند الوجل والخوف وفى الإرشاد الاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضا شديدا وتركيبه من القشع وهو الأديم اليابس قد ضم اليه الراء ليكون باعثا ودالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده ووقف شعره إذا عرض له خوف شديد من منكر حائل دهمه بغتة. والمراد اما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق وهو الظاهر إذ هو موجود عند الخشية محسوس يدركه الإنسان من نفسه وهو يحصل من التأثر القلبي فلا ينكر. والمعنى انهم إذا سمعوا بالقرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم اى يعلوها قشعريرة ورعدة: وبالفارسية [لرزد ازو يعنى از خوف وعيد كه در قرآنست پوستها بر تنهاى آنانكه مى ترسند از پروردگار خود] ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ اللين ضد الخشونة ويستعمل ذلك فى الأجسام ثم يستعار للخلق ولغيره من المعاني. والجلود عبارة عن الأبدان والقلوب عن النفوس كما فى المفردات اى ثم إذا ذكروا رحمة الله وعموم مغفرته لانت أبدانهم ونفوسهم وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة بان تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة: وبالفارسية [پس نرم ميشود وآرام ميكيرد پوستها ودلهاى ايشان بسوى ياد كردن رحمت ومغفرت] وتعدية اللين بالى لتضمنه معنى السكون والاطمئنان كأنه قيل تسكن وتطمئن الى ذكر الله لينة غير منقبضة راجية غير خاشعة او تلين ساكنة مطمئنة الى ذكر الله على ان المتضمن بالكسر يقع حالا من المتضمن بالفتح. وانما اطلق ذكر الله ولم يصرح بالرحمة إيذانا بانها أول ما يخطر بالبال عند ذكره تعالى فان قلت لم ذكرت الجلود وحدها اولا ثم قرنت بها القلوب ثانيا قلت لتقدم الخشية التي هى من عوارض القلوب فكأنه قيل تقشعر جلودهم من آيات الوعيد وتخشى قلوبهم من أول وهلة فاذا ذكروا الله ومبنى امره على الرأفة والرحمة استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم وبالقشعريرة لينا فى جلودهم. فالجملتان اشارة الى الخوف والرجاء او القبض والبسط او الهيبة والانس او التجلي والاستتار قال النهر جورى رحمه الله وصف الله بهذه الآية سماع المريدين وسماع العارفين وقال سماع المريدين بإظهار الحال عليهم وسماع العارفين بالاطمئنان والسكون فالاقشعرار صفة اهل البداية واللين صفة اهل النهاية وعن شهر بن حوشب قالت أم الدرداء رضى الله عنها انما الوجل فى قلب الرجل كاحتراق السعفة أما تجد إلا قشعريرة قلت بلى قالت فادع الله فان الدعاء عند ذلك مستجاب وذلك لانجذاب القلب الى الملكوت وعالم القدس واتصاله بمقام الانس ذلِكَ الكتاب الذي شرح أحواله هُدَى اللَّهِ [راه نمودن خداست يعن ارشاديست مر خلق را از خداى] يَهْدِي بِهِ [راه بنمايد بوى] مَنْ يَشاءُ ان يهديه من المؤمنين المتقين كما قال هُدىً لِلْمُتَّقِينَ لصرف مقدوره الى الاهتداء بتأمله فيما فى تضاعيفه من الشواهد الخفية ودلائل كونه من عند الله وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ

اى يخلق فيه الضلالة لصرف قدرته الى مباديها واعراضه عما يرشده الى الحق بالكلية وعدم تأثره بوعده ووعيده أصلا فَما لَهُ مِنْ هادٍ يخلصه من ورطة الضلال وفى التأويلات النجمية (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) بان يكله الى نفسه وعقله ويحرمه من الايمان بالأنبياء ومتابعتهم (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) من براهين الفلاسة والدلائل العقلية: قال المولى الجامى قدس سره خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى برده مقلد كم كرده ره مرو وفى كشف الاسرار [يكى از صحابه روزى بآن مهتر عالم عليه السلام كفت يا رسول الله چرا رخساره ما در استماع قرآن سرخ ميكردد وآن منافقان سياه كفت زيرا كه قرآن نوريست ما را مى افروزد وايشانرا ميسوزد] يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا: قال الخجندي قدس سره دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست وفى الآية لطائف منها انه لما عقب احسنية القرآن بكونه متشابها ومثانى رتب عليه اقشعرار جلود المؤمنين ايماء الى ان ذلك انما يحصل بكونه مرددا ومكررا لان النفوس انفر شىء من حديث الوعظ والنصيحة واكثر جمودا واباء عنه فلا تلين شكيمتها ولا تنقاد طبيعتها الا ان يلقى إليها النصائح عودا بعد بدء ولهذا كان عليه السلام يكرر وعظه ثلاثا او سبعا ومنها ان الاقشعرار امر مستجلب للرحمة قال عليه السلام (إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه) اى تساقطت (كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها) وعنه عليه السلام (إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله حرمه الله على النار) ولما اتخذ الله ابراهيم خليلا القى فى قلبه الوجل حتى ان خفقان قلبه يسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير فى الهواء قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار ومنها ان غاية ما يحصل للعابدين من الأحوال المذكورة فى هذه الآية من الاقشعرار والخشية والاطمئنان قال قتادة هذا نعت اولياء الله نعتهم بان تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم ولم ينعتهم بذهاب عقلهم والغشيان عليهم وانما ذلك فى اهل البدع وهو من الشيطان وعن عبد الله بن عبد الله ابن الزبير قال قلت لجدتى اسماء بنت ابى بكر رضى الله عنه كيف كان اصحاب رسول الله يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن قالت كانوا كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم قال فقلت لها ان ناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه فقالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- وروى- ان ابن عمر رضى الله عنهما مر برجل من اهل العراق ساقط فقال ما بال هذا قالوا انه إذا قرئ عليه القرآن او سمع ذكر الله سقط فقال ابن عمر رضى الله عنه انا لنخشى الله وما نسقط وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الشيطان يدخل فى جوف أحدهم ما كان هذا صنيع اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كذا فى التفاسير نحو كشف الاسرار والمعالم والوسيط والكواشي وغيرها يقول الفقير لا شك ان القدح والجرح انما هو فى حق اهل الرياء والدعوى وفى حق من يقدر على ضبط نفسه كما أشار عليه السلام بقوله (من عشق وعف وكتم ثم مات مات شهيدا) فان من غلب على حاله كان الأدب له ان لا يتحرك بشىء لم يؤذن فيه واما من غلب عليه الحال وكان فى امره محقا لا مبطلا فيكون كالمجنون حيث يسقط عنه القلم

[سورة الزمر (39) : الآيات 24 إلى 26]

فبأى حركة تحرك كان معذورا فيها فليس حال اهل البداية والتوسط كحال اهل النهاية فان ما يقدر عليه اهل النهاية لا يقدر عليه من دونهم وكأن الاصحاب رضى الله عنهم ومن فى حكمهم ممن جاء بعدهم راعوا الأدب فى كل حال ومقام بقوة تمكينهم بل لشدة تلوينهم فى تمكينهم فلا يقاس عليهم من ليس له هذا التمكين فرب اهل تلوين يفعل ما لا يفعله اهل التمكين وهو معذور فى ذلك لكونه مغلوب الحال ومسلوب الاختيار فليجتهد العاقل فى طريق الحق بلا رياء ودعوى وليلازم الأدب فى كل امر متعلق بفتوى او تقوى وليحافظ على ظاهره وباطنه من الشين ومما يورث الرين والغين أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية والخبر محذوف. والاتقاء بالفارسية [حذر كردن وخود را نكاه داشتن] يقال اتقى فلان بكذا إذا جعله وقاية لنفسه والتركيب يدل على دفع شىء عن شىء يضره وتقدير الكلام أكل الناس سواء فمن شأنه وهو الكافر ان يقى نفسه بوجهه الذي هو اشرف أعضائه سُوءَ الْعَذابِ اى العذاب السيّء الشديد: يعنى [زبانه آتش] كما فى تفسير الفارسي للكاشفى يَوْمَ الْقِيامَةِ لكون يده التي بها كان يتقى المكاره والمخاوف مغلولة الى عنقه كمن هو آمن وهو المؤمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج الى الاتقاء بوجه من الوجوه وفى التأويلات النجمية (أَفَمَنْ يَتَّقِي) توجه (بِوَجْهِهِ) لله (سُوءَ الْعَذابِ) اى عذاب السيّء (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ويدفعه به عن نفسه كمن لا يتقى ويظلم على نفسه وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ الذين وضعوا الكفر موضع الايمان والتكذيب موضع التصديق والعصيان موضع الطاعة وهو عطف على يتقى اى ويقال لهم من جهة خزنة النار. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق ووضع المظهر فى مقام المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعلة الأمر فى قوله ذُوقُوا [بچشيد] ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ اى وبال ما كنتم تكسبونه فى الدنيا على الدوام من الكفر والتكذيب والمعاصي وفى التأويلات النجمية اى ذوقوا ما كسبتم بأفعالكم الرديئة وأخلاقكم الدنيئة يعنى كنتم فى عين العذاب ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة فاذا متم انتبهتم كَذَّبَ الَّذِينَ من الأمم السابقة الذين جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل كفار مكة يعنى كذبوا أنبياءهم كما كذبك قومك فَأَتاهُمُ الْعَذابُ المقدر لكل امة منهم: وبالفارسية [پس آمد بديشان عذاب الهى] مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من الجهة التي لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم إتيان العذاب والشر منها بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم فمعنى من حيث لا يشعرون أتاهم العذاب وهم آمنون فى أنفسهم غافلون عن العذاب. وقيل معناه لا يعرفون له مدفعا ولا مردا وفى التأويلات النجمية اى أتاهم العذاب فى صورة الصحة والنعمة والسرور وهم لا يشعرون انه العذاب وأشد العذاب ما يكون غير متوقع فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ اى الذل والصغار: وبالفارسية [پس بچشانيده ايشانرا خداى تعالى خوراى ورسوايى] يعنى أحسوا به احساس الذائق المطعوم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بيان لمكان اذاقة الخزي وذلك الخزي كالمسخ والخسف والغرق والقتل والسبي والاجلاء ونحو ذلك من فنون النكال وهو العذاب الأدنى وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ المعد لهم أَكْبَرُ من العذاب الدنيا لشدته ودوامه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ اى لو كان من شأنهم ان

[سورة الزمر (39) : الآيات 27 إلى 31]

يعلموا لعلموا ذلك واعتبروا به وما عصوا الله ورسوله وخلصوا أنفسهم من العذاب فعلى العاقل ان يرجع الى ربه بالتوبة والانابة كى يتخلص من عذاب الدنيا والآخرة وعن الشبلي قدس سره انه قال قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها واحدا وعملت به وخليت ما سواه لانى تأملته فوجدت خلاصى ونجاتى فيه وكان علم الأولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لبعض أصحابه (اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها) فاذا كان الصبر على النار غير ممكن للانسان الضعيف فليسلك طريق النجاة المبعدة عن النار الموصلة الى الجنات وأعلى الدرجات وفى الحديث (ان بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا قيام ولكن دخلوها بسخاء الأنفس وسلامة الصدر والنصح للمسلمين) واصل الكل هو التوحيد وعن حذيفة رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول (مات رجل من قوم موسى فاذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى شيأ من الأعمال فيقولون لا نجد سوى نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى لملائكته ادخلوا عبدى الجنة قد غفرت له) فاذا كان التوحيد منجيا بنقشه الظاهري فما ظنك بنقشه الباطني فلا بد من الاجتهاد لاصلاح النفس وتقوية اليقين والحمد لله على نعمة الإسلام والدين- وحكى- عن ابى على النسفي انه قال فقد مسلم حمارا فخرج فى طلبه فاستقبله مجوسى فانصرف المؤمن وقال الهى انا فقدت الدابة وهذا فقد الدين فمصيبته اكبر من مصيبتى الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتى كمصيبته وهذا بالنسبة الى الوقت والحال واما امر المآل فعلى الاشكال كما قال فى المثنوى هيچ كافر را بحواري منكريد ... كه مسلمان مردنش باشد اميد «1» چهـ خبر دارى ز ختم عمر او ... تا بگرداني ازو يكباره رو ومن الله التوفيق وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ يحتاج اليه الناظر فى امور دينه قال السمرقندي ولقد بينا لهم فيه كل صفة هى فى الغرابة اى فى غرابتها وحسنها كالمثل السائر وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشان كقصة الأولين وقصة المبعوثين يوم القيامة وغير ذلك. والمراد بالناس اهل مكة كما فى الوسيط ويعضده ما قال بعضهم من ان الخطاب بقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فى كل ما وقع فى القرآن لاهل مكة والظاهر التعميم لهم ولمن جاء بعدهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتذكرون به ويتعظون به قُرْآناً عَرَبِيًّا اى بلغة العرب وهو حال مؤكدة من هذا على ان مدار التأكيد هو الوصف اى التأكيد فى الحقيقة هو الصفة ومفهومها. وبعضهم جعل القرآن توطئة للحال التي هى عربيا والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة ويجوز ان ينتصب على المدح اى أريد بهذا القرآن قرآنا عربيا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه ولا تناقض ولا عيب ولا خلل. والفرق بينه بالفتح وبينه بالكسر ان كل ما ينتصب كالحائط والجدار والعود فهو عوج بفتح العين وكل ما كان فى المعاني والأعيان الغير المنتصبة وبفتحها فى المنتصبة كالرمح والجدار

_ (1) در دفتر ششم در بيان داستان از سه مسافر مسلم وجهود وترسا إلخ

[سورة الزمر (39) : آية 29]

ولذا قال اهل التفسير لم يقل مستقيما او غير معوج مع انه اخصر لفائدتين. إحداهما نفى ان يكون فيه عوج ما بوجه من الوجوه كما قال (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) . والثانية ان لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان وهو بالفارسية [كجى] وقال ابن عباس رضى الله عنهما (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) اى غير مخلوق وذلك لان كونه مقروا بالالسنة ومسموعا بالآذان ومكتوبا فى الأوراق ومحفوظا فى الصدور لا يقتضى مخلوقيته إذ المراد كلام الله القديم القائم بذاته وفى حقائق البقلى قرآنا قديما ظهر من الحق على لسان حبيبه لا يتغير بتغير الزمان ولا يرهقه غبار الحدثان لا تعوجه الحروف ولا تحيط به الظرف وفى بحر الحقائق صراطا مستقيما الى حضرتنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ علة اخرى مترتبة على الاولى فان المصلحة فى ضرب الأمثال هو التذكر والاتعاظ بها اولا ثم تحصيل التقوى. والمعنى لعلهم يعملون عمل اهل التقوى فى المحافظة على حدود الله فى القرآن والاعتبار بامثاله: وبالفارسية [شايد كه ايشان بسبب تأمل در معانى آن بپرهيزند از كفر وتكذيب] ثم أورد مثلا من تلك الأمثال فقال ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ المراد بضرب المثل هنا تطبيق حالة عجيبة بأخرى مثلها كما مر فى أوائل سورة يس ومثلا مفعول ثان لضرب ورجلا مفعوله الاول اخر عن الثاني للتشويق اليه وليتصل به ما هو من تتمته التي هى العمدة فى التمثيل وفيه خبر مقدم لقوله شركاء والجملة فى حيز النصب على الوصفية لرجلا [والتشاكس: با يكديكر بد خويى كردن] قال فى المفردات الشكس السيّء الخلق ومتشاكسون متشاجرون بشكاسة خلقهم وفى القاموس وكندس الصعب الخلق وككتف البخيل ومتشاكسون مختلفون عسرون وتشاكسوا تخالفوا. والمعنى جعل الله تعالى للمشرك مثلا حسبما يقود اليه مذهبه من ادعاء كل من معبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جماعة يتجاذبونه ويتعاورونه فى مهماتهم المتباينة فى تحسره وتوزع قلبه وَرَجُلًا اى وجعل للموحد مثلا سَلَماً خالصا لِرَجُلٍ فرد ليس لغيره عليه سبيل أصلا فالتنكير فى كل منهما للافراد اى فردا من الاشخاص لفرد من الاشخاص. والسلم بفتحتين وكقتل وفسق مصدر من سلم له كذا اى خلص نعت به مبالغة كقبولك رجل عدل او حذف منه ذو بمعنى ذا سلامة لرجل اى ذا خلوص له من الشرك. والرجل ذكر من بنى آدم جاوز حد الصغر وتخصيص الرجل لانه انطق لما يجرى عليه من الضر والنفع لان المرأة والصبى قد يغفلان عن ذلك هَلْ استفهام انكار يَسْتَوِيانِ [آيا مساوى باشد اين دو بنده] مَثَلًا من جهة الصفة والحال نصب على التمييز والوحدة حيث لم يقل مثلين لبيان الجنس وإرادته فيعم اى هل يستوى حالهما وصفاتهما يعنى لا يستويان. والحاصل ان الكافر كالعبد الاول فى كونه حيران متفرق البال لانه يعبد آلهة مختلفة اى أصناما لا يجيىء منها خير بل تكون سببا لوقوعه فى أسفل سافلين كما ان العبد يخدم ملاكا متعاسرين مختلفى الاهوية لا يصل اليه منهم منفعة أصلا والمؤمن كالعبد الثاني فى انضباط أحواله واجتماع باله حيث يعبد ربا واحدا يوصله الى أعلى عليين كما ان العبد يخدم سيدا واحدا يرضى عنه ويصل اليه بالعطاء الجزيل

[سورة الزمر (39) : آية 30]

يك يار پسنده كن چويك دل دارى الْحَمْدُ لِلَّهِ حيث خصمهم كما قال مقاتل اى قطعهم بالخصومة وغلبهم واظهر الحجة عليهم ببيان عدم الاستواء بطريق ضرب المثل بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ إضراب وانتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور الى بيان ان اكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون ذلك مع كمال ظهوره فيبقون فى ورطة الشرك والضلال من فرط جهلهم وفى الآية اشارة الى بيان عدم الاستواء بين الذي يتجاذبه شغل الدنيا وشغل العيال وغير ذلك من الأشياء المختلفة والخواطر المتفرقة وبين الذي هو خالص لله ليس للخلق فيه نصيب ولا للدنيا نسيب وهو من الآخرة غريب والى الله قريب منيب والحاصل ان الراغب فى الدنيا شغلته امور مختلفة فلا يتفرغ لعبادة ربه وإذا كان فى العبادة يكون قلبه مشغولا بالدنيا. والزاهد قد تفرغ من جميع أشغال الدنيا فهو يعبد ربه خوفا وطمعا. والعارف قد تفرغ من الكونين فهو يعبد ربه شوقا الى لقائه فلا استواء بين البطالين والطالبين وبين المنقطعين والواصلين الحمد لله يعنى الثناء له وهو مستحق لصفات الجلال بل أكثرهم لا يعلمون كمال جماله ولا يطلعون على حسن استعدادهم بمرآتية صفات جماله وجلاله والا لعطلوا الأمور الدنيوية بأسرها وخربت الدنيا التي هى مزرعة الآخرة: وفى المثنوى استن اين عالم اى جان غفلتست ... هوشيارى اين جهانرا آفتست «1» هوشيارى زان جهانست و چوآن ... غالب آيد پست كردد اين جهان هوشيارى آفتاب وحرص يخ ... هوشيارى آب واين عالم وسخ زان جهان اندك ترشح مى رسد ... تا نلغزد در جهان حرص وحسد كر ترشح بيشتر كردد ز غيب ... نى هنر ماند درين عالم نه عيب فعلى العاقل الرجوع الى الله والعمل بما فى القرآن والاعتبار بامثاله حتى يكون من الذين يعلمون حقيقة الحال: وفى المثنوى هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر پاك كبريا «2» ور بخوانى ونه قرآن پذير ... انبيا وأوليا را ديده كير ور پذيرايى چوبر خوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد در قفص مرغ كو اندر قفص زندانيست ... مى نجويد رستن از نادانيست روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبياى رهبر شايسته اند كان الحسن والحسين رضى الله عنهما يلعبان بين يدى النبي فاعجب بهما فاتاه جبرائيل عليه السلام بقارورة وكاغدة وفى القارورة الدم وفى الكاغدة السم فقال أتحبهما يا محمد فاعلم ان أحدهما يقتل بالسيف فهذا دمه والآخر يسقى السم وهذا سمه فقطع القلب عن الأولاد وعلق قلبه بالله تعالى من قال الله ولم يفر من غير الله الى الله لم يقل الله دع روحك وقلبك ثم قل الله كما قال الله تعالى لحبيبه عليه السلام (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ) اى ذرهم ثم قل الله نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المنقطعين اليه والحاضرين لديه انه هو المسئول إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ

_ (1) در اواخر دفتر يكم در بيان ديكر سؤال عائشه از حضرت مصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ (2) در دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف إلخ

تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة إذ كان كفار قريش يتربصون برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم موته: يعنى [كفار مكه ميكفتند چشم ميداريم كه محمد بميرد وازو باز رهيم] والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وفى المفردات الموت زوال القوة الحساسية الحيوانية وابانة الروح عن الجسد. والتأكيد بالنون لتنزيل المخاطب منزلة المتردد فيه تنبيها له على ظهور أدلته وحثا على النظر فيها. والمعنى انكم جميعا بصدد الموت فالموت يعمكم ولا معنى للتربص والشماتة بل هو عين الجهالة مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند پس از وى بسى فمعنى قوله ميت وميتون: بالفارسية [مرده خواهى شد وزود بميرند] اى ستموت وسيموتون والشيء إذا قرب من الشيء يسمى باسمه فلا بد لكل من الموت قريبا وبعيدا وكل آت فهو قريب- روى- ان آدم عليه السلام لما اهبط الى الأرض قيل له لد للفناء وابن للخراب قرأ بعضهم انك مائت وانهم مائتون لانه مما سيحدث وتوضيحه ان المائت صفة حادثة فى الحال او فى المستقبل بدليل صحة قولك زيد مائت الآن او غدا بخلاف الميت فانه صفة لازمة كالسيد للعريق فى السؤدد والسائد لمن حدث له السؤدد وقيل الموت ليس ما أسند الى ابانة الروح عن الجسد بل هو اشارة الى ما يعترى الإنسان فى كل حال من الخلل والنقص وان البشر مادام فى الدنيا يموت جزأ فجزأ وقد عبر قوم عن هذا المعنى وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا المائت هو المتخلل قال القاضي على بن عبد العزيز ليس فى لغتنا مائت على حسب ما قالوه وانما يقال موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل قال ابن مسعود رضى الله عنه لما دنا فراق رسول الله جمعنا فى بيت أمنا عائشة رضى الله عنها ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال (مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله أوصيكم بتقوى الله وطاعته قددنا الفراق وحان المنقلب الى الله تعالى والى سدرة المنتهى وجنة المأوى يغسلنى رجال اهل بيتي ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلتمونى وكفنتمونى ضعونى على سريرى فى بيتي هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى علىّ حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا فصلوا علىّ) فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا وقالوا يا رسول الله أنت رسول ربنا وشمع جمعنا وبرهان أمرنا إذا ذهبت عنا فالى من نرجع فى أمورنا قال (تركتكم على المحجة البيضاء) اى على الطريق الواضح الواسع ليلها كنهارها اى فى الوضوح ولا يزيغ بعدها الا هالك وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا فالناطق القرآن والصامت الموت فاذا أشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة وإذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الأموات) فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك من صداع عرض له وكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس ثم مات يوم الاثنين كما بعثه الله فيه فغسله على رضى الله عنه وصب الماء اى ماء بئر غرس الفضل بن العباس رضى الله عنهما ودفنوه ليلة الأربعاء وسط الليل وقيل ليلة الثلاثاء فى حجرة عائشة رضى الله عنها وفى الحديث (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها أفظع المصائب) وانشد بعضهم

[سورة الزمر (39) : آية 31]

اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بان المرء غير مخلد وإذا اعترتك وساوس بمصيبة ... فاذكر مصابك بالنبي محمد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (إِنَّكَ مَيِّتٌ) إلخ الى نعيه عليه السلام ونعى المسلمين إليهم ليفرغوا بأجمعهم عن مأتمهم ولا تعزية فى العادة بعد ثلاث ومن لم يتفرغ عن مأتم نفسه وانواع همومه فليس له من هذا الحديث شمة فاذا فرغ قلبه عن حديث نفسه وعن الكونين بالكلية فحينئذ يجد الخير من ربه وليس هذا الحديث الا بعد فنائهم عنهم ولهذا اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال «يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب أنت منزه عن البيت كله قال فرغ لى قلبك» وقال لنبينا عليه السلام (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يعنى قلبك وقال (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) اى قلبك عن لوث تعلقات الكونين سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست وقال المولى الجامى قدس سره روز شب در نظرت موج زنان بحر قدم ... حيف باشد كه بلوث حدث آلوده شوى ثُمَّ إِنَّكُمْ اى انك وإياهم على تغليب ضمير المخاطب على ضمير الغائب وأكد بالنون وان كان الاختصام مما لا ينكر لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ فى انكار الاختصام لانهماكهم فى الغفلة عنه يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ اى مالك أمركم تَخْتَصِمُونَ فتحتج أنت عليهم بانك بلغتهم ما أرسلت به من الاحكام والمواعظ واجتهدت فى الدعوة الى الحق حق الاجتهاد وهم قد لجوا فى المكابرة والعناد ويعتذرون بما لا طائل تحته مثل اطعنا سادتنا وكبراءنا وجدنا آباءنا وفى بحر العلوم الوجه الوجيه ان يراد الاختصام العام وان يخاصم الناس بعضهم بعضا مؤمنا او كافرا فيما جرى بينهم فى الدنيا بدلائل. منها قول النبي عليه السلام (أول من يختصم يوم القيامة الرجل والمرأة والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها تشهدان ورجلاها عليها بما كانت تعيب لزوجها وتشهد عليه يداه ورجلاه بما كان يؤذيها. ومنها قوله عليه السلام (انا خصم عثمان بن عفان بين يدى الرب تعالى) وعن ابراهيم النخعي قالت الصحابة رضى الله عنهم ما خصومتنا ونحن اخوان فلما قتل عثمان رضى الله عنه قالوا هذه خصومتنا وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا. ومنها قوله عليه السلام (من كان عنده مظلمة لاخيه من عرض او شىء فليتحلله اليوم من قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) قال ابن الملك يحتمل ان يكون المأخوذ نفس الأعمال بان تنجد فنصير كالجواهر وان يكون ما أعدلها من النعم والنقم إطلاقا للسبب على المسبب وعن الزبير بن العوّام رضى الله عنه قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ إِنَّكُمْ) إلخ قلت اى رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا فى الدنيا مع خواص الذنوب اى الذنوب المخصوصة بنا سوى المخاصمات قال (نعم ليكربون عليكم حتى تؤدوا الى كل ذى حق حقه) قال الزبير

[سورة الزمر (39) : الآيات 32 إلى 35]

ان الأمر إذ الشديد وفى الحديث (لا تزال الخصومة بين الناس حتى تخاصم الروح الجسد فيقول الجسد انما كنت بمنزلة جذع ملقى لا أستطيع شيأ ويقول الروح انما كنت ريحا لا أستطيع ان اعمل شيأ فضرب لهما مثل الأعمى والمقعد يحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد ببصره ويحمله الأعمى برجليه) وفى الحديث (أتدرون من المفلس) قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال (ان المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وكان قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا فيقضى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار) فان قيل قال فى آية اخرى (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) قيل ان فى يوم القيامة ساعات كثيرة وأحوالها مختلفة مرة يختصمون ومرة لا يختصمون كما انه قال (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) وقال فى آية اخرى (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) يعنى فى حال لا يتساءلون وفى حال يتساءلون وكما انه قال (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) وفى موضع آخر (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ونحو هذا كثير فى القرآن قال بعض الكبار يوم القيامة يوم عظيم شديد يتجلى الحق فيه اولا بصفه القهر بحيث يسكت الأنبياء والأولياء ثم يتجلى باللطف فيحصل لهم انبساط فعند ذلك يشفعون قال فى التأويلات النجمية (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) اى تراجعون الحق تعالى بشفاعة اقربائكم وأهاليكم واصدقائكم بعد فراغكم من خويصة أنفسكم نسأل الله سبحانه وتعالى العناية تم الجزء الثالث والعشرون الجزء الرابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فى الإرشاد المعنى الاول ليختصمون هو الأظهر الأنسب بهذا القول فانه مسوق لبيان حال كل من طرفى الاختصام الجاري فى شأن الكفر والايمان لا غير وفى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان الاختصام يوم القيامة بين الظالمين والمظلومين والمعنى اظلم من كل ظالم من افترى على الله بان أضاف اليه الشرك والولد وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ اى بالأمر الذي هو عين الحق ونفس الصدق وهو ما جاء به النبي عليه السلام إِذْ جاءَهُ اى فى مجيئه على لسان الرسول عليه السلام يعنى فاجأه بالتكذيب ساعة أتاه وأول ما سمعه من غير تدبر فيه ولا تأمل وفيه اشارة الى من يكذب على الله بادعاء انه أعطاه رتبة وحالا ومقاما وإذا وجد صديقا جاء بالصديق فى المقال والأحوال كذبه وينكر على صدقه فيكون حاصل امره يوم القيامة قوله (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ولهذا قال تعالى أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ استفهام إنكاري وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والثواء هو الاقامة والاستقرار والمثوى المقام والمستقر. والمعنى ان جهنم منزل ومقام للكاذبين المكذبين المذكورين وغيرهم من الكفار جزاء لكفرهم وتكذيبهم

[سورة الزمر (39) : الآيات 33 إلى 35]

وَالَّذِي جاءَ [وانكه آمد ويا آرد] بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ الموصول عبارة عن رسول الله عليه السلام ومن تبعه من المؤمنين كما فى قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) فان المراد موسى عليه السلام وقومه أُولئِكَ الموصوفون بالصدق والتصديق هُمُ الْمُتَّقُونَ المنعوتون بالتقوى التي هى أجل الرغائب وقال الامام السهيلي رحمه الله (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) هو رسول الله (وَ) الذي (صَدَّقَ بِهِ) هو الصديق رضى الله عنه ودخل فى الآية بالمعنى كل من صدق ولذلك قال (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) انتهى وفيه على ما قال اهل التفسير انه يلزم إضمار الذي بان يقال والذي صدق به وذا غير جائز ودلت الآية على ان النبي عليه السلام يصدق ايضا بما جاء به من عند الله ويتلقاه بالقبول كما قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ومن هنا قال بعضهم ان النبي عليه السلام مرسل الى نفسه ايضا وهكذا وارث الرسول فانه لا يتردد فى صدق حاله وتصديق الخبر الذي يأتيه من الله تعالى فيفيض بركة حاله الى وجوده كله والى من يعتقده ويصدقه ألا ترى ان النبي عليه السلام اتى بالصدق وأفاض من بركات صدقه على ابى بكر رضى الله عنه فسمى صديقا وهكذا حال سائر الصديقين قال الحافظ بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست يعنى ان الصادق الصديق يتولد من نفسه نفس الشمس المعنوية فتنور الأنفس كما ان الصبح الصادق تطلع بعده الشمس الصورية فتنور الآفاق بخلاف حال الكاذب فانه كالصبح الكاذب حيث تعقبه الظلمة لَهُمْ اى للمتقين بمقابلة محاسن أعمالهم فى الدنيا ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى كل ما يشاؤنه من جلب المنافع ودفع المضار فى الآخرة لا فى الجنة فقط لما ان بعض ما يشاؤنه من تكفير السيئات والامن من الفزع الأكبر وسائر اهوال القيامة انما يقع قبل دخول الجنة يقال اجمع العبارات لنعيم الجنة (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) واجمع العبارات لعذاب الآخرة (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) وفى التأويلات النجمية (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) لانهم تقربوا الى الله تعالى بالاتقاء به عما سواه فاوجب الله فى ذمة كرمه ان يتقرب إليهم بإعطاء ما يشاؤن من عنده بحسب حسن استعدادهم ذلِكَ اى حصول ما يشاؤنه جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ثواب الذين أحسنوا أعمالهم بان عملوها على مشاهدة الحق لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا قال الراغب الكفارة ما يغطى الإثم ومنه كفارة اليمين والقتل والظهار. والتكفير ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ويجوز ان يكون بمعنى ازالة الكفر والكفران كالتمريض بمعنى ازالة المرض واللام متصل بالمحسنين يعنى الذين أحسنوا رجاء ان يكفر الله إلخ او بالجزاء يعنى جزاهم كى يكفر عنهم كذا فى كشف الاسرار وقال المولى ابو السعود رحمه الله اللام متعلق بقوله لهم ما يشاؤن باعتبار فحواه الذي هو الوعد اى وعدهم الله جميع ما يشاؤنه من زوال المضار وحصول المسار ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد أسوأ الذي عملوا دفعا لمضارهم وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ ويعطيهم ثوابهم بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ اى اعطاؤنا لمنافعهم واضافة الاسوأ والأحسن الى ما بعدهما ليست

[سورة الزمر (39) : الآيات 36 إلى 41]

من قبيل اضافة المفضل الى المفضل عليه بل من اضافة الشيء الى بعضه للقصد الى التحقيق والتوضيح من غير اعتبار تفضيله عليه وانما المعتبر فيهما مطلق الفضل والزيادة لا على المضاف اليه المعين بخصوصه خلا ان الزيادة المعتبرة فيها ليست بطريق الحقيقة بل هى فى الاول بالنظر الى ما يليق بحالهم من استعظام سيآتهم وان قلت واستصغار حسناتهم وان جلت والثاني بالنظر الى لطف كرم أكرم الأكرمين من استكثار الحسنة اليسيرة ومقابلتها بالمثوبات الكثيرة وحمل الزيادة على الحقيقة وان أمكن فى الاول بناء على ان تخصيص الاسوأ بالذكر لبيان تكفير ما دونه بطريق الاولوية ضرورة استلزام تكفير الاسوأ لتكفير السيّء لكن لما لم يكن ذلك فى الأحسن كان الأحسن نظمها فى سلك واحد من الاعتبار. والجمع بين صيغتى الماضي والمستقبل فى صلة الموصول الثاني دون الاول للايذان باستمرارهم على الأعمال الصالحة بخلاف السيئة كذا فى الإرشاد واعلم ان سبب التكفير والاجر الأحسن هو الصدق وهو من المواهب لامن المكاسب فى الحقيقة وان كان حصول اثره منوطا بفعل العبد ويجرى فى القول والفعل والوعد والعزم قال ابو يزيد البسطامي قدس سره أوقفني الحق سبحانه بين يديه الف موقف فى كل موقف عرض علىّ مملكة الدارين فقلت لا أريدها فقال لى فى آخر موقف يا أبا يزيد ما تريد قلت أريد ان لا أريد قال أنت عبدى حقا وصدقا من كه باشم كه مرا خواست بود [داود طائى رحمه الله عالم وقت بود ودر فقه فريد عصر بود ودر مقام صدق چنان بود كه آن شب كه از دنيا بيرون رفت از آسمان ندا آمد كه «يا اهل الأرض ان داود الطائي رحمه الله قدم على ربه وهو غير راض» واين منزلت ومنقبت در صدق عمل چنان بود كه ابو بكر عياش حكايت كند كه در حجره وى شدم او را ديدم نشسته و پاره نان خشك در دست داشت ومى كريست كفتم] مالك يا داود فقال هذه الكسرة آكلها ولا أدرى أمن حلال هى أم من حرام [وشيخ ابو سعيد ابو الخير قدس سره را در مجلس سؤال كردند كه] يا الشيخ ما الصدق وكيف السبيل الى الله شيخ كفت الصدق وديعة الله فى عباده ليس للنفس فيه نصيب لان الصدق سبيل الى الحق وابى الله ان يكون لصاحب النفس اليه سبيل قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه (يا معاذ أخلص دينك يكفك القليل من العمل) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ادخلت همزة الإنكار على كلمة النفي فافادت معنى اثبات الكفاية وتقريرها والكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد فى الأمر اى هو تعالى كاف عبده محمدا صلى الله عليه وسلم امر من يعاديه وناصره عليه وفيه تسلية له عليه السلام ويحتمل الجنس ففيه تسلية لكل من تحقق بمقام العبودية وعن بعض الكبار أليس الله بكاف عبده ان يعبده ويؤمن به وايضا عبده المتحقق بحقيقة هويته التي هى مبدأ الالوهية اى ألوهيته وإلهيته وفى التأويلات النجمية ان الله كاف عبده عن كل شىء ولا يكفى له كل شىء عن الله ولهذا المعنى إذ يغشى السدرة ما يغشى من نفائس الملك والملكوت لتكون للنبى عليه السلام تلك النفائس كافية عن رؤية ما زاغ البصر وما طغى بنظر القبول إليها حتى رأى من آيات ربه الكبرى وفى عرائس البقلى فيه نبذة من

[سورة الزمر (39) : آية 37]

العتاب عاتب الحق عباده بلفظ الاستفهام اى هل يجرى على قلوبهم انى اتركهم من رعايتى وحفظى كلا ومن يجترىء ان يقوم بمخاصمة من هو فى نظرى من الأزل الى الابد وفى كشف الاسرار من تبرأ من اختياره واحتياله وصدق رجوعه الى الله من أحواله ولا يستعين بغير الله من اشكاله وأمثاله آواه الله الى كنف إقباله وكفاه جميع أشغاله وفى الحديث (من أصبح وهمومه هم واحد كفاه الله هموم الدنيا والآخرة) [عبد الواحد زيد را كفتند هيچ كس را دانى كه در مراقبت خالق چنان مستغرق بود كه او را پرواى خلق نباشد كفت يكى را دانم كه همين ساعت در آيد عتبة الغلام در آمد عبد الواحد كفت اى عتبه در راه كرا ديدى كفت هيچ كس را وراه وى بازار بود انجمن خلق] وقال السيد جعفر الصادق رضى الله عنه ما رأيت احسن من تواضع الأغنياء للفقراء واحسن من ذلك اعراض الفقير عن الغنى استغناء بالله تعالى ورعايته وكفايته قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله من لم يكف بربه بعد قوله (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) فهو من درجة الهالكين وقال ابن عطاء رحمه الله رفع جلاجل العبودية من عنقه من نظر بعد هذه الآية الى أحد من الخلق او رجاهم او خافهم او طمع فيهم بس ترا از ما سوى امداد هو ... كفت أليس الله بكاف عبده وَيُخَوِّفُونَكَ اى المشركون بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ اى بالأوثان التي اتخذوها آلهة من دون الله تعالى ويقولون انك تعبيها وانها لتصيبك بسوء كالهلاك او الجنون او فساد الأعضاء وقال بعض اهل التفسير ان هذه الآية اى قوله (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) نزلت مرة فى حق النبي عليه السلام ومرة فى شأن خالد بن الوليد رضى الله عنه كسورة الفاتحة حيث نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة [ونزولش در حق خالد بن الوليد آنست كه قومى از مشركان عرب درختى را بمعبودى كرفته بودند ودر وى ديوى در زير بيخ آن درخت قرار كرده بود نام آن ديو عزى ورب العزة آنرا سبب ضلالت ايشان كرده بود مصطفى عليه السلام خالد وليد را فرموده تا آن درخت را از بيخ برآورد وآن ديو را بكشد مشركان گرد آمدند وخالد را بترسانيدند كه عزى ترا هلاك كند يا ديوانه كند خالد از مقالت ايشان مصطفى را خبر كرد ورب العزة در حق وى اين آيت فرستاد كه (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) خالد باز كشت وآن درخت را از بيخ بكند وزير آن درخت شخصى يافت عظيم سياه كريه المنظر واو را بكشت پس مصطفى عليه السلام كفت] (تلك عزى ولن تعبد ابدا) كذا فى كشف الاسرار وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ اى ومن يجعله دالا عن الطريق القويم والفهم المستقيم حتى غفل عن كفايته تعالى وعصمته له عليه السلام وخوفه بما لا ينفع ولا يضر أصلا فَما لَهُ مِنْ هادٍ يهديه الى خير ما وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ اى ومن يرشده الى الصراط المستقيم فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ يصرفه عن مقصده او يصيبه بسوء يخل بسلوكه إذ لاراد لفعله ولا معارض لا إرادته وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان رؤية الخير والشر من غير الله ضلالة والتخويف بمن دون الله غاية الضلالة ولهذا قال (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ولان الهادي فى الحقيقة هو الله فمن يضلل الله كيف يهديه غيره وكذلك من يهد الله فما له من مضل لان المضل على الحقيقة هو الله فمن يهده الله كيف يضله أَلَيْسَ

[سورة الزمر (39) : آية 38]

اللَّهُ بِعَزِيزٍ غالب منيع يعز من يعبده ذِي انْتِقامٍ من أعدائه لاوليائه اى هو عزيز ذو انتقام لان الاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا وتقريرا كما مر. والانتقام بالفارسية [كينه كشيدن] وفى بحر العلوم من النقمة وهى الشدة والعقوبة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ اى هؤلاء المشركين الذين يخوفونك بآلهتهم فقلت لهم مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ من اخترع هذين الجنسين المعبر عنهما بالعالم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ اى خلقهن الله لوضوح الدليل على اختصاصه بالخالقية واللام الاولى توطئة وتمهيد للقسم والثانية جواب له وهو سادّ مسدّ جوابين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان الفطري مركوز فى جبلة الإنسان من يوم الميثاق إذا شهدهم الله على أنفسهم فقال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) كما قال تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وقال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) فلا يزال يوجد فى الإنسان وان كان كافرا اثر ذلك الإقرار ولكنه غير نافع الا مع الايمان الكسبي بالله وملائكته وكتبه ورسله وبما جاؤا به قُلْ تبكيتا لهم أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أرأيتم بمعنى أخبروني جعل الرؤية وهو العلم الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وتدعون بمعنى تعبدون وما عبارة عن الآلهة والضر سوء الحال أيا كان من مرض وضيق معيشة وشدة والاستفهام للانكار وضمير هن راجع الى ما باعتبار الآلهة. والكشف الإظهار والازالة ورفع شىء عما يواريه ويعطيه. والمعنى بعد ما تحققتم ان خالق العالم العلوي والسفلى هو الله تعالى فاخبرونى ان آلهتكم ان أرادني الله بضر هل هن يكشفن عنى ذلك الضرر والبلاء ويدفعنه اى لا تقدر على دفعه وإزالته أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ اى او ان أرادني بنفع من صحة او غنى او غير ذلك من المنافع هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ فيمنعنها عنى اى لا تقدر على إمساك تلك الرحمة ومنعها وتعليق ارادة الضر والرحمة بنفسه عليه السلام للرد فى نحورهم حيث كانوا خوفوه مضرة الأوثان ولما فيه من الإيذان بامحاض النصح وانما قال كاشفات وممسكات ابانة لكمال ضعفها واشعارا بانوثتها كما قال (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) وهم كانوا يصفونها بالانوثة مثل العزى واللات ومناة فكأنه قال كيف أشركتم به تعالى هذه الأشياء الجمادية البعيدة من الحياة والعلم والقدرة والقوة والتمكن من الخلق هلا استحييتم من ذلك قُلْ يا محمد حَسْبِيَ اللَّهُ حسب مستعمل فى معنى الكفاية اى الله كافىّ فى جميع أموري من إصابة الخير ودفع الشر: وبالفارسية [بسست مرا خداى تعالى در رسانيدن خير وباز داشتن شر] روى انه عليه السلام لما سألهم سكتوا فنزل عَلَيْهِ تعالى لا على غيره أصلا يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ لعلمهم بان ما سواه تحت ملكوته تعالى تو با خداى خود انداز كار ودل خوش دار ... كه رحم اگر نكند مدعى خدا بكند وفيه اشارة الى ان من تحول عن الكافي الى غير الكافي لم يتم امره فلا بد من التوكل على رب العباد والتسليم له والانقياد [در كليله ودمنه كويد با سلطان قوى كسى طاقت ندارد وكس با او نستيزد مگر بگردن دادن ويرا مثل آن حشيش كه هركاه كه باد غلبه كيرد خود را فرا باد دهد تا در زمين همين كرداندش آخر نجات يابد وآن درخت رفته را كه كردن ننهد

[سورة الزمر (39) : الآيات 39 إلى 41]

از بيخ بركندن و چون شرار بينى وازو بترسى پيش او در زمين بغلظ تواضع كن تا برهى كه شير اگر چهـ عظيم بود اما كريم بود] فالعصمة من الله تعالى- حكى- ان سفينة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اخطأ الجيش بأرض الروم واسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش فاذا بأسد فقال له يا أبا الحارث انا سفينة مولى رسول الله فكان مرادى كيت وكيت فاقبل الأسد يتبصبص حتى قام الى جنبه فركب عليه فكان كلما سمع صوتا أهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد وفيه إشارات منها ان الحيوان المفترس لا يقدر على الإضرار إذا كان المرء فى عصمة الله فكيف الجماد. ومنها أن طاعة الله تعالى والتوكل عليه سبب النجاة من المهالك. ومنها ان الاستشفاع برسول الله والتقرب اليه بالايمان والتوحيد والعمل بسنته يهدى الى سواء الصراط كما هدى سفينة رضى الله عنه فعلى العاقل اخلاص التوحيد والاعراض عما سوى الله تعالى فانه تعالى كاف لعبده فى كل حال من الأحوال والأمور قُلْ يا قَوْمِ اى قوم من] اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ على حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها فان المكانة تستعار من العين للمعنى كما يستعار هنا وحيث للزمان مع كونهما للمكان إِنِّي عامِلٌ اى على مكانتى ما استطعت ولا يزيد حالى الا قوّة ونصرة فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ بسوء اعماله ومن مفعول تعلمون والاخزاء: [دون كردن وخوار كردن ورسوا كردن وهلاك كردن] ومعانى هذه الكلمة يقرب بعضها من بعض ومنه الحديث لا تخزوا الحور اى لا تجعلوهن يستحيين من فعلكم كما فى تاج المصادر. والمعنى بالفارسية [پس زود باشد كه بدانيد آنكس را كه از ما وشما بيايد بدو عذابى كه او را رسوا كند] وهو عذاب الدنيا وخزى أعدائه دليل على غلبته فقد نصره الله وعذب أعداءه وأخزاهم يوم بدر: يعنى [حق سبحانه رسوا كرد دشمنان آن حضرت را در روز بدر كه جمعى از ايشان بدست مؤمنان كشته كشتند وكروهى بقيد مذلت وسلسله نكبت كرفتار شدند اين سر بباد داده وآن دستها ببند ... آن كشته خوار وزار وكرفتار ومستمند وَيَحِلُّ ينزل من أفعاله من الحلول وهو النزول عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ الى الابد لا يفارقه دائم لا ينقطع عنه وهو عذاب الآخرة يعنى أنتم الهالكون بسبب كونكم على البطلان ونحن الناجون بسبب كوننا على الحق فسوف ينكشف ربحنا وخسرانكم وسوف تظهر زيادتنا ونقصانكم وسوف يطالبكم الله ولا جواب لكم ويعذبكم ولا شفيع لكم ويدمر عليكم ولا صريخ لكم ايمان رسد بفرياد قرآن رسد بامداد إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن لِلنَّاسِ اى لاجلهم فانه مناط لمصالحهم فى المعاش والمعاد وقد سبق الفرق بين إليك وعليك فى أول السورة بِالْحَقِّ حال من فاعل أنزلنا حال كوننا محقين فى انزاله او من مفعوله كون ذلك الكتاب ملتبسا بالحق والصدق اى كل ما فيه حق وصواب لا ريب فيه موجب للعمل به حتما فَمَنِ اهْتَدى بان عمل بما فيه فَلِنَفْسِهِ اى انما نفع به نفسه وَمَنْ ضَلَّ بان لم يعمل بموجبه فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لما ان وبال ضلاله مقصور عليها

[سورة الزمر (39) : الآيات 42 إلى 45]

وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ الوكيل القائم على الأمر حتى يكمله اى وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى وما وظيفتك الا البلاغ وقد بلغت أي بلاغ وفى الآية اشارة الى ان القرآن مذكر جوار الحق للناس الذين نسوا الله وجواره فمن تذكر بتذكيره واتعظ بوعظه واهتدى بهدايته كانت فوائد الهداية راجعة الى نفسه بان تنورت بنور الهداية فانمحى عنها آثار ظلمات صفاتها الحيوانية السبعية الشيطانية الموجبة لدخول النار (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) فانه يوكله الى نفسه وطبيعته فتغلب عليه الصفات الذميمة فيكون حطب النار (وَما أَنْتَ) يا محمد (عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) تحفظهم من النار إذا كان فى استعدادهم الوقوع فيها وفى الحديث (انما مثلى ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيها وانا آخذ بحجزكم تقحمون فيه) والحجز جمع الحجزة كالكدرة وهى معقد الإزار خصه بالذكر لان أخذ الوسط أقوى فى المنع واصل تقحمون بالتشديد تتقحمون وفيه اى فى النار على تأويل المذكور يعنى انا آخذكم حتى أبعدكم عن النار وأنتم تدخلون فيها بشدة. ومعنى التمثيل ان النبي عليه السلام فى منعهم عن المعاصي والشهوات المؤدية الى النار وكونهم متقحمين متكلفين فى وقوعها مشبه بشخص مشفق يمنع الدواب عنها وهن يغلبنه وفى الحديث اخبار عن فرط شفقته على أمته وحفظهم من العذاب ولا شك فيه لان الأمم فى حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء فى أكناف الآباء صلوات الله عليهم وسلامه وفى الحديث (ان مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة اخرى انما هى قيعان لا تمسك ماء فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه الله بما بعثني به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع لذلك رأسا) اى لم يلتفت اليه بالعمل ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به انتهى فعلم العالم العامل المعلم كالمطر الواقع على التربة الطيبة وعلم العالم المعلم الغير العامل كالمطر الواقع على الاجادب واما الذي لا يقبل الهدى أصلا فكان كالارض التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فكما انها ليس فيها ماء ولا كلأ فكذا الكافر والجاهل ليس فيه علم ولا عمل فلا لنفسه نفع ولا لغيره اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها يقال توفاه الله قبض روحه كما فى القاموس والأنفس جمع نفس بسكون الفاء وهى النفس الناطقة المسماة عند اهل الشرع بالروح الإضافي الإنساني السلطاني فسميت نفسا باعتبار تعلقها بالبدن وانصياعها باحكامه والتلبس بغواشيه وروحا باعتبار تجردها فى نفسها ورجوعها الى الله تعالى. فالنفس ناسوتية سفلية والروح لاهوتية علوية قالوا الروح الإنساني جوهر بسيط محرك للجسم وليس هو حالا فى البدن كالحلول السرياني ولا كالحلول الجواري ولكن له تعلق به تعلق التدبير والتصرف والروح الحيواني اثر من آثار هذا الروح على ما سبق منى تحقيقه فى سورة الاسراء عند قوله تعالى (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فهو من الروح الإنساني كالقمر من الشمس فى استفاضة النور والبهائم تشارك فيه الإنسان وهو الروح الذي يتصرف فى تعديله وتقويته علم الطب ولا يحمل الامانة والمعرفة والتراب يأكل محله وهو البدن العامي لان الله تعالى حرم على الأرض

ان تأكل أجساد الأنبياء والصديقين والشهداء بخلاف الروح الإنساني فانه حامل الامانة والمعرفة والايمان ويتصرف فيه علم الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة بتوسط الحكماء الإلهيين ولا يأكله التراب وهو باعتبار كونه نفسا هو النبي والولي والمشار اليه بانا والمدرج فى الخرقة بعد مفارقته عن البدن والمسئول فى القبر والمثاب والمعاقب وليس له علاقة مع البدن سوى ان يستعمله فى كسب المعارف بواسطة شبكة الحواس فان البدن آلته ومركبه وشبكته وبطلان الآلة والمركب والشبكة لا يوجب بطلان الصياد نعم بطلت الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانها غنيمة إذ يتخلص من حملها وثقلها ولذا قال عليه السلام (الموت تحفة المؤمن) اما لو بطلت الشبكة قبل الصيد فقد عظمت فيه الحسرة والندامة ولذا يقول المقصرون (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) الآية. والموت زوال القوة الحساسة كما ان الحياة وجود هذه القوة ومنه سمى الحيوان حيوانا ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيواني الذي محله الدماغ كما ان محل الروح الإنساني القلب الصنوبري ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه وان كانت الأرواح البشرية متحيزة عند اهل السنة. ثم ان الإنسان مادام حيا فهو انسان بالحقيقة فاذا مات فهو انسان بالمجاز لان انسانيته فى الحقيقة انما كانت بتعلق الروح الإنساني وقد فارقه: وفى المثنوى جان زريش وسبلت تن فارغست ... ليك تن بي جان بود مرداريست «1» ومعنى الآية يقبض الله الأرواح الانسانية عن الأبدان بان يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت فيزول الحسن والحركة عن الأبدان وتبقى كالخشب اليابس ويذهب العقل والايمان والمعرفة مع الأرواح وفى الوسيط (حِينَ مَوْتِها) اى حين موت أبدانها وأجسادها على حذف المضاف يقول الفقير ظاهره يخالف قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فان المفهوم منه ان الموت يطرأ على النفوس لا على البدن اللهم الا ان يقال المراد ان الله تعالى يتوفى الأرواح حين موت أبدانها بمفارقة أرواحها عنها وأسند القبض اليه تعالى لانه الآمر للملائكة القابضين وفى زهرة الرياض التوفى من الله الأمر بخروج الروح من البدن لو اجتمعت الملائكة لم يقدروا على إخراجه فالله يأمره بالخروج كما امره بالدخول ومن الملائكة المعالجة وإذا بلغت الحنجرة يأخذها ملك الموت على الايمان او الكفر انتهى على ان من خواص العباد من يتولى الله قبض روحه كما روى ان فاطمة الزهراء رضى الله عنها لما نزل عليها ملك الموت لم ترض بقبضه فقبض الله روحها واما النبي عليه السلام فانما قبضه ملك الموت لكونه مقدم الامة وكما قال ذو النون المصري قدس سره الهى لا تكلنى الى ملك الموت ولكن اقبض روحى أنت ولا تكلنى الى رضوان وأكرمني أنت ولا تكلنى الى مالك وعذبنى أنت نسأل الله الفضل على كل حال وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها قوله فى منامها متعلق بيتوفى المقدر. المنام والنوم واحد وهو استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه وقيل هو ان يتوفى الله النفس من غير موت كما فى الآية وقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وهذه التعريفات كلها صحيح ينظرات مختلفة والمعنى

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان باز كشتن بحكايت غلام كه رقعه نوشت سوى شاه إلخ

ويتوفى الأنفس التي لم تمت فى منامها اى يتوفاها حين نومها بان يقطع تعلقها عن الأبدان وتصرفها فيها ظاهرا لا باطنا فالنائم يتنفس ويتحرك ببقاء الروح الحيواني ولا يعقل ولا يميز بزوال الروح الإنساني ومثل النوم حال الانسلاخ عند الصوفية الا ان المنسلخ حال اليقظة أقوى حالا وشهودا من المنسلخ حال النوم وهو النائم وعبر عن الموت والنوم بالتوفى تشبيها للنائمين بالموتى لعدم تميزهم ولذا ورد النوم أخو الموت وعن على رضى الله عنه ان الروح يخرج عند النوم ويبقى شعاعه فى الجسد فلذلك يرى الرؤيا فاذا انتبه عاد روحه الى جسده بأسرع من لحظة- ويروى- ان أرواح المؤمنين تعرج عند النوم الى السماء فمن كان منهم طاهرا اى على وضوء اذن له فى السجود لله تعالى تحت العرش ومن لم يكن منهم طاهرا لم يؤذن له فيه فلذلك يستحب ان ينام الرجل على الوضوء لتصدق رؤياه ويكون له مع الله معاملات ومخاطبات قال بعضهم خلق الله الأرواح على اللطافة والأجساد على الكثافة فلما أمرت بالتعلق بالأجساد انقبضت من الاحتجاب بها فجعل الله النوم والانسلاخ سببا لسيرها فى عالم الملكوت حتى يتجدد لها المشاهدة وتزيد الرغبة فى قرب المولى وانما يستريح العبد ويجد اللذة فى النوم لانه فى يد الله وهو ارحم الراحمين ويضطرب ويجد الألم فى الموت لانه فى يد ملك الموت وهو أشد الخلائق أجمعين فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ إمساك شىء تعلق به وحفظه والقضاء الحكم اى يمسك انفس الأموات عنده ولا يردها الى البدن وذلك الإمساك انما هو فى عالم البرزخ الذي تكون الأرواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنيوية وهو غير البرزخ بين الأرواح المجردة والأجسام اى غير عالم المثال الذي كان النوم او الانسلاخ سببا للدخول فيه لان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية والمرتبة التي قبل النشأة الدنيوية هى من مراتب التنزلات ولها الاولية والتي بعدها هى من مراتب المعارج ولها الآخرية وايضا الصور التي تلحق الأرواح فى البرزخ الأخير انما هى صور الأعمال ونتائج الافعال السابقة فى النشأة الدنيوية بخلاف صور البرزخ الاول فلا يكون شىء منهما عين الآخرة لكنهما يشتركان فى كونهما عالما روحانيا وجوهرا نورانيا غير مادى مشتملا على مثال صور العالم وَيُرْسِلُ الْأُخْرى اى ويرسل انفس الاحياء وهى النائمة الى أبدانها عند اليقظة والنزول من عالم المثال المقيد ولعالم المثال شبه بالجوهر الجسماني فى كونه محسوسا مقداريا وبالجوهر العقلي المجرد فى كونه نورانيا فجعل الله عالم المثال وسطا شبيها بكل من الطرفين حتى يتجسد اولا ثم يتكاثف ألا ترى ان حقيقة العلم الذي هو مجرد يتجسد بالصورة التي فى عالم المثال إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو الوقت المضروب لموتها وهو غاية لجنس الإرسال اى لا لشخصه حتى يرد لزوم ان لا يقع نوم بعد اليقظة الاولى وعن سعيد بن جبير ان أرواح الاحياء وأرواح الأموات تلتقى فى المنام فيتعارف منها ما شاء الله ان يتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجسادها الى انقضاء مدة حياتها وفى الاسئلة المقحمة يقبض الروح حال النوم ثم يمسك الروح التي قضى الموت على صاحبها ووافق نومه اجله انتهى. فيكون قوله فيمسك متفرعا على قوله والتي

لم تمت ويؤيده قوله عليه السلام (إذا أوى أحدكم الى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فانه لا يدرى ما خلف عليه ثم يقول باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان أمسكت نفسى فارحمها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) وفيه اشارة الى ان المقصود من الحياة هو الصلاح وما عداه ينبغى ان يكون وسيلة اليه إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التوفى على الوجهين والإمساك فى أحدهما والإرسال فى الآخر لَآياتٍ عجيبة دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى كيفية تعلق الأرواح بالأبدان وتوفيها عنها تارة بالكلية كما عند الموت وإمساكها باقية بعد الموت لا تفنى بفناء الأبدان وما يقربها من السعادة والشقاوة واخرى عن ظواهرها فقط كما عند النوم وإرسالها حينا بعد حين الى انقضاء آجالها وانقطاع أنفاسها وفى الكواشي (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيستدلون على ان القادر على ذلك قادر على البعث كما قال الكاشفى [براى كروهى كه تفكر كنند در امر أماته كه مشابه نوم است ودر أحيا كه مماثلتست به يقظه ودر تورات مذكور است كه اى فرزند آدم چنانچهـ در خواب ميروى بميرد و چنانچهـ بيدار ميكردى برانگيخته شوى] فالموت باب وكل الناس داخله وفى الحديث القدسي (ما ترددت فى شىء انا فاعله كترددى فى قبض نفس عبدى المؤمن) لما كان التردد وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بان الأصلح أيهما محالا فى حق الله تعالى حمل على منتهاه وهو التوقف يعنى ما توقفت فيما افعله مثل توقفى فى قبض نفس المؤمن فانى أتوقف فيه وأريه ما اعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى. ويجوز ان يراد من تردده تعالى إرسال اسباب الهلاك الى المؤمن من الجوع والمرض وغيرهما وعدم إهلاكه بها ثم إرسالها مرة اخرى حتى يستطيب الموت ويستحلى لقاءه كذا فى شرح السنة (يكره الموت) استئناف جواب عمن قال ما سبب ترددك أراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء الله فكيف يكرهه المؤمن وفى الحديث (ان أحدكم لن يرى ربه حتى يموت) تا نميرد بنده از هستى تمام ... او نبيند حق تعالى والسلام مرك پيش از مرك امنست اى فتى ... اين چنين فرمود ما را مصطفى قال بعضهم [واز موت كراهت داشتن بنده را سبب آنست كه محجوبست از ادراك لذت وصال وكمال عزتى كه او را بعد از موت حاصل خواهد شد] (وانا اكره مساءته) اى ايذاءه بما يلحقه من صعوبة الموت وكربه (ولا بد له منه) اى للعبد من الموت لانه مقدر لكل نفس قال بعضهم [واگر چهـ حق تعالى كراهت دارد كه روح چنان بنده قبض كند اما چون وقت آيد از غايت محبت كه با بنده دارد حجاب جسم كه نقاب رخساره روح است براندازد] حجاب چهره جان ميشود غبار تنم ... خوشا دمى كه ازين چهره پرده برفكنم فعلى العاقل ان يتهيأ للموت بتحصيل حضور القلب وصفاء البال فان كثيرا من ارباب الحال والمقال وقعوا فى الاضطراب عند الحال: وفى المثنوى

[سورة الزمر (39) : الآيات 43 إلى 44]

آن هنرهاى دقيق وقال وقيل ... قوم فرعونند أجل چون آب نيل «1» سحرهاى ساحران دان جمله را ... مرك چوبى دانكه آن شد اژدها جادويها را همه يك لقمه كرد ... يك جهان پر شب بد آن را صبح خورد آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد «2» همچنين باد أجل بر عارفان ... نرم وخوش همچونسيم يوسفان أَمِ اتَّخَذُوا نزلت فى اهل مكة حيث زعموا ان الأصنام شفعاؤهم عند الله فقال الله تعالى منكرا عليهم أم اتخذوا اى بل اتخذ قريش فام منقطعة بمعنى بل والهمزة مِنْ دُونِ اللَّهِ من دون اذنه تعالى شُفَعاءَ تشفع لهم عنده تعالى وهى الأصنام جمع شفيع. والشفع ضم الشيء الى مثله والشفاعة الانضمام الى آخر مسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى رتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة يوم القيامة قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه والواو للحال عند الجمهور والمعنى قل يا محمد للمشركين أفتتخذون الأصنام شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيأ من الأشياء ولا يعقلونه فضلا عن ان يملكوا الشفاعة عند الله ويعقلوا انكم تعبدونهم: يعنى [توقع شفاعت مكنيد از جمادات وحال آنكه ايشان از قدرت وعلم بى بهره اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اتخاذ الأشياء للعبادة او للشفاعة بالهوى والطبع لا بامر الله ووفق الشرع يكون ضلالة على ضلالة وان المقبول من العبادة والشفاعة ما يكون بامر الله ومتابعة نبيه عليه السلام على وفق الشرع وذلك لان حجاب العبد هو الهوى والطبع وانما أرسل الأنبياء لنفى الهوى لتكون حركات العباد وسكناتهم بامر الحق تعالى ومتابعة الأنبياء لا بامر الهوى ومتابعة النفس لان النفس وهواها ظلمانية والأمر ومتابعة الأنبياء نورانية والشهوات ظلمانية ولكن العبد إذا عبد الله بالهوى والطبع تصير عبادته ظلمانية فاذا جامع زوجته بالأمر على وفق الشرع تصير شهوته نورانية قُلْ بعد تبكيتهم وتجهيلهم بما ذكر تحقيقا للحق لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً نصب على الحال من الشفاعة اى هو الله تعالى مالك الشفاعة لا يستطيع أحد شفاعة ما الا ان يكون المشفوع له مرتضى والشفيع مأذونا له وكلاهما مفقود هاهنا قال البقلى بين انه تعالى مرجع الكل الشافع والمشفع فيه حتى يرجع العبد العارف اليه بالكلية ولا يلتفت الى أحد سواه فلا يصل اليه أحد الا به قال الله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ونعم ما قالت رابعة رحمها الله محبة الله تعالى ما أبقت محبة غيره ففيه اشارة الى ان محبة الرسول عليه السلام مندرجة فى محبة الله تعالى فمن أحب الله حبا حقيقيا أحب الله ان يأذن لحبيبه فى شفاعته ومن أحب رسول الله من غير محبة الله لم يؤذن له فى الشفاعة ألا ترى ان قوما افرطوا فى حب على رضى الله عنه ونسوا محبة الله فنفاهم علىّ بل احرق بعضهم لَهُ تعالى وحده مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما فيهما من المخلوقات لا يملك أحد ان يتكلم فى امر من أموره بدون اذنه ورضاه وأشار الى ان الله تعالى هو المالك حقيقة فان ما سواه عبد ولا ملك للعبد ولو ملكه مولاه وانما

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عارف را غداييست از نور حق إلخ. (2) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كردن باد قوم هود عليه السلام إلخ [.....]

[سورة الزمر (39) : آية 45]

هو عارية عنده والعارية مردودة الى مالكها ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يوم القيامة لا الى أحد سواه لا استقلالا ولا اشتراكا فيفعل يومئذ ما يريد وفى الكواشي يحصى أعمالكم ثم الى حسابه ترجعون اى تردون فيجازيكم فاحذروا سخطه واتقوا عذابه فياربح الموحدين يومئذ ويا خسارة المشركين وفى الحديث (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) والمراد امة الاجابة فالكفر اكبر الكبائر وصاحبه مخلد فى النار لا شفاعة له فان قلت الحكم فى المكروه ان يستحق مرتكبه حرمان الشفاعة كما ذكر فى التلويح فيكون حرمان اهل الكبائر اولى قلت استحقاق حرمانها لا يوجب الحرمان بالفعل [شيخ علاء الدولة در عروه كويد جميع فرق إسلامية اهل نجاتند ومراد از ناجيه در حديث (ستفرق أمتي على نيف وسبعين فرقة والناجية منها واحدة) ناجيه بي شفاعتيست] واعلم ان افتخار الخلق فى الدنيا بعشرة ولا ينفع ذلك يوم القيامة الاول المال فلو نفع المال لاحد لنفع قارون قال الله تعال (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) والثاني الولد فلو نفع الولد لاحد لنفع ابراهيم عليه السلام أباه آزر قال تعالى (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) والثالث الجمال فلو نفع الجمال لنفع اهل الروم لأن لهم تسعة أعشار الجمال قال الله تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) والرابع الشفاعة فلو نفعت الشفاعة لنفع الرسول من أحب إيمانه قال تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) كأنه قال أنت شفيعى فى الجنايات لا شريكى فى الهدايات والخامس الحيلة فلو نفعت الحيلة لنفع الكفار مكرهم قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) والسادس الفصاحة فلو نفعت الفصاحة لنفعت العرب قال تعالى (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) والسابع العز فلو نفع العز لنفع أبا جهل قال تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) والثامن الأصدقاء فلو نفع الأصدقاء لنفعوا الفساق قال الله تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) والتاسع الاتباع فلو نفع التبع لنفع الرؤساء قال تعالى (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) والعاشر الحسب فلو نفع الحسب لنفع يعقوب اليهود لانهم أولاد يعقوب قال تعالى (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وقال الشيخ سعدى [خاكستر اگر چهـ نسب عالى دارد كه آتش جوهر علويست وليكن چون بنفس خود هنرى ندارد با خاك برابر است قيمت شكر نه از نى است كه آن خاصيت ويست] چون كنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر فاذا عرفت هذه الجملة فارجع الى الله تعالى من الأسباب الغير النافعة وذلك بكمال الايمان والتقوى وَإِذا [و چون وآنگاه كه] ذُكِرَ اللَّهُ حال كونه وَحْدَهُ اى منفردا دون آلهة المشركين والعامل فى إذا قوله اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ انقبضت ونفرت قلوب الذين لا يصدقون بيوم القيامة. والشمز نفور النفس مما تكره وتشمز وجهه تقبض والاشمئزاز هو ان يمتلىء القلب غيظا وغما ينقبض منه أديم الوجه وهو غاية ما يمكن من الانقباض ففيه مبالغة فى بيان حالهم القبيحة وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ

[سورة الزمر (39) : الآيات 46 إلى 49]

اى من دون الله يعنى الأوثان فرادى او مع ذكر الله إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يفرحون ويظهر فى وجوههم البشر وهو اثر السرور لفرط افتتانهم بها ونسيانهم الحق. والاستبشار هو ان يمتلىء القلب سرورا حتى تنبسط له بشرة الوجه وهو نهاية ما يمكن من الانبساط ففيه مبالغة ايضا فى بيان حالهم القبيحة والعامل فى إذا هو العامل فى إذا المفاجأة تقديره وقت ذكر الذين من دونه فاجأوا وقت الاستبشار: والمعنى بالفارسية [آنگاه ايشان تازه وفرحناك شوند بجهت فراموشى از حق ومشغولى بباطل اما كار مؤمن بر عكس اينست از ياد خداى تعالى شادان وبذكر ما سوى غمكين است] نامت شنوم دل از فرح زنده شود ... قال من از اقبال تو فرخنده شود از غير تو هر جا سخن آيد بميان ... خاطر بهزاران غم پراكنده شود - حكى- ان بعض الصلحاء ذكر عند رابعة العدوية الدنيا وذمها فقالت من أحب شيأ اكثر ذكره واعلم ان هؤلاء المشركين كامثال الصبيان فكما انهم يفرحون بالافراس الطينية والأسود الخشبية وبمذاكرة ما هو لهو ولعب فكذا اهل الأوثان لكون نظرهم مقصورا على الصور والأشباح فكل قلب لا يعرف الله فانه لا يأنس بذكر الله ولا يسكن اليه ولا يفرح به فلا يكون مسكن الحق اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام يا موسى أتحب ان نسكن معك ببيتك فخر لله ساجدا ثم قال يا رب وكيف تسكن معى فى بيتي فقال يا موسى أما علمت انى جليس من ذكرنى وحيث ما التمسنى عبدى وجدنى كما فى المقاصد الحسنة فعلم ان من ذكر الله فالله تعالى جليسه ومن ذكر غير الله فالشيطان جليسه: قال الشيخ اگر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى كه اى زنده چون هست إمكان كفت ... لب از ذكر چون مرده برهم مخفت چوما را بغفلت بشد روزكار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار وفى الحديث (إذا كان يوم حار فقال الرجل لا اله الا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجارنى من حرك فانى أشهدك انى قد أجرته وان كان يوم شديد البرد فقال العبد لا اله الا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبادى استجارنى من زمهريرك وانى أشهدك انى قد أجرته) قالوا وما زمهرير جهنم قال (بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده بعضه من بعض) : وفى المثنوى در حديث آمد كه مؤمن در دعا ... چون أمان خواهد ز دوزخ از خدا «1» دوزخ از وى هم أمان خواهد بجان ... كه خدايا دور دارم از فلان فعلى العاقل ان لا ينقطع عن الذكر ويستبشر به فالله تعالى معه معينه قُلِ اللَّهُمَّ الميم بدل من حرف النداء والمعنى قل يا محمد يا الله فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ نصب بالنداء اى يا خالق السموات والأرض على اسلوب بديع عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يا عالم كل ما غاب عن العباد وكل ما شهدوه اى التجئ يا محمد اليه تعالى بالدعاء لما تحيرت فى امر الدعوة وضجرت

_ (1) در اواخر دفتر چهارم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى إلخ

[سورة الزمر (39) : آية 47]

من شدة شكيمتهم فى المكابرة والعناد فانه القادر على الأشياء بجملتها والعالم باحوالها برّمتها أَنْتَ وحدك تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ اى بينى وبين قومى وكذا بين سائر العباد فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يختلفون فيه من امر الدين اى تحكم حكما يسلمه كل مكابر ويخضع له كل معاند وهو العذاب الدنيوي او الأخروي والثاني انسب بما بعد الآية وفيه اشارة الى اختلاف بين الموحدين والمشركين فان الموحدين باشروا الأمور بالشرع على ما اقتضاه الأمر والمشركين بالطبع على ما استدعاه الشهوة والهوى والله تعالى يحكم بينهم فى الدنيا والآخرة. اما فى الدنيا فبالعفو والفضل والكرم وتوفيق التوبة والانابة وإصلاح ذات البين. واما فى الآخرة فبالعدل والنصفة وانتقام بعضهم من بعض- كان الربيع- بكسر الباء من المحدثين لا يتكلم الا فيما يعنيه فلما قتل الحسين رضى الله عنه قيل الآن يتكلم فقرأ قل اللهم الى قوله يختلفون وروى انه قال قتل من كان يجلسه النبي عليه السلام فى حجره ويضع فاه على فيه وعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح صلاته من الليل يقول (اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بامرك انك تهدى من شئت الى صراط مستقيم) وفى الآية اشارة الى ان الحاكم الحقيقي هو الله تعالى وكل حكمه وقضائه عدل محض وحكمة بخلاف حكم غيره تعالى وفى الحديث (ليس أحد يحكم بين الناس إلا جيء يوم القيامة مغلولة يداه الى عنقه فكفه العدل وأسلمه الجور) وقال فى روضة الأخيار كان عمر بن هبيرة امير العراق وخراسان فى ايام مروان بن محمد فدعا أبا حنيفة الى القضاء ثلاث مرات فابى فحلف ليضربنه بالسياط وليسجننه وفعل حتى انتفخ وجه ابى حنيفة ورأسه من الضرب فقال الضرب بالسياط فى الدنيا أهون علىّ من مقامع الحديد فى الآخرة ونعم ما قال من قال بو حنيفة قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً حال من ما اى لو ان لهم جميع ما فى الدنيا من الأموال والذخائر وَمِثْلَهُ مَعَهُ [ومانند آن همه مالها بآن] لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يقال افتدى إذا بذل المال عن نفسه فان الفداء حفظ الإنسان من النائبة بما يبذله عنه اى لجعلوا كل ذلك فدية لانفسهم من العذاب الشديد لكن لا مال يوم القيامة ولو كان لا يقبل الافتداء به وهذا وعيد شديد واقناط لهم من الخلاص وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الجملة لا يقبل يوم القيامة لدفع العذاب واليوم هاهنا تقبل ذرة من الخير ولقمة من الصدقة وكلمة من التوبة والاستغفار كما انهم لو تابوا وبكوا فى الآخرة بالدماء لا يرحم بكاؤهم وبدمعة واحدة اليوم يمحى كثير من ذنوبهم: وفى المثنوى آخر هر كريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست «1» أشك كان از بهر او بارند خلق ... كوهر است وأشك پندارند خلق «2» ألا ترى الى دموع آدم وحواء عليهما السلام حيث صارت جواهر فى الدنيا فكيف فى العقبى

_ (1) لم أجد (2) در اواسط دفتر يكم در بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور إلخ

[سورة الزمر (39) : الآيات 48 إلى 49]

وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ يقال بدا الشيء بدوّا وبداء اى ظهر ظهورا بينا. والاحتساب الاعتداد بالشيء من جهة دخوله فيما يحسبه اى ظهر لهم يوم القيامة من فنون العقوبات ما لم يكن فى حسابهم فى الدنيا وفى ظنهم انه نازل بهم يومئذ قال الكاشفى [پنداشت ايشان آن بود كه بوسيله شفاعت بتان رتبه قرب يابند] وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا سيآت أعمالهم او كسبهم حين تعرض عليهم صحائفهم وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى نزل وأصاب وأحاط بهم وبال استهزائهم وجزاء مكرهم وكانوا يستهزؤن بالكتاب والمسلمين والبعث والعذاب ونحو ذلك وهذه الآية اى قوله (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ) إلخ غاية فى الوعيد لا غاية وراءها ونظيره فى الوعد قوله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) وفى التأويلات النجمية وفى سماع هذه الآية حسرة لاصحاب الانتباه وفى بعض الاخبار ان قوما من المسلمين من اصحاب الذنوب يؤمر بهم الى النار فاذا وافوها يقول لهم مالك من أنتم فان الذين جاؤا قبلكم من اهل النار وجوههم مسودة وعيونهم زرق وانكم لستم بتلك الصفة فيقولون نحن لم نتوقع ان نلقاك وانما انتظرنا شيأ آخر قال الله تعالى وبدا لهم من الله الى يستهزؤن وقال ابو الليث يعملون أعمالا يظنون ان لهم ثوابا فيها فلم تنفعهم مع شركهم فظهرت لهم العقوبة مكان الثواب وفى كشف الاسرار [از حضرت رسالت عليه السلام تفسير آيت (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ) إلخ پرسيدند فرمود] هى الأعمال حسبوها حسنات فوجدوها فى كفة السيئات وقال بعضهم ظاهر الآية يتعلق باهل الرياء والسمعة افتضحوا يوم القيامة عند المخلصين وعن سفيان الثوري رحمه الله انه قرأها فقال ويل لاهل الرياء ثلاثا پنداشت مرايى كه عملهاى نكوست ... مغزى كه بود خلاصه كار ز دوست چون پرده ز روى كار برداشته كشت ... بر خلق عيان شد كه نبود الا پوست [يكى از مشايخ يعنى محمد بن المنكدر بوقت حلول أجل جزع ميكرد پرسيدند كه سبب چيست فرمود كه مى ترسم چيزى ظاهر كردد كه من آنرا در حساب نمى داشتم] قال سهل اثبتوا لانفسهم أعمالا فاعتمدوا عليها فلما بلغوا الى المشهد الأعلى رأوها هباء منثورا فمن اعتمد على الفضل نجا ومن اعتمد على أفعاله بدا له منها الهلاك وفى عرائس البقلى رحمه الله هذه الآية خير من الله للذين فرحوا بما وجدوا فى البدايات مما يغترّبه المغترون وقاموا به وظنوا ان لا مقام فوق مقامهم فلما رأوا بخلاف ظنونهم ما لاهل معارنه وأحبابه وعشاقه من درجات المعرفة وحقائق التوحيد ولطائف المكاشفات وغرائب المشاهدات ماتوا حسرة. فانظر الى هذه المعاني الشريفة فى هذا المقام فان كلا منها يحتمله الكلام بل وأزيد منها على ما لا يخفى على ذوى الافهام واجتهد فى ان يبدو لك من الثواب ما لم يكن يخطر ببالك ان تكون مثابا به وذلك بالإخلاص والفناء التام حتى يكون الله عندك عوضا عن كل شىء فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا اخبار عن الجنس بما يفعله غالب افراده والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها اى ان المشركين ليشمئزون عن ذكر الله وحده ويستبشرون بذكر الآلهة فاذا مسهم ضر اى أصابهم سوء حال من مرض وفقر ونحوهما دعوا لدفعه من اشمأزوا عن ذكره وهو الله تعالى لمناقضتهم وتعكيسهم

[سورة الزمر (39) : الآيات 50 إلى 54]

فى التسبب حيث جعلوا الكفر سببا فى الالتجاء الى الله بان أقاموه مقام الايمان مع ان الواجب ان يجعل الايمان سببا فيه ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا أعطيناه إياها تفضلا فان التخويل مختص بما كان بطريق التفضل لا يطلق على ما اعطى بطريق الجزاء قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ اى على علم منى بوجوه كسبه: يعنى [وجوه كسب وتحصيل آنرا دانستم وبكياست وكفايت من حاصل شد] او بانى ساعطاه لمالى من الفضل والاستحقاق او على علم من الله باستحقاقى: يعنى [خدا دانست كه من مستحق اين نعمتم] والهاء لما ان جعلت موصولة بمعنى ان الذي أوتيته وللنعمة ان جاءت كافة والتذكير لما ان المراد شىء من النعمة وقسم منها ثم قال تعالى ردا لما قاله بَلْ [نه چنين است ميكويد] هِيَ اى النعمة ويجوز ان يكون تأنيث الضمير باعتبار الخبر وهو قوله فِتْنَةٌ للانسان اى محنة وابتلاء له أيشكر أم يكفر تقول فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته وتختبره وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ اى اكثر الناس لا يَعْلَمُونَ ان التخويل استدراج وامتحان قَدْ قالَهَا اى تلك الكلمة او الجملة وهى قوله (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وهم قارون وقومه حيث قال انما أوتيته على علم عندى وهم راضون به يعنى لما رضى قومه بمقالته جمعوا معه وقال بعضهم يجوز ان يكون جميع من تقدمنا من الخيار والشرار فيجوز ان يوجد فى الأمم المتقدمة من يقول تلك الكلمة غير قارون ايضا ممن أبطرته النعمة واغتر بظاهرها فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من متاع الدنيا ويجمعون منه يعنى ان النعمة لم تدفع عنهم النقمة والعذاب ولم ينفعهم ذلك يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه كما فى المفردات فَأَصابَهُمْ [پس رسيد ايشانرا] سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا جزاء سيآت أعمالهم واجزية ما كسبوا وتسميتها سيآت لانها فى مقابلة سيآتهم وجزاء سيئة سيئة مثلها ففيه رمز الى ان جميع أعمالهم من قبيل السيئات والمعنى انهم ظنوا ان ما آتيناهم لكرامتهم علينا ولم يكن كذلك لانهم وقعوا فى العذاب ولم تنفعهم أموالهم وهذا كما قال اليهود (نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فقال تعالى خطابا لحبيبه عليه السلام (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) يعنى ان المكرم المقرب عند الله لا يعذبه الله وانما يعذب الخائن المهين المهان ثم أوعد كفار مكة فقال وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ المشركين المعاصرين لك يا محمد ومن للبيان او للتبعيض اى افرطوا فى الظلم والعتوّ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا من الكفر والمعاصي كما أصاب أولئك والسين للتأكيد وقد أصابهم اى أصابهم حيث قحطوا سبع سنين وقتل أكابرهم يوم بدر وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ الله تعالى عن تخلى ذاتهم بحسب أعمالهم واخلاقهم وقال الكاشفى [عاجز كنندكان ما را از تعذيب يا پيشى گيرندگان بر عذاب] يعنى يدركهم العذاب ولا ينجون منه بالهرب أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أقالوا ذلك ولم يعلموا او اغفلوا ولم يعلموا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ان يبسط له اى يوسعه فان بسط الشيء نشره وتوسيعه: يعنى [نه براى رفعت قدر او بلكه بمحض مشيت] وَيَقْدِرُ لمن يشاء ان يقدره له اى يقتر ويضيق له من غير ان يكون لاحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسط لهم سبعا وقال الكاشفى [وننك ميكند

بر هر كه ميخواهد نه براى خوارى وبى مقدارىء او بلكه از روى حكمت]- روى- انهم أكلوا فى سنى القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر بان يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع فلم ينفعهم ذلك حيث أصروا على الكفر والعناد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من القبض والبسط لَآياتٍ دالة على ان الحوادث كافة من الله تعالى بوسط عادى او غيره لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إذ هم المستدلون بتلك الآيات على مدلولاتها وفى الآيات فوائد منها ان من خصوصية نفس الإنسان ان تضطرّ الى الله تعالى بالدعاء والتضرع فى الشدة والضر والبلاء فلا عبرة بهذا الرجوع بالاضطرار الى الله تعالى لانه إذا أنعم الله عليه بالخلاص والعافية من تلك الشدة والبلاء اعرض عن الله ويكفر بالنعمة ويقول ان ما أوتيته على علم عندى وانما العبرة بالرجوع الى الله والتعرف اليه فى الرخاء كما قال عليه السلام (تعرّف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة) ومنها ان المدعين يقولون نحن اهل الله فاذا وصل إليهم بلاؤه فزعوا اليه ليرفع عنهم البلاء طلبا لراحة أنفسهم ولا يرون المبلى فى البلاء وهم مشركون فى طريق المعرفة فاذا وصل إليهم نعمة ظاهرة احتجبوا بها فاذا هم اهل الحجاب من كلا الطرفين احتجبوا بالبلاء عن المبلى وبالنعمة عن المنعم قال الجنيد رضى الله عنه من يرى البلاء ضرا فليس بعارف فان العارف من يرى الضر على نفسه رحمة والضر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والرين والنعمة اقبال القلوب على الله تعالى ومن رأى النعمة على نفسه من حيث الاستحقاق فقد جحد النعمة ومنها ان اكثر اهل النعمة لا يعلمون فتنة النعمة وسوء عاقبتها وببطر النعمة والاغترار بها تقسو قلوبهم وتستولى عليهم الغفلة وتطمئن نفوسهم بها وتنسى الآخرة والمولى ومنها ان نعمة الدنيا والآخرة وسعادتهما وكذا نقمتهما وشقاوتهما مبنية على مشيئة الله تعالى لا على مشيئة العباد فالاوجب للمؤمنين ان يخرجوا عن مشيئتهم ويستسلموا لمشيئة الله وحكمه وقضائه كليد قدر نيست در دست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس قال بعضهم هر چهـ بايد بهر كه ميشايد ... تو دهى آنچنانكه مى بايد تو شناسى صلاح كار همه ... كه تويى آفريدگار همه ومنها ان ضيق حال اللبيب وسعة حال الأبله دليل على الرزاق وتقديره ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس والفقر من العجز اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام أتدري لم رزقت الأحمق قال يا رب لا قال ليعلم العاقل ان طلب الرزق ليس بالاحتيال فالكل بيد الله ألا الى الله تصير الأمور وبه ظهر فساد قول ابن الراوندي كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذي ترك الأوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا اى كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم قائلا لو كان له الوجود لما كان الأمر كذلك ولقد احسن من قال

[سورة الزمر (39) : آية 53]

كم من اديب فهم عقله ... مستكمل العقل مقل عديم ومن جهول مكثر ماله ... ذلك تقدير العزيز العليم يعنى ان من نظر الى التقدير علم ان الأمور الجارية على اهل العالم كلها على وفق الحكمة وعلى مقتضى المصلحة ففيه ارشاد الى اثبات الصانع الحكيم لا الى نفى وجوده قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ قال الراغب السرف تجاوز الحد فى كل ما يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وقوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) يتناول الإسراف فى الأموال وفى غيرها انتهى. وتعدية الإسراف بعلى لتضمين معنى الجناية والمعنى افرطوا فى الجناية عليها بالإسراف فى المعاصي وارتكاب الكبائر والفواحش قال البيضاوي ومن تبعه اضافة العباد تخصصه بالمؤمن على ما هو عرف القرآن يقول الفقير قوله تعالى (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ينادى على خلافه لان العباد فسر هاهنا ببخت نصر وقومه وكانوا كفارا بالاتفاق الا ان يدعى الفرق بين الاضافة بالواسطة وبغيرها وقال فى الوسيط المفسرون كلهم قالوا ان هذه الآية نزلت فى قوم خافوا ان اسلموا ان لا يغفر لهم ما جنوا من الذنوب العظام كالشرك وقتل النفس والزنى ومعاداة النبي عليه السلام والقتال معه فانزل الله هذه الآية وفرح النبي عليه السلام بهذه الآية ورآها أصحابه من أوسع الآيات فى مغفرة الذنوب انتهى وقال فى التكملة روى ان وحشيا قاتل حمزة رضى الله عنه كتب الى النبي عليه السلام يسأله هل له من توبة وكتب انه كان قد سمع فيما انزل الله بمكة من القرآن آيتين أيأستاه من كل خير وهما قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) الى قوله (مُهاناً) فنزلت (إِلَّا مَنْ تابَ) إلخ فكتب بها رسول الله عليه السلام فخاف وحشي وقال لعلى لا أبقى حتى اعمل عملا صالحا فانزل الله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) إلخ فقال وحشي انى أخاف ان لا أكون من مشيئة الله فانزل الله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) إلخ فاقبل وحشي واسلم انتهى وعلى كل تقدير فخصوص السبب لا ينافى عموم اللفظ فدخل فيه كل مسرف لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) القنوط أعظم اليأس وفى المفردات اليأس من الخير: وبالفارسية [نوميد شدن از خير] والرحمة من الله تعالى الانعام والإعطاء والتفضل: وبالفارسية [بخشايش] وهو لا يكون فى الترتيب الوجودي الا بعد المغفرة التي هى ان يصون الله عبده من ان يمسه العذاب دل عليه قوله (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ولذا قالوا فى المعنى لا تيأسوا من مغفرته اولا وتفضله ثانيا نوميد مشو كه نااميدى كفر است [در معالم التنزيل آورده كه ابن مسعود رضى الله عنه در مسجد در آمد ديد كه واعظى ذكر آتش دوزخ وسلاسل وأغلال ميكند فرمود كه اى مذكر چرا نوميد مى كردانى مردمانرا مكر نخواندى آنرا كه ميفرمايد] قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ إلخ واعلم ان القنوط من رحمة الله علامة زوال الاستعداد والسقوط عن الفطرة بانقطاع الوصلة بين الحق والعبد إذ لو بقي شىء فى العبد من نوره الأصلي لادرك اثر رحمته الواسعة السابقة على غضبه فرجاء وصول

ذلك الأثر اليه لاتصاله بعالم النور بتلك البقية وان أسرف وفرط فى جنب الله واما الياس فدليل الاحتجاب الكلى واسوداد الوجه فالله تعالى يغفر الذنوب جميعا بشرط بقاء نور التوحيد فى القلب فاذا لم يبق دخل فى قوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) فالقنوط من أعظم المصائب وقد أمهل تعالى عباده تفضلا منه الى وقت الغرغرة فلو رجع العبد الى الله قبل آخر نفس يتنفسه قبل إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ حال كونها جَمِيعاً كأنه قيل ما سبب النهى عن القنوط من الرحمة فاجيب بان سبب النهى هو (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) عفوا لمن يشاء ولو بعد حين بتعذيب فى الجملة وبغيره حسبما يشاء فهو وعد بغفران الذنوب وان كثرت وكانت صغائر او كبائر بعدد الرمال والأوراق والنجوم ونحوها. والعموم بمعنى الخصوص لان الشرك ليس بداخل فى الآية اجماعا وهى ايضا فى العاصي مقيدة بالمشيئة لان المطلق محمول على المقيد وسيجيئ بقية الكلام على الآية قال عليه السلام (ان الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالى انه هو الغفور الرحيم) وقال عليه السلام (ان تغفر اللهم فاغفر جما وأي عبد لك لا الما) يعنى [چون آمرزى خداوندا همه بيامرز وآن كدام بنده است كه او كناه نكرده است] والفرق بين العفو والمغفرة هو ان حقيقة العفو هو المحو كما أشير اليه بقوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) والتبديل الذي أشير اليه بقوله (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) هو من مقام المغفرة قاله الشيخ الكبير رضى الله عنه فى شرح الأربعين حديثا ثم قال فى مقام التعليل إِنَّهُ تعالى هُوَ وحده الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الاول اشارة الى محو ما يوجب العقاب والثاني الى التفضل بالثواب وصيغة المبالغة راجعة الى كثرة الذنوب وكثرة المغفور والمرحوم قال الأستاذ القشيري قدس سره التسمية بيا عبادى مدح والوصف بانهم أسرفوا ذم فلما قال يا عبادى طمع المطيعون ان يكونوا هم المقصودين بالآية فرفعوا رؤسهم ونكس العاصي رأسه وقال من انا حتى يقول لى هذا فقال الله تعالى (الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) فانقلب الحال فهؤلاء الذين نكسوا رؤسهم انتعشوا وزالت زلتهم والذين رفعوا رؤسهم اطرقوا وزالت صولتهم ثم قوى رجاؤهم بقوله على أنفسهم يعنى ان أسرفت لا تقنط من رحمة الله بعد ما قطعت اختلافك الى بابنا فلا ترفع قلبك عنا. والالف واللام فى الذنوب للاستغراق والعموم وجميعا تأكيد له فكأنه قال اغفر ولا اترك وأعفو ولا أبقى فان كانت لكم جناية كثيرة عميمة فلى بشأنكم عناية قديمة وفى كشف الاسرار [بدانكه از آفريدگان حق تعالى كمال كرامت دو كروه راست يكى فرشتكان وديكر آدميان «ولهذا جعل الأنبياء والرسل منهم دون غيرهم» وغايت شرف انسانى در دو چيز است در عبوديت ودر محبت عبوديت محض صفت فرشتكانست وعبوديت ومحبت هر دو صفت آدميان است فرشتكانرا عبوديت محض داد كه صفت خلق است وآدميان را بعد از عبوديت خلعت محبت داد كه صفت حق است تا از بهر اين امت ميكويد (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ودر عبوديت نيز آدميان را فضل داد بر فرشتكانكه عبوديت فرشتكان بى اضافت كفت (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) وعبوديت آدميان باضافت كفت (يا عِبادِيَ) آنكه بر مقتضاى محبت فضل خود بر ايشان تمام

كرد وعيبها ومعصيتهاى ايشان بانوار محبت بپوشيد و پرده ايشان ندريد نه بينى كه زلت بر ايشان قضا كرد وبآن همه زلات نام عبوديت از ايشان نيفكند وبا ذكر زلت ومعصيت تشريف اضافت از ايشان باز نستد كفت (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) وآنكه پرده ايشان نكاه داشت كه عين كناهان اظهار نكرد بلكه مجمل ياد كرد سربسته وعين آن پوشيده كفت (أَسْرَفُوا) إسراف كردند كزاف كردند از بهر آنكه در أرادت وى مغفرت ايشان بود نه پرده دريد نه اسم عبوديت بيفكند «سبحانه ما ارافه بعباده» موسى عليه السلام كفت «الهى تريد المعصية من العباد وتبغضها» كفت «يا موسى ذاك تأسيس لعفوى» يعنى معصيت بندگان بارادت تست آنكه آنرا دشمن ميدارى وبنده را بمعصيت دشمن ميكيرى حق جل جلاله كفت آن بنياد عفو وكرم خويش است كه مى نهم خزينه رحمت ما پر است اگر عاصيان نباشند ضايع ماند قال الكاشفى بيمارستان جرم وعصيانرا شربت راحت جز درين دار الشفا حاصل نشود وسركردانان بيابان نفس وهوا را زاد طريق نجات جز بمدد آن آيت ميسر نكردد] ندارم هيچ كونه توشه راه ... بجز لا تقنطوا من رحمة الله تو فرمودى كه نوميدى مياريد ... ز من لطف وعنايت چشم داريد بدين معنى بسى اميدواريم ... ببخشا زانكه بس اميد داريم اميد دردمندانرا دوا كن ... دل اميدوارن را روا كن وقال المولى الجامى قدس سره بلى نبود درين ره نااميدى ... سياهى را بود رو در سفيدى ز صد دردى كراميدت نيابد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... از ان در سوى مقصود آورى راه قال عليه السلام (ما أحب ان تكون لى الدنيا وما فيها بها) اى ما أحب ان املك الدنيا وما فيها بدل هذه الآية فالباء فى بها للبدلية والمقابلة: وبالفارسية [دوست نمى دارم كه دنيا وما فيها مرا باشد بعوض اين آيت چهـ اين آيت از دنيا وهر چهـ در دنيا باشد بهتر است] وذلك لان الله تعالى منّ على من أسرف من عباده ووعد لهم مغفرة ذنوبهم جميعا ونهاهم ان يقنطوا من رحمته الواسعة واعلم ان الآية لا تدل على غفران جميع الذنوب لجميع الناس بل على غفران جميع ذنوب من شاء الله غفران ذنوبه فلا تنافى الأمر بالتوبة وسبق تعذيب العصاة والأمر بالإخلاص فى العمل والوعيد بالعذاب فالله تعالى لا يغفر الشرك الا بالتوبة والرجوع عنه ويغفر ما دون ذلك من الصغائر والكبائر بالتوبة وبدونها لمن يشاء لا لكل أحد من اهل الذنوب- روى- ان ابن مسعود رضى الله عنه قرأ هذه الآية ان الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء فحمل المطلق على المقيد وذلك لانه لا يجرى فى ملكه الا ما يشاء يقول الفقير ان اهل السنة لم يشترطوا التوبة فى غفران الذنوب مطلقا اى سواء كانت صغائر او كبائر سوى الشرك ودل عليه آثار كثيرة روى ان الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عصاة المؤمنين سترتها عليك فى الدنيا اى الذنوب وانا اغفرها لك اليوم فهذا وأمثاله

[سورة الزمر (39) : آية 54]

يدل على المغفرة بلا توبة والفرق بين الشرك وسائر المعصية هو ان الكافر لا يطلب العفو والمغفرة لمعاصيه وقوله تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) انما هو بالنسبة الى حال الغرغرة فالشرك وسائر المعاصي لا يغفر فى تلك الحال وان وجدت التوبة وهذا لا ينافى المغفرة بدون التوبة بالنسبة الى المعاصي سوى الشرك فان مغفرته مخالفة للحكمة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين وانزل فى الأرض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها وهو يمص ان تصيبه) فهذا مما يدل على كمال الرجاء والبشارة للمسلمين لانه حصل فى هذه الدار من رحمة واحدة ما حصل من النعم الظاهرة والباطنة فما ظنك بمائة رحمة فى الدار الآخرة قال يحيى بن معاذ رحمه الله فى كتاب الله كنوز موجبة للعفو عن جميع المؤمنين. منها قوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ) إلخ ولذا قال العلماء أرجى آية فى القرآن لاهل التوحيد هذه الآية وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وقوله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) وذلك ان كل نبى مرسل مظهر لبعض احكام الرحمة ولذا كانت رسالته مقيدة ومقصورة على طائفة مخصوصة ولما كان نبينا عليه السلام مظهر حقيقة الرحمة كانت بعثته عامة وقيل فيه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وتم ظهور حكم رحمانيته بالشفاعة التي بها تظهر سيادته على جميع الناس حتى ان من يكون له درجة الشفاعة من الملائكة والأنبياء والمؤمنين لا يشفعون الا بعده فلا تقنطوا أيتها الامة المرحومة من رحمة الله المطلقة ان الله يغفر الذنوب جميعا بشفاعة من هو مظهر تلك الرحمة قال الجامى ز مهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى الله ترحم اگر چهـ غرق درياى كناهم ... فتاده خشك لب بر خاك راهيم تو ابر رحمتى آن به كه كناهى ... كنى در حال لب خشكان نكاهى وَأَنِيبُوا يا عبادى إِلى رَبِّكُمْ اى ارجعوا الى ربكم بالتوبة من المعاصي وَأَسْلِمُوا لَهُ اى أخلصوا العمل لوجهه فان السالم بمعنى الخالص مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ فى الدنيا والآخرة ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ لا تمنعون من عذاب الله ان لم تتوبوا قبل نزوله يعنى [هيچكس در دفع عذاب شما نصرت ندهد] والظاهر من آخر الآية ان الخطاب للكفار فالمعنى فارجعوا ايها الناس من الشرك الى الايمان وأخلصوا له تعالى التوحيد قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره انقطعوا عن الكل بالكلية فما يرجع إلينا بالحقيقة أحد وللغير عليه اثر وللاكوان على سره خطر ومن كان لنا حرا مما سوانا وفى الاسئلة المقحمة الفرق بين التوبة والانابة ان التائب يرجع الى الله خوفا من العقوبة والمنيب يرجع حياء منه وشوقا اليه قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وفى التأويلات النجمية التوبة لاهل البداية وهى الرجوع من المعصية الى الطاعة ومن الاوبة للمتوسط وهى الرجوع من الدنيا الى الآخرة ومن الانابة لاهل النهاية وهى الرجوع

[سورة الزمر (39) : الآيات 55 إلى 59]

مما سوى الله الى الله بالفناء فى الله قال فى كشف الاسرار [انابت بر سه قسم است. يكى انابت پيغمبران كه نشانش سه چيز است بيم داشتن با بشارت آزادى وخدمت كردن بأشرف پيغمبرى وباز بلا كشيدن با دلهاى پر شادى وجز از پيغمبران كس را طاقت اين انابت نيست. دوم انابت عارفانست كه نشانش سه چيز است از معصيت بدر بودن واز طاعت خجل بودن ودر خلوت با حق انس داشتن رابعه عدويه در حالت انس بجايى رسيد كه ميكفت «حسبى من الدنيا ذكرك ومن الآخرة رؤيتك» عزيزى كفت از سر حالت آتش خويش وديكرانرا پند مى داد] اگر در قصر مشتاقان ترا يك روز بارستى ... ترا با اندهان عشق اين جادو چهـ كارستى وكر رنكى ز كلزار حديث او بديدى تو ... بچشم تو همه كلها كه در باغست خارستى [سوم انابت توحيد است كه دشمنانرا وبيكانكانرا با آن خواند كفت (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) ونشان اين انابت آنست كه با قرار زبان واخلاص دل خدايرا يكى داند ودر ذات بى شبيه ودر قدر بى نظير ودر صفات بيهمتا. كفته اند توحيد دو بابست توحيد اقرار كه عامه مؤمنانراست بظاهر آيد تا زبان ازو خبر دهد واهل اين توحيد را دنيا منزل وبهشت مطلوب ودوم توحيد معرفت كه عارفان وصديقانراست بجان آيد تا وقت وحال ازو خبر دهد واهل اين توحيد را بهشت منزل ومولى مقصود] وأسكر القوم دور كأس ... وكان سكرى من المدير [آن كس را كه كار با كل افتد كل بويد وآنكس كه كارش با باغبان افتد بوسه بر خار زند چنانكه جوانمرد كفت] از براى آنكه كل شاكرد رنك روى اوست ... كر هزارت بوسه شد بر شريك خار زن وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ اى القرآن كقوله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) او العزائم دون الرخص قال البيضاوي ومن تبعه ولعله ما هو انحبى واسلم كالانابة والمواظبة على الطاعة وقال الحسن الزموا طاعته واجتنبوا معصيته فان الذي انزل عليكم من ثلاثة أوجه ذكر القبيح لتجتنبوه وذكر الأحسن لتؤثروه وذكر الأوسط لئلا يكون عليكم جناح فى الإقبال عليه او الاعراض عنه وهو المباحات وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما انزل الله منه ما يكون حسنا وهو ما يدعو به الى الله قال الله تعالى (وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ) مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ اى البلاء والعقوبة بَغْتَةً [ناكهان] قال الراغب البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب ويجوز ان يكون المراد بالعذاب الآتي بغتة هو الموت لانه مفتاح العذاب الأخروي وطريقه ومتصل به وَأَنْتُمْ لغفلتكم لا تَشْعُرُونَ لا تدركون بالحواس مجيئه لتتداركوا وتتأهبوا: وبالفارسية [وشما نمى دانيد آمدن او را تا در مقام تدارك وتأهب آييد] أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ مفعول له للافعال السابقة التي هى الانابة والإخلاص واتباع القرآن والتنكير لان القائل بعض الأنفس او للتكثير والتعميم ليشيع فى كل النفوس والمعنى افعلوا ما ذكر من المأمورات يعنى أمرتكم به كراهة ان تقول كل نفس: وبالفارسية [ومبادا كه هر كس كويا فردا از شما] يا حَسْرَتى بالألف بدلا من ياء الاضافة إذا صله

[سورة الزمر (39) : الآيات 57 إلى 59]

يا حسرتى تقول العرب يا حسرتى يا لهفى ويا حسرتا ويا لهفا ويا حسرتاى ويا لهفاى بالجمع بين العوضين تقول هذه الكلمة فى نداء الاستغاثة كما فى كشف الاسرار. والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر الجهل عنه الذي حمله على ما ارتكبه وقال بعضهم الحسرة ان تأسف النفس أسفا تبقى منه حسيرا اى منقطعة. والمعنى يا حسرتى وندامتى احضرى فهذا أوان حضورك: وبالفارسية [اى پشيمانى من] عَلى ما فَرَّطْتُ اى على تفريطى وتقصيرى فما مصدرية قال الراغب الافراط ان يسرف فى التقدم والتفريط ان يقصر فان الفرط المتقدم فِي جَنْبِ اللَّهِ فى جانبه وهو طاعته واقامة حقه وسلوك طريقه قال فى كشف الاسرار العرب تسمى الجانب جنبا [اين كلمه بر زبان عرب بسيار بود و چنانست كه مردمان كويند در جنب فلان توانكر شدم از پهلوى فلان مال بدست آوردم] وقال الراغب اصل الجنب الجارحة جمعه جنوب ثم استعير فى الناحية التي تليها كاستعارة سائر الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال وقيل جنب الحائط وجانبه وقوله فى جنب الله اى فى امره وحده الذي حده لنا انتهى وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ان هى المخففة واللام هى الفارقة والسخر الاستهزاء ومحل الجملة النصب على الحال. والمعنى فرطت والحال انى كنت فى الدنيا من المستهزئين بدين الله واهله قال قتادة لم يكفهم ما ضيعوا من طاعة الله حتى سخروا باهل طاعته: در سلسلة الذهب فرمود روز آخر كه مرك مردم خوار ... كند از خواب غفلتش بيدار يادش آيد كه در جوار خداى ... سالها زد بجرم وعصيان واى هر چهـ در شصت سال يا هفتاد ... كرده از خير وشر پيش افتاد يك بيك پيش چشم او آرند ... آشكارا بروى او دارند بگذراند ز كنبد والا ... بانك وا حسرتا وواويلا حسرت از جان او برآرد دود ... وان زمان حسرتش ندارد سود قال الفارسي يقول الله تعالى من هرب منى أحرقته اى من هرب منى الى نفسه أحرقته بالتأسف على فوتى إذا شهد غدا مقامات ارباب معارفى يدل عليه قوله يا حسرتا إلخ إذ لا يقوله الا متحرق أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي بالإرشاد الى الحق لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ من الشرك والمعاصي وفى الخبر (ما من أحد من اهل النار يدخل النار حتى يرى مقعده من الجنة فيقول لو ان الله هدانى لكنت من المتقين) فيكون عليه حسرة أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ عيانا ومشاهدة لَوْ أَنَّ لِي لو للتمنى [اى كاشكى مرا بودى] كَرَّةً رجعة الى الدنيا يقال كر عليه عطف وعنه رجع والكرة المرة والحملة كما فى القاموس فَأَكُونَ بالنصب جواب التمني: يعنى [تا باشم آنجا] مِنَ الْمُحْسِنِينَ فى العقيدة والعمل واو للدلالة على انها لا تخلو عن هذه الأقوال تحيرا وتعللا بما لا طائل تحته وندما حيث لا ينفع وقيل ان قوما يقولون هذا وقوما يقولون ذاك بَلى يعنى [ترا ارشاد كردند] ان قلت كلمة بلى مختصة بايجاب النفي ولا نفى فى واحدة من تلك المقالات

[سورة الزمر (39) : الآيات 60 إلى 65]

قلت انها رد للثانية وكلمة لو تتضمن النفي لانها لامتناع الثاني لامتناع الاول اى لو ان الله هدانى لكنت من المتقين ولكن ما هدانى فقال تعالى بلى قد هديتك وقَدْ جاءَتْكَ آياتِي آيات القرآن وهى سبب الهداية وفصله عن قوله (لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي) لما ان تقديمه على الثالث يفرق القرائن الثلاث التي دخلها او وتأخير لو ان الله هدانى إلخ يخل بالترتيب الوجودي لانه يتحسر بالتفريط عند تطاير الكتب ثم يتعلل يفقد الهداية عند مشاهدة احوال المتقين واغتباطهم ثم يتمنى الرجعة عند الاطلاع على النار ورؤية العذاب وتذكير الخطاب باعتبار المعنى وهو الإنسان وروى ان النبي عليه السلام قرأ قد جاءتك بالتأنيث وكذا ما بعدها خطابا للنفس فَكَذَّبْتَ بِها قلت انها ليست من الله وَاسْتَكْبَرْتَ تعظمت عن الايمان بها وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بها وفى التأويلات النجمية (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) من الأنبياء ومعجزاتهم والكتب وحكها ومواعظها واسرارها وحقائقها ودقائقها وإشاراتها (فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ) عن اتباعها والقيام بشرائطها (وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) اى كافرى النعمة بما أنعم الله به عليك من نعمة وجود الأنبياء وإنزال الكتب واظهار المعجزات قالت المعتزلة هذه الآيات الثلاث تدل على ان العبد مستقل بفعله من وجوه. الاول ان المرأ لا يتحسر بما سبق منه الا إذا كان يقدر على ان يفعل. والثاني ان من لا يكون الايمان بفعله لا يكون مفرطا فيه. والثالث انه لا يستحق الذم بما ليس من فعله والجواب ان هذه الآيات لا تمنع تأثير قدرة الله تعالى فى فعل العبد ولا ما فيه اسناد الفعل الى العبد حيث قال (بَلى قَدْ جاءَتْكَ) إلخ ونحو قوله تعالى (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) يدل على بطلان مذهبهم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بان وصفوه بما لا يليق بشانه كاتخاذ الولد والصاحبة والشريك وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ مبتدأ وخبر والجملة حال قد اكتفى فيها بالضمير عن الواو على ان الرؤية بصرية او مفعول ثان لها على انها عرفانية. والمعنى تراهم حال كونهم او تراهم مسودة الوجوه بما ينالهم من الشدة او بما يتخيل من ظلمة الجهل: وبالفارسية [رويهاى ايشان سياه كرده شد پيش از دخول دوزخ وآن علامت دوزخيانست كه] (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) سئل الحسن عن هذه الآية (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) إلخ فقال هم الذين يقولون الأشياء إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان يوم القيامة تكون الوجوه بلون القلب فالقلوب الكاذبة لما كانت مسودة بسواد الكذب وظلمته تلونت وجوههم بلون القلوب قال يوسف ابن الحسين رحمه الله أشد الناس عذابا يوم القيامة من ادعى فى الله ما لم يكن له ذلك او اظهر من أحواله ما هو خال عنها أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ [آيا نيست در دوزخ يعنى هست] مَثْوىً مقام لِلْمُتَكَبِّرِينَ عن الايمان والطاعة وفى التأويلات النجمية اى الذين تكبروا على اولياء الله وامتنعوا عن قبول النصح والموعظة وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي اى من جهنم بِمَفازَتِهِمْ مصدر ميمى بمعنى الفوز من فاز بالمطلوب اى ظفر به قال الراغب الفوز الظفر مع حصول السلامة والباء متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول

[سورة الزمر (39) : الآيات 62 إلى 63]

مفيدة لمفازة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب اى ينجيهم الله من مثوى المتكبرين حال كونهم ملتبسين بفوزهم بمطلوبهم الذي هو الجنة لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ حال اخرى من الموصول مفيدة لكون نجاتهم وفوزهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن قال فى كشف الاسرار لا يمس أبدانهم أذى وقلوبهم حزن ويجوز ان تكون المفازة من فاز منه اى نجا منه والباء للملابسة وقوله تعالى (لا يَمَسُّهُمُ) إلخ تفسير وبيان لمفازتهم اى ينجيهم بسبب مفازتهم التي هى تقواهم كما يشعر به إيراده فى حيز الصلة واما على اطلاق المفازة على سببها الذي هو التقوى فليس المراد نفى دوام المساس والحزن بل دوام نفيهما وفى الآية اشارة الى ان الذين اتقوا بالله عما سوى الله لا يمسهم سوء القطيعة والهجران ولا هم يحزنون على ما فاتهم من نعيم الدنيا والآخرة إذ فازوا بقربة المولى وهو فوز فوق كل فوز فالمتقون فازوا بسعادة الدارين اليوم عصمة وغدا رؤية واليوم عناية وغدا كفاية وولاية نسأل الله سبحانه ان يعصمنا مما يؤدى الى الحجاب ويجعلنا فى حمايته فى كل باب وفى الآية ترغيب للتقوى فانها سبب للنجاة وبها تقول جهنم جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وبها يخاف الخلائق من المتقى ألا ترى ان رسول الروم لما دخل على امير المؤمنين عمر رضى الله عنه أخذته الرعدة والخوف: قال فى المثنوى هيبت حقست اين از خلق نيست ... هيبت اين مرد صاحب دلق نيست «1» هر كه ترسيد از حق وتقوى كزيد ... ترسد از وى جن وانس وهر كه ديد وفى البستان توهم كردن از حكم داور مپيج ... كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا وجاء الى ذى النون المصري رحمه الله بعض الوزراء وطلب الهمة واظهر الخشية من السلطان فقال له لو خشيت انا من الله كما تخشى أنت من السلطان لكنت من جملة الصديقين كر نبودى اميد راحت ورنج ... پاى درويش بر فلك بودى ور وزير از خدا بترسيدى ... همچنان كز ملك ملك بودى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا مخلصين له اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ من خير وشر وايمان وكفر لكن لا بالجبر بل بمباشرة الكاسب لاسبابها قال فى التأويلات النجمية دخل افعال العباد واكسابهم فى هذه الجملة ولا يدخل هو وكلامه فيها لان المخاطب لا يدخل تحت الخطاب ولانه تعالى يخلق الأشياء بكلامه وهو كلمة كن وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ يتولى التصرف فيه كيفما يشاء. والوكيل القائم على الأمر الزعيم با كماله والله تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم فى كل امر ومن عرف انه الوكيل اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه وخاصية هذا الاسم نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه ويفتح له أبواب الخير والرزق لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جمع مقليد او مقلاد وهو المفتاح او جمع إقليد على

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير ضرمابن

[سورة الزمر (39) : الآيات 64 إلى 65]

الشذوذ كالمذاكير جمع ذكر والا ينبغى ان يجمع على أقاليد. والاقليد بالكسر معرب كليد وهو فى الفارسي بمعنى المفتاح فى العربي وان كان شائعا بين الناس بمعنى الفعل. والمعنى له تعالى وحده مفاتيح خزائن العالم العلوي والسفلى لا يتمكن من التصرف فيها غيره: وبالفارسية [مرور است كليدهاى خزائن آسمان وزمين يعنى مالك امور علوى وسفلى است وغير او را تصرفى در آن ممكن نيست همچنانكه دخل در خزينها متصور نيست مكر كسى را كه مفاتيح آن بدست اوست] وعن عثمان رضى الله عنه انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال (تفسيرها لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله وبحمده واستغفر الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم هو الاول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير) والمعنى على هذا ان لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد بها وهى مفاتيح خير السموات والأرض من تكلم بها أصابه: يعنى [اين كلمات مفاتيح خيرات آسمان وزمينست هر كه بدان تكلم كند بنقود فيوض آن خزائن برسد وكفته اند خزائن آسمان بارانست وخزائن زمين كياه وكليد اين خزينها بدست تصرف اوست هركاه خواهد باران فرستد وهر چهـ خواهد از نباتات بروياند] وفى الخبر ان رسول الله عليه السلام قال (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فعرضت علىّ فقلت لا بل أجوع يوما وأشبع يوما) : قال الصائب افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما وفى التأويلات النجمية يشير الى ان له مفاتيح خزائن لطفه وهى مكنونة فى سموات القلوب وله مفاتيح خزائن قهره وهى مودعة فى ارض النفوس يعنى لا يملك أحد مفاتيح خزان لطفه وقهره الا هو وهو الفتاح وبيده المفتاح يفتح على من يشاء خزائن لطفه فى قلبه فيخرج ينابيع الحكمة منه وجواهر الأخلاق الحسنة ويفتح على من يشاء أبواب خزائن قهره فى نفسه فيخرج عيون المكر والخدع والحيل منها وفنون الأوصاف الذميمة ولهذا السر قال صلى الله تعالى عليه وسلم (مفتاح القلوب لا اله الا الله) ولما سأله عثمان رضى الله عنه عن تفسير مقاليد السموات والأرض قال (لا اله الا الله والله اكبر) إلخ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الآفاق والأنفس أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ خسرانا لاخسار وراءه لانهم اختاروا العقوبة على الثواب وفتحوا أبواب نفوسهم بمفتاح الكفر والنفاق نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن ربحت تجارته لا ممن خسرت صفقته قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ اى أبعد مشاهدة هذه الآيات فغير الله اعبد تأمروننى بذلك ايها الجاهلون وتأمرونى اعتراض للدلالة على انهم أمروه عقيب ذلك بان يعبد غير الله وقالوا استلم آلهتنا نؤمن بالهلك لفرط غباوتهم وأصله تأمروننى بإظهار النونين ثم أدغمت اولاهما وهى علم الرفع فى الثانية وهى للوقاية وقد قرأ ابن عامر على الأصل اى باظهارها ونافع بحذف الثانية فانها تحذف كثيرا وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اى من الرسل عليهم السلام لَئِنْ أَشْرَكْتَ فرضا: وبالفارسية [اگر شرك آرى] وافراد الخطاب باعتبار كل واحد لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ اى ليبطلن ثواب عملك وان كنت كريما على وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ

[سورة الزمر (39) : الآيات 66 إلى 70]

فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والأخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه قال التفتازانيّ فالمخاطب هو النبي عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضي ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الإشراك بانه قد حبطت أعمالهم وكانوا من الخاسرين وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا ادب من الله لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان الله تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار وقال الكاشفى [وأصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر پيغمبرانند واز روى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هر يك را مى فرمايد كه اگر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار تو كه در وقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد از وقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد] قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الإحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الإشراك منهم أشد وأقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعي ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه أم لم يمت وفى المفردات حبط العمل على اضرب. أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) . والثاني ان تكون أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله تعالى كما روى (يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار) . والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى. وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء أبواب خزائن قهر الله على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير الله بنظر المحبة ويثبت معه فى الإبداع سواه بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ رد لما أمروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما أمرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد الله فحذف الشرط وأقيم المفعول مقامه وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك واعلم ان الشكر على ثلاث درجات. الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس. والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر أول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به أعلى اللذات لانه فى مقام السر فالعاقل يجتهد فى الإقبال على الله

[سورة الزمر (39) : آية 67]

والتوجه اليه من غير التفات الى يمين وشمال- روى- ان ذا النون المصري قدس سره أراد التوضي من نهر فرأى جارية حسناه فقالت لذى النون ظننتك اولا عاقلا ثم عالما ثم عارفا ولم تكن كذلك اى لا عاقلا ولا عالما ولا عارفا قال ذو النون ولم قالت فان العاقل لا يكون بغير وضوء لعلمه بفضائله والعالم لا ينظر الى الحرام فان العالم لا بد وان يكون عاملا والعارف لا يميل الى غير الله فان مقتضى العرفان ان لا يختار على المحبوب الحقيقي سواه لكون حسنه من ذاته وحسن ما سواه مستفادا منه والغير وان كان مظهرا لتجليه ولكن النظر اليه قيد والحضور فى عالم الإطلاق هو التفريد الذي هو تقطيع الموحد عن الأنفس والآفاق خداست در دو جهان هست جاودان جامى ... وما سواه خيال مزخرف باطل نسأل الله سبحانه هذا التوحيد الحقيقي- روى- عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وعبد الله ابن مسعود رضى الله عنه ان حبرا من اليهود اتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا محمد أشعرت ان الله يضع يوم القيامة السموات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والماء والثرى والشجر على إصبع وجميع الخلائق على إصبع ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين الملوك فضحك رسول الله عليه السلام تعجبا منه وتصديقا له فانزل الله هذه الآية وهى قوله تعالى وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ القدر بمعنى التعظيم كما فى القاموس فالمعنى ما عظموا الله حق تعظيمه حيث جعلوا له شريكا بما لا يليق بشأنه العظيم ويقال قدر الشيء قدره من التقدير كما فى المختار. فالمعنى ما قدروا عظمته تعالى فى أنفسهم حق عظمته وقال الراغب فى المفردات ما عرفوا كنهه يقول الفقير هذا ليس فى محله فان الله تعالى وان كان لا يعرف حق المعرفة بحسب كنهه ولكن تتعلق به تلك المعرفة بحسبنا فالمعنى هاهنا ما عرفوا الله حق معرفته بحسبهم لا بحسب الله إذ لو عرفوه بحسبهم ما أضافوا اليه الشريك ونحوه فافهم وفى التأويلات النجمية ما عرفوا الله حق معرفته وما وصفوه حق وصفه وما عظموه حق تعظيمه فمن اتصف بتمثيل او جنح الى تعطيل حاد عن ألسنة المثلى وانحرف عن الطريقة الحسنى وصفوا الحق بالأعضاء وتوهموا فى نعته الاجزاء فما قدروا الله حق قدره انتهى وَالْأَرْضُ جَمِيعاً حال لفظا وتأكيد معنى ولذا قال اهل التفسير تأكيد الأرض بالجميع لان المراد بها الأرضون السبع او جميع أبعاضها البادية والغائرة اى الظاهرة وغير الظاهرة من باطنها وظاهرها ووسطها قوله والأرض مبتدأ خبره قوله قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ القبضة المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهى المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر او بتقدير ذات قبضته وفى المفردات القبض التناول بجمع الكف نحو قبض السيف وغيره ويستعار القبض لتحصيل الشيء وان لم يكن فيه مراعاة الكف كقولك قبضت الدار من فلان اى حزتها قال الله تعالى (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) اى فى حوزه حيث لا تمليك للعبد انتهى تقول للرجل هذا فى يدك وفى قبضتك اى فى ملكك وان لم يقبض عليه بيده. والمعنى والأرض جميعا مقبوضه يوم القيامة اى فى ملكه وتصرفه من غير منازع يتصرف فيها تصرف الملاك فى ملكهم وانها اى جميع الأرضين وان عظمن فما هن بالنسبة الى قدرته تعالى الا قبضة واحدة ففيه تنبيه على غاية عظمته وكمال

قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم أهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الإرشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى وَالسَّماواتُ مبتدأ مَطْوِيَّاتٌ خبره بِيَمِينِهِ متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشيء طيا اى أدرجته إدراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى الله عمره. وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها أقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة قال ابن عباس رضى الله عنهما ما السموات السبع والأرضون السبع فى يد الله الا كخردلة فى يد أحدكم قال بعضهم الآية من المتشابهات فلا مساغ لتأويلها وتفسيرها غير الايمان بها كما قال تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وقال اهل الحقيقة المراد بهذه القبضة هى قبضة الشمال المضاف إليها القهر والغضب ولوازمهما وعالم العناصر وما يتركب ويتولد منها ومن جملة ذلك صورة آدم العنصرية واما روحانيته فمضافة الى القبضة المسماة باليمين ودل على ما ذكر ذكر اليمين فى مقابل الأرض وصح عن النبي عليه السلام اطلاق الشمال على احدى اليدين اللتين خلق الله بهما آدم عليه السلام كما فى شرح الأربعين حديثا للشيخ الكبير قدس سره الخطير وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يقبض الله السموات بيمينه والأرضين بيده الاخرى ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين ملوك الأرض) كما فى كشف الاسرار وفيه اشعار بإطلاق الشمال على اليد الاخرى فالشمال فى حديثه عليه السلام والقبضة فى هذه الآية واحدة فان قلت كيف التوفيق بينه وبين قوله عليه السلام (كلتا يدى ربى يمين مباركة) وقول الشاعر له يمينان عدلا لا شمال له ... وفى يمينيه آجال وأرزاق قلت كون كل من اليدين يمينا مباركة بالاضافة اليه تعالى ومن حيث الآثار فيمين وشمال إذ لا تخلو الدنيا والآخرة من اللطف والقهر والجمال والجلال والبسط والقبض والروح والجسم والطبيعة والعنصر ونحو ذلك وظهر مما ذكرنا كون السموات خارجة عن حد الدنيا لاضافتها الى اليمين وان كانت من عالم الكون والفساد اللهم الا ان يقال العناصر مطلقا مضافة الى الأرض المقبوضة بالشمال واما ملكوتها وهو باطنها كباطن آدم وباطن السموات كالارواح العلوية فمضاف الى السموات المقبوضة باليمين فالسموات من حيث عناصرها داخلة فى حد الدنيا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ما ابعد وما أعلى من هذه قدرته وعظمته عن اشراكهم ما يشركونه من الشركاء فما على الاول مصدرية وعلى الثاني موصولة سئل الجنيد قدس سره عن قوله (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) فقال متى كانت منشورة حتى صارت مطوية سبحانه نفى عن نفسه ما يقع فى العقول من طيها ونشرها إذ كل الكون عنده كالخردلة او كجناح بعوضة او اقل منها قال الزروقى رحمه الله إذا أردت استعمال حزب البحر للسلامة من عطبه فقدم عند ركوبه (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الى قوله (عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذ قد جاء فى الحديث انه أمان من الغرق ومن الله الخلاص يقول الفقير

[سورة الزمر (39) : آية 68]

التخصيص هو ان من عرف الله حق معرفته قد لا يحتاج الى ركوب السفينة بل يمشى على الماء كما وقع لكثير من اهل التصرف ففيه تنبيه على العجز وتعريف للقصور. وايضا ان الأرض إذا كانت فى قبضته فالبحر الذي فوقها متصلا بها يكون ايضا فى قبضته فينبغى ان يخاف من سطوته فى كل مكان ويشتغل بذكره فى كل آن بخلوص الجنان وصدق الإيقان يقال ان الشرك جلى وخفى فالجلى من العوام الكفر والخفي منهم التوحيد باللسان مع اشتغال القلب بغير الله تعالى وهو شرك جلى من الخواص والخفي منهم الالتفات الى الدنيا وأسبابها وهو جلى من أخص الخواص والخفي منهم الالتفات الى الآخرة يقال ان السبب لانشقاق زكريا عليه السلام فى الشجرة كان التفاته الى الشجرة حيث قال اكتمينى أيتها الشجرة كما ان يوسف عليه السلام قال لساقى الملك اذكرني عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين فاقطع نظرك عما سوى الله وانظر الى حال الخليل عليه السلام فانه لما القى فى النار أتاه جبرائيل وقال ألك حاجة يا ابراهيم فقال اما إليك فلا فجعل الله له النار بردا وسلاما وكان قطبا واماما نكر تا قضا از كجا سير كرد ... كه كورى بود تكيه بر غير كرد قال عبد الواحد بن زيد لابى عاصم البصري رحمه الله كيف صنعت حين طلبك الحجاج قال كنت فى غرفتى فدقوا على الباب ودخلوا فدفعت بي دفعة فاذا انا على ابى قبيس بمكة فقال عبد الواحد من اين كنت تأكل قال كانت تأتى الىّ عجوز وقت إفطاري بالرغيفين الذين كنت آكلهما بالبصرة قال عبد الواحد تلك الدنيا أمرها الله ان تخدم أبا عاصم هكذا حال من توكل على الله وانقطع اليه عما سواه فالله لا يخيب عبدا لا يرجو الا إياه وَنُفِخَ فِي الصُّورِ المراد النفخة الاولى التي هى للاماتة بقرينة النفخة الآتية التي هى للبعث والنفخ نفخ الريح فى الشيء: وبالفارسية [دميدن] يقال نفخ بفمه اخرج منه الريح والنفخ فى القرآن على خمسة أوجه الاول نفخ جبريل عليه السلام فى جيب مريم عليها السلام كما قال تعالى (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) اى نفخ جبرائيل فى الجيب بامرنا فسبحان من أحبل رحم امرأة وأوجد فيها ولدا بنفخ جبرائيل والثاني نفخ عيسى عليه السلام فى الطين كما قال تعالى (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ) وهو الخفاش فسبحان من حول الطين طيرا بنفخ عيسى والثالث نفخ الله تعالى فى طين آدم عليه السلام كما قال تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) اى أمرت الروح بالدخول فيه والتعلق به فسبحان من انطق لحما وابصر شحما واسمع عظما واحيى جسدا بروح منه والرابع نفخ ذى القرنين الحديد فى النار كما قال تعالى حكاية عنه (قالَ انْفُخُوا) الآية فسبحان من حول قطعة حديد نارا بنفخ ذى القرنين والخامس نفخ اسرافيل عليه السلام فى الصور كما قال تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) فسبحان من اخرج الأرواح من الأبدان بنفخ واحد كما يطفأ السراج بنفخ واحد وتوقد النار بنفخ واحد وسبحان من رد الأرواح الى الأبدان بنفخ واحد وهذا كله دليل على قدرته التامة العامة. والصور قرن من نور ألقمه الله اسرافيل وهو اقرب الخلق الى الله تعالى وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على كاهله وان قدميه قد خرجتا من الأرض السفلى حتى بعدتا عنها مسيرة مائة عام على ما رواه وهب وعظم دائرة القرن مثل ما بين السماء والأرض وفى الدرة الفاخرة للامام الغزالي

رحمه الله الصور قرن من نور له اربع عشرة دائرة الدائرة الواحدة كاستدارة السماء والأرض فيه ثقب بعدد أرواح البرية وباقى ما يتعلق بالنفخ والصور قد سبق فى سورة الكهف والنمل فارجع فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يقال صعق الرجل إذا أصابه فزع فاغمى عليه وربما مات منه ثم استعمل فى الموت كثيرا كما فى شرح المشارق لابن الملك قال فى المختار صعق الرجل بالكسر صعقة غشى عليه وقوله تعالى (فَصَعِقَ مَنْ) إلخ اى مات انتهى فالمعنى خروا أمواتا من الفزع وشدة الصوت إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ) جبرائيل واسرافيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام فانهم يموتون من بعد قال السدى وضم بعضهم إليهم ثمانية من حملة العرش فيكون المجموع اثنى عشر ملكا وآخرهم موتا ملك الموت- وروى- النقاش انه جبرائيل كما جاء فى الخبر ان الله تعالى يقول حينئذ يا ملك الموت خذ نفس اسرافيل ثم يقول من بقي فيقول بقي جبرائيل وميكائيل وملك الموت فيقول خذ نفس ميكائيل حتى يبقى ملك الموت وجبرائيل فيقول تعالى مت يا ملك الموت فيموت ثم يقول يا جبرائيل من بقي فيقول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام وجهك الدائم الباقي وجبرائيل الميت الفاني فيقول يا جبرائيل لا بد من موتك فيقع ساجدا يخفق بجناحيه فيموت فلا يبقى فى الملك حى من انس وجن وملك وغيرهم الا الله الواحد القهار وقال بعض المفسرين المستثنى الحور والولدان وخزنة الجنة والنار وما فيهما لانهما وما فيهما خلقا للبقاء والموت لقهر المكلفين ونقلهم من دار الى دار ولا تكليف على اهل الجنة فتركوا على حالهم بلا موت. وهذا الخطاب بالصعق متعلق بعالم الدنيا والجنة والنار عالمان بانفرادهما خلقا للبقاء فهما بمعزل عما خلق للفناء فلم يدخل أهلهما فى الآية فتكون آية الاستثناء مفسرة لقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وغيرهما من الآيات فلا تناقض يقول الفقير يرد عليه انه كيف يكون هذا الخطاب بالصعق متعلقا بعالم الدنيا وقد قال الله تعالى (مَنْ فِي السَّماواتِ) وهى اى السماوات خارجة عن حد الدنيا ولئن سلم بناء على ان السموات السبع كالارض من عالم الكون والفساد فيبقى الفلك الثامن الذي هو الكرسي والتاسع الذي هو العرش خارجين عن حد الآية فيلزم ان لا يفنى أهلهما عموما وخصوصا من الملائكة الذين لا يحصى عددهم الا الله على انهم من اهل التكليف ايضا قال الامام النسفي فى بحر الكلام قال اهل الحق اى اهل السنة والجماعة سبعة لا تفنى العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار وأهلهما من ملائكة الرحمة والعذاب والأرواح اى بدلالة هذه الآية وقال شيخ العلماء الحسن البصري قدس سره المراد بالمستثنى هو الله تعالى وحده ويؤيده ما قاله الغزالي رحمه الله حدثنى من لا أشك فى علمه ان الاستثناء واقع عليه سبحانه خاصة يقول الفقير فيه بعد من حيث الظاهر لأنه يلزم ان يشاء الله نفسه فيكون شائيا ومشيئا وقد أخرجوه فى نحو قوله تعالى (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وغيرهما إذ الله ليس من اهل السموات والأرض وان كان الها فهى كما قال (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وقال بعض المحققين الصعق أعم من الموت فلمن لم يمت الموت ولمن مات الغشية فاذا نفخ الثانية فمن مات حى ومن غشى عليه أفاق وهو القول المعوّل عليه عند ذوى التحقيق يقول الفقير

فيدخل إدريس عليه السلام فانه مات ثم احيى وادخل الجنة فتعمه الغشية دون الموت الا ان يكون ممن شاء الله واما موسى عليه السلام فقد جزى بصعقته وغشيته فى الطور فالموت عام لكل أحد إذ لو بقي أحد لاجاب الله تعالى حيث يقول لمن الملك اليوم فقال لله الواحد القهار قال فى اسئلة الحكم واما قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فمعناه عند المحققين قابل للهلاك فكل محدث قابل لذلك بل هالك دائم وعدم محض بالنسبة الى وجه نفسه إذ لكل شىء وجهان وجه الى نفسه ووجه الى ربه فالوجه الاول هالك وعدم والثاني عين ثابت فى علمه قائم بربه وان كان له ظل ظاهر فكل محدث قابل للهلاك والعدم وان لم يهلك وينعدم بخلاف القديم الأزلي ويؤيد ذلك المعنى ان العرش لم يرو فيه خبر بانه يهلك فلتكن الجنة مثله يقول الفقير اما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سأل جبرائيل عن هذه الآية من الذين لم يشأ الله ان يصعفهم قال هم الشهداء المتقلدون أسيافهم حول العرش كما فى كشف الاسرار وكذا ما قال جعفر الصادق رضى الله عنه اهل الاستثناء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم واهل بيته واهل المعرفة وما قال بعضهم هم اهل التمكين والاستقامة كل ذلك وما شاكله فمبنى على تفسير الصعق بالغشي إذ الشهداء ونحوهم من الصديقين وان كانوا احياء عند ربهم لكنهم لا يذوقون الموت مرة اخرى والا لتحققوا بالعدم الأصلي وهو مخالف لحكمة الله تعالى وانما شأنهم الفزع والغشيان فيحفظهم الله تعالى عن ذلك فالارواح والاحياء مشتركون فى ذلك الا من شاء الله- حكى- ان واحدا رؤى فى المنام ذا شيب وكان قد مات وهو شاب فقيل له فى ذلك فقال لما قبر المرسى القائل بخلق القرآن فى قبره فى هذه المقبرة هجمت عليه جهنم بغيظ وزفير فشاب شعرى من ذلك الفزع والهول وله نظائر كثيرة ودخل فى الأرواح من يقال لهم الأرواح العالية المهيمة فانهم لا يموتون لكونهم أرواحا ولا يغشى عليهم إذ ليس لهم خبر عما سوى الله تعالى بل هم المستغرقون فى بحر الشهود فعلى هذا يكون المراد بالنفخة فى الآية نفخة غير نفخة الاماتة وسيأتى البيان فى النفخات فان قلت فما الفرق بين الصعق الذي فى هذه الآية وبين الفزع الذي فى آية النمل وهى قوله تعالى (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) قلت لا شك ان الصعق بمعنى الموت غير الفزع وكذا بمعنى الغشي إذ ليس كل من له فزع مغشيا عليه هذا ما تيسر لى فى هذا المقام وحقيقة العلم عند الله الملك العلام ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى نفخة اخرى هى النفخة الثانية على الوجه الاول واخرى. يحتمل النصب على ان يكون الظرف قائما مقام الفاعل واخرى صفة لمصدر منصوب على المفعول المطلق والرفع على ان يكون المصدر المقدر قائما مقام الفاعل فَإِذا هُمْ اى جميع الخلائق قِيامٌ جمع قائم اى قائمون من قبورهم على أرجلهم او متوقفون فالقيام بمعنى الوقوف والجمود فى مكانهم لتحيرهم يَنْظُرُونَ يقلبون أبصارهم فى الجوانب كالمبهوتين او ينتظرون ماذا يفعل بهم ويقال ينظرون الى السماء كيف غيرت والى الأرض كيف بدلت والى الداعي كيف يدعوهم الى الحساب والى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم واشتغلوا بانفسهم والى خصمائهم ماذا يفعلون بهم وفى الحديث (انا أول من ينشق عنه القبر. وأول من يحيى من

الملائكة اسرافيل لينفخ فى الصور. وأول من يحيى من الدواب براق النبي عليه السلام. وأول من يستظل فى ظل العرش رجل انظر معسرا ومحا عنه. وأول من يرد الحوض فقراء الامة والمتحابون فى الله. وأول من يكسى يوم القيامة ابراهيم الخليل عليه السلام لانه القى فى النار عريانا. وأول من يكسى حلة من النار إبليس. وأول من يحاسب جبرائيل لانه كان أمين الله الى رسله. وأول ما يقضى بين الناس فى الدماء. وأول ما يحاسب به الرجل صلاته. وأول ما تسأل المرأة عن صلاتها ثم بعلها. وأول ما يسأل العبد يوم القيامة عن النعيم بان يقال له ألم أصحح جسمك وأروك من الماء البارد. وأول ما يوضع فى الميزان الخلق الحسن. وأول ما يوضع فى ميزان العبد نفقته على اهله. وأول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه. وأول خصمين جاران. وأول من يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء. وأول من يدخل الجنة من هذه الامة ابو بكر رضى الله عنه. وأول من يسلم عليه الحق ويصافحه عمر رضى الله عنه. وأول من يدخل من الأغنياء عبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرة) قال فى المدارك دلت الآية على ان النفخة اثنتان الاولى للموت والثانية للبعث والجمهور على انها ثلاث. الاولى للفزع كما قال (يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) والثانية للموت. والثالثة للاعادة انتهى فان كانت النفخة اثنتين يكون معنى صعق خروا أمواتا وان كانت ثلاثا يكون معناه مغشيا عليهم فتكون هذه النفخة اى الثالثة بعد نفخة الاحياء يوم القيامة كما ذهب اليه البعض وقال سعد المفتى دل ظاهر الأحاديث على ان النفخات اربع المذكورتان فى سورة يس للاماتة ثم الاحياء ونفخة للارعاب والإرهاب فيغشى عليهم ثم للافاقة والإيقاظ والذي يفهم من خريدة العجائب ان نفخة الفزع هى اولى النفخات فانه إذا وقعت اشراط الساعة ومضت امر الله صاحب الصور ان ينفخ نفخة الفزع ويديمها ويطولها فلا يبرح كذا عاما يزداد الصوت كل يوم شدة فيفزع الخلائق وينحازون الى أمهات الأمصار وتعطل الرعاة السوائم وتأتى الوحوش والسباع وهى مذعورة من هول الصيحة فتختلط بالناس ويؤول الأمر الى تغير الأرض والسماء عما هما عليه وبين نفخة الفزع والنفخة الثانية أربعون سنة ثم تقع نفخة الثانية والثالثة وبينهما أربعون سنة او شهرا او يوما او ساعة قال الامام الغزالي رحمه الله اختلف الناس فى أمد المدة الكائنة بين النفختين فاستقر جمهورهم على انها أربعون سنة وحدثنى من لا أشك فى علمه ان أمد ذلك لا يعلمه الا الله تعالى لانه من اسرار الربوبية فاذا أراد الله احياء الخلق يفتح خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فتمطر به الأرض فاذا هو كمنىّ الرجال بعد ان كانت عطشى فتحيى وتهتز ولا يزال المطر عليها حتى يعمها ويكون الماء فوقها أربعين ذراعا فاذا الأجسام تنبت من عجب الذنب وهو أول ما يخلق من الإنسان بدئ منه ومنه يعود وهو عظم على قدر الحمصة وليس له مخ فاذا نبت كما نبت البقل تشتبك بعضها فى بعض فاذا رأس هذا على منكب هذا ويد هذا على جنب هذا وفخذ هذا على حجر هذا لكثرة البشر والصبى صبى والكهل كهل والشيخ شيخ والشاب شاب ثم تهب ريح من تحت العرش فيها نار فتنسف ذلك عن الأرض وتبقى الأرض بارزة مستوية كأنها صحيفة واحدة ثم يحيى الله اسرافيل فينفخ

[سورة الزمر (39) : الآيات 69 إلى 70]

فى الصور من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح لها دوىّ كدوىّ النحل فتملأ الخافقين ثم تذهب كل نفس الى جثتها باعلام الله تعالى حتى الوحش والطير وكل ذى روح فاذا الكل قيام ينظرون ثم يفعل الله بهم ما يشاء: قال الشيخ سعدى قدس سره چودر خاكدان لحد خفت مرد ... قيامت بيفشاند از موى كرد سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نماند بحسرت نكون بران از دو سرچشمه ديده جوى ... ور آلايشى دارى از خود بشوى وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ صارت عرصات القيامة مشرقة ومضيئة وذلك حين ينزل الله على كرسيه لفصل القضاء بين عباده بِنُورِ رَبِّها النور الضوء المنتشر المعين على الابصار اى بما اقام فيها من العدل استعير له النور لانه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما يسمى الظلم ظلمة وفى الحديث (الظلم ظلمات يوم القيامة) يعنى شدائده يعنى الظلم سبب لشدائد صاحبه او الظلم سبب لبقاء الظالم فى الظلمة حقيقة فلا يهتدى الى السبيل حين يسعى نور المؤمنين بين أيديهم ولكون المراد بالنور العدل أضيف الاسم الجليل الى ضمير الأرض فان تلك الاضافة انما تحسن إذا أريد به تزين الأرض بما ينشر فيها من الحكم والعدل او المعنى أشرقت بنور خلقه الله فى الأرض يوم القيامة بلا توسط أجسام مضيئة كما فى الدنيا يعنى يشرق بذلك النور وجه الأرض المبدلة بلا شمس ولا قمر ولا غيرهما من الاجرام المنيرة ولذلك اى ولكون المعنى ذلك أضيف اى النور الى الاسم الجليل وقال سهل قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم والاقتداء بسنة نبيهم وفى التأويلات النجمية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) ارض الوجود (بِنُورِ رَبِّها) إذا تجلى لها وقال بعضهم هذا من المكتوم الذي لا يفسر كما فى تفسير ابى الليث وَوُضِعَ الْكِتابُ اى الحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه او صحائف الأعمال فى أيدي العمال فى الايمان والشمائل واكتفى باسم الجنس عن الجمع إذ لكل أحد كتاب على حدة. والكتاب فى الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه. وقيل وضع الكتاب فى الأرض بعد ما كان فى السماء يقول الفقير هذا على إطلاقه غير صحيح لان كتاب الأبرار فى عليين وكتاب الفجار فى سجين فالذى فى السماء يوضع فى الأرض حتى اللوح المحفوظ واما ما فى الأرض فعلى حاله وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ الباء للتعدية وَالشُّهَداءِ للامم وعليهم من الملائكة والمؤمنين وفيه اشارة الى ان النبيين والشهداء إذا دعوا للقضاء والحكومة والمحاسبة فكيف يكون حال الأمم واهل المعاصي والذنوب دران روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا وَقُضِيَ [حكم كرده شود] بَيْنَهُمْ اى بين العباد بِالْحَقِّ بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب وزيادة عقاب على ما جرى به الوعد وكما فتح الآية بإثبات العدل ختمها بنفي الظلم وَوُفِّيَتْ [وتمام داده شود] كُلُّ نَفْسٍ من النفوس المكلفة ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت من الخير والشر والطاعة والمعصية وَهُوَ تعالى أَعْلَمُ

منهم ومن الشهداء بِما يَفْعَلُونَ إذ هو خالق الافعال فلا يفوته شىء من أفعالهم وانما يدعو الشهداء لتأكيد الحجة عليهم قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا كان يوم القيامة بدل الله الأرض غير الأرض وزاد فى عرضها وطولها كذا وكذا فاذا استقر عليها أقدام الخلائق برّهم وفاجرهم أسمعهم الله كلامه يقول ان كتابى كانوا يكتبون ما أظهرتم ولم يكن لهم علم بما أسررتم فانا عالم بما أظهرتم وبما أسررتم، محاسبكم اليوم على ما أظهرتم وعلى ما أسررتم ثم اغفر لمن شاء منكم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به أسوة حسنة انتهى يقول الفقير لا شك ان الحفظة تستملى من خزنة اللوح المحفوظ فيعرفون كل ما وقع من العبد من فعل ظاهر وعزم باطن ولكن يجوز ان يكون من الاسرار ما لا يطلع عليه غيره سبحانه وتعالى واعلم انه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى اين اللوح المحفوظ فيؤتى به وله صوت شديد فيقول الله اين ما سطرت فيك من توراة وزبور وإنجيل وفرقان فيقول يا رب نقله منى الروح الامين فيؤتى به وهو يرعد وتصطك ركبتاه فيقول الله تعالى يا جبريل هذا اللوح يزعم انك نقلت منه كلامى ووحيي أصدق فيقول نعم يا رب فيقول فما فعلت فيه فيقول أنهيت التوراة الى موسى والزبور الى داود والإنجيل الى عيسى والقرآن الى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وعليهم أجمعين وأنهيت الى كل رسول رسالته والى اهل الصحف صحائفهم فاذا النداء يا نوح فيؤتى به ترعد فرائصه وتصطك ركبتاه فيقول يا نوح زعم جبرائيل انك من المرسلين قال صدق يا رب فقال فما فعلت مع قومك قال دعوتهم ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فاذا النداء يا قوم نوح فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقول لهم هذا نوح زعم انه بلغكم الرسالة فيقولون يا رب كذب ما بلغنا شيأ ثم ينكرون الرسالة ثم يقول الله تعالى يا نوح ألك بينة عليهم فيقول نعم يا رب بينتى عليهم محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقولون كيف ذلك ونحن أول الأمم وهم آخر الأمم فيؤتى بالنبي عليه السلام فيقول الله تعالى يا محمد هذا نوح يستشهد بك فيشهد له بتبليغ الرسالة ويتلو (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) الى آخر السورة فيقول الله تعالى قد وجب عليكم الحق وحقت كلمة العذاب على الكافرين فيؤمر بهم زمرة واحدة الى النار من غير وزن اعمال ووضع حساب وهكذا يفعل بسائر الأمم أجمعين فان القرآن نطق بهم وبأحوالهم وقد جاء ان رجلا يقف بين يدى الله فيقول يا عبد السوء كنت مجرما عاصيا فيقول لا والله ما فعلت فيقال له عليك بينة فيؤمر بحفظته فيقول كذبوا علىّ فتشهد جوارحه عليه ويؤمر به الى النار فيجعل يلوم جوارحه فيقولون ليس من اختيارنا أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وهكذا يشهد الزمان والمكان ونحوهما فطريق الخلاص ان لا تشهد اليوم غير الله وتشتغل بذكره وطاعته عما سواه قال الشيخ سعدى دريغست كه فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت روا دارى از جهل وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت

[سورة الزمر (39) : الآيات 71 إلى 75]

طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ مع امامهم حال كونهم زُمَراً جماعة جماعة وبالفارسية [كروه كروه] جمع زمرة وهى الجمع القليل ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر واشتقاقها من الزمر وهو الصوت إذا الجماعة لا تخلو عنه. والسوق بالفارسية [راندن] اى سيقوا إليها بعد اقامة الحساب بامر يسير من قبلنا وذلك بالعنف والاهانة حال كونهم أفواجا متفرقة بعضها فى اثر بعض مترتبة حسب ترتب طبقاتهم فى الضلالة والشرارة وتتلقاهم جهنم بالعبوسة كما تلقوا الأوامر والنواهي والآمرين والناهين بمثل ذلك حَتَّى إِذا جاؤُها حتى هى التي تحكى بعد الجملة: يعنى [تا چون بيايند بدوزخ بر صفت ذلت وخوارى] وجواب إذا قوله فُتِحَتْ أَبْوابُها السبعة ليدخلوها كما قال تعالى (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) وفائدة إغلاقها الى وقت مجيئهم تهويل شأنها وإيقاد حرها قال فى اسئلة الحكم اهل النار يجدونها مغلقة الأبواب كما هى حال السجون فيقفون هنالك حتى يفتح لهم اهانة لهم وتوبيخا يقول الفقير هذا من قبيل العذاب الروحاني وهو أشد من العذاب الجسماني فليس وقوفهم عند الأبواب اولى لهم من تعجيل العذاب يؤيده ان الكافر حين يطول قيامه فى شدة وزحمة وهول يقول يا رب أرحني ولو كان بالنار وفيه اشارة الى الأوصاف الذميمة النفسانية السبعة وهى الكبر والبخل والحرص والشهوة والحسد والغضب والحقد فانها أبواب جهنم وكل من يدخل فيها لا بد له من ان يدخل من باب من ابوابها فلا بد من تزكيتها وتخلية النفس عنها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها تقريعا وتوبيخا وزيادة فى الإيلام والتوجيع واحدها خازن وهو حافظ الخزانة وما فيها والمراد حفظة جهنم وزبانيتها وهم الملائكة الموكلون بتعذيب أهلها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ من جنسكم آدميون مثلكم ليسهل عليكم مراجعتهم وفهم كلامهم يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وهو ما انزل الله على الأنبياء وَيُنْذِرُونَكُمْ يخوفونكم لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا اى وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة وذلك لان الاضافة اللامية تفيد الاختصاص ولا اختصاص ليوم القيامة بالكفار وقد جاء استعمال اليوم والأيام مستفيضا فى اوقات الشدة فلذلك حمل على الوقت وفيه دليل على انه لا تكليف قبل الشرع من حيث انهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وتبليغ الكتب قالُوا بَلى قد أتونا وتلوا علينا. وانذرونا فاقرّوا فى وقت لا ينفعهم الإقرار والاعتراف وَلكِنْ حَقَّتْ وجبت كَلِمَةُ الْعَذابِ وهى قوله تعالى لابليس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَلَى الْكافِرِينَ وقد كنا ممن تبع إبليس فكذبنا الرسل وقلنا ما نزل الله من شىء ان أنتم الا تكذبون امروز قدر پند عزيزان شناختيم قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها اى مقدرا خلودكم فيها وإبهام القائل لتهويل المقول وفيه اشارة الى ان الحكمة الالهية اقتضت إظهارا لصفة القهر ان يخلق النار ويخلق

[سورة الزمر (39) : آية 73]

لها أهلا كما انه تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلا إظهارا لصفة اللطف فلهذه الحكمة قيل فى الأزل قهرا وقسرا ادخلوا أبواب جهنم وهى الصفات الذميمة السبع التي مر ذكرها خالدين فيها بحيث لا يمكن الخروج من هذه الصفات الذميمة بتبديلها كما يخرج المتقون منها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ اى بئس منزل المتكبرين عن الايمان والطاعة والحق جهنم: وبالفارسية [بد آرامگاهست متكبرانرا دوزخ] واللام للجنس ولا يقدح ما فيه من الاشعار بان كونهم مثواهم جهنم لتكبرهم عن الحق فى ان دخولهم النار بسبق كلمة العذاب عليهم فانها انما حقت عليهم بناء على تكبرهم وكفرهم فتكبرهم وسائر مقابحهم مسببة عن ذلك السبق وفيه اشارة الى ان العصاة صنفان صنف منهم متكبرون وهم المصرون متابعوا إبليس فلهم الخلود فى النار وصنف منهم متواضعون وهم التائبون متابعوا آدم فلهم النجاة وبهذا الدليل ثبت ان ليس ذنب اكبر بعد الشرك من الكبر بل الشرك ايضا يتولد من الكبر كما قال تعالى أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) وهذا تحقيق قوله تعالى (الكبرياء ردائى والعظمة إزاري فمن نازعنى فيهما ألقيته فى النار) ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من الكبر) فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال (ان الله جميل يحب الجمال) الكبر بطر الحق وغمط الناس اى تضييع الحق فى أوامر الله ونواهيه وعدم تقاته واستحقار الناس وتعيبهم ذكر الخطابي فى تأويل الحديث وجهين أحدهما ان المراد التكبر عن الايمان والثاني ان ينزع عنه الكبر بالتعذيب او بالعفو فلا يدخل الجنة مع ان يكون فى قلبه مثقال ذرة منه كما قال تعالى (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) ويمكن ان يقال معناه ان الكبر مما لو جازى الله بأدنى مقداره لكان جزاؤه عدم دخول الجنة ولكن تكرم بان لا يجازى به بل يدخل كل موحد الجنة كذا فى شرح المشارق لابن الملك يقول الفقير ان الحديث واقع بطريق التغليظ والتشديد والوجه الثاني للخطابى بعيد لكون جميع الخطايا كذلك فلا معنى حينئذ للتخصيص: قال المولى الجامى جمعست خيرها همه در خانه ونيست ... آن خانه را كليد بغير از فروتنى شرها بدين قياس بيك خانه است جمع ... وانرا كليد نيست بجز مائى ومنى وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ حال كونهم زُمَراً جماعات متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم فى الفضل وعلو الطبقة وذلك قبل الحساب او بعده يسيرا او شديدا وهو الموافق لما قبل الآية من قوله وَوُضِعَ الْكِتابُ والسائقون هم الملائكة بامر الله تعالى يسوقونهم مساق إعزاز وتشريف بلا تعب ولا نصب بل بروح وطرب للاسراع بهم الى دار الكرامة والمراد المتقون عن الشرك فهؤلاء عوام اهل الجنة وفوق هؤلاء من قال الله تعالى فيهم (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) وفوقهم من قال فيهم (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) وفرق بين من يساق الى الجنة وبين من قرب اليه الجنة وفى الحقيقة اهل السوق هم الظالمون واهل الزلفة المقتصدون واهل الوفاء السابقون واعلم انه إذا نفخ فى الصور نفخة الاعادة واستوى كل واحد من الناس على قبره يأتى كل منهم عمله فيقول له قم وانهض الى المحشر

فمن كان له عمل جيد يشخص له عمله بغلا. ومنهم من يشخص له عمله حمارا. ومنهم من يشخص له عمله كبشا تارة يحمله وتارة يلقيه وبين يدى كل واحد منهم نور شعشعانى كالمصباح وكالنجم وكالقمر وكالشمس بقدر قوة ايمانهم وصلاح حالهم وعن يمينه مثل ذلك النور وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة شديدة يقع فيها الكفار والمرتابون والمؤمن يحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور ويهتدى به فى تلك الظلمة. ومن الناس من يسعى على قدميه وعلى طرف بنانه قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف يحشر الناس يا رسول الله قال (اثنان على بعير وخمسة على بعير وعشرة على بعير) وذلك انهم إذا اشتركوا فى عمل يخلق الله لهم من أعمالهم بعيرا يركبون عليه كما يبتاع جماعة مطية يتعاقبون عليها فى الطريق فاعمل هداك الله عملا يكون لك بعيرا خالصا من الشرك. ومنه يعلم حال التشريك فى ثواب العمل فالاولى ان يهدى من المولى لكل ثواب على حدة من غير تشريك الآخر فيه- روى- ان رجلا من بنى إسرائيل ورث من أبيه ما لا كثيرا فابتاع بستانا فحبسه على المساكين وقال هذا بستانى عند الله وفرق دراهم عديدة فى الضعفاء وقال اشترى بها من الله جوارى وعبيدا وأعتق رقابا كثيرة وقال هؤلاء خدمى عند الله والتفت يوما الى رجل أعمى يمشى تارة ويكب اخرى فابتاع له مطية يسير عليها وقال هذه مطيتى عند الله اركبها قال عليه السلام فى حقه (والذي نفسى بيده لكأننى انظر إليها وقد جيىء بها اليه مسرجة ملجمة يركبها ويسير بها الى الموقف) در خير بازست وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك حَتَّى إِذا جاؤُها [تا چون بيايند به بهشت] وَفُتِحَتْ أَبْوابُها اى والحال انه قد فتحت ابوابها الثمانية لئلا يصيبهم وصب الانتظار مع ان دار الفرح والسرور لا تغلق للاضياف والوافدين باب الكرم فان قلت يرد على كون أبواب الجنان مفتحة لهم عند مجيئهم إليها قوله عليه السلام (انا أول من يستفتح باب الجنة) قلت قد حصل الفتح المقدم على الوصول بدعوته عليه السلام بالاستفتاح ولو لم يكن دعاؤه قد سبق لما فتحت ثم تبقى الأبواب بدعائه مفتوحة الى ان يفرغ من الحساب فاذا جاء اهل الجنة بعد الحساب والصراط يجدونها مفتوحة ببركة دعائه المقدم على ذلك وفى الحديث (انا أول من يقرع باب الجنة والجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها انا وأمتي الاول فالاول) يقول الفقير اولية الاستفتاح والقرع تمثيل لاولية الدخول فلا حاجة الى توجيه آخر وعرف كون أبواب الجنة ثمانية بالأخبار كما قال عليه السلام (ان للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان الا بينهما سير الراكب سبعين عاما وما بين كل مصراعين من مصارع الجنة مسيرة سبع سنين) وفى رواية (مسيرة أربعين سنة) وفى رواية (كما بين مكة وبصرى) وقيل عرف بواو الثمانية وفيه ان واو الثمانية غير مطردة وقد سبق ما يتعلق بهذه الواو فى آخر سورة التوبة قال بعضهم كون أبواب النار سبعة وأبواب الجنة ثمانية لان الجنة منه تعالى فضل والنار عدل والفضل اكثر من العدل والجنة من الرحمة والنار من الغضب والرحمة سابقة وغالبة على الغضب وقيل ليس فى النار الا الجزاء

[سورة الزمر (39) : آية 74]

والزيادة فى العذاب جور وفى الثواب كرم وقيل لأن الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان كذلك أبواب جهنم سبعة وأبواب الجنة ثمانية فمن اذن واقام غلقت عنه أبواب النيران السبعة وفتحت له أبواب الجنة الثمانية وجواب إذا محذوف اى كان ما كان مما يقصر عنه البيان وقال بعضهم وفتحت جواب إذا والواو زائدة للايذان بأنها كانت مفتحة عند مجيئهم وَقالَ لَهُمْ اى للمتقين عند دخولهم الجنة خَزَنَتُها حفظة الجنة رضوان وغيره من الملائكة سَلامٌ عَلَيْكُمْ من جميع المكاره والآلام فهو خبر لا تحية (وقال الكاشفى) درود بر شما با سلامتى وايمنى لازم حال شما وهذا لعوام اهل الجنة واما لخواصهم فيقول الله سلام قولا من رب رخيم فان السلام فى الجنة من وجوه فالسلام الاول وان كان سلام الله ولكن بالواسطة والثاني سلام خاص بلا واسطة بعد دخولهم فى الحضرة طِبْتُمْ طهرتم من دنس المعاصي او طبتم نفسا بما أبيح لكم من النعيم واز حضرت مرتضى كرم الله وجهه منقولست كه چون بهشتيان بدير بهشت رسند آنجا درختى بينند كه از زير آن دو چشمه بيرون مى آيد پس در يك چشمه غسل كنند ظاهر ايشان پاكيزه شود واز ديكرى بياشامند باطن ايشان منور ومطهر كردد ودرين حال ملائكة كويند پاك شديد بظاهر وباطن فَادْخُلُوها اى الجنة خالِدِينَ والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم سوآء كان طيبا بعفوا وبتعذيب إذ كل منهما مطهر وانما طهر ظاهرهم لحسن إقرارهم وأعمالهم البدنية وباطنهم لحسن نياتهم وعقائدهم وفى عرائس البقلى ذكر الله وصف غبطة الملائكة على منازل الأولياء والصديقين وذلك قوله سلام عليكم طبتم اى أنتم فى مشاهدة جماله ابدا طيبين بلذة وصاله سالمين عن الحجاب وذلك أن الله تعالى قد احسن انى النبيين والمرسلين وأفاضل المؤمنين بالمعارف والأحوال والطاعات والإذعان ونعيم الجنان ورضى الرحمن والنظر الى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتأييد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت ومن آثار العشق كونه مأمورا بالجهاد والصبر على البلايا والمحن والرزايا اى المصائب وتحمل مشاق العبادات لاجل الله تعالى وليس للملائكة العشق ولا الابتلاء الذي هو من أحكامه وان كانوا يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثيروكم من نائم أفضل من قائم وكون أجسادهم من نور وأجساد البشر من لحم وشحم ودم لا يفضلهم عليهم فى الحقيقة فان الله تعالى لا ينظر الى الصور فرب ماء حياة فى ظلمات (قال الصائب) فروغ كوهر من از نژاد خورشيدست ... بتيركى نتوان كرد پايمال مراد (وقال) بر بساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... با وجود نى سوارى برق جولانيم ما وَقالُوا وكويند مؤمنان چون به بهشت درايند الْحَمْدُ لِلَّهِ جميع المحامد مخصوص به تعالى الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ راست كرد با ما وعده خود را به بعث وثواب قال جعفر

الصادق رضى الله عنه هو حمد العارفين الذين استقروا فى دار القرار مع الله وقوله الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن حمد الواصلين قال سهل رضى الله عنه منهم من حمد الله على تصديق وعده ومنهم من حمد الله لانه يستوجب الحمد فى كل الأحوال لما عرف من نعمه وما لا يعرفه وهو ابلغ لكونه حال الخواص وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ يريدون المكان الذي استقروا فيه من ارض الجنة على الاستعارة وايراثها إعطاؤها وتمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم او تمكينهم من التصرف فيما فيها تمكين الوارث فيما يرثه وفى التأويلات النجمية صدق وعده للعوام بقوله وأورثنا- الأرض الى آخره وصدق وعده للخواص يقوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وصدق وعده لاخص الخواص بقوله ان المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فنعم اجر العاملين العاشقين نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ قال فى تاج المصادر التبوؤ كرفتن جاى. أخذ من المباءة وهى المحلة ويتعدى الى مفعول واحد وقال ابو على يتعدى الى مفعولين ايضا انتهى وبوأت له مكانا سويته وهيأنه والمعنى بالفارسية جاى ميكريم از بهشت هر كجا مى خواهيم ونزول وقرار ميكنيم. اى يتبوأ كل واحد منا فى اى مكان اراده من جنة الواسعة لا من جنة غيره على أن فيها مقامات معنوية لا يتمانع واردوها كما قال فى التفسير الكبير قال حكماء الإسلام الجنة نوعان الجنات الجسمانية والجنات الروحانية فالجنات الجسمانية لا تحتمل المشاركة واما الروحانية فحصولها لواحد لا يمنع حصولها لآخرين وفى تفسير- الفاتحة للفنارى رحمه الله اعلم أن الجنة جنتان جنة محسوسة وجنة معنويه والعقل يعقلهما معا كما أن العالم عالمان لطيف وكثيف وغيب وشهادة والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف من طريق نظرها ونعيم بما تحمله من اللذات والشهوات مما تناله بالنفس الحيوانية من طريق قواها الحسية من أكل وشرب ونكاح ولباس وروائح ونغمات طيبة وجمال حسى فى نساء كاعبات ووجوه حسان وألوان متنوعة وأشجار وانهار كل ذلك تنقله الحواس الى النفس الناطقة فتلتذبه ولو لم يلتذ الا الروح الحساس الحيواني لا النفس الناطقة لكان الحيوان يلتذ بالوجه الجميل من المرأة او الغلام بالألوان. واعلم أن الله خلق هذه الجنة المحسوسة يطالع الأسد الذي هو الاقليد وبرجه وهو الأسد وخلق الجنة المعنوية التي هى روح هذه الجنة المحسوسة من الفرح الإلهي من صفة الكمال والابتهاج والسرور فكانت الجنة المحسوسة كالجسم والمعقولة كالروح وقواه ولهذا سماها الحق الدار الحيوان لحيانها وأهلها يتنعمون فيها حسا ومعنى والجنة ايضا أشد تنعما باهلها الداخلين فيها وكذا تطلب ملئها من الساكنين وقد ورد خبر عن النبي عليه السلام ان الجنة اشتاقت الى بلال وعلى وعمار وسليمان انتهى ما فى التفسير المذكور وفى الخبران الجنان تستقبل الى اربعة نفر صائمى رمضان وتالى القرآن وحافظى اللسان ومطعمى الجيران يقول الفقير على هذ السر يدور قوله عليه السلام فى حق جبل أحد بالمدينة أحد يحبنا ونحبه وذلك لأنه ملحق بالجنان كسائر المواضع الشريفة فله الحياة والإدراك وان كان خارجا عن دائرة العقل الجزئى وقال فى الاسئلة المقحمة كيف قال حيث نشاء ومعلوم أن بعضهم لا ينزل مكان غيره

[سورة الزمر (39) : آية 75]

الا بإذن صاحبه والجواب ان هذا وأمثاله مبالغات يعبر بها عن احوال السعة والرفاهية ثم قد قيل لا يخلق الله فى قلوب اهل الجنة خاطرا يخالف أحكامهم التي كانوا مكلفين بها فى دار الدنيا انتهى وفى الكواشي هذه اشارة الى السعة والزيادة على قدر الحاجة لا ان أحدا ينزل فى غير منزله وفى فتح الرحمن روى أن امة محمد تدخل اولا الجنة فتنزل حيث تشاء منها ثم يدخل سائر الأمم فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الجنة يعنى بس نيكوست ثواب فرمان برندكان قال بعض الكبار ما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ولا مكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها وما من عمل إلا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها والتفاضل على مراتب فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والإسلام فيفضل كبير السن على صغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشوراء أعظم من سائر الزمان ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد المدينة وهى من الصلاة فى المسجد الأقصى وهى منها فى سائر المساجد ومنها بالأحوال فان الصلاة بالجماعة أفضل من صلاة الشخص وحده ومنها بنفس الأعمال فان الصلاة أفضل من اماطة الأذى ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدا هدية لشريف من اهل البيت أفضل من أن يهدى لغيره او احسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الجامعين بين صالحات الأعمال والمسارعين الى حسنات الافعال. چواز جايكاه دويدن كرو ... نبردى هم افتان وحيران برو كران باد پايان برفتند تيز ... تو بى دست و پااز نشستن بخيز وَتَرَى الْمَلائِكَةَ يا محمد يوم القيامة بعد أن أحياهم الله وقال الكاشفى يعنى وقتى كه در مقعد صدق ورتبه قرب باشى بينى ملائكه را حَافِّينَ محدقين مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ اى حوله ومن مزيدة او لابتداء الحفوف يقال حفوا حوله حفوفا طافوا به واستداروا ومنه الآية اى محيطين بأحفة العرش اى جوانبه وبالفارسة حلقه كرفته كرد عرش وطواف كنندكان بجوانب آن يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ الجملة حال ثانية او مقيدة للاولى اى ينزهونه تعالى عما لا يليق به حال كونهم ملتبسين بحمده ذاكرين له بوصفى جلاله وإكرامه تلذذا به يعنى يقولون سبحان الله وبحمده به تسبيح نفى ناسزا ميكنند از ذات الهى وبحمد اثبات صفات سزا ميكنند ويرا وفيه اشعار بان أعلى اللذائذ هو الاستغراق فى شؤون الحق وصفاته يقول الفقير كما أن العرش يطوفه الملائكة مسبحين حامدين كذلك الكعبة يطوفها المؤمنون ذاكرين شاكرين وسر الدوران أن عالم الوحدة لا قيد فيه ولا جهات كقلب العارف

التفسير سورة المؤمن

ولما كانت الكعبة صورة الذات الاحدية امر بطوافها ودورانها فالفرق بين الطواف وبين الصلاة ان الطواف اطلاق ظاهرا وباطنا والصلاة قيد ظاهرا واطلاق باطنا وانما قلنا بكونها قيدا فى الظاهر لأنه لا بد فيها من التقييد بجهة من جهات الكعبة وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى بين الخلق بِالْحَقِّ بالعدل بإدخال بعضهم النار وبعضهم الجنة او بين الملائكة بإقامتهم فى منازلهم على حسب تفاضلهم وفى آكام المرجان الملائكة وان كانوا معصومين جميعا فبيتهم تفاضل فى الثواب حسب تفاضل أعمالهم وكما أن رسل البشر يفضلون على افراد الامة فى المراتب كذلك رسل الملائكة على سائرهم وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اى على ما قضى بيننا بالحق وانزل كلامنا منزلته التي هى حقه والقائلون هم المؤمنون ممن قضى بينهم او الملائكة وطى ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم وفى التأويلات النجمية وقضى بينهم بالحق يعنى بين الملائكة وبين الأنبياء والأولياء بما اعطى كل فرقة منهم من المراتب والمنازل ما اعطى وقيل يعنى وقال كل فريق منهم الحمد لله رب العالمين على ما أنعم علينا به (وقال الكاشفى) همچنانكه در ابتداى خلق آسمان زمين ستايش خود فرمود كه الحمد لله الذي خلق السموات والأرض بوقت استقرار اهل آسمان وزمين در منازل خويش همان ستايش كرد تا دانند كه در فاتحه وخاتمه مستحق حمد وثنا اوست يعنى ينبغى ان يحمد فى أول كل امر وخاتمته. در خور ستايش نبود غير تو كس ... جا كه ثناييست ترا زيبد وبس فاذا كان كل شىء يسبح بحمده فالانسان اولى بذلك لأنه أفضل قال بعض العارفين. ثنا گو تا ثنا يابى شكر گو تا عطايابى ... رضا ده تا رضا يابى ورا جو تا ورا يابى وقال عليه السلام إذا أنعم الله على عبده نعمة فيقول العبد الحمد لله فيقول الله انظروا الى عبدى أعطيته ما قدر له فاعطانى ما لا قيمة له معناه أن الانعام أحد الأشياء المعتادة كأطعام الجائع وإرواء العطشان وكسوة العاري وقوله الحمد لله معناه أن كل حمد أتى به أحد فهو لله فيدخل فيه محامد ملائكة العرش والكرسي وأطباق السماء والأنبياء والأولياء والعلماء وما سيذكرونه الى وقت قوله وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين وهى بأسرها متناهية وما لا نهايه له مما سيأتونها ابد الآباد ولذلك قال أعطيته نعمة واحدة لا قدر لها فاعطانى من الشكر ما لا حدله قال كعب الأحبار عوالم الله تعالى لا تحصى لقوله تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو فهو تعالى مربى الكل بما يناسب لحاله ظاهرا وباطنا نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لحمده على نعمه الظاهرة والباطنة اولا وآخرا تمت سورة الزمر بعون الله الخالق القوى والقدر فى يوم السبت السابع والعشرين من شعبان المنتظم فى شهور سنة 1112 التفسير سورة المؤمن مكية وآيها خمس او ثمان وثمانون بسم الله الرحمن الرحيم حم اسم للسورة ومحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة

بحم نزلت منزلة الحاضر المشار اليه لكونها على شرف الذكر والحضور وقال صلى الله عليه وسلم حم اسم من اسماء الله تعالى وكل اسم من اسماء الله تعالى مفتاح من مفاتيح خزآئنه تعالى فمن اشتغل باسم من الأسماء الالهية يحصل بينه وبين هذا الاسم اى بين سره وروحه مناسبة بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة بحسب قوة الاشتغال يحصل بينه وبين مدلوله الحقيقي مناسبة اخرى فحينئذ يتجلى له الحق سبحانه من مرتبة ذلك الاسم ويفيض عليه ما شاء بقدر استعداده وكل أسمائه تعالى أعظم عند الحقيقة وقال ابن عباس رضى الله عنهما الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة فى سور وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بسر بينه وبين حبيبه محمد عليه السلام لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل وذلك ان الحاء والميم هما حرفان من وسط اسم الله وهو رحمن وحرفان من وسط اسم نبيه وحبيبه محمد عليه السلام فكما أن الحرفين سر اسميهما فهما يشيران الى القسم بسر كان بينهما ان تنزيل الكتاب إلخ وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله فى حم الحي الملك وزاد بعضهم بان قال حم فواتح أسمائه الحليم الحميد الحق الحي الحنان الحكيم الملك المنان المجيد وقال الكاشفى حا اشارت بحكم حق كه خط ومنع ورد برو كشيده نشود وميم اما نيست بملك او كه كرد زوال وفنا كرد سر اوقات آن راه نيابد وقال البقلى الحاء حياة الأزل والميم منهل المحبة فمن خصه الله تعالى بقربه سقاه من عين حياته حتى يكون حيا بحياته لا يعتريه الفناء بعد ذلك وينطق من حاء الحياة بعبارة الحكمة ومن ميم المحبة من إشارات العلوم المجهولة ما لا يعرفها الا الواردون على مناهل القدم والبقاء وفى شرح حزب البحر حم اشارة الى الحماية ولذلك قال عليه السلام يوم أحد ليكن شعاركم حم لا ينصرون اى بحماية الله لا ينصرون اى الأعداء لأن الله تعالى مولى الذين آمنوا ولا مولى للكافرين فتحصل العناية بالحماية والحماية من حضرة الافعال ويقال حم الأمر بضم الحاء وتشديد الميم اى قضى وقدر وتم ما هو كائن او حم امر الله اى قرب او يوم القيامة قال قد حم يومى فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم قال فى كشف الاسرار حا اشارتست بمحبت وميم اشارتست بمنت ميكويد اى بحاى محبت من دوست كشته نه به هنر خود اى بميم منت من مرا يافته نه بطاعت خود اى من ترا دوست كرفته وتو مرا نشاخته اى من ترا خواسته وتو مرا نادانسته اى من ترا بوده وتو مرا بوده صد هزار كس بر دركاه ما ايستاده ما را خواستند ودعاها كردند بايشان التفات نكرديم وشما را اى امت احمد بى خواست شما كفت أعطيتكم قبل ان تسألونى وأجبتكم قبل ان تدعونى وغفرت لكم قبل ان تستغفرونى آن رغبت وشوق أنبياء كذشته بتو تا خليل مى كفت واجعل لى لسان صدق فى الآخرين وكليم ميكفت اجعلنى من امة محمد نه از ان بود كه افعال تو با ايشان شرح داديم كه اگر افعال شما با ايشان كفتيم همه دامن از شما درچيدندى ليكن از ان بود كه إفضال وانعام خود با شما ايشانرا شرح داديم پيش از شما وهركرا بركزيديم يكان يكان بركزيديم چنانكه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران چون نوبت شما را رسيد على العموم والشمول كفتيم كنتم خير امة همه بركزيد

[سورة غافر (40) : الآيات 2 إلى 3]

كان ما آيد جاى ديكر كفت اصطفينا من عبادنا در تحت اين خطاب هم زاهد وهم عابد است هم ظالم وهم مظلوم (روى) موسى عليه السلام قال يا رب هل أكرمت أحد أمثل ما أكرمتني أسمعتني كلامك فقال تعالى ان لى عبادا أخرجهم فى آخر الزمان وأكرمهم بشهر رمضان وانا أكون اقرب إليهم منك فانى كلمتك بينى وبينك سبعون الف حجاب فاذا صامت امة محمد وابيضت شفاههم واصفرت ألوانهم ارفع تلك الحجب وقت إفطارهم روزى كه سر از پرده برون خواهى كرد ... دانم كه زمانه را زبون خواهى كرد كر زيب وجمال ازين فزون خواهى كرد ... يا رب چهـ جكرهاست كه خون خواهى كرد يا موسى طوبى لمن غطش كبده وجاع بطنه فى رمضان فانى لا أجازيهم دون لقائى وخلوف فمهم عندى أطيب من ريح المسك ومن صام يوما استوجب ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال موسى أكرمني بشهر رمضان قال تعالى هذا لامة محمد عليه السلام فانظر لا كرامه تعالى وحمايته لهذه الامة المرحومة فانها بين الأمم بهذه الكرامة موسومه بل كلها منها محرومة تَنْزِيلُ الْكِتابِ خبر بعد خبر على أنه مصدر اطلق على المفعول اى المنزل مبالغة مِنَ اللَّهِ صلة للتنزيل والأظهر ان تنزيل مبتدأ ومن الله خبره فيكون المصدر على معناه وقوله من الله اى لا كما يقوله الكفار من انه اختلقه محمد الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ لعل تخصيص الوصفين لما فى القرآن من الاعجاز وانواع العلم الدالين على القدرة الكاملة والعلم البالغ وفى فتح الرحمن العزيز الذي لا مثل له العليم بكل المعلومات (وقال الكاشفى) العزيز خداى تعالى غالب كه قادر است به تنزيل آن العليم دانا بهر چهـ فرستاد بهر كس در هر وقت غافِرِ الذَّنْبِ صفة اخرى للجلالة والاضافة حقيقية لأنه لم يرد به زمان مخصوص لأن صفات الله ازلية منزهة عن التجدد والتقيد بزمان دون زمان وان كان تعلقها حادثا بحسب حدوث المتعلقات كالذنب فى هذا المقام واسم الفاعل يجوز ان يراد به الاستمرار بخلاف الصفة المشبهة والغافر الساتر والذنب الإثم يستعمل فى كل فعل يضر فى عقباه اعتبارا بذنب الشيء اى آخره ولم يقل غافر الذنوب بالجمع ارادة للجنس كما فى الحمد لله والمعنى ساتر جمع الذنوب صغائرها وكبائرها بتوبة وبدونها ولا يفضح صاحبها يوم القيامة كما يقتضيه مقام المدح العظيم وَقابِلِ التَّوْبِ القبول پذيرفتن والقابل الذي يستقبل الدلو من البئر فياخذها والقابلة التي تقبل الولد عند الولادة وقبلت عذره وتوبة وغير ذلك والتوب مصدر كالتوبة وهو ترك الذنب على أحد الوجوه وهو ابلغ وجوه الاعتذار فان الاعتذار على ثلاثة أوجه اما ان يقول المعتذر لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا او فعلت واسأت وقد أقلعت ولا رابع لذلك وهذ الثالث هو التوبة والتوبة فى الشرع هو ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الأعمال بالاعادة فمتى اجتمعت هذه الاربعة فقد كملت شرائط التوبة فالتوبة هى الرجوع عما كان مذموما فى الشرع الى ما هو محمود فى الدين والاستغفار عبارة عن طلب المغفرة بعد رؤية قبيح المعصية والاعراض عنها فالتوبة مقدمة على الاستغفار والاستغفار

لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت واسأت ولا أعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب وتوسيط الواو بين الغافر والقابل لافادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة فى موصوف واحد بالنسبة الى طائفة هى طائفة المذنبين التأنبين فالمغفرة بمحو الذنوب بالتوبة والقبول بجعل تلك التوبة طاعة مقبولة يثاب عليها فقبول التوبة كناية عن انه تعالى يكتب تلك التوبة للتائب طاعة من الطاعات والا لما قبلها لأنه لا يقبل الا ما كان طاعة او لتغاير الوصفين إذ ربما يتوهم الاتحاد بان يذكر الثاني لمجرد الإيضاح والتفسير او لتغاير موقع الفعلين ومتعلقهما لأن الغفر هو الستر مع بقاء الذنب وذلك لمن لم يتب من اصحاب الكبائر فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له والقبول بالنسبة الى التائبين عنها وفى الاسئلة المقحمة قدم المغفرة على التوبة ردا على المعتزلة ليعلم انه تعالى ربما يغفر من غير توبة (وفى كشف الاسرار) توبه مؤخر آمد وغفران مقدم بر مقتضاى فضل وكرم اگر من كفتى توبه پذيرم پس كناه آمرزم خلق پنداشتندى كه تا از بنده توبه نبود از الله مغفرت نيايد نخست بيامرزم وآنكه توبه پذيرم تا عالميان دانند چنانكه بتوبة آمرزم اگر توبه مقدم غفران بودى توبه علت غفران بودى وغفران ما را علت نيست وفعل ما بحيله نيست نخست بيامرزم وبزلال إفضال بنده را پاك كردانم تا چون قدم بر بساط ما نهد بر پاكى نهد چون كرما آيد بصفت پاكى آيد همانست كه چاى ديكر كفت ثم تاب عليهم ليتوبوا غافرم آن عاصى را كه توبه نكرد قابلم آنرا كه توبه كرد مراد از غفران ذنب درين موضع غفران ذنب غير تائبست بدليل آنكه واو عطف در ميان آورد ومعطوف ديكر باشد ومعطوف عليه ديكر ليكن هر دو را حكم يكسان باشد چنانكه كويى جاءنى زيد وعمرو زيد ديكرست وعمرو ديكر لكن هر دو را حكم يكيست در آمدن اگر حكم مخالف بودى عطف خطا بودى واگر هر دو يكى بودى هر دو غلط بودى شَدِيدِ الْعِقابِ اسم فاعل كما قبله مشدد العقاب كأن ذين بمعنى مؤذن فصح جعله نعتا للمعرفة حيث يراد به الدوام والثبوت وليس بصفة مشبهة حتى تكون الاضافة لفظية بان يكون من اضافة الصفة الى فاعلها ولئن سلم فالمراد الشديد عقابه باللام فحذفت للازدواج مع غافر الذنب وقابل التوب فى الخلو عن الالف واللام (قال فى كشف الاسرار) أول صفت خود كرد وكفت غافر الذنب وقابل التوب وصفت او محل تصرف نيست پذيرنده تغيير وتبديل نيست پس چون حديث عقوبت كرد شديد العقاب كفت شديد صفت عقوبت نهاد وعقوبت محل تصرف هست و پذيرنده تبديل وتغيير هست كفت سخت عقوبتهم لكن اگر خواهم سست كنم وآنرا بگردانم كه در ان تصرف كنجد تغيير وتبديل پذيرد ذِي الطَّوْلِ الطول بالفتح الفضل يقال لفلان على فلان طول اى زيادة وفضل واصل هذه الكلمة من الطول الذي هو خلاف القصر لأنه إذا كان طويلا ففيه كمال وزيادة كما انه إذا كان قصيرا ففيه قصور ونقصان وسمى الغنى ايضا طولا لأنه ينال به من المرادات ما لا ينال عند الفقر كما أنه بالطول ينال ما لا ينال بالقصر كذا فى تفسير الامام فى سورة النساء والمراد هاهنا الفضل بترك العقاب المستحق وإيراد صفة واحدة فى جانب الغضب بين صفات

الرحمة دليل سبقها ورجحانها وفى عرائس البقلى غافر الذنب يستر ذنوب المؤمنين بحيث ترفع عن أبصارهم حتى ينسوها ويقبل عذرهم حين افتقروا اليه بنعت الاعتذار بين يديه شديد العقاب لمن لا يرجع الا المآب بان عذبه بذل الحجاب ذى الطول لاهل الفناء بكشف الجمال وفى الوسيط نقلا عن ابن عباس رضى الله عنهما غافر الذنب لمن يقول لا اله الا الله وهم أولياؤه واهل طاعته وقابل التوب من الشرك شديد العقاب لمن لا يوحده ذى الطول ذى الغنى عما لا يوحده ولا يقول لا اله الا الله (وفى كشف الاسرار) سنت خداوندست بنده را بآيت وعيد ترساند تا بنده در ان شكسته وكوفته كردد سوزى وكذارى در بندگى بنمايد زارى وخوارى بر خود نهد آنكه رب العزه بنعت رأفت ورحمت بآيت وعد تدارك دل وى كند وبفضل ورحمت خود او را بشارت دهد بنده در سماع شديد العقاب بسوزد وبگدازد وبزبان انكسار كويد. پر ز آب دو ديده و پر آتش جكرم ... پر باد دو دستم و پر از خاك سرم باز در سماع ذى الطول بنازد ودل بيفروزد بزبان افتخار كويد چهـ كند عرش كه او غاشيه من نكشد ... چون بدل غاشيه حكم قضاى تو كشم ابو بكر الشبلي قدس سره يكروز چون مبارزان دست اندازان همى رفت ومى كفت لو كان بينى وبينك بحار من نار لخضتها اگر درين راه صدر هزار درياى آتشست همه بديده كذاره كنم وباك ندارم ديكر روز او را ديدند كه مى آمد سر فرو افكنده چون محرومى درمانده ترم ميكفت المستغاث منك بك فرياد از حكم تو زنهار از قهر تو نه با تو امر آرام نه بى تو كارم بنظام نه روى آنكه باز آيم نه زهره آنكه بگريزم. وكر باز آيم همى نه بينم جاهى ... ور بگريزم همى نه دانم راهى كفتند اى شبلى آن دى چهـ بود امروز چيست كفت آرى جغد كه طاوس را نه بيند لاف جمال زند لكن جغد جغدست وطاوس طاوس لا إِلهَ إِلَّا هُوَ هيچ خداى نيست كه مستحق پرستش باشد مكروا. فيجب الإقبال الكلى على طاعته فى أوامره ونواهيه إِلَيْهِ تعالى فحسب لا الى غيره لا استقلالا ولا اشتراكا الْمَصِيرُ اى رجوع الخلق فى الآخرة فيجازى كلا من المطيع والعاصي وفى التأويلات النجمية غافر الذنب لاوليائه بان يتوب عليهم وقابل التوب بان يوفقهم للاخلاص فى التوبة لأنهم مظاهر صفات لطفه شديد العقاب لمن لا يؤمن ولا يتوب لانهم مظاهر صفات قهره ذى الطول لعموم خلقه بالإيجاد من العدم وإعطاء الحياة والرزق وايضا غافر الذنب لظالمهم وقابل التوب لمقتصدهم شد العقاب لمشركهم ذى الطول لسابقهم ولما كان من سنة كرمه ان سبقت رحمته غضبه غلبت هاهنا أسامي صفات لطفه على اسم صفة قهره بل من عواطف إحسانه ومراحم طوله وانعامه جعل اسم صفة قهره بين ثلاثة اسماء من صفات لطفه فصار مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فاذا هبت رياح العناية من مهب الهداية وتموج البحران فيتلاشى البرزخ باصطكاك البحرين ويصير الكل بحرا واحدا وهو بحر لا اله الا هو اليه المصير فاذا كان اليه المصير فقد طاب المسير. عمر بن الخطاب رضى الله عنه دوستى داشت با وى برادر كفته

[سورة غافر (40) : آية 4]

در دين مردى عاقل پارسا ومتعبد رفتى آن دوست بشام بود وكسى از نزديك وى آمده بود عمر رضى الله عنه حال آن دوست از وى پرسيد كفت چهـ ميكند ان برادر ما وحال وى چيست اين مرد كفت او برادر إبليس است نه برادر تو يعنى كه فترنى در راه وى آمده وسر نهاده در خمر وزمر وانواع فساد عمر كفت چون باز كردى مرا خبر كن تا بوى نامه نويسم پس اين نامه نوشت بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر الى فلان ابن فلان سلام عليك انى احمد إليك الله الذي لا اله الا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذالطول لا اله الا هو اليه المصير چون آن نامه بوى رسيد صدق الله ونصح عمر كلام خدا را ستست ونصيحت عمر نيكو بسيار بگريست وتوبه كرد وحال وى نيكو شد بعد از ان عمر ميكفت هكذا افعلوا بأخيكم إذا زاغ سددوه ولا تكونوا عليه عونا للشيطان وفيه اشارة الى انه لا يهجر الأخ بذنب واحد بل ينصح ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ومعنى المفاوضة بالفارسية كارى راندن پاكسى وأصله من جدلت الحبل أحكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه قال ابو العالية نزلت فى الحارث ابن قيس أحد المستهزئين. يعنى از جمله مستهزيان بود وسخت خصومت بباطل در انكار وتكذيب قرآن والمعنى ما يخاصم فى آيات الله بالطعن فيها بان يقول فى حقها سحرا وشعرا وأساطير الأولين او نحو ذلك وباستعمال المقدمات الباطلة لاد حاضه وإزالته وابطاله لقوله تعالى وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فحمل المطلق على المقيد وأريد الجدال بالباطل إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بها واما الذين آمنوا فلا يخطر ببالهم شائبة شبهة منها فضلا عن الطعن فيها واما الجدال فيها لحل مشكلاتها واستنباط حقائقها وابطال شبه اهل الزيغ والضلال فمن أعظم الطاعات كجهاد فى سبيل الله ولذلك قال عليه السلام ان جدالا فى القرآن كفر بتنكير جدالا الدال على التنويع للفرق بين جدال وجدال ومما حرره حضرة شيخى وسندى فى مجموعة من مجموعات هذا الفقير فى ذيل هذه الآية قوله فكفار الشريعة يجادلون فى آيات القرآن الرسمى فيكون جدالهم رسميا لكونه فى الآيات الرسمية فهم كفار الرسوم كما انهم كفار الحقائق وكفار الحقيقة يجادلون فى آيات القرآن الحقيقي فيكون جدالهم حقيقيا لكونه فى الآيات الحقيقية فهم كفار الحقائق فقط لا كفار الرسوم فعليك يا ولدي الحقي سمى الذبيح بترك الكفر والجدال مطلقا حتى تكون عند الله وعند الناس مؤمنا حقا ومسلما صدقا هذا سبيل الصواب والرشاد واليه الدعوة والإرشاد وعلينا وعليكم القبول والاسترشاد وهو الفرض الواجب على جميع العبادة انتهى فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ الفاء جواب شرط محذوف والغرة غفلة فى اليقظة والتقلب بالفارسية كرديدن قال فى المفردات التقلب التصرف والبلاد شهرها قال الراغب البلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان والمعنى فاذا علمت انهم محكوم عليهم بالكفر فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم فى دنياهم وتقلبهم فى بلاد الشاء واليمن للتجارات المربحة وهى رحلة الشتاء والصيف يعنى بدل مبارك ايشانرا

[سورة غافر (40) : الآيات 5 إلى 9]

فرصتى ومهلتى هست فانهم مأخوذون عما قريب بسبب كفرهم أخذ من قبلهم من الأمم كما قال كذبت إلخ قال فى عين المعاني فلا يغررك ايها المغرور والمراد غيره صلى الله تعالى عليه وسلم خطاب للمقلدين من المسلمين انتهى وفى الآية اشارة الى أن اهل الحرمان من كرامات اولياء الله وذوق مشاربهم ومقاماتهم يصرون على انكارهم تخصيص الله عباده بالآيات ويعترضون عليهم بقلوبهم فيجادلون فى جحد الكرامات وسيفتضحون كثيرا ولكنهم لا يميزون بين رجحانهم ونقصانهم فلا يغررك تقلبهم فى البلاد لتحصيل العلوم فان تحصيل العلوم إذا كان مبنيا على الهوى والميل الى الدنيا فلا يكون له نور يهتدى به الى ما خصص به عباده المخلصين (قال المولى الجامى) بيچاره مدعى كند اظهار علم وفضل ... نشناخته قبول ودر جيد از ردى كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل قريش قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ اى الذين تحزبوا على الرسل وعادوهم وحاربوهم بعد قوم نوح مثل عاد وثمود واضرابهم وبدأ بقوم نوح إذ كان أول رسول فى الأرض لان آدم انما أرسل الى أولاده وَهَمَّتْ قصدت عند الدعاء والهم عقد القلب على فعل شىء قبل ان يفعل من خير أو شر كُلُّ أُمَّةٍ من تلك الأمم المعاتبة بِرَسُولِهِمْ قال فى الاسئلة المقحمة لم يقل برسولها لأنه أراد بالامة هاهنا الرجال دون النساء وبذلك فسروه وقال فى عين المعاني برسولهم تغليب للرجال لِيَأْخُذُوهُ من الاخذ بمعنى الاسر والأخيذ الأسير اى ليأسروه ويحبسوه ليعذبوه او يقتلوه وبالفارسية تا بگيرند او را وهر آزار كه خواهند بوى رسانند وفيه اشارة الى ان كل عصر يكون فيه صاحب ولاية لا بد له من ارباب الجحود والإنكار واهل الاعتراض كما كانوا فى عهد كل نبى ورسول وَجادَلُوا وخصومت كردند با پيغمبران خود بِالْباطِلِ الذي لا اصل ولا حقيقة له أصلا قال فى فتح الرحمن الباطل ما كان فائت المعنى من كل وجه مع وجود الصورة اما لانعدام الاهلية او لانعدام المحلية كبيع الخمر وبيع الصبى لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ اى ليزيلوا بذلك الباطل الحق الذي لا محيد عنه كما فعل هؤلاء فَأَخَذْتُهُمْ بالإهلاك جزاء لهمهم بالأخذ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ اى عقابى الذي عاقبتهم به فان آثار دمارهم كما ترونها حين تمرون على ديارهم عبرة للناظرين ولآخذن هؤلاء ايضا لاتحادهم فى الطريقة واشتراكهم فى الجريمة كما ينبىء عنه قوله وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى كما وجب وثبت حكمه تعالى وقضاؤه بالتعذيب على أولئك الأمم المكذبة المتحزية على رسلهم المجادلة بالباطل لادحاض الحق به وجب ايضا عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفروا ربك وتحزبوا عليك وهموا بما لم ينالوا فالمصول عبارة عن كفار قومه عليه السلام وهم قريش لا عن الأمم المهلكة أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ فى حيز النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل اى لأنهم مستحقوا أشد العقوبات وأفظعها التي هى عذاب النار وملازموها ابدا لكونهم كفارا معاندين متحزبين على الرسول عليه السلام كدأب من قبلهم من الأمم المهلكة فهم لسائر فنون العقوبات أشد استحقاقا وأحق استيجابا فعلة واحدة

[سورة غافر (40) : آية 7]

تجمعهم وهى انهم اصحاب النار وقيل هو فى محل الرفع على أنه بدل من كلمة ربك بدل الكل والمعنى مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من اصحاب النار اى كما وجب إهلاكهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار فى الآخرة فالتشبيه واقع حالتيهم والجامع للطرفين إيجاب العذاب ومحل الكاف على التقديرين النصب على انه نعت لمصدر محذوف فى الآية اشارة الى ان الإصرار مؤدى الى الاخذ والانتقام فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يرجع الى الله ويتوب ويتعظ بغيره قبل ان يتعظ الغير به چوبركشته بختي در افتد به بند ... ازو نيك بختان بگيرند پند تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب عصمنا الله وإياكم من اسباب سخطه الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ العرش هو الجسم المحيط بجميع الأجسام سمى به لارتفاعه او للتشبيه بسرير الملك فى ممكنه عليه عند الحكم لنزول احكام قضائه وقدره منه ولا صورة ولا جسم ثمة وهو الفلك التاسع خلقه الله من جوهرة خضراء وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين الف عام والمراد أن حملة العرش أفضل كما ان خادم اشرف الكائنات مطلقا وهو جبرائيل الخادم للنبى عليه السلام اشرف وفى الحديث ان الله امر جميع الملائكة ان يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائرهم وهم اربعة من الملائكة يسترزق أحدهم لبنى آدم وهو فى صورة رجل والثاني للطيور وهو فى صورة نسر والثالث للبهائم وهو فى صورة ثور والرابع للسباع وهو فى صورة اسد وبينهم وبين العرش سبعون حجابا من نور وإذا كان يوم القيامة يكون حملته ثمانية دل عليه قوله تعالى ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وفى بعض الروايات كلهم فى صورة الأوعال والعرش على قرونهم او على ظهورهم لما أخرجه الترمذي وابو داود فى حديث طويل آخره ثم فوق السابعة بحربين أعلاه وأسفله كما بين سماء الى سماء وفوق ذلك ثمانية او عال بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء الى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء الى سماء وفى الحديث اذن لى ربى ان أحدث عن ملك من حملة عرشه ما بين شحمة اذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وروى ان حملة العرش أرجلهم فى الأرض السفلى ورؤسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من اهل السماء السابعة وكل اهل سماء أشد خوفا من اهل السماء التي دونها قال ابن عباس رضى الله عنهما لما خلق الله تعالى حملة العرش قال لهم احملوا عرشى فلم يطيقوا فخلق كل ملك من أعوانهم مثل جنود من فى السموات والأرض من الملائكة والخلق فلم يطيقوا فخلق مثل ما خلق عدد الحصى والثرى فلم يطيقوا فقال جل جلاله قولوا لا حول ولا قوة الا بالله فلما قالوا استقلوا العرش فنفذت أقدامهم فى الأرض السابعة على متن الثرى فقال ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتفكروا فى عظمة ربكم ولكن تفكروا فى خلقه فان خلقا من الملائكة يقال له اسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه فى الأرض السفلى فانه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كالوصع وهو بالصاد المهملة

الساكنة وتحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس وان الله خلق العرش من جوهرة خضرآء له ألف ألف رأس وستمائة ألف رأس فى كل رأس ألف ألف وستمائة ألف لسان يسبح بألف الف لغة ويخلق الله بكل لغة من لغات العرش خلقا فى ملكوته يسبحه ويقدسه بتلك اللغة والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من نور لا يستطيع ان ينظر اليه خلق من خلق الله والأشياء كلها فى العرش كحلقة ملقاة فى فلاة واحتجب الله بين العرش وحامليه سبعين حجابا من نار وسبعين حجابا من ماء وسبعين حجابا من ثلج وسبعين حجابا من در ابيض وسبعين حجابا من زبرجد أخضر وسبعين حجابا من ياقوت احمر وسبعين من نور وسبعين من ظلمة ولا ينظر أحدهم الى العرش مخافة ان يصعق يقول الفقير دل ما ذكر من الروايات على ان حملهم إياه اى العرش محمول على حقيقته وليس بمجاز عن حفظهم وتدبيرهم كما ذهب اليه بعض المفسرين ولعمرى كونه مع سعة دائرته وعظم محله على قرون الملائكة او على ظهورهم او على كواهلهم ادل على كمال عظمة الله وجلال شأنه فالملائكة الاربعة اليوم والثمانية يوم القيامة كالاسطوانات له فكما أن القصر محمول على الأسطوانات فكذا العرش محمول على الملائكة فلا ينافى ذلك ما صح من قوائمه وكونه بحيث يحيط الأجسام لانه يجوز ان يكون معلقا فى الحقيقة وان الملائكة تحمله بالكلية وَمَنْ حَوْلَهُ فى محل الرفع بالعطف على قوله الذين وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يحول اليه ومحل الموصول الرفع على الابتداء خبره قوله يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ اى ينزهونه تعالى عن كل ما لا يليق بشأنه الجليل ملتبسين بحمده على نعمائه التي لا تتناهى وفى فتح الرحمن يقولون سبحان ذى العزة والجبروت سبحان ذى الملك والملكوت سبحان الملك الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح وجعل التسبيح أصلا والحمد حالا لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح لأنه انما يحتاج اليه لعارض الرد على من يصفه بما لا يليق به قيل حول العرش سبعون الف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ومن ورائهم سبعون ألف صف قياما قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا أيمانهم على شمائلهم ما منهم أحد الا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر وما وراءهم من الملائكة لا يعلم حدهم الا الله ما بين جناحى أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام در معالم از شهر بن حوشب نقل ميكند كه حمله عرش هشت اند چهار ميكويند سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك و چهار ديكر ميكويند سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك وكوييا ايشان بنسبت كرم الهى با ذنوب بنى آدم ابن كلمات ميكويند وفى بعض التفاسير كأنهم يرون ذنوب بنى آدم وفى هذه الكلمات فوائد كثيرة پير طريقت ابو القاسم بشر ياسين كه از جمله مشاهير علما ومشايخ دهر بود شيخ ابو السعيد الخير را كفت اين كلمات از ما ياد كير و پيوسته ميكوى ابو سعيد كفت اين كلمات ياد كرفتم و پيوسته ميكفتم واز ان منتفع شدم وَيُؤْمِنُونَ بِهِ اى بربهم ايمانا حقيقا بحالهم والتصريح به مع اغنياء ما قبله عن ذكره لاظهار فضيلة الايمان وإبراز شرف

اهله وقد قيل أوصاف الاشراف اشراف الأوصاف يقول الفقير أشار بالايمان الى انهم فى مرتبة الإدراك بالبصائر محجوبون عن إدراكه تعالى بالأبصار كحال البشر ما داموا فى موطن الدنيا واما فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة ويراه المؤمنون من البشر فى الدنيا بالبصائر وفى الآخرة بالأبصار لأن قوله لا تدركه الابصار قد استثنى منه المؤمنون فبقى على عمومه فى الملائكة والجن وذلك لأن استعداد الرؤية انما هو لمؤمنى البشر لكمالهم الجامع وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا استغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة والهامهم ما يوجب المغفرة وفيه اشعار بأنهم يطلعون على ذنوب بنى آدم وتنبيه على ان المشاركة فى الايمان توجب النصح والشفقة وان تخالفت الأجناس لانها أقوى المناسبات وأتمها كما قال تعالى انما المؤمنون اخوة ولذلك قال الفقهاء قتل الأعوان والسعاة والظلمة فى الفترة مباح وقاتلهم مثاب وان كانوا مسلمين لأن من شرط الإسلام الشفقة على خلق الله والفرح بفرحهم والحزن بحزنهم وهم على عكس ذلك وقلما يندفع شرهم بالحبس ونحوه قال الامام قد ثبت أن كمال السعادة مربوط بامرين التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله ويجب ان يكون الاول مقدما على الثاني فقوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به مشعر بالتعظيم لامر الله ويستغفرون للذين آمنوا بالشفقة على خلق الله انتهى قال مجاهد يسألون ربهم مغفرة ذنوب المؤمنين من حين علموا امر هاروت وماروت او لقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال الراغب المغفرة من الله ان يصون العبد عن ان يمسه العذاب والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال فان الاستغفار بالمقال فقط فعل الكاذبين ثم لا يلزم من الآية افضلية الملائكة على البشر حيث اشتغلوا بالاستغفار للمؤمنين من غير أن يتقدم الاستغفار لانفسهم لاستغنائهم وذلك لأن هذا بالنسبة الى عوام المؤمنين واما خواصهم وهم الرسل فهم أفضل منهم على الإطلاق وانما يصلون عليهم بدل الاستغفار لهم تعظيما لشأنهم ونعم ما قال ابو الليث رحمه الله فى الآية بيان فضل المؤمنين لأن الملائكة مشتغلون بالدعاء لهم وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الملائكة كما أمروا بالتسبيح والتحميد والتمجيد لله تعالى فكذلك أمروا بالاستغفار والدعاء لمذنبى المؤمنين لأن الاستغفار للمذنب ويجتهدون فى الدعاء لهم فيدعون لهم بالنجاة ثم برفع الدرجات كما قال رَبَّنا على ارادة القول اى يقولون ربنا على انه بيان لاستغفارهم او حال اى قائلين وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً نصب على التمييز والأصل وسعت رحمتك وعلمك لا ذاتك لامتناع المكان فى حقه فازيل عن أصله للاغراق فى وصفه بالرحمة والعلم كأن ذاته رحمة وعلم واسعان كل شىء وتقديم الرحمة وان كان العلم أشمل واقدم تعلقا من الرحمة لأنها المقصودة بالذات هاهنا وفى عين المعاني ملأت كل شىء نعمة وعلما به يقول الفقير دخل فى عموم الآية الشيطان ونحوه لأن كل موجود فله رحمة دنيوية البتة وأقلها الوجود وللشيطان انظار الى يوم الدين ويكون من الرحمة الدنيوية الى غير ذلك فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ الفاء لترتيب الدعاء على ما قبلها من سعة الرحمة والعلم فما بعد الفاء

[سورة غافر (40) : آية 8]

مسبب عن كل واحد من الرحمة والعلم إذ المعنى فاغفر للذين علمت منهم التوبة من الكفر والمعاصي واتباع سبيل الايمان والطاعة وفيه اشارة الى أن الملائكة لا يستغفرون الا لمن تاب ورجع عن اتباع الهوى واتبع بصدق الطلب وصفاء النية سبيل الحق تعالى وفى الاسئلة المقحمة قوله فاغفر إلخ صيغة دالة على أن الشفاعة للتائبين والجواب ان الشفاعة للجميع ولكن لما كانت حاجة التائب إليها اظهر قرنوه بالذكر ثم لا يجب على الله قبول توبة التائب عندنا انتهى والأظهر ان التخصيص للحث على التوبة والاتباع وهو اللائح بالبال ومن اعجب ما قيل فى هذا المقام قول البقلى فى تأويلاته عجبت من رحمة الملائكة كيف تركوا المصرين على الذنوب عن استغفارهم هذه قطعة زهد وقعت فى مسالكم اين هم من قول سيد البشر عليه السلام حين أذاه قومه اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون عمموا الأشياء بالرحمة ثم خصوا منها التائبين يا ليت لوبقوا على القول الاول وسألوا الغفران لمجموع التائبين والعاصين انتهى يقول الفقير العاصي اما مؤمن او كافر والثاني لا تتعلق به المغفرة لانها خاصة بالمؤمنين مطلقا فلما علم الملائكة ان الله لا يغفر ان يشرك به خصوها بالتائبين ليخرج المشركون وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ امر من وقى يقى وقاية وهى حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره اى واحفظهم من عذاب جهنم وهو تصريح بعد اشعار للتأكيد وذلك لأن معنى الغفران إسقاط العذاب وفيه اشارة الى أنه بمجرد التوبة لا تحصل النجاة فلا بد من الثبات عليها وتخليص العمل من شوب الرياء والسمعة وتصفية القلب عن الأهواء والبدع رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ عطف على قهم وتوسيط النداء بينهما للمبالغة فى الجؤار وهو رفع الصوت بالدعاء والتضرع والاستغاثة جَنَّاتِ عَدْنٍ در بوستانهاى اقامت الَّتِي وَعَدْتَهُمْ اى وعدتهم إياها وقد وعد الله بان يدخل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله جنات عدن اما ابتداء أو بعد ان يعذبهم بقدر عصيانهم وروى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لكعب الأحبار ما جنات عدن قال قصور من ذهب فى الجنة يدخلها النبيون وائمة العدل فعلى هذا يكون جنات عدن موضع اهل الخصوص لا اهل العموم ومثلها الفردوس إذ لكل مقام عمل يخص به فاذا كان العمل أخص وارفع كان المقام ارقى وأعلى وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ فى محل النصب عطف على الضمير فى وأدخلهم والمعنى وادخل معهم من صلح من هؤلاء صلاحا مصححا لدخول الجنة فى الجملة وان كان دون صلاح أصولهم وذلك ليتم سرورهم ويتضاعف ابتهاجهم وفيه اشارة الى ان بركة الرجل التائب تصل الى آبائه وأزواجه وذرياته لينالوا بها الجنة ونعيمها قال سعيد ابن جبير يدخل المؤمن الجنة فيقول اين ابى أين ولدي اين زوجى فيقال انهم لم يعملوا مثل عملك فيقول انى كنت اعمل لى ولهم فيقال أدخلوهم الجنة اميد است از آنان كه طاعت كنند ... كه بى طاعتانرا شفاعت كنند وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نودى فى أطفال المسلمين ان اخرجوا من قبوركم فيخرجون من قبورهم فينادى فيهم ان

[سورة غافر (40) : آية 9]

امضوا الى الجنة زمرا فيقولون يا ربنا ووالدينا معنا فينادى فيهم الثانية ان امضوا الى الجنة زمرا فيقولون ووالدينا معنا فيتبسم الرب تعالى فيقول ووالديكم معكم فيثب كل طفل الى أبويه فيأخذون بايديهم فيدخلونهم الجنة فهم اعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين فى بيوتكم وفى الواقعات المحمودية نقلا عن حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره من كان من اهل الجنة وزوجته لم تكن كذالك يخلق الله تعالى مثل زوجته فى الجنة فيتسلى بها فان قلت كيف يكون التسلي بمثلها قلت لا يعلم انها مثلها فلو ظن انها مثلها لا عينها لا يتسلى بل يحزن والجنة دار السرور لا دار الحزن ولذلك أرسل آدم عليه السلام الى لدنيا لئلا يحزن فى الجنة إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور يعنى از هيچ مقدور عاجز نشوى الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة الباهرة من الأمور التي من جملتها انجاز الوعد والوفاء به وفى التأويلات النجمية أنت العزيز تعز التائبين وتحبهم وان أذنبوا الحكيم فيما لم تعصم محبيك عن الذنوب ثم تتوب عليهم ز من سر ز حكمت بدر مى برم ... كه حكمت چنين ميرود بر سرم وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ اى احفظهم عما يسوؤهم يوم القيامة وادفع عنهم العقوبات لأن جزاء السيئة سيئة فتسميتها سيئة اما لأن السيئة اسم للملزوم وهو الأعمال السيئة فاطلق على اللازم وهو جزاؤها او المعنى قهم جزاء السيئات على حذف المضاف على أن السيئات بمعنى الأعمال السيئة وهو تعميم بعد تخصيص لقوله وقهم عذاب الجحيم وعذاب القبر وموقف القيامة والحساب والسؤال والصراط ونحوها او مخصوص بمن صلح من الاتباع والاول دعاء للاصول وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة فَقَدْ رَحِمْتَهُ لأن المعافى من العذاب مرحوم ويجوز أن يكون المراد بالسيئات الاول المعاصي فى الدنيا فمعنى قوله ومن تق إلخ ومن تقه المعاصي فى الدنيا فقد رحمته فى الآخرة كأنهم طلبوا لهم السبب بعد ما سألوا المسبب وفى التأويلات النجمية وقهم السيئات يعنى بعد ان تابوا لئلا يرجوا الى المعاصي والذنوب ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته يحيلون الأمر فيه على رحمته وبرحمته لم يسلط على المؤمن اراذل خلقه وهم الشياطين وقد قيض لشفاعته أفاضل من خلقه وهم الملائكة المقربون قال مطرف انصح عباد الله للمؤمنين الملائكة واغش الخلق للمؤمنين الشياطين وَذلِكَ المذكور من الرحمة والوقاية هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفوز الظفر مع حصول السلامة اى هو الظفر العظيم الذي لا مطمع وراءه لطامع وبالفارسية آن پيروزى بزركست چهـ هر كه امروز در پناه عصمت الهيست فردا در سايه رحمت نامتناهى خواهد بود ودرين باب كفته اند امروز كسى را در آرى به پناه ... فردا بمقام قربتش بخشى راه وانرا كه رهش نداده بر دركاه ... فردا چهـ كند كه نكند ناله وآه يقول الفقير ظهر من الآيات العظام ومن استغفار الملائكة الكرام ان بناء الإنسان محتاج الى المعاونة لكونه تحت ثقل حمل الامانة العظمى وهو المنور بنور لطفه وجماله تعالى وهو المحترق بنار قهره وحلاله سبحانه فطريقه طريق صعب وليس مثله أحد وما أشبه حاله مع الملائكة بحال الديك مع البازي قال للديك ما اعرف اقل وفاء منك لأن أهلك يربونك

[سورة غافر (40) : الآيات 10 إلى 14]

من البيضة ثم إذا أكبرت لا يدنو منك أحد الا طرت هاهنا وهاهنا وانا أوخذ من الجبال فيحبسون عينى ويجيعوننى ويجعلوننى فى بيت مظلم وإذا اطلقونى على الصيد فآخذه وأعود إليهم فقال الديك لأنك ما رأيت بازيا فى سفود وهى الحديدة التي يشوى بها اللحم وكم قد رأيت ديو كافى سفا فيد ثم يجيب على من يطلب الفوز أن يناله من طريقه فكل سعادة فى الآخرة فبذرها مزروع فى الدنيا ولا بد للعاقل من التقديم لنفسه قال لقمان رحمه الله يا بنى لا تكون الذرة أيسر منك تجمع فى صيفها لشتائها قبل اشتداد الشتاء وطلب ضفدع من الذرة ذخيرة فقالت لم ترنمت فى الصيف فى أطراف الأنهار وتركت الادخار للشتاء (قال الشيخ سعدى) كنون با خرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماند ره بازگشت اى لا يبقى يوم القيامة طريق للرجوع الى الدنيا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ المناداة والنداء الدعوة ورفع الصوت وذلك ان الكفار يمقتون فى جهنم أنفسهم الامارة بالسوء التي وقعوا فيما وقعوا من العذاب المخلد باتباع هواها اى يغضبون عليها حتى يأكلون أناملهم ويبغضونها أشد البغض وينكرونها أشد الإنكار ويظهرون ذلك على رؤوس الاشهاد فعند ذلك تناديهم الملائكة وهم خزنة جهنم من مكان بعيد تنبيها على بعدهم عن الحق وبالفارسية بوقتى كه كفار بدوزخ درايند وبانفسها دشمن آغاز كرده روبان عتاب وملامت بگشايند كه چرا در زمان اختيار ايمان نياوردند ملائكه آواز ميدهند ايشانرا وكويند لَمَقْتُ اللَّهِ جواب قسم محذوف والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح والبغض نفار النفس من الشيء ترغب عنه وهو ضد الحب وهو انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه ومقت الله غضبه وسخطه وهو مصدر مضاف الى فاعله وحذف مفعوله لدلالة المقت الثاني عليه والمعنى والله لمقت الله أنفسكم الامارة بالسوء أَكْبَرُ بزركترست مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ اذكروا إِذْ تُدْعَوْنَ فى الدنيا من جهة الأنبياء إِلَى الْإِيمانِ فتأبون قبوله فَتَكْفُرُونَ بالله تعالى وتوحيده اتباعا لانفسكم ومسارعة الى هواها ويجوز ان يتعلق إذ بالمقت الاول ولا يقدح فيه وجود الخبر فى البين لأن فى الظروف اتساعا فالمعنى غضب الله تعالى حين اغضبتموه فى الدنيا حين كفرتم اكبر مقتكم أنفسكم اليوم يقول الفقير دل قوله إذ تدعون إلخ على أن سبب المقت هو الكفر كأنه قال اذكروا ذلك فهو سبب المقت فى الدنيا والآخرة والدخول فى النار المحرقة القاهرة كما قال فيما سيأتى ذلكم بأنه إذا دعى الله إلخ وحقيقته ان الله تعالى أحب المحبين فى الحقيقة كما أن النفس أعدى الأعداء فمن صرف محبة أحب المحبين الى أعدى الأعداء وجرى على حكمه صرف الله نظره عنه وأبغضه (كما قال الشيخ سعدى) نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو كرت دوست بايد كزو بر خورى ... نبايد كه فرمان دشمن برى ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى ومقت الله على الكفر أزلى خفى لم يظهر اثره الا فى وقت وجود الكفر من الكافر وأبدى

[سورة غافر (40) : آية 11]

لأنه لا ينقطع بانقطاع الدنيا فالكافر مغضوب فى الدنيا والآخرة وانما كان مقت الله اكبر من مقت العبد لأن مقت العبد مأخوذ من مقت الله إذ لو لم يأخذه الله بجريمته لما وقع فى مقت نفسه ولأن أشد العقوبات آثار سخط الله وغضبه على العباد كما أن أجل النعم آثار رضاه عنهم فاذا عرف الكافر فى الآخرة ان ربه عليه غضبان فلا شىء أصعب على قلبه منه على انه لا بكاء ينفعه ولا غناء يزيل عنه ما هو فيه ويدفعه ولا يسمع منه تضرع ولا يرجى له حيلة نسأل الله عفوه وعطاه وهو حسبنا مما سواه قالُوا اى الكفرة حين خوطبوا بهذا الخطاب رَبَّنا اى پروردگار ما را أَمَتَّنَا اماتتين اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا احياءتين اثْنَتَيْنِ فهما صفتان لمصدر الفعلين المذكورين وفى الامانتين والاحياءتين وجوه الاول ما قال الكاشفى نقلا من التبيان ذريت آدم را كه از ظهر او بيرون آورد وميثاق از ايشان فرا كرفت بميرانيد اماته نخستين آنست ودر رحم كه نطفه بودند زنده كرد پس در دنيا بميرانيد ودر آخرت زنده كردانيد فَاعْتَرَفْنا أقررنا بسبب ذلك بِذُنُوبِنا لا سيما انكار البعث يعنى الأنبياء دعونا الى الايمان بالله وباليوم الآخر وكنا نعتقد كالدهرية ان لا حياة بعد الموت فلم نلتفت الى دعوتهم ودمنا على الاعتقاد الباطل حتى متنا وبعثنا فشاهدنا ما نحن ننكره فى الدنيا وهو الحياة بعد الموت فالآن نعترف بذنوبنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ نوع خروج من النار سريع او بطيء او نوع من الأعمال مِنْ سَبِيلٍ من طريق فنسلكه ونتخلص من العذاب او هل الى خروج الى الدنيا من سبيل فنعمل غير الذي كنا نعمل كما قال هل الى مرد من سبيل فيقال فحذف الجواب كما فى عين المعاني او الجواب ما بعده من قوله ذلكم إلخ كما فى غيره والثاني انهم أرادوا بالاماتة الاولى خلقهم أمواتا وذلك فى الرحم قبل نفخ الروح كما قال تعالى وكنتم أمواتا فاحياكم وبالثانية اماتتهم عند انقضاء آجالهم على ان الاماتة جعل الشيء عادم الحياة وأرادوا بالاحياء الأول الاحياء قبل الخروج من البطن وبالثاني احياء البعث ولا يلزم منه ان لا عذاب فى القبر ولا حياة ولا موت فانهم انما لم يذكروها لان حياة القبر ليست كحياة الدنيا ولا كحياة الآخرة كما فى الاسئلة المقحمة وقد ثبت بالتواتر أن النبي عليه السلام استعاذ من عذاب القبر واجمع السلف على ذلك قبل ظهور اهل البدع حتى قال بعضهم فى قوله تعالى ومن اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا انه أراد فى القبر لانا نشاهد كثيرا منهم عيشهم ارغد فى الدنيا من عيش كثير من المؤمنين والثالث انهم أرادوا بالاماتة الاولى ما بعد حياة الدنيا وبالثانية ما بعد حياة القبر وبالاحياءتين ما فى القبر وما عند البعث قال فى الإرشاد وهو الأنسب بحالهم واما حديث لزوم الزيادة على النص ضرورة تحقق حياة الدنيا فمدفوع لكن لا بما قيل من عدم اعتدادهم بها لزوالها وانقضائها وانقطاع آثارها وأحكامها بل بان مقصودهم احداث الاعتراف بما كانوا ينكرونه فى الدنيا والتزام العمل بموجب ذلك الاعتراف ليتوسلوا بذلك الى الرجوع الى الدنيا وهو الذي أرادوه بقولهم فهل الى خروج من سبيل مع نوع استبعاد له واستشعار يأس منه لا انهم قالوه بطريق القنوط المحض ولا ريب فى أن الذي كانوا ينكرونه ويفرعون عليه فنون الكفر والمعاصي ليس الا

[سورة غافر (40) : الآيات 12 إلى 13]

الاحياء بعد الموت واما الاحياء الاول فلم يكونوا لينظموه فى سلك ما اعترفوا به وزعموا ان الاعتراف يجديهم نفعا وانما ذكروا الموتة الاولى لترتبها عليهما ذكرا حسب ترتبها عليهما وجودا والرابع على ما فى التأويلات النجمية انهم أرادوا اماتة القلوب واحياء النفوس ثم اماتة الأبدان وإحياءها بالبعث ذلِكُمْ قال فى الإرشاد جواب لهم باستحالة حصول ما يرجونه ببيان ما يوجبها من أعمالهم السيئة اى ذلكم الذي أنتم فيه من العذاب وهو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّهُ اى بسبب ان الشان إِذا دُعِيَ اللَّهُ فى الدنيا اى عبد وَحْدَهُ اى حال كونه منفردا فهو فى موضع الحال من الجلالة كَفَرْتُمْ اى بتوحيده وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ اى ان يجعل له شريك تُؤْمِنُوا اى بالاشراك به وتصدقوه وتسارعوا فيه ولفظ الاستقبال تنبيه على انهم لو ردوا لعادوا الى الشرك وفى الإرشاد فى إيراد إذا وصيغة الماضي فى الشرطية الاولى وان وصيفة المضارع فى الثانية ما لا يخفى من الدلالة على كمال سوء حالهم وحيث كان حالكم كذلك فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الذي لا يحكم الا بالحق الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ عن ان يشرك به إذ ليس كمثله شىء فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله وقد حكم بانه لا مغفرة للمشرك ولا نهاية لعقوبته فلا سبيل لكم الى الخروج ابدا قيل كأن الحرورية أخذوا قولهم لا حكم الا لله من هذا وقيل للخوارج حرورية لتجلبتهم بحروراء واجتماعهم فيها وهى كحلولاء وقد تقصر قرية بالكوفة والخوارج قوم من زهاد الكوفة خرجوا عن طاعة على رضى الله عنه عند التحكيم بينه وبين معاوية وذلك انه لما طالت محاربة على ومعاوية اتفق الفريقان على التحكيم الى ابى موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضى الله عنهما فى امر الخلافة وعلى ارتضى بما يريانه فقال القوم المذكور ان الحكم الا لله فقال على رضى الله عنه كلمة حق أريد بها باطل وكانوا اثنى عشر ألف رجل أنكروا الخلافة واجتمعوا ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج إليهم على رضى الله عنه وأمرهم بالرجوع فأبوا الا القتال فقاتلهم بالنهر وان هى كزعفران بليدة قديمة بالقرب من بغداد فقتلهم واستأصلهم ولم ينج منهم الا قليل وهم الذين قال عليه السلام فى حقهم يخرج قوم من أمتي فى آخر الزمان يحقر أحدكم صلاته فى جنب صلاتهم وصومه فى جنب صومهم ولكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم وقال عليه السلام الخوارج كلاب النار والحاصل ان الخوارج من الفرق الضلالة لفسادهم فى الاعتقاد وبانكار الحق وفساد الاعتقاد ساء حال اكثر العباد فى اكثر البلاد خصوصا فى هذه الاعصار فعلى العاقل ان يجيب دعوة الله ودعوة رسوله قولا وعملا وحالا واعتقادا حتى يفوز بالمرام ويدخل دار السلام ولا يكون كالذين أرادوا ان يتداركوا الحال بعد مضى الفرصة ملوث مكن دامن از كرد شوى ... كه ناكه ز بالا ببندند جوى مكو مرغ دولت ز قيدم بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست وكر دير شد كزم روباش و چست ... ز دير آمدن غم ندارد درست المراد الترغيب فى التوبة ولو فى الشيب وقرب الموت هُوَ تعالى وحده الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ دلائل قدرته وشواهد وحدته فى الأنفس والآفاق رعاية لمصالح اديانكم وفيه

[سورة غافر (40) : آية 14]

اشارة الى ان ليس للانسان ان يرى ببصيرته حقائق الأشياء الا بإراءة الحق تعالى إياه وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً اى سبب رزق وهو المطر مراعاة لمصالح أبدانكم فان آيات الحق بالنسبة الى حياة الأديان بمنزلة الأرزاق بالنسبة الى حياة الأبدان وَما يَتَذَكَّرُ التذكر پند كرفتن اى ما يتعظ وما يعتبر بتلك الآيات الباهرة ولا يعمل بمقتضاها إِلَّا مَنْ يُنِيبُ يرجع الى الله تعالى عن الإنكار ويتفكر فيما أودعه فى تضاعيف مصنوعاته من شواهد قدرته الكاملة ونعمته الشاملة الظاهرة والباطنة الموجبة لتخصيص العبادة به تعالى ومن ليس كذلك وهو المعاند فهو بمعزل من التذكر والاتعاظ فاذا كان الأمر كذلك اى كما ذكر من اختصاص التذكر بمن ينيب فَادْعُوا اللَّهَ فاعبدوه ايها المؤمنون مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى حال كونكم مخلصين له دينكم وطاعتكم من الشرك والالتفات الى ما سواه بموجب انابتكم اليه وايمانكم به وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ذلك وغاظهم إخلاصكم قال الكاشفى واگر چهـ كار هند كافران واخلاص شما در توحيد او زيرا كه ايشان بنعمت ايمان كافرند وشما بران نعمت شاكر پس ميان شما منافرتست واعمال واقوال شما مرغوب ومحبوب ايشان نيست چنانچهـ كردار وكفتار ايشان نيز در نزد شما مكروه ومبغوض است زاهدى در سماع رندان بود ... زان ميان كفت شاهد بلخى كر ملولى ز ما ترش منشين ... كه تو هم در ميان ما تلخى وفى الآية اشارة الى ان المدعو من الله تعالى ينبغى ان يكون لذاته تعالى مخلصا غير مشوب بشىء من مقاصد الدنيا والآخرة ولو كان على كراهة كافر النفس فانها تميل الى مشاربها خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا فلا بد من الإخلاص مطلقا فاعمل لربك خالصا طيبا فانه طيب لا يقبل الا الطيب وفى الحديث يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين قال حضرت الشيخ صدر الدين الفتوى قدس سره فى كشف سر هذا لحديث وإيضاح معناه اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف چون بود قصدش از ريا منفك ... مزد يابد بران عمل بيشك فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا تنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العلم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لأنه لم يقصد امرا ورلء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر وبالفارسية هر كه ميخواهد از عمارت كل ... فسحت دار ونزهت منزل يا تفاخر ميانه اقران ... كه بنا كرد مسجدى ويران

[سورة غافر (40) : الآيات 15 إلى 19]

چون بإخلاص همت عامل ... متجاوز نشد ز عالم كل نفقاتش در آب وكل موضوع ... ماند واو ز أجران بود مقطوع بلكه در حج وعمره وصلوات ... چون بود بهر عاجلت نفقات همه ماند در آب وكل مرهون ... ندهد اجر صانع بيچون هركرا از عمارت كل وآب ... هست مقصود كسب قرب وثواب چون ز كل در كذشت همت وى ... نفقاتش همه رود در پى نفقاتش چوقطع كرد اين راه ... عندكم بود كشت عند الله كل ما كان عندكم ينفد ... دام ما عنده الى السرمد قال تعالى ما عندكم ينفد وما عند الله باق والمرجو من الله تعالى ان يجعلنا من اهل الاختصاص بفيض كمال الإخلاص رَفِيعُ الدَّرَجاتِ خبر آخر لقوله هو والرفيع صفة مشبهة أضيفت الى فاعلها بعد النقل الى فعل بالضم كما هو المشهور وتفسيره بالرفع ليكون من اضافة اسم الفاعل الى المفعول بعيد فى الاستعمال كما فى الإرشاد والدرجة مثل المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على نحو درجة السطح والسلم قاله الراغب وفى أنوار المشارق الدرجة ان كانت بمعنى المرقاة فجمعها درج وان كانت بمعنى المرتبة والطبقة فجمعها درجات واختلف العلماء فى تفسير هذه الآية ففى الإرشاد هو تعالى رفيع الدرجات ملائكته اى مرتفعة معارجهم ومقاعدهم الى العرش وفى تفسير ابى الليث خالق السموات ورافعها مطلقا بعضها فوق بعض من طبق الى طبق خمسمائة عام (وفى كشف الاسرار) بردارنده درجهاى بندگانست وبر يكديگر چهـ در دنيا چهـ در عقبا در دنيا آنست كه كفت ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم يعنى بر داشت شما را زير يكديكر در جهاى افزونى يكى را بدانش يكى را بنسب يكى را بمال يكى را بشرف يكى را بصورت يكى را بقوت جاى ديكر كفت ورفضا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا يعنى برداشتيم ايشانرا بر يكديكر در عز ومال در رزق ومعيشت يكى مالك يكى مملوك يكى خادم يكى مخدوم يكى فرمانده يكى فرمانبر اما درجات آنست كفت وللآخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا هر كه در دنيا بمعرفت وطاعت افزونتر در عقبى بحق نزديكتر وكرامت وى بيشتر فهو رافع الدرجات فى الدنيا بتفاوت الطبقات وفى العقبى بتباين المراتب والمقامات روى ان أسفل اهل الجنة درجة ليعطى مثل ملك الدنيا كلها عشر مرار وانه ليقول اى رب لو أذنت لى أطعمت اهل الجنة وسقيتهم لم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وقال بعضهم رافع درجات انبياست عليهم السلام درجه آدم را بصفوت برداشت ونوح را بدعوت وابراهيم را بخلت وموسى را بقربت وعيسى را بزهادت ومحمد را بشفاعت وقال بعضهم رافع درجات العصاة بالنجاة والمطيعين بالمثوبات وذى الحاجات بالكفايات والأولياء بالكرامات والعارفين بالارتقاء عن الكونين والمحبين بالفناء عن المحبية والبقاء بالمحبوبية

عزيزى فرموده كه لا يوجد البقاء الا بالفناء تا شربت فنا ننوشى. بنوش درد فنا كر بقا همى خواهى ... كه زاد راه بقاى دردى خراباتست ز حال خويش فنا شود درين ره اى عطار ... كه باقى ره عشاق فانى الذاتست يقول الفقير حقيقة الآية عند السادات الصوفية قدس الله أسرارهم انه تعالى رفيع درجات أسمائه وصفاته وطبقات ظهوراته فى تنزلاته واسترسالاته فانه تعالى خلق العقل الاول وهو أول ما وجد من الكائنات وهو آدم الحقيقي الاول والروح الكلبي المحمدي والعلم الأعلى وهو أول موجود تحقق بالنعم الالهية وآخر الموجودات تحققا بهذه النعم هو عيسى عليه السلام لأنه لا خليفة لله بعده الى يوم القيامة بل لا يبقى بعد انتقاله وانتقال من معه مؤمن على وجه الأرض فضلا عن ولى كامل وفى الحديث لا تقوم الساعة وفى الأرض من يقول الله الله اى الملازم الذكر لا الذكر فى الجملة فلا بد للمصلى من أن يستحضر عند قوله صراط الذين أنعمت عليهم جميع من أنعم الله عليه من العلم الأعلى الى عيسى ثم خلق الله النفس الكلية التي منها وجدت النفوس الناطقة كلها وهى حواء الحقيقية الاولى ثم أوجد الطبيعة الكلية التي فى الأجسام الجزئية وبواسطتها ظهر الفعل والانفعال فى الأشياء ثم الهباء ثم الشكل الكلى وهو الهيولى الجسمية ثم جسم الكلى ثم الفلك الأطلس الذي هو العرش الكريم ثم الكرسي على ما ذكره داود القيصري واما حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فلم يجعل الفلك الأطلس هو العرش بعينه فالترتيب عنده العرش ثم الكرسي ثم فلك الأطلس سمى به لخلوه عن الكواكب كخلو الأطلس عن النقش ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشترى ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهولء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الإنسان الذي هو مظهر الاسم الجامع ثم ظهر فى مرتبته التي هى مظهر الاسم الرفيع فتم الملك والملكوت وهذه الحقائق كلها درجات الهية ومراتب رحمانية دل عليها قوله تعالى رفيع الدرجات ذُو الْعَرْشِ خبر آخر لقوله هواى هو تعالى مالك العرش العظيم المحيط بأكناف العالم العلوي والسفلى وله اربعمائة ركن من الركن الى الركن اربعمائة الف سنة خلقه فوق السموات السبع وفوق الكرسي إظهارا لعظمته وقدرته لا مكانا لذاته فانه الآن على ما كان عليه وانما ذكره على حد العقول لأن العقول لا تصل الا الى مثله والا فهو اقل من خردلة فى جنب جلاله تعالى وعظمته ايضا خلقه ليكون مطافا لملائكته وليكون قبلة الدعاء ومحل نزول البركات لأنه مظهر لاستواء الرحمة الكلية ولذا ترفع الأيدي الى السماء وقت الدعاء لأنه بمنزلة ان يشير سائل الى الخزانة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يفيض عليه سجال العطاء من هذه الخزانة قال العلماء يكره النظر الى السماء فى الصلاة واما فى غيرها فكرهه بعض ولم يكرهه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء وايضا خلقه ليكون موضع كتاب الأبرار كما قال تعالى ان كتاب الأبرار لفى عليين وليكون مرءاة للملائكة فانهم يرون الآدميين من تلك المرآة ويطلعون على

أحوالهم كى يشهدوا عليهم يوم القيامة وليكون ظلة لاهل المحشر من الأبرار والمقربين يوم تبدل السموات والأرض وليكون محلا لاظهار شرف محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كما قال تعالى عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا وهو مقام تحت العرش فيه يظهر اثر الشفاعة العظمى للمؤمنين ويقال ان الله تعالى رفع من كل شىء شيأ المسك من الطيب والعرش من الأماكن والياقوت من الجواهر والشمس من الأنوار والقرآن من الكتب والعسل من الحلوى والحرير من اللباس والزيتون من الأشجار والأسد من السباع وشهر رمضان من الشهور والجمعة من الأيام وليلة القدر من الليالى والتوحيد من المقال والصلاة من الفعال ومحمدا عليه السلام من الرسل وأمته من الأمم هذا إذا كان العرش بمعنى الجسم المحيط ويقال العرش الملك والبسطة والعز يقال فلان ثل عرشه اى زالت قوته ومكنته وروى أن عمر رضى الله عنه رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك قال لولا ان تداركنى الله لئل عرشى فيكون معنى ذو العرش على ما فى التأويلات النجمية ذو الملك العظيم لأنه تعالى خلقه ارفع الموجودات وأعظمها جثة إظهارا للعظمة وايضا ذو عرش القلوب فانها العرش الحقيقي لأن الله تعالى استوى على العرش بصفة الرحمانية ولا شعور للعرش به واستوى على قلوب أوليائه بجميع الصفات وهم العلماء بالله مستغرقين فى بحر معرفته فاذا كان العرش الصوري والمعنوي فى قبضة قدرته وهو مستول عليه ومتصرف فيه لا مالك ولا متصرف له غيره لا يصح ان يشرك به مطلقا بل يجب ان يعبد ظاهرا وباطنا حقا وصدقا يُلْقِي الرُّوحَ بيان لانزال الرزق المعنوي الروحاني من الجانب العلوي بعد بيان إنزال الرزق الجسماني منه ولذا وصف نفسه بكونه رفيع الدرجات وذا العرش لأن آثار الرحمة مطلقا انما تظهر من جانب السماء خصوصا العرش مبدأ جميع الحركات والمعنى ينزل الوحى الجاري من القلوب منزلة الروح من الأجساد فكما ان الروح سبب لحياة الأجسام كذلك الوحى سبب لحياة القلوب فان حياة القلوب انما هى بالعارف الالهية الحاصلة بالوحى فاستعير الروح للوحى لأنه يحيى به القلب يخروجه من الجهل والحيرة الى المعرفة والطمأنينة وسمى جبرائيل روحا لأنه كان يأتى الأنبياء بما فيه حياة القلوب وسمى عيسى روح الله لأنه كان من نفخ جبرائيل وأضيف الى الله تعظيما. واعلم أن ما سوى الله تعالى اما جسمانى واما روحانى والقسمان مسخران تحت تسخيره تعالى اما الجسماني فاعظمه العرش فقوله ذو العرش يدل على استيلائه على جميع عالم الأجسام كله وقوله يلقى الروح يدل على أن الروحانيات ايضا مسخرات لامره فان جبرائيل إذا كان مسخرا له فى تبليغ الوحى الى الأنبياء وهو من أفاضل الملائكة فما ظنك بغيره واما الوحى نفسه فهو من الأمور المعنوية وانما يتصور بصورة اللفظ عند الإلقاء مِنْ أَمْرِهِ بيان للروح الذي أريد به الوحى فانه امر بالوحى وبعث للمكلف عليه فيما يأتيه ويذره فليس المراد بالأمر هنا ما هو بمعنى الشان او حال منه اى حال كونه ناشئا ومبتدأ من امره تعالى عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهو الذي اصطفاه لرسالته وتبليغ الاحكام إليهم وقال الضحاك الروح جبرائيل اى يرسله الى من يشاء من أجل امره يخاطب بهذا

[سورة غافر (40) : آية 16]

من كره نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وفى التأويلات النجمية روح الدراية للمؤمنين وروح الولاية للعارفين وروح النبوة للنبيين وفى الآية دليل على ان النبوة عطائية لاكسبية وكذا الولاية فى الحقيقة إذ لا ينظر الى الأسباب الخارجة بل الى الاختصاص الإلهي لِيُنْذِرَ غاية للالقاء اى لينذر الله تعالى او الملقى عليه او الروح والانذار دعوة إبلاغ مع تخويف يَوْمَ التَّلاقِ اما ظرف للمفعول الثاني اى لينذر الناس العذاب يوم التلاق وهو يوم القيامة او هو المفعول الثاني اتساعا او أصالة فانه من شدة هو له وفطاعته حقيق بالإنذار أصالة وسمى يوم القيامة يوم التلاق لانه تتلاقى فيه الأرواح والأجساد واهل السموات والأرض والعابدون والمعبودون والعاملون والأعمال والأولون والآخرون والظالمون والمظلومون واهل النار مع الزبانية يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ بدل من يوم التلاق يقال برز بروزا خرج الى البراز اى الفضاء كتبرز وظهر بعد الخفاء كبرز بالكسر اى خارجون من قبورهم او ظاهرون لا يسترهم شىء من جبل او اكمة او بناء لكون الأرض يومئذ مستوية ولا عليهم ثياب انما هم عراة مكشوفون كما فى الحديث يحشرون حفاة عراة غرلا جمع حاف وهو من لا نعل له وجمع عار وهو من لا لباس عليه وجمع اغرل وهو الأقلف الذي لم يختن اى غير مختونين الا قوما ماتوا فى الغربة مؤمنين لم يزنوا فانهم يحشرون وقد كسوا ثيابا من الجنة وقوما ايضا من امة محمد عليه السلام فانه عليه السلام قال يوما بالغوا فى أكفان موتاكم فان أمتي يحشر بأكفانها وسائر الأمم حفاة عراة لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ما من أعيانهم وأعمالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة مع كثرتهم كما قال تعالى يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية وكانوا فى الدنيا يتوهمون انهم إذا استتروا بالحيطان والحجب فان الله لا يراهم ويخفى عليه أعمالهم فهم يومئذ لا يتوهمون ذلك أصلا لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ اى يقال حين بروزهم وظهور أحوالهم اى ينادى مناد لمن الملك اليوم فيجيب اى ذلك المنادى بعينه ويقول لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ او يجيبه اهل المحشر مؤمنهم وكافرهم لحصول العلم الضروري بالوحدانية للكافر ايضا لكن الكافر يقوله صغارا وهو انا وعلى سبيل التحسر والندامة والمؤمن ابتهاجا وتلذذا إذ كان يقوله فى الدنيا ايضا وهذا يسمى سؤال التقرير وقيل ان المجيب إدريس عليه السلام فان قلت كيف خص ذلك بيوم مخصوص والملك لله فى جميع الأيام والأوقات قلت هو وان كان لله فى جميع الأيام الا انه سبحانه ملك عباده فى الدنيا ثم تكون دعاويهم منقطعة يوم القيامة لا يدعى مدع ملكا ولا ملكا يومئذ ولذا قال لمن الملك اليوم (قال فى كشف الاسرار) در ان روز رازها آشكار شود پردهاى متواريان درند توانكران بى شكر را در مقام حساب بدارند ودرويشان بي صبر را جامه نفاق از سر بركشند آتش فضيحت در طيلسان عالمان بى عمل زنند خاك ندامت بر فرق قراء مرائى ريزند يكى از خاك وحشت بيرون مى آيد چنانكه خاكستر از ميان آتش يكى چنانكه دراز ميان صدف يكى ميكويد اين الفرار من الله يكى ميكويد اين الطريق الى الله يكى ميكويد ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها يكى ميكويد

[سورة غافر (40) : آية 17]

الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن آن روز پادشاهان روى زمين را مى آرند ودست سلطنت ايشان برشته عزل بر بسته ندا آيد كه پادشاهى كرا سزد مكر ان واحد قهار را كه بر همه شاهان پادشاهست و پادشاهىء وى نه بحشم وسپاهست سلطان جهان بملك ومال وبنعمت وسوار و پياده ودر كاه فخر كنند وملك الهى بر خلاف اينست كه او جل جلاله رسوم كون را آتش بينيازى در زند وعالم را هباء منثور كرداند وتيغ قهر بر هياكل أفلاك زند ندا دهد كه لمن الملك اليوم كراز هره آن بود كه اين خطاب را جواب دهد جز او اى مسكين قيامت كه سران وسرهنكان دين را در پناه كرم الهى جاى دهد ندانم كه ترا باين سينه آلوده وعمل شوريده كجا نسانند ورختت كجا نهند اى مسكين اگر بيمارى آخر ناله كو واگر در باطنت آتشيست دودى كو واگر مرد بازركانى سالها بر أمد سودى كو طيلسان موسى ونعلين هارونت چهـ سود چون بزير رداء فرعون دارى صد هزار ويجوز ان يكون قوله لمن الملك اليوم إلخ حكاية لما دل عليه ظاهر الحال فى ذلك اليوم من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط إذ لولا الأسباب لما ارتاب المرتاب واما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما وقيل السائل والمجيب هو الله تعالى وحده وذلك بعد فناء الخلق فيكون ابتداء كلام من الله تعالى وهاهنا لطيفة وهى ان سورة الفاتحة نصفها ثناء لله ونصفها دعاء للعبد فاذا دعا واحد يجب على الآخر التأمين فاذا قلت ولا الضالين كأنه يقول ينبغى ان أقول آمين فكن أنت يا عبدى نائبا عنى وقل آمين وإذا كان يوم القيامة وأقول انا لمن الملك اليوم يجب عليك ان تقول لله الواحد القهار وأنت فى القبر فاكون انا نائبا عنك وأقول لله الواحد القهار قال ابن عطاء لولا سوء طبائع الجهال وقلة معرفتهم لما ذكر الله قوله لمن الملك اليوم فان الملك لم يزل ولا يزال له وهو المالك على الحقيقة وذلك لما جهلوا حقه وحجبوا عن معرفته وشاهدوا الملك وحقيقته فى الآخرة الجأهم الاضطرار الى ان قالوا لله الواحد القهار فالواحد الذي بطل به الاعداد والقهار الذي قهر الكل على العجز بالإقرار له بالعبودية طوعا وكرها قال شيخى وسندى روح الله روحه فى قوله لله الواحد القهار ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سوى الله تعالى وفى التأويلات النجمية يومهم بارزون اى خارجون من وجودهم بالفناء لا يخفى على الله منهم شىء من وجودهم عند افنائه حتى لا يبقى له غير الله فيقول الله تعالى لمن الملك اليوم يعنى ملك الوجود وهذا المقام الذي أشار اليه الجنيد قدس سره بقوله ما فى الوجود سوى الله فاذا لم يكن لغير الله ملك الوجود يكون هو الداعي والمجيب فيقول لله الواحد القهار لأنه تعالى تجلى بصفة القهارية فما بقي الداعي ولا المجيب غير الله جامى معاد ومبدأ ما وحدتست وبس ... ما در ميانه كثرت موهوم والسلام الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ اما من تتمة الجواب او حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقيب السؤال والجواب اى تجزى كل نفس من النفوس البرة والفاجرة من خير أو شر لا ظُلْمَ الْيَوْمَ بنقص ثواب او زيادة عذاب يعنى نه از ثواب كسى كم كنند ونه بر عقاب

[سورة غافر (40) : آية 18]

كسى افزايند ونه كسى را بگناه كسى بگيرند ونه نيكى را پاداش بدى دهند إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ اى سريع حسابه تماما إذ لا يشغله تعالى شأن عن شأن فيحاسب الخلائق مع كثرتهم فى اقرب زمان ويصل إليهم ما يستحقونه سريعا فيكون تعليلا لقوله تعالى اليوم تجزى إلخ فان كون ذلك اليوم بعينه يوم التلاق ويوم البروز ربما يودهم استبعاد وقوع الكل فيه وعن ابن عباس رضى الله عنه إذا أخذ فى حسابهم لم يقل اهل الجنة الا فيها ولا اهل النار الا فيها قوله لم يقل من قال يقيل قيلولة وهى النوم فى نصف النهار (قال فى كشف الاسرار) هر كه اعتقاد كرد كه او را روزى در پيش است كه در ان روز با وى سؤالى وجوابى وحسابى وعتابى هست وشب وروز بيقرار بود دمبدم مشغول ومستغرق كار بود ميزان تصرف از دست فرو نهد بعيب كس ننكرد همه عيب خود را مطالعه كند همه حساب خود كند در خبر است حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وتهيئوا للعرض الأكبر يكى از بزركان دين روزى نامه نوشت ودر خانه عاريتى بود كفتا خواستم كه آن را خاك بركنم تا خشك شود بر خاطرم كذشت نبايد كه فردا از عهده اين مظلمه بيرون نتوانم آمد هاتفى آواز داد سيعلم المستخف بترتيب الكتاب ما يلقى عند الله غدا من طول الحساب آرى فردا روز عرض وحساب بداند كه چهـ كرد آنكس كه نامه خويش بخاك خانه كسان خشك كرد وفى الحديث يقول الله انا الملك انا الديان لا ينبغى لأحد من اهل الجنة ان يدخل الجنة ولا لأحد من اهل النار ان يدخل النار وعنده مظلمة حتى اقتص منه وتلا عليه السلام هذه الآية وفى بعض الروايات لأقتص من القرباء للجماء اى قصاص مقابلة لا تكليف در وعده اهل ظلم حالى عجبست ... ورزيدن ظلم را وبالى عجبست از ظلم پرهيز كه در روز جزا ... لا ظلم اليوم كو شمالى عجبست وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى اهل مكة يَوْمَ الْآزِفَةِ منصوب على انه مفعول به لانذرهم لانه المنذر به والآزفة فاعلة من أزف الأمر على حد علم إذا قرب والمراد القيامة ولذا انث ونظيره ازفت الآزفة اى قربت القيامة وسميت بالآزفة لازوفها وهو القرب لأن كل آت قريب وان استبعد اليائس امده وفى الحديث بعثت انا والساعة كهاتين ان كادت لتسبقنى والاشارة بهاتين الى السبابة والوسطى يعنى ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على السبابة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة ثم فى الازوف اشعار بضيق الوقت ولذا عبر عن القيامة بالساعة وقيل اتى امر الله فعبر عنها بلفظ الماضي تنبيها على قربها وضيق وقتها كما فى المفردات وقال بعضهم انذرهم يوم الخطة الآزفة اى وقتها وهى مشارقة اهل النار دخولها والخطة بالضم الأمر والقصة واكثر ما يستعمل فى الأمور العصبة التي تستحق ان تخط وتكتب لغرابتها كما فى حواشى سعدى المفتى إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ جمع حنجرة وهى الحلقوم وهى بالفارسية كلو والجملة بدل من يوم الآزفة فان القلوب ترتفع عن أماكنها من شدة الفزع

[سورة غافر (40) : آية 19]

فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيستروحوا ويتنفسوا ولا تخرج فيستريحوا بالموت وقيل يلتفخ السحر خوفا اى الرئة فيرتفع القلب الى الحنجرة كاظِمِينَ حال من اصحاب القلوب على المعنى إذ الأصل إذ قلوبهم لدى حناجرهم بناء على أن التعريف اللامى بدل من التعريف الإضافي يقال كظم غيظه اى رد غضبه وحبسه فى نفسه بالصبر وعدم اظهار الأثر والمعنى كاظمين على الغم والكربة ساكتين حال امتلائهم بهما يعنى لا يمكنهم ان ينطقوا ويصرحوا بما عندهم من الحزن والخوف من شدة الكربة وغلبة الغم عليهم فقوله إذا لقلوب لدى الحناجر تقرير للخوف الشديد وقوله كاظمين تقرير للعجز عن الكلام فان الملهوف إذا قدر على الكلام وبث الشكوى حصل له نوع خفة وسكون وإذا لم يقدر عظم اضطرابه واشتد حاله ما لِلظَّالِمِينَ اى الكافرين مِنْ حَمِيمٍ اى قريب مشفق يعنى هيچ خويشى مشفق ويار مهربان عذاب ايشان را دفع كند وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ وشفيع مشفع على معنى نفى الشفاعة والطاعة معا وعلى ان يطاع مجاز عن يجاب وتقبل شفاعته لأن المطيع فى الحقيقة يكون أسفل حالا من المطاع وليس فى الوجود من هو أعلى حالا من الله تعالى حتى يكون مطاعا له تعالى وفى الآية بيان أن لا شفاعة فى حق الكفار لأنها وردت فى ذمهم وانما قبل للظالمين موضع للكافرين وان كان أعم منهم ومن غيرهم من العصاة بحسب الظاهر تسجيلا لهم بالظلم ودلالة على اختصاص انتفاء كل واحد من الحميم والشفيع المشفع بهم فثبت أن لعصاة المسلمين حميما وشفيعا ومشفعا وهو النبي عليه السلام وسائر الأنبياء والمرسلين والأولياء المقربين والملائكة أجمعين يَعْلَمُ ميداند خداى تعالى خائِنَةَ الْأَعْيُنِ اى النظرة الخائنة للاعين واسناد الخيانة الى النظرة مجاز لأن الخائن هو الناظر او يعلم خائنة الأعين على انها مصدر كالعافية كقوله تعالى ولا تزال تطلع على خائنة منهم والخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيضها الامانة والمراد هنا استراق النظر الى غير المحرم كفعل اهل الريب والنظرة الثانية اليه وفى الخبر يا ابن آدم لك النظرة الاولى معفوة لوقوعها مفاجأة دون الثانية لكونها مقارنة للقصد وهى من قبيل زنى النظر (وفى المثنوى) كر زناى چشم حظى مى برى ... نى كباب از پهلوى خود ميخورى وذلك لأن النظر سهم مسموم من سهام إبليس وللنظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة (قال الكاشفى) چشم نظر بانچهـ حرامست يا غمز كردن بمعايب مردم اى الرمز بالعين على وجه العيب دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست يا كذب در رؤيت وعدم رؤيت يعنى يدعى الرؤية كاذبا او ينكرها وفى التأويلات النجمية خائنة أعين المحبين استحسانهم شيأ غير المحبوب والنظر الى غير المحبوب وفى معناها قيل فعينى إذا استحسنت غيركم ... أمرت الدموع بتأديبها حكى أن بعضهم مر بدكان وفيه نطاق معلق فتعلق به نظره فاستحسنه ثم لما تباعد عن الدكان

فقد النطاق من محله فاتبعه صاحب الدكان ففتش عنه فوجده على وسطه وكان ذلك عقوبة من الله عليه لاستحسانه ذلك النطاق حتى انهم بسرقته وعوقب عليه قال ابو عثمان خيانة العين هو ان لا يغضها عن المحارم ويرسلها الى الهوى والشهوات وقال ابو بكر الوارق يعلم من يمد عينيه الى الشيء معتبرا ومن يمد عينيه لارادة الشهوة وقال ابو جعفر النيسابورى زنى العارف نظره بالشهوة امام قشيرى فرمود كه خيانت چشمهاى محبان آنست كه در أوقات مناجات خواب را پيرامن آن كذارند چنانكه در زبور آمده كه دروغ كويد هر كه دعوى محبت من كند و چون شب در آيد چشم او بخواب رود (ع) ومن نام عينا نام عنه وصالنا خواب را با ديده عاشق چهـ كار ... چشم او چون شمع باشد اشكبار چشمهاى عاشقانرا خواب نيست ... يك نفس ان چشمها بى آب نيست وَما تُخْفِي الصُّدُورُ من الضمائر والاسرار مطلقا خيرا كانت او شرا ثبت بهذا ان افعال القلوب معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن أخفاها وهى خائنة الأعين إذا كانت معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن أخفاها وهى خائنة الأعين إذا كانت معلومة لله تعالى فعلمه تعالى سائر افعال الجوارح يكون اولى والحاكم إذا بلغ فى العلم الى هذا الحد وجب ان يكون خوف المجرم منه أشد وأقوى فقوله تعالى يعلم إلخ فى قوة التعليل للامر بالإنذار وفى التأويلات النجمية وما تخفى الصدور من متمنيات النفوس ومستحسنات القلوب ومرغوبات الأرواح فالحق به خبير ويكون السالك موقوفا بها حتى يخرج من تعلقها وقال بعضهم خيانته فى الصدور أن لا يصير فى مقام القبض ليجرى عليه احكام الحقيقة ثم ينكشف له عالم البسط فقد وصف الله خيانة العيون وخفايا الصدور وقال لا يخفى عليه شىء من ذلك وذلك ان العين باب من أبواب القلب فاذا رأت شيأ يكون حظ القلب منه يعلم ذلك نفسه فيطلب الحظ منه ومن القلب الى العين باب يجرى عليها حركة هواجس النفس تحتها على النظر الى شىء فيه لها نصيب فاذا تحققت ذلك علمت ان خيانة الأعين متعلقة بما تخفى الصدور وإذا كان العارف عارفا بنفسه وراضها برياضات طويلة وطهرها بمجاهدات كثيرة وزمها بزمام الخوف وآداب الشريعة صارت صافية من حظوظها ولكن بقيت فى سرها جبلتها على الشهوات ففى كل لحظة يجرى فى سرها طلب حظوظها ولكنها سترتها عن العقل وأخفتها عن الروح من خوفها فاذا وجدت الفرصة خرجت الى رؤية العين فتنظر الى مرادها فتسرق حظها من النظر الى المحارم وذلك النظر خفى وتلك الشهوة خفية وصفهما الله سبحانه فى هذه الآية واستعاذ منهما النبي عليه السلام حيث قال أعوذ بك من شهوة خفية ثم ان الروح العاشق إذا احتجب عن مشاهدة جمال الأزل ينقبض ويطلب حظه ولا يقدر ان ينظر الى الحق فيطلب ذلك من الصورة الانسانية التي فيها آثار الروحانية فينظر من منظره الى منظر العقل ومن منظر العقل الى منظر القلب ومن منظر القلب الى منظر النفس ومن منظر النفس الى منظر الصورة وينظر من العين الى جمال المستحسنات لينكشف له ما استتر

[سورة غافر (40) : الآيات 20 إلى 24]

عنه من شواهد الحق فتذهب النفس معه وتسرق بحثه حظها من النظر بالشهوة فذلك النظر منها غير مرضى فى الشرع والطريقة والحقيقة وكذا نظر الروح الى الحق بالوسائط خيانة فيلزم عليه أن يصبر على الانقباض الى أن يتجلى له جمال الحق بغير واسطة (قال الشيخ سعدى) چرا طفل يك روزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوبرويان چين و چكل ومن الله التوفيق لنظر التحقيق وَاللَّهُ يَقْضِي يحكم بِالْحَقِّ اى بالصدق والعدل فى حق كل محسن ومسىء لانه المالك الحاكم على الإطلاق فلا يقضى بشىء الا وهو حق وعدل يستحقه المكلف ويليق به ففيه تشديد لخوف المكلف وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اى يعبدونهم مِنْ دُونِهِ تعالى وهم الأصنام وبالفارسية وآنان هم را كه مى پرستند مشركان بدون خدا لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ حكمى نمى كنند ايشان بچيزى زيرا كه اگر جماداند ايشانرا قدرت بدان نيست واگر حيوانند مخلوق ومملوك اند ومخلوق را قوت حكم وفرمان نيست وفى الإرشاد هذا تهكم بهم لأن جمادا لا يقال فى حقه يقضى ولا يقضى إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ تقرير لعلمه تعالى بخائنة الأعين وقضائه بالحق فان من يسمع ما يقولون ويبصر ما يفعلون إذا قضى قضى بالحق ووعيد لهم على ما يفعلون ويقولون وتعريض بحال ما يدعون من دونه فانهم عريانون عن التلبس بهاتين الصفتين فكيف يكونون معبودين وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يقضى للاجانب بالبعاد وبالوصال لاهل الوداد ويخرج السالكين من تعلقات اوصافهم على ما قضى به وقدر فى الأزل وان كان بواسطة ايمانهم وأعمالهم الصالحة ان الله قد سمع سؤال الحوائج فى الأزل وهم بعد فى العدم وكذا سمع انين نفوس المذنبين وحنين قلوب المحبين وابصر بحاجاتهم ثم انه لما بالغ فى تخويف الكفار بأحوال الآخرة اردفه بالتخويف بأحوال الدنيا فقال أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ آيا سفر نميكنند مشركان مكه در زمين شام ويمن براى تجارت فَيَنْظُرُوا يجوز ان يكن منصوبا بالعطف على يسيروا وان يكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ اى مآل حال من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلهم كعاد وثمود وأضرابهم وكانت ديارهم ممر تجار قريش كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً قدرة وتمكنا من التصرفات وانما جيىء بضمير الفصل مع أن حقه التوسط بين معرفتين كقوله أولئك هم المفلحون لمضاهاة افعل من للمعرفة فى امتناع دخول اللام عليه وَآثاراً فِي الْأَرْضِ مثل القلاع الحصينة والمدن المتينة فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ عاقبهم واهلكهم بسبب كفرهم وتكذيبهم وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ من عذاب الله مِنْ واقٍ يقيهم ويحفظهم ذلِكَ اى ما ذكر من الاخذ بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات او بالاحكام الظاهرة فَكَفَرُوا بها وكذبوا رسلهم فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أخذا عاجلا إِنَّهُ قَوِيٌّ متمكن مما يريد غاية التمكن شَدِيدُ الْعِقابِ لاهل الشرك لا يعتبر عقاب دون عقابه فهؤلاء قد شاهدوا مصارعهم وآثار هلاكهم فبأى وجه أمنوا أن يصيبهم مثل

[سورة غافر (40) : الآيات 23 إلى 24]

ما أصابهم من العذاب واعلم أن اهل السعادة قد شكروا الله على نعمة الوجود فزادهم نعمة الايمان فشكروا نعمة الايمان فزادهم نعمة الولاية فشكروا نعمة الولاية فزادهم نعمة القرب والمعرفة فى الدنيا ونعمة الجوار فى الآخرة واهل الشقاوة قد كفروا نعمة الوجود فعذبهم الله بالكفر والبعاد والطرد واللعن فى الدنيا وعذبهم فى الآخرة بالنار وانواع التعذيبات وفى قوله ذلك بانهم إلخ اشارة الى أن بعض السالكين والقاصدين الى الله تعالى ان لم يصل الى مقصوده يعلم أن موجب حجابه وحرمانه اعتراض خامر قلبه على شيخه او على غيره من المشايخ فى بعض أوقاته ولم يتداركه بالتوبة والانابة فان الشيوخ بمحل الأنبياء للمريدين وفى الخبر الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته (وفى المثنوى) كفت پيغمبر كه شيخى رفته پيش ... چونبى باشد ميان قوم خويش انه قوى على الانتقام من الأعداء للاولياء شديد العقاب فى الانتقام من الأعداء وفى شرح الأسماء للزروقى القوى هو الذي لا يلحقه ضعف فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز فى نقض ولا إبرام ومن عرف أن الله تعالى هو القوى رجع اليه عن حوله وقوته وخاصيته ظهور القوة فى الوجود فما تلاه ذو همة ضعفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى امره وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى ملتبسا بِآياتِنا وهى المعجزات التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ اى وحجة قاهرة ظاهرة كالعصا أفردت بالذكر مع اندراجها تحت الآيات تفخيما لشأنها فهو من قبيل عطف الخاص على العام إِلى فِرْعَوْنَ بسوى فرعون كه أعظم عمالقه مصر بود ودعواى ربوبيت ميكرد وَهامانَ وهامان وزير او بود وخصهما بالذكر لأن الإرسال إليهما إرسال الى القوم كلهم لكونهم تحت تصرف الملك والوزير تابعين لهما والناس على دين ملوكهم وَقارُونَ خص بالذكر لكونه بمنزلة الملك من حيث كثرة أمواله وكنوزه ولا شك أن الإرسال الى قارون متاخر عن الإرسال الى فرعون وهامان لأنه كان اسرائيليا ابن عم موسى مؤمنا فى الأوائل اعلم بنى إسرائيل حافظا للتوراة ثم تغير حاله بسبب الغنى فنافق كالسامرى فصار ملحقا بفرعون وهامان فى لكفر والهلاك فاحفظ هذا ودع ما قاله اكثر اهل التفسير فى هذا المقام فَقالُوا فى حق ما أظهره من المعجزات خصوصا فى امر العصا انه ساحِرٌ او ساحرست كه خارق عادت مى نمايد از روى سحر وقالوا فيما ادعاه فى رسالة رب العالمين انه كَذَّابٌ دروغ كويست در انكه مى كويد خداى هست ومن رسول اويم والكذاب الذي عادته الكذب بان يكذب مرة بعد اخرى ولم يقولوا سحار لأنهم كانوا يزعمون أنه ساحر وأن سحرتهم اسحر منه كما قالوا يأتوك بكل سحار عليم وفيه تسلية لرسول الله عليه السلام وبيان عاقبة من هو أشد من قريش بطشا وأقربهم زمانا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله ولقد أرسلنا إلخ الى انه تعالى من عواطف إحسانا يرسل أفضل خلقه فى وقته الى من هو أرذل خلقه ويبعث أخص عباده الى اخس عباده ليدعوه الى حضرة جلاله لاصلاح حاله بفضله ونواله

[سورة غافر (40) : الآيات 25 إلى 29]

والعبد من خسة طبعه وركاكة عقله يقابله بالتكذيب وينسبه الى السحر والله تعالى إظهارا لحكمه وكرمه لا يعجل عقوبته ويمهله الى أوان ظهور شقوته فيجعله مظهر صفة قهره ويبلغ موسى كمال سعادته فيجعله مظهر صفة لطفه نردبان خلق اين ما ومنيست ... عاقبت زين نردبان افتاد نيست هر كه سركش بود او مقهور شد ... هر كه خالى بود او منصور شد فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة قالُوا لاستكمال شقاوتهم اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى تابعوه فى الايمان والقائل فرعون وذووا الرأى من قومه او فرعون وحده لأنه بمنزلة الكل كما قال سنقتل أبناءهم ونستحيى نساءهم وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ اى ابقوا بناتهم احياء فلا تقتلوهن وبالفارسية وزنده بگذارد دختران ايشانرا تا خدمت زنان قبط كنند والمعنى أعيدوا عليهم القتل وذلك أنه قد امر بالقتل قبيل ولادة موسى عليه السلام بأخبار المنجمين بقرب ولادته ففعله زمانا طويلا ثم كف عنه مخافة ان تفنى بنو إسرائيل وتقع الأعمال الشاقة على القبط فلما بعث موسى وأحس فرعون بنبوته أعاد القتل غيظا وحنقا وتا دلهاى بنى إسرائيل بشكند وموسى را يارى ندهند ظنا منهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملك فرعون على يده وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ فرعون وقومه او غيرهم اى وما مكرهم وسوء صنيعهم وبالفارسية بنسبت انبيا ومؤمنان إِلَّا فِي ضَلالٍ مكر در كم راهى وبيهودكى اى فى ضياع وبطلان لا يغنى عنهم شيأ وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم وفى التأويلات النجمية عزم على إهلاك موسى وقومه واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله إتماما لاستحقاقهم العذاب ولكن من حفظ الحق تعالى كان كما قال وما كيد الكافرين الا فى ضلال اى فى ازدياد ضلالتهم بربهم يشير الى أن من حفر بئر الولي من أوليائه ما يقع فيه الا حافره وبذلك اجرى الحق سنته انتهى (حكى) أن مفتى الشام افتى بقتل الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فدخل الحوض للغسل فظهرت يد فخنقته فاخرج من الحوض وهو ميت وحكى أن شابا كان بأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ ليهلك فيه فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد فقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك البستان قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد فبكى وامر له بالإحسان وبأن يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الأعلى إكرامه واحترامه وَقالَ فِرْعَوْنُ لملئه ذَرُونِي خلوا عنى واتركوني يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا وأصله وذره يذره كوسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل كما فى القاموس أَقْتُلْ مُوسى فانى اعلم أن صلاح ملكى فى قتله وكان اذاهم بقتل موسى عليه السلام كفه ملأه بقولهم ليس هذا بالذي تخافه فانه اقل من ذلك وأضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم إذا قتلته ادخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت الى المقارعة بالسيف وأوهم اللعين انهم

[سورة غافر (40) : آية 27]

هم الكافون له عن قتله ولو لاهم لقتله وما كان الذي يكفه الا ما فى نفسه من الفزع الهائل وذلك أنه تيقن نبوة موسى ولكن كان يخاف ان هم بقتله أن يعاجل بالهلاك وَلْيَدْعُ رَبَّهُ الذي يزعم أنه أرسله كى يمنعه منى يعنى تا قتل من ازو بازدارد. وهو يخاف منه ظاهرا ويخاف من دعاء ربه باطنا والا فما له يقيم له وزنا ويتكلم بذلك إِنِّي أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ اى يغير ما أنتم عليه من الدين الذي هو عبارة عن عبادته وعبادة الأصنام لتقربهم اليه أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج ان لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية فمعنى او وقوع أحد الشيئين وفى الآية اشارة الى أن فرعون من عمى قلبه ظن أن الله يذره ان يقتل موسى بحوله وقوته او يذره قومه ولم يعلم أن الله يهلكه ويهلك قومه وينجى موسى وقومه وقد خاف من تبديل الدين او الفساد فى الأرض ولم يخف هلاك نفسه وهلاك قومه وفساد حالهم فى الدارين وَقالَ مُوسى اى لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام إِنِّي عُذْتُ من پناه كرفتم وفرياد وزنهار خواستم والعوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ خص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية وإضافته اليه وإليهم للحث على موافقته فى العياذ به تعالى والتوكل عليه فان فى تظاهر النفوس تأثيرا قويا فى استجلاب الاجابة وهو السبب الأصلي فى اجتماع الناس لاداء الصلوات الخمس والجمعة والأعياد والاستسقاء ونحوها مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ متعظم عن الايمان وبالفارسية از هر كردن كشى ولم يسم فرعون بل ذكره بوصف يعمه وغيره من جبابرة أركانه وغيرهم لتعميم الاستعاذة والاشعار بعلة القساوة والجراءة على الله وهى التكبر وما يليه من عدم الايمان بالبعث يقول الفقير واما قول الرازي وتبعه القاضي لم يسم فرعون رعاية لحق التربية التي كانت من فرعون له عليه السلام فى صغره فمدخول بان موسى عليه السلام قد شافهه باسمه فى غير هذا الموضع كما قال وانى لأظنك يا فرعون مثبورا وهذا أشد من قوله من فرعون على تقدير التسمية من حيث صدوره مشافهة وصدوره من فرعون مغايبة لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ صفة لما قبله عقبه به لأن طبع المتكبر القاسي وشأنه ابطال الحق وتحقير الخلق لكنه قد ينزجر إذا كان مقرا بالجزاء وخائفا من الحساب واما إذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث كان اظلم واطغى فلا عظيمة الا ارتكبها فيكون بالاستعاذة اولى وأحرى وسئل الامام ابو حنيفة رضى الله عنه اى ذنب أخوف على سلب الايمان قال ترك الشكر على الايمان وترك خوف الخاتمة وظلم العباد فان من كان فيه هذه الخصال الثلاث فالاغلب ان يخرج من الدنيا كافرا الامن أدركته السعادة وفى الخبر ان الله تعالى سخر الريح لسليمان عليه السلام فحملته وقومه على السرير حتى سمعوا كلام اهل السماء فقال ملك لآخر الى جنبه لو علم الله فى قلب سليمان مثقال ذرة من كبر لاسفله فى الأرض مقدار ما رفعه من الأرض الى السماء وفى الحديث ما من أحد الا وفى رأسه سلسلتان إحداهما الى السماء السابعة والاخرى الى الأرض السابعة فاذا تواضع رفعه الله بالسلسلة التي فى السماء السابعة وإذا تكبر وضعه الله بالسلسلة التي فى الأرض السابعة

[سورة غافر (40) : آية 28]

فالمتكبر أيا كان مقهور لا محالة كما يقال أول ما خلق الله درة بيضاء فنظر إليها بالهيبة فذابت وصارت ماء وارتفع زبدها فخلق منه الأرض فافتخرة الأرض وقالت من مثلى فخلق الله الجبال فجعلها أوتادا فى الأرض فقهر الأرض بالجبال فتكبرت الجبال فخلق الحديد وقهر الجبال به فتكبر الحديد فقهره بالنار فتكبرت النار فخلق الماء فقهرها به فتكبر الماء فخلق السحاب ففرق الماء فى الدنيا فتكبر السحاب فخلق الرياح ففرقت السحاب فتكبرت الرياح فخلق الآدمي حتى جعل لنفسه بيتا وكنا من الحر والبرد والرياح فتكبر الآدمي فخلق النوم فقهره به فتكبر النوم فخلق المرض فقهره به فتكبر المرض فخلق الموت فتكبر فقهره بالذبح يوم القيامة حيث يذبح بين الجنة والنار كما قال تعالى وانذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر يعنى إذ ذبح الموت فالقاهر فوق الكل هو الله تعالى كما قال وانا فوقهم قاهرون ثم ان الكبر من أشد صفات النفس الامارة فلا بد من اذالته (قال المولى الجامى) لاف بى كبرى مزن كان از نشان پاى مور ... در شب تاريك بر سنك سيه پنهان ترست وز درون كردن برون آسان مكير انرا كزان ... كوه را كندن بسوزن از زمين آسان ترست وَقالَ رَجُلٌ چون خبر قتل موسى فاش شد ودوستان اندوهگين ودشمنان شادمان كشتند. ولكن لما استعاذ موسى عليه السلام بالله واعتمد على فضله ورحمته فلا جرم صانه الله من كل بلية وأوصله الى كل امنية وقيض له إنسانا أجنبيا حتى ذب عنه بأحسن الوجوه فى تسكين تلك الفتنة كما حكى الله عنه بقوله وقال رجل مُؤْمِنٌ كائن مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فهو صفة ثانية لرجل وقوله يكتم إيمانه صفة ثالثة قدم الاول اعنى مؤمن لكونه اشرف الأوصاف ثم الثاني لئلا يتوهم خلاف المقصود وذلك لأنه لواخر عن يكتم إيمانه لتوهم أن من صلته فلم يفهم أن ذلك الرجل كان من آل فرعون وآل الرجل خاصته الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وكان ذلك الرجل المؤمن من أقارب فرعون اى ابن عمه وهو منذر موسى بقوله ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك كما سبق فى سورة القصص واسمه شمعان بالشين المعجمة وهو أصح ما قيل فيه قاله الامام السهيلي وفى تاريخ الطبري اسمه جبر وقيل حبيب النجار وهو الذي عمل تابوت موسى حين أرادت امه ان تلقيه فى اليم وهو غير حبيب النجار صاحب يس وقيل خربيل بن نوحائيل او حزقيل ويدل عليه قوله عليه السلام سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب يس وعلى بن ابى طالب كرم الله وجهه وهو رضى الله عنه أفضلهم كما فى انسان العيون نقلا عن العرائس وقال ابن الشيخ فى حواشيه روى عن النبي عليه السلام أنه قال الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس ومؤمن آل فرعون الذي قال أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله والثالث ابو بكر الصديق وهو أفضلهم انتهى. يقول الفقير يمكن ان يقال لا مخالفة بين هاتين الروايتين لما أن المراد تفضيل ابى بكر فى الصديقية وتفضيل على فى السبق وعدم صدور الكفر عنه ولو لحظة فافضلية كل منهما من جهة اخرى ثم أن الروايتين دلتا على كون ذلك الرجل قبطيا وايضا أن فرعون

أصغى الى كلامه واستمع منه ولو كان إسرائيليا لكان عدوا له فلم يكن ليصغى اليه قال فى التكملة فان قلت الآل قد يكون فى غير القرابة بدليل قوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ولم يرد الا كل من كان على دينه من ذوى قرابته وغيرهم فالجواب أن هذا الرجل لم يكن من اهل دين فرعون وانما كان مؤمنا فاذا لم يكن من اهل دينه فلم يبق لوصفه بأنه من آله الا ان يكون من عشيرته انتهى وقيل كان إسرائيليا ابن عم قارون او أبوه من آل فرعون وامه من بنى إسرائيل فيكون من آل فرعون صلة يكتم وفيه انه لا مقتضى هنا لتقديم المتعلق وايضا أن فرعون كان يعلم ايمان بنى إسرائيل ألا ترى الى قوله أبناء الذين آمنوا معه فكيف يمكنهم ان يفعلوا كذلك مع فرعون وقيل كان عربيا موحدا ينافقهم لاجل المصلحة يَكْتُمُ إِيمانَهُ اى يستره ويخفيه من فرعون وملئه لا خوفا بل ليكون كلامه بمحل من القبول وكان قد آمن بعد مجيىء موسى او قبله بمائة سنة وكتمه فلما بلغه خبر قصد فرعون بموسى قال أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أتقصدون قتله ظلما بلا دليل والاستفهام إنكاري أَنْ يَقُولَ اى لأن يقول او كراهة ان يقول رَبِّيَ اللَّهُ وحده لا شريك له والحصر مستفاد من تعريف طرفى الجملة مثل صديقى زيد لا غير وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ اى والحال أنه قد جاءكم بالمعجزات الظاهرة التي شاهدتموها مِنْ رَبِّكُمْ لم يقل من ربه لأنهم إذا سمعوا أنه جاءهم بالبينات من ربهم دعاهم ذلك الى التأمل فى امره والاعتراف به وترك المكابرة معه لأن ما كان من قبل رب الجميع يجب اتباعه وانصاف مبلغه وعن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمر رضى الله عنهما حدثنى باشد شىء صنعه المشركون برسول الله عليه السلام قال اقبل عقبة بن ابى معيط ورسول الله يصلى عند الكعبة او لقيه فى الطواف فأخذ بمجامع ردآئه عليه السلام فلوى ثوبه على عنقه وخنقه خنقا شديدا وقال له أنت الذي تنهانا عما يعبد آباؤنا فقال عليه السلام انا ذاك فاقبل ابو بكر رضى الله عنه فأخذ بمنكبيه عليه السلام والتزمه من ورائه ودفعه عن رسول الله وقال أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم رافعا صوته وعيناه تسفحان دمعا اى تجريان حتى أرسلوه وفيه بيان أن ما تولى ابو بكر من رسول الله كان أشد مما تولاه الرجل المؤمن من موسى لأنه كان يظهر إيمانه وكان بمجمع طغاة قريش وحكى ابن عطية فى تفسيره عن أبيه أنه سمع أبا الفضل ابن الجوهري على المنبر يقول وقد سئل ان يتكلم فى شىء من فضائل الصحابة رضى الله عنهم فاطرق قليلا ثم رفع رأسه فقال عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى ماذا ترون من قوم قرنهم الله تعالى بنبيه وخصهم بمشاهدته وتلقى الروح وقد اثنى الله على رجل مؤمن من آل فرعون كتم إيمانه واسره فجعله فى كتابه واثبت ذكره فى المصاحف لكلام قاله فى مجلس من مجالس الكفر واين هو من عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذ جرد سيفه بمكة وقال والله لا اعبد الله سرا بعد اليوم فكان ما كان من ظهور الدين بسيفه ثم أخذهم الرجل المؤمن بالاحتجاج من باب الاحتياط بايراده فى صورة الاحتمال من الظن

[سورة غافر (40) : آية 29]

بعد القطع بكون قتله منكرا فقال وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ لا يتخطاه وبال كذبه وضرره فيحتاج فى دفعه الى قتله يعنى أن الكاذب انما يقتل إذا تعدى ضرر كذبه الى غيره كالزنديق الذي يدعو الناس والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته وهذا لا يقدر على ان يحمل الناس على قبول ما أظهره من الدين لكون طباع الناس آبية عن قبوله ولقدرتكم على منعه من اظهار مقالته ودينه وَإِنْ يَكُ صادِقاً فى قوله فكذبتموه وقصدتم له بسوء يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ اى ان لم يصبكم كله فلا اقل من إصابة بعضه وفى بعض ذلك كفاية لهلاكهم فذكر البعض ليوجب الكل لا أن البعض هو الكل وهذا كلام صادر عن غاية الانصاف وعدم التعصب ولذلك قدم من شقى الترديد كونه كاذبا وصرح باصابة البعض دون الجميع مع أن الرسول صادق فى جميع ما يقوله وانما الذي يصيب بعض ما يعده دون بعض هم الكهان والمنجمون ويجوز ان يكون المعنى يصبكم ما يعدكم من عذاب الدنيا وهو بعض ما يعدهم لأنه كان يتوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة كأنه خوفهم بما هو ظهر احتمالا عندهم وفى عين المعاني لأنه وعد النجاة بالايمان والهلاك بالكفر وقد يكون البعض بمعنى الكل كما فى قوله قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل وقوله تعالى ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه اى جميعه وفى قوله تعالى يريد الله ان يصيبكم ببعض ذنوبكم اى بكلها كما فى كشف الاسرار وقال ابو الليث بعض هنا صلة يريد يصبكم الذي يعدكم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ وهو الذي يتجاوز الحد فى المعصية او هو السفاك للعدم بغير حق كَذَّابٌ وهو الذي يكذب مرة بعد اخرى وقيل كذاب على الله لان الكذب عليه ليس كالكذب على غيره وهو احتجاج آخر ذو وجهين أحدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه الله تعالى الى البينات ولما أيده بتلك المعجزات وثانيهما انه ان كان كذلك خذله الله وأهلكه فلا حاجة لكم الى قتله ولعله أراهم وهو عاكف على المعنى الاول لتلين شكيمتهم وقد عرض به لفرعون لأنه مسرف حيث قتل الأبناء بلا جرم كذاب حيث ادعى الالوية لا يهديه الله سبيل الصواب ومنهاج النجاة بل يفضحه ويهدم امره يا قَوْمِ اى كروه من لَكُمُ الْمُلْكُ والسلطنة الْيَوْمَ حال كونكم ظاهِرِينَ غالبين عالين على بنى إسرائيل والعامل فى الحال وفى قوله اليوم ما تعلق به لكم فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر لا يقاومكم أحد فى هذا الوقت فَمَنْ پس كيست كه يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ من اخذه وعذابه إِنْ جاءَنا اى فلا تفسدوا أمركم ولا تتعرضوا لبأس الله بقتله فانه ان جاءنا لم يمنعنا منه أحد وانما نسب ما يسرهم من الملك والظهور فى الأرض إليهم خاصة ونظم نفسه فى سلكهم فيما يسوءهم من مجيىء بأس الله تطبيقا لقلوبهم وإيذانا بأنه مناصح لهم ساع فى تحصيل ما يجديهم ودفع ما يرديهم سعيه فى حق نفسه ليتأثروا بنصحه قالَ فِرْعَوْنُ بعد ما سمع نصحه إضرابا عن المجادلة وبالفارسية كفت فرعون مر آن مومن را كه از قتل موسى نهى كرد وجمعى ديكر را كه نزد وى حاضر بودند ما أُرِيكُمْ اى ما أشير عليكم إِلَّا ما أَرى واستصوبه من قتله قطعا لمادة الفتنة وَما أَهْدِيكُمْ

[سورة غافر (40) : الآيات 30 إلى 35]

بهذا الرأى إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ اى الصواب فهو من الرأى يقال رأى فيه رأيا اعتقد فيه اعتقادا وراءيته شاورته ولما نقل رأى من الرأى الى باب افعل عدى الى الضمير المنصوب ثم استثني استثناء مفرغا فقيل الا ما ارى ويجوز ان يكون من الرؤية بمعنى العلم يقال رآه بعينه اى أبصره ورآه بقلبه اى علمه فيتعدى الى مفعولين ثانيهما الا ما ارى والمعنى لا أعلمكم الا ما اعلم ولا اسر عنكم خلاف ما أظهره ولقد كذب حيث كان مستشعرا للخوف الشديد ولكنه كان يظهر الجلادة وعدم المبالاة ولولاه لما استشار أحدا ابدا (وفى المثنوى) ان استشارة كانت من عادته حتى أنه كان يلين قلبه فى بعض الأوقات من تأثير كلام موسى عليه السلام فيميل الى الايمان ويستشير امرأته آسية فتشير عليه بالايمان ومتابعة موسى ويستشير وزيره هامان فيصده عن ذلك (وفى المثنوى) پس بگفتى تا كنون بودى خديو ... بند كردى زنده پوشى را بريو همچوسنك منجنيقى آمدى ... آن سخن بر شيشه خانه او زدى هر چهـ صد روز آن كليم خوش خصاب ... ساختى در يكدم او كردى خراب عقل تو دستور مغلوب هواست ... در وجودت رهزن راه خداست واى آن شه كه وزير شن اين بود ... جاى هر دو دوزخ پر كين بود مر هوا را تو وزير خود مساز ... كه برارد جان پاكت از نماز شاد آن شاهى كه او را دستكير ... باشد اندر كار چون آصف وزير شاه عادل چون قرين او شود ... نام او نور على نور بود شاه چون فرعون وهامانش وزير ... هر دو را نبود ز بدبختى كزير پس بود ظلمات بعضا فوق بعض ... نى خرد يار ونه دولت روز عرض نسأل الله زكاء الروح وصفاء القلب وَقالَ الَّذِي آمَنَ من آل فرعون مخاطبا لقومه واعظا لهم وفى الحديث أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائز وذلك من أجل علة الخوف والقهر ولأن الجهاد بالحجة والبرهان اكبر من الجهاد بالسيف والسنان يا قَوْمِ اى كروه من إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ فى تكذيب موسى عليه السلام والتعرض له بسوء كالقتل والأذى مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مثل ايام الأمم الماضية يعنى وقائعهم العظيمة وعقوباتهم الهائلة على طريق ذكر المحل وارادة الحال فان قلت الظاهر ان يقال مثل ايام الأحزاب إذ لكل حزب يوم على حدة قلت جمع الأحزاب مع تفسيره بالطوائف المختلفة المتباينة الأزمان والأماكن اغنى عن جميع اليوم إذ بذلك ارتفع الالتباس وتبين أن المراد الأيام مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ الدأب العادة المستمر عليها والشان ومثل بدل من الاول والمراد بالدأب واليوم واحد إذا لمعنى مثل حال قوم نوح وشانهم فى العذاب وبالفارسية مانند حال كروه نوح كه بطوفان هلاك شدند وَعادٍ وكروه عاد كه بباد صرصر مستأصل كشتند وَثَمُودَ وقوم ثمود كه بيك صيحه مردند وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ومانند حال آنانكه از پس ايشان بودند چون اهل مؤتفكه كه شهر ايشان زود بركشت و چون اصحاب ايكه كه بعذاب يوم

[سورة غافر (40) : الآيات 32 إلى 33]

الظلة كرفتار شدند وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ فلا يهلكم قبل ثبوت الحجة عليهم ولا يعاقبهم بغير ذنب ولا يخلى الظالم منهم بغير انتقام پس شما هم ظلم مكنيد تا معذب نكرديد وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ أصله يوم التنادى بالياء على أنه مصدر تنادى القوم بعضهم بعضا تناديا بضم الدال ثم كسر لاجل الياء وحذف الياء حسن فى الفواصل وهو بالفارسية يكديكر را آواز دادن. ويوم نصب على الظرف اى من ذلك اليوم لما فيه من العذاب على المصرين والمؤذين او على المفعول به اى عذاب يوم التناد حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه فاعرف فاعرابه والمراد بيوم التناد يوم القيامة لأنه ينادى فيه بعضهم بعضا للاستغاثة كقولهم فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا وهيچ كس بفرياد كس نمى رسد او يتصايحون بالويل والثبور بنحو قولهم يا ويلنا من بعثنا وما لهذا الكتاب او يتنادى اصحاب الجنة واصحاب النار يعنى ينادى اصحاب الجنة اصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا من الجنة والنعيم المقيم حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم من عذاب النار حقا قالوا نعم ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة ان أفيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله (قال الكاشفى) يا بعد از ذبح موت ندا كنند كه يا اهل الجنة خلود ولا موت ويا اهل النار خلود ولا موت يا در آن روز منادى ندا كنند كه فلان نيك بخت شد كه هركز بدبخت نشود وفلان بدبختى كشت كه تا ابد نيك بختى نيابد يَوْمَ تُوَلُّونَ بدل من يوم التناد يعنى روزى كه بركردانيده شويد از موقف حساب وبرويد مُدْبِرِينَ حال كونكم منصرفين عنه الى النار يعنى بازگشتگان از آنجا بسوى دوزخ وحال كونكم ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ اى مالكم من عاصم يعصمكم من عذابه تعالى ويحفظكم وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا خدا فرود كذارد در ضلالت فَما لَهُ مِنْ هادٍ يهديه الى طريق النجاة قاله لما ايس من قبولهم وفى الآيات اشارة الى أن الله تعالى إذا شاء بكمال قدرته إظهارا لفضله ومنته يخرج الحي من الميت كما اخرج من آل فرعون مؤمنا حيا قلبه بالايمان من بين كفار أموات قلوبهم بالكفر ليتحقق قوله تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها وإذا شاء اظهار عزته وجبروته يعمى ويصم الملوك والعقلاء مثل فرعون وقومه لئلا يبصروا آيات الله الظاهرة ولا يسمعوا الحجج الباهرة مثل ما نصحهم بها مؤمن آلهم ليتحقق قوله تعالى ومن يضلل الله فما له من هاد وقوله ولكن حق القول منى الاية كما فى التأويلات النجمية وأسند الإضلال الى الله تعالى لأنه خالق الضلالة وانما الشيطان ونحوه من الوسائط فالجاهل يرى القلم مسخرا للكاتب والعارف يعلم أنه مسخر فى يده لله تعالى لأنه خالق الكاتب والقلم وكذا فعل الكاتب وفى قوله تعالى فما له من هاد اشارة الى أن التوفيق والاختيار للواحد القهار فلو كان لآدم لاختار قابيل ولو كان لنوح لاختار كنعان ولو كان لابراهيم لأختار آزر ولو كان لموسى لاختار فرعون ولو كان لمحمد عليه وعليهم السلام لاختار عمه أبا طالب يقال سبعة عام وسبعة فى جنبها خاص الأمر عام والتوفيق خاص والنهى عام والعصمة خاص والدعوة عام والهداية خاص والموت عام والبشارة خاص والحشر يوم القيامة عام والسعادة خاص وورود النار عام والنجاة منها خاص والتخليق

[سورة غافر (40) : الآيات 34 إلى 35]

عام والاختيار خاص يعنى ليس كل من خلقه الله اختاره بل خص منه قوما وكذا خلق أمورا وأشياء فخص منها البعض ببعض الخواص ثم العجب أن مثل موسى عليه السلام يكون وسط قومه لا يهتدون به وذلك لأن صاحب المرة لا يجد حلاوة العسل والضرير لا يرى الشمس وليس ذلك الا من سوء المزاج وفساد الحال وفقدان الاستعداد. عنكبوت از طبع عنقا داشتى ... از لعابى خيمه كى افراشتى ثم قال مؤمن آل فرعون بطريق التوبيخ وَلَقَدْ جاءَكُمْ يا اهل مصر يُوسُفُ بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الخليل عليهم السلام مِنْ قَبْلُ اى من قبل موسى بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة التي من جملتها تعبير الرؤيا وشهادت الطفل على براءة ذمته وقد كان بعث الى القبط قبل موسى بعد موت الملك وكان فرعون هو فرعون موسى عاش الى زمانه وذلك لأن فرعون موسى عمر اكثر من اربعمائة سنة وكان بين ابراهيم وموسى تسعمائة سنة على ما رواه ابن قتيبة فى كتاب المعارف فيجوز ان يكون بين يوسف وموسى مدة عمر فرعون تقريبا فيكون الخطاب لفرعون وجمع لأن المجيء اليه بمنزلة المجيء الى قومه والا فأهل عصر موسى لم يروا يوسف بن يعقوب والأظهر على نسبة احوال الآباء الى الأولاد وتوبيخ المعاصرين بحال الماضين اى ولقد جاء ايها القبط آباءكم الأقدمين وهذا كما قال الله تعالى فلم تقتلون أنبياء الله من قبل وانما أراد به آباءهم لأنهم هم القاتلون ثم لا يلزم من هذا ان يكون فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف على ما ذهب اليه البعض وقيل المراد يوسف بن افرائيم بن يوسف الصديق اقام نبيا عشرين سنة فَما زِلْتُمْ من زال ضد ثبت اى دمتم فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ من الدين الحق حَتَّى هذا هَلَكَ بالموت يعنى تا آنگاه كه بمرد قُلْتُمْ ضما الى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا وقال الكاشفى چون سخن اين رسول نشنيديم ديكرى نخواهد آمد از ترس آنكه در قول او تردد كنيم. وفى الآية اشارة الى أن فى الإنسان ظلومية وجهولية لو خلى وطبعه لا يؤمن بنبي من أنبياء ولا بمعجزاتهم انها آيات الحق تعالى وهذه طبيعة المتقدمين والمتأخرين منهم وانما المهتدى من يهديه الله بفضله وكرمه ومن انكارهم الطبيعي انهم ما آمنوا بنبوة يوسف فلما هلك أنكروا ان يكون بعده رسول الله وذلك من زيادة شقاوة الكافرين كما ان من كمال سعادة المؤمنين أن يؤمنوا بالأنبياء قبل نبيهم كَذلِكَ اى مثل ذلك الإضلال الفظيع يُضِلُّ اللَّهُ كمراه سازد خداى تعالى در بوادىء طغيان مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ فى عصيانه مُرْتابٌ فى دينه شاك فى معجزات أنبيائه لغلبة الوهم والتقليد الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بدل من الموصول الاول لأنه بمعنى الجمع إذ لا يريد مسرفا واحدا بل كل مسرف والمراد بالمجادلة رد الآيات والطعن فيها بِغَيْرِ سُلْطانٍ متعلق بيجادلون اى بغير حجة وبرهان صالحة للتمسك بها فى الجملة أَتاهُمْ صفة سلطان كَبُرَ عظم من هو مسرف مرتاب او الجدال مَقْتاً اى من جهة البغض الشديد والنفور القوى عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا قال ابن عباس رضى الله عنه بمقتهم الذين آمنوا بذلك الجدال كَذلِكَ اى مثل ذلك الطبع الفظيع يَطْبَعُ اللَّهُ مهر

مى نهد خداى تعالى واز هدى محجوب ميكند عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ بر هر دل شخص متكبر كه سركش انداز فرمان بردارى خودكامه كه خود را از ديكران برتر داننده فيصدر عنه أمثال ما ذكر من الإسراف والارتياب والمجالة بالباطل قال الراغب الجبار فى صفة الإنسان يقال لمن جبر نقيصته اى أصلحها بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها وهذا لا يقال الأعلى طريقة الذم ويسمى السلطان جبار القهره الناس على ما يريده او لاصلاح أمورهم فاجبر تارة يقال فى الإصلاح المجرد وتارة فى القهر المجرد وقال ابو الليث على قلب كل متكبر جبار ومثله فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية بر دل هر كردن كشى. فقوله قلب بغير تنوين بإضافته الى متكبر لأن المتكبر هو الإنسان وقرأ بعضهم بالتنوين بنسبة الكبر الى القلب على أن المراد صاحبه لأنه متى تكبر القلب تكبر صاحبه وبالعكس والخبر زنى العينين النظر يعنى زنى صاحبهما قال فى الكواشي وكل على القراءتين لعموم الطبع جميع القلب لا لعموم جميع القلوب. يقول الفقير اعلم أن الطابع هو الله تعالى والمطبوع هو القلب وسبب الطبع هو التكبر والجبارية وحكمه ان لا يخرج من القلب ما فيه من الكفر والنفاق والزيغ والضلال فلا يدخل فيه ما فى الخارج من الايمان والإخلاص والسداد والهدى وهو أعظم عقوبة من الله عليه فعلى العاقل ان يتشبث بالأسباب المؤدية الى شرح الصدر لا الى طبع القلب قال ابراهيم الخواص قدس سره دوآء القلب خمسة قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين وقال الحسن البصري حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور وهو بالفارسية ژنك افكندن كارد وشمشير والمحادثة بزدودن. وهذا بالنسبة الى القلب القابل للمحادثة إذ رب قلب لا يقبل ذلك آهنى را كه موريانه بخورد ... نتوان برد ازو بصيقل ژنك با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك وفى الحديث انى ليفان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة وقد تكلموا فى تأويله عن الجنيد البغدادي قدس سره ان العبد قد ينتقل من حال الى ارفع منها وقد يبقى من الاولى بقية يشرف عليها من الثانية فيصححها ويقال بين العبد والحق ألف مقام او مائة من نور وظلمة فعلى هذا كان عليه السلام كلما جاز عن مقام استغفر فهو يقطع جميع الحجب كل يوم وذلك يدل على نهاية بلوغه الى حد الكمال وجلالة قدره عند الملك المتعال. يقول الفقير لعل الغين اشارة الى لباس البشرية والماهية الامكانية الساتر للقلب عن شهود حضرة الاحدية ولما كان عليه السلام بحيث يحصل له الانكشاف العظيم كل يوم من مائة مرتبة وهى مراتب الأسماء الحسنى باحديتها لم يكن على قلبه اللطيف غين أصلا وأشار بالاستغفار الى مرتبة التبديل اى تبديل الغين بالمعجمة عينا بالمهملة والعلم شهودا فصار المقام بحيث كان له غين فازا له بالاستغفار إرشادا للامة والا فلا غين فى هذا المقام والاستغفار وان وهمه العامي قليل الاستبصار وفى الآية ذم للمتكبر والجبار وقال عليه السلام يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة فى صورة الذر يطأهم الناس لهوانهم على الله وذلك لان الصورة المناسبة لحال المتكبر الجبار صورة الذر كما لا يخفى على اهل القلب

[سورة غافر (40) : الآيات 36 إلى 41]

وَقالَ فِرْعَوْنُ لوزيره قصدا الى صعود السموات لغاية تكبره وتجبره قال الكاشفى پس در اثناى مواعظ خربيل فرعون انديشه كرد كه ناكاه سخن در مستمعان اثر نكند وزير خود را طلبيد وخود را ومردم بچيز ديكر مشغول كردانيد يا هامانُ قال فى كشف الاسرار كان هامان وزير فرعون ولم يكن من القبط ولا من بنى إسرائيل يقال انه لم يغرق مع فرعون وعاش بعده زمانا شقيا محزونا يتكفف الناس ابْنِ امر من بنى يبنى يعنى بنا كن لِي براى من صَرْحاً اى بناء مكشوفا ظاهرا على الناظر عاليا مشيدا بالآجر كما قال فى القصص فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ولهذا كره الآجر فى القبور كما فى عين المعاني اى لأن فرعون أول من اتخذه وهوه من صرح الشيء بالتشديد إذا ظهر فانه يكون لازما ايضا لَعَلِّي شايد كه من أَبْلُغُ برسم وصعود مينكم الْأَسْبابَ اى الطرق أَسْبابَ السَّماواتِ بيان لها يعنى راهها از آسمانى بآسمانى. وفى ابهامها ثم إيضاحها تفخيم لشأنها وتشويق للسامع الى معرفتها فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى بقطع الهمزة ونصب العين على جواب الترجي اى انظر اليه قال فى تاج المصادر الاطلاع ديده ورشدن. وفى عين المعاني الاستعلاء على شىء لرؤيته وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ اى موسى كاذِباً فيما يدعيه من الرسالة يقول الفقير لم يقل كذابا كما قال عند إرساله اليه لأن القائل هنا هو فرعون وحده وحيث قال كذاب رجع المبالغة الى فرعون وهارون وقارون فافهم اعلم أن اكثر المفسرين حملوا هذا الكلام على ظاهره وذكروا فى كيفية بناء ذلك الصرح حكاية سبقت فى القصص وقال بعضهم ان هذا بعيد جدا من حيث أن فرعون ان كان مجنونا لم يجز حكاية كلامه ولا إرسال رسول يدعوه وان كان عاقلا فكل عاقل يعلم بديهة انه ليس فى قوة البشر وضع بناء ارفع من الجبل وانه لا يتفاوت فى البصر حال السماء بين ان ينظر من أسفل الجبل ومن أعلاه فامتنع اسناده الى فرعون فذكروا لهذا الكلام توجهين يقربان من العقل الاول انه أراد ان يبنى له هامان رصدا فى موضع عال ليرصد منه احوال الكواكب التي هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على إرسال الله إياه والثاني ان يرى فساد قول موسى عليه السلام بأن اخباره من اله السماء ويتوقف على اطلاعه عليه ووصوله اليه وذلك لى يتأتى الا بالصعود الى السماء وهو مما لا يقوى عليه إلا لسان وان كان اقدر اهل الأرض كالملوك فاذا لم يكن طريق الى رؤيته وإحساسه وجب نفيه وتكذيب من ادعى أنه رسول من قبله وهو موسى فعلى هذا التوجيه الثاني يكون فرعون من الدهرية الزنادقة وشبهته فاسدة لأنه لا يلزم من امتناع كون الحس طريقا الى معرفة الله امتناع معرفته مطلقا إذ يجوز ان يعرف بطريق النظر والاستدلال بالآثار كما قال ربكم آبائكم الأولين وقال رب المشرق والمغرب وما بينهما ولكمال جهل اللعين بالله وكيفية استنبائه أورد الوهم المزخرف فى صورة الدليل وقال الكلبي اشتغل فرعون بموسى ولم يتفرغ لبنائه وقال بعضهم قال فرعون ذلك تمويها وبعضهم قال لغلبة جهله والظاهر أن الله تعالى إذا شاء يعمى ويصم من شاء فخلى فرعون ونفسه ليتفرغ لبناء الصرح ليرى منه آية

اخرى له وتتأكد العقوبة وذلك لأن الله تعالى هدمه بعد بنائه على ما سبق فى القصص وايضا هذا من مقتضى التكبر والتجبر الذي نقل عنه كما مثله عن بخت نصر فانه ايضا لغاية عتوه واستكباره بنى صرحا ببابل على ما سبقت قصته وايضا كيف يكون من الدهرية والمنقول المتواتر عنه أنه كان يتضرع الى الله تعالى فى خلوته لحصول مهامه ومن الله الفهم والعناية والدراية ويدل على ما ذكرنا ايضا قوله تعالى وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط زُيِّنَ آرايش داده شد لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ اى عمله السيّء فانهمك فيه انهما كالا يرعوى عنه بحال وَصُدَّ صرف ومنع عَنِ السَّبِيلِ اى سبيل الرشاد والفاعل فى الحقيقة هو الله تعالى وبالتوسط هو الشيطان ولذا قال زين لهم الشيطان أعمالهم وهذا عند اهل السنة واما عند المعتزلة فالمزين والصاد هو الشيطان وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ ونبود مكر فرعون در ساختن قصر ودر ابطال آيات إِلَّا فِي تَبابٍ اى خسار وهلاك وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من ظن أن الله سبحانه وتعالى فى السماء كما ظن فرعون فانه فرعون وقته ولو لم يكن من المضاهاة بين من يعتقد أن الله سبحانه فى السماء وبين الكافر الا هذا لكفى به فى زيغ مذهبه وغلط اعتقاده فان فرعون غلط إذ توهم ان الله فى السماء ولو كان فى السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء وقوله وكذلك إلخ يدل على أن اعتقاده بأن الله فى السماء خطأ وانه بذلك مصدود عن سبيل الله وما كيد فرعون فى طلب الله من السماء الا فى تباب اى خسران وضلال انتهى وعن النبي عليه السلام ان الله تعالى احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم يعنى لو كان فى السماء لما طلبه اهل السماء ولو كان فى الأرض لما طلبه اهل الأرض فاذا هو الآن على ما كان عليه قبل من التنزه عن المكان وفى هدية المهديين إذا قال الله فى السماء وأراد به المكان يكفر اتفاقا لأنه ظاهر فى التجسيم وان لم يكن له نية يكفر عند أكثرهم وان أراد به الحكاية عن ظاهر الاخبار لا يكفر وعن معاوية بن الحكم السلمى رضى الله عنه أنه قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقلت يا رسول الله ان جارية لى كانت ترعى غنما لى فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فاسفت عليها وكنت من بنى آدم فلطمتها اى على وجهها وعلى رقبتها أفأعتقها عنها فقال لها رسول الله اين الله فقالت فى السماء فقال من انا فقالت أنت رسول الله فقال عليه السلام أعتقها فانها مؤمنة. اعلم انه قد دل الدليل العقلي على استحالة حصر الحق فى اينية والشارع لما علم أن الجارية المذكورة ليس فى قوتها ان تتعقل موجدها الأعلى تصوير فى نفسها خاطبها بذلك ولو أنه خاطبها بغير ما تصورته فى نفسها لارتفعت الفائدة المطلوبة ولم يحصل القبول فكان من حكمته عليه السلام ان سأل مثل هذه الجارية بمثل هذا السؤال وبمثل هذه العبارة ولذلك لما اشارت الى السماء قال فيها انها مؤمنة يعنى مصدقة بوجود الله تعالى ولم يقل انها عالمة لانها صدقت قول الله وهو الله فى السموات ولو كانت عالمة لم تقيده بالسماء فعلم أن للعالم ان يصحب الجاهل فى جهله تنزلا لعقله والجاهل لا يقدر على صحبته العالم بغير تنزل كذا فى الفتوحات

[سورة غافر (40) : الآيات 38 إلى 39]

المكية وفيه ايضا أنه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبتت فانظر ماذا ترى وكن اهل السنة من الورى انتهى (وفى المثنوى) قرب نى بالا نه پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است نيست را چهـ جاى بالا است وزير ... نيست را زود ونه دورست ونه دير يقول الفقير يعرف من هذا الكلام أن وجود الأشياء وماهياتها الممكنة اعتباري والاعتباري لا وجود له حقيقة وانما يقوم بوجود الله تعالى لقيام الظل بذي الظل فاذا كان وجود الموجودات فى حكم العدم فما معنى كون وجود الله تعالى متقيدا بالعدم بان يظهر فى اينية مخصوصة دون غيرها سبحانه فافهم وَقالَ الَّذِي آمَنَ اى مؤمن آل فرعون يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ فيما دللتكم عليه أصله يا قومى اتبعونى أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ اى سبيلا يصل سالكه الى المقصود والرشد والرشاد الاهتداء لمصالح الدين والدنيا وفيه تعريض بان ما يسلكه فرعون وقومه سبيل الغى والضلال وفيه اشارة الى ان لهداية مودعة فى اتباع الأنبياء والأولياء وللولى ان يهدى سبيل الرشاد بتبعية النبي عليه السلام كما يهدى النبي اليه ومن الهداية قوله يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ اسم بمعنى المتعة وهى التمتع والانتفاع لا بمعنى السلعة لأن وقوعه خبرا عن الحياة الدنيا يمنع منه اى تمتع يسيرو انتفاع قليل لسرعة زوالها لأن الدنيا بأسرها ساعة فكيف عمر انسان واحد وبالفارسية بساط عيش او باندك فرصتى در نوردند ونامه معاشرت او را رقم ابطال در سر كشند. بباغ دهر كه بس تازه رنك وخوش بويست ... مباش غره كه رنج خزان ز پى دارد زمان زمان بد مد ريح نكبت وادبار ... چهـ رنك وبو كه نشانى از ان نكذارد قال محمد بن على الترمذي قدس سره لم تزل الدنيا مذمومة فى الأمم السالفة عند العقلاء منهم وطالبوها مهانين عند الحكماء الماضية وما قام داع فى امة إلا حذر متابعة الدنيا وجمعها والحب لها ألا ترى الى مؤمن آل فرعون كيف قال اتبعون أهدكم سبيل الرشاد كأنهم قالوا وما سبيل الرشاد قال انما هذه إلخ يعنى لن تصل الى سبيل الرشاد وفى قلبك محبة للدنيا وطلب لها وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ لخلودها ودوام ما فيها فالدآئم خير من المنقضى قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان والآخرة ذهب باق وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نام على حصير فقام وقد اثر فى جسده فقال ابن مسعود رضى الله عنه يا رسول الله لو امرتنا ان نبسط لك لنفعل فقال مالى وللدنيا وما انا والدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها وعن انس بن مالك رضى الله عنه أن النبي عليه السلام قال يا بنى اكثر ذكر الموت فانك إذا أكثرت ذكر الموت زهدت فى الدنيا ورغبت فى الآخرة وأن الآخرة دار قرار والدنيا غرارة والمغرور من اغتر بها. تو غافل در انديشه سود مال ... كه سرمايه عمر شد پايمال چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار

[سورة غافر (40) : الآيات 40 إلى 41]

مَنْ هر كه عَمِلَ فى الدنيا سَيِّئَةً كردارى بد فَلا يُجْزى فى الآخرة إِلَّا مِثْلَها عدلا من الله سبحانه فخلود الكافر فى النار مثل لكفره ولو ساعة لأبدية اعتقاده واما المؤمن الفاسق فعقابه منقطع إذ ليس على عزم ان يبقى مصرا على المعصية وفى الآية دليل على أن الجنايات سوآء كانت فى النفوس او الأعضاء او الأموال تغرم بامثالها والزائد على الأمثال غير مشروع وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً وهو ما طلب به رضى الله تعالى اى عمل كان من الأعمال المشروعة مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ذكرهما ترغيبا لهما فى الصالحات وَهُوَ اى والحال أنه مُؤْمِنٌ بالله واليوم الآخر جعل العمل عمدة والايمان حالا للايذان بانه لا عبرة بالعمل بدون الايمان إذ الأحوال مشروطة على ما تقرر فى علم الأصول فَأُولئِكَ الذين عملوا ذلك يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها روزى داده شوند از فواكه پاكيزه ومطاعم لذيذه بِغَيْرِ حِسابٍ اى بغير تقدير وموازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة فضلا من الله ورحمة وفى التأويلات النجمية بغير حساب اى مما لم يكن فى حساب العبدان يرزق مثله وعن ابى هريرة رضى الله عنه أنه قال أخبرني رسول الله عليه السلام أن اهل الجنة إذ ادخلوها نزلوا فيها يفضل أعمالهم اى بأعمالهم الفاضلة ثم يؤذن لهم فى مقدار يوم الجمعة من ايام الدنيا فيبرزون ويبرز لهم عرشه ويتبدى لهم فى روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما هو دنى على كثبان المسك والكافور ما يرون أن اصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا قال ابو هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله وهل يرى ربنا قال نعم هل تتمارون فى رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا لا قال كذلك لا تتمارون فى رؤية ربكم تبارك وتعالى ولا يبقى فى ذلك المجلس رجل الا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان ابن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا فيذكره بعض عثراته فى الدنيا فيقول او لم تغفر لى فيقول بلى فبسعة مغفرتى بلغت منزلتك هذه فبينماهم على ذلك إذ غشيهم سحابة فامطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه قط ويقول ربنا قوموا الى ما اعددت لكم من الكرامة فخذوا ما شتهيتم فنأتى سوقا قد حفت بالملائكة لم تنظر العيون الى مثلها ولم تسمع الاذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشترى وفى ذلك السوق يلقى اهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دنى فيروعه ما عليه من اللباس فما ينقضى آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو احسن منه وذلك أنه لا ينبغى لأحد ان يحزن فيها ثم ننصرف الى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا لقد جئت وان ربك من الجمال ما هو أفضل مما فارقتنا عليه فيقول انا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحق لنا ان ننقلب بمثل ما انقلبنا وَيا قَوْمِ قال الكاشفى آل فرعون از سخنان خربيل فهم كردند كه ايمان آورده است زبان ملامت بگشادند كه شرم ندارى كه از پرستش فرعون روى بعبادت ديكرى مى آرى خربيل تكرار ندا كرد از روى تنبيه تا شايد از خواب غفلت بيدار شوند پس

[سورة غافر (40) : الآيات 42 إلى 46]

كفت اى كروه من ما لِي الاستفهام للتوبيخ أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ من النار بالتوحيد وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ بالاشراك قوله أدعوكم فى موضع الحال من المنوي فى الخبر وتدعوننى عطف عليه ومدار التعجب دعوتهم إياه الى النار لا دعوته إياهم الى النجاة كأنه قيل أخبروني كيف هذا الحال أدعوكم الى الخير وتدعوننى الى الشر وقد جعله بعضهم من قبيل مالى أراك حزينا اى مالك تكون حزينا فيكون المعنى ما لكم أدعوكم إلخ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ بدل والدعاء كالهداية بالى واللام وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ اى بشركته له تعالى فى المعبودية عِلْمٌ والمراد نفى المعلوم وهو ربوبية ما يزعمون إياه شريكا بطريق الكناية وهو من باب نفى الشيء بنفي لازمه وفيه اشعار بان الالوهية لا بد لها من برهان موجب للعلم بها وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الذي لم يكن له كفوا أحد واما المخلوقات فبعضها اكفاء بعض وايضا الى القادر على تعذيب المشركين الْغَفَّارِ لمن تاب ورجع اليه القادر على غفران المذنبين لا جَرَمَ هر آينه قاله الكاشفى وقال غيره كلمة لارد لما دعوه اليه من الكفر والإشراك وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ اى الى عبادته واشراكه لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ اى حق ووجب عدم دعوة آلهتكم الى عبادة نفسها أصلا ومن حق المعبود ان يدعو الناس الى عبادته بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهذا الشأن منتف عن الأصنام بالكلية لأنها فى الدنيا جمادات لا تستطيع دعاء غيرها وفى الآخرة إذا انشأها الله حيوانا ناطقا تبرأ من عبدتها أو المعنى حق وثبت عدم استجابة دعوة لها اى ليس لها استجابة دعوة لا فى الدنيا بالبقاء والصحة والغنى ونحوها ولا فى الآخرة بالنجاة ورفعة الدرجات وغيرهما كما قال تعالى ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم فكيف تكون الأصنام ربا وليس لها قدرة على اجابة دعاء الداعين ومن شأن الرب استجابة الدعوات وقضاء الحاجات وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه اى كسب ذلك الدعاء الى الكفر والإشراك بطلان دعوته اى بطلان دعوة المدعو اليه بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته كأنه قيل انكم تزعمون أن دعاءكم الى الإشراك يبعثنى على الإقبال عليه وانه سبب الاعراض وظهور بطلانه وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما أن بد من لا بد فعل من التبديد والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الأصنام اى لا ينقطع فى وقت ما فينقلب حقا فيكون جرم اسم لا مبنيا على الفتح لا فعلا ماضيا كما هو على الوجهين الأولين وفى القاموس لا جرم اى لا بد أو حقا او لا محالة او هذا أصله ثم كثر حتى تحول الى معنى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لآتينك وَأَنَّ مَرَدَّنا مرجعنا إِلَى اللَّهِ اى بالموت ومفارقة الأرواح الأجساد وما را جزا خواهد داد وهو عطف على أن ما تدعوننى داخل فى حكمه وكذا قوله تعالى وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ اى فى الضلال والطغيان كالاشراك وسفك الدماء هُمْ أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها فَسَتَذْكُرُونَ اى فسيذكر بعضكم بعضا عند معاينة العذاب ما أَقُولُ لَكُمْ من النصائح ولكن لا ينفعكم الذكر حينئذ

وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ أرده اليه ليعصمنى من كل سوء قاله لما أنهم كانوا توعدوه بالقتل قال فى القاموس فوض اليه الا مررده اليه انتهى وحقيقة التفويض تعطيل الارادة فى تدبير الله تعالى كما فى عين المعاني وكمال التفويض ان لا يرى لنفسه ولا للخلق جميعا قدرة على النفع والضر كما فى عرائس البقلى قال بعضهم التفويض قبل نزول القضاء والتسليم بعد نزوله إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ يعلم المحق من المبطل فيحرس من يلوذبه من المكاره ويتوكل عليه وفى كشف الاسرار معنى تفويض كار با خداوندكار كذاشتن است در سه چيز در دين ودر قسم ودر حساب خلق اما تفويض در دين آنست كه بتكلف خود در هر چهـ الله ساخته نياميزى و چنانكه ساخته وى ميكردد با آن ميسازى وتفويض در قسم آنست كه بهانه دعا با حكم او معارضه نكنى وباستقصاى طلب تعيين خود را متهم نكنى وتفويض در حساب آنست كه اگر ايشانرا بدى بينى آنرا شقاوت نشمرى وبترسى واگر بر نيكى بينى آنرا سعادت نشمرى واميد دارى وبر ظاهر هر كس فرو آيى وبصدق ايشانرا مطالبت نكنى ويقرب من هذا حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان رجلين كانا فى بنى إسرائيل متحابين أحدهما مجتهد فى العبادة والآخر كان يقول مذنب فجعل المجتهد يقول أقصر أقصر عن ما أنت فيه قال فيقول خلنى وربى فانما على ذنب استعظمه فقال أقصر فقال خلنى وربى أبعثت على رقيبا فقال والله لا يغفر الله لك ابدا ولا يدخلك الجنة ابدا قال فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده فقال للمذنب ادخل الجنة برحمتي وقال للآخر أتستطيع ان تحظر على عبدى رحمتى فقال لا يا رب قال اذهبوا به الى النار قال ابو هريرة والذي نفسى بيده لتكلم بكلمة او بقت بدنياه وآخرته ودلت الآية على أن الله تعالى مطلع على العباد وأحوالهم فلا بد من تصحيح الحال ومراقبة الأحوال روى أن ابن مسعود رضى الله عنه خرج مع بعض الاصحاب رضى الله عنهم الى الصحراء فطبخوا الطعام فلما تهيأوا للأكل رأوا هنالك راعيا يرعى اغناما فدعوه الى الطعام فقال الراعي كلوا أنتم فانى صائم فقالوا له بطريق التجربة كيف تصوم فى مثل هذا اليوم الشديد الحرارة فقال لهم ان نار جهنم أشد حرا منه فاعجبهم كلامه فقالوا له بع لنا غنما من هذه الأغنام نعطك ثمنه مع حصة من لحمه فقال لهم هذه الأغنام ليست لى وانما هى لسيدى ومالكى فكيف أبيع لكم مال الغير فقالوا له قل لسيدك انه أكله الذئب أو ضاع فقال الراعي اين الله فاعجبهم كلامه زيادة الاعجاب ثم لما عادوا الى المدينة اشتراه ابن مسعود من مالكه مع الأغنام فاعتقه ووهب الأغنام له فكان ابن مسعود يقول له فى بعض الأحيان بطريق الملاطفة اين الله وروى أن نبيا من الأنبياء كان يتعبد فى جبل وكان فى قربه عين جارية فجاز بها فارس وشرب منها ونسى عندها صرة فيها الف دينار فجاء آخر فاخذ الصرة ثم جاء رجل فقير على ظهره جزمة حطب فشرب واستلقى ليستريح فرجع الفارس لطلب الصرة فلم يرها فأخذ الفقير فطلبها منه فلم يجدها عنده فعذبه حتى قتله فقال ذلك النبي الهى ما هذا أخذ الصرة بل أخذها ظالم آخر وسلطت هذا الظالم عليه حتى قتله فاوحى الله تعالى

[سورة غافر (40) : الآيات 45 إلى 46]

اليه ان اشتغل بعبادتك فليس معرفة مثل هذا من شأنك ان هذا الفقير قد قتل أبا الفارس فمكنته من القصاص وان أبا الفارس قد كان أخذ ألف دينار من مال آخذ الصرة فرددته اليه من تركته ذكره الغزالي رحمه الله (قال الحافظ) دركاه خانه كه ره عقل وفضل نيست ... فهم ضعيف وراى فضولى چرا كنند فَوَقاهُ اللَّهُ آورده اند كه فرعون فرمود تا خربيل را بكشند وى كريخته روى بكوهى نهاد وبنماز مشغول شد حق سبحانه تعالى لشكر سباع را برانگيخت تا بكرد وى در آمده آغاز پاسبانى كردند نتيجه تفويض بزودى در وى رسيد يعنى فوض أمره الى الله فكفاه الله در كشف الاسرار آمده كه فرعون از خواص خود جمعى را از عقب او فرستاد چون بوى رسيدند ونماز وى ونكهبانى سباع مشاهده كرده بترسيدند ونزد فرعون آمده صورت حال باز كفتند همه را سياست كرد تا آن سخن فاش نكردد وقال بعضهم منهم من أكلته السباع ومنهم من رجع الى فرعون فاتهمه وصلبه فاخبر الله عن الحال خربيل بقوله فوقاه الله اى حفظه من سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا شدائد مكرهم وما هموا به من الحاق انواع العذاب بمن خالفهم وبالفارسية پس نكاه داشت او را خداى از بديهاى آنچهـ انديشيدند در راه او. وقيل نجا خربيل مع موسى عليه السلام وَحاقَ نزل وأصاب بِآلِ فِرْعَوْنَ اى بفرعون وقومه وعدم التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره ضرورة أنه اولى منهم بذلك من حيث كونه متبوعا لهم ورئيسا ضالا مضلا سُوءُ الْعَذابِ اى الغرق وهذا فى الدنيا ثم بين عذابهم فى البرزخ بقوله النَّارُ يُعْرَضُونَ اى فرعون وآله عَلَيْها اى على النار ومعنى عرضهم على النار إحراق أرواحهم وتعذيبهم بها من قولهم عرض الأسارى على السيف إذا قتلوا به قال فى القاموس عرض القوم على السيف قتلهم وعلى السوط ضربهم غُدُوًّا وَعَشِيًّا اى فى أول النهار وآخره وذكر الوقتين اما للتخصيص واما فيما بينهما فالله تعالى اعلم بحالهم اما أن يعذبوا بجنس آخر او ينفس عنهم واما للتأبيد كما فى قوله تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا اى على الدوام قال ابن مسعود رضى الله عنه أن أرواح آل فرعون فى أجواف طير سود يعرضون على النار مرتين فيقال يا آل فرعون هذه داركم قال ابن الشيخ فى حواشيه هذا يودن بان العرض ليس بمعنى التعذيب والإحراق بل بمعنى الإظهار والإبراز وان الكلام على القلب كما فى قولهم عرضت الناقة على الحوض فان أصله عرضت الحوض على الناقة بسوقها اليه وإيرادها عليه فكذاهنا اصل الكلام تعرض عليهم اى على أرواحهم بأن يساق الطير التي أرواحهم فيها اى فى أجوافها الى النار وفى الحديث أن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى ان كان من اهل الجنة فمن الجنة وان كان من اهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة. يعنى اينست جاى تو تا كه برانگيزد ترا خداى بسوى وى در روز قيامت يقول الفقير اما كون أرواحهم فى أجواف طيرسود فليس المراد ظرفية الأجواف للارواح حتى لا يلزم التناسخ بل هو تصوير لصور أرواحهم البرزخية واما العرض بمعنى الإظهار فلا يقتضى عدم التعذيب فكل روح اما معذب او منعم وللتعذيب والتنعيم مراتب ولأمر ما

ذكر الله تعالى عرض أرواح آل فرعون على النار فان غرضها ليس كعرض سائر الأرواح الخبيثة قال فى عين المعاني قال رجل للاوزاعى رأيت طيرا لا يعلم عددها الا الله تخرج من البحر بيضاء ثم ترجع عشيا سوداء فما هى قال أرواح آل فرعون تعرض وتعود والسواد من الإحراق هذا ما دامت الدنيا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ وتعود الأرواح الى الأبدان يقال للملائكة أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ اى عذاب جهنم فانه أشد مما كانوا فيه فانه للروح والجسد جميعا وهو أشد مما كان للروح فقط كما فى البرزخ وذلك ان الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى ولكن ذلك نعيم او عذاب معنوى روحانى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتعذب عند ذلك حسا ومعنى او تنعم ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى فى المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة اى نعيم الروح واما النصف الآخر الذي هو نعيم الجسد فيحصل بعد الحشر ببدنه والاكل الذي يراه الميت بعد موته فى البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم فى النوم فكما أنه تتفاوت درجات الرؤيا حتى ان منهم من يستيقظ ويجد أثر الشبع او الري فكذا تختلف احوال الموتى فالشهداء احياء عند ربهم كحياة الدنيا ونعيمهم قريب من نعيم الحس فافهم جدا ويجوز ان يكون المعنى ادخلوا آل فرعون أشد عذاب جهنم فان عذابها ألوان بعضها أشد من بعض وفى الحديث أهون اهل النار عذابا رجل فى رجليه نعلان من ناريغلى مهما دماغه وفى التأويلات النجمية ويوم تقوم الساعة يشير الى مفارقة الروح البدن بالموت فان من مات فقد قامت قيامته ادخلوا آل فرعون أشد العذاب وذلك فان أشد عذاب فرعون النفس ساعة المفارقة لأنه يفطم عن جميع مألوفات الطبع دفعة واحدة والفطام عن المألوف شديد وقد يكون الألم بقدر شدة التعلق به انتهى (قال الحافظ) غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذير آزادست (وقال غيره) الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع ثم فى الآية دليل على بقاء النفس وعذاب القبر لأن المراد بالعرض التعذيب فى الجملة وليس المراد انهم يعرضون عليها يوم القيامة لقوله بعده ويوم تقوم الساعة إلخ وإذا ثبت فى حق آل فرعون ثبت فى حق غيرهم إذ لا قائل بالفصل وكان عليه السلام لا يصلى صلاة الا وتعوذ بعدها من عذاب القبر قال عليه السلام من كف أذاه عن الناس كان حقا على الله ان يكف عنه أذى القبر وروى عن سالم بن عبد الله أنه قال سمعت ابى يقول أقبلت من مكة على ناقة لى وخلفى شىء من الماء حتى إذا مررت بهذه المقبرة مشيرا الى مقبرة محصوسة بين مكة والمدينة خرج رجل من المقبرة يشتعل من قرنه الى قدمه نارا وإذا فى عنقه سلسلة تشتعل نارا فوجهت الدابة نحوه انظر الى العجب فجعل يقول يا عبد الله صب على من الماء فخرج رجل من القبر أخذ بظرف السلسلة فقال لا تصب عليه الماء ولا كرامة فمديده حتى انتهى به الى القبر فاذا معه سوط يشتعل نارا فضربه حتى دخل القبر قال وهب بن منبه من قرأ

[سورة غافر (40) : الآيات 47 إلى 52]

بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله رفع الله العذاب عن صاحب القبر أربعين سنة كذا فى زهرة الرياض قال العلماء عذاب القبر هو عذاب البرزخ أضيف الى القبر لأنه الغالب والأفكل ميت أراد الله تعذيبه ما له ما أراد به قبر أو لم يقبر بان صلب او غرق فى البحر او احرق حتى صار رمادا وذرى فى الجو قال امام الحرمين من تفرقت اجزاؤه يخلق الله الحياة فى بعضها او كلها ويوجه السؤال عليها ومحل العذاب والنعيم أي فى القبر هو الروح والبدن جميعا باتفاق اهل السنة قال اليافعي وتختص الأرواح دون الأجساد بالنعيم والعذاب ما دامت فى عليين او سجين وفى القبر يشترك الروح والجسد قال الفقيه ابو الليث الصحيح عندى أن يقر الإنسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته وفى الاخبار الصحاح أن بعض الموتى لا ينالهم فتنة القبر كالانبياء والأولياء والشهداء قال الحكيم الترمذي إذا كان الشهيد لا يسأل فالصديق اولى بان لا يفتن هو المنخلع عن صفات النفس والشهيد هو اهل الحضور والصحيح هو اهل الاستقامة فى الدين ورؤى بعضهم بعد موته على حال حسنة فسئل عن سببها فقال كنت اكثر قول لا اله الا الله فاكثر منها اى من هذه المقالة الحسنة والكلمة الطيبة اللهم اختم لنا بالخير والحسنى وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ التحاج بالتشديد التخاصم كالمحاجة اى واذكر يا محمد لقومك وقت تخاصم اهل النار فى النار سوآء كانوا آل فرعون او غيرهم ثم شرح خصومتهم بقوله فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ منهم فى القدر والمنزلة والحال فى الدنيا يعنى بيچارگان وزبونان قوم لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى أظهروا الكبر باطلا وهم رؤساؤهم ولذا لم يقل للكبرآء لأنه ليس الكبرياء صفتهم فى نفس الأمر إِنَّا كُنَّا لَكُمْ فى الدنيا تَبَعاً جمع تابع كخدم فى جمع خادم قال فى القاموس التبع محركة التابع يكون واحد او جمعا اى اتباعا فى كل حال خصوصا فيما دعوتمونا اليه من الشرك والتكذيب يعنى سبب دخول ما در دوزخ ببدى شما فَهَلْ أَنْتُمْ پس آيا هستيد شما مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ بالدفع او بالحمل يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجزيك وما ينفعك ونصيبا وهو الحظ المنصوب اى المعين كما فى المفردات منصوب بمضمر يدل عليه مغنون فان اغنى إذا عدى بكلمة عن لا يتعدى الى مفعول آخر بنفسه اى رافعون عنا نصيبا اى بعضا وجزأ من النار باتباعنا إياكم فقد كنا ندفع المئونة عنكم فى الدنيا قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا چهـ جاى اين سخن است إِنَّا كُلٌّ اى كلنا نحن وأنتم وبهذا صح وقوعه مبتدأ فِيها خبر اى فى النار فكيف نغنى عنكم ولو قدرنا لاغنينا عن أنفسنا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ بماهية كل أحد فادخل المؤمنين الجنة على تفاوتهم فى الدرجات والكافرين النار على طبقاتهم فى الدركات ولا معقب لحكمه وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ من الضعفاء والمستكبرين جميعا لما ذاقوا شدة العذاب وضاقت حيلهم لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ اى القوام بتعذيب اهل النار جمع خازن والخزن حفظ الشيء فى الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه قاله الراغب ووضع جهنم موضع الضمير للتهويل والتفظيع وهم اسم لنار الله الموقدة ادْعُوا رَبَّكُمْ شافعين لنا يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً اى فى مقدار يوم واحد من ايام الدنيا مِنَ الْعَذابِ اى شيأ منه فقوله يوما ظرف ليخفف ومفعوله محذوف ومن العذاب بيان لذلك المحذوف

[سورة غافر (40) : آية 50]

واقتصارهم فى الاستدعاء على تخفيف قدر يسير من العذاب فى مقدار قصير من الزمان دون رفعه رأسا او تخفيف قدر كثير منه فى زمان مديد لعلمهم بعدم كونه فى خيز الإمكان قالُوا اى الخزنة بعد مدة أَوَلَمْ تَكُ الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدارى الم تنبهوا على هذا ولم تك تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ فى الدنيا على الاستمرار بِالْبَيِّناتِ بالحجج الواضحة الدالة على سوء عاقبة ما كنتم عليه من الكفر والمعاصي أرادوا بذلك إلزامهم وتوبيخهم على اضاعة اوقات الدعاء وتعطيل اسباب الاجابة قالُوا بَلى اى أتونا بها فكذبناهم كما فى سورة الملك قالُوا إذا كان الأمر كذلك يعنى چون كار برين منوالست فَادْعُوا أنتم فان الدعاء لمن يفعل ذلك مما يستخيل صدوره عنا ولم يريدوا بامرهم بالدعاء اطماعهم فى الاجابة بل اقناطهم منها واظهار حقيقتهم حسبما صرحوا به فى قولهم وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ لأنفسهم فالمصدر مضاف الى فاعله او وما دعاء غيرهم لهم تخفيف العذاب عنهم فالمصدر مضاف الى مفعوله إِلَّا فِي ضَلالٍ اى فى ضياع وبطلان لا يجاب لأنهم دعوا فى غير وقته اختلف العلماء فى أنه هل يجوز ان يقال يستجاب دعاء الكافرين فمنعه الجمهور لقوله تعالى وما دعاء الكافرين الا فى ضلال ولأن الكافر لا يدعو الله لانه لا يعرفه لأنه وان أقربه لما وصفه بما لا يليق به نقض إقراره وما روى فى الحديث ان دعوة المظلوم وان كان كافرا تستجاب فمحمول على كفران النعمة وجوزه بعضهم لقوله تعالى حكاية عن إبليس رب أنظرني اى أمهلني ولا تمتنى سريعا فقال الله تعالى انك من المنظرين فهذه اجابة وبالجواز يفتى (قال الشيخ سعدى) مغى در بروى از جهان بسته بود ... بتى را بخدمت ميان بسته بود پس از چند سال آن نكوهيده كيش ... قضا حالتى صعبش آورد پيش بپاى بت آمد باميد خبر ... بغلطيد بيچاره بر خاك دير كه در مانده ام دست كير اى صنم ... بجان آمدم رحم كن بر تنم بزاريد در خدمتش بارها ... كه هيچش بسامان نشد كارها بتى چون برارد مهمات كس ... كه نتواند از خود براند مكس بر آشفت كاى پاى بند ضلال ... بباطل پرستيدمت چند سال مهمى كه در پيش دارم برآر ... وكرنه بخواهم ز پروردگار هنوز از بت آلوده رويش بخاك ... كه كامش برآورد يزدان پاك حقائق شناسى درين خيره شد ... سر وقت صافى برو تيره شد كه سركشته دون باطل پرست ... هنوزش سر از خمر بتخانه مست دل از كفر ودست از خيانت نشست ... خدايش برآورد كامى كه چشد فرو رفت خاطر درين مشكلش ... كه پيغامى آمد درون دلش كه پيش صنم پير ناقص عقول ... بسى كفت وقولش نيامد قبول كر از دركه ما شود نيرزد ... پس آنكه چهـ فرن از صنم تا صمد دل اندر صمد بايد اى دوست بست ... كه عاجزترند از صنم هر كه هست

[سورة غافر (40) : الآيات 51 إلى 52]

محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى فاذا ثبت أن الله تعالى يجيب الدعوات لا ما سواه من الأصنام ونحوها فلا بد من توحيده واخلاص الطاعة والعبادة له وعرض الافتقار اليه إذ لا ينفع الغير لا فى الدنيا ولا فى الآخرة جعلنا الله وإياكم من التابعين للهدى والمخفوظين من الهوى إِنَّا نون العظمة او باعتبار الصفات او المظاهر لَنَنْصُرُ رُسُلَنا النصر العون وَالَّذِينَ آمَنُوا اى اتباعهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح فى ذلك ما قد يتفق لهم من صورة المغلوبية امتحانا إذ العبرة انما هى بالعواقب وغالب الأمر وايضا ما يقع فى بعض الأحيان من الانهزام انما كان بعارض كمخالفة امر الحاكم كما فى غزوة أحد وكمطلب الدنيا والعجب والغرور كما فى بعض وقائع المؤمنين وايضا أن الله تعالى ينتقم من الأعداء ولو بعد حين كما بعد الموت الا ترى أن الله تعالى انتقم ليحيى عليه السلام بعد استشهاده من بنى إسرائيل بتسليط بخت نصر حتى قتل به سبعون الفا قال عبد الله بن سلام رضى الله عنه ما قتلت امة نبيا الا قتل به منهم سبعون الفا ولا قتلوا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا واما قصة الحسنين رضى الله عنهما فكثرة القتلى لهما باعتبار جدهما عليه السلام وحاصله أن علماء هذه الامة كانبياء بنى إسرائيل فاذا انضم الى شرفهم شرف الانتساب الى النبي عليه السلام بالسيادة الصورية قربا او بعدا تضاعف قدرهم فكان الإكرام إليهم بمنزلة الإكرام الى النبي عليه السلام وكذا الاهانة والظاهر فى دفع التعارض بين قوله تعالى انا لننصر رسلنا وبين قوله ويقتلون النبيين بغير الحق ما قال ابن عباس رضى الله عنهما والحسن رضى الله عنه من انه لم يقتل من الانبيا الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر كما فى تفسير القرطبي فى البقرة وكان زكريا ويحيى وشعيب ونحوهم عليهم السلام ممن لم يؤمر بالقتال. يقول الفقير حقيقة النصرة للخواص انما هى بالامداد الملكوتي وقد يجيىء الامداد من جهة البلاء الصوري فالقتل ونحوه كله من قبيل الامداد بالترقي والحمد الله الذي بيده الخير قال شيخ الشهير بافتاده أفندى قدس سره كان النبي عليه السلام قادرا على تخليص الحسنين رضى الله عنهما بالشفاعة من الله تعالى لكنه رأى كمالهما بالشهادة راجحا على الخلاص وفى التأويلات النجمية كمال النصرة فى الظفر على أعدى عدوك وهى نفسك التي بين جنبيك هو الجهاد الأكبر ولا يمكن الظفر على النفس الا بنصرة الحق تعالى للقلب إذا تحقق عند العبد أن الخلق أشباح يجرى عليهم احكام القدر فالولى لا عدو له ولا صديق الا الله ولهذا قال عليه السلام أعوذ بك منك (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) جمع شاهد كصاحب واصحاب اى لننصرنهم فى الدنيا والآخرة وعبر عن يوم القيامة بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جمع الأولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب وهم الملائكة والمؤمنون من امة محمد عليه السلام قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) بدل من اليوم الاول والمعذرة بمعنى العذر وقد سبق معناه فى الاول السورة اى لا ينفعهم عذرهم عن كفرهم لو اعتذروا فى بعض الأوقات لأن معذرتهم باطلة فيقال

[سورة غافر (40) : الآيات 53 إلى 57]

لهم اخسأوا ولا تكلمون ويجوز أن يكون عدم نفع المعذرة لأنه لا يؤذن لهم فيتعذرون فيكون من نفى المقيد والقيد لا معذرة ولا نفع يومئذ وفى عرائس البيان ظلمهم عدولهم عن الحق الى الخلق واعتذارهم فى الآخرة لا فى الدنيا وفيه اشارة الى ان المؤثر هو سوابق العنايات لا الأوقات (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) اى البعد عن الرحمة (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) اى جهنم بخلاف المؤمنون العارفين فانها تنفعهم لتنصلهم يعنى از كناه بيزارى نمودن لكونه فى وقته ولهم من الله الرحمة ولهم حسن الدار وانما قال سوء الدار فان جهنم حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها صديد وكلامها هل من مزيد وأسوأ الظالمين المشركون كما قال تعالى حكاية عن لقمان ان الشرك لظلم عظيم وأسوأ المشركين المنافقون كما قال تعالى ان المنافقين فى الدرك الأسفل من النار لاستهزائهم بالمؤمنين فليحذر العاقل عن الظلم سوآء كان لنفسه بالاشراك والمعصية او لغيره بكسر العرض وأخذ المال ونحوهما وليتذكر الإنسان يوما يقول فيه الظالمون ربنا أخرجنا منها نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل فيجيبهم الله تعالى او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير وروى أن اهل النار يبكون بكاء شديدا حتى الدم فيقول مالك ما احسن هذا البكاء لو كان فى الدنيا (قال الشيخ سعدى) كنونت كه چشمست اشكى بيار ... زبان در دهانست عذرى بيار كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آيد ز خوابت چهـ سود كنون وقت تخمست اگر بدروى ... كراميد دارى كه خرمن برى فعلم انه لا تنفع المعذرة والبكاء فى الآخرة فليتدارك العاقل تقصيره فى الدنيا بالندامة والصلاح والتقوى ليستريح فى الآخرة ويصل الى الدرجات العلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصلحاء فمن أراد اللحوق بزمرتهم فليكن على حالهم وسيرتهم فان الله ينصرهم فى دنياهم وآخرتهم فان طاعة الله وطاعة الرسول توصل العبد الى المرام والى حيز القبول (روى) أن بعض الصحابة رضى الله عنهم قال للنبى عليه السلام كيف نراك بالجنة وأنت فى الدرجات العلى فانزل الله تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فلا بد من الاطاعة وعلى تقدير المخالفة فباب التوبة مفتوح عن كعب الاخبار أن رجلا من بنى إسرائيل أراد الاغتسال من فاحشة فى نهر فناداه النهر اما تستحيى من الله تعالى فتأب الرجل ثم عبد الله تعالى مع اثنى عشر رجلا فبعد زمان أرادوا العبور عن النهر المذكور فتخلف صاحب الاغتسال استحياء فقال النهر إن أحدكم إذا غضب على ولده فتاب هو قبل توبته فاعبدوا الله على شاطىء فأقاموا هناك زمانا فمات صاحب الاغتسال فناداهم النهر إن ادفنوه على شاطىء فدفنوه وأصبحوا وقد أنبت الله على قبره اثنى عشر سروا على عدد العابدين وكان ذلك أول سرو أنبت الله فى الأرض وكل من مات دفنوه هناك وكان بنو إسرائيل يزورون قبورهم (وَلَقَدْ آتَيْنا) بمحض فضلنا

[سورة غافر (40) : الآيات 54 إلى 55]

(مُوسَى) ابن عمران (الْهُدى) ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ الايراث ميراث دادن. والمراد بالكتاب التوراة ولما كان الايراث الحقيقي انما يتعلق بالمال تعذر حمله على معناه هنا فاريد التبرك مجازا اشعارا بأن ميراث الأنبياء ليس الا العلم والكتاب الهادي فى باب الدين والمعنى وتركنا عليهم من بعد موسى التوراة إذ سائر ما اهتدى به فى امر الدين قد ارتفع بموت موسى عليه السلام وبالفارسية ميراث داديم بنى إسرائيل را يعنى فرزندان يعقوب را تورات يعنى باقى كذاشتيم در ميان ايشان تورات را فهم ورثوا التوراة بعضهم من بعض قرنا بعد قرن هُدىً مفعوله اى هداية وبيانا من الضلالة او مصدر بمعنى اسم الفاعل على أنه حال اى هاديا يعنى راه نماينده وَذِكْرى تذكرة وعظة او حال كونه مذكرا يعنى پند دهنده لِأُولِي الْأَلْبابِ لذوى العقول السليمة العاملين بما فى تضاعيفه دون الذين لا يعقلون والفرق بين الهدى والذكرى ان الهدى ما يكون دليلا على شىء آخر وليس من شرطه ان يذكر شيأ آخر كان معلوما ثم صار منسيا واما الذكرى فليس من ذلك وكتب الأنبياء مشتملة على هذين القسمين فان بعضها دلائل فى أنفسها وبعضها مذكرات لما ورد فى الكتب الالهية المتقدمة فَاصْبِرْ مترتب على قوله انا لننصر رسلنا وقوله ولقد آتينا إلخ فالجملة المعترضة البيان والتأكيد لصرة الرسل كأنه قيل إذا سمعت ما وعدت به من نصرة الرسل وما فعلناه بموسى فاصبر على ما أصابك من اذية المشركين فهو غير منسوخ بآية السيف إذ الصبر محمود فى كل المواطن إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالنصرة وظهور الإسلام على الأديان كلها وفتح مكة ونحوها حَقٌّ لا يحتمل الا خلاف أصلا واستشهد بحال موسى وفرعون وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ تداركا لما فرط منك من ترك الاولى فى بعض الأحيان فانه تعالى كافيك فى نصرة دينك وإظهاره على الدين كله وفى عين المعاني واستغفر من ذنب ان كان منك وقيل هذا تعبد من الله لرسوله ليزيد به درجة وليصير ذلك سنة لمن بعده وفى عرائس البقلى واستغفر لما جرى على قلبك من احكام البشرية وايضا استغفر لوجودك فى وجود الحق فان كون الحادث فى كون القديم ذنب وقيل واستغفر لذنب أمتك وفيه أن هذا لا يجرى فى قوله تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات كما سيأتى فى سورة محمد وقال ابن الشيخ فى حواشيه والظاهر أنه تعالى يقول ما أراد أن يقوله وان لم يجر لنا أن نضيف اليه عليه السلام ذنبا انتهى يقول الفقير كلام ابن الشيخ شيخ الكلمات وذلك لأن مرتبة النبوة ارفع من مرتبة الولاية فان أحدا من الامة وان كان وأصلا الى أقصى الغايات بحسب مرتبته فهو لا يدرى حال النبي فوقه إذ لا ذوق له من مرتبته فكيف يضيف اليه ذنبا لا يعرفه فلا يطمع على حقيقة الذنب المضاف إليه عليه السلام الا الله كالتصلية فى قوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي فانها سر غامض بينه تعالى وبين رسوله فليس لاحد سبيل الى معرفته ومن هذا لقبيل سهوه عليه السلام فى بعض المواضع فانه ليس من قبيل السهوى الذي تعرفه الامة. ندانم كدامين سخن كويمت ... كه والاترى ز آنچهـ من كويمت

[سورة غافر (40) : آية 56]

وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ اى ودم على التسبيح ملتبسا مقرونا وبحمده تعالى او على قوله سبحان الله وبحمده فالمقصود من ذكر العشى والابكار الدلالة على المداومة عليهما فى جميع الأوقات بناء على ان الابكار عبارة عن أول النهار الى نصفه والعشى عبارة عن نصف النهار الى أول النهار من اليوم الثاني فيدخل فيهما كل الأوقات وفى الآية اشارة الى قلب الطالب الصادق بالتصبر على أذى النفس والهوى والشيطان ان وعد الله حق فى نصرة القلب المجاهد مع كافر النفس وظفره عليها واستغفر لذنبك ايها القلب اى مما سرى إليك من صفات النفس وتخلقت باخلاقها فاستغفر لهذا الذنب فانه صدأ مرءاة القلب ودم عل الطاعات وملازمة الاذكار فانه تصفو مرءاة القلب عن صدأ الأخلاق الذميمة قالوا ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما ينحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح كذلك قد يرتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب فاذا لا بد من الاشتغال بظواهر الأعمال إصلاحا للحال وتنويرا وتصفية للبال فمن ليس له فى الدنيا شغل وقد ترك الدنيا على أهلها فما له لا يتنعم بخدمة الله تعالى فيلزم ان يديم العمل لله من غير فتور اما ظاهرا او باطنا قلبا وقالبا والا فباطنا وترتيب ذلك أنه يصلى مادام منشرحا والنفس مجيبة فان سئم تنزل من الصلاة الى التلاوة فان مجرد التلاوة أخف على النفس من الصلاة فان سئم التلاوة ايضا يذكر الله بالقلب واللسان فهو أخف من القراءة فان سئم الذكر ايضا يدع ذكر اللسان ويلازم المراقبة والمراقبة علم القلب بنظر الله تعالى اليه فما دام هذا العلم ملازما للقلب فهو مراقب والمراقبة عين الذكر وأفضله وان عجز عن ذلك ايضا وتملكته الوساوس وتزاحم فى باطنه حديث النفس فلينم وفى النوم السلامة وإلا فكثرة حديث النفس تقسى القلب ككثرة الكلام لأنه كلام من غير لسان فيحترز من ذلك فيقيد الباطن بالمراقبة والرعاية كما يقيد الظاهر بالعمل وانواع الذكر والتسبيح وبداوم الإقبال على الله ودوام الذكر بالقلب واللسان يرتقى القلب الى ذكر الذات ويصير حينئذ بمثابة العرش فالعرش قلب الكائنات فى عالم الخلق والحكمة والقلب عرش فى عالم الأمر والقدرة فاذا اكتحل القلب بنور ذكر الذات وصار بحرا مواجا من نسيمات القرب جرى فى جداول اخلاق النفس صفاء النعوت والصفات وتحقق التخلق بأخلاق الله تعالى غير ذكر خدا چهـ سر چهـ جهر ... نيست دلرا نصيب وجانرا بهر نور حق چون ز دل ظهور كند ... ظلمت تن چهـ شر وشور كند وفى الحديث رأيت رجلا من أمتي يتقى وهج النار وشررها عن وجهه بيده فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاء حسن خلقه وأخذ بيده وادخله على الله ورأيت رجلا من أمتي غلقت أبواب الجنة له فجاءت شهادة ان لا اله الا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة جعلنا الله وإياكم من اهل الأخلاق والأحوال وصالحات الأعمال إِنَّ الَّذِينَ آورده اند كه كفار مكه در باب قرآن وبعث مجادله ميكردند كه قرآن سخن خدا نيست نعوذ بالله وبعث محالست حق

سبحانه وتعالى آيت فرستاد كه إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ ويجحدون بها بِغَيْرِ سُلْطانٍ حجة قاهرة أَتاهُمْ فى ذلك من جهته تعالى وتقييد المجادلة بذلك مع استحالة إتيانه للايذان بأن التكلم فى امر الدين لا بد من استناده الى سلطان مبين البتة إِنَّ نافية فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ خبر لأن عبر بالصدر عن القلب لكونه موضع القلب وفى الحصر اشعار بان قلوبهم قد خلت عن كل شىء سوى الكبر أي ما فى قلوبهم الا تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم او الا ارادة الرياسة والتقدم على النبي والمؤمنين او الا ارادة ان تكون النبوة لهم دونك يا محمد حسدا وبغيا ولذلك يجادلون فيها لأن فيها موقع جدال ما او أن لهم شيأ يتوهم ان يصلح مدارا لمجادلتهم فى الجملة واعتبرت الارادة فى هذين الوجهين لأن نفس الرياسة والنبوة ليستا فى قلوبهم ما هُمْ بِبالِغِيهِ صفة كبر فالضمير راجع الى الكبر بتقدير المضاف اى ما هم ببالغي مقتضى كبرهم وهو دفع الآيات فانى انشر أنوارها فى الآفاق وأعلى قدرك او ما هم بمدركى مقتضى ذلك الكبر وهو ما أرادوه من الرياسة والنبوة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى التجئ اليه فى السلامة من كيد من يحسد ويبغى عليك إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لأقوالكم الْبَصِيرُ لأفعالكم وقيل المجادلون هم اليهود وكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام لست صاحبنا المذكور فى التوراة بل هو المسيح بن داود (وفى تفسير الكاشفى) بلكه او ابو يوسف بن مسيح بن داود است يريدون ان الدجال يخرج فى آخر الزمان ويبلغ سلطانه البر والبحر وتسير معه الأنهار وهو آية من آيات الله فيرجع إلينا الملك فسمى الله تمنيهم ذلك كبرا ونفى أن يبلغوا متمناهم فان الدجال وان كان يخرج فى آخر الزمان لكنه ومن تبعه من اليهود يقتلهم عيسى والمؤمنون بحيث لا ينجو منهم واحد فمعنى قوله فاستعذ بالله اى من فتنة الدجال فانه ليس فتنة أعظم من فتنته قال عليه السلام تعوذوا بالله من عذاب النار فقالوا نعوذ بالله من عذاب النار ثم قال تعوذوا بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر ثم قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن فقالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ثم قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال فقالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال (وقال الكاشفى) ببايد دانست كه دجال آدمي است ز آدميان ديكر بقد بلندتر وبجثه بزركتر ويك چشم است وظهور او يكى از علامات قيامتست و پيغمبر امارات ظهور او بيان كرد كه مردم بسه سال پيش از خروج وى بقحط وغلا مبتلا شوند سال أول آسمان از آنچهـ باريدى ثلثى باز كيرد يعنى إمساك ميكند وزمين از آنچهـ ازو روييدى ثلثى نكاه دارد سال دوم دو ثلث باز كيرند ودر سال سوم نه از آسمان باران آيد ونه از زمين كياه رويد ويكون غذآء المؤمنين يومئذ التسبيح والتقديس كأهل السماء پس دجال بيرون آيد وبا وى سحر وتمويه بسيار بود وبيشتر خلق متابعت وى كنند الا من عصمه الله تعالى وديوان دارد كه متمثل شوند بصورت آدميان پس يكى را كويد اگر پدر ومادر ترا زنده كنم اقرار كنى بربوبيت من كويد آرى فى الحال ديوان بصورت أبوين او متشكل شوند واو را كويند اى فرزند متابعت وى كن كه آفريدگار تست.

[سورة غافر (40) : آية 57]

القصة همه شهرها را بگيرد الا مكة ومدينه را كه ملائكه پاسبانى كنند و چون كار بر مؤمنان به تنك آيد حق سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام را از آسمان فرو فرستد تا دجال را بكشد ولشكر او كه اغلب يهود باشند بتمامى مستأصل كرداند وشمه از نزول عيسى در سوره زخرف مذكور خواهد شد وفى الحديث لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه لرسول الله وقال عليه السلام ان بين يدى الساعة كذابين قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه لرسول الله وقال عليه السلام ان بين يدى الساعة كذابين فاحذروهم كما فى المصابيح وهم الائمة المضلون نعوذ بالله من فتنة الدجاجلة ومن كل فتنة مضلة قال المفسرون قوله ان الذين يجادلون الآية وان نزل فى مشركى مكة لكنه عام لكل مجادل مبطل فان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ففيه اشارة الى مدعى اهل الطلب ومجادلتهم مع ارباب الحقائق فيما آتاهم الله من فضله بغير حجة وبرهان بل حسدا من عند أنفسهم وليس ما نعهم فى قبول الحق وتصديق الصديقين وتسليمهم فيما يشيرون اليه من الحقائق والمعاني الأكبر مما كان من وصف إبليس إذ أبى واستكبر وقال انا خير منه وهذه الصفة مركوزة فى النفوس كلها ولهذا المعنى بعض الجهلة المغترين بالعلوم ينكرون على بعض مقالات المشايخ الراسخين فى العلوم فهؤلاء المدعون المنكرون لا يصلون الى مرادهم ولا يدركون رتبة اهل الحقائق ولهذا قال بعضهم لا تنكر فان الإنكار شؤم والمنكر من هذا الحديث محروم فيها ايها الطالب المحق استعذ بالله من شر نفسك والنفوس المتمردة وجميع آفات تعوقك عن الحق وتقطع عليك طريق الحق (قال فى كشف الاسرار) كفته اند اين مجادلان داعيان بدعت اند ومنكران صفات حق واين مجادلت اقتحام مكلفانست وخوض معترضان وجدال مبتدعان وتأويل جهميان وساخته اشعريان وتزوير فلسفيان وقانون طبايعيان در هر عصرى قوم فراديد آمدند چون غيلان قدرى وبشر مرسى وشيطان الطاق وابن ابى داود وجهم صفوان وعمر وعبيد وأمثال ايشان كه صفات حق را منكر شدند ودين قديم بگذاشتند وكتاب وسنت سست ديدند وراى وقياس محكم داشتند مقصود ايشان آنست كه كتاب وسنت باز پس دارند ومعقول فرا پيش اين آرزوى بزركست كه در دل دارند وهركز نخواهند رسيد بآن آرزوى خويش (وفى المثنوى) شمع حق را پف كنى تو اى عجوز ... هم تو سوزى هم سرت اى كنده پوز كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس هر كه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كى كند تف سوى مه يا آسمان تف برويش باز كردد بى شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى تا قيامت تف برو بارد ز رب ... همچوتبت بر روان بو لهب لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تحقيق للحق وتبيين لاشهر ما يجادلون فيه وهو امر

[سورة غافر (40) : الآيات 58 إلى 64]

البعث أَكْبَرُ أعظم فى القدرة مِنْ خَلْقِ النَّاسِ مرة ثانية وهى الاعادة فمن قدر على خلق الأعظم الأقوى بلا اصل ولا مادة وجب أن يقدر على خلق الأذل الأضعف من الأصل والمادة بطريق الاولى فكيف يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وينكرون الخلق الجديد يوم البعث وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعنى الكفار لا يَعْلَمُونَ أن الاعادة أهون من البداية لقصورهم فى النظر والتأمل لفرط غفلتهم واتباعهم لاهوائهم وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ اى الغافل والمستبصر فالمراد بالأعمى من عمى قلبه عن رؤية الآيات والاستدلال بها والبصير من أبصرها قال الشاعر ايها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان هى شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يمانى اى فكما لا تساوى بينهما فكذلك بين المؤمن والكافر والعالم والجاهلى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قدمه لمجاورة البصير وهو باب من أبواب البلاغة والمراد بهم المحسنون وَلَا الْمُسِيءُ اسم جنس يعم المسيئين والمعنى وما يستوى المحسن والمسيء اى الصالح والطالح فلا بد أن يكون لهم حالة اخرى يظهر فيها ما بين الفريقين من التفاوت وهى فيما بعد البعث وهو احتجاج آخر على حقيقة البعث والجزاء وزيادة ولا فى المسيء لتأكيد النفي لطول الكلام بالصلة ولأن المقصود نفى مساواته للمحسن لأنه كما لا يساوى المحسن المسيء فيما يستحقه المسيء من الحقارة والهوان كذلك لا يساوى المسيء المحسن فيما يستحقه المحسن من الفضل والكرامة والعاطف فى قوله والذين عطف الموصول بما عطف عليه على الأعمى والبصير مع أن المجموع اى مجموع الغافل والمستبصر هو مجموع المسيء والمحسن لتغاير الوصفين يعنى أن المقصود فى الأولين الى العلم فان العمى والبصيرة فى القلب وفى الآخرين الى العمل لأن الايمان والأعمال فى الجوارح وإلا ففي الحقيقة المراد بالبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات واحد وبالأعمى والمسيء واحد ويجوز ان يراد الدلالة بالصراحة والتمثيل على أن يتحد الوصفان فى المقصود بأن يكون المراد بالأولين ايضا المحسن والمسيء فالصراحة بالنسبة الى الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء والتمثيل بالنسبة الى ما قبله فان الأعمى والبصير من قبيل التمثيل قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ قوله قليلا صفة مصدر محذوف وما تأكيد معنى القلة وتذكرون على الخطاب بطريق الالتفات على أن يكون الضمير للكفار وفائدة الالتفات فى مقام التوبيخ هو اظهار العنف الشديد والإنكار البليغ والمعنى تذكرا قليلا تتذكرون ايها الكفار المجادلون يعنى وان كنتم تعلمون أن التبصر خير من الغفلة ولا يستويان وكذا العمل الصالح خير من العمل الفاسد لكنكم لا تتذكرون الا تدكرا قليلا او تتذكرون أصلا فانه قد يعبر بقلة الشيء عن عدمه مثل ان يقال فلان قليل الحياء اى لاحياء له (قال فى تاج المصادر) التذكر ياد كردن ويا ياد آوردن و پند كرفتن إِنَّ السَّاعَةَ ان القيامة ومروجه التسمية بها مرارا لَآتِيَةٌ أكد با للام لأن المخاطبين هم الكفار وجرد فى طه حيث قال ان الساعة آتية لكون المخبر ليس بشاك فى الخبر كذا فى برهال القرآن لا رَيْبَ فِيها اى

[سورة غافر (40) : آية 60]

فى مجيئها لوضوح شوآهدها ومنها ما ذكر بقوله لخلق السموات إلخ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعنى الكفار لا يُؤْمِنُونَ لا يصدقون بها لقصور أنظارهم على الظواهر وقوة الفهم بالمحسوسات وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الا من عصمه الله تعالى ونظر الى قلبه بنظر العناية (روى) أن الصراط سبع قناطر فيسأل العبد عند القنطرة الاولى عن الايمان وهو أصعب القناطر وأهواها قرارا فان أتى بالايمان نجا وان لم يأت به تردى الى أسفل السافلين ويسأل فى الثانية عن الصلاة وفى الثالثة عن الزكاة وفى الرابعة عن صيام شهر رمضان وفى الخامسة عن الحج وفى السادسة عن الأمر بالمعروف وفى السابعة عن النهى عن المنكر فان أجاب فى الكل نجاو الا تردى فى النار كرد بعث محمد عربى ... تا بود خلق را رسول ونبى هر چهـ ثابت شود بقول ثقات ... كه محمد عليه الف صلات داد ما را خبر بموجب آن ... واجب آمد بآن ز ما ايمان فالاساس هو الايمان والتوحيد ثم يبنى عليه سائر الواجبات قال مالك بن دينار رحمه الله رأيت جماعة فى البصرة يحملون جنازة وليس معهم أحد ممن يشيع الجنازة فسألنهم عنه فقالوا هذا من كبار المذنبين قال فصليت عليه وأنزلته فى قبره ثم انصرفت الى الظل فنمت فرأيت ملكين نزلا من السماء فشقا قبره ونزل أحد هما فى القبر وقال اكتبه من اهل النار لأنه لم تسلم جارحة منه عن الذنب فقال الآخر لا تعجل ثم نزل هو فقال لصاحبه قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ بالايمان فاكتبه مرحوما فاذا صلح القلب بالتوحيد والايمان بالله وباليوم الآخر يرجى أن يتجاوز الله عن سيئاته ثم أن الساعة ارتاب فيها المرتابون مع وضوح شواهدها واما اهل الايمان والعيان فرأوها كأنها حاضرة (روى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل حارثة كيف أصبحت يا حارثة قال أصبحت مؤمنا حقا قال يا حارثة ان لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك قال عزفت نفسى عن الدنيا اى زهدت وانصرفت فاظمأت نهارها وأسهرت ليلها واستوى عندى حجرها وذهبها وكأنى انظر الى اهل الجنة يتزاورون والى اهل النار يتضاغون اى يصوتون باكين وكأنى انظر الى عرش ربى بارزا فقال عليه السلام أصبت فالزم ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنو لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد كر حجاب از ميانه بركيرند ... آن يقين ذره نيفزايد فظهر أن هذا حال اهل العيان فأين المحجوب عن هذا فلما كانا لا يستويان فى الدنيا علما ومعرفة وشهودا كذلك لا يستويان فى الآخرة درجة وقربة وجودا نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الصالحين المحسنين الفائزين بمطالب الدنيا والدين والآخرة وَقالَ رَبُّكُمُ ايها الناس ادْعُونِي وحدونى واعبدوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ اى اثبكم بقرينة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي يتعظمون عن طاعتى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ حال كونهم داخِرِينَ اى صاغرين أذلاء فان الدخور بالفارسية خوار شدن من دخر كمنع

وفرح صغر وذل وان فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلا منزلة الاستكبار عن العبادة فاقيم الثاني مقام الاول للمبالغة او المراد بالعبادة الدعاء فانه من أفضل ابوابها فاطلق العام على الخاص مجازا (قال الكاشفى) مراد از دعا سؤالست يعنى بخواهيد كه خزانه من مالا مالست وكرم من بخشنده آمال كدام كداست نياز پيش آورده كه نقد مراد بر كف اميدش ننهادم وكدام محتاج زبان سؤال كشاد كه رقعه حاجتش را بتوقيع اجابت موشح نساختم بر آستان أرادت كه سر نهاد شبى ... كه لطف دوست برويش دريچهـ نكشود يقال ادعوني بلا غفلة استجب لكم بلا مهلة ادعوني بلا خفاء استجب لكم بالوفاء ادعوني بلا خطا استجب لكم بالعطاء ادعوني بشرط الدعاء وهو الاكل من الحلال قيل الدعاء مفتاح الحاجة وأسنانه لقمة الحلال قال الحكيم الترمذي قدس سره من دعا الله ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والانابة وأكل الحلال واتباع السنن ومراعاة السر كان دعاؤه مردودا وأخشى ان يكون جوابه الطرد واللعن ويقال كل من دعاه استجاب له اما بما سأله او بشىء آخر هو خير له منه ويقال الكافر ليس يدعوه حقيقة لأنه انما يدعو من له شريك والله تعالى لا شريك له وكذا المعطلة لأنهم انما يعبدون الها لا صفات له من الحياة والسمع والبصر والكلام والقدرة والارادة بزعمهم فهم لا يعبدون الله تعالى وكذا المشبهة انما يدعون إلها له جوارح وأعضاء والله تعالى منزه عن ذلك فانه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير قال الشافعي رحمه الله من انتهض لطلب مدبره فان اطمأن الى موجود ينتهى اليه فكره فهو مشبه وان اطمأن الى نفى محض فهو معطل وان اطمأن الى موجود واعتراف بالعجز إن إدراكه فهو موحد فأهل السنة يثبتون لله تعالى صفات ثبوتية وينزهونه عما لا يليق به فهم انما يدعون الله تعالى فما من مؤمن يدعو الله ويسأله شيأ الا أعطاه اما فى الدنيا واما فى الآخرة ويقول له هذا ما طلبت فى الدنيا وقد ادخرته لك الى هذا اليوم حتى يتمنى العبد انه ليته لم يعط شيأ فى الدنيا ويقال لم يوفق العبد للدعاء الا لارادة الله اجابته لكن وقوع الاجابة حقيقة انما يكون فى الزمان المتعين للدعاء كالسلطان إذا كان فى وقت الفرح والاستبشار لا يرد السائل البتة قال الفضيل بن عياض والناس وقوف بعرفات ما تقولون لو قصد هؤلاء الوفد بعض الكرماء يطلبون منه دانقا أكان يردهم فقالوا لا فقال والله للمغفرة فى جنت كرم الله أهون على الله من الدانق فى جنت كرم ذلك الرجل فعرفات وزمان الوقوف من مظان الاجابة وكذا جميع امكنة العبادات واوقات الطاعات لأن الله تعالى إذا رأى عبده حيث امر رضى عنه واستجاب دعاءه ونعم ما قال سفيان حيث قال بعضهم ادع الله فقال ترك الذنوب هو الدعاء قال بعض العارفين بالله الصلاة أفضل الحركات والصوم أفضل السكنات والتضرع فى هياكل العبادات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات ولا بد من حسن الظن بالله (حكى) عن بعض البله وهو فى طواف الوداع أنه قال له رجل وهو يمازحه هل أخذت من الله براءتك من النار فقال الأبله له وهل أخذ الناس ذلك ققال نعم فبكى ذلك الأبله ودخل الحجر وتعلق بأستار الكعبة وجعل يبكى ويطلب من الله أن يعطيه كتابه بعتقه من النار فجعل أصحابه والناس يطوفون يعرفونه ان فلانا مزح معك وهو لا يصدقهم

[سورة غافر (40) : آية 61]

بل بقي مستمرا على حاله فبينما هو كذلك سقطت عليه ورقة من طرف الميزاب فيها براءته وعتقه من النار فسر بها وأوقت الناس عليها وكان من آية ذلك الكتاب انه يقرأ من كل ناحية على السواء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها فعلم الناس أنه من عند الله وكفته اند دعا لفظى جامع است بيست خصلت از خصال حسنات در ضمن آن مجتمع همچون معجونى ساخته از اخلاط متفرق وآن عبادتست واخلاص وحمد وشكر وثنا وتهليل وتوحيد وسؤال ورغبت ورهبت وندا وطلب مناجات وافتقار وخضوع وتذلل ومسكنت واستعانت واستكانت والتجاء رب العالمين باين كلمات مختصر چهـ كفت ادعوني استجب لكم ترابا اين بيست خصلت ترا ميدهد تا بدانى كه اين قرآن جوامع الكلم است قال فى ترويح القلوب الأدب فى ابتداء كل توجه او دعاء او اسم التوبة وذكر محامد الله والثناء عليه والتشفع بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والصلاة عليه وهو مفتاح باب السعادة وأكل الحلال وهو الترياق المجرب والتبري من الحول والقوة وترك الالتجاء لغير الله وحسن الظن بالله وجمع الهمة وحضور القلب وغاية الدعاء اظهار الفاقة والا فالله يفعل ما يريد جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار فى الحديث إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها وإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم وما سئل الله شيأ أحب اليه من أن يسأل العافية كما فى كشف الاسرار ومنه عرف أن مسح اليدين على الوجه عقيب الدعاء سنة وهو الأصح كما فى القنية قال فى الاسرار المحمدية كان عليه السلام يأمر أصحابه بمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ويحرض عليه وسر ذلك أن الإنسان حال دعائه متوجه الى الله تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح أن اليد الواحدة تترجم عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لأن وجه الشيء حقيقة والوجه الظاهر مظهرها والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء الى حذآء صدره كذا فعله النبي عليه السلام كما رواه ابن عباس رضى الله عنهما والأفضل أن يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عذر او برد فأشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه قال سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى والاخرى ما قدرت على إخراجها من شدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهر مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذلك يا رب فنوديت ان اليد التي خرجت للطلب ملأناها والتي توارت حرمت ثم ان قوله ادعوني استجب لكم يشير الى أن معنى ادعوني اطلبوا منى اى لا تطلبوا من غيرى فان من كنت له يكون له ما كان لى وان من يطلبنى يجدنى كما قال الا من طلبنى وجدنى (قال الشيخ سعدى) خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا نسأ الله تعالى أن يجعلنا من الداعين العابدين له بالإخلاص اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ بيافريد لَكُمُ

براى منفعت شما اللَّيْلَ شب تيره را لِتَسْكُنُوا فِيهِ ولتستريحوا فان الليل لكونه باردا رطبا تضعف فيه القوى المحركة ولكونه مظلما يؤدى الى سكون الحواس فتستريح النفس والقوى والحواس بقلة اشغالها وأعمالها كما قال ابن هيصم جعل الليل مناسبا للسكون من الحركة لان الحركة على وجهين حركة طبع من الحرارة وحركة اختيار من الخطرات المتتابعة بسبب الحواس فخلق الليل مظلما لتنسد الحواس وباردا لتسكن الحركة ولذا قيل للبرد القر لاجل أن البرد يقتضى السكون والحر الحركة وَالنَّهارَ مُبْصِراً اى مبصرا فيه او به يعنى يبصر به المبصرون الأشياء ولكونه حارا يقوى الحركات فى اكتساب المعاش فاسناد الابصار الى النهار مجاز فيه مبالغة ولقصد المبالغة عدل به عن التعليل الى الحال بان قال مبصرا دون لتبصروا فيه او به يعنى أن نفس النهار لما جعل مبصرا فهم أن النهار لكمال سببيته للابصار وكثرة آثار القوة الباصرة فيه جعل كأنه هو المبصر فان قيل فلم لم يسلك هناك سبيل المبالغة قلنا لأن نعمة النهار لشبهها بالحياة أتم واولى من نعمة الليل التي تشبه الموت فكانت أحق بالمبالغة إذا المقام مقام الامتنان ولأن الليل يوصف بالسكون لسكون هوائه وصفا مجازيا متعارفا فسلوك سبيل المبالغة فيه يوقع الاشتباه كما أشير اليه فى الكشاف ثم إذا حملت الآية على الاحتباك وقيل المراد جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتنتشروا فيه ولتبتغوا من فضل الله فحذف من الاول بقرينة الثاني ومن الثاني بقرينة الاول لم يحتج الى ما ذكر كذا أفاده سعدى المفتى قال بعضهم جعل الليل لتسكنوا فيه الى روح المناجاة والنهار مبصرا لتبصروا فيه بوادي القدرة وفيه اشارة الى ليل البشرية ليسكن اهل الرياضات والمجاهدات فيه الى استرواح القلوب ساعة فساعة لئلا يمل من مداومة لذكر والتعبد وحمل أعباء الامانة والى نهار الروحانية لجعله مظهرا للجد والاجتهاد فى الطلب والتصبر على التعب وسكون الناس فى الليل على اقسام اهل الغفلة يسكنون الى استراحة النفوس والأبدان واهل الشهوة يسكنون الى أمثالهم الى من الرجال والنسوان واهل الطاعة يسكنون الى حلاوة أعمالهم وبسطهم واستقلالهم واهل المحبة يسكنون الى انين النفوس وحنين القلوب وضراعة الاسرار واشتعال الأرواح بنار الشوق وهم يعدمون القرار فى ليلهم ونهارهم أولئك اصحاب الاشتياق ابدا فى الاحتراق هر كه از درد خدا آگاه شد ... ذكر وفكرش دائما الله شد إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ بخلق الليل والنهار لا يوازيه فضل ولا يدانيه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ تكرير الناس لتنصيص تخصيص الكفران بهم بايقاعه على صريح اسمهم الظاهر الموضوع موضع الضمير الدال على أن ذلك كان شأن الإنسان وخاصته فى الغالب اى لا يشكرون فضل الله وإحسانه لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواضع النعم اى رفعة شأنها وعلو قدرها وإذا فقدوا شيأ منها يعرفون قدرها مثل ان يتفق لبعض والعياذ بالله أن يحبسه بعض الظلمة فى بئر عميق مظلم مدة مديدة فانه حينئذ يعرف قدر نعمة الهولء الصافي وقدر نعمة الضوء

[سورة غافر (40) : الآيات 62 إلى 64]

يكى را عسس دست بر بسته بود ... همه شب پريشان ودلخسته بود بكوش آمدش در شب تيره رنك ... كه شخصى همى نالد از دست تنك شنيد اين سخن دزد مسكين وكفت ... ز بيچارگى چند نالى بخفت برو شكر يزدان كن اى تنك دست ... كه دستت عسس تنك برهم نبست يعنى فلك القدرة على الكسب نداند كسى قدر روز خوشى ... مكر روزى افتد بسختى كشى زمستان درويش بس تنك سال ... چهـ سهلست پيش خداوند مال چهـ دانند جيحونيان قدر آب ... زوا ماند كان پرس در آفتاب كسى قيمت تندرستى شناخت ... كه يكچند بيچاره در تب كداخت ببانگ دهل خواجه بيدار گشت ... چهـ داند شب پاسبان چون كذشت ذلِكُمُ المتفرد بالافعال المقتضية للالوهية والربوبية اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اخبار مترادفة تخصص السابقة منها اللاحقة وتقررها قال فى كشف الاسرار كل هاهنا بمعنى البعض وقيل عام خص منه ما لا يدخل فى الخلق فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فكيف ومن اى وجه تصرفون عن عبادته خاصة الى عبادة غيره كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ اى مثل ذلك الافك العجب الذي لا وجه له ولا مصحح أصلا اى كما صرف قومك وهم قريش عن الحق وحرموا من التحلي به مع قيام الدلائل يؤفك ويصرف عنه كل جاحد قبلهم او بعدهم بآياته اى آية كانت لا إفكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات وقوله أنى تؤفكون اى تصرفون من الحق فى الاعتقاد الى الباطل ومن الصدق فى المقال الى الكذب ومن الجميل فى الفعل الى القبيح ورجل مأفوك اى مصروف عن الحق الى الباطل والجحود نفى ما فى القلب إثباته واثبات ما فى القلب نفيه وتجحد تخصص بفعل ذلك فعلى العبد أن يقر بمولاه وبآياته فانه خالقه ورازقه وجاء فى أحاديث المعراج قل لأمتك ان احببتم أحدا لإحسانه إليكم فانا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم أحدا من اهل السماء والأرض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان أنتم رجوتم أحدا فأنا اولى به لأنى أحب عبادى وان أنتم استحييتم من أحد لجفائكم إياه فأنا اولى بذلك لان منكم الجفاء ومنى الوفاء وان أنتم آثرتم أحدا باموالكم وأنفسكم فأنا اولى به لأنى معبودكم وان صدقتم أحدا وعده فأنا اولى بذلك لانى انا الصادق ففى العبودية والمعرفة شرف عظيم قال على رضى الله عنه ما يسرنى ان لومت طفلا وادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف وذلك لأن الإنسان خلق للعبادة والمعرفة فاذا ساعده العمر والوقت يجب عليه ان يجتهد الى ان يترقى الى ذروة المطالب ويصل الى مرتبة استعداده فاذا أهمل وتكاسل فمات كان كالصبى الذي مات فى صباه خاليا عن حلية الكمالات والسعادات نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المجتهدين اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ لمصالحكم وحوائجكم الْأَرْضَ قَراراً مستقرا اى موضع

قرار ومكان ثبات وسكون فان القرار كما يجيىء بمعنى الثبات والسكون يجيىء بمعنى ما قر فيه وبمعنى المطمئن من الأرض كما فى القاموس قال ابن عباس رضى الله عنهما قرارا اى منزلا فى حال الحياة وبعد الممات وَالسَّماءَ بِناءً البناء بمعنى المبنى اى قبة مبنية مرفوعة فوقكم ومنه ابنية العرب لمضاربهم وذلك لأن السماء فى نظر العين كقبة مضروبة على فضاء الأرض وفى التأويلات النجمية خلق الأرض لكم استقلالا ولغيركم طفيليا وتبعا لتكون مقركم والسماء ايضا خلق لكم لتكون سقفكم مستقلين به وغيركم تبع لكم فيه وقال بعضهم جعل الأرض قرارا لأوليائه والسماء بناء لملائكته وفيه اشارة الى قوله أوليائي تحت قبابى اى مستورون تحت قباب الملكوت لا تنكشف أحوالهم الا لمن عرفه الله تعالى وفى الآية بيان لفضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق بالزمان وقوله تعالى وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ بيان لفضله المتعلق بأنفسهم والفاء فى فأحسن تفسيرية فان الإحسان عين التصوير كما قوله عليه السلام ان الله أدبني فأحسن تأديبى فان الإحسان عين التأديب فان تأديب الله لمثله لا يكون إلا حسنا بل احسن والمعنى صوركم احسن تصوير حيث خلقكم منتصبى القامة بادى البشرة متناسبى الأعضاء والتخطيطات متهيئين لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات قال ابن عباس رضى الله عنهما خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده وغير ابن آدم بفيه وفيه اشارة الى أنه تعالى جعل ارض البشرية مقرا للروح وجمع سماء الروحانية فى عالم صوركم ولم يجمعها فى صورة شىء آخر من الملائكة والجن والشياطين والحيوانات والى هذا المعنى أشار بقوله تعالى لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم وايضا فأحسن صوركم إذ جعلها مرءاة جماله كما قال عليه السلام كل جميل من جمال الله وانما جعلكم جميلا ليحبكم كما قال عليه السلام ان الله جميل يحب الجمال وبالفارسية حسن صورت انسانى در آنست كه او مرآت جهان نماست بهمه حقائق علوى وسفلى ومجموع دقايق صورى ومعنوى را جامعست وأنوار معرفت ذات وآثار شناخت صفات از آينه جامعه او لامع. اى صورت تو آينه سر وجود ... روشن زرخت پرتو أنوار شهود مجموعه هر دو كونى ونيست چوتو ... در مملكت صورت ومعنى موجود وفيه اشارة الى تخطئة الملائكة فيما قبحو الإنسان وقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فان الحسن ليس ما يستحسنه الناس بل ما يستحسنه الحبيب كأن الله يقول ان الواشين قبحوا صورتكم عندنا بل الملائكة كتبوا فى صحيفتكم قبيح ما ارتكبتم ومولاكم احسن صوركم عنده بان محا من ديوانكم الزلات واثبت فى ذلك الحسنات كما قال تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وقال فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فحسن الصورة والمعنى مخصوص بالإنسان وهو المدار وما سواه دائر عليه (قال الصائب) اسرار چار دفتر ومضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه وز بهر خدمت تو فلكها چوبندگان ... ز اخلاص بسته اند كمر بر ميان همه پيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... با آن علوم ومرتبه روحانيان همه

[سورة غافر (40) : الآيات 65 إلى 71]

وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من المأكولات اللذيذة ومتميز كردانيد روزى شما از روزى حيوانات قال فى التأويلات النجمية ليس الطيب ما يستطيبه الخلق بل الطيب ما يستيبه الحق فانه طيب لا يقبل الا طيبا فالطيب الذي يقبله الله من العبد وهو من مكاسبه الكلم الطيب وهى كلمة لا اله الا الله كما قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب والطيب الذي هو من مواهب الله تعالى هو تجلى صفات جماله وجلاله وإليهما أشار بقوله ورزقكم من الطيبات والحاصل أن الطيب انواع طيب الأرزاق وطيب الاذكار وطيب الحالات ذلِكُمُ الذي نعت بما ذكر من النعوت الجليلة اللَّهُ خبر لذلكم رَبُّكُمْ الذي يستوجب منكم العبادة خبر آخر فَتَبارَكَ اللَّهُ صفة خاصة بالله تعالى اى تقدس وتنزه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك فى العبادة إذ لا شريك له فى شىء من تلك النعم رَبُّ الْعالَمِينَ پروردگار عالميان از انس وجن وجز آن اى مالكهم ومربيهم والكل تحت ملكوته مفتقر اليه فى ذاته ووجوده وسائر أحواله جميعا بحيث لو انقطع فيضه عنه آنا لا نعدم بالكلية هُوَ الْحَيُّ اوست زنده اى المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية لا يموت ويميت الخلق لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا موجود يدانيه فى ذاته وصفاته وأفعاله فَادْعُوهُ فاعبدوه خاصة لاختصاص ما يوجبه به تعالى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الطاعة من الشرك الجلى والخفي قائلين الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عن ابن عباس رضى الله عنهما من قال لا اله الا الله فليقل على اثرها الحمد لله رب العالمين وفى التأويلات النجمية هو الحي اى له الحيات الحقيقية الازلية الابدية ومن هو حى باحيائه من نور صفاته كما قال تعالى فاحييناه وجعلنا له نورا ويشير بقوله لا اله الا هو بعد قوله هو الحي الى أن الذي يحيى بحياته ونور صفاته لن يبلغ رتبة الالهية فادعوه بالالهية مخلصين له الدين اى مقرين له بالعبودية من غير دعوى بالربوبية كمن ادعى بها بقوله انا الحق وقول من قال سبحانى ما أعظم شانى الحمد لله رب العالمين يعنى فيما أنزلكم وبلغكم مقام الوحدة بفضله ورحمته لأنها مقام لا يسع للانسان بلوغه بمجرد سعيه من دون فضل ربه (قال الصائب) نيستم از كشش جذبه رحمت نوميد ... كرچهـ از قلزم وحدت بكنار افتادم واعلم أنه كمالا بضل العبد الى مقام الوحدة الا بفصل الله كذلك لا ينجو من دعوى هذا المقام الا بفضله تعالى اما بتربية من عنده بلا سبب صورى واما بإرشاد مرشد كامل قد وصل الى غاية الغايات فاذا لم يساعده شىء من ذلك بقي سكران ووقع فيما وقع كما نقل عن بعض اهل الوله من السلف قُلْ روى أن كفار قريش قالوا يا محمد ألا تنظر الى ملة أبيك عبد الله وملت جدك عبد المطلب فتأخذ بهما فأنزل الله تعالى قل يا محمد إِنِّي نُهِيتُ النهى الزجر عن الشيء أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى الأصنام لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي اى وقت مجيى الآيات القرآنية من ربى وذلك لأنه لا نهى ولا وجوب عند اهل السنة الا بعد ورود الشرع ويجوز أن يقال كان منهيا عن عبادتها عقلا بحسب دلالة الشواهد على التوحيد فأكد النهى بالشرع ويجوز أنه نهى له عليه السلام والمراد غيره وفى قوله من ربى اشارة الى أن دلائل التوحيد وشواهد أنوار الحقيقة لا تطلع الا من مطلع الهداية الازلية ولكن ينبغى للملتمسين أن يتوجهوا الى ذلك الجانب بالاعراض عن السوي وترك أصنام البدع والهوى

[سورة غافر (40) : آية 67]

در كعبه دلست شب وروز روى دل ... چون آفتاب سجده بهر در نميكنم وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ بان انقاد له وأخلص له دينى قال ابن الشيخ يقال اسلم امره لله اى سلم وذلك انما يكون بالرضى والانقياد لحكمه وأسلمت له الشيء إذا جعلته سالما خالصا له وعلى التقديرين يكون مفعول اسلم محذوفا اى ان اسلم امرى وأخلص توحيدى وطاعتى له قال فى برهان القرآن مدح سبحانه نفسه وختم ثلاث آيات على التوالي بقوله رب العالمين وليس له فى القرآن نظير وفى الآية اشارة الى أنه عليه السلام مع كمال نبوته ورسالته وقربه بربه وعظم قدره عنده وريه من أصفى الشراب الطهور الذي هو تجلى ذاته وصفاته لو لم يسلم لرب العالمين بالعبودية وترك الربوبية له لم يكن مسلما فعلى العاشق ان يضبط نفسه القدسية عن اثبات الالهية لغيره تعالى فى مقام الوحدة عند غلبات السكر من لذاذة شراب التجلي فان الرب رب والعبد عبد والأدب مع الله مقبول بزركى كفت اى اهل معنى بنگريد كه با منصور حلاج چهـ كردند تا با مدعيان چهـ خواهند كردن بزركى كفت چون منصور أبا الحق كفت واو را در بغداد بر دار مى كردند آن شب تا روز بزير آن دار بودم نماز ميكردم چون روز شد هاتفى آواز داد كه اطلعناه على سر من أسرارنا فأفشى سرنا فهذا جزاء من يفشى سر الملوك قال بعض العارفين الملوك لا يعفون عمن تعرض لمملكتهم او لحرمهم او أفشى سرهم (قال الجامى) رسيد جان بلب ودم نميتوانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود قيل للشيخ ابى سعيد قدس سره أن فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك فقيل ان فلانا يطير فى الهولء فقال ان الطيور كذلك فقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد فقال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق وهذا مقام الاستقامة فان اهله راسخ فى التمكين بل وفى تلوين التمكين فلا يصدر عنه افشاء الاسرار ودعوى ما يقع به الفتنة بين الناس فطوبى لمن وقف عند الأدب وعامل جميعا مع الرب قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره فى حق السيد نسيمى قد فهم فهما حسنا ولكنه اظهر بعض شىء كان للستر انتهى وقد جعله الشيخ بالى الصوفي من زمرة الزنادقة والملاحدة فلا بد من رعاية الشرع المطهر فى كل مقام هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ يا بنى آدم مِنْ تُرابٍ اى فى ضمن خلق أبيكم آدم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ اى ثم خلكم خلقا تفصيليا من منى قال الراغب النطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل اى ماء الصلب يوضع فى الرحم كما قال ابن سينا لا تكثرن من الجماع فانه ... ماء الحياة يصب فى الأرحام والمعنى خلق أصلكم آدم من تراب ثم خلقكم من نطفة نسلا يعد نسل او خلق كل واحد منكم من التراب بمعنى أن كل انسان مخلوق من المنى وهو من الدم وهو من الاغذية الحيوانية والنباتية والحيوانية لا بد ان تنتهى الى النباتية وإلا لزم ان يتسلسل الحيوانيات الى غير النهاية والنبات انما يتولد من الماء والتراب او خلق قالبكم فى بدء أمركم من الذرة الترابية التي استخرجها من صلب آدم ثم ادعها فى قطرة نطفة بنيه ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ وهى الدم الجامد لأن المنى

[سورة غافر (40) : آية 68]

يصير على هذا الشكل بعد أربعين يوما فى بطن الام ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا الطفل الولد مادام ناعما كما فى المفردات والصغير من كل شىء او المولود كما فى القاموس وحد الطفل من أول ما يولد الى أن يستهل صارخا الى انقضاه ستة أعوام كما فى التفسير الفاتحة للفنارى والطفل مفرد لا جمع كما وهم وقوله او الطفل الذين لم يظهروا الآية محمول على الجنس وكذا هو فى هذا المقام جنس وضع موضع الجمع اى الأطفال او المعنى ثم يخرج كل واحد منكم من رحم الام حال كونه طفلا لتكبروا شيأ فشيأ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ كما لكم فى القوة والعقل وبالفارسية بغايت قوت خود كه منتهاى شبابست قال فى القاموس الأشد واحد جاء على بناء الجمع بمعنى القوة وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين وفى كشف الاسرار يقال إذا بلغ الإنسان احدى وعشرين سنة دخل فى الأشد وذلك حين اشتد عظامه وقويت أعضاؤه ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً اى تصيروا الى حالة الشيخوخة والشيخ يقال لمن طعن فى السن واستبانت فيه او من خمسين او احدى وخمسين الى آجر عمره او الى ثمانين كما فى القاموس (قال فى كشف الاسرار) يقال إذا ظهر البياض بالإنسان فقد شاب وإذا دخل فى الهرم فقد شاخ قال الشاعر فمن عاش شب ومن شب شاب ... ومن شاب شاخ ومن شاخ مات روى أن أبا بكر رضى الله عنه قال يا رسول الله قد شبت فقال شيبتنى هود وأخواتها يعنى سورة هود وكان الشيب برسول الله صلى الله عليه وسلم قليلا يقال كان شاب منه احدى وعشرون شعرة بيضاء ويقال سبع عشرة شعرة وقال انس رضى الله عنه لم يكن فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقال بعض الصحابة ما شاب رسول الله وسئل آخر منهم فأشار الى عنفقته يعنى كان البياض فى عنفقته اى فى شعيرات بين الشفة السفلى والذقن وانما اختلفوا لقلتها يقال كان إذا ادهن خفى شيبه وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى يقبض روحه ويموت مِنْ قَبْلُ اى من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الأشد او قبله ايضا وَلِتَبْلُغُوا متعلق بفعل مقدر بعده اى ولتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّى وقتا محدودا معينا لا تتجاوزونه هو وقت الموت او يوم القيامة يفعل ذلك اى ما ذكر من خلقكم من تراب وما بعده من الأطوار المختلفة ولكون المعنى على هذا لم يعطف على ما قبله من لتبلغوا ولتكونوا وانما قلنا او يوم القيامة لأن الآية تحتوى على جميع مراتب الإنسان من مبدأ فطرته الى منتهى امره فجاز أن يراد ايضا يوم الجزاء لأنه المقصد الأقصى واليه كمية الأحوال وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ولكى تعقلوا ما فى ذلك الانتقال من طور الى طور من فنون الحكم والعبر وتستدلوا به على وجود خالق القوى والقدر هُوَ الَّذِي يُحْيِي الأموات كما فى الأرحام وعند البعث وَيُمِيتُ الاحياء كما عند انقضاء الاجل وفى القبر بعد السؤال وايضا يحيى القلوب الميتة بنور ربوبيته ولطفه ويميت القلوب بنار قهره فاذا حيى القلب مات النفس وإذا مات القلب حيى النفس قال الحسين النوري قدس سره هو الذي احيى العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وان نطق او تحرك (ع) خوشا دلى كه ز نور خدا بود روشن فَإِذا قَضى أَمْراً القضاء بمعنى التقدير عبر به عن لازمه الذي هو ارادة التكوين كأنه قيل إذا قدر شيأ من الأشياء وأراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ من غير توقف على شىء من

الأشياء أصلا: يعنى [تكوين او را احتياج بآلتى وعدتى وفرصتى نيست] فعل او را كه عيب وعلت نيست ... متوقف بهيچ آلت نيست از خم زلف كاف وطره نون ... هر زمان شكلى آورد بيرون وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فى المقدورات عند تعلق إرادته بها وتصوير لسرعة ترتب المكونات على تكوينه من غير ان يكون هناك امر او مأمور حقيقة وذهب بعضهم الى انه حقيقة وان الله تعالى مكون الأشياء بهذه الكلمة فيقول بكلامه الأزلي لا بالكلام الحادث الذي هو المركب من الأصوات والحروف كن اى أحدث فيكون اى فيحدث ولما لم يتعلق خطاب التكوين بالفهم واشتمل على أعظم الفوائد وهو الوجود جاز تعلقه بالمعدوم وفى كشف الاسرار فيكون مرة واحدة لا يثنى قوله وفى التكملة قوله كن لا يخلو اما ان يكون قبل وجود المأمور او بعد وجوده فان قيل قبل وجوده ادى ذلك الى مخاطبة المعدوم ولا يصح فى العقل وان قيل بعد وجوده ادى ذلك الى ابطال معنى كن لان المأمور إذا كان موجودا قبل الأمر فلا معنى للامر بالكون والجواب ان الأمر مقارن للمأمور لا يتقدم ولا يتأخر عنه فمع قوله كن يوجد المأمور وهذه كمسألة الحركة والسكون فى الجوهر فانه إذا قدرنا جوهرا ساكنا بمحل ثم انتقل الى محل آخر فانما انتقل بحركة فلا تخلوا الحركة من ان تطرأ عليه فى المحل الاول او فى الثاني فان قيل فى الاول فقد اجتمعت مع السكون وان قيل فى الثاني فقد انتقل بغير حركة وان قيل لم تطرأ فى هذا ولا فى هذا فقد طرأت عليه فى غير محل وكل هذا محال والجواب ان الحركة هى معنى خصصه بالمحل الثاني فنفس اخلائه للمحل الاول هى نفس شغله للمحل الثاني واعلم ان الله تعالى انزل الحروف الثمانية والعشرين وجعل حقائقها الثمانية والعشرين منزلا على ما فصل عند قوله تعالى رَفِيعُ الدَّرَجاتِ وجعل مفاصل اليدين ايضا ثمانية وعشرين اربعة عشر فى يد واحدة واخرى فى اخرى على ان يكون لكل إصبع ثلاثه مفاصل الا الإبهام وجعل كل إصبع مظهرا لاصل من الأصول الخمسة فالابهام مظهر القدرة والمسبحة مظهر الحياة والوسطى مظهر العلم والبنصر مظهر الارادة والخنصر مظهر القول ولما كان العلم أعم حيطة جعل متوسطا بين الأصلين اللذين فى يمينه وهى الحياة والقدرة وبين الأصلين اللذين فى يساره وهى الارادة والقول وانما سقط عن اصل القدرة المفصل الثالث لان كل واحد من الاربعة عام التعلق بخلاف القدرة فانها محجورة الحكم غير مطلقة لانه لا يتعلق حكمها الا بالممكن فلم يعم نفوذه ولعدم عموم حكم القدرة جعل مظهرها الذي هو الإبهام ذا مفصلين ولكون امر القدرة مبهما وكيفية تعلقها بالمقدور شيأ غامضا سمى المظهر بالإبهام فلا يجوز البحث عن كيفية تعلق القدرة بالمقدور كما لا يجوز البحث عن كيفية وجود الباري وعن كيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك مما هو من الغوامض: قال المولى الجامى فى الارادة والقدرة فعلهايى كه از همه اشيا ... نوبنو در جهان شود پيدا كر ارادى بود چوفعل بشر ... ور طبيعى بود چوميل بشر منبعث جمله از مشيت اوست ... مبتنى بر كمال حكمت اوست

[سورة غافر (40) : الآيات 69 إلى 71]

نخلد بى ارادتش خارى ... نكسلد بى مشيتش تارى فى المثل كر جهانيان خواهند ... كه سر مويى از جهان كاهند كر نباشد چنان أرادت او ... نتوان كاستن سر يك مو ور همه در مقام آن آيند ... كر بر آن ذره بيفزايند ندهد بى ارادت او سود ... نتوانند ذره افزود بعد از ان قدرتش بود كامل ... مر مرادات را همه شامل اثر آن بهر عدم كه رسيد ... رخت با خطه وجود كشيد وحقيقة الاحياء والاماتة ترجع الى الإيجاد ولكن الوجود إذا كان هو الحياة سمى فعله احياء وإذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله ولا مميت ولا محيى الا الله تعالى فهو خالق الحياة ومعطيها لكل من شاء حياته على وجه يريده ومديمها لمن أراد دوامها له كما شاء بسبب وبلا سبب وكذا خالق الموت ومسلطه على من شاء من الاحياء متى شاء وكيف شاء بسبب وبلا سبب ومن عرف انه المحيي المميت لم يهتم بحياة ولا موت بل يكون مفوضا مستسلما فى جميع أحواله لمن بيده الحياة والموت كما قال ابراهيم عليه السلام (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) الآية وخاصية المحيي وجود الالفة فمن خاف الفراق او الحبس فليقرأه على جسده عدده وخاصية الاسم المميت ان يكثر منه المسرف الذي لم تطاوعه نفسه على الطاعة فانها تفعلها وتموت عن أوصافها المانعة عن القيام بامر الله تعالى ثم ان الماء مظهر الاسم المحيي والتراب مظهر الاسم المميت وهكذا الموجودات مع اسماء الله تعالى أَلَمْ تَرَ [آيا نمى نكرى] إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ فى دفعها وابطالها أَنَّى يُصْرَفُونَ اى انظر يا محمد الى هؤلاء المكابرين المجادلين فى آياته تعالى الواضحة الموجبة للايمان بها الزاجرة عن الجدال فيها وتعجب من أحوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة كيف يصرفون عن تلك الآيات القرآنية والتصديق بها الى تكذيبها مع تعاضد الدواعي الى الإقبال عليها بالايمان وانتفاء الصوارف عنها بالكلية. وتكرير ذم المجادلة فى اربعة مواضع فى هذه السورة اما لتعدد المجادل بان يكون فى أقوام مختلفة او المجادل فيه بان يكون فى آيات مختلفة او للتأكيد الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ اى بكل القرآن والجملة فى محل الجر على انها بدل من الموصول قال فى الإرشاد انما وصل الموصول الثاني بالتكذيب دون المجادلة لان المعتاد وقوع المجادلة فى بعض المواد لا فى الكل وصيغة الماضي للدلالة على التحقق كما ان صيغة المضارع فى الصلة الاولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا من سائر الكتب فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ كنه ما فعلوا من الجدال والتكذيب عند مشاهدتهم لعقوباته وهى جملة مستأنفة مسوقة للتهديد إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ظرف ليعلمون وهو اسم للزمن الماضي ويعلمون مستقبل لفظا ومعنى واما المكان فظاهر مثل قولك سوف أصوم أمس وذا لا يجوز. وجوابه ان وقت العلم مستقبل تحقيقا وماض تنزيلا وتأويلا لان ما سيعلمونه يوم القيامة فكأنهم علموه فى الزمن الماضي لتحقق وقوعه فسوف بالنظر الى الاستقبال التحقيقى وإذ بالنظر الى المضي التأويلى. والاغلال جمع غل

[سورة غافر (40) : الآيات 72 إلى 76]

بالضم وهو ما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وغل فلان قيد به اى وضع فى عنقه او يده الغل والأعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والمعنى على ما فى كشف الاسرار [آنگاه كه غلها كه در دستهاى ايشان در كردنهاى ايشان كنند] يعنى تغل أيديهم الى أعناقهم مضمومة إليها وَالسَّلاسِلُ عطف على الاغلال والجار فى نية التأخير وهو جمع سلسلة بالكسر بالفارسية [زنجير] وذلك لان السلسلة بالفتح إيصال الشيء بالشيء ولما كان فى السلسلة بالكسر إيصال بعض الخلق بالبعض سميت بها يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ السحب الجر بعنف ومنه السحاب لان الريح تجره وسحبه كمنعه جره على وجه الأرض فانسحب والحميم الماء الذي تناهى حره قال فى القاموس الحميم الماء الحار والماء البارد ضد والقيظ والعرق اى على التشبيه كما فى المفردات والجملة حال من فاعل يعلمون او من ضمير أعناقهم. اى حال كونهم مسحوبين اى مجرورين تجرهم على وجوههم خزنة جهنم بالسلاسل الى الحميم اى الماء المسخن بنار جهنم ولا يكون الا شديد الحرارة جدا لان ما سخن بنار الدنيا التي هى جزء واحد من سبعين جزأ من نار جهنم إذا كان لا يطاق حرارته فكيف ما يسخن بنار جهنم وفى كلمة فى اشعار بإحاطة حرارة الماء لجميع جوانبهم كالظرف للمظروف حتى كأنهم فى عين الحميم ويسحبون فيها وقال مقاتل يسحبون فى الحميم اى فى حر النار كما فى قوله تعالى (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) والظاهر ان معنى يسحبون فى النار اى يجرون الى النار على وجوههم كما فى هذا المقام- حكى- انه توفيت النوار امرأة الفرزدق فخرج فى جنازتها وجوه اهل البصرة وخرج فيها الحسن البصري فقال الحسن للفرزدق يا أبا فراس ما اعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا اله الا الله منذ ثمانين سنة فلما دفنت قام الفرزدق على قبرها وانشد هذه الأبيات أخاف وراء القبر ان لم يعافنى ... أشد من القبر التهابا واضيقا إذ جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق فرزدقا لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... الى النار مغلول القلادة ازرقا فبكى وابكى الحاضرين ثُمَّ اى بعد الجر بالسلاسل الى الحميم فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ يحرقون بالنار وهى محيطة بهم من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ومن كانوا فى النار وكانت هى محيطة بهم وصارت أجوافهم مملوءة بها لزم ان يحرقوا بها على ابلغ الوجوه فهم يملأون بالنار كائنين فيها ويحرقون والمراد بيان انهم يعذبون بانواع العذاب وينقلون من لون الى لون قال فى كشف الاسرار [عذاب دوزخيان انواعست يكى از آن سلاسل است در دست زبانيه زنجيرهاى آتشين كه دوزخيانرا بدان ببندند هر زنجيرى هفتاد كز هر كزى هفتاد حلقه اگر يك حلقه آن بر كوههاى دنيا نهند چون از زير بگذارد آن زنجيرها بدن كافران فرو كنند وبزيرش بيرون كشند زنجير ايشانرا در حميم كشند حميم آب كرمست جوشان اگر يك قدح از آن بدرياهاى دنيا فرو ريزند همه زهر شود قدحى از آن بدست كافران دهند هر چهـ بر روى ويست از پوست وكوشت و چشم وبينى همه اندر آن قدح افتد اينست

[سورة غافر (40) : الآيات 73 إلى 75]

كه رب العزة كفت (يَشْوِي الْوُجُوهَ) چون حميم بشكم رسد هر چهـ اندر شكم بود بزير بيرون شود فذلك قوله (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) واز آن حميم بر سر ايشان ميريزند تا پوست وكوشت و پى ورك از ايشان فرو ريزند استخوان بماند سوخته ندا آيد كه (يا مالك جدد لهم العذاب فانى مجددلهم الأبدان) كفته اند كه عاصيان مؤمنانرا ده چيز نباشد روى ايشان سياه نبود چشم ايشان ازرق نبود در كردن غل نبود در دست ايشان زنجير نبود نوميدى نبود جاويد فرقت وقطيعت ولعنت نبود چون حرارت وزبانه آتش بايشان رسد ندا آيد كه] (يا نار كفى عن وجوه من سجد لى فلا سبيل لك على مساجدهم) اللهم أجرنا من نارك انا عائذون بجوارك ثُمَّ اى بعد الإحراق قِيلَ لَهُمْ اى يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع وصيغة الماضي للدلالة على التحقق أَيْنَ [كجااند] ما [آنانكه] يعنى أصنام كُنْتُمْ فى الدنيا على الاستمرار تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [انباز آورديد وكرفتيد بجز الله معبود بحق] اى رجاء شفاعتهم ادعوهم ليشفعوا لكم ويعينوكم وهو نوع آخر من تعذيبهم قالُوا اى يقولون ضَلُّوا غابوا اى الشركاء عَنَّا عن أعيننا وان كانوا قائمين اى غير هالكين من قول العرب ضل المسجد والدار اى لم يعرف موضعهما وكذلك كل شىء قائم او غيرها لك لكنك لا تهتدى اليه وذلك قبل ان يقرن بهم آلهتهم فان النار فيها امكنة متعددة وطبقات مختلفة فلا مخالفة بينه وبين قوله تعالى (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم على ان يكون ضل بمعنى ضاع وهلك تنزيلا لوجودهم منزلة الضياع والهلاك لفقدهم النفع الذي يتوقعونه منهم وان كانوا مع المشركين فى جميع الأوقات بَلْ تبين لنا انا لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا نعبد مِنْ قَبْلُ اى فى الدنيا بعبادتهم شَيْئاً لما ظهر لنا اليوم انهم لم يكونوا شيأ يعتدبه كقولك حسبته شيأ فلم يكن: وبالفارسية يعنى بر ما روشن شد كه چيزى را نمى پرستيده ايم بلكه ايشانرا كه عبادت مى كرديم هيچ چيزى نبوده اند معتبر وما ايشانرا چيزى نمى پنداشتيم] كَذلِكَ اى مثل ذلك الضلال الفظيع وهو ضلال آلهتهم عنهم على التفسيرين المذكورين لقوله ضلوا يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ حيث لا يهتدون فى الدنيا الى شىء من العقائد والأعمال ينفعهم فى الآخرة فهو ناظر الى التفسير الثاني او كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يصادفوا اى لم يجد أحدهم الآخر فهو ناظر الى التفسير الاول وإضلال الحق عبده هو عدم عصمته إياه ممانهاه عنه وعدم معونته وإمداده بما يتمكن به من الإتيان بما امره به او الانتهاء عما نهاه عنه كما فى تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره. وفى نسخة الطيبي (كَذلِكَ) اى مثل ذلك الإضلال وهو الأوفق لما عرف من العادة القرآنية وهو ان تكون الاشارة الى مصدر الفعل المتأخر قال سعدى المفتى قلت بل الآية اى بل لم نكن إلخ كقوله (وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يفزعون الى الكذب لحيرتهم واضطرابهم ومعنى قوله (كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ) انه تعالى يحيزهم فى أمرهم حتى يفزعون الى الكذب مع علمهم بانه لا ينفعهم ذلِكُمْ الإضلال ايها الكفار والالتفات للمبالغة فى التوبيخ وفى تفسير الجلالين اى

[سورة غافر (40) : آية 76]

العذاب الذي نزل بكم وهو العذاب المذكور بقوله (إِذِ الْأَغْلالُ) إلخ قال ابن الشيخ ولا يخلو عن بعد بِما الباء للسببية كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ فى الدنيا بِغَيْرِ الْحَقِّ وهو الشرك والطغيان والباء صلة الفرح قال فى القاموس الفرح السرور والبطر انتهى والبطر النشاط والأشر وقلة احتمال النعمة والأشر شدة البطر وهو ابلغ من البطر والبطر ابلغ من الفرح وفى المفردات الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة ولم يرخص الا فى الفرح بفضل الله وبرحمته وبنصر الله والبطر دهش يعترى الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ المرح شدة الفرح والنشاط والتوسع فيه اى تتوسعون فى البطر والأشر: وبالفارسية [مى نازيديد از خود وبتكبر مى خراميديد] قال ارسطوا من افتخر ارتطم يعنى [در كل أفاد] : قال الصائب. پست وبلند پيش سموم فنا يكيست ... چون تاك بر درخت دويدن چهـ فائده ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ اى ابوابها السبعة المقسومة لكم: يعنى [هر طائفه بدر كه درآييد] خالِدِينَ فِيها مقدار خلودكم فى الآخرة فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ اى عن الحق جهنم: وبالفارسية [پس بد آرامگاهيست كردن كشانرا دوزخ] وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ليناسب عجز الكلام صدره كما يقال زر بيت الله فنعم المزار فصل فى المسجد الحرام فنعم المصلى لكن لما كان الدخول المقصود بالخلود سبب الثواء اى الاقامة عبر بالمثوى الذي هو محل الاقامة فاتحد آخر الكلام باوله وفى الآية اشارة الى ان كل شهوة من شهوات الدنيا وزينة من زينها باب من أبواب جهنم النفس فى الدنيا وباب من أبواب جهنم النار فى العقبى وجب ترك الشهوات والزين والافتخار بالدنيا وبزخارفها حتى تغلق أبواب جهنم مطلقا وهكذا يضل الله من ليس له استعداد للهداية حيث يريهم شيأ مجازيا فى صورة وجود حقيقى وزينته فيضلون به عن الصراط المستقيم ولا يدرون ان الدنيا سراب وخيال ومنام غافل مشو ز پرده نيرنك روزكار ... سير خزان در آيينه نو بهار كن وفى الآية ذم الكبر فلا بد من علاجه بضده وهو التواضع وعن بعض الحكماء افتخر الكلأ فى المفازة على الشجر فقال انا خير منه يرعانى البهائم التي لا تعصى الله طرفة عين فقال انا خير منك يخرج منى الثمار ويأكلها المؤمنون وتواضع القصب قال لا خير فىّ لا أصلح للمؤمنين ولا للبهائم فلما تواضع رفعه الله وخلق فيه السكر الذي هو احلى شىء فلما نظر الى ما وضع الله فيه من الحلاوة تكبر فاخرج الله منه رأس القصب حتى اتخذ منه الآدميون المكنسات فكنسوا بها القاذورات فهذا حال كبر غير المكلف فكيف حال المكلف واعلم ان فرعون علا فى الأرض حتى ادعى الربوبية فاخذه الله نكال الآخرة والاولى اى بالغرق فى الدنيا والإحراق فى الآخرة وعلا قارون بكثرة ماله فخسف الله به وبداره الأرض وعلا إبليس حين امتنع عن السجدة فلعنه الله لعنة ابدية وعلا قريش على المؤمنين حتى قتلوا والقى جيفهم فى بئر ذليلين وهكذا حال كل متكبر بغير الحق الى يوم القيامة فانه ما نجا أحد من المتكبرين ولا ينجو وفى المثنوى:

[سورة غافر (40) : الآيات 77 إلى 81]

آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست «1» نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است كر بيابد آلت فرعون او ... كه بامر او همى رفت آب جو آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصد هارون زند كرمكست آن اژدها از دست فقر ... پشه كردد ز جاه ومال صقر هر خسى را اين تمنا كى رسد ... موسىء بايد كه اژدرها كشد صد هزاران خلق ز اژدرهاى او ... در هزيمت كشته شد از راى او يعنى ان النفس كثعبان عظيم وقتلها عن أوصافها ليس بسهل بل يحتاج الى همة عالية والى جهاد كثير بلا فتور فَاصْبِرْ يا محمد على اذية قومك لك بسبب تلك المجادلات وغيرها الى ان يلاقوا ما أعد لهم من العذاب إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ اى وعده بتعذيبهم حق كائن لا محالة فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ اى فان نرك: وبالفارسية [پس اگر بنماييم بتو] وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذا لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع ان وحدها فلا تقول ان تكرمنى أكرمك بنون التأكيد بل اما تكرمنى أكرمك بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ وهو القتل والاسر وجوابه محذوف اى فذاك أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان تراه: وبالفارسية [اگر بميرانيم ترا پيش از ظهور آن عذاب] فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ وهو جواب نتوفينك اى يردون إلينا يوم القيامة لا الى غيرنا فنجازيهم بأعمالهم [پس هيچ وجه ايشانرا فرو نخواهيم كذاشت وحق سبحانه وتعالى درين دنيا بعضى از عذاب كفار بسيد ابرار عليه السلام نمود از قتل واسر وقحط وجز آن وباقى عقوبات ايشان در عقبى خواهد بود] دوستان هر دو عالم شاد وخرم مى زيند ... دشمنان در محنت وغم اين سرا وآن سرا اما سرور الأولياء فى الآخرة فظاهر واما سرورهم فى الدنيا فان الحق بايديهم وهم راضون عن الله على كل حال فى الفقر والغنى والصحة والمرض فلا يكدّرهم شىء من الاكدار لشهودهم المبلى فى البلاء وتهيئهم لنعيم الآخرة واما غم الأعداء فى الدنيا فمما لا حاجة الى بيانه إذ من كان مع النفس فى الدنيا كيف يستريح ومن كان مع سخط الله فى الآخرة كيف يضحك وفى الآية اشارة الى كيفية القدوم على الله فان كان العبد عاصيا فيقدم على مولاه وهو عليه غضبان وان كان مطيعا فيقدم عليه قدوم الحبيب المشتاق على الحبيب بهار عمر ملاقات دوستان باشد وَلَقَدْ أَرْسَلْنا- روى- ان الذين كانوا يجادلون فى آيات الله اقترحوا معجزات زائدة على ما أظهره الله على يده عليه السلام من تفجير العيون واظهار البساتين وصعود السماوات ونحوها مع كون ما أظهره من المعجزات كافية فى الدلالة على صدقه فانزل الله تعالى قوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رُسُلًا ذوى عدد كثير الى قومهم مِنْ قَبْلِكَ اى من قبل بعثتك يا محمد او من قبل زمانك مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ قوله منهم خبر مقدم لقوله من قصصنا عليك والجملة صفة لرسلا وقص عليه بين اى بيناهم وسميناهم لك فى القرآن فانت تعرفهم وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده إلخ

لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم قال الكاشفى [بعضى از ايشان آنهااند كه خوانده ايم قصهاى ايشان بر تو كه آن بيست ونه پيغمبراند] وفى عين المعاني هم ثمانية عشر [وبعضى آنانند كه قصه ايشان نخوانده ايم بر تو اما نام ايشان دانسته اليسع وغير او وبعضى آنست كه نه نام ايشان دانسته ونه قصه ايشان شنيده ودر ايمان بديشان تعيين عدد ومعرفت ايشان بانساب وأسامي شرط نيست] وعن على رضى الله عنه ان الله بعث نبيا اسود وفى التكملة عبدا حبشيا وهو ممن لم يقصص الله عليه يقول الفقير لعل معناه ان الله بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الاسم حسن الصورة حسن الصوت وذلك لان فى كل جنس حسنا بالنسبة الى جنسه. والحاصل ان المذكور قصصهم من الأنبياء افراد معدودة وقد قيل عدد الأنبياء مائة واربعة وعشرون الفا قال فى شرح المقاصد روى عن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه انه قال قلت لرسول الله عليه السلام كم عدد الأنبياء فقال (مائة الف واربعة وعشرون الفا) فقلت فكم الرسل فقال (ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا) لكن ذكر بعض العلماء ان الاولى ان لا يقتصر على عددهم لان خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد الا الظن ولا يعتبر الا فى العمليات دون الاعتقاديات وهاهنا حصر عددهم يخالف ظاهر قوله تعالى (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا) إلخ. ويحتمل ايضا مخالفة الواقع واثبات من ليس بنبي ان كان عددهم فى الواقع اقل مما يذكر ونفى النبوة عمن هو نبى ان كان اكثر فالاولى عدم التنصيص على عدد. وفى رواية (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) كما فى شرح العقائد للتفتازانى قال ابن ابى شريف فى حاشيته لم ار هذه الرواية وقال المولى محمد الرومي فى المجالس ومما يجب الايمان به الرسل والمراد من الايمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما أخبروا به عن الله فانه تعالى بعثهم الى عباده ليبلغوهم امره ونهيه ووعده ووعيده وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم أولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام فاذا آمن بالأنبياء السابقة فالظاهر انه يؤمن بانهم كانوا أنبياء فى الزمان الماضي لا فى الحال إذ ليست شرائعهم بباقية واما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا ومن قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلم آدم نبى أم لا فقد كفر ثم انه لم يبين فى القرآن عدد الأنبياء كم هم وانما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم آدم ونوح وإدريس وصالح وهود وابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان والياس واليسع وذو الكفل وأيوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الاخيرة وفى الأمالي وذو القرنين لم يعرف نبيا ... كذا لقمان فاحذر عن جدال وذلك لان ظاهر الادلة يشير الى نفى النبوة عن الأنثى وعن ذى القرنين ولقمان ونحوهما كتبع فانه عليه السلام (قال لا أدرى أهو نبى أم ملك) وكالخضر فانه قيل نبى وقيل ولى وقيل رسول فلا ينبغى لاحد ان يقطع بنفي او اثبات فان اعتقاد نبوة من ليس بنبي كفر كاعتقاد نفى نبوة

نبى من الأنبياء يعنى إذا كان متفقا على نبوته او عدم نبوته واما إذا كان فيه خلاف فلا يكفر لانه كالدليل الظنى والكفر فى القطعي وفى فتح الرحمن فى سورة البقرة والمذكورون فى القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبيا وهم محمد وآدم وإدريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى والياس واليسع صلوات الله عليهم أجمعين وأشير الى اشمويل بقوله تعالى (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) وأشير الى ارميا بقوله (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) وأشير الى يوشع بقوله (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ) وأشير الى اخوة يوسف بقوله (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) والأسباط ذكروا اجمالا وهم من ذرية أولاد يعقوب الاثني عشر نبيا وكان فيهم أنبياء وفى لقمان وذى القرنين خلاف كالخضر انتهى قال بعض الحكماء يجب على المؤمن ان يعلم صبيانه ونساءه وخدمه اسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوا بجميعهم ولا يظنوا ان الواجب عليهم الايمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير فان الايمان بجميع الأنبياء سواء ذكر اسمه فى القرآن او لم يذكر واجب على المكلف فمن ثبت تعينه باسمه يجب الايمان به تفصيلا ومن لم يعرف اسمه يجب الايمان به اجمالا- وحكى- ابن قتيبة فى المعارف ان الأنبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون وهم آدم وشيث وإدريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد عليهم السلام قال فى التكملة هذا الذي ذكر ابن قتيبة لا يصح لانه قد روى انه كان من العرب نبى آخر وهو خالد بن سنان بن غيث وهو من عبس بن بغيض روى عن النبي عليه السلام انه قال فيه (ذلك نبى إضاعة قومه) وردت ابنته على رسول الله عليه السلام فسمعته يقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فقالت كان ابى يقول هذا قال ابن قتيبة وأول أنبياء بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى قال فى التكملة صاحبها وهذا عندى غير صحيح لانه ان أراد أول الرسل فقد قال الله تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) فقد اخبر انه أرسل إليهم يوسف وهو اما ابن يعقوب او ابن افرائيم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم وان أراد النبوة خاصة فيوسف واخوته أنبياء وهم بنو إسرائيل لان يعقوب عليه السلام هو إسرائيل وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا تقولوا لا نبى بعد محمد وقولوا خاتم النبيين لانه ينزل عيسى بن مريم حكما عدلا واماما مفسطا فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها قال فى التكملة وقول عائشة لا تقولوا لا نبى بعد محمد انما ذكر والله اعلم لئلا يتوهم المتوهم رفع ما روى من نزول عيسى بن مريم فى آخر الزمان وعلى الحقيقة فلا نبى بعد رسول الله عليه السلام لان عيسى وان نزل بعده فهو موجود قبله حى الى ان ينزل وإذا نزل فهو متبع لشريعته مقاتل عليها فلا يخلق نبى بعد محمد ولا تجدد شريعة بعد شريعته فعلى هذا يصح ولا نبى بعده. وقد روى فى اسماء النبي عليه السلام فى كتاب الشمائل وغيره والعاقب الذي ليس بعده

نبى فهذه زيادة وان لم يذكرها مالك فهى موجودة فى غير الموطأ ويحتمل ان تكون من قبل النبي او من قبل الراوي فان كانت من قبل النبي عليه السلام فحسبك بها حجة وان كانت من قبل الراوي فقد صح بها ان اطلاق هذا اللفظ غير ممتنع ولا معارضة بينه وبين حديث عائشة كما ذكرنا والمراد به لا تقولوا لا نبى بعده يعنى لا يوجد فى الدنيا نبى فان عيسى ينزل الى الدنيا ويقاتل على شريعة النبي عليه السلام والمراد بقوله عليه السلام فى الحديث والعاقب الذي ليس بعده نبى ولا يبعث بعده نبى ينسخ شريعته وهذا معنى قوله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) اى الذي ختمت النبوة والرسالة به لان نبوة عيسى قبله فنبوته عليه السلام ختمت النبوات وشريعته ختمت الشرائع انتهى ما فى التكملة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان الحكمة البالغة الازلية اقتضت انا نبعث قبلك رسلا ونجزى عليهم وعلى أممهم أحوالا ثم نقص عليك من انبائهم ما نثبت به فؤادك ونؤدبك بتأدبهم لتتعظ بهم ولا نقدمك بالرسالة عليهم ليتعظوا بك فان السعيد من يتعظ بغيره هر طبيدن قاصدى باشد دل آگاه را (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) لاستغنائك عن ذلك تخفيفا لك عما لا يعينك وهذا امارة كمال العناية فيما قص عليه وفيما لم يقصص عليه وَما كانَ لِرَسُولٍ اى وما صح وما استقام لرسول منهم أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ تقترح عليه [يعنى بيارد معجزه كه نشانه نبوت او باشد] إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فان المعجزات تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار فى إيثار بعضها ولا استبداد بإتيان المقترح بها وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه قيل ما من رسول من قبلك سواء كان مذكورا او غير مذكور أعطاه الله آيات معجزات إلا جادله قومه فيها وكذبوه عنادا وعبثا فصبروا وظفروا فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا: وفى المثنوى صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد «1» فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ بالعذاب فى الدنيا والآخرة قُضِيَ بِالْحَقِّ حكم بين الرسل ومكذبيهم بانجاء المحق وإهلاك المبطل وتعذيبه وَخَسِرَ هلك او تحقق وتبين انه خسر هُنالِكَ اى وقت مجىء امر الله وهو اسم مكان استعير للزمان الْمُبْطِلُونَ اى المتمسكون بالباطل على الإطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا أوليا قال فى القاموس الباطل ضد الحق وأبطل جاء بالباطل فالمبطل صاحب الباطل والمتمسك به كما ان المحق صاحب الحق والعامل به ولم يقل وخسر هنالك الكافرون لما سبق من نقيض الباطل الذي هو الحق كما فى برهان القرآن وفى الآية اشارة الى انه يجب الرجوع الى الله قبل ان يجىء امره وقضاؤه بالموت والعذاب فانه ليس بعده الا الأحزان تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب چهـ سود از پشيمانى آيد بكف ... چوسرمايه عمر كردى تلف كسى كر چهـ بد كرد هم بد نكرد ... كه پيش از قيامت غم خويش خورد

_ (1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ

[سورة غافر (40) : الآيات 79 إلى 81]

يعنى [پيش از قيامت موت زيرا كه مرد قيامت او برخاست] اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ اى خلق الإبل لاجلكم ومصلحتكم جمع نعم بفتحتين وهو فى الأصل الراعية والكثير استعماله فى الإبل لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ من لابتداء الغاية ومعناها ابتداء الركوب والاكل منها اى تعلقهما بها او للتبعيض اى لتركبوا وتأكلوا بعضها لا على ان كلا من الركوب والاكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان كل بعض منها صالح لكل منهما وتغيير النظم فى الجملة الثانية لمراعاة الفواصل مع الاشعار باصالة الركوب لان الغرض انما يكون فى المنافع والركوب متعلق بالمنفعة لانه إتلاف المنفعة بخلاف الاكل فانه متعلق بالعين لانه إتلاف العين ولا يقدح فى ذلك كون الاكل ايضا من المنافع ولهذا جاء (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ اخر غير الركوب والاكل كالبانها واوبارها وجلودها وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ اى فى قلوبكم بحمل أثقالكم عليها من بلد الى بلد وقال الكاشفى [تا برسيد بمسافرت بر آن بحاجتي كه در سينهاى شماست از سود ومعامله] وهو عطف على قوله لتركبوا منها وحاجة مفعول لتبلغوا وَعَلَيْها اى على الإبل فى البر وَعَلَى الْفُلْكِ اى السفن فى البحر تُحْمَلُونَ نظيره (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال فى الإرشاد ولعل المراد به حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر فى فصله عن الركوب والجمع بينها وبين الفلك لما بينهما من المناسبة التامة حتى تسمت سفائن البر وانما قال وعلى الفلك ولم يقل فى الملك كما قال (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) للمزاوجة اى ليزاوج ويطابق قوله (وَعَلَيْها) فان محمولات الانعام مستعلية عليها فذكرت كلمة الاستعلاء فى الفلك ايضا للمشاكلة وفى المدارك الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان وقال بعض المفسرين المراد بالانعام فى هذا المقام الأزواج الثمانية وهى الإبل والبقر والضأن والمعز باعتبار ذكورتها وأنوثتها فمعنى الركوب والاكل منها تعلقهما بالكل لكن لا على ان كلا منهما يجوز تعلقه بكل منها ولا على ان كلا منهما مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان بعضها يتعلق به الاكل فقط كالغنم وبعضها يتعلق به كلاهما كالابل والبقر والمنافع تعم الكل وبلوغ الحاجة عليها يعم البقر وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى خلق النفس البهيمية الحيوانية لتكون مركبا لروحكم العلوي (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) من مشاهدة الحق ومقامات القرب ولكم فى صفاتها منافع وهى الشهوة الحيوانية ومنفعتها انها مركب العشق والغضب وان مركب الصلابة فى الدين والحرص مركب الهمة وبهذه المركب يصل السالك الى المراتب العلية كما قال (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ) اى صفات القلب (تُحْمَلُونَ) الى جوار الحق تعالى چون بيخبران دامن فرصت مده از دست ... تا هست پر وبال ز عالم سفرى كن يُرِيكُمْ آياتِهِ دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته أَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ فان كلا منها من الظهور بحيث لا يكاد يجرأ على إنكارها من له عقل فى الجملة وهو ناصب لأى واضافة الآيات الى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل إنكارها فان قلت كان الظاهر ان

[سورة غافر (40) : الآيات 82 إلى 85]

يقال فأية آيات الله بتاء التأنيث لكون أي عبارة عن المؤنث لاضافته إليها قلت تذكير أي هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل لان التفرقة بين المذكر والمؤنث فى الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة وانسان وانسانة غريب وهى فى أي اغرب لابهامه فان قصد التمييز والتفرقة ينافى الإبهام وهذا فى غير النداء فان اللغة الفصيحة الشائعة ان تؤنث أيا الواقعة فى نداء المؤنث كما فى قوله تعالى (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) ولم يسمع ان يقال يا ايها المرأة بالتذكير اعلم ان جميع اجزاء العالم آيات بينات وحجج واضحات ترشدك الى وحدانية الله تعالى وكمال قدرته لكن هداية الله تعالى الى جهة الإرشاد وكيفيته اصل الأصول قال بعض الكبار فى سبب توبته كنت مستلقيا على ظهرى فسمعت طيورا يسبحن فاعرضت عن الدنيا وأقبلت على المولى وخرجت فى طلب المرشد فلقيت أبا العباس الخضر فقال لى اذهب الى الشيخ عبد القادر فانى كنت فى مجلسه فقال ان الله جذب عبدا اليه فارسله الىّ إذا لقيته قال فلما جئت اليه قال مرحبا بمن جذبه الرب بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير فاذا أراد الله بعبده خيرا يجذبه اليه بما شاء ولا تفرقة بين شىء وشىء فمن له بصيرة يرى فى مرائى الأشياء جمال الوحدة محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوب رويان چين و چكل ثم ان أعظم الآيات أنبياء الله وأولياؤه إذ تجلى الحق من وجوههم بنعت العزة والكبرياء للعالمين وأي منكر أعظم ممن ينكر على هذه الآيات الساطعة والبراهين الواضحة قال سهل اظهر آياته فى أوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم فى كراماتهم وأعمى أعين الأشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنهم ومن أنكر آيات أوليائه فانه ينكر قدرة الله فان القدرة الالهية تظهر على الأولياء الأمارات لاهم بانفسهم يظهرونها والله تعالى يقولَ يُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ) ثم ان الإنكار بعد التعريف والاعلام أشد منه قبله فطوبى لمن أخذ باشارة المرشد وإرشاده ولا يكون فى زمرة المنكرين الضالين قال حجة الإسلام العجب منك انك تدخل بيت غنى فتراه مزينا بانواع الزين فلا ينقطع تعجبك منه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك وأنت تنظر الى بيت عظيم وهو العالم لم يخلق مثله لا تتحدث فيه ولا تلتفت بقلبك ولا تتفكر فى عجائبه وذلك لعمى القلب المانع عن الشهود والرؤية ونعم ما قيل برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكار ولا بد لتحصيل هذه المرتبة من التوسل بالأسباب وأعظمها الذكر فى جميع الأوقات الى ان يفتح مفتح الأبواب أَفَلَمْ يَسِيرُوا الهمزة للاستفهام التوبيخي والفاء للعطف على مقدر اى أقعدوا اى قومك وهم قريش فلم يسيروا ولم يسافروا فِي الْأَرْضِ [در زمين عاد وثمود] فَيَنْظُرُوا ويعتبروا جواب الاستفهام: وبالفارسية [تا بنگرند كه] كَيْفَ كانَ [چهـ كونه بود] عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المهلكة يعنى انهم قد ساروا فى أطراف الأرض وسافروا الى جانب الشام واليمن وشاهدوا مصارع المكذبين من الأمم السالفة وآثارهم فليحذروا من مثل عذابهم فلا يكذبوك يا محمد ثم بين مبادى احوال الأمم المتقدمة وعواقبها فقال كانُوا اى تلك الأمم أَكْثَرَ عددا مِنْهُمْ اى من قومك وَأَشَدَّ قُوَّةً

[سورة غافر (40) : آية 83]

فى الأبدان والعدد وَآثاراً فِي الْأَرْضِ باقية بعدهم من الابنية والقصور والمصانع وهى جمع مصنعة بفتح النون وضمها شىء كالحوض يجمع فيه ماء المطر ويقال له الصهريج ايضا وتغلط فيه العامة من الأتراك فيقولون صارنج واكثر بلاد العرب محتاجة الى هذا لقلة الماء الجاري والآبار وفى التأويلات النجمية (وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) بطول الأعمار وقيل هى آثار أقدامهم فى الأرض بعظم اجرامهم- وحكى- عن الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره انه قال قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس عليه السلام سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالأندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الأرض فرأيت طول قدمه ثلاثة أشبار وثلثى شبر فَما أَغْنى عَنْهُمْ يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه ونفعه وهو إذا استعمل بعن يتعدى الى مفعول كما سبق اى لم يغن عنهم لم يدفع ولم ينفع ما كانُوا يَكْسِبُونَ كسبهم او مكسوبهم من الأموال والأولاد وترتيب العساكر فاذا لم تفدهم تلك المكنة العظيمة الا الخيبة والخسار فكيف هؤلاء الفقراء المساكين. ويجوز ان تكون ما الاولى استفهامية بمعنى أي شىء اغنى عنهم ذلك وما الثانية على التقديرين فاعل اغنى وهذه الفاء بيان عاقبة كثرتهم وشدة قوتهم وما كانوا يكسبون بذلك زعما منهم ان ذلك يغنى عنهم فلم يترتب عليه إلا عدم الإغناء فهذا الاعتبار جرى مجرى النتيجة وان كان عكس الغرض ونقيض المطلوب كما فى قولك وعظته فلم يتعظ اى لم يترتيب عليه إلا عدم الاتعاظ مع انه عكس المتوقع فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والدلالات الواضحة وهذه الفاء تفسير وتفصيل لما أبهم وأجمل من عدم الإغناء فهى تعقيبية وتفسيرية إذ التفسير يعقب المفسر وقد كثر فى الكلام مثل هذه الفاء ومبناها على التفسير بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ لقوله (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) اى أظهروا الفرح بذلك واستحقروا علم الرسل ولمراد بالعلم ما لهم من العقائد الزائغة والشبه الباطلة كما قالوا لا نبعث ولا نعذب وما أظن الساعة قائمة ونحو ذلك وتسميتها علما مع ان الاعتقاد الغير المطابق للواقع حقه ان يسمى جهلا للتهكم بهم فهى علم على زعمهم لا فى الحقيقة او المراد علم الصنائع والتنجيم والطبائع وهو اى علم الطبائع علم الفلاسفة فان الحكماء كانوا يصغرون علوم الأنبياء ويكتفون بما يكسبونه بنظر العقل ويقولون نحن قوم مهتدون فلا حاجة بنا الى من يهدينا كما قال سقراط لما ظهر موسى عليه السلام نحن قوم مهذبون لا حاجة بنا الى تهذيب غيرنا: قال المغربي علم بى دينان رها كن جهل را حكمت مخوان ... از خيالات وظنون اهل يونان دم مزن وكان يكنى فى الجاهلية بابى الحكم لانهم يزعمون انه عالم ذو حكمة فكناه النبي فى الإسلام بابى جهل لانه لو كان له علم حقيقة لآمن بالرسول عليه السلام: قال الحافظ سراى ومدرسه وبحث علم وطاق ورواق ... چهـ سود چون دل دانا و چشم بينا نيست وفى التأويلات النجمية من العلم اى من شبه المعقولات والمخيلات والموهومات ويجوز ان يرجع عندهم للرسل على ان المراد بالعلم هو العلم الذي أظهره رسلهم وبفرح الكفار به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده قوله تعالى وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى نزل

[سورة غافر (40) : الآيات 84 إلى 85]

بالكفار وأصابهم وبال استهزائهم بالأنبياء واستحقارهم لعلومهم وما أخبروا به من العذاب ونجوه فلم يعجزوا الله فى مراده منهم وفى المثنوى آن دهان كژ كرد وز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند «1» باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان «2» تا شنيدم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق تا كه ما از حال آن كركان پيش ... همچوروبه پاس خود داريم بيش امت مرحومه زين رو خواندمان ... آن رسول حق وصادق در بيان استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او نسأل الله التوفيق للعلم الذي يوصل الى التحقيق نتوان بقيل وقال ز ارباب حال شد ... منعم نمى شود كسى از كفت وكوى كنج فلا بد من الانقياد للحق والاجتهاد فى العمل: قال الخجندي در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست قال فى الروضة صلى الحجاج فى جنب ابن المسيب فرآه يرفع قبل الامام ويضع رأسه فلما سلم أخذ بثوبه حتى فرغ من صلاته ودعائه ثم رفع نعله على الحجاج فقال يا سارق ويا خائن تصلى على هذه الصفة لقد هممت ان اضرب بها وجهك وكان الحجاج حاجا فرجع الى الشام وجاء واليا على المدينة ودخل من فوره المسجد قاصدا مجلس سعيد بن المسيب فقال له أنت صاحب الكلمات قال نعم انا صاحبها قال جزاك الله من معلم ومؤدب خيرا ما صليت بعدك الا ذاكرا قولك فلا بد من الحركة بمقتضى العلم فَلَمَّا رَأَوْا اى الأمم السالفة المكذبة بَأْسَنا شدة عذابنا فى الدنيا ووقعوا فى مذلة الخيبة ومنه قوله تعالى (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) اى شديد قالُوا مضطرين آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [بخداى يكتا] وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ اى بسبب الايمان به يعنون الأصنام مُشْرِكِينَ يعنى [از انباز كه ميكفتيم بيزار وبرى كشتيم] وهذه الفاء لمجرد التعقيب وجعل ما بعدها تابعا لما قبلها واقعا عقيبه لان مضمون قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) إلخ هوانهم كفروا فصار مجموع الكلام بمنزلة ان يقال فكفروا ثم لما رأوا بأسنا آمنوا فَلَمْ يَكُ أصله لم يكن حذفت النون لكثرة استعماله يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ اى تصديقهم بالوحدانية اضطرارا وقوله ايمانهم يجوز ان يكون اسم كان وينفعهم خبره مقدما عليه وان يكون فاعل ينفعهم واسم كان ضمير الشان المستتر فيه لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا اى عند رؤية عذابنا والوقوع فيه لامتناع قبوله حينئذ امتناعا عاديا كما يدل عليه قوله (سُنَّتَ اللَّهِ)

_ (1) در أوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن شخصى كستاخ كه نام پيغمبر بتمسخر برد (2) در اواخر دفتر يكم در بيان ادب كردن شير كرك را إلخ

إلخ زيرا در وقت معاينه عذاب تكليف مرتفع ميشود وايمان در زمان تكليف مقبولست نه در وقت يأس] فامتنع القبول لانهم لم يأتوا به فى الوقت المأمور به ولذلك قيل فلم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم فانه ابلغ فى نفى النفع من لم ينفعهم ايمانهم وهذه الفاء للعطف على آمنوا كأنه قيل فآمنوا فلم ينفعهم لان النافع هو الايمان الاختياري الواقع مع القدرة على خلافه ومن عاين نزول العذاب لم يبق له القدرة على خلاف الايمان فلم ينفعه وعدم نفعه فى الدنيا دليل على عدم نفعه فى الآخرة سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ قوله سنة من المصادر المؤكدة وخلت من الخلوّ يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب اى سن الله عدم قبول ايمان من آمن وقت رؤية البأس ومعاينته سنة ماضية فى عباده مطردة اى فى الأمم السالفة المكذبة كلها ويجوز ان ينتصب سنة على التحذير اى احذروا سنة الله المطردة فى المكذبين السابقين. والسنة الطريقة والعادة المسلوكة وسنة الله طريقة حكمته وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ قوله هنالك اسم مكان فى الأصل موضوع للاشارة الى المكان قد استعير فى هذا المقام للزمان لانه لما أشير به الى مدلول قوله (لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) ولما للزمان تعين ان يراد به الزمان تشبيها له بالمكان فى كونه ظرفا للفعل كالمكان. والمعنى على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما هلك الكافرون بوحدانية الله المكذبون وقت رؤيتهم البأس والعذاب وقال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكنه تبين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب ولم يرج فلاحهم ولم يقل وخسر هنالك المبطلون كما فيما سبق لانه متصل بايمان غير مجدد ونقيض الايمان الكفر كما فى برهان القرآن اى فحسن موقعه كما حسن موقع قوله المبطلون على ما عرف سره فى موقعه اعلم ان فى ايمان البأس واليأس تفاصيل اقررها ذلك فانظر ماذا ترى قال فى الأمالي وما ايمان شخص حال بأس ... بمقبول لفقد الامتثال «1» قوله بأس بالباء الموحدة وبسكون الهمزة لم يقل يأس بالياء المثناة لموافقة قوله تعالى (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) فاشتمل على ما بالموحدة والمثناة واصل البأس الشدة والمضرة وحال اليأس هو وقت معاينة العذاب وانكشاف ما جاءت به الاخبار الالهية من الوعد والوعيد وحال اليأس هو وقت الغر غرة التي تظهر عندها احكام الدار الآخرة عليه بعد تعطيل قواه الحسية ويستوى فى حال البأس بالموحدة الايمان والتوبة لقوله تعالى (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ) الآية ورجاء الرحمة انما يكون فى وقته وبظهور الوعيد خرج الوقت من اليد ولم يتصور الامتثال ووقع الايمان ضروريا خارجا عن الاختيار ألا ترى ان ايمان الناس لا يقبل عند طلوع الشمس من مغربها لانه ايمان ضرورى فلا يعتبر لانه يجوز ان يكون ايمان المضطر لغرض النجاة من الهلاك بحيث لو تخلص لعاد لما اعتاد وقد قال العلماء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة. واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد كما فى حواشى الشيخ فى سورة الانعام: وفى المثنوى آن ندامت از نتيجه رنج بود ... بي ز عقل روشن چون كنج بود

_ (1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عهد كردن أحمق وقت كرفتارى إلخ

چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا ميزند فيكون الايمان والندم وقت ظهور الوعيد الدنيوي كالايمان والندم وقت وجود الوعيد الأخروي بلا فرق فكما لا ينفع هذا كذلك لا ينفع ذاك لان الآخرة وما فى حكمها من مقدماتها فى الحكم سواء ولذلك ورد من مات فقد قامت قيامته وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فباتصال زمان الموت بزمان القيامة كان فى حكمه فايمان فرعون وأمثاله عند الغرق ونحوه من قبيل ما ذكر من الايمان الاضطراري الواقع عند وقوع الوعيد الذي ظهوره فى حكم ظهور احوال الآخرة ومشاهدته فى حكم مشاهدة العذاب الأخروي. فحال البأس بالموحدة كحال الغرغرة من غير فرق فكما لا يقبل الايمان حال الغرغرة فكذا حال البأس ففرعون مثلا لم يقبل إيمانه حال الغرق لكونه حال البأس وان كان قبل الغرغرة فافهم جدا فانه من مزالق الاقدام واما ايمان اليأس بالياء المثناة التحتية وهو الايمان بعد مشاهدة احوال الآخرة ولا تكون الا عند الغرغرة ووقت نزع الروح من الجسد ففى كتب الفتاوى انه غير مقبول بخلاف توبة اليأس فانها مقبولة على المختار على ما فى هداية المهديين لان الكافر اجنبى غير عارف بالله وابتدأ ايمانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء أسهل من الابتداء. فمثل ايمان اليأس شجر غرس فى وقت لا يمكن فيه النماء ومثل توبة اليأس شجر نابت اثمر فى الشتاء عند ملاءمة الهواء. والدليل على قبول التوبة مطلقا قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) هكذا قالوا وهو يخالف قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) قال البغوي فى تفسيره لا تقبل توبة عاص ولا ايمان كافر إذا تيقن بالموت انتهى ومراده عند الاشراف على الموت والصيرورة الى حال الغرغرة والا فقد قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الأحوال التي عندها يحصل العلم بالله تعالى على سبيل الاضطرار على ما فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النساء وقرب الموت لا ينافى التيقن بالموت بظهور أسبابه واماراته دل عليه قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) الآية اى عند حضور اماراته وظهور آثاره من العلل والأمراض إذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت. ومن هذا القبيل ما فى روضة الاخبار من انه قال عمرو بن العاص رضى الله عنه عند احتضاره لابنه عبد الله يا بنىّ من يأخذ المال بما فيه من التبعات فقال من جدع الله انفه ثم قال احملوه الى بيت مال المسلمين ثم دعا بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال «اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقبت فبما قدمت يداى لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين» فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه انتهى. واتى بصيغة الترجي

لانه لاقطع وهو من باب الإرشاد ايضا على ما حكى انه لما مات عثمان بن مظعون رضى الله عنه وهو اخوه عليه السلام من الرضاعة وغسل وكفن قبل النبي عليه السلام بين عينيه وبكى وقالت امرأته خولة بنت حكيم رضى الله عنها طبت هنيئا لك الجنة يا أبا السائب فنظر إليها النبي عليه السلام نظرة غضب وقال (وما يدريك) فقالت يا رسول الله ما رسك وصاحبك فقال عليه السلام (وما أدرى ما يفعل بي) فاشفق الناس على عثمان رضى الله عنه ثم ان السبب فى عدم قبول التوبة عند الاحتضار انا مكلفون بالايمان الغيبى لقوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وفى ذلك الوقت يكون الغيب عيانا فلا تصح. وايضا لا شبهة فى ان كل مؤمن عاص يندم عند الاشراف على الموت وقد ورد (ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فيلزم منه ان لا يدخل أحد من المؤمنين النار وقد ثبت ان بعضهم يدخلونها. واما قولهم ان من شرط التوبة عن الذنب العزم على ان لا يعود اليه وذلك انما يتحقق مع ظن التائب التمكن من العود فيخالفه ما قال الآمدى انه إذا اشرف على الموت اى قرب من الاحتضار فندم على فعله صحت توبته بإجماع السلف وان لم يتصور منه العزم على ترك الفعل لعدم تصور الفعل فهو مستثنى من عموم معنى التوبة وهو الندم على الماضي والترك فى الحال والعزم على ان لا يعود فى المستقبل كما فى شرح العقائد للمولى رمضان واما اطلاق الآية التي هى قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) فمقيد بالآية السابقة وهى قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) الآية وبقوله عليه السلام (ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر رضى الله عنهما وهو يشمل توبة المؤمن والكافر فالايمان وكذا التوبة لا يعتبر حالة اليأس بالمثناة بخلافهما قبل هذه الحالة ولو بقليل من الزمان رحمة من الله تعالى لعباده المذنبين. فمعنى الاحتضار هو وقت الغرغرة وقرب مفارقة الروح من البدن لا حضور أوائل الموت وظهور مقدماته مطلقا وقس عليه حال البأس بالموحدة بقي انه لما قتل على رضى الله عنه من قال لا اله الا الله قال عليه السلام (لم قتلته يا على) قال على علمت انه ما قال بقلبه فقال عليه السلام (هل شققت قلبه) فهذا يدل على ان ايمان المضطر والمكره صحيح مقبول ولعله عليه السلام اطلع بنور النبوة على ايمان ذلك المقتول بخصوصه فقال فى حقه ما قال والعلم عند الله المتعال هذا وذهب الامام مالك الى ان الايمان عند اليأس بالمثناة مقبول صحيح فقالوا ان الايمان عند التيقن صحيح عنده لو لم يرد الدليل ذلك الايمان فايمان فرعون مثلا مردود عنده بدليل قوله (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) الآية وانما لم يرده مالك مطلقا لعدم النصوص الدالة عنده على عدم صحة الايمان فى تلك الساعة هكذا قالوا وفيه ضعف تام ظاهر واسناده الى مالك لا يخلو عن سماحة كما لا يخفى هذا ما تيسر لى فى هذا المقام من الجمع والترتيب والترجيح والتهذيب ثم اسأل الله لى ولكم ان يشد عضدنا بقوة الايمان ويحلينا بحلية العيان والإيقان ويختم لنا بالخير والحسنى ويبشرنا بالرضوان والزلفى ويجعلنا من الطائرين الى جنابه والنازلين عند بابه واللائقين بخطابه بحرمة الحواميم وما اشتملت عليه من السر العظيم

تفسير سورة حم السجدة

تمت حم المؤمن يوم السبت الثامن والعشرين من ذى القعدة الشريف من شهور سنة اثنتي عشرة ومائة والف تفسير سورة حم السجدة وآيها ثلاث او اربع وخمسون بسم الله الرحمن الرحيم حم خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بحم فيكون اطلاق الكتاب عليها فى قوله كتاب إلخ باعتبار انها من الكتاب وجزء من اجزائه وقيل حم اسم للقرآن فيكون اطلاق الكتاب عليه حقيقة وانما افتتح السورة بحم لان معنى حم بضم الحاء وتشديد الميم على ما قاله سهل قدس سره قضى ما هو كائن: يعنى [بودنى همه بودم كردنى همه كردم راندنى همه راندم كزيدنى همه كزيدم پذيرفتنى همه پذيرفتم برداشتنى همه برداشتم افكندنى همه افكندم آنچهـ خواستم كردم آنچهـ خواهم كنم آنرا كه پذيرفتم بدان ننكرم كه ازو جفا ديدم بلكه عفو كنم ودر كذارم واز كفته او باز نيايم] ما يبدل القول ولما كانت هذه السورة مصدرة بذكر الكتاب الذي قدرت فيه الاحكام وبينت ناسب ان تفتح بحم رعاية لبراعة الاستهلال وانما سميت هذه السورة السبع بحم لاشتراكها فى الاشتمال على ذكر الكتاب والرد على المجادلين فى آيات الله والحث على الايمان بها والعمل بمقتضاها ونحو ذلك قال بعض العرفاء معنى الحاء والميم اى هذا الخطاب والتنزيل من الحبيب الأعظم الى المحبوب المعظم. وايضا هو قسم اى بحياتي ومجدى هذا تنزيل او بحياتك ومشاهدتك يا حبيبى ويا محبوبى او بالحجر الأسود والمقام فانهما يا قوتتان من يواقيت الجنة وسران عظيمان من اسرار الله فناسب ان يقسم بهما. او هذه الحروف تنزيل إلخ نزل بها جبرائيل عليه السلام من عند الله [ميكويد اين حروف تهجى كه حا وميم از ان جمله است فرو فرستاده رحمانست چنانكه كودك را كويى چومى آموزى يا كويى در لوح چهـ نوشته كويد الف وباء نه خود اين دو حرف خواهد بلكه جمله حروف تهجى خواهد اين همچنان است وحروف تهجى بر آدم عليه السلام نازل بوده وقرآن مشتمل شده بر آن جمله] فهى اصل كل منزل وفى الحديث (من قرأ القرآن فاعربه) يعنى [هر كه خواند قرآنرا ولحن نكند در وى] (فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ ولحن فيه فله بكل حرف عشر حسنات أما انى لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف) يقول الفقير لعل سر العدد ان القراءة فى الأصل للصلاة وكان اصل الصلوات الخمس خمسين فلذا اجرى الله تعالى على القارئ الفصيح بمقابلة كل حرف خمسين اجرا واما العشر فهى ادنى الحسنات كما قال الله تعالى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) قال الكاشفى [اسم أعظم الهى در حروف مقطعه مخفيست وهر كس در استخراج اين قادر نيست] : قال الكمال الخجندي قدس سره كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكو كن چهـ سود از خواندن اسما تَنْزِيلٌ خبر بعد خبر اى منزلة لان التعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولهم

[سورة فصلت (41) : الآيات 3 إلى 4]

هذا الدرهم ضرب الأمير اى مضروبه ومعنى كونها منزلة انه تعالى كتبها فى اللوح المحفوظ وامر جبرائيل ان يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على رسول الله عليه السلام ويؤديها اليه فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبرائيل سمى ذلك تنزيلا والا فالكلام النفسي القائم بذات الله تعالى لا يتصور فيه النزول والحركة من الأعلى الى الأسفل مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ متعلق بتنزيل مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية ونسبة التنزيل الى الرحمن الرحيم للايذان بان القرآن مدار للمصالح الدينية والدنيوية واقع بمقتضى الرحمة الربانية وذلك لان المنزل ممن صفته الرحمة الغالبة لا بد وان يكون مدارا للمصالح كلها وقال الكاشفى (مِنَ الرَّحْمنِ) [از خداى بخشنده بهداية نفوس عوام (الرَّحِيمِ) مهربان برعايت قلوب خواص] وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء فى حم الى الحكمة وبالميم الى المنة اى منّ على عباده بتنزيل حكمة من الرحمن الأزلي الذي سبقت رحمته غضبه فخلق الموجودات برحمانية الرحيم الابدى الذي وسعت رحمته كل شىء الى الابد وهى كتاب قال بعض العارفين إذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة لان الرحمة لم تزل ولا تزال والزلة لم تكن ثم كانت وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال: قال الصائب محيط از چهره سيلاب كرد راه ميشويد ... چهـ انديشه كسى با عفو حقّ از كرد زلتها وقال الشيخ سعدى قدس سره همى شرم دارم ز لطف كريم ... كه خوانم كنه پيش عفوش عظيم كِتابٌ خبر آخر مشتق من الكتب وهو الجمع فسمى كتابا لانه جمع فيه علوم الأولين والآخرين فُصِّلَتْ آياتُهُ بينت بالأمر والنهى والحلال والحرام والوعد والوعيد والقصص والتوحيد قال الراغب فى قوله (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) هو اشارة الى ما قال (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً) فمن أنصف علم انه ليس فى يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة مثل القرآن قُرْآناً عَرَبِيًّا نصب على المدح اى أريد بهذا الكتاب المفصل آياته قرآنا عربيا او على الحالية من كتاب لتخصصه بالصفة ويقال لها الحال الموطئة وهو اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة وقد سبق غير مرة: والمعنى بالفارسية [در حالتى كه قرآنيست تازى يعنى بلغت عرب تا بسهولت خوانند وفهم كنند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن قديم من حيث انه كلام الله وصفته والعربية كسوة مخلوقة كساها الله تعالى ومن قال ان القرآن أعجمي يكفر لانه معارضة لقوله تعالى (قُرْآناً عَرَبِيًّا) وبوجود كلمة عجمية فيه معربة لا يخرج عن كونه عربيا لان العبرة للاكثر وذلك كالقسطاس فانه رومى معرب بمعنى الميزان والسجيل فانه فارسى معرب سنك وكل والصلوات فانه عبرانى معرب صلوتا بمعنى المصلى والرقيم فانه رومى بمعنى الكلب والطور فانه الجبل بالسرياني لِقَوْمٍ اى عرب يَعْلَمُونَ اى كائنا لقوم يعلمون معانيه لكونه على لسانهم فهو صفة اخرى لقرآنا وفى التأويلات النجمية (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) العربية والعربية بحروفها مخلوقة والقرآن منزه عنها بَشِيراً صفة اخرى لقرآنا اى بشيرا لمن صدقه وعرف قدره وادي

[سورة فصلت (41) : آية 5]

حقه بالجنة والوصول وَنَذِيراً لمن كذبه ولم يعرف قدره ولم يؤد حقه بالنار والفراق او بشيرا لمن اقبل الى الله بنعت الشوق ونذيرا لمن اقبل الى نفسه ونظر الى طاعته او بشيرا لاوليائه بنيل المقامات ونذيرا لهم يحذرهم من المخالفات لئلا يسقطوا من الدرجات او بشيرا بمطالعة الرجاء ونذيرا بمطالعة الخوف او بشيرا للعاصين بالشفاعة والغفران ونذيرا للمطيعين ليستعملوا الأدب والأركان فى طاعة الرحمن او بشيرا لمن اخترناهم واصطفيناهم ونذيرا لمن أغويناهم فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن تدبره مع كونه على لغتهم والضمير لاهل مكة او العرب او المشركين دال عليه ما سيجيئ من قوله (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ سماع تفكر وتأمل حتى يفهموا جلالة قدره فيؤمنوا به وفى التأويلات النجمية فاعرض أكثرهم عن أداء حقه فهم لا يسمعون بسمع القبول والانقياد وفيه اشارة الى ان الأقل هم اهل السماع وانما سمعوا بان أزال الله تعالى بلطفه ثقل الآذان فامتلأت الأذهان بمعاني القرآن سئل عبد الله ابن المبارك عن بدء حاله فقال كنت فى بستان فاكلت مع إخواني وكنت مولعا اى حريصا بضرب العود والطنبور فقمت فى جوف الليل والعود بيدي وطائر فوق رأسى يصيح على شجرة فسمعت الطير يقول (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) الآية فقلت بلى وكسرت العود فكان هذا أول زهدى وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال «يا عبدى أما تستحيى منى إذ يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لاجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه او كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل عن حديثه او مات اليه ان كف وها انا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك» كذا فى الاحياء وَقالُوا اى المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند دعوته إياهم الى الايمان والعمل بما فى القرآن قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ جمع كنان وهو الغطاء الذي يكنّ فيه الشيء اى يحفظ ويستر اى فى اغطية متكاثفة مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ اى تمنعنا من فهم ما تدعونا اليه وتورده علينا وحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه وحذف متعلق حرف الجر ايضا شبهوا قلوبهم بالشيء المحوى المحاط بالغطاء المحيط له بحيث لا يصيبه شىء من حيث تباعدها عن ادراك الحق واعتقاده قال سعدى المفتى ورد هنا كلمة فى وفى الكهف على لان القصد هنا الى المبالغة فى عدم القبول والاكنة إذا احتوت عليها احتواء الظرف على المظروف لا يمكن ان يصل إليها شىء وليست تلك المبالغة فى على والسياق فى الكهف للعظمة فيناسبه اداة الاستعلاء وَفِي آذانِنا وَقْرٌ اى صمم قال فى القاموس الوقر ثقل فى الاذن او ذهاب السمع كله شبهوا أسماعهم بآذان بها صمم من حيث انها تمج الحق ولا تميل الى استماعه وفى التأويلات النجمية (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) ما ينفعنا كلامك قالوه حقا وان قالوا على سبيل الاستهانة والاستهزاء لان قلوبهم فى اكنة حب الدنيا وزينتها مقفولة

[سورة فصلت (41) : الآيات 6 إلى 10]

بقفل الشهوات والأوصاف البشرية ولو قالوا ذلك على بصيرة لكان ذلك منهم توحيدا فتعرضوا للمقت لما فقدوا من صدق القلب وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ ستر عظيم وعطاء غليظ يمنعنا عن التواصل والتوافق ومن للدلالة عن ان الحجاب مبتدأ من الجانبين بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة المعبر عنها بالبين ولم يبق ثمة فراغ أصلا فيكون حجابا قويا عريضا مانعا من التواصل بخلاف ما لو قيل بيننا وبينك حجاب فانه يدل على مجرد حصول الحجاب فى المسافة المتوسطة بينهم وبينه من غير دلالة على ابتدائه من الطرفين فيكون حجابا فى الجملة لا كما ذكر شبهوا حال أنفسهم مع رسول الله عليه السلام بحال شيئين بينهما حجاب عظيم يمنع من ان يصل أحدهما الى الآخر ويراه ويوافقه وانما اقتصروا على ذكر هذه الأعضاء الثلاثة لان القلب محل المعرفة والسمع والبصر أقوى ما يتوسل به الى تحصيل المعارف فاذا كانت هذه الثلاثة محجوبة كان ذلك أقوى ما يكون من الحجاب نعوذ بالله تعالى قال بعضهم قلوبهم فى حجاب من دعوة الحق وأسماعهم فى صمم من نداء الحق وهواتفه وجعل بينهم وبين الحق حجاب من الوحشة والإبانة ولذا وقعوا فى الإنكار ومنعوا من رؤية الآثار در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى فَاعْمَلْ على دينك إِنَّنا عامِلُونَ على ديننا قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ اى ما إلهكم الا اله واحد لا غيره وهذا تلقين للجواب عما ذكره المشركون اى لست من جنس مغاير لكم حتى يكون بينى وبينكم حجاب وتباين مصحح لتباين الأعمال والأديان كما ينبىء عنه قولكم فاعمل اننا عاملون بل انما انا بشر وآدمي مثلكم مأمور بما أمرتم به حيث أخبرنا جميعا بالتوحيد بخطاب جامع بينى وبينكم فان الخطاب فى إلهكم محكىّ منتظم للكل لا انه خطاب منه عليه السلام للكفرة كما فى مثلكم وفى الآية اشارة الى ان البشر كلهم متساوون فى البشرية مسدود دونهم باب المعرفة اى معرفة الله بالوحدانية بالآلات البشرية من العقل وغيره وانما فتح هذا الباب على قلوب الانبيا بالوحى وعلى قلوب الأولياء بالشواهد والكشوف وعلى قلوب المؤمنين بالإلهام والشرح كما قال تعالى (فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) كما فى التأويلات النجمية قال الحسن رضى الله عنه علمه الله التواضع بقوله (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ولهذا كان يعود المريض ويشيع الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم قريظة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف من ليف [عجب كاريست كه كاه مركب وى براق بهشتى وكاه مركب خركى آرى مركب مختلف بود اما در هر دو حالت راكب يك صفت ويك همت ويك أرادت بود اگر بر براق بود در سرش نخوت نبوت واگر بر حمار بود برخسار عز نبوتش غبار مذلت نبود] خلق خوش عود بود انجمن مردم را ... چون زنان خود مفكن بر سر مجمردا من فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ من جملة المقول والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ايحاء الوحدانية فان ذلك موجب لاستقامتهم اليه تعالى بالتوحيد والإخلاص فى الأعمال وعدّى فعل

[سورة فصلت (41) : آية 7]

الاستقامة بالى لما فيه من معنى الاستواء اى فاستووا اليه بذلك. والاستقامة الاستمرار على جهة واحدة وَاسْتَغْفِرُوهُ مما كنتم عليه من سوء العقيدة والعمل وفى المقاصد الحسنة قال صلى الله عليه وسلم (استقيموا ولن تحصوا) اى لن تستطيعوا ان تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا وقال (شيبتنى هود وأخواتها) لما فيها من قوله فاستقم قال بعضهم إذا وقع العلم والمعرفة فاستغفروه من علمكم وادراككم به ومعاملتكم له ووجودكم فى وجوده فانه تعالى أعظم من ادراك الخليقة وتلاصق الحدثان بجناب جلاله وقال بعضهم الاستقامة مساواة الأحوال مع الافعال والأقوال وهو ان يخالف الظاهر الباطن والباطن الظاهر فاذا استقمت استقامت أحوالك واستغفر من رؤية استقامتك واعلم ان الله تعالى هو الذي قومك لا انك استقمت وَوَيْلٌ [وسختى عذاب] لِلْمُشْرِكِينَ ترهيب وتنفير لهم عن الشرك اثر ترغيبهم فى التوحيد الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ لا يؤمنون بوجوبها ولا يؤتونها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ أعاد الضمير تأكيدا كافِرُونَ اى بالبعث بعد الموت والثواب والعقاب [وبدان جهتى نفقه نمى كنند كه مكافات آن سراريرا باور ندارند] وهو عطف على لا يؤتون داخل فى حيز الصلة. واختلافهما بالفعلية والاسمية لما ان عدم ايتائها متجدد والكفر امر مستمر قالت الشافعية فى تهديد المشرك على شكره وعدم ايتائه الزكاة دليل على ان المشرك حال شركه مخاطب بايتاء الزكاة إذ لولاه لما استحق بعدم ايتائها الوعيد المذكور وإذا كان مخاطبا بايتاء الزكاة يكون مخاطبا بسائر فروع الإسلام إذ لا قائل بالفصل فيعذب على ترك الكل واليه ذهب مشايخنا العراقيون. وذهب غيرهم الى انهم مخاطبون باعتقاد وجوبها لا بايقاعها فيعاقبون على تركهم اعتقاد الوجوب على ما فصل فى الأصول. ومن أصحابنا من قال انهم مخاطبون بالفروع بشرط تقديم الإسلام كما ان المسلم مخاطب بالصلاة بشرط تقديم الوضوء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره وصف الله المشركين بانهم لا يؤتون الزكاة لزيادة التحذير والتخويف من منع الزكاة حيث جعل من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة حيث قيل وهم بالآخرة هم كافرون يقال الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك قال ابن السائب كان المشركون يحجون ويعتمرون ولا يزكون أموالهم وهم كافرون قال الكاشفى [وجه تخصيص منع زكات از سائر أوصاف مشركان آنست كه مال محبوب انسانست وبذل او نفس را سخت تر باشد از اعمال ديكر پس در إيراد اين صفت اشارتيست ببخل ايشان وعدم شفقت بر خلق وبخل أعظم رذائل واكبر ذمايم است وكفته اند توانكرى كه او را سخا نبود چون تنست كه جان ندارد ويا چون درختى كه بر ندهد] قال الشيخ سعدى قدس سره زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد از تو بيرون ز فرمان تست كسى كوى دولت ز دنيا برد ... كه با خود نصيبى بعقبى برد مسلم كسى را بود روزه داشت ... كه درمانده را دهد نان چاشت وگر نه چهـ حاجت كه زحمت برى ... ز خود بازگيرى وهم خودخورى

[سورة فصلت (41) : آية 8]

نه بخشنده بر حال پروانه شمع ... نكه كن كه چون سوخت در پيش جمع ببخش اى پسر كآدمى زاده صيد ... بإحسان توان كرد ووحشي بقيد كرامت جوانمردى ونان دهيست ... مقالات بيهوده طبل تهيست وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه فسر لا يؤتون الزكاة بقوله لا يقولون لا اله الا الله فانها زكاة الأنفس. والمعنى لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد فانما المشركون نجس قال فى كشف الاسرار [ذكر زكات در قرآن بر دو وجهست يا در نماز پيوسته يا منفرد كفته آنچهـ در نماز پيوسته چنانست كه (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) هذا وأشباهه مراد باين زكات مالست كه الله فرض كرده بر خداوندان مال وآنچهـ منفرد كفته چنانست كه [وحنانا من لدنا وزكاة: خيرا منه زكاة: وما أوتيتم من زكاة: قد أفلح من تزكى: مراد باين پاكى است وزيادتى وديندارى] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ اى غير ممنون عليهم على طريق الحذف والإيصال. والمعنى لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة يقال من عليه منا أنعم ومنة امتن والمنة فى الأصل النعمة الثقيلة التي لا يطلب معطيها اجرا ممن أعطاها اليه ثم استعملت بمعنى الامتنان اى عد النعمة: وبالفارسية [منت نهادن] وجميع ما يعطيه الله عباده فى الآخرة تفضل منه وكرم وليس شىء منه بواجب عند اهل السنة والجماعة وما كان بطريق التفضل وان صح الامتنان عليه لكنه تعالى لا يفعله فضلا منه وكرما او غير ممنون بمعنى لا ينقطع أجرهم وثوابهم فى الآخرة بل دائم أبدى من مننت الحبل قطعته او غير محسوب كما قال تعالى (بِغَيْرِ حِسابٍ) قال فى القاموس (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) محسوب او مقطوع وفى الآية اشارة الى ان من آمن ولم يعمل صالحا لم يؤجر الا ممنونا اى ناقصا وهو اجر الايمان ونقصانه من ترك العمل الصالح فيدخل النار ويخرج منها بأجر الايمان ويدخل الجنة ولكنه لا يصل الى الدرجات العالية المنوطة بالأعمال البدنية مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها وفى كشف الاسرار سدى رحمه الله [كفت اين آيت در شان بيماران وزمنان و پيران ضعيف فرو آمد ايشان كه از بيمارى وضعيفى وعاجزى از طاعت وعبادت الله باز مانند وبأداى حق وى نرسند وبآن سبب اندوهگين وغمكين باشند رب العالمين ايشانرا در ان بيمارى هم آن ثواب ميدهد كه در حال صحت بطاعت وعبادت ميداد مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم كفت] (ان العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه او اكفته الىّ) يعنى [در ان وقت كه خوش بود تا كه كزارم وى را يا پيش خودش آرم] وفى رواية اخرى قال صلى الله تعالى عليه وسلم (ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء فى جسده الا امر الله الحافظين الذين يحفظانه فقال اكتبا لعبدى فى كل يوم وليلة مثل ما كان يفعل من الخير مادام فى وثاقي) يعنى [در بند من است عبد الله بن مسعود رضى الله عنه كفت يا رسول خدا نشسته بوديم كه رسول بر آسمان نكريست وتبسم كرد كفتم يا رسول الله تبسم از چهـ كردى و چهـ حال بر تو مكشوف كشت كفت عجب آيد مرا از بنده مؤمن كه از بيمارى بنالد وجزع كند اگر بدانستى كه او را در ان بيمارى چهـ

[سورة فصلت (41) : آية 9]

كرامتست وبالله چهـ قربت همه عمر خود در ان بيمارى خواستى اين ساعت كه بر اسمان مى نكرستم دو فرشته فرود آمدند وبنده كه پيوسته در محراب عبادت بود او را طلب كردند در ان محراب او را نيافتند بيمار ديدند آن بنده از عبادت باز ماند فرشتكان بحضرت عزت باز كشتند كفتند بار خدايا فلان بنده مؤمن هر شبانروزى حسنات وطاعات وى مينوشتيم اكنون كه او را در حبس بيمارى كردى هيچ عمل وطاعت وى نمى نويسم از حق جل جلاله فرمان آمد كه (اكتبوا لعبدى العمل الذي كان يعمله فى يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيأ فعلىّ اجر ما حبسته وله اجر ما كان صحيحا) يعنى بر من است اجر حبس وى ومر او راست اجر آنكه صحيح بود وتن درست] قال فى عقد الدرر إذا علم الله صدق نية عبده فى الحج والجهاد والصدقات وغيرها من الطاعات وعجز عن ذلك إعطاء اجره وان لم يعمل ذلك العمل كما روى (ان العبد إذا نام بنية الصلاة من الليل فلم ينتبه كتب له اجر ذلك وكان عليه نور صدقه) وهكذا روى (إذا مرض العبد او سافر وعجز عما كان يعمل فى حال الصحة والاقامة ان الله تعالى يقول للملائكة اكتبوا لعبدى مثل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) وقد دل على ذلك القرآن كما قال تعالى (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) الى قوله (أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) فعلى العبد ان لا يقطع رجاءه عن الله ويرضى بقضائه: وفى المثنوى ناخوشى او خوش بود در جان من ... جان فداى يار دل رنجان من «1» عاشقم بر رنج خويش ودرد خويش ... بهر خشنودىء شاه فرد خويش قُلْ أَإِنَّكُمْ [آيا شما] لَتَكْفُرُونَ انكار وتشنيع لكفرهم وان واللام لتأكيد الإنكار بِالَّذِي اى بالعظيم الشان الذي خَلَقَ الْأَرْضَ قدر وجودها اى حكم بانها ستوجد فِي يَوْمَيْنِ فى مقدار يومين من ايام الآخرة ويقال من ايام الدنيا كما فى تفسير ابى الليث [واگر خواستى بيك لحظه بيافريدى لكن خواست كه با خلق نمايد كه سكونت وآهستگى به از شتاب وعجله وبندگانرا نسبتى باشد بسكونت كار كردن وبراه آهستگى رفتن] وفى عين المعاني تعليما للتأنى واحكاما لدفع الشبهات عن توهن المصنوعات تحقيقا لاعتبار الملائكة عند الإحضار وللعباد عند الاخبار وان أمكن الإيجاد فى الحال بلا امهال انتهى زود در چاه ندامت سرنكون خواهد فتاد ... هر كه پاى خود كذارد بى تأمل بر زمين [امام ابو الليث آورده كه روز يكشنبه بيافريد وروز دوشنبه بگسترانيد] وسيجيئ تحقيقه ويجوز ان يراد خلق الأرض فى يومين اى فى نوبتين على ان ما يوجد فى كل نوبة يوجد بأسرع ما يكون فيكون اليومان مجازا عن دفعتين على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم وقال سعدى المفتى الظاهر ان اليوم على هذا التفسير بمعنى مطلق الوقت انتهى وجه حمل اليومين على المعنيين المذكورين ان اليوم الحقيقي انما يتحقق بعد وجود الأرض وتسوية السموات وإبداع نيراتها وترتيب حركاتها يعنى ان اليوم عبارة عن زمان كون الشمس

_ (1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير قول حكيم سنايى قدس سره

[سورة فصلت (41) : آية 10]

فوق الأرض ولا يتصور ذلك قبل خلق الأرض والسماء والكواكب فكيف يتصور خلق الأرض فى يومين وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً عطف على تكفرون داخل فى حكم الإنكار والتوبيخ وجمع الانداد باعتبار ما هو الواقع لا بان يكون مدار الإنكار هو التعدد اى وتجعلون له أندادا بمعنى تصفون له شركاء واشباها وأمثالا من الآلهة والحال انه لا يمكن ان يكون له ند واحد فضلا عن الانداد وامر الله تعالى رسوله عليه السلام بان ينكر عليهم أمرين. الاول كفرهم بالله بالحادهم فى ذاته وصفاته كالتجسم واتخاذ الصاحبة والولد والقول بانه لا يقدر على احياء الموتى وانه لا يبعث البشر رسلا. والثاني اثبات الشركاء والانداد له تعالى فالكفر المذكور او لا مغاير لاثبات الانداد له ضرورة عطف أحدهما على الآخر ذلِكَ العظيم الشأن الذي فعل ما ذكر من خلق الأرض فى يومين وهو مبتدأ خبره قوله رَبُّ الْعالَمِينَ اى خالق جميع الموجودات ومربيها دون الأرض خاصة فكيف يتصور ان يكون اخس مخلوقاته ندّاله تعالى وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ عطف على وخلق داخل فى حكم الصلة. والجعل ابداعى والمراد تقدير الجعل لا الجعل بالفعل والمراد بالرواسى الجبال الثابتة المستقرة: وبالفارسية [كوههاى بلند پايدار] يقال رسا الشيء يرسو ثبت وارساه غيره ومنه المرساة وهو انجر السفينة وقفت على الانجر بالفارسية [لنكر] مِنْ فَوْقِها متعلق بجعل او بمضمر هو صفة لرواسى اى كائنة من فوقها مرتفعة عليها لتكون منافعها ظاهرة للطلاب وليظهر للناظر ما فيها من وجوه الاستدلال والا فالجبال التي أثبتت فوق الأرض لا تمنعها عن الميلان ولو كانت تحتها كاساطين الغرف او مركوزة فيها كالمسامير لمنعتها عنه عن ابن عباس رضى الله عنهما أول ما خلق الله من شىء خلق القلم وقال له اكتب قال يا رب ما اكتب قال اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك الى يوم القيامة ثم خلق النون ثم رفع بخار الماء ففتق منه السماوات ثم بسط الأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض اى مالت فاوتدت بالجبال اى أحكمت وأثبتت قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره لما خلق الله الأرض على الماء تحركت ومالت فخلق الله من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الأرض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الأرض وذهبت تلك الحركة التي لا يكون معها استقرار فطوّق الأرض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى فى أسفله والعصر فى أعلاه يعنى بخطوة الابدال وهى من المشرق الى المغرب يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير الملكوتي والا فما بين السماء والأرض كما بين المشرق والمغرب وهى خمسمائة عام على ما قالوا وعن وهب ان ذا القرنين اتى على جبل قاف فرأى حوله جبالا صغارا فقال ما أنت قال انا قاف قال فما هذه الجبال حولك قال هى عروقى وليست مدينة الا وفيها عرق منها فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة أمرني فحركت عرقى ذلك فتزلزلت تلك المدينة قال يا قاف أخبرني بشىء من عظمة الله فقال ان شأن ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لاحرقت من نار جهنم والعياذ بالله منها وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى زهرة الرياض أول جبل

نصب على وجه الأرض ابو قبيس وعدد الجبال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وجعل الله فى الجبال خصائص منها ان تجر البرودة الى نفسها وجعلها خزائن المياه والثلوج تدفعها بامر الخالق الى الخلق بالمقادير لكل ارض قدر معلوم على حسب استعدادها ومنها خلق الاودية لمنافع العباد وأودع فيها انواع المعادن من الذهب والفضة والحديد وانواع الجواهر وهى خزانة الله وحصنه ودليل على قدرته وكمال حكمته وهى سجن الوحوش والسباع ليلا وشرف الله الجبال بعرض الامانة عليها وفيها التسبيح والخوف والخشية وجعلها كراسى أنبيائه عليهم السلام كاحد لنبينا والطور لموسى وسرنديب لآدم والجودي لنوح صلوات الله على نبينا وعليهم أجمعين وكفى شرفا بذلك وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجل الكامل جبل رأى بعض الأولياء مناما فى الليلة التي هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد وقتل من الرجال الأولياء والعلماء والصلحاء والأمراء وسائر الناس مالا يحصى عددا ولذا قال بعضهم رواسى الجبال أوتاد الأرض فى الصورة والأولياء أوتاد الأرض فى الحقيقة فكما ان الجبال مشرفة على سائر الأماكن كذلك الأولياء مشرفون على سائر الخلائق دل عليه قوله (مِنْ فَوْقِها) يعنى من فوق العامة فكما ان جبل قاف مشرف على كل جبل كذلك القطب الغوث الأعظم مشرف على كل ولى وبه قوام الأولياء والرواسي دونه ومن خواص الأولياء من يقال لهم الأوتاد وهم اربعة واحد يحفظ المشرق بإذن الله تعالى ويقال له عبد الحي وواحد يحفظ المغرب ويقال عبد العليم وواحد يحفظ الشمال ويقال له عبد المريد وواحد يحفظ الجنوب ويقال له عبد القادر وكان الشافعي رحمه الله فى زمانه من الأوتاد الاربعة على ما نص عليه الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات. وببركات الأولياء يأتى المطر من السماء ويخرج النبات من الأرض وبدعائهم يندفع البلاء عن الخلق وان حياتهم ومماتهم سواء فانهم ماتوا عن أوصاف وجودهم بالاختيار قبل الموت بالاضطرار فهم احياء على كل حال ولذا قيل مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست وَبارَكَ فِيها اى قدر بان يكثر خير الأرض بان يخلق انواع الحيوان التي من جملتها الإنسان واصناف النبات التي منها معايشهم ببذر وغيره وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها القوت من الرزق ما يمسك الرمق ويقوم به بدن الإنسان يقال فاته يقوته إذا أطعمه قوته والمقيت المقتدر الذي يعطى كل أحد قوته ومن بلاغات الزمخشري إذا حصلتك ياقوت هان علىّ الدر والياقوت والمعنى حكم تعالى بالفعل بان يوجد فيما سيأتى لاهل الأرض من الأنواع المختلفة أقواتها المناسبة لها على مقدار معين تقتضيه الحكمة فالمراد باقوات الأرض أرزاق سكانها بمعنى قدّر أقوات أهلها على حذف المضاف بان عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به [ويا براى اهل هر موضعى از زمين روزى مقدر كرد چون كندم وجو وبرنج وخرما وكوشت وأمثال آن هر يك أزينها غالب أقوات بلد است] وقال بعض العارفين كل خلق لهم عنده تعالى رزق

مخصوص فرزق الروحانيين المشاهدة ورزق الربانيين المكاشفة ورزق الصادقين المعرفة ورزق العارفين التوحيد ورزق الأرواح الروح ورزق الأشباح الاكل والشرب وهذه الأقوات تظهر لهم من الحق فى هذه الأرض التي خلقت معبدا للمطيعين ومرقدا للغافلين جلوه تقدير در زندان كل دارد مراد ... ور نه بالاتر بود از نه فلك جولان من فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ من ايام الآخرة او من ايام الدنيا كما سبق وهو متعلق بحصول الأمور المذكورة لا بتقديرها اى قدر حصولها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء على ما سيأتى وانما قيل فى اربعة ايام اى تتمة اربعة ايام بالفذلكة ومجموع العدد لانه باليومين السابقين يكون اربعة ايام كأنه قيل نصب الراسيات وتقدير الأقوات وتكثير الخيرات فى يومين آخرين بعد خلق الأرض فى يومين وانما لم يحمل الكلام على ظاهره بان يجعل خلق الأرض فى يومين وما فيها فى اربعة ايام لانه قد ثبت ان خلق السموات فى يومين فيلزم ان يكون خلق المجموع فى ثمانية ايام وليس كذلك فانه فى ستة ايام على ما تكرر ذكره فى القرآن وذكر فى البرهان انما لم يذكر اليومين على الانفراد لدقيقة لا يهتدى إليها كل أحد وهى ان قوله (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) صلة الذي (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) عطف على تكفرون (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) عطف على قوله (خَلَقَ الْأَرْضَ) وهذا ممتنع فى الاعراب لا يجوز فى الكلام وهو فى الشعر من أقبح الضرورات لا يجوز ان يقول جاءنى الذي يكتب وجلس ويقرأ لانه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه بأجنبي من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من إضمار فعل يصح الكلام به ومعه فتضمن خلق الأرض بعد قوله ذلك رب العالمين خلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى اربعة ايام ليقع هذا كله فى اربعة ايام انتهى وقال غيره (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) عطف على خلق وحديث لزوم الفصل بجملتين خارجتين عن حيز الصلة مدفوع بان الاولى متحدة بقوله تعالى (لَتَكْفُرُونَ) فهو بمنزلة الاعادة له والثانية اعتراضية مقررة لمضمون الكلام بمنزلة التأكيد فالفصل بهما كلا فصل فالوجه فى الجميع دون الانفراد ما سبق سَواءً مصدر مؤكد لمضمر هو صفة لايام اى استوت تلك الأيام سواء اى استواء يعنى فى اربعة ايام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان لِلسَّائِلِينَ متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر فى الاربعة للسائلين عن مدة خلق الأرض وما فيها القائلين فى كم خلقت الأرض وما فيها فالسؤال استفتائى واللام للبيان او بقدّر قال فى بحر العلوم وهو الظاهر اى قدر فيها أقواتها لاجل السائلين اى الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين فان اهل الأرض كلهم طالبون للقوت محتاجون اليه فالسؤال استعطائى واللام للاجل قال ابن عباس رضى الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا رديفه يقول (خلق الله الأرواح قبل الأجسام بأربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح باربعة آلاف سنة سواء لمن سأل ولمن لم يسأل وانا من الذين لم يسألوا الله الرزق ومن سأل فهو جهل) وهذا الخبر يشير الى ان اللام فى للسائلين متعلق بسواء واليه الاشارة فى تأويلات البقلى حيث قال لا يزيد الرزق بالسؤال ولا ينقص وفيه تأديب لمن لم يرض بقسمته كشاد عقده روزى بدست تقدير است ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار

[سورة فصلت (41) : الآيات 11 إلى 14]

وفى الحديث (من جاع او احتاج فكتمه عن الناس كان حقا على الله ان يفتح له رزق سنة من حلال) فالعمدة الصبر وترك الشكاية والتوكل والاشتغال بالذكر قال انس رضى الله عنه خرجت مع النبي عليه السلام الى شعب فى المدينة ومعى ماء لطهوره فدخل النبي عليه السلام واديا ثم رفع رأسه واومأ الى بيده ان اقبل فاتيته فدخلت فاذا بطير على شجرة وهو يضرب بمنقاره فقال عليه السلام (هل تدرى ما يقول) قلت لا قال (يقول اللهم أنت العدل الذي لا تجور حجبت عنى بصرى وقد جعت فاطعمنى) فاقبلت جرادة فدخلت بين منقاره ثم جعل يضرب منقاره بمنقاره فقال عليه السلام (أتدري ما يقول) قلت لا فقال (من توكل على الله كفاه ومن ذكره لا ينساه) قال عليه السلام (يا انس من ذا الذي يهتم للرزق بعد ذلك اليوم الرزق أشد طلبا لصاحبه من صاحبه له) : قال الصائب رزق اگر بر آدمي عاشق نمى باشد چرا ... از زمين كندم كريبان چاك مى آيد چرا ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ شروع فى بيان كيفية التكوين اثر بيان كيفية التقدير ولعل تخصيص البيان بما يتعلق بالأرض وأهلها لما ان بيان اعتنائه تعالى بامر المخاطبين وترتب مبادى معايشهم قبل خلقهم مما يحملهم على الايمان ويزجرهم عن الكفر والطغيان وبيان ثم يجيىء بعد تمام الآيات. والاستواء ضد الاعوجاج من قولهم استوى العود إذا اعتدل واستقام حمل فى هذا المقام على معنى القصد والتوجه لان حقيقته من صفات الأجسام وخواصها والله تعالى متعال عنها. والمعنى ثم قصد نحو السماء بإرادته ومشيئته قصدا سويا وتوجه اليه توجها لا يلوى على غيره اى من غير ارادة خلق شىء آخر يضاهى خلقها يقال استوى الى مكان كذا كالسهم المرسل إذا توجه اليه توجها مستويا من غير ان يلوى على غيره. وفى ثم اظهار كمال العناية بإبداع العلويات وَهِيَ دُخانٌ الواو للحال والضمير الى السماء لانها من المؤنثات السماعية والدخان اجزاء ارضية لطيفة ترتفع فى الهواء مع الحرارة وفى المفردات الدخان العثان المستصحب للهب والبخار اجزاء مائية رطبة ترتفع فى الهواء مع الشعاعات الراجعة من سطوح المياه. والمعنى والحال ان السماء دخان اى امر ظلمانى يعد كالدخان وهو المرتفع من النار فهو من قبيل التشبيه البليغ واطلاق السماء على الدخان باعتبار المآل قال الراغب قوله تعالى (وَهِيَ دُخانٌ) اى هى مثل الدخان اشارة الى انها لا تماسك بها انتهى. عبر بالدخان عن مادة السماء يعنى الهيولى والصورة الجسمية او عن الاجزاء المتصغرة التي ركبت هى منها يعنى الاجزاء التي لا تتجزأ واظلامها ابهامها قبل حلول المنور كما فى الحواشي السعدية ولما كانت أول حدوثها مظلمة صحت تسميتها بالدخان تشبيها لها به من حيث انها اجزاء متفرقة غير متواصلة عديمة النور كالدخان فانه ليس له صورة تحفظ تركيبه كما فى حواشى ابن الشيخ وقال بعضهم وهى دخان اى دخان مرتفع من الماء يعنى السماء بخار الماء كهيئة الدخان: وبالفارسية [وحال آنكه دخان بود يعنى بخار آب بهيأت دخان] كما فى تفسير الكاشفى- يروى- ان أول ما خلق الله العرش على الماء والماء ذاب من جوهرة خضراء او بيضاء فاذابها ثم القى فيها نارا فصار الماء يقذف بالغثاء فخلق الأرض من الغثاء ثم استوى الى الدخان الذي صار من الماء

فسمكه سماء ثم بسط الأرض فكان خلق الأرض قبل خلق السماء وبسط الأرض وإرساء الجبال وتقدير الأرزاق وخلق الأشجار والدواب والبحار والأنهار بعد خلق السماء لذلك قال الله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) هذا جواب عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لنافع ابن الأرزق الحروري كفى را منبسط سازد كه اين فرشيست پس لايق ... بخاريرا برافرازد كه اين سقفيست پس زيبا از ان سقف معلق حسن تصويرش بود ظاهر ... بدين فرش مطبق لطف تدبيرش بود پيدا فَقالَ لَها اى للسماء وَلِلْأَرْضِ التي قدر وجودها ووجود ما فيها ائْتِيا اى كونا وأحدثا على وجه معين وفى وقت مقدر لكل منكما هو عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوجودهما تعلقا فعليا بطريق التمثيل بعد تقدير أمرهما من غير ان يكون هناك آمر ومأمور كما فى قوله كن بان شبه تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها بامر آمر نافذ الحكم يتوجه نحو المأمور المطيع فيتمثل امره فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن الحالة المشبهة بها طَوْعاً أَوْ كَرْهاً مصدران واقعان فى موقع الحال. والطوع الانقياد ويضاده الكره اى حال كونكما طائعتين منقادتين او كارهتين اى شئتما ذلك او أبيتما وهو تمثيل لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما واستحالة امتناعهما من ذلك لا اثبات الطوع والكره لهما لانهما من أوصاف العقلاء ذوى الارادة والاختيار والأرض والسماء من قبيل الجمادات العديمة الارادة والاختيار قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ اى منقادين وهو تمثيل لكمال تأثرهما بالذات عن القدرة الربانية وحصولهما كما أمرتا به وتصوير لكون وجودهما كما هما عليه جاريا على مقتضى الحكمة البالغة فان الطوع منبىء عن ذلك والكره موهم لخلافه فان قلت انما قيل طائعين على وزن جمع العقلاء الذكور لا طائعتين حملا على اللفظ او طائعات حملا على المعنى لانها سموات وأرضون قلت باعتبار كونهما فى معرض الخطاب والجواب فلما وصفتا باوصاف العقلاء عوملتا معاملة العقلاء وجمعتا لتعدد مذلولهما ونظيره ساجدين فى قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى انه بالقدرة الكاملة انطق السماء والأرض المعدومة بعد ان أسمعها خطاب ائتيا طوعا او كرها لتجيبا وقالتا اتينا طائعين وانما ذكرهما بلفظ التأنيث فى البداية لانهما كانتا معدومتين مؤنثتين وانما ذكرهما فى النهاية بلفظ التذكير لانه احياهما واعقلهما وهما فى العدم فاجابا بقولهما اتينا طائعين جواب العقلاء وفى حديث (ان موسى عليه السلام قال يا رب لو ان السموات والأرض حين قلت لهما ائتيا طوعا او كرها عصتاك ما كنت صانعا بهما قال كنت آمر دابة من دوابى فتبتلعهما قال يا رب واين تلك الدابة قال فى مرج من مروجى قال واين ذلك المرج قال فى علم من علمى) قال بعضهم أجاب ونطق من الأرض اولا موضع الكعبة ومن السماء ما بحذائها فجعل الله تعالى لها حرمة على سائر الأرض حتى كانت كعبة

[سورة فصلت (41) : آية 12]

الإسلام وقبلة الأنام ويقال اجابه من الأرض اولا الأردن من بلاد الشام فسمى لسان الأرض واما أول بلدة بنيت على وجه الأرض فهى بلخ بخراسان بناها كيومرث ثم بنى الكوفة ابنه هو سنك وكيومرث من أولاد مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث كان عمره سبعمائة سنة وقال ابن عباس رضى الله عنهما اصل طينة النبي عليه السلام من سرة الأرض بمكة فهذا يشعر بانه ما أجاب من الأرض إلا ذرة المصطفى وعنصر طينة المجتبى عليه السلام فلهذا دعيت الأرض من تحت الكعبة وكانت أم القرى فهو عليه السلام اصل الكل فى التكوين روحا وجسدا والكائنات بأسرها تبع له ولهذا يقال النبي الأمي لانه أم الكل وأسه فان قلت ورد فى الخبر الصحيح (تربة كل شخص مدفنه) فكان يقتضى ان يكون مدفنه عليه السلام بمكة حيث كانت تربته منها قلت لما تموج الماء رمى ذلك العنصر الشريف والزبد اللطيف والجوهر المنيف فوقع جوهره عليه السلام الى ما يحاذى تربته بالمدينة المنورة وفى تاريخ مكة ان عنصره الشريف كان فى محله يضيئ الى وقت الطوفان فرماه الموج فى الطوفان الى محل قبره الشريف لحكمة الهية وغيرة ربانية يعرفها اهل الله تعالى ولذا لا خلاف بين علماء الامة فى ان ذلك المشهد الأعظم والمرقد الأكرم أفضل من جميع الأكوان من العرش والجنان. فذهب الامام مالك واستشهد بذلك وقال لا اعرف اكبر فضل لابى بكر وعمر رضى الله عنهما من انهما خلقا من طينة رسول الله عليه السلام لقرب قبرهما من حضرة الروضة المقدسة المفضلة على الأكوان بأسرها وكان عليه السلام مكيا مدنيا وحنينه الى مكة لتلك المناسبة وتربته وبالمدينة الحكمة قال الامام السهروردي رحمه الله لما قبض عزرائيل عليه السلام قبضة الأرض وكان إبليس قد وطئ الأرض بقدميه فصار بعض الأرض بين قدميه وبعضها موضع اقدامه فخلقت النفوس الامارة من مماس قدم إبليس فصارت النفوس الامارة مأوى الشرور وبعض الأرض لم يصل إليها قدم إبليس فمن تلك التربة اصل طينة الأنبياء والأولياء عليهم السلام وكانت طينة رسول الله موضع نظر الله من قبضة عزرائيل لم تمسها قدم إبليس فلم يصبه حظ جهل النفس الامارة بل صار منزوع الجهل موفرا حظه من العلم فبعثه الله بالعلم والهدى وانتقل من قلبه الشريف الى القلوب الشريفة ومن نفسه القدسية المطمئنة فوقعت المناسبة فى اصل طهارة الطينة فكل من كان اقرب مناسبة فى ذلك الأصل كان أوفر حظا من القبول والتسليم والكمال الذاتي ثم بعض من كان اقرب مناسبة الى النبي عليه السلام فى الطهارة الذاتية وأوفر حظا من ميراثه اللدني قد ابعد فى أقاصي الدنيا مسكنا ومدفنا وذلك لا ينافى قربه المعنوي فان ابعاده فى الأرض كابعاد النبي عليه السلام من مكة الى المدينة بحسب المصلحة: قال الحافظ كرچهـ دوريم بياد تو قدح مينوشيم ... بعد منزل نبود در سفر روحانى فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ تفسير وتفصيل لتكوين السماء المجمل المعبر عنه بالأمر وجوابه لا انه فعل مرتب على تكوينها والضمير للسماء على المعنى فانه فى معنى الجمع لتعدد مدلوله فسبع سموات حال او هو اى الضمير مبهم يفسره سبع سموات كضمير ربه رجلا فسبع سموات تمييز. والمعنى خلقهن حال كونهن سبع سموات او من جهة سبع سموات خلقا

إبداعيا اى على طريق الاختراع لا على مثال واتقن امرهن بان لا يكون فيهن خلل ونقصان حسبما تقضيه الحكمة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سماء القلب سبعة أطوار كما قال تعالى (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) فالطور الاول من القلب يسمى الكركر وهو محل الوسوسة والثاني الشغاف وهو مثوى المحبة كما قال تعالى (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) والسابع حب القلب وهو مورد التجلي وموضع الكشوف ومركز الاسرار ومهبط الأنوار فِي يَوْمَيْنِ فى وقت مقدر بيومين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة خلق السماوات يوم الخميس وما فيها من الشمس والقمر والنجوم فى يوم الجمعة وقد بين مقدار زمان خلق الأرض وخلق ما فيها عند بيان تقديرهما فكان خلق الكل فى ستة ايام حسبما نص عليه فى مواضع من التنزيل وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها عطف على فقضاهن. والإيحاء عبارة عن التكوين كالامر مقيد بما قيد به المعطوف عليه من الوقت قال راغب يقال للابداع امر وقد حمل على ذلك فى هذه الآية والمعنى خلق فى كل منها ما فيها من الملائكة والنيرات وغير ذلك مما لا يعلمه الا الله واظهر ما اراده كما قال قتادة والسدىّ. او اوحى اى القى الى اهل كل منها أوامره وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف فمنهم قيام لا يقعدون الى قيام الساعة ومنهم سجود لا يرفعون رؤسهم ابدا الى غير ذلك فهو بمعناه ومطلق عن القيد المذكور والآمر هو الله والمأمور اهل كل سماء وأضيف الأمر الى نفس السماء للملابسة لانه إذا كان مختصا بالسماء فهو ايضا بواسطة أهلها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ التفات الى نون العظمة لابراز مزيد العناية بالأمر اى بكواكب تضىء فى الليل كالمصابيح فانها ترى كلها متلألئة على السماء الدنيا كأنها فيها: وبالفارسية [وبياراستيم آسمان نزديكتر بچراغها يعنى ستاركان كه چو چراغ درخشان باشند] فالمراد بالمصابيح جميع الكواكب النيرة التي خلق الله فى السماوات من الثوابت والسيارات وليس كلها فى السماء الدنيا وهى التي تدنو وتقرب من اهل الأرض فان كل واحد من السيارات السبع فى فلك والثوابت مركوزة فى الفلك الثامن الا ان كونها مركوزة فيما فوق السماء الدنيا لا ينافى كونها زينة لها لانا نرى جميع الكواكب كالسرج الموقدة فيها وقيل ان فى كل سماء كواكب تضىء وقيل بل الكواكب مختصة بالسماء الدنيا ويقال زين السماء بانوار الكروبيين كما زين الأرض بالأنبياء والأولياء وزين قلوب العارفين بانوار المعرفة وجعل فيها مصابيح الهداية وضياء التوحيد وزين جوارح المؤمنين بالخدمة وزين الجنة بنور مناجاة العارفين وزهرة خدمة العارفين نورى از پيشانىء صاحب دلان در يوزه كن ... شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا وَحِفْظاً مصدر مؤكد لفعل معطوف على زينا اى وحفظنا السماء الدنيا من الآفات ومن المسترقة حفظا وهى الشياطين الذين يصعدون السماء لاستراق السمع فيرمون بشهاب صادر من نار الكواكب منفصل عنها ولا يرجمون بالكواكب أنفسها لانها قارة فى الفلك على حالها وما ذلك الا كقبس يؤخذ من النار والنار باقية بحالها لا ينتقص منها شىء والشهاب شعلة نار ساقطة ذلِكَ الذي ذكر بتفاصيله تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ المبالغ فى القدرة فله بليغ قدرة على كل مقدور والمبالغ فى العلم فله بليغ علم بكل معلوم قال الكاشفى (ذلِكَ [آنچهـ

ياد كرده از بدائع آفرينش (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) آفريدن واندازه كردن غالبست كه در ملك خود بقدرت هر چهـ خواهد كند دانا كه هر چهـ سازد از روى حكمت است] فعلى هذا التفصيل لا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب بين إيجاد الأرض وإيجاد السماء وانما الترتيب بين التقدير والإيجاد واما على تقدير كون الخلق وما عطف عليه من الافعال الثلاثة على معانيها الظاهرة فيكون خلق الأرض وما فيها متقدما على خلق السماء وما فيها وعليه أطباق اكثر اهل التفسير ويؤيده قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) وقيل ان خلق جرم الأرض مقدم على خلق السماوات لكن دحوها وخلق ما فيها مؤخر لقوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) ثم هذا على تقدير كون كلمة ثم للتراخى الزمانى واما على تقدير كونها للتراخى الرتبى على طريق الترقي من الأدنى الى الأعلى يفضل خلق السماوات على خلق الأرض وما فيها كما جنح اليه الأكثرون فلا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب كما فى الوجه الاول قال الشيخ النيسابورى خلق السماء قبل خلق الأرض ليعلم ان فعله خلاف افعال الخلق لانه خلق اولا السقف ثم الأساس ورفعها على غير عمد دلالة على قدرته وكمال صنعه- وروى- انه تعالى خلق جرم الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السماوات وما فيهنّ يو الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم فى آخر ساعة منه وهى الساعة التي تقوم فيها القيامة وسمى الجمعة لاجتماع المخلوقات وتكاملها ولما لم يخلق الله فى يوم السبت شيأ امتنع بنوا إسرائيل من الشغل فيه كما فى فتح الرحمن والظاهر انه ينبغى ان يكون المراد به انه تعالى خلق العالم فى مدة لو حصل فيها فلك وشمس وقمر لكان مبدأ تلك المدة أول يوم الأحد وآخرها آخر يوم الجمعة كما فى حواشى ابن الشيخ وبه يندفع ما قال سعدى المفتى فيه إشكال لا يخفى فانه لا يتعين اليوم قبل خلق السماوات والشمس فضلا عن تعينه وتسميته باسم الخميس والجمعة وقال ابن عطية والظاهر من القصص فى طينة آدم ان الجمعة التي خلق فيها آدم قد تقدمتها ايام وجمع كثيرة وان هذه الأيام التي خلق الله فيها المخلوقات هى أول الأيام لانه بايجاد الأرض والسماء والشمس وجد اليوم وفى الحديث فى خلق يوم الجمعة (انه اليوم الذي فرض على اليهود والنصارى فاضلته وهداكم الله تعالى له) اى أمروا بتعظيمه والتفرع للعبادة فيه فاختار اليهود من عند أنفسهم بدله السبت لانهم يزعمون انه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السماوات والأرض وما فيهن من المخلوقات اى بناء على ان أول الأسبوع الأحد وانه مبدأ الخلق وهو الراجح وفى كلام بعضهم أول الأسبوع الأحد لغة واوله السبت عرفا اى فى عرف الفقهاء فى الايمان ونحوها واختارت النصارى من قبل أنفسهم بدل يوم الجمعة يوم الأحد اى بناء على انه أول يوم ابتدأ الله فيه بايجاد المخلوقات فهو اولى بالتعظيم وقد جاء فى المرفوع (يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله فهو فى الأيام كشهر رمضان فى الشهور وساعة الاجابة فيه كليلة القدر فى رمضان) وجاء (ان الله تعالى خلق يوما فسماه الأحد ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ثم خلق خامسا فسماه الخميس)

وبه يندفع ما قال السهيلي تسمية هذه الأيام طارئة ولم يذكر الله منها فى القرآن الا يوم الجمعة والسبت والعرب أخذوا معانى الأسماء من اهل الكتاب فالقوا عليها هذه الأسماء اتباعا لهم فلم يسمها رسول الله عليه السلام بالأحد والاثنين الى غير ذلك الا حاكيا للغة قومه لا مبتدأ بتسميتها هذا كلام السهيلي وفى السبعيات أكرم الله موسى بالسبت وعيسى بالأحد وداود بالاثنين وسليمان بالثلاثاء ويعقوب بالأربعاء وآدم بالخميس ومحمدا صلوات الله عليه وعليهم بالجمعة وهذا يدل على ان اليهود لم يختاروا يوم السبت والنصارى يوم الأحد من عند أنفسهم فليتأمل الجمع وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم السبت فقال (يوم مكر وخديعة) لانه اليوم الذي اجتمعت فيه قريش فى دار الندوة للاستشارة فى امره عليه السلام. وسئل عن يوم الأحد فقال (يوم غرس وعمارة) لان الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها. وسئل عن يوم الاثنين فقال (يوم سفر وتجارة) لان فيه سافر شعيب عليه السلام فاتجر فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال (يوم دم) لان فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه وفيه قتل جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى إسرائيل ولهذا نهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهى وقال (فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم) وفيه نزل إبليس الأرض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بنى آدم وفيه ابتلى أيوب عليه السلام وفى بعض الروايات ابتلى يوم الأربعاء وفى روضة الاخبار قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة ان يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين ويوم الثلاثاء. وسئل عن يوم الأربعاء قال (يوم نحس أغرق فيه فرعون وقومه وأهلك عاد وثمود وقوم صالح) وآخر أربعاء فى الشهر الشام وجاء (يوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء) وورد فى الآثار النهى عن قص الأظفار يوم الأربعاء وانه يورث البرص وقد تردد فيه بعض العلماء فابتلى نعوذ بالله وفى حديث (لا يبدو جذام ولا برص الا يوم الأربعاء) وكره بعضهم عيادة المريض فيه ويحمد فيه الاستحمام والدعاء مستجاب فيه بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب فى ذلك الوقت وقد بنى على موضع الدعاء مسجد فى المدينة يقال له مسجد الاستجابة يزار الآن وفى الحديث (ما من شىء بدىء يوم الابعاء الا وقدتم) فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يوقف ابتداء الأمور على الأربعاء ويروى هذا الحديث ويقول كان هكذا يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد. وسئل عن يوم الخميس فقال (يوم قضاء الحوائج) لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك مصر فاكرمه وقضى حاجته وأعطاه هاجر وهو يوم الدخول على السلطان وفى الحديث (من احتجم يوم الخميس فحم مات فى ذلك المرض) . وسئل عن يوم الجمعة فقال (يوم نكاح وخطبة) ايضا نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس وصح انه عليه السلام نكح فيه خديجة وعائشة رضى الله عنهما وعن ابن مسعود رضى الله عنه (من قلم أظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء وادخل فيه شفاء) وقال الأصمعي دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو

[سورة فصلت (41) : الآيات 13 إلى 14]

يقلم الأظفار فقال قلم الأظفار يوم الجمعة من السنة وبلغني انه ينفى الفقر فقلت يا امير المؤمنين وأنت تخشى الفقر فقال وهل أحد أحشى للفقر منى وعن على رضى الله عنه رفعه من صام يوم الجمعة صبرا واحتسابا اعطى عشرة ايام غرزهر لا تشاكلهن ايام الدنيا ومن سالت من عينه قطرة يوم الجمعة قبل الرواح اوحى الى ملك الشمال اطو صحيفة عبدى فلا تكتب عليه خطيئة الى مثلها من الجمعة الاخرى قال بعض العارفين شرف الازمنة وفضيلتها يكون بحسب شرف الأحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته قال عمر بن الفارض قدس سره وعندى عيدى كل يوم ارى به ... جمال محياها بعين قريرة وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة وليوم الجمعة خواص تجيىء فى محلها ان شاء الله تعالى وفى الحديث أكثروا الصلاة على فى الليلة الزهراء واليوم الأغر فان صلاتكم تعرض على فأدعو لكم واستغفر والمراد بالليلة الزهراء ليلة الجمعة لتلألؤ أنوارها وباليوم الأغر يوم الجمعة لبياضه ونورانيته وفى الحديث من صلى على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الدنيا وثلاثين من حوائج الاخرة ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله على فى قبرى كما تدخل عليكم الهدايا يخبرني بمن صلى على باسمه ونسبه الى عشيرته فأثبته عندى فى صحيفة بيضاء لأن علمى بعد موتى كعلمى فى حياتى بروز جمعه درود محمد عربى ... ز روى قدر ز ايام ديكر افزونست ز اختصاص كه او را بحضرت نبويست ... درو ثواب درود از قياس بيرونست ثم ان الليل والنهار خزانتان ما أودعتهما ادتاه وانهما يعملان فيك فاعمل فيهما جعلنا الله وإياكم من المراقبين للاوقات فَإِنْ أَعْرَضُوا متصل يقوله قل أإنكم إلخ فان اعرض كفار قريش عن الايمان بعد هذا البيان وهو بيان خلق الاجرام العلوية والسفلية وما بينهما فَقُلْ لهم أَنْذَرْتُكُمْ اى أنذركم وأخوفكم وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الانذار المنبئ عن تحقق المنذر صاعِقَةً اى عذابا هائلا شديد الوقع كأنه صاعقة يعنى ان الصاعقة فى الأصل قطعة من النار تنزل من السماء فتحرق ما أصابته استعيرت هنا للعذاب الشديد تشبيها له بها فى الشدة والهول وفى المفردات الصاعقة الصوت الشديد من الجو ثم يكون فيها نار فقط او عذاب او موت وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الأشياء تأثيرات منها وبالفارسية صاعقه از عذاب بيهوش سازنده وهلاك كنند مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ مانند عذاب قوم عاد كه باد صرصر بود وَثَمُودَ وعذاب قوم ثمود كه صيحه جبرائيل عليه السلام بوده اى لم يبق فى حقكم علاج الا إنزال العذاب الذي نزل على من قبلكم من المعاندين المتمردين المعرضين عن الله وطلبه وطلب رضاه فهم سلف لكم فى التكذيب والجحود والعناد وقد سلكتم طريقهم فتكونون كأمثالهم فى الهلاك قال مقاتل كان عاد وثمود ابني عم وموسى وقارون ابني عم والياس واليسع ابني عم وعيسى ويحيى ابني خالة وتخصيص اين دو قوم بجهت آنست كه در سفر رجلة الشتاء والصيف بر مواضع اين دو كروه كذشته آثار عذاب مشاهده ميكرده اند إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ الظاهر انه من اطلاق الجمع على المثنى فان الجائى هود الى عاد

وصالح الى ثمود والجملة حال من صاعقة عاد اى مثل صاعقتهم كائنة فى وقت مجيىء الرسل إليهم فكذبوهم فالمراد كون متعلق الظرف حالا منها لأن الصاعقة قطعة نار تنزل من السماء فتحرق فهى جثة والزمان كما لا يكون صفة للجثة لا يكون حالا منها مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ متعلق بجاءتهم اى من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة من جهات الإرشاد وطرق النصيحة تارة بالرفق وتارة بالعنف وتارة بالتشويق واخرى بالترهيب فليس المراد الجهات الحسية والأماكن المحيطة بهم او من جهة الزمان الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار من الوقائع ومن جهة الزمان المستقبل بالتحذير عما أعد لهم فى الآخرة ويحتمل ان يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فيراد بالرسل ما يعم المتقدمين منهم والمتأخرين او ما يعم رسل الرسل ايضا والا فالجائى رسولان كما سبق وليس فى الاثنين كثرة أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى بان لا تعبدوا ايها القوم اى يأمرونهم بعبادة الله وحده فان مصدرية ناصبة للفعل وصلت بالنهى كما توصل بالأمر فى مثل قوله ان طهرا (قال الكاشفى) در آمدند ودعوت كردند بانكه مپرستيد مكر خدايرا قالُوا استخفافا برسلهم لَوْ شاءَ رَبُّنا اى إرسال الرسل فانه ليس هنا فى ان تقدر المفعول مضمون جواب الشرط كثير معنى لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً اى لارسلهم بدلكم ولم يتخالجنا شك فى أمرهم فامنا بهم لكن لما كان ارسالهم بطريق الانزال قيل لانزل فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم فهو ليس إقرارا منهم بالإرسال كافِرُونَ قال فى بحر العلوم الفاء وقعت فى جواب شرط محذوف تقديره إذا أنتم بشر مثلنا من غير فضلكم علينا ولستم بملائكة فانا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ولا يجب ان يكون ما دخلت عليه فعلا لجواز دخولها على الجملة الاسمية المركبة من مبتدأ وخبر وقال سعدى المفتى اشارة الى نتيجة قياسهم الفاسد الاستثنائى نقيض تاليه (قال الكاشفى) مشركان در بند صورت انبيا مانده از مشاهده معنى ايشان غافل بودند چند صورت بينى اى صورت پرست ... هر كه معنى ديد از صورت پرست ديده صورت پرستى را ببند ... تا شوى از نور معنى بهره مند روى ان أبا جهل قال فى ملاء من قريش قد التبس علينا امر محمد عليه السلام فلو التمستم لنا رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان من امره فقال عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما وما يخفى على فاتاه فقال أنت يا محمد خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب أنت خير أم عبد الله فبم تشتم آلهتنا وتضللنا فان كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللواء فكنت رئيسنا وان كان بك الباءة اى الجماع والشهوة زوجناك عشر نسوة تختارهن من بنات قريش وان كان بك المال جمعنا لك ما تستغنى به ورسول الله عليه السلام ساكت فلما فرغ عتبة قال عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم حم الى قوله مثل صاعقة عاد وثمود فامسك عتبة على فيه عليه السلام وناشده بالرحم يعنى عتبه در شنيدن كلام خداى عز وجل چنان مبهوت ومدهوش كشت كه جاى سخن در وى نماند وبا آخر دست بر دهن رسول نهاد وكفت بحق رحم كه نيز بخوانى كه طاقتم برسيد ودرين سخن سركردان وحيران شدم ورجع الى اهله متحيرا من امره عليه السلام ولم يرجع

[سورة فصلت (41) : الآيات 15 إلى 20]

الى قريش ولم يخرج وكانوا منتظرين لخبره فلما احتبس عنهم قالوا ما نرى عتبة الا قد صبا يعنى صابى ومائل دين محمد شد فانطلقوا اليه وقالوا يا عتبة ما حبسك عنا الا انك قد صبأت فغضب ثم قال والله لقد كلمته فاجابنى بشىء والله ما هو شعر ولاكهانة ولا سحر ولما بلغ صاعقة عاد وثمود أمسكت بفيه وناشدته بالرحم ان يكف وقد علمتم ان محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب راى من آنست كه اين مرد را فرو كذاريد با دين خويش وتعرض نرسانيد اگر عرب برو دست يابند خود شغل شما كفايت كردند واگر او بر عرب دست يابد ملك او ملك شماست وعز او عز شماست ابو جهل كفت چنان ميدانم كه سحر او بر تو اثر كرده وترا از حال خود بگردانيده عتبه كفت راى من اينست كه شما هر چهـ ميخواهيد بكنيد فكان من أمرهم الإصرار حتى قتلوا فى وقعة بدر وابى الله الا ان يتم نوره ويظهر دينه فما كان الا ما أراد الله دون ما أرادوا فَأَمَّا عادٌ لما كان التفصيل مسببا عن الإجمال السابق ادخل عليه الفاء السببية پس آماده كرده وعاديان فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ در زمين احقاق در بلاد يمن اى تعظموا فيها على أهلها بِغَيْرِ الْحَقِّ اى بغير الاستحقاق للتعظيم وركنوا الى قوة نفوسهم وَقالُوا اغترارا بتلك القوة الموقوفة على عظم الأجسام مَنْ استفهام أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وكان طول كل واحد منهم ثمانية عشر ذراعا وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل ويجعلها حيث شاء وكانوا يظنون انهم يقدرون على دفع العذاب بفضل قوتهم فخانتهم قواهم لما استمكن منهم بلواهم وقد رد الله عليهم بقوله أَوَلَمْ يَرَوْا آيا ندانستند مغرور شدكان بقوت خود اى أغفلوا ولم يعلموا علما جليا شبيها بالمشاهدة والعيان أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ وخلق الأشياء كلها خصوصا الاجرام العظيمة كالسموات والجبال ونحوها وانما أورد فى حيز الصلة خلقهم دون خلق السموات والأرض لادعائهم الشده فى القوة هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً اى قدرة لأن قدرة الخالق لا بد وان تكون أشد من قدرة المخلوق إذ قدرة المخلوق مستفادة من قدرة الخالق والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف ولما كانت صيغة التفضيل تستلزم اشتراك المفضل المفضل عليه فى الوصف الذي هو مبدأ اشتقاق افعل ولا اشتراك بينه تعالى وبين الإنسان فى هذه القوة لكونه منزها عنها أريد بها القدرة مجازا لكونها مسببة عن القوة بمعنى صلابة البنية وَكانُوا وبودند وقوم عاد كه از روى تعصب بِآياتِنا المنزلة على الرسل يَجْحَدُونَ الجحود الإنكار مع العلم اى ينكرونها وهم يعرفون حقيقتها كما يجحد المودع الوديعة وينكرها فهو عطف على فاستكبروا وما بينهما اعتراض للرد على كلمتهم الشنعاء والمعنى أنهم جمعوا بين الاستكبار وطلب العلو فى الأرض وهو فسق وخروج عن الطاعة بترك الإحسان الى الخلق وبين الجحود بالآيات وهو كفر وترك لتعظيم الحق فكانوا فسقة كفرة وهذان الوصفان لما كانا أصلي جميع الصفات الذميمة لا جرم سلط الله عليهم العذاب كما قال فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً لتقلعهم من أصولهم اى باردة تهلك وتحرق بشدة بردها كاحراق النار بحرها من الصر وهو البرد الذي

يصر اى يجمع ويقبض اى ريحا عاصفة تصر صرأى تصوت فى هبوبها من الصرير وبالفارسية باد صرصر بآواز مهيب قيل انها الدبور مقابل القبول اى الصبا التي تهب من مطلع الشمس فيكون الدبور ما تهب من مغربها والصرصر تكرير لبناء الصر قال الراغب الصر الشد والصرة ما يعقد فيه الدراهم والصرصر لفظه من الصر وذلك يرجع الى الشد لما فى البرودة من التعقيد إذ هى من الفعليات لأنها كشيفة من شأنها تفريق المتشاكلات وجمع المختلفات فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ جمع نحسة من نحس نحسا نقيض سعد سعدا كلاهما على وزن علم والنحسان زحل والمريخ وكذا آخر شباط وآخر شوال ايضا من الأربعاء الى الأربعاء وذلك سبع ليال وثمانية ايام يعنى كانت الريح من صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال الى غروب الأربعاء الآخر وهو آخر الشهر ويقال لها ايام الحسوم وسيأتى تفصيلها فى سورة الحاقة وما عذب قوم الا فى يوم الأربعاء وقال الضحاك امسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه إذا أراد الله بقوم خيرا أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح وإذا أراد بقوم شرا حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح والمعنى فى ايام منحوسات مشئومات ليس فيها شىء من الخير فنحوستها أن الله تعالى ادام تلك الرياح فيها على وتيرة وحالة واحدة بلا فتور وأهلك القوم بها لا كما يزعم المنجمون من أن بعض الأيام قد يكون فى حد ذاته نحسا وبعضها سعدا استدلالا بهذه الآية لأن اجزاء الزمان متساوية فى حد ذاتها ولا تمايز بينها الا بحسب تمايز ما وقع فيها من الطاعات والمعاصي فيوم الجمعة سعد بالنسبة الى المطيع نحس بالنسبة الى العاصي وان كان سعدا فى حد نفسه قال رجل عند الأصمعي فسد الزمان فقال الأصمعي ان الجديدين فى طول اختلافهما ... لا يفسد ان ولكن يفسد الناس وقيل ندم زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان إذا هجانا وقال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس إذا فصلت وخيطت فى وقت رديىء اتصل بها خواص رديئة انتهى يقول الفقير لعله أراد عروض الرداءة لها بسبب من الأسباب كيوم الأربعاء بما وقع فيه من العذاب لا أن الله خلقه رديئا فلا تنافى بين كلامه وبين ما سبق والظاهر أن الله تعالى خلق اجزاء الزمان والمكان على تفاوت وكذا سائر الموجودات كما لا يخفى لِنُذِيقَهُمْ بالريح العقيم عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا اضافة العذاب الى الخزي من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على طريق التوصيف بالمصدر للمبالغة اى العذاب الخزي اى الذليل المهان على ان الذليل المهان فى الحقيقة اهل العذاب لا العذاب نفسه وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ وهر آينه عذاب آن سراى أَخْزى اى أذل وأزيد خزيا من عذاب الدنيا وبالفارسية سختتر است از روى رسوايى. وهو فى الحقيقة ايضا وصف للمعذب وقد وصف به العذاب على الاسناد المجازى لحصول الخزي بسببه وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لأنهم لم ينصروا الله ودينه واما المؤمنون فانهم وان كانوا

[سورة فصلت (41) : آية 17]

ضعفاء فقد نصرهم الله لأنهم نصروا الله ودينه فعجبا من القوة فى جانب الضعف وعجبا من الضعف فى جانب القوة وفى الحديث انكم تنصرون بضعفائكم اى الضعفاء الداعين لكم بالنصرة وقال خالد بن برمك اتقوا مجانيق الضعفاء اى دعواتهم يقول الفقير انما عذبت عاد بريح صرصر لأنهم اغتروا بطول قاماتهم وعظم أجسادهم وزيادة قوتهم فظنوا أن الجسم إذا كان فى القوة والثقل بهذه المرتبة فهو يثبت فى مكانه ويستمسك ولا يزيله عن مقره شىء من البلاء فسلط الله عليهم الريح فكانت أجسامهم كريشة فى الهولء وكان عليه السلام يجثو على ركبتيه عند هبوب الرياح ويقول اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها لنا رياحا اى رحمة ولا تجعلها ريحا اى عذابا وأراد به أن اكثر ما ورد فى القرآن من الريح بلفظ المفرد فهو عذاب نحو فارسلنا عليهم ريحا صرصرا وأرسلنا عليهم الريح العقيم وان جاء فى الرحمة ايضا نحو وجرين بهم بريح طيبة وكل ما جاء بلفظ الجمع على الرياح فهو رحمة لا غير ويقول عليه السلام اى عند هبوب الرياح وعند سماع الصوت والرعد والصواعق ايضا اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك وفى الحديث لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به (كما فى المصابيح) ريح صرصر باد نفس اژدهاست قلب ازو در اضطراب ومكرهاست هر كه پابر جا شود در عهد دين پايدارش ميكند حق چون زمين وَأَمَّا ثَمُودُ اى قبيلة ثمود فهو غير منصرف للعلمية والتأنيث ومن نونه وصرفه جعله اسم رجل وهو الجد الأعلى للقبيلة فَهَدَيْناهُمْ الهداية هنا عبارة عن الدلالة على ما يوصل الى المطلوب سوآء ترتب عليها الاهتداء أم لا كما فى قوله تعالى وانك لتهدى الى صراط مستقيم وليست عبارة عن الدلالة المقيدة بكونها موصلة الى البغية كما فى قوله تعالى والله لا يهدى القوم الكافرين والمعنى فدللناهم على الحق بنصب الآيات التكوينية وإرسال الرسل وإنزال الآيات الشريفة ورحمنا عليهم بالكلية فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى حقيقة الاستحباب ان يتحرى الإنسان فى الشيء ان يحبه واقتضى تعديته بعلى معنى الإيثار والاختيار كما فى المفردات اى اختاروا الضلالة من عمى البصيرة وافتقادها على الهداية والكفر على الايمان والمعصية على الطاعة قال صاحب الكشف فى لفظ الاستحباب ما يشعر بأن قدرة الله تعالى هى المؤثرة وان لقدرة العبد مدخلا ما فان المحبة ليست اختيارية بالاتفاق وإيثار العمى حبا وهو الاستحباب من الاختيارية واعترض عليه سعدى المفتى فى حواشيه بأنه كيف لا تكون المحبة اختيارية ونحن مكلفون بمحبة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا تكليف بغير الاختياري ألا يرى الى قوله عليه السلام لعمر رضى الله عنه الآن يا عمر يعنى فى قول عمر ورسول الله آخذ بيده يا رسول الله أنت أحب الى من كل شىء الا نفسى فقال عليه السلام لا والذي نفسى بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال عمر الآن والله أنت أحب الى من نفسى فقال الآن يا عمر اى صار إيمانك كاملا والجواب على ما فى شرح المشارق لابن الملك أن المراد من هذه المحبة محبة الاختيار

[سورة فصلت (41) : آية 18]

لا محبة الطبع لأن كل أحد مجبول على حب نفسه أشد من غيرها فمعنى الحديث لا يكون إيمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك ونظيره قوله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فهم مع احتياجهم آثروا أنفسهم على أنفسهم وكذا المحب آثر رضى المحبوب على رضى نفسه مع كون محبته لنفسه أشد من محبته له وقيل ان ثمود فى الابتداء آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا فاجراهم مجرى إخوانهم فى الاستئصال فتكون الهداية بمعنى الدلالة المقيدة قال ابن عطاء البسوا لباس الهداية ظاهرا وهم عوارى فيتحقق عليهم لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى فردوا الى الذي سبق لهم فى الأزل يعنى أن جبلة القوم كانت جبلة الضلالة فمالوا الى ما جبلوا عليه من قبول الضلال فان السوابق تؤثر فى العواقب بدون العكس فلا عبرة بالهداية المتوسطة لأنها عارضة (قال الحافظ) چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست آن به كه كار خود بعنايت رها كنند فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ الهون مصدر بمعنى الهوان والذلة يقال هان هونا وهوانا ذل كما فى القاموس وصف به العذاب للمبالغة اى اخذتهم داهية العذاب المهين كأنه عين الهوان وبالفارسية صاعقه عذاب خواركننده يعنى صيحه جبرائيل ايشانرا هلاك كرده فالصاعقة هى العذاب الهون شبه بها لشدته وهو له كما بين فيما سبق وقيل صاعقة من السماء اى نار فاهلكتهم وأحرقتهم فيكون من اضافة النوع الى الجنس بتقدير من اى من جنس العذاب المهين الذي بلغ فى إفادة الهوان للمعذب الى حيث كان عين الهوان بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من اختيار الضلالة والكفر والمعصية قال الكاشفى بسبب آنچهـ بودند كسب كردند از تكذيب صالح وعقر ناقة يقول الفقير اما حكمة الابتلاء بالصيحة فلعدم استماعهم الحق من لسان صالح عليه السلام مع أن الاستحباب المذكور صفة الباطن وبالصيحة تنشق المرارة فيفسد الداخل والخارج واما بالنار فلأحراقهم باطن ولد الناقة بعقر امه فابتلوا بالإحراق الظاهر ألا ترى ان يعقوب ذبح جديا بين يدى امه فابتلى بفراق يوسف واحتراقه على ما قاله البعض وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا من تلك الصاعقة وكانوا مائة وعشرة انفس وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك او عقر الناقة وفيه اشارة الى التنجية من عذاب النار وهى انواع فمنهم من نجاهم من غير ان رأوا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا وقوم كالبرق الخاطف وهم الاعلام وقوم كالراكض وهم ايضا الأكابر وقوم على الصراط يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد وقوم بعد ما دخلوا النار فمنهم من تأخذه الى كعبيه ثم الى ركبتيه ثم الى حقويه فاذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار لا تحرقى قلبه فانه محترق فى وقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا وصاروا حمما الامتحاش سوخته شدن والحمم جمع حممة بالضم وهو الفحم كما فى القاموس وفى الحديث يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما نبت الحبة فى جانب السيل واشارت الآية الى ان سبب النجاة من النار هو الايمان والتقوى وهما من صفات القلب فاذا هرب العبد من

[سورة فصلت (41) : الآيات 19 إلى 20]

مقام النفس ودخل فى مقام القلب كان آمنا سالما من انواع الألم فى الدنيا والآخرة والا كان معذبا (حكى) أن أبا يزيد البسطامي قدس سره دخل الحمام يوما فاصابه الحر فصاح فسمع نداء من الزوايا الأربع يا أبا يزيد مالم تسلط عليك نار الدنيا لم تذكرنا ولم تستغث بنا وفيه اشارة الى أن المقبول هو التدارك وقت الاختيار والايمان وقت التكلف وإلا خرج الأمر من اليد ولا تفيد الصيحة وقت الوقوع فى العذاب تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى ندارد فغان زير چوب والكافر تنزل عليه ملائكة العذاب والمؤمن تصافحه الملائكة قال الله تعالى اسمع يا موسى ما أقول فالحق ما أقول انه من تكبر على مسكين حشرته يوم القيامة على صورة الذر ومن تواضع لعالم رفعته فى الدنيا والآخرة ومن رضى بهتك ستر مسلم هتكت ستره سبعين مرة ومن أهان مسلما فقد بارزني بالمحاربة ومن أمن بي صافحته الملائكة فى الدنيا والآخرة جهرا اللهم وفقنا لما ترضى وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ الحشر إخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة ويوم منصوب با ذكر المقدر والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر أعداء الله المذكورون من عاد وثمود لا الأعداء من الأولين والآخرين بمعنى انهم يجمعون الى النار كقوله قل ان الأولين والآخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم لما سياتى من قوله تعالى فى امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس والتعبير بالاعداء للذم والإيذان بعلة ما يحيق بهم من فنون العذاب إِلَى النَّارِ الى موقف الحساب إذ هناك تتحقق الشهادة الآتية لا بعد تمام السؤال والجواب وسوقهم الى النار والتعبير عنه بالنار اما للايذان بانها عاقبة حشرهم وانهم على شرف دخولها واما لأن حسابهم يكون على شفيرها وفى الآية اشارة الى ان من لم يمتثل الى أوامر الله ولم يجتنب عن نواهيه ولم يتابع رسوله فهو عدو الله وان كان مؤمنا بالله مقرا بوحدانيته وان ولى الله من كان يؤمن بالله ورسله ويمتثل أوامر الله فى متابعة الرسول ويحشر الأولياء الى الله وجنته كما يحشر الأعداء الى نار البعد وجحيمه فَهُمْ يُوزَعُونَ يقال وزعته عن كذا كوضع كففته اى يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو كناية عن كثرة اهل النار وفيه اشارة الى ان فى الوزع عقوبة لهم حَتَّى إِذا ما جاؤُها غاية ليحشر وليوزعون اى حتى إذا حضروا النار جميعا وبالفارسية تا وقتى كه بيابند بآتش وما مزيدة لتاكيد اتصال الشهادة بالحضور يعنى ان وقت مجيئهم النار لا بد ان يكون وقت الشهادة عليهم شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ إلخ لأنهم كانوا استعملوها فى معاصى الله بغير اختيارهم فشهدت الآذان بما سمعت من شر وأفرد السمع لكونه مصدرا فى الأصل وَأَبْصارُهُمْ بما نظرت الى حرام وَجُلُودُهُمْ ظواهر أنفسهم وبشراتهم بما لا مست محظورا والجلد قشر البدن وقيل المراد بالجلود الجوارح والأعضاء وأول عضوى كه تكلم كند زان كف دست راست بود بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا ويقال تخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجناياتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة وفنون كفرهم ومعاصيهم وتلك الشهادة بان ينطقها الله كما انطق اللسان إذ ليس نطقها باغرب من نطق

[سورة فصلت (41) : الآيات 21 إلى 24]

اللسان عقلا وكما انطق الشجرة والشاة المشوية المسمومة بان يخلق فيها كلاما كما عند اهل السنة فان البنية ليست بشرط عندهم للحياة والعقل والقدرة كما عند المعتزلة وفى حواشى سعدى المفتى بان ينطقها لا على ان تكون تلك الأعضاء آلاته ولا على ان تكون القدرة والارادة آلة فى الانطاق وكيف وهى كارهة لما نطقوا به بل على ان تكون الأعضاء هى الناطقة بالحقيقة موصوفة بالقدرة والارادة وفيه تأمل انتهى روى انه عليه السلام ضحك يوما حتى بدت نواجذه ثم قال الا تسألون مم ضحكت قالوا مم ضحكت يا رسول الله قال عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب أليس قد وعدتني ان لا تظلمنى قال فان لك ذلك قال فانى لا اقبل شاهدا الا من نفسى قال الله تعالى او ليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيقول اى رب اجرتنى من الظلم فلن اقبل على شاهدا الا من نفسى قال فيختم على فيه وتتكلم الأركان بما كان يعمل قال عليه السلام فيقول لهن بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل وهذه الرواية تنطق بان المراد بالجلود الجوارح وفيه اشارة الى ان الجماد فى الآخرة يكون حيوانا ناطقا كما قال تعالى وان الدار الآخرة لهى الحيوان وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ توبيخا لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وصيغة جمع العقلاء فى خطاب الجلود وكذا فى قوله تعالى قالوا أنطقنا إلخ لوقوعها فى موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء ولعل تخصيص الجلود لأنها بمرائى منهم بخلاف غيرها او لأن الشهادة منها اعجب وابعد إذ ليس شانها الإدراك بخلاف السمع والبصر والمراد الإدراك اللازم للشهادة وهو الابصار او الاسماع إذ الشهادة لا تكون الا بالمعاينة او السماع والإدراك اللمسى لا مدخل له فى الشهادة فيحصل التعجب والبعد وعن ابن عباس رضى الله عنهما المراد بشهادة الجلود شهادة الفروج لأنها لا تخلو عن الجلود والله حيى يكنى وهو الأنسب بتخصيص السؤال بها فى قوله وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا ما نشهد به من الزنى أعظم جناية وقبحا واجلب للخزى والعقوبة مما يشهد به السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها (قالُوا) اى الجلود (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ناطق واقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها وفى الآية اشارة الى ان الأرواح والأجسام متساوية فى قدرة الله تعالى ان شاء جعل الأرواح بوصف الأجسام صما بكما عميا فهم لا يعقلون وان شاء جعل الأجسام بوصف الأرواح تنطق وتسمع وتبصر وتعقل (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) واز عدم بوجود آورد (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فان من قدر على خلقكم وانشائكم اولا وعلى اعادتكم ورجعكم اى ردكم الى جزائه ثانيا لا يتعجب من إنطاقه لجوار حكم وفى تفسير الجلالين هو ابتداء اخبار عن الله تعالى وليس من كلام الجلود ولعل صيغة المضارع مع ان هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما ان المراد بالرجع ليس مجرد الرد الى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترقب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على ان فيه مراعاة الفواصل يقول الفقير قد ثبت فى علم الكلام ان الله تعالى قد خلق كلا من الحواس لادراك أشياء مخصوصة كالسمع للاصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لكن ذلك الإدراك بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير الحواس فلا يمتنع

[سورة فصلت (41) : آية 22]

ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الأصوات مثلا وان لم يكن واقعا بالفعل وقد صح ان موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى من كل جانب بكل جانب وقس عليه الرؤية ليلة المعراج فانه عليه السلام كان بصرا محضا فى صورة الجسم وكذلك اللسان فانه مخلوق للنطق لكن الله تعالى إذا أراد كان جميع البدن لسانا مع ان الإنسان لما تشرف بالحياة والنطق كان جميع اجزائه ناطقا حكيما كما كان حيا حقيقة وذلك لاضافته الى الحي الناطق بل وسر الحياة والنطق سار فى جميع اجزاء العالم فضلا عن أعضاء بنى آدم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له يوم القيامة فهذه الشهادة من باب النطق لا عن علم وتعقل فليحذر العبد عن شهادة الأعضاء وكذا المكان والزمان وعن علاء بن زياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل فى شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع إليكم الى يوم القيامة قال الصائب غبار قابله عمر چون نمايان نيست ... دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ قوله ان يشهد فى موضع النصب بإسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زائدة لتاكيد النفي وهذه حكاية لما سيقال للاعداء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت أجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء راسا فضلا عن شهادة الأعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان الله معه أينما كان وفى الحديث أفضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان يار با تست هر كجا هستى جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش با تو در زير يك كليم چواوست پس برو اى حريف خود را باش فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرائسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند الله حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمان رحمه الله من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترىء على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ عند استتاركم أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان الله لا يكون عالم الجزئيات وفيه إيذان بان شهادة الجوارح بإعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدوره عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان الله يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى الله عنه كنت مستترا بأستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل

[سورة فصلت (41) : الآيات 23 إلى 24]

الثقفي عبدياليل والقرشيان ختناه ربيعة وصفوان بن امية فقال أحدهم أترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع ان جهرنا ولا يسمع ان أخفينا فذكرت ذلك للنبى عليه السلام فانزل الله تعالى وما كنتم تسترون إلخ فالحكم المحكي حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفرة ولعل الأنسب ان يراد بالظن معنى مجازى يعم المعنى الحقيقي وما جرى مجراه من الأعمال المنبئة عنه كما فى قوله تعالى يحسب أن ما له أخلده فان معناه يعمل عمل من يظن أن ما له يبقيه حيا ليعم ما حكى من الحال جميع اصناف الكفرة فتدبر كذا فى الإرشاد وَذلِكُمْ الظن ايها الأعداء وهو مبتدأ خيره قوله ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ والا فالله تعالى عالم بجميع الكليات والجزئيات لأنه متجل بأسمائه وصفاته فى جميع الموجودات وهو خالق الأعمال وسائر الاعراض والجواهر والمطلع على البواطن والسرائر كما على الظواهر والتغاير بين العنوانين امر جلى لظهوران ظن عدم علم الله غير الظن بالرب فيصح ان يكون خبر اله أَرْداكُمْ خبر آخر له اى أهلككم وطرحكم فى النار فَأَصْبَحْتُمْ اى صرتم بسبب ذلك الظن السوء الذي أهلككم مِنَ الْخاسِرِينَ از زيانكاران إذ صار ما منحوا لسعادة الدارين من القوة العاقلة والأعضاء سببا لشقاء النشأتين اما كونها سببا لشقاء الآخرة فظاهر واما كونها سببا لشقاء الدنيا فمن حيث انها كانت مفضية فى حقهم بسوء اختيارهم الى الجهل المركب بالله سبحانه وصفاته واتباع الشهوات وارتكاب المعاصي وفى التأويلات النجمية من الخاسرين الذين خسروا بذر أرواحهم فى ارض أجسادهم بان لم يصل اليه ماء الايمان والعمل الصالح ففسد حتى صاروا بوصف الأجساد صما بكما عميا فهم لا يعقلون وفى بحر العلوم من الخاسرين اى الكاملين فى الخسران حيث ظننتم بالله ظن السوء وسوء الظن بالله من اكبر الكبائر كحب الدنيا وقال الحسن رحمه الله ان قوما الهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة يقول أحدهم انى احسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل وتلا قوله تعالى وذلكم ظنكم الآية فالظن اثنان ظن ينجى وهو ما قارن حسن الاعتقاد وصالح العمل وظن يردى وهو ما لم يقارن ذلك فلا بد من السعى درين دركاه سعى هيچكس ضايع نميكردد بقدر آنچهـ فرمان ميبرى فرمان روا كردى فَإِنْ يَصْبِرُوا فى النار على العذاب وأمسكوا عن الاستغاثة والجزع مما هم فيه انتظارا للفرج زاعمين أن الصبر مفتاح الفرج فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ اى محل ثواء واقامة أبدت لهم بحيث لاخلاص لهم منها فلا ينفعهم صبرهم والالتفات الى الغيبة للاشعار بأبعدهم عن حيز الخطاب والإبقاء فى غاية دركات النار وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا اى يسألوا العتبى وهو الرجوع الى ما يحبونه جزعا مما هم فيه فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ اى المجابين الى العتبى فيكون صبرهم وجزعهم سوآء فى أن شيأ منهما لا يؤدى الى الخلاص ونظيره قوله تعالى سوآء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص (قال فى تاج المصادر) الاعتاب خشنود كردن والاستعتاب از كسى حق خواستن كه ترا خشنود كند وآشتى خواستن وفى القاموس العتبى الرضى واستعتبه أعطاه العتبى كاعتبه وطلب اليه العتبى ضد وفى المفردات اعتبته أزلت عنه عتبه نحو أشكيته

[سورة فصلت (41) : الآيات 25 إلى 30]

ومنه فما هم من المعتبين والاستعتاب ان يطلب من الإنسان ان يذكر عتبه فيعتب والعتب الشدة والأمر الكريه والغلظة التي يجدها الإنسان فى نفسه على غيره وَقَيَّضْنا لَهُمْ التقييض تقدير كردن وسبب ساختن اى قدرنا وقرنا للكفرة فى الدنيا قُرَناءَ جمع قرين اى أخذنا من شياطين الانس والجن وأصدقاء يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر الأعلى وفيه حجة على القدرية فان هذا على التخلية بينهم وبين التوفيق لاجله صاروا قرناء هم وهم لا يقولون بموجب الآية فَزَيَّنُوا لَهُمْ اى قرناؤهم ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من امور الدنيا واتباع الشهوات وَما خَلْفَهُمْ من امور الآخرة حيث أروهم أن لا بعث ولا حساب ولا مكروه قط جعل امر الدنيا بين أيديهم كما يقال قدمت المائدة بين أيديهم والآخرة لما كانت تأتيهم بعد هذا جعلت خلفهم كما يقال لمن يجيىء بعد الشخش انه خلفه وهذا هو الذي تقتضيه ملاحظة الترتيب الوجودي وقيل ما بين أيديهم الآخرة لأنها قدامهم وهم متوجهون إليها وما خلفهم الدنيا لأنهم يتركونها خلفهم وفى عرائس البيان زينت النفس الشهوات والشياطين التسويف والامهال وهذا ما بين أيديهم وما خلفهم قال الجنيد لا تألف النفس الحق ابدا وقال ابن عطاء النفس قرين الشيطان والفه ومتبعه فيما يشير اليه مفارق للحق مخالف له لا يألف الحق ولا يتبعه قال الله تعالى وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم من طول الأمل وما خلفهم من نسيان الذنوب در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست آشيان كردست مارى در كبوتر خانه وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ اى ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقيق موجبها ومصداقها وهى قوله لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ونحوه فِي أُمَمٍ حال من الضمير المجرور اى كائنين فى جملة امم وقيل فى بمعنى مع وهذا كما ترى صريح فى ان المراد بأعداء الله فيما سبق المعهودون من عاد وثمود لا الكفار من الأولين والآخرين كما قيل قَدْ خَلَتْ صفة الأمم اى مضت مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء الكفار إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير للاولين والآخرين ز نقد معرفت امروز مفلس ز سود آخرت فردا تهى دست وفى كشف الاسرار إذا أراد الله بعبد خيرا قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة ويدعونه إليها وإذا أراد الله بعبد سوأ قيض له اخدان سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه إليها ومن ذلك الشيطان فانه مسلط على الإنسان بالوسوسة وشر من ذلك النفس الامارة بالسوء تدعو اليوم الى ما فيه هلاكها وهلاك العبد وتشهد غدا عليه بما دعته اليه واوحى الى داود عليه السلام عاد نفسك يا داود فقد عزمت على معاداتك ولهذا قال عليه السلام رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر وفى الخبر من مقت نفسه فى ذات الله امنه الله من عذاب يوم القيامة قير ابو على دقاق را قدس سره پرسيدند كه خويشتن را چهـ كونه مى بينى كفت چنان مى بينم كه اگر پنجاه ساله عمر مرا بر طبقى نهند وكرد هفت آسمان وهفت زمين بگردانند مرا از هيچ ملك مقرب در آسان شرم نبايد داشت واز هيچ آفريده در زمين حلالى نبايد خواست اى مرد بدين صفت كه شنيدى بوقت نزع كوزه آب پيش وى

[سورة فصلت (41) : الآيات 26 إلى 28]

داشتند كفتند در حرارت جان داد جكر را تبريدى بده كفت هنكام آن نيست كه اين دشمن أصلي را واين نفس ناكس را شربتى سازم نبايد كه چون قوت يابد دمار از من بر آرد نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است كر بيابد آلتى فرعون او ... كه بامر او همى رفعت آب جو آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصد هارون زند وإذا كانت النفس بهذه الشقاوة والخسارة فلا بد من إصلاحها وتزكيتها لئلا يحق عليها القول وتدخل النار مع الداخلين واصل الخسارة إفساد الاستعداد الفطري كأفساد بعض الأسباب البيضة فانها إذا فسدت لم ينتفع بها نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الرابحين لا من الخاسرين وان يكون عونا لنا على النفس وإبليس وسائر الشياطين وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا من رؤساء المشركين لأعقابهم واشقيائهم او قال بعضهم لبعض لا تَسْمَعُوا مشنويد وكوش منهيد لِهذَا الْقُرْآنِ لسماعه وَالْغَوْا فِيهِ اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذي لاعن روية وفكر فيجرى مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور اى ائتوا فيه بالباطل من الكلام الذي لا طائل تحته وعارضوه بالخرافات وهى الهذيان والأحاديث التي لا اصل لها مثل قصة رستم وإسفنديار وبانشاء الارجاز والاشعار وبالتصدية والمكاء اى التصفيق والصفير وارفعوا أصواتكم بها لتشوشوا على القارئ فيختلط عليه ما يقرأه لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ اى تغلبونه على قراءته فيترك القراءة ولا يتمكن السامع ايضا من سماعه أرادوا بذلك التلبيس والتشويش الاذية وايضا خافوا من انه لو سمعه الناس لآمنوا به وكان ذلك غالبا شان ابى جهل وأصحابه وفيه اشارة الى ان من شأن النفوس المتمردة إنشاء اللغو والباطل وحديث النفس على الدوام اشتغالا للقلوب بها عن استماع الإلهامات الربانية لعلها تغلب عليها ولم تعلم ان من استغرق فى سماع اسرار الغيب فليس له عما سوى الله خبر ولا لحديث النفس فيه اثر فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى فو الله لنذيقن هؤلاء القائلين واللاغين او جميع الكفرة وهم داخلون فيهم دخولا أوليا عَذاباً شَدِيداً لا يقادر قدره كما دل التنكير والوصف وهذا تهديد شديد لأن لفظ الذوق انما يذكر فى القدر القليل يؤتى به لأجل التجربة وإذا كان ذلك الذوق وهو قدر قليل عذابا شديدا فقس عليه ما بعده وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا تجلى للقلوب احترقت النفوس بالفناء عن أوصافها وهو عذابها فكانت كأهل الجزية والخراج فى ارض الإسلام فكما كان اهل الايمان فى سلامة من اذاهم فكذا القلوب مع النفوس إذ لا كفر واعتراض مع الايمان والتسليم وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ اى جزاء سيئات أعمالهم التي هى فى أنفسها أسوأ فاذا كانت أعمالهم أسوأ كان جزاؤها كذلك فالاسوأ قصد به الزيادة المطلقة وانما أضيف الى ما عملوا للبيان والتخصيص وعن ابن عباس رضى الله عنهما عذابا شديدا يوم بدر وأسوأ الذي كانوا يعملون فى الآخره ذلِكَ المذكور من الجزاء وهو مبتدأ خبره قوله جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ اى جزاء معد لاعدائه النَّارُ عطف بيان للجزاء او ذلك خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ذلك على أنه عبارة عن مضمون الجملة لا عن الجزاء وما بعده جملة مستقلة مبنية لما قبلها او النار مبتدأ

[سورة فصلت (41) : آية 29]

خبره قوله لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ اى هى بعينها دار إقامتهم لا انتقال لهم منها على أن فى للتجريد لا للظرفية وهو ان ينتزع من امر ذى صفة امر آخر مثله مبالغة لكماله فيها كما يقال فى البيضة عشرون منا من حديد وقيل هى على معناها اى للظرفية والمراد أن لهم فى النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ منصوب بفعل مقدر أي يجزون جزاء والباء الاولى متعلقة بجزاء والثانية بيجحدون وقدمت عليه لمراعاة الفواصل اى بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة او يلغون فيها وذكر الجحود لكونه سببا للغو وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ اى أرنا الشيطانين اللذين حملانا على الضلال بالتسويل والتزيين من نوعى الجن والانس لأن الشيطان بين جنى وانسى بدليل قوله شياطين الانس والجن وقوله من الجنة والناس ويقال أحدهما قابيل بن آدم سن القتل بغير حق والذي من الجن إبليس سن الكفر والشرك فيكون معنى أضلانا سنا لنا الكفر والمعصية كما فى عين المعاني ويشهد لهذا القول الحديث المرفوع ما من مسلم يقتل ظلما الا كان على ابن آدم كفل من دمه لأنه أول من سن القتل أخرجه الترمذي ويروى أن قابيل شدت ساقاه بفخذيه يدور مع الشمس حيث دارت يكون فى الشتاء فى حظيرة ثلج وفى الصيف فى حظيرة نار نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا اى ندسهما انتقاما منهما لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ اى ذلا ومهانة او نجعلهما فى الدرك الأسفل من النار تشفيا منهما بذلك ليكونا من الأسفلين مكانا وأشد عذابا منا وفى الآية اشارة الى أن النفوس إذا فنيت عن أوصافها بنار أنوار التجلي وذاقت حلاوة القرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الأوصاف الشيطانية والحيوانية التي جبلت النفوس عليها ليمكنها منها فتجعلها تحت أقدام همتها بافنائها فتعلوبها الى مقامات القرب ليكونا من الأسفلين وتكون من الأعلون وهذا انما يكون فى الترقي من مقام الى مقام إذ بقية المقام الأدنى لا تزول الا بالترقي الى المقام الأعلى وهكذا الى نهاية المقامات فعلى العبد ان يجتهد حتى يخرج من الدنيا مع فناء النفس لامع بقائها فانه إذا خرج منها بالفناء خلص من الجزع والا وقع فيه كما وقع الكفرة ولا فائدة فى الجزع يوم القيامة وفى الآية تنبيه على أن الأخلاء يومئذ أعداء فالخليل للمؤمن فى الدارين ليس الا الله وكان رجل له حبيب فتوفى فجزع عليه جزعا شديدا حتى صار مجنونا فذكر حاله لأبى يزيد البسطامي قدس سره فأتى اليه وهو مقيد فى دار المرضى فقال له ابو يزيد يا هذا غلطت فى الابتداء حيث أحببت الحي الذي يموت وهلا أحببت الحي الذي لا يموت فأفاق المجنون من جنونه واقبل على عبادة الله حتى صار من جملة الكبراء (وفى المثنوى) چون ز علت وارهيدى اى رهين ... سركه را بگذار وميخور انكبين تخت دل معمور شد پاك از هوا ... بروى الرحمن على العرش استوى حكم بر دل بعد ازين بى واسطه ... حق كند چون يافت دل اين رابطه يشير الى أنه لا بد من رياضة النفس الى أن تتخلص من العلة فما دامت العلة فلتقنع بالخل فاذا ذهبت فقد حكم عليها القلب وليس شأنه الا ابقاء الحلاوى واطعام اللذائذ بل لو طهر السر عما سوى الله

[سورة فصلت (41) : آية 30]

استوى الرحمن على عرش القلب فكان دوران العبد مع الله فى كل حال فلا يجد الا الحضور والسكون نسأل الله ذلك الفوز العظيم إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ اعترافا بربوبيته وإقرارا بوحدانيته فربنا الله من باب صديقى زيد يفيد الحصر ثُمَّ اسْتَقامُوا اى ثبتوا على الإقرار بقولهم ربنا الله ومقتضياته بان لا تزل قدمهم عن طريق العبودية قلبا وقالبا ولا تتخطاه وفيه يندرج كل العبادات والاعتقادات بصفة الدوام الى وقت الوفاة فثم للتراخى فى الزمان او فى الرتبة فان الاستقامة لها الشان كله يعنى ان المنتهى وهى الاستقامة لكونه مقصودا أعلى حالا من المبدأ وهو الإقرار واستقامة الإنسان لزومه للمنهج المستقيم وما روى عن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم فى معناها من الثبات على الايمان كما روى عن عمر رضى الله عنه ومن اخلاص العمل كما روى عن عثمان رضى الله عنه ومن أداء الفرائض كما روى عن على رضى الله عنه فبيان لجزئياتها انس ابن مالك رضى الله عنه كفت آن روز كه اين آيت فرود آمد رسول خدا شاد شد واز شادى كفت أمتي ورب الكعبة وذلك لان اليهود والنصارى لم تستقم على دينهم حتى قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله ونحو ذلك وكفروا بنبوة رسول الله عليه السلام ومن الاستقامة ان لا يرى المرء النفع والضر الا من الله ولا يرجو من أحد دون الله ولا يخاف أحدا غيره وعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضى الله عنه قلت يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به قال قل ربى الله ثم استقم قال قلت ما أخوف ما يخاف على فأخذ رسول الله بلسان نفسه وقال هذا وكان الحسن إذا تلا هذه الآية قال اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة (صاحب كشف الاسرار) فرموده كه ربنا الله عبارت از توحيد اقرارست كه عائد مؤمنان راست ثم استقاموا اشارت بتوحيد معرفت كه عارفان وصديقان راست توحيد اقرار آنست كه الله را يكتا كويى وتوحيد معرفت آنست كه او را يكتا شناسى يعنى از همه جهت بوحدت او بينا كردى با آنكه در عالم وحدت جهت نيست نى جهت مى كنجد اينجا نى صفت نى تفكر نى بيان نى معرفت آتشى از سر وحدت برفروخت غير واحد هر چهـ پيش آمد بسوخت ابو يزيد بسطامى قدس سره وقتى بر مقام علم ايستاده بود از توحيد اقرار نشان ميداد مريدى كت اى شيخ خدايرا شناسى كفت در كل عالم خود كسى باشد كه خدايرا نشناسد يا نداند وقتى ديكر غريق بحر توحيد معرفت بود وحريق نار محبت او را كفتند خدايرا شناسى كفت من كه باشم كه او را شناسم ودر كل عالم خود كسى باشد كه او را شناسد در عشق تو من كيم كه در منزل من ... از وصل رخت كلى دمد بر كل من پير طريقت كفت صحبت با حق دو حرفست اجابت واستقامت اجابت عهدست استقامت وفا اجابت شريعت است واستقامت حقيقت درك شريعت هزار سال بساعتى در توان يافت ودرك حقيقت ساعتى بهزار سال در نتوان يافت وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى يوم الميثاق لما خوطبوا بقوله ألست بربكم قالوا بلى اى ربنا الله وهم الذريات المستخرجة من ظهر آدم عليه السلام أقروا بربوبيته ثم استقاموا على إقرارهم بالربوبية ثابتين على أقدام العبودية لما اخرجوا الى عالم الصورة ولهذا ذكر بلفظ ثم لأنه للتراخى فأقروا فى

عالم الأرواح ثم استقاموا فى عالم الأشباح وهم المؤمنون بخلاف المنافقين والكافرين فانهم أقروا ولم يستقيموا على ذلك فاستقامة العوام فى الظاهر بالأوامر والنواهي وفى الباطن بالايمان والتصديق واستقامة الخواص فى الظاهر بالتجريد عن الدنيا وترك ذينتها وشهواتها وفى الباطن بالتفريد عن نعيم الجنان شوقا الى لقاء الرحمن وطلب العرفان واستقامة الأخص فى الظاهر برعاية حقوق المتابعة على وفق المبايعة بتسليم النفس والمال وفى الباطن بالتوحيد فى استهلاك الناسوتية فى اللاهوتية ليستقيم بالله مع الله فانيا عن الانانية باقيا بالهوية بلا ارب من المحبوب مكتفيا عن عطائه ببقائه ومن مقتضى جوده بدوام فنائه فى وجوده تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ من جهته تعالى يمدونهم فيما يعرض لهم من الأمور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الإلهام كما أن الكفرة يمدهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح وكذا تننزل عند الموت بالبشرى وفى القبر وعند البعث إذا قاموا من قبورهم إِنَّ مفسرة بمعنى اى او مخففه من الثقيلة والأصل بانه والهاء ضمير الشان اى يتنزلون ملتبسين بهذه البشارة وهى أَلَّا تَخافُوا ما تقدمون عليه من امر الآخرة فلا ترون مكروها فان الخوف غم يلحق لتوقع المكروه وَلا تَحْزَنُوا على ما خلفتم من اهل وولد فانه تعالى يخلفكم عليهم بخير ويعطيكم فى الجنة اكثر من ذلك واحسن ويجمع بينكم وبين أهاليكم وأولادكم المسلمين فى الجنه فان الجزن غم يلحق من فوات نافع او حصول ضار وفى التأويلات النجمية الخوف انما يكون فى المستقبل من الوقت وهو بحلول مكروه او فوات محبوب والملائكة يبشرونهم بان كل مطلوب لهم سيكون وكل محذور لهم لا يكون والحزن من حزونة الوقت والذي هو راض بجميع ما يجرى مستسلم للاحكام الازلية فلا حزونة فى عيشه بل من يكون قائما بالله وهائما فى الله دائما مع الله لا يدركه الخوف والحزن والملائكة يبشرونهم ان لا تخافوا ولا تحزنوا على فوات العناية فى السابقة وَأَبْشِرُوا اى سروا وبالفارسية شاد شويد فان الابشار شاد شدن بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فى الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشارتهم فى أحد المواطن الثلاثة وعن ثابت بلغنا إذا انشقت الأرض يوم القيامة ينظر المؤمن الى حافظيه قائمين على رأسه يقولان له لا تخف ولا تحزن وابشر بالجنة الموعودة وانك سترى اليوم أمورا لن ترى مثلها فلا تهولنك فانما يراد بها غيرك وفى التأويلات النجية وابشروا بجنة الوصلة فان الوعد صار نقدا فما بقي الوعد والوعيد وما هو الا عيد فى القيد فاوعد الله للعوام من جميع الثواب للخواص من حسن المآب نقد لأخص الخواص من اولى الألباب (ع) جنت نقدست اينجا حالت ذوق وحضور ويقال لا تخافوا من عزل الولاية ولا تحزنوا على ما أسلفتم من الجناية وابشروا بحسن العناية فى البداية لا تخافوا فطا لما كنتم من الخائفين ولا تحزنوا فقد كنتم من العارفين وابشروا بالجنة فلنعم اجر العاملين فردا هر چهـ شرايعست همه را قلم نسخ در كشند نماز وروزه حج وجهاد روا باشد كه بپايان رسد ومنسوخ شود اما عقد محبت وعهد معرفت هركز نشايد كه منسوخ شود چون در بهشت روى هر روزى كه بر تو بگذرد از شناخت حق سبحانه وتعالى بر تو عالمى كشاده شود كه پيش از ان نبوده

[سورة فصلت (41) : الآيات 31 إلى 34]

اين كاريست كه هركز بسر نيايد ومبادا كه بسر آيد تا من بريم پيشه وكارم اينست ... آرام وقرار وغمكسارم اينست روزم اينست وروزكارم اينست ... جوينده صيدم وشكارم اينست قال البقلى قدس سره عجبت ممن استقام مع الله فى مشاهدته وادراك جماله كيف يطيق الملائكة ان يبشروه اين الملك والفلك بين الحبيب والمحب وليس ورلء بشارة الحق بشارة فان بشارة الحق سمعوها قبل بشارة الملائكة بقوله الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ليس لهم خوف القطيعة ولا حزن الحجاب وهم فى مشاهدة الجبار وقول الملائكة هاهنا معهم تشريف لهم لأنهم يحتاجون الى مخاطبة القوم وهم احباؤنا فى نسب المعرفة وخدامنا من حيث الحقيقة الا ترى كيف سجدوا لأبينا نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا إلخ من بشاراتهم فى الدنيا اى اعوانكم فى أموركم نلهمكم الحق ونرشدكم الى ما فيه خيركم وصلاحكم بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من ان ذلك بتوفيق الله وتأييده لهم بواسطة الملائكة قال جعفر رضى الله عنه من لاحظ فى اعماله الثواب والأغراض كانت الملائكة أولياءه ومن عملها على مشاهدته تعالى فهو وليه لأنه يقول الله ولى الذين آمنوا وَفِي الْآخِرَةِ نمدكم بالشفاعة ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادي والتخاصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ولاية الرحمة للعوام وولاية النصرة للخواص وولاية المحبة لأخص الخواص فبولاية الرحمة للعوام فى الحياة الدنيا يوفقهم لأقامة الشريعة وفى الآخرة يجازيهم بالجنة وبولاية النصرة للخواص فى الحياة الدنيا يسلطهم على أعدى عدوهم وهو نفسهم الامارة بالسوء ليجعلوها مزكاة من أخلاقها الذميمة وأوصافها الدنيئة وفى الآخرة بجذبة ارجعي الى ربك وبولاية المحبة لأخص الخواص فى الحياة الدنيا يفتح عليهم أبواب المشاهدات والمكاشفات وفى الآخرة يجعلهم من اهل القربات والمعاينات ومن ولاية الله تعالى عفو الزلل فان الزلل لا يزاحم الأزل ابو يزيد بسطامى قدس سره در راهى ميرفت او از جمعى بكوش وى رسيد خواست كه آن حال باز داند فرا رسيد كه كودكى را ديد در كل سياه افتاده وخلقى بنظاره ايستاده ناكاه مادر آن كودك از كوشه در دويد وخود را در ميان كل افكند وآن كودك را بركرفت وبرفت ابو يزيد چون آن بديد وقتش خوش كشت نعره بزد ايستاده وميكفت شفقت بيامد آلايش ببرد ومحبت بيامد معصيت ببرد وعنايت بيامد جنايت ببرد العذر عندى لك مبسوط والذنب عن مثلك محطوط قال الحافظ بپوش دامن عفوى بذلت من مست كه آب روى شريعت بدين قدر نرود وَلَكُمْ لا لغيركم من الأعداء فِيها اى فى الآخرة ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ من فنون اللذائذ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ ما تتمنون وبالفارسية هر چهـ شما آرزو خواهيد افتعال من الدعاء بمعنى الطلب وهو أعم من الاول إذ لا يلزم ان يكون كل مطلوب مشتهى كالفضائل العلمية وان كان الاول أعم ايضا من وجه بحسب حال الدنيا فالمريض لا يريد ما يشتهيه ويضر مرضه الا ان يقال التمني أعم من الارادة وعدم الاكتفاء بعطف ما تدعون على ما تشتهى بان يقول وما تدعون للاشباع فى البشارة

[سورة فصلت (41) : الآيات 32 إلى 33]

والإيذان باستقلال كل منهما نُزُلًا رزقا كائنا مِنْ غَفُورٍ للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات رَحِيمٍ بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الأمور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذي تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمني وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الأزل من فنون الأعطاف واصناف الألطاف وذلك لأن عطاء الله تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من أكامل الإنسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضي كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازداد وا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى الله فى الدنيا والآخرة (وفى المثنوى) هر كه جز ماهى ز آبش سير شد ... هر كه بى روزيست روزش دير شد وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلي ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم (وقال الصائب) ازين چهـ سود كه در كلستان وطن دارم ... مرا كه عمر چونركس بخواب ميكذرد ومن الناس من له نصيب من هذا الأمر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الري أصلا وهو حال الكمل (حكى) ان يحيى بن معاذ الرازي رضى الله عنه كتب الى ابى يزيد البسطامي قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد. شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت أشار الى ان حصول الرىّ انما هو للصعفاء واما الأقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة أبحر جعلنا الله وإياك هكذا من فضله وَمَنْ استفهام والمعنى بالفارسية وكيست أَحْسَنُ نيكوتر قَوْلًا از جهت سخن مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ اى الى توحيده وطاعته وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين ربه وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابتهاجا بانه منهم او اتخاذ اللاسلام دينا ونحلة إذ لا يقبل طاعة بغير دين الإسلام من قولهم هذا قول فلان اى مذهبه لا انه تكلم بذلك وفيه رد على من يقول انا مسلم ان شاء الله فانه تعالى قال مطلقا غير مقيد بشرط ان شاء الله وقال علماء الكلام ان قاله للشك فهو كفر لا محالة وان كان للتأدب مع الله واحالة الأمور الى مشيئة الله او للشك فى العاقبة والمآل لا فى الآن والحال وللتبرك بذكر الله او التبري من تزكية نفسه والاعجاب بحاله فجائز لكن الاولى تركه لما انه يوهم الشك وحكم الآية عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة التي هى الدعوة والعمل والقول وان نزلت فى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم او فى أصحابه رضى الله عنهم او فى المؤذنين فانهم يدعون الناس الى الصلاة فان قلت السورة بكمالها مكية بلا خلاف والاذان انما شرع بالمدينة قلت

يجعل من باب ما تأخر حكمه عن نزوله وكم فى القرآن منه واليه ذهب بعض الحفاظ كابن حجر وغيره اعلم ان للدعوة مراتب الاولى دعوة الأنبياء عليهم السلام فانهم يدعون الى الله بالمعجزات والبراهين وبالسيف وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان احسن قول قاله الأنبياء والأولياء قولهم بدعوة الخلق الى الله وكان عليه السلام مخصوصا بهذه الدعوة كما قال تعالى يا ايها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وهو ان يكتفى بالله من الله لم يطلب منه غيره خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا وقال وعمل صالحا اى كما يدعو الخلق الى الله يأتى بما يدعوهم اليه يعنى سلكوا طريق الله الى ان وصلوا الى الله وصولا بلا اتصال ولا انفصال فيسلوكهم ومناراتهم عرفوا الطريق الى الله ثم دعوا بعد ما عرفوا الطريق اليه الخلق الى الله وقال اننى من المسلمين لحكمه الراضين بقضائه وتقديره والمرتبة الثانية دعوة العلماء فانهم يدعون الى الله تعالى بالحجج والبراهين فقط (قال الكاشفى) امام ابو الليث فرموده كه مراد يعنى از آيت مذكوره علمااند كه معالم دين بمردم آموزند وعمل صالح ايشان آنست كه هر چهـ دانند بدان كار كنند با محتسبانند كه قواعد امر معروف ونهى منكر را تمهيد دهند وعمل صالح ايشان صبر وتحمل است بر آنچهـ بديشان رسد از مكاره ثم ان العلماء ثلاثة اقسام عالم بالله غير عالم بامر الله وعالم بامر الله غير عالم بالله وعالم بالله وبامر الله اما الاول فهو عبد استولت المعرفة الالهية على قلبه فصار مستغرقا فى مشاهدة الجلال وصفات الكبرياء فلا يتفرغ لتعلم علم الاحكام الا قدر ما لا بد له واما الثاني فهم الذين عرفوا الحلال والحرام ودقائق الاحكام ولكنهم لا يعرفون اسرار جلال الله وجماله اما مع الإقرار باصحاب هذا الشان او بانكارهم والثاني ليس من عداد العلماء واما العالم بالله وباحكامه فهم الجامعون لفضائل القسمين الأولين وهم تارة مع الله بالحب والارادة وتارة مع الخلق بالشفقة والرحمة فاذا رجعوا الى الخلق صاروا معهم كواحد منهم كأنهم لا يعرفون الله وإذا خلوا مع ربهم صاروا مشتغلين بذكره كأنهم لا يعرفون الخلق وهذا سبيل المرسلين والصديقين فالعارف يدعو الخلق الى الله ويذكر لهم شمائل القدم ويعرفهم صفات الحق وجلال ذاته ويحبب الله فى قلوبهم ثم يقول بعد كماله وتمكينه اننى واحد من المسلمين من تواضعه ولطف حاله از ژنك كبر آينه خويش ساده كن ... در زير پانظر كن وحج پياده كن والمرتبة الثالثة الدعوة بالسيف وهى للملوك فانهم يجاهدون الكفار حتى يدخلون فى دين الله وطاعته فالعلماء خلف الانبيا فى عالم الأرواح والملوك خلف الأنبياء فى عالم الأجسام والمرتبة الرابعة دعوة المؤذنين الى الصلاة وهى أضعف مراتب الدعوة الى الله وذلك أن ذكر كلمات الاذان وان كان دعوة الى الصلاة لكنهم يذكرون تلك الألفاظ الشريفه بحيث لا يحيطون بمعناها ولا يقصدون الدعوة الى الله فاذا لم يلتفتوا الى مال الوقف وراعوا شرائط الاذان ظاهرا وباطنا وقصدوا بذلك مقصدا صحيحا كانوا كغيرهم من اهل الدعوة فضيل رفيده كفت مؤذن بودم در روزكار اصحاب رضى الله عنهم عبد الله بن مسعود وعاصم بن هبرة مرا كفت چون ز بانك نماز فارغ شوى بگو وانا من المسلمين نبينى كه رب العالمين

كفت وقال اننى من المسلمين وفى الحديث الملك فى قريش والقضاء للانصار والاذان للحبشة وفيه مدح لبلال الحبشي رضى الله عنه وكذا فى الآية تعظيم لشأنه خصوصا لأنه مؤذن الداعي الى الله على بصيرة وهو المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم (صاحب عين المعاني) آورده كه چون بلال بانك نماز آغاز كردى يهود كفتندى كلاغ ندا مى كند وبنماز ميخواند وسخنان بيهوده بر زبان ايشان كذشتى اين آيت نازل شد وبر تقديرى كه مؤذنان باشند عمل صالح ايشان آنست در ميان أذان واقامت دو ركعت نماز كذارند قال عمر رضى الله عنه لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا أحج ولا أجاهد ولا اعتمر بعد حجة الإسلام (صاحب كشف الاسرار) فرموده كه حق جل وعلا مؤذنان امت احمد پنج كرامت كرده حسن الثناء وكمال العطاء ومقارنة الشهداء ومرافقة الأنبياء والخلاص من دار الشقاء كرامت أول ثناء جميل است وسند خداوند كريم كه در حق مؤذن ميكويد ومن احسن قولا إلخ احسن بر لفظ مبالغت كفت همچنانكه تعظيم قرآنرا كفت الله نزل احسن الحديث قرآن احسن الآيات است وبانك نماز احسن الكلمات زيرا درو تكبير وتعظيم واثبات وحدانيت خداوند أعلى واثبات نبوت مصطفى وفى الخبر من كثرت ذنوبه فليؤذن بالأسحار عمر بن الخطاب رضى الله عنه كفت يا رسول الله اين وقت سحر را باين معنى چهـ خاصيت است كفت والذي بعث بالحق محمدا ان النصارى إذا ضربت نواقيسها فى اديارها فيثقل العرش على مناكب حملة العرش فيتوقعون المؤذنين من أمتي فاذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر خف العرش على مناكب حملة العرش قال الامام السيوطي رحمه الله أول ما حدث التسبيح بالأسحار على المنابر فى زمن موسى عليه السلام حين كان بالتيه واستمر بعده الى أن كان زمن داود عليه السلام وبنى بيت المقدس فرتب فيه عدة يقومون بذلك البيت على الآلات وبغيره بلا آلات من الثلث الأخير من الليل الى الفجر الى ان خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى عليه السلام وقام اليهود على عيسى عليه السلام فبطل ذلك فى جملة ما بطل من شرائع بنى إسرائيل واما فى هذه الملة المحمدية فكان ابتداء عمله بمصر وسببه ان مسلمة بن مخلد الصحابي رضى الله عنه بنى وهو امير مصر منارا بجامع عمرو واعتكف فيه فسمع أصوات النواقيس عالية فشكا ذلك الى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال انى أمد الاذان من نصف الليل الى قرب الفجر فانهم لا ينقسون إذا أذنت ففعل ثم لما كان احمد بن طولون رتب جماعة نوبا يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون قصائد زهدية وجعل لهم ارزاقا واسعة ومن ثمة اتخذ الناس قيام المؤذنين فى الليل على المنابر فلما ولى السلطان صلاح الدين بن أيوب امر المؤذنين فى وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة الى وقتنا هذا انتهى يقول الفقير آل الأمر فى زمننا هذا فى بلاد الروم الى أن السلاطين من ضعف حالهم فى الدين صاروا مغلوبين فانتقل كثير من البلاد الإسلامية الى اهل الحرب فجعلوا المساجد كنائس والمنارات مواضع النواقيس ولما كان الناس على دين ملوكهم صار الأمر فى البلاد الباقية فى أيدي المسلمين الى الوهن والهدم بحيث تخربت بعض المحلات بالكلية مع المساجد

الواقعة فيها وتعطل بعضها عن العمار من المسلمين بسبب توطن اهل الذمة فيها وبقيت المساجد بينهم غريبة فتعالوا نبك على غربة هذا الدين واما كمال العطاء فما روى أن النبي عليه السلام قال المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصيامهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله شيأ الا أعطاهم ولا يشفعون بشىء الا شفعوا فيه قال ويغفر للمؤذن مدى صوته يعنى آمرزيده ميشويد مؤذن بمقدار آنكه آواز وى رسد ويشهد له كل شىء سمع صوته من شجر او حجر او مدر او رطب او يابس ويكتب للمؤذن بكل انسان صلى معه فى ذلك المسجد مثل حسناته واما مقارنة الشهداء فما روى أن النبي عليه السلام قال من اذن فى سبيل الله ايمانا واحتسابا جمع بينه وبين الشهداء فى الجنة واما مرافقة الأنبياء فما روى أن رجلا جاء الى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله من أول الناس دخولا الجنة قال الأنبياء قال ثم من قال الشهداء قال ثم من قال مؤذنوا مسجدى هذا قال ثم من قال سائر المؤذنين على قدر أعمالهم وقال عليه السلام من أذن عشرين سنة متوالية اسكنه الله تعالى مع ابراهيم عليه السلام فى الجنة واما الخلاص من دار الأشقياء فما روى أن النبي عليه السلام قال إذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر أغلقت أبواب النيران السبعة وإذا قال اشهد ان لا اله الا الله فتحت أبواب الجنة الثمانية وإذا قال اشهد أن محمدا رسول الله أشرفت عليه الحور العين وإذا قال حى على الصلاة تدلت ثمار الجنة وإذا قال حى على الفلاح قالت الملائكة افلحت وأفلح من أجابك وإذا قال الله اكبر الله اكبر قالت الملائكة كبرت كبيرا وعظمت عظيما وإذا قال لا اله الا الله قال الله تعالى حرمت بدنك وبدن من أجابك على النار وفى الحديث المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة اى يكونون سادات واكثر الناس ثوابا او جماعات او رجاء لأن من رجا شيأ أطال اليه عنقه والناس حين يكونون فى الكرب يكون المؤذنون اكثر رجاء بأن يؤذن لهم فى دخول الجنة كان ذلك جزاء مد أعناقهم عند رفع أصواتهم او طول العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن او معناه إذا وصل العرق الى أفواه الناس يوم القيامة طالت أعناق المؤذنين فى الحقيقة لئلا ينالهم ذلك ومن أجاب دعوة المؤذنين يكون معه قال الفقهاء يقطع سامع الاذان كل عمل باليد والرجل واللسان حتى تلاوة القرآن ان كان فى غير المسجد وان كان فيه فلا يقطع ولا يسلم على أحد وامارده فقد اختلفوا فيه فقيل يجوز وقيل لا يجوز ويشتغل بالاجابة واختلفوا فى الوجوب والاستحباب فقال بعضهم الاجابة واجبة عند الاذان والاقامة منهم صاحب التحفة والبدائع وقال الآخرون هى مستحبة وعليه صاحب الهداية ويستحب ان يقول عند سماع الاولى من الشهادة الثانية صلى الله تعالى عليك يا رسول الله وعند سماع الثانية قرة عينى بك يا رسول الله ثم يقول اللهم متعنى بالسمع والبصر بعد وضع ظفر الا بهامين على العينين كما فى شرح القهستاني وفى تحفة الصلوات للكاشفى صاحب التفسير نقلا عن الفقهاء الكبار ويقول بعد الاذان اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ويقول عند أذان المغرب خصوصا اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لى وأول

من اذن فى السماء جبرائيل وأم ميكائيل عليهما السلام عند البيت المعمور وأول من أذن فى الإسلام بلال الحبشي رضى الله عنه وكان أول مشروعيته فى أذان الصبح قالت النوار أم زيد بن ثابت كان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن الى ان بنى رسول الله عليه السلام مسجده فكان يؤذن بعده على ظهر المسجد وقد رفع له شىء فوق ظهره وأول من اقام عبد الله بن زيد وزاد بلال فى أذان الصبح بعد الحيعلات الصلات خير من النوم مرتين فاقرها عليه السلام اى اليقظة الحاصلة للصلاة خير من الراحة الحاصلة بالنوم ويقول المجيب عنده صدقت وبالخير نطقت وعند قوله فى الاقامة قد قامت الصلاة أقامها الله وادامها ويقيم من اذن لا غيره الا بأذنه وفى بعض الروايات أنه عليه السلام اذن مرة واحدة فى السفر على راحلته ويروى ان بلالا كان يبدل الشين فى اشهد سينا فقال عليه السلام سين بلال عند الله شين كما فى انسان العيون (وفى المثنوى) آن بلال صدق در بانك نماز ... حى راهى هى همى خواند از نياز تا بگفتند اى پيمبر نيست راست ... اين خطا اكنون كه آغاز بناست اى نبى واى رسول كردكار ... يك موذن كو بود افصح بيار عيب باشد أول دين وصلاح ... لحن خواندن لفظ حى على الفلاح خشم پيغمبر بجوشيد وبكفت ... يك دو رمزى از عنايات نهفت كاى خسان نزد خداى هى بلال ... بهتر از صد حى حى وقيل وقال وا مشورانيد تا من رازتان ... وا نگويم آخر وآغاز نان وأول من زاد الاذان الاول فى الجمعة عثمان رضى الله عنه زاده ليؤذن اهل السوق فيأتون الى المسجد وكان فى زمانه عليه السلام وزمان ابى بكر رضى الله عنه وعمر رضى الله عنه أذان واحد حين يجلس الامام على المنبر والتذكير قبل الاذان الاول الذي هو التسبيح أحدث بعد السبعمائة فى زمن الناصر محمد بن قلوون لاجل التبكير المطلوب فى الجمعة وأول ما أحدثت الصلاة والسلام على النبي عليه السلام بعد تمام الاذان فى زمن السلطان المنصور الحاجي ابن الأشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلوون فى اواخر القرن الثامن وأول من أحدث أذان اثنين معابنوا امية وأول من وضع احدى يديه عند اذنيه فى الاذان ابن الأصم مؤذن الحجاج بن يوسف وكان المؤذنون يجعلون أصابعهم فى آذانهم وأول من رقى منارة مصر للاذان شرحبيل المذكور وفى عرافته بنى مسلمة المنابر للأذان بامر معاوية ولم تكن قبل ذلك وأول من عرف على المؤذنين سالم بن عامر اقامه عمرو بن العاص فلما مات عرف عليهم أخاه شرحبيل وأول من رزق المؤذنين عثمان رضى الله عنه والجهر واجب فى الاذان لأعلام الناس ولذا سن ان يكون فى موضع عال ولو اذن لنفسه خافت واما التكبيرات فى الصلاة فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين فان كان فى صوت الامام كفاية فالتبليغ مكروه كما فى انسان العيون يقول الفقير اما سر عدد المنارات فى الحرم

[سورة فصلت (41) : آية 34]

النبوي وهى اليوم خمس فاشارة الى الأوقات الخمسة فهو صورة الدعوات الخمس فى الساعات الأربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار وأول من قدر الساعات الاثنتى عشرة نوح عليه السلام فى السفينة ليعرف بها مواقيت الصلوات واما سر عددها فى الحرم المكي وهى سبع الآن فاشارة الى مراتب الدعوة الى الفناء وهى سبع عدد الأسماء السبعة التي آخرها القهار فان الكعبة اشارة الى الذات الاحدية ومراتبها عروجا هى مراتب الفناء إذ البقاء انما هو بعد النزول ولذا امر عليه السلام بالهجرة الى المدينة لتتحقق مرتبة البقاء فللكعبة منارة اخرى هى الثامنة من المنارات وهى منارة البقاء لكنها فى بطن الكعبة مدفونة تحتها ولم يكن لها ظهور فوق الأرض الا بحسب المكاشفة كوشفت عنها حين مجاورتى فى الحرم وكان للحرم المكي فى الأوائل خمسون منارة على ما طالعته فى تاريخ القطبي بعضها فى الحرم وبعضها على رءوس الجبال التي هى بينها كل ذلك لاعلام الأوقات فهى اشارة الى اصل الصلوات المفروضة ليلة المعراج وهى خمسون حتى خففها الله تعالى فبقيت منها خمس ولله فى كل شىء حكمة عجيبة ومصلحة بديعة وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ بيان لمحاسن الأعمال الجارية بين العبد وبين الرب ترغيبا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الصبر على اذية المشركين ومقابلة اسائتهم بالإحسان ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفي اى لا تستوى الخصلة الحسنة والسيئة فى الجزاء وحسن العاقبة فانك إذا صبرت على أذيتهم وجهالتهم وتركت الانتقام منم ولم تلتفت الى سفاهتهم فقد استوجبت التعظيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة وهم بالضد من ذلك فلا يكن أقدامهم على تلك السيئة مانعا لك من الاشتغال بهذه الحسنة وإذا فسرت الحسنة والسيئة بالجنس على ان يكون المعنى لا تستوى الحسنات إذ هى متفاوته فى أنفسها كشعب الايمان التي أدناها اماطة الأذى ولا السيئات لتفاوتها ايضا من حيث انها كبائر وصغائر لم تكن زيادة لا الثانية لتأكيد النفي على ما أشير اليه فى الكشاف ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بيان لحسن عاقبة الحسنة اى ادفع السيئة حين اعترضتك من بعض أعاديك بالتي هى احسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالاحسان الى من أساء فانه احسن من العفو. بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من اسا وكان عليه السلام يقول صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من أساء إليك وما امر عليه السلام غيره بشىء الا بعد التخلق به وإخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف اصنع مع ان الظاهر ان يقول فادفع بالفاء السببية للمبالغة ولذلك وضع احسن موضع الحسنة لأنه ابلغ فى الدفع بالحسنة فان من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ بيان لنتيجة الدفع المأمور به اى فاذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق اى المخالف مثل الولي الشفيق روى انها نزلت فى ابى سفيان ابن حرب وذلك انه لان للمسلمين بعد الشدة اى شدة عداوته بالمصاهرة التي جعلت بينه وبين النبي عليه السلام ثم اسلم فصار وليا بالإسلام حميما بالقرابة از امام أعظم نقلست كسى بمن رسانند كه مرا بد مى كويد من در شان او سخن نيكوتر مى كويم تا وقتى من يابم كه او نيكوئى من ميكويد

[سورة فصلت (41) : الآيات 35 إلى 39]

بدى در قفا عيب من كرد وخفت ... بتر زو قريبى كه آورد وگفت عدو را بالطاف كردن ببند ... كه نتوان بريدن بتيغ اين كمند چودشمن كرم بيند ولطف وجود ... نيايد دگر خبث ازو در وجود چوبا دوست دشوار گيرى وتنك ... نخواهد كه بيند ترا نقش رنك وگر خواجه با دشمنان نيك خوست ... كسى بر نيايد كه كردند دوست قال البقلى بين الله هاهنا ان الخلق الحسن ليس كالخلق السيّء وأمرنا بتبديل الأخلاق المذمومة بالأخلاق المحمودة واحسن الأخلاق الحلم إذ يكون به العدو صديقا والبعيد قريبا حين دفع غضبه بحلمه وظلمه بعفوه وسوء جانبه بكرمه قال ابن عطاء لا يستوى من احسن الدخول فى خدمتنا والخروج منها ومن أساء الأدب فى الخدمة فان سوء الأدب فى القرب أصعب من سوء الأدب فى البعد فقد يصفح عن الجهال فى الكبائر ويؤاخذ الصديقون باللحظة والالتفات وَما يُلَقَّاها التلقية چيزى پيش كسى آوردن اى وما يلقى وما يعطى هذه الخصلة والسجية التي هى مقابلة الاساءة بالإحسان وبالفارسية وندهند اين خصلت كه مقابله بديست بنيكى إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا اى شأنهم الصبر فانها تحبس النفس عن الانتقام وَما يُلَقَّاها وعطا نكنند اين خصلت وصفت إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ من الفضائل النفسانية والقوة الروحانية فان الاشتغال بالانتقام لا يكون الا لضعف النفس وتأثرها من الواردات الخارجية فان النفس إذا كانت قوية الجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية وإذا لم تتأثر منها لم يصعب عليها تحمل ولم تشتغل بالانتقام والحاصل انه يلزم تزكية النفس حتى يستوى الحلو والمر ويكون حضور المكروه كغيبته ففى الآية مدح لهم بفعل الصبر والحظ النصيب المقدر قال الجنيد قدس سره فى قوله وما يلقيها الا ذو حظ عظيم اى ما يوفق لهذا المقام الا ذو حظ من عناية الحق فيه وقال ابن عطاء ذو معرفة بالله وأيامه وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أصله ان ما على ان ان شرطية وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط والاستلزام فلذا لحقت نون التأكيد بفعل الشرط فانها لا تلحق الشرط ما لم يؤكد والنزع شبه النخس كما فى الإرشاد شبه به وسوسة الشيطان لانها بعث على الشر وتحريك على ما لا ينبغى وجعل نازغا على طريقة جدجده فمن ابتدائية اى نزغ صادر من جهته او أريد واما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر فكلمة من تجريدية جرد من الشيطان شيطانا آخر وسمى نازغا والمعنى وان يوسوس إليك الشيطان ويصرفك عما وصيت به من الدفع بالتي هى احسن ودعاك الى خلافه فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من شره ولا تطعه إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ باستعاذتك الْعَلِيمُ بنيتك وفى جعل ترك الدفع بالأحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه وفى الآية اشارة الى ان النبي او الولي لا ينبغى ان يكون آمنا من مكر الله وان الشيطان صورة مكر الحق تعالى بل يكون على حذر من نزغاته فليستعذ بالله من همزاته فلا يذرها ان تصل الى القلب بل يرجع اليه فى أول الخطرة فانه ان لم يخالف أول الخطرة صار فكرة ثم بعد ذلك يحصل

العزم على ما يدعو اليه الشيطان ثم ان لم يتدارك ذلك تحصل الزلة فان لم يتدارك بحسن الرجعة صار قسوة ويتمادى به الوقت فهو يخطر كل آفة ولا يتخلص العبد من نزغات الشيطان الا بصدق الاستعانة بالله والإخلاص فى العبودية قال الله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فكلما زاد العبد فى تبريه من حوله وقوته وأخلص بين يدى الله تعالى بتضرعه واستعانته زاد الله فى حفظه ودفع الله الشيطان عنه بل يسلط عليه ليسلم على يديه كذا فى التأويلات النجمية قال البقلى هذا تعليم لامته إذ كان الشيطان اسلم على يده قال فى حياة الحيوان أجمعت الامة على على عصمة النبي عليه السلام من الشيطان وانما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته له واغوائه فاعلمنا انه معنا لنحترز منه حسب الإمكان آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست وفى الحديث ما منكم من أحد الا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإياك قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فاسلم فلا يأمرنى الا بخير قال سفيان ابن عيينة معناه فاسلم من شره فان الشيطان لا يسلم وقال غيره هو على صيغة الفعل الماضي ويدل عليه ما قاله عليه السلام فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله عليه فاسلم وكن أزواجي عونا لى وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا على خطيئته فهذا صريح فى اسلام قرين النبي عليه السلام وان هذا خاص بقرين النبي عليه السلام فيكون عليه السلام مختصا بإسلام قرينه كذا فى آكام المرجان يقول الفقير لا شك ان الشيطان لا يدخل فى دائرة الإسلام حقيقة كما ان النفس لا تتبدل حقيقتها كما قال يوسف الصديق عليه السلام ان النفس لامارة بالسوء بل تتبدل صفتها فالنبى والولي والعدو فى هذا سوآء الا ان النبي معصوم والولي محفوظ والعدو موكول ولذا لم يقولوا ان النبي والولي ليس لهما نفس أصلا بل قالوا هو معصوم ومحفوظ فدل على اصل النفس وهذا من مزالق الاقدام فلا بد من حسن الفهم وصحة الكشف فمعنى اسلام شيطان النبي عليه السلام دخوله فى السلم كأهل الذمة فى دار الإسلام حيث لا يقدرون على اذية المسلمين بحال ولكن فرق بين اسلام قرين النبي وقرين الولي كما دل عليه لفظ العصمة والحفظ فان العصمة تعم الذات كلها والحفظ يتعلق بالجوارح مطلقا ولا يشترط استصحابه فى السر فقد تخطر للولى خواطر لا يقتضيها طريق الحفظ لكن يظهر لها حكم على الجوارح صاحب كشف الاسرار فرموده كه نزغ شيطان سورة غضب است يعنى تيزىء خشم كه از حد اعتدال در كذرد وبتهود كشد واز ان خصلتهاى بد خيزد چون كبر وعجب وعداوت اما اصل خشم از خود بيفكندن ممكن نباشد زيرا كه آن در خلقت است و چون از حد اعتدال بكاهد بد دلى بود وبى حميتى باشد و چون معتدل بود آنرا شجاعت كويند واز ان حلم وكرم وكظم غيظ خيزد وفى الخبر خلق الغضب من النار التي خلق منها إبليس وفى الحديث الغضب من نار الشيطان الا ترى الى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه والمتغاضبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان يعنى دو كس بر يكديكر غضب ميكند باطل ميكويد ودروغ

[سورة فصلت (41) : آية 37]

ميسازند فان التهاتر بر يكديكر دعوىء باطل كردن كما فى تاج المصادر وقال صلى الله تعالى عليه وسلم إذا غضبت وكنت قائما فاقعد وان كنت قاعدا فقم فاستعذ بالله من الشيطان عصمنا الله وإياكم من كيده ورد مكره اليه فلا نتوكل ولا نعتمد الا عليه وَمِنْ آياتِهِ واز نشانهاى قدرت الهيست اللَّيْلُ وَالنَّهارُ قال الامام المرزوقي الليل بإزاء النهار والليلة بإزاء اليوم وَالشَّمْسُ المشتمل عليها النهار يعنى خورشيد عالم آراى چون جام سيماب وَالْقَمَرُ المشتمل عليه الليل يعنى هيكل ماه كاه چون نعل زرين وكاه چون سر سيمين كل منها مخلوق من مخلوقاته مسخر لأمره يعنى تعاقب الليل والنهار على الوجه الذي يتفرع عليه منافع الخلق ومصالحهم وتذلل الشمس والقمر لما يراد منهما من اظهر العلامات الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وكمال علمه وحكمته. بر صنع اله بيعدد برهانست ... در برگ كلى هزار كون الوانست روز ارچهـ سپيد وروشن وتابانست ... آنرا كه نديد روز شب يكسانست رب العزة كفت ربى اگر خواهى كه در ولايتم نكرى لله ملك السموات والأرض واگر خواهى كه در سپاهم نكرى لله جنود السموات والأرض ورخواهى كه در فعلم نكرى فانظر الى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها درخواهى كه در صنعم نگرى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر وخواهى كه فردا در من نكرى امروز از صنع من با من نكر بديده دل الم تر الى ربك كيف مد الظل تا فردا بفضل من دو نكرى بديده سر وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ لأنهما من جملة مخلوقاته المسخرة لاوامره مثلكم والمراد الأمر التكويني لا التكليفي إذ لا علم لهما ولا اختيار عند اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فالامر بخلافه ويدل عليه (قول الشيخ سعدى) همه از بهر تو سركشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ الضمير للاربعة لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى وان كان المناسب تغليب المذكر وهو ما عدا الشمس على المؤنث وهو الشمس او لأنها عبارة عن الآيات وتعليق الفعل بالكل مع كفاية بيان مخلوقية الشمس والقمر للايذان بكمال سقوطهما عن رتبة المسجودية بنظمهما فى سلك الأغراض التي لا قيام لها بذاتها وهو السر فى نظم الكل فى آياته تعالى (وفى المثنوى) آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشد كه كوييم او خداست آفتابت كر بگيرد چون كنى ... آن سياهى زو نو چون بيرون كنى نى بدرگاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع كر كشندن نيمشب خورشيد كو ... تا نيابى با أمان خواهى ازو حادثات اغلب بشب واقع شود ... وان زمان معبود تو غايب بود سوى حق كر راستانه خم شوى ... وارهى از اختران محرم شوى إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعالى لا غيره تَعْبُدُونَ اى ان كنتم تعبدون إياه لا تسجدوا لغيره

[سورة فصلت (41) : آية 38]

فان السجود أقصى مراتب العبادة فلا بد من تخصيصه به تعالى ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين فى عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله فنهوا عن هذه الواسطة فامروا ان لا يسجدوا الا الله الذي خلق الأشياء فان قيل لم لم يجز أن تكون الشمس قبلة للناس عند سجودهم قلنا لأنها جوهر مشرق عظيم الرفعة لها منافع فى صلاح احوال الخلق فلو اذن فى جعلها قبلة فى الصلاة بان يتوجه إليها ويركع ويسجد نحوها لربما غلب على بعض الأوهام أن ذلك الركوع والسجود للشمس لالله بخلاف الأحجار المعينة فانها ليس فى جعلها قبلة ما يوهم الالهية وعن عكرمة قال ان الشمس إذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح الله حتى إذا هى أصبحت استعفت ربها من الخروج فقال الرب ولم ذلك والرب اعلم قالت انى إذا خرجت عبدت من دونك فقال لها الرب اخرجى فليس عليك من ذلك شىء حسبهم جهنم ابعثها إليهم من ثلاثة عشر ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها وفى الحديث ليس فى أمتي رياء ان رأوا فبالاعمال فاما الايمان فثابت فى قلوبهم أمثال الجبال واما الكبر فان أحدهم إذا وضع جبهته لله تعالى ساجدا فقد برىء من الكبر فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا اى تعظموا عن امتثال أمرك فى ترك السجود لغير الله وأبوا الا اتخاذ الواسطة فذلك لا يقلل عدد من يخلص عبادته لله فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ فان الملائكة المقربين عند الله فهو علة للجزاء المحذوف يُسَبِّحُونَ لَهُ ينزهونه عن الانداد وسائر ما لا يليق به بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى دائما وفى جميع الأوقات وظهر من هذا التقرير أن تخصيص الملائكة مع وجود غيرهم من العباد المخلصين لكثرتهم وايضا الشمس والقمر عندهم فيردون العبادة عنهما غيرة بتخصيصها بالله تعالى وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ السامة الملالة اى لا يفترون ولا يملون من التسبيح والعبادة فان التسبيح منهم كالتنفس من الناس وبالفارسية وايشان ملول وسير نمى شوند از كثرت عبادت وبسيارى ستايش و پرستش روى أن لله ملكا يقال له حو قبائيل له ثمانية عشر الف جناح ما بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شىء فزاده الله مثلها اجنحة اخرى فكان له ستة وثلاثون ألف جناح بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام ثم اوحى الله ايها الملك طرفطار مقدار عشرين ألف سنة فلم ينل راس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف الله له فى الجناح والقوة وامره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف سنة فلم ينل ايضا فأوحى الله اليه ايها الملك لو طرت الى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشى فقال الملك سبحان ربى الأعلى فانزل الله سبح اسم ربك الأعلى فقال عليه السلام اجعلوها فى سجودكم قال عبد العزيز المكي فى هذه الآية سبحان الذي من عرفه لا يسأم من ذكره سبحان الذي من انس به استوحش من غيره سبحان الذي من أحبه اعرض بالكلية عما سواه وفى التأويلات المنجمية لا تتخذوا ما كشف لكم عند تجلى شمس الروح من المعقولات وأنواع العلوم الدقيقة مقصدا ومعبدا كما اتخذت الفلاسفة ولا تتخذوا ايضا ما شهدتم عند تجلى شواهد الحق فى قمر القلب من المشاهدات ومكاشفات العلوم الدينية مقصدا ومعبدا كما اتخذ بعض ارباب السلوك ووقفوا عند عقبات العرفان والكرامات فشغلوا بالمعرفة عن المعروف وبالكرامات

[سورة فصلت (41) : آية 39]

عن المكرم واتخذوا المقصود والمعبود حضرة جلال الله الذي خلق ما سواه منازل السائرين به اليه ان كنتم من جملة المحبين الصادقين الذين إياه يعبدون طمعا فى وصاله والوصول اليه لا من الذين يعبدونه خوفا من النار وطمعا فى الجنة فان استكبر اهل الأهواء والبدع ولا يوفقون للسجود بجميع الوجود فالذين عند ربك من أرواح الأنبياء والأولياء ينزهونه عن احتياجه الى سجدة أحد من العالمين وهم لا يسئمون من التسبيح والتنزيه (قال الكاشفى) اين سجده يازدهم است از سجدات قرآنى وحضرة شيخ اكبر قدس سره الأطهر در فتوحات اين را سجدة احتماد كفت وفرموده كه اگر در آخر آيت اولى سجده ايشان شرط باشد چهـ مقارنست بقول ان كنتم إياه تعبدون واگر بعد از آيت دوم بسجود روند سجده نشاط ومحبت بود چهـ مقرونست باين كلمات وهم لا يسأمون والحاصل أن قوله تعبدون موضح السجود عند الشافعي ومالك لاقتران الأمر به يعنى تا سجده مقترن امر باشد وعند ابى حنيفة وفى وجه عن الشافعي وعند احمد آخر الآية وهم لا يسأمون لأنه تمام المعنى وكل من الائمة على أصله فى السجود فابو حنيفة هو واجب ومالك وهو فضيلة والشافعي واحمد هو سنة وَمِنْ آياتِهِ دلائل قدرته تعالى أَنَّكَ يا محمد او يا ايها الناظر تَرَى الْأَرْضَ حال كونها خاشِعَةً يابسة لانبات فيها متطامنة يعنى فرسوده وخشك شده. مستعار من الخشوع بمعنى التذلل شبه يبس الأرض وخلوها عن الخير والبركة يكون الشخص خاشعا ذليلا عاريا لا يؤبه به الدناءة هيئته فهى استعارة تبعية بمعنى يابسة جدبة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ الاهتزاز التحرك اى تحركت بالنبات يعنى بجنبش درآيد رستن كياه ازو وَرَبَتْ وانتفخت لأن النبت إذا دنا ان يظهر ارتفعت له الأرض وانتفخت ثم تصدعث عن النبات اى انشقت يقال ربا ربوا وربا زاد ونما والفرس ربوا انتفح من عدو أو فزع وقال الراغب وربت اى زادت زيادة المتربى إِنَّ الَّذِي أَحْياها بما ذكر بعد موتها والاحياء فى الحقيقة إعطاء الحياة وهى صفة تقتضي الحس والحركة فالمراد بإحياء الأرض تهييج القوى النامية فيها واحداث نضارتها بانواع النباتات لَمُحْيِ الْمَوْتى بالبعث إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها الاحياء قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة وقد وعد بذلك فلا بد من ان يفى به والحكمة فى الاحياء هو المجازاة والمكافاة وفى الآية اشارة الى احياء النفوس واحياء القلوب اما الاول فلائن ارض البشرية قد تصير يابسة عند فقد ان الدواعي والأسباب فاذا نزل عليها ماء الابتلاء والاستدراج تراها تهتز بنباتات المعاصي وأشجار المناهي (فى المثنوى) آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است كرمك است آن اژدها از ده ست فقر ... پشه كردد ز جاه ومال صقر ولذا كان أصعب دعاه عليه ان يقال له اذاقك الله طعم نفسك فانه من ذاق طعم نفسه واستحلى ما عنده وشغل به عن المقصود فلا يرجى فلاحه ابدا واما احياء القلوب فبنور الايمان وصدق

[سورة فصلت (41) : الآيات 40 إلى 44]

الطلب وغلبات الشوق وذلك عند نزول مطر اللطف وماء الرحمة وعن بعض الصالحين قال رأيت سمنون فى الطواف وهو يتمايل فقبصت على يده وقلت له يا شيخ بموقفك بين يديه الا أخبرتني بالأمر الذي أوصلك اليه فلما سمع بذكر الموقف بين يديه سقط مغشيا عليه فلما أفاق انشد ومكتئب لج السقام بجسمه ... كذا قلبه بين القلوب سقيم يحق له لومات خوفا ولوعة ... فموقفه يوم الحساب عظيم ثم قالى يا أخي أخذت نفسى بخصال أحكمتها فاما الخصلة الاولى أمت منى ما كان حيا وهو هوى النفس وأحييت منى ما كان ميتا وهو القلب واما الثانية فانى أحضرت ما كان عنى غائبا وهو حظى من الدار الآخرة وغيبت ما كان حاضرا عندى وهو نصيبى من الدنيا واما الثالثة فانى أبقيت ما كان فانيا عندى وهو التقى وأفنيت ما كان باقيا عندى وهو الهوى واما الرابعة فانى آنست بالأمر الذي منه تستوحشون وفررت من الأمر الذي اليه تسكنون أشار الى الاستئناس بالله وبذكره والى الاستيحاش مما سوى الله وهو المراد بحسن الخاتمة واما التوحش من الله والانس بما سواه فهو المراد بسوء العاقبة نعوذ بالله وربما كان سوء العاقبة بالخروج من الدنيا بغير ايمان وكان فى زمان حاتم الأصم نباش فحضر مجلس حاتم يوما فتاب على يده وأحياه الله بسبب نفس حاتم فقال له حاتم كم نبشت من القبور فقال سبعة آلاف قال فى كم سنة قال فى عشرين سنة فغشى على حاتم فلما أفاق قال قبور المسلمين أم قبور الكافرين قال بل قبور المسلمين فقال كم قبرا وجدت صاحبه على غير القبلة قال وجدت ثلاثمائة قبر صاحبه على القبلة والباقون على غير القبلة فغشى على حاتم وذلك لأن خوف كل أحد بحسب مقامه من المعرفة فاذا عرف المرء أن فى امامه موتا وابتلاء ثم حشرا وامتحانا لا يزال فى ناحية وربما يغلب عليه حاله فيغشى عليه قال بعضهم إذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذي نجى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا ولكثرة فتن الشيطان وتشبثها بالقلوب عزت السلامة فلا بد من الاستقامة فى الله وادامة الذكر والاستعاذة بالله من كل شيطان مضل وفتنة مهلكة إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ الإلحاد فى الأصل مطلق الميل والانحراف ومنه اللحد لأنه فى جانب القبر ثم خص فى العرف بالانحراف عن الحق الى الباطل اى يميلون عن الاستقامة فِي آياتِنا بالطعن فيها بأنها كذب او سحر او شعر وبتحريفها يحملها على المحامل الباطلة لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا فنجازيهم بالحادهم ثم نبه على كيفية الجزاء فقال أَفَمَنْ آيا كسى كه يُلْقى فِي النَّارِ على وجهه وهم الكفرة بانواعهم خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً من النار يَوْمَ الْقِيامَةِ وهم المؤمنون على طبقاتهم قابل الإلقاء فى النار بالإتيان آمنا مبالغة فى احماد حال المؤمنين بالتنصيص على انهم آمنون يوم القيامة من جميع المخاوف فلو قال أم من يدخل الجنة لجاز من طريق الاحتمال أن يبدلهم الله من بعد خوفهم أمنا ولك ان تقول الآية من الاحتباك حذف من الاول مقابل الثاني ومن الثاني مقابل الاول والتقدير أفمن يأتى خائفا ويلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا ويدخل الجنة يعنى ان الثاني خير

[سورة فصلت (41) : آية 41]

من الاول اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ من الأعمال المؤدية الى ما ذكر من الإلقاء فى النار والإتيان آمنا وآثروا ما شئتم فانكم لا تضرون الا أنفسكم وفيه تهديد شديد لظهور أن ليس المقصود الأمر بكل عمل شاؤا قال فى الاسئلة المقحمة هو امر وعيد ومعناه أن المهلة ما هى لعجزو لا لغفلة وانما يعجل من يجاف الفوت وهو ابلغ اسباب الوعيد إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم بحسب أعمالكم. حيل ومكر رها كن كه خدا مى داند ... نقد مغشوش مياور كه معامل بيناست وفى الآية تخويف لأهل الشطح والطامات الذين يريدون العزة عند العامة ويزعقون ويمزقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا ويتزهدون وينظرون فى تصانيف المشايخ ويقولون عليها ما يجهلون ويتزخرفون وينتظرون دخول الأمراء عليهم ويدعون المكاشفة والأحوال والمواجيد لا يخفى على الله كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وكذا على أوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور الله لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وقد وصف النبي هؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب كما قال عليه السلام يخرج فى أمتي أقوام لسانهم لسان الأنبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة وقال فى موضع آخر كقلوب الذئاب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا قال بعضهم معنى هذه الآية ان الذين يجترئون علينا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جراءتهم علينا وتعديهم فى دعواهم وقال ابن عطاء فى هذه الآية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى أحواله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ اى القرآن فيكون من وضع الظاهر موضع ضمير الآيات لَمَّا جاءَهُمْ اى بادهوه بالكفر والإنكار ساعة جاءهم وأول ما سمعوه من غير اجالة فكروا عادة نظر وكذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل قوله ان الذين إلخ بدل من قوله ان الذين يلحدون إلخ بدل الكل بتكرير العامل وخبر ان هو الخبر السابق وهو لا يخفون علينا لأن الحادهم فى الآيات كفر بالقرءان فلهذا اكتفى بخبر الاول عن الثاني الا أنه غير معهود الا فى الجار والمجرور لشدة الاتصال قال الرضى ولا يتكرر فى للنظ فى البدل من العوامل الا حرف الجر لكونه كبعض حروف المجرور وقيل مستأنف وخبرها محذوف مثل سوف نصليهم نارا وذلك بعد قوله حميد وقال الكسائي سد مسد الخبر السابق وَإِنَّهُ إلخ جملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به اى والحال أن الذكر لَكِتابٌ عَزِيزٌ اى كثير المنافع عديم النظير فهو من العز الذي هو خلاف الذل او منيع لا تتأتى معارضته وابطاله وتحريفه فهو من العزة بمعنى الغلبة فالقرءآن وان كان لا يخلو عن طعن باطل من الطاعنين وتأويل فاسد من المبطلين الا أنه يؤتى بحفظة ويقدر له فى كل عصر منعة يحرسونه بابطال شبه اهل الزيغ والأهواء ورد تأويلاتهم الفاسدة فهو غالب بحفظ الله إياه وكثرة منعته على كل من يتعرض له بالسوء امام قشيرى قدس سره فرموده كه قرآن عزيز است زيرا كلام رب عزيزست كه ملك عزيز بر رسول عزيز آورده

[سورة فصلت (41) : آية 42]

براى امت عزيز با آنكه نامه دوست است بنزديك دوست ونامه دوست نزد دوستان عزيز باشد ز نام ونامه تو يافتم عز وكرامت ... هزار جان كرامى فداى خامه ونامت قال ابن عطاء عزيز لانه لا يبلغ حد حقيقية حقه لعزه فى نفسه وعز من انزل عليه وعز من خوطب به من أوليائه واهل صفوته لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ صفة اخرى لكتاب اى لا يتطرق اليه الباطل ولا يجد اليه سبيلا من جهة من الجهات حتى يصل اليه ويتعلق به اى متى رامو فيه ان يكون ليس حقا ثابتا من عند الله وابطالا له لم يصلوا اليه ذكر اظهر الجهات وأكثرها فى الاعتبار وهو جهة القدام والخلف وأريد الجهات بأسرها فيكون قوله لا يأتيه الباطل من بين إلخ استعارة تمثيلية شبه الكتاب فى عدم تطرق الباطل إليه بوجه من الوجوه بمن هو محمى بحماية غالب قاهر يمنع جاره من أن يتعرض له العدو من جهة من جهاته ثم أخرجه مخرج الاستعارة بان عبر عن المشبه بما عبر به عن المشبه به فقال لا يأتيه إلخ او لا يأتيه الباطل فيما اخبر عما مضى ولا فيما اخبر عن الأمور الآتية او الباطل هو الشيطان لا يستطيع ان يغيره بان يزيد فيه او ينقص منه او لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يجيئ بعده كتاب يبطله او ينسخه تَنْزِيلٌ اى هو تنزيل او صفة اخرى لكتاب مفيده لفخامته الاضافية بعد إفادة فخامته الذاتية وكل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرءان مِنْ حَكِيمٍ اى حكيم مانع عن تبديل معانيه باحكام مبانيه حَمِيدٍ اى حميد مستحق للتحميد بالهام معانيه او يحمده كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية ان من عزة الكتاب لا يأتيه الباطل يعنى اهل الخذلان من بين يديه بالايمان به ولا من خلفه بالعمل به تنزيل من حكيم ينزل بحكمته على من يشاء من عباده لمن يشاء ان يعمل به حميد فى أحكامه وأفعاله لأنها صادرة منه بالحكمة وعن على رضى الله عنه قال سمعت رسول الله عليه السلام يقول (ألا انها) الضمير للقصة (ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار) بيان لمن والجبار إذا اطلق على انسان يشعر بالصفة المذمومة ينبه بذلك على ان ترك القرآن والاعراض عنه وعن العمل به انما هو الجبر والحماقة (قصمه الله) كسره وأهلكه دعاء عليه او خبر (ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله) دعاء عليه واخبار بثبوت الضلالة فان طلب الشيء فى غير محله ضلال (وهو حبل الله) اى عهده وامانه الذي يؤمن به العذاب وقيل هو نور هداه وفى الحديث القرآن كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض اى نور ممدود وقيل هو السبب القوى والوصلة الى من يوثق عليه فيتمسك به من أراد التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار السرور (المتين) اى القوى يعنى هو السبب القوى المأمون الانقطاع المؤدى الى رحمة الرب (وهو الذكر) اى القرآن ما يتذكر به ويتعظ به (الحكيم) اى المحكم آياته اى قوى ثابت لا ينسخ الى يوم القيامة او ذو الحكمة فى تأليفه (وهو الصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء) اى لا يميل بسببه اهل الأهواء يعنى لا يصير به مبتدعا وضالا (ولا تلتبس به الالسنة) اى لا يختلط به غيره بحيث يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه معصوما (ولا يشبع منه العلماء) اى لا يحيط

[سورة فصلت (41) : آية 43]

علمهم بكنهه بل كلما تفكروا تجلت لهم معان جديدة كانت فى حجب مخفية (ولا يخلق) خلق الشيء يخلق بالضم فيهما خلوقة إذا بلى اى لا يزول رونقه ولا يقل اطروانه ولذة قراءته واستماعه (عن كثرة الرد) اى عن تكرر تلاوته على ألسنة التالين وآذان المستمعين وأذهان المتفكرين مرة بعد أخرى بل يصير كل مرة يتلوه التالي اكثر لذة على خلاف ما عليه كلام المخلوقين وهذه احدى الآيات المشهورة (ولا تنضى عجائبه) اى لا ينتهى أحد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة (هو الذي لم تنته الجن) أي لم تقف إذ سمعته حتى (قالوا انا سمعنا قرءانا عجبا) مصدر وصف به للمبالغة اى عجيبا لحسن نظمه (يهدى الى الرشد) اى يدل الى الايمان والخير (فآمنا به) وصدقناه (من قال به صدق ومن عمل به رشد) اى يكون راشدا مهديا (ومن حكم به صدق ومن دعا اليه هدى الى صراط مستقيم) كذا فى المصابيح وفى الحديث يدعى يوم القيامة بأهل القرآن فيتوج كل انسان بتاج لكل تاج سبعون ألف ركن ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمراء تصيئ من مسيرة كذا من الأيام والليالى ثم يقال له أرضيت فيقول نعم فيقول له الملكان اللذان كانا عليه يعنى الكرام الكاتبين زده يا رب فيقول الرب اكسوه حلة الكرامة فيلبس حلة الكرامة ثم يقال له أرضيت فيقول نعم فيقول ملكاه زده يا رب فيقول لأهل القرآن ابسط يمينك فتملأ من الرضوان اى رضوان الله ويقال له ابسط شمالك فتملأ من الخلد ثم يقال له أرضيت فيقول نعم يا رب فيقول ملكاه زده يا رب فيقول الله انى قد أعطيته رضوانى وخلدى ثم يعطى من النور مثل الشمس فيشيعه سبعون ألف ملك الى الجنة فيقول الرب انطلقوا به الى الجنة فاعطوه بكل حرف حسنة وبكل حسنه درجة ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام وفى حديث آخر يجاء بأبويه فيفعل بهما من الكرامة ما فعل بولدهما تكرمة لصاحب القرآن فيقولان من اين لنا هذا فيقول بتعليمكما ولدكما القرآن بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن هر آن طفل كو جور آموزگار ... نه بيند جفا بيند از روزكار ما يُقالُ لَكَ إلخ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عما يصيبه من اذية الكفار اى ما يقال فى شأنك وشأن ما انزل إليك من القرآن من جهة كفار قومك إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ الا مثل ما قد قيل فى حقهم وفى حق الكتب السماوية المنزلة عليهم مما لا خير فيه من الساحر والكاهن والمجنون والأساطير ونحوها إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لانبيائه ومن آمن بهم وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ لاعدائهم الذين لم يؤمنوا بهم وبما انزل إليهم والتزموا الاذية وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من أعدائهم وسيفعل مثل ذلك بك وبأعدائك ايضا وفيه اشارة الى حال الأولياء ايضا فانهم ورثة الأنبياء فلهم أعداء وحساد يطلقون ألسنتهم فى حقهم باللوم والطعن بالجنون والجهل ونحو ذلك ولكنهم يصيرون على الجفاء والأذى فيظفرون بمراداتهم كما صبر الأنبياء فظفروا وفى آية اخرى ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا اى ظاهرا بهلاك القوم او بإجابة الدعوة وباطنا بالتخلق بالأخلاق الالهية مثل الصبر فانه نصر

[سورة فصلت (41) : آية 44]

اى نصر إذ به يحصل المرام (وفى المثنوى) صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد وبذلك ينقلب الإنسان بالصبر من حال الى حال اخرى احسن من الاولى كما ينقلب النحاس بالإكسير فضة او ذهبا ودلت الآية على أنه ليس من الحكمة ان يقطع لسان الخلق بعضهم عن بعض الا ترى انه تعالى لم يقطع لسان الخلق عن ذاته الكريمة حتى قالوا فى حقه تعالى ان له صاحبة وولدا ونحو ذلك فكيف غيره تعالى من الأنبياء والمرسلين والأولياء والمقربين فالنار لا ترتفع من الدنيا الا يوم القيامة وانما يرتفع الاحتراق بها كما وقع لابراهيم عليه السلام وغيره من الخواص فكل البلايا كالنار فبطون الأولياء وقلوب الصديقين فى سلامة من الاحتراق بها فانه لا يجرى الا ما قضاه الله تعالى ومن آمن بقضاء الله سلم من الاعتراض والانقباض وهكذا شأن الكبار نسأل الله الغفار السلامة من عذاب النار وَلَوْ جَعَلْناهُ اى الذكر قُرْآناً أَعْجَمِيًّا منتظما على لغة العجم مؤلفا عليها والأعجمي فى الأصل يقال لذات من لا يفصح عن مراده بلغة لسانه وان كان من العرب ولكلامه الملتبس الذي لا يوضح المعنى المقصود اطلق هاهنا على كلام مؤلف على لغة العجم بطريق الاستعارة تشبيها له بكلام من لا يفصح من حيث أنه لا يفهم معناه بالنسبة الى العرب وهذا جواب لقول قريش تعنتا هلا انزل القرآن بلغة العجم. يعنى قرآن چرا بلعت عجم فروا نيامد لَقالُوا هر آينه ميكفتند كفار قريش لَوْلا حرف تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي كان معناه اللوم والتوبيخ على ترك الفعل فهو فى الماضي بمعنى الإنكار فُصِّلَتْ آياتُهُ اى بينت بلسان نفقهه من غير ترجمان عجمى وهو من كان منسوبا الى امة العجم فصيحا كان او غير فصيحءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ انكار مقرر للتحضيض فالهمزة الاولى همزة الاستفهام المعنى بها الإنكار والأعجمي كلام لا يفهم معناه ولغة العجم كذلك بالنسبة الى العرب كما أشير اليه آنفا والياء ليست للنسبة الحقيقة بل للمبالغة فى الوصف كالأحمرى والمعنى لأنكروا وقالوا أكلام او قرآن أعجمي ورسول او مرسل اليه عربى اى لقالوا كيف أرسل الكلام العجمي الى القوم العرب فكان ذلك أشد لتكذيبهم على ان الإقرار مع كون المرسل إليهم امة جمة لما ان المراد بيان التنافي والتنافي بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا او جمعا وقرأ هشام أعجمي على الاخبار لا على الاستفهام والإنشاء اى بهمزة واحدة هى من اصل الكلمة فالتفصيل يجوز أن يكون بمعنى التفريق والتمييز لا بمعنى التبيين كما فى القراءة الاولى فالمعنى ولو جعلنا المنزل كله أعجميا لقالوا لولا فرقت آياته وميزت بأن جعل بعضها أعجميا لافهام العجم وبعضها عربيا لافهام العرب أعجمي وعربى والمقصود بيان أن آيات الله على اى وجه جاءتهم وجدوا فيها متعنتا يتعللون به لأن القوم غير ضالبين للحق وانما يتبعون أهواءهم. در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى وفى التأويلات النجمية يشير الى ازاحة العلة لمن أراد أن يعرف صدق الدعوة وصحة

الشريعة فانه لا نهاية للتعليل بمثل هذه التعللات لأنه تعالى لو جعل القرءان أعجميا وعربيا لقالوا لولا جعله عبرانيا وسريانيا قُلْ هُوَ اى الذكر لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً يهديهم الى الحق والى طريق مستقيم وَشِفاءٌ لما فى الصدور من شك وشبهة او شفاء حيث استراحوا به من كد الفكرة وتحيرا لخواطر او شفاء لضيق صدور المريدين لما فيه من التنعم بقراءته والتلذذ بالتفكر فيه او شفاء لقلوب المحبين من لواعج الاشتياق لما فيه من لطائف المواعيد او شفاء لقلوب العارفين لما يتوالى عليها من أنوار التحقيق وآثار خطاب الرب العزيز وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ مبتدأ خبره قوله فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ اى ثقل وصمم على أن التقدير هواى القرآن فى آذنهم وقر على أن وقر خبر للضمير المقدر وفى آذانهم متعلق بمحذوف وقع حالا لو قر لبيان محل الوقر وهو أوفق لقوله تعالى وَهُوَ اى القرآن عَلَيْهِمْ اى على الكفار المعاندين عَمًى وذلك لتصامهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات وهو بفتح الميم المنونة اى ذو عمى على معنى عميت قلوبهم عنه وهو مصدر عمى يعمى كعلم وفى المفردات محتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما بكسر الميم بمعنى خفى وبالفارسية واين كتاب بر ايشان پوشيد كيست تا جلوه جمال كمال او نه بينند أُولئِكَ البعداء الموصوفون بما ذكر من التصامم عن الحق الذي يسمعونه والتعامي عن الآيات الظاهرة التي يشاهدونها يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ تمثيل لهم فى عدم قبولهم واستماعهم للقرآن بمن ينادى ويصيح به من مسافة بعيدة لا يكاد يسمع من مثلها الأصوات يعنى مثل ايشان چون كسيست كه او را از مسافه دور ودراز بخواندند نه خواننده را بيند ونه آواز او را شنود پس او را از ان ندا چهـ نفع رسد نادىء اقبال ميكويد كه اى ناقلابلان ... ما بسى نزديك نزديك وشما بس دور دور قال الشيخ سعدى در جامع بعلبك كلمه چند بر طريق وعظ ميكفتم با طائفه افسرده ودل مرده وراه از عالم صورت بمعنى نبرده ديدم كه نفسم در نمى كيرد وآتشم در هيزم تر ايشان اثر نمى كنند دريغ آمدم تربيه ستوران وآينه دارى در محله كوران وليكن در معنى باز بود وسلسله سخن دراز ودر بيان اين آيت كه كفت خداى تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد سخن بجايى رسيده بود كه ميكفتم دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم من از شرح اين سخن مست وفضله قدح در دست كه رونده از كنار مجلس كذر كرد ودور آخر برو اثر كرد نعره چنان زد كه ديكران در موافقت او در خروش آمدند وخامان مجلس در جوش كفتم سبحان الله دوران با خبر در حضورست ونزديكان بي بصر دور فهم سخن چون نكند مستمع ... قوت طبع از متكلم مجوى فسحت ميدان أرادت بيار ... تا بزند مرد سخن كوى كوى وعن الضحاك ينادون يوم القيامة بأقبح اسمائهم من مكان بعيد يعنى يقال يا فاسق يا منافق يا كذا

[سورة فصلت (41) : الآيات 45 إلى 49]

ويا كذا فيكون ذلك أشد لتوبيخهم وخزيهم وفى التأويلات النجمية أولئك ينادون من مكان بعيد لأن النداء انما يجيىء من فوق أعلى عليين وهم فى أسفل السافلين من الطبيعة الانسانية وهم ابعد البعداء وقال ذو النون رحمه الله من وقر سمعه وصم عن نداء الحق فى الأزل لا يسمع ندائه عند الإيجاد وان سمعه كان عليه عمى ويكون عن حقائقه بعيدا وذلك انهم نودوا عن بعد ولم يكونو بالقرب نسأل الله القرب على كل حال وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ اى وبالله لقد آتيناه التوراة فاختلف فيها فمن مصدق لها ومن مكذب وغيروها من بعده بخمسمائة عام وهكذا حال قومك فى شأن ما آتيناك من القرآن فمن مؤمن به ومن كافر وان كانوا لا يقدرون على تحريفه فانا له لحافظون فالاختلاف فى شأن الكتب عادة قديمة للامم غير مختص بقومك ففيه نسلية له عليه السلام وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ فى حق أمتك المكذبة وهى العدة بتأخير عذابهم والقصل بينهم وبين المؤمنين من الخصومة الى يوم القيامة بنحو قوله تعالى بل الساعة موعدهم وقوله تعالى ولكن يؤخرهم الى أجل مسمى لَقُضِيَ فى الدنيا وحكم بَيْنَهُمْ باستئصال المكذبين كما فعل بمكذبى الأمم السالفة يقول الفقير انما لم يفعل الاستئصال لأن نبينا عليه السلام كان نبى الرحمة ولان مكة كانت مهاجر الأنبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المقربين بانواع رحمة رب العالمين فلو وقع فيها الاستئصال لكانت مثل ديار عاد وثمود ووقعت النفرة لقلوب الناس وقد دعا ابراهيم عليه السلام بقوله فاجعل افئدة من الناس تهوى إليهم فكان من حكمته ان لا يجعل الحرم المبارك الآمن مصارع السوء وان يقيه من نتائج سخطه وَإِنَّهُمْ اى كفار قومك لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن مُرِيبٍ موجب للاضطراب موقع فيه وبالفارسية كمانى باضطراب آورده وتمامه فى آخر سورة سبأ فارجع والشك عبارة عن تساوى الطرفين ولتردد فيهما من غير ترجيح والوهم ملاحظة الطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه اى لا تصديق معه أصلا مَنْ هر كه عَمِلَ صالِحاً بان آمن بالكتب وعمل بموجبها فَلِنَفْسِهِ فعمله او فنفعه لنفسه لا لغيره وَمَنْ أَساءَ وهر كه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن فَعَلَيْها ضرره لا على غيرها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فيفعل بهم ما ليس له ان يفعله بل هو العادل المتفضل الذي يجازى كل أحد بكسبه وهو اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مبنى على تنزيل ترك اثابة المحسن بعمله او اثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير إساءة او بإساءة غيره منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عن سبحانه اى هو منزه عن الظلم يقال من ظلم وعلم أنه يظلم فهو ظلام وقال بعضهم أصله وما ربك بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفي على معنى أن الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفي داخلا على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه ثم ادخل عليه النفي لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفيه عن أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا ويجوز ان يقال صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم كما قال تعالى ولا يظلم ربك أحدا وفى الحديث القدسي انى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى ألا فلا تظالموا بفتح التاء أصله تتظالموا

[سورة فصلت (41) : آية 47]

والظلم هو التصرف فى ملك الغير او مجاوزة الحد وهذا محال فى حق الله تعالى لأن العالم كله ملك وليس فوقه أحد يحدله حدا ولا تجاوز عنه فالمعنى تقدست وتعاليت عن الظلم وهو ممكن فى حق العباد ولكن الله منعهم عنه وفى الحديث من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام وفى حديث آخر من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد أجرم قال الله تعالى انا من المجرمين منتقمون وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالي واواسط وأداني بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف فى الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر فى الدين واكثر المستعدين فى هذا الزمان على الخذلان والحرمان قال الصائب تير بختي لازم طبع بلند افتاده است پاى خود را چون تواند داشتن روشن چراغ فينبغى للعاقل ان يسارع الى الأعمال الصالحة دائما خصوصا فى زمان انتشار الظلم والفساد وغلبة الهوى على النفوس والطباع فان الثبات على الحق فى مثل ذلك الوقت أفضل وأعظم قال ابن الماجشون وهواى الماجشون كان من اهل المدينة وكان مع عمر بن عبد العزيز فى ولايته على المدينة لما خرج روح ابى وضعناه على السرير فدخل عليه غاسل فرأى عرقا يتحرك فى أسفل قدمه فمكث ثلاثة ايام ثم استوى جالسا وقال ائتوني بسويق فأتوا به فشرب فقلنا له خبرناما رأيت قال عرج بروحى فصعد بي الملك حتى اتى الى السماء الدنيا فاستفتح ففتح له حتى انتهى الى السابعة فقيل له من معك قال الماجشون فقيل لم يؤذن له بعد بفي من عمره كذا ثم هبط بي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه فقلت للملك انه لفريب المقعد من رسول الله عليه السلام قال انه عمل بالحق فى زمن الجور وانهما عملا بالحق فى زمن الحق بقومي كه نيكى پسندد خداى دهد خسرو عادل ونيك راى ... چوخواهد كه ويران كند عالمى كند ملك در پنجه ظالمى ... ومن الله الامن والسلامة الجزء الخامس والعشرون من الاجزاء الثلاثين إِلَيْهِ تعالى لا الى غيره يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ إذا سئل عن القيامة يقال الله يعلم إذ لا يعلمها الا الله فاذا جاعت يقضى بين المحسن والمسيء بالجنة والنار وَما نافية تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ من مزيدة للتنصيص على الاستغراق فانه قبل دخولها يحتمل نفى الجنس ونفى الوحدة والمعنى بالفارسية وبيرون نيايد هيچ ميوه مِنْ أَكْمامِها من اوعيتها يعنى الكفرى قبل أن ينشق وقيل قشرها الأعلى من الجوز واللوز والفستق وغيرها جمع كم بالكسر وهو وعاء الثمرة وغلافها اى ما يغطى الثمرة كما أن الكم بالضم ما يغط اليد من القميص وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى

[سورة فصلت (41) : آية 48]

وبار نكيرد هيچ ماده از انسان وسائر حيوانات وَلا تَضَعُ حملها بمكان على وجه الأرض إِلَّا بِعِلْمِهِ استثناء مفرغ من أعم الأحوال ولم يذكر متعلق العلم للتعميم اى وما يحدث شىء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع ملابسا بشىء من الأشياء الا ملابسا بعلمه المحيط واقعا حسب تعلقه به يعلم وقت خروج الثمرة من أكمامها وعددها وسائر ما يتعلق بها من انها تبلغ او ان النضج او تفسد قبل ونحوه ووقت الحمل وعدد أيامه وساعاته وأحواله من الحداج والتمام والذكورة والأنوثة والحسن والقبح وغير ذلك ووقت الوضع وما يتعلق به ولعل ذكر هذه الجمل الثلاث بعد ذكر الساعة لاشتمالها على جواز البعث واحياء الموتى وفى حواشى ابن الشيخ المعنى أن اليه يضاف علم الساعة اى علم وقت وقوع القيامة فاذا سئلت عنه فرد العلم اليه فقل الله اعلم كما يرد اليه علم جميع الحوادث الآتية من الثمار والنبات وغيرهما (روى) أن منصورا الدوانقى أهمه مدة عمره فرآى فى منامه شخصا اخرج يده من البحر وأشار بالأصابع الخمس فاستفتى العلماء فى ذلك فتأولوه بخمس سنين وبخمسة أشهر وبغير ذلك حتى قال ابو حنيفة تأويله ان مفاتح الغيب خمسة لا يعلمها الا الله وان ما طلبت معرفته لا سببل لك اليه اخذه ابو حنيفة رحمه الله من قوله عليه السلام مفاتح الغيب خمسة وتلا قوله تعالى ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس باى ارض تموت يقول الفقير ظهر من هذا وجه الجمع بين علم الساعة وعلم خروج الثمرات إذ هو داخل فى تتزيل الغيث لانه بالغيث والرياح تخرج النباتات وتظهر الثمرات وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ اى اذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم الله أَيْنَ شُرَكائِي بزعمكم كما نص عليه فى قوله تعالى اين شركائى الذين زعمتم وبالفارسية كجااند انبازان بزعم شما قالُوا آذَنَّاكَ اى أخبرناك وأعلمناك ما مِنَّا نيست از ما مِنْ شَهِيدٍ من أحد يشهد لهم بالشركة إذ تبرأنا منهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ والشهيد من الشهادة او ما منا من أحد يشهدهم لأنهم ضلوا عنهم حينئذ فهم لا يبصرونهم فى ساعة التوبيخ فالشهيد من الشهود قال فى حواشى سعدى المفتى والظاهر أنه كقولهم والله ربنا ما كنا مشركين بل الاشارة بقولهم آذناك الى هذا القول الذي أجابوا به او لا متعمدين للكذب انتهى وفى الإرشاد قولهم آذناك امّا لأن هذا التوبيخ مسبوق بتوبيخ آخر مجاب بهذا الجواب او لأن معناه الإنشاء لا الاخبار بايذان قد كان انتهى وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ اى غاب عن المشركين الآلهة التي كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة او ظهر عدم نفعهم فكان حضورهم كغيبتهم وَظَنُّوا اى أيقنوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ مهرب وبالفارسية ويقين دانند كه إذ عذاب وعقوبت نيست ايشانرا هيچ كريز كاهى من حاص يحيص حيصا ومحيصا إذا هرب وفى المفردات أصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفى القاموس حاص عنه عدل وحاد والمحيص المحيد والمعدل والميل والمهرب والظن معلق عنه بحرف النفي والتعليق ان يوقع بعده ما ينوب عن المفعولين جميعا وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى ينادى فيقول اين شركائى الذين كانوا يرون انهم يخلقون

[سورة فصلت (41) : آية 49]

أفعالهم وأعمالهم قالوا آذناك ما منا من شهيد يشهد أنه خالق فعله وكوشفوا بأنه لا خالق الا الله وهم المعتزلة وقد سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى وذلك لأن اهل الاعتزال مشركون بقولهم ان العباد خالقون لأفعالهم وقد قال تعالى ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا اى يوحدوا ويقولوا لا خالق الا الله ولا وجود فى الحقيقة الا لله وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يدعون من قبل ان له وجودا وزال وبطل (ع) چهـ كونه غير تو بيند كسى كه غير تو نيست وأيقنوا مالهم من مهرب الى الله عند قيام الساعة بتجلى صفة القهارية ولو كانوا ارباب اللطف فى الدنيا لنالوا لطفه فى العقبى فعلى العاقل ان يهرب ويفر الى الله تعالى كما قال ففروا الى الله فاذا فر اليه انس به والأنيس لا يخاف من قهر الأنيس إذ هو على الملاطفة معه على كل حال قال ذو النون المصري قدس سره ركبنا مرة فى مركب وركب معناشاب صبيح وجهه مشرق فلما توسطنا فقد صاحب المركب كيسافيه مال ففتش كل من فى المركب فلما وصلوا الى الشاب ليفتشوه وثب وثبة من المركب حتى جلس على امواج البحر وقام له الموج على مثال السرير ونحن ننظر اليه من المركب وقال يا مولاى ان هولاء اتهموني وانى اقسم عليك يا حبيب قلبى ان تأمر كل دابة فى هذا المكان ان تخرج رأسها وفى أفواهها جواهر قال ذو النون فماتم كلامه حتى رأينا دواب البحر امام المركب قد أخرجت رؤوسها وفى فم كل واحدة منها جوهرة تتلألأ وتلمع ثم وثب الشاب من الموج الى البحر وجعل يتبختر على وجه الماء ويقول إياك نعبد وإياك نستعين حتى غاب عن بصرى فحملنى هذا على السياحة وذكرت قوله عليه السلام لا يزال فى أمتي ثلاثون قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن وكلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه واحدا ظهر من هذه الحكاية أن الله تعالى تجلى لذلك الشاب بصفة اللطف فسلم من قهر البحر وذلك لتحققه بحقيقة قوله إياك نعبد فانه ان اختصاص العبادة يحصل اختصاص التوحيد وبالتوحيد الحقانى يزول كل ما كان من طريق القهر لأن من قهر وجوده لا يقهر مرة اخرى ولما شاهد ذو النون هذه الحال من الشاب لأنها حال تنافى حال اهل الدنيا (كما قال الشيخ المغربي) هيچ كس كر چهـ ز حالى نيست خالى در جهان ... ليكن اين حالى كه ما را هست حال ديكر است سلك طريق اللطف وساح فى الأرض حتى وصل الى اللطيف الخبير لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ اى لا يمل ولا يضجر وبالفارسية ملول نميشود كافر فهذا وصف للجنس بوصف غالب افراده لما أن اليأس من رحمة الله لا يتأتى الا من الكافر وسيصرح به مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ اى من دعائه الخير وطلبه السعة فى النعمة واسباب المعيشة فحذف الفاعل وأضيف الى المفعول والمعنى أن الإنسان فى حال اقبال الخير اليه لا ينتهى الى درجة الا ويطلب الزيادة عليها ولا يمل من طلبها ابدا وفيه اشارة الى أن الإنسان مجبول على طلب الخير بحيث لا تتطرق اليه السآمة فبهذه الخصلة بلغ من بلغ رتبة خير البرية وبها بلغ من بلغ دركة شر البرية وذلك لأنه لما خلق لحمل الامانة التي اشفق منها البرية وأبين ان يحملنها وهى عبارة عن الفيض الإلهي بلا واسطة وذلك فيض لا نهاية له فاحملها احتاج الإنسان الى طلب غير متناه فطلب بعضهم هذا الطلب

[سورة فصلت (41) : الآيات 50 إلى 54]

فى تحصيل الدنيا وزينتها وشهواتها واستيفاء لذاتها فما سئم من الطلب وصار شر البرية (قال الحافظ) تا كى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست ز خوبى كه شود عاشق زشتى وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ اى العسر والضيق فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ اى يبالغ فى قطع الرجاء من فضل الله ورحمته وبالفارسية واگر برسد ويرا بدى چون تنكى وتنكدستى وبيمارى پس نوميدست از راحت اميد برنده از رحمت والقنوط عبارة عن يأس مفرط يظهر اثره فى الشخص فيتضاءل وينكسر فبهذا ظهر الفرق بين اليأس والقنوط وفى التأويلات النجمية وان مشه الشر وهو فطامه عن مألوفات نفسه وهواه فيؤوس قنوط لا يرجو زوال البلايا والمحن لعدم علمه بربه وانسداد الطريق على قلبه فى الرجوع الى الله ليدفع عنه ذلك (قال الحافظ) سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند وفيه اشارة الى أن الإنسان لا يدعو عارفا بربه طاعة لربه بل لتحصيل مراده واربه ولهذا وقع فى ورطة الفرار واليأس عند ظهور اليأس وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا من عندنا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ اى أصابته وذلك بتفريج تلك الضراء عنه كالمرض والضيق بالرحمة كالصحة والسعة لَيَقُولَنَّ هذا الخير لِي اى حقى وصل الى لأنى استحقه لمالى من الفضل وعمل البر فاللام للاستحقاق اولى لا لغيرى فلا يزول عنى ابدا فاللام للاختصاص فيكون اخبارا عن لازم الاستحقاق لاعن نفسه كما فى الوجه الاول ومعنى الدوام استفيد من لام الاختصاص لأن ما يختص بأحد الظاهر انه لا يزول عنه فذلك المسكين لم ير فضل الله وتوفيقه فادعى الاستحقاق فى الصورة الاولى واشتغل بالنعمة عن المنعم وجهل أن الله تعالى أعطاه ليبلوه أيشكر أم يكفر فلو أراد لقطعها منه وذلك فى الصورة الثانية وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً اى تقوم وتحضر وتكون فيما سياتى كما يزعم محمد وَلَئِنْ رُجِعْتُ رددت إِلى رَبِّي على تقدير قيامها وبعثت وهو الذي أرادوا بقولهم ان نظن إلا ظنا فلا يخالف وما أظن الساعة قائمة لأن المراد الظن منه الكامل إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى وهو جواب القسم لسبقه الشرطية اى للحالة الحسنى من الكرامة يعنى استحقاق من مر نعمت وكرمت را ثابت است خواه در دنيا خواه در عقبا (ع) زهى تصور باطل زهى خيال محال اعتقد أن ما أصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه لها وان نعم الآخرة كذلك لأن سبب الإعطاء متحقق فى الآخرة ايضا وهو استحقاقه إياها فقاس امر الاخرة على امر الدنيا بالوهم المحض والامنية الكاذبة وعن بعضهم للكافر أمنيتان يقول فى الدنيا ولئن رجعت إلخ وفى الآخرة يا ليتنى كنت ترابا وهيچكدام از ين معنى وجودى نخواهد كرفت وعن بعض اهل التفسيران لى عنده للحسنى اى الجنة يقول ذلك استهزاء فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا اى لنعلمنهم بحقيقة أعمالهم حين أظهرناها بصورها الحقيقية فيرون انها مقابح يهان عليها لا محاسن يكرم عليها وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ لا يعرف كنهه ولا يمكنهم التفصى منه كأنه لغلظته يحيط بجميع جهانهم وقد كان معذبا فى الدنيا بعذاب

[سورة فصلت (41) : آية 51]

الطرد والبعد ولكن لمالم يجد ذوق العذاب وألمه اذاقه الله تعد انتباهه من نومة غفلته اى بعد الموت لقول على كرم الله وجهه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا وفى بحر العلوم غليظ اى شديد او عظيم ومن ابتدائية او بيانية والمبين محذوف كأنه قيل ولنذيقنهم عذابا مهينا من عذاب كبير بدل ما اعتقدوه لانفسهم من الإكرام والإعزاز من الله تعالى يقول الفقير يجوز ان يقال وصف العذاب بالغلظة لغلظة بدن المعذب به قال حضرة الشيخ صد الدين القنوى قدس سره الغالب على الأشقياء خواص التركيب ولكثافة كما أشار اليه عليه السلام بقوله ان غلظ جلد الكافر يوم القيامة مسيرة ثلاثة ايام وكما نبه الحق على ذلك بقوله كلا ان كتاب الفجار لفى سجين وهو العالم السفلى المضاف الى اليد المسماة بالقبضة وبالشمال ايضا وقال فى اصحاب اليمين كلا ان كتاب الأبرار لفى عليين وهذا مثل قوله والسموات مطويات بيمينه والسر فى أن الأبرار وكتابهم فى عليين هو ان اجزاء نشأتهم الكثيفة وقواهم الطبيعة المزاجية تجوهرت وزكت واستحالت بالتقديس والتزكية الحاصلين بالعلم والعمل والتحلية بالصفات المحمودة والأخلاق السنية قوى وصفات ملكية ثابتة زكية ذاتية لنفوسهم المطمئنة كما اخبر الحق عن ذلك بقوله فى بيان احوال النفوس قد أفلح من زكاها وكما أشار اليه عليه السلام فى دعائه اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها والحال فى الأشقياء بعكس ذلك فان قواهم وصفاتهم الروحانية لما استهلكت فى القوى الطبيعة المتصفة باحكام اعتقاداتهم وظنونهم الفاسدة وأفعالهم الرديئة واخلاقهم المذمومة زمان بقائهم السنين الكثيرة فى هذه النشأة وهذه الدار ركبها الحق فى النشأة الحشرية بحيث يحصل منها ما اقتضى ان يكون غلظ جلد بدن أحدهم مسيرة ثلاثة ايام عكس ما نبهت عليه من حال الأبرار ولهذا ورد فى شأن النشأة الجنانية أن أصحابها يظهرون فى الوقت الواحد فى الصور المتعددة منعمين فى كل طائقة من أهاليهم منقلبين فيما اشتهوا من الصور وليس هذا الا من أجل ما ذكرنا من استهلاك اجزاء نشأتهم الكثيفة فى لطائف جواهرها وانصباغها بصفاتها وغلبة خواص نفوسهم وقواهم الروحانية على قوى أمزجتهم الطبيعية فصاروا كالملائكة يظهرون فيما شاؤا من الصور بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ اى عن الشكر على انعامه وهذا نوع آخر من طغيان الكافر إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة وكأنه لم يلق شدة قط فنسى المنعم وكفر بنعمته بترك الشكر وَنَأى بِجانِبِهِ الناى دور شدن ويعدى بنفسه وبعن كما فى تاج المصادر اى تباعد بكليته عن الشكر لا بجانبه فقط ولم يمل الى الشكر والطاعة تكبرا وتعظما فالجانب مجاز عن النفس كما فى قوله تعالى فى جنب الله ويجوز ان يراد به عطفه فيكون على حقيقية وعبارة عن الانحراف والازورار لأن نأى الجانب عن الشكر يستلزم الانحراف عنه كما قالوا ثنى عطفه وتولى بركنه فالباء للتعدية وفى التأويلات النجمية إذا خلناه الى الطبيعة الانسانية وهى الظلومية والجهولية لا يميز بين العطاء والبلاء فكثير مما يتوهمه عطاء وهو مكر واستدراج هو يسديمه وكثير مما هو فضل فى نقمة وعطاء فى الشر وهو يظنه بلاء فيكرهه بل إذا أنعمنا

[سورة فصلت (41) : آية 52]

عليه صاحبه بالبطر وإذا ابليناه قابله بالضجر بل وإذا أنعمنا عليه اعجب بنفسه فتكبر مختالا فى زهوه لا يشكر ربه ولا يذكر فضله ويشتغل بالنعمة عن المنعم ويتباعد عن بساط طاعته فكالمستغنى عنايهيم على وجهه (قال الحافظ) ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ اى إذا مس هذا الإنسان المعرض المتكبر جنس الشر كالبلاء والمحنة وانما جيىء بلفظ الماضي وإذا لأن المراد الشر المطلق الذي حصوله مقطوع به فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ اى فهو ذو دعاء كثير كما يقال أطال فلان الكلام والدعاء واعرض اى اكثر فهو مستعار مماله عرض متسع للاشعار بكثرته فان العريض يكون ذا اجزاء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض فانه يدل على التعظيم ومعنى الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض وهواى عريض ابلغ من طويل إذا لطون أطول الامتدادين فاذا كان عرضه كذلك اى متسعا فما ظنك بطوله ولعن شأن بعض غير البعض الذي حكى عنه اليأس والقنوط إذ اليأس والقنوط ينافيان الدعاء لأنه فرع الطمع والرجاء او شأن الكل فى بعض الأوقات وقيل قنوط من الصنم دعاء لله او قنوط بالقلب ذعاء باللسان قُلْ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني لأن الرؤية سبب للاخبار إِنْ كانَ اى القرآن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ من غير نظرو اتباع دليل مع تعاضد موجبات الايمان به مِنْ استفهام أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ اى من أضل منكم فوضع الموصول موضع الضمير شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم وخلافهم بانه لكونهم فى شقاق بعيد فان من كفر بما نزل من عند الله بان قال أساطير الأولين ونحوه فقد كان مشاقا لله اى معاديا ومخالفا له خلافا بعيدا عن الوفاق ومعاداة بعيدة عن الموالاة ولا شك أن من كان كذا فهو فى غاية الضلال وفى الاية اشارة الى أن كل بلاء وعناء ونعمة ورحمة ومضرة ومسرة ينزل بالعبد فهو من عند الله فان استقبله بالتسليم والرضى صابرا شاكرا للمولى فى الشدة الرخاء والسرآء والضراء فهو من المهتدين المقربين وان استقبله بالكفر والجزع بالخذلان فهو من الأشقياء المبعدين المضلين وفى الحديث القدسي إذا وجهت الى عبد من عبيدى مصيبة فى بدنه او ماله او ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة ان انصب له ميزانا وانشر له ديوانا وفى الحديث إذا أحب الله عبدا ابتلاه إذا أحبه حبا شديدا افتناه فان صبر ورضى اجتباه قيل يا رسول الله وما افتناؤه قال ان لا يبقى له مالا ولا ولدا قال بعض الكبار النعمة توجب الاعراض كما قال الله تعالى وإذا أنعمنا على الإنسان إلخ ومس الضر يوجب الإقبال على الله كما قال الله تعالى وإذا مسه الشر إلخ فالله تعالى رحيم على العبد بدفع النعمة والصحة عنه لأنها مظنة الاعراض والبلاء للولاء كاللهب للذهب فالبلاء كالنار فكما أن النار لا تبقى من الحطب شيئا الا وأحرقته فكذا البلاء لا يبقى من ضر الوجود شيئا فالطريق الى الله على جادة المحنة اقرب من جادة المنحة إذ الأنبياء والأولياء جاؤا وذهبوا من طريق البلاء وقد ثبت أن النار لا ترتفع من الدنيا ابدا فكيف يؤمل العاقل الراحة فى الدنيا فهى دار محنة وقد ورد الدنيا سجن المؤمن فالمؤمن لا يستريح فى الدنيا ولا يخلو من قلة او علة او ذلة وله راحة عظمى فى الآخرة والكافر خاسر فى الدنيا والآخرة فعلى العبد ان يمشى على الصراط السوي

[سورة فصلت (41) : آية 53]

ويخاف من الزلق ومن مكر الله تعالى (قال لحافظ) چهـ جاى من كه بلغزد سپهر شعبده باز ... از ين حيل كه در انبانه بهانه يست سَنُرِيهِمْ زود باشد كه بنمايم ايشانرا يعنى كفار قريش را آياتِنا الدالة على حقيقة القرآن وكونه من عند الله فِي الْآفاقِ جمع أفق وهى الناحية من نواحى الأرض وكذا آفاق السماء نواحيها وأطرافها والآفاق ما خرج عنك وهو العالم الكبير من الفرش الى العرش والأنفس ما دخل فيك وهو العالم الصغير وهو كل انسان بانفراده والمراد بالآيات الآفاقية ما خبرهم النبي عليه السلام من الحوادث الآتية كغلبة الروم على فارس فى بضع سنين وآثار النوازل الماضية الموافقة لما هو المضبوط المقرر عند اصحاب التواريخ والحال انه عليه السلام أمي لم يقرأ ولم يكتب ولم يخالط أحد او ما يسر الله له ولخلفائه من الفتوح والظهور على آفاق الدنيا والاستيلاء على بلاد المشارق والمغارب على وجه خارق للعادة إذ لم يتيسر أمثالها لاحد من خلفاء الأرض قبلهم وَفِي أَنْفُسِهِمْ هو ما ظهر فيما بين اهل مكة من القحط والخوف وما حل بهم يوم بدر ويوم الفتح من القتل والمقهورية ولم ينقل إلينا أن مكة فتحت على يد أحد قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا قتل أهلها واسرهم وقيل فى الآفاق اى فى أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم وما يترتب عليها من الليل والنهار والاضواء والضلال والظلمات ومن النبات والأشجار والأنهار وفى أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة فى تكوين الاجنة فى ظلمات الأرحام وحدوث الأعضاء العجيبة والتراكيب الغريبة كقوله تعالى وفى أنفسكم أفلا تبصرون واعتذر بان معنى السين مع أن إراءة تلك الآيات قد حصلت قبل ذلك انه تعالى سيطلعهوم على تلك لايات زمانا فزمانا ويزيدهم وقوفا على حقائقها يوما فيوما قالوا الآفاق هو العالم الكبير والأنفس هو العلم الصغير وهر چهـ از دلائل قدرت در عالم كبير است نمودار آن عالم صغير است وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر جميع آنچهـ در عالم است مفصلا در نشأن انسان است مجملا بل انسان عالم صغير عالم مجملست از روى صورت وعالم انسان كبير اما از روى قدرت مرتبه انسان كبيرست وعالم انسان صغير اى آنكه تراست ملك إسكندر وجم ... از حرص مباش در پى نيم درم عالم همه در تست وليكن از جهل ... پنداشته تو خويش را در عالم فجسم الإنسان كالعرش ونفسه كالكرسى وقلبه كالبيت المعمور واللطائف القلبية كالجنان والقوى الروحانية كالملائكة والعينان والأذنان والمنخران والسبيلان والثديان والسرة والفم كالبروج الاثني عشر والقوة الباصرة والسامعة والذائقة والشامة واللامسة والناطقة والعاقلة كالكواكب السبعة السيارة وكما أن رياسة الكواكب بالشمس والقمر واحد هما يستمد من الآخر فكذلك رياسة القوى بالعقل والنطق وهو اى النطق مستمد من العقل وكما أن فى العالم الكبير ستين وثلاثمائة يوم فكذا فى الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل وكما أن للقمر ثمانية وعشرين منزلا يدور فيها فى كل شهر فكذا فى الفم ثمانية وعشرون مخرجا للحروف وكما أن القمر يظهر فى خمس عشرة ليلة ويخفى فى الباقي كذلك التنوين والنون الساكنة

يخفيان عند ملاقاتهما خمسة عشر حرفا وكما أن فى العالم الكبير أرضا وجبالا ومعادن وبحارا وأنهارا وجداول وسواقى فجسد الإنسان كالارض وعظامه كالجبال التي هى أوتاد الأرض ومخه كالمعادن وجوفه كالبحار وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول والسواقى وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وأنسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد وأصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولادته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف كهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والا سابيع كالفراسخ وأيامه كالاميال وأنفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كأنه يخطو خطوة الى اجله هر دم از عمر ميرود نفسى ... چون نكه ميكنم نماند بسى وله فى كل يوم اثنا عشر ألف نفس وفى كل ليلة كذلك فيوم القيمة ينظر فى كل نفس أخرجه فى غفلة عن ذكر الله فى اطول حسرة من مضى نفس من أنفاسه بالغفلة ثم الأرض سبع طباق ارض سوداء وغبراء وحمراء وصفرآء وبيضاء وزرقاء وخضرآء فنظائرها من الإنسان فى جسمه الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والقصب والعظام وهذه المرة السوداء بمنزلة الهواء لحرارته ورطوبته وهذا البلغم بمنزلة الماء لبرودته ولزوجته وكما أن المياه مختلفة فمنها الحلو والمالح والمنتن كذلك مياه بدن الإنسان هذا ماء العين ملح لأن العين شحمة ولولا ملوحة مائها لفسدت وهذا الريق عذب ولولا ذلك ما استعذب طعام ولا شراب وهذا الماء الذي فى صماخ الأذنين مر لأنهما عضوان مفتوحان لا انطباق لهما حتى أن نتن الماء يصد كل شىء عن اذنه ولو أن دودة دخلتهما لماتت لمرارة ذلك الماء ونتنه ولولا ذلك لوصل الديدان الى دماغه فافسده ثم فيه اخلاق جميع الحيوانات فهو كالملك من جهة المعرفة والصفاء وكالشيطان من جهة المكر والكدورة وكالاسد فى الجراءة والشجاعة وكالبهيمة فى الجهل وكالنمر فى الكبر وكالفهد والأسد فى الغضب وكالذئب فى الإفساد والاغارة وكالحمار فى الصبر وكذا كالحمار والعصفور فى الشهوة وكالثعلب فى الحيلة وكالفارة والنملة فى الحرص والجمع وكالكلب فى البخل وكذا فى الوفاة وكالخنزير فى الشره وكالحية فى الحقد وكالجمل فى الحلم وكذا فى الحقد وكالديك فى السخاوة وكالبوم فى الصناعة وكالهرة فى التواضع والتملق وكالغراب فى البكور وكالبازى والسلحفاة فى الهمة الى غير ذلك ويزيد على الجميع بالنظر ووجود التمييز والاستدلال بالشاهد على الغائب وانواع الحرف والصناعات فهذه كلها آيات الله تعالى فى أنفسنا فتبارك الله احسن الخالقين (قال الصائب) عجبتر از تو ندارد جهان تماشا كاه ... چرا بچشم تعجب بخود نظر نكنى (وقال) اى راز نه فلك ز وجودت عيان همه ... در دادن تو حاصل دريا وكان همه پيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... با آن علوم ومرتبه روحانيان همه

[سورة فصلت (41) : آية 54]

در كوش كرده خلقه فرمان پذير تست ... خاك وهوا وآتش وآب روان همه حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ بذلك أَنَّهُ الْحَقُّ اى القرآن او الرسول فالقصر المستفاد من تعريف المسند حقيقى ادعائى او الله او التوحيد فالقصر إضافي تحقيقي اى لا الشركاء ولا التشريك والضمائر فى سنريهم وفى أنفسهم ولهم للمشارفين على الاهتداء منهم او للجميع على أنه من وصف الكل بوصف البعض كما فى حواشى سعدى المفتى وجمعى ضمير را عائد بآدميان دارند يعنى بنمايم مردمانرا دلائل آفاقى وآيات انفسى فعبارة الآية مقام التوحيد واشارتها مقام التجريد والتفريد وظهور الحق فى مظاهر الآفاق والأنفس وتبينه بآيات توحيده المرئية فيهما توحيد واستقطاع التوحيد الموحد عن الالتفات الى الآفاق تجريد وعن النظر الى الأنفس تفريد لكن هذا التوحيد والتجريد والتفريد كونى لا الهى لأنه باعتبار ظهور الحق فى المظاهر الكونية دون الالهية ففوقها توحيد وتجريد وتفريد الهى باعتبار ظهور الحق فى مظاهر الالهية من مراتب التعينات الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية والكونى من الإلهي بمنزلة الظاهر من الباطن فمرتبة التعين ذاتيا اولا وصفاتيا ثانيا وافعاليا ثالثا مرتبة التوحيد ومرتبة اللاتعين الذي فوق التعين مطلقا مرتبة التجريد ومرتبة الجامعية بين المرتبتين مرتبة التفريد إذ الفرد الحقيقي الاولى جمعية المراتب الثلاث مطلقا وجميع العلوم والأعمال والآثار جمالية او جلالية شؤونات ذاتية مستجنة فى غيب الذات او لا وصور واعيان علمية ثابتة فى عرصة العلم ثانيا وحقائق موجودات عينية متحققة فى عرصة العين ولهذا التحقق العيني والوجود الخارجي خلق الله الأنفس والآفاق والسموات والأرضين والملأ الأعلى والأسفل حتى يكون المعلوم مرئيا ومشاهدا ويتم الأمر الإلهي الجمالي والجلالي والكمالي ويكمل مطلقا بالوجود العيني الخارجي حكمه الأزلي الابدى جلاء واستجلاء سر بحر بى كرانرا موج بر صحرا نهاد كنج مخفى آشكارا شد نهان آمد پديد أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ استئناف وارد لتوبيخهم على ترددهم فى شأن القرآن وعنادهم المحوج الى إراءة الآيات وعدم اكتفائهم باخباره تعالى والهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والباء مزيدة للتأكيد اى ألم يغن ولم يكف ربك أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ بدل منه اى الم يغنهم عن إراءة الآيات الموعودة المبينة لحقية القرآن ولم يكفهم فى ذلك انه تعالى شهيد على جمع الأشياء وقد اخبر بانه من عنده فعدم الكفاية معتبر بالنسبة إليهم كما يصرحه قوله تعالى أَلا كلمة تنبيه إِنَّهُمْ اى كفار مكة فِي مِرْيَةٍ شك عظيم وشبهة شديدة مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ بالبعث والجزاء فانهم استبعدوا احياء الموتى بعد ما تفرقت اجزاؤهم وتبددت أعضاؤهم وفيه اشارة الى أن الشك أحاط بجميع جوانبهم احاطة الظرف بالمظروف لاخلاص لهم منه وهم مستمرون دائمون فيه أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ الإحاطة ادراك الشيء بكماله اى عالم بجميع الأشياء جملها وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا يخفى عليه خافية منهم وهو مجاز بهم على كفرهم ومريتهم لا محالة ومرجع تأكيد العلم الى تأكيد الوعيد علم بى جهل وقدرت بى عجز ... خاص مر حضرت الهى راست

هر چهـ بايد در انفس وآفاق ... كند از حكم پادشاهى راست واحاطة الله سبحانه وتعالى عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب يلحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها والله اعلم بالحقائق واعلم ان الأشياء كلها قد اتفقت على الشهادة بوحدة خالقها وانه مظهرها من كتم العدم والمظهر لا يفارق المظهر فى معرفة ارباب البصائر فسبحان من هو عند كل شى ومعه وقبله ومن هاهنا قال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله معه وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله بعده وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله قبله فمنهم من يرى الأشياء به ومنهم من يراه بالأشياء والى الاول الاشارة بقوله او لم يكف بربك انه على كل شىء شهيد والى الثاني بقوله سنريهم آياتنا فى الآفاق فالاول صاحب مشاهدة ودرجة الصديقين والثاني صاحب استدلال ودرجة العلماء الراسخين فما بعدها الا درجة الغافلين المحجوبين وفى الآيات إشارات منها ان الخلق لا يرون الآيات الا بإراءة الله إياهم ومنها أن الله تعالى خلق الآفاق ونفس الإنسان مظهر آياته ومنها أنه ليس للآفاق شعور على الآيات وعلى مظهريتها للايات بخلاف الإنسان ومنها أن نفس الإنسان مرءاة مستعدة لمظهرية جميع آيات الله ومظهريتها بإراءة الحق تعالى بحيث يتبين له أنه الحق ويبين لغيره أنه الحق ومنها أن العوام يتبين لهم باختلاف الليل والنهار والأحداث التي تجرى فى احوال العالم واختلاف الأحوال التي تجرى عليهم من الطفولية الى الشيخوخة واختلاف احكام الأعيان مع اختلاف جواهرها فى التجانس وهذه هى آيات حدوث العالم واقتفاء المحدث بصفاته ومنها أن الخواص يتبين لهم ببصائر قلوبهم من شواهد الحق واختلاف الأحوال فى القبض والبسط والجمع والفرق والحجب والجذب والستر والتجلي والكشوف والبراهين وأنوار الغيب وما يجدونه من حقائق معاملاتهم ومنازلاتهم بإراءة الحق تعالى ومنها أن أخص الخواص بتبين لهم بالخروج من ظلمات حجب الانسانية الى نور الحضرة الربانية بتجلى صفات الجمال والحلال وكشف القناع الحقيقي عن العين والعيان ولهذا قال او لم يكف بربك اى بإراءة آياته وتعريف ذاته وصفاته بكشف القناع ورفع الأستار انه على كل شىء شهيد لا يغيب عن قدرته شىء وبقوله ألا انهم فى مرية من لقاء ربهم يشير الى أن اهل الصورة لقى شك من تجويز ما يكاشف به اهل الحقيقة من انواع المشاهدات والمعاينات الا انه بكل شىء محيط وهو قادر على التجلي لكل شىء كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم إذا تجلى الله لشىء خضع له تمت سورة حم السجدة فى العشر العاشر من العشر الاول من صفر الخير من سنة ثلاث عشرة ومائة والف

سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى

سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم حم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم وذوات حاميم السور المفتتحة بها ولا تقل حواميم وقد جاء فى شعر وهو اسم الله الأعظم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبري أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليماني رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الا له ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اله المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلي رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الأرض يجبى إليهما الخزائن يخسف بهما وفى رواية باهلهما فلهما اسرع ذهابا فى الأرض من الوتد الحديد فى الأرض الرخوة قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان أحدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وأرجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبي والقشيري أن النبي عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الخزن والملالة فقيل يا رسول الله ما أحزنك قال أخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التي فى او آئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان وأربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه

[سورة الشورى (42) : آية 3]

قد صح أن الدجال متأخر عن المهدى وان المهدى يخرج على رأس لمائة الثالثة او على اربعة ومائتين فيقع قبيل ظهور المهدى الطامات الكبرى وقال عطاء الحاء حرب وهو موت ذريع فى الناس وفى الحيوان حتى يبيدهم ويفنيهم والميم تحويل ملك من قوم الى قوم والعين عدو لقريش يقصدهم ثم ترجع إليهم الدولة لحرمة البيت والسين هو استئصال بالسنين كسنى يوسف عليه السلام وسبى يكون فيهم والقاف قدرة الله نافذة فى ملكوت الأرض لا يخرجون من قدرة الله وهى نافذة فيهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما الحاء حكم الله والميم ملك الله والعين علو الله والسين سنا الله والقاف قدرة الله اقسم الله بها فكأنه يقول فبحكمى وملكى وعلوى وسناى وقدرتى لا أعذب عبدا قال لا اله الا لله مخلصا فلقينى بها ومعناه على ما قال ابو الليث فى تفسيره لا يعذبه عذابا دائما خالدا وفى الحديث افتتحوا صبيانكم لا اله الا الله ولقنوا امواتكم لا اله الا الله والحكمة فى ذلك أن حال الصبيان حال حسن لا غل ولا غش فى قلوبهم وحال الموتى حال الاضطرار فاذا قلتم فى أول ما يجرى عليكم القلم وآخر ما يجف عليكم القلم فعسى الله ان يتجاوز ما بين ذلك ويقال الحاء من الرحمن والميم من المجيد والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر ويقال الحاء حلمه والميم مجده والعين عظمته والسين سناه والقاف قدرته ويقال ان القاف اسم لجبل يحيط بالدنيا در كشف اسرار آورده كه اين حروف ايمائيست بان عطايا كه حق سبحانه وتعالى بحضرت رسالت ارزانى داشت حاء حوض مورود اوست يعنى حوض كوثر كه تشنه لبان امت را از ان سيراب كردانند وميم ملك ممدود او كه از مشرق تا بمغرب بتصرف امت او درآيد وعين عز موجود او كه أعز همه اشيا نزد حق سبحانه بوده وسين سناء مشهود او كه مرتبه هيچكس برتبه رفعت او همه نرسيد وقاف مقام محمود او كه در شب معراج درجه او ادناست ودر روز قيامت شفاعت كبرى مقام تو محمود ونامت محمد ... بدين سان مقامى ونامى كه دارد وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بحاء حبه وميم محبوبه محمد وعين عشقه على سيده وقاف قريه الى سيده بكمال لا يبلغه أحد من خلقه يقول الفقير الحاء هو الحجر الأسود والميم مقام ابراهيم والعين عين زمزم والسين والقاف سقياها فمن استلم الحجر الأسود سادسيادة معنوية ومن صلى خلف المقام أكرم الله بالخلة ومن دعا عند زمزم اجابه الله ومن شرب من زمزم سقاه الله شرابا طهورا لا يبقى فيه وجعا ولا مرضا كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الكاف فى حيز النصب على أنه مفعول ليوحى والجلالة قاعله اى مثل ما فى هذه السورة من المعاني يوحى الله العزيز الحكيم إليك فى سائر السور والى من قبلك من الرسل فى كتبهم على ان مناط المماثلة هو الدعوة الى التوحيد والإرشاد الى الحق وما فيه صلاح العباد فى المعاش والمعاد ويجوز ان يكون الكاف فى حيز النصب على انه نعت لمصدر مؤكد ليوحى اى مثل ايحاء هذه السورة يوحى الله العزيز الحكيم إليك عند ايحاء سائر السور والى سائر الرسل عند ايحاء كتبهم إليهم لا ايحاء مغايرا على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك وانما ذكر بلفظ المضارع مع أن مقتضى المقام ان يذكر بلفظ الماضي ضرورة ان الوحى الى الذين من قبله

[سورة الشورى (42) : الآيات 4 إلى 5]

قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون إيذانا ان الماضي والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشي والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلوشان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلوية والسفلية خلقا وملكا وعلما وَهُوَ الْعَلِيُّ الشان الْعَظِيمُ الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول إذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذي يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الأنبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق أمته والشيخ عظيم فى حق مريده والأستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى تَكادُ السَّماواتُ نزديك شد كه آسمانها يَتَفَطَّرْنَ التفطر شكافته شدن واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته وإجلاله كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله مِنْ فَوْقِهِنَّ اى يبتدىء التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن أعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر او لا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى أسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الأرض إذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الأجسام ملتبسين بحمده تعالى يعنى تسبيح وحمد با هم ميكويند چهـ يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم أشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى ويسغفرون للذين آمنوا فالمطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعي فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والإلهام وترتيب الأسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى الحديث ما فيها موضع اربع أصابع الا وملك واضع جبهته ساجد الله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى أوائل حم المؤمن الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى

[سورة الشورى (42) : الآيات 6 إلى 11]

من عداهم فلعله من باب الترقي لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار أَلا اعلموا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ يغفر ذنوب المقبلين الرَّحِيمُ يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذ لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله ما لا يعلمون ومن عظم افترائهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها أنوار قدرته وأدخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ شركاه وأندادا واشركوهم معه فى العبادة اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ رقيب على أحوالهم وأعمالهم مطلع ليس بغافل فيجازيهم لا رقيب عليهم الا هو وحده ومعنى الحفيظ بالفارسية نكهبان وقال فى المفردات معناه محفوظ لا يضيع كقوله علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ بموكول اليه أمرهم حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم وانما وظيفتك الانذار وتبليغ الاحكام وفيه اشارة الى ان كل من عمل بمتابعة هواه وترك لله حدا او نقض له عهدا فهو متخذ الشياطين اولياء لانه يعمل باوامرهم وأفعاله موافقة لطباعهم الله حفيظ عليهم باعمال سرهم وعلانيتهم ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم وما أنت عليهم بوكيل لتمنعهم عن معاملاتهم فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله اولياء بل يتفرد بمحبة الله وولايته كما قال تعالى قل الله ثم ذرهم حتى يتولاه فى جميع أموره وما أحوجه الى أحد سواه وقال الأستاذ ابو على الدقاق قدس سره ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء فقالوا له فى ولايتك رجل صالح يسمى سهل ابن عبد الله لو دعالك لعل الله يستجيب له فاستحضره فقال ادع الله لى فقال كيف يستجاب دعائى فيك وفى حبسك مظلومون فاطلق كل من حبسه فقال سهل اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفى فعرض ما لا على سهل فأبى ان يقبله فقيل له لو قبلته ودفعته الى الفقراء فنظر الى الحصباء فى الصحراء فاذا هى جواهر فقال من يعطى مثل هذا يحتاج الى مال يعقوب بن الليث فالمعطى والمانع والضار والنافع هو الله الولي الوكيل الذي لا اله غيره نقش او كردست ونقاش من اوست ... غير اگر دعوى كند او ظلم جوست وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا ذلك اشارة الى مصدر أوحينا ومحل الكاف النصب

على المصدرية وقرءانا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الإيحاء البديع البين المفهم أوحينا إليك ايحاء لا ليس فيه عليك وعلى قومك (وقال الكاشفى) وهمچنانكه وحي كرديم بهر پيغمبر بزبان قوم او ووحي كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تا كه فهم حاصل شود لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير إصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالأم وسميت مكة أم القرى تشريفا لها وإجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام إبراهيم ولما روى من أن الأرض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الأمهات وَمَنْ حَوْلَها من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الأرض كلها وبذلك فسره البغوي فقال قرى الأرض كلها وكذا القشيري حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الأرض پس همه اهالى بلاد بر حوالى ويند قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار نفسه الشريفة لانها أم قرى نفوس آدم وأولاده لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذي تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال أول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الأرواح والنفوس ولهذا المعنى قال آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة فالمعنى كما يوحى إليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الأمم كذلك أوحينا قرءانا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءان العربي لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقال عليه السلام بعثت الى الخلق كافة مه طلعتى كه بر قد قدرش بريده اند ... ديباى قم فانذر وإستبرق دنا وَتُنْذِرَ اهل مكة ومن حولها يَوْمَ الْجَمْعِ اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الأولين والآخرين واهل السموات واهل الأرض والأرواح والأشباح والأعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالى لتنذر يوم التلاق لا رَيْبَ فِيهِ اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزاء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه فَرِيقٌ وهم المؤمنون فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ وهم الكافرون فِي السَّعِيرِ اى النار سميت بها لالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتداء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الأرواح والأجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات

[سورة الشورى (42) : آية 8]

الطاعات وحلاوات العبادات وتنعمات القربات وفريق فى سعير النفوس وظلمات المعاصي وعقوبات الشرك والجحود فكذلك غدا فريق هم اهل اللقاء فريق هم اهل الشقاء والبلاء وفى الحديث ان الله خلق للجنة خلقا وهم فى أصلاب آبائهم وعنه عليه السلام ان الله خلق الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء فاهل الجنة أهلها واهل النار أهلها وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى يده كتابان وفى رواية خرج ذات يوم قابضا على كفيه ومعه كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول الله فقال للذى فى يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل ان يستقروا نطفا فى الأصلاب وقبل ان يستقروا نطفا فى الأرحام إذ هم فى الطينة منجدلون فليس بزآئد فيهم ولا بناقص منهم إجمال من الله عليهم الى يوم القيامة فقال عبد الله بن عمرو ففيم العمل إذا فقال اعملوا وسددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل اهل الجنة وان عمل اى عمل وان صاحب النار يختم له بعمل اهل النار وان عمل اى عمل ثم قال فريق فى الجنة وفريق فى السعير عدل من الله تعالى قوله سددوا وقاربوا اى اقصدوا السدادى الصواب ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم فى العبادة لئلا يفضى ذلك بكم الى الملال فتتركوا العمل كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي ونظيره قوله عليه السلام ان هذا الدين يسرو لن يشاد الدين أحد الا غلبه يعنى ان الدين يشتمل على اعمال سهلة فمن تكلف والتزم فى عبادات شاقة وتكلفات لربما لم يتيسر إقامتها عليه فتغلب عليه فالكسب طريق الجنة ولا بد منه وان علم أنه من اهل الجنة كسب را همچون زراعت دان عمو ... تا نكارى دخل نبود آن تو وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ اى فى الدنيا والضمير لجميع الناس المشار إليهم بالفريقين أُمَّةً واحِدَةً فريقا واحدا وجماعة واحدة مهتدين او ضالين وهو تفصيل لما أجمله ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله على دين واحد وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ ان يدخله فِي رَحْمَتِهِ وجنته ويدخل من يشاء ان يدخله فى عذابه ونقمه ولا ريب فى أن مشيئته تعالى لكل من الادخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله ومن ضرورة اختلاف الرحمة والعذاب اختلاف حال الداخلين فيهما قطعا فلم يشأ جعل الكل امة واحدة بل جعلهم فريقين وَالظَّالِمُونَ اى المشركون ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ اى مالهم ولى ما يلى أمرهم ويغنيهم وينفعهم فمن مزيدة لاستغراق النفي وَلا نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه وفيه إيذان بان الإدخال فى العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى كما فى الإدخال فى الرحمة قال سعدى المفتى فى حواشيه لعل تغيير المقابل حيث لم يأت المقابل ويدخل من يشاء فى نقمته بل عدل الى ما فى النظم للمبالغة فى الوعيد فان فى نفى من يتولاهم وينصرهم فى دفع العذاب عنهم دلالة على ان كونهم فى العذاب امر معلوم مفروغ عنه وايضا فيه سلوك طريق وإذا مرضت فهو يشفين وايضا ذكر السبب الأصلي فى جانب الرحمة ليجتهدوا فى الشكر

[سورة الشورى (42) : آية 9]

والسبب الظاهري فى جانب النقمة ليرتدعوا عن الكفر وفى التأويلات النجمية ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة كالملائكة المقربين لا يعصون الله ما أمرهم الآية او جعلهم كالشياطين المبعدين المطرودين المتمردين ولكن الحكمة الالهية اقتضت ان يجعلهم مركبين من جوهر الملكي والشيطاني ليكونوا مختلفين بعضهم الغالب عليه الوصف الملكي مطيعا لله تعالى وبعضهم الغالب عليه الوصف الشيطاني متمردا على الله تعالى ليكونوا مظاهر صفات لطفه وقهره مستعدين لمرء آتية صفات جماله وجلاله متخلقين بأخلاقه وهذا سر قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ومن هاهنا قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ويدل على هذا التأويل قوله ولكن يدخل من يشاء فى رحمته اى ليكون مظهر صفات لطفه والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير اى ليكونوا مظاهر صفات قهره أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة وما فيها من بل للانتقال من بيان ما قبلها الى بيان ما بعدها والهمزة لانكار الوقوع ونفيه على ابلغ وجه وأكده لا لانكار الواقع واستقباحه كما قيل إذ المراد بيان أن ما فعلوا أليس من اتخاذ الأولياء فى شىء لأن ذلك فرع كون الأصنام اولياء وهو أظهر الممتنعات اى بل اتخذوا متجاوزين الله اولياء من الأصنام وغيرها لاف دوستى ايشان مى زند هيهات فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ جواب شرط محذوف كأنه قيل بعد ابطال ولاية ما اتخذوه اولياء ان أرادوا اولياء فى الحقيقة فالله هو الولي الذي يجب ان يتولى ويعتقد أنه المولى والسيد لاولى سواه وهو متولى الأمور من الخير والشر والنفع والضر (قال فى كشف الاسرار) الله اوست كه يار فرياد رس است قال سعد المفتى ولك ان تحمل الفاء على السببية الداخلة على السبب لكون ذكره مسببا عن ذكر السبب فانحصار الولي فى الله سبب لانكار اتخاذ الأولياء من دون الله كما يجوز ان يقال أتضرب زيدا فهو أخوك على معنى لا ينبغى ان تضربه فانه أخوك وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى اى من شأنه ذلك ليس فى السماء والأرض معبود يحيى الموتى غيره وهو قول ابراهيم عليه السلام ربى الذي يحيى ويميت ولما نزل العذاب بقوم يونس عليه السلام لجأوا الى عالم فيهم كان عنده من العلم شىء وكان يونس ذهب مغاضبا فقال لهم قولوا يا حى حين لا حى يا حى محيى الموتى يا حى لا اله الا أنت فقالوها فكشف عنهم العذاب يقول الفقير سره أن الله تعالى انما يرسل العذاب للاماتة والإهلاك وفى الحي والمحيي ما يدفع ذلك إذ لا تجتمع الحياة والموت فى محل واحد وفيه اشارة الى غلبة الرحمة والشفقة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو الحقيق بان يتخذ وليا فليتحصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شىء اوست قادر بحكم كن فيكون ... غير او جمله عاجزند وزبون عجز را سوى قدرتش ره نيست ... عقل ازين كارخانه آگه نيست وفى التأويلات النجمية وهو يحيى الموتى اى النفوس والقلوب الميتة ويميت النفوس والقلوب اليوم وغدا وهو على كل شىء قدير من الإيجاد والاعدام وقال الواسطي رحمه الله يحيى القلوب بالتجلى ويميت الأنفس بالاستتار وقال سهل لا يحيى النفوس حتى تموت اى من أوصافها

[سورة الشورى (42) : الآيات 10 إلى 11]

وقال بعضهم فيه شكاية من المشغولين بغيره الباقين فى حجاب الوسائط يعرض نفسه بالجمال والحلال على المقصرين ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم الى محبته وعشقه ويحييها بنور أنسه وسنا قدسه فلا بد للمرء من الاجتهاد والتضرع الى رب العباد ليصل الى المطلوب ويعانق المحبوب (قال فى المثنوى) پيش يوسف نازش وخوبى مكن ... جز نياز واه يعقوبى مكن از بهاران كى شود سرسبز سنك ... خاك شو با كل بروى رنك رنك سالها تو سنك بودى دلخراش ... آزمون را يك زمانى خاك باش ففى هذا الفناء حياة عظيمة ألا ترى أن الأرض تموت عن نفسها وقت الخريف فيحييها الله تعالى وقت الربيع بما لا مزيد عليه وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ حكاية لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين لقوله بعده ذلكم الله ربى إلخ اى ما خالفكم الكفار فيه من امور الدين فاختلفتم أنتم وهم فَحُكْمُهُ راجع إِلَى اللَّهِ وهو اثابة المحقين وعقاب المبطلين يوم الفصل والجزاء فعلى هذا لا يجوز ان يحمل على الاختلاف بين المجتهدين لأن الاجتهاد بحضرته عليه السلام لا يجوز وفى التأويلات النجمية يشير الى اختلاف العلماء فى شىء من الشرعيات والمعارف الالهية فالحكم فى ذلك الى كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام واجماع الامة وشواهد القياس او الى اهل الذكر كما قال تعالى فسئلوا اهل الذكران كنتم لا تعلمون ولا يرجعون الى العقول المشوبة بافة الوهم والخيال فان فيها للنفس والشيطان مدخلا بإلقاء الشبهات وادنى الشبهة فى التوحيد كفر وقد زلت أقدام جميع اهل الأهواء والبدع والفلاسفة عن الصراط المستقيم والدين القويم بهذه المزلة ذلِكُمُ الحاكم العظيم الشان وهو مبتدأ اللَّهِ خبر رَبِّي ومالكى لقب لله عَلَيْهِ خاصة لا على غيره تَوَكَّلْتُ فى كل أموري التي من جملتها رد كيد أعداء الدين وَإِلَيْهِ لا الى أحد سواه أُنِيبُ ارجع فى كل ما يعن لى من معضلات الأمور التي منها كفاية شرهم والنصر عليهم وحيث كان التوكل امرا وحدا مستمرا والانابة متعددة متجددة حسب تجدد موادها اوثر فى الاول صيغة الماضي وفى الثاني صيغة المضارع وفيه اشارة الى أنه إذا اشتغلت قلوبكم بحديث نفوسكم لا تدرون أبا لسعادة جرى حكمكم أم بالشقاوة مضى اسمكم فكلوا الأمر فيه الى الله واشتغلوا فى الوقت بامر الله دون التفكر فيما ليس لعقولكم سبيل الى معرفته وعلمه من عواقبكم فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر آخر لذلكم اى خالق الآفاق من العلويات والسفليات ويدخل فيه بطريق الاشارة الأرواح والنفوس جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ اى من جنسكم أَزْواجاً نساء وحلائل وبالفارسية چفتال وَمِنَ الْأَنْعامِ اى وجعل للانعام من جنسها أَزْواجاً او خلق لكم من الانعام أصنافا يعنى خلق كرد از چهار پايان صنفهاى كوناكون إكراما لكم لترتفقوا بها إذ يطلق الزوج على معنى الصنف كما فى قوله تعالى وكنتم أزواجا ثلثة او ذكورا وإناثا فانه يطلق على مجموع الزوجين وهو خلاف الفرد يَذْرَؤُكُمْ يكثركم ايها الناس والانعام من الذرء وهو البث قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه

الذرية مثلثة لنسل الثقلين فِيهِ اى فى هذا التدبير وهو جعل الناس والانعام أزواجا يكون بينهم توالد فاجتير فيه على به مع أن التدبير ليس ظرفا للبث والتكثير بل هو سبب لهما لأن هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهما ففيه تغليبان تغليب المخاطب على الغائب حيث لم يقل يذرأكم واياهن لأن الانعام ذكرت بلفظ الغيبة وتغليب العقلاء على غيرهم حيث لم يقل يذرأها وإياكم فان كم مخصوص بالعقلاء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ المثل كناية عن الذات كما فى قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة فى نفيه عنه فانه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وهذا لا يتوقف على ان يتحقق مثل فى الخارج بل يكفى تقدير المثل ثم سلكت هذه الطريقة فى شأن من لا مثل له والشيء عبارة عن الموجود وهو اسم لجميع المكونات عرضا كان او جوهرا وعند سيبويه الشيء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه موجودا او معدوما والمعنى ليس كذاته شىء من شأن من الشؤون التي من جملتها هذا التدبير البديع لأن ذاته لا يماثل ذات أحد بوجه من الوجوه ولا من جميع الوجوه لأن الأشياء كلها اما أجسام او اعراض تعالى ربنا عن ذلك ولا كاسمه اسم كما قال تعالى هل تعلم له سميا ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ ولمحال كل المحال ان تكون الذات القديمة مثلا للذات الحادثة وان يكون لها صفة حادثة كما استحال ان تكون للذات المحدثة صفة قديمة ذات ترا صورت او پيوندند ... تو بكس وكس بتو مانندند جل المهيمن ان تدرى حقيقته ... من لا له المثل لا تضرب له مثلا (وفى المثنوى) ذات او را در تصور كنج كو ... تا در آيى در تصور مثل او هذا ما عليه المحققون والمشهور عند القوم ان الكاف زائدة فى خبر ليس وشىء اسمها والتقدير ليس مثله شىء والا كان المعنى ليس مثل مثله شىء وهو محال قال بعضهم لعل من قال الكاف زائدة أراد أنه يعطى مغنى ليس مثله شىء غير انه آكد لما ذكر من انه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وقال بعضهم كلمة مثل هى الزائدة والتقدير ليس كهو شىء ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز فالوجه الرجوع الى طريق الكناية لأن القول بزيادة ما له فائدة جليلة وبلاغة مقبولة بعيد كل البعد قال فى بحر العلوم ومما يجب التنبه له ان المثل عبارة عن السماوات فى بعض الصفات لا فى جميعها كما زعم كثير من المحققين فانه سهو بدليل قول تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى الآية فانه ثبت مماثلته بالاشتراك والمساواة فى وصف البشرية فقط لا فى جميع الأوصاف كما لا يخفى للقطع بأن بينه وبينهم مخالفة بوجوه كثيرة من اختصاصه بالنبوة والرسالة والوحى الى غير ذلك ألا يرى ألى قوله يوحى الى كيف اثبت المخالفة بان خصصه بالايحاء اليه ذكرا فظهر أن ما ذكره الامام الغزالي رحمه الله من أن المثل عبارة عن المساوى فى جميع الصفات ليس كما ينبغى انتهى يقول الفقير انما جاء التخصيص من قبل قوله بشر كما فى قوله زيد مثل عمرو فى النحو والا فلو قال انا مثلكم لأفادت المماثلة فى جميع الصفات كما فى قوله زيد مثل عمرو اى من كل الوجوه قال الامام الراغب فى المفردات المثل عبارة عن المشابه لغيره فى معنى من المعاني اى معنى

كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك فى الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال تعالى ليس كمثله شىء انتهى وحيث ترى فى مرءاة القلب صورة او خطر بالخاطر مثال وركنت النفس الى كيفيته فليجزم بأن الله بخلافه إذ كل ذلك من سمات الحدوث لدخوله فى دائرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوقين المنزه عنهما الخالق ولقد اقسم سيد الطائفة الجنيد قدس سره بانه ما عرف الله الا الله وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم المثل ليس بزآئد عند اهل الحقيقة فان الهاء كناية عن الهوية الذاتية والمثل اشارة الى التجلي الإلهي والمعنى ليس كالتجلى الإلهي الذي هو أول التجليات شىء إذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة عليه قال الواسطي قدس سره امور التوحيد كلها خرجت من هذا الاية ليس كمثله شى لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق تعالى لا ينعت على أقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه المخلوق (قال الشيخ سعدى) نه بر اوج ذاتش برد مرغ وهم ... نه در ذيل وصفش رسد دست فهم توان در بلاغت بسحبان رسيد ... كنه در نه بيچون سبحان رسيد چهـ خاصان درين ره فرس رانده اند ... بلا احصى از تك فرو مانده اند وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ المبالغ فى العلم بكل ما يسمع ويبصر قال الزروقى السميع الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلامه وغيره والبصير الذي يدرك كل موجود برؤيته والسمع والبصر صفتان من صفاته المنعوتة نابتتان له تعالى كما يليق بوصفه الكريم ورده بعضهم للعلم ولا يصح انتهى قال الغزالي رحمه الله السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات والبصر عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت والمبصرات وسمع العبد قاصر فانه يدرك ما قرب لا ما بعد بجارحة وربما بطل السمع بعظم الصوت وانما حظ العبد منه امر ان أحدهما ان يعلم أن الله سميع فيحفظ لسانه والثاني ان يعلم أن الله لم يخلق له السمع الا ليسمع كلامه وحديث رسوله فيستفيد به الهداية الى طريق الله فلا يستعمل سمعه الا فيه واستماع صوت الملاهي حرام وان سمع بغتة فلا اثم عليه والواجب عليه ان يجتهد حتى لا يسمع لأنه عليه السلام ادخل إصبعه فى اذنه كما فى البزازية وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر على وجه التهديد وبصر العبد قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب منه وحظه الديني أمران ان يعلم أنه خلق له البصر لينظر الى الآيات الآفاقية والانفسية وان يعلم أنه بمرأى من الله ومسمع اى بحيث يراه ويسمعه فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن أنه لا يراه فما اكفره قال فى كشف الاسرار ثم قال وهو السميع البصير لئلا يتوهم أنه لا صفات له كما لا مثل له فقد تضمنت الآية اثبات الصفة ونفى التشبيه والتوحيد كله بين هذين الحرفين اثبات صفة من غير تشبيه ونفى تشبيه من غير تعطيل فمن نزل عن الإثبات

[سورة الشورى (42) : الآيات 12 إلى 17]

وادعى اتقاء التشبيه وقع فى التعطيل ومن ارتقى عن الظاهر وادعى اتقاء التعطيل حصل على التشبيه واخطأ وجه الدليل وعلى الله قصد السبيل وفى التأويلات النجمية أن قوما وقعوا فى تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحد والنهاية والكون والمكان وأقبح قولا منهم من وصفه بالجوارح والآلات وقوم وصفوه بما هو تشبيه فى الصفات فظنوا أن بصره فى حدقة وسمعه فى عضو وقدرته فى يد الى غير ذلك وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده فقالوا ما يكون من الحق قبيحا فمنه قبيح وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن فهؤلاء كلهم اصحاب التشبيه والحق تعالى مستحق التنزيه لا التشبيه محقق بالتحصيل دون التعطيل والتمثيل مستحق التوحيد دون التحديد موصوف بكمال الصفات مسلوب عن العيوب والنقصان لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الجواليقي فى كتابه المعرب المقليد المفتاح فارسى معرب لغة فى الاقليد والجمع مقاليد فالمقاليد المفاتيح وهى كناية عن الخزائن وقدرته عليها وحفظه لها وفيه مزيد دلالة على الاختصاص لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها (وقال الكاشفى) كليدهاى آسمانها وزمينها يعنى مفاتيح رزق چهـ خزانه آسمان مطر است وكنجينه زمين نبات قال ابن عطاء مقاليد الأرزاق صحة التوكل ومقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلوم فى الجوع ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى وقال بعضهم مقاليد سمواته ما فى قلوب ملائكته من احكام الغيوب ومقاليد ارضه ما أودع الحق صدور أوليائه من عجائب القلوب يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسع ويضيق إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مبالغ فى الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل على ما ينبغى ان يفعل عليه فلا يوسع الرزق الا إذا علم أن سعته خير للعبد وكذا التضييق وفى التأويلات النجمية له مفاتيح سموات القلوب وفيها خزآئن لطفه ورحمته وارض النفوس وفيها خزآئن قهره وعزته فكل قلب مخزن لنوع من الطافه فبعضها مخزن المعرفة وبعضها مخزن المحبة وبعضها مخزن الشوق وبعضها مخزن الارادة وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والانس والرضى وغير ذلك وكل نفس مخزن لنوع من أوصاف قهره فبعضها مخزن النكرة وبعضها مخزن الجحود وبعضها مخزن الإنكار وغير ذلك من الأخلاق الذميمة كالشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره والغضب والشهوة وغير ذلك وفائدة التعريف أن المقاليد له قطع أفكار العباد من الخلق اليه فى جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه فانه تعالى يوسع ويضيق رزق النفوس ورزق القلوب والخلق بمعزل عن هذا الوصف وفى الحديث لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا شك أن الجنة جنتان جنة صورية هى دار النعيم وجنة معنوية هى القلب ومفتاح كليتهما هو التوحيد وهو بيد الله يعطيه من يشاء من عباده ويجعله من اهل النعيم مطلقا ثم ان الرزق الصوري هى المأكولات والمشروبات الحسية والرزق المعنوي هى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية فالاول داخل فى الآية بطريق العبارة والثاني بطريق الاشارة (وفى المثنوى)

[سورة الشورى (42) : آية 13]

فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زانكه حق كفتت كلو من رزقه رزق حق حكمت بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت اين دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد كر ز شير ديو تن را وا برى ... در فطام او بسى حكمت خورى نسأل الله فيضه وعطاه بحق مصطفاه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ شرع بمعنى سن وجعل سنة وطريقا واضحا اى سن الله لكم يا امة محمد من التوحيد ودين الإسلام واصول الشرائع والاحكام وبالفارسية وراه روشن ساخت شمار از دين ما وَصَّى بِهِ نُوحاً التوصية وصيت كردن وفرمودن والوصية التقدم الى الغير بما يعمل به مقترنا يوعظه اى امر به نوحا امرا مؤكدا فان التوصية معربة عن تأكيد الأمر والاعتناء بشأن المأمور به قدم نوح عليه السلام لأنه أول أنبياء الشريعة فانه أول من اوحى اليه الحلال والحرام وأول من اوحى اليه تحريم الأمهات والأخوات والبنات وسائر ذوات المحارم فبقيت تلك الحرمة الى هذا الآن وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اى وشرع لكم الذي أوحينا الى محمد عليه السلام وتغيير التوصية الى الإيحاء فى جانب النبي صلى الله وسلم للتصريح برسالته القامع لانكار الكفرة والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال الاعتناء بايحائه وهو السر فى تقديمه على ما بعده مع تقدمه عليه زمانا وتقديم توصية نوح للمسارعة الى بيان كون المشروع لهم دينا قديما والتعبير بالأصل فى الموصولات وهو الذي للتعظيم وتوجيه الخطاب اليه عليه السلام بطريق التلوين للتشريف والتنبيه على أنه تعالى شرعه لهم على لسانه وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى وجه تخصيص هؤلاء الخمسة بالذكر انهم أكابر الأنبياء ومشاهيرهم من اولى العزم واصحاب الشرائع العظيمة والاتباع الكثيرة أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ محله النصب على أنه بدل من مفعول شرع والمعطوفين عليه او رفع على الاستئناف كأنه قيل وما ذلك المشروع المشترك بين هؤلاء الرسل فقيل هو اقامة الدين اى دين الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته والايمان بكتبه ورسله وباليوم الآخر وسائر ما يكون الرجل به مؤمنا والمراد بإقامته تعديل أركانه وحفظه من ان يقع فيه زيغ او المواظبة عليه والتشمر له وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فى الدين الذي هو عبارة عن الأصول والخطاب متوجه الى أمته عليه السلام فهذه وصية لجميع العباد واعلم أن الأنبياء عليهم السلام مشتركون ومتفقون فى اصل الدين وجميعهم أقاموا الدين وقاموا بخدمته وداموا بالدعوة اليه ولم يتخلفوا فى ذلك وباعتبار هذا الاتفاق والاتحاد فى الأصول قال الله تعالى ان الدين عند الله الإسلام من غير تفرقة بين نبى ونبى ومختلفون فى الفروع والاحكام قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وهذا لاختلاف الناشئ من اختلاف الأمم وتفاوت طبائعهم لا يقدح فى ذلك الاتفاق ثم امر عباده باقامة الدين والاجتماع عليه ونهاهم عن التفرق فيه فان يد الله ونصرته مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة البعيدة النافرة والمنفردة عن الجماعة اوصى حكيم أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها فقال لهم اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها فقال خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها

فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وكذا القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامته ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان فى نفسه إذا اجتمع فى نفسه على اقامة الدين لم يغلبه شيطان من الانس والجن بما يوسوس به اليه مع مساعدة الايمان والملك بإقامته له قال على رضى الله عنه لا تتفرقوا فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب وكونوا عباد الله إخوانا قال سهل الشرائع مختلفة وشريعة نوح هو الصبر على أذى المخالفين انتهى فعلى هذا فشريعة ابراهيم عليه السلام هو الانقياد والتسليم وشريعة موسى عليه السلام هو الاشتياق الى جمال الرب الكريم وشريعة عيسى عليه السلام هو الزهد والتجرد العظيم وشريعة نبينا عليه السلام هو الفقر الحقيقي المغبوط عند كل ذى قلب سليم كما قال اللهم أغنني بالافتقار إليك وهذه الشرائع الباطنة باقية ابدا ومن اصول الدين التوجه الى الله تعالى بالكلية فى صدق الطلب وتزكية النفس عن الصفات الذميمة وتصفية القلب عن تعلقات الكونين وتخلية الروح بالأخلاق الربانية ومراقبة السر لكشف الحقائق وشواهد الحق وكان نبينا عليه السلام قبل البعثة متعبدا فى الفروع بشرع من قبله مطلقا آدم وغيره وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر تعبده عليه السلام قبل نبوته كان بشريعة ابراهيم عليه السلام حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة ولم يكن على ما كان عليه قومه باتفاق الائمة واجماع الامة فالولى الكامل يجب عليه متابعة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يصير الى ارشاد الخلق (وفى المثنوى) لوح محفوظست او را پيشوا ... از چهـ محفوظست محفوظ از خطا نى نجومست ونه رملست ونه خواب ... وحي حق والله اعلم بالصواب كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ اى عظم وشق عليهم ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من التوحيد ورفض عبادة الأصنام واستبعدوه حيث قالوا أجعل الآلهة الها واحدا ان هذ الشيء عجاب وقال قتادة شهادة ان لا اله الا الله وحده ضاق بها إبليس وجنوده فابى الله الا ان يظهرها على من ناواها اى عاداها اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ قال الراغب جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وهو هنا مأخوذ من الجباية ونهى جلب الخراج وجمعه لمناسبة النهى عن التفرق فى الدين ولأن الاجتباء بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بالى الا باعتبار تضمين معنى الضم والصرف والمعنى الله يجتلب الى ما تدعوهم اليه من يشاء ان يجتلبه اليه وهو من صرف اختياره الى ما دعى اليه وَيَهْدِي إِلَيْهِ بالإرشاد والتوفيق وامداد الألطاف مَنْ يُنِيبُ يقبل اليه ويجوز ان يكون الضمير لله فى كلا الموضعين فالمعنى الله يجمع الى جنابه على طريق الاصطفاء من يشاء من عباده بحسب استعداده ويهدى اليه بالعناية من ينيب واجتباء الله تعالى العبد تخصيصه إياه بفيض الهى يتحصل منه انواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء عليهم السلام ولبعض من يقاربهم من الصديقين والشهداء (قال الكاشفى) يعنى هر كه از همه اعراض كند وحق را خواهد

[سورة الشورى (42) : آية 14]

حق سبحانه راه راست بدو نمايد نخست از طالبى از جمله بگذر رو بدو آور ... كر آن حضرت ندا آرد كه اى سركشته راه اينك وفى التأويلات النجمية يشير بقوله الله يجتبى اليه الآية الى مقامى المجذوب والسالك فان المجذوب من الخواص اجتباه الله فى الأزل وسلكه فى سلك من يحبهم واصطنعه لنفسه وجذبه عن الدارين بجذبة توازى عمل الثقلين فى مقعد صدق عند مليك مقتدر والسالك من العوام الذين سلكهم فى سلك من يحبونه موفقين للهداية على قدمى الجهد والانابة الى سبيل الرشاد من طريق العناد انتهى والانابة نتيجة التوبة فاذا صحت التوبة حصلت الانابة الى الله تعالى قال بعض الكبار من جاهد فى اقامة الدين فى مقام الشريعة والطبيعة يهديه الله الى إقامته فى مقام الطريقة والنفس ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام المعرفة والروح ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام الحقيقة والسر ومن اقامه فى هذا المقام تم امره وكمل شأنه فى العلم والعرفان والذوق والوجدان والشهود والعيان واليه يشير قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فعليك بإتيان جميع القرب قدر الاستطاعة فى كل زمان وحال فان المؤمن لن تخلص له معصية ابدا من غير ان تخالطها طاعة لأنه مؤمن بها انها معصية فان أضاف الى هذا التخليط استغفارا وتوبة فطاعة على طاعة وقربة على قربة فيقوى جزاء الطاعة التي خالطها العمل السيّء وهو الايمان بانها معصية والايمان من أقوى القرب وأعظمها عند الله فانه الأساس الذي ابتنى عليه جميع القرب وقال تعالى فى الخبر الصحيح وان تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا وان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا وان أتاني يمشى أتيته هرولة وكان قربه تعالى من العبد ضعف قرب العبد منه وعلى كل حال لا يخلو المؤمن من الطاعة والقرب والعمل الصالح يمحو الخطايا فان العبد إذا رجع عن السيئة وأناب الى الله وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأعاد عليه نعمه الفائتة (عن ابراهيم بن أدهم قدس سره) بلغني أن رجلا من بنى إسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس إذ سقط فرخ من وكره وهو يتبصبص فأخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع والوكر بالفتح عش الطائر بالفارسية آشيان والتبصبص التملق وتحريك الذنب وفى الآية اشارة الى اهل الوحدة والرياء والسمعة فكما أن المشركين بالشرك الجلى يكبر عليهم امر التوحيد فكذا المشركون بالشرك الخفي يكبر عليهم امر الوحدة والإخلاص نسأل الله سبحانه ان يجذبنا اليه بجذبة عنايته ويشرفنا بخاص هدايته وَما تَفَرَّقُوا اى وما تفرق اليهود والنصارى فى الدين الذي دعوا اليه ولم يؤمنوا كما آمن بعضهم فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى إلا حال مجيىء العلم او الا وقت مجيىء العلم بحقية ما شاهدوا فى رسول الله والقرآن من دلائل الحقية حسبما وجدوه فى كتابهم او العلم بمبعثه بَغْياً بَيْنَهُمْ من بغى بمعنى طلب وحقيقة البغي الاستطالة بغير حق كما فى المفردات اى لابتغاء طلب الدنيا وطلب ملكها وسياستها وجاهها وشهرتها وللحمية الجاهلية لالأن لهم فى ذلك شبهة وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهى العدة

[سورة الشورى (42) : آية 15]

بتأخير العقوبة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى وقت معين معلوم عند الله هو يوم القيامة او آخر أعمار هم المقدرة لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ لأوقع القضاء بينهم باستئصالهم لاستيجاب جنايتهم لذلك قطعا وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ اى وان المشركين الذين أوتوا الكتاب اى القرآن من بعد ما اوتى اهل الكتاب كتابهم والا يراث فى الأصل ميراث دادن لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما ومُرِيبٍ موقع فى القلق اى الاضطراب ولذلك لا يؤمنون الا لمحض البغي والمكابرة بعد ما علموا بحقيته كدأب اهل الكتابين والريبة قلق النفس واضطرابها ويسمى الشك بالريب لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة والظاهر أن شك مريب من باب جدجده اى وصف الشك بمريب بمعنى ذى ريب مبالغه فيه وفى القاموس اراب الأمر صار ذاريب فَلِذلِكَ اى فلاجل ما ذكر من التفرق والشك المريب او فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بان يتنافس فيه المتنافسون فَادْعُ الناس كافة الى اقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فان كلا من تفرقهم وكونهم فى شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للدعوة اليه والأمر بها وليس المشار اليه ما ذكر من التوصية والأمر بالإقامة والنهى عن التفرق جتى يتوهم شائبة التكرار وفيه اشارة الى افتراق اهل الأهواء والبدع ثنتين وسبعين فرقة ودعوتهم الى صراط مستقيم السنة لابطال مذاهبهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع بكلام غليظ (صاجب بدعة) سيئه مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل (ملأ الله قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله يوم القيامة من الفزع الأكبر) وهو حين الانصراف الى النار كما قال ابن السماك ان الخوف المنصرف للمتفرقين قطع نياط قلوب العارفين وقال فى البزازية روى ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكر مع القوم الظالمين وَاسْتَقِمْ عليه وعلى الدعوة اليه كَما أُمِرْتَ واوحى إليك من عند الله تعالى والمراد الثبات والدوام عليهما لأنه كان مستقيما فى هذا المعنى وفى الحديث شيبتنى هود وأخواتها فقيل له لم ذلك يا رسول الله فقال لأن فيها فاستقم كما أمرت وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته فى امر الله وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا ولن تخصوا اى لن تطيقوا الاستقامة التي أمرت بها فحقيقة الاستقامة لا يطيقها الا الأنبياء وأكابر الأولياء لانها الخروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق (قال الكاشفي) در تبيان آورده كه وليد مغيره بآن حضرت كفت از دين ودعوى كه دارى رجوع كن تا من نصفى از اموال خود بتو دهم وشيبه وعده كرده كه اگر بدين پدران بازآيى دختر خود در عقد تو ارم اين آيت نازل شد كه بر دعوت خود مقيم ودر دين وملت خود مستقيم باش وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ المختلفة الباطلة والضمير للمشركين وكانوا يهوون ان يعظم عليه السلام آلهتهم وغير ذلك وفى الخبر لكل شىء آفة وآفة الدين الهوى

هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سرپچهـ عقل تيز وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ اى كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض وذلك فان كلمة ما من ألفاظ العموم وفيه اشارة الى وجوب الايمان بجميع الحقائق وان اختلف مظاهرها فان كلها الهام صحيح من الله تعالى وَأُمِرْتُ بذلك لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ بين شريفكم ووضيعكم فى تبليغ الشرائع والاحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والمخاصمة الى فاللام على حقيقتها والمأمور به محذوف او زائدة والباء محذوفة اى أمرت بأن اعدل وأسوي بين شريفكم ووضيعكم فلا أخص البعض بامر او نهى قوله وقل آمنت إلخ تعليم من الله لاستكمال القوة النظرية وقوله وأمرت إلخ لاستكمال القوة العملية روى أن داود عليه السلام قال ثلاث خصال من كن فيه فهو الفائز القصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضى والغضب والخشية فى السر والعلانية وثلاث من كن فيه أهلكته شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه واربع من أعطيهن فقد اعطى خير الدنيا والآخرة لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن صابر وزوجة مؤمنة وفى التأويلات النجمية لأعدل بينكم اى لأسوى بين اهل الأهواء وبين اهل السنة بترك البدعة ولزوم الكتاب والسنة ليندفع الافتراق ويكون الاجتماع اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ اى خالقنا جميعا ومتولى أمورنا لا الأصنام والهوى لَنا أَعْمالُنا لا يتخطانا جزاؤها ثوابا كان او عقابا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا يجاوزكم آثارها لا نستفيد بحسناتكم ولا يتضرر بسيئاتكهم لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الحجة فى الأصل البرهان والدليل ثم يقال لا حجة بيننا وبينكم اى لا إيراد حجة بيننا ويراد به لا خصومة بيننا بناء على أن إيراد الحجة من الجانبين لازم للخصومة فيكنى بذكر اللازم عن الملزوم فالمعنى لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة وفيه اشارة الى أنه لا خصومة بالإهداء والمعصية اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا يوم القيامة وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ مرجع الكل لفصل القضاء فيظهر هناك حالنا وحالكم وليس فى الآية الا ما يدل على المتاركة فى المقاولة لا مطلقا حتى لا تكون منسوخة بآية القتال يعنى هذه الآية انما تدل على المتاركة القولية لحصول الاستغناء عن المحاجة القولية معهم لأنهم قد عرفوا صدقه من الحجج وانما كفروا عنادا وبعد ما ظهر الحق وصاروا محجوبين كيف يحتاج الى المحاجة القولية فلا يبقى بعد هذا الا السيف او الإسلام وقد قوتلوا بعد ذلك فعلى العبد قبول الحق بعد ظهوره والمشي خلف النصح بعد اضاءة نوره فان المصير الى الله والدنيا دار عبور وان الحضور فى الآخرة والدنيا دار التفرق والفتور فلا بد من التهيؤ للموت قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل فى الطواف اعلم انك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات أولاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر والخامسة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر والسادسة تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت وانشدوا

[سورة الشورى (42) : الآيات 16 إلى 17]

ان لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلما علموا ... انها ليست لحى وطنا جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا (وفى المثنوى) ملك بر هم زن تو آدم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود اين جهان خود حبس جانهاى شماست ... هين رويدان سو كه صحراى شماست وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ اى يخاصمون فى دينه نبيه وهو مبتدأ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ اى من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه لظهور حجته ووضوح محجته والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم اليه وفيه اشارة الى أنهم استجابوا له تعالى يوم الميثاق بقولهم بلى حين قال لهم الست بربكم ثم لما نزلوا من عالم الأرواح الى عالم الأجسام نسوا الإقرار والعهد فأخذوا فى المحاجة والإنكار بخلاف المؤمنين فانهم ثبتوا على التصديق والإقرار (قال الحافظ) از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود حُجَّتُهُمْ متبدأ ثان داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ خبر الثاني والجملة خبر الاول اى زالة ز آئلة باطلة يعنى ناچيز ونابر جاى بل لا حجة لهم أصلا وانما عبر عن أباطيلهم بالحجة مجاراة معهم على زعمهم الباطل والمجاراة بالفارسية رفتن وبا كسى چيزى وا راندن وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ على كفرهم الشديد وضلالهم البعيد لا يعرف كنهه وهو عذاب النار يقول الفقير وجه الغضب والعذاب ان الدين الحق وما جاء به من القرآن سبب الرحمة والنعمة فاذا اعرضوا عنهما وجدوا عند الله الغضب والنقمة بدلهما نعوذ بالله من ذلك وهذا من نتائج أحوالهم وثمرات أعمالهم ابرا كر آب زندكى بارد ... هركز از شاخ بيد برنخورى با فرومايه روزكار مبر ... كزنى بور يا شكر نخورى اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ اى جنس الكتاب حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ فى أحكامه واخباره بعيدا من الباطل او بما يحق انزاله من العقائد والاحكام وَالْمِيزانَ اى وانزل الميزان اى الشرع الذي يوزن به الحقوق ويسوى بين الناس على ان يكون لفظ الميزان مستعارا للشرع تشبيها له بالميزان العرفي من حيث يوزن به الحقوق الواجبة الأداء سوآء كان من حقوق الله او من حقوق العباد او انزل نفس العدل والتسوية بان انزل الأمر به فى الكتب الالهية فيكون تسمية العدل بالميزان تسمية المسمى باسم آلته فان الميزان آلة العدل او انزل آلة الوزن والوزن معرفة قدر الشيء يعنى منزل كردانيد ترازو را كه موزونات رابان سنجد تا در باره خزنده وفروشنده ستم نرود فيكون المراد بالميزان معناه الأصلي وانزاله اما حقيقة لما روى أن جبرائيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح عليه السلام فقال له مرقومك يزنوا به وقيل نزل آدم عليه السلام بجميع آلات الصنائع واما مجاز عن إنزال الأمر به

[سورة الشورى (42) : الآيات 18 إلى 22]

واستعماله فى الإيفاء والاستيفاء ودر عين المعاني آورده كه مراد از ميزان حضرت بهتر كائنات محمد است صلى الله تعالى عليه وسلم قانون عدل بدل وتمهيد مى بايد ونزال وإرسال اوست وفى التأويلات النجمية يشير الى كتاب الايمان الذي كتب الله فى القلوب وميزان العقل يوزن به احكام الشرع والخير والشر والحسن والقبح فانهما قرينان متلازمان لا بد لاحد هما من الآخر وسماهما البصيرة فقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمى فعليها ففى انتفاء أحدهما انتفاء الآخر كما قال تعالى صم بكم عمى فهم لا يعقلون فنفى العقل والبصيرة بانتفاء الايمان وَما يُدْرِيكَ الإدراء بمعنى الاعلام اى اى شىء يجعلك داريا اى عالما بحال الساعة التي هى من العظم والشدة والخفاء بحيث لا يبلغه دراية أحد وانما يدرى ذلك بوحي منا وبالفارسية و چهـ چيز دانا كرد بر او چهـ دانى قال الراغب كل موضع ذكر فى القرآن وما ادراك فقد عقب ببيانه نحو وما ادراك ماهيه نار حامية وكل موضع ذكر فيه وما يدريك لم يعقبه بذلك نحو وما يدريك لعل الساعة قريب لَعَلَّ السَّاعَةَ التي يخبر بمجيئها الكتاب الناطق بالحق قَرِيبٌ اى شىء قريب او قريب مجيئها والا فالفعيل بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكر والمؤنث عند سيبويه فكان الظاهر ان يقال قريبة لكونه مسند الى ضمير الساعة الا أنه قد ذكر لكونه صفة جارية على غير من هى له وقيل القريب بمعنى ذات قرب على معنى النسب وان كان على صورة اسم الفاعل كلا بن وتامر بمعنى ذو لبن وذو تمر اى لبنى وتمرى لا على معنى الحدث كالفعل فلما لم يكن فى معنى الفعل حقيقة لم يلحقه تاء التأنيث او الساعة بمعنى البعث تسمية باسم ما حل فيه وقال الزمخشري لعل مجيىء الساعة قريب بتقدير المضاف والمعنى أن القيامة على جناح الإتيان فاتبع الكتاب يا محمد واعمل به وواظب على العدل قبل ان يفاجئك اليوم الذي يوزن فيه الأعمال ويوفى جزاؤها امام زاهدى فرموده كه لعل براى تحقيق است يعنى البتة ساعتى كه بدان قيامت قائم شود نزديكست وفيه زجرهم عن طول الأمل وتنبيههم على انتظار الاجل وهجومه نبهنا الله تعالى وإياكم أجمعين آمين يَسْتَعْجِلُ بِهَا شتاب ميكنند بساعت يعنى بامد او الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها استعجال انكار واستهزاء ولا يشفقون منها ويقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق اهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه فانهم لما لم يؤمنوا بها لم يخافوا ما فيها فهم يطلبون وقوعها استبعادا لقيامها والعجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَالَّذِينَ آمَنُوا بها مُشْفِقُونَ مِنْها خائفون منها مع اعتنائها لتوقع الثواب فان المؤمنين يكونون ابدا بين الخوف والرجاء فلا يستعجلون بها يعنى ترسانند از قيامت چهـ ميدانند كه خداى تعالى با ايشان چهـ كند ومحاسبه ومجازات بر چهـ وجه بود فالآية من الاحتباك ذكر الاستعجال اولا دليلا على حذف ضده ثانيا والإشفاق ثانيا دليلا على حذف ضده اولا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ اى الكائن لا محالة وفيه اشارة الى ان المؤمنين لا يتمنون الموت خوف الابتلاء بما بعده فيستعدون له وإذا ورد لم يكرهوه وذلك ان الموت لا يتمناه الا جاهل او مشتاق أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يجادلون فيها وينكرون مجيئها عنادا

[سورة الشورى (42) : آية 19]

من المرية فمعناه فى الأصل تداخلهم المرية والشك فيؤدى ذلك الى المجادلة ففسر المماراة بلازمها قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهوا خص من الشك والمماراة المحاجة فيما فيه مرية انتهى ويجوز ان يكون من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة الحلب فيكون تفسيره بيجادلون حملا له على الاستعارة التبعية بأن شبه المجادلة بمماراة الحالب للضرع لاستخراج ما فيه من اللبن من حيث أن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الحق فان البعث أشبه الغائبات بالمحسوسات لأنه كاحياء الأرض بعد موتها فمن لم يهتد الى تجويزه فهو من الاهتداء الى ما وراءه ابعد وابعد وصف الضلال بالبعد من المجاز العقلي لأن العبد فى الحقيقة للضال لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق فوصف به فعله ويحتمل ان يكون المعنى فى ضلال ذى بعد او فيه بعد لأن الضال قد يضل عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا وفى التأويلات النجمية لفى ضلال بعيد لأنه ازلى وفى الآية امور الاول ذم الاستعجال ولذا قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة متواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل التوبة إذا أذنب والثاني الايمان والتصديق فانه الأصل وذلك بجميع ما يكون به المرء مؤمنا خصوصا الساعة وكذا الاستعداد لها بالأعمال الصالحات روى أن رجلا من الاعراب قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام وما اعددت لها قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت ولا شك أن من أحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحب الاقتداء به فى جميع الأحوال فاذا كان محبا لرسول الله والاقتداء به كان رسول الله محبا له كما قال عليه السلام متى ألقى احبائى فقال أصحابه بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله او لسنا احباءك فقال أنتم أصحابي احبائى قوم لم يرونى وآمنوا بي انا إليهم بالاشواق وخصهم بالاخوة فى الحديث الآخر فقال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ويرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددها ثلاثا ثم قال لأنكم تجدون على الخير أعوانا والثالث مدح العلم لكن إذا قرن بالخوف والخشية والعمل كان امدح فان العلم ليس جالبا للسودد الا من حيث طرده الجهل فلا تعجب بعلمك فان فرعون علم بنبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا بنبوة محمد وحرموا التوفيق للايمان والرابع ذم الشك والتردد فلا بد من اليقين الصريح بل من العيان الصحيح كما قال على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد كر حجاب از ميانه بركيرند ... آن يقين ذره نيفزايد والخامس ان السعادة والشقاوة از ليتان وانما يشقى السعيد لكون سعادته عارضة وانما يسعدا لشقى لكون شقاوته عارضة فكل يرجع الى أصله فنسأل الله الهدى ونعوذ به من الهوى اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ اى بر بليغ البر بهم يفيض عليهم من فنون الطافه ما لا يكاد يناله أيدي الافكار والظنون قوله من فنون الطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف فانها للمبالغة وتنكيره ايضا

وقوله ما لا يكاد إلخ مأخذه مادة الكلمة فان اللطف إيصال نفع فيه دقة يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ أن يرزقه كيفما يشاء فيخص كلا من عباده الذين عمهم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضية مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا مخالفة بين عموم الجنس وخصوص النوع يعنى أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه وذلك لا ينافى عموم جنس بره بجميع عباده على ما أفادته اضافة العباد الى ضميره تعالى حتى يلزم التناقص بين الكلامين فالله تعالى يبرهم جميعا لا بمعنى ان جميع انواع البر واصنافه يصل الى كل أحد فانه مخالف للحكمة الالهية إذ لا يبقى الفرق حينئذ بين الا على والأدنى بل يصل بره إليهم على سبيل التوزيع بان يخص أحد بنعمة وآخر بأخرى فيرجع بذلك كل واحد منهم الى الآخر فيما عنده من النعمة فينتظم به أحوالهم ويتم اسباب معاشهم وصلاح دنياهم وعمارتها فيؤدى ذلك الى فراغهم لاكتساب سعادة الآخرة وقال بعضهم يرزق من يشاء بغير حساب إذا الآيات القرآنية يفسر بعضها بعضا وَهُوَ الْقَوِيُّ الباهر القدرة الغالب على كل شىء وهو يناسب عموم لطفه للعباد والقوة فى الأصل صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف ولما كانت محالا فى حق الله تعالى حملت على القدرة لكونها مسببة عن القوة الْعَزِيزُ المنيع الذي لا يغلب وهو يلائم تخصيص من يشاء بما يشاء قال بعض الكبار لطفه بعباده لطف الجذبة للوصلة وايضا لطيف بعباده بأن جعلهم عباده لا عباد الدنيا ولا عباد النفس والهوى والشيطان خاطب العابدين بقوله لطيف بعباده اى يعلم غوامض أحوالكم من دقيق الرياء والتصنع لئلا يعجبوا بأحوالهم وأعمالهم وخاطب العصاة بقوله لطيف لئلا ييأسوا من إحسانه وخاطب الفقراء بقوله لطيف اى انه محسن بكم لا يقتلكم جوعا فانه محسن بالكافرين فكيف بالمؤمنين أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست وخاطب الأغنياء بقوله لطيف ليعلمو أنه يعلم دقائق معاملاتهم فى جميع المال من غير وجه بنوع تأويل ومن لطفه بعباده انه جعلهم مظهر صفات لطفه ومن لطفه بعباده انه عرفهم انه لطيف ولولا لطفه ما عرفوه ومن لطفه بعباده انه زين أسرارهم بانوار العرفان وكاشفهم بالعين والعيان در فصول آورده كه لطيف چند معنى دارد أول مهربان امام قشيرى فرموده كه لطف اوست كه بيشتر از كفايت بدهد وكمتر از قوت كار فرمايد دوم تو از نده وكذا نوازندكى سوم پوشيده كار كسى بر قضا وقدر او راه نبرد ودركاه او چهـ و چون دخل ندارد كسى ز چون و چرا دم نمى تواند زد ... كه نقش كار حوادث وراى چون و چراست چرا مكو كه چرا دست بسته قدرست ... ز چون ملاف كه چون تير پايمال قضاست در موضح آورده كه لطيف آنست كه عوامض امور را بعلم داند وجرائم مجهور را بحلم كذراند در كشف الاسرار آورده كه لطيف آنست كه نعمت بقدر خود داد وشكر بقدر بنده خواست وقال بعضهم اللطيف الذي ينسى العباد ذنوبهم فى الآخرة لئلا يتشوشوا وقال ابو سعيد الخراز قدس سره الله لطيف بعباده موجود فى الظاهر والباطن والأشياء كلها موجودة

به لكن يوجد ذكره فى قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره اليه وقال جعفر الصادق رضى الله عنه لطفه فى الرزق الحلال وتقسيمه على الأحوال يعنى انه رزقك من الطيبات ولم يدفعه إليك مرة واحدة وقال على بن موسى رضى الله عنه هو تضعيف الاجر وقال الجنيد قدس سره هو الذي لطف باوليائه فعرفوه ولو لطف بأعدائه ما جحدوه وقيل هو الذي ينشر المناقب ويستر المثالب وقال بعضهم لطف وى بود از تو طاعات موقت خواست ومثوبات مؤبد داد خدايرا لطف است وهم قهر بلطف او كعبه ومسجدها را بنا كردند وبقهر او كليساها وبتكدها برآوردند پس بعضى بطريق لطف سلوك ميكند بسبب توفيق وبعضى بطريق قهر ميرود بمقتضاى خذلان مؤذنى بود چندين سال بانك نماز كفته روزى بر مناره رفت ديده وى بر زنى ترسا افتاد تعشق كرد چون از مناره فرو آمد بدر سرايش رفت قصه با وى بكفت آن زن كفت اگر دعوى راستست ودر عشق صادقى موافقت شرطست زنار بر ميان بايد بست آن بدبخت بطمع آن زن زنار ترسايى بربست وخمر خورد و چون مست گشت قصد آن زن كرد زن بگريخت ودر خانه شد آن بدبخت بر بام رفت تا بحيلتى خويشتن را در ان خانه افكند بخذلان ازلى از بام درفتاد وبترسايى هلاك شد چندين سال مؤذنى كرد در شرائع اسلام ورزيد وبعاقبت بترسايى هلاك شد وبمقصود نرسد (قال الحافظ) حكم مستورى ومستى همه بر خاتمتست ... كس نداست كه آخر بچهـ حالت برود وقال الامام الغزالي رحمه الله اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى العلم والإدراك ثم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا الله وحده ومن لطفه خلقه الجنين فى بطن امه فى ظلمات ثلاث وحفظه فيها وتغديته بواسطة السرة الى ان ينفصل فيستقل بالتناول للغذاء بالفم ثم الهامه إياه عند الانفصال التقام الثدي وامتصاصه ولو فى ظلمات الليل من غير تعليم ومشاهدة بل تتفتق البيضة عن الفرخ وقد ألهمه التقاط الحب فى الحال ثم تأخير خلق السن من أول الخلقة الى وقت انباته للاستغناء باللبن عن السن ثم انباته السن بعد ذلك عند الحاجة الى طحن الطعام ثم تقسيم الأسنان الى عريضة للطحن والى أنياب للكسر والى ثنايا حادة الأطراف للقطع ثم استعمال اللسان الذي الغرض الا ظهر منه النطق ورد الطعام الى المطحن كالمجرفة فيكون الإنسان فى زمرة الجمادات وأول نعمة عليه أن الله تعالى كرمه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم عظم شأنه فنقله من عالم النبات الى عالم الحيوان فجعله حساسا متحركا بالارادة ثم نقله الى عالم الإنسان فجعله ناطقا وهى نعمه اخرى أعظم مما سبق ومن لطفه أنه يسر لهم الوصول الى سعادة الابد بسعى خفيف فى مدة قصيرة وهو العمر القليل ومن لطفه إخراج اللبن الصافي من بين فرث ودم وإخراج الجواهر النفيسة من الأحجار الصلبة وإخراج العسل من النحل والا بريسم من الدود والدر من الصدف الى غير ذلك وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير ازراء وعنف ومن غير

[سورة الشورى (42) : آية 20]

تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع والطف من الألفاظ المزينة ولذلك قال عليه السلام صلوا كما رأ يتمونى أصلي ولم يقل صلوا كما قلت لكم لأن الفعل أرجح فى نفس المقتدى من القول (وفى المثنوى) پند فعلى خلق را جذاب تر ... كه رسد در جان هر با گوش كر ثم أن الأرزاق صورية ومعنوية فالصورية ظاهرة والمعنوية هى علم التوحيد والمعارف الالهية التي تتغذى بها الأرواح يقال غذآء الطبيعة الاكل والشرب وغذآء النفس التكلم بما لا يعنى وغذآء القلب الفكر وغذآء الروح علم التوحيد من حيث الافعال والصفات والذات وسائر المعارف الالهية مما لا نهاية لها والمنظر الإلهي فى الوجود الإنساني هو القلب فاذا صلح هو بالتوحيد والذكر ونور الايمان والعرفان صلح سائر الأحوال ومن الله البر واللطف والإحسان والنوال والإفضال مَنْ هر كه كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ الحرث فى الأصل إلقاء البذر فى الأرض يطلق على الزرع الحاصل منه ويستعمل فى ثمرات الأعمال ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور من حيث انها فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة والمعنى من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ تضاعف له ثوابه بالواحد عشرة الى سبعمائة فما موقها (قال الكاشفى) چنانكه كشت دانه مى افزايد تا يكى از ان بسيار ميشود همچنين عمل مؤمن روز بروز افزونى ميكيرد تا حدى كه يك ذره برابر كوه أحد ميشود ولم يقل فى حقه وله فى الدنيا نصيب مع أن الرزق المقسوم له يصل اليه لا محالة للاستهانة بذلك والاشعار بأنه فى جنب ثواب الآخرة ليس بشىء ولذلك قال سليمان عليه السلام لتسبيحة خير من ملك سليمان كفته اند كه بر سليمان عليه السلام مال وملك وعلم عرضه كردند كه زين سه يكى اختيار كن سليمان علم اختيار كرد مال وملك فرا فرود نداد دنيا طلبى بهره دنيات دهند ... عقبى طلبى هر دو بيك جات دهند فان قيل ظاهر اللفظ يدل على أن من صلى لاجل طلب الثواب او لاجل دفع العقاب فانه تصح صلاته واجمعوا على انها لا تصح لأن الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد لأنه يكون عليلا مريضا والجواب أن الحرث لا يتأتى الا بإلقاء البذر الصحيح فى الأرض والبذر الصحيح الجامع للخيرات والسعادات ليس الا عبودية الله تعالى فلا يكون العمل أخرويا الا بان يطلب فيه رضى الله وَمَنْ كانَ يُرِيدُ بأعماله حَرْثَ الدُّنْيا وهو متاعها وطيباتها والمراد الكافر أو المنافق حيث كانوا مع المؤمنين فى المغازي وغرضهم الغنيمة ودخل فيه اصحاب الأغراض الفاسدة جميعا نُؤْتِهِ مِنْها اى شيأ منها حسبما قسمنا له لا ما لا يريده ويبتغيه فمنها متعلق بكائنا المحذوف الواقع صفة للمفعول الثاني ويجوز أن يكون كلمة من للتبعيض اى بعضها ومآل المعنى واحد دلت الآية على أن طالب الدنيا لا ينال مراده

من الدنيا وفى الحديث من كانت نيته الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب الله له وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ من مزيدة للاستغراق اى ما له نصيب ما فى الاخرة إذ كانت همته مقصورة على الدنيا ولكل امرئ مانوى فيكون محروما من ثواب الاخرة بالكلية وقال الامام الراغب ان الإنسان فى دنياه حارث وعمله حرثه ودنياه محرثه ووقت الموت وقت حصاده والآخرة بيدره ولا يحصد الا ما زرعه ولا يكيل الا ما حصده (حكى) أن رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيرا فرآه وقت الحصاد وسأله فقال العبد زرعت شعيرا على ظن أن ينبت حنطة فقال مولاه يا أحمق هل رأيت أحدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى أنت وترجو رحمته وتغتر بالأماني ولا تعمل العمل الصالح از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نميدارى ازين منزل چرا وكما ان فى البيد رمكيا لا وموازين وأمناء وحفاظا وشهودا كذلك فى الآخرة مثل ذلك وكما أن للبيدر تذرية وتمييزا بين النقاوة والحطام كذلك فى الآخرة تمييز بين الحسنى والآثام فمن عمل لآخرته بورك له فى كيله ووزنه وجعل له منه زادا للابد ومن عمل لدنياه خاب سعيه وبطل عمله فاعمال الدنيا كشجرة الخلاف بل كالدفلى والحنظل فى الربيع يرى غض الأوراق حتى إذا جاء حين الحصاد لم ينل طائلا وإذا حضر مجتناه فى البيدر لم يفد نائلا ومثل اعمال الاخرة كشجرة الكرم والنخل المستقبح المنظر فى الشتاء فاذا حان وقت القطاف والاجتناء افادتك زادا وادخرت عدة وعتادا ولما كانت زهرات الدنيا رائقة الظاهر خبيثة الباطن نهى الله تعالى عن الاغترار بها فقال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى فالقذر قذر وان كان فى ظرف من الذهب فالعاقل لا يتناوله وفى التأويلات النجمية من كان يريد حرث الآخرة بجهده وسعيه نزد له فى حرثه بهدايتنا وتوفيق مزيد طاعتنا وصفاء الأحوال فى المعارف بعنايتنا اليوم ونزيده فى الآخرة قربة ومكانة ورفعة فى الدرجات وشفاعة الأصدقاء والقرابات ومن كان يريد حرث الدنيا مكتفيا به نؤته منها اى من آفات حب الدنيا من عمى القلب وبكمه وصممه وسفهه والحجب التي تتولد منها الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الرديئة الشيطانية والصفات السبعية والبهيمية الحيوانية وماله فى الآخرة من نصيب اى فى الأوصاف الروحانية والأخلاق الربانية وفى عرائس البيان حرث الآخرة مشاهدته ووصاله وقربه وهذا للعارفين وحرث الدنيا الكرامات الظاهرة ومن شغلته الكرامات احتجب بها عن الحق وما يريد من حرث الدنيا فهو معرفة الله ومحبته وخدمته والا فلا يزن الكون عند اهل المعرفة ذرة قال بعضهم فى هذه الآية من عمل لله محبة له لا طلبا للجزاء صغر عنده كل شىء دون الله ولا يطلب حرث الدنيا ولا حرث الآخرة بل يطلب الله عن الدنيا والآخرة وقال سهل حرث الدنيا القناعة وحرث الآخرة الرضى وقال ايضا حرث الآخرة القناعة فى الدنيا والمغفرة فى الآخرة والرضى من الله فى كل الأحوال وحرث الدنيا قضاء الوطر منها والجمع منها والافتخار بها ومن كان بهذه الصفة فما له فى الاخرة من نصيب قال

[سورة الشورى (42) : آية 21]

الشيخ العطار قدس سره همچوطفلان منكر اندر سرخ وزرد ... چون زنان مغرور رنك وبو مكرد فالدنيا امرأة عجوز ومن افتخر بزينتها وزخار فها فهو فى حكم المرأة فعلى العاقل تحصيل الجاه الا خروى بالأعمال الصالحة الباقية فان الدنيا وما فيها بأسرها زائلة فانية كما قال لبيد ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل والمراد نعيم الدنيا أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضطراب عن قوله شرع لكم من الدين والهمزة للتقرير والتحقيق وشركاؤهم شياطينهم من الانس والجن والضمير للمشركين من قريش والاضافة على حقيقتها والمعنى بل لهم شركاء من الشياطين اى نظراء يشاركونهم فى الكفر والعصيان ويعاونونهم عليه بالتزيين والإغراء شَرَعُوا لَهُمْ بالتسويل وبالفارسية نهاده اند براى ايشان يعنى بياراسته اند در دل ايشان مِنَ الدِّينِ الفاسد ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ كالشرك وانكار البعث والعمل للدنيا وسائر مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة لأنهم لا يعلمون غيرها وتعالى الله عن الاذن فى مثل هذا والأمر به والدين للمشاكلة لأنه ذكر فى مقابلة دين الله او للتهكم وقيل شركاؤهم أوثانهم فالهمزة للانكار فان الجماد الذي لا يعقل شيأ كيف يصح ان يشرع دينا والحال أن الله تعالى لم يشرع لهم ذلك الدين الباطل واضافتها إليهم لأنهم الذين جعلوها شركاء لله واسناد الشرع إليها مع كونها بمعزل عن الفاعلية اسناد مجازى من قبيل اسناد الفعل الى السبب لأنها سبب ضلالتهم وافتنانهم كقوله تعالى انهم اضللن كثيرا من الناس وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ اى القضاء السابق بتأخير العذاب او العدة بان الفصل يكون يوم القيامة والفصل القضاء بين الحق والباطل كما فى القاموس ويوم الفصل اليوم الذي فيه يبين الحق من الباطل ولفصل بين الناس بالحكم كما فى المفردات لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ حكم كرده شده بودى ميان كافران ومؤمنان يا ميان مشركان وشركاء وهر يك جزا بسزا يافته بودندى اما وعده فصل ميان ايشان در قيامتست وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الآخرة اى نوع من العذاب متفاقم ألمه وبالفارسية عذابى درو نان دائم وبى انقطاع بود واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم ودلالة على ان العذاب الأليم الذي لا يكتنه كنهه انما يلحقهم بسبب ظلمهم وانهما كهم فيه وفى الآية إشارات منها ان كفار النفوس شرعوا عند استيلائهم على الدين بالهوى للارواح والقلوب ما لم يرض به الله من مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة كاهل الحرب شرعوا لا سارى المسلمين عند استيلائهم عليهم ما ليس فى دينهم من أكل لحم الخنزير وشرب الخمر وعقد الزنار ونحوها فلا بد من التوجه الى الله ليندفع الشر وينعكس الأمر (روى) ان سالم بن عوف رضى الله عنه اسره العدو فشكاه أبوه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام اتق الله واكثر قول لا حول ولا قوة الا بالله ففعل فجاء ابنه ومعه مائة من الإبل (قال الحافظ) سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند

[سورة الشورى (42) : آية 22]

ومنها أن الله تعالى لم يقض بين الخلق بالتكاليف والمجاهدات قبل البلوغ لضعف البشرية وثقل حمل الشريعة واخر بحكمته تكاليف الشرع تربية للقالب ليحصل القوة لقمع الطبع (قال الصائب) تا چهـ آيد روشن است از دست اين يك قطعه خاك ... چرخ نتوانست كردن زه كمان عشق را ومنها أن من ظلم نفسه بمتابعة الهوى فله عذاب اليم بعد البلوغ من الفطام عن المألوفات الطبيعية بالاحكام الشرعية وهذا العذاب للنفس والطبيعة رحمة عظيمة للقلب والروح ولذا من قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان أول مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله لكان خيرا لنا بلا تأويل كفر لأن الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الا هون والا سهل وفى القصيدة البردية وراعها وهى فى الأعمال سائمة ... وان هى استحلت المرعى فلا تسم اى راع النفس فى اشتغالها بالأعمال عما هو مفسد ومنقص للكمال من الرياء والعجب والغفلة والضلال وان عدت النفس بعض التطوعات حلوا واعتادت به والفت فاجتهد فى ان تقطع نفسك عنها واشتغل بما هو أشق عليها لأن اعتبار العبادة انما هو بامتيازها عن العادة وانما ترتفع الكلفة مطلقا عن العارفين كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدران السم فى الدسم يعنى كثيرا من المرات زينت النفس لذة للمرء من اللذات قاتلة للمرء كالدسم والمرء لا يدرى أن السم فى الدسم لا سيما إذا كان المرء من اهل المحبة والوداد فهلاكه فى لذة الطعام وطيب الرقاد ومن الله التوفيق لاصلاح النفس وتزكيتها تَرَى الظَّالِمِينَ اى المشركين يوم القيامة يا من بصلح للرؤية مُشْفِقِينَ خائفين مِمَّا كَسَبُوا اى إشفاقا ناشئا من السيئات التعملوها فى الدنيا ومن أجلها فكلمة من للتعليل وليست صلة مشفقين حتى يحتاج الى تقدير المضاف هنا مع أنه ايضا معنى صحيح لأن الاول ابلغ وادخل فى الوعيد وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ اى وباله وجزاؤه لا حق بهم لا محالة اشفقوا أو لم يشفقوا والجملة حال من ضمير مشفقين او اعتراض قال سعدى المفتى يعنى ينعكس الحال فى الآخرة فالآمنون فى الدنيا يشفقون فى الآخرة والمشفقون فى الدنيا يأمنون فى الآخرة (وفى المثنوى) لا تخافوا هست نزل خائقان ... هست در خور از براى خائف آن هر كه ترسد مرورا ايمن كنند ... هر دل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست چون كويى مپرس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس وفيه اشارة الى أن عذاب اهل الهوى والشهوات واقع بهم اما فى الدنيا بكثرة الرياضات وانواع المجاهدات لتزكية النفس من أوصافها وتحليتها بأضدادها واما فى الآخرة بورودها النار لتنقيتها وعذاب الدنيا أهون فلا بد من الاجتهاد قبل فوات الوقت وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى استعملوا تكاليف الشرع لقمع الطبع وكسر الهوى وتزكية النفس وتصفية القلب وتحلية الروح فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ مستقرون فى أطيب بقاعها

[سورة الشورى (42) : الآيات 23 إلى 27]

وأنزهها فان روضة الأرض تكون كذلك وبالفارسية اندر مرغزارهاى بهشت اند يعنى خوشترين بقعها ونزهت فزاى ترين آن قال فى حواشى الكشاف الروضة اسم لكل موضع فيه ماء وعشب وفى كشف الاسرار هى الأماكن المتسعة المونقة ذات الرياحين والزهر انتهى وفى الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنها والإثمد عند النوم قال الراغب قوله فى روضات الجنات اشارة الى ما أعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر وقيل اشارة الى ما أهلهم له من العلوم والأخلاق التي من تخصص بها طاب قلبه لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم على ان عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاؤون على ان يكون عبارة عن كونهم عند الله والآية من الاحتباك أنبت الإشفاق اولا دليلا على حذف الا من ثانيا والجنات ثانيا دليلا على حذف النيران اولا ذلِكَ المذكور من اجر المؤمنين هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ الذي يصغر دونه ما لغيرهم من الدنيا او تحقر عنده الدنيا بحذافيرها من أولها الى آخرها وهذا فى حق الامة واما النبي عليه السلام فمخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى وكان فضل الله عليك عظيما ذلِكَ اى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي اى الثواب الذي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى يبشرهم به على لسان النبي عليه السلام فحذف الجار ثم العائد الى الموصول لأنهم لا يجوزون حذف المفعول الجار والمجرور الا على التدريج بخلاف مثل السمن منوان بدرهم اى منه (قال الكاشفى) وتقديم خبر باين كرامتها جهت ازدياد سرور مؤمنانست وآنكه دانند كه عمل ايشان ضائع نيست پس در مراسم عبوديت اجتهاد نمايند وبر وظائف عبادت بيفزايند كار نيكو كن اگر مرد نكو ميطلبى ... كز چرا هر كه نكوتر بنكوكار دهند كار اگر نيست ترا در طمع اجر مباش ... مزد مزدور باندازه كردار دهند يقول الفقير وجه تخصيص الروضة وتعميم المشيئة أن اكثر بلاد العرب خالية عن الأنهار الجارية والروضات وانهم لا يجدون كل المشتهيات فيشوقهم بذلك ليكونوا على اهبة وتدارك ولا يقيسوا الآخرة على الدنيا فان الدنيا محل البلاء والآفات والآخرة دار النعيم والضيافات وتدارك كل مافات فمن أحب مولاه اجتهد فى طريق رضاه قال شقيق البلخي قدس سره رأيت فى طريق مكة مقعدا يزحف على الأرض فقلت له من اين أقبلت قال من سمرقند قلت وكم لك فى الطريق فذكر أعواما تزيد على العشرة فرفعت طرفى انظر اليه متعجبا فقال لى يا شقيق ملك تنظر الى فقلت متعجبا من ضعف مهجتك وبعد سفرتك فقال لى يا شقيق اما بعد سفرتى فالشوق يقربها واما ضعف مهجتى فمولاها يحملها يا شقيق أتعجب من عبد ضعيف يحمله المولى اللطيف فمن وصل اليه بشارة الله بفضله وجوده هان عليه بذل وجوده قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم أترون محمدا يس. ل على ما يتعاطاه اجرا يعنى هيچ دريافته آيد كه محمد عملى كه مباشر آنست از إبلاغ مزدى ميخواهد يا نى فنزلت والمعنى لا اطلب منكم على ما انا عليه من التبليغ

والبشارة كما لم يطلب الأنبياء من فبلى أَجْراً اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله (وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن أخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التي هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجري على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب وذلك لأنه لا يچور من النبي عليه السلام ان يطلب الا جرايا كان على تبليغ الرسالة لأن الأنبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه أفضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى بلغ ما انزل إليك وطلب الاجر على أداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الأشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الإلهي الذي هو أعز الأشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا أصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الأذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بي لكنه ليس بأجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الأذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ اولا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الأذى عن الأقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على إضمار المضاف وبالمودة مودة أقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناى اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال اما ترضى ان تكون رابع اربعة اى فى الخلافة أول من يدخل الجنة انا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ أولاد وعنه عليه السلام حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتي وآذاني فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفور اله الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها الا ومن مات على حب آل محمد فتح له فى قبره بابان الى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة وآل محمد هم الذين يؤول أمرهم اليه عليه السلام فكل من كانه مآل امر هم اليه أكمل وأشد كانواهم الآل ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله أشد التعلقات بالنقل المتاتر فوجب ان يكونوا هم الآل در تفسير ثعلبى آورده كه خويشان حضرت رسول الله بنو هاشم اند وبنو المطلب كه خمس بر ايشان قسمت بايد كرد وفى الكواشي قرابته عليه السلام فاطمة وعلى وابناهما او آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس او من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وو بنو المطلب وقيل آل الرسول أمته الذين قبلوا دعوته قال ابن عطاء لا اسألكم على دعوتكم اجرا الا ان تتود دوا الى بتوحيد الله وتتقربوا اليه بدوام طاعته وملازمة او امره وقال الحسين كل من تقرب الى الله بطاعته وجبت عليكم محبته اى فان المحب يحب المحب لكونهما محبين لمحبوب وأحد وكذا المطيع مع المطيع لشركتهما فى الا طاعة والانقياد (حكى) عن الشيخ ابن العربي قدس سره أنه قال بلغني عن رجل انه يبغض الشيخ أبا مدين فكرهت ذلك الشخص لبغضه الشيخ أبا مدين فرأيت رسول الله فى المنام فقال لى لم تكره فلانا فقلت لبغضه فى ابى مدين فقال أليس يحب الله ورسوله فقلت له بلى يا رسول الله فقال لى فلم تبغضه لبغضه أبا مدين وما تحبه لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله الى الآن انى والله زللت وغفلت فاما الآن فأنا تائب وهو من أحب- الناس الى فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك وسلم فلما استيقظت جئت الى منزله فاخبرته بما جرى فبكى واعتد الرؤيا تنبيها من الله فزال بغضه أبا مدين وأحبه وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً اى يكتسب اى حسنة كانت سيما حب آل رسول الله قال الراغب اصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيا كان او سوئيا وفى الاساءة اكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف نَزِدْ لَهُ فِيها اى فى الحسنة يعنى براى آن حسنه كما قال الكاشفى حُسْناً بمضاعفة والتوفيق لمثلها والإخلاص فيها وبزيادة لا يصل العبد إليها بوسعه مما لا يدخل تحت طوق- البشر إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن أذنب شَكُورٌ لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة فالشكر من الله مجاز عن هذا المعنى لأن معناه الحقيقي وهو فعل ينىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما لا يتصور من الله لامتناع ان ينعم عليه أحد حتى يقابل بالشكر شبهت الاثابة والتفضل بالشكر من حيث ان كل واحد منهما يتضمن الاعتداد بفعل الغير وإكراما لاجله

[سورة الشورى (42) : آية 24]

وفى بحر العلوم او معتد بالحسنة القليلة حتى يضاعفها فان القليل عند الله كثيرو فى الحديث ان عيسى بن مريم قال أخبرني يا رب عن هذه الامة المرحومة فأوحى الله اليه انها امة محمد حكماء علماء كأنهم من الحكمة والعلم أنبياء يرضون باليسير من العطاء وارضى منهم باليسير من العمل ادخل أحدهم الجنة بان يقول لا اله الا الله قال الامام الغزالي رحمه الله العبد يتصور ان يكون شاكرا فى حق عبد آخر مرة بالثناء عليه بإحسانه اليه واخرى بمجازاته اكثر مما صنعه اليه وذلك من الخصال الحميدة قال رسول الله عليه السلام من لم يشكر الناس لم يشكر الله واما شكره لله تعالى فلا يكون الا بنوع من المجاز والتوسع فانه ان اثنى فثناؤه قاصر لأنه لا يحصى ثناء عليه فان أطاع فطاعته نعمة اخرى من الله عليه بل عين شكره نعمة اخرى ورلء النعمة المشكورة وانما احسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعته وذلك ايضا بتوفيق الله وتيسيره عطايست هر موى ازو بر تنم ... چهـ كونه بهر موى شكرى كنم ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش أَمْ يَقُولُونَ أم منقطعة اى بل أيقولون يعنى كفار مكة على انه إضراب عن قوله أم لهم شركاء إلخ افْتَرى محمد عَلَى اللَّهِ كَذِباً بدعوى النبوة وتلاوة القرآن على ان الهمزة للانكار التوبيخي كأنه قيل أيتمالكون ان ينسبوا مثله عليه السلام وهو هو الى الافتراء لا سيما الافتراء على الله الذي هو أعظم الفري وأفحشها والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه ان دعوى كون القرآن افتراء على الله قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبي بل يشاء عدم صدوره عنه ومن ضرورته منعه عنه قطعا فكأنه قيل لو كان افتراء عليه تعالى لشاء عدم صدوره عنه وان يشأ ذلك يختم على قلبك بحيث لم يخطر ببالك معنى من معانيه ولم تنطق بحرف من حروفه وحيث لم يكن الأمر كذلك بل تواتر الوحى حينا فحينا تبين أنه من عند الله كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان افترينه ختم الله على قلبك ولكنك لم تكذب على ربك فلم يختم على قلبك يعنى مهر نهد بر دل تو و پيغام خويش از ان ببرد وفيه اشارة الى أن الملائكة والرسل والورثة محفوظون عن المغالطة فى بيان الشريعة والافتراء على الله فى شىء من الأشياء در حقائق سلمى از سهل بن عبد الله التستري قدس سره نقل ميكند كه مهر شوق ازلى ومحبته لم يزلى بر دلى تو نهد تا التفات بغير نكنى واز اجابت واباى خلق فارغ كردى وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ استئناف مقرر لنفى الافتراء غير معطوف على يختم كما ينبىء عنه اظهار الاسم الجليل وصيغة المضارع للاستمرار وكتبت يمح فى المصحف بحاء مرسلة كما كتبوا ويدع الإنسان ويدع الداع وسندع الزبانية مما ذهبو فيه الى الحذف والاختصار نظرا الى اللفظ وحملا للوقف على الوصل يعنى أن سقوط الواو لفظا للالتقاء الساكنين حال الوصل وخطا ايضا حملا للخط على اللفظ

[سورة الشورى (42) : آية 25]

اى على أنه خلاف القياس وليس سقوطها منه لكونه مجزو ما بالعطف على ما قبله لاستحالة المعنى لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقا لا معلقا بالشرط والمعنى ومن عادته تعالى ان يمحو الباطل ويثبت الحق بوحيه او بقضائه فلو كانه افتراء كما زعموا لمحقه ودفعه ويجوز ان يكونه عدة لرسول الله عليه السلام بانه تعالى يمحو الباطل الذي هم عليه عن البهت والتكذيب ويثبت الحق الذي هو عليه بالقرءان او بقضائه الذي لا مرد له بنصرته عليم فالصيغة على هذا للاستقبال إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بما تضمره القلوب فيجرى عليها أحكامها اللائقة بها من المحو والإثبات (قال الكاشفى) راستى تو ومظنه افتراي ايشان بتو برو مخفى نيست ولم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات هاهنا تأنيث ذى بمعنى صاحب فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه اى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور وهى الخواطر القائمة بالقلب من الدواعي والصوارف الموجودة فيه وجعلت صاحبة للصدور بملازمتها وحلولها فيها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة هو جنين ذو بطنها وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى يتصرف فى عباده بما يشاء من ابعاد قريب وادناء بعيد (روى) أن رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى عليه السلام يا رب أنت تسمع مقالة الناس فقال الله يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل من جميع المذنبين لغفرت لهم الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بتسويل الشيطان وقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين أحب الى والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح فبهذه الثلاثة أدناه الله منه وجعله من المقربين عنده بعد ما أبعده هو والناس فعلى العاقل إصلاح الصدر والسريرة وفى الخبر ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونوا مقبولين مطلقا والا فلا وربما يهتدى الى الطريق المستقيم من مضى عمره فى الضلال وذلك لأن شقاوته كانت شقاوة عارضة والعبرة للحكم الأزلي والسعادة الاصلية فاذا كان كذالك فيمحو الله الباطل وهو الكفر ويثبت الحق وهو الإسلام وربما يختم على قلب من مضى وقته على الطاعة فيصير عاقبة الى المعصية بل الى الكفر كبلعام وبرصيصا ونحوهما مما كانت شقاوته اصلية وسعادته عارضة (قال الحافظ) چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند والله المعين وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ بالتجاوز عما تابوا عنه لأنه ان لم يقبل كان إغراء بالمعاصي عدى القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز قال ابن عباس رضى الله عنهما هى عامة للمؤمن والكافر والولي والعدو ومن تاب منهم قبل الله توبته والتوبة هى الرجوع عن المعاصي بالندم عليها والعزم ان لا يعاودها ابدا وقال السرى البوشنجي هو ان لا تجد حلاوة الذنب فى القلب عند ذكره (وروى) جابر رضى الله عنه ان أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم

وقال اللهم انى استغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على رضى الله عنه يا هذا ان سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك هذه تحتاج الى التوبة فقال يا امير- المؤمنين وما التوبة قال التوبة اسم يقع على ستة معان على الماضي من الذنوب بالندامة وتضييع الفرائض بالاعادة ورد المظالم واذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها فى المعصية واذاقتها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته وفى الأثر لله تعالى افرح بتوبة العبد من المضل الواجد ومن العقيم الوالد ومن الظمآن الوارد فمن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع الأرض خطاياه (روى) عبد العزيز بن اسمعيل قال يقول الله تعالى ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفر فاغفر له لا هو يترك ذنوبه ولا هو ييأس من رحمتى أشهدكم انى قد غفرت له وفى التأويلات النجمية إذا أراد الله تعالى ان يتوب على عبد من عباده ليرجع من أسفل سافلين البعد الى أعلى عليين القرب يخلصه من رق عبودية ما سواه بتصرف جذبات العناية ثم يوفقه للرجوع بالتقرب اليه كما قال من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا اى من تقرب الى شبرا بالتوبة تقربت اليه ذراعا بالقبول ولو لم يكن القبول سابقا على التوبة لما تاب كما قال بعضهم لبعض المشايخ ان أتب الى الله هل يقبل قال ان يقبل الله تتوبو فى الخبر أن بعض مواضع الجنة تبقى خالية فيخلق الله تعالى خلقا جديدا فيملأها بهم اگر روا باشد از روى كرم كه خلقى آفريند عبادت نابرده ورنج نابرده درجات جنت بايشان دهد او بر سرو سزاوار بر كه بندگان ديرينه را ودرويشان دلخسته راز در بيرون نكند واز ثواب وعطاى خود محروم نكرداند فكيف بالتائبين منهم والمستغفرين وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ صغيرها وكبيرها غير الشرك لمن يشاء بمحض رحمته وشفاعة شافع وان لم يتوبوا وهو مذهب اهل السنة وفى التأويلات النجمية ويعفو عن كثير من الذنوب التي لا يطلع العبد عليها ليتوب عنها وايضا ويعفو عن كثير من الذنوب قبل التوبة ليصير العبد به قابلا للتوبة والا لما تاب وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ كائنا ما كان من خير وشر فيجازى التائب ويتجاوز عن غير التائب حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى التأويلات النجمية ويعلم ما تفعلون من السيئات والحسنات مما لا تعلمون انها من السيئات والحسنات فبتلك الحسنات يعفو عن السيئات وعن عرائس البقلى يقبل توبتهم حين خرجوا من النفس والكون وصاروا أهلا له مقدسين بقدسه ويعفو عن سيئاتهم ما يخطر بقلوبهم من غير ذكره ويعلم ما تفعلون من التضرع بين يديه فى الخلوات وفى صحف ابراهيم عليه السلام على العاقل ان يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر فى صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم وأخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فى المطعم والمشرب وغيرهما وروى ان رجلا قال للدينورى رحمه الله ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه فكلما ضربته يجزع بين يديها ويتضرع فلا يزال كذلك حتى تضمنه إليها وفى الخبران بعض المذنبين يرفع يده الى جناب الحق فلا ينظر اليه اى بعين الرحمة ثم يدعو ثانيا فيعرض عنه ثم يدعو ويتضرع ثالثا فيقول يا ملائكتى قد استحييت من عبدى وليس له رب غيرى فقد غفرت له

[سورة الشورى (42) : آية 26]

واستحيت اى حصلت مرامه فانى استحيى من تضرع العباد كرم بين ولطف خداوندكار ... كنه بنده كردست واو شرمسار ومعنى استحيائه تعالى تركه تخييب العبد فى رجائه وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الفاعل ضمير اسم الله والموصول مفعول به على إضمار المضاف اى ويستجيب الله دعاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات اى المؤمنين الصالحين إذا دعوه ويثيبهم على طاعاتهم يعنى يعطيهم الثواب فى الآخرة والاثابة معنى مجازى للاجابة لأن الطاعة لما شبهت بدعاء ما يترتب عليها من النواب كانت الانابة عليها بمنزلة اجابة الدعاء فعبر بها عنها ومنه قوله عليه السلام أفضل الدعاء الحمد لله يعنى اطلق الدعاء على الحمد لله لشبهه به فى طلب ما يترتب عليه ويجوز ان يكون التقدير ويستجيب الله لهم فحذف اللام كما فى قوله وإذا كالوهم اى كالوا لهم قال سعدى المفتى الأظهر حمل الكلام على إضمار المضاف فانه كالمنقاس بخلاف حذف الجار وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على ما سألوا منه تفضلا وكرما ويجوز ان يكون الموصول فاعل الاستجابة والاستجابة فعلهم لا فعل الله تعالى واستجاب بمعنى أجاب او على ان يكون السين للطلب على أصلها فعلى هذا الوجه يكون ويزيدهم من فضله معطوفا على مقدر والمعنى ويستجيبون لله بالطاعة ويزيدهم على ما استحقوه من الثواب تفضلا ويؤيد هذا الوجه ما روى عن ابراهيم ابن أدهم قدس سره انه قيل ما لنا ندعو فلا نجاب قال لأنه دعاكم فلم تجيبوه ثم قرأ والله يدعو الى دار السلام ويستجيب الذين آمنوا فاشار بقراءته والله يدعو الى دار السلام الى ان الله تعالى دعا عباده وبقراءته ويستجيب الذين آمنوا الى انه لم يجيب الى دعائه الا البعض قال فى بحر العلوم هذا الجواب مع سؤاله ليس بمرضى عند اهل التحقيق من علماء الاخبار بل الحق الصريح ان الله يجيب دعاء كل عبد مؤمن بدليل قول النبي عليه السلام ان العبد لا يخطئه من الدعاء أحد ثلاث اما ذنب يغفر واما خير يدخر واما خير يعمل رواه انس رضى الله عنه وقوله عليه السلام ما من مسلم ينصب وجهه لله فى مسألة الا أعطاه إياها اما ان يعجلها له واما ان يدخرها له وقوله عليه السلام ان المؤمن ليؤجر فى كل شىء حتى فى الكظ عند الموت وقوله عليه السلام ان الله يدعو بعبده يوم القيامة فيقول انى قلت ادعوني استجب لكم فهل دعوتنى فيقول نعم فيقول أرأيت يوم نزل امر كذا وكذا مما كرهت فدعوتنى فجعلت لك فى الدينا فيقول نعم ويقول دعوتنى يوم نزل بك كذا فلم تر فرجا فقد ادخرته لك فى الجنة حتى يقول العبد ليته لم يستجب لى فى الدنيا دعوة رواه جابر رضى الله عنه وبدليل قوله عليه السلام من اعطى الدعاء لم يحرم من الاجابة وقال على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا صب عليه البلاء صبا وثجه عليه ثجا فاذا دعا العبد ربه قال جبريل اى رب اقض حاجته فيقول تعالى دعه فانى أحب ان اسمع صوته فاذا دعا يقول تعالى لبيك عبدى وعزتى لا تسألنى شيأ الا أعطيك ولا تدعونى بشىء الا استجيب فاما ان اعمل لك واما ان ادخر لك أفضل منه والأحاديث فى هذا الباب كثيرة وان الله يجيب الدعوات كلها من عبده المؤمن ولا يخيبه فى شى من دعواته

وكيف يخيب ولا يجيب من إذا لم يسأله عبده يغضب عليه قال ابو هريرة رضى الله عنه قال النبىء عليه السلام ان الله يغضب على من لم يسأله ولا يفعل ذلك أحد غيره انتهى ما فى بحر العلوم يقول الفقير هذا كله مسلم مقبول فانه يدل على أن دعاء المؤمن المطيع لربه مستجاب على كل حال ولكن لا يلزم منه ان يستجاب لكل مؤمن فان بعضا من الذنوب يمنع الاستجابة ويرد الدعوة كما إذا كان الملبوس والمشروب حراما والقلب لاهيا غافلا وعلى الداعي مظالم وحقوق للعباد ونحو ذلك وبدل على ما ذكرنا ما قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله عنه حين قال له يا رسول الله ادع الله ان يستجيب دعائى يا سعد اجتنب الحرام فان كل بطن دخل فيه لقمة من حرام لا تستجاب دعوته أربعين يوما وايضا ما قال عليه السلام الرجل يطيل السفر اى فى طريق الحق اشعث اغبر يمديده الى السماء قائلا يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فانى يستجاب لذلك الرجل دعاؤه وايضا ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنت يا عم لواطعته أطاعك إطاعتي حين قال له عمه ابو طالب ما أطوعك ربك يا محمد وغير ذلك ثم ان الزيادة فى الآية مفسرة بالشفاعة لمن وجبت له النار وبالرؤية فان الجنان ونعيمها مخلوقة تقع فى مقابلة مخلوق مثلها وهو عمل العبد والرؤية مما يتعلق بالقديم ولا تقع الا فى مقابلة القديم وهو الفضل الرباني (وفى كشف الاسرار) بنده كه بديدار الله رسد بفضل الله ميرسد نه از طاعت خود وفى الخبر الصحيح إذا دخل اهل الجنة الجنة نودوا يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيكشف الحجاب فينظرون اليه ابو بكر الشبلي قدس سره وقتى در غلبات وجد وخروش كفت اى بار خدا فردا همه را نابينا انگيز تا جز من ترا كس نبيند باز وقتى ديكر كفت بار خدا يا شبلى را نابينا انگيز كه دريغ بود كه چون منى ترا بيند وآن سخن أول غيرت بود بر جمال از ديده اغيار وآن سخن ديكر غيرت بود بر جمال از ديده خود ودر راه جوانمردان اين قدم از ان قدم تمام ترست وعزيز تر از رشك تو پر كنم دل وديده خويش ... تا اين تو نه بيند ونه آن را بيش وچون حق تعالى ديدار خود را دوستانرا كرامت كند بتقاضاى جمال خود كند نه بتقاضاى بنده كه بشر محض را هركز زهره آن نبود كه با اين تقاضا پيدا آيد وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد (قال الكاشفى) مر ايشانراست عذابى سخت كه ذل حجاب ودوام عقابست وهيچ عقاب بدتر از مذلت حجاب نيست ز هيچ رنج تو مطلق دلم نتابد روى ... جز آنكه بند كنى در حجاب حرمانش وفى التأويلات النجمية لما ذكر انه تعالى يقبل توبة التائبين ومن لم يتب يغفر زلتهم والمطيعون يدخلهم الجنة فلعله يخطر ببال أحدهم ان هذه النار لمن هى قال الله تعالى والكافرون لهم عذاب شديد فلعله خطر ببالهم ان العصاة من المؤمنين لا عذاب لهم فقال والكافرون لهم عذاب شديد فدليل الخطاب ان المؤمنين لهم عذاب ولكن ليس بشديد ثم ان العبد لو لم يتب خوفا من النار ولا طمعا فى الجنة لكان من حقه ان يتوب ليقبل الحق سبحانه توبته ثم ان

[سورة الشورى (42) : آية 27]

العامي ابدا منكسر القلب فاذا علم ان الله يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى ان له طاعة ميسرة ليقبلها الله فيقول الحق عبدى ان لم يكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة ان أتيت بها تصلح لقبولها وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لو وسعه عليهم لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ لطغوا فى الأرض وعصوا فمن العصمة ان لا تجد او لظلم بعضهم على بعض لان الغنى مبطرة مأشرة اى داع الى البطر والأشر او البغي بمعنى الكبر فيكون كناية عن الفساد وقال ابن عباس رضى الله عنهما بغيهم فى الأرض طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس وقال بعضهم لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب لتفرغوا للفساد فى الأرض ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد ونعم ما قيل ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء اى مفسده اى داعية الى الفساد ومعنى الفراع عدم الشغل ولزوم البغي على بسط الرزق على الغالب والا فقد يكون الفقير مستكبرا وظالما يعنى ان البغي مع الفقر اقل لأن الفقر مؤد الى الانكسار والتواضع غالبا ومع الغنى اكثر واغلب لأن الغنى مؤد الى البغي غالبا فلو عم البسط كل واحد من العباد لغلب البغي وانقلب الأمر الى عكس ما عليه الآن (قال الكاشفى) واين در غالبست چهـ ذى النورين رضى الله عنه مالدارترين مردم بودند وهركز از ايشان بغى وطغيان ظاهر نشد وكفته اند مال دنيا بمثال بارانست كه بر تمام زمين بارد واز هر قطعه از ان كياه ديكر رويد باران كه در لطافت طبعش خلاف نيست ... در باغ لاله رويد ودر شوره بوم خس وچون اغلب طباع خلق بجانب هوى وهوس مائلست و پرورش صفات سبعى وبهيمى بر ايشان غالب ومال دنيا درين أبواب قوى ترين اسبابست پس اگر حق سبحانه وتعالى روزى بر خلق فراخ كرداند اكثر باغي وطاغى كردند وكفا بحال فرعون وهامان وقارون ونحوهم عبرة قال عليه السلام ان أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها (قال الصائب) نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن آب ونان وسير كاهل ميكند مزدور را وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ اى بتقدير يعنى باندازه كما فى كشف الاسرار (وقال الكاشفى) بتقدير ازلى وفى القاموس قدر الرزق قسمه والقدر قياس الشيء بالشيء وفى بحر العلوم يقال قدره قدر او قدرا وقوله عليه السلام فان غم عليكم فاقدروا بكسر الدال والضم خطأ رواية اى فقدروا عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما ما يَشاءُ ان ينزله مما تقتضيه مشيئته وهو مفعول ينزل إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ محيط بخفايا أمورهم وجلاياها فيقدر لكل واحد منهم فى كل وقت من أوقاتهم ما يليق بشأنهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطى ويقبض ويبسط حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولوا فقرهم لهلكوا روى انس بن مالك رضى الله عنه عن النبي عليه السلام عن جبرائيل عن الله تعالى انه قال من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة وانى لأسرع شىء الى نصرة أوليائي وانى لأغضب لهم كما يغضب الليث الجريء وما تقرب الى عبدى المؤمن بمثل أداء

[سورة الشورى (42) : الآيات 28 إلى 31]

ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى أجبته وان سألنى أعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى بعبادي خبير بصير وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الأرض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه چهـ باشد كه ما توانكر شويم ومال خود بفلان وفلان چيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الأرض رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانزل الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا اخصبوا تحاربوا وإذا اجدبوا اى أصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبو الماء والكلاء وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر قوم إذا نبت الربيع بأرضهم ... نبتت عداوتهم مع البقل وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ اى المطر الذي يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية أوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر وَيَنْشُرُ و پراكنده كند رَحْمَتَهُ اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا ادام سئم وتجيىء الشمس بعده عظيمة الوقع وَهُوَ الْوَلِيُّ المالك السيد الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (قال الكاشفى) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان

تو از فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك الْحَمِيدُ المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولي اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الأهل لأن يحمد على صنعه إذ لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن وأراد هذه الآية (وفى المثنوى) تا فرود آيد بلاي دافعى ... چون نباشد إذ تضرع شافعى تا سقاهم ربهم آيد خطاب ... تشنه باش الله اعلم بالصواب وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفى الحديث القدسي لو أن عبادى أطاعوني سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الأمر الذي يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد إذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس أنسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد أنسه وردا جنيا وفى عرائس البيان يكشف الله لهم أنوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه أيأسهم بصفاتهم وإذا ايسوا أطمعهم بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه أتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب أوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب إفضال در اقبال فشاند كل وصال در باغ نوال شكفته كردد آخر كار باول كار باز شود يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الإنسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن أعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه أغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الألفات الاربعة وكنت إذ ذاك معهم فتجردت باختياري عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطني على يمينك فأخذت

[سورة الشورى (42) : آية 29]

اليمين حتى لم يبق لى طاقة على المشي من الجوع والعطش فوقعت على الرمل فأيست من الحياة وليس معى أحد الا الله فقيل لى فى سمعى قول الشاعر عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... بكون وراءه فرج قريب ثم ان الله تعالى فرج عنى بعد ساعات بما يطول بيانه بل يجب خفاؤه وهو الولي الحميد وَمِنْ آياتِهِ اى دلائل قدرته تعالى خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فانها بذاتها او صفاتها تدل على شؤونه العظيمة قال فى الحواشي السعدية قوله فانها اشارة الى ما تقرر فى الكلام من المسالك الاربعة فى الاستدلال على وجود الصانع تعالى حدوث الجواهر وإمكانها وحدوث الاعراض القائمة بها وإمكانها ايضا وفيه اشارة الى ان خلق السموات من اضافة الصفة الى الموصوف اى السموات المخلوقة انتهى وَما بَثَّ فِيهِما عطف على السموات او الخلق ومعنى بث فرق يعنى پراكنده كرده وقال الراغب اصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما نطوت عليه من الغم والسرور وقوله وبث اشارة الى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره إياه مِنْ دابَّةٍ حى على اطلاق اسم المسبب على السبب اى الدبيب مجازا أريد به سببه وهو الحياة فتكون الدابة بمعنى الحي فتتناول الملائكة ايضا لأن الملائكة ذووا حركت طيارون فى السماء وان كانوا لا يمشون على الأرض ويجوز أن يكون المعنى مما تدب على الأرض فان ما يختص بأحد الشيئين المجاورين يصح نسبته إليهما يعنى ما يكون فى أحد الشيئين يصدق انه فيهما فى الجملة كما فى قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وانما يخرج من الملح وقد جوزان يكون للملائكة مشى مع الطيران فيوصفون بالدبيب وان يخلق الله فى السماء حيوانات يمشون فيها مشى الأناسي على الأرض كما ينبىء عنه قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقد روى ان النبي عليه السلام قال فوق السابعة بحربين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوقه العرش العظيم يقول الفقير يقول الفقير ان للملائكة أحوالا شتى وصورا مختلفة لا يقتضى موطنهم الحصر فى شىء من المشي والطيران فطير انهم اشارة الى قوتهم فى قطع المسافة وان كان ذلك لا ينافى ان يكون لهم اجنحة ظاهرة فلهم اجنحة يطيرون بها ولهم ارجل يمشون بها والله اعلم وَهُوَ تعالى عَلى جَمْعِهِمْ اى حشر الأجسام بعد البعث للمحاسبة إِذا يَشاءُ فى اى وقت يشاء قَدِيرٌ متمكن منه يعنى تواناست ومتمكن از ان وغير عاجز در ان قوله هو مبتدأ وقدير خبره وعلى جمعهم متعلق بقدير وإذا منصوب بجمعهم لا بقدير لفساد المعنى فان المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته وإذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل على الماضي تدخل على المضارع قال تعالى والليل إذا يغشى وفى الآية اشارة الى سموات الأرواح وارض الأجساد وما بث فيهما من دابة النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم فان بين الأرواح والأجساد بونا بعيدا فى الفناء لان الجسد من أسفل سافلين والروح من أعلى عليين والنفس تميل الى الشهوات الحيوانية الدنيوية والقلب يميل الى الشواهد الروحانية الاخروية الربانية وهو على جمعهم على طلب الدنيا وزينتها وعلى طلب الآخرة ودرجاتها وعلى طلب الحضرة وقرباتها إذا يشاء قدير والحشر على انواع عام وهو خروج

[سورة الشورى (42) : الآيات 30 إلى 31]

الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وخاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية يحرق الحجب الظلمانية وأخص وهو خروج الاسرار من قبور الروحانية الى عالم الهوية بقطع الحجب النورانية فعند ذلك يرجع الإنسان الى أصله رجوعا اختياريا مرضيا ليس فيه شائبة غضب أصلا ونعم الرجوع والقدوم وهو قدوم الحبيب على الحبيب والخلوة معه خلوت كزيده را بتماشا چهـ حاجتست ... چون روى دوست هست بصحرا چهـ حاجتست ولا يمكن الخروج من النفس الا بالله وكان السلف يجهدون فى إصلاح نفوسهم وكسر مقتضاها وقمع هواها (حكى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر وعلى ظهره قربة ماء فقيل له فى ذلك فقال ليس لى حاجة الى الماء وانما أردت به كسر نفسى لما حصل لها من إطاعة ملوك الأطراف ومجىء الوفود فكما انه لا بعث الى المحشر الا بعد فناء ظاهر الوجود فكذا لا حشر الى الله الا بعد فناء باطنه نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى جنابه وَما أَصابَكُمْ وهر چهـ شما را رسدا اى مؤمنان فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لئضمنه معنى الشرط اى الذي وصل إليكم ايها الناس مِنْ مُصِيبَةٍ اى مصيبة كانت من الآلام والأسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الأهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصي كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ اى فهو بسبب معاصيكم التي اكتسبتموها فان ذكر الأيدي لكون اكثر الأعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير (وفى المثنوى) هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى باكى وگ ستاخيست هم وفى الحديث لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه قوله لا يرد إلخ لان من جملة القضاء ردا لبلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الأرض قال الضحاك ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية أقبح من نسيان القرآن وتلا الآية وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان أصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصي الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزاء لما صدر منكم من سوء الأدب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصي ثم إذا كثرت الأسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى أفعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزاء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الداراني قدس سره ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ فائتين ما قضى عليكم من المصائب

وان هربتم من أقطار الأرض كل مهرب يعنى إذا أراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدايرا از إنفاذ امر يا از عذاب كردن مستحق قال اهل اللغة أعجزته اى صيرته عاجزا وأعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بمادون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما أنتم اى أجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الأرض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان وَما لَكُمْ اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد مِنْ دُونِ اللَّهِ المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة مِنْ وَلِيٍّ يكون متوليا لشىء من أموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب وَلا نَصِيرٍ يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل أحد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وإرادته اظهار الخضوع والتذلل واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما أودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية قال الامام الواحدي رحمه الله هذه الآية أرجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفاعفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم إذا كسب العبد شيأ من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان أهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الأنبياء وكمل الأولياء والأطفال والمجانين فلأسباب اخر لا بما كسبت أيديهم لانهم معصومون محفوظون منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الأطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الأصول للحكيم الترمذي قدس سره البلاء على ثلاثة اضرب منها تعجيل عقوبة للعبد كمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله إذ كرنى عند ربك فانسيه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وقد سأل النبي عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال واسأل الله العافية من كل بلية والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه إذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا

[سورة الشورى (42) : الآيات 32 إلى 36]

وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل أكثرها من أجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التي من أجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير وقال تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم (وقال الحافظ) شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت ... نخست در شكن تنك از آن مكان كيرد (وما قال) كويند سنك لعل شود در مقام صبر ... آرى شود وليك بخون جكر شود نسأل الله العافية وَمِنْ آياتِهِ دلائل وحدته تعالى وقدرته وعظمته وحكمته الْجَوارِ السفن الجارية وهى بالياء فى الأصل حذفت الكسر الدال عليها فِي الْبَحْرِ در دريا كَالْأَعْلامِ جمع علم بفتحتين بمعنى الجبل وكل مرتفع علم أي كالجبال على الإطلاق لا التي عليها النار للاهتداء خاصة وبالفارسية مانند كوها در عظمت فقوله جوار جمع جارية بمعنى سائرة صفة للسفن المقدرة وفى البحر متعلق بالجوار وحال منه ان كانت الجارية جامدة اسما للسفينة بالغلبة سميت بها لجريها وكالاعلام حال منه على التقديرين إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى وهو شرط جوابه قوله يُسْكِنِ الرِّيحَ التي تجريها يعنى ساكن كرداند بادى را كه سبب رفتن كشتى است فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ عطف على قوله يسكن وظل بمعنى صار وركدت السفينة إذا سكنت وثبتت اى فيصرن تلكن السفن ثوابت بعد ما كانت جوارى برياح طيبة وحاصل المعنى فيبقين ثوابت على ظهر البحر غير جاريات لا غير متحركات أصلا و چون آن كشتيها ساكن شوند بسبب سكون باد اهل كشتى در كرداب اضطراب افتد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من السفن اللاتي يجرين تارة ويركدن تارة اخرى على حسب مشيئة الله تعالى لَآياتٍ عظيمة فى أنفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شؤونه لِكُلِّ صَبَّارٍ بليغ الصبر على احتمال البلايا فى طاعة الله تعالى شَكُورٍ بليغ الشكر له على نعمائه باستعمال كل عضو من الأعضاء فيما خلق له (وقال الكاشفى) مرهر صبر كننده را در كشتى سپاس دارنده برقت خروج از كشتى ويجوز أن يكون مجموع صبار شكور كناية عن الآتي بجميع ما كلف به من الافعال والتروك فالمعنى لكل مؤمن كامل فى خصائل الايمان وثمراتها ترجع كلها الى الصبر والشكر فان الايمان نصفه صبر عن المعاصي ونصفه شكر وهو الإتيان بالواجبات أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا عطف على يسكن يقال أوبقه أهلكه كما فى القاموس والايباق بالفارسية هلاك كردن كما فى تاج المصادر والمعنى ان يشأ يسكن الريح فيركدن او يرسلها فتغرق بعضها اى السفن بعدله وإيقاع الايباق عليهن مع انه حال أهلهن للمبالغة والتهويل يعنى ان المراد إهلاك أهلها بسبب ما كسبوا من الذنوب موجباب الهلاك على إضمار المضاف او التجوز بعلاقة الحلول قال سعدى المفتى والظاهر انه لا منع من ابقاء الكلام على حقيقته فالآية مثل قوله تعالى وما أصابكم من مصيبة

[سورة الشورى (42) : الآيات 35 إلى 36]

إلخ اى يوبق سفائنهم بشؤم ما كسبوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ فلا يوبق أموالهم انتهى واجراء حكمه على العفو فى قوله تعالى ويعف عن كثير لما ان المعنى او يرسلها فيوبق ناسا وينجى آخرين بطريق العفو عنهم وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم وليعلم الذين يكذبون ويسعون فى دفعه وابطاله وقرىء بالرفع على الاستئناف عطفا على الشرطية وبالجزم عطفا على يعف فيكون المعنى وان يشأ يجمع بين إهلاك قوم وإنجاء قوم وتحذير قوم ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ اى من مهرب من العذاب والجملة معلق عنها الفعل فكما لا مخلص لهم إذا وقفت السفن او عصفت الرياح كذا لا مهرب لهم من عذابه بعد البعث فلا بد من الاعتراف بان الضار والنافع ليس الا الله وان كل امر عرض فانما هو بتأثيره وفى الآيات إشارات منها ان الله تعالى حثهم على الفكرة المنبهة لهم فى السفن التي تجرى فى البحار فيرسل الله الرياح تارة ويسكنها اخرى وما يريهم من السلامة والهلاك والاشارة فى هذا الى إمساك الناس فى خلال فتن الوقت عن الأنواع المختلفة ثم حفظ العبد فى إيواء السلامة وذلك يوجب خلوص الشكر الموجب له جزيل المزيد ومنها كما ان السفن تجرى فى البحر بالريح الطيبة فتصل الى الساحل كذلك بعض الهمم تجرى فى الدنيا بريح العناية فتصل الى الحضرة وكما ان لبعض السفن وقفة لانقطاع الريح فكذا لبعض الهمم بانقطاع الفيض وكما ان بعضها نهلك فكذا بعض النفوس فى بحر الدنيا نعوذ بالله تعالى ومنها ان الريح لا تتحرك بنفسها بل لها محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له وهو الله تعال فلا يجوز الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها والا فقد جاء الشرك فى توحيد الافعال والجهل بحقائق الأمور ومنها ان الصابر من صبره الله والشكور من شكره الله فان الصبر الحقيقي والشكر الحقيقي لا يكون الا لمن كان صبره بالله وشكره بالله فانه تعالى هو الصبور الشكور ومنها أن علم الله قديم ليس بحادث واما علم الخلق فحادث متأخر ولذلك قال ويعلم إلخ فالعاقل يرى عاقبة الأمر فيحذر كما قيل (ع) در انتهاى كار خود از ابتدا ببين فَما أُوتِيتُمْ پس آنچهـ داده شده آيد مِنْ شَيْءٍ مما ترغبون ايها الناس وتتنافسون فيه من مال ومعاش وأولاد فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى فهو متاعها ومنفعتها تتمتعون وتنتفعون به مدة حياتكم القليلة فيزول ويفنى فما موصولة متضمنة لمعنى الشرط من حيث ان إيتاء ما أوتوا سبب للتمتع به فى الحياة الدنيا ولذا دخلت الفاء فى جوابها وقدر المبتدأ لان الجواب لا يكون الا جملة يعنى ان سببيته مقصود فيها الاعلام لتضمنها الترغيب فى الشكر بخلاف الثانية وهى قوله تعالى وما عند الله إلخ فان المقصود فيها بيان حال ان ما عند الله سبب للخيرية والدوام وقد يقال ان ما شرطية على انها مفعول ثان لأوتيتم بمعنى أعطيتم والاول وهو ضمير المخاطبين قائم مقام الفاعل ومن شىء بيان لها لما فيها من الإبهام وَما عِنْدَ اللَّهِ من ثواب الآخرة أشير اليه آنفا خَيْرٌ ذاتا لخلوص نفعه وهو خبر ما وَأَبْقى زمان حيث لا يزول ولا يفنى بخلاف ما فى أيدي الناس وفيه اشارة الى ان الراحات فى الدنيا لا تصفو ومن الشوائب لا تخلو وان اتفق لبعضهم منها فى الأحايين فانها سريعة الزوال وشيكة الارتحال وما عند الله من الثواب الموعود خير وأبقى من هذا القليل الموجود بل ما عند الله من الألطاف الخفية والمقامات العلية

والمواهب السنية خير وأبقى مما فى الدنيا والآخرة لِلَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا فى الايمان وهو متعلق بأبقى وفى الحواشي السعدية الظاهر ان اللام للبيان اى للبيان من له هذه النعمة وقد بينه ابو الليث فى تفسيره بقوله ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال للذين آمنوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ لا على غيره تعالى اى خصوا ربهم بالتوكل عليه فيما يعرض لهم من الأمور لا يسندون امرا الا اليه ولا يعتمدون الا عليه وعن على رضى الله عنه انه تصدق ابو بكر رضى الله عنه بما له كله فلامه جمع من المسلمين فنزلت مستغرق كار خود چنانم كه دكر ... پرواى ملامتكر بى كارم نيست بين ان ثواب الاخرة مع كونه خيرا مما فى الدنيا وأبقى يحصل لمن اتصف بصفات وجمع بينهما وهو الايمان والتوكل وما ذكر بعدهما فالمؤمن والكافر يستويان فى ان الدنيا متاع لهما يتمتعان بها كما قال فى البستان أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست وإذا صار الى الآخرة كان ما عند الله خيرا للمؤمن فمن عرف فناء متاع الدنيا وتيقن ان ما عند الله خير وأبقى ترك الدنيا واختار العقبى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (حكى) انه كان لهرون الرشيد ابن فى سن ست عشرة فزهد فى الدنيا وتجرد واختار العبادة فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة الدنية فدعاه هرون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك هذه فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طائرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك الا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت عمل الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر الواعظ البصري رحمه الله استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذه افعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال (يا صاحبى لا تغترر بتنعم فالعمر ينفذ والنعيم يزول) ... وإذا حملت الى القبور جنازة فاعلم بابك بعدها محمول) ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا أكفنك فى الحديد فقال الحي أحوج الى الجديد من الميت يا أبا عامر الثياب تبلى والأعمال تبقى ثم قال ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فلما غسلته وكفنته بما اوصى ودفنته دفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فيم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم أنت غسلته قلت نعم فقيل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض أعطاني مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب

[سورة الشورى (42) : الآيات 37 إلى 40]

بشرو آلى على نفسه الشريفة اى قال والله الذي خلقنى لا يخرج عبد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى قال بعضهم ما ظهر من افعالك وطاعتك لا يساوى اقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر وكيف ترجو بها نجاة الآخرة فالنعيم كله بالفضل لا بالاستحقاق ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعد هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشانا فهل كنت تعطيه قال نعم فقال لو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يستوى بشربة ماء يعنى فشربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس كذلك فلو أخذ لحظة ثم انقطع الهولء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام حار او بئر عميق مات فعلى العبد التوغل فى العبادة شكرا لنعم الله تعالى ومن أفضل الطاعات التوكل وهو ترك التدبير والانخلاع عن الحول والقوة قال الجنيد قدس سره حقيقة التوكل ان يكون العبد مع الله بعد وجوده كما كان قبل وجوده وهو مقتضى الحال كما ان الكسب مقتضى العلم (روى) ان النوري قدس سره تعبد مع عالم فى مسجد وكان النوري يجمع ما نبذه الناس فى آخر النهار ويغسله ويأكل معه فسأله سائل فاعطاه فقال له رفيقه العالم قد قنعنا من الدنيا بما يطرحه الناس وأنت تنفقه ايها العابد لو كان معك علم فبعد ساعة جاء طعام من غنى فأكلا ثم قال النوري ايها العالم لو كان معك حال فانظر حال التوكل واليقين والاتكال على الملك المتعال من خصائص توحيد الافعال الحاصل بإصلاح الطبيعة فى مقام الشريعة پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدراى كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وَالَّذِينَ إلخ فى موضع الجر عطفا على الذين آمنوا عطف الصفة على الصفة لان الذات واحدة والعطف انما هو بين الصفات يَجْتَنِبُونَ الاجتناب با يك سو شدن وترك كردن كَبائِرَ الْإِثْمِ الإثم الذنب كما فى القاموس وقال الراغب الإثم والأثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب وقوله تعالى فيهما اثم كبيراى فى تناو لهما إبطاء عن الخيرات وتسمية الكذب اثما كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملتهم والكبيرة ما أوجب الله عليه الحد فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وفى المفردات الكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته والمعنى يجتنبون الكبائر من هذا الجنس فالاضافة بمعنى من ولكون المراد جنس الإثم لم يقل كبائر الآثام قال فى كشف الاسرار أضاف الكبائر الى الإثم فان اثم الصغيرة مغفور إذا اجتنب الكبيرة كما قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم قرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإثم على التوحيد ارادة الجنس قال الراغب قوله والذين يجتنبون كبائر الإثم وقوله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قيل أريد بهما الشرك لقوله ان الشرك لظلم عظيم قال ابن عباس كبير الإثم هو الشرك قال الامام الرازي هو عندى ضعيف لان ذكر الايمان يغنى عنه يقول الفقير لا يغنى فانه بالايمان يحصل الاجتناب عن مطلق الشرك الشامل للجلى والخفي بل عن الجلى فقط وقد اطلق عليه السلام الشرك على الرياء حيث قال اتقوا الشرك الأصغر فالقول ما قال ترجمان القرآن رضى الله عنه وقرأ الباقون

كبائر الإثم على ارادة جميع المعاصي الموبقة وهو الشرك بالله اى الكفر مطلقا وان لم يعبد الصنم وقتل النفس بغير حق سوآء قتل نفسه او غيره وقذف المحصنة اى شتم الحرة المكلفة المسلمة العفيفة التي أحصنها الله عن القبائح والزنى وهو وطئ فى قبل المرأة خال عن ملك وشبهة فوطئ البهيمة واللواطة ليس بزنى والسحر ويقتل الساحر ذكرا كان او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض واما إذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر وتضرب الأنثى وتحبس وأكل مال اليتيم الا بجهة الشرع كما قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن واما ما اخذه قضاة الزمان حقا للقسمة فأصله مشروع إذا لم يعين له من بيت المال حق وكميته مشكلة وعقوق الوالدين المسلمين إذا كان مؤديا الى اضاعة الحقوق والا فلا صاعة المخلوق فى معصية الخالق واما إذا كانا كافرين قال الله تعالى فى حقهما وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها والإلحاد فى الحرم اى الذنب فيه ولو صغيرة فالكبيرة فيه كبيرتان وقيل الإلحاد فيه منع الناس عن عمارته ومن عمارته الحج فالأعراب الذين يقطعون طريق الحجاج فى هذه الزمان ان استحلوا ذلك كفروا والا أثموا انما كبيرا وأكل الربا اى الانتفاع بالربا سوآء كان أكلا او غيره وانما ذكر أكله لكونه معظم منافعه والسرقة ونصابها عند ابى حنيفة قدر عشرة دراهم عينا او قيمة وهذا نصاب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فأخذ ما دون عشر يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وشرب الخمر وقطع الطريق خصوصا إذا كان مع أخذ المال فانه فوق السرقة وشهادة الزور واليمين الغموس وسوء الظن بالله وحب الدنيا ولعن الرجل والديه سوآء كان بوسط او بغيره ومعنى بوسط ان يسب أبا رجل وامه فيسب هو أباه وامه واذية الرسول عليه السلام فانها فوق عقوق الوالدين وسب الشيخين ابى بكر وعمر رضى الله عنهما قال القهستاني سب أحد من الصحابة ليس بكفر كما فى خزانة المفتين وغيرها لكن فى مجموع النوازل لو قال أحد من يسب الشيخين او يلعنهما رضى الله عنهما لم يقتص منه فانه كافر لان سبهما ينصرف الى سب النبي عليه السلام وسب الختنين ليس بكفر كما فى الخلاصة وهو مشكل لان سب اهل العلم على وجه الاهانة إذا كان كفرا فكيف لا يكون سب الختنين كفرا وسب العالم بالعلوم الدينية على وجه المزاح فانه يعزر والإصرار على الصغيرة فانه عليه السلام قال لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وقد قال الامام علاء الدين التركستانى الحنفي رحمه الله فى منظومته عدد الكبائر سبعون فمنها الغناء بالكسر والمد وقد يقصر وهو رفع الصوت بالاشعار والأبيات على نحو مخصوص قال الامام الغزالي رحمه الله فى الاحياء واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه ابو امامة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال ما رفع أحد صوته بغناء الا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك قال بعضهم المراد به الغناء الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبه المخلوقين لا ما يحرك الشوق الى الله ويرغب فى الآخرة ومنها الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف فى الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة فى نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج

إذا كان له استطاعة وفى الطريق أمن ونسيان القرآن وكتم الشهادة وقطع الرحم والسعى بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق فانها كعبادة الصنم وترك الجمعة والجماعة وان يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الأمير الجائر ونكاح الكف وفى الحديث ناكح الكف ملعون وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق كما فى شرح المنار لابن الملك وقال الرهاوي لم أجده فى كتب الحديث وانما ذكره المشايخ فى كتب الفقه وفى حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه قال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وأراد تسكين الشهوة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة ومنها تعييب أحد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل فى القسم وترك الشكر فى القسم واللواطة وإتيان المرأة فى الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالاجنبية وإتيان البهيمة وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكينا للشهوة ثم علم حرمته وتاب وفى نوادر ابى يوسف وطئ بهيمة نفسه تذبح وتحرق ان لم تكن مأكولة وان كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق وان كانت لغيره تدفع الى الفاعل على القيمة وتذبح وتحرق وقال بعضهم تؤكل وفى الأجناس من أصحابنا من قال تذبح وتحرق على وجه الاستحباب اما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول كذا فى خزانة الفتاوى ومنها تصديق الكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير وفى الحديث من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير الشطرنج معرب صد رنك ورنك فى الفارسية الحيلة والنرد شير اللعب المعروف بالنرد قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر وكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ومنها النياحة واستباحتها واظهار الصلاح وإخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهي وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر وهو على وجه التهديد ولو امسك شيا من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم وان كان لا يستعملهما لان امساكهما يكون للهو عادة ومنها الرقص بالرباب ونحوه ودخول بيت الغير بغير اذنه والنظر فيه والنظر الى الوجه المليح عن شهوة قان الصبيح فى حكم النساء بل أشد ولذا قيل ان مع كل امرأة شيطاتين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة رحمه الله يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سنرية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه وفى بستان الفقيه ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ورؤى واحد فى المنام بعد موته وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال نظرت الى غلام فاحترق وجهى فى النار ومنها ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والسخرية وأخذ الصلة والعطاء من اهل الجور وقال قوم ان صلات السلاطين تحل للغنى والفقير إذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان

الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم وَالْفَواحِشَ واز كارها زشت جمع فاحشة وهى القبيحة او المفرطة فى القبح قال فى القاموس الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل إيذانا بكمال شناعته وقيل هما واحد والعطف لتغاير الوصفين كانه قيل يجتنبون المعاصي وهى عظيمة عند الله فى الوزن وقبيحة فى العقل والشرع وفى التأويلات النجمية كبائر الإثم حب الدنيا ومتابعة الهوى فانها رأس كل خطيئة ومنشأها والفواحش هى الاشتغال بطلب الدنيا وصرفها فى اتباع الهوى وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ إذا ظرفية عمل فيها يغفرون والجملة الاسمية هى المعطوفة على الصلة وهى يجتنبون عطف اسمية على فعلية والتقدير والذين يجتنبون وهم يغفرون لا انها شرطية والاسمية جوابها لخلوها عن الفاء وما زائدة مع إذا فانها وان كانت تزاد مع إذا التي للشرط لكن فى إذا الزمانية معنى الشرط وهو ترتب مضمون جملة على اخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فلذلك اختير بعدها الفعل لمناسبة الفعل الشرط وإذا الزمانية للمستقبل وان كانت داخلة على المضي كما عرف فى النحو والغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه وقوله هم مبتدأ ويغفرون خبر والمغفرة هنا بمعنى العفو والتجاوز والحلم وكظم الغيظ والمعنى وهم يعفون ويتجاورون ويحلمون ويكظمون الغيظ وقت غضبهم على أحد ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية وبالفارسية ووقتى كه خشم كيرند بر مردمان نيست رنجى وزيانى ومكروهى كه بديشان رسانند ايشان در ميكذرانند انرا وعفو ميكنند وفيه دلالة على انهم الاخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها لا يريل الغضب اخلاقهم كسائر الناس وذلك لان تقديم الفاعل المعنوي او التقديم مطلقا يفيد الاختصاص ثم يجور فى النظم ان يكون هم تأكيدا للفاعل فى قوله غضبوا وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط كذا فى الحواشي السعدية قال بعض الكبار فى قوله للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون اشارة الى مقام الرضى وتوحيد الافعال والصفات فتوحيد الافعال بإصلاح الطبيعة وتوحيد الصفات بإصلاح النفس بالاجتناب عن كبائر الإثم وفواحش الشرك والسيئات والاحتراز عن الغضب وسائر رذائل الصفات قيل لبعض الأنبياء إذا خرجت من بيتك غدا فكل من استقبلك اولا واستر الثاني وأعرض عن الثالث فلما كان الغد استقبله جبل عظيم فقصد الى أكله امتثالا للامر فصار تفاحة فأكلها فوجدها ألذ الأشياء ثم وجد طشتا من ذهب فكلما ستره خرج ثم رأى مزابل فأعرض عنها فقيل اما الجبل فالشدة والغضب فعند ظهورها ترى كالجبل فبالصبر وقصد الهضم تصير حلوا تحمل نمايد چورهرت نخست ... ولى شهد كردد چودر طبع رست واما الطشت فالحسنات وحسن الحال فكلما قصد صاحبها الى سترها انكشفت اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى

[سورة الشورى (42) : آية 38]

واما المزابل فالدنيا جاى روح پاك عليين بود ... كرم باشد كش وطن سركين بود وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ نزلت فى الأنصار دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الايمان فاستجابوا له اى لرسول الله من صميم القلب كما هو المفهوم من اطلاق الاستجابة وفيه اشارة الى ان الاستجابة للرسول استجابة للمرسل فهو من عطف الخاص على العام لمزيد التشريف وذلك لان الاستجابة داخلة فى الايمان فما وجه العطف مع عدم التغاير بين الوصفين ولا يلزم فيه ان تكون الآية مدنية فان كثيرا منهم اسلموا بمكة قبل الهجرة وفى الآية اشارة الى استجابة خطاب ارجعي الى ربك فانها استجابة مخصوصة بالنفس حاصلة لها بالسلوك وَأَقامُوا الصَّلاةَ من أوصاف الأنصار ايضا والمراد الصلوات الخمس فانهم يجدون أوقاتها وان كان تفاوت قليل فى ساعات الليل والنهار فى الحرمين الشريفين على ما جربناه قال العلماء من الناس من لم يجد وقت المغرب والعشاء لانه يطلع الفجر حين تغرب الشمس فيسقط عنهم ما لا يجدون وقته وهذا كما ان رجلا إذا قطع يداه مع المرفقين او رجلاه مع الكعبين ففرائض وضوئه ثلاث لفوات محل الرابعة وانما ذكر اقامة الصلاة ولم يذكر غيرها من العبادات كايتاء الزكاة والصوم مثلا لانه ما بين العبد والايمان الا اقامة الصلاة كما انه ما بينه وبين الكفر الا ترك الصلاة فاذا اقام الصلاة فقد آمن واقام الدين كما إذا تركها فقد كفر وهدم الدين وفى الحديث أول ما يحاسب العبد يوم القيامة بصلاته فان صلحت أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وقال عليه السلام أول ما يحاسب الرجل على صلاته فان كملت والا أكملت بالنافلة ثم يأخذ الأعمال على قدر ذلك وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ مصدر كالفتيا بمعنى التشاور وأصله من الشور وهو الإخراج تسمى به لان كل واحد من المتشاورين فى الأمر يستخرج من صاحبه ما عنده والمعنى وأمرهم ذو شورى لا ينفردون برأى حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وبالفارسية كار ايشان با مشورتست ميان ايشان قال سعدى المفتى فان قلت لا حاجة الى إضمار المضاف لظهور صحته وشأنهم تشاور قلت المصدر المضاف من صيغ العموم فيكون المعنى جميع أمورهم تشاور ولا صحة له الا ان يقصد المبالغة فى كثرة ملا بستهم به وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله ذو شورى لبيان حاصل المعنى انتهى وكانوا قبل الهجرة وبعدها إذا حزبهم امر اجتمعوا وتشاوروا وذلك من فرط تدبرهم وتفقههم فى الأمور مشورت بهر آن صواب آمد ... در همه كار مشورت بايد وفى عين المعاني وأمرهم شورى بينهم حين سمعوا بظهوره عليه السلام فاجتمع رأيهم فى دار ابى أيوب على الايمان به والنصر له وقيل لها العموم اى لا يستبدون برأيهم فيما لا وحي فيه من امر الدين بل يشاورون الفقهاء وقيل فى كل ما يعرض من الأمور انتهى قال على رضى الله عنه نعم الموازنة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد قال حكيم اجعل سرك الى واحد ومشورتك الى ألف وقيل ان من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة لحقيق ان لا يضل رأيه قال الإسكندر لا يستحقر الرأى الجزيل من الرجل الحقير فان الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها يقال اعقل

الرجال لا يستغنى عن مشاورة اولى الألباب وأفره الدواب لا يستغنى عن السوط وأورع النساء لا يستغنى عن الزوج وفى الآية اشارة الى التمسك بذيل ارادة المشايخ فى السلوك الى لحضرة ليتسلكوا بمشاورتهم وإرشادهم لا باسترسال النفس والهوى وتلقين الشيطان كما قال الجنيد قدس سره من لم يكن له أستاذ فاستاذه الشيطان وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال يُنْفِقُونَ اى فى سبيل الخير ولا التفات الى انفاق الكافر فانه لم يستجب لربه بالايمان والطاعة فخيره محبط بكفره ولعل فصله عن قرينه بذكر المشاورة لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات كما فى الإرشاد وقال سعدى المفتى ثم ان إدخال هذه الجملة فى مرهم العين لعله لمزيد الاهتمام بشأن التشاور للمبادرة الى التنبيه على ان استجابتهم للايمان كانت عن بصيرة ورأى سديد انتهى وفى الآية دلالة على فضيلة الانفاق والتوكل على الغنى الخلاق (حكى) ان بعض الشيوخ اخذه الناس ليشهدوا عند سلطان المغرب بفسقه وبكونه واجب القتل فمر الشيخ فى الطريق بخباز فاستقرض منه نصف خبز فتصدق به فلما حضروا فى الديوان شهد واله بالخير ولم يقدر وأعلى خلافه وذلك ببركة الصدقة كما قال عليه السلام اتقوا النار ولو بشق تمرة فاذا كان نصف تمرة وقاية من النار الكبرى فكيف لا يكون نصف خبز وقاية من النار الصغرى رسول الله فرموده است كه صدقه نهانى خشم حق را بنشاند ودر موقف قيامت صدقه را سايه است كه از حرارت آفتاب آن روز نكاه دارد ودو سايه صدقه خود آسوده باشد تا حكم خلق بآخر رسد (قال الصائب) زمان خويش بإحسان تمتعى بردار ... مشو چوكنج بنامى چواژدها قانع سئل الشبلي قدس سره عن الزكاة فقال اما عليك ففى عشرين درهما خمسة دراهم واما على ففى عشرين درهما عشرون درهما يعنى ان مذهب الصوفية بذل الكل والتوجه من الأسباب الى المسبب فقال هذا مذهب من فقال مذهب ابى بكر الصديق رضى الله عنه وذلك ان الصديق رضى الله عنه أنفق جميع ماله للتجرد والخلاص من الشح ولم يبق له شىء يتستر به فارسلت اليه فاطمة رضى الله عنها خرقة فتستر بها وعزم الى مجلس النبي عليه السلام فنزل جبرائيل عليه السلام على زى ابى بكر فسأله النبي فقال ان ملائكة السماء كلهم على هذا الزي اتباعا لابى بكر ثم قال ان الله تعالى يسلم عليك ويقول قل لابى بكر رضى الله عنه هل رضى منى فقد رضيت عنه وعلم منه ان ترك الدنيا وسيلة الى رضى الله تعالى كما ان ترك ما سوى الله موصل الى الله ثم ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل برو معروف كما قال عليه السلام كل معروف صدقة والمراد ما عرف فيه رضى الله تعالى من الأموال والأقوال الافعال وانفاق الواصلين الى التوحيد والمعرفة أشرف وأفضل لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلب والأرواح در كشف الاسرار فرموده كه ابو بكر شبلى بيش از انكه قدم در كوى طريقت نهاد پيش از ايشان ببغداد ميرسيد عادت داشت كه دزديده بمجلس جنيد رفتى روزى بر زبان جنيد برفت كه اگر همه بت پرستان وناكسان عالم را بفردوس أعلى فرود آرد هنوز حق سبحانه وتعالى كرم خود را نكزارده باشد شبلى از جاى برجست

نعره زنان وجامه در آن كفت منم از ناكسان چهـ كويى مرا پذيرد درين حال جنيد كفت اى جوان بمراسلت موسى وهرون چندين سال فرعون مدبر را ميخواندند تا بپذيرد اگر سوخته موحد كه به پاى خود آيد او را چون نپذيرد شبلى در كار آمد وهر چهـ داشت از ضياع وأثواب واموال جمله در باخت ومجرد ماند انكه كفت اى شيخ مرا چهـ بايد كرد كفت در بازار بايد شد ودر يوزه بايد كرد همچنان كرد تا چنان كشت كه كس بوى خبرى ندارد پس جنيد تازيانه بوى داد وكفت درين سردابه شو درد را باندوه وخشم باب حسرت سپار وهركاه كه خبر حق بر خاطر كذر كند باين تازيانه اندامهاى خويش در هم شكن شبلى سه سال در ان سردابه آب حسرت از ديدكان همى ريخت وبروزكار كذشته دريغ وتحسر همى خورد بعد از سه سال سكرى در وى پديد آمد همچومستان واله وسر كردان از ان سردابه برون آمد كاردى بدست كرفت ودر بغداد همى كشت وميكفت بجلال قدر حق كه هر كه نام دوست برد باين كارد سرش از تن جدا كنم آن خبر بجنيد رسيد جنيد كفت او را شربتى داده اند مست كشته از مستى وبيخودى ميكويد آنچهـ ميكويد چون با خود آيد ساكن شود يكسال در ان مقامش بداشتند چون از ان مقام دركذشت دامن خويش پر از شكر كرده بكرد محلها ميكشت وميكفت هر كه بگويد الله دهانش پر از شكر كنم پس عشق وى روى در خرابى نهاد پيوسته در همه اوقات همى كفت الله تا روزى كه جنيد كفت يا أبا بكر اگر دوست غايبست اين غيب كردن چراست واگر حاضر است اين كستاخى وترك ادب از كجاست سخن جنيد او را ساكن كرد پس جنيد بفرمود تا او را بحمام بردند وموى چند ساله از سر وى فرو كردند آنكه دست وى كرفت وبمسجد شو نيزيه برد هشتاد كس از جوانمردان طريقت وسلاطين حقيقت حاضر بودند چون ابو الحسين نورى وابو على رودبارى وسمنون المحب ورويم بغدادى وجعفر خلدى وأمثال ايشان جنيد كفت اى مشايخ واصحاب هر چهـ پير سرى سقطى از رياضت ومجاهده از ما بديد ما ازين كودك بديديم اگر اجازت فرماييد با لباس بگرداند باشد كه بركات اين لباس او را بر استقامت دين بدارد واگر حق اين لباس فرو نهد لباس خود از وى داد خود بستاند جنيد بر پاى خاست ومرقع از سر خود بركشيد ودر كردن شبلى افكند يقول الفقير فى هذه الحكاية إشارات منها ان الشبلي قدس سره خرج من جميع ماله فصار نظير الصديق رضى الله عنه من هذه الامة صائب حريف سيلىء باد خزان نه ... پيش از خزان خود بفشان برك وبار را ومنها ان الجنيد قدس سره أنفق على الشبلي من معارفه وأنعم عليه حال إرشاده من عوارفه لان الغنى مأمور بانفاق بعض ماله عند وجد ان مصارفه (قال الحافظ) اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوا را ومنها ان المريد لا يصلح لخرقة المشايخ الا بعد الاستعداد لها بمدة وان الخرقة من شأن اهل التجرد (قال الجامى)

[سورة الشورى (42) : آية 39]

وصلش مجوى در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه بر تنى كه نهان زير ژنده بود ومنها ان ابتداء الأمر من الله وانتهاءه ايضا الى الله الا الى الله تصير الأمور والله خير وأبقى چند پويد بهواي تو بهر سو حافظ يسر الله طريقا بك يا ملتمسى وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ معطوف على ما قبله من الموصول والاصابة بالفارسية پرسيدن والبغي الظلم والتجاوز عن الحد والقصر المفهوم من تقديم هم إضافي والانتصار طلب النصرة وفى تاج المصادر داد ستدن والمعنى إذا وصل إليهم الظالم والتعدي من ظالم متعد ينتقمون ويقتصون ممن بغى عليهم على الوجه الذي جعله الله ورخصه لهم لا يتجاوزون ذلك الحد المعين وهو رعاية المماثلة واما غيرهم فليسوا كذلك فهذا هو معنى التخصيص هنا وبه ايضا تندفع المخالفة بين وصفين كل منهما على طريق القصر وهذا وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل من الدين والتيقظ والحلم والسخاء وذلك لان البغي انما يصيبهم من اهل الشوكة والغلبة وإذا انتقموا منهم على الحد المشروع كراهة التذلل باجتراء الفساق عليهم وردعا للجانى عن الجراءة على الضعفاء فقد ثبت شجاعتهم وصلابتهم فى دين الله وكان النخعي رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول كانوا يكرهون ان ينالوا أنفسهم فتجترىء عليهم السفهاء قال الشاعر ولا يقيم على ضيم يراد به ... الا الأذلان غير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثى له أحد اى لا يصبر على ظلم يراد فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل وهما الحمار المربوط على الذل بقطعة حبل بالية والوتد الذي يدق ويشق رأسه فلا يرحم له أحد ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه فان قلت لما كان عطف الذين استجابوا من عطف الخاص تضمن وصف المعطوف عليه وصف المعطوف قلت هذا الانتصار لا ينافى وصفهم بالغفران فان كلا منهما فضيلة محمودة فى موقع نفسه ورزيلة مذمومة فى موقع صاحبه فان الحلم عن العاجز وعورات المكرام محمود وعن المتغلب وهفوات اللئام مذموم فانه إغراء على البغي وعليه قول من قال إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وان أنت أكرمت اللئيم تمردا فوضع الندا فى موضع السيف بالعلى ... مضر كوضع السيف فى موضع الندا فالعفو على قسمين أحدهما ان يصير العفو سببا لتسكين الفتنة ورجوع الجاني عن بغايته فايات العفو محمولة على هذا القسم فزال التناقض فمن أخذ حقه من ظالم غير عاد لامر الله فهو مطيع وقال ابن زيد وبعض المالكية جعل الله المؤمنين صنفين صنفا يعفون عن ظالميهم فبدأ بذكرهم فى قوله وإذا ما غضبوا هم يغفرون وصنفا ينتصرون من ظالميهم وقال بعضهم الاول وصف الخواص وهذا وصف العوام (وقال الكاشفى) چون برسد ايشانرا ستمى از كافران ايشان از دشمنان خود انصاف بستانند بشمشير يعنى از ايشان انتقام كشند زيرا كه انتقام از كفار فرض است وجهاد كردن با ايشان لازم واشارت الآية الى

[سورة الشورى (42) : آية 40]

ان الظالم مغلوب قال على كرم الله وجهه لا ظفر مع البغي هر كه از راه بغى خيرى جست ... ظفر از راه او عنان برتافت ور ظفر يافت منفعت نكرفت ... پس چنانست آن ظفر كه بتافت وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ و پاداش كرداريد سَيِّئَةٌ مِثْلُها كرداريست مانند آن رهو بيان لوجه كون الانتصار من الخصال الحميدة مع كونه فى نفسه إسائة الى الغير بالاشارة الى ان البادي هو الذي فعله لنفسه فان الافعال مستتبعة لأجزيتها حتما ان خيرا فخير وان شرا فشر وفيه تنبيه على حرمة التعدي واطلاق السيئة على الثانية مع انها جزاء مشروع مأذون فيه وكل مأذون حسن لا سيىء لانها تسوء من نزلت به او للازدواج يعنى المشاكلة كما فى قوله تعالى فان عاقبتم وعلى هذا فالسيئة مقابل الحسنة بخلافها فى الوجه الاول والمعنى انه يجب إذا قوبلت الاساءة ان تقابل بمثلها من غير زيادة قال الحسن إذا قال لعنك الله او أخزاك الله فلك ان تقول أخزاك الله او لعنك الله وإذا شتمك فلك ان تشتمه بما شتم ما لم يكن فيه حد كلفظ الزنى او كلمة لا تصلح فلا تجرى المقابلة فى الكذب والبهتان قال فى التنوير قال لآخر يا زانى فقال له الآخر لا بل أنت الزاني حدا بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال أنت تكافئا ولو لم يجب بل رفع الأمر الى القاضي ليؤدبه جاز وعن بعض الفقهاء فى هذه الآية وقد قيل انه الشافعي رحمه الله ان للانسان ان يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه واستشهد فى ذلك بقول النبي عليه السلام لهند زوجة ابى سفيان خذى من ماله ما يكفيك وولدك فأجاز لها أخذ ذلك بغير اذنه كذا ذكره القرطبي فى تفسيره فَمَنْ عَفا عن المسيء اليه جنايته اى ترك القصاص (وقال الكاشفى) پس هر كه عفو كند از ستمكار خود كه مسلمان باشد وترك انتقام نمايد از وى وَأَصْلَحَ بينه وبين من يعاديه بالعفو والإغضاء قال فى الحواشي السعدية الفاء للتفريع اى إذا كان الواجب فى الجزاء رعاية المماثلة من غير زيادة وهى عسرة جدا فالاولى العفو والإصلاح إذا كان قابلا للاصلاح بأن لم يصر على البغي وفى الحديث ما زاد الله عبد العفو إلا عزا فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عدة مبهمة منبئة عن عظمة شأن الموعود وخروجه عن الحد المعهود إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ البادئين بالسيئة والمتعدين فى الانتقام وهو استئناف تعليلى متعلق بقوله وجزاء إلخ وقوله قمن عفا إلخ اعتراض يعنى انما شرعت المجازاة وشرطت المساواة لانه لا يحب الظالمين وذكر ان أبا بكر الصديق رضى الله عنه كان عند النبي صل الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه وابو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يتبسم فأجابه ابو بكر فقام النبي عليه السلام وذهب فقال ابو بكر يا رسول الله مادام يسبنى كنت جالسا فلما أجبته قمت فقال النبي عليه السلام ان ملكا كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب المك وجاء الشيطان وانا لا أكون فى مجلس يكون هناك الشيطان فنزل فمن عفا وأصلح فاجره على الله وفى الحديث إذا كان يوم القيامة نادى مناد اين العافون عن الناس هلموا الى ربكم وخذوا أجوركم وحق لكل مسلم إذا عفا ان يد خله الجنة عفو از كناه سيرت اهل فتوتست ... بي حلم وعفو كار فتوت تمام نيست

[سورة الشورى (42) : الآيات 41 إلى 45]

وعنه عليه السلام إذا جمع الله الخلائق يوم القيمة نادى مناد أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم قليلون فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا اغتفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقولون لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم هم ينتصرون من الظالم وهو نفسهم بكج عنانها عن الركض فى ميدان المخالفة وجزاء سيئة صدرت من النفس من قبل الحرص او الشهوة او الغضب او البخل او الجبن او الحسد او الكبر او الغل سيئة تصدر من القلب مثل ما يصادف علاجها اى يضد تلك الأوصاف فان العلاج بأضدادها ولا يجاوز عن حد المعالجة فى رياضة النفس وجهادها فان لنفسك عليك حقا فمن عفا عن المبالغة فى رياضة النفس وجهادها بعد ان أصلح النفس بعلاج أضداد أو صافها فاجره على الله بان يتصف بصفاته فان من صفاته العفو وهو عفو يحب العفو فيكون العبد عفوا محبو بالله تعالى انه لا يحب الظالمين الذين يضعون شدة الرياضة مع النفس موضع العفو وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ اللام لام الابتداء ومن شرطية لدخول الفاء فى جوابها وهو فاولئك او موصولة ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط وقوله بعد ظلمه من اضافة المصدر الى المفعول اى بعد ما ظلم وقرىء به وتذكير الضميرين باعتبار لفظ من والمعنى ولمن انتقم واقتص بعد ظلم الظالم إياه يعنى فى الحقوق المالية والجزاء فيما إذا ظفر بالجنس عندنا وعند الشافعي بغير الجنس ايضا فَأُولئِكَ المنتصرون فهو اشارة الى من والجمع باعتبار المعنى ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ بالمعاتبة او المعاقبة لانهم فعلوا ما أبيح لهم من الانتصار يا ايشانرا كناهى نيست والسبيل الطريق الذي فيه سهولة والآية دفع لما تضمنه السياق من اشعار سد باب الانتصار إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ اى يبتدئو انهم بالإضرار او يعتدون فى الانتقام وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ اى يتكبرون فيها تجبرا وإفسادا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الظلم والبغي بغير الحق لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بسبب ظلمهم وبغيهم وَلَمَنْ صَبَرَ على الأذى واللام للابتدآء ومن موصولة مبتدأ وَغَفَرَ لمن ظلمه ولم ينتصر وفوض امره الى الله تعالى وعن على رضى الله عنه الجزع اتعب من الصبر در حوادث بصبر كوش كه صبر ... برضاى خداى مقرونست إِنَّ ذلِكَ منه لانه لا بد من العائد الى المبتدأ فحذف ثقة بغاية ظهوره كما فى قوله السمن منوان بدرهم وفى حواشى سعدى المفتى قد يقال لا حاجة الى تقدير الراجع لان ذلك اشارة الى صبره لا الى مطلق الصبر فهو متضمن للضمير فان قلت ان دلالة الفعل انما هى على الزمان ومطلق الحدث كما قرر فالظاهر رجوع الضمير اليه قلت نعم ولكن اسناده الى ضمير من يفيده لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ اى من معزومات الأمور اى مما يحب العزم عليه من الأمور بايجاب العبد على نفسه لكونه من الأمور المحمودة عند الله تعالى والعزم عقد القلب على إمضاء الأمر والعزيمة الرأى الجد كما فى المفردات وبالفارسية از مهم ترين كارها است واين

[سورة الشورى (42) : آية 44]

فى الحقيقة از كار مردانست كه همه كس را قوت اين نباشد كه جفا كشد ووفا كند (قال الحافظ) جفا خوريم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن قال فى برهان القرآن قوله تعالى ان ذلك لمن عزم الأمور وفى لقمان من عزم الأمور لان الصبر على الوجهين صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما فمن قتل بعض أعزته وصبر على المكروه ليس كمن مات بعض أعزته فالصبر على الاول أشد والعزم عليه او كد وكان ما فى هذه السورة من الجنس الاول لقوله ولمن صبرو غفر فأكد الخبر باللام والآية فى المواد التي لا يؤدى العفو فيها الى الشر كما أشير اليه فان العفو مندوب اليه ثم قد ينعكس الأمر فى بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا اليه وذلك إذا احتيج الى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى (يحكى) ان رجلا سب رجلا فى مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ثم قام فتلا هذه الاية فقال الحسن عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون قال ابو سعيد القرشي رحمه الله الصبر على المكاره من علامات الانتباه فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع أورثه الله تعالى حالة الرضى وهو أجل الأحوال ومن جزع من المصائب وشكاها وكله الله الى نفسه ثم لم ينفعه شكواه وقال بعضهم من صبر فى البلوى من غير شكوى وعفا بالتجاوز عن الخصم فلا يبقى لنفسه عليه دعوى بل يبرأ خصمه من جهة ما عليه من كل دعوى فى الدنيا والعقبى ان ذلك لمن عزم الأمور وروى ان ازواج النبي عليه السلام اجتمعن فارسلن فاطمة رضى الله عنها اليه يطلبن منه ان يحبهن كعائشة فدخلت عليه وهو مع عائشة فى مرطها وهو بالكسر كساء من صوف او خز فقالت ما قلن رضى الله عنهن فقال عليه السلام لفاطمة أتحبينني فقال نعم قال فاحبيها اى عائشة فرجعت إليهن فاخبرتهن بما قال لها اى لفاطمة فقلن لم تصنعى شيأ فاردن ان يرسلنها ثانيا فلم ترض فارسلن زينب بنت جحش رضى الله عنها وكانت ازهد أزواجه حتى قالت عائشة فى حقها لم ارقط امرأة خيرا فى الدين من زينب وكانت لها منزلة عنده عليه السلام تضاهى منزلة عائشة فقالت ان نساءك يسألنك العدل فى بنت ابن ابى قحافة يعنى يسألنك التسوية بينهن وبين عائشة فى المحبة ثم أقبلت على عائشة فشتمتها فلما استطالت عليها استقبلتها عائشة وعارضتها بالمدافعة حتى قهرتها وأسكتتها وفى الكشاف ان زينب أسمعت بحضرته وكان ينهاها فلا تنتهى فقال لعائشة دونك فانتصرى اى تقديم واقربى فانتقمى من زينب فأفحمتها فقال عليه السلام انها ابنة ابى بكر اشارة الى كمال فهمها وحسن منطقها قال ابن الملك وفى الحديث دلالة على جواز الانتقام بالحق لكن العفو أفضل لقوله تعالى فمن عفا وأصلح فأجره على الله (قال الصائب) در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ دادن جواب مردم نادان چهـ لازمست وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ يخلق فيه الضلالة من الهوى او بتركه على ما كان عليه من ظلم الناس فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ من ناصر يتولاه من بعد خذلانه تعالى إياه وبالفارسية وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى پس نيست مر او را هيچ دوستى كه كار سازى كند پس از فرو كذشتن خداى تعالى مر او را وَتَرَى الظَّالِمِينَ الخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية البصرية والظالمون المشركون والعاصون لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ اى حين يرونه وصيغة الماضي للدلالة على التحقق يَقُولُونَ

[سورة الشورى (42) : آية 45]

إلخ فى موضع الحال من الظالمين لان الرؤية بصرية هَلْ آيا هست إِلى مَرَدٍّ بمعنى الرد أي الرجعة الى الدنيا مِنْ سَبِيلٍ هيچ راهى يا جاده تا برويم وتدارك ما فات كنيم از ايمان وعمل صالح وقد سبق بيانه فى قوله فى حم المؤمن فهل الى خروج من سبيل وَتَراهُمْ تبصرهم ايها الرائي حال كونهم يُعْرَضُونَ عَلَيْها اى على النار المدلول عليها بالعذاب وقد سبق معنى العرض فى حم المؤمن عند قوله النار يعرضون عليها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ من للتعليل متعلق بخاشعين اى حال كونهم خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل والهوان وقد يعلق من الذل بينظرون ويوقف على خاشعين يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ الطرف مصدر فى الأصل ولهذا لم يجمع وهو تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن يلازم النظر كما فى المفردات والمعنى حال كونهم يبتدىء نظرهم الى النار من تحريك لاجفانهم ضعيف يعنى يسارقون النظر الى النار خوفا منها وذلة فى أنفسهم كما ينظرون الى المقتول الى السيف فلا يقدر ان يملأ عينيه منه وهكذا نظر الناظر الى المكاره لا يقدر ان يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها كما يفعل فى نظره الى المحاب وقال الكلبي ينظرون بأبصار قلوبهم ولا ينظرون بأبصار ظواهر هم لانهم يسحبون على وجوههم او لانهم يحشرون عميا فينظرون كنظر الأعمى إذا خاف حساء يقول الفقير لا حاجة الى حمل الآية على ما ذكر من الوجهين لان لهم يوم القيامة أحوالا شتى بحسب المواطن فكل من النظر والسحب والحشر أعمى ثابت صحيح وفى الآية اشارة الى ان النفوس التي لم تقبل الصلاح بالعلاج فى الدنيا تتمنى الرجوع الى الدنيا يوم القيامة لتقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريقية وتخشع إذ لم تخشع فى الدنيا من القهار فلا تنفعها ندامة ولا نسمع منها دعوة ولها نظر من طرف خفى من خجالة المؤمنين إذ يعيرونها بما ذكروها فلم تسمع وهى نفوس الظالمين (كما قال السعدي) ترا خود بماند سر از تنك پيش ... كه كردت برآيد عملهاى خويش برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا وجاهدوا فى الله تعالى حق جهاده وربحوا على ربهم إِنَّ الْخاسِرِينَ اى المتصفين بحقيقة الخسران وهو انتقاص رأس المال وينسب الى الإنسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر وفى القنيات النفيسة كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذي جعله الله الخسران المبين وكل خسران ذكره الله فى القرآن فهو على هذا المعنى الا خير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية وخبران قوله تعالى الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ آنانند كه زيان كردند بنفسهاى خويش وكسان خود بالتعريض للعذاب الخالد يَوْمَ الْقِيامَةِ اما ظرف لخسروا والقول فى الدنيا او لقال اى يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحالة وصيغة الماضي للدلالة على تحققه (وقال الكاشفى) زيان در نفسها آنست آنرا بعبادت بتان مستوجب آتش دوزخ كردانيدند وزمان زيان در اهالى اگر دوزخى اند بانكه ايشانرا از ايمان باز داشتند واگر بهشتى اند بانكه از ديد از ايشان محروم ماندند قال ابن الملك فى شرح المشارق الأهل

[سورة الشورى (42) : الآيات 46 إلى 50]

يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع وفى التأويلات النجمية ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بابطال استعدادهم إذ صرفوه فى طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها وخسروا أهليهم إذ لم بقوا أنفسهم وأهليهم نارا بقبول الايمان وأداء الشرائع أَلا بدانيد إِنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين الذين كانوا فى جهنم شهوات النفس جثيا فى الدنيا فِي عَذابٍ مُقِيمٍ فى الآخرة الى الا بد وبالفارسية در عذابى پيوسته اند يعنى باقى وبى انقطاع اما من تمام كلامهم او تصديق من الله لهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ بدفع العذاب عنهم مِنْ دُونِ اللَّهِ حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ يؤدى سلوكه الى النجاة وفى التأويلات النجمية ومن يضلل الله بان يشغله بغيره فماله من سبيل يصل به الى الله تعالى قال ذو النون المصري قدس سره رأيت جارية فى جبل انطاكية فقالت لى الست ذا النون قلت كيف عرفت قالت عرفتك بمعرفة الحبيب ثم قالت ما السخاء قلت البذل والعطاء قالت ذاك سخاء الدنيا فما سخاء الدين قلت المسارعة الى طاعة رب العالمين قالت تريد شيأ قلت نعم قالت تأخذ العشرة بواحد لقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فاين السخاء قلت فما السخاء عندك قالت انما هو أن يطلع على قلبك فلا يرى فيه غيره ويحك يا ذا النون انى أريد ان اسأل شيأ منذ عشرين سنة واستحيى منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الاجرة فلا تعمل الا تعظيما لهيبته فعلم ان إخراج الغير من القلب والاشتغال بالله تعالى من أوصاف الخواص فمن اهتدى به ربح ومن ضل عنه خسر وهو بيد الله تعالى إذ هو الولي فعلى العبد ان يسأل الهداية ويطلب العناية حتى يخرجه الله من ظلمات نفسه الامارة الى أنوار تجليات الروحانية ويجعل له اليه سبيلا ينجو به من المهالك (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأى شىء تتعب فبكى الشيخ فقال فالى اى باب ألتجئ فقيل له قد قبلناك فهذا من هداية الله الخاصة فافهم جدا (قال الصاحب) بنوميدى مده تن كرچهـ در كام نهنك افتى ... كه دارد در دل كرداب بحر عشق ساحلها اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ إذا دعاكم الى الايمان على لسان نبيه عليه السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ اى لا يرده الله بعد ما حكم به على ان من صلة مرد أي من قبل ان يأتى من الله يوم لا يمكن رده وفى تعليق الأمر بالاستجابة باسم الرب ونفى المرد والإتيان بالاسم الجامع نكتة لا تخفى كما فى حواشى سعدى المفتى ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ اى مفر تلتجئون اليه اى ما لكم مخلص ما من العذاب على ما دل عليه تأكيد النفي بمن استغراقية والملجأ بالفارسية پناه وكريزكاه وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ اى انكار ما لما اقترفتموه لانه مدون فى صحائف أعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم وهو مصدر أنكر على خلاف ولعل المراد الإنكار المنجى والا فهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين وغير ذلك ولذلك تشهد عليهم أعضاؤهم قال الجنيد قدس سره استجابة الحلق لمن يستمع هواتفه وأوامره وخطابه فيتحقق له الاجابة بذلك السماع ومن يستمع الهواتف كيف يجيب وأتى له محل الجواب وفى التأويلات النجمية

[سورة الشورى (42) : آية 48]

يشير بقوله استجيبوا لربكم للعوام الى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع عن مخالفته الى موافقته وللخواص الى الاستسلام للاحكام الازلية والاعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها اجابة لقوله تعالى والله يدعوا الى دار السلام ولأخص الخواص من اهل المحبة الى صدق الطلب بالاعراض عن الدارين متوجها لحضرة الجلال ببذل الوجود فى نيل الوصول والوصال مجيبا لقوله وداعيا الى الله باذنه والطريق اليوم الى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويأخذ فلتة وذلك قوله تعالى من قبل ان يأتى إلخ ونعم ما قال الشاعر تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار اى استمتع بشم عرار نجد وهى وردة ناعمة صفرآء طيبة الرائحة فانا نعدمه إذا أمسينا لخروجنا من أرض نجد ومنابته فالاشارة الى شم عرار الحقيقة فانه انما يكون مادام الروح الإنساني فى نجد الوجود الشهودى وحده فان انتقل منه الى حد البرزخ بزوال شمس الحياة والانتهاء الى عشية العمر فلا يمكن شمه أصلا چون بى خبران دامن فرصت مده از دست ... تا هست پر وبال ز عالم سفرى كن فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد أمرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما أرسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه از عمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالإقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لامن شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان قال الغزالي رحمه الله فى شرح الأسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات بإصلاح النفس والتخلق بالأخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الإفلاس والخسار وفى الحديث أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه إذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والإرشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد خجل آنكس كه رفت وكار نساخت ... كوس رحلت زدند وبار نساخت وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا از نزديك

خود رَحْمَةً اى نعمة من الصحة والغنى والأمن فَرِحَ بِها بطر لاجلها (وقال الكاشفى) خوش شود بدان وشادى كند اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية چشانيدن فالانسان إذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقي على الفاني لان الفاني كالخزف مع انه قليل والباقي كالذهب مع انه كثير افتد هماى دولت اگر در كمند ... ما از همت بلند رها ميكنيم ما وَإِنْ تُصِبْهُمْ اى الإنسان لان المراد به الجنس سَيِّئَةٌ اى بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوءهم بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بسبب ما عملت أنفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها وذكر الأيدي لان اكثر الأعمال تباشر بها فجعل كل عمل كالصادر بالأيدي على طريق التغليب فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ قال الراغب كفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا والمعنى فان الإنسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم انها أصابته بغير استحقاق لها واسناد هذه الخصلة الى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الافراد يعنى انه حكم على الجنس بحال اغلب افراده للملابسة على المجاز العقلي وتصدير الشرطية الاولى بإذا مع اسناد الاذاقة الى نون العظمة للتنبيه على ان إيصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وانه مقتضى الذات كما ان تصدير الثانية بان واسناد الاصابة الى السيئة وتعليلها بأعمالهم للايذان بندرة وقوعها وانها بمعزل عن الانتظام فى سلك الارادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على ان هذا الجنس مرسوم بكفران النعم امام ابو منصور ما تريدى رحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند قال بعض الكبار (ع) در شكر همچو چشمه ودر صبر خاره ايم وعن على رضى الله عنه إذا وصلت إليكم أطراف النعمة قلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر يعنى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الغائبة منه القاصية عنه چون بيابى تو نعمتى در چند ... خرد باشد چونقطه موهوم شكران يافته فرو مكزار ... كه زنا يافته شوى محروم وعنه رضى الله عنه ايضا أقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن إذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وقد مد الله عمر بعض الإنسان واكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما ثم انهم لم يزداد وأكل يوم الا كفرانا فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا أقبح الهلاك وفى الآية اشارة الى ان من خصوصية الإنسان إذا وكله الله الى نفسه ان لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الالهية وفتوحات الغيب وانواع الكرامات التي تربى بها أطفال الطريقة ليزيده الله بل ينظر الى نفسه بالعجب ويفشى سره على الحاق إراءة وسمعة فيغلق الله أبواب الفتوحات بعد فتحها

[سورة الشورى (42) : الآيات 49 إلى 50]

(قال الصائب) نجام بت پرست بود به ز خود پرست ... در قيد خود مباش وبقيد فرنك باش ومن الله العون (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى يختص به ملك العالم كله لا يقدر أن يملكه أحد سواه فله التصرف فيه وقسمة النعمة والبلية على أهله وليس عليهم الا الشكر فى النعمة والصبر فى البلية والرضى والتسليم للاحكام الازلية وبالفارسية وخدايراست پادشاهى آسمانها وزمينها يَخْلُقُ ما يَشاءُ مما يعلمونه ومما لا يعلمونه على اى صورة شاء يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً من الأولاد يعنى مى بخشد هر كرامى خواهد دختران فلا يجعل معهن ذكورا يعنى پسران مثل ما وهب لشعيب ولوط عليهما السلام والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والوهاب هو الله تعالى لانه يعطى كلا على قدر استحقاقه ولا يريد عوضا والإناث جمع أنثى خلاف الذكر والجملة بدل من يخلق بدل البعض قدم الإناث لانها اكثر لتكثير النسل او لتطبيب قلوب آبائهن إذ فى التقديم تشريف لهن وإيناس بهن ولذلك جعلن من مواهب الله تعالى مع ذكر اللام الانتفاعية او لرعاية الترتيب الواقع اولا فى الهبة بنوع الإنسان فانه تعالى وهب اولا لآدم زوجته حواء عليهما السلام بأن ولدها منه وخلقها من قصيراه وهى أسفل الأضلاع او آخر ضلع فى الجنب كما فى القاموس قال فى الكواشي ويجوز انهن قد من توبيخا لمن كان يئدهن ونكرن ايماء الى ضعفهن ليرحمن فيحسن إليهن قال فى الشرعة وشرحه ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية فانهم يكرهونها بحيث يدفنونها فى التراب فى حال حياتها وفى الحديث من بركة المرأة تبكيرها بالبنات اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يهب لمن يشاء إناثا الاية حيث بدا بالإناث وفى الحديث من ابتلى من هذه البنات بشىء فأحسن إليهن اى بالتزويج بالاكفاء ونحوه كن له سترا من النار والنبي عليه السلام سماهن المجهزات المؤنسات اى المهيا جهازهن سماهن بها تفاؤلا وتيمنا والمؤنسات للوالدين والأزواج وفى الحديث سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات وفى الحديث القدسي خطابا للبنت حين ولدت انزلى وأنا عون لأبيك وفى الحديث لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات يقول الفقير معناه ان كونه عليه السلام أبا لبنات يكفى فى عدم كراهة البنات إذ لا يختار الله له الا ما هو خير ومن لم يرض بما اختاره له تعرض لسخط الله وكم ترى فى هذا الزمان من السخط على البنات اقتداء بأهل الجاهلية ولو كان لهم أسوة حسنة فى رسول الله لاحبوا ما أحبه وكان لهم فى ذلك شرف عظيم وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ من الأولاد يعنى پسران ولا يكون فيهم إناث كما وهب ابراهيم عليه السلام من غير ان يكون فى ذلك مدخل لاحد ومجال اعتراض با اختيار حق نبود اختيار ما با نور آفتاب چهـ باشد شرار ما والذكور جمع ذكر ضد الأنثى عرف الذكور للمحافظة على الفواصل او لجبر التأخير يعنى ان الله تعالى اخر الذكور مع انهم أحقاء بالتقديم فتدارك تأخيرهم بتعريفهم لان فى التعريف العهدي تنويها وتشهيرا كأنه قيل ويهب لمن يشاء الفرسان اعلام الذين لا يخفون عليكم وفى الحديث ان أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وأموالهم لكم ان احتجتم إليها أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً معنى التزويج هنا جفت قرين كردن كما فى تاج المصادر والذكران جمع ذكر والمعنى يقرن بين الصنفين فيههما جميعا بان يولد له الذكور والإناث مثل ما وهب

لنبينا صلى الله عليه وسلم إذ كان له من البنين ثلاثة على الصحيح قاسم وعبد الله وابراهيم ومن البنات اربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن وقال بعضهم معنى يزوجهم ان تلد غلاما ثم جارية ثم غلاما او تلد ذكرا وأنثى توأمين وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً بى فرزند ونازاينده فلا تلد ولا يولد له كعيسى ويحيى عليهما السلام فانهما ليس لهما أولاد اما عيسى فلم يتزوج وان كان يتزوج حين نزوله فى آخر الزمان ويكون له بنات واما يحيى فقد تزوج ولكن لم يقرب لكونه عزيمة فى شريعته وبعضهم لم يكن له أولاد وان حصل له قربان النساء واصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل وفى القاموس العقم بالضم هرمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد ورجل عقيم لا يولد له فالعقم كما يقع صفة للمرأة يقع صفة للرجل بان يكون فى مائه ما يمنع العلوق من الاعذار وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين وهو أي المشترك بينهما مفهوم الصنف الوحد فالثالث جامع بين الصنفين فلو ذكر ايضا بالواو ولربما توهم من أول الأمر انه قسيم لكل من القسمين لا للمشترك بينهما لانه حال عما فى الرابع من الإفصاح يعنى انه لا حاجة اليه فى الرابع لا فصاحه بانه قسيم المشترك بين الاقسام المتقدمة وهو هبة الولد ولا يشتبه على أحد ان العقم يقابلها فلا حاجة الى التنبيه على ذلك إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بليغ العلم بكل شى مما كان وما يكون قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل مقدور فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة (وقال الكاشفى) داناست بانچهـ مى دهد تواناست بانچهـ ميسازد دانايى او از جهل مقدس ومبراست وتوانايى او از عجز منزه ومعرا علم او برطرف از شائبه جهل فتور وقدرتش پاك از آلايش نقصان وقصوره وعلم ان الإنسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكر او أنثى او ذكر وأنثى وقد وقد استوفى فى الآية جميع الاقسام فالمعنى ان الله تعالى يجعل احوال العباد فى حق الأولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض اما صنفا واحدا من ذكر او أنثى واما صنفين ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولد قط فالاولاد ذكورا وإناثا من مواهب الله تعالى وعطاياه ولذا سن لمن يبشر بالمولود انه يستبشر به ويراه نعمة أنعم الله بها عليه ففى الحديث ريح الولد من ريح الجنة وقال عليه السلام الولد فى الدنيا نور وفى الآخرة سرور وقد ورد سوداء ولود خير من حسناء عقيم وذلك لان التناسل انما هو بالولود ويعرف كونها ولودا بالصحة والشباب ولا ينفى الولد الذي يولد على فراشه فان الله تعالى يفضحه يوم القيامة ويكتب عليه من الذنب بعدد النجوم والرمال والأوراق وقيل معنى الاية يهب لمن يشاء إناثا اى الدنيا ويهب لمن يشاء الذكور اى الآخرة او يزوجهم ذكرانا وإناثا اى الدنيا والاخرة ويجعل من يشاء عقيما اى لا دنيا ولا عقبى كذا فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى انوثة الدنيا وذكورة الآخرة قال امير خسرو دهلوى بهران مردار چندب كاه زارى كاه زور چون غيلواجى كه شش مه ماده وشش مه تر است وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الولاية من المشايخ المستكملين يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الأتقياء الصلحاء وهم بمثابة الإناث لا نصرف لهم فى غيرهم بالتزويج والتسليك ويهب لبعضهم من المريدين الصديقين المحبين الواصلين الكاملين المستكملين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم فى الطالبين ويهب لبعضهم من الجنسين المذكورين المتصرفين فى الغير وغير المتصرفين ويجعل بعض المشايخ عقيما لا مريد له انه

[سورة الشورى (42) : الآيات 51 إلى 53]

عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع إليهم لحكمة أخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الأمم فماذا يصنع الكاملون المكملون إذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ) كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود وَما كانَ لِبَشَرٍ اى وما صح لفرد من افراد البشر يا محمد أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ بوجه من الوجوه إِلَّا وَحْياً اصل الوحى الاشارة السريعة وانما سمى الوحى وحيا لسرعته فان الوحى عين الفهم عين الافهام عين المفهوم منه كما يذوقه اهل الإلهام من الأولياء وقد عرف بعضهم الوحى بأنه ما تقع به الاشارة القائمة مقام العبارة فى غير عبارة وقال الراغب ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى أنبيائه وأوليائه وحي يقول الفقير يعلم منه ان الوحى والإلهام واحد فى الحقيقة وانما قيل الوحى فى الأنبياء والإلهام فى الأولياء تأدبا كما قيل دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء فاستعملوا الدعوة فى الأنبياء والإرشاد فى الأولياء مع انهما أمر واحد فالوحى اما بإلقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام ان روح القدس نفث فى روعى واما بالهام نحو قوله وأوحينا الى أم موسى ان أرضعيه واما بتسخير نحو قوله تعالى واوحى ربك الى النحل او بنام كقوله عليه السلام انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فهذه الأنواع دل عليها قول الا وحيا فمعناه الا بانه يوحى اليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما اوحى الى أم موسى والى ابراهيم فى ذبح ولده والى داود الزبور فى صدره قاله مجاهد وسيأتى تحقيق الآية ان شاء الله تعالى أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ بان يسمعه كلامه الذي يخلقه فى بعض الاجرام من غير ان يبصر السامع من يكلمه فهو تمثيل له بحال الملك المحتجب الذي يكلم بعض خواصه من ورلء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه والا فالله تعالى منزه عن الاستتار بالحجاب الذي هو من خواص الأجسام فالحجاب يرجع الى المستمع لا الى الله تعالى المتكلم وذلك كما كلم الله تعالى موسى فى طوى والطور ولذا سمى كليم الله لانه سمع صوتا دالا على كلام الله من غير ان يكون ذلك الصوت مكتسبا لاحد من الخلق بل تولى الله تخليقه إكراما له وغيره يسمعون صوتا مكتسبا للعباد فيفهمون به كلام الله هذا مذهب امامنا ابى منصور ذكره فى كتاب التأويلات وذهب ابو الحسن الأشعري الى ان موسى سمع كلام الله من غير واسطة صوت او قرآة والى هذا ذهب ابن فورك من الاشعرية قال فى كشف الاسرار كلمه وبينهما حجاب من نار (وقال الكاشفى) يا موسى سخن كفت واو در پس حجاب نور بود در موضح آورده كه خداى تعالى با پيغمبر عليه السلام سخن كفت از وراى حجابين يعنى حضرت رسالت پناه عليه السلام وراى دو حجاب بود كه سخن خداى تعالى شنيد حجابى از زر سرخ وحجابى از مرواريد سفيد مسيره ميان هر دو حجاب هفتاد سال راه بود يقول الفقير هذا من غوامض العلوم فان نبينا عليه السلام أعلى كعبا من موسى عليه السلام فما معنى ان الله تعالى كلم موسى من وراء حجاب واحد وكلم نبينا من ورلء حجابين وان حصل فرق بين حجاب وحجاب ولعل المراد بالحجابين حجاب الياقوتة الحمراء الذي يلى جانب الخلق وحجاب الدرة البيضاء الذي يلى عالم الأمر وكلاهما عبادة عن الروح المحمدي والحقيقة الاحمدية واشارة بكون مسافة ما بين الحجابين مسيرة سبعين ألف حجاب بين الرب والعبد فمعنى

ان النبي عليه السلام سمع كلام الله من ورلء هذين الحجابين ان الله تعالى كلمه وبينهما الحقيقة الجامعة البرزخية وليس ذلك بحجاب فى الحقيقة كما ان المرآة ليست بحجاب للناظر وكذا القناع بالنسبة الى العروس فافهم جدا أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا اى ملكا من الملائكة اما جبريل او غيره قال ابن عباس رضى الله عليهما لم ير جبرائيل الا اربعة من الأنبياء موسى وعيسى وزكريا ومحمد عليه السلام قال فى عين المعاني عسى انه أراد برؤيته كما هو والا فهو سفير الوحى انتهى فَيُوحِيَ ذلك الرسول الى المرسل اليه الذي هو الرسول البشرى بِإِذْنِهِ اى بامره تعالى وتيسيره ما يَشاءُ ان يوحيه اليه وهذا هو الذي جرى بينه تعالى وبين الأنبياء عليهم السلام فى عامة الأوقات من الكلام فيكون اشارة الى التكلم بواسطة الملك (روى) ان النبي عليه السلام قال من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا ومنهم من ينفث فى اذنه وقلبه فيكون بذلك نبيا وان جبرائيل يأتينى فيكلمنى كما يكلم أحدكم صاحبه وعن عائشة رضى الله عنها ان الحارث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحى فقال أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا والتفصد والانفصاد فرو دويدن إِنَّهُ عَلِيٌّ متعال عن صفات المخلوقين لا يأتى جريان المفاوضة بينه تعالى وبينهم الا بأحد الوجوه المذكورة حَكِيمٌ يجرى أفعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة واخرى بدونها اما إلهاما او خطابا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان البشر مهما كان محجوبا بصفات البشرية موصوفا بأوصاف الخلقية الظلمانية الانسانية لا يكون مستعدا ان يكلمه الله الا بالوحى او بالإلهام فى النوم واليقظة او من ورلء حجاب بالكلام الصريح او يرسل رسولا من الملائكة فيوحى باذنه ما يشاء انه على بعلو القدم لا يجانسه محدث حكيم فيما يساعد البشر بافناء انانيته بهويته فاذا أفنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونته بكينونة الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق فيكلمه الله تعالى شفاها وبه يسمع العبد كلامه كفا حاكما كان حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى سر فأوحى الى عبده ما اوحى انتهى يعنى مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شب معراج از حق سخن شنيد بى واسطه وكان آمن الرسول مما شافهه به الحق تعالى من غير حجاب وكذا قوله هو الذي يصلى عليكم وملائكته إلخ وكذا بعض سورة الضحى وبعض سورة الم نشرح ولزم من سماع كلامه مشافهة رؤيته بلا حجاب وكذا حال المؤمنين يوم القيامة فانهم يرون ربهم كما يرون القمر ليلة البدر ويسمعون كلامه بلا حجاب فالوحى إذا قسمان مشافهة وغير مشافهة وعليه يحمل ما روى ان اليهود قالت للنبى صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله وتنظر اليه ان كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر اليه فانا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليه السلام لم ينظر موسى الى الله فتزلت فأشار الى ان الكلام حصل لموسى ولكن من وراء حجاب دون النظر وكذا للنبى عليه السلام مادام على حال البشرية وكذا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت من زعم ان محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت او لم تسمعوا ربكم يقول

[سورة الشورى (42) : آية 52]

وتلت هذه الآية وما كان لبشر إلخ فاشارت الى مرتبة الحجاب وسره ان الله تعالى قال وما كان لبشر فعبر بعنوان البشرية وليس من حد البشر أن يرى ربه عيانا وهو فى حد الدنيا باق على بشريته او يكلمه الله كفاحا قال حضرة الشيخ لاكبر قدس سره الأطهر فى تلقيح الأذهان تكليم الله البشر فى ثلاث مراتب كما قال سبحانه وما كان لبشر إلخ فالكل وحي ولكن بعضه بلا واسطة عند خروجه عن حد البشرية الا انك ان كنت أنت السامع لم تحصل على هذه المشاهدة الذاتية حتى تكون أنت المسمع فمشاهدة الذات لا تتم مع المناجاة وبعضه بواسطة عند الرجوع الى البشرية ولا تزال هكذا حتى تفنى عن نفس السماع وتبقى مشاهدا للحق لتسمع نفسه بنفسه فانه من تحقق بالإنفاق حتى يسمع وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه سمع قوله واتخذه وكيلا انتهى قال الشيخ روزبهان البقلى فى عرائس البيان كانت لى واقعة فى ابتداء الأمر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف لى مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الأرواح لا من حيث الأشباح فغلب على سكر ذلك وأفشيت حالى بلسان السكر فتعرض لى واحد من أهل العلم وسألنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأنه لم يخاطب أحدا من الأنبياء والرسل الا من وراء حجاب كما قال وما كان لبشر إلخ فقلت صدق الله هذا إذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الأرواح الى عالم الغيب ورأوا الملكوت ألبسهم الله أنوار قربه وكحل عيونهم بنور ذاته وألبس أسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم سر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أخص خاصية إذ هو مصطفى فى الأزل بالمعارج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه وكان واحدا من كل الوجوه صعد الى الملكوت ورأى الحق بنور الجبروت وسمع خطابه بلا واسطة ورأى الحق بلا حجاب إذا لحجاب وصف المخلوقين والحق منزه عن ان يحجبه شىء (وحكى) ان الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال له شخص أرنى ربى فقال أو لم تسمع ان الله تعالى يقول لموسى لن ترانى مع انه نبى عظيم قال ان من هذه الملة الاحمدية من يقول رأى قلبى ربى ومنهم من يقول لا أعبد ربا لم أره فلما لم يمسك عن مسألته امر جعفر بان يلقى ذلك الشخص فى الدجلة ففعلوا فقال يا ابن رسول الله الغياث قال الصادق يا ماء اغمسه حتى فعل ذلك مرارا يعنى استغاث بالصادق فلما انقطع رجاؤه عن الخلق قال الهى الغياث صادق كفت بياوريدش بركرفتند وبياوردند وآبى كه مانده بود از كوش وبينى او ريختند چون با خود آمد كفت بآن حق را ديدى كفت تا خيال اغيار مى مانده دست در غير مى زدم حجاب مى بود چون پناه بكلى بوى آوردم ومضطر شدم روزنه در دل من كشاده شد وبدانجا نكريستم آنچهـ مى جستم ديدم وتا اضطرار نبود آن نبود صادق كفت تا صادق را مى خواند مى صديق نبودى اكنون آن كوچهـ روزنه راه نكاه دار كه جهان خدا بدينجا فروست فقد علمت من هذا التقرير ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على امتناعها وانما تدل على الامتناع حال البشرية وبقائها وجود عين غباريست در ره ديدار ... غبار مانع ديدار ميشود هش دار وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الإيحاء البديع

او كما أوحينا الى سائر رسلنا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الروح للابدان حيث يحييها حياة طيبة اى يحصل لها به ما هو مثل الحياة وهو العلم النافع المزيل للجهل الذي هو كالموت وقال الراغب سمى القرآن روحا لكونه سببا للحياة الاخروية الموصوفة فى قوله وان الدار الآخرة لهى الحيوان ومعنى من أمرنا بالفارسية بفرمان ما او روحا ناشئا ومبتدأ من أمرنا وقد سبق فى حم المؤمن وقيل هو جبرائيل ومعنى ايحائه اليه عليه السلام إرساله اليه بالوحى فان قلت كيف علم الرسول عليه السلام فى أول الأمر ان الذي تجلى له جبرائيل وان الذي سمعه كلام الله تعالى قلت خلق الله تعالى له علما ضرور يا علم به ذلك والعلم الضروري يوجب الايمان الحقيقي ويتولد من ذلك اليقين والخشية فان الخشية على قدر المعرفة ما كُنْتَ تَدْرِي قبل الوحى فى أربعين سنة والمراد وحي النبوة مَا الْكِتابُ اى اى شىء هو يعنى چون قرآن منزل نبود ندانستى آنرا والنفي معلق للفعل عن العمل وما بعده ساد مسد المفعولين ومحل ما كنت إلخ حال من كاف إليك كما فى تفسير الكواشي وَلَا الْإِيمانُ اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدى إليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها قضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرآن قبل الوحى ولا شرائع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت وثناقط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان اى الايمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وإيقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فقول البيضاوي وهو دليل على انه لم يكن متعدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الإثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر كما قال ابن الفضل اهله لانه ظن ان أبا طالب يؤمن كما قال عليه السلام أردنا اسلام ابى طالب وأراد الله اسلام العباس فكان ما أراد الله دون ما أردنا

[سورة الشورى (42) : آية 53]

وهو ضعيف ايضا لانه عليه السلام لا يدرى بعد الوحى ايضا جميع من يؤمن ومن يصر الى آخر العمر وَلكِنْ جَعَلْناهُ اى الروح الذي أوحينا إليك والجعل بمعنى التصيير لا بمعنى الخلق وحقيقته أنزلناه نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ هدايته بالتوفيق للقبول والنظر فيه مِنْ عِبادِنا وهو الذي يصرف اختياره نحو الاهتداء به وَإِنَّكَ لَتَهْدِي تقرير لهدايته تعالى وبيان لكيفيتها ومفعول لتهدى محذوف ثقة بغاية الظهور أي وانك لتهدى بهذا النور وترشد من نشاء هدايته إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو الإسلام وسائر الشرائع والاحكام والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد صِراطِ اللَّهِ بدل من الاول الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا واضافة الصراط الى الاسم الجليل ووصفه بالذي إلخ لتفخيم شأنه وتقرير استقامته وتأكيد وجوب سلوكه فان كون جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا وتصرفا مما يوجب ذلك أتم إيجاب قال بعضهم دعونا أقواما فى الأزل فأجابوا فأنت تهديهم إلينا وتدلهم علينا وانما كان عليه السلام هاديا لانه نور كالقرءآن ولمناسبة نوره مع نور الايمان والقرآن قيل كان خلقه القرآن اى نور الهى ز جبين تو هويدا ... سر ازل از نور جمالت شده پيدا أَلا كلمة تذكرة لتبصرة او تنبيه لحجة وبالفارسية بدانيد كه إِلَى اللَّهِ لا الى غيره تَصِيرُ الْأُمُورُ اى امور ما فيهما قاطبة بارتفاع الوسائط والتعلقات يعنى يوم القيامة فيحمل تصير على معنى الاستقبال ففيه من الوعد للمهتدين الى الصراط المستقيم والوعيد للضالين عنه ما لا يخفى وقال فى بحر العلوم الى الله تصير امور الخلائق كلها فى الدنيا والآخرة فلا يدبرها الا هو حيث لا يخرج امر من الأمور من قضائه وتقديره ونزد محققان بازگشت همه امور در همه اوقات واحوال بحضرت اوست وبارتفاع حجب ووسائط مشاهده اين معنى دست دهد صورت كثرت حجب وحدتست غيبت ما مانع نور حضور ديده دل باز كشا وببين سر الى الله تصير الأمور وذلك لان الله مبدأ كل ومرجعه ومصيره اما بالفناء الاختياري او بالفناء الاضطراري يكبار حسن بصرى رحمه الله بجنازه رفت چون مرده را در كور نهادند وخاك راست كردند حسن بر سر آن خاك نشست و چندان بدان كريست كه خاك كل شد پس كفت اى مردمان أول آخر بحدست آخر دنيا نكرى كورست وأول أخرت نكرى كورست كه القبر منزل من منازل الاخرة چهـ مى نازيد بعالمى كه آخرش اينست يعنى كور و چون نمى ترسيد از عالمى كه اولش اينست يعنى كور چون أول آخرش اينست اى اهل غفلت كار أول وآخر بسازيد شب كور خواهى منور چوروز ... ازينجا چراغ عمل برفروز بران خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند وعن سهل بن ابى الجعد احترق مصحف فلم يبق الا قوله تعالى ألا الى الله تصير الأمور وغرق مصحف فانمحى كل شىء الا ذلك كذا فى عين المعاني للسجاوندى تمت سورة الشورى فى أواخر شهر ربيع الآخر المنتظم فى شهور سنة ثلاث عشرة مائة وألف سورة الزخرف تسع وثمانون آية مكية.

سورة الزخرف

سورة الزخرف بسم الله الرحمن الرحيم حم اى القرآن مسمى بحم او هذه السورة مسماة به يقول الفقير امده الله القدير حم اشارة الى الاسمين الجليلين من أسمائه تعالى وهما الحنان والمنان فالحنان هو الذي يقبل على من اعرض عنه وفى القاموس الحنان كشداد اسم لله تعالى ومعناه الرحيم انتهى والمنان هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال كما قال فى القاموس المنان من اسماء الله تعالى المعطى ابتداء انتهى وقد جعل فى داخل الكعبة ثلاث أسطوانات الاولى اسطوانة الحنان والثانية اسطوانة المنان والثالثة اسطوانة الديان وانما أضيفت الى الله تعالى تعظيما كما قيل بيت الله وناقة الله فاشار بهذه الأسماء الثلاثة حيث جعلت فى داخل الكعبة المشار بها الى الذات الاحدية الى ان مقتضى الذات هو الرحمة والعطاء فى الدنيا والمجازاة والمكافاة فى الآخرة وبرحمته انزل القرآن كما قال مقسما به وَالْكِتابِ بالجر على انه مقسم به اما ابتداء او عطف على حم على تقدير كونه مجرورا بإضمار باء القسم على ان مدار العطف المغايرة فى العنوان ومناط تكرير القسم المبالغة فى تأكيد مضمون الجملة القسمية الْمُبِينِ اى البين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم فيكون من أبان بمعنى بان اى ظهر او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى أبواب الديانة فيكون من ابان بمعنى اظهر وأوضح وقال سهل بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين سعادة السعداء وشقاوة الأشقياء وقال بعضهم المراد بالكتاب الخط والكتابة يقال كتبه كتبا وكتابا خطه اقسم به تعظيما لنعمته فيه إذ فيه كثرة المنافع فان العلوم انما تكاملت بسبب الخط فالمتقدم إذا استنبط علما وأثبته فى كتاب وجاء المتأخر وزاد عليه تكاثرت به الفوائد يقول الفقير لعل السبب فى حمل الآيه على هذا المعنى الغير الظاهر لزوم اتحاد المقسم به والمقسم عليه على تقدير حملها على القرآن وليس بذلك كما يأتى إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ان قلت هذا يدل على ان القرآن مجعول والمجعول مخلوق وقد قال عليه السلام القرآن كلام الله غير مخلوق قلت المراد بالجعل هنا تصيير الشيء على حالة دون حالة فالمعنى انا صيرنا ذلك الكتاب قرءانا عربيا بانزاله بلغة العرب ولسانها ولم نصيره أعجميا بانزاله بلغة العجم مع كونه كلامنا وصفتنا قائمة بذاتنا عرية عن كسوة العربية منزهة عنها وعن توابعها لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ كلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل وسببية ما قبلها لما بعدها لكون حقيقة الترجي والتوقع ممتنعة فى حقه تعالى لكونها مختصة بمن لا يعلم عواقب الأمور وحاصل معناها الدلالة على ان الملابسة بالأول لاجل ارادة الثاني من شبه الارادة بالترجي فقوله لعلكم تعقلون فى موضع النصب على المفعول له وفعل الله تعالى وان كان لا يعلل بالغرض لكن فيه مصلحة جليلة وعاقبة حميدة فهى كلمة علة عقلا وكلمة مصلحة شرعا مع ان منع التعليل بالغرض العائد الى العباد بعيد عن الصواب جدا لمخالفته كثيرا من النصوص والمعنى لكى تفهموا القرآن العربي وتحيطوا بما فيه من النظم الرائق والمعنى الفائق وتقفوا على ما تضمنه من الشواهد الناطقة بخروجه عن طوق البشر وتعرفوا حق النعمة فى ذلك وتنقطع أعذاركم بالكلية إذ لو

[سورة الزخرف (43) : آية 4]

أنزلناه بغير لغة العرب ما فهمتموه فقوله انا جعلناه قرءانا عربيا جواب للقسم لكن لا على ان مرجع التأكيد جعله كذلك كما قيل بل ما هو غايته التي يعرب عنها قوله تعالى لعلكم تعقلون فانها المحتاجة للتأكيد لكونها منبئة عنى الاعتناء بأمرهم وإتمام النعمة عليهم وازاحة اعذارهم كذا فى الإرشاد وقال بعضهم أقسم بالقرءان على انه جعله قرءانا عربيا فالقسم والمقسم عليه من بدائع الاقسام لكونهما من واحد فالمقسم به ذات القرآن العظيم والمقسم عليه وصفه وهو جعله قرءانا عربيا فتغايرا فكأنه قيل والقرآن المبين انه ليس بمجرد كلام مفترى على الله وأساطير بل هو الذي تولينا انزاله على لغة العرب فهذا هو المراد بكونه جوابا لا مجرد كونه عربيا إذ لا يشك فيه وانما جعله مقسما به اشارة الى انه ليس عنده شىء أعظم قدرا وأرفع منزلة منه حتى يقسم به فان المحب لا يؤثر على محبوبه شيأ فاقسم ليكون قسمه فى غاية الوكادة وكذا لا أهم من وصفه فيقسم عليه وَإِنَّهُ اى ذلك الكتاب فِي أُمِّ الْكِتابِ اى فى اللوح المحفوظ فانه اصل الكتاب اى جنس الكتب السماوية فان جميعها مثبتة فيه على ما هى عليه عند الأنبياء ومأخوذة مستنسخه منه قال الراغب قوله فى أم الكتاب اى فى اللوح المحفوظ وذلك لكون كل منسوبا اليه ومتولدا فيه والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيها لَدَيْنا اى عندنا لَعَلِيٌّ رفيع القدر بين الكتب شريف حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة او محكم لا يتطرق اليه نسخ بكتاب آخر ولا تبديل وهما اى على وحكيم خبر ان لان وما بينهما بيان لمحل الحكم كانه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا فى أم الكتاب الذي هو اشرف مكان وأعزه لدينا والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب وهذا كما قال فى الجلالين يريد انه يثبت عند الله فى اللوح المحفوظ بهذه الصفة واعلم ان اللوح المحفوظ خلقه الله تعالى من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والأرض ينظر الله تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق بكل نظرة ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وفى الخبر إن أحرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معانى لا يحيط بها الا الله تعالى ولذا لم يقم لفظ مقام لفظه ولا حرف مقام حرفه فهو معجز من حيث اللفظ والمعنى ولما كان القلب الإنساني هو اللوح الحقيقي المعنوي نزل على قلبه عليه السلام القرآن واستقر فيه الى الابد دنيا وآخرة وكذا نزل من حيث المعنى على قلوب ورثته عليه السلام كما اخبر عنه ابو يزيد قدس سره وكما ان الله تعالى ينظر كل يوم فى اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستين نظرة كذلك ينظر فى لوح القلب ذلك العدد فيمحو ما يشاء ويثبت والمراد باليوم هو اليوم الآتي المنبسط عند الله الى الف سنة وأشير إليها بعدد ايام السنة فافهم جدا فان كان القلب لوح الله تعالى فينبعى للعبد ان يمحو عنه آثار الغير ويزينه بما يليق به فانه لمنظر الإلهي قال بعض الكبار إذا كان ميل المرء الى الشهوة والصورة والخلق يشتغل بتزيين ظاهره باللباس المعتبر عند الناس وإذا كان ميله الى المحبة والحقيقة والحق يشتغل بتزيين باطنه بما يعتبر عند الله ولا يلتفت الى ظاهره بل يكتفى بما يحفظه من الحر والبرد اى شىء كان وقال بعض الكبار تتبع كتاب الله فى الليل والنهار يوصلك الى مقام لاحرار لان كل ما يؤدى

[سورة الزخرف (43) : آية 5]

الى ذكر الله تعالى فهو علاج القلوب المريضة لان أعظم الأمراض القلبية هو نسيان الله تعالى كما قال نسوا الله فنسيهم ولا شك انه علاج امر بضده وهو ذكر الله كما قال فاذكرونى أذكركم دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چپراست صيقلى دارى صيقلى ميزن ... تا كه آيينه ات شود روشن صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ بعد ما بين علو شأن القرآن العظيم وحقق ان انزاله على لغتهم ليعقلوه ويؤمنوا به ويعملوا بموجبه عقب ذلك بانكار ان يكون الأمر بخلافه فقيل أفنضرب عنكم الذكر والفاء للعطف على محذوف يقتضيه المقام والمعنى أنهملكم فتحى القرآن عنكم ونبعده ونترك الأمر والنهى والوعد والوعيد مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض استعارة تمثيلية شبه حال الذكر وتنحيته بحال غرائب الإبل وذودها ثم استعمل ما كان مستعملا فى تلك القصة هاهنا والمراد بالغرائب البعران الأجانب والإبل إذا وردت الماء ودخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذيدت وطردت عن الحوض وفيه اشعار باقتضاء الحكمة توجه الذكر إليهم بملازمته لهم كأنه يتهافت عليهم صَفْحاً الصفح الاعراض بقال صفح كمنع اعرض وترك وعنه عفا والسائل رده كأصفحه وسمى العفو صفحا لانه اعراض عن الانتقام من صفحة الوجه لان من اعرض عنك فقد اعطاك صفحة وجهه والمعنى إعراضا عنكم على انه مفعول له للمذكور او صافحين على انه حال او مصدر من غير لفظه فان تنحية الذكر عنهم اعراض أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان اى لان كنتم منهمكين فى الإسراف فى المعاصي مصرين عليه على معنى ان حالكم وان اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة وتبقوا فى العذاب الخالد لكنا لسعة رحمتنا لا نفعل ذلك بل نهديكم الى الحق بإرسال الرسول الامين وإنزال الكتاب المبين در تبيان كفته كه بسبب شرك شما قرآنرا بآسمان نخواهيم برد كه دانسته ايم كه زود بيايند قومى كه بدو بگروند وباحكام آن عمل كنند وانما يرتفع القرآن فى آخر الزمان قال قتادة والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الامة لهلكو او لكن عاد بعائدة ورحمته فكرره عليهم عشرين سنة او ما شاء الله كفتا والله كه اگر در صدر آن امت رب العزت قرآن از زمين برداشتى بكفر كافران ورد ايشان خلق همه هلاك كردندى ويك كس نماندى لكن حق تعالى بانكار وكفر ايشان ننكريست بفضل ورحمت خود نكريست همچنان قرآن روز بروز مى فرستاد تمامى بيست سال يا زياده تا كار دين تمام كشف واسلام قوى شد وفيه اشارة الى ان من لم يقطع اليوم خطابه عمن تمادى فى عصيانه وأسرف فى اكثر شانه كيف يمنع غدا لطائف غفرانه وكرائم إحسانه عمن لم يقصر فى إيمانه ولم يدخل خلل فى عرفانه وان تلطخ بعصيانه دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع ... كرچهـ دربانىء ميخانه فراوان كردم پير طريقت در مناجات خويش كفته الهى توانى كه از بنده ناسزا مى بينى وبعقوبت نشتابى از بنده كفر مى شنوى ونعمت از وى باز نكيرى ثواب وعفو بر وى عرضه ميكنى و پيغام وخطاب خود او را باز خوانى واگر باز آيد وعده مغفرت ميدهى كه ان

[سورة الزخرف (43) : الآيات 6 إلى 11]

ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف چون با دشمن بدكردار چنينى ... چهـ كويم كه دوست نكوكار را چونى دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ كم خبرية فى موضع النصب على انه مفعول مقدم لارسلنا ومن نبى تمييز وفى الأولين متعلق بأرسلنا او بمحذوف مجرور على انه صفة لنبى والمعنى كثيرا من الأنبياء أرسلنا فى الأمم الأولين والقرون الماضية وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ضمير يأتيهم الى الأولين وهو حكاية حال ماضية مستمرة لان ما انما تدخل على مضارع فى معنى الحال او على ماض قريب منها اى كانوا على ذلك والمعنى بالفارسية ونيايد بايشان هيچ پيغمبرى مكر أفسوس كردند برو يعنى ان عادة الأمم مع الأنبياء الذين يدعونهم الى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء فلا ينبغى لك ان تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم لان المصيبة إذا عمت خفت فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ اى من هؤلاء القوم المسرفين وهم قريش بَطْشاً تمييز وهو الظاهر أو حال من فاعل أهلكنا اى باطشين قال الراغب البطش تناول الشيء بصولة والاخذ بشدة يعنى اقرباى ايشانرا هلاك كرديم وشدت وشوكت ايشان ما را عاجز نداشت فهو وعد له عليه السلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين ووصفهم بأشدية البطش لاثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الاولوية وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ اى سلف فى القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها ان تسير مسير المثل وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وفى الآية اشارة الى كمال ظلومية نفس الإنسان وجهوليته وكمال حلم الله وكرمه وفضل ربوبيته بانهم وان بالغوا فى اظهار اوصافهم الذميمة واخلاقهم اللئيمة بالاستهزاء مع الأنبياء والمرسلين والاستخفاف بهم الى ان كذبوهم وسعوا فى قتلهم من اهل الأولين والآخرين وكذلك يفعلون اهل كل زمان مع ورثة الأنبياء من العلماء المتقين والمشايخ السالكين الناصحين لهم والداعين الى الله والهادين لهم فالله تعالى لم يقطع عنهم مراحم فضله وكرمه وكان يبعث إليهم الأنبياء وينزل عليهم الكتب ويدعوهم الى جنابه وينعم عليهم بعفوه وبغفرانه ومن غاية افضاله وإحسانه تأديبا وترهيبا بعباده أهلك بعض المتمردين المتمادين فى الباطل ليعتبر المتأخرون من المتقدمين چوبركشته بختي در افتد به بند ... ازو نيك بختان بگيرند پند قال فى كشف الاسرار عجب كاريست هر كجا كه حديث دوستان دركيرند آستان بيكانكان در ان پيوندد وهر كجا كه لطافتى وكرامتى نمايد قهرى وسياستى در برابر آن نهد هر كجا كه حقيقى است مجازى آفريده تا بر روى حقيقت تمرد افشاند وهر حجتى شبهتى آميخت تا رخساره حجت مى خراشد هر كجا كه علمى است جهلى پيدا آورده تا بر سلطان علم بر مى آويزد هر كجا كه توحيدست شركى پديد آورد تا با توحيد طريق منازعت مى سپرد وبعدد هر دوستى هزار دشمن آفريده بعدد هر صديقى هزار زنديق آورده هر كجا مسجد است كليسايى در برابر او بنا كرده هر كجا صومعه خراباتى هر كجا طيلسانى زنارى هر كجا إقراري إنكاري هر كجا عابدى جاحدى هر كجا دوستى دشمنى هر كجا صادقى فاسقى جور دشمن چهـ كند كر نكشد طالب دوست ... كنج ومار وكل وخار وغم وشادى

[سورة الزخرف (43) : الآيات 9 إلى 11]

بهمند از شرق تا غرب بر زينت ونعمت كرده ودر هر نعمتى تعبيه محنتى در پيش ساخته من نكد الدنيا مضرة الزرنيخ ومنفعة الهليلج پير طريقت كفت آدمي را سه حالتست سر بيان مشغولست يا طاعت است كه او را از ان سودمندى است يا معصيت كه او را از ان پشيمانى است يا غفلت است كه او را زيانكارى است پند نيكوتر از قرآن چيست وناصح مهربان ترا ز مولى كيست سرمايه فراح ترا ز ايمان چيست رابح ترا ز تجارت بالله چيست مكر كه آدمي را بزبان خرسندى ويقطيعت رضا دادنى واو را از مولى بيزارى بيداران روز كردد كه ببود بوى هر چهـ بودنى است پند آنكه پذيرد كه باو رسد آنچهـ رسيدنى است اين صفت آن قوم كه رب العزة ميكويد فاهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين نسأل الله العصمة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ يعنى قومك وهم قريش مَنْ استفهام بمعنى كه بالفارسية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والسفلية لَيَقُولُنَّ اعترافا بالصانع خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ فى حكمه وملكه الْعَلِيمُ بأحوال خلقه چهـ اين نوع آفرينش كار جاهل وعاجز نتواند بود پس درين آيت اخبار ميكند از غايت جهل انسان كه مقرند بآفريننده قوى ودانا وعبادت غير او ميكويد قال فى الإرشاد ليسندن خلقها الى من هذا شأنه فى الحقيقة وفى نفس الأمر لا انهم يعبرون عنه بهذا العنوان وقد جوز ان يكون ذلك عين عبارتهم وفى فتح الرحمن ومقتضى جواب قريش ان يقولوا خلقهن الله فلما ذكر الله تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله بالعزيز العليم ليكون ذلك توطئة لما عدده بعد من أوصافه التي ابتدأ الاخبار بها وقطعها عن الكلام الذي جكى معناه عن قريش وهو قوله الذي وفى الآية اشارة الى ان فى جبلة الإنسان معرفة لله مركوزة وذلك لان الله تعالى ذرأ ذريات بنى آدم من ظهورهم وأشهدهم على أنفسهم بخطاب ألست بربكم فأسمعهم خطابه وعرفهم ربوبيته وفقهم لاجابته حتى قالوا بلى فصار ذلك الإقرار بذر ثمرة إقرارهم بخالقية الله تعالى فى هذا العالم لكن الله تعالى لعزته لا يهتدى الى سرادقات عزته الا من أعز الله تعالى بجذبات عنايته وهو العليم الذي يعلم حيث يجعل رسالاته اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً استئناف من جهته تعالى والجعل بمعنى تصيير الشيء على حالة دون حالة والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ لقوله تعالى جعل لكم الأرض فراشا اى بسطها لكم تستقرون فيها وبالفارسية ساخت براى شما زمين را بساطى كسترده تا قراركاه شما باشد وفى بحر العلوم جعل الأرض مسكنا لكم تقعدون عليها وتنامون وتنقلبون كما ينقلب أحدكم على فراشه ومهاده وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا تسلكونها فى اسفاركم لامور الدين والدنيا جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك وقال الراغب السبيل الطريق الذي فيه سهولة لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ اى لكى تهتدوا لسلوكها الى مقاصدكم يعنى بسوى بلاد وديارى كه خواهيد او بالتفكر فيها الى التوحيد الذي هو المقصد الأصلي وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ بمقدار ووزن ينفع العباد والبلاد ولا يضرهم وبالفارسية آبى باندازه حاجت ومصلحت يعنى نه بسيار غرق شدن باشد چون طوفان ونه اندك كه

[سورة الزخرف (43) : الآيات 12 إلى 16]

مهمات زراعت وغير او را كفايت نكند وهذه عادة الله فى عامة الأوقات وقد ينزل بحسب الحكمة ما يحصل به السيول فيضرهم وذلك فى عشرين او ثلاثين سنة مرة ابتلاء منه لعباده وأخذا لهم بما اقترفوا فَأَنْشَرْنا بِهِ اى أحيينا بذلك الماء والانشار احياء الميت بالفارسية زنده كردن مرده را بَلْدَةً مَيْتاً مخفف من الميت بالتشديد اى خالية عن النماء والنبات بالكلية شبه زوال النماء عنها بزوال الحياة عن البدن وتذكير ميتا لان البلدة فى معنى البلد والمكان والفضاء وقال سعدى المفتى لا يبعد والله تعالى اعلم ان يكون تأنيث البلد وتذكير الميت اشارة الى بلوغ ضعف حاله الغاية والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال العناية بأمر الاحياء والاشعار بعظم خطره كَذلِكَ اى مثل ذلك الاحياء الذي هو فى الحقيقة إخراج النبات من الأرض تُخْرَجُونَ اى تبعثون من قبوركم احياء تشبيه احيائهم بإحياء البلدة الميت كما يدل على قدرة الله تعالى وحكمته مطلقا فكذلك يدل على قدرته على القيامة والبعث وفى التعبير عن إخراج النبات بالانشار الذي هو احياء الموتى وعن احيائهم بالإخراج تفخيم لشان الإنبات وتهوين لامر البعث لتقويم سند الاستدلال وتوضيح منهاج القياس وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى نزل من سماء الروح ماء الهداية فأحيى به بلدة القلب الميت كذلك يخرج العبد من ظلمات ارض الوجود الى نور الله تعالى فانه مادام لم يحى قلبه بماء الهداية لم يخرج من ظلمات ارض الوجود كما ان البذر ما لم يحى فى داخل الأرض بالمطر لم يظهر فى ظاهرها فكان الفيض سبب النور (روى) ان أم الحسن البصري رضى الله عنه كانت مولاة أم سلمة رضى الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وربما غابت لحاجة فيبكى فتعطيه أم سلمة ثديها فيشربه فنال الحكمة والفصاحة من بركة ذلك وايضا حياة القلب بأسباب منها الغذاء الحلال نقلست كه اويس القرني رضى الله عنه يكبار سه شبانروز هيچ نخورده بود بيرون آمد بر راه يك دينار افتاده بود كفت از كسى افتاده باشد روى كردانيد تا كياه از زمين برچيند وبخورد ناكاه ديد كه كوسفندى مى آيد وكرده كرم در دهان كرفته پيش وى بنهاد واو كفت مكر از كسى ربوده باشد روى بگردانيد كوسفند بسخن در آمد كفت من بنده آن كسم تو بنده وى بستان روزى از بنده خداى كفت دست دراز كردم تا كرده بر كيرم كرده در دست خويش ديدم وكوسفند ناپديد شد يقول الفقير لعله كان من الأرواح العلوية وانما تمثل بصورة الغنم من حيث أن اويس كان الراعي ومن حيث ان الغنم كان صورة لانقياد والاستسلام وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى جعل للناس طرقا مختلفة من الهداية والضلالة فاما طريق الهداية فبعدد أنفاس الخلائق وكلها موصلة الى الله تعالى واما طريق الضلالة فليس شىء منها موصلا الى الرحمة بل الى الغضب فليسارع العبد الى قبول دعوة داعى الرحمة كلمفيل خواص هذه الامة وأفضل الطرق طريق الذكر والتوحيد ولذا امر الله بالذكر الكثير پيش روشن دلان بحر صفا ... ذكر حق كوهرست ودن دريا پرورش ده بقعر آن كهرى ... كه نيايد بلب از ان اثرى تا خدا سازدش بنصرت وعون ... كوهرى قيمتش فزون ز دو كون وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها اى اصناف المخلوقات بأسرها كما قال مما تنبت الأرض ومن

[سورة الزخرف (43) : الآيات 13 إلى 14]

أنفسهم ومما لا يعلمون لا يشذ شىء منها عن إيجاده واختراعه وعن ابن عباس رضى الله عنهما الأزواج الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود والذكر والأنثى وقيل كل ما سوى الله فهو زوج كفوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف وماض ومستقبل وذات وصفات وأرض وسماء وبر وبحر وشمس وقمر وليل ونهار وصيف وشتاء وجنة ونار الى غير ذلك مما لا يحصى وكونها أزواجا يدل على انها ممكنة لوجود وان محدثها فرد منزه عن المقابل والمعارض وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ اى السفن الجارية فى البحر وَالْأَنْعامِ اى الإبل والدواب يعنى چهارپايان ما تَرْكَبُونَ اى ما تركبونه فى البحر والبر على تغليب أحد اعتباري الفعل لقوته على الاخر فان ركب يعدى الى الانعام بنفسه يقال ركبت الدابة والى الفلك بواسطة حرف الجر يقأل ركبت فى الفلك وتقديم البيان على المبين للمحافظة على الفاصلة النونية وتقديم الفلك على الانعام لان الفلك أدل دليل على القدرة الباهرة والحكمة البالغة لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ اى لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والانعام والظهور للانعام حقيقة لا للفلك فدل على تغليب الانعام على الفلك وإيراد لفظ ظهور بصيغة الجمع مع ان ما أضيف مفرد اليه للمعنى لان مرجع الضمير جمع فى المعنى وان كان مفردا فى اللفظ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ عليكم إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ المراد لذكر بالقلوب لانه هو الأصل وله الاعتبار فقد ورد ان الله لا ينظر الى صوركم وأعمالكم بل الى قلوبكم ونياتكم وبه يظهر وجه إيثار تذكروا على تحمدوا والمعنى ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم إذا استعليتم عليه معترفين بها مستعظمين لها ثم تحمد وعليها بألسنتكم وَتَقُولُوا متعجبين من ذلك سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا المركوب يعنى پاكست آن خداى كه رام ونرم كردانيد وزير دست ساخت براى ما اين كشتى واين حيوانرا تا بمدد ركوب بر ايشان قطع بر وبحر ميكنيم وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ اى مطيقين بتذليلها يعنى ليس عندنا من القوة والطاقة ان نقرن هذه الدابة والفلك وان تضبطها فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته وهذا من تمام ذكر نعمته تعالى إذ بدون اعتراف المنعم عليه بالعجز عن تحصيل النعمة لا يعرف قدرها ولا حق المنعم بها قال فى القاموس اقرن للامر اطاقه وقوى عليه كاستقرن وعن لامر ضعف ضد انتهى والاقران بالفارسية طاقت چيزى داشتن وفى كشف الاسرار تقول أقرنت الرجل إذا ضبطته وساويته فى القوة وصرت له قرنا وقال غيره أصله وجده قرينه لان الصعب لا يكون قرينا للضعيف يعنى ان من وجد شيأ قرينه لم يصعب عليه وهو معنى أطاقه وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اى راجعون بالموت وبالفارسية باز كردنده كانيم در آخر بر مركبى كه جنازه كويند وآخر مركبى از مراكب دنيا آنست هش دار وعنان كشيده رو آخر كار ... بر مركب چوبين ز جهان خواهى رفت وفيه إيذان بان حق الراكب ان يتأمل فيما يلابسه من المسير ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هى الانقلاب الى الله تعالى فيبنى أموره فى مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يخطر بباله فى شىء مما يأتى ويذر امرا ينافيها ومن ضرورته ان يكون ركوبه لامر مشروع كالحج وصلة الرحم وطلب العلم ونحو ذلك وايضا ان الركوب

موقع فى الخطر والخوف من حيث ان راكب الدابة لا يأمن من عثارها او شموسها مثلا والهلاك بذلك وكذا راكب السفينة لا يأمن انكسارها وانقلابها وغرقها فينبغى للراكب ان لا يغفل عن الله لحظة ويستعد للقائه ويعلم ان الموت اقرب اليه من شراك نعله وان كل نفس يتنفسه كأنه آخر الأنفاس قال بعضهم أجل نعمة الله على العباد ان يقويهم على نفوسهم الامارة وينصرهم عليها حتى يركبوا عليها ويميتوها بالمجاهدات حتى تستقيم فى طاعة الله وإذا استقامت وجب عليهم شكر النعمة ومن لم يعرف نعم الله عليه الا فى مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم الله عليه ثم ان تسخير النفوس بعد استوائها فى إطاعة الله يكون بتسخير الله لا بالكسب والمجاهدة ولذا قال سبحان الذي إلخ وانما ذكر الانقلاب فى الآخر لان رجوع النفس الى الله انما هو بعد تسخيرها المذكور وقال بعضهم وانا الى ربنا لمنقلبون كما جئنا أول مرة كما قال كما بدأنا أول خلق نعيده اى كما بدأ خلقنا باشارة امر كن واخرج أرواحنا من كتم العدم الى عالم الملكوت بنفخته الخاصة ردنا الى أسفل سافلين القالب وهو عالم الملك ثم بجذبة ارجعي الى ربك اعادنا على مركب النفوس من عالم الملك الى ساحل بحر الملكوت ثم سخر لنا فلك القلوب وسيرنا فى بحر الملكوت الى عالم الربوبية روى على بن ابى ربيعة انه شهد عليا رضى الله تعالى عنه حين ركب فلما وضع رجله فى الركاب قال بسم الله فلما استوى قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال لا اله الا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت ثم ضحك فقيل له ما يضحكك يا امير المؤمنين قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت وقال مثل ما قلت ثم ضحك فقلنا مم ضحكت يا رسول الله قال يعجب ربنا عز وجل من عبده إذا قال لا له الا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت ويقول علم عبدى ان لا يغفر الذنوب غيرى وفى عين المعاني كان صلى الله تعالى عليه وسلم إذا ركب هلل وكبر ثلاثا ويقال قبل هذا الحمد لله الذي حملنا فى البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ومن علينا الايمان والقرآن وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم سبحان الذي سخر لنا الاية وفى كشف الاسرار كان الحسن ابن على رضى الله عنهما يقولها ويروى عن الحسن رضى الله عنه انه كان إذا ركب دابة قال الحمد لله الذي هدانا للاسلام والحمد الله الذي أكرمنا بالقرءان والحمد لله الذي من علينا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين قال صلى الله تعالى عليه وسلم ما من أحد من أمتي استوى على ظهر دابة فقال كما امره الله الا غفر له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركب العبد الدابة فلم يذكر اسم الله عليها ردفه الشيطان وقال له تغن فان قال لا احسن اى الغناء قال له تمن يعنى تكلم بالباطل فلا يزال فى أمنيته حتى ينزل وروى ان قوما ركبوا فى سفر وقالو سبحان الذي الآية وفيهم رجل على ناقة رازمة لا نتحرك هزالا فقال اما انا فمقرن مطيق لهذه فسقط عنها بوثبتها واندقت عنقه وروى عن الحسن بن على رضى الله عنهما انه كان إذا عثرث دابته قال اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا ملجأ ولا منجى

[سورة الزخرف (43) : الآيات 15 إلى 16]

منك الا إليك ولا حول ولا قوة الا بك هذا إذا ركب الدابة واما إذا ركب فى السفينة فيقول بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً الجاعلون هم قبائل من العرب قالوا ان الله صاهر الجن فولدت له الملائكة وقال بعضهم هو رد على بنى مليح حيث قالوا الملائكة بنات الله ومليح بالحاء المهملة كزبير حى من خزاعة والجعل هنا بمعنى الحكم بالشيء والاعتقاد به جعلت زيدا أفضل الناس اى حكمت به ووصفته والمراد بالعباد الملائكة وهو حال من جزأ قال فى القاموس الجزء البعض واجزأت الام ولدت الإناث وجعلوا له من عباده جزا اى إناثا انتهى ولذا قال الزجاج والمبرد والماوردي الجزء عند اهل العربية البنات يقال اجزأت المرأة إذا ولدت البنات ولذا قال الراغب جزء الشيء ما تتفوم به جملته وجعلوا له من عباد جزأ قيل ذلك عبارة عن الإناث من قولهم اجزأت المرأة أنت بأنثى وقال جار الله ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث وادعاء ان الجزء فى لغة العرب اسم للاناث وما هو الا كذب على العرب ووضع مستحدث ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه اجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا وقالوا ان اجزأت حمدة يوما فلا عجب زوجتها من بنات الأوس مجزتة انتهى يقول الفقير لم يكن الجزء فى الأصل بمعنى الإناث وانما ذكره اهل اللغة أخذا من الآية لانه فيها بمعنى الولد المفسر بالإناث فذكره فى اللغات لا ينافى حدوثه وانما عبر عن الولد بالجزء لانه بعض أبيه وجزء منه كما قال عليه السلام ان فاطمة منى اى قطعة منى وقال فاطمة بضعة منى والبضعة بالفتح القطعة من اللحم واثبات الولد له تعالى مستلزم للتركيب المستلزم للامكان المنافى للوجوب لذاتى فالله تعالى يستحيل ان يكون له ولد هو جزء من والده لانه واحد وحدة حقيقية ومعنى الآية واعتقد المشركون وحكموا واثبتوا له تعالى ولدا حال كون ذلك الولد من الملائكة الذين هم عباده فقالوا الملائكة بنات الله بعد اعترافهم بألسنتهم واعتقادهم ان خالق السموات والأرض هو الله فكيف يكون له ولد والولادة من صفات الأجسام وهو خالق الأجسام كلها ففيه تعجيب من جهلهم وتنبيه على قلة عقولهم حيث وصفوه بصفات المخلوقين واشارة الى ان الولد لا يكون عبد أبيه والملائكة عباد الله فكيف تكون البنات عبادا وقيل الجزء هاهنا بمعنى النصيب كما فى قوله تعالى لكل باب منهم جزء مقسوم اى نصيب ومعنى الآية معنى قوله جعلو الله مما ذرا من الحرث والانعام نصيبا وذلك انهم جعلوا البنات لله والبنين لانفسهم كما يجىء إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ظاهر الكفر مبالغ فيه او مظهر لكفره ولذلك يقولون ما يقولون سبحانه عما يصفون بى زن وفرزند شد ذات أحد ... از ازل فرد وصمد شد تا ابد أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ مفعول اتخذ والبنات بالفارسية دختران وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ وشما را خالص كرد وبركزيد به پسران أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة على انها للانكار والتوبيخ والتعجيب من شأنهم وتنكير بنات لتربية الحقارة كما ان تعريف البنين لتربية الفخامة وقدم البنات لكون المنكر عليهم نسبتهن الى الله فكان ذكرهن أهم بالنظر الى مقصود المقام والالتفات الى خطابهم لتأكيد الإلزام وتشديد التوبيخ والاصفاء الإيثار وبالفارسية بركزيدن يقال اصفيت فلانا بكذا اى آثرته به والمعنى

[سورة الزخرف (43) : الآيات 17 إلى 20]

بل اتخذ من خلقه البنات التي هى اخس الصنفين واختار لكم البنين الذين هم أفضلهما على معنى هبوا انكم اجترأتم على اضافة جنس الولد اليه سبحانه وتعالى مع ظهور استحالته وامتناعه اما كان لكم شىء من العقل ونبذة من الحياء حتى اجترأتم على ادعاء انه تعالى آثركم على نفسه بخير الصنفين وأعلاهما وترك لنفسه شرهما وأدناهما فان الإناث كانت ابغض الأولاد عندهم ولذا وأدوهن ولو اتخذ لنفسه البنات واعطى البنين لعباده لزم ان يكون حال العبد أكمل وأفضل من حال الله ويدفعه بديهة العقل وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا الالتفات للايذان باقتصاء ذكر قبائحهم ان يعرض عنهم ويحكى لغيرهم تعجبا منها وضرب هنا بمعنى جعل المتعدى الى مفعولين حذف الاول منهما لا بمعنى بين ومثلا بمعنى شبيه لا بمعنى القصة العجيبة كما فى قولهم ضرب له المثل بكذا والمعنى وإذا اخبر أحد المشركين بولادة ما جعله مثلا له تعالى وشبيها إذ الولد لابدان يجانس الوالد ويماثله ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا الظلول هنا بمعنى الصيرورة اى صار أسود فى الغاية من سوء ما بشر به ولذا من رأى فى المنام ان وجهه اسود ولدت له بنت ويجوز أن يكون اسوداد الوجه عبارة عن الكراهة وَهُوَ كَظِيمٌ اى والحال انه مملوء من الكرب والكأبة يقال رجل كظيم ومكظوم اى مكروب كما فى القاموس يقول الفقير هذه صفة المشركين فانهم جاهلون بالله غافلون عن خفى لطفه تحت جلى قهره واما الموحدون فحالهم الاستبشار بما ورد عن الله أيا كان إذ لا يفرقون بين أحد من رسله كما ان الكريم لا يغلق بابه على أحد من الضيفان والفاني عما سوى الله تعالى ليس له مطلب وانما مطلبه ما أراد الله كذشتم از سر مطلب تمام شد مطلب نقاب چهره مقصود بود مطلبها أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ تكرير للانكار والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ومن منصوب بمضمر معطوف على جعلوا والتنشئة التربية وبالفارسية پروردن والحلية ما يتحلى به الإنسان وبتزين وبالفارسية آرايش والجمع حلى بكسر الحاء وضمها وفتح اللام والمعنى او جعلوا من شانه ان يربى فى الزينة وهو عاجز عن ان يتولى لامره بنفسه يعنى البنات وقال سعدى المفتى لعل القدير اجترءوا على مثل هذه العظيمة وجعلوا (وقال الكاشفى) آيا كسى كه پرورده كردد در پيرايه يعنى بناز پرورش يابد واو را قوت حرب ميدان دارى نباشد وَهُوَ مع ما ذكر من المقصود فِي الْخِصامِ مع من يخاصمه ويجادله اى فى الجدال الذي لا يكاد يخلو الإنسان منه فى العادة غَيْرُ مُبِينٍ غير قادر على تقرير دعواه واقامة حجته كما يقدر الرجل عليه لنقصان عقله وضعف رأيه وربما يتكلم عليه وهو يريدان يتكلم له وهذا بحسب الغالب والا فمن الإناث من هو اهل الفصاحة والفاضلات على الرجل قال الأحنف سمعت كلام ابى بكر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عمر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عثمان رضى الله عنه حتى مضى وكلام على رضى الله عنه حتى مضى لا والله ما رأيت ابلغ من عائشة رضى الله عنها وقال معاوية رضى الله عنه ما رأيت ابلغ من عائشة ما أغلقت بابا فارادت فتحه الا فتحته ولا فتحت بابا فارادت اغلاقه الا غلقته ويدل عليه قوله عليه السلام فى حقها انها ابنة ابى بكر اشعارا بحسن فهمها وفصاحة منطقها كما سبق (قال الكاشفى) عرب را شجاعت وفصاحت فخر بودى واغلب زنان ازين دو حليه عاطل مى باشد حق تعالى

[سورة الزخرف (43) : آية 19]

فرمود كه آيا كسى اينچنين باشد خداى تعالى او را بفرزندى ميكيرد قال اهل التفسير اضافة غير لا نمنع عمل ما بعده فى الجار المتقدم لانه بمعنى النفي كأنه قال وهو لا يبين فى الخصام ومثله مسألة لكتاب انا زيدا غير ضارب قال فى كشف الاسرار فى الآية تحليل ليس الذهب والحرير للنساء وذم لتزين الرجال بزينة النساء وقال فى بحر العلوم وفى الاية دلالة بينة لكل ذى عقل سليم على ترك النشو فى الزينة والنعومة والحذر عنه لانه تعالى جعله من المعايب والمذام ومن صفات الإناث ويعضده قول النبي عليه السلام لمعاذ إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين والتنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات غدا كر لطيفست وكر سرسرى ... چوديرت بدست اوفتد خوش خورى ومن الكلمات الحكمية ثم على اوطأ الفراش اى وقت غلبة النوم وكل ألذ الطعام اى وقت غلبة الجوع والعجب كل العجب من علماء عصرك ومتفقهة زمانك يتلون هذه الآية ونحوها والأحاديث المطابقة لها فى المعنى ثم لا يتأملونها تأملا صحيحا ولا يتبعون فيها نبيهم الكريم فى ترك الزينة والتنعم همچوطفلان منكر اندر شرخ وزرد چون زنان مغرور رنك وبو مكرد (وقال بعضهم) خويشتن آراى مشو چون بهار ... تا نبود بر تو طمع روزكار وفيه اشارة الى ان المرء المتزين كالمرأة فالعاقل يكتفى بما يدفع الحر والبرد ويجتهد فى تزيين الباطل فانه المنظر الإلهي ولو كانت للنساء عقول راجحة لما ملن الى التزين بالذهب والفضة والحلي والحلل اما يكتفى للمرء والمرأة مضمون ما قيل نشد عزيزتر از كعبه اين لباس پرست ... بجامه كه بسالى رسد قناعت كن وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً بيان لتضمن كفرهم المذكور لكفر آخر وتقريع لهم بذلك وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على الله انقصهم رأيا وأخسهم صنفا يعنى ملائكه كه مجاور ان صوامع عبادت وملازمان مجامع عبوديت اند دختران نام مى نهند والبنات لا تكن عبادا والولد لا يكون عبد أبيه ففيه تكذيب لهم فى قولهم الملائكة بنات الله أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ من الشهود بمعنى الحضور لا من الشهادة اى أحضروا خلق الله تعالى إياهم فشاهدوهم إناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فان ذلك انما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل لهم وتهكم بهم فانهم انما سمعوه من آبائهم وهم ايضا كذابون جاهلون وفيه تخطئة للمنجمين واهل الحكمة المموهة فى كثير من الأمور فانهم بعقولهم القاصرة حكموا على الغيب منجمى بخانه خود در آمد مرد بيكانه را ديد با زن خود بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه وآشوب بر خاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست چوندانى كه در سراى تو كيست قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا إليها الأزواد والماء وتهيئوا فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون بمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة فى ركودها مثلها سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ هذه فى ديوان أعمالهم يعنى يكتب الملك ما شهدوا بها على الملائكة وَيُسْئَلُونَ عنها يوم القيامة وهو وعيد قال

[سورة الزخرف (43) : آية 20]

سعدى المفتى السين فى ستكتب للتأكيد ويحتمل ان يكون للاستعطاف الى التوبة قبل كتابة ما قالوه ولا علم لهم به وفى الحديث كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح الله او يستغفر قال ابن جريج هما ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره والذي عن يمينه يكتب الحسنات بغير شهادة صاحبه والذي عن يساره لا يكتب الا بشهادة صاحبه ان قعد فاحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وان مشى فاحدهما امامه والآخر خلفه وان نام فاحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه والكفار لهم كتاب وحفضة كما للمؤمنين فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب قال بعض المحدثين تجتنب الملائكة بنى آدم فى حالين عند الغائط وعند الجماع وفى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فلا بد للمرء من الأدب والمراقبة والمسارعة الى الخير دون الشر وفى الحديث عند الله خزآئن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله مفتاحا للخير ومغلاقا للشر وويل لمن جعله مفتاحا للشر ومغلاقا للخير ثم فى الآية اشارة الى ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة فى الدنيا ليرى العباد أن العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليتوبوا من الكفر والمعاصي بيا تا براريم دستى ز دل ... كه نتوان برآورد فرد از كل نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى ومن الله التوفيق لما يحبه ويرضاه وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ بيان لفن آخر من كفرهم اى قال المشركون العابدون للملائكة لو شاء الرحمن عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم أرادوا بذلك ان ما فعلوه حق مرضى عنده تعالى وانهم انما يفعلونه بمشيئة الله تعالى لا الاعتذار من ارتكاب ما ارتكبوه بأنه بمشيئة الله إياه منهم مع اعترافهم بقبحه حتى ينتهض ذمهم به دليلا للمعتزلة ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين إحداهما ان عبادتهم لهم بمشيئة الله تعالى والثانية ان ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى ولقد أخطأوا فى الثانية حيث جهلوا ان المشيئة عبارة عن ترجيح بعض الممكنات على بعض كائنا ما كان من غير اعتبار الرضى والسخط فى شىء من الطرفين ولذلك جهلوا بقوله ما لَهُمْ بِذلِكَ اى بما أرادوا بقولهم ذلك من كون ما فعلوه بمشيئة لارتضاء لا بمطلق المشيئة فان ذلك محقق ينطق به ما لا يحصى من الآيات الكريمة مِنْ عِلْمٍ يستند الى سند ما إِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَخْرُصُونَ يكذبون فان الخرص الكذب وكل قول بالظن والتخمين سوآء طابق الواقع أم لا قال الراغب كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سوآء كان ذلك مطابقا للشىء او مخالفا له من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان مطابقا للقول المخبر به كما حكى عن قول المنافقين فى قوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا

[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 إلى 25]

نشهد انك لرسول الله الى قوله ان المنافقين لكاذبون يقول الفقير اسناد المشيئة الى الله ايمان وتوحيد ان صدر من المؤمن والا فكفر وشرك لانه من العناد والعصبية والجهل بحقيقة الأمر فلا يعتبر ثم اضرب عنه الى ابطال ان يكون لهم سند من جهة النقل فقيل أَمْ آتَيْناهُمْ آيا داده ايم ايشانرا كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل القرآن او الرسول او من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير الله وكون الملائكة بناته فَهُمْ بِهِ اى بذلك الكتاب مُسْتَمْسِكُونَ وعليه معولون ومقرر است كه ايشانرا كتابى نداده ايم پس ايشانرا حجتى نقلا وعقلانيست يقال استمسك به إذا اعتصم به قال فى تاج المصادر الاستمساك چنك در زدن ويعدى بالباء وفى المفردات إمساك الشيء التعلق به وحفظه واستمسكت بالشيء إذا تحريت الإمساك بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ الامة الدين والطريقة التي تؤم اى تقصد قال الراغب الامة كل جماعة يجمعهم امر اما دين واحد او زمان واحد او مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيرا او اختيارا وقوله انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع عليه انتهى وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ مهتدون خبر ان والظرف صلة لمهتدون قدم عليه للاختصاص ويستعمل بعلى لضمنه معنى الثبوت والأثر بفتحتين بقية الشيء والآثار الاعلام وسنن النبي عليه السلام آثاره قال الراغب اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار والآثار بالفارسية پيها والمعنى لم يأتوا بحجة عقلية او نقلية بل اعترفوا بان لا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم چهـ قدر را بتقليد توان پيمودن رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را وفيه ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكن المقلد يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه والمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع تعالى باى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول فمن نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد كما فى فصل الخطاب والعلم الضروري أعلى من النظري إذ لا يزول بحال وهو مقدمة الكشف والعيان وعند الوصول الى الشهود لا يبقى الاحتياج الى الواسطة (ع) ساكنان حرم از قبله نما آزادند (وفى المثنوى) چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان وَكَذلِكَ اى والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبئهم بذيل التقليد ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ در دهى ومجتمعى مِنْ نَذِيرٍ نبى منذر قوم من عذاب الله إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها جبابرتها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ طريقة ودين وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ سننهم وأعمالهم مُقْتَدُونَ قوله ما أرسلنا إلخ استئناف دال على ان التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لاسلافهم ايضا سند غيره وتخص المترفين

[سورة الزخرف (43) : الآيات 24 إلى 25]

بتلك المقالة للايذان بان التنعم وحب البطالة هو الذي صرفهم عن النظر الى التقليد يقال أترفته النعمة اى أطغته والمراد بالمترفين الأغنياء والرؤساء الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش فى الدنيا وأشغلتهم عن نعيم الآخرة ويدخل فيهم كل من بتمادي فى الشهوات ويتبالغ فى النفرة من لوازم الدين من الشرائع والاحكام وفى الحديث ما بال أقوام يشرفون المترفين ويستخفون بالعابدين يعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك بغير سعى من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعي من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التي لا تبور قال بعضهم ان الله تعالى ضمن لنا الدنيا وطلب منا الآخرة فليته طلب منا الدنيا وضمن لنا الآخرة فعلى العاقل الاقتفاء على آثار المهتدين وعمارة لآخرة كما عليه ارباب اليقين (قال الصائب) بر نمى آيى بنعمتهاى ألوان زينهار ... تا توان غم خورد فكر نعمت ألوان مكن كار عاقل نيست بند خويش محكم ساختن ... عمر خود را صرف در تعمير اين زندان مكن قالَ اى كل نذير من أولئك المنذرين لاممهم عند تعللهم بتقليد آبائهم أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ اى أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بِأَهْدى اى بدين اهدى وارشد مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ اى من الضلالة التي ليست من الهداية فى شىء وانما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الانصاف قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ اى قال كل امة لنذيرها انا بما أرسلت به كافرون وان كان اهدى مما كنا فيه اى ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وقد أجمل عند الحكاية للايجاز كما فى قوله تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات وفيه اقرار منهم بتصميمهم على تقليد آبائهم فى الكفر والضلال واقناط للنذير من ان ينظروا ويتفكروا فيه خلق را تقليدشان بر باد داد ... كه دو صد لعنت برين تقليد باد كرچهـ عقلش سوى بالا ميبرد ... مرغ تقليدش به پستى مى پرد فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ پس ما انتقام كشيديم از مقلدان معاند باستئصال ايشان إذ لم يبق لهم عذر أصلا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من الأمم المذكورين فلا تكترث بتكذيب قومك فان الله ينتقم منهم باسمه المنتقم القاهر القابض قال على رضى الله عنه السعيد من وعظ بغيره يعنى نيكبخت آن بود كه چون ديكريرا پند دهند واذكار ناشايسته وكفتار ناپسنديده باز دارند او از ان پند عبرت كيرد (روى) عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الا سديده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضا فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب فالانسان مع كونه اعقل الموجودات لا يعتبر وفى بعض الكتب سأل بعض الملوك بنته البكر عن ألذ الأشياء فقالت الخمر والجماع والولاية فهم بقتلها فقالت والله ما ذقتها ولكنى ارى ما فيك من الخمار والصداع ثم أراك تعاودها وارى ما تلاقى أمي من نصب الولادة والألم والاشراف على الموت ثم أراها فى فراشك إذا طهرت من نفاسها واسمع ما يجرى على عمالك

[سورة الزخرف (43) : الآيات 26 إلى 32]

عند انعزالهم من الضرب والحبس والمصادرة ثم أراهم يطلبون الأعمال بأنم حرص ولا يعتبرون بما جرى عليهم وعلى غيرهم فعرفت ان هذه الثلاث ألذ الأشياء فعفا الملك عنها (قال الشيخ سعدى) ندانستى كه بينى بند بر پاى ... چودر كوشت نيايد پند مردم دكر ره كر ندارى طاقت نيش ... مكن انكشت در سوراخ كژدم وجاء فى الأمثال المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وفيه اشارة الى حال النفس الناسية القاسية فانها مع ما تذوق فى الدنيا من وبال سيئاتها تعود الى ما كانت عليه نسأل الله العصمة والتوفيق والعفو والعافية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ اى واذكر يا محمد لقومك قريش وقت قول إبراهيم عليه السلام بعد الخروج من النار لِأَبِيهِ تارخ الشهير بآزر وكان ينحت الأصنام وَقَوْمِهِ المكبين على التقليد وعبادة الأصنام كيف تبرأ مما هم فيه بقوله إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلك الاستدلال او ليقتدوا به ان لم يكن لهم بد من التقليد فانه اشرف آبائهم وبرآء بفتح الباء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والمتعدد يقال نحن البرآء واما البريىء فهو يؤنث ويجمع يقال بريىء وبريئون وبريئة وبريئات والمعنى انى بريىء من عبادتكم لغير الله ان كانت ما مصدرية او من معبودكم ان كانت موصولة حذف عائدها إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي استثناء منقطع ان كانوا عبدة الأصنام اى لكن الذي خلقنى لا ابرأ منه والفطر ابتداء خلق من غير مثال من قولهم فطرت البئر إذا انشأت حفرها من غير اصل سابق او متصل على ان ما نعم اولى العلم وغيرهم وانهم كانوا يعبدون الله والأصنام او صفة على ان ما موصوفة اى انى بريىء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرنى فان الا بمعنى غير لا يوصف بها الا جمع منكور غير محصور وهو هنا آلهة كما هو مذهب ابن الحاجب فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ اى سيثبتنى على الهداية او سيهدينى الى ماوراء الذي هدانى اليه الى الآن ولذا أورد كلمة التسويف هنا بعد ما قال فى الشعراء فهو يهدين بلا تسويف والاوجه ان السين للتأكيد دون التسويف وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار اى دوام الهداية حالا واستقبالا وَجَعَلَها اى جعل ابراهيم كلمة التوحيد التي كان ما تكلم به من قوله اننى الى سيهدين عبارة عنها يعنى ان البراءة من كل معبود سوى الله توحيد للمعبود بالحق وقول بلا اله الا الله كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ اى فى ذريته حيث وصاهم بها كما نطق به قوله تعالى ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب الآية فالقول المذكور بعد الخروج من النار وهذا الجعل بعد حصول الأولاد الكبار فلا يزال فيهم نسلا بعد نسل من يوحد الله ويدعو الى توحيده وتفريده الى قيام الساعة قال الراغب العقب مؤخر الرجل واستعير للولد وولد الولد انتهى فعقب الرجل ولده الذكور والإناث وأولادهم وما قيل من ان عقب الرجل أولاده لذكور كما وقع فى أجناس العاطفى او أولاده البنات كما نقل عن بعض الفقهاء فكلا القولين ضعيف جدا مخالف للغة لا يوثق به لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ علة للجعل والضمير للعقب واسناد الرجوع إليهم من وصف الكل بحال الأكثر والترجي راجع الى ابراهيم عليه السلام اى جعلها باقية فى عقبه وخلفه رجاء ان يرجع إليها من أشرك منهم بدعاء الموحد قال بعضهم فى سبب

[سورة الزخرف (43) : الآيات 29 إلى 30]

تكريم وجه على بن ابى طالب بان يقال كرم الله وجه انه نقل عن والدته فاطمة بنت اسد بن هاشم انها كانت إذا أرادت ان تسجد للصنم وهو فى بطنها يمنعها من ذلك ونظر فيه البعض بان قال عبادة قريش صنما وان كانت مشهورة عند الناس لكن الصواب خلافه لقول ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الأصنام وقول الله فى حقه وجعلها كلمة باقية فى عقبه وجوابه فى سورة ابراهيم فارجع وفى الآية اشارة الى ان كل من ادعى معرفة الله والوصول اليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وارشاد الله من الفلاسفة والبراهمة والرهابنة فدعواه فاسد ومتمناه كاسد (قال الشيخ سعدى) درين بحر جز مرد راعى نرفت ... كم آن شد كه دمبال داعى نرفت كسانى كزين راه بركشته اند ... برفتند وبسيار سركشته اند خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد واشارة اخرى ان بعد اهل العناية يهتدون الى معرفة الله بإرشاد الله وان لم يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح ولا يتقيد بتقليد آبائه واهل بلده من اهل الضلالة والأهواء والبدع ولا تؤثر فيه شبههم ودلائلهم المعقولة المشوبة بالوهم والخيال ولا يخاف فى الله لومة لائم كما كان حال ابراهيم عليه السلام كذلك فان الله تعالى أرشده من غير ان يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح فلما آتاه الله رشده دعا قومه الى التوحيد ووصى به بنيه لعلهم يرجعون عن الشرك وفيه اشارة الى ان الرجوع الى الله على قدمى اعتقاد اهل السنة والجماعة والأعمال الصالحة على قانون المتابعة بنور هذه الكلمة الباقية بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ إضراب عن محذوف اى فلم يحصل ما رجاه بل متعت منهم هؤلاء المعاصرين للرسول من اهل مكة وَآباءَهُمْ بالمد فى العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة وانهمكوا فى الشهوات وشغلوا بها عن كلمة التوحيد حَتَّى جاءَهُمُ اى هؤلاء الْحَقُّ اى القرآن وَرَسُولٌ اى رسول مُبِينٌ ظاهر الرسالة واضحها بالمعجزات الباهرة او مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج فحتى ليست غاية للتمتع بل لما تسبب عنه من الاغترار المذكور وما يليه وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ لينبههم عماهم فيه من الغفلة ويرشدهم الى التوحيد ازدادوا كفرا وعتوا وضموا الى كفرهم السابق معاندة الحق والاستهانة به حيث قالُوا هذا الحق والقرآن سِحْرٌ وهو إراءة الباطل فى صورة الحق وبالفارسية جادويى وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ باور نداريم كه آن من عند الله است فسموا القرآن سحرا وكفروا به وفيه اشارة الى ارباب الدين واهل الحق فان اهل الأهواء والبدع والضلالة ينظرون الى الحق واهله كمن ينظر الى السحر وساحره وينطقون بكلمة الكفر بلسان الحال وان كانوا يمسكون بلسان المقال واعلم ان الكفر والتكذيب والإنكار من أوصاف اهل الجحيم لانه كما ان الجحيم مظهر قهر الله تعالى فكذا الأوصاف المذكورة من امارات قهر الله تعالى فمن وجد فيه شىء من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل النار وان الايمان والتصديق والإقرار من أوصاف اهل الجنة لانه كما ان الجنة مظهر لطف الله تعالى فكذا الأوصاف المذكورة من آثار لطف الله تعالى فمن وجد فيه شىء من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل الجنة ولكن التصديق على اقسام فقسم باللسان

[سورة الزخرف (43) : الآيات 31 إلى 32]

وهو الذي يشترك فيه المطيع والعاصي والخواص والعوام وهو مفيد فى الآخرة إذ لا يخلد صاحبه فى النار وقسم بالأركان والطاعات والاذكار واسباب اليقين فذلك تصديق الأنبياء والأولياء والصديقين والصالحين وبه يسلم صاحبه من الآفات مطلقا وفى الحديث كل أمتي يدخلون الجنة الا من أبى قيل ومن أبى يا رسول الله قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى أراد عليه السلام من أطاعني وصدقنى فيما جئت به من الاعتقاد والعلم والعمل ومن عصانى فى ذلك فيكون المراد بالامة امة الدعوة والاجابة جميعا استثنى منه امة الدعوة وذلك فان الامة تطلق تارة على كافة الناس وهم امة الدعوة واخرى على المؤمنين وهم امة الاجابة فامة الاجابة امة دعوة ولا ينعكس كليا فاحذر الإباء والزم البقاء تنعم فى جنة المأوى فان طريق النجاة هى الطاعات والأعمال الصالحات فمن غرته الأماني واعتاد أملا طويلا فقد خسر خسر انا مبينا نسأل الله سبحانه ان يجعلنا كما أمر فى كتابه المبين آمين وَقالُوا اهل مكة لَوْلا حرف تحضيض نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ من احدى القريتين مكة والطائف عَظِيمٍ بالمال والجاه كالوليد بن المغيرة المخزومي بمكة وعروة ابن مسعود الثقفي بالطائف فهو على نهج قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان اى من أحدهما وذلك لان من للابتدآء وكون الرجل الواحد من القريتين بعيد فقدر المضاف ومنهم من لم يقدر مضافا وقال أراد على رجل كائن من القريتين كلتيهما والمراد به عروة المذكور لانه كان يسكن مكة والطائف جميعا وكان له فى مكة اموال يتجر بها وكان له فى الطائف بساتين وضياع فكان يتردد إليهما فصار كأنه من أهلهما يقول الفقير هنا وجه خفى وهو ان النسبة الى القريتين قد تكون بالمهاجرة من إحداهما الى الاخرى كما يقال المكي المدني والمصري الشامي وذلك بعد الاقامة فى إحداهما اربع سنين صرح بذلك اهل اصول الحديث ثم انهم لم يتفوهوا بهذه الكلمة العظيمة حسد أعلى نزوله على الرسول عليه السلام دون من ذكر من عظمائهم من اعترافهم بقرآنيته بل استدلالا على عدمها بمعنى انه لو كان قرءانا لنزل على أحد هذين الرجلين بناء على ما زعموا من ان الرسالة منصب جليل لا يليق به الا من له جلالة من حيث المال والجاه ولم يدروا ان العظيم من عظمه الله وأعلى قدره فى الدارين لامن عظمه الناس إذ رب عظيم عندهم حقير عند الله وبالعكس وان الله يختص برحمته من يشاء وهو أعلم حيث يجعل رسالته وفى قولهم عظيم تعظيم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعظم شأنه وفخم أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ انكار فيه تجهيل لهم وتعجيب من تحكمهم والمراد بالرحمة النبوة يعنى أبيدهم مفاتيح الرسالة والنبوة فيضعونها حيث شاؤا يعنى تا بر هر كه خواهند در نبوت بگشايند نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ اى اسباب معيشتهم والمعيشة ما يعيش به الإنسان ويتغذى به ويجعله سببا فى قوام بنيته إذا العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو يعم الحلال والحرام عند اهل السنة والجماعة فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض أمرنا إليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية كما دل عليه تقديم المسند اليه وهو نحن

إذ هو للاختصاص والحاصل نحن قسمنا أرزاقهم فيما بينهم وهو ادنى من الرسالة فلم نترك اختيارها إليهم والا لضاعوا وهلكوا فما ظنهم فى امر الدين اى فكيف نفوض اختيار ما هو أفضل وأعظم وهو الرسالة وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فى الرزق وسائر مبادى المعاش دَرَجاتٍ نصب بنزع الخافض اى الى درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما نقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوى وفقير وغنى وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا من التسخير والاستخدام ولكون المراد هنا الاستخدام دون الهزؤ لانه لا يليق التعليل به اجمع القراء على ضم السين فى الرواية المشهورة عنهم فما كان من التسخير فهو مضموم وما كان من الهزؤ فهو مكسور والمعنى ليستعمل بعضهم بعضا فى مصالحهم ويسخر الأغنياء باموالهم الأجراء الفقراء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله وهذا بعمله فيتم قوام العالم لا لكمال فى الموسع ولا لنقض فى المقتر وَرَحْمَتُ رَبِّكَ اى النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين خَيْرٌ لاهلها مِمَّا يَجْمَعُونَ اى يجمع هؤلاء الكفار من حطام الدنيا الدنية الفانية والعظيم من رزق من تلك الرحمة العظيمة لا مما يجمعون من الدنيء الحقير يظنون ان العظمة به وفيه اشارة الى ان الله تعالى يعطى لفقير من فقراء البلد لا يؤبه به ما لا يعطى لعلمائه وافاضله من حقائق القرآن وأسراره فان قسمة الولاية بيده كقسمة النبوة فما لا يحصل بالدرس قد يحصل بالوهب وكما ان فى صورة المال تسخير بعضهم لبعض لاجل الغنى فكذا فى صورة العلم والولاية تسخيره بعضهم لبعض للتربية وكل من العلم والولاية والنبوة خير من الدنيا وما فيها من الأموال والأرزاق (قال بعضهم) المعيشة انواع ايمان وصدق وارادة وعلم وخدمة وتوبة وانابة ومحبة وشوق وعشق ومعرفة وتوحيد وفراسة وكرامة ووارد وقناعة وتوكل ورضى وتسليم فتفاوت اصحاب هذه المقامات كما نتفاوت ارباب الرزق وكذلك يتفاوتون فى المعرفة مثلا فان بعضهم أعلى فى المعرفة من بعض وان اشتركوا فى نفس المعرفة وقس عليه صاحب المحبة ونحوها هذا للمقلين اليه وللمدبرين كمن يأكل النعم اللذيذة والحشرات المضرة وقال بعضهم بابن لله بينهم بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان فالاعرف أفضل من العارف وطريقه لذكر قال سهل الذكر لله خير من كثرة الأعمال اى إذا كان خالصا ودر حقائق سلمى أورده كه تفاوت درجات بأخلاق حسنه است خوى هر كه نيكوتر درجه او بلندتر ... يكى خوب كردار وخوش خوى بود كه بد سيرتانرا نكو كوى بود ... بخوابش كسى ديد چون در كذشت كه بارى حكايت كن از سركذشت ... دهانى بخنده چوكل باز كرد چوبلبل بصوت خوش آغاز كرد ... كه بر من نكردند سختى بسى كه من سخت نكرفتمى بر كسى قالت الفلاسفة ان الكمالات البشرية مشروطه بالاستعداد والمذهب الحق ان جميع المقامات كالنبوة والولاية وغيرهما وكذا السلطنة والوزارة ونحوهما اختصاصية عطائية غير كسبية ولا مشروطة بشىء من الاستعداد ونحوه فان الاستعداد ايضا عطاء من الله تعالى كما قيل داد حق را قابليت شرط نيست بلكه شرط قابليت داد حق وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه بوهم

[سورة الزخرف (43) : الآيات 33 إلى 39]

المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وحاصل بالاستعداد وليس كذلك فى الحقيقة فالله تعالى هو الولي يتولى امر عباده فيفعل ما تقتضيه حكمته ولا دخل لشىء من ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن رفعهم الى درجات الكمال بحرمة أكامل الرجال وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً بتقدير المضاف مثل كراهة ان يكون الناس فان لولا لانتفاء الثاني لوجود الاول ولا تحقق لمدلول لولا ظاهرا والمعنى ولولا كراهة ان يرغب الناس فى الكفر إذا رأوا الكفار فى سعة وتنعم لحبهم الدنيا وتوهم ان ذلك الفضيلة فى الكفار فيجمعوا ويكونوا فى الكفر امة واحدة لَجَعَلْنا لحقارة الدنيا وهو انها عندنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ اى لشر الخلائق وأدناهم منزله كما قال تعالى أولئك هم شر البرية لِبُيُوتِهِمْ بدل اشتمال من لمن او اللام بمعنى على وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والبيوت والأبيات جمع بيت وهو اسم لمبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة قال الراغب أصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه والبيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر سُقُفاً متخذة مِنْ فِضَّةٍ جمع سقف وهو سماء البيت والفضة جسم ذائب صابر منطرق ابيض رزين بالقياس الى باقى الأجساد وبالفارسية نقره سميت فضة لتفضضها وتفرقها فى وجوه المصالح وَمَعارِجَ عطف على سقفا جمع معرج بفتح الميم وكسرها بمعنى السلم وبالفارسية نردبان قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد والمعنى وجعلنا لهم مصاعد ومراقى من فضة حذف لدلالة الاول عليه عَلَيْها اى على المعارج يَظْهَرُونَ يقال ظهر عليه إذا علاه وارتقى اليه واصل ظهر الشيء ان يحصل شىء على ظهر الأرض فلا يخفى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة والمعنى يعلون السطوح والعلالي وبالفارسية ونردبانها كه بدان بر بام آن خانها برايند وخود را بنمايند وَلِبُيُوتِهِمْ اى وجعلنا لبيوتهم ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير أَبْواباً درها والباب يقال لمدخل الشيء واصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار والبيت وَسُرُراً تحتها اى من فضة جمع سرير قال الراغب السرير الذي يجلس عليه من السرور إذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن عَلَيْها اى على السرر يَتَّكِؤُنَ تكيه كنند والاتكاء الاعتماد وَزُخْرُفاً هو فى الأصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى حتى إذا أخذت الأرض زخرفها قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى او يكون لك بيت من زخرف اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئبق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئبق والمعنى وزينة عظيمة من كل شىء عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف

[سورة الزخرف (43) : آية 36]

يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث يقول الله تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا وانما أراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن الله تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شىء يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرىء بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا وَالْآخِرَةُ بما فيها من فنون النعم التي يقصر عنها البيان عِنْدَ رَبِّكَ يعنى در حكم او لِلْمُتَّقِينَ اى عن الكفر والمعاصي هر كس كه رخ از متاع فانى برتافت ... واندر طلب دولت باقى بشتافت آنجا كه كمال همتش بود رسيد ... وآن چيز كه مقصود دلش بود بيافت فان قيل قد بين الله تعالى انه لو فتح على الكافر أبواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الإسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الإسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الأمر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الإسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى الله فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب إخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار الله تعالى لنبيه الفقر واختياره إياه لنفسه اى مع قوله لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار لله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثاني ما قيل ان الله اختار الفقر له نظر القلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بما له والثالث ما قيل ان فقره دليل على هو ان الدنيا على لله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء انتهى ومعنى هو ان الدنيا على الله انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الأنبياء والأولياء والابدال وأبغضها وابغض أهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها (قال الصائب) از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا تداركنا الله وإياكم بفضله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ من شرطية وبالفارسية بمعنى وهر كه ويعش بضم لشين من عشا يعشو عشا إذا تعاشى بلا آفة وتعامى اى نظر نظر العشا ولا آفة فى بصره ويقال عشى يعشى كرضى إذا كان فى بصره آفة مخلة بالرؤية قال الراغب العشا بالفتح والقصر ظلمة تعرض فى العين يقال رجل أعشى وامرأة عشواء وفى القاموس العشا سوء البصر

بالليل والنهار وخبطه خبط عشواء ركبه على غير بصيرة من الناقة العشواء التي لا تبصر امامها والمراد بالذكر القرآن وإضافته الى الرحمن اشارة الى كونه رحمة عامة من الله او هو مصدر مضاف الى المفعول والمعنى ومن يتعام ويعرض عن القرآن او عن ان يذكر الرحمن وبالفارسية وهر كه چشم پوشد از قرآن ويا از ياد كردن خداى لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهما كه فى الحظوظ والشهوات الفانية نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً نسلطه عليه ونضمه اليه ليستولى عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الا على اليابس فَهُوَ اى ذلك الشيطان لَهُ اى لذلك العاشى والمعرض قَرِينٌ بالفارسية همنشين ودمساز ومصاحب لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه ويزين له العمى على الهدى والقبيح بدل الحسن قال عليه السلام إذا أراد الله بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بسنة فلا يرى حسنا الا قبحه عنده حتى لا يعمل به ولا يرى قبيحا الا حسنه حتى يعمل به وينبغى ان يكون هذا الشيطان غير قرينه الجنى الكافر والا فكل أحد له شيطان هو قرينه كما قال صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملئكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرنى الا بخير (در نفحات الانس) آورد كه شيخ ابو القاسم مصرى قدس سره با يكى از مؤمنان جن دوستى داشت وقتى در مسجدى نشسته بود جنى كفت اى شيخ اين مردم را چهـ كونه مى بينى كفت بعضى را در خواب وبعضى را بى خواب كفت آنچهـ بر سرهاى ايشانست مى بينى كفتم نه چشمهاى مرا بماليد ديدم كه بر سر هر كسى بعضى را بالها بچشم فرو كذاشته وبعضى را كاهى فرو كذاريد وكاهى بالا مى پرد كفتم اين چيست كفت نشنيده كه ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين اينها شياطين اند بر سرهاى ايشان نشسته وبر هر يكى بقدر غفلت وى استيلا يافته دريغ ودرد كه با نفس بد قرين شده ايم ... وزين معامله باد بو همنشين شده ايم ببارگاه فلك بوده ايم رشك ملك ... ز جور نفس جفا پيشه اينچنين شده ايم وفيه اشارة الى ان من داوم على ذكر الرحمن لم يقربه الشيطان بحال قال بعضهم من نسى الله وترك مراقبته ولم يستحى منه او اقبل على شىء من حظوظ نفسه قيض الله له شيطانا يوسوس له فى جميع أنفاسه ويغرى نفسه الى طلب هواها حتى يتسلط على عقله وعلمه وبيانه وهذا كما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجهه الشهوة والغضب يغلبان العقل والعلم والبيان وهذا جزاء من أعرض عن متابعة القرآن ومتابعة السنة وقال بعضهم من اعرض عن الله بالإقبال على الدنيا يقيض له شيطانا وان أصعب الشياطين نفسك الامارة بالسوء فهو له ملازم لا يفارقه فى الدنيا والآخرة فهذا جزاء من ترك المجالسة مع الله بالاعراض عن الذكر فانه يقول أنا جليس من ذكرنى فمن لم يذكر ولم يعرف قدر خلوته مع الله وحاد عن ذكره واختلف الى خواطر النفسانية الشيطانية سلط الله عليه من يشغله عن الله وإذا اشتغل العبد فى خلوته بذكر ربه بنفي ما سوى الله واثبات الحق بلا اله الا لله فاذا تعرض له من يشغله عن ربه صرفته سطوات الالهية عنه ومن لم يعرف قدر فراغ قلبه واتبع شهوته

[سورة الزخرف (43) : الآيات 37 إلى 39]

وفتح بابها على نفسه بقي فى يد هواه أسيرا غالبا عليه أوصاف شيطنة النفس (روى) عن سفيان بن عيينة انه قال ليس مثل من أمثال العرب الا وأصله فى كتاب الله قيل له من اين قول الناس أعط أخاك تمرة فان ابى فجمرة قال من قوله ومن يعش الآية وَإِنَّهُمْ اى الشياطين الذين قيض كل واحد منهم لواحد ممن يعشو لَيَصُدُّونَهُمْ اى يمنعون قرناءهم فمدار جمع الضميرين اعتبار معنى من كما ان مدار افراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها عَنِ السَّبِيلِ عن الطريق المستبين الذي من حقه ان يسبل وهو الذي يدعو اليه القرآن وَيَحْسَبُونَ اى والحال ان العاشين يظنون إِنَّهُمْ اى الشياطين مُهْتَدُونَ اى السبيل المستقيم والا لما اتبعوهم او يحسبون ان أنفسهم مهتدون لان اعتقاد كون الشياطين مهتدين مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك لاتحاد مسلكهما حَتَّى إِذا جاءَنا حتى ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية ومع هذا غاية لما قبلها فان الابتدائية لا تنافيها والمعنى يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصدق والحسبان الباطل حتى إذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة قالَ مخاطبا له يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فى الدنيا بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ بعد المشرق والمغرب اى تباعد كل منهما عن الآخر فغلب المشرق وثنى وأضيف البعد إليهما يعنى ان حق ان النسبة ان يضاف الى أحد المنتسبين لان قيام معنى واحد بمحلين ممتنع بل يقوم بأحدهما ويتعلق بالآخر لكن لما ثنى المشرق بعد التغليب لم يبق مجال للاضافة الى أحدهما فاضيف إليهما على تغليب القيام على التعلق والمعنى بالفارسية اى كاشكى ميان من وتو بودى روى ميان مشرق ومغرب يعنى كاش تو از من ومن از تو دور بودى فَبِئْسَ الْقَرِينُ اى أنت وبالفارسية پس بد همنشينىء تو يعنى بئس الصاحب كنت أنت فى الدنيا وبئس الصاحب اليوم قال ابو سعيد الخدري رضى الله عنه إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشيطان فلا يفارقه حتى يصير الى النار كما ان الملك لا يفارق المؤمن حتى يصير الى الجنة فالشيطان قرين للكافر فى الدنيا والاخرة والملك قرين المؤمن فيهما فبئس القرين الاول ونعم القرين الثاني وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة الله تعالى توبيخا وتقريعا اى لن ينفعكم اليوم تمنيكم لمباعدتهم إِذْ ظَلَمْتُمْ اى لاجل ظلمكم أنفسكم فى الدنيا باتباعكم إياهم فى الكفر والمعاصي وإذ للتعليل متعلق بالنفي كما قال سيبويه انها بمعنى التعليل حرف بمنزلة لام العلة أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ تعليل لنفى النفع اى لان حقكم ان تشتركوا أنتم وشياطينكم القرناء فى العذاب كما كنتم مشتركين فى سببه فى الدنيا ويجوز أن يسند الفعل اليه بمعنى لن يحصل لكم التشفي بكون قرنائكم معذبين منلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ونظائره لتشفوا بذلك وفى الآية اشارة الى حال التابع والمتبوع من اهل الأهواء والبدع فان المتبوع منهم كان شيطان التابع فى الإضلال عن طريق السنه فلما فات الوقت وأدرك المقت وقعوا فى التمني الباطل قيل (فضل اليوم على الغد ان للتأخير آفات) فعلى العاقل تدارك حاله وتفكر ما له والهرب من الشيطان الأسود والأبيض قبل ان يهرب هو منه (حكى) ان عابدا عبد الله تعالى فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة

[سورة الزخرف (43) : الآيات 40 إلى 45]

حلف لملك ان لا يمسها الرجال فأخرجها الى صومعته وأسكنها معه لئلا يشعر أحد مكانها ولا يستخطبها قال وكبرت الابنة فخضر إبليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه وقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زى العلماء فأخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والفتل وقال له ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانتش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو صدق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى فعل ذلك الملك فاذا الأمر كما قال فأخذ الزاهد فأركبه جملا وحمله الى بلده فصلبه فجاء الشيطان وهو مصلوب فقال له زينت بأمري وقتلت بامرى فآمن بي انجك من عذاب الملك فأدركته الشقاوة فامن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى قال انى أخاف الله رب العالمين فالنفس والشيطان قرينان للانسان يغويانه الى ان يهلك دانسته ام كه دزد من از خانه منست وزيستى وبلندى ديوار فارغم أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ اى من فقد سمع القلوب أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ من فقد البصائر جمع أصم وأعمى وبالفارسية آيا تو اى محمد سخن حق توانى شنوانيد آنان را كه كوش دل كرانت يا كور د لانرا طريق حق توانى نمود بشير الى ان من سددنا بصيرته ولبسنا عليه رشده ومن صبينا فى مسامع قلبه رصاص الشقاء والحرمان لا يمكنك يا محمد مع كمال نبوتك هدايته وإسماعه من غير عنايتنا السابقة ورعايتنا اللاحقة كان عليه الصلاة والسلام يتعب نفسه فى دعاء قومه وهم لا يزيدون الأغيار وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزلت وهو انكار تعجيب من ان يكون هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم فى الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونا بالصمم فنزل منزلة من يدعى انه قادر على ذلك لاصراره على دعائهم قائلا انا اسمع واهدى على قصد تقوى الحكم لا التخصيص فعجب تعالى منه قال ابن الشيخ وما احسن هذا الترتيب فان الإنسان لاشتغاله بطلب الدنيا والميل الى الحظوظ الجسمانية يكون كمن بعينه رمد ضعيف ثم انه كلما ازداد اشتداده بها واشتد اعراضه عن النعيم الروحاني ازداد رمده فينتقل من ان يكون اعشى الى ان يكون أعمى وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ لا يخفى على أحد إي ومن كان فى علم الله انه يموت على الضلالة وبالفارسية وانرا كه هست در كمراهى هويدا يعنى تو قادر نيستى بر هدايت كمراهان پس بسيار تعب بر نفس خود منه وهو عطف على العمى باعتبار تغاير الوصفين ومدار الإنكار هو التمكن والاستقرار فى الضلال المفرط بحيث لا ارعواء له عنه لا توهم القصور من قبل الهادي ففيه رمز الى انه لا يقدر على ذلك الا الله وحده بالقسر والإلجاء يعنى لا يقدر على اسماع الصم وهداية لعمى وجعل الكافر مؤمنا الا لله وحده لعظم قدرته واحاطة تعلقها بكل مقدور (ع) آن به كه كار خود بعنايت رها كنيم فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ أصله ان ما على ان ان للشرط وما مزيدة للتأكيد بمنزلة لام القسم فى استجلاب النون المؤكدة اى فان قبضناك وأمتناك قبل ان نبصرك عذابهم ونشفى بذلك صدرك وصدر المؤمنين وبالفارسية پس اگر ما ببريم ترا با جوار

[سورة الزخرف (43) : الآيات 42 إلى 44]

رحمت خود پيش از انكه عذاب ايشان بتو بنمايم دل خوش دار فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ لا محالة فى الدنيا والاخرة مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند پس از وى بسى قال ابن عطاء أنت أمان فيما بينهم فان قبضناك انتقمنا منهم فليغتنم العقلاء وجود الصلحاء وليجتنبوا من معاداتهم فان فى ذلك الهلاك قال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه لله على عباده حجتان حجة ظاهرة هى الرسول وحجة باطنة هى العقول أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ او ان أردنا ان نريك العذاب الذي وعدناهم فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ لا يفوتوننا لانهم تحت قهرنا وقدرتنا وفى الآية تسلية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بانه تعالى ينتقم من أعدائه ومنكريه اما فى حال حياته واما بعد وفاته وانه قادر على انتقامهم بواسطته كما كان يوم بدر او بغير واسطة كما كان فى زمن ابى بكر رضى الله عنه وغيره فبذلك أثبته على حد الخوف والرجا ووقفه على حد التجويز لاستبداده بعلم الغيب وكذلك المقصود فى الأمر من كل أحد ان يكون من جملة نظارة التقدير ويفعل الله ما يريد (قال المولى الجامى) اى دل تا كى فضولى وبو العجبى ... از من نشان عاقبت مى طلبى سركشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادئ ما أدرى ما يفعل بي وفى الحديث إذا أراد الله بامة خيرا قبض الله نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا وإذا أراد الله بامة عذابا عذبها ونبيها حى لنقرعينه لما كذبوه وعصوه قالوا كل نبى قد رأى النقمة فى أمته غير نبينا عليه السلام فان الله أكرمه فلم ير فى أمته الا الذي تقربه عينه وأبقى النقمة بعده وهى البلايا الشديدة (روى) انه عليه السلام أرى ما يصيب أمته بعده فما رؤى مستبشرا ضاحكا حتى قبض وفى الحديث حياتى خير لكم ومماتى خير لكم قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال تعرض على أعمالكم كل عشية الإثنين والخميس فما كان من خير حمدت الله تعالى وما كان من شر استغفر الله لكم ولذلك استحب صوم يوم الاثنين والخميس وقد قال عليه السلام تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس يعنى مفتوح مى شود أبواب جنت در هر دو شنبه و پنجشنبه يعنى لشرفهما لكون يوم الاثنين يوم ولادة النبي عليه السلام ويوم الخميس يوم عرض الأعمال على الله سبحانه وتعالى واعلم ان كل أحد يشرب من كأس الموت يقال أوحى الله تعالى الى نبينا عليه السلام فقال يا محمد احبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه غدا وعش ما شئت فانك ميت منه دل برين سال خورده مكان ... كه كنبد نيايد برو كردكان وكر پهلوانى وكر تيغ زن ... نخواهى بدر بردن الا كفن فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد چون كرمش ابريشمين بدخمه در آمد پس از چند روز ... كه بر وى بگريد بزارى وسوز چو پوسيده ديدش حرير كفن ... بفكرت چنين كفت با خويشتن من از كرم بركنده بودم بزور ... بكندند ازو باز كرمان كور فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ اى امسك بالقرءان الذي انزل عليك بمراعاة أحكامه سواء عجلنا لك المعهود او أخرناه الى يوم الآخرة إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اى طريق سوى لا عوج له وهو طريق التوحيد ودين الإسلام وفى التأويلات النجمية فاعتصم بالقرءان فانه حبل الله المتين بان تتخلق بخلقه وتدور معه حيث يدور وقف حيث ما أمرت وثق فانك على صراط مستقيم تصل به الى حضرة جلالنا وَإِنَّهُ اى القرآن الذي اوحى إليك لَذِكْرٌ

لشرف عظيم لَكَ خصوصا وَلِقَوْمِكَ وأمتك عموما كما قال عليه السلام ان لكل شىء شرفا يباهى به وان بها أمتي وشرفها القرآن فالمراد بالقوم الامة كما قال مجاهد وقال بعضهم ولقومك من قريش حيث يقال ان هذا الكتاب العظيم إنزال الله على رجل من هؤلاء قال فى الكواشي أولاهم بذلك الشرف الأقرب فالاقرب منه عليه السلام كقريش ثم بنى هاشم وبنى المطلب قال ابن عطاء شرف لك بانتسابك إلينا وشرف لقومك بانتسابهم إليك اى لان الانتساب الى العظيم الشريف عظيم شرف ثم جمع الله النبي مع قومه فقال وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه وعن تعظيمكم وشكركم على ان رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين وفى التأويلات النجمية وان القرآن به شرف الوصول لك ولمتابعيك وسوف تسألون عن هذا الشرف والكرامة هل أديتم حقه وقمتم بأداء شكره ساعين فى طلب الوصول والوصال أم ضيعتم حقه وجعلتموه وسيلة الاستنزال الى الدرك بصرفه فى تحصيل المنافع الدنيوية والمطالب النفسانية انتهى قال بعضهم علوم العارفين مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحي القيوم ونهاية علوم غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الخطام الذي لا يدوم زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب مى فروشد بنان كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب الله تعالى وكذا العارف الغير العامل والغافل الغير العامل سواء فى كونهما مردودين عن باب الله تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والقدر ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجردهما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية والإنسان اما حيوانى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف الطبيعة واحوال الشهوة من الاكل والشرب والمنام ونحوها واما شيطانى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف النفس واحوال الشيطنة كالكبر والعجب والحسد وغيرها واما ملكى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف الروح واحوال الملكية من العلم والعمل والذكر والتسبيح ونحوها فمن تمسك بالقرءان وعمل بما فيه علمه الله ما لم يعلم وجعله من اهل الكشف والعيان فيكون من الذين يتلون آيات الله فى الآفاق والأنفس ويكاشفون عن حقائق القرآن فهذا الشرف العظيم لهذه الامة لانه ليس لغيرهم هذا القرآن وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال موسى يا رب هل فى الأمم امة أكرم عليك ممن ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المن والسلوى قال يا موسى ان فضل امة محمد على الأمم كفضلى على خلقى فقال موسى الهى اجعلنى من امة محمد قال يا موسى لن تدركهم ولكن أتشتهى ان تسمع كلامهم قال نعم يا رب فنادى يا امة محمد فقالوا لبيك اللهم لبيك لا شريك لك والخير كله بيديك فجعل الله تلك الاجابة من شعائر الحج ثم قال يا امة محمد ان رحمتى سبقت غضبى قد غفرت لكم قبل ان تعصونى وأعطيتكم قبل ان تسألونى فمن لقينى منكم بشهادة ان لا اله

[سورة الزخرف (43) : آية 45]

الا الله وان محمدا رسول الله أسكنته الجنة ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد القطر وعدد النجوم وعدد ايام الدنيا وفى التوراة فى حق هذه الامة أناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم (وفى المثنوى) تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا قوله من أرسلنا فى محل النصب على انه مفعول اسأل وهو على حذف المضاف لاستحالة السؤال من الرسل حقيقة والمعنى واسأل أممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسئول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله أممهم وعلماؤهم من تلقاء أنفسهم أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ اى هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت فى ملة من مللهم والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ابتدعه حتى يكذب ويعادى له فانه أقوى ما حملهم على التكذيب والمخالفة قال ابن الشيخ السؤال يكون لرفع الالتباس ولم يكن رسول الله يشك فى ذلك وانما الخطاب له والمراد غيره قالت عائشة رضى الله عنها لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام ما انا بالذي أشك وما انا بالذي اسأل وجعل الزمخشري السؤال فى الاية مجازا عن النظر فى اديانهم والفحص عن مللهم على انه نظير قولهم سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجنى ثمارك وللآية وجه آخر بحملها على ظاهرها من غير تقدير مضاف وهو ما روى انه عليه السلام لما اسرى به الى المسجد الأقصى حشر اليه الأنبياء والمرسلون من قبورهم ومثلوا له فاذن جبرائيل ثم اقام وقال يا محمد تقدم فصل بإخوانك الأنبياء والمرسلين فلما فرغ من الصلاة قال له جبرائيل زعمت قريش ان لله شريكا وزعمت اليهود والنصارى ان لله ولدا سل يا محمد هؤلاء النبيين هل كان لله شريك ثم قرأ واسأل من أرسلنا إلخ فقال عليه السلام لا اسأل وقد اكتفيت ولست بشاك فيه فلم يشك فيه ولم يسأل وكان اثبت يقينا من ذلك قال ابو القاسم المفسر فى كتاب التنزيل له ان هذه الآية أنزلت على النبي عليه السلام ببيت المقدس ليلة المعراج فلما أنزلت وسمعها الأنبياء عليهم السلام أقروا لله تعالى بالوحدانية وقالوا بعثنا بالتوحيد (صاحب عين المعاني) آورده كه در آثار آمده كه ميكائيل از جبرائيل پرسيد كه سيد عالم عليه السلام اين سؤال كرد از انبيا جبرائيل كفت كه يقين او از ان كاملتر وايمان او از ان محكمترست كه اين سؤال كند آنكه در كشف كرده استقلال كى توجه كند باستدلال (وفى المثنوى) آينه روشن كه صد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادر صيقلى پيش سلطان خوش نشسته دل قبول ... زشت باشد جستن نامه ورسول وفى الاية اشارة الى ان بعثة جميع الرسل كانت على النهى غن عبادة غير الله من النفس والهوى والشيطان او شىء من الدنيا والآخرة كقوله تعالى وما أمروا الا لعبدوا الله مخلصين له الدين اى ليقصدوه فانه المقصود ويطلبوه فانه المطلوب والمحبوب والمعبود قال بعض الكبار لا تطلب مولاك مع شىء من الدنيا والآخرة ولا من الظاهر والباطن ولا من العلم والعرفان ولا من الذوق والوجدان ولا من الشهود والعيان بل اطلبه بلا شىء حتى تكون طالبا خالصا مخلصا له الدين وإذا كنت

[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 إلى 50]

طالبا لمولاك بدون شىء تنجو من رق الغير وتكون حرا باقيا فى رق مولاك فحينئذ تكون عبدا محضا لمولى واحد فيصلح تسميتك عبد الله والعبد فقير إذ كل ما فى يده لمولاه غنى بغنى الله إذ كل خزآئنه له ومن إشارات هذا المقام ما قال عليه السلام يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر الله اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا ويقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك على ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من أطعمك او كساك وأراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذ بيده ويدخله الجنة كليد كلشن فردوس دست احسانست ... بهشت مى طلبى از سر درم برخيز وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع الدالة على صحة نبوته إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه والإرسال الى الاشراف إرسال الى الأرذال لانهم تابعون لهم فَقالَ موسى لهم إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ لكم فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا ليسعدوا وينتهوا وينتفعوا بها إِذا همان وقت هُمْ ايشان مِنْها اى من تلك الآيات يَضْحَكُونَ إذا اسم بمعنى الوقت نصب على المفعولية لفا جأوا المقدر ومحل لما نصب على انه ظرف له اى فاجأوا وقت ضحكهم منها اى استهزأوا بها وكذبوها أول ما رأوها ولم يتأملوا فيها وقالوا سحر وتخييل ظلما وعلوا وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ من الآيات وبالفارسية ننموديم ايشانرا هيچ معجزه إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها الاخت تأنيث الأخ وجعلت التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه اى أعظم عن الآية التي تقدمتها ليكون العذاب أعظم ولما كانت الآية مونثا عبر عنها بالاخت وسماها أختها فى اشتراكهما فى الصحة والصدق وكون كل منهما نظيرة الاخرى وقرينتها وصاحبتها فى ذلك وفى كونها آية (وفى كشف الاسرار) اين آنست كه پارسيان كويند كه همه از يكديكر نيكوتر مهتر وبهتر والمقصود وصف الكل بالكبر الذي لا مزيد عليه فهو من باب الكناية يقول الفقير الظاهر ان الكلام من باب الترقي وعليه عادة الله تعالى الى وقت الاستئصال وقال بعضهم الا وهى مختصة بضرب من الاعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها يقول الفقير فالآيات متساوية فى أنفسها متفاوتة بالاعتبار كالآيات القرآنية فانها متساوية فى كونها كلام الله تعالى متفاوتة بالنسبة الى طبقاتها فى المعاني فالمراد على هذا بالافعل هى الزيادة من وجه وهى مجاز لان المصادر التي تتضمنها الافعال والأسماء موضوعة للماهية لا للفرد المنتشر قال بعض الكبار ان الله تعالى لم يأتهم بشىء من الآيات الا كان أوضح مما قبله ولم يقابلوه الا بجفاء أوحش مما قبله من ظلومية طبع الإنسان وكفوريته وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ اى عاقبناهم بالسنين والطوفان والجراد والدم والطمس ونحوها وكانت هذه الآيات دلالات ومعجزات لموسى وزجرا وعذابا للكافرين لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ اى لكى يرجعوا عماهم عليه من الكفر فان من جهولية نفس الإنسان ان لا يرجع الى الله على أقدام العبودية الا ان يجر بسلاسل البأساء والضراء الى الحضرة فكلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل كما سبق فى أول هذه السورة وتفسيره بارادة ان يرجعوا عن الكفر الى الايمان كما فسره أهل الاعتزال خطأ محض لا ريب فيه لان الارادة

[سورة الزخرف (43) : الآيات 49 إلى 50]

تستلزم المراد بخلاف الأمر التكليفي فانه قد يأمر بما لا يريد والذي يريده فهو واقع البتة وَقالُوا اى فرعون وقومه فى كل مرة من العذاب لما ضاق نطاق بشريتهم يا ايه الساحر نادوا بذلك فى مثل تلك الحالة اى عند طلب كشف العذاب بدعائه لغاية عتوهم وغاية حماقتهم او سبق ذلك الى لسانهم على ما ألفوه من تسميتهم إياه بالساحر لفرط حيرتهم (قال سعدى) المفتى والا ظهران النداء كان باسمه العلم كما فى الأعراف لكن حكى الله تعالى هنا كلامهم لا بعبارتهم بل على وفق ما أضمرته قلوبهم من اعتقادهم انه ساحر لاقتضاء مقام التسلية ذلك فان قريشا ايضا سموه ساحرا وسموا ما أتى به سحرا وعن الحسن قالوه على الاستهزاء وقال ابن بحر اى الغالب بالسحر نحو خصمته وقال بعضهم قالوه تعظيما فان السحر كان عندهم علما عظيما وصفة ممدوحة والساحر فيهم عظيم الشان فكأنهم قالوا يا ايها العالم بالسحر الكامل الحاذق فيه ادْعُ لَنا رَبَّكَ ليكشف عنا العذاب قال فى التأويلات النجمية ما قالوا مع هذا الاضطرار يا ايها الرسول وما قالوا ادع لنا ربنا لانهم ما رجعوا الى الله بصدق النية وخلوص القعيدة ليروه بنور الايمان رسولا ويروا الله ربهم وانما رجعوا بالاضطرار لخلاص أنفسهم لالخلاص قلوبهم بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ما مصدرية والباء للسببية وأصل العهد بمعنى التوصية ان يتعدى بالى الا انه أورد بدلها لفظ عندك اشعارا بأن تلك الوصية مرعية محفوظة عنده لا مضيعة ملغاة قال الراغب العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وعهد فلان الى فلان بعهد اى ألقى العهد اليه وأوصاه بحفظه والمعنى بسبب عهده عندك بالنبوة فان النبوة تسمى عهد الله وبالفارسية بسبب آن عهدى كه نزديك تو نهاده است او من استجابة دعوتك او من كشف العذاب عمن اهتدى قال بعضهم الأظهر ان الباء فى الوجه الاول للقسم اى ادع الله بحق ما عندك من النبوة إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ اى لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك وعد منهم معلق بشرط الدعاء ولذا تعرضوا للنبوة على تقدير صحتها وقالوا ربك لا ربنا فانه انما يكون ربهم بعد الايمان لانهم قائلون بربوبية فرعون فَلَمَّا پس آن هنكام كه كَشَفْنا ببرديم وازاله كرديم عَنْهُمُ الْعَذابَ بدعاء موسى إِذا هُمْ همان زمان ايشان يَنْكُثُونَ النكث فى الأصل نقض الحبل والغزل ونحو ذلك وبالفارسية تا باز دادن ريسمان واستعير لنقض العهد والمعنى فاجأوا وقت نقض عهدهم بالاهتداء وهو الايمان اى بادروا النكث ولم يؤخروه وعادوا الى كفرهم وأصروا عليه ولما نقضوا عهودهم صاروا ملعونين ومن آثار لعنهم الغرق كما يأتى فعلى العاقل الوفاء بالعهد (حكى) ان النعمان بن المنذر من ملوك العرب جعل لنفسه فى كل سنة يومين فاذا خرج فاول من يطلع عليه فى يوم نعمه يعطيه مائة من الإبل ويغنيه وفى يوم بؤسه يقتله فلقيه فى يوم بؤسه رجل طاقى فأيقن بقتله وقال حيى الله الملك ان الاحتياج والضرورة قد حملانى على الخروج فى هذا اليوم ولكن لا يتفاوت الأمر فى قتلى بين أول النهار وآخره فان رأى الملك ان يأذن لى فى ان أوصل الى أهلي وأولادى القوت وأودعهم ثم أعود فرق له النعمان وقال لا يكون ذلك الا بضمان رجل منا فان لم ترجع قتلناه قال شريك ابن على ضمانه على فذهب الطاقي ثم رجع قريبا من المساء فلما رآه النعمان اطرق رأسه ثم رفع وقال ما رأيت

[سورة الزخرف (43) : الآيات 51 إلى 54]

مثلكما اما أنت ايها الطاقي فما تركت لاحد فى الوفاء مقاما يفتخر به واما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة فلا أكون اخس الثلاثة ألا وانى قد رفعت يوم بؤسى عن الناس كرامة لكما ثم احسن الى الطاقي وقال ما حملك على ذلك قال دينى فمن لا وفاء له لا دين له فظهر أن الوفاء سبب النجاة (وفى المثنوى) جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت وأول مراتب الوفاء منا هو الإتيان بكلمتي الشهادة ومن الله منع الدماء والمال وآخرها منا الاستغراق فى بحر التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلا عن غيره ومن الله الفوز باللقاء الدائم وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله انه لا يسأل أحدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه بشىء فعجز عن المشي ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن إلقاء النفس الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلماهم بذلك انبعث من باطنه خاطر رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله فمرت القافلة وانقطع ذلك البعض واستقبل القبلة مضطجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذ هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له تريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هاهنا والقافلة تأتيك فوقف وإذا بالقافلة مقبلة من خلفه وهذا من قبيل طى المكان كرامة من الله تعالى لاهل الشهود والحضور نتوان بقيل وقال زار باب حال شد ... منعم نميشود كسى از كفت وكوى كنج وَنادى فِرْعَوْنُ بنفسه او بمناد امره بالنداء فِي قَوْمِهِ فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة ان يؤمنو قالَ كفت از روى عظمت وافتخار يا قَوْمِ اى كروه من يعنى قبطيان أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهى أربعون فرسخا فى أربعين (قال الكاشفى) آيا نيست مرا مملكت مصر از اسكندريه تا سر حد شام وفى فتح الرحمن وهو من نحو الاسكندرية الى أسوال بطول النيل وأسوان بالضم بلد بصعيد مصر كما فى القاموس قال فى روضة الاخبار مصر بلدة معروفة بناها مصر بن حام بن نوح وبه سميت مصر مصرا وفى القاموس مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر ومصر للمدينة المعروفة سميت لتمصرها او لانه بناها مصر بن نوح وقال بعضهم مصر بلد معروف من مصر الشيء يمصره إذا قطعه سمى به لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة انتهى وَهذِهِ الْأَنْهارُ اى انهار النيل فاللام عوض عن المضاف اليه (قال فى كشف الاسرار) آب نيل بسيصد وشصت جوى منقسم بوده والمراد هنا الخلجان الكبار الخارجة من النيل ومعظمها اربعة انهر نهر الملك وهو نهر الاسكندرية ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس وهو كسكين بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم قرب دمياط ينسب إليها الثياب الفاخرة كما فى القاموس تَجْرِي مِنْ تَحْتِي اى من تحت قصرى او امرى (قال الكاشفى) چهار جوى بزرك در باغ او ميرفت واز زير قصرهاى او ميكذشت والواو اما عاطفة لهذه الأنهار على ملك فتجرى حال منها او للحال فهذه مبتدا والأنهار صفتها وتجرى خبر للمبتدأ قال فى خريدة العجائب ليس فى الدنيا نهر أطول من النيل لان مسيرته شهران فى الإسلام

[سورة الزخرف (43) : آية 52]

وشهران فى لكفر وشهران فى البرية واربعة أشهر فى الخراب ومخرجه من بلاد جبل القمر خلف خط الاستواء وسمى جبل القمر لان القمر لا يطلع عليه أصلا لخروجه عن خط الاستواء وميله عن نوره وضوئه يخرج من بحر الظلمة اى البحر الأسود ويدخل تحت جبل القمر وليس فى الدنيا نهر يشبه بالنيل إلا نهر مهران وهو نهر السند أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك يريد به استعظام ملكه وعن هرون الرشيد لما قرأها قال لاولينها اخس عبيدى فولاها الخصيب وكان على وضوئه وكان اسود أحمق عقل وكفايت آن سياه بحدى بود كه طائفه حراث مصر شكايت آوردندش كه پنبه كاشته بوديم بر كنار نيل وباران بى وقت آمد وتلف شد كفت پشم بايستى كاشتن تا تلف نشدى دانشمندى اين سخن بشنيد وبخنديد وكفت اگر روزى بدانش بر فزودى ... ز نادان تنك روزى تر نبودى بنادانان چنان روزى رساند ... كه دانايان ازو حيران بماند وعن عبد الله بن طاهر انه وليها فخرج إليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال أهي القرية التي افتخر فيها فرعون حتى قال أليس لى ملك مصر والله لهى اقل عندى من أن أدخلها فثنى عنانه قال الحافظ ابن ابى الفرج بن الجوزي يوما فى قول فرعون وهذه الأنهار تجرى من تحتى ويحه افتخر بنهر ما أجراه ما أجراه افتخار از رنك وبو واز مكان هست شادى وفريب كودكان أَمْ أَنَا خَيْرٌ مع هذا الملك والبسط وأم منقطعة بمعنى بل انا خير والهمزة للتقرير اى لحملهم على الإقرار كأنه قال اثر ما عدد اسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم انى انا خير وهذه حال من هذا إلخ وقال ابو الليث يعنى انا خير وأم للصلة والمحققون على ان أم هاهنا بمعنى بل التي تكون للانتقال من كلام الى كلام آخر من غير اعتبار استفهام كما فى قوله تعالى فى سورة النمل أم ماذا كنتم تعملون وقال سعدى المفتى ويجوز أن يكون النظم من الاحتباك ذكر الابصار اولا دلالة على حذف مثله ثانيا والخيرية ثانيا دلالة على حذف مثله اولا والمعنى اهو خير منى فلا تبصرون ما ذكرتكم به أم انا خير منه لانكم تبصرونه مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ضعيف حقير من المهانة وهى الفلة وَلا يَكادُ يُبِينُ الكلام ويوضحه لرتة فى لسانه فكيف يصلح للنبوة والرسالة يريد انه ليس معه من آيات الملك والسياسة ما يعتضده ويتقوى به كما قال قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وهو فى نفسه حال عما يوصف به الرجال من الفصاحة والبلاغة وكان الأنبياء كلهم فصحاء بلغاء قاله افتراء على موسى وتنفيصا له فى أعين الناس باعتبار ما كان فى لسانه من نوع رتة حدثت بسبب الجمرة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى قال قد أوتيت سؤلك يا موسى والرتة غير اللثغة وهى حبسة فى اللسان تمنعه من الجريان وسلاسة لتكلم يقول الفقير الأنبياء عليهم السلام سالمون من العيوب والعاهات المنفرة كما ثبت فى محله وقد كان للشيخ عبد المؤمن المدفون فى بروسة عقدة فى لسانه وعند ما ينقل الاحياء فى الجامع الكبير تنحل بإذن الله تعالى فاذا كان حال الولي هكذا فكيف حال الموفر حظا من كل كمال كموسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام حين أداء الوحى الإلهي وقد جربنا عامة من كان ألثغ او نحوه فوجدناهم منطيقين عند تلاوة القرآن وهو من آثار

[سورة الزخرف (43) : الآيات 53 إلى 54]

رحمة لله وحكمه البديعة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى من تعزز بشىء من دون الله فحتفه وهلاكه فى ذلك فلما تعزز فرعون بملك مصر وجرى النيل بأمره فكان فيه هلاكه وكذلك من استصغر أحدا سلط عليه كما ان فرعون استصغر موسى عليه السلام وحديثه وعابه بالفقر واللكنة فقال أم انا خير فسلطه الله عليه وكان هلاكه على يديه وفيه اشارة اخرى وهى ان قوله أم انا خير هو من خصوصية صفة إبليس فكانت هذه الصفة توجد فى فرعون وكان من صفة فرعون قوله انا ربكم الأعلى ولم توجد هذه الصفة فى إبليس ليعلم ان الله تعالى أكرم الإنسان باستعداد يختص به وهو قوله لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم فاذا فسد استعداده استنزل دركة لا يبلغه فيها إبليس وغيره وهى أسفل السافلين فيكون شر البرية ولو استكمل استعداده لنال رتبة فى القربة لا يسعه فيها ملك مقرب ولكان خير البريه (قال الصائب) سرورى از خلق بد خود را مصفى كردنست ... برنمى آيى بخود سر بر نمى بايد شدن پادشاه از كشور بيكانه دارد صد خطر ... يك قدم از حد خود برتر نمى بايد شدن فاذا عرفت حال إبليس وحال فرعون فاجتهد فى إصلاح النفس وتزكيتها عن الأوصاف الرذيلة التي بها صار الشيطان شيطانا وفرعون فرعونا نسأل الله سبحانه ان يدركنا بعنايته ويتداركنا بهدايته قبل القدوم على حضرته فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ قالوه توبيخا ولو ما على ترك الفعل ما هو مقتضى حرف التخضيض الداخل على الماضي واسورة جمع سوار على تعويض التاء من ياء اساوير يعنى الياء المقابلة لالف أسوار ونظيره زنادقة وبطارقة فالهاء فيهما عوض عن ياء زناديق وبطريق المقابلة لياء زنديق وبطريق قال فى القاموس السوار بالكسر والضم القلب كالأسوار بالضم والجمع اسورة وأساور واساورة وفى المفردات سوار المرأة أصله دستواره فهو فارسى معرب عند البعض والذهب جسم ذائب صاف منطرق اصفر رزين بالقياس الى سائر الأجسام والمعنى فهلا ألقى على موسى واعطى مقاليد الملك ان كان صادقا فى مقالته فى رسالته فيكون حاله خيرا من حالى والملقى هو رب موسى من السماء وإلقاء الا سورة كناية عن إلقاء مقاليد الملك اى أسبابه التي هى كالمفاتيح له وكانوا إذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب علما على رياسته ودلالة لسيادته يعنى آن زمان چنان بود كه هركرا مهترى و پيشوايى ميدهند دستوانه طلا در دست وطوق زر در كردن او ميكننده فرعون كفت كه اگر موسى راست ميكويد كه بسيادت ورياست قوم نامزد شده چرا خداى او را دستوانه نداده أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ اى حال كونهم مقرونين بموسى منضمين اليه يعينونه على امره وينصرونه ويصدقونه اى يشهدون له بصدقه قال الراغب الاقتران كالازدواج فى كونه اجتماع شيئين او أشياء فى معنى من المعاني فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ الاستخفاف سبك گردانيدن وسبك داشتن وطلب خفت كردن اى فاستفزهم بالقول وطلب منهم الخفة فى اطاعته فالمطلوب بما ذكره من التلبيسات والتمويهات خفة عقولهم حتى يطيعوه فيما أراد منهم مما يأباه ارباب العقول السليمة لا خفة أبدانهم فى امتثال امره او فاستخف أحلامهم اى وجدها خفيفة يغترون بالتلبيسات الباطلة وقال الراغب حملهم على ان يخفوا معه

[سورة الزخرف (43) : الآيات 55 إلى 60]

او وجدهم خفافا فى أبدانهم وعزائمهم وفى القاموس استخفه ضد استثقله وفلانا عن رأيه حمله على الجهل والخفة وازاله عما كان عليه من الصواب (وقال الكاشفى) پس سبك عقل يافت فرعون بدين مكر كروه خود را يعنى اين فريب در ايشان اثر كرد فَأَطاعُوهُ فيما أمرهم به لفرط جهلهم وضلالهم وبكلى دل از متابعت موسى برداشتند إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ فلذلك سارعوا الى طاعة ذلك الفاسق الغوى وبالفارسية بدرستى كه فرعونيان بودند كروهى بيرون رفته از دائره بندگى خداى وفرمان بردارىء وى بلكه خارج از طريقه عقل كه بمال وجاه فانى اعتماد كرده باشند موسى را عليه السلام بنظر حقارت ديدند وندانستند كه فرعون وعذاب ابد وريش مرصع موسى كليم الله و چوبى وشبانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل من استولى على قوم فاستخفهم فأطاعوه رهبة منه وان أمنوا من سطوته فخالفوه أمنا منه فانه يزيد فى جهادهم ورياضتهم ومخالفة طباعهم وانه استولت النفس الامارة على قومها وهم القلب والروح وصفاتهما فاستخفتهم بمخالفة الشريعة وموافقة الهوى والطبيعة فأطاعوها رهبة الى ان تخلقوا بأخلاقها فأطاعوها رغبة انتهى وفيه اشارة الى ان العدو لا ينقاد بحال واما انقياده كرها فلا يغتر به فانه لو وجد فرصة لقطع اليد بدل التقبيل هركز ايمن ز زمان ننشستم ... تا بدانستم آنچهـ خصلت اوست فَلَمَّا آسَفُونا الايساف اندوهگين كردن وبخشم آوردن منقول من أسف يأسف كعلم يعلم إذا اشتد غضبه وفى القاموس الأسف محركة أشد الحزن وأسف عليه غضب وسئل صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال راحة للمؤمن واخذة أسف اى سخط للكافر ويروى أسف ككتف اى اخذة ساخط يعنى موت الفجأة اثر غضب الله على العبد الا ان يكون مستعدا للموت وقال الراغب الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب ارادة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا والمعنى فلما أغضبونا اى فرعون وقومه أشد الغضب بالإفراط فى العناد والعصيان وغضب الله نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الأليم او البطش الشديد او هتك الأستار والتعذيب بالنار او تغيير النعمة انْتَقَمْنا مِنْهُمْ أردنا ان نعجل لهم انتقامنا وعذابنا وان لا نحلم عنهم وفى كشف الاسرار أحللنا بهم النقمة والعذاب فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ فأهلكناهم المطاع والمطيعين له أجمعين بالاغراق فى اليم لم نترك منهم أحدا فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً اما مصدر سلف يسلف كطلب يطلب بمعنى التقدم وصف به الأعيان للمبالغة فهو بمعنى متقدمين ماضين او جمع سالف كخدم جمع خادم ولما لم يكن التقدم متعديا باللام فسروه بالقدوة مجازا لان المتقدمين يلزمهم غالبا ان يكونوا قدوة لمن بعدهم فالمعنى فجعلناهم قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم فى استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وفى عين المعاني فجعلناهم سلفا فى النار وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ اللام متعلق بكل من سلفا ومثلا على التنازع اى عظة للكفار المتأخرين عنهم والعظة ليس من لوازمها الاتعاظ او قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال مثلكم مثل قوم فرعون (وقال الكاشفى) كردانيديم ايشانرا پندى وعبرتى براى پيشينيان كه در مقام اعتبار باشند چهـ ملاحظه

[سورة الزخرف (43) : آية 57]

قصه عجيبه ايشان معتبر را در تقلب احوال كفايتيست واز جمله آنكه چون فرعون باب نازشى كرد او را هم باب غرقه ساختند وبد آنچهـ نازيد بفرياد او نرسيد در سردارى كه باشدت سردارى ... هم در سران روى كه در سر دارى وفى الآية اشارة الى ان الغضب فى الله من الفضائل لامن الرذائل وعن سماك ابن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد وعنده وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم واثبتوا على ذلك فتناول وهب عصا كانت فى يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى أدماه فاستهانها عروة وكان حليما وقال يعيب علينا ابو عبد الله الغضب وهو يغضب فقال وهب ومالى لا اغضب وقد غضب الذي خلق الأحلام ان الله يقول فلما آسفونا إلخ وفيها اشارة ايضا الى ان اغضاب أوليائه اغضابه تعالى حتى قالوا فى آسفونا آسفوا رسلنا وأولياءنا أضاف الايساف الى نفسه إكراما لهم قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كأسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه فيتنقم لأوليائه من أعدائه كما اخبر فى حديث ربانى من عادى لى وليا فقد بارزني بالحرب وانى لا غضب لأوليائى كما يغضب الليث الجريء لجروه قال فى التأويلات النجمية هذا اصل فى باب الجمع أضاف لميساف أوليائه الى نفسه وفى الخبر انه يقول مرضت فلم تعدنى وقال فى صفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من يطع الرسول فقد أطاع الله وفى عرائس البقلى فلما قاموا على دعاويهم الباطلة وكلماتهم المزخرفة وبدعهم البادرة وأصروا على أذى أوليائنا واحبائنا غضبنا وسلطنا عليهم جنود قهرياتنا وأمتناهم فى اودية الجهالة وأغرقناهم فى بحار الغفلة وجردنا قلوبهم عن أنوار المعرفة وطمسنا أعين أسرارهم حتى لا يرو الطائف برنا على أوليائنا قال سهل لما أقاموا مصرين على المخالفة فى الأوامر واظهار البدع فى الدين وترك السنن اتباعا للآراء والأهواء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من أسرارهم ووكلناهم الى ما اختاروه فضلوا وأضلوا ومن الله الهداية لموافقة السنة ومنه المنة وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ اى عيسى مَثَلًا اى ضربه عبد الله بن الزبعرى السهمي كان من مردة قريش قبل ان يسلم قال فى القاموس الزبعرى بكسر الزاى وفتح الباء والراء والد عبد الله الصحابي القرشي الشاعر انتهى ومعنى ضربه مثلا اى جعله مثالا ومقياسا فى بيان ابطال ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من كون معبودات الأمم دون الله حصب جهنم الآية قرأه على قريش فامتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا اى غضبوا وشق عليهم ذلك فقال ابن الزبعرى بطريق الجدال هذا لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم فقال عليه السلام هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم فقال خصمتك ورب لكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنوا مليح الملائكة فان كان هؤلاء فى النار فقد رضينا ان نكون نحن وآلهتنا معهم ففرح به قومه وضحكوا وارتفعت أصواتهم وذلك قوله تعالى إِذا قَوْمُكَ آنگاه قوم تو مِنْهُ اى من ذلك المثل اى لاجله وسببه يَصِدُّونَ اى يرتفع لهم جلبة وضجيج فرحا وجذلا لظنهم ان الرسول صار ملزما به قال فى القاموس صد يصد ويصد صديدا ضج كما قال فى تاج المصادر الصديد بانك كردن والغابر يفعل ويفعل معا واما الصدود فبمعنى الاعراض يقال صد عنه صدودا اى اعرض وفلانا عن كذا

[سورة الزخرف (43) : الآيات 58 إلى 60]

صدا منعه وصرفه كأصده كما قال فى التاج الصد بگردانيد والصد والصدود بكشتن وَقالُوا اى قومك آلِهَتُنا خَيْرٌ اى عندك فان آلهتهم خير عندهم من عيسى أَمْ هُوَ اى عيسى اى ظاهر أن عيسى خير من آلهتنا فحيث كان هو فى النار فلا بأس بكوننا مع آلهتنا فيها (روى) ان الله تعالى انزل قوله تعالى جوابا ان الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون يدل على ان قوله وما يعبدون من دون الله خاص بالأصنام وروى انه عليه السلام رد على بن الزبعرى بقوله ما أجهلك بلغة قومك اما فهمت ان ما لما لا يعقل فيكون ان الذين سبقت إلخ لدفع احتمال المجاز لا لتخصيص العام المتأخر عن الخطاب وفى هذا الحديث تصريح بأن ما موضوع لغير العقلاء لا كما يقول جمهور العلماء انه موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم كما فى بحر العلوم وقد بين عليه السلام ايضا بقوله بل هم عبدوا الشياطين التي امرتهم بذلك ان الملائكة والمسيح وعزيرا بمعزل عن ان يكونوا معبوديهم كما نطق به قوله تعالى سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن وانما أظهروا الفرح ورفع الأصوات من أول الأمر لمحض وقاحتهم وتهالكهم على المكابرة والعناد كما ينطق به قوله تعالى ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا الجدل قتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله وابطال غيره وهو مأمور به على وجه الانصاف واظهار الحق بالاتفاق وانتصاب جدلا على انه مفعول له للضرب اى ما ضربوا لك ذلك المثل الا لاجل الجدال والخصام لا لطلب الحق حتى يذعنوا له عند ظهوره ببيانك قال بعض الكبار إن قال عليه السلام آلهتكم خير من عيسى فقد أقر بأنها معبودة وان قال عيسى خير من آلهتكم فقد أقر بأن عيسى يصلح لان يعبد وان قال ليس واحد منهم خيرا فقد نفى عيسى فراموا بهذا السؤال ان يجادلوه ولم يسألوه للاستفادة فبين الله ان جدالهم ليس لفائدة انما هو لخصومة نفس الإنسان فقال بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ اى لد شداد الخصومة بالباطل مجبولون على اللجاج والخلاف كما قال الله تعالى وكان الإنسان اكثر شىء جدلا وذلك لانهم قد علموا ان المراد من قوله وما يعبدون من دون الله هؤلاء الأصنام بشهادة المقام لكن ابن الزبعرى لما رأى الكلام محتملا للعموم بحسب الظاهر وجد مجالا للخصومة وفى الحديث ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أتوا الجدل ثم قرأ ما ضربوه لك الآية إِنْ هُوَ اى ما هو اى ابن مريم وهو عيسى إِلَّا عَبْدٌ مربوب أَنْعَمْنا عَلَيْهِ بفضلنا عليه بالنبوة او بخلقه بلا اب او بقمع شهوته لا ابن الله والعبد لا يكون مولى وآلها كالاصنام وقال يحيى ابن معاذ رحمه الله أنعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره اماما للمريدين وباطنه نور القلوب العارفين وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ اى امرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالامثال السائرة قال بعض الكبار عبرة يعتبرون به بأن يسارعوا فى عبوديتنا طمعا فى إنعامنا عليهم وكل عبد منعم عليه اما نبى او ولى وَلَوْ نَشاءُ لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه ويتضمن لو معنى الشرط اى قدرنا بحيث لو نشاء لَجَعَلْنا اولدنا اى لخلقنا بطريق التوالد مِنْكُمْ وأنتم رجال من الانس ليس من شأنكم الولادة كما ولد حواء من آدم وعيسى من غير أب وان لم تجر العادة مَلائِكَةً

كما خلقناهم بطريق الإبداع فِي الْأَرْضِ مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين فى السماء يَخْلُفُونَ يقال خلف فلان فلانا إذا قام بالأمر عنه اما معه واما بعده اى يخلفونكم ويصيرون خلفاء بعدكم مثل أولادكم فيما تأتون وتذرون ويباشرون الا فاعيل المنوطة بمباشرتكم مع ان شأنهم التسبيح والتقديس فى السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة الى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية او انتسابهم اليه بالولادة يعنى ان الملائكة مثلكم فى الجسمية واحتمال خلقها توليدا لما ثبت انها أجسام وان الأجسام متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر كما جاز خلقها ابداعا وذات القديم الخالق لكل شىء متعالية عن مثل ذلك فقوله ولو نشاء إلخ لتحقيق ان مثل عيسى ليس ببدع من قدرة الله وانه تعالى قادر على أبدع من ذلك وهو توليد الملائكة من الرجال مع التنبيه على سقوط الملائكة ايضا من درجة المعبودية قال سعدى المفتى لجعلنا منكم اى ولدنا بعضكم فمن للتبعيض وملائكة نصب على الحال والظاهر ان من ابتدائية اى نبتدىء التوليد منكم من غير أم عكس حال عيسى عليه السلام والتشبيه به على الوجهين فى الكون على خلاف العادة وجعل بعضهم من للبدل يعنى شما را إهلاك كنيم وبدل شما ملائكة آريم كه ايشان در زمين از پى درآيند شما را يعمرون الأرض ويعبدوننى كقوله تعالى ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد فتكون الآية للتوعد بالهلاك والاستئصال ولا يلائم المقام وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لو أطاع الله تعالى لأنعم الله عليه بأن جعله متخلقا بأخلاق الملائكة ليكون خليفة الله فى الأرض بهذه الأخلاق ليستعد بها الى ان يتخلق بأخلاق الله فانها حقيقة الخلافة (حكى) ان هاروت وماروت لما أنكرا على ذرية آدم اتباع الهوى والظلم والقتل والفساد وقالا لو كنا بدلا منهم خلفاء الأرض ما نفعل مثل ما يفعلون فالله تعالى أنزلهما الى الأرض وخلع عليهما لباس البشرية وأمرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن المناهي فصدر عنهما ما صدر فثبت ان الإنسان مخصوص بالحلافة وقبول فيضان نور الله فلو كان للملائكة هذه الخصوصية لم يفتتنا بالأوصاف المذمومة الحوانية السبعية كما ان الأنبياء عليهم السلام معصومون من مثل هذه الآفات والأخلاق وان كانت لازمة لصفاتهم البشرية ولكن بنور التجلي تنور مصباح قلوبهم واستنار بنور قلوبهم جميع مشكاة جسدهم ظاهرا وباطنا وأشرقت الأرض بنور ربها فلم يبق لظلمات هذه الصفات مجال الظهور مع استعلاء النور وبهذا التجلي المخصوص بالإنسان يتخلق الإنسان بالأخلاق الالهية فيكون فوق الملائكة ثم ان الإنسان وان لم يتولد منه الملائكة ظاهرا لكنه قد تولدت منه باطنا على وجهين أحدهما ان الله تعالى خلق من أنفاسه الطيبة وأذكاره الشريفة واعماله الصالحة ملائكة كما روى عن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم آنفا قال الرجل انا قال لقد رايت بضعا وثلاثين ملكا يبتدر ونها أيهم يكتب اولا وسره هو أن مجموع حروف هذه الكلمات الذي ذكره الرجل وراء النبي عليه السلام ثلاثة وثلاثون حرفا لكل حرف روح

[سورة الزخرف (43) : الآيات 61 إلى 66]

هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح الصور تبقى وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ومتعلقات هممهم التابعة لعلومهم واعتقاداتهم ترتفع حيث منتهى همة العامل هر كسى از همت والاى خويش سود برد در خور كالاى خويش والثاني ان الإنسان الكامل قد تتولد منه الأولاد المعنوية التي هى كالملائكة فى المشرب والأخلاق بل فوقهم فان استعداد الإنسان أقوى من استعداد الملك وهؤلاء الأولاد يخلفونه متسلسلين الى اخر الزمان بأن يتصل النفس النفيس من بعضهم الى بعض الى آخر الزمان وهى السلسلة المعنوية كما يتصل به النطفة من بعض الناس الى بعض الى قيام الساعة وهى السلسلة الصورية وكما ان عالم الصورة باق ببقاء أهله وتسلسله فكذا عالم المعنى وَإِنَّهُ اى وان عيسى عليه السلام بنزوله فى آخر الزمان لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ شرط من أشراطها يعلم به قربها وتسميته علما لحصوله به فهى على المبالغة فى كونه مما يعلم به فكأنه نفس العلم بقربها او ان حدوثه بغير أب او إحياءه الموتى دليل على صحة البعث الذي هو معظم ما ينكره الكفرة من الأمور الواقعة فى الساعة وفى الحديث ان عيسى ينزل على ثنبة بالأرض المقدسة يقال لها أفيق وهو كأمير قرية بين حوران والغور وعليه ممصرتان يعنى ثوبين مصبوغين بالأحمر فان المصر الطين الأحمر والممصر المصبوغ به كما فى القاموس وشعر رأسه دهين وبيده حربة وبها يقتل الدجال فيأتى بيت المقدس والناس فى صلاة الصبح وفى رواية فى صلاة العصر فيتأخر الامام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه السلام ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى الا من آمن به وفى الحديث الأنبياء أولاد علات وانا اولى الناس بعيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى وانه أول ما ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل على الإسلام ويخرب البيع والكنائس وفى الحديث ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما وعدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتهلك فى رمانه الملل كلها الا الإسلام دل آخر الحديث على ان المراد بوضع الجزية تركها ورفعها عن الكفار بأن لا يقبل الا الإسلام صرح بذلك النووي ولعل المراد بالكسر والقتل المذكورين ليس حقيقتهما بل ازالة آثار الشرك عن الأرض وفى صحيح مسلم فبينما هو يعنى المسيح الدجال إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء بشرقى دمشق بين مهرودتين يعنى ثوبين مصبوغين بالهرد بالضم وهو طين احمر واضعا كفيه على اجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر يعنى چون سر در پيش افكند قطرات از رويش ريزان كردد وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ يعنى چون سر بالا كند قطرها بر روى وى چون مرواريد روان شود فلا يحل بكافر يجد ريح نفسه إلا مات يعنى نفس بهر كافر كه رسد بميرد ونفسه حين ينتهى طرفه يعنى بر هر جا كه چشم وى افتد نفس وى برسد فيطلبه اى الدجال حتى يدركه بباب لدقيقتله قال فى القاموس لد بالضم قرية بفلسطين بقتل عيسى عليه السلام الدجال عند بابها انتهى وآنكه يأجوج ومأجوج بيرون آيند وعيسى عليه السلام ومؤمنان بكوه طور برود وآنجا متحصن كردد ويجتمع عيسى والمهدى فيقوم عيسى بالشريعة والامامة والمهدى بالسيف والخلافة فعيسى خاتم الولاية المطلقة كما ان المهدى خاتم الخلافة المطلقة

[سورة الزخرف (43) : الآيات 62 إلى 63]

وفى شرح العقائد ثم الأصح ان عيسى يصلى بالناس ويؤمهم ويقتدى به المهدى لانه أفضل منه فامامته اولى من المهدى لان عيسى نبى والمهدى ولى ولا يبلغ الولي درجة النبي يقول الفقير فيه كلام لان عيسى عليه السلام لا ينزل بالنبوة فان زمان نبوته قد انقضى وقد ثبت انه لا تبى بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا مشرعا كأصحاب الكتب ولا متابعا كأنبيا بنى إسرائيل وانما ينزل على شريعتنا وعلى انه من هذه الامة لكن للغيرة الالهية يؤم المهدى ويقتدى به عيسى لان الاقتداء به اقتداء بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقد صح ان عيسى اقتدى بنبينا ليلة المعراج فى المسجد الأقصى مع صائر الأنبياء فيجب ان يقتدى بخليفته ايضا لانه ظاهر صورته الجمعية الكمالية فَلا تَمْتَرُنَّ بِها فلا تشكن فى وقوعها وبالفارسية پس شك مكنيد وجدل منماييد بآمدن قيامت والامتراء المحاجة فيما فيه مرية وَاتَّبِعُونِ اى واتبعوا هداى وشرعى او رسولى هذا الذي أدعوكم اليه وهو الاتباع صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ موصل الى الحق وقال الحسن الضمير فى وانه لعلم للقرءآن لما فيه من الاعلام بالساعة والدلالة عليها فيكون هذا ايضا اشارة الى القرآن وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ اى لا يمنعنكم الشيطان ولا يصرفنكم عن صراط اتباعى إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ بين العداوة حيث اخرج أباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور وعرضكم للبلية (وحكى) انه لما خرج آدم عليه السلام من الجنة قال إبليس أخرجته من الجنة بالوسوسة فما أفعل به الآن فذهب الى السباع والوحوش فأخبرهم بخبر آدم وما يولد منه حتى قالت الوحوش والسباع ما التدبير فى ذلك قال ينبغى ان تقتلوه وقتل واحد أسهل من قتل ألف فأقبلوا الى آدم وإبليس امامهم فلما رأى آدم ان السباع قد أقبلت اليه رفع يده الى السماء وتضرع الى الله فقال الله يا آدم امسح بيدك على رأس الكلب فمسح فكر الكلب على السباع والوحوش حتى هزمها ومن ذلك اليوم صار الكلب عدوا للسباع التي هى اعداء لآدم ولاولاده وأصله ان إبليس بصق على آدم حين كان طينا فوقع بصاقه على موضع سرته فأمر الله جبريل حتى قور ذلك الموضع فخلق من الفوارة الكلب ولذا أنس بآدم وصار حاميا له ويقال المؤمن بين خمسة اعداء مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وعدو يقتله ونفس تغويه وشيطان يضله قال بعض الكبار لما كان تصرف النفس فى الصد عن صراط المتابعة أقوى من الشيطان كانت أعدى الأعداء وقال بعضهم هر آن دشمن كه با وى احسان كنى دوست كردد مكر نفس را كه چندان كه مدارا پيش كنى مخالفت زياده كند مراد هر كه بر آرى مطيع امر تو شد خلاف نفس كه كردن كشد چويافت مراد وَلَمَّا جاءَ عِيسى وآن هنكام كه عيسى آمد بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات الواضحة او بآيات الإنجيل او بالشرائع قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ آمدم شما را ويا آوردم شما را بِالْحِكْمَةِ اى الإنجيل او الشريعة لأعملكم إياها وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وهو ما يتعلق بامور الدين واما ما يتعلق بامور الدنيا فليس بيانه من وظائف الأنبياء كما قال عليه السلام أنتم اعلم بامور دنياكم وفى الاسئلة المقحمة كيف قال بعض وانما بعث ليبين الكل والجواب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان البعض هاهنا بمعنى الكل وكذا قال فى عين المعاني الأصح ان البعض يراد به الكل كعكسه فى قوله ثم اجعل على كل جبل

[سورة الزخرف (43) : الآيات 64 إلى 66]

منهن جزأ وقال بعض أهل المعاني كانوا يسألون عن أشياء لا فائدة فيها فقال ولأبين لكم إلخ يعنى أجيبكم عن الاسئلة التي لكم فيها فوائد وفى الاية اشارة الى ان الأنبياء كما يجيئون بالكتاب من عند الله يجيئون بالحكمة مما آتاهم كما قال ويعلمهم الكتاب والحكمة ولذا قال ولأبين لكم إلخ لان البيان عما يختلفون فيه هو الحكمة فَاتَّقُوا اللَّهَ فى مخالفتى وَأَطِيعُونِ فيما أبلغه عنه تعالى فان طاعتى طاعة الحق كما قال من يطع الرسول فقد أطاع الله إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ فخصوه بالعبادة والتوحيد وهو بيان لما أمرهم بالطاعة فيه وهو اعتقاد التوحيد والتبعد بالشرائع هذا اى التوحيد والتعبد بالشرائع صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه وفى التأويلات النجمية فاعبدوه اى لا تعبدونى فانى فى العبودية شريك معكم وانه متفرد بربوبيته إيانا هذا صراط مستقيم ان تعبده جميعا فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بالكسر بمعنى جماعة الناس اى فاختلف الفرق المتحزية والتحزب كروه كروه شدن يقال حزب قومه فتحزبوا اى جعلهم فرقا وطوائف فكانوا كذلك والمراد اختلافهم بعد عيسى عليه السلام بثلاث مائة سنة لا فى حياته لانهم أحدثوا بعد رفعه مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين من بعث إليهم من اليهود والنصارى يعنى تحزب اليهود والنصارى فى امر عيسى عليه السلام فقالت اليهود لعنهم الله زنت امه فهو ولد الزنى وقال بعض النصار عيسى هو الله وبعضهم ابن الله وبعضهم الله وعيسى وامه آلهة وهو ثالث ثلاثة وفى التأويلات النجمية يعنى قومه تحزبوا عليه حزب آمنوا به انه عبد الله ورسوله وحزب آمنوا به انه ثالث ثلثة فعبدوه بالالوهية وحزب اتخذوه ولد الله وابنا له تعال الله عما يقول الظالمون وحزب كفروا به وجحدوا نبوته وظلموا عليه وأرادوا قتله فقال الله تعالى فى حق الظالمين المشركين فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من المختلفين واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم من عذاب يوم أليم هو يوم القيمة والمراد يوم اليم العذاب كقوله فى يوم عاصف اى عاصف الريح هَلْ يَنْظُرُونَ اى ما ينتظر الناس إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ اى الا إتيان الساعة فهو بدل من الساعة ولما كانت الساعة تأتيهم لا محالة كانوا كأنهم ينتظرونها بَغْتَةً انتصابها على المصدر أي إتيان بغتة وبالفارسية ناكاه والبغت مفاجاة الشيء من حيث لا يختسب كما فى المفردات قال فى الإرشاد فجاة لكن لا عند كونهم مترقبين لها بل غافلين عنها مشتغلين بامور الدنيا منكرين لها وذلك قوله تعالى وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها فيبجازى كل الناس على حسب أعمالهم فلا تؤدى بغتة مؤدى قوله وهم لا يشعرون حتى لا يستغنى بها غنه لانه ربما يكون إتيان الشيء بغتة مع الشعور بوقوعه والاستعداد له لانه إذا لم يعرف وقت مجيئه ففى اى وقت جاء اتى بغتة وربما يجيىء والشخص غافل عنه منكر له والمراد هنا هو الثاني فلذا وجب تقييد إتيان الساعة بمضمون الجملة الحالية فعلى العاقل الخروج عن كل ذنب والتوبة لكل جريمة قبل أن يأتى يوم أليم عذابه وهو يوم الموت فان ملائكة العذاب ينزلون فيه على الظالمين ويشددون عليهم حتى تخرج أرواحهم الخبيثة باشد العذاب وفى الحديث ما من مؤمن الا وله كل يوم صحيفة جديدة فاذا طويت وليس فيها استغفار طويت وهى سوداء مظلمة وإذا طويت وفيها استغفار طويت ولها نور يتلالا ومن

[سورة الزخرف (43) : الآيات 67 إلى 71]

كلمة الاستغفار يخلق الله تعالى ملائكة الرحمة فيسترحمون له ويستغفرون واعلم ان القيامة ثلاث الكبرى وهو حشر الأجساد والسوق الى المحشر للجزاء والقيامة الصغرى وهى موت كل أحد كما قال عليه السلام من مات فقد قامت قيامته ولذا جعل القبر روضة من رياض الجنان او حفرة من حفر النيران والقيامة الوسطى وهى موت جميع الخلائق وقيام هذه الوسطى لا يعلم وقته يقينا وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول عليه السلام مثل ان يرفع العلم ويكتر الجهل والزنى وشرب الخمر ويقل المرجال ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امراة القيم الواحد وعن على رشى الله عنه يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من الدين الا رسمه ولا من القرآن الا درسه يعمرون مساجدهم وهى خراب عن ذكر الله شر أهل ذلك الزمان علمأؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود (قال الشيخ سعدى) كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى (وقال) عالم ناپرهيزكار كوريست مشعله دار يعنى يهدى به ولا يهتدى فنعوذ بالله من علم بلا عمل (الْأَخِلَّاءُ) جمع خليل بالفارسية دوست والخلة المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها اى المتحابون فى الدنيا على الإطلاق او فى الأمور الدنيوية يَوْمَئِذٍ يوم إذ تأتيهم الساعة وهو ظرف لقوله عدو والفصل بالمبتدأ غير مانع والتنوين فيه عوض عن المضاف اليه بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ لانقطاع ما بينهم من علائق الخلة والتحاب لظهور كونها أسبابا بالعذاب إِلَّا الْمُتَّقِينَ فان خلتهم فى الدنيا لما كانت فى الله تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار الخلة من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الاول متصل وعلى الثاني منقطع (قال الكاشفى) كافران كه دوستىء ايشان براى معاونت بوده بر كفر معصيت با همه دشمن شوند كه ويلعن بعضهم بعضا ومؤمنان كه محبت ايشان براى خداى تعالى بوده دوستىء ايشان مجانا باشد تا يكديكر را شفاعت كنند ودر تأويلات كاشفى مذكور است كه خلت چهار نوع مى باشد خلت تامه حقيقيه كه محبت روحانيه است وآن مستند بود به تناسب أرواح وتعارف آن چون محبت انبيا وأوليا واصفيا وشهدا با يكديكر دوم محبت قلبيه واستناد اين به تناسب أوصاف كامله واخلاق فاضله است چون محبت صلحا وابرار با هم ودوستىء امم با انبيا وأرادت مريدان بمشايخ واين دو نوع از محبت خلل پذير نيست نه در دنيا نه در آخرت ومثمر فوائد نتائج صورى ومعنويست سوم محبت عقليه كه مستند است بتحصيل اسباب معاش وتيسير مصالح دنيويه چون محبت تجار وصناع ودوستى خدام با مخاديم وارباب حاجات باغنيا چهارم محبت نفسانيه واستناد آن بلذات حسيه ومشتهيات نفسيه پس در قيامت كه اسباب اين دو نوع از محبت قانى وزائل باشد آن محبت نيز زوال پذيرد بلكه چون متمنىء وجود نكيرد وغرض وغايت بحصول نه پيوندد آن دوستى به دشمنى مبدل شود دوستىء كان غرض آميز شد ... دوستىء دشمنى انگيز شد مهر كه از هر غرضى كشت پاك ... راست چوخورشيد شود تابناك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل خلة وصداقة تكون فى الدنيا مبنية على الهوى والطبيعة الانسانية تكون فى الاخرة عداوة يتبرأ بعضهم من بعض والأخلاء فى الله خلتهم باقية الى الابد وينتفع بعضهم من بعض

[سورة الزخرف (43) : آية 68]

ويشفع بعضهم فى بعض ويتكلم بعضهم فى شأن بعض وهم المتقون الذين استثناهم وشرائط الخلة فى الله ان يكونوا متحابين فى الله محبة خالصة لوجه الله من غير شوب بعلة دنيوية هوائية متعاونين فى طلب الله ولا يجرى بينهم مداهنة فيقدر ما يرى بعضهم فى بعض من صدق الطلب والجد والاجتهاد يساعده ويوافقه ويعاونه فاذا علم منه شيأ لا يرضاه الله تعالى لا يرضاه من صاحبه ولا يداريه فقد قيل المداراة فى الطريقة كفر بل ينصحه بالرفق والموعظة الحسنة فاذا عاد الى ما كان عليه وترك ما تجدد لديه يعود الى صدق مودته وحسن صحبته كما قال الله تعالى وان عدتم عدنا هنوزت از سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى وقال على بن ابى طالب رضى الله عنه فى هذه الآية كان خليلان مؤمنان وخليلان كافر ان فمات أحد المؤمنين فقال يا رب ان فلانا كان يأمرنى بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالخير وينهانى عن الشر ويخبرنى انى ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتنى وأكرمه كما أكرمتني فاذا مات خليله المؤمن جمع بينهما اى بين أرواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب فيثنى عليه خيرا قال ويموت أحد الكافرين فيقول يا رب ان فلانا كان ينهانى عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالشر وينهانى عن الخير ويخبرنى انى غير ملاقيك فلا تهده بعدي واضلله كما أضللتني وأهنه كما أهنتني فاذا مات خليله الكافر جمع بينهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الأخ وبئس الخليل فيثنى عليه شرا وفى الحديث ان الله يقول يوم القيامة ابن المتحابون بجلالي اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلي وفى رواية اخرى المتحابون فى اى فى الله بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء وقال ابن عباس رضى الله عنهما أحب لله وأبغض لله ووال لله وعاد لله فانه انما ينال ما عند الله بهذا ولن ينفع أحدا كثرة صومه وصلاته وحجه حتى يكون هكذا وقد صار الناس اليوم يحبون ويبغضون للدنيا ولن ينفع ذلك اهله ثم قرأ الآية وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه الى المدينة وقال كونوا فى الله إخوانا اى لا فى طريق الدنيا والنفس والشيطان وقال الصديق رضى الله عنه من ذاق خالص محبة الله منعه ذلك من طلب الدنيا واوحشه ذلك من جميع البشر اگر كسى را دوست دارد از مخلوقات از آنست كه وى بحق تعالى تعلقى دارد يا از روى دوستى با حق مناسبتى دارد وما عمدى بحب تراب ارض ... ولكن ما يحل به الحبيب قال عبيد بن عمر كان لرجل ثلاثة اخلاء بعضهم أخص به من بعض فنزلت به نازلة فلقى أخص الثلاثة فقال يا فلان انه قد نزل بي كذا وكذا وانى أحب ان تعيننى قال له ما انا بالذي أعينك وأنفعك فانطلق الى الذي يليه فقال له انا معك حتى إذا بلغت المكان الذي تريده رجعت وتركتك فانطلق الى الثالث فقاله انا معك حيث ما كنت ودخلت قال فالاول ما له والثاني أهله وعشيرته والثالث عمله بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بحسرت نشست كرت چشم وعقلست تدبير كور ... كنون كن كه چشمت نخور دست مور يا عِبادِ اى

[سورة الزخرف (43) : الآيات 69 إلى 71]

يا عبادى ولفظ العباد المضاف الى الله مخصوص بالمؤمنين المتقين اى يقال للمتقين يوم القيامة تشريفا وتطييبا لقلوبهم يا عبادى لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ من إلقاء المكاره وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ من فوت المقاصد كما يخاف ويحزن غير المتقين وقال ابن عطاء لا خوف عليكم اليوم اى فى الدنيا من مفارقة الايمان ولا أنتم تحزنون فى الآخرة بوحشة البعد وذلك لان خواص العباد يبشرهم ربهم بالسلامة فى الدنيا والآخرة كما دل عليه قوله تعالى لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكنهم مأمورون بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة بعلم غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعتقه الله من رق المخلوقات واختصه بشرف عبوديته فى الدنيا لا خوف عليه يوم القيامة من شىء يحجبه عن الله ولا يحزن على مافاته من نعيم الدنيا والآخرة مع استغراقه فى لجج بحر المعارف والعواطف الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا صفة للمنادى وَكانُوا مُسْلِمِينَ حال من الواو او عطف على الصلة او مخلصين وجوهم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا عن مقاتل إذا بعث الله الناس فزع كل أحد فينادى مناد يا عبادى فترفع الخلائق رؤسهم على الرجاع ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس اهل الأديان الباطلة رؤسهم وفى التأويلات النجمية وكانوا مسلمين فى البداية لاوامره ونواهيه فى الظاهر وفى الوسط مسلمين لآداب الطريقة على وفق الشريعة بتأديب أرباب الحقيقة فى تبديل الأخلاق فى الباطن وفى النهاية مسلمين للاحكام الازلية والتقديرات الالهية وجريان الحكم ظاهرا وباطنا فى الإخراج من من ظلمة الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى ثم فى الآية اشارة الى الايمان بالآيات التنزيلية والتكوينية ايمانا عيانيا وحقيقة الإسلام انما تظهر بعد العيان فى الايمان ثم إذا حصل الايمان الصفاتى وهو الايمان بالآيات يترقى السالك الى الايمان بالله الذي هو الايمان الذاتي فاعرف جدا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ نساؤكم المؤمنات حال كونكم تُحْبَرُونَ تسرون سرورا يظهر حباره اى أثره على وجوهكم او تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة قال الراغب الحبر الأثر المستحسن ومنه ما روى يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره اى جماله وبهاؤه والحبر العالم لما يبقى من أثر علومه فى قلوب الناس من آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها قال فى القاموس الحبر بالكسر الأثر او أثر النعمة والحسن والوشي وبالفتح السرور وحبره سره والنعمة والحبرة بالفتح السماء فى الجنة وكل نغمة حسنة وقد مر فى سورة الروم ما يتعلق بالسماع عند قوله تعالى فهم فى روضة يحبرون وفى التأويلات النجمية ادخلوا جنة الوصال أنتم وأمثالكم فى الطلب تتنعمون فى رياض الانس يُطافُ عَلَيْهِمْ اى على العباد المؤمنين بعد دخولهم الجنة وبالفارسية بگردانند بر سر ايشان يدار بأيدى الغلمان والولدان والطائف الخادم ومن يدور حول البيوت حافظا والاطافة كالطوف والطواف كرد چيزى در آمدن يعنى بكشتن بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ كاساتهن جمع صحفة كجفان جمع جقنة وهى القصعة العريضة الواسعة قال مجاهد اى أواني مدورة الأفواه قال السدى اى ليست لها أذان والمراد قصاع فيها طعام وَأَكْوابٍ من ذهب فيها شراب وبالفارسية وكوزهاى بى دست وبى گوشه پر از اصناف شراب جمع كوب وهو كوز لا عروة له ولاخرطوم ليشرب الشارب من حيث شاء

قال سعدى المفتى قللت الأكواب وكترت الصحاف اى كما دل عليهما الصيغة لان المعهود قلة أواني الشرب بالنسبة الى أواني الاكل وعن ابن عباس رضى الله عنه يطاف بسبعين الف صحقة من ذهب فى كل صحفة سبعون ألف لون كل لون له طعم وهذا لأسفل درجة واما الأعلى فيؤتى بسبعمائة ألف صحفة كما فى عين المعاني وَفِيها اى فى الجنة ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ من فنون الملاذ والمشتهيات النفسانية كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس والمراكب ونحو ذلك قال فى الاسئلة المقحمة اهل الجنة هل يعطيهم الله جميع ما يسألونه وتشتهى أنفسهم ولو اشتهت نفوسهم شيأ من مناهى الشريعة كيف يكون حاله والجواب معنى الآية ان نعيم الجنة كله مما تشتهيه الأنفس وليس فيها ما لا تشتهيه النفوس ولا تصل اليه وقد قيل يعصم الله اهل جنة من شهوة محال او منهى عنه يقول الفقير دل هذا على انه ليس فى الجنة اللواطة المحرمة فى جميع الأديان والمذاهب ولو فى دبر امرأته فان الامام مالكا رحمه الله رجع عن تجويز اللواطة فى دبر امرأته فليس فيها اشتهاء اللواطة لكونها مخالفة للحكمة الالهية وقد جوزها بعضهم فى شرح الأشباح وغلط فيه غلطا فاحشا وقد بيناه فى قصة لوط واما الخمر فليست كاللواطة لكونها حلالا على بعض الأمم والحاصل انه ليس فى الجنة ما يخالف الحكمة كائنا ما كان ولذا تستتر فيها الأزواج عن غير محارمهن وان كان لا حل ولا حرمة هناك وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ يقال لذذت الشيء بالكسر لذاذا ولذاذة اى وجدته لذيذا والمعنى تستلذه الأعين وتقر بمشاهدته قال سعدى المفتى هذا من باب تنزل الملائكة والروح تعظيما لنعيمها فان منه النظر الى وجهه الكريم انتهى فهذا النظر هو اللذة الكبرى قال جعفر شتان بين ما تشتهى الأنفس وبين ما تلذ الأعين لان ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما تلذ الأعين كأصبع يغمس فى بحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لانها مخلوقة ولا تلذ الأعين فى الدار الباقية الا بالنظر الى الوجه الباقي الذي لاحد ولا نهاية له در وسيط آورده كه بدين دو كلمه اخبار كرد از جمله نعيم اهل بهشت نعيم رياض جنان يا نصيب نفس است يا بهره عين كذا قال فى كشف الاسرار هذا من جوامع القرآن لانه جمع بهاتين اللفظنين مالو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيهما على الفصيل لم يخرجوا عنه درويشى فرموده كه اهل نظر ميدانند كه لذت عين در چهـ چيز است ميتوانند بود جمعى را كه غشاؤه اعتزال بر نظر بصيرت ايشان طارى كشته يا لمعات أنوار جمال انكم سترون ربكم بر ايشان پوشيده ماند با ايشان بكوى كه تلذ الأعين عبارت از چيست بر هر صاحب بصيرتى روشن است كه اهل شوق را لذت عين جز بمشاهده جمال محبوب متصور نيست پرده از پيش برانداز كه مشتاقانرا ... لذت ديده جز از ديدن ديدار تو نيست امام قشيرى رحمه الله فرموده كه لذت ديدار فراخور اشتياق است عاشق را هر چند كه شوق بيشتر بود لذت ديدار افزونتر باشد واز ذو النون مصرى رحمه الله نقل كرده اند كه شوق ثمره محبت است هركرا دوستى بيشتر شوق بديدار دوست زياده تر ودر زبور آمده كه اى داود بهشت من براى مطيعانست وكفايت من جهت متوكلان وزيادت من براى شاكران وانس من بهره طالبان ورحمت من از ان محبان ومغفرت من براى تائبان ومن خاصه

مشتاقانم ألا طال شوق الأبرار الى لقائى وانا لهم أشد شوقا دلم از شوق تو خونست وندانم چونست ... در درون شوق جمالت ز بيان بيرونست در دلم شوق تو هر روز فزون ميكردد ... دل شوريده من بين كه چهـ روز افزونست قال بعض الكبار وفيها ما تشتهى انفس ارباب المجاهدات والرضايات لما قاسوا فى الدنيا من الجوع والعطش وتحملوا وجوه المشاق فيمتازون فى الجنة بوجوه من الثواب ويقال لهم كلوا من ألوان الاطعمة فى صحاف الذهب واشربوا من اصناف الاشربة من أكواب الذهب هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية واما ارباب القلوب واهل المعرفة والمحبة فلهم ما تلذ الأعين من النظر الى الله تعالى لطول ما قاسوه من فرط الاشتياق بقلوبهم وبذل الأرواح فى الطلب قومى خدايرا پرستند بر بيم وطمع آنان مزدو رانند در بند پاداش مانده وقومى او را بمهر ومحبت پرستند آنان عارفانند واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود ان أود الأوداء الى من عبدنى لغير نوال ولكن ليعطى الربوبية حقها يا داود من اظلم ممن عبدنى لجنة او نار لو لم اخلق جنة ونارا الم أكن أهلا لأن أطاع ومر عيسى عليه السلام بطائفة من العباد قد نحلوا يعنى از عبادت كداخته بودند وقالوا نخاف النار ونرجوا الجنة فقال مخلوقا خفتم ومخلوقا رجوتم ومر بقوم آخرين كذلك فقالوا نعبده حباله وتعظيما لجلاله فقال أنتم اولياء الله حقا أمرت ان أقيم معكم قال حسن البصري رحمه الله لذاذة شهادة ان لا اله الا الله فى الآخرة كلذاذة الماء البارد فى الدنيا وفى الخبر ان أعرابيا قال يا رسول الله هل فى الجنة ابل فانى أحب الإبل فقال يا أعرابي ان أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك وقال آخر يا رسول الله هل فى الجنة خيل فانى أحب الخيل قال ان أدخلك الله الجنة أصبت فيها فرسا من ياقوتة حمراء تطير بك حيث شئت وفى الحديث ان أدنى اهل الجنة منزلة من ان له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وان له ثلاثمائة خادم وانه يغدى عليه ويراح فى كل يوم بثلاثمائة صحفة فى كل صحفة لون من الطعام ليس فى الاخرى وانه ليلذ أو له كما يلذ آخره وان له من الاشربة ثلاثمائة اناء فى كل اناء شراب ليس فى الآخر وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وانه ليقول يا رب لو أذنت لى لأطعمت اهل الجنة وسقيتهم ولم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وعن ابى ظبية السلمى قال ان اهل الجنة لتظلهم سحابة فتقول ما أمطركم فما يدعو داع من القوم بشىء الا امطرته حتى ان القائل منهم ليقول امطرينا كواعب اترابا وعن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الطائر وهو يطير فيقع متفلقا نضيجا فى كفه فيأكل منه حتى تنتهى نفسه ثم يطير ويشتهى الشراب فيقع الإبريق فى يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع الى مكانه واما الرؤية فلها مراتب حسب تفاوت طبقات الرائين وإذا نظروا الى الله نسوا نعيم الجنان فانه أعظم اللذات وفى الخبر اسألك لذة النظر الى وجهك يقول الفقير فى الآية رد على من قال من الفقهاء لو قال ارى الله فى الجنة يكفر ولو قال من الجنة لا يكفر انتهى وذلك لان الحق سبحانه جعل ظرفا للرؤية وانما يلزم الكفر إذا اعتقد أن الجنة ظرف المرئي اى الله ولا يلزم من تقيد رؤية العبد الرائي بالجنة تقيد المعبود المرئي بها ألا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الله فى الدنيا مع ان الله ليس فى الدنيا

[سورة الزخرف (43) : الآيات 72 إلى 77]

فاعرف وفوقه مجال للكلام لكن لما كانت الرؤية نصيب اهل الشهود لا اهل القيود كان الا وجب طى المقال إذ لا يعرف هذا بالقيل والقال (ع) نداند لذت اين باده زاهد وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ الالتفات للتشريف اى باقون دائمون لا تخرجون ولا تموتون إذ لولا البقاء والدوام لنغص العيش ونقص السرور والاشتهاء واللذة فلم يكن التنعم كاملا والخوف والحسرة زائلا بخلاف الدنيا فانها لفنائها عيشها مشوب بالكدر ونفعها مخلوط بالضرر جز حسرت وندامت وأفسوس روزكار از زندكى اگر ثمرى يافتى بگو وَتِلْكَ مبتدأ اشارة الى الجنة المذكورة الْجَنَّةُ خبره الَّتِي أُورِثْتُمُوها أعطيتموها وجعلتم ورثتها والايراث ميراث دادن بِما الباء للسببية كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الأعمال الصالحة والمقصود أن دخول الجنة بمحض فضل الله تعالى ورحمته واقتسام الدرجات بسبب الأعمال والخلود فيها بحسب عدم السيئات شبه جزاء العمل بالميراث لان العامل يكون خليفة العمل على جزائه يعنى يذهب العمل ويبقى جزاؤه مع العامل فكان العمل كالمورث وجزاؤه كالميراث قال الكاشفى جزارا بلفظ ميراث ياد فرمود كه خالص است وباستحقاق بدست آيد وقال ابن عباس رضى الله عنهما خلق الله لكل نفس جنة ونارا فالكافر يرث نار المسلم والمسلم يرث جنة الكافر قال بعضهم قارن ثواب الجنة بالأعمال واخرج المعرفة واللقاء والمحبة والمشاهدة من العلل لانها اصطفائية خاصة ازلية يورثها من يشاء من العارفين الصديقين فالجنة مخلوقة وكذا الأعمال فاعطيت للمخلوق بسبب المخلوق وجعل الرؤية عطاء لا يوازيها شىء لَكُمْ فِيها اى فى الجنة سوى الطعام والشراب فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ بحسب الأنواع والأصناف لا بحسب الافراط فقط والفواكه من أشهى الأشياء للناس وألذها عندهم وأوفقها لطباعهم وأبدانهم ولذلك أفردها بالذكر مِنْها تَأْكُلُونَ اى بعضها تأكلون فى نوبة لكثرتها واما الباقي فعلى الأشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار ابدا موفرة بها وفى الحديث لا ينزع رجل فى الجنة ثمرة من ثمرها الا نبت مثلاها مكانها فمن تبعيضية والتقديم للتخصيص ويجوز ان تكون ابتدائية وتقدم الجار للفاصلة او للتخصيص كالاول فيكون فيه دلالة على ان كل ما يأكلون للتفكه ليس فيها تفوت إذ لا تحلل حتى يحتاج الى الغذاء ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة ففيه تحريك لدواعيهم وتشويق لهم والفاسق من اهل الصلاة آمن بالله وآياته واسلم فوجب ان يدخل تحت هذا الوعد والظاهر انه خارج فانه يخاف ويحزن يوم القيامة ولا محذور فى خروجه والحاصل ان الآية فى حق المؤمنين الكاملين فانهم الذين أسلموا وجوههم لله تعالى واما الناقصون فانهم وان آمنوا لكن إسلامهم لم يكن على الكمال والا لما خصوا الله بترك التقوى فقام الامتنان يأبى عن دخولهم تحت حكم الآية اللهم الا بطريق الإلحاق فان لهم نعيما بعد انقضاء مدة خوفهم وحزنهم وانتهاء زمان حبسهم وعذابهم فعلى العاقل ان يجتهد فى الظواهر والبواطن فان من اكتفى بالمطاعم والمشارب الصورية حرم من طعام المشاهدات وشراب المكاشفات ومن لم يطعم فى هذه الدار من اثمار أشجار المعارف لم

[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 إلى 77]

يلتذ فى تلك الدار بالاذواق الحقيقية التي هى نصيب الخواص من اهل التقوى (قال الحافظ) عشق مى ورزم واميد كه اين فن شريف چون هنرهاى دكر موجب حرمان نشود اللهم اجعلنا من المشتاقين الى جمالك والقابلين لوصالك بحرمة جلالك إِنَّ الْمُجْرِمِينَ اى الراسخين فى الاجرام وهم الكفار حسبما ينبىء عند إيرادهم فى مقابلة المؤمنين بالآيات فِي عَذابِ جَهَنَّمَ متعلق بقوله خالِدُونَ اى لا ينقطع عذابهم فى جهنم كما ينقطع عذاب عصاة المؤمنين على تقدير دخولهم فيها لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ اى لا يخفف العذاب عنهم ولا ينقص من قولهم فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا ونقص حرها والتركيب للضعف والوهن قال الراغب الفتر سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة والتفتير سست كردانيدن وَهُمْ فِيهِ اى فى العذاب مُبْلِسُونَ آيسون من النجاة والراحة وخفة العقوبات قيل يجعل المجرم فى تابوت من النار ثم يردم عليه فيبقى فيه خالدا لا يرى ولا يرى قال فى تاج المصادر الإبلاس نوميد شدن وشكسته واندوهگين شدن وفى المفردات الا بلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق إبليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل ابلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان اهل التوحيد وان كان بعضهم فى النار لكن لا يخلدون فيها ويفتر عنهم العذاب بدليل الخطاب وقد ورد فى الخبر انه يميتهم الحق اماتة الى ان يخرجهم من النار والميت لا يحس ولا يألم وذكر فى الآية وهم مبلسون اى خائبون وهذه صفة الكفار والمؤمنون وان كانوا فى بلائهم فهم على وصف رجائهم يعدون ايامهم الى ان تنتهى اشجانهم وقال بعض الشيوخ ان حال المؤمن فى النار من وجه أروح لقلوبهم من حالهم فى الدنيا لان اليوم خوف الهلاك وهذا يعين النجاة ولقد انشدوا عيب السلامة ان صاحبها ... متوقع لقوا صم الظهر وفضيلة البلوى ترقبه ... عقبى الرجاء ودورة الدهر هست در قرب همه بيم زوال ... نيست در بعد جز اميد وصال وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ لتعريض أنفسهم للعذاب الخالد بالكفر والمعاصي وهم ضمير فصل عند البصريين من حيث انه فصل به بين كون ما بعده خبرا ونعتا وتسمية الكوفيين له عمادا لكونه حافظا لما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كعماد البيت فانه يحفظ سقفه من السقوط وَنادَوْا يا مالِكُ در خواه از خداى تو لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ اى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه إذا أماته والمعنى سل ربك ان يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من ابلاسهم لانه جؤار أي صياح وتمن للموت لفرط الشدة قالَ مالك مجيبا بعد أربعين سنة يعنى ينادون مالكا أربعين سنة فيجيبهم بعدها او بعد مائة سنة او ألف در تبيان آورده كه بعد از چهل روز از روزهاى آن سراى لان تراخى الجواب احزن لهم إِنَّكُمْ ماكِثُونَ المكث ثبات مع انتظار اى مقيمون فى العذاب ابد الإخلاص لكم منه بموت ولا بغيره فليس بعدها إلا جؤار كصياح

[سورة الزخرف (43) : الآيات 78 إلى 83]

الحمير اوله زفير وآخره شهيق لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ فى الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية أكثرهم يميلون الى الباطل كما قال وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ اى حق كان كارِهُونَ اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح واما الحق المعهود الذي هو التوحيد او القرآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما أشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشيء بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان الله تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الأنبياء والأولياء لكن أكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلي قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخليفة فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الأطباء وكان نصرانيا ليداويه فما أنجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلي دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد اعبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن بلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض أصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا أشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الأموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن الله تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذي لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الأموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع بأعماله وأحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما أشار اليه قوله تعالى فالمدبرات امرا مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست فاذا عرفت حال ملقن القبر فقس عليه سائر ارباب التلقين من اهل النقصان واصحاب الدعوى والرياء فان الميت يحتاج فى احيائه الى نفخ روح حقيقى وأنى ذلك لمن فى حكم الأموات من النافحين فان نفخته عقيم إذ ليس من اهل الولادة الثانية نسأل الله سبحانه ان يجعلنا احياء بالعلم والمعرفة والشهود ويعصمنا من الجهل والغفلة والقيود أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً الإبرام احكام الأمر وأصله من إبرام الحبل وهو ترديد فتله وهو كلام مبتدأ وأم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ اهل النار الى حكاية جناية هولاء والهمزة للانكار فان أريد بالابرام الاحكام حقيقة فهى لانكار الوقوع واستبعاده وان أريد الاحكام صورة

فهى لانكار الواقع واستقباحه اى أبرم واحكم مشركوا مكة امر من كيدهم ومكرهم برسول الله فَإِنَّا مُبْرِمُونَ كيدنا حقيقة لاهم أو فإنا مبرمون بهم حقيقة كما أبرموا كيدهم صورة كقوله تعالى أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون وكانوا يتناجون فى أنديتهم ويتشاورون فى أموره عليه السلام قال فى فتح الرحمن كما فعلوا فى اجتماعهم على قتله عليه السلام فى دار الندوة الى غير ذلك وفى الآية اشارة الى ان امور الخلق منتقدة عليهم فلما يتم لهم ماد بروه وقلما يرتفع لهم من الأمور شىء على ما قدروه وهذه الحال أوضح دليل على اثبات الصانع أَمْ يَحْسَبُونَ اى بل أيحسبون يعنى آيا پندارند ناكران كفار أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وهو ما حدثوا به أنفسهم من الكيد لانهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق وَنَجْواهُمْ اى بما تكلموا به فيما بينهم بطريق التباهي والتشاور وبالفارسية وآنچهـ بر از با يكديكر مشاورت ميكنند يقال ناجيته اى ساررته وأصله ان تخلو فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله بَلى نحن نسمعهما ونطلع عليهما وَرُسُلُنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ويلازمونهم أينما كانوا لَدَيْهِمْ عندهم يَكْتُبُونَ اى يكتبونهما او يكتبون كل ما صدر عنهم من الافعال والأقوال التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم ثم تعرض عليهم يوم القيامة فاذا كان خفاياهم غير خفية على الملائكة فكيف على عالم السر والنجوى والجملة عطف على ما يترجم عنه بلى وفى التأويلات النجمية خوفهم بسماعه أحوالهم وكتابة الملك عليهم أعمالهم لغفلتهم عن الله ولو كان لهم خبر عن الله لما خوفهم بغير الله ومن علم ان أعماله تكتب عليه ويطالب بمقتضاها قل إلمامه بما يخاف ان يسأل عنه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله دل قوما من عباده الى الحياء منه ودل قوما الى الحياء من الكرام الكاتبين فمن استغنى بعلم نظر الله اليه والحياء منه أغناه ذلك عن الاشتغال بالكرام الكاتبين وعن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله من ستر من الناس ذنوبه وأبداها لمن لا يخفى عليه شىء فى السموات والأرض فقد جعله أهون الناظرين اليه وهو من علامات النفاق قال الشيخ سعدى فى كلستانه بخشايش الهى كم شده را در مناهىء چراغ توفيق فرا راه داشت وبحلقه أهل تحقيق درآمد وبيمن قدم درويشان وصدق نفس ايشان ذمايم اخلاق او بمحامد مبدل شده دست از هوا وهوس كوتاه كرده بود وزبان طاعنان در حقش دراز كه همچنانكه قاعده اولست وزهد وصلاحش نامعقول بعذر توبه توان رستن از عذاب خداى وليك ... مى نتوان از زبان مردم رست چون طاقت جور زبانها نياورد شكايت اين حال با پير طريقت برد شيخ بگريست وكفت شكر آن نعمت كجا كزارى كه بهتر از انى كه پندارندت نيك باشى وبدت كويند خلق به كه بد باشى ونيكت كويند ليكن مرا بين كه حسن ظن همكنان در حق من بكمالست ومن در غايت نقصان انى لمستتر من عين جيرانى ... والله يعلم أسراري واعلانى در بسته بروى خود ز مردم ... تا عيب نكسترند ما را دربسته چهـ سود عالم الغيب ... داناى نهان وآشكارا يقول الفقير دلت الآية على ان الحفظة يكتبون الاسرار والأمور

[سورة الزخرف (43) : الآيات 81 إلى 83]

القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذاهم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة وإذا هم بسيئة استقر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به أسوة حسنة انتهى والله اعلم بتوفيق الاخبار قُلْ للكفرة إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فرضا كما تقولون الملائكة بنات الله فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ولذلك الولد وأسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا أولكم فى التعظيم وأسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعي الى طاعته وتعظيمه أول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللاوقوعه على المساهلة وإرخاء العنان لقصد التبكيت والإسكات والإلزام فجيىء بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت أول العابدين له قال جعفر الصادق رضى الله عنه أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل كل شىء وأول من وحد الله تعالى ذرة محمد عليه السلام وأول ما جرى به القلم لا اله الا الله محمد رسول الله قال فانا أول العابدين أحق بتوحيد الله وذكر الله سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فى اضافة اسم الرب الى أعظم الاجرام وأقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيتة كيف يتوهم ان يكون شىء منها جزأ منه سبحانه رَبِّ الْعَرْشِ فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الأجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الأجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره فَذَرْهُمْ اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى يَخُوضُوا يشرعوا فى أباطيلهم وأكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات وَيَلْعَبُوا فى دنياهم فان ماهم فيه من الأقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الأمر

[سورة الزخرف (43) : الآيات 84 إلى 89]

يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا قالوا كل لعب لا لذة فيه فهو عبث وما كان فيه لذة فهو لعب حَتَّى يُلاقُوا يعاينوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ على لسانك يعنى روزى را كه وعده داده شده اند بملاقات آن وهو يوم القيامة فانهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم قال سعدى المفتى والأظهر يوم الموت فان خوضهم ولعبهم انما ينتهى به يقول الفقير وفيه ان الموعود هو يوم القيامة لانه الذي كانوا ينكرونه لا يوم الموت الذي لا يشكون فيه ولما كان يوم الموت متصلا بيوم القيامة على ما أشار اليه قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته جعل الخوض واللعب منتهيين بيوم القيامه وفى الآية اعلام بأنهم من الذين طبع الله على قلوبهم فلا يرجعون عما هم عليه ابدا واشارة الى ان الله خلق الخلق أطوارا مختلفة فمنهم من خلقه للجنة فيستعده للجنة بالايمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبي عليه السلام ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والإنكار والجحود والخذلان ويكله الى الطبيعة النفسانية الحيوانية التي تميل الى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لهما بالمحبة والصدق والتوكل واليقين والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات وبذل الوجود بترك الشهوات وانواع المجاهدات وتسليم تصرفات ارباب المؤلفات (عن بهلول رحمه الله) قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة إذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا انا بصبى ينظر إليهم ويبكى ففلت هذا الصبى يتحسر على ما فى أيدي الصبيان ولا شىء معه يلعب به فقلت له اى بنى ما يبكيك اشترى لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الى وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالى أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا لا ترجعون (وحكى) انه كان سبب خروج ابراهيم بن أدهم رحمه الله عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فأثار ثعلبا او أرنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فأخذ جبة للراعى من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان واعلم ان الاشتغال بما سوى الله تعالى من قبيل اللهو واللعب إذ ليس فيه مقصد صحيح وانما المطلب الا على هو الله تعالى ولذا خرج السلف عن الكل ووصلوا الى مبدأ الكل دلا ترك هوا كن قرب حق كر آرزو دارى ... كه دور افتد حباب از بحر در كسب هوا كردن جعلنا الله وإياكم من المشتغلين به وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ اى مستحق لان يعبد فيها اى هو معبود أهل السماء من الملائكة وبه تقوم السماء وليس حالا فيها وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ اى مستحق لان يعبد فيها اى فهو معبود اهل الأرض من الانس والجن واله الآلهة ولا قاضى لحوائج اهل الأرض الا هو وبه تقوم الأرض وليس حالا فيها فالظرفان يتعلقان باله لانه بمعنى المعبود بالحق او متضمن معناه كقوله هو حاتم اى جواد لاشتهاره بالجود وكذا فيمن قرأ وهو الذي فى السماء الله وفى الأرض الله ومنه قوله تعالى فى الانعام وهو الله فى السموات وفى الأرض اى

[سورة الزخرف (43) : الآيات 85 إلى 86]

وهو الواجب الوجود المعبود المستحق للعبادة فيهما والراجع الى الموصول مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر وهو فى السماء والعطف عليه والتقدير وهو الذي هو فى السماء وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ كالدليل على ما قبله لانه المتصف بكمال الحكمة والعلم المستحق للالوهية لا غيره اى وهو الحكيم فى تدبير العالم واهله العليم بجميع الأحوال من الأزل الى الابد وَتَبارَكَ تعالى عن الولد والشريك وجل عن الزوال والانتقال وعمت بركة ذكره وزياده شكره الَّذِي إلخ فاعل تبارك لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ پادشاهىء آسمان وزمين وَما بَيْنَهُما اما على الدوام كالهواء او فى بعض الأوقات كالطير والسحاب ومن اخبار الرشيد انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا أشب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهولء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهولء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك كذا فى حيوة الحيوان وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ اى الساعة التي فيها تقوم القيامة لا يعلمها الا هو وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الالتفات للتهديد أي تردون للجزاء فاهتموا بالاستعداد للقائه قال بعض الكبار واليه ترجعون بالاختيار والاضطرار فأهل السعادة يرجعون اليه بالاختيار على قدم الشوق والمحبة والعبودية وأهل الشقاوة يرجعون اليه بالاضطرار قد يكون نافعا ممدوحا مقبولا وهو أن يؤخذ العبد بالجذبة الالهية ويجر الى الله جرا عنيفا ووقع ذلك لكثير من المنقطعين الى الله تعالى (حكى) عن الجنيد رحمه الله انه قال كنت فى المسجد مرة فاذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين ثم انتبذ ناحية من المسجد وأشار الى فلما جئته قال لى يا أبا القاسم قد حان لقاء الله تعالى ولقاء الأحباب فاذا فرغت من امرى فسيدخل عليك شاب مغن فادفع اليه مرقعتى وعصاى وركونى فقلت الى مغن وكيف يكون ذلك قال انه قد بلغ رتبة القيام بخدمة الله فى مقامى قال الجنيد فلما قضى الرجل نحبه اى مات وفرغنا من مواراته إذا نحن بشاب مصرى قد دخل علينا وسلم وقال ابن الوديعة يا أبا القاسم فقلت كيف ذاك أخبرنا بحالك قال كنت فى مشربة بنى فلان فهتف بي هاتف ان قم الى الجنيد وتسلم ما عنده وهو كيت وكيت فانك قد جعلت مكان فلان الفلاني من الابدال قال الجنيد فدفعت اليه ذلك فنزع ثيابه واغتسل ولبس المرقعة وخرج على وجهه نحو الشام ففى هذه الحكاية تبين ان ذلك المغني انجذب الى الله تعالى بصوت الهاتف وخرج الى الشام مقام الابدال لان المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها فاذا جاءت الساعة يحصل اثر التوفيق ويظهر اللحوق بأهل التحقيق زين جماعت اگر جدا افتى در نخستين قدم ز پاافتى وَلا يَمْلِكُ اى لا يقدر الَّذِينَ يَدْعُونَ اى يعبدهم الكفار مِنْ دُونِهِ تعالى الشَّفاعَةَ عند الله كما يزعمون إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ الذي هو التوحيد والاستثناء اما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون الله كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم او منفصل

[سورة الزخرف (43) : الآيات 87 إلى 89]

على انه خاص بالأصنام وَهُمْ يَعْلَمُونَ بما يشهدون به عن بصيرة وايقان واخلاص (قال الكاشفى) وايشان ميداند بدل خود كه بزبان خواهى داده اند وايشان شفاعت نخواهند كرد الا مؤمنان كنهكار را وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان الافراد اولا باعتبار لفظها وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ اى سألت العابدين والمعبودين من أوجدهم وأخرجهم من العدم الى الوجود لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لتعذر الإنكار لغاية ظهوره لان الإنسان خلق للمعرفة وطبع عليها وبها أكرمه الله تعالى فاما الشان فى معرفة الأشياء فقبول دعوتهم والتوفيق لمتابعتهم والتدين بأديانهم فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ الافك بركردانيدن اى فكيف يصرفون عن عبادة الله تعالى الى عبادة غيره مع اعترافهم بأن الكل مخلوق له تعالى فهو تعجيب من جحودهم التوحيد مع ارتكازه فى فطرتهم قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا دليل على ان معرفة الله ضرورية ولا تجب بالسمع الضروريات لانه تعالى اخبر عن الكفار أنهم كانوا يقرون بوحدانية الله قبل ورود السمع قلت انهم يقولون ذلك تقليدا لا دليلا وضرورة ومعلوم ان فى الناس من اهل الإلحاد من ينكر الصانع ولو كان ضروريا لما اختلف فيه اثنان خانه بي صنع خانه ساز كه ديد ... نقش بى دست خامه زن كه شنيد هر كه شد ز آدمي سوى تعطيل ... نيست در وى خرد چوقدر فتيل وَقِيلِهِ القول والقيل والقال كلها مصادر قرأ عاصم وحمزة بالجر على انه عطف على الساعة اى عنده علم الساعة وعلم قوله عليه السلام شكاية وبالفارسية ونزديك خداست دانستن قول رسول آنجا كه كفت يا رَبِّ اى پروردگار من إِنَّ هؤُلاءِ بدرستى كه اين كروه يعنى معاند ان قريش قَوْمٌ كروهى اند كه از روى عناد مكابره لا يُؤْمِنُونَ نمى كروند ولم يضفهم الى نفسه بأن يقول ان قومى لما ساءه من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء إلخ جوابه فيكون اخبارا من الله عنهم لا من كلام رسوله وفى الاقسام به من رفع شأنه عليه السلام وتفخيم دعائه والتجائه اليه تعالى ما لا يخفى وقرأ الباقون بالنصب عطفا على محل الساعة اى وعنده ان يعلم الساعة وقيله او على سرهم ونجواهم او على يكتبون المحذوف اى يكتبون ذلك وقيله قال بعضهم والا وجه ان يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه يعنى ان الجر على إضمار حرف القسم كما فى قولك الله لافعلن والنصب على حذفه وإيصال فعله اليه كقولك الله لافعلن كأنه قيل واقسم قيله او بقيله والفرق بين الحذف والإضمار انه فى الحذف لا يبقى للذاهب أثر نحو وأسال القرية وفى الإضمار يبقى له الأثر نحو انتهوا خيرا لكم والتقدير افعلوا ويجوز الرفع فى قيله على انه قسم مرفوع بالابتداء محذوف الخبر كقولهم ايمن الله ويكون ان هؤلاء إلخ جواب القسم اى وقيله يا رب قسمى ان هؤلاء إلخ وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ان كان مرفوعا معطوفا على علم الساعة بتقدير مضاف مع تنافر النظم ورجح الزمخشري احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم ولكن فيه التزام حذف وإضمار بلا قرينة ظاهرة فى اللفظ الذي لم يشتهر استعماله فى القسم كما فى حواشى سعدى المفتى فَاصْفَحْ عَنْهُمْ اى فأعرض عن

سورة الدخان

دعوتهم واقنط من ايمانهم وَقُلْ سَلامٌ اى امرى تسلم منكم ومن دينكم وتبر ومتاركة فليس المأمور به السلام عليهم والتحية بل البراءة كقول ابراهيم عليه السلام سلام عليك سأستغفر لك فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حالهم البتة وان تأخر ذلك وبالفارسية پس زود باشد كه بدانند عاقبت كفر خود را وقتى كه عذاب بر ايشان فرود آيد در دنيا بروز بدر ودر عقبى بدخول در نار سوزان وهو وعيد من الله لهم وتسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فعلى العاقل ان يتدارك حاله قبل خروج الوقت بدخول الموت ونحوه ويقبل على قبول الدعوة مادام الداعي مقبلا غير صافح والا فمن كان شفيعه خصما له لم يبق له رجاء النجاة قال ذو النون رحمه الله سمعت بعض المتعبدين بساحل الشام يقول ان لله عبادا عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدا اليه وتحملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب صحبوا الدنيا بالاشجان وتنعموا فيها بطول الأحزان فما نظروا إليها بعين راغب ولا تزودوا منها إلا كزاد راكب خافوا البيات فأسرعوا ورجوا النجاة فأزمعوا بذلوا مهج أنفسهم فى رضى سيدهم نصبوا الآخره نصب أعينهم وأصغوا إليها بآذان قلوبهم فلو رأيتهم لرأيت قوما ذبلا شفاههم خمصا بطونهم خزينة قلوبهم ناحلة أجسادهم باكية أعينهم لم يصحبوا التعليل والتسويف وقنعوا من الدنيا بقوت خفيف ولبسوا من اللباس أطمارا بالية وسكنوا من البلاد قفراء خالية هربوا من الأوطان واستبدلوا الوحدة من الاخوان فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر والنصب وفصل أعضاءهم بخناجر التعب خمص بطول السرى شعث بفقد الكرى قد وصلوا الكلال بالكلال وتأهبوا للنقلة والارتحال چواز جايكان در دويدن كرو ... بتيزى هم افتان وحيزان برو كران باد پايان برفتند تيز ... تو بى دست و پااز نشستن بخيز تمت سورة الزخرف بعون الله تعالى فى اواخر جمادى الآخرة من الشهور المنتظمة فى سلك سنة ثلاث عشرة ومائة وألف وتليها سورة الدخان وهى سبع او تسع وخمسون آية مكية الا قوله انا كاشفوا العذاب إلخ. سورة الدخان بسم الله الرحمن الرحيم حم اى بحق حم وهى هذه السورة او مجموع القرآن وَالْكِتابِ عطف على حم إذ لو كان قسما آخر لزم اجتماع القسمين على مقسم عليه واحد ومدار العطف على تقدير كون حم اسما لمجموع القرآن المغايرة فى العنوان الْمُبِينِ اى البين معانيه لمن انزل عليهم وهم العرب لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى أبواب الديانة وقال بعضهم بحق الحي القيوم وبحق القرآن الفاصل بين الحق والباطل فالحاء اشارة الى الاسم الحي والميم الى الاسم القيوم وهما أعظم الأسماء الالهية لاشتمالهما على ما يشتمل عليه كل منها من المعاني والأوصاف والحقائق كما سبق فى آية الكرسي وفى عرائس البقلى الحاء الوحى الخاص الى محمد والميم محمد عليه السلام وذلك ما كان بلا واسطة فهو سر بين المحب والمحبوب لا يطلع عليه أحد غيرهما كما قال تعالى فأوحى

[سورة الدخان (44) : آية 3]

الى عبده ما أوحى وقال بعضهم حميت المحبين يعنى حمايت كردم دوستان خود را از توجه بما سوى يقول الفقير ويحتمل ان يكون اشارة الى حمد الله الى انزاله القرآن الذي هو أجل النعم الالهية فحم مقصور من الحمد والمعنى وحق الحق الذي يستحق الحمد فى مقابلة إنزال القرآن إِنَّا أَنْزَلْناهُ اى الكتاب المبين الذي هو القرآن وهو جواب القسم فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ هى ليلة القدر فانه تعالى أنزل القرآن فى ليلة القدر من شهر رمضان من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا دفعة واحدة واملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبي عليه السلام نجوما اى متفرقا فى ثلاث وعشرين سنة والظاهر ان ابتداء تنزيله الى النبي عليه السلام ايضا كان فى ليلة القدر لان ليلة القدر فى الحقيقة ليلة افتتاح الوصلة ولا بد فى الوصلة من الكلام والحطاب والحكمة فى نزوله ليلا ان الليل زمان المناجاة ومهبط النفحات ومشهد التنزلات ومظهر التجليات ومورد الكرامات ومحل الاسرار الى حضرة الكبرياء وفى الليل فراغ القلوب بذكر حضرة المحبوب فهو أطيب من النهار عند المقربين والأبرار ووصف الليلة بالبركة لما ان نزول القرآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها او لما فيها من تنزل الملائكة والرحمة واجابة الدعوة ونحوها والا فاجزاء الزمان متشابهة بحسب ذواتها وصفاتها فيمتنع ان يتميز بعض اجزائه عن بعض بمزيد القدر والشرف لنفس ذواتها وعلى هذا فقس شرف الامكنة فانه لعارض فى ذاتها قال حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره فى شرح الأربعين حديثا وللازمنة والامكنة فى محو السيئات وتغليب طرف الحسنات وامدادها والتكفير والتضعيف مدخل عظيم وفى الحديث ان الله غفر لاهل عرفات وضمن عنهم التبعات وانه ينزل يوم عرفة الى السماء الدنيا وقد وردت أحاديث دالة على فضيلة شهر رمضان وعشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان وان الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجد النبي عليه السلام بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة وكلها دالة على شرف الازمنة والامكنة انتهى كلامه قال الشيخ المغربي قدس سره أفضل الشهور عندنا شهر رمضان اى لانه انزل فيه القرآن ثم شهر ربيع الاول اى لانه مولد حبيب الرحمن ثم رجب اى لانه فرد الأشهر الحرم وشهر الله ثم شعبان اى لانه شهر حبيب الرحمن ومقسم الأعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين كما ان ليوم الخميس وليوم السبت فضلا عظيما لكونها فى جوار الجمعة ولذا ورد بارك الله فى السبت والخميس ثم ذو الحجة اى لانه موطن الحج والعشر التي تعادل كل ليلة منها ليلة القدر والأيام المعلومات ايام التشريق ثم شوال اى لكونه فى جوار شهر رمضان ثم ذو القعدة اى لكونه من الأشهر الحرم ثم المحرم شهر الأنبياء عليهم السلام ورأس السنة وأحد الأشهر الحرم وقيل فضل الله الأشهر والأيام والأوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والأمم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى احترامها وتتشوق الأرواح الى إحيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاشاني فى شرح التائية كما ان شرف الازمنة وفضيلتها بحسب شرف الأحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته فكذلك

شرف الأعمال يكون بحسب شرف النيات والمقاصد الباعثة وشرف النية فى العمل ان يؤدى للمحبوب ويكون خالصا لوجهه غير مشوب بغرض آخر قال ابن الفارض وعندى عيدى كل يوم أرى به ... جمال محياها بعين قريرة وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة قال بعض الكبار وأشد الليالى بركة وقدرا ليلة يكون العبد فيها حاضرا بقلبه مشاهدا لربه يتنعم بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القرية واحوال هذه الطائفة فى لياليهم مختلفة كما قالوا لا أظلم الليل ولا ادعى ... ان نجوم الليل ليست تزول ليلى كما شاءت قصير إذا ... جادت وان ضنت قليلى طويل وقال بعض المفسرين المراد من الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان ولها أربعة اسماء الاول الليلة المباركة لكثرة خيرها وبركتها على العاملين فيها الخير وان بركات جماله تعالى تصل الى كل ذرة من العرش الى الثرى كما فى ليلة القدر وفى تلك الليلة اجتماع جميع الملائكة فى حظيرة القدس ودر كشف الاسرار فرموده كه آنرا مبارك خواند از بهر آنكه پر خير و پر بركت است همه شب دعيانرا اجابت است وسائلانرا عطيت ومجتهدانرا معونت ومطيعانرا مثوبت وغاصبانرا إقالت ومحبانرا كرامت همه شب درهاى آسمان كشاده جنات عدن وفراديس أعلا درها نهاده ساكنان جنة الخلد بر كنكرها نشسته أرواح انبيا وشهدا در عليين فراطرب آمده همه شب نسيم روح ازلى از جانب قربت بدل دوستان ميدمد وباد هواى فردانيث بر جان عاشقان مى وزد واز دوست خطاب مى آيد كه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له اى درويش بيدار باش درين شب كه همه بساط نزول بيفكنده وكل وصال جانان در باغ رازدارى شكفته نسيم سحر مبارك بهارى ازو ميدمد و پيغام ملك برمزى باريك وبرازى عجب ميكويد الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله الم يأن للهجران أن يتصرما ... وللعود غصن البان ان يتضرما وللعاشق الصب الذي ذاب وانحنى ... ألم يأن ان يبكى عليه ويرحما وفى بعض الآثار عجبا لمن آمن بي كيف يتكل على غيرى لو أنهم نظروا الى لطائف برى ما عبدوا غيرى اى عجب كسى كه ما را شناخت با غير ما آرام كى كيرد كسى كه ما را يافت با ديكرى چون پردازد كسى كه رنك وبوى وصال ويا دما دارد دل در رنك وبوى دنيا چون بندد از تعجب هر زمان كويد بنفشه كاى عجب ... هر كه زلف يار دارد چنك در ما جون زند والثاني ليلة الرحمة والثالث ليلة البراءة والرابع ليلة الصك وذلك لان البندار إذا استوفى فى الخراج من اهله كتب لهم البراءة كذلك الله يكتب لعباده المؤمنين البراءات فى هذه الليلة (كما حكى) ان عمر بن عبد العزيز لما رفع رأسه من صلاته ليلة النصف من شعبان وجد رقعة خضرآء قد اتصل نورها بالسماء مكتوب فيها هذه براءة من النار من الملك العزيز لعبده

عمر بن عبد العزيز وكما ان فى هذه الليلة براءة للسعداء من الغضب فكذا فيها براءة للاشقياء من الرحمة نعوذ بالله تعالى ولهذه الليلة خصال الاولى تفريق كل امر حكيم كما سيأتى والثانية فضيلة العبادة فيها وفى الحديث من صلى فى هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله تعالى اليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان قال فى الاحياء يصلى فى الليلة الخامسة عشرة من شعبان مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة قل هو الله أحد عشر مرات وان شاء صلى عشر ركعات يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله أحد فهذه ايضا اى كصلاة رجب مروية عن النبي عليه السلام فى جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة فى هذه الليلة ويسمونها صلاة الخير ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة (روى) عن الحسن البصري انه قال حدثنى ثلاثون من اصحاب النبي عليه السلام ان من صلى هذه الصلاة فى هذه الليلة نظر الله اليه سبعين نظرة وقضى الله له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة انتهى كلام الاحياء قال الشيخ الشهير بافتاه قدس سره ان النبي عليه السلام لما تجلى له جميع الصفات فى ثمانية عشر ألف عالم وأكثر صلى تلك الصلاة بعد العشاء شكرا على النعمة المذكورة (وروى) مجاهد عن على رضى الله عنه انه عليه السلام قال يا على من صلى مائة ركعة فى ليلة النصف من شعبان فقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد عشر مرات قال عليه السلام يا على ما من عبد يصلى هذه الصلاة الا قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة ويبعث الله سبعين ألف ملك يكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات الى رأس السنة ويبعث الله فى جنات عدن سبعين ألف ملك وسبعمائة ألف يبنون له المدائن والقصور ويغرسون له من الأشجار مالا عين رأيت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب المخلوقين وان مات من ليلته قبل ان يحول الحول مات شهيدا ويعطيه الله بكل حرف من قل هو الله أحد فى ليلته تلك سبعين حوراء كما فى كشف الاسرار قال بعضهم أقل صلاة البراءة ركعتان وأوسطها مائة وأكثرها ألف يقول الفقير الألف الذي هو اشارة الى ألف اسم له تعالى تفضيل للمائة التي هى اشارة الى مائة اسم له منتخبة من الالف لان التسعة والتسعين باعتبار احديتها مائة وهى تفصيل للواحد الذي هو الاسم الأعظم ولما لم تشرع ركعة منفردة ضم إليها اخرى اشارة الى الذات والصفات والليل والنهار والجسد والروح والملك والملكوت ولهذا السر استحب ان يقرأ فى الركعتين المذكورتين اربعمائة آية من القرآن فان فرض القراءة آية واحدة ومشتحبها اربع آيات والمائة اربع مرات اربعمائة فالركعتان باعتبار القراءة المستحبة فى حكم المائة فاعرف جدا وفى الحديث من احيى الليالى الخمس وجبت له الحنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان والثالثة نزول الرحمة قال عليه السلام ان الله ينزل ليلة النصف من شعبان الى السماء الدنيا اى تنزل رحمته والمراد فى الحقيقة تنزل عظيم من تنزلات عالم الحقيقة مخصوص بتلك الليلة وايضا المراد تنزل من أول الليلة اى وقت غروب الشمس الى آخرها اى الى طلوع الفجر أو طلوع الشمس

[سورة الدخان (44) : الآيات 4 إلى 5]

والرابعة حصول المغفرة قال عليه السلام ان الله يغفر لجميع المسلمين فى تلك الليلة الا لكاهن او ساحر أو مشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين او مصر على الزنى قال فى كشف الاسرار فسر اهل العلم المشاحن فى هذا الموضع بأهل البدع والأهواء والحقد على اهل الإسلام والخامسة انه اعطى فيها رسول الله عليه السلام تمام الشفاعة وذلك انه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان الشفاعة فى أمته فأعطى الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع الا من شرد على الله شراد بعير وفى رواية اخرى قالت عائشة رضى الله عنها رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فى ليلة النصف من شعبان ساجدا يدعو فنزل جبريل فقال ان الله قد أعتق من النار الليلة بشفاعتك ثلث أمتك فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل فقال ان الله يقرئك السلام ويقول أعتقت نصف أمتك من النار فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل وقال ان الله أعتق جميع أمتك من النار بشفاعتك الا من كان له خصم حتى يرضى خصمه فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل عند الصبح وقال ان الله قد ضمن لخصماء أمتك ان يرضيهم بفضله ورحمته فرضى النبي عليه السلام والسادسة ان من عادة الله فى هذه الليلة ان يزيد ماء زمزم زيادة ظاهرة وفيه اشارة الى حصول مزيد العلوم الالهية لقلوب اهل الحقائق إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ استئناف مبين لما يقتضى الانزال كأنه قيل انا أنزلناه لان من شأننا الانذار والتخويف من العقاب فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ اى يكتب ويفصل كل امر محكم ومتقن من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم الا السعادة والشقاوة من هذه الليلة الى الاخرى من السنة القابلة وقيل يبدأ فى انتساخ ذلك من اللوح فى ليلة البراءة ويقع الفراغ فى ليلة القدر فتدفع نسخة الأرزاق الى ميكائيل ونسخة الحروب والزلال والصواعق والخسف الى جبرائيل ونسخة الأعمال الى اسمعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب الى ملك الموت حتى ان الرجل ليمشى فى الأسواق وان الرجل لينكح ويولد له ولقد أدرج اسمه فى الموتى كفته اند در ميان فرشتكان فرشته حليم تر ورحيم تر ومهربان تر از ميكائيل نيست وفرشته مهيب تر وبا سياست تر از جبرائيل نيست در خبر است كه روزى هر دو مناظره كردند جبرائيل كفت مرا عجب مى آيد كه با اين همه بى حرمتى وجفاكارى بخلق رب العزة بهشت از بهر چهـ مى آفريد ميكائيل كفت مرا عجب مى آيد كه با آن همه فضل وكرم ورحمت كه الله را بر بندگانست دوزخ را از بهر چهـ مى آفريد از حضرت عزت وجناب جبروت ندا آمد كه أحبكما الى احسنكما ظنا بي از شما هر دو آنرا دوستتر دارم كه بمن ظن نيكوتر مى برد يعنى ميكائيل كه رحمت بر غضب فضل مى نهد وقد قال الله تعالى ان رحمتى سبقت غضبى وكما ان فى هذه الليلة يفصل كل امر صادر بالحكمة من السماء فى السنة من اقسام الحوادث فى الخير والشر والمحن والمنن والمنصرة والهزيمة والخصب والقحط فكذا الحجب والجذب والوصل والفصل والوفاق والخلاف والتوفيق والخذلان والقبض والبسط والستر والتجلي فكم بين عبد نزل له الحكم والقضاء بالشقاء والبعد وآخر ينزل حكمه بالوفاء والرفد أَمْراً مِنْ عِنْدِنا نصب على الاختصاص اى اعنى بهذا الأمر امرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا

[سورة الدخان (44) : الآيات 6 إلى 10]

وهو بيان لفخامته الاضافية بعد بيان فخامته الذاتية إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ بدل من انا كنا بدل الكل رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ مفعول له للارسال اى انا أنزلنا القرآن لان عادتنا إرسال الرسل بالكتب الى العباد لاجل افاضة رحمننا عليهم فيكون قوله رحمة غاية للارسال متأخرة عنه على ان المراد منها الرحمة الواصلة الى العباد او لاقتضاء رحمتنا السابقة ارسالهم فيكون باعثا متقدما للارسال على ان المراد مبدأها ووضع الرب موضع الضمير للايذان بان ذلك من احكام الربوبية ومقتضياتها وإضافته الى ضميره عليه السلام للتشريف در دو عالم بخشش بخشايش است خلق را از بخشش آسايش است خواجه چون در مديح خويش سفت انما انا رحمة مهداة كفت كما قال فى التأويلات النجمية انا كنا مرسلين محمدا عليه السلام رحمة مهداة من ربك ليخرج المشتاقين من ظلمات المفارقة الى نور المواصلة وايضا انا كنا مرسلين رحمة لنفوس أوليائنا بالتوفيق ولقلوبهم بالتحقيق إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يسمع كل شىء من شأنه ان يسمع خصوصا انين المشتاقين ويعلم كل شىء من شانه ان يعلم خصوصا حنين المحبين فلا يخفى عليه شىء من اقوال العباد وأفعالهم وأحوالهم وهو تحقيق لربوبيته تعالى وانها لا تحق الا لمن هذه نعوته الجليلة رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما بدل من ربك يقول الفقير ألهمت بين النوم واليقظة ان معنى هذه الآية اى اشارة لا عبارة ان مربى ومبلغى الى كمالى هو رب السموات والأرض وما بينهما يعنى جميع الموجودات العلوية والسفلية وذلك لانها مظاهر الأسماء والصفات الالهية ففى كل ذرة من ذرات العالم حقيقة مشهودة هى غذآء الروح العارف فيتربى بذلك الغذاء الشهودى بالغا الى أقصى استعداده كما يتربى البدن بالغذاء الحسى بالغا الى غاية نمائه ووقوفه والى هذا المعنى أشار صاحب المثنوى بقوله آن خيالاتى كه دام اولياست ... عكس مهرويان مستان خداست فافهم جدا وقل لا اعبد الا الله ولا اقصد سواه إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بشىء فهذا اولى ما توقنون به لفرط ظهوره او ان كنتم مريدين لليقين فاعلموا ذلك وبالفارسية اگر هستيد شما بى گمانان يعنى طلب كنندكان يقين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا خالق سواه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها يُحْيِي وَيُمِيتُ يوجد الحياة فى الجماد ويوجد الموت فى الحيوان بقدرته كما يشاهد ذلك اى يعلم علما جليا يشبه المشاهدة والظاهر ان المشاهدة تتعلق بالأثر فان المعلوم هو الاحياء والامانة والمشهود هو أثر الحياة فى الحي وأثر الممات فى الميت وفى التأويلات النجمية يحيى قلوب أوليائه بنور محبته وتجلى صفات جماله ويميت نفوسهم بتجلى صفات جلاله رَبُّكُمْ اى هو ربكم وخالقكم ورازقكم وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ وفى التأويلات رب آدم وأولاده ورب الآباء العلوية وقال محمد بن على الباقر قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف آدم واكثر وذكر الشيخ ابن العربي قدس سره فى الفتوحات المكية فى باب حدوث الدنيا حديثا ضعيفا انه انقضى قبل آدم مائة ألف آدم وجرى له كشف وشهود فى طواف الكعبة انه شاهد رجالا تمثلوا له من الأرواح فسألهم من أنتم فأجابوه انهم من أجداده الاول قبل آدم بأربعين ألف سنة قال الشيخ فسألت عن ذلك إدريس النبي عليه السلام فصدقنى فى الكشف والخبر وقال نحن معاشر الأنبياء نؤمن

[سورة الدخان (44) : الآيات 9 إلى 10]

بحدوث العالم كله ولم نعلم اوله والحق تعالى متفرد بأوائل الكائنات بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ بلكه ايشان در شك اند اى مما ذكر من شؤونه تعالى غير موقنين فى إقرارهم بأنه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما يَلْعَبُونَ لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب وهو خبر آخر وفى كشف الاسرار در كمان خويش بازي ميكنند فالظرف متلق بالفعل او بل هم حال كونهم فى شك مستقر فى قلوبهم يلعبون كما فى قوله فهم فى ريبهم يترددون وفيه أشار الى ان من استولت عليه الغفلة اداه ذلك الى الشك ومن لزم الشك كان بعيدا من عين الصواب قال بعضهم وصف اهل الشك والنفاق باللعب وذلك لترددهم وتحيرهم فى امر الدين واشتغالهم بالدنيا واغترارهم بزينتها قال اويس القرني رضى الله عنه أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة وعن الشيخ فتح الموصلي قدس سره قال رأيت فى البادية غلاما لم يبلغ الحنث يمشى ويحرك شفتيه فسلمت عليه فرد الجواب فقلت له الى اين يا غلام فقال الى بيت الله الحرام قلت فيما ذا تحرك شفتيك قال بالقرءان قلت فانه لم يجر عليك قلم التكليف قال رأيت الموت يأخذ من هو أصغر منى سنا فقلت خطوك قصير وطريقك بعيد فقال انما على نقل الخطى وعلى الله الإبلاغ فقلت فأين الزاد والراحلة فقال زادى يقينى وراحلتى رجلاى سدره توفيق بود كرد علايق ... خواهى كه بمنزل برسى راحله بگذار قلت اسألك عن الخبز والماء قال يا عماه أرأيت لو أن مخلوقا دعاك الى منزله أكان يجمل بك ان يحمل معك زادك فقلت لا قال ان سيدى دعا عباده الى بيته وأذن لهم فى زيارته فحملهم ضعف يقينهم على حمل زادهم وانى استقبحت ذلك فحفظت الأدب معه أفتراه يضيعنى فقلت كلا وحاشى ثم غاب عن عينى فلم أره الا بمكة فلما رآنى قال يا شيخ أنت بعد على ذلك الضعف فى اليقين سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سراب ريب فَارْتَقِبْ الارتقاب چشم داشتن يعنى منتظر شدن والمعنى فانتظر يا محمد لكفار مكة على ان اللام للتعليل وبالفارسية پس تو منتظر باش براى ايشان يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ظاهر لا شك فيه ويوم مفعول ارتقب والباء للتعدية يعنى آن روز كه آسمان دودى آرد آشكارا ويجوز أن يكون ظرفاله والمفعول محذوف اى ارتقب وعد الله فى ذلك اليوم أطلق الدخان على شدة القحط وغلبة الجوع على سبيل الكناية او المجاز المرسل والمعنى فانتظر لهم يوم شدة ومجاعة فان الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان اما لضعف بصره او لأن فى عام القحط يظلم الهولء لقلة الأمطار وكثرة الغبار ولذا يقال لسنة القحط السنة الغبراه كما قالوا عام الرمادة والظاهر ان السنة الغبراء ما لا تنبت الأرض فيها شيأ وكانت الريح إذا هبت ألقت ترابا كالرماد او لان العرب تسمى الشر الغالب دخانا واسناد الإتيان الى السماء لان ذلك يكفها عن الأمطار فهو من قبيل اسناد الشيء الى سببه وذلك ان قريشا لما بالغوا فى الاذية له عليه السلام دعا عليهم فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر أي عقابك الشديد يعنى خذهم أخذا شديدا واجعلها عليهم سنينا كسنى يوسف وهى السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه فاصابتهم سنة اى قحط حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام

[سورة الدخان (44) : الآيات 11 إلى 16]

والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم بأوبار الإبل ويشوى على النار كان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان من الجوع وكان يحدث الرجل ويسمع كلامه ولا يراه من الدخان وذلك قوله تعالى يَغْشَى النَّاسَ اى يحيط ذلك الدخان بهم ويشملهم من جميع جوانبهم صفة للدخان هذا عَذابٌ أَلِيمٌ اى قائلين هذا الجوع او الدخان عذاب أليم فمشى اليه عليه السلام ابو سفيان ونفر معه وناشدوه الله والرحم اى قالوا نسألك يا محمد بحق الله وبحرمة الرحم ان تستسقى لنا ووعدوه ان دعا لهم وكشف عنهم ان يؤمنوا وذلك قوله تعالى رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ اى الجوع او عذاب الدخان وما لهما واحد فان الدخان انما ينشأ من الجوع إِنَّا مُؤْمِنُونَ بعد رفعه أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى رد لكلامهم واستدعائهم الكشف وتكذيب لهم فى الوعد بالايمان المنبئ عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية والمراد بالاستفهام الاستبعاد لا حقيقته وهو ظاهر اى كيف يتذكرون او من أين يتذكرون ويقولون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ اى والحال انهم شاهدوا من دواعى التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه فى ايجابهما حيث جاءهم رسول عظيم الشان وبين لهم مناهج الحق بإظهار آيات ظاهرة ومعجزات قاهرة تحرك صم الجبال ثُمَّ كلمة ثم هنا للاستبعاد تَوَلَّوْا أعرضوا عَنْهُ اى عن ذلك الرسول فيما شاهدوا منه من العظائم الموجبة للاقبال اليه ولم يقتنعوا بالتولى وَقالُوا فى حقه مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ اى قالوا تارة يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف واسمه عداس او ابو فكهة او جبر او يسار واخرى مجنون او يقول بعضهم كذا وآخرون كذا فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم ان يتأثروا منه بالعظة والتذكير وما مثلهم الا كمثل الكلب إذا جاع ضغا وإذا شبع طغا إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف إلخ اى انا نكشف العذاب المعهود عنكم بدعاء النبي عليه السلام وإنزال المطر كشفا قَلِيلًا وهو دليل على كمال خبث سريرتهم فانهم إذا عادوا الى الكفر بكشف العذاب كشفا قليلا فهم بالكشف رأسا أعود أو زمانا قليلا وهو ما بقي من أعمارهم إِنَّكُمْ عائِدُونَ تعودون اثر ذلك الى ما كنتم عليه من العتو والإصرار على الكفر وتنسون هذه الحالة وصيغة الفاعل فى الفعلين للدلالة على تحققها لا محالة ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله بدعاء النبي عليه السلام فما لبثوا ان عادوا الى ما كانوا فيه من العتو والعناد لان من مقتضى فساد طينتهم واعوجاج طبيعتهم المبادرة الى خلف الوعد ونقض العهد والعود الى الإشراك إذا زال المانع على ما بينه الله تعالى فيمن ركب الفلك إذ أنجاه الى البر (وفى المثنوى) آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لوردوا لعادوا ميزند يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى البطش تناول الشيء بعنف وصولة اى يوم القيامة ننتقم ونعاقب العقوبة العظمى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ فيوم ظرف لما دل عليه قوله انا منتقمون لا لمنتقمون لان انا مانعة عن ذلك (وقال الكاشفى) ياد كن روزى را كه بگيرم كافرانرا كرفتن سخت

وبزرك يعنى روز قيامت وذلك لانه تعالى أخذهم بالجوع والدخان ثم أذاقهم القتل والاسر يوم بدر وكل ذلك من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فاذا كان يوم القيامة يأخذهم أخذا شديدا لا يقاس على ما كان فى الدنيا نسأل الله العصمة من عذابه وجحيمه والتوفيق لما يوصل الى رضاه ونعيمه وقال بعض المفسرين المراد بالدخان ما هو من اشراط الساعة وهو دخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة فيدخل فى اسماع الكفرة حق يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ اى المشوى ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت او قد فيه ليس فيه خصاص اى فرجة يخرج منها الدخان وفى الحديث أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين وهو بفتح الهمزة على ما هو المشهور اسم رجل بنى هذه البلدة باليمن واقام بها تسوق الناس الى المحشر اى الى الشام والقدس قال حذيفة رضى الله عنه فما الدخان فتلا الآية فقال يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة واما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره وقال حذيفه بن أسيد الغفاري رضى الله عنه اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال عليه السلام ما تذاكرون قالوا نذكر الساعة قال عليه السلام انها لن تقوم حتى تروا قبلها آيات اى علامات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس الى محشرهم واوله بعض العلماء بفتنة الأتراك وأول خروج الدجال بظهور الشر والفساد ونزول عيسى باندفاع ذلك وظهور الخير والصلاح يقول الفقير ان كان هذا التأويل من طريق الاشارة فمسلم لانه لا تخلو الدنيا عن المظاهر الجلالية والجمالية الى خروج الدجال ونزول عيسى واما ان كان من طريق الحقيقة فلا صحة له إذ لا بد من ظهور تلك الآيات على حقيقتها على ما اخبر به النبي عليه السلام فعلى هذا القول وهو تفسير الدخان بما هو من اشراط الساعة معنى قوله ربنا اكشف عنا إلخ وقوله انا كاشفوا العذاب إلخ انه إذا جاء الدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين وغوثوا وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون فيكشف الله عنهم بعد أربعين يوما فريثما يكشف عنهم يرتدون ولا يتمهلون وظهور علامات القيامة لا يوجب انقطاع التكليف ولا يقدح فى صحة الايمان ولا يجب ايضا لزومها وعدم انكشافها وقال بعض اهل التفسير المراد بالدخان ما يكون فى القيامة إذا خرجو فى قبورهم فيحتمل ان يراد به معناه الحقيقي وما يستلزمه فانه لشدة اهوال يوم القيمة تظلم العين بحيث لا يرى الإنسان فيه أينما توجه الا والظلمة مستولية عليه كانه مملوء دخانا فعلى هذا يبنى الكلام على الفرض والتقدير ومعناه انهم يقولون ربنا اكشف عنا العذاب اى ارددنا الى الدنيا نعمل صالحا فيقول الله انا كاشفوا العذاب يعنى ان كشفنا ورددناكم إليها تعودوا الى ما كنتم عليه من الكفر والتكذيب كما قال تعالى ولوردوا لعادوا لما نهوا عنه والتفسير الاول من هذه التفاسير الثلاثة هو الذي يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا وفى عرائس البقلى رحمه الله ظاهر الآية دخان الكفرة من الجوع فى الظاهر

[سورة الدخان (44) : الآيات 17 إلى 21]

ودخان بواطنهم دخان النفس الامارة والأهواء المختلفة التي تغير سماء قلوبهم بغبار الشهوات وظلمة الغفلات وقال سهل قدس سره الدخان فى الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى مراقبة سماء القلب عن تصاعد دخان أوصاف البشرية يغشى الناس عن شواهد الحق هذا عذاب أليم لارباب المشاهدة كما قال السرى قدس سره اللهم مهما عذبتنى فلا تعذبنى بذل الحجاب ربنا اكشف عنا عذاب الحجاب انا مؤمنون بانك قادر على رفع الحجاب وارخائه فاذا أخذوا فى الاستغاثة يقال لهم أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين بالهام تقواهم وفجورهم ثم خالفوه وقالوا خاطر شيطانى انا كاشفوا العذاب عن صورتهم فى الدنيا قليلا لان جميع الدنيا عندنا قليل ولكن يوم نبطش البطشة الكبرى نورثهم خزنا طويلا ولا يجدون فى ضلال انتقامنا مقيلا يقول الفقير ظهر من هذه التقريرات انه لا خير فى الدخان فى الظاهر والباطن ألا ترى ان من رآه فى المنام يعبر بالهول العظيم والقتال الشديد وبالظلمات والحجب والكدورات فعلى العاقل ان يجتهد فى الخروج من الظلمات الى النور والدخول فى دائرة الصفاء والحضور فانه ان بقي مع دخان الوجود يظلم عليه وجه المقصود وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ پيش از كفار مكه قَوْمَ فِرْعَوْنَ اى القبط والمعنى امتحناهم اى فعلنا بهم فعل الممتحن بإرسال موسى عليه السلام إليهم ليؤمنوا ويظهر منهم ما كان مستورا فاختاروا الكفر على الايمان فالفعل حقيققة او اوقعناهم فى الفتنة بالامهال وتوسيع الرزق عليهم فهو مجاز عقلى من اسناد الفعل الى سببه لان المراد بالفتنة حينئذ ارتكاب المعاصي وهو تعالى كان سببا لارتكابها بالامهال والتوسيع المذكورين وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ على الله تعالى وهو موسى عليه السلام بمعنى انه استحق على ربه أنواعا كثيرة من الإكرام او كريم على المؤمنين او فى نفسه لان الله تعالى لم يبعث نبيا الا من كان أفضل نسبا وأشرف حسبا على ان الكريم بمعنى الخصلة المحمودة وقال بعضهم لمكالمته مع الله واستماع كلامه من غير واسطة وفى الآية اشارة الى انه تعالى جعل فرعون وقومه فيما فتنهم فدآء امة محمد عليه السلام لتعتبر هذه الامة بهم فلا يصرون على جحودهم كما أصروا ويرجعوا الى طريق الرشد ويقبلو دعوه نبيهم ويؤمنوا بما جاء به لئلا يصيبهم ما أصابهم بعد أن جاءهم رسول كريم أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ ان مصدرية اى بأن أدوا الى بنى إسرائيل وسلموهم وأرسلوهم معى لأذهب بهم الى موطن آبائهم الشام ولا تستعبدوهم ولا تعذبوهم اى جئتكم من الله لطلب تأدية عباد الله الى (قال فى كشف الاسرار) فرعون قبطى بود وقوم وى قبط بودند وبنى إسرائيل در زمين ايشان غريب بودند از زمين كنعان بايشان افتادند نژاد يعقوب عليه السلام بودند با پدر خويش يعقوب بمصر شدند بر يوسف وآن روز هشتاد ودو كس بودند وايشانرا در مصر توالد وتناسل بود بعد از غرق فرعون چون از مصر بيرون آمدند با موسى بقصد فلسطين هزار هزار وششصد هزار بودند فرعون ايشانرا در زمين خويش زبون كرفته بود وايشانرا معذب همى داشت وكارهاى صعب ودشوار همى فرمود تا رب العزة موسى را به پيغمبرى بايشان فرستاد بدو كار يكى آوردن ايمان

[سورة الدخان (44) : الآيات 19 إلى 21]

بوحدانيت حق تعالى وعبادت وى كردند ديكر بنى إسرائيل را موسى دادن وايشانرا از عذاب رها كردن اينست كه رب العالمين فرمود أن أدوا الى عباد الله يقول الفقير فتكون التأدية بعد الايمان كما قالوا فى آية اخرى لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل ونظيره قول نوح عليه السلام لابنه يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين اى آمن واركب فان الراكب انما هو المؤمنون والركوب متقرع على الايمان وقال بعضهم عباد الله منصوب بحرف النداء المحذوف اى بان أدوا الى يا عباد الله حقه من الايمان وقبول الدعوة إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ على وحيه ورسالته صادق فى دعواه بالمعجزات وهو علة للامر بالتأدية وفيه اشارة الى ان بنى إسرائيل كانوا امانة الله فى أيدي فرعون وقومه يلزم تأديتهم الى موسى لكونه أمينا فخانوا تلك الامانة حتى آخذهم الله على ذلك وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ اى وبان لا تتكبروا عليه تعالى بالاستهانة بوحيه وبرسوله واستخفاف عباده واهانتهم إِنِّي آتِيكُمْ اى من جهته تعالى يحتمل ان يكون اسم فاعل وان يكون فعلا مضارعا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ تعليل للنهى اى آتيكم بحجة واضحه لا سبيل الى إنكارها يعنى المعجزات وبالفارسية بدرستى كه من بشما آرنده ام حجتى روشن وبرهانى آشكارا بصدق مدعاى خود وفى إيراد الأداء مع الامين والسلطان مع العلاء من الجزالة ما لا يخفى وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ اى التجأت اليه وتوكلت عليه أَنْ تَرْجُمُونِ من ان ترجمونى فهو العاصم من شركم والرجم سنكسار كردن يعنى الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة او تؤذوني ضربا او شتما بان تقولوا هو ساحر ونحوه او تقتلونى قيل لما قال وان لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل وفى التأويلات النجمية وانى عذت بربي من شر نفسى وربكم من شر نفوسكم ان ترجمونى بشىء من الفتن وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ الايمان يتعدى باللام باعتبار معنى الإذعان والقبول والباء باعتبار معنى الاعتراف وحقيقة آمن به أمن المخبر من التكذيب والمخالفة وقال ابن الشيخ اللام للاجل بمعنى لاجل ما أتيت به من الحجة والمعنى وان كابرتم مقتضى العقل ولم تصدقونى فكونوا بمعزل منى لا على ولالى ولا نتعرضوا لى بشر ولا أذى لا باليد ولا باللسان فليس ذلك من جزاء من يدعوكم الى ما فيه فلا حكم فالاعتزال كناية عن الترك ولا يراد به الاعتزال بالأبدان قال القاضي عبد الجبار من متأخرى المعتزلة كل موضع جاء فيه لفظ الاعتزال فى القرآن فالمراد منه الاعتزال عن الباطل وبهذا صار اسم الاعتزال اسم مدح وهو منقوض بقوله تعالى فان لم تؤمنوا لى فاعتزلون فان المراد بالاعتزال هنا العزلة عن الايمان التي هى الكفر لا العزلة عن الكفر والباطل كذا فى بعض كتب الكلام اخبر الله بهذه الآية ان المفارقة من الاضداد واجبة قيل ان بعض اصحاب الجنيد قدس سره وقع له عليه انكار فى مسألة جرت له معه فكتب اليه ليعارضه فيها فلما دخل على الجنيد نظر اليه وقال يا فلان وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون نقلست كه امام احمد حنبل رحمه الله شبى نزد بشر حافى قدس سره رفتى ودر حق او أرادت تمام داشت تا بحدى كه شاكردانش كفتند تو امام عالم باشى ودر فقه وأحاديث وجمله علوم واجتهاد نظير ندارى هر دم از پس شوريده با برهنه مى دوى

[سورة الدخان (44) : الآيات 22 إلى 28]

اين چهـ لايق بود احمد كفت آن همه علوم كه شمرديد چنانست من همه به از ان دانم اما او خدا را به از من داند فينبغى للمرء ان يعتزل عن الباطل أيا كان لا عن الحق وربما رأينا بعض اهل الإنكار فى الغالب يعتزل عن صحبة الرجال ثم لا يكتفى باعتزاله حتى يؤذبهم باللسان فيكون باهانة الأولياء عدو الله تعالى ومحروما من فوائد الصحبة وعوائد المجلس فلزم على أهل الحق أن يتعوذوا بالله من شرور الظلمة والجبابرة وأهل الإنكار والمكابرة كما تعوذ الأنبياء عليهم السلام اى خدا كمترين كداى توام ... چشم بر خوان كبرياى توام از بد ومنكران امانم ده ... هر چهـ آنم بهست آنم ده چونكه تو كفتى فاستعذ بالله ... بتو بردم ز شر ديو پناه با خصوص از بلاي ديو سفيد ... كه نباشد ازو كريز مفيد فَدَعا موسى رَبَّهُ بعد ما كذبوه أَنَّ هؤُلاءِ اى بان هؤلاء القبط قَوْمٌ مُجْرِمُونَ مصرون على كفرهم ومتابعة هواهم وأنت اعلم بهم فافعل بهم ما يستحقونه فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا الفاء عاطفة بإضمار القول بعد الفاء لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر والإسراء بشب رفتن يقال أسرى به ليلا إذا سار معه بالليل وكذا سرى والسرى وان كان لا يكون الا بالليل لكنه أتى بالليل للتأكيد والمعنى فاجاب الله دعاءه وقال له اسر يا موسى ببني إسرائيل من مصر ليلا على غفلة من العدو وبالفارسية پس ببر بشب بندگان مرا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ علة للامر بالسير اى يتبعكم فرعون وجنوده بعد أن علموا بخروجكم ليلا ليقتلكم چون بلب دريا رسيده باشيد تو عصا بر دريا زنى بشكافد ودر وراهها پديد آيد تا بنى إسرائيل بگذرند وَاتْرُكِ الْبَحْرَ اى بحر القلزم وهو الأظهر الأشهر أو النيل حال كونه رَهْواً مصدر سمى به البحر للمبالغة وهو بمعنى الفرجة الواسعة اى ذا رهو أو راهيا مفتوحا على حاله منفرجا ولا تخف ان يتبعك فرعون وقومه او ساكنا على هيئته بعد ما جاوزته ولا تضربه بعصاك لينطبق ولا تغيره عن حاله ليدخله القبط فاذا دخلوا فيه أطبقه الله عليهم يعنى ساكن وآراميده بر آن وجه كه راهها برو ظاهر بود فيكون معنى رهوا ساكنا غير مضطرب وذلك لان الماء وقف له كالطود العظيم حتى جاوز البحر إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ علة للامر بترك البحر رهوا والجند جمع معد للحرب والإغراق غرقه كردن والغرق الرسوب فى الماء والتسفل فيه يقول الفقير لما كان فرعون يفتخر بالماء وجريان الأنهار من تحت قصره وأشجار بساتينه جاء الجزاء من جنس العمل ولذا امر الله تعالى موسى عليه السلام بأن يسير الى جانب البحر دون البر والا فالله سبحانه قادر على إهلاك العدو فى البر ايضا بسبب من الأسباب كما فعل بأكثر الكفار ممن كانوا قبل القبط كَمْ تَرَكُوا اى كثيرا تركوا فى مصرفكم فى محل النصب على انه مفعول تركوا ومن فى قوله مِنْ جَنَّاتٍ بيان لابهامه اى بساتين كثيرة الأشجار وكانت متصلة من رشيد الى أسوان وقدر المسافة بينهما اكثر من عشرين يوما وفى الآية اختصار والمعنى فعل ما امر به بأن ترك البحر رهوا فدخله فرعون وقومه فاغرقوا وتركوا بساتين كثيرة وَعُيُونٍ نابعة بالماء وبالفارسية چشمهاى آب روان ولعل المراد الأنهار الجارية المتشعبة من النيل إذ ليس فى مصر آبار وعيون كما قال بعضهم فى ذمها هى بين بحر رطب عفن

[سورة الدخان (44) : الآيات 26 إلى 28]

كثير البخارات الرديئة التي تولد الأدواء وتفسد الغذاء وبين جبل وبريابس صلد ولشدة يبسه لا تنبت فيه خضراء ولا تنفجر فيه عين ماء انتهى وَزُرُوعٍ جمع زرع وهو ما استنبت بالبذر تسمية بالمصدر من زرع الله الحرث إذا أنبته وأنماه قال فى كشف الاسرار وفنون الأقوات وألوان الاطعمة اى كانوا اهل ريف وخصب خلاف حال العرب وَمَقامٍ كَرِيمٍ محافل مزينة ومنازل محسنة وَنَعْمَةٍ اى تنعم ونضارة عيش وبالفارسية واسباب تنعم وبرخوردارى يقال كم ذى نعمة لا نعمة له اى كم ذى مال لا تنعم له فالنعمة بالكسر ما أنعم به عليك والنعمة بالفتح التنعم وهو استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وبالفارسية بناز زيستن كانُوا فِيها فاكِهِينَ متنعمين متلذذين ومنه الفاكهة وهى ما يتفكه به اى يتنعم ويتلذذ بأكله كَذلِكَ الكاف فى حيز النصب وذلك اشارة الى مصدر فعل يدل عليه تركوا اى مثل ذلك السلب سلبناهم إياها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فهو معطوف على الفعل المقدر وايراثها تمليكها مخلفة عليهم او تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه اى جعلنا اموال القبط لقوم ليسوا منهم فى شىء من قرابة ولا دين ولا ولاء وهم بنوا إسرائيل كانوا مسخرين لهم مستعبدين فى أيديهم فأهلكهم الله وأورثهم ديارهم وملكهم وأموالهم وقيل غيرهم لانهم لم يعودوا الى مصر قال قتادة لم يرو فى مشهور التواريخ انهم رجعوا الى مصر ولا ملكوها قط ورد بأنه لا اعتبار بالتواريخ فالكذب فيها كثير والله تعالى أصدق قيلا وقد جاء فى الشعراء التنصيص بايراثها بنى إسرائيل كذا فى حواشى سعدى المفتى قال المفسرون عند قوله تعالى عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر أو فى الأرض المقدسة وقالوا فى قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها اى ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة بعد انقضاء مدة التيه وتمكنوا فى نواحيها فاضطرب كلامهم فتارة حملوا الأرض على ارض مصر واخرى على ارض الشام والظاهر الثاني لان المتبادر استخلاف انفس المستضعفين لا أولادهم ومصر انما ورثها أولادهم لانها فتحت فى زمان داود عليه السلام ويمكن ان يحمل على ارض الشام ومصر جميعا والمراد بالمستضعفين هم وأولادهم فان الأبناء ينسب إليهم ما ينسب الى الآباء والله اعلم وفى الآية اشارة الى ترك بحر الفضل رهوا اى مشقوقا بعصا الذكر لان فرعون النفس وصفاتها فانون فى بحر الوحدة تاركون لجنات الشهوات وعيون المستلذات الحيوانية وزروع الآمال الفاسدة والمقامات الروحانية بعبورهم عليها وسائر تنعمات الدنيا والآخرة بالسير والاعراض عنها وبقوله كذلك وأورثنا الى إلخ يشير ان الصفات النفسانية وان فنيث بتجلى الصفات الربانية فمهما يكن القالب باقيا بالحياة يتولد منه الصفات النفسانية الى ان تفنى هذه الصفات بالتجلى ايضا ولو لم تكن هذه المتولدات ما كان للسائر الترقي فافهم جدا فانه بهذا الترقي يعبر السائر عن المقام الملكي لانه ليس للملك الترقي من مقامه كما قال تعالى وما منا إلا له مقام معلوم فالكمال الملكي دفعى ثم لا ترقى بعده والكمال البشرى تدريجى ولا ينقطع سيره ابدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة والله

[سورة الدخان (44) : الآيات 29 إلى 33]

مفيض الجود فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ مجاز مرسل عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم لان سبب البكاء على شىء هو المبالاة بوجوده يعنى انه استعارة تمثيلية بعد الاستعارة المكنية فى السماء والأرض بأن شبهتا بمن يصح منه الاكتراث على سبيل الكناية وأسند البكاء إليهما على سبيل التخييل كانت العرب إذا مات فيهم من له خطر وقدر عظيم يقولون بكت عليه السماء والأرض يعنى ان المصيبة بموته عمت الخلق فبكى له الكل حتى الأرض والسماء فاذا قالوا ما بكت عليه السماء والأرض يعنون به ما ظهر بعد ما يظهر بعده ذوى الاقدار والشرف ففيه تهكم بالكفار وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال له بكت عليه السماء والأرض وقال بعضهم هو على حقيقته ويؤيده ما روى انه عليه السلام قال ما من مؤمن الا وله فى السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله وإذا مات فقدا وبكيا عليه وتلا فما بكت إلخ يعنى چون بنده وفات كند واين دو در از نزول رزق وخروج عمل محروم ماند برو بگريند وفى الحديث ان المؤمن يبكى عليه من الأرض مصلاه وموضع عبادته ومن السماء مصعد عمله (وروى) إذا مات كافر استراح منه السماء والأرض والبلاد والعباد فلا تبكى عليه أرض ولا سماء وفى الحديث تضرعوا وابكوا فان السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم يبكون من خشية الله در معالم آورده چون مؤمن بميرد جمله آسمان وزمين برو بگريند وكفته اند كه كريه آسمان وزمين همچون كريه آدميانست يعنى بكاؤهما كبكاء الإنسان والحيوان فانه ممكن قدرة كما فى الكواشي وقد ثبت ان كل شىء يسبح الله تعالى على الحقيقة كما هو عند محققى الصوفية فمن الجائز ان يبكى ويضحك بما يناسب لعالمه قال وهب بن منبه رضى الله عنه لما أراد الله ان يخلق آدم أوحى الى الأرض اى أفهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فأدخله الجنة ومنهم من يعصينى فأدخله النار فقالت الأرض أمنى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت الأرض فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وعن انس رضى الله عنه رفعه لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت اللصف من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد أحمر الا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر كما فى المقاصد الحسنة وبعضى برانند كه علامتى بريشان ظاهر شود كه دليل بود بر حزن وتأسف همچون كريه كه در أغلب دالست بر غم واندوه قال عطاء والسدى بكاء السماء حمرة أطرافها وعن زيد ابن ابى زياد لما قتل الحسين بن على رضى الله عنهما احمر له آفاق السماء أشهرا واحمرارها بكاؤها وعن ابن سيرين رحمه الله أخبرونا ان الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين رضى الله عنه اى انها زادت زيادة ظاهرة والا فانها قد كانت قبل قتله اين سرخى شفق كه برين چرخ بيوفاست ... هر شام عكس خون شهيدان كربلاست كر چرخ خون ببارد ازين غصه در خورست ... ور خاك خون بگريد ازين ماجرا رواست والشفق الحمرة وقال بعضهم الشفق شفقان الحمرة والبياض فاذا غابت الحمرة حلت الصلاة وفى الحديث إذا غاب القمر فى الحمرة فهو الليلة وإذا غاب فى البياض فهو لليلتين وكانت العرب يجعلون الخسوف والحمرة التي تحدث فى السماء بكاء على الميت ولما كسفت الشمس يوم موت

[سورة الدخان (44) : الآيات 30 إلى 31]

ابنه عليه السلام ابراهيم قال الناس كسفت لموت ابراهيم فخطبهم فقال ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فاذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى تنجلى وهذا لا ينافى ما سبق فان مراده عليه السلام رفع اعتقاد اهل الجاهلية ولا شك ان كل حادث فهو دال على امر من الأمور ولذا امر بالدعاء والصلاة وسر الدعاء ان النفوس عند مشاهدة ما هو خارق العادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة الى الحضرة العليا فيكون اقرب الى الاجابة هذا هو السر فى استجابة الدعوات فى الأماكن الشريفة والمزارات قال بعضهم لا تبكى السموات والأرض على العصاة واهل الدعوى والانانية فكيف تبكى السماء على من لم يصعد إليها منه طاعة وكيف تبكى الأرض على من عصى الله عليها بل يبكيان على المطيعين خصوصا على العارفين إذا فارقوا الدنيا حين لا يصعد الى السماء أنوار أنفاسهم ولا يجرى على الأرض بركات آثارهم وفى الحديث ان السماء والأرض تبكيان لموت العلماء وفى الحديث مامات مؤمن فى غربة غابت عنه بواكيه الا بكت عليه السماء والأرض ثم قرأ الآية وقال انهما لا تبكيان على كافر وقال بعض المفسرين معنى الآية فما بكت عليهم اهل السماء والأرض فاقام السماء والأرض مقام أهلهما كما قال واسأل القرية وينصره قوله عليه السلام إذا ولد مولود من أمتي تباشرت الملائكة بعضهم ببعض من الفرح وإذا مات من أمتي صغير او كبير بكت عليه الملائكة وكذا ورد فى الخبر ان الملائكة يبكون إذا خرج شهر رمضان وكذا يستبشرون إذا ذهب الشتاء رجمة للمساكين وَما كانُوا لما جاء وقت هلاكهم مُنْظَرِينَ ممهلين الى وقت آخرين او الى الآخرة بل عجل لهم فى الدنيا اما الاول فلأن العمر الإنساني عبارة عن الأنفاس فاذا نفدت لم يبق للتأخير مجال واما الثاني فانهم مستحقون لنكال الدنيا والآخرة اما نكال الدنيا فلاشتغالهم بظواهرهم باذية الداعي مستعجلين فيها واما نكال الآخرة فلمحاربتهم مع الله ببواطنهم بالتكذيب والإنكار والدنيا من عالم الظاهر كما ان الآخرة من عالم الباطن فجوزوا فى الظاهر والباطن بما يجرى على ظواهرهم وبواطنهم وهذا بخلاف حال عصاة المؤمنين فانهم إذا فعلوا ذنبا من الذنوب ينظرون الى سبع ساعات ليتوبوا فلا يكتب فى صحائف أعمالهم ولا يؤاخذون به عاجلا لان الله يعفو عن كثير ويجعل بعض المصائب كفارة الذنوب فلا يؤاخذ آجلا ايضا فلهم الرحمة الواسعة والحمد لله تعالى ولكن ينبغى للمؤمن ان يعتبر بأحوال الأمم فيطيع الله تعالى فى جميع الأحوال ويجتهد فى احياء الدين لا فى إصلاح الطين ونعم ما قال بعضهم خاك در دستش بود چون باد هنكام رحيل ... هر كه اوقات كرامى صرف آب وكل كند ومن الله العون وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ التنجية نجات دادن وبرهانيدن اى خلصنا أولاد يعقوب بإغراق القبط فى اليم مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ از عذابى خوار كننده يعنى استعباد فرعون إياهم وقتل أبنائهم واستخدام نسائهم وبناتهم وتكليفه إياهم الأعمال الشاقة فالهو ان يكون من جهة مسلط مستخف به وهو مذموم مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من العذاب اما على جعله نفس العذاب لافراطه فى التعذيب واما على حذف المضاف اى من عذاب فرعون او حال من المهين بمعنى واقعا من جهته واصلا من جانبه إِنَّهُ كانَ عالِياً متكبرا مِنَ الْمُسْرِفِينَ

[سورة الدخان (44) : الآيات 32 إلى 33]

خبر ثان لكان اى من الذين أسرفوا على أنفسهم بالظلم والعدوان وتجاوزوا الحد فى الكفر والعصيان (وقال الكاشفى) از كافرانكه متجاوزاند از حدود ايمان ومن إسرافه انه على حقارته وخسة شأنه ادعى الالهية فكان أكفر الكفار واطغاهم وهو أبلغ من ان يقال مسرفا لدلالته على انه معدود فى زمرتهم مشهور بانه فى جملتهم وفيه ذم لفرعون ولمن كان مثله فى العلو والإسراف كنمرود وغيره وبيان ان من أهان المؤمن أهلكه الله واذله ومن يهن الله فما له مكرم وان النجاة من أيدي الأعداء من نعم الله الجليلة على الأحباب فان من نكد الدنيا ومصائبها على الحر ان يكون مغلوبا للاعداء وان يرى عدوا له ما من صداقته بد وان الله إذا أراد للمرء ترقيا فى دينه ودنياه يقدم له البلايا ثم ينجيه تا مرا كعبه مقصود ببالين آمد ... سالها بستر خود خار مغيلان كردم وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ اى فضلنا بنى إسرائيل عَلى عِلْمٍ فى محل النصب على الحال اى عالمين بأنهم أحقاء بالاختيار وبالفارسية بر دانشى بى غلط يعنى نه بغلط بركزيديم بلكه بعلم پاك كزيديم وبدانش تمام دانستيم كه از همه آفريد كان سزاى كزيدن ايشانند از ان كزيديم اختيار ما بعلم وارادت ماست بى علت ونواخت ما بفضل وكرم بى سبب او عالمين بانهم يريغون فى بعض الأوقات وتكثر منهم الفرطات كما قال الواسطي رحمه الله اخترناهم على علم منا بجناياتهم وما يقترفون من انواع المخالفات فلم يؤثر ذلك فى سوابق علمنا بهم ليعلمو أن الجنايات لا تؤثر فى الرعايات ومن هذا القبيل أولاد يعقوب عليه السلام فانهم مع ما فعلوا بيوسف من القائه فى الجب ونحوه اختارهم الله للنبوة على قول كرد عصيال رحمت حق را نمى آرد بشور ... مشرب دريا نكردد تيره از سيلابها ويجوز ان يكون المعنى لعلمهم وفضلهم على ان كلمة على للتعليل عَلَى الْعالَمِينَ على عالمى زمانهم يعنى بر جهانيان روزكار ايشان او على العالمين جميعا فى زمانهم وبعدهم فى كل عصر لكثرة الأنبياء فيهم حيث بعث فيهم يوما ألف نبى ولم يكن هذا فى غيرهم ولا ينافيه قوله تعالى فى حق امة محمد عليه السلام كنتم خير امة أخرجت للناس الآية لتغاير جهة الخيرية يقول الفقير والحق ان هذه الامة المرحومة خير من جميع الأمم من كل وجه فان خيرية الأمم ان كانت باعتبار معجزات أنبيائهم فالله تعالى قد اعطى لنبينا عليه السلام جميع ما أعطاه للاولين وان كانت باعتبار كثرة الأنبياء فى وقت واحد فعلماؤنا الذين كأنبياء بنى إسرائيل اكثر وأزيد وذلك لانه لا تخلو الدنيا كل يوم من ايام هذه الامة الى قيام الساعة من مائة ألف ولى واربعة وعشرين ألف ولى فانظركم بينهم من الفرق هدانا الله وإياكم أجمعين قال فى المفردات الاختيار طلب ما هو خير فعله وقوله تعالى ولقد اخترناهم الآية يصح ان يكون اشارة الى إيجاده تعالى إياهم خيرا وان يكون اشارة الى تقديمهم على غيرهم وفى بحر العلوم هذا الاختيار خاص بمن اختاره الله بالنبوة منهم او عام لهم ولمن كانوا مع موسى اختارهم بما خصصهم به (كما قال الكاشفى) ولقد اخترناهم وبدرستى كه بركزيديم موسى ومؤمنان بنى إسرائيل را فجعلنا فيهم الكتاب والنبوة والملك وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ نشانهاى قدرت كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التي لم يعهد مثلها

[سورة الدخان (44) : الآيات 34 إلى 39]

فى غيرهم ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ نعمة جليلة او اختيار ظاهر لينظر كيف يعملون وفى كشف الاسرار ابتلاهم بالرخاء والبلاء فطالبهم بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء آدمي كهى خستة به تير بلاست كهى غرقه لطف وعطا وحق تعالى تقاضاى شكر مى كند بوقت راحت ونعمت وتقاضاى صبر مى كند در حال بلا وشدت مصطفى عليه السلام قومى را ديد از أنصار كفت شما مؤمنان آيد كفتند آرى كفت نشان ايمان چيست كفتند بر نعمت شكر كنيم ودر محنث صبر كنيم وبقضاء الله راضى كفت أنتم مؤمنون ورب الكعبة قال ابن الشيخ هو حقيقة فى الاختيار وقد يطلق على النعمة وعلى المحنة مجازا من حيث ان كل واحد منهما يكون سببا وطريقا للاختيار فان قلت إذا كانت الآيات المذكورة نعمة فى أنفسها فما معنى قوله ما فيه بلاء اى نعمة قلت كلمة فى تجريدية فقد يكون نعمة فى نعمة كما يكون نعمة فوق نعمة ومحنة فوق محنة كفته اند دو برادر توأمان بودند بيك شكم آمده بودند و پشت ايشان يكديكر چسبيده بود چون بزرك شدند دائم زبان بشكر الهى داشتند يكى از ايشان پرسيد كه با وجود چنين بلاي كه شما را واقعست چهـ جاى شكركزاريست ايشان كفتند ما ميدانيم كه حق تعالى را بلاها ازين صعبتر بسيارست برين بلا شكر ميكوييم مبادا كه بلايى ازين عظيمتر مبتلا شويم ناكاه يكى از ايشان بمرد آن دكر گفت اينك بلاي صعبتر پيدا شد اكنون اگر اين مرده را از من قطع ميكنند من نيز مى ميرم واگر قطع نمى كنند مرا مرده كشى بايد كرد تا وقتى كه بدن وى فرسوده شود وبريزد وكفته اند خلاصه درويشى آنست كه از همه كس بار كشد وبر هيچكس بار ننهد نه بحسب صورت ونه بحسب معنى فلا بد من الصبر على البلاء والتحمل على الشدة اگر ز كوه فرو غلطد آسيا سنكى ... نه عارفست كه از راه سنك برخيزد والله الموفق لما يحب ويرضى من الأعمال إِنَّ هؤُلاءِ اى كفار قريش لان الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه للدلالة على تماثيلهم فى الإصرار على الضلالة والتحذير عن حلول ما حل بهم من العذاب لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى لما أخبروا بأن عاقبة حياتهم ونهايتها أمران الموت ثم البعث أنكروا ذلك بحصر نهاية الأمر فى الموتة الاولى اى ما العاقبة ونهاية الأمر الا الموتة الاولى المزيلة للحياة الدنيوية ولا بعث بعدها وتوصيفها بالأولى لا يستدعى ان يثبت الخصم موتة ثانية فيقصد وبذلك إنكارها لان كون الشيء اولا لا يستلزم وجود ما كان آخرا بالنسبة اليه كما لو قال أول عبدا ملكه حر فملك عبدا عتق سواء كان مالكا بعده عبدا آخر اولا قال سعدى المفتى وفيه بحث فان الاول مضايف الآخر او الثاني فيقضى المضايف الآخر بلا شبهة إذ المتضايفان متكافئان وجودا وعدما ثم قال ويجوز أن يقال مقصود المصنف الاشارة الى ان المراد بالاولية عدم المسبوقية بأخرى مثلها على المجاز وقال فى الكشاف لما قيل لهم انكم تموتون موتة تعقبها حياة كما تقدمتكم موتة كذلك قالوا ما هى الا موتتنا الاولى اى ما الموتة التي تعقبها حياة الا الموتة الاولى فالحصر بهذا المعنى راجع الى معنى ان يقال ما هى الا حياتنا الاولى ولا تكلف فى اطلاق الموت على ما كان قبل الحياة الدنيا كما فى قوله تعالى وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم وقال بعضهم لمعنى ليست الموتة لا هذه

[سورة الدخان (44) : آية 36]

الموتة دون الموتة التي تعقبها حياة القبر كما تزعمون يكون بعدها البعث والنشور ولا يبعد أن يحمل على حذف المضاف على ان يكون التقدير ان الحياة إلا حياة موتتنا الاولى فالاولى صفة للمضاف والقرينة عليه قوله وما نحن بمنشرين فالآية مثل قوله ان هى الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين كما فى حواشى سعدى المفتى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ بمبعوثين بعد الموت يعنى زنده شد كان وبرانگيختگان بعد از مرك من انشر الله الموتى إذا بعثهم وغرضهم من هذا القول المبالغة فى انكار حشر الموتى ونشرهم من القبور فَأْتُوا بِآبائِنا الخطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين والمعنى بالفارسية پس بياريد پدران ما را از كور وزنده كنيد إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى يعنى ان كان البعث والنشور ممكنا معقولا فعجلوا لنا احياء من مات من آبائنا ليظهر صدق وعدكم وقيل كانوا يطلبون إليهم ان يدعوا الله فينشر لهم قصىء بن كلاب ليشاوروه ويسألوا منه عن احوال الموت وكان كبيرهم ومفزعهم فى المهمات والملمات (قال الكاشفى) اين سخن از ايشان جهل بود زيرا هر كه جائز بود وقوع آن از خداى تعالى بوقتى خاص لازم بود وجود وظهور آن نه بهر وقت كه ديكرى خواهد پس چون وعده بعث در آخرت اگر در دنيا واقع نشود كسى را برو تحكم نرسد وقال فى كشف الاسرار وانما لم يجبهم لان البعث الموعود انما هو فى دار الجزاء يوم القيامة والذي كانوا يطلبونه البعث فى الدنيا فى حالة التكليف وبينهما تغاير يقول الفقير قد صح ان عيسى عليه السلام أحيى الموتى لا سيما سام بن نوح عليه السلام وكان بينه وبين موته اكثر من اربعة آلاف سنة ونبينا عليه السلام كان أولى بالاحياء لانه أفضل لكنهم لما طلبوه بالاقتراح لم يأذن الله له فيه لكون غايته الاستئصال على تقدير الإصرار وقد ثبت عند العلماء الأخيار ان نبينا عليه السلام احيى أبويه وعمه أبا طالب فآمنوا به كما سبق تفصيله فى محله وفى الآية اشارة الى ان من غلب عليه الحس ولم تكن له عين القلب مفتوحة ليطلع ببصره وبصيرته عالم الغيب وهو الآخرة لا يؤمن الا بمايريه بصر الحس ولهذا أنكروا البعث والنشور إذ لم يكن يشاهده نظر حسهم وقالوا فائتوا بآبائنا اى احيوهم حتى نراهم بنظر الحس ونستخبر منهم أحوالهم بعد الموت ان كنتم صادقين فيما تدعون من البعث (حكى) عن الشيخ ابى على الرودبارى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد منهم وبقي فى علته أياما فمل أصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ على نفسه وحلف ان يتولى خدمته بنفسه أياما ثم مات الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما أراد ان يفتح رأس كفنه عند أصحابه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا أبا على لانصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك وقال ابو يعقوب السوسي قدس سره جاءنى مريد بمكة وقال يا أستاذ انا غدا أموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فأحضر لى بنصفه حنوطا وكفنى بنصفه فلما كان الغد وقت الظهر جاء فطاف ثم تباعد ومات فغسلته وكفنته ووضعته فى المحد ففتح عينيه فقلت له أحياة بعد الموت فقال انا حى فكل محب لله حى يقول الفقير

[سورة الدخان (44) : آية 37]

ففى هاتين الحكايتين إشارات الاولى ان للفقراء الصابرين جاها عند الله يوم القيامة فكل من أطعمهم او كساهم او فعل بهم ما يسرهم فهم له شفعاء عند الله مشفعون فيدخلونه الجنة بإذن الله والثانية ان حياة الأنبياء والأولياء حياة دائمة فى الحقيقة ولا يقطعها الموت الصوري فانه انما يطرأ على الأجساد بمفارقة الأرواح مع ان أجسادهم لا تأكلها الأرض فهم بمنزلة الاحياء من حيث الأجساد ايضا والثالثة ان الاحياء أسهل شىء بالنسبة الى الله تعالى فمن تأمل فى تعلق الروح بالبدن اولا لم بتوقف فى تعلقه به ثانيا وثالثا والرابعة اثر الحياة مرئى ومشهود فى الميت بالنسبة الى أرباب البصائر فانهم ربما رأوا فى بعض الأموات اثر الحياة وتكلموا معه فمن حرم من البصيرة وقصر نظره على الحس وقع فى الإنكار وعلى تقدير رؤيته حمله على امر آخر من السحر والتخييل ونحو ذلك كما وقع لبعض الكفار فى زمان عيسى عليه السلام وغيره ونعم ما قيل در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الحياة الحقانية والنشأة العرفانية أَهُمْ خَيْرٌ رد لقولهم وتهديد لهم اى كفار قريش خير فى القوة والشوكة اللتين يدفع بهما اسباب الهلاك لا فى الدين حتى يرد انه لا خيرية فى واحد من الفريقين أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ المراد بتبع هنا واحد من ملوك اليمن معروف عند قريش وخصه بالذكر لقرب الدار وسيأتى بقية الكلام فيه وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى قبل قوم تبع عطف على قوم تبع والمراد بهم عاد وثمود واضرابهم من كل جبار عنيد اولى بأس شديد والاستفهام لتقرير أن أولئك أقوى من هؤلاء أَهْلَكْناهُمْ نيست كرديم ايشانرا استئناف لبيان عاقبة أمرهم اى قوم تيع والذين من قبلهم إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ كاملين فى الاجرام والآثام مستحقين للهلاك وهو تعليل لاهلاكهم ليعلم ان أولئك حيث اهلكوا بسبب اجرامهم مع ما كانوا فى غاية القوة والشدة فلأن يهلك هؤلاء وهم شركاء لهم فى الاجرام وأضعف منهم فى الشدة والقوة اولى بعض كبار فرمود كه حق تعالى را نسبت بأولياى خود قهرى ظاهر است ولطفى در ان مخفى لطف مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن قهر ظاهر حقيقت انسان را از قيود لوازم بشرى پاك ومطهر كرداند وباز حق تعالى را نسبت باعداى خود لطفى ظاهر است وقهرى در ان مخفى قهر مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن لطف ظاهر علاقه باطن ايشانرا بعالم أجسام استحكام دهد تا واسطه كرفتارى بقيود اين عالم از شهود عالم اطلاق ولذات روحانى ومعنوى محروم بمانند و چون قهر ومكر در زير لطف ظاهرى پوشيده است عاقل ببايد كه بر حذر باشد وبمال وجاه مغرور نباشد تا كه از هلاك صورى ومعنوى خلاص يابد (قال الحافظ) كمين كهست وتو خوش تيز ميروى هش دار ... مكن كه كرد برآيد ز شهره عدمت اعلم اولا ان تبعا كسكر واحد التبابعة ملوك اليمن ولا يسمى به الا إذا كانت له حمير وحضرموت وحمير كدرهم موضع غربى صنعا اليمن والحميرية لغة من اللغات الاثنتى عشرة وواحد من الأقلام الاثني عشر وهو فى الأصل ابو قبيلة من اليمن وهو حمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان وحضرموت وهو بضم الميم بلد وقبيلة كما فى القاموس وتبع فى الجاهلية بمنزلة الخليفة

فى الإسلام كما قال فى كشف الاسرار تبع پادشاهى بود از پادشاهان از قبيله قحطان چنانكه دار اسلام ملوك را خليفه كويند ودر روم قيصر ودر فرس كسرى ايشانرا تبع كويند فهم الأعاظم من ملوك العرب والقيل بالفتح والتخفيف ملك من ملوك حمير دون الملك الأعظم وأصله قيل بالتشديد كفيعل فخفف كميت وميت قال فى المفردات القيل الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لابيه يقال تقيل فلان أباه إذا تبعه وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا فتبع كانوا رؤساء سموا بذلك لاتباع بعضهم بعضا فى الرياسة والسياسة وفى انسان العيون تبع بلغة اليمن الملك المتبوع وأصل القيل من الواو لقولهم فى جمعه أقوال نحو ميت وأموات وإذا قيل أقيال فذلك نحو أعياد فى جمع عيد أصله عود وقال بعضهم قيل الملوك اليمن التبابعة لانهم يتبعون اى يتبعهم اهل الدنيا كما يقال لهم الأقيال لانهم يتقيلون والتقيل بالفارسية اقتدا كردن او لان لهم قولا نافذا بين الناس يقول الفقير والظاهر ان تبع الاول سمى به لكثرة قومه وتبعه ثم صار لقبا لمن بعده من الملوك سوآء كانت لهم تلك الكثرة والاتباع أم لا فمن التبايعة الحارث الرائش وهو ابن همال ذى سدد وهو أول من غزا من ملوك حمير وأصاب الغنائم وأدخلها فراش الناس بالأموال والسبي والريش بالكسر الخصب والمعاش فلذلك سمى الرائش وبينه وبين حمير خمسة عشر أبا ودام ملك الحارث الرائش مائة وخمسا وعشرين سنة وله شعر يذكر فيه من يملك بعده ويبشر بنبينا صلى الله عليه وسلم فمنه ويملك بعدهم رجل عظيم ... نبى لا يرخص فى الحرام يسمى احمدا يا ليت انى ... اعمر بعد مخرجه بعام ومنهم أبرهة ذو المنار وهو ابن الحارث المذكور وسمى ذا المنار لانه أول من ضرب المنار على طريقه فى مغازيه ليهتدى إذا رجع وكان ملكله مائة وثلاثا وثمانين سنة ومنهم عمرو ذو الاذعار وهو ابن أبرهة لم يملك بعد أبيه وانما ملك بعد أخيه افريقس وسمى ذا الاذعار لانه قتل مقتلة عظيمة حتى ذعر الناس منه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة ومنهم شمر بن مالك الذي تنسب اليد سمرقند وحكى القتيبي انه شمر بن افريقس بن أبرهة بن الرائش وسمى بمرعش لارتعاش كان به ونسبت اليه سمرقند لانها كانت مدينة للصغد فهدمها فنسبت اليه وقيل شمر كند أي شمر خربها لان كند بلسانهم خرب ثم عرب فقيل سمرقند وقال ابن خلكان فى تاريخه ان سمر اسم لجارية إسكندر مرضت فوصف لها الأطباء أرضا ذاث هواء طيب وأشار واله بظاهر صفتها وأسكنها إياها فلما طابت بنى لها مدينة وكند بالتركى هو المدينة فكأنه يقول بلد سمر انتهى ويؤيده تسميتهم القرية الجديدة فى تركستان بقولهم يكى كنت فان التاء والدال متقاربان وبه يعرف بطلان قول من قال ان تبعا الحميرى بناها الا ان يحمل على بناء ثان وفيه بعد وقال ابن السپاهى فى أوضح المسالك سمرقند بالتركية شمر كند أي بلد الشمس ومنهم افريقس بن أبرهة الذي ساق البربر الى افريقية من ارض كنعان وبه سميت افريقية وكان

قد غزا حتى انتهى الى ارض طنجة وملك مائة ونيفا وستين ومنهم تبع بن الأقرن ويقال فيه تبع الأكبر ومنهم ابو كرب اسعد بن كليكر ابن تبع بن الأقرن واختلفوا فى المراد من الآية فقال بعضهم هو تبع الحميرى الذي سار بالجيوش وبنى الحيرة بالكسر مدينة بالكوفة (قال فى كشف الاسرار) معروف از ايشان سه بودند يكى مهينه أول بوده يكى مياز يكى كهينه آخر بود واو كه نام او در قرآن است تبع آخر بود نام وى اسعد الحميرى مردى مؤمن صالح بوده وبعيسى عليه السلام ايمان آورده و چون حديث ونعت وصفت رسول ما عليه السلام شنيد از اهل كتاب برسالت وى ايمان آورد وكفت شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارى النسم (فلو مد عمرى الى غمره لكنت وزير اله وابن عم وفى أوائل السيوطي أول من كسا الكعبة أسعد الحميرى وهو تبع الأكبر وذلك قبل الإسلام بتسعمائة سنة كساها الثياب الحبرة وهى مثل عنبة ضرب من برود اليمن وفى رواية كساها الوصائل وهى برود حمر فيها خطوط خضر تعمل باليمن وعن بعضهم أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع كساها العصب وهى ضرب من البرود وجعل لها بابا بغلق وقال فى ذلك وكسونا البيت الذي ... حرم الله ملاء معصبا وبرودا وأقمنا به من الشهر عشرا ... وجعلنا لبابه إقليدا وخرجنا منه نؤم سهيلا ... قد رفعنا لواءنا معقودا وكان تبع مؤمنا بالاتفاق وقومه كافرين ولذلك ذمهم الله دونه واختلف فى نبوته وقال بعضهم كان تبع يعبد النار فأسلم ودعا قومه الى الإسلام وهم حمير وكذبوه وكان قومه كهانا واهل كتاب فامر الفريقين ان يقرب كل منهعا قربانا ففعلوا فتقبل قربان اهل الكتاب فأسلم وذكر ابن اسحق فى كتاب المبدأ وقصص الأنبياء عليهم السلام ان تبع بن حسان الحميرى وهو تبع الاول اى الذي ملك الأرض كلها شرقها وغربها ويقال لة الرائش لانه راش الناس بما أوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنائم وكان أول من غنم ولما عمد البيت يريد تخريبه رمى بداء تمخض منه رأسه قيحا وصديدا وأنتن حتى لا يستطيع أحد ان يدنو منه قدر رمح يعنى چون تبع بمكة رسيد واهل مكه او را طاعت نداشتند وخدمت نكردند تبع كفت وزير خود را كه اين چهـ شهر است و چهـ قوم اند كه در خدمت وطاعت ما تقصير كردند بعد از انكه جهانيان سر بر خط طاعت ما نهاده اند وزير كفت ايشانرا خانه هست كه آنرا كعبه كويند مكر بآن خانه معجب شده اند تبع در دل خويش نيت كرد كه آن خانه را خراب كند ومردان شهر را بكشد وزنان را أسير كند هنوز هنوز اين انديشه تمام نكرده بود كه رب العزه بدرد سر مبتلا كرد چنانكه او را طاقت نماند وآب كنديده از چشم وكوش وبينى وى كشاده كشت كه هيچ كس را بنزديك وى قرار نبود واطبا همه از معالجه وى عاجز گشتند كفتند اين بيمارى از چهار طبع بيرون افتاده كار اسما نيست وما معالجه آن راه نمى بريم پس دانشمندى فرا پيش آمد وكفت ايها الملك اگر سر خود با من بگويى من اين درد را

درمان سازم ملك كفت من در كار اين شهر واين خانه كعبه چنين انديشه كرده ام دانشمند كفت زينهار اى ملك اين انديشه مكن وازين نيت باز كرد كه اين خانه را خداوندى است قادر كه آنرا بحفظ خويش ميدارد وهر كه قصد اين خانه كند دمار از وى برآرد تبع از ان انديشه توبه كرد وتعظيم خانه واهل كعبه ايمان آورد ودر دين ابراهيم عليه السلام شد بس كعبه را جامه پوشانيد وقوم خود را فرمود تا آنرا بزرك دارند وبا اهل وى نيكويى كنند پس از مكه بزمين يثرب شد آنجا كه مدينه مصطفاست صلى الله عليه وسلم ودر ان وقت شهر وبنا نبود چشمه آب بود تبع لشكر بسر آن چشمه فرو آورد ودانشمندانكه با وى بودند قريب دو هزار مرد عالم در كتاب خوانده بودند كه آن زمين يثرب مهاجر رسول آخر الزمانست ومهبط وحي قرآن چهار صد مرد از ايشانكه عالمتر وفاضلتر بودند با يكديكر بيعت كردند كه از ان بقعه مفارقت نكند وبر اميد ديدار رسول آنجا مقام كنند اگر او را خود دريابند والا فرزندان ونسل ايشان ناچار او را دريابند وبركات ديدار او بأعقاب وأرواح ايشان برسد اين قصه با تبع كفتند وتبع را همين رغبت افتاده يكسال آنجا مقام كرد وبفرمود تا چهار صد قصر بنا كردند آن جايگه هر عالمى را قصرى وهر يكى را كنيزكى بخريد وآزاد كرد وبزنى بوى داد با جهاز تمام وايشانرا وصيت كرد كه شما اينجا باشيد تا پيغمبر آخر زمان را دريابيد وخود نامه نبشت ومهر زرين بر ان نهاد وعالمى را سپرد وكفت اگر محمد را دريابى اين نامه بدو رسان واگر نيابى بفرزندان وصيت كن تا بدو رسانند ومضمون آن نامه اين بود كه اى پيغمبر آخر الزمان اى كزيده خداوند جهان اى بروز شمار شفيع بندگان من كه تبعم بنو ايمان آوردم بآن خداوند كه تو بنده و پيغمبر اويى كواه باش كه بر ملت توأم وبر ملت پدر تو ابراهيم خليل عليه السلام اگر ترا بينم واگر نه بينم تا مرا فراموش نكنى وروز قيامت مرا شفيع باشى آنكه نامه را مهر بر نهاد وبران مهر نوشته بود لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وعنوان نامه نوشته الى محمد بن عبد الله خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم من تبع امانة الله فى يد من وقع الى ان يوصل الى صاحبه كفته اند مردمان مدينه ايشان كه أنصار رسول خدااند از نژاد آن چهار صد مرد عالم بودند وابو أيوب الأنصاري كه رسول خدا بخانه او فرود آمد از فرزندان آن عالم بود كه تبع را نصيحت كرده بود تا از ان علت شفا يافت وخانه ابو أيوب الأنصاري كه رسول خدا آنجا فرو آمد از جمله بناها بود كه تبع كرده بود چون رسول خدا هجرت كرد بمدينه نامه تبع بوى رسانيدند رسول خدا نامه بعلى داد تا بر خواند رسول سخنان تبع بشنيد واو را دعا كرد وآنكس كه نامه رسانيد نام او ابو ليلى بود او را بنواخت وإكرامي كرد وبروايتى تبع مردمى آتش پرست بود بر مذهب مجوس از نواحى مشرق درآمد با لشكر عظيم ومدينه مصطفى عليه السلام بگذشت و پسرى از ان خويش آنجا رها كرد اهل مدينه آن پسر را بفريب وحيله بكشتند تبع بازگشت بر عزم آنكه مدينه خراب كند واهل آنرا استئصال كند جماعتى كه أنصار رسول الله از نژاد ايشانند همه مجتمع شد وبفتال وى بيرون آمدند بروز

با وى جنك ميكردند وبشب او را مهمان دارى ميكردند تبع را سيرت ايشان عجب آمد كفت ان هؤلاء كرام إينان قومى اند كريمان وجوانمردان پس دو حبر از أحبار بنى قريظه نام ايشان كعبه واسد هر دو ابن عم يكديكر بودند برخواستند و پيش تبع شدند واو را نصيحت كردند كفتند اين مدينه هجرت كاه پيغمبر آخر زمانست وما در كتاب خداى نعت وى خوانده ايم وبر اميد ديدار وى اينجا نشسته ايم ودانيم كه ترا اهل اين شهر دستى نباشد ونصرتى نبود خويشتن را در معرض بلا وعقوبت مكن نصيحت تا بشنو ونيت خود بگردان پس آن وعظ بر تبع اثرى عظيم كرد واز ايشان عذر خواست ايشان چوأثر قبول در وى ديدند او را بر دين خويش دعوت كردند تبع قبول كرد وبدين ايشان بازگشت وايشانرا إكرام كرد واز مدينه بسوى يمن بازگشت وآن دو حبر ونفرى ديكر از يهود بنى قريظه با وى رفتند جمعى از بنى هذيل پيش تبع آمدند كفتند ايها الملك انا ادلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد اگر خواهى بردارى بر دست تو آسان بود كفت آن كدام خانه است كفتند خانه ايست در مكه ومقصود هذيل هلاك تبع بود كه از نقمت وى مى ترسيدند دانستند كه هر كه قصد خانه كعبه كند هلاك شود تبع با أحبار يهود مشورت كرد وآن سخن كه هذيل كفته بودند بايشان كفت اخبار كفتند زينهار كه انديشه بد نكنى در كار آن خانه كه در روى زمين خانه از ان عظيم تر نيست آنرا بيت الله كويند آن قوم ترا اين دلالت كردن جز هلاك تو نخواستند چون آنجا رسى تعظيم كن تا ترا سعادت ابد حاصل شود تبع چون اين سخن بشنيد آن جمع هذيل بگرفت وسياست كرد چون بكعبه رسيد طواف كرد وكعبه را در نبود آنرا در برنهاد وقفل برزد وآنرا جامه پوشيد وشش روز آنجا مقيم شد هر روز در منحر هزار شتر قربان كرد واز مكه سوى يمن شد قوم وى حمير بودند كاهنان وبت پرستان تبع ايشانرا بر دين خويش وبر حكم تورات دعوت كرد ايشان نپذيرفتند تا آنكه حكم خويش بر آتش بردند وآن آتشى بود كه فرا ديد آمدى در دامن كوه وهركرا خصمى بودى وحكمى كه در ان مختلف بودى هر دو خصم بنزديك آتش آمدندى آنكس كه بر حق بودى او را از آتش كزند نرسيدى واو كه نه بر حق بودى بسوختى جماعتى از حمير بتان خود را برداشتند وبدامن آن كوه آمدند وهمچنين اين دو حبر كه با تبع بودند دفتر تورات برداشته وبدامن آن كوه آمدند ودر راه آتش نشستند آتش از مخرج خود برآمد وآن قوم حمير را وآن بتان را همه نيست كرد وبسوخت وآن دو حبر كه تورات داشتند وميخواندند از آتش ايشانرا هيچ رنج وكزند نرسيد مكر از پستانى ايشان عرقى روان كشت وآتش از ايشان دركذشت وبمخرج خويش باز شد آنكه باقى حمير كه بودند همه بدين اخبار بازگشتند فمن هناك أصل اليهودية باليمن كذا فى كشف الاسرار وقيل حفر بئر بناحية حمير فى الإسلام فوجد فيه امر أتان صحيحتان وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب حبا وتليس او حبا وتماضرا وهذا قبر تماضر وقبر حبا بنتي تبع على اختلاف الروايات وهما تشهدان ان لا اله الا الله ولا تشركان به شيأ وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما

[سورة الدخان (44) : الآيات 38 إلى 39]

از همه در صفات وذات خدا ليس شىء كمثله ابدا ... كر خدا بودى از يكى افزون كى بماندى جهان بدين قانون ... داند آنكس ز عقل باشد بهر كه دوشه را چوجا شود در شهر ... سلك جمعيت از نظام افتد رخنه در كار خاص وعام افتد جل من لا اله الا هو حسبنا الله لا اله سواه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما اى ما بين الجنسين وقرىء ما بينهن نظرا الى مجموع السموات والأرض لاعِبِينَ من غير ان يكون فى خلقهما غرض صحيح وغاية حميدة يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا وفى التعريفات اللعب فعل الصبيان يعقبه التعب من غير فائده ما خَلَقْناهُما وما بينهما ملتبسا بشىء من الأشياء إِلَّا مللتبسا بِالْحَقِّ فهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال او ما خلقناهما بسبب من الأسباب الا بسبب الحق الذي هو الايمان والطاعة والبعث والجزاء فهو استثناء من أعم الأسباب وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ اى كفار مكة بسبب الغفلة وعدم الفكرة لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كذلك فينكرون البعث والجزاء والآية دليل على ثبوت الحشر فانه لو لم يحصل البعث والجزاء لكان هذا الخلق عبثا لانه تعالى خلقهم وما ينتظم به اسباب معايشهم ثم كلفهم بالايمان والطاعة ليتميز المطيع من العاصي بأن يكون الاول متعلق فضله وإحسانه والثاني متعلق عدله وعقابه وذلك لا يكون فى الدنيا لقصر زمانها وعدم الاعتداد بمنافعها لكونها مشوبة بانواع المضار والمحن فلا بد من البعث والجزاء لتوفى كل نفس ما عملت فالجزآء هو الذي سبقت اليه الحكمة فى خلق العالم من رأسها إذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوت عند الله احوال المؤمن والكافر وهو محال اعلم ان لتجليات الوجودية انما هى للتجليات الشهودية فكل من السموات والأرض الصورية وما بينهما من الموجودات مظاهر صفات الحق فهى كالاصداف والصفات كالدرر والمقصود بالذات انما هو الدرر لا الاصداف كما ان المقصود من المرآة انما هو الصورة المرئية فيها فكان كل موجود كاللباس على سر من الاسرار الالهية وكذا كل وضع من أوضاع الشريعة رمز الى حقيقة من الحقائق فلا بد من إقامته لتحصل حقيقته وهذا بالنسبة الى الآفاق واما بالنسبة الى الأنفس فالارواح كالسموات والأشباح كالارض والقلوب والاسرار والنفوس كما بينهما وكلها مظاهر حق لا سيما القلوب أصداف درر المعارف الالهية التي لم يخلق الانس والجن الا لتحصيلها ولكن مرآة قلب أكثرهم مكدرة بصدأ صفات البشرية وهم لا يعلمون انهم مرءاة لظهور صفات الحق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه يعنى بالمرء آتية عند صفائها فقد عرف ربه اى بتجلى صفاته فيها فقد عرفت انه ما فى الوجود الا الحق واما الباطل فاضافى لا يقدح فى ذلك الا ترى الى الشيطان فانه باطل من حيث وجوده الظلي ومن حيث دعوة الخلق الى الباطل والضلال لكنه حق فى نفسه لانه موجود وكل موجود فهو من التجليات الالهية (حكى) ان رجلا راى خنفساء فقال ماذا يريد الله من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها قابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك

[سورة الدخان (44) : الآيات 40 إلى 44]

الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فأحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد ان يعرفنى ان أخس المخلوقات أعز الادوية يكى از خواجكان نقشبنديه ميفرمود كه شبى در زمان جوانى بداعيه فسادى از خانه بيرون آمدم ودر ده ما عسسى بغايت شرير وبد نفس كه بشرارت نفس او كسى نمى دانستم وهمه اهل ده ازو مى ترسيدند در آن دل شب ديدم چاى در كمين استاده چون او را بديدم ازو بغايت ترسيدم وترك فساد كردم واز ان محل دانستم كه بد نيز درين كارخانه در كار بوده است چون بعض ظهورات حق آمد باطل پس منكر باطل نشود جز جاهل در كل وجود هر كه جز حق نبيند ... باشد ز حقيقة الحقائق غافل إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ اى يوم القيامة الذي يفصل فيه الحق عن الباطل ويميز المحق من المبطل ويقضى بين الخلائق بين الأب والابن والزوج والزوجة ونحو ذلك قال بعضهم يوم الفصل يوم يفصل فيه بين كل عامل وعمله ويطلب بإخلاص ذلك وبصحته فمن صح له مقامه واعماله قبل منه وجزى عليه ومن لم تصح له اعماله كانت اعماله عليه حسرة (وفى المثنوى) اى دريغا بود ما را پير وباد ... تا ابد يا حسرة شد للعباد بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست مِيقاتُهُمْ اى وقت موعد الخلائق أَجْمَعِينَ يعنى هنكام جمع شدن همه أولين وآخرين فيوم الفصل اسم ان وميقاتهم خبرها وأجمعين تأكيد للضمير المجرور فى ميقاتهم والميقات اسم للوقت المضروب للفعل فيوم القيامة وقت لما وعدوا به من الاجتماع للحساب والجزاء قال فى بحر العلوم ميقاتهم اى حدهم الذي يوقتون به ولا ينتهون اليه ومنه مواقيت الإحرام على الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكه الا محرما فان الميقات ما وقت به الشيء اى حد قال ابن الشيخ الفرق بين الوقت والميقات ان الميقات وقت يقدر لان يقع فيه عمل من الأعمال وان الوقت ما يقع فيه شىء سواء قدره مقدر لان يقع فيه ذلك الشيء أم لا يَوْمَ لا يُغْنِي بدل من يوم الفصل مَوْلًى ولى من قرابة وغيرها وبالفارسية دوستى وخويشاوندى عَنْ مَوْلًى اى مولى كان وبالفارسيه از دوست وخويش خود شَيْئاً اى شيأ من الإغناء والاجزاء على ان شيأ واقع موقع المصدر وتنكيره للتقليل ويجوز أن يكون منصوبا على المفعول به على ان يكون لا يغنى بمعنى لا يدفع بعضهم عن بعض شيأ من عذاب الله ولا يبعده فان الإغناء بمعنى الدفع وابعاد المكروه وبالفارسية چيزى را از عذاب ما يا سود نرسد كس كسى را هيچ چيز وتنكير مولى فى الموضعين للابهام فان المولى مشترك بين معان كثيرة يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر كما فى القاموس وكل من ولى امر واحد فهو وليه ومولاه فواحد من هؤلاء اى واحد كان لا يغنى عن مولاه اى مولى كان شيأ من الإغناء اى إغناء قليلا وإذا لم ينفع بعض الموالي بعضا ولم يغن عنه شيأ من العذاب بشفاعته كان عدم حصول ذلك ممن سواهم اولى وهذا فى حق الكفار يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه والإغناء بالفارسية بى نياز كردانيدن ووا داشتن

[سورة الدخان (44) : آية 42]

كسى را از كسى وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ الضمير لمولى الاول باعتبار المعنى لانه عام لوقوعه نكرة فى سياق النفي فكأنه جمع اى لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب ولا يملكون ان يشفع لهم غيرهم إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ بالعفو عنه وقبول الشفاعة فى حقه وهم المؤمنون ومحله الرفع على البدل من الواو كما هو لمختار او النصب على الاستثناء إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا ينصر من أراد تعذيبه كالكفار الرَّحِيمُ لمن أراد أن يرحمه كالمؤمنين قال سهل من رحم الله عليه فى السوابق فأدركته فى العاقبة بركة تلك الرحمة حيث جعل المؤمنين بعضهم فى بعض شفيعا وفى الآية اشارة الى ان يوم القيامة يفصل بين أرباب الصفاء واصحاب الصدأ ولا يغنى مولى عن مولى ولا ناصر عن ناصر ولا حميم عن حميم ولا نسيب عن نسيب ولا شيخ عن مريد شيأ من الصفاء إذ لم يحصلوا هاهنا فى دار العمل ولا ينصرون فى تحصيل الصفاء ودفع الصدأ الا من رحمم الله عليه بتوفيق تصفية القلب فى الدنيا كما قال تعالى الا من أتى الله بقلب سليم انه هو العزير يعز من يشاء بصفاء القلب الرحيم يرحم من يشاء بالتجلى لمرءاة قلبه (حكى) انه كان اخوان فمات أحدهما فرأه الآخر فى المنام وسأله عن حاله فقال يا أخى من كان فى الدنيا أعمى فهو فى الآخرة أعمى فكان هذا سبب توبته وانابته حتى كان من الصلحاء الكاملين واعلم ان المقصود من العلم والعمل تزكية النفس فاذا حصلت هذه التزكية كان ثواب العمل الصالح كاللباس الفاخر على البدن الحسن الناضر وإذا لم تحصل كان كالزينة على الجسم القبيح فمن حسن ذاته فى الدنيا بازالة قبح نفسه جاء فى القيامة حسنا بالحسن الذاتي والعارضى والا فبالحسن العارضى فقط وهو ثواب العمل فاعرف هذا فلا بد من الاجتهاد والوقت باق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريره را رضى الله عنه فرمود كه بر طريق آنها باش كه چون مردم بترسند ايشانرا هيچ ترسى نباشد و چون مردم از آتش أمان خواهند ايشان خود آمن باشند أبو هريره كفت يا رسول الله آنها كدام اند صفت وحليت ايشان با من بيان فرماى تا ايشانرا بشناسم فرمود كه قومى از امت من در آخر الزمان ايشانرا روز قيامت در محشر انبيا حشر كنند چون مردم بديشان نظر كنند ايشانرا پيغمبران پندارند از غايت علو مرتبت ومنزلت ايشان ناكاه من ايشانرا بشناسم وكويم امت من امت من وخلايق بدانند كه ايشان پيغمبران نيستند پس مانند برق وباد بگذرند و چشمهاى مردم از أنوار ايشان خيره شود ابو هريره كفت يا رسول الله مرا بعمل ايشان فرماى باشد كه بديشان ملحق شوم كفت صلى الله عليه وسلم اى أبا هريره اين قوم طريق دشوار اختيار كردند تا بدرجه انبيا رسيدند حق تعالى ايشانرا بطعام وشراب سير كردانيد وايشان كرسنكى وتشنكى اختيار كردند ولباس براى پوشيدن داد ايشان برهنكى كزيدند همه باميد رحمت ترك حلال كردند از خوف حساب با بدن خود در دنيا بودند ولكن بوى مشغول انكشتند ملائكه از اطاعت ايشان تعجب نمودند فطوبى لهم فطوبى لهم دوست ميدارم كه حق تعالى ميان من وايشان جمع كند از ان رسول الله عليه السلام كريه كرد در شوق ايشان وفرمود كه چون حق تعالى خواهد كه باهل زمين عقوبتى فرستد بديشان نظر كند عذاب را از اهل زمين باز كرداند

[سورة الدخان (44) : الآيات 43 إلى 44]

اى أبا هريره بر تو باد كه طريقه ايشانرا رعايت كنى هر كه طريقه ايشان را مخالفت كند در شدت حساب زحمت بيند روشن دلى كه لذت تجريد بافتست ... بيرون رود ز خويش چو پيدا شود كسى مى بايدش بخون جكر خورد غولها ... تا از غبار چشم مصفا شود كسى إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ بدرستى كه درخت زقوم يعنى ميوه آن قال فى القاموس هى شجرة بجهنم وطعام اهل النار وفى عين المعاني شجرة فى أسفل النار مرتفعة الى أعلاها وما من دركة الا وفيها غصن منها انتهى فتكون هى فى الأسفل نظير طوبى فى الأعلى وفى كشف الاسرار شجرة الزقوم على صورة شجر الدنيا لكنها من النار والزقوم ثمرها وهو ما أكل بكره شديد وقيل طعام ثقيل فهو زقوم وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن أطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيأ كريها يقول الفقير وعلى تقدير ان يكون الزقوم بلسان البرير وهم جيل بالغرب وامة اخرى بين الحبش والزنج بمعنى الزبد والتمر فلعله وارد على سبيل التهكم كالتبشير فى قوله فبشرهم بعذاب أليم لانه تعالى وصف شجرة الزقوم بأنها تخرج فى اصل الجحيم كما مر فى الصافات فكيف يكون زبدا وفى انسان العيون لا تسلط لجهنم على شجرة الزقوم فان من قدر على خلق من يعيش فى النار ويلتذ بها كالسمندل فهو اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الإحراق بها وقد قال ابن سلام رضى الله عنه انها تحيى باللهب كما تحيى شجرة الدنيا بالمطر وثمر تلك الشجرة مر له زفرة انتهى يقول الفقير لا حاجة الى هذا البيان فانه كما يشابه ثمر الجنه وشجرها ثمر الدنيا وشجرها وان وقع الاشتراك فى الاسم وكذا ثمر النار وشجرها فالشجرية لا تنافى النارية فكيف تحترق فما أصله النار فهو نارى والناري لا يحترق بالنار ولذا قيل فى إبليس انه يعذب بالزمهرير وان أمكن الاحتراق بحسب التركيب وقد رأيت فى جزيرة قبرس حجرا يقال له حجر القطن يدق ويطرق فينعم حتى يكون كالقطن فيتخذ منه المنديل فحجريته لا تنافى القطنية وقد مر فى يس ان الله أخرج من الشجر الأخضر نارا طَعامُ الْأَثِيمِ اى الكثير الإثم والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه يعنى انهم اجمعوا على ان المراد بقوله لا يغنى مولى عن مولى شيأ هم الكفار وبقوله الا من رحم الله المؤمنون وكذا دل عليه قوله فيما سيأتى ان هذا ما كنتم به تمترون وكان ابو الدرداء رضى الله عنه لا ينطلق لسانه فيقول طعام اليتيم فقال عليه السلام قل طعام الفاجر كما فى عين المعاني وقال فى الكواشي عن ابى الدرداء انه اقرأ إنسانا طعام الأثيم فقال طعام اليتيم مرارا فقال له قل طعام الفاجر يا هذا وفى هذا دليل لمن يجوز ابدال كلمة بكلمة إذا أدت معناها ولابى حنيفة فى تجويز القراءة بالفارسية إذا أدت المعنى بكماله قالوا وهذه اجازة كلا اجازة لان فى كلام العرب خصوصا فى القرآن المعجز بفصاحته وغرابة نظمه واساليبه من لطائف المعنى ما لا يستقل بأدائه لغة ما قال الزمخشري ابو حنيفة ما كان يحسن الفارسية فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر وعن ابى الجعد عن ابى يوسف عن ابى حنيفة مثل قول صاحبيه فى عدم جواز القراءة بالفارسية الى هنا كلام الكواشي وقال فى فتح الرحمن يجوز عند ابى حنيفة ان يقرأ بالفارسية إذا أدت المعاني بكما الها من غير ان يخرم منها شيئا وعنه لا تجوز القراءة بالفارسية

[سورة الدخان (44) : الآيات 45 إلى 51]

الا لعاجز عن العربية وهو قول صاحبيه وعليه الاعتماد وعند الثلاثة لا يجوز بغير العربية انتهى ويروى رجوعه الى قولهما فى الأصح كما فى الفقه والفتوى على قولهما كما فى عيون الحقائق وجاء من أحسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسيه فانه يورث الفاق كما فى انسان العيون يقول الفقير بطلان القراءة بالفارسية ظاهر على تقدير ان يكون كل من النظم والمعنى ركنا للقرءآن كما عليه الجمهور ولعل الامام لم يجعل النظم ركنا لازما فى الصلاة عند العجز فأقام العبارة الفارسية مقام النظم كما أن بعضهم لم يجعل الإقرار باللسان ركنا من الايمان بل شرطا لازما لاجراء احكام المسلمين عليه وان اعترض بان تحت كل حرف من القرآن ما لا تفى به العبارة من الإشارات فلا تقوم لغة مقامه فيرد بأن علماء اصول الحديث جوزوا اختصار الحديث للعالم لا للجاهل مع انه عليه السلام اوتى جوامع الكلم وفى كل كلمة من كلامه اسرار ورموز فاعرف هذا كَالْمُهْلِ خبر بعد خبرأ وخبر مبتدأ محذوف اى هو كالمهل عن النبي عليه السلام فى تفسير المهل كعكر الزيت وهو درديه فاذا قرب الى وجهه سقطت فروة وجهه فيه وشبه بالمهل فى كونه غليظا اسود وقال بعضهم المهل ما يمهل فى النار حتى يذوب كالحديد والرصاص والصفر ونحوها وشبه الطعام بالنحاس او الصفر المذاب فى الذوب ونهاية الحرارة لا فى الغليان وانما يغلى ما شبه به يَغْلِي فِي الْبُطُونِ اى حال كون ذلك الطعام يغلى فى بطون الكفار كَغَلْيِ الْحَمِيمِ غليانا كغليان الماء الحار الذي انتهى حره وغليانه لشدة حرارته وكراهية المعدة إياه قال بعضهم پاره پاره كند رودهاى ايشان وبگذارد امعا واحشا را وفى الحديث ايها الناس اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لامرت على اهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره والغلى والغليان التحرك والارتفاع وبالفارسية جوشيدن قال فى المفردات الغلى والغليان يقال فى القدر إذا طفحت اى امتلأت وارتفعت ومنه استعير ما فى الآية وبه شبه غليان الغضب والحرب وفى الآية اشارة الى ان الأثيم وهو الذي عبد صنم الهوى وغرس شجرة الحرص فأثمرت الشهوات النفسانية اللذيذة على مذاق النفس فى الدنيا يكون طعامه فى الآخرة الزقوم الذي مر وصفه نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مذدور را خُذُوهُ على ارادة القول والخطاب للزبانية اى يقال للزبانية يوم القيامة خذوا الأثيم فلا يأخذونه الا بالنواصي والاقدام فَاعْتِلُوهُ اى جروه بالعنف والقهر فان العتل الاخذ بمجامع الثوب ونحوه وجره بقهر وعنف قال فى تاج المصادر العتل كشيدن بعنف وفى القاموس عتله يعتله ويعتله فانعتل جره عنيفا فحمله وهو معتل كمنبر قوى على ذلك إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ اى وسطها ومعظمها الذي تستوى المسافة اليه من جميع جوانبه وبالفارسية وبميانه دوزخ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ صب الماء اراقته من أعلى والعذاب ليس بمصبوب لانه ليس من الأجسام المائعة فكان الأصل يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من فوق رؤوسهم العذاب وهو الحميم للمبالغة ثم أضيف العذاب الى الحميم للتخفيف وزيد من للدلالة على ان المصبوب بعض هذا النوع وبالفارسية آنگاه بريزيد بر زبر سر او از عذاب آب كرم تا تمام بيرون بدن

[سورة الدخان (44) : الآيات 49 إلى 51]

او بريختن آب معذب شود چنانچهـ درون آواز ز قوم معذبست يروى ان الكافر إذا دخل النار يطعم الزقوم ثم ان خازن النار يضربه على رأسه بمقمعة يسيل منها دماغه على جسده ثم يصب الحميم فوق رأسه فينفذ الى جوفه فيقطع الأمعاء والاحشاء ويمرق من قدميه وفى الآية اشارة الى عذاب الحسرة والحرمان وحرقة الهجران فى قعر النيران ذُقْ هذا العذاب المذل المهين إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ فى نظرك الْكَرِيمُ عند قومك اى وقولوا له ذلك استهزاء به وتقريعا له على ما كان يزعمه من انه عزيز كريم فمعناه الذليل المهان (روى) ان أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين جبلى مكة أعز وأكرم منى فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك ان تفعل بي شيأ فوردت الآية وعيدا له ولأمثاله عجبا كيف اقسم بالله تعظيما له ثم نفى الاستطاعة عنه مع ان الرسول عليه السلام كان لا يدعو ربا سواه فالكلام المذكور من حيرة الكفر وحكم الجهل وتعصب النفس كما قالوا أمطر علينا حجارة من السماء وفى لفظ الذوق اشارة الى انه كان معذبا فى الدنيا ولكن لما كان فى نوم الغفلة وكثافة الحجاب لم يكن ليذوق ألم العذاب فلما مات انتبه وذاق ألم ما ظلم به نفسه إِنَّ هذا العذاب ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ تشكون فى الدنيا او تمارون فيه اى تجادلون بالباطل وبالفارسية شك مى آورديد تا اكنون معاينه بديديد والجمع باعتبار المعنى لان المراد جنس الأثيم ثم هذا الامتراء انما كان بوساوس الشيطان وهواجس النفس فلا بد من دفعهما والاتصاف بصفة القلب وهو اليقين ولذا قال عليه السلام ويل للشاكين فى الله وهم الذين لم يؤمنوا به تعالى يقينا ومن ذلك انكار بعض أحكامه وأوامره وكذا الإصرار على المعاصي بحيث لا يبالى بها فلو ترك الصلاة متعمدا ولم ينو القضاء ولم يخف عقاب الله فانه يكفر لان الا من كفر (وفى المثنوى) بود كبرى در زمان با يزيد ... كفت او را يك مسلمان سعيد كه چهـ باشد كر تو اسلام آورى ... تا بيابى صد نجات وسرورى كفت اين ايمان اگر هست اى مريد ... آنكه دارد شيخ عالم بايزيد من ندارم طاقت آن تاب آن ... كان فزون آمد ز كوششهاى جان كرچهـ در ايمان ودين ناموقنم ... ليك در ايمان او بس مؤمنم مؤمن ايمان اويم در نهان ... كرچهـ مهرم هست محكم در دهان باز ايمان كر خود ايمان شماست ... نى بدان ميلستم ونى مشتهاست آنكه صد ميلش سوى ايمان بود ... چون شما را ديد زان فاتر شو زانكه نامى بيند ومعنيش نى ... چون بيابانرا مفازه كفتنى وفيه اشارة الى ان المريد إذا كان قوى الايمان والعلم والمعرفة كان عمله واجتهاده فى الظاهر بقدر ذلك وقس عليه حال الضعيف والشاك والمتردد نسأل الله سبحانه ان يسقينا من كأس قوة اليقين انه هو المفيض المعين إِنَّ الْمُتَّقِينَ اى عن الكفر والمعاصي وهم المؤمنون المطيعون فِي مَقامٍ فى موضع قيام والمراد المكان على الإطلاق فانه من الخاص الذي شاع استعماله فى معنى العموم يعنى انه عام ومستعمل فى جميع الامكنة حتى قيل لموضع القعود مقام وان لم يقم فيه أصلا أَمِينٍ يأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه على ان وصف المقام بالأمن من المجاز فى الاسناد كما فى قولهم جرى النهر فالامن ضد الخوف والامين بمعنى ذى الامن وأشار الزمخشري الى وجه آخر وهو ان الامين من

[سورة الدخان (44) : الآيات 52 إلى 59]

الامانة التي هى ضد الخيانة وهى فى الحقيقة صفة صاحب المكان لكن وصف به المكان بطريق الاستعارة التخييلية كأن المكان المخيف يحزن صاحبه وناز له بما يلقى فيه من المكاره او كناية لان الوصف إذا أثبت فى مكان الرجل فقد أثبت له لقولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه كما فى بحر العلوم وفى الآية اشارة الى ان من اتقى بالله عما سواه يكون مقامه مقام الوحدة آمنا من خوف الاثنينية والى ان من كان فى الدنيا على خوف العذاب ووجل الفراق كان فى الآخرة على أمن وأمان وقال بعضهم المقام الامين مجالسة الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء يقول الفقير اما مجالستهم يوم الحشر فظاهرة لان فيها الامن من الوقوع فى العذاب إذ هم شفعاء عند الله واما مجالستهم فى الدنيا فلان فيها الامن من الشقاوة إذ لا يشقى بهم جليسهم وفى الآية اشارة اخرى لائحة للبال وهى ان المقام الامين هو مقام القلب وهى جنة الوصلة ومن دخله كان آمنا من شر الوسواس الخناس لانه لا يدخل الكعبة التي هى اشارة الى مقام الذات كما لا يقدر على الوسوسة حال السجدة التي هى اشارة الى الفناء فى الذات الاحدية قال أهل السنة كل من اتقى الشرك صدق عليه انه متق فيدخل الفساق فى هذا الوعد يقول الفقير الظاهر ان المطلق مصروف على الكامل بقرينة ان المقام مقام الامتنان والكامل هو المؤمن المطيع كما أشرنا اليه فى عنوان الآية نعم يدخل العصاة فيه انتهاء وتبعية لا ابتداء وأصالة كما يدل عليه الوعيد الوارد فى حقهم والا لاستوى المطيع والعاصي وقد قال تعالى أم نجعل المتقين كالفجار عفا الله عنا وعنكم أجمعين (قال الشيخ السعدي) كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا مى دهى چوب وسنك مع آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند ي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ بدل من مقام جيىء به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب والمراد بالعيون الأنهار الجارية والتنكير فيهما للتعظيم يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ خبر ثان وإستبرق بقطع الهمزة وقرأ الخليل بوصلها قال فى كشف الاسرار السندس مارق من الحرير يجرى مجرى الشعار لهم وهو اللين من الدثار فى المعتاد والإستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه يجرى مجرى الدثار وهو ارفع نوع من انواع الحرير والحرير نوعان نوع كلما كان ارق كان انفس ونوع كلما كان أرزن بكثرة الإبريسم كان أنفس يقول الفقير يحتمل عندى ان يكون السندس لباس المقربين والإستبرق لباس الأبرار يدل عليه ان شراب المقربين هو التسنيم الخالص وشراب الأبرار هو الرحيق الممزوج به وذلك ان المقربين اهل الذات والأبرار أهل الصفات فكما أن الذات ارق من الصفات فكذا لباس اهل الذات وشرابهم أرق وأصفى من لباس اهل الصفات وشرابهم ثم ان الإستبرق من كلام العجم عرب بالقاف قال فى القاموس الإستبرق الديباج الغليظ معرب استروه وتصغيره أبيرق وستبر بالتاء والطاء بمعنى الغليظ بالفارسية قال الجواليقي فى المعربات نقل الإستبرق من العجمية الى العربية فلو حقر او كسر لكان فى التحقير أبيرق وبالتكسير أباريق بحذف السين والتاء جميعا انتهى والتعريب جعل العجمي بحيث يوافق اللفظ العربي بتغييره عن منهاجه واجرائه على أوجه الاعراب وجاز وقوع اللفظ العجمي فى القرآن العربي لانه إذا عرب خرج من ان يكون عجميا إذا

[سورة الدخان (44) : آية 54]

كان متصرفا تصرف اللفظ العربي من غير فرق فمن قال القرآن أعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى قرءانا عربيا وإذا قال فيه كلمة أعجمية ففى أمره نظر لانه ان أراد وقوع الأعجمي فيه بتعريب فصحيح وان بلا تعريب فغلط مُتَقابِلِينَ اى حال كونهم متقابلين فى لمجالس ليستأنس بعضهم ببعض ومعنى متقابلين متواجهين لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدور ان الاسرة بهم فهم أتم للانس ودر تفسير سورآباديّ آورده كه اين مقابله روز مهمانى باشد در دار الجلال كه حق تعالى همه مؤمنانرا بر سر يك خوان بنشاند وهمه رويهاى يكديكر بينند وقال بعضهم متقابلين بالمحبة غير متدابرين بالبغض والحسد لان الله ينزع من صدورهم الغل وقت دخولهم الجنة وهذا التقابل من أوصاف اهل الله فى الدارين فطوبى لهم حيث انهم فى الجنة وهم فى الدنيا كَذلِكَ اى الأمر كذلك او أثبناهم اثابة مثل ذلك وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ اى قرناهم بهن وبالفارسية وقرين مى سازيم متقيانرا بزنان سفيد روى كشاده چشم فيتمتعون تارة بمؤانسة الاخوان ومقابلتهم وتارة بملاعبة النسوان من الحور العين ومزاوجتهن فليس المعنى حصول عقد التزويج بينهم وبين الحور فان التزويج بمعنى العقد لا يتعدى بالباء كما جاء فى التنزيل فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وإذا لم يكن المراد عقد التزويج يقال زوجناك بها بمعنى كنت فردا فقرناك بها اى جعلناك شفعا بها والله تعالى جعلهم اثنين ذكرا وأنثى وقال فى المفردات لم يجىء فى القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته بامرأة نبيها على ان ذلك لم يكن على حسب التعارف فيما بيننا من المناكح قال سعدى المفتى ثم لا يكون العقد فى الجنة لان فائدته الحل والجنة ليست بدار كلفة من تحريم او تحليل انتهى يقول الفقير يرد عليه ان الله تعالى جعل مهر حواء فى الجنة عشر صلوات على نبينا عليه السلام وهو لا يتعين بدون العقد الا ان يقال ذلك العقد ان صح ليس كالعقد المعهود وانما المقصود منه تعظيم نبينا عليه السلام وتعريفه لا التحليل وجعل عنوان الأمر ما هو فى صورة المهر ليسرى فى أنكحة أولادهما والظاهر أن المعاملة فيما بين آدم وحواء عليهما السلام فى الجنة كانت من قبيل المؤانسة ولم يكن بينهما مجامعة كما فى الدنيا وان ذهب البعض الى القربان فى الجنة مستدلا بقول قابيل انا من أولاد الجنة وذلك مطعون قال الشيخ الشهير بافتاده البرسوى الشريعة لا ترتفع ابدا حتى ان بعض الاحكام يجرى فى الآخرة ايضا مع انها ليست دار التكليف الا ترى أن كل واحد من اهل الجنة لا يتصرف الا فيما عين له من قبل لله ولذلك قال الله تعالى حور مقصورات فى الخيام ولاهل الجنة بيوت الضيافة يعملون فيها للضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن أهليهم لا يظهرون لغير المحارم كما فى واقعات الهدائى قدس سره ثم الحور جمع الحوراء وهى البيضاء والعين جمع العيناء وهى العظيمة العينين فالحور هى النساء النقيات البياض يحارفيهن الطرف لبياضهن وصفاء لونهن واسعة الأعين حسانها او الشديدات بياض الأعين الشديدات سوادها قال فى القاموس الحور بالتحريك ان يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقها وترق جفونها ويبيض ما حواليها او شدة بياضها وسوادها فى شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون فى بنى آدم بل يستعار لهم انتهى وفى المفردات قليل ظهور

[سورة الدخان (44) : الآيات 55 إلى 56]

قليل من البياض فى العين من بين السواد وذلك نهاية الحسن من البين واختلف فى انهن نساء الدنيا او غيرهن فقال الحسن انهن من نساء الدنيا ينشئهن الله خلقا آخر وقال ابو هريرة رضى الله عنه انهن لسن من نساء الدنيا يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ اى يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شىء منها بمكان ولا زمان وذلك لا يجتمع فى الدنيا يعنى ان فواكه الدنيا لا توجد فى كل مكان ولها ازمنة مخصوصة لا تستقدمها ولا تستأخرها آمِنِينَ اى حال كونهم آمنين من كل ما يسوؤهم أيا كان خصوصا الزوال والانقطاع وتولد الضرر من الإكثار وحجاب القلب كما يكون فى الدنيا فيكونون فى الصورة مشغولين بالحور العين وبما يشتهون من النعيم وبالقلوب متوجهين الى الحضرة مشاهدين لها لا يَذُوقُونَ فِيهَا اى فى الجنات الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى الموت والموتة مصدر ان من فعل واحد كالنفخ والنفخة الا ان الموتة أخص من الموت لان الموتة للوحدة والموت للجنس فيكون بعضا من جنس الموت وهو فرد واحد ونفى الوحدة أبلغ من نفى الجنس فكانت أقوى وانفى فى نفى الموت عن أنفسهم كأنه قال لا يذوقون فيها شيأ من الموت يعنى اقل ما ينطلق عليه اسم الموت كما بحر العلوم والاستثناء منقطع اى لا يذوقون الموت فى الجنة لكن الموتة الاولى قد ذاقوها قبل دخول الجنة يعنى مرك أول كه در دنيا چشيدند مؤمنانرا مرك آنست ثم إذا بعثوا ودخلوا الجنة يستمرون على الحياة چون معهود نزديك مردمان آنست كه هر زندكى را مرك در پى است حق تعالى خبرا داد كه حيات بهشت را مرك نيست بلكه حيات او جاودانست فعيشتهم المرضية مقارنة للحياة الابدية بخلاف اهل النار فانه لا عيشة لهم وكذا لا يموتون فيها ولا يحيون ويقال ليس فى الجنة عشرة أشياء ليس فيها هرم ولا نوم ولا موت ولا خوف ولا ليل ولا نهار ولا ظلمة ولا حر ولا برد ولا خروج ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا على ان المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق كأنه قيل لا يذوقون فيها الموتة الا إذا أمكن ذوق الموتة الاولى فى المستقبل وذوق الماضي غير ممكن فى المستقبل لا سيما فى الجنة التي هى دار الحياة فهذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف والمقصود انهم لا يذوقون فيها الموت البتة وكذا لا ينكحون منكوحات آبائهم قطعا وقيل الا بمعنى بعد او بمعنى سوى فان قلت هذا دليل على نفى الحياة والموت فى القبر قلت أراد به جنس الموت المتعارف المعهود فيما بين الخلق فان الموت المعهود لا يعرى عن الغصص والموت بعد الاحياء فى القبر يكون أخف من الموت المعهود كما فى الاسئلة المقحمة يقول الفقير دلت الآية على ان الموت وجودى لانه تعلق به الذوق وهو الاحساس به احساس الذائق المطعوم والأكثرون على انه عدمى اى معدوم فى الخارج غير قائم بالميت لان المعدوم لا يحتاج الى المحل وسيجيئ تحقيقه فى محله ان شاء الله تعالى وفى الآية اشارة الى انهم لا يذوقون فيها موت النفس بسيف المجاهدة وقمع الهوى وترك الشهوات الا الموتة الاولى فى الدنيا بقتل النفس بسيف الصدق فى الجهاد الأكبر وكما ان السيف لا يجرى على المعدوم فكذا على النفس الفانية إذ لا يموت الإنسان مرتين وايضا ان الموتة الاولى هى العدم قبل الوجود فبعد الوجود لا بذوق أحد الموت والعدم المحض

[سورة الدخان (44) : الآيات 57 إلى 58]

لان الله تعالى قد وهب له الوجود فلا يرجع عن هبته فانه غنى وما ورد من ان الحيوانات العجم تصير ترابا يوم القيمة حتى يتمنى الكافر ان يكون مثلها فذلك ليس باعدام محض بل الحاق بتراب ارض الآخرة ويجوز أن يقال ان وجودات الأشياء الخسيسة لا اعتبار لها والله سبحانه وتعالى أعلم وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ الوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره اى حفظهم من النار وصرفها عنهم وبالفارسية ونكاه ميدارد حق تعالى بهشتيانرا واز ايشان دفع ميكند عذاب دوزخ وفيه اشارة الى عذاب البعد وجحيم الهجران فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ منصوب بمقدر على المصدرية او الحالية اى اعطى المتقون ما ذكر من نعيم الجنة والنجاة من عذاب الجحيم عطاء وتفضلا منه تعالى لاجزاء للاعمال المعلولة واحتج اهل السنة بهذه الآية على ان كل ما وصل اليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة ونعيمها فانما يحصل بفضل الله وإحسانه وانه لا يجب عليه شىء من ذلك ففى اثبات الفضل نفى الاستحقاق فجميع الكرامات فضل منه على المتقين حيث اختارهم بها فى الاول وأخرجها من علل الاكتساب فان الاكتساب ايضا فضل إذ لو لم يخلق القدرة على كسب الكمالات وتحصيل الكرامات لما وجد العبد اليه سبيلا وفى الحديث لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا الا برحمة لله اى ولا انا أدخل الجنة بعمل الا برحمة الله وليس المراد به توهين امر العمل بل نفى الاغترار به وبيان انه انما يتم بفضل الله قال ابن الملك فى الحديث دلالة على مذهب اهل السنة وحجة على المعتزلة حيث اعتقدوا ان دخولها انما يحصل بالعمل واما قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ونظائره فلا ينا فى الحديث لان الآية تدل على سببية العمل والمنفي فى الحديث عليته وإيجابه انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم الدخول برحمة لله وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالأعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى لسعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة لما عذبهم الله شرعا نسئل الله لنا وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الأعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى ذلِكَ آن صرف عذاب وحيات أبدى در بهشت هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه إذ هو خالص من جميع المكاره ونيل لكل المطالب والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات يقول الفقير لما كان الموت وسيلة لهذ الفوز وبابا له ورد الموت تحفة المؤمن والموت وان كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما أحد الا والموت خير له اما المؤمن فانما كان الموت خيرا له لانه يتخلص به من السجن ويصل لى النعيم لمقيم فى روضات الجنات واما العاصي فلان الامهال فى الدنيا سبب لازدياد المعاصي والإثم كما قال تعالى انما نملى لهم ليزدادوا اثما وهو سبب لازياد العذاب (قال الشيخ سعدى) نكو كفت لقمان كه نازيستن ... به از سالها بر خطا زيستن هم از بامدادان در كلبه بست ... به از سود وسرمايه دادن ز دست فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ فذلكة للسورة الكريمة ونتيجة لها وللسان آلة لتكلم فى الأصل واستعير هنا لمعنى اللغة كما فى قوله عليه السلام لسان أهل الجنة

[سورة الدخان (44) : آية 59]

العربية والمعنى انما سهلنا الكتاب المبين حيث أنزلناه بلغتك لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ كى يفهمه قومك ويتذكروا ويعملوا بموجبه وإذا لم يفعلوا ذلك فَارْتَقِبْ فانتظر لما يحل بهم من المقادير فان فى رؤيتها عبرة للعارفين وموعظة للمتقين إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ منتظرون لما يحل بك من الدوائر ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق املك وتخيب آمالهم يعنى از ان تو نصرت الهى خواهد بود واز ان ايشان عذاب نامتناهى دوستان را هر دم فتحى تازه وخصمان را هر زمان رنجى آبى اندازه تابعان را وعده حسن المآب منكرانرا هيبت ذوقوا العذاب وفى عين المعاني او فارتقب الثواب فانهم كالمرتقبين العقاب لان المسيء ينتظر عاقبة الاساءة وعلى كلا التقديرين فمفعول الارتقاب محذوف فى الموضعين وفى الآية فوائد منها انه تعالى بين تيسير القرآن والتيسير ضد التعسير وقد قال فى آية اخرى انا سنلقى عليك قولا ثقيلا فبينهما تعارض والجواب هو ميسر باللسان وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين ولا شك ان التلاوة باللسان أخف من العمل ولهذا جاء فى بعض اللطائف انه مرض ابن لبعض العلماء فقيل له اذبح قربانا لعل الله يشفى ولدك فقال بل اقرأ قرءانا فقال بعض العرفاء انما اختار القرآن لانه فى لسانه وأغرض عن القربان لكونه فى جنانه لان حب المال مركوز فى القلب ففى إخراجه منه صعوبة ومنها انه تعالى قال بلسانك فأشار الى انه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعا لعدم تحملهم قال جعفر الصادق رضى الله عنه لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرآن وأنى لهم ذلك وهو كلام من لم يزل ولا يزال وقال ابن عطاء يسر ذكره على لسان من شاء من عباده فلا يفتر عن ذكره بحال واغلق باب الذكر على من شاء من عباده فلا يستطيع بحال ان يذكره ومنها ان بعض المعتزلة استدل بقوله لعلهم يتذكرون على انه أراد من الكل الايمان ولم يرد من أحد الكفر وأجيب بأن الضمير فى لعلهم الى أقوام مخصوصين وهم المؤمنون فى علم الله تعالى يقول الفقير فى هذا الجواب نظر لان ما بعد الآية يخالفه فانهم لو كانوا مؤمنين فى علم الله لآمنوا ولما امر عليه السلام بانتظار الهلاك فى حقهم فالوجه ان يكون لعلهم يتذكرون علة بمعنى طلب ان يفهمه قومك فيتذكروا به او لكى يتذكروا ويتعظوا به فيفوا بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وتفسيره بالارادة كما فعله اهل الاعتزال خطأ لان الارادة تستلزم المراد لا محالة ومنها ان انتظار الفرج عبادة على ما جاء فى الحديث لانه من الايمان وجاء فى فضيلة السورة الكريمة آثار صحيحة قال عليه السلام من قرأ حم الدخان ليله الجمعة أصبح مغفورا له اى دخل فى الصباح حال كونه مغفورا له فاصبح فعل تام بمعنى دخل فى الصباح لانه لو جعل ناقصا يكون المعنى حصل غفرانه وقت الصباح وليس المراد ذلك نعم لا يظهر المنع عن جعله بمعنى صار وعنه عليه السلام من قرأ الدخان فى ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك وهذا الحديثان رواهما ابو هريرة رضى الله عنه والاول أخرجه الترمذي وقال ابو امامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة او يوم الجمعة بنى الله له بيتا فى الجنة كما فى كشف الاسرار وبحر العلوم واسناد البناء الى الله مجاز اى يأمر الملائكة بان يبنوا له فى الجنة بثواب القراءة بيتا عظيما

سورة الجاثية

عاليا من در وياقوت مما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يقول الفقير لما كان اصل البيت مأوى الإنسان بالليل وكان احياء الليل الذي فيه ترك البيتوتة غالبا بمثل التلاوة جعل بناء البيت جزاء للقراءة الواقعة فى الليلة المبنية على ترك البيتوتة ليكون الجزاء من جنس العمل وحمل النهار عليه فافهم جدا والله الموفق لمرضاته وتلاوة آياته وللعمل بحقائق بيناته وهو المعين لاهل عناياته تمت سورة الدخان بعون الملك المنان فى خامس شعبان من الشهور المنتظمة فى سلك سنة ثلث عشرة ومائة وألف سورة الجاثية سبع اوست وثلاثون آية مكية والاختلاف فى حم سورة الجاثية بسم الله الرحمن الرحيم حم اى هذه السورة مسماة بحم وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء الى حياته وبالميم الى مودته كائن قال بحياتي ومودتى لاوليائى لا شىء الى أحب من لقاء أحبابي ولا أعز ولا أحب على أحبابي من لقائى وفى عرائس البقلى الحاء يدل على ان فى بحر خياته حارت الأرواح والميم تدل على ان فى ميادين محبته هامت الاسرار يقول الفقير الحاء اشارة الى الحب الأزلي المتقدم ولذا قدمه والميم اشارة الى المعرفة الابدية المتأخرة ولذا أخره كما دل عليه قوله تعالى لداود عليه السلام كنت كنزا مخفيا فاحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف فان المحبة فى هذا الحديث القدسي متقدمة على المعرفة وذلك نزولا وبالعكس عروجا كما لا يخفى على اهل الذوق تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن المشتمل على السور مطلقا خصوصا هذه السورة الجليلة وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ فدل على انه اى القرآن حق وصدق الْعَزِيزِ فدل على انه معجز غالب غير مغلوب الْحَكِيمِ فدل على انه مشتمل على حكم بالغة وعلى انه يحكم فى نفسه بنسخ ولا ينسخ فليس كما يزعم المبطلون من انه شعر أو كهانة او تقول من عنده ممكن معارضته وانه كاساطير الأولين مثل حديث رستم وإسفنديار وغيرهما فيجب ان يعرف قدره وان يكون الإنسان مملوأ به صدره ابو بكر شبلى قدس سره ببازار بغداد بركذشت پاره كاغذ ديد كه نام دوست بروى رقم بود ودر زير أقدام خلق افتاده شبلى چون آنرا ديد اضطرابى بر دل واعضاى وى افتاد آن رقعه برداشت وبپوشيد وآنرا معطر ومعنبر كرد وبا خود داشت كاه بر سينه نهادى ظلمت غفلت بزدودى وكاه بر ديده نهادى نور چشم بيفزودى تا آن روز كه بقصد بيت الله الحرام از بغداد بيرون آمد روى بباديه نهاد آن رقعه در دست كرفته وآنرا بدرقه روزكار خود ساخته در باديه جوانى را ديد فريد وغريب بى زاد وراحله از خاك بستر كرده واز سنك بالين ساخته سرشك از چشم او روان شده وديده در هوا نهاده شبلى بر بالين وى نشست وآن كاغذ پيش ديده او داشت كفت اى جوان برين عهد هستى جوان روى بگردانيد شبلى كفت انا لله مكر اندرين سكرات وغمرات حال اين جوانرا تبديل خواهد شد جوان باز نكريست وكفت اى شبلى دائما در غلطى آنچهـ تو در كاغذ مى بينى وميخوانى ما در صحيفه دل مى بينيم

[سورة الجاثية (45) : الآيات 3 إلى 4]

ومى خوانيم يقول الفقير سر عشق يار من مخفى بود در جان من ... كس نداند سر جانم را بجز جانان من إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى فى خلقهما وخلق ما فيهما من آثار القدرة كالكواكب والجبال والبحار ونحوها لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ لشواهد الربوبية لاهل التصديق وادلة الإلهية لاهل التوفيق خص المؤمنين بالذكر لانتفاعهم بتلك الآيات والدلالات فانهم يستدلون بالمخلوق على الخالق وبالمصنوع على الصانع فيوحدونه وهو أول الباب ولذا قدم الايمان على الإيقان ولعل الوجه فى طى ذكر المضاف هنا وهو الخلق وإثباته فى الآية الآتية ان خلق السموات والأرض ليس بمشهود للخلق وان كانتا مخلوقتين كما قال تعالى ما أشهدتهم خلق السموات والأرض بخلاف خلق الإنسان وما يلحق به من خلق سائر الدواب فانه كما أنه يستدل بخلقه على خالقه فكذا يشاهد خلقه وتوالده فتكون المخلوقية فيه أظهر من الاول هكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال وهنا كلام آخر سيأتى وَفِي خَلْقِكُمْ اى من نطفة ثم من علقة منقلبة فى أطوار مختلفة الى تمام الخلق وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ عطف على المضاف دون المضاف اليه والا يكون عطفا على بعض الكلمة إذ المضاف والمضاف اليه كشىء واحد كالجار والمجرور قال سعدى المفتى رحمه الله العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار منعه سيبويه وجمهور البصريين وأجازه الكوفيون ويونس والأخفش قال ابو حيان واختاره الشلوبين وهو الصحيح وفصل بعض النحويين فأجاز العطف على المجرور بالاضافة دون الحرف انتهى والمعنى وفى خلق ما ينشره الله تعالى ويفرقه من دابة وهى كل ما يدب على وجه الأرض من الحيوان مع اختلاف صورها وأشكالها وكثرة أنواعها وأضمر ذكر الله لقرب العهد منه بخلافه فى وما انزل الله كما سيأتى آياتٌ بالرفع على انه مبتدأ خبره الظرف المقدم والجملة معطوفة على ما قبلها من الجملة المصدرة بان لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اى من شأنهم ان يوقنوا بالأشياء على ما هى عليه واليقين علم فوق المعرفة والدراية ونحوهما وبينه وبين الايمان فروق كثيرة وحقيقة الايمان هو اليقين حين باشر الاسرار بظهور الأنوار الا ترى كيف سأل عليه السلام بقوله اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفره يقول الفقير لم يقل للموقنين كمال قال للمؤمنين اشارة الى قلة هذا الفريق بالنسبة الى الاول وخص الإيقان بخلق الأنفس لان ما قبله من الايمان بالآفاق وهو ما خرج عنك وهذا من الايمان بالأنفس وهو ما دخل فيك وهذا أخص درجات الايمان فانه إذا أكمل الايمان فى مرتبة الآفاق يترقى العبد الى المشاهدة فى مرتبة الأنفس فكمال اليقين انما هو فى هذه المرتبة لا فى تلك المرتبة لان العلم بما دخل فيك أقوى منه بما خرج عنك إذ لا يكذبه شىء ولذا جاء العلم الضروري أشد من العلم الاستدلالي وضم خلق الدواب الى خلق الإنسان لاشتراك الكل فى معنى الجنس فافهم جدا واقنع وفى التأويلات النجمية ان العبد إذا أمعن نظره فى حسن استعداده ظاهرا وباطنا وانه خلق فى احسن تقويم ورأى استواء قده وقامته وحسن صورته وسيرته واستكمال عقله وتمام تمييزه وما هو مخصوص به فى جوارحه وجوانحه ثم نفكر فيما عداه من الدواب واجزائها واعضائها وأوصافها وطباعها وقف على اختصاص وامتياز بنى آدم بين البرية من الجن فى الفهم والعقل والتمييز ثم

[سورة الجاثية (45) : آية 5]

فى الايمان ومن الملائكة فى حمل الامانة وتعلم علم الأسماء ووجوه خصائص اهل الصفوة من المكاشفات والمشاهدات والمعاينات وانواع التجليات وما صار به الإنسان خليفة ومسجود الملائكة المقربين وعرف تخصيصهم بمناقبهم وانفرادهم بفضائلهم فاستيقن ان الله كرمهم وعلى كثير من المخلوقات فضلهم وانهم محمولوا العناية فى بر الملك وبحر الملكوت (قال الصائب) اى رازنه فلك ز وجودت عيان همه ... در دامن تو حاصل دريا وكان همه اسرار چار دفتر ومضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه قدوسيان بحكم خداوند امر ونهى ... پيش تو سر كذاشته بر آستان همه روحانيان براى تماشاى جلوه ات ... چون كودكان برآمده بر آسمان همه وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى وفى اختلافهما بتعاقبهما او بتفاوتهما طولا وقصرا او بسواد الليل وبياض النهار وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ عطف على اختلاف مِنْ رِزْقٍ اى مطر وهو سبب الرزق عبر عنه بذلك تنبيها على كونه آية من جهتى القدرة والرحمة فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بأن أخرج منها اصناف الزروع والثمرات والنباتات بَعْدَ مَوْتِها يبنها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها وخلو أشجارها عن الثمار ففيه تشبيه للرطوبة الارضية بالروح الحيواني فى كونها مبدأ التوليد والتنمية وتشبيه زوالها بزوال الروح وموت الجسد وفيه اشارة الى أرض القلوب فانها عند استيلاء أوصاف البشرية عليها فى أوان الولادة الى حد البلوغ محرومة من غذاء تعيش به وهو او امر الشريعة ونواهيها المودعة فيها نور الايمان الذي هو حياة القلوب فعند البلوغ ينزل غيث الرحمة رزقا لها فيحصل لها الحياة المعنوية وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ تحويلها من جهة الى اخرى وتبديلها من حال الى حال إذ منها مشرقية ومغربية وجنوبية وشمالية وحارة وباردة ونافعة وضارة وتأخيره عن إنزال المطر مع تقدمه عليه فى الوجود اما للايذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعى الترتيب الوجودي لربماتوهم ان مجموع تصريف الرياح وإنزال المطر آية واحدة واما لان كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لانشاء المطر بل له ولسائر المنافع التي من جملتها سوق السفن فى البحار آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بالرفع على انه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور والجملة معطوفة على ما قبلها وتنكير آيات فى المواضع الثلاثة للتفخيم كما وكيفا والعقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه فان العقل عقلان فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع إذا لم يك مسموع كما لا ينفع الشمس وضوء العين ممنوع والى الاول أشار النبي عليه السلام بقوله ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل والى الثاني أشار بقوله ما كسب أحد شيأ أفضل من عقل يهديه الى هدى او يرده عن ردى وهذا العقل هو المعنى بقوله تعالى وما يعقلها الا العالمون وكل موضع ذم الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثاني دون الاول وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول كما فى المفردات والمعنى لقوم ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لانها دلائل واضحة على وجود صانعها وعظيم قدرته وبالغ حكمته وخص العقلاء بالذكر لانه بالعقل يمكن الوقوف على الدلائل يقول الفقير لعل سر تخصيص العقل بهذا المقام وتأخيره عن الايمان والإيقان

[سورة الجاثية (45) : الآيات 6 إلى 9]

ان هذه الآية دائرة بين علوى وسفلى وما بينهما وللعقل مدخل تعقل كل ذلك واشتراك بين الايمان والإيقان فافهم جدا وفيه اشارة الى ان الله تعالى جعل العلوم الدينية كسبية مصححة بالدلائلى وموهبية محققة بالشواهد فمن لم يستبصر بهما زلت قدمه عن الصراط المستقيم ووقع فى عذاب الجحيم فاليوم فى الحيرة والتقليد وفى الآخرة فى الوعيد بالتخليد جعلنا الله وإياكم من أهل الدلائل والشواهد وعصمنا من عمى كل منكر جاحد انه هو الفرد الواحد تِلْكَ الآيات القرءانية من أول السورة وهو مبتدأ خبره قوله آياتُ اللَّهِ المنبهة على الآيات التكوينية نَتْلُوها عَلَيْكَ بواسطة جبرائيل حال كوننا بِالْحَقِّ اى محقين او حال كون الآيات ملتبسة بالحق والصدق بعيدة من الباطل والكذب وقال فى بحر العلوم نتلوها عليك حال عاملها معنى الاشارة كأنه قيل نشير إليها متلوة عليك تلاوة متلبسة بالحق مقترنة به بعيدة من الباطل واللعب والهزل كما قال وما هو بالهزل انتهى ويجوز ان تكون تلك اشارة الى الدلائل المذكورة اى تلك دلائله الواضحة على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته نتلوها عليك اى بتلاوة النظم الدال عليها فَبِأَيِّ حَدِيثٍ من الأحاديث وخبر من الاخبار بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ اى بعد آيات الله وتقديم الاسم الجليل لتعظيمه كما فى قولهم أعجبني زيد وكرمه يريدون أعجبني كرم زيد ونظيره قوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه فان اسم الله هنا ايضا مذكور بطريق التعظيم كما سبق فقول ابى حيان فيه اقحام الأسماء من غير ضرورة غير مفيد او بعد حديث الله الذي هو القرآن حسبما نطق به قول تعالى الله نزل احسن الحديث وهو المراد بآياته ايضا ومناط العطف التغاير العنواني يُؤْمِنُونَ يعنى ان القرآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة فحيث لم يؤمنوا به فبأى كتاب بعده يؤمنون اى لا يؤمنون بكتاب سواه وقيل معناه القرآن آخر كتب الله ومحمد آخر رسله فان لم يؤمنوا به فبأى كتاب يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبى وفى الآية اشارة الى ان الايمان لا يمكن حصوله فى القلب الا بالله وكتابته فى القلوب وبإراءته المؤمنين آياته والا فلا يحصل بالدلائل المنطقية ولا بالبراهين العقلية قال الامام الرازي لحضرة الشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها وروى ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام قال من أعجب الخلق ايمانا قالوا الملائكة قال عليه السلام وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر قالوا فالنبيون قال عليه السلام وكيف لا يؤمن النبيون والروح ينزل عليهم بالأمر من السماء قالوا فأصحابك قال عليه السلام وكيف لا يؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون ولكن اعجب الناس ايمانا قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي ولم يرونى ويصدقوننى ولم يرونى فاولئك إخواني وفى الحديث اشارة الى ان الايمان المبنى على الشواهد القلبية أعلى من الايمان المبنى على الدلائل الخارجية وفى الكل فضل بحسب مقامه فأهل الايمان والتوحيد مطلقا مغفور لهم وعن ابى ذر رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال يا أبا ذر جدد إيمانك بكرة وعشيا فان سريعا يندرس الإسلام حتى لا يدرى أحد ما الصلاة وما الصيام وان واحدا منهم يقول ان من كان قبلنا يقولون لا اله الا الله ويدخلون هذه البيوت اى المساجد قيل

[سورة الجاثية (45) : الآيات 7 إلى 9]

يا رسول الله إذا لم يصلوا ولم يصوموا فما يغنى عنهم قولهم لا اله الا الله قال عليه السلام بهذه الكلمة ينجون من نار جهنم وعن حذيقة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مات رجل من بنى إسرائيل من قوم موسى عليه السلام فاذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى ادخلوا عبدى الجنة فقد غفرت له وَيْلٌ كلمة عذاب بالفارسية سختىء عذاب لِكُلِّ أَفَّاكٍ كذاب والإفك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه أَثِيمٍ صيغة مبالغة بمعنى كثير الإثم كعليم بمعنى كثير العلم يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ صقة اخرى لأفاك والمراد آيات القرآن لان السماع انما يتعلق بها وكذا التلاوة فى قوله تُتْلى عَلَيْهِ حال من آيات الله ثُمَّ يُصِرُّ اى يقيم على كفره ويدوم عازما عليه عاقدا قال فى المفردات الإصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الإقلاع عنه وأصله من الصراى الشد والصرة ما يعقد فيها الدراهم مُسْتَكْبِراً عن الايمان بما سمعه من آيات الله والإذعان بما نطق به من الحق مزدريا لها معجبا بما عنده من الأباطيل وكان النضر بن الحارث بن عبد الدار وقد قتل صبرا يشترى من أحاديث العجم مثل حديث رستم وإسفنديار ويشغل بها الناس عن استماع القرآن فوردت الآية ناعية عليه وعلى كل من يسير سيرته ما هم فيه من الشر والفساد وذلك التعميم لكلمة الإحاطة والشمول وكلمة ثم لاستبعاد الإصرار والاستكبار بعد سماع الآيات التي حقها ان تذعن لها القلوب وتخضع لها الرقاب فهى محمولة على المعنى المجازى لانه الأليق بمرام المقام وان كان يمكن الحمل على الحقيقة ايضا باعتبار منتهى الإصرار كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها اى يصير كأنه لم يسمعها اى مشابها حاله حال من لم يسمعها فخفف وحذف ضمير الشان والجملة من يصير تشبيها بغير السامع فى عدم القبول والانتفاع فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ اى أنذره على إصراره واستكباره بعذاب أليم فان ذكر العذاب قرينة على الاستعارة استعيرت البشارة التي هى الاخبار بما يظهر سرور فى المخبر به للانذار الذي هو صده بإدخال الانذار فى جنس البشارة على سبيل التهكم والاستهزاء هذا إذا أريد المعنى المتعارف للبشارة وهو الخبر السار ويجوز أن يكون على الأصل فانها بحسب اصل اللغة عبارة عن الخبر الذي يؤثر فى بشرة الوجه بالتغيير وهو يعم خبر السرور والحزن ولذا قال فى كشف الاسرار أي أخبره خبرا يظهره اثر على بشرته من الترح وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اى إذا بلغه من آياتنا شىء وعلم انه من آياتنا لا انه علمه كما هو عليه فانه بمعزل من ذلك الكلام اتَّخَذَها اى الآيات كلها هُزُواً اى مهزوا بها لا ما سمعه فقط او الضمير للشىء والتأنيث باعتبار الآية يعنى بآن أفسوس كند وبصورتى باز نمايد كه از حق وصواب دور باشد كالنضر استهزأ بها وعارضها بحديث الفرس يرى العوام انه لا حقيقة لذلك وكأبى جهل حيث أطعمهم الزبد والتمر وقال تزقموا أفهذا ما يتوعدكم به محمد فحمل الزقوم على الزبد والتمر أُولئِكَ اشارة الى كل أفاك من حيث الانصاف بما ذكر من القبائح والجمع باعتبار شمول كل كما ان الافراد فى الضمائر السابقة باعتبار كل واحد

[سورة الجاثية (45) : الآيات 10 إلى 15]

واحد لَهُمْ بسبب جناياتهم المذكورة عَذابٌ مُهِينٌ يذلهم ويذهب بعزهم وصف العذاب بالاهانة توفية لحق استكبارهم واستهزائهم بآيات الله مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ اى جهنم كائنة من قدامهم لانهم متوجهون الى ما أعد لهم او من خلفهم لانهم معرضون عن ذلك مقبلون على الدنيا فان الوراء اسم للجهة التي يوار بها الشخص من خلف او قدام اى يسترها وقال بعضهم وراء فى الأصل مصدر جعل ظرفا ويضاف الى الفاعل فيراد به ما يتوارى به وهو خلفه والى المفعول فيردابه ما يواريه وهو قدامه ولذلك عد من الاضداد وفى القاموس الوراء يكون خلف وقدام ضد اولا لانه بمعنى وهو ما توارى عنك وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ولا يدفع ما كَسَبُوا من الأولاد والأموال شَيْئاً من عذاب فيكون مفعولا به أو لا يغنى عنهم فى دفع ذلك شيأ من الإغناء اى إغناء قليلا فيكون مصدرا يقال أغنى عنه إذا كفاه وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ اى ولا ينفعهم ايضا ما عبدوه من دون الله من الأصنام وتوسيط حرف النفي بين المعطوفين مع ان عدم إغناء الأصنام اظهر وأجلى من عدم إغناء الأموال والأولاد قطعا مبنى على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطمعون فى شفاعتهم وفيه تهكم وَلَهُمْ فيما وراءهم من جهنم عَذابٌ عَظِيمٌ لا يعرف كنهه يعنى شدت آن از حد متجاوز است هذا اى القرآن هُدىً اى فى غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها كقولك زيد عدل وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ القرآنية لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ اى من شدة العذاب أَلِيمٌ بالرفع صفة عذاب وبالفارسية از سخت ترين عذابى ألم رسانيده وفى الآيات إشارات منها ان بعض الناس يسمع آيات الله فى الظاهر إذ تتلى عليه ولا يسمعها بسمع الباطن ويتصامم بحكم الخذلان والغفلة فله عذاب أليم لاستكباره عن قبول الحق وعدم العمل بموجب الآيات وكذا إذا سمعها وتلاها بغير حضور القلب تعتيست اين كه بر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت نشود بر دل تو تابنده ... كين كلام خداست يابنده ومن استمع بسمع الحق والفهم واستبصر بنور التوحيد فاز بذخر الدارين وتصدى لعز المنزلين ومنها ان العالم الرباني إذا أفاد شيأ من العلم ينبغى ان يكون فى حيز القبول ولا يقابل بالعناد والتأول على المراد من غير أن يكون هناك تصحيح بإسناد وذلك فان العبد يكاشف أمورا بتعريفات الغيب لا يتداخله فيها ريب ولا يتخالجه منها شك فمن استهان بها وقع فى ذل الحجاب وجهنم البعد كما عليه أهل الإنكار فى كل الاعصار حيث لا يقبلون اكثر ما ذكره مثل الامام الغزالي والامام المكي فيكونون كمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض بموافقة الأهواء والأغراض ومنها ان القرآن هداية لكن للمقرين لا للنكرين فمن أقر بعباراته وإشاراته نجا من الخذلان والوقوع فى النيران ومن أنكرها وقع فى عذاب عظيم يذل فيه ويهان اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بأن جعله أملس السطح يعلو عليه ما شأنه الغوص كالاخشاب ولا يمنع الغوص والحزق لميعانه فانه لو جعل خشن السطح بان كان ذا ارتفاع وانخفاض لم يتيسر جرى الفلك عليه وكذا لو جعله بحيث لا تطفو عليه الأخشاب ونحوها

[سورة الجاثية (45) : آية 13]

بل تسفلت وغرقت فيه لم يتيسر ذلك ايضا ولو جعله صلبا مصمتا يمنع الغوص فيه لم يمكن تحصيل المنافع المترتبة على الغوص لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ اى باذنه وتيسيره وأنتم راكبوها وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بالتجارة والغوص على اللؤلؤ والمرجان ونحوها من منافع البحر وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ولكى تشكروا النعم المترتبة على ذلك بالإقرار بوحدانية المنعم بها وفى الاية اشارة الى انه تعالى سخر بحر العدم لتجرى فيه فلك الوجود بامره وهو امر كن والحكمة فى هذا التسخير مختصة بالإنسان لا بالفلك سخر البحر والفلك له وسخره لنفسه ليكون خليفته ومظهرا لذاته وصفاته نعمة منه وفضلا لاظهار الكنز المخفي فبحسب كل مسخر من الجزئيات والكليات يجب على العبد شكره وشكره ان يستعمله فى طلب الله بامره ولا يستعمله فى هوى نفسه وله ان يعتبر من البحر الصوري والذين يركبون البحر فربما تسلم سفينتهم وربما تغرق كذلك العبد فى فلك الاعتصام فى بحار التقدير يمشى به فى رياح المشيئة مرفوع له شراع التوكل مرسى فى بحر اليقين فان هبت رياح العناية نجت السفينة الى ساحل السعادة وان هبت نكباه الفتنة لم يبق بيد الملاح شىء وغرقت فى لجة الشقاوة فعلى العبد ان يبتغى فضل الله ويسعى فى الطلب بأداء شكر النعم كما فى التأويلات النجمية وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات بان جعلها مدارا لمنافعكم ودلت الآية على ان نسبة الحوادث الارضية الى الاتصالات الفلكية جائزة جَمِيعاً اما حال من ما فى السموات وما فى الأرض او تأكيد له مِنْهُ صفة لجميعا اى كائنا منه تعالى او حال من ما اى سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه مخلوقة له وخبر لمحذوف اى هى جميعا منه تعالى وفى فتح الرحمن جميعا منه اى كل انعام فهو من فضله لانه لا يستحق عليه أحد شيأ بل هو يوجب على نفسه تكرما إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من الأمور العظام لَآياتٍ عظيمة الشأن كبيرة القدر دالة على وجود الصانع وصفاته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى بدائع صنع الله فانهم يقفون بذلك على جلائل نعمه تعالى ودقائقها ويوفقون لشكرها در جمله جهان ز مغز تا پوست ... هر ذره كواه قدرت اوست روى انه عليه السلام مر على قوم يتفكرون فقال تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق وفى الحديث ان الشيطان يأتى أحدكم فيقول من خلق السموات فيقول الله ويقول من خلق الأرض فيقول الله ويقول من خلق الله فاذا افتتن أحدكم بذلك فليقل آمنت بالله ورسوله واعلم ان التفكر على العبادات وأفضلها لان عمل القلب أعلى وأجل من عمل النفس ولذلك قال عليه السلام تفكر ساعة خير من عبادة سنة وفى رواية ستين سنة وفى رواية سبعين سنة وروى ان المقداد بن الأسود رضى الله عنه دخلت على ابى هريرة رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سنة ثم دخلت على ابن عباس رضى الله عنهما فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سبع سنين ثم دخلت على ابى بكر رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة فقال المقداد فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرته بما قالو فقال صدقو ثم قال ادعهم الى فدعوتهم فقال لابى هريرة كيف تفكرك وفيما ذا قال

[سورة الجاثية (45) : آية 14]

فى قول الله تعالى ويتفكرون فى خلق السموات والأرض الآية قال تفكرك خير من عبادة سنة ثم سأل ابن عباس رضى الله عنهما عن تفكره فقال تفكرى فى الموت وهول المطلع قال تفكرك خير من عبادة سبع سنين ثم قال لابى بكر كيف تفكرك قال تفكرى فى النار وفى أهوالها وأقول يا رب اجعلنى يوم القيامة من العظم بحال يملأ النار منى حتى تصدق وعدك ولا تعذب امة محمد فى النار فقال عليه السلام تفكرك خير من عبادة سبعين سنة ثم قال أرأف أمتي بامتى ابو بكر فالفضل راجع الى مراتب النيات يقول الفقير وجه التخصيص فى الاول ان اختلاف الليل والنهار المذكور فى آية التفكر يدور على السنة فبمقدار بعد التفكر جاء الثواب وفى الثاني ان خوف الموت وما بعده ينتهى الى الجنة او الى النار والجنة فوق سبع سموات كما ان النار تحت سبع ارضين وفى الثالث ان بعد قعر جهنم سبعون سنة على ما ورد فى الحديث فلما كان الصديق رضى الله عنه بعيد التفكر بالنسبة الى الأولين أثيب بما ذكر وجاء اجره مناسبا لتفكره وفى الآية اشارة الى ان السموات والأرض وما فيهن خلقت للانسان فان وجودها تبع لوجوده وناهيك من هذا المعنى ان لله تعالى أسجد ملائكته لآدم عليه السلام وهذا غاية التسخير وهم أكرم مما فى السموات والأرض ومثال هذا ان الله تعالى لما أراد ان يخلق ثمرة خلق شجرة وسخرها للثمرة لتحملها فالعالم بما فيه شجرة وثمرتها الإنسان ولعظم هذ المعنى قال ان فى ذلك لآيات لقوم يتكفرون اى فى هذا المعنى دلالات على شرف الإنسان وكماليته لقوم لهم قلوب منورة بنور الايمان والعرفان إذ يتفكرون بفكر سليم كما فى التأويلات النجمية قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا اغفروا يعنى در كذرانيد وعفو كنيد وهو مقول القول حذف لدلالة الجواب عليه وهو قوله يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ كما فى قوله تعالى قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة اى قل لهم اقيموا الصلاة يقيموا الصلاة قال صاحب الكشاف وجوزوا ان يكون يقيموا بمعنى ليقيموا ويكون هذا هو المقول قالوا وانما جاز حذف اللام لان الأمر الذي هو قل عوض عنه ولو قيل يقيموا ابتداء بحذف اللام لم يجز وحقيقة الرجاء تكون فى المحبوب فهو هنا محمول على المجاز وهو التوقع والخوف والمعنى يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون ولا يخافون وقائعه تعالى بأعدائه فى الأمم الماضية لقولهم ايام العرب لوقائعها كيوم بعاث وهو كغراب موضع بقرب المدينة ويومه معروف كما فى القاموس وقيل لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها واضافتها الى الله كبيت الله وهذه الآية نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها وذلك لان السورة مكية بالاتفاق الا ان الماوردي استثنى هذه الاية وقال انها مدنية نزلت فى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعزاه الى ابن عباس رضى الله عنهما وفتادة وذلك ان عمر رضى الله عنه شتمه غفارى فهم ان يبطش به فنزلت فى حقه قال فى القاموس وبنوا غفار ككتاب رهط ابى ذر الغفاري وقيل نزلت حين قال رئيس المنافقين عبد الله بن ابى ما قال وذلك انهم نزلوا فى غزوة بنى المصطلق على بئر يقال لها مريسيع مصغر مرسوع فارسل ابن ابى غلامه يستقى فابطأ عليه فلما أتاه قال له ما حبسك قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستقى حتى ملأ قرب النبي عليه السلام وقرب ابى بكر وعمر فقال ابن ابى ما مثلنا ومثل

[سورة الجاثية (45) : آية 15]

هؤلاء الا كما قيل سمن كلبك يأكلك فبلغ ذلك عمر فاشتمل سيفه يريد التوجه اليه فأنزلها الله ودر تفسير امام ثعلبى مذكور است كه بعد از نزول آيت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فنحاص عاذور اليهودي بر سبيل طنز كفت خداى تعالى مكر محتاج است كه قرض ميطلبد اين خبر بفاروق رضى الله عنه رسيده برجست وشمشير كشيد ورى بجست وجوى او نهاد تا هر جا بيند بقتلش رساند حضرت عليه السلام بطلب عمر فرستاد چون حاضر شد كفت اى عمر شمشير إ كه حق سبحانه وتعالى بعفو فرموده وآيت بر وى خواند عمر كفت يا رسول الله بدان خداى كه ترا بحق بخلق فرستاد كه ديكر اثر غضب در روى من نه بيند ودر مقابله كناه جز صفت عفو از من مشاهده نكند چوبدبينى ز خلق ودر كذارى ... ترا زيبد طريق بردبارى اگر چهـ دامنت را مى درد خار ... توكل باش ودهان پرخنده ميدار لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ تعليل للامر بالمغفرة والمراد بالقوم المؤمنون والتنكير لمدحهم والثناء عليهم اى أمروا بذلك ليجزى الله يومه القيامة قوما اى قوم لا قوما مخصوصين بما كسبوا فى الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على اذية الكفار والمنافقين والإغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه وما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم وقد جوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كانوا يكسبون سيئاتهم التي من جملتها ما حكى من الكلمة الخبيثة والتنكير للتحقير فان قلت مطلق الجزاء لا يصلح تعليلا للامر بالمغفرة لتحققه على تقديرى المغفرة وعدمها قلت لعل المعنى قل للمؤمنين يتجاوزوا عن اساءة المشركين والمنافقين ولا يباشروا بأنفسهم لمجازاتهم ليجزيهم الله يوم القيامة جزاء كاملا يكافى سيئاتهم ويدل على هذا المعنى الآية الآتية وايضا ان الكسب فى اكثر ما ورد فى القرآن كسب الكفار ويجوز أن يكون المعنى ليجزيهم الله وقت الجزاء كيوم بدر ونحوه وفى الاية اشارة الى ان المؤمن إذا غفر لاهل الجرائم وان لم يكونوا اهل المغفرة لاصرارهم على الكفر والأذى يصير متخلقا بأخلاق الحق ثم الله تعالى يجزى كل قوم جزاء عملهم من الخير والشر اما فى الدنيا والآخرة او فى الاخرة مَنْ هر كه عَمِلَ صالِحاً وهو ما طلب به رضى الله عنه تعالى فَلِنَفْسِهِ اى فنفع ذلك العمل الصالح وثوابه لنفسه عائد إليها وَمَنْ أَساءَ وهر كه كارى بد كند فَعَلَيْها اى فضر راساءته وعقابها على نفسه لا يكاد يسرى عمل الى غير عامله ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مالك أموركم لا الى غيره تُرْجَعُونَ تردون بالموت فيجازيكم على أعمالكم خيرا كان او شرا فاستعدوا للقائه ففيه ترغيب على اكتساب العمل الصالح وترهيب عن ارتكاب العمل السيء فمن الاول العفو والمغفرة للمجرم وصاحبه متصف بصفات الله تعالى ومن الثاني المعصية والظلم وصاحبه متصف بصفات الشيطان فمن كان من الأبرار فان الأبرار لفى نعيم ومن كان من الفجار فان الفجار لفى جحيم والفجور نوعان فجور صورى وهو ظاهر وفجور معنوى وهو انكار أهل الله والتعرض لهم بسوء بوجه من التأول ونحو ذلك مما ظاهره صلاح وباطنه فساد فرحم الله أهل التسليم والرضى والقبول ومن ترك الحرام والشبهة والفضول وعن بعضهم انه كان يمشى فى البرية فاذا هو بفقير يمشى حافى القدمين حاسر الرأس عليه خرقتان متزر بإحداهما مرتدىء بالأخرى ليس معه

[سورة الجاثية (45) : الآيات 16 إلى 20]

زاد ولا ركوة قال فقلت فى نفسى لو كان مع هذا ركوة وحبل إذا أراد الماء توضأ وصلى كان خيرا له ثم لحقت به وقدا شتدت الهاجرة فقلت له يافتى لو جعلت هذه الحرقة التي على كتفك على رأسك تتقى بها الشمس كان خيرا لك فسكت ومشى ولما كان بعد ساعة قلت له أنت حاف اى شىء ترى فى نعل تلبسها ساعة وانا ساعة فقال أراك كثير لفضول ألم تكتب الحديث فقلت بلى قال فلم تكتب عن النبي عليه السلام من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعينه فسكت ومشينا فعطشت ونحن على ساحل فالنفت الى وقال أنت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى وأوقعني فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت نعم وما تقدر تعمل معى فى مثل هذا الموضع فاخذ الركوة منى ودخل البحر وغرف من البحر وجاءنى به وقال اشرب فشربت ماء أعذب من النيل وأصفى لونا وفيه حشيش فقلت فى نفسى هذا ولى الله ولكنى أدعه حتى إذا وافينا المنزل سألته الصحبة فوقف وقال أيما أحب إليك ان تمشى او امشنى فقلت فى نفسى ان تقدم فاتنى ولكن أتقدم أبا واجلس فى بعض المواضع فاذا جاء سالته الصحبة فقال يا أبا بكر ان شئت تقدم واجلس وان شئت تأخر فانك لا تصحبنى ومضى وتركنى فدخلت المنزل وكان به صديق لى وعندهم عليل فقلت لهم رشوا عليه من هذا الماء فرشوا عليه فبرىء وسألتهم عن الشخص فقالوا ما رأيناه ففى هذه الحكاية فوائد فتفطن لها واعلم انك لا تصل الى مثل هذه المرتبة الا بالايمان الكامل والعلم النافع والعمل الصالح فمن فقد شيأ منها حرم نعوذ بالله (قال الشيخ سعدى) پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كس كرفت اين سعادت بيافت ولكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم پى صالحان كى رسى پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ اى التوراة قال سعدى المفتى ولعل الاولى ان يحمل الكتاب على الجنس حتى يشمل الزبور والإنجيل ايضا انتهى وذلك لان موسى وداود وعيسى عليهم السلام كانوا فى بنى إسرائيل وَالْحُكْمَ اى الحكمة النظرية والعملية والفقه فى الدين او فصل الخصومات بين الناس إذ كان الملك فيهم وَالنُّبُوَّةَ حيث كثر فيهم الأنبياء ما لم تكثر فى غيرهم فان ابراهيم عليه السلام كان شجرة الأنبياء عليهم السلام وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالمن والسلوى وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من فلق البحر وتظليل الغمام ونظائرهما ولا يلزم منه تفضيلهم على غيرهم بحسب الدين والثواب او على عالمى زمانهم فانه لم يكن أحد من العالمين فى زمانهم أكرم على الله ولا أحب اليه منهم وقد سبق تحقيق المقام فى السورة السابقة وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ دلائل ظاهرة فى امر الدين ومعجزات قاهرة فمن بمعنى فى كما فى قوله تعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو العلم بمبعث النبي عليه السلام وما بين لهم من امره وانه يهاجر من تهامة الى يثرب ويكون أنصاره أهل يثرب فَمَا اخْتَلَفُوا فما وقع بينهم الخلاف فى ذلك الأمر إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بحقيقته وحقيته فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه بَغْياً بَيْنَهُمْ تعليل اى عداوة وحسدا حدث بينهم لا شكافيه إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بالمؤاخذة والجزاء فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من امر الدين ثُمَّ جَعَلْناكَ پس بعد از بنى

[سورة الجاثية (45) : الآيات 19 إلى 20]

إسرائيل ساختيم ترا يعنى مقرر كرديم سلوك تو عَلى شَرِيعَةٍ اى سنة وطريقة عظيمة الشأن مِنَ الْأَمْرِ اى امر الدين فَاتَّبِعْها بإجراء أحكامها فى نفسك وفى غيرك من غير إخلال بشىء منها وفى التأويلات النجمية انا أفردناك من جملة الأنبياء بلطائف فاعرفها وخصصناك بحقائق فأدركها وسننا لك طرائق فاسلكها وأثبتنا لك الشرائع فاتبعها ولا تتجاوز عنها ولا تحتج الى متابعة غيرك ولو كان موسى وعيسى حيا لما وسعهما الا اتباعك قال جعفر الصادق رضى الله عنه الشريعة فى الأمور محافظة الحدود فيها ومن الله الاعانة وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ اى آراء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات وهم رؤساء قريش كانوا يقولون له عليه السلام ارجع الى دين ابائك فانهم كانوا أفضل منك إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا لن يدفعوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً مما أراد بك من العذاب ان اتبعتهم قال بعضهم يعنى ان أراد الله بك نعمة فلا يقدر أحد على منعها وان أراد بك فتنة فلا يقدر أحد ان يصرفها عنك فلا تعلق بمخلوق فكرك ولا تتوجه بضميرك الى غير ناوثق بنا وتوكل علينا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ لا يواليهم ولا يتبع أهواءهم الا من كان ظالما مثلهم لان الجنسية علة الانضمام وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ الذين أنت قدوتهم فدم على ما أنت عليه من تولية خاصة بالتقوى والشريعة والاعراض عما سواه بالكلية وفى التأويلات النجمية سماهم الظالمين لانهم وضعوا الشيء فى غير موضعه وسمى المؤمنين المتقين لانهم اتقوا عن هذا المعنى واتخذوا الله الولي فى الأمور كلها هذا القرآن بَصائِرُ لِلنَّاسِ فان ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر فى القلوب كأنه بمنزلة الروح والحياة فمن عرى من القرآن فقد عدم بصره وبصيرته وصار كالميت والجماد الذي لا حس له ولا حياة فحمل البصائر على القرآن باعتبار اجزائه ونظيره قوله تعالى فقد جاءكم بصائر من ربكم اى القرآن وآياته وقوله تعالى فى حق الآيات التسع لموسى عليه السلام قال لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السموات والأرض بصائر والبصائر جمع بصيرة وهو النور الذي به تبصر النفس المعقولات كما ان البصر نور به تبصر العين المحسوسات ويجوز أن يكون هذا اشارة الى اتباع الشريعة فحمل البصائر عليه لان المصدر المضاف من صيغ العموم فكأنه قيل جميع اتباعاتها وَهُدىً من ورطة الضلالة وَرَحْمَةٌ عظيمة ونعمة كاملة من الله فان الفوز بجميع السعادات الدنيوية والاخروية انما يحصل به لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ من شأنهم الإيقان بالأمور وبالفارسية مر كروهى را كه بى گمان شوند يعنى از باديه كمان كذشته طالب سر منزل يقين باشند وفى التأويلات النجمية المستعدين للوصول الى مقام اليقين بأنوار البصيرة فاذا تلألأت انكشف بها الحق والباطل فنظر الناس على مراتب من ناظر بنور العقل ومن ناظر بنور الفراسة ومن ناظر بنور الايمان ومن ناظر بنور الإيقان ومن ناظر بنور الإحسان ومن ناظر بنور العرفان ومن ناظر بنور العيان ومن ناظر بنور العين فهو على بصيرة شمسها طالعة وسماؤها عن السحاب مصحية انتهى وعن النبي عليه السلام القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فالذنوب واما دواؤكم فالاستغفار وأعظم الذنوب الشرك وعلاجه التوحيد وهو على مراتب بحسب الافعال والصفات والذات وللاشارة الى المرتبة الاولى قال تعالى

[سورة الجاثية (45) : الآيات 21 إلى 24]

وعلى الله فليتوكل المؤمنون فان التوكل نتيجة توحيد الافعال والتوكل كلمة الأمر كله الى مالكه والتعويل على وكالته وللاشارة الى المرتبة الثانية قال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فان الرضى لارادته الازلية وترك الاعتراض وسرور القلب بمر القضاء ثمرة توحيد الصفات ومن هذا المقام قال ابو على الدقاق رحمه الله التوحيد هو أن يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت ساكت حامد وللاشارة الى المرتبة الثالثة قال تعالى كل شىء هالك الا وجهه (حكى) ان واحدا من اصحاب ابى تراب النخشبى توجه الى الحج فزار أبا يزيد البسطامي قدس سره فسأله عن شيخه فقال انه يقول لو صارت السماء والأرض حديدا ما شككت فى رزقى فاستقبحه ابو يزيد لان فيه فناء الافعال دون الصفات والذات وقال كيف تقوم الأرض التي هو عليها فرجع فأخبر القصة لابى تراب فقال قل له كيف أنت فجاء وسال فكتب بسم الله الرحمن الرحيم با يزيد نيست فلما رآه ابو تراب وكان فى الاحتضار قال آمنت بالله ثم توفى قال مولانا قدس سره هيج بغضي نيست در جانم ز تو ... زانكه اين را من نمى دانم ز تو آلت حقى تو فاعل دست حق ... چون زنم بر آلت حق طعن ودق (وقال ايضا) آدمي را كى رسد اثبات تو ... اى بخود معروف وعارف ذات تو فعليك بتدبر الآيات القرآنية والانتفاع بالبصائر النورانية لتكون من العلماء الربانية قال بعض الكبار العلماء اربعة عالم حظه من الله الله وهو مقام السر والحقيقة قال الله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو وعالم حظه من الله العلم والمعرفة بالله وهو مقام الروح والمعرفة وعالم حظه علم السير الى الله وهو مقام النفس والطريقة وعالم حظه علم السير الى الآخرة وهو مقام الطبيعة والشريعة لانه بالأعمال الصالحة يحصل السير الأخروي وأعلى الكل هو الاول قال بعض الكبار رأيت أبا يزيد قعد فى مسجد بعد العشاء الى الصبح فقلت أخبرني عما رأيت فقال أراني الله ما فى السموات والأرض ثم قال ما أعجبك فقلت ما أعجبني غيرك فبعضهم طلب منك المشي على الماء وبعضهم كرامة اخرى وانا لا أريد غيرك قال فقلت له لم لم تطلب منه معرفته فقال مه لا أريد أن يعرفه غيره قال بعضهم مقام التوحيد فوق مقام المعرفة (حكى) ان اثنين من الفقراء التقيا فتكلما على المعارف الإلهية كثيرا ثم قال أحدهما للآخر رضى الله عنك إذ حصل لى ذوق عظيم من من صحبتك من المعارف وقال الآخر ولا رضى عنك إذا استقطعتنى بصحبتك من مقام التوحيد الى مقام المعرفة فاذا كملت المعرفة حصل الشهود والفناء والسكون (قال الشيخ سعدى) اى مرغ سحر عشق ز پروانه بياموز ... كان سوخته را جان شد وآواز نيامد اين مدعيان در طلبش بى خبرانند ... كانرا كه خبر شد خبرى باز نيامد (وقال) كر كسى وصف او زمن پرسد ... بى دل از بى نشان چهـ كويد باز عاشقان كشتكان معشوقند ... برنيايد ز كشتكان آواز نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الجامعين للمراتب والواصلين الى أعلى المطالب فان له ملك الوجود ومنه الكرم والفيض والوجود والإرشاد الى حقيقة الفناء والسجود أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثاني والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب

ومنه لجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصاند من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها نجرح واما لانها تكسب وسميت الأعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصي أَنْ نَجْعَلَهُمْ ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الأحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مع ما لهم من محاسن الأعمال ونعاملهم معاملهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السواء بمعنى المستوي ومحياهم وممانهم مرتفان به على الفاعلية والمعنى أم حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شىء منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيي وفى رحمة لله ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد المحيي محياكم والممات مماتكم وأولئك فى ذل الكفر والمعاصي وهو انهما فى المحيي وفى لعنة الله والعذاب الخالد فى الممات (ع) كل وخار وكل وكوهر نه برابر باشد وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستو محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات ساءَ ما يَحْكُمُونَ اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكمو به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شىء والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بد حكميست كه ايشان ميكنند ونتيجه شرك وتوحيد را برابر ميدارند (ع) نيست يكسان لاى زهرآميز با آب حيات وعن تميم الداري رضى الله عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيل رحمه الله انه بلعها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين أنت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم أبناء الخمسين زرع دنا حصاده أبناء الستين هلموا الى الحساب أبناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء الثمنين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم إذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة اتخذوا حذركم وفى الخبر إذا أراد الله بعبد خيرا بعث اليه ملكا من عامه الذي يموت فيه فيسدده وبيسره فاذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال يا أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه وإذا أراد بعبد شرا بعث اليه شيطانا من عامه الذي يموت فيه فأغواه فاذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فيقول يا أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من الله وغضب فتفرق فى حسده فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله

[سورة الجاثية (45) : آية 22]

لقاءه ويقال إذا أراد الله ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدري وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبي آخى بين رجلين فقتل أحدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام ما قلتم قالوا دعونا الله ان يعفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبي عليه السلام فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله او قال صيامه بعد صيامه لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والأرض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم إذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأنوار وقدمت بين أيديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه إذا جمع الله الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال وامتازوا اليوم ايها المجرمون فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازي قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والناج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى الله فى طاعة الله تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع (قال الشيخ سعدى) سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بخجلت نكون قيامت كه نيكان بأعلى رسند ... ز قعر ثرى بر ثريا رسند ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت برآيد عملهاى خويش برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى بسبب الحق ولاجل ظهوره وحقيقته بالأمر الايجادى والتجلي الحيي الاحدى فما من ذرة من ذرات العالم الا والله سبحانه متجل فيها بأسمائه وصفاته لكنه لا يشاهده الا أهل الشهود وبظهور هذا الحق والوجود زهق الباطل والعدم وعليه يدور سر قوله تعالى ثم استوى على العرش فان الله متعال عن الاستواء بنفسه كما يقول الظالمون وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ من خير وشر عطف على بالحق لان فيه معنى التعليل لان الباء للسببيه وبيانه ان الحكمة فى خلق العالم هو الجزاء إذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوى المطيع والعاصي فالجزاء مترتب على الطاعة والعصيان وهما موقوفان على وجود العالم إذ التكليف لا يحصل الا فى هذه الدار وقد سبق فى سورة الدخان عند قوله تعالى وما خلقنا السموات الآية وَهُمْ اى النفوس المدلول عليها بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب المحسن وزيادة عقاب

[سورة الجاثية (45) : آية 23]

المسيء بلكه هر كس را فراخور عمل او جزا دهد وتسمية ذلك ظلما مع انه ليس كذلك على ما عرف من قاعدة اهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكر بتنزيله منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عنه تعالى فهذه الآية أحبار بأن التسوية فى الجزاء سفه والله تعالى خلق العالم بالحق ليتميز المطيع من العاصي لا بالسفه فلا بد من المجازاة على وفق الأعمال بين شدل وفضل بلا ظلم وجهل فعليك بالمسارعة الى الأعمال الصالحة لا سيما التوحيد وذكر الله تعالى إذ به تحصل المعرفة المقصودة من خلق الثقلين ولفضل المعرفة قال عليه السلام فى جواب من قال اى الأعمال أفضل العلم بالله وبين معرفة ومعرفة فرق عظم لذلك قال حافظ قبر ابى يزيد البسطامي قدس سره للسلطان محمود الغزنوي ان أبا جهل لم يبصر النبي عليه السلام الا بانه يتيم عبد المطلب وابى طالب ولو نظر بأنه رسول الله وحبيب رب العالمين وعرف ذلك لآمن به ولا بد فى العبادة من الإخلاص فمن عبد الله حبا أعلى رتبة ممن عبده خوف العقوبة يحكى ان محمد يا عبد الله أربعين سنة يجزى بأكثر من اسرائيلى عبد الله تعالى اربعمائة سنة فيقول الاسرائيلى يا رب أنت العادل فيقول الله تعالى أنتم تخافون العقوبة العاجلة وتعبدوننى وامة محمد يعبدوننى مع الأمن (قال المولى الجامى) چيست اخلاص آنكه كسب وعمل ... پاك سازى ز شوب نفس ودغل نه در آن صاحب غرض باشى ... نه از ان طالب عوض باشى كيسه خود ازو بپردازى ... سايه خود برو نيندازى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وهو ما نهواه نفسه الخبيثة وقال الشعبي انما سمى الهوى لانه يهوى بصاحبه فى النار وهو تعجيب لحال من ترك متابعة الهدى الى مطاوعة الهوا فكأنه عبده ففيه استعارة تمثيلية او حذف اداة التشبيه وكان الأصل كالهه اى أنظرت فرأيته فان ذلك مما يقتضى التعجب وسبق تحقيق الآية فى سورة الفرقان وفيه اشارة الى ان من وقف بنفسه فى مرتبة من المراتب دون المشاهدة فقد صار من أهل الهوا وعبد ما سوى المولى وفى الحديث ما عبد تحت ظل السماء أبغض الى الله من هوى قال بعضهم نون الهوان من الهوى مسروقة ... فأسير كل هوى أسير هوان وقال بعضهم فاعص هوى النفس ولا ترضها ... انك ان اسخطتها زانكا حتى متى تطلب مرضاتها ... وانما تطلب عدوا نكا (قال الشيخ سعدى) مراد هر كه براري مطيع امر تو شد ... خلاف نفس كه كردن كشد چويافت مراد (وقال المولى الجامى) هيچ اذاى براه خلق ... نيست بدتر ز نفس بد فرما وَأَضَلَّهُ اللَّهُ وخذله عدلا منه يعنى كمراه ساخت وفرو كذاشت عَلى عِلْمٍ حال من الفاعل اى حال كونه تعالى عالما بضلاله وتبديله للفطرة الاصلية ويمكن ان يجعل حالا من المفعول اى علم من الضال بطريق الهداية بأن ضل عنادا نحو فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ونحو فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ بحيث لا بتأثر من المواعظ ولا يسمع الحق وَقَلْبِهِ بحيث لا بتفكر فى الآيات والنذر ولا يفهم الحق

[سورة الجاثية (45) : آية 24]

وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً مانعة عن الاستبصار والاعتبار وهو ما يغشى العين ويغطيها عن الابصار والإدراك وتنكيرها للتنويع او للتعظيم قال بعض الكبار ختم الله على سمعه فحرم من سماع خطابه وعلى قلبه فحرم من فهم خطابه وعلى عينيه فحرم من مشاهدة آثار القدرة فى صنعه فلم ير الحق فَمَنْ يَهْدِيهِ پس كيست كه راه نمايد اين كس را مِنْ بَعْدِ اللَّهِ اى من بعد إضلاله إياه بموجب تعاميه عن الهدى وتماديه فى الغى اى لا يقدر أحد ان يهديه أَفَلا تَذَكَّرُونَ ألا تلاحظون ايها الناس فلا تتذكرون ولا تتفكرون فتعلموا ان الهداية لا يملكها أحد سواه او فلا تتعظون آيا پند نمى كريد يعنى پند كيريد ومتنبه شويد وفى الآية اشارة الى الفلاسفة والدهرية والطبائعية ومن لم يسلك سبيل الاتباع ولم يستوف احكام الرياضة بتأديب أرباب الطريقة على قانون الشريعة ولم ينسلخ عن هواه بالكلية ولم يؤد به ويسلكه امام مقتدى فى هذا الشان من أرباب الوصال والوصول بل اقتدى بأئمة الكفر والضلالة واقتفى آثارهم بالشبهات العقلية وحسبان البراهين القطعية فوقع فى شبكة الشيطان فأخذه بزمام هواه وأضله فى تيه مهواه وربما دعاه الى الرياضة وترك الشهوات لتصفية العقل وسلامة الفكر فيمنيه ادراك الحقائق حتى يوبقه فى وهدات الشبهات فيهيم فى كل ضلالة ويضل فى كل فج عميق وأصبح خسرانه اكثر من ربحه ونقصانه أوفر من رجحانه فهم فى ضلال بعيد يعملون القرب على ما يقع لهم من نشاط نفوسهم زمامهم بيد هواهم أولئك اهل المكر استدرجوا من حيث لا يشعرون (وفى المثنوى) چيست حبل الله رها كردن هوا ... كين هوا شد صرصرى مر عاد را خلق در زندان نشسته از هواست ... روح را در غيب خود اشكنجهاست ليك تا نجهى شكنجه در خفاست ... چون رهيدى بينى اشكنج ودمار زانكه ضد از ضد كردد آشكار ... چون رها كردى هوى از بيم حق در رسد سغراق از تسنيم حق وَقالُوا يعنى منكرى العبث من غاية غيهم وضلالهم وهم كفار قريش ومشركوا العرب وفى كشف الاسرار هذا من قول الزنادقة الذين قالوا الناس كالحشيش ما هِيَ اى ما الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا التي نحن فيها نَمُوتُ وَنَحْيا اى يصيبنا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وتأخير نحيالان فيها شبه مراعاة الفاصلة ولان الواو لمطلق الجمع وقد جوز أن بريدوا به التناسخ فانه عقيدة اكثر عبدة الأوثان يعنى احتمال دارد كه قائلان اين مذهب تناسخ داشته باشند ونزد ايشان آنست كه هر كه مى ميرد روح او بجسد ديكر تعلق ميكيرد وهم در دنيا ظهور ميكند تا ديكر بار بميرد وديكر باز آيد واز شاكمونى كه بزعم ايشان پيغمبرست نقل كرده اند كه كفت من خود را هزار وهفتصد قالب ديده ام قال الراغب القائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما أثبتته الشريعة ويزعمون ان الأرواح تنتقل من الأجساد على التأييد أي الى أجساد أخر وفى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتي بين الروح والجسد وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ اى مرور الزمان وهو مدة بقاء العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه ثم يعبر به عن كل مدة كبيرة وهو خلاف الزمان فان الزمان يقع على المدة القليلة

والكثيرة قال فى القاموس الدهر الزمان الطويل والابد الممدود وألف سنة والدهر عند الصوفية هو الآن الدائم الذي هو امتداد الحضرة الالهية وهو باطن الزمان وبه يتجدد الأزل والابد وكانوا يزعمون ان المؤثر فى هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للارواح بأمر الله ويضيفون الحوادث الى الدهر والزمان ويسبونه ويذمونه ويشتكون منه كما نطقت بذلك أشعارهم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله لا تسبو الدهر فان الله هو الدهر اى فان الله هو الآنى بالحوادث لا الدهر (قال الكاشفى) مقلب دهور ومصرف آن حضرت عزت است جل شانه ودهور را در هيچ كار اختياري نيست دهر ترا دهر پناهى ترا ... حكم ترا زيبد وشاهى ترا دور زان كار نسازد بخود ... چرخ فلك بر نفرازد بخود اين همه فرمان ترا بنده اند ... در ره امر تو شتابنده اند (قال بعضهم) يا عالما يعجب من دهره لا تلم الدهر على غدره فانه مأموله آمر قد ينتهى الدهر الى امره كم كافر أمواله جمة يزداد أضعافا على كفره ومؤمن ليس له درهم يزداد ايمانا على فقره قال فى المفردات قوله عليه السلام لا نسبوا الدهر فان الله هو الدهر قد قيل معناه ان الله فاعل ما يضاف الى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة فاذا سببتم الذي تعتقدون انه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى وقال بعضهم الدهر الثاني فى الخبر غير الاول وانما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه ان الله تعالى هو الدهر أي المصرف المدبر لكل ما يحدث والاول أظهر وفى الحديث قال الله لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر أرسل الليل والنهار فاذا شئت قبضتهما وهذا والحديث الاول سهل على تفسير الصوفية كما سبق فاعرف تفز وَما لَهُمْ بِذلِكَ اى بما ذكر من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واسناد الحياة والموت الى الدهر مِنْ عِلْمٍ فأسند الى عقل او نقل ومن مزيدة لتأكيد النفي إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غير ان يكون لهم شىء يصح ان يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى أنفسهم واما المؤمنون فقد أخذوا بالنصوص وسلكوا طريق اليقين وتجاوزوا عن برازخ الظن والتخمين واثبتوا الحشر الصوري والمعنوي اى الحشر المحسوس والصراط المحسوس والجنة والنار المحسوستين وكذا جمع النفوس الجزئية الى النفس الكلية والجمع بين المعقول والمحسوس أعظم فى القدرة من نعيم وعذاب محسوسين بأكل وشرب ونكاح ولباس محسوسات وأنتم فى الكمال الإلهي ليستمر له سبحانه فى كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب والشهادة ويثبت حكم الاسم الظاهر والباطن فى كل صنف وهذا معتقد الأنبياء والرسل ومؤمنيهم فمن اعتقد كاعتقادهم نجا والا هلك ومن لوازم هذا الاعتقاد والتوحيد اسناد كل حادثة الى الله العزيز الحميد فانه المؤتر فى الكل ولذا نهى عن سب الريح إذ هى بيد ملك وهو بيد الله تعالى فجميع التصرفات راجع اليه (حكى ان الحجاج) أرسل عبد الله الثقفي الى انس بن مالك رضى الله عنه يطليه فقال أجب امير المؤمنين فقال له اذله الله فان العزيز من اعتز بطاعة الله والذليل من ذل بمعصيته ثم قام معه فلما حضر قال أنت الذي تدعو علينا قال نعم قال ومم ذلك قال لانك عاص لربك تخالف سنة نبيك تعز أعداء الله وتذل أولياءه فقال أقتلك

[سورة الجاثية (45) : الآيات 25 إلى 29]

شر قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك قال ولم ذلك قال لان رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنى دعاء وقال من دعابه كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل اى لم يضرّ به سم ولا سحر ولا سلطان ظالم وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه فقال معاذ الله ان أعلمه ما دمت حيا وأنت حى فقال الحجاج خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين قد فتحا افواههما فدل هذا على ان التأثير بيد الله القدير لا فى يد السلطان والوزير وانما هو وهم المحجوب الناظر الى جانب الأسباب والوسائل ثم ان أنسا رضى الله عنه لما حضره الموت قال لخادمه ان لك على حقا حق الخدمة فعلمه الدعاء وقال له قل بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وانس رضى الله عنه من خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين وانتقل الى البصرة فى خلافة عمر رضى الله عنه وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة احدى وتسعين وله مائة وثلاث سنين وهو أحد الستة المشهورين برواية الحديث وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على منكرى البعث آياتُنا الناطقة بالحق الذي من جملته البعث بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على ما نطقت او مبينات له نحو قوله تعالى فل يحييها الذي انشأها أول مرة وقوله ان الذي أحياها لمحبى الموتى وغير ذلك ما كانَ حُجَّتَهُمْ جواب إذا وبه استدل ابو حيان على ان العامل فى إذا ليس جوابها لان ما النافية لها صدر الكلام واعتذر عن عدم دخول الفاء فى الجواب بانها خالفت أدوات الشرط فى ذلك وحجتهم بالنصب على انه خبر كان اى ما كان متمسكاتهم بشىء من الأشياء يعارضونها به وبالفارسية نباشد حجت ايشان إِلَّا أَنْ قالُوا عنادا واقتراحا ائْتُوا بِآبائِنا بياريد پدران ما يعنى احيوهم وابعثوهم من قبورهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انا نبعث بعد الموت وقد سبق فى سورة الدخان اى الا هذا القول الباطل الذي يستحيل ان يكون من قبيل الحجة لانها انما تطلق على الدليل القطعي وتسميته حجة اما لسوقهم إياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم او لتنزيل التقابل منزلة لتناسب للمبالغة فاطلق اسم الحجة على ما ليس بحجة من قبيل (تحية بينهم ضرب وجميع) اى سماء حجة لبيان انهم لا حجة لهم البتة لان من كانت حجته هذا لا يكون له حجة البتة كما ان من ابتدأ بالضرب الوجيع فى أول التلاقي لا يكون بينهم تحية البتة ولا يقصد بهذا الأسلوب الا هذا المعنى كأنه قيل ما كان حجتهم الا ما ليس بحجة قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ابتداء ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من انكم تحيون وتموتون بحكم الدهر ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ بعد البعث منتهين إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ للجزاء لا رَيْبَ فِيهِ اى فى جمعكم فان من قدر على البدء قدر على الاعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزاء لا محالة والوعد المصدق بالمعجزات دل على وقوعها حتما والإتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع إيقاعه (قال الكاشفى) احياء موتى موقتست بوقتى خاص بروجهى كه مقتضاى حكمت است پس اگر وقت اقتراح وجود نكيرد حمل بر عجز نبايد كرد وقد سبق منا تعليله بغير هذا الوجه فى سورة الدخان فارجع وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك استدراك من قوله تعالى لا ريب فيه بان فيه شائبة ريب ما وفيه اشارة الى ان الله يحييكم بالحياة الانسانية ثم يميتكم

عن صفة الانسانية الحيوانية ثم يجمعكم بالحياة الربانية الى يوم القيامة وهى النشأة الاخرى لا ريب فى هذا عند اهل النظر ولكن اكثر الناس لا يعلمون لانهم اهل النسيان والغفلة وفى الجهل قبل الموت موت لاهله ... وأجسامهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور وفى الحديث أنتم على بينة من ربكم ما لم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا فعلى العاقل ان يتنبه ويكون على يقين من ربه ويصدق الكتاب فيما نطق به ولصعوبة الايمان بالغيب وقع اكثر الناس فى ورطة التكذيب ولانغلاق أبواب البرزخ والمعاد كتر الرد والإنكار (حكى) ان الشيخ الامام مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام سئل بعد موته فى منام رآه السائل ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى فقال هيهات وجدت الأمر بخلاف ما كنت أظن فالله تعالى قادر على كل شىء نقلست كه پير خراسان احمد حربى قدس سره همسايه كبر داشت بهرام نام مكرش يكى بتجارت فرستاده بود در راه آن مال برده بودند مال بسيار بود آن خبر بشيخ احمد رسانيدند ياران را كفت اين همسايه ما را چنين كار افتاده است برخيزيد تا برويم واو را غم خواركى كنيم اگر چهـ كبر است همسايه است چون بدر سراى او رسيدند واو را ديدند آتشى مى سوخته ومتوجه كشته بهرام برخاست واستقبال كرد وبوسه بر آستين شيخ داد وإعزاز وإكرام نمود ودر بند آن شد كه سفره بنهد پنداشت كه مكر از بهر چيزى خوردن آمده اند كه قحط بود شيخ احمد كفت خاطر فارغ دار كه ما بغم خواركىء تو آمده ايم كه شنيده ايم دزدان مال تو برده اند بهرام كفت مرا سه شكر واجب است يكى آنكه ديكران از من بردند ومن از ديكران نبردم دوم آنكه يك نيمه برده اند ونيمه ديكر با منست سوم آنكه دين با منست دنيا خود آيد ورود هنر بايد وفضل ودين وكمال ... كه كاه آيد وكه رود جاه ومال احمد كفت ازين سخن تو بوى آشنايى مى آيد پس شيخ كفت اى بهرام چرا آتش را مى پرستى كفت تا فردا ما را نسوزد وبا من بى وفايى نكند كه چندين هيزم در خورد او داده ام تا مرا بخداى رساند شيخ كفت غلط كرده كه آتش ضعيف است وجاهل وبى وفاست هر حسابى كه ازو بركرفته باطلست اگر طفلى پاره آب برو ريزد يا مشتى خاك برو افكند او از خود دفع نكند وبميرد از ضعف كسى كه چنين ضعيف بود ترا بچنان قوى چكونه تواند رسانيد كسى قوت ندارد كه پاره خاك را دفع كند ترا واسطه چون بود حق تعالى را ديكر نادانست اگر مشك واگر نجاست درو اندازى هر دو را بسوزد ونداند كه يكى بهترست واز هيزم تا عود فرق نكند وبى وفاست اينك هفتاد سالست تو آتش مى پرستى ومن هركز نپرستيده أم بيا تا هر دو دست در آتش كنيم تا تو مشاهده كنى كه هر دو را بسوزد ووفا نكند كبر را سخن او خوش آمد وكفت ترا چهار مسأله پرسم اگر جواب دهى ايمان آورم احمد كفت بگو كفت خداى تعالى خلق را چرا آفريد و چون آفريد چرا رزق داد و چون رزق داد

[سورة الجاثية (45) : الآيات 27 إلى 28]

چرا ميرانيد و چون ميرانيد چرا برانگيزد احمد كفت آفريد تا او را شناسند ورزق داد تا او را برازقى بداند وميرانيد تا او را بقهارى شناسند وزنده كردانيد تا او را بقادرى بدانند بهرام كبر چون اين سخن را شنود بى خود انكشت بر آورد وشهادت بر زبان راند چون شيخ ديد نعره زد وبيهوش شد چون بهوش آمد بهرام كفت يا شيخ سبب نعره زدن وبيهوش شدن چهـ بود كفت درين ساعت كه تو انكشت برداشتى بدرونم خطاب كردند كه هان اى احمد بهرام كبر را كه هفتاد سال در كبرى كذشت ايمان آورد تا ترا كه هفتاد سال در مسلمانى كذشت عاقبت چهـ خواهد آورد ومن الله العصمة والتوفيق لمرضاته والاستبصار بآياته وبيناته وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى الملك المطلق والتصرف الكلى فيهما وفيما بينهما مخصوص بالله تعالى وهو تعميم للقدرة بعد تخصيصها وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ العامل فى يوم يخسر ويومئذ بدل منه قال العلامة التفتازانيّ مثل هذا أشبه وأنى يتأنى ان هذا مقصود بالنسبة دون الاول قلت اليوم فى البدل بمعنى الوقت والمعنى وقت إذ تقوم الساعة ويحشر الموتى فيه وهو جزء من يوم تقوم الساعة فانه يوم متسع مبدأه من النخفة الاولى فهو بدل البعض والعائد مقدر ولما كان ظهور خسرهم وقت حشرهم يكون هو المقصود بالنسبة كذا فى حواشى سعدى المفتى يقال أبطل جاء بالباطل وقال شيأ لا حقيقة له والمراد الذين يبطلون الحق ويكذبون بالبعث ومعنى يخسر المبطلون يظهر خسرانهم ثمة وبالفارسية زيان كنند تباه كاران وزيان ايشان آن بود كه بدوزخ باز كردند قال فى الكبير ان الحياة والعقل والصحة كأنها رأس المال والتصرف فيها لطلب سعادة الآخرة يجرى مجرى تصرف التاجر فى رأس المال لطلب الربح والكفار قد أتعبوا أنفسهم فى طلب الدنيا فخسروا ربح الآخرة وفيه اشارة الى ابطال الاستعداد الفطري (ع) على نفسه فليبك من ضاع عمره وَتَرى رؤية عين كُلَّ أُمَّةٍ من الأمم المجموعة ومؤمنيهم وكافريهم حال كونها جاثِيَةً باركة على الركب من هول ذلك اليوم غير مطمئنة لانها خائفة فلا تطمئن فى جلستها عند السؤال والحساب يقال جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه او قام على أطراف أصابعه وعن ابن عباس رضى الله عنه جاثية اى مجتمعة بمعنى ان كل امة لا تختلط بأمة اخرى يقال جثوت الإبل وجثيتها جمعتها والجثوة بالضم الشيء المجتمع فان قيل الجثو على الركب انما يليق بالكافرين فان المؤمنين لا خوف عليهم يوم القيامة فالجواب ان الآمن قد يشارك المبطل فى مثل هذا الى ان يظهر كونه محقا مستحقا للامن قال كعب لعمر امير المؤمنين رضى الله عنه ان جهنم تزفر زفرة يوم القيامة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه حتى يقول خليل الرحمن عليه السلام يا رب لا اسألك اليوم الا نفسى (قال الشيخ سعدى) در ان روز كز فعل پرسند وقول ... اولو العزم را تن بلرزد ز هول بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا كُلَّ أُمَّةٍ كرر كل امة لانه موضع الاغلاظ والوعيد (تدعى الى كتابها اى الى صحيفة أعمالها فالاضافة مجازية للملابسة لان أعمالهم مثبتة فيه وفيه اشارة الى عجز العباد وان لا حول ولا قوة لهم فيما كتب الله لهم فى الأزل وانهم

[سورة الجاثية (45) : آية 29]

لا يصيبهم فى الدنيا والآخرة الا ما كتب الله لهم على مقتضى أعيانهم الثابتة فلا يجرون فى الافعال الا على القضاء (قال الحافظ) درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم الْيَوْمَ معمول لقوله تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى يقال لهم ذلك فمن كان عمله الايمان جزاه الله بالجنة ومن كان عمله الشرك والكفر جزاه بالنار كما قال النبي عليه السلام إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك فيجثيان بين يدى الرب تعالى فيقول الله للايمان انطلق أنت وأهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق أنت وأهلك الى النار هذا كِتابُنا إلخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل امة مكتوبا بأمر الله أضيف الى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لامره والا فالظاهر ان يضاف الى الامة بان يقال كتابها كما فيما قبلها يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ اى يشهد عليكم بِالْحَقِّ اى من غير زيادة ولا نقص والجملة خبر آخر لهذا وبالحق حال من فاعل ينطق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ إلخ تعليل لنطقه عليهم بأعمالهم من غير إخلال بشىء منها اى كنا فيما قبل نستكتب الملائكة ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الأعمال حسنة كانت او سيئة صغيرة او كبيرة اى نأمر الملائكة بكتب أعمالكم وإثباتها عليكم لان السين للطلب والنسخ فى الأصل هو النقل من اصل كما ينسخ كتاب من كتاب لكن قد يستعمل للكتبة ابتداء وقال بعضهم ما من صباح ولامساء الا وينزل فيه ملك من عند اسرافيل الى كاتب اعمال كل انسان ينسخ عمله الذي يعمله فى يومه وليلته وما هو لاق فيها كما قال عليه السلام أول ما خلق الله القلم وكتب ما يكون فى الدنيا من عمل معمول بر أو فجور وأحصاه فى الذكر واقرأوا انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل يكون النسخ الا من شىء قد فرغ منه قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام فى شهر رمضان ما يكون فى الأرض من حدث الى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة الله على عباده كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما فى كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان فاذا أفنى الورق مما قدر وانقطع الأمر وانقضى الاجل أتت الحفظة الخزنة فيطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيأ فترجع الحفظة فيجدونه قد مات ثم قال ابن عباس رضى الله عنهما ألستم قوما عربا هل يكون الاستنساخ الا من اصل وهو اللوح المحفوظ من التغير والتبدل والزيادة والنقصان على ما عليه كان مما كتبه القلم الا على وفيه دليل على ان الحفظة يعلمون ما يقع فى ذلك اليوم من العبد ويفعله قبل ان يفعله قان قلت إذا علمت الحفظة اعمال العبد من اللوح المحفوظ فما فائدة ملازمتهم العبيد وكتابتهم أعمالهم قلت الزام الحجة لا يحصل الا بشهودهم فعل العبد فى وقته المخصوص وكتابتهم على ما وقع قال بعضهم ان الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد يقابلونه بما فى أم الكتاب فما فيه ثواب وعقاب اثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محى وذلك قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت فعلى العبد أن يتدارك الحال قبل حلول الآجال فانه سوف ينفد العمر وينقلب الأمر (قال الشيخ سعدى) دريغست فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت روا دارى از جهل

[سورة الجاثية (45) : الآيات 30 إلى 37]

وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نه بندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان جعلنا الله وإياكم من المسارعين الى اسباب رضاه والمسابقين الى قبول امره وهداه فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأمم لانه تفصيل لما قبله فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ اى فى جنته لان الدخول حقيقة فى الجنة دون غيرها من اقسام الرحمة فهو من تسمية الشيء باسم حاله يعنى لما كانت الجنة محل الرحمة اطلق عليها الرحمة بطريق المجاز المرسل ذلِكَ الذي ذكر من الإدخال فى رحمته تعالى هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ الظاهر كونه فوز الا فوز وراءه يقول الفقير واما الفوز العظيم فهو دخول جنة القلب ولقاؤه تعالى فى الدنيا والآخرة ولكن لما كان هذا الفوز غير ظاهر بالنسبة الى العامة وكان الظاهر عندهم الفوز بالجنة قيل هو الفوز المبين وان اشتمل الفوز المبين على الفوز العظيم لان الجنة محل انواع الرحمة وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ اى فيقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع الم تكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتي تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه فَاسْتَكْبَرْتُمْ عن الايمان بها وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ اى قوما عادتهم الاجرام قال الشيخ السمرقندي فى بحر العلوم فان قلت أهذه الآية تشمل الذين فى اقاص الروم والترك والهند من الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يتل عليهم شىء من آيات الله وهم اكثر عددا من رمال الدهناء وما قولك فيهم قلت لابل الظاهر عندى بحكم الآية ان هؤلاء معذورون مغفورون شملتهم رحمة الله الواسعة بل أقول تشمل كل من مات فى الفترة وكل أحمق وهرم وكل أصم ابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعة كلهم نزل على الله بحجة وعذر رجل مات فى الفترة ورجل أدرك الإسلام هرما ورجل أصم ابكم معتوه ورجل أحمق فاستوسع ايها السائل رحمة الله فان صاحب الشرع هو لذى استوسع رحمة الله تعالى قبلنا ولم يضيق على عباده ولا تشغل بالتكفير والتضليل لسانك وقلبك كطائفة بضاعتهم مجرد الفقه يخوضون فى تكفير الناس وتضليلهم وطائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا وقد كذبوا وفى غمرتهم عمهوا ان من لم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا المحررة فى كتبنا فهو كافر فاولئك عليهم العويل والنباحة ايام حياتهم ومماتهم حيث ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده وجعلوا الجنة حصرا ووقفا على طائفة الفقهاء وشر ذمة المتكلمين وكفروا وضللو الذين هم برآء من الكفر والضلالة وقد ذهلوا او جهلو بقول النبي عليه السلام أمتي كلها فى الجنة الا الزنادقة وقد روى ايضا الهالك منها واحدة ويقول عبد الله بن مسعود وابو هريرة وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا وبما قال انس رضى الله عنه قال النبي عليه السلام إذا كان يوم القيامة يغفر الله لاهل الا هواء أهواءهم وحوسب الناس بأعمالهم الا الزنادقة انتهى كلام السمرقندي فى تفسيره والزنديق هو من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء ويعتقد أن الأموال والحرم مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم

قبول توبته كما فى فتاوى قارئ الهداية وفى الأصول من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف بمجرد العقل فاذا لم يعتقد ايمانا ولا كفرا كان معذورا إذا لم يصادف مدة يتمكن فيها من التأمل والاستدلال بان بلغ فى شاهق الجبل ومات فى ساعته وإذا أعانه الله بالتجربة وأمهله لدرك العواقب لم يكن معذورا وان لم تبلغه الدعوة لان الامهال وادراك مدة التأمل بمنزلة دعوة الرسل فى حق تنبيه القلب من نوم الغفلة فاذا قصر فى النظر لم يكن معذورا وليس على حد الامهال دليل يعتمد عليه وما قيل انه مقدر بثلاثة ايام اعتبارا بالمرتد فانه يمهل ثلاثة ايام ليس بقوى لان هذه التجربة تختلف باختلاف الاشخاص لان العقول متفاوتة فرب عاقل يهتدى فى زمان قليل الى ما لا يهتدى اليه غيره فى زمان طويل فيفوض تقديره الى الله إذ هو العالم بمقدارها فى حق كل شخص فيعفو عنه قبل إدراكها او يعاقبه بعد استيفائها وعند الاشعرية ان غفل عن الاعتقاد حتى هلك او اعتقد الشرك فلم تبلغه الدعوة كان معذورا لان المعتبر عندهم هو السمع دون العقل ومن قتل من لم تبلغه الدعوة ضمنه لان كفرهم معفو عندهم فصاروا كالمسلين فى الضمان وعندنا لم يضمن وان كان قتله حراما قبل الدعوة ضمنه لان غفلتهم عن الايمان بعد ادراك مدة التأمل لا يكون عفوا وكان قتلهم مثل قتل نساء اهل الحرب فلا يضمن ثم الجهل فى دار الحرب من مسلم لم يهاجر إلينا يكون عذرا حتى لو لم يصل ولم يصم مدة ولم تبلغ اليه الدعوة لا يجب عليه قضاؤهما لان دار الحرب ليس بمحل لشهرة أحكام الإسلام بخلاف الذمي إذا أسلم فى دار الإسلام يجب عليه قضاء الصلاة وان لم يعلم بوجوبها لانه متمكن من السؤال عن احكام الإسلام وترك السؤال تقصير منه فلا يكون عذرا يقول الفقير والذي تحرر من هذه التقريرات ان من لم تبلغه الدعوة فهو على وجهين اما ان يمهل له قدر ما يتأمل فى الشواهد ويعرف التوحيد اولا فالثانى معذور دون الاول وتكفى المعرفة المجردة وان لم يكن هناك ايمان شرعى ولذا ورد فى الخبر من مات وهو يعرف ولم يقل وهو يؤمن فدل على ان من عرف الله تعالى معرفة خالصة ليس فيها شرك نجا من من النار ومعنى الايمان الشرعي هو المتابعة النبي من الأنبياء عليهم السلام وقس على هذا احوال اهل الفترة فانهم ان لم يخلوا بالتوحيد وبالأصول كانو معذورين فقول من قال ليأتين على جهنم زمان إلخ حق فان الطبقة العالية من جهنم التي هى مقر عصاة المؤمنين تبقى خالية بعد مرور الاحقاب يعنى من كان فى قلبه مثقال حبة من الايمان اى معرفة الله تعالى سواء سمى ذلك ايمانا شرعيا أم لا يخرج من النار فاذا لم يكفر اهل المعرفة المجردة فكيف اهل القبلة من المؤمنين بالايمان الشرعي ما لم يدل دليل ظاهر او خفى على كفره (قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب) هر كه شد ز اهل قبله بر تو پديد ... كه به آورده نبى كرويد كر چهـ صد بدعت وخطا وخلل ... بينى او را ز روى علم عمل مكن او را ز سرزنش تكفير ... مشمارش ز اهل نار سعير ور ببينى كسى ز اهل إصلاح ... كه رود راه دين صباح ورواح بيفين ز اهل جنتش مشمار ... ايمن از روز آخرش مكذار مكر آنكس كه از رسول خدا ... شد مبشر بجنة المأوى قال الشيخ علاء الدولة فى كتاب العروة جميع الفرق الاسلامية اهل النجاة والمراد

[سورة الجاثية (45) : آية 32]

من الناجية فى حديث ستفترق أمتى إلخ الناجية بلا شفاعة وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ان ما وعده من الأمور الآتية فهو بمعنى الموعود حَقٌّ واقع لا محالة وَالسَّاعَةُ اى القيامة التي هى أشهر ما وعده لا رَيْبَ فِيها اى فى وقوعها لكونها مما اخبر به الصادق ولقيام الشواهد على وجودها قُلْتُمْ من غاية عتوكم يا منكرى البعث من الكفار والزنادقة ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ اى اى شىء هى استغرابا لها إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا اى ما نفعل فعلا الا ظنا فان ظاهره استثناء الشيء من نفسه وفى فتح الرحمن اى لا اعتقاد لنا الا الشك والظن أحد طرفى الشك بصفة الرجحان ويجيىء بمعنى اليقين انتهى ومقابل الظن المطلق هو الاستيقان ولذا قال وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ اى لامكان الساعة يعنى ما را يقينى نيست در قيام قيامت ولعل هؤلاء غير القائلين ما هى الا حياتنا الدنيا فمنهم من يقطع بنفي البعث والقيامة وهم المذكورون فى الآية الاولى ومنهم من يشك لكثرة ما سمعوه من الرسول عليه السلام من دلائل صحة وقوعه وهم المذكورون فى هذه الآية قال فى التعريفات الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل فى اليقين والشك انتهى واليقين إتقان العلم ينفى الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا ولذلك لا يوصف به علم القديم ولا العلوم الضرورية إذ لا يقال تيقنت ان السماء فوقى فعلى العاقل ان يرفع الشك عن الأمور التي اخبر الله بها ويكون على يقين تام منها (وفى المثنوى) وعدها باشد حقيق دلپذير ... وعدها باشد مجازى تا سه كير وعده اهل كرم كنج روان ... وعده نااهل شد رنج روان ولا شك ان ليس من الله اصدق قيلا فوعده للمؤمنين الموقنين يورث الفرح والسرور فانهم وان كانوا يخافون القيامة وأهوالها لكنهم يرجون رحمة الله الواسعة ولا يصلون الى كمال تلك الرحمة الا بوقوع القيامة فانه هو الذي توقف عليه دخول الجنة ودرجاتها ونعيمها ولليقين مراتب الاولى علم اليقين وهو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا نزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا وهى المرتبة الثانية التي يقال لها عين اليقين ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا يزوال حجاب الاثنينية فاذا تكون العين حقا وهى المرتبة الثالثة التي يقال لها حق اليقين وزيادة هذه المرتبة عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء حقه للانبياء واما باطن حق اليقين وهو حقيقة اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه المراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل وكثرة الذكر والسكوت بالفكر فى ملكوت السموات والأرض وبأداء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والفرض وتفليل المنام والعرض وأكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة وكلها من الشريعة النبوية فلا بد من المتابعة له فى قوله وفعله با يزيد بسطامى قدس سره كفت روح من بهمه ملكوت بر كذشت وبهشت ودوزخ بد ونمود وبچيزى التفات نكرد وبجان هيچ پيغمبر نرسيد الإسلام كرد چون بروح پاك مصطفى عليه السلام رسيدم آنجا صد هزاران درياى آتشين ديدم بى نهايت وهزاران حجاب از نور ديدم اگر باول دريا قدم نهادمى بسوختمى لا جرم زان هيبت چنان مدهوش

[سورة الجاثية (45) : الآيات 33 إلى 34]

شدم كه هيچ نماندم با آنكه بحق رسيدم زهره نداشتم بمحمد عليه السلام رسيدن يعنى هر كس بقدر خويش بخدا تواند رسيد كه حق با همه است اما محمد عليه السلام در پيش شان در صدر خاص است تا لا جرم وادي لا اله الا الله قطع نكنى بوادي محمد رسول الله نتوانى رسيد وبحقيقت هر دو وادي يك اند پس با يزيد كفت الهى هر چهـ ديدم همه من بوسم با من بتوراة نيست واز خودىء خود مرا در مكذارى مرا چهـ بايد كرد فرمان آمد كه يا أبا يزيد خلاصى تو از ثوبى نواتدر متابعت دوست ما محمد عليه السلام بسته است ديده را بخاك قدم او اكتحال كن وبر متابعت او مداومت نماى فظهر انه كلما كان التصديق أقوى والمتابعة أوفر كان القرب اكثر ومن هذا عرف حال الكفار وأهل الإنكار فى البعد والفراق نعوذ بالله الخلاق تم الجزء الخامس والعشرون ويليه الجزء السادس والعشرون وَبَدا لَهُمْ اى ظهر للكفار فى الآخرة سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا من اضافة الصفة الى موصوفها اى أعمالهم السيئة على ما هى عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها والمراد الشرك والمعاصي التي كانت تميل إليها الطبائع والنفوس وتشتهيها وتستحسنها تم تظهر يوم القيامة فى الصور القبيحة فالحرام فى صورة الخنزير والحرص فى صورة الفارة والنملة والشهوة فى صورة الحمار والعصفور والغضب فى صورة الفهد والأسد والكبر فى صورة النمر والبخل فى صورة الكلب والحقد فى صورة الجمل والاذية بلسانه فى صورة الحية وشره الطعام والشراب والمنام فى صورة الجاموس والبقر والعجب فى صورة الدب واللواطة فى صورة الفيل والحيلة فى صورة الثعلب وسرقة الليل فى صورة الدلق وابن عرس والرباء والدعوى فى صورة الغراب والعقعق والبومة واللهو بالملاهي فى صورة الديك والفكر بلا فاعدة فى صورة القمل والبرغوث والنوح فى صورة ما يقال بالفارسية شغال والعلم بلا عمل كالشجرة اليابسة والرجوع من الطريقة الحقة فى صورة تحول الوجه الى القفا الى غير ذلك من الصور المتنوعة بحسب الأعمال المختلفة فكل ما اثمر لهم فى الآخرة انما هو فى زرع زرعوه فى مزرعة الدنيا بأعمالهم السيئة ويجوز ان يراد بسيئات ما عملوا جزاؤها فان جزاء السيئة سيئة فسميت باسم سببها وَحاقَ بِهِمْ أحاط ونزل قال ابو حيان لا يستعمل الا فى المكروه يقال حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أحاط به كأحاق والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من الجزاء والعقاب وَقِيلَ من جانب الحق الْيَوْمَ وهو يوم القيامة نَنْساكُمْ نترككم فى العذاب ترك المنسى ففى ضمير الخطاب استعارة بالكناية بتشبيههم بالأمر المنسى فى تركهم فى العذاب وعدم المبالاة بهم وقرينتها النسيان كَما نَسِيتُمْ فى الدنيا لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا اى كما تركتم عدته ولم تبالوا بها وهى الايمان والعمل الصالح واضافة اللقاء الى اليوم اضافة المصدر الى ظرفه اى نسيتم لقاء الله وجزاءه فى يومكم هذا فأجرى اليوم مجرى المفعول به وجعل ملقيا وفيه اشارة الى انهم زرعوا فى مزرعة الدنيا بذر النسيان فاثمرهم فى الآخرة ثمرة النسيان اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هركز نيارد كز انگور بار درخت زقوم ار بجان پرورى ... مپندار هركز كزو برخورى

[سورة الجاثية (45) : الآيات 35 إلى 37]

رطب ناورد چوب خرزهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار وَمَأْواكُمُ النَّارُ ومرجعكم ومكانكم جهنم وبالفارسية وجايكاه شما آتش است لانها مأوى من نسينا كما ان الجنة مأوى من ذكرنا وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ اى ما لاحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها ذلِكُمْ لعذاب بِأَنَّكُمُ اى بسبب انكم اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً اى مهزوا بها ولم ترفعوا لها رأسا بالتفكر والقبول وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فحسبتم ان لا حياة سواها نوشته اند بر ايوان جنة المأوى كه هر كه عشوه دنيا خريد واى بوى فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها اى من النار والتفات الى الغيبة للايذان باسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم او بنقلهم من مقام الخطاب الى غيابة لنار وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ اى يطلب منهم ان يعتبوا ربهم اى يرضوه بالطاعة لفوات او انه وفيه اشارة الى ان الله تعالى أظهر على مخلصى عباده بعض آياته فلما رآها أهل الإنكار اتخذوها هزوا على ما هو عادتهم فى كل زمان وغرتهم الحياة الدنيا إذ ما قبلوا وصية الله إذ قال فلا تغرنكم الحياة لدنيا فاليوم لا يخرجون من نار القهر الإلهي لانهم دخلوا فيها على قدمى الحرص والشهوات ولا هم يستعتبون فى الرجوع الى الجنة على قدمى الايمان والعمل الصالح فَلِلَّهِ الْحَمْدُ خاصة رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ كلها من لارواح والأجسام والذوات والصفات فلا يستحق الحمد أحد سواه وتكرير الرب للتأكيد والإيذان بان ربيته تعالى لكل منها بطريق الاصالة وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى العظمة والقدرة والسلطان والعز لظهور آثارها وأحكامها فيهما وإظهارهما فى موقع الإضمار لتفخيم شأن الكبرياء وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلب الْحَكِيمُ فى كل ما قضى وقدر فاحمدوه اى لان له الحمد وكبروه اى لان له الكبرياء وأطيعوه اى لانه غالب على كل شىء وفى كل صنعه حكمة جليلة وفى الحديث ان لله ثلاثة أثواب اتزر بالعزة وارتدى بالكبرياء وتسربل بالرحمة فمن تعزز بغير الله اذله الله فذلك الذي يقول الله تعالى ذق انك أنت العزيز الكريم ومن تكبر فقد نازع الله ان الله تعالى يقول لا ينبغى لمن نازعنى ان ادخله الجنة ومن يرحم الناس يرحمد الله فذلك الذي سربله الله سرباله الذي ينبغى له وفى الحديث القدسي يقول الله الكبرياء ردآئى والعظمة إزاري فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى جهنم فللعبد أن يتخلق بأخلاق الحق تعالى ولكنه محال ان يتخلق بهذين الخلقين لانهما أزليان أبديان لا يتطرق إليهما التغير وفى خلق العبد تغيير وله بداية ونهاية وله مبدىء ومعيد قال بعض الكبار وصف الحق سبحانه وتعالى نفسه بالإزار والرداء دون القميص والسراويل لان الأولين غير مخطيين وان كانا منسوجين فهما الى البساطة أقرب والثانيين مخيطان ففيهما تركيب ولهذا السر حرم المخيط على الرجل فى الإحرام دون المرأة لان الرجل وان كان خلق من مركب فهو الى البساطة أقرب واما المرأة فقد خلقت من مركب محقق هو للرجل فبعدت عن البسائط والمخيط تركيب فقيل للمرأة أبقى على أصلك لا تلحقى الرجل وقيل للرجل ارتفع عن تركيبك وفى تقديم الحمد على الكبرياء اشارة الى ان الحامدين إذا حمدوه وجب ان يعرفوا انه أعلى واكبر من ان يكون الحمد الذي ذكروه لائقا بانعامه بل هو أكبر من حمد الحامدين وأياديه

أجل من شكر الشاكرين قال بعض العارفين اعلم ان التكبير تنزيه ربك عن قيد الجهات والتحولات المختلفة وعن قيد التعينات العلمية والاعتقادية المتنوعة يحسب المراتب وعن سائر احكام الحصر ما ظهر من ذلك المذكور وما بطن مما لا يتحقق بمعرفته الا من عرف سر العبادات المشروعة وسر التوجهات الكونية الى الحضرة الربانية فمعنى كل تكبير صلاتى الله اكبر من ان يتفيد بهذه التحولات العبادية والمراتب والتعينات الكونية وقال شيخ الإسلام خواهر زاده معنى الله اكبر أي من يؤدى حقه بهذا القدر من الطاعة بل حقه الأعلى كما قالت الملائكة ما عبدناك حق عبادتك وفى جامع المضمرات ليس المعنى على انه اكبر من غيره حتى يقال اكبر منه بل كل ما سواه فهو نور من أنوار قدرته كما حكى انه عطس رجل عند الجنيد فقال الحمد لله فقال الجنيد قل الحمد لله رب العالمين موافقا للقرءآن فقال الرجل وهل للعالم وجود حتى يذكر مع الله فمعنى الله اكبر أي اكبر من ان يناله الحواس ويدرك جلاله بالعقل والقياس بل اكبر من ان يدرك كنه جلاله غيره بل اكبر من ان يعرفه غيره فانه لا يعرف الله الا الله قال بعض الفضلاء الصحيح ما عليه المحققون من ان اسم التفصيل إذ اطلق على الله تعالى فهو بمنزلة المعرف باللام فى المعنى فهو بمعنى الله هو الأكبر ولا يسوغ فيه تقدير من فانه حينئذ يقتضى ان يشاركه غيره فى اصل الكبرياء وهو سبحانه منزه عن ان يشاركه غيره فى شىء من صفاته كيف يتصور ذلك ولا كبرياء فى غيره تعالى بل شعار ما سواه كمال الصغار والاحتياج الى جنابه تعالى فضلا عن الاتصاف بالكبرياء والعظمة والكبر فى حق ما سواه من أسوأ الأخلاق الذميمة وتعالى الله ان يشاركه غيره فى صفة هى كمال لخلقه تعالى فضلا عن صفة هى ذميمة لهم بل اسم التفضيل فى حقه تعالى دال على زيادة المبالغة والكمال المطلق الذي لا يتصور أن يشاركه فيه أحد مما سواه انتهى وكان عليه السلام يزيد فى تكبيرات صلاة العيدين فتارة يجعل الزوائد ستا واخرى اكثر وسره ان العرب يجتمعون فى الأعياد من القبائل ويزاحمون على مطالعة جماله ويعظمونه أشد التعظيم فكان ينفى الكبرياء عن نفسه قيثبتها لله تعالى بما يحصل له كمال الاطمئنان من الاعداد (قال فى كشف الاسرار) بسمع عمر بن عبد العزيز رسانيدند كه پسر تو انكشترى ساخته است ونكينى بهزار درم خريد وبروى نشانده نامه نوشته بوى كه اى پسر شنيدم كه انكشترى ساخته ونكينى بهزار درم خريده ودر وى نشانده اگر رضاى من ميخواهى آن نكين بفروش واز بهاى آن هزار كرسنه را طعام ده واز پاره سيم خود را انكشترى ساز وبر آن نقش كن كه رحم الله امرأ عرف قدر نفسه زيرا كبر با صفت خداوند ذى الجلالست مرو را سزد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى يكى را بسر بر نهد تاج بخت ... يكى را بخاك اندر آرد ز تخت بتهديد اگر بر كشد تيغ حكم ... بمانند كر وبيان صم وبكم بدرگاه لطف وبز ركيش بر ... بزركان نهاده بزركى ز سر بدرد يقين بردهاى خيال ... نماند سرا پرده الإجلال اى لا يبقى من الحجب إلا حجاب العظمة ورداء الكبرياء فانه لا يرتفع ابدا والا لتلاشى وجود الإنسان والتحق بالعدم فى ذلك الآن فاعرف هذا بالذوق والوجدان

سورة الأحقاف

تمت سورة الجاثية فى الرابع عشر من شهر رمضان المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث عشرة ومائة والف سورة الأحقاف اربع او خمس وثلاثون آية مكية سورة الأحقاف بسم الله الرحمن الرحيم (حم) اى هذه السورة مسماة بحم وقال بعضهم الحاء اشارة الى حماية اهل التوحيد والميم الى مرضاته منهم مع المزيد وهو النظر الى وجهه الكريم وقال بعضهم معناه حميت قلوب اهل عنايتى فصنتها عن الخواطر والهواجس فلاح فيها شواهد الدين وأشرقت بنور اليقين يقول الفقير فيه اشارة الى ان القرآن حياة الموتى كما قال او كلم به الموتى وكذا حياة الموتى من القلوب فان العلوم ولمعارف والحكم حياة القلوب والأرواح والاسرار وايضا الى الأسماء الحسنى فان حاء وميم من حساب اليسط تسعة وتسعون وايضا الى الصفات السبع التي خلق الله آدم عليها وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام فالحاء حاء الحياة والميم ميم الكلام فاشير بالأول والآخر الى المجموع يعنى ان الله تعالى انزل القرآن لتحصى أسماؤه الحسنى وتعرف صفاته العليا ويتخلق بأخلاقه العظمى تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن المشتمل على هذه السورة وعلى سائر السور الجليلة وبالفارسية فرستادن كتاب بعضى از پى بعض وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ وما كان من الله فهو حق وصدق فانه قال ومن أصدق من الله قيلا الْعَزِيزِ وما كان من العزيز فهو عزيز غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه ودليل ظاهر لأباب الظواهر والباطن الْحَكِيمِ وما كان من الحكيم ففيه حكمة بالغة لان الله تعالى لا يفعل الا ما فيه مصلحة كما قال ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بما فيهما من حيث الجزئية منهما ومن حيث الاستقرار فيهما وَما بَيْنَهُما من المخلوقات كالنار والهواء والسحاب والأمطار والطيور المختلفة ونحوها إِلَّا خلقا ملتبسا بِالْحَقِّ اى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة وان جعلها مقارا للمكلفين ليعملوا فيجازيهم يوم القيامة لا بالعبث والباطل فانه ما رجد شىء الا لحكمة والوجود كله كلمات الله ولكل كلمة ظهر هو الصورة وبطن هو المعنى الى سبعة أبطن كما ورد فى الخبر ان لكل حق حقيقة فالوجود كله حق حتى ان النطق بكلمات لا معانى لها حق فانها قد وجدت والباطل هو المعنى الذي تحتها كقول من يقول مات زيد ولم يمت فان حروف الكلمة حق فانها قد وجدت والباطل هو ان زيد أمات وهو المعنى الذي تحتها فالدنيا حق وحقيقتها الآخرة والبرزخ وصل بينهما وربط ومن هاهنا يعرف قول على رضى الله عنه الناس نيام وإذا ماتوا تيقظوا فالرؤيا حق وكذا ما فى الخارج من تعبيرها لكن كلا منهما خيال بالنسبة الى الآخرة لكونه من الدنيا وكونه خيالا ومن الدنيا لا ينافى كونه حقا وانما ينافى كونه حقيقة ولذا قال يوسف الصديق عليه السلام يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انما الكون خيال وهو حق فى الحقيقة وفى الآية اشارة الى ان المخلوقات كلها ما خلقت الا لمعرفة الحق تعالى كما قال فخلقت الخلق لا عرف وفى الحديث لو عرفتم الله حق

معرفته لمشيتم على البحور ولزالت بدعائكم الجبال ولهذه المعرفة خلقت سموات الأرواح وأراضي النفوس وما بينهما من العقول والقلوب والقوى وَأَجَلٍ مُسَمًّى عطف على الحق بتقدير المضاف اى وبتقدير أجل معين ينتهى اليه امور الكل وهو يوم القيامة وذلك لان اقتران الخلق ليس الا به لا بالأجل نفسه وفيه إيذان بفناء العالم وموعظة وزجر اى فانتبهوا ايها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم واشارة بان لكل عارف أجل مسمى لمعرفته وأكثره فى هذه الامة أربعون سنة فانها منتهى السلوك فلا يغتر العبد بعلمه وعرفانه فانه فوق كل ذى علم عليم ولكل حد نهاية والأمور مرهونة بأوقاتها وأزمانها وهذا بالنسبة الى من سلك على الفطرة الاصلية وعصم من غلبة احكام الإمكان والا فمن الناس من يجتهد سبعين سنة ثم لا يقف دون الغاية ثم انه فرق بين أوائل المعرفة وأواخرها فان حصول أواخرها يحتاج الى مدة طويلة بخلاف اوائلها إذ قد تحصل للبعض فى أدنى مدة بل فى لحظة كما حصلت لسحرة فرعون فانهم حيث رأوا بمعجزة موسى عليه السلام قالوا آمنا برب العالمين (وحكى) ان ابراهيم بن أدهم قدس سره لما قصد هذا الطريق لم يك الا مقدار سيره من بلخ الى مرو الروذ حتى صار بحيث أشار الى رجل سقط من الفنطرة فى الماء الكثير هنالك فوقف الرجل مكانه فى الهولء فتخلص وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة ولا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم وأعتقها فاختارت هذا الطريق وأقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها زهاد البصرة وقراؤها وعلماؤها لعظم منزلتها فهذ من العناية القديمة والارادة الازلية الغير المعللة بشىء من العلل فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ديكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لم يكن يتخلص عندى أحد الجنبين فى مسألة خلق الأعمال وتعسر عندى الفصل بين الكسب الذي يقول به قوم وبين الخلق الذي يقول به قوم فأوقفنى الله تعالى بكشف بصرى على خلقة المخلوق الاول الذي لم يتقدمه مخلوق وقال هل هنا امر يورث اللبس والحيرة قلت لا يا رب فقال لى هكذا جميع ما نراه من المحدثات ما لأحد فيه اثر ولا شىء من المخلوق فانا الذي اخلق الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب فتكور على امرى خلقت النفخ فى عيسى وخلقت التكون فى الطائر وَالَّذِينَ كَفَرُوا اى مشركو أهل مكة عَمَّا أُنْذِرُوا به وخوفوا من يوم القيامة وما فيه من الأهوال مُعْرِضُونَ بترك الاستعداد له بالايمان والعمل وفيه اشارة الى ان الاعراض عما انذروا به كفر قال الفقهاء إذا وصف الله أحد بما لا يليق به كالامكان والحدوث والجسمية والجهات والظلم النوم والنسيان والتأذى ونحو ذلك او استهزا باسم من أسمائه أو أمر من أوامره او أنكر شيأ من وعده ووعيده وما ثبت بدليل قطعى يكفر ولوزنى رجل او عمل عمل قوم لوط فقال له الآخر مكن فقال كنم ونيك ارم فهذا كفر ولو قيل لرجل لا تعصى لله فان الله يدخلك النار فقال من از دوزخ نه انديشم يكفر ولو قيل الرجل بسيار مخور وبسيار مخسب او بسيار مخد فقال چندان خورم وخسم وخندم كه خودخواهم يكفر لكون كل من الاكل والنوم والضحك الكثير منها عنه مميتا

[سورة الأحقاف (46) : آية 4]

للقلب فرد القول فيه رد للنص حقيقة وفى آخر فتاوى الظهيرية سئل الشيخ الامام ابو بكر محمد بن الفضل عمن يقول انا لا أخاف النار ولا أرجو الجنة وانما أخاف الله وأرجوه فقال قوله لا أخاف النار ولا أرجو الجنة غلط فان الله تعالى خوف عباده بالنار بقوله تعالى فاتقوا النار التي أعدت للكافرين ومن قبل له خف مما خوفك الله فقال لا أخاف ردا لذلك كفر انتهى يقول الفقير صرح العلماء بان الايمان من أجل خوف النار ورجاء الجنة لا يصح لانه ايمان غير خالص لله فلو كان مراده من نفى الخوف والرجاء ان إيماني ليس بمبنى عليهما لم يكفر بل أصاب حقيقة الايمان على ان المراد من اتقاء النار فى الحقيقة اتقاء الله تعالى فان الله هو الذي يدخله النار بمقتضى وعيده على تقدير عصيانه فيؤول المعنى فى الآية الى قولنا فاتقوا الله ولا تعصوه حتى لا يدخلكم النار نعم رد ظاهر النص كفر إذا لم يقدر على الخروج عن عهدته بتأويل مطابق للشرع ومن اكبر الذنوب ان يقول الرجل لاخيه اتق الله فيقول فى جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك وأنت تأمرنى بهذا (روى) ان يهوديا قال لهرون الرشيد فى سيره مع عسكره اتق الله فلما سمع هرون قول اليهودي نزل من فرسه وكذا العسكر نزلوا تعظيما لاسم الله العظيم وجاء فى كتب الأصول إذا حلف على مس السماء انعقد اليمين لتوهم البر لان السماء ممسوسة كما قال تعالى حكاية عن الجن وانا لمسنا السماء ثم يحنث ويلزمه موجب الخنث وهو الكفارة فيكون آثما لان المقصود باليمين تعظيم المقسم به وهاهنا هتك حرمة الاسم انتهى فعلى العاقل ان يقبل قول الناصح ويخاف من الله ويعظم اسمه حتى يكون مظهر صفات لطفه ويعرف انه تعالى لطيف فاذا كفروأ عرض يكون مظهر صفات قهره فيعرف ان الله تعالى قهار نسأل الله عفوه وعطاه ولطفه الواسع ورضاه قُلْ للكافرين توبيخا وتبكيتا أَرَأَيْتُمْ أخبروني وبالفارسية خبر ميدهيد مرا ما تَدْعُونَ اى ما تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام والكواكب وغيرها أَرُونِي بنماييد بمن وهو تأكيد لأرايتم ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ اى كانوا آلهة وهو بيان الإبهام فى ماذا اى اى جزء من اجزاء الأرض تفردوا بخلقه دون الله فالمفعول الاول لأرأيتم قوله ما تدعون والثاني ماذا خلقوا ومآله أخبرونى عن حال آلهتكم أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ اى شركة مع الله تعالى فِي السَّماواتِ اى فى خلقها او ملكها وتدبيرها حتى يتوهم ان يكون لهم شائبة استحقاق للعبودية فان ما لا مدخل له فى وجود شىء من الأشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالكلية وان كانوا من الاحياء العقلاء فما ظنكم بالجماد و چون ظاهرست كه معبودان شما عاجزاند وايشان را در زمين وآسمان تصرفى نيست پس چرا در پرستش با من شريك مى سازيد فان قلت فما تقول فى عيسى عليه السلام فانه كان يحيى الموتى ويخلق الطير ويفعل ما لا يقدر عليه غيره قلت هو باقدار الله تعالى واذنه وذلك لا ينافى عجزه فى نفسه وذكر الشرك فى الجهات العلوية دون السفلية اى دون ان يعم بالأرض ايضا لان الآثار العلوية اظهر دلالة على اختصاص الله تعالى بخلقها لعلوها وكونها مرفوعة بلا عمد وأوتاد أو للاحتراز عما يتوهم ان للوسائط شركة فى إيجاد الحوادث السفلية يعنى لو قال أم لهم شرك فى الأرض لتوهم ان للسموات دخلا وشركة فى إيجاد الحوادث السفلية هذا على

[سورة الأحقاف (46) : آية 5]

تقدير ان تكون أم منطقة والأظهر ان تجعل الآية من حذف معادل أم المتصلة لوجود دليله والتقدير الهم شرك فى الأرض أم لهم شرك فى السموات كما فى حواشى سعدى المفتى ائْتُونِي بِكِتابٍ إلخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلى بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلى والباء للتعدية اى ائتوني بكتاب الهى كائن مِنْ قَبْلِ هذا اى الكتاب اى القرآن الناطق بالتوحيد وابطال الشرك دال على صحة دينكم يعنى ان جميع الكتب السماوية ناطقة بمثل ما نطق به القرآن أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ اى بقية كائنة من علم بقيت عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة من قولهم سمنت الناقة على اثارة من لحم وشحم اى على بقية لحم وشحم كانت بها من لحم وشحم ذاهب ذائب إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعواكم فانها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلى او نقلى وحيث لم يقم عليها شىء منهما وقد قامت على خلافها ادلة العقل والنقل تبين بطلانها واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى نيست خلقش را دگر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى وفيه اشارة الى ان كل ما يعبد من دون الله من الهوى والشيطان وغيرهما لا يقدر على شىء فى ارض النفوس وسموات الأرواح فان الله هو الخالق ومنه التأثير وبيده القلوب يقلبها كيف يشاء فان شاء أقامها للحق وان شاء ازاغها للباطل وليس لعبادة غير الله دليل من المعقول والمنقول ولم يجوزها أحد من اولى النهى والمكاشفة ومن ثمة اتفق العلماء من اهل الظاهر والباطن على وجوب الإخلاص حتى قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لطلب الثواب وللخوف من العقاب غير مقيدة فان فيها ملاحظة غير الله فالعبادة انما هى لله لا للجنة ولا للنار وَمَنْ استفهام خبره قوله أَضَلُّ كمراه ترست مِمَّنْ يَدْعُوا وبعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونه متجاوزا دعاء الله وعبادته مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ الجملة مفعول يدعو اى هم أضل من كل ضلل حيت تركو عبادة خالقهم السميع القادر المجيب الخبير الى عبادة مصنوعهم العاري عن السمع والقدرة والاستجابة يعنى اگر مشرك معبود باطل خود را بخواند اثر استجابت ازو ظاهر نخواهد شد إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ غاية لنفى الاستجابة اى ما دامت الدنيا فان قيل يلزم منه ان منتهى عدم الاستجابة يوم القيامة للاجماع على اعتبار مفهوم الغاية قلنا لو سلم فلا يعارض المنطوق وقد دل قوله وإذا حشر الناس الآية على معاداتهم إياهم قانى الاستجابة وقد يجاب بان انقطاع عدم الاستجابة حينئذ لاقتضائه سابقة الدعا ولا دعاء ويرده قوله تعالى فدعوهم فلم يستجيبوا لهم الا ان يخص الدعاء بما يكون عن رغبة كما فى حواشى سعدى المفتى وقال ابن الشيخ وانما جعل ذلك غاية مع ان عدم استجابتهم امر مستمر فى الدنيا والآخرة اشعارا بان معاملتهم مع العابدين بعد قيام الساعة أشد وأفظع مما وقعت فى الدنيا إذ يحدث هناك العداوة والتبري ونحوه وان عليك لعنتى الى يوم الدين فان اللعنة على الشيطان وان كانت ابدية لكن يظهر يوم الدين امر أفظع منها تنسى عنده كأنها تنقطع وَهُمْ اى الأصنام عَنْ دُعائِهِمْ اى عن دعاء الداعين المشركين وعبادتهم فالضمير الاول لمفعول يدعو والثاني لفاعله والجمع فيهما باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما سبق

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 6 إلى 10]

باعتبار لفظها غافِلُونَ لكونهم جمادات لا يعقلون فكيف يستجيبون وعلى تقدير كون معبوديهم احياء كالملائكة ونحوهم فهم عباد مسخرون مشغولون بأحوالهم وضمائر العقلاء لاجرائهم الأصنام مجرى العقلاء ووصفها بما ذكر من ترك الاستجابة والغفلة مع ظهور حالها للنهكم بها وبعبدتها بى بهره كسى كه چشمه آب حيات ... بگذارد ورو نهد بسوى ظلمات وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ عند قيام القيامة والحشر الجمع كما فى القاموس قال الراغب الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة وسمى القيامة يوم الحشر كما سمى يوم البعث ويوم النشر كانُوا اى الأصنام لَهُمْ اى لعابديهم أَعْداءً يضرونهم ولا ينفعونهم خلاف آنچهـ كمان مى بردند بديشان از شفاعت ومددكارى وَكانُوا اى الأصنام بِعِبادَتِهِمْ اى بعبادة عابديهم كافِرِينَ اى مكذبين بلسان الحال او المقال على ما يروى انه تعالى يحيى الأصنام فتتبرأ من عبادتهم وتقول انهم انما عبدوا فى الحقيقة أهواءهم لانها الامرة بالاشراك فالآية نظير ما تقدم فى يونس وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون وفى الآية اشارة الى النشور عن نوم الغفلة فانه عنده يظهر ان جميع ما سوى الله أعداء كما قال ابراهيم الخليل عليه السلام فانهم عدو لي إلا رب العالمين وقال انى بريئ مما تشركون نقلست كه ابو يزيد بسطامى قدس سره در راه حج شترى داشت زاد وذخيره خود را واز ان عديلان خود را بر آنجا نهاده بود كسى كفت بيچاره آن اشترك را بار بسيارست واين ظلمى تمامست با يزيد چون اين سخن ازو بشنود كفت اى جوانمرد بردارنده بار اشتر نيست فرو نكر تا بار هيچ بر پشت اشتر هست فرو نكريست بار بيك كذار پشت اشتر بر ترديد واو را از كرانى هيچ خبر نبود مرد كفت سبحان الله چهـ عجب كارست با يزيد كفت اگر حقيقت حال خود از شما پنهان دارم زبان ملامت دراز كنيد واگر شما را مكشوف كردانيم طاقت نداريد با شما چهـ بايد كرد پس چون برفت وبمدينه زيارت كرد امرش آمد كه بخدمت مادر بازگشتن بايد با جماعتى روى به بسطام نهاد خبر در شهر افتاد همه أهل بسطام تا بد ووجايى استقبال او شدند چون نزديك او رسيدند شيخ قرصى را از آستين بگرفت وشهر رمضان بود بخوردن يستاد جمله آن بديدند از وى بركشتند شيخ اصحاب را كفت نديديد كه بمسئله از شريعت كار بستم همه خلق مرا رد كردند يقول الفقير كان مراد ابى يزيد تنقير الناس حتى لا يشغلوه عن الله تعالى إذ كل ما يشغل السالك عن الله فهو عدوله ولا بد من اجتناب العدو بأى وجه كان من وجوه الحيل فجعل الإفطار فى نهار رمضان وسيلة لهذا المقصد فان قلت كيف جاز له هتك حرمة الشهر بما وقع له من لافطار فى نهاره قلت له وجهان الاول انه لم يجد عند ملاقاتهم ما يدفعهم عنه سوى هذه الحيلة فافطر وكفر تحصيلا للامر العظيم الذي هو القبول عند الله والانس معه على الدوام على انه ان كان مسافرا لا كفارة عليه إذ هو مرخص فى لافطار وبعضهم فى مثل هذا المقام ارتكب امرا بشيعا عند العادة وهو الأوجب عند الإمكان لانه يجب ان يكون ظاهر الشرع محفوظا والوجه الثاني انه أفطر صورة لا حقيقة إذ كان قادرا على الاعزام والافناء كما هو حال الملامية ونظيره شرب

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 7 إلى 8]

الخمر فانها تنقلب عسلا عند الوصول الى الحلقوم اى بالنسبة الا من كان قادرا على الاستحالة باقدار الله تعالى لكن يعد أمثال هذا من احوال الضعفاء دون الأقوياء من الكمل فانهم لا يفعلون ما يخالف ظواهر الشرع جدا نسال الله العصمة وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على الكفار آياتُنا حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على مدلولاتها من حلال وحرام وحشر ونشر وغيرها (وقال الكاشفى) در حالتى كه ظاهر باشد دلائل اعجاز آن قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ اى لاجله وشأنه ويجوز ان يكون المعنى كفروا به والتعدية باللام من حمل النقيض على النقيض فان الايمان يتعدى بها كما فى قوله آمنتم له وغيره وهو عبارة عن الآيات المتلوة وضع موضع ضميرها تنصيصا على حقيتها ووجوب الايمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلا بكمال الكفر والضلالة لَمَّا جاءَهُمْ اى فى أول ما جاءهم من غير تدبر وتأمل هذا سِحْرٌ مُبِينٌ اى ظاهر كونه سحرا وباطلا لا حقيقة له وإذا جعلوه سحرا فقد أنكروا ما نطق به من البعث والحساب والجزاء وصاروا اكفر من الحمير اى أجهل لان الكفر من الجهل والعياذ بالله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بل أيقولون افترى محمد القرآن اى اختلقه وأضافه الى الله كذبا فقولهم هذا منكر ومحل تعجب فان القرآن كلام معجز خارج عن حيز قدرة البشر فكيف يقوله عليه السلام ويفتريه واعلم ان كلا من السحر والافتراء كفر لكن الافتراء على الله أشنع من السحر قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ على الفرض والتقدير فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً اى فلا تقدرون ان تدفعوا عنى من عذاب الله شيأ إذ لا ريب فى ان الله تعالى يعاقبنى حينئذ فكيف أفترى على الله كذبا واعرض نفسى للعقوبة التي لاخلاص منها هُوَ تعالى أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ يقال أفاضوا فى الحديث إذا خاضوا فيه وشرعوا اى تخوضون فى قدح القرآن وطعن آياته وتسميته سحرا تارة وفرية اخرى كَفى بِهِ اى الله والباء صلة شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ حيث يشهد لى بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والجحود وهو وعيد بجزاء إفاضتهم وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وعد بالغفران والرحمة لمن تاب وآمن واشعار بحلم الله عليهم مع عظم جراءتهم وفيه اشارة الى ان الذين عموا عن رؤية الحق وصموا عن سماع الحق رموا ورثة الرسل بالسحر وكلامهم بالافتراء وخاضوا فيهم ولما كان شاهد الحال الكل جازى الصادق فى الدنيا والآخرة بالمزيد والكاذب بالخذلان والعذاب الشديد ابو يزيد بسطامى را قدس سره پرسيدند كه قومى كويند كه كليد بهشت كلمه لا اله الا الله است كفت بلى وليكن كليد بى دندان در باز نكشايد ودندان او چهار چيزست زبان از دروغ وبهتان وغيبت دور ودل از مكر وخيانت صافى وشكم از حرام وشبهت خالى وعمل از هوا وبدعت پاك فظهر انه لا بد من تطهير الظاهر والباطن من الأنجاس والارجاس بمتابعة ما جاء به خير الناس فانما يفترق السحر والكرامة بهذه المتابعة كما قالوا ان السحر يظهر على أيدي الفساق والزنادقة والكفار الذين هم على غير الالتزام بالاحكام الشرعية ومتابعة السنة فاما الأولياء فهم الذين بلغوا فى متابعة السنة واحكام الشريعة وآدابها الدرجة العليا قال الشيوخ قدس الله أسرارهم اقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم وقالوا ويخشى عليه سوء الخاتمة نعوذ بالله

[سورة الأحقاف (46) : آية 9]

من سوء القضاء قال الأستاذ ابو القاسم الجنيد قدس سره التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى والعجب من الكفار كفروا بآيات الله مع وضوح برهانها فكيف يؤمنون بغيرها من آثار الأولياء نعم إذا كان من الله تعالى توفيق خاص يحصل المرام (حكى) عن ابى سليمان الداراني قدس سره انه قال اختلفت الى مجلس بعض القصاص فأثر كلامه فى قلبى فلا قمت لم يبق فى قلبى منه شىء فعدت ثانيا فسمعت كلامه فبقى فى قلبى اثر كلامه فى الطريق ثم ذهب ثم عدت ثالثا فبقى اثر كلامه فى قلبى حتى رجعت الى منزلى فكسرت آلات المخالفة ولزمت الطريق ولما حكى هذه الحكاية للشيخ العارف الواعظ يحيى بن معاذ الرازي قدس سره قال عصفور اصطاد كركيا يعنى بالعصفور القاص وبالكركي أبا سليمان الداراني فباب الموعظة مفتوح لكل أحد لكن لا يدخل بالقبول الا من رحمه الله تعالى وأعظم المواعظ مواعظ القرآن (قال المولى الجامى) حق از ان حبل خواند قرآنرا ... تا بگيرى بسان حبل آنرا بدر آيى ز جاه نفس وهوى ... كنى آهنك عالم بالا قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ البدع بالكسر بمعنى البديع وهو من الأشياء ما لم ير مثله كانوا يقترحون عليه صلى الله عليه وسلم آيات عجيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فامر عليه السلام بان يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل اى لست باول مرسل أرسل الى البشر فانه تعالى قد بعث قبلى كثيرا من الرسل وكلهم قد اتفقوا على دعوة عباد الله الى توحيده وطاعته ولست داعيا الى غير ما يدعون اليه بل ادعو الى الله بالإخلاص فى التوحيد والصدق فى العبودية وبعثت لاتمم مكارم الأخلاق ولست قادرا على ما لم يقدروا عليه حتى آتيكم بكل ما تقترحونه وأخبركم بكل ما تسألون عنه من الغيوب فان من قبلى من الرسل ما كانوا يأتون الا بما آتاهم الله من الآيات ولا يخبرون قومهم الا بما اوحى إليهم فكيف تنكرون منى ان دعوتكم الى ما دعا اليه من قبلى من الأنبياء وكيف تقترحون على ما لم يؤته الله إياي وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ما الاولى نافية ولا تأكيد لها والثانية استفهامية مرفوعة بالابتداء خبرها يفعل وجوز ان تكون الثانية موصولة منصوبة بأدرى والاستفهامية أقضي لحق مقام التبري من الدراية والمعنى وما أعلم اى شىء يصيبنا فيما يستقبل من الزمان وإلى م يصير أمرى وأمركم فى الدنيا فانه قد كان فى الأنبياء من يسلم من المحن ومنهم من يمتحن بالهجرة من الوطن ومنهم من يبتلى بأنواع الفتن وكذلك الأمم منهم من أهلك بالخسف ومنهم من كان هلاكه بالقذف وكذا بالمسخ وبالريح وبالصيحة وبالغرق وبغير ذلك فنفى عليه السلام علم ما يفعل به وبهم من هذه الوجوه وعلم من هو الغالب المنصور منه ومنهم ثم عرفه الله بوحيه اليه عاقبة امره وأمرهم فأمره بالهجرة ووعده العصمة من الناس وأمره بالجهاد واخبر أنه يظهر دينه على الأديان كلها ويسلط على أعدائه ويستأصلهم وقيل يجوز أن يكون المنفي هى الدراية المفصلة اى وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فى الدارين على التفصيل إذ لا علم لى بالغيب كان الإجمال معلوما فان جند الله هم الغالبون وان مصير الأبرار الى النعيم ومصير الكفار الى الجحيم وقال المولى ابو السعود رحمه الله والأظهر الأوفق لما ذكر من سبب النزول ان ما عبارة عما ليس فى علمه من وظائف النبوة من الحوادث والواقعات الدنيوية دون

ما سيقع فى الآخرة فان العلم بذلك من وظائف النبوة وقد ورد به الوحى الناطق بتفاصيل ما يفعل بالجانبين هذا وقد روى عن الكلبي ان النبي عليه السلام رأى فى المنام انه يهاجر الى ارض ذات نخل وشجر فأخبر أصحابه فحسبوا انه وحي اوحى اليه فاستبشروا سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم ومكثوا بذلك ما شاء الله فلم يروا شيأ مما قال لهم فقالوا له عليه السلام وقد ضجروا من اذية المشركين حتى متى نكون على هذا فقال عليه السلام انها رؤيا رايتها كما يرى البشر ولم يأتنى وحي من الله فنزل قوله وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم اى أأترك بمكة أم أومر بالخروج الى ما رأيتها فى المنام يقول الفقير وعلى هذا يلزم ان يكون الخطاب فى بكم للمؤمنين وهو بعيد لما دل عليه ما قبل الآية وما بعدها من انه للكفار وفى الآية اشارة الى فساد أهل القدر والبدع حيث قالوا إيلام البرايا قبيح فى العقل فلا يجوز لانه لو لم يجز ذلك لكان يقول أعظم البرايا أعلم قطعا انى رسول الله معصوم فلا محالة يغفر لى ولكنه قال وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم ليعلم ان الأمر امره والحكم حكمه له ان يفعل بعباده ما يريد ولا يسأل عما يفعل وفى عين المعاني وحقيقة الآية البراءة من علم الغيب (قال المولى الجامى) اى دل تا كى فضولى وبو العجبى ... از من چهـ نشان عافيت مى طلبى سر كوشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادئ ما أدرى ما يفعل بي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ اى ما أفعل الا اتباع ما يوحى الى على معنى قصر أفعاله عليه السلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع الى الافهام وهو جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لم يوح اليه من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذية المشركين والاول هو الأوفق لقوله تعالى وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ أنذركم عقاب الله حسبما يوحى الى مُبِينٌ بين الانذار لكم بالمعجزات الباهرة ففيه انه عليه السلام أرسل مبلغا وليس اليه من الهداية شىء ولكن الله يهدى من يشاء وان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الأنبياء والأولياء عليهم السلام فبواسطة الوحى والإلهام وتعليم الله سبحانه ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واخباره عن حال بعض الناس كما قال عليه السلام ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة فدخل عبد الله بن سلام فقام اليه ناس من اصحاب رسول الله فأخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا بأوثق عملك الذي ترجو به فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى وعن سيد الطائفة الجنيد البغدادي قدس سره قال لى خالى السرى السقطي تكلم على الناس اى عظهم وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك فرأيت النبي عليه السلام فى المنام وكان ليلة الجمعة فقال تكلم على الناس فانتبهت وأتيت باب خالى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك اى من جانب الرسول عليه السلام فقعدت من غد للناس فقعد على غلام نصرانى متنكرا اى فى صورة مجهولة وقال ايها الشيخ ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت إسلامك فاسلم الغلام فهذا انما وقع بتعريف الله تعالى اى للشبلى والجنيد

[سورة الأحقاف (46) : آية 10]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها القوم إِنْ كانَ ما يوحى الى من القرآن فى الحقيقة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وفى كشف الاسرار ان هنا ليس بشك كقول شعيب ولو كنا كارهين لو هناك ليس بشك بل هما من صلات الكلام وَكَفَرْتُمْ بِهِ اى والحال انكم قد كفرتم به فهو حال بإضمار قد من الضمير فى الخبر وسط بين اجزاء الشرط مسارعة الى التسجيل عليهم بالكفر ويجوز أن يكون عطفا على كان كما فى قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به لكن لا على ان نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فان كفرهم به متحقق عندهم ايضا وانما ترددهم فى ان ذلك كفر بما عند لله أم لا وكذا الحال فى قوله تعالى وشهد شاهد من بنى إسرائيل وما بعده من الفعلين فان الكل امور متحققة عندهم وانما ترددهم فى انها شهادة وايمان بما عند الله واستكبار منهم أم لا وَشَهِدَ شاهِدٌ عظيم الشان مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ الواقفين على شؤون الله واسرار الوحى بما أوتوا من التوراة عَلى مِثْلِهِ اى مثل القرآن من المعاني المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فانها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى وانه لفى زبر الأولين وقيل المثل صلة يعنى عليه اى وشهد شاهد على انه من عند الله فَآمَنَ الفاء للدلالة على انه سارع فى الايمان بالقرءان لما علم انه من جنس الوحى الناطق بالحق وليس من كلام البشر وَاسْتَكْبَرْتُمْ عطف على شهد شاهد وجواب الشرط محذوف والمعنى أخبروني ان كان من عند الله وشهد على ذلك أعلم بنى إسرائيل فآمن به من غير تلعثم واستكبرتم عن الايمان به بعد هذه المرتبة من أضل منكم بقرينة قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو فى شقاق بعيد إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الذين يضعون الجحد والإنكار موضع الإقرار والتسليم وصفهم بالظلم للاشعار بعلية الحكم فان تركه تعالى لهدايتهم لظلمهم وعنادهم بعد وضوح البرهان وفيه اشارة الى انه لا عذر لهم بحال إذ عند وجود الشاهد على حقية الدعوى تبطل الخصومة وذلك الشاهد فى الآية عبد الله ابن سلام بن الحارث حبر أهل التوراة وكان اسمه الخصين فسماه رسول الله عبد الله رضى الله عنه لما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه فنظر الى وجهه الكريم فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق انه النبي المنتظر فقال له انى اسألك عن ثلاث لا يعلمهن الا نبى ما أول اشراط الساعة وما أول طعام يأكله اهل الجنة والولد ينزع الى أبيه او الى امه فقال عليه السلام أما أول اشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب واما أول طعام أهل الجنة فزياده كبد الحوت وأما الولد فان سبق ماء الرجل نزعه وان سبق ماء المرأة نزعته فقال اشهد أنك رسول الله حقا فقام ثم قال يا رسول الله ان اليهود قوم بهت فان علموا بإسلامي قبل ان تسألهم عنى بهتوني عندك فجاء اليهود وهم خمسون فقال لهم النبي عليه السلام اى رجل عبد الله فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أرأيتم ان أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال اشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 11 إلى 15]

رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله وأحذر قال سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه ما سمعت رسول الله عليه السلام يقول لأحد يمشى على الأرض انه من اهل الجنة الا لعبد الله بن سلام وفيه نزل وشهد شاهد إلخ وقال مسروق رضى الله عنه والله ما نزلت فى عبد الله بن سلام فان آل حم نزلت بمكة وانما أسلم عبد الله بالمدينة وأجاب الكلبي بأن الآية مدينة وان كانت السورة مكية فوضعت فى السورة المكية على ما امر رسول الله عليه السلام وفى الآية اشارة الى التوفيق العام وهو التوفيق الى الايمان بالله وبرسوله وما جاء به واما التوفيق الحاص فهو التوفيق الى العمل بالعلم المشروع الذي ندبك الشارع الى الاشتغال بتحصيله سواء كان العمل فرضا أم تطوعا وغاية العمل والمجاهدات والريات تصفية القلب والتخلق بالأخلاق الالهية والوصول الى العلوم الذوقية فالايمان بالله وبالأنبياء والأولياء أصل الأصول كما ان الإنكار والاستكبار سبب الحرمان والخذلان فان أقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم قال ابو تراب النخشبى قدس سره إذا ألف القلب الاعراض عن الله صحبته الوقيعة چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد وقال الشيخ العارف شاه شجاع الكرماني قدس سره ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب الى أولياء الله تعالى لان محبة اولياء الله دليل على محبة الله والله يهدى من يشاء الى مقام المحبة والرضى ولا يهدى الظالمين المعاندين لانهم من اهل سوء القضاء وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفار مكة من كمال استكبارهم لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لاجلهم فليس الكلام على المواجهة والخطاب حتى يقال ما سبقونا لَوْ كانَ اى ما جاء به محمد عليه السلام من القرآن والدين خَيْراً حقا ما سَبَقُونا إِلَيْهِ فان معالى الأمور لا ينالها أيدي الأرذال وهم سقاط عامتهم فقراء وموالى ورعاة وبالفارسية پيشى نكرفتندى بر ما ومسارعت نكردندى بسوى آن دين أداني قبائل وفقراء ناس بلكه مادران سابق بودمى چهـ رتبه ما از ان بزركتر وبزركى وشهرت ما بيشتر قالوه زعما منهم ان الرياسة الدينية مما ينال بأسباب دنيوية وزل عنهم انها منوطة بكمالات نفسانية وملكات روحانية مبناها الاعراض عن زخارف الدنيا الدنية والإقبال على الآخرة بالكلية وان من فاز بها فقد حازها بحذافيرها ومن حرمها فما له منها من خلاق يقول الفقير الاولى فى مثل هذا المقام ان يقال ان الرياسة الدينية فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء بغير علل واسباب فان القابلية ايضا إعطاء من الله تعالى وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ ظرف لمحذوف يدل عليه ما قبله ويترتب عليه ما بعده لا لقوله فسيقولون فانه للاستقبال وإذ للمضى اى وإذ لم يهتدوا بالقرءان كما اهتدى به أهل الايمان قالوا ما قالوا فَسَيَقُولُونَ غير مكتفين بنفي خيريته هذا القرآن إِفْكٌ قَدِيمٌ كما قالوا أساطير الأولين وبالفارسية اين دروغ كهنه است يعنى پيشينيان نيز مثل اين كفته اند فقد جهلوا بلب القرآن وعادوه لان الناس اعداء ما جهلوا تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست ومن كان مريضا مر الفم يجد الماء الزلال مرا فلا ينبغى لاحد ان يستهين بشىء من الحق إذا لم يهتد عقله به ولم يدركه

[سورة الأحقاف (46) : آية 12]

فهمه فان ذلك من محض الضلالة والجهالة بل ينبغى ان يطلب الاهتداء من الهادي وبجد فيه قال بعض الكبار قولهم لو كان خيرا ما سبقونا اليه نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم براءة ذمتها من انكار الحق والتمادي فى الباطل وإذا لم يهتدوا بما ليس من مشاربهم وما هم من أهل ذوق الايمان بالقرءان وبالمواهب الربانية فسيقولون هذا افك قديم وعن بعض الفقهاء انه قال لو عاينت خارق عادة على يدى أحد لقلت انه طرأ فساد فى دماغى فانظر ما أكثف حجاب هذا وما أشد إنكاره وجهله (قال المولى الجامى) كلى كه بهر كليم از درخت طور شكفت ... توقع از خس وخاشاك ميكنى حاشاك وقال مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست ... با او بگو كه ديده جانرا جلى كند وَمِنْ قَبْلِهِ اى من قبل القرآن وهو خبر لقوله تعالى كِتابُ مُوسى رد لقولهم هذا افك قديم وابطال له فان كونه مصدقا لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعا يعنى كيف يصح هذ القول منهم وقد سلموا لأهل كتاب موسى انهم من أهل العلم وجعلوهم حكما يرجعون لقولهم فى هذا النبي وهذا القرآن مصدق له اوله ولسائر الكتب الالهية إِماماً حال من كتاب موسى اى اماما يقتدى به فى دين الله وَرَحْمَةً لمن آمن به وعمل بموجبه وَهذا الذي يقولون فى حقه ما يقولون كِتابُ عظيم الشان مُصَدِّقٌ اى لكتاب موسى الذي هو امام ورحمة او لما بين يديه من جميع الكتب الالهية لِساناً عَرَبِيًّا حال من ضمير كتاب فى مصدق اى ملفوظا به على لسان العرب لكون القوم عربا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا متعلق بمصدق وفيه ضمير الكتاب او الله او الرسول وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ فى حيز النصب عطفا على محل لينذر لانه مفعول له اى للانذار والتبشير ومن الظالمين اليهود والنصارى فانهم قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله وغيروا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ونعمته فى التوراة والإنجيل وحرفوا الكلم عن مواضعه فكان عليه السلام نذيرا لهم وبشيرا للذين آمنوا بجميع الأنبياء والكتب المنزلة وهدوا الى الصراط المستقيم وثبتوا على الدين القويم اما الانذار فبالنار وبالفراق الابدى واما التبشير فبالجنة وبالوصل السرمدي ولذا قال للمحسنين فان الإحسان عبادة الله بطريق المشاهدة وإذا حصل الشهود حصل الوصل وبالعكس نسأل الله من فضله يكى را از صالحان برادرى وفات كرده بود او را در خواب ديد و پرسيد كه حق تعالى با تو چهـ كرد كفت مرا در بهشت آورده است ميخورم ومى آشامم ونكاح ميكنم كفت ازين معنى نمى پرسم ديدار پروردگار ديدى يا نه كفت نى كسى كه آنجا او را نشناخته است اينجا او را نمى بيند آن عزيز چون بيدار شد بر بهيمه خود سوار شد و پيش شيخ اكبر قدس سره الأطهر آمد در اشبيليه واين خواب را باز كفت وملازمت خدمت او كرد تا آن مقدار كه ممكن بود از طريق كشف وشهود نه از طريق دليل أهل نظر حق تعالى را شناخت وبعد از ان بمقام خود بازگشت سيد شريف جرجانى ميكفته كه تا من بصحبت شيخ زين الدين كلاله كه از مشايخ شيراز است نرسيدم از رفض نرستم وتا بصحبت خواجه علاء الدين عطار نپيوستم خدايرا نشناختم فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق حتى يستعد بسعادة الشهود

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 13 إلى 14]

ويكون من أهل البشرى وعلى هذا جرى العلماء المخلصون وعباد الله الصالحون إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا اى جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والاستقامة فى امور الدين التي هى منتهى العمل وثم للدلالة على تراخى رتبة العمل وتوقف الاهتداء به على التوحيد قال ابن طاهر استقاموا على ما سبق منهم من الإقرار بالتوحيد فلم يروا سواه منعما ولم يشكروا سواه فى حال ولم يرجعوا الى غيره وثبتوا معه على منهاج الاستقامة فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من لحوق مكروه وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات محبوب والمراد بيان دوام نفى الحزن أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الوصفين الجليلين أَصْحابُ الْجَنَّةِ ملازموها خالِدِينَ فِيها حال من المستكن فى اصحاب جَزاءً منصوب اما بعامل مقدر اى يجزون جزاء او بمعنى ما تقدم فان قوله تعالى أولئك اصحاب الجنة فى معنى جازيناهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ من الحسنات العلمية والعملية وفى التأويلات النجمية يشير الى انهم قالوا ربنا الله من بعد استقامة الايمان فى قلوبهم ثم استقاموا بجوارحهم على اركان الشريعة وبأخلاق نفوسهم على آداب الطريقة بالتزكية وباوصاف القلوب على التصفية وبتوجه الأرواح على التحلية بالتخلق بأخلاق الحق فقالو ربنا الله باستقامة الايمان ثم استقاموا بالنفوس على أداء الأركان وبالقلوب على الإيقان وبالاسرار على العرفان وبالأرواح على الإحسان وبالإخفاء على العيان وبالحق تعالى على الفناء من أنانيتهم والبقاء بهويته فلا خوف عليهم بالانقطاع ولا هم يحزنون على ما فات لهم من حظ الدارين أولئك اصحاب جنة الوحدة باقين فيها آمنين من الاثنينية جزاء بما كانو يعملون فى استقامة الأعمال مع الأقوال (قال الشيخ سعدى) كر همه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى وقال بعضهم (ع) كرامت نيابى مكر ز استقامت قال بعض الكبار كلما قرب العبد من الكمال اشتد عليه التكليف وعادت عليه البركات بالتعريف حتى يستغفر له الاملاك والافلاك والسموات والأرضون والحيتان فى بحارها والوحش فى قفارها والأوراق فى أشجارها ولذلك قيل ويل للجاهل ان لم يتعلم مرة وويل للعالم ان لم يعمل الفا قال عليه السلام فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم ففيه تشديد الطاعة عليه من حيث أكمليته فلابد من العبودية والاستقامة عليها پير ابو على سيادة قدس سره كفت اگر ترا كويند بهشت خواهى يا دو ركعت نماز نكر تا بهشت اختيار نكنى دو ركعت نماز اختيار كن زيرا كه بهشت نصيب تو است ونماز حق او جل جلاله وهر كجا نصيب تو در ميان آمد اگر چهـ كرامت بود روا باشد كه كمين كاه مكر كردد وكزارد حق او بى غائله ومكر است موسى عليه السلام چون بنزديك حضر عليه السلام آمد دو بار بر وى اعتراض كرد يكى در حق آن غلام ديكر از جهت شكستن كشتى چون نصيب خود در ميان نبود خضر صبر ميكرد اما در سوم حالت چون نصيب خود پيدا آمد كه لو شئت لاتخذت عليه اجرا خضر كفت ما را با تو روى صحبت نماند هذا فراق بينى وبينك پس حذر كن كه چيزى از اغراض نفسانى وزينت دنيا با عبادت آميخته كنى جمعى از ابدال در هوا مى رفتند ممر ايشان بر مرغزارى سبزه وخرم افتاد و چشمه آب صافى يكى ازيشان را بخاطر كذشت وتمناى آن كرد كه از ان چشمه وضو سازد ودر ان

[سورة الأحقاف (46) : آية 15]

روضه نماز كزارد فى الحال از ميان آن جماعت بزمين افتاد وديكران او را رها كردند ورفتند واو از مرتبه خود باز ماند باين مقدار وبدانكه اين سرى بغايت عجيب است ومعنى دقيق وحق تعالى ترا باين حكايت پند داد اگر فهم كنى فالعبودية ترك التدبير وشهود التقدير وباقى ما يتعلق بالآية سبق فى نظيرها فى حم السجدة نسأل لله سبحانه ان يجعلنا من ارباب الاستقامة ومن اصحاب دار المقامة انه ذو الفضل والعطاء فى الاولى والآخرة وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ عهدنا اليه وأمرناه بأن يحسن بِوالِدَيْهِ إِحْساناً فحذف الفعل واقتصر على المصدر دالا عليه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ الام بإزاء الأب وهى الوالدة القربية التي ولدته والوالدة البعيدة التي ولدت من ولدته ولهذا قيل لحوآء عليها السلام هى أمنا وان كان بيننا وبينها وسائط ويقال لكل ما كان أصلا لوجود الشيء او تربيته او إصلاحه او مبدأه أم كُرْهاً حال من فاعل حملته اى حال كونها ذات كره وهو المشقة والصعوبة بريد حالة ثقل الحمل فى بطنها لافى ابتدائها فان ذلك لا يكون فيه مشقه او حملته حملا ذاكره وكذا قوله وَوَضَعَتْهُ اى ولدته كُرْهاً وهى شدة الطلق وفى الحديث اشتدى ازمة تنفرجى قال عليه السلام لامرأة مسماة بازمة حين أخذها الطلق اى تصبرى يا ازمة حتى تتفرجى عن قريب بالوضع كذا فى المقاصد الحسنة وَحَمْلُهُ اى مدة حمله فى البطن وَفِصالُهُ وهو الفطام اى قطع الولد عن اللبن والمراد به الرضاع التام المنتهى به فيكون مجازا مرسلا عن الرضاع التام بعلاقة ان أحدهما بغاية الآخر ومنتهاه كما أراد بالامد المدة من قال كل حى مستكمل مدة العمر ومردى إذا انتهى امده اى هالك إذا انتهت مدة عمره ونظيره التعبير عن المسافة بالغاية فى قولهم من لابتداء الغاية والى لانتهاء الغاية ثَلاثُونَ شَهْراً تمضى عليها بمقاساة الشدائد لاجله والشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة سمى به لشهرنه وهذا دليل على ان أقل مدة الحمل ستة أشهر لما انه إذا حظ منها للفصال حولان لقوله تعالى حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة يبقى للحمل ذلك وبه قال الأطباء وفى الفقه مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابى حنيفة وسنتان عند الإمامين وهذا الخلاف فى حرمة الرضاع اما استحقاق اجر الرضاع فمقدر بحولين لهما قوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وله قوله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ذكر شيئين وهما الحمل والفصال وضرب لهما مدة ثلثين شهرا وكان لكل واحد منهما بكمالها كلاجل المضروب لدينين لكن مدة الحمل انتقصت بالدليل وهو قول عائشة رضى الله عنها الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين ولو بقدر ظل مغزل والظاهر انها قالته سماعا لان المقادير لا يهتدى إليها بالرأى فبقى مدة الفصال على ظاهرها ويحمل قوله تعالى يرضعن أولادهن حولين على مدة استحقاق اجرة الرضاع حتى لا يجب نفقة الإرضاع على الأب بعد الحولين والمراد السنة القمرية على ما افادته الآية كما قال شهرا لا الشمسية وقال فى عين المعاني أقل مدة الحمل ستة

أشهر فبقى سنتان للرضاع وبه قال ابو يوسف ومحمد وقال ابو حنيفة المراد منه الحمل على اليد لو حمل على حمل البطن كان بيان الأقل مع الأكثر انتهى قبل ولعل تعيين أقل مدة الحمل واكثر مدة الرضاع اى فى الآية لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما فان من ولدت لستة أشهر من وقت التزوج بثبت نسب ولدها كما وقع فى زمان على كرم الله وجهه فحكم بالولد على أبيه فلو جاءت بولد لأقل من ستة لم يلزم الولد للزوج ويفرق بينهما ومن مص ثدى امرأة فى أثناء حولين من مدة ولادته تكون المرضعة أما له ويكون زوجها الذي لبنها منه أبا له قال فى الحقائق الفتوى فى مدة الرضاع على قولهما وفى فتح الرحمن اتفق الأئمة على ان مدة الحمل ستة أشهر واختلفوا فى اكثر مدته فقال ابو حنيفة سنتان والمشهور عن مالك خمس سنين وروى عنه اربع وسبع وعند الشافعي واحمد اربع سنين وغالبها تسعة أشهر انتهى وفى انسان العيون ذكر ان مالكا رضى الله عنه مكث فى بطن امه صنتين وكذا الضحاك بن مزاحم التابعي وفى محاضرات السيوطي ان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين واخبر سيدنا مالك ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنة تحمل اربع سنين حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ غاية لمحذوف اى أخذ ما وصيناه به حتى إذا بلغ وقت أشده بحذف المضاف وبلوغ الأشد ان يكتهل ويستوفى السن الذي تستحكم فيه قوته وعقله وتمييزه وسن الكهولة ما بين سن الشباب وسن الشيخوخة فى قال فتح الرحمن أشده كمال قوته وعقله ورأيه وأقله ثلاث وثلاثون وأكثره أربعون وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اى تمام أربعين بحذف المضاف قيل لم يبعث نبى قبل أربعين وهو ضعيف جدا يدل على ضعفه ان عيسى ويحيى عليهما السلام بعثا قبل الأربعين كما فى بحر العلوم وجوابه انه من إقامة الأكثر الأغلب مقام الكل كما فى حواشى سعد المفتى قال ابن الجوزي قوله ما من نبى نبىء الا بعد الأربعين موضوع لان عيسى نبىء ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشىء انتهى وكذا نبىء يوسف عليه السلام وهو ابن ثمانى عشرة سنة كما فى التفاسير وقس على النبوة الولاية وقوة الايمان والإسلام قالَ رَبِّ كفت پروردگار من أَوْزِعْنِي اى الهمنى وبالفارسية الهام ده مرا وتوفيق بخش وأصله الإغراء بالشيء من قولهم فلان موزع بكذا اى مغرى به وقال الراغب وتحقيقه أولعني بذلك والايلاع سخت حريص شدن او اجعلنى بحيث أزع نفسى عن الكفران اى اكفها أَنْ أَشْكُرَ تا شكر كنم نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ اى نعمة الدين والإسلام فانها النعمة الكاملة او ما يعمها وغيرها وجمع بين شكرى النعمة عليه وعلى والديه لان النعمة عليهما نعمة عليه وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ اى تقبله وهى الفرائض الخمس وغيرها من الطاعات والتنوين للتفخيم والتنكير وقال بعضهم العمل الصالح المقرون بالرضى بذل الناس لله والخروج مما سوى الله الى مشاهدة الله وفيه اشارة الى انه لا يمكن للعبدان يعمل عملا يرضى به ربه الا بتوفيقه وإرشاده وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية لنسل الثقلين كلما فى القاموس اى واجعل الصلاح ساريا فى ذريتى راسخا فيهم ولذا استعمل بفي والا فهو يتعدى بنفسه كما فى قوله وأصلحنا له زوجه

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 16 إلى 20]

قال سهل اجعلهم لى خلف صدق ولك عبيدا حقا وقال محمد ابن على لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا وفيه اشارة الى ان صلاحية الآباء تورث صلاحية الأبناء (قال الكاشفى) اكثر مفسران برانند كه اين آيت خاص است بابى بكر الصديق رضى الله عنه كه شش ماه در شكم مادر بوده ودو سال تمام شير خورده وهجده سال بملازمت حضرت پيغمبر عليه السلام رسيد وآن حضرت بيست ساله بود ودر سفر وحضر رقيق وقرين وى بود و چون سال مبارك آن حضرت رسالتپناه بچهل رسيد مبعوث كشت وصديق سى وهشت ساله بود بوى ايمان آورد چون چهل ساله شد كفت رب أوزعنى إلخ فأجاب الله تعالى عاءه فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون فى الله منهم بلال الحبشي بن رباح غلامى بود در بنى مذحج مولد ايشان وعامر بن فهيره از قبيله أزد بود مولد ايشان لو لم يرد شيأ من الخير الا أعانه الله عليه ولم يكن له ولد الا آمنوا جميعا ودخترش عائشه رضى الله عنها بشرف فراش حضرت أشرف رسل مشرف شد و پسرش عبد الرحمن مسلمان كشت و پسر عبد الرحمن ابو عتيق محمد نيز مسلمان كشت وبدولت خدمت حضرت پيغمبر سرافرازى يافت وأدرك أبوه ابو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وامه أم الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد رسول الله عليه السلام وآمنا به ولم يكن ذلك لاحد من الصحابة رضى الله عنهم وسى قبائل نيز از أولاد صديق در عالم هستند اغلب ايشان بشرف علم وصلاح آراسته إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ عمالا ترضاه او عما يشغلنى عن ذكرك وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الذين أخلصوا لك أنفسهم أُولئِكَ اشارة الى الإنسان والجمع لان المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكي عنه اى أولئك المنعوتون يما ذكر من النعوت الجليلة الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا من الطاعات واجبة او مندربة فان المباحات حسن لا يثاب عليها وفى ترجمة الفتوحات وهر حركت كه كنى بايد كه بنيت قربت بحق تعالى باشد واگر چهـ اين حركت در امرى مباح باشد نيت قربت كن بحق تعالى ازين جهت كه تو اعتقاد دارى كه آن مباحست واگر مباح نمى بود بدان مشغول نمى شدى بدين نيت در ان امر مباح مستحق ثواب شوى يقول الفقير عندى وجه آخر فى الآية وهو أن اضافة احسن من اضافة الصفة الى موصوفها كما فى قوله سيئات ما عملوا والتقدير أعمالهم الحسنى ولا يلزم منه ان لا يتقبل منهم الأعمال الحسنة بل يكون فيه اشارة الى ان كل أعمالهم احسن عند الله تعالى بموجب فضله وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ اى ما فعلوا قبل التوبة ولا يعاقبون عليها قال الحسن من يعمل سوأ يجزبه انما ذلك من أراد الله هو انه واما من أراد كرامته فانه يتجاوز عن سيئاته فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ اى حال كونهم كائنين فى عداد اصحاب الجنة منتظمين فى سلكهم وَعْدَ الصِّدْقِ مصدر مؤكد لما ان قوله تعالى نتقبل ونتجاوز وعد من الله لهم بالتفضل والتجاوز الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ فى الدنيا على السنة الرسل قال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته فى الآية اشارة الى رعاية حق الوالدين على جهة الاحترام لما عليه لهما من حق التربية والانعام ليعلم ان رعاية حق الحق تعالى على جهته التعظيم لما عليه له من حق الربوبية وانعام الوجود أحق وأولى وقال بعضهم دلت الآية على ان حق

الام أعظم لانه تعالى ذكر الأبوين معاثم خص الام بالذكر وبين كثرة مشقتها بسبب الولد زمان حملها ووضعها وارضاعها مع جميع ما نكابده فى أثناء ذلك قال فى فتح الرحمن عدد تعالى على الأبناء منن الأمهات وذكر الأم فى هذه الآيات فى اربع مراتب والأب فى واحدة جمعهما الذكر فى قوله بوالديه ثم ذكر الحمل للام ثم الوضع لها ثم الرضاع الذي عبر عنه بالفصال فهذ يناسب ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعل للأم ثلاثة أرباع البر والربع للأب وذلك إذ قال له رجل يا رسول الله من ابر قال أمك ثم قال ثم من قال ثم أمك ثم قال ثم من قال ثم أمك ثم قال ثم من قال ثم أباك قال بعض الأولياء وهو ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من أنت قال أخوك الخضر فقلت له أريد أن أسألك قال سل قلت ما تقول فى الشافعي قال هو من الأوتاد اى من الأوتاد الاربعة المحفوظ بهم الجهات الأربع من الجنوب والشمال والشرق والغرب قلت فما تقول فى احمد بن حنبل امام السنة قال هو رجل صديق قلت فما تقول فى بشر ابن الحارث قال رجل لم يخلف بعده مثله يعنى از پس او مثل او نبود قتلت فبأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك قال الامام اليافعي (حكى) ان الله سبحانه أوحى الى سليمان بن داود عليهما السلام ان اخرج الى ساحل البحر تبصر عجبا فخرج سليمان ومن معه من الجن والانس فلما وصل الى الساحل التفت يمينا وشمالا فلم ير شيأ فقال لعفريت غص فى هذا البحر ثم ائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص فيه ثم رجع بعد ساعة وقال يا نبى الله انى ذهبت فى هذا البحر مسيرة كذا وكذا فلم اصل الى قعره ولا أبصرت فيه شيأ فقال لعفريت آخر غص فى هذا البحر وائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص ثم رجع بعد ساعة وقال مثل قول الاول الا انه غاص مثل الاول مرتين فقال لآصف ابن برخيا وهو وزيره الذي ذكره الله تعالى فى القرآن بقوله حكاية عنه قال الذي عنده علم من الكتاب ائتنى بعلم ما فى هذا البحر فجاءه بقية من الكافور الأبيض لها اربعة أبواب باب من در وباب من جوهر وباب من زبرجد أخضر وباب من ياقوت احمر والأبواب كلها مفتحة ولا يقطر فيها قطرة من الماء وهى فى داخل البحر فى مكان عميق مثل مسيرة ما غاص فيه العفريت الاول ثلاث مرات فوضعها بين يدى سليمان عليه السلام وإذا فى وسطها شاب حسن الشباب نقى الثياب وهو قائم يصلى فدخل سليمان القبة وسلم على ذلك الشاب وقال له ما أنزلك فى قعر هذا البجر فقال يا نبى الله انه كان ابى رجلا مقعدا وكانت أمي عمياء فأقت فى خدمتهما سبعين سنة فلما حضرت وفاة أمي قالت اللهم اطل حياة ابني فى طاعتك فلما حضرت وفاة ابى قال اللهم استخدم ولدي فى مكان لا يكون للشيطان عليه سبيل فخرجت الى هذا الساحل بعد ما دفنتهما فنظرت هذه القبة موضوعة فدخلتها لانظر حسنها فجاء ملك من الملائكة فاحتمل القبة وانا فيها وأنزلني فى قعر هذا البحر قال سليمان ففى اى زمان كنت أتيت هذا الساحل قال فى زمن ابراهيم الخليل عليه السلام فنظر سليمان فى التاريخ فاذا له ألفا سنة واربعمائة سنة وهو شاب لا شيبة فيه قال فما كان طعامك رشرابك فى داخل هذا البحر قال يا نبى الله يأتينى كل يوم طير اخضر فى منقاره شىء اصفر مثل رأس

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 17 إلى 19]

الإنسان فآكله فأجد فيه طعم كل نعيم فى دار الدنيا فيذهب عنى الجوع والعطش والحر والبرد والنوم والنعاس والفترة والوحشة فقال سليمان أتقف معنا أم نردك الى موضعك فقال ردنى يا نبى الله فقال رده يا آصف فرده ثم التقت فقال انظروا كيف استجاب الله دعاء الوالدين فأحذركم عقوق الوالدين رحمكم الله قال الامام السخاوي عن ابن عمر رضى الله عنه رفعه انى سألت الله ان لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه ولكن قد صح ان دعاء الوالد على ولده لا يرد فيجمع بينهما وجاء رجل الى النبي عليه السلام ليستشيره فى الغزو فقال ألك والدة قال نعم قال فالزمها فان الجنة تحت قدميها جنت كه سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست روزى بكن اى خداى ما را ... چيزى كه رضاى مادرانست ومنه الاعانة والتوفيق للخدمة المرضية بالنفوس الطبية الراضية وَالَّذِي مبتدأ خبره قوله أولئك لان المراد به اى بالموصول الجنس قالَ لِوالِدَيْهِ عند دعوتهما له الى الايمان ويدخل فيه كل عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه أُفٍّ لَكُما كراهيت وننك مر شما را وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجره وكراهيته واللام لبيان المؤفف له كما فى هيث لك اى هذا التأفيف لكما خاصة وقال الراغب اصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجرى مجراهما ويقال ذلك لكل مستخف به استقذارا له أَتَعِدانِنِي آيا وعد مى دهيد مرا أَنْ أُخْرَجَ ابعث من القبر بعد الموت وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي اى وقد خلت امة بعد امة من قبلى ولم يبعث منهم أحد ولم يرجع والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد والخلو المضي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ ويسألانه ان يغيثه ويوفقه للايمان وَيْلَكَ اى قائلين له ويلك ومعناه بالفارسية واى بر تو وهو فى الأصل دعاء عليه بالهلاك أريد به الحث والتحريض على الايمان لا حقيقة الهلاك وانتصابه على المصدر بفعل مقدر بمعناه لامن لفظه وهو من المصادر التي لم تستعمل افعالها وقيل هو مفعول به اى ألزمك الله ويلك آمِنْ اى صدق بالبعث والإخراج من الأرض إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ اى موعوده وهو البعث اضافه اليه تحقيقا للحق وتنبيها على خطاه فى اسناد الوعد إليهما حَقٌّ كائن لا محالة لان الخلف فى الوعد نقص يجب تنزيه الله عنه فَيَقُولُ مكذبا لهما ما هذا الذي تسميانه وعد الله إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أباطيلهم التي يسطرونها فى الكبب من غير ان يكون لها حقيقة كأحاديث رستم وبهرام وإسفنديار أُولئِكَ القائلون هذه المقالات الباطلة الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ وهو قوله تعالى لابليس لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين كما ينبىء عنه قوله تعالى فِي أُمَمٍ حال من اغجرور فى عداد أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بيان للامم إِنَّهُمْ جميعا اى هم والأمم كانُوا خاسِرِينَ قد ضيعوا فطرتهم الاصلية الجارية مجرى رؤس أموالهم باتباع الشيطان والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقى وَلِكُلٍّ من الفريقين المذكورين دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا مراتب من اجزية ما عملوا من الخير والشر فمن نعت للدرجات ويجوز ان تكون بيانية وما موصولة او من أجل أعمالهم فما مصدرية ومن متعلق بقوله لكل والدرجات عالية فى مراتب المثوبة وإيرادها هنا بطريق التغليب وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وليعطيهم اجزية أعمالهم وافية تامة من وفاه حقه إذا أعطاه إياه وافيا تاما وَهُمْ

لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب الأولين وزيادة عقاب الآخرين واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم فعل ما فعل من نقدبر الاجزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات وفى الآية ذم لمن اتصف فى حق الوالدين فى التأفيف وفى ذلك تنبيه على ما وراءه من التعنيف فحكم ان صاحبه من أهل الخسران والخسران نقصان فى الايمان فكيف بمن خالف مولاه وبالعصيان آذاه وفى الحديث ان الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم بقم له فأوحى الله اليه أتتعاظم ان تقوم لابيك وعزتى لا أخرجت من صلبك نبيا كما فى الاحياء قيل إذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الإعطاء بالأم كما فى منبع الآداب قال الامام الغزالي اكثر العلماء على ان طاعة الأبوين واجبة فى لشبهات ولم نجب فى الحرام المحض حتى إذا كانا ينتقصان بانفرادك عنهما بالطعام فعليك ان تأكل معهما لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم وكذلك ليس لك ان تسافر فى مباح او نافلة الا بإذنهما والمبادرة الى الحج الذي هو فرض الإسلام نقل لانه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل الا إذا كان خروجك لطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن فى بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء فى بلد ليس فيه من يعلمه شرع الإسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين ويثبت بولاية الحسبة للولد على الوالد والعبد على السيد والزوجة على الزوج والتلميذ على الأستاذ والرعية على الوالي لكن بالتعريف ثم الوعظ والنصح باللطف لا بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر قال عليه السلام رحم الله والدا أعان ولده على البر أي لم يحمله على العقوق بسوء عمله قال الحسن البصري من عقل الرجل ان لا يتزوج وأبواه فى الحياة انتهى فانه ربما لا يرضى أحدهما عنه بسبب زوجته فيقع فى الإثم (قال الحافظ) هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم وفى الحديث حق كبير الاخوة على صغيرهم كحق الوالدين على ولدهما ومن مات والداه وهو لهما غير بار فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن دعا لابويه فى كل يوم خمس مرات فقد ادى حقهما ومن زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كتب بارا كما فى الحديث ودعاء الاحياء للاموات واستغفارهم هدايا لهم والموتى يعلمون بزوارهم عشية الجمعة ويوم الجمعة وليلة السبت الى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وينوى بما يتصدق من ماله عن والديه إذا كانا مسلمين فانه لا ينقص من اجره شىء ويكون لهما مثل اجره وقال بعض الكبراء يرمى الحجر فى الطريق عن يمينه مرة وينوى عن أبيه وبآخر عن يساره وينوى عن امه وكان يكظم غيظه يريد برهما ففيه دليل على ان جميع حسنات العبد يمكن ان تجعل من بر والديه إذا وجدت النية فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين

[سورة الأحقاف (46) : آية 20]

ولكن لا يطيعهما فى الشرك والمعاصي چون نبود خويش را ديانت وتقوى قطع رحم بهتر از مودت قربى كما قال تعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد ... فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ اى يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازا من قولهم عرض الأسارى على السيف اى قتلوا والا فالمعروض عليه يجب ان يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه وقيل تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها وذلك قبل ان يلقوا فيها فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميز إذا قهر وغلبة يقول الفقير لا حاجة عندى الى هذين التأويلين فان نار الآخرة لها شعور وادراك بدليل انها تقول هل من مزيد وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن فان نورك أطفأ نارى وأمثال ذلك وايضا لا بعد فى ان يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب فانهم حاضرون عندها بأسباب العذاب وأهل النار ينظرون إليهم والى ما يعذبونهم به عيانا والله اعلم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ اى يقال لهم ذلك على التوبيخ وهو الناصب للظرف اى اليوم والمعنى أصبتم وأخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذآئذها وبالفارسية ببرديد وبخورديد چيزهاى لذيذ خود را فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا در زندكانىء آن جهان خويش وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فلم يبق لكم بعد ذلك شىء منها لان اضافة الطيبات تفيد العموم وبالفارسية وبرخوردارى يافتيد بآن لذائذ يعنى استيفاى لذات كرديد وهيچ براى آخرت نكذاشتيد قال سعيد المفتى قوله واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيرى لاذهبتم فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ اى الهوان والحقارة اى العذاب الذي فيه ذل وخزى بِما كُنْتُمْ فى الدنيا تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ بغير استحقاق لذلك وفيه اشارة الى ان الاستكبار إذا كان بحق كالاستكبار على الظلمة لا ينكر وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ اى تخرجون من طاعة الله اى بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين أحدهما الاستكبار عن قبول الدين الحق والايمان بمحمد عليه السلام وهو ذنب القلب والثاني الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات وهو ذنب الجوارح وقدم الاول على الثاني لان ذنب القلب أعظم تأثيرا من ذنب الجوارح (قال الكاشفى) تنبيه است مر طالبان تجات را كه قدم از اندازه شرع بيرون ننهند پاى از حدود شرع برون مى نهى منه ... خود را أسير نفس وهوا ميكنى مكن وفى الآية اشارة الى ان للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه فى الدنيا يحرم فى الآخرة من استيفاء طيبات روحه لان فى طلب استيفاء طيبات النفس فى الدنيا ابطال استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة وفى ترك استيفاء طيبات النفس فى الدنيا كمالية استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة فلهذا يقال لارباب النفوس فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم فى قبول دعوة الأنبياء فى ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات أرواحكم وبما كنتم تخرجون من أوامر الحق ونواهيه ويقال للروح وارباب القلوب كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح يقال لهم ولكم فيها

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 21 إلى 25]

ما تشهيه الأنفس اى من نعيم الجنة فانها من طيباتها وتلذ لاعين وهو مشاهدة الجمال والجلال وهى طيبات الروح كذا فى التأويلات النجمية والآية منادية بأن استيفاء الحظ من الدنيا ولذاتها صفة من صفات أهل النار فعلى كل مؤمن ذى عقل وتمييز أن يجتنب ذلك اقتداء بسيد الأنبياء وأصحابه الصالحين حيث آثروا اجتناب اللذة فى الدنيا رجاء ثواب الآخرة (قال الصائب) افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما قال الواسطي من سره شىء من الألوان الفانية دق أوجل دخل تحت هذه الآية (روى) عن عمر رضى الله عنه انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير وقد اثر بجنبيه الشريط فبكى عمر فقال ما يبكيك يا عمر فقال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا وأنت رسول رب العالمين قد أثر بجنبيك الشريط فقال عليه السلام أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا ونحن قوم أخرت لنا طيباتنا فى لآخرة قالت عائشة رضى لله عنها ما شبع ل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول بدعة حدثت بعده الشبع وقالت ايضا وقد كان يأتى علينا الشهر ما وقد فيه نارا وما هو الا الماء والتمر غير انه جزى الله عنا نساء الا نصير خيرا كن ربما اهدين لنا شيأ من اللبن (قال فى كشف الاسرار) ملك زمين برسول الله عرض كردند واو بندگى اختيار كرد واز ملكى اعراض كرد وكفت أجوع يوما وأشبع يوما قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه رأى عمر بن الخطاب رضى الله عنه لحما معلقا فى يدى فقال ما هذا يا جابر قلت اشتهيت لحما فاشتريته فقال عمر أو كل ما اشتهيت يا جابر اشتريت اما تخاف هذه الآية أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مزدور را قال ابو هريرة رضى الله عنه لقد رأيت سبعين نفسا من اصحاب الصفة رضى الله عنهم ما منهم رجل عليه ردآء اما إزار او كساء قد ربطوه فى أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية ان ترى عورته وفى الحديث من قضى نهمته فى الدنيا حيل بينه وبين شهوته فى لآخرة ومن مدعينه الى زينة المترفين كان مهينا فى ملكوت السموات ومن صبر على لفوت الشديد اسكنه الله الفردوس حيث شاء (قال الشيخ سعدى) مپرور تن ار مرد راى وهشى ... كه او را چومى پرورى مى كشى خور وخواب تنها طريق ددست ... برين بودن آيين ما بخردست قناعت توانكر كند مرد را ... خبر كن حريص جهان كرد را غدا كر لطيفست وكز سرسرى ... چوديرت بدست اوفتد خوش خورى كر آزاده بر زمين خسب وبس ... مكن بهر قالى زمين بوس كس مكن خانه بر راه سيل اى غلام ... كه كس را نكشت اين همارت تمام ومن لله لعون فى طريقه والوصول اليه بإرشاد وتوفيقه وَاذْكُرْ أَخا عادٍ اى واذكر يا محمد لكفار مكة هودا عليه السلام ليعتبروا من حال قومه وبالفارسية وياد كن برادر عاد يعنى پيغمبرى كه از قبيله عاد بود قمعنا أخا عاد واحدا منهم فى النسب لا فى الدين كما قولهم يا أخا العرب وعادهم ولد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح وهود هو ابن عبد الله ابن رباح بن الخلود بن عاد إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بدل اشتمال منه اى وقت إنذاره إياه بِالْأَحْقافِ بموضع يقال له الأحقاف وآن ريكستانى بود نزديك حضر موت

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 22 إلى 23]

بولايت يمن جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج وانما أخذ الحقف من احقوقف مع ان الأمر ينبغى ان يكون بالعكس لان احقوقف اجلى معنى واكثر استعمالا فكانت له من هذه الجهة أصالة فادخلت عليه كلمة الابتداء للتنبيه على هذا كما فى حواشى سعدى المفتى وعن بعضهم كانت عاد اصحاب عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيله ارم يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها الشحر من بلاد اليمن وهو بكسر الشين وسكون الحاء وقيل بفتح الشين ساحل البحر بين عمان وعدن وقيل يسكنون بين عمان ومهرة وعمان بالضم والتخفيف بلد باليمن واما الذي بالشام فهو عمان بالفتح والتشديد ومهرة موضع ينسب اليه الا بل المهرية قال فى فتح الرحمن الصحيح من الأقوال ان بلاد عاد كانت فى اليمن ولهم كانت ارم ذات العماد والأحقاف جمع حقف وهو الجبل المستطيل المعوج من الرمل وكثيرا ما تحدث هذه الأحقاف فى بلاد الرمل فى الصخارى لان الريح تصنع ذلك انتهى وعن على رضى الله عنه شر واد بين الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار وخير واد وادي مكة وواد نزل به آدم بأرض الهند وقال خير بئر فى الناس بئر زمزم وشر بئر فى الناس بئر يرهوت كذا فى كشف الاسرار وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ اى الرسل جمع نذير بمعنى المنذر مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ اى من قبله وَمِنْ خَلْفِهِ اى من بعده والجملة اعتراض بين المفسر والمفسر او المتعلق والمتعلق مقرر لما قبله مؤكد لوجوب العمل بموجب الانذار وسط بين إنذار قومه وبين قوله أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مسارعة الى ما ذكر من التقرير والتأكيد وإيذانا باشتراكهم فى العبادة المحكية والمعنى واذكر لقومك إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد انذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه قومهم مثل ذلك فاذكرهم قال فى بحر العلوم ان مخففة من الثقيلة اى انه يعنى ان الشان والقصة لا تعبدوا الا الله او مفسرة بمعنى اى لا تعبدوا الا الله او مصدرية بحذف الباء تقديره بأن لا تعبدوا الا الله والنهى عن الشيء إنذار عن مضرته انتهى إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى هائل بسبب شرككم واعراضكم عن التوحيد واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم فعظيم مجاز عن هائل لانه يلزم العظم ويجوز ان يكون من قبيل الاسناد الى الزمان مجازا وان يكون الجر على الجوار قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا اى تصرفنا من الافك بالفتح مصدر افكه يأفكه إفكا قلبه وصرفه عن الشيء عَنْ آلِهَتِنا عن عبادتها الى دينك وهذا مما لا يكون فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب العظيم والباء للتعدية إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى وعدك بنزوله بنا قالَ اى هود إِنَّمَا الْعِلْمُ اى بوقت نزوله او العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ذلك عِنْدَ اللَّهِ وحده لا علم لى بوقت نزوله ولا مدخل لى فى إتيانه وحلوله وانما علمه عند الله تعالى فيأتيكم به فى وقته المقدر له وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ من مواجب الرسالة التي من جملتها بيان نزول العذاب ان لم تنتهوا عن الشرك من غير وقوف على وقت نزوله وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ حيث يقترحون على ما ليس من وظائف الرسل من الإتيان بالعذاب وتعيين وقته وفى التأويلات

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 24 إلى 25]

النجمية تجهلون الصواب من الخطأ والصلاح من الفساد حين أدلكم على الرشاد وفى الاية اشارة الى ان الأصنام ظاهرة وباطنة فالاصنام الظاهرة ظاهرة واما الأصنام الباطنة فهى النفس وهواها وشهواتها الدنيوية الفانية والنهى عنها مطلقا من وظائف الأنبياء عليهم السلام لانهم بعثوا لاصلاح النفوس وتهييج الأرواح الى الملك القدوس ويليهم ورثتهم وهم الأولياء الكرام قدس الله أسرارهم فهم بينوا ان عبادة الهوى تورث العذاب العظيم وعبادة الله تعالى تورث الثواب العظيم بل رؤية الوجه الكريم ولكن القوم من كمال شقاوتهم قابلونا بالرد والعناد وزادوا فى الضلال والفساد فحرموا من الثواب مع ما لحقهم من العذاب وهذا من كمال الجهالة إذ لو كان للمرء عقل تام ومعرفة كاملة لما تبع الهوى وعبد المولى قال بعضهم يجب عليك اولا ان تعرف المعبود ثم تعبده وكيف تعبد من لا تعرفه بأسمائه وصفات ذاته وما يجب له وما يستحيل فى نعته فربما تعتقد شيأ فى صفاته يخالف الحق فتكون عبادتك هباء منثورا الا ترى ان بعضهم رأى الشيطان بين السماء والأرض فظنه الحق واستمر عليه مقدار عشرين سنة ثم لما تبين له حطأه فى ذلك قضى صلواة تلك المدة وكذلك يجب عليك علم الواجبات الشرعية لتؤديها كما أمرت بها وكذا علم المناهي لتتركها شخصى بود صالح اما قليل العلم در خانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد واو را بدان حاجتى ظاهر نه بعد از چند سال كسى از وى پرسيد تو اين را چهـ ميكنى وترا بوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خود را باين محافظت مى كنم او خود با اين بهيمه جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند او را اعلام كردند كه آن حرام است وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندانستم پس بر تو فرض عين است كه از دين خود باز جويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو بر طريق استقامت باشد ويجب عليك ايضا معرفة الأحوال والأخلاق القلبية والتحرز عن مذموماتها كالحسد والرياء والعجب والكبر وحب المال والجاء ونحو ذلك وتتخلق بممدوحاتها من التوكل والقناعة والرضى والتسليم واليقين ونحو ذلك ولا بد فى هذا الباب من المعلم والمرشد خصوصا فى إصلاح الباطن درا بحلقه روشندلان عالم خاك ... كه تا زجاجه دلرا كنى ز حادثه پاك فَلَمَّا رَأَوْهُ الفاء فصيحة اى فأتاهم العذاب الموعود به فلما رأوه حال كونه عارِضاً اى سحابا يعرض فى أفق السماء او يبدو فى عرض السماء مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ اى متوجها تلقاء أوديتهم والاضافة فيه لفظية ولذا وقع صفة للنكرة قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا اى يأتينا بالمطر والاضافة فيه ايضا لفظية روى انه خرجت عليهم سحابة سوداء من واد لهم يقال له المغيث وكانوا قد حبس عنهم المطر فلما شاهدوها قالوا ذلك مستبشرين بها مسرورين بَلْ هُوَ اى قال هود ليس الأمر كذلك بل هو مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ من العذاب وبالفارسية اين نه ابر باران دهنده است بلكه او آن چيزيست كه تعجيل مر كرديد بدان رِيحٌ خبر لمبتدأ محذوف اى حوريح فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ صفة لريح وكذ قوله تُدَمِّرُ اى تهلك كُلَّ شَيْءٍ مرت به من نفوسهم وأموالهم فالاستغراق عرفى والمراد المشركون منهم بِأَمْرِ رَبِّها إذ لا حركة ولا سكون الا بمشيئته

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 26 إلى 31]

تعالى وأضاف الرب الى الريح مع انه تعالى رب كل شىء لتعظيم شأن المضاف اليه وللاشارة الى انها فى حركتها مأمورة وانها من أكابر جنود الله يعنى ليس ذلك من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو امر حدت ابتداء بقدرة لله تعالى لاجل التعذيب فَأَصْبَحُوا اى صاروا من العذاب بحال لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ الفاء فصيحة اى فجأتهم الريح فدمرتهم فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم يعنى پس كشتند بحالي كه اگر كسى بديار ايشان رسيدى ديده نشدى مكر چايكاههاى ايشان يعنى همه هلاك شدند وجايكا ايشان خالى بماند كَذلِكَ الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الجزاء الفظيع يعنى الهلاك بعذاب الاستئصال نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ قيل اوحى الله تعالى الى خزان الريح ان أرسلوا مقدار منخر البقر فقالو يا رب إذا ننسف الأرض ومن عليها فقال تعالى مثل حلقة الخاتم ففعلوا فجاءت ريح باردة من قبل المغرب وأول ما عرفوا به انه عذاب ان رأوا ما كان فى الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطهير بها الريح بين السماء والأرض وترفع الظعينة فى الجو حتى ترى كأنها جرادة فتدمغها بالحجارة فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فقلعث الريح الأبواب وسرعتهم فأمال الله الأحقاف عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام لهم انين ثم كشفت الريح عنهم الأحقاف فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر وقد قالوا من أشد مناقوة فلا تستطيع الريح ان تزيل أقدامنا فغلبت عليهم الريح بقوتها فما اغنت عنهم قوتهم (وفى المثنوى) جمله ذرات زمين وآسمان ... لشكر حقند كاه امتحان باد را ديدى كه با عادان چهـ كرد ... آب را ديدى كه با طوفان چهـ كرد روى ان هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسة وعلى المؤمنين خطا الى جنب عين تثبع ماء لا يصيبهم من الريح الا ما يلين على الجلود وتلذ الأنفس وعمر هود بعدهم مائة وخمسين سنة وفد مر تفصيل القصة فى سورة الأعراف فارجع والآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بالتكذيب فان الله تعالى قادر على ان يرسل عليهم ريحا مثل ريح عاد أو تحوها فلا بد من الحذر وعن عايشة رضى الله عنها كان النبي عليه السلام إذا رأى ريحا مختلفة تلون وجهه وتغير ودخل وخرج واقبل وأدبر فذكرت ذلك له فقال وما تدرون لعله كما قال الله تعالى فلما راوه عارضا إلخ فاذا أمطرت سرى عنه ويقول وهو الذي برسل شباح بشر بين يدى رحمته وفى الآية اشارة الى انه يعرض فى سماء القلوب تارة عارض فيمطر مطر الرحمة بحبي به الله ارض البشرية قينبت منها الأخلاق الحسنة والأعمال لصالحة وتارة يعرض عارض ضده بسوء الأخلاق وفساد الأعمال فتكون أشخاصهم خالية عن الخير كالاخلاق والآداب والأعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الصدق والإخلاص والرضى والتسليم وهو جزاء القوم المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل يقول الفقير وفيه اشارة ايضا الى قوم ممكورين مقهورين يحسبون انهم من اهل اللطف والكرم فيأمرون برفع القباب على قبورهم بعد موتهم او يفعل بهم ذلك من جهة الجهلة فصاروا بحيث لا يرى الا القبور والقباب وليس فيها أحد من الأحباب بلى من اهل العذاب ونعم ما قالوا لا تهيىء لنفسك قبر او هيىء نفسك للقبر نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويحفظنا مما يوجب أذاه ويخالف رضاء وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ لتمكين دست دادن وجاى دادن والمعنى اقدرنا عادا وملكناهم

والفارسية ايشان را قدرت وقوت داديم فِيما اى فى الذي إِنْ نافية اى ما مَكَّنَّاكُمْ اى يا أهل مكة فِيهِ من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادى التصرفات ومما يحسن موقع ان دون ما هاهنا التفصى عن تكر لفظة ما وهو الداعي الى قلب الفها ها فى مهما وجعلها زائدة او شرطية على ان يكون الجواب كان بغيكم اكثر مما لا يليق بالمقام وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويدوموا على شكرها ولعل توحيد السمع لانه لا يدرك به الا الصوت وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به أشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة والفؤاد يعم ادراك كل شىء والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمى يه لتفؤده اى لتوقده تحرقه فَما نافية أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ حيث لم يستعملوه فى استماع الوحى ومواعظ الرسل يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه قال فى تاج المصادر الإغناء بى نياز كردانيدن وواداشتن كسى را از كسى وَلا أَبْصارُهُمْ حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المنصوية فى صحائف العالم وَلا أَفْئِدَتُهُمْ حيث لم يستعملوها فى معرفة الله سبحانه مِنْ شَيْءٍ اى شيأ من الإغناء ومن مزيدة للتأكيد (قال الكاشفى) همين كه عذاب فرود آيد پس دفع نكرد از ايشان كوش وديدها ودلهاى ايشان چيزيرا از عذاب خداى إِذْ كانُوا از روى تقليد وتعصب يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ قوله إذ متعلق بما اغنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث ان الحكم مرتب على ما أضيف اليه فان قولك أكرمته إذا كرمنى فى قوة قولك أكرمته لاكرامه لانك إذا أكرمته وقت إكرامه فانما أكرمته فيه لوجودا كرامه فيه وكذا الخال فى حيث وَحاقَ بِهِمْ نزل وأحاط ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء فيقولون فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين وفى الآية تخويف لاهل مكة ليعتبروا (وفى المثنوى) پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان تا شنيديم از سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او وفى الآية اشارة الى ان هذه الآلات التي هى السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد وبدأ بالسمع لان جميع التكليف الوارد على القلب انما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر لانه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالبا تنبيها على عظمة ذلك وان كان المبصر هو القلب ثم رجع الى الفؤاد الذي هو العمدة فى ذلك فتقديمهما على جهة التعظيم له كما يقال الجناب والمجلس وهما المبلغان اليه وعنه وانما شاركه هذان فى الذكر تنبيها على عظم مشاركتهما إياه فى الوزارة ولولاهما لما أمكن ان يبلغ قلب فى القالب قلبا فى هذا العالم ما يريد إبلاغه اليه فالسمع والبصر مع الفؤاد فى عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح فى عالم الخلافة ولا يتم لاحدهما ذلك الا بالآخرين والأنقص بقدره والمراد فى جميع التكليف سلامة القلب والخطاب اليه من جهة كل عضو فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة الى الانقياد للتكليفات فى جميع الأعضاء وفعل ما قدر عليه من المندوبات

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 27 إلى 28]

واجتناب ما سمع من المنهي عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات وترك فضلات المباحات فان الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة وفكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء منه فكيف ولوغ الكلب وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الى القصاص من نفسه فى خدش خدشه أعرابيا لم يتعمده فاتى جبرائيل فعال يا محمد ان الله لم يبعثك جبارا ولا متكبرا فدعا النبي عليه السلام الاعرابى فقال اقتص منى فقال الاعرابى قد احللتك بابى أنت وأمي وما كنت لأفعل ذلك ابدا ولو أتيت على نفسى فدعا له بخير فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها فكذا ترك معاونة الظلمة وطلب بعض الأمراء من بعض العلماء المحبوسين عنده ان يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال ناولنى الكتاب اولا حتى انظر ما فيه فهكذا كانو يحترزون عن معاونة الظلمة فمن أقر بآيات الله الناطقة بالحلال والحرام كيف يجترىء على ترك العمل فيكون من المستهزئين بها فالتوحيد والإقرار اصل الأصول ولكن قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ولا كلام فى شرف العلم والعمل خصوصا الذكر قال موسى عليه السلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فاناديك فقال انا جليس من ذكرنى قال فانا نكون على حال نجلك ان نذكرك عليها كالجناية والغائط فقال اذكرني على اى حال قال الحسن البصري إذا عطس على قضاء الحاجة يحمد الله فى نفسه كما فى احياء العلوم وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ يا أهل مكة وبالفارسية بدرستى كه نيست كرديم آنچهـ كردا كرد شما بود وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يحول اليه مِنَ الْقُرى كحجر ثمود وهى منازلها والمؤتفكات وهى قرى قوم لوط والظاهر من أهل القرى فيدخل فيهم عاد فانهم اهلكوا وبقيت مساكنهم كما سبق وَصَرَّفْنَا الْآياتِ التي يعتبر بها اى كررنا عليهم الحجج وانواع العبر وفى كشف الاسرار وصرفنا الآيات بتكرير ذكرها وإعادة أقاصيص الأمم الخالية بتكذيبها وشركها لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لكى يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي لانها اسباب الرجوع الى التوحيد والطاعة ولم يرجع أحد منهم ليعلم ان الهداية بيد الله يؤتيها من يشاء قالوا لعل هذا تطميع لهم وتأميل للمؤمنين والا فهو تعالى يعلم انهم لا يرجعون يقول الفقير هذا من اسرار القدر فلا يبحث عنه فان الله تعالى خلق الجن والانس ليعبدوه فما عبده منهم الا أقل من القليل ولما كان تصريف الآيات والدعوة بالمعجزات من مقتضيات أعيانهم فعله الله تعالى والأنبياء عليهم السلام والفرق بين الأمر التكليفي والأمر الإرادي ان الاول لا يقتضى حصول المأمور به بخلاف الثاني والا لوقع التخلف بين الارادة والمراد وهو محال فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً القربان ما يتقرب به الى الله تعالى وأحده مفعولى اتخذوا ضمير المفعول المحذوف والثاني آلهة وقربانا حال والتقدير فهلا نصرهم وخلصهم من العذاب الذين اتخذوهم آلهة حال كونها متقربا بها الى الله تعالى حيث كانوا يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وهؤلاء شفعاؤنا عند الله وفيه تهكم بهم بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ اى غابوا عنهم وفيه تهكم آخر بهم كأن

[سورة الأحقاف (46) : آية 29]

عدم نصرتهم لغيبتهم أو ضاعوا عنهم اى ظهر ضياعهم عنهم بالكلية وَذلِكَ اى ضياع آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم إِفْكُهُمْ اى اثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة ونتيجة شركهم وَما كانُوا يَفْتَرُونَ عطف على إفكهم اى واثر افترائهم على الله او اثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى روى از تو هر كه تافت دكر آب رو نيافت وفى لآية اشارة الى ان الأسباب والوسائل نوعان أحدهما ما اذن الله تعالى فى ان يتوسل العبد به اليه كالانبياء والأولياء وما جاؤ به من الوحى والإلهام فهذه اسباب الهدى كما قال تعالى وابتغوا اليه الوسيلة وكونوا مع الصادقين والثاني ما لم يأذن فيه الله كعبادة الأصنام ونحوها فهذه اسباب الهوى كما نطقت بها الآيات ثم ان الله تعالى انما يفعل عند لاسباب لا بالأسباب ليعلم العبد ان التأثير من الله تعالى فيستأنس بالله لا بالأسباب حق تعالى موسى را فرمود كاى موسى چون مرغ باش كه از سر درختان مى خورد وآب صافى بكار مى بدد و چون شب در آمد در شكافى مأوى مى سازد وبا من انس ميكيرد واز خلق مستوحش ميكرد واى موسى هر كه بغير من اميد دارد هر آينه اميد او قطع كنم وهر كه با غير من تكيه كند پشت او را شكسته كنم وهر كه با غير من انس كيرد وحشت او دراز كردانم وهر كه غير مرا دوست دارد هر آينه از وى اعراض نمايم وفى الآية ايضا تهديد وتخويف حتى لا يغفل المرء عن الله ولا يتكل على غيره بل يتأمل العاقبة ويقتل اله عوة حق تعالى به بنى إسرائيل خطاب فرمود كه شما را بآخرت ترغيب كرديم رغبت نكرديد ودر دنيا بزهد فرموديم زاهد نشديد وبا آتش ترسانيديم ترس در دل نكرفتيد وبه بهشت تشويق كرديم آرزومند نشديد بر شما نوحه كردن داديم نكرستيد بشارت باد كشتكانرا كه حق تعالى شمشير بست كه در نيام نيامد وان دار جهنم است وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ املناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك والنفر دون العشرة وجمعه انفار قال الراغب النفر عدة رجال يمكنهم النفر اى الى الحرب ونحوها والجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانيين ثلاثة أخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فيهم أخيار واشرار وهم الجن قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والشياطين ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد إبليس والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون يقول الفقير يؤيده ما ثبت ان فى الجن مذاهب مختلفة كالانس حتى الرافضي ونحوه وان بينهم حروبا وقتالا ولكن يشكل قولهم إبليس هو ابو الجن فانه يقتضى ان لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق الا بالايمان والكفر فاعرف يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ حال مقدرة من ثفرا لتخصيصه بالصفة او صفة اخرى له اى واذكر لقومك وقت صرفنا إليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ اى القرآن عند تلاوته قالُوا اى قال بعضهم لبعض أَنْصِتُوا الإنصات هو الاستماع الى الصوت مع ترك الكلام اى اسكتوا لسمعه وفيه اشارة الى ان من شأنهم فضول الكلام واللغط كالانس ورمز الى الحرص المقبول قال بعض العارفين هيبة الخطاب وحشمة المشاهدة حبست ألسنتهم فانه ليس

فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول فَلَمَّا قُضِيَ أتم وفرغ من تلاوته وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ انصرفوا الى قومهم مقدرين إنذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به وأجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول الله عليه السلام إذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب أحد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالى يا معشر الجن والانس الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا إلا لنبأ حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول الله عليه السلام بقوله رفعت الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله ان يعذب نهزها وينضر شجرها ويكثر مطرها وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعاني شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اند نه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واو پسر إبليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الأسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى الله عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم أرقم ادرس فضربوا فى الأرض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها الله تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادي نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب قيتعا كظون اى يتفاخرون وبتناشدون ومنه الأديم العكاظي فوافوا اى نفر الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر إذ كان إذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشي فهى غير صلاة الفجر التي هى احدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء إذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى أوائل الوحى وليلة الإسراء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا لقراءته عليه السلام وكان يقراطه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج إليهم يستنصرهم على الإسلام والفيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاء هم فآذوه عليه السلام أذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة أياما فلما أراد الدخول الى مكة قال له زيد كيف تدخل عليهم يعنى قريشا وهم قد أخرجوك اى كانوا سببا لخروجك وخرجت لتستنصرهم فلم تنصر فقال يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله ناصر دينه ومظهر نبيه فسار عليه السلام الى جبل حرآء وبعث الى مطعم بن عدى وقد مات كافرا قبل بدر بنحو سبعة أشهر يقول له انى داخل مكة فى جوارك فأجابه الى ذلك فدخل عليه السلام مكة ثم تسلح

مطعم وبنوه وهم ستة او سبعة وخرجوا حتى أتوا المسجد الحرام فقام مطعم على راحلته فنادى يا معشر قريش انى قد اجرت محمدا فلا يؤذيه أحد منكم ثم بعث الى رسول الله عليه السلام ان ادخل فدخل وطاف بالبيت وصلى عنده ثم انصرف الى منزله ومطعم وولده مطيفون به وكان من عادة العرب حفظ الجوار ولذا قال ابو سفيان لمطعم أجرنا من اجرت ثم ان مرور الجن به عليه السلام فى هذه القصة ووقوفهم مستمعين لم يشعر به عليه السلام ولكن انبأه الله باستماعهم وذكر اجتماعهم به عليه السلام فى مكة مرارا فمن ذلك ما روى ان النفر السبعة من الجن لما انصرفوا من بطن نخلة جاؤا الى قومهم منذرين ثم جاؤا مع قومهم وافدين الى رسول الله عليه السلام وهو بمكة وهم ثلاثمائة او اثنا عشر ألفا فانتهوا الى الحجون وهو موضع فيه مقابر مكة فجاء واحد من أولئك النفر الى رسول الله فعال ان قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك فوعده عليه السلام ساعة من الليل ثم قال لاصحابه انى أمرت ان أقرأ على الجن الليلة وانذرهم فمن يتبعنى قالها ثلاثا فأطرقوا الا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقام معه قال فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة فى شعب الحجون خطلى خطا برجله وقال لى لا نخرج منه حبى أعود إليك فانك ان خرجت لن ترانى الى يوم القيامة وفى رواية لم آمن عليك ان يخطفك بعضهم ثم جلس وقرأ عليهم اقرأ باسم ربك او سورة الرحمن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله واللغط بالغين المعجمة والطاء المهملة اختلاط أصوات الكلام حتى لا يفهم وغشيته عليه السلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لى عليه السلام هل رأيت شيأ قلت نعم رجالا سودا كأنهم رجال الزط وهم طائفة من السودان الواحد منهم ز طى فقال أولئك جن نصيبين قلت سمعت منهم لغطا شديدا حتى خفت عليك الى ان سمعتك تفرعهم بعصاك وتقول اجلسوا اى فما سببه فقال ان الجن تداعت فى قتيل قتل بينهم فتحاكموا الى فحكمت بينهم بالحق وقال ابو الليث فلما رجع اليه قال يا نبى الله سمعت هدتين اى صوتين قال عليه السلام اما إحداهما فانى سلمت عليهم وردوا على السلام واما الثانية فانهم سألوا الرزق فأعطيتهم عظما واعطيتهم روثا رزقا لدوابهم اى ان المؤمنين منهم لا يجدون عظما ذكر اسم الله عليه الا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ولا ورثة الا وجد فيها حبها يوم أكلت او يعود البعر خضرا لدوابهم ولهذا نهى عليه السلام عن الاستنجاء بالعظم والروث واما الكافرون منهم فيجدون اللحم على العظم الذي لم يذكر اسم الله عليه وعن قتادة لما اهبط إبليس قال اى رب قد لعننه فما علمه قال السحر قال فما قراءته قال الشعر در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد قال فما كتابته قال الوشم وهو غرز الابر فى البدن وذر النيلج عليه قال فما طعامه قال كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه اى من طعام الانس يأخذه سرقة قال فما شرابه قال كل مسكر قال فاين مسكنه قال الحمام قال فاين محله قال فى الأسواق قال فما صوته قال المزمار قال فما مصايده قال النساء فالحمام اكثر محل إقامته والسوق محل تردده فى بعض الأوقات والظاهر ان كل من لم يؤمن من الجن مثل إبليس فيما ذكر قال فى انسان العيون فى أكل الجان ثلاثة اقوال يأكلون بالمضغ والبلع ويشربون بالازدراد اى الابتلاع والثاني لا يأكلون ولا

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 30 إلى 31]

يشربون بل يتغذون بالشم والثالث انهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وانما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم وفى اكام المرجان ان العمومات تقتضى ان الكل يأكلون ويشربون وكون الرقيق رقيقا واللطيف لطيفا لا يمنع عن الاكل والشرب واما الملائكة فهم أجسام لطيفة لكنهم لا يأكلون ولا يشربون لاجماع أهل الصلاة على ذلك وللاخبار المروية فى ذلك قال العلماء انه عليه السلام بعث الى الجن قطعا وهم مكلفون وفيهم العصاة والطائعون وقد أعلمنا لله ان نفرا من الجن رأوه عليه السلام وآمنوا به وسمعوا القرآن فهم صحابة فضلاء من حيث رؤيتهم وصحبتهم وحينئذ ينعين ذكر من عرف منهم فى الصحابة رضى الله عنهم كذا فى شرح النخبة لعلى القاري قالُوا اى عند رجوعهم الى قومهم يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزائه إذ لم يكن القرآن كله منزلا حينئذ أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ كتاب مُوسى قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن توفل هذا الناموس الذي نزل الله على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون إليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد إذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الأرض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى يقول الفقير قد صح ان التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرآن مشتملا على الاحكام والشرائع ايضا صارت الكتب الإلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الإلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الأخلاق ونحو ذلك يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ من العقائد الصحيحة وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرائع والأعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم او أرادوا ما سمعوه من الكتاب فانه كما انه هاد كذلك هو داع الى الله تعالى وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ اى الله تعالى مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعض ذنوبكم وهو ما كان فى خالص حق الله فان حقوق العباد لا تغفر بالايمان بل برضى أربابها يعنى إذا أسلم الذمي لا يغفر عنه حقوق العباد بأسلامه وكذا لا تغفر عن الحربي إذا كان الحق ماليا قالوا ظلامة الكافر وخصومة الدابة أشد لان المسلم اما ان يحمل عليه ذنب خصمه بقدر حقه او يأخذ من حسناته

[سورة الأحقاف (46) : الآيات 32 إلى 35]

والكافر لا يأخذ من الحسنات ولا ذنب للدابة ولا يؤهل لاخذ الحسنات فتعين العقاب وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ معد للكفرة وهو عذاب النار وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ اى فليس بمعجز له تعالى بالهرب وان هرب كل مهرب من أقطارها او دخل فى أعماقها وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ بيان لاستحالة نجاته بواسطة الغير اثر بيان استحالة نجاته بنفسه وجمع الأولياء باعتبار معنى من فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع لانقسام الآحاد الى الآحاد أُولئِكَ الموصوفون بعدم اجابة الداعي فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اى ظاهر كونه ضلالا بحيث لا يخفى على أحد حيث اعرضوا عن اجابة من هذا شأنه وفى الحديث الا أخبركم عنى وعن ملائكة ربى البارحة حفوابى عند راسى وعند رجلى وعن يمينى وعن يسارى فقالوا يا محمد تنام عينك ولا ينام قلبك فلتعقل ما نقول فقال بعضهم لبعض اضربوا لمحمد مثلا قال قائل مثله كمثل رجل بنى دارا وبعث داعيا يدعو فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل مما فيها ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل مما فيها وسخط السيد عليه ومحمد الداعي فمن أجاب محمدا دخل الجنة ومن لم يجب محمدا لم يدخل الجنة ولم يأكل مما فيها ويسخط السيد عليه وفى الآية دليل بين على انه عليه السلام مبعوث الى الجن والانس جميعا ولم يبعث قبله نبى إليهما واما سليمان عليه السلام فلم يبعث الى الجن بل سخروا له وفى فتح الرحمن ولم يرسل عليه السلام الى الملائكة صرح به البيهقي فى الباب الرابع من شعب الايمان وصرح فى الباب الخامس عشر بانفكاكهم من شرعه وفى تفسير الامام الرازي والبرهان النسفي حكاية الإجماع قال ابن حامد من اصحاب احمد ومذهب العلماء إخراج الملائكة عن التكليف والوعد والوعيد وهم معصومون كالانبياء بالاتفاق الا من استثنى كابليس وهاروت وماروت على القول بأنهم من الملائكة انتهى وفى الحديث أرسلت الى الخلق كافة والخلق يشمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول اى إرساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وأزيد على ذلك انه مرسل لنفسه يقول الفقير اختلف أهل الحديث فى شأن الملائكة هل هم من الصحابة أو لا فقال البلقينى ليسوا داخلين فى الصحابة وظاهر كلامهم كالامام الرازي انهم داخلون ففيه ان الامام كيف يعد الملائكة من الصحابة وقد حكى الإجماع على عدم الإرسال وبعيد أن يكونوا من صحابته وأمته عليه السلام من غير ان يرسل إليهم واختلف فى حكم مؤمنى الجن فقيل لا ثواب لهم الا النجاة من النار لقوله تعالى يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم حيث صرح باقتصارهم على المغفرة والاجارة وبه قال الحسن البصري رحمه الله حيث قال ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم قال الامام النسفي فى التيسر توقف ابو حنيفة فى ثواب الجن ونعيمهم وقال لا استحقاق للعبد على الله وانما ينال بالوعد ولا وعد فى حق الجن الا المغفرة والاجارة فهذا يقطع القول به واما نعيم الجنة فموقوف على قيام الدليل انتهى قال سعدى الفتى وبهذا تبين

ان أبا حنيفة متوقف لا جازم بأنه لا ثواب لهم كما زعم البيضاوي يعنى ان المروي عن ابى حنيفة انه توقف فى كيفة ثوابهم لا انه قال لا ثواب لهم وذلك ان فى الجن مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا وعبدة أوثان فلمسلميهم ثواب لا محالة وان لم نعلم كيفيته كما ان الملائكة لا يجازون بالجنة بل بنعيم يناسبهم على أصح قول العلماء واما رؤية الله تعالى فلا يراه الملائكة والجن فى رواية كما فى انسان العيون والظاهر ان رؤيتهم من واد ورؤية لبشر من واد فمن نفى الرؤية عنهم نفاها بهذا المعنى والا فالملائكة اهل حضور وشهود فكيف لا يرونه وكذا مؤمنوا الجن وان كانت معرفتهم دون معرفة الكمل من البشر على ما صرح به بعض العلماء وفى البزازية ذكر فى التفاسير توقف الامام الأعظم فى ثواب الجن لانه جاء فى القرآن فيهم يغفر لكم من ذنوبكم والمغفرة لا تستلزم الاثابة قالت المعتزلة أوعد لظالمهم فيستحق الثواب صالحوهم قال الله تعالى واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا قلنا الثواب فضل من الله تعالى لا بالاستحقاق فان قيل قوله تعالى فبأى آلاء ربكما تكذبان بعد عد نعم الجنة خطاب للثقلين فيرد ما ذكرتم قلنا ذكر ان المرداد منه التوقف فى المآكل والمشارب والملاذ والدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة والملائكة يدخلون عليهم من كل باب الآية انتهى والصحيح كما فى بحر العلوم والأظهر كما فى الإرشاد ان الجن فى حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم ويدل عليه قوله تعالى فى هذه السورة ولكل درجات مما عملوا والاقتصار لان مقصودهم الانذار ففيه تذكير بذنوبهم واز حمزة بن حبيب رحمه الله پرسيدند كه مؤمنان جن را ثواب هست فرمود كه آرى وآيت لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان بخواند وكفت الانسيات للانس والجنيات للجن فدل على تأنى الطمث من الجن لان طمث الحور العين انما يكون فى الجنة وفى آكام المرجان فى احكام الجان اختلف العلماء فى مؤمنى الجن هل يدخلون الجنة على اقوال أحدها انهم يدخلونها وهو قول جمهور العلماء ثم اختلف القائلون بهذا القول إذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون فعن الضحاك يأكلون ويشربون وعن مجاهد انه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة قال يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجده اهل الجنة من لذة لطعام والشراب وذهب الحرث المحاسبى الى ان الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة بحيث زاهم ولا يروننا عكس ما كانوا عليه فى الدنيا والقول الثاني إنهم لا يدخلونها بل يكونون فى ربضها اى ناحيتها وجانبها يراهم الانس من حيث لا يرونهم والقول الثالث انهم على الأعراف كما جاء فى الحديث ان مؤمنى الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الأعراف حائط الجنة تجرى فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار ذكره صاحب الفردوس الكبير وقال الجاحظ الذهبي هذا حديث منكر جدا وفى الحديث خلق الله الجن ثلاثة اصناف صنفا حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنفا كالريح فى الهولء وصنفا عليه الثواب والعقاب وخلق الله الانس ثلاثة اصناف صنفا كالبهائم كما قال تعالى لهم قلوب لا يفقهون بها الى قوله أولئك كالانعام الآية وصنفا أجسادهم كأجساد بنى آدم وأرواحهم كأرواح الشياطين وصنفا فى ظل الله يوم لا ظل الا ظله رواه ابو الدرداء رضى الله عنه والقول الرابع الوقف

[سورة الأحقاف (46) : آية 33]

واحتج أهل القول الاول بوجوه الاول العمومات كقوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين وقوله عليه السلام من شهد ان لا اله الا الله خالصا دخل الجنة فكما انهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالإجماع فكذلك يخاطبون بعمومات الوعد بالطريق الاولى ومن أظهر حجة فى ذلك قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى الى آخر السورة والخطاب للجن والانس فامتن عليهم بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها فدل ذلك على انهم ينالون ما امتن عليهم به إذا آمنوا وقد جاء فى حديث ان رسول الله عليه السلام قال لاصحابه لما تلا عليهم هذه السورة الجن كانوا احسن ردا منكم ما تلوت عليهم من آية الا قالوا ولا بشىء من آلائك ربنا نكذب والثاني ما استدل به ابن حزم من قوله تعالى ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم الى آخر السورة قال وهذه صفة تعم الجن والانس عموما لا يجوز البتة ان يخص منها أحد النوعين ومن المحال ان يكون الله يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد الا بعض ما أخبرنا به ثم لايبين لنا ذلك هذا هو ضد البيان الذي ضمنه الله لنا فكيف وقد نص على انهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة والثالث ما سبق من خبر الطمث والرابع ما قال ابن عباس رضى الله عنهما الخلق اربعة فخلق فى الجنة كلهم وخلق فى النار كلهم وخلقان فى الجنة والنار فاما الذين فى الجنة كلهم فالملائكة واما الذين فى النار كلهم فالشياطين واما الذين فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب والخامس ان العقل يقوى ذلك وان لم يوجبه وذلك ان الله سبحانه قد أوعد من كفر منهم وعصى بالنار فكيف لا يدخل من أطاع منهم الجنة وهو سبحانه الحكم العدل فان قيل قد أوعد الله من قال من الملائكة انى اله من دونه بالنار ومع هذا ليسوا فى الجنة فى الجواب ان المراد بذلك إبليس دعا الى عبادة نفسه فنزلت الآية فيه وهى ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك نجزيه جهنم وايضا ان ذلك وان سلمنا ارادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله لئن أشركت ليحبطن عملك والجن يوجد منهم الكافر فيدخل النار واحتج اهل القول الثاني بقوله تعالى يغفر لكم إلخ حيث لم يذكر دخول الجنة فدل على انهم لا يدخلونها والجواب انه لا يلزم من سكوتهم او عدم علمهم بدخول الجنة نفيه وايضا ان الله اخبر أنهم ولوا الى قومهم منذرين فالمقام مقام الانذار لا مقام بشارة وايضا ان هذه العبارة لا تقتضى نفى دخول الجنة لان الرسل المتقدمين كانوا ينذرون قومهم بالعذاب ولا يذكرون دخول الجنة لان التخويف بالعذاب أشد تأثيرا من الوعد بالجنة كما اخبر عن نوح فى قوله انى أخاف عليكم عذاب يوم أليم وعن هود عذاب يوم عظيم وعن شعيب عذاب يوم محيط وكذلك غيرهم وايضا ان ذلك يستلزم دخول الجنة لان من غفر ذنوبه وأجير من العذاب وهو مكلف بشرائع الرسل فانه يدخل الجنة وقد سبق دليل القول الثالث والرابع والعلم عند الله الملك المتعال واليه المرجع والمآل أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام والرؤية قلبية اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما جازما فى حكم المشاهدة والعيان أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ابتداء من غير مثال وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ اى لم يتعب ولم ينصب بذلك أصلا أو لم يعجز عنه يقال عييت بالأمر

[سورة الأحقاف (46) : آية 34]

إذا لم تعرف وجهه وأعييت تعبت وفى القاموس أعيى الماشي كل وفى تاج المصادر العي بكسر العين اندر ماندن والماضي عيى وعى والنعت عيى على فعيل وعى على فعل بالفتح والاعياء در ماندن ومانده شدن ودر رفتن ومانده كردن وأعيى عليه الأمر انتهى وحكى فى سبب تعلم الكسائي النحو على كبره انه مشى يوما حتى أعيى ثم جلس الى قوم ليستريح فقال قد عييت بالتشديد بغير همزة فقالوا له لا تجالسنا وأنت تلحن قال الكسائي وكيف قالوا ان أردت من التعب فقل أعييت وان أردت من انقطاع الحيلة والتعجيز فى الأمر فقل عييت مخففا فقام من فوره وسأل عمن يعلم النحو فأرشدوه الى معاذ فلزمه حتى نفد ما عنده ثم خرج الى البصرة الى الخليل ابن احمد يقول الفقير الظاهر ان المراد بالعي هنا اللغوب الواقع فى قوله ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة ايام وما مسنا من لغوب والقرآن يفسر بعضه بعضا فالاعياء مرفوع محال لانه لو كان لاقتضى ضعفا واقتضى فسادا بِقادِرٍ خبر أن ووجه دخول الباء اشتمال النفي الوارد فى صدر الآية على ان وما فى حيزها كأنه قيل او ليس الله بقادر عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ولذا أجيب عنه بقوله بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود يعنى ان الله تعالى إذا كان قادرا على كل شىء كان قادرا على احياء الموتى لانه من جملة الأشياء وقدرته تعالى لا تختص بمقدور دون مقدور فبلى يختض بالنفي ويفيد ابطاله على ما هو المشهور وان حكى الرضى عن بعضهم انه جازا استعمالها فى الإيجاب وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ اى يعذبون بها كما سبق فى هذه السورة ويوم ظرف عامله قول مضمر اى يقال لهم يومئذ أَلَيْسَ هذا العذاب الذي ترونه بِالْحَقِّ اى حقا وكنتم تكذبون به وفيه تهكم بهم وتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده وقولهم وما نحن بمعذبين قالُوا بَلى اى انه الحق وَرَبِّنا وهو الله تعالى أكدوا جوابهم بالقسم لانهم يطمعون فى الخلاص بالاعتراف بحقيته كما فى الدنيا وأنى لهم ذلك قالَ الله تعالى او خازن النار فَذُوقُوا الْعَذابَ اى أحسوا به احساس الذائق المطعوم بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ به فى الدنيا والباء للسببية ومعنى الأمر الاهانة بهم والتوبيخ لهم على ما كان فى الدنيا من الكفر والإنكار لوعد الله ووعيده قال ابن الشيخ الظاهران صيغة الأمر لا مدخل لها فى التوبيخ وانما هو مستفاد من قوله بما كنتم تكفرون وفى الآية اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا معذبين بعذاب البعد والقطيعة وإفساد الاستعداد الأصلي لقبول الكمالات وبلوغ القربات ولكن ما كانوا يذوقون مرارة ذلك العذاب وحرقته لغلبة الحواس الظاهرة وكلالة الحواس الباطنة كما ان النائم لا يحس قرص النملة وعض البرغوث وهنا ورد الناس نيام فاذا ماتوا تيقظوا واعلم كما ان الموت حق واقع لا يستريبه أحد فكذا الحياة بعد الموت ولا عبرة بانكار المنكر فانه من الجهل والا فقد ضرب الله له مثلا بالتيقظ بعد النوم ولذا ورد النوم أخو الموت ثم ان الحياة على انواع حياة فى الأرحام ينفخ الله الروح وحياة فى القبور بنفخ اسرافيل فى الصور وحياة للقلوب بالفيض الروحاني وحياة للارواح بالسر الرباني ولن يتخلص أحد من العذاب الروحاني والجسماني الا بدخول جنة الوصل الإلهي الرباني وهو انما يحصل

[سورة الأحقاف (46) : آية 35]

بمقاساة الرياضات والمجاهدات فان الجنة حفت بالمكاره نقلست كه يكروز حسن بصرى ومالك بن دينار وشقيق بلخى نزد رابعه عدويه شدند واو رنجور بود حسن كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يصبر على ضرب مولاه شقيق كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يشكر على ضرب مولاه مالك كفت ليس بصادق فى دعواه من لم بتلذذ بضرب مولاه رابعه را كفتند تو بگو كفت ليس بصادق فى دعواه من لم ينس الضرب فى مشاهدة مولاه وابن عجب نبود كه زنان مصر در مشاهده مخلوق درد زخم نيافتند اگر كسى در مشاهده خالق بدين صفت بود عجب نبود فعلم من هذا ان المرء إذا كان صادقا فى دعوى طلب الحق فانه لا يتأذى من شىء مما يجرى على رأسه ولا يريد من الله الا ما يريد الله منه عاشقانرا كر در آتش مى نشاند قهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم وان الصادق لا يخلو من تعذيب النفس فى الدنيا بنار المجاهدة ثم من إحراقها بالكلية بالنار الكبرى التي هى العشق والمحبة فاذا لم يبق فى الوجود ما يتعلق بالإحراق كيف يعرض على النار يوم القيامة لتخليص الجوهر ونفسه مؤمنة مطمئنة ومن الله العون والامداد فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ الفاء جواب شرط محذوف والعزم فى اللغة الجد والقصد مع القطع اى إذا كان عاقبة امر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولوا الثبات والحزم من الرسل فانك من جملتهم بل من علمهم ومن للتبيين فيكون الرسل كلهم اولى عزم وجد فى امر الله قال فى التكملة وهذا لا يصح لابطال معنى تخصص الآية وقيل من للتبعيض على انهم صنفان أولوا عزم وغير اولى عزم والمراد باولى العزم اصحاب الشرائع الذين اجتهدوا فى تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشافها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وقد نظمهم بعضهم بقوله أولوا العزم نوح والخليل بن آزر ... وموسى وعيسى والحبيب محمد قال فى الاسئلة المقحمة هذا القول هو الصحيح وقيل هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على ذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه وابراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على لذبح ويعقوب على فقد الولد ويوسف على الجب والسجن وأيوب على الضر وموسى قال قومه انا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين ويونس على بطن الحوت وداود بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبة وقال انها معبرة فاعبروها ولا تعمروها صلوات الله عليهم أجمعين وقال قوم الأنبياء كلهم اولو العزم الا يونس لعجلة كانت منه الا يرى انه قيل للنبى عليه السلام ولا تكن كصاحب الحوت ولا آدم لقوله تعالى ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما قال فى حواشى ابن الشيخ ليس بصحيح لان معنى قوله ولم نجد له عزما قصدا الى الخلاف ويونس لم يكن خروجه بترك الصبر لكن توقيا عن نزول العذاب انتهى وفيه ما فيه كما لا يخفى على الفقيه قال بعضهم أولوا العزم اثنا عشر نبيا أرسلوا الى بنى إسرائيل بالشام فعصوهم فاوحى الله الى الأنبياء انى مرسل عذابى على عصاة بنى إسرائيل فشق ذلك

على الأنبياء فاوحى الله إليهم اختاروا لانفسكم ان شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بنى إسرائيل وان شئتم انجيتكم وأنزلت العذاب ببني إسرائيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على ان ينزل بهم العذاب وينجى بنى إسرائيل فسلط الله عليهم ملوك الأرض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من سلخ جلدة رأسه ووجهه ومنهم من صلب على الخشب حتى مات ومنهم من احرق بالنار وقيل غير ذلك والله تعالى اعلم واحكم يقول الفقير لا شك ان الله تعالى فضل أهل الوحى بعضهم على بعض ببعض الخصائص وان كانوا متساوين فى اصل الوحى والنبوة كما قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وكذا باين بينهم فى مراتب الابتلاء وان كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث ان امر الدعوة مبنى عليه فأولوا العزم منهم فوق غيرهم من الرسل وكذا الرسل فوق الأنبياء واما نبينا عليه السلام فأعلى اولى العزم دل عليه قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم فان كونه على خلق عظيم يستدعى شدة البلاء وقد قال ما أوذي نبى مثل ما أوذيت ففرق بين عزم وعزم وقوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت مع قوله إذ ذهب مغاضبا دل على ان يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة وقول يوسف عليه السلام فاسله ما بال النسوة دل على انه صدر منه التزكية وقول لوط عليه السلام لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد دل على انه ذهل عن ان الله تعالى كان ركنه الشديد وقس على هذا المذكور قول عزيز أنى يحيى هذه الله بعد موتها ونحو ذلك فظهر أن الأنبياء عليهم السلام متفاوتون فى درجات المعارف ومراتب الابتلاء وطبقات العزم قال بعضهم أولوا العزم من لا يكون فى عزمه فسخ ولا فى طلبه نسخ كما قيل لبعضهم بم وجدت ما وجدت قال بعزيمة كعزيمة الرجال اى الرجال البالغين مرتبة الكمال وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ اى لكفار مكة بالعذاب فانه على شرف النزول بهم ومهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم فانى امهلهم رويدا كأنه ضجر بعض الضجر فأحب ان ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ من العذاب لَمْ يَلْبَثُوا اى لم يمكثوا فى الدنيا والتمتع بنعيمها إِلَّا ساعَةً يسيرة وزمانا قليلا مِنْ نَهارٍ لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته يعنى ان هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث وايضا ان ما مضى وان كان دهرا طويلا لكنه يظن زمانا قليلا بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسماني هو العذاب الروحاني كما فى البرزخ والعذاب الجسماني ايضا كما فى يوم القيامة غبار قافله عمر چون نمايان نيست ... دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب بَلاغٌ خبر مبتدأ محذوف اى هذا الذي وعظتم به كفاية فى الموعظة او تبليغ من الرسول فالعبد يضرب بالعصا والحر يكفيه الاشارة فَهَلْ يُهْلَكُ اى ما يهلك وبالفارسية پس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعنى نخواهند شد إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ اى الخارجون عن الاتعاظ به او عن الطاعة وقال بعض اهل التأويل اى الخارجون من عزم طلبه الى طلب ما سواه وفى هذه الألفاظ وعيد محض وإنذار بين وفى الفردوس قال ابن عباس رضى الله عنهما قال النبي عليه السلام إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ اناء نظيف وكتب عليه كأنهم يوم يرون ما يوعدون إلخ وكأنهم يوم يرونها إلخ ولقد

سورة محمد صلى الله عليه

كان فى قصصهم عبرة لاولى الباب إلخ ثم يغسل وتسقى منه المرأة وينضح على بطنها وفرجها كما فى بحر العلوم وقال فى عين المعاني قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا عسر على المرأة الولادة فليكتب هاتان الآيتان فى صحيفة ثم تسقى وهى هذه بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله الحكيم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الاعشية او ضحاها وفى شرعة الإسلام المرأة التي عسرت عليها الولادة يكتب لها فى جام وهو طبق ابيض من زجاج او فضة ويغسل ويسقى ماؤه بسم الله الذي لا اله الا هو العليم الحكيم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرون إلخ ومر عيسى بن مريم ببقرة اعترض ولدها فى بطنها فقالت يا كلمة الله ادعو الله ان يخلصى فقال عيسى يا خالق النفس من النفس خلصها فألفت ما فى بطنها فاذا عسرت على المرأة الولادة فليكتب لها هذا وكذا إذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما قال فى آكام المرجان يجوز ان يكتب للمصاب وغيره من المرضى شىء من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الامام احمد وغيره انتهى واحترز بكتاب الله وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة فانه يحتمل ان يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاساة فانه حرام بل كفر وكذا تقليب حروف القرآن وتعكيسها نعوذ بالله ثم من لطائف القرآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين والحمد لله حمدا كثيرا الى يوم الدين والى ابد الآبدين تمت سورة الأحقاف بعون ذى الألطاف فى عاشر شوال المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث عشرة بعد المائة ويليها سورة محمد صلى الله عليه وتسمى سورة لقتال ايضا مدنية وقيل مكية وآيها تسع او ثمان وثلاثون سورة محمد صلى الله عليه بسم الله الرحمن الرحيم الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى اعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه من صد صدودا فيكون كالتأكيد والتفسير لما قبله او منعوا الناس عن ذلك من صده صدا كالمطعمين يوم بدر فان مترفهم أطعموا الجنود يستظهرون على عداوة النبي عليه السلام والمؤمنين فيكون مخصصا لعموم قوله الذين كفروا والظاهر انه عام فى كل من كفر وصد أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ اى أبطلها وأحبطها وجعلها صائعة لا اثر لها أصلا لا بمعنى انه بطلها وأحبطها بعد أن لم تكن كذلك بل بمعنى انه حكم ببطلانها وضياعها فان ما كانوا يعملونه من اعمال البر كصلة لارحام وقرى لاضياف وفك الأسارى وغيرها من المكارم ليس لها اثر من أصلها لعدم مقارنتها للايمان وأبطل ما عملوه من الكيد لرسول الله عليه السلام والصد عن سبيله بنصر رسوله واظهار دينه على الدين كله وهو الأوفق بقوله فتعسالهم وأضل أعمالهم وقوله تعالى فاذا لقيتم إلخ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعم كل من آمن وعمل صالحا من المهاجرين وأهل الكتاب وغيرهم وكذا يعم لايمان بجميع الكتب الالهة وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ حص

[سورة محمد (47) : آية 3]

بالذكر الايمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأن المنزل عليه كما فى عطف جبرائيل على الملائكة وتنبيها على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الايمان به وانه الأصل فى الكل ولذلك أكد بقوله تعالى وَهُوَ اى ما نزل على محمد الْحَقُّ حال كونه مِنْ رَبِّهِمْ بطريق حصر الحقية فيه والحق مقابل الباطل كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى سترها بالايمان والعمل الصالح وَأَصْلَحَ بالَهُمْ اى حالهم فى الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق قال الراغب فى المفردات البال التي يكترث لها ولذلك يقال ما باليت بكذا اى ما اكترثت ويعبر عن البال بالحال الذي ينطوى عليه الإنسان فيقال ما خطر كذا ببالي وفى القاموس البال الحال ذلِكَ اشارة الى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال وهو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كائن بسبب ان الكافرين اتَّبَعُوا الْباطِلَ اى الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للاضلال المذكور متضمن لبيان مسببيتهما لكونه أصلا مستتبعا لهما قطعا وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى وبسبب ان المؤمنين اتَّبَعُوا الْحَقَّ الذي لا محيد عنه كائنا مِنْ رَبِّهِمْ ففعلوا ما فعلوا من الايمان به وبكتابه ومن الأعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الاشعار بسببية الايمان والعمل الصالح له متضمن لبيان مسببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الاشعار والتصريح فى شىء من الموضعين كَذلِكَ اى مثل ذلك الضرب البديع يَضْرِبُ اللَّهُ اى يبين قال الراغب قيل ضرب الدراهم اعتبارا بضربها بالمطرقة ومنه ضرب المثل وهو ذكر شىء اثره يظهر فى غيره لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ اى احوال الفريقين واوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الأمثال وهى اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم وفى الخبر اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه والحق يقال على أوجه الاول يقال لموجد الشيء بحسب ما نقضيه الحكمة ولذا قيل فى الله تعالى هو الحق والثاني يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولذلك قيل فعل الله تعالى كله حق نحو قولنا الموت حق والبعث حق ويدخل فيه جميع الموجودات فانه لا عبث فى فعل الحكيم تعالى وبطلان بعض الأشياء إضافي لا حقيقى حتى الشيطان ونحوه والثالث يقال للاعتقاد فى الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق والرابع يقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وقدر ما يجب فى الوقت الذي يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق والباطل نقيض الحق فى هذه المعاني فالايمان حق لانه مما امر الله به ولكفر باطل لانه مما نهى الله عنه وقس عليه الأعمال الصالحة والمعاصي والايمان عبارة عن قطع الإشراك بالله مطلقا والعمل الصالح ما كان لله تعالى خالصا وكان الكبار يبذلون مقدورهم فيه لان ما كان لرضى الله تعالى مفتاح السعادة فى الدارين قال موسى عليه السلام يا رب فأى عبادك أعجز قال الذي يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال واى عبادك ابخل قال الذي يسأله سائل وهو بقدر على إطعامه ولم يطعمه والذي ينحل بالسلام على أخيه

[سورة محمد (47) : آية 4]

كويند بازگشت بخيلان بود بخاك ... حاشا كه هيچ خاك پذيرد بخيل را يقول الفقير مجرد الانفاق والإطعام لا يعتبر الا إذا كان مقارنا بالخلوص وطلب الرضى الا ترى ان قريشا أطعموا الكفار فى وقعة بدر فعاد انفاقهم خيبة وخسارا لانه كان فى طريق الشيطان لافى طريق الله تعالى فأحبط أعمالهم وكذا مجرد الإمساك لا يعد بخلا الا إذا كان ذلك امساكا عن المستحق الا ترى كيف قال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما فحذرهم فى غير محل الإسراف ولا سرف فى الخير ثم ان أعمال المبتدعة باطلة ايضا لانها على زيغ وانحراف عن سننها وان كانوا يحسبون انهم يحسنون صنعا فالكفر والبدعة والمعاصي أقبح الأشياء كما ان الايمان والسنة والطاعة احسن الأشياء بشر حافى قدس سره كفت رسول الله را عليه السلام بخواب ديدم مرا كفت اى بشر هيچ دانى كه چرا خداى تعالى ترا بر كزيد از ميان اقران وبلند كردانيد كفتم نه يا رسول الله كفت بسبب آنكه متابعت سنت من كردى وصالحانرا حرمت نكاه داشتى وبرادرانرا نصيحت كردى واصحاب وأهل بيت مرا دوست داشتى حق تعالى ترا بدين سبب بمقام ابرار رسانيد ثم ان طريق اتباع الحق انما يتيسر باتباع أهل الحق فانهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم فى التحقق بالحق والإرشاد اليه فمن اتبع أهل الحق اهتدى ومن اتبع أهل الباطل ضل فالاول أهل جمال الله تعالى والملك خادمه والثاني أهل جلال الله تعالى والشيطان سادنه فعلى العاقل الرجوع الى الحق وصحبة اهله كما قال تعالى وكونوا مع الصادقين نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يخدمون الحق بالحق ويعصمنا من البطالة والبطلان والزيغ المطلق انه هو الحق الباقي واليه التلاقي فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اللقاء ديدن وكارزار كردن ورسيدن قال الراغب اللقاء يقال فى الإدراك بالحس بالبصر وبالبصيرة اى فاذا كان الأمر كما ذكر من ضلال اعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح احوال المؤمنين وفلاحهم فاذا لقيتموهم فى المحاربة يا معشر المسلمين فَضَرْبَ الرِّقابِ أصله فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وأنيب منابه مضافا الى المفعول والالف واللام بدل من الاضافة اى فاضربوا رقابهم بالسيف والمراد فاقتلوهم وانما عبر عن القتل بضرب الرقاب تصويرا له بأشنع صورة وهو جز الرقبة وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه وإرشادا للغزاة الى أيسر ما يكون منه وفى الحديث انا لم ابعث لاعذب بعذاب الله وانما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ قال فى الكشاف الإثخان كثرة القتل والمبالغة فيه من قولهم أثخنته الجراحات إذا اثبتنه حتى تثقل عليه الحركة وأثخنه المرض إذا أثقله من الثخانة التي هى الغلظ والكثافة وفى المفردات يقال ثخن الشيء فهو ثخين إذا غلظ ولم يستمر فى ذهابه ومنه استعير قولهم أثخنته ضربا واستخفافا والمعنى حتى إذا أكثرتم قتلهم واغلظتموه على حذف المضاف او اثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض فَشُدُّوا الْوَثاقَ الوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به ويشد من القيد قال فى الوسيط الوثاق اسم من الايثاق يقال أوثقه ايثاقا ووثاقا إذا شد أسره كيلا يفلت فالمعنى فأسروهم واحفظوهم وبالفارسية پس استوار كنيد بند را يعنى

بگيريد ايشانرا باسيرى وبند كنيد محكم تا بگريزند وقال ابو الليث يعنى إذا قهرتموهم واسرتموهم فاستوثقوا أيديهم من خلفهم كيلا يفلتوا والاسر يكون بعد المبالغة فى القتل فَإِمَّا مَنًّا اى تمنون منا وهو أن يترك الأمير الأسير الكافر من غير ان يأخذ منه شيأ بَعْدُ اى بعد شد الوثاق وَإِمَّا فِداءً اى تفدون فدآء هو ان يترك الأمير الأسير الكافر ويأخذ مالا او أسيرا مسلما فى مقابلته يقال فداه يفديه فدى وفدآء وفداه وافتداه وفاداه اعطى شيأ فأنقذه والفداء ذلك المعطى ويقصر كما فى القاموس وقال الراغب الفدى والفداء حفظ الإنسان عن النائبة بما يبذله عنه كما يقال فديته بمالى وفديته بنفسي وفاديته بكذا انتهى قال الشيخ الرضى المطلوب من شد الوثاق اما قتل او استرقاق او من أو فدآء فالامام يتخير فى الأسارى البالغين من الكفار بين هذه الخصال الأربع وهذا التخيير ثابت عند الشافعي ومنسوخ عندنا بقوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قالوا نزل ذلك يوم بدر ثم نسخ والحكم اما القتل او الاسترقاق قال فى الدرر وحرم منهم فداؤهم وردهم الى دارهم لان رد الأسير الى دار الحرب تقوية لهم على المسلمين فى الحرب فيكره كما يكره بيع السلاح لهم وفى المن خلاف الشافعي واما الفداء فقبل الفراغ من الحرب جاز بالمال لا بالأسير المسلم وبعده لا يجوز بالمال عند علمائنا وبالنفس عند ابى حنيفة ويجوز عند محمد وعن ابى يوسف روايتان وعن مجاهد ليس اليوم من ولا فدآء انما الإسلام او ضرب العنق وعن الصديق رضى الله عنه لا افادى وان طلبوا بمدين من ذهب وكتب اليه فى أسير التمسوا منه الفداء فقال اقتلوه لأن اقتل رجلا من المشركين أحب الى من كذا وكذا وقد قتل عليه السلام يوم فتح مكة ابن الأخطل وهو متعلق بأستار الكعبة بعد ما وقع فى منعة المسلمين فهو كالاسير حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها أوزار الحرب آلانها واثقالها التي لا تقوم الا بها من السلاح والكراع يعنى الخيل أسند وضعها إليها وهو لاهلها اسنادا مجازيا وأصل الوزر بالكسر الثقل وما يحمله الإنسان فسمى الاسلحة أوزارا لانها تحمل فيكون جعل مثل الكراع من الأوزار من التغليب وحتى غاية عند الشافعي لاحد الأمور الاربعة او للمجموع والمعنى انهم لا يتركون على ذلك ابدا الى ان لا يكون مع المشرين حرب بان لا يبقى لهم شوكة واما عند ابى حنيفة فانه حمل لحرب على حرب بدر فهى غاية للمن والفداء والمعنى يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها وتنقضى وان حملت على الجنس فهى غاية للضرب والشد والمعنى انهم يقتلون ويؤسرون حتى يضع جنس الحرب أوزارها بان لا يبقى للمشركين شوكة (وقال الكاشفى) تا بنهد اهل حرب سلاح حرب را يعنى دين اسلام بهمه جا رسد وحكم قتال نماند وآن نزديك نزول عيسى عليه السلام خواهد بود چهـ در خبر آمده كه آخر قتال امت من با دجال است فمادام الكفر فالحرب قائمة ابدا ذلِكَ اى الأمر ذلك او افعلوا ذلك وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لو للمضى وان دخل على المستقبل لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ لانتقم منهم بغير قتال بان يكون ببعض اسباب الهلكة والاستئصال من خسف او رجفة او حاصب او غرق او موت ذريع ونحو ذلك ويجوز أن يكون الانتقام بالملائكة بصيحتهم او بصرعهم او بقتالهم من حيث لا يراهم الكفار كما وقع

[سورة محمد (47) : الآيات 5 إلى 9]

فى بدر وَلكِنْ لم يشأ ذلك لِيَبْلُوَا تا بيازمايد بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ فامركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستوجبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعاجلهم على ايديكم ببعض عذابهم كى يرتدع بعضهم عن الكفر وفى الآية اشارة الى كافر النفس حيثما وجدتموه وهو يمد رأسه الى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها فاضربوا عنق ذلك الرأس وادفعوه عن ذلك المشرب حتى إذا غلبتموهم اى النفوس وسخرتموهم فشدوهم بوثاق اركان الشريعة وآداب الطريقة فانه بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية الى عالم الحقيقة فاما منا على النفوس بعد الوصول بترك المجاهدة واما فداء بكثرة العبادة عوضا عن ترك المجاهدة بعد الظفر بالنفوس واما قتل النفوس بسيف المخالفة فانه فى مذهب ارباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد فان كل مجتهد منهم مصيب وذلك الى ان يجد الطالب المطلوب ويصل العاشق الى المعشوق بأن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة فى إغفاء ساعة وإفطار يوم ترويحا للنفس من الكد واجماعا للحواس قوة لها على الباطل فيما يستقبل من الأمر فذلك على ما يحصل به استصواب من شيخ المريد او فتوى لسان القوم او فراسة صاحب الوقت ولو شاء الله لقهر النفوس بتجلى صفات الجلال بغير سعى المجاهد فى القتال ولكن إلخ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى استشهدوا يوم بدر ويوم أحد وسائر الحروب فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ اى فلن يضيعها بل يثيب عليها سَيَهْدِيهِمْ فى الدنيا الى ارشد الأمور وفى الآخرة الى الثواب وعن الحسن بن زياد يهديهم الى طريق الثواب فى جواب منكر ونكير وفيه أن أهل الشهادة لا يسألون وَيُصْلِحُ بالَهُمْ اى شأنهم وحالهم بالعصمة والتوفيق والظاهر ان السين للتأكيد والمعنى يهديهم الله البتة الى مقاصدهم الاخروية ويصلح شانهم بإرضاء خصائهم لكرامتهم على الله بالجهاد والشهادة وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ الجملة مستأنفة اى عرفها لهم فى الدنيا بذكر أوصافها بحيث اشتاقوا إليها او بينها لهم بحيث يعلم كل أحد منزله ويهتدى اليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وفى الحديث لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا وفى المفردات عرفه جعل له عرفا اى رائحة طيبة فالمعنى زينها لهم وطيبها وقال بعضهم حددها لهم وافرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة ومن فضائل الشهداء انه ليس أحد يدخل الجنة ويحب ان يخرج منها ولو اعطى ما فى الدنيا جميعا الا الشهيد فانه يتمنى ان يرده الله الى الدنيا مرارا فيقتل فى سبيل الله كما قتل اولا لما يرى من عظيم كرامة الشهداء على الله تعالى ومن فضائلهم ان الشهادة فى سبيل الله تكفر ما على العبد من الذنوب التي بينه وبين الله تعالى وفى الحديث يغفر للشهيد كل شىء الا الدين والمراد بالدين كل ما كان من حقوق الآدميين كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد والجراحة وغير ذلك من التبعات وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية وما أشبه ذلك فان هذه الحقوق كلها لا بد من استيفائها لمستحقها وقال القرطبي الدين الذي يحبس صاحبه عن الجنة هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به او قدر على الأداء فلم يؤده او ادانه على سفه او سرف ومات ولم يوفه واما من ادان فى حق واجب كفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فان الله

[سورة محمد (47) : الآيات 7 إلى 9]

لا يحبسه عن الجنة شهيدا كان او غيره ويقضى عنه ويرضى خصمه كما قال عليه السلام من أخذ اموال الناس يريد أداءها ادى الله عنه ومن أخذها يريد اتلافها اتلفه الله وفى الآية حث على الجهادين الأصغر والأكبر ومن قتله العدو الظاهر صار شهيدا ومن قتله العدو الباطن وهو النفس صار طريدا كما قيل وآنكه كشت كافران باشد شهيد ... كشته نفس است نزد حق طريد نسأل الله العون على محاربة النفس الامارة والشيطان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ اى دينه ورسوله يَنْصُرْكُمْ على أعدائكم ويفتح لكم وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ فى مواطن الحرب ومواقفها او على حجة الإسلام واعلم ان النصرة على وجهين الاول نصرة العبد وذلك بايضاح دلائل الدين وازالة شبهة القاصرين وشرح أحكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه والعمل بها ثم بالغزو والجهاد لاعلاء كلمة الله وقمع أعداء الدين اما حقيقة كمباشرة المحاربة بنفسه واما حكما بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لوائهم او بالدعاء لنصرة المسلمين وخذلان الكافرين بان يقول اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المسلمين ثم بالجهاد الأكبر بان يكون عونا لله على النفس حتى يصرعها ويقتلها فلا يبقى من هواها اثر والثاني نصرة الله تعالى وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب واظهار الآيات والمعجزات وتبيين السبل الى النعيم والجحيم وحضرة الكريم والأمر بالجهاد الأصغر والأكبر والتوفيق للسعى فيهما طلبا لرضاه لانبعا لهواه وبإظهاره على أعداء الدين وقهرهم فى إعلاء كلمة الله العليا وإيتاء رشده فى إفناء وجوده الفاني فى الوجود الباقي بتجلى صفات جماله وجلاله قال بعض الكبار زلل الاقدام بثلاثة أشياء بشرك الشرك لمواهب الله والخوف من غير الله والأمل فى غير، وثبات الاقدام بثلاثة أشياء بدوام رؤيت المفضل والشكر على النعم ورؤية التقصير فى جميع الأحوال والخوف منه والسكون الى ضمان الله فيما ضمن من غير انزعاج ولا احتياج فعلى العاقل نصرة الدين على مقتضى العهد المتين (قال الحافظ) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى أهل النهى ذمم وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ خوارى ورسوايى وهلاك ونااميدى مر ايشان راست قال فى كشف الاسرار أتعسهم الله فتعصوا تعسا والاتعاس هلاك كردن وبر روى افكند وفى الإرشاد وانتصابه بفعل واجب حذفه سماعا اى فقال تعسا لهم والتعس الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط ورجل تاعس وتعس والفعل كمنع وسمع وتعسه الله وأتعسه وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ عطف عليه داخل معه فى حيز الخبرية للموصول يعنى كم ونابود وباطل كرد الله تعالى عملهاى ايشانرا ذلِكَ اى ما ذكر من التعس وإضلال الأعمال بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن لما فيه من التوحيد وسائر الاحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الامارة بالسوء فَأَحْبَطَ الله أَعْمالَهُمْ لاجل ذلك اى أبطلها كرره اشعارا بانه يلزم الكفر بالقرءان ولا ينفك عنه بحال والمراد بالأعمال طواف البيت وعمارة المسجد الحرام وإكرام الضيف واغاثة الملهوفين واعانة المظلومين ومواساة اليتامى والمساكين ونحو ذلك مما هو فى صورة البر وذلك بالنسبة الى كفار قريش وقس عليهم اعمال سائر

[سورة محمد (47) : الآيات 10 إلى 14]

الكفرة الى يوم الدين أَفَلَمْ يَسِيرُوا كفار العرب فِي الْأَرْضِ اى أقعدوا فى أماكنهم ولم يسيروا فيها الى جانب الشام واليمن والعراق فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ فان آثار ديارهم تنبىء عن اخبارهم دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به قال الطيبي كأن فى دمر عليهم تضمين معنى أطبق فعدى بعلى فاذا أطبق عليهم دمارا لم يخلص مما يختص بهم أحد وفى حواشى سعدى المفتى دمر الله عليهم اى أوقع التدمير عليهم وَلِلْكافِرِينَ اى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم أَمْثالُها اى أمثال عواقبهم او عقوباتهم لكن لا على ان لهؤلاء أمثال ما لاولئك وأضعافه بل مثله وانما جميع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وفى الآية اشارة الى ان النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما انزل الله من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتعابعة الأنبياء فأحبط أعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى او لم يسلكوا فى ارض البشرية فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والأرواح لما تابعوا الهوى وتلوثوا بحب الدنيا أهلكهم الله فى اودية الرياء وبوادي البدعة والضلال وللكافرين من النفوس اللئام فى طلب المرام أمثالها من الضلال والهلاك ذلِكَ اشارة الى ثبوت أمثال عقوبة الأمم السابقة لهؤلاء وقال بعضهم ذلك المذكور من كون المؤمنين منصورين مظفرين ومن كون الكافرين مقهورين مدمرين بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه تعالى مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا اى ناصر لهم على أعدائهم فى الظاهر والباطن بسبب ايمانهم وَأَنَّ الْكافِرِينَ اى بسبب انهم لا مَوْلى لَهُمْ اى لا ناصر لهم فيدفع عنهم العذاب الحال بسبب كفرهم فالمراد ولاية النصرة لا ولاية العبودية فان الخلق كلهم عباده تعالى كما قال ثم ردوا الى الله مولاهم الحق اى مالكهم الحق وخالقهم او المعنى لا مولى لهم فى اعتقادهم حيث يعبدون الأصنام وان كان مولاهم الحق تعالى فى نفس الأمر ويقال أرجى آية فى القرآن هذه الآية لان الله تعالى قال مولى الذين آمنوا ولم يقل مولى الزهاد والعباد واصحاب الأوراد والاجتهاد والمؤمن وان كان عاصيا فهو من جملة الذين آمنوا ذكره القشيري قدس سره واعلم ان الجند جندان جند الدعاء وجند الوغى فكما ان جند الوغى منصورون بسبب أقويائهم فى باب الديانة والتقوى ولا يكونون محرومين من الطاف الله تعالى كذلك جند الدعاء مستجابون بسبب ضعفائهم فى باب الدنيا وظاهر الحال ولا يكونون مطرودين عن باب الله كما قال عليه السلام انكم تنصرون بضعفائكم (قال الشيخ السعدي) دعاء ضعيفان اميدوار ز بازوى مردى به آيد بكار ثم اعلم ان الله تعالى هو الموجود الحقيقي وماسواه معدوم بالنسبة الى وجوده الواجب فالكفار لا يعبدون الا المعدوم كالاصنام والطاغوت فلذا لا ينصرون والمؤمنون يعبدون الموجود الحقيقي وهو الله تعالى فلذا ينصرهم فى الشدائد وايضا ان الكفار يستندون الى الحصون والسلاح والمؤمنون يتوكلون على القادر القوى الفتاح فالله معينهم على كل

[سورة محمد (47) : آية 12]

حال (روى) ان النبي عليه السلام كان بعد غزوة تحت شجرة وحيدا فحمل عليه مشرك بسيف وقال من يخلصك منى فقال النبي عليه السلام الله فسقط المشرك والسيف فاخذه النبي عليه السلام فقال من يخلصك منى فقال لا أحد ثم اسلم (وروى) ان زيد بن ثابت رضى الله عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد وأراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت الله فقال الله تعالى أدرك عبدى فالله ولى الذين آمنوا قال الله تعالى فى التوراة فى حق هذه الامة لا يحضرون قتالا الا وجبريل معهم وهو يدل على ان جبريل يحضر كل قتال صدر من الصحابة للكفار بل ظاهره كل قتال صدر من جميع الامة يعنى إذا كانوا على الحق والعدل ثم ان المجلس الذي تحضره الملائكة وكذا المعركة يقشعر فيه الجلد وتذرف فيه العينان ويحصل التوجه الى الحضرة العليا فيكون ذلك سببا لاستجابة الدعاء وحصول المقصود من النصرة وغيرها نسأل الله المعين ان يجعلنا من المنصورين آمين إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بيان لحكم ولايته تعالى للمؤمنين وثمرتها الاخروية وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ اى ينتفعون فى الدنيا بمتاعها أياما قلائل ويعيشون وَيَأْكُلُونَ حريصين غافلين عن عواقبهم كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ فى مسارحها ومعالفها غافلة عما هى بصدده من النحر والذبح والانعام جمع نعم بفتحتين وهى الإبل والبقر والضأن والمعز وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ اى منزل ثواء واقامة والجملة اما حال مقدرة من واو يأكلون او استئناف فان قلت كيف التقابل بينه وبين قوله ان الله يدخل إلخ قلت الآية والله أعلم من قبيل الاحتباك ذكر الأعمال الصالحة ودخول الجنة اولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التمتع والمأوى اولا قال القشيري الانعام تأكل بلا تمييز من اى موضع وجد كذلك الكافر لا تمييز له أمن الحلال وجد أم من الحرام وكذلك الانعام ليس لها وقت بل فى كل وقت تقتات وتأكل كذلك الكافر أكول كما قال عليه السلام الكافر يأكل فى سبعة أمعاء والمؤمن يأكل فى معى واحد والانعام تأكل على الغفلة فمن كان فى حالة أكله ناسيا لربه فأكله كأكل الانعام قال الحدادي الفرق بين أكل المؤمن والكافر ان المؤمن لا يخلو أكله عن ثلاث الورع عند الطلب واستعمال الأدب والاكل للسبب والكافر يطلب للنهمة ويأكل لشهوة وعيشه فى غفلة وقيل المؤمن يتزود والمنافق يتزين ويتريد والكافر يتمتع ويتمنع وقيل من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه (قال الكاشفى) فى الآية يعنى همت ايشان مصرو فست بخوردن وعاقل بايد كه خوردن او براى زيستن باشد يعنى بجهت قوام بدن وتقويت قواى نفسانى طعام خورد ونظر او بر انكه بدن تحمل طاعت داشته باشد وقوتهاى نفسانى در استدلال بقدرت ربانى ممد ومعان بود نه آنكه عمر خود طفيل خوردن شناسد ودر مرعاى ذرهم يأكلوا ويتمثعوا مانند چهار پايان جز خوردن وخواب مطمح نظرش نباشد ونعم ما قيل خوردن براى زيستن وذكر

[سورة محمد (47) : آية 13]

دنست تو معتقد كه زيستن از بهر خوردنست والحاصل ليس للذين كفروا هم الا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون الى جانب الآخرة فهم قد أضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام واما المؤمنون فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات فلا جرم احسن الله إليهم بالجنات العاليات ومن هنا يظهر سر قوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فلما عرف المؤمن ان الدنيا سجن ونعيمها زائل حبس نفسه على طاعة الله فكان عاقبته ألجأت والنعيم الباقي ولما كان الكافر منكر الآخرة اشتغل فى الدنيا باللذات فلم يبق له فى الآخرة الا الحبس فى الجحيم وأكل الزقوم وكان الكبار يقنعون بيسير من الغذاء كما حكى ان اويسا القرني رضى الله عنه كان يقنات ويكتسى مما وجد فى المزابل فرأى يوما كلبا يهتر فقال كل ما يليك وانا أكل ما يلينى فان دخلت الجنة فانا خير منك وان دخلت النار فأنت خير منى قال عليه السلام جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فان الاجر فى ذلك كأجر المجاهدة فى سبيل الله وانه ليس من عمل أحب الى الله تعالى من جوع وعطش كما فى مختصر الاحياء (وفى المثنوى) زين خورشها اندك اندك با زبر ... زين غذاى خر بود نى آن حر تا غذاى اصل را قابل شوى ... لقمهاى نور را آكل شوى (وقال الجامى) جوع باشد غذاى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا جوع تنوير خانه دل تست ... أكل تعمير خانه كل تست خانه دل كذاشتى بى نور ... خانه كل چهـ ميكنى معمور (وقال الشيخ سعدى) باندازه خور زاد اگر مردمى ... چنين پر شكم آدمي يا خمى درون جاى قوتست وذكر ونفس ... تو پندارى از بهر نانست وبس ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى ومن أوصاف المريدين المجاهدة وهو حمل النفس على المكاره البدنية من الجوع والعطش والعرى ولا بد من مقاساة الموتات الأربع الموت الأبيض وهو الجوع والموت الأحمر وهو مخالفة الهوى والموت الأسود وهو تحمل الأذى والموت الأخضر وهو طرح الرقاء بعضها على بعض اى لبس الخرقة المرقعة هضما للنفس ما لم تكن لباس شهرة فان النبي عليه السلام نهى عن الشهرتين فى اللباس اللين الأرفع والغليظ الأقوى لانه اشتهار بذلك وامتياز عن المسلمين له قد وقال عليه السلام كن فى الناس كواحد من الناس قال ابراهيم بن أدهم قدس سره للقمة تتركها من عشائك مجاهدة لنفسك خير لك من قيام ليلة هذا إذا كان حلالا واما إذا كان حراما فلا خير فيه البتة فما ملئ وعاء شر من بطن ملئ بالحلال وبالجوع يحصل الصمت وقلة الكلام والذلة والانكسار من جميع الشهوات ويذهب الوساوس وكل آفة تطرا عليك من نتائج الشبع وأنت لا تدرى قديما كان او حديثا فان المعدة حوض البدن يسقى منه هذه الأعضاء التي هى مجموعة فالغذاء الجسماني هو ماء حياة الجسم على التمام ولذلك قال سهل قدس سره ان سر الخلوة فى الماء وأنت لا تشك ان صاحب الزراعة لو سقاها فوق حاجتها واطلق الماء عليها جملة واحدة هلكت ولو منعها الماء فوق الحاجة ايضا هلكت سوآء كان من الأرض او من السماء وقس عليه الامتلاء من الطعام ولو كان حلالا نسأل الله الحماية والرعاية وَكَأَيِّنْ كلمة مركبة من

[سورة محمد (47) : آية 14]

الكاف واى بمعنى كم الخبرية (قال المولى الجامى) فى شرح الكافية انما بنى كأين لان كاف التشبيه دخلت على أي واى فى الأصل كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى ومحلها الرفع بالابتداء مِنْ قَرْيَةٍ تميز لها هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ صفة لقرية الَّتِي أَخْرَجَتْكَ صفة لقريتك وهى مكة وقد حذف منهما المضاف واجرى أحكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذي هو قوله تعالى أَهْلَكْناهُمْ اى وكم من أهل قرية هم أشد قوة من اهل قربتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الاولى بشدة القوة للايذان باولوية الثانية منها بالإهلاك لضعف قوتها كما ان وصف الثانية بإخراجه عليه السلام للايذان باولويتها به لقوة جنايتها فَلا ناصِرَ لَهُمْ بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الأعوان والأنصار اثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالغير على ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية وقال ابن عباس وقتادة رضى الله عنهم لما خرج رسول الله عليه السلام من مكة الى الغار الفت الى مكة وقال أنت أحب البلاد الى الله ولى ولولا ان المشركين أخرجوني ما خرجت منك فانزل لله هذه الآية فتكون الآية مكية وضعت بين الآيات المدينة وفى الاية اشارة الى الروح وقريته وهى الجسد فكم من قالب هو أقوى وأعظم من قالب قد أهلكه الله بالموت فلا ناصر لهم فى دفع الموت فاذا كان الروح خارجا من القالب القوى بالموت فارلى ان يخرج من القالب الضعيف كما قال تعالى أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة اى فى أجسام ضخمة ممتلئة سيل بي زنهار را در زيل پل آرام نيست ... ما بغفلت زير طاق آسمان آسوده ايم فَمَنْ كانَ آيا هر كه باشد عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ الفاء للعطف على مقدر يقضيه المقام ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بادلة الدين اى أليس الأمر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك امره ومربيه وهو القرآن وسائر المعجزات والحجج العقلية كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ من الشر وسائر المعاصي مع كونه فى نفسه أقبح القبائح يعنى شيطان ونفس او را آرايش كرده است والمعنى لا مساواة بين المهتدى والضال وَاتَّبَعُوا بسبب ذلك التزيين أَهْواءَهُمْ الزائغة وانهمكوا فى فنون الضلالات من غير ان يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليها وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد الأولين باعتبار لفظها وفى الآية اشارة الى اهل القلب وأهل النفس فان أهل القلب بسبب تصفية قلوبهم عن صدأ الأخلاق لذميمة رأوا شواهد الحق فكانوا على بصيرة من الأمر واما أهل النفس فزين لهم البدع ومخالفات الشرع واتبعوا أهواءهم فى العقائد القلبية والأعمال القالبية فصاروا أضل من الحمير حيث لم يهتدوا لا الى لله تعالى ولا الى الجنة وقال ابو عثمان البينة هى النور الذي يفرق بين المرء بين الإلهام والوسوسة ولا يكون الا لاهل الحقائق فى الايمان وأصل البينة للنبى عليه السلام كما قال تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى وقال تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى قال بعض الكبار

[سورة محمد (47) : الآيات 15 إلى 19]

انما لم يجمع لنبى من الأنبياء عليهم السلام ما جمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من العلوم لان مظهره عليه السلام رحمانى والرحمن أول اسم صدر بعد الاسم العليم فالمعلومات كلها يحتوى عليها الاسم الرحمن ومن هنا تحريم زينة الدنيا عليه صلى الله عليه وسلم لكونها زائلة فمنع من التلبس بها لان مظهره الرحمانى ينافى الانقضاء ويلائم الابد از ما مجوى زينت ظاهر كه چون صدف ما اندرون خانه بگوهر كرفته ايم مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ عبر عن المؤمنين بالمتقين إيذانا بان الايمان والعمل الصالح من باب التقوى الذي هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها وترك السيئات عن آخرها ومثلها وصفها العجيب الشان وهو مبتدأ محذوف الخبر اى متل الجنة الموعودة للمؤمنين وصفتها العجيبة الشان ما تسمعون فيما يتلى عليكم وقوله فِيها اى فى الجنة الموعودة الى آخره مفسر له أَنْهارٌ جمع نهر بالسكون ويحرك مجرى الماء الفائض مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ من أسن الماء بالفتح من باب ضرب او نصر أو بالكسر إذا تغير طعمه وريحه تغيرا منكرا وفى عين المعاني من أسن غشى عليه من رائحة البئر وفى القاموس الآسن من الماء الا جن اى المتغير الطعم واللون والمعنى من ماء غير متغير الطعم والرائحة واللون وان طالت إقامته بخلاف ماء الدنيا فانه يتغير بطول المكث فى مناقعه وفى اوانيه مع انه مختلف الطعوم مع اتحاد الأرض ببساطتها وشدة اتصالها وقد يكون متغيرا بريح منتنة من أصل خلقته او من عارض عرض له من منبعه او مجراه كذا فى المناسبات يقول الفقير قد صح ان المياه كلها تجرى من تحت الصخرة فى المسجد الأقصى فهى ماء واحد فى الأصل عذب فرات سائغ للشاربين وانما يحصل التغير من المجاري فان طباعها ليست متساوية دل عليها قوله تعالى وفى الأرض قطع متجاورات وتجاورا جزائها لا يستلزم اتحادها فى نفس الأمر بل هى متجاورة مختلفة ومثلها العلوم فانها إذا مرت بطبع غير مستقيم تتغير عن أصلها فتكون فى حكم الجهل ومن هذا القبيل علوم جميع أهل الهوى والبدع والضلال وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ بأن كان قارصا وهو الذي يقرص اللسان ويقبضه او حازرا بتقديم الزاى وهو الخامض او غير ذلك كألبان الدنيا والمعنى لم يتغير طعمه بنفسه عن أصل خلقته ولو أنهم أرادوا تغييره بشهوة اشتهوها تغير وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ وهو ما أسكر من عصير العنب او عام اى لكل مسكر كما فى القاموس لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ اما تأنيث لذ بمعنى لذيذ كطب وطبيب او مصدر نعت به اى لذيذة ليس فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار كما فى خمر الدنيا وانما هى تلذذ محض (قال الحافظ) مادر پياله عكس رخ يار ديده ايم ... اى بى خبر ز لذت شرب مدام ما (يقول الفقير) باده جنت مثال كوثرست اى هوشيار ... نيست اندر طبع كوثر آفت سكر وخمار وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ هو لعاب النحل وقيئه كما قال ظهير الفارابي بدان غرض كه دهن خوش كنى ز غايت حرص ... نشسته مترصد كه قى كند زنبور وعن على رضى الله عنه انه قال فى تحقير الدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف شرابه رجيع نحلة وظاهر هذا انه من غير الفم قال فى حياة الحيوان وبالجملة انه يخرج من بطون النحل ولا ندرى أمن فمها أم من غيره

وقد سبق جملة النقل فى سورة النحل مُصَفًّى لا يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها خلقه الله مصفى لا انه كان مختلطا فصفى قال بعضهم فى الفرق بين الخالص والصافي ان الخالص ما زال عنه شوبه بعد ان كان فيه والصافي قد يقال لما لا شوب فيه فقد حصل بهذا غاية التشويق الى الجنة بالتمثيل بما يستلذ من اشربة الدنيا لانه غلية ما نعلم من ذلك مجردا عما ينقصها او ينغصها مع الوصف بالغزارة والاستمرار وبدأ بأنهار الماء لغرابتها فى بلاد العرب وشدة حاجتهم إليها ولما كان خلوها عن تغير أغرب نف؟؟ بقوله غير آسن ولما كان اللبن اقل فكان جريه أنهارا اغرب ثنى به ولما كان الخمر أعز ثلث به ولما كان العسل أشرفها وأقلها ختم به قال كعب الأحبار نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ونهر الفرات نهر لبنهم ونهر مصر نهر خمرهم ونهر سيحان نهر عسلهم وهذه الأنهار الاربعة تخرج من نهر الكوثر قال ابن عباس رضى الله عنهما ليس هنا مما فى الجنة سوى الأسامي قال كعب قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف انهار الجنة فقال على حافانها كراسى وقباب مضروبة وماؤها أصفى من الدمع واحلى من الشهد وألين من الزبد وألذ من كل شىء فيه حلاوة عرض كل بهر مسيرة خمسمائة عام تدور تحت القصور والحجال لا يرطب ثيابهم ولا يوجع بطونهم واكبر أنهارها نهر الكوثر طينه المسك الأذفر وحافتاه الدر والياقوت (قال الكاشفى) ارباب إشارات كفته اند كه چنانچهـ أنهار اربعه در زمين بهشت بزير شجره طوبى روانست چهار جوى نيز در زمين دل عارف در زير شجره طيبه أصلها ثابت وفرعها فى السماء جاريست از منبع قلب آب انابت واز ينبوع صدر لبن صفوت واز خمخانه سر خمر محبت وإذ حجر روح عسل مودت (وفى المثنوى) آب صبرت جوى آب خلد شد ... جوى شير خلد مهر تست وود ذوق طاعت كشت جوى انكبين ... مستى وشوق تو جوى خمر بين اين سببها چون بفرمان تو بود ... چار جوهم مر ترا فرمان نمود ودر بحر الحقائق فرموده كه آب اشارت بحيات دل است ولبن بفطرت اصليه كه بحموضت هوى وتفاهت بدعت متغير نكشته وخمر جوشش محبت الهى وعسل مصفى حلاوت قرب يقول الفقير يفهم من هذا وجه آخر لترتيب الأنهار وهو أن تحصل حياة القلب بالعلم اولا ثم تظهر صفوة الفطرة الاصلية ثم يترقى السالك من محبة الأكوان الى محبة الرحمن ثم يصل الى مقام القرب والجوار الإلهي وقيل التجلي العلمي لا يقع الا فى اربع صور الماء واللبن والخمر والعسل فمن شرب الماء يعطى العلم اللدني ومن شرب اللبن يعطى العلم بأمور الشريعة ومن شرب الخمر يعطى العلم بالكمال ومن شرب العسل يعطى العلم بطريق الوحى والعلم إذا حصل بقدر استعداد القابل أعطاه الله استعداد العلم الآخر فيحصل له عطش آخر ومن هذا قيل طالب العلم كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا ومن هذا الباب ما نقل عن سيد العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره من انه قال شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت واليه الاشارة بقوله تعالى وقل رب زدنى علما واما الري فى العلم فأضافى لا حقيقى قال بعض

العارفين من شرب بكأس الوفاء لم ينظر فى غيبته الى غيره ومن شرب بكأس الصفاء خلص من شوبه وكدروته ومن شرب بكأس الفناء عدم فيه القرار ومن شرب فى حال اللقاء انس على الدوام ببقائه فلم يطلب مع لقائه شيأ آخر لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه فى علائه عند سطوات جلاله وكبريائه ولما ذكر ما للشرب ذكر ما للاكل فقال وَلَهُمْ اى للمتقين فِيها اى فى الجنة الموعودة مع ما فيها من فنون الأنهار مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ اى صنف من كل الثمرات على وجه لا حاجة معه من قلة ولا انقطاع وقيل زوجان انتزاعا من قوله تعالى فيهما من كل فاكهة زوجان وهى جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من أحمال الشجر ويقال لكل نفع يصدر عن شيىء ثمرة كقولك ثمرة العلم العمل الصالح وثمرة العمل الصالح الجنة وَمَغْفِرَةٌ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّهِمْ اى المحسن إليهم بمحو ذنوبهم السالفة أعيانها وآثارها بحيث لا يخشون لهما عاقبة بعقاب ولا عتاب والا لتنغص العيش عليهم يعنى ببوشد ذنوب ايشانرا نه بران معاقبه كند ونه معاتبه نمايد وفيه تأكيد لما أفاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية قال فى فتح الرحمن قوله ومغفرة عطف على الصنف المحذوف اى ونعيم أعطته المغفرة وسببته والا فالمغفرة انما هى قبل الجنة وفى الكواشي عطف على اصناف المقدرة للايذان بانه تعالى راض عنهم مع ما أعطاهم فان السيد قد يعطى مولاه مع ما سخطه عليه قال بعض العارفين الثمرات عبارة عن المكاشفات والمغفرة عن غفران ذنب الوجود كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب پندار وجود ما كناهيست عظيم ... لطفى كن واين كنه ز ما در كذران كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ خبر لمبتدأ محذوف تقديره أمن هو خالد فى هذه الجنة حسبما جرى به الوعد الكريم كمن هو خالد فى النار التي لا يطفأ لهيبها ولا يفك أسيرها ولا يؤنس غريبها كما نطق به قوله تعالى والنار مثوى لهم وبالفارسيه آيا هر كه در چنين نعمتى باشد مانند كسى است كه او جاودانست در آتش دوزخ وَسُقُوا الجمع باعتبار معنى من اى سقوا بدل ما ذكر من اشربة أهل الجنة ماءً حَمِيماً حارا غاية الحرارة فَقَطَّعَ پس پاره پاره ميكند آب از فرط حرارت أَمْعاءَهُمْ رودهاى ايشانرا جمع معى بالكسر والقصر وهو من أعفاج البطن اى ما ينتقل الطعام اليه بعد المعدة قبل إذا دنا منهم شوى وجوههم وانمازت فروة رؤسهم اى انعزلت وانفرزت فاذا شربوه قطع أمعاءهم فخرجت من ادبارهم فانظر بالاعتبار ايها الغافل عن القهار هل يستوى الشراب العذب البارد والماء الحميم المر وانما ابتلاهم الله بذلك لان قلوبهم كانت خالية عن العلوم والمعارف الالهية ممتلئة بالجهل والغفلة ولا شك ان اللذة الصورية الاخروية انما تنشأ من اللذة المعنوية الدنيوية كما أشار اليه مالك بن دينار قدس سره بقوله خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا أطيب الأشياء قيل وما هو قال معرفة الله تعالى فبقدر هذا الذوق فى الدنيا يحصل الذوق فى الآخرة فمن كمل له الذوق كمل له النعيم قال ابو يزيد البسطامي قدس سره حلاوة المعرفة الإلهية خير من جنتة الفردوس وأعلى عليين واعلم ان الإنسان لو حبس فى بيت حمام حار لا يتحمله بل يؤدى الى موته فكيف حاله إذا حبس فى دار جهنم التي حرارتها فوق كل حرارة لانها سجرت بغضب القهار وكيف حاله إذا سقى

[سورة محمد (47) : الآيات 16 إلى 18]

مثل ذلك الماء الحميم وقد كان فى الدنيا بحيث لا يدفع عطشه كل بارد فلا ينبغى الاغترار بنعيم الدنيا إذا كان عاقبته الجحيم والحميم وفى الخبران مؤمنا وكافرا فى الزمان الاول انطلقا يصيدان السمك فجعل الكافر يذكر آلهته ويأخذ السمك حتى أخذ سمكا كثيرا وجعل المؤمن يذكر الله كثيرا فلا يجيىء شىء ثم أصاب سمكة عند الغروب فاضطربت ووقعت فى الماء فرجع المؤمن وليس معه شىء ورجع الكافر وقد امتلأت شبكته فأسف ملك المؤمن الموكل عليه فلما صعد الى السماء أراه الله مسكن المؤمن فى الجنة فقال والله ما يضره ما أصابه بعد أن يصير الى هذا وأراه مسكن الكافر فى جهنم فقال والله ما يغنى عنه ما أصابه من الدنيا بعد ان بصير الى هذا نعيم هر دو جهان پيش عاشقان بدو جو ... كه آن متاع قليلست واين بهاى كثير ومنهم من يستمع إليك يقال استمع له واليه اى أصغى وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ جمع الضمير باعتبار معنى من كمان ان افراده فيما قبله باعتبار لفظه قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يعنى علماء الصحابة كعبد الله بن مسعود رضى الله عنه وابن عباس وابى الدرداء رضى الله عنهم ماذا قالَ آنِفاً اى ما الذي قال الساعة على طريق الاستهزاء وان كان بصورة الاستعلام وبالفارسية چهـ كفت پيغمبر اكنون يعنى ما فهم نكرديم سخن او را واين بر وجه سخريت ميكفتند وآنفا من قولهم انف الشيء لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال الراغب استأنفت الشيء أخذت انفه اى مبدأه ومنه ماذا قال آنفا اى مبتدأ لنتهى قال بعضهم تفسير الآنف بالساعة يدل على انه ظرف حالى لكنه اسم للساعة التي قبل ساعتك التي أنت فيها كما قاله صاحب الكشاف وفى القاموس قال آنفا كصاحب وكتف وقرىء بهما اى مذ ساعة اى فى أول وقت يقرب منا انتهى وبه يندفع اعتراض البعض فان الساعة ليست محمولة على الوقت الحاضر فى مثل هذا المقام وانما يراد بها ما فى تفسير صاحب القاموس ومن هنا قال بعضهم يقال مر آنفا اى قريبا او هذه الساعة اى ان شئت قل هذه الساعة فانه بمعنى الاول فاعرف أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ختم عليها لعدم توجهها نحو الخير أصلا ومنه الطابع للخاتم قال الراغب الطبع ان يصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم والطابع فاعل ذلك وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ الباطلة فلذلك فعلوا ما فعلوا مما لا خير فيه وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا الى طريق الحق وهم المؤمنون زادَهُمْ اى الله تعالى هُدىً بالتوفيق والإلهام وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ اى خلق التقوى فيهم او بين لهم ما يتقون منه قال ابن عطاء قدس سره الذين تحققوا فى طلب الهداية اوصلناهم الى مقام الهداية وزدناهم هدى بالوصول الى الهادي فَهَلْ يَنْظُرُونَ اى المنافقون والكافرون إِلَّا السَّاعَةَ اى ما ينتظرون الا القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وهى المفاجأة بدل اشتمال من الساعة اى تباغتهم بغتة والمعنى انهم لا يتذكرون بذكر احوال الأمم الخالية ولا بالأخبار بإتيان الساعة وما فيها من عظائم الأمور وما ينتظرون للتذكر الا إتيان

[سورة محمد (47) : آية 19]

نفس الساعة بغتة فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها تعليل لمفاجأتها لا لاتيانها مطلقا على معنى انه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر امر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذا جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والاشراط جمع شرط بالتحريك وهو العلامة والمراد بها مبعثه عليه السلام وأمته آخر الأمم فمبعثه يدل على قرب انتهاء الزمان فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ حكم بخطاهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر الى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له لذكرى اى وكيف لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة على ان انى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا الى غاية سرعة مجيئها واطلاق المجيء عن قيد البغتة لما ان مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقوله البغتة وروى عن مكحول عن حذيفة قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن لها اشراط تقارب الأسواق يعنى كسادها ومطر لا نبات يعنى مطر فى غير حينه وتفشو الفتنة وتظهر أولاد البغية ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفسقة فى المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق وفى الحديث إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة فقيل كيف اضاعتها فقال إذا وسد الأمر الى غير اهله فانتظر الساعة بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى وقال الكلبي اشراط الساعة كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام وفى الحديث ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا او فقرا منسيا او مرضا مفسدا او هرما مفدا او موتا مجهزا والدجال شر غائب ينتظر والساعة أدهى وامر انتهى وقيامة كل أحد موته فعليه ان يستعد لما بعد الموت قبل الموت بل يقوم بالقيامة الكبرى التي هى قيامة العشق والمحبة التي يهلك عندها جميع ما سوى الله ويزول تعيين الوجود المجاري ويظهر سر الوجود الحقيقي نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المسارعين الى مرضاته والأعضاء والقوى تساعه لا من المسومين فى امره والأوقات تمرو تباعد فَاعْلَمْ أَنَّهُ اى الشان الأعظم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الا عظم اى إذا علمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو لا شراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم اى ثبتنا على الصراط لمستقيم وقدم العلم على العمل منبها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية لله تعالى فانه أول ما يجب على كل أحد والعلم ارفع من المعرفة ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علما فاذا علمه وأحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى أحد فانه محال إذ لا يعرف الله الا الله قال بعض الكبار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة إحداها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذ هو أكمل

الخلق قدر او منزلة وقابلية فقال فاعلم انه لا اله الا الله تنبيها له ولمن يتبعه من أمته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه ويمكن الظفر به وهو مرتبة الالوهية وما وراءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون إذ ليس وراءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم وليس فى قوة الكون المقيد أن يعطى غير ما يقتضيه تقييده فكيف يمكن له ان يدرك حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية ولما كان حصول التوحيد الذي هو كمال النفس موجبا للاجابة قال تعالى معلما انه يجب على الإنسان بعد تكميل نفسه السعى فى تكميل غيره ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة وَاسْتَغْفِرْ اى اطلب الغفران من الله لِذَنْبِكَ وهو كل مقام عال ارتفع عليه السلام عنه الى أعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الاولى وعبر عنه بالذنب نظرا الى منصبه الجليل كيف لاو حسنات الأبرار سيئات المقربين وإرشادا له عليه السلام الى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ اى لذنوب أمتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم لانهم أحق الناس بذلك منك لان ما عملوا من خير كان لك مثل اجره إذ لمكمل الغير مثل اجر ذلك الغير وفى إعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم الى الاستغفار وهو سؤال المغفرة وطلب الستر اما من إصابة الذنب فيكون حاصله العصمة والحفظ واما من إصابة عقوبة الذنب فيكون حاصله العفو والمحو قال بعضهم للنبى عليه السلام احوال ثلاثة الاول مع الله فلذا قيل وحده والثاني مع نفسه ولذا امر بالاستغفار لذنبه والثالث مع المؤمنين ولذا امر بالاستغفار لهم وهذه أرجى آية فى القرآن فانه لا شك انه عليه السلام ائتمر بهذا الأمر وانه لا شك ان الله تعالى اجابه فيه فانه لو لم يرد اجابته فيه لما امره بذلك هركرا چون تو پيشوا باشد ... نااميد از خدا چرا باشد چون نشان شفاعت كبرى ... يافت بر نام ناميت طغرا امتان با كناهكاريها ... بتو دارند اميدواريها وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ اى مكانكم الذي تتقلبون عليه فى معاشكم ومتاجركم فى الدنيا فانها مراحل لا بد من قطعها وبالفارسية وخداى ميداند جاى رفتن وكرديدن شما در دنيا كه چون ميكرديد از حال بحال وَمَثْواكُمْ فى العقبى فانها موطن اقامتكم وبالفارسية وآرامگاه شما در عقبى بهشت است يا دوزخ فلا يأمركم الا بما هو خير لكم فى الدنيا والآخرة فبادروا الى الامتثال بما أمركم به فانه المهم لكم فى المقامين قال فى بحر العلوم الخطاب فى قوله فاعلم واستغفر للنبى عليه السلام وهو الظاهر او لكل من يتأنى منه العلم والاستغفار من أهل الايمان وينصره الخطاب بلفظ الجمع فى قوله والله يعلم متقلبكم ومثواكم انتهى (وفى كشف الاسرار) يعنى يا محمد آنچهـ بنظر واستدلال دانسته از توحيد ما بخير نيز بدان ويقين باش كه الله تعالى يكانه ويكتاست در ذات وصفات ودر حقايق سلمى آورده كه چون عالمى را كويند اعلم مراد بان ذكر باشد يعنى ياد كن آنچهـ دانسته وقال ابو الحسين النوري قدس سره والعلم الذي دعى اليه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف فى لام ألف وعلم لام ألف فى الألف وعلم الألف

فى النقطة وعلم النقطة فى المعرفة الاصلية وعلم المعرفة الاصلية فى علم الاول وعلم الاول فى المشيئة وعلم المشيئة فى غيب الهوية وهو الذي دعاء اليه فقال فاعلم فالهاء راجع الى غيب الهوية انتهى اگر كسى كويد ابراهيم خليل را عليه السلام كفتند اسلم جواب داد كه أسلمت مصطفى حبيب را كفتند فاعلم نكفت علمت جواب آنست كه خليل رونده بود در راه كه انى ذاهب الى ربى در وادي تفرقت مانده لاجرم جوابش خود بايست داد وحبيب ربوده حق بود در نقطه جمع نواخته اسرى بعبده حق او را بخود باز نكذاشت از بهر او جواب داد كه آمن الرسول والإيمان هو العلم واخبار الحق تعالى عنه انه آمن وعلم أتم من اخباره بنفسه علمت قوله واستغفر لذنبك اى إذا علمت انك علمت فاستغفر لذنبك هذا فان الحق على جلال قدره لا يعلمه غيره ترا كه داند كه ترا تو دانى تو ... ترا نداند كس ترا تو دانى كس وفى التأويلات النجمية فاعلم بعلم اليقين انه لا اله بعلم اليقين الا لله بحق اليقين فاذا تجلى الله بصفة علمه الذاتي للجهولية الذاتية للعبد تفنى ظلمة جهوليته بنور علمه فيعلم بعلم الله ان لا موجود الا الله فهذه مظنة حسبان العبد ان العالم يعلم انه لا اله الا لله فقيل له واستغفر لذنبك بانك علمت وللمؤمنين والمؤمنات بانهم يحسبون ان يحسنوا علم لا اله الا الله فان من وصفه وما قدرو الله حق قدره والله يعلم متقلب كل روح من العدم بوصف خاص الى عالم الأرواح فى مقام مخصوص به ومثوى كل روح الى أسفل سافلين قالب خاص بوصف خاص ثم متقلبه من أسفل سافلين القالب بالايمان ولعمل الصالح او بالكفر والعمل الطالح الى الدرجات الروحانية او الدركات النفسانية ثم مثواه الى عليين القرب المخصوص به او الى سجين البعد المخصوص به مثاله كما ان لكل حجر ومدر وخشب يبنى به دار متقلبا مخصوصا به وموضعا من الدار مخصوصا به ليوضع فيه لا يشاركه فيه شىء آخر كذلك لكل روح منقلب مخصوص به لا يشاركه فيه أحد انتهى وقال البقلى واستغفر من وجودك فى مطالعتى ووجود وصالى فان بقاء الوجود الحدثانى فى بقاء الحق أعظم الذنوب وفى الاسئلة المقحمة المراد الصغائر والعثرات التي هى من صفات البشرية وهذا على قول من جوز الصغائر على الأنبياء عليهم السلام ودر معالم آورده كه آن حضرت مأمور شد باستغفار با آنكه مغفورست تا امت درين سنت بوى اقتدا كنند يعنى واستغفر لذنبك ليستن بك غيرك ودر تبيان آورد كه مراد آنست كه طلب عصمت كن از خداى تا ترا از كناهان نكاه دارد وقيل من التقصير فى حقيقة لعبودية التي لا يدركها أحد وقال بعض الكبار لذنب لمضاف الى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم هو ما أشير اليه فى قوله فاعلم ولا يفهمه الا اهل الاشارة بقول الفقير لعله ذنب نسبة العلم اليه فى مرتبة الفرق ذهو الحكم فى مرتبة الجمع لذ قيل لى فى الروضة المنيفة عند رأسه الشريف عليه السلام لا تجوز السجدة لمخلوق الا لباطن رسول الله فانه الحق ولذنب المضاف الى المؤمنين والمؤمنات هو قصورهم فى علم التوحيد بالنسبة الى النبي المحترم صلى الله عليه وسلم ثم هذه الكلمة كلمة التوحيد فالتوحيد لا يمثله ولا يعاد له شىء والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا وإذا أريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقي لم تدخل فى الميزان لانه ليس له مماثل ومعادل فكيف

تدخل فيه واليه أشار الخبر الصحيح عن الله تعالى قال الله تعالى لو أن السموات السبع وعامرهن غيرى والأرضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا الله فى كفة لمالت بهن لا اله الا الله فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى ليس كمثله شىء وإذا أريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل أضداد كما أشير اليه بحديث صاحب السجلات التسعة والتسعين فما مالت الكفة الا بالبطاقة التي كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى الله ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء واعلم ان الله تعالى ما وضع فى العموم الا أفضل الأشياء وأعمها نفعا لانه يقابل به أضداد كثيرة فلا بد فى ذلك الموضع من قوة ما يقابل به كل ضد وهو كلمة لا اله الا الله ولهذا كانت أفضل الاذكار فالذكر بها أفضل من الذكر بكلمة الله الله وهو هو عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفي والإثبات وحاوية على زيادة العلم والمعرفة فعليك بهذا الذكر الثابت فى العموم فانه الذكر الأقوى وله النور الاضوى والمكانة الزلفى وبه النجاة فى الدنيا والعقبى والكل يطلب النجاة وان جهل البعض طريقها فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق حكما وعلما والإله من جميع الأسماء ما هو الأعين واحد هى مسمى الله الذي بيده ميزان الرفع والخفض ثم اعلم ان التوحيد لا ينفع بدون الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبين الكلمتين مزيد اتفاق يدل على تمام الاتحاد والاعتناق وذلك ان أحرف كل منهما ان نظرنا إليها خطا كانت اثنى عشر حرفا على عدد أشهر السنة يكفر كل حرف منها شهرا وان نظرنا إليها نطقا كانت اربعة عشر تملأ الخافقين نورا وان نظرنا إليها بالنظرين معا كانت خمسة عشر لا يوقفها عن ذى العرش موفق وهو سر غريب دال على الحكم الشرعي الذي هو عدم انفكاك إحداهما عن الآخر أفمن لم يجمعهما اعتقاده لم يقبل إيمانه واسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبري من اليهودية والنصرانية بعد الإتيان بكلمتي الشهادة وبدون التبري لا يكونان مسلمين ولو أتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا بقولهما بانه رسول الله إليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الإسلام اما إذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فأتى بالشهادتين او قال دخلت فى دين الإسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته ولهذه الكلمة من الاسرار ما يملأ الأقطار منها انها بكلماتها الأربع مركبة من ثلاثة أحرف اشارة الى الوتر الذي هو الله تعالى والشفع الذي هو الخلق انشأه الله تعالى أزواجا ومنها ان احرفها اللفظية اربعة عشر حرفا على عدد السموات والأرض الدالة على الذات الأقدس الذي هو غيب محض والمقصود منها مسمى الجلالة الذي هو الا له

الحق والجلالة الدالة عليه خمسة أحرف على عدد دعائم الإسلام الخمس ووتريته ثلاثة أحرف دلالة على التوحيد ومنها انه ان لم يفعل فيها شيأ شفهيا ليمكن ملازمتها لكونها أعظم مقرب الى الله واقرب موصل اليه مع الإخلاص فان الذاكر بها يقدر على المواظبة عليها ولا يعلم جليسه بذلك أصلا لان غيرك لا يعلم ما فى ورلء شفتيك الا باعلامك ومنها ان هذه الكلمة مع قرينتها الشاهدة بالرسالة سبع كلمات فجعلت كل كلمة منها مانعة من باب من أبواب جهنم السبعة ومنها ان عدد حروفها مع قرينتها اربعة وعشرون وساعات اليوم والليلة كذلك فمن قالها فقد اتى بخير ينجيه من المكاره فى تلك الآنات (قال المولى الجامى) نقطه بصورت مكس است وكلمه شهادت از نقطه معراست يعنى اين شهد از آلايش مكس طبعان معراست وقال بعض العارفين لا يجوز لشخص ان يتصدر فى مرتبة الشيخوخة الا ان كان عالما بالكتاب والسنة عارفا بامراض الطريق عارفا بمقامات التوحيد الخمسة والثمانين نوعا عارفا باختلاف السالكين وأوديتهم حال كونهم مبتدئين وحال كونهم متوسطين وحال كونهم كاملين ويجمع كل ذلك قولهم ما اتخذ الله وليا جاهلا قط ولو اتخذه لعلمه قال الشيخ الشهير بافناده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجي بيرام الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر الله قياما وقعودا ولا نرقص وفق قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وقال الرقص والأصوات كلها انما وضعت لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الأنبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وقال فى احياء العلوم الكامل هو الذي لا يحتاج ان يروح نفسه بغير الحق ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين ومن أحاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها للسياقة الى الحق علم قطعا ان ترويحها بامثال هذه الأمور دواء نافع لاغنى عنه انتهى وأراد بامثال هذه الأمور السماع والغناء واللهوا لمباح ونحو ذلك وقال حضرة الشيخ افتاده قدس سره إذا غلبت الخواطر واحتجت الى نفيها فاجهر بذكر النفي وخافت الإثبات اما إذا حصلت الطمأنينة وغلب الإثبات على النفي فاجهر بالاثبات فانه المقصود الأصلي وخافت النفي يقول الفقير قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه ينبغى ان يبدأ النفي من جانب اليسار ويحول الوجه الى اليمين ثم يوقع الإثبات على اليسار ايضا وذلك لان الظلمة فى اليسار فبابتدآء النفي منه تطرح تلك الظلمة الى طرف اليمين وهو التخلية التي هى سر الخلوتية والنور فى اليمين فبتحويل الوجه الى جانبها ثم الميل فى الإثبات الى اليسار يطرح ذلك النور الى جانب اليسار الذي هو موضع الايمان لانه فى يسار الصدر وهى التجلية التي هى سر الجلوتية وهذا لا ينافى قولهم النفي فى طرف اليمين والإثبات الى طرف اليسار لان النفي من طرف اليمين حقيقة وانما الابتداء من اليسار وهذا الابتداء لا ينافى كون النفي من طرفها فاعرف ومن آداب الذكرا ان يكون الذاكر فى بيت مظلم وان ينظر بعين قلبه الى ما بين حاجبيه وفى ذلك سر ينكشف لمن ذاقه قال بعض الأكابر من قال فى الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا الله ألف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل الله دماره وخرب دياره وسلط عليه الآفات وأهلك بالعاهات ومن قال ألف مرة لا اله الا الله وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر الله

[سورة محمد (47) : الآيات 20 إلى 25]

عليه اسباب الرزق وكذا من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها وكذلك من قالها عند وقوف الشمس ضعف منه شيطان الباطن وفى الحديث لو يعلم الأمير ما له فى ذكر الله لترك امارته ولو يعلم التاجر ما له فى ذكر الله لنرك تجارته ولو أن ثواب تسبيحه قسم على أهل الأرض لأصاب كل واحد منهم عشرة أضعاف الدنيا وفى حديث آخر للمؤمنين حصون ثلاثة ذكر الله وقراءة القرءان والمسجد والمراد بالمسجد مصلاه سواء كان فى بيته او فى الخارج كذا اوله بعض الكبار قال الحسن البصري حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور والمحادثة بالفارسية بزدودن والدثور ژنك افكندن كارد وشمشير (وقال الجامى) ياد كن آنكه در شب ... اسرى با حبيب خدا خليل خدا كفت كوى از من اى رسول كرام ... امت خويش راز بعد سلام كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده غرس أشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمدله است پس تهليل هست تكبير نيز از ان أشجار ... خوش كسى كش جز اين نباشد كار باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار وفى الحديث استكثروا من قوله لا اله الا الله والاستغفار فان الشيطان قال قد أهلكت الناس بالذنوب واهلكونى بلا اله الا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء حتى يحسبون انهم مهتدون فلا يستغفرون وفى الحديث جددوا ايمانكم قالوا يا رسول الله كيف نجدد أيماننا قال أكثروا من قول لا اله الا الله ولما بعث عليه السلام معاذ بن جبل رضى الله عنه الى اليمن أوصاه وقال انكم ستقدمون على اهل كتاب فان سألوكم عن مفتاح الجنة فقولوا لا اله الا الله وفى الحديث إذا قال العبد المسلم لا اله الا الله خرقت السموات حتى تقف بين يدى الله فيقول الله اسكني اسكني فتقول كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول ما اجريتك على لسانه الا وقد غفرت له وفى طلب المغفرة للمؤمنين والمؤمنات تحصيل لزيادة الحسنة لقوله عليه السلام من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وفى الخبر من لم يكن عنده ما يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانه صدقة وكان عليه السلام يستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة وفى رواية مائة مرة ويستغفر للمؤمنين خصوصا للشهداء ويزور القبور ويستغفر للموتى ويعرف من الآية انه يلزم الابتداء بنفسه ثم بغيره قال فى ترجمة الفتوحات بعد از رسل هيچكس را آن حق نيست كه مادر و پدر را ومع هذا نوح عليه السلام در دعاى نفس خود را مقدم داشت قال رب اغفر لى ولوالدى وابراهيم عليه السلام فرمود واجنبى وبنى ان نعبد الأصنام رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ابتدا بنفس خود كرد والداعي للغير لا ينبغى ان يراه أحوج الى الدعاء من نفسه والا لداخله العجب فلذا امر الداعي بالدعاء لنفسه اولا ثم للغيره اللهم اجعلنا من المغفورين وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا اشتياقا منهم الى الوحى وحرصا على الجهاد لان فيه احدى الحسنيين اما الجنة والشهادة واما الظفر والغنيمة لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ اى هلا نزلت تؤمر فيها بالجهاد وبالفارسية چرا فرو فرستاده نمى شود سوره در باب قتال با كفار فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ بطريق الأمر به اى سورة مبينة لا تشابه

[سورة محمد (47) : آية 21]

ولا احتمال فيها بوجه آخر سوى وجوب القتال عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهى محكمة لم تنسخ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى ضعف فى الدنيا او نفاق وهو الأظهر فيكون المراد الايمان الظاهري الزعمي والكلام من اقامة المظهر مقام المضمر يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ اى تشخص أبصارهم جبنا وهلعا كدأب من أصابته غشية الموت اى حيرته وسكرته إذا نزل به وعاين الملائكة والغشي تعطل القوى المتحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح اليه بسبب يحققه فى داخل فلا يجد منقذا ومن اسباب ذلك امتلاء خانق او مؤذ بارد أو جوع شديد أو وجع شديد أو آفة فى عضو مشارك كالقلب والمعدة كذا فى المغرب وفى الآية اشارة الى ان من امارات الايمان تمنى الجهاد والموت شوقا الى لقاء الله ومن امارات الكفر والنفاق كراهة الجهاد كراهية الموت فَأَوْلى لَهُمْ اى فويل لهم وبالفارسية پس واى بر ايشان باد ودوزخ مريشانراست وهو افعل من الولي وهو القرب فمعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه وقيل فعلى من آل فمعناه الدعاء عليهم بأن يؤول الى المكروه أمرهم قال الراغب اولى كلمة نهدد وتخوف يخاطب به من اشرف على الهلاك فيحث به على عدم التعرض او يخاطب به من نجامنه فينهى عن مثله ثانيا واكثر ما يستعمل مكررا وكأنه حث على تأمل ما يؤول اليه امره ليتنبه المتحر زمنه طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ كلام مستأنف اى أمرهم طاعة لله ولرسوله وقول معروف بالاجابة لما أمروا به من الجهاد أو طاعة وقول معروف خير لهم او حكاية لقولهم ويؤيده قراءة ابى يقولون طاعة وقول معروف اى أمرنا ذلك كما قال فى النساء ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ العزم والعزيمة الجد وعقد القلب الى إمضاء الأمر والعزيمة تعويذ كانه تصور انك قد عقدت على الشيطان ان يمضى إرادته منك والمعنى فاذا جدوا فى امر الجهاد وافترض القتال وأسند العزم الى الأمر وهو لاصحابه مجازا كما فى قوله تعالى ان ذلك من عزم الأمور وعامل الظرف محذوف اى خالفوا وتخلفوا وبالفارسية پس چون لازم شد امر قتال وعزم كردن اصحاب جهاد ايشان خلاف ورزيده يا زنان در خانها نشستند فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ اى فيما قالوا من الكلام المنبئ عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه وبالفارسية پس اگر راست كفتندى با خداى در اظهار حرص بر جهاد لَكانَ اى الصدق خَيْراً لَهُمْ من الكذب والنفاق والقعود عن الجهاد وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكى عنهم من قوله تعالى لولا نزلت سورة فالمراد بهم الذين فى قلوبهم مرض واعلم انه كما يلزم الصدق والاجابة فى الجهاد الأصغر إذا كان متعينا عليه كذلك يلزم ذلك فى الجهاد الأكبر إذا اضطر اليه وذلك بالرياضات والمجاهدات على وفق اشارة المرشد او العقل السليم والا فالقعود فى بيت الطبيعة والنفس سبب الحرمان من غنائم القلب والروح وفى بذل الوجود حصول ما هو خير منه وهو الشهود والأصل الايمان واليقين نقلست كه روزى حسن بصرى نزد حبيب عجمى آمد بزيارت حبيب دو قرص جوين با پاره نمك پيش حسن نهاد حسن خوردن كرفت سائل بدر آمد حبيب آن دو قرص بدان نمك بدان سائل داد حسن همچنان بماند كفت اى

[سورة محمد (47) : الآيات 22 إلى 23]

حبيب تو مرد شايسته اگر پاره علم داشتى مى بودى كه نان از پيش مهمان بر كرفتى وهمه را بسائل دادى پاره شايد داد بان و پاره بمهمان حبيب هيچ نگفت ساعتى بود غلامى بيامد وخوانى بر سر نهاد وترى وحلوى ونان پاكيزه و پانصد درم نقد در پيش حبيب نهاد حبيب درم بدرويشان داد وخوان پيش حسن نهاد وحسن پاره نان خورد حبيب كفت اى استاد تو نيك مردى اگر پاره يقين داشتى به بودى بأعلم بهم يقين بايد يعنى ان من كان له يقين تام عوضه الله تعالى خيرا من مفقوده وتداركه بفضله وجوده فلابد من بذل المال والوجود فى الجهاد الأصغر والأكبر (قال الحافظ) فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد فَهَلْ عَسَيْتُمْ اى يتوقع منكم يا من فى قلوبهم مرض وبالفارسية پس آيا شايد وتوقع هست از شما اى منافقان إِنْ تَوَلَّيْتُمْ امور الناس وتأمرتم عليهم اى ان صرتم متولين لامور الناس وولاة وحكاما عليهم متسلطين فتوليتم من الولاية أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ تحارصا على الملك وتهالكا على الدنيا فان من شاهد أحوالكم الدالة على الضعف فى الدين والحرص على الدنيا حين أمرتم بالجهاد الذي هو عبارة عن إحراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وأتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم إذا أطلقت اعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الإفساد وقطع الأرحام والرحم رحم المرأة وهو منبت الولد ووعاؤه فى البطن ثم سميت القرابة والوصلة من جهة الولاد رحما بطريق الاستعارة لكونهم خارجين من رحم واحد وقرأ على رضى الله عنه ان توليتم بضم تاء وواو وكسر لام اى ولى عليكم الظلمة ملتم معهم وعاونتموهم فى الفتنة كما هو المشاهد فى هذا الاعصار وقال ابو حيان الأظهر ان المعنى ان أعرضتم ايها المنافقون عن امتثال امر الله فى القتال ان تفسدوا فى الأرض بعدم معونة اهل الإسلام على أعدائهم وتقطعوا أرحامكم لان من أرحامكم كثيرا من المسلمين فاذا لم تعينوهم قطعتم أرحامكم أُولئِكَ اشارة الى المخاطبين بطريق الالتفات إيذانا بان ذكر اهانتهم أوجب إسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم وهو مبتدأ خبره قوله تعالى الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ اى ابعدهم من رحمته فَأَصَمَّهُمْ عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم والاصمام كر كردن وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة فى الأنفس والآفاق والاعماء كور كردن قيل لم يقل أصم آذانهم لانه لا يلزم من ذهاب الآذان ذهاب السماع فلم يتعرض لها ولم يقل أعماهم لانه لا يلزم من ذهاب الابصار وهى الأعين ذهاب الابصار قال سعدى المفتى اصمام الآذان غير إذهابها ولا يلزم من أحدهما الاخر والصمم والعمى يوصف بكل منهما الجارحة وكذلك مقابلهما من السماع والابصار ويوصف به صاحبها فى العرف المستمر وقد ورد النزيل على الاستعمالين اختصر فى الاصمام واطنب فى الاعماء مع مراعاة الفواصل وفى الآية اشارة الى اهل الطلب واصحاب المجاهدة ان أعرضتم عن طلب الحق ان تفسدوا فى ارض قلوبكم بإفساد استعدادها لقبول الفيض الإلهي وتقطعوا أرحامكم مع اهل الحب فى الله فتكونوا فى سلك أولئك الذين إلخ وهذا كما قال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته

[سورة محمد (47) : الآيات 24 إلى 25]

اكثر مما ناله يقول الفقير وقع لى فى الحرم النبوي على صاحبه السلام انى قعدت يوما عند الرأس المبارك على ما هو عادتى مدة مجاورتى فرأيت بعض الناس يسيئون الأدب فى تلك الحضرة الجليلة وذلك من وجوه كثيرة فغلبنى البكاء الشديد فاذا هذه الآية نقرأ على اذنى أولئك الذين لعنهم الله يعنى ان المسيئين للادب فى مثل هذا المقام محرومون من درجات اهل الآداب الكرام (وفى المثنوى) از خدا جوييم توفيق ادب ... بى ادب محروم كشت از لطف رب بى ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد هر كه بى باكى كند در راه دوست ... رهزن مردان شده نامرد اوست أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ التدبر النظر فى دبر الأمور وعواقبها اى ألا يلاحظون القرآن فلا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فى المعاصي الموبقة أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها فلا يكاد يصل إليها ذكر أصلا وبالفارسية بلكه بر دلهاى ايشان است قفلهاى آن يعنى چيزى كه دلها را بمنزله قفلها باشد وآن ختم وطبع الهيست بران در كه خدا بست بروى عباد ... هيچ كليدش نتواند كشاد قفل كه او بر در دلها زند ... كيست كه بر دارد ودر وا كند والأقفال جمع قفل بالضم وهو الحديد الذي يغلق به الباب كما فى القاموس قال فى الإرشاد أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر الى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب اما لتهويل حالهما وتفظيع شأنها بإبهام أمرها فى الفساد والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقادر قدرها فى القسوة واما لان المراد قلوب بعض منهم وهم المنافقون واضافة الأقفال إليها للدلالة على انها أقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الأقفال المعهودة التي من الحديد إذ هى أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح وفى التأويلات النجمية أفلا يتدبرون القرآن فان فيه شفاء من كل داء ليفضى بهم الى حسن العرفان ويخلصهم من سجن الهجران أم على قلوب أقفالها أم قفل الحق على قلوب اهل الهوى فلا يدخلها زواجر التنبيه ولا ينبسط عليها شعاع العلم ولا يحصل لهم فهم الخطاب وإذا كان الباب متقفلا فلا الشك والإنكار الذي فيها يخرج ولا الصدق واليقين الذي هم يدعون اليه يدخل فى قلوبهم انتهى نقلست كه بشر حافى قدس سره بخانه خواهر او بيامد كفت اى خواهر بر بام ميشوم وقدم بنهاد و پاى چند بر آمد وبايستاد وتا روز همچنان ايستاده بود چون روز شد فرود آمد وبنماز جماعت رفت بامداد باز آمد خواهرش پرسيد كه ايستادن ترا سبب چهـ بود كفت در خاطرم آمد در بغداد چندين كس اند كه نام ايشان بشرست يكى جهود ويكى ترسا ويكى مغ ومرا نام بشر است وبچنين دولتى رسيده واسلام يافته درين حيرت مانده بودم كه ايشان چهـ كرده اند ازين دولت محروم ماندند ومن چهـ كرده ام كه بدين دولت رسيدم يعنى ان انفتاح أقفال القلوب من فضل علام الغيوب ولا يتيسر لكل أحد مقام القرب والقبول ورتبة الشهود والوصول وعدم تدبر القرآن انما هو من آثار الخذلان ومقتضيات الأعيان والأفكل طلب ينتهى الى حصول ارب (قال للصائب) تو از فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نو بهار إمساك إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ الارتداد

[سورة محمد (47) : الآيات 26 إلى 31]

والردة الرجوع فى الطريق الذي جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفى غيره والأدبار جمع دبر ودبر الشيء خلاف القبل وكنى بهما عن العضوين المخصوصين والمعنى ان الذين رجعوا الى ما كانو عليه من الكفر وهم المنافقون الموصوفون بمرض القلوب وغيره من قبائح الافعال والأحوال فانهم قد كفروا به عليه السلام مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لان اى سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقال الراغب السول الحاجة التي تحرص عليها النفس والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن وَأَمْلى لَهُمْ وأمد لهم فى الأماني والآمال وقيل امهلهم الله ولم يعاجلهم بالعقوبة قال الراغب الاملاء الامداد ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملوة من الدهر ذلِكَ الارتداد كائن بِأَنَّهُمْ اى بسبب ان المنافقين المذكورين قالُوا سرا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ اى لليهود الكارهين لنزول القرآن على رسول الله عليه السلام مع علمهم بانه من عند الله حسدا وطمعا فى نزوله عليهم سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وهو ما أفاده قوله تعالى الم تر الى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا ابدا وان قوتلتم لننصرنكم وهم بنوا قريظة والنضير الذين كانوا يوالونهم ويودونهم وأرادوا بالبعض الذي اشاروا الى عدم اطاعتهم فيه اظهار كفرهم وإعلان أمرهم بالفعل قبل قتالهم وإخراجهم من ديارهم فانهم كانوا يأبون ذلك قبل مساس الحاجة الضرورية الداعية اليه لما كان لهم فى اظهار الايمان من المنافع الدنيوية وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ اى اخفاءهم لما يقولون لليهود فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ اى يفعلون فى حياتهم ما يفعلون من الحيلة فكيف يفعلون إذا قبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ بمقامع الحديد وادبارهم ظهورهم وخلفهم (قال الكاشفى) مى زنند رويهاى ايشان كه از حق بگردانيده اند و پشتهاى ايشان كه بر اهل حق كرده اند والجملة حال من فاعل توفتهم وهو تصوير لتوفيهم على اهول الوجوه وأفظعها وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا يتوفى أحد على معصية الا تضرب الملائكة وجهه ودبره ذلِكَ التوفى الهائل وبالفارسية اين قبض أرواح ايشان بدين وصف بِأَنَّهُمُ اى بسبب انهم اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ من الكفر والمعاصي يعنى متابعت كردند آن چيزى را كه بخشم آورد خداى تعالى را يعنى موجب غضب وى كردد وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ اى ما يرضاه من الايمان والطاعة حيث كفروا بعد الايمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعو من المعاملة مع اليهود فَأَحْبَطَ لاجل ذلك أَعْمالَهُمْ التي عملوها حال ايمانهم من الطاعات او بعد ذلك من اعمال البر التي لو عملوها حال الايمان لانتفعوا بها فالكفر والمعاصي سبب لاحباط الأعمال وباعث على العذاب والنكال قال الامام الغزالي رحمه الله الفاجر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبلول والميت الفاجر يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكان نفسه يخرج من ثقب ابرة وكأنما السماع انطبقت على الأرض وهو بينهما ولهذا سئل كعب الاخبار عن الموت فقال كغصن شجر ذى شوك

[سورة محمد (47) : الآيات 29 إلى 30]

ادخل فى جوف رجل فجذبه انسان شديد البطش ذو قوة فقطع ما قطع وأبقى ما أبقى وقال النبي عليه السلام لسكرة من سكرات الموت امر من ثلاثمائة ضربة بالسيف وعند وقت الهلاك يطعنه الملائكة بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار جهنم فتفر النفس وتنقبض خارجة فيأ خذها الملك فى يده وهى ترعد أشبه شىء بالزئبق على قدر النحلة شخصا انسانيا يناولها الملائكة الزبانية وهى ملائكة العذاب هذا حال الكافر والفاجر واما المؤمن المطيع فعلى خلاف هذا لانه اهل الرضى قال ميمون بن مهران شهدت جنازة ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فلما وضع على المصلى ليصلى عليه جاء طائر ابيض حتى وقع على أكفانه ثم دخل فيها فالتمس ولم يوجد فلما سوى عليه سمعنا صوتا وما رأيتا شخصا يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى فعلى العاقل ان يتهيا للموت ولا يضيع الوقت (قال الصائب) ترا فكر حاصلى هست از حيات خود غنيمت دان ... كه من از حاصل دوران غم بى حاصلى دارم أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى المنافقون فان النفاق مرض قلبى كالشك ونحوه أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ فأم منقطعة وان مخففة من أن والاضغان جمع ضغن بالكسر وهو الحقد وهو إمساك العداوة فى القلب والتربص لفرصتها وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن والمعنى بل احسب الذين فى قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين ان لن يخرج الله أحقادهم ولن ببرزها لرسول الله وللمؤمنين فتبقى أمورهم مستورة اى ان ذلك مما يكاد يدخل تحت الاحتمال وفى بعض الآثار لا يموت ذو زيغ فى الدين حتى يفتضح وذلك لانه كحامل الثوم فلابد من أن تظهر رائحته كما ان الثابت فى طريق السنة كحامل المسك إذ لا يقدر على إمساك رائحته اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى وَلَوْ نَشاءُ إراءتهم وبالفارسية واگر ما خواهيم لَأَرَيْناكَهُمْ لعرفناكم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متأخمة للرؤية فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ بعلامتهم التي نسمهم بها قال فى القاموس السومة بالضم والسمية والسيما والسيميا بكسرهن العلامة وذكر فى السوم وعن انس رضى الله عنه ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شىء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا فى بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون فيهم الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى وجه كل منهم مكتوب هذا منافق وفى عين المعاني وعلى جبهة كل واحد مكتوب كيئة الوشم هذا منافق واللام لام الجواب كررت فى المعطوف للتأكيد والفاء لترتيب المعرفة على الاراءة وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ اللام جواب قسم محذوف ولحن القول فحواه ومعناه وأسلوبه او امالته الى جهة تعريض وتورية يعنى بشناسى تو ايشانرا در كردانيدن سخن از صوب صواب بجهت تعريض وتوريت ومنه قيل للمخطىء لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب وفى الحديث لعل بعضكم الحن بحجته من بعض اى اذهب بها فى الجهات قال فى المفردات اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه اما بازالة الاعراب او التصحيف وهو المذموم وذلك اكثر استعمالا واما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه الى تعريض وفحوى وهو محمود من حيث البلاغة عند اكثر الأدباء واليه قصد بقول الشاعر فخير الأحاديث ما كان

[سورة محمد (47) : آية 31]

لحا وإياه قصد بقوله ولتعرفنهم فى لحن القول ومنه قيل للفطنة لما يقتضى فحوى الكلام لحن انتهى وفى المختار اللحن الخطأ فى الاعراب وبابه قطع واللحن بفتح الحاء الفطنة وقد لحن من باب طرب وفى الحديث لعل أحدكم الحن بحجته اى أفطن بها انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو قولهم ما لنا ان اطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا ان عصينا من العقاب قال بعض الكبار الأكابر والسادات يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه لان الله يقول ولتعرفنهم فى لحن القول وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وإيذان بان حالهم بخلاف حال المنافقين وفى الآية اشارة الى ان من مرض القلوب الحسبان الفاسد والظن الكاذب فظنوا ان الله لا يطلع على خبث عقائدهم ولا يظهره على رسوله وليس الأمر كما نوهموه بل الله فضحهم وكشف تلبيسهم بالأخبار والتعريف مع ان المؤمن ينظر بنور الفراسة والعارف ينظر بنور التحقيق والنبي عليه السلام ينظر بالله فلا يستتر عليه شىء فالاعمال التي تصدر بخباثة النيات لها شواهد عليها كما سئل سفيان بن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه إذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة فاذا هم بسيئة استقر عليها قلبه فاح منه ريح النتن ففى كل شى شواهد الا ترى ان الحارث بن اسد المحاسبى رحمه الله كان إذا قدم له طعام فيه شبهة ضرب عرقه على إصبعه وكأم ابى يزيد البسطامي رحمهما الله ما دامت حاملا بأبى يزيد لا تمتد يدها الى طعام حرام وآخر ينادى ويقال له تورع وآخر يأخذه الغثيان وآخر بصير الطعام امامه دما وآخر يرى عليه سوادا وآخر يراه خنزيرا الى أمثال هذه المعاملات التي خص الله بها أولياءه وأصفياءه فعليك بالمراقبة مع الله والورع فى المنطق فانه من الحكمة وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم قال مالك بن انس رضى الله عنه من عد كلامه من عمله قل كلامه والتزم اربعة الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وسلامة الصدر وخدمة الفقراء وكان مع كل أحد على نفسه قال بعض الكبار انصت لحديث الجليس ما لم يكن هجرا فان كان هجرا فانصحه فى الله ان علمت منه القبول بألطف النصح والا فاعتذر فى الانفصال فان كان ما جاء به حسنا فحسن الاستماع ولا تقطع عليه حديثه سخن را سرست اى خردمند وبن ... مياور سخن در ميان سخن خداوند تدبير وفرهنك وهوش ... نكويت سخن تا نبيند خموش وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بالأمر بالقتال ونحوه من التكاليف الشاقة اعلاما لا استعلاما او نعاملكم معاملة المختبر ليكون ابلغ فى اظهار العذاب حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ على مشاق الجهاد علما فعليا يتعلق به الجزاء وقد سبق تحقيق المقام بما لا مزيد عليه من الكلام وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ الاخبار بمعنى المخبر بها اى ما يخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها لان الخبر على حسب المخبر عنه ان حسنا فحسن وان قبيحا فقبيح ففيه اشارة الى ان بلاء الاخبار كناية عن بلاء الأعمال (قال الكاشفى) تا مى از ماييم خبرها شما را كه ميكوييد در ايمان يعنى تا صدق وكذب آن همه را آشكارا شود وكان الفضيل رحمه الله إذا قرأ هذه الآية بكى وقال اللهم لا تبلنا

[سورة محمد (47) : الآيات 32 إلى 38]

فانك ان بلوتنا هتكت استارنا وفضحتنا وفيه اشارة الى انه بنار البلاء يخلص إبريز الولاء قيل البلاء للولاء كاللهب للذهب فان بالابتلاء والامتحان تتبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ويفتضح المنافق وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان والله تعالى عالم بخصائص جواهر الإنسان من الأزل الى الابد لانه خلقها على أوصافها من السعادة والشقاوة الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وبتغير أحوال الجواهر فى الأزمان المختلفة لا يتغير علم الله فانه تعالى يراهم فى حالة واحدة وتغيرات الأحوال كلها كما هى بحيث لا يشغله حالة عن حالة وانما يبلو للاعلام والكشف عن حقيقة الحال قال بعض الكبار العارفون يعرفون بالأبصار ما تعرفه الناس بالبصائر ويعرفون بالبصائر ما لم يدرك أحد فى النادر ومع ذلك فلا يأمنون على نفوسهم من نفوسهم فكيف يأمنون على نفوسهم من مقدورات ربهم مما يقطع الظهور وكان الشيخ عبد القادر الجليلى قدس سره يقول أعطاني الله تعالى ثلاثين عهدا وميثاقا ان لا يمكر بي فقيل له فهل امنت مكره بعد ذلك فقال حالى بعد ذلك كحالى قبل العهد والله عزيز حكيم فاذا كان حال العارف الواقف هكذا فما حال الجاهل الغافل فلابد من اليقظة بر غفلت سياه دلان خنده مى زند غافل مشو ز خنده دندان نماى صبح إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا اى منعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى عن دين الإسلام الموصل الى رضى الله تعالى وَشَاقُّوا الرَّسُولَ وعادوه وخالفوه وصارو فى شق غير شقه والمخالفة اصل كل شر الى يوم القيامة مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى بما شاهدوا نعته عليه السلام فى التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريضة والنضير أو المطعمون يوم بدر وهم رؤساء قريش لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ بكفرهم وصدهم شَيْئاً من الأشياء يعنى زيانى نتواند رسانيد خدايرا چيزى يعنى از كفر ايشان اثر ضررى بدين خداى و پيغمبر او نرسد بلكه شرر آن شر بديشان عائد كردد او شيأ من الضرر او لن يضروا رسول الله بمشاقته شيأ وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته وَسَيُحْبِطُ السين لمجرد التأكيد أَعْمالَهُمْ اى مكايدهم التي نصبوها فى ابطال دينه تعالى ومشاقة رسوله فلا يصلون بها الى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا يتم لهم الا القتل كما لقريظة واكثر المطعمين ببدر والجلاء عن أوطانهم كما للنضير يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى العقائد والشرائع كلها فلا تشاقوا الله ورسوله فى شىء منها وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ اى بمثل ما أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق والرياء والمن والأذى والعجب وغيرها وفى الحديث ان العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب در هر عملى كه عجب ره يافت ... رويش زره قبول بر تافت اى كشته بكار خويش مغرور ... وز دركه قرب كشته مهجور تا چند ز عجب وخود نمايى ... وز دبدبه منى ومايى معجب مشو از طريق تلبيس ... كز عجب بچهـ فتاد إبليس وليس فيه دليل على احباط الطاعات بالكبائر على ما زعمت المعتزلة والخوارج فان جمهورهم على ان بكبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات حتى ان من عبد الله طول عمره ثم شرب جرعة من خمر فهو كمن لم يعبده قط وفى الآية اشارة الى ان كل عمل وطاعة لم يكن بامر الله وسنة

[سورة محمد (47) : الآيات 34 إلى 35]

رسوله فهو باطل لم يكن له ثمرة لانه صدر عن الطبع والطبع ظلمانى وانما جاء لشرع وهو نورانى لبزيل ظلمة الطبع بنور الشرع فيكون مثمرا وثمرته ان يخرجكم من الظلمات الى النور أي من ظلمات الطبع الى نور الحق فعليك بالاطاعة واستعمال الشريعة وإياك والمخالفة والإهمال نقلست كه احمد حنبل وشافعى رضى الله عنهما نشسته بودند حبيب عجمى از كوشه در آمد احمد كفت من او را سؤالى كنم شافعى كفت ايشانرا سؤال نشايد كرد كه ايشان قومى عجب باشند احمد كفت چاره نيست چون حبيب فرا رسيد احمد كفت چهـ كويى در حق كسى كه ازين پنج نماز يكى ازو فوت شده است ونمى داند كه كدامست حبيب كفت هذا قلب غفل عن الله فليؤدب يعنى اين دل كسى بود كه از خداوند غافل بود او را ادب بايد كرد در جواب او متحير شد شافعى كفت نكفتم كه ايشانرا سؤال نشايد كرد والجواب فى الشريعة ان يقضى صلاة ذلك اليوم فالتى توافقها تكون قضاء لها والبواقي من النوافل نسأل الله الاطاعة والانقياد فى كل حال على الاطراد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله تعالى ورسوله وَصَدُّوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الموصل الى رضاه ثُمَّ ماتُوا وفارقوا الدنيا وَهُمْ كُفَّارٌ الواو للحال فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فى الآخرة لانهم ماتوا على الكفر فيحشرون على ما ماتوا عليه كما ورد تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون وهو حكم يعم كل من مات على الكفر وان صح نزوله فى اصحاب القليب وهو كأمير البئر او لعادية القديمة منها كما فى القاموس والمراد البئر التي طرح فيها جيف الكفار المقتولين يوم بدر واما البئر التي سقى منه المشركون ذلك اليوم وهى بئر لماء فهى منتنة الآن سمعته من بعض اهل بدر حين مرورى بها فَلا تَهِنُوا من الوهن وهو الضعف والفاء فصيحة اى إذا تبين لكم بما يتلى عليكم ان الله عدوهم يبطل أعمالهم فلا يغفر لهم فلا تهنوا اى لا تضعفو فان من كان الله عليه لا يفلح وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ مجزوم بالعطف على تهنوا والسلم بفتح السين وكسرها لغتان بمنى الصلح اى ولا تدعوا الكفار الى الصلح فورا فان ذلك فيه ذلة يعنى طلب صلح مكنيد از ايشان كه نشانه ضعف وتذلل شما بود وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ جمع الأعلى بمعنى الأغلب أصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة اى الأغلبون وقال الكلبي آخر الأمر لكم وان غلبوكم فى بعض الأوقات وهى جملة حالية مقررة لمعنى النهى مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى وَاللَّهُ مَعَكُمْ فان كونهم الاغلبين وكونه تعالى معهم اى ناصرهم فى الدارين من أقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الأعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ الوتر كم وضائع كردن اى ولن يضيعها من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا من ولد او أخ او حميم فافردته منه من الوتر الذي هو الفرد وفى القاموس وتر الرجل افزعه وأدركه بمكروه ووتره ماله نقصه إياه انتهى وعبر عن ترك الاثابة فى مقابلة الأعمال بالوتر الذي هو اضاعة شىء معتد به من الأنفس والأموال مع ان الأعمال غير موجبة للثواب على قاعدة اهل السنة إبراز الغاية اللطف بتصوير الصواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الاثابة بمنزلة اضاعة

[سورة محمد (47) : الآيات 36 إلى 37]

أعظم الحقوق واتلافها وفى الحديث القدسي انما هى أعمالكم ثم اؤديكم إياها وهى ضمير القصة يعنى ما جزاء أعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم أؤديها إليكم وافية كاملة وعن ابى ذر رضى الله عنه رفعه يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا فاذا كان الله منزها عن الظلم ونقص جزاء الأعمال فليطلب العبد نفسا بل لا ينبغى له ان يطلب الاجر لان الله تعالى أكرم الأكرمين فيعطيه فوق مطلوبه تو بندگى چوكدايان بشرط مزد مكن ... كه دوست خود روش بنده پرورى داند (وفى المثنوى) عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق از تماشايى بود ... عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است كو چون برفروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت قال ابو الليث رحمه الله فى تفسيره وفى الآية دليل على ان أيدي المسلمين إذا كانت عالية على المشركين لا ينبغى ان يجيبوهم الى الصلح لان فيه ترك الجهاد وان لم تكن يدهم عالية فلا بأس بالصلح لقوله تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها اى ان مالوا الى الصلح فمل اليه وكذا قال غيره هذا نهى للمسلمين عن طلب صلح الكافرين قالوا وهو دليل على انه عليه السلام لم يدخل مكة صلحا لانه نهى عن الصلح وكذا قال الحدادي فى تفسيره فى سورة النساء لا يجوز مهادنة الكفار وترك أحد منهم على الكفر من غير جزية إذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما إذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على أنفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها إليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر انتهى والجمهور على ان مكة فتحت عنوة اى قهرا لا صلحا لوقوع القتال بها ولو كان صلحا لما قال عليه السلام من دخل دار أبى سفيان فهو آمن الى آخر الحديث إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا عند اهل البصيرة لَعِبٌ وَلَهْوٌ باطل وغرور لا اعتبار بها ولا ثبات لها الا أياما قلائل وبالفارسية جز اين نيست كه زندكانىء دنيا بازيست ناپايدار ومشغولى بى اعتبار يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا واللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه وفى الخبر ان الله تعالى خلق ملكا وهو يمد لا اله من أول الدنيا فاذا قال الا الله قامت القيامة وفيه اشارة الى ان الدنيا وما فيها من أولها الى آخرها لا وجود لها فى الحقيقة وانما هى امر عارض زائل والله هو الأزلي الابدى وَإِنْ تُؤْمِنُوا ايها الناس بما يجب به الايمان وَتَتَّقُوا عن الكفر والمعاصي يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ اى ثواب ايمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون وفى الآية حث على طلب الآخرة العلية الباقية وتنفير عن طلب الدنيا الدنية الفانية مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى وَلا يَسْئَلْكُمْ اى الله تعالى أَمْوالَكُمْ الجمع المضاف من صيغ العموم فالمراد جميع أموالكم بحيث يخل أداؤها بمعاشكم وانما اقتصر على شىء قليل منها وهو ربع العشر او العشر تؤدونها الى فقرائكم فطيبوا بها نفسا إِنْ يَسْئَلْكُمُوها اى أموالكم فَيُحْفِكُمْ اى يجهدكم بطلب الكل وبالفارسية پس مبالغه كند در خواستن يعنى كويد همه را نفقه كنيد وذلك

[سورة محمد (47) : آية 38]

فان الإحفاء والالحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال احفى شاربه اى استأصله اى قطعه من أصله تَبْخَلُوا بها فلا تعطوا وَيُخْرِجْ اى الله تعالى ويعضده القراءة بنون العظمة أو البخل لانه سبب الاضغان أَضْغانَكُمْ اى احقادكم وقد سبق تفسيره فى هذه السورة قال فى عين المعاني اى يظهر أضغانكم عند الامتناع وقال قتادة علم الله ان ابن آدم ينقم ممن يريد ماله ويقال ويخرج ما فى قلوبكم من حب المال وهذه المرتبة لمن يوقى شح نفسه فاما الأحرار عن رق الكونين ومن علت رتبتهم فى طلب الحق فلا يسامحون فى استبقاء ذرة ويطالبون ببذل الروح والتزام الغرامات فان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ها أَنْتُمْ ها تنبيه بمعنى آگاه باشيد وكوش داريد وأنتم كلمة على حدة وهو مبتدأ خبره قوله هؤُلاءِ اى أنتم ايها المخاطبون هؤلاء الموصوفون يعنى فى قوله تعالى ان يسألكموها الآية تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ استئناف مقرر لذلك حيث دل على انهم يدعون لا نفاق بعض أموالهم فى سبيل الله فيبخل ناس منهم او صلة لهؤلاء على أنه بمعنى الذين اى ها أنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم والانفاق فى سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ بالرفع لان من هذه ليست بشرط اى ناس يبخلون وهو فى حيز الدليل على الشرطية الثانية كأنه قيل الدليل عليه انكم تدعون الى أداء ربع العشر فمنكم ناس يبخلون به وَمَنْ يَبْخَلْ بالجزم لان من شرط فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ فان كلا من نفع الانفاق وضرر البخل عائد اليه والبخل يستعمل بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدي اى فانما يمسك الخير عن نفسه بالبخل وَاللَّهُ الْغَنِيُّ عنكم وعن صدقاتكم دون من عداه وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ اليه والى ما عنده من الخير فما يأمركم به فهو لاحتياجكم الى ما فيه من المنافع فان امتثلتم فلكم وان توليتم فعليكم قال الجنيد قدس سره الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالربوبية ويلزم الفقر من الفقر ايضا وهو الغنى التام ولذلك قال ابن مشيش للشيخ ابى الحسن الشاذلى قدس الله سرهما لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالصنم الأعظم وبتمام الفقر يصح الغنى عن الغير فيكون متخلقا بالغنى وفى التأويلات النجمية والله الغنى لذاته بذاته ومن غناه تمكنه من تنفيذ مراده واستغناؤه عما سواه وأنتم الفقراء الى الله فى الابتداء ليخلقكم وفى الوسط ليربيكم وفى الانتهاء ليغنيكم عن انانيتكم ويبقيكم بهويته فالله غنى عنكم من الأزل الى الابد وأنتم الفقراء محتاجون اليه من الأزل الى الابد مر او را رسد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى ولما كان الله غنيا جوادا أحب ان يتخلق عباده بأخلاقه فأمرهم بالبذل والانفاق فان السخاء سائق الى الجنة والرضى والقربة در خبرست كه خالد بن وليد از سفرى باز آمد از جانب روم وجماعتى از ايشان أسير آورده رسول عليه السلام بر ايشان اسلام عرضه كرد قبول نكردند بفرمود تا چند كس را از ايشان بكشتند بآخر جوانى را بياوردند كه او را بكشند خالد ميكويد تيغ بر كشيدم تا بزنم رسول عليه السلام كفت آن يكى را مزان يا خالد كفتم يا رسول الله در ميان اين قوم هيچ كس در كفر قوى تر ازين جوان نبوده است رسول

فرمود جبريل امده وميكويد كه اين يكى را مكش كه او در ميان قوم خويش جوانمرد بوده است وجوانمرد را كشتن روا نيست آن جوان كفت چهـ بوده است كه مرا بياران خود نرسانيديد كفتند در حق تو وحي آمده است اى بشير ترا درين سراى با كافر جوانمرد عتاب نيست وما را دران سراى با مؤمن جوانمرد حساب نيست آن جوان كفت اكنون بدانستم كه دين شما حقست وراست ايمان بر من عرضه كنيد كه از جوانمردى من جز قوم من خبر نداشتند اكنون يقين همى دانم كه اين سيد راست كويست اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله پس رسول خدا فرمود كه آن جوانمرد خلعت ايمان ببركت جوانمردى يافت جوانمرد اگر راست خواعى وليست ... كرم پيشه شاه مردان عليست وَإِنْ تَتَوَلَّوْا عطف على ان تؤمنوا اى وان تعرضوا عن الايمان والتقوى وعما دعاكم اليه ورغبكم فيه من الانفاق فى سبيله يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ اى يذهبكم ويخلق مكانكم قوما آخرين ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ فى التولي عن الايمان والتقوى والانفاق بل يكونوا راغبين فيها وكلمة ثم للدلالة على ان مدخولها مما يستبعده المخاطب لتقارب الناس فى الأحوال واشتراك الجل فى الميل الى المال والخطاب فى تتولوا لقريش والبدل الأنصار وهذا كقوله تعالى قان يكفر بها هؤلاء فقد وكلتا بها قوما ليسوا بها بكافرين او للعرب والبدل العجم وأهل فارس كما روى انه عليه السلام سئل عن القوم وكان سلمان الى جنبه فضرب على فخذه فقال هذا وقومه والذي نفسى بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا اى معلقا بالنجم المعروف لتناوله رجال من فارس فدل على انهم الفرس الذين اسلموا وفيه فضيلة لهذه القبيلة وفى الحديث خيرتان من خلقه فى ارضه قريش خيرة الله من العرب وفارس خيرة الله من العجم كما فى كشف الاسرار ودر لباب آورده كه ابو الدرداء رضى الله عنه بعد از قرائت اين آيت مى كفت ابشروا يا بنى فروخ ومراد پارسيانند قال فى القاموس فروخ كتنور أخو إسماعيل واسحق ابو العجم الذين فى وسط البلاد انتهى وفيه اشارة الى منقبة قوم يعرفون بخواجگان ونحوهم من كبار اهل الفرس وعظماء اهل الله منهم وهم كثيرون ومنهم الشيخ سعدى الشيرازي وقد تقطب من الفجر لى الظهر ثم تركه باختياره على ما فى الواقعات المحمودية ثم هذا يدل على ان الله تعالى قد استبدل باولئك الكفار غيرهم من المؤمنين وقيل معناه وان تتولوا كلكم عن الايمان فحينئذ يستبدل غيركم قال تعالى ولولا ان يكون الناس امة واحدة الآية قال بعضهم لا يستقر على حقيقة بساط العبودية الا أهل السعادة ألا تراه يقول وان تتولا الاية وفى الآية اشارة الى ان الإنسان خلق ملولا غير ثابت فى صلب الحق تعالى وان من خواصهم من يرغب فى طلب الحق بالجد والاجتهاد من حسن استعداده الروحاني ثم فى أثناء السلوك بمجاهدة النفس ومخالفة هواها بظمأ النهار وسهر الليل تمل النفس من مكايدة الشيطان وطلب الرحمة فيتولى عن الطلب بالخذلان ويبتلى بالكفران ان لم يكن معانا بجذبة العناية وحسن الرعاية فالله تعالى قادر على ان يستبدل به قوما آخرين فى الطلب صادقين وعلى قدم العبودية ثابتين وقد داركتهم جذبات العناية موفقين للهداية وهم أشد رغبة وأعز رهبة منكم ثم لا يكونوا أمثالكم فى الاعراض

بعد الإقبال والإنكار بعد الإقرار وترك الشكر والثناء بل يكونوا خيرا منكم فى جميع الأحوال إظهارا للقدرة على ما يشاء والحكمة فيما يشاء كذا فى التأويلات النجمية تمت سورة القتال بعون الملك المتعال وقت الضحوة الكبرى من يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ذى الحجة الشريف من السنة الثالثة عشرة بعد مائة وألف من هجرة من له العز والشرف

الجزء التاسع

الجزء التاسع من تفسير روح البيان تفسير سورة الفتح (بسم الله الرحمن الرحيم) سورة الفتح سبع وعشرون آية مدنية بلا خلاف نزلت في رجع رسول الله عن مكة عام الحديبية وقال الزهري نزلت سورة الفتح من أولها الى آخرها بين مكة والمدينة فى شان الحديبية قال البقاعي نزلت بضجنان بفتح الضاد المعجمة والجيم والنونين فى القاموس ضبجنان كسكران جبل قرب مكة وفى انسان العيون نزلت بكراع الغميم وهو موضع على ثلاثة أميال من عسفان وهو كعثمان موضع على مرجلتين من مكة فان قلت إذا لم تتزل بالمدينة كيف تكون مدنية قلت المدني فى الاصطلاح ما نزل بعد الهجرة نزل بالمدينة او غيرها كما ان المكي ما نزل قبلها كما فى حواشى سعدى المفتى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعاني الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان أحدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثاني ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه والثاني فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وإيجادا والمراد فتح مكة وهو المروي عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضي على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة

المنبئة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والإيذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انّا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبي عليه السلام من العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التي صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا فَتْحاً مُبِيناً اى بينا ظاهر الأمر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها وسبيها انه صلّى الله تعالى عليه وسلّم رأى فى المنام انه دخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤسهم ومقصرين اى بعضهم محلق وبعضهم مقصر وانه دخل البيت وأخذ مفتاحه وطاف هو وأصحابه واعتمر واخبر بذلك أصحابه ففر حواثم اخبر أصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحيح وابطأ عليه كثير من اهل البوادي خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذي ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب أصحابه ومنهم من لم يحرم الامن الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمرا ليأمن اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زائر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال ما لكم فقالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول الله يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى الله عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماءتأدبا مع الله لانه المنفرد بإبداع المعدومات من غير اصل وأرسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عينا له فلما كانوا بعسفان جاء وقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمر أي أظهروا العداوة والحقد واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم وأولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذي طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون الله ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام أشيروا على ايها الناس أتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه وقال المقداد يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام فامضوا على اسم الله فساروا ثم قال هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التي هم بها فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب

انا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعراثم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول الله أن يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من أسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول الله العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء ابن عازب وامره ان يغرزه فى جوف البئر او تمضمض رسول الله ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت إبلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية أخذ البراء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شىء فلما اطمأن رسول الله بالحديبية أتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذي جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زائرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وأرسلوا الحليس بن علقمة وكان سيدا لا حابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وأرسلوا عروة بن مسعود الثقفي عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شىء الا أخذوه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشي فى ملكه والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصحابه أخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما أراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعي فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر وأجمل رسول الله وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول الله وأخبره بما لقى ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله انى أخاف قريشا على نفسى وما بمكة من بنى عدى ابن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل أعز بها منى عثمان بن غفان رضى الله عنه فان بنى عمه يمنعونه فدعا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان الله قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى الله عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة بإذن رسول الله ليزوروا أهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول الله وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول الله ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه السلام لا نبرح حتى نناجز القوم اى نقاتلهم فامره الله بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس

فاخرجوا على اسم الله فثاروا الى رسول الله وهو تحت شجرة من أشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك وسيجيء معنى المبايعة وقيل لهابيعة الرضوان لان الله تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية وأول من بايع سنان بن ابى سنان الأسدي فقال للنبى عليه السلام أبايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك الله او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان (روى) ان عثمان رضى الله عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله فبعث قريش أربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول الله ليلا رجاء أن يصيبوا منهم أحدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه أفلت واتى بهم الى رسول الله فحبسوا وبلغ قريشا حبس أصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثث قريش الى رسول الله جمعا فيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه سهل أمركم وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس أصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث إلينا من أصحابنا الذين أسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام انى غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول الله أصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا وأشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول الله ليصالحه على ان يرجع من عامه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال أراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل اى ثانيا فالتأم الأمر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى أول الأمر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول الله اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمر وفقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم أقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه امح رسول الله فقال والله ما أمحوك ابدا فقال أرنيه فأراه إياه فمحاه رسول الله بيده الشريفة وقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فقال انا والله رسول الله وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد الله وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف

بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او أنثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذكرا كان او أنثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلاة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات الله وسبب الثاني انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهد هم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا إسلال ولا أغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه إذا كان عام قابل خرج منها قريش فد خلتها باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغير هما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التي رآها رسول الله فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول الله فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول الله من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقراء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى الله عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول الله فى قبة من أديم احمر فحلق رأسه خداش الذي بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت أم عمارة رضى الله عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ بإذن الله تعالى فلما رأوا رسول الله قد نحر رافعا صوته باسم الله والله اكبر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى الله عنهما وقال عليه السلام اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم أخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وأرسل الله ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالحديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره أنزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن يتحروا ظهورهم فقال عليه السلام ابسطوا انطاعكم وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره ودعا لهم ثم قال قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء الله وحشوا أوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقي مثله وقال عليه السلام لرجل من أصحابه هل من وضوء بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوي فتوضأنا كلنا اى الالف والاربعمائة نصبه صبا شديدا ولما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه أنزلت على سورة هى أحب الى مما طلعت عليه الشمس وفى رواية لقد أنزلت على

سورة ما يسرنى بها حمر النعم والحمر بسكون الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الإبل لا واحد لها من لفظها والمراد بحمر النعم الإبل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشيء وانه ليس هناك أعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعنى ايشانرا تهنيه كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد گفتند وتكلم بعض الصحابة وقال هذا ما هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام بل هو أعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية اى الصلح والتجئوا إليكم فى الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا وظفر كم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح أنسيتم يوم أحد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبى الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبأمره منا وقال له عمر رضى الله عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون به اى لانه جاءه الوحى بمثل ما رأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال هذا الذي وعدتكم فلما كان يوم الفتح وأخذ المفتاح قال هذا الذي قلت لكم يقول الفقير لا شك ان الاصحاب رضى الله عنهم لم يشكوا فى امر النبي عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شيء مما لا يخلو عنه البشر فان الأمر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكيف فى باب النبوة ولله تعالى حكم ومصالح فى إيراد انا فتحنا بصيغة الماضي فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح وبحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتي وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ما قال العلماء انه سمى الصلح فتحامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد أحصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقو بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوي لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الأمر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسلمين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الإسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الإسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الإسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو ما بين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكانت من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من

[سورة الفتح (48) : آية 2]

فتوحات الله الجليلة ونعمه العظيمة لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى إعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشري فتح مكة علة للمغفرة وهو أوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا علية ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمحشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من أفعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله ليغفر لك وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة أشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزاء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه وانه أنعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذا حياء ولهذا إذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه أحال بينه وبين تذكره وأنساه إياه وانه لو تذكره لا ستحيى ولا عذاب على النفوس أعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشيء فلما غربت الشمس قال وا سوأتاه وان عفوت (قال الصائب) هرگز نداد شرم مرا رخصت نكاه. در هجر ووصل روى بديوار داشتم ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الأبرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره (وفى المثنوى) آنكه عين لطف باشد بر عوام قهر شد بر عشق كيشان كرام قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال فى شرح المواقف حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لا دلالة للفظ عليه إذ يجوز ان أن يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان إحداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر إضافي وهو اللائح قال اهل الكلام ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الأكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف

بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقي فى دلائله وما تأخر من ذنوب أمتك بدعوتك وشفاعتك سلمى قدس سره فرمود كه ذنب آدم را بوى اضافت كرد چهـ در وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرمود چهـ او پيش رودكار ساز ايشانست وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل تتركنى فى هذا الموضع وحدى فعاتبه الله حين سكن الى جبريل فقال ليغفرلك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثوري رحمه الله ما تقدم ما عملت فى الجاهلية وما تأخر ما لم تعمله قال فى كشف الاسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه انه خارج من ادب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم اى ما عملت قبل الوحى وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر اللهم أن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض ابدا وكرره مرارا فأوحى الله اليه من اين تعلم انى لوا هلكتها لا اعبد ابدا فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا اليه لو لم ارمهم اى الكفار بكف الحصى لم يهزموا فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وهو الذنب المتأخر لكن فيه ان المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعدا بغفران ما سيقع منه قال فى بحر العلوم وأبعد من هذا قول ابى على الرود بادى رحمه الله لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك انتهى يقول الفقير ابو على قدس سره من كبار العارفين فكيف يصدر عنه ما هو ابعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله من عرف الله عرف كل شيء يعنى لو تصورت معرفة الله لاحد وهى لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذنب لغفر له لكنه لا يتصور لانه فى جميع أحواله اما مشتغل بواجب او بمندوب لا غير فهو كالملائكة فى انه لا يصدر منه المخالفة ولى معنى آخر فى هذا المقام وهو ان المراد بالمغفرة الحفظ والعصمة ازلا وابدا فيكون المعنى ليحفظك الله ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى انما جاء بما تقدم اشارة الى انه عليه السلام محفوظ معصوم فى اللاحق كما فى السابق فاعرفه وفى الفتوحات المكية استغفار الأنبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وانما هو عن امر يدق عن عقولنا لانه لا ذوق لنا فى مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى ومؤاخذة الله عباده فى الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وفى حق الأنبياء من جهة العصمة والحفظ والعقات لا يكون الا فى مذنب والعقوبة تقتضى التأخر عن المتقدم لانها تأتى عقبه فقد تجد العقوبة الذنب فى المحل وقد لا تجده اما بأن يقلع عنه واما ان يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم الذنب لانه لا يسمى مذنبا الا

فى حال قيام الذنب به كما فى كتاب الجواهر والدرر للشعرانى وقال الشعراني فى الكبريت الأحمر قلت ويجوز حمل نحو قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر على نسبة الذنب اليه من حيث ان شريعته هى التي حكمت بأنه ذنب فلولا اوحى به اليه ما كان ذنبا فجميع ذنوب أمته يضاف اليه والى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبى ذكره الله وقد قالوا لم يعص آدم وانما عصى بنوه الذين كانوا فى ظهره فما كان قوله ليغفر لك إلخ الا تطمينا له عليه السلام ان الله قد غفر جميع ذنوب أمته التي جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة باقامة الحدود عليهم فى دار الدنيا كما وقع لما عز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الاجوبة للاكابر جهده وذلك مما يحبه الله ويحبه من أحبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذي نلقى الله عليه ان شاء الله تعالى انتهى وفى التأويلات النجمية انا فتحنا لك فتحا مبينا يشير الى فتح باب قلبه عليه السلام الى حضرة ربوبيته بتجلى صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك اى ليستر لك بانوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو أول شيء تعلقت به القدرة كما قال أول ما خلق الله روحى وفى رواية نورى وما تأخر اى من ذنب وجودك الى الابد وذنب الوجود هو الشركة فى الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى وقال بعض الأكابر اعلم ان فتوح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أولها الفتح القريب وهو فتح باب القلب بالترقي عن مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والأنوار اليقينية وقد شاركه فى ذلك اكثر المؤمنين وثانيها الفتح المبين بظهور أنوار الروح وترقى القلب الى مقامه وحينئذ تترقى النفس الى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالأنوار القلبية وتنتفى بالكلية وذلك معنى قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالأنوار القلبية التي تظهر فى التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفى هذه بالفتح القريب وان انتفت الاولى لأن مقام القلب لا يكمل الا بعد الترقي الى مقام الروح واستيلاء أنواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفى تلوين النفس بالكلية ويحصل فى هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية وثالثها الفتح المطلق المشار أليه بقوله إذا جاء نصر الله والفتح وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق فى عين الجمع بالشهود الذاتي. وظهور النور الاحدى فمن صحت له متابعة النبي عليه السلام أثابه الله مغاتم كثيرة وفتوحات فان حسن المتابعة سبب لفيضان الأنوار الالهية بواسطة روحانية النبي عليه السلام (قال الشيخ سعدى قدس سره) خلاف پيمبر كسى ره كزيد كه هرگز بمنزل نخواهد رسيد مپندار سعدى كه راه صفا توان رفت جز بر پى مصطفى وذلك ان الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا معرفة الله والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وارشاد الله تعالى فانقطعوا دون الوصول اليه (ويتم نعمته عليك) بإعلاء الدين وضم الملك الى النبوة وغيرهما مما إفاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة واصل الاستقامة وان كمانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل

[سورة الفتح (48) : الآيات 3 إلى 4]

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ اظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولاظهار كمال العناية بشأن النصر كما يعرب عنه تأكيده بقوله تعالى نَصْراً عَزِيزاً اى نصرا فيه عزة ومنعة فعزيزا للنسبة اى ذاعز قال فى فتح الرحمن النصر العزيز هو الذي معه غلبة العدو والظهور عليه والنصر غير العزيز هو الذي معه الحماية ودفع العدو فقط انتهى او نصرا قويا منيعا على وصف المصدر بوصف صاحبه اى المنصور مجازا للمبالغة ولم يجعل وصفا بوصف الناصر لقلة الفائدة فيه لان القصد بيان حال المخاطب لا المتكلم او نصرا عزيزا صاحبه ثم الظاهران المراد من ذلك النصر هو ما ترتب على فتح مكة من النصر على الأعداء كهوازن وغيرهم ونصر أمته على الا كاسرة والقياصرة وكانت الحكمة فى قتال بعض الرسل لمن خالفهم انما هى لمخالفة ما فطروا عليه من التوحيد الموجبة تلك المخالفة لفساد ذلك الفطر الذي هم فيه بأعمالهم وأحوالهم الفاسدة التي لا يحصل منها إلا حل نظام الأسباب وتبديد ما ذلك الشخص مأمور بحفظه عن ذلك كله فالنبى رحمة للخلق ولو بعث بالسيف وقس عليه سائر من تصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال ابن عطاء قدس سره جمع الله لنبيه فى هذه السورة نعما مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة وإتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من اعلام التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية فالمغفرة تبرئة من العيوب وإتمام النعمة إبلاغ الدرجة الكاملة والهداية هى الدعوة الى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع الى ما سواه نسأل الله أن ينصرنا ببذل الوجود المجازى فى وجوده الحقيقي هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ بيان لما أفاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى أنزلها فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل الله تعالى (وقال الكاشفى ونحوه) چون در صلح حديبيه صحابه خالى از دغدغه وترددى نبودند حق سبحانه وتعالى فرمود هو الذي إلخ فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى الله عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التي رآها عليه السلام على ما سبق لِيَزْدادُوا تا زيادت كند إِيماناً مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالى وازداد واتسعا مَعَ إِيمانِهِمْ اى يقينا منضما الى يقينهم الذي هم غليه بر سوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرحج وكلمة مع فى ايمانهم ليست على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين أقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى أخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه ففيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبي عليه السلام من الشرائع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكلمة القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة

لتعلق الايمان بزيادة متعلقه فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان أول ما أتاهم به النبي عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى أكمل لهم دينهم كما قال اليوم أكملت لكم دينكم فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نورء ويقوى بكثرة الأعمال وقوة الأحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة والنقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالى ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فالكفر بالطاغوت هو عين الايمان بالله فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقي هو ايمان الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقض على ايمان الفطرة الذي حقيقته مامات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التي بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عينيا مع ايمانهم العلمي الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة أشياء بالاشتراك اللفظي أولها ما اعطى بنو إسرائيل فى التابوت كما قال تعالى ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم قال المسرون هى ريح ساكنة طبيعة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا إذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم والثاني شىء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الأنبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر والثالث هى التي أنزلت على قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين وهى شيء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين انتهى وقال بعض الكبار ان الأنبياء والأولياء مشتركون فى تنزل الملائكة عليهم ومختلفون فيما نزلت به فأن ملك الإلهام لا ينزل على الأولياء بشرع مستقل ابدا وانما بنزل عليهم بالانباع وبافهام ما جاء به نبهم مما لم يتحقق الأولياء بالعلم به فكل فيض ونور وسكينه انما ينزل من الله تعالى بواسطة الملك او بلا واسطته وان كان فرق عظيم بين حال النبي والولي فأنه كما ان النبي أفضل واولى فكذا وأرده أقوى واولى نسأل الله فضله وسكينته هر آنكه يافت ز فضل خدا سكينت دل نماند در حرم سينه اش تردد وغل وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الجنود جمع جند بالضم وهو جمع معد للحرب اى مختص به تعالى جنود العالم يدبر أمرها كيفما يشاء يسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينها السلم اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح (وقال الكاشفى) ومر خدا يراست لشكرهاى آسمانها از ملائكة وجنود زمين از مؤمنان مجاهد پس اى اهل ايمان جهاد كنيد وبنصرت الهى واثق باشيد كه

هر كه لشكر آسمان وزمين در حكم وى بود بلكه ذرات كون سپاه وى بوده باشند اولياى خود را در وقت غزا با عداى خود فرو نكذارد نصرت از وطلب كه بميدان قدرتش هر ذره پهلوانى وهر پشه صفدريست قال بعضهم كل ما فى السموات والأرض بمنزلة الجند له لو شاء لا تنصر به كما ينتصر بالجند وتأويل الآية لم يكن صد المشركين رسول الله عن قلة جنود الله ولا عن وهن نصره لكن عن علم الله واختياره انتهى وفى فتح الرحمن ولله جنود السموات والأرض فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل وقال بعضهم همم سموات أرواح العارفين وقصور ارض قلوب المحبين وأنفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع أعدائه فيقهرهم دعا نوع عليه السلام على قومه فقال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا فهلك به اهل الأرض جميعا الا من آمن ودعا موسى عليه السلام على القبط فقال ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فصارت حجارة ولم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الأليم وقال سيد البريات عليه أفضل التحيات حين رمى الحصى على وجوه الأعداء شاهت الوجوه فانهزموا بإذن الله تعالى وكذا حال كل ولى وارث قاهر من اهل الأنفاس بل كل ذرة من العرش الى الثرى جند من جنوده تعالى حتى لو سلط نملة على حية عظيمة لهلكت وقد قيل الدبة إذا ولدت ولدها رفعته فى الهولء يومين خوفا من النمل لانه تضعه لحمة كبيرة غير متميزة الجوارح ثم تميز اولا فأولا وإذا جمع بين العقرب والفارة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها ويكفى قصة البعوض مع نمرود (وفى المثنوى) جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حفند كاه امتحان بادرا ديديكه با عادان چهـ كرد. آب را ديديكه با طوفان چهـ كرد آنچهـ بر فرعون زد آن بحر كين وآنچهـ با قارون نمود است اين زمين آنچهـ با آن پيلبانان پيل كرد وآنچهـ پشه كله نمرود خورد وآنكه سنك انداخت داودى بدست كشت ششصد پاره ولشكر شكست سنك مى باريد با اعداى لوط تا كه در آب سيه خوردند غوط دست بر كافر كواهى مى دهد لشكر حق مى شود سر مى نهد كر بگويد چشم را كور افشاره درد چشم از تو بر آرد صد دمار كر بدندان كويد او بنما وبال پس به بينى تو زندان كو شمال فلابد من التوكل على الله فانه عون كل ضعيف وحسب كل عاجز قال بعضهم ما سلط الله عليك فهو من جنوده ان سلط عليك نفسك أهلك بنفسك وان سلط عليك جوارحك أهلك جوارحك بجوارحك وان سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وان سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالأدب فألزمها العبادة وزينها بالإخلاص فى العبودية وَكانَ اللَّهُ از لا وابدا عَلِيماً مبالغا فى العلم بجميع الأمور حَكِيماً فى تقديره وتدبيره فكان بمعنى كان ويكون اى دالة على الاستمرار والوجود بهذه الصفة لا معينة وقتا ما ضيا وقال بعض الكبار ولله جنود السموات من الأنوار القدسية والامدادات الروحانية وجنود الأرض من الصفات النفسانية والقوى الطبيعية فيغلب بعضها على بعض فاذا غلب الاولى على الاخرى حصلت السكينة وكمال اليقين وإذا عكس وقع الشك والريب وكان الله عليما بسرائر هم ومقتضيات استعداداتهم وصفاء فطرة الفريق الاول وكدورة نفوس الفريق

[سورة الفتح (48) : الآيات 5 إلى 9]

الثاني حكيما فيما فعله وفي التأويلات النجمية ولله جنود السموات والأرض اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود الله بالنصرة لعبادة في الظفر بمعرفته وكان الله عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم في الأزل لهم لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والأرض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ هذا بإزاء قوله ليغفر لك الله اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الإدخال على التكفير مع ان الترتيب في الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الأعلى وَكانَ ذلِكَ اى ما ذكر من الإدخال والتكفير عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً لا يقادر قدره لانه منتهى ما يمتد اليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند الله حال من فوزا لانه صفته في الأصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند الله تعالى اى في علمه وقضائه وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ من اهل المدينة وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفي تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم أحق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب برهان ببايد صدق را ور نه ز دعواها چهـ سود الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة في سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه في الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الأمر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى أهليهم ابدا وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد وقال في كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السيء الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شيء واحد فاضافة أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه وفي التأويلات النجمية الظانين بالله ظن السوء في ذاته وصفاته بالأهواء والبدع وفي أفعاله وأحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن في الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما چاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك في الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام أرضا وصفحتها بالزمرد الأخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر

لتفتنه بها وهو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له في دار الدنيا فخر ساجد الله فأثبتها الله له أرضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من أساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفي الحديث أنا عند ظن عبدى بي وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام لا يموتن أحد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين در روايت آمده است از بعض صحابه رسول عليه السلام كه رسول او را خبر داده بود كه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى قلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بود سائر أصحاب را كفت مردار كفه منجنيق نهيد وبسوى كفار در قلعه اندازيد چون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار بگشايم چون از سبب اين جرأت پرسيدند كفت رسول صلّى الله عليه وسلّم مرا خبر داده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا از روى عرف معلوم است كه چون كسى را در كفه منجنيق نهند وبيندازند حال او چهـ باشد ظاهر وباطن ما آينه يكديكرند سينه صاف ترا ز آب روانم دادند عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ اى ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد أكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بد يعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهند شد قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله عليهم دائرة السوء دعاء عليهم بنحو ما ار أدوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى غلت أيديهم بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله قاتلهم الله ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى أحزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه في الماضي فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضعف والضعف خلا ان المفتوح غلب في أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شيء واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة أضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الأعلى التأويل المذكور واما دائرة السوء بالضم فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى ان أراد بكم سوأ أو أراد بكم رحمة كما في بعض التفاسير والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدائرة بالشيء او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها

[سورة الفتح (48) : آية 7]

اى الدائرة في المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة في المحبوب الذي يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة في دائرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما في خاتم فضة اى دائرة من شر لا من خير وقال ابو السعود في التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر وأضيفت اليه الدائرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت في الأصل بالمصدر مبالغة ثم أضيفت الى صفتها كقوله تعالى ما كان أبوك امرأ سوء وقيل معنى الدائرة يقتضى معنى السوء لان دائرة الدهر لا تستعمل الا فى المكروه قائما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عطف لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم في الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق في الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير في الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وإيلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب وَلَعَنَهُمْ طردهم من رحمته وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وآماده كرديم براى ايشان دوزخ را والواو في الفعلين الأخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها إذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما في الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويد باز كشتيست دوزخ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً اى بليغ العزة والقدرة على كل شيء حَكِيماً بليغ الحكمة فيه فلا يفعل ما يفعل الأعلى مقتضى الحكمة والصواب وهذه الآية إعادة لما سبق قالوا فائدتها التنبيه على ان لله تعالى جنودا للرحمة يتزلهم ليدخل بهم المؤمنين الجنة معظما مكرما وان له تعالى جنودا للعذاب يسلطهم على الكفار يعذبهم بهم في جهنم والمراد هاهنا جنود العذاب كما ينبئ عنه التعرض لوصف العزة فان عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة في مقام ذكر العذاب والانتقام قال في برهان القرآن الاول متصل بانزال السكينة وازدياد ايمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله وينصرك الله نصرا عزيزا واما الثاني والثالث الذي بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة وفي كشف الاسرار يدفع كيد من عادى نبيه والمؤمنين بما شاء من الجنود هو الذي جند البعوض على نمرود والهدهد على بلقيس وروى ان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول قال هب ان محمدا هزم اليهود وغلب عليهم فكيف استطاعته بفارس والروم فقال الله تعالى ولله جنود السموات والأرض اكثر عددا من فارس والروم (وقال الكاشفى) ومر خدايراست لشكرهاى آسمان وزمين يعنى هر كه در آسمانها وزمينهاست همه مملوك ومسخر ويند چنانچهـ لشكريان مر سردار خود را تكرار اين سخن جهت وعده مؤمنانست تا بنصرت الهى مستظهر باشند وبراى وعيد مشركان ومنافقان تا از تكذيب ربانى خائف كردند وفي الآية اشارة الى ما اعبد الله من عظائم فضله وعجائب صنعه في سموات القلوب وارض النفوس يمد بها أولياءه وينصرهم بها على أنفسهم ليفوزوا بكمال قربه ويخذل بها أعداءه ويهلكهم في اودية

[سورة الفتح (48) : الآيات 8 إلى 9]

الاهوية ليصيروا الى كما بعده وكان الله عزيز أذل أعداءه حكيما فيما يعز أولياءه كما في التأويلات النجمية واعلم ان الله تعالى قد جعل في النار مائة دركة في مقابلة درج الجنة ولكل دركة قوم مخصوصون لهم من الغضب الإلهي الحال بهم آلام مخصوصة تصل إليهم من أيدي الملائكة الموكلين بهم نعوذ بالله من سخطه وعذابه ونسأله الاولى من نعيمه وثوابه وللغضب درجات منها وقطع الامداد العلمي المستلزم لتسليط الجهل والهوى والنفس والشيطان والأحوال الذميمة لانه موقت الى النفس الذي قبل آخر الأنفاس في حق من يختم له بالسعادة ومنها ما يتصل الى حين دخولهم جهنم وفتح باب الشفاعة ومنها ما يقتضى الخلود في النار (قال الحافظ) دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع كر چهـ دربانئ ميخانه فراوان كردم والله غفور رحيم لمن تاب ورجع الى الصراط المستقيم إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً اى على أمتك لقوله تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا يعنى على تصديق من صدقه وتكذيب من صدقه وتكذيب من كذبه اى مقبولا قوله في حقهم يوم القيامة عند الله تعالى سوآء شهد لهم او عليهم كلما يقبل قول الشاهد العدل عند الحاكم وهو حال مقدرة فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت التحمل والأداء وذلك متأخر عن زمان الإرسال بخلاف غيره مما عطف عليه فانه ليس من الأحوال المقدرة وَمُبَشِّراً على الطاعة بالجنة والثواب وعلى اهل الطلب بالوصول نَذِيراً على المعصية بالنار والعذاب وعلى اهل الاعراض بالقطية وفي التوراة يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرز اللاميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا اله الله فيفتح لها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلنا سرخيل انبيا وسپهدار اتقيا سلطان باركاه دنى قائد امم لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب أرسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالى يا ايها النبي إذا طلقتم النساء خصه عليه السلام بالنداء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد في الحديث انه عليه السلام أشهد أني عبد الله ورسوله قال السبكي في الأمالي انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وإيمانه به اى بالعلم الضروري فإذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالى آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثاني بالامة في مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم وَتُعَزِّرُوهُ وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال في المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى وتعزروه والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الإنسان فمتى قمعته عنها فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبي عليه السلام انصر أخاك ظالما او مظلوما فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال تكفه عن الظلم انتهى وفي القاموس

التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم أصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو وَتُوَقِّرُوهُ وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال في القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذي هو الثقل في الاذن وَتُسَبِّحُوهُ وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز إطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال في القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى غدوة وعشيا فالبكرة أول النهار والأصيل آخره او دائما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفي عين المعاني البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الأربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسيران يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك إذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول الله وتوقيره حقيقة اتباع سنته في الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الأزلي وما سواه تبع له ولذا أرسله تعالى شاهدا فانه لما كان أول مخلوق خلقه الله كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الأرواح والنفوس والاجرام والأركان والأجسام والأجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك والجن والشيطان والإنسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار أفعاله وعجائب صنعه وغرائب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام علمت ما كان وما سيكون لانه شاهد الكل وما غاب لحضة وشاهد خلق آدم عليه السلام ولاجله قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين اى كنت مخلوقا وعالما بأنى نبى وحكم لى بالنبوة وآدم بين أن يخلق له جسد وروح ولم يخلق بعد واحد منهما فشاهد خلقه وما جرى عليه من الإكرام والإخراج من الجنة بسبب المخالفة وما تاب الله عليه الى آخر ما جرى عليه وشاهد خلق إبليس وما جرى عليه من امتناع السجود لآدم والطرد واللعن بعد طول عبادته ووفور علمه بمخالفة امر واحد فحصل له بكل حادث جرى على الأنبياء والرسل والأمم فهوم وعلوم ثم انزل روحه في قالبه ليزداد له نور على نور فوجود كل موجود من وجوده وعلوم كل نبى وولى من علومه حتى صحف آدم وابراهيم وموسى وغيرهم من اهل الكتب الالهية وقال بعض الكبار ان مع كل سعيد رقيفة من روح النبي صلى الله عليه وسلّم هى الرقيب العتيد عليه فاعراضه عنها بعدم إقباله عليها سبب لانتهاكه ولما قبض الروح المحمدي عن آدم الذي كان به دائما لا يضل ولا ينسى جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه واليه الاشارة بقوله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم واليه ينظر قوله عليه السلام لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن اى ينزع منه الايمان ثم يزنى واعلم ان كل نبى له الولاية والنبوة فان كان رسولا فله الولاية

[سورة الفتح (48) : الآيات 10 إلى 14]

والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين الله وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الا قدر ما يحتاج اليه المرسل إليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين الله ولما تفاضلت الأمم تفاضلت الرسل ويأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو مادون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من الله نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت أمته اسعد الأمم وأكثرها ولذا تجيء في ثمانين صفا وباقى الأمم من لدن آدم عليه السلام في أربعين صفا وقد قال تعالى في حقه مبشرا فانه لما أرسله الى الأحمر والأسود بشرهم بان لهم في متابعته الرتبة المحبوبية التي هى مخصوصة به من بين سائر الأنبياء والمرسلين فقد قال تعالى ونذيرا لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشيء من الدارين كما انقطع اكثر الأمم ولم يكونوا على شيء (قال الكمال الخجندي) مرد تا روى نيارد زد وعالم بخداى مصطفى وار كزين همه عالم نشود نسأل الله ان يجعلنا على حظ وافر من الإقبال اليه والوقوف لديه إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ المبايعة با كسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند با تو در حديبيه سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة المال بالمال في اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبي عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبي عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى الله تعالى قال بعض الأنصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه أنفسكم وابناءكم ونساءكم فقال ابن رواحة رضى الله عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال لكم الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع الله كأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة كما قال تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه الله وتوثيق العهد بمراعاة أوامره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل إليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع الله وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون الله وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند با خداى چهـ مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوست قال سعدى المفتى الظاهر والله اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون الله وكذا الحال في قوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ اى كأن يد الله حين المبايعة فوق أيديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة في التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول الله حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول الله التي تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد الله كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى الله عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول الله موضع يده ولم ينل تلك الدولة العظمى أحد من الاصحاب فكانت غيبته رضى الله عنه في تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى

عن الجارحة وعن سائر صفات الأجسام فلفظ الله في يد الله استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالأيدي ولفظ اليد استعارة تخييلية أريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد في حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الأيدي في حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله يد الله فوق أيديهم على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان الله تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبي صورة العقد مع الله بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال الراغب في المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء الله هم أيدي الله وعلى هذا الوجه قال الله تعالى ان الذين يبايعونك الآية ويؤيد ذلك ما روى لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها انتهى فيكون المعنى قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة الله لك لا بنصرة أصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد في الموضعين بمعنى الإحسان والصنيعة فالمعنى نعمة الله عليهم في الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان وقال السدى يأخذون بيد رسول الله ويبايعونه ويد الله اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق أيديهم كما ان أحد المتبايعين إذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى يد الله فوق أيديهم يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق بالله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه صدر عن الله فمبايعته مبايعة الله كما ان اطاعته إطاعة الله سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن در مقام جمعست وحق سبحانه مرتبه جمع را براى هيچ كس تصريح نكرده الا براى آنكه أخص واشرف موجوداتست ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة أمتي أمتي دون نفسى نفسى لانه لم يبق فيه بقية الوجود أصلا وفيه أسوة حسنة للكمل من افراد أمته فاعرف جدا فمعنى يد الله فوق أيديهم اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبي عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة في صور أيديهم لانه مظهر الاسم الأعظم المحيط الجامع وكل الأسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيد النبي عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أي قوله يد الله فوق أيديهم زيادة التصريح في مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان الله تعالى جعل نبيه صلّى الله عليه وسلّم مظهرا لكمالاته ومرءاة لتجلياته ولذا قال عليه السلام من رآنى فقدر أي الحق ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته وأفعاله كان نائبا عن الحق في ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل (ع) نائبست ودست او دست خداى وفي هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما أعظم شانى وابو

سعيد الخراز ليس في الجبة غير الله قال الواسطي اخبر الله بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره إذا ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الإطلاق وإذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جدا فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية فَمَنْ نَكَثَ النكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهد اى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه وأحكامه فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ فانما يعود ضرر نكثه على نفسه لان الناكث هو لا غير وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ بضم الهاء فانه أبقى بعد حذف الواو إذا صله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه وأتمه فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً هى الجنة وما فيها من رضوان الله العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراد بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتداء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى الله عنه انه قال بايعنا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت وعلى ان لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا إليها در موضح آورده كه سه چيز راجع باهل آن ميشود يكى مكر كه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على أنفسكم سيوم نقض عهد كه فمن نكث على نفسه ودر عهد و پيمان كفته اند پيمان مشكن كه هر كه پيمان بشكست از پاى در افتاد وبرون رفت زدست آنرا كه بدر دست بود پيمان الست نشكسته بهيچ حال هر عهد كه بست (كما قال الحافظ) از دم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود (وقال) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى اهل النهى ذمم قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد في بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سود كين في شرح التجليات الاكبرية قدس الله سر هما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع في هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو الله تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود الله تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر الله وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما أمروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية أصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوخ كان محفوظا والا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع في معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا الله تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره هذا حظه في الآخرة واما في الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفي بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له ألق نفسك في التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة وأخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم الله قطب ارشاد بأن أوصلهم الى التجلي

العيني بعد التجلي العلمي إذ لا فائدة في مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الإرشاد والتسليك وعن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما قالا كنا عند رسول الله عليه السلام فقال هل فيكم غريب يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد ثم قال أبشروا فان الله قد غفر لكم كما في ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامي قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله تسعة او ثمانية او سبعة فقال الا تبايعون رسول الله وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال الا تبايعون رسول الله فبسطنا أيدينا وقلنا على مم نبايعك قال أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا وأسروا كلمة خفية ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه رواه مسلم والترمذي والنسائي كما في الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه الله وعن عبادة بن الصامت قال أخبرني ابى عن أبيه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الأمر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم كما في عوارف المعارف للسهروردى قدس سره وقوله وان لا ننازع الأمر اهله اى إذا فوض امر من الأمور الى من هو اهل لذلك الأمر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الأمر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والأقارب والا باعد كما في حواشى زين الدين الحافى رحمه الله وأخذ من التقرير المذكور أخذ اليد في المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبي عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة في الماء ودفعه إليهن فوضعن أيديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز الديرينى الروضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيچ زن نامحرم نرسيد وبا زنان مبايعه بسخن مى كرد وقول او با يك زن چنان بود كه با همه انتهى وقال في انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلى الله عليه وسلّم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال اذهبن فقد بايعتكن انتهى وفي الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر إذا خيفت الفتنة إذ منعتهن عائشة رضى الله عنها فقيل لها ان رسول الله ما منعهن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله ما أحدثن بعده لمنعتهن انتهى فحضور هن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر إذا كان محظورا منكرا فكيف مس أيديهن كما في مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتي يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ بالله تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له أستاذ فامامه الشيطان وحكى الأستاذ ابو القاسم القشيري عن شيخه ابى على الدقاق قدس

سرهما انه قال الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التي في الاودية والجبال ولكن لا يكون لفا كهتها طعم فاكهة البساتين والغرس إذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم في الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا في رسول الله أسوة حسنة فأصحاب رسول الله تلقوا العلوم والآداب من رسول الله كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل وأستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلا زمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان التسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول الله والى الله (فى المثنوى) كفت طوبى من رآنى مصطفى والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغى نور شمعى را كشيد هر كه ديدانرا يقين آن شمع ديد همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ديدن آخر لقاى اصل شد خواه نور از واپسين بستان بجان هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان وفي الحديث الحجر الأسود يمين الله في ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله وفي رواية الركن يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه قال السخاوي معنى الحديث ان كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الأعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجميع أسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول الله والحجر الأسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الإنسان الكامل أفضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبي عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر في الشريعة ومن تقبيل يد الإنسان الكامل في الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع الله ورسوله ثم إذا وقعت المبايعة للمبايع في ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من الله ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال في الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير أوانه في الولادة الطبيعية وكذا الحال في العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الأستاذ للتدريس قال في الأشباه لما جلس ابو يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة أرسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس الا ولى قصار جحد الثوب ثم جاءبه مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا

الثانية هل الدخول في الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة الثالثة طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان او لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن في اى المقابر فقال ابو يوسف في مقابر المسلمين فخطأه فقال في مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن في مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد في البطن يكون وجهه الى ظهر أمه الخامسة أم ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم (قال الشيخ سعدى) يكى در صنعت كشتى كيرى بسر آمده بود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشه خاطرش باجمال يكى از شاكردان ميل داشت سيصد و پنجاه ونه بند او را آموخت مكر يك بند كه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى في الجملة پسر در قوت وصنعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تا بحدى كه پيش ملك كفت استاد را فضيلتى كه بر منست از روى بزركيست وحق تر بيت وكر نه بقوت ازو كمتر نيستم وبصنعت با او برابر ملك را اين سخن پسنديده نيامد بفرمود تا مصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن إقليم حاضر شدند پسر چون پيل مست در آمد بصد متى كه اگر كوه آهنين بودى از جاى بر كندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت بر ترست بدان بند غريب كه ازو نهان داشته بود بر او در آويخت وبدو دست بر كرفت از زمين بر بالاى سر برد وبر زمين زد غريو از خلق برخاست ملك فرمود تا استاد را خلعت ونعمت بي قياس دادند و پسر را زجر وملامت كرد كه با پرورنده خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه از علم كشتى دقيقه مانده بود كه زمن دريغ همى داشت امروز بدان دقيقه بر من دست يافت استاد كفت از بهر چنين روز نهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه مريدان بقوت ز طفلان كمند مشايخ چوديوار مستحكمند قال في كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزي المخصوص الذي اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومئازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التي اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التي اتخذها العساكر والجنود والملابس التي يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شيء يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة في الدين على خلاف ما كان عليه النبي عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى الله عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم

[سورة الفتح (48) : آية 11]

ليست مبتدعة في الدين بل هى مبتدعة في العادة ولا هى مخالفة للسنة ايضا على حسب ما عرف الفقهاء السنة بانها كل فعلة فعلها النبي عليه السلام على وجه العبادة لا العبادة ولم يكن النبي عليه السلام يلبس العمامة على سبيل العبادة ولا يلبس الثياب المخصوصة على طريق العادة وانما القصد بذلك ستر العورة ودفع اذية الحر والبرد ولهذا ورد عنه لبس الصوف والقطن وغير ذلك من الثياب العالية والسافلة فليس مخالفته في ذلك لمخالفة سنة وان كان الاتباع في جميع ذلك أفضل لانه مستحب انتهى قال في العوارف لبس الخرقة اى من يد الشيخ علامة التفويض والتسليم ودخوله في حكم الشيخ دخوله في حكم الله تعالى وحكم رسوله عليه السلام واحياء سنة المبايعة مع رسول الله قالت أم خالد أتى النبي عليه السلام بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة وهى كساء اسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة فقال عليه السلام من ترون أكسو هذه فكست القوم فقال عليه السلام ائتوني بام خالد قالت فأتى بي فألبسنيها بيده فقال ابلى واخلقى يقولها مرتين وجعل ينظر الى علم في الخميصة اصفر واحمر ويقول يا أم خالد هذا سناء والسناء هو الحسن بلسان الحبشة ولا خفاء بأن لبس الخرقة على الهبئه التي يعمدها الشيوخ في هذا الزمان لم يكن في زمن رسول الله وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداد بها من استحسان الشيوخ وقد كان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسونها المريدين قمن يلبسها فله مقصد صحيح واصل من السنة وشاهد من الشرع ومن لا يلبسها فله رأى وله فى ذلك مقصد صحيح وكل تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب ولا تخلو عن نية خالصة فيها انتهى كلام العوارف باختصار وقال الشيخ زين الدين الحافى في حواشيه قد صح واشتهر بنقل الأولياء كابرا عن كابر على ما هو مسطور في إجازات المشايخ ان رسول الله ألبس عليا الخرقة الشريفة وهو ألبس الحسن البصري وكميل بن زياد رضى الله عنهما وفي المقاصد الحسنة ان أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن أن يلبسه الخرقة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الضروري من اللباس الظاهر ما يستر السوآت والرياش ما يزيد على ذلك مما تقع به الزينة والضروري من اللباس الباطن وهو تقوى المحارم مطلقا ما يوارى سوأة الباطن والريش لباس مكارم الأخلاق مثل نوافل العبادات كالصفح والإصلاح فأراد اهل الله أن يجمعوا بين اللبستين ويتزينوا بالزينتين ليجمعوا بين الحسنيين فيثابوا من الطرفين فلبسوا الخرقة وألبسوها ليكون تنبيها على ما يريدونه من لباس بواطنهم وجعلوا ذلك أصلا واصل هذا اللباس عندى ما القى في سرى ان الحق لبس قلب عبده فانه قال ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى فان الثوب وسع لابسه وظهر هذا الجمع بين اللبستين في زمان الشبلي وابن حفيف الى هلم جرا فجرينا على مذهبهم في ذلك فلبسناها من أيدي مشايخ جمة سادات بعد ان صحبناهم وتأدبنا بآدابهم ليصح اللباس ظاهرا وباطنا انتهى باختصار نسأل الله سبحانه أن يجعل لباس التقوى لباسا خيرا لنا وأن يصح نياتنا وعقائدنا واعمالنا وأحوالنا انه هو المعين لاهل الدين الى أن يأتى اليقين سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ السين للاستقبال يقال خلفتة بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورلء ظهورهم والتخليف بالفارسية

واپس كذشتن ودر اينجا مراد از مخلفون باز پس كردكان خداى يعنى ايشان كه باز پس كرده اند از صحبت رسول عليه السلام از باديه نشينان خلفهم الله عن رسول الله كما قال كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع الخالفين قال في المفردات العرب أولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه في الأصل وصار ذلك اسما لسكان البادية وقيل في جمع الاعراب أعاريب والاعرابى صار اسما في التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى وفي القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على أعاريب انتهى وفي مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة إليهم عربى وهم اهل الأمصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعرابي وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ في سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادي أم الفري واما الاعراب فانه لا يطلق الأعلى من يسكن البوادي فالاعراب جمع أعرابي كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة في الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام حب العرب من الايمان وقوله تعالى الاعراب أشد كفرا ونفاقا حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين هم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب أعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هناهم اعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول الله عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادي ليخرجوا معه عند إرادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيت واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فنقاتلهم فأوحى الله اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون شَغَلَتْنا مشغول كرد ما را والشغل العارض الذي يذهل الإنسان وقد شغل فهو مشغول أَمْوالُنا وَأَهْلُونا ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والأموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفي التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمي ويجرى فيه الشح والضنة انتهى والأهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذووا قرباه وقد يجمع الأهل على أهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان أصله أهلة كما في ارض فحكمه حكم تمرة حيث يجوز في تمرات تحريك الميم فَاسْتَغْفِرْ لَنا الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ تكذيب لهم في الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذي خلفهم لا غير وفي الآية اشارة الى ان القلوب

[سورة الفتح (48) : آية 12]

الغافلة عن الله يقولون اى أهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا أموالنا وأهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان أموالهم وأهليهم شغلتهم عن ذكر الله والائتمار بأوامره وعن متابعة النبي عليه السلام وهم مأمورون بها (قال المولى الجامى) مكن تعلق خاطر بنقش صفحه دهر جريده وار همى زى وساده وش مى باش قُلْ ردالهم عند اعتذارهم إليك بأباطيلهم فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً اى فمن يقدر لا جلكم من مشيئة الله وقضائه على شيء من النفع إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا اى ما يضركم من هلاك الأهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً اى ومن يقدر على شيء من الضرر إن أراد بكم ما ينفعكم من حفظ أموالكم وأهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً اى ليس الأمر كما تقولون بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التي من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر الله ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل في الآية ثم لم يجد خلاصا من الضرر والبلاء فان الله تعالى قادر صلّى إيصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالإخلاص والتوكل على الله تعالى فان فيه الخلاص نقلست كه يكروز كسان حجاج ظالم حسن بصرى را رضى الله عنه طلب كردند حسن در صومعه حبيب عجمى قدس سره پنهان شد حبيب را كفتند امروز حسن را ديدى كفت ديدم كفتند كجاست كفت درين صومعه شد در صومعه رفتند چندانكه طلب كردند حسن را نيافتند چنانكه حسن كفت هفت بار دست بر من نهادند ومرا نديدند وبيرون آمدند وكفتند اى حبيب آنچهـ حجاج با شما كند سزاى شماست تا چرا دروغ ميكوييد حبيب كفت او در پيش من درين جا شد اگر شما نمى دانيد ونمى بينيد مرا چهـ جرم عوانان ديكر باره طلب كردند نيافتند حسن از صومعه بيرون آمد كفت اى حبيب حق أستاذي نكاه داشتى ومرا بعوانان غمز ميكردى كفت اى أستاذ برو كه براست كفتن خلاص يافتى كه اگر دروغ ميكفتمى هر دو كرفتار خواستيم شدن (قال الحافظ) بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست حسن كفت چهـ كردى كه مرا نديدند كفت نه بار آية الكرسي ونه بار آمن الرسول ونه بار قل هو الله أحد بخواندم وباز كفتم كه خدايا حسن را بتو سپردم كه نكاهش دارى وهكذا يحفظ الله أولياءه الصادقين وينصرهم ويترك أعداءه الكافرين ويخذلهم بَلْ ظَنَنْتُمْ إلخ بدل من كان الله إلخ مفسر لما فيه من الإبهام اى بل ظننتم ايها المخلفون أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ لن برجع وبالفارسية بلكه كمان ميبرديد آنكه باز نكردد الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلّم وَالْمُؤْمِنُونَ الذين معه وهم ألف واربعمائة إِلى أَهْلِيهِمْ بسوى اهالى خود بمدينه أَبَداً هرگز اى بأن يستأصلهم المشركون بالكلية فخشيتم ان كنتم معهم أن يصيبكم ما أصابهم فلاجل ذلك تخلفكم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وآراسته شد اين كمان در دلهاى شما يعنى شيطان بياراست وقبلتموه واشتغلتم بشأن أنفسكم

[سورة الفتح (48) : الآيات 13 إلى 14]

غير مبالين بهم وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وكمان بر ديد كمان بد المراد به اما الظن الاول والتكرير لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء والا فهو من عطف الشيء على نفسه او ما يعمه وغيره من الظنون الفاسدة التي من جملتها الظن بعدم الصحة رسالته عليه السلام فان الجازم بصحتها لا يحوم حول فكره ما ذكر من الاستئصال فبهذا التعميم لا يلزم التكرار وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً اى هالكين عند الله مستوجبين سخطه وعقابه على انه جمع بائر من بار بمعنى هلك كعائذ وعوذ وهى من الإبل والخيل الحديثة النتاج او فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم فان البور الفاسد في بعض اللغات وقيل البور مصدر من بار كالهلك من هلك بناء ومعنى ولذا وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث فيقال رجل بورو قوم بورو في المفردات البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك وكانوا قوما بورا اى هلكى انتهى وفيه اشارة الى ان كل من ظن انه يصيبه في الغز وقتل او جراحة او ما يكره من المصائب ثم يتخلف عن الغزو فانه من الهالكين وقد استولى الشيطان على قلبه فزين في قلبه الحياة الدنيا ليؤثرها على الحياة الاخروية التي أعدت للشهداء والدرجات العلى في الجنة والقربات في جوار الحق تعالى مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كلام مبتدأ من جهته تعالى ومن شرطية او موصولة اى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً اى لهم وانما وضع موضع الضمير العائد الى من الكافرون إيذانا بأن من لم يجمع بين الايمان بالله ورسوله وهو كافر فانه مستوجب السعير اى النار الملتهبة وتنكيره للتهويل للدلالة على انه سعير لا يكتنه كنهها او لأنها نار مخصوصة كما قال نارا تلظى فالتنكير للتنويع وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما فيهما يتصرف في الكل كيف يشاء وبالفارسية مر خدايراست پادشاهئ آسمانها وزمينها زمام امور ممالك علوى وسفلى در قبضه قدرت اوست يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ أن يغفر له وهو فضل منه وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ أن يعذبه وهو عدل منه من غير دخل لأحد في شيء منهما وجودا وعدما وفيه حسم لا طماعهم الفارغة في استغفاره عليه السلام لهم وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا في المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء الا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله واما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا فالآية نظير قوله تعالى في الأحزاب ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب غليهم ان الله كان غفورا رحيما اى يعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة او يتوب عليهم اى يقبل توبتهم ان تابوا فالله تعالى يمحو بتوبة واحدة ذنوب العمر كله ويعطى بدل كل واحدة منها حسنة وثوابا قال ابو هريرة رضى الله تعالى عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان الله افرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ومن الظمآن الوارد ومن العقيم الوالد ومن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع ارضه خطاياه وذنوبه كر آيينه از آه كردد تباه شود روشن آيينه دل بآه تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى

[سورة الفتح (48) : الآيات 15 إلى 20]

ندارد فغان زير چوب وفي هذا المعنى قال الكمال الخجندي ترا چهـ سود بروز جزا وقايه وحرز كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد وفي الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن بالله ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن بالله ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعي ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان الله غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ المذكورون إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان إذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة إذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا إليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والأشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شيء من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما في حواشى سعدى المفتى ذَرُونا بگذاريد ما را امر من يذر الشيء اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه نَتَّبِعْكُمْ الى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ بأن يشاركوا في المغانم التي خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية في ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى لن تخرجوا معى ابدا فان ذلك في غزوة تبوك قُلْ إقناطا لهم لَنْ تَتَّبِعُونا اى لا تتبعونا فانه نفى في معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأبيد سيما إذا أريد النهى والمراد لن تتبعونا في خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا في المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ همچنين كفته است خداى تعالى مِنْ قَبْلُ اى عند الانصراف من الحديبية فَسَيَقُولُونَ للمؤمنين عند سماع هذا النهى بَلْ تَحْسُدُونَنا اى ليس ذلك النهي حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى في إزالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان أول ابتلاء ابتلى الله به

[سورة الفتح (48) : آية 16]

عباده بعثة الرسل إليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل في صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه أي فهم فقها إِلَّا قَلِيلًا اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف لهم بالجهل المفرط وسوء الفهم في امور الدين وعن على رضى الله عنه اقل الناس قيمة أقلهم علما واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصفهم الله بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورلء الظهر ويجعل الرغبة في الآخرة وقد قال عليه السلام اطلبوا العلم ولو بالصين فكلما بعد المنزلة كثرا الخطى وعن بعضهم قال رأيت في الطواف كهلا قدأ جهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان تم قال لى في كم تقطعون هذا الطريق قلت في شهرين او ثلاثة فقال أفلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا والله هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول زر من هويت وان شطت بك الدار ... وخال من دونه حجب وأستار لا يمنعنك بعد عن زيارته ... ان المحب لمن يهواه زوار وفي الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد وهو من رذائل النفس وفي الحديث (ولا تحاسدوا) اى على نعم الله تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل الله والعلم المعمول به المنشور (ولا تناجشوا) النجش هو أن تزيد في ثمن سلعة ولا رغبة لك في شرائها وقيل هو تحريض الغير على شر (ولا تباغضوا) الا ان يكون البغض فى الله قال الشيخ الكلاباذى معنى لا تباغضوا لا تختلفوا في الأهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه (ولا تدابروا) اى لا تقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما في الفائق او لا تغتا بواو صفة الاخوة التقابل كما قال تعالى إخوانا على سرر متقابلين وكما قال عليه السلام (وكونوا عباد الله إخوانا) قال الحافظ هيچ رحمى نه برادر ببرادر دارد هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر پسران را همه بدخواه پدر مى بينم ثسأل الله السلامة والعافية قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ كرر ذكرهم بهذا العنوان لذمهم مرة بعد اخرى فان التخلف عن صحبة الرسول عليه السلام شفاعة اى شناعة سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ بحرب كروهى أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ اى اولى قوة في الحرب وبالفارسية كروهى با زور سخت وهم بنوا حنيفة كسفينة أبو حي كما في القاموس والمراد اهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب او هم غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله او المشركون لقوله تعالى تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ استئناف كأنه قيل لماذا فأجيب ليكون أحد الامرين اما المقاتلة ابدا او الإسلام لا غير واما من عدا المرتدين

والمشركين من العرب فينتهى قتالهم بالجزية كما ينتهى بالإسلام يعنى ان المراد بقوم اولى بأس شديد هم المرتدون والمشركون مطلقا سوآء كانوا مشركى العرب او العجم بناء على ان من عدا الطائفتين المذكورتين وهم اهل الكتاب والمجوس ليس الحكم فيهم أن يقتلوا الى أن يسلموا بل تقبل منهم الجزية بخلاف المرتدين ومشركى العرب والعجم فانه لا تقبل منهم الجزية بل يقاتلون حتى يسلموا وهذا عند الشافعي واما عند ابى حنيفة رحمه الله فمشركوا العجم تقبل منهم الجزية كما تقبل من اهل الكتاب والمجوس والذين لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف انما هم مشركوا العرب والمرتدون فقط عنده وفي الآية دليل على امامة ابى بكر رضى الله عنه إذ لم يتفق دعوة المخلفين الى قتال اولى البأس الشديد لغيره من الخلفاء وقد وعدهم الثواب على طاعته وأوعدهم على مخالفته بقوله فان تطيعوا إلخ ومن أوجب الله طاعته يكون اما ما حقا فيكون ابو بكر اماما حقا الا إذا ثبت ان المراد بأولى البأس اهل حنين وهم ثقيف وهوازن فلا دلالة للآية حينئذ على امامة ابى بكر لان الدعوة الى قتالهم كانت في حياته عليه السلام لانه غزاهم عقيب فتح مكة فيكون المخلفون ممنوعين من خيبر مدعوين الى قتال اهل حنين اى فيخص دوام نفى الاتباع بما فيه عزوة خيبر كما قال محيى السنة وقيل هم فارس والروم ومعنى يسلمون ينقادن فان الروم نصارى وفارس مجوس تقبل منهم الجزية فتكون الاية دليلا على امامة عمر رضى الله عنه لانه هو الذي قاتلهم ودعا الناس الى قتالهم فَإِنْ تُطِيعُوا پس اگر فرمان بريد كسى را كه خواننده شماست بقتال آن كروه يُؤْتِكُمُ اللَّهُ بدهد شما را خداى أَجْراً حَسَناً هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة وَإِنْ تَتَوَلَّوْا اى تعرضوا عن الدعوة وبالفارسية واگر روى بگردانيد و پشت بر داعى كنيد كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ فى الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً لتضاعف جرمكم وبيان المقام انه عليه السلام لما قال لهم لن تتبعونا دعت الحاجة الى بيان قبول توبة من رجع منهم عن النفاق فجعل تعالى لهذا القبول علامة وهو انهم يدعون بعد وفاته عليه السلام الى محاربة قوم اولى قوة في الحرب فمن أجاب منهم دعوة امام ذلك الزمان وحاربهم فانه يقبل توبته ويعطى الاجر الحسن فلولا هذا الامتحان لاستمر حالهم على النفاق كما استمرت حالة ثعلبة عليه فانه قد امتنع من أداء الزكاة ثم اتى بها ولم يقبل منه النبي عليه السلام واستمر عليه الحال ولم يقبل منه أحد من الصحابة فلعله تعالى علم من ثعلبة ان حاله لا نتغير فلم يبين لتوبته علامة وعلم من احوال الاعراب انها تتغير فبين لتغيرها علامة وقال بعصهم ان عثمان رضى الله عنه قد قبل من ثعلبه وهو مجتهد معذور فى ذلك ولعله وقف على إخلاصه والعلم عند الله تعالى ولما حكم داود وسليمان عليهما السلام في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم والنفش الرعي بالليل فحكم داود بشيء وحكم سليمان بامر آخر وقال الله تعالى ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما فاخذنا من هنا وأمثاله ان كل مجتهد مصبب وان لم يكن نصافى الباب قال بعضهم لا تنكروا على أحد حاله ولا لباسه ولا طعامه ولا غير ذلك الا بإجازة الشرع وسلموا لكل أحد حاله وما هو فيه ففيهم سائحون وتائبون وعابدون وحامدون وساجدون ومسبحون ومستغفرون ومحققون فقد يكون الإنكار سبب الايحاش

[سورة الفتح (48) : آية 17]

والوحشة سبب انقطاعهم عن باب الخالق ويرحم البعض بالبعض (فال الحافظ) عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت من اگر نيكم واگر بد تو برو خود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل ... تو چهـ دانى كه پس پرده كه خوبست كه زشت بر عمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل ... تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت وفي الآية اشارة إلى ان النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من الفرائض والنوافل لو دعيت الى الجهاد في سبيل الله او الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا تقاتلونهم بنهي النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها فان أجابوا وأطاعوا فقد استوجبوا الاجر الحسن وان اعرضوا عن الطاعات والعبادات يعذبهم الله بعذاب أليم يتألمون به في الدنيا والآخرة لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الأعمى وهو فاقد البصر حَرَجٌ اثم في التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا يمتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشيء كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كليتهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما في الوضوء فكيف بالجهاد والأعرج بالفارسية لنك من العروج لان الأعرج ذاهب في صعود بعد هبوط وعرج كفرح إذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها في خلقتها ذاث عرج وعرج كدخل ارتقى وأصابه شيء في رجليه فمشى مشى العارج اى الذاهب في صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث في غير الخلقة كما في القاموس وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ لانه لا قوة به وفي نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئزة الرخصة وَمَنْ وهر كه يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى فيما ذكر من الأوامر والنواهي في السر والعلانية يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الأنفس وإذا أراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وأنت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك وَمَنْ يَتَوَلَّ عن الطاعة وبالفارسية وهر كه اعراض كند از فرمان خدا ورسول يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه درد ان منقطع نكردد والم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست چهـ بمخالفت امر خدا از دولت لقا مهجور وبنافرمانى رسول از سعادت شفاعت محروم خواهد ماند مسوز آتش محروميم كه هيچ عذاب ... ز روى سوز والم چون عذاب حرمان نيست وفي الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته في الطلب ورغبته في السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على الله وذلك قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعنى يعرض عن الله وينقض عهد الطلب

[سورة الفتح (48) : آية 18]

يعذبه عذابا أليما كما قال أوحد المشايخ في وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة أعظم ذنبا من مرتد الشريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على الله ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم في الآية اشارة الى الأعمى الحقيقي وهو من لا يرى غير الله لا الآخرة التي أشير إليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التي أشير إليها بالعين اليسرى وهو معذور با استعمال الرخص والدخول في الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما إذا كان في مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثرا كله لشدة سطوات نيران الحقائق في قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس بالله فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الأعرج الحقيقي وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والإطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفي من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقي وهو الذي اسقمه العشق والمحبة وهو معذور إذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسنات فان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق أمرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل تداويت من ليلى بليلى من الهوا ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر وقال بعضهم من كان له عذر في المجاهدة فان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه فاعرف ذلك لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ رضى العبد عن الله ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة في إرادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الأكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلّم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى في الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما فرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث أشار صلّى الله عليه وسلّم بقوله في سجوده وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى أم غيلان وهى كثيرة في بوادي الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا

وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لا نزال نقاتلهم بين يديك ما لم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول الله معه في الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند با رسول فرمان آمد از حق تعالى تا درهاى آسمان بگشادند وفرشتگان از ذروه فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان أفلاك نظر كنيد بآن كروه كه از بهر إعزاز دين اسلام واعلاى كلمه حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانه نيزه كرده وسينه سپر ساخته شراب از خون وجام از كاسه سر ... بجاى بانك رود آواز اسبان بجاى دسته گل دشنه وتيغ ... بجاى قرطه بر تن درع وخفتان كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هر يكى را از ايشان در امت محمد چندان شفاعت دهم كه از من خشنود كردند وازين عهد تا آخر دور هر مؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان در قبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن را همان خلعت دهم كه اين مؤمنانرا دادم وعند تلك المبايعة قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير اهل الأرض واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبي أفضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وأمته كما قال عليه السلام لو كان أخي موسى حيا لما وسعه الا اتباعى وثبت ان عيسى من أصحابه عليه السلام وعند نزوله في آخر الزمان يكون من أمته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب في تلك المبايعة وان لم يعرفه أحد فالامر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه إذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال في انسان العيون صارت تلك الشجرة التي وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه في زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفي رحمه الله في التيسير انها عميت عليهم من قابل فلم يدروا اين ذهبت يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بانهم لما عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى الله عنه بقطعها وفي كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المغرورين باننا نخاف على العوام إذا اعتقدوا وليا من الأولياء وعظموا قبره ولتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الأولياء تؤثر في الوجود مع الله فيكفرون ويشركون بالله تعالى فتنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الأولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عنها ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الأولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع الله تعالى لدفعوا عن أنفسهم هذه الاهانة التي نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع

[سورة الفتح (48) : الآيات 19 إلى 20]

كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه الله تعالى لنا في كتابه القديم وقال فرعون ذوونى اقتل موسى وليدع ربه انى أخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الأرض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من أجل الأمر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى الله عنه ان الذي يصح هو اتباع الظن لا الوهم فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى في عرائسه رضى الله عنهم في الأزل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا بالطاعة والعصيان فاذاهم في اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف أنوار الانس في قلوبهم بقوله فأنزل السكينة عليهم قال ابن عطاء رضى الله عنهم فارضاهم وأوصلهم الى مقام الرضى واليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه وَأَثابَهُمْ و پاداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية پاداش دادن والثواب ما يرجع الى الإنسان من جزاء عمل يستعمل في الخير والشر لكن الأكثر المتعارف في الخير والاثابة تستعمل في المحبوب وقد قيل ذلك في المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة فَتْحاً قَرِيباً وهو فتح خيبر غب انصرافهم من الحديبية وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها اى وأثابهم مغانم خيبر وكانت ذات عقار وأشجار أخذوها من اليهود مع فتح بلدتهم فقسمت عليهم وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً غالبا حَكِيماً مراعيا لمقتضى الحكمة في أحكامه وقضاياه وقال ابن الشيخ حكيما في امره حكم لهم بالظفر والغنيمة ولاهل خيبر بالسبي والهزيمة وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً هى ما يفيئه على المؤمنين الى يوم القيامة والافاءة مال كسى غنيمت كردن تَأْخُذُونَها فى أوقاتها المقدرة لكل واحد منها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ اى غنائم خيبر وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ اى أيدي اهل خيبر وهم سبعون ألفا وحلفاؤهم من بنى اسد وغطفان حيث جاؤا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فنكصوا والحلفاء بالحاء المهملة جمع حليف وهو المعاهد للنصر فان الحلف العهد بين القوم وقيل أيدي اهل مكة بالصلح وبالفارسية ودست مردمانرا از شما كوتاه كرد وقال في المفردات الكف كف الناس وهى ما بها يقبض ويبسط وكففته دفعته بالكف وتعورف الكف بالدفع على اى وجه كان بالكف وبغيرها حتى قيل رجل مكفوف لمن قبض بصره قال سعدى المفتى ان كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر

لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه عليه السلام من الحديبية وان كان قبله على انها من الاخبار عن الغيب فالاشارة بهذه تنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحق وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عطف على علة اخرى محذوفة من أحد الفعلين اى فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتغتنموها ولتكون ان رة للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول في وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام ويجوز ان تكون الواو واعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخر اى ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف وَيَهْدِيَكُمْ بتلك الآية صِراطاً مُسْتَقِيماً هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وما تذرون وفي الآية اشارة الى ما وعد الله عباده من المغانم الكثيرة بقوله ادعوني استجب لكم فكل واحد يأخذها بحسب مطمح نظره وعلو همته فمن كانت همته الدنيا فهى له معجلة وماله في الآخرة من خلاق ومن كانت همته الآخرة فله نصيب من حظ الدارين وربما يكف الله أيدي دواعى شهوات النفس عن المؤمنين ليكونوا من اهل الجنة كما قال تعالى ونهى النفس عن الهوا فان الجنة هى المأوى ولو وكلهم الى أنفسهم لا تبعوا الشهوات وهى دركات الجحيم إذ حفت النار بالشهوات وفي ترك الدنيا وشهوات النفس آية للمؤمنين حيث يهتدى بعضهم بهدى بعض ويصلون على هذا الصراط المستقيم الى حضرة ربوبية (قال الشيخ سعدى) پى نيك مردان ببايد شتافت ... هر آن كين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست ثم ان خيبر حصن معروف قرب المدينة على ما في القاموس وقال في انسان العيون هو على وزن جعفر سميت باسم رجل من العماليق نزلها يقال له خيبر وهو أخو يثرب الذي سميت باسمه المدينة وفي كلام بعض خيبر بلسان اليهود الحصن ومن ثم قيل لها خيابر لاشتمالها على الحصون وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد والبريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال «يقول الفقير وكل ميلين ساعة واحدة بالساعات النجومية لانه عدمن المدينة الى قباميلان وهى ساعة واحدة فتكون الثمانية البرد ثمانى وأربعين ساعة بتلك الساعات وفي القاموس البريد فرسخان واثنا عشر ميلا انتهى ولما رجع عليه السلام من الحديبية اقام شهرا اى بقية ذى الحجة وبعض المحرم من سنة سبع ثم خرج الى خيبر وقد استنفر من حوله ممن شهد الحديبية يغزون معه وجاء المخلفون عنه في غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة فقال عليه السلام لا تخرجوا معى الا راغبين في الجهاد اما الغنيمة فلا اى لا تعطون منها شيأ ثم امر مناديا ينادى بذلك فنادى به وامر ايضا انه لا يخرج الضعيف ولا من له مركب صعب حتى ان بعضهم خالف هذا الأمر فنفر مركوبه فصرعه فاندقت فخذه فمات فأمر عليه السلام بلالا رضى الله عنه أن ينادى في الناس الجنة لا تحل العاص ثلاثا وخرج معه

عليه السلام من نسائه أم سلمة رضى الله عنها ولما اشرف على خيبر وكان وقت الصبح رأى عمالها وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم وهى القفف الكبيرة قالوا محمد والخميس اى الجيش العظيم معه قيل له الخميس لانه خمسة اقسام المقدمة والساقة والميمنة والميسرة وهما الجناحان والقلب وأدبروا اى العمال هربا الى حصونهم وكانوا لا يظنون ان رسول الله يغزوهم وكان بها عشرة آلاف مقاتل فقال عليه السلام الله اكبر خربت خيبر انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وانما قاله بالوحى كما نطق به قوله تعالى فعجل لكم هذه وابتدأ من حصونهم بحصون النطاة وامر بقطع نخلها فقطعوا اربعمائة نخلة ثم نهاهم عن القطع ومكث عليه السلام سبعة ايام يقاتل اهل حصون النطاة فلم يرجع من أعطى له الراية بفتح ثم قال لأعطين الراية عدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبانه يفتح الله على يديه فتطاولها ابو بكر وعمر وبعض الصحابة من قريش فدعا عليه السلام عليا رضى الله عنه وبه رمد فتفل في عينيه ثم أعطاه الراية وكانت بيضاء مكتوب فيها لا اله الا الله محمد رسول الله بالسواد فقال على علام أقاتلهم يا رسول الله قال أن يشهدوا ان لا اله الا الله وانى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم وألبسه عليه السلام درعه الحديد وشد سيفه ذا الفقار في وسطه ووجهه الى الحصن وقال لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم اى من الإبل النفيسة التي تصدق بها في سبيل الله فخرج على رضى الله عنه بالراية يهرول حتى ركزها تحت الحصن الحارث أخو مرجب وكان معروفا بالشجاعة فتضاربا فقتله على وانهزم اليهود الى الحصن صعوه كريا عقاب سازد جنگ ... دهد از خون خود پرش را رنك ثم خرج اليه مرحب سيد اليهود وهو يرتجز ويقول قد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح البطل المجرب اى تام السلاح معروف بالشجاعة وقهر الفرسان وارتجز على رضى الله عنه وقال انا الذي سمتنى أمي حيدره ... ضرغام آجام وليث قسوره وضرب عليا فطرح ترسه من يده فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل فى يده يقاتل حتى قتل مرحبا وفتح الله عليه الحصن وهو حصن ناعم من حصون النطاة والقى الباب من يده ورلء ظهره تمانين شبرا وذلك بالقوة القدسية وفيه بيان شجاعة على حيث قتل شجيعا بعد شجيع ونعم ما قيل كر چهـ شاطر بود خروس بجنگ ... چهـ زند پيش باز رويين چنك گربه شيرست در گرفتن موش ... ليك موشست در مصاف پلنگ ثم انتقل عليه السلام من حصن ناعم الى حصن العصب من حصون النطاة فأقاموا على محاصرته يومين حتى فتحه الله وما بخيبر حصن اكثر طعاما منه كالشعير السمن والتمر والزيت والشحم والماشية والمتاع ثم انتقلوا الى حصن قلة وهو حصن بقلة وهو آخر حصون النطاة فقطعوا عنهم ماءهم ففتحه الله ثم سار المسلمون الى حصار الشق بفتح الشين المعجمة وهو اعرف عند اهل اللغة من الكسر ففتحو الحصن الاول من حصونه ثم حاصروا حصن البرآء وهو

الحصن الثاني من حصنى الشق فقاتلوا قتالا شديدا حتى فتحه الله ثم حاصروا حصون الكثيبة وهى ثلاثة حصون القموص كصبور والوطيح وسلالم بضم السين المهملة وكان أعظم حصون خيبر القموص وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ثم فتحه الله على يد على رضى الله عنه ومنه سبيت صفية رضى الله عنها وانتهت المسلمون الى حصار الوطيح بالحاء المهملة سمى باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود وسلالم آخر حصون خبر ومكثوا على حصار هما اربعة عشر يوما وهذان الحصنان فتحا صلحا لان أهلهما لما أيقنوا بالهلاك سألوا رسول الله عليه السلام الصلح على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم ويخرجون من خيبر وارضها بذراريهم وان لا يصحب أحدا منهم إلا ثوب واحد على ظهره فصالحهم عليه ووجدوا فى الحصنين المذكورين مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها وأشياء آخر غالية القيمة وهى ما في الخزانة ابى الحقيق مصغرا وأرسل عليه السلام الى اهل فدك وهى محركة قرية بخيبر يدعوهم الى الإسلام ويخوفهم فتصالحوا معه عليه السلام على أن يحقن دماءهم ويخليهم ويخلون بينه وبين الأموال ففعل ذلك رسول الله وقيل تصالحوا معه على ان يكون لهم النصف في الأرض ولرسول الله النصف الآخر وكان فدك الاول لرسول الله وعلى الثاني كان له نصفها لانه لم تؤخذ بمقاتله وكان عليه السلام ينفق منها ويعود منها على صغير بنى هاشم ويزوج منها ايمهم ولما مات عليه السلام وولى ابو بكر رضى الله عنه الخلافة سألته فاطمة رضى الله عنها ان يجعل فدك او نصفها لها قأبى وروى لها انه عليه السلام قال انا معاشر الأنبياء لا نورث اى لا نكون مورثين ما تركناه صدقة اى على المسلمين ثم ان النبي عليه السلام امر بالغنائم التي غنمت قبل الصلح فجمعت وأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبايا منها صفية بنت ملكهم حيى بن اخطب من سبط هرون بن عمران أخي موسى عليهما السلام فهدا ها الله فأسلمت ثم أعتقها رسول الله وتزوجها وكانت رأت ان القمر وقع فى حجرها فكان ذلك رسول الله وجعل وليمتها حيسا في نطع الحيس تمر وإقط وسمن ودخل بها رسول الله في منزل الصهباء في العود والصهباء موضع قرب خيبر كما في القاموس وبات تلك الليلة ابو أيوب الأنصاري رضى الله عنه متوشحا سيفه يحرسه ويطوف حول قبته حتى أصبح رسول الله فرأى مكان ابى أيوب فقال مالك يا ابى أيوب قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة قتلت أباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بجاهلية فبت أحفظك فقال عليه السلام اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظنى قال السهيلي رحمه الله فحرس الله تعالى أبا أيوب بهذه الدعوة حتى ان الروم لتحرس قبره ويستسقون به فيسقون فانه غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين فلما بلغوا القسطنطينية مات ابو أيوب هناك فأوصى يزيد ان يدفنه في اقرب موضع من مدينة الروم فركب المسلمون ومشوابه حتى إذا لم يجدوا مساغا دفنوه فسألتهم الروم عن شأنهم فأخبروهم انه كبير من أكابر المسلمين الصحابة فقالت ليزيد ما أحمقك وأحمق من أرسلك امنت ان ننبشه بعدك فخرق عظامه فخلف لهم يزيد لئن فعلوا ذلك ليهد من كل كنيسة بأرض العرب وينبش قبورهم فحينئذ حلفوا له بنبيهم ليكر من قبره وليحر سنه ما استطاعوا وقال صاحب روضة الاخبار مات

ابو أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضى الله عنه بالقسطنطينية سنة احدى وخمسين مرابطا مع يزيد بن معاوية مرض فلما ثقل مرضه قال لاصحابه إذا أنا مت فاحملونى فاذا صاففتم العدو فادفنونى تحت أقدامكم ففعلوا وقبره قريب من سورها معروف معظم وكان الروم يتعاهدون قبره ويستشفون به انتهى يقول الفقير ثبت ان قبر ابى أيوب انما تعين بأشارة الشيخ الشهير بآق شمس الدين قدس سره وقد كان مع الفاتح السلطان محمد العثماني في زمان الفتح وهذا يقتضى ان يكون محل قبره المنيف مندر سابمرور الأيام ولنعد الى تمام القصة ونهى النبي عليه السلام عن إتيان الحبالى حتى تضع وعن غير الحبالى حتى تستبرأ بحيضة ونهى عن إتيان المسجد لمن أكل الثوم والبصل وعن بعضهم ما أكل نبى قط ثؤما ولا بصلا يقول الفقير يدخل فيه الدخان الشائع شربه في هذا الزمان بل رائحته اكره من رائحة الثوم والبصل فاذا كان دخول المسجد ممنوعا مع رائحتهما دفعا لاذى الناس والملائكة فمع رائحة الدخان اولى وظاهر ان الثوم والبصل من جنس الاغذية ولا كذلك الدخان ومحافظة المزاج بشربه انما عرفت بعد الإدمان المولد للامراض الهائلة فليس لشاربه دليل في ذلك أصلا فكما ان شرب الخمر ممنوع اولا وآخرا حتى لو تاب منها ومرض لا يجوز ان يشربها ولو مات من ذلك المرض يؤجر ولا يأثم فكذا شرب الدخان وليس استطابته الا من خباثة الطبع فان الطباع السليمة تستقذره لا محالة فتب الى الله وعد حتى لا يراك حيث نهاك ووقت عليه السلام قص الشارب وتقليم الأظفار واستعمال النورة بان لا يترك ذلك أربعين يوما وقدم عليه صلّى الله عليه وسلّم بعد فتح خيبر ابن عمه جعفر بن ابى طالب من ارض الحبشة وقد كان هاجر إليها ومعه الأشعريون فقام عليه السلام الى جعفر وقبله بين عينيه واعتنقه وقال والله ما أدرى بأيهما افرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر وليس حديث القيام معارضا لحديث من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار لان هذا الوعيد انما توجه للمتكبرين ولمن يغضب ان لا يقام له وكان من جملة من قدم معهم من الحبشة أم حبيبة بنت ابى سفيان زوج النبي عليه السلام وذلك ان أم حبيبة كانت ممن هاجر الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فارتد عن الإسلام هناك وتنصر ومات على ذلك وبقيت هى على إسلامها ورأت فى المنام كان قائلا يقول لها يا أم المؤمنين فعلمت بأن رسول الله يتزوجها فارسل عليه السلام فى المحرم افتتاح سنة سبع الى النجاشي بالتخفيف ملك الحبشة وكان مؤمنا ليزوجها منه عليه السلام فزوجها وأصدقها اربعمائة دينار ولما قدم رسول الله خيبر كان الثمر اخضر فأكثر الصحابة من أكله فأصابتهم الحي فشكوا ذلك الى رسول الله فقال بردوا لها الماء فى الشنان اى في القرب ثم صبوا منه عليكم بين آذاني الفجر واذكروا اسم الله عليه ففعلوا فذهبت عنهم وفي هذه الغزوة أراد عليه السلام ان يتبرز فأمر الى شجرتين متباعدتين حتى اجتمعتا فاستتر بهما ثم قام فانطلقت كل واحدة الى مكانها وفي خيبر كان أكله من الشاة المسمومة وذلك ان زينت ابنة الحارث أخي مرحب سمتها وأكثرت في الذراعين والكتف لما عرفت انه عليه السلام كان يحب الذراع والكتف لكونهما ابعد من الأذى وأهدتها له

[سورة الفتح (48) : الآيات 21 إلى 24]

عليه السلام وكان قد صلّى المغرب بالناس فلما انتهش من الذراع واز درد لقمة از درد بشر ما في فيه ومات من أكل معه وهو بشر بن البرآء واحتجم رسول الله بين الكفتين فى ثلاثة مواضع وقال الحجامة في الرأس هى المعينة أمرني بها جبرائيل حين أكلت طعام اليهودية وقد احتجم في غير هذه الواقعة مرارا واحتجم وسط رأسه وكان يسميها منقذا وذلك انه لما سحره اليهودي ووصل المرض الى الذات المقدسة امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة في كل متضرر بالسحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة وفي الحديث الحجامة في الرأس شفاء من سبع من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه والحجامة في البلاد الحارة انفع من الفصد والاولى ان تكون في الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وعن ابى هريرة مرفوعا من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء والحجامة على الريق دوآء وعلى الشبع داء ويكره في الأربعاء والسبت ثم أرسل رسول الله الى تلك اليهودية فقال أسممت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه التي في يدى اى الذراع قالت نعم قال ما حملك على ما صنعت قالت قتلت ابى وعمى وزوجى ونلت من قومى ما نلت فقلت ان كان ملكا استرحنا منه وان كان نبيا فسيخبر فعفا عنها ز خوان معجزا وكرنواله طلبى ... حديث بره برياشنو كه ما حضرست فلما مات بشر امر بها فقتلت وصلبت وفي الاحياء اطعم عليه السلام السم فمات الذي أكل معه وعاش هو عليه السلام بعده اربع سنين انتهى قال الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره انما لم يؤثر السم في عمر حين جاء من قيصر لانه رضى الله عنه انما شرب بحقيقته لا ببشريته وانما اثر في النبي عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشريته وذلك إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان في مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر عليه السلام تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه انتهى فانتقل عليه السلام من الدنيا بالشهادة فأحرز جميع المراتب من النبوة والرسالة والصديقية والشهادة يقول الفقير قوله اثنتا عشرة سنة وهكذا قال صاحب المحمدية وهو مخالف لما سبق عن الاحياء والحق ما في الاحياء لان قصة السم كانت في خيبر وقصة خيبر في السنة السابعة من الهجرة فغير هذا وجهه غير ظاهر كما لا يخفى ولما كان زمان خلافة عمر رضى الله عنه ظهر خيانة اهل خيبر فأجلى يهود فدك ونصارى نجران لانه عليه السلام قال لا يبقى دينان في جزيرة العرب وجزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات او ما بين عدن أبين الى أطراف الشام طولا ومن جدة الى ريف العراق عرضا كما في القاموس وَأُخْرى عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها وهى مغانم هو ازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى

القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها صفة اخرى لا خرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر الله عليها واستولى وأظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى الله عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدائن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالراء فقد قال الامام اليافعي في المرآة هى التي يسميها اهل الروم انكورية وهى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم بالله قال الراغب الإحاطة على وجهين أحدهما فى الأجسام نحو أحطت بمكان كذا وتستعمل في الحفظ نحو كان الله بكل شيء محيطا اى حافظا له في جميع جهاته وتستعمل في المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثاني فى العلم نحو أحاط بكل شيء علما فالاحاطة بالشيء علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشيء دون شيء اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل اعلم ان المغازي غزوة حنين وهو اسم موضع قريب من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة أوطاس باسم الموضع الذي كانت به الواقعة في آخر الأمر وسببها انه لما فتح الله على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان أهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول الله عليه السلام تبسم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله تعالى فأجمع على السير الى هوازن وخرج في اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى الله عنه ولواء الخزرج الحباب بن المنذر رضى الله عنه ولواء الأوس أسيد بن حضير رضى الله عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التي يقال لها فضة قد أهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التي أهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا في الوادي خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى أحد على أحد وانحاز رسول الله ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا اصحاب السمرة يعنى الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وكان صيحا يسمع صوته من ثمانية أميال فأجابوا لبيك لبيك حتى انتهى اليه جمع فاقتتلوا ثم قبض عليه السلام قبضة من تراب واستقبل بها وجوههم فقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون انهزموا ورب محمد ورماهم

[سورة الفتح (48) : الآيات 22 إلى 23]

بالتراب فملئت أعينهم من التراب فولوا مدبرين فتبعهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم ولما انهزم القوم عسكر بعضهم بأوطاس فبعث النبي عليه السلام في آثارهم أبا عامر الأشعري رضى الله عنه ورجع رسول الله الى معسكره يمشى في المسلمين ويقول من يدلنى على رجل خالد بن الوليد حتى دل عليه فوجده قد أسند الى مؤخرة رحله لانه أثقل بالجراحة فتفل عليه السلام في جرحه فبرئ وامر عليه السلام بالسبي والغنائم ان تجمع فجمع ذلك كله وأخذوه الى الجعرانة بالكسر والعين المهملة موضع بين مكة والطائف سمى بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهى المرادة في قوله تعالى ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها وكان بها الى ان انصرف رسول الله من غزوة الطائف ثم لما أتاها قسم تلك الغنائم وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل اربعة وعشرين الفا والغنم اكثر من أربعين الفا والفضة اربعة آلاف اوقية واحرم من الجعرانة بعمرة بعد ان اقام بها ثلث عشرة ليلة وقال اعتمر منها سبعون نبيا وقد اعتمر عليه السلام بعد الحجرة اربع عمر أولاها عمرة الحديبية والثانية عمرة القضاء من العام المقبل والثالثة عمرة الجعرانة والرابعة عمرته عليه السلام مع حجة الوداع وباقى البيان في غزوة حنين وما يتصل بها قد سبق في أوائل التوبة عند قوله لقد نصركم الله إلخ وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر من بنى اسد وغطفان لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ اى لا نهزموا ولم يكن قتال وبالفارسية هر آينه بر كردانيدندى پشتها را بگريز يعنى هزيمت كردندى فان تولية الأدبار كناية عن الانهزام وكذا في الفارسية كما قال آن نه من باشم كه روز جنك بينى پشت من ودبر الشيء خلاف القبل كالظهر والخلف ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحرسهم وَلا نَصِيراً ينصرهم سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ اى سن الله غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن خلا ومضى من الأمم وهو قوله لأغلبن انا ورسلى فسنة الله مصدر مؤكد لفعله المحذوف وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا اى تغييرا بنقل الغلبة من الأنبياء الى غيرهم محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا هر چهـ در ازل مقرر شده لا محاله كائن خواهد شد ودست تصرف هيچكس رقم تغيير وتبديل بر صفحات آن نخواهد كشيد. تغيير بحكم ازلى راه نيابد ... تبديل بفرمان قضا كار ندارد در دائره أمركم وبيش نكنجد ... باسر قدر جون و چرا كار ندارد وفي الآية اشارة الى مقاتلة النفوس المتمردة فالله تعالى ناصر السالكين على قتال النفوس وقد قدر النصرة في الأزل فلا تبديل لها الى الابد فالمنصور من نصره الله والمقهور من قهره الله ونصرة الله على انواع فمنها نصرة في الظالم فعن بعضهم كنا في المدينة نتكلم فى بعض الأوقات في آيات الله تعالى المنعم بها على أوليائه وكان رجل ضرير بالقرب منا يسمع ما نقول فتقدم إلينا وقال أنست بكلامكم اعلموا انه كان لى عيال وأطفال فخرجت الى البقيع احتطب فرأيت شابا عليه قميص كتان ونعله في إصبعه فتوهمت انه تائه فقصدت ان

[سورة الفتح (48) : آية 24]

اسلبه ثوبه فقلت له انزع ما عليك فقال لى مر في حفظ فقلت له الثانية والثالثة فقال ولا بد قلت ولا بد فأشار بأصبعيه الى عينى فسقطتا فقلت بالله عليك من أنت فقال انا ابراهيم الخواص وانما دعا إبراهيم الخواص على اللص بالعمى ودعا ابراهيم بن أدهم للذى ضربه بالجنة لان الخواص شهد من اللص انه لا يتوب الا بعد العقوبة فرأى العقوبة أصلح له وابن أدهم لم يشهد توبة الضارب في عقوبته فتفضل عليه بالدعاء له فتوة منه وكرما فحصلت البركة والخير بدعائه للضارب فجاءه مستغفرا معتذرا فقال له ابراهيم الرأس الذي يحتاج الى الاعتذار تركته ببلخ يعنى ان نخوة الشرف وكبر الرياسة الواقعة في رأسى حين كنت ببلخ قد استبدلت بها تواضع المسكنة والانكسار ومنها نصرة في الباطن فعن احمد بن ابى الحوارى رحمه الله قال كنت مع ابى سليمان الداراني قدس سره في طريق مكة فسقطت منى السطيحة اى المزادة فاخبرت أبا سليمان بذلك فقال يا راد الضالة فلم البث حتى اتى رجل يقول من سقطت منه سطيحة فاذا هى سطيحتى فأخذتها فقال ابو سليمان حسبت ان يتركنا بلا ماء يا احمد فمشينا قليلا وكان برد شديد وعلينا الفراء فرأينا رجلا عليه طمران رثان وهو يترشح فقال له ابو سليمان نواسيك ببعض ما علينا فقال الحر والبرد خلقان من خلق الله تعالى ان أمرهما غشيانى وان أمرهما تركانى وانا أسير في هذه البادية منذ ثلاثين سنة ما ارتعدت ولا انتفضت يلبسنى فيحا من محبته في الشتاء ويلبسنى في الصيف مذاق برد محبته جمعى كه پشت كرم بعشق نيند ناز سمور ومنت سنجاب مى كشند ... يا دارانى تشير الى ثوب وتدع الزهد تجد البرد يا دارانى تبكى وتصحيح وتستريح الى الترويح فمضى ابو سليمان وقال لم يعرفنى غيره قيل في هذه الحكاية ما معناه انه لما حقق الله يقين ابى سليمان في رد السطيحة صانه من العجب بما رأه من حال هذا الرجل حتى صغر في عينيه حال نفسه وتلك سنة الله فى أوليائه يصونهم من ملاحظة الأعمال ويصغر في أعينهم ما يصفولهم من الأحوال وينصرهم فى تذكية نفوسهم عن سفساف الأخلاق رضى الله عنهم ونفعنا بهم وسلك بنا مسالك طريقتهم انه هو الكريم المحسان وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ اى أيدي كفار مكة عَنْكُمْ اى بان حملهم على الفرار منكم مع كثرة عددهم وكونهم في بلادهم بصدد الذنب عن أهليهم وأولادهم وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بان حملكم على الرجوع عنهم وتركهم بِبَطْنِ مَكَّةَ اى في داخلها مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ اى جعلكم ظافرين غالبين عَلَيْهِمْ وبالفارسية پس از انكه ظفر داد شمار او غالب ساخت مع ان العادة المستمرة فيمن ظفر بعدوه ان لا يتركه بل يستأصله والظفر الفوز وأصله من ظفر اى نشب ظفره وذلك ان عكرمة بن ابى جهل خرج في خمسمائة الى الحديبية فبعث رسول الله عليه السلام خالد بن الوليد على جند وسماه يومئذ سيف الله فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد ذكره الطبراني وابن ابى حاتم في تفسيريهما قال سعدى المفتى لم يصح هذا والمذكور في كتب السير وغيرها من الصحاح ان خالد بن الوليد كان يوم الحديبية طليعة للمشركين أرسلوه في مائتى فارس فدنا في خيله حتى نظر الى اصحاب رسول الله فأمر رسول الله عباد بن بشر رضى الله عنه

فتقدم في خيله فقام بإزائه وصف أصحابه وحانت العصر فصلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد كان بعد الحديبية في السنة الثامنة او قبلها انتهى وكذا قال في انسان العيون خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من أهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى أدخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور في غاية البعد قال تعالى وهو الذي إلخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قوله ولو قاتلكم إلخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول الله من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول الله فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادي الحديبية لان بعضها من الحرم وفي المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة العليا ظهر وبه شبه بطن الأمر وبطن الوادي والبطن من العرب اعتبارا بانهم كشخص واحد فان كل قبلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل انتهى يقول الفقير لا شك ان وادي الحديبية واقع في الجهة السفلى من مكة لانه في جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى والله تعالى اعلم ان الله هو الذي كف أيديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التي هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان أقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان في علمه كما قال ولو قاتلكم إلخ وسيأتى سر الكف في الآية التي تلى هذه وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من مقاتلتكم وهزمكم إياهم اولا طاعة لرسوله وكفكم عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وصيانة اهل الإسلام بَصِيراً عالما لا يخفى عليه شيء فيجازيكم بذلك وقال بعض العلماء من بعد ان أظفركم عليهم يوم الفتح وبه استشهد ابو حنيفة رحمه الله على ان مكة فتحت عنوة لا صلحا واما ان السورة نزلت قبله فلا يخالف لانه من الاخبار عن الغيب كقوله انا فتحنالك نعيم يرد عليه منع دلالته على العنوة فقد يكون الظفر على البلد بالصلح وكذلك قال الزمخشري في أول السورة الفتح الظفر بالبلد عنوة او صلحا بحرب او بغير حرب كما في حواشى سعدى المفتى وقال في بحر العلوم ويدل على انها فتحت عنوة قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا لان لفظ الفتح إذا ورد مطلقا لا يقع الا على ما فتح عنوة انتهى يقول الفقير هذا ليس من قبيل الفتح المطلق ولو سلم فالفتح المطلق لا يدل عليه ولذا فارنه تعالى بالنصرة في سورة النصر فان النصر يقتضى القهارية لا الفتح وقال في عين المعاني وقد فتحت صلحا عند الشافعي قلنا بل عنوة لقوله عليه السلام لاصحابه احصدوهم بالسيف حصدا الا انه لم يضع الجزية على أهلها ولا الخراج على اراضيها كما هو مذهبنا فيما يفتح عنوة لان مشركى العرب لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف عندنا واما سواد الكوفة ارض العجم انتهى وقصة فتح مكة على الإجمال ان الفتح كان في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان السبب في ذلك نقض عهد وقع من جانب قريش وذلك ان شخصا من بنى بكر هجا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصار

يتغنى به فسمعه غلام من خزاعة وكانوا مسلمين فضربه فشبحه فثار الشربين الحيين وأمد قريش لبنى بكر على خزاعة فبيتوا خزاعة اى أتوهم ليلا على غفلة فقتلوا منهم عشرين ولم يكن ذلك برأى ابى سفيان رئيس قريش وعند ما بلغه الخبر قال حدثتنى زوجتى هند انها رأت رؤيا كرهتها رأت دما اقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة بالخاء العجمة جبل بمكة والحجون بالحاء المهلة جبل بمعلاة مكة وقال والله ليغزونا محمد فكره القوم ذلك وخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم المدينة وقص على رسول الله القصة فقال عليه السلام نصرت يا عمرو بن سالم ودمعت عينا رسول الله وكان يقول خزاعة منى وانا منهم قالت عائشة رضى الله عنها أترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم فقال عليه السلام ينقضون العهد الأمر يريده الله فقلت خير قال خير ولما ندمت قريش على نقض العهد أرسلوا أبا سفيان ليشدّ العقد ويزيد في المدة فقال عليه السلام نحن على مدتنا وصلحنا ولم يقبل ذلك من ابى سفيان ولا أحد من أصحابه فرجع الى مكة واخبر القصة وقال والله قد ابى على وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قوما لملك عليهم أطوع منهم له ثم ان رسول الله تشاور مع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما في السير الى مكة وأخفى الأمر عن غيرهما فقال ابو بكر هم قومك يا رسول الله فأشار الى عدم السير وخضه عمر حيث قال هم رأس الكفرة زعموا انك ساحر وانك كذاب وذكر له كل سوء كانوا يقولونه وايم الله لا تذل العرب حتى تذل اهل مكة فعند ذلك ذكر عليه السلام ان أبا بكر كابراهيم وكان في الله ألين من اللبن وان عمر كنوح وكان في الله أشد من الحجر وان الأمر أمر عمرو أشار عليه السلام بطى السر وامر أصحابه بالجهاز وأرسل الى اهل البادية ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة ولما قدموا قال عليه السلام اللهم خذ العيون والاخبار من قريش حتى نبغتها في بلادها ثم مضى لسفره لعشر خلون من رمضان او غير ذلك وكان العسكر عشرة آلاف فيهم المهاجرون والأنصار جميعا وأفطر عليه السلام فى هذا السفر بالكديد وهو كأمير محل بين عسفان وقديد كزبير مصغرا وامر بالإفطار وعد مخالفته في ذلك عصيانا لحرارة الهولء ولما فيه من القوة على مقاتلة العدو وفي قديد عقد عليه السلام الألوية والرايات ودفعها للقبائل ثم سار حتى مر بمر الظهران وهو موضع على مرحلة من مكة وقد أعمى الله الاخبار عن قريش اجابة لدعائه فلم يعلموا بوصوله وكان ذلك منه عليه السلام شفقة على قريش حتى لا يضنوا بالمقاتلة وامر عليه السلام أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان العباس عم النبي عليه السلام قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما اى مظهر اللاسلام مهاجرا فلقى رسول الله بالجحفة وهو بتقديم الجيم ميقات اهل الشام فرجع معه الى مكة وأرسل اهله وثقله الى المدينة وقال له عليه السلام هجرتك يا عم آخر هجرة كما ان نبوتى آخر نبوة وبعث قريش أبا سفيان يتجسس الاخبار وقالوا ان لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فلما وصل الى مر الظهران ليلا قال ما رأيت كالليلة نيراناقط ولا عسكراهذ كنيران عرفة وكان بينه وبين العباس مصادقة فلما لقيه أخذ بيده وذهب به الى رسول الله ليأخذ منه أمانا له فلما أتاه قال عليه السلام اذهب يه يا عباس

الى رحلك فاذا أصبحت فأتنى به فلما اتى به عرض النبي عليه السلام عليه الإسلام فتوقف فقال العباس له ويحك اسلم واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله قبل ان يضرب عنقك فهداه الله فشهد شهادة الحق فأسلم ثم قال يا رسول الله أرأيت ان اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم قال عليه السلام نعم من كف يده وأغلق داره فهو آمن فقال العباس يا رسول الله ان أبا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دارابى سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام وهو من اشراف قريش في الجاهلية والإسلام فهو آمن وعقد عليه السلام لأبى رويحة الذي آخى بينه وبين بلال رضى الله عنه لواء وامره ان ينادى من دخل تحت لواء ابى رويحة فهو آمن وذلك توسعة للامان لضيق المسجد ودار ابى سفيان واستثنى عليه السلام جماعة من النساء والرجال امر بقتلهم وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة منهم ابن خطل ونجوه لان الكعبة لا تعيذ عاصيا ولا تمنع من اقامة حد واجب وكانوا طغاة مردة مؤذين لرسول الله عليه السلام أشد الأذى فعفا عمن آمن وقتل من أصر وقال عليه السلام للعباس احبس أبا سفيان في مضيق الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها فأول من مر خالد بن الوليد في بنى سليم مصغرا ثم قبيلة بعد قبيلة براياتهم حتى مر رسول الله ومعه المهاجرون والأنصار وعمر رضى الله عنه يقول رويدا حتى يلحق أولكم آخركم قال ابو سفيان سبحان الله يا عباس من هؤلاء فقال هذا رسول الله في الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية ثم نزعت منه وأعطيت لابنه قيس وكان من دهاة العرب واهل الرأى والمكيدة في الحرب مع النجدة والبالة وكان المهاجرون سبعمائة ومعهم ثلاثمائة فرس وكانت الأنصار اربعة آلاف ومعهم خمسمائة فرس فقال ابو سفيان ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة وقال يا عباس لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما فقال العباس انها النبوة وامر عليه السلام خالد بن الوليدان يدخل مع جملة من قبائل العرب من أسفل مكة وقال لا تقاتلوا الا من قاتلكم وجمع قريش ناسابا لخدمة ليقاتلوا ولما لقيهم خالد منعوه الدخول ورموه بالنبل فصاح خالد فى أصحابه فقتل من قتل وانهزم من لم يقتل حتى وصل خالد الى باب المسجد وقال عليه السلام في ذلك اليوم احصدوهم حصدا حتى توافونى بالصفا ودخل عليه السلام مكة وهو راكب على ناقته القصواء مردفا اسامة بن زيد بكرة يوم الجمعة وعن بعضهم يوم الاثنين معتما بعمامة سوداء وقيل غير ذلك والاول انسب بمقام المعرفة والفناء واضعا رأسه الشريف على رحله تواضعا الله تعالى حين رأى ما راى من فتح الله مكة وكثرة المسلمين ثم قال اللهم ان العيش عيش الآخرة وعن عائشة رضى الله عنها دخل رسول الله يوم الفتح من كدآء وهو كسماء جبل بأعلى مكة واغتسل لدخول مكة وسار وهو يقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا على راحلته ومحمد بن مسلمة آخذ بزمامها واستلم الحجر بمحجن في يده وهو العصا المعوجة ولم يطف ماشيا لتعليم الناس كيفية الطواف وصلّى عليه السلام بالمقام ركعتين وهو يومئذ لاصق بالكعبة في جانب الباب ثم آخره الى المحل المعروف الآن بمقام ابراهيم والظاهران مقام ابراهيم وهو الحجر الذي انغمس فيه قدم ابراهيم عليه السلام عند ما بنى البيت قد محى اثره بكثرة مسح الأيدي ثم فقد ومقام ابراهيم الآن محل ذلك الحجر

[سورة الفتح (48) : الآيات 25 إلى 29]

واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان في داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل أعظم الأصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم أحد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من أعزه الناس اذله الله فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وامر عليا رضى الله عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان أرسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلّى ركعتين ودعا في نواحيها كلها وكان في الكعبة صور كثيره حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى الله عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الأصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الإسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى الله تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى أنجز الله وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الا صنام قبل الفتح والامداد الملكوتي وأعظم الأصنام الوجود (قال الشيخ المغربي) بود وجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو (وقال الخجندي) بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت گر بشكنند به از صد عبادتست (وقال) مدعى نيست محرم دريار ... خادم كعبه بو لهب نبود وجلس رسول الله يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الإسلام اى على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس في دين الله أفواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعاله بالمغفرة وقال عليه السلام يا ايها الناس ان الله حرم مكة يوم حلق السموات والأرض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يومن بالله واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قلبى ولن تحل لاحد يكون بعدي ولا تحل لى الا هذه الساعة اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على أهلها ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة في مدة اقامة ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن أسيد رضى الله عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو أول امير صلّى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى الله عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبي انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا الله وإياكم من الوراثين هُمُ اى قريش الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى معنوكم عن ان تطوفوا به وَالْهَدْيَ اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة

وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة يقال أهديت له وأهديت اليه ويجوز تشديد الباء فيكون جمع هدية مَعْكُوفاً حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا إذا حبسته ومنه العاكف في المسجد لانه حبس نفسه أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذي ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذي هو ضد الحرمة قال في المفردات حل الدين حلولا وجب أداؤه وحللت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال في بحر العلوم م الحديبية طرف الحرم على تسعة أميال من مكة وروى ان خيامه عليه السلام كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعي لا يختص دم الإحصار بالحرم فيجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة أشياء كفرهم في أنفسهم وصد المؤمنين عن إتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف أيدي كل فريق عن صاحبه محافظة على ما في مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم اثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم أَنْ تَطَؤُهُمْ بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب في تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام اللهم اشدد وطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا وفي المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ اى من جهتهم معطوف على قوله ان تطأوهم مَعَرَّةٌ مفعلة من عره إذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفي المفردات العر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت في المذهب الحنفي لا يلزم بقتل مثله شيء من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشري لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم أوجب الله على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة فقال تعالى فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفي هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان

[سورة الفتح (48) : آية 26]

الحذف للتعميم والمبالغة لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبه لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور في رحمته الواسعة بقسميها مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون فانهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التي من جملتها الأمن مستضعفين تحت أيدي الكفرة واما الرحمة الاخروية فهم وان كانوا غير محرومين منها بالكلية لكنهم كانوا قاصرين في اقامة مراسم العبادة كما ينبغى فتوفيقهم لاقامتها على الوجه الأتم إدخال لهم في الرحمة الاخروية لَوْ تَزَيَّلُوا الضمير للفريقين اى لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض من زاله يزيله فرقه وزيلته فتزيل اى فرقته فتفرق لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها وفي الآية إشارتان إحداهما ان من خاصية النفس أن تصد وجه الطالب عن الله تعالى وتشوب الخيرات والصدقات التي يتقرب بها الى الله بالرياء والسمعة والعجب لئلا تبلغ محل الصدق والإخلاص والقبول والثانية ان استبقاء النفوس لاستخلاص الأرواح وقواها مع ان بعض صفات النفس قابلة للفيض الإلهي فيلزم الحذر من إفساد استعدادها لقبول الفيض وعند التزكية فصفة لا يصلح الا قلعها كالكبر والشره والحسد والحقد وصفة تصلح للتبديل كالبخل بالسخاوة والحرص بالقناعة والغضب بالحلم والجبانة بالشجاعة والشهوة بالمحبة قال البقلى انظر كيف شفقة الله على المؤمنين الذين يراقبون الله في السرآء والضراء ويرضون ببلائه كيف حرسهم من الخطرات وكيف أخفاهم بسره عن صدمات قهره وكيف جعلهم في كنفه حتى لا يطلع عليهم أحد وكيف يدفع ببركتهم البلاء عن غيرهم فعلى المؤمن مراعاتهم في جميع الزمان والتوسل بهم الى الله المنان فانهم وسائل الله الخفية بخود سر فرود برده همچون صدف ... نه مانند دريا بر آورده كف إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا منصوب با ذكر على المفعولية اى اذكر وقت جعل الكافرين يعنى اهل مكة فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ اى الانفة والتكبر فعيلة من حمى من كذا حمية إذا انف منه وفي المفردات عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية يقال حميت على فلان اى غضبت عليه انتهى وذلك لان في الغضب ثوران دم القلب وحرارته وغليانه والجار والمجرور اما متعلق بالجعل على انه بمعنى الإلقاء او بمحذوف وهو مفعول ثان على انه بمعنى التصيير اى جعلوها ثابته راسخة في قلوبهم حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من الحمية اى حمية الملة الجاهلية وهى ما كانت قبل البعثة او الحمية الناشئة من الجاهلية التي تمنع إذعان الحق قال الزهري حميتهم انفتهم من الإقرار للنبى بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم او منعهم من دخول مكة وقال مقاتل قال اهل مكة قد قتلو أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلون علينا فهذه حمية الجاهلية التي دخلت في قلوبهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ عطف على جعل والمراد تذكير حسن صنيع الرسول والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة اى فأنزل الله عليهم الثبات والوقار فلم يلحق بهم ما لحق الكفار فصالحوهم ورضوا أن يكتب الكتاب على ما أرادوا

يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب في عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول في أول الأمر على ما سبق في أول السورة مفصلا وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الإكراه والعنف وأضيفت الى التقوى لانها سببها إذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف الله هذه الامة بالمتقين في مواضع من القرآن العظيم باعتبار هذه الكلمة وبسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب في كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفوا حيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع في ضمن الصلح ومعنى إلزامها إياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى وتمت كلمة ربك والكلمة عند اهل العربية مشتقة من الكلم بمعنى الجرح وذلك لتأثيرها في النفوس وعند المحققين عبارة عن الأرواح والذوات المجردة عن المواد والزمان والمكان لكون وجودها بكلمة كن في عالم الأمر إطلاقا لاسم السبب على المسبب والدليل على ذلك قوله تعالى انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم والمراد بكلمة التقوى هاهنا حقيقة التقوى وماهيتها فان الحقيقة من حيث هى مجردة عن اللوا حق المادية والتشخصات فالله تعالى الزم المؤمنين حقيقة التقوى لينالوا بها قوة اليقين والتجرد التام وصفاء الفطرة الاصلية وَكانُوا أَحَقَّ بِها متصفين بمزيد استحقاق لها في سابق حكمه وقدم علمه على ان صيغة التفضيل للزيادة مطلقا وقيل أحق بها من الكفار وَأَهْلَها عطف تفسير اى المستأهل لها عند الله والمختص بها من اهل الرجل وهو الذي يختص به وينسب اليه قيل ان الذين كانوا قبلنا لا يمكن لاحد منهم ان يقول لا اله الا الله في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع ان يقولها اكثر من ذلك وكان قائلها يمد بها صوته حتى ينقطع النفس التماس بركتها وفضلها وجعل الله لهذه الامة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها من الأمم السالفة وقال مجاهد ثلاث لا يحجبن عن الرب لا اله الا الله من قلب مؤمن ودعوة الوالدين ودعوة المظلوم كما في كشف الاسرار (وفي المثنوى) بحر وحدانست جفت وزوج نيست ... كوهر وماهيس غير موج نيست اى محال واى محال اشراك او ... دور از ان دريا وموج پاك او وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بكل شيء من شأنه أن يتعلق به العلم فيعلم حق كل شيء

فيسوقه الى مستحقه ومن معلوماته انهم أحق بها اى من جميع الأمم لان النبي عليه السلام كان خلاصة الموجودات وأصلها وهو الحبيب الذي خلقت الموجودات بتبعيته والكلمة هى صورة الجذبة التي توصل الحبيب بالحبيب والمحب بالمحبوب فهى بالنبوة أحق لانه هو الحبيب لتوصله الى حبيبه وأمته أحق بها من الأمم لانهم المحبون لتوصل المحب بالمحبوب وهم أهلها لان اهل هذه الكلمة من يفنى بذاته وصفاته ويبقى بإثباتها معها بلا انانيته وما بلغ هذا المبلغ بالكمال الا النبي صلّى الله عليه وسلّم فيقول اما انا فلا أقول انا وأمته لقوله تعالى كنتم خير امة أخرجت للناس وكان الله بكل شيء عليما في الأزل فبنى وجود كل انسان على ما هوا هله فمنهم اهل الدنيا ومنهم اهل الآخرة ومنهم اهل الله وخاصته كذا في التأويلات النجمية قال ابو عثمان كلمة التقوى كلمة المتقين وهى شهادة ان لا اله الا الله الزمها الله السعداء من اولياء المؤمنين وكانوا أحق بها وأهلها في علم الله إذ خاقهم لها خلق الجنة لاهلها وقال الواسطي كلمة التقوى صيانة النفس عن المطامع ظاهرا وباطنا وقال الجنيد من أدركته عناية السبق في الأزل جرى عليه عيون المواصلة وهو أحق بها لما سبق اليه من كرامة الأزل وقال بعض العارفين اعلم ان الله تعالى أسند الفعل في جانب الكفار إليهم فقال إذ جعل الذين كفروا وفي جانت المؤمنين أسنده الى نفسه فقال فأنزل الله سكينته اشارة الى ان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولا لهم فليس لهم من يدبر أمرهم واما المؤمنون فالله تعالى وليهم ومدبر أمرهم وايضا فالحمية الجاهلية ليست الا من النفس لان النفس مقر الأخلاق الذميمة واما السكينة والوقار والثبات والطمأنينة فمن الله ثم ان الله تعالى قال فأنزل الله بالفاء لا بالواو اشارة الى ان انزل السكينة بمقابلة جعل الحمية كما تقول أكرمني فأكرمته اشارة الى ان إكرامك بمقابلة إكرامه ومجازاته وفي ذلك تنبيه على ان قوما إذا طغوا وظلموا فالله تعالى يحسن الى المظلومين وينصرهم فيعطيهم السكينة والوقار وكمال اليقين وذلك عين النعيم في مقابلة انزعاج الظالمين وحقدهم واضطرابهم وذلك هو العذاب الأليم فهم اختاروا ذلك العذاب لانفسهم فالله تعالى اختار للمؤمنين النعيم الدائم والمراد بكلمة التقوى كل كلمة تقى النفس عما يضرها من الاذكار كالتوحيد والأسماء الالهية ولذلك ورد في الحديث من أحصاها دخل الجنة وأفضلها لا اله الا الله كما قال عليه السلام أفضل ما قلته انا والنبيون من قبلى شهادة ان لا اله الا الله ثم ان قوله تعالى وكانوا أحق بها وأهلها اشارة الى ان الأسماء الالهية ينبغى ان لا تعلم ولا تلقن الا أهلها ممن استعد لها واستحقها بالامانة والديانة والصلاح روى ان الحجاج احضر أنسا رضى الله عنه فقال أنت الذي تسبنى قال نعم لانك ظالم وقد خالفت سنة رسول الله عليه السلام فقال كيف لو قتلتك أسوأ قتلة قال لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك ولكنك لا تقدر فان رسول الله علمنى دعاء من قرأه كان في حفظ الله وقد قرأته فقال الحجاج الا تعلمنى إياه فقال لا أعلمك ولا اعلمه أحدا في حياتك حتى لا يصل إليك ثم خرج فقالوا لم لم تقتله فقال رأيت وراءه أسدين عظيمين فخفت منهما وروى ان عالما طلب من بعض المشايخ ان يعلمه الاسم الأعظم فأعطاه شيأ مغطى وقال او صله الى مريدى فلان فأخذه ثم انه فتحه في الطريق لينظر ما فيه

[سورة الفتح (48) : آية 27]

فخرج منه فأرة فرجع بكمال الغيظ فلما رآه الشيخ تبسم وقال يا خائن الآن لم تكن أمينا لفأرة فكيف تكون أمينا للاسم الأعظم فالكبار يحفظون الأسماء والادعية من غير أهلها لئلا يجعلوها ذريعة الى الأغراض الفاسدة النفسانية (قال سعدى) كسى را با خواجه تست جنك ... بدستش جرامى دهى چوب وسنك سنك آخر كه باشد كه خواش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند (وفي المثنوى) چند دزدى حرف مردان خدا ... تا فروشى وستانى مرحبا چون رخت را نيست در خوبى اميد ... خواه كلكونه نه وخواهى مديد لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر يقال صدقك في كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما في هذه الآية اى صدقه عليه السلام في رؤياه وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وهى ما سبق في أول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد خلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها في عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما في بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت رؤيا من الله مثل رؤيا الأنبياء والأولياء والصلحاء وفي الحديث الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة بِالْحَقِّ اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هى التمييز بين الراسخ في الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام لان ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسما بالحق الذي هو من اسماء الله او بنقيض الباطل وقوله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ جواب وهو على الأولين جواب قسم محذوف اى والله لتدخلنه في العام الثاني إِنْ شاءَ اللَّهُ تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا في عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى الله فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشي استثنى اعلاما انه لافعال الا الله انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادي الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر الله لك ان شاء الله ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما في عين المعاني وروى ان النبي عليه السلام كان إذا دخل المقابر يقول السلام عليكم اهل القبور وانا إنشاء الله بكم لا حقوق فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم في الوفاة على الايمان فان شرطية

ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع لا الا من حال الدخول وقال بعضهم ان هنا بمعنى إذ كما في قوله ان أردن تحصنا وقال ابن عطية وهذا احسن في معناه لكن كون ان بمعنى إذ غير موجود في لسان العرب وفيه وجه آخر وهو انه حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله فقوله لتدخلن الآية تفسير للرؤيا كأنه قيل هو قول الملك له عليه السلام في منامه لتدخلن وإذا كان التعليق من كلام الملك لتبرك فلا إشكال او حكاية لما قاله عليه السلام لاصحابه كانه قيل قال النبي بناء على تلك الرؤيا التي هى وحي لتدخلن إلخ يعنى لما قص رؤياء على أصحابه استأنف بأن قال لتدخلن إلخ آمِنِينَ من الأعادي حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ اى جميع شعورها والتحليق والتحلاق بسيار ستردن سركما في تاج المصادر والحلق العضو المخصوص وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجزه فقيل حلق شعره وحلق رأسه اى أزال شعره وَمُقَصِّرِينَ بعض شعورها والقصر خلاف الطول وقص شعره حز بعضه اى محلقا بعضكم ومقصرا آخرون والا فلا يجتمع الحلق والتقصير في كل واحد منهم فالنظم من نسبة حال البعض الى الكل يعنى ان الواو ليست لاجتماع الامرين في كل واحد منهم بل لاجتماعهما في مجموع القوم ثم ان قوله محلقين ومقصرين من الأحوال المقدرة فلا يردان حال الدخول هو حال الإحرام وهو لا يجامع الحلق والتقصير وقدم الحلق على التقصير وهو قطع أطراف الشعر لان الحلق أفضل من التقصير وقد حلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه بمنى واعطى شعر شق رأسه أبا طلحة الأنصاري وهو زوج أم سليم وهى والدة انس بن مالك فكان آل انس يتهادون به بينهم وروى انه عليه السلام حلق رأسه اربع مرات والعادة في هذا الزمان في اكثر البلاد حلق الرأس للرجل عملا بقوله عليه السلام تحت كل شعرة نجاسة فخللوا الشعر وأنفقوا البشرة وانما قلنا للرجل لان حلق شعر المرأة مثلة وهى حرام كما ان حلق لحية الرجل كذلك لا تَخافُونَ حال مؤكدة من فاعل لتدخلن او استئناف جوابا عن سؤال انه كيف يكون الحال بعد الدخول اى لا تخافون بعد ذلك من أحد فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا عطف على صدق والفاء للترتيب الذكرى فالتعرض لحكم الشيء انما يكون بعد جرى ذكره والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلى المتعلق بامر حادث بعد المعطوف عليه اى فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية الى تقديم ما يشهد بالصدق علما فعليا فَجَعَلَ لاجله مِنْ دُونِ ذلِكَ اى من دون تحقق مصداق ما أراه من دخول المسجد الحرام إلخ وبالفارسية پس ساخت براى شما يعنى مقرر كرد پيش ازين يعنى قبل از دخول در مسجد حرام بجهت عمره قضا فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر مضى عليه السلام بعد خمس عشرة ليلة كما في عين المعاني والمراد بجعله وعده وإنجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا حسبما قال ولتكون آية للمؤمنين واما جعل ما في قوله ما لم تعلموا عبارة عن الحكمة في تأخير فتح مكة الى العام القابل

كما جنح اليه الجمهور فتأباه الفاء فإن علمه تعالى بذلك متقدم على إراءة الرؤيا قطعا كما في الإرشاد وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى امتحن المؤمن والمنافق بهذه الرؤيا إذ لم يتعين وقت دخولهم فيه فأخر الدخول تلك السنة فهلك المنافقون بتكذيب النبي عليه السلام فيما وعدهم بدخول المسجد الحرام وازداد كفرهم ونفاقهم وازداد ايمان المؤمنين بتصديق النبي عليه السلام مع ايمانهم وانتظروا صدق رؤياه فصدق الله رسوله الرؤيا بالحق فهلك من هلك عن بينة وحى من حى عن بينة ولذلك قال تعالى فعلم ما لم تعلموا يعنى من تربية نفاق اهل النفاق وتقوية ايمان اهل الايمان فجعل من دون ذلك فتحا قريبا من فتوح الظاهر والباطن فلا بد من الصبر فان الأمور مرهونة باوقاتها صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد نيست هر مطلوب از طالب دريغ ... جفت تابش شمس وجفت آب ميغ وقد صبر عليه السلام على أذى قومه وهكذا حال كل وارث قال معروف الكرخي قدس سره رأيت في المنام كأنى دخلت الجنة ورأيت قصرا فرشت مجالسه وأرخيت ستوره وقام ولدانه فقلت لمن هذا فقيل لابى يوسف فقلت ثم استحق هذا فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على اذاهم ثم ان الصدق صفة الله تعالى وصفة خواص عباده وانه من اسباب الهداية (حكى) عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسود فبينا نحن معه في مسجد تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله سجدة فعرفت ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قال لا قلت فاى شيء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى في النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول فيه قال تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والذي أردت ان تستكشفه من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذ به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما وراءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج وتنكرت في زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على

[سورة الفتح (48) : الآيات 28 إلى 29]

الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء ومن الله الهداية والتوفيق هُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شانه اختص بإرسال رسوله الذي لا رسول أحق منه بإضافته اليه بِالْهُدى اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولا جله فيكون متعلقا بأرسل وَدِينِ الْحَقِّ اى وبدين الإسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والأصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذي هو ناسخ الأديان ومبطلها لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اللام في الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس الدين بجميع افراده التي هى الأديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الأديان ولقد أنجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفي الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الا قاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد أنجز كما أشير اليه آنفا واعلم ان قوله ليظهر اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَكَفى بِاللَّهِ اى الذين له الإحاطة بجميع صفات الكمال شَهِيداً على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام بإظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال في تلقيح الأذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام أنه خلق الموجودات كلها من أجل أي من أجل ظهوره أي من أجل تجليه به حتى قال ليس شيء بين السماء والأرض الا يعلم إني رسول الله غير يا بني الإنس والجن وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وحد جميع الأرواح فوجد أولا روح نبينا صلّى الله عليه وسلّم ثم سائر الأرواح فلفن التوحيد فقال لا إله إلا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة في ذلك الوقت ولدا قال عليه السلام كنت نبيا وآدم بين داء الطين انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوة وغيره من الأنبياء ما كان نبيا به الفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصري واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين

كالانبياء والرسل او مؤخرين كاولياء الله الكمل قال عليه السلام انا من نور الله والمؤمنون من فيض نورى فهو الجنس العالي والمقدم وما عداه التالي والمؤخر كما قال كنت أولهم خلقا وآخرهم بعثا فرسول الله هو الذي لا يساويه رسول لانه رسول الى جميع الخلق من أدرك زمانه بالفعل في الدنيا ومن تقدمه بالقوة فيها وبالفعل بالآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه وقد أخذ على الأنبياء كلهم المثاق بأن يؤمنوا به ان أدركوه واخذه الأنبياء على أممهم وفي الحديث انا محمد واحمد ومعنى محمد كثير الحمد فان اهل السماء والأرض حمدوه ومعنى احمد أعظم حمدا من غيره لانه حمد الله بمحامد لم يحمد بها غيره كما في شرح المشارق لابن الملك (قال الجامى) محمدت چون بلا نهايه ز حق ... يافت شد نام آواز ان مشتق واسمه في العرش ابو القاسم وفي السموات احمد وفي الأرض محمد قال على رضى الله عنه ما اجتمع قوم فى مشورة فلم يدخلوا فيها من اسمه محمد الا لم يبارك لهم فيها وأشار الف احمد الى كونه فاتحا ومقدما لان مخرجه مبدأ المخارج وأشار ميم محمد الى كونه خاتما ومؤخر الان مخرجها ختام المخارج كما قال نحن الآخرون السابقون وأشار الميم ايضا الى بعثته عند الأربعين قال بعضهم أكرم الله من الصبيان اربعة بأربعة أشياء يوسف عليه السلام بالوحى في الجب ويحيى عليه السلام بالحكمة في الصباوة وعيسى عليه السلام بالنطق في المهد وسليمان عليه السلام بالفهم واما نبينا عليه السلام فله الفضيلة العظمى والآية الكبرى حيث ان الله أكرمه بالسجدة عند الولادة والشهادة بأنه رسول الله وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول لا اله الا الله محمد رسول الله فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد وكذا أكرمه بشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرمه بالنبوة في عالم الأرواح قبل الولادة وكفاه بذلك اختصاصا وتفصيلا فلا بد للمؤمن من تعظيم شرعه واحياء سنته والتقرب اليه بالصلوات وسائر القربات لينال عند الله الدرجات وكانت رابعة العدوية رحمها الله تصلى في اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله عليه السلام ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها في اليوم والليلة ومن تعظيمه عمل المولد إذا لم يكن فيه منكر قال الامام السيوطي قدس سره يستحب لنا اظهار الشكر لمولده عليه السلام انتهى. وقد اجتمع عند الامام تقى الدين السبكى رحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصر صرى رحمه الله فى مدحه عليه السلام قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب ... على ورق من خط احسن من كتب وان تنهض الاشراف عند سماعه ... قياما صفوفا أو جثيا على الركب فعند ذلك قام الامام السبكى وجميع من بالمجلس فحصل انس عظيم بذلك المجلس ويكفى ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيثمي ان البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك اى بدعة حسنة قال السخاوي لم يفعله أحد من القرون الثلاثة

وانما حدث بعد ثم لا زال اهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بانواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزي من خواصه انه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب اربل وصنف له ابن دخية رحمه الله كتابا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلا من السنة وكذا الحافظ السيوطي وردا على الفاكهاني المالكي في قوله ان عمل المولد بدعة مذمومة كما في انسان العيون وَالَّذِينَ مَعَهُ اى مع رسول الله عليه السلام وهو مبتدأ خبره قوله أَشِدَّاءُ غلاظ وهو جمع شديد عَلَى الْكُفَّارِ كالأسبد على فريسته رُحَماءُ اى متعاطفون وهو جمع رحيم بَيْنَهُمْ كالوالد مع ولده يعنى انهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم في الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين فلوا كتفى بقوله أشداء على الكفار لربما او هم الفظاظة والغلظة فكمل بقوله رحماء بينهم فيكون من اسلوب التكميل وعن الحسن بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم ان تلزق بثيابهم ومن أبدانهم ان تمس أبدانهم وبلغ من ترحمهم فيما بينهم انه كان لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه وذكر في التوراة في صفة عمر رضى الله عنه قرن من حديد أمين شديد وكذا ابو بكر رضى الله عنه فانه خرج لقتال اهل الردة شاهرا سيفه راكبا راحلته فهو من شدته وصلابته على الكفار (قال الشيخ سعدى) نه چندان درشتى كن كه از تو سير كردند ... ونه چندان نرمى كن كه بر تو دلير شوند درشتى ونرمى بهم در بهست ... چور كزن كه جراح ومرهم نهست (وقال بعضهم) هست نرمى آفت جان سمور وز درشتى ميبرد جان خار پشت وفي الحديث المؤمنون هينون لينون مدح النبي بالسهولة واللين لانهما من الأخلاق الحسنة فان قلت من أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وعلى وفق ذلك ورد قوله عليه السلام لا تكن مرافتعقى ولا حلوا فتسترط يقال اعقيت الشيء إذا أزلته من فيك لمرارته واسترطه اى ابتلعه وفي هذا نهى عن اللين فما وجه كونه جهة مدح قلت لا شبهة فى ان خير الأمور أوسطها وكل طرفى الأمور ذميم اى المذموم هو الافراط والتفريط لا الاعتدال والاقتصاد نسأل الله العمل بذلك تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً جمع راكع وساجد اى تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات فهما حالان لان الرؤية بصرية وأريد بالفعل الاستمرار والجملة خبر آخر او استئناف يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً اما خبر آخر او استئناف مبنى على سؤال نشأ عن بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من الله ورضوانا اى ثوابا ورضى وقال بعض الكبار قصدهم في الطاعة والعبادة الوصول والوصال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال الراغب الرضوان الرضى الكثير سِيماهُمْ فعلى من سامه إذا اعلمه اى جعله ذا علامة والمعنى علامتهم وسمتهم وقرئ سيمياؤهم

بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هى السيماء بالمد وهو مبتدأ خبر قوله فِي وُجُوهِهِمْ اى ثابتة في وجوههم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ حال من المستكن في الجار واثر الشيء حصول ما يدل على وجوده كما في المفردات اى من التأثير الذي تؤثره كثرة السجود وما روى عن النبي عليه السلام من قوله لا تعلموا صوركم اى لا تسموها انما هو فيما إذا اعتمد بجهته على الأرض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث في جبهة السجاد الذين لا يسجدون الا خالصا لوجه الله وكان الامام زين العابدين رضى الله عنه وهو على ابن الحسين بن على رضى الله عنهم وكذا على بن عبد الله بن العباس يقال لهما ذوا الثفنات لما أحدثت كثرة سجودهما فى مواضعة منهما أشباه ثفنات البعير والثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة وما مس الأرض من أعضائه عند الاناخة وثفنت يده ثفنا إذا غلظت عن العمل وكانت له خمسمائة اصل زيتون يصلى عند كل اصل ركعتين كل يوم قال قائلهم ديار على والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذى الثفنات قال عطاء دخل في الآية من حافظ على الصلوات الخمس وقال بعض الكبار سيما المحبين من اثر السجود فانهم لا يسجدون لشيء من الدنيا والعقبى الا لله مخلصين له الدين وقيل صفرة الوجوه من خشية الله وقيل ندى الطهور وتراب الأرض فانهم كانوا يسجدون على التراب لا على الأثواب وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه السلام من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار الا ترى ان من سهر بالليل وهو مشغول بالشراب واللعب لا يكون وجهه في النهار كوجه من سهر وهو مشغول بالطاعة وجاء في باب الامامة انه يقدم الأعلم ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأصبح وجها اى أكثرهم صلاة بالليل لما روى من الحديث قيل لبعضهم ما بال المتهجدين احسن الناس وجوها فقال لانهم خلوا بالرحمن فأصابهم من نوره كما يصيب القمر نور الشمس فينور به در نفحات مذكور است كه چون أرواح ببركت قرب الهى صافى شد أنوار موافقت بر اشباح ظاهر گردد درويش را كواه چهـ حاجت كه عاشقست ... رنك رخش ز دور به بين وبدان كه هست وقال سهل المؤمن من توجه لله مقبلا عليه غير معرض عنه وذلك سيما المؤمنون وقال عامر بن عبد القيس كادوجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله وكذلك وجه الكافر وذلك قوله سيماهم في وجوههم وقال بعضهم ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاة سيدهم وقال ابن عطاء ترى عليهم خلع الأنوار لائحة وقال عبد العزيز المكي ليست هى النحولة والصفرة لكنها نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك في زنجى او حبشى انتهى ولا شك ان هذه الامة يقومون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وبعضهم يكون وجوههم من اثر السجود كالقمر ليلة البدر وكل ذلك من تأثير نور القلب وانعكاسه ولذا قال آن سياهى كز پى ناموس حق ناقوس زد ... در عرب بو الليل بود اندر قيامت بو النهار ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من نعوتهم الجليلة مَثَلُهُمْ اى وصفهم العجيب الشان الجاري فى الغرابة مجرى الأمثال فِي التَّوْراةِ حال من مثلهم والعامل معنى الاشارة والتوراة اسم

كتاب موسى عليه السلام قال من جوز ان تكون التوراة عربية انها تشتق من ورى الزند فوعلة منه على ان التاء مبدلة من الواو سمى التوراة لانه يظهر منه النور والضياء لبنى إسرائيل وفي القاموس وورية النار وريتها ما تورى به من خرقة او حطبة والتوراة تفعلة منه انتهى وقال بعضهم فوعلة منه لا تفعلة لقلة وجود ذلك وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ عطف على مثلهم الاول كأنه قيل ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل وتكرير مثلهم لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها والإنجيل كتاب عيسى عليه السلام يعنى بهمين نعمت در كتاب موسى وعيسى مسطورند تا كه معلوم امم كردند وبايشان مژده ور شوند والإنجيل من نجل الشيء أظهره سمى الإنجيل انجيلا لانه اظهر الدين بعد ما درس اى عفا رسمه كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ يقال زرع كمنع طرح البذر وزرع الله أنبت والزرع الولد والمزروع والجمع زروع وموضعه المزرعة مثلثة الراء وهو إلخ تمثيل مستأنف اى هم كزرع اخرج أفراخه اى فروعه وأغصانه وذلك ان أول ما نبت من الزرع بمنزلة الام وما تفرع وتشعب منه بمنزلة أولاده وأفراخه وفي المفردات شطأه فروع الزرع وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه اى جانبيه وجمعه اشطاء وقوله اخرج شطأه أي أفراخه انتهى وقيل هواى الزرع إلخ تفسير لقوله ذلك على انه اشارة مبهمة وقيل خبر لقوله تعالى ومثلهم في الإنجيل على ان الكلام قدتم عند قوله تعالى مثلهم في التوراة فَآزَرَهُ المنوي في آزره ضمير الزرع اى فقوى الزرع ذلك الشطأ وبالفارسية پس قوى كرد كشت آن يك شاخ را الا ان الامام النسفي رحمه الله جعل المنوي في آزر ضمير الشطأ قال فآزره اى فقوى الشطأ اصل الزرع بالتفافه عليه وتكاثفه وهو صريح في ان الضمير المرفوع للشطأ والمنصوب للزرع وهو من الموازرة بمعنى المعاونة فيكون وزن آزر فاعل من الأزر وهو القوة او من الايزار وهى الاعانة فيكون وزنه افعل وهو الظاهر لانه لم يسمع في مضارعه يوازر بل يوزر فَاسْتَغْلَظَ فصار غليظا بعد ما كان دقيقا فهو من باب استحجر الطين يعنى ان السين للتحول فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ فاستقام على قصبته جمع ساق وهو أصوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ حال اى حال كونه يعجب زراعه الذين زرعوه اى يسرهم بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره وطول قامته وبالفارسية بشكفت آرد مزارعانرا وهنا تم المثل وهو مثل ضربه الله لاصحاب رسول الله قلوا في بدء الإسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم يوما فيوما بحيث اعجب الناس وقيل مكتوب فى التوراة سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفي الاسئلة المقحمة كيف ضرب الله المثل لاصحاب النبي عليه السلام بالزرع الذي اخرج شطأه ولما ذالم يشبههم بالخيل والأشجار الكبار المثمرة والجواب لان اصحاب النبي كانوا في بدء الأمر قليلين ثم صاروا يزدادون ويكثرون كالزرع الذي يبدو ضعيفا ثم ينمو ويخرج شطأ ويكثر لان الزرع يحصد ويزرع كذلك المسلمون منهم من يموت ثم يقوم مقامه غيره بخلاف الأشجار الكبار فانها تبقى بحالها سنين ولانه تنبت من الحبة الواحدة سنابل وليس ذلك في غير الزرع انتهى فكما ان أعمالهم نامية فكذا أجسادهم الا ترى انه قتل مع الامام الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته لم ينج الا ابنه زين العابدين على رضى الله عنه لصغره فأخرج الله من صلبه الكثير

الطيب وقيل يزيد بن المهلب وإخوتهم وذراريهم ثم مكث من بقي منهم نيفا وعشرين سنة لا يولد فيهم أنثى ولا يموت منهم غلام وعن عكرمة اخرج شطأه بأبى بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلى رضى الله عنهم لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه غاظه يغيظه فاغتاظ وغيظه فتغيظ واغاظه وغايظه كما في القاموس وهو علة لما يعرب عنه الكلام من تشبيههم بالزرع في زكائه واستحكامه أي جعلهم الله كالزرع في النماء والقوة ليغيظ بهم مشركى مكة وكفار العرب والعجم وبالفارسية تا الله رسول خويش وياران او كافرانرا بدرد آرد ومن غيظ الكفار قول عمر رضى الله عنه لاهل مكة بعد ما اسلم لا نعبد الله سرا بعد اليوم وفي الحديث ارحم أمتي بأمتى ابو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم على وأقرأهم ابى بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذى لهجة اصدق من ابى ذر ولكل امة أمين وأمين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح وقيل قوله ليغيظ بهم الكفار علة لما بعده من قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً فان الكفار إذا سمعوا بما أعد للمؤمنين في الآخرة مع مالهم في الدنيا من العزة غاظهم ذلك أشد غيظ يقول الفقير نظر الكفار مقصور على ما في الدنيا مما يتنافس فيه ويتحاسد وكيف لا يغيظهم ما أعد للمؤمنين في الآخرة وليسوا بمؤمنين باليوم الآخر ومنهم للبيان كما في قوله فاجتنبوا الرجس من الأوثان يعنى همه ايشانرا وعد فرمود آمرزش كناه ومزدى بزرك وهو الجنة ودرجاتها فلا حجة فيه للطاعنين في الاصحاب فان كلهم مؤمنون ولما كانوا يبتغون من الله فضلا ورضوانا وعدهم الله بالنجاة من المكروه والفوز بالمحبوب وعن الحسن محمد رسول الله والذين معه ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه كان معه في الغار ومن أنكر صحبته كفر أشداء على الكفار عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه كان شديدا غليظا على اهل مكة رحماء بينهم عثمان بن عفان رضى الله عنه لانه كان رؤفا رحيما ذا حياء عظيم تراهم ركعا سجدا على بن ابى طالب رضى الله عنه تا حدى كه هر شب آواز هزار تكبير إحرام از خلوت وى باسماع خادمان عتبه عليه اش ميرسيد يبتغون فضلا من الله ورضوانا بقية العشرة المبشرة بالجنة وفي الحديث يا على أنت قى الجنة وشيعتك في الجنة وسيجيئ بعدي قوم يدعون ولايتك لهم لقب يقال لهم الرافضة فاذا أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون قال يا رسول الله ما علامتهم قال يا على انه ليست لهم جمعة ولا جماعة يسبون أبا بكر وعمر قال مالك بن انس رضى الله عنه من أصبح وفي قلبه غيظ على اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقد أصابته هذه الآية قال ابو العالية العمل الصالح في هذه الآية حب الصحابة وفي الحديث يا على ان الله أمرني ان اتخذ أبا بكر والدا وعمر مشيرا وعثمان سندا وأنت يا على ظهرا فأنتم اربعة قد أخذ ميثاقكم في الكتاب لا يحبكم الا مؤمن ولا يبغضكم الا فاجر أنتم خلائف نبوتى وعقدة ذمتى لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تغامزوا كما في كشف الاسرار وفي الحديث لا تسبوا أصحابي فلوان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مداحدهم ولا نصيفه المد ربع الصاع والنصيف نصف الشيء والضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم لا يدرك بانفاق

تفسير سورة الحجرات

مثل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفي حديث آخر الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا من بعدي فمن أحبهم فبحبى أحبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك ان يأخذه اى يأخذه الله للتعذيب والعقاب وفي الصواعق لابن حجر وكان للنبى عليه السلام مائة الف واربعة عشر ألف صحابى عند موته انتهى وفي حديث الاخوة قال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ولم يرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددوها ثلاثا ثم قال لانكم تجدون على الخير أعوانا كما في تلقيح الأذهان يقول الفقير يلزم من هذا الخبران يكون الاخوان أفضل من الاصحاب وهو خلاف ما عليه الجمهور قلت الذي في الخبر من زيادة الاجر للعامل من الاخوان عند فقد ان الأعوان لا مطلقا فلا يلزم من ذلك ان يكونوا أفضل من كل وجه في كل زمان قال في فتح الرحمن وقد اجتمع حروف المعجم التسعة والعشرون فى هذه الآية وهى محمد رسول الله الى آخر السورة أول حرف المعجم فيها ميم من محمد وآخرها صاد من الصالحات وتقدم نظير ذلك في سورة آل عمران في قوله ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا الآية وليس في القرءان آيتان في كل آية حروف المعجم غيرهما من دعا الله بهما استجيب له وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد رسول الله فتح مكة وقال ابن مسعود رضى الله عنه بلغني انه من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من رمضان في صلاة التطوع حفظه الله تعالى ذلك العام ومن الله العون تمت سورة الفتح المبين بعون رب العالمين في منتصف صفر الخير من شهور سنة الف ومائة واربع عشرة التفسير سورة الحجرات ثمانى عشرة آية مدينة بإجماع من اهل التأويل تفسير سورة الحجرات بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تصدير الخطاب بالنداء لتنبيه المخاطبين على ان ما في حيزه امر خطير يستدعى مزيد اعتنائهم بشأنه وفرط اهتمامهم بتلقيه ومراعاته ووصفهم بالايمان لتنشيطهم والإيذان بأنه داع الى المحافظة ورادع عن الإخلال به لا تُقَدِّمُوا امرا من الأمور بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ولا تقطعوه الا بعد ان يحكما به ويأذنا فيه فتكونوا اما عاملين بالوحى المنزل وما مقتدين بالنبي المرسل ولفظ اليدين بمعنى الجهتين الكائنتين في سمت يدى الإنسان وبين اليدين بمعنى بين الجهتين والجهة التي بينهما هى جهة الامام والقدام فقولك جلست بين يديه بمعنى جلست امامه وبمكان يحاذى يديه قريبا منه وإذا قيل بين يدى الله امتنع ان يراد الجهة والمكان فيكون استعارة تمثيلية شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع في امر من الأمور الدينية قبل ان يحكم به الله ورسوله بحال من يتقدم في المشي في الطريق مثلا لو قاحته على من يجب ان يتأخر عنه ويقفو اثره تعظيما له فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبربه عن المشبه بها وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذررن من الأقوال والافعال إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ

لاقوالكم عَلِيمٌ بأفعالكم فمن حقه ان يتقى ويراقب ويجوز ان يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على ان الفعل لم يقصد تعلقه بمفعوله وان كان متعديا قال المولى ابو السعود وهو اوفى بحق المقام لافادة النهى عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهاني وقد جوز ان يكون التقديم لازما بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لان التقدم بين يدى المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال في لامر فيكون التقدم بين يدى الله ورسوله منافيا للايمان وقال مجاهد والحسن نزلت الآية في النهى عن الذبح يوم الأضحى قبل الصلاة كأنه قيل لا تذبحوا قبل ان يذبح النبي عليه السلام وذلك ان ناساذبحوا قبل صلاة النبي عليه السلام فأمرهم ان يعيدوا الذبح وهو مذهبنا الا ان تزول الشمس وعند الشافعي يجوز إذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البرآء رضى الله عنه خطبنا النبي عليه السلام يوم النحر فقال ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل ان نصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك في شيء وعن عائشة رضى الله عنها انها نزلت في النهى عن صوم يوم الشك اى لا تصوموا قبل ان يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتنى وفي بحر العلوم قالت للجارية اسقيه عسلا فقلت انى صائم فقالت قد نهى الله عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت هذه في الصوم وغيره وقال قتادة ان ناسا كانوا يقولون لو انزل في كذا او صنع في كذا ولو نزل كذا وكذا في معنى كذا ولو فعل الله كذا وينبغى ان يكون كذا فكره الله ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول الله بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فاكثروا عليه بالمسائل فنهوا ان يبتدئوا بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ ولظاهر أن الآية عامة في كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول او فعل مثلا إذا جرت مسألة في مجلسه عليه السلام لا تسبقوه بالجواب وإذا حضر الطعام لا تبدئوا بالأكل قبلة وإذا ذهبتم الى موضع لا تمشوا امامه الا لمصلحة دعت اليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقديم قيل لا يجوز تقدم الأصاغر على الأكابر الا في ثلاثة مواضع إذا ساروا ليلا أو رأوا خيلا اى جيشا او دخلوا سيلا اى ماء سائلا وكان في الزمان الاول إذا مشى الشاب امام الشيخ يخسف الله به الأرض ويدخل في النهى المشي بين يدى العلماء فانهم ورثة الأنبياء دليله ما روى عن ابى الدرداء رضى الله عنه قال رآنى رسول الله عليه السلام امشى امام ابى بكر رضى الله عنه فقال تمشى امام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خيرا وأفضل من ابى بكر رضى الله عنه كما في كشف الاسرار واكثر هذه الروايات يشعر بأن المراد بين يدى رسول الله وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة محله عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيدا لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فان إيقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال أعجبني زيد وكرمه

[سورة الحجرات (49) : آية 2]

فى موضع أن يقال أعجبني كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة يقول الفقير لعله من باب الاكتفاء والمقصود ولا تفعلوا خلافهما ايضا فان كلا منهما من قبيل التقدم لحدود الله وحدود رسوله وبهذا المعنى في هذه الآية ألهمت بين النوم واليقظة والله اعلم وفي الآية بيان رأفة الله على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصينهم فقال يا أيها الذين آمنوا ولم يقل يا أيها الذين عصوا وهذا نداء مدح كما في تفسير ابى الليث وايضا فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الإلهام والوسواس ويقول انه الحق فالزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن ان لا يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأى النبي والشيخ ويكون مستسلما لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته ومن ادب المريدان لا يتكلم بين يدى الشيخ فانه سبب سقوطه من أعين الأكابر قال سهل لا تقولوا قبل ان يقول وإذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين اليه واتقوا الله في إهمال حقه وتضييع حرمته ان الله سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم لا تطلبوا ورلء منزلته منزلة فانه لا يوازيه أحد بل لا يدانيه چشم او از حيا كوش او از حكمت زبان او از ثنا وتسبيح ودل او از رحمت دست او از سخا موى او از مشك بويا قيمت عطار ومشك اندر جهان كاسد شود چون بر افشاند صبا زلفين عنبر ساى تو يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ شروع في النهى عن التجاوز فى كيفية القول عند النبي عليه السلام بعد النهى عن التجاوز في نفس القول والفعل والصوت هو الهولء المنضغط عن قرع جسمين فان الهولء الخارج من داخل الإنسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموج بتصادم جسمين يسمى صوتا والصوت الاختياري الذي يكون للانسان ضربان ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه وضرب بالفم فالذى بالفم ضربان نطق وغيره فغيره النطق كصوت الناى والنطق اما مفرد من الكلام واما مركب كاحد الأنواع من الكلام والمعنى لا تبلغوا بأصواتكم ورلء حد يبلغه عليه السلام بصوته والباء للتعدية وقال في المفردات تخصيص الصوت بالنهى لكونه أعم من النطق والكلام ويجوز انه خصه لان المكروه رفع الصوت لا رفع الكلام وعن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه أن الأقرع بن حابس من بنى تميم قدم على النبي عليه السلام فقال ابو بكر رضى الله عنه يا رسول الله استعمله على قومه اى بتقديمه عليهم بالرياسة فقال عمر رضى الله عنه لا تستعمله يا رسول الله بل القعقاع بن معبد فتكلما عند النبي عليه السلام حتى ارتفعت أصواتهما فقال ابو بكر لعمر ما أردت إلا خلافي فقال ما أردت خلافك فنزلت هذه الآية فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي لم يسمع كلامه حتى يستفهمه وقال ابو بكر آليت على نفسى ان لا أكلم النبي ابدا الا كأخى السرار يعنى سوكند ياد كردم كه بعد ازين هركز با رسول خدا سخن بلند نكويم مكر چنانكه باهمرازى پنهان سخن كويند وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ إذا كلمتموه وتكلم هو ايضا

والجهر يقال لظهور الشيء بافراط لحاسة البصر نحو رأيته جهارا او حاسة السمع نحو سوآء منكم من اسر القول ومن جهر به كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ اى جهرا كائنا كالجهر الجاري فيما بينكم بل اجعلوا صوتكم اخفض من صوته وتعهدوا في مخاطبته اللين القريب من الهمس كما هو الدأب عند مخاطبة المهيب المعظم وحافظوا على مراعاة جله لة النبوة فنهوا عن جهر مخصوص مقيد وهو الجهر المماثل لجهر اعتادوه فيما بينهم لا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم الا ان يتكلموا بالهمس والمخافتة فالنهى الثاني ايضا مقيد بما إذا نطق ونطقوا والفرق ال مدلول النهى الاول حرمة رفع الصوت فوق صوته عليه السلام ومدلول الثاني حرمة ان يكون كلامهم معه عليه السلام في صفة الجهر كالكلام الجاري بينهم ووجوب كون أصواتهم اخفض من صوته عليه السلام بعد كونها ليست بأرفع من صوته وهذا المعنى لا يستفاد من النهى الاول فلا تكرار والمفهوم من الكشاف في الفرق بينهما ان معنى النهى الاول انه عليه السلام إذا نطق ر نطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم فوق الحد الذي يبلغ اليه صوته عليه السلام وان تغضوا من أصواتكم بحيث بكون صوته عاليا على أصواتكم ومعنى الثاني انكم إذ كلتموه وهو عليه السلام ساكت فلا تبلغوا بالجهر في القول الجهر الدائر بينكم بل لينوا القول لينا يقارب الهمس الذي يضاد الجهر أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ تا باطل نشود عملهاى شما بسبب اين جرأت وهو علة اما للنهى على طريق التنازع فان كل واحد من قوله لا ترفعوا ولا تجهروا يطلبه من حيث المعنى فيكون علة للثانى عند البصريين وللاول عند الكوفيين كأنه قيل انتهوا عما نهيتم عنه لخشية حبوط أعمالكم او كراهته كما في قوله تعالى يبين الله لكم ان تضلوا فحذف المضاف ولام التعليل واما علة للفعل المنهي كأنه قيل انتهوا عن الفعل الذي تفعلونه لاجل حبوط أعمالكم فاللام فيه لام العاقبة فانهم لم يقصدوا بما فعلوه من رفع الصوت والجهر حبوط أعمالهم الا انه لما كان بحيث قد يؤدى الى الكفر المحبط جعل كأنه فعل لاجله فادخل عليه لام العلة تشبيها لمؤدى الفعل بالعلة الغائية وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فان ذلك كفر بل ما يتوهم ان يؤدى اليه مما يجرى بينهم في أثناء المحاورة من الرفع والجهر خلا ان رفع الصوت فوق صوته عليه السلام لما كان منكرا محضا لم يقيد بشيء يعنى ان الاستخفاف به عليه السلام كفر لا الاستخفاف بأمر الرفع والجهر بل هو المؤدى الى المنكر لانهم إذا اعتادوا الرفع والجهر مستخفين بأمرهما ربما انضم الى هذا الاستخفاف قصد الاهانة به عليه السلام وعدم المبالاة وكذا ليس المراد ما يقع الرفع والجهر في حرب او مجادلة معاند او إرهاب عدو أو نحو ذلك فانه مما لا بأس به إذ لا يتأذى به النبي عليه السلام فلا يتناوله النهى ففى الحديث انه قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين اصرخ بالناس وكان العباس اجهر الناس صوتا (يروى) ان غارة أتتهم يوما اى في المدينة فصاح العباس يا صباحاه فاسقط الحوامل لشدة صوته وكان يسمع صوته من ثمانية أميال كما مر في الفتح وعن ابن العباس رضى الله عنهما

نزلت في ثابت بن قيس ابن شماس وكان في اذنه وقر وكان جهورى الصوت اى جهيره ورفيعه وربما كان يكلم رسول الله فيتأذى بصوته وعن انس لما نزلت الآية فقد ثابت وتفقده عليه السلام فأخبر بشأنه فدعاه عليه السلام فسأله فقال يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية وانه رجل جهير الصوت فأخاف ان يكون عملى قد حبط فقال عليه السلام لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من اهل الجنة وصدق رسول الله فان ثابتا مات بخير حيث قتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام فقال له اعلم ان فلانا لرجل من المسلمين نزع درعى فذهب بها وهو في ناحية من العسكر وعنده فرس مشدود يرعى وقد وضع على درعى برمة فائت خالد بن الوليد فأخبره حتى يسترد درعى وائت أبا بكر رضى الله عنه خليفة رسول الله وقل له ان على دينا لفلان حتى يقضى دينى وفلان من عبيدى حر فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه فاسترد الدرع واخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز ابو بكر وصيته قال مالك بن انس رضى الله عنه لا اعلم وصية اجيزت بعد موت صاحبها الا هذه الوصية وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ حال من فاعل تحبط اى والحال انكم لا تشعرون بحبوطها والشعور العلم والفطنة والعشر العلم الدقيق ودانستن از طريق حس وفيه مزيد تحذير لما نهوا عنه استدل الزمخشري بالآية على ان الكبيرة تحبط الأعمال الصالحة إذ لا قائل بالفصل والجواب انه من باب التغليظ والمراد انهم لا يشعرون ان ذلك بمنزلة الكفر المحبط وليس كسائر المعاصي وايضا انه من باب ولا تكونن ظهيرا للكافرين يعنى ان المراد وهو الجهر والرفع المقرونان بالاستهانة والقصد الى التعريض بالمنافقين قال الراغب حبط العمل على اضرب أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى في القيامة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا والثاني ان تكون أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله كما روى يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك قال بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيئات توفى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى وحبط عمله كسمع وضرب حبطا وحبوطا بطل واحبطه الله أبطله كما في القاموس وقال الراغب اصل الحبط من الحبط وهو ان تكثر الدابة من الكلأ حتى تنتفخ بطنها فلا يخرج منها شيء قال البقلى في العرائس أعلمنا الله بهذا التأديب ان خاطر حبيبه من كمال لطافته ومراقبة جمال ملكوته كان يتغير من الأصوات الجهرية وذلك من غاية شغله بالله وجمع همومه بين يدى الله فكان إذا جهر أحد عنده يتأذى قلبه ويضيق صدره من ذلك كأنه يتقاعد سره لحظة عن السير في ميادين الأزل فخوفهم الله من ذلك فان تشويش خاطره عليه السلام سبب بطلان الأعمال ومن العرش الى الثرى لا يزن عند خاطره ذرة واجتماع خاطر الأنبياء والأولياء في المحبة أحب الى الله من اعمال الثقلين وفيه حفظ الحرمة لرسول الله وتأديب المريدين بين يدى اولياء الله يقول الفقير ولكمال لطافته عليه السلام كان الموت عليه

[سورة الحجرات (49) : آية 3]

أشد إذا للطيف يتأثر مما لا يتأثر الكثيف كما قال بعضهم قد شاهدنا أقواما من عرب البوادي يسلخ الحكام جميع جلد أحدهم ولا يظهر ضجرا ولو سلخ اكبر الأولياء لصاح الا ان يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع إحساسه انتهى ومن هنا عرف ان لكل من الجهر والخفاء محلا فشديد النفس له الجهر ولينه له الإخفاء كما في حال النكر وليس كل أحد صاحب مشاهد وقال سهل لا نخاطبوه الا مستفهمين ثم ان الاصحاب رضى الله عنهم كانوا بعد هذه الآية لا يكلمونه عليه السلام إلا جهرا يقرب من السر والهمس وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام لانه حى في قبره وكذا القرب منه عليه السلام في المواجهة عند السلام بحيث كان بينه وبينه عليه السلام اقل من اربعة اذرع وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء قال سليمان بن حرب ضحك انسان عند حماد بن زيد وهو يحدث بحديث عن رسول الله فغضب حماد وقال انى ارى رفع الصوت عند حديث رسول الله وهو ميت كرفع الصوت عنده وهو حى وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم وحاصله ان فيه كراهة الرفع عند الحديث وعند المحدث مع ان الضحك لا يخلو من السخرية والهزل ومجلس الجد لا يحتمل مثل ذلك ولو دخل السلف مجالس هذا الزمان من مجلس الوعظ والدرس واجتماع المولد ونحو ذلك خرجوا من ساعتهم لما رأوا من كثرة المنكرات وسوء الأدب بزركان كفته اند من ترك الآداب رد عن الباب نهصد هزار ساله طاعت إبليس بيك بي ادبى ضايع شد نكاه دار ادب در طريق عشق ونياز ... كه گفته اند طريقت تمام آدابست نسأل الله الكريم ان يجعلنا متحلين بحلية الأدب العظيم إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إلخ ترغيب في الانتهاء عما نهوا عنه بعد الترهيب من الإخلال به والغض النقصان من الطرف والصوت وما في الإناء يقال غض طرفه خفضه وغض السقاء نقص مما فيه والمعنى ان الذين يخفضون أصواتهم عند رسول الله مراعاة للادب وخشية من مخالفة النهى أُولئِكَ مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى أخلصها للتقوى من امتحن الذهب إذا أذابه وميزا بريزه من خبثه فهو من اطلاق المقيد وهو اخلاص الذهب وارادة المطلق در بوته امتحان گرم بگدازى ... منت دارم كه بي غشم ميسازى وقال في الأساس محن الأديم مدده حتى وسعه وبه فسر قوله تعالى امتحن الله قلوبهم اى شرحها ووسعها وعن عمر رضى الله عنه اذهب عنها الشهوات اى نزع عنها محبة الشهوات وصفاها عن دنس سوء الأخلاق وحلاها بمكارمها حتى انسلخوا عن عادات البشرية لَهُمْ فى الآخرة مَغْفِرَةٌ عظيمة لذنوبهم وَأَجْرٌ عَظِيمٌ التنكير للتعظيم اى ثابت لهم غفران واجر عظيم لا يقادر قدره لغضهم وسائر طاعاتهم فهو استئناف لبيان جزاء الغاضين مدحا لحالهم وتعريضا بسوء حال من ليس مثلهم وفي الآية اشارة الى غض الصوت عند الشيخ المرشد ايضا لأنه الوارث وله الخلافة ولا يقع الغض الا من اهل السكينة والوقار وقال الحسين قدس سره من امتحن الله قلبه بالتقوى كان شعاره القرآن ودثاره الايمان وسراجه التفكر

[سورة الحجرات (49) : آية 4]

وطيبه التقوى وطهارته التوبة ونظافته الحلال وزينته الورع وعلمه الآخرة وشغله بالله ومقامه مع الله وصومه الى الممات وإفطاره من الجنة وجمعه الحسنات وكنزه الإخلاص وصمته المراقبات ونظره المشاهدات قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر التقوى كل عمل يقيك من النار وإذا وقاك من النار وقاك من الحجاب وإذا وقاك من الحجاب شاهدت العزيز الوهاب روى ابو هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لن يزال قلب ابن آدم ممتلئا حرصا الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى قال الراوي فلقد رأيت رجلا من اصحاب رسول الله لا يركب الى زراعة له وانها منه على فراسخ وقد اتى عليه سبعون سنة وروى انه عليه السلام قال لا يزال قلب ابن آدم جديدا في حب الشيء وان التفت ترقوتاه من الكبر الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وهم قليل يعنى هميشه دل آدم نومى باشد در حب چيزى واگر جه نكرسته باشد هر دو چنبر كردنش از پيرى وبزركى مگر آنانكه امتحان كرد است خدا قلوب ايشان از براى تقوى واندكند ايشان وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ المناداة والنداء خواندن مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ اى من خارجها من خلفها او قدامها لان ورلء الحجرة عبارة عن الجهة التي يواريها شخص الحجرة بجهتها اى من اى ناحية كانت من نواحيها ولا بد ان تكون تلك الجهة خارج الحجرة لان ما في داخلها لا يتوارى عمن فيها بجهة الحجرة اشتراك الوراء في تينك الجهتين معنوى لا لفظى لكن جعله الجوهري وغيره من الاضداد فيكون اشتراكه لفظيا ومن ابتدائية دالة على ان المناداة نشأت من جهة الوراء وان المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة وإذا جرد الكلام عن حرف الابتداء جاز أن يكون المنادى ايضا في الخارج لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة والمراد حجرات أمهات المؤمنين وكانت لكل واحدة منهما حجرة فتكون تسعا عدد هن جمع حجرة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة وهى الموضع الذي يحجره الإنسان لنفسه بحائط ونحوه ويمنع عبره من ان يشاركه فيه من الحجر وهو المنع وقيل للعقل حجر لكون الإنسان في منع منه مما تدعو اليه نفسه ومناداتهم من ورائها اما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه عليه السلام من ورائها او بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه السلام لانهم لم يتحققوا إمكانه فناداه بعض من ورلء هذه وبعض من ورلء تلك فاسند فعل الأبعاض الى الكل وقيل الذي ناداه عينة بن حصين الفزاري وهو الأحمق المطاع وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناةاى تتبعه والأقرع بن حابس وهو شاعر بنى تميم وفدا على رسول الله في سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا فنحن الذين مدحنا زين وذمناشين فاستيقظ فخرج وقال نهم وبحكم ذلكم اى الله الذي مدحه زين وذمه شين وانما أسند النداء الى الكل لانهم رضوا بذلك أو أمروا به او لانه وجد فيما بينهم وقال سعدى المفتى انما يحتاج الى التأويل إذا أريد باستغراق الجمع

[سورة الحجرات (49) : الآيات 5 إلى 9]

الاستغراق الافرادى واما لو أريد الاستغراق المجموعى فلا ولذلك قالوا مقابلة الجمع بالجمع تفيد انقسام الآحاد بالآحاد وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنهم فقال هم جفاة بنى تميم لولا انهم من أشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت الله ان يهلكهم فنزلت الآية ذمالهم وبقي هذا الذم الى الابد وصدق رسول الله في قوله ذلكم الله أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال في بحر العلوم فى قوله اكثر دلالة على انه كان فيهم من قصد بالمحاشاة وهو بالفارسية استثنا كردن وعلى قلة العقلاء فيهم قصدا الى نفى ان يكون فيهم من يعقل إذا القلة تجرى مجرى النفي في كلامهم ويؤيده الحديث السابق فيكون المعنى كلهم لا يعقلون إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب بل تأدبوا معه بأن يجلسوا على بابه حتى يخرج إليهم كما قال تعالى الفا وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتداء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشيء في نفسه ولذلك تقول أكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفي إليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه إليهم لَكانَ اى الصبر المذكور خَيْراً لَهُمْ من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول إذ روى انهم وفدوا شافعين في أسارى بنى العنبر قال في القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث رسول الله عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله فئلا فى اهله فلما رأتهم الذراري اجهشوا الى آبائهم يبكون والإجهاش كريستن را ساختن يقال اجهش اليه إذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول الله بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج إلينا حتى أيقظوه من نومه فخرج إليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرائيل فقال ان الله يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم قالوا أنعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الأعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام قد رضيت ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا وأصلحوا قال الكاشفى والله غفور وخداى تعالى آمرزنده است كسى را كه توبه كند از بي ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد أولوا الألباب ميكنند چهـ ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت سرمايه ادب بكف آور كه اين متاع ... آنرا كه هست سوء ادب نايدش بكف

وفي هذا المقام امور الاول ان في هذه الآية تنبيها على قدره قدره عليه السلام والتأدت معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولو عرفوا قدره لكانوا كما في الخبر يقرعون بابه بالأظافير وفي المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورلء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم كار نادان كوته انديش است ... ياد كردن كسى كه در پيش است قال ابو عثمان المغربي قدس سره الأدب عند الأكابر وفي مجلس السادات من الأولياء يبلغ بصاحبه الى الدرجات العلى والخير في الاولى والعقبى فكما لا بد من التأدب معه عليه السلام فكذا مع من استن بسنته كالعلما العالمين وكان جماعة من العلماء يجلسون على باب غيرهم ولا يدقون عليه بابه حتى يخرج لقصاء حاجته احتراما قال ابو عبيدة القاسم بن سلام مادققت الباب على عالم قط كنت اصبر حتى يخرج الى لقوله تعالى ولو انهم إلخ وفي الحديث أدبني ربى فأحسن تأديبى اى أدبني احسن تأديب فالفاء تفسير لما قبله قال بعض الكبار من الحكمة توقير الكبير ورحمة الصغير ومخاطبة الناس باللين وقال ان كان خليلك فوقك فاصحبه بالحرمة وان كان كفؤك ونظيرك فاصحبه بالوفاء وان كان دونك فاصحبه بالمرحمة وان كان عالما فاصحبه بالخدمة والتعظيم وان كان جاهلا فاصحبه بالسياسة وان كان غنيا فاصحبه بالزهد وان كان فقيرا فاصحبه بالجود وان صحبت صوفيا بالتسليم قال بعض الحكماء عاشروا الناس معاشرة ان متم بكوا عليكم وان غبتم حنوا إليكم والثاني ذم الجهل ومدح العقل والعلم فان شرف العقل مدرك بضرورة العقل والعلم والحسن حتى ان اكبر الحيوانات شخصا وأقواها ابد إذا رأى الإنسان احتشمه وخاف منه لاحساسه بأنه مستول عليه بحيلته واقرب الناس الى باارجة بهائم أجلاف العرب والترك تراهم بالطبع يبالغون في توقير شيوخهم لان التجربة دميزتهم عنهم بمزيد علم ولذلك روى في الأثر الشيخ في قومه كالنبى في أمته نظرا الى قوة علمه وعقله لا بقوة شخصه وجماله وشوكته وثروته (وفي المثنوى) كشتى بي لنكر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى دريوزه كن از عاقلان قال بعض الكبار العاقل كلامه ورلء قلبه فاذا أراد ان يتكلم به امره على قلبه فينظر فيه فان كان له اى لنفعه أمضاه وان كان عليه اى لضره امسكه والأحمق كلامه على طرف لسانه وعقله في حجره إذا قام سقط قال امير المؤمنين على رضى الله عنه لسان العاقل في قلبه وقلب الأحمق في فمه والأدب صورة العقل ولا شرف مع سوء الأدب ولا داء اعى من الجهل وإذا تم العقل نقص الكلام هر كرا اندكست مايه عقل ... بيهده كفتنش بود بسيار مرد را عقل چون بيفزايد ... در مجامع بكاهدش كفتار وفي الحديث كل كلام ابن آدم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر وفي حديث آخر وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم والثالث ما قال بعض الكار

[سورة الحجرات (49) : آية 6]

تدبر سر قوله تعالى ولو أنهم صبروا الآية ولا تنظر الى سبب النزول وانتظر خروجه مرة ثانية لقيام الساعة وفتح باب الشفاعة في هذه الدار نوما او يقظة في الآخرة وهو الشافع فيهما وفي الحافرة وقد ثبت ان الناس يلتجئون يوم القيامة الى الأنبياء ثم وثم الى ان يصلوا اليه فلا يصلون الى المراد الا عنده وفي الحديث انا أول ولد آدم خروجا إذا بعثوا وانا قائدهم إذا وفدوا وخطيبهم إذا أنصتوا وانا مبشرهم إذا ابلسوا وانا شفيعهم إذا حشروا ولواء الكرم بيدي وانا أكرم ولد آدم على ربى ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون سر خيل أنبياء وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد الأمم وانما كان خدامه ألفا لتحققه بألف اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ اى فاسق كان بِنَبَإٍ اى نبأ كان والنبأ الخبر يعنى خبرى بيارد كه موحش بود وموجب تألم خاطر فالتنكير للتعميم وفيه إيذان بالاحتراز عن كل فاسق وانما قال ان جاءكم بحرف الشك دون إذا ليدل على ان المؤمنين ينبغى ان يكونوا على هذه الصفة لئلا يطمع فاسق في مكالمتهم بكذب ما وقال ابن الشيخ إخراج الكلام بلفظ الشرط المحتمل الوقوع لندرة مثله فيما بين أصحابه عليه السلام فَتَبَيَّنُوا اى ان جاءكم فاسق بخبر يعظم وقعه في القلوب فتعرفوا وتفحصوا حتى يتبين لكم ما جاء به أصدق هو أم كذب ولا تعتمدوا على قوله المجرد لان من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه روى ان الوليد بن عقبة بن ابى معيط أخا عثمان لامه وهو الذي ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن ابى وقاص فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ثم قال هل أريدكم فعزله عثمان عنهم بعثه عليه السلام مصدقا الى بنى المصطلق اى آخذا وقابضا لصدقاتهم وزكاتهم وكان بينه وبينهم احنة اى حقد وبغض كامن في الجاهلية بسبب دم فلما سمعوا بقدومه استقبلوه ركبابا فحسب انهم مقاتلوه فرجع هاربا وقال لرسول الله عليه السلام قد ارتدوا ومنعوا الزكاة وهموا بقتلى فهم عليه السلام بقتالهم فنزلت وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد بعد رجوع الوليد بن عقبة عنهم في عسكر وقال له أخف عنهم قدومك إليهم بالعسكر وادخل عليهم ليلا متجسسا هل ترى شعائر الإسلام وآدابه فان رأيت منهم ذلك فخذ منهم زكاة أموالهم وان لم تر ذلك فاستعمل فبهم ما يفعل بالكفار ففعل ذلك خالد وجاءهم وقت المغرب فسمع منهم أذان صلاتى المغرب والعشاء ووجدهم مجتهدين باذلين وسعهم ومجهودهم في امتثال امر الله فأخذ منهم صدقاتهم وانصرف الى رسول الله وأخبره الخبر فنزلت أَنْ تُصِيبُوا حذار أن تصيبوا قَوْماً بِجَهالَةٍ حال من ضمير تصيبوا اى ملتبسين بجهالة بحالهم وكنه قصتهم فَتُصْبِحُوا أي فتصيروا بعد ظهور براءتهم مما أسند إليهم عَلى ما فَعَلْتُمْ فى حقهم نادِمِينَ مغتمين غما لازما متمنين انه لم يقع فان تركيب هذه الاحرف الثلاثة يدور مع الدوام مثل أدمن الأمر إذا ادامه ومدن المكان إذا اقام به ومنه المدينة يعنى ان الندم غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام على ما وقع مع تمنى

[سورة الحجرات (49) : آية 7]

انه لم يقع ولزومه قد يكون لقوته من أول الأمر وقد يكون لعدم غيبة موجبه وسببه عن الخاطر وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الأسباب وفي الآية دلالة على ان الجاهل لا بد ان يصير نادما على ما فعله بعد زمان وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر اشارة الى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد ورد عليه السلام شهادة رجل في كذبة واحدة وقال ان شاهد الزور مع العشار في النار وقال عليه السلام من شهد شهادة زور فعليه لعنة الله ومن حكم بين اثنين فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله وما شهد رجل على رجل بالكفر إلا باء به أحدهما ان كافرا فهو كما قال وان لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره إياه كما في كشف الاسرار وفي الآية ايضا اشارة الى ترك الاستماع الى كلام الساعي والنمام والمغتاب للناس كسى پيش من در جهان عاقلست ... كه مشغول خود وز جهان غافلست كسى را كه نام آمد اندر ميان ... به نيكوترين نام ونعتش بخوان از ان همنشين تا توانى گريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز ميان دو كس جنك چون آتش است ... سخن چين بدبخت هيزم كش است ميان دو تن آتش افروختن ... نه عقلست خود در ميان سوختن فلا بدّ من التبين والتفحص ليظهر حقيقة الحال ويسلم المرء من الوبال ويفتضح الكذاب الدجال وفى الحديث التبين من الله والعجلة من الشيطان وفيها ايضا اشارة الى تسويلات النفس الفاسقة الامارة بالسوء ومجبئها كل ساعة نيأ شهوة من شهوات الدنيا فتبينوا ربحها وخسرانها من قبل ان تصيبوا قوما من القلوب وصفاتها بجهالة ما فيها من شفاء النفوس وحياتها ومرض القلوب ومماتها فتصبحوا صباح القيامة وأنتم على ما فعلتم نادمون وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وبدانيد كه در ميان شماست رسول الله وفائدة الأمر الدلالة على انهم نزلوا منزلة الجاهلين لمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه فيكون قوله تعالى لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ استئنافا وقال بعضهم ان بما في حيزها ساد مسد مفعولى اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى لو يطيعكم إلخ فانه حال من أحد الضميرين في فيكم الاول المرفوع المستتر فيه العائد الى رسول الله المنتقل اليه من عامله المحذوف لان التقدير كائن فيكم او مستقر والثاني المجرور البارز والمعنى اى على الحال ان فيكم رسول الله كائنا على حالة يجب عليكم تغييرها او كائنين على حالة إلخ وهى انكم تريدون ان يتبع عليه السلام رأيكم في كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهد والهلاك فعلى هذا يكون قوله لو يطيعكم إلخ دليل وجوب تغيير تلك الحال أقيم مقام الحال وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله الإيقاع ببني المصطلق تصديقا لقول الوليد وانه عليه السلام لم يطع رأيهم والعنت محركة الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان كما في القاموس يقال عنت فلان إذا وقع في امر يخاف منه التلف كما في المفردات فهو من الباب الرابع مثل طرب يطرب طربا وقال الزمخشري هو الكسر بعد الجبر كما في تاج المصادر العنت بزه مند شدن ودر كارى افتيدن كه از ان بيرون نتواند آمد وشكسته شدن استخوان پس از چبر وقوله لمن خشى

[سورة الحجرات (49) : آية 8]

العنت منكم يعنى الفجور والزنى ومنه الأسير من المسلمين في دار الحرب إذا خشى العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع فى لو يطيكم للدلالة على ان امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لان عنتهم انما يلزم من استمرار الطاعة فيما بعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال امر الايالة وانقلاب الرئيس مرؤسا لا من اطاعته في بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة قال في علم البلاغة لو للشرط في الماضي اى لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتها إذا الثبوت ينافى التعليق والاستقبال ينافى الماضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية لما ضوية الا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم إلخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا والفعل هو الاطاعة يعنى ان امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على إطاعتكم فان المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ إلخ تجريد للخطاب وتوجيه له الى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبرآءتهم من أوصاف الأولين واحمادا لافعالهم وهم الكاملون الذين لا يعتمدون على كل ما سمعوه من الاخبار والتحبيب دوست كردانيدن اى ولكنه تعالى جعل الايمان محبوبا لديكم وَزَيَّنَهُ وحسنه فِي قُلُوبِكُمْ حتى رسخ حبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والافعال وفي عين المعاني في قلوبكم دون السنتكم مجردة ردا على الكرامية وقيل دون جوارحكم ردا على الشفعوية وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ولذلك اجتنبتم مالا يليق بها مما لاخير فيه من آثارها وأحكامها والتكريه هنا بمعنى التبغيض والبغض ضد الحب فالبغض نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى شيء الذي ترغب فيه ولما كان فى التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وايصالهما إليهم استعملا بكلمة الى قال في فتح الرحمن معنى تحبيب الله وتكريهه اللطف والامداد بالتوفيق والكفر تغطية نعم الله بالجحود والفسوق الخروج عن القصد اى العدل بظلم نفسه والعصيان الامتناع من الانقياد وهو شامل لجميع الذنوب والفسوق مختص بالكبائر أُولئِكَ المستثنون بقوله ولكن الله إلخ هُمُ الرَّاشِدُونَ اى السالكون الى الطريق السوي الموصل الى الحق وفي الآية عدول وتلوين حيث ذكر أولها على وجه المخاطبة وآخرها على المغايبة حيث قيل أولئك هم الراشدون ليعلم ان جميع من كان حاله هكذا فقد دخل في هذا المدح كما قال ابو الليث فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً اى وانعاما تعليل لحبب وكره وما بينهما اعتراض لا للراشدين فان الفضل فعل الله والرشد وان كان مسببا عن فعله وهو التحبيب والتكريه مسند الى ضميرهم يعنى ان المراد بالفاعل من قام به الفعل وأسند هو اليه لا من أوجده ومن المعلوم ان الرشد قائم بالقوم والفضل والانعام قائمان به تعالى فلا اتحاد وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ في العلم فيعلم احوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل والتمايز حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة (وقال الكاشفى) والله عليم وخداى تعالى داناست بصدق وكذب حكيم محكم كارست در امور بندگان واز حكمتهاى

[سورة الحجرات (49) : آية 9]

اوست كه بتحقيق اخبار ميفرمايد كه از خبرهاى نار است انواع فتنها مى زايد هرگز سخنان فتنه انگيز مكو ... وآن راست كه هست فتنه ان نيز مكو خامش كن وكر چاره ندارى ز سخن ... شوخى مكن وتند مشو تيز مكو وفي الآية دليل على ان من كان مؤمنا لا يحب الفسق والمعصية وإذا ابتلى بالمعصية فان شهوته وغفلته تحمله على ذلك لا لحبه للمعصية بل ربما يعصى حال الحضور لان فيه نفاذ قضائه تعالى شيخ اكبر قدس سره الأطهر مى فرمايد كه بعضى از صالحان مرا خبر داد كه بفلان عالم در آمدم واو عظيم بر نفس خود مسرف بود شيخ فرمود كه من آن عالم مسرف را نيز مى دانم وبا وى اجتماع اتفاق افتاده بود آن عزيز صالح ميكويد كه چون بدر خانه او رسيدم أبا كرد از ان سبب كه بر صورتى نامشروع نشسته بود كفتم چاره نيست از ديدن او كفت بگوييد كه من بر چهـ حالم كفتم لا بد است دستورى داد در آمدم وآن خمر ايشان تمام شده بود بعضى از حاضران كفت بفلانى رقعه بنويس كه قدرى بفرستد آن عالم كفت نكنم ونمى خواهم بر معصيت حق تعالى مصر باشم والله والله كه هيچ كاسه نمى خورم الا كه در عقب آن توبه ميكنم ومنتظر كاس ديكر نباشم وبا نفس خود در ان باب سخن نمى كويم چوق بار ديكر دور مى رسد وساقى مى آيد در نفس خود نكاه ميكنم اگر راى من بر ان قرار ميكيرد كه بگيرم مى ستانم و چون فارغ شدم باز بحق رجوع ميكنم وتوبه مى آرم در مرور اوقات در خاطر من نيست كه عصيان كنم آن عزيز مى گويد كه با وجود عصيان وإسراف او تعجب نمودم كه چكونه از مثل اين حضور غافل نشد پس حذر كنى از اصرار كردن بر كناه بلكه در هر حالت توبه كنى وبحق تعالى باز كرد وبر اثر هر عصيانى عذرى بخواه طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى كه يكلحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا اى تقاتلوا والجمع حيث لم يقل اقتتلتا على التثنية والتأنيث باعتبار المعنى فان كل طائفة جمع والطائفة من الناس جماعة منهم لكنها دون الفرقة كما دل عليه قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة وطائفتان فاعل فعل محذوف وجوبا لا مبتدأ لأن حرف الشرط لا يدخل الا على الفعل لفظا او تقديرا والتقدير وان اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فحذف الاول لثلا يلزم اجتماع المفسر والمفسر واصل القتل ازالة الروح عن الجسد فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما تنى الضمير باعتبار اللفظ والصلاح الحصول على الحالة المستقيمة النافعة والإصلاح جعل الشيء على تلك الحالة وبالفارسية بإصلاح آوردن اى فاصلحوا بين تينك الطائفتين بالنصح والدعاء الى حكم الله قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله من وصل أخاه بنصيحة في دينه ونظر له في صلاح دنياه فقد احسن صلته وقال مطرف وجدنا انصح العباد لله الملائكة ووجدنا اغش العباد لله الشياطين يقال من كتم السلطان نصحه والأطباء مرضه والاخوان بثه فقد خان نفسه والإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا من أعظم الطاعات وأتم القربات وكذا نصرة المظلوم وفي الحديث الا أخبركم بأفضل من درجة الصيام

والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين وقال لقمان يا بنى كذب من يقول ان الشر يطفى الشر فان كان صادقا فليوقد نارين ثم لينظر هل تطفئ أحدا هما الاخرى وانما يطفئ الماء النار وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح الا بأذنه ولا يؤذيه بقتار قدره الا ان يغرف له منها ولا يشترى لبنيه الفاكهة فيخرجون بها الى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها وقال بعض العارفين سعى الإنسان في مصالح غيره من أعظم القربات الى الله تعالى وتأمل في موسى عليه السلام لما خرج يمشى في الظلمة في حق اهله ليطلب لهم نارا يصطلون بها وبقضون بها الاامر الذي لا يقضى الا بها في العادة كيف انتج له ذلك الطلب سماع كلام ربه من غير واسطة ملك فكلمه الله في عين حاجته وهى النار ولم يكن يخطر له هذا المقام بخاطر فلم يحصل له الا في وقت السعى في مصالح العيال وذلك ليعلمه الله بما في قضاء حوائج العائلة من الفضل فيزيد حرصا في سعيه في حقهم لانهم عبيده على كل حال وكذلك لما وقع لموسى الفرار من الأعداء الذين طلبوا قتله انتج له ذلك الفرار الحكم والرسالة كما قال ففرت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وذلك لان فراره كان سعيا في حق الغير الذي هو النفس الناطقة المالكة تدبير هذا البدن فان فرار الأكابر دائما انما يكون في حق الغير لا في حق أنفسهم فكان الفار من موسى النفس الحيوانية وكذلك لما خرج الخضر عليه السلام يرتاد الماء للجيش الذي كان معه حين فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منها عاش الى زمننا هذا والحال انه كان لا يعرف ما خص الله به شارب ذلك الماء من الحياة فلما عاد وأخبر أصحابه بالماء سارعوا الى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يهتدوا الى موضعه (كما قال الحافظ) سكندر را نمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار فانظر ما انتج له سعيه في حق الغير واعمل عليه والآية نزلت في قتال أحدث بين الأوس والخزرج فى عهده عليه السلام بالسعف وهى أغصان النخل إذا يبست والنعال فقال ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام مر يوما على ملإ من الأنصار فيهم عبد الله بن ابى المنافق ورسول الله عليه السلام على حماره فوقف عليهم يعظهم فبال حماره أوراث فأمسك عبد الله بن ابى انفه وقال نح عنا نتن حمارك فقد آذيتنا بنتنه فمن جاءك منا فعظه فسمع ذلك عبد الله بن رواحة رضى الله عنه فقال ألحمار رسول الله تقول هذا والله ان بول حمار رسول الله أطيب رائحة منك فمر عليه السلام رطال الكلام بين عبد الله بن ابى المنافق الخزرجي وعبد الله ابن رواحة الأوسي حتى استبا وتجالدا وجاء قوم كل واحد منهما من الأوس والخزرج وتجالدوا بالعصى او بالنعال والأيدي او بالسيف ايضا فنزلت الآية فرجع إليهم رسول الله فقرأها عليهم وأصلح بينهم فان قيل عبد الله بن ابى كان منافقا والآية في طائفتين من المؤمنين قلنا احدى الطائفتين هى عبد الله بن ابى وعشيرته ولم يكن كلهم منافقين فالآية تتناول المؤمنين منهم او المراد بالمؤمنين من اظهر الايمان سوآء كان مؤمنا حقيقة او ادعاء وقيل في سبب

النزول غير هذا ويحتمل ان تكون الروايات كلها صحيحة ويكون نزول الآية عقيب جميعها وقال ابن بحر القتال لا يكون بالنعال والا يدى وانما هذا في المنتظر من الزمان انتهى. يقول الفقير فسروا القتل بفعل يحصل به زهوق الروح كالضرب بآلة الحرب والمحدد ولو من خشب ونحو ذلك مما يفرق الا جزاء ولا شك ان السعف من قبل الخشب المحدد واما النعال فان بعضها يعمل عمل الخشب المحدد كما شاهدنا في نعال بعض الاعراب على ان القتال قد يستعمل مجازا في المحاربة والمضاربة فقد وقع القتال مطلقا في زمن النبي عليه السلام واما حرف الشرط فاشارة الى انه لا ينبغى ان يصدر القتال من المؤمنين الا فرضا مع ان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم فالآية عامة في جميع المسلمين الى يوم القيامة على تقدير القتال فاعرف فَإِنْ بَغَتْ اى تعدت يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وعدل عن الحق واستطال كما في القاموس واصل البغي طلب ما ليس بمستحق فان البغي الطلب إِحْداهُما وكانت مبطلة عَلَى الْأُخْرى وكانت محقة ولم تتأثر اى الباغية بالنصيحة فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي اى قاتلوا الطائفة الباغية حَتَّى تَفِيءَ اى ترجع فان الفيء الرجوع الى حالة محمودة إِلى أَمْرِ اللَّهِ اى الى حكمه الذي حكم به في كتابه العزيز وهو المصالحة ورفع العداوة او الى ما امر به وهو الاطاعة المدلول عليها بقوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الاامر منكم فأمر الله على الاول واحد الأمور وعلى الثاني واحد الأوامر وانما اطلق الفيء على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس اى إزالتها إياه فان الشمس كلما ازدادت ارتفاعا ازداد الظل انتساخا وزوالا وذلك الى ان توازى الشمس خط نصف النهار فاذا زالت عنه وأخذت فى الانحطاط أخذ الظل في الرجوع والظهور فلما كان الزوال سببا لرجوع ما انتسخ من الظل أضيف الظل الى الزوال فقيل فئ الزوال وأطاق ايضا على الغنيمة لرجوعها من الكفار الى المسلمين وتلك الأموال ولم تكن اولا للمسلمين لكنها لما كانت حقهم ليتوسلونها الى طاعته تعالى كانت كأنها لهم اولا ثم رجعت. ومر الأصمعي بحي من احياء العرب فوجد صببا يلعب مع الصبيان في الصحراء ويتكلم بالفصاحة فقال الأصمعي اين أباك يا صبي فنظر اليه الصبى ولم يجب ثم قال اين أبيك فنظر اليه ولم يجب كالاول ثم قال اين أبوك فقال فاء الى الفيفاء لطلب الفيء فاذا فاء الفيء فاء اى رجع فَإِنْ فاءَتْ اليه وأقلعت عن القتال حذارا من قتالكم فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ والانصاف بفصل ما بينهما على حكم الله ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى ان يكون بينهما قتال في وقت آخر (قال الحافظ) جويبار ملك را آب سر شمشير تست ... خوش درخت عدل بنشان بيخ بدخواهان بكن وقال كيخسرو أعظم الخطايا محاربة من يطلب الصلح وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا دون الاول لانه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وهى تورث الاحن في الغالب وقد أكد ذلك حيث قيل وَأَقْسِطُوا اى واعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون من اقسط إذا أزال القسط بالفتح اى الجور يقال إذا جاء القسط بالكسر اى العدل زال القسط بالفتح اى الجور وقال بعضهم الاقساط ان يعطى قسط غيره اى نصيبه وذلك انصاف إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ

[سورة الحجرات (49) : الآيات 10 إلى 14]

اى العادلين الذين يؤدون لكل ذى حق حقه فيجازيهم بأحسن الجزاء (قال الكاشفى) عدل را شكر هست جان افزاى ... عدل مشاطه ايست ملك آراى عدل كن زانكه در ولايت دل ... در پيغمبرى زند عادل (وقال الحافظ) شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعته عمرى كه درو داد كند قال بعض الكبار كل من كان فيه صفة العدل فهو ملك وان كان الحق ماستخلفه بالخطاب الإلهي فان من الخلفاء من أخذ المرتبة بنفسه من غير عهد الهى اليه بها وقام بالعدل فى الرعايا استنادا الى الحق كما قال عليه السلام ولدت في زمان الملك العادل يعنى كسرى فسماه ملكا ووصفه بالعدل ومعلوم ان كسرى في ذلك العدل على غير شرع منزل لكنه نائب للحق من ورلء الحجاب وخرج بقولنا وقام بالعد في الرعايا من لم يقم بالعدل كفرعون وأمثاله من المنازعين لحدود الله والمغالبين لجنابه بمغالبة رسله فان هؤلاء ليسوا بخلفاء الله تعالى كالرسل ولا نوابا له كالملوك العادلة بلهم اخوان الشياطين قال بعضهم شه كسرى از ظلم از آن ساده است ... كه در عهد او مصطفى زاده است اى كان عدله من انعكاس نور انيته صلّى الله عليه وسلّم فاعرف جدا وفي الآية دلالة على ان الباغي لا يخرج بالبغي عن الايمان لان احدى الطائفتين فاسقة لا محالة إذ اقتتلتا وقد سماهما مؤمنين وبه يظهر بطلان ما ذهب اليه المعتزلة والخوارج من خروج مرتكب الكبيرة عن الايمان ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه انه سئل وهو القدوة في قتال اهل البغي أعلمنا اهل الجمل وصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل أمنافقون هم فقال لا ان المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا قيل فما حالهم قال إخواننا بغوا علينا وايضا فيها دلالة على ان الباغي إذا امسك عن الحرب ترك لانه فاء الى امر الله وانه يجب معاونة من بغى عليهم بعد تقديم النصح والسعى في المصالحة بدلالة قوله فأصلحوا بينهما فان النصح والدعاء الى حكم الله إذا وجب عند وجود البغي من الطائفتين فلأن يجب عند وجوده من إحداهما اولى لان ظهور اثره فيها ارحى واعلم ان الباغي في الشرع هو الخارج على الامام العادل وبيانه في الفقه في باب البغاة قال سهل رحمه الله في هذه الآية الطائفتان هما الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فان بغى الطبع والهوى والشهوة على العقل والقلب والروح فيقاتل العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالبا والهوى والشهوة مغلوبا وقال بعضهم النفس إذا ظلمت على القلب باستيلاء شهواتها واستعلائها في فسادها يجب ان تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فان استجابت بالطاعة فيعفى عنها لانها هى المطية الى باب الله ولا بد من العدل بين القلب والنفس لئلا يظلم القلب على النفس كمالا يظلم النفس على القلب لان لنفسك عليك حقا نسأل الله إصلاح البال واعتدال الحال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ جمع الأخ وأصله المشارك لآخر في الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار في كل مشارك لغيره

فى القبيلة او في الدين او في صنعة او في معاملة أو في مودة او في غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والاخوة ان الصداقة إذا قويت صارت اخوة فان ازدادت صارت خلة كما في احياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الأخ فقال هو أنت في الحقيقة الا انه غيرك فى الشخص قال بعض اهل اللغة الاخوة جمع الأخ من النسب والاخوان جمع الأخ من الصداقة ويقع أحدهما موقع الآخر وفي الحديث وكونوا عباد الله إخوانا والمعنى انما المؤمنون منتسبون الى اصل واحد هو الايمان الموجب للحياة الابدية كما ان الاخوة من النسب منتسبون الى اصل واحد هو الأب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الايمان بالأب في كونه سبب الحياة كالاب فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ الفاء للايذان بأن الاخوة الدينية موجبة للاصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافا الى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لاثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الاولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح وفي التأويلات النجمية واتقوا الله في إخوتكم في الدين بحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم في المشهد والمغيب والحياة والممات لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ راجين ان ترحموا على تقواكم كما ترحمون واعلم ان اخوة الإسلام أقوى من اخوة النسب بحيث لا تعتبر اخوة النسب إذا خلت عن اخوة الإسلام الا ترى انه إذا مات المسلم وله أخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لاخيه الكافر وكذا إذا مات أخ الكافر وذلك لان الجامع الفاسد لا يفيد الاخوة وان المعتبر الأصلي الشرعي الا يرى ان ولدي الزنى من رجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية ايضا لان انما للحصر فكأنه قيل لا اخوة الا بين المؤمنين فلا اخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال إسلامه لوارثه المسلم لاستناده الى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم واما كسبه حال ردته فهو فيء يوضع في بيت المال لانه وجد بعد الردة فلا يتصور اسناده الى ما قبلها وفي الحديث كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب را در ان نصيب بودى كما في كشف الاسرار قال بعض الكبار القرابة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ثلاثة اقسام لانها اما قرابة في الصورة فقط اوفى المعنى فقط اوفى الصورة والمعنى فاما القرابة في الصورة فلا يخلو اما ان تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء او بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية واما قرابته عليه السلام في المعنى فهم الأولياء لان الولي هو ولده الروحي القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم سلمان منا اهل البيت اشارة الى القرابة المعنوية واما القرابة في الصورة والمعنى معافهم الخلفاء والائمة القائمون مقامه سواء كان قبله كأكابر الأنبياء الماضين او بعده كالاولياء الكاملين وهذه أعلى مراتب القرابة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ثم قرابة الطينية فان جمعت ما قبلها فهى الغاية وقال بعضهم ان الله خلق الأرواح من عالم الملكوت والأشباح من عالم الملك

ونفخ فيها تلك الأرواح وجعل بينها النفوس الامارة التي ليست من قبيل الأرواح ولا من قبيل الأشباح وجعلها مخالفة للارواح ومساكنها اى الأشباح فأرسل عليها جند العقول ليدفع بها شرها وهى العقول المجردة والاخروية والا فالعقول الغريزية والدنيوية لا تقدر على الدفع بل هى معينة للنفس فاذا امتحن الله عباده المؤمنين هيچ نفوسهم الامارة ليظهره حقائق درجاتهم من الايمان والاخوة وأمرهم ان يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فهم كنفس واحدة لان مصادرهم مصدر واحد وهو آدم عليه السلام ومصدر روح آدم نور الملكوت ومصدر جسمه تربة الجنة فى بعض لاقوال ولذلك يصعد الروح الى الملكوت الجسم الى الجنة كما قال عليه السلام كل شيء يرجع الا أصله وفي التأويلات النجمية اعلم ان اخوة النسب انما تثبت إذا كان منشأ النطف صلبا واحدا فكذلك اخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور الله فاصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة كما قال عليه السلام المؤمنون كنفس واحدة ان اشتكى عضو واحد تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر. بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك جوهرند چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار ومن حق الاخوة في الدين ان تحب لا خيك ما تحب لنفسك ويسرك ما سره ويسوءك ما ساءه وان لا تحوجه الى الاستعانة بك وان استعان تعنه وتنصره ظالما او مظلوما فمنعك إياه عن الظلم فذلك نصرك إياه وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان فى حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن حقه ان لا نقصر في تفقد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج الى مسألتك وان لا تلجئه الى الاعتذار بل تبسط عذره فان أشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك في خفاء عذره وتتوب عنهه إذا أذنب وتعوده إذا مرض وإذا أشار إليك بشيء فلا تطالبه بالدليل وإيراد الحجة كما قالوا لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... فى النائبات على ما قال برهانا إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمو ... لأية حرب أم باى مكان والاستنجاد يارى خواستن. قبل لفيلسوف ما الصديق فقال اسم بلا مسمى وقال فضيل لسفيان دلنى على من اركن اليه فقال ضالة لا توجد وقال ابو اسحق الشيرازي سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما الى هذا سبيل تمسك ان ظفرت بود حر ... فان الحر في الدنيا قليل قيل ابعد الناس سفرا من كان سفره في طلب أخ صالح قال أعرابي اللهم احفظني من الصديق فقيل له في ذلك قال الحذر منه اكثر من الحذر من العدو قال على رضى الله عنه اخوان هذا الزمان

[سورة الحجرات (49) : آية 11]

جواسيس العيوب وقد احسن من قال الأخ الصالح خير لك من نفسك لان النفس امارة بالسوء والأخ لا يأمرك الا بخير وقيل الدنيا بأسرها لا تسع منباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء ده درويش در كليمى بخسبند ودو پادشاه در اقليمى نكنجند واعلم ان المواخاة امر مسنون من لدن النبي عليه السلام فانه آخى بين المهاجرين والأنصار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ السخرية ان يحقر الإنسان أخاه ويستخفه ويسقطه عن درجته ويعده ممن لا يلتفت اليه اى لا يستهزئ قَوْمٌ اى منكم وهو اسم جمع لرجل مِنْ قَوْمٍ آخرين ايضا منكم والتنكير اما للتعميم او للتبعيض والقصد الى نهى بعضهم عن سخرية بعض لما انها مما يجرى بين بعض وبعض فان قلت المنهي عنه هو ان يسخر جماعة من جماعة فيلزم ان لا يحرم سخرية واحد من واحد قلت اختيار الجمع ليس للاحتراز عن سخرية الواحد من الواحد بل هو لبيان الواقع لان السخرية وان كانت بين اثنين الا ان الغالب أن تقع بمحضر جماعة يرضون بها ويضحكون بسببها بدل ما وجب عليهم من النهى شركاء الساخر في تحمل الوزر ويكونون والإنكار ويكونون بمنزلة الساخرين حكما فنهوا عن ذلك يعنى انه من نسبة فعل البعض الى الجميع لرضاهم به في الأغلب او لوجوده فيما بينهم والقوم مختص بالرجال لانهم قوامون على النساء ولهذا عبر عن الإناث بما هو مشتق من النسوة نفتح النون وهو ترك العمل ويؤيده قول زهير وما أدرى ولست إخال أدرى ... أقوم آل حصن أم نساء عَسى شايد أَنْ يَكُونُوا باشند خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى اى عسى ان يكون المسخور منهم خيرا عند الله من الساخرين ولا خبر لعسى لاغناء الاسم عنه وَلا نِساءٌ اى ولا تسخر نساء من المؤمنات وهو اسم جمع لامرأة مِنْ نِساءٍ منهن وانما لم يقل امرأة من رجل ولا بالعكس للاشعار بان مجالسة الرجل المرأة مستقبح شرعا حتى منعوها عن حضور الجماعة ومجلس الذكر لان الإنسان انما يسخر ممن يلابسه غالبا عَسى أَنْ يَكُنَّ اى المسخور منهن خَيْراً مِنْهُنَّ اى من الساخرات فان مناط الخميرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والاشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور امر السخرية غالبا بل انما هو الأمور الكامنة في القلوب فلا يجترئ أحد على استحقار أحد فعله اجمع منه لما نيط به من الخيرية عند الله فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله واستهانة من عظمه الله وفي التأويلات النجمية يشير الى انه لا عبرة بظاهر الخلق فلا تنظر الى أحد بنظر الا زرآء والاستهانة والاستخفاف والاستحقار لان في استحقار أخيك عجب نفسك مودع كما نظر إبليس بنظر الحقارة الى آدم عليه السلام فأعجبه نفسه فقال اما خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين فلعن الى الابد لهذا المعنى فمن حقر أخاه المسلم وظن انه خير منه يكون إبليس وقته واخوه آدم وقته ولهذا قال تعالى عسى ان يكونوا خيرا منهم فبالقوم يشير الى اهل المحبة وارباب السلوك فانهم مخصوصون بهذا الاسم كما قال تعالى فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه يعنى لا ينظر المنتهى من ارباب الطلب بنظر الحقارة الى المبتدئ والمتوسط عسى

ان يكونوا خيرا منهم فان الأمور بخواتيمها ولهذا قال أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيرى وقال عليه السلام رب أشعث اغبر ذى طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره قال معروف الكرخي يوما لتلميذه السرى السقطي قدس الله سرهما إذا كانت لك الى الله حاجة فأقسم عليه بي ومن هنا أخذوا قولهم على ظهر المكاتيب بحرمة معروف الكرخي والله اعلم يقول البغداديون قبر معروف ترياق مجرب وبالنساء يشير الى عوام المسلمين لانه تعالى عبر عن الخواص بالرجال في قوله رجال لا تلهيهم تجارة وقوله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يعنى لا ينبغى لمسلم ما أن ينظر الى مسلم ما بنظر الحقارة عسى ان يكن خيرا منهن الى هذا المعنى يشير ثم نقول ان للملائكة شركة مع إبليس في قولهم لآدم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك كان في نظرهم اليه بالحقارة إعجاب أنفسهم مودعا ولكن الملائكة لم يصروا على ذلك الاعجاب وتابوا الى الله ورجعوا مما قالوا فعالجهم الله تعالى باسجادهم لآدم لان في السجود غاية الهوان والذلة للساجد وغاية العظمة والعزة للمسجود فلما كان في تحقير آدم هو انه وذلته وعزة الملائكة وعظمتهم أمرهم بالسجود لان علاج العلل بأضدادها فزال عنهم علة العجب وقد أصر إبليس على قوله وفعله ولم يتب فأهلكه الله بالطرد واللعن فكذلك حال من ينظر الى أخيه المسلم بنظر الحقارة (قال الحافظ) مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او قال ابن عباس رضى الله عنه نزلت الآية في ثابت بن قيس بن شماس رضى الله عنه كان في اذنه وقر فكان إذا اتى مجلس رسول الله عليه السلام وقد سبقوه بالمجلس وسعوا له حتى يجلس الى جنبه عليه السلام يسمع ما يقول فاقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبي عليه السلام من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لاحد فكان الرجل إذا جاء لا يجد مجلسا فيقوم على رجليه فلما فرغ ثابت من الصلاة اقبل نحو رسول الله يتخطى رقاب الناس وهو يقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون حتى انتهى الى رسول الله بينه وبينه رجل فقال له تفسخ فلم يفعل فقال من هذا فقال له الرجل انا فلان فقال بل أنت ابن فلانة يريد أما له كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل ونكس رأسه فأنزل الله هذه الآية (وروى) ان قوله تعالى ولا نساء من نساء نزل فى نساء النبي عليه السلام عيرن أم سلمة بالقصر او أن عائشة رضى الله عنها قالت ان أم سلمة جميلة لولا انها قصيرة وقيل ان الآية نزلت في عكرمة بن ابى جهل حين قدم المدينة مسلما بعد فتح مكة فكان المسلمون إذا رأوه قالوا هذا ابن فرعون هذه الامة فشكا ذلك للنبى عليه السلام فقال عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات ونزلت الآية هميشه در صدد عيب جويى خويشم ... نبوده ايم پى عيب ديكران هركز قال ابو الليث ثم صارت الآية عامة في الرجال والنساء فلا يجوز لاحدان يسخر من صاحبه او من أحد من خلق الله وعن ابن مسعود البلاء موكل بالقول وانى لأخشى لو سخرت

من كلب ان أحول كلبا وذلك لان المؤمن ينبغى أن ينظر الى الخالق فانه صنعه لا ألى المخلوق فانه ليس بيده شيء في الحسن والقبح ونحوهما قيل للقمان ما أقبح وجهك فقال تعيب بهذا على النقش أو على النقاش نسأل الله الوقوف عند امره ونعوذ به من قهره (قال الحافظ) نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها كرد بامورش يشير الى التواضع والنظر الى الأدانى بنظر الحكمة وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ اللمز الطعن باللسان وفي تاج المصادر عيب كردن والاشارة بالعين ونحوه والغابر يفعل ويفعل ولم يخص السخرية بما يكون باللسان فالنهى الثاني من عطف الخاص على العام بجعل الخاص كأنه جنس آخر للمبالغة ولهذا قيل جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان والمعنى اولا يعب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة والافراد المنتشرة بمنزلة أعضاء تلك النفس فيكون ما يصيب واحدا منهم كأنه يصيب الجميع إذا اشتكى عضو واحد من شخص تداعى سائر الأعضاء الى الحمى والسهر فمتى عاب مؤمنا فكأنما عاب نفسه كقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم (ع) عيب هر كس كه كنى هم بتو مى كردد باز وفي التأويلات النجمية انما قال أنفسكم لان المؤمنين كنفس واحدة ان عملوا أشرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم وان عملوا خيرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم كما قال تعالى ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها (قال الحافظ) عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت ويجوز ان يكون معنى الآية ولا تفعلوا ما تلمزون به فان من فعل ما يستحق به اللمز فقد لمز نفسه اى تسبب للمز نفسه والا فلا طعن باللسان لنفسه منه فهو من اطلاق المسبب وارادة السبب وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يكون المعنى لا تلمزوا غيركم فان ذلك يكون سببا لان يبحث الملموز عن عيوبكم فيلمزكم فتكونوا لامزين أنفسكم فالنظم حينئذ نظير ما ثبت فى الصحيحين من قوله عليه السلام من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب امه فيسب امه انتهى يقول الفقير هو مسبوق في هذا المعنى فان الامام الراغب قال في المفردات اللمز الاغتياب وتتبع المعايب اى لا تلمزوا الناس فيلمزوكم فتكونوا في حكم من لمز نفسه انتهى ولا يدخل في الآية ذكر الفاسق لقوله عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس يقول الفقير أشار التعليل في الحديث الى أن ذكر الفاجر بما فيه من العيوب انما يصلح بهذا الغرض الصحيح وهو ان يحذر الناس منه ومن عمله والا فالامساك مع ان في ذكره تلويث اللسان الطاهر ولذا نقل عن بعض المشايخ انه لم يلعن الشيطان إذ ليس فيه فائدة سوى اشتغال اللسان بما لا ينبغى فان العداوة له انما هى بمخالفته لا بلعنته فقط وفي الحديث طوبى لمن يشغله عيبه عن عيوب الناس وفي الآية اشارة الى ان الإنسان لا يخلو عن العيب قيل لسقراط هل من انسان لا عيب فيه قال لو كان انسان لا عيب فيه لكان لا يموت ولذا قال الشاعر

ولست بمستبق اخالا تلمه ... على شعث اى الرجال المهذب اى لا مهذب في الرجال يخلو من التفرق والعيوب فمن أراد أخا مهذبا وطلت صديقا منقحا لا يجده فلابد من الستر (قال الصائب) ز ديدن كرده ام معزول چشم عيب بينى را ... اگر بر خار مى پيچم كل بيخار مى بينم (وقال) بعيب خويش اگر راه بردمى صائب ... بعيب جويى مردم چهـ كار داشتمى وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ النبز بسكون الباء مصدر نبزه بمعنى لقبه وبالفارسية لقب نهادن وتنابزوا بالألقاب لقب بعضهم بعضا فان التنابز بالفارسية يكديگر را بقلب خواندن وبفتحها القلب مطلقا اى حسنا كان او قبيحا ومنه قيل في الحديث قوم نبزهم الرافضة اى لقبهم ثم خص في العرف باللقب القبيح وهو ما يكره المدعو أن يدعى به والقلب ما سمى به الإنسان بعد اسمه العلم من لفظ يدل على المدح او الذم لمعنى فيه والمعنى ولا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء قالوا وليس من هذا قول المحدثين لسليمان الأعمش وواصل الأحدب ونحوه مما تدعو الضرورة اليه وليس فيه قصد استخفاف ولا أذى وفيه اشارة الى ان اللقب الحسن لا ينهى عنه مثل محيى الدين وشمس الدين وبهاء الدين وفي الحديث من حق المؤمن على أخيه ان يسميه بأحب أسمائه اليه بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ الاسم هنا ليس ما يقابل اللقب والكنية ولا يقابل الفعل والحرف بل بمعنى الذكر المرتفع لانه من السمو يقال طار اسمه في الناس بالكرم او باللؤم اى ذكره والفسوق هو المخصوص بالذم وفي الكلام مضاف مقدر وهو اسم الفسوق اى ذكره والمعنى بئس الذكر المرتفع للمؤمنين ان يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به وفي التأويلات النجمية بئس الاسم اسم يخرجهم من الايمان والمراد به اما تهجين نسبة الكفر والفسوق الى المؤمنين خصوصا إذ روي ان الآية نزلت في صفية بنت حيى رضى الله عنها أتت رسول الله باكية فقالت ان النساء يقلن لى وفي عين المعاني قالت لى عائشة رضى الله عنها يا يهودية بنت يهوديين فقال عليه السلام هلا قلت ان أبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد عليهم السلام او الدلالة على ان التنابز مطلقا لا بالكفر والفسوق خصوصا فسق الجمع بينه وبين الايمان قبيح فدخل فيه زيد اليهودي وعمرو النصراني وبكر الكافر وخالد الفاسق ونحو ذلك والعجب من العرب يقولون للمؤمنين من اهل الروم نصارى فهم داخلون في الذم ولا ينفعهم الافتخار بالأنساب فان التفاضل بالتقوى كما سيجيئ ونعم ما قيل وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله وما قيل چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش وفي الحديث من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة وفي الفقه لو قال رجل لصالح يا فاسق ويا ابن الفاسق ويا فاجر ويا خبيث ويا مخنث ويا مجرم ويا مباحى ويا جيفة ويا بليد ويا ابن الخبيثة ويا ابن الفاجرة ويا سارق ويا لص ويا

[سورة الحجرات (49) : آية 12]

كافر ويا زنديق ويا ابن القحبة ويا ابن قرطبان ويا لوطى ويا ملاعب الصبيان ويا آكل الربا ويا شارب الخمر وهو بريئ منه ويا ديوث ويا بى نماز ويا منافق ويا خائن ويا مأوى الزواني ويا مأوى اللصوص ويا حرام زاده يعزر في هذا كله في الفتاوى الزينية سئل عن رجل قال لآخر يا فاسق وأراد أن يثبت فسقه بالبينة ليدفع التعزير عن نفسه هل تسمع بينته بذلك انتهى وهو ينافى ظاهر ما قالوا من ان المقول له لو لم يكن رجلا صالحا وكان فيه ما قيل فيه من الأوصاف لا يلزم التعزير وَمَنْ لَمْ يَتُبْ عما نهى عنه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب والظالم أعم من الفاسق والفاسق أعم من الكافر وفي التأويلات النجمية ومن لم يتب يعنى من مقالة إبليس وفعاله بأن ينظر الى نفسه بالعجب والى غيره بالحقارة فأولئك هم الظالمون فيكونون منخرطين في سلك اللعنة والطرد مع إبليس كما قال تعالى الا لعنة الله على الظالمين انتهى وفيه دلالة بينة على ان الرجل بترك التوبة يدخل مدخل الظلمة فلا بد من توبة نصوح من جميع القبائح والمعاصي لا سيما ما ذكر في هذا المقام (قال الصائب) سرمايه نجات بود توبه درست ... با كشتى شكسته بدريا چهـ ميروى ومن أصر أخذ سريعا لان اقرب الأشياء صرعة الظلوم وانفذ السهام دعوة المظلوم وتختلف التوبة على حسب اختلاف الذنب فبعض الذنوب يحتاج الى الاستغفار وهو ما دون الكفر وبعضها يحتاج معه الى تجديد الإسلام والنكاح ان كانت له امرأة وكان بعض الزهاد يجدد عند كل ذنب ايمانا بالله وتبرئا من الكفر احتياطا كما في زهرة الرياض يقول الفقير يشير اليه القول المروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اللهم انى أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا أعلم ولا شك ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى فاستغفارهم لا يكون الا عما لا يليق بشانهم من ترك الاولى ونحوه على ما فصل في أول سورة الفتح فدل قوله واستغفرك لما لا أعلم على انه قد يصدر من الإنسان الذنب وهو لا يشعر وذلك بالنسبة الى الامة قد يكون كفرا وقد يكون غيره فكما لا بد من الاستغفار بالنسبة الى عامة الذنوب فكذا لا بد من تجديد الإسلام بالنسبة الى الكفر وان كان ذلك احتياطا إذ باب الاحتياط مفتوح في كل شأن الا نادرا وقد صح ان إتيان كلمة الشهادة على وجه العادة لا يرفع الكفر فلابد من الرجوع قصدا عن قول وفعل ليس فيهما رضى الله وهو باستحضار الذنب ان علم صدوره منه او بالاستغفار مطلقا ان صدر عنه ولو كان ذلك كفرا على انا نقول ان إمكان صدور الكفر عام للعوام والخواص ما داموا لم يصلوا الى غاية الغايات وهى مرتبة الذات الاحدية واليه يشير قول سهل التستري قدس سره ولوصلوا ما رجعوا الا ترى ان إبليس كفر بالله مع تمكن يده في الطاعات خصوصا في العرفان فانه أفحم كثيرا من اهل المعرفة لكنه كان من شأنه الكفر والرجوع الى المعصية لانه لم يدخل عالم الذات ولو دخل لم يتصور ذلك منه إذ لا كفر بعد الايمان العيانى ولهذا قال عليه السلام اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر فاعرف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ

اى كونوا على جانب منه وابعدوا عنه فان الاجتناب بالفارسية با يك سو شدن والظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت أدت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم وإبهام الكثير لا يجاب الاحتياط والتأمل في كل ظن ظن حتى يعلم انه من اى قبيل وتوضيح المقام ان كثيرا لما بين بقوله من الظن كان عبارة عن الظن فكان المأمور باجتنابه بعض الظن الا انه علق الاجتناب بقوله كثيرا لبيان انه كثير في نفسه ولا بد لنا من الفرق بين تعريف الظن الكثير وتنكيره فلو عرف وقيل اجتنبوا الظن الكثير يكون التعريف للاشارة الى ما يعرفه المخاطب بأنه ظن كثير غير قليل ولو نكر يكون تنكيره للافراد والبعضية ويكون المأمور باجتنابه بعض افراد الظن الموصوف بالكثرة من غير تعيينه اى بعض هو وفي التكليف على هذا الوجه فائدة جليلة وهى ان يحتاط المكلف ولا يجترئ على ظن ما حتى يتبين عنده انه مما يصح اتباعه ولا يجب الاجتناب عنه ولو عرف لكان المعنى اجتنبوا حقيقة الظن الموصوف بالكثرة او جميع افراده لا ما قل منه وتحريم الظن المعرف تعريف الجنس والاستغراق لا يؤدى الى احتياط المكلف لكون المحرم معينا فيجتنب عنه ولا يجتنب عن غيره وهو الظن القليل سوآء كان ظن سوء وظن صدق ومن المعلوم ان هذا المعنى غير مراد بخلاف ما لو نكر الظن الموصوف بالكثرة فان المحرم حينئذ اتباع الفرد المبهم من افراد تلك الحقيقة وتحريمه يؤدى الى احتياط المكلف الى ان يتبين عنده ان ما يخطر بباله من الظن من اى نوع من انواع الظن فان من الظن ما يجب اتباعه كحسن الظن بالله تعالى وفي الحديث ان حسن الظن من الايمان والظن فيما لا قاطع فيه من العمليات كالوتر فانه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقلنا بالوجوب فلا يكفر جاحده بل يكون ضالا ومبتدعا لرده خبر الواحد ويقتص لكونه فرضا عمليا وفي الأشباه ويكفر بانكار اصل الوتر والأضحية انتهى ومن الظن ما يحرم كالظن في الإلهيات اى بوجود الإله وذاته وصفاته وما يليق به من الكمال وفي النبوات فمن قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلمء آدم نبى أم لا يكفر وكذا من آمن بأن نبينا عليه السلام رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه إلى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وكالظن حيث يخالفه قاطع مثل الظن بنبوة الحسنين او غيرهما من خلفاء هذه الامة وأوليائها مع وجود قوله تعالى وخاتم النبيين وقوله عليه السلام لا نبى بعدي اى لا مشرعا ولا متابعا فان مثل هذا الظن حرام ولو قطع كان كفرا وكظن السوء بالمؤمنين خصوصا بالرسول عليه السلام وبورثته الكمل وهم العلماء بالله تعالى قال تعالى وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا وقال عليه السلام ان الله حرم من المسلم عرضه ودمه وان يظن به ظن السوء والمراد بعرضه جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويتحامى ان ينتقص (قال الصائب) بد كمانى لازم بد باطنان افتاده است ... كوشه از خلق جا كردم كمين پنداشتند ومن الظن ما يباح كالظن في الأمور المعاشية يعنى ظن در امور دنيا ومهمات معاش ودرين صورت بد كمانى موجب سلامت وانتظام مهام است واز قبيل حزم شمرده اند كما قيل بد نفس مباش وبد كمان باش ... وز فتنه ومكر در أمان باش

وفي كشف الاسرار المباح كالظن في الصلاة والصوم والقبلة امر صاحبه بالتحرى فيها والبناء على غلبة الظن وفي تفسير الكاشفى تحردرى امر قبله وبنا نهادن بر غلبه ظن در امور اجتهاديه مندوبست ومعنى التحري لغة الطلب وشرعا طلب شيء من العبادات بغالب الرأى عند تعذر الوقوف على حقيقته إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ يستحق العقاب عليه وذلك البعض كثير وهو تعليل للامر بالاجتناب بطريق الاستئناف التحقيقى والإثم الذنب يستحق العقوبة عليه وهمزته منقلبة من الواو كأنه يثم الأعمال اى يكثرها فان قلت أليس هذا ميلا الى مذهب الاعتزال قلت بلى لولا التشبيه اى في كأنه قاله سعدى المفتى وقال ايضا تبع المصنف في ذلك الزمخشري واعترض عليه بأن تصريف هذه الكلمة لا تنفك عنه الهمزة بخلاف الواوي وانها من باب علم والواوي من باب ضرب قلت والزمخشري نفسه ذكرها في الأساس في باب الهمزة انتهى ودلت الآية على ان اكثر الظنون من قبيل الإثم لان الشيطان يلقى الظنون في النفس فتظن النفس الظن الفاسد وعلى ان بعض الظن ليس بأثم بل هو حقيقته وهو ما لم يكن من قبيل النفس بل كان بالفراسة الصحيحة بان يرى القلب بنور اليقين ما جرى في الغيب وفي الحديث ان في كل امة محدثين او مروعين على الشك من الراوي فان يكن في هذه الامة فان عمر منهم والمحدث المصيب في رأيه كأنما حدث بالأمر والمروع الذي يلقى الأمر في روعه اى قلبه وفي فتح الرحمن ولا يقدم على الظن إلا بعد النظر في حال الشخص فان كان موسوما بالصلاح فلا يظن به السوء بأدنى توهم بل يحتاط في ذلك ولا تظنن السوء الا بعد أن لا تجد الى الخير سبيلا (قال الصائب) سيلاب صاف شد زهم آغوشي محيط ... با سينه كشاده كدورت چهـ ميكند واما الفساق فلنا ان نظن بهم مثل الذي ظهر منهم وفي منهاج العابدين للامام الغزالي قدس سره إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك في قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بأن تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمؤمنين مأمور به انتهى وفي الحديث من أتاه رزق من غير مسألة فرده فانما يرده على الله قال الحسن لا يرد جوائز الأمراء إلا مرائي او أحمق وكان بعض السلف يستقرض لجميع حوائجه ويأخذ الجوائز ويقضى بها دينه والحيلة فيه أن يشترى بمال مطلق ثم ينقد ثمنه من اى مال شاء وعن الامام الأعظم ان المبتلى بطعام السلطان والظلمة يتحرى ان وقع في قلبه حله قبل وأكل والا لا لقوله عليه السلام استفت قلبك قال الشيخ ابو العباس قدس سره من كان من فقراء هذا الزمان أكالا لا موال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال تعالى سماعون للكذب اكالون للسحت قال سفيان الثوري رضى الله عنه الظن ظنان أحدهما اثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بأثم وهو ان تظن ولا تتكلم به والمراد بأن بعض الظن اثم ما اعلنته وتكلمت به من الظن وعن الحسن كنا في زمان الظن بالناس حرام فيه وأنت اليوم في زمان اعمل واسكت وظن بالناس ما شئت اى لانهم اهل لذلك والمظنون موجود فيهم وعنه ايضا ان صحبة الأشرار تورث حسن الظن بالأخيار وطلب المتوكل جارية

الدقاق بالمدينة وكان من اقران الجنيد ومن أكابر مصر فكاد يزول عقله لفرط حبها فقالت لمولاها احسن الظن بالله وبي فانى كفيلة لك بما تحب فحملت اليه فقال لها المتوكل اقرئى فقرأت ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ففهم المتوكل ما أرادت فردها (وروى) عن انس رضى الله عنه ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلم احدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله فقال يا فلان هذه زوجتى صفية وكانت قد زارته في العشر الاول من رمضان فقال يا رسول الله ان كنت أظن بغيرك فانى لم أكن أظن بك فقال عليه السلام ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم كما في الاحياء وفيه اشارة الى لحذر من مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم من الغيبة والى الاتقاء عن تزكية النفس فان النفس والشيطان لهما شأن عجيب في باب المكر والإغواء وإلقاء الفتنة والفساد نسأل الله المنان أن يجعلنا في أمان وَلا تَجَسَّسُوا أصله لا تتجسسوا حذف منه احدى التاءين اى ولا تبحثوا عن عورات المسلمين وعيوبهم تفعل من الجس لما فيه من معنى الطلب فان جس الخبر طلبه والتفحص عنه فاذا نقل الى باب التفعل يحدث معنى التكلف منضما الى ما فيه من معنى الطلب يقال جسست الاخبار اى تفحصت عنها وإذا قيل تجسستها يراد معنى التكليف كالتلمس فانه تفعل من اللمس وهو المس باليد لتعرف حال الشيء فاذا قيل تلمس يحدث معنى التكلف والطلب مرة بعد اخرى وقد جاء بمعنى الطلب في قوله وانا لمسنا السماء وقرئ بالحاء من الحس الذي هو أثر الجس وغايته ولتقاربهما يقال للمشاعر الحواس بالحاء والجيم وفي المفردات اصل الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والسقم ومن لفظ الجس اشتق الجاسوس وهو أخص من الحس لانه تعرف ما يدرك الحس والجس تعرف حال ما من ذلك وفي الاحياء التجسس بالجيم في تطلع الاخبار وبالحاء المهملة في المراقبة بالعين وفي انسان العيون التحسس للاخبار بالحاء المهملة ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وبالجيم أن يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى وفي تاج المصادر التجسس والتحسس خبر جستن وفي القاموس الجس تفحص الاخبار كالتجسس ومنه الجاسوس والجسيس لصاحب سر الشر ولا تجسسوا اى خذوا ما ظاهر ودعوا ما ستر الله تعالى اولا تفحصوا عن بواطن الأمور اولا تبحثوا عن العورات والحاسوس الجاسوس او هو في الخير وبالجيم في الشر انتهى وفي الحديث لا تتبعوا عورات المسلمين فان من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته (قال الصائب) خيانتهاى پنهان ميكشد آخر برسوايى ... كه دزد خانكى را شحنه در بازار ميكيرد وعن جبرائيل قال يا محمد لو كانت عبادتنا على وجه الأرض لعملنا ثلاث خصال سقى الماء للمسلمين واعانة اصحاب العيال وستر الذنوب على المسلمين وعن زيد بن وهب قلنا لابن مسعود رضى الله عنه هل لك في الوليد بن عقبة بن ابى معيط يعنى چهـ ميكويى در حق او تقطر لحيته خمرا فقال ابن مسعود رضى الله عنه انا قد نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شيء نأخذه به وفي الحديث اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا والعورات بالتسكين جمع عورة

وهى عورة الإنسان وما يستحيى منه من العثرات والعيوب وفي الحديث اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تنسنا ذكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعنا من الغافلين وعنه عليه السلام من قال عند منامه هذا الدعاء بعث الله اليه ملكا في أحب الساعات اليه فيوقظه كما في المقاصد الحسنة قال فى نصاب الاحتساب ويجوز للمحتسب أن يتفحص عن احوال السوقية من غير أن يخبره أحد بخيانتهم فان قيل ينبغى ان لا يجوز لانه تجسس منهى فنقول التجسس طلب الخير للشر والأذى وطلب الخبر للامر بالمعروف والنهى عن المنكر ليس كذلك فلا يدخل تحت النهى يقول الفقير وهو مخالف لما سبق عن ابن مسعود رضى الله عنه فان قلت ذلك لكونه غير آمر ومأمور قلت دل قوله نأخذوه به على ولايته من اى وجه كان إذ لا يأخذه الا الوالي او وكيله ويجوز أن يقال لو طلب ابن مسعود خبر الوليد بنفسه للنهى عن المنكر لكان له وجه فلما جاء خبره في صورة السعاية والهتك اعرض عنه او رأى الستر في حق الوليد اولى فلم يستمع الى القائل وكان عمر رضى الله عنه يعس ذات ليلة فنظر الى مصباح من خلل باب فاطلع فاذا قوم على شراب لهم فلم يدر كيف بصنع فدخل المسجد فأخرج عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنه فجاء به الى الباب فنظر وقال له كيف ترى أن نعمل فقال ارى والله انا قد أتينا ما نهانا الله عنه لانا تجسسنا واطلعنا على عورة قوم ستروا دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر الله فقال ما أراك الا قد صدقت فانصرفا فالمحتسب لا يتجسس ولا يتسور ولا يدخل بيتا بلا اذن فان قيل ذكر في باب من يظهر البدع في البيوت انه يجوز للمحتسب الدخول بلا اذن فنقول ذلك فيما ظهر واما إذا خفى فلا يدخل فان ما ستره الله لا بد وأن يستره العبد هذا في عيوب الغير واما عيوب النفس فالفحص عنها لازم للاصلاح والتزكية وقد عدوا انكشاف عيوب النفس اولى من الكرامات وخوارق العادات فانه مادام لم تحصل التزكية للنفس لا تفيد الكرامة شيئا بل ربما يوقعها في الكبر والعجب والتطاول فنعوذ بالله تعالى من شرورها وفجورها وغرورها وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً الاغتياب غيبت كردن والغيبة بالكسر اسم من الاغتياب وفتح الغين غلط إذ هو بفتحها مصدر بمعنى الغيبوبة والمعنى ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في غيبته وخلفه وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنها فقال أن تذكر أخاك بما يكره فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته اى قلت عليه ما لم يفعله والحاصل ان الغيبة والاغتياب هو أن يتكلم انسان خلف انسان مستور بما فيه من عيب اى بكلام صادق من غير ضرورة قوية الى ذكره ولو سمعه لغمه وان كان ذلك الكلام كذا يسما بهتانا وهو الذي يتر الديار بلاقع اى خرابا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً انتصاب ميتا على الحالية من اللحم واللحم المنفصل عن الحي يوصف بانه ميت لقوله عليه السلام ما أبين من حى فهو ميت وقيل من الأخ على مذهب من يجوز الحال من المضاف اليه مطلقا وشدده نافع اى قرأ ميتا بالتشديد والكلام تمثيل وتصوير لما يصدر عن المغتاب من حيث صدوره عنه ومن حيث تعلقه بصاحبه على افحش وجه واشنعه طبعا وعقلا وشرعا يعنى شبه الاغتياب من حيث اشتماله على تناول عرض المغتاب بأكل لحم

الإنسان ميتا تشبيها تمثيليا وعبر بالهيئة المشبه بها عن الهيئة المشبهة ولا شك ان الهيئة المشبه بها افحش جنس التناول واقبحه فيكون التمثيل المذكور تصويرا للاغتياب بأقبح الصور وذلك ان الإنسان يتألم قلبه من قرض عرضه كما يتألم جسمه من قطع لحمه بل عرضه اشرف من لحمه ودمه فاذا لم يحسن للعاقل أكل لحوم الناس لم يحسن له قرض عرضهم بالطريق الاولى خصوصا ان أكل الميتة هو المتناهي في كراهة النفوس ونفور الطباع ففيه اشارة الى ان الغيبة عظيمة عند الله وفي قوله ميتا اشارة الى دفع وهم وهو أن يقال الشتم في الوجه يؤلم فيحرم واما الاغتياب فلا اطلاع عليه للمغتاب فلا يؤلمه فكيف يحرم فدفعه بأن أكل لحم الأخ وهو ميت ايضا لا يؤلمه ومع هذا هو في غاية القبح لكونه بمراحل عن رعاية حق الاخوة كذا في حواشى ابن الشيخ يقول الفقير يمكن أن يقال ان الاغتياب وان لم يكن مؤلما للمغتاب من حيث عدم اطلاعه عليه لكنه في حكم الإيلام إذ لو سمعه لغمه على انا نقول ان الميت متألم وان لم يكن فيه روح كما ان السن وهو الضرس متألم إذا كان وجعا وان لم يكن فيه حياة فاعرف فَكَرِهْتُمُوهُ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من التمثيل كأنه قيل وحيث كان الأمر كما ذكر فقد كرهتموه فأصمر كلمة قد لتصحيح دخول الفاء في الجزاء فالمقصود من تحقيق استكراههم وتقذرهم من المشبه به الترغيب والحث على استكراه ما شبه به وهو الغيبة كأنه قيل إذا تحققت كراهتكم له فليتحقق عندكم كراهة نظيره الذي هو الاغتياب وَاتَّقُوا اللَّهَ بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما صدر عنكم من قبل وهو عطف على ما تقد من الأوامر والنواهي إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ مبالغ في قبول التوبة وافاضة الرحمة حيث يجعل التائب كمن لم يذنب ولا يخص ذلك بتائب دون تائب بل يعم الجميع وان كثرت ذنوبهم فصيغة المبالغة باعتبار المتعلقات (روى) ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج الى رجلين موسرين يخد مهما ويتقدم لهما الى المنزل فيهيئ لهما طعامهما وشرابهما فضم سلمان الفارسي الى رجلين في بعض أسفاره فتقدم سلمان الى المنزل فغلبته عيناه فلم يهيئ لهما شيأ فلما قدما قالا له ما صنعت شيأ فقال لا غلبتنى عيناى قالا له انطلق الى رسول الله فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان الى رسول الله وسأله طعاما فقال عليه السلام انطلق الى اسامة بن زيد وقل له ان كان عنده فضل من طعام فليعطك وكان اسامة خازن رسول الله على رحله وطعامه فأتاه فقال ما عندى شيء فرجع سلمان إليهما فاخبرهما فقالا كان عند اسامة شيء ولكن بخل به فبعثا سلمان الى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالوا لو بعثناه الى بئر سميحة لغار ماؤها وسميحة كجهينة بالحاء المهملة بئر بالمدينة غزيرة الماء على ما في القاموس ثم انطلقا يتجسسان هل عند اسامة ما أمر لهما به رسول الله من الطعام فلما جاءا الى رسول الله قال لهما ما لى أرى خضرة اللحم في أفواهكما والعرب تسمى الأسود أخضر والأخضر أسود وخضرة اللحم من قبيل الاول كأنه عليه السلام أراد باللحم لحم الميت وقد اسود بطول المكث تصويرا لاغتيابهما بأقبح الصور ويحتمل انه عليه السلام أراد بالخضرة النضارة اى نضارة اللحم او نضارة تناوله وفي الحديث الدنيا حلوة

خضرة نضرة اى غضة طرية ناعمة قالا والله يا رسول ما تناولنا يومنا هذا لحما قال عليه السلام ظللتما تأكلان لحم اسامة وسلمان اى انكما قد اغتبتماهما فانزل الله الآية آنكس كه لواء غيبت افراخته است ... از كوشت مردكان غذا ساخته است وآنكس كه بعيب خلق پرداخته است ... زانست كه عيب خويش نشناخته است وفي الحديث الغيبة أشد من الزنى قالوا وكيف قال ان الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه كما في كشف الاسرار وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيبة ادام كلاب الناس وكان ابو الطيب الطاهري يهجو بنى سامان فقال له نضر بن احمد الى متى تأكل خبزك بلحوم الناس فخجل ولم يعد (قال الصائب) كسى كه پاك نسازد دهن ز غيبت خلق ... همان كليد در دوزخست مسواكش (قال الشيخ سعدى) فى كتاب الكلستان ياد دارم كه در عهد طفوليت متعبد بودم وشب خيز ومولع زهد و پرهيز تا شبى در خدمت پدر نشسته بودم وهمه شب ديده بهم نبسته ومصحف عزيز در كنار كرفته وطائفه كردما خفته پدر را كفتم كه از إينان يكى سر بر نمى آرد كه دو ركعت نماز بگزارد ودر خواب غفلت چنان رفته اند كه كويى نخفته اند بلكه مرده كفت اى جان پدر اگر تو نيز بخفتى به كه در پوستين خلق افتى نبيند مدعى جز خويشتن را ... كه دارد پرده پندار در پيش اگر چشم دلت را بر كشايى ... نه بينى هيچ كس عاجزتر از خويش وعن انس رضى الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما عرج بي مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم وفي الحديث خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة رواه انس وأول من اغتاب إبليس اغتاب آدم وكان ابن سيرين رحمه الله قد جعل على نفسه إذا اغتاب أن يتصدق بنار ومما يجب التنبيه له ان مستمع الغيبة كقائلها فوجب على من سمعها أن يردها كيف وقد قال النبي عليه السلام من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجه النار يوم القيامة وقال عليه السلام المغتاب والمستمع شريكان فى الإثم وعن ميمون انه أتى بجيفة زنجى في النوم فقيل له كل منها فقال لم قيل لانك اغتبت عبد فلان فقال ما قلت فيه شيئا قيل لكنك استمعت ورضيت فكان ميمون لا يغتاب أحدا ولا يدع أحدا أن يغتاب عنده أحدا وعن بعض المتكلمين ذكره بما يستخف به انما يكون غيبة إذا قصد الإضرار والشماتة به اما إذا ذكره تأسفا لا يكون غيبة وقال بعضهم رجل ذكر مساوى أخيه المسلم على وجه الاهتمام ومثله في الواقعات وعلل بأنه انما يكون غيبة أن لو أراد به السب والنقص قال السمرقندي في تفسيره قلت فيما قالوه خطر عظيم لانه مظنة أن يجر الى ما هو محض غيبة فلا يؤمن فتركها رأسا أقرب الى التقوى وأحوط انتهى وفي هدية المهديين رجل لو اغتاب فريقا لا يأثم حتى يغتاب قوما معروفين ورجل يصلى ويؤذى الناس باليد او اللسان لا غيبة له ان ذكر بما فيه وان أعلم به السلطان حتى يزجره لا يأثم انتهى وفي

[سورة الحجرات (49) : آية 13]

المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته انتهى وعن الحسن لا حرمة لفاجر (وروى) من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له واذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس كما في الكواشي وإذا جاز نقص عرض الفاسق بغيبته فأولى أن يجوز نقص عرض الكافر كما في شرح المشارق لابن الملك وسلك بعضهم طريق الاحتياط فطرح عن لسانه ذكر الخلق بالمساوي مطلقا كما حكى انه قيل لابن سيرين مالك لا تقول في الحجاج شيئا فقال أقول فيه حتى ينجيه الله بتوحيده ويعذبنى باغتيابه ومن هنا أمسك بعضهم عن لعن يزيد وكان فضيل يقول ما لعنت إبليس قط اى وان كان ملعونا في نفس الأمر كما نطق به القرءان فكيف يلعن من اشتبه حاله وحال خاتمته وعاقبته يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى اى من آدم وحواء عليهما السلام او خلقنا كل واحد منكم من اب وأم فالكل سوآء في الانتساب الى ذكر وأنثى أيا كانا فلا وجه للتفاخر بالنسب الناس من جهة التمثال أكفاه ... ابو همو آدم والام حواء فان يكن لهمو من أصلهم نسب ... يفاخرون به فالطين والماء از نسب آدميانى كه تفاخر ورزند ... از ره دانش وانصاف چهـ دور افتادند نرسد فخر كسى را بنسب برد كرى ... چونكه در اصل ز يك آدم وحوا زادند نزلت حين أمر النبي عليه السلام بلالا رضى الله عنه ليؤذن بعد فتح مكة فعلا ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذي قبض ابى حتى لم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام اما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعنى بلا لا وخرج ابو بكر بن ابى داود في تفسير القرآن ان الآية نزلت في ابى هند حين أمر رسول الله بنى بياضة أن يزوجوه امرأة منهم فقالوا يا رسول الله تتزوج بناتنا مواليها فنزلت وفيه اشارة الى ان الكفاءة في الحقيقة انما هى بالديانة اى الصلاح والحسب والتقوى والعدالة ولو كان مبتدعا والمرأة سنية لم يكن كفؤا لها كما في النتف وسئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما في مجمع الفتاوى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ وشما را شاخ شاخ كرديم وخاندان خاندان والشعب بفتح الشين الجمع العظيم المنتسبون الى اصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطون تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفضائل والفضيلة تجمع العشائر وليس بعد العشيرة حى يوصف به كما في كشف الاسرار فخزيمة شعب وكنانة وقبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذوا العباس فضيلة وسميت الشعوب لان القبائل تتشعب منها كتشعب أغصان الشجرة وسميت القبائل لانها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من اب واحد وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب والأسباط من بنى إسرائيل والشعوب من قحطان والقبائل من عدنان لِتَعارَفُوا أصله لتتعارفوا حذفت احدى التاءين اى ليعرف بعضكم بعضا بحسب الأنساب فلا يعتزى أحد الى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت

والتفاضل في الأنساب (وقال الكاشفى) يعنى دو كس كه بنام متحد باشند بقبيله متميز ميشوند چنانچهـ زيد تميمى از زيد قرشى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ تعليل للنهى عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقى كأن قيل ان الأكرم عنده تعالى هو الأتقى وان كان عبدا حبشيا اسود مثل بلال فان فاخرتم ففاخروا بالتقوى وبفضل الله ورحمته بل بالله تعالى ألا ترى الى قوله عليه السلام انا سيد ولد آدم ولا فخر اى ليس الفخر لى بالسيادة والرسالة بل العبودية فانها شرف اى شرف وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول في قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (وروى) ان رسول الله عليه السلام مر فى سوق المدينة فرآى غلاما اسود يقول من اشترانى فعلى شرط ان لا يمنعنى عن الصلوات الخمس خلف رسول الله فاشتراه رجل فكان رسول الله يراه عند كل صلاة قفقده فسأل عنه صاحبه فقال محموم فعاده ثم سأل عنه بعد ايام فقيل هو كابه اى متهيئ للموت الذي هو لاحق به فجاءه وهو في بقية حركته وروحه فتولى غسله ودفنه فدخل على المهاجرين والأنصار امر عظيم فنزلت الآية إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بكم وبأعمالكم خَبِيرٌ ببواطن أحوالكم قال ابن الشيخ في حواشيه والنسب وان كان معتبرا عرفا وشرعا حتى لا تتزوج الشريفة بالنبطي قال في القاموس النبط محركة جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين وهو نبطى محركة انتهى الا انه لا عبرة به عند ظهور ما هو أعظم قدرا منه وأعز وهو الايمان والتقوا كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس فالفاسق وان كان قرشى النسب وقارون النشب لا قدر له عند المؤمن التقى وان كان عبدا حبشيا والأمور التي يفتخر بها في الدنيا وان كانت كثيرة لكن النسب أعلاها من حيث انه ثابت مستمر غير مقدور التحصيل لمن ليس له ذلك بخلاف غيره كالمال مثلا فانه قد يحصل للفقير مال فيبطل افتخار المفتخر به عليه وكذا الأولاد والبساتين ونحوها فلذلك خص الله النسب بالذكر وأبطل اعتباره بالنسبة الى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الاولى انتهى وفي الحديث ان ربكم واحد وأبوكم واحد لافضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى وعلى هذا اجماع العلماء كما في بحر العلوم هر كرا تقوى بيشتر قدم او در مرتبه فضل پيشتر الشرف بالفضل والأدب لا بالأصل والنسب با ادب باش تا بزرك شوى ... كه بزرگى نتيجه ادبست قال بعض الكبار المفاضلة بين الخلق عند الله لنسبهم لا لنسبتهم فهم من حيث النسبة واحد ومن حيث النسب متفاضلون ان أكرمكم عند الله أتقاكم ولا يصح التفاضل بالأعمال فقد يسبق التابع المتبوع ولو كان الشرف للاشياء من حيث شأنها او مواطنها لكان الشرف لأبليس على آدم في قوله خلقتنى من نار وخلقته من طين ولكن لما كان الشرف اختصاصا الهيا لا يعرف الا من جانب الحق تعالى جهل إبليس في مقالته تلك وصح الشرف لآدم عليه السلام عليه والخيرية وسئل عيسى عليه السلام اى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال اى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم قال سلمان الفارسي رضى الله عنه

[سورة الحجرات (49) : آية 14]

ابى الإسلام لا اب لى سواه ... إذا افتخروا بقيس او تميم وفي الحديث ان الله لا ينظر الى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست وقال عليه السلام يا أيها الناس انما الناس رجل مؤمن تقى كريم على الله وفاجر شقى هين على الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى (وروى) عن ابى هريرة رضى الله عنه ان الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول الله لهم طالما كنتم تكلمون وانا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم انى رفعت نسبى وأبيتم الا انسابكم قلت ان أكرمكم عندى أتقاكم وأبيتم أنتم فقلتم لابل فلان ابن فلان وفلان ابن فلان فرفعتم انسابكم ووضعتم نسبى فاليوم أرفع نسبى واضع انسابكم سيعا هل الجمع اليوم من اصحاب الكرم اين المتقون كما في كشف الاسرار قال الشافعي اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصى ونقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة قال في التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى الى خلق القلوب انها خلقت من ذكر وهو الروح وأنثى وهى النفس وجعلناكم شعوبا وقبائل اى جعلناها صنفين صنف منها شعوب وهى التي تميل الى أمها وهى النفس والغالب عليها صفات النفس وصنف منها قبائل وهى التي تميل الى أبيها وهو الروح والغالب عليها صفات الروح لتعارفوا اى لتتعارفوا اصحاب القلوب وارباب النفوس لا لتتكاثروا وتتنافسوا وتباهوا بالعقول والأخلاق الروحانية الطبيعية فانها ظلمانية لا يصلح شيء منها للتفاخر به ما لم يقرن به الايمان والتقوى فان تنورت الافعال والأخلاق والأحوال بنور الايمان والتقوى فلم تكن الافعال مشوبة بالرياء ولا الأخلاق مصحوبة بالأهواء ولا الأحوال منسوبة الى الاعجاب فعند ذلك تصلح للتفاخر والمباهاة بها كما قال تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم وقال عليه السلام الكرم التقوى فأتقاهم من يكون ابعدهم من الأخلاق الانسانية وأقربهم الى الأخلاق الربانية والتقوى هو التحرز والمتقى من يتحرز عن نفسه بربه وهو أكرم على الله من غيره انتهى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الاعراب اهل البادية وقد سبق تفصيله في سورة الفتح والحاق التاء بالفعل المسند إليهم مع خلوه عنها في قوله وقال نسوة في المدينة للدلالة على نقصان عقلهم بخلافهن حيث لمن امرأة العزيز في مراودتها فتاها وذلك يليق بالعقلاء نزلت في نفر من بنى اسد قدموا المدينة في سنة جدب فأظهروا الشهادتين فكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام اتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها واتيناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنوا فلان يرون الصدق ويمنون عليه عليه السلام ما فعلوا قُلْ ردا لهم لَمْ تُؤْمِنُوا إذا لايمان هو التصديق بالله وبرسوله المقارن للثقة بحقيقة المصدق وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك والا لما مننتم على ما ذكرتم من الإسلام وترك المقاتلة كما ينبئ عنه آخر السورة يعنى ان التصديق الموصوف مسبوق بالعلم بقبح الكفر وشناعة المقاتلة وذلك يأبى المن وترك المقاتلة فان العاقل لا يمن

بترك ما يعلم قبحه وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا اسلم بمعنى دخل في السلم كأصبح وامسى وأشتى اى قولوا دخلنا في السلم والصلح والانقياد مخافة أنفسنا فان الإسلام انقياد ودخول فى السلم واظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به اى بالانقياد والدخول المذكور وإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا اولم تؤمنوا ولكن أسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن إخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثاني ومن الثاني ما يقابل الاول والأصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرآن وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حل عدم موطأة قلوبكم لألسنتكم وما في لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بالإخلاص وترك النفاق لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً اى لا ينقصكم شيأ من أجورها من لات يليت ليتا إذا نقص قال الامام معنى قوله لا يلتكم انكم ان أتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالإخلاص وترك النفاق فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزاء لا ينقص منه نظرا الى ما في حسناتكم من النقصان والتقصير وهذا لان من حمل الى ملك فاكهة طيبة يكون ثمنها في السوق درهما مثلا وأعطاه الملك درهما او دينارا انتسب الملك الى قلة العطاء بل الى البخل فليس معنى الآية أن يعطى من الجزاء مثل عملكم من غير نقص بل المعنى يعطى ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص ويؤيد ما قاله قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما فرط من المطيعين رَحِيمٌ بالتفضل عليهم قال في بحر العلوم في الآية إيذان بأن حقيقة الايمان التصديق بالقلب وان الإقرار باللسان واظهار شرائعه بالايذان ليس بأيمان وفي التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة الايمان ليست مما يتناول باللسان بل هو نور يدخل القلوب إذا شرح الله صدر العبد للاسلام كما قال تعالى فهو على نور من ربه وقال عليه السلام في صفة ذلك النور إذا وقع فى القلب انفسح له واتسع قيل يا رسول الله هل لذلك النور علامة يعرف بها قال بلى التجافي عن دار الغرور والا نابة الى دار الخلود واستعداد الموت قبل نزوله ولهذا قال تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم فهذا دليل على ان محل الايمان القلب انتهى وفي علم الكلام ذهب جمهور المحققين الى ان الايمان التصديق القلب وانما الإقرار شرط لا جزؤه لاجراء الاحكام فى الدنيا كالصلاة عليه في وقت موته لما ان تصديق القلب امر باطن لا يطلع عليه أحد لا بد له من علامة فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند الله لوجود التصديق القلبي وان لم يكن مؤمنا في احكام الدنيا لانتفاء شرطه واما من جعل الإقرار ركنا من الايمان فعنده لا يكون تارك الإقرار مؤمنا عند الله ولا يستحق النجاة من خلود النار ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق هو مؤمن في احكام الدنيا وان لم يكن مؤمنا عند الله وهذا المذكور من ان الايمان هو التصديق القلبي والإقرار باللسان لاجراء الاحكام هو اختيار الشيخ ابى

منصور رحمه الله والنصوص معاضدة لذلك قال الله تعالى أولئك كتب في قلوبهم الايمان وقال الله تعالى وقلبه مطمئن بالايمان وقال الله تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم وقال عليه السلام اللهم ثبت قلبى على دينك اى على تصديقك وقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه حين قتل من قال لا اله الا الله هل شققت قلبه وفي فتح الرحمن حقيقة الايمان لغة التصديق بما غاب وشرعا عند ابى حنيفة رحمه الله تصديق بالقلب وعمل باللسان وعند الثلاثة عقد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان فدخل كل الطاعات انتهى قال ابن الملك في شرح المشارق ثم الإقرار باللسان ليس جزأ من الايمان ولا شرطا له عند بعض علمائنا بل هو شرط لاجراء احكام المسلمين على المصدق لان الايمان عمل القلب وهو لا يحتاج الى الإقرار وقال بعضهم انه جزء منه لدلالة ظواهر النصوص عليه الا ان الإقرار لما كان جزأ له شائبة العرضية والتبعية اعتبروا في حالة الاختيار جهة الجزئية حتى لا يكون تاركه مع تمكنه منه مؤمنا عند الله وان فرض انه مصدق وفي حالة الاضطرار جهة العرضية فيسقط وهذا معنى قولهم الإقرار ركن زائد إذ لا معنى لزيادته الا ان يحتملى السقوط عند الإكراه على كلمة الكفر فان قيل ما الحكمة في جعل عمل جارحة جزأ من الايمان ولم عين به عمل اللسان دون اعمال سائر الأركان قلنا لما اتصف الإنسان بالايمان وكان التصديق عملا لباطنه جعل عمل ظاهره داخلا فيه تحقيقا لكمال اتصافه به وتعين له فعل اللسان لانه مجبول للبيان او لكونه أخف وأبين من عمل سائر الجسد نعم يحكم بإسلام كافر لصلاته بجماعة وان لم يشاهد إقراره لان الصلاة المسنونة لا تخلو عنه وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام المقدسي النطق بكلمتي الشهادة واجب فمن علم وجوبهما وتمكن من النطق بهما فلم ينطق فيحتمل ان يجعل امتناعه من النطق بهما كامتناعه من الصلاة فيكون مؤمنا غير مخلد في النار لان الايمان هو التصديق المحض بالقلب واللسان ترجمانه وهذا هو الأظهر إذ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان ولا يعدم الايمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما لا يعدم بترك الفعل الواجب انتهى وقال سهل رضى الله عنه ليس في الايمان اسباب انما الأسباب في الإسلام والمسلم محبوب للخلق والمؤمن غنى عن الخلق وقال بعض الكبار المسلم في عموم الشريعة من سلم الناس من لسانه ويده وفي خصوصها من سلم كل شيء من لسانه بما يعبر عنه ويده فيما له فيه نفوذ الاقتدار والمؤمن منور الباطن وان عصى والكافر مظلم الباطن وان أتى بمكارم الأخلاق ومن قال انا مؤمن ان شاء الله فما عرف الله كما ينبغى وقال بعض الكبار كل من آمن عن دليل فلا وثوق بإيمانه لانه نظرى لا ضرورى فهو معرض للشبه القادحة فيه بخلاف الايمان الضروري الذي يجده المؤمن في قلبه ولا يقدر على دفعه وكذا القول في كل علم حصل عن نظر وفكر فانه مدخول لا يسلم من دخول الشبه عليه ولا من الحيرة فيه ولا من القدح في الأمر الموصل اليه ولا بد لكل محجوب من التقليد فمن أراد العلم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف الله بالله ويعرف جميع احكام الشريعة بالله لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر

[سورة الحجرات (49) : الآيات 15 إلى 18]

فليقلد ربه فيما اخبر ولا يؤول فانه اولى من تقليد العقل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا اى آمنوا ثم لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدقوه واعترفوا بأن الحق معه من ارتاب مطاوع را به إذا أوقعه في الشك في الخبر مع التهمة للمخبر فظهر الفرق بين الريب والشك فان الشك تردد بين نقبضين لا تهمة فيه وفيه اشارة الى أن فيهم ما يوجب نفى الايمان عنهم وهو الارتياب وثم للاشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الايمان ليس في حال إنشائه فقط بل وفيما يستقبل فهى كما في قوله تعالى ثم استقاموا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طاعته على تكثير فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليهما معا كالحج والجهاد أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة هُمُ الصَّادِقُونَ اى الذين صدقوا في دعوى الايمان لا غيرهم فهو قصر افراد وتكذيب لأعراب بنى اسد حيث اعتقدوا الشركة وزعموا أنهم صادقون ايضا في دعوى الايمان واعلم ان الآية الكريمة شاملة لمجامع القوى التي وجب على كل أحد تهذيبها وإصلاحها تطهيرا لنفسه الحاصل به الفوز بالفلاح والسعادة كلها كما قال تعالى قد أفلح من زكاها وهى قوة التفكر وقوة الشهوة وقوة الغضب اللاتي إذا أصلحت ثلاثتهما وضبطت حصل العدل الذي قامت به السموات والأرض فانها جميع مكارم الشريعة وتزكية النفس وحسن الخلق المحمود ولاصالة الاولى وجلالتها قدمت على الأخيرتين فدل بالايمان بالله ورسوله مع نفى الارتياب على العلم اليقيني والحكمة الحقيقية التي لا يتصور حصولها الا بإصلاح قوة التفكر ودل بالمجاهدة بالأموال على العفة والجود التابعين بالضرورة لاصلاح قوة الشهوة وبالمجاهدة بالأنفس على الشجاعة والحلم التابعين لاصلاح قوة الحمية الغضبية وقهرها وإسلامها للدين وعليه دل قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فان العفو عمن ظلم هو كمال الحلم والشجاعة وإعطاء من حرم كمال العفة والجود ووصل من قطع كمال الفضل والإحسان واعلم ايضا ان جميع كمالات النفس الانسانية محصورة في القوى الثلاث وفضائلها الأربع إذ العقل كماله العلم والعفة كمالها الورع والشجاعة كمالها المجاهدة والعدل كماله الانصاف وهى اصول الدين على التحقيق وفي الآية رد للدعوى وحث على الاتصاف بالصدق قال بعضهم لولا الدعاوى ما خلقت المهاوى فمن ادعى فقد هوى فيها وان كان صادقا ألا تراه يطالب بالبرهان ولو لم يدع ما طولب بدليل (قال الحافظ) حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زرد وزو بوريا بافست وفي الحديث يا أبا بكر عليك بصدق الحديث والوفاء بالعهد وحفظ الامانة فانها وصية الأنبياء (قال الحافظ) طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن وأتى رسول الله التجار فقال يا معشر التجار إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وأدى الامانة وفي الحديث التجار هم الفجار قيل ولم يا رسول الله وقد أحل الله البيع فقال لانهم يحلفون فيأثمون ويتحدثون فيكذبون (قال الصائب)

[سورة الحجرات (49) : الآيات 16 إلى 17]

كعبه در كام نخستين كند استقبالت ... از سر صدق اگر همنفس دل باشى فاذا صدق الباطن صدق الظاهر إذ كل اناء يترشح بما فيه وكل أحد يظهر ما فيه بفيه قُلْ روى انه لما نزلت الآية السابقة جاء الاعراب وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم قوله تعالى قل يا محمد لهم أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ دخلت الباء لان هذا التعليم بمعنى الاعلام والاخبار أي أتخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم والاستفهام فيه للتوبيخ والإنكار أي لا تعرفوا الله بدينكم فانه عالم به لا يخفى عليه شيء وفيه اشارة الى ان التوقيف في الأمور الدينية معتبر واجب وحقيقتها موكولة الى الله فالاسامى منه تؤخذ والكلام منه يطلب وأمره يتبع وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ حال من فاعل تعلمون مؤكدة لتشنيعهم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يحتاج الى اخباركم تذييل مقرر لما قبله اى مبالغ في العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ما اخفوه من الكفر عند اظهارهم الايمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم حيث كانوا يحتهدون في ستر أحوالهم واخفائها وفي التأويلات النجمية والله يعلم ما في سموات القلوب من استعدادها في العبودية وما في ارض النفوس من تمردها عن العبودية والله بكل شيء جبلت القلوب والنفوس عليه عليم لانه تعالى أودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده انتهى قال بعض الكبار لا تضف الى نفسك حالا ولا مقاما ولا تخبر أحدا بذلك فان الله تعالى كل يوم هو في شان في تغيير وتبديل يحول بين المرء وقلبه فربما أزالك عما أخبرت به وعزلك عما تخليت ثباته فتحجل عند من أخبرته بذلك بل احفظ ذلك ولا تعلمه الى غيرك فان كان الثبات والبقاء علمت انه موهبة فلتشكر الله ولتسأله التوفيق للشكر وان كان غير ذلك كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقظ وتأديب انتهى فظهر من هذا ان الإنسان يخبر غالبا بما ليس فيه او بما سيزول عنه والعياذ بالله من سوء الحال ودعوى الكمال قال بعضهم إياكم ثم إياكم والدعوات الصادقة والكاذبة فان الكاذبة تسود الوجه والصادقة تطفئ نور الايمان او تضعفه وإياكم والقول بالمشاهدات والنظر الى الصور المستحسنات قان هذا كله نفوس وشهوات ومن أحدث في طريق القوم ما ليس فيها فليس هو منا ولا فينا فاتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تمرقوا ووحدوا ولا تشركوا وصدقوا الحق ولا تشكوا واصبروا ولا تجزعوا واثبتوا ولا تتفرقوا واسألوا ولا تسأموا وانتظروا ولا تيأسوا وتواخوا ولا تعادوا واجتمعوا على الطاعة ولا تفرقوا وتطهروا من الذنوب ولا تلطخوا وليكن أحدكم بواب قلبه فلا يدخل فيه الا ما امره الله به وليحذر أحدكم ولا يركن وليخف ولا يأمن وليفتش ولا يغفل يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا اى يعدون إسلامهم منة عليك وهى النعمة التي لا يطلب موليها ثوابا ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لان المقصود به قطع حاجته مع قطع النظران يعوضه المحتاج بشيء وقيل النعمة الثقيلة من المن الذي يوزن به وهو رطلان يقال من عليه منة اى أثقله بالنعمة قال الراغب المنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين أحدهما أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله

[سورة الحجرات (49) : آية 18]

تعالى لقد من الله على المؤمنين وذلك في الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثاني أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة وقوله تعالى يمنون عليك إلخ فالمنة منهم بالقول ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ اى لا تعدوا إسلامكم منة على اولا تمنوا على بإسلامكم فنصبه بنزع الخافض بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ على ما زعمتم من انكم ارشدتم اليه وبالفارسية بلكه خداى تعالى منت مينهد بر شما كه راه نموده است شما را بايمان إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ادعاء الايمان وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله اى فلله المنة عليكم وفي سياق النظم الكريم من اللطف مالا يخفى فانهم لما سمعوا ما صدر عنهم ايمانا ومنوا به نفى كونه ايمانا وسماه إسلاما فقال يمنون عليك بما هو في الحقيقة اسلام اى دخول في السلم وليس بجدير بالمن لانه ليس له اعتداد شرعا ولا يعد مثله نعمة بل لو صح ادعاؤهم للايمان فلله المنة عليهم بالهداية اليه لالهم وسئل بعض الكبار عن قوله تعالى بل الله يمن عليكم مع انه تعالى جعل المن إذا وقع منا على بعضنا من سفساف الأخلاق فقال في جوابه هذا من علم التطابق ولم يقصد الحق به المن حقيقة إذ هو الكريم الجواد على الدوام على من أطاع وعلى من عصى وفي الحديث ما كان الله ليدلكم على مكارم الأخلاق ويفعل معكم خلاف ذلك وفي الحديث ايضا ما كان الله لينهاكم عن الرياء ويأخذه منكم قال ذلك لمن قال له يا رسول الله انى صليت بالتميم ثم وجدت الماء أفأصلى ثانيا فمعنى الآية إذا دخلتم في حضرة المن على رسولكم بإسلامكم فالمن لله لا لكم وان وقع منكم شيء من سفساف الأخلاق رد الحق أعمالكم عليكم لا غير وفي التأويلات النجمية يمنون عليك ان استسلموا لك ظاهرهم قل لا تمنوا على إسلامكم اى تسليم ظاهركم لى لانه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان إذ كتب فى قلوبكم الايمان فانعكس نور الايمان من مصباح قلوبكم الى مشكاة نفوسكم فتنورت واستضاءت بنور الإسلام فاسلامكم في الظاهر من فرع الايمان الذي أودعته في باطنكم ان كنتم صادقين اى ان كنتم صادقين في دعوى الايمان انتهى قال الجنيد رحمه الله المن من العباد تقريع وليس من الله تقريعا وانما هو من الله تذكير النعم وحث على شكر المنعم (قال الشيخ سعدى) شكر خداى كن كه موفق شدى بخير ... ز انعام وفضل او نه معطل كذاشتت منت منه كه خدمت سلطان همى كنى ... منت شناس ازو كه بخدمت بداشتت إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فى سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم وقال بعض الكبار والله بصير بما تعملون في الظاهر انه من نتائج ما أودعه في باطنكم در زمين كرنى شكر ور خودنى است ... ترجمان هر زمين نبت وى است فمن لا حظ شيأ من اعماله وأحواله فان رآها من نفسه كان شركا وان رآها لنفسه كان مكرا وان رآها من ربه بربه لربه كان توحيدا وفقنا الله لذلك بمنه وجوده قال البقلى ليس لله

غيب إذ الغيب شيء مستور وجميع الغيوب عيان له تعالى وكيف يغيب عنه وهو موجده يبصره ببصره القديم والعلم والبصر هناك واحد قال في كشف الاسرار از سورة الحجرات تا آخر قرآن مفصل كويند وبه قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ان الله أعطاني السبع الطول مكان التوراة والسبع الطول كصرد من البقرة الى الأعراف والسابعة سورة يونس او الأنفال وبراءة جميعا لانهما سورة واحدة عنده كما في القاموس وأعطانى الما بين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني وفضلنى ربى بالمفصل وفي رواية اخرى قال عليه السلام انى أعطيت سورة البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى عليه السلام وأعطيت فواتح الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش والمفصل ناقلة اى عطية وفي فتح الرحمن سورة الحجرات أول المفصل على الراجح من مذهب الشافعي وأحد الأقوال المعتمدة عن ابى حنيفة وعنه قول آخر معتمدان اوله قوله ق قاله عليه السلام فضلنى ربى بالمفصل والمفصل من القرآن ما هو بعد الحواميم من قصار السور الى آخر القرآن وسميت مفصلا لكثرة المفصولات فيها بسطر بسم الله الرحمن الرحيم لانها سور قصار يقرب تفصيل كل سورة من الاخرى فكثر التفصيل فيها انتهى وقال بعضهم المفصل السبع السابع سمى به لكثرة فصوله وهو من سورة محمد او الفتح أو ق الى آخر القرآن وطوال المفصل الى البروج والاوساط منها الى لم يكن والقصار منها الى الآخر وقيل طوال از لا تقدم تا عبس دان ... پس اوسط از عبس تا لم يكن خوان قصار از لم يكن تا آخر آيد ... بخوان اين نظم را تا گردد آسان والذي عليه الجمهور أن طوال المفصل من سورة الحجرات الى سورة البروج والاوساط من سورة البروج الى سورة لم يكن والقصار من سورة لم يكن الى آخر القرآن (روى) ان القراء لما قسموا القرءان في زمن الحجاج الى ثلاثين جزأ قسموه ايضا الى سبعة اقسام وعن السلف الصالحين من ختم على هذا الترتيب الذي نذكره ثم دعا تقبل حاجته وهو الترتيب الذي كان يفعله عثمان رضى الله عنه يقرأ يوم الجمعة من اوله الى سورة الانعام ويوم السبت من سورة الانعام الى سورة يونس ويوم الأحد من سورة يونس الى سورة طه ويوم الاثنين من سورة طه الى سورة العنكبوت ويوم الثلاثاء من سورة العنكبوت الى سورة الزمر ويوم الأربعاء من سورة الزمر الى سورة الواقعة ويوم الخميس من سورة الواقعة الى آخره وقيل احزاب القرآن سبعة الحزب الاول ثلاث سور والثاني خمس سور والثالث سبع سور والرابع تسع سور والخامس احدى عشرة سورة والسادس ثلاث عشرة سورة والسابع المفصل من ق وفي فتح الرحمن واحزاب القرآن ستون قيل ان الحجاج لماجد في نقط المصحف زاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك واما وضع الأعشار فيه فحكى ان المأمون العباسي أمر بذلك وقيل ان الحجاج فعل ذلك وكانت المصاحف العثمانية مجردة من النقط والشكل فلم يكن فيها اعراب وسبب ترك الاعراب فيها والله اعلم استغناؤهم عنه فان القوم كانوا عربا لا يعرفون اللحن ولم يكن في زمنهم نحو وأول من وضع النحو وجعل الاعراب في المصاحف ابو الأسود الدؤلي التابعي البصري (حكى) انه سمع قارئا يقرأ ان الله بريئ من المشركين ورسوله بكسر

تفسير سورة ق

اللام فاعظمه ذلك وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم جعل الاعراب في المصاحف وكان علاماته نقطا بالحمرة غير لون المداد فكانت علامة الفتحة نقطة فوق الحرف وعلامة الضمة نقطة في نفس الحرف وعلامة الكسرة نقطة تحت الحرف وعلامة الغنة نقطتين ثم أحدث الخليل بن احمد الفراهيدى بعد هذا هذه الصور الشدة والمدة والهمزة وعلامة السكون وعلامة الوصل ونقل الاعراب من صورة النقط الى ما هو عليه الآن واما النقط فاول من وضعها بالمصحف نصر بن عاصم الليثي بامر الحجاج بن يوسف امير العراق وخراسان وسببه ان الناس كانوا يقرأون فى مصحف عثمان نيفا وأربعين سنة الى يوم عبد الملك بن مروان ثم كثرا التصحيف وانتشر بالعراق فأمر الحجاج أن يضعوا لهذه الاحرف المشتبهة علامات فقام بذلك نصر المذكور فوضع النقط افرادا وأزواجا وخالف بين اما كنها وكان يقال له نصر الحروف وأول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء وقالوا لا بأس به هو نور له ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي ثم أحدثوا الفواتح والخواتم فأبو الأسود هو السابق الى إعرابه والمبتدئ به ثم نصر بن عاصم وضع النقط بعده ثم الخليل بن احمد نقل الاعراب الى هذه الصورة وكان مع استعمال النقط والشكل يقع التصحيف فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها الأعلى الاخذ من أفواه الرجال بالتلقين فانتدب جهابذة علماء الامة وصناديد الائمة وبالغوا في الإجهاد وجمعوا الحروف والقراآت حتى بينوا الصواب وأزالوا الاشكال رضى الله عنهم أجمعين وأول من خط بالعربية يعرب بن قحطان وكان يتكلم بالعربية والسريانية وأول من استخرج الخط المعروف بالنسخ ابن مقلة وزير المقتدر بالله ثم القاهر بالله فانه أول من نقل الخط الكوفي الى طريقة العربية ثم جاء ابن البواب وزاد في تعريب الخط وهذب طريقة ابن مقله وكساها بهجة وحسنا ثم ياقوت المستعصمى الخطاط وختم فن الخط والكلمة ثم جاء الشيخ حمد الله الا ما سيوى فأجاد الخط بحيث لا مزيد عليه الى الآن ولله در القائل خط حسن جمال مرأى ... ان كان لعالم فأحسن الدر من النبات احلى ... والدر مع البنات ازين ومن الله التوفيق للكمالات والحتم بانواع السعادات تمت سورة الحجرات بعون ذى الفضل والبركات في أوائل شهر ربيع الآخر من شهور عام ألف ومائة واربعة عشر تفسير سورة ق خمس وأربعون آية مكية تفسير سورة ق بسم الله الرحمن الرحيم ق اى هذه سورة ق اى مسماة بق وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو قسم وهو اسم من اسماء الله تعالى وقال محمد بن كعب هو مفتاح اسماء الله تعالى مثل القادر والقدير والقديم والقاهر والقهار والقريب والقابض والقاضي والقدوس والقيوم اى انا القادر إلخ وقيل اسم من اسماء القرآن وقيل قسم أقسم الله به اى بحق القائم بالقسط وقيل معناه قل يا محمد والقرآن

المجيد وقيل قف يا محمد على أداء الرسالة وعند أمرنا ونهينا ولا تتعدهما والعرب تقتصر من كلمة على حرف قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت وقيل هو أمر من مفاعلة قفا اثره اى تبعه والمعنى اعمل بالقرآن واتبعه وقيل معناه قضى الأمر وما هو كائن كما قالوا فى حم وقبل المراد بحق القلم الذي يرقم القرآن في اللوح المحفوظ وفي الصحائف (وقال الكاشفى) حروف مقطعه جهت فرق است ميان كلام منظوم ومنثور امام علم الهدى فرموده كه سامع بمجرد استماع اين حروف استدلال ميكند بر آنكه كلامى كه بعد ازو مى آيد منثورست نه منظوم پس در إيراد اين حروف رد جماعتيست كه قرآنرا شعر كفتند وقال الانطاكى ق عبارة عن قربه لقوله ونحن أقرب اليه يعنى قسم است بقرب الهى كه سر ونحن اقرب اليه بدين سوره از ان خبر ميدهد وقال ابن عطاء اقسم بقوة قلب حبيبه حيث تحمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله اى بخلاف موسى عليه السلام فانه خر صعقا في الطور من سطوة تجلى النور وفي التأويلات النجمية يشير الى ان لكل سالك من السائرين الى الله تعالى مقاما فى القرب إذا بلغ الى مقامه المقدر له يشار اليه بقوله ق اى قف مكانك ولا تجاوز حدك والقسم قوله والقرآن المجيد اى قف فان هذا مكانك والقرآن المجيد فلا تجاوز عنه وقال بعض الكبار ق اشارة الى قول هو الله أحد إي الى مرتبه الاحدية التي هى التعين الاول وص اشارة الى الصمد أي الى مرتبة الصمدية التي هى التعين الثاني والصافات اشارة الى التعينات الباقية التابعة للتعين الثاني يقول الفقير أشار بقوله ق الى قيامه عليه السلام بين يدى الله تعالى في الصف الاول قبل كل شيء مفارقا لكل تركيب منفردا عن كل كون منقطعا عن كل وصف ثم الى قدومه من ذلك العالم الغيبى الروحاني الى هذا المقام الشهادى الجسماني كما أشار اليه المجيء الآتي وقد جاء فى حديث جابر رضى الله عنه وحين خلقه اى نور نبيك يا جابر أقامه قدامه في مقام القرب اثنى عشر ألف سنة وهو تفصيل عدد حروف لا اله الا الله وحروف محمد رسول الله فان عدد حروف كل منهما اثنا عشر وكذا أفاد انه أقامه في مقام الحب اثنى عشر ألف سنة وفي مقام الخوف والرجاء والحياء كذلك ثم خلق الله اثنى عشر ألف حجاب فأقام نوره في كل حجاب ألف سنة وهى مقامات العبودية وهى حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرأفة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد ذلك النور في كل حجاب ألف سنة فكل هذا العدد من طريق الإجمال اثنان وسبعون وإذا انضم اليه المنازل الثماني والعشرون على ما أشير اليه في الجلد الاول يصير المجموع مائة واليه الاشارة بالقاف فهو مائة رحمة ومائة درجة في الجنة اختص بها الحبيب عليه السلام في الحقيقة إذ كل من عداه فهو تبع له فكما انهم تابعون له عليه السلام في مقاماته الصورية الدورية المائة لانه أول من خلقه الله ثم خلق المؤمنين من فيض نوره فكذلك هم تابعون له في الدرجات العلوية المبنية على المراتب السلوكية السيرية وفي كل هذه المنازل دار بالقرءان لان الكلام النفسي تنزل اليه مرتبة بعد مرتبة الى ان أنزله روح القدس على قلبه في هذا العالم الشهادى تشريفا له من الوجه العام والخاص والى كل هذه المقامات رقى بالقرءان كما يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا وان منزلك

عند آخر آية تقرأها ولا شك انه كان خلقه القرآن فلذا مجد وشرف بمجد القرآن وشرفه فاعرف هذا فانه من مواهب الله تعالى ويجوز ان يكون معنى ق من طريق الاشارة احذروا قاف العقل والزموا شين العشق كما قال بعضهم قفل در نشاط وسرورست قاف عقل ... دندانه كليد بهشت است شين عشق وقال جماعة من العلماء قاف جبل محيط بالأرض كأحاطة العين بسوادها وهو أعظم جبال الدنيا خلقه الله من زمرد أخضر او زبرجد أخضر منه خضرة السماء والسماء ملتزقة به فليست مدينة من المدائن وقرية من القرى الا وفيها عرق من عروقه وملك موكل به واضع يديه على تلك العروق فاذا أراد الله بقوم هلاكا اوحى الى ذلك الملك فحرك عرقا فخسف بأهلها والشياطين ينطلقون الى ذلك الزبرجد فيأخذون منه فيبثونه في الناس فمن ثم هو قليل (وفي المثنوى) رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديد او را كز زمرد بود صاف كرد عالم حلقه كشته او محيط ... ماند حيران اندر آن خلق بسيط كفت تو كوهى دكرها چيستند ... كه به پيش عظم تو بازيستند كفت ركهاى من اند آن كوهها ... مثل من نبوند در حسن وبها من بهر شهرى ركى درام نهان ... بر عروقم بسته أطراف جهان حق چوخواهد زلزل شهر مرا ... كويد او من بر جهانم عرق را پس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر چون بگويد بس شود ساكن ركم ... ساكنم وز روى قفل اندر تكم همچومرهم ساكن بس كار كن ... چون خرد ساكن وزوجنبان سخن نزد آنكس كه نداند عقلش اين ... زلزله هست از بخارات زمين قال ابى بن كعب الزلزلة لا تخرج الا من ثلاثة اما لنظر الله بالهيبة الى الأرض واما لكثرة ذنوب بنى آدم واما لتحريك الحوت الذي عليه الأرضون السبع تأديبا للخلق وتنبيها قال ذو القرنين يا قاف أخبرني بشيء من عظمة الله تعالى فقال أن شان ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لا حترقت من نار جهنم والعياذ بالله تعالى منها يعنى إسكندر كفت يا قاف از عظمة الله با ما چيزى بگوى گفت يا ذا القرنين كار خداوند ما عظيم است واز اندازه وهم وفهم بيرونست بعظمت او خبر كجا رسد وكدام عبارت بوصف او رسد كفت آخر آنچهـ كمتر است ودر تحت وصف آيد چيزى بكوى كعفت وراى من زمينى است آفريده پانصد ساله راه طول آن و پانصد ساله راه عرض آن همه كوهها اندر بران برف واگر نه آن برف بودى من از حرارت دوزخ چون ار زيز بگداختمى ذو القرنين كفت ردنى يا قاف نكته ديكر بكوى از عظمت وجلال او كفت جبريل أمين كمر بسته در حجب هيبت ايستاده هر ساعتى از عظمت وسياست دركاه جبروت بر خود بلرز در عده بروى افتد رب العالمين از آن رعده وى صد هزار ملك بيافريند

صفها بر كشيده در حضرت بنعت هيبت سر در پيش افكنده وكوش بر فرمان نهاده تا يكبار از حضرت عزت ندا آيد كه سخن كوبيد همه كويند لا اله الا الله وبيش از اين نكويند اينست كه رب العالمين كفت يوم يقوم الروح والملائكة صفا الى قوله وقال صوابا يعنى لا اله الا الله وقيل خضرة السماء من الصخرة التي تحت الأرض السفلى تحت الثور وهو المشار اليه بقوله تعالى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة الآية وجعل الله السماء خضرآء لتكون أوفق للابصار لان النظر الى الخضرة يقوى البصر في الحكمة وكل صنع الله لحكمة فائدة لاهل العالم وفي الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم وبالجملة ان الألوان سوى البياض مما يعين البصر على النظر وعن خالد بن عبد الله ان ذا القرنين لما بنى الاسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وارضها فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام فمن ذلك لبس الرهبان السواد كما في أوضح المسالك لابن سپاهى قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لما خلق الله الأرض على الماء تحركت ومالت فخلق الله تعالى من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الأرض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الأرض وذهبت تلك الحركة التي لا يكون معها استقرار فطوق الأرض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى في أسفله والعصر في أعلاه يعنى بخطوة الابدال فالخطوة عند الابدال من المشرق الى المغرب يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير وإلا فقد ثبت ان السماء الدنيا متصلة به وما بين السماء والأرض كما بين المشرق والمغرب وهى مسيرة خمسمائة عام فكيف تسع هذه المسيرة تلك الخطوات المتضاعفة وفي الخبران لقاف فى السماء سبع شعب لكل سماء شعبة منها فالسموات السبع مقيبة على شعبة وخلق الله ستة جبال من ورلء قاف وقاف سابعها وهى موتودة بأطراف الأرض على الصخرة وقاف وراءها على الهولء وقيل خلق الله جبل قاف كالحصن المشرف على الملك ليحفظ اهل الأرض من فيح جهنم التي تحت الأرض السابعة يقول الفقير فيه اشارة الى حال قطب الاقطاب رضى الله عنه فأنه مشرف على جميع الرجال من حيث جمعية اسمه وعلو رتبته وبه يحفظ الله العالم من الآفات الصورية والمعنوية كما ان جبل قاف مشرف على سائر الجبال وبه يحفظ الله اهل الأرض بالغدو والآصال ومن خلف ذلك الجبل بحر محيط بجبل قاف وحوله جبل قاف آخر والسماء الثانية مقببة عليه وكذلك من وراء ذلك بحار محدقات بجبل قاف على عدد السموات وان كل سماء منها مقببة عليه وان في هذه البحار وفي سواحلها ويبسها المحدقة بها ملائكة لا يحصى عددهم الا الله ويعبدون الله حق عبادته ومن جبل قاف ينفجر جميع عيون الأرض فيشرب منه كل بر وفاجر فيجده العبد حيث توجه وفي البعض مثل ذلك وما راء جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنيا وقال بعض المفسرين ان لله سبحانه من ورلء جبل قاف أرضا بيضاء كالفضة المجلاة طولها مسيرة أربعين يوما للشمس

[سورة ق (50) : الآيات 2 إلى 3]

وبها ملائكة شاخصون الى العرش لا يعرف الملك منهم من الى جانبه من هيبة الله تعالى ولا يعرفون ما آدم وما إبليس هكذا الى يوم القيامة وقيل ان يوم القيامة تبدل ارضنا هذه بتلك الأرض (وروى) ان الله تعالى خلق ثمانية آلاف عالم الدنيا منها عالم واحد وان الله تعالى خلق في الأرض ألف امة سوى الجن والانس ستمائة في البحر واربعمائة في البر وكل مستفيض منه تعالى چنان پهن خوان كرم كسترد ... كه سيمرغ در قاف قسمت خورد وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ اى ذى المجد والشرف على سائر الكتب على أن يكون للنسب كلابن وتامر أو لانه كلام المجيد يعنى ان وصف القرآن بالمجد وهو حال المتكلم به مجاز فى الاسناد أو لأن من علم معانيه وعمل بما فيه مجد عند الله وعند الناس وشرف على أن يكون مثل بنى الأمير المدينة في الاسناد الى السبب قال الامام الغزالي رحمه الله المجيد هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا وهو الماجد ايضا ولكن أحدهما ادل على المبالغة وجواب القسم محذوف اى انك يا محمد لنبى منذر أي مخوف من عذاب الله تعالى بَلْ عَجِبُوا اى فراعنة قريش ومتعنتوهم أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى لان جاءهم منذر من جنسهم لا من جنس الملك وهو إضراب عما ينبئ عنه الجواب اى انهم شكوا فيه ولم يكتفوا بالشك والتردد بل جزموا بالخلاف حتى جعلوا ذلك من الأمور العجيبة وقال بعضهم جواب القسم محذوف ودليل ذلك قوله بل لانه لنفى ما قبله فدل على نفى مضمر وتقديره أقسم بجبل قاف الذي به بقاء دنياكم وبالقرءان الذي به بقاء دينكم ما كذبوك ببرهان وبمعرفة بكذبك بل عجبوا إلخ والعجب نظر النفس لامر خارج عن العادة فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ تفسير لتعجبهم وبيان لكونه مقارنا لغاية الإنكار وهذا اشارة الى كونه عليه السلام منذرا بالقرءان وحاصله كون النذير منا خصص بالرسالة من دوننا وكون ما انذر به هو البعث بعد موت كل شيء بليغ في الخروج عن عادة اشكاله وهو من فرط جهلهم لانهم عجبوا أن يكون الرسول بشرا وأوجبوا أن يكون الإله حجرا وأنكروا البعث مع ان اكثر ما في الكون مثل ذلك من إعادة كل من الملوين بعد ذهابه واحياء الأرض بعد موتها وإخراج النبات والأشجار والثمار وغير ذلك ثم ان إضمار الكافرين اولا للاشعار بتعينهم بما أسند إليهم من المقال وانه إذا ذكر شيء خارج عن سنن الاستقامة انصرف إليهم إذ لا يصدر الا عنهم فلا حاجه الى اظهار ذكرهم واظهارهم ثانيا للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً اى أحين نموت فتفارق أرواحنا أشباحنا ونصير ترابا لا فرق بيننا وبين تراب الأرض نرجع ونبعث كما ينطق به النذير والمنذر به مع كمال التباين بيننا وبين الحياة حينئذ والهمزة للانكار اى لا نرجع ولا نبعث ذلِكَ اشارة الى محل النزاع اى مضمون الخبر برجوعها رَجْعٌ الرجع متعد بمعنى الرد بخلاف الرجوع اى رد الى الحياة والى ما كنا عليه بَعِيدٌ جدا عن الأوهام او العادة او الإمكان او عن الصدق غير كائن لانه لا يمكن تمييز

[سورة ق (50) : آية 4]

ترابنا من بقية التراب قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ رد لاستبعادهم وازاحة له اى نحن على ذلك في غاية القدرة فان من عم علمه ولطفه حتى انتهى الى حيث علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم كيف يستبعد رجعه إياهم احياء كما كانوا عبر بمن لان الأرض لا تأكل عجب الذنب فانه كالبذر لاجسام بنى آدم وفي الحديث كل ابن آدم يبلى الأعجب الذنب فمنه خلق وفيه يركب والعجب بفتح العين وسكون الجيم اصل الذنب ومؤخر كل شيء وهو هاهنا عظم لا جوف له قدر ذرة أو خردلة يبقى من البدن ولا يبلى فاذا أراد الله الاعادة ركب على ذلك العظم سائر البدن واحياء اى غير أبدان الأنبياء والصديقين والشهداء فانها لا تبلى ولا تتفسخ الى يوم القيامة على ما نص به الاخبار الصحيحة قال ابن عطية وحفظ ما تنقص الأرض انما هو ليعود بعينه يوم القيامة وهذا هو الحق وذهب بعض الأصوليين الى ان الأجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه قال ابن عطية وهذا عندى خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الجلود والأيدي والأرجل على الكفرة الى غير ذلك مما يقتضى ان أجساد الدنيا هى التي تعود وسئل شيخ الإسلام ابن حجر هل الأجساد إذا بليت وفنيت وأراد الله تعالى إعادتها كما كانت اولا هل تعود الأجسام الاول أم يخلق الله للناس أجسادا غير الأجساد الاول فأجاب ان الأجساد التي يعيدها الله هى الأجساد الاول لا غيرها قال وهذا هو الصحيح بل الصواب ومن قال غيره عندى فقد اخطأ فيه لمخالفته ظاهر القرآن والحديث قال اهل الكلام ان الله تعالى يجمع الاجزاء الاصلية التي صار الإنسان معها حال التولد وهى العناصر الاربعة ويعيد روحه اليه سوآء سمى ذلك الجمع إعادة المعدوم بعينه أو لم يسم فان قيل البدن الثاني ليس هو الاول لما ورد في الحديث من ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضرسه مثل أحد فيلزم التناسخ وهو تعلق روح الإنسان ببدن انسان آخر وهو باطل قلنا انما يلزم التناسخ ان لو لم يكن البدن الثاني مخلوقا من الاجزاء الاصلية للبدن الاول يقول الفقير البدن معاد على الاجزاء لا صلية وعلى بعض الفضلة ايضا وهو العجب المذكور فكانه البدن الاول فلا يلزم التناسخ جدا والتغاير في الوصف لا يوجب التغاير في الذات فقد ثبت ان الخضر عليه السلام يصير شابا على كل مائة سنة وعشرين سنة مع ان البدن هو البدن الاول وكذا قال ابن عباس رضى الله عنهما ان إبليس إذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة واختلف القائلون بحشر الأجسام فمنهم من ذهب الى ان الاعادة تكون في الناس مثل ما بداهم بنكاح وتناسل وابتداء بخلق من طين ونفخ كما جرى من خلق آدم وحواء وخلق البنين من نسل ونكاح الى آخر مولود في العالم البشرى كل ذلك في مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى واليه ذهب الشيخ ابو القاسم بن قسى في كتاب خلع النعلين له في قوله تعالى كما بدأكم تعودون ومنهم من قال وهو القول الأصح بالخبر المروي ان السماء تمطر مطرا شبه المنى فينشأ منه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نقطة تنزل من بحر الحياة الى أصلاب الآباء ومنها الى أرحام الأمهات فيتكون من قطر بحر الحياة تلك النقطة جسد في الرحم

[سورة ق (50) : الآيات 5 إلى 8]

وقد علمنا ان النشأة الاول أوجدها الله تعالى على غير مثال سبق وركبها في اى صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشيء الله النشأة الآخرة على عجب ألذنب الذي يبقى من هذه النشأة الدنيا وهو أصلها فعليه تتركب النشأة الآخرة فقوله تعالى كما بدأكم تعودون راجع الى عدم مثال سابق كما في النشأة الاولى مع كونها محسوسة بلا شك إذ ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من صفة نشأة اهل الجنة والنار ما يخالف هذه النشأة الدنيا وقوله وهو أهون عليه لا يقدح فيما قلنا لان البدء ان كان عن اختراع فكر وتدبير كانت إعادته الى أن يخلق خلقا آخر مما يقارب ذلك ويزيد عليه اقرب الى الاختراع في حق من يستفيد الأمور بفكرة والله متعال عن ذلك علوا كبيرا فهو الذي يفيد العالم ولا يستفيد ولا يتجدد له علم بشيء بل هو عالم بتفاصيل مالا يتناهى بعلم كلى فعلم التفصيل في عين الإجمال وهكذا ينبغى لجلاله ان يكون قال ابو حامد الغزالي رحمه الله ان العجب المذكور في الخبر هو النفس وعليها ينشأ النشأة الآخرة اى كما يتكون شجر كثير الأصول والاغصان من الحبة الصغيرة في الطين كذلك جسد الإنسان من حبة العجب الذي لا يقبل البلى فعبر عنه الامام بالنفس لانه مادتها وعنصرها هكذا اوله البعض وقال غيره مثل ابى يزيد الرقراقى المراد من العجب جوهر فرد وجزء واحد لا يقبل القسمة والبلى فيه قوة القابلية الهيولانية بل هو صورة هيولى النفس الحيوانية الحاملة لاجزاء العناصر التي في الهيكل المحسوس فيبقيه الخالق ويعصمه من التغير والبلى فى عالم الكون والفساد بل خلقه من أول خلق النشأة الدنيوية الى الأبدان الجنانية وعليه مدار الهيكل يبقى من هذه النشأة الدنيا لا يتغير وعليه ينشا النشأة الآخرة وكل ذلك محتمل لا يقدح في شيء من الأصول الشرعية في الاحكام الاخروية وتوجيهات معقولة يحتمل أن يكون كل منها مقصود الشارع بقوله عجب الذنب وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر والذي وقع لى به الكشف الذي لا أشك فيه ان المراد بعجب الذنب هو ما يقوم عليه النشأة وهو لا يبلى اى لا يقبل البلى والفناء فان الجواهر والذوات الخارجة الى الوجود من العدم لا تنعدم أعيانها ولكن تختلف عليها الصور الشهادية والبرزخية بالامتزاجات التي هى اعراض تعرض لها بتقدير العزيز العليم فاذا تهيأت هذه الصور بالاستعداد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش بالنارية التي هى فيه لقبول الاشتعال والصور البرزخية كالسرج مشتعلة بالأرواح التي فيها فينفخ اسرافيل نفخة واحدة فتمر تلك النفخة على تلك الصور البرزخية فتطفئها وتمر النفخة التي تليها وهى الاخرى الى الصور المستعدة للاشتعال وهى النشأة الاخرى فتشعل بأرواحها فاذاهم قيام ينظرون نسأل الله تعالى أن يبعثنا امنين بجاه النبي الامين وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ بالغ في الحفظ لتفاصيل الأشياء كلها او محفوظ من التغير والمراد اما تمثيل علمه تعالى بكليات الأشياء وجزئياتها يعلم من عنده كتاب محيط يتلقى منه كل شيء او تأكيد لعلمه بها بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ إضراب وانتقال من بيان شناعتهم السابقة الى بيان ما هو اشنع منه وأفظع وهو تكذيبهم للنوة الثابتة

[سورة ق (50) : آية 6]

بالمعجزات الباهرة فالا فظعية لكون الثاني تكذيبا للامر الثابت من غير تدبر بخلاف الاول فانه تعجب لَمَّا جاءَهُمْ من غير تأمل وتفكر تقليدا للآباء وبعد التأمل تمردا وعنادا وجاء بكلمة التوقع اشعارا بأنهم علموا بعد علو شانه واعجازه الشاهد على حقيته فكذبوا به بغيا وحسدا فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ من مرج الخاتم في إصبعه إذا جرج بالجيمين كفرح اى قلق وجال واضطرب من سعته بسبب الهزال اى في امر مضطرب لا قرار له من غلبات آفات الحسن والوهم والخيال على عقولهم فلا يهتدون الى الحق ولذا يقولون تارة انه شاعر وتارة ساحر واخرى كاهن ومرة مفتر لا يثبتون على شيء واحد وهذا اضطرابهم في شأن النبي عليه السلام صريحا ويتضمن اضطرابهم في شأن القرآن ايضا فان نسبتهم إياه الى الشعر ونحوه انما هى بسببه واعلم ان الاضطراب موجب للاختلاف وذلك أدل دليل على البطلان كما ان الثبات والخلوص موجب للاتفاق وذلك أدل دليل على الحقيقة قال الحسن ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم وكذا قال قتادة وزاد والتبس عليهم دينهم وعن على رضى الله عنه قال له يهودى ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقال انما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا الها كما لهم آلهة وسئل بزرجمهر الحكيم كيف اضطربت امور آل ساسان وفيهم مثلك قال استعانوا بأصاغر العمال على أكابر الأعمال فآل أمرهم الى ما آل (كما قال الشيخ سعدى) پندم اگر بشنوى اى پادشاه ... در همه دفتر به ازين پند نيست جز بخردمند مفرما عمل ... كر چهـ عمل كار خردمند نيست واضطربوا في حق الحلاج رضى الله عنه وكذبوا بالحق فافتوا بالقتل فمرج أمرهم حيث أحرقت دار الوزير وقتل ثم دار الأمر على الخليفة ففعل به ما فعل واضطربوا في شأن سلطان العلماء والدا لمولى جلال الدين الرومي فنفوه من بلخ ثم نفاهم الله من الأرض وأوقعهم فى ويل طويل من تسلط عدو مستأصل وكان فيهم صاحب التفسير الكبير فاختفى لكنه ظهر أمر الله عليه ايضا وما نفع الاختفاء وفيه يقول المولى جلال الدين قدس سره در چنان ننكى وانكه اين عجب ... فخر دين خواهد كه كويندش لقب واضطربوا في شأن الرسول عليه السلام حتى قتلهم الله تعالى وجعل مكة خالصة للمؤمنين أَفَلَمْ يَنْظُرُوا اى أغفلوا فلم ينظروا حين كفروا بالبعث إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ بحيث يشاهدونها كل وقت اى الى آثار قدرة الله في خلق العالم وإيجاده من العدم الى الوجود وفوقهم ظرف لينظروا او حال من السماء كَيْفَ بَنَيْناها اى رفعناها بغير عمد وَزَيَّنَّاها بما فيها من الكواكب المرتبة على نظام بديع وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ من فتوق لملاستها وسلامتها من كل عيب وخلل كما قال هل ترى من فطور وهذا لا ينفى وجود الأبواب والمصاعد فانها ليست من قبيل العيب والخلل ولعل تأخير هذا لمراعاة الفواصل والفروج جمع فرج وهو الشق بين الشيئين كفرجه الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوئة وكثر حتى صار كالصريح فيه واستعير الفرج للثغر وكل مخافة وسمى القباء المشقوق

[سورة ق (50) : الآيات 7 إلى 8]

فروجا ولبس رسول الله عليه السلام فروجا من حرير ثم نزعه وَالْأَرْضَ مَدَدْناها اى بسطناها وفرشناها على وجه الماء مسيرة خمسمائة عام من تحت الكعبة وهذا دليل على ان الأرض مبسوطة وليست على شكل الكرة كما في كشف الاسرار وفيه انه لا منافاة بين بساطتها وكريتها لسعتها كما عرف في محله وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ جبالا ثوابت أرسيت بها الأرض إذ لو لم تكن لكانت مضطربة مائلة الى الجهات المختلفة كما كانت قبل إذ روى ان الله لما خلق الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة ما هى بمقر أحد على ظهرها فاصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت من رسا الشيء اى ثبت والتعبير عنها بهذا الوصف للايذان بأن القاءها لارساء الأرض بها وفيه اشارة الى رجال الله فانهم أوتاد الأرض والعمد المعنوية للسماء فاذا انقرضوا ولم يوجد في الأرض من يقول الله الله فسدت السموات والأرض وَأَنْبَتْنا وأخرجنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف وقوله أزواجا من نبات شتى اى أنواعا متشابهة بَهِيجٍ حسن طيب من الثمار والنباتات والأشجار كما قال في موضع آخر ذات بهجة اى يبتهج به لحسنة اى يسر والبهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا اى سر به سرورا بان أثره على وجهه كما في المفردات تَبْصِرَةً وَذِكْرى علتان للافعال المذكورة معنى على التنازع وان انتصبتا عن الفعل الأخير او بفعل مقدر بطريق الاستئناف اى فعلنا ما فعلنا تبصير او تذكيرا يعنى از براى بينايى يعنى بنظر اعتبار واستدلال نكرستن واز براى ياد كردن و پند كرفتن ويجوز أن يكونا نصبا على المصدرية من فعلهما المقدر اى نبصرهم ونذكرهم لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ اى راجع الى ربه متفكر في بدائع صنائعه وفيه اشارة الى ان الوصول الى مقام التبصرة والذكرى انما هو بالعبودية والانابة التي هى مبنى الطريقة وأساسها قال بعضهم التبصرة معرفة منن الله عليه والذكرى عدها على نفسه فى كل حال ليشتغل بالشكر فيما عومل به عن النظر الى شيء من معاملته كفته اند تبصرة وذكرى دو نام اند شريعت وحقيقت را تبصره حقيقت است وذكرى شريعت بواسطه وحقيقت بمكاشفه شريعت خدمت است بر شريطه وحقيقت غربت است بر مشاهده شريعت بى يدى است وحقيقت بى خورى اهل شريعت فريضه كزاران ومعصيت كدازان اهل حقيقت از خويشتن كريزان وبيكى تازان قبله اهل شريعت كعبه است قبله اهل حقيقت فوق العرش ميدان حساب اهل شريعت موقف است وميدان حساب اهل حقيقت حضرة سلطان ثمره اهل شريعت بهشت ثمره اهل حقيقت لقا ورضاى رحمن فعلى العاقل أن يتبصر بالذكر الحكيم ويتفكر في صنعه العظيم ويوحده توحيدا يليق بجنابه الكريم وينيب اليه انابة لا رجوع بعدها الى يوم مقيم نقلست كه پيرى پيش شقيق بلخى رحمه الله آمد وكفت كناه بسيار دارم وميخواهم كه توبه بكنم وى كفت دير آمدى پير كفت زود آمدم كفتا چرا كفت از بهر آنكه هر كه پيش از مرك بيايد بتوبة زود امده باشد شقيق كفت نيك آمدى ونيك كفتى بارها خويش را چيزى سبك كردان كه نيست ... تنكناى مرك را كنجايئ اين بارها

[سورة ق (50) : الآيات 9 إلى 14]

(وقال الشيخ سعدى) بيا تا بر آريم دستى ز دل ... كه نتوان بر آورد فردا ز كل أيقظنا الله تعالى وإياكم من نوم الغفلة وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً اى كثير المنافع حياة الأناسي والدواب والأرض الميتة وفي كشف الاسرار مطرا يثبت في اجزاء الأرض فينبع طول السنة فَأَنْبَتْنا بِهِ اى بذلك الماء جَنَّاتٍ كثيرة اى أشجارا ذوات ثمار فذكر لمحل وأراد الحال كما قال فأخرجنا به ثمرات وبالفارسية بوستانها مشتمل بر اشجار واثمار وَحَبَّ الْحَصِيدِ من حذف الموصوف للعلم به على ما هو اختيار البصريين في باب مسجد الجامع لئلا يلزم اضافة الشيء الى نفسه واصل الحصيد قطع الزرع والحصيد بمعنى المحصود وهو هنا مجاز باعتبار الأول والمعنى وحب الزرع الذي شأنه أن يحصد من البر والشعير وأمثالهما مما يقتات به وتخصيص إنبات حبه بالذكر لانه المقصود بالذات وَالنَّخْلَ عطف على جنات وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الجنات لبيان فضلها على سائر الأشجار وقد سبق بعض أوصافها في السورة يس وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية مع ما فيه من مراعاة الفواصل باسِقاتٍ طوالا في السماء عجيبة الخلق وهو حال مقدرة فانها وقت الإنبات لم تكن طوالا يقال بسقت الشجرة بسوقا إذا طالت وفي المفردات الباسق هو الذاهب طولا من جهة الانقطاع ومنه بسق فلان على أصحابه علاهم ويجوز أن يكون معنى باسقات حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون من باب أفعل فهو فاعل لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ اى منضود بعضه فوق بعض والمراد تراكم الطلع او كثرة ما فيه من الثمر والجملة حال من النخل يقال نضدت المتاع بعضه على بعض ألقيته فهو منضود ومنضد والمنضد السرير الذي ينضد عليه المتاع ومنه استعير طلع نضيد كما في المفردات والنضد والنضيد وبالفارسية برهم نهادن والطلع شيء يخرج كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود والطرف محدد أو ما يبدو من ثمرته في أول ظهورها وقشره يسمى الكفرى بضم الكاف والفاء معا وتشديد الراء وما في داخله الإغريض لبياضه كما في القاموس قال في بحر العلوم الطلع ما يطلع من النخلة وهو الكم قبل أن يشق ويقال لما يظهر من الكم طلع ايضا وهو شيء ابيض يشبه بلونه الأسنان وبرائحته المنى رِزْقاً لِلْعِبادِ اى لرزقهم علة لقوله تعالى فأنبتنا وفي تعليله بذلك بعد تعليل أنبتنا الاول بالتبصرة والتذكرة تنبيه على ان الواجب على العبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار أهم وأقدم من تمتعه به من حيث الرزق خوردن براى زيستن وذكر كردنست ... تو معتقد كه زيستن از بهر خوردنست يقول الفقير المقصود من الآية الاولى هو الاستدلال على القدرة بأعظم الاجرام كما دل عليه النظر وذكر الإنبات فيها بطريق التبع فناسب التعليل بالتبصرة والتذكير ومن الثانية بيان الانتفاع بمنافع تلك الاجرام فناسب التعليل بالرزق ولذا أخرت عن اولى لان منافع الشيء مترتبة على خلقه قال ابو عبيدة نخل الجنة نضيد ما بين أصلها الى فرعها بخلاف نخل الدنيا فان ثمارها رؤسها كلما نزعت رطبة عادت ألين من الزبد وأحلى من العسل فنخل الدنيا تذكير لنخل

[سورة ق (50) : آية 12]

الجنة وفي كل منهما رزق للعباد كما قال تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وَأَحْيَيْنا بِهِ اى بذلك الماء بَلْدَةً مَيْتاً تذكير ميتا باعتبار البلد والمكان اى أرضا جدبة لانماء فيها أصلا بأن جعلناها بحيث ربت وأنبتت أنواع النبات والأزهار فصارت تهتز بها بعد ما كانت جامدة هامدة (روى) ابو هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا جاءهم المطر فسالت الميازيب قال لا محل عليكم العام اى لا جدب يعنى تنكى نيست بر شما امسال كَذلِكَ الْخُرُوجُ جملة قدم فيها الخبر للقصد الى القصر وذلك اشارة الى الحياة المستفادة من الاحياء اى مثل تلك الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور لا شى مخالف لها وقد روى ان الله يمطر السماء أربعين ليلة كمنى الرجال يدخل في الأرض فينبت لحومهم وعروقهم وعظا مهم ثم يحييهم ويخرجهم من تحت الأرض وفي التعبير عن إخراج النبات من الأرض بالاحياء وعن حياة الموتى بالخروج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لامر البعث وتحقيق للمماثلة بين إخراج النبات واحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه الى إفهام الناس (قال الكاشفى) واگر كسى تأمل كند در احياى دانه مانند مرده در خاك مدفونست وظهور او بعد از خفا دور نيست كه بشمه از حيات أموات پى تواند برد كدام دانه فروشد كه بر نيامد باز ... چرا بدانه انسانيت كمان باشد فروشدن چوبديدى بر آمدن بنگر ... غروب شمس وقمر را چرا زيان باشد وفي الآية اشارة الى تنزيل ماء الفيض الإلهي من سماء الأرواح فان الله ينبت به حبات القلوب وحب المحبة المحصود به محبة ما سوى الله من القلوب وشجرة التوحيد لها طلع نضيد من انواع المعارف رزقا للعباد الذين يبيتون عند ربهم يطعمهم ويسقيهم ويحيى بذلك الفيض بلدة القلب الميت من نور الله كما قال او من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا الآية كذلك الخروج من ظلمات الوجود الى نور واجب الوجود فافهم جدا كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل اهل مكة قَوْمُ نُوحٍ قوم نوح كه بنى شيت وبنى قابيل بودند تكذيب كردند مر نوح را وَأَصْحابُ الرَّسِّ قبل كانت الرس بئرا بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العليس كزبير وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت بكرات كثيرة منصوبة عليها جمع بكرة بالفتح وهى خشبة مستديرة في وسطها محزيستقى عليها ورجال كثيرون موكلون بها وأبازن بالزاي والنون من رخام وهى تشبه الحياص كثيرة تملأ للناس قال في القاموس الابزن مثلثة الاول حوض يغتسل فيه وقد يتخذ من نحاس معرب آب زن انتهى وآخر للدواب وآخر للبقر والغنم والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا تتغير وكذلك كانوا يفعلون إذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضبحوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل في جثة الملك بعد موته بايام كثيرة فكلمهم وقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدي ففرحوا أشد الفرح وأمر لخاصته أن يضربوا حجابا بينه وبينهم ويكلمهم من ورائه كيلا يعرف الموت في صورته فنصبوه صنما

[سورة ق (50) : الآيات 13 إلى 14]

من ورلء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله ويتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث الله لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه في النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة ابن صفوان فأعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم الله وان الله تعالى لا يتمثل بالخلق وان الملك لا يجوز أن يكون شريكا لله وأوعدهم ونصخهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه وهو يتعدهم بالموعظة والنصيحة حتى قتلوه وطرحوه في بئر وعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتو اشباعى رواء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها وهو بالكسر الحبل فصاحوا بأجمعهم وضبح النساء والولدان وضبحت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الهلاك وخلفهم فى أرضهم السباع وفي منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت لهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد الاول بالكسر أم غيلان او نحوه والثاني كسحاب شجر صلب شوكه كالابر فلا تسمع فيها إلا عزيف الجن اى صوتهم وهو جرس يسمع في المفاوز بالليل وإلا زئير الأسد اى صوته من الصدر نعوذ بالله من سطواته ومن الإصرار على ما يوجب نقماته كذا فى التكملة نقلا عن تفسير المقري وقيل الرس بئر قرب اليمامة او بئر بأذربيجان او واد كما قال الشاعر فهن لوادى الرس كاليد للفهم وقد سبق بعض الكلام عليه في سورة الفرقان فارجع وَثَمُودُ وقوم ثمود صالح را وهو ثمود بن عاد وهو عاد الآخرة وعاد هو عاد ارم وهو عاد الاولى وَعادٌ وقوم عاد هود را وَفِرْعَوْنُ وفرعون موسى را وهرون را والمراد هو وقومه ليلائم ما قبله وما بعده من الجماعة وَإِخْوانُ لُوطٍ يعنى اصهار او مر او را والصهر زوج بنت الرجل وزوج أخته وقيل إخوانه قومه لاشتراكهم في النسب لا في الدين قال عطاء ما من أحد من الأنبياء الا ويقوم معه قومه الا لوطا عليه السلام يقوم وحده وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم من بعث إليهم شعيب عليه السلام غير اهل مدين وكانوا يسكنون أيكة اى غيضة تنبت السدر والأراك وقد مر في سورة الحجر وَقَوْمُ تُبَّعٍ الحميرى ملك اليمن وقد سبق شرح حالهم في سورة الدخان كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ اى فيما أرسلوا به من الشرائع التي من جملتها البعث الذي أجمعوا عليه قاطبة اى كل قوم من الأقوام المذكورين كذبوا رسلهم وكذب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور وافراد الضمير باعتبار لفظ الكل او كل واحد منهم كذب جميع الرسل لاتفاقهم على التوحيد والانذار بالبعث والحشر فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر واما على تقدير عدمها وهو الأظهر فمعنى تكذيب قومه الرسل تكذيبهم لمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث والى ذلك كان يدعوهم تبع فَحَقَّ وَعِيدِ اى فوجب وحل عليهم وعيدي وهى كلمة العذاب والوعيد يستعمل فى الشر خاصة بخلاف الوعد فانه يكون في الخير والشر وفي الآية تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يعنى لا تحزن بتكذيب الكفار إياك لانك لست باول نبى كذب وكل امة كذبت رسولها واصبر على أذاهم كما صبروا تظفر بالمراد كما ظفروا وتهديد لاهل مكة يعنى احذروا

[سورة ق (50) : الآيات 15 إلى 19]

يا أهل مكة من مثل عذاب الأمم الخالبة فلا تكذبوا رسول الله فان الاشتراك في العمل يوجب الاشتراك في الجزاء واعلم ان عموم أهل كل زمان الغالب عليهم الهوى والطبيعة الحيوانية فهم أهل الحس لا أهل العقل ونفوسهم متمردة بعيدة عن الحق قريبة الى الباطل كلما جاء إليهم رسول كذبوه وعلى ما جاء به قاتلوه فحق عليهم عذاب ربهم بما كفروا بأنعم الله فما أعياه إهلاكهم وفيه تسلية للأولياء ايضا من طريق الاشارة وتهديد لاهل الإنكار ولعمرى انهم في أيديهم كالانبياء في أيدي الكفار ولكن الصبر مفتاح الفرج فكما ان الكفار مسخوا وخسفوا وأخذوا بأنواع النكال فكذا أهل الإنكار مسخ الله بواطنهم وخسف بهم الأرض يعنى ارض البشرية الكثيفة الظلمانية وأخذوا بأصناف الخذلان وهم لا يدرون انهم كذلك بل يحسبون انهم ناجون من كل المهالك لزيادة عماهم وحيرتهم نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المصدقين ويثبتنا على طريق أهل اليقين ويفيض علينا من بركاتهم ويشرفنا بآثار حركاتهم أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ العي بالأمر العجز عنه يقال عى بالأمر وعيى به إذا لم يهتد لوجه عمله وقد مر في قوله ولم يعى بخلقهن والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر ينبئ عنه العي من القصد والمباشرة كأنه قيل اقصدنا الخلق الاول وهو الإبداء فعجزنا عنه حتى يتوهم عجزنا عن الخلق الثاني وهو الاعادة وبالفارسية آيا ما عاجز شده ايم ورنج يافته بآفرينش أول خلق تا فرو مانيم از آفرينش ثانى وفي عين المعاني الخلق الاول آدم عليه السلام وهم يقرون به وفي التأويلات النجمية أفا عتاص علينا فعل شيء حتى نعيى بالبعث أو يشق علينا البعث اى ليس كذلك بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ يقال جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه وخلق جديد اشارة الى النشأة الثانية وقوبل الجديد بالخلق لما كان المقصود بالجديد القريب العهد بالقطع من الثواب ومنه قيل لليل والنهار الجديد ان والأجدان كما في المفردات والجملة عطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل هم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الاول بل هم في خلط وشبهة فى خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة إذ لم تجر العادة بالاعادة في هذه الدار وهذا قياس فاسد كما لا يخفى (وقال الكاشفى) مشركان مكه معترف بودند بانكه حق تعالى مبدع خلق است در أول پس ميفرمايد كه كسى كه قادر بود بر آفرينش جمعى بي ماده ومددى چرا توانا توانا نبود بر اعاده ايشان بجمع مواد ورد حيات بآن وبي شبهه ما بر ان قوت داريم بلكه كافران در شك وشبه اند بسبب وساوس شيطانى از آفريدن نو يعنى بعث وحشر چهـ آنرا مخالف عادت مى بينند وتنكير خلق لتفخيم شأنه والاشعار بخروجه عن حدود العادات او الإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ويهتم بمعرفته ولا يقعد على لبس واعلم ان هذا الخلق الجديد حاصل في الدنيا ايضا سوآء كان في الاعراض او في الأجسام وهو مذهب الصوفية ومذهب المتكلمين فانهم جوزوا انتفاء الأجسام في كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال اى الأجسام الاخر كما جوزوا انتفاء الاعراض في كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال اى الاعراض الاخر أي كما انه جائز في الاعراض التي هى غير قائمة بذواتها كذلك جائز في الجواهر

[سورة ق (50) : آية 16]

التي هى قائمة بذواتها وفي هذا المعنى (قال في المثنوى) صورت از معنى چوشير از بيشه دان ... يا چوآواز وسخن ز انديشه دان اين سخن وآواز او انديشه خواست ... تو ندانى بحر انديشه كجاست ليك چون موج سخن ديدى لطيف ... بحر آن دانى كه باشد هم شريف چون ز دانش موج انديشه بتاخت ... از سخن وآواز او صورت بساحت از سخن صورت بزاد وباز مرد ... موج خود را باز اندر بحر برد صورت از بي صورتى آمد برون ... باز شد كه انا اليه راجعون پس ترا هر لحظه مرك ورجتيست ... مصطفى فرمود دنيا ساعتيست فكر ما تيريست از هو در هوا ... در هوا كى پايه آيد تا خدا هر نفس نو مى شود دنيا وما ... بي خبر از نوشدن اندر بقا عمر همچون جوى نو نو ميرسد ... مستمرى مى نمايد در جسد آن ز تيزى مستمر شكل آمدست ... چون شرركش تيز جنبانى بدست شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد پس دراز اين درازى مدت از تيزئ صنع ... مى نمايد سرعت انگيزى صنع قال الامام الشعراني رضى الله عنه في كتاب الجواهر تقليب العالم واقع في كل نفس من حال الى حال فلا يثبت على حالة واحدة زمانا فردا لكن التغيير انما يقع في الصفات لا في الأعيان فلم يزل الحق تعالى خلاقا على الدوام انتهى ومنه يعرف طواف الكعبة ببعض الرجال واستقبالها لهم كما وقع ذلك لرابعة العدوية رضى الله عنها وغيرها وحقيقة هذا المقام لا تتضح الا بالكشف التام ومن الله الملك العلام الفيض والإلهام وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ اى ما تحدث به نفسه وهو ما يخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفي والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلي وبالفارسية وميدانيم آن چيزى را كه وسوسه ميكند مر او را بدان نفس او از انديشهاى بد والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما في صوت بكذا وهمس به يعنى انها صلة او للانسان ان جعلت مصدرية والباء للتعدية اى ما تجعله موسوسا فان النفس تجعل الإنسان قائما به الوسوسة قال في الكشاف ما مصدرية لانهم يقولون حدث نفسه بكذا كما يقولون حدثته به نفسه وفيه اشارة الى ان الله تعالى كما يعلم حال الإنسان قبل خلقه علما تبوتيا كذلك يعلمه بعد خلقه علما فعليا ودخل فيه ما توسوس به نفسه فانه مخلوق الله ايضا لا يخفى عليه مخلوقه مطلقا ودخل فيما توسوس به نفسه شهواته المطلوب الاستيفاؤها وسوء خلقه واعتقاده الفاسد وغير ذلك من أوصاف النفس توسوس بذلك لتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فان الله تعالى خلقه وعلم ما وسوست به نفسه في أكل الشجرة وذلك بإلقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الأنبياء من سبيل فخواطرهم لا حظ للشيطان فيها فهو يأتيهم في ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم ان من الأولياء من يحفظ من الشيطان في علم الله تعالى فيكون بهذه المثابة في العصمة مما يلقى لا في العصمة من وصول ذلك الى قلبه لان الأولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الأنبياء عصمت بواطنهم لكونهم

اصحاب الشرائع قال بعض الكبار ما من شخص من بنى آدمه الا ويخطر له كل يوم وليلة سبعون ألف خاطر لا تزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم فما من شخص الا ويخلق من خواطره كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون الى جهة البيت المعمور فاذا خرج السبعون ألفا من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من لخواطر فيكون ذكرهم استغفارا لأصحابهم الى يوم القيامة ولكن من كل قلبه معمورا بذكر الله دائما فالملائكة المخلوقون من خواطره يمتازون عن الملائكة الذي خلقوا من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسوآء كان الخاطر فيما ينبغى او فيما لا ينبغى فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دائما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة في علم الله لما نظر وان كان هو في نفسه ملكا سبح وقد لا يعلم ما خطر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ اى الى الإنسان مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ از رك جان وى بوى اى اعلم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد وعبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوزا لأنه موجب له فاطلق الملزوم على اللازم وحل الوريد مثل في فرط القرب كقولهم هو منى بمعقد الإزار والحبل العرق شه بواحد من الحبال من حيث الهيئة وإضافته بيانية وجوز الزمخشري كونها بمعنى اللام ويجوز أن تكون كأضافة لجين الماء على ان يكون الحبل على حقيقته والوريدان عرقان مكتنفان لصفحتى العنق في مقدمها متصلان بالوتين وهو عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه يردان من الرأس اليه فالوريد بمعنى الوارد وقيل سمى وريد الان الروح الحيواني يرده فالوريد حينئذ بمعنى المورود وفي المفردات الوريد عرق متصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الروح وقوله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد أي من روحه انتهى ما وردى فرموده كه حبل الوريد ركيست متصل بدل وعلم خداى تعالى ببنده نزديكتر نيست از علم دل وى وفي التأويلات النجمية حبل الوريد أقرب اجزاء نفسه الى نفسه يشير به الى انه تعالى اقرب الى العبد من نفس العبد الى العبد فكما انه كل وقت يطلب نفسه يجدها لانها قريب منه فكذلك كل وقت يطلب ربه يجده لانه قريب منه كما قال تعالى وإذا سألك عبادى عنى فانى قريب وفي الزبور ألا من طلبنى وجدنى نحن أقرب كفت من حبل الوريد ... تو بكندى بئر فكرت را بعيد اى كمان تيرها پر ساخته ... صيد نزديك وتو دور انداخته و (قال الشيخ سعدى) دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم چكنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم قال بعض الكبار شدة القرب حجاب كما ان غاية البعد حجاب وإذا كان الحق أقرب إلينا من حبل الوريد فأين السبعون ألف حجاب التي بيننا وبينه فتأمل وقال البقلى ولو يرى الإنسان نفسه لرأى هوان نفسه ألا ترى كيف أخبر عن كمال قربه بنعت الاتحاد بقوله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ولذلك قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه إذ لا نفس إلا هوان فهمت ما قلت والا فاعلم ان الفعل قائم بالصفة والصفة قائمة بالذات فمن

حيث عين الجمع ما هو الا هو ولا تظن الحلول فانه بذاته وصفاته منزه عن أن يكون له محل فى الحوادث هذا رمز العاشقين ألا ترى الى قول المجنون. انا من أهوى ومن أهوى انا ... نحن روحان حللنا بدنا فاذا أبصرتنى أبصرته ... وإذا أبصرته أبصرتنا وقال الواسطي اى نحن اولى به وأحق أنا جمعناه بعد الافتراق وانشأ ماه بعد العدم ونفخنا فيه الروح فالاقرب اليه من هو أعلم به منه بنفسه وقال ايضا بي عرفت روحك بي عرفت نفسك كل ذلك لاظهار النعوت على قدر طاقة الخلق فاما الحقيقة فلا يتحملها العبد سماعا (وقال الكاشفى) وببايد دانست كه قرب حق تعالى بي چون و چكونه باشد اى عزيز كيفيت قرب جانرا كه پيوسته است بتن در نمى توان يافت قرب حق را كه پيوسته از كيفيت مقدس ومنزه است چكونه ادراك توان كرد وهمين در مثنوى معنوى مذكور است قرب بيچونست جانترا بتو ... قرب حق را چون بدانى اى عمو قرب نى بالا و پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است در كشف الاسرار آورده كه قرب حق بحق آنست كه فرمود واسجد واقترب ودر أحاديث قدسية واردست كه لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل واين قرب أول بايمانست وتصديق وآخر باحسانست وتحقيق يعنى مقام مشاهده كه أن تعبد الله كأنك تراه وقرب حق تعالى مر بنده را دو قسمست يكى كافه خلق را بعلم وقدرت كقوله وهو معكم أينما كنتم ديكر خواص دو كاه را بخصائص برو شواهد لطف كه ونحن أقرب اليه أول او را قربتى دهد غيبى تا از جهانش برهاند پس قرب بحد حقيقى تا از آب وكلش باز برد از هستى موهوم بنده مى كاهد واز نيستى أصلي زياده ظهور ميكند تا چنانچهـ در أول خود بود در آخر خود باشد آنجا علايق مرتفع كردد واسباب منقطع ورسوم باطل وحدود متلاشى وإشارات متناهى وعبارات منتفى وخبر منمحق وحق يكتا بخود باقى والله خير وأبقى رأيت حبى بعين قلبى ... فقال من أنت قلت أنتا انا الذي جزت كل حد ... بمحو أينى فأين انتا موج بحر لمن الملك برايد ناكاه ... غرقه كردند در ان بحر چهـ درويش و چهـ شاه خرمن هستى موهوم چنان سوزاند ... آتش عشق كه نه دانه بماند نه كاه قال ابو يزيد البسطامي قدس سره انسلخت من نفسى كما تنسلخ الحية من جلدها فنظرت فاذا انا هو اى ان من انسلخ من شهوات نفسه وهواها وهمها فلا يبقى فيه متسع لغير الله ولا يكون له هم سوى الله تعالى وإذا لم يحل في القلب الا جلال الله وجماله حتى صار مستغرقا يصير كأنه هو لا انه هو تحقيقا وفرق بين قولنا كأنه هو وبين قولنا هو هو لكن قد يعبر بهو هو عن قولنا كأنه هو كما يقال زيد أسد في مقام التشبيه مبالغة في الشجاعة فان قلت ما معنى السلوك وما معنى الوصول قلت معنى السلوك هو تهذيب الأخلاق والأعمال والمعارف وذلك اشتغال بعمارة الظاهر والباطن والعبد في جميع ذلك مشغول بنفسه عن ربه الا انه مشتغل

[سورة ق (50) : الآيات 17 إلى 18]

بتصفية باطنه ليستعد للوصول وانما الوصول هو ان ينكشف له جلية الحق ويصير مستغرقا به فان نظر الى معرفته فلا يعرف الا الله وان نظر الى همه فلاهم له سواه فيكون كله مشغولا بكله مشاهدة وهما لا يلتفت في ذلك الى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الأخلاق وكل ذلك طهارة وهى البداءة وانما النهاية أن ينسلخ عن نفسه بالكلية ويتجرد له فيكون كأنه هو وذلك هو الوصول كما في شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي رحمه الله إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ منصوب با ذكر وهو اولى لبقاء قوله ونحن إلخ على إطلاقه او بما في أقرب من معنى الفعل والتلقي الاخذ والتلقن بالحفظ والكتابة والمعنى انه لطيف يتوصل علمه الى ما لا شيء أخفى منه وهو أقرب الى الإنسان من كل قريب حين يتلقى ويتلقن ويأخذ الحفيظان اى الملكان الموكلان بالإنسان ما يتلفظ به وفيه اى على الوجه الثاني إيذان بأنه تعالى غنى عن استحفاظهما لاحاطة علمه بما يخفى عليهما وانما ذلك لما في كتبهما وحفظهما لاعمال العبد وعرض صحائفهما يوم يقوم الاشهاد وعلم العبد بذلك مع علمه بأحاطته تعالى بتفاصيل أحواله خبرا من زيادة اللطف له في الكف عن السيئات والرغبة في الحسنات وعنه عليه السلام ان مقعد ملكيك على ثنيتيك ولسانك قلمهما وريقك مدادهما وأنت تجرى فيما لا يعينك لا تستحيى من الله ولا منهما وقد جوز أن يكون تلقى الملكين بيانا للقرب على معنى انا أقرب اليه مطلعون على اعماله لان حفظتنا وكتبتنا موكلون به عَنِ الْيَمِينِ هو أشرف الجوارح وفيه القوة التامة وَعَنِ الشِّمالِ هو مقابل اليمين قَعِيدٌ اى عن جانب اليمين قعيد أي مقاعد كالجليس بمعنى المجالس لفظا ومعنى فحذف الاول لدلالة لا الثاني عليه وقيل يطلق الفعيل على الواحد والمعتدد كما في قوله والملائكة بعد ذلك ظهير ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ما يرمى به من فيه من خير او شر والقول أعم من الكلمة والكلام إِلَّا لَدَيْهِ مكر نزديك او رَقِيبٌ ملك يرقب قوله ذلك ويكتبه فان كان خيرا فهو صاحب اليمين بعينه والا فهو صاحب الشمال عَتِيدٌ اى معد مهيأ لكتابة ما أمر به من الخير او الشر فهو حاضر أينما كان وبالفارسية رقيب نكهبانى وديده بانى بود عتيد آماده في الحال نويسد والافراد حيث لم يقل رقيبان عتيدان مع وقوفهما معا على ما صدر عنه لما ان كلا منهما رقيب لما فوض اليه لا لما فوض الى صاحبه كما ينبئ عنه قوله تعالى عتيد وتخصيص القول بالذكر لاثبات الحكم في الفعل بدلالة النص واختلف فيما يكتبانه فقيل يكتبان كل شيء حتى أنينه فى مرضه وقيل انما يكتبان ما فيه اجر ووزر وهو الأظهر كما ينبئ عنه قوله عليه السلام كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات امير أمين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح او يستغفر قيل ان الملائكة يجتنبون الإنسان عند غائطه وعند جماعه ولذاكره الكلام في الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور في ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه في هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة رحمه الله يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة

فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وكذا يحمد الله بقلبه عند العطاس في بيت الخلاء وكذا يكره الكلام عند الجماع وكذا الضحك في هذه الحالة فلا بد من حفظ اللسان وفي الحديث من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه ابلهى از صرفه زر ميكنى ... صرفه كفتار كن ار ميكنى مصلحت تست زبان زير كام ... تيغ پسنديده بود در نيام وفي الحديث ان ملائكة الليل وملائكة النهار يصلون معكم العصر فتصعد ملائكة النهار وتمكث ملائكة الليل فاذا كان الفجر نزل ملائكة النهار ويصلون الصبح فتصعد ملائكة الليل وتمكث ملائكة النهار وما من حافظين يرفعان الى الله ما حفظا فيرى الله في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا الا قال لملائكة اشهدوا انى قد غفرت لعبدى ما بين طرفى الصحيفة كما في كشف الاسرار وفي الحديث نظفوا لثاتكم جمع لثة بالكسر وفتح الثاء المخففة وهى اللحمة التي فوق الأسنان ودون الأسنان وهى منابتها والعمور اللحمة القليلة بين السنين واحدها عمر بفتح العين فأمر بتنظيفها لئلا يبقى فيها وضر الطعام فتتغير منه النكهة وتتنكر الرائحة ويتأذى المكان لانه طريق القرآن ومقعد الملكين عندنا بيه (وروى) فى الخبر فى قوله ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال عندنا بيه كما في تفسير القرطبي في سورة البقرة وفي الحديث نقوا براجمكم وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها من الوسخ واحدها برجمة بضمتى الباء والجيم وسكون الراء بينهما وهو ظهر عقدة كل مفصل فظهر العقدة يسمى برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة وجمعها رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الأصابع فلكل إصبع برجمتان وثلاث راجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فأمر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة والجنب لا تقربه ملائكة الرحمن الى أن يتطهر وعن مجاهد قال ابطأ جبريل عليه السلام على النبي عليه السلام ثم أتاه فقال له عليه السلام ما حبسك يا جبريل قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ وما نتنزل الا بأمر ربك كما في سفينة الأبرار وفي الخبر النبوي قال عليه السلام نقوا أفواهكم بالخلال فانها مجلس الملكين الكريمين الحافظين وان مدادهما الريق وقلمهما اللسان وليس عليهما شيء امر من بقايا الطعام بين الأسنان كما في اسئلة الحكم قال الامام حجة الإسلام أليس الله منع الجنب والمحدث عن الدخول الى بيته ومس كتابه فقال عز من قائل ولا جنبا الا عابرى سبيل وقال تعالى لا يمسه الا المطهرون مع انهما اثر مباح فكيف بمن هو منغمس في قذر الحرام ونجاسة السحت والشبهة مع من يدعى الى خدمة الله العزيز وذكره الشريف وصحبته الطاهرة سبحانه كلا لا يكون ذلك ابدا كما في الاسرار المحمدية إخواني فكر القلب في المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدابير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء به فكيف ولوغ الكلب كما في درياق الذنوب لابى الفرج ابن الجوزي وفي الحديث ان الله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة الأكل من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل فالصرف النافلة والعدل

الفريضة كما في الاحياء واطلاق الآية يدل على ان للكفار كتابا وحفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شيء يكتب ولم يكن لهم حسنات يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما في بستان العارفين وفائدة حضور صاحب اليمين احتمال الايمان وهو اللائح بالبال وفي الحديث ان الله تبارك وتعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فاذا مات قال الملكان اللذان وكلا به يكتبان عمله قدمات فلان فتأذن لنا فنصعد الى السماء فيقول الله تعالى سمائى مملوءة من ملائكتى يسبحون فيقولان فأين فيقول قوما على قبر عبدى فكبرانى وهللانى واكتبا ذلك لعبدى الى يوم القيامة قال بعض الكبار من اهل البرزخ من يخلق الله تعالى من همتهم من يعمل في قبورهم بغالب أعمالهم في الدنيا ويكتب الله تعالى لعبده ثواب ذلك العمل الى آخر البرزخ كما وقع لثبات المنائى قدس سره فانهم وجدوا في قبره شخصا على صورته يصلى فظنوا انه هو وانما هو مخلوق من همته وكذلك المثالات المتخيلة في صور أهل البرازخ لاهل الدنيا في النوم واليقظة فاذا رؤى مثال أحدهم فهو اما ملك خلقه الله تعالى من همة ذلك الولي واما مثال اقامه الله تعالى على صورته لتنفيذ ما شاء الله من حوائج الناس وغيرها فأرواح الأولياء في البرزخ مالها خروج منه ابدا واما أرواح الأنبياء عليهم السلام فانها مشرفة على وجود الدنيا والآخرة كما في كتاب الجواهر للشعرانى ومن ذلك ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه ضرب بعض الصحابة خبائه على قبر وهو لا يشعر أنه قبر فاذا فيه انسان يقرأ سورة الملك فأتى النبي عليه السلام فأخبره فقال عليه السلام هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب القبر كما في حل الرموز يقول الفقير بعض الآثار يدل على ان بعض الأرواح يطوف في الأرض كالصديق والفاروق رضى الله عنهما كما أشار اليه قوله عليه السلام ان لى وزيرين في الأرض أبا بكر وعمر وايضا ان المهدى رضى الله عنه إذا خرج يستصحب اصحاب الكهف وروحانية شخصين من كمل هذه الامة وايضا قد اشتهر في الروايات خروج بعض الأرواح من القبور في بعض الأيام والليالى والشهور بأذن الملك الغفور الا أن يأول كل ذلك والعلم عند الله تعالى وفي التأويلات النجمية يشير ان من لم يعرف قدر قربى اليه ويكون بعيدا منى بخصاله الذميمة وفعاله الرديئة ولم ارض بأن أكون رقيبه او كل عليه رقيبين ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد يكتب بقلم حركاته ومدادنيته على صحيفة قلبه فان كانت حركاته شرعية ونيته صافية تجيئ كتابته نورانية وان كانت حركاته طبيعية حيوانية ونيته هوائية شهوانية تجيئ كتابته ظلمانية نفسانية فمن هنا تبيض وجوه وتسود وجوه وفيه ايضا اشارة الى كمال عنايته في حق عباده إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة المقربين ليحفظوه بالليل والنهار إذا كان قاعدا فواحد عن يمينه وواحد عن شماله وإذا نام فواحد عن رأسه وواحد عن قدمه وإذا كان ماشيا فواحد بين يديه واخر خلفه ويقال هما اثنان بالليل لكل واحد واثنان بالنهار ويقال بل الذي يكتب الخيرات كل يوم آخران والذي يكتب الشر والزلة كل يوم هو الذي كان بالأمس ليكثر شهود الطاعة غدا وتقل شهود المعصية ويقال بل الذي يكتب المعصية كل يوم اثنان آخران لئلا يعلم

[سورة ق (50) : آية 19]

من مساويك الا القليل منهم فيكون علم المعاصي متفرقا فيهم انتهى وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ السكرة استعارة لشدة الموت وغمرته الذاهبة بالعقل انما لم يجعل الموت استعارة بالكناية ثم اثبات السكرة له تخييلا لان المقام أدعى للاستعارة التحقيقية وعبر عن وقوعها بالماضي إيذانا تحققها وغاية اقترابها حتى كأنها قدأتت وحضرت كما قيل قد أتاكم الجيش اى قرب إتيانه والباء اما للتعدية كما في قولك جاء الرسول بالخبر والمعنى حضرت سكرة الموت اى شدته التي تجعل الإنسان كالسكران بحيث تغشاه وتغلب على عقله حقيقة الأمر الذي نطق به كتاب الله ورسله او حقيقة الأمر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته واما للملابسة كالتى في قوله تعالى تنبت بالدهن اى ملتبسة بالحق اى بحقية الأمر أو بالحكمة والغاية الجميلة وقال بعضهم أتت وحضرت بأمر الله الذي هو حق (وحكى) ان رجلا أتى عمر رضى الله عنه فقال انى أحب الفتنة واكره الحق وأشهد بما لم أره فحبسه عمر رضى الله عنه فبلغت قصته عليا رضى الله عنه فقال يا عمر حبسته ظلما فقال كيف ذلك قال لانه يحب المال والولد قال تعالى انما أموالكم وأولادكم فتنة ويكره الموت وهو الحق قال تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق ويشهد بأن الله واحد لم يره فقال عمر لولا على لهلك عمر ذلِكَ اى يقال للميت بلسان الحال وان لم يكن بلسان القال او تقول ملائكة ذلك الموت يا انسان ما موصولة اى الأمر الذي كُنْتَ فى الدنيا مِنْهُ متعلق بقوله تَحِيدُ من حاد عنه يحيد حيدا إذا مال عنه اى تميل وتهرب منه وبالفارسية مى كريختى ومى ترسيدى واو را مكروه ميداشتى بل تحسب انه لا ينزل عليك بسبب محبتك الحياة الدنيا كما في قوله او لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال اى أقسمتم بألسنتكم بطرا وأشرا وجهلا وسفها او بألسنة الحال حيث بنيتم مشيدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال منها الى هذه الحالة فكأنكم ظننتم انكم مالكم من زوال مما أنتم عليه من التمتع بالحظوظ الدنيوية فالخطاب فى الآية للانسان المتقدم على طريق الالتفات فان النفرة عن الموت شاملة لكل فرد من افراده طبعا ويعضده ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت أخذت أبا بكر غشية من الموت فبكيت عليه فقلت من لا يزال دمعه مقنعا ... لا بد يوما انه مهراق فأفاق ابو بكر رضى الله عنه فقال بل جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد وما روى انها قالت ان من نعم الله على أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفى في بيتي وبين سحرى ونحرى وان الله جمع بين ريقى وريقه عند موته ودخل عبد الرحمن بن ابى بكر رضى الله عنه على وبيده سواك وانا مسندة رسول الله فرأيته ينظر اليه وعرفت انه بحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم فتناوله فاشتد عليه فقلت ألينه لك فأشار برأسه أن نعم فلينته فأمره وبين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول لا اله الا الله ان للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده وجوز في الكشاف ان تكون الاشارة الى الحق والخطاب للفاجر وهذا هو الظاهر لان الكلام

فى الفجار قاله سعدى المفتى وفي الحديث القدسي (وما رددت في شيء انا فاعله) بتشديد الدال يعنى ما رددت ملائكتى الذين يقبضون الأرواح (ما رددت في قبض نفس عبدى المؤمن) اى مثل ترديدى إياهم في قبض أرواح المؤمنين بأن أقول اقبضوا روح فلان ثم أقول لهم أخروه وفي بعض النسخ ما ترددت ولما كان التردد وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بأن الأصلح أيهما محالا في حق الله تعالى حمل على منتهاه وهو التوقف يعنى ما توقفت فيما أفعله مثل توقفى في قبض نفس المؤمن فانى أتوقف فيه وأريه ما أعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى يكره الموت استئناف عمن قال ما سبب ترددك أراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء الله فكيف يكرهه المؤمن (وانا اكره مساءته) اى أذاه بما يلحقه من صعوبة الموت وكربه (ولا بد منه) اى للعبد من الموت لا انه مقدر لكل نفس كذا في شرح المشارق لابن الملك قال في كشف الاسرار هر جند كه حالت مرك بظاهر صعب مى نمايد لكن دوستانرا اندر آن حال در باطن همه عز وناز باشد واز دوست هر لمحه راحتى ودر هر ساعتى خلعتى آيد مصطفى عليه السلام ازينجا كفته (تحفة المؤمن الموت) هيچ صاحب صدق از مرك نترسد حسين بن على رضى الله عنهما پدر را ديد كه پيراهن حرب ميكرد كفت ليس هذازى المحاربين على كفت ما يبالى أبوك أسقط على الموت أم سقط الموت عليه صدق زاد سفر مرك است ومرك راه بقاست وبقا سبب لقاست من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه عمار بن ياسر رضى الله عنه عمر وى به نود سال رسيد نيزه در دست كرفتى ودستش مى لرزيدى مصطفى عليه السلام او را كفته بود آخر قوت تو از طعام دنيا شربتى شير باشد در حرب صفين عمار حاضر بود نيزه در دست كرفته وتشنكى بر وى افتاده شربتى آب خواست قدحى شير بوى دادند يادش آمد حديث مصطفى كه امروز روز دولت عمارست آن شربت بكشيد و پيش رفت وميكفت اليوم نلقى الاحبه محمدا وحزبه (وفي المثنوى) همچنين باد أجل با عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقايش شادمان اين كودكان چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور وعن صاحب المثنوى انه لما حضره الموت ورأى ملك الموت عند الباب قال پيش ترا پيش تر جان من ... پيك در حضرت سلطان من قالوا ينزل عند الموت اربعة من الملائكة ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى وملك يجذبها من قدمه اليسرى وملك يجذبها من يده اليمنى وملك يجذبها من يده اليسرى فيجذبونها من أطراف البنان ورؤس الأصابع ونفس المؤمن المطيع تنسل انسلال القطرة من السقاء واما الفاجر فينسل روحه كالسفود من الصوف المبلول وهو يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكأن نفسه تخرج من ثقب ابرة وكأن السماء انطبقت على الأرض وهو بينهما فان قلت مع وجود هذه السكرات لم لا يصيح المحتضر كما يصيح من به ألم من الضرب وغيره قلت انما يستغيث المضروب ويصيح

لبقاء قوته في قلبه وفي لسانه وانما ينقطع صوت الميت وصياحه مع شدته لان الكرب قد بولغ فيه وتصاعد على قلبه وغلب على كل موضع منه اعنى البدن فهد كل قوة وأضعف كل جارحة فلم يترك له قوة الاستغاثة قال وهب بن منبه بلغنا انه ما من ميت يموت حتى يرى الملكين اللذين كانا يحفظان عمله في الدنيا فان صحبهما بخير قالا جزاك الله خيرا فرب مجلس خير قد أجلستنا وعمل صالح قد أحضرتنا وان كان رجل سوء قالا جزاك الله شرا فرب مجلس شر قد أجلستنا ورب كلام سوء قد اسمعتنا قال فذلك الذي يشخص بصر الميت ثم لا يرجع الى الدنيا ابدا (قال الشيخ سعدى) دريغست فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت روا دارى از جهل وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت وربما كشف للميت عن الأمر الملكوتي قبل أن يغر غرفعاين الملائكة على حقيقة عمله اى على صورهى حقائق اعماله فان كانت اعماله حسنة يراهم على صورة حسنة وان كانت سيئة فعلى صور قبيحة ثم مراتب الحسن والقبح متفاوتة بحسب حسن الأعمال وقبحها وبحسب أنواعها فالملائكة لا يراهم البشر على ما يتحيزون اليه من عالمهم الا ما كان من النبي عليه السلام من رؤية جبريل مرتين على صورته الاصلية وفي التأويلات النجمية إذا اشرف الناس على الخروج من الدنيا فأحوالهم تختلف فمنهم من يزداد في ذلك الوقت خوفه ولا يتبين حاله الا عند ذهاب الروح ومنهم من يكاشف قبل خروجه فيسكن روعه ويحفظ عليه قلبه ويتم له حضوره وتمييزه فيسلم الروح على مهل من غير استكراه وعبوس ومنهم ومنهم وفي معناه يقول بعضهم أنا ان مت فالهوى حشو قلبى ... وابتداء الهوى بموت الكرام قال بعض الكبار ان السيد عبد القادر الجيلي قدس سره لما حضرته الوفاة وضع خده على الأرض وقال هذا هو الحق الذي كنا عنه في حجاب فشهد على نفسه بأن مقام الا دلال الذي كان فيه نقص بالنسبة الى حاله الذي ظهر له عند الموت وتمم الله حاله عند الموت ومات على الكمال وعكس هذا ما حكى ان مولانا حميد الدين اخذه اضطراب عظيم في مرض موته فقيل له اين علومك ومعارفك فقال يطلبون منا القلب وأحوال القلب وذلك غير موجود عندنا فالاضطراب من تلك الجهة (وروى) لبعضهم كلمات عالية ثم رؤى حالة الرحلة في غاية التشوش وقد ذهب عنه التحقيقات وذلك لان الأمر الحاصل بالتكلف لا يستقر حال المرض والهرم فكيف حال مفارقة الروح فلذا انتقل البعض في مقام القبض والهيبة وقد روى ان بعضهم ضحك عند الموت وقال لمثل هذا فليعمل العاملون وبعضهم بكى وقال ما لهذا نسعى طول عمرنا وأراد تجلى الله تعالى عند ذلك فاذا كان حال ارباب الأحوال هكذا فما ظنك بأحوال غيرهم وقد قالوا ان سكرات الموت بحسب الأعمال ولاحوال وقد تظهر صفات حسنها وقبحها عند الموت فالمغتاب تقرض شفاهه بمقاريض من نار والسامع للغيبة يسلك فى اذنيه نار جهنم وآكل الحرام يقدم له الزقوم كذلك الى آخر اعمال العبد كل ذلك يظهر عند سكرات الموت فالميت يجوزها سكرة بعد سكرة فعند آخرها يقبض روحه وكان عليه

[سورة ق (50) : الآيات 20 إلى 25]

السلام يقول اللهم هون على محمد سكرات الموت وانما لا يستعيذ اكثر الناس من الموت ومن أهواله وسكراته لما غلب عليهم من الجهل فان الأشياء قبل وقوعها انما تدرك بنور النبوة والولاية ولذلك عظم خوف الأنبياء والأولياء من الموت يا من بدنياه اشتغل ... وغره طول الأمل الموت يأتى بغتة ... والقبر صندوق العمل (قال الحافظ) سپهر بر شده پرويز نيست خون افشان ... كه ريزه اش سر كسرى وتاج پرويزست بدان اى جوانمرد كه از عهد آدم تا فناى عالم كس از مرك نرست تو نيز نخواهى رست الموت كاس وكل الناس شاربه خانه پر كندم ويك جو نفرستاده بكور ... غم مركت چوغم برك زمستانى نيست وَنُفِخَ فِي الصُّورِ هى النفخة الثانية وهى نفخة البعث والنشور والنافخ اسرافيل عليه السلام وقد سبق الكلام في الصور ذلِكَ اى وقت ذلك النفخ على حذف المضاف يَوْمُ الْوَعِيدِ اى يوم انجاز الوعيد الواقع في الدنيا وتحقيقه والوعيد التهديد او يوم وقوع الوعيد على انه عبارة عن العذاب الموعود وتخصيص الوعيد بالذكر مع انه يوم الوعد ايضا لتهويله ولذا بدئ ببيان حال الكفرة وَجاءَتْ ومى آيد دران روز بعرصه محشر كُلُّ نَفْسٍ من النفوس البرة والفاجرة مَعَها إلخ محله النصب على الحالية من كل لاضافته الى ما هو في حكم المعرفة كأنه قيل كل النفوس سائِقٌ وَشَهِيدٌ وان اختلف كيفية السوق والشهادة حسب اختلاف النفوس عملا اى معها ملكان أحدهما يسوق الى المحشر والآخر يشهد بعملها خيرا او شرا وفي كشف الاسرار يسوق الكافر سائقه الى النار ويشهد الشهيد عليه بمعصيته ويسوق السائق المؤمن الى الجنة ويشهد الشهيد له بطاعته انتهى وهل الملكان الكاتبان في الدنيا هما اللذان ذكرهما الله في قوله سائق وشهيد او غيرهما فيه خلاف كما في فتح الرحمن او معها ملك جامع بين الوصفين كانه قيل معها ملك يسوقها ويشهد لها او عليها وقال الواسطي سائقها الحق وشهيدها الحق اى بالنظر الى الحقيقة فى الدنيا والآخرة لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور وفي المفردات سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ والمعنى يقال له يوم القيامة او وقت النشور او وقت العرض لقد كنت أيها الشخص في الدنيا في غفلة من هذا اليوم وغوائله وفي فتح الرحمن من هذا النازل بك اليوم وقال ابن عباس رضى الله عنهما من عاقبة الكفر وفي عين المعاني اى من السائق والشهيد وخطاب الكل بذلك لما انه ما من أحد إلا وله غفلة ما من الآخرة وقيل الخطاب للكافر وقرئ كنت بكسر التاء على اعتبار تأنيث النفس وكذا الخطابات الآتية فَكَشَفْنا اى أزلنا ورفعنا عَنْكَ غِطاءَكَ الذي كان على بصرك ولغطاء الحجاب المغطى لامور المعاد وهو الغفلة والانهماك فى المحسوسات والالفة بها وقصر النظر عليها قال في المفردات الغطاء ما يجعل فوق الشيء

[سورة ق (50) : آية 23]

من لباس ونحوه كما ان الغشاء كذلك وقد استعير للجهالة قال تعالى فكشفنا الآية يعنى برداشتيم از ديده تو پوشش جهل وغفلت ترا تا هر چهـ شنوده بودى معاينه بينى وحقيقتش ادراك ميكنى وفي الكواشي او الغطاء القبر اى أخرجناك منه فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ اى نافذ وبالفارسية تيزست تبصر ما كنت تنكره وتستبعده في الدنيا لزوال المانع للابصار ولكن لا ينفعك وهذا كقوله أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا يقال حددت السكين رققت حدها ثم يقال لكل حاذق في نفسه من حيث الخلقة او من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حديد فيقال هو حديد النظر وحديد الفهم ويقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك إذا كان يؤثر تأثير الحديد وفي الآية اشارة الى ان الإنسان وان خلق من عالمى الغيب والشهادة فالغالب عليه في البداية الشهادة وهى العالم الحسى فيرى بالحواس الظاهرة العالم المحسوس مع اختلاف أجناسه وهو بمعزل عن ادراك عالم الغيب فمن الناس من يكشف الله غطائه عن بصر بصيرته فيجعل بصره حديدا يبصر رشده ويخذر شره وهم المؤمنون من أهل السعادة ومنهم من يكشف الله عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم لا ينفع نفسا إيمانها وهم الكفار من أهل الشقاوة كرت رفت از اندازه بيرون بدى ... چوكفتى كه بد رفت نيك آمدى فراشو چوبينى در صلح باز ... كه ناكه در توبه كردد فراز كنون با خرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماند ره باز كشت ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد كر حجاب از ميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد يعنى ان عين اليقين الحاصل لاهل الحجاب في الآخرة حاصل لاهل الكشف في الدنيا فانهم ترقوا من علم اليقين الى عين اليقين في هذه الدار فطابوا وقتا فكأنهم في الجنان في الحال وكل يوم لهم يوم المزيد وفيه اشارة الى سر عظيم وهو أن أهل النار يزول عن أبصارهم الحجب المانعة عن اليقين والعيان وذلك بعد احتراق ظواهرهم وبواطنهم أحقابا كثيرة فيرون إذ ذاك من أثر الجمال ما رآه العارفون في هذه الدار فحينئذ لا يبقى للعذاب خطر إذ الاحتراق على الشهود سهل ألا ترى الى النسوة اللاتي قطعن أيديهن كيف لم يكن لهن حسن بالقطع على شهود يوسف ولكن ليس لاهل النار نعيم كأكل وشرب ونكاح فاعرف وَقالَ قَرِينُهُ وكويد همنشين او يعنى الشيطان المقيض له مشيرا اليه هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ اى هذا ما عندى وفي ملكتى ومقدورى عتيد لجهنم قد هيأنه لها بإغوائي وإضلالي وقيل قال الملك الموكل به يعنى الرقيب الذي سبق ذكره مشيرا الى ما هو من كتاب عمله هذا مكتوب عندى عتيد مهيأ للعرض فان كان العبد من اهل الايمان والجنة أحضر كتاب حسناته لان سيئاته قد كفرت وان كان من أهل الكفر والنار أحضر كتاب سيئاته لان حسناته حبطت بكفره وما ان جعلت موصوفة فعتيد صفتها وان جعلت موصولة فهى بدل منها او خبر بعد خبر او خبر لمبتدأ محذوف فعلى العاقل أن لا يطع الشيطان ولا يلتفت الى اغوائه في كل زمان ومكان فانه يدعو الى النار

[سورة ق (50) : الآيات 24 إلى 25]

وقهر الجبار (روى) ان النبي عليه السلام سار ليلة المعراج فرأى عجوزا على جنب الطريق فقال ما هذه يا جبريل فقال سريا محمد فسار ما شاء الله فاذا بشيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد وأنه عليه السلام مر بجماعة فسلموا عليه وقالوا السلام عليك يا أول السلام عليك يا آخر فقال جبريل اردد عليهم السلام فرد ثم قال جبريل اما العجوز فالدنيا ولم يبق من الدنيا الا ما بقي من عمر تلك العجوز اما لو أجبتها لاختار أمتك الدنيا على الآخرة واما لذى دعاك فأبليس واما الذين سلموا عليك فابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام قال بعض العارفين خلق الله إبليس ليميز به العدو من الحبيب والشقي من السعيد فخلق الله الأنبياء ليقتدى بهم السعداء وخلق إبليس ليقتدى به الأشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون وأعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا في قلوبهم ترك الدين ولا ترك الدنيا فقالوا له أعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هى فقال إبليس أعطوني رهنا فأعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب أرباب الدنيا استماع اخبارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وأبصارهم رهن عند إبليس فأعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فاستمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخارفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشيء يعمى ويصم وقال بعضهم خلق الله إبليس ليكون المؤمن في كنف رعاية المولى وحفظه لانه لولا الذئب لم يكن للغنم راع وخلق الله إبليس من ظلمة وخبث وطبعه على العداوة نسأل الله الحفظ والعصمة منه أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ خطاب من الله تعالى للسائق والشهيد أو لملكين من خزنة النار او لواحد وهو الملك الجامع للوصفين او خازن النار على تنزيل تثنية الفاعل تثنية الفعل وتكريره للتأكيد كأنه قيل ألق ألق حذف الفعل الثاني ثم اتى بفاعله وفاعل الفعل الاول على صورة ضمير الاثنين متصلا بالفعل الاول او على ان الالف بدل من نون التأكيد على اجزاء الوصل مجرى الوقف ويؤيده انه قرئ ألقين بالنون الخفيفة مثل لنسفعن فانه إذا وقف على النون تنقلب ألفا فتكتب بالألف على الوقف ووجه آخر هو أن العرب اكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان يعنى أدنى الأعوان في السفر اثنان فكثر في ألسنتهم أن يقولوا خليلى وصاحبى وقفا وأسعدا حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين كما قال امرؤ القيس خليلى مرابى على أم جندب ... لتقضى حاجات الفؤاد المعذب ألم ترأنى كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وان لم تطيب فثنى في البيت الاول ووحد في البيت الثاني كُلَّ كَفَّارٍ كل مبالغ في الكفر بالمنعم والنعم جاحد بالتوحيد معرض عن الايمان وقيل كل كافر حامل غيره على الكفر عَنِيدٍ معاند للحق يعرف الحق فيجحده والعناد أقبح الكفر وقال قتادة منحرف عن الطاعة وقال السدى مشتق من العند وهو عظم يعترض في الحلق او معجب بما عنده كأنه من قولهم عندى كذا كما في عين المعاني وقال في المفردات العنيد المعجب بما عنده والمعاند المتباهى بما عنده والعنود الذي يعند عن القصد اى يميل عن الحق ويرده عارفا به مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ كثير المنع للمال

[سورة ق (50) : الآيات 26 إلى 30]

عن حقوقه مفروصة زكاة او غيرها از طبع على الشر والإمساك كما ان الكافر طبع على الكفر والعنيد طبع على العباد او مناع لجنس الخير أن يصل لى أهله يحول بينه وبينهم والمنع صد العطية يقال رجل مانع ومناع اى بخيل وقد يقال في الحماية ومنه مكان منيع وقيل المراد بالخير الإسلام فان الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لما منع بنى أخيه منه وكان يقول من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت مُعْتَدٍ الاعتداء مجاوزة الحق اى ظالم متخط للحق معاد لأهله مُرِيبٍ شاك في الله وفي دينه فهوه صيغة نسبة بمعنى ذى شك وريب اى موقع في الريبة وقبل متهم الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ مبتدأ متضمن معنى الشرط خبره قوله فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ او بدل من كل كفار وقوله فألقياه تكرير للتوكيد والفاء للاشعار بأن الإلقاء للصفات المذكورة وفي الحديث بينما الناس ينتظرون الحساب إذ بعث الله عنقا من النار يتكلم فيقول أمرت بثلاثة بمن دعا مع الله الها آخر وبمن قتل بغير حق وبجبار عنيد فيلقطهم من الناس كما يلقط الطير الحب ثم بصيرهم في نار جهنم وفي تفسير الفاتحة للفنارى يخرج عنق من النار اى قبل الحساب والناس وقوف قد ألجمهم العرق واشتد الخوف وتصدعت القلوب لهول المطلع فاذا اشرف على الخلائق له عينان ولسان فصيح يقول يا أهل الموقف انى وكلت منكم بثلاثة وذلك ثلاث مرات انى وكلت بكل جبار عنيد فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا لم يترك أحدا منهم في الموقف نادى نداء ثانيا يا أهل الموقف انى وكلت بمن أذى الله ورسوله فيلقطهم كما يلقط الطائر حب السمسم بين الخلائق فاذا لم يترك منهم أحدا نادى ثالثا يا أهل الموقف انى وكلت بمن ذهب يخلق كخلق الله فيلقط اهل التصاوير وهم الذين يصورون الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام وهو قوله أتعبدون ما تنحتون وكانوا ينحتون لهم الأخشاب والأحجار ليعبدوها من دون الله فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا أخذهم الله عن آخرهم وبقي الناس وفيهم المصورون الذين لا يقصدون بتصويرهم عباداتها حتى يسألوا عنها لينفخوا فيها أرواحا تحيى بها وليسوا بنافخين كما ورد فى الخبر في المصورين فيقفون ما شاء الله ينتظرون ما يفعل الله بهم والعرق قد ألجمهم وفي الآية اشارة الى الهوى والدنيا فمن عبدهما وجعلهما الهين آخرين مع الله عذب بطلب الدنيا بالحرص والغفلة (قال العطار قدس سره) چشم كرسنه سير ز نعمت نمى شود ... غربال را ز كثرت حاصل چهـ فائده قالَ قَرِينُهُ بغير وواو لأن الاول خطاب للانسان من قرينه ومتصل بكلامه والثاني استئناف خاطب الله سبحانه من غير اتصال بالمخاطب وهو قوله ربنا ما أطغيته وكذلك الجواب بغير واو وهو قال لا تختصموا لدى وكذلك ما يبدل القول لدى فجاء الكل على نسق واحد كما في برهان القرآن اى قال الشيطان المقيض للكافر (قال الكاشفى) چون خواهند كه كافر را در دوزخ افكنند كويد مرا چهـ كناهست كه ديو بر من مسلط بود ومرا كمراه كردانيد ديو را حاضر سازند تكذيب ميكند ودل على هذا التقاول والسؤال المحذوف قوله لا تختصوا رَبَّنا اى پروردگار ما ما أَطْغَيْتُهُ اى ما جعلته طاغيا وما أوقعته في الطغيان

[سورة ق (50) : الآيات 28 إلى 29]

وهو تجاوز الحد في العصيان وَلكِنْ كانَ هو بالذات فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ من الحق طويل لا يرجع عنه فأعنته عليه بالإغواء والدعوة اليه من غير قسر والجاء كما في قوله تعالى وما كان لى عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لى وذلك فان إغواء الشيطان انما يوثر فيمن كان مختل الرأى مائلا الى الفجور ضالا عن طريق الحق واقعا دونه بمراحل وفي الحديث انما أنا رسول وليس الى من الهداية شيء ولو كانت الهداية الى لآمن كل من في الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شيء ولو كانت الضلالة اليه لا ضل كل من في الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء قالَ كأنه قيل فماذا قال الله لابن آدم وشيطانه المقيض له في الدنيا فقيل قال تعالى لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ اى في موقف الحساب والجزاء إذ لا فائدة في ذلك قال بعضهم هذا الخطاب في لكفار واما قوله ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ففى المؤمنين في الظالم فيما بينهم لان الاختصام في الظالم مسموع وهذا في الموقف وأما قوله ان ذلك لحق تخاصم أهل النار ففي جهنم فظهر التوفيق بين الآيات وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ على الطغيان في دار الكسب والتكليف في كتبى وألسنة رسلى فما تركت لكم حجة على فلا تطمعوا في الخلاص منه بما أنتم فيه من التعلل بالمعاذير الباطلة والجملة حال فيها تعليل للنهى على معنى لا تختصموا وقد صح عندكم وعلمتم انى قدمت إليكم بالوعيد حيث قلت لا بليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين فاتبعتموه معرضين عن الحق فلا وجه للاختصام في هذا الوقت وانما قدر المعنى هكذا ليصح جعله حالا فان مقارنة الحال لذيها في الزمان واجبة ولا مقارنة بين تقديم الوعيد في الدنيا والاختصام في الآخرة والباء مزيدة او معدية على ان قدم بمعنى تقدم ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ اى لا يغير قولى في الوعد والوعيد فما يظهر في الوقت هو الذي قضيته في الأزل لا مبدل له والعفو عن بعض المذنبين لاسباب داعية إليه ليس بتبديل فان دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد يعنى ولا مخصص في حق الكفار فالوعيد على عمومه في حقهم قال الجلال الدواني فى شرح العضد ذهب بعض العلماء الى ان الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى لا في الوعد وبهذا وردت السنة حيث قال عليه السلام من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا أن يعد شرا ثم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا وانما الخلف أن يعد خيرا ثم لا يفعله كما قال وانى إذا أوعدته او وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدى واحسن يحيى بن معاذ رضى الله عنه في هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا ذلك أن يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم فالله تعالى لا يغفر أن يشرك به فينجز وعيده في حق المشركين ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فيجوز أن يخلف وعيده في حق المؤمنين ولاهل الحقائق كلام آخر مذكور في محله عافانا الله وإياكم من بلائه وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ اى وما

[سورة ق (50) : آية 30]

أنا بمعذب للعبيد بغير ذنب من قبلهم والتعبير عنه بالظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما مفرطا لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصوير بصورة ما يستحيل صدوره عنه من الظلم وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بأبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في معرض المبالغة في الظلم وقيل هى لرعاية جمعية العبيد من قولهم فلان ظالم لعبده وظالم لعبيده على انها مبالغة كما لا كيفا وقال بعضهم يفهم من ظاهر العبارة جواز الظلم المحال منه تعالى إذا النفي مسلط على القيد الذي هو الظلامية والجواب على ما اختاره كثير من المحققين ان المبالغة مسلطة على النفي لا على القيد كما في قوله ما انا يكذوب يعنى ان أصله ليس بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفي على معنى ان الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفي داخلا على صيغة المبالغة بأن ضعف ظالم بدون نفيه ثم أدخل عليه النفي لكان المعنى ان ضعف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفى أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا ويقول الله تعالى اشتد غضبى على من ظلم من لا يجد ناصرا غيرى وعن بعض السلف دعوتان ارجوا إحداهما كما أخشى الاخرى دعوة مظلوم أعنته ودعوة ضعيف ظلمته وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالى وأواسط وأدانى بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف في الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر في الدين (قال الشيخ سعدى) چوخواهى كه فردا برى مهترى ... مكن دشمن خويشتن كهترى كه چون بگذرد بر تو اين سلطنت ... بگيرد بقهر آن كدا دامنت وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي فلا يبدل قوله تعالى فلابد للجنة من أهلها وللنار من أهلها ولو عكس وجعل أهل الجنة فى النار وأهل النار في الجنة لكان مخالفا للحكمة لان الجنة دار الجمال فهى مقر للمؤمنين والنار دار الجلال فهى مقر للكافرين كما ان القلب مقر الأوصاف الحميدة والنفس مقر الأوصاف الذميمة ولذا لا يدخل أهل النفس جنة القلب لان النور والظلمة لا يجتمعان فاعرف يَوْمَ اى اذكر يا محمد لقومك ويشمل كل من شأنه الذكر يوم نَقُولُ بما لنا من العظمة لِجَهَنَّمَ دار العذاب وسبحن الله للعصاة هَلِ امْتَلَأْتِ بمن القى فيك وهل أوفيتك ما وعدتك وهو قوله لأملأن جهنم وقوله لكل واحدة منكما ملؤها فهذا السؤال من الله لتصديق خبره وتحقيق وعده والتقريع لاهل عذابه والتنبيه لجميع عباده وَتَقُولُ جهنم مجيبة بالاستفهام تأدبا وليكون الجواب وفق السؤال هَلْ مِنْ مَزِيدٍ اى من زيادة من الجن والانس فيكون مصدرا كالمحيد او من يزاد فيكون مفعولا كالمبيع ويجوز أن يكون يوم ظرفا لمقدر مؤخر اى يكون من الأحوال والأهوال ما يقصر عنه المقال واختلف الناس في ان الخطاب والجواب هل هما على الحقيقة اولا فقال بعضهم هما على الحقيقة فينطقها الله بذلك كما ينطق الجوارح وهو المختار فان الله على كل شيء قدير

وامور الآخرة كلها او جلها على خلاف ما تعورف في الدنيا وقد دلت الأحاديث على تحقق الحقيقة فلا وجه للعدول الى المجاز كما روى من زفرتها وهجومها على الناس يوم الحشر وجرها الملائكة بالسلاسل وقولها جزيا مؤمن فان نورك اطفأ لهبى ونحو ذلك مما يدل على حياتها الحقيقية وإدراكها فان مطلق الجمادات لها تلك الحياة في الحقيقة فكيف بالدارين المشتملين على الشؤون العجيبة والافعال الغريبة وان الدار الآخرة لهى الحيوان وقال بعضهم سؤال وجواب جيء بهما على منهاج التمثيل والتخييل لتهويل أمرها يعنى ان المقصود تصوير المعنى فى القلب وتبيينه فهى بحيث لو قيل لها ذلك وهى ناطقة لقالت ذلك وايضا دلت بحالها على النطق كقولهم امتلأ الحوض وقال قطنى ... مهلا رويدا قد ملأت بطني يعنى انها مع اتساعها وتباعد أطرافها وأقطارها بطرح فيها الجنة والناس فوجا بعد فوج حتى تمتلئ بهم وتصير بحيث لا يسعها شيء ولا يزاد فيها فالاستفهام على معنى التقرير ونفى المزيد اى وهل عندى موضع يزاد فيه شيء اى قد امتلأت وحصل في موعودك وصرت بحيث لا أسع ابرة وبالفارسية لا مزيد پر شدم وزيادتى را كنجايش نيست فالمعنى الممثل هو الامتلاء وهو كقوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين فانه سؤال تقرير لا سؤال استفهام وكقوله عليه السلام يوم فتح مكة هل بقي لنا عقيل دارا اى ما بقي لنا دارا ويجوز أن يكون المعنى انها لغيظها على الكفار والعصاة كأنها تطلب زيادتهم وتستكثرهم ويجوز أن يكون السؤال استدعاء للزيادة في الحقيقة لان ما يلقى فيها كحلقة تلقى في اليم يعنى زيادتى كن وحق تعالى ديكر كافر بوى فرستاد تا پر شود ويجوز أن يكون المعنى انها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد محل فارغ وموضع زيادة فان قلت هذا يخالف قوله تعالى لأملأن جهنم قلت ورد في الحديث لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى نضع الجبار فيها قدمه فيزوى بعضها الى بعض يعنى فيحصل الامتلاء وبه تندفع المخالفة اين قدم حق را بود كورا كشد ... غير حق را كه كمان او كشد وفي رواية حتى يضع فيها رب العزة او رب العرش قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى وعزتك قوله ويزوى بالزاي المعجمة على بناء المجهول اى يضم ويجمع من غاية الامتلاء وآخر الحديث ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشيء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة كما فى كشف الاسرار وفي رواية ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه السلام تحاجت الجنة والنار فقالت النار او ثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فمالى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله تعالى للجنة انما أنت رحمتى أرحم بك من أشاء من عبادى وقال للنار انما أنت عذابى أعذب بك من أشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها فاما النار فانهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلئ حتى يضع الله فبها رجله فتقول قط قط فهنا لك تمتلئ ويزوى بعضها الى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا واما الجنة فينشيء الله لها خلقا وفي القاموس

حتى يضع رب العزة فيها قدمه اى الذين قدمهم من الأشرار فهم قدم الله للنار كما ان الأخيار قدمه الى الجنة او وضع القدم مثل للردع والقمع اى يأتيها امر يكفها عن طلب المزيد انتهى كما قال فى بحر العلوم وضع القدم على الشيء مثل للردع والكف وقال بعضهم يضربها من جبروته بسوط اهانة ويستمرون بين دولتى الحر والزمهرير وعامة عذاب إبليس بالزمهرير لانه يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وقال ابن ملك وضعها كناية عن دفعها وتسكين سورتها كما تقول وضعت رجلى على فلان إذا قهرته وفي الكواشي قدمه اى ما قدمه في قوله سبقت رحمتى على غضبى اى يضع رحمته انتهى او المراد من القدم قوم مسمى بهذا الاسم وايضا المراد بالرجل جماعة من الناس وهو وان كان موضوعا لجماعة كثيرة من الجراد لكن استعارته لجماعة من الناس غير بعيدة ومنهم من يقول المراد به قدم بعض مخلوقاته أضافها الى الله تعظيما كما قال فنفخنا فيه من روحنا وكان النافخ جبريل وفي عين المعاني القدم جمع قديم كأديم وأدم اى على كل ما تقدم او قوم قدمهم الى النار ويروى قدمه بكسر القاف اى قوما قدموا بنى آدم في الدنيا وروى رجلى وهو الجماعة من الناس وقيل قدمه أهل قدمه الذين لهم قدم صدق عند ربهم يعنى العاصين من أهل التوحيد انتهى ومنهم من قال القدم اسم لقوم يخلقهم الله لجهنم قال القاضي عياض هذا أظهر التأويلات لعل وجهه ان أماكن أهل الجنة تبقى خالية في جهنم ولم ينقل ان أهلها يرثون تلك الأماكن ويقال لهم ان الله يختص بنقمته من يشاء كما يرث أهل الجنة أماكن أهل النار فى الجنة غير جنة أعمالهم ويقال لهم ان الله يختص برحمته من يشاء وهذا من نتائج قوله تعالى سبقت رحمتى على غضبى فيخلق الله خلقا على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا فيضعهم فيها فان قلت إذا لائم مزاجهم النار فأنى يتصور التعذيب قلنا الموعود ملؤها لا تعذيب كل من فيها وقال بعض الأكابر ليس في النار دركات اختصاص الهى ولا عذاب اختصاص الهى من الله فان الله ما عرفنا قطانه اختص بنقمته من يشاء كما أخبرنا انه يختص برحمته من يشاء فأهل النار معذبون بأعمالهم لا غير وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم في جنات الاختصاص فلأهل السعادة ثلاث جنات جنة الأعمال كما لأهل الشقاوة جحيم الأعمال ولهم خاصة جنات الاختصاص وجنات الميراث وهى التي كانت لأهل النار لو دخلوا الجنة كما قال تعالى تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا وذلك انه ما من شخص من الجن والانس إلا وله في الجنة موضع وفي النار موضع وذلك لامكانه الأصلي فانه قبل كونه يمكن أن يكون له البقاء في العدم او يوجد فمن هذه الحقيقة له قبول النعمة وقبول العذاب قال تعالى ولو شاء لهداكم أجمعين اى أنتم قابلون لذلك ولكن حقت الكلمة وسبق العلم ونفذت المشيئة فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه ولم يقل في اهل النار انهم يرثون من النار أماكن أهل الجنة لو دخلوا النار وهذا من سبق الرحمة بعموم فضله سبحانه فما نزل من نزل في النار الا بأعمالهم ولهذا يبقى فيها أماكن خالية وهى الأماكن التي لو دخلها اهل الجنة عمروها فيخلق الله خلقا يعمرونها على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا وهو قوله عليه السلام فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى فانه تعالى يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد وقد قال للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط

لهما الا أن يملأهما خلقا وما اشترط عذاب من يملؤهما بهم ولا نعيمهم وان الجنة أوسع من النار بلا شك فان عرضها السموات والأرض فما ظنك نطولها فهى للنار كمحيط الدائرة والنار عرضها قدر الخط الذي يميز قطرى دائرة فلك الكواكب الثابتة فاين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي فورد في الخبر أنه يبقى ايضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق الله خلقا للنعيم يعمرها بهم وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه اى آخر وجود يعطيه وليس ذلك الا في جنات الاختصاص فالحكم لله العلى الكبير فمن كرمه انه ما انزل أهل النار الأعلى أعمالهم خاصة واما قوله تعالى زدناهم عذابا فوق العذاب فذلك لطائفة مخصوصة هم الأئمة المضلون ثم لا بد لاهل النار من فضله ورحمته في نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة ازمان العمل فيفقدون الاحساس بالآلام في نفس النار فتتخلد جوارحهم بأزالة الروح الحساس منها إذ ليسوا بخارجين منها فلا يموتون فيها ولا يحيون وثم طائفة يعطيهم الله بعد انقضاء موازنة المدد بين العذاب والعمل نعيما خياليا مثل ما يراه النائم ونضج جلودهم خدرها فزمان النضج والتبديل يفقدون الآلام لخمود النار في حقهم فيكونون في النار كالامة التي دخلتها وليست من أهلها فأماتهم الله فيها اماتة فلا يحسون بما تفعله النار في أبدانهم الحديث بكماله ذكره مسلم في صحيحه وهذا من فضل الله ورحمته يقول الفقير للانسان الكامل قدمان قدم الجلال وقدم الجمال وبالأولى تمتلئ جهنم وبالثانية تمتلئ الجنة وبيان ذلك ان جهنم مقام أهل الطبيعة والنفس يعنى انها مظهر قدم الجلال والجنة مقام أهل الروح والسر يعنى انها مظهر قدم الجمال والأعراف مقام اهل القلب لمناسبة بين الأعراف والقلب من حيث انه مقام بين الجنة والنار كما ان القلب برزخ بين الطبيعة والنفس وبين الروح والسر وللانسان الكامل نشأة جنانية روحانية ونشأة دنيوية جسمانية فهو لا يدخل الجنة الا بمرتبة الروح والسر فتبقى صورته الطبيعية والنفسية المتعلقة بنشأته العنصرية فيملأ الله سبحانه جهنم بهذه البقية يعنى يظهر مظاهر جلاليته من تلك البقية فيملأها بها حتى تقول قط قط فما دام لم يظهر هذا التجلي من الإنسان الكامل لا تزال جهنم تقول هل من مزيد وهو المراد بقدم الجبار كذا في الحديث واليه أشار الشيخ الكبير رضى الله عنه في الفكوك بقوله وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لا يصحبهم فى النشأة الجنانية وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة فان القدم من الإنسان آخر أعضائه صورة فكذلك نفس صورته العنصرية آخر أعضاء مطلق الصورة الانسانية لان صور العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورة الحقيقة الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت منها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء انتهى وقال ايضا ان الجنة لا تسع إنسانا كاملا وانما منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان بل أقول ولو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت واليه الاشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث انتهى ايضا وقال الشيخ روزبهان البقلى في عرائس البيان ان جهنم لتشتاق الى الله كما تشتاق اليه الجنة فاذا رأى

[سورة ق (50) : الآيات 31 إلى 35]

سبحانه حالها من الشوق اليه يضع أثقال سطوات قهر القدم عليها بنعت التجلي فتملأ من العظمة وتصير عند عظمة الله كلا شيء ورب طيب في قلوب الجهنميين في تلك الساعة من رؤية جلال عظمته ومن رؤية أنوار قدم القدم فتصير نيرانها وردا وريحانا من تأثير بركة ظهوره لها انتهى وفي الآية اشارة الى ان جهنم صورة النفس الانسانية فكما ان النفس لا يشبعها شيء وهى في طلب المزيد مطلقا فكذا صورتها دار العذاب تطلب المزيد فهما على نسق واحد كاللفظ والمعنى يعنى ان النفس الانسانية حريصة على الدنيا وشهواتها فكلما ألقى فيها نوع منها ويقال لهاهل امتلأت تقول هى هل من مزيد من أنواع الشهوات فلا يملأ جوف ابن آدم الا التراب آن شنيدستى كه در صحراى غور ... بار سالارى در افتاد از ستور كفت چشتم تنك دنيادار را ... يا قناعت پر كند يا خاك كور وايضا ان الحرص الإنساني قشر محبة الله بل هو عين المحبة إذا كان متوجها الى الدنيا وشهواتها يسمى الحرص وإذا كان متوجها الى الله وقربانه يسمى محبة فاعلم ان ما زاد في الحرص نقص في المحبة وما نقص من الحرص زاد في المحبة وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن نائرتها بها يلقى فيها من محبوبات الدنيا والآخرة بل يكون حطبها وتزيد بعضها الى بعض وتقول قط قط كما في التأويلات النجمية وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ الازلاف نزديك كردانيدن اى قربت لِلْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيبتهجون بأنهم محشورون إليها فائزون بها غَيْرَ بَعِيدٍ تأكيد للازلاف اى مكانا غير بعيد بحيث ينظرون إليها قبل دخولها فيكون انتصابه على الظرفية او هو حال مؤكدة اى حال كونها غير بعيد أي شيأغير بعيد كقولك هو قريب غير بعيد وعزيز غير ذليل الى غير ذلك من أمثلة التوكيد فالازلاف تقريب الرؤية وغير بعيد تقريب الدخول فانهم يحاسبون حسابا يسيرا ومنهم من لا يحاسب أصلا ويجوز أن يكون التذكير لكونه على زنة المصدر الذي يستوى في الوصف به المذكر والمؤنث كالزئير والصليل او لتأويل الجنة بالبستان وفيه اشارة الى جنة قلوب خواص المتقين انها قربت لهم في الدنيا بالأجساد وهم في الآخرة بالقلوب (ع) جنت نقدست اينجا عشرت وعيش وحضور ويقال ان الجنة تقرب من المتقين كما ان النار تجر بالسلاسل الى المحشر للمجرمين ويقال بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين مسيرهم إليها ويرادبهم الخواص من المتقين ويقال هم ثلاثة اصناف قوم يحشرون الى الجنة مشاة وهم الذين قال فيهم وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون الى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصورة لهم بصورة حيوان وهؤلاء هم الخواص واما خاص الخاص فهم الذين قال فيهم وأزلفت الجنة للمتقين فقرب الجنة منهم غير بعيد أي الجنة غير بعيد عنهم وهم البعداء عن الجنة في مقعد صدق عند مليك مقتدر هذا ما تُوعَدُونَ اى حال كون أولئك المتقين مقولالهم من قبل الله او على ألسنة الملائكة عند ما شاهدوا الجنة ونعيمها هذا المشاهد او هذا الثواب او الازلاف والتذكير لتذكير الخبر او اشارة

[سورة ق (50) : آية 33]

الى الجنة والتذكير لما ان المشار اليه هو المسمى من غير ان يخطر بالبال لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه فانهما من احكام اللفظ العربي كما في قوله تعالى فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى وقوله ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وفي التأويلات النجمية هذا اشارة الى مقعد صدق ولو كانت الاشارة الى الجنة لقال هذا لِكُلِّ أَوَّابٍ بدل من المتقين باعادة الجار أي رجاع الى الله فأولا يرجع من الشرك الى التوحيد وثانيا من المعصية الى الطاعة وثالثا من الخلق الى الحق قال ابن عمر رضى الله عنهما لا يجلس مجلسا فيقوم حتى يستغفر وفي المفردات الأواب كالتواب وهو الراجع الى الله بترك المعاصي وفعل الخيرات ومنه قيل للتوبة اوبة والفرق بين الأوب والرجوع ان الأوب ضرب من الرجوع وذلك انه لا يقال الا في الحيوان الذي له ارادة والرجوع يقال فيه وفي غيره آب اوبا وإيابا ومآبا والمأب مصدر منه واسم الزمان والمكان حَفِيظٍ حافظ لتوبته من النقض ولعهده من الرفض قال في التأويلات النجمية مقعد صدق هو في الحقيقة موعود للمتقين الموصوفين بقوله لكل أواب حفيظ وهو الراجع الى الله في جميع أحواله لا الى ما سواه حافظا لأنفاسه مع الله لا يصرفها الا في طلب الله يعنى در هر نفس از حق تعالى غافل نباشد اگر تو پاس دارى پاس أنفاس ... بسلطانى رسانندت ازين پاس ترا يك پند بس در هر دو عالم ... كه بر نايد ز جانت بي خدادم وقال سهل رضى الله عنه هو الراجع الى الله تعالى بقلبه من الوسوسة الى السكون الى الله الحفيظ المحافظ على الطاعات والأوامر وقال المحاسبى الأواب الراجع بقلبه الى ربه والحفيظ الحافظ قلبه في رجوعه اليه ان لا يرجع منه الى أحد سواه وقال الوراق هو المحافظ لأوقاته وخطراته اى الخطرات القلبية والإلهامات وفي الحديث من حافظ على اربع ركعات في أول النهار كان اوابا حفيظا مَنْ هر كه وهو وما بعده بدل بعد بدل خَشِيَ الرَّحْمنَ الخشية خوف يشوبه تعظيم وفي عين المعاني انزعاج القلب عند ذكر السيئة وموجبها وقال الواسطي الخشية ارق من الخوف لان الخوف للعامة من العقوبة والخشية من نيران الله في الطبع فيها نظافة الباطن للعلماء ومن رزق الخشية لم يعدم الانابة ومن رزق الانابة لم يعدم التفويض والتسليم ومن رزق التفويض والتسليم لم يعدم الصبر على المكاره ومن رزق الصبر على المكاره لم يعدم الرضى وقال بعضهم او آئل العلم الخشية ثم الإجلال ثم التعظيم ثم الهيبة ثم الفناء وعن بعضهم الخشية من الرحمن خشية الفراق ومن الجبار والقهار خشية العقوبة بِالْغَيْبِ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشى او من مفعوله او صفة لمصدره اى خشية ملتبسة بالغيب حيث خشى عقابه وهو غائب عنه او العقاب بعد غيب يعنى ناديده او را وعذاب او را او هو غائب عن الأعين لا يراه أحد يعنى نهان وآشكار اى او يكى باشد وقال بعض الكبار بالغيب اى بنور الغيب يشاهد شواهد الحق فيخشى منه والتعرض لعنوان الرحمانية للاشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجعون رحمته او بأن علمهم بسعة رحمته لا يصدهم عن خشيته وانهم عاملون بموجب قوله نبئ عبادى انى أنا الغفور الرحيم وان عذاب هو العذاب الأليم وَجاءَ وبياورد

[سورة ق (50) : الآيات 34 إلى 35]

بِقَلْبٍ مُنِيبٍ وصف القلب بالانابة مع انها وصف المكلف لما ان العبرة برجوعه الى الله تعالى اى لا عبرة للانابة والرجوع الا إذا كان من القلب والمراد بها الرجوع الى الله تعالى بما يحب ويرضى قال في المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفي التأويلات النجمية بقلب منيب الى ربه معرض عما سواه مقبل عليه بكلية ادْخُلُوها بتأويل يقال لهم ادخلوها والجمع باعتبار معنى من بِسَلامٍ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها اى ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم وحلول النقم او بسلام من جهة الله وملائكته ذلِكَ اشارة الى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور يَوْمُ الْخُلُودِ والبقاء في الجنة إذا انتهاء له ابدا قال الراغب الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم الأيام خوالد وذلك لطول مكثها لالدوام بقائها والخلود في الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وقال سعدى المفتى ولا يبعد والله اعلم أن تكون الاشارة الى زمان السلم فتحصل الدلالة على ان السلامة من العذاب وزوال النعم حاصلة لهم مؤيدا مخلدا لا انها مقتصرة على وقت الدخول لَهُمْ ما يَشاؤُنَ من فنون المطالب كائنا ما كان سوى ما تقتضى الحكمة حجره وهو ما كان خبيثا في الدنيا ابدا كاللواطة ونحوها فانهم لا يشاؤونها كما سبق من ان الله يعصم أهل الجنة من شهوة محال او منهى عنه فِيها متعلق بيشاؤون او حال من الموصول قال القشيري يقال لهم قد قلتم في الدنيا ما شاء الله كان فاليوم ما شئتم كان وهل جزاء الإحسان الا الإحسان وَلَدَيْنا وعندنا مَزِيدٌ اى زيادة في النعيم على ما يشاؤون وهو ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من انواع الكرامات التي لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فانهم يسألون الله حتى تنتهى مسألتهم فيعطيهم ما شاؤا ثم يزيدهم من عنده ما لم يسألوه ولم تبلغه أمانيهم وقيل ان السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذي قال تعالى ولدينا مزيد وقال الراغب الزيادة أن ينضم الى ما عليه الشيء من نفسه شيء آخر وروى من طرق مختلفة ان هذه الزيادة النظر الى وجه الله اشارة الى انعام وأحوال لا يمكن تصورها في الدنيا انتهى وكذا قال غيره المختار أن المزيد هو النظر الى وجه الله الكريم فيجتمعون في كل يوم جمعة فلا يسألون شيئا الا أعطاهم وتجلى لهم ويقال ليوم الجمعة في الجنة يوم المزيد وفي الحديث ان في الجنة مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال بعض الكبار هى المشاهدة الذاتية وما ينتج من دخول الجنة في الدار الآخرة نتيجة الطاعات في هذه الدار لمن اختصه الله فنتيجتنا في هذه الدار طاعات ومجاهدات توصل الى تجليات ومشاهدات وفي التأويلات النجمية يشير الى أن من يريدنا ويعبر عن نعيم الجنة للوصول إلينا فيصل إلينا ولدينا يجد بالمزيد ما يشاء أهل الجنة منها وهذا كما قال من كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى وقال تعالى من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه فان قيل الزيادة في الدنيا تكون أقل من رأس المال قلت المراد

[سورة ق (50) : الآيات 36 إلى 40]

بالزيادة في الآية الكريمة هو الزيادة على موعود الجنة لامن درجات الجنة لان الزيادة هنا ليست من جنس المزيد عليه حتى يلزم ذلك بخلافه في قوله عليه السلام ان الله زادكم صلاة ألا وهى الوتر فان الزيادة هنا من جنس المزيد عليه وقضيته الفرضية الا انه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقيل بالوجوب فالزيادة من الله العزيز الأكبر اكبر وأعز كما ان الرضوان من الكريم الأجود أكبر وأجل والنظر الى وجهه الكريم كمال الرضى ومزيد فضل وعناية وقال الحسن البصري ان الله ليتجلى لاهل الجنة فاذا رأوه نسوا نعيم الجنة ثم يقول الله لملائكته ردوهم الى قصورهم إذ لا يهتدون بانفسهم لامرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية ولما زاد من الخير في طريقهم فلم يعرفوها فلولا ان الملائكة تدل بهم ما عرفوا منازلهم فاذا وصلوا الى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور والولدان فيرون جميع ملكهم قدا كتسب بهاء وجمالا ونورا من وجوههم أفاضوه افاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا وبهاء وجمالا على ما تركناكم عليه فيقول لهم أهلهم وكذلك أنتم قد زدنم من البهاء والجمال ما لم يكن فيكم فافهم اسرار تسمية الرؤية بالزيادة لانها تورث زيادة الجمال والعلوم والكمال ويتفاوت الناس بالرؤية تفاوتا عظيما على قدر عملهم قال بعض الكبار إذا أخذ الناس منازلهم فى الجنة استدعاهم الحق تعالى الى رؤيته على مقام الكثيب وهو مسك ابيض في جنة عدن وجعل في هذا الكثيب منابر واسرة وكراسى ومراتب فيسارعون الى قدر هممهم ومراكبهم ومشيهم هنا في طاعة ربهم فمنهم السريع والبطيء والمتوسط فيجتمعون في الكثيب فكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يهوى إليها ولا ينزل الى فيها كما يهوى الطفل الى الثدي والحديد الى المغناطيس لورام أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته ما استطاع بل يرى في منزلته انه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا لا يقوم بنفسه بما هو عنده أحسن من حاله ولولا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا نعيما فكل شخص مقصور عليه نعيمه بعلم نظر كوش جامى كه نيست ... ز تحصيل علم دكر حاصلى (وقال المغربي) نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولوا الابصار (وقال الخجندي) با روى تو چيست جنت وحور ... هر چيز نكو نمايد از دور وَكَمْ أَهْلَكْنا كم للتكثير هنا وهى خبرية وقعت مفعول أهلكنا ومن قرن مميزها ومبين لابها مها قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ القرن القوم المقترنون اى وكثيرا من القرون الذين كذبوا رسلهم أهلكنا قبل قومك وهم كفار مكة وبالفارسية وبس كسان كه هلاك كرده ايم پيش از قوم تو از اهل قرن وكروه كروه جهانيان كه بحسب واقع هُمْ ايشان أَشَدُّ مِنْهُمْ سخت تر بودند از كفار مكه بَطْشاً از روى قوت وعظيم تر بودند از روى جسد چون عاد وثمود وفرعون ومحل الجملة النصب على انها صفة لكم وفيه اشارة

الى إهلاك النفوس المتمردة في القرون الماضية إظهارا لكمال القدرة والحكمة البالغة لتتأدب به النفوس القابلة للخير وتتعظ به القلوب السليمة فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ قال في القاموس نقب في الأرض ذهب كأنقب ونقب وعن الاخبار بحث عنها او اخبر بها والنقب الطريق في الجبل وفي تاج المصادر التنقيب شب در راهها كرديدن وفي المصادر شدن اندر شهرها والمعنى خرقوا فيها اى أوقعوا الخرق فيها والجواب وقطع المفازة ودوخوا اى اذلوها وقهروا أهلها واستولوا عليهم وتصرفوا في أقطارها او جالوا في أكناف الأرض كل مجال حذار الموت فالفاء على الاول للتسبب والدلالة على ان شدة بطشهم ابطرتهم واقدرتهم على التنقيب وعلى الثاني لمجرد التعقيب واصل التنقيب والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب ولذا قال في كشف الاسرار اى أبعدوا فيها السير وبحثوا عن الأمور والأسباب قال امرؤ القيس لقد نقبت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب وبالفارسية پس دور شدند وفراوان رفتند در زمين وراه بريدند در شهرها يعنى رفتند تجارت وسفرها كردند ومال ومتاع بسيار بدست آوردند وفي فتح الرحمن اى طافوا فى نقوبها اى طرقها هَلْ مِنْ مَحِيصٍ حال من واو نقبوا وأصله من قولهم وقع في حيص بيص اى في شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفي القاموس المحيص المهرب اى فنقبوا في البلاد قائلين هل من محيص اى هل لهم من مفر ومخلص من أمر الله وعذابه او من الموت فمحيص مبتدأ خبره مضمر وهو لهم ومن زائدة وبالفارسية هيچ بود مر ايشانرا كريز كاهى از مرك يا پناهى از قضاى خداى تعالى كه حكم فنا نازل شد هيچ چيز دستگيرى ايشان نكرد ويجوز أن تكون الجملة كلاما مستأنفا وارد النفي أن يكون لهم محيص يعنى نكريد تا هيچ از مرك رستند يعنى نرستند واز عقوبت حق خلاص نشدند فان أصر أهل مكة فليحذروا من مثل ما حل بالأمم الماضية فان الغاية هو الهلاك والنهاية هو العذاب روزگارى كه آدم را وفا نداشت ترا كى وفا دارد عمرى كه بر نوح بپايان رسيد با تو كى بقا دارد اجلى كه بر خليل تاختن آورد ترا كى فرو كذارد مر كى كه بر سليمان كمين ساخته با تو كى مسامحت كند نه بر باد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت مؤكلى كه جان مصطفى را صلّى الله عليه وسلّم تقاضا كرد با تو كى مدارا كند اگر عمر نوح ومال قارون وملك سليمان بدست آرى بدرد مرك سود ندارد وبا تو محابا نكند هفت هزار سال كه كسرى كذشت تا آدميان اندرين سفرند از أصلاب بارحام مى آيند واز أرحام به پشت زمين واز پشت زمين بشكم زمين ميروند همه عالم كور ستانست زيرا وهمه حسرت زبر او همه در حيرت سر بر آورد از آسمان بپرس كه چند پادشاه ياد دارى چشم بر زمين افكن وباز پرس كه در شكم چند نازنين دارى

[سورة ق (50) : آية 37]

سل الطارم العالي الذرى عن قطينه ... نجاما نجا من بؤس عيش ولينه فلما استوى في الملك واستعبد الورى ... رسول المنايا تله لجبينه جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست اى سخره امل اى غافل از أجل كارى كه لا محاله بود نيست از ان نه انديشى وراهى كه على الحقيقة رفتنيست زاد آن راه بر نكيرى شغل دنيا راست ميدارى وبرك مرك مى نسازى اى مسكين مركت در قفاست ازو ياد دار منزلت كورست آباد دار حطام دنيا جمع ميكنى واز مستحق منع ميكنى چهـ طمع دارى كه جاويد بان بمانى باش تا ملك الموت در آيد وجانت غارت كند ووارث در آيد مالت غارت كند وخصم در آيد طاعت غارت كند وكرم در آيد پوست وكوشت غارت كند وآه اگر باين غفلت دشمن در آيد وايمان غارت كنده نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المتيقظين ومن الثابتين على الدين واليقين ومن رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصتهم او فيما ذكر فى هذه السورة من العبر والاخبار وإهلاك القرى لَذِكْرى لتذكرة وعظة وبالفارسيه پند لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ اى قلب سليم يدرك به كنه ما يشاهده من الأمور ويتفكر فيها كما ينبغى فان من كان له ذلك يعلم ان مدار دمارهم هو الكفر فيرتدع عند بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير قال الراغب قلب الإنسان سمى به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك وقوله لمن كان له قلب اى علم وفهم انتهى وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بالعقل وذلك لان العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه كما في كتاب الجواهر للشعرانى فمن له أدنى عقل فله ذكرى كما قال تعالى أفلا تعقلون اى أدنى تعقل وقال ابو الليث لمن كان له قلب اى عقل لانه يعقل بالقلب فكنى عنه انتهى وفي الاسئلة المقحمة كيف قال لمن كان له قلب ومعلوم ان لكل انسان قلبا قلت ان المراد هاهنا بالقلب عقل كنى بالقلب عن العقل لانه محله ومنبعه كما قال تعالى فانه نزله على قلبك وسمعت بعض الشيوخ يقول لمن كان له قلب مستقر على الايمان لا ينقلب بالسراء والضراء انتهى (وفي تفسير الكاشفى) آنكس را كه او را دلى زنده است وفي كشف الاسرار دلى متفكر در حقايق اخبار يا عقلى بيدار كننده از خواب غفلت شبلى قدس سره فرمود موعظه قرآنرا دلى بايد با خداى تعالى كه طرفة العيني غافل نباشد أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ اى الى ما يتلى عليه من الوحى الناطق بما جرى عليهم فان من فعله يقف على جلية الأمر فينزجر عما يؤدى اليه من الكفر فكلمة او لمنع الخلو دون الجمع فان إلقاء السمع لا يجدى بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله وَهُوَ اى والحال ان ذلك الملقى فهو حال من الفاعل شَهِيدٌ من الشهود بمعنى الشاهد اى حاضر بذهنه ليفهم معانيه لان من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب او شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره وقال سعدى المفتى او لتقسيم المتفكر الى التالي السامع اولى الفقيه والمتعلم وبعبارة اخرى الى العالم المجبول على الاستعداد الكامل فهو بحيث يحتاج الى التعليم فيتذكر بشرط أن

يقبل بكليته ويزيل الموانع كلها وقال بعض الكبراء من العارفين ان في ذلك اى القرآن الناطق بإثبات امور متخالفة للحق سبحانه من التنزيه والتشبيه لذكرى اى تذكرا لما هو الحق عليه في نفسه من التقلب في الشؤون لمن كان له قلب سمى به لتقلبه في انواع الصور والصفات المتخالفة لاختلاف التجليات ولم يقل لمن كان له عقل فان العقل قيد لغة وحقيقة اما لغة فانه يقال عقل البعير بالعقال اى قيده وعقل الدواء البطن اى عقده واما حقيقة فلأن العقل يقيد العاقل بما يؤدى نظره وفكره اليه فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر فليس القرآن ذكرى لمن كان له عقل يقيده بما يؤديه الكفر اليه فانه ليس ممن يتذكر بما وقع في القرآن من الآيات الدالة على التنزيه والتشبيه جميعا بل يؤول ما وقع على خلاف ما يؤديه فكره اليه كالآيات الدالة على التشبيه مثلا وهم اى من كان له عقل هم اصحاب الاعتقادات الجزئية التقييدية الذين يكفر بعضهم الذي يؤديه فكره الى عقد مخصوص بعضا آخر يؤديه فكره الى خلاف ما ادى اليه فكر البعض الاول ويلعن بعضهم بعضا والحق عند العارف الذي يتقلب قلبه في انواع الصور والصفات لانه يعرف أن لا غير في الوجود وصور الموجودات كلها صورته فلاختصاص معرفة الحق في جميع الصور فى الدنيا والآخرة بالعارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه قال تعالى لمن كان له قلب فانه قد تقلب قلبه في الاشكال فعلم تقلب الحق في الصور وهذا النوع من المعرفة الذي لا يعقبه نكرة حظ من عرف الحق من التجلي والشهود أي من تجليه في الصور وشهوده فيها حال كونه مستقرا في عين مقام الجميع بحيث لا يشغله صور التفرقة عن شهوده واما أهل الايمان الاعتقادى الذين لم يعرفوا الحق من التجلي والشهود فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق من غير طلب دليل عقلى لا من قلد اصحاب الافكار والمتأولين للاخبار الواردة الكاشفة عن الحق كشفا مبينا يحملها على أدلتهم العقلية وارتكاب احتمالاتها البعيدة فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام حق التقليد هم المرادون بقوله او ألقى السمع لاستماع ما وردت به الاخبار الالهية على ألسنة الأنبياء وهو حاضر بما يسمعه مراقب له فى حضرة خياله يعنى ينبغى لملقى السمع أن يجهد في إحضار ما يسمعه في خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تلك التجليات بالفعل وإلا بقي بعض ملقدة الأنبياء خارجا عن هذا الحكم فليس المراد بالشهود هاهنا الرؤية البصرية بل ما يشابهها كمال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة في حضرة الخيال ليس الا ومن قلد صاحب نظر فكرى فليس هو الذي القى السمع وهو شهيد فالمقلدون لاصحاب الأفكار هم الذين قال الله فيهم إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا لان المتبوعين دعوا التابعين الى خلاف الواقع فتبعوهم ورجع نكال متابعتهم الى متبوعيهم فتبرأوا منهم والرسل لا يتبرأون من اتباعهم الذين اتبعوهم لانهم دعوهم الى الحق والصدق فتبعوهم فانعكست أنوار متابعيهم إليهم فلم يتبرأوا منهم فاعرف در لباب آورده كه صاحب قلب مؤمن عربست وشهيد مؤمن أهل كتاب كه كواهى دارد بر كفت حضرت پيغمبر عليه السلام شيخ ابو سعيد خراز قدس

سره فرموده كه القاى سمع بوقت شنيدن قرآن چنان بايد كه كويا از حضرت پيغمبر مى شنود پس در فهم بالاتر رود و چنان داند كه از جبرائيل استماع ميكند پس فهم را بلند تر سازد و چنان داند كه از خداى تعالى مى شنود شيخ الإسلام قدس سره فرموده كه اين سخن تا مست وبرو در قرآن كواهى هست وآن لفظ شهيدست وشهيد از كوينده شنود نه از خبر دهنده چهـ غائب از مخبر مى شنود وحاضر با متكلم واز امام جعفر رضى الله عنه منقولست كه تكرار ميكردم قرآنرا تا وقتى كه از متكلم آن شنودم وفي التأويلات النجمية القلوب أربعة قلب يائس وهو قلب الكافر وقلب مقفول وهو قلب المنافق وقلب مطمئن وهو قلب المؤمن وقلب سليم من تعلقات الكونين وهو قلب المحبين المحبوبين الذي هو مرءاة صفات جمال الله وجلاله كما قال لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن وقوله او ألقى السمع وهو شهيد يعنى من لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون له سمع يسمع بالله وهو حاضر مع الله فيعتبر مما يشير اليه الله في اظهار اللطف او القهر وقال ابن عطاء قلب لا حظ الحق بعين التعظيم فذاب له وانقطع عما سواه وإذا لا حظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن وقال بعضهم القلب مضغة وهو محل الأنوار ومورد الزوائد من الجبار وبه يصح الاعتبار جعل الله القلب للجسد أميرا وقال ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ثم جعله لربه أسيرا فقال يحول بين المرء وقلبه وقال بعضهم للقلوب مراتب فقلوب فى قبضة الحق مأسورة وقلوب والهة وقلوب طائرة بالشوق اليه وقلوب الى ربها ناظرة وقلوب صاحبت الآمال في الله وقلوب تبكى من الفراق وشدة الاشتياق وقلوب ضاقت فى دار الفناء وقلوب خاطبها في سرها فزال عنها مرارة الأوجاع وقلب سارت اليه بهمتها وقلوب صعدت اليه بعزائم صدقها وقلوب تقدمت لخدمته في الحلوات وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد الى غير ذلك ويدل على شرف القلب قوله عليه السلام تفكر ساعة خير من عبادة الثقلين چون بنده بدرگاه آيد ودل او كرفتار شغل دنيا رقم خذلان بر ان طاعت كشند وبروى او باز زنند كه كفته اند من لم يحضر قلبه في الصلاة فلا تقبل صلاته ومن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لانه لم ير من يناجيه فان لم يسمع ما يرد عليه من الحق في الصلاة من الواردات الغيبية فما هو ممن ألقى سمعه ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصل ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد يعنى أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب فمن لا يرى ربه فيها ولا يشهده شهودا روحانيا او رؤية عيانية قلبية او مثالية خيالية او قريبا منها المعبر عنه بقوله عليه السلام ان تعبد الله كأنك تراه ولا يسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات او بواسطة منهم ولا حصل له الحضور القلبي المعبر عنه بقوله فان لم تكن تراه فاعلم انه يراك فليس بمصل وصلاته أفادت له الخلاص من القتل لا غير وبقدر خوف المرء من ربه وقربه منه يكون حضوره نزديكانرا بيش بود حيرانى ... كايشان دانند سياست سلطانى

[سورة ق (50) : آية 38]

آن وزير پيوسته از مراقبت سلطان هراسان بود وآن ستوردار را هراسى نه زيرا كه سينه وزير خزينه اسرار سلطانست ومهر خزينه شكستن خطرناك بود وكان عليه السلام يصلى ولصدره ازيز كأزيز المرجل من البكاء والا زيز الغليان وقيل صوته والمرجل قدر من النحاس خوشا نماز ونياز كسى كه از سردرد ... بآب ديده وخون جكر طهارت كرد حذيفه يمانى رضى الله عنه صاحب سر رسول الله عليه السلام بود كفتا روزى شيطانرا ديدم كه مى كريست كفتم اى لعين اين ناله وكريه تو چيست كفت از براى دو معنى يكى آنكه درگاه لعنت بر ما كشاده ديكر آنكه درگاه دل مؤمنان بر ما بسته بهر وقتى كه قصد دركاه دل مؤمن كنم بآتش هيبت سوخته كردم بداود عليه السلام وحي آمد كه يا داود زبانت دلالى است بر سر بازار دعوى او را در صدر دار الملك دين محلى نيست محلى كه هست دلراست كه ازو بوى اسرار أحديت وازليت آيد عزيز مصر با برادران كفت رخت برداريد وبوطن وقراركاه خود باز شويد كه از دلهاى شما بوى مهر يوسفى مى نيايد اينست سر آنچهـ رب العالمين فرمود ان في ذلك لذكرى الآية قال بعض الكبار حقيقة السمع الف هم عن الله فيما يتلوه عليك في الأنفس والآفاق فان الحق تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك في اى مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرءان إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق في العالم الكبير وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من اصناف المخلوقات فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ در شش روز آن يكشنبه تا شنبه الأرض في يومين ومنافعها في يومين والسموات في يومين ولو شاء لكان ذلك في اقل من لمح البصر ولكنه سن لنا التأنى بذلك فان العجلة من الشيطان الا في ستة مواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب وحل واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل التوبة إذا أذنب قال بعض العارفين إذا فتح الله عليك بالتصريف فائت البيوت من ابوابها وإياك والفعل بالهمة من غير فمعز الدولة وانظر الى الحق سبحانه كيف خمر طينة آدم بيديه وسواه وعدله ثم نفخ فيه الروح وعلمه الأسماء فأوجد الأشياء على ترتيب ونظام وكان قادرا أن يكون آدم ابتداء من غير تخمير ولا شيء مما ذكر وفي التأيلات النجمية ولقد خلقنا سموات الأرواح وارض الأشباح وما بينهما من النفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار في ستة ايام اى في ستة انواع من المخلوقات وهى محصورة فيما ذكرناه من الأرواح والأشباح والنفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فلا مخلوق الا وهو داخل في جملتها فافهم جدا وَما مَسَّنا بذلك مع كونه مما لا تفى به القوى والقدر وبالفارسية ونرسيد ما را از آفرينش آنها مِنْ لُغُوبٍ قال الراغب اللغوب التعب والنصب يقال أتانا ساعيا لاغبا خائفا تعبا وفي القاموس لغب لغبا ولغوبا كمنع وسمع وكرم

[سورة ق (50) : الآيات 39 إلى 40]

أعيى أشد الاعياء وفي تاج المصادر اللغوب مانده شدن. وفعل يفعل فعولا وفعلا ايضا لغة ضعيفة والمعنى من اعياء ولا تعب في الجملة وبالفارسية هيچ رنجى وماندكى فانه لو كان لاقتضى ضعفا فاقتضى فسادا فكان من ذلك شيء على غير ما أردناه فكان تصرفنا فيه غير تصرفنا في الباقي وأنتم تشاهدون الكل على حد سوآء من نفوذ الأمر وتمام التصرف وفي التأويلات النجمية وما مسنا من لغوب لانها خلقت بأشارة أمر كن كما قال تعالى وما أمرنا الا واحدة كلمح بالبصر فأنى يمسه اللغوب وانه صمد لا يحدث في ذاته حادث انتهى وهذا رد على جهلة اليهود في زعمهم ان الله بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش سبحانه عما يقولون علوا كبيرا قال العلماء ان الذي وقع من التشبيه لهذه الامة انما وقع من اليهود ومنهم أخذ يقول الفقير هذه الآية نظير قوله تعالى اولم يروا ان الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى يدل عليه ما بعد الآية وهو قوله فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى ما يقوله المشركون فى شأن البعث من الأباطيل المبنية على الإنكار واستبعاد فان من فعل هذه الأفاعيل بلا فتور قادر على بعثهم والانتقام منهم او ما يقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه وغيرهم وفي تفسير المناسبات لما دل سبحانه على شمول العلم واحاطة القدرة وكشف فيهما الأمر أتم كشف وكان علم الحبيب القادر بما يفعل العدو أعظم نذارة للعدو وبشارة للولى سبب عن ذلك قوله فاصبر على ما يقولون اى على جميع الذي يقوله الكفرة وغيرهم انتهى وفيه اشارة الى تربية النفوس بالصبر على ما يقول الجاهلون من كل نوع من المكروهات وتزكيتها من الصفات المذمومات ملازمة للذكر والتسبيحات والتحميدات كما قال وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ اى نزهه تعالى عن العجز عما يمكن وعن وقوع الخلف في اخباره التي من جملتها الاخبار بوقوع البعث وعن وصفه بما يوجب التشبيه حال كونك ملتبسا بحمده على ما أنعم عليك من إصابة الحق وغيرها قال سهل في الأمالي سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا كما في الآية وفي قوله وان من شيء الا يسبح بحمده ان معرفة الله تنقسم قسمين معرفة ذاته ومعرفة أسمائه وصفاته ولا سبيل الى اثبات أحد القسمين دون الآخر واثبات وجود الذات من مقتضى العقل واثبات الأسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرفت المسمى وبالشرع عرفت المسمى ولا يتصور في العقل اثبات الذات الا مع نفى سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وانما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها ما لم تكن تعلم من الأسماء فانضاف لها الى التسبيح الحمد والثناء فما أمرنا الا بتسبيحه بحمده قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ هما وقتا الفجر والعصر وفضيلتهما مشهورة فالتسبيح فيهما بمكان وفي طه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها راعى القياس لان الغروب للشمس كما ان الطلوع لها وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ اى وسبحه بعض الليل فقوله من الليل مفعول لفعل مضمر معطوف على سبح بحمد ربك يفسره فسبحه ومن للتبعيض ويجوز أن يعمل فيه المذكور ايضا

ولا تمنع الفاء عن عمل ما بعدها فيما قبلها كما يجيئ في سورة قريش وقال بعض الكبار قبل طلوع الشمس يعنى من أول النهار وقبل الغروب يعنى الى آخر النهار ومن الليل فسبحه يعنى من جميع الليل بقدر الوسع والطاقة يقول الفقير ثبت ان بعض أهل الرياضة لم ينم سنين فيمكن له دوام الذكر والتسبيح كما قال تعالى والذين هم على صلاتهم دائمون ويمكن أن يقال ان ذلك حال القلب لا حال القالب فان اكثر أهل الله ينامون ويقومون على ما فعله النبي عليه السلام لكن قلوبهم يقظى وصلاتهم اى توجههم دائمة فهم في الذكر في جميع آناء الليل والنهار وَأَدْبارَ السُّجُودِ وأعقاب الصلوات وأواخرها جمع دبر من أدبرت الصلاة إذا انقضت والركوع والسجود يعبر بهما عن الصلاة لانهما أعظم أركانها كما يعبر بالوجه عن الذات لانه اشرف اعضائها وفي تفسير المناسبات وسبح ملتبسا بحمد ربك قبل طلوع الشمس بصلاة الصبح وما يليق به من التسبيح وغيره وقبل الغروب بصلاة العصر والظهر كذلك فالعصر أصل في ذلك الوقت والظهر تبع لها ولما ذكر ما هو أدل على الحب في المعبود لانه وقت الانتشار الى الأمور الضرورية التي بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية بالأكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار والانضمام مع ما في الوقتين من الدلالة الظاهرة على طى الخلق ونشرهم اتبعه ما يكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام فقال ومن الليل اى في بعض أوقاته فسبحه بصلاتى المغرب والعشاء وقيام الليل لان الليل وقت الخلوات وهى ألذ المناجاة ولما ذكر الفرائض التي لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها اتبعها النوافل المقيدة بها فقال وادبار السجود اى الذي هو الأكمل في بابه وهو صلاة الفرض بما يصلى بعده من الرواتب والتسبيح بالقول ايضا والمعنى والله اعلم ان الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق للنصر وازالة النصب ولهذا كان النبي عليه السلام إذا حزبه امر فزع الى الصلاة انتهى يقال حزبه الأمر نابه واشتد عليه او ضغطه وفزع اليه لجأ وعن عمر وعلى رضى الله عنهما ادبار السجود الركعتان بعد صلاة المغرب وادبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر وعليه جمهور المفسرين وعن النبي عليه السلام من صلّى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين وعنه عليه السلام ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وكان عليه السلام يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد قاله ابن مسعود وعن مجاهد وادبار السجود هو التسبيح باللسان في ادبار الصلوات المكتوبة وفي الحديث من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين فذلك تسع وتسعون ثم قال تمام المائة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر وفي رواية اخرى عن ابى هريرة رضى الله عنه قالوا يا رسول الله ذهب أهل الوفور بالدرجات والنعيم المقيم قال وكيف ذلك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا اموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون به

من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتى أحد بمثل ما جئتم به الا من جاء بمثله تسبحون فى دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا كما في كشف الاسرار يقول الفقير لعل سر التثليث في بيانه عليه السلام دائر على التثليث في بيانهم فانهم قالوا صلوا وجاهدوا وأنفقوا فقال عليه السلام تسبحون وتحمدون وتكبرون وفي تخصيص العشر في هذه الحديث رعاية لسر قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فان كل عشر إذا ضوعف افرادها بعشرة الأمثال تبلغ الى المائة المشيرة الى الأسماء الحسنى التسعة والتسعين مع احديتها فاذا كان كل عشر مائة يكون المجموع ثلاثمائة لكنه عليه السلام أراد أن يبلغ الاعداد المضاعفة الى الالف لتكون اشارة الى ألف اسم من أسمائه تعالى فزاد في كل من التسبيح والتحميد والتكبير باعتبار أصوله حتى جعله ثلاثا وثلاثين وجعل تمام المائة القول المذكور في الحديث الاول فيكون اصول الاعداد مائة بمقابلة المائة المذكورة وفروعها وهى المضاعفات ألفا ليكون بمقابلة الألف المذكور فان قلت فأهل الوفور لا يخلو من أن يقولوا ذلك في أعقاب الصلوات فاذا لا فضل للفقرآء عليهم قلت جاء في حديث آخر إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى الفقير في فضله وتضاعف لثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها فظهر فضلهم عليهم والحمد لله تعالى وفي الآية بيان فضيلة النوافل قال عليه السلام خطابا لأبى الدرداء رضى الله عنه يا عويمر اجتنب مساخط الله وأد فرآئض الله تكن عاقلا ثم تنفل بالصالحات من الأعمال تزدد من ربك قربا وعليه عزا وفي الحديث حسنوا نوافلكم فيها تكمل فرآئضكم وفي المرفوع النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطبها وفي الحديث ازدلفوا الى الله بركعتين اى تقربوا وفي الحديث القدسي ما تقرب عبد الى بمثل أداء ما افترضت عليه وانه ليتقرب الى بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه والمراد بالنوافل نوافل الصلوات وغيرها ومنها سلوك الصوفية فانه يتقرب به السالك الى الله بأزالة الحجب المانعة عن النظر الى وجه الله الكريم قال الراغب القرب الى الله قرب روحانى بازالة الا وساخ من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر والتخلق بالأخلاق الالهية من العلم والحكمة والرحمة وفي ترجمة الفتوحات المكية در اداى فرائض عبوديت اضطرارست ودر نوافل عبوديت اختبار ونقل در ركعت زائد را كويند وتو در اصل خود زائدى بر وجود حق تعالى چهـ او بود وتو نبودى وبوجود تو وجود حادث زياده شد پس عمل نفل اشارت بوجود تست كه زائدست واصل تست وعمل فرض اشارت بوجود حق است كه اصل كلى است پس در اداى فرائض بنده براى اوست ودر اداى نوافل براى خود وقتى كه در كار او باشى هر آينه دوسترازان دارد كه در كار خود باشى وثمره اين حب كه در كار خودى است كه كنت سمعه وبصره ثمره آن حب كه در كار او باشى اعنى اعمال فرائض قياس كن كه چهـ كونه باشد وبدان كه در نفس نفل فرائض ونوافل هست اگر در فرض نقصانى واقع شده باشد بدان فرائض كه در ضمن نفل است تمام كرده شود در خبر

[سورة ق (50) : الآيات 41 إلى 45]

صحيح آمده است كه حق تعالى فرمايد كه در نماز بنده نكاه كنيد اگر تمام باشد تمام نويسند واگر ناقص باشد فرمايد كه بينيد كه اين بنده را هيچ تطوعى هست اگر باشد فرمايد كه فريضه بنده را بدان تطوعات تمام سازيد چون ركوع وسجود وسائر افعال كه نفل بي آن درست نيست كه سادمسد فرض شود حق تعالى اين فروض را در ميانه نوافل نهاد تا جبر فرض بفرض باشد انتهى قال بعض الكبار من أراد العلم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف الله بالله ويعرف جميع الاحكام الشرعية بالله لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر فليقلد ربه فيما أخبر الا يأولا فانه اولى من تقليد العقل يقول الفقير دخل في ادبار السجود والنوافل مثل صلاة الرغائب وصلاة البراءة وصلاة القدر فان صلاة الرغائب تصلى بعد المغرب في ليلة الجمعة الاولى من شهر الله رجب والثانية بعد العشاء في ليلة النصف من شعبان والثالثة بعد العشاء ايضا في ليلة القدر وتلك الصلوات من مستحسنات المشايخ المحققين لانها نوافل اى زوآئد على الفرائض والسنن وهذا على تقدير أن لا يكون لها اصل صحيح في الشرع وقد تكلم المشايخ عليها والأكثر على انه عليه السلام صلاها فلها اصل صحيح لكن ظهورها حادث ولا يقدح هذا الحدوث في اصالتها على أن عمل المشايخ يكفى سندا فانهم ذووا الجناحين وقد أفردت لهذا الباب جزأ واحدا شافيا وَاسْتَمِعْ يا محمد لما يوحى إليك من أحوال القيامة وفي حذف مفعول استمع وإبهامه ثم تفسيره بقوله يوم إلخ تهويل وتفظيع للمخبر به كما يروى عن النبي عليه السلام انه قال سبعة ايام لمعاذ بن جبل رضى الله عنه يا معاذ اسمع ما أقول لك ثم حدثه بعد ذلك والسمع ادراك المسموع بالاصغاء والفرق بين المستمع والسامع ان المستمع من كان قاصدا للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ أصله ينادى المنادى قرأ ابو عمرو ونافع وابن كثير المنادى بالياء في الوصل وهو الأصل في اللغة والباقون بغير ياء لان الكسر يدل عليه واكتفى به والمنادى هو الملك النافخ في الصور وهو اسرافيل عليه السلام والنداء نفخة سمى نداء من حيث انه جعله علما للخروج وللحشر وانما يقع ذلك النداء كأذان المؤذن وعلامات الرحيل في العساكر وقيل هو النداء حقيقة فيقف على الصخرة ويضع إصبعه في أذنيه وينادى أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ان الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء وقيل اسرافيل ينفخ وجبرائيل ينادى بالحشر مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ الى السماء وهو صخرة بيت المقدس فان بيت المقدس أقرب من جميع الأرض الى السماء بأثنى عشر ميلا او ثمانية عشر ميلا وهو وسط الأرض كما قاله على رضى الله عنه او من مكان قريب يصل نداؤه الى الكل على سوآء يعنى آواز او بهمه جا برسد واز هيچ موضعى دور نبود وفي كشف الاسرار سمى قريبا لان كل انسان يسمعه من طرف اذنه وقيل من تحت أقدامهم وقيل من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة ولعل ذلك في الاعادة مثل كن في البدء يَوْمَ إلخ بدل من يوم ينادى إلخ

يَسْمَعُونَ اى الأرواح وقيل الأجساد لانه يمدها أربعين سنة كما في عين المعاني الصَّيْحَةَ وهى صيحة البعث التي هى النفخة الثانية والصيحة والصياح الصوت بأقصى الطاقة بِالْحَقِّ متعلق بالصيحة على انه حال منها والعامل في الظرف ما يدل عليه قوله تعالى ذلِكَ اين روز يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور وهو من اسماء يوم القيامة وسمى يوم العيد يوم الخروج ايضا تشبيها به والمعنى يوم يسمعون الصيحة ملتبسة بالحق الذي هو البعث يخرجون من القبور الى المحاسبة ثم الى احدى الدارين اما الى الجنة واما الى النار قال فى كشف الاسرار چون اين ندا در عالم دهد در خلق اضطرار افتد آن كوشتهاى و پوستهاى پوسيده واستخوانها ريزيده وخاك كشته وذره ذره بهم بر آميخته بعضى بشرق بعضى بغرب بعضى به بر بعضى به بحر بعضى كركان خورده وبعضى مرغان پرده همه با هم مى آيد وذره ذره بجاى خود باز ميشود هر چهـ در هفت إقليم خاكى جانور بوده از ابتداء دور عالم تا روز رستاخيز همه با هم آيد تنها راست كردد وصورتها پيدا شود اعضا واجزاى مرتب ومركب كردد ذره كم نه وذره پيش نه موى ازين بان نياميزد وذره از ان به اين نه پيوندد آه صعب روزى كه حشر ونشرست روز جزاء خير وشرست ترازوى راستى آويخته كرسئ قضا نهاده بساط هيبت باز كسترده همه خلق بزانو در آمده كه وترى كل امة جاثية دوزخ مى غرد كه تكاد تميز من الغيظ زبانيه در عاصى آويخته كه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه هر كس بخود درمانده واز خويش و پيوند بگريخته لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه آورده اند كه پيش از آمدن خلق از خاك جبريل وميكائيل بزمين آيند براق مى آرند وحله وتاج از بهر مصطفى صلوات الله عليه واز هول آن روز ندانند كه روضه سيد كجاست از زمين مى پرسند وزمين ميكويد من از هول رستاخيز ندانم كه در بطن خود چهـ دارم جبريل بشرق وغرب همى نكرد از آنجا كه خوابكاه سيدست نورى بر آيد جبريل آنجا شتابد سيد عالم صلوات الله عليه از خاك بر آيد چنانكه در خبرست انا أول من تنشق عنه الأرض أول سخن اين كويد اى جبرائيل حال امتم چيست خبر چهـ دارى كويد اى سيد أول تو برخاسته ايشان در خاك اند اى سيد تو حله در پوش وتاج بر سر نه وبر براق نشين وبمقام شفاعت رو تا امت در رسند مصطفى عليه السلام همى رود تا بحضرت عزت سجده آرد وحق را جل جلاله بستايد وحمد كويد از حق تعالى خطاب آيد كه اى سيد امروز نه روز خدمت است كه روز عطا ونعمت است نه روز سجود است كه روز كرم وجودست سر بردار وشفاعت كن هر چهـ تو خواهى آن كنم تو در دنيا همه آن كردى كه ما فرموديم ما امروز ترا آن دهيم كه تو خواهى ولسوف يعطيك ربك فترضى قال المولى الجامى في سلسلة الذهب سويم افكن ز مرحمت نظرى ... باز كن بر رخم ز فضل درى لب بجنبان پى شفاعت من ... منكر در كناه وطاعت من مانده ام زير بار عصيان پست ... افتم از پاى اگر نكيرى دست رحم كن بر من وفقيرئ من ... دست ده بهر دستكيرئ من

[سورة ق (50) : الآيات 43 إلى 45]

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ فى الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد فتكرير الضمير بعد إيقاعه اسما للتأكيد والاختصاص والتفرد (قال الكاشفى) يعنى نطفه مرده را حيات مى دهيم وميرانيم ايشانرا در دنيا وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ للجزاء في الآخرة لا الى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فليستعدوا للقائنا وفيه اشارة الى مراقبة القلوب بعد انقضاء اوقات الذكر لاستماع بداء الهواتف الغيبية والإلهامات الربانية والإشارات الالهية من مكان قريب وهو القلب يوم يسمع النفوس الصيحة من جانب الحق بتجلى صفاته ذلك يوم الخروج من ظلمات البشرية الى نور الروحانية والربانية انا نحن نحيى القلوب الميتة ويميت النفوس الحية وإلينا المصير لمن ماتت نفسه وحيي قلبه ... واعلم ان الحشر حشر عام وهو خروج الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وحشر خاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك في حال حياتهم الى العالم الروحاني وذلك بالموت بالارادة عن الصفات الحيوانية النفسانية قبل الموت بالاضطرار عن الصورة الحيوانية وحشر أخص وهو الخروج من قبور الانانية الروحانية الى الهوية الربانية وكما ان الموت نوعان اضطراري واختياري فكذا الولادة الاضطرارية بخلق الله تعالى لا مدخل فيها الكسب العبد واختياره واما الاختيارية فانما تحصل بالكسب وهو الذي أشار اليه عيسى عليه السلام بقوله لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ بحذف احدى التاءين من تتشقق اى تتصدع قال في تاج المصادر التشقق شكافته شدن والمعنى بالفارسية بياد آر روزى را كه بشكافد زمين ودور شود ز آدميان يعنى مردكان پس بيرون آيد از قبرها سِراعاً حال من المجرور وهو جمع سريع والسرعة ضد البطيء ويستعمل في الأجسام والافعال ويقال سرع فهو سريع واسرع فهو مسرع والمعنى حال كونهم مسرعين الى اجابة الداعي من غير التفات يمينا وشمالا هذا كقوله مهطعين الى الداع ذلِكَ اين احياى ايشان از قبور حَشْرٌ بعث وجمع وسوق عَلَيْنا يَسِيرٌ اى هين علينا نقول له كن فيكون وهو كلام معادل لقول الكفرة ذلك رجع بعيد وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به تعالى فان ذلك لا يتيسر الأعلى العالم القادر لذاته الذي لا يشغله شأن من شأن كما قال ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ من نفى البعث وتكذيب الآيات الناطقة به وغير ذلك مما لا خير فيه وهو تسلية لرسول الله عليه السلام وتهديد لهم وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ بمسلط تقسرهم على الايمان او تفعل بهم ما تريد وانما أنت مذكر هذا كقوله انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر اى لست بمتسلط عليهم بجبرهم مما تريد واصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر والجبار في اسم الله تعالى هو الذي جبر العباد على ما أراد فَذَكِّرْ پس پند كوى بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ اى عظم بمواعظه فانهم المنتفعون به كما قال فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين واما من عداهم فنفعل بهم ما يوجبه أقوالهم وتستدعيه أعمالهم من ألوان العقاب وفنون العذاب كقوله انما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب والوعيد التخويف بالعذاب ويستعمل

تفسير سورة الذاريات

فى نفس العذاب كما مر قال بعض العارفين امر الله نبيه عليه السلام أن يذكر الخاشعين من عظمته والخائفين من كبريائه بالقرءان لأنهم اهله وأهل القرآن أهل الله وخاصته هم يعرفون حقائق الخطاب بنعت العبودية وهم بالقرءان يرتقون الى معادنه فيرون الحق بالحق بلا حجاب ويصعدون به الى الابد وقال احمد ابن همدان رحمه الله لا يتعظ بمواعظ القرآن الا الخائفون على ايمانهم وإسلامهم وعلى كل نفس من أنفاسهم وقال بعضهم انما يؤثر التخويف والانذار والتذكير في الخائفين فاما من لا يخاف فلا ينجح فيه ذلك وطير السماء على او كارها تقع وقال بعضهم وما أنت عليهم بجبار هذا خطاب مع القلب يعنى ما أنت على النفس وصفاتها بمتسلط بنفسك إلا بنا فذكر بالقرءان اى بدقائق معانيه وحقائق أسراره من يخاف وعيد يعنى بعض النفوس القابلة لتذكير القرآن ووعيده فانه ليس كل نفس قابلة له (قال الشيخ سعدى) در خير بازست هركز وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى به كرمابه كردد سفيد نيايد نكو كارى از بدرگان ... محالست دوزندكى از سكان توان پاك كردن زژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه كان رسول الله عليه السلام يخطب بسورة ق في كثير من الأوقات لاشتمالها على ذكر الله تعالى والثناء عليه ثم على علمه بما توسوس به النفوس وما تكتبه الملائكة على الإنسان من طاعة وعصيان ثم تذكير الموت وسكرته ثم تذكير القيامة وأهوالها والشهادة على الخلائق بأعمالهم ثم تذكير الجنة والنار ثم تذكير الصيحة والنشور والخروج من القبور ثم بالمواظبة على الصلوات قال السيوطي في كتاب الوسائل أول من قرأ في آخر الخطبة ان لله يأمر بالعدل والإحسان الآية عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا وكان النبي عليه السلام يقرأ ق وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح وفي الحديث من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت وسكراته قيل تارات الموت إفاقاته وغشياته كما في حواشى سعدى المفتى رحمه الله تمت سورة ق بعون ذى الألطاف في أوائل جمادى الاولى من سنة اربع عشرة ومائة والف تفسير سورة الذاريات ستون آية مكية تفسير سورة الذاريات بسم الله الرحمن الرحيم وَالذَّارِياتِ ذَرْواً الواو للقسم والذاريات وما بعدها صفات حذفت موصوفاتها وأقيمت

هى مقامها والتقدير والرياح الذاريات وذروا مصدر عامله الذاريات يقال ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته أطارته وأذهبته قال في تاج المصادر الذرى داميدن والمراد الرياح التي تذرو التراب وغيره ودانه را از كاه جدا كنند كما في تفسير الكاشفى روى عن كعب الأحبار قال لو حبس الله الريح عن الأرض ثلاثة ايام ما بقي على الأرض شيء إلا نتن وعن العوام بن حوشب قال تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منها وبركاتها من الجنة وتخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة وشرها من النار وقيل الشمال تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها فتمر على أرواح الصديقين وعن عبد الله بن شداد قال ان الريح من روح الله فاذا رأيتموها فاسألوا الله خيرها وتعوذوا من شرها وعن جابر رضى الله عنه قال هاجت ريح كادت تدفن الراكب من شدتها فقال عليه السلام هذه ريح أرسلت لموت منافق فقدمنا المدينة فاذا رأس من رؤس المنافقين قدمات (وروى) عن على رضى الله عنه ان مساكين الريح تحت اجنحة الكروبيين حملة الكرسي فتهيج من ثمة فتقع بعجلة الشمس ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال فتقع في البر فتأخذ الشمال وحدها من كرسى بنات النعش الى مغرب الشمس والنعش اربعة كواكب على شكل مربع مستطيل وخلفها ثلاثة كواكب تسمى البنات وتأتى الدبور وحدها من مغرب الشمس الى مطلع سهيل وتأتى الجنوب وحدها من مطلع سهيل الى مطلع الشمس وتأتى الصبا وحدها من مطلع الشمس الى كرسى بنات النعش فلا تدخل هذه في حد هذه ولا هذه في حد هذه قال ابن عمر الرياح ثمان اربع منها عذاب واربع منها رحمة اما الرحمة فالناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات واما العذاب فالعاصفات والقاصف والصرصر والعقيم وأراد ابن عمر ما في القرآن من ألفاظ الرياح وعن ابى امامة رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه السلام ليبيتن قوم من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب ثم ليمسخن قردة وخنازير وليصبين أقواما من أمتي خسف وقذف باتخاذهم القيان وشربهم الخمور وضربهم بالدف ولبسهم الحرير ولتنسفن احياء من أمتي الريح كما نسفت عاداكما في كتاب الامتاع في احكام السماع والنسف بركندن بنا وگياه وداميدن چيزى وفي الآية اشارة الى الرياح الصبحية بحمل انين المشتاقين المتعرضين لنفحات الألطاف الى ساحات العزة ثم تأتى بتنسم نفحات الحق الى مشام اسرار المحبة فيجدون راحة من غلبات اللوعة وفي معناه انشدوا وانى لأستهدى الرياح نسيمكم ... إذا أقبلت من أرضكم بهبوب واسألها حمل السلام اليكمو ... فان هى يوما بلغت فأجيبى (قال المولى الجامى) نسيم الصبح زرمنى ربى نجدو قبلها ... كه بوى دوست مى آيد از ان پاكيزه منزلها (وقال الكمال الخجندي) صبا ز دوست پيامى بسوى ما أورد ... بهمدمان كهن دوستى بجا آورد براى چشم ضعيف رمد كرفته ما ... ز خاك مقدم محبوب توتيا آورد

[سورة الذاريات (51) : الآيات 2 إلى 4]

وقال بعضهم المراد بالذاريات النساء الولود فانهن يذرين وهو بضم الياء بمعنى يذرون يقول الفقير من لطف هذا المعنى مجاورته للفظ الحاملات والجاريات على ان من وجوه الحاملات النساء الحوامل وفيه بيان لفضل الولود على العقيم كما قال عليه السلام سوداء ولود خير من حسناء عقيم ودل لفظ السوداء على سيادة الولود كسواد الحجر الأسود فانه من السيادة وذلك أن الولود مظهر الآثار ومطلع الأنوار وكذلك ولود الإنسان وهو الإنسان الكامل وهو كالمصدر للافعال والجامد وهو الإنسان الناقص لا يصلح الا لان يكون آية يستدل بها كسائر الآيات التكوينية ومثاله لفظ انما فانه للتأكيد والحصر لا غير وذلك باعتبار الكف عن العمل فافهم الاشارة فَالْحامِلاتِ وِقْراً الوقر بالكسر اسم لما توقرأى تحمل والمراد هنا المطر ووقرا مفعول الحاملات والمعنى فالسحب الحاملة للمطر وبالفارسية پس بردارندكان بار كران يعنى ابرها كه ببارند (روى) عن خالد بن معدان قال ان في الجنة شجرة تثمر السحاب فالسودآء التي نضجت تحمل المطر والبيضاء التي لا تحمل المطر وقال كعب السحاب غربال المطر ولولا السحاب لأفسد المطر ما أصاب من الأرض وعن الحسن انه كان إذا نظر الى السحاب قال لاصحابه فيه والله رزقكم ولكن تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم وعن عكرمة قال ما أنزل الله من السماء قطرة الا أنبت بها في الأرض عشبة او في البحر لؤلؤة وفي المطر حياة الأرض فكأنه روحها وكذا في الفيض الإلهي حياة القلب والروح وفيه اشارة الى ان سحاب الطاف الربوبية تحمل امطار مراحم الالوهية فتمطر على قلوب الصادقين فَالْجارِياتِ يُسْراً يسرا صفة لمصدر محذوف اى فلسفن الجارية فى البحر جريا يسيرا اى ذا يسر وسهولة وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال البحر زق بيد ملك لم يغفل عنه ولو غفل عنه الملك لطم على الأرض يعنى دريا خيكى است بدست فرشته غافل نمنى شود از وى فرشته واگر غافل شود بر مى كند زمين را وفرو مى كيرد وفي الحديث لا يركبن رجل البحر الاغازيا او حاجا او معتمر فان تحت البحر نارا وان تحت النار بحرا وان تحت البحر نارا وقال كعب ما من ليلة الا والبحار تشرف على الخلائق فتقول يا رب ائذن لنا حتى تغرق الخطائين فيأمرها تعالى بالسكون فتسكن وسأل سليمان بن داود عليهما السلام عن ملك البحر فخرجت اليه دابة من البحر فجعلت تنسل من حيث طلعت الشمس حتى انتصف النهار تقول هذا ولما يخرج نصفى بعد فتعوذ بالله من البحر ومن ملكه يعنى برسيد سليمان بن داود از فرشته بحر پس بيرون آمد بسوى وى جانورى از بحر بشتاب از ان زمان كه آفتاب بر آمد تا نيم روز كفت هنوز نيم من بيرون نيامده است پس پناه كرفت سليمان بخدا از بحر از ملك وى وفيه اشارة الى سفن وجود المحبين المحبوبين شراعها مرفوعة الى مهب رياح العناية فتجرى بها في بحر التوحيد على أيسر حال فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً الأمر واحد الأمور أريد به معنى الجمع وهو منصوب على المفعولية والمراد بالمقسمات الملائكة وإيراد جمع المؤنث السالم فيهم بتأويل الجماعات اى فالملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها وفي كشف الاسرار هذا كقوله فالمدبرات امرا قال عبد الرحمن بن سابط

يدبر أمر الأرض اربعة من الملائكة جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام فجبريل على الجنود والرياح وميكائيل على القطر والنبات وملك الموت على قبض الأرواح واسرافيل يبلغهم ما يؤمرون به وأضاف هذه الافعال الى هذه الأشياء لانها اسباب لظهورها كقوله تعالى خبرا عن جبريل لاهب لك غلاما زكيا وانما الله هو الواهب الغلام لكن لما كان جبريل سبب ظهوره أضاف الهبة اليه والفاء لترتيب الاقسام بها باعتبار ما بينها من التفاوت فى الدلالة على كمال القدرة يعنى ان المقصود من الاقسام بها ظاهرا هو تأكيد المحلوف عليه وهو البعث وكونه محقق الوقوع والمقصود الأصلي تعظيم هذه الأشياء لما فيها من الدلالة على كمال قدرته فيكون في المعنى استدلالا على المحلوف عليه فكأنه قيل فمن قدر على إنشاء هذه الأشياء الا يقدر على إعادة ما انشأه اولا كقول القائل لمن أنعم عليه وحق نعمك الكثيرة انى لا أزال أشكرك اتى بصورة القسم الدال على تعظيم النعم استدلالا به على انه مواظب لشكرها فاذا كان كذلك فالمناسب أن يقدم ما هو أدل على كمال القدرة والرياح أدل عليه بالنسبة الى السحب لكون الرياح أسبابا لها والسحب لغرابة ماهيتها وكثرة منافعها ورقة حاملها الذي هو الريح أدل عليه من السفن وهذه الثلاث لكونها من قبيل المحسوسات أدل عليه من الملائكة الغائبين عن الحسن لانه كلام من المنكر فربما ينكر وجود من هو غائب عن الحسن فلا يتم الاستدلال وقال سعدى المفتى في بيان التفاوت المذكور فاما على التنزل كما في قوله عليه السلام رحم الله المحلقين والمقصرين بأن يقال الرياح أظهر في الدلالة على كمال القدرة من السحب وهى من السفن والثلاث من الملائكة المقسمة لانه كلام مع الجاحد ويمكن أن ينكرها فكيف بجعلها أظهر مما هو محسوس على ما اختاره صاحب الكشف واما على الترقي والقول بأن كلا منها آخره أدل على كمال القدرة مما قبله ولا اعتبار بإنكار من لا عبرة به فالمقسمات يدل على أقدار الروحانيات مع لطافتها على التصرف في الجسمانيات مع كثافتها ثم الجاريات المتألفة من جميع العناصر على ما فيها من الصنعة البديعة والأمور العجيبة من حمل الأثقال مع خفة الحامل ورقة المحمل وقطع المسافة الشاسعة في زمان يسير بهبوب الرياح العاصفة ثم الحاملات تتألف من الاجزاء المائية والهوائية وقليل من الاجزاء النارية والارضية وفيها غرائب من الآثار العلوية ولا تتم الا بواسطة الرياح وعليك بالتأمل انتهى يقول الفقير سر الترتيب هو ان الرياح فوق السحاب الحاملة للمطر وهى فوق الماء الحامل للسفن وهو فوق الأرض الظاهر اثر تدبير الملائكة فيها فأشار تعالى الى ان كل امر انما ينزل من السماء وكل تأثير في الأرض انما يظهر من جانب العلو ومن ذلك وقوع البعث من القبور فمن قدر على أطهار الآثار في الأرض بالتأثيرات العلوية كان قادرا على البعث لانه من الآثار الارضية ايضا والله اعلم وفيه اشارة الى من ينزل من الملائكة المقربين لتفقد أهل الوصلة والقيام بأنواع من الأمور لاهل هذه القصة فهؤلاء القوم يسألونهم عن أحوالهم هل عندهم خبر من فراقهم ووصالهم ويقولون بربكما يا صاحى قفاليا ... اسائلكما عن حالكم فاسألانيا

[سورة الذاريات (51) : الآيات 5 إلى 10]

إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ جواب للقسم وما موصولة والعائد محذوف اى ان الذي توعدونه من البعث والحساب او من الثواب والعقاب لصادق يعنى هر آينه راست ودرست است ودر ان هيچ خلافى نيست قال في الإرشاد ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضى في ان اسم الفاعل مسند الى المفعول به إذا الوعد مصدوق والعيشة مرضية وقال ابن الشيخ اى لذو صدق على ان البناء للنسب كتامر لان الموعود لا يكون صادقا بل الصادق هو الوعد ويجوز أن تكون ما مصدرية اى وعدكم او وعيدكم إذ يحتمل توعدون أن يكون مضارع وعد وأوعد والثاني هو المناسب للمقام فالكلام مع المنكرين وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ اى وان الجزاء على الأعمال لحاصل وكائن لا محالة فان من قدر على هذه الأمور البديعة المخالفة لمقتضى الطبيعة فهو قادر على البعث الموعود قال بعضهم قد وعد الله المطيعين بالجنة والتائبين بالمحبة والأولياء بالقربة والعارفين بالوصلة والطالبين بالوجدان كما قال ألا من طلبنى وجدنى ووعد الله واقع البتة ومن اوفى بعده من الله وأوعد الفاسقين بالنار والمصرين بالبغضاء والأعداء بالبعد والجاهلين الغافلين بالفراق والباطلين بالفقدان قال بعضهم ما الحكمة في معنى القسم من الله تعالى فانه ان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده والجواب ان القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرا والحكم يفصل باثنين اما بالشهادة واما بالقسم فذكر الله في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال شهد الله الآية ولا يكون القسم الا باسم معظم وقد أقسم الله بنفسه في القرآن في سبعة مواضع والباقي من القسم القرآني قسم بمخلوقاته كما في عنوان هذه السورة ونحوه والتين والزيتون والصافات والشمس والليل والضحى وغير ذلك فان قلت ما الحكمة في ان الله تعالى قد أقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قال في ترجمة الفتوحات حذر كن كه بغير دين اسلام بديني ديكر سوكند ياد كنى يا كويى اگر چنين باشد از دين اسلام بيزارم ودرين صورت از بهر احتياط تجديد ايمان كن ونهى آمده است از انكه كسى بغير الله سوكند ياد كند انتهى قلت فيه وجوه الاول انه على حذف المضاف اى ورب الذاريات ورب التين ورب الشمس والثاني ان العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظمه المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فاقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لانها تدل على بارئ وصانع حكيم وقال بعضهم القسم بالمصنوعات يستلزم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل وقال بعضهم ان الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد أن يقسم الا بالله وقال بعضهم القسم اما لفضيلة او منفعة ولا تخلو المصنوعات عنهما وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ جمع حباك او حبيكة كمثال ومثل وطريقة وطرق والمراد بالحبك الطرائق اى الطرائق المحسوسة التي هى مساير الكواكب او المعقولة التي يسلكها النظار ويتوصل بها الى المعارف كما قال الراغب الحبك هى الصرائق فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة وهى بالفارسية كهكشان وعن على رضى الله عنه ان السماء تنشق من المجرة

[سورة الذاريات (51) : الآيات 8 إلى 10]

يوم القيامة ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة والى هذا أشار بقوله ان في خلق السموات والأرض الى قوله ربنا ما خلقت هذا باطلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ذات الخلق الحسن المستوي در تبيان از ابن عمر رضى الله عنهما نقل ميكند كه مراد آسمان هفتم است وحق تعالى بد وسوكند ياد كند إِنَّكُمْ يا أهل مكة لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فى القرآن اى متخالف متناقض وهو قولهم انه شعر وسحر وافتراء وأساطير الأولين وفي الرسول شاعر وساحر ومفتر ومجنون وفي القيامة فان من الناس من يقطع القول بأقرار ومنهم من يقطع القول بإنكار ومنهم من يقول أن نظن الا ظنا وهذا من التحير والجهل الغليظ فيكم وفي هذا الجواب تأييد لكون الحبك عبارة عن الاستواء كما يلوح به ما نقل عن الضحاك ان قول الكفرة لا يكون مستويا انما هو مناقض مختلف يقول الفقير لعل الوجه في هذا القسم ان القرآن نازل من السماء وان النبوة امر سماوى فهم اختلفوا في هذا الأمر السماوي وظنوا انه امر أرضى مختلف وليس كذلك وفي الآية اشارة الى سماء القلب ذات الطريق الى الله انكم أيها الطالبون الصادقون لفى قول مختلف فى الطلب فمنكم من يطلب منا ما عندنا من كمالات القربات ومنكم من يطلب منا مالدينا من العلوم والمعارف ومنكم من يطلبنا بجميع صفاتنا فلو استقمتم على الطريقة وثبتم ملازمين فى طلبه لبلغ كل قاصد مقصده يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يقال أفكه عنه يأفكه إفكا صرفه وقلبه او قلب رأيه كما في القاموس ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل كما في المفردات اى يصرف عن القرآن او الرسول من صرف إذ لا صرف أفظع منه وأشد فكأنه لا صرف بالنسبة اليه يعنى ان تعريف مصدر أفك للحقيقة وكلمة من للعموم فالمعنى كل من اتصف بحقيقة المصروفية يصرف عنه ويلزمه بعكس النقيض كل من لم يصرف عنه لم يتصف بتلك الحقيقة فكان كل صرف يغايره لا صرف بالقياس اليه لكماله وشدته وقال بعضهم يصرف عنه من صرف في علم الله وقضائه يعنى هر كه در علم خداى محروم باشد از ايمان بكتاب و پيغمبر هر آينه محرومست دلها همه محزون وحكرها خونست ... تا حكم ازل در حق هر كس چونست وفيه اشارة الى ان في قطاع الطريق على ارباب الطلب لكثرة فمن يصرفه عن طلبه قاطع من القطاع من النفس والهوى والدنيا وزينتها وشهواتها وجاهها ونعيما فصرف فقد حرم من متمناه وأهلكه هوه كما قيل نعوذ بالله من الحور بعد الكور وينادى عليه منادى العزة وكم مثلها فارقتها وهى تصفر قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ دعاء عليهم كقوله قتل الإنسان ما اكفره وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن وقبح والخرص تقدير القول بلا حقيقة ومنه خرص الثمار اى تقديرها مثلا تقدير ما على النخل من الرطب تمرا وكل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سواء كان ذلك مطابقا للشيء او مخالفاله من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان قوله مطابقا للقول المخبر به

[سورة الذاريات (51) : الآيات 11 إلى 14]

كما قال تعالى في شهادة المنافقين لكاذبون فالخراصون الكذابون المقدرون مالا صحة له وهم اصحاب القول المختلف كأنه قيل قتل هؤلاء الخراصون فاللام للعهد اشارة إليهم وعن مجاهدهم الكهنة الَّذِينَ هُمْ لفظ هم مبتدأ وخبره قوله فِي غَمْرَةٍ من الجهل والضلال تغمرهم وتغشاهم عن امر الآخرة قال الراغب أصل الغمر ازالة اثر الشيء ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل اثر مسيله غمر وغامر وبه شبه الرجل السخي والفرس الشديد العد وفقيل لهما غمر كما شبها بالبحر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعلت مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها والى نحو أشار بقوله فأغشيناهم وقيل للشدآئد غمرات قال تعالى في غمرات الموت وقال الشاعر قال العواذل اننى في غمرة ... صدقوا ولكن غمرتى لا تنجلى ساهُونَ خبر بعد خبر اى غافلون عما أمروا به قال بعصهم الغمرة فوق الغفلة والسهو دون الغفلة قال الراغب السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما ان لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا والثاني أن يكون مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد الى فعله فالاول معفو عنه والثاني مأخوذ به وعلى الثاني ذم الله تعالى فقال الذين هم في غمرة ساهون وفي كشف الاسرار الخراصون هم المقتسمون الذين اقتسموا عقاب مكة واقتسموا القول في النبي عليه السلام ليصرفوا الناس عن دين الإسلام يعنى ان أهل مكة أقاموا رجالا على عقاب مكة يصرفون الناس يعنى بوقت ورود قوافل بر عقاب مكة نشستندى وهر يك در حق مصطفى عليه السلام بآينده ورونده دروغ كفتندى ومرد مانرا از صحبت شريف وى باز داشتندى حق تعالى ايشانرا لعنت كرد قال ابو الليث فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لا يرجع وفي الآية اشارة الى أهل الدعوى الذين هم في غمرة الحسبان والغرور وهم ملعونون اى مطرودون عن مقامات أهل الطلب فانه ليس لهم طلب ولو طلبوا لوجدوا ما وجد أهل الطلب قال سهل رضى الله عنه توضأت في يوم جمعة فمضيت الى الجامع في ايام البداية فوجدته قد امتلأ بالناس وهم الخطيب أن يرقى المنبر فأسأت الأدب ولم ازل أتخطى رقاب الناس حتى وصلت الى الصف الاول فجلست فاذا هو عن يمينى شاب حسن المنظر طيب الرائحة عليه اطمار صوف فلما نظر الى قال كيف نجدك يا سهل قلت بخير أصلحك الله وبقيت متفكرا في معرفته لى وانا لم أعرفه فبينما أنا كذلك إذ أخذنى حرقان بول فأكرسى فبقيت على وجل خوفا ان أتخطى رقاب الناس وان جلست لم تكن لى صلاة فالتفت الى وقال يا سهل أخذك حرقان بول قلت أجل فنزع إحرامه عن منكبه فغشانى به تم قال اقض حاجتك واسرع فالحق الصلاة قال فغمى على وفتحت عينى وإذا بباب مفتوح وسمعت قائلا يقول لج الباب يرحمك الله فولجت وإذا بقصر مشيد عالى البناء شامخ الأركان وإذا بنخلة قائمة والى جنها مطهرة مملوءة ماء أحلى من الشهد ومنزل اراقة الماء ومنشفة معلقة وسواك فحللت لباسى وارقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعت ينادينى فيقول ان كنت قضيت اربك فقل نعم فقلت نعم فنزع الإحرام

[سورة الذاريات (51) : الآيات 12 إلى 14]

عنى فاذا انا جالس في مكانى ولم يشعر بي أحد فبقيت متفكرا في نفسى وانا مكذب نفسى فيما جرى فقامت الصلاة وصلّى الناس فصليت معهم ولم يكن لى شغل الا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فاذا به قد دخل على درب فالتفت الى وقال يا سهل كأنك ما أيقنت بما رأيت قلت كلالج الباب يرحمك الله فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينه والمنشفه مبلولة فقلت آمنت بالله فقال يا سهل من أطاع الله أطاعه كل شيء يا سهل اطلبه تجده فتغر غرت عيناى بالدموع فمسحتهما وفتحتهما فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسرا على ما فاتنى منه ثم أخذت في العبادة يَسْئَلُونَ اى الكفار فيقولون أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ بحذف المضاف من اليوم واقامة المضاف اليه مقامه فلا يرد ان ظرف الزمان لا يقع خبرا الا عن الحدث وفي النظم أخبر به عن الزمان اى متى وقوع يوم الجزاء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ جواب للسؤال وانتصب يوم يفعل مضمر دل عليه السؤال اى يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون بها كما يفتن الذهب بالنار يقال فتنت الشيء اى أحرقت خبثه لتظهر خلاصته فالكافر كله خبث فيحرق كله ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف اى هو يوم هم والفتح لاضافته الى غير متمكن ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ اى مقولالهم هذا القول إذا عذبوا والقائل خزنة النار أو ذوقوا جزاء تكذيبكم كما في قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم اى كفرهم مرادا به عاقبته قال الراغب اصل الفتن إدخال الذهب النار ليظهر جودته من ردآءنه ويستعمل في إدخال الإنسان النار وقوله تعالى ذوقوا فتنتكم اى عذابكم وتارة يسمون ما يحصل منه العذاب فيستعمل فيه نحو قوله تعالى ألا في الفتنة سقطوا وتارة في الاختيار نحو قوله وفتناك فتونا هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر وهذا اشارة الى ما في الفتنة من معنى العذاب اى هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به في حياتكم الدنيا وتقولون متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء ويجوز ان يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذي صفته وفيه اشارة الى أهل المكر والدعوى الذين استبطأوا حصول المرام فيسألون أيان يوم الدين وهم في ظلمة ليل الدنيا مستعجلين في استصباح نهار الدين فأجابتهم عزة الجبروت عن الكبرياء والعظموت يوم هم على نار الشهوات يفتنون بعذاب البعد والقطيعة يعذبون ذوقوا عذاب فتنتكم التي قطعت عليكم طريق الطلب هذا الذي كنتم به تملون من الطلب وتستعجلون الظفر بالمقصود. قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا صاحب لى قد أوينا الى مغارة نطلب الدخول الى الله وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذوهيبة علمنا انه من اولياء الله فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يا نفس لم لا تعبدين الله لله فتيقظنا وتبنا الى الله فبعد ذلك فتح علينا ففيه اشارة الى ترك الاستعجال في طريق الطلب والى الاخذ بالإخلاص والى العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء حتى يتخلص الطالب من عذاب الوجود ويرتفع الحجاب ويحصل الشهود بكمال الفيض والجود واما العمل بالنفس فيزيد في وجودها

[سورة الذاريات (51) : الآيات 15 إلى 19]

واقف نمى شوند كه كمكرده اند راه ... تا رهروان براهنمايى نمى رسند فالمرشد إذا لا بد منه فان المريد ضعيف والشيخ كالحائط المستحكم (كما قال الشيخ سعدى) مريدان ز طفلان بقوت كمند ... مشايخ چوديوار مستحكمند (وقال الصائب) بر هدف دستى ندارد تيربى زور كمان ... همت پيران جوانانرا بمنزل ميبرد نسأل الله سبحانه أن يدلنا على سلوك طريقه ويوصلنا الى جنابه بتوفيقه انه هو الكريم الرحيم إِنَّ الْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعصية والجهل والميل الى ما سوى المولى والمتصفين بالايمان والطاعة والمعرفة والتوجه الى الحضرة العليا فِي جَنَّاتٍ اى بساتين لا يعرف كنهها فالتنكير للتعظيم ويجوز أن يكون للتكثير كما في قوله ان له لا بلا وان له لغنما والعرب تسمى النخيل جنة وَعُيُونٍ اى انهار جارية اى تكون الأنهار بحيث يرونها وتقع عليها أبصارهم لا انهم فيها وعن سهل رضى الله عنه التقى في الدنيا في جنات الرضى يتقلب وفي عيون الناس يسبح وقال بعضهم في جنات قلوبهم وعيون الحكمة في عاجلهم وفي جنات الفضل وعيون الكرم فغدا تجلى ودرجات واليوم مناجاة وقربات آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ حال من الضمير في الجار اى قابلين لكل ما أعطاهم من الثواب راضين به على معنى ان كل ما أعطاهم حسن مرضى متلقى بالقبول ليس فيه ما يرد لانه في غاية الجودة ومنه قوله ويأخذ الصدقات اى يقبلها ويرضاها قال بعضهم آخذين ما آتاهم وربهم اليوم بقلوب فارغة الى الله من اصناف الطافه وغدا يأخذون وما يعطيهم ربهم في الجنة من فنون العطاء والرفد ثم علل استحقاقهم ذلك بقوله إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ قبل دخول الجنة اى في الدنيا مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ الهجوع النوم بالليل دون النهار وما مزيدة لتأكيد معنى التقليل فانها تكون لافادة التقليل كما في قولك أكلت أكلا ما وقليلا ظرف ويهجعون خبر كانوا اى كانوا يهجعون فى طائفة قليلة من الليل أو صفة مصدر محذوف اى كانوا يهجعون هجوعا قليلا من اوقات الليل يعنى يذكرون ويصلون اكثر الليل وينامون اقله ولا يكونون مثل البطالين الغافلين النائمين الى الصباح وقال بعض أهل الاشارة فيه اشارة الى ان أهل الإحسان وهم أهل المحبة والمشاهدة لا ينامون بالليل لان القلة عبارة عن العدم ومعنى عدم نومهم ما أشار اليه صلّى الله عليه وسلّم بقوله نوم العالم عبادة فمن يكون في العبادة لا يكون نائما قيل نزلت الآية في شأن الأنصار رضى الله عنهم حيث كانوا يصلون في مسجد النبي عليه السلام ثم يمضون الى قبا وبينهما ميلان وهما ساعة واحدة بالساعة النجومية (وقال الكاشفى) أشهر آنست كه خواب نكردندى تا نماز خفتن ادا نفر مودندى ووقت آنرا دراز كشيدندى وعن جعفر بن محمد انه قال من لم يهجع ما بين المغرب والعشاء حتى يشهد العشاء فهو منهم وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اى صلاة الليل أفضل قال فى نصف الليل وقليل فاعله (قال بعضهم) نركس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته نابينا بود دولت به بيداران رسد

[سورة الذاريات (51) : آية 18]

(وفي المثنوى) درد پشتم داد حق تا من ز خواب ... برجهم در نيم شب با سوز وتاب درد دها بخشيد حق از لطف خوبش ... تا نخسبم جمله شب چون گاوميش قال داود بن رشيد من اصحاب محمد بن الحسن قمت ليلة فأخذنى البرد فبكيت من العرى فنمت فرأيت قائلا يقول يا داود أنمناهم وأقمناك فتبكى علينا فما نام داود بعد تلك الليلة روزى شاكردى از شاكردان ابو حنيفة رحمه الله او را كفت مردمان مى كويند كه ابو حنيفه هيچ بشب نمى خسبد كفت نيت كردم كه هركز ديكر نخسبم لما قال تعالى ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ومن نخواهم كه از ان قوم باشم كه ايشانرا بچيزى كه نكرده باشند ياد كنند بعد از ان سى سال نماز بامداد بطهارت نماز خفتن گزارد قال الشيخ ابو عمرو في سبب توبته سمعت ليلة حمامة تقول يا أهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمت ذلك ذهبت عنى ثم لما جئت الى وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما أصبحت لقيت الخضر عليه السلام فدلنى على مجلس الشيخ عبد القادر الكيلاني رضى الله عنه فدخلت عليه وسلمت نفسى اليه ولازمت بابه حتى جمع الله لى كثيرا من الخير وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ السحر السدس الأخير من الليل لاشتباهه بالضياء كالسحر يشبه الحق وهو باطل اى هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار في الاسحار كأنهم اسلفوا في ليلهم الجرائم واين دليل آنست كه بعمل خود معجب نبوده اند واز ان حساب نداشته طاعت ناقص ما موجب غفران نشود ... راضيم كر مدد علت عصيان نشود وفي بناء الفعل على الضمير المفيد للتخصيص اشعار بانهم الاحقاء يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له واطنابهم فيه وفي بحر العلوم تقديم الظرف للاهتمام ورعاية الفاصلة وعن الحسن كانوا لا ينامون من الليل الااقله وربما نشطوا فمدوا الى السحر ثم أخذوا بالأسحار في الاستغفار وفي التأويلات النجمية يستغفرون من رؤية عبادات يعملونها في سهرهم الى الاسحار بمنزلة العاصين يستغفرون استصغارا لقدرهم واستحقارا لفعلهم عذر تقصير خدمت آوردم ... كه ندارم بطاعت استظهار عاصيان از كناه توبه كنند ... عارفان از عبادت استغفار اى من التقصير في العبادة او من رؤيتها قيل يا رسول الله كيف الاستغفار قال قولوا اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم وقال عليه السلام توبوا فانى أتوب الى الله فى كل يوم مائة مرة وفي الحديث ان الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح فيقول يا رب أنى لى هذه فيقول بالاستغفار ولدك لك اى بأن قال رب اغفر لي ولوالدى وفي بعض الإخبار أن أحب احبائى الى الذين يستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض شيأ ذكرتهم فصرفت بهم عنهم (قال الحافظ) هر كنج سعادت كه خداداد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود

(وقال) در كوى عشق شوكت شاهى نمى خرند ... اقرار بندگى كن ودعوى چاكرى (وفي المثنوى) كفت آنكه هست خورشيد راه او ... حرف طوبى هر كه زلت نفسه ظل ذلت نفسه خوش مضجعست ... مستعدان صفارا مهجعست كر ازين سايه روى سوى منى ... زود طاغى كردى وره كم كنى وقال الكلبي ومجاهد وبالاسحار هم يصلون وذلك ان صلاتهم بالأسحار لطلب المغفرت وفي الحديث (من تعار من الليل) هذا من جوامع الكلم لانه يقال تعار من الليل إذا استيقظ من نومه مع صوت كذا في الصحاح وهذه اليقظة تكون مع كلام غالبا فأحب النبي عليه السلام أن يكون ذلك الكلام تسبيحا وتهليلا ولا يوجد ذلك إلا ممن استأنس بالذكر (فقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله ثم قال اللهم اغفر لى او دعا) اى بدعا آخر غير قوله اللهم اغفر لى (استجيب له) هذا الجزاء مترتب على الشروط المذكورة والمراد بها الاستجابة اليقينية لان الاحتمالية ثابتة في غير هذا الدعاء ولو لم يدع المتعار بعد هذا الذكر كان له تواب لكنه عليه السلام لم يتعرض له (قال توضأ وصلّى قبلت صلاته) فريضة كانت او نافلة وهذه المقبولية اليقينية مترتبة على الصلاة المتعقبة لما قبلها وفي الخبر الصحيح ينزل الله السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من الذي يدعونى فأستجيب له من الذي يسألنى فأعطيه من الذي يستغفرنى فأغفر له وكان النبي عليه السلام إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما اعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله الا أنت ولا حول ولا قوة الا بك قال داود عليه السلام يا جبرائيل اى الليل أفضل قال لا أدرى الا ان العرش يهتز وقت السحر ولا يهتز العرش الا لكثرة تجليات الله اما تلقيا وفرحا لأهل السهر واما طربا لأنين المذنبين والمستغفرين في ذلك الوقت واما تعجبا لكثرة عفو الله ومغفرته واجابته للادعية في ذلك الوقت واما تعجبا من حسن لطف الله في تحننه على عباده الآبقين الهاربين منه مع غناه عنهم وكثرة احتياجهم اليه تعالى ثم مع ذلك هم غافلون في نومهم وهو يتوجه إليهم ويدعوهم بقوله هل من سائل هل من مستغفر هل من ثائب هل من نادم وقوله من يقرض غير عدوم ولا ظلوم واما تعجبا من غفلات اهل الغفلة بنومهم في مثل ذلك الوقت وحرمانهم من البركة واما لانواع قضاء الله وقدره في ذلك الوقت من الخيرات والشرور والليل اما للاحباب في انس المناجاة واما للعصاة في طلب النجاة والسهر لهم في لياليهم دائم او لفرط أسف ولشدة لهف واما للاشتياق او للفراق كما قالوا

[سورة الذاريات (51) : آية 19]

كم ليلة فيك لا صباح لها ... أفنيتها قابضا على كبدى قد غصت العين بالدموع وقد ... وضعت خدى على بنان يدى واما لكمال انس وطيب روح كما قالوا سقى الله عيشا نضيرا مضى ... زمان الهوى في الصبى والمجنون لياليه تحكى انسداد اللحا ... ظ للعين عند ارتداد الجفون واعلم ان الله سبحانه امر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأحياء الليل لان هذه الطريقة اقرب طريق الى الله للمقبل الصادق وما يطيقها الا المتمكن الصابر العابر من كل عائق وفي الحديث فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم وذلك لا انه روح العالم ومداره فكيف يكون الله ولى بخيل بنفسه على الله متكاسل وبتكاسله يخرب العالم ويشتد جهل اهله كما ان الروح إذا ضعف اختل الجسد وقواه ومن هنا عرفت شدة توعل الأتقياء في العبادات وكلما قرب الإنسان من الكمال اشتد تكليفه فاعرف هذا (ويروى) ان الياس النبي عليه السلام أتى اليه ملك الموت ليقبضه فبكى فقال له أتبكي وأنت راجع الى ربك فقال بل ابكى على ليالى الشتاء ونهار الصيف الأحباب يقومون ويصومون ويخدمون ويتلذذون بمناجاة محبوبهم وانا رهين التراب فأوحى الله اليه قد اجلناك الى يوم القيامة لحبك خدمتنا فتمتع (قال الحافظ) دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل كه زاد را هروان جستيست و چالاكى وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ اى نصيب وافر يستوجبونه على أنفسهم اى يعدونه واجبا عليهم ويلزمونه تقربا الى الله وإشفاقا على الناس فليس المراد بالحق ما أوجبه الله عليهم في أموالهم فاندفع به ما عسى يقال كيف يمدح المرء بابه يثبت في ماله حق للفقرآء فمن يمنع الزكاة من الأغنياء يوجد فيهم هذا المعنى ولا يستحقون المدح لِلسَّائِلِ لحاجة المستجدى اى طالب الجدوى والنفع وَالْمَحْرُومِ اى المتعفف الذي يحسبه الناس غنيا فيحرم الصدقة وفي القاموس المحروم الممنوع من الخير ومن لا ينمى له مال وفي المفردات اى الذي لم يوسع عليه في الرزق كما وسع على غيره بل منع من جهة الخير وفي بحر العلوم وانما خصصه بالسائل والمحروم ولم يذكر سائر المستحقين لان ذلك حق سوى الصدقة المفروضة بدليل قوله عليه السلام ان في المال حقا سوى الزكاة انتهى يعنى في المال حق واجب سوى الزكاة وهو الحقوق التي تلزم عند ما يعرض من الأحوال من النفقة على الوالدين إذا كانا فقيرين وعلى ذى الرحم المحرم وما يجب من طعام المضطر وحمل المنقطع ونحو ذلك وفي الحديث ويل للاغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا فيقول الله لأقربنكم اليوم ولأبعدنهم وتلا الآية فلا بد من الانفاق وهو من احسن الأخلاق (قال الحافظ) چهـ دوزخى چهـ بهشتى چهـ آدمي چهـ ملك ... بمذهب همه كفر طريقتست إمساك (وقال الشيخ سعدى) از زر وسيم راحتى برسان ... خويشتن هم تمتعى بر كير چونكه اين خانه از تو خواهد ماند ... خشتى از سيم وخشتى از زر كير

[سورة الذاريات (51) : الآيات 20 إلى 24]

وفي الحديث ان الله ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال ابو بكر رضى الله عنه هل في منها يا رسول الله قال كلها فيك يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء (حكى) ان الشيخ الشبلي قدس سره أشار الى أصحابه بالتوكل فلم يفتح عليهم بشيء ثلاثة ايام ثم قال لهم ان الله تعالى قد أباح الكسب بقوله هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه فخرج واحد منهم فأعياه الجوع وجلس عند حانوت طبيب نصرانى فعرف الطبيب جوعه من نبضه فأمر غلامه بالطعام فقال الفقير قد ابتلى بهذه العلة أربعون رجلا فأمر غلامه بحمل الطعام إليهم ومشى خلفه فلما وصل الطعام إليهم قال الشبلي لا ينبغى أن تأكلوا قبل المكافأة بالدعاء فدعوا له فلما سمع الطبيب دعاءهم دخل وأسلم فظهر معنى قوله هل جزاء الإحسان الا الإحسان فجزآء احسان الطبيب النصراني بالطعام الإحسان من عباد الله بالدعاء ومن الله بتوفيق الإسلام وفي الآية اشارة الى ما آتاهم الله من فضله من المقامات والكمالات انه فيها حق للطالبين الصادقين إذا قصدوهم من أطراف العالم في طلبها إذا عرفوا قدرها والمحروم من لم يعرف قدر تلك المقامات والكمالات فما قصدوهم في طلبها فلهم في ذمة كرم هؤلاء الكرام حق التفقد والنصح فان الدين النصيحة فانهم بمنزلة الطبيب والمحروم بمنزلة المريض فعلى الطبيب أن يأتى الى المريض ويرى نبضه ويعرف علته ويعرفه خطره ويأمره بالاحتماء من كل ما يضره ويعالجه بأدوية تنفعه الى أن يزيل مرضه وتظهر صحته كذا في التأويلات النجمية وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ الإيقان بي كمان شدن اى دلائل واضحة على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته من حيث انها مدحوة كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها والسالكين في مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن متفننة وانها تلقح بألوان النبات وانواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنيها ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم وقال الكلبي عظات من آثار من تقدم وفي التأويلات النجمية منها اى من تلك الآيات انها تحمل كل شيء فكذا الموقن العارف يحمل كل حمل من كل أحد ومن استثقل حملا او تبرم برؤية أحد ساقه الله اليه فلغيبته عن الحقيقة ومطالعته الحق بعين التفرقة واهل الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة ومنها انها يلقى عليها قذارة وقمامة فتنبت كل زهر ونور وورد وكذلك العارف يتشرب ما يسقى من الجفاء ولا يترشح إلا بكل خلق على وشيمة زكية ومنها ان ما كان منها سبخا يترك ولا يعمر لانه لا يحتمل العمارة كذلك من الايمان له بهذه الطريقة يهمل فان مقابلته بهذه القصة كألقاء البذر في الأرض السبخة انتهى قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ولا تبذر السمراء في الأرض عميان يعنى بيان الحقائق الذي هو غذآء القلب والروح كالسمرآء يعنى الحنطة للجسم وقوله في الأرض عميان يعنى في ارض استعداد هذه الطوائف الذين لا يبصرون الحق ولا يشاهدونه في جميع الأشياء وفي حقائق البقلى آيات الأرض ظهور تجلى ذاته وصفاته في مرءاة الأكوان كما ظهر من الطور لموسى عليه السلام

[سورة الذاريات (51) : آية 21]

وما ظهر من المصيصة لعيسى عليه السلام وهى بكسر الميم مدينة على ساحل البحر الرومي بجوار طرسوس والسيس وما ظهر لمحمد صلّى الله عليه وسلّم من جبال مكة ألا ترى الى قوله عليه السلام جاء الله من سينا واستعين بساعة وأشرق من جبال فاران اى جبال مكة وفي القاموس فاران جبال مذكورة في التوراة منها بكر ابن القاسم (وفي أنفسكم) اى في أنفسكم آيات إذ ليس في العالم شيء الا وفى الأنفس له نظير يدل دلالته على ما سبق تطبيق العالم الصغير بالكبير في اواخر حم السجدة عند قوله سنريهم آياتنا إلخ مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وفي بحر العلوم وفي الأرض دلائل من انواع الحيوان والأشجار والجبال والأنهار وفي أنفسكم آيات لهم من عجائب الصنع الدالة على كمال الحكمة والقدرة والتدبير والارادة فيكون تخصيصا بعد تعميم لان أنفس الناس مما في الأرض كأنه قيل في الأرض آيات للموحدين العاقلين وفي أنفسكم خصوصا آيات لهم لان أقرب المنظور فيه من كل عاقل نفسه ومن ولد منها وما في بواطنها وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع وفي نقلها من هيئة وحال الى حال من وقت الميلاد الى وقت الوفاة قال بعضهم ففى كل شىّ له آية ... تدل على انه واحد وذلك لان كل شيء بجسمه واحد وكذا بروحه ولا عبرة بكثرة الاجزاء والأعضاء وما من عدد الا ويصح وصفه بالوحدة فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة على ان كل جسم فهو منتهى الى الجزء الذي لا يتجزى وهو النقطة وكل الف فهو اما مركب من نقاط ثلاث او خمس او سبع وقس عليه سائر التركيبات الحروفية والفعلية وفي التأويلات النجمية يشير الى ان نفس الإنسان مرءاة جميع صفات الحق ولهذا قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فلا يعرف أحد نفسه الا بعد كمالها وكمالها في أن تصير مرءاة تامة مصقولة قابلة لتجلى صفات الحق لها فيعرف نفسه بالمرءاتية ويعرف ربه بالمتجلى فيها كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه في كل ذرات أَفَلا تُبْصِرُونَ اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلوا الصنعة على الصانع وبالنقش على النقاش وكذا على صفاته (قال الكاشفى) استفهام بمعنى امرست يعنى بنظر عبرت در نكريد وعلامات كمال صنع در ذات خود مشاهده كنيد در حقايق سلمى مذكور است كه هر كه اين آيتها در نفس خود بيند ودر صفحه وجود آثار قدرت مطالعه ننمايد حظ خود را ضايع كرده باشد واز زندكانى هيچ بهره نيابد نظرى بسوى خود كن كه تو جان دلربايى ... مفكن بخاك خود را كه تو از بلند جايى تو ز چشم خود نهانى تو كمال خود چهـ دانى ... چودر از صدف برون آكه تو بس گران بهايى قال الواسطي تعرف الى قوم بصفاته وأفعاله وهو قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون وتعرف

[سورة الذاريات (51) : الآيات 22 إلى 23]

الى الخواص بذاته فقال الم تر الى ربك (روى) ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما فقال سلونى عمادون العرش فان ما بين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى فمى هذا ما رزقنى الله من رسول الله رزقا فو الذي نفسى بيده لو اذن للتوراة والإنجيل ان يتكلما فأخبرت بما فيهما لصدقانى على ذلك وكان في المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لافضحنه فقام وقال يا على اسأل قال سل نفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك يا على قال ما كنت اعبد ربا لم أره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأت القلوب بحقيقة الايمان ربى واحد لا شريك له أحد لا ثانى له فرد لا مثل له لا يحويه مكان ولا يداوله زمان لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس فسقط اليماني مغشيا عليه فلما أفاق قال عاهدت الله ان لا أسأل تعنتا (وحكى) عن بعض الصالحين انه رأى في المنام معروفا الكرخي شاخصا بصره نحو العرش قد اشتغل عن حور الجنة وقصورها فسألت رضوان من هذا قال معروف الكرخي مات مشتاقا الى الله فأباح له أن ينظر اليه وهذا النظر هناك من نتائج النظر بالقلب في الدنيا لقوله تعالى ومن كان في هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى واما النظر بالبصر في الدنيا فلما لم يحصل لموسى عليه السلام لم يحصل لغيره إذ ليس غيره أكمل قابلية منه الا ما حصل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد كان في خارج حد الدنيا إذ كان فوق العرش والعرش من العالم الطبيعي وملاق لعالم الأرواح واعلم ان رؤية العوام في مرتبة العلم ورؤية الخواص في مرتبة العين ولهم مراتب في التوحيد كالافعال والصفات والذات فليجتهد العاقل في الترقي من مرتبة العلم الى مرتبة العين ومن الاستدلال الى الشهود والحضور وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ اى اسباب رزقكم على حذف المضاف يعنى به الشمس والقمر وسائر الكواكب واختلاف المطالع والمغارب التي يترتب عليه اختلاف الفصول التي هى مبادى حصول الأرزاق (كما قال الشيخ سعدى) ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه از بهر تو سر كشته وفرمان برادر ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى او في السماء تقدير رزقكم وقال ابن كيسان يعنى على رب السماء رزقكم كقوله تعالى ولاصلبنكم وفي جذوع النخل وَما تُوعَدُونَ من الثواب لان الجنة على ظهر السماء السابعة تحت العرش قرب سدرة المنتهى او أراد أن كل ما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب والشدة والرخاء وغيرها مكتوب مقتدر في السماء ودر تبيان كفته مكتوبست در لوحى كه در آسمان چهارم است يقول الفقير امر العقاب ينزل من السماء ونفسه ايضا كالصيحة والقذف والنار والطوفان على ما وقع في الأمم السالفة فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اقسم الله بنفسه وذكر الرب لانه في بيان التربية بالرزق إِنَّهُ اى ما توعدون او ما ذكر من امر الآيات والرزق على انه مستعار لاسم الاشارة لَحَقٌّ هر آينه راستست وفي الحديث ابى ابن آدم ان يصدق ربه حتى اقسم له فقال فو رب إلخ وقال الحسن في هذه الآية بلغني ان رسول الله عليه السلام قال قاتل الله أقواما اقسم الله لهم بنفسه فلم يصدقوه انتهى ولو وعد

[سورة الذاريات (51) : آية 24]

يهودى لانسان رزقه واقسم عليه لاعتمد بوعده وقسمه فقاتله الله كيف لا يعتمد على الرزق قال هرم بن سنان لأويس القرني رضى الله عنه اين تأمرنى ان أكون فأومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ اى كما انه لا شك لكم في انكم تنطقون ينبغى ان لا تشكوا في حقيقته وبالفارسية همچنانكه شك نيست شما را در سخن خود شك نيست در روزى دادن من وغير او ونصبه على الحالية من المستكن في الحق او على انه وصف لمصدر محذوف اى انه لحق حقا مثل نطقكم فانه لتوغله في الإبهام لا يتعرف بإضافته الى المعرفة وما زائدة او عبارة عن شيء على ان يكون ما بعدها صفة لها بتقدير المبتدأ اى هو انكم تنقطون وفي التأويلات النجمية كما نطقكم الله قتنطقون بقدرته بلا شك كذلك حق على الله ان يرزقكم ما وعدكم وانما اختص التمثيل بالنطق لانه مخصوص بالإنسان وهو أخص صفاته انتهى وفي الآية دليل للتوكل على الله وحث على طلب الحوائج منه وأحالهم على رؤية الوسائط ولو كانوا على محل التحقيق لما أحالهم على السماء ولا على الأرض فانه لو كانه السماء من حديد والأرض من نحاس فلم تمطر ولم تنبت وكان رزق جميع العباد على رقبة ولى من اولياء الله الكمل ما يبالى لانه خرج من عالم الوسائط ووصل الى صاحب الوسائط والله تعالى انما يفعل عند الأسباب لا بالأسباب ولو رفع الأسباب لكان قادرا على إيصال الرزق فانه انما يفعل بأمركن وبيده الملكوت وهذا مقام عظيم فلما سلمت النفوس فيه من الاضطراب والقلق لعل الفتاح أدخلنا في دائرة الفتوح آمين وعن الأصمعي أقبلت في البصرة من الجامع بعد الجمعة فطلع أعرابي على قعود وهو بالفتح من الإبل ما يقتعده الراعي في كل حاجة فقال من الرجل قلت من بنى اصمع قال من اين أقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن اى من بيت الله الحرام قال اتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله وفي السماء رزقكم قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل واد بر وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فاذا انا بمن يهتف بي بصوت دقيق فالتفت فاذا انا بالأعرابي قد نحل واصفر فسلم فاستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح فقال قد وجدنا ما وعد ربنا حقاثم قال وهل غير هذا فقرأت فو رب السماء والأرض انه لحق فصاح وقال يا سبحان الله من ذا الذي اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بالقول حتى إلجاؤه اليمين قالها ثلاثا وخرجت معه نفسه نسأل الله التوكل والاعتماد هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ تفخيم لشأن الحديث لانه استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماعه ومثله لا يكون الا فيما فيه فخامة وعظيم شأن وتنبيه على انه ليس مما علمه رسول الله عليه السلام بغير طريق الوحى إذ هو أمي لم يمارس الخط وقراءته ولم يصاحب اصحاب التواريخ ففيه اثبات نبوته قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير اى قد أتاك وقيل ان لم يأتك نحن نخبرك والضيف في الأصل مصدر ضافه إذا نزل به ضيفا ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان قال الراغب اصل الضيف الميل يقال ضفت الى كذا وأضفت كذا الى كذا والضيف من مال إليك نزولا بك وصارت الضيافة متعارفة في القرى كانوا اثنى عشر ملكا منهم جبرائيل وميكائيل وزقائيل

[سورة الذاريات (51) : الآيات 25 إلى 30]

وتسميتهم ضعيفا لانهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم ابراهيم او لانهم كانوا في حسبانه كذلك الْمُكْرَمِينَ صفة للضيف اى المكرمين عند الله بالعصمة والتأييد والاصطفاء والقربة والسفارة بين الأنبياء كما قال بل عباد مكرمون او عند ابراهيم بالخدمة حيث خدمهم بنفسه وبزوجته وايضا بطلاقة الوجه وتعجيل الطعام وبأنهم ضيف كريم لان ابراهيم أكرم الخليقة وضيف الكريم لا يكون الا كريما وفي الحديث من آمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه قيل إكرامه تلقيه بطلاقة الوجه وتعجيل قراه والقيام بنفسه في خدمته وقد جاء في الرواية ان الله تعالى اوحى الى ابراهيم عليه السلام أكرم اضيافك فأعد لكل منهم شاة مشوية فأوحى اليه أكرم فجعله ثورا فأوحى اليه أكرم فجعله جملا فأوحى اليه أكرم فتحير فيه فعلم ان إكرام الضيف ليس في كثرة الطعام فخدمهم بنفسه فأوحى اليه الآن أكرمت الضيف وقال بعض الحكماء لاعار للرجل ولو كان سلطانا ان يخدم ضيفه وأباه ومعلمه ولا تعتبر الخدمة بالاطعام (قال الشيخ سعدى) شنيدم كه مرديست پاكيزه بوم ... شناسا ورهرو در اقصاى روم من و چند سالوك صحرا نورد ... برفتيم قاصد بديدار مرد سر و چشم هر يك ببوسيد ودست ... بتمكين وعزت نشاند ونشست زرش ديدم وزرع وشاكرد ورخت ... ولى بى مروت چوبى بر درخت بخلق ولطف كرم رو مرد بود ... ولى ديكدانش قوى سرد بود همه شب نبودش قرار وهجوع ... ز تسبيح وتهليل ومار از جوع سحر كه ميان بست ودر باز كرد ... همان لطف دوشينه آغاز كرد يكى بد كه شيرين وخوش طبع بود ... كه با ما مسافر دران ربع بود مرا بوسه كفته بتصحيف ده ... كه درويش را توشه از بوسه به بخدمت منه دست بر كفش من ... مرا نان ده وكفش بر سر بزن إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ظرف للحديث فالمعنى هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه فَقالُوا سَلاماً اى نسلم عليك سلاما والفاء هناك اشارة الى انهم لم يخلوا بأدب الدخول بل جعلوا السلام عقيب الدخول قالَ ابراهيم سَلامٌ اى عليكم سلام يعنى سلام بر شما باد فهو مبتدأ خبره محذوف وترك العطف قصدا الى الاستئناف فكأن قائلا قال ماذا قال ابراهيم في جواب سلامهم فقيل قال سلام اى حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لان تحيتهم كانت بالجملة الفعلية الدالة على الحدوث حيث نصبوا سلاما وتحيته بالاسمية الدالة على دوام السلام وثباته لهم حيث عدل به الى الرفع بالابتداء قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يقال نكرت الرجل بكسر الكاف نكرا وأنكرته واستنكرته إذا لم تعرفه فالكل بمعنى وأصله ان يرد على القلب مالا يتصوره وذلك ضرب من الجهل قال تعالى فعرفهم وهم له منكرون كما فى المفردات اى قال ابراهيم في نفسه من غير أن يشعرهم بذلك هؤلاء قوم لا نعرفهم فهم منكرون عند كل أحد وقوله فنكرهم اى بنفسه فقط فأحدهما غير الآخر وكانوا على

[سورة الذاريات (51) : الآيات 26 إلى 29]

أوضاع وإشكال خلاف ما عليه الناس وقال ابو العالية أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض لان السلام لم يكن تحيتهم لانه كان بين أظهر قوم كافرين لا يحيى بعضهم بعضا بالسلام الذي هو تحية المسلمين (وقال الكاشفى) يعنى هركز چون شما قومى نديدم در صورت وقامت مرا بگوييد چهـ كسانيد ايشان كفته اند مهما نانيم فَراغَ إِلى أَهْلِهِ يقال راغ الى كذا اى مالى اليه سرا فالاختفاء معتبر في مفهوم الروغ اى ذهب إليهم على خفية من ضيفه فان من أدب المضيف أن يبادر بالقرى من غير ان يشعر به الضيف حذرا من أن يكفه الضيف ويعذره او يصير منتظرا (وحكى) انه نزل ببعض المشايخ ضيف فأشار الى مريد له بإحضار الطعام فاستبطأ فلما جاء سأله عن وجهه فقال المريد وجدت على السفرة نملا فتوقفت الى ان خرجت منها فقال الشيخ أصبت الفتوة ولما اطلع على هذه الحال بعض من هوا على حالا من ذلك الشيخ قال لم يصب الفتوة فان الأدب تعجيل القرى وحق الضيف أحق من حق النمل فكان الواجب على المريد أن يلقيها على الأرض ويجيئ بالسفرة مستعجلا فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ الفاء فصيحة مفصحة عن جمل محذوفة والباء للتعدية والعجل ولد البقرة لتصور عجلته التي تعدم منه إذا صار ثورا او بقرة والسمن لكونه من جنس السمن وتولده عنه والمعنى فذبح عجلا سمينا لانه كان عامة ماله البقر واختار السمين زيادة في إكرامهم فحنذه اى شواه فجاء به يعنى پس بياورد كوساله فربه بريان كرده فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد ليأكلوا فلم يأكلوا ولما رأى منهم ترك الاكل قالَ أَلا تَأْكُلُونَ منه إنكارا لعدم تعرضهم للاكل وحثا عليه (وروى) انهم قالوا نحن لا نأكل بغير ثمن قال ابراهيم كلوا واعطوا ثمنه قالوا وما ثمنه قال إذا أكلتم فقولوا بسم الله وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله فتجب الملائكة من قوله فلما رآهم لا يأكلون فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ الوجس الصوت الخفي كالايجاس وذلك في النفس اى أضمر في نفسه خِيفَةً اى خوفا فتوهم انهم أعداء جاؤا بالشر فان عادة من يحبي بالشر والضرر أن لا يتناول من طعام من يريد اضراره قال في عين المعاني من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك يقول الفقير يخالفه سلامهم فان المسلم لا بد وأن يكون من أهل السلم وقيل وقع في نفسه انهم ملائكة أرسلوا لعذاب قالُوا حين أحسوا بخوفه لا تَخَفْ انا رسل الله وقيل مسح جبريل العجل بجناحه فقام يمشى حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم وَبَشَّرُوهُ وبشارت ومژده دادند مر او را وفي سورة الصافات وبشرناه اى بواسطتهم بِغُلامٍ هو اسحق والغلام الطار الشارب والكهل ضده او من حين يولد الى أن يشب كما في القاموس عَلِيمٍ عند بلوغه واستوائه ولم تلد له سارة غيره فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ سارة لما سمعت بشارتهم الى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم قال ابن الشيخ فأقبلت الى أهلها وكانت مع زوجها في خدمتهم فلما تكلموا بولادتها استحيت وأعرضت عنهم فذكر الله ذلك بلفظ الإقبال على الأهل ولم يذكره بلفظ الأدبار عن الملائكة قال سعدى المفتى كذا في التفسير الكبير ولا يناسبه قوله كذلك قال ربك فانه يقتضى كونها عندهم فالاقبال إليهم فِي صَرَّةٍ

[سورة الذاريات (51) : آية 30]

حال من فاعل أقبلت والصرة الصيحة الشديدة يقال صر يصر صريرا إذا صوت ومنه صرير الباب وصرير القلم اى حال كونها في صيحة وهو صوت شديد وقيل صرتها قولها اوه اويا ويلتى اورنتها (وقال الكاشفى) در فرياد وميكفت الليلاء الليلاء اين كلمه بود در كفت ايشان كه وقت تعاظم امور بر زبان راندندى والصرة ايضا الجماعة المنضم بعضها الى بعض كأنهم صروا اى جمعوا في اناء وبها فسرها بعضهم اى أقبلت في جماعة من النساء كن عندها وهى واقفة متهيئة للخدمة فَصَكَّتْ وَجْهَها الصك ضرب الشيء بالشيء العريض يقال صكه اى ضربه شديدا بعريض او عام كما في القاموس اى لطمته من الحياء لما انها وجدت حرارة دم الحيض وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب وهى عادة النساء إذا أنكرن شيئا (وقال الكاشفى) پس طبانچهـ زد روى خود را چنانچهـ زنان در وقت تعجب كنند وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ اى انا عجوز عاقر لم ألد قط في شبابى فكيف ألد الآن ولى تسع وتسعون سنة سميت العجوز عجوزا لعجزها عن كثير من الأمور واصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل قال في القاموس العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد وفي عين المعاني العقيم من سد رحمها ومنه الداء العقام الذي لا يرجى برؤه وبمعناه العاقر وهى المرأة التي لا تحبل ورجل عاقر ايضا لمن لا يولد له وكانت سارة عقيما لم تلد قط فلما لم تلد في صغرها وعنفوان شبابها ثم كبر سنها وبلغت سن الإياس استبعدت ذلك وتعجبت فهو استبعاد بحكم العادة لا تشكك في قدرة الله سبحانه وتعالى قالُوا كَذلِكَ اى مثل ذلك الذي بشرناه قالَ رَبُّكِ وانما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا انا نقول من تلقاء أنفسنا فالكاف في كذلك منصوب المحل على انه صفة لمصدر قال الثانية اى لا تستبعدى ما بشرناه به ولا تتعجبى منه فانه تعالى قال مثل ما أخبرناك به إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ فيكون قوله حقا وفعله محكما لا محالة كسى كوبكار تو دانا بود ... بر إتمام او هم توانا بود بجز دركهش رومكن سوى كس ... مراد دل خويش ازو جوى وبس روى ان جبريل عليه السلام قال لها انظري الى سقف بيتك فنظرت فاذا جذوعه مورقة مثمرة فأيقنت ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع ابراهيم ايضا حسبما شرح فى سورة الحجر وانما لم يذكر هنا اكتفاء بما ذكر هناك كما انه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر هاهنا وفي سورة هود وفي الآية اشارة الى انه لا يجوز اليأس من فضل الله تعالى فان المقدور كائن ولو بعد حين وقد أورقت وأثمرت شجرة مريم عليها السلام ايضا وكانت يابسة كما مر في سورة مريم وقد اشتغل افراد في كبرهم ففاقوا على اقرانهم في العلم فبعض محرومى البداية مرزوقون في النهاية فمنهم ابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار قدس الله أسرارهم فانهم وان بعدوا عن الفطرة الاصلية بسبب الأحوال العارضة لكنهم لما سبقت العناية في حقهم انجذبوا الى الله فتقربوا لديه وأزالوا عن الفطرة الغواشي فمن استعجز قدرة الله تعالى فقد كفر واما قولهم الصوفي بعد الأربعين بارد فهو يحسب

[سورة الذاريات (51) : الآيات 31 إلى 36]

الغالب لان المزاج بعد الأربعين في الانحطاط لغلبة اليبوسة والبرودة لكن الله يحيى ويميت فيحيى في الكبر ما أماته في الصغر اى في حال الشباب ويميت في الكبر ما أحياء في الصغر بأن يميت النفس في الكبر بعد ما كانت حية في الشباب ويحيى القلب في الكبر بعد ما كان ميتا في الشباب ومن الله نرجو جزيل الفيض والعطاء الجزء السابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين قالَ ابراهيم عليه السلام لما علم انهم ملائكة أرسلوا لأمر فَما خَطْبُكُمْ اى شأنكم الخطير الذي لاجله أرسلتم سوى البشارة فان الخطب يستعمل في الأمر العظيم الذي يكثر في التخاطب وقلما يعبر به عن الشدائد والمكاره حتى قالوا خطوب الزمان ونحو هذا والفاء فيه للتعقيب المتفرع على العلم بكونهم ملائكة أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ اى فرستاده شدكان قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ متمادين في اجرامهم وآثامهم مصرين عليها وفي فتح الرحمن المجرم قاعل الجرائم وهى صعاب المعاصي والمراد بهم قوم لوط لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ اى بعد ما قلبنا قراهم وجعلنا عاليها سافلها حسبما فصل في سائر السور الكريمة حِجارَةً مِنْ طِينٍ اى طين متحجر وهو ما طبخ فصار في صلابة الحجارة وهو السجيل يعنى ان السجيل حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب عليها اسماء القوم ولو لم يقل من طين لتوهم ان المراد من الحجارة البرد بقرينة إرسالها من السماء فلما قيل من طين اندفع ذلك الوهم مُسَوَّمَةً مرسلة من سومت الماشية اى أرسلتها لترعى لعدم الاحتياج إليها قال سعدى المفتى فيه ان الظاهر حينئذ من عند ربك بإثبات من الجارة انتهى او معلمة للعذاب من السومة وهى العلامة او معلمة ببياض وحمرة او بسيما تتميز بها عن حجارة الأرض او باسم من يرمى بها ويهلك عِنْدَ رَبِّكَ فى خزآئنه التي لا يتصرف فيها غيره تعالى لِلْمُسْرِفِينَ اى المجاوزين الحد في الفجور إذ لم يقنعوا بما أبيح لهم من النسوان للحرث بل أتوا الذكران وعن ابن عباس اى للمشركين فان الشرك أسرف الذنوب وأعظمها فَأَخْرَجْنا الفاء فصيحة مفصحة عن محذوف كأنه قيل فباشروا ما أمروا به فأخرجنا بقولنا فأسر بأهلك إلخ فهو اخبار من الله وليس بقول جبريل (قال الكاشفى) چون ابراهيم معلوم فرمود كه بمؤتفكه مى روند بهلاك كردن قوم لوط دل مباركش بجهت برادر زاده متألم شد كه آيا حال او دران بلا چگونه كذرد ملائكه كفتند غم مخور كه لوط عليه السلام ودختران او نجات خواهند يافت وذلك قوله تعالى فأخرجنا مَنْ كانَ فِيها اى في قرى قوم لوط وهى خمس على ما في تفسير الكاشفى واضمارها بغير ذكرها لشهرتها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ من آمن بلوط فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ اى غير اهل بيت مِنَ الْمُسْلِمِينَ قيل هم لوط وابنتاه واما امرأته فكانت كافرة واليه الاشارة (بقول الشيخ سعدى)

[سورة الذاريات (51) : الآيات 37 إلى 41]

با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد وقيل كان لوط واهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر وگفته اند يك كس از ان قوم بلوط ايمان آورده بود در مدت بيست سال قال العلماء يأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع ولم يتبع ودعا فلم يجب وذلك لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة وفي الآية اشارة الى ان المسلم والمؤمن متحدان صدقا وذاتا لا مفهوما والمسلم أعم من المؤمن فانه ما من مؤمن الا وهو مسلم من غير عكس والعام والخاص قد يتصادقان في مادة واحدة وقال بعضهم الايمان هو التصديق بالقلب اى إذعان الحكم المخبر وقبوله وجعله صادقا والإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول الاحكام والإذعان وهذا حقيقة التصديق كما لا يخفى على من له ادنى عقل وتأمل وانكار ذلك مكابرة وَتَرَكْنا فِيها اى في تلك القرى آيَةً علامة دالة على ما أصابهم من العذاب هى تلك الحجارة او ماء أسود منتن خرج من ارضهم لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ اى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فانهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية كما شاهدنا اكثر الحجاج حين المرور بمدائن صالح عليه السلام وكان عليه السلام يبكى حين المرور بمثل هذه المواضع وينكس رأسه ويأمر بالبكاء والتباكي ودلت الآية على كمال قدرته تعالى على إنجاء من يؤيد دينه والانتقام من أعدائه ولو بعد حين وعلى ان المعتبر في باب النجاة والحشر مع اهل الفلاح والرشاد هو حبهم وحسن اتباعهم وهو الاتصال المعنوي لا الاختلاط الصوري والا لجنت امرأة نوح ولوط وقد قال تعالى في حقهما ادخلا النار مع الداخلين فعلى العاقل باتباع الكامل والاحتراز عن اهل الفساد والقصور سيما الناقصات في العقل والدين والشهادة والميراث والنفسانية والشيطانية غالبة فيهن فاذا اقترن بمضل آخر فسدن وفي الآية اشارة الى ان القوم المجرمين المسرفين هم النفس وصفاتها الذميمة والاذكار والأوراد والمجاهدات والرياضات مهلكة للنفس وأوصافها وليس في مدينة الشخص الإنساني من المسلمين الا القلب السليم وأوصافه الحميدة فهى سالمة من الهلاك وإذا أهلكت النفس وأوصافها بما ذكر يكون تزكيتها وتهذيب أخلاقها آية وعبرة للذين يخافون العذاب الأليم بوعيد قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ثم هذه التزكية وان كان حصولها في الخارج بالأسباب والوسائط لكنها فى الحقيقة فضل من الله سبحانه والا لنالها كل من تشبث بالأسباب نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من اهل النفوس المطمئنة الراضية المرضية الصافية وَفِي مُوسى عطف على قوله وفي الأرض آيات للموقنين فقصة ابراهيم ولوط عليهما السلام معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تسلية لرسول الله عليه السلام من تكذيبهم ووعدا له باهلاك أعدائه الأفاكين كما أهلك قوم لوط او على قوله وتركنا فيها آية على معنى وجعلنا في إرسال موسى الى فرعون وانجائه مما لحق فرعون وقومه من الغرق آية كقول من قال علفتها تبنا وماء باردا اى وسقيتها ماء

[سورة الذاريات (51) : الآيات 39 إلى 40]

باردا والا فقوله في موسى لا يصح كونه معمولا لتركنا إذ لا يستقيم أن يقال تركنا في موسى آية كما يصح أن يقال تركنا في تلك القرية آية لان الترك ينبئ عن الإبقاء فاذا لم يبق موسى كيف يبقى ما جعل فيه إِذْ أَرْسَلْناهُ منصوب بآية محذوفة اى كائنة وقت أرسلنا وعلى الثاني ظرف لجعلنا المقدر إِلى فِرْعَوْنَ صاحب مصر بِسُلْطانٍ مُبِينٍ هو ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة كالعصا واليد البيضاء وغيرهما والسلطان مصدر يطلق على المتعدد فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ اى ثنى عطفه وهو كناية عن الاعراض اى فأعرض عن الايمان به وازور فالتولى بمعنى الاعراض والباء في بركنه للتعدية كما في قوله ونأى بجانبه فانها معدية لنأى بمعنى بعد فيكون الركن بمعنى الطرف والجانب والمراد بهما نفسه فانه كثيرا ما يعبر بطرف الشيء وجانبه عن نفسه وفي الصحاح ركن الشيء جانبه الا قوى كالمنكب بالنسبة الى الإنسان وقيل فتولى بما يتقوى به من ملكه وعساكره فان الركن اسم لما يركن اليه الإنسان وليكن من مال وجند وقوة فالركن مستعار لجنوده تشبيها لهم بالركن الذي يتقوى به البنيان وعلى هذه الباء للسببية او للملابسة والمصاحبة وَقالَ هواى موسى ساحِرٌ جادوست بچشم بندى خوارق عادات مينمايد أَوْ مَجْنُونٌ او ديوانه است عاقبت كار خود نمى انديشد والمجنون ذو الجنون وهو زوال العقل وفساده كأنه نسب ما ظهر على يديه من الخوارق العجيبة الى الجن وتردد في انه حصل باختياره وسعيه او بغيرهما وقال ابو عبيدة او بمعنى الواو إذ نسبوه إليهما جميعا كقوله الى مائة الف او يزيدون محققان كفته اند طعن وى بر موسى دليل كما جهل اوست چهـ او را بد و چيز متضاد طعن زد ومقررست كه سحر را عقلى تمام وذهنى دراك وحذاقتى وافر بايد وديوانكى دليل زوال عقلست وكمال عقل وزوال ان ضدانندأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به اى فطرحناهم في بحر القلزم مع كثرتهم كما يطرح أحدكم فيه حصيات أخذهن فى كفه لا يبالى بها وبزوالها عنه هُوَ مُلِيمٌ اى أخذناه والحال انه آت بما يلام عليه صغيره او كبيرة إذ كل صاحب ذنب ملوم على مقدار ذنبه (قال الكاشفى) مليم مستحق ملامت بود يا ملامت كنند خود را كه چرا اعراض كردم از موسى وبر وطعنه زدم وبدين سبب كفت آمنت انه إلخ بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش وفي الآية اشارة الى موسى القلب إذ أرسله الله الى فرعون النفس بسلطان وهو عصا لا اله الا الله مبين اعجازها بأن تلقف ما يأفكون من سحر تمويهات سحرة صفات فرعون النفس فاعرض عن رؤية الاعجاز والايمان بجميع صفاته فأهلكه الله في يم الدنيا والقهر والجلال ونعوذ بالله من غضب الملك المتعال وقد كان ينسب موسى القلب الى السحر او الجنون فان من خالف أحدا فهو عنده مجنون وليس موسى القلب مجنونا بل مجذوبا والفرق بينهما ان المجنون ذهب عقله باستعمال مطعوم كونى او غير ذلك والمجذوب ذهل عقله لما شاهد

[سورة الذاريات (51) : آية 41]

من عظم قدرة الله تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهوده عاكف بحضرته متنزه في جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم في ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون واراده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له في نفسه مادام في ذلك الحال ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعي كسائر الحيوانات ومنهم من لا يدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الإنسان وذلك هو صاحب القدم المحمدي فانه صلّى الله عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ما أوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لا يطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر الله تعالى هر كه كرد ار جام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درونه عقل وهوش وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم في الدنيا حكم الحيوان ينال جميع ما يطلب حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بي ان كان شقيا فذاهب العقل معدود في الأموات لذهاب عقله معدود في الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى الله عنهم واكثر المجانين من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكاشفون الأمور الغيبية والأحوال الملكوتية ويشاهدون ما خفى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل إذ لا يتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئهم قبله ثم يتعسر ادخالهم في دائرة العقل الا ان أراد الله تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثاني من احوال اهل البدية والله الغالب على امره وَفِي عادٍ اى وفي قوم هود آيات ان كان معطوفا على وفي الأرض او وجعلنا فيهم آية على تقدير كونه معطوفا على قوله وتركنا فيها آية إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ اى على أنفسهم أصالة وعلى دورهم وأموالهم وأنعامهم تبعا الرِّيحَ الْعَقِيمَ العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد كما في القاموس وصفت بالعقم لانها أهلكتهم وقطعت دابرهم فالعقيم بمعنى المعقم او العاقم وفيه استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم باعقام النساء التي لا يلدن ولا يعقبن ثم اطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم او وصفت به لانها لم تتضمن خيرا ما من إنشاء مطر او القاح شجره يعنى شبه عدم تضمنها منفعة بعقم المرأة ثم اطلق عليه فالعقيم بمعنى الفاعل من اللازم وفي بحر العلوم ولعله سماها عقيما لانها كانت سبب قطع الأرحام من أولاده بإهلاكها إياهم وقطعها دابرهم وهى من رياح العذاب والهلاك وهى النكباء على قول على رضى الله عنه وهى التي انحرفت ووقعت بين ريحين او بين الصبا والشمال وهى الدبور على قول ابن عباس رضى الله عنهما ويؤيده

[سورة الذاريات (51) : الآيات 42 إلى 46]

قوله عليه السلام نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور وهى ريح تقابل الصبا اى ريح تجيئ من جانب المغرب فان الصبا تجيئ من جانب المشرق وقال ابن المسيب الريح العقيم هى الجنوب مقابل الشمال وهى ريح تجيئ من شمال من يتوجه الى المشرق ما تَذَرُ اى ما تترك يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا وأصله وذره يذره نحو وسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ اى جرت عليه من أنفسهم ودورهم وأموالهم وأنعامهم إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ كالشيء البالي المتفتت فهو كل مارم وبلى وتفتت من عظم او نبات او غير ذلك وبالفارسية مثل كياه خشك يا استخوان كهنه شده ريزيده وفي القاموس رم العظم يرم رمة بالكسر ورما ورميما وارم بلى فهو رميم وفي المفردات الرمة بالكسر تختص بالعظم والرمة بالضم بالحبل البالي والرم بالكسر بالفتات من الخشب والحشيش والتبن وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما أرسل على عاد من الريح الأمثل خاتمى هذا يعنى ان الريح العقيم تحت الأرض فأخرج منها مثل ما يخرج من الخاتم من الثقب فأهلكهم الله به وفيه اشارة الى شدة تلك الريح وأشير بكونها تحت الأرض الى ريح الهوى التي تحت ارض الوجود فهى ايضا شديدة جدا فانها حيث هبت تركت الديار بلاقع وايضا هى ريح جلال الله تعالى وقهره فانها إذا هبت تميت النفوس عن أوصافها فلا يبقى منها شيء فالعقيم فى بر الجسد والعاصف والقاصف في بحر الروح وكان عليه السلام يتعوذ بالله تعالى حين تهب الرياح الشديدة فليتعوذ العاقل من المهلكات فانه إذا هلكت النفس بالهلاك الصوري قبل الكمال خسرت التجارة وكذا إذا هلك القلب فان حياة المرء حينئذ لا فائدة فيها سؤال كردند از حسن بصرى رحمه الله كه يا شيخ دلهاى ما خفته است سخن تو در وى كار واثر نمى كند چهـ كنيم كفت كاشكى خفته بودى كه خفته را بجنبانى بيدار شود اما دلهاى شما مرده است كه هر چند مى جنبانى بيدار نمى گردد (قال المولى الجامى) اى بمهد بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير پيش از ان كت أجل كند بيدار ... كر نمردى ز خواب سر برادر قال محمد بن حامد رحمه الله وكان جالسا عند احمد بن حضرويه وهو في النزع وقد اتى عليه خمس وتسعون سنة هو ذا يفتح لى الساعة لا أدرى أيفتح بالسعادة أم بالشقاوة وعن خلف بن سالم رحمه الله قال قلت لأبى على بن المعتوه اين مأواك قال دار يستوى فيها العزيز والذليل قلت واين هذه الدار قال المقابر قلت أما تستوحش في ظلمة الليل قال انى اذكر ظلمة اللحود ووحشتهن فتهون على ظلمة الليل قلت له فربما رأيت في المقابر شيئا تنكره قال ربما ولكن في هول الآخرة ما يشغل عن هول المقابر ووجد مكتوبا على بعض القبور مقيم الى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب يزيد بلاء كل يوم وليلة ... ويبلى كما تبلى وأنت حبيب وَفِي ثَمُودَ اى وفي قوم صالح آيات او وجعلنا فيهم آية إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا اى انتفعوا بالحياة الدنيا حَتَّى حِينٍ الى وقت نزول العذاب وهو آخر ثلاثة ايام الأربعاء

[سورة الذاريات (51) : الآيات 44 إلى 46]

والخميس والجمعة فانهم عقروا الناقة يوم الأربعاء وهلكوا بالصيحة يوم السبت وقد فسر بقوله تمتعوا في داركم ثلاثة ايام قيل قال لهم صالح عليه السلام تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب فكان كذلك وانما تبدلت ألوانهم بما ذكر لانهم كانوا كل يوم في الترقي الى سوء الحال ولا شك ان الأبيض يصير اصفر ثم احمر ثم اسود والسواد من ألوان الجلال والقهر وايضا لون جهنم فانها سوداء مظلمة فعند الهلاك صاروا الى لون جهنم لانها مقرهم ونعوذ بالله منها فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى فاستكبروا عن الامتثال به وبالفارسية پس سر كشيدند از فرمان آفريدگار خود وبتدارك كار خود مشغول نكشتند يقال عتا عتوا وعتيا وعتيا استكبر وجاوزا لحد فهو عات وعتى وامر ربهم هو ما أمروا به على لسان صالح عليه السلام من قوله اعبدوا الله وقوله فذروها تأكل في ارض الله او شأن ربهم وهو دينه او صدر عتوهم عن امر ربهم وبسببه كان امر ربهم بعبادته وترك الناقة كان هو السبب في عتوهم كما في بحر العلوم والفاء ليست للعطف على قيل لهم فان العتو لم يكن بعد التمتع بل قبله وانما هو تفسير وتفصيل لما أجمله في قوله وفي ثمود إلخ فانه يدل اجمالا على انه تعالى جعل فيهم آية ثم بين وجه الآية وفصلها قال في شرح الرضى ان الفاء العاطفة للجمل قد تفيد كون المذكور بعدها كلاما مرتبا على ما قبلها فى الذكر لا ان مضمونها عقيب مضمون ما قبلها في الزمان فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ قيل لما رأوا العلامات التي بينها صالح من اصفرار وجوههم واحمرارها واسودادها عمدوا الى قتله عليه السلام فنجاه الله الى ارض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالانطاع فأتتهم صيحة جبريل عليه السلام كما صرح بها في قوله وأخذ الذين ظلموا الصيحة فهلكوا فالمراد بالصاعقة الصيحة لا حقيقتها وهى نار تنزل من السماء فتحرق ما أصابته وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وقال بعضهم اهلكوا بالصاعقة حقيقة بأن جاءت نار من السماء فأهلكتهم جميعا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إليها ويعاينونها لانها جاءتهم معاينة بالبهار فينظرون من النظر بالعين وفيه ترجيح لكون المراد بالصاعقة حقيقة النار لانها حين ظهرت رأوها بأعينهم والصيحة لا ينظر إليها وانما تسمع بالاذن والظاهر ان الصاعقة لا تنافى أن يكون معها صيحة جبريل وقيل هو من الانتظار اى ينتظرون ما وعدوا به من العذاب حيث شاهدوا علامات نزوله من تغير ألوانهم في تلك الأيام ويقال سمعوا الصيحة وهم ينظرون اى يتحيرون فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ كقوله تعالى فاصبحوا في دارهم جاتمين اى لاصقين بمكانهم من الأرض لا يقدرون على الحركة والقيام فضلا عن الهرب فالقيام ضد القعود وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ بغيرهم كما لم يمتنعوا بأنفسهم قال قى تاج المصادر الانتصار داد بستدن وَقَوْمَ نُوحٍ اى وأهلكنا قوم نوح فان ما قبله يدل عليه ويجوز أن يكون منصوبا باذكر المقدر مِنْ قَبْلُ اى من قبل هؤلاء المهلكين إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ خارجين عن الحدود فيما كانوا فيه من الكفر والمعاصي وهو علة لاهلاكهم واعلم ان الله تعالى قد أرسل الرسل وشرع الشرائع

وحد الحدود فمتى تعديت الحد الذي حد لك الشارع صرت فاسقا وأطعت الشيطان وتنحى عنك عند العصيان الملك المؤيد للمؤمنين فاذا وكل العبد الى نفسه والى الشيطان فقد هلك وكل نار وعذاب وبلاء فانما يأتى من الداخل لا من الخارج إذ لا خارج من وجود الإنسان فالعذاب صورة أوصافه وأفعاله وأخلاقه عادت اليه حين عصى الله تعالى وكذا الثواب صورة ذلك عادت اليه حين أطاع الله تعالى فان قلت كل ذلك إذا كان من احوال العين الثابتة للعبد فكل عبد فانما يمر على طريقه في الهداية والضلالة فما معنى دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء قلت تلك الدعوة ايضا من احوال اعيان المدعوين فخلاف المخالفين وان كان من التجلي لكن حقائق الأنبياء اقتضت التجلي بموافقة التجلي من وجه والرد عليه من آخر فكان أمرهم حيرة فلو كانوا يخدمون التجلي مطلقا لما ردوا على أحد فاذا ورد الأمر التكليفي فاما أن يوافقه الأمر الإرادي اولا فان وافقه فالمكلف منتقل من دائرة الاسم المضل الى دائرة الاسم الهادي وذلك الانتقال من احوال عينه وان لم يوافقه فمعنى التكليف انه من احوال عينه ولا بد وايضا فيه تمييز الشقي من السعيد وبالعكس فاعرف هذه الجملة تسعد واجتهد حتى ينقلك الله من دائرة الحانب الى دائرة الأحباب ولا تغتر بكثرة الدنيا وطول العمر كما فعل الكفار والفساق حتى لا يحل بك ما حل بهم من الصاعقة والطوفان مع ان صاعقة الموت وطوفان الحوادث لا بد وان تحل بكل أحد بحيث لا يستطيع القيام من مكانه فيموت في مقامه قال الشيخ سعدى في البستان كهن سالى آمد بنزد طبيب ... ز ناليدنش تا بمردن قريب كه دستم برك برنه اى نيك راى ... كه پايم همى بر نيايد ز جاى بدان ماند اين قامت جفته ام ... كه كويى بكل در فرو رفته ام بدو كفت دست از جهان در كسل ... كه پايت قيامت برايد ز كل نشاط جوانى ز پيران مجوى ... كه آب روان باز نايد بجوى اگر در جوانى زدى دست و پاى ... در ايام پيرى بهش باش وراى چودوران عمر از چهل در كذشت ... مزن دست و پاكابت از سرگذشت نشاط از من آنكه رميدن كرفت ... كه شامم سپيده دميدن كرفت ببايد هوس كردن از سر بدر ... كه روز هوسبازى آمد بسر بسبزى كجا تازه كردد دلم ... كه سبزه بخواهد دميد از كلم تفرج كنان در هوا وهوس ... گذشتيم بر خاك بسيار كس كسانيكه ديكر بغيب اندراند ... بيايند وبر خاك ما بگذرند دريغا كه فصل جوانى برفت ... بلهو ولعب زندگانى برفت دريغا چنين روح پرور زمان ... كه بگذشت بر ما چوبرق يمان ز سود اى آن پوشم واين خورم ... نپرداختم تا غم دين خورم دريغا كه مشغول باطل شديم ... ز حق دور مانديم وغافل شديم

[سورة الذاريات (51) : الآيات 47 إلى 54]

چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار اى ضاع زماننا ومضى بلا فائدة وَالسَّماءَ بَنَيْناها نصب السماء على الاشتغال اى وبنينا السماء بنيناها حال كوننا ملتبسين بِأَيْدٍ اى بقوة فهو حال من الفاعل او ملتبسة بقوة فيكون حالا من المفعول ويجوز ان تكون الباء للسببية اى بسبب قدرتنا فتتعلق ببنيناها لا بالمحذوف والقوة هنا بمعنى القدرة فان القوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف والله تعالى منزه عن ذلك والقدرة هى الصفة التي بها يتمكن الحي من الفعل وتركه بالارادة (قال الكاشفى) بقوت الوهيت وكفته اند بقدرتي بر آفرينش داشتيم يقال آد يئيد أيدا اى اشتد وقوى قال في القاموس الآد الصلب والقوة كألايد وآيدته مؤايدة وأيدته تأييدا فهو مؤيد قويته انتهى قال الراغب ولما في اليد من القوة قيل انا يدك وأيدتك قويت يدك وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الاتفاق قال في تاج المصادر الايساع توانكر شدن وتمام فراسيدن ويقال أوسع الله عليك اى أغناك انتهى فيكون قوله وانا لموسعون حالا مؤكدة او تذييلا اثباتا لسعة قدرته كل شيء فضلا عن السماء او لموسعون السماء اى جاعلوها واسعة او ما بينها وبين الأرض او الرزق على خلقنا لقوله تعالى وفي السماء رزقكم وفيه اشارة الى ان وسعة البيت والرزق من تجليات الاسم الواسع وَالْأَرْضَ اى وفرشنا الأرض فَرَشْناها مهدناها وبسطناها من تحت الكعبة مسيرة خمسمائة عام ليستقروا عليها ويتقلبوا كما يتقلب أحدهم على فراشه ومهاده فَنِعْمَ الْماهِدُونَ اى نحن وهو المخصوص بالمدح المحذوف اى هم نحن فحذف المبتدأ والخبر من غير أن يقوم شيء مقامهما وقد اختلف القدماء في هيئة الأرض وشكلها فذكر بعضهم انها مبسوطة مستوية السطح في اربع جهات المشرق والمغرب والجنوب والشمال وزعم آخرون انها كهيئة المائدة ومنهم من زعم انها كهيئة الطبل وذكر بعضهم انها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة وان السماء مركبة على أطرافها وزعم قوم ان الأرض مقعرة وسطها كالجام والذي عليه الجمهور ان الأرض مستديرة كالكرة وان اسماء محيطة بها من كل جانب احاطة البيضة بالمح فالصغرة بمنزلة الأرض وبياضها بمنزلة السماء وجلدها بمنزلة السماء الاخرى غير ان خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هى مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر في الوهم وجه الأرض لادى الى الوجه الآخر ولو ثقب مثلا ثقب بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين واختلف في كمية عدد الأرضين فروى في بعض الاخبار ان بعضها فوق بعض وغلظ كل ارض مسيرة خمسمائة عام حتى عد بعضهم لكل ارض أهلا على صفة وهيئة عجبة وسمى كل ارض باسم خاص كما سمى كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم ان في الأرض الرابعة حيات اهل النار وفي الأرض السادسة حجارة اهل النار وعن عطاء بن يسار في قوله تعالى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن قال في كل ارض آدم كآدمكم ونوح مثل نوحكم وابراهيم مثل ابراهيمكم وليس هذا القول بأعجب من قوله الفلاسفة ان الشموس شموس كثيرة والأقمار أقمار كثيرة ففى كل إقليم شمس وقمر ونجوم وقالت القدماء الأرض

[سورة الذاريات (51) : آية 49]

سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الأقاليم لا على المطابقة والمكابسة واهل النظر من المسلمين يميلون الى هذا القول ومنهم من يقول سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقي ويزعم بعضهم ان الأرض مقسومة لخمس مناطق وهى المنطقة الشمالية والجنوبية والمستوية والمعتدلة والوسطى واختلفوا في مبلغ الأرض وكميتها فروى عن مكحول انه قال ما بين أقصى الدنيا الى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك في البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيها يأجوج ومأجوج وعشرون فيها سائر الخلق وعن قتادة قال الدنيا اربعة وعشرون الف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر الف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم والترك ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب الف فرسخ وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ربع من لا يلبس الثياب من السودان اكثر من جميع الناس وقال بطليموس بسيط الأرض كلها مائة واثنان وثلاثون الف الف وستمائة الف ميل فتكون مائتى الف وثمانية وثمانين الف فرسخ فان كان حقا فهو وحي من الحق واو الهام وان كان قياسا واستدلالا فهو قريب من الحق ايضا واما قوله قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني الذي يقطع على الغيب به كذا في خريدة العجائب وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ اى من أجناس الموجودات فالمراد بالشيء الجنس وقيل من الحيوان خَلَقْنا زَوْجَيْنِ صنفين ونوعين مختلفين كالذكر والأنثى والسماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والصيف والشتاء والبر والبحر والسهل والجبل والانس والجن والنور والظلمة والأبيض والأسود والدنيا والآخرة والايمان والكفر والسعادة والشقاوة والحق والباطل والحلو والمر والموت والحياة والرطب واليابس والجامد والنامي والمدر والنبات والناطق والصامت والحلم والقهر والجود والبخل والعر والذلة والقدرة والعجز والقوة والضعف والعلم والجهل والصحة والسقم والغنى والفقر والضحك والبكاء والفرح والغم والفوق والتحت واليمين والشمال والقدام والخلف والحرارة والبرودة وهلم جرا قال الراغب يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوان المتزاوج زوج ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج كالخف والنعل ولكل ما يقترن بالآخر مماثلا له او مضادا زوج وفي قوله ومن كل شيء خلقنا زوجين تنبيه على ان الأشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة وان لا شيء يتعرى منها إذا لاشياء كلها مركبة من تركيب يقتضى كونه مصنوعا وانه لا بد له من صانع تنبيها على انه تعالى هو الفرد فبين بقوله ومن كل شيء إلخ ان كل ما في العالم فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركيبا ما بل لا ينفك من وجه من تركب وانما ذكر هاهنا زوجين تنبيها على انه وان لم يكن له ضد ولا مثل فانه لا ينفك من تركب صورة ومادة وذلك زوجان قال الخراز قدس سره اظهر معنى الربوبية والوحدانية بأن خلق الأزواج ليخلص له الفردانية لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ اى فعلنا ذلك كله من البناء والفرش وخلق الأزواج كى تتذكروا فتعرفوا انه خالق الكل ورازقه وانه المستحق للعبادة وانه قادر على إعادة الجميع فتعملوا بمقتضاه وبالفارسة باشد كه شما پند پذير شويد ودانيد كه وحدانيت از خواص

[سورة الذاريات (51) : الآيات 50 إلى 51]

ممكنات نيست ومن واجب بالذاتم وواجب قابل تعدد وانقسام نيست ذاتش از قسمت وتعدد پاك ... وحدت او مقدس از اشراك از عدد دم مزن كه او فردست ... كى عدد بهر فرد در خور دست احدست وشمار از ومعزول ... صمدست وتبار از ومخذول وفيه اشارة الى انه تعالى خلق لكل شيء من عالم الملك وهو عالم الأجسام زوجا من عالم الملكوت وهو عالم الأرواح ليكون ذلك الشيء الجسماني قائما بملكوته وملكوته قائما بيد القدرة الالهية لعلكم تذكرون انكم بهذا الطريق جئتم من الحضرة وبهذا الطريق ترجعون الى الله سبحانه فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ اى قول لقومك يا محمد إذا كان الأمر كذلك فاهربوا الى الله الذي هذه شؤونه بالايمان والطاعة كى تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه يعنى ان في الأمر بالايمان وملازمة الطاعة بلفظ الفرار تنبيها على ان ورلء الناس عقابا يجب أن يفروا منه قال بعض الكبار يا أيها الذين فررتم من الله بتعلقات الكونين ففروا بنعت الشوق والمحبة والتجرد الى الله يقطع التعلقات عن الوجود وعما سواه تعالى مطلقا ومن صح فراره الى الله صح قراره مع الله وايضا ففروا منه اليه حتى تفنوا فيه قال فان الحادث لا يثبت عند رؤية القديم وقال سهل رضى الله عنه ففروا مما سوى الله الى الله ومن المعصية الى الطاعة ومن الجهل الى العلم ومن العذاب الى رحمة ومن سخطه الى رضوانه وقال محمد بن حامد رحمه الله حقيقة الفرار ما روى عن النبي عليه السلام انه قال والجأت ظهرى إليك وما روى عنه في حديث عائشة رضى الله عنها وأعوذ بك منك فهذه غاية الفرار منه اليه وقال الواسطي رحمه الله ففروا الى الله معناه لما سبق لهم من الله لا الى علمهم وحركاتهم وأنفسهم وسئل بعضهم عن قول النبي عليه السلام سافروا تصحوا قال سافروا إلينا تجدونا في أول قدم ثم قرأ ففروا الى الله هيچكس در تو نياويخت كه از خود نكريخت ... هيچكس با تو نه پيوست كه از خود نبريد وفي كشف الاسرار فرار مقامى است از مقامات روندكان ومنزلى از منازل دوستى كسى را كه اين مقام درست شود نشانش آنست كه همه نفس خود غرامت بيند همه سخن خود شكايت بيند همه كرده خود جنايت بيند اميد از كردار خود ببرد وبر اخلاص خود تهمت نهدوا كر دولتى آيد در راه وى از فضل حق بيند واز حكم ازل نه از جهد وكردار خود وهذا موت عن نفسه وهمه خلق زنده از مرده ميراث برد مكر اين طائفه كه مرده از زنده ميراث برد وفي الحديث من أراد أن ينظر الى ميت يمشى على وجه الأرض فلينظر الى ابى بكر إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ اى انى لكم من جهته تعالى منذر بين كونه منذرا منه تعالى بالمعجزات الباهرة او مظهر لما يجب إظهاره من العذاب المنذر به وفي امره للرسول عليه السلام بأن يأمرهم بالهرب اليه من عقابه وتعليله بانه عليه السلام ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار نفسه كانه قيل وفروا من ان تجعلوا معه تعالى اعتقادا او تقولوا الها آخر إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ

[سورة الذاريات (51) : الآيات 52 إلى 54]

اى من الجعل المنهي عنه نَذِيرٌ مُبِينٌ وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب اليه تعالى لكن لا بطريق التكرير بل بالنهى عن سببه وإيجاب الفرار منه قال في برهان القرآن الاول متعلق بترك الطاعة والثاني متعلق بالشرك بالله فلا تكرار وفي التأويلات النجمية ولا تجعلوا مع الله في المعرفة بوحدانيته الها آخر من النفوس والهوى والدنيا والآخرة فتعبدونها بالميل إليها والرغبة فيها فان التوحيد في الاعراض عنها وقطع تعلقاتها والفرار الى الله منها لان من صح فراره الى الله صح قراره مع الله وهذا كمال التوحيد انى لكم نذير مبين أخوفكم اليم عقوبة البعد وعذاب الاثنينية إذا أشركتم به في الوجود فانه لا يغفر ان يشرك به كَذلِكَ اى الأمر وهو امر الأمم السالفة بالنسبة الى رسلهم من ما ذكر من تكذيب قريش ومشركى العرب الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتسميتهم له ساحرا او مجنونا ثم فسره بقوله ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ من رسول الله إِلَّا قالُوا فى حقه هو ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ يعنى اگر معجزه بديشان نمود عمل او را سحر خواندند واگر از بعث وحشر خبر داد قول او را بسخن اهل جنون تشبيه كردند اى فلا تأس على تكذيب قومك إياك أَتَواصَوْا بِهِ انكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تفرق أزمانهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء فضلا عن التفوه بها في حق الأنبياء اى اوصى الأولون الآخرين بعضهم بعضا بهذا القول حتى اتفقوا عليه بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ إضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشر تواصيهم بذلك لبعد الزمان وعدم تلاقيهم في وقت واحد واثبات لكونه امرا أقبح من التواصي واشنع منه وهو الطغيان الشامل للكل الدال على ان صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمتقضى جبلته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم وفيه اشارة الى ان ارباب النفوس المتمردة من الأولين والآخرين مركوزة في جبلتهم طبيعة الشيطنة من التمرد والآباء والاستكبار فما أتاهم رسول من الأنبياء في الظاهر او من الإلهامات الربانية في الباطن الا أنكروا عليه وقالوا ساحر يريد أن يسحرنا او مجنون لا عبرة بقوله كأن بعضهم اوصى بعضهم بالتمرد والإنكار والجحود لانهم خلقوا على طبيعة واحدة بل هم قوم طاغون بأنهم وجدوا اسباب الطغيان من السعة والتنعم والبطر والغنى قال الشاعر ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمراء اى مفسده فعكسوا الأمر وكان ينبغى لهم ان يصرفوا العمر والشباب والغنى في تحصيل المطلوب الحقيقي (قال كما الحافظ) عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست ... چون جمع شد معانى كوى بيان توان زد فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا الا الإباء والاستكبار وبالفارسية پس روى بگردان از مكافات ايشان تا وقتى كه مأمور شوى بقتال وفي فتح الرحمن فتول عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات وقال الواسطي ردهم الى ما سبق عليهم في الأزل من السعادة والشقاوة فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على التولي بعد ما

[سورة الذاريات (51) : الآيات 55 إلى 60]

بذلت المجهود وجاوزت في الإبلاغ كل حد معهود واللوم والملامة العذل وبالفارسية نكوهيدن وقال بعض الكبار فتول عنهم فانك لا تهدى من أحببت منهم فما أنت بملوم بالعجز عن هدايتهم لانك مبلغ وليس إليك من الهداية شيء وقال بعضهم فتول عنهم بسيرك إلينا فما أنت بملوم فى إبلاغ رسالتك واشتغالك في الظاهر بهم واعلامهم بأسباب نجاتهم فأنت مستقيم لا يحجبنك إبلاغ الرسالة عن شهود العين وَذَكِّرْ اى افعل التذكير والموعظة ولا تدعهما بالكلية او فذكرهم وقد حذف الضمير لظهور الأمر فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ اى الذين قدر الله ايمانهم او الذين آمنوا بالفعل فانها تزيدهم بصيرة وقوة في اليقين يعنى بعناد كافران وجحود ايشان دست از تربيت مسلمانان باز مدار وهمچنان بر تذكير خود ثابت باش كه وعظ را فوائد بسيارست ومنافع بي شمار فان النصيحة تلين القلوب القاسية وفي الحديث (ما من مؤمن إلا وله ذنب قد اعتاده الفينة بعد الفينة) اى الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين (ان المؤمن خلق مفتونا ناسيا فاذا ذكر ذكر) وقال بعضهم ذكر المطيعين جزيل ثوابى وذكر العارفين ما صرفت عنهم من بلائي وقال بعضهم ذكر العاصين منهم عقوبتى ليرجعوا عن مخالفة امرى وذكر المطيعين جزيل ثوابى ليزداد وإطاعة وعبادة لى وذكر المحبين ما شاهدوا من أنوار جمالى وجلالى في الغيب وغيب الغيب ليزيد وافى بذل الوجود وطلب المفقود ودر فصول آورده كه كلام مذكور بايد كه بر ده خير مشتمل باشد تا سامعان را سودمند بود أول نعمت خداى تا ياد مردم دهد تا شكر كزارى نمايند دوم ثوابى محنت وبلا ذكر كند تا در ان شكيبايى ورزند سوم عقوبت كناهان بر شمرد تا از ان باز ايستند وتوبه كنند چهارم مكائد ووساوس شيطانى بيان فرمايد تا از ان حذر نمايند پنجم فنا وزوال وبى اعتبارى دنيا بر ايشان روشن كرداند تا دل درونه بندند ششم مركرا پيوسته ياد كند تا رفتن را آماده شوند هفتم قيامت را آماده وذكر آن بسيار كويد تا كار آن روز بسازند هشتم دركات دوزخ وانواع عقوبتهاى آن بيان كند تا از آن بترسند نهم درجات بهشت واقسام نعمتهاى آنرا بر شمارد تا بدان راغب كردند دهم بناى كلام بر خوف ورجانهد يعنى كاهى از عظمت وكبريا وهيبت الهى سخن راند تا از وى بترسند ووقتى از رحمت ومغفرت مهربانى او تقرير كند تا بوى اميدوار شوند پس هر موعظه كه مشتمل برين سخنانست منفعت مؤمنانست خصوصا إذا كان المذكر عاملا بما ذكرهم به غير ناس نفسه فان تأثيره أشد من تأثير تذكير الغافلين عالم كه كامرانى وتن پرورى كند ... او خويشتن كم است وكرا رهبرى كند وانما قلنا من تأثيره فانهم قالوا مرد بايد كه كيرد اندر كوش ... ور نوشتست پند بر ديوار فلا كلام الا فى الاستعداد والتهيؤ للاستماع ولذا قال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قرأ يعقوب ليعبدونى وكذا يطعمونى ويستعجلونى كما سيأتى بإثبات ياء المتكلم فيهن وصلا ووقفا وحذفها الباقون في الحالين والعبادة ابلغ من العبودية لان العبودية اظهار التذلل والعبادة غاية

التذلل ولا يستحقها الا من له غاية الإفضال قال بعض الكبار العبادة ذاتية للمخلوق لانها ذلة في اللغة العربية وانما وقع التكليف بالافعال المخصوصة التي هى العبادة الوصفية للتنبيه على تلك الذلة الذاتية حتى يتذللوا ويتخضعوا لربهم وخالقهم بالوجه المشروع ولعل تقديم خلق الجن في الذكر لتقدمه على خلق الانس في الوجود ومعنى خلقهم لعبادته تعالى خلقهم مستعدين لها أتم استعداد ومتمكنين منها أكمل تمكين مع كونها مطلوبة منهم بتنزيل ترتيب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الفرض على ما هو غرض له فان استتباع أفعاله تعالى لغايات جليلة مما لا نزاع فيه قطعا كيف لا وهى رحمة منه تعالى وتفضل على عباده وانما الذي لا يليق بجنابه تعالى تعليلها بالغرض بمعنى الباعث على الفعل بحيث لو لاه لم يفعل لافضائه الى استكماله بفعل وهو الكامل بالفعل من كل وجه واما بمعنى نهاية كمالية يفضى إليها فعل الفاعل الحق فغير منفى من أفعاله تعالى بل كلها جارية على ذلك المنهاج وعلى هذا الاعتبار يدر وصفه تعالى بالحكمة ويكفى في تحقق معنى التعليل على ما يقوله الفقهاء ويتعارفه اهل اللغة هذا المقدار وبه يتحقق مدلول اللام واما ارادة الفاعل لها فليست من مقتضيات اللام حتى يلزم من عدم صدور العبادة عن البعض تخلف المراد عن الارادة فان تعوق البعض عن الوصول الى الغاية مع تعاضد المبادي وتأخر المقدمات الموصلة إليها لا يمنع كونها غاية كما في قوله تعالى كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور ونظائره كذا في الإرشاد قال سعدى المفتى فاللام حينئذ على حقيقتها فتأمل انتهى والحاصل ان قوله الا ليعبدون اثبات السبب الموجب للحق فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا قال المولى رمضان فى شرح العقائد واستكماله تعالى بفعل نفسه جائز بل واقع فانه تعالى حين أوجد العالم قد استكمل بكمال الموجدية والمعروفية على ما نطق به قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اى ليعرفون وهو كمال إضافي يجوز الخلو عنه انتهى مقصود الهى از همه كمال جلا واستجلاست كه در انسان كامل جمعا وتفصيلا بظهور آمد ودر عالم تفصيلا فقط سؤال طلب ابن مقصود نه استكمالست كه مستدعى سبق نقصانست چنانكه اهل كلام ميكويند كه افعال الله معلل بأغراض نشايد بودن جواب آنچهـ محذورست استكمال بغير است واين استكمال بصفات خود است نه بغير كذا في تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره وكذا قال في بعض شروح الفصوص ان للحق سبحانه كمالا ذاتيا وكمالا اسمائيا وامتناع استكماله بالغير انما هو في الكمال الذاتي لا الاسمائى فان ظهور آثار الأسماء ممتنع بدون المظاهر الكونية انتهى (قال المولى الجامى) وجود قابل شرط كمال اسمائيست ... وگر نه ذات نباشد بغير مستكمل (وقال ايضا) اى ذات رفيع تو نه جوهر نه عرض ... فضل وكرمت نيست معلل بغرض يعنى حق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى از وجود عالم وعالميان مستغنيست كما قال تعالى والله هو الغنى و چون ظهور كمال أسمائي موقوفست بر وجود اعيان ممكنات پس آنرا إيجاد كرد

تا خود گردد بجمله أوصاف عيان ... واجب باشد كه ممكن آيد بميان ور نه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى چنانكه خود كرد بيان والاشاعرة أنكروا صحة توجيه تعليل افعال الله تعالى معنى وان كان واقعا لفظا تمسكا بأن الله تعالى مستغن عن المنافع فلا يكون فعله لمنفعة راجعة اليه ولا الى غيره لانه تعالى قادر على إيصال تلك المنفعة من غير توسيط العمل فلا يصلح أن يكون غرضا فعندهم لام التعليل يكون استعارة تبعية تشبيها لعبادة العباد بما يفرض علة لخلقه في الترتب عليه واكثر الفقهاء والمعتزلة قالوا بصحته لمنفعة عائدة الى عباده تمسكا بأن الفعل الخالي عن الغرض عبث والعبث من الحكيم محال كما في شرح المشارق لابن الملك رحمه الله قال ابن الشيخ استدلت المعتزلة بقوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون على ان افعال الله معللة بالأغراض وعلى ان مراد الله جائزان يختلف عن إرادته إذا كان المراد من الافعال الاختيارية للعباد وجه دلالته عليها هو ان وضع اللام لأن تدخل على ما هو غرض من الفعل فتكون العبادة غرضا من خلق الجن والانس والغرض يكون مرادا فينتج ان العبادة عرض من جميع الجن والانس وظاهر ان بعضا منهم لم يعبده فتخلف مراده عن إرادته وهو المطابق والجواب عن الاول انه لما دل الدليل القطعي على انه تعالى لا يفعل فعلا لغرض وجب أن يؤول اللام في مثل هذه المواضع بأن يقال ان الحكم والمصالح التي تترتب على فعله تعالى وتكون هى غاية له لما كانت بحيث لو صدر ذلك الفعل من غيره تعالى لكانت هى عرضا لفعله شبهت بالغرض الحقيقي فدخلت عليها اللام الدالة على الغرض لاجل ذلك التشبيه واطلق عليها اسم الغرض لذلك حتى قيل الغرض من خلق ما في الأرض انتفاع الناس به لقوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وهذا الحوأب انما يتأتى في اللام الداخلة على ما هو غاية مترتبة على الفعل ولا ينفع في قوله تعالى الا ليعبدون لان العبادة لم تكن غاية مترتبة على خلق كثير من الجن والانس حتى يقال انها شبهت بالغرض من حيث كون الفعل مؤديا إليها وكونها مترتبة عليها فاطلق عليها اسم الغرض ودخل عليها لام الغرض لذلك ولكنه لوتم لكان جوابا عن الاستدلال الثاني لانه مبنى على كون مدلول اللام غرضا في نفس الأمر وما كان غرضا على طريق التشبيه لا يكون مرادا فلا يلزم من عدم ترتبه على الفعل تخلف المراد عن الارادة فلا يتم الاستدلال وأشار المصنف الى جوابه بقوله لما خلقهم على صورة متوجهة الى العبادة مستعدة لها جعل خلقهم مغيا بها وتقريره ان العبادة ليست غاية مترتبة على خلقهما فضلا عن أن تكون غرضا ومرادا حتى يلزم من عدم ترتبها على خلقهما تخلف المراد عن الارادة وانما دخلت عليها اللام التي حقها ان تدخل على الغرض او على ما شبه به في كونه مترتبا على الفعل وحاملا عليه في الجملة تشبيها لها بالغاية المترتبة من حيث ان الجن والانس خلقوا على صورة متوجهة الى العبادة اى صالحة قابلة لها مغلبة اى قادرة عليها متمكنة منها وقد انضم الى خلقهم على تلك الصورة ان هدوا الى العبادة بالدلائل السمعية والعقلية فصاروا بذلك كأنهم خلقوا للعبادة وانها غاية مترتبة على خلقهم

فلذلك اطلق عليها اسم الغاية ودخلت عليها لام الغاية مبالغة في خلقهما على تلك الصورة ولما وجه الآية بإخراج اللام عن ظاهر معناها بجعلها للمبالغة في خلقهم بحيث تتأتى منهم العبادة أشار الى وجه العدول عن الظاهر بقوله ولو حمل على ظاهره لتطرق اليه المنع والابطال وللزم تعارض الآيتين لان من خلق منهم لجهنم لا يكون مخلوقا للعبادة انتهى ما في حواشى ابن الشيخ وقال في بحر العلوم اى وما خلقت هذين الفريقين الا لاجل العبادة وهى قيام العبد بما تعبد به وكلف من امتثال الأوامر والنواهي أو إلا لأطلب العبادة منهم وقد طلب من الفريقين العبادة في كتبه المنزلة على أنبيائه وهذا التقدير صحيح لا تقدير الارادة لان الطلب لا يستلزم المطلوب بخلاف الارادة كما تقرر في موضعه فيكون حاصله ما قال بعضهم فى تصوير المعنى الا ليؤمروا بعبادتي كما في قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا وهذا مستمر على مذهب اهل السنة فلو انهم خلقوا للعبادة ما عصوا طرفة عين لكنهم خلقوا للامر التكليفي الطلبى دون الأمر الإرادي والا لم يتخلف المراد عن الارادة ولما كان لعين العاصي الثابتة في الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه إليها الأمر التكليفي ولما لم يكن لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به لم يتحقق منها المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدة تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما وقيل المراد سعداء الجنسين كما ان المراد بقوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس اشقياؤهما ويعضده قراءة من قرأ وما خلقت الجن والانس المؤمنين بدليل ان الصبيان والمجانين مستثنون من عموم الآية بدليل قوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس قال ابن الملك فان قلت كيف تكون العبادة علة للخلق ولم تحصل تلك في اكثر النفوس قلنا يجوز أن يراد من النفوس نفوس المؤمنين لقرآءة ابن عباس رضى الله عنهما وما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وأن يراد مطلقها بأن يكون المراد بالعبادة قابلية تكليفها كما قال عليه السلام ما من مولود يولد الا على الفطرة واما ان أريد منها المعرفة فلا إشكال لانها حاصلة للكفرة ايضا كما قال الله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله انتهى وقال مجاهد واختاره البغوي معناه الا ليعرفون ومداره قوله عليه السلام فيما يحكيه عن رب العزة كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف ولعل السر في التعبير عن المعرفة بالعبادة على طريق اطلاق اسم السبب على المسبب التنبيه على ان المعتبر هى المعرفة الحاصلة بعبادته تعالى لا ما يحصل بغيرها كمعرفة الفلاسفة كما في الإرشاد وقال بعضهم لم أخلقهم الا لاجل العبادة باختيارهم لينالوا الشرف والكرامة عندى ولم اقسرهم عليها إذ لو قسرتهم عليها لوجدت منهم وأنا غنى عنهم وعن عبادتهم والحاصل انهم خلقوا للعبادة تكليفا واختيارا لا جبلة واجبارا فمن وفقه وسدده اقام العبادة التي خلق لها ومن خذله وطرده حرمها وعمل بما خلق له وفي الحديث اعملوا فكل ميسر لما خلق له كما في عين المعاني وقال الشيخ نجم الدين دايه في تأويلاته وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون لان درة معرفتى مودعة

فى صدف عبوديتى وان معرفتى تنقسم قسمين معرفة صفة جمالى ومعرفة صفة جلالى ولكل واحد منهما مظهر والعبودية مشتملة على المظهرين بالانقياد لها والتمرد عنها فمن انقاد لها بالتسليم والرضى كما أمر به فهو مظهر صفات جمالى ولطفى ومن تمرد عليها بالاباء والاستكبار فهو مظهر صفات جلالى وقهرى فحقيقة معنى قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اى خلقت المقبولين منهم ليعبدو الله فيكونوا مظهر صفات لطفه وخلقت المردودين منهم ليعبدوا الهوى فيكونوا مظهر صفات قهره هذا المعنى الذي أردت من خلقهم انتهى والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على التوحيد والعبادة والإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا ولا بد من الغضب لتكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فاقتضت الحكمة الالهية ظهور ما أضيف اليه كل من اليدين فللواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والجنان والاخرى القهر والغضب ولوازمهما وقد وجد كلا المقتضيين والمقصود الأصلي وجود الإنسان الكامل الذي هو مرآة جماله تعالى وكماله وقد وجد والسواد الأعظم هو الواحد على الحق وقال الواحدي مذهب أهل المعاني في الآية الا ليخضعوا لى ويتذللوا ومعنى العبادة في اللغة الذل والانقياد وكل مخلوق من الجن والانس خاضع لقضاء الله تعالى مذلل لمشيئته خلقه على ما أراد ورزقه كما قضى لا يملك أحد لنفسه خروجا عما خلق عليه وقال ابن عباس رضى الله عنهما الا ليقروا بالعبودية طوعا او كرها يعنى ان المؤمنين يقرون له طوعا والكافرون يقرون له بما جبلهم عليه من الخلقة الدالة على وحدانية الله وانفراده بالخلق واستحقاق العبادة دون غيره فالخلق كلهم بهذا له عابدون وعلى هذا قوله تعالى وله ما في السموات والأرض كل له قانتون على معنى ما يوجد منهم من دلائل الحدوث الموجبة لكونها مربوبة مخلوقة مسخرة كما فى التيسير فهذه جملة الأقوال في هذا الباب وفي خلقهم للعبادة بطريق الحصر اشارة الى ان الربوبية الله تعالى ان العبودية للمخلوقين وهى أخص اوصافهم حتى قالوا انها أفضل من الرسالة ولذا قال تعالى اسرى بعبده لا برسوله وقدم العبد في أشهد أن محمدا عبده ورسوله فمن ادعى الربوبية من المخلوق فليخذر من تهديد الآية وجميع الكمالات لله تعالى وان ظهرت من العبد فالعبد مظهر فقط والظاهر هو الله وكماله والعبادات عشرة اقسام الصلاة والزكاة والصوم والحج وقرءآة قرآن وذكر الله في كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وامراة محبة الله كما قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله (قال المولى الجامى) يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك كر نرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت تو مانده ام زير بار عصيان پست ... افتم از پاى اگر نكيرى دست فينبغى للعبد أن يعبد ربه ويتذلل لخالقه بأى وجه كان من الفرائض والواجبات والسنن

[سورة الذاريات (51) : آية 57]

والمستحبات على الوجه الذي أمره ان يقوم فيه فاذا كملت فرآئضه وكمالها فرض عليه فيتفرغ فيما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا يحقر شيأ من عمله فان الله ما احتقره حين خلقه وأوجبه فان الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به وإذا واظب على أداء الفرائض فانه يتقرب الى الله بأخب الأمور المقربة اليه وورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ما تقرب الى عبد بشيء أحب الى مما افترضته وما يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحببته فاذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويده التي بها يبطش ورجله بها يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته فالقرب الاول هو قرب الفرائض والقرب الثاني هو قرب النوافل فانظر الى ما تنتجه محبة الله من كون الحق تعالى قوى العبد من السمع والبصر واليد والرجل فواظب على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الالهية من الفرائض والنوافل ولا يصح نفل الا بعد تكملة الفرائض وفي النفل عينه فروض ونوافل فيما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الخير الصحيح انه تعالى يقول انظروا فى صلاة عبدى أتمها أم نقصها فان كانت تامة كتبت له تامة وان كان انتقص منها شيء قال انظروا هل لعبدى من تطوع فان كان له تطوع قال الله تعالى اكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم يؤخذ الأعمال على ذاكم وليست النوافل إلا ما لها اصل في الفرائض ومالا اصل له في فرض فذلك إنشاء عبادة مستقلة يسميها علماء الظاهر بدعة قال الله تعالى ورهبانية ابتدعوها وسماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة حسنة والذي سنها له أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء ولما لم يكن في قوة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروض ليجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النفل بحسب حكم الأصل ثم انها تشتمل على فرآئض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والافعال فرآئض فيها ثم اعلم ان أمرنا بالاقتداء بالنبي سنة حسنة فان لنا أجرها وأجر من عمل بها وإذا تركنا تسنينها اتباعا لكون رسول الله عليه السلام لم يسنها فان أجرك فى اتباعك له في ترك التسنين أعظم من أجرك في التسنين فان النبي عليه السلام كان يكره كثرة التكليف على أمته ومن سن فقد كلف وكان النبي عليه السلام اولى بذلك ولكن تركه تخفيفا فلهذا قلنا الاتباع في الترك اولى وأعظم اجرا من التسنين فاجعل حالك كما ذكرنا لك ولقد روى عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله انه ما أكل البطيخ فقيله له في ذلك فقال ما بلغني كيف كان رسول الله عليه السلام يأكله فلما لم تبلغ اليه الكيفية في ذلك تركه وبمثل هذا يقدم علماء هذه الامة على علماء سائر الأمم فهذا الامام علم وتحقق قوله تعالى عن نبيه عليه السلام فاتبعونى يحببكم الله وقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة والاشتغال بما سن من فعل وقول وحال اكثر من أن نحيطه به ونحصيه فكيف ان نتفرغ لنسن فلا تكلف الامة اكثر مما ورد ما أُرِيدُ مِنْهُمْ اى من الجن والانس في وقت من الأوقات مِنْ رِزْقٍ لى ولا لانفسهم ولا لغيرهم يحصلونه بكسبهم وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ

[سورة الذاريات (51) : آية 58]

ولا أنفسهم ولا غيرهم وأصله أن يطعمونى بياء المتكلم وهو بيان لكون شأنه تعالى مع عباده متعاليا عن ان يكون كسائر السادة مع عبيدهم حيث يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم وتهيئة أرزاقهم فان منهم من يحتاج الى كسب عبده في نيل الرزق ومنهم من يكون له مال وافر يستغنى به عن حمل عبده على الاكتساب لكنه يطلب من العبد قضاء حوائجه من طبخ الطعام وإصلاحه واحضاره بين يديه وهو تعالى مستغن عن جميع ذلك ونفع العباد وغيره انما يعود عليهم والمعنى ما أريد ان اصرفهم في تحصيل رزقى ولا رزقهم ولا في تهيئة بل أتفضل عليهم برزقهم وبما يصلحهم ويعيشهم من عندى فليشتغلوا بما خلقوا له من عبادتى وفي الآية تعريض بأصنامهم فانهم كانوا يحضرون لها المآكل فربما اكلتها الكلاب ثم بالت على الأصنام ثم لا يصدهم ذلك وهذه الآية دليل على ان الرزق أعم من الاكل كما في تفسير المناسبات وقال بعضهم معنى ان يطعمون ان يطعموا أحدا من خلقى وانما أسند الإطعام الى نفسه لان الخلق عيال الله ومن اطعم عيال أحد فقد أطعمه كما جاء في الحديث يقول الله استطعمتك فلم تطعمنى اى لم تطعم عبدى وذلك ان الاستطعام وسؤال الرزق يستحيل في وصف الله إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ تعليل لعدم ارادة الرزق منهم وهو من قصر الصفة على الموصوف اى لا رزاق الا الله الذي يرزق كل ما يفتقر الى الرزق وفيه تلويح بأنه غنى عنه ذُو الْقُوَّةِ على جميع ما خلق تعليل لعدم إرادته منهم أن يعملوا ويسعوا في إطعامه لان من يستعين بغيره في أموره يكون عاجرا لا قوة له الْمَتِينُ الشديد القوة لان القوة تمام القدرة والمتانة شدتها وهو بالرفع على انه نعت للرزاق او لذو او خبر بعد خبر وفي التأويلات النجمية ان الله هو الرزاق لجميع الخلائق ذو القوة المتين في خلق الأرزاق والمرزوقين وفي المفردات القوة تستعمل تارة في معنى القدرة وتارة للتهئ الموجود في الشيء وتارة في البدن وفي القلب وفي المعاون من خارج وفي القدرة الالهية وقوله ذو القوة المتين عام فيما اختص الله به من القدرة وما جعله للخلق انتهى يقول الفقير قد سبق ان القوة في الأصل عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف والله تعالى منزه عن ذلك فهى في حقه تعالى بمعنى القدرة التامة ويجوز أن يعتبر قوى مظاهر أسمائه وصفاته أيا ما كانت والمتنان مكتنفا الصلب وبه شبه المتن من الأرض ومتنته ضربت متنه ومتن قوى متنه فصار متينا ومنه قيل حبل متين ودر ترجمه رشف در معنى قوى ومتين آورده كه قدرت قاهره اش دليل قوت بالغه كشسته وشدت قوتش حجت متانت قدرت شده نه در كار سازى متانتش را فتورى ونه در روزى وبنده نوازى قدرتش را قصورى رساند رزق بر وجهى كه شايد ... بسازد كارها نوعى كه بايد بروزى بي نوا يا نرا نوازد ... برحمت بي كسانرا كار سازد قال بعضهم رزق الله بالتفاوت رزق بعضهم الايمان وبعضهم الإيقان وبعضهم العرفان وبعدهم وبعضهم البيان وبعضهم العيان فهؤلاء أهل اللطف والسعادة وبعضهم الخذلان وبعضهم الحرمان وبعضهم الطغيان وبعضهم الكفران فهؤلاء أهل القهر والشقاوة وقال بعضهم اعتبروا باللبيب الطالب الأرزاق وحرمانه وبالطفل العاجز وتواتر الأرزاق عليه

لتعلموا ان الرزق طالب وليس بمطلوب قال الامام الغزالي رحمه الله في شرح الأسماء الرزاق هو الذي خلق الأرزاق والمرتزقة وأوصلها إليهم وخلق لهم اسباب التمنع بها والرزق رزقان ظاهر وهى الأقوات والاطعمة وذلك للظاهر وهى الأبدان وباطن وهى المعارف والمكاشفات وذلك للقلوب والاسرار وهذا أشرف الرزقين فان ثمرتها حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الجسد الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وغاية حظ العبد من هذا الوصف أمران أحدهما أن يعرف حقيقة هذا الوصف وانه لا يستحقه الا الله تعالى فلا ينتظر الرزق الا منه ولا يتوكل فيه الا عليه كما روى عن حاتم الأصم انه قال له رجل من اين تأكل فقال من خزانته فقال الرجل يلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الأرض له لكان يلقيه من السماء فقال الرجل أنتم تقولون الكلام فقال لم ينزل من السماء الا الكلام فقال الرجل انا لا أقوى لمجادلتك فقال لان الباطل لا يقوم مع الحق والثاني أن يرزقه علما هاديا ولسانا مرشدا ويدا منفقة متصدقة ويكون سببا لوصول الأرزاق الشريفة الى القلوب بأقواله واعماله وإذا أحب الله تعالى عبدا اكثر حوائج الخلق اليه ومهما كان واسطة بين الله وبين العباد في وصول الأرزاق إليهم فقد نال حظا من هذه الصفة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخازن الامين الذي يعطى ما أمر به طيبة به نفسه أحد المتصدقين وأيدي العباد خزآئن الله فمن جعلت يده خزانة أرزاق الأبدان ولسانه خزانة أرزاق القلوب فقد أكرم بشوب من هذه الصفة انتهى كلام الغزالي فعبد الرزاق هو الذي وسع الله رزقه فيؤثر به على عباده ويبسط على من يشاء الله أن يبسط له لان الله جعل في قدمه السعة والبركة فلا يأتى الا حيث يبارك فيه ويفيض الخير وخاصية هذا الاسم لسعة الرزق أن يقرأ قبل صلاة الفجر في كل ناحية من نواحى البيت عشرا يبدأ باليمين من ناحية القبلة ويستقبلها في كل ناحية ان أمكن وفي الأربعين الادريسية سبحانك يا رب كل شيء ووراثه ورازقه قال السهر وردى المداوم عليه تقضى حاجته من الملوك وولاة الأمر فاذا أراد ذلك وقف مقابلة المطلوب وقرأ سبع عشرة مرة ومن تلاه عشرين يوما على الريق رزق ذهنا يفهم به الغوامض وقال الغزالي في شرح الاسمين القوى المتين القوة تدل على القدرة التامة والمتانة تدل على شدة القوة والله تعالى من حيث انه بالغ القدرة تامها قوى ومن حيث انه شديد القوة متين وذلك يرجع الى معنى القدرة انتهى وعبد القوى هو الذي يقوى بقوة الله على قهر الشيطان وجنوده التي هى قوى نفسه من الغضب والشهوة والهوى ثم على قهر أعدائه من شياطين الانس والجن فلا يقاويه شيء من خلق الله الا قهره ولا يناويه أحد الا غلبا وعبد المتين هو القوى في دينه الذي لم يتأثر ممن أراد إغواءه ولم يكن لم أزله عن الحق بشدته لكونه امتن كل متين فعبد القوى هو المؤثر في كل شيء وعبد المتين هو الذي لم يتأثر من شيء وقال ابو العباس الزروقى القوى هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا صفاته ولا في أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز

[سورة الذاريات (51) : الآيات 59 إلى 60]

فى نقض ولا إبرام وقال بعض المشايخ القوى من القوة وهى وسط ما بين حال باطن الحول وظاهر القدرة لان أول ما يوجد في الباطن من منة العمل يسمى خولا ثم يحس به في الأعضاء مثلا يسمى قوة وظهور العمل بصورة البطش والتناول يسمى قدرة ولذلك كان في كلمة لا حول ولا قوة الا بالله وهو تمثيل للتقريب الى الفهم والا فالله تعالى منزه عن صفات المخلوقين ومن عرف انه القوى رجع بحوله وقوته في كل شيء الى حوله وقوته والتقريب بهذا الاسم تعلقا من حيث إسقاط التدبير وترك منازعة المقادير ونفى الدعوى ورؤية المنة له تعالى ونفى خوف الخلق وهموم الدنيا وتخلقا أن يكون قويا في ذات الله حتى لا يخاف فيه لومة لاثم ولا يضعف عن أمره بحال وخاصية هذا الاسم ظهور القوة في الوجود فما تلاه ذوهمة ضعيفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى أمره والمتين هو الذي له كمال القوة بحيث لا يعارض ولا يشارك ولا يدانى ولا يقبل الضعف في قوته ولا يمانع في امره بل هو الغالب الذي لا يغالب ولا يغلب ولا يحتاج في قوته لمادة ولا سبب ومن عرف عظمة قوته ومتانتها لم يخف من شيء ولم يقف بهمته على شيء دونه استنادا اليه واعتمادا عليه وخاصية هذا الاسم ظهور القوة لذاكره مع اسمه القوى ولو ذكر على شابة فاجرة عشر مرات وكذلك الشاب لتابا فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذات الخالد بتكذيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم او وضعوا مكان التصديق تكذيبا وهم اهل مكة ذَنُوباً اى نصيبا وافرا من العذاب مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ مثل أنصباء نظرائهم من الأمم المحكية وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنوب وهو الدلو العظيم المملوء قال لنا ذنوب ولكم ذنوب فان أبيتم فلنا القليب قال في المفردات الذنوب الدلو الذي ذنب واستعير للنصيب كما استعير السجل وهو الدلو العظيم وفي القاموس الذنوب الفرس الوافر الذنب ومن الأيام الطويل الشر والدلو او فيها ماء او الملأى او دون الملأى والحظ والنصيب والجمع اذنبة وذنائب وذناب انتهى فَلا يَسْتَعْجِلُونِ أصله يستعجلونى بياء المتكلم اى لا يطلبوا منى ان اعجل في المجيء به لان له أجلا معلوما فهو نازل بهم في وقته المحتوم يقال استعجله اى حثه على العجلة وامره بها ويقال استعجله اى طلب وقوعه بالعجلة ومنه قوله تعالى أتى امر الله فلا تستعجلوه وهو جواب لقولهم متى هذا الوعد ان كنتم صادقين وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب فأمهل الى بدر ثم قتل في ذلك اليوم وصار الى النار فعذب اولا بالقتل ثم بالنار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا پس واى مر آنان را كه كافر شدند والويل أشد من العذاب والشقاء والهم ويقال واد في جهنم وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بما في حيز الصلة من الكفر واشعارا بعلة الحكم والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على ان لهم عذابا عظيما كما ان الفاء الاولى لترتيب النهى عن الاستعجال على ذلك مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ من للتعليل اى يوعدونه من يوم بدر وقيل يوم القيامة وهو الأنسب لما فى صدر السورة الآتية والاول هو الأوفق لما قبله من حيث انهما من العذاب الدنيوي وأيا

تفسير سورة الطور

ما كان فالعذاب آت وكل آت قريب كما قالوا كر چهـ قيامت دير آيد ولى مى آيد عمر اگر چهـ دراز بود چون مرك روى نمود از ان درازى چهـ سود نوح هزار سال در جهان يسر برده است امروز چند هزار سالست كه مرده است فعلى العاقل أن يتعجل في التوبة والانابة حتى لا يلقى الله عاصيا ولا يتعجل في الموت فانه آت البتة وفي الحديث لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه انه إذا مات أحدكم انقطع عمله وانه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا اى فانه ان كان محسنا فلعله ان يزداد خيرا وان كان مسيئا فلعل الله يرزقه الا نابة اى كه پنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين پنج روز دريابى وفي التأويلات النجمية فان للذين ظلموا من اهل القلوب على قلوبهم بأن جعلوها ملوثة بحب الدنيا بعد ان كانت معدن محبة الله ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم من ارباب النفوس بجميع صفاتها يعنى ان فساد القلب بمحبة الدنيا يوازى فساد النفس بجميع صفاتها لان القلب إذا صلح صلح به سائر الجسد وإذا فسد فسد به سائر الجسد فلا تستعجلون في إفساد القلب فويل للذين كفروا بنعمة ربهم في إفساد القلب من يومهم الذي يوعدون بإفساد سائر صفات الجسد ومن الله العصمة والحفظ تمت سورة الذاريات بعون خالق البريات في او آخر جمادى الآخرة من سنة اربع عشرة ومائة والف تفسير سورة الطور مكية وآيها تسع وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم وَالطُّورِ الواو للقسم والطور بالسريانية الجبل وقال بعضهم هو عربى فصحيح ولذا لم يذكره الجواليقي في المعربات وقال ابن عباس رضى الله عنهما الطور كل جبل ينبت قال لو مر بالطور بعض ناعقة ... ما أنبت الطور فوقه ورقه كويند مراد اينجا مطلق كوهست كه أوتاد ارض اند وفيه منابع ومنافع وقيل بل هو جبل محيط بالأرض والأظهر الأشهر انه اسم جبل مخصوص هو طور سينين يعنى الجبل المبارك وهو جبل بمدين واسمه زبير سمع فيه موسى عليه السلام كلام الله تعالى ولذا اقسم الله تعالى به لانه محل قدم الأحباب وقت سماع الخطاب وورد على محل القدم كثير من الأولياء فظهر عليهم الحال تلك الساعة وقال في خريدة العجائب جبل طور سينا هو بين الشام ومدين قيل انه بالقرب من ايلة وهو المكلم عليه موسى عليه السلام كان إذا جاءه موسى للمناجاة ينزل عليه غمام فيدخل في الغمام ويكلم ذا الجلال والإكرام وهو الجبل الذي دك عند التجلي وهناك خر موسى صعقا وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها شجرة العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود انتهى كلام الخريدة والعوسج جمع عوسجة وهى شوك كما فى القاموس وَكِتابٍ مَسْطُورٍ مكتوب على وجه الانتظام فان الشطر ترتيب الحروف

[سورة الطور (52) : الآيات 3 إلى 4]

المكتوبة والمراد به القرآن او الواح موسى وهو الأنسب بالطور او ما يكتب في اللوح وآخر سطر في اللوح المحفوظ سبقت رحمتى على غضبى من أتانى بشهادة أن لا اله الا الله أدخلته الجنة او ما يكتبه الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منشورا فآخذ بيمينه وآخذ بشماله نظيره قوله تعالى ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ الرزق الجلد الذي يكتب فيه شبه كاغذ استعير لما يكتب فيه الكتابة من الصحيفة وسمى رقالانه مرقق وقد غلب الاستعمال على هذا الذي هو من جلود الحيوان كما في فتح الرحمن وقال في القاموس الرق ويكسر جلد رقيق يكتب فيه وضد الغليظ كالرقيق والصحيفة البيضاء انتهى والمنشور المبسوط وهو خلاف المطوى قال الراغب نشر الثوب والصحيفة والسحاب والنعمة والحديث بسطها وقيل منشور مفتوح لاختم عليه وتنكيرهما للتفخيم او الاشعار بانهما ليسا مما يتعارفه الناس والمعنى بالفارسية وسوكند بكتاب نوشته در صحيفه كه كشاده كردد بوقت خواندن وعلى تقدير أن يكون ما يكتب في اللوح يكون الرق المنشور مجازا لان اللوح خلقه الله من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق الله بكل نظرة يحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ اى الكعبة وعمارتها بالحجاج والعمار والمجاورين او الضراح يعنى اسم البيت المعمور الضراح قال السهيلي رحمه الله وهو في السماء السابعة واسمها عروبا قال وهب بن منبه من قال سبحان الله وبحمده كان له نور يملأ ما بين عروبا وحريبا وحريبا هى الأرض السابعة انتهى وهو خيال الكعبة وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة يزوره كل يوم سبعون الف ملك بالطواف والصلاة ولا يعودون اليه ابدا وحرمته في السماء كحرمة الكعبة فى الأرض وهو عدد خواطر الإنسان في اليوم والليلة ومنه قيل ان القلب مخلوق من البيت المعمور وقيل باطن الإنسان كالبيت المعمور والأنفاس كالملائكة دخولا وخروجا وفي اخبار المعراج رأيت فى السماء السابعة البيت المعمور وإذا امامه بحر وإذا يؤمر الملائكة فيخوضون في البحر يخرجون فينفضون أجنحتهم فيخلق الله من كل قطرة ملكا يطوف فدخلته وصليت فيه وسمى بالضراح بضم الضاد المعجمة لانه ضرح اى رفع وابعد حيث كان في السماء السابعة والضرح هو الابعاد والتنحية يقال ضرحه اى نحاه ورماه في ناحية واضرحه عنك اى أبعده والضريح البعيد وقيل كان بيتا من ياقوتة أنزله الله موضع الكعبة فطاف به آدم وذريته الى زمان الطوفان فرفع الى السماء وكان طوله كما بين السماء والأرض وذهب بعضهم الى انه في السماء الرابعة ولا منافاة فقد ثبت ان في كل سماء بحيال الكعبة في الأرض بيتا يقول الفقير والذي يصح عندى من طريق الكشف ان البيت المعمور في نهاية السماء السابعة فانه اشارة الى مقام القلب فكما ان القلب بمنزلة الأعراف فانه برزخ بين الروح والجسد كما ان الأعراف برزخ بين الجنة والنار فكذا البيت المعمور فانه برزخ بين العالم الطبيعي الذي هو الكرسي والعرش وبين العالم العنصري الذي هو السموات السبع وما دونها وهذا لا ينافى أن يكون في كل سماء بيت على حدة هو على صورة البيت المعمور كما انه لا ينافى كون الكعبة في مكة أن يكون في كل بلدة من بلاد الإسلام مسجد على حدة على صورتها فكما ان الكعبة أم المساجد وجميع المساجد صورها وتفاصيلها فكذا البيت المعمور اصل البيوت التي في السموات

[سورة الطور (52) : الآيات 5 إلى 9]

فهو الأصل في الطواف والزيارة ولذا رأى النبي عليه السلام ليلة المعراج ابراهيم عليه السلام مسند ظهره الى البيت المعمور الذي هو بإزاء الكعبة واليه تحج الملائكة وقال بعضهم المراد بالبيت المعمور قلب المؤمنين وعمارته بالمعرفة والإخلاص فان كل قلب ليس فيه ذالك فهو خراب ميت فكأنه لا قلب وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ يعنى السماء المرفوع عن الأرض مقدار خمسمائة عام قال تعالى وجعلنا السماء سقفا محفوظا (قال الكاشفى) يعنى آسمان كه مجمع أنوار حكمت ومخزن اسرار فطرتست ويا عرش عظيم وذلك لان العرش سقف الجنة وهو محيط بعالم الأجسام كما ان سقف البيت محيط بالجدران ولا يخفى حس موقع العنوان المذكور من حيث اجتماع السقف مع البيت ومن حيث ان العرش على التقدير الثاني والبيت المعمور متقاربان تقارب السقف بالبيت وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ اى المملوء وهو البحر المحيط الأعظم الذي منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه الا الله تعالى والبحار التي على وجه الأرض خلجان منه وفي هذا البحر عرش إبليس لعنه الله وفيه مدائن تطفو على وجه الماء وهى آهلة من الجن في مقابلة الربع الخراب من الأرض وفيه قصور تظهر على وجه الماء طافية ثم يغيب وتظهر فيه الصور العجيبة والاشكال الغربية ثم تغيب في الماء وفي هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الأشجار في الأرض وفيه من الجزائر المسكونة والخالية ما لا يعلمه الا الله تعالى قال في القاموس سجر التنور أحماه والنهر ملأه والمسجور الموقد والساكن ضد والبحر الذي ماؤه اكثر منه انتهى وقال بعض المفسرين والبحر المسجور اى الموقد من قوله تعالى وإذا البحار سجرت والمراد به الجنس وعدد البحار العظيمة سبعة كما ان عدد الأنهار العظيمة كذلك وكل ماء كثير بحر (روى) ان الله تعالى يجعل البحار يوم القيامة نارا يسجر بها نار جهنم وفي الحديث (لا يركبن رجل بحرا الاغازيا او معتمرا او حاجا) فان تحت البحر نارا او تحت النار بحر او البحر نار في نار وهذا على أن يكون البحر بحر الدنيا وبحر الأرض وقال على وعكرمة رضى الله عنهما هو بحر تحت العرش عمقه كما بين سبع سموات الى سبع ارضين فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان وهو بحر مكفوف اى عن السيلان يمطر منه على الموتى ماء كالمنى بعد الفخة الاولى أربعين صباحا فينبتون في قبورهم وحمله بعض المشايخ على صورة احياء الله تعالى يعنى كما انه ينبت النبات بماء المطر فيظهر من الأرض فكذا الموتى يخلقهم الله خلقا جديدا فيظهرون من الأرض كالنبات ولكن هذا لا ينافى أن يكون هناك ماء صورى فان الإنسان من المنى خلق وبصورة ماء كالمنى سينبت ولله في كل شيء حكمة بديعة وقيل هو بحر سماء الدنيا وهو الموج المكفوف لو لاه لأحرقت الشمس الدنيا ونزد ارباب تحقيق مراد طور نفس است كه موسى القلب بر ان با حق سبحانه مناجاة ميكند وكتاب مسطور ايمانست كه در رق منشور قلب بقلم رحمت ازلى نوشته شده كه كتب في قلوبهم الايمان وبيت سر عارفانست كه بنظرات تجليات سبحانى آبادانى يافته وسقف مرفوع روح رفيع القدر والدرجات الى الحضرة است كه سقف خانه دلست وبحر مسجور دلى است بآتش محبت تافته وقال عبد العزيز المكي قدس سره أقسم الله بالطور وهو الجبل وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في أمته كالجبال في الأرض استقرت به الامة على

[سورة الطور (52) : الآيات 7 إلى 8]

دينهم الى يوم القيامة كما تستقر الأرض بالجبال وأقسم بالكتاب المسطور وهو الكتاب المنزل عليه المسطور في اللوح المحفوظ في رق منشور هو المصاحف وأقسم بالبيت المعمور وهو النبي عليه السلام كان الله بيتا بالكرامة معمورا وعند الله مسرورا مشكورا وأقسم بالسقف المرفوع وهو رأس النبي عليه السلام كان والله سقفا مرفوفوعا وفي الدارين مشهورا وعلى المنابر مذكورا وأقسم بالبحر المسجور وهو قلب محمد عليه السلام كان والله من حب الله مملوأ فأقسم بنفس محمد عموما وبرأسه خصوصا وبقلبه ضياء ونورا وبكتابه حجة وعلى المصاحف مسطورا فأقسم الحبيب بالحبيب فلا وراءه قسم وقال شيخى وسندى روح الله روحه في كتاب اللامحات البرقيات له والطور اى طور الهوية الذاتية الاحدية الفردية المجردة عن الكل والحقيقة الجمعية الصمدية المطلقة عن الجميع وكتاب اى كتاب الوجود مسطور فيه حروف الشؤون الذاتية الكمالية الوجودية والامكانية وكلمات الأعيان العلمية الجلالية والجمالية الوجوبية والامكانية وآيات الأرواح والعقول المجردة القهرية واللطيفة وسور الحقائق والصور المثالية الحية المقربة والمبعدة في رق اى رق النفس الرحمانى والأمر الرباني منشور على ماهيات الممكنات وحقائق الكائنات مبسوط على اعيان المجردات وصور الممثلات بالفيض الأقدس والتجلي الذاتي اولا الحاصل به كليات التعينات والظهورات وبالفيض المقدس والتجلي الصفاتى والافعالى ثانيا المتحقق به جزئيات التشخصات والتميزات والقرآن والفرقان اللفظي الرسمى بجميع حروفه وكلماته وآياته وسوره ان هو الا ذكر وقرآن مبين وهذا مكتوب بيد المخلوق ومسطور بخطه وذلك مكتوب بيد الخالق ومسطور بخطه فلذا كان واجب التعظيم ولازم التكريم بحيث لا يمسه الا المطهرون من الحدث مطلقا فيا شقاوة من عقل الكتاب الإلهي الرسمى واقبل عليه بالتعظيم والتوقير وغفل عن الكتاب الإلهي الحقيقي وأهمله عن التعظيم والتوقير بل اقدم عليه بالاهانة والتحقير ويا سعادة من عقلهما ولم يغفل عن واحد منهما ولم يهمل شأنهما بل اقبل على كل منهما بالتعظيم والتكريم انقيادا للشريعة في تكريم القرآن والفرقان اللفظي وإذعانا للحقيقة في تحريم القرآن والفرقان الوجودي أداء لحق كل مرتبة وقضاء لدين كل منزلة قائما في كل مقام بالعدل والانصاف مجانبا في كل حال عن الجور والاعتساف يقول الفقير في ذلك الكتاب تفصيل عريض آخر لكل من الكتابين الحقيقي والمجازى واقتصرت هنا على شيء يسير مما ذكره لمناسبة المقام والمسئول من الله الجامع الانتفاع بعلمه النافع (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) اى لنازل جتما وهو جواب للقسم قال في فتح الرحمن المراد عذاب الآخرة للكفار لا العذاب الدنيوي واليه الاشارة في الإرشاد في آخر السورة المتقدمة (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) يدفعه وهو كقوله تعالى لا مرد له من الله وبالفارسية نيست مران عذاب را هيچ دفع كننده بلكه بهمه حال واقع خواهد بود وهو خبر ثان لان قال بعضهم الفرق بين الدفع والرفع ان الدفع بالدال يستعمل قبل الوقوع والرفع بالراء يستعمل بعد الوقوع وتخصيص هذه الأمور بالاقسام بها لما انها من امور عظام تنبئ عن عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته الدالة على احاطته بتفاصيل اعمال العباد وضبطها الشاهدة بصدق اخباره التي

[سورة الطور (52) : آية 9]

من جملتها الجملة المقسم عليها وقال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأكلم رسول الله عليه السلام فى أسارى بدر فلقيته في صلاة الفجر يقرأ سورة الطور وصوته يخرج من المسجد فلما بلغ الى قوله ان عذاب ربك لواقع فكأنما صاع قلبى حين سمعته فكان أول ما دخل في قلبى الإسلام فأسلمت خوفا من أن ينزل العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامى حتى يقع بي العذاب ومثل هذا التأثير وقع لعمر رضى الله عنه حين بلغ دار الأرقم فسمع النبي عليه السلام يقرأ سورة طه فلان قلبه واسلم فالقلوب المتهيئة للقبول تتأثر بأدنى شيء خصوصا إذا كان الواعظ هو القرآن العظيم او التالي هو الرسول الكريم او وارثه المستقيم واما القلوب القاسية فلا ينجع فيها الوعظ كما لم ينجع في قلب ابى جهل ونحوه (قال الشيخ سعدى) آهنى را كه موريانه بخورد ... نتوان برداز وبصيقل ژنك با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك وفي التأويلات النجمية العذاب لاهل العذاب واقع بالفقد لان أشد العذاب ذل الحجاب وكان من دعاء السرى السقطي قدس سره اللهم مهما عذبتنى بذل الحجاب والحجاب واقع فان أعظم الحجاب حجاب النفس ماله من دافع من قبل العبد بل دافع حجاب النفس هو رحمة الله تعالى كما قال تعالى الا ما رحم ربى عبد الله المغاورى مردى بود از نواحى اشبيليه در بلاد غرب در بعضى اوقات تشويش و پراكندگى بخلق راه يافته بود زنى نزد وى آمد وكفت البتة مرا با شبيليه رسان واز دست اين قوم خلاص كن او زن را بر كردن كرفت وبيرون آمد واو از شطار بود وقوتى عظيم داشت چون بجاى خلوت رسيد واين زن بغاية جميله بود شيطان او را بمجامعت با آن زن وسوسه داد ونفس تقاضا كرفت فكان حال المرأة حينئذ نظير الحكاية التي قال الشيخ سعدى فيها شنيدم كوسفندى را بزركى ... رهانيد از دهان ودست كركى شبانكه كارد بر حلقش بماليد ... روان كوسفند از وى بناليد كه از چنكال گرگم در ربودى ... چوديدم عاقبت گرگم تو بودى عبد الله با خود كفت اى نفس اين بدست من امانت است وخيانت كردن روا نمى دارم ونفس البته بر عصيان حرص مى نمود واو ترسيد كه نفس غالب شود وكارى ناشايست در وجود آيد آلت مردى خود را در ميان دو سنك بكوفت وگفت النار ولا العاري سبب رجوع او بطريق حق اين بود ودر همان وقت روى بحج نهاد ودر عهد خود يكانه روزگار بود فقد رحمه الله تعالى رحمة خاصة حيث نجاه من يد النفس الامارة ولو وكله الى نفسه لصدر عنه ذلك القبيح وكان سببا لوقوعه في العذاب في الدنيا والآخرة اما في الاخرة فظاهر واما في الدنيا فلان التلبس بسبب الشيء تلبس به وكل فعل قبيح ووصف ذميم فهو عذاب حكمى ونار معنوية والعذاب الصوري اثر ذلك فليس من خارج عن الإنسان يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ظرف لواقع مبين لكيفية الوقوع منبئ عن كمال هوله وفظاعته لا لدافع لانه يوهم ان أحدا يدفع عذابه في غير ذلك اليوم والغرض ان عذاب الله لا يدفع في كل وقت والمور الاضطراب

[سورة الطور (52) : الآيات 10 إلى 16]

والتردد في المجيء والذهاب والجريان السريع اى تضطرب وتجيئ وتذهب وبالفارسية در اضطراب آيد آنگاه بشكافد قيل تدور السماء كما تدور الرحى وتتكفأ بأهلها تكفأ السفينة وقيل يختلج اجزاؤها بعضها في بعض ويموج أهلها بعضهم في بعض ويختلطون وهم الملائكة وذلك من الخوف وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً اى تزول عن وجه الأرض فتصير هباء وقال بعضهم تسير الجبال كما تسير السحاب ثم تنشق أثناء السير حتى تصير آخره كالعهن المنفوش لهول ذلك اليوم ومثله وجود السالك عند تجلى الجلال بالفناء فانه لا يبقى منه اثر وتأكيد الفعلين بمصدريهما للايذان بغرابتهما وخروجهما عن الحدود المعهودة اى مورا عجيبا وسيرا بديعا لا يدرك كنههما فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الفاء فصيحة والجملة جواب شرط محذوف اى إذا وقع ذلك المور والسيرا وإذا كان الأمر كما ذكر فويل وشدة عذاب يوم إذ يقع لهم ذلك وهو لا ينافى تعذيب غير المكذبين من اهل الكبائر لان الويل الذي هو العذاب الشديد انما هو للمكذبين بالله ورسوله وبيوم الدين لا لعصاة المؤمنين الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ اى اندفاع عجيب في الأباطيل والأكاذيب وبالفارسية در شروع كردن بأقوال باطله كه استهزا بقرآنست وتكذيب نبى عليه السلام وانكار بعث قال في فتح الرحمن الخوض التخبط في الأباطيل شبه بخوض الماء وغوصه وفي حواشى الكشاف الخوض من المعاني الغالبة فانه يصلح في الخوض في كل شيء الا انه غلب في الخوض في الباطيل كالاحضار لانه عام في كل شيء ثم غلب استعماله في الإحضار للعذاب قال لكنت من المحضرين وقوله الذين هم في خوض ليس صفة قصد بها تخصيص المكذبين وتمييزهم وانما هو للذم كقولك الشيطان الرجيم يَلْعَبُونَ يلهون ويتشاغلون بكفرهم يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا الدع الدفع الشديد وأصله أن يقال للعاثر دع دع اى يدفعون إليها دفعا عنيفا شديدا بان تغل أيديهم الى أعناقهم وتجمع نواصيهم الى أقدامهم فيدفعون الى النار دفعا على وجوههم وفي أقفيتهم حتى يردوها ويوم اما بدل من يوم تمور او ظرف لقول مقدر قبل قوله تعالى هذِهِ النَّارُ اى يقال لهم من قبل خزنة النار هذه النار الَّتِي كُنْتُمْ فى الدنيا وقوله بِها متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ اى تكذبون الوحى الناطق بها أَفَسِحْرٌ هذا توبيخ وتقريع لهم حيث كانوا يسمونه سحرا وتقديم الخبر لانه محط الإنكار ومدار توبيخ كأنه قيل كنتم تقولون للقرءآن الناطق بهذا سحر فهذا المصداق اى النار سحر ايضا وبالفارسية آيا سحرست اين كه مى بينيد فالفاء سببية لا عاطفة لئلا يلزم عطف الإنشاء على الاخبار فهذا الاستفهام لم يتسبب عن قولهم للوحى هذا سحر والمصداق ما يصدق الشيء واحوال الآخرة ومشاهدتها تصدق اقوال الأنبياء في الاخبار عنها يعنى ان الذي ترونه من عذاب النار حق أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ اى أم أنتم عمى عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر او أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم حيث كنتم تقولون انما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون اصْلَوْها اى ادخلوها وقاسوا حرها وشدائدها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا فافعلوا ما شئتم من الصبر وعدمه فانه لا خلاص لكم منها وهذا على جهة قطع رجائهم

[سورة الطور (52) : الآيات 17 إلى 23]

سَواءٌ عَلَيْكُمْ خبر مبتدأ محذوف دل عليه اصبروا أو لا تصبروا وسوآء وان كان بمعنى مستو لكنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء والمعنى سوآء عليكم الأمران أجزعتم أم صبرتم فى عدم النفع لا بدفع العذاب ولا بتخفيفه إذ لا بد أن يكون الصبر حين ينفع وذلك في الدنيا لا غير فمن صبر هنا على الطاعات لم يجزع هناك إذ الصبر وان كان مرا بصلا لكن آخره حلو عسل إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تعليل للاستوآء فان الجزاء على كفرهم وأعمالهم القبيحة حيث كان واجب الوقوع حتما بحسب الوعيد لامتناع الكذب على الله كان الصبر وعدمه سوآء في عدم النفع وفي التأويلات النجمية انما تجزون ما كنتم تعملون في الدنيا من الخير والشر لا الذي تعملون في الآخرة من الصبر والخضوع والخشوع والتضرع والدعاء فانه لا ينفع شيء منها والحاصل أن يقال اخسأوا فيها ولا تكلمون انتهى ثم النار ناران النار الصورية لاهل الشرك الجلى ومن لحق بهم من العصاة والنار المعنوية لاهل الشرك الخفي ومن اتصل بهم من اهل الحجاب فويل لكل من الطائفتين يوم يظفر الطالب بالمطلوب ويصل المحب الى المحبوب من عذاب جهنم وعذاب العبد والقطيعة والحرمان من السعادة العظمى والرتبة العليا فليحذر العاقل من الخوض في الدنيا واللعب بها فان الغفلة عن خالق البريات توقد نيران الحسرات وفي الآية اشارة الى مرتبة الخوف كما ان الآية التي تليها اشارة الى مرتبة الرجاء فان الامن والقنوط كفر زيرا كه أمن از عاجزان بود واعتقاد عجز در الله كفرست وقنوط از لئيمان بود واعتقاد لؤم در الله كفرست چراغى كه درو روغن نباشد روشنايى ندهد و چون روغن باشد وآتش نباشد ضيا ندهد پس خوف بر مثال آتش است ورجاء بر مثال روغن وايمان بر مثال فتيله ودل بر شكل چراغ دان چون خوف ورجا مجتمع كشت چراغى حاصل آمد كه در وى هم روغن است كه مدد بقاست هم آتش است كه ماده ضياست آنكه ايمان از ميان هر دو مدد ميكيرد از يكى ببقا واز يكى بضيا ومؤمن ببدرقه ضيا راه ميرود وبمدد بقا قدم مى زند والله ولى التوفيق إِنَّ الْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعاصي فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ النعيم الخفض والدعة والتنعم الترفه والاسم النعمة بالفتح قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة وتنعم تناول ما فيه النعمة وطيب العيش ونعمه تنعيما جعله في نعمة اى لين عيش وفي البحر التنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات والمعنى في جنات ونعيم اى في اية جنات واى نعيم بمعنى الكامل في الصفة على ان التنوين للتفخيم او في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين على انه للتنويع والجنة مع كونها أشرف المواضع قد يتوهم ان من يدخلها انما يدخلها ليعمل فيها ويصلحها ويحفظها لصاحبها كما هو شأن ناطور الكرم اى مصلحه وحافظه كما قال في القاموس الناطور اى بالطاء المهملة حافظ الكرم والنخل أعجمي انتهى فلما قال ونعيم أفاد أنهم فيها متنعمون كما هو شأن المتفرج بالبستان لا كالناطور والعمال فاكِهِينَ ناعمين متلذذين وبالفارسية شادمان ولذات يابندكان وفي القاموس الفاكة صاحب الفاكهة وطيب النفس الضحوك والناعم الحسن العيش كما ان الناعمة والمنعمة الحسنة العيشة بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ از كرامتهاى جاودانى وفي فتح الرحمن من انعامه ورضاه عنهم وذلك ان المتنعم قد يستغرق في النعم الظاهرة وقلبه مشغول بأمر ما فلما قال

[سورة الطور (52) : الآيات 19 إلى 20]

فاكهين تبين ان حالهم محض سرور وصفاء وتلذذ ولا يتناولون شيأ من النعيم الا تلذذا لا لدفع الم جوع او عطش وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ الوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره والجحمة شدة تأجج النار ومنه الجحيم اى جهنم لانه من أسمائها وهو عطف على آتاهم على ان ما مصدرية اى متلذذين بسبب إيتاء ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم فانها ان جعلت موصولة يكون التقدير بالذي وقاهم ربهم عذاب الجحيم فيبقى الموصول بلا عائد واظهار الرب في موقع الإضمار مضافا الى ضميرهم للتشريف والتعليل كُلُوا وَاشْرَبُوا اى يقال لهم من قبل خزنة الجنة دائما كلوا واشربوا أكلا وشربا هَنِيئاً فهنيئا صفة لمصدر محذوف او طعاما وشرابا هنيئا فهو صفة مفعول به محذوف فان ترك ذكر المأكول والمشروب دلالة على تنوعهما وكثرتهما والهنيء والمريء صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ إذا كان سائغا يعنى كوارنده لا تكدير فيه اى كان بحيث لا يورث الكدر من التخم والسقم وسائر الآفات كما يكون في الدنيا قال ابن الكمال ومنه يهنى المشتهر في اللسان التركي باللحم المطبوخ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بسببه او بمقابلته قال في فتح الرحمن معناه ان رتب الجنة ونعيمها هى بحسب الأعمال واما نفس دخولها فهو برحمة الله وتغمده والاكل والشرب والتهني ليس من الدخول في شيء واعمال العباد الصالحة لا توجب على الله التنعيم إيجابا لكنه قد جعلها امارة على من سبق في علمه تنعيمه وعلق الثواب والعقاب بالتكسب الذي في الأعمال امام زاهد رحمه الله فرمود كه هر چند وعده بكردار بنده است اما اصل فضل الهيست واگر نه پيداست كه فردا مزد كردار ما چهـ خواهد بود ندارد فعل من از زور بازو ... كه با فضل تو كردد هم ترازو بفضل خويش كن فضل مرا يار ... بعدل خود بكن با فعل من كار قال سهل جزاء الأعمال الاكل والشرب ولا يساوى اعمال العباد اكثر من ذلك واما شراب الفضل فهو قوله وسقاهم ربهم شرابا طهورا وهو شراب على رؤية المكاشفة والمشاهدة مُتَّكِئِينَ حال من الضمير في كلوا واشربوا اى معتمدين ومستندين عَلى سُرُرٍ جمع سرير وهو الذي يجلس عليه وهو من السرور إذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به في الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من سجنه المشار اليه بقوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن مَصْفُوفَةٍ مصطفة قد صف بعضها الى جنب بعض او مرمولة اى مزينة بالذهب والفضة والجواهر وبالفارسية بر تختها بافته بزر والظاهر ان جمع السرر مبنى على أن يكون لكل واحد منهم سرر متعددة مصطفة معدة لزآئريهم فكل من اشتاق الى صديقه يزوره في منزله قال الكلبي صف بعضها الى بعض طولها مائة ذراع في السماء يتقابلون عليها في الزيارة وإذا أراد أحدهم القعود عليها تطامنت وتضعف فاذا قعد عليها ارتفعت الى اصل حالها وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ واحد الحور حوراء وواحد العين عيناء وانما سمين حور الان الطرف يحار في حسنهن وعينا لأنهن الواسعات الأعين مع جمالها والباء للتعدية مع ان التزويج مما يتعدى الى

[سورة الطور (52) : آية 21]

مفعولين بلا واسطة قال تعالى زوجنا كنا لما فيه من معنى الوصل والإلصاق او للسببية والمعنى صيرناهم أزواجا بسببهن فان الزوجية لا تتحقق بدون انضمامهن إليهم يعنى ان التزويج حينئذ ليس على اصل معناه وهو النكاح وعقد النكاح بل بمعنى تصييرهم أزواجا فلا يتعدى الى مفعولين وبالفارسية وجفت كردانيم ايشانرا بر نان سفيد روى كشاده چشم قال الراغب وقرناهم بهن ولم يجيئ في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على ان ذلك لم يكن على حسب التعارف فيما بيننا من المناكح انتهى قال في فتح الرحمن وقرناهم ولبس في الجنة تزويج كالدنيا انتهى يعنى ان الجنة ليست بدار تكليف فشأن تزوج اهل الجنة بالحور بقبول بعضهم بعضا لا بأن يعقد بينهم عقد النكاح قال في الواقعات المحمودية ان لاهل الجنة بيوت ضيافة يعملون فيها الضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن أهليهم لا يظهرن لغير المحارم انتهى يقول الفقير الظاهر ان عدم ظهورهن ليس من حيث الحرمة بل من حيث الغيرة يعنى ان اهل الرجل اشارة الى سره المكتوم فاقتضت الغيرة الالهية ان لا تظهر لغير المحارم كما ان السر لا يفشى لغير الأهل والا فالحل والحرمة من توابع التكليف ولا تكليف هنا لك وانما كان ذلك ونحوه من باب التلذذ وَالَّذِينَ آمَنُوا مبتدأ خبره الحقنا بهم وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ عطف على آمنوا اى نسلهم بِإِيمانٍ متعلق بالاتباع والتنكير للتقليل اى بشيء من الايمان وتقليل الايمان ليس مبنيا على دخول الأعمال فيه بل المراد قلة ثمراته ودناءة قدره بذلك فالتقليل فيه بمعنى التحقير والمعنى واتبعتهم ذريتهم بايمان في الجملة قاصرين عن رتبة ايمان الآباء واعتبار هذا القيد للايذان بثبوت الحكم في الايمان الكامل أصالة لا الحاقا أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ اى أولادهم الصغار والكبار في الدرجة كما روى انه عليه السلام قال انه تعالى يرفع ذرية المؤمن في درجته وان كانوا دونه لتقربهم عينه اى يكمل سروره ثم تلا هذه الآية وفيها دلالة بينة على ان الولد الصغير يحكم بايمانه تبعا لاحد أبويه وتحقيقا للحوقه به فانه تعالى إذا جعلهم تابعين لآبائهم ولا حقين بهم في احكام الآخرة فينبغى أن يكونوا تابعين لهم ولاحقين بهم في احكام الدنيا ايضا قال في فتح الرحمن ان المؤمنين اتبعتهم أولادهم الكبار والصغار بسبب ايمانهم فكبارهم بايمانهم بأنفسهم وصغارهم بأن اتبعوا في الإسلام بآبائهم بسبب ايمانهم لان الولد يحكم بإسلامه تبعا لاحد أبويه إذا أسلم وهو مذهب ابى حنيفة والشافعي واحمد وقال مالك يحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه دون امه واما إذا مات أحد أبويه في دار الإسلام فقال احمد يحكم بإسلامه وهو من مفردات مذهبه خلافا للثلاثة واختلفوا في اسلام الصبى المميز وردته فقال الثلاثة يصحان منه وقال الشافعي لا يصحان وفي هدية المهديين اسلام الصبى العاقل وهو من كان في البيع سالبا وفي الشراء جالبا صحيح استحسانا حتى لا يرث من أقاربه الكفار ويصلى عليه إذا مات وارتداده ارتداد استحسانا في قول ابى حنيفة ومحمد الا انه يجبر على احسن الوجوه ولا يقتل لانه ليس من اهل العقوبة وفي الأشباه ان قيل اى مرتد لا يقتل فقل من كان إسلامه تبعا او فيه شبهة واى رضيع يحكم بإسلامه بلا تبعية فقل لقيط في دار الإسلام وفي الهدية ايضا صبى

وقع من الغنيمة في سهم رجل في دار الحرب او بيع به فمات يصلى عليه لانه يصير مسلما حكما تبعا لمولاه بخلاف ما قبل القسمة فانه حينئذ يكون على دين أبويه وفي الفتوحات المكية الطفل المسبى في دار الحرب إذا مات ولم يحصل منه تمييز ولا عقل يصلى عليه فانه على فطرة الإسلام وهذا اولى ممن قال لا يصلى عليه لان الطفل مأخوذ من الطفل وهو ما ينزل من السماء غدوة وعشية وهو أضعف من الرش والوبل فلما كان بهذا الضعف كان مرحوما والصلاة رحمة فالطفل يصلى عليه إذا مات بكل وجه انتهى وان دخل الصبى في دار الإسلام فان كان معه أبواه او أحدهما فهو على دينهما وان مات الأبوان بعد ذلك فهو على ما كان كما في الهدية وان لم يكن معه واحد منهما حين دخل الإسلام يصير مسلما تبعا للدار وللمولى ولو اسلم أحد الأبوين في دار الحرب يصير الصبى مسلما بإسلامه وكذا لو اسلم أحد الأبوين فى دار الإسلام ثم سبى الصبى بعده من دار الحرب فصار في دار الإسلام كان مسلما بإسلامه وَما أَلَتْناهُمْ وما نقصنا الآباء بهذا الإلحاق والا لأبغضوهم في الدنيا شحاكما في عين المعاني من ألت يألت كضرب يضرب قال في القاموس ألته حقا يألته نقصه كآلته ايلاتا مِنْ عَمَلِهِمْ من ثواب عملهم مِنْ شَيْءٍ من الاولى متعلقة بألتناهم والثانية زائدة والمعنى ما نقصناهم من عملهم شيأ بأن أعطينا بعض مثوباتهم أبناءهم فتنتقص مثوبتهم وتنحط درجتهم وانما رفعناهم الى درجتهم ومنزلتهم بمحض التفضل والإحسان يعنى بلكه بفضل وكرم خود أولاد را رفعت درجه ارزانى فرمودم شيخ الإسلام حسين مروزى از استاد خود احمد بن ابى على سرخسى رحمهما الله نقل ميكند كه ايمان وعمل جز بفضل لم يزلى نيست در فضل خدا بند دل خويش مدام ... تا فضل نباشد نبود كار تمام وسألت خديجة رضى الله عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ولدين لها ماتا في الجاهلية فقال عليه السلام هما في النار فكرهت فقال عليه السلام لو رأيت مكانهما لابغضتهما قالت فالذى منك قال فى الجنة ان المؤمنين وأولادهم في الجنة وان المشركين وأولادهم في النار كما في عين المعاني وقال الامام محمد ان الامام الأعظم توقف في أطفال المشركين والمسلمين والمختار ان أطفال المسلمين فى الجنة واما ما روى انه توفى صبى من الأنصار فدعى النبي عليه السلام الى جنارته فقالت عائشة رضى الله عنها طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال عليه السلام او غير ذلك اتعتقدين ما قلت والحق غير الجزم به ان الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا فانما نهاها عن الحكم على معين بدخول الجنة كما في شرح المشارق لابن الملك وقال مولى رمضان فى شرح العقائد ولا يشهد بالجنة والنار لاحد بعينه بل يشهد بأن المؤمنين من اهل الجنة والكافرين من اهل النار وكذا أطفالهم تبعا لهم وقيل هم في الجنة إذ لا اثم لهم وقيل هم فى الأعراف ووجهه ان عدم التيقن لعدم العلم بخاتمته وإذا مات ولد المؤمن طفلا فخاتمته الايمان لا محالة تبعا لأبيه الا أن يكون تابعا الخاتمة أبيه وهى غير معلومة انتهى واختار البعض في أطفال المشركين كونهم خدام اهل الجنة كما في هدية المهديين والأكثرون على انهم في النار تبعا لآباثهم وقال آخرون انهم في الجنة لكونهم غير مكلفين وتوقف فيه

طائفة وهو الظاهر كما في شرح المشارق لابن الملك وبقي قول آخر وهوان الصبيان والمجانين واهل الفترة يرسل إليهم يوم القيامة رسول من جنسهم ويدعون الى الايمان ويمتحن المؤمن بايقاع نفسه في نار هناك فمن قبل الدعوة ولم يمتنع عن الإيقاع المذكور خلص لانها ليست بنار حقيقة وإلا دخل النار اى جهنم وقال الشيخ روزبهان البقلى في عرائس البيان عند الآية هذا إذا وقعت فطرة الذرية من العدم سليمة طيبة طاهرة صالحة لقبول معرفة الله ولم تتغير من تأثير صحبة الاضداد لقوله عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهود انه وينصر انه ويمجسانه فاذا بقيت على النعت الاول ووصل إليها فيض مباشرة نور الحق ولم تتم عليها الأعمال يوصلها الله الى درجة آبائهم وأمهاتهم الكبار من المؤمنين إذ هناك تتم أرواحهم وعقولهم وقلوبهم ومعرفتهم بالله عند كشف مشاهدته وبروز أنوار جلاله ووصاله وكذلك حال المريدين عند العارفين يبلغون الى درجات كبرائهم وشيوخهم ما آمنوا بأحوالهم وقبلوا كلامهم كما قال رويم قدس سره من آمن بكلامنا هذا من ورلء سبعين حجابا فهو من أهلنا وقال عليه السلام من أحب قوما فهو منهم وقال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا تعجب من ذلك فانه تعالى مبلغهم الى أعلى الدرجات فاذا كانوا في منازل الوحشة يصلون الى الدرجات العلية فكيف لا يصلون إليها في مقام الوصلة انتهى يقول الفقير يظهر من هذا ان لحوق الأبناء الصورية والمعنوية بالآباء في درجاتهم مشروط بالايمان الشرعي والتوحيد العقلي وليس لاطفال المشركين شيء من ذلك فكيف يلتحقون بأهل الجنة مطلقا فانما يلتحق المؤمن بالمؤمن لمجانستهما واما الايمان الفطري قلا يعتبر في دار التكليف وكذا في دار الجزاء والله اعلم بالاسرار ومنه نرجو الالتحاق بالأخبار كُلُّ امْرِئٍ هر مردى بالغ عاقل مكلف بِما كَسَبَ بانچهـ كرده باشد از خير وشر رَهِينٌ در گروست روز قيامت يعنى وابست است بپاداش كردار خود وزان رهايى ندارد ويعمل ديكرى مؤاخذه نيست وزن مكلفه نيز همين حكم دارد كما في تفسير الكاشفى والرهن ما يوضع وثيقة للدين ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك للمجتبس اى شيء كان وقال ابن الشيخ ما مصدرية والفعيل بمعنى المفعول والعمل الصالح بمنزلة الدين الثابت على المرء من حيث انه مطالب به ونفس العبد مرهونة به فكما ان المرتهن ما لم يصل اليه الدين لا ينفك منه الرهن كذلك العمل الصالح ما لم يصل الى الله لا تتخلص نفس العبد المرهونة فالمعنى كل امرئ مرهون عند الله بالعمل الصالح الذي هو دين عليه فان عمله واداه كما هو المطلوب منه فك رقبته من الرهن والا أهلكها وفي هذا المعنى قال عليه السلام لكعب ابن عجرة رضى الله عنه لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار اولى به يا كعب بن عجرة الناس صنفان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها وفال مقانل كل امرئ كافر بما عمل من الشرك مرهون في النار والمؤمن لا يكون مرتهنا لقوله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة الا اصحاب اليمين وفي الآية وجه آخر وهو أن يكون الرهين فعيلا بمعنى الفاعل فيكون المعنى كل امرئ بما كسب راهين اى

[سورة الطور (52) : الآيات 22 إلى 23]

دائم ثابت مقيم ان احسن ففى الجنة مؤيد او ان أساء ففى النار مخلدا لائن في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان فان العرض لا يبقى الا في جوهر ولا يوجد الا فيه وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فان الله يبقى أعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي من الأعيان يبقى ببقاء عمله قال في الإرشاد وهذا المعنى انسب بالمقام فان الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شيء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى وَأَمْدَدْناهُمْ اصل المد الجر واكثر ما جاء الامداد في المحبوب والمد في المكروه والامداد بالفارسية مدد كردن ومدد دادن وفي القاموس الامداد تأخير الاجل وان تنصر الأجناد بجماعة غيرك والإعطاء والاغاثة بِفاكِهَةٍ هى الثمار كلها وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وان لم يصر حوا بطلبه والمعنى وزدناهم على ما كان من مبادى التنعم وقتا فوقتا مما يشتهون من فنون النعماء وضروب الآلاء وذلك انه تعالى لما قال وما ألتناهم ونفى النقصان يصدق بايصال المساوى دفع هذا الاحتمال بقوله وأمددناهم اى ليس عدم النقصان بالاقتصار على المساوى بل بالزيادة على ثواب أعمالهم والامداد وتنوين فاكهة للتكثير اى بفاكهة لا تنقطع كلما أكلوا ثمرة عاد مكانها مثلها وما في ما يشتهون للعموم لانواع اللحمان وفي الحبر انك لتشتهى الطير في الجنة فيخربين يديك مشويا وقيل يقع الطائر بين يدى الرجل فى الجنة فيأكل منه قديدا ومشويا ثم يطير الى النهر يَتَنازَعُونَ فِيها نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبدها والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبر بها عن المخاصمة والمجادلة والمراد بالتنازع هنا التعاطي والتداول على طريق التجاذب يعنى تجاذب الملاعبة لفرط السرور والمحبة وفيه نوع لذة إذ لا يتصور في الجنة التنازع بمعنى التخاصم والمعنى يتعاطون فى الجنات ويتداولون هم وجلساؤهم بكمال رغبة واشتياق كما ينبئ عنه التعبير بالتنازع وبالفارسية با يكديكر داد وستد كنند در بهشت يعنى بهم دهند واز هم ستانند كَأْساً كاسه مملو از خمر بهشت والكأس قدح فيه شراب ولا يسمى كأسا ما لم يكن فيه شراب كما لا تسمى مائدة ما لم يكن عليها طعام والمعنى كأسا اى خمرا تسمية لها باسم محلها ولما كانت الكأس مؤنثة مهموزة انث الضمير في قوله لا لَغْوٌ فِيها اى في شربها حيث لا يتكلمون فى أثناء الشرب بلغوا الحديث وسقط الكلام قال ابن عطاء اى لغو يكون في مجلس محله جنة عدن والساقي فيها الملائكة وشربهم ذكر الله وريحانهم تحية من عند الله مباركة طيبة والقوم أضياف الله قال الراغب اللغو من الكلام مالا يعتد به وهو الذي يورد لاعن روية وفكر فيجرى مجرا اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيمٌ ولا يفعلون ما يأثم به فاعله اى ينسب الى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والسب والفواحش كما هو ديدن المنادمين في الدنيا وانما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام لان عقولهم ثابتة غير زائلة وذلك كسكارى المعرفة في الدنيا فانهم انما يتكلمون بالمعارف والحقائق قال البقلى وصفهم الله في شربهم لكاسات شراب وصله بالمنازعة والشوق الى مزيد القرب ثم وصف شرابهم انه يورثهم التمكين والاستقامة في السكر لا يؤول حالهم الى الشطح والعربدة وما

[سورة الطور (52) : الآيات 24 إلى 29]

يتكلم به سكارى المعرفة في الدنيا عند الخلق ولا يشابه حال أهل الحضرة حال اهل الدنيا من جميع المعاني ثم انه قد يقع الاكل والشرب في المنام فيسرى حكمه الى الجسد لغلبة الروحانية كما قال بعض الكبار العيش مع الله هو القوت الذي من أكله لا يجوع واليه أشار عليه السلام بقوله انى لست كهيئتكم انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى والمراد بذلك الشبع والري الذي يعود من ثمرة الاكل والشرب يعنى يبيت جائعا فيرى في منامه انه يأكل فيصبح شبعانا وقد اتفق ذلك لبعضهم بحكم الإرث وبقي رائحة ذلك الطعام حين استيقظ نحو ثلاثة ايام والناس يشمونها منه واما غير النبي وغير الوارث فاذا رأى انه يأكل استيقظ وهو چيعان مثل ما نام فصح قوله صلّى الله عليه وسلّم ان المبشرات جزؤ من اجزاء النبوة انتهى يقول الفقير فرب شبعان في دعواه جيعان في نفس الأمر الا ترى حال من أكل في منامه حتى شبع ثم استيقظ وهو جائع وكذلك حال اهل التلوين فان من شرب شرابا من هذه المعرفة يقع فى الدعاوى العريضة كما شاهدناه في بعض المعاصرين ولا يدرى ان حاله بالنسبة الى حال اهل التمكين كحال النائم فمن سكر من رائحة الخمر ليس كمن سكر من شرب نفسها فأين أنت من الحقيقة فاعرف حدك ولا نتعد طورك فان التعدي من قبيل اللغو والتأثيم (قال الخجندي) از عشق دم مزن چونكشتى شهيد عشق دعواى اين مقام درست از شهادتست وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ الطواف المشي حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا اى ويدور على اهل الجنة بالكأس وقيل بالخدمة غِلْمانٌ لَهُمْ جمع غلام وهو الطار الشارب اى مماليك مخصوصون بهم لم يضفهم بأن يقول غلمانهم لئلا يظن انهم الذين كانوا يخدمونهم في الدنيا فيشفق كل من خدمه أحدا في الدنيا أن يكون خادما له في الجنة فيحزن لكونه لا يزال تابعا وأفاد التنكير ان كل من دخل الجنة وجدله خدم لم يعرفهم كما فى حواشى سعدى المفتى كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ حال من غلمان لانهم قد وصفوا اى كأنهم في البياض والصفاء لؤلؤ مصون في الصدف لانه رطبا احسن وأصفى إذ لم تمسه الأيدي ولم يقع عليه غبار وبالفارسية كويا ايشان در صفا ولطافت مرواريد پوشيده اند در صدف كه دست كس بديشان نرسيده او محزون لانه لا يخزن الا الثمين الغالي القيمة قيل لقتادة هذا الخادم فكيف المخدوم فقال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والذي نفسى بيده ان فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه عليه السلام ان أدنى اهل الجنة منزلة من ينادى الخادم من خدامه فيجيبه الف ببابه لبيك لبيك وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ وروى مى آرند بعضى از بهشتيان بر بعض ديكر يَتَساءَلُونَ اى يسأل كل بعض منهم بعضا آخر عن أحواله واعماله وما استحق به نيل ما عند الله من الكرامة وذلك تلذذا واعترافا بالنعمة العظيمة على حسب الوصول إليها على ما هو عادة اهل المجلس يشرعون في التحادث ليتم به استئناسهم فيكون كل بعض سائلا ومسؤلا لا انه يسأل بعض معين منهم بعضا آخر معينا قالُوا اى المسئولون وهم كل واحد منهم فى الحقيقة إِنَّا كُنَّا قَبْلُ اى قبل دخول الجنة فِي أَهْلِنا در ميان اهل خود يعنى

[سورة الطور (52) : الآيات 27 إلى 28]

بوديم در دنيا مُشْفِقِينَ ارقاء القلوب خائفين من عصيان الله تعالى معتنين بطاعته او وجلين من العاقبة قيد بقوله في أهلنا فان كونهم بين أهليهم مظنة الا من فاذا خافوا في تلك الحال فلأن يخافوا في سائر الأحوال والأوقات اولى وقال سعدى المفتى ولعل الاولى أن يجعل اشارة الى معنى الشفقة على خلق الله كما ان قوله انا كنا من قبل ندعوه اشارة الى التعظيم لا امر الله وترك العاطف لجعل الثاني بيانا للاول ادعاء للمبالغة في وجوب عدم انفكاك كل منهما عن الآخر انتهى يقول الفقير الظاهر ان هذا الكلام وارد على عرف الناس فانهم يقولون شأبنا بين قومنا وقبيلتنا كذا فهم كانوا في الدنيا بين قبائلهم وعشائرهم على صفة الإشفاق وفيه تعريض بأن بعض أهلهم لم يكونوا على صفتهم ولذا صاروا محرومين ويدل على هذا ان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما في شرح المشارق لابن الملك فَمَنَّ اللَّهُ اى أنعم عَلَيْنا بالرحمة والتوفيق للحق يقول الفقير الظاهر ان المن والانعام انما هو بالجنة ونعيمها كما دل عليه قوله وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ اى حفظنا من عذاب النار النافذة في المسام اى ثقب الجسد كالمنخر والفم والاذن نفوذ السموم وهى الريح الحارة التي تدخل المسام فأطلق على جهنم لنفوذ حرها في المسام كالسموم وفي المفردات السموم الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم وقال البقلى هذا شكر من القوم في رؤية الحق سبحانه اى كنا مشفقين من الفراق فى الدنيا والبعد في يوم التلاق فمن الله علينا ووقانا من ذلك العذاب المحرق المفنى هذا في أوائل الرؤية اما إذا استقاموا في الوصال نسوا ما كان فيهم من ذكر الإشفاق وغيره والإشفاق وصف الأرواح والخوف صفة القلوب وقال الجنيد قدس سره الإشفاق ارق من الخوف والخوف أصلب وقال بعضهم الإشفاق للاولياء والحوف لعامة المؤمنين وقال الواسطي قدس سره لاحظوا دعاءهم وشفقتهم ولم يعلموا ان الوسائل قطعت المتوسلين عن حقيقة وحجبت من ادراك من لا وسيلة الا به إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ اى من قبل لقاء الله والمصير اليه يعنون في الدنيا نَدْعُوهُ اى نعبده او نسأله الوقاية إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ اى المحسن الرَّحِيمُ الكثير الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب قال الراغب البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع في فعلى الخير وينسب ذلك تارة الى الله تعالى نحو انه هو البر الرحيم والى العبد تارة فيقال بر العبد ربه اى توسع فى طاعته فمن الله الثواب ومن العبد الطاعة وذلك ضربان ضرب في الاعتقاد وضرب في الأعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق قال في شرح الأسماء من عرف انه هو البر الرحيم رجع اليه بالرغبة في كل حقير وعظيم فكفاه ما أهمه ببره ورحمته وقد قال في حكم ابن عطاء متى أعطاك أشهدك بره وإحسانه وفضله ومتى منعك أشهدك قهره وجلاله وعظمته فهو في كل ذلك متعرف إليك تارة بجماله واخرى بجلاله ومقبل بوجود لطفه عليك إذ وجه لك ما يوجب توجهك اليه ولكن انما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه إذ لو فهمت عنه كنت تشكره على ما واجهك منه فقد قال ابو عثمان

[سورة الطور (52) : آية 29]

المغربي قدس سره الخلق كلهم مع الله في مقام الشكر وهم يظنون انهم في مقام الصبر وقال ابراهيم الخواص قدس سره لا يصح الفقر للفقير حتى يكون فيه خصلتان إحداهما الثقة بالله والثانية الشكر له فيما زوى عنه من الدنيا مما ابتلى به غيره ولا يكمل الفقير حتى يكون نظر الله له في المنع أفضل من نظره له في العطاء وعلامة صدقة في ذلك أن يجد للمنع من الحلاوة مالا يجد للعطاء والتقرب باسم البر تعلقا وجود محبته لاحسانه وترك التدبير معه لما توجه من إكرامه وكثرة الدعاء كما قال انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم وتخلقا بالنفع لعباد الله والشفقة عليهم فان البر هو الذي لا يؤذى الذر وفي التأويلات النجمية واقبل بعضهم يعنى القلب والروح على بعض يعنى النفس يتساءلون قالوا انا كنا قبل اى قبل السير والسلوك فى أهلنا اى في عالم الانسانية مشفقين اى خائفين من سموم الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية والشهوات الدنيوية فانها مهب سموم قهر الحق فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم اى سموم قهره ولولا فضله ما تخلصنا منه بجهدنا وسعينا بل انا كنا من قبل ندعوه ونتضرع اليه بتوفيقه في طلب النجاة وتحصيل الدرجات انه هو البر بمن يدعوه الرحيم بمن ينيب اليه فَذَكِّرْ قال ابن الشيخ لما بين الله ان في الوجود قوما يخافون الله ويشفقون في أهلهم والنبي عليه السلام مأمور بتذكير من يخاف الله فرع عليه قوله فذكر بالفاء (وقال الكاشفى) آورده اند كه جماعتى مقتسمان بر عقبات مكه حضرت رسول را عليه السلام نزد قبائل عرب بكهانت وجنون وسحر وشعر منسوب ميساختند وآن حضرت اندوهناك ميشد آيت آمد كه فذكر اى فاثبت على ما أنت عليه من تذكير المشركين بما أنزل إليك من الآيات والذكر الحكيم ولا تكترث بما يقولون مما لا خير فيه من الأباطيل فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ نعمت رسمت بالتاء ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويعقوب اى بسبب انعامه بصدق النبوة وزيادة العقل (وقال الكاشفى) بانعام پروردگار خود يعنى بحمد الله ونعمته او ما أنت بكاهن حال كونك منعما عليك به فهو حال لازمة من المنوي في كاهن لانه عليه السلام لم يفارق هذه الحال فتكون الباء للملابسة والعامل هو معنى النفي ويجوز أن يجعل الباء للقسم بِكاهِنٍ كما يقولون قاتلهم الله وهو من يبتدع القول ويخبر عما سيكون فى غد من غير وحي وفي المفردات الكاهن الذي يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن كالعراف الذي يخبر بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك ولكون هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذي يخطئ ويصيب قال عليه السلام من أتى عرافا او كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل الله على محمد ويقال كهن فلان كهانة إذا تعاطى ذلك وكهن إذا تخصص بذلك وتكهن تكلف ذلك وفي القاموس كهن له كجعل ونصر وكرم كهانة بالفتح وتكهن تكهنا وتكهبنا قضى له بالغيب فهو كاهن والجمع كهنة وكهان وحرفته الكهانة بالكسر انتهى قال ابن الملك في قوله عليه السلام من سأل عرافا لم تقبل صلاته أربعين ليلة العراف من يخبر بما أخفى من المسروق او الكاهن واما من سألهم لاستهزائهم او لتكذيبهم فلا يلحقه ما ذكر فى الحديث بقرينة حديث آخر من صدق كاهنا لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة فان قلت هذا

[سورة الطور (52) : الآيات 30 إلى 36]

مخالف لقوله عليه السلام من صدق كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد قلت اللائح لى فى التوفيق أن يقال مصدق الكاهن يكون كافرا إذا اعتقد انه عالم بالغيب واما إذا اعتقد انه ملهم من الله أوان الجن يلقون مما يسمعون من الملائكة فصدقه من هذا فلا يكون كافرا انتهى كلام ابن الملك وفي هدية المهديين من قال اعلم المسروقات يكفر ولو قال انا اخبر عن اخبار الجن يكفر ايضا لان الجن كالانس لا يعلم غيبا وَلا مَجْنُونٍ وهو من به جنون وهو زوال العقل او فساده وفي المفردات الجنون الحائل بين النفس والعقل وفي التعريفات الجنون هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الافعال والأقوال على نهج العقل الا نادرا وهو عند ابى يوسف ان كان حاصلا في اكثر السنة فمطبق وما دونه فغير مطبق وفي التأويلات النجمية يشير الى ان طبيعة الإنسان متنفرة من حقيقة الدين مجبولة على حب الدنيا وزينتها وشهواتها وزخارفها والجوهر الروحاني الذي جبل على فطرة الإسلام في الإنسان مودع بالقوة كالجوهر في المعدن فلا يستخرج الى الفعل الا يجهد جهيد وسعى تام على قانون الشريعة ومتابعة النبي عليه السلام وإرشاده وبعده بإرشاد ورثة علمه وهم العلماء الربانيون الراسخون في العلم من المشايخ المسلكين وفي زمان كل واحد منهم والخلق مع دعوى إسلامهم ينكرون على سيرهم في الأغلب ويستبعدون ترك الدنيا والعزلة والانقطاع عن الخلق والتبتل الى الله وطلب الحق الا من كتب الله في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه وهو الصدق في الطلب وحسن الارادة المنتجة من بذر يحبهم ويحبونهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والا فمن خصوصية طبيعة الإنسان أن يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية وان كانوا يصلون ويصومون وبزعمون انهم مسلمون ولكن بالتقليد لا بالتحقيق اللهم الا من شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه انتهى يقول الفقير في الآية تشريف للنبى عليه السلام جدا حيث ان الله تعالى ناب عنه في الجواب ورد الكافرين بنفسه وهو ايضا تصريح بما علم التزاما فان الأمر بالتذكير الذي هو متعلق بالوحى وان كان مقتضاء كمال العقل والصدق فى القول يقتضى ان لا يكون عليه السلام كاهنا ولا مجنونا فهذا النفي بالنسبة الى ظاهر الحال فانه لا يخلو من دفع الوهم وتمكين التصديق ونظيره كلمة الشهادة فان قوله لا اله نفى للوجود المتوهم الذي يتوهمونه والا فلا شيء غير الإثبات فافهم والله المعين سيدى كزو هم قدرش برترست ... خاك پايش چرخ را تاج سرست أَمْ يَقُولُونَ بلكه مى كويند در حق تو أم المكررة في هذه الآيات منقطعة بمعنى بل والهمزة ومعنى الهمزة فيها الإنكار ونقل البغوي عن الخليل انه قال ما في سورة الطور من ذكر أم كله استفهام وليس بعطف يعنى ليست بمنقطعة وقال في برهان القرآن أعاد أم خمس عشرة مرة وكلها إلزامات وليس للمخاطبين بها عنها جواب وفي عين المعاني أم هاهنا خمسة عشر وكله استفهام اربعة للتحقيق على التوبيخ بمعنى بل أم يقولون شاعر أم يقولون تقوله وقد قالوهما وأم هم قوم طاغون وأم يريدون كيدا وقد فعلوهما وسائرها للانكار وفي فتح الرحمن جميع ما في هذه السورة من ذكر أم استفهام غير عاطفة واستفهم تعالى مع علمه بهم تقبيحا عليهم وتوبيخا لهم كقول الشخص لغيره أجاهل

أنت مع علمه بجهله شاعِرٌ اى هو شاعر وقد سبق معنى الشعر والشاعر في اواخر سورة يس مفصلا قال الامام المرزوقي شارح الحماسة تأخر الشعراء عن البلغاء لتأخر المنظوم عند العرب لان ملوكهم قبل الإسلام وبعده تبجحون بالخطابة ويعدونها أكمل اسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة ولان الشعر كان مكسبة وتجارة وفيه وصف اللئيم عند الطمع بصفة الكريم والكريم عند تأخر صلته بوصف اللئيم ومما يدل على شرف النثر ان الاعجاز وقع في النثر دون النظم لان زمن النبي عليه السلام زمن الفصاحة كذا ذكره صاحب روضة الاخبار فان قلت فاذا كان الاعجاز واقعا في النثر فكيف قالوا في حق القرآن شعر وفي حقه عليه السلام شاعر قلت ظنوا انه عليه السلام كان يرجو الاجر على التبليغ ولذا قال تعالى قل ما اسألكم عليه من اجر فكان عليه السلام عندهم بمنزلة الشاعر حيث ان الشاعر انما يستجلب بشعره في الأغلب المال وايضا لما كانوا يعدون الشعر دناءة حملوا القرآن عليه ومرادهم عدم الاعتداد به فان قلت كيف كانوا يعدون الشعر دناءة وقد اشتهر افتخارهم بالقصائد حتى كانوا يعلقونها على جدار الكعبة قلت كان ذلك من كمال عنادهم او جريا على مسلك اهل الخطابة من الأوائل فاعرف فان هذا زائد على ما فصل فى سورة يس وقد لاح بالبال في هذا المقام قال ابن الشيخ قوله أم يقولون إلخ من باب الترقي الى قولهم فيه انه شاعر لان الشاعر ادخل في الكذب من الكاهن والمجنون وقد قيل احسن الشعرا كذبه وكانوا يقولون لا نعارضة في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره وانا نصبر ونتربص موته وهلاكه كما هلك من قبله من الشعراء وحينئذ تتفرق أصحابه وان أباه مات شابا ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه وذلك قوله سبحانه وتعالى نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ التربص الانتظار والريب ما يقلق النفوس اى يورث قلقا واضطرابا لها من حوادث الدهر وتقلبات الزمان فهو بمعنى الرائب من قولهم رابه الدهر وأرابه اى أقلقه وقيل سميت ريبا لانها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فانه لا يبقى بل هو متزلزل وفي المفردات ريب الدهر صروفه وانما قيل ريب لما يتوهم فيه من المنكر وفيه ايضا الريب ان تتوهم بالشيء امرا ما فينكشف عما توهمته ولهذا قال تعالى لا ريب فيه والارابة أن تتوهم فيه امرا فلا ينكشف عما تتوهمه وقوله نتربص به ريب المنون سماه ريبا لا من حيث انه مشكك في كونه بل من حيث انه يشكك في وقت حصوله فالانسان ابدا في ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه وعلى هذا قال الشاعر الناس قد علموا أن لا بقاء لهم ... لو انهم عملوا مقدار ما علموا انتهى والمنون الدهر والموت والكثير لامتنان كالمنونة والتي تزوجت لما لها فهى تمن على زوجها كالمنانة انتهى وقيل في الآية المنون الموت وربيه او جاعه وهو في الأصل فعول من منه إذا قطعه لان الدهر يقطع القوى والموت يقطع الأماني والعمر وفي المفردات قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد انتهى وريب منصوب على انه مفعول به والمعنى بل أيقولون ننتظر به نوآئب الدهر فيهلك كما هلك غيره من الشعراء زهير والنابغة وطرفة

[سورة الطور (52) : الآيات 31 إلى 32]

وغيرهم او ننتظر او جاع الموت كما مات أبوه شابا وذلك كما تتمنى الصبيان في المكتب موت معلمهم ليتخلصوا من يده فويل لمن أراد هلاك معلمه في الدين وكان محروما من تحصيل اليقين قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكى والأمر بالتربص للتهديد قال الراغب التربص انتظار الشخص سلعة كان يقصد بها غلاء او رخصا أو أمرا ينتظر زواله او حصوله انتهى وفيه عدة كريمة باهلاكهم وجاء في التفسيران جميعهم ماتوا قبل رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم وقد وقع في زماننا ان بعض الوزراء أهان بعض الأولياء فأجلاه وكان ينتظر هلاكه فهلك قبله هلاكا هائلا حيث قتل وقتل معه ألوف وفي الآية اشارة الى التربص في الأمور ودعوة الخلق الى الله والتوكل على الله فيما يجرى على عباده والتسليم لاحكامه في المقبولين والمردودين إذ كل يجرى على ما قضاه الله أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ اى دع تفوههم بهذه الأقوال الزائغة المتناقضة وفيهم ما هو أقبح من ذلك وهو انهم سفهاء ليسوا من اهل التمييز والأحلام العقول قال الراغب وليس الحلم في الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب بِهذا اى بهذا التناقض في المقال فان الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر في الأمور والمجنون مغطى عقله مختل فكره والشاعر ذو كلام موزون متسق مخيل فكيف يجتمع هؤلاء في واحد وامر الأحلام بذلك مجاز عن ادائها الى التناقض بعلاقة السببية كقوله أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا لا انه جعلت الأحلام آمرة على الاستعارة المكنية وفي الكواشي جعلت الحلوم آمرة مجازا ولضعفها جمعت جمع القلة قال في القاموس الحلم بالضم وبضمتين الرؤيا والجمع أحلام والحلم بالكسر الاناة والعقل والجمع أحلام وحلوم ومنه أم تأمرهم أحلامهم وهو حليم والجمع حلماء وأحلام انتهى وكان قريش يدعون اهل الأحلام والنهى فأزرى الله بعقولهم حين لم تثمرهم معرفة الحق من الباطل وقيل لعمر وبن العاص رضى الله عنه ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقول فقال تلك عقول كادها الله اى لم يصحبها التوفيق وفي الخبر ان الله لما خلق العقل قال له أدبر فأدبر ثم قال له اقبل فأقبل يعنى كفت بوى پشت بر كن پشت بر كرد پس كفت روى باز كن روى باز كرد فانى لم اخلق خلقا أكرم على منك بك اعبد وبك اعطى وبك آخذ قال ابو عبد الله المغربي لما قال له ذلك تداخله العجب فعوقب من ساعته فقيل له التفت فلما التفت نظر الى ما هو احسن منه فقال من أنت قال أنا الذي لا تقوم إلا بي قال ومن أنت قال التوفيق (وفي المثنوى) جز عنايت كى كشايد چشم را ... جز محبت كى نشاند خشم را جهد بي توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد روى ان صفوان بن امية فخر على رجل فقال أنا صفوان بن امية بن خلف ابن فلان فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فأرسل اليه وغضب فلما جاء قال ثكلتك أمك ما قلت فهاب عمر ان يتكلم فقال عمر ان كان لك تقوى فان لك كرما وان كان لك عقل فان لك

[سورة الطور (52) : الآيات 33 إلى 36]

أصلا وان كان لك خلق حسن فان لك مروءة والا فأنت شر من الكلب أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ مجاوزون الحدود في المكابرة والعناد مع ظهور الحق لا يحومون حول الرشد والسداد ولذلك يقولون ما يقولون من الا كاذيب الخارجة عن دائرة العقول والظنون قال ابن الشيخ ثم قيل لابل ذلك من طغيانهم لانه ادخل في الذم من نقصان العقل وابلغ في التسلية لان من طغى على الله فقد باء بغضبه أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ هو ترق الى ما هو ابلغ في كونه منكرا وهو أن ينسبوا اليه عليه السلام انه يختلق القرآن من تلقاء نفسه ثم يقول انه من عند الله افتراء عليه والتقول تكلف القول ولا يستعمل الا في الكذب والمعنى اختلق القرآن من تلقاء نفسه وليس الأمر كما زعموا بَلْ لا يُؤْمِنُونَ البتة لان الله ختم على قلوبهم وفي الإرشاد فلكفرهم وعنادهم يرمونه بهذه الأباطيل التي لا يخفى على أحد بطلانها كيف لا وما رسول الله الا واحد من العرب أتى بما عجز عنه كافة الأمم من العرب والعجم وفي كون ذلك مبنيا على العناد اشارة الى انهم يعلمون بطلان قولهم وتناقضه فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ اى إذا كان الأمر كما زعموا من انه كاهن او مجنون او شاعر ادعى الرسالة وتقول القرآن من عند نفسه فليأتوا بكلام مثل القرآن في النعوت التي استقل بها من حيث النظم ومن حيث المعنى قال في التكملة المشهور في القرآن بحديث مثله بالتنوين فيكون الضمير راجعا الى القرآن (وروى) عن الجحدري انه قرأ بحديث مثله بالاضافة فيكون الضمير راجعا الى النبي عليه السلام إِنْ كانُوا صادِقِينَ فيما زعموا فان صدقهم في ذلك يستدعى قدرتهم على الإتيان بمثله بقضية مشاركتهم له عليه السلام في البشرية والعربية مع ما بهم من طول الممارسة للخطب والاشعار وكثرة المزاولة لأساليب النظم والنثر والمبالغة في حفظ الوقائع والأيام ولا ريب في ان القدرة على الشيء من موجبات الإتيان به ودواعى الأمر بذلك واعلم ان الاعجاز اما أن يتعلق بالنظم من حيث فصاحته وبلاغته او يتعلق بمعناه ولا يتعلق به من حيث مادته فان مادته ألفاظ العرب وألفاظه ألفاظهم قال تعالى قرءانا عربيا تنبيها على اتحاد العنصر وانه منظم من عين ما ينظمون به كلامهم والقرآن معجز من جميع الوجوه لفظا ومعنى ومتميز من خطبة البلغاء ببلوغه حد الكمال في اثنى عشر وجها إيجاز اللفظ والتشبيه الغريب والاستعارة البديعة وتلاؤم الحروف والكلمات وفواصل الآيات وتجانس الألفاظ وتعريف القصص والأحوال وتضمين الحكم والاسرار والمبالغة في الأسماء والافعال وحسن البيان في المقاصد والأغراض وتمهيد المصالح والأسباب والاخبار عما كان وما يكون أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ من لابتداء الغاية اى أم أحدثوا وقدروا هذا التقدير البديع والشكل العجيب من غير محدث ومقدر وقيل أم خلقوا من أجل لا شيء من عبادة وجزاء فمن للسببية (وقال الكاشفى) آيا آفريده شده اند ايشان بى چيزى يعنى بي پدر ومادر مراد آنست كه ايشان آدمي انداز آدميان زاده شده نه جمادند كه تعقل خود نكند أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ لأنفسهم فلذلك لا يعبدون الله تعالى أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ اى إذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض

[سورة الطور (52) : الآيات 37 إلى 44]

قالوا الله وهم غيره موقنين بما قالوا والا لما اعرضوا عن عبادته تعالى والإيقان بي كمان شدن أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ جمع خزانة بالكسر وهو مكان الخزن يقال خزن المال احرزه وجعله في الخزانة وهو على حذف المضاف اى خزآئن رزقه ورحمته حتى يرزقوا النبوة من شاؤا ويمسكوها عمن شاؤا اى أعندهم خزآئن علمه وحكمته حتى يختاروا لها من اقتضت الحكمة اختياره أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ اى الغالبون على الأمور يدبرونها كيفما شاؤا حتى يدبروا امر الربوبية وبينوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم وفي عين المعاني اى الأرباب المسلطون على الناس فيجبرونهم على ما شاؤا من السطر كأنه يخط للمسلط عليه خطا لا يجاوزه وفي كشف الاسرار المسيطر المسلط القاهر الذي لا يكون تحت امر أحد ونهيه ويفعل ما يشاء يقال تصيطر على فلان بالسين والصاد اى سلط انتهى قال في القاموس المسيطر الرقيب الحافظ والمتسلط والسطر الصف من الشيء الكتاب والشجر وغير والخط والكتابة ويحرك في الكل والصطر بالصاد ويحرك السطر وتصيطر تسيطر أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ منصوب الى السماء وبالفارسية آيا مر ايشانراست نردبانى كه بدان با آسمان بروند قال الراغب السلم ما يتوصل به الى الامكنة العالية فيرجى به السلامة ثم جعل اسما لما يتوصل به الى كل شيء رفيع كالسبب قال ابن الشيخ لما أبطل من الاحتمالات العقلية جميع ما يتوهم أن يبنوا عليه تكذيبهم وانكارهم لم يبق لهم الا المشاهدة والسماع منه تعالى وهو اظهر استحالة فتهكم بهم وقال بل ألهم سلم يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ضمن يستمعون معنى الصعود فاستعمل بفي وفيه متعلق بمحذوف هو حال من فاعل يستمعون اى يستمعون صاعدين فى ذلك السلم ومفعول يستمعون محذوف اى الى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من الأمور التي يتقولون فيها رجما بالغيب ويعلقون بها اطماعهم الفارغة وفي كشف الاسرار فيه اى عليه كقوله في جذوع النخل اى عليها فَلْيَأْتِ پس ببايد كه بيارد فالباء الآتي للتعدية وهو امر تعجيز مُسْتَمِعُهُمْ شنونده ايشان كه بر آسمان برفتند و پيغام غيب شنيدند بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجة واضحة تصدق استماعه وبالفارسية حجتى روشن كه كواه باشد بر صدق استماع وى أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ هذا انكار عليهم حيث جعلو الله ما يكرهون او تسفيه لهم وتركيك لعقولهم وإيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء فضلا عن الترقي بروحه الى عالم الملكوت والتطلع على الاسرار الغيبية وذلك ان من جعل خالقه أدون حالا منه بأن جعل له مالا يرضى لنفسه كما قال تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم فانه لم يستبعد منه أمثال تلك المقالات الحمقاء والالتفات الى الخطاب لتشديد ما في أم المنقطعة من الإنكار والتوبيخ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً رجوع الى خطابه عليه السلام واعراض عنهم اى بل أتسألهم اجرا على تبليغ الرسالة تا تاوان زده شدند فَهُمْ لاجل ذلك مِنْ مَغْرَمٍ من التزام غرامة فادحة فالمغرم مصدر ميمى بمعنى الغرم والمضاف مقدر وفي الكشاف المغرم ان يلتزم الإنسان ما ليس عليه وفي الفتح الرحمن المغرم ما يلزم أداؤه وفي المفردات الغرم

[سورة الطور (52) : الآيات 41 إلى 44]

ما ينوب الإنسان من ماله من ضرر بغير جناية منه وكذا المغرم والغريم يقال لمن له الدين ولمن عليه الدين انتهى مُثْقَلُونَ محملون الثقل وبالفارسية كران بار شوند فلذلك لا يتبعونك يعنى لا عذر لهم أصلا والدين لا يباع بالدنيا زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب ميفروشد بنان فالاجر على الله تعالى كما قال ان اجرى الا على الله وقد سبق تحقيقه في مواضع متعددة أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ اى اللوح المحفوظ المثبت فيه الغيوب فَهُمْ يَكْتُبُونَ ما فيه حتى يتكلموا في ذلك بنفي او اثبات (وقال الكاشفى) پس ايشان مى نويسند از ان كه خبر پيغمبر عليه السلام از امر قيامت وبعث باطلست يا كتابت كنند كه موت تو كى خواهد بود أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً اى لا يكتفون بهذه المقالات الفاسدة ويريدن مع ذلك أن يكيدوا بك كيدا واساءة وهو كيدهم برسول الله عليه السلام في دار الندوة ومكرهم بالقتل والحبس والإخراج فان الكيد هو الأمر الذي يسوء من نزل به سوآء كان في نفسه حسنا او قبيحا فالاستفهام في المعطوف للتقرير وفي المعطوف عليه للانكار وقال بعضهم الكيد ضرب من الاحتيال وفي التعريفات الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق وقال سعدى المفتى الظاهر انه من الاخبار بالغيب فان السورة مكية وذلك الكيد كان وقوعه ليلة الهجرة فان قيل فليكن نزول الطور في تلك الليلة قلنا قد ثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما انه نزل بعدها بمكة تبارك الملك وغيرها من السور فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ القصر إضافي اى هم الذين يحيق بهم كيدهم او يعود عليهم وباله لا من أرادوا أن يكيدوه فانه المظفر الغالب عليهم قولا وفعلا حجة وسيفا او هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته والمراد ما أصابهم يوم بدر من القتل يعنى عند انتهاء سنين عدتها عدة كلمة أم وهى خمس عشرة فان غزوة بدر كانت في الثانية من الهجرة وهى الخامسة عشرة من النبوة أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ بعينهم ويحرسهم من عذابه سُبْحانَ اللَّهِ نزهه تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ اى عن شراكهم فما مصدرية او عن شركة ما يشركونه فما موصول والمضاف مقدر وكذا العائد بر ذيل عزتش ننشيند غبار شرك ... با وحدتش كسى دم شركت چهـ سان زند هر گاه افكنند بوصفش خيال را ... دست كمالش آتش غيرت دران زند وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً اى قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً عليهم لتعذيبهم وفي عين المعاني قطعة من العذاب او من السماء او جانبا منها من الكسف وهو التغطية كالكسوف وفي القاموس الكسفة بالكسر القطعة من الشيء والجمع كسف وكسف وفي المختار وقيل الكسف والكسفة واحد يَقُولُوا من فرط طغيانهم وعنادهم سَحابٌ مَرْكُومٌ غليظ او متراكب اى هم في طغيان بحيث لو اسقطناه عليهم حسبما قالوا او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا لقالوا هذا سحاب تراكم اى القى بعضها على بعض يمطرنا ولم يصدقوا انه كسف ساقط للعذاب وفي التأويلات النجمية يعنى انهم وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها كما قال تعالى ولو فتحنا عليهم بابا

[سورة الطور (52) : الآيات 45 إلى 49]

من السماء حتى شاهدوا بالعين لقالوا انما سكرت أبصارنا وليس هذا عيانا ومشاهدة فَذَرْهُمْ پس دست بدار از ايشان يعنى حرب مكن با ايشان كه هنوز بقتال مأمور نيستى ومكافات ايشان بگذار حَتَّى يُلاقُوا يعاينوا وبالفارسية تا وقتى كه بينند معاينه يَوْمَهُمُ مفعول به لا ظرف الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ اى يهلكون وبالفارسية هلاك كرده شوند وهو على البناء للمفعول من صعقته الصاعقة او من اصعقته اماتته وأهلكته قال فى المختار صعق الرجل بالكسر صعقة غشى عليه وقوله تعالى فصعق من في السموات ومن فى الأرض اى مات وهو يوم يصيبهم الصعقة بالقتل يوم بدر لا النفخة الاولى كما قيل إذ لا يصعق بها الا من كان حيا حينئذ قال ابن الشيخ المقصود من الجواب عن الاقتراح المذكور بيان انهم مغلوبون بالحجة مبهوتون وان طعنهم ذلك ليس الا للعناد والمكابرة حتى لو اجبناهم فى جميع مقترحاتهم لم يظهر منهم الا ما يبتنى على العناد والمكابرة فلذلك رتب عليه قوله فذرهم بالفاء يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً اى شيأ من الإغناء في رد العذاب وبالفارسية روزى كه نفع نكند وبار ندارد از ايشان مكر ايشان چيزى را از عذاب وهو بدل من يومهم وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ من جهة الغير في رفع العذاب عنهم وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى وان لهؤلاء الظلمة ابى جهل وأصحابه عَذاباً آخر دُونَ ذلِكَ غير مالا قوه من القتل اى قبله وهو القحط الذي أصابهم سبع سنين كما مر في سورة الدخان او وراءه وهو عذاب القبر وما بعده من فنون عذاب الآخرة وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كما ذكر لفرط جهلهم وغفلتهم أو لا يعلمون شيأ أصلا وفيه اشارة الى ان منهم من يعلم ذلك وانما يصر على الكفر عنادا فالعالم الغير العامل والجاهل سوآء فعلى العاقل أن يحصل علوم الآخرة ويعمل بها قال بعض الكبار العلم علمان علم تحتاج منه مثل ما تحتاج من القوت فينبغى الاقتصاد والاقتصار على قدر الحاجة منه وهو علم الاحكام الشريعة فلا ينبغى النظر فيه الا بقدر ما تمس الحاجة اليه في الوقت فان تعلق تلك العلوم انما هو بالأحوال الواقعة في الدنيا لا غير وعلم ليس له حد يوقف عنده وهو العلم المتعلق بالله ومواطن القيامة إذا لعلم بمواطنها يؤدى العالم بها الى الاستعداد لكل موطن بما يلق به لان الحق تعالى بنفسه هو المطالب في ذلك اليوم بارتفاع الوسائط وهو يوم الفصل فينبغى للانسان العاقل أن يكون على بصيرة من امره معدا للجواب عن نفسه وعن غيره في لمواطن التي يعلم انه يطلب منه الجواب فيها فلهذا ألحقنا علم مواطن القيامة بالعلم بالله انتهى وفي الآية اثبات عذاب القبر فان الله تعالى يحيى العبد المكلف في قبره ويرد الحياة اليه ويجعله من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ليعقل ما يسأل عنه وما يجيب به ويفهم ما أتاه من ربه وما أعدله من كرامة وهو ان ولقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما اخبر عليه السلام بفتنة الميت في قبره وسؤال منكر ونكير وهما الملكان يا رسول الله أيرجع الى عقلى قال نعم قال إذا أكفيكهما والله لئن سألانى لا سألنهما وأقول لهما انا ربى الله فمن ربكما أنتما وأنكرت الملحدة ومن نمذهب من الاسلاميين بمذهب الفلاسفة عذاب القبر وانه ليس له حقيقة وقد رؤى ابو جهل

[سورة الطور (52) : آية 48]

فى جانب مصرعه في بدر انه خرج من الأرض وفي عنقه سلسلة من نار يمسك أطرافها اسود وهو يطلب الماء حتى ادخله الأسود في الأرض بجذب شديد واختلاف احوال العصاة في عذاب القبر بحسب اختلاف معاصيهم واكثر عذاب القبر في البول فلا بد من التنزه عنه وسمع البهائم عذاب القبر وانما لم يسمع من يعقل من الجن والانس وكان عليه السلام يدعو ويقول اللهم انى أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال وينجى المؤمن من اهوال القبر وفتنته وعذابه خمسة أشياء الاول الرباط فى سبيل الله ولو يوما وليلة والثاني الشهادة بان يقتل في سبيل الله والثالث سورة الملك فان من قرأها كل ليلة لم يضره الفتان والرابع الموت مبطونا فانه لا يعذب في قبره والمراد بالمبطون صاحب الاسهال والاستطلاق والخامس الوقت ففى الحديث من مات يوم الجمعة او ليلة الجمعة وقى فتنة القبر نسأل الله سبحانه أن يعصمنا من الزلل ويحفظنا من الخلل ويجعلنا فى القبر والقيامة من الآمنين ويبشرنا عند الموت برحمة منه وفضل مبين بجاه النبي الامين والأنبياء المرسلين والملائكة المقربين وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ بامهالهم الى يومهم الموعود وابقائك فيما بينهم مع مقاساة الأحزان والشدائد ولا تكن في ضيق مما يمكرون يقول الفقير امر الله تعالى نبيه عليه السلام بالصبر لحكمه لا لأذى الكفار وجفائهم تسهيلا للامر عليه لان في الصبر لحكمه حلاوة ليست في الصبر للاذى والجفاء وان كان الصبر له صبرا للحكم فاعرف فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا اى في حفظنا وحمايتنا بحيث نراقبك ونكلأك وجمع العين لجمع الضمير والإيذان بغاية الاعتناء في الحفظ وبكثرة أسبابه إظهارا للتفاوت بين الحبيب والكليم حيث أفرد فيه العين والضمير كما قال ولتصنع على عينى وفي التأويلات النجمية اى لا حكم لك في الأزل فانه لا يتغير حكمنا الأزلي ان صبرت وان لم تصبر ولكن ان صبرت على قضائى فقد جزيت ثواب الصابرين بغير حساب فانك بأعيننا نعينك على الصبر لاحكامنا الازلية كما قال تعالى واصبر وما صبر الا بالله وفي عرائس البيان للبقلى ذكر قوله ربك بالغيبة لانه في مقام تفرقة العبودية والرسالة تقتضى حالة المشقة ولذلك امره بالصبر ولما ثقل عليه الحال نقله من الغيبة الى المشاهدة بقوله فانك بأعيننا اى نحفظك من الاعوجاج والتغير فى جريان أحكامنا عليك حتى تصير مستقيما بنا لنا فينا ونحن نراك بجميع عيون الصفات والذات بنعت المحبة والعشق ننظر بها إليك شوقا إليك وحراسة لك نحرسك بها حتى لا يغيرك غيرها من الحدثان عنا ونرفع بها عنك طوارق قهرنا فانك في مواضع عيون محبتنا وأنت في أكناف لطفنا انظر كيف ذكر الأعين وليس في الوجوه اشرف من العيون ومن احتصن بالله كان في حفظه ومن كان في حفظه كان في مشاهدته ومن كان في مشاهدته استقام معه ووصل اليه ومن وصل اليه انقطع عما سواه ومن انقطع عما سواه عاش معه عيش الربانيين قال بعضهم كنا مع ابراهيم بن أدهم قدس سره فأتاه الناس يا أبا اسحق ان الأسد وقف على طريقنا فأتى ابراهيم الى الأسد وقال له يا أبا الحارث ان كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به وان لم تؤمر بشيء فتنح عن طريقنا فأدبر الأسد وهو يهمهم والهمهمة

[سورة الطور (52) : آية 49]

ترديد الصوت في الصدر فقال ابراهيم وما على أحدكم إذا أصبح وأمسى ان يقول اللهم احرسنا بعينك التي لاننام واحفظنا بركنك الذي لا يرام وارحمنا بقدرتك علينا فلا نهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا وقال الخواص قدس سره كنت في طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل وإذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بي هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك يقول الفقير يحتمل ان يكون هذا الحفظ الخواصى بسبب بعض الادعية وكان يلازمه وقد روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان من قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثلاث مرات وقرأ ثلاث آيات آخر سورة الحشر هو الله الذي لا اله الا هو الى آخر السورة حين يصبح وكل الله به سبعين الف ملك يحرسونه وكذلك إذا قرأها حين يمسى وكل الله به سبعين الف ملك يحرسونه ويحتمل أن يكون ذلك بسبب ان الخواص من احباب الله والحبيب يحرس حبيبه كما روى انه ينزل على قبر النبي عليه السلام كل صباح سبعون الف ملك ويضربون أجنحتهم عليه ويحفظونه الى المساء ثم ينزل سبعون الفا غيرهم فيفعلون به الى الصباح كما يفعل الأولون وهكذا الى يوم القيامة وَسَبِّحْ اى نزهه تعالى عما لا يليق به حال كونك ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ على نعمائه الفائتة للحصر حِينَ تَقُومُ من اى مقام قمت قال سعيد ابن جبير وعطاء اى قل حين تقوم من مجلسك سبحانك اللهم وبحمدك اى سبح الله ملتبسا بحمده فان كان ذلك المجلس خيرا ازددت إحسانا وان كان غير ذلك كان كفارة له وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه وهو بالغين المعجمة والطاء المهملة الكلام الرديء القبيح واختلاط أصوات الكلام حتى لا يفهم فقال قبل ان يقوم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك كان كفارة لما بينهما وفي فتح القريب فقد غفر له يعنى من الصغائر ما لم تتعلق بحق آدمي كالغيبة وقال الضحاك والربيع إذا قمت الى الصلاة فقل سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وقال الكلبي هو ذكر الله باللسان حين يقوم من الفراش الى أن يدخل في الصلاة لما روى عن عاصم ابن حميد انه قال سألت عائشة رضى الله عنها بأى شيء يفتتح رسول الله عليه السلام قيام الليل فقالت كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا وسبح وهلل عشرا واستغفر عشرا وقال اللهم اغفر لى واهدني وارزقني وعافنى ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ افراد بعض الليل بالتسبيح والصلاة لان العبادة فيه أشق على النفس وابعد عن الرياء كما يلوح به تقديمه على الفعل يقول الفقير ولان الليل زمان المعراج والصلاة هو المعراج المعنوي فمن أراد أن يلتحق برسول الله عليه السلام في معراجه فليصل بالليل والناس نيام اى فى جوفه حين غفلة الناس ولشرف ذلك الوقت كان معراجه عليه السلام فيه لاقرب الصباح لان في قربه قد يستيقظ بعض النفوس للحاجات وان كان السحر الا على مماله خواص كثيرة وَإِدْبارَ النُّجُومِ بكسر الهمزة مصدر أدبر والنجوم جمع نجم وهو الكوكب الطالع يقال نجم نجوما ونجما اى طلع والمعنى ووقت إدبارها من آخر الليل اى غيبتها بضوء الصباح

سورة النجم

وقيل التسبيح من الليل صلاة العشاءين وادبار النجوم صلاة الفجر وفي الآية دليل على ان تأخير صلاة الفجر أفضل لانه امر بركعتى الفجر بعد ما أدبر النجوم وانما أدبر النجوم بعد ما يسفر قاله ابو الليت في تفسيره وقال اكثر المفسرين ادبار النجوم يعنى الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تدبر النجوم بضوء الصبح وفي الحديث ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وفيه بيان عظم ثوابهما يقول الفقير في قولهم وذلك حين إلخ نظر لان السنة في سنة الفجر انه يأتى بها في أول الوقت لان الأحاديث ترجحة فالتأخير الى قرب الفرض مرجوح وأول وقتها هو وقت الشافعي وليس للنجوم ادبار إذ ذاك وانما ذلك عند الاسفار جدا وقال سهل قدس سره صل المكتوبة بالإخلاص لربك حين تقوم إليها ولا تغفل صباحا ولا مساء عن ذكر من لا يغفل عن برك وحفظك في كل الأوقات وفي التأويلات النجمية قوله وسبح إلخ يشير الى مداومته على الذكر وملازمته له بالليل والنهار انتهى وقد سبق بيانه في آخر سورة ق قال بعض الكبار من سوء أدب المريد أن يقول لشيخه اجعلنى في بالك فان في ذلك استخداما للشيخ وتهمة له وانظر الى قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن قال له اسألك مرافقتك في الجنة حيث قال للسائل اعنى على نفسك بكثرة السجود فحوله الى غير ما قصد من الراحة فعلم الرياضة واجب تقديمه على الفتح في طريق السالكين لا المجذوبين والله عليم حكيم انتهى وفي الحديث من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر اوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل يقول الفقير كان التهجد فرضا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وانما كان يؤخر الوتر الى آخر الليل اما لما ذكر من شهود الملائكة في ذلك الوقت واما لان الوتر صلاها عليه السلام اولا ليلة المعراج بعد المنام فناسب فصلها عن العشاء وتأخيرها وفي ختم هذه السورة بالنجوم وافتتاح السورة الآتية بالنجم ايضا من حسن الانتهاء والابتداء ومن الاسرار مالا يخفى على اهل التحقيق تمت سورة الطور بعون الله الغفور في اواخر رجب الفرد من سنة اربع عشرة ومائة والف سورة النجم مكية وآيها احدى أو ثنتان وستون بسم الله الرحمن الرحيم وَالنَّجْمِ سورة النجم أول سورة أعلن بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجهر بقراءتها فى الحرم والمشركون يستمعون نزلت في شهر رمضان من السنة الخامسة من النبوة ولما بلغ عليه السلام السجدة سجد معه المؤمنون والمشركون والجن والانس غير ابى لهب في رواية فانه رفع حفنة من تراب الى جبهته وقال يكفينى هذا في رواية كان ذلك الوليد بن المغيرة فانه رفع ترابا الى جبهته فسجد عليه لانه كان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود وفي رواية وصححت امية بن خلف وقد يقال لا مانع أن يكونوا فعلوا ذلك جميعا بعضهم فعل ذلك تكبرا وبعضهم فعل ذلك عجزا وممن فعل ذلك تكبرا ابو لهب ولا يخالف ذلك ما نقل عن

ابن مسعود رضى الله عنه ولقد رأيت الرجل اى الفاعل لذلك قتل كافرا لانه يجوز أن يكون المراد بقتل مات وانما سجد المشركون لان النبي عليه السلام لما بلغ الى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى الحق الشيطان به قوله تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى كما سبق في سورة الحج فسمعه المشركون وظنوا انه من القرآن فسجدوا لتعظيم آلهتهم ومن ثم عجب المسلمون من سجود المشركين من غير ايمان إذ هم لم يسمعوا ما القى الشيطان في آذان المشركين وأرادوا بالغرانيق العلى الأصنام شبهت الأصنام بالغرانيق التي هى طائر الماء جمع غرنوق بكسر الغين المعجمة واسكان الراء ثم النون المفتوحة او غرنوق بضم الغين والنون ايضا او غرنيين بضم الغين وفتح النون وهو طير طويل العنق وهو الكركي او ما يشبهه ووجه الشبه بين الأصنام وتلك الطيور ان تلك الطيور تعلو وترفع في السماء فالاصنام مشبهة بها في علو القدر وارتفاعه قال بعضهم والنجم أول سورة نزلت جملة كاملة فيها سجدة فلا ينافي ان اقرأ باسم ربك أول سورة نزلت فيها سجدة لان النازل منها او آئلها لا مجموعها دفعة والواو للقسم اصحاب معانى كفتند قسم در قرآن بر دو وجه است يكى قسم بذات وصفات خالق جل جلاله چنانكه فو ربك فبعزتك والقرآن المجيد وهمچنين حروف تهجى در أوائل سور هر حرفى اشارتست بصفتى از صفات حق وقسم بر ان ياد كرده وجه دوم قسمست بمخلوقات وآن بر چهار ضربست يكى اظهار قدرت را چنانكه والذاريات والمرسلات والنازعات هذا وأمثاله نبه العباد على معرفة القدرة فيها ديكر قسم برستاخيز اظهار هيبت را كقوله لا اقسم بيوم القيامة أقسم بها ليعلم هيبته فيها سوم قسم ياد ميكند اظهار نعمت را تا بندگان نعمت خود از الله بشناسند وشكر آن بگذارند كقوله والتين والزيتون چهارم قسم است ببعض مخلوقات بيان تشريف را تا خلق عز وشرف آن چيز بدانند كه قسم بوى ياد كرده كقوله لا أقسم بهذا البلد يعنى مكة وكذلك قوله وطور سينين وهذا البلد الامين ومن ذلك قوله للمصطفى عليه السلام لعمرك وهذا على عادة العرب فانها تقسم بكل ما تستعظمه وتريد اظهار تعظيمه وقيل كل موضع أقسم فيه بمخلوق فالرب فيه مضمر كقوله والنجم ورب النجم ورب الذاريات وأشباه ذلك والمراد بالنجم اما الثريا فانه اسم غالب عليها ومنه قوله عليه السلام ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع يريد بالنجم الثريا باتفاق العلماء وقال السهيلي رحمه الله وتعرف الثريا بالنجم ايضا وبألية الحمل لانها تطلع بعد بطن الحمل وهى سبعة كواكب ولا يكاد يرى السابع منها لخفائه وفي الحقيقة انها اثنا عشر كوكبا وان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يراها كلها القوة جعلها الله في بصره وقال في عين المعاني وهى سبعة أنجم ظاهرة والسابع تمتحن به الابصار وكانت قريش تبجلها وتقول احسن النجم في السماء الثريا والثريا فى الأرض زين السماء وكانت رحلتاها عند طلوعها وسقوطها فاذا طلعت بالغداة عدوها من الصيف وإذا طلعت بالعشي عدوها من الشتاء قال الشاعر طلع النجم غديه ... ابتغى الراعي شكيه

[سورة النجم (53) : آية 2]

واما جنس النجم وهويه كما قال تعالى إِذا هَوى غربه وطلوعه يقال هوى يهوى من الثاني هويا بوزن قبول إذا غرب فان الهوى سقوط من علو الى أسفل وهويا بوزن دخول إذا علا وصعد والعامل في إذا القسم اى اقسم فانه بمعنى مطلق الوقت منسلخ عن معنى الاستقبال كما في قولك آتيتك إذا احمر البسر فلا يلزم عمل فعل الحال في المستقبل يعنى ان فعل القسم إنشاء والإنشاء حال وإذا لما يستقبل من الزمان فيكون المعنى أقسم الآن بالنجم وقت هوى بعد هذا الزمان ثم ان الله تعالى أقسم بالنجم حين هوى اى وقت هويه لان شأنه أن يهتدى به الساري الى مسالك الدنيا كأنه قيل والنجم الذي يهتدى به السابلة فى البر والجارية في البحر الى سوآء السبيل والسمت ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ هو جواب القسم اى ما عدل عن طريق الحق الذي هو مسلك الآخرة وهذا دليل على ان قوله ووجدك ضالا ليس من ضلال الغى فانه عليه السلام قبل الوحى وبعده لم يزل يعبد ربه ويوحده ويتوقى مستقبحات الأمور وفيه بيان فضل النبي عليه السلام حيث ان الله تعالى قال في حق آدم عليه السلام وعصى آدم ربه فغوى وقال في حقه ما ضل صاحبكم وَما غَوى الغى هو الجهل المركب قال الراغب الغى جهل من اعتقاد فاسد وذلك ان الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد أصلا لا صالحا ولا فاسدا وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد وهذا الثاني يقال له غى فعطفه على ما ضل من عطف الخاص على العام للاهتمام بشأن الاعتقاد بمعنى انه فرق بين الغى والضلال وليسا بمعنى واحد فان الغواية هى الخطأ في الاعتقاد خاصة والضلال أعم منها يتناول الخطأ في الوقوال والافعال والأخلاق والعقائد التي شرعها الله وبينها لعباده فالمعنى وما اعتقد باطلا قط اى هو في غاية الهدى والرشد وليس مماتتو همونه من الضلال والغواية في شيء أصلا وكانوا يقولون ضل محمد عن دين آبائه وخرج عن الطريق وتقول شيأ من تلقاء نفسه فرد الله عليهم بنفسه بتنزيل هذه السورة تعظيما له والخطاب لقريش وإيراده عليه السلام بعنوان صاحبيته لهم للايذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله واحاطتهم خبرا ببراءته عليه السلام مما نفى عنه بالكلية وباتصافه بغاية الهدى والرشاد فان طول صحبتهم له ومشاهدتهم محاسن شؤونه العظيمة مقتضية لذلك حتما كما في الإرشاد (وقال الكاشفى) وتسميه صاحب بجهت آنست كه حضرت پيغمبر عليه السلام مأمور بود بصحبت كافران جهت دعوت ايشان ويؤيد ما في الإرشاد قول الراغب في المفردات لا يقال الصاحب فى العرف الا لمن كثرت ملازمته وقوله تعالى ثم تفكروا ما بصاحبكم من جنة سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها اى انكم صحبتموه وجربتموه وعرفتم ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة وتقييد القسم بوقت الهوى لان النجم لا يهتدى به الساري عند كونه في وسط السماء ولا يعلم المشرق من المغرب ولا الشمال من الجنوب وانما يهتدى به عند هبوطه او صعوده مع ما فيه من كمال المناسبة لما سيحكى من تدلى جبريل من الأفق الأعلى ودنوه منه عليهما السلام وقال سعدى المفتى ثم التقييد بوقت الهوى اى الغروب لكونه اظهر دلالة على وجود الصانع وعظيم قدرته كما قال الخليل عليه السلام لا أحب الآفلين قال ابن الشيخ

فى حواشيه وفيه لطيفة وهى ان القسم بالنجم يقتضى تعظيمه وقد كان فيهم من يعبده فنبه يهويه على عدم صلاحيته للالهية بافوله وقيل خص الهوى دون الطلوع فان لفظة النجم دلت على طلوعه فان اصل النجم الكوكب الطالع وقال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه أراد بالنجم محمدا عليه السلام إذا نزل ليلة المعراج والهوى النزول كفته اند آن روز كه اين آيت فرو آمد ورسول خدا بر قريش آشكارا كرد عتبة بن ابى لهب كفت كفرت برب النجم إذا هوى وبالذي دنافتدلى ودختر رسول عليه السلام زن او بود طلاق داد رسول خدا دعا كرد وكفت اللهم سلط عليه كلبا من كلابك بعد از ان عتبه بتجارت شام رفت با پدر خويش ابو لهب در منزلى از منازل راه فرو آمدند وآنجا ديرى بود راهبى از دير فرو آمد وكفت هذه ارض مسبعة درين منزل سباع فراوان بود نكريد تا خويش را از سباع نكاه داريد ابو لهب اصحاب خويش را كفت اين پسر مرا نكاه داريد كه من مى ترسم كه دعاى محمد در وى رسد ايشان همه كرد وى در آمدند واو را در ميان كرفتند و پاس او مى داشتند در ميانه شب رب العالمين خواب بر ايشان افكند وشير بيامد وبايشان در كذشت ولطمه بر عتبه زد واو را هلاك كرد ولم يأكله لنجاسته ويحتمل من التأويل المصلى إذا سجد والغازي إذا قتل شهيدا والعالم إذا مات ووضع في قبره فان هؤلاء نجوم والاخبار ناطقة بها قال عليه السلام علماء أمتي كالنجوم بها يهتدى في البر والبحر وقال امام الغزالي رحمه الله هم الصحابة إذا ماتوا لقوله عليه السلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وعلماء الإسلام لقوله عليه السلام العلماء نجوم الأرض وقال بعضهم هو قسم بنور المعرفة إذا وقع فى القلب قال تعالى مثل نوره كمشكاة فيها مصباح (وقال الكاشفى) ونزد محققان سوكند ياد كرده بستاره دل حضرت محمد عليه السلام بر فلك توحيد منقطع شد از ما سوى الله تعالى وايضا أقسم الله بنجم الهام حين سقط من صحائف الغيوب الى معادن القلوب وفي التأويلات النجمية قال الأخفش النجم نبت لاساق له فيكون هويه سقوطه على الأرض كما قال والنجم والشجر يسجدان يشير الى ان الله تعالى ينبت حبة المحبة الدائمة المنزهة عن التغير المقدسة عن التبدل التي وقعت وسقطت من روض سماء ذاته المطلقة الكلية الجمعية الاحاطية في ارض قلب نبيه وحبيبه القابل لانبات نباتات الولاية والنبوة والرسالة الموجبات لظهور رياحين الحقائق القرآنية وشقائق التجليات الربانية وازهار التنزلات الحقانية وعرارا للطائف الاحسانية العرفانية كالمشاهدات والمكاشفات والمعاينات وأمثالها وجواب القسم ما ضل صاحبكم وما غوى وبه يشير الى ان وجود النبي عليه السلام لما كان أول نور وحداني بسيط علوى لطيف شعشعانى تجلى به الحق وتعلقت به القدرة القديمة الازلية من غير واسطة كما اخبر عنه بقوله أنا من الله والمؤمنون منى وليست فيه ظلمة الوسائط الامكانية الموجبة للضلالة المنتجة للغى بل هو على نوريته الاصلية البسيطة الشعشعانية المقتضية للهدى والتقوى المستدعية للرشد والنهى باق كما هو ما اثرت فيه مصاحبتكم الطبيعية ولا مخالطتكم الصورية العنصرية وما ضل بأمر الطبيعة وما غوى بحكم البشرية فانه صلّى الله عليه وسلّم

[سورة النجم (53) : آية 3]

قائم بالحق خارج عن الطبع كما اخبر عن نفسه الشريفة القدسية بقوله لست كأحدكم أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى وهذا يدل على قيامه بالحق وخروجه عن الطبع وأحكامه انتهى يقول الفقير امده الله القدير لفظ النجم نون هى خمسون بحساب ابجد وجيم هى ثلاثة فالمجموع ثلاثة وخمسون وميم هى أربعون فأشار الى ان النبي عليه السلام بعث عند الأربعين وجعل خاتم الأنبياء والمرسلين ومكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة والمجموع ثلاثة وخمسون وقد سماه الله تعالى بالنجم في هذه الآية كما سماه سراجا منيرا في آية اخرى لانه يستضاء بنور وجهه وضياء علمه وهداه وهوى هذا النجم العالي غروبه من مكة بعد المدة المذكورة وهجرته الى المدينة ولذا اقسم الله على عدم ضلاله وغيه لانه في غروبه ذلك وحركته راشد مهدى حيث كان بأمر الله تعالى واذنه فلما غرب من مكة اظلمت الدنيا على قريش وصاروا في ظلمة شديدة ولما طلع على المدينة أشرقت الأرض على المؤمنين حتى انهم وقعوا في البدر التام في السنة الثانية من الهجرة حيث نورهم الله تحت لواء حبيبه بنور النصرة على الأعداء ببدر وصار حال الأعداء الى ظلمة العدم وبهذا يظهر سر قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وسر قوله عليه السلام لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله اى ينقطع اهل الذكر المتصل وكان هو النبي عليه السلام في مكة وبخروجه عنها بمفارقته عن ارضها واصرار القوم على الشرك والعناد وقع عليهم الطامة الكبرى ببدر كما تقوم الساعة عند انقطاع اهل الذكر الدائم من الأرض ففيه الناس يعنى الناسين لا يعرفون قدر اهل الذكر والحضور فيما بينهم بل يعادونهم ويؤذونهم مع ان في ذلك هلاكهم لانهم ملكوتهم وبانقطاع الملكوت والأرواح عن الملك والأجسام يزول الملك وتخرب الأجسام لانقطاع سبب البقاء ومن هنا قالوا ان لله رجالا متصرفين في أقطار الدنيا ولو في دار الحرب قانه لا بد للوجود من فيض البقاء والامداد أمدنا الله وإياكم بمزيد فضله وجوده وشرفنا بوصاله وشهوده بحرمة النجم وهويه وسجوده أمين أمين وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى يقال نطق ينطق نطقا ومنطقا ونطوقا تكلم بصوت وحروف يعرف بها المعاني كما في القاموس فلا يستعمل في الله تعالى لان التكلم بالصوت والحروف من خواص المخلوق والهوى مصدر هويه من باب علم إذا أحبه واشتهاه ثم غلب على الميل الى الشهوات والمستلذات من غير داعية الشرع ومنه قيل صاحب الهوى للمبتدع لانه مائل الى ما يهواه في امر الدين فالهوى هو الميل المخصوص المذموم ولهذا نهى الله أنبياءه فقال لداود عليه السلام ولا تتبع الهوى ولنبينا عليه السلام ولا تتبع أهواءهم ولم يمل أحد من الأنبياء اليه بدليل قوله عليه السلام ما اطلى نبى قط يقال اطلى الرجل إذا مال الى هواه (حكى) عن بعض الكبار انه قال كنت في مجلس بعض الغافلين فتكلم الى أن قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام حيث قال حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى في الصلاة فقلت له اما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان

[سورة النجم (53) : آية 4]

من عند الله تعالى ثم حصل لى غم وهم افرأيت لنبى عليه السلام في المنام فقال لا تغتم فقد كفينا امره ثم سمعت انه خرج ضيعة له فقتل في الطريق نعوذ بالله من الاطالة على الأنبياء وورثتهم الأولياء وضمن ينطق معنى الصدور قتعدى بكلمة عن فالمعنى وما يصدر نطقه بالقرءان عن هواه ورأيه أصلا فان المراد استمرار نفى النطق عن الهوى لانفى استمرار النطق عنه وقد يقال عن هنا بمعنى الباء اى وما ينطق بالهوى كما يقال رميت عن القوس اى بالقوس وفي التنزيل وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك اى بقولك قال ابن الشيخ قال اولا ما ضل وما غوى بصيغة الماضي ثم قال وما ينطق عن الهوى بصيغة المستقبل بيانا لحاله قبل البعثة وبعدها اى ما ضل وما غوى حين اعتزلكم وما تعبدون قبل أن يبعث رسولا وما ينطق عن الهوى الآن حين يتلو عليكم آيات ربه انتهى يقول الفقير فيه بعد كما لا يخفى والظاهر ان صيغة الماضي باعتبار قولهم قد ضل وغوى اشارة الى تحقق ذلك في زعمهم واما صيغة المضارع فباعتبار تجدد النطق في كل حال والله اعلم بكل حال إِنْ هُوَ اى ما الذي ينطق به من القرآن إِلَّا وَحْيٌ من الله تعالى يُوحى اليه بواسطه جبريل عليهما السلام وهو صفة مؤكدة لوحى رافعة لاحتمال المجاز مفيدة للاستمرار التجددي يعنى ان فائدة الوصف التنبيه على انه وحي حقيقة لا انه يسمى به مجازا والوحى قد يكون اسما بمعنى الكتاب الإلهي وقد يكون مصدرا وله معان الإرسال والإلهام والكتابة والكلام والاشارة والافهام وفيه اشارة الى ان النبي عليه السلام قد فنى عن ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الله وصفاته وأفعاله بحيث لم يبق منه لا اسم ولا رسم ولا اثر ولا عين فكان ناطقا بنطق الحق لا ينطق البشرية فلا يتوهم فيه ان يجرى عليه الخطرات الشيطانية والهواجس النفسانية ولذا قالوا ما يصدر عن الواصل شريعة إذ هو محفوظ كما ان النبي عليه السلام معصوم قال بعض الكبار من وضع من الفقراء وردا من غير الوارد في السنة فقد أساء الأدب مع الله ورسوله الا أن يكون ذلك بتعريف من الله تعالى فيعرفه خصائص كلمات يجمعها فيكون حينئذ ممتثلا لا مخترعا وذلك مثل حزب البحر للشاذلى قدس سره فانه سافر في بحر القلزم مع نصرانى يقصد الحج فتوقف عليهم الريح أياما فرأى النبي عليه السلام في مبشرة فلقنه إياه فقرأه وأمر النصراني بالسفر فقال واين الريح فقال افعل فانه الآن يأتيك فكان الأمر كما قال واسلم النصراني بعد ذلك وقس عليه الإلهام والتعريف في اليقظة وقد اخبر ابو يزيد البسطامي قدس سره انه يولد بعد وفاته بمدة طويلة نفس من أنفاس الله وهو الشيخ ابو الحسن الخرقاني قدس سره فكان كما قال (وكذا قال صاحب المثنوى) لوح محفوظست او را پيشوا ... از چهـ محفوظست محفوظ از خطا نى نجومست ونى رملست ونه خواب ... وحي حق والله اعلم بالصواب از پى روپوش عامه در بيان ... وحي دل كويند او را صوفيان وحي دل گيرش كه منظرگاه اوست ... چون خطا باشد چودل آگاه اوست مؤمنا ينظر بنور الله شدى ... از خطا وسهو ايمن آمدى

[سورة النجم (53) : الآيات 5 إلى 9]

عَلَّمَهُ اى القرآن الرسول اى نزل به عليه وقرأه عليه وبينه له هذا على أن يكون الوحى بمعنى الكتاب وان كان بمعنى الإلهام فتعليمه بتبليغه الى قلبه فيكون كقوله نزل به الروح الامين على قلبك شَدِيدُ الْقُوى من اضافة الصفة الى فاعلها مثل حسن الوجه والموصوف محذوف اى ملك شديد قواه وهو جبريل فانه الواسطة في ابداء الخوارق ويكفيك دليلا على شدة قوته انه قلع قرى قوم لوط من الماء الأسود الذي تحت الثرى وحملها على جناحه ورفعها الى السماء حتى سمع اهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها وصاح بثمود صيحة فاصبحوا جاثمين ورأى إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقبات الأرض المقدسة فنفخه نفخة بجناحه يعنى باد زد ويرا بجناح خود بادى وألقاه في أقصى جبل في الهند وكان هبوطه على الأنبياء عليهم السلام وصعوده في اسرع من رجعة الطرف ذُو مِرَّةٍ اى حصافة يعنى استحكام في عقله ورأيه ومتانة في دينه قال الراغب أمررت الحبل إذا فتلته والمرير والممر المفتول ومنه فلان ذو مرة كأنه محكم الفتل وفي القاموس المرة بالكسر قوة الخلق وشدة والجمع مرر وإمرار والعقل والاصالة والاحكام والقوة وطاقة الحبل كالمريرة وذو مرة جبريل عليه السلام والمريرة الحبل الشديد الفتل فَاسْتَوى عطف على علمه بطريق التفسير فانه الى قوله ما اوحى بيان لكيفية التعليم اى فاستقام جبريل واستقر على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح موشحا اى مزينا بالجواهر دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحى كصورة دحية امير العرب وكما اتى ابراهيم عليه السلام في صورة الضيف وداود عليه السلام في صورة الخصم وذلك ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجبل حرآء وهو الجبل المسمى بجبل النور في قرب مكة فقال ان الأرض لا تسعنى ولكن انظر الى السماء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأرض من المغرب وملأ الأفق فخر رسول الله كما خر موسى في جبل الطور فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه الى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه وذلك فان الجسد وهو في الدنيا لا يتحمل رؤية ما هو خارج عن طور العقل فمنها رؤية الملك على صورة جبل عليها وأعظم منها رؤية الله تعالى في هذه الدار قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير نبينا عليه السلام فانه رآه فيها مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء ليلة المعراج عند سدرة المنتهى لما سيأتى (وروى) ان حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه قال يا رسول الله أرنى جبرائيل في صورته فقال انك لا تستطيع أن تنظر اليه قال بلى يا رسول الله أرنيه فقعد ونزل جبرائيل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا فقال عليه السلام ارفع طرفك يا حمزة فانظر فرفع عينيه فاذا قدماه كالزبرجد الأخضر فخر مغشيا عليه (وروى) انه رآه على فرس والدنيا بين كلكلها وفي وجهه أخدود من البكاء لو ألقيت السفن فيه لجرت وانما رآه عليه السلام مرتين ليكمل له الأمر مرة في عالم الكون والفساد واخرى في المحل الأنزه الأعلى وانما قام بصورته ليؤكدان ما يأتيه فى صورة دحية هو هو فانه إذا رآه في صورة نفسه عرفه حق معرفته ولم يبق عليه اشتباه

بوجه ما وفي كشف الاسرار فان قيل كيف يجوز أن يغير الملك صورة نفسه وهل يقدر غير الله على تغيير صورة المخلوقين وقد قلتم ان جبرائيل أتى رسول الله مرة في صورة رجل ومرة في صورته التي ابتدأه الله عليها وان إبليس أتى قريشا في صورة شيخ من اهل نجد فالجواب عنه تغيير الصور الذي هو تغيير التركيب والتأليف لا يقدر عليه الا الله واما صفة جبرائيل ففعل الله تعالى تنبيها للمصطفى عليه السلام وليعلم انه امر من الله إذ رآه في صور مختلفة فان ذلك لا يقدر عليه الا الله وهو ان يراه مرة قد سد الأفق واخرى يجمعه مكان ضيق واما إبليس فكان ذلك منه تخييلا للناظرين وتمويها دون التحقيق كفعل السحرة بالعصى والحبال قال الله تعالى فاذا حبالهم وعصيهم يخيل اليه من سحرهم انها تسعى انتهى ما في الكشف وقال في آكام المرجان قال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور اى صور الانس والبهائم والطير وانما يجوز ان يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الافعال إذا فعله وتكلم به نقله الله من صورة الى صورة فيقال انه قادر على التصور والتخييل على معنى انه قادر على قول إذا قاله او على فعل إذا فعله نقله الله من صورته الى صورة اخرى بجرى العادة واما يصور نفسه فذلك محال لان انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء وإذا انتقضت بطل الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة فكيف ينقل نفسه قال والقول في تشكيل الملائكة من ذلك انتهى وقال والهى الاسكوبى فيه ان من قال تمثل جبريل وتصور إبليس ليس مراده انهما أحدثا تلك الصورة والمثال عن قدرة أنفسهما بل باقدار الله على التمثيل والتصوير كيف يشاء فلا منافاة بين القولين غاية ما في الباب ان العامل عن طريق أقدار الله به من الأسباب المخصوصة انتهى وقال في انسان العيون فان قيل إذا جاء جبريل على صورة الآدمي دحية او غيره بل هى الروح تتشكل بذلك الشكل وعليه على يصير جسده الأصلي حيا من غير روح أو ميتا أجيب بأن الجائى يجوز أن لا يكون هو الروح بل الجسد لانه يجوز ان الله تعالى جعل في الملائكة قدرة على التطور والتشكل بأى شكل أرادوه كالجن فيكون الجسد واحدا ومن ثمة قال الحافظ ابن حجر ان تمثل الملك رجلا ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه انه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر ان القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط وأخذ من ذلك بعض غلاة الشيعة انه لا مانع ولا بعد ان الحق تعالى يظهر في صورة على وأولاده الاثني عشر رضى الله عنهم ويجوز ان يكون الجسد للملك متعددا وعليه فمن الممكن ان يجعل الله لروح الملك قوة يقتدر بها على التصرف في جسد آخر غير جسدها المعهود مع تصرفها في ذلك الجسد المعهود كما هو شأن الابدال لأنهم يرحلون الى مكان ويقيمون فى مكانهم شبحا آخر شبيها لشبحهم الأصلي بدلا منه وقد ذكر ابن السبكى في الطبقات ان كرامات الأولياء انواع وعد منها ان يكون له أجساد متعددة قال وهذا هو الذي يسميه الصوفية بعالم المثال ومنه قصة قضيب البان وغيره اى كواقعة الشيخ عبد القادر الطبحطوطى فقد ذكر الجلال السيوطي انه رفع اليه سؤال في رجل حلف بالطلاق ان ولى الله الشيخ عبد القادر

الطبحطوطى بات عنده ليلة كذا فحلف آخر بالطلاق انه بات عنده تلك الليلة بعينها فهل يقع الطلاق على أحدهما فأرسلت قاصدى الى الشيخ عبد القادر فسأله عن ذلك فقال لو قال أربعون انى بت عندهم لصدقوا فأفتيت بأنه لا حنث على واحد منهما لان تعدد الصور بالتخيل والتشكل ممكن كما يقع ذلك للجان قال الشعراني وأخبرني من صحب الشيخ محمد الخضرى انه خطب فى خمسين بلدة في يوم واحد خطبة الجمعة وصلّى بهم اماما واما الشيخ حسين ابو على المدفون بمصر المحروسة فأخبرنى عنه أصحابه ان التطور كان دأبه ليلا ونهارا حتى في صور السباع والبهائم ودخل عليه بعض أعدائه ليقتلوه فوجدوه فقطعوه بالسيوف ليلا ورموه على كوم بعيد ثم أصبحوا فوجدوه قائما يصلى وفي جواهر الشعراني وصورة التطور ان يقدر الله الروح على تدبير ما شاءت من الأجسام المتعددة بخلعة كن فللاولياء ذلك في الدنيا بحكم حرق العادة واما في الآخرة فان نفس نشأة اهل الجنة تعطى ذلك فيدبر الواحد الأجسام المتعددة كما يدبر الروح الواحد سائر أعضاء البدن فتكون تسمع وأنت تبصر وتبطش وتمشى ونحو ذلك وفي الفتوحات المكية والذي أعطاه الكشف الصحيح ان أجسام اهل الجنة تنطوى في أرواحهم فتكون الأرواح ظروفا للاجسام عكس ما كانت في الدنيا فيكون الظهور والحكم في الدار الآخرة للجسم لا للروح ولهذا يتحولون في اى صورة شاؤا كما هو اليوم عندنا للملائكة وعالم الأرواح انتهى وفي انسان العيون عالم المثال عالم متوسط بين عالم الأجساد والأرواح الطف من عالم الأجساد وأكثف من عالم الأرواح فالارواح تتجسد وتظهر في صور مختلفة من عالم المثال وهذا الجواب اولى من جواب ابن حجر بأن جبرائيل كان يندمج بعضه في بعض وهل مجيئ جبرائيل في صورة دحية كان في المدينة بعد اسلام دحية وإسلامه كان بعد بدر فانه لم يشهدها وشهد المشاهد بعدها إذ يبعد مجيئه على صورة دحية قبل إسلامه قال الشيخ الأكبر رضى الله عنه دحية الكلبي كان أجمل اهل زمانه وأحسنهم صورة فكان الغرض من نزول جبريل على سيدنا محمد في صورته اعلاما من الله تعالى انه ما بينى وبينك يا محمد سفير إلا صورة الحسن والجمال وهى التي عندى فيكون ذلك بشرى له عليه السلام ولا سيما إذا اتى بأمر الوعيد والزجر فتكون تلك الصورة الجميلة تسكن منه ما يحرك ذلك الوعيد والزجر هذا كلامه وهو واضح لو كان لا يأتيه الا على تلك الصورة الا ان يدعى انه من حين أتاه على صورة دحية لم يأته على صورة آدمي غيره بقي هنا كلام وهو ان السهيلي رحمه الله ذكر ان المراد بالاجنحة في حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كأجنحة الطير ولا ينافي ذلك وصف كل جناح منها بأنه يسد ما بين المشرق والمغرب انتهى يقول الفقير هذا كلام عقلى ولا منع من ان يجمع الملك بين قوة روحانية وبين جناح يليق بعالمه سوآء كان ذلك كجناح الطير او غيره فان المعقولات مع المحسوسات تدور والجمع انسب بالحكمة والصق بالقدرة وقد أسلفنا مثل هذا في أوائل سورة الملائكة فلا كلام فيه عند اولى الألباب وانما يقتضى المقام ان يبين وجه كون جناح جبريل ستمائة لا أزيد ولا انقص ولم اظفر ببيانه لا في كلام اهل الرسوم ولا في إشارات اهل الحقائق والذي

[سورة النجم (53) : الآيات 7 إلى 9]

يدور بالبال إلهاما من الله تعالى لا تعملا وتأملا ان النبي عليه السلام انما عرج ليلة الإسراء بالفناء التام ولذا وقع الإسراء في الليل الذي هو مظهر الفناء دون النهار الذي هو مظهر البقاء وكان مراتب الفناء سبعا على مراتب الأسماء السبعة التي آخرها القيوم القهار وللاشارة الى هذه جعلت منارات الحرم المكي سبعا لان سر البقاء انما ظهر في حرم النبي عليه السلام ولذا جعلت مناراته خمسا على عدد مراتب البقاء التي أشير إليها بالأسماء الخمسة الباقية من الاثني عشر التي آخرها الأحد الصمد وكل واحد من تلك الأسماء السبعة مائة على حسب تفصيلها الى الأسماء الحسنى مع احدية جمعها فيكون مجموعها بهذا الحسب سبعمائة ولما كان جبريل دون النبي عليه السلام في الفناء لم يتجاوز تلك الليلة مقامه الذي هو سدرة المنتهى حتى قال لو دنوت انملة لا حترقت وتجاوزه النبي عليه السلام الى مستوى العرش وقهره وغلب عليه في ذلك فانتهى سير جبريل الى الاسم القيوم فصار مقهورا تحت سير النبي عليه السلام وقائما في مكانه وقائما بوحيه للقلوب ولذا سمى بروح القدس لحياة القلوب بوحيه كحياة الأجساد بالأرواح فله من تلك الاجنحة السبعمائة ستمائة صورة ومعنى وانتهى سير النبي عليه السلام الى الاسم القهار فصار ما حصر الكل من دونه فله سبعمائة جناح معنوية فظهر ان القوة النبوية أزيد من القوة الملكية لانها القوة الالهية وقد قال تعالى يد الله فوق أيديهم وان جبريل لكونه من الأيدي انما يستفيد اليد والقوة من يد النبي عليه السلام وقوته فاعرف ذلك وكن من الموقنين وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى حال من فاعل استوى والأفق هى الدائرة التي تفصل بين ما يرى من الفلك وما لا يرى والأفق الأعلى مطلع الشمس كما ان الأفق الأدنى مغربها والمعنى والحال ان جبريل بأفق الشمس اى أقصى الدنيا عند مطلع الشمس وبالفارسية وبكناره بلندتر بود از آسمان يعنى نزديك مطلع آفتاب ومنه يعلم ان مطلع الشمس ومغربها كرأس الإنسان ورجله وان كانت الدنيا كالكرة على ما سلف وايضا مثل روح الإنسان وجسده فان الروح علوى والجسد سفلى وقد طلع من عالم الأرواح وغرب فى عالم الأجساد ثُمَّ دَنا اى أراد الدنو من النبي عليه السلام حال كونه في جبل حرآء والدنو القرب بالذات او بالحكم ويستعمل في الزمان والمكان والمنزلة كما في المفردات فَتَدَلَّى التدلي استرسال مع تعلق اى استرسل من الأفق الأعلى مع تعلقه به فدنا من النبي عليه السلام يقال تدلت الثمرة ودلى رجليه من السرير وفي الحديث لو دليتم بحبل الى الأرض السفلى لهبط على الله اى على علمه وقدرته وسلطانه في كل مكان وادلى دلوه والدوالي الثمر المعلق وبالفارسية آونك فَكانَ اى مقدار امتداد ما بينهما وهو المسافة قابَ قَوْسَيْنِ من قسى العرب اى مقدار هما في القرب وذكر القوس لان القرآن نزل بلغة العرب والعرب تجعل مساحة الأشياء بالقوس وفي معالم التنزيل معنى قوله كان بين جبرائيل ومحمد عليهما السلام مقدار قوسين انه كان بينهما مقدار ما بين الوتر والقوس كأنه غلب القوس على الوتر وهذا اشارة الى تأكيد القرب وأصله ان الحليفين من العرب كانا إذا أرادا عقد الصفاء والعهد خرجا بقوسيهما فألصقا بينهما يريدان بذلك انهما متظاهران يحامى كل واحد

[سورة النجم (53) : الآيات 10 إلى 14]

منهما عن صاحبه وقيل قدر ذراعين ويسمى الذراع قوسا لانه يقاس به المذروع اى يقدر فلم يكن قريبا قرب التصاق ولا بعيدا بحيث لا يتأتى معه الافادة والاستفادة وهو الحد المعهود في مجالسة الأحباء المتأدبين أَوْ أَدْنى اى على تقديركم ايها المخاطبون كما في قوله او يزيدون فان التشكيك لا يصح على الله فأوللشك من جهة العباد كما ان كلمة لعل كذلك فى مواضع من القرآن اى لو رآهما رائ منكم لقال هو قدر قوسين في القرب او أدنى اى لالتبس عليه مقدار القرب والمراد من قوله ثم دنا الى قوله او أدنى تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما اوحى اليه بنفي البعد الملبس وحمله بعضهم على حقيقته حيث قال فكلما دنا جبريل من النبي عليهما السلام انتقص فلما قرب منه مقدار قوسين رآه على صورته التي كان يراه عليها في سائر الأوقات حتى لا يشك انه جبريل وهنا كلام آخر يجيئ بعد تمام الآيات فَأَوْحى اى جبرائيل إِلى عَبْدِهِ اى عبد الله تعالى وإضماره قبل الذكر لغاية ظهوره كما في قوله تعالى ما ترك على ظهرها من دابة اى على ظهر الأرض والمراد بالعبد المشرف بالاضافة الى الله هو الرسول عليه السلام كما في قوله تعالى سبحان الذي اسرى بعبده ما أَوْحى اى من الأمور العظيمة التي لا تفى بها العبارة او فأوحى الله حينئذ بواسطة جبريل ما اوحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ اى فؤاد محمد عليه السلام وما نافية ما رَأى ما موصولة وعائدها محذوف اى ما رأه ببصره من صورة جبريل اى ما قال فؤاده لما رأه لم أعرفك ولو قال ذلك لكان كاذبا لانه عرفه بقلبه كما رأه ببصره قال بعضهم كذب مخففا ومشددا بمعنى واحد وقال بعضهم من خفف كذب جعل ما في موضع النصب على نزع الخافض وإسقاطه اى ما كذب فؤاده فيما رأه ببصره اى لم يقل فيه كذبا وانما يقول ذلك ان لو قال له لا أعرفك ولا اعتقد بك أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى اى أتكذبون محمدا عليه السلام فتجادلونه على ما يراه معاينة من صورة جبريل فالفاء للعطف على محذوف او أبعد ما ذكر من أحواله المنافية للمماراة فتمارونه فالفاء للتعقيب وذلك ان النبي عليه السلام لما اخبر برؤية جبريل تعجبوا منه وأنكروا والمماراة والمراء المجادلة بالباطل فكان حقه ان يتعدى بفي يقال جادلته في كذا لكنه ضمن معنى الغلبة فتعدى تعديتها لان الممارى يقصد بفعله غلبة الخصم واشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه يقال مريت الناقة مريا مسحت ضرعها لتدر ومريت الفرس إذا استخرجت ما عنده من الجري او غيره يقول الفقير كان الظاهر ان يقال على ما رأى وجوابه انه لما كان اثر الرؤية باقيا صح ان يقال يرى وايضا ان رؤية جبريل مستمرة الى وقت الانتقال ولو على غير صورته الاصلية وقال الحسن البصري رحمه الله وجماعة علمه شديد القوى اى علمه الله وهو وصف من الله نفسه بكمال القدرة والقوة ذو مرة اى ذو احكام الأمور والقضايا وبين المكان الذي فيه علمه بلا واسطة فاستوى اى محمد عليه السلام وهو بالأفق الأعلى اى فوق السموات ثم دنا پس نزديك شد حضرت محمد بحضرت احديت يعنى مقرب دركاه الوهيت كشت بمكانت ومنزلت نه بمنزل ومكان فتدلى پس فروتنى كرد يعنى سجده خدمت آورد خدايرا و چون اين مرتبه بواسطه

خدمت يافته بود ديگر باره در وظيفه خدمت افزود ودر سجده وعده قرب نيز هست كه اقرب ما يكون العبد من ربه أن يكون ساجدا فكان قاب قوسين او أدنى كنايتست از تأكيد قربت وتقرير محبت وبواسطه تقرب بافهام در صورت تمثيل مؤدى شده چهـ عادت عظماى عرب آن مى بوده كه چون تأكيد عهدى وتوثيق عهدى خواستندى كه بغض بدان راه نيابد هر يك از متعاقدان كمان خود حاضر ساخته با يكديكر انضمام دادندى وهر دو بيكبار قبضتين را كرفته وبيكبار كشيده باتفاق يك تيرازان بينداختندى واين صورت از ايشان اشارت بدان معنى بودى كه موافقت كلى ميان ما تحقق پذيرفت ومصادقت واتحاد أصلي بر وجهى ثبوت يافت كه بعد از ان رضا وسخط يكى عين رضا وسخط آن ديكرست پس گوييا درين آيت با عنايت آن معنى مؤدى شده كه محبت وقربت حضرت پيغمبر با حق سبحانه وتعالى بمثابه تأكيد يافته كه مقبول رسول مقبول خداوندست ومردود مصطفى مردود درگاه خداست وعلى هذا القياس ونزد محققان دنا اشارت نفس مقدس اوست وتدلى بمنزله دل مطهر او فكان قاب قوسين مقام روح مطيب او أدنى بمرتبه سر منور او ونفس او در مكان خدمت بود ودل او در منزل محبت وروح او در مقام قربت وسر او در مرتبه مشاهدت شيخ ابو الحسين نورى را قدس سره از معنى اين آيت پرسيدند جواب داد جايى كه جبرائيل نكنجند نورى كيست كه از ان سخن تواند كفت خيمه برون زد ز حدود وجهات ... پرده او شد تتق نور ذات تيركئ هستى ازو دور كشت ... پردكىء پرده آن نور كشت كيست كزان پرده شود پرده ساز ... زمزمه كويد از ان پرده باز ويدل على ان ضمير دنا يعود اليه عليه السلام انه قال في رواية لما اسرى بي الى السماء قربنى ربى حتى كان بينى وبينه كقاب قوسين او أدنى قيل لى قد جعلت أمتك آخر الأمم لأفضح الأمم عندهم اى بوقوفهم على اخبارهم ولا افضحهم عند الأمم لتأخرهم عنهم وقال بعض الكبار ثم دنا اشارة الى العروج والوصول وقوله فتدلى الى النزول والرجوع وقوله فكان قاب قوسين بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى الله الصمد وقوله او أدنى اشارة الى الوصول الى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى الله أحد فى صورة الإخلاص فحاصل المعنى ثم دنا اى الى الحق من الخلق فتدلى الى الخلق من الحق فكان قاب قوسين في مرتبة الوحدة الواحدية الجامعة بين شهادة الصفات والخلق وبين غيب الذات والحق او أدنى في الوحدة الاحدية المختصة بغيب ذات الحق واذن هنا أمران الاول الوصول الى مرتبة قاب قوسين وذلك بفناء في الصفات فقط والثاني الوصول الى مرتبة او أدنى وذلك بفناء في الصفات والذات معا فان يسر الله النزول والبقاء يكمل الأمر فى هاتين الجهتين ولعمرى عزيز اهل هذا المقام جدا وقال بعضهم ضمير دنا الى آخره يعود الى الله تعالى قال في كشف الاسرار دنو الله من العبد على نوعين أحدهما بإجابة الدعوة وإعطاء المنية ورفع المنزلة كما في قوله فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان والثاني بمعنى القرب

فى الحقيقة دون هذه المعاني كقوله ثم دنا فتدلى انتهى فالمعنى ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى اى زاد في القرب حتى كان من محمد عليه السلام قاب قوسين او أدنى فمعنى الدنو والتدلي الواقعين من الله تعالى كمعنى النزول منه الى السماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل الأخير وهو ان ذلك عند اهل الحقائق من مقام التنزل بمعنى انه تعالى يتلطف بعباده ويتنزل في خطابه لهم فيطلق على نفسه ما يطلقونه على أنفسهم فهو في حقهم حقيقة وفي حقه تعالى مجاز كما في انسان العيون قال القاضي ابو الفضل في كتاب الشفاء اعلم ان ما وقع في اضافة الدنو والقرب من الله او الى الله فليس بدنو مكان ولا قرب مدى بل كما ذكرنا عن جعفر الصادق ليس بدنو حد وانما دنو النبي من ربه وقربه منه ابانة عظيم منزلته وتشريف رتبته واشراق أنوار معرفته ومشاهدة اسرار غيبه وقدرته ومن الله له مبرة وتأنيس وبسط وإكرام قال في فتح الرحمن فمن جعل الضمير عائدا الى الله لا الى جبريل على هذا كان قوله فكان إلخ عبارة عن نهاية القرب ولطف المحل واتضاح المعرفة والاشراف على الحقيقة من محمد عليه السلام وعبارة اجابة الرغبة وقضاء المطالب قرب بالاجابة والقبول وإتيان بالإحسان وتعجيل المأمول فأوحى الى عبده ما أوحى قال في الاسئلة المقحمة أجمل ولم يفسره لانه كان يطول ذكر جميع ما أوحى اليه فذكره جملة من غير تعرض الى التفصيل فقال فأوحى الى عبده ما أوحى وقالت الشيوخ ستر الله بعض ما اوحى الى عبده محمد عليه السلام عن الخلق سترا على حاله لئلا يطلع عليه غيره فان ذلك لا يتعلق بغيره وانما ذلك من خواص محبته ومعرفته وعلو درجاته إذ بين الأحباب يجرى من الاسرار مالا يطلع عليه الأجانب والأغيار قال عليه السلام لى وقت مع الله لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل وسمعت الشيخ أبا على الفارسي رحمه الله يقول في هذه الآية قولا يطول شرحه وقصاراه يرجع الى انه تعالى ستر بعض ما أوحى الى نبيه عن الخلق لما علم ان علمهم بذلك يفتر عن السير في صراط العبودية اتكالا على محض الربوبية ولهذا قال لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حيث قال معاذء أخبر الناس بذلك يا رسول الله فقال لا تخبرهم بذلك لئلا يتكلوا انتهى لا يكتم السر الاكل ذى خطر ... والسر عند كرام الناس مكتوم والسر عندى في بيت له غلق ... قد ضاع مفتاحه والباب مختوم وقيل بين المحبين سر ليس يفشيه ... قول ولا عمل للخلق يحكيه سر يمازجه انس يقابله ... نور تحير في بحر من التيه (وقيل) دردى كه من از عشق تو دارم حاصل دل داند ومن دانم ومن دانم ودل (قال الكاشفى) بعض علما كويند كه اولى آنست كه تعرض آن وحي نكنيم ودر پرده بگذاريم وجمعى كويند آنچهـ از ان وحي در چيزى ويا اثرى بما رسيده ذكر ان هيچ نقصان ندارد ودامانت بسيار واقع شده ودر تفسير جواهر بسطى تمام يافته اينجا بسه وجه اختصاص مى يابد أول آنكه مضمون وحي اين بود كه يا محمد لولا انى أحب معاتبة أمتك لما حاسبتهم يعنى اگر نه آنست كه دوست ميدارم معاتبه با امت تو والا بساط محاسبه ايشان

طى مى كردم دوم آنكه اى محمد أنا وأنت وما سوى ذلك خلقته لاجلك آن حضرت عليه السلام در جواب فرمودند أنت وأنا وما سوى ذلك تركته لاجلك سوم آنكه امت تو طاعت من بجاى مى آرند وعصيان نيز مى ورزند طاعت ايشان برضاى منست ومعصيت ايشان بقضاي من پس آنچهـ برضاى من از ايشان ثابت شود اگر چهـ اندك وبا قصور بود قبول كنم زيرا كه كريمم وآنچهـ بقضاي من از ايشان در وجود آيد اگر چهـ بزرك وبسيار باشد عفو كنم زيرا كه رحيمم وقيل اوحى اليه ان الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك وقيل كن آيسا من الخلق فليس بأيديهم شيء واجعل صحبتك معى فان مرجعك الى ولا تجعل قلبك معلقا بالدنيا فانى ما خلقتك لها وقيل اوحى اليه الم يجدك يتيما فآوى الى قوله ورفعنا لك ذكرك وقيل أوحى اليه آمن الرسول إلخ بغير واسطة جبريل وقيل اوحى اليه عش ما شئت فانك ميت وأحبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك مجزى به (وروى) انه عليه السلام قال شكا الى الله ليلة المعراج من أمتي شكايات الاولى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد والثانية لا أدفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون أن يوقعوا أنفسهم فيها قال قل لامتك ان أحببتم أحدا لاحسانه إليكم فأنا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم أحدا من اهل السماء والأرض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان أنتم رجوتم أحدا فأنا اولى به لانى أحب عبادى وان أنتم استحبيتم من أحد لجفائكم إياه فأنا اولى به لان منكم الجفاء ومنى الوفاة وان آثرتم أحدا بأموالكم وأنفسكم فانا اولى بذلك لانى معبودكم وان صدقتم أحدا في وعده فانا اولى بذلك لانى أنا الصادق وقيل اوحى الله اليه يا محمد لم اكثر مال أمتك لئلا يطول حسابهم في القيامة ولم اطل أعمارهم لئلا تقسو قلوبهم ولم افجأهم بالموت لئلا يكون خروجهم من الدنيا بدون التوبة وأخرتهم في الدنيا عن الآخرين لئلا يطول في القبور حبسهم قال بعضهم ان ما اوحى اليه مفسر في الاخبار ونطقت به الروايات من اهوال القيامة وغيرها ولهذا قال عليه السلام لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال جعفر الصادق رضى الله عنه فأوحى الى عبده ما أوحى بلا واسطة فيما بينه وبينه سرا الى قلبه لا يعلم به أحد سواه بلا واسطة اى في العقبى حين يعطيه الشفاعة لامته وقال البقلى أبهم الله سر ذلك الوحى الخفي على جميع فهوم الخلائق من العرش الى الثرى بقوله ما أوحى لانه لم يبين اى شيء اوحى الى حبيبه لان بين المحب والمحبوب سرا لا يطلع عليه غيرهما وأظن انه لو بين كلمة من تلك الاسرار لجميع الأولين والآخرين لماتوا جميعا من ثقل ذلك الوارد الذي ورد من الحق على قلب عبده احتمل ذلك المصطفى عليه السلام بقوة ربانية ملكوتية لاهوتية البسه الله إياها ولولا ذلك لم يحتمل ذرة منها لانها انباء عجيبة واسرار ازلية لو ظهرت كلمة منها لتعطلت الاحكام ولفنيت الأرواح والأجسام واندرست الرسوم

واضمحلت العقول والفهوم والعلوم يقول الفقير لا شك ان ما اوحى اليه عليه السلام تلك الليلة على اقسام قسم اداه الى الكل وهو الاحكام والشرائع وقسم اداه الى الخواص وهو المعارف الالهية وقسم اداه الى أخص الخواص وهو الحقائق ونتائج العلوم الذوقية وقسم آخر بقي معه لكونه مما خصه الله به وهو السر الذي بينه وبين الله المشار اليه بقوله لى مع الله وقت إلخ فانه تحل مخصوص وسر مكتوم لا يفشى وهكذا كل ورثته فان لهم نصيبا من هذا المقام حيث ان بعض علومهم يرتحل معهم الى الآخرة ولا يوجد له محل يؤدى اليه اما لكونه من خصائصهم واما لفقدان من يستعد لادائه وذلك يحسب الزمان ولذا جاء نبى في الأولين وبقي معه الرسالة ولم يقبلها أحد من أمته لعدم الاستعداد فيهم وفي التأويلات النجمية في هذه الآية يشير الى ان الله تعالى من مقام جمعيته الجامعة لجميع المظهريات من غير واسطة جبريل وواسطة ميكائيل اوحى او تجلى في صورة الوحى لعبده المضاف الى هاء هويته المطلقة بحقائق من مقتضى حكم الوحدة والموحى به هوان وجودك يا محمد عين وجود المتعين بأحدية جمع جميع الأعيان الظاهرة المشهودة والحقائق الباطنة الغيبية المفقودة في عين كونها موجودة مطلقا عن هذا التعين والجمع والإطلاق ما كذب الفؤاد ما رأى اعلم ان المرئي ان كان صورة جبريل عليه السلام فالرؤية من رؤية العين وان كان هو الله تعالى على ما ذهب اليه البعض فقد اختلفوا في انه عليه السلام رأى الله تعالى ليلة الإسراء بقلبه او بعين رأسه فقال بعضهم جعل بصره في فؤاده فرأه في فؤاده فيكون المعنى ما كذب الفؤاد ما رأه الفؤاد اى لم يقل فؤاده له ان ما رأيته هاجس شيطانى وانه ليس من شأنك ان ترى الرب تعالى بل تيقن ان ما رأه بفؤاده حق صحيح وقال بعضهم رأه بعينه لقوله عليه السلام ان الله اعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وقوله عليه السلام رأيت ربى في احسن صورة اى صفة قال في الكواشي هذا لا حجة فيه لانه يجوز انه أراد الرؤية بالقلب بأن زاده معرفة على غيره يقول الفقير إيراد الرؤية في مقابلة الكلام يدل على رؤية العين لان موسى عليه السلام قد سألها ومنع منها فاقتضى ان يفضل النبي عليه السلام عليه بما منع منه وهو الرؤية البصرية ولا شك ان الرؤية القلبية الحاصلة بالانسلاخ يشترك فيها جميع الأنبياء حتى الأولياء وقد صح ان موسى رأى ربه بعين قلبه حين خر في الطور مغشيا عليه وحملها على زيادة المعرفة لا يجدى نفعا وكانت عائشة رضى الله عنها تقول من زعم بأن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله قال في كشف الاسرار قول عائشة نفى وقول ابن عباس بأنه رأى اثبات والحكم للمثبت لا للنافى فالنا في انما نفاه لانه لم يسمعه والمثبت انما أثبته لانه سمعه وعلمه انتهى وقول ابى ذر رضى الله تعالى عنه للنبى عليه السلام هل رأيت ربك قال نورانى أراه بالنسبة الى تجرد الذات عن النسب والإضافات اى النور المجرد لا يمكن رؤيته على ما سبق تحقيقه وقال في عين المعاني ولا يثبت مثل هذا اى الرؤية بالعين الا بالإجماع وفي كشف الاسرار قال بعضهم رأه بقلبه دون عينه وهذا خلاف السنة والمذهب الصحيح انه عليه السلام رأى ربه بعين رأسه انتهى وفي الكواشي يستحيل رؤيته هنا عقلا ومعتقد

رؤية الله هنا بالعين لغير محمد غير مسلم ايضا انتهى قال ابن الشيخ اعلم ان رؤية الله تعالى جائزة لان دليل الجواز غير مخصوص بالآخرة ولان مذهب اهل السنة الرؤية بالإراءة لا بقدرة العبد فاذا حصل العلم بالشيء من طريق البصر كان رؤية بالإراءة وان حصل من طريق القلب كان معرفة والله تعالى قادر على ان يحصل العلم بخلق مدرك المعلوم في البصر كما قدر ان يحصله بخلق مدرك المعلوم في القلب والمسألة مختلف فيها بين الصحابة والاختلاف في الوقوع مما ينبئ عن الاتفاق على الجواز انتهى وكان الحسن البصري رحمه الله يحلف بالله ان محمدا رأى ربه ليلة المعراج (وحكى) النقاش عن الامام احمد رحمه الله انه قال انا أقول بحديث ابن عباس رضى الله عنهما بعينه رأه رأه حتى انقطع نفس الامام احمد كلام سرمدى بى نقل بشنيد خداوند جهانرا بي جهت ديد در ان ديدن كه حيرت حاصلش بود ... دلش در چشم و چشمش در دلش بود قال بعض الكبار الممنوع من رؤية الحق في هذه الدار انما هو عدم معرفتهم له والافهم يرونه ولا يعرفون انه هو على غير ما يتعقل البصر فالخلق حجاب عليه دائما فانه تعالى جل عن التكييف دنيا واخرى فافهم فهم يرونه ولا يرونه واكثر من هذا الإفصاح لا يكون انتهى يقول الفقير نعم ان الله جل عن الكيفية في الدارين لكن فرق بين الدنيا والآخرة كثافة ولطافة فان الشهود في الدنيا بالسر المجرد لغير نبينا عليه السلام بخلافه في الآخرة فان القلب ينقلب هناك قالبا فيفعل القالب هناك ما يفعله القلب والسر في هذه الدار فاذا كانت لطافة جسم النبي عليه السلام تعطى الرؤية في الدنيا فما ظنك بلطافته ورؤيته في الآخرة فيكون شهوده أكمل شهود في الدارين حيث رأى ربه بالسر والروح في صورة الجسم قال في التأويلات النجمية اتحد بصر ملكوته وبصر ملكه فرأى ببصر ملكوته باطن الحق من حيث اسمه الباطن ورأى ببصر ملكه ظاهر الحق من حيث اسمه الظاهر ورأى بأحدية جمع القوتين الملكوتية والملكية الحقيقة الجمعية المتعينة بجميع التعينات العلوية الروحانية والسفلية الجسمانية مع إطلاقه في عين تعينه المطلق عن التعين واللاتعين والإطلاق واللاإطلاق انتهى هذا وليس ورلء عبادان قرية وقال البقلى رحمه الله ذكر الله رؤية فؤاده عليه السلام ولم يذكر العين لان رؤية العين سر بينه وبين حبيبه فلم يذكر ذلك غيرة عليه لان رؤية الفؤاد عام ورؤية البصر خاص أراه جماله عيانا فرآه ببصره الذي كان مكحولا بنور ذاته وصفاته وبقي فى رؤيته عيانا ما شاء الله فصار جسمه جميعه ابصارا رحمانية فرأى الحق بجميعها فوصلت الرؤية الى الفؤاد فرأى فؤاده جمال الحق ورأى ما رأى عينه ولم يكن بين ما رأى بعينه وبين ما رأه بفؤاده فرق فأزال الحق الإبهام وكشف العيان بقوله ما كذب الفؤاد ما رأى حتى لا يظن الظان ان ما رأى الفؤاد ليس كما رأى بصره اى صدق قلبه فيما رأه من لقائه الذي رأه بصره بالظاهر إذ كان باطن حبيبه هناك ظاهر وظاهره باطنا بجميع شعراته وذرات وجوده وليس في رؤية الحق حجاب للعاشق الصادق بأن يغيب عن الرؤية شيء من وجوده فبالغ الحق في كمال رؤية حبيبه وكذلك قال عليه السلام رأيت ربى بعيني وبقلبي رواه

[سورة النجم (53) : الآيات 13 إلى 14]

مسلم في صحيحه قال ابن عطاء ما اعتقد القلب خلاف ما رأته العين وقال ليس كل من رأى سكن فؤاده من إدراكه إذا العيان قد يظهر فيضطرب السر عن حمل الوارد عليه والرسول عليه السلام كان محمولا فيها في فؤاده وعقله وحسه ونظره وهذا يدل على صدق طويته وحمله فيما شوهد به أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى آيا مجادله ميكنيد با محمد بر آنچهـ ديد در شب معراج ومجادله آن بود كه صفت بيت المقدس وخبر كاروان خود پرسيدند وقال بعضهم أفتجادلونه على رؤية الله تعالى اى ان رسول الله عليه السلام رأى الله وهم يجادلونه في ذلك وينكرونها وفي التأويلات النجمية يشير الى مماراة المحتجبين عن الحق بالخلق ومجادلتهم فى شهود الخلق من دون الحق لقيامهم في مقام الكثرة الاعتبارية من غير شهود الوحدة الحقيقية أعاذنا الله وإياكم من عذاب جحيم الاحتجاب ومن شدة لهب النار والالتهاب وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى الضمير البارز في رأه لجبريل ونزلة منصوب نصب الظرف الذي هو مرة لان الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها والمعنى وبالله لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام على صورته الحقيقية مرة اخرى من النزول وذلك انه كان للنبى عليه السلام في ليلة المعراج عرجات لمسألة التخفيف من اعداد الصلوات المفروضة فيكون لكل عرجة نزلة فرأى جبريل في بعض تلك النزلات عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى وهو مقام جبرائيل وكان قد بقي هناك عند عروجه عليه السلام الى مستوى العرش وقال لو دنوت انملة لاحترقت قال عليه السلام رأيته عند سدرة المنتهى عليه ستمائة جناح يتناثر منه الدر والياقوت وعند يجوز ان يكون متعلقا برأى وان يكون حالا من المفعول المراد به جبرائيل لان جبرائيل لكونه مخلوقا يجوز أن يراه النبي عليه السلام في مكان مخصوص وهو سدرة المنتهى وهى شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش ثمرها كقلال هجر وورقها كآذان الفيلة نبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله في كتابه يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها والمنتهى مصدر ميمى بمعنى الانتهاء كما قال الزمخشري او اسم مكان بمعنى موضع الانتهاء كأنها في منتهى الجنة وقيل ينتهى إليها الملائكة ولا يتجاوزونها لان جبرائيل رسول الملائكة إذا لم يتجاوزها فبالحرى أن لا يتجاوزها غيره فاعلاها لجبرآئيل كالوسيلة لنبينا عليه السلام فكما ان خواص الامة يشتركون مع النبي عليه السلام في جنة عدن بدون أن يتجاوزوا الى مقامه المخصوص به فكذا الملائكة يشتركون مع جبرائيل في السدرة بدون أن يتعدوا الى ما خص به من المكان وقيل إليها ينتهى علم الخلائق وأعمالهم ولا يعلم أحد ما وراءها وذلك لان الأعمال الصالحة في عليين ولا تعرج اليه الا على يد الملائكة فتقف عندها كوقوف الملائكة هذا بالنسبة الى اعمال الامة واما خواص الامة فلهم من الأعمال مالا يقف عندها بل يتجاوز الى عالم الأرواح فوق مستوى العرش بل الى ما وراءه حيث لا يعلمه الا الله فمثل هذه الصالحات الناشئة عن خلوص فوق خلوص العامة ليست بيد الملائكة إذ لا يدخل مقامها أحد وقيل ينتهى إليها أرواح الشهداء لانها في ارض الجنان او ينتهى إليها ما يهبط من فوقها من الاحكام ويصعد من تحتها من الآثار وعن ابى هريرة رضى الله عنه لما

اسرى بالنبي عليه السلام انتهى الى السدرة فقيل له هذه السدرة ينتهى إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك يعنى ميرسد بدين هر كس از امت تو كه رفته باشد بر سنت تو وقال كعب انها سدرة في اصل العرش على رؤس حملة العرش وإليها ينتهى الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه الا الله وبالجملة هى شجرة طوبى وقال مقاتل السدرة هى شجرة طوبى ولوان رجلا ركب نجيبه وطاف على ساقها حتى أدركه الهرم لما وصل الى المكان الذي ركب منه تحمل لاهل الجنة الحلي والحلل وجميع ألوان الثمار ولو ان ورقة منها وضعت في الأرض لاضاءت أهلها قيل اضافة السدرة الى المنتهى اما اضافة الشيء الى مكانه كقولك أشجار البستان فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعداه ملك او اضافة المحل الى الحال كقولك كتاب الفقه والتقدير سدرة عندها منتهى العلوم او اضافة الملك الى المالك على حذف الجار والمجرور اى سدرة المنتهى اليه وهو الله تعالى قال الى ربك المنتهى واضافة السدرة اليه كاضافة البيت اليه للتشريف والتعظيم وقال بعضهم المرئي هو الله تعالى يعنى ان محمدا عليه السلام رأى ربه مرة اخرى يعنى مرتين كما كلم موسى مرتين وفيه اشعار بأن الرؤية الثانية كانت كالرؤية الاولى بنزول ودنو فقوله عند لا يجوز ان يكون حالا من المفعول المراد به الله تعالى لان الله تعالى منزه عن أن يحل في زمان او مكان فهو متعلق برأى يعنى انه عليه السلام رأى ربه رؤية ثانية عند سدرة المنتهى على أن يكون الظرف ظرفا لرأى ورؤيته لا للمرئى كما إذا قلت رأيت الهلال فقيل لك اين رأيت فتقول عند الشجرة الفلانية وجعل ابن برجان الاسراء مرتين الاولى بالفؤاد وهذه بالعين ولما كان ذلك لا يتأتى الا بتنزل يقطع مسافات البعد التي هى الحجب ليصير به بحيث يراه البشر عبر بقوله نزلة اخرى وعين الوقت بتعيين المكان فقال عند سدرة المنتهى كما في تفسير المناسبات (وروى) عن وكيع عن كعب الأحبار انه قال رأى ربه مرة اخرى فقال ان الله تعالى كلم موسى مرتين ورأه محمد مرتين عليهما السلام فلما بلغ ذلك عائشة رضى الله عنها قالت قد اقشعر جلدى من هيبة هذا الكلام فقيل لها يا أم المؤمنين أليس يقول الله تعالى ولقد رأه نزلة اخرى فقالت انا سألت النبي عليه السلام عن ذلك فقال رأيت جبرائيل نازلا في الأفق على خلقته وصورته انتهى وقال بعضهم رأه بفؤاده مرتين يقول الفقير لما كان هذا المقام لا يخلو عن صعوبة واحتمال وتأويل كفروا من أنكر المعراج الى المسجد الأقصى لثبوته بالنص القطعي وهو قوله تعالى سبحان الذي اسرا بعبده إلخ وضللوا من أنكره الى ما فوقه لثبوته بالخبر المشهور قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقي بروحه رؤيا رأها وفي التأويلات النجمية يشير الى رد استعجاب اهل الحجاب شهود النبي عليه السلام الحضرة الالهية في المظاهر الكونية والمجالى الغيبية وأنى لهم هذا الاستعجاب والاستغراب وما قيده في حضرة دون حضرة وفي مشهد دون مشهد بل شهرة وعلانية مرة بعد مرة وساعة بعد ساعة بل ما احتجب لحظة منه تعالى وما غاب عنه لمحة مرة شاهده به في مقام أحديته بفنائه عنه ونزلة عاينه في مقام واحديته بالبقاء به عند نزوله من المشهد

[سورة النجم (53) : الآيات 15 إلى 20]

الاحدى الى المشهد الواحدي المسمى سدرة المنتهى التي هى شجرة الكثرة لابتداء الكثرة منها وانتهاء مظاهرها إليها بحسب الأعمال والأقوال والافعال والأحوال شبهت السدرة بشجرة الكثرة لكثرة اظلالها وأغصانها كما في شجرة الكثرة التي هى الواحدية لظهور التعينات والتكثرات منها واستظلال المتعينات بها بالوجود العيني الخارجي انتهى وقال البقلى ما الرؤية الثانية بأقل كشفا من الرؤية الاولى ولا الاولى با كشف من الرؤية الثانية اين أنت لو كنت أهلا لقلت لك انه عليه السلام رأى ربه في لحافه بعد أن رجع من الحضرة ايضا في تلك الساعة وما غاب قلبه من تلك الرؤية لمحة وما ذكر سبحانه بيان ان ما رأى في الاولى في الإمكان وما رأى عند سدرة المنتهى كان واحدا لان ظهوره هناك ظهور القدم والجلال وليس ظهوره يتعلق بالمكان ولا بالزمان إذ القدم منزه عن المكان والجهات وكان العبد في المكان والرب في المكان وهذا غاية في كمال تنزيهه وعظيم لطفه إذ تتجلى نفسه لقلب عبده وهو في الإمكان والعبد في مكان والعقل هاهنا مضمحل والعلم متلاش لان العقول عاجزة والأوهام متحيرة والقلوب والهة والأرواح حائرة والاسرار فانية وفي هذه الآية بيان كمال شرف حبيبه إذ رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى ظن عليه السلام ان ما رأه في الاولى لا يكون في الكون لكمال علمه بتنزيه الحق فلما رأه ثانية علم انه لا يحجبه شيء من الحدثان وعادة الكبراء إذا زارهم أحد يأتون معه الى باب الدار إذا كان كريما فهذا من الله اظهار كمال حب لحبيبه وحقيقة الاشارة انه سبحانه أراد ان يعرف حبيبه مقام التباس فلبس الأمر واظهر المكر بأن بان الحق من شجرة سدرة المنتهى كما بان من شجرة العناب لموسى ليعرف حبيبه بكمال المعرفة إذ ليس بعارف من لم يعرف حبيبه في البسة مختلفة انتهى ولما أراد سبحانه ان يعظم السدرة ويبين شرفها قال عِنْدَها اى عند السدرة جَنَّةُ الْمَأْوى والجملة حالية قيل الأحسن ان يكون الحال هو الظرف وجنة المأوى مرتفع به بالفاعلية واضافة الجنة الى المأوى مثل اضافة مسجد الجامع اى الجنة التي يأوى إليها المتقون اى تنزل فيها وتصير وتعود إليها أرواح الشهداء وبالفارسية بهشتى كه آرامگاه متقيان يا مأوى ومكان أرواح شهداست أو آوى إليها آدم وحواء عليهما السلام يقال أويت منزلى واليه اويا واويا عدت واويته نزلته بنفسي والمأوى المكان قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر آدم عليه السلام انزل من جنة المأوى التي هى اليوم مقام الروح الامين جبريل عليه السلام وهى اليوم برزخ لذرية آدم ونزل إليها جبرائيل من السدرة بنزول آدم وهذه الجنة لا تقتضى الخلود لذاتها فلذلك أمكن خروج آدم منها ولذلك تأثر بالاشتياق الى ان يكون ملكا بعد سجود الملائكة له بغرور إبليس إياه ووعده في الخلود رغبة في الخلود والبقاء مع جبرائيل والجنة التي عرضها السموات والأرض تقتضى الخلود لذاتها يعلم من دخلها انه لا يمكن الخروج منها إذ لا سبيل للكون والفساد إليها قال تعالى في وصف عطائها انه غير مجذوذ اى غير منقطع انتهى فالجنة التي عرضها السموات والأرض ارضها الكرسي الذي وسع السموات والأرض وسقفها العرش المحيط فهى محيطة بالجنان الثمان وليست هى الجنة التي انزل منها

[سورة النجم (53) : الآيات 16 إلى 17]

آدم كذا قاله الشيخ ايضا في كتاب تلقيح الأذهان وقال نجم الدين رحمه الله في تأويلاته يشير الى ان الجنة العلية التي يسجن بها المجانين العاشقون عن انا نيتهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر وفي قوله عندها اشارة الى الهوية الظاهرة بالشجرة الواحدية المسماة بسدرة المنتهى لانتهاء أرواح الشهداء المقتولين بسيف الصدق والإخلاص ورمح الرياضات والمجاهدات إليها إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى زيادة في تعظيم السدرة وإذ طرف زمان لرأه لما بعده من الجملة المنفية فان ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها والغشيان بمعنى التغطية والستر ومنه الغواشي وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها البديعة او للايذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد والمعنى ولقد رأى محمد جبرائيل عند السدرة وقت ما غشيها وغطاها مالا يكتنهه الوصف ولا يفى به البيان كيفا ولا كما وفي الحديث (وغشيها ألوان لا أدرى ما هى فليس أحد من خلق الله يستطيع ان ينعتها) وعنه عليه السلام (رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله) وعنه عليه السلام يغشاها رفرف اى جماعة من طيور خضر وقيل يغشاها فراش او جراد من ذهب (كما قال الكاشفى) وكويند بر حوالئ آن فرشتكان طيران ميكردند چون پروانه هاى زرين وقيل يعشاها سبحات أنوار الله حين تجلى لها كما تجلى للجبل لكنها كانت أقوى من الجبل حيث لم يصبها ما أصابه من الدك وذلك لان الجبل كان في عالم الملك الضعيف والسدرة في عالم الملكوت القوى ولذا لم يخر عليه السلام هناك مغشيا عليه حين رأى جبرائيل كما غشى عليه حين رأه في الأفق الأعلى لقوة التمكين وغاية لطافة الجسد الشريف وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر يعبدون الله تعالى عندها او يزورونها متبركين بها كما يزور الناس الكعبة وقيل يغشاها الملائكة النازلون للقاء النبي عليه السلام فانهم استأذنوا للقائه فاذن لهم وقيل لا تأتوه بغير نثار فجاء كل واحد منهم بطبق من أطباق الجنة عليه من اللطائف مالا يحصى فنثروه بين يديه تقربا اليه وفي الحديث (انه اعطى رسول الله عندها يعنى السدرة ثلاثا) يعنى سه چيز الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وغفر لمن مات من أمته لا يشرك بالله شيأ وفي التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المظاهر الاسمائية والصفاتية الجمالية اللطفية والجلالية القهرية الغاشية الساترة شجرة الواحدية المسماة بسدرة المنتهى بحيث لا تعد ولا تحصى لعدم نهاية مصادرها لان الأسماء بحسب الجزئيات غير متناهية وان كانت من حيث كلياتها متناهية وكان حقيقة السدرة وعمودها مغشية مستورة بكثرة أغصانها وأوراقها وازهارها وهذا الوصف يدل على عظمة شأن الشجرة عينها وجلالة قدرها وكيف لا والواحدية من حيث الحقيقة عين الاحدية ومن حيث الاعتبار العقلي غيرها فافهم جدا لا يفوتك الحقيقة بل الطريقة والشريعة انتهى وقال البقلى رحمه الله أبهم ما غشيها لان العقول لا تدرك حقائق ما يغشاها وكيف يغشاها والقدم منزه عن الحلول في الأماكن وكانت الشجرة مرءاة لظهوره سبحانه ما الطف ظهوره لا يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون بعد عرفانهم به آمنا به ما زاغَ الْبَصَرُ

الزيغ الميل عن الاستقامة اى ما مال بصر رسول الله عليه السلام ادنى ميل عما رأه وَما طَغى وما تجاوز مع ما شاهد هناك من الأمور المذهلة مما لا يحصى بل أثبته اثباتا صحيحا متيقنا او ما عدل عن رؤية العجائب التي امر برؤيتها ومكن منها وما جاوزها واستدل على ان رؤية الله كانت بعين بصره عليه السلام يقظة بقوله ما زاغ البصر إلخ لان وصف البصر بعدم الزيغ يقتضى ان ذلك يقظة ولو كانت الرؤية قلبية لقال ما زاغ قلبه واما القول بأنه يجوز ان يكون المراد بالبصر بصر قلبه فلا بدله من القرينة وهى هنها معدومة (قال الكاشفى فى معنى الآية) ميل نكرد چشم محمد عليه السلام وبچپ وراست ننكريست ودر نكذشت از حديكه مقرر بود نكريستن ويرا درين آيت ستايش آن حضرتست بحسن ادب وعلو همت كه دران شب پرتو التفات بر هيچ ذره از ذرات كائنات نيفكند وديده دل بجز مشاهده جمال بى زوال الهى نكشود در ديده كشيده كحل ما زاغ ... نى راغ نكاه كردونى باغ ميراند براق عرش پرواز ... تا حجله ناز و پرده راز پس پرده ز پيش ديده برخاست ... بي پرده بديد آنچهـ دل خواست وفي التأويلات النجمية يشير الى تحقق النبي عليه السلام بمقام حقيقة الفقر الكلى الذي هو الخلو المطلق عما سواه لانه قال الفقر فخرى واى فقر أعظم وافخم من ان يخرج العبد عن وجوده الكلى المجازى ويقوم بالوجود الحقيقي ويظهر بصفات سيده حتى يقال له عبد الله اى لا عبد غيره يعنى ما مال بصر ملكه الجسماني الى ملك الدنيا وزينتها وزخارفها وجاهها ومالها وما طغى نظر ملكوته الروحاني الى عالم الآخرة ونعيمها ودرجاتها وقرباتها وغرفاتها بل اتحدا واجتماعا اتحادا كليا واجتماعا حقيقيا من غير فتور وقصور على شهود الحق وأسمائه وصفاته وعجائب تجلياته الذاتية وغرائب تنزلانه الصفاتية وايضا ما زاغ عين ظاهره الى الكثرة الاسمائية قائمة بالوحدة الذاتية وغرائب تنزلاته بكمال قيامه بشهود المرتبتين ولاحاطة علمه بوجود المرتبتين فافهم وإلا تندم وقال البقلى رحمه الله هذه الآية فى الرؤية الثانية لان في الرؤية الاولى لم يكن شيء دون الله ولذلك ما ذكر هناك غض البصر وهذا من كمال تمكين الحبيب في محل الاستقامة وشوقه الى مشاهدة ربه إذ لم يمل الى شيء دونه وان كان محل الشرف والفضل وفي كشف الاسرار موسى عليه السلام چون ديدار خواست كه أرني انظر إليك او را بصمصام غيرت لن ترانى جواب دادند پس چون تاوان زده آن سؤال گشت بغرامت تبت إليك واديد آمد باز چون نوبت بمصطفى عليه السلام رسيد ديده ويرا توتياى غيرت لا تمدن عينيك در كشيدند كفتند اى محمد ديده كه بآن ديده ما را خواهى ديكر نكر تا بعاريت بكس ندهى مهتر عصابه عزت ما زاغ البصر وما طغى بر ديده خود بست بزبان حال كفت بر بندم چشم خويش ونكشايم نيز ... تا روز زيارت تو اى يار عزيز تا لا جرم چون حاضر حضرت كشت جمال وجلال ذو الجمال والجلال بر ديده او كشف

[سورة النجم (53) : آية 18]

كردند كه ما كذب الفؤاد ما راى همه تنم ذكر كردد چون با تو راز كنم ... همه كمال تو بينم چوديده باز كنم ان تذكرته فكلى قلوب ... او تأملته فكلى عيون وكفته اند موسى عليه السلام چون از حضرت مناجات بازگشت باوى نور هيبت بود وعظمت لا جرم هر كه در وى ناديست تا بينا كشت باز مصطفى عليه السلام چون از حضرت مشاهدات بازگشت با وى نوارنس بود تا هر كه بروى نكريد بينايئ او بيفزود آن مقام اهل تكوين است واين مقام ارباب تمكين لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى اى وبالله لقد رأى محمد عليه السلام ليلة المعراج الآيات التي هى كبراها وعظماها فأرى من عجائب الملك والملكوت مالا يحيط به نطاق العبارة فقوله من آيات ربه حال قدمت على ذيها وكلمة من للبيان لانه المناسب لمرام المقام وهو التعظيم والمبالغة ولذا لم تحمل على التبعيض على ان يكون هو المفعول ويجوز ان يكون الكبرى صفة للآيات والمفعول محذوف اى شيأ عظيما من آيات ربه وان يكون من مزيدة يعنى على مذهب الأخفش وكان الإسراء ليلة السابع والعشرين من رجب على ما عليه الأكثر في السنة الثانية عشرة من النبوة قبل الهجرة بقليل كما في تفسير المناسبات وفيه إشكال فان هذه السورة نزلت في السنة الخامسة من النبوة على ما مر في أول السورة قال المفسرون رأى عليه السلام اى ابصر تلك الليلة رفرفا اخضر سد أفق السماء فجلس عليه وجاوز سدرة المنتهى والرفرف البساط وهو صورة همته البسيطة العريضة المحيطة بالآفاق مطلقا لانه عليه السلام في سفر العالم البسيط ولا يصل اليه الا من له علو الهمة مثله وقد قال حسان رضى الله عنه في نعته عليه السلام له همم لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر ورأى تلك الليلة طوائف الملائكة وسدرة المنتهى وجنة المأوى وما في الجنان لاهل الايمان وما في النيران لاهل الطغيان والظلم والأنوار وما يعجز عنه الافكار وتحار فيه الابصار ومن ذلك ما رأه في السموات من الأنبياء عليهم السلام اشارة بكل نبى الى امر دقيق جليل وحالة شريفة قال الامام ابو القاسم السهيلي رحمه الله في الروض الانف والذي أقول في هذا ان ماخذ فهمه من علم التعبير فانه من علم النبوة واهل التعبير يقولون من رأى نبيا بعينه فى المنام فان رؤياه تؤذن بما يشبه من حال ذلك النبي في شدة او رخاء او غير ذلك من الأمور التي اخبر بها عن الأنبياء في القرآن والحديث مثلا من رأى آدم عليه السلام في مكان على حسنه وجماله وكان للولاية أهلا ملك ملكا عظيما لقوله تعالى انى جاعل في الأرض خليفة ومن رأى نوحا عليه السلام فانه يعيش عيشا طويلا ويصيبه شدة وأذى من الناس ثم يظفر بهم ومن رأى ابراهيم عليه السلام فانه يعق أباه ويرزق الحج وينصر على أعدائه ويناله هول وشدة من ملك جائز ثم ينصر ومن رأى يوسف عليه السلام فانه يكذب عليه ويظلم ويناله شدة ويحبس ثم يملك ملكا ويظفر ومن رأى موسى وهرون عليهما السلام فان الله يهلك على يده جبارا عنيدا ومن رأى سليمان عليه السلام فانه بلى القضاء او الملك او يرزق

الفقه ومن رأى عيسى عليه السلام فانه يكون رجلا مباركا نفاعا كثير الخير كثير السفر فى رضى الله ومن رأى نبينا صلّى الله عليه وسلّم وليس في رؤياه مكروه لم يزل خفيف الحال وان رأه في ارض جدب أخصبت او في ارض قوم مظلومين نصروا ومن رأه عليه السلام فان كان مغموما ذهب غمه وان كان مديونا قضى الله دينه وان كان مغلوبا نصر وان كان محبوسا اطلق وان كان عبدا أعتق وان كان غائبا رجع الى اهله سالما وان كان معسرا أغناه الله وان كان مريضا شفاه الله تعالى وحديث الإسراء كان بمكة ومكة حرم الله وامنه وقطانها جيران الله لان فيها بيته فأول من رأه عليه السلام من الأنبياء كان آدم عليه السلام الذي كان في أمن الله وجواره فأخرجه إبليس عدوه منها وهذه القصة تشبهها الحالة الاولى من احوال النبي عليه السلام حين أخرجه أعداؤه من حرم الله وجوار بيته وكربه ذلك وغمه فأشبهت قصته في هذا قصة آدم مع ان آدم تعرض عليه أرواح ذريته البر والفاجر منهم فكان في السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لان أرواح اهل الشقاء لا تلج في السماء ولا تفتح لهم ابوابها ثم رأى في الثانية عيسى ويحيى عليهما السلام وهما الممتحنان باليهود اما عيسى عليه السلام فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله واما يحيى عليه السلام. فقتلوه ورسول الله عليه السلام بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانيه من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود آذوه وظاهروا عليه وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيسى منهم ثم سموه في الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاوده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت (وفي المثنوى) چون سفيهانراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا ومما يؤثر عن سعيد ابن المسيب رحمه الله الدنيا بذلة تميل الى الابذال ومن استغنى بالله افتقر اليه الناس واما لقاؤه ليوسف عليه السلام في السماء الثالثة فانه يؤذن بحالة ثالثة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر بأخوته بعد ما أخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال لا تثريب عليكم اليوم الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من أقاربه الذين أخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنهم من اطلق ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم ثم لقاؤه لادريس عليه السلام في السماء الرابعة وهو المكان الذي سماه الله مكانا عليا وإدريس أول من آتاه الله الخط بالقلم فكان ذلك مؤذنا بحالة رابعة وهو علو شأنه عليه السلام حتى أخاف الملوك وكتب إليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاءه كتاب النبي عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هر قل كسبحل وزبرج لقد امر امر ابن ابى كبشة حين أصبح يخافه ملك ابن ابى الأصفر وكتب عليه بالقلم الى جميع ملوك الأرض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى بالتخفيف وملك عمان ومنهم من هادنه واهدى اليه وأتحفه كهر قل والمقوقس سلطان مصر ومنهم من تعصى عليه فأظفره الله به فهذا مقام على وخط بالقلم جلى نحوما اوتى إدريس ولقاؤه في السماء السادسة لموسى عليه السلام يؤذن

بحالة تشبه حالة موسى حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول الله عليه السلام تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان أتى به أسيرا وافتتح مكة وادخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه ثم لقاؤه في السماء السابعة لابراهيم عليه السلام لحكمتين إحداهما انه رأه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة اى بإزائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذي بنى الكعبة واذن في الناس بالحج إليها والحكمة الثانية ان آخر احوال النبي عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عليه السلام عند اهل التأويل تؤذن بالحج لانه الداعي اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة قال الامام ان هذه الآية تدل على ان محمدا عليه السلام ير الله ليلة المعراج وانما رأى آيات الله وفيه خلاف ووجه الدلالة انه ختم قصة المعراج هاهنا برؤية الآيات وقال في موضع آخر سبحان الذي اسرى بعبده ليلا الى أن قال لنريه من آياتنا ولو كان رأه لكان ذلك أعظم ما يمكن من الكرامة فكان حقه أن يختم به قصة المعراج انتهى يقول الفقير رؤية الآيات مشتملة على رؤية الله تعالى كما قال الشيخ الكبير رضى الله عنه في الفكوك انما تتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب والإضافات فاما في المظاهر ومن ورلء حجابية المراتب فالادراك ممكن كما قيل كالشمس تمنعك اجتلاءك وجهها ... فاذا اكتست برقيق غيم أمكنا انتهى واما اشتمال إراءة الآيات على إراءة الله تعالى فلما كانت تلك الآيات الملكوتية فوق الآيات الملكية أشهده تعالى في تلك المشاهد ليكمل له الرؤية في جميع المراتب والمشاهد ومن المحال أن يدعو كريم كريما الى داره ويضيف حبيب حبيبا في قصره ثم يتستر عنه ولا يريه وجهه وفي التأويلات النجمية يشير الى ان الله تعالى آيات كبرى وصغرى اما الآيات الكبرى فهى الصفات القديمة الازلية المسماة عند القوم بالائمة السبعة كالحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام والآيات الصغرى هى الأسماء الالهية التي قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى وانما سميت الاولى بالكبرى والثانية بالصغرى لان الصفات مصادر الأسماء مراجعها كما ان الحي يرجع في الوجود الى الحياة والعليم الى العلم والقادر الى القدرة ولان الأسماء مظاهر الصفات كما ان الحي يرجع في الوجود الى الافعال والافعال مظاهر الأسماء والآثار مظاهر الافعال واما التخصيص بالكبرى دون الصغرى وان كانت من آيات الله كما قال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى لان شهود الآيات الكبرى يستلزم شهود الآيات الصغرى لان الله تعالى إذا تجلى لعبده بصفة الحياة والعلم والقدرة لا بد للعبد أن يصير حيا بحياته عليما بعلمه قديرا بقدرته تلخيص المعنى ان النبي صلّى الله عليه وسلّم لما عرج به الى سماء الجمعية الوحدانية وأدرج في نور الفردانية تجلى الحق سبحانه اولا بصورة هذه الصفات الكبرى التي هي مفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو

[سورة النجم (53) : الآيات 19 إلى 20]

بحيث صارت حياته مادة حياة العالم كله علويه وسفليه روحانية وجسمانية معدنيه ونباتيه وحيوانيه وانسانيه كما قال وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقال لو لاك لما خلقت الافلاك وقال عليه السلام أنا من الله والمؤمنون منى وكذا صار علمه محيطا بجميع المعلومات الغيبية الملكوتية كما جاء في حديث اختصام الملائكة انه قال فوضع كفه على كتفى فوجدت بردها بين ثديى فعلمت علم الأولين والآخرين وفي رواية علم ما كان وما سيكون وكذا قدرته كسر بها أعناق الجبابرة وضرب بالسيف رقاب الا كاسرة وخرب حيطانهم وحصونهم فما بقين ولا بقوا وببركة هذا التجلي الجمعى الكلى الاحاطى صار آدم بتبعيته وخلافته خليفة العالم كما اخبر في كتابه العزيز انى جاعل في الأرض خليفة واسجد الله الملائكة لتلألؤ نوره الوحدانى في وجه آدم هذا تحقيق قوله لقد رأى من آيات ربه الكبرى اللام جواب القسم ومن مزيدة انتهى وقال البقلى رحمه الله أراه سبحانه من آياته العظام مالا يقوم برؤيتها أحد سواه اى المصطفى عليه السلام وذلك بأن البسه قوة الجبارية الملكوتية كما قال لقد رأى من آيات ربه الكبرى وذلك ببروز أنوار الصفات في الآيات وتلك الآيات لو رأها أحد لاستغرق في رؤيتها فكان من كمال استغراقه في بحر الذات والصفات لم يكبر عليه رؤية الآيات قال ابن عطاء رأى الآيات فلم تكبر في عينه لكبر همته وعلو محله ولاتصاله بالكبير المتعال قال جعفر شاهد من علامات المحبة ما كبر عن الاخبار عنها أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى هى أصنام كانت لهم فاللات كانت لثقيف بالطائف أصله لوية فاسكنت الياء وحذفت لالتقاء الساكنين فبقيت لوة فقلبت الواو الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت لاة فهى فعلة من لوى لانهم كانوا يلوون عليها ويطوفون بها وكانت على صورة آدمي قال سعدى المفتى فان قلت هذا يختص بقراءة الكسائي فانه يقف على اللاة بالهاء واما الباقون فيقفون عليها بالتاء فلا يجوز ان تكون من تلك المادة قلت لا نسلم ذلك فانهم انما يقفون بهاء مراعاة لصورة الكتابة لا غير انتهى والعزى تأنيث الأعز كانت لغطفان وهى سمرة كانوا يعبدونها فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد فقطعها وهو يقول يا عزى كفرانك لا سبحانك انى رأيت الله قد أهانك فخرجت من أصلها شيطانة ناشرة شعرها واضعة يدها على رأسها وهى تولول فجعل خالد يضربها بالسيف حتى قتلها فاخبر رسول الله عليه السلام فقال تلك لن تعبد ابدا وفي القاموس العزى صنم او سمرة عبدتها غطفان أول من اتخذها ظالم بن اسعد فوق ذات عرق الى البستان بتسعة أميال بنى عليها بيتا وسماه بسا وكانوا يسمعون فيها الصوت فبعث إليها رسول الله خالد بن الوليد فهدم البيت واحرق السمرة انتهى ومناة صخرة لهذيل وخزاعة سميت مناة لان دماء المناسك تمنى عندها اى تراق ومنه منى وفي انسان العيون مناة صنم كان للاوس والخزرج أرسل رسول الله عليه السلام سعد بن زيد الأشهلي رضى الله عنه في عشرين فارسا الى مناة ليهدم محلها فلما وصلوا الى ذلك الصنم قال السادن لسعد ما تريد قال هدم مناة قال أنت وذاك فأقبل سعد الى ذلك الصنم فخرجت اليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل

تضرب صدرها فقال لها السادن مناة دونك بعض عصاتك فضربها سعد فقتلها وهدم محلها انتهى ووصف مناة بالثالثة تأكيدا لانها لما عطفت عليهما علم انها ثالثتهما والاخرى صفة ذم لها وهى المتأخرة الوضيعة المقدار اى مناة الحقيرة الذليلة لان الاخرى تستعمل في الضعفاء كقوله تعالى قالت أخراهم لاولاهم اى ضعفاؤهم لرؤسائهم قال ابن الشيخ الاخرى تأنيث الآخر بفتح الخاء وهو في الأصل من التأخر في الوجود نقل في الاستعمال الى المغايرة مع الاشتراك مع موصوفه فيما اثبت له ولا يصح حمل الاخرى في الآية على هذا المعنى العرفي إذ لا مشاركة لمناة في كونها مناة ثالثة حتى توصف بالأخرى احترازا عنها فلذلك حمل على المعنى المذكور انتهى وقد جوز ان تكون الاولية والتقدم عندهم للات والعزى فتكون مناة من التأخر الرتبى يعنى ان العزى شجرة وهى لكونها من اقسام النبات اشرف من مناة التي هى صخرة وجماد فهى متأخرة عنها رتبة ويقال ان المشركين أرادوا أن يجعلوا لآلهتهم من الأسماء الحسنى فأرادوا أن يسمعوا واحدا منها الله فجرى على ألسنتهم اللات وأرادوا أن يسموا واحدا منها العزيز فجرى على ألسنتهم العزى وأرادوا أن يسموا واحدا منها المنان فجرى على ألسنتهم المناة وقال الراغب اصل اللات اللاه فحذفوا منه الهاء وادخلوا التاء فيه فانثوه تنبيها على قصوره عن الله وجعلوه مختصا بما يتقرب به الى الله في زعمهم وقال السهيلي اصل هذا الاسم اى اللات لرجل كان يلت السويق للحجاج بسمن وإقط إذا قدموا وكانت العرب تعظم ذلك الرجل باطعامه في كل موسم فلما مات اتخذ مقعده الذي كان يلت فيه السويق منسكا ثم سنح الأمر بهم الا أن عبدوا تلك الصخرة التي كان يقعد عليها ومثلوها صنما وسموها اللات اعنى ملت السويق ذكر ذلك كثير ممن الف في الاخبار والتفسير انتهى وهذا على قراءة من يشدد اللات اى التاء منه وقد قرأ به اى بالتشديد ابن عباس وعكرمة وجماعة كما في القاموس ثم انهم كانوا مع ما ذكر من عبادتهم لها يقولون ان الملائكة وتلك الأصنام بنات الله فقيل لهم توبيخا وتبكيتا أفرأيتم والهمزة للانكار والفاء لتوجيهه الى ترتيب الرؤية على ما ذكر من شؤون الله المنافية لها غاية المنافاة وهى قلببة ومفعولها الثاني محذوف لدلالة الحال عليه فالمعنى أعقيب ما سمعتم من آثار كمال عظمة الله في ملكه وملكوته وجلاله وجبروته واحكام قدرته ونفاذ امره في الملأ الأعلى وما تحت الثرى وما بينهما رأيتم هذه الأصنام مع غاية حقارتها بنات له تعالى قال بعضهم كانوا يقولون ان الملائكة بنات الله وهذه الأصنام استوطنها جنيات هن بناته تعالى او هذه الأصنام هياكل الملائكة التي هن بناته تعالى وفي التأويلات النجمية يخاطب عبدة الأصنام صنم لات النفس وصنم عزى الهوى ومناة الدنيا الدنية الخسيسة الحقيرة الواقعة في أدنى المراتب لخسة وضعها ودناءة قدرها ويستفهم منهم انكار الهم وردا عليهم أخبروني عن حال آلهتكم التي اتخذتموها معبودات وتمكنتم على عبوديتها هل وجدتم فيها صفة من صفات الالهية من الإيجاد والاعدام والنفع والضر وأمثالها لا والله بل اتخذتموها آلهة لغاية ظلو ميتكم على أنفسكم ونهاية جهوليتكم بالإله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن

[سورة النجم (53) : الآيات 21 إلى 25]

له كفؤا أحد (قال المغربي رحمه الله) بود وجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى توبيخ مبنى على التوبيخ الاول والمعنى بالفارسية آيا شما را فرزندان نر باشند ومر خدايرا ماده تِلْكَ اشارة الى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية إِذاً آن هنگام كه چنين باشد قِسْمَةٌ ضِيزى اى جائرة معوجة حيث جعلتم له تعالى ما تستنكفون منه وهى فعلى من الضيز وهو الجور يعنى ان أصله ضيزى بضم الضاد من ضاز في الحكم يضيز ضيزا اى جار وضازه حقه يضيزه اى بخسه ونقصه لكن كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في البيض فان أصله بيض بضم الباء لانه جمع ابيض كحمر في جمع احمر وذلك لان فعلى بالكسر لم يأت فى الوصف وفيه اشارة الى استنكار شركهم وتخصيصهم الشرك ببعض الظاهر دون بعض يعنى أتخصصون ذكر الروح لكم وان كان ميتا باستيلاء ظلمة نفوسكم الظلمانية عليه وتجعلون أنثى النفس في عبوديتها واتباع مراداتها وانقياد اوامرها ونواهيها شريكا له تعالى الله عما يقول الظالمون الذين وضعوا الجور موضع العدل وبالعكس ما هذا إلا قسمة الجور والجائر لا قسمة العدل والعادل إِنْ هِيَ الضمير للاصنام اى ما الأصنام باعتبار الالوهية التي تدعونها اى باعتبار اطلاق اسم الإله إِلَّا أَسْماءٌ اى اسماء محضة ليس تحتها مسميات اى ما تنبئ هى عنه من معنى الالوهية شيء ما أصلا كما إذا أردت ان تحقر من هو ملقب بما يشعر بالمدح وفخامة الشان تقول ما هو الاسم (قال المولى الجامى) مرد جاهل جاه كيتى را لقب دولت نهد ... همچنان آماس بيند طفل كويد فربهست (وقال في ذم أبناء الزمان) شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع ... هم ذئاب في ثياب او ثياب في ذئاب ويجوز الحمل على الادعاء سَمَّيْتُمُوها صفة لاسماء وضميرها لها لا للاصنام والمعنى جعلتموها اسماء لا جعلتم لها اسماء فان التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فاذا قيست الى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإذا قيست الى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وانما اختير هاهنا المعنى الاول من غير تعرض للمسمى لتحقيق ان تلك الأصنام التي يسمونها آلهة اسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما في قوله تعالى ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها لا ان هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية اى ما هى الا اسماء خالية من المسميات وضعتموها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمقتضى أهوائكم الباطلة ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بصحة تسميتها مِنْ سُلْطانٍ برهان تتعلقون به جميع القرآن انزل بالألف الى في الأعراف فانه نزل بالتشديد إِنْ يَتَّبِعُونَ التفات الى الغيبة للايذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الاعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها إِلَّا الظَّنَّ الا توهم ان ما هم عليه حق توهما باطلا وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ اى تشتهيه أنفسهم الامارة بالسوء فما موصولة ويجوز كونها مصدرية والالف واللام بدل الاضافة وهو معطوف على الظن وفي التأويلات النجمية يقول ليست هذه الأصنام التي تعبدونها بضلالة

نفوسكم الدنية الشهوانية وجهالة عقولكم السخيفة الهيولانية الا اسماء صور وهمية لا مسميات لها اوجدتها أوهامكم الضعيفة وأدركتها عقولكم المريضة المشوبة بالوهم والخيال التي هى بمرتبة آبائكم ليس لها عند اصحاب الطلب وارباب الكشف والقرب وجود ولا نمو بل هى خشب مسندة ما جعل الله في تلك الأصنام النفسية والهوائية والدنيوية ولا ركب فيها التصرف فى الأشياء في الإيجاد والاعدام والقهر واللطف والنفع والضر والأشياء علويها وسفليها جمادها ونباتها حيوانها وإنسانها كلها مظاهر الأسماء الالهية ومجالى الصفات الربانية الجمالية والجلالية اى اللطيفة والقهرية تجلى الحق في الكل بحسب الكل لا بحسبه الا الإنسان الكامل فانه تجلى فيه بحسب الكلية المجموعية وصار خليفة الله في الأرض وأنتم ايها الجهلة الظلمة ما تتبعون تلك الصفات الالهية وما تشهدون في الأشياء تلك الحقائق الروحانية والاسرار الربانية المودعة في كل حجر ومدر بل أعرضتم باتباع الشهوات الحيوانية وملازمة الجسمانية الظلمانية عن ادراك تلك اللطائف الروحانية وشهود تلك العواطف الرحمانية واتبعتم مظنونات ظنكم الفاسد وموهومات وهمكم الكاسد واثرتم هوى النفس المشئومة على رضى الحق وذلك هو الخسران المبين وان الظن لا يغنى من الحق شيأ انتهى وقال الجنيد قدس سره رأيت سبعين عارفا قد هلكو بالتوهم اى توهموا انهم عرفوه تعالى فالكل معزولون عن ادراك حقيقة الحق وما أدركوا فهو أقدارهم وجل قدر الحق عن ادراكهم قال تعالى وما قدروا الله حق قدره ولذلك اجترأ الواسطي رحمه الله في حق سلطان العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره بقوله كلهم ماتوا على التوهم حتى ابو يزيد مات على التوهم وقال البقلى يا عاقل احذر مما يغوى اهل الغرة بالله من الاشكال والمخاييل التي تبدو في غواشى أدمغتهم وهم يحسبون انها مكاشفات الغيوب ونوادر القلوب ويدعون انها عالم الملكوت وأنوار الجبروت وما يتبعون الا أهواء نفوسهم ومخاييل شياطينهم التي تصور عندهم أشكالا وتمثالا ويزبنون لهم انها الحق والحق منزه عن الاشكال والتمثال إياك يا صاحبى وصحبة الجاهلين الحق الذين يدعون في زماننا مشاهدة الله ومشاهدة الله حق للاولياء وليست بمكشوفة للاعداء وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى حال من فاعل يتبعون او اعتراض وأيا ما كان ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهوى النفس وزيادة تقبيح لحالهم فان اتباعهما من اى شخص كان قبيح وممن هداه الله بإرسال الرسول وإنزال الكتاب أقبح فالهدى القرآن والرسول ولم يهتدوا بهما وفيه اشارة الى إفساد استعدادهم الفطري الغير المجعول بواسطة تلبسهم بملابس الصفات الحيوانية العنصرية وانهما كهم في الغواشي الظلمانية الطبيعية فانهم مع ان جاءهم من ربهم اسباب الهدى وموجباته وهو النبي عليه السلام والقرآن وسائر المعجزات الظاهرة والخوارق الباهرة الدالة على صدق نبوته وصحة رسالته اشتغلوا بمتابعة النفس وموافقة الهوى واعرضوا عن التوجه الى الولي والمولى وذلك لان هداهم ما جاءهم الا في يوم الدنيا لا في يوم الأزل ومن لم يجعل الله له نورا في يوم الأزل فما له من نور الى يوم الابد واعلم ان الهدى ضد الهوى فلا بد من المتابعة للهدى قال بعض الكبار ليس لولى كرامة

[سورة النجم (53) : الآيات 24 إلى 25]

الا بحكم الإرث لمن ورثه من الأنبياء عليهم السلام ولذلك لم يقدر من هو وارث عيسى عليه السلام ان يمشى في الهولء والماء ومن هو وارث لمحمد عليه السلام له المشي على الهولء والماء لعموم مقامه وفي الحديث لو ازداد عيسى يقينا لمشى في الهولء اى بموجب قوة يقينية لا بموجب صدق اتباعى ولا نشك ان عيسى عليه السلام أقوى يقينا من سائر الأولياء الذين يمشون في الهولء بما لا يتقارب فانه من اولى العزم من الرسل فعلمنا قطعا ان مشى الولي منا فى الهولء انما هو بحكم صدق التبعية لا بزيادة اليقين على يقين عيسى عليه السلام وعيسى اصدق في تبعيته لمحمد عليه السلام من جميع الأولياء فله القدرة بذلك على المشي على الهولء وان ترك ذلك من نفسه وبالجملة فلا يمشى في الهولء الا من ترك الهوى هوى وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سر پنجه عقل تيز أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من بيان ان ما هم عليه غير مستند الا الى توهمهم وهوى نفسهم الى بيان ان ذلك مما لا يجدى نفعا أصلا والهمزة للانكار والنفي والتمني تقدير شيء في النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن وقد يكون عن رؤية وبناء على اصل لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له املك فأكثر التمني تصوير مالا حقيقة له والمعنى ليس للانسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه من الأمور التي من جملتها اطماعهم الفارغة في شفاعة الآلهة ونظائرها التي لا تكاد تدخل تحت الوجود ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن (وقال الكاشفى) آيا هست مر انسان را يعنى كافر را آنچهـ آرزو برداز شفاعت بتان يا آنكه كويد چرا نبوت بفلان وفلان ندادند وقيل أم للانسان ما اشتهى من طول الحياة وان لا بعث ولا حشر وفي الآية اشارة الى ان للانسان استعداد الكمال وهو الفناء عن انانيته والبقاء بهوية الله تعالى لكن بسبب اشتغاله باللذات الجسمانية والروحانية يحصل له في بعض الأوقات آفات العلائق الجسمانية وفترات العوائق الروحانية فيحرم من بلوغ مطلوبه ولا يتهيأ له كل ما تمناه إذ كل ميسر لما خلق له فمن خلق مظهر اللطف بيده اليمنى لا يقدر أن يجعل نفسه مظهر القهر ومن خلق مظهر القهر بيده اليسرى لا يمكن أن يجعل نفسه مظهر اللطف توان پاك كردن زژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه وانما تمنى لما ليس له مخلوقية على صورة من جمع الضدين بقوله هو الاول والآخر والظاهر والباطن اى هو الاول في عين آخريته والظاهر في عين باطنيته وسئل الخراز قدس سره بم عرفت الله قال بالجمع بين الضدين لان الحقيقة متوحدة والتعين والظهور متعدد وتنافى التعينات لا يقدح في وحدة الهوية المطلقة كما ان تنافى الزوجية والفردية لا يقدح في العدد وتضاد السواد والبياض لا يقدح في اللون المطلق قال الحسين رحمه الله الاختيار طلب الربوبية والتمني الخروج من العبودية وسبب عقوبة الله عباده ظفرهم بمنيتهم فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى تعليل لانتقاء ان يكون للانسان ما يتمناه حتما فان اختصاص امور الآخرة والاولى جميعا به

[سورة النجم (53) : الآيات 26 إلى 30]

تعالى مقتض لانتفاء ان يكون له امر من الأمور وفي التأويلات النجمية يشير الى قهرمانيه الحق تعالى على العالم كله ملكه وملكوته الأخروي والدنيوي يعنى لا يملك الإنسان شيأ حتى يتمكن من تحصيل ما تتمناه نفسه بل ملك الآخرة تحت تصرف يده اليمنى المقتضية لموجبات حصول الآخرة من الأعمال الصالحة والافعال الحسنة يهبه بالاسم الواهب لمن يشاء ان يكون مظهر لطفه وجماله وملك الدنيا تحت تصرف يده اليسرى المستدعية لاسباب حصول الدنيا من حب الدنيا الدنية المنتجة للخطيئة ومتابعة النفس الخبيثة وموافقة الطبيعة اللئيمة يجعله باسمه المقسط لمن يشاء ان يكون مظهر صفة قهره وجلاله ولا ذلك يزيد فى ملكه ولا هذا ينقص من ملكه وكلتا يدى الرحمن ملأى سحاء وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً اقناط لهم مما علقوا به اطماعهم من شفاعة الملائكة لهم موجب لاقناطهم عن شفاعة الأصنام بطريق الاولوية وكم خبرية مفيدة للتكثير محلها الرفع على الابتداء والخبر هى الجملة المنفية وجمع الضمير في شفاعتهم مع افراد الملك باعتبار المعنى اى وكثير من الملائكة لا تغنى شفاعتهم عند الله شيأ من الإغناء في وقت من الأوقات اى لا تنفع شيأ من النفع وهو القليل منه او شيأ اى أحدا وليس المعنى انهم يشفعون فلا تنفع شفاعتهم بل معناه انهم لا يشفعون لانه لا يؤذن لهم كما قال تعالى إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لهم في الشفاعة لِمَنْ يَشاءُ ان يشفعون اله وَيَرْضى ويراه أهلا للشفاعة من اهل التوحيد والايمان واما من عداهم من اهل الكفر والطغيان فهم من اذن الله بمعزل ومن الشفاعة بألف منزل فاذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام وفي الآية اشارة الى ان ملك الروح يشفع في حق النفس الامارة بالسوء رجاء الانسلاخ عن أوصافها الذميمة والترقي الى مقام الفناء والبقاء ولكن لا تنفع شفاعته في حقها لعلمه القديم الأزلي بعدم استعدادها للترقى من مقامها اللهم الا ان تقبل شفاعته في حق نفس رقيق الحجاب مستعد لقبول الفيض الا لهى لصفاء فطرته الاولى وبقاء قابليته الكبرى للترقى في المقامات العلية بالخروج من موافقة الطبع ومخالفة الشرع والدخول في موافقة الشريعة ومخالفة الطبيعة إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وبما فيها من العقاب على ما يتعاطونه من الكفر والمعاصي لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ المنزهين عن سمات النقصان على الإطلاق اى كل يسمون كل واحد منهم تَسْمِيَةَ الْأُنْثى منصوب على انه صفة مصدر محذوف اى تسمية مثل تسمية الأنثى فان قولهم الملائكة بنات الله قول منهم بان كلا منهم بنته سبحانه وهى التسمية بالأنثى فاللام في الملائكة للتعريف الاستغراقى وفي تعليقها بعدم الايمان بالآخرة اشعار بأنها في الشناعة والفظاعة واستتباع العقوبة فى الآخرة بحيث لا يجترى عليها الا من لا يؤمن بها رأسا قال ابن الشيخ فان قيل كيف يصح أن يقال انهم لا يؤمنون بالآخرة مع انهم كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله وكان من عادتهم أن يربطوا مركوب الميت على قبره ويعتقدون انه يحشر عليه أجيب بأنهم ما كانوا يجزمون به بل كانوا يقولون لا نحشر فان كان فلنا شفعاء بدليل ما حكى الله عنهم وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت الى ربى ان لى عنده للحسنى وايضا ما كانوا يعترفون بالآخرة على وجه الذي

[سورة النجم (53) : الآيات 28 إلى 29]

ورد به الرسل فهم لا يؤمنون بها على وجهها واعلم ان الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث وفي الحديث جبرائيل أتاني في أول ما أوحى الى فعلمنى الوضوء والصلاة قلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه اى رش بها فرجه اى محل الفرج من الإنسان بناء على انه لا فرج له وكون الملك لا فرج له لو تصور بصورة الإنسان دليل على انه ليس ذكرا ولا أنثى وفيه نظر لانه يجوز ان يكون له آلة ليست كآلة الذكر وكآلة الأنثى كما قيل بذلك في الخنثى ويقال لذلك فرج وبعضهم حمل الفرج على ما يقابل الفرج من الإزار وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ حال من فاعل يسمون اى يسمونهم والحال انه لا علم لهم بما يقولون أصلا إِنْ يَتَّبِعُونَ اى ما يتبعون في ذلك ليس بتكرار لان الاول متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة والثاني بعبادتهم الملائكة إِلَّا الظَّنَّ الفاسد وَإِنَّ الظَّنَّ اى جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً من الإغناء فان الحق الذي هو عبارة عن حقيقة الشيء لا يدرك إدراكا معتبرا الا بالعلم والظن لا اعتداد به في شأن المعارف الحقية وانما يعتدبه في العمليات وما يؤدى إليها كمسائل علم اصول الفقه وفيه ذم للظن ودلالة على عدم ايمان المقلد وقيل الحق بمعنى العلم اى لا يقوم الظن مقام العلم وقيل الحق بمعنى العذاب اى ان ظنهم لا ينقذهم من العذاب وحقيقية هذه الآية العزيزة تحريض السالكين والطالبين على السعى والاجتهاد في السير الى الله بقطع المنازل السفلية وتصحيح المقامات العلوية الى ان يصلوا الى عين الجمع ويغرقوا في بحر التوحيد ويشهدوا الحقائق والمعاني المجردة بنور الوحدة الحقيقة الذاتية الدافعة ظلمة الكثرة النسبية لاسماء الله تعالى ثم ان الافراد يتفاوتون في حضرة الشهود مع كونهم على بساط الحق الذي لا نقص فيه لانهم انما يشهدون في حقائقهم ولو شهدوا عين الذات لتساووا في الفضيلة قال بعض الكبار اصحاب الكشف الخيالى غلطهم اكثر من أصابتهم لان الخيال واسع والذي يظهر فيه يحتمل التأويلات المختلفة فلا يقع القطع بما يحصل منه الا بعلم آخر ورلء ذلك وانما كان الخيال بهذا الحكم لكونه ليست له حقيقة ونفسه بل هو امر برزخى بين حقيقتين وهما المعاني المجردة والمحسوسات فلهذا يقع الغلط في الخيال لكونه ليست له حقيقة في نفسه وانظر الى إشارته عليه السلام في الكشف الخيالى وكونه يقبل الاصابة والغلط لما أتاه جبرائيل بصورة عائشة رضى الله عنها في سرفة من حرير وقال له هذه زوجتك فقال عليه السلام ان يكن من عند الله يمضه بخلاف ما لو اتاه ذلك بطريق الوحى المعهود المحسوس له او بطريق المعاني المجردة الموجبة ليقين وللعلم فانه إذا لا يمكنه الجواب بمثل ذلك الجواب الذي يشعر بالتردد المحتمل الذي يقتضيه حضرة الخيال بحقيقتها سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سراب ريب فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا اى فاعرض يا محمد عن دعوة من اعرض عن ذكرنا المفيد للعلم اليقيني ولم يؤمن به وهو القرآن المنطوى على علوم الأولين والآخرين المذكر لأمور الآخرة ولا تتهالك على إسلامه او عن ذكرنا كما ينبغى فان ذلك مستتبع لذكر الآخرة وما فيها من الأمور المرغوب فيها والمهروب عنها وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا راضيا بها

[سورة النجم (53) : آية 30]

قاصرا نظره على جمع حطامها وجلب منافعها فالمراد النهى عن دعوته والاعتناء بشأنه فان من اعرض عما ذكر وانهمك في الدنيا بحيث كانت منتهى همته وقصارى سعيه لا تزيده الدعوة الى خلافها الا عنادا واصرارا على الباطل والنهى عن الدعوة لا يستلزم نهى الآية بآية القتال بل الاعراض عن الجواب والمناظرة شرط الجواز المقاتلة فكيف يكون منسوخا بها فالمعنى اعرض عنهم ولا تشتغل باقامة الدليل والبرهان فانهم لا ينتفعون به وقاتلهم واقطع دابرهم قال بعضهم ضيع وقته من اشتغل بموعظة طالبى الدنيا والراغبين فيها لان أحدا لا يقبل على الدنيا الا بعد الاعراض عن الله با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك قال ابن الشيخ اعلم ان النبي عليه السلام كالطبيب للقلوب فأمره الله تعالى في معالجة القلوب بما عليه الأطباء في معالجة المرضى فان المرض إذا أمكن علاجه بالغذاء لا يستعملون في إزالته الدواء وإذا أمكن إزالته بالدواء الضعيف لا يستعملون الدواء القوى والكي فلذلك امر عليه السلام بالذكر الذي هو غذآء القلوب حيث قال قولوا لا اله الا الله فان بذكر الله تطمئن القلوب كما ان بالغذاء تطمئن النفوس فانتفع به ابو بكر ومن كان مثله رضى الله عنهم ومن لم ينتفع بالحمل على الذكر والأمر به ذكر لهم الدليل وقال او لم يتفكروا قل انظروا أفلا ينظرون فلما لم ينتفعوا أتى بالوعيد والتهديد فلما لم ينفعهم قال اعرض عن المعالجة واقطع الفاسد لئلا يفسد الصالح فقوله عمن تولى إلخ اشارة الى ما قلنا فان التولي عن ذكره كناية عن ملزمه الذي هو ترك النظر في دلائل وجوده ووحدته وسائر صفاته وقوله ولم يرد إلخ اشارة الى انكارهم الحشر ومن لم يقل بالحشر والحساب لا يخاف ولا يرجع عما هو عليه ترك النظر في دلائل الله لا يعرفه فلا يتبع رسوله فلا ينفعه كلامه فلا يبقى في الدعاء فائدة فلم يبق إلا ترك المعالجة والمسارعة الى المقاتلة انتهى كلامه ثم اعلم ان كل ما يبعد البعد عن حضرة سيده فهو من الحياة الدنيا فمن قصد بالزهد والورع والتقى والكشف والكرامات وخوارق العادات قبول الناس والشهرة عندهم وحصول الجاه والمال فهو ممن لم يرد الا الحياة الدنيا فضاع جميع أحواله وكسد جملة أقواله وأفعاله إذ لا ربح له عند الله ولا ثمرة ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار ولا يغترن هذا بحصول بعض الكشوف واقبال اهل الدنيا عليه فانه ثمرة عاجلة له وماله فى الآخرة من خلاق ألا ترى ان إبليس عبد الله تعالى تسعة آلاف سنة ثم لما كفر وقال أنظرني الى يوم يبعثون أمهله الله تعالى فكانت تلك المهلة ثمرة عاجلة له في حياته الدنيوية ذلِكَ اى امر الدنيا وفي بحر العلوم اى ارادة الدنيا وايثارها على الآخرة وفي الإرشاد اى ما أداهم الى ما هم فيه من التولي وقصر الارادة على الحياة الدنيا مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ لا يكادون يجاوزونه الى غيره حتى يجديهم الدعوة والإرشاد كقوله تعالى يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون فمبلغ اسم مكان وجمع الضمير في مبلغهم باعتباره معنى من كما ان افراده فيما سبق باعتبار لفظها والمراد بالعلم مطلق الإدراك المنتظم للظن الفاسد

والجملة اعتراض مقرر لقصر همتهم على الدنيا الدنية التي هى ابغض الخلق الى الله تعالى بشهادة قوله عليه السلام ان الله لم يخلق خلقا هو ابغض اليه من الدنيا وما نظر إليها منذ خلقها بغضالها رواه ابو هريرة رضى الله عنه ومعنى هو ان الدنيا على الله سبحانه انه تعالى لم يجعلها مقصودة لنفسه بل جعلها طريقا موصلة الى ما هو المقصود لنفسه ولذلك قال عليه السلام الدنيا قنطرة فاعبروها لا تعمروها فما ورد من اباحة لعن الدنيا فباعتبار ما كان منها مبعدا عن الله تعالى وشاغلا عنه كما قال بعض اهل الحقيقة ما ألهاك عن مولاك فهو دنياك ومشئوم عليك واما ما يقرب الى الله ويعين الى عبادته فممدوح كما قال عليه السلام لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر ان العبد إذا قال لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه (وفي المثنوى) چيست دنيا از خدا غافل بدن ... نى قماش ونقره وميزان وزن مال را كز بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پشتى است چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جر مسكين نخواند قال بعض الكبار من ذم الدنيا فقد عق امه لان جميع الانكاد والشرور التي ينسبها الناس الى الدنيا ليس هو فعلها وانما هو فعل أولادها لان الشر فعل المكلف لا فعل الدنيا فهى مطية العبد عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر فهى تحب ان لا يشقى أحد من أولادها لانها كثيرة الحنو عليهم وتخاف أن تأخذهم الضرة الاخرى على غير اهبة مع كونها ما ولدتهم ولا تعبث في تربيتهم فمن عقوق أولادها كونهم ينسبون جميع افعال الخير الى الآخرة ويقولون اعمال الآخرة والحال انهم ما عملوا تلك الأعمال الا في الدنيا فللدنيا اجر المصيبة التي في أولادها ومن أولادها فما أنصف من ذمها بل هو جاهل بحق امه ومن كان كذلك فهو بحق الآخرة أجهل انتهى واعلم ان الارادة والنية واحد وهو قصد قلبى ينبعث الى قلب الإنسان بالبعث الإلهي فهذا البعث الإلهي ان كان بالفجور على ما قال تعالى فألهمها فجورها وتقواها فهو من اسم المضل وقبضة الجلال ويد القهر وسادنه هو الشيطان وان كان بالتقوى فهو من اسم الهادي وققبضة الجمال ويد اللطف وسادنه هو الملك والاول من عالم العدل والثاني من عالم الفضل وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ثم ان نية الإنسان لا تخلو اما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو الدنيا فهو سيئ نية وعملا واما أن يكون متعلقها في لسانه هو الآخرة وفي جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملا واما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملا واما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو وجه الله فهو احسن نية وعملا فالاول حال الكفار والثاني حال المنافقين والثالث حال الأبرار والرابع حال المقربين وقد أشار الحق سبحانه وتعالى الى احوال المقربين عبارة والى احوال غيرهم اشارة في قوله تعالى انا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم احسن عملا والمقربون قد فروا الى الله من جميع ما في ارض الوجود ولم يلتفتوا الى شيء سوى وجهه الكريم ولم يريدوا أمن المولى غير

[سورة النجم (53) : الآيات 31 إلى 35]

المولى فكانوا احسن نية وعملا هذا صراط مستقيم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى تعليل للامر بالاعراض وتكرير قوله وهو اعلم لزيادة التقرير والإيذان بكمال تباين المعلومين والمراد بمن ضل من أصر عليه ولم يرجع الى الهدى أصلا وبمن اهتدى من من شأنه الاهتداء في الجملة اى هو المبالغ في العلم بمن لا يرعوى عن الضلال ابدا وبمن يقبل الاهتداء في الجملة لا غيره فلا تتعب نفسك في دعوتهم فانه من القبيل الاول وفيه اشارة الى النفس الكافرة ويهود صفاتها فانهم لا يقبلون الدعوة لانتفاء استعدادهم لقبولها فمن كان مظهر القهر في الأزل لا يكون مظهر اللطف في الابد وبالعكس وفي الحديث القدسي (خلقت الجنة وخلقت لها أهلا وخلقت النار وخلقت لها أهلا فطوبى لمن جعلته أهلا للجنة وويل لمن جعلته أهلا للنار) قال بعض الكبار النفس لا تفعل الشر الا لجاجة من القرين واللجاج ممن لا قدرة على منعه ومخالفته بمنزلة الإكراه والمكره غير مؤاخذ بالشرع والعقل ولذا قال عليه السلام الخير عادة والشر لجاجة فهو بشارة عظيمة من العالم بالأمور عليه السلام فانه اخبر ان النفس خيرة بالذات لان أباها الروح القدسي الطاهر وما نقبل الشر الا لجاجة من القرين فلم يجعل عليه السلام الشر من ذاتها وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى خلقا وملكا لا لغيره أصلا لا استقلالا ولا اشتراكا لِيَجْزِيَ إلخ متعلق بما دل عليه اعلم إلخ وما بينهما اعتراض مقرر لما قبله فان كون الكل مخلوقا له تعالى مما يقرر علمه تعالى بأحوالهم ألا يعلم من خلق كأنه قيل فيعلم ضلال من ضل واهتداء من اهتدى ويحفظهما ليجزى الَّذِينَ أَساؤُا بد كردند بِما عَمِلُوا اى بعقاب ما عملوا من الضلال الذي عبر عنه بالاساءة بيانا لحاله او بسبب ما عملوا شبه نتيجة علمه بكل واحد من الفريقين وهى مجازاته على حسب حاله بعلته الغائبة فأدخل لام العلة عليها وصح بذلك تعلقها بقوله اعلم هين مراقب باش گر دل بايدت ... كز پى هر فعل چيزى زايدت وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا اى اهتدوا بِالْحُسْنَى اى بالمثوبة الحسنى التي هى الجنة فالحسنى للزيادة المطلقة والباء لتعدية الجزاء او بسبب أعمالهم الحسنى فالباء للسببية والمقابلة الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ صفة للذين أحسنوا او بدل منه لكن قال سعدى المفتى لا حسن في جعل الذين إلخ مقصودا بالنسبة وجعل الذين أحسنوا في حكم المتروك ولو كان النظم على العكس لكان لها وجه انتهى يقول الفقير الاجتناب من باب التخلية بالمعجمة وهى اقدم فلذا جعلت مقصودة بالنسبة وصيغة الاستقبال في صلته دون صلة الموصوف او المبدل منه للدلالة على تجدد الاجتناب واستمراره يعنى للاشعار بأن ترك المعصية سوآء كانت بارتكاب المحرمات او بترك الواجبات ينبغى أن يستمر عليه المؤمن ويجعل الاجتناب عنها دأبا له وعادة حتى يستحق المثوبة الحسنى فان من اجتنب عنها مرة وانهمك عليها في باقى الأزمان لا يستحقها بخلاف الحسنات المتطوع بها فان من أتى بها ولو مرة يؤجر عليها وكبائر

الإثم ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه كالشرك والزنى مطلقا خصوصا بحليلة جاره وقتل النفس مطلقا لا سيما الأولاد وهى الموءودة وقال ابن جبير هى مالا يستغفر منه لقوله عليه السلام لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار وفي الحديث إياكم والمحقرات من الذنوب قال ابن عباس رضى الله عنهما هى الى سبعين اقرب وتمام التفصيل سبق في حمعسق في نظير الآية وَالْفَواحِشَ وما فحش من الكبائر خصوصا الزنى والقتل بغير حق وغيرهما فهو من قبيل التخصيص بعد التعميم قال الراغب الفحش والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال إِلَّا اللَّمَمَ اللمم مقاربة المعصية ويعبر به عن الصغيرة من قولك ألممت بكذا اى نزلت به وقاربته من غير مواقعة وألم الغلام قارب البلوغ والاستثناء منقطع لان المراد باللمم الصغائر وهى لا تدخل في الكبائر والمعنى الا ما قل وصغر فانه مغفور ممن يجتنب الكبائر يعنى ان الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر قال تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وقيل هى النظر بلا تعمد فان أعاد النظر فليس بلمم وهو مذنب والغمزة والقبلة كما روى ان نبهان التمار أتته امرأة لتشترى التمر فقال لها ادخلى الحانوت فعانقها وقبلها فقالت المرأة خنت أخاك ولم تصب حاجتك فندم وذهب الى رسول الله عليه السلام فنزلت وقيل هى الخطرة من الذنب اى ما خطره من الذنب على القلب بلا عزم واز قوت بفعل نيايد وقيل كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عذابا وقال بعضهم اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان الحين بعد الحين ولا يكون له عادة ولا اقامة عليه قال محمد بن الحنفية كل ما هممت به من خير وشر فهو لمم دليله قوله عليه السلام ان للشيطان وللملك لمة فلمة الشيطان الوسوسة ولمة الملك الإلهام وقال ابن عباس رضي الله عنهما معناه الا أن يلم بالفاحشة مرة ثم يتوب ولم يثبت عليها فان الله يقبل توبته ويؤيده قوله عليه السلام ان تغفر اللهم فاغفر جما واى عبدلك لا الما فالاستثناء على هذا متصل وقال ابن عباس رضى الله عنهما ما رأيت شيأ أشبه باللمم مما نقله ابو هريرة رضى الله عن رسول الله عليه السلام ان الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى فزنى العينين النظر وزنى اللسان النطق وزنى الشفتين القبلة وزنى اليدين البطش وزنى الرجلين المشي والنفس تتمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك كله او يكذبه فان تقدم فرجه كان زانيا والا فهو اللمم وفي الاسئلة المقحمة الذنوب كلها كبائر على الحقيقة لان الكل تتضمن مخالفة امر الله تعالى لكن بعضها اكبر من بعض عند الاضافة ولا كبيرة أعظم من الشرك واما اللمم فهو من جملة الكبائر والفواحش ايضا الا ان الله تعالى أراد باللمم الفاحشة التي يتوب عنها مرتكبها ومجترحها وهو قول مجاهد والحسن وجماعة من الصحابة منهم ابو هريرة رضى الله عنه إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر فالجملة تعليل لاستثناء اللمم وتنبيه على ان إخراجه من حكم المؤاخذة به ليس لخلوه عن الذنب في نفسه بل لسعة المغفرة الربانية وفي التأويلات النجمية كبائر الإثم ثلاث مراتب محبة النفس الامارة بالسوء ومحبة الهوى النافخ في نيران

النفس ومحبة الدنيا التي هى رأس كل خطيئة ولكل واحدة من هذه المحبات الثلاث فاحشة لازمة غير منفكة عنها اما فاحشة محبة النفس الامارة بالسوء فموافقة الطبيعة ومخالفة الشريعة واما فاحشة محبة الهوى فحب الدنيا وشهواتها واما فاحشة محبة الدنيا فالاعراض عن الله والإقبال على ما سواه قوله الا اللمم اى الميل اليسير الى النفس والهوى والدنيا بحسب الضرورة البشرية من استراحة البدن ونيل قليل من حظوظ الدنيا بحسب الحقوق لا بحسب الحظوظ فان مباشر الحقوق مغفور ومبادر الحظوظ مغرور كما قال ان ربك واسع المغفرة ومن سعة غفرانه ستر ظلمة الوجود المجازى بنور الوجود الحقيقي بالفناء عن ناسوتيته والبقاء بلا هوتيته انتهى قال بعض الكبار من استرقه الكون بحكم مشروع كالسعى في مصالح العباد والشكر لاحد من المخلوقين من جهة نعمة أسداها اليه فهو لم يبرح عن عبوديته لله تعالى لانه في أداء واجب أوجبه الحق عليه واما تعبد العبد فمخلوق عن امر الله لا يقدح فى العبودية بخلاف من استرقه الكون لغرض نفسى ليس للحق فيه رائحة امر فان ذلك يقدح في عبوديته لله تعالى ويجب عليه الرجوع الى الحق تعالى وقال بعض العارفين من المحال ان يأتى مؤمن معصية توعد الله عليها بالعقوبة فيفرغ منها الا ويجد في نفسه الندم على وقوعها منه وقد قال صلّى الله عليه وسلّم الندم توبة وقد قام بهذا المؤمن الندم فهو تائب بلا شك فسقط حكم الوعيد لهذا الندم فانه لا بد للمؤمن أن يكره المخالفة ولا يرضى بها فهو من كونه كار هالها ومؤمنا بأنها معصية ذو عمل صالح وهو من كونه فاعلا لها ذو عمل سيئ فهو من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وقد قال تعالى فيهم عيسى الله أن يتوب عليهم يعنى ليتوبوا والله غفور رحيم انتهى فعلى العاقل أن يندم على المعاصي الواقعة منه ولا يغتر بالرب الكريم وان كان الله واسع المغفرة فانه تعالى ايضا شديد البطش والاخذ نسأ الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة هُوَ تعالى أَعْلَمُ منكم بِكُمْ اى بأحوالكم يعلمها إِذْ أَنْشَأَكُمْ اى خلقكم في ضمن إنشاء أبيكم آدم عليه السلام مِنَ الْأَرْضِ إنشاء اجماليا وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ ووقت كونكم اجنة فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ على أطوار مختلفة مترتبة لا يخفى عليه حال من أحوالكم وعمل من أعمالكم التي من جملتها اللمم الذي لولا المغفرة الواسطة لاصابكم وباله وضروره والاجنة جمع جنين مثل اسرة وسرير والجنين الولد ما دام في البطن وهو فعيل بمعنى مفعول اى مدفون مستتر والجنين الدفين في الشيء المستتر فيه من جنه إذا ستره وإذا خرج من بطن امه لا يسمى الا ولدا او سقطا وفي الأشباه هو جنين ما دام في بطن امه فاذا انفصل ذكرا فصبى ويسمى رجلا كما في آية الميراث الى البلوغ فغلام الى تسعة عشر فشاب الى أربعة وثلاثين فكهل الى أحد وخمسين فشيخ الى آخر عمره هذا في اللغة وفي الشرع يسمى غلاما الى البلوغ وبعده شابا وفتى الى ثلاثين فكهل الى خمسين فشيخ وتمامه في ايمان البزازية فان قيل الجنين إذا كان اسما له مادام في البطن فما فائدة قوله تعالى في بطون أمهاتكم قلنا فائدته المبالغة في بيان كمال علمه وقدرته فان بطون الأمهات في غاية الظلمة ومن علم حال الجنين فيها لا يخفى عليه

شيء من أحواله فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ الفاء لترتيب النهى عن تزكية النفس على ما سبق من أن عدم المؤاخذة باللمم ليس لعدم كونه من قبيل الذنوب بل لمحض مغفرته تعالى مع علمه بصدوره عنكم اى إذا كان الأمر كذلك فلا تثنوا عليها بالطهارة من المعصية بالكلية او بما يستلزمها من زكاء العمل ونماء الخير بل اشكروا الله تعالى على فضله ومغفرته وبالفارسية پس ستايش مكنيد نفسهاى خود را به بي كناهى وبسيارى خير وخوبى أوصاف وقال الحسن رحمه الله علم الله من كل نفس ما هى صانعة والى ماهى صائرة فلا تزكوا أنفسكم ولا تطهروها من الآثام ولا تمدحوها بحسن الأعمال لان كل واحد من التخلية والتحلية انما يعتدبه إذا كان خالصا الله تعالى وإذا كان هو أعلم بأحوالكم منكم فأى حاجة الى التزكية همان به كر آبستن كوهرى ... كه همچون صدف سر بخود در برى اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز واما من زكاه الغير ومدحه فقد ورد فيه احثوا في وجه المداحين اى الذين يمدحون بما ليس في الممدوح التُّرابِ على حقيقته او هو مجاز عن ردهم عن المدح لئلا يغتر الممدوح فيتجبر وقيل المراد به أن لا يعطوهم شيأ لمدحهم او معناه الأمر بدفع المال إليهم لينقطع لسانهم ولا يشتغلوا بالهجو وفيه اشارة الى أن المال حقير في الواقع كالتراب قال ابو الليث فى تفسيره المدح على ثلاثة أوجه الاول أن يمدحه في وجهه فهو الذي نهى عنه والثاني أن يمدحه بغير حضرة ويعلم انه يبلغه فهذا ايضا ينهى عنه ومدح يمدحه في حال غيبته وهو لا يبالى بلغه او لم يبلغه ومدح يمدحه بما هو فيه فلا بأس بهذا انتهى (وفي المثنوى) خلق مادر صورت خود كرد حق ... وصف ما از وصف او كيرد سبق چونكه آن خلاق شكر وحمد جوست ... آدمي را مدح جويى نيز خوست خاصه مرد حق كه در فضلست چست ... پر شود زان باد چون خيك درست ور نه باشد اهل زان باد دروغ ... خيك بدريدست كى كيرد فروغ واما المدح بعد الموت فلا بأس به إذا لم يجاوز الحد كالروافض في مدح اهل البيت هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى المعاصي جميعا وهو استئناف مقرر للنهى ومشعر بأن فيهم من يتقيها بأسرها وقيل كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا فنزلت وهذا إذا كان بطريق الاعجاب او الرياء فأما من اعتقد أن ما عمله من الأعمال الصالحة من الله تعالى وبتوفيقه وتأييده ولم يقصد به التمدح لم يكن من المزكين أنفسهم فان المسرة بالطاعة طاعة وذكرها شكر وفي التأويلات النجمية يشير به الى أن علم الإنسان بنفسه علم اجمالى وعلمه تعالى به تفصيلى والعلم التفصيلي أكمل وأشمل من العلم الإجمالي وايضا علم الإنسان بنفسه علم مقيد بقواه البشرية وهو متناه بحسب تناهى قواه البشرية وعلمه تعالى به علم مطلق إذ علمه عين ذاته في مقام الواحدية غير ذاته في مقام الواحدية والعلم المطلق أحوط وأجمع من العلم المقيد وايضا الإنسان مخلوق على صورة الله كما قال عليه السلام ان الله خلق آدم على صورته وفي رواية اخرى على صورة

[سورة النجم (53) : الآيات 33 إلى 35]

الرحمن والله تعالى عالم بصورته المنزهة عن الشكل المقدسة عن الهيئة والإنسان غير عالم بها على كيفية علم الله إذ لا يعلم الله الا الله كما قال وما قدروا الله حق قدره اللهم الا أن يفنى عن علمه المقيد ويبقى بعلمه المطلق هذا هو تحقيق اعلمية الحق تعالى وقوله وهو اعلم بمن اتقى اى بمن اتقى بالله عما سواء بحيث جعل الله تعالى وقاية نفسه لينسب كل ما يصدر عنه من العلم والعمل اليه فانه هو المؤثر في الوجود ومنه كل فيض وفضل وخير وجود أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى اى اعرض عن اتباع الحق والثبات عليه وبالفارسية آيا ديدى آن كسى را كه از پيروى حق روى بگردانيد وَأَعْطى قَلِيلًا اى شيأ قليلا من ماله وإعطاء قليلا وبالفارسية وبداد اندكى از مال خود براى رشوت تحمل عذاب ازو وَأَكْدى اى قطع عطيته وامسك بخلا من قولهم أكدى الحافر اى حافر البئر إذا بلغ الكدية اى الصلابة كالصخرة فلا يمكنه أن يحفر ثم استعمل في كل من طلب شيأ فلم يصل اليه ولم يتممه ولم يبلغ آخره وفي القاموس أكدى بخل او قل خيره او قلل عطاءه وفي تاج المصادر قوله تعالى وأكدى اى قطع القليل قالوا نزلت في الوليد بن المغيرة كان يتبع رسول الله عليه السلام يعنى در پى حضرت رسالت ميرفت واستماع كلام وى ميكند در مجلس او وطمع النبي عليه السلام في إسلامه فعيره بعض المشركين وعاتبه وقال له تركت دين الأشياخ وضللتهم فقال أخشى عذاب الله فضمن أن يتحمل عنه العذاب وكل شيء يخافه في الآخرة ان أعطاه بعض ماله فارتد وتولى عن الوعظ واستماع الكلام النبوي وأعطاه بعض المشروط وبخل بالباقي فالذم آيل الى سبب القطع وهو البخل فلا يتوهم ان الآية مسوقة لذم فعل المتولى وقطع العطاء عن المتحمل المذكور ليس بمذموم وقال الكاشفى وأكدى وبازداشت باقى را پس جهل وبخل با يكديكر جمع كرد يقول الفقير الظاهر ان الآية مسوقة لذم التولي وسوء الاعتقاد في نفع التحمل يوم القيامة كما دلت عليه الآية الآتية وقوله وأعطى قليلا وأكدى مجرد بيان الحال المتولى والمعطى فيما جرى بينه وبين المتحمل لاذم لبخله في ذلك لكن لا يخلو عن التهكم حيث انه بخل فيما اعتقد نفعه وقال مقاتل أنفق الوليد على اصحاب محمد عليه السلام بنفقة قليلة ثم انتهى عن ذلك انتهى ولا يخفى انه ليس لهذا المعنى ارتباط بما بعد من الآيات وفيه اشارة الى السالك المنقطع في أثناء السلوك الراجع من السير الى الله الى نفسه البشرية واستيفاء لذاتها الحيوانية بسبب سآمنه المشئومة من المجاهدات البدنية والرياضات النفسانية بعد أن صرف في طريق السير والسلوك فلسا من رأس مال عمره ثم بخل به وقطعه عن الصرف فى طريق السعى والاجتهاد في الله وصرف بقية رأس مال عمره في تحصيل لذات النفس الحيوانية البشرية واستيفاء شهواتها وحب الدنيا الدنية الخسيسة وهذا كله لعدم استعداده للوصول والوصال نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن النكرة بعد المعرفة اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش أَعِنْدَهُ آيا نزديك اوست عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى الفاء للسببية والرؤية قلبية اى أعنده علم بالأمور الغيبية التي من جملتها تحمل صاحبه عنه يوم القيامة فهو يعلم ان صاحبه

[سورة النجم (53) : الآيات 36 إلى 40]

يتحمل عنه قال ابن الشيخ أرأيت بمعنى أخبرت وأ عنده علم العيب مفعوله الثاني اى أخبرت أن هذا المعطى المكدى هل عنده علم ما غاب عنه من أحوال الآخرة فهو يعلم ان صاحبه يتحمل أوزاره على ان قوله يرى بمعنى يعلم حذف مفعولاه لدلالة المقام عليهما أَمْ أهو جاهل لَمْ يُنَبَّأْ لم يخبر بِما فِي صُحُفِ مُوسى اى اسفار التوراة قال الراغب الصحيفة المبسوطة من كل شيء كصحيفة الوجه والصحيفة التي كان يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة وقال القهستاني المصحف مثلث الميم ما جمع فيه قرآن والصحف وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى عطف على موسى اى وبما في صحف ابراهيم الذي وفي اى وفروأتم ما ابتلى به من الكلمات كما مر في سورة البقرة او أمر به من غير إخلال وإهمال يقال أوفاه حقه ووفاه بمعنى اى أعطاه تاما وافيا ويجوز أن يكون التشديد فيه للتكثير والمبالغة في الوفاء بما عاهد الله اى بالغ في الوفاء بما عاهد الله وتخصيصه بذلك لاحتماله ما لم يحتمل غيره كالصبر على نار نمرود حتى انه أتاه جبريل حين ألقى في النار فقال ألك حاجة فقال اما إليك فلا وعلى ذبح الولد وعلى الهجرة وعلى ترك اهله وولده فى واد غير ذى زرع ويروى انه كان يمشى كل يوم فرسخا يرتاد ضيفافان وجده أكرمه وإلا نوى الصوم ونعم ما قيل وفي ببذل نفسه للنيران وقلبه للرحمن وولده للقربان وماله للاخوان وعن النبي عليه السلام وفي عمل كل يوم بأربع ركعات وهى صلاة الضحى وفي الحديث القدسي ابن آدم اركع الى أربع ركعات من اول النهار كفك آخره وروى الا أخبركم لم سمى الله خليله الذي وفي كان يقول إذا أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون حتى يختم الآيتين ذكره احمد في مسنده الآيات الثلاث في عين المعاني وعن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله كم من كتاب انزل الله قال مائة كتاب واربعة كتب أنزل الله على آدم عشر صحائف وعلى شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشر صحائف وأنزل الله التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قلت يا رسول الله ما كانت صحف ابراهيم قال كانت أمثالا منها ايها الملك المبتلى المغرور انى لم أبعثك فتجمع الدنيا بعضها الى بعض ولكن بعثتك كيلا ترد دعوة المظلوم فانى لا أردها وان كانت من كافر وكان فيها أمثال منها وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر في صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم واخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال في المطعم والمشرب وغيرهما وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شانه حافظا للسانه ومن علم ان كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعنيه ويأتى ما نقل من صحف موسى في آخر سورة سبح اسم ربك الأعلى كذا في فتح الرحمن وتقديم موسى لما أن صحفه التي هى التوراة أشهر عندهم واكثر يقول الفقير وايضا هو من باب الترقي من الأقرب الى الأبعد لكون الأقرب اعرف وايضا ان موسى صاحب كتاب حقيقة بخلاف ابراهيم أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أصله أن لا تزر على ان ان هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن هو

[سورة النجم (53) : آية 39]

اسمها محذوف والجملة المنفية خبرها ومحل الجملة الجر على انها بدل مما في صحف موسى او الرفع على انها خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل ما في صحفهما فقيل هو انه اى الشأن لا تحمل نفس من شأنها الحمل حمل نفس اخرى من حيث تقعرى؟؟؟ منه المحمول عنها ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره ليتخلص الثاني من عقابه فالمراد بالوازرة هى التي يتوقع منها الوزر والحمل لا لتى وزرت وحملت ثقلا والا فكان المقام أن يقال لا تحمل فارغة وزر اخرى إذ لا تحمل مثقلة بوزرها غير الذي عليها وفي هذا ابطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة أن يحمل عنه الإثم ولا يقدح في ذلك قوله تعالى كتبنا على بنى إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا إذ ليس المعنى ان عليه اثم مباشرة سائر القاتلين بل المعنى ان عليه فوق اثم مباشرته للقتل المحظور اثم دلالته وسببيته لقتل هؤلاء وهما ليستا الا من أوزاره فهو لا يحمل إلا وزر نفسه وكذا قوله عليه السلام من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة فان ذلك وزر الإضلال الذي هو وزره وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ان مخففة من الثقيلة كأختها معطوفة عليها وللانسان خبر ليس والا ما سعى اسمها مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والسعى المشي الذريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الأمر خيرا كان او شرا والمعنى وانه اى الشأن ليس للانسان فى الآخرة الا سعيه في الدنيا من العمل والنية اى كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله فهو بيان لعدم انتفاع الإنسان بعمل غيره من حيث جلب النفع اثر بيان عدم انتفاعه من حيث دفع الضرر عنه وظاهر الآية يدل على انه لا ينفع أحدا عمل أحد واختلفوا فى تأويلها فروى عن ابن عباس رضى الله عنهما عدم اثابة الإنسان بسعى غيره وفعله وهذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله تعالى الحقنا بهم ذريتهم فيدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء ويجعل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه ويشفع الله الآباء في الأبناء والأبناء فى الآباء يدل على ذلك قوله تعالى آباؤكم وابناؤكم لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعا قال عكرمة كان ذلك لقوم ابراهيم وموسى واما هذه الامة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما روى ان امرأة رفعت صبيا لها من محفة وقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك اجر وقال رجل للنبى عليه السلام ان أمي افتلتت نفسها اى ماتت فجأة فهل لها أجر ان تصدقت عنها قال نعم وقال الربيع بن انس وان ليس للانسان الا ما سعى يعنى الكافر واما المؤمن فعله ما سعى وما سعى له غيره وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول ويشهد له ان المؤمن يصل اليه ثواب العمل الصالح من غيره (روى) ان عائشة رضى الله عنها اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن رضى الله عنه بعد موته واعتقت عنه وقال سعد للنبى عليه السلام ان أمي توفيت أفأتصدق عنها قال نعم قال فأى الصدقة أفضل قال سقى الماء فحفر بئرا وجعلها فى سبيل الله وقال القرطبي في تذكرته ويحتمل أن يكون قوله وان ليس للانسان الا ما سعى خالصا في السيئة بدليل قوله عليه السلام قال الله إذا هم عبدى بحسنة ولم يعملها كتبتها عشرا الى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم اكتبها عليه فان عملها كتبتها سيئة واحدة

والقرآن دال على هذا قال تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وهذا ونحوه تفضل من الله وطريق العدل وان ليس للانسان الا ما سعى الا ان الله يتفضل عليه بما لم يجب له كما ان زيادة الأضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا الى سبعمائة ضعف الى الف الف حسنة وقد تفضل الله على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل والحاصل ما كان من السعى فمن طريق العدل والمجازاة وما كان من غير السعى فمن طريق الفضل والتضعيف فكرامة الله تعالى أوسع وأعظم من ذلك فانه يضاعف الحسنات ويتجاوز عن السيئات فمرتبة النفس والطبيعة وكذا الشريعة والطريقة من الطريق الاولى ومرتبة الروح والسر وكذا المعرفة والحقيقة من الطريقة الثانية قال في الاسئلة المقحمة اشارت الآية الى اصل النجاة المعهودة فى حكم الشريعة فان النجاة الاصلية الموعودة في الكتاب والسنة بالعمل الصالح وهى النجاة بشرط المجازاة والمكافاة فاما التي هى من غير طريق المجازاة والمكافاة فهى بطريق تفضل الله وبطوله وعميم رحمته وكريم لطفه وقد فسرها رسول الله عليه السلام حيث قال ادخرت شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي أترونها للمؤمنين المتقين لا ولكنها للخطائين الملوثين وبيان الكتاب الى الرسول عليه السلام وسمعت الامام أبا بكر الفارسي بسمرقند يقول سمعت الأستاذ أبا اسحق الأسفراييني يقول ان عبد الله بن طاهر امير خراسان قال للحسن بن الفضل البجلي أشكلت على ثلاث آيات أريد أن تكشف عنى وتشفى العليل أولاها قوله تعالى في قصة ابن آدم فأصبح من النادمين وصح الخبر بأن الندم توبة ولم يكن هذا الندم توبة في حق قابيل وثانيتها قوله تعالى كل يوم هو في شأن وصح الخبر بأن القلم جف بما هو كائن الى يوم القيامة وثالثتها قوله تعالى أضعافا مضاعفة فأجابه وقال اما الآية الاولى فالندم لم يكن توبة في شريعة من الشرائع وانما صار توبة في شريعة محمد عليه السلام تخصيصا له على ان ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل وانما كان على حمله حين حمله على عاتقه أياما فلم يعلم ماذا يعمل به لانه كان أول قتل حتى بعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه واما الآية الثانية فان الشان المذكور فيها ما هو التقدير بطريق الابتداء وانما هو سوق المقادير الى المواقيت واما الآية الثالثة فهو انه ليس للانسان الا ما سعى من طريق العدل والمجازاة وله أن يجزيه بواحدة عشرا وأضعافا مضاعفة بطريق الفضل والطول لا على سبيل العدل والجزاء فقام عبد الله بن طاهر وقبل رأسه وسوغ خراجه وكان خمسين الف درهم وقد ذكر الخرائطي في كتاب الثبور قال سنة في الأنصار إذا حملوا الميت ان يقرأوا معه سورة البقرة يقول الفقير فيه دليل على سنية الذكر عند حمل الجنازة لان الذكر من القرآن ولذا كان على الذاكر أن ينوى التلاوة والذكر معا حتى يثاب بثواب التلاوة فحيث سن القرآن سن الذكر المأخوذ منه ولقد احسن من قال في أبيات زر والديك وقف على قبريهما ... فكأننى بك قد حملت إليهما الى قال في آخرها وقرأت من آي الكتاب بقدر ما ... تسطيعه وبعثت ذاك إليهما قال الشيخ تقى الدين ابو العباس من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع الا بعمله فقد خرق الإجماع

وذلك باطل من وجوه كثيرة أحدها ان الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير والثاني ان النبي عليه السلام يشفع لاهل الموقف في الحساب تم لاهل الجنة في دخولها ولاهل الكبائر في الإخراج من النار وهذا الانتفاع بسعى الغير والثالث ان كل نبى وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير والرابع ان الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير والخامس ان الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم والسادس ان أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير وكذا الميت بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع وهو من عمل غيره وان الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه عنه بنص السنة وكذا تبرأ ذمة الإنسان من ديون الخلق إذا قضاها عنه قاض كما قال الشافعي إذا أنامت فليغسلنى فلان اى من الدين وذلك انتفاع بعمل الغير وكذا من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه وان الجار الصالح ينتفع بجواره في الحياة والممات كما جاء في الأثر وان جليس اهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس معهم لذلك بل لحاجة اخرى والأعمال بالنيات وكذا الصلاة على الميت والدعاء له فيها ينتفع بها الميت مع ان جميع ذلك انتفاع بعمل الغير ونظائر ذلك كثيرة لا تحصى والآيات الدالة على مضاعفة الثواب كثيرة ايضا فلا بد من توجيه قوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى فانه لاشتماله على النفي والاستثناء يدل على ان الإنسان لا ينتفع الا بعمل نفسه ولا يجزى على عمله الا يقدر سعيه ولا يزداد وهو يخالف الأقوال الواردة في انتفاعه بعمل غيره وفي مضاعفة ثواب اعماله ولا يصح أن يؤول بما يخالف صريح الكتاب والسنة واجماع الامة فأجابوا عنه بوجوه منها انه منسوخ ومنها انه في حق الكافر ومنها انه بالنسبة الى العدل لا الفضل وقد ذكرت ومنها ان الإنسان انما ينتفع بعمل غيره إذا نوى الغير أن يعمل له حيث صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعا فكان سعى الغير بذلك كأنه سعيه وايضا ان سعى الغير انما لم ينفعه إذا لم يوجد له سعى قط فاذا وجد له سعى بان يكون مؤمنا صالحا كان سعى الغير تابعا لسعيه فكأنه سعى بنفسه فان علقة الايمان وصلة وقرابة كما قال عليه السلام مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وقال عليه السلام المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه فاذا سعى أحد في الايمان والعمل الصالح فكأنه سعى بتأييد عضو أخيه وسد ثلمته فكان سعيه سعيه والحاصل انه لما كان مناط منفعة كل ما ذكر من الفوائد عمله الذي هو الايمان والصالح ولم يكن لشيء منه نفع ما بدونهما جعل النافع نفس عمله وان كان بانضمام غيره اليه وفي أول باب الحج عن الغير من الهداية الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة او صوما او صدقة او غيرها عند اهل السنة والجماعة وفي فتح الرحمن واختلف الائمة فيما يفعل من القرب كالصلاة والصيام وقراءة القرآن والصدقة ويهدى ثوابه للميت المسلم فقال ابو حنيفة واحمد يصل ذالك اليه ويحصل له نفعه بكرم الله ورحمته وقال مالك والشافعي يجوز ذلك في الصدقة والعبادة

المالية وفي الحج واما غير ذلك من الطاعات كالصلاة والصوم وقراءة القرآن وغيره لا يجوز ويكون ثوابه لفاعله وعند المعتزلة ليس للانسان جعل ثواب عمله مطلقا لغيره ولا يصل اليه ولا ينفعه لقوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى ولان الثواب الجنة وليس في قدرة العبد أن يجعلها لنفسه فضلا عن غيره واختلفوا فيمن مات قبل أن يحج فقال ابو حنيفة ومالك يسقط عنه الحج بالموت ولا يلزم الحج عنه الا أن يوصى بذلك وقال الشافعي واحمد لا يسقط عنه ويلزم الحج عنه من رأس ماله واختلفوا فيمن لم يحج عن نفسه هل يصح أن يحج عن غيره فقال ابو حنيفة ومالك يصح ويجزى عن الغير مع الكراهة وقال الشافعي واحمد لا يصح ولو فعل وقع عن نفسه واما الصلاة فهى عبادة بدنية لا تصح فيها النيابة بمال ولا بدن بالاتفاق وعند ابى حنيفة إذا مات وعليه صلوات يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر او صاع من تمر او شعير او قيمة ذلك فدية تصرف للمساكين وليس للمدفوع اليه عدد مخصوص فيجوز ان يدفع لمسكين واحد الفدية عن عدة صلوات ولا يجوز أن تدفع فدية صلاة لا كثر من مسكين ثم لا بد من الإيصاء بذلك فلو تبرع الورثة بذلك جاز من غير لزوم وذلك عند ابى حنيفة خلافا للثلاثة (وروى) ان رجلا سأل النبي عليه السلام فقال كان لى أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف أبرهما بعد موتهما فقال ان من البر بعد الموت أن تصلى لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك رواه الدار قطنى عن على رضى الله عنه وهذا الحديث حجة لابى حنيفة في تجويزه جعل العبادة البدنية ايضا لغيره خلافا للشافعى كما مر (وروى) ايضا من مر على المقابر قرأ قل هو الله أحد عشر مرات ثم وهب أجرها للاموات أعطى من الاجر بعدد الأموات رواه الدار قطنى عن انس بن مالك رضى الله عنه مرفوعا فهذا ايضا حجة له في تجويزه جعل ثواب التلاوة للغير خلافا للشافعى (وروى) عن النبي عليه السلام انه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته المؤمنين متفق عليه اى جعل ثوابه لها وهذا تعليم منه عليه السلام بأن الإنسان ينفعه عمل غيره والاقتداء به عليه السلام هو الاستمساك بالعروة الوثقى وكذا قال الحسن البصري رحمه الله رأيت عليا رضى الله عنه يضحى بكبشين وقال ان رسول الله أوصاني أن أضحى عنه وكان الشيخ الفقيه القاضي الامام مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام يفتى بانه لا يصل الى الميت ثواب ما يقرأ ويحتج بقوله وان ليس للانسان الا ما سعى فلما توفى رأه بعض أصحابه ممن يجالسه وسأله عن ذلك وقال له انك كنت تقول لا يصل الى الميت ثواب ما يقرأ ويهدى اليه فكيف الأمر فقال له كنت أقول ذلك في دار الدنيا والآن قد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله في ذلك انه يصل اليه ذلك وقد قيل ان ثواب القراءة للقارئ وللميت ثواب الاستماع ولذلك تلحقه الرحمة قال الله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون قال القرطبي ولا يبعد من كرم الله أن يلحقه ثواب القراءة والاستماع جميعا ويلحقه ثواب ما يهدى من قراءة القرآن وان لم يسمعه كالصدقة والاستغفار ولان القرآن دعاء واستغفار وتضرع وابتهال وما تقرب المتقربون الى الله بمثل

القرآن انتهى يقول الفقير فيه حجة على من أنكر من اهل عصرنا جهر آية الكرسي أعقاب الصلوات وأوجب إخفاءها وتلاوتها لكل واحد من الجماعة وذلك لان استماع القرآن أتوب من تلاوته فاذا قرأ المؤذن واستمع الحاضرون كانوا كأنهم قرأوا جميعا وإذا جاؤ وصول ثواب القراءة والاستماع جميعا الى الميت فماظنك بالحي أصلحنا الله وإياكم (وروى) ان بعض النساء توفيت فرأتها في المنام امرأة كانت تعرفها وإذا عندها تحت السرير آنية من نور مغطاة فسألتها ما في هذه الاوعية فقالت فيها هدية أهداها الى ابو أولادي البارحة فلما استيقظت المرأة ذكرت ذلك لزوج الميتة فقال قرأت البارحة شيئا من القرآن واهديته إليها وفي الحديث إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له قال القرطبي القراءة في معنى الدعا وذلك صدقة من الولد ومن الصاحب والصديق والمؤمنين قال ابن الملك في شرح الحديث (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله) اى تجدد الثواب له (الا من ثلاث صدقة جارية) كالاوقاف (او علم ينتفع به) قيل هو الاحكام المستنبطة من النصوص والظاهر انه عام متناول ما خلفه من تصنيف او تعليم في العلوم الشرعية وما يحتاج اليه في تعلمها قيد العلم بالمنتفع به لان مالا ينتفع به لا يثمر اجرا (او ولد صالح يدعو له) قيد بالصالح لان الاجر لا يحصل من غيره واما الوزر فلا يلتحق بالأب من سيئة ولده إذا كانت نيته في تحصيل الخير وانما ذكر الدعاء له تحريضا للولدلان الاجر يحصل للوالد من ولده الصالح كلما عمل عملا صالحا سوآء دعا لابيه اولا كمن غرس شجرة يحصل له من أكل ثمرتها ثواب سوآء دعا له من أكلها او لم يدع وكذلك الام قال بعض الكبار النكاح سنة نبيك فلا ترغب عنه واطلب من الله من يقوم مقامك بعد موتك حتى لا ينقطع عملك بموتك فان ابن آدم إذا مات انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم بثه في الناس او ولد صالح يدعو له وفي لفظ الصدقة الجارية اشارة الى افضلية الماء ولذا حفر سعد بئرا لامه فان قلت ما التوفيق بين هذا الحديث وبين قوله عليه السلام من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة وقوله عليه السلام من مات يختم على عمله الا المرابط في سبيل الله فانه ينموله عمله الى يوم القيامة قلنا السنة المسنونة من جملة العلم المنتفع به ومعنى حديث المرابط ان ثواب عمله الذي قدمه في حياته ينمو الى يوم القيامة واما الثلاثة المذكورة في الحديث فانها اعمال تحدث بعد وفاته لا تنقطع عنه لانه سبب لها فليحقه منها ثواب والحاصل ان المراد بهذا الحديث عمله المضاف الى نفسه فهو منقطع واما العمل المضاف الى غيره فلا ينقطع فللغير أن يجعل ماله من أجر عمله الى من أراد وقال بعضهم في الآية ليس كل عمل للانسان انما بعضه الله مثل الصوم كما قال الصوم لى وأنا أجزى به فثوابه فضل الله وهو رؤيته وتمسك بعض العلماء بهذا الحديث وظن ان الصيام مختص بعامله موفر له اجره لا يؤخذ منه شيء لمظلمة ظلمها وهذا القول مردود فان الحقوق تؤخذ من جميع الأعمال صياما كان او غيره وقيل ان الصوم إذا لم يكن معلوما لاحد ولا مكتوبا في الصحف هو الذي يستره الله ويخبأه لعامله حتى يكون له جنة من العذاب فتطرح أولئك عليه سيئاتهم فتنصرف

[سورة النجم (53) : آية 40]

عنهم ويقيه الصوم فلا تضر بأصحابها لزوالها عنهم ولا به لان الصوم جنته وهذا تأويل حسن دافع للتعرض قال البقلى رحمه الله في تأويل الآية ليس للصورة الانسانية الا ما سعت من الأعمال الزكية عن الرياء والسمعة يؤول ثوابها إليها من درجات الجنان اما ما يتعلق بفضل الله وجوده من مشاهدته وقربته فهو للروح والروحاني الذي في تلك الصورة فانه إذا استوفى درجات الجنان التي هى جزاء اعماله الصالحة تمتع ايضا بما يجد روحه من فضل الله المتعلق بكشف حجاب جماله وايضا ليس للانسان الا ما يليق بالإنسان من الأعمال واما الفضل كالمشاهدة والقربة فهو لله يؤتيه من يشاء فاذا وصل الى مشاهدة الله وتمتع بها فليس ذلك له انما ذلك الله وان كان هو متمتعابه وقال ابن عطاء ليس للانسان من سعيه الا ما نواه ان كان سعيه لرضى الرحمن فان الله يرزقه الرضوان وان كان سعيه للثواب والعطاء والأعواض فله ذلك وقال النصرآبادي سعى الإنسان في طريق السلوك لا في طريق التحقيق فاذا تحقق يسعى به ولا يسعى هو بنفسه واما قول العارف الجامى سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك وبوى كنند فقد لا ينافيه فانه لا فائدة في السعى بدون الجذبة الالهية فالسعى منسوب الى السالك والجذبة مضافة الى الله تعالى واما المنتهى فالسعى والجذبة بالنسبة اليه كلا هما من الله تعالى إذ ليس بمتحقق من لم يكن حركاته وسكناته بالله ثم ان الطريق قد يثنى كطريق الحج من البر والبحر واما طريق الحق فمفرد اى من حيث الجمعية الوحدانية والا فالطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق فعند النهاية يحصل الالتقاء ولذا قال تعالى وان الى ربك المنتهى مع انه فرق بين وصول ووصول كالناظرين كل ينظر بحسب قوة نور بصره وضعفه وان كان المرئي واحدا ثم ان الله يوصل السالك بعد موته الى محل همته لانه كانه حاصل بسعيه وقد مر تحقيقه فى محله نسأل الله الوصول الى غاية المطالب بحرمة اسمه الواهب وَأَنَّ سَعْيَهُ اى سعى الإنسان وهو عمله كما في قوله تعالى ان سعيكم لشتى وهو مع خبره معطوف على ما قبله من ألا تزر إلخ على معنى ان المذكورات كلها في الصحف سَوْفَ يُرى اى يعرض عليه ويكشف له يوم القيامة في صحيفته وميزانه من أريته الشيء عرضته عليه وفيه اشارة الى ان الإنسان له مراتب في السعى وبحسب كل مرتبة يجد سعيه في الحال لا يزيد ولا ينقص وايضا فى المآل وأول مراتبه في السعى مرتبة النفس وسعيه في هذه المرتبة تزكية النفس عن المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية بالموافقات الشرعية والمخالفات الطبيعية إذ العلاج بضدها واثر هذا السعى ونتيجته حصول الجنات التي تجرى من تحتها الأنهار والحور والقصور والغلمان كما اخبر الكتاب العزيز في غير موضع والمرتبة الثانية والسعى فيها تصفية القلب عن صدأ الظلمات البشرية وغطاء الكدورات الطبيعية واثر هذا السعى ونتيجته ترك حب الدنيا وشهواتها ولذاتها وزخارفها ومالها وجاهها والمرتبة الثالثة والسعى فيها تحلية السر بالصفات الالهية والأخلاق الربانية واثر هذا السعى ونتيجته حصول شواهد التجليات الصفاتية والاسمائية والمرتبة الرابعة والسعى فيها تحلية الروح بالتجليات

[سورة النجم (53) : الآيات 41 إلى 44]

الذاتية والمشاهدات الحقانية واثر هذا السعى ونتيجته هو الفناء عن انانيته والبقاء بهويته الاحدية المطلقة عن التقييد والإطلاق واللاتقييد واللاإطلاق وقال الواسطي في الآية انه لم يكن مما يستجلب به شيء من الثواب وقال سهل سوف يرى سعيه فيعلم انه لا يصلح للحق ويعلم ما الذي يستحق بسعيه وانه لو لم يلحقه فضل ربه لهلك بسعيه ثُمَّ يُجْزاهُ اى يجزى الإنسان بسعيه اى جزاء عمله يقال جزاء الله بعمله وجزاه على عمله بحذف الجار وإيصال الفعل الْجَزاءَ الْأَوْفى اى الأوفر الأتم ان خيرا فحير وان شرا فشر وهو مفعول مطلق مبين للنوع قال الوراق وان ليس للانسان الا ما سعى ذلك في بدايته وان سعيه سوف يرى ذلك في توسط أمروه ثم يجزاه الجزاء الا وفي ذلك في نهاياته وله نهايتان باعتبار الفناء والبقاء ففى الفناء يحصل الجزاء الذي هو الشهود وفي البقاء يحصل الجزاء الذي هو تربية الجسد والوجود وذلك باستيفاء ما ترك في بداية سلوكه من المباحات المشروعة من الاكل والشرب والملبس والمنكح والتوسعة في معايش الدنيا وأسبابها فبعد تحققه بعالم الوحدة يرد الى عالم الكثرة ولكن لا تضره الكثرة إذا أصلا وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى مصدر بمعنى الانتهاء اى انتهاء الخلق في رجوعهم الى الله تعالى بعد الموت لا الى غيره لاستقلالا ولا اشتراكا فيجازيهم بأعمالهم وفي الحقيقة انتهاء الخلق اليه تعالى في البداية والنهاية ألا الى الله تصير الأمور إذ لا اله الا هو (وفي المثنوى) دست بر بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن حيلها و چارها كر اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست قال ابن عطاء من كان منه مبدأه كان اليه منتهاه وإذا وصل العبد الى معرفة الربوبية ينحرف عنه كل فتنة ولا يكون له مشيئة غير اختيار الله له قيل للحسين ما التوحيد قال أن تعتقد انه معلل الكل بقوله هو الاول وعند ذلك تطلب المعلولات منه الابتداء واليه الانتهاء ذهبت المعلولات وبقي المعلل بها قال بعض الكبار من ادل دليل على توحيد الله تعالى عند من لا كشف عنده كونه تعالى عند النظار والفلاسفة علة العلل وهذا توحيد ذاتى ينتفى معه الشريك بلا شك غير ان اطلاق هذا اللفظ عليه تعالى لم يرد به الشرع فلا ندعوه به ولا نطلقه عليه فاعلم ذلك وَأَنَّهُ تعالى هُوَ وحده أَضْحَكَ وَأَبْكى الضحك انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس ولظهور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان الضواحك والبكاء بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل يقال إذا كان الصوت اغلب كالرغاء وسائر هذه الابنية الموضوعة للصوت وبالقصر يقال إذا كان الحزن اغلب وقوله فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا اشارة الى الفرح والترح وان لم يكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء اسالة دمع كما في المفردات والمعنى هو خلق قوتى الضحك والبكاء في الإنسان منهما ينبعث الضحك والبكاء والإنسان لا يعلم ما تلك القوة او هما كنايتان عن السرور والحزن كأنه قيل افرح واحزن لان الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء او عما يسر

[سورة النجم (53) : آية 44]

ويحزن وهو الأعمال الصالحة والأعمال الصالحة او اضحك في الدنيا اهل النعمة وابكى اهل الشدة والمصيبة او اضحك في الجنة أهلها وابكى في النار أهلها او اضحك الأرض بالنبات وابكى السماء بالمطر أو الأشجار بالأنوار والسحاب بالامطار او القراطيس بالارقام والأقلام بالمداد او اضحك القرد وابكى البعيرا واضحك بالوعد وابكى بالوعيد او اضحك المطيع بالرضى وابكى العاصي بالسخط او اضحك قلوب العارفين بالحكمة وابكى عيونهم بالحزن والحرقة او اضحك قلوب أوليائه بأنوار معرفته وابكى قلوب أعدائه بظلمات سخطه او اضحك المستأنسين بنرجس مودته وياسمين قربته وطيب شمال جماله وابكى المشتاقين بظهور عظمته وجلاله او اضحك بالإقبال على الحق وابكى بالادبار عنه او اضحك الأسنان وابكى الجنان او بالعكس قال الشاعر السن تضحك والاحشاء تحترق ... وانما ضحكها زور ومختلق يا رب باك بعين لا دموع لها ... ورب ضاحك سن ما به رمق او اضحك بتجليه اللطفى الجمالي القلب المنور بنور اللطف والجمال وابكى بتجليه القهرى الجلالي النفس المظلمة بظلمة القهر والجلال او اضحك بتجليه الجلالي النفس على القلب عند استيلاء ظلمة النفس على القلب وابكى بتجليه الجمالي القلب على النفس عند غلبة أنوار القلب على النفس وفي الآية دلالة على أن كل ما يعمله الإنسان فبقضائه وخلقه حتى الضحك والبكاء قالت عائشة رضى الله عنها مر النبي عليه السلام على قوم يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال ان الله تعالى يقول وانه هو اضحك وابكى فرجع إليهم فقال ما خطوت أربعين خطوة حتى أتانى جبريل فقال ائت هؤلاء فقل لهم ان الله يقول هو اضحك وابكى وسئل طاهر المقدسي أتضحك الملائكة فقال ما ضحك من دون العرش منذ خلقت جهنم وقال النبي عليه السلام لجبرآئيل مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار وقيل لعمر رضى الله عنه هل كان اصحاب رسول الله عليه السلام يضحكون قال نعم والله والايمان اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي وعن سماك بن حرب قال قلت لجابر بن سمرة رضى الله عنه أكنت تجالس النبي عليه السلام قال نعم وكان أصحابه يجلسون فيتناشدون الشعر ويذكرون أشياء من امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا يعنى النبي عليه السلام ولقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى في وجه يحيى فقال ما لي أراك لاهيا كأنك آمن فقال مالى أراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فأوحى الله تعالى احبكما الى احسنكما ظنا بي (وروى) احبكما الى الطلق البسام وقال الحسن يا ابن آدم تضحك ولعل كفنك خرج من عند القصار وبكى نوح عليه السلام ثلاثمائة سنة بقوله ان ابني من أهلي وقال كعب لأن ابكى من خشية الله حتى تسيل دموعى على وجنتي أحب الى من ان أتصدق بجبل ذهب والنافع بكاء القلب لا العين فقط. بر ان از دو سرچشمه ديده جوى ... ور الايشى دارى از خود بشوى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا لا يقدر على الاحياء والاماتة غيره لا خلقا ولا كسبا فان اثر

[سورة النجم (53) : الآيات 45 إلى 48]

القاتل نقض البنية وتفريق الاتصال وانما يحصل الموت عنده بفعل الله على العادة فللعبد نقض البنية كسبا دون الاماتة وبالفارسية قادر بر أماته وأحيا اوست وبس مى ميراند بوقت أجل در دنيا وزنده ميسازد در قبر يا او سازنده اسباب موت وحياتست وكفته ايد مرده ميسازد كافرانرا بنكرت وزنده ميكند مؤمنانرا بمعرفت وبقول بعض أماته وأحيا بجهل وعلم است يا ببخل وجود يا بعدل وفضل يا به منع واعطا وقيل الخصب والجدب او الآباء والأبناء او ايقظ وأنام او النطفة والنسمة ونزد محققان بهيبت وانس يا باستتار وتجلى وامام قشيرى فرموده كه بميراند نفوس زاهد انرا بآثار مجاهدت وزنده كرداند قلوب عارفانرا بانوار مشاهدت يا هر كه را مرتبه فنا في الله رساند جرعه از ساغر بقا بالله چشاند. او أمات النفس عن الشهوات الجسمانية واللذات الحيوانية واحيى القلب بالصفات الروحانية والأخلاق الربانية او أمات النفس بغلبة القلب عليها واحيائه او أمات القلب باستيلاء النفس عليه وإحيائها وهذه الاحكام المختلفة مادام القلب في مقام التلوين فاما إذا ترقى الى مقام الاطمئنان والتمكين فلا يصير القلب مغلوبا للنفس بل تكون النفس مغلوبة للقلب ابدا لآباد الى ان تموت تحت قهره بأمر ربه يقول الفقير قدم الاماتة على الاحياء رعاية للفاصلة ولان النطفة قبل النسمة ولان موت القلب قبل حياته ولان موت الجسد قبل حياته في القبر وايضا في تقديم الاماتة تعجيل لاثر القهر لينتبه المخاطبون وايضا ان العدم قبل الوجود ثم ان مآل الوجود الى الفناء والعدم فلا ينبغى الاغترار بحياة بين الموتين ووجود بين العدمين والله الموفق وَأَنَّهُ وآنكه خداى تعالى خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ بيافريد از انسان دو صنف وفي بعض التفاسير من كل الحيوان وفيه ان كل حيوان لا يخلق من النطفة بل بعضه من الريح كالطير فان البيضة المخلوقة منها الدجاجة مخلوقة من ريح الديك الذَّكَرَ وَالْأُنْثى نر وماده مِنْ نُطْفَةٍ هى الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل كما في المفردات إِذا تُمْنى تدفق في الرحم وتصب وبالفارسية از آب منى وقتى كه ريخته شود در رحم وآدم وحوا وعيسى عليهما السلام ازين مستثنى اند فهو من امنى يمنى أمناء وهو بالفارسية منى آوردن قال تعالى أفرأيتم ما تمنون وفي القاموس منى وامنى ومنى بمعنى او معنى تمنى يقدر منها الولد من مناه الله يمنيه قدره إذ ليس كل منى يصير ولدا وفيه اشارة الى انه تعالى خلق زوج ذكر الروح موصوفا بصفة الفاعلية وخلق زوجة أنثى النفس موصوفة بصفة القابلية ليحصل للقلب من مقدمتى الروح والنفس نتيجة صادقة صالحة لحصول المطالب الدنيوية والاخروية من نطفة واقعة كائنة مستقرة في رحم الارادة الازلية إذا تمنى إذا تحرك وتدفق في رحم الارادة القديمة او إذا قدر المقدر بالحكمة البالغة قدم الذكر رعاية للفاصلة ولشرفه الرتبى وان كان الأصل فى العالم الأنوثة ولذلك سرت فيه باسره ولكن لما كانت في النساء اظهر حببت للاكابر حتى آجر موسى عليه السلام نفسه في مهر امرأة عشر سنين وحتى ان أعظم ملوك الدنيا يكون عند الجماع كهيئة الساجد فاعلم ذلك فلما كان لا يخلوا لعوالم عن نكاح صورى او معنوى كان نصف الخلق الذكر ونصفه الأنثى وان شئت قلت الفاعل والقابل والإنسان برزخ

[سورة النجم (53) : الآيات 47 إلى 48]

هاتين الحقيقتين وَأَنَّ عَلَيْهِ اى على الله تعالى النَّشْأَةَ الْأُخْرى اى الخلقة الاخرى وهو الاحياء بعد الموت وفاء بوعده لا لانه يجب على الله كما يوهمه ظاهر كلمة على وفيه تصريح بأن الحكمة الالهية اقتضت النشأة الثانية الصورية للجزاء والمكافأة وإيصال المؤمنين بالتدريج الى كما لهم اللائق بهم ولو أراد تعجيل أجورهم في هذه الدار لضاقت الدنيا بأجر واحد منهم فما ظنك بالباقي ومن طلب تعجيل نتائج اعماله وأحواله في هذه الدار فقد أساء الأدب وعامل الموطن بما لا يقتضيه حقيقته واما إذا استقام العبد في مقام عبوديته وعجل له الحق نتيجة ما او كرامة فان من الأدب قبولها ان كانت مطهرة من شوآئب الحظوظ وبالجملة فالخير فيما اختاره الله لك ثم ان النشأة الاخرى الصورية مترتبة على كمال الفناء الصوري مع الاستعداد والتهيؤ لقبول الروح فكذا النشأة الاخرى المعنوية وهى البقاء والاتصاف بالصفات الالهية موقوفة على تمام الفناء المعنوي والانسلاخ عن الأوصاف البشرية بالكلية مع الاستعداد والتهيؤ لقبول الفيض وبالجملة فلا بد في كلتا النشأتين من صحة المزاج ألا ترى ان الجنين إذا فسد في الرحم سقط بل الرحم إذا فسدت لم تقبل العلوق والى الولادة الثانية التي هى النشأة الاخرى أشار عيسى عليه السلام بقوله لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين ومعنى ملكوت السموات حقائقها وأنوارها واسرارها فكل نبى وولى وارث متحقق بهذا الولوج والولادة الثانية وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى اعطى الغنى للناس بالأموال وَأَقْنى واعطى القنية وهى ما يتأثل من الأموال اى يتخذ أصلا ويدخر بان يقصد حفظه استثمارا واستنماء وان لا يخرج عن ملكه وفي المثل لا تقتن من كلب سوء جروا يقال قنوت الغنم وغيرها وقنيتها قنية وقنية أذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة وفي تاج المصادر الإقناء سرمايه دادن وخشنود كردن قال بعضهم اغنى الناس بالكفاية والأموال واعطى القنية وما يدخرونه بعد الكفاية وقال الضحاك اغنى بالذهب والفضة والثياب والمسكن واقنى بالإبل والبقر والغنم والدواب وافراد القنية بالذكر اى بعد قوله اغنى لانها اشرف الأموال وأفضلها او معنى اقنى ارضى وتحقيقه جعل الرضى له قنية والأوفق لما تقدمه من الآي المشتملة على مراعاة صنعة الطباق ان يحمل على معنى أفقر على ان تكون الهمزة ى في اقنى للارالة كما قاله سعدى المفتى قال الجنيد قدس سره اغنى قوما به وأفقر قوما منه وقال بعضهم فيه اشارة الى افاضة الفيض الإلهي على القلب السليم المستقيم الثابت على دين الله كما قال عليه السلام اللهم ثبت قلبى على دينك وابقاء ذلك الفيض الإلهي عليه بحيث لا يستهلك الفيض ولا يضمحل تحت غلبة ظلمة النفس الامارة بالسوء لتمكن ذلك القلب وعدم تلونه بخلاف القلب المتلون فانه لعدم تمكنه في بعض الأوقات يتكدر بظلمة النفس ويزول عنه ذلك النور المفاض عليه المضاف اليه وهو المعنى بقوله اقنى اى جعل فيه ذلك النور قنية ثم ان الآية دلت على اباحة التأثل من الأموال النافعة دون غيرها ولذا نهى عن اقتناء الكلب اى إمساكه بلا فائدة من جهة حفظ الزرع او الضرع او نحو ذلك والنفس الامارة أشد من الكلب العقور ففى اقتناء الروح النامي مندوحة عن اقتنائها ابتر عقيم لا خير فيها

[سورة النجم (53) : الآيات 49 إلى 55]

الا ترى ان مرتبة النفس والطبيعة تبقى هنا ولا تستصحب الإنسان الكامل في النشأة الجنانية إذا لجنان كالمرعى الطيب والروض الانف فلا يرعى فيها الا الروح الطيب والجسد النظيف وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى اى رب معبود هم فاعبدوا الرب دون المربوب والشعرى كوكب نير خلف الجوزاء يقال لها العبور بالمهملة كالصبور وهى أشد ضياء من الغميصاء بالغين المعجمة المضمومة وفتح الميم والصاد المهملة وهى احدى الشعريين يعنى ان الشعرى شعريان إحداهما الشعرى اليمانية وتسمى ايضا الشعر العبور وثانيتهما الشعرى الشامية وتسمى ايضا الشعرى الغميصاء فصلت المجرة بينهما تزعم العرب ان الشعريين أختا سهيل وان الثلاثة كانت مجتمعة فانحدر سهيل نحو اليمن وتبعته العبور فعبرت المجرة ولقيت سهيلا واقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل فغمصت عينها اى كانت اقل نورا من العبور وأخفى والغمض فى العين ما سال من الرمص يقال غمصت عينه بالكسر غمصا وكانت خزاعة تعبد الشعرى سن لهم ذلك ابو كبشة رجل من اشرافهم فقال لقومه ان النجوم تقطع السماء عرضا وهذه تقطعها طولا فليس شيء مثلها فعبدتها خزاعة وخالف ابو كبشة قريشا في عبادة الأوثان ولذلك كانت قريش يسمون الرسول عليه السلام ابن ابى كبشة لا يريدون بذلك اتصال نسبه اليه وان كان الأمر كذلك اى لان أبا كبشة أحد أجداد النبي عليه السلام من قبل امه بل يريدون به موافقته عليه السلام له في ترك عبادة الأوثان واحداث دين جديد فالنبى عليه السلام كما وافق أبا كبشة في مخالفة قريش بترك عبادة الأصنام خالفه ايضا بترك عبادة الشعرى وهو اشارة الى شعرى النفس المسماة بكلب الجبار التي عبدها خزاعة اهل الأهواء وابو كبشة اهل البدع من الفلاسفة والزنادقة وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى هى قوم هود عليه السلام اهلكوا بريح صرصر وعاد الاخرى ارم وقيل الاولى القدماء لانهم اولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح اى المراد بعاد جميع من انتسب الى عاد بن ارم بن عوص بن سام بن نوح ووصفهم بالاولية ليس للاحتراز عن عاد الاخيرة بل لتقدم هلاكهم بحسب الزمان على هلاك سائر الأمم بعد قوم نوح قال في التكملة وصف عاد بالأولى يدل على ان لها ثانية فالاولى هى عاد بن ارم قوم هود والثانية من ولدها وهى التي قاتلها موسى عليه السلام بأريحاء كانوا تناسلوا من الهزيلة بنت معاوية وهى التي نجت من قوم عاد مع بنيها الاربعة عمر وعمرو وعامر والعتيد وكانت الهزيلة من العماليق وَثَمُودَ عطف على عادا لان ما بعده لا يعمل فيه لمنع ما النافية عن العمل وهم قوم صالح عليه السلام أهلكهم الله بالصيحة فَما أَبْقى اى أحدا من الفريقين ويجوز ان يكون المعنى فما أبقى عليهما فالابقاء على هذا المعنى الترحم وهو بالفارسية بخشودن وانما لم يترحم عليهم لكونهم من اهل الغضب ورحمة الله لاهل اللطف دون القهر وفيه اشارة الى التربية فأولا باللطف وثانيا بالعتاب وثالثا بالعقاب فان لم يحصل التنبه فبالازالة والإهلاك وهكذا عادة الله في خلقه فليتنبه العباد وليحافظوا على المراتب في تربية عبيدهم وامائهم وخدمهم مطلقا وَقَوْمَ نُوحٍ عطف عليه ايضا مِنْ قَبْلُ اى من قبل إهلاك عاد وثمود إِنَّهُمْ اى قوم

[سورة النجم (53) : الآيات 53 إلى 55]

نوح كانُوا هُمْ أَظْلَمَ لنبيهم وَأَطْغى من الفريقين حيث كانوا يؤذونه وينفرون الناس عنه وكانوا يحذرون صبيانهم ان يسمعوا منه وكانوا يضربونه عليه السلام حتى لا يكون به حراك وما اثرت فيهم دعوته قريبا من الف سنة وما آمن معه الا قليل با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك وفيه اشارة الى إهلاك صفات القلب من قبل ان يتمكن في سفينة التوحيد فانهم كانوا مذبذبين منقلبين بين القلب وبين النفس ظالمين على القلب بمشاهدة الكثرة طاغين عليه بالميل الى النفس وصفاتها وَالْمُؤْتَفِكَةَ هى قرى قوم لوط عليه السلام يعنى شهرستان قوم لوط عليه السلام ائتفكت بأهلها اى انقلبت بهم وهو منصوب عطفا على عادا اى وأهلك المؤتفكة وقيل هو منصوب بقوله أَهْوى اى أسقطها الى الأرض مقلوبة بعد ان رفعها على جناح جبريل الى السماء فالاهواء بمعنى انداختن وقال الزجاج القاها فى الهاوية فَغَشَّاها ما غَشَّى من فنون العذاب (وقال الكاشفى) پس بپوشانيد آن شهرها را آنچهـ بپوشانيد يعنى سنكهاى نشان داده بر ان بارانيد وفيه من التهويل والتفظيع ما لا غاية وراءه قوله ما غشى مفعول ثان ان قلنا ان التضعيف للتعدية اى البس الله المؤتفكة ما البسها إياه من العذاب كالحجارة المنضودة المسومة فمفعولا الفعل الاول مذكوران والثاني محذوفان وان قلنا انه للمبالغة والتكثير فهو فاعل كقوله فغشيهم من اليم ما غشيهم وفي الآية اشارة الى قرية القالب وانقلابها من أعلى الكمال الى أسفل النقصان ومن اعتدال المزاج الى انحرافه وذلك سبب ظلم النفس الامارة عليها باستيفاء الحظوظ والشهوات كما قال تعالى وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها الآية فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى الآلاء النعم واحدها الى والى والى كما في القاموس والتمارى والامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية اى شك وتردد قال في تاج المصادر التمارى بشك شدن وبا يكديكر بستيهبدن واسناد فعل التمارى الى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه والخطاب للرسول عليه السلام فهو من باب الالهاب والتعريض بالغير على طريقة قوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك او لكل واحد وجعل الأمور المعدودة آلاء مع ان بعضها نقم لما انها ايضا نعم من حيث انها نصرة للانبياء والمؤمنين وانتقام لهم وفيها عظات وعبر للمعتبرين قال في بحر العلوم وهلاك أعداء الله والنجاة من صحبتهم وشرهم والعصمة من مكرهم من أعظم آلائه الواصلة الى المؤمنين قال المتنبي ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواله ما من صداقته بد وقد امر نوحا بالحمد على ذلك في قوله فقل الحمد الله الذي نجانا من القوم الظالمين وقد حمد هو بنفسه على ذلك في موضع آخر تعليما لعباده حيث قال فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وقد سجد عليه السلام سجدة الشكر حين رأى رأس ابى جهل قد قطعت في غزوة بدر وفي التأويلات النجمية يشير الى استحقاق الشكر الجزيل على آلائه التي عددها وسماها آلاء لاشتمالها على نعم المواعظ ونعم الزواجر واستبعاد الشك والمماراة فيها والخطاب لافراد الامة

[سورة النجم (53) : الآيات 56 إلى 62]

لاشتمال النبي عليه السلام على أمته كما قال ان ابراهيم كان أمته قانتا انتهى ومعنى الآية إذا عرفت يا محمد هذه المذكورات فبأى نعمة من نعم ربك تتشكك بأنها ليست من عند الله او في كونها نعمة وبالفارسية پس بكدامين از نعمتهاى آفريدگار خود شك مى آرى وجدال ميكنى فكما نصرت اخوانك من الأنبياء الماضين ونصرت أولياءهم وأهلكت أعدائهم فكذلك افعل بك فلا يكن قلبك في ضيق وحرج مما رأيت من اصرار هؤلاء القوم وعنادهم واستكبارهم هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى هذا اما اشارة الى القرآن والنذير مصدر اى هذا القرآن الذي تشاهدونه إنذار كائن من قبيل الانذارات المتقدمة التي سمعتم عاقبتها او الى الرسول والنذير بمعنى المنذر اى هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين والاولى على تأويل الجماعة لمراعاة الفواصل وقد علمتم احوال قومهم المنذرين وفي التأويلات النجمية يشير الى القرآن او الى الرسول وشبه انذارهما بانذار الكبت الماضية والرسول المتقدمة يقول الفقير فيه اشارة الى نذارة كمل ورثته عليه السلام فان كل نذير متأخر فهو من قبيل النذر الاولى لاتحاد كلمتهم ودعوتهم الى الله على بصيرة وكذا ما ألهموا به من الانذارات بحسب الاعصار والمشارب فطوبى لاهل المتابعة وويل لاهل المخالفة بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش بكمراه كفتن نيكو ميروى ... كناه بزركست وجور قوى مكو شهد شيرين شكر فايقست ... كسى را كه سقمونيا لا يقست چهـ خوش كفت يكروز دار وفروش ... شفا بايدت داروى تلخ نوش أَزِفَتِ الْآزِفَةُ فى إيراده عقيب المذكورات اشعار بأن تعذيبهم مؤخر الى يوم القيامة تعظيما للنبى عليه السلام وان كانوا معذبين في الدنيا ايضا في الجملة واللام للعهد فلذا صح الاخبار بدونها ولو كانت للجنس لما صح لانه لا فائدة في الاخبار بقرب آزفة ما فان قلت الاخبار بقرب الآزفة المعهودة لا فائدة فيه ايضا قلت فيه فائدة وهو التأكيد وتقرير الانذار والأزف ضيق الوقت لقرب وقت الساعة وعلى ذلك عبر عن القيامة بالساعة يقال أزف الترحل كفرح ازفا وأزوفا دنا والأزف محركة الضيق كما في القاموس والمعنى دنت الساعة الموصوفة بالدنو فى نحو قوله تعالى اقتربت الساعة اى في الدلالة على كمال قربها لما في صيغة الافتعال من المبالغة ففى الآية اشارة الى كمال قربها حيث نسب القرب الى الموصوف به لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ اى ليس لها انفس قادرة على كشفها اى إزالتها وردها عند وقوعها في وقتها المقدر لها الا الله لكنه لا يكشفها من كشف الضر اى ازاله بالكلية فالكاشفة اسم فاعل والتاء للتأنيث والموصوف مقدر او ليس لها الآن نفس كاشفة بتأخير ها الا الله فانه المؤخر لها يعنى لو وقت الآن لم يردها الى وقتها أحد الا الله فالكشف بمعنى الازالة لا بالكلية بل بالتأخير الى وقتها او ليس لها كاشفة لوقتها الا الله اى عالمة به من كشف الشيء إذا عرف حقيقته او مبينة له متى تقوم وفي القرآن لا يجليها لوقتها الا هو او ليس لها من غير الله كشف

[سورة النجم (53) : الآيات 59 إلى 62]

على ان كاشفة مصدر كالعاقبة والخائنة واما جعل التاء للمبالغة كتاء علامة فالمقام يأباه لا يهامه ثبوت اصل الكشف لغيره وفي الآية اشارة الى قرب القيامة الكبرى ووقوع الطامة العظمى وهى ظهور الحقيقة المثلى لأهل الفناء عن نفوسهم والإقبال على الله بجمع الهمة وقوة العزيمة ليس لها من دون الله كاشفة بالنسبة الى اهل الحجاب لانهم مستغرقون فى بحر الغفلة مستهلكون في أسر الشهوة والإنسان فان في كل آن وزمان وماله شعور بذلك فياليته كشف عن غطائه وتشرف برؤية الله ولقائه وقد قالوا قيامة العارفين دائمة اى لانهم في شهود الأمر على ما كان عليه ولا يتوقف شهودهم على وقوع القيامة الظاهرة ومن هنا قال الامام على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فطوبى لمن زاد يقينه ووصل الى حق اليقين وتمكن في مقام التحقيق والله المعين أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ آيا ازين سخن كه قرآنست تَعْجَبُونَ إنكارا قال الراغب العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء ولهذا قال بعض الحكماء العجب ما لا يعرف سببه وَتَضْحَكُونَ استهزاء مع كونه ابعد شيء من ذلك قال الراغب واستعير الضحك للسخرية فقيل ضحكت منه وَلا تَبْكُونَ حزنا على ما فرطتم في شانه وخوفا من أن يحيق بكم ما حاق بالأمم المذكورة (روى) انه عليه السلام لم ير ضاحكا بعد نزول هذه الآية وعن ابى هريرة رضى الله عنه لما نزلت هذه الآية بكى اهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله عليه السلام حنينهم بكى معهم فبكينا لبكائه فقال عليه السلام لا يلج النار من بكى من خشية الله ولا يدخل الجنة مصر على معصية الله ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ثم يغفر لهم (وروى) ان النبي عليه السلام نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكى فقال له من هذا فقال فلان فقال جبرائيل انا نزن اعمال بنى آدم كلها الا البكاء فان الله ليطفئ بالدمعة بحورا من نيران جهنم وفي الحديث (ان هذا القرآن نزل بحزن فاذا قرأ تموه فابكوا فان لم تبكوا فتباكوا) وذلك فان الحزن يؤدى الى السرور والبكاء الى الضحك (قال الصائب) منال اى ساكن بيت الحزن از چشم تاريكى ... كه خواهد صيقلى كشت از جمال روشن يوسف (وقال) خنده كردن رخنه در قصر حيات افكندنست ... خانه در بسته باشد تا غمين باشد كسى وَأَنْتُمْ سامِدُونَ اى لاهون او مستكبرون من سمد البعير في مسيره إذا رفع رأسه قال الراغب السامد اللاهي الرافع رأسه او مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود بمعنى الغناء على لغة حمير وكانوا إذا سمعوا القرآن عارضوه بالغناء واللهو ليشغلوهم عن الاستماع او خاشعون جامدون من السمود بمعنى الجمود والخشوع والجملة حال من فاعل لا تبكون خلا ان مضمونها على الوجه الا خير قيد للمنفى والإنكار وأراد على نفى البكاء والسمود معا وعلى الوجوه الاول قيد للنفى والإنكار متوجه الى نفى البكاء ووجود السمود والاول او في بحق المقام فتدبر كما في الإرشاد فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا الفاء لترتيب الأمر

او موجبه على ما تقرر من بطلان مقابلة القرآن بالإنكار واستهزاء ووجوب تلقيه بالايمان مع كمال الخضوع والخشوع اى وإذا كان الأمر كذلك فاسجدوا لله الذي أنزله واعبدوه ولا تعبدوا غيره من ملك او بشر فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع كالاصنام والكواكب قال في عين المعاني فاسجدوا اى في الصلاة والأصح انه على الانفراد وهى سجدة التلاوة انتهى وهذا محل سجود عند ابى حنيفة والشافعي واحمد وهو قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه صح عن رسول الله عليه السلام انه سجد بالنجم يعنى بعد تلاوته هذه السورة على قريش سجد وسجد معه المؤمن والمشرك والانس والجن كما سبق وليس يراها مالك لما روى عن زيد بن ثابت رضى الله عنه انه قرأ على النبي عليه السلام والنجم فلم يسجد فيها (قال الكاشفى) اين سجده دوازدهم است از سجدات قرآنى در فتوحات اين را سجده عبادت كفتند كه امر آلهى بذلت ومسكنت مقترنست بوى وجز سالكان طريقت عبادت وعبوديت بسر منزل سر اين سخن نرسيده اند وفي التأويلات البقلى اى إذا قرب ايام الوصال فاشتاقوا وسارعوا في بذل الوجود ووضع الخدود على التراب واعبدوا رب الأرباب لوجود كشف النقاب قال شيخى وسندى روح الله روحه في كتاب البرقيات له يعنى اسجدوا لله واعبدوا الله بالله لا بالنفس إذا سجدتم وعبدتم له بسجدة القالب بالانقياد وعبادته بالإذعان فى مرتبة الشريعة وبسجدة القلب بالفناء وعبادته بالاستهلاك في مرتبة الحقيقة حتى تكون سجدتكم وعبادتكم محض قربة الى الله في المرتبة الاولى وصرف وصلة الى الله في المرتبة الثانية وتكونوا من المقربين اولا ومن الواصلين ثانيا هذا شأن عباد الله الموحدين المخلصين الفانين في الله الباقين بالله واما طاعة من عداهم فبأنفسهم وهواهم لعدم تخلصهم من الشوائب النفسانية في مقام الشريعة ومن الشوائب الغيرية في مقام الحقيقة واعلم ان سجدة القالب وعبادته منقطعة لانقطاع سببها ومحلها وموطنها لانها حادثة فانية زائلة واما سجدة القلب وعبادته وهى فناؤه في الله ازلا وابدا بحسب نفسه وان كان باقيا بالله بحسب تحلية الوجود فغير منقطعة بل هى دائمة لدوام سببها وباقية لبقاء محلها وموطنها ازلا وابدا والمقصود من وضع السجدة والعبادة القالبية هو الوصول الى شهود السجدة والعبادة القلبية ولذا حبب الى النبي عليه السلام ثلاث الطيب والنساء والصلاة اما الاول فلأنه يوجد في نفسه ذوق الانس والمحاضرة واما الثاني فلأنه يوجد فيه ذوق القربة والوصلة واما الثالث فلأنه يوجد فيه ذوق المكاشفة والمشاهدة وهذه الأذواق انما يتحقق بها من الانس من هو الإنسان الحقيقي المتحقق بسر الحضرة الاحدية والمتنور بنور الحضرة الواحدية وهو المنتفع بانسانيته انتفاعا تاما واما الإنسان الحيواني فلاحظ له من ذلك التحقق ولا نصيب له من هذا الانتفاع بل حظه ونصيبه انما هو الشهوات الطبيعية والإنسان الاول فى أعلى عليين والثاني في أسفل السافلين وبينهما بون بعيد كما بين الأوج والحضيض وبكمال علو الاول قد يستغنى عن الاكل والشرب كالملائكة بالاذواق الروحانية والتجليات الربانية وذلك مدة كثيرة كما وقع لبعضهم ولتمام تسفل الثاني يأكل كما تأكل الانعام فلا

تفسير سورة القمر

يقتنع في اليوم والليلة بمرة من الاكل بل يحتاج الى مرات منها والا يقع في الاضطراب والذبول والنحول وربما تؤدى قلة الاكل الى هلاكه كما حكى ان شخصين أحدهما سمين والآخر هزيل حبسا في تهمة ومنع عنهما الغذاء اسبوعا فبعد الأسبوع تبين ان ليس لهما جرم فاذا السمين قدمات والهزيل حى وذلك لان من اعتاد الاكل إذا لم يجده هلك تمت سورة النجم بعون الله تعالى في الحادي عشر من شهر رمضان المنتظم في سلك شهور سنة اربع عشرة ومائة والف تفسير سورة القمر وآيها خمس وخمسون وهى مكية عند الجمهور والله اعلم بسم الله الرحمن الرحيم اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ الاقتراب نزديك آمدن والساعة جزء من اجزاء الزمان عبر بها عن القيامة تشبيها لها بذلك لسرعة حسابها أو لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا او لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم او لغير ذلك كما بين فيما سبق والمعنى دنت القيامة وقرب قيامها ووقوعها لانه ما بقي من الدنيا الا قليل كما قال عليه السلام ان الله جعل الدنيا كلها قليلا فما بقي منها قليل من قليل ومثل ما بقي مثل الثعب اى الغدير شرب صفوه وبقي كدره فالاقتراب يدل على مضى الأكثر ويمضى الأقل عن قريب كما مضى الأكثر وبيانه انه مضى من يوم السنبلة وهو سبعة آلاف سنة وقد صح ان مدة هذه الامة تزيد على الف بنحو اربعمائة سنة الى خمسمائة سنة ولا يجوز الزيادة الى خمسمائة سنة بعد الالف لعدم ورود الاخبار في ذلك ولاقتضاء البراهين والشواهد عند اهل الظواهر والبواطن من اهل السنة وقد قال عليه السلام الآيات بعد المائتين والمهدى بعد المائتين فتنتهى دورة السنبلة بظهور عيسى عليه السلام فيكون آدم فاتحها وعيسى خاتمها فعلى هذا فآدم ونبينا عليهما السلام اى وجودهما من اشراط الساعة كما قال عليه السلام مثلى ومثل الساعة كفرسى رهان فاذا كان وجوده من اشراط الساعة فمعجزاته من انشقاق القمر ونحوه تكون كذلك يقول الفقير فان قلت فكم عمر الدنيا بأسرها وما قول العلماء فيه قلت اتفقوا على حدوث الدنيا وما قطعوا بشيء في مدتها والذي يلوح لى والله اعلم بحقيقة المدة انها ثلاثمائة وستون الف سنة وذلك لانه قد مثل دور السنبلة بجمعة من جمع الآخرة اى سبعة ايام وكل يوم من ايام الآخرة الف سنة كما قال تعالى وان يوما عند ربك كألف سنة ولا شك ان بالجمعة اى الأسبوع يتقدر الشهر وبالشهر تتقدر السنة وعليه يحمل ما ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضى ستة آلاف سنة ومائة سنة وليأتين عليها زمن من سنين ليس عليها من يوحد وقد خاطبت الدنيا آدم عليه السلام فقالت يا آدم جئت وقد انقضى شبابى يعنى انقضى من عمرها ستون الف سنة تقريبا وهى إجمال ما ذكرنا من المدة ولا شك ان ما بين الستين والسبعين دقاقة الرقاب فآدم انما جاء الى الدنيا وقد انقضى عمرها وبقي شيء قليل منها وعلى هذا المعنى يحمل قول من قال ان عمر الدنيا

سبعون الف سنة فاعرف جدا فالساعة مقتربة عند الله وعند الناس لان كل آت قريب وان طالت مدته فكيف إذا قصرت واما قوله تعالى انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا فبالنسبة الى الغافلين المنكرين ولا عبرة بهم والحكمة في ذكر اقتراب الساعة تحذير المكلف وحثه على الطاعة تنبيها لعباده على ان الساعة من أعظم الأمور الكونية على خلقه من اهل السموات والأرض واما تعيين وقت الساعة فقد انفرد الحق تعالى بعلمه وأخفاه عن عباده لانه أصلح لهم ولذا كان كل نبى قد انذر أمته الدجال وفي الحديث (ان بين يدى الساعة كذا بين فاحذر وهم) والمراد بالكذابين الدجاجلة وهم الائمة المضلون يقول الفقير لا شك ان إنذار الأنبياء عليهم السلام حقيقة من أمثال هؤلاء الدجاجلة من أممهم إذ لم يخل قرن منهم والا فهم يعرفون ان الساعة انما تقوم بعد ظهور ختم النبيين وختم الأمم وان الدجال الأعور الكذاب متأخر عن زمانه وانما يخرج في الالف الثاني بعد المائتين والله اعلم فكل كذاب بين يدى الساعة سوآء كان قبل مبعث النبي عليه السلام او بعده فانما هو من مقدمات الدجال المعروف كما ان كل اهل صدق من مقدمات المهدى رضى الله عنه وَانْشَقَّ الْقَمَرُ الانشقاق شكافته شدن دلت صيغة الماضي على تحقق الانشقاق فى زمن النبي عليه السلام ويدل عليه قراءة حذيفة رضى الله عنه وقد انشق القمر اى اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها ان القمر قد انشق وقد خطب حذيفة بالمدائن ثم قال الا ان الساعة قد اقتربت وان القمر قد انشق على عهد نبيكم وحذيفة ابن اليمان رضى الله عنه صاحب سر رسول الله عليه السلام كابن مسعود رضى الله عنه وعلى هذا القول عامة الصحابة ومن بعدهم وبه أخذ اكثر المفسرين فلا عبرة بقول من قال انه سينشق يوم القيامة كما قال تعالى إذا السماء انشقت والتعبير بالماضي للدلالة على تحققه على انا نقول يجوز أن يكون انشقاقه مرتين مرة في زمانه عليه السلام اشارة الى قرب الساعة ومرة يوم القيامة حين انشقاق السماء وفي فتح الباري لابن حجر حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كل منهما نقلا مستفيضا يفيد القطع عند من يطلع على طرق الحديث انتهى وقال الطيبي أسند ابو اسحق الزجاج عشرين حديثا الا واحدا في تفسيره الى رسول الله عليه السلام في انشقاق القمر وفي شرح الشريف للمواقف هذا متواتر رواه جمع كثير من الصحابة كابن مسعود وغيره قال سعدى المفتى فيه انهم لم يجعلوا حديث من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وقد رواه ستون او اكثر من الصحابة وفيهم العشرة من المتواتر فكيف يجعل هذا منه انتهى يقول الفقير قد جعل ابن الصلاح ومن تبعه ذلك الحديث اى حديث من كذب إلخ من المتواتر كما في اصول الحديث على انه يجوز أن لا يكون بعض ما رواه جمع كثير من المتواتر لعدم استجماع شرائطه (امام زاهد رحمه الله) آورده كه شبى ابو جهل وجهودى بحضرت پيغمبر عليه السلام رسيدند ابو جهل كفت اى محمد آيتي بمن نماى والاسر تو بشمشير برميدارم آن حضرت فرمود كه چهـ ميخواهى ابو جهل بجب وراست نكريست كه چهـ خواهد كه وقوع آن متعذر باشد يهودى گفت او ساحرست او را بكوى كه ماه را

بشكافد كه سحر در زمين متحقق ميشود وساحر را در آسمان تصرف نيست ابو جهل كفت اى محمد ماه را براى ما بشكاف آن حضرت انكشت شهادت بر آورد واشارت فرمود ماه را بشكافت في الحال دو نيم شد يك نيم بر جاى خود قرار كرفت ويكى ديكر جايى ديكر رفت وباز كفت بكوى تا ملتئم شود اشارت كرد هر دو نيمه بهم پيوستند شق كشت ماه چارده بر لوح سبز چرخ ... چون خامه دبير ز تيغ بنان او (قال العطار قدس سره) ماه را انكشت او بشكافته ... مهر از فرمانش از پس تافته (وفي المثنوى) پس قمر كه امر بشنيد وشتافت ... پس دو نيمه كشت بر چرخ وشكافت (وقال الجامى) چومه را بر سر تير اشارت ... زد از سبابه معجز بشارت دو نون شد ميم دور حلقه ماه ... چهل را ساخت او شصت از دو پنجاه بلى چون داشت دستش بر قلم پشت ... رقم زد خط شق بر مه بر انكشت يهودى ايمان آورد وابو جهل لعين كفت چشم ما بسحر رفته است وقمر را منشق بما نموده وقال بعض المفسرين اجتمع بعض صناديد قريش فقالوا ان كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين ووعدوا الايمان وكانت ليلة البدر فرفع عليه السلام إصبعه وامر القمر بأن ينشق نصفين فانفلق فلقتين اى شقين فلقة ذهبت عن موضع القمر وفلقة بقيت في موضعه وقال ابن مسعود رضى الله عنه رأيت حرآء بين فلقى القمر فعلى هذا فالنصفان ذهبا جميعا عن موضع القمر فقال بعضهم نصف ذهب الى المشرق ونصف الى المغرب واظلمت الدنيا ساعة ثم طلعا والتقيا في وسط السماء كما كان أول مرة فقال عليه السلام اشهدوا اشهدوا وعند ذلك قال كفار قريش سحركم ابن ابى كبشة فقال رجل منهم ان محمدا ان كان سحر القمر بالنسبة إليكم فانه لا يبلغ من سحره أن يسحر جميع اهل الأرض فاسألوا من يأتيكم من البلاد هل رأوا هذا يعنى از جماعت مسافران كه از أطراف آفاق برسند سؤال كنيد تا ايشان ديده اند يا نه فسألوا اهل الآفاق فأخبروا كلهم بذلك يعنى چون از آينده ورونده پرسيدند همه جواب دادند كه در فلان شب ماه را دو نيمه ديديم وهذا الكلام كما لا يخفى يدل على انه لم يختص برؤية القمر منشقا اهل مكة بل راه كذلك جميع اهل الآفاق وبه يرد قول بعض الملاحدة لو وقع انشقاق القمر لاشترك اهل الأرض كلهم في رؤيته ومعرفته ولم يختص بها اهل مكة ولا يحسن الجواب عند بأنه طلبه جماعة فاختصت رؤيته بمن اقترح وقوعه ولا بانه قد يكون القمر حينئذ في بعض المنازل التي تظهر لبعض اهل الآفاق دون بعض ولا بقول بعضهم ان انشقاق القمر آية ليلية جرى مع طائفة في جنح ليلة ومعظم الناس نيام كما في انسان العيون وقال في الاسئلة المقحمة لا يستبعد اختفاؤه عن قوم دون قوم بسبب غيم او غيره يمنع من رؤيته اى فكان انشقاق

القمر صحيحا لكنه لم ينقل بطريق التواتر ولم يشترك فيه العرب والعجم في جميع الأقطار القاصية والدانية ولذا وقع فيه الاختلاف كما وقع في المعراج والرؤية والى انشقاق القمر أشار الامام السبكى في تائيته بقوله وبدر الدياجي انشق نصفين عند ما ... أرادت قريش منك اظهار آية وصاحب القصيدة البردية بقوله ... أقسمت بالقمر المنشق ان له من قلبه نسبة مبرورة القسم يعنى لو أقسم أحد أن للقمر المنشق نسبة وشبها بقلبه المنشق يكون بارا وصادقا وصاحب الهمزية بقوله شق عن صدره وشق له البد ... ر ومن شرط كل شرط جزاء اى شق عن صدره عليه السلام وشق لاجله القمر ليلة اربع عشرة وانما شق له لان من شرط كل شرط جزاء لانه لما شق صدره جوزى على ذلك بأعظم مشابه له في الصورة وهو شق القمر الذي هو من أظهر المعجزات بل أعظمها بعد القرآن (كما قال الصائب) هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت موسى كليم را انفلاق بحر بود ومصطفى حبيب را انشقاق قمر بود چهـ عجب كر بحر بر موسى بضرب عصا شكافته شد كه بحر مركوب وملموس است دست آدمي بدو رسد وقصد آدمي بوى اثر دارد اعجوبه مملكت انشقاق قمر است كه عالميان از دريافت آن عاجز ودست جن وانس از رسيدن بوى قاصر وبيان شق الصدر انه قالت حليمة امه عليه السلام من الرضاعة وهى من بنات بنى سعد بن بكر أسلمت مع أولادها وزوجها بعد البعثة لما كان يوم من الأيام خرج محمد مع اخوته من الرضاعة وكان يومئذ ابن خمس سنين على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما فلما انتصف النهار إذا أنا يا بنى حمزة يعدو وقد علاه العرق باكيا ينادى يا أماه يا أبتاه أدركا أدركا أخي القرشي فما أراكما تلحقانه إلا ميتا قلت وما قصته قال بينا نحن نترامى بالجلة إذا أتاه رجل فاختطفه من بيننا وعلابه ذروة الجبل وشق صدره الى عانته فما أراه الا مقتولا قالت فأقبلت انا وزوجى نسعى سعيا فاذا أنابه قاعد على ذروة الجبل شاخص بعينه نحو السماء يتبسم فانكبيت عليه وقبلت بين عينيه فقلت له فداك نفسى ما الذي دهاك قال خيريا امه بينا انا الساعة قائم مع إخوتي نتقاذق بالجملة إذ أتاني رجلان عليهما نياب بيض وفي رواية فأقبل الى طيران أبيضان كأنهما نسران وفي رواية كركيان والمراد ملكان وهما جبرائيل وميكائيل وفي رواية أتانى ثلاثة رهط اى وهم جبرائيل وميكائيل واسرافيل لان جبريل ملك الوحى الذي به حياة القلوب وميكائيل ملك الرزق الذي به حياة الأجساد واسرافيل مظهر الحياة مطلقا في يد أحدهم إبريق من فضة وفي يد الثاني طست من زمرد اخضر مملوء ثلجا وهو ثلج اليقين فأخذونى من بين أصحابي وانطلقوا بي الى ذروة الجبل وفي رواية الى شفير الوادي فأضجعنى بعضهم على الجبل اضجاعا لطيفا ثم شق صدرى وانا انظر اليه فلم أجد لذلك حسا ولا الما ثم ادخل يده في جوفى فأخرج

أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها اى بالغ في غسلها ثم أعادها مكانها وقام الثاني وقال للاول تنح فقد أنجزت ما أمرك الله فدنا منى فأدخل يده في جوفى فانتزع قلبى وشقه باثنين فأخرج منه علقة سوداء فرمى بها وقال هذا حظ الشيطان اى محل غمزه ومحل ما يلقيه من الأمور التي لا ننبغى لان تلك العلقة خلقها الله في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها فأزيلت من قلبه وبعض ورثته الكمل يقيئ دما اسود محترقا من نور التوحيد فيحصل به شرح الصدر وشق القلب ايضا ولا يلزم من وجود القابل لما يلقيه الشيطان حصول الإلقاء بالفعل قبل هذا الشق فانه عليه السلام معصوم على كل حال فان قلت فلم خلق الله هذا القابل في هذه الذات الشريفة وكان من الممكن أن لا يخلق فيها قلت لانه من جملة الاجزاء الانسانية فخلقت تكملة للخلق الإنساني ثم تزعت تكرمة له اى لانه لو خلق خاليا عنها لم تظهر تلك الكرامة وفيه انه يرد على ذلك ولادته عليه السلام من غير قلفة وهى جلدة الذكر التي يقطعها الخاتن وأجيب بالفرق بينهما لان القلفة لما كانت تزال ولا بد من كل أحد مع ما يلزم على إزالتها من كشف العورة كان نقص الخلقة الانسانية عنها عين الكمال قال عليه السلام ثم حشا قلبى بشيء كان معه وهو الحكمة والايمان ورده مكانه ثم ختمه بخاتم من نوريحا الناظرون دونه وفي رواية واقبل الملك وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه ولا مانع من تعدد الختم فختم القلب لحفظ ما فيه وبين الكتفين مبالغة في حفظ ذلك لان الصدر وعاؤه القريب وجسده وعاؤه البعيد وخص بين الكتفين لانه اقرب اليه من القلب من بقية الجسد وهو موضع نفوذ خرطوم إبليس لان العدو يجيئ من ورلء ولذا سن الحجامة فيه ثم قال عليه السلام انا الساعة أجد برد الخاتم في عروقى ومفاصلى وقام الثالث فقال تنحيا فقد أنجز تماما امر الله فيه فدنا منى وأمر يده على مفرق صدرى الى منتهى الشق فالتأم وانا انظر اليه وكانوا يرونه اثرا كأثر المخيط في صدره وهو اثر مرور يد جبريل ثم انهضنى من الأرض إنهاضا لطيفا ثم قال الاول الذي شق صدرى زنه بعشرة من أمته فوزننى فرجحتهم ثم قال زنه بعشرين فرجحتهم ثم قال زنه بمائة فرجحتهم ثم قال زنه بألف فرجحتهم ثم قال دعه فلو وزنتموه بامته كلهم لرجحهم يقول الفقير هذا يدل على انه عليه السلام كما انه أفضل من كل فرد فرد من افراد الموجودات فكذا أفضل من المجموع ولا عبرة بقول من قال في كونه أفضل من المجموع توقف لانه جهل بشأنه العالي وانه احدية مجموع الأسماء الالهية وبرزخيتها فاعرف قال عليه السلام ثم انكبوا على وقبلوا رأسى وما بين عينى وقالوا ياحبيباه انك لو تدرى ما يراد بك من الخير لقرت عيناك وتركونى قاعدا في مكانى هذا وجعلوا يطيرون حتى دخلوا خلال السماء وانا انظر إليهم ولو شئت لارينك موضع دخولهم واعلم ان صدره الشريف شق مرار امرة لاخراج حظ الشيطان كما مر لانه لا يليق به وعند مجيئ الوحى لتحمل ثقله وعند المعراج لتحمل أسراره ففى شرح الصدر مرارا مزيد تقوية لباطنه وهذا الشرح معنوى لأكامل أمته ولا بد منه في حصول الفيض الإلهي يسره الله لى ولكم ثم انه بقي هنا معنى آخر كما

[سورة القمر (54) : آية 2]

قاله البعض وهو ان انشقاق القمر مجاز عن وضوح الأمر ولا يبعد ان يحمل بيت المثنوى على ذلك وهو سايه خواب آرد ترا همچون سمر ... چون بر آيد شمس انشق القمر اى وضح الآمر واستبان وذلك لانه عند اقتراب الساعة ينكشف كل خفى ويظهر كل مستور ويستبين الحق من الباطل من كل وجه ويدل على هذا المعنى قوله عليه السلام إذا تقارب الزمان لم تكدرؤيا المؤمن تكذب فان المراد وضوح الأمر في آخر الزمان وظهور حقيقته ولذا يصير الناس بحيث ينكشف لأدنى سالك منهم في مدة قليلة ما لم ينكشف للامم الماضية في مدة طويلة وذلك لان الله تعالى قال في حق يوم القيامة يوم تبلى السرائر فاذا قرب الزمان من ذلك اليوم يأخذ حكمه فيكون كشف الأمور اكثر والخفايا اظهر وقال البقلى رحمه الله علم الله انتظار أرواح الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين والأولياء العارفين وجميع الصالحين كشف جماله وقرب وصاله والدخول في جواره فبشرهم الله تعالى بأنه مقرون بقدوم محمد عليه السلام فلما خرج بالنبوة شك فيه المشركون فأراهم الله صدق وعده بانشقاق القمر حتى يعرفوا ان الله تعالى يريد بالعالمين إتيان الساعة التي فيها كشوف العجائب وظهور الغرائب من آيات الله وصفاته وذاته وفي التأويلات النجمية اعلم ان الساعة اى القيامة ساعتان الكبرى وهى عامة بالنسية الى جميع الخلائق وهى التي اقتربت والصغرى وهى خاصة بالنسبة الى السالكين الى الله برفع الأوصاف البشرية وقطع العلائق الطبيعية السائرين في الله بالتجلى بالأوصاف الالهية والأخلاق الربانية الراجعين من الحق الى الخلق بالبقاء الحقانى بعد الفناء الخلقاني وبالجمع بعد الفرق وهى أعنى الساعة الصغرى واقعة اليوم فى كل آن ولله تجلى جلالى يفنى وجمالى يبقى واليه اشارة قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته فقد انشق قمر قلب السالك عن ظلمة النفس المظلمة باستيلاء نور شمس فلك الروح عليها فلا جرم وقعت الساعة بالنسبة الى القلب الحي المنور بالنور الإلهي ووقعت القيامة الخاصة الشاملة على الموت والحشر والنشور فافهم ولا تعجب لئلا تكون ممن قال تعالى فيهم أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون والله الموفق والمعين وَإِنْ يَرَوْا يعنى قريشا آيَةً من آيات الله دالة على قدرته وصدق نبوة حبيبه عليه السلام مثل انشقاق القمر ونظائره ومعنى تسمية ما جاءت به الأنبياء معجزة هو ان الخلق عجزوا عن الإتيان بمثلها يُعْرِضُوا عن التأمل فيها ليقفو على حقيقتها وعلو طبقتها فيؤمنوا وَيَقُولُوا هذا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ مطرد دائم يأتى به محمد عليه السلام على ممر الزمان لا يكاد يختلف بحال كسائر انواع السحر فالاستمرار بمعنى الاطراد يقال اطرد الشيء تبع بعضه بعضا وجرى وهو يدل على انهم رأوا قبله آيات اخرى مترادفة حتى قالوا ذلك وفيه تأييد ان انشقاق القمر قد وقع لا انه سينشق يوم القيامة كما قاله بعضهم وذلك لانه لو لم يكن الانشقاق من جنس الآيات لم يكن ذكر هذا القول مناسبا للمقام او مطردا بالنسبة الى جميع الاشخاص والبلاد حيث رأوه منشقا وقال بعضهم آن جاد وييست دائم ورونده از زمين تا بآسمان

[سورة القمر (54) : الآيات 3 إلى 4]

ويجوز أن يكون مستمر من المرة بالكسر بمعنى القوة امررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم فالاستمرار بمعنى الاستحكام اى قوى مستحكم لا يمكن إزالته او قوى شديد يعلو كل سحر وقيل مستمر ذاهب يزول ولا يبقى عن قريب تمنية لأنفسهم وتعليلا فهو من المرور وَكَذَّبُوا اى بالنبي عليه السلام وما عاينوه من معجزات التي أظهرها الله على يده وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ التي زينها الشيطان لهم من رد الحق بعد ظهوره او كذبوا الآية التي هى انشقاق القمر واتبعوا أهواءهم وقالوا سحر القمر او سحر أعيننا والقمر بحاله ولم يصبه شيء او انه خسوف في القمر وظهور شيء من جانب آخر من الجو يشبه نصف القمر فهذه أهواؤهم الباطلة بد كمانى لازم بد باطنان افتاده است ... كوشه از خلق جا كردم كمين پنداشتند وذكرهما بلفظ الماضي اى بعد يعرضوا ويقولوا بلفظ المستقبل للاشعار بأنهما من عادتهم القديمة وفيه اشارة الى المحجوبين المستغرقين في بحر الدنيا وشهواتها فانهم إذا ظهر لهم خاطر رحمانى بالإقبال على الله ومتابعة الرسول وترك حب الدنيا ورفع شهواتها يعرضوا عن هذا الخاطر الرحمانى وينفوه ولا يلتفتوا اليه ولا يعتبروه بل يزدادوا فيماهم عليه من حب الدنيا ومتابعة النفس وموافقة الهوى ويرموه بالكذب وربما يرى بعضهم في منامه انه لبس خرقة الفقراء من خارج ولكن تحتها قميص حرير فهذا يدل على ان تجرده ليس من باطنه فتجرده الظاهري وملاحظة الفناء القشرى ليس بنافع له جدا وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ اى وكل امر من الأمور مستقر اى منته الى غاية يستقر عليها لا محالة ومن جملتها امر النبي عليه السلام فسيصير الى غاية يتبين عندها حقيقته وعلو شأنه وإبهام المستقر عليه للتنبيه على كمال ظهور الحال وعدم الحاجة الى التصريح به او كل امر من أمرهم وامره عليه السلام مستقر اى سيثبت ويستقر على حالة خذلان او نصرة في الدنيا وشقاوة او سعادة في الآخرة فان الشيء إذا انتهى الى غايته ثبت واستقر يعنى ان الاستقرار كناية عن ملزومه وهو الانتهاء الى الغاية فان عنده يتبين حقيقة كل شيء من الخير والشر والحق والباطل والهوى والحجة وينكشف جلية الحال ويضمحل الشبه والالتباس فان الحقائق انما تظهر عند العواقب فهذا وعيد للمشركين ووعد وبشارة للرسول والمؤمنين ونظيره لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون اى كل نبأ وان طالت مدته فلا بد ان ينتهى الى غايته وتنكشف حقيقته من حق وباطل وفي عين المعاني وكل امر وعدهم الله كائن في وقته اى لا يتغير شيء عن مراد الله ولا يغيره أحد دون الله فهو يمضيه على الخلق في وقته لانه مستقر لا يزول وفيه اشارة الى ان امر محمد الروح وامر ابى جهل النفس له نهاية وغاية يستقر فيها اما الى السعادة الابدية بواسطة التخلق بالأخلاق الالهية واما الى الشقاوة السرمدية بسبب الاتصاف بالصفات البشرية الحيوانية وَلَقَدْ جاءَهُمْ اى وبالله لقد جاء اهل مكة في القرآن مِنَ الْأَنْباءِ جمع نبأ وهو خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبة ظن ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة اى انباء القرون الخالية او انباء

[سورة القمر (54) : الآيات 5 إلى 13]

الآخرة وما وصف من عذاب الكفار فاللام عوض عن المضاف اليه وهو حال مما بعده ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ اى ازدجار من تعذيب ان أريد بالانباء انباء القرون الخالية او وعيد أريد بها انباء الاخرة او موضع ازدجار على ان في تجريدية والمعنى انه في نفسه موضع ازدجار ومظنة له كقوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة اى هو في نفسه أسوة حسنة وتاء الافتعال تقلب دالا مع الدال والذال والزاى للتناسب في المخرج او لتحصيل التناسب فان التاء مهموسة وهذه الحروف مجهورة يعنى ان أصله مزتجر لانه مفتعل من الزجر قلبت التاء ذالا لان الزاى حرف مجهور والتاء حرف مهموس والذال تناسب الزاى في الجهر وتناسب التاء في المخرج يقال زجره وازدجره اى نهاه عن السوء ووعظه غير ان افتعل ابلغ في المعنى من فعل قال الراغب الزجر طرد بصوت يقال زجرته فانزجر ثم يستعمل في الطرد تارة وفي الصوت تارة وقوله تعالى مزدجر اى طرد ومنع عن ارتكاب المأثم حِكْمَةٌ بالِغَةٌ غايتها متناهية في كونها حكمة لا خلل فيها او قد بلغت الغاية في الانذار والنهى والموعظة وهو بدل من ما او خبر لمحذوف وفي القاموس الحكمة بالكسر العدل والعلم والحلم والنبوة والقرآن وفي المفردات الحكمة إصابة الحق بالعلم والفعل فالحكمة من الله معرفة الأشياء او إيجادها على غاية الاحكام ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات وإذا وصف القرآن بالحكيم فلتضمنه الحكمة وهى علمية وعملية والحكمة المنطوق بها هى العلوم الشرعية والطريقة والحكمة المسكوت عنها هى اسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها علماء الرسوم والعوام على ما ينبغى فتضرهم او تهلكهم فَما تُغْنِ النُّذُرُ نفى للاغناء فمفعول تغنى محذوف اى لم تغن النذر شيئا او استفهام انكار فما منصوبة على انها مفعول مقدم لتغنى اى فأى إغناء تغنى النذر إذا خالفو او كذبوا اى لا تنفع كقوله وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون جمع نذير بمعنى المنذر او مصدر بمعنى الانذار وفيه اشارة الى عدم انتفاع النفوس المتمردة بانذار منذر الروح وإنذار منذر القلب إذ الروح مظهر منذر القرآن والقلب مظهر منذر الحقيقة فَتَوَلَّ عَنْهُمْ لعلمك بان الانذار لا يؤثر فيهم البتة ولا ينفع فالفاء للسببية وبالفارسية پس روى بگردان از ايشان تا وقت امر بقتال ومنتظر باش جزاى ايشانرا يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ أصله يوم يدعو الداعي بالواو والياء لما حذف الواو من يدعو في التلفظ لاجتماع الساكنين حذفت في الخط ايضا اتباعا للفظ وأسقطت الياء من الداعي للاكتفاء بالكسرة تخفيفا قال بعضهم حذفت الياء من الداعي مبالغة في التخفيف إجراء لأل مجرى ما عاقبها وهو التنوين فكما يحذف الياء مع التنوين كذلك مع ما عاقبه ويوم منصوب بيخرجون او باذكر والداعي اسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور قائما على صخرة بيت المقدس ويدعو الأموات وينادى قائلا أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ان الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء او ان اسرافيل ينفخ وجبريل يدعو وينادى بذلك وعلى كلا القولين فالدعاء على حقيقته وقال بعضهم هو مجاز كالامر في قوله تعالى كن فيكون يعنى ان الدعاء في البعث والاعادة مثل كن في التكوين والابتداء بأن لا يكون ثمة داع من

[سورة القمر (54) : الآيات 7 إلى 8]

اسرافيل او غيره بل يكون الدعاء عبارة عن نفاذ مشيئته وعدم تخلف مراده عن إرادته كما لا يتخلف اجابة دعاء الداعي المطاع يقول الفقير الاولى بقاؤه على حقيقته لان اسرافيل مظهر الحياة وبيده الصور والله تعالى ربط الأشياء بعضها ببعض وان كان الكل بأرادته ومشيئته إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ بضمتين صفة على فعل وقرئ بسكون الكاف وكلاهما بمعنى المنكر اى منكر فظيع ينكره النفوس لعدم العهد بمثله وهو هول يوم القيامة ومنه منكر ونكير لفتانى القبر لانه لم يعهد عند الميت مثلهما خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ حال من فاعل يَخْرُجُونَ والتقديم لان العامل فعل فعل متصرف اى يخرجون مِنَ الْأَجْداثِ جمع جدث محركة وهو القبر اى من قبورهم حال كونهم اذلة أبصارهم من شدة الهول خاضعة عند رؤية العذاب والخشوع ضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد في الجوارح والضراعة اكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب كما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح وخص الابصار بالخشوع لانه فيها اظهر منه فى سائر الجوارح وكذلك سائر ما في نفس الإنسان من حياء او خوف ونحوه انما يظهر في البصر كَأَنَّهُمْ جَرادٌ اى يشبهن الجراد وهو بالفارسية ملخ سمى بذلك لجرده الأرض من النبات يقال ارض مجرودة اى أكل ما عليها حتى تجردت كما في المفردات مُنْتَشِرٌ فى الكثرة والتموج والتفرق في الأقطار ومثله قوله كالفراش المبثوث مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ حال ايضا اى مسرعين الى جهة الداعي مادى أعناقهم اليه او ناظرين اليه لا يقلعون بأبصارهم يقال هطع الرجل إذا أقبل ببصره على الشيء لا يقلع عنه وأهطع إذا مد عنقه وصوب رأسه وأهطع في عدوه إذا اسرع كما في الجوهري وفيه اشارة الى ذلة أبصار النفوس وعلتها فأنهار مدت من حب الدنيا وانطفاء أبصار القلوب عن شواهد الحق وانطماس أبصار الأرواح عن شهود الحق والى ان هذه النفوس الرديئة تخرج من قبور صفاتها الرذيلة كالجراد الحريص على أكل زروع مزارع القلب من الأخلاق الروحانية منتشرين في مزارع الروح ومغارس القلب بالفساد والإفساد وترى هذه النفوس الخبيثة مسرعة الى اجابة داعى الشهوات النفسانية واللذات الجسمانية راغبة الى دعوته مقبلة على طلبه يَقُولُ الْكافِرُونَ استئناف وقع جوابا عما نشأ من وصف اليوم بالاهوال واهله بسوء الحال كأنه قيل فماذا يكون حينئذ فقيل يقول الكافرين هذا يَوْمٌ عَسِرٌ اى صعب شديد علينا فيمكثون بعد الخروج من القبور واقفين أربعين سنة يقولون أرحنا من هذا ولو الى النار ثم يؤمرون بالحساب وفي اسناد القول المذكور الى الكفار تلويح بأن المؤمنين ليسوا في تلك المرتبة من الشدة بل ذلك اليوم يوم يسير لهم ببركة ايمانهم وأعمالهم بل المطهرون المحفوظون الذين ما تدنست بواطنهم بالشبه المضلة ولا ظواهرهم ايضا بالمخالفات الشرعية آمنون يغبطهم النبيون في الذي هم عليه من الامن لما هم والنبيون عليه من الخوف على أممهم يعنى ان الأنبياء والرسل عليهم السلام يخافون على أممهم للشفقة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون في ذلك اليوم سلم سلم وان كان لا يحزنهم الفزع الأكبر لانهم آمنون من خوف العاقبة وفيه اشارة الى

[سورة القمر (54) : آية 9]

كفار النفوس اللئيمة يقولون بلسان الحال ولا ينفعهم المقال يوم قيامة اضطرابهم لما رأوا الفضيحة والقطعية هذا يوم عسر صعب خلاصنا ومناصنا منه لا نجاة لنا ولا منجاة الا الاستمساك بعروة وثقى الروح والقلب وما يقدرون على ما يقولون لافساد استعداد هم بيد الأماني الكاذبة واختيار تلك الأماني الفاسدة الدنيوية على المطالب الصالحة الاخروية فعلى العاقل أن يختار الباقي على الفاني ولا يغتر بالأماني بل يجتهد قبل الموت بأسباب الخلاص والنجاة لكى يحصل له في الآخرة النعيم والدرجات والا فاذا خرج الوقت من اليد وبقيت اليد صفرا في الغد فلا ينفع الأسف والويل نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين أجابوا داعى الله ورسوله وتشرفوا بالعمل بالقرءان وقبوله وييسر لنا الفناء المعنوي قبل الفناء الصوري ويهيئ لنا من أمرنا رشدا فانا آمنا به ولم نشرك بربنا أحدا وهو المعين في الآخرة والاولى وبيده الأمور ردا وقبولا كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ اى فعل التكذيب قبل قومك يا محمد قوم نوح او كذبوا نوحا فالمفعول محذوف وهو شروع في تعداد بعض الانباء الموجبة للازدجار وتسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فَكَذَّبُوا عَبْدَنا نوحا تفسير لذلك التكذيب المبهم كما في قوله تعالى ونادى نوح ربه فقال رب إلخ فالمكذب في المقامين واحد والفاء تفسيرية تفصيلية تعقيبية في الذكر فان التفصيل يعقب الإجمال وفي ذكره بعنوان العبودية مع الاضافة الى نون العظمة تفخيم له عليه السلام ورفع لمحله وزيادة تشنيع لمكذبيه فان تكذيب عبد السلطان اشنع من تكذيب عبد غيره وفيه اشارة الى انه لا شيء اشرف من العبودية فان الذلة الحقيقية التي يقابلها مقام الربوبية مختصة بالله تعالى فكذا العبودية مختصة بالعبد وهى المرادة بالتواضع وهى غير التملق فان التملق لا عبرة به وفي الحديث (انا سيد ولد آدم ولا فخر) اى ليس الفخر لى بالرسالة وانما الفخر لى بالعبودية وخصوصا بالفقر الذي هو الخروج عن الوجود المجازى بالكلية وَقالُوا فى حقه هو او قالوا له انك مَجْنُونٌ اى لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه الجنون واختلال العقل وهو مبالغة في التكذيب لان من الكاذبين من يخبر بما يوافق العقل ويقبله والمجنون لا يقول الا مالا يقبله العقل ويأباه وَازْدُجِرَ عطف على قالوا فهو من كلام الله اى وزجر عن التبليغ بأنواع الاذية مثل الشتم والضرب والخنق والوعيد بالرجم قال الراغب وازدجر اى طرد واستعمال الزجر فيه لصياحهم بالمطرود نحو ان يقال اعزب عنى وتنح ووراءك وقيل هو من جملة ما قالوه اى هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته اى أفسدته وتصرفت فيه وذهبت بلبه وطارت بقلبه وفيه اشارة الى ان كل داع حق لا بد وان يكذب لكثرة اهل البطلان وغلبة اهل البدع والأهواء والطغيان وذلك في كل عصر وزمان وايضا قوم نوح الروح وهم النفس الامارة وصفاتها لا يقبلون دعوته الى الله لانهما كهم في الشهوات واللذات وصعوبة الفطام عن المألوفات والله المعين في جميع الحالات والمقامات اين جهان شهوتى بتخانه ايست ... انبيا وكافران را لانه ايست ليك شهوت بنده پاكان بود ... زر نسوزد زانكه نقد كان بود

[سورة القمر (54) : الآيات 10 إلى 13]

ذلة الأرواح من أشباحها ... عزة الأشباح من أرواحها كم نشين بر اسب توسن بي لكام ... عقل ودين را پيشوا كن والسلام فَدَعا رَبَّهُ اى لما زجروا نوحا عن الدعوة وبلغ مدة التبليغ تسعمائة وخمسين سنة دعا ربه أَنِّي اى بأنى مَغْلُوبٌ من جهة قومى مالى قدرة على الانتقام منهم فَانْتَصِرْ اى فانتقم لى منهم وذلك بعد تقرر يأسه منهم بعد الليتا والتي فقد روى ان الواحد منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا فيفيق ويقول اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون فلما اذن الله له في الدعاء للاهلاك دعا فاجيب كما قال في الصفات ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ اى طرقها وبالفارسية پس بگشاديم براى عذاب ايشان درهاء آسمان را از طرف مجره كما قال على رضى الله عنه بِماءٍ مُنْهَمِرٍ الهمر صب الدمع والماء يقال همره يهمره ويهمره صبه فانهمر هو وانهمر اى انسكب وسال والمعنى بماء كثير منصب انصبابا شديدا كما ينصب من أفواه القرب لم ينقطع أربعين يوما وكان مثل الثلج بياضا وبردا وهو تمثيل لكثرة الأمطار وشدة انصبابها سوآء جعل الباء في قوله بماء للاستعانة وجعل الماء كالالة لفتح أبواب السماء وهو ظاهر او للملابسة وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً اى جعلنا الأرض كلها كأنها عيون منفجرة اى جارية وكان ماء الأرض مثل الحميم حرارة وأصله وفجرنا عيون الأرض فغير عن المفعولية الى التمييز قضاء لحق المقام من المبالغة لان قولنا فجرنا عيون الأرض يكفى في صحة تفجر ما فيها من العيون ولا مبالغة فيه بخلاف فجرنا الأرض عيونا فان معناه فجرنا اجزاء الأرض كلها بجعلها عيون الماء ولا شك فى انه ابلغ فَالْتَقَى الْماءُ اى ماء السماء وماء الأرض وارتفع على أعلى جبل في الأرض ثمانين ذراعا والافراد حيث لم يقل الماءان لتحقيق ان التقاء الماءين لم يكن بطريق المجاورة والتقارب بل بطريق الاختلاط والاتحاد عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ اى كائنا على حال قد قدره الله من غير تفاوت او على حالة قدرت وسويت وهو ان قدر ما انزل من السماء على قدر ما اخرج من الأرض او على امر قدره الله وهو هلاك قوم نوح بالطوفان فكلمة على على هذا للتعليل يقول الفقير انما وقع العذاب بالطوفان العام لان الماء اشارة الى العلم فلما لم ينتفعوا بعلم نوح عليه السلام في المدة الطويلة ولم تغرق أرواحهم فيه أخذوا بالماء حتى غرقت أجسادهم وتأثير الطوفان يظهر في كل ثلاثين سنة مرة واحدة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل وَحَمَلْناهُ اى نوحا ومن آمن معه عَلى ذاتِ أَلْواحٍ اى سفينة صاحبة أخشاب عريضة فان الألواح جمع لوح وهو كل صحيفة عريضة خشبا او عظما وكانت سفينة نوح من ساج وهو شجر عظيم ينبت في ارض الهند او من خشب شمشاد ويقال من الجوز وَدُسُرٍ ومسامير جمع دسار من الدسر وهو الدفع الشديد بقهر يقال دسره بالرمح (وروى) انه ليس في العنبر زكاة انما هو شى دسره البحر سمى به المسمار لانه يدسر به منفذه اى يدفع قال في عين المعاني دسرت بها السفينة اى شدت أو لأنها تدسراى تدفع بالدق فقوله ذات الواح ودسر صفة للسفينة أقيمت مقامها

[سورة القمر (54) : الآيات 14 إلى 19]

بأن يكنى بها عنها كما يكنى عن الإنسان بقولهم هو مستوى القامة عريض الأظفار تَجْرِي بِأَعْيُنِنا اى تجرى السفينة وتسير بمرأى منا اى محفوظة بحفظنا ومنه قولهم للمودع عين الله عليك وقيل بأوليائنا يقال مات عين من عيون الله اى ولى من أوليائه جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ مفعول له لما ذكر من فتح أبواب السماء وما بعده وكفر من كفران النعمة اى فعلنا ذلك المذكور اجرا وثوابا لنوح لانه كان نعمه كفروها فان كل نبى نعمة من الله على أمته ورحمة اى نعمة ورحمة فكان نوح نعمة مكفورة ومن هذا المعنى ما حكى ان رجلا قال للرشيد الحمد لله عليك فقال ما معنى هذا الكلام فقال أنت نعمة حمدت الله عليها وَلَقَدْ تَرَكْناها اى السفينة آيَةً يعتبر بها من يقف على خبرها وقال قتادة أبقاها الله بباقردى من بلاد الجزيرة وقيل على الجودي دهرا طويلا حتى نظر إليها او آئل هذه الامة وكم من سفينة كانت بعد قد صارت رمادا وفي تفسير ابى الليث قال بعضهم يعنى ان تلك السفينة كانت باقية على الجبل قريبا من خروج النبي عليه السلام وقيل بقيت خشبة من سفينة نوح هى في الكعبة الآن وهى ساجة غرست حتى ترعرت أربعين سنة ثم قطعت فتركت حتى يبست أربعين سنة وقيل بقي بعض خشبها على الجودي الى هذه الأوقات يقول الفقير لعل بقاء بعض خشبها لكونها آية وعبرة والا فهو ليس بأفضل من أخشاب منبر نبينا صلّى الله عليه وسلّم في المدينة وقد احترقت او اكلتها الارضة فاتخذت مشطا ونحوه مما يتبرك به ألا ترى ان مقام ابراهيم عليه السلام مع كونه حجرا صلدا لم يبق اثره بكثرة مسح الأيدي ثم لم يبق نفسه ايضا على ما هو الأصح والمعروف بالمقام الآن هو مقام ذلك المقام فاعرف وفي عين المعاني ولقد تركناها اى الغرق العام وهو إضمار الآية قبل الذكر كقوله انها تذكرة وقال بعضهم يعنى جنس السفينة صارت عبرة لان الناس لم يعرفوا قبل ذلك سفينة واتخذوا السفن بعد ذلك في البحر فلذلك كانت آية للناس يقول الفقير كيف يعرفونها ولم يكن في الدنيا قبل الطوفان الا البحر المحيط وذلك ان الله تعالى امر الأرض بعد الطوفان فابتلعت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض فهذه البحور على وجه الأرض منها واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جرز عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده واليه الاشارة بقوله وكان عرشه على الماء اى العذب والبحور سبعة منها البحر المحيط وبعضهم لم يعد المحيط منها بل هو غير السبعة وكان نوح عليه السلام نجارا فجاء جبريل وعلمه صنعة السفينة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ اى معتبر بتلك الآية الحقيقة بالاعتبار فيخاف من الله ويترك المعصية وأصله مذتكر على وزن مفتعل من الذكر فأدغمت الذال في التاء ثم قلبت دالا مشددة فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ استفهام تعظيم وتعجيب اى كانا على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف والنذر جمع نذير بمعنى الانذار أصله نذرى بالياء حذفت اكتفاء بالكسرة وحد العذاب وجمع الانذارات اشارة الى غلبة الرحمة لان الانذار اشفاق ورحمة فقال الانذارات التي هى نعم ورحمة تواترت عليهم فلما لم تنفع وقع العذاب وقعة واحدة فكانت النعم كثيرة والنقمة واحدة وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ إلخ جملة قسمية

[سورة القمر (54) : الآيات 18 إلى 19]

وردت في اواخر القصص الأربع تنبيها على ان كل قصة منها مستقبلة بايجاب الادكار كافية في الازدجار ومع ذلك لم تقع واحدة في حيز الاعتبار اى وبالله لقد سهلنا القرآن لقومك بأن أنزلنا على لغتهم كما قال فانما يسرناه بلسانك ووشحنا بانواع المواعظ والعبر وصرفنا فيه من الوعيد والوعد لِلذِّكْرِ اى للتذكير والاتعاظ وعن الحسن عن النبي عليه السلام لولا قول الله ولقد يسرنا القرآن للذكر لما اطاقت الألسن أن تتكلم به فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ انكار ونفى للمتعظ على ابلغ وجه وآكده حيث يدل على انه لا يقدر أحد أن يجيب المستفهم بنعم وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قرأت على النبي عليه السلام فهل من مذكر بالذال فقال عليه السلام فهل من مدكر بالدال قال في برهان القرآن قوله فكيف كان إلخ ختم به قصة نوح وعاد وثمود ولوط لما في كل واحدة منها من التخويف والتحذير وما حل بهم فيتعظ به حافظ القرآن وتاليه ويعظ غيره وفي الآيات اشارة الى مغلوبية نوح القلب في يد النفس الامارة بغلبات الصفات البشرية عليه حتى دعا ربه فأجابه الله حتى غلبت صفاته الروحانية النورانية على صفاتها الحيوانية الظلمانية وأفاض من سماء الأرواح العلوية مياه الرأفة والرحمة والكرامة ومن ارض البشرية عيون المعارف والحقائق فأهلك قومه المعبر عنهم بالنفس وصفاتها ونجاه على سفينة صفاته الروحانية وفيه اشارة اخرى وهى انه إذا زاد الكشف والعيان تستشرف الأرواح على الفناء فيدخلها الله في سفن العصمة ويجريها بشمال العناية وايضا ان الأنبياء والأولياء سفن عنايته تعالى يتخلص العباد بهم من الاستغراق في بحار الضلالة وظلمات الشقاوة لانهم محفوظون بحسن عنايته وعين كلاءته ومن استن بسنتهم نجا من الطغيان والنيران ودخل في جوار الرحمن (وفي المثنوى) اينچنين فرمود آن شاه رسل ... كه منم كشتى درين درياى كل يا كسى كودر بصيرتهاى من ... شد خليفه راستى بر جاى من كشتئ نوحيم در دريا كه تا ... رو نگردانى ز كشتى اى فتى نسأل الله سبحانه أن يحفظنا في سفينة الشريعة من الاعتماد على العقل والخيال ويعصمنا من الزيغ والضلال كَذَّبَتْ عادٌ اى هودا عليه السلام ولم يتعرض لكيفية تكذيبهم له روما للاختصار ومسارعة الى بيان ما فيه الازدجار من العذاب فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ هو لتوحيه قلوب السامعين نحو الإصغاء الى ما يلقى إليهم قبل ذكره لالتهويله وتعظيمه وتعجيبهم من حاله بعد بيانه كما قبله وما بعده كأنه قيل كذبت عاد فهل سمعتهم او فاسمعوا كيف كان عذابى وانذاراتى لهم فالنذر جمع نذير بمعنى الانذار إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً استئناف ببيان ما أجمل اولا وصرصر من الصر وهو البرد او من صر الباب والقلم اى صوت اى أرسلنا وسلطنا عليهم ريحا باردة او شديدة الصوت والهبوب وهى ريح الدبور وتقدم تفصيله في فصلت وغيرها فِي يَوْمِ نَحْسٍ النحس ضد السعد اى شؤم مُسْتَمِرٍّ صفة ليوم او نحس اى مستمر شؤمه عليهم او ابد الدهر

[سورة القمر (54) : الآيات 20 إلى 24]

فان الناس يتشاءمون بأربعاء آخر الشهر قال ابن الشيخ واشتهر بين بعض الناس التشاؤم بالأربعاء الذي يكون في آخر الشهر بناء على قوله تعالى في يوم نحس مستمر ومعلوم ان ليس المراد انه نحس على المصلحين بل على المفسدين حيث لم تظهر نحو سنته في حق الأنبياء والمؤمنين وفي الروضة الأربعاء مشؤم عندهم والذي لا يدور وهو آخر أربعاء في الشهر أشأم وعن ابن عباس رضى الله عنهما يرفعه آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر قال الشاعر لقاؤك للمبكر قال سوء ... ووجهك أربعاء لا يدور وقيل يحمد في الأربعاء الاستحمام فانه يقال يخلط في ذلك اليوم ماء من الجنة مع المياه وكذا يحمد ابتداء الأمور والمعنى مستمر عليهم شؤمه ونحو سته ازمنة ممتدة الى أن اهلكهم فاليوم بمعنى الحين والا فاليوم الواحد لا يمكن أن يستمر سبع ليال وثمانية ايام والاستمرار على هذين الوجهين يحسب الزمان او المعنى شامل لجميعهم كبيرهم وصغيرهم فالمستمر بمعنى المطرد بالنسبة الى الاشخاص او مشتد مرارته اى بشاعته وكان ابتداؤه يوم الأربعاء آخر الشهر يعنى كانت ايام العجوز من صبيحة أربعاء آخر الشهر الى غروب الأربعاء الآخر (وروى) انه كان آخر ايامهم الثمانية في العذاب يوم الأربعاء وكان سلخ صغر وهى الحسوم فى سورة الحاقة تَنْزِعُ النَّاسَ صفة لريحا اى ريحا تقلعهم روى انهم دخلوا الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح وصرعتهم موتى وقال مقاتل تنزع أرواحهم من أجسادهم وقال السهيلي دامت عليهم سبع ليال وثمانية ايام كيلا تنجو منهم أحد ممن في كهف او سرب فأهلكت من كان ظاهرا بارزا وانتزعت من البيوت من كان في البيوت او هدمتها عليهم وأهلكت من كان في الكهوف والأسراب بالجوع والعطش ولذلك قال فهل ترى لهم من باقية اى فهل يمكن أن يبقى بعد هذه الثمانية الأيام باقية منهم كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ حال من الناس والاعجاز جمع عجز وعجز الإنسان مؤخره وبه شبه مؤخر غيره ومنه العجز لانه يؤدى الى تأخر الأمور والنخل من الجنس الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء واللفظ مفرد لكنه كثيرا ما يسمى جمعا نظرا الى المعنى الجنسي والمنقعر المنقلع عن أصله يقال قعرت النخلة قلعتها من أصلها فانقعرت اى انقعلت وفي المفردات منقعر اى ذاهب في قعر الأرض وانما أراد تعالى ان هؤلاء اجتثوا كما اجتث النخل الذاهب في قعر الأرض فلم يبق لهم رسم ولا اثر انتهى والمعنى منقلع عن مغارسه قيل شبهوا بأعجاز النخل وهى أصولها بلا فروع لان الريح كانت تقلع رؤسهم فتبقى أجسادا وجثثا بلا رؤوس وقال بعضهم كانت الريح تقعلهم وتصرعهم على رؤوسهم فتدق رقابهم فيبين الرأس من الجسد وفيه اشارة الى قوتهم وثباتهم في الأرض فكأنهم بحسب قوتهم وجسامتهم يجعلون أرجلهم غائرة نافزة في الأرض ويقصدون به المقاومة على الريح ثم ان الريح لما صرعتهم فكأنها قلعت اعجاز نخل منقعر وقال ابو الليث صرعتهم وكبتهم على وجوههم كأنهم اصول نخل منقلعة من الأرض فشبههم لطولهم بالنخل الساقطة قال مقاتل كان طول كل واحد منهم

[سورة القمر (54) : الآيات 21 إلى 24]

اثني عشر ذراعا وقال في رواية الكلبي كان طول كل واحد منهم سبعين ذراعا فاستهزأوا حين ذكر لهم الريح فخرجوا الى الفضاء وضربوا بأرجلهم وغيبوا في الأرض الى قريب من الركبة فقالوا قالا للريح حتى ترفعنا فجاءت الريح فدخلت تحت الأرض وجعلت ترفع كل اثنين وتضرب أحدهما بالآخر بعد ما ترفعهما في الهواء ثم تلقيهما في الأرض والباقون ينظرون إليهما حتى رفعتهم كلهم ثم رمت بالرمل والتراب عليهم وكان يسمع أنينهم من تحت التراب كذا وكذا يوما وتذكير صفة نخل للنظر الى اللفظ كما ان تأنيثها في قوله اعجاز نخل خاوية للنظر الى المعنى وكذا قوله جاءتها ريح عاصف ولسليمان الريح عاصفة فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ تهويل لهما وتعجيب من أمرهما بعد بيانهما فليس فيه شائبة تكرار كما في الإرشاد وقال في برهان القرآن أعاد في قصة عاد فكيف كان عذابى ونذر مرتين لان الاول في الدنيا والثاني في العقبى كما قال في هذه القصة لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة اخزى وقيل الاول لتحذيرهم قبل هلاكهم والثاني لتحذير غيرهم بعد هلاكهم انتهى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ الكلام فيه كالذى مر فيما سبق وفيه اشارة الى اهل النفوس الامارة فانهم بواسطة انهما كهم في الشهوات الجسمانية احتجبوا عن الله وموآئد كرمه فأرسل الله عليهم صرصر ريح اهوائهم الظلمانية وبدعهم الشيطانية في يوم نحوسة الاحتجاب وسلطها عليهم فسقطوا على ارض الهوان والخذلان كأنهم اعجاز نخل منقلع عن تخوم الأرض ساقط على وجه الأرض مثل أجساد جامدة بلا رؤوس نعوذ بالله من تجليات قهره وتسلط عذابه وغضبه في يومه وشهره فعلى العاقل أن يتذكر بهذه الذكرى ويعتبر بهذه الآية الكبرى چوبرگشته بختي در افتد به بند ... از ونيكبختان بگيرند پند تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب فلو آمن ايمان يأس او تاب توبة يأس لم يقبل فراشو چوبينى در صلح باز ... كه ناكه در توبه كردد فراز مرو زير بار كناه اى پسر ... كه حمال عاجز بود در سفر كما ورد خفف الحمل فان العقبة كؤود پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى ثم ان سبب هلاك عاد بالريح اعتماد هم على قوتهم والريح أشد الأشياء قوة فاستأصلهم الله بها حتى يحصل الاعتبار لمن بعدهم من القرون فلا يعتمدوا على قواهم وفيه اشارة الى أن الريح هو الهولء المتحرك فالخلاص من ذلك الهولء انما هو بترك الهوى ومتابعة الهدى نسأل الله من فضله ذلك كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ اى الانذارات والمواعظ التي سمعوها من صالح عليه السلام او بالرسل فان تكذيب أحدهم تكذيب للكل لاتفاقهم على الشرائع فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا اى كائنا من جنسنا وانتصابه بفعل يفسره ما بعده فأداة الاستفهام

[سورة القمر (54) : الآيات 25 إلى 29]

داخلة على الفعل وان كان تقديرا كما هو الأصل واحِداً اى منفردا لاتبع له او واحد من آحادهم لا من اشرافهم وتأخير هذه الصفة عن منا للتنبيه على ان كلا من الجنسية والوحدة مما يمنع الاتباع ولو قدمت عليه لفاتت هذه النكتة نَتَّبِعُهُ فى امره إِنَّا إِذاً اى على تقدير اتباعنا له وهو منفرد ونحن امة جمة وايضا ليس بملك لما كان في اعتقاد الكفرة من التنافي بين الرسالة والبشرية لَفِي ضَلالٍ عن الصواب وَسُعُرٍ اى جنون فان ذلك بمعزل عن مقتضى العقل وقيل كان يقول لهم ان لم تتبعونى كنتم في ضلال عن الحق وسعراى نيران جمع سعير فعكسوا عليه لغاية عتوهم فقالوا ان اتبعناك كنا اذن كما تقول أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ اى الكتاب والوحى عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا وفينا من هو أحق بذلك والاستفهام للانكار ومن بيننا حال من ضمير عليه اى أخص بالرسالة منفردا من بين آل ثمود والحال ان فيهم من هو اكثر مالا واحسن حالا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ اى ليس الأمر كذلك بل هو كذا وكذا حمله بطره على الترفع علينا بما ادعاه وأشر اسم فاعل مثل فرح بمعنى خود پسند وستيزنده وسبكسار وبابه علم والأشر التجبر والنشاط يقال فرس أشر إذا كان مرحا نشيطا سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ كيست فهو استفهام الْكَذَّابُ الْأَشِرُ حكاية لما قاله تعالى لصالح عليه السلام وعدا له ووعيد القومة والسين لتقريب مضمون الجملة وتأكيده والغد اليوم الذي يلى يومك الذي أنت فيه والمراد به وقت نزول العذاب في الزمان المستقبل لا يوم بعينه ولا يوم القيامة لان قوله انا مرسلوا الناقة استئناف لبيان مبادى الموعود حتما والمعنى سيعلمون البتة عن قريب من الكذاب الأشر الذي حمله أشره وبطره على الترفع والتجبر أصالح أم من كذبه وفيه تشريف لصالح حيث ان الله تعالى سلب عنه بنفسه الوصف الذي أسندوه اليه من الكذب والأشر فان معناه لست أنت بكذاب أشر بل هم إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ مخرجوها من الهضبة التي سألوا والهضبة الجبل المنبسط على الأرض او جبل خلق من صخرة واحدة او الجبل الطويل الممتنع المنفرد ولا يكون الا في حمر الجبال كما في القاموس (روى) انهم سألوه متعنتين ان يخرج من صخرة منفردة في ناحية الجبل يقال لها الكاثبة ناقة حمراء جوفاء وبرآء عشراء وهى التي أتت عليها عشرة أشهر من يوم أرسل عليها الفحل فاوحى الله اليه انا مجرجوا الناقة على ما وصفوا فِتْنَةً لَهُمْ اى امتحانا فان المعجزة محنة واختبار إذ بها يتميز المثاب من المعذب فَارْتَقِبْهُمْ فانتظرهم وتبصر ما يصنعون وَاصْطَبِرْ على اذيتهم صبرا بليغا وَنَبِّئْهُمْ أخبرهم أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ مقسوم لها يوم ولهم يوم فالمآء قسمة من قبيل تسمية المفعول بالمصدر كضرب الأمير وبينهم لتغليب العقلاء كُلُّ شِرْبٍ اى كل نصيب من الماء ونوبة الانتفاع منه مُحْتَضَرٌ يحضره صاحبه في نوبته فليس معنى كون الماء مقسوما بين القوم والناقة انه جعل قسمين قسم لها وقسم لهم بل معناه جعل الشرب بينهم على طريق المناوبة يحضره القوم يوما وتحضره الناقة يوما وقسمة الماء إما لأن الناقة عظيمة الخلق ينفر منها حيواناتهم او لقلة الماء فَنادَوْا پس بخواندند قوم ثمود صاحِبَهُمْ هو

[سورة القمر (54) : الآيات 30 إلى 37]

قدار بن سالف بضم القاف والدال المهملة وهو مشئوم آل ثمود ولذا كانت العرب تسمى الجزار قدارا تشبيها له بقدار بن سالف لانه كان عاقر الناقة كما سيجيئ وكان قصيرا شريرا أزرق أشقر احمر وكان يلقب بأحيمر ثمود تصغير احمر تحقيرا وفي كشف الاسرار يقال له احمر ثمود وقيل أشأم عاد يعنى عادا الآخرة وهى ارم تشاءم به العرب الى يوم القيامة ومن هذا يظهر الجواب عما قال السجاوندى في عين المعاني وقد ذكره زهير في شعره فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم قيل هو غلط وهو احمر ثمود انتهى فَتَعاطى فَعَقَرَ التعاطي مجاز عن الاجتراء لان التعاطي هو تناول الشيء بتكلف وما يتكلف فيه لا بد أن يكون امرا هائلا لا يباشره أحد الا بالجراءة عليه وبهذا المجاز يظهر وجه التعقيب بالفاء في فعقر والا فالعقر لا يتفرع على نفس مباشرة القتل والخوض فيه والعقر بالفارسية پى كردن يقال عقر البعير والفرس بالسيف فانعقر اى ضرب به قوائمه وبابه ضرب والمعنى فاجترأ صاحبهم قدار على تعاطى الأمر العظيم غير مكترث له فاحدث العقر بالناقة (قال الكاشفى) محرك عقر ناقه دوزن بودند عنيزة أم غنم وصدوق بنت المختار وفي التفاسير صدقة بدل صدوق وذلك لما كانت الناقة قد اضرب بمواشيها پس صدوق ابن عم خود مصدع بن دهر را بوصال خود وعده داد وعنيزه يكى از دختران خود را نامزد قدار كرده وهر دو براه كذر ناقه كمين كردند چون ناقه از آب باز كشت أول بمصدع رسيده او تيرى بيفكند كه پايهاى ناقه بهم دوخت قدار نيز از كمين كاه بيرون آمده بشمشير ناقه را پى كرد فمعنى فنادوا صاحبهم فنبهوه على مجيئها وقربها من مكمنه او انه لما هم بها هابها فناداه أصحابه فشجعوه او نادى مصدع بعد ما رماها بسهم دونك الناقة فاضربها فضربها و چون از پاى در آمد او را قطعه قطعه كردند وميان قوم منقسم ساختند وبچهـ او حنوبر آمده سه بانك كرد واز آنجا بآسمان رفت وكفتند او نيز كشته شد وبعد از سه روز عذاب ثمود نازل شد فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ الكلام فيه كالذى مرفى صدر قصة عاد إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً هى صيحة جبريل عليه السلام وذلك لانها هى الجزاء الوفاق لفعلهم فانهم صاروا سببا لصيحة الولد بقتل امه وفي الحديث (لا نوله والدة بولدها) اى لا تجعل والهة وذلك في السبايا بأن يفرق بينها وبين ولدها وفي الحديث (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) كما في المقاصد الحسنة للسخاوى فَكانُوا اى فصاروا لاجل تلك الصيحة بعد ان كانوا في نضارة وطيب عيش كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ الهشم كسر الشيء الرخو كالنبات والهشيم بمعنى المهشوم اى المكسور وهو اليابس المتكسر من الشجر وغيره والحظر جمع الشيء في حظيرة والمحظور الممنوع والمحتظر بكسر الظاء الذي يعمل الحظيرة ويتخذها قال الجوهري الحظيرة التي تعمل للابل من الشجر لتقيها البرد والريح والمعنى كالشجر اليابس الذي يتخذه من يعمل الحظيرة او كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لما شيته فى الشتاء وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وفي الآيات اشارة الى ثمود

النفس الامارة بالسوء ومعاملتها مع نذير القلب فانه يدعوها الى الانسلاخ عن الصفات البشرية والتلبس بالصفات الروحانية وهى تدعى المجانسة معه إذ النفس والروح بل النفس اخت القلب من جانب أيسر البطن وكذا تدعى تقدم رتبتها على القلب وتصرفها في القالب وما يحتوى عليه من القوى البشرية والطبيعية وتأخر رتبة القلب لانه حصل بعد ازدواج الروح مع النفس فبسبب تقدم رتبة النفس على القلب استنكفت النفس عن اتباعه وامتثال لاوامره وما عرفت ان تقدم الشرف والحسب أعلى وأفضل من تقدم الشرف والنسب ولذ قالت الحكماء توانكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال وقال بعضهم وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله وهى قبيلة عرفت بالدناة والخساسة جدا فخطأت النفس نذير القلب مع ان الخاطئة نفسها وامتحنته بإخراج الناقة وذلك ان حقيقة النفس واحدة غير متعددة لكن بحسب توارد الصفات المختلفة عليها تسمى بالأسماء المختلفة فاذا توجهت الى الحق توجها كليا تسمى بالمطمئنة وإذا توجهت الى الطبيعة البشرية توجها كليا تسمى بالامارة وإذا توجهت الى الحق تارة والى الطبيعة اخرى تسمى اللوامة فثمود النفس الامارة طلبت على جهة المكر والاستكبار من صالح رسول القلب المرسل من حضرة الروح أن يظهر ناقة النفس المطمئنة من شاهق جبل النفس الامارة بان يبدل صفتها من الامارية الى الاطمئنان فسأل صالح رسول القلب من حضرة الروح مسؤلها فأجابته إظهارا للقدرة والحكمة حتى غلبت أنوار الروح وانطمست ظلمة النفس كما ينطمس عند طلوع الشمس ظلام الليل وكان للنفس المطمئنة شرب خاص من المعارف والحقائق كما كان للنفس الامارة شرب خاص من المشارب الجسمانية فنادى الهوى وأعوانه بعضهم بعضا باستخلاص النفس الامارة من استيلاء نور الروح عليها مخافة أن ينغمس الهوى ايضا تحت هذا النور فتعاطى بعض اصحاب الهوى ذلك وكانت النفس الامارة ما تمكنت في مقام الاطمئنان تمكنا مستحكما بحيث لا تتأثر بل كان لها بقية تلوين فقتلوها بابطال طمأنينتها فرجعت القهقرى فانقهرت النفس والهوى تحت صيحة القهر وصارت متلاشية في حضرة القهر والخذلان محترقة بنار القطيعة والهجران كما قال فكيف كان عذابى ونذر فمن كان اهل الذكر والقرآن اى الشهود الجمعى يعتبر بهذا الفراق ويجتهد الى أن يصل الى نهاية الاطمئنان على الإطلاق فان النفس وان تبدلت صفتها الامارية الى المطمئنة لا يؤمن مكرها وتبدلها من المطمئنة الى الامارية ولو وكلت الى نفسها طرفة عين لعادت المشئومة الى طبعها وجبلتها كما كان حال بلعام وبرصيصا ولذا قال عليه السلام لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك وقال الجنيد قدس سره لا تألف النفس الحق ابدا ألا ترى ان الذمي وان قبل الخراج فانه لا يألف المسلم الفة مسلم وفرخ الغراب وان ربى من الصغر وعلم فانه لا يخلو من التوحش فالنفس ليست باهل الاصطناع والمعروف والملاطفة ابدا وانما شأنها تضييقها ومجاهدتها ورياضتها الى مفارقة الروح من الجسد (ولذا قال في المثنوى)

[سورة القمر (54) : الآيات 33 إلى 37]

اندرين ره مى خراش ومى تراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش ومنه يعلم سر قولهم ان ورد الاستغفار لا يسقط بحال ولذا قال تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره مع ظهور الفتح المطلق نسأل الله تعالى أن يجعلنا من العلماء العاملين والأدباء الكاملين بسر النبي الامين كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ اى بالإنذارات او بالمنذرين كما سبق إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً اى ريحا تحصبهم اى ترميم بالحصباء وهى حجارة دون ملئ الكف فالحصب الرمي بالحصى الصغار ومنه المحصب موضع الجمار وقول عمر رضى الله عنه حصبوا المسجد والحاصب اسم فاعل بمعنى رامى الحصباء وتذكيره مع اسناده الى ضمير الريح وهى مؤنث سماعى لتأويلها بالعذاب يقول الفقير لعل سر تعذيبهم بالحجارة لانهم حجروا ومنعوا من اللواطة فلم يمتنعوا بل رموا نطفهم الى غير محل الحرث فرماهم الله بالحجر ومن ثمة ذهب احمد بن حنبل رحمه الله الى أن حكم اللوطي أن يرجم وان كان غير محصن وايضا انهم يجلسون في مجالسيهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى فاذا مربهم عابر سبيل حذفوه فأيهم أصابه كان اولى به واما الريح فلانهم كانوا يضرطون في مجالسهم علانية ولا يتحاشون واما انقلاب قراهم فلانهم كانوا يقلبون المرد عند اللواطة فجازاهم الله بحسب أعمالهم وايضا قلبوا الحقيقة وعكسوها بأن تركوا محل الحرث وأتوا الأدبار إِلَّا آلَ لُوطٍ وهم اهل بيته الذين نجوا من العذاب وكانوا ثلاثة عشر وقيل يعنى لوطا وابنتيه وفي كشف الاسرار يعنى بناته ومن آمن به من أزواجهن نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ اى في سحر من الاسحار وهو آخر الليل او السدس الأخير منه وفي المفردات السحر اختلاط ظلام آخر الليل بصفاء النهار وجعل اسماء لذلك الوقت ويجوز أن يكون حالا اى ملتبسين بسحر (روى) ان الله امره حتى خرج بهم بقطع من الليل فجاء العذاب قومه وقت السحر والاستثناء منقطع لانه مستثنى من الضمير في عليهم وهو للمكذبين من قوم لوط ولا يدخل فيهم آل لوط لان المراد به من تبعه على دينه نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا اى انعاما كائنا منا وهو علة لنجينا ويجوز أن يكون مصدرا من فعله او من معنى نجيناهم لان تحبيتهم انعام كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء العجيب نَجْزِي مَنْ شَكَرَ نعمتنا بالايمان والطاعة يعنى كذلك ننجى المؤمنين وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط بَطْشَتَنا اى أخذتنا الشديدة بالعذاب فَتَمارَوْا فكذبوا بِالنُّذُرِ متشاكين فتماروا ضمن معنى التكذيب فعدى تعديته من المرية وأصله تماريوا على وزن تفاعلوا وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ المراودة أن تنازع غيرك في الارادة فترود غير ما يروده وسبق تحقيقها في وسورة يوسف والضيف بالفارسية مهمان والمعنى ولقد أرادوا من لوط تمكينهم ممن أتاه من أضيافه وهم الملائكة في صورة الشبان ومعهم جبريل وقصدوا الفجور بهم ظنا منهم انهم بشر فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ الطمس المحو واستئصال اثر الشيء اى فمسحناها وسويناها كسائر الوجه بحيت لم ير لها شق (روى) انهم لما دخلوا داره عنوة صفقهم جبريل بجناحه صفقة فتركتهم يترددون لا يهتدون الى الباب حتى أخرجهم لوط والصفق الضرب الذي ليس له صوت فَذُوقُوا اى فقلنا لهم على ألسنة الملائكة ذوقوا

[سورة القمر (54) : الآيات 38 إلى 42]

عَذابِي وَنُذُرِ والمراد به الطمس فانه من جملة ما انذروه من العذاب وفيه اشارة الى أن طمس الابصار كان من نتائج مسح الابصار ولذا ورد في القرآن ونحشره يوم القيامة أعمى لانه اعرض عن ذكر الله ولم يلتفت اليه أصلا وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً التصبيح بامداد بنزديك كسى آمدن اى جاءهم وقت الصبح عَذابٌ اى الخسف والحجارة مُسْتَقِرٌّ يستقر بهم ويثبت لا يفارقهم حتى يفضى بهم الى النار يعنى عذاب دائم متصل بعذاب الآخرة وفي وصفه بالاستقرار ايماء الى ان ما قبله من عذاب الطمس ينتهى به والحاصل ان العذاب الذي هو قلب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها ورميهم بالحجارة غير العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين فانه عذاب دنيوى غير موصول بعذاب الآخرة واما عذاب الخسف والحجارة فموصول به لانهم بهذا العذاب ينتقلون الى البرزخ الموصول بالآخرة كما أشار اليه قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته اى من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة كما ان ازمنة الدنيا يتصل بعضها ببعض فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ حكاية لما قيل لهم حينئذ من جهته تعالى تشديدا للعذاب وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ مر ما فيه من الكلام وفيه استئناف للتنبيه والإيقاظ لئلا يغلبهم السهو والغفلة وكذا تكرير قوله تعالى فبأى آلاء ربكما تكذبان وويل يومئذ للمكذبين ونحو هما من الانباء والقصص والمواعيد والزواجر والقواطع فان في التكرير تقريرا للمعانى فى الاسماع والقلوب وتثبيتا لها في الصدور وكلما زاد تكرير الشيء وترديده كان أقر له في القلب وأمكن في الصدر وارسخ في الفهم واثبت للذكروا بعد من النسيان وفي القصة اشارة الى معاملة لوط الروح مع قوم النفس الامارة ومعاملة الله بهم من إنجاء لوط الروح بسبب صفاته الروحانية وإهلاك قومه بسبب صفاتهم البشرية الطبيعية وكل من غلب عليه الشهوة البهيمية التي هى شهوة الجماع يجب عليه أن يقهر تلك الصفة ويكسرها بأحجار ذكر لا اله الا الله ويعالج تلك الصفة بضدها وهو العفة التي هى هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو افراط هذه القوة والخمود الذي هو تفريطها فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة بخلاف اهل الشهوة فان الشهوة حركة للنفس طلبا للملائم وحال النفس اما افراط او تفريط فلابد من إصلاحها من جميع القوى والصفات فانها هى التي حملت الناس على الفجور وإيقاع الفتنة بينهم وتحريك الشرور نمى تازد اين نفس سر كش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان نسأل الله العون والتوفيق والثبات في طريق التحقيق وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ اكتفى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه اولى بالنذر اى وبالله لقد جاءهم الانذارات من جهة موسى وهرون عليهما السلام كأنه قيل فماذا فعلوا حينئذ فقيل كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يعنى الآيات التسع وهى اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وحل عقدة من لسانه وانفلاق البحر فَأَخَذْناهُمْ بالعذاب عند التكذيب أَخْذَ عَزِيزٍ لا يغالب يعنى كرفتن غالبى كه مغلوب نكردد در كرفتن مُقْتَدِرٍ لا يعجزه شيء والمقصود

[سورة القمر (54) : الآيات 43 إلى 49]

ان الله تعالى هو العزيز المقتدر ولذا أخذهم بتكذيبهم ولم يمنعه من ذلك مانع والمراد بالعذاب هو الإغراق في بحر القلزم او النيل يقول الفقير لعل سر الغرق ان فرعون وصل الى موسى بسبب الماء الذي ساقه اليه في تابوته فلم يشكر لا نعمة الماء ولا نعمة موسى فانقلب الحال عليه بضد ذلك حيث أهلكه الله وقومه بالماء الذي هو سبب الحياة لغيرهم ووجه إدخال الطمس في العذاب بالنسبة الى قوم لوط ودرج الطوفان ونحوه في الآيات بالاضافة الى آل لوط ظاهر لان المقصود هو العذاب المتعلق بالوجود والطمس كذلك دون بعض آيات فرعون أَكُفَّارُكُمْ يا معشر العرب خَيْرٌ عند الله قوة وشدة وعدة وعدة مِنْ أُولئِكُمْ الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون والمعنى انه أصابهم ما أصابهم مع ظهور خيريتهم منكم فيما ذكر من الأمور فهل تطمعون أن لا يصيبكم مثل ذلك وأنتم شر منهم مكانا وأسوأ حالا أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ إضراب وانتقال من التبكيت بما ذكر الى التبكيت بوجه آخر اى بل الكم براءة وأمن من عذاب الله بمقابلة كفركم ومعاصيكم نازلة في الكتب السماوية فلذلك تصرون على ما أنتم عليه وتأمنون بتلك البراءة والمعنى به الإنكار يعنى لم ينزل لكم في الكتب السماوية ان من كفر منكم فهو فى أمن من عذاب الله أَمْ يَقُولُونَ جهلا منهم نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ تبكيت والالتفات للايذان باقتضاء حالهم للاعراض عنهم وإسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية قبائحهم لغيرهم يقال نصره من عدوه فانتصر اى منعه فامتنع اى بل أيقولون واثقين بشوكتهم نجن أولوا حزم ورأى أمرنا مجتمع لانرام ولا نضام او منتصر من الأعداء منتقم لا نغلب او متناصر بنصر بعضنا بعضا على أن يكون افتعل بمعنى تفعل كاختصم والافراد في منتصر باعتبار لفظ الجميع قال ابو جهل وقد ركب يوم بدر فرسا كميتا كان يعلفه كل يوم فرقا من ذرة وقد حلف انه يقتل محمدا صلّى الله عليه وسلّم نحن تنتصر اليوم من محمد وأصحابه فقتلوه يومئذ وجر رأسه الى رسوله الله ابن مسعود رضى الله عنه وفيه اشارة الى كفار صفات النفس واختلاف أنواعها مثل البهيمية والسبعية والشيطانية والهوائية والحيوانية وتناصر بعضها بنصر بعض وتعاون بعض بمعاونة بعض سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ رد وابطال لذلك والسين للتأكيد اى سيهزم جمع قريش البتة وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ اى الأدبار والتوحيد لارادة الجنس يعنى ينصرفون عن الحرب منهزمين وينصر الله رسوله والمؤمنين وقد كان كذلك يوم بدر قال سعيد بن المسيب سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول لما نزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر كنت لا أدرى اى جمع فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله عليه السلام يلبس الدرع ويقول سيهزم الجمع ويولون الدبر فعرفت تأويلها وهذا من معجزات رسول الله عليه السلام لانه اخبر عن غيب فكان كما اخبر قال ابن عباس رضى الله عنهما كان بين نزول هذه الآية وبين يوم بدر سبع سنين فالآية على هذا مكية بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ اى ليس هذا تمام عقوبتهم بل القيامة موعد اصل عذابهم وهذا من طلائعه وَالسَّاعَةُ إظهارها في موقع اضمارها لتربية تهويلها أَدْهى أعظم داهية

[سورة القمر (54) : الآيات 47 إلى 49]

وفي أقصى غاية من الفظاعة والداهية الأمر الفظيع لا يهتدى الى الخلاص منه وَأَمَرُّ أشد مرارة وفي أقصى نهاية من المرارة وحاصله ان موقف القيامة اهول من موقف بدر وعذابها أشد وأعظم من عذابه لان عذاب الدنيا مثل الاسر والقتل والهزيمة ونحوها أنموذج من عذاب الآخرة كما ان نارها جزؤ من سبعين جزأ من نارها إِنَّ الْمُجْرِمِينَ اى المشركين من الأولين والآخرين فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ اى في هلاك ونيران مسعرة والتسعير آتش نيك افروختن وقيل في ضلال عن الحق في الدنيا ونيران في الآخرة يَوْمَ يُسْحَبُونَ منصوب اما بما يفهم من قوله في ضلال اى كائنون في ضلال وسعر يوم يجرون فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ واما بقوله مقدر بعده اى يوم يسحبون يقال لهم ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ سقر علم لجهنم ولذلك لم يصرف وقيل اسم لطبقتها الخامسة من سقرته النار إذا بوخته اي غيرته والمس كاللمس وهو ادراك بظاهر البشرة والمعنى قاسوا حرها وألمها فان مسها سبب للتألم بها فمس سقر مجاز عن ألمها بعلاقة السببية وفي القاموس ذوقوا مس سقر اى أول ما ينالكم منها كقولك وجد مس الحمى انتهى وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أول الناس يقضى فيه يوم القيامة رجل استشهد أتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها قال قاتلت فى سبيلك حتى استشهدت قال كذبت انما أردت أن يقال فلان جريئ فقد قيل فأمربه فسحب على وجه حتى ألقى في النار وجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها فقال تعلمت العلم وقرأت القرآن وعملت قال كذبت انما أردت فلان عالم وفلان قارئ فقد قيل فأمر به فسحب وجهه حتى ألقى في النار ورجل آتاه الله تعالى من انواع المال فأتى به فعرفه نعمة فعرفها فقال ما عملت فيها قال ما تركت من شيء يجب ان ينفق فيه لك قال كذبت انما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار وعن عطاء السلمى قال خرجت يوما مع أصحابي نستسقى فلقينى سعدون فقال يا عطاء هل خرجتم بقلوب سماوية او بقلوب ارضية قلت بل بقلوب سماوية فقال يا عطاء لا تتعوج فان الناقد بصير فخجلت منه فلما دعونا ولم نمطر قلت له ادع الله حتى يسقينا فرفع رأسه الى السماء فقال بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال بحرمة ما كان بينى وبينك البارحة أن تسقينا فلم يفرغ من كلامه حتى مطرنا ثم بكى ورجع والكلام في تصحيح النية وتطهير القلب عن الغير والإخلاص لله تعالى ومن بقي في صفات نفسه واعرض عن الحق وأقبل على الدنيا وشهواتها فهو يجر في نار جهنم البعد والطرد ويذوق حر نار الهجران والخذلان إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ من الأشياء وهو منصوب بفعل يفسره ما بعده خَلَقْناهُ حال كون ذلك الشيء ملتبسا بِقَدَرٍ متعين اقتضته الحكمة التي عليها يدور امر التكوين فقدر بمعنى التقدير وهو تسوية صورته وشكله وصفاته الظاهرة والباطنة على مقدار مخصوص اقتضته الحكمة وترتبت عليه المنفعة المنوطة بخلفه او خلقناه مقدرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه لا يغير ولا يبدل (مصرع) قضى الله امرا وجف القلم ... سر بر خط لوح ازلى دار وخموش

[سورة القمر (54) : الآيات 50 إلى 55]

كز هر چهـ قلم رفته قلم در نكشند فالمراد بالقدر تقديره في علمه الأزلي وكتبه في اللوح المحفوظ وهو القدر المستعمل في جنب القضاء فالقضاء وجود جميع المخلوقات في اللوح المحفوظ مجتمعة والقدر وجودها في الأعيان بعد حصول شرائطها ولذا عبر بالخلق فانه انما يتعلق بالوجود الظاهري في الوقت المعين وفي الحديث (كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وعرشه على الماء) وعنه عليه السلام (كل شيء بقدر الله حتى العجز والكيس) وعنه عليه السلام (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد لا اله الا الله وانى رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر خيره وشره) اى حلوه ومره قال في كشف الاسرار مذهب اهل سنت آنست كه نيكى وبدى هر چند فعل بنده است وبنده بدان مثاب ومعاقب است اما بخواست الله است وبقضا وتقدير او چنانكه رب العزة كفت (قل كل من عند الله) وقال تعالى (انا كل شيء خلقناه بقدر) وقال عليه السلام القدر خيره وشره من الله ففى الآية رد على القدرية والمعتزلة والخوارج وفي التأويلات النجمية خلقنا كل شيء اى موجود علمى وعينى في الأزل بمقدار معين مثل ما قال الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى اى كل شيء مخلوق على مقتضى استعداده الذاتي وقابليته الاصلية الازلية لا زائد فيه ولا ناقص كما قال الغزالي رحمه الله ليس في الإمكان أبدع من هذا الوجود لانه لو كان ولم يظهر لكان بخيلا وهو جواد ولكان عاجزا وهو قادر وَما أَمْرُنا لشيء نريد تكوينه إِلَّا واحِدَةٌ اى كلمة واحدة لا تثنى سريعة التكوين وهو قوله تعالى كن او إلا فعلة واحدة وهو الإيجاد بلا معالجة ومعاناة كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ فى اليسر والسرعة فان اللمح النظر بالعجلة فمعنى كلمح كنظر سريع قال في القاموس لمح اليه كمنع اختلس النظر كألمح وفي المفردات اللمح لمعان البرق ورأيته لمحة برق قال ابن الشيخ لما اشتملت الآيات السابقة على وعيد كفار اهل مكة بالإهلاك عاجلا وآجلا والوعد للمؤمنين بالانتصار منهم جيئ بقوله إنا كل شيء خلقناه بقدر تأكيدا للوعيد والوعيد يعنى ان هذا الوعيد والوعد حق وصدق والموعد مثبت في اللوح مقدر عند الله لا يزيد ولا ينقص وذلك على الله يسير لان قضاءه في خلقه اسرع من لمح البصر وقيل معنى الآية معنى قوله تعالى وما امر الساعة الا كلمح البصر قال بعض الكبار ليس المراد بكلمة كن حرف الكاف والنون انما المراد بها المعنى الذي به كان ظهور الأشياء فكن حجاب للمعنى لمن فهم وكل انسان له في باطنه قوة كن وماله في ظاهره الا المعتاد وفي الآخرة يكون حكم كن منه في الظاهر وقد يعطى الله ذلك لبعض الرجال في هذه الدار بحكم الإرث لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانه تصرف بها في عدة مواطن منها قوله في غزوة تبوك كن أباذر فكان أباذر ثم لا يخفى انه لم يعط أحد من الملائكة وغيرهم حرف كن انما هى خاصة بالإنسان لما انطوى عليه من الخلافة والنيابة وفي التأويلات النجمية وما امر تجلينا للاشياء كلها علويها وسفليها إلا جعل واحد اى وحداني الوصف لا كثرة فيه لكن يتكثر بحسب المتجلى له ويظهر فيه بحسبه ظهور الصورة

[سورة القمر (54) : الآيات 51 إلى 55]

الواحدة في المرائى المتكثرة يظهر في الكبير كبيرا وفي الصغير صغيرا وفي المستطيل مستطيلا وفي مستدير مسديرا والصورة على حالتها المخلوقة عليها باقية لا تغير ولا تبدل بها كما يلمح الناظر ويرى في اللمحة الواحدة ما يحاذى بصره وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ اى اشباهكم فى الكفر من الأمم جمع شيعة وهو من يتقوى به الإنسان وينشر عنه كما في المفردات وقال فى القاموس شيعة الرجل بالكسر اتباعه وأنصاره والفرقة على حدة ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متعظ يتعظ بذلك فيخاف وفيه اشارة الى انا بقدرتنا الازلية وحكمتنا البالغة أهلكنا وأفنينا اشباهكم وأمثالكم يا ارباب النفوس الامارة ويا اصحاب القلوب الجوالة اما بالموت الطبيعي واما بالموت الإرادي فهل من معتبر يعتبر هذا وهذا ويختار لنفسه الأليق والأحرى وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ من الكفر والمعاصي مكتوب على التفصيل فِي الزُّبُرِ اى في ديوان الحفظة جمع زبور بمعنى الكتاب فهو بمعنى مزبور كالكتاب بمعنى مكتوب وقال الغزالي رحمه الله كل شيء فعله الأمم في كتب أنبيائهم المنزلة عليهم كأفعال كفار زماننا في كتابنا وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ من الأعمال مُسْتَطَرٌ مسطور في اللوح المحفوظ بتفاصيله يقال استطره كتبه كما في القاموس قال يحيى بن معاذ رحمه الله من علم أن أفعاله تعرض عليه في مشهد الصدق وانه مجازى عليها اجتهد في إصلاح أفعاله واخلاص اعماله ولزم الاستغفار لما سلف من افراطه وقد روى ان النبي عليه السلام ضرب لصغائر الذنوب مثلا فقال انما محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض وحضر جميع القوم فانطلق كل واحد منهم يحطب فجعل الرجل يجيئ بالعود والآخر بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فشووا خبرهم وان الذنب الصغير يجتمع على صاحبه فيهلكه الا أن يغفر الله اتقوا محقرات الذنوب فان لها من الله طالبا ولقدا حسن من قال خل الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق را ... ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة ... ان الجبال من الحصى إِنَّ الْمُتَّقِينَ اى من الكفر والمعاصي فِي جَنَّاتٍ اى بساتين عظيمة الشان بحيث لا يوصف نعيمها وما أعد فيها لاهلها وَنَهَرٍ اى انهار كذلك يعنى انهار الماء والخمر والعسل واللبن والافراد للافراد للاكتفاء باسم الجنس مراعاة للفواصل فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ خبر بعد خبر وهو من اضافة والصدق بمعنى الجودة والمعنى في مكان مرضى ومجلس حق سالم من اللغو والتأثيم بخلاف مجالس الدنيا فقل ان سلمت من ذلك عِنْدَ مَلِيكٍ المراد من العندية قرب المنزلة والمكانة دون قرب المكان والمسافة والمليك ابلغ من المالك وهو بالفارسية پادشاه والتنكير للتعظيم والمعنى حال كونهم مقربين عند عزيز الملك واسعه لا يقادر قدر ملكه فلا شيء الا وهو تحت ملكوته فأى منزلة أكرم من تلك واجمع للغبطة كلها والسعادة بأسرها مُقْتَدِرٍ قادر لا يعجزه شيء عال امره في الاقتدار وفي التأويلات النجمية يعنى المتقين بالله عما سواه في جنات الوصلة وانهار مياه المعرفة والحكمة

ينغمسون فيها ويخرجون منها درر المعارف ولآلئ العوارف في مقعد صدق هو مقام الوحدة الذاتية في مقام العندية كما قال عليه السلام أتيت عند ربى يطعمني ويسقينى ودر كشف الاسرار آورده كه كلمة عند رقم تقريب وتخصيص دارد يعنى اهل قرب فردادران سرايدان اختصاص خواهند داشت وحضرت پيغمبر عليه السلام امروز درين سرا مخصوص بآن بوده كه (أبيت عند ربى) و چون رتبه كه فردا خواص بأن نازند امروز پاى ادناى وى بوده پس از مرتبه اعلاى فرداى او كه نشان تواند داد اى محرم سر لا يزالى ... مرآت جمال ذى الجلالي مهمان أبيت عند ربى ... صاحب دل لا ينام قلبى از قربت حضرت الهى ... هستى بمثابه كه خواهى قربى كه عبارتش نسنجد ... در حوصله خرد نكنجد كم كشته بود عبارت آنجا ... بلكه نرسد عبارت آنجا وفي الآية اشارة الى ان تقوى توصل العبد الى جنات الدرجات وانهار العلوم والمعارف الحقيقية الالهية ثم الى مقام الصديقين ثم الى مقام الوحدة الذاتية المشار إليها بالعندية قال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه الا اهل الصدق وهو المقام الذي يصدق الله فيه وعده لاوليائه بأن يبيح لهم النظر الى وجهه الكريم قيمت وعز ان بقعه نه بمرع بريان وجوى روان وحيرات حسان است بلكه بديدار چنانكه قيمت صدف بدر شاهوار كما قيل وما عهدى بحب تراب ارض ... ولكن من يحل بها حبيب اى خوشا عيشا كه مؤمنانراست در ان مجلس انس وحظيره قدس باديه انتظار بريده بكعبه وصال رسيده خلعت رضا پوشيده شربت سرور از چشمه وفا نوشيده عيش بي عتاب ونعمت بي حساب وديدار بي حجاب يافته (روى) صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة انه قال فى هذه الآية ان اهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار تعالى فيقرأون عليه القرآن وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي له ومجلسى على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة أعمالهم فلم تقر أعينهم بشيء قط كما تقر أعينهم بذلك ولم يسمعوا شيأ أعظم ولا أحسن منه ثم ينصرفون الى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم الى مثلها من الغد قال بعضهم المراد بمن في الآية هم الذين لا تحجبهم الجنة ولا النعيم ولا شيء عنه تعالى قال البقلى يا أخى هؤلاء غرباء الله في الدنيا والآخرة أدخلهم في اغرب المنازل وهو مقام المجالسة معه بحيث لا يطلع عليه الا اهل الصدق في طلبه وهم فقراء المعرفة الذين قال عليه السلام فيهم الفقراء جلساء الله سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره عن الغريب قال الغريب من إذا طالبه الخلق في الدنيا لم يجدوه ولو طالبه مالك في النار لم يجده ولو طالبه رضوان فى الجنة لم يجده فقيل اين يكون يا أبا يزيد فقال ان المتقين في جنات إلخ فلابد من الصدق وحدمة الصادقين حتى يصل الإنسان الى هذا المطلب الجليل وهو على وجوه ومراتب اما الصدق

فى القول فبصون اللسان عن الكذب الذي هو أقبح الذنوب قال عليه السلام التجار هم الكفار فقيل أليس الله قد أحل البيع قال نعم ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون وقال عليه السلام الكذب ينقص الرزق وفي الحديث (اربع من كن فيه فهو منافق وان صام وصلّى وزعم انه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر) واما الصدق في الحال فبصون الحال عما ينقصه مثلا إذا عزم على امر وحال من التسليم والتوكل وغير هما فصدقه بالاستمرار على عزيمته والاحتراز عن النقض واهل السلوك تهتمون فى صدق الحال أشد الاهتمام (روى) ان واحدا منهم كان كثير الوجد والزعقات فجاء يوما واوداع خرقته عند الشيخ في الحرم الشريف وقال ان صيحتى الآن لامرأة عشقتها فأنا لا أريد أن أكون كاذبا في حالى بأن ألبس لباس العشاق وانا على تلك الحال ثم انه بعد ايام جاء وأخذ خرقته وقال الحمد الذي خلصنى منها وعدت الى حالى ومن قبيل الصدق في الحال صدق لمريد في إرادته فانه إذا وقع منه حركة مخالفة لارادة الشيخ فهو كاذب في إرادته فان المريد من أفنى إرادته في ارادة الشيخ ففى اى مرتبة من القال والحال وجد الصدق كان سبب النجاة وباعثا لرفع الدرجات قال الشاعر سيعطى الصادقين بفضل صدق ... نجاة في الحياة وفي الممات وسبب هذا الشعران ثلاثة اخوة من الشام كانوا يغزون فأسرهم الروم مرة فقال لهم الملك انى أجعلكم ملوكا وأزوجكم بناتي ان قبلتم النصرانية فأبوا وقالوا يا محمداه فادخل اثنين في الزيت المغلى وأخذ الثالث علج وسلط عليه ابنته وكانت من أجمل النساء فأخذ الشاب فى صيام النهار وقيام الليل فآمنت البنت وخرجا الى الشام فجاء أخواه الشهيدان مع الملائكة ليلة وزوجاه المرأة وسألهما أخوهما عن حالهما فقالا ما كانت الا التي رأيت حتى دخلنا في الفردوس وان الله تعالى أرسلنا إليك نشهد تزويجك بهذه الفتاة وكانا مشهورين بالشام حتى قال الشعراء فيهما أبياتا منها ما ذكرناه (وروى) جنيد البغدادي قدس سره عن امير المؤمنين على رضى الله عنه انه قال الصوف ثلاثة أحرف فالصاد صدق وصبر وصفاء والواو ود وورد وو فاء والفاء فقر وفرد وفناء فاذا لم توجد هذه الصفات في لا يكون صوفيا قال سهل رحمه الله أول خيانة الصديقين حديثهم مع أنفسهم وسئل فتح الموصلي رحمه الله عن الصادق فأدخل يده في كير الحديد واخرج حديدة محماة ووضعها على كفه وقال هذا هو الصدق قال جنيد البغدادي رحمه الله الصادق ينقلب في اليوم أربعين مرة والمرائى يثبت على حالة واحدة أربعين سنة وذلك لان مطلب العارفين من الله الصدق والعبودية والقيام بحق الربوبية من غير مراعاة حظ النفس وكل من عداهم من العابد والزاهد او العالم لا يفارقون الحظوظ والأغراض نسأل الله العافية تمت سورة القمر بعون خالق القوى والقدر في العشر الثالث من العشر الثالث من شوال المنتظم في سلك شهور سنة اربع عشرة ومائة والف

تفسير سورة الرحمن

تفسير سورة الرحمن وتسمى عروس القرآن مكية او مدينة وآيها ست او سبع او ثمان وسبعون بسم الله الرحمن الرحيم الرَّحْمنُ مبتدأ خبره ما بعده اى الذي له الرحمة الكاملة كما جاء في بعض الدعاء رحمان الدنيا ورحيم الآخرة لانه عم الرزق في الدنيا كما قيل أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست وخص المؤمنين بالعفو في الآخرة وبالفارسية خداوند بخشايش بسيار كه رحمت او همه چيز را رسيده والرحمة في الحقيقة العف والحنوا عنى الميل الروحاني ومنه الرحم لانعطافها الحسى على ما فيها وأريد بها بالنسبة الى الله تعالى ارادة الخير او الانعام لان عطف على أحد أصابه بأحدهما قال الامام الغزالي رحمه الله الرحمن هو العطوف على العباد بالإيجاد اولا وبالهداية الى الايمان واسباب السعادة ثانيا والإسعاد بالآخرة ثالثا والانعام بالنظر الى وجه الكريم رابعا انتهى ولما كانت هذه السورة الكاملة شاملة لتعداد النعم الدنيوية والاخروية والجسمانية والروحانية طرزها بطراز اسم الرحمن الذي هو اسم الذات المشتمل على جميع الأسماء والصفات ليسند اليه النعم المختلفة بعده ولما كان القرآن أعظم النعم شأنا لانه مدار جميع السعادات ولذا قال عليه السلام اشراف أمتي حملة القرآن اى ملازموا قراءته واصحاب الليل وقال خيركم من تعلم القرآن وعلمه وفيه جميع حقائق الكتب السماوية وكان تعليمه من آثار الرحمة الواسعة وأحكامها بدأبه فقال عَلَّمَ محمدا صلّى الله عليه وسلّم الْقُرْآنَ بواسطة جبريل عليه السلام وبواسطة محمد عليه السلام غيره من الامة (قال الكاشفى) يعنى آسان كردانيده مر او را آموختن وديكر انرا آموزانيدن قال ابن عطاء رحمه الله لما قال الله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها أراد ان يخص امة محمد بخاصة مثله فقال الرحمن علم القرآن اى الذي علم آدم الأسماء وفضله بها على الملائكة هو الذي علمكم القرآن وفضلكم به على سائر الأمم فقيل له متى علمهم قال علمهم حقيقة في الأزل واظهر لهم تعليمه وقت الإيجاد وفيه إشارة الى أن تعليم القرآن وان كان في الصورة بواسطة جبريل من الوجه العام لكنه كان بلا واسطة في المعنى من الوجه الخاص على ما سنريد وضوحا في محله ان شاء الله تعالى وقال بعضهم علم القرآن اى أعطى الاستعداد الكامل في الأزل لجميع المستعدين ولذلك قال علم القرآن ولم يقل علم الفرقان كما في قوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان فان الكلام الإلهي قرآن باعتبار الجمع والبداية وفرقان باعتبار الفرق والنهاية فهو بهذا المعنى لا يتوقف على خلق الإنسان وظهوره في هذا العالم وانما الموقوف عليه تعليم البيان ولذا قدم تعليم القرآن على خلق الإنسان وخلقه على تعليم البيان انتهى وفي الآية اشارة الى أن التعليم والتسهيل انما هو من الله تعالى لا من المعلمين والحافظين وقد علم آدم الأسماء ووفقه لتعلمها وسهله باذنه وعلم داود صنعة الدرع كما قال وعلمناه صنعة لبوس لكم وعلم عيسى علم الطب كما قال ويعلمه الكتاب والحكمة وعلم الخضر العلم اللدني كما قال وعلمناه من لدنا علما

[سورة الرحمن (55) : الآيات 3 إلى 6]

وعلم نبينا عليه السلام القرآن واسرار الالوهية كما قال وعلمك ما لم تكن تعلم وعلم الإنسان البيان قال في فتح الرحمن ومن الدليل على ان القرآن غير مخلوق ان الله تعالى ذكره في كتابه العزيز في اربعة وخمسين موضعا ما فيها موضع صرح فيه بلفظ الخلق ولا أشار اليه وذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا كلها يدل على خلقه وقد اقترنا في هذه السورة على هذا النحو قاله المولى ابو السعود رحمه الله ثم قيل خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ تبيينا للمعلم وكيفية التعليم والمراد بخلق الإنسان انشاؤه على ما هو عليه من القوى الظاهرة والباطنة والبيان هو التعبير عما في الضمير قال الراغب البيان الكشف عن الشيء وهو أعم من النطق لان النطق مختص بالإنسان وسمى الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود وإظهاره انتهى وليس المراد بتعليمه مجرد تمكين الإنسان من بيان نفسه بل منه ومن فهم بيان غيره ايضا إذ هو الذي يدور عليه تعليم القرآن والمراد به جنس الإنسان الشامل لجميع اصنافه وافراده وفي بحر العلوم خلق الإنسان اى آدم وعلمه الأسماء واللغات كلها وكان آدم يتكلم بسبعمائة الف لغة أفضلها العربية انتهى يقول الفقير فيه اشارة الى ان الله تعالى قد تكلم بجميع اللغات سوآء كان التعليم بواسطة أم لا فان قلت كيف يتكلم الله باللغات المختلفة والكلام النفسي عار عن جميع الاكسية قلت نعم ولكنه في مراتب التنزلات والاسترسالات لا بد له من الكسوة فالعربية مثلا كسوة عارضة بالنسبة الى الكلام في نفسه وقد ذقنا في أنفسنا انه يجيئ الإلهام والخطاب تارة باللفظ العربي واخرى بالفارسي وبالتركى مع كونه بلا واسطة ملك لان الاخذ عن الله لا ينقطع الا يوم القيامة وذلك بلا واسطة وان كان الغالب وساطة الملك من حيث لا يرى فاعرف ذلك الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ مبتدأ وخبر والحسبان بالضم مصدر بمعنى الحساب كالغفران والرجحان يقال حسبه عده وبابه نصر حسابا بالكسر وحسبانا بالضم واما الحسبان بالكسر فبمعنى الظن من حسب بالكسر بمعنى ظن والمعنى يجريان بحساب مقدر في بروجهما ومنازلهما بحيث ينتظم بذلك امور الكائنات السفلية ويختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون والحساب فالسنة القمرية ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما والشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم او اقل وفيه اشارة الى شمس فلك البروج وفمركرة القلب سيرانهما في بروج التجليات الذاتية ومنازل التجليات الاسمائية والصفاتية وكل ذلك السيران بحسب استعداد كل واحد منهما بحساب معلوم وامر مقسوم وَالنَّجْمُ اى النبات الذي ينجم اى يطلع من الأرض ولا ساق له مثل الكرم والقرع ونحو ذلك وَالشَّجَرُ الذي له ساق وفي المنتقى كل نابت إذا ترك حتى يبرز انقطع فليس بشجر وكل شيء يبرز ولا ينقطع من سنته فهو شجر يَسْجُدانِ اى ينقاد ان له تعالى فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجد من المكلفين طوعا او يسجد ظلهما على ما بين في قوله تعالى يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجد الله وكفته اند ما را بر سجود ايشان وقوف نيست چنانچهـ بر تسبيح ايشان كما قال تعالى (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ذكر في مقابلة النعمتين السماويتين اللتين هما الشمس والقمر نعمتين ارضيتين وهما النجم والشجر

[سورة الرحمن (55) : الآيات 7 إلى 10]

وكلاهما من قبيل النبات الذي هو اصل الرزق من الحبوب والثمار والحشيش للدواب واخلاء الجمل الاولى عن العطف لو رودها على منهاج التعديد تنبيها على تقاعده في الشكر كما في قولك زيد أغناك بعد فقر أعزك بعد ذل كثرك بعد قلة فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد واما عطف جملة والنجم على ما قبلها فلتناسبها من حيث التقابل لما ان الشمس والقمر علويان والنجم والشجر سفليان ومن حيث ان كلا من حال علويين وحال السفليين من باب الانقياد لامر الله تعالى ولما كانت هذه الاربعة مغايرة لجنس الإنسان في ذاته وصفاته غير النظم بايرادها فى صورة الاسمية تحقيقا للتغاير بينهما وضعا وطبعا صورة ومعنى وفيه اشارة الى سجود نجم العقل الذي به يهتدى الى معرفة الأشياء واستهلاكه وتلاشية عند النظر الى الحقائق الالهية والمعارف الربانية لعدم قوة إدراكه إياها مستعدا بنفسه غير مستفيض من الفيض الإلهي بطريق الكشف والشهود والى سجود شجر الفكر المتشجر بالقوى الطبيعية والقوى الوهمية والخيالية وانحصاره في القوة المزاجية العنصرية وعدم تمكنه من ادراك الحقائق على ما هى عليه كما قيل العقل والفكر جالا حول سرادق الكون فاذا نظرا الى المكون ذابا وكيف لا وهما مخلوقان محصوران تحت حصر الخلقية والحدوث وانى للخلق المحدث معرفة الخالق القديم وما قدروا الله حق قدره وَالسَّماءَ رَفَعَها انتصابه بمحذوف يفسره المذكور اى خلقها مرفوعة محلا كما هو محسوس مشاهد وكذا رتبة حيث جعلها منشأ أحكامه وقضاياه وتنزل أوامره ومحل ملائكته وقال بعضهم رفعها من السفل الى العلو سقفا لمصالح العباد وجعل ما بينهما مسيرة خمسمائة عام وذلك لان السماء دخان فاربه موج الماء الذي كان في الأرض وَوَضَعَ الْمِيزانَ اى شرع العدل وامر به بأن وفر كل مستحق لما استحقه ووفى كل ذى حق حقه حتى انتظم به امر العالم واستقام كما قال عليه السلام بالعدل قامت السموات والأرض قيل فعلى هذا الميزان هو القرآن وقيل هو ما يعرف به مقادير الأشياء من ميزان وميكال ونحوهما فالمعنى خلق كل ما توزن به الأشياء ويعرف مقاديرها موضوعا مخفوضا على الأرض حيث علق به احكام عباده وقضاياهم وما تعبدهم به من التسوية والتعديل في أخذهم واعطائهم قال سعدى المفتى وأنت خبير بأن قوله أن لا تطغوا فى الميزان واقيموا الوزن أشد ملاءمة لهذا المعنى ولهذا اقتصر عليه الزمخشري (قال الكاشفى) ووضع الميزان وبيافريد يا منزل كردانيد ترازو را يا الهام داد خلق را بكيفيت إيجاد آن ليتوصل به الا الانصاف والانتصاف وكان ذلك في زمان نوح عليه السلام إذ لم يكن قبله كيل ووزن وذراع قال قتادة في هذه الآية اعدل يا ابن آدم كما تحب أن يعدل عليك وأوف كما تحب أن يوفى لك فأن العدل صلاح الناس أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ان ناصبة ولا نافية ولام العلة مقدرة متعلقة بوضع الميزان اى وضعه لئلا تطغوا فيه ولا تعتدوا ولا تتجاوزوا الانصاف وبالفارسية از حد نكذريد در ترازو بوقت داد وستد يعنى از عدل تجاوز نكنيد وبراستى معامله نمايد قال ابن الشيخ الطغيان مجاوزة الحد فمن قال الميزان العدل قال طغيانه الجور ومن قال انه الميزان الذي هو آلة التسوية قال طغيانه البخس اى

[سورة الرحمن (55) : الآيات 9 إلى 10]

النقص چون ترازوى تو كج بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ قوموا وزنكم بالعدل اى اجعلوه مستقيما به وفي المفردات الوزن معرفة قدر الشيء والمتعارف في الوزن عند العامة ما يقدر بالقسطاس والقبان وقوله واقيموا الوزن بالقسط اشارة الى مراعاة المعدلة في جميع ما يتحراه الإنسان من الافعال والأقوال وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ يقال خسرت الشيء بالفتح وأخسرته نقصته وبابه ضرب واما خسر في البيع فبالكسر كما في المختار وقال في القاموس خسر كفرح وضرب ضل والخسر والاخسار النقص اى لا تنقصوه لان من حقه أن يسوى لانه المقصود من وضعه قال سعدى المفتى المراد لا تنقصوا الموزون في الميزان لا الميزان نفسه امر اولا بالتسوية ثم نهى عن الطغيان الذي هو اعتداء وزيادة ثم عن الخسران الذي هو تطفيف ونقصان وكرر لفظ الميزان تشديدا للتوصية به وتأكيدا للامر باستعماله والحث عليه (قال الكاشفى) اين همه تأكيد اهل ترازو را جهت آنست كه بوقت وضع ميزان قيامت شرمنده نشوند هر جو وهر حبه كه بازوى تو ... كم كند از كيد ترازوى تو هست يكايك همه بر جاى خويش ... روز جزا جمله بيارند پيش با تو نمايند نهانيت را ... كم دهى وبيش ستانيت را روى عن مالك بن دينار رحمه الله انه دخل على جار له احتضر فقال يا مالك جبلان من نار بين يدى أكلف الصعود عليهما قال فسألت اهله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر حتى كسرتهما ثم سألت الرجل فقال ما يزداد الأمر على إلا عظما وفي المفردات قوله ولا تخسروا الميزان يجوز أن يكون اشارة الى تحرى العدالة في الوزن وترك الحيف فيما يتعاطاه في الوزن ويجوز أن يكون ذلك اشارة الى تعاطى مالا يكون ميزانه به يوم القيامة خاسرا فيكون ممن قال فيه فمن خفت موازينه وكلا المعنيين يتلازمان وكل خسران ذكره الله في القرآن فهو على هذا المعنى الأخير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية يقول الفقير وجه توسيط الميزان بين رفع السماء ووضع الأرض هو الاشارة الى انه بالعدل قامت السموات والأرض كما ورد في الحديث والى انه لا بد من ميزان العقل بين الروح والجسد حتى يعتدلا ولا يتجاوز أحدهما الآخر والاعتدال الحقيقي هو الوقوف بين طرفى الافراط والتفريط المذمومين عقلا وشرعا وعرفا والموزونات هى الأمور العلمية والعلمية المعدلة بالعقل المبنى على الاستعداد الذاتي وَالْأَرْضَ وَضَعَها اى خفضها مدحوة على الماء اى مبسوطة لِلْأَنامِ اى لمنافع الأنام وهو جمع لا واحد له من لفظه بمعنى الخلق والجن والانس مما على الأرض كما فى القاموس فهى كالمهاد والفراش لهم يتقلبون عليها ويتصرفون فوقها وقال ابن عباس رضى الله عنهما رب الناس ويدل عليه وقوله مبارك الوجه يستسقى الغمام به ... ما في الأنام له عدل ولا مثل

[سورة الرحمن (55) : الآيات 11 إلى 17]

وقال قتادة كل ذى روح لانه ينام وقيل من ونم الذباب همس وفيه اشارت الى بسط ارض البشرية لتنتعش كل قبيلة بما يلائم طبعها اما انتعاش اهل النفوس البشرية فبأستيفاء الشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية واما انتعاش اصحاب القلوب المعنوية فبالوا إرادات القلبية والإلهامات الغيبية واما انتعاش ارباب الأرواح العلوية فبالتجليات الروحانية والمحاضرات الربانية واما انتعاش صناديد الاسرار اللاهوتية القدسية فبالتجليات الذاتية الاحدية المفنية لكل ما سواه فِيها فاكِهَةٌ ضروب كثيرة مما يتفكه به ويتلذذ ففاكهة تشعر باختلاف الأنواع وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ وهى اوعية الثمر وغلفها قبل التفتق يعنى خوشهاى آن در غلاف جمع كم بالكسر وهو الغلاف الذي يكون فيه الثمر أول ظهوره تا مادامكه مغشق نشده در غلاف باشد ومعنى النخل بالفارسية يعنى درخت خرما او هو اى الكم كل ما يكم بضم الكاف من باب نصر اى يغطى من ليف وسعف وكفرى فانه مما ينتفع به كما ينتفع من المكموم من ثمره وجماره وجذوعه فالليف يغطى الجذع والسعف الجمار وهو كرمان شحم النخل بالفارسية دل درخت خرما والكفرى الثمر وَالْحَبُّ ودر زمين دانه است وهو كل ما يتغذى به ويقتات كالحنطة والشعير وغيرهما ذُو الْعَصْفِ هو ورق الزرع او ورق النبات اليابس كالتبن (قال الكاشفى) وعصف كياهيست كه ازو دانه جدا ميشود وفي المفردات العصف والعصيفة الذي يعصف من الزرع قال في تاج المصادر العصف برك كشت ببريدن وَالرَّيْحانُ قال في المفردات الريحان ماله رائحة وقيل الرزق ثم يقال للحب المأكول ريحان كما في قوله والحب ذو العصف وقيل الاعرابى الى اين قال اطلب ريحان الله اى رزقه والأصل ما ذكرنا انتهى قال ابن عباس ومجاهد والضحاك هو الرزق بلغة حمير فالمراد بالريحان هنا اما الرزق او المشموم كما قال الحسن الريحان هو ريحانكم هذا الذي يشم وهو كل ما طابت رائحته من النبات او الشاهسفرم وعند الفقهاء الريحان مالساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس والورد مالورقه رائحة طيبة فقط كالياسمين كذا في المغرب قال ابن الشيخ كل بقلة طيبة الرائحة سميت ريحانا لان الإنسان يراح لها رائحة طيبة اى يشم يقال راح الشيء يراحه ويرحه وأراح الشيء يريحه إذا وجد ريحه وفي الحديث (من قتل نفسا معاهدة لم يرح رائحة الجنة) ويروى لم يرح من راحه يريحه والريحان في الأصل ريوحان كفعيلان من روح فقلبت الواو ياء وادغم ثم خفف بحذف عين الكلمة كما في ميت او كفو علان قلبت واوه ياء للتخفيف او للفرق بينه وبين الروحان وهو ماله روح فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الحطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى للانام لعمومه لهما واشتماله عليهما وسينطق به قوله تعالى ايها الثقلان وكذا في ذكر أبوي الفريقين بقوله خلق الإنسان وخلق الجان اشعار بأن الخطاب لهما جميعا والآلاء النعم واحدها الى والى والو والى والى كما في القاموس قال في بحر العلوم الآلاء النعم الظاهرة والباطنة الواصلة الى الفريقين وبهذا يظهر فساد ما قيل من ان الآلاء هى النعم الظاهرة فحسب والنعماء هى النعم الباطنة والصواب انهما من الألفاظ المترادفة كالأسود

[سورة الرحمن (55) : آية 14]

والليوث والفلك والسفن وفي التأويلات النجمية الآلاء هى النعمة الظاهرة والنعماء الباطنة والآيات المتوالية تدل على هذا لانها نعمة ظاهرة بالنسبة الى اهل الظاهر ومعنى تكذيبهم بالآلاء كفرهم بها والتعبير عن الكفر بالتكذيب لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الايمان والشكر شهادة منها بذلك فكفرهم بها تكذيب بها لا محالة اى فاذا كان الأمر كما فصل فبأى فرد من افراد آلاء مالككما ومربيكما بتلك الآلاء تكذبان مع ان كلا منها ناطق بالحق شاهد بالصدق فالاستفهام للتقرير اى للحمل على الإقرار بتلك النعم ووجوب الشكر عليها (روى) عن جابر رضى الله عنه انه قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم سورة الرحمن حتى ختمها قال مالى أراكم سكوتا للجن كانوا احسن منكم ردا ما قرأت عليهم هذه الآية مرة فبأى آلاى ربكما تكذبان الا قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد قال في بحر العلوم وفيه دلالة بينة على ان الآلاء أراد بها النعم المطلقة الشاملة للظاهرة والباطنة لا المقيدة بالظاهرة كما سبق اليه بعض الأوهام انتهى قال في آكام المرجان دلت الآية على ان الجن كلهم مكلفون ولا خلاف فيه بين اهل النظر وزعمت الحشوية انهم مضطرون الى أفعالهم وانهم ليسوا مكلفين والدليل على انهم مكلفون ما في القرآن من ذم الشياطين ولعنهم والتحذير من غوائلهم وشرهم وذكر ما أعده الله لهم من العذاب وهذه الخصال لا يفعلها الله الا لمن خالف الأمر والنهى وارتكب الكبائر وهتك المحارم مع تمكنه من ان لا يفعل ذلك وقدرته على فعل خلافه ويدل على ذلك ايضا انه كان من دين النبي عليه السلام لعن الشياطين والبيان عن حالهم وانهم يدعون الى الشر والمعاصي ويوسوسون بذلك وتكرار هذه الآية في هذه الصورة لطرد الغفلة وتأكيد الحجة وتذكير النعمة وتقرير الكرامة من قولهم كم نعمة كانت لكم كم كم وكم وكقولك لرجل أحسنت اليه بأنواع الأيادي وهو ينكرها ألم تكن فقيرا فأغنيتك أفتنكر هذا ألم تكن عريانا فكسوتك أفتنكر هذا ألم تكن خاملا فعززتك أفتنكر هذا وقال الشاعر لا تقطعن الصديق ما طرفت ... عيناك من قول كاشح أشر ولا تملن من زيارته ... زره وزره زر ثم زر وزر وقال في برهان القرآن تكررت الآية احدى وثلاثين مرة ثمان منها ذكرها عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم ثم سبع منها عقيب آياب فيها ذكر النار وشدائدها على عدد أبواب جهنم وحسن ذكر الآلاء عقيبها لان في خوفها ودفعها نعما توازى النعم المذكورة أو لأنها حلت بالأعداء وذلك يعد من اكبر النعماء وبعد هذه السبع ثمان في وصف الجنات وأهلها على عدد أبواب الجنة وثمان اخرى بعدها للجنتين اللتين دونها فمن اعتقد الثماني الاولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله ووقاه الله السبع السابقة يقول الفقير من لطائف اسرار هذا المقام ان لفظ ال في أول اسم الرحمن المعنون به هذه السورة الجليلة دل على تلك الاحدى والثلاثين خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ بيافريد انسان را از كل خشك مانند سفال پخته كه دست

[سورة الرحمن (55) : الآيات 15 إلى 17]

يروى زنى آواز كند الصلصال الطين اليابس الغير المطبوخ الذي له صلصلة اى صوت يسمع من يبسه وصح عن رسول الله عليه السلام انه قال إذا تكلم الله بالوحى سمع اهل السموات لصوته صلصلة كصلصلة الجرس على الصفوان والفخار الخزف اى الطين المطبوخ بالنار وتشبيهه بالفخار لصوته باليبس إذا نقر كأنه صور بصورة من يكثر التفاخر أو لأنه أجوف وقد خلق الله آدم عليه السلام من تراب جعله طينا ثم جمأ مسنونا ثم صلصالا ثم صب عليه ماء الأحزان فلا ترى ابن آدم الا يكابد حزنا فلا تنافى بين الآية الناطقة بأحدها وبين ما نطق بأحد الآخرين وَخَلَقَ الْجَانَّ اى الجن او أبا الجن او إبليس وبه قال الضحاك وفي الكشف الجان ابو الجن كما ان الإنسان ابو الانس وإبليس ابو الشياطين مِنْ مارِجٍ اى من لهب صاف من الدخان وقال مجاهد المارج هو المختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا وقدت من مرج امر القوم إذا اختلط واضطرب فمعنى من مارج من لهب مختلط مِنْ نارٍ بيان لمارج فانه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب وفي كشف الاسرار خلق الجن من مارج من نار والملائكة من نورها والشياطين من دخانها وقال بعضهم من النار التي بين الكلة الرقيقة وبين السماء وفيها يكون البرق ولا ترى السماء الا من وراء تلك الكلة در باب نهم از سفر نانئ فتوحات مذكور است كه مارج آتشست ممتزج بهوا كه آنرا هواى مشتعل كويند پس جان مخلوقست إذ دو عنصر آتش وهو وآدم آفريده شده از دو عنصر آب وخاك چون آب وخاك بهم شوند آنرا طين كويند و چون هوا وآتش مختلط كردد آنرا مارج خوانند و چنانكه تناسل در بشر بإلقاء آبست در رحم تناسل در جن بإلقاء هواست در رحم أنثى وميان آفرينش جان وآدم شصت هزار سال بود فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما أفاض عليكما في تضاعيف خلقكما من سوابغ النعم حتى صيركما أفضل المركبات وخلاصة الكائنات وفيه اشارة الى ان الحق سبحانه تجلى لحقيقة انسان الروح بصورة صفة صلصال اللطف والجمال ولحقيقة إبليس النفس بصورة صفة مارج القهر والجلال فصار أحدهما مظهرا لصورة لطفه والآخر لصورة قهره فبأى آلاء ربكما تكذبان ايها الروح اللطيف والنفس الخبيثة لان كل واحد منكما قد ذاق ما جبل عليه من اللطف والقهر والطيب والخبث رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ خبر مبتدأ محذوف اى الذي فعل ما ذكر من الأفاعيل البديعة رب مشرقى الصيف والشتاء ومغربيهما ومن قضيته ان يكون رب بينهما من الموجودات قاطبة يعنى ان ذكر غاية ارتفاعهما وغاية انحطاطهما اشارة الى ان الطرفين يتناولان ما بينهما كما إذا قلت في وصف ملك عظيم الملك له المشرق والمغرب فانه يفهم منه ان له ما بينهما ايضا قال في كشف الاسرار أحد المشرقين هو الذي تطلع منه الشمس فى أطول يوم من السنة والثاني الذي تطلع منه في اقصر يوم وبينهما مائة وثمانون مشرقا وكذا الكلام في المغربين وقيل أحد المشرقين للشمس والثاني للقمر وكذا المغربان واما قول عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ما بين المشرق والمغرب قبلة يعنى لاهل المشرق وهو

[سورة الرحمن (55) : الآيات 18 إلى 26]

أن تجعل مغرب الصيف على يمينك ومشرق الشتاء على يسارك فتكون مستقبل القبلة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما في ذلك من فوائد لا تحصى من اعتدال الهولء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل في وقته الى غير ذلك مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ اى أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها وخليتها للرعى والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب وبالفارسية راه داد دو دريا را كه يكى خوش وشيرين ويكى تلخ وشور يَلْتَقِيانِ حال من البحرين قريبة من الحال المقدرة اى يتجاوران ويتماس سطوحهما لا فصل في مرأى العين وذلك كدجلة تدخل البحر فتشقة فتجرى في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها وقيل أرسل بحر فارس والروم يلتقيان في المحيط لانهما خليجان يتشعبان منه قال سعدى المفتى وعلى هذا فقوله يلتقيان اما حال مقدرة ان كان المراد إرسالهما الى المحيط او المعنى اتحاد أصليهما ان كان المراد إرسالهما منه فلكل وجه بَيْنَهُما بَرْزَخٌ اى حاجز من قدرة الله او من الأرض والبرزخ الحائل بين الشيئين ومنه سمى القبر برزخا لانه بين الدنيا والآخرة وقيل للوسوسة برزخ الايمان لانها طائفة بين الشك واليقين لا يَبْغِيانِ اى لا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة وابطال الخاصية مع أن شأنهما الاختلاط على الفور بل يبقيان على حالهما زمانا يسيرا مع ان شأنهما الاختلاط وانفعال كل واحد منهما عن الآخر على الفور او لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما من الأرض لتكون الأرض بارزة يتخذها أهلها مسكنا ومهادا فقوله لا يبغيان اما من الابتغاء وهو الطلب اى لا يطلبان غير ما قدر لهما او من البغي وهو مجاوزة كل واحد منهما ما حد له فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وليس من البحرين شيء يقبل التكذيب لما فيه من الفوائد والعبر يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ اللؤلؤ الدر والمرجان الخرز الأحمر المشهور يقال يلقيه الجن في البحر وقال فى خريدة العجائب اللؤلؤ يتكون في بحر الهند وفارس والمرجان ينبت في البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى البصر كحلا وينشف رطوبة العين انتهى وقيل اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره واعلم انه ان أريد بالبحرين هنا بحر فارس وبحر الروم فلا حاجة في قوله منهما الى التأويل إذا للؤلؤ والمرجان بمعنييه يخرجان منهما لان كلا منهما ملح ولا عذب في البحار السبعة الأعلى قول من قال فى الآية يخرج من مالح بحرى فارس والروم ومن عذب بحر الصين وفي بحر العلوم ان اللؤلؤ يخرج من بحر فارس والمرجان من بحر الروم يعنى لا من كليهما وان أريد بهما البحر الملح والبحر العذب فنسبة خروجهما حينئذ الى البحرين مع انهما انما يخرجان من البحر الملح او مع انهما لا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه كما يقال يخرج الولد من الذكر والأنثى وانما تلده الأنثى وهو الأظهر أو لأنهما لا يخرجان الا من ملتقى الملح والعذب وهذا يحتمل معنيين أحدهما ان الملتقى اسم مكان والخروج بمعنى الانتقال من الباطن الى الظاهر فانه قال الجمهور يخرج من الأجاج من المواضع التي يقع فيها الأنهار والمياه العذبة فناسب اسناد ذلك إليهما وهذا مشهور عند الغواصين والثاني انه مصدر ميمى

[سورة الرحمن (55) : آية 23]

بمعنى الالتقاء والخرج بمعنى الحدوث والحدوث بمعنى الوجود فانه يحدث ويتكون من التقائهما واجتماعهما كما قال الرازي يكون العذب كاللقاح للملح ونقل عن ابن عباس وعكرمة مولاه ان تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لان الصدف تفتح أفواهها للمطر فيكون الاصداف كالارحام للنطف وماء البحر كالجسد الغاذى ويدل على انه من المطر ما اشتهر من أن السنة إذا أجدبت هزلت الحيتان وقلت الاصداف والجواهر وعلى هذا فضمير منهما للبحرين باعتبار الجنس فتأمل فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ زيرا آن جوهرها كه بدان آرايش كنيد واز خريد وفروخت آن فوائد يابيد نعم ظاهره است پس بكدام ازين نعمتهاى پروردگار خرد تكذيب مينماييد وكفته اند مراد بحر آسمان وبحر زمين است كه هر سال متلاقى شوند وابر حاجزست كه منع ميكند درياى آسمان را از نزول ودرياى زمين را از صعود ودرياى فلك قطرات بر درياى زمين ريخته بدهان صدف درمى آيد واز ان در منعقد كردد وقيل البحران على وفاطمة رضى الله عنهما والبرزخ النبي صلّى الله عليه وسلّم ويخرج منهما الحسن والحسين رضى الله عنهما وقيل هما العقل والهوى والبرزخ بينهما لطف الله ويخرج منهما التوفيق والعصمة وقيل هما المعرفة والمعصية والحاجز العصمة ويخرج منهما الشوق والتوبة لا يبغيان لا تؤثر المعصية في المعرفة وقيل هما الدنيا والآخرة والبرزخ القبر وقيل الحياة والوفاة والبرزخ الاجل وقيل الحجة والشبهة والبرزخ النظر ويخرج منهما الحق والصواب امام قشيرى رحمه الله فرموده كه بحرين خوف ورجاست يا قبض وبسط وبرزخ قدرت بي علت ولؤلؤ احوال صافيه ومرجان لطايف وافيه صاحب كشف الاسرار شرح ميكند كه بحر خوف ورجا عامه مسلمان راست واز آن كوهر زهد وورع وطاعت وتقوى بيرون آيد وبحر قبض وبسط خواص مؤمنانراست واز آن جواهر فقر ووجد زايد وبحر انس وهيبت انبيا وصديقانرا كه از آن كوهر فنا روى نمايد تا صاحبش بمنزل بقا بياسايد ز قعر بحر فنا كوهر فنا يابى ... وگرنه غوطه خورى اين كهر كجا يابى وقال بعض الكبار يشير الى مروج بحر روح وحركته بالتجليات الذاتية والى مروج بحر القلب وحركته بالتجليات الصفاتية والتقائهما في مقام الوحدة مع بقاء برزخ معنوى بين هذين البحرين المشار بهما الى ما ذكر بحيث لا يبغى بحر الروح على بحر القلب لعدم نزوله بالكلية لئلا يفنى خاصية بحر القلب ولا يغلب بحر القلب على بحر الروح لعدم عروجه بالكلية لئلا يفنى خاصية بحر الروح كما قال وما منا الا له مقام معلوم يخرج لؤلؤ التجليات الذاتية من باحة بحر الروح ومرجان التجليات الصفاتية من لجة بحر القلب ويجوز أن يخرجا مجتمعين من اتحاد بحر الروح وبحر القلب مع بقاء امتياز ما بينهما وقال بعضهم يشير الى بحر القدم والحدوث وبحر القدم عذب من حيث القدم وبحر الحدوث ملح من حيث علل الحدوثية وبينهما حاجز عزة وحدانيته بحيث لا يختلط أحدهما بالآخر لانه منزه عن الحلول في الأماكن والاستقرار في المواطن يخرج من بحر القدم القرآن والأسماء والنعوت

[سورة الرحمن (55) : الآيات 24 إلى 26]

ومن بحر الحدوث العلم والمعرفة والفطنة وايضا يشير الى بحر القلب الذي هو بحر الأخلاق المحمودة وبحر النفس الذي هو بحر الأخلاق المذمومة ولا يختلطان بحيث يصير القلب نفسا والنفس قلبا لان بينهما العقل والعلم والشريعة والطريقة فاذا صارت النفس مطمئنة يخرج منها ومن القلب الايمان والإيقان والصفاء والنور والطمأنينة وقال ابن عطاء رحمه الله بين العبد وبين الرب بحران عميقان أحدهما بحر النجاة وهو القرآن من تعلق به نجا لان الله تعالى يقول واعتصموا بحبل الله جميعا وبحر الهلاك وهو الدنيا من ركن إليها هلك انتهى وَلَهُ الْجَوارِ هذه اللام لها معنيان أحدهما انها لام الملك والثاني انها لام الاستحسان والتعجب كقولهم لله أنت لله درك كما في كشف الاسرار والجوار بكسر الراء أصله الجواري بالياء بمعنى السفن جمع جارية أقيمت الصفة مقام الموصوف قال ابن الشيخ اعلم ان الأركان اربعة التراب والماء والهولء والنار فالله تعالى بين بقوله خلق الإنسان من صلصال ان التراب اصل لمخلوق شريف مكرم عجيب الشان وبين بقوله وخلق الجان من مارج من نار ان النار ايضا اصل لمخلوق آخر عجيب الشان وبين بقوله يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ان الماء ايضا اصل لمخلوق آخر له قدر وقيمة ثم ذكر ان الهولء له تأثير عظيم في جرى السفينة كالاعلام فقال وله الجوار وخصها بالذكر لان جريانها في البحر لا صنع للبشر فيه وهم معترفون بذلك فيقولون لك الفلك ولك الملك وإذا خافوا الغرق دعوا الله خاصة وسميت السفينة جارية لان شأنها الجري في البحر وان كانت واقفة في الساحل والمراسى كما تسمى المملوكة ايضا جارية لان شأنها الجري والسعى في حوائج سيدها الْمُنْشَآتُ المرفوعات الشرع على أن يكون من أنشأه إذا رفعه والشرع بضمتين جمع شراع وهو الذي يسمى بالفارسية بادبان ولا يبعد أن يكون المنشأت بمعنى المرفوعات على الماء فتكون جارية على ما هى له كما في حاشية سعدى المفتى والمعنى المنشأت المصنوعات اى المخلوقات على أن يكون من أنشأه الله اى خلقه فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ جمع علم وهو الجبل الطويل اى كالجبال الشاهقة عظما وارتفاعا وهو حال من ضمير المنشأت والسفن فى البحر كالجبال في البر كما ان الإبل في البر كالسفن في البحر فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من خلق مواد السفن والإرشاد الى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر يابسات لقطع المسافات الكثيرة في الأوقات القليلة وحصول المعاملات والتجارات لا يقدر على خلقها وجمعها وترتيبها غيره سبحانه وفيه اشارة الى جريان سفن الشريعة والطريقة المرفوعات الشرع باحكام الشريعة وآداب الطريقة في بحر الوحدة الحقيقية كالجبال العظام مشحونات بمنافع كثيرة من الطاعات والعبادات على مقتضى علم الشريعة والواردات القلبية والإلهامات الغيبية على قانون ارباب الطريقة كما في التأويلات النجمية كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ الهاء كناية عن غير مذكور كقولهم إذا نهى السفيه جرى اليه والمعنى كل من على الأرض من الحيوانات والمركبات ومن للتغليب على الوجهين او من الثقلين فان اى هالك لا محالة يعنى سرانجام كار فانى شوند ولما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلكت بنوا آدم فلما

[سورة الرحمن (55) : الآيات 27 إلى 31]

نزلت كل نفس ذائقة الموت أيقنوا بهلاك أنفسهم فان لهم أجساما لطيفة وأرواحا متعلقة بتلك الأجسام كأرواح الإنسان واما الأرواح المجردة المهيمة العالية فلا تفنى وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ اى ذاته ومنه كرم الله وجهه اى ذاته فالوجه العضو المعروف استعير للذات لانه اشرف الأعضاء ومجمع المشاعر وموضع السجود ومظهر آثار الخشوع قال القاضي ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها الا وجه الله الذي يلى جهته انتهى قال سعدى المفتى في حاشية هذا المحل هذا اشارة الى وجه آخر وهو أن يكون الوجه بمعنى القصد اى ما يقصد وينوى به الله والجهات بمعنى المقاصد وفي العبارة نوع تسامح وقوله يلى جهته اى مقصده والاضافة للبيان اى يتوجه اليه انتهى وقال ابن الشيخ اشارة الى ان الوجه يجوز أن يكون كناية عن الجهة بناء على ان كل جهة لا تخلو عن وجهه يتوجه إليها كما ذكر في قوله في جنب الله اى كل من عليها من الثقلين واما اكتسبوه من الأعمال هالك الا ما توجهوا به جهة الله وعملوه ابتغاء لمرضاته انتهى وقال الشيخ ابن نور الدين رحمه الله الماهيات تنقسم الى ثلاثة اقسام واجب الوجود وممتنع الوجود وممكن الوجود اما الواجب فهو وجود بحت واما الممتنع فهو عدم محض واما الممكن فهو مركب منهما وذلك لان له وجودا وماهية عارضة على وجوده فماهيته امر اعتباري معدوم في الخارج لا يقبل الوجود فيه من حيث هو هو ووجوده موجود لا يقبل العدم من حيث هو هو فكان الممكن موجودا ومخلوقا من وجود وعدم وهذه الجمعية تقبل الوجود والعدم ومن هذا ظهر حقيقة ما قال البيضاوي ولو استقريت إلخ وما قاله الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى تفسير قوله تعالى كل شيء هالك الا وجهه حيث قال الضمير راجع الى الشيء انتهى ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ صفة وجه اى ذو الاستغناء المطلق او العظمة في ذاته وصفاته وذو الفضل التام وهذه من عظائم صفاته تعالى ولقد قال عليه السلام ألظوا بيا ذا الجلال ولاكرام يعنى ملازم بگوييد يا ذا الجلال والإكرام وفي تاج المصادر الالظاظ ملازم كرفتن ودائم شدن باران والإلحاح ايضا وفي القاموس اللظ اللزوم والإلحاح وعنه عليه السلام انه مر برجل وهو يصلى ويقول يا ذا الجلال والإكرام فقال استجيب لك الدعاء فالدعاء بهاتين الكلمتين مرجو الاجابة وفي وصفه تعالى بذلك بعد ذكر فناء الخلق وبقائه تعالى إيذان بأنه تعالى يفيض عليهم بعد فنائهم ايضا آثار لطفه وكرمه حسبما ينبئ عنه قوله تعالى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فان احياءهم بالحياة الابدية واثابتهم بالنعيم المقيم أجل النعماء وأعظم الآلاء قال الطيبي كيف أفرد الضمير في قوله وجه ربك وثناه في ربكما والمخاطب واحد قلت اقتضى الاول تعميم الخطاب لكل من يصلح للخطاب لعظم الأمر وفخامته فيندرج فيه الثقلان اندراجا أوليا ولا كذلك الثاني فتركه على ظاهره وفي قوله كل من عليها فان اشارة الى فناء كل من على ارض البشرية اما بالموت الطبيعي منغمسا فى بحر الشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية واما بالموت الإرادي منسلخا عن الصفات البشرية ملتبسا بالصفات الروحانية وتغليب من اشارة الى ذوى العقول السليمة عن آفات

[سورة الرحمن (55) : آية 29]

القوة الوهمية والخيالية فانهم بذكاء فطرتهم وبقاء طينتهم يفنون عن الاحكام الطبيعية ويبقون بالتجليات الالهية وبقوله ويبقى وجه إلخ اشارة الى فناء الكثرة النسبية الاسمائية وبقاء الوحدة الحقيقية الذاتية الموصوفة بالصفة الجلالية القهرية والجمالية اللطفية فبأى آلاء ربكما تكذبان مما ذكرنا من إفناء الحياة المجازية وابقاء الحياة الحقيقية واظهار الصفة اللطفية فى حق مستحقى اللطف واظهار الصفة القهرية في حق مستحقى القهر لعلمه المحيط باستحقاقها وقال بعضهم لو نظرت بنظر التحقيق في الكون واهله لرأيت حقيقة فنائه وفناء اهله وان كان في الظاهر على رسم الوجود لان من يكون قيامه بغيره فهو فان في الحقيقية إذ لا يقوم بنفسه ولا نفس له في الحقيقية فان الوجود الحقيقي وجود القدم لذلك اثنى على نفسه بقوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (قال الشيخ المغربي) سايه هستى مينمايد ليك اندر اصل نيست ... نيست را از هست بشناختى يابى نجات (وقال المولى الجامى) تو در ميانه هيچ نه هر چهـ هست اوست ... هم خود الست كويد وهم خود بلى كند وفي ذكر وجهه الباقي تسلية لقلوب العشاق اى أنا أبقى لكم ابدا لا تغتموا فان لكم ما وجدتم في الدنيا من كشف جمالى ويتسرمد ذلك لكم بلا حجاب ابدا وفي ذكر الجلال تهييج لاهل المحبة والهيبة وفي كاف الوحدة اشارة الى حبيبه عليه السلام يعنى كشف الوجه باق لك ابدا اريتك وجهى خاصة ثم العشاق اتباع لك في النظر الى وجهى فأول الكشف لك ثم للعموم واعلم ان وجود الباقي جميعه وجه وبين التجليات تفاوت وفي الحديث ان الله يتجلى لابى بكر خاصة ويتجلى للمؤمنين عامة يَسْئَلُهُ ميخواهند او را يعنى ميطلبند از وى مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قاطبة ما يحتاجون اليه في ذواتهم ووجوداتهم حدوثا وبقاء وسائر أحوالهم سؤالا مستمرا بلسان المقال وبلسان الحال فانهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل عن استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الالهية من العلائق لم يشموا رائحة الوجود أصلا فهم في كل آن مستمرون على الاستدعاء والسؤال وعن ابن عباس رضى الله عنهما فأهل السماء يسألونه المغفرة واهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة وفي كشف الاسرار مؤمنان دو كروه اند عابدان وعارفان هر سؤال بر يكى بر قدر همت او ونواخت هر يكى سزاى حوصله او هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش عابد همه از خواهد عارف خود او را خواهد احمد بن ابى الجواري حق را بخواب ديد كفت جل جلاله يا احمد كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى فسرت إليك في طلب المعالي ... وسار سواى في طلب المعاش كُلَّ يَوْمٍ اى كل وقت من الأوقات وهو اليوم الإلهي الذي هو الآن الغير المنقسم وهو بطن الزمان في الحقيقة هُوَ تعالى فِي شَأْنٍ من لشؤون التي من جملتها إعطاء

[سورة الرحمن (55) : الآيات 30 إلى 31]

ما سألوا فانه تعالى لا يزال ينشيء اشخاصا ويفنى آخرين ويأتى بأحوال ويذهب بأحوال من الغنى والفقر والعزة والذلة والنصب والعزل والصحة والمرض ونحو ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح البالغة وفي الحديث (من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين) قال الحسين بن الفضل هو سوق المقادير الى المواقيت وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال خلق الله تعالى لوحا من درة بيضا دفناه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن وهو مأخوذ من قوله عليه السلام ان الرب لينظر الى عباده كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يبدئ ويعيد وذلك من حبه خلقه ويدل على هذا الحب ما يقال من ان الله تعالى يحيى كل يوم الفا وواحدا يميت الفا فالحياة الفانية إذا كانت خيرا لتحصيل الحياة الباقية فما ظنك بفضيلة الحياة الباقية وعن عبينة الدهر كله عند الله يومان أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهى والاماتة والاحياء والإعطاء والمنع والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب والثواب والعقاب قال مقاتل نزلت الآية في اليهود حين قالوا ان الله لا يقضى يوم السبت شيأ ففيها رد لهم وقوله كل ظرف لما دل عليه هو في شأن اى يقلب الأمور كل يوم او يحدثها كل يوم او نحوه كما في بحر العلوم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع مشاهدتكم لما ذكر من إحسانه وفي بحر الحقائق يشير الى تجلى الحق في كل زمن فرد ونفس فرد على حسب المتجلى له واستعداده ولا نهاية للتجليات فبأى آلاء ربكما تكذبان من تجلى الحق بصور مطلوبكم وإيجاده من كتم العدم ووجود محبوبكم كل يوم في شأن چهـ شانست بدو ... هر زمان جلوه ديكر شود از پرده عيان جلوه حسن ترا غايت و پايانى نيست ... يعنى أوصاف كمال تو ندارد پايان قال البقلى يسأله من في السموات من الملائكة كلهم على قدر مقاماتهم يسأله الخائف النجاة من العبد والحجاب ويسأله الراجي الوصول الى محل الفرح ويسأله المطيع قوة عبادته وثواب طاعته ويسأله المحب أن يصل اليه ويسأله المشتاق أن يراه ويسأله العاشق أن يقرب منه ويسأله العارف أن يعرفه بمزيد المعرفة ويسأله الموحد أن يفنى فيه ويستغرق في بحر شهوده ويسأله الجاهل علم ما يحجبه عنه ويسأله العالم ويعرفه به وكذا كل قوم على قدر مراتبهم ودرجاتهم وهو تعالى في كل يوم هو في شأن والشان الحال والأمر العظيم سَنَفْرُغُ لَكُمْ اى سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة عند انتهاء شؤون الخلق المشار إليها بقوله تعالى كل يوم هو في شأن فلا يبقى حينئذ الشأن واحد هو الجزاء فعبر عنه بالفراغ لهم على المجاز المرسل فان الفراغ يلزمه التجرد والا فليس المراد الفراغ من الشغل لانه تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقيل هو مستعار من قول المهدد لصاحبه سأفرغ لك اى سأتجرد للايقاع بك من كل ما يشغلنى عنه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه فالخطاب للمجرمين منهما بخلافة على الاول أَيُّهَ الثَّقَلانِ قال الراغب

[سورة الرحمن (55) : الآيات 32 إلى 39]

الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح على ما يوزن به او يقدر به يقال هو ثقيل وأصله في الأجسام ثم يقال في المعاني أثقله الغرم والوزر انتهى والمراد هنا الانس والجن سميا بذلك لانهما ثقلا الأرض يعنى انهما شبها بثقلى الدابة وفي حواشى ابن الشيخ شبه الأرض بالحمولة التي تحمل الأثقال والانس والحن جعلا أثقالا محمولة عليها وجعل ما سواهما كالعلاوة او لرزانة آراهما او لانهما مثقلان بالتكليف او لعظم قدرهما في الأرض كما في الحديث (انى خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى) وقال الصادق رضى الله عنه سيما ثقلين لانهما يثقلان بالذنوب او لما فيهما من الثقل وهو عين تأخرهما بالوجود لان من عادة الثقيل الإبطاء كما ان من عادة الخفيف الاسراع والانس أثقل من الجن للركن الأغلب عليهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما التي من جملتها التنبيه على ما سيلقونه يوم القيامة للتحذير عما يؤدى الى سوء الحساب تُكَذِّبانِ بأقوالكما واعمالكما قال في كشف الاسرار اعلم ان بعض هذه السورة ذكر فيه الشدائد والعذاب والنار والنعمة فيها من وجهين أحدهما في صرفها عن المؤمنين الى الكفار وتلك النعمة عظيمة تقتضى شكرا عظيما والثاني ان في التخويف منها والتنبيه عليها نعمة عظيمة لان اجتهاد الإنسان رهبة مما يؤلمه اكثر من اجتهاده رغبة فيما ينعمه يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ هما الثقلان خوطبا باسم جنسهما لزيادة التقرير ولان الجن مشهورون بالقدرة على الا فاعيل الشاقة فخوطبوا بما ينبئ عن ذلك لبيان أن قدرتهم لا تفى بما كلفوه والمعشر الجماعة العظيمة سميت به لبلوغه غاية الكثرة فان العشر هو العدد الكامل الكثير الذي لا عدد بعده إلا بتركيبه بما فيه من الآحاد تقول أحد عشر واثنا عشر وعشرون وثلاثون اى اثنتا عشرات وثلاث عشرات فاذا قيل معشر فكأنه قيل محل العشر الذي هو الكثرة الكاملة وقدم الجن على الانس في هذه الآية لتقدم خلقه والانس على الجن فى قوله تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن لفضله فان التقديم يقتضى الافضلية قال ابن الشيخ لما بين الله تعالى انه سيجيئ وقت يتجرد فيه لمحاسبتهم ومجازاتهم وهددهم بما يدل على شدة اهتمامه بها كان مظنة ان يقال فلم ذلك مع ماله من كمال الاهتمام به فأشار الى جوابه بما محصوله انهم جميعا في قبضة قدرته وتصرفه لا يفوثه منهم أحد فلم يتحقق باعث يبعثه على الاستعجال لان ما يبعث المستعجل انما هو خوف الفوت وحيث لم يخف ذلك قسم الدهر كله الى قسمين أحدهما مدة ايام الدنيا والآخر يوم القيامة وجعل المدة الاولى ايام التكليف والابتلاء والمدة الثانية للحساب والجزاء وجعل كل واحدة من الدارين محل الرزايا والمصائب ومنبع البلايا والنوائب ولم يجعل لواحد من الثقلين سبيلا للفرار منهما والهرب مما قضاه فيهما فقوله يا معشر الجن متعلق بقوله سنفرغ لكم فكانا بمنزلة كلام واحد إِنِ اسْتَطَعْتُمْ لم يقل ان استطعتما لان كل واحد منهما فريق كقولهم فاذاهم فريقان يختصمون اى كل فريق منهم يختصم فجمع الضمير هنا نظرا الى معنى الثقلين وثناه فى قوله يرسل عليكما كما سيأتى نظرا الى اللفظ اى ان قدرتم على أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال في القاموس النفاذ جواز الشيء عن الشيء والخلوص منه كالنقوذ

[سورة الرحمن (55) : الآيات 34 إلى 39]

ومخالطة السهم جوف الرمية وخروج طرفه من الشق الآخر وسائره فيه كالنفذ ونفذهم جازهم وتخلفهم كأنفذهم والنافذ الماضي في جميع أموره انتهى والأقطار جمع قطر بالضم وهو الجانب والمعنى أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا منها وخلصوا أنفسكم من عقابى وهو امر تعجيز والمراد انهم لا يفوتونه ولا يعجزونه حتى لا يقدر عليهم لا تَنْفُذُونَ لا تقدرون على النفوذ إِلَّا بِسُلْطانٍ اى بقوة وقهر وأنتم من ذلك بمعزل بعيد (روى) ان الملائكة تنزل فتحيط بجميع الخلائق فيهرب الانس والجن فلا يأتون وجها الا وجدوا الملائكة أحاطت به فتقول لهم الملائكة ذلك فكما لا يقدر أحد على الفرار يوم القيامة كذلك لا يقدر فى الدنيا فيدركه الموت والقضاء لا محالة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ اى من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة على العقوبة يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ هو لهب خالص لا دخان فيه او دخان النار وحرها كما في القاموس قال سعدى المفتى والله اعلم انها استئناف جوابا عن سؤال الداعي الى الهرب والفرار وان ذلك حين يساق الى المحشر كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما اى يرسل عليكما لهب بلا دخان ليسوقكم الى المحشر مِنْ نارٍ متعلق بيرسل والتنوين فيهما للتفخيم وَنُحاسٌ اى دخان او صفر مذاب يصب على رؤسهم وفي المفردات النحاس اللهب بلا دخان وذلك تشبيه في اللون بالنحاس وفي القاموس النحاس مثلثة عن ابى العباس الكواشي القطر والنار وما سقط من شرار الصفر او الحديد إذا طرق فَلا تَنْتَصِرانِ اى لا تمنعان من ذلك العذاب فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من بيان عاقبة الكفر والمعاصي والتحذير عنها فانها لطف ونعمة واى لطف ونعمة فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ اى انصدعت يوم القيامة وانفك بعضها من بعض لقيام الساعة او انفرجت فصارت أبوابا لنزول الملائكة كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا وفي الخبر من نار جهنم إذا كشف عنها فَكانَتْ وَرْدَةً كوردة حمراء في اللون وهى الزهرة المعروفة التي تشم والغالب على الورد الحمرة قال ولو كنت وردا لونه لعشقتنى ... ولكن ربى شاننى بسواديا وقيل لأن اصل لون السماء الحمرة وانما ترى زرقاء للعبد والحوائل ولان لون النار إذا خالط الا زرق كساه حمرة كَالدِّهانِ خبرثان لكانت اى كدهن الزيت فكانت في حمرة الوردة وفي جريان الدهن اى تذوب وتجرى كذوبان الدهن وجريه فتصير حمراء من حرارة جهنم وتصير مثل الدهن في رقته وذوبانه وهو اما جمع دهن او اسم لما يدهن به كالادام لما يؤتدم به وجواب إذا محذوف اى يكون من الأحوال والأهوال مالا يحيط به دائرة المقال قال سعدى المفتى ناصب إذا محذوف اى كان ما كان من الأمر الهائل الذي لا يحيط به نطاق العبارة او رأيت امرا عظيما هائلا وبهذا الاعتبار تتسبب هذه الجملة عما قبلها لان إرسال الشواظ يكون سببا لحدوث الأمر الهائل او رؤيته في ذلك الوقت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع عظم شأنها فَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ انشقت السماء حسب ما ذكر

[سورة الرحمن (55) : الآيات 40 إلى 44]

لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ لانهم يعرفون بسيماهم فلا يحتاج في تمييز المذنب عن غيره الى ان يسأل عن ذنبه ان أراد أحد أن يطلع على أحوال أهل المحشر وذلك أول ما يخرجون من القبور ويحشرون الى الموقف فوجا فوجا على اختلاف مراتبهم واما قوله فوربك لنسألنهم أجمعين ونحوه ففى موقف المناقشة والحساب وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا فانه أعلم بذلك منهم ولكن يسألهم لم عملتم كذا وكذا وعنه ايضا ويسألون سؤال شفاء وراحة وانما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ وضمير ذنبه للانس لتقدمه رتبة وافراده لما أن المراد فرد من الانس كأنه قيل لا يسأل عن ذنبه انسى ولا جنى وأراد بالجان الجن كما يقال تميم ويراد ولده فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع كثرة منافعها فان الاخبار بما ذكر مما يزجركم عن الشر المؤدى اليه وفيه اشارة الى شعاشع أنوار الطاعة والعبادة على صفحات وجنات انس الروح والى تراكم ظلمات المعصية والمتمرد وسلاسل الطغيان وأغلال العصيان على صفحات وجوه جن النفس المظلمة وأعناقهم المتمردة الآبية عن الطاعة والانقياد فبأى آلاء ربكما تكذبان بما أنعم الله على عباده المنقادين فى هذا اليوم ومما انتقم من عباده المتمردين في ذلك اليوم فان الانتقام من الأعداء نعمة على الأحباب ولذا ورد الحمد عقيبه كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وكمال الانتقام بافناء أوصاف النفس الامارة بالكلية يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ السيما والسيماء بالكسر والقصر والمد العلامة والجملة استئناف يجرى مجرى التعليل لعدم السؤال قيل يعرفون بسواد الوجوه وزرقة العيون وقيل بما يعلوهم من الكآبة والحزن كما يعرف الصالحون باضداد ذلك فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ النواصي جمع ناصية وهى مقدم الرأس والمراد هنا شعرها والجار والمجرور هو القائم مقام الفاعل يقال أخذه إذا كان المأخوذ مقصودا بالأخذ ومنه قوله تعالى خذوا حذركم ونحوه وأخذ به إذا كان المأخوذ شيأ من ملابسات المقصود بالأخذ ومنه قوله تعالى لا تأخذ بلحيتي ولا برأسى وقول المستغيث خذ بيدي أخذ الله بيدك والمعنى تأخذ الملائكة بنواصيهم اى بشعور مقدم رؤسهم وأقدامهم فيقذفونهم في النار أو تسحبهم الملائكة الى النار تارة تأخذ بالنواصي وتجرهم على وجوههم او يجمع بين نواصيهم وأقدامهم في سلسلة من ورلء ظهورهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من المواعظ والزواجر هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ على ارادة القول اى يقال لهم ذلك بطريق التوبيخ يَطُوفُونَ بَيْنَها اى يدرون بين النار يحرقون بها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ اى ماء بالغ من الحرارة أقصاها يصب عليهم او يسقون منه اى يطوفون من النار الى الحميم ومن الحميم الى النار دهشا وعطشا ابدا من أنى يأنى فهو آن مثل قضى يقضى فهو قاض إذا انتهى في الحر والفيح قال ابو الليث يسلط عليهم الجوع فيؤتى بهم الى الزقوم الذي طلعها كرؤس الشياطين فأكلوا منها فأخذت في حلوقهم فاستغاثوا بالماء فأوتوا به من الحميم فاذا قربوه الى وجوههم تناثر لحم وجوههم ويشربون فتغلى أجوافهم ويخرج جميع ما فيها ثم يلقى عليهم الجوع فمرة يذهب بهم الى الحميم ومرة الى الزقوم وقال كعب الأحبار ان واديا من اودية

[سورة الرحمن (55) : الآيات 45 إلى 52]

جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الاغلال فيغمسون فيه حتى تنخلع او صالهم ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا فيلقون في النار فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد أشير الى سركون بيان أمثال هذه الأمور من قبيل الآلاء مرارا فالآلاء في أمثالها حكاياتها فقط للانزجار مما يؤدى الابتلاء بها من الكفر والمعاصي بخلاف ما فصل في أول السورة الى قوله كل يوم إلخ فانها نعم واصلة إليهم في الدنيا وكذلك حكاياتها من حيث إيجابها للشكر والمثابرة على ما يؤدى الى استدامتها وفي الآية اشارة الى الكاسبين بقدم مخالفة الشرع وموافقة الطبع الصفات الذميمة واخلاق الرذيلة وهم يطوفون بين نار المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية وبين حميم الجهل فانه لا يقطع العطش ولا يروى الظمآن وانما ينفع للانسان في الدنيا والآخرة العلم القطعي والكشف الصحيح ألا ترى الى علوم أهل الجدل فانها في حكم الجهل لان أهلها منغمسون في الشهوات واللذات مستغرقون في الأوهام والخيالات ولما نبه الله الامام الغزالي رحمه الله وأيقظه ونظر فاذا علومه التي صرف شطرا من عمره فى تعلمها وتعليمها لا تنقذه في الآخرة رجع الى كتب الصوفية فتيقن انه ليس أنفع من علومهم لكون معاملاتها ذات الله وصفاته وأفعاله وحقائق القرآن وأسراره فترك التدريس ببغداد وخرج الى طلب أهل تلك العلوم حتى يكون منها على ذوق بسبب صحبتهم فوفقه الله فكان من امره ما كان وقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت وقال الامام فخر الدين للشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس في تكذيبها فالنفس كجهنهم فيها نار الشهوات وحميم الجهالات فمن زكاها في الدنيا عن أوصافها نجا يوم القيامة من الاحتراق والافتراق نعوذ بالله من سوء الحال وسيئات الأعمال وقبائح الأحوال نمى تازد اين نفس سركش چنان ... كه عقلش تواند كرفتن عنان كه با نفس وشيطان برآيد بزور ... مصاف پلنگان نيايد زمور وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وبراى كسى كه بترسد از ايستادن پيش خداى تعالى وهو شروع فى تعداد النعم الفائضة عليهم في الآخرة بعد تعداد ما وصل إليهم في الدنيا من الآلاء الدينية والدنيوية والمقام اسم مكان ومقامه تعالى موقفه الذين يقف فيه العباد للحساب كما قال يوم يقوم الناس لرب العالمين فالاضافة للاختصاص الملكي إذ لا ملك يومئذ الا لله تعالى قال في عين المعاني نزلت في أبى بكر رضى الله عنه حين شرب لبنا على ظمأ فأعجبه ثم أخبر أنه من غير حل فاستقاء فقال صلّى الله عليه وسلّم لما سمعه رحمك الله لقد أنزلت فيك آية ودخل فيه من يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من مخافة الله جَنَّتانِ جنة للخائف الانسى وجنة للخائف الجنى على طريق التوزيع فان الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما او لكل واحد جنة لعقيدته واخرى لعمله او جنة لفعل الطاعات واخرى لترك المعاصي او جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه او روحانية وجسمانية وكذا ما جاء مثنى بعد وقال في الموضح دو باغ دهد ايشانرا در بهشت كه يكى از ايشان صد ساله راه طول وعرض داشته باشد

[سورة الرحمن (55) : آية 47]

ودر ميان هر باغ سراهاى خوش وحوران دلكش وقال الأستاذ القشيري رحمه الله جنة معجلة هى لذة المناجاة والتلذذ بحقائق المشاهدات وما يرد على قلوبهم من صدقه الواردات وجنة مؤجلة وهى الموعودة في الآخرة وفي بحر العلوم قيل جنة للخائف الانسى وجنة للخائف الجنى لان الخطاب للثقلين وفيه نظر لقوله عليه السلام ان مؤمن الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الأعراف حائط الجنة تجرى فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار يقول الفقير قد سبق في أو آخر الأحقاف ان المذهب ان الجن في حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم وان لم نعلم كيفية ثوابهم فارجع الى التفصيل في تلك السورة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قال محمد بن الحسن رحمه الله بينا كنت نائما ذات ليلة إذا أنا بالباب يدق ويقرع فقلت انظروا من هو فقالوا رسول الخليفة يدعوك فخفت على روحى فقمت ومضيت اليه فلما دخلت عليه قال دعوتك في مسألة ان أم محمد يعنى زبيدة قلت لها انى امام العدل وامام العدل في الجنة فقالت انك ظالم عاص قد شهدت لنفسك بالجنة فكذبت بذلك على الله تعالى وحرمت عليك فقلت له يا أمير المؤمنين إذا وقعت فى معصية فهل تخاف الله في تلك الحال او بعدها فقال اى والله أخافه خوفا شديدا فقلت له أنا أشهد ان لك جنتين لا جنة واحدة قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فلا طفنى وأمرنى بالانصراف فلما رجعت الى دارى رأيت البدر متبادرة الى قال بعضهم هو المقام الذي يقوم بين يدى ربه يوم القيامة عند كشف الستور وظهور حقائق الأمور وسكوت الكل من الأنبياء والأولياء لظهور القدرة والجبروت فلابد من الخوف من القيام في ذلك المقام الهائل مالك بن دينار كفته دلى كه در وخوف نه همچون خانه كه درو خداوند نه خانه كه درو خداوند نبود عنقريب آن خانه خراب شود ودلى كه درو خوف بود علامتش آنست كه خاطر را از حرمت پر كند واخلاق را مهذب كرداند وأطراف بأدب دارد ابو القاسم حكيم كفته كه ترس از خالق ديكر است وترس از مخلوق ديكر هر كه از مخلوق ترسد از وى بگريزد وهر كه از خالق ترسد با وى كريزد يقول الله تعالى (ففرو الى الله) ترس از الله با شهوت ودينار نسازد هر كه أسير شهوت كشت ترس از دل وى رخت برداشت ودر دست ديو افتاد تا بهر درى كه ميخواهد او را مى كشت در آثار بيارند كه يحيى عليه السلام بر إبليس رسيده ودر دست إبليس بندها ديد از هر جنس وهر رنك كفت اى شقى اين چهـ بندهاست كه در دست تو مى بينم گفت اين انواع شهوات فرزند آدم است كه ايشانرا باين در بند آدم وبر مراد خويش مى دارم كفت يحيى را هيچ چيز شناسى كه بآن دروى طمع كنى كفت نه مكر يك چيز كه هر كه كه طعام سير خورد كرانى طعام او را ساعتى از نماز وذكر الله مشغول دارد يحيى گفت از خداى عز وجل پذيرفتم وبا وى عهد بستم كه هركز طعام سير نخورم بزركى را پرسيدند كه خداى تعالى با اندوه كنان وترسندكان چهـ خواهد كفت اگر اندوه براى او دارند ومحمل ترس از بهرا او كشند هنوز نفس ايشان منقطع نشده باشد كه جام رحيق بر دستشان نهند بر ان نبشته كه ان لا تخافوا

[سورة الرحمن (55) : الآيات 48 إلى 52]

ولا تخزنوا وأبشروا بالجنة اندوه غريبان بسر آيد روزى ... در كار غريبان نظر آيد روزى ترسند كانرا واندوه كنانرا چهار بهشت است دو بهشت سيمين ودو بهشت زرين كما قال عليه السلام جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وفي التأويلات النجمية يشير الى من يخاف مقام الشهود ابقاء على نفسه لان الشهود الحقيقي يفنى الشاهد عن شاهديته في المشهود ويبقيه بالمشهود من آخر مراتب المشاهدة إذ لا لذة في أوائل المشاهدة واليه أشار عليه السلام بقوله اللهم ارزقنا لذة النظر الى لقائك وبهذا المعنى كان يقول لعائشة رضى الله عنها حين يغيب عن حسه كلمينى يا حميراء للتبليغ والإرشاد وقوله جنتان اى جنته الفناء في نعمة المشهود وجنة البقاء بالمشهود قوله مقام ربه اى مقام شهود ربه بحذف المضاف فباى آلاء ربكما تكذبان من نعمة الفناء في الله ونعمة البقاء بالله ذَواتا أَفْنانٍ صفة لجنتان وما بينهما اعتراض وسط بينهما تنبيها على ان تكذيب كل من الموصوف والصفة موجب للانكار والتوبيخ وذواتا تثنية ذات بمعنى صاحبة وفي تثنيتها لغتان الرد على الأصل فان أصلها ذوية لانها مؤنثة ذوى والتثنية على اللفظ أن يقال ذاتا والأفنان جمع فن اى ذواتا انواع من الأشجار والثمار او جمع فنن وهو الغصن المستقيم طولا او الذي ينشعب من فروع الشجرة اى ذواتا أغصان متشعبة من فروع الشجرة وتخصيصها بالذكر لانها التي تورق وتثمر وتمد الظل وتجتنى منها الثمار يعنى ان في الوصف تذكيرا لها على سبيل الكناية كأنه قيل ذواتا أوراق واثمار واظلال فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وليس فيها شيء يقبل التكذيب فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ صفة اخرى لجنتان فصل بينهما بقوله فبأى إلخ مع انه لم يفصل به بين الصفات الكائنة من قبيل العذاب حيث قال يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس مع ان إرسال النحاس غير إرسال الشواظ اى في كل واحدة منهما عين من ماء غير آسن تجرى كيف يشناء صاحبها في الأعالي والأسافل لما علم من وصف انهار الجنة لا من حذف المفعول وقيل تجريان من جبل من مسك عن ابن عباس والحسن رضى الله عنهم تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم والاخرى السلسبيل وقال ابو بكر الوراق رحمه الله فيهما عينان تجريان لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الى الله تعالى بر ان از دو سر چشمه ديده جوى ... ور آلايشى دارى از خود بشوى نريزد خدا آبروى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وفيه اشارة الى أن في جنة الفناء عينا يجرى فيها ماء الحياة وهى البقاء بعد الفناء وفي جنة البقاء عينا يجرى فيها ماء العلم والمعرفة والحكمة والبقاء بعد الفناء يستلزم أنواع المعارف والحكم واصناف الموائد والنعم فبأى آلاء ربكما تكذبان يا اصحاب السكر والغيبة ويا ارباب الصحور والحضو كما في التأويلات النجمية فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان معهود وغريب لم يره أحد ولم يسمع او رطب ويابس او حلو وحامض ويقال لونان وقيل في المنظر دون المطعم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما في الدنيا

[سورة الرحمن (55) : الآيات 53 إلى 60]

حلوة ولا مرة الا وهى في الجنة حتى الحنظل الا انه حلو وذلك لان ما في الجنة خلق من حلاوة الطاعات فلا يوجد فيها المر المخلوق من مرارة السيئات كزقوم جهنم ونحوه ولكون الجنة دار الجمال لا يوجد فيها اللون الأسود ايضا لانه من آثار الجلال والجملة صفة اخرى لجنتان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ اى من هذه النعم اللذيذة مُتَّكِئِينَ حال من الخائفين لان من خاف في معنى الجمع والمعنى يحصل لهم جنتان متكئين اى جالسين جلسة الملوك جلوس راحة ودعة معتمدين عَلى فُرُشٍ جمع فراش بالكسر وهو ما يفرش ويبسط ويستمهد للجلوس والنوم بَطائِنُها جمع بطانة وهى بالكسر من الثوب خلاف ظهارته بالفارسية آستر مِنْ إِسْتَبْرَقٍ قرأ ورش عن نافع ورويس عن يعقوب من إستبرق بحذف الالف وكسر النون لالقاء حركة الهمزة عليها والباقون بإسكان النون وكسر الالف وقطعها والإستبرق ما غلظ من الديباج قيل هو استفعل من البريق وهو الاضاءة وقيل من البرقة وهو اجتماع ألوان وجعل اسما فاعرب إعرابه وقد سبق شرحه في الدخان والمعنى من ديباج ثخين وحيث كانت بطائنها كذلك فما ظنك بظهائرها يعنى ان الظهارة كانت أشرف وأعلى كما قال عليه السلام لمناديل سعد بن معاذ في الجنة احسن من هذه الحلة فذكر المنديل دون غيره تنبيها بالأدنى على الأعلى وقيل ظهائرها من سندس او من نور او هو مما قال الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ جنى اسم بمعنى المجنى كالقبض بمعنى المقبوض لقول على رضى الله عنه هذا جناى وخياره فيه ... وكل جان يده الى فيه ودان من الدنو وهو القرب أصله دانو مثل غاز واى ما يجتنى من أشجارها من الثمار قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع وبالفارسية وميوه درختان آن دو بهشت نزديكست كه دست قائم وقاعد ومضطجع بدان رسد وقال ابن عباس رضى الله عنهما تدنو الشجرة حتى يجتبيها ولى الله ان شاء قائما وان شاء قاعدا وان شاء مضطجعا وقال قتادة لا يرد بده بعد ولا شؤك وكفته اند كسانى كه تكيه دارند وميوه آرزو كنند شاخ درخت سر فرو دارد وآن ميوه كه خواهد بدهان وى درآيد يقول الفقيران البعد انما نشأ من كثافة الجسم ولا كثافة فى الجنة وأهلها أجسام لطيفة نورانية في صور الأرواح وقد قال من قال (مصرع) بعد منزل نبود در سفر روحانى وايضا ان الطاعات في الدنيا كانت في مشيئة المطيع فثمراتها ايضا في الجنة تكون كذلك فيتناولها بلا مشقة بل لا تناول أصلا فان سهولة التناول تصوير لسهولة الاكل فتلك الثمار تقع في الفم بلا أخذ على ما قال البعض فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من هذه الآلاء اللذيذة الباقية فِيهِنَّ اى في الجنان المدلول عليها بقوله جنتان لما عرفت انهما لكل خائفين من الثقلين او لكل خائف حسب تعدد عمله وقد اعتبر الجمعية في قوله متكئين قاصِراتُ الطَّرْفِ من اضافة اسم الفاعل الى منصوبه تخففا ومتعلق القصر وهو على أزواجهن محذوف للعلم به والمعنى نساء يقصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن الى غيرهم وتقول كل منهن لزوجها وعزة ربى ما أرى في الجنة شيأ أحسن منك فالحمد لله

[سورة الرحمن (55) : الآيات 57 إلى 58]

الذي جعلك زوجى وجعلنى زوجك وقصر الطرف ايضا من الحياء والغنج و چون قصر الطرف بر معناى حيا وعنج بود معنى قاصرات الطرف آنست كه كنيزكان بهشتى نازنينان اند از ناز فرو شكسته چشمان اند وقد يقال المعنى قاصرات طرف غيرهن عليهن اى إذا رآهن أحد لم يتجاوز طرفه الى غيرهن لكمال حسنهن لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ الجملة صفة لقاصرات الطرف لان اضافتها لفظية يقال طمث المرأة من باب ضرب إذا افتضها بالتدمية اى أخذ بكارتها فالطمث الجماع المؤدى الى خروج دم البكر ثم اطلق على كل جماع طمث وان لم يكن معه دم وفي القاموس الطمث المس والمعنى لم يمس الانسيات أحد من الانس ولا الجنيات أحد من الجن قبل أزواجهن المدلول عليهم بقاصرات الطرف يعنى حوران كه براى انس مقرراند دست آدمي بدامن ايشان نرسيده باشد وآنانكه براى جن مقرراند جن نيز در ايشان تصرف نكرده باشد فهن كالرياض الانف وهى التي لم ترعها الدواب قط وفيه ترغيب لتحصيلهن إذ الرغبة للابكار فوق الرغبة للثيبات ودليل على ان الجن من أهل الجنة وانهم يطمثون كما يطمث الانس فان مقام الامتنان يقتضى ذلك إذ لو لم يطمثوا كمن قبلهم لم يحصل لهم الامتنان به ولكن ليس لهم ماء كماء الإنسان بل لهم هواء بدل الماء وبه يحصل العلوق في أرحام إناثهم كما في الفتوحات المكية وهذا يستدعى أن لا تصح المناكحة بين الانس والجن وكذا العكس وقد ذهب الى صحتها جم غفير من العلماء منهم صاحب آكام المرجان واما قول ابن عباس رضى الله عنهما المخنثون أولاد الجن لان الله ورسوله نهيا أن يأتى الرجل امرأته وهى حائض فاذا أتاها سبقه إليها الشيطان فحملت فجاءت بالمخنث وكذا قول مجاهد إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فلا يدل دلالة قطعية على أن جماعهم كجماع الانس وان من جماعهم الانس يحصل العلوق بل فيه دلالة على شركة الجن معه بسبب الحيض وعدم التسمية كشركة الشيطان فى الطعام الذي لم يسم عليه ونحو فهوه إفساد بالخاصية وإضرار بما يليق بمقامه والعلم عند الله تعالى ثم ان هؤلاء اى قاصرات من حور الجنة المخلوقات فيها ما يبتذلن ولم يمسسن وهذا قول الجمهور وقال الشعبي والكلبي من نساء الدنيا اى لم يجامعهن بعد النشأة الثانية أحد سواءكن في الدنيا ثيبات او أبكارا فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من هذه النعم التي هى لتمتع نفوسكم وفيه اشارة الى أن في الجنات للفانين في الله الباقين به حورا من التجليات الذاتية والمعارف الالهية والحكم الربانية مستورات عن عيون الأغيار لا يتبرجن ولا يظهرن على غير اربابهن لم يطلع عليهن انس الروح ولا جان النفس لبقائهم بهم وظلمة نفسهم وكثافة طينتهم كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ صفة لقاصرات الطرف قد سبق بيان المرجان واما الياقوت فهو حجر صلب شديد اليبس رزين صاف منه احمر وابيض وأصفر وأخضر وازرق وهو حجر لا تعمل فيه النار لقلة دهنيته ولا يثقب لغلظة رطوبته ولا تعمل فيه المبارد لصلابته بل يزداد حسنا على مر الليالى والأيام وهو عزيز قليل الوجود سيما الأحمر وبعده الأصفر أصبر على النار من سائر اصنافه واما الأخضر منه فلاصبر له على

[سورة الرحمن (55) : الآيات 59 إلى 60]

النار أصلا وفي الطب أجود اليواقيت وأغلاها قيمة الياقوت الرماني وهو الذي يشا به النار فى لونه ومن تختم بهذه الأصناف أمن من الطاعون وان عم الناس وأمن ايضا من إصابة الصاعقة والغرق ومن حمل شيأ منها او تختم به كان معظما عند الناس وجيها عند الملوك وأكل معجون الياقوت يدفع ضرر السم ويزيد في القوة ومعنى الآية مشبهات بالياقوت في حمرة الوجنة والمرجان اى صغار الدر في بياض البشرة وصفائها فان صغار الدر انصع بياضا من كباره وقال قتادة في صفاء الياقوت وبياض المرجان (روى) عن أبى سعيد في صفة أهل الجنة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهن دون لحمها ودمها وجلدها وعنه عليه السلام أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على اثرهم كأشد كوكب اضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من ورلء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة وعشيا لا يسقمون ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وامشاطهم الذهب ووجور مجامرهم الالوة وريحهم المسك وعنه عليه السلام ان المرأة من اهل الجنة ليرى بياض ساقها من ورلء سبعين حلة من حرير ومخها ان الله يقول كأنهن الياقوت والمرجان فاما الياقوت فانه حجر لو ادخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه وقال عمرو بن ميمون ان المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من قدامها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من النعم المتعلقة بالنظر والتمتع وفيه اشارة الى ان هذه الحوراء العرفانية والحسناء الاحسانية ياقوت تجليات البسط والانشراح ومرجان تجليات الجمال والكمال من لطافة الوجنة كالياقوت الأحمر ومن طراوة الفطرة كالمرجان الأبيض فبأى آلاء ربكما تكذبان أبا لمشبه أم بالمشبه به هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ هل يجيئ على اربعة أوجه الاول بمعنى قد كقوله تعالى هل أتى والثاني بمعنى الأمر كقوله تعالى فهل أنتم منتهون اى فانتهوا والثالث بمعنى الاستفهام كقوله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا والرابع بمعنى ما الجحد كما في هذه الآية اى ما جزاء الإحسان في العمل الا الإحسان فى الثواب وعن انس رضى الله عنه انه قال قرأ رسول الله عليه السلام هل جزاء إلخ ثم قال هل تدرون ما قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال يقوله هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدى الا أن اسكنه جنتى وحظيرة قدسى برحمتي (قال الكاشفى) حاصل آيت آنست جزاى نيكى نيكست پس جزا دهند طاعات را درجات ومكافات كنند شكرها بزياده ونفوس را بفرح وتوبه را بقبول ودعا را باجابت وسؤال بعطا واستغفار را بمغفرت وخوف دنيا را بأمن آخرت وجزاء فنا في الله بقا با الله هر كه در راه محبت شد فنا ... يافت از بحر لقا در بقا هر كرا شمشير شوقش سر بريد ... ميوه وصل از درخت شوق چيد فغاية الإحسان من العبد الفناء في الله وموالمولى إعطاء الوجود الحقانى إياه فعليك بالإحسان

[سورة الرحمن (55) : الآيات 61 إلى 68]

كل آن وحين فان الله لا يضيع اجر المحسنين (حكى) ان ذا النون المصري قدس سره رأى عجوزا كافرة تنفق الحبوب للطيور وقت الشتاء فقال انه لا يقبل من الجنبي فقالت افعل قبل او لم يقبل ثم انه رأها في حرم الكعبة فقالت يا ذالنون احسن الى نعمة الإسلام بقبضة من الحبة (وروى) ان مخلوقا مهيبا اعترض في طريق الحج فمنع القافلة عن المرور فقال بعضهم لعله عطشان فأخذ بيد سيفا وبيد قربة ماء حتى دنا اليه فصب في فمه قربة الماء حتى ارتوى وغاب ثم انه نام في الرجوع من الحج فلما استيقظ رأى القافلة قد ذهبت فبقى وحيدا في البرية وفي تلك الحيرة جاءه رجل معه راحلة وأمره بالقيام فركبها حتى لحق الحجاج فأقسم عليه من هو فقال أنا الذي رفعت عطشى بقربة الماء (وروى) ان امرأة أعطت لقمة للسائل فاخذ ذئب ولدها في الصحراء فظهر شخص فأخرجه من فم الذهب وأعطاها إياه وقال هذه اللقمة بتلك اللقمة قال الحسن الإحسان أن يعم ولا يخص فيكون كالمطر والريح والشمس والقمر قال بعض اهل التحقيق الجنة جزاء الأعمال واما جزاء التوحيد فرؤية الملك المتعال فذكر الله تعالى احسن صنوف الإحسان (يروى) ان العبد إذا قال لا اله الا الله أتت اى هذه الكلمة الى صحيفته فلا تمر على خطيئة إلا محتها حتى تجد حسنة مثلها فتجلس الى جنبها وعن أبى ذر رضى الله عنه قال يا رسول الله دلنى على عمل يدخلنى الجنة ويباعدنى عن النار فقال عليه السلام إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها بعشر أمثالها فقال يا رسول الله لا اله الا الله من الحسنات فقال عليه السلام هى احسن الحسنات ويكفى فى شرف التوحيدان الايمان الذي هو اصل الطاعات وتنوير القلب الذي هو محل نظرا الحق وتصفية الباطن من اكدار السوي انما يحصل به فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من نعمه الواصلة في الدنيا والآخرة وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ مبتدأ وخبراى ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للخائفين المقربين جنتان أخريان لم دونهم من أصحابه اليمين فالخائفون قسمان المقربون واصحاب اليمين وهم دون المقربين بحسب الفضائل العلمية والعملية فدون بمعنى الأدنى مرتبة ومنزلة لا بمعنى غير فالجنتان الاوليان أفضل من الأخريين كفضل المقربين على الأبرار وقيل ليس دون من الدناءة بل من الدنو وهو القرب اى ومن دون هاتين الجنتين الى العرش اى اقرب اليه وارفع منهما وحمله بعض المفسرين على ومعنى الغير (كما قال الكاشفى) وبجز اين بوستان كه مذكور شد دو بوستان ديكرست وكفته اندد وبوستان أول از زرست براى سابقان واين دو بوستان از نقره براى اصحاب يمين وأطلقهما صاحب كشف الاسرار حيث قال من دون الجنتين الأوليين جنتان أخريان جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ولكل رجل وامرأة من اهل الجنة جنتان إحداهما جزاء عمله والاخرى ورثوها عن الكفار وقيل لكل واحد منهم اربع جنان في الجهات الأربع ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة الى جنة ويكون أمتع لانه ابعد من الملل فيما طبع عليه البشر وجملة معانى من دونهما فوقهما او من دون صفتيهما او من دونهما في الدرج او امامهما او قبلهما (وفلاة من دونها سفرطا ل وميل يفضى الى أميال) ويؤيد معنى الأدنى مرتبة قول الشيخ

[سورة الرحمن (55) : الآيات 63 إلى 68]

نجم الدين في تأويلاته يشير الى جنتى الأبرار القائمين بالأعمال الصحيحة والأقوال المستقيمة الناظرين الى المراتب السنية الطالبين للمراتب والمقامات العلية يعنى ان لهم جنتين من دون جنتى المذكورين اعنى الفانين عن ناسوتيتهم والباقين بلا هو تيته فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مما ذكر من الجنتين مُدْهامَّتانِ صفة لجنتان يقال ادهام الشيء يدهام ادهيماما فهو مدهام اسود وفي تاج المصادر في باب الافعيلال الادهيمام سياه شدن لان الدهمة بالضم السواد والأدهم الأسود ومنه قوله تعالى مدهامتان اى سوداوان يعنى علالونها دهمة وسواد من شدة الخضرة والري وان شئت قلت خضرا وان تضربان الى السواد من شدة الخضرة وبالفارسية دو بهشت سبز از بسيارى سبزى بسياهى رسيده والنظر الى الخضرة يجلو البصر كما قال عليه السلام ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم وهو الكحل الأسود وأجوده الاصفهانى وهو بارد يابس ينفع العين اكتحالا ويقوى أعصابها ويمنع عنها كثيرا من الآفات والأوجاع سيما الشيوخ والعجائز وان جعل معه شيء من المسك كان غاية في النفع وينفع من حرق النار طلاء مع الشحم ويقطع النزف ويمنع الرعاف إذا كان من اغشية الدماغ وفي الحديث (خيرا كحالكم الإثمد ينبت الشعر ويجلو البصر) كما في خريدة العجائب وفي قوله مدهامتان اشعار بأن الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض وعلى الأوليين الأشجار والفواكه ودل هذا على فضل الأوليين على الأخريين قال في التأويلات النجمية يشير به الى غلبة القوة النباتية على اصحاب هاتين الجنتين وهم اصحاب اليمين والى غلبة القوة الروحانية على اصحاب الجنتين الأوليين لان فيهما كثرة الأشجار والفواكه وهم المقربون فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث تتمتع أبصاركم بخضرة نباتات هاتين الجنتين وتنتفع انوفكم بشم رياحينهما قال الفقهاء إذا قرأ في الصلاة آية واحدة هى كلمة واحدة نحو قوله تعالى مدهامتان او حرف واحد نحوق وص ون فان كل حرف منها آية عند البعض فالاصح انه لا يجزى عن فرض القراءة لانه لا يسمى قارئا لان القراءة ضم الحروف والكلمات بعضها الى بعض في الترتيل يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ يقال نضخه كمنعه رشه ونضخ الماء اشتد فورانه من ينبوعه كما في القاموس اى فوارتان بالماء لا تنقطعان وبالفارسية جوشنده بآب يعنى هر چند ازو بر دارند ديكر جوشد وهذا يدل ايضا على فضل الأوليين على الأخريين لانه تعالى قال في الأوليين عينان تجريان وفي الأخريين نضاختان والنضخ دون الجري لان النضخ هو الفوران وهو يتحقق بان يكون الماء بحيث كلما أخذ منه شيء فار آخر مكانه ولا يكفى هذا القدر في جريانه فلا شك ان الجري ابلغ منه وقال ابن عباس رضى الله عنهما نضاختان بالمسك والعنبر وقال الكلبي بالخير والبركة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث يحصل لكم الري من شراب تينك العينين فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عطف الأخيرين على الفاكهة كعطف جبريل وميكائيل على الملائكة بيانا لفضلهما فان ثمرة النخل فاكهة وغذاء والرمان بالفارسية أنار فاكهة

[سورة الرحمن (55) : الآيات 69 إلى 74]

ودواء يعنى بحسب حال الدنيا وإلا فالكل في الجنة للتفكه ومن هذا قال ابو حنيفة رحمه الله من حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانا او رطبا لم يحنث خلافا لصاحبيه يعنى ان أبا حنيفة لا يجعلهما من الفاكهة بخلاف صاحبيه وغيرهما فلا يحنث من حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل تمرا او رمانا عنده وكذا الحكم عنده في العنب من جعلهما من الفاكهة حملهما على التحصيص بذكرهما بيانا لفضلهما كما مر آنفا وقد سبق بيان النخل مفصلا قال ابن عباس رضى الله عنهما نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكربها ذهب احمر وسعفها كسوة لاهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وتمرها أمثال القلال او الدلاء أشد بياضا من اللبن واحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم كلما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى وأنهارها تجرى في غير حدود والرمان من الأشجار التي لا تقوى الا بالبلاد الحارة (روى) عن ابن عباس رضى الله عنهما ما لقحت رمانة قبل إلا بحبة من الجنة وقال الامام على رضى الله عنه إذا أكلتم الرمان فكلوه ببعض شحمه فانه دباغ للمعدة وما من حبة منه تقيم في جوف مؤمن الا أنارت قلبه وأخرجت شيطان الوسوسة منه أربعين يوما وفي الحديث (من أكل رمانا أنار الله قلبه أربعين يوما) ولا يخفى ما فى جمع الرمان مع أنار من اللطافة وأجوده الكبار الحلو المليس وهو حار رطب يلين الصدر والحلق ويجلوا لمعدة وينفع من الخفقان ويزيد في الباءة وقشره تهرب منه الهوام وفي التأويلات النجمية يشير الى ضعف استعداد اصحاب اليمين بالنسبة الى المقربين لان الرمان للدواء لا للتفكه وتهيئة الدواء في البيت تدل على ضعف مزاج ساكن البيت فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث هيأ لكم ما به تتلذذون من الفواكه فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ صفة اخرى لجنتان كالجملة التي قبلها والكلام في جمع الضمير كالذى مر فيما مر وخيرات مخففة من خيرات جمع خيرة لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع فلا يقال فيه خيرون ولا خيرات ومعناها بالفارسية زنان برگزيده وقيل في تفسير الخيرات اى لسن بدمرات ولا بخرات الدمر النتن والبخر بالتحريك النتن في الفم والإبط وغيرهما ولا متطلعات التطلع چشم داشتن وقولهم عافى الله من لم يتطلع في فمك اى لم يتعقب كلامك (ولا متشوفات) التصوف خويشتن آراستن و چشم داشتن ويعدى بالى وفي القاموس شفته شوفا جلوته وشيفت الجارية تشاف زينت وتشوف تزين والى الخير تطلع ومن السطح تطاول ونظر وأشرف (رلاذربات) يقال ذرب كفرح ذربا وذرابة فهو ذرب حد والذربة بالكسر السليطة اللسان (ولا سليطات) السلط والسليط الشديد والطويل اللسان (ولا طنماحات) يقال طمح بصره اليه كمنع ارتفع والمرأة طمحت فهى طامح وككتاب النشوز (ولا طوافات في الطرق) اى دوارت (حسان) جمع حسنة وحسناء اى حسان الخلق والخلق يعنى نيكو رويان ونيكو خويان وهن من الحور وقيل من المؤمنات الخيرات ويدل على الاول ما بعد الآية وفي الحديث (لو أن امرأة من نساء اهل الجنة اطلعت على السموات والأرض لاصاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولعصابتها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) وروى لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها

[سورة الرحمن (55) : الآيات 71 إلى 74]

(وروى انهن يقلن نحن الناعمات فلا نبأس) يعنى ماييم با نعمت كه درويش نمى شويم (الراضيات فلا تسخط) يعنى ماييم راضى كه غضب نمى كنيم (نحن الخالدات فلا نببد) يعنى ماييم جاويد كه هلاك نمى شويم (طوبى لمن كناله وكان لنا) وفي الأثر إذا قلن هذه المقالة اجابتهن المؤمنات من نساء الدنيا نحن المصليات وما صليتن ونحن الصائمات وما صمتن ونحن المتصدقات وما تصدقتن فغلبنهن والله غلبنهن وفيه بيان ان هاتين الجنتين دون الأوليين لانه تعالى قال في الأوليين في صفة الحور العين كأنهن الياقوت والمرجان وفي الأخريين فيهن خيرات حسان وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان قال في التأويلات النجمية فيهن خيرات حسان من المعاملات الفاضلات والمكاشفات العاليات وهذا الوصف ايضا يدل على ان جنة المقربين أفضل من جنة الأبرار واصحاب اليمين لان ثمرة تلك الجنة الفناء والبقاء وثمرة هذه الجنة المعاملات وتحسين الأخلاق فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد أنعم عليكم بما به تستمعون من النساء حُورٌ بدل من خيرات جمع حوراء وهى البيضاء ووصفت في غير هذه الآية بالعين وهى جمع عيناء بمعنى عظيمة العين وقال بعضهم شديدة سواد العين يعنى سياه چشمان اند مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ قصرن في خدورهن وحبسن (قال الكاشفى) از چشمهاى بيكانكان نكاه داشته ودر خيمها بداشته وفيه اشارة الى انهن لا يظهرن لغير المحارم وان لم تكن الجنة دار التكليف وذلك لانهن من قبيل الإسرار وهى تصان عن الأغيار غيرة عليها يقال امرأة قصيرة وقصورة اى مخدرة مستورة لا تخرج ومقصورات الطرف على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا والاخيام جمع خيمة وهى القبة المضروبة على الأعواد هكذا جمع خيام الدنيا وهى لا تشبه خيام الجنة الا بالاسم فانه قد قيل ان الخيمة من خيامهن درة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها اهلون ما يرون الا حين يطوف عليهم المؤمنون وقال ابن مسعود لكل زوجة خيمة طولها ستون ميلا وكفته اند مراد خانهاست يعنى مستورات في الحجال وحجله خانه بود براى داماد وعروس قال في القاموس الحجلة محركة كالقبة موضع يزين بالثياب والستور للعروس والجمع حجل وحجال قال البقلى رحمه الله وصف الله جوارى جنانه التي خلقهن لخدمة أوليائه وألبسهن لباس نوره وأجلسهن على سرير أنسه في حجال قدسه وضرب عليهن خيام الدر والياقوت ينتظرن أزواجهن من العارفين والمؤمنين المتقين لا يصرفن أبصارهن في انتظار هن عن مسلك الأولياء من أزواجهن الى غيره وفي الآية اشارة الى ان الأسماء تنقسم بالقسمة الاولى قسمين بعضها كونية اى لها مظاهر في الكون وبعضها غير كونية اى ليس لها مظاهر في الكون بل هى من المستأثرات الغيبية كما جاء في دعاء النبي عليه السلام اللهم انى اسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك او علمته أحدا او استأثرت به في علم غيبك المكنون وقوله حور مقصورات يعنى ان من خصائص هاتين الجنتين ان فيهما معانى وحقائق ما ظهرت مظاهرها في هذا العالم بل بعد في خيام الغيب المكنون في جنة السر فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد خلق من النعم ما هى مقصورة ومحبوسة لكم لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ

[سورة الرحمن (55) : الآيات 75 إلى 78]

كالذى مر في نظيره في جميع الوجوه وقال بعضهم اى قبل اصحاب الجنتين دل عليهم ذكر الجنتين قال في كشف الاسرار كرر ذلك زيادة في التشويق وتأكيدا للرغبة وفيه انه ليس بتكرير لان الاول في ازواج المقربين وهذا في ازواج الأبرار قال محمد بن كعب ان المؤمن يزوج ألف ثيب وألف بكر وألف حوراء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع انها ليست كنعم الدنيا إذ قد تطمث المرأة في الدنيا ثم يتزوجها آخر ثيبا فهن نعم باكورة فيالها من طيب وصالها ويا لها من حسنها وبراعة جمالها لا يقدر أحد على حكايتها ولا يبلغ وصف الى نهايتها والعقول فيها حيارى والقلوب سكارى مُتَّكِئِينَ حال صاحبه محذوف يدل عليه الضمير في قبلهم عَلى رَفْرَفٍ اما اسم جنس او اسم جمع واحده رفرفة قيل هو ما تدلى من الاسرة من عالى الثياب او ضرب من البسط او الوسائد قال في المفردات الرفرف ضرب من الثياب مشبه بالرياض انتهى ومن معانى الرفرف الرياض وكان بساط انوشروان ستين ذراعا في ستين ذراعا يبسط له في ايوانه منظوما باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان زهر الربيع وينشر إذا عدمت الزهور وفي القاموس الرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس وتبسط وفضول المحابس والفرش وكل ما فضل فثنى والفراش والرقيق من الديباج خُضْرٍ نعت لرفرف جمع أخضر والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد أقرب فلهذا اسمى الأسود أخضر والأخضر أسود وَعَبْقَرِيٍّ عطف على رفرف والمراد الجنس ولذا وصف بالجمع وهو قوله حِسانٍ حملا على المعنى وهو جمع حسن والعبقري منسوب الى عبقر تزعم العرب انه اسم بلد كثير الجن فينسبون اليه كل شيء عجيب وقال قطرب ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسى وبختي قال في القاموس عبقر موضع كثير الجن وقرية ثيابها في غاية الحسن والعبقري ضرب من البسط كالعباقرى انتهى وفي المفردات قيل هو موضع للجن ينسب اليه كل نادر من انسان وحيوان وثوب قال الله تعالى وعبقرى حسان وهو ضرب من الفرش جعله الله مثلا لفرش الجنة وفي التكملة عبقر اسم موضع يصنع فيه الوشي كانت العرب إذا رأت شيأ نسبته اليه فخاطبهم الله على عادتهم وفي فتح الرحمن العبقري بسط حسان فيها صور وغير ذلك والعرب إذا استحسنت شيأ واستجادته قالت عبقرى قال ابن عطية ومنه قول النبي عليه السلام رأيت عمر بن الخطاب فى المنام يستقى من بئر فلم أر عبقر يا يفرى فريه اى سيدا يعمل عمله وقيل عبقر اسم رجل كان بمكة يتخذ الزرابي ويجيدها فنسب اليه كل شيء جيد حسن وبالفارسية وبساطى قيمتى در غايت نيكويى قوله تعالى في الأوليين متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وترك ذكر الظهارة لرفعة شأنها وخروجها عن كونها مدركة بالعقول والافهام وفي الأخريين متكئين على رفرف خضر وعبقرى وبه يعلم تفاوت ما بينهما وقيل الإستبرق ديباج والعبقري موشى والديباج أعلى من الموشى قال ابن الشيخ الرفرف فراش إذا استقر عليه الولي طاربه من فرحه وشوقه اليه يمينا وشمالا وحيثما يريده الولي (وروى) فى حديث المعراج ان رسول الله عليه السلام لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله من جبريل وطاربه الى سيد العرش

[سورة الرحمن (55) : الآيات 77 إلى 78]

فذكر عليه السلام انه طاربى يخفضنى ويرفعنى حتى وقف بي على ربى ولما حان الانصراف تناوله فطاربه خفضا ورفعا يهوى به حتى اداه الى جبريل فالرفرف خادم بين يدى الله من جملة الخدم مختص بخواص الأمور في محل الدنو والقربة كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك فهذا الرفرف الذي سخره لاهل الجنتين هو متكأهم وفرشهم يرفرف بالولى ويطير به على حافات تلك الأنهار وحيث يشاء من خيامه وأزواجه وقصوره انتهى وهذا التقرير على تقدير أن يكون دون من الدنو ومعنى من دونهما ارفع منهما كما لا يخفى ويدل عليه ان الرفرف أعظم خضرة من الفرش المذكورة في قوله متكئين على فرش فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وقد هيا لكم ما تتكئون عليه فتستريحون تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ تنزيه وتقديس له تعالى فيه تقرير لما ذكر في السورة الكريمة من آلائه الفائضة على الأنام اى تعالى اسمه الجليل الذي من جملته ما صدرت به السورة من اسم الرحمن المنبئ عن افاضة الآلاء المفصلة وارتفع عما يليق بشأنه من الأمور التي من جملتها جحود نعمائه وتكذيبها وإذا كان حال اسمه بملابسة دلالته عليه كذلك فما ظنك بذاته الأقدس الا على وقيل الاسم بمعنى الصفة وقيل مقحم مثل ثم اسم السلام عليكما اى ثم السلام عليكما قال فى فتح الرحمن وهذا الموضع مما أريد فيه بالاسم مسماه وفي التأويلات النجمية هذا يدل على ان الاسم هو المسمى لان المتعالي هو المسمى في ذاته لا الاسم وان كان فتبعيته وكذا الموصوف بالقهر واللطف والجلال والإكرام هو المسمى فحسبه انتهى وفي الأمالي وليس الاسم غيرا للمسمى وفي شرح الأسماء الحسنى للزروقى الصحيح ان الاسم غير المسمى وأباه قوم وفصل آخرون وتوقف آخرون امتناعا لكن السلف لم يتكلموا في الاسم والمسمى ولا في الصفة والموصوف ولا في التلاوة والمتلو طلبا للسلامة وحذرا على الغير وهو ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وصف به الرب تكميلا لما ذكر من التنزيه والتقرير كفته اند أول چيزى كه از قرآن در مكه بر قريش آشكارا خواندند بعضى آيات از أول اين سوره بود روايت كردند از عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه كفت صحابه رسول عليه السلام محتمع شدند كفتند تا اين غايت مردم قريش از قرآن هيچ نشنيدند در ميان ما كيست كه ايشانرا قرآن بشنواند آشكارا عبد الله بن مسعود كفت آنكس من باشم كه قرآن آشكارا بر ايشان خوانم اگر چهـ از ان رنج وكزند آيد پس بيامد ودر انجمن قريش بيستاد وابتداء سوره رحمن در كرفت ولختى از ان آيات بر خواند قريش چون آن بشنيدند از سر غيظ وعداوت او را زخمها كردند ورنجانيدند پس چون بعضى خوانده او را فرا كذاشتند وبنزديك اصحاب باز كذشت فقالوا هذا الذي خشينا عليك يا ابن مسعود وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا سلم من الصلاة لم يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام كما في كشف الاسرار قال الزروقى ذو الجلال والإكرام هو الذي له العظمة والكبرياء والإفضال التام المطلق من عرف انه ذو الجلال والإكرام هابه لمكان الجلال وانس به لمكان الإكرام فكان بين خوف ورجاء وهو اسم الله الأعظم

تفسير سورة الواقعة

وقال بعضهم اسماء الله تعالى كلها أعظم لدلالتها على العظيم فانه إذا عظم الذات والمسمى عظم الأسماء والصفات وانما الكلام في ذكرها بالحضور والشهود والاستغراق في بحر الجود وهو ذكر الكمل من افراد الإنسان نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين له ظاهرا وباطنا اولا وآخرا تمت سورة الرحمن بعون الملك المنان في اواخر ذى القعدة الشريف من شهور سنة اربع عشرة ومائة والف تفسير سورة الواقعة مكية وآيها تسع وتسعون بسم الله الرحمن الرحيم إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ انتصاب إذا بمضمر اى إذا قامت القيامة وحدثت وذلك عند النفخة الثانية يكون من الأهوال ما لا يفى به المقال سماها واقعة مع ان دلالة اسم الفاعل على الحال والقيامة مما سيقع في الاستقبال لتحقق وقوعها ولذا اختير إذا وصيغة الماضي فالواقعة من اسماء القيامة كالصاخة والطامة والآزفة لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ قال الراغب يكنى عن الحرب بالوقعة وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك قال ابو الليث سميت القيامة الواقعة لصوتها والمعنى لا يكون عند وقوعها نفس تكذب على الله وتفترى بالشريك والولد والصحابة وبانه لا يبعث الموتى لان كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدقة واكثر النفوس اليوم كاذبة مكذبة فاللام للتوقيت والكاذبة اسم فاعل او ليس لاجل وقعتها او في حقها كذب بل كل ما ورد فى شأنها من الاخبار حق صادق لا ريب فيه فاللام للتعليل والكاذبة مصدر كالعاقبة خافِضَةٌ اى هى خافضة لا قوام رافِعَةٌ لآخرين وهو تقرير لعظمتها على سبيل الكناية فان الوقائع العظام يرتفع فيها أناس الى مراتب ويتضع أناس وتقديم الخفض على الرفع للتشديد في التهويل قال بعضهم خافضة لاعداء الله الى النار رافعة لاولياء الله الى الجنة او تحفض أقواما بالعدل وترفع أقواما بالفضل او تخفض أقواما بالدعاوى وترفع أقواما بالحقائق وعن ابن عباس رضى الله عنهما تخفض أقواما كانوا مرتفعين في الدنيا وترفع اقواء كانوا متضعين فيها آن روز بلال درويش را رضى الله عنه مى آرند با تاج وحله ومركب بردابرد ميزنند تا بفردوس أعلى برند وخواجه او را امية بن خلف با أغلال وأنكال وسلاسل بروى مى كشند تا بدرك أسفل برند آن طيلسان پوش منافق را بآتش مى برند وآن قبابسته مخلص را به ببهشت مى فرستندان پير مباحاتى مبتدع را بآتش قهر مى سوزند وآن جوان خراباتى معتقد را بر تخت بخت مى نشانند بسا پير مباحاتى كه بي مركب فرو ماند ... بسارند خراباتى كه زين بر شير نر بندد إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا الرج تحريك الشيء وإزعاجه والرجرجة الاضطراب اى خافضة رافعة إذا حركت الأرض تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل ولا تسكن زلزلتها حتى تلقى جميع ما في بطنها على ظهرها وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا اى فتت حتى صارت

[سورة الواقعة (56) : الآيات 6 إلى 9]

مثل السويق الملتوت من بس السويق اذالته والبسيسة سويق يلت فيتخذ زادا او سيقت وسيرت من أماكنها من بس الغنم إذا ساقها فَكانَتْ اى فصارت بسبب ذلك هَباءً اى غبارا وهو ما يسطع من سنابك الخيل او الذي يرى في شعاع الكوة او الهباء ما يتطاير من شرر النار او ماذرته الريح من الأوراق مُنْبَثًّا اى منتشرا متفرقا وفي التفسيران الله تعالى يبعث ريحا من تحت الجنة فتحمل الأرض والجبال وتضرب بعضها ببعض ولا تزال كذلك حتى تصير غبارا ويسقط ذلك الغبار على وجوه الكفار كقوله تعالى وجوه يومئذ عليها غبرة وقال بعضهم ان هذه الغبرة هى التراب الذي أشار اليه تعالى بقوله يا ليتنى كنت ترابا وسيجيئ تحقيقه في محله وفي الآية اشارة الى قيامة العارفين وهى قيامة العشق وسطوته وجذبة التوحيد وصدمته وهى تخفض القوى الجسمانية البشرية المقتضية لاحكام الكثرة وترفع القوى الروحانية الالهية المستدعية لانوار الوحدة وصرصر هذه القيامة إذا ضربت على ارض البشرية ومرت على جبال الانانية الانسانية جعلت تعينهما متلاشيا فانيا في ذاتهما وصفاتهما لا اسم لهما ولا رسم ولا اثر ولا عين بل هباء منبثالا حقيقة له في الجود كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيأ ووجد الله عنده واليه الاشارة بقولهم إذا تم الفقر فهو اليه ولا بد في سلوك طريق الحق من ارشاد أستاذ حاذق وتسليك شيخ كامل مكمل حتى تظهر حقيقة التوحيد بتغليب القوى الروحانية على القوى الجسمانية كما قال العارف الرباني ابو سعيد الخر از قدس سره حين سئل عن التوحيدان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اعزة أهلها اذلة وَكُنْتُمْ اما خطاب للامة الحاضرة والأمم السالفة تغليبا وللحاضرة فقط أَزْواجاً اى أصنافا ثَلاثَةً اثنان في الجنة وواحد في النار وكل صنف يكون مع صنف آخر في الوجود او في الذكر فهو زوج فردا كان او شفعا فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ تقسيم للازواج الثلاثة فأصحاب الميمنة مبتدأ خبره ما أصحاب الميمنة على ان ما الاستفهامية مبتدأ ثان ما بعده خبره والأصل ما هم اى اى شيء هم في حالهم وصفتهم والمراد تعجيب المسامع من شأن الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل ما عرفت حالهم اى شيء فاعرفها وتعجب منها فأصحاب الميمنة في غاية حسن الحال واصحاب المشأمة في نهايه سوء الحال نحو زيد وما زيد حيث لا يقال الا في موضع التعظيم والتعجب واصحاب الميمنة اصحاب المنزلة السنية واصحاب المشامة اصحاب المنزلة الدنية أخذا من تيمنهم بالميامن اى بطرف اليمين وتشؤمهم بالشمائل اى بجانب الشمال كما تقول فلان منى باليمين والشمال إذا وصفته عندك بالرفعة والضعة تريد ما يلزم من جهتى اليمين والشمال من رفعة القدر وانحطاطه او الذين يؤتون صحائفم بايمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم او الذي يكونون يوم القيامة على يمين العرش فيأخذون طريق الجنة والذين يكونون على شمال العرش فيفضى بهم الى النار او اصحاب اليمين واصحاب الشئوم فان السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم عليها بمعاصيهم او اصحاب الميمنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق قال الله تعالى في حقهم هؤلاء من اهل الجنة ولا أبالى واصحاب المشأمة الذين كانوا على شماله وقال الله تعالى

[سورة الواقعة (56) : الآيات 10 إلى 14]

فيهم هؤلاء من اهل النار ولا أبالى وفي القاموس اليمن البركة كالميمنة يمن فهو ميمون وايمن والجمع ميامين وأيامن واليمين ضد اليسار والجمع ايمن وايمان وأيامن وايامين والبركة والقوة والشؤم ضد اليمن والمشأمة ضد الميمنة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ هم القسم الثالث من الأزواج الثلاثة اخر ذكرهم ليقترن ببيان محاسن أحوالهم واصل السبق التقدم في السير ثم تجوز به في غيره من التقدم والجملة مبتدأ وخبر والمعنى والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالهم وعرفت محاسنهم كقوله انا ابو النجم وشعرى شعرى او السابقون الاول مبتدأ والثاني تأكيد له كرر تعظيما لهم والخبر جملة قوله أولئك إلخ وفي البرهان التقدير عند بعضهم السابقون ما السابقون فحذف ما لدلالة ما قبله عليه وهم الذين سبقوا الى الايمان والطاعة عند ظهور الحق من غير تلعثم وتوان فالمراد بالسبق هو السبق بالزمان او الذين سبقوا في حيازة الكمالات الدينية والفضائل القينية فالمراد بالسبق هو السبق بالشرف كما قال الراغب يستعار السبق لاحراز الفضل وعلى ذلك والسابقون السابقون اى المتقدمون الى ثواب الله وجنته بالأعمال الصالحة أُولئِكَ الموصوفون بذلك النعت الجليل وهو مبدأ خبره قوله الْمُقَرَّبُونَ اى الذين قربت الى العرش العظيم درجاتهم وأعليت مراتبهم ورقيت الى حظائر القدس نفوسهم الزكية يقول الفقير عرف هذا المعنى من قوله عليه السلام إذا سألتم الله فاسالوه الفردوس فانه اوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن فانه يظهر منه ان الفردوس مقام المقربين لقربه من العرش الذي هو سقف الجنة ولم يقل أولئك المتقربون لانهم بتقريب ربهم سبقوا لا بتقرب أنفسهم ففيه اشارة الى الفضل العظيم في حق هؤلاء يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بالمقربون او بمضمر هو حال من ضميره اى كائنين في جنات النعيم يعنى در بوستانهاى مشتمل بر انواع نعمت قيل السابقون اربعة سابق امة موسى عليه السلام وهو خربيل مؤمن آل فرعون وسابق امة عيسى وهو حبيب النجار صاحب انطاكية وسابقا امة محمد عليه السلام وهما ابو بكر وعمر رضى الله عنهما وقال كعب هم اهل القرآن المتوجون يوم القيامة فانهم كادوا أن يكونوا أنبياء الا انه لا يوحى إليهم والمراد باهل القرآن الملازمون لقرآءته والعاملون به وكان خلق النبي عليه السلام القرآن وقيل الناس ثلاثة فرجل ابتكر الخير في حداثة سنة ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهو السابق المقرب ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبة فهذا صاحب اليمين ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال وقال حضرة شيخى وسندى قدس سره في بعض تحريراته العباد ثلاثة اصناف صنف هم اهل النسيان وصنف هم اهل الذكر وصنف هم اهل الإحسان والصنف الاول اهل الفتور مطلقا وليس فيه بوجه من الحضور شيء أصلا وهم اهل البعد قطعا وليس لهم من القرب شيء جدا وهم اصحاب المشأمة واصحاب المشأمة ما اصحاب المشأمة وهم ارباب الغضب والقهر والجلال ولهم في نار الجحيم عذاب اليم وماء حميم والصنف الثاني اهل الفتور من وجه واهل الحضور من وجه وهم اهل البعد بوجه واهل القرب بوجه وهم اصحاب الميمنة

واصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة وهم ارباب الرحمة واللطف والجمال ولهم في نور النعيم ثواب عظيم وسرور مقيم والصنف الثالث اهل الحضور مطلقا وليس فيهم بوجه من الفتور شيء أصلا وهم اهل القرب مطلقا وليس لهم من البعد شيء أصلا وهم السابقون والسابقون السابقون أولئك المقربون وهم اصحاب كمال الرضى والاجتباء والاصطفاء ولهم في سر نعيم جنة الوصال دوام الصحبة والمشاهدة والمعاينة وبقاء تجلى الوجه الحق والجمال المطلق وهم ارباب الكمال المتوجه بوجه الجمال والجلال والصنف الاول قفا بلا وجه في الظاهر والباطن والثاني وجه بلا قفا في الظاهر وقفا بلا وجه في الباطن والثالث وجه بلا قفا في الظاهر والباطن لكونهم على تعين الوجه المطلق وفي رسالته العرفانية اصحاب اليمين ممن سوى المقربين وجه بلا قفا في الظاهر لحصول الرؤية لهم وقفا بلا وجه في الباطن اى لعدم انكشاف البصيرة لهم واصحاب الشمال قفا بلا وجه في الظاهر اى باعتبار البداية ووجه بلا قفا في الباطن اى باعتبار النهاية وقال في اللائحات البرقيات له ذكر بعضهم بمجرد اللسان فقط وهم فريق الغافلين من الفجار ولهم رد مطلقا فانهم يقولونه بأفواهم ما ليس في قلوبهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل فقط وهم فريق المتيقظين من الأبرار ولهم قبول بالنسبة الى من تحتهم لا بالنسبة الى من فوقهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب فقط وهم فريق اهل البداية من المقربين وقبولهم نسبى ايضا وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب والروح فقط وهم اهل الوسط من المقربين وقبولهم إضافي ايضا وذكر بعضهم كان مطلقا حيث تحقق لهم ذكر اللسان وفكر المذكور ومطالعة الآثار بالعقل وحضور المذكور ومكاشفة الأطوار بالقلب وانس المذكور ومشاهدة الأنوار بالروح والفناء في المذكور ومعاينة الاسرار بالسر فلهم قبول مطلقا وليس لهم رد أصلا لأن كمالهم وتمامهم كان حقيقيا جدا وهم ارباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين واولياء الكاملين الأكملين وفي التأويلات النجمية يشير الى مراتب أعاظم المملكة الانسانية ومقامات اكابرها وصناديدها وهم الروح السابق المقرب وجود او رتبة والقلب المتوسط صاحب الميمنة والنفس الاخيرة صاحبة المشأمة اما تسمية الروح بالسابق فلسبقه بالتجليات الذاتية الرحمانية والتزلات الربانية وبقاء طهارته ونزاهته ابتداء وانتهاء ووصف القلب بصاحب الميمنة ليمنه والتيمن به وغلبة التجليات الصفاتية والاسمائية عليه ووصف النفس بصاحبه المشأمة لشؤمها وميشوميتها وتلعثمها عند اجابة دواعى الحق بالانقياد من غير عناد واعتناد واما تقديم القلب والنفس على الروح فلسعة الرحمانية الواسعة كل شيء كما قال ورحمتى وسعت كل شيء وقال رحمتى سبقت غضبى إذ جعل النفس برزخابين القلب والروح لتستفيد برحمته مرة من هذا وتارة من هذا وتصير منصبغة بنور انيتهما وتؤمن بهما ان شاء الله تعالى كما قال تعالى الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وبقوله في جنات النعيم يشير الى جنة الذات وجنة الصفات وجنة الافعال لان السابقين المقربين هم الفانون في الله بالذات والصفات والافعال والباقون بالله بالذات والصفات والافعال ولصاحب كل مقام من هذه

[سورة الواقعة (56) : الآيات 13 إلى 14]

المقامات الثلاثة جنة مختصة به جزاء وفاقا هذه الجنات كلها شاملة للنعيم الدنيوي واخروى ان فهمت الرموز الالهية فزت بالكنوز الرحمانية ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ اى هم امم كثيرة من الأولين غير محصورة العدد وهم الأمم السالفة من لدن آدم الى نبينا عليهما السلام وعلى من بينهما من الأنبياء العظام وهذا التفسير مبنى على أن يراد بالسابقين غير الأنبياء واشتقاق الثلة من الثل وهو الكسر وجماعة السابقين مع كثرتهم مقطوعة مكسورة من جملة بنى آدم وقال الراغب الثلة قطعة مجتمعة من الصوف ولذلك قيل للغنم ثلة ولاعتبار الاجتماع قيل ثلة من الأولين اى جماعة وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ اى من هذه الامة ولا يخالفه قوله عليه السلام (ان أمتي يكثرون سائر الأمم) اى يغلبونهم بالكثرة فان أكثرية سابقى الأمم السالفة من سابقى هذه الامة لا تمنع أكثرية تابعي هؤلاء من تابعي أولئك مثل ان يكون سابقو هم ألفين وتابعوهم ألفا فالمجموع ثلاثة آلاف ويكون سابقوا هذه الامة الفا وتابعوهم ثلاثة آلاف فالمجموع اربعة آلاف فرضا وهذا المجموع اكثر من المجموع الاول وفي الحديث (انا اكثر الناس تبعا يوم القيامة) ولا يرده قوله تعالى في اصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين لان كثرة كل من الفريقين في أنفسهما لا تنافى أكثرية أحدهما من الآخر وسيأتى ان الثلثين من هذه الامة وقد روى مرفوعا ان الأولين والآخرين هاهنا ايضا متقدموا هذه الامة ومتأخروهم وهو المختار كما في بحر العلوم فالمتقدمون مثل الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ولما نزلت بكى عمر رضى الله عنه فنزل قوله ثلة من الأولين وثلة من الآخرين يعنى كريان شد وكفت يا نبى الله ما با تو كرويديم وتصديق كرديم واز ما اهل نجات نيامد مكر اندك اين آيت آمد كه وثلة من الآخرين حضرت صلّى الله عليه وسلّم آيت بروى خواند وعمر فرمود كه رضينا من ربنا وفي الحديث (أترضون أن يكونوا ربع اهل الجنة قلنا نعم قال أترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة قلنا نعم قال والذي نفس محمد بيده انى لارجو أن تكونوا نصف اهل الجنة وذلك ان الجنة يعنى كونكم نصف أهلها بسبب انها لا يدخلها الأنفس مسلمة وما أنتم في اهل الشرك الا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود وكالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر أي فلا يستبعد دخول كلهم الجنة وقد ترقى عليه السلام في حديث آخر من النصف الى الثلثين وقال ان اهل الجنة مائة وعشرون صفا وهذه الامة منها ثمانون قال السهيلي رحمه الله في كتاب التعريف والاعلام قال عليه السلام نحن الآخرون السابقون يوم القيامة فهم إذا محمد صلّى الله عليه وسلّم وأمته وأول سابق الى باب الجنة محمد عليه السلام وفي الحديث (انا أول من يقرع باب الجنة فأدخل ومعى فقراء المهاجرين) واما آخر من يدخل الجنة وآخر اهل النار خروجا منها رجل اسمه جهينة فيقول اهل الجنة تعالوا نسأل جهينة فعنده الخبر اليقين فيسألونه هل بقي أحد في النار ممن يقول لا اله الا الله نماند بزندان دوزخ أسير ... كسى را كه باشد چنين دستكير يقول الفقير هذه خلاصة ما أورده اهل التفسير في هذا المقام والذي يلوح لى ان المقربين وان كانوا داخلين في اصحاب اليمين الا ان المراد بقوله تعالى وثلة من الآخرين هى الثلة التي من

[سورة الواقعة (56) : الآيات 15 إلى 21]

اصحاب اليمين وهم هنا غير المقربين بقرينة تقسيم الأزواج وتبيين كل فريق منهم على حدة وكلا منافى المقربين خصوصا اعنى السابقين من هذه الامة هل هم اقل من سابقى الأمم كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى وقليل من الآخرين او هم اكثر كما يدل عليه بعض الشواهد والظاهر أنهم اكثر مثل اصحاب اليمين والآية محمولة على مقدمى هذه الامة ومتأخريها كما أشير اليه سابقا وذلك لان النبي عليه السلام شبه علماء هذه الامة بانبياء بنى إسرائيل ولا شك ان الأنبياء كلهم من المقربين وعلماء هذه الامة لا نهاية لهم دل عليه ان اولياء في كل عصر من اعصار هذه الامة عدد الأنبياء وهم مائة ألف واربعة وعشرون ألفا وقد يزيد عددهم على عدد الأنبياء بحسب نورانية الزمان وقد ثبت ان كل أربعين مؤمنا في قوة ولى عرفى فاذا كان صفوف هذه الامة يوم القيامة ثمانين فظاهر أن عددهم يزيد على عدد الأولين وبزيادة العدد يزيد الأولياء اصحاب اليمين وبزيادتهم يزيد الأولياء المقربين السابقون فان في العدد المذكور منهم الغوث والاقطاب والكمل فاعرف وفي تأويلات النجمية يشير بقوله ثلة من الأولين الى كثرة ارباب القلوب صواحب التجليات الجزئية الصفاتية والاسمائية وكثرة اصحاب اللذات النفسانية الظلمانية وبقوله وقليل من الآخرين المحمديين يشير الى ارباب الأرواح الظاهرة صواحب التجليات الذاتية المقدسة عن كثرات الأسماء والصفات الاعتبارية عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ حال اخرى من المقربين والسر رجع سرير بالفارسية تحت والموضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت او المتواصلة من الوضن وهو نسج الدرع ثم استعير لكل نسج محكم مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ حالان من الضمير المستكن فيما تعلق به على سرر والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض اما بالذات واما بالعناية والمودة اى مستقرين على سرر متكئين عليها اى قاعدين قعود الملك للاستراحة متقابلين لا ينظر بعضهم من أقفاء بعض وهو وصف لهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب وقال ابو الليث متقابلين في الزيارة (وقال الكاشفى) برابر يكديكر يعنى روى با روى تا بديدان يكديگر مستأنس ومسرور باشند يَطُوفُ عَلَيْهِمْ اى يدور حولهم للخدمة حال الشرب وغيره وِلْدانٌ جمع وليد وخدمة الوليد أمتع من خدمة الكبير يعنى خدمت كودك زيباترست از خدمت كبار مُخَلَّدُونَ مبقون ابدا على شكل الولدان وطراوتهم لا يتحولون عنها لانهم خلقوا للبقاء ومق خلق للبقاء لا يتغير قال فى الاسئلة المقحمة هؤلاء هل يدخلون تحت قوله تعالى كل نفس ذائقة الموت والجواب انهم لا يموتون فيها بل يلقى عليهم بين النفختين نوم انتهى وازين معلوم شد كه اين كودكان را حق تعالى بمحض كرم خود آفريده باشد براى خدمت بهشتيان فهم للخدمة لا غير والحور العين للخدمة والمتعة وقيل هم أولاد اهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها ولا سيئات فيعاقبون عليها وفي الحديث (أولاد الكفار خدام اهل الجنة) ولفظ الولدان يشهد لابى حنيفة رحمه الله في أن أطفال المشركين خدم اهل الجنة لان الجنة لا ولادة فيها ويجوز أن يكون معنى مخلدون مقرطون يعنى آراستگان به گوشوارهاى زرين والخلد السوار والقرط كالخلدة محركة والجمع كقردة وولدان مخلدون مقرطون او مسورون

[سورة الواقعة (56) : الآيات 18 إلى 21]

او لا يهرمون ابدا ولا يجاوزون حد الوصافة كما في القاموس وقال في كشف الاسرار الخلادة لغة قحطانية بِأَكْوابٍ من الذهب والجواهر اى بآنية لا عرى لها ولا خراطيم وهى الأباريق الواسعة الرأس لا خرطوم لها ولا يعوق الشارب منها عائق عن شرب من اى موضع أراد منها فلا يحتاج أن يحول الإناء من الحالة التي تناوله بها ليشرب وَأَبارِيقَ جمع إبريق وهو الذي له عروة وخرطوم يبرق لونه من صفائه وقيل انها أعجمية معربة آبريز اى بآنية ذات عرى وخراطيم ويقال الكوب للماء وغيره والإبريق لغسل الأيدي والكأس لشرب الخمر كما قال وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ اى وبكأس من خمر جارية من العيون اخبر ان خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا تستخرج بتكلف وعلاج وتكون فى اوعية بل هى كثيرة جارية كما قال وانهار من خمر والكأس القدح إذا كان فيها شراب والا فهو قدح يقال معن الماء إذا جرى فهو فعيل بمعنى الفاعل او ظاهرة تراها العيون فى الأنهار كالماء المعين وهو الظاهر الجاري فيكون بمعنى مفعول من المعاينة من عانه إذا شخصه وميزه بعينه قال في القاموس المعن الماء الظاهر ومعن الماء اساله وأمعن الماء جرى والمعنان بالضم مجارى الماء في الوادي فان قلت كيف جمع الأكواب والأباريق وأفرد الكأس فالجواب ان ذلك على عادة اهل الشرب فانهم يعدون الخمر في الأواني المتعددة ويشربون بكأس واحدة لا يُصَدَّعُونَ عَنْها الصدع شق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحو هما ومنه استعير الصداع وهو الانشقاق في الرأس من الوجع ومنه الصديع للفجر اى لا ينالهم بسبب شربها صداع كما ينالهم ذلك من خمر الدنيا وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها قال ابن عباس رضى الله عنهما في الخمر أربع خصال السكر والصداع والقيء والبول وليست في خمر الجنة بل هى لذة يلا أذى وَلا يُنْزِفُونَ اى لا يسكرون يعنى لا تذهب عقولهم او ينفد شرابهم من انزف الشارب إذا نفد عقله او شرابه فالنفاد اما للعقل وهو من عيوب خمر الدنيا او للشراب فان بنفادها تختل الصحبة وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ يقال تخيرت الشيء أخذت خيره اى يختارونه ويأخذون خيره وأفضله من ألوانها وكلها خيار وهو عطف على بأكواب اى يطوف عليهم ولدان بفاكهة وهو ما يؤكل من الثمار تلذذ الا لحفظ الصحة لاستغنائهم عن حفظ الصحة بالغذاء في الجنة وليس ذلك كقوت الدنيا الذي يتناوله من يضطر اليه ويضيق عليه لتأخره عنه وهو اشارة الى انه يتناول المأكولات التي يتنعم بها ثم ذكر اللحم الذي هو سيد الادام وكانت العرب يتوسعون بلحمان الإبل ويعز عندهم لحم الطير الذي هو أطيب اللحوم ويسمعون بها عند الملوك فوعدوها فقيل وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ اى يتمنون مشويا او مطبوخا يتناولونها مشتهين لها لا مضطرين ولا كارهين وآن آن بود كه مؤمنان بر خوان نشسته باشند مرغ بيايد ودر پيش ايشان بر شاخ طوبى نشيند وآواز دهد كه من آنم كه هيچ چشمه نيست در بهشت كه از آن نچشيده ام وهيچ درختى نيست كه من از ميوه آن نخورده ام گوشت من خوشترين همه كوشتهاست پس بهشتى كوشت ويرا آرزو كند مرغ از ان شاخ طوبى در كردد وبر سر خوان افتد سه

[سورة الواقعة (56) : الآيات 22 إلى 26]

قسمت شود يكى پخته ويكى قديد ويكى بريان پس بهشتى چندانكه خواهد بخورد ديكر باره بقدرت حق زنده شود وبر پرد وفي الاسئلة المقحمة انما قال وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون فغاير بين اللفظين والجواب لان الفواكه كما تكون للاكل تكون ايضا للنظر والشم واما لحم الطير فمختلف الشهوات في أكل بعض اجزائه دون البعض ولما لم يكن بعد الاكل والشرب أشهى من الجماع قال وَحُورٌ عِينٌ عطف على ولدان او مبتدأ محذوف الخبر أي وفيها أولهم حور عين اى نساء وحور جمع حوراء وهى البيضاء او الشديدة بياض العين والشديدة سوادها وعين جمع عيناء وهى الواسعة الحسنة العين وهن خلقن من تسبيح الملائكة كما في عين المعاني كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ صفة لحور او حال اى الدر المخزون في الصدف لم تمسه الأيدي ولم تره الأعين او المصون عما يضربه ويدنسه في الصفاء والنقاء ولما بالغ في وصف جزائهم بالحسن والصفاء دل على ان أعمالهم كانت كذلك لان الجزاء من جنس العمل فقال جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ مفعول له اى يفعل بهم ذلك كله جزاء بأعمالهم الصالحة في الدنيا فما جزاء الإحسان الا الإحسان فالمنازل منقسمة على قدر الأعمال واما نفس دخول الجنة فبفضل الله ورحمته لا بعمل عامل فمن طمع في أن يدخل الجنة ويأكل من اللحم اللذيذ ويشرب من الشراب الهنيء ويستمتع بالحور العين آثر وجه زواجها (ويروى) ان الحوراء إذا مشت سمع تقديس الجلاجل من ساقيها وتمجيد الا سورة من ساعديها وان عقد الياقوت يضحك فى نحرها وفي رجليها نعلان من ذهب شراكهما من لؤلؤ تصران اى تصوتان بالتسبيح على كل امرأة سبعون حلة ليست منها حلة على لون الاخرى وسبعون لونا من الطيب ليس منها لون على لون الآخر لكل امرأة سبعون سريرا من ياقوت احمر منسوجة بالدر على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من إستبرق وفوق السبعين فراشا سبعون أريكة لكل امرأة منهن سبعون وصيفة بيد كل وصيفة صحفتان من ذهب فيهما لون من طعام يجد لآخر لقمة منه لذة لا يجدها لاولها ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت احمر عليه سواران من ذهب موشح بياقوت احمر وكان يحيى بن معاذ رحمه الله يقول اخطب زوجة لا تسلبها منك المنايا وأعرس بها في دار لا يخربها دوران البلايا واسبك لها حجلة لا تحرقها نيران الرزايا (وروى) انهن خلقن من الزعفران كما في كشف الاسرار لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً اى باطلا قال في القاموس اللغو واللغا السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره وفي المفردات اللغو من الكلام مالا يعتد به هو الذي يورد لا عن روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيماً ولا نسبة الى الإثم اى لا يقال لهم أثمتم اى لا لغو فيها ولا تأثيم ولا سماع والإثم اسم للافعال المبطئة عن الثواب والجمع آثام إِلَّا قِيلًا اى قولا سَلاماً سَلاماً بدل من قيلا والاستثناء منقطع اى لكنهم يسمعون فيها قولا سلاما سلاما او هو من باب لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى فى انه من التعليق بالمحال ومعنى سماعهم السلام انهم يفشون السلام فيسلمون سلاما بعد

[سورة الواقعة (56) : الآيات 27 إلى 30]

سلام او لا يسمع كل من المسلم والمسلم عليه الإسلام الآخر بدأ أوردا وفي الآية اشارة الى ان جنات السابقين المقربين صافية عن الكدورات المنغصة لساكنيها فارغة عن العاملات المعبسة لقاطنيها لا يقول أهلها الا مع الحق ولا يسمعون الا من الحق تجلى الحق لهم عن اسمه السلام المشتمل على السلامة من النقائص والآفات المتضمن للقربات والكرامات اعلم ان أعز السلام سلام الله على عباده كما قال سلام قولا من رب رحيم ثم سلاح الأرواح العالية كما حكى عن بعض الصالحين انه قال كان لى ابن استشهد فلم أره في المنام إلا ليلة توفى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وهو سابع الخلفاء الاثني عشر تراءى لى تلك الليلة فقلت يا بنى ألم تكن ميتا فقال لا ولكنى استشهدت وانا حى عند الله ارزق فقلت له ما جاء بك فقال نودى في اهل السماء ألا لا يبقى نبى ولا صديق ولا شهيد الا ويحضر الصلاة على عمر بن عبد العزيز فجئت لا شهد الصلاة ثم جئتكم لا سلم عليكم يقول الفقير شاهدت في الحرمين الشريفين حضور الأرواح للصلوات والطواف وسلام بعضهم على بعض حتى سلمت انا في السحر الأعلى عند مقام جبرائيل على الخلفاء الاربعة والملائكة اربعة ولله الحمد على ذلك سلام من الرحمن نحو جنابه ... لان سلامى لا يليق ببابه وَأَصْحابُ الْيَمِينِ شروع في تفصيل ما أجمل عند التقسيم من شؤونهم الفاضلة اثر تفصيل شؤون السابقين وهو مبتدأ خبره جملة قوله ما أَصْحابُ الْيَمِينِ اى لا تدرى ما لهم من الخير والبركة بسبب فواضل صفاتهم وكوامل محاسنهم فِي سِدْرٍ اى هم فى سدر مَخْضُودٍ ى غيرذى شوك لا كسدر الدنيا فان سدر الدنيا مخلوق بشوك وسدر الحنة بلا شوك كأنه خضد شوكه اى قطع ونزع عنه فقوله سدر مخضود اما من باب المبالغة في التشبيه او مجاز بعلاقة السببية فان الخضد سبب لانقطاع الشوك وقيل مخضود اى مثنى أغصانه لكثرة حمله من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود على هذا الوجه من حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه والسدر شجر النبق وهو ثمر معروف محبوب عند العرب يتخذون من ورقة الحرض وفي المفردات السدر شجر قليل الغذاء عند الاكل وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثل لظل الجنة ونعيمها قال بعضهم ليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما يكون في الدنيا من الباقلاء وغيره بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور اليه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قد نضد حمله وتراكب بعضه على بعض من أسفله الى إعلاء ليست له سوق بارزة وهو شجر الموز وهو شجر له أوراق كبار وظل بارد كما ان أوراق السدر صغار أو هو أم غيلان وله أنوار كثيرة منتظمة طيبة الرائحة يقصد العرب منه النزهة والزينة وان كان لا يؤكل منه شيء وعن السدى شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر احلى من العسل وعن مجاهد كان لاهل الطائف واد معجب فيه الطلح والسدر فقالوا يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي فنزلت هذه الآية وقد قال تعالى وفيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين فذكر لكل قوم ما يعجبهم ويحبون مثله وفضل طلح الجنة وسدرها على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ممتد

[سورة الواقعة (56) : الآيات 31 إلى 35]

لا ينتقص ولا يتفاوت كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس والعرب تقول للشيء الذي لا ينقطع ممدود وفي الحديث (فى الحنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها) وعن ابن عباس رضى الله عنهما شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها اهل الجنة فيتحدثون فى أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهى لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا وقال في كشف الاسرار ويحتمل ان الظل عبارة عن الحفظ تقول فلان في ظل فلان اى في كنفه لانه لا شمس هناك انتهى يقول الفقير بل المراد منه الراحة كما في قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا لانه انما يجلس المرء في الظل للاستراحة وكانت العرب يرغبون فيه لقلته في بلادهم وغلبة حرارة الشمس ومنه قوله عليه السلام السلطان ظل الله في ارضه يأوى اليه كل مظلوم اى يستريح عند عدله ومنه قولهم مد الله ظلاله اى ظلال عدله ورأفته حتى يصل اثر الاستراحة الى الناس كلهم وَماءٍ مَسْكُوبٍ يسكب لهم ويصب أينما شاؤا وكيفما أرادوا بلا تعب او مصبوب سائل يجرى على الأرض في غير أخدود لا ينقطع يعنى كون الماء مسكوبا كثيرا اما عبارة عن كونه ظاهرا مكشوفا غير مختص ببعض الأماكن والكيفيات او عن كونه جاريا واكثر ماء العرب من الآبار والبرك فلا ينسكب فلا يصلون الى الماء الا بالدلو والرشاء فوعدوا بالماء الكثير الجاري حتى يجرى فى الهولء على حسب الاشتهاء كأنه مثل حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن وحال اصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البواد إيذانا بالتفاوت بين الحالين فكما ان بينهما تفاوتا فكذا بين حاليهما وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ بحسب الأنواع والأجناس لا مَقْطُوعَةٍ فى وقت من الأوقات كفواكه الدنيا وَلا مَمْنُوعَةٍ عن متناوليها بوجه من الوجوه كبعد المتناول وانعدام ثمن يشترى به وشوك في الشجر يؤذى من يقصد تناولها وحائط يمنع الدخول ونحوها من المحظورات وفي الحديث ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة الا أبدل الله مكانها ضعفين وَفُرُشٍ جمع فراش وهو ما يبسط ويفرش اى هم في بسط مَرْفُوعَةٍ اى رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والأرض وهو مسيرة خمسمائة عام او مرفوعة على الاسرة وقيل الفرش هى النساء حيث يكنى بالفراش وباللباس والإزار عن المرأة وفي الحديث (الولد للفراش) فسمى المرأة فراشا وارتفاعها كونهن على الأرائك دل عليه قوله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً وعلى الاول أضمر هن لدلالة ذكر الفرش التي هى المضاجع عليهن دلالة بينة والمعنى ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولاد ابداء وإعادة اما الإبداء فكما في الحور لانهن انشأهن الله في الجنة من غير ولادة واما الاعادة فكما فى نساء الدنيا المقبوضة عجائز وفي الحديث (هن اللواتى قبض في دار الدنيا عجائز شمطا) جمع شمطاء والشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواد (رمصا) جمع رمصاء والرمص بالتحريك وسخ يجتمع في الموق جعلهن الله تعالى بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد فى الاستواء كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا فلما سمعت عائشة رضى الله عنها ذلك قالت وأوجعاه فقال عليه السلام ليس هناك وجع وقد فعل الله في الدنيا بزكريا عليه السلام

[سورة الواقعة (56) : الآيات 36 إلى 40]

فقال تعالى وأصلحنا له زوجه سئل الحسن عن ذلك الصلاح فقال جعلها شابة بعد أن كانت عجوزا وولودا بعد ان كانت عقيما وذلك قوله تعالى فَجَعَلْناهُنَّ بعد أن كن عجائز أَبْكاراً اى عذارى جمع بكر والمصدر البكارة بالفتح قال الراغب البكرة أول النهار وتصور منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر اوقات النهار فقيل لكل متعجل بكر وسميت التي لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء قال سعدى المفتى ان أريد بالانشاء معنى الإبداء فالجعل بمعنى الخلق وقوله أبكارا حال وان أريد به الاعادة فهو بمعنى التصبير وأبكارا مفعوله الثاني قال بعضهم دل قوله فجعلناهن أبكارا على ان المراد بهن نساء الدنيا لان المخلوقة ابتداء معلوم انها بكر وهن أفضل واحسن من حور الجنة لانهن عملن الصالحات في الدنيا بخلاف الحور وعن الحسن رضى الله عنه قالت عجوز عند عائشة رضى الله عنها من بنى عامر يا رسول الله ادع الله أن يدخلنى الجنة فقال يا أم فلان ان الجنة لا يدخلها عجوز فولت وهى تبكى فقال عليه السلام اخبروها انها ليست يومئذ بعجوز وقرأ الآية عُرُباً جمع عروب كرسل جمع رسول وهى المتحببة الى زوجها الحسنة التنقل واشتقاقه من أعرب إذا بين والعرب تبين محبتها لزوجها بشكل وغنج وحسن وفي المفردات امرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها وفي بعض التفاسير عربا كلامهن عربى أَتْراباً جمع ترب بالكسر وهى اللدة والسن ومن ولد معك وهى تربى اى مستويات فى سن بنت ثلاث وثلاثين سنة وكذا أزواجهن والقامة ستون ذراعا في سبعة اذرع على قامة أبيهم آدم شباب جرد مكحولون أحسنهم كالقمر ليلة البدر وآخرهم كالكوكب الدري فى السماء يبصر وجه في وجهها وتبصر وجهها في وجهه لا يبزقون ولا يتمخطون وما كان فوق ذلك من الأذى فهو ابعد وفي الحديث (ان الرجل ليفتض في الغداة سبعين عذراء ثم ينشئهن الله أبكارا) وقال عليه السلام (ان الرجل من اهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء واربعة آلاف ثيب وثمانية آلاف بكر يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره في الدنيا) ودر تبيان آورده كه جمله را ببهشت آرند بدين سن سازند وبشو هرد هند وعجوزه را نيز رد كنند بدين سن اگر شوهر نداشته باشد در دنيا ببعض از اهل بهشت دهند واگر شوهر داشته باشد اما شوهر او از اهل بهشت نبوده چون امرأه فرعون او را بيكى از بهشتيان دهند واگر زوج او بهشتى بود باز بدو ارزانى دارند واگر زياده از يك شوهر داشته باشد وهمه بهشتى باشند بزوج آخرين نامزد كنند وفي الحديث (أدنى اهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية الى صنعاء) الجابية بالجيم بلد بالشام وصنعاء بلد باليمن كثيرة الأشجار والمياه تشبه دمشق وفي الحديث (تقول الحوراء لولى الله كم من مجلس من مجالس ذكر الله قد أكرمك به العزيز أشرفت عليك بدلالى وغنجى وأترابي وأنت قاعد بين أصحابك تخطبنى الى الله فترى شوقك كان يعدل شوقى أوجدك كان يعدل جدى والذي أكرمني بك وأكرمك بي ما خطبتنى الى الله مرة الا خطبتك الى الله سبعين مرة فالحمد لله الذي أكرمني بك وأكرمك بي

[سورة الواقعة (56) : الآيات 38 إلى 40]

لِأَصْحابِ الْيَمِينِ متعلقة بانشأنا ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ اى هم امة من الأولين وامة من الآخرين وفي الحديث (هم جميعا من أمتي) اى الثلثان من أمتي فعلى هذا التابعون بإحسان ومن جرى مجراهم ثلة اولى وسائر الامة ثلة اخرى في آخر الزمان وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فقال عرضت على الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان معه الرهط والنبي ليس معه رهط والنبي ليس معه أحد ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل لى انظر هكذا وهكذا فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل لى هؤلاء أمتك ومع هؤلاء سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب وفي رواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها حتى أتى على موسى فى كبكبة من بتى إسرائيل اى في جماعة منهم فلما رأيتهم اعجبونى فقلت اى رب من هؤلاء قيل هذا أخوك موسى ومن معه من بنى إسرائيل فقلت فأين أمتي قيل انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة قد سدت بوجوه الرجال وهو جمع ظرب ككتف وهو مانتأ من الحجارة وحد طرفه والجبل المنبسط او الصغير كما في القاموس قيل هؤلاء أمتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت قيل انظر عن يسارك فاذا الأفق سد بوجوه الرجال قيل هؤلاء أمتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت فقيل ان مع هؤلاء سبعين الفا يدخلون الجنة بلا حساب عليهم فقال نبى الله صلّى الله عليه وسلّم ان استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا وان عجزتم وقصرتم فكونوا من اهل الظراب وان عجزتم فكونوا من الأفق فانى قد رأيت ثمة أناسا يتهاوشون كثيرا يعنى اگر عاجز آييد پس باشيد از اهل أفق كه من ديدم آنجا مردم بسيار مختلط بودند قال في القاموس الهوش العدد الكثير والهوشة الاختلاط والهويشة الجماعة المختلطة والهواشات بالضم الجماعات من الناس والتهاوش في الحديث جمع تهواش مقصور من التهاويش تفعال من الهوش وتهوشوا اختلطوا كتهاوشوا وعليه اجتمعوا وهاوشهم وخالطهم (وروى) انه قال صلّى الله عليه وسلّم انى لارجو أن تكونوا شطر اهل الجنة ثم تلاثلة من الأولين وئلة من الآخرين يقول الفقير الذي يتحصل من هذا ان الأبرار كثير من هذه الامة في أوائلها وأواخرها وكذا من الأمم السابقة واما السابقون فكثير من هذه الامة فى أوائلها دون او آخرها كما دلت عليه الآية المتقدمة وكذا قول الحسن البصري رحمه الله حيث قال رأيت سبعين بدريا كانوا فيما أحل الله لهم ازهد منكم فيما حرم الله عليكم وكانوا بالبلاء أشد منكم فرحا بالرخاء لو رأيتموهم قلتم مجانين ولو رأوا اخياركم قالوا ما لهؤلاء من خلاق ولو رأوا أشراركم حكموا بأنهم لا يؤمنون بيوم الحساب ان عرض عليهم الحلال من المال تركوه خوفا من فساد قلوبهم انتهى واما السابقون من الأمم السالفة فان انضم إليهم الأنبياء فهم اكثر من سابقى هذه الامة والا فلا كما حققناه سابقا وذلك ان زهاد الأمم وان كانوا اكثر من زهاد هذه الامة لكنهم لعدم استقرار أكثرهم على اليقين قلوا واما هذه الامة فمن قلتهم بالنسبة إليهم كثروا لثباتهم على اليقين والاعتقاد والاعتصام بالقرءان كما ورد في

[سورة الواقعة (56) : الآيات 41 إلى 46]

بعض الاخبار وَأَصْحابُ الشِّمالِ شروع في تفصيل أحوالهم وهم الكفار لقوله تعالى والذين كفروا بآياتنا هم اصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة ما أَصْحابُ الشِّمالِ اى لا تدرى ما لهم من الشر وشدة الحال يوم القيامة فِي سَمُومٍ اى هم في حر نار تنفذ في المسام وهى ثقب البدن وتحرق الأجساد والأكباد قال في القاموس السموم الريح الحارة تكون غالبا في النهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وَحَمِيمٍ وهو الماء المتناهي في الحرارة وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ من دخان اسود بهيم فان اليحموم الدخان والأسود من كل شيء كما فى القاموس يفعول من الحمة بالضم وهو الفحم تقول العرب اسود يحموم إذا كان شديد السواد قال الضحاك النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها اسود ولذا لا يكون في الجنة الأسود الا الخال وأشفار العين والحاجب يقول الفقير فيه تحذير عن شرب الدخان الشائع في هذه الاعصار فانه يرتفع حين شربه ويكون كالظل فوق شاربه مع ما لشربه من الغوائل الكثيرة ليس هذا موضع ذكرها فنسأل الله العافية لمن ابتلى به إذ هو مما يستخبثه الطباع السليمة وهو حرام كما عرف في التفاسير لا بارِدٍ كسائر الظلال وَلا كَرِيمٍ ولا نافع من أذى الحر لمن يأوى اليه نفى بذلك ما أوهم الظل من الاسترواح يعنى انه سماه ظلا ثم نفى عنه وصيفة البرد والكرم الذي عبربه عن دفع الذي الحر لتحقيق انه ليس بظل والكرم صفة لكل ما يرضى ويجرى في بابه والظل يقصد لفائدتين لبرودته ودفع أذى الحر وان لم تحصل الاستراحة بالبرد لعدمه كمن في البيوت المسدودة الأطراف بحيث لا يتحرك فيها الهواء فان من يأوى إليها يتخلص بها من أذى حر الشمس وان لم يستروح ببردها وفيه تهكم باصحاب المشأمة وانهم لا يستأهلون للظل البارد والكريم الذي هولأ ضدادهم في الجنة إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ تعليل لابتلائهم بما ذكر من العذاب يقال ترف كفرح تنعم وأترفته النعمة أطغته وانعمته وفلان أصر على البغي والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء فلا يمنع كما في القاموس اى انهم كانوا قبل ما ذكر من سوء العذاب في الدنيا منعمين بانواع النعم من المآكل والمشارب والمساكن الطيبة والمقامات الكريمة منهمكين في الشهوات فلا جرم عذبوا بنقائضها وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ اى الذنب العظيم الذي هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث اى الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب وحنث في يمينه خلاف برفيها وقال بعضهم الحنث هنا الكذب لانهم كانوا يحلفون بالله مع شركهم لا يبعث الله من يموت يقول الفقير يدل على هذا ما يأتى من قوله ثم انكم ايها الضالون المكذبون والحكمة في ذكر سبب عذابهم مع انه لم يذكر فى اصحاب اليمين سبب ثوابهم فلم يقل انهم كانوا قبل ذلك شاكرين مذعنين التنبيه على ان ذلك الثواب منه تعالى فضل لا تستوجبه طاعة مطيع وشكر شاكر وان العقاب منه تعالى عدل فاذا لم يعلم سبب العقاب يظن ان هناك ظلما وفي الآية اشارة الى سموم نار البعد والحجاب وحميم القهر والغضب وظل شجرة الجهل ما فيه برد اليقين كسائر الظلال ولا يسكن حرارة عطشهم من طلب الدنيا ولذاتها وما فيه كرم الهمة ايضا حتى يعينهم على ترك الدنيا وزينتها وزخار فهابل لا يزالون يطلبون من الدنيا ما ليس فيها من الاستراحة والاسترواح انهم كانوا قبل ذلك

[سورة الواقعة (56) : الآيات 47 إلى 53]

مترفين يعنى ما كان استظلالهم بشجرة الجهل المركب التي ليس فيها برد اليقين ولا كرم الهمة الا بسبب استعداداتهم الذاتية المجبولة على جب الشهوات واللذات قبل دخولهم في الوجود العيني وايضا كان استظلالهم بشجرة الجهل لانهم كانوا في محبة النفس والدنيا متمكنين في الأزل إذ الحنث العظيم هو حب النفس وحب الدنيا كما قال صلّى الله عليه وسلّم (حب الدنيا رأس كل خطيئة) مر اطاعت نفس شهوت برست ... كه هر ساعتش قبله ديكر است بر مرد هشيار دنيا خست ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست وَكانُوا مع شركهم يَقُولُونَ لغاية عتوهم وعنادهم أَإِذا مِتْنا آيا وقتى كه بميريم وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً اى كان بعض اجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الاجزاء البادية وإذا ممحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لانفسه لان ما بعد أن واللام والهمزة لا يعمل فيما قبلها وهو البعث وهو المرجع للانكار وتقييدها بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه في حالة منافية له بالكلية وليس مدار انكار هم كونهم ثابتين في المبعوثية بالفعل في حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعداد هم له ومرجعه الى انكار البعث بعد تلك الحالة أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الواو للعطف على المستكن في لمبعوثون يعنى آيا مادران و پدران پيشين ما نيز مبعوث شوند قُلْ رد الإنكار هم وتحقيقا للحق إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ من الأمم الذين من جملتهم أنتم وآباؤكم وبالفارسية بدرستى كه پيشينيان از آباى شما وغير آن و پيشينيان از شما وغير شما وفي تقديم الأولين مبالغة في الرد حيث كان انكار هم لبعث آبائهم أشد من انكار هم لبعثهم مع مراعاة الترتيب الوجودي لَمَجْمُوعُونَ بعد الموت وكأنه ضمن الجمع معنى السوق فعدى تعديته بالى ولذا قال إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ الى ما وقتت به الدنيا وحدت من يوم معلوم لله معين عنده وهو يوم القيامة والاضافة بمعنى من كخاتم فضة والميقات هو الوقت المضروب للشيء ينتهى عنده او يبتدأ فيه ويوم القيامة ميقات تنتهى الدنيا عنده وأول جزء منه فالميقات الوقت المحدود وقد يستعار للمكان ومنه مواقيت الإحرام للحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما ثُمَّ إِنَّكُمْ الخطاب لاهل مكة واضرابهم عطف على ان الأولين داخل تحت القول وثم للتراخى زمانا او رتبة أَيُّهَا الضَّالُّونَ عن الحق والهدى الْمُكَذِّبُونَ اى البعث لَآكِلُونَ بعد البعث والجمع ودخول جهنم مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ من الاولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره اى مبتدئون الاكل من شجر هو الزقوم وهو شجر كريه المنظر والطعم حارفى اللمس منتن فى الرائحة وهى الشجرة الملعونة في القرآن قال اهل الحقيقة سدرة المنتهى أغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار فهى مبدأ اللطف والقهر والجمال والجلال فَمالِؤُنَ پس پر كنندكان باشيد يقال ملأ الإناء فهو مملوء من باب قطع والملئ بالكسر مقدار ما يأخذه الإناء إذا امتلأ مِنْهَا اى من ذلك الشجر والتأنيث باعتبار المعنى الْبُطُونَ اى

[سورة الواقعة (56) : الآيات 54 إلى 58]

بطونكم من شدة الجوع او بالقسر وفيه بيان لزيادة العذاب وكماله اى لا يكتفى منكم بنفس الاكل كما لا يكتفى من يأكل الشيء تحلة القسم بل تلزمون بان تملأوا منها البطون اى يملأكل واحد منكم بطنه او بطون الأمعاء والاول اظهر والثاني ادخل في التعذيب فَشارِبُونَ عَلَيْهِ اى على شجر الزقوم اى عقيب ذلك بلا ريث لعطشكم الغالب وتذكير ضمير الشجر باعتبار اللفظ مِنَ الْحَمِيمِ اى الماء الحار في الغاية فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ كالتفسير لما قبله اى لا يكون شربكم شربا معتادا بل يكون مثل شرب الهيم وهى الإبل التي بها الهيام وهوداء يصيبها يشبه الاستسقاء فتشرب ولا تروى الى ان تموت او تسقم سقما شديدا جمع اهيم وهيماء فاصله هيم كأحمر وحمر وفقلبت الضمة كسرة لتصح الياء والمعنى انه يسلط عليهم من الجوع والتهاب النار في احشائهم ما يضطرهم الى أكل الزقوم الذي هو كالمهل فاذا ملأوا منه بطونهم وهو في غاية الحرارة والمرارة سلط عليهم من العطش ما يضطرهم الى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه شرب الإبل العطاش وفيه بيان لزيادة العذاب ايضا اى لا يكون شربكم ايها الضالون كشرب من يشرب ماء حارا منتنا فانه يمسك عنه إذا وجده مؤلما معذبا بخلاف شربكم فانكم تلزمون بان تشربوا منه مثل ما يشرب الجمل الأهيم فانه يشرب ولا يروى وفي الآية اشارة الى افراط النفس والهوى في شرب ماء حميم الجهل والضلال وفي أكل زقوم المشتهيات المورثة للوبال ولغاية حرصها لا تزيد الا جوعا وعطشا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب كجا ذكر كنجد در انبان آز ... بسختى نفس ميكند پادراز هذا الذي ذكر من الزقوم والحميم أول ما يلقونه من العذاب نُزُلُهُمْ اى رزقهم المعد لهم اى كالنزل الذي يعد للنازل مما حضر مكرمة له يَوْمَ الدِّينِ اى يوم الجزاء فاذا كان ذلك نزلهم فما ظنك بحالهم بعد ما استقر لهم القرار واطمأنت بهم الدار في النار وفيه من التهكم ما لا يخفى كما في قوله تعالى فبشرهم بعذاب أليم لان ما يعدلهم في جهنم ليس مكرمة لهم والجملة مسوقة من جهته تعالى بطريق الفذلكة مقررة لمضمون الكلام الملقن غير داخلة تحت القول نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ اى فهلا تصدقون أيها الكفرة بالخلق فان مالا يحققه العمل ولا يساعده بل ينبئ عن خلافه ليس من التصديق في شيء او بالبعث فان من قدر على الإبداء قدر على الاعادة اعلم ان الله تعالى إذا اخبر عن نفسه بلفظ الجميع يشير به الى ذاته وصفاته وأسمائه كما قال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وكما قال انا أنزلناه وإذا اخبر عن نفسه بلفظ المفرد يشير الى ذاته المطلقة كما قال انى انا الله رب العالمين هذا إذا كان القائل المخبر هو الله تعالى واما إذا كان العبد فينبغى أن يقول أنت يا رب لا أنتم لايهامه الشرك المنافى لتوحيد القائل ولذا يقال أشهد أن لا اله الا الله ليدل على شهادته بخصوصه فبتعين توحيده ويظهر تصديقه أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ اى تقذفونه وتصبونه في أرحام النساء من النطف التي يكون منها الولد فقوله أفرأيتم بمعنى أخبروني وما تمنون مفعوله الاول والجملة الاستفهامة مفعوله الثاني يقال امنى الرحل يمنى لا غير ومنيت

[سورة الواقعة (56) : الآيات 59 إلى 62]

الشيء امنيه إذا قضيته وسمى المنى منيا لان الخلق منه يقضى أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ اى تقدرونه وتصورونه بشرا سويا في بطون النساء ذكرا او أنثى أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ له من غير دخل شيء فيه وأم قيل منقطعة لان ما بعدها جملة فالمعنى بل أنحن الخالقون على ان الاستفهام للتقرير وقيل متصلة ومجيئ الخالقون بعد نحن بطريق التأكيد لا بطريق الخبرية أصالة وفيه اشارة الى معنى ان وقوع نطف الأعمال والافعال وموادها في أرحام قلوبكم ونفوسكم بخلقي وإرادتي لا بخلقكم وارادتكم ففيه تخصيص مواد لخواطر المقتضية للافعال والأعمال والأقوال الى نفسه وقدرته وسلبها عن الخلق نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ اى قسمناه عليكم ووقتنا موت كل أحد بوقت معين حسبما تقتضيه مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة فمنهم من يموت صغيرا ومنهم من يموت كبيرا يقول الفقير قيل لى في بعض الاسحار اصبر ولا يكون الا ما قدر الله تعالى فمرضت بعد ايام ابنتي امة الله حتى ماتت جعلها الله فرطا وذخرا وشافعة ومشفعة وقد ثبت ان ابراهيم عليه السلام تعلق باسمعيل فابتلى بذبحه وكذا يعقوب عليه السلام تعلق بيوسف فابتلى بالفراق فهذه كلها مقادير يحب الرضى بها وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ اى انا قادرون عَلى أَنْ نُبَدِّلَ منكم أَمْثالَكُمْ لا يغلبنا أحد على أن نذهبكم ونأتى مكانكم بأشباهكم من الخلق يقال سبقته على كذا اى غلبته عليه وغلب فلان فلانا على الشيء إذا اخذه منه بالغلبة وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ من الخلق والأطوار لا تعهدون بمثلها وقال الحسن البصري رحمه الله اى نجعلكم قردة وخنازير كمن مسخ قبلكم ان لم تؤمنوا برسلنا يعنى لسنا عاجزين عن خلق أمثالكم بدلا منكم ومسخكم من صوركم الى غيرها ويحتمل ان الآية تنحو الى الوعيد فالمراد اما انشاؤهم فى خلق لا يعلمونها أو صفات لا يعلمونها يعنى كيفيات من الألوان والاشكال وغيرها وفي الحديث (ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضر سه مثل أحد) وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى ليس بعاجز عن تبديل الصفات البشرية بالصفات الملكية وجعل السالكين مظهر الصفات غير صفاتهم التي هم عليها إذ توارد الصفات المختلفة المتباينة على نفس واحدة على مقتضى الحكمة البالغة ليس من المحال ألا ترى الى الجوهر الواحد فانه يصير تارة فضة واخرى ذهبا بطرح الإكسير وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ اى الخلقة الْأُولى هى خلقتهم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة وقيل هى فطرة آدم من التراب فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ فهلا تتذكرون ان من قدر عليها قدر على النشأة الاخرى حتما فانها اقل صنعا لحصول المواد وتخصص الاجزاء وسبق المثال آنكه ما را ز خلوت نابود ... مى كشد تا بجلوه كاه وجود بار ديكر كه از سموم هلاك ... روى پوشيم زير پرده خاك هم تواند بامر كن فيكون ... كارد از كوشه لحد بيرون وفي الخبر عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور وفي الآية دليل على صحة القياس حيث جهلهم

[سورة الواقعة (56) : الآيات 63 إلى 67]

فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى وترك القياس إذا كان جهلا كان القياس علما وكل ما كان من قبيل العلم فهو صحيح (وفي المثنوى) مجتهد هر كه كه باشد نص شناس ... اندر آن صورت نينديشد قياس چون نيايد نص اندر صورتى ... از قياس آنجا نمايد عبرتى اين قياسات وتحرى روز ابر ... تا بشت مر قبله را كردست حبر ليك با خورشيد وكعبه پيش رو ... اين قياس واين تحرى مجو ومنه يعلم بطلان قياس إبليس فانه قياس على خلاف الأمر عنده وروده (كما قال في المثنوى) أول آنكس كين قياسكها نمود ... پيش أنوار خدا إبليس بود كفت نار از خاك بي شك بهترست ... من ز نار واو ز خاك اكدرست پس قياس فرع بر اصلش كنيم ... او ز ظلمت ما ز نور روشنيم كفت حق نى بلكه لا انساب شد ... زهد وتقوى فضل را محراب شد وفيه اشارة الى انا إذا قدرنا على إنشاء النشأة الاولى البشرية الطبيعية الدنيوية مع عدم مادة من المواد الصفاتية فمن استعجز قردة الله فقد كفر ألا ترى الى محرومى البداية مرزوقى النهاية مثل ابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار وغيرهم قدس الله أسرارهم فان الله تعالى انشأهم نشأة اخرى ولو بعد حين أَفَرَأَيْتُمْ أخبروني وبالفارسية اخبار كنيد ما تَحْرُثُونَ اى تبذرونه من الحب وتعملون في ارضه بالسقي ونحوه والحرثه إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ تنبتونه وتردونه نباتا يربو وينمو الى أن يبلغ الغاية أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ اى المنبتون لا أنتم والزرع الإنبات وحقيقة ذلك يكون بالأمور الالهية دون البشرية ولذا نسب الحرث إليهم ونفى عنهم الزرع ونسبه الى نفسه وفي الحديث (لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فان الزارع هو الله) والحاصل ان الحرث فعلهم من حيث ان اختيارهم له مدخل في الحرث والزرع خالص فعل الله فان إنبات السنبل والحب لا مدخل فيه لاختيار العبد أصلا وإذا نسب الزرع الى العبد فلكونه فاعلا للاسباب التي هى سبب الزرع والإنبات في الاسئلة المقحمة الأصح ان الحرث والزرع واحد كقوله تعالى ولا تسقى الحرث فهلا أضاف الحرث الى نفسه ايضا والجواب ان اضافة الحرث إلينا اضافة الاكتساب وإضافته الى نفسه اضافة الخلق والاختراع كقوله تعالى وما رميت إذ رميت قال الحليمي يستحب لكل من ألقى في الأرض بذرا أن يقرأ بعد الاستعاذة أفرأيتم الى قوله بل نحن محرومون ثم يقول الله الزارع والمنبت والمبلغ اللهم صلّى على محمد وعلى آل محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ويقال ان هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات الدود والجراد وغير ذالك وفي الآية امتنان ليشكروا على نعمة الزرع واستدلال بان من قدر على الإنبات قدر على الاعادة فكما انه ينبت الحب في الأرض وينبت بذر النطفة في الرحم فكذا ينبت من حب عجب الذنب فى القبر فان كلها حب وذلك لان بذر النطفة وكذا عظم عجب الذنب شيء كخردلة كما

[سورة الواقعة (56) : الآيات 65 إلى 67]

أسلفناه لَوْ نَشاءُ لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه فهو شرط غير جازم اى لو أردنا لَجَعَلْناهُ اى الزرع بمعنى المزروع حُطاماً الحطم كسر الشيء مثل الهشم ونحوه ثم استعمل لكل كسر متناه والمعنى هشيما اى يابسا متكسرا متفتتا بعد ما انبتناه وصار بحيث طمعتم في حيازة غلاله وجمعها فَظَلْتُمْ اى فصرتم بسبب ذلك تَفَكَّهُونَ تتعجبون من سوء حاله اثر ما شاهدتموه على أحسن ما يكون من الحال او تندمون على فعلتم فيه من الاجتهاد وأنفقتم عليه او تندمون على ما أصبتم لاجله من المعاصي فتتحدثون فيه والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وقرئ تفكنون بالنون والتفكن التعجب والتفكر والتندم ومنه الحديث مثل العالم كمثل الحمة يأتيها البعداء ويتركها القرباء فبيناهم إذ غار ماؤها فانتفع بها قوم يتفكنون اى يتندمون والحمة العين الحارة من الحميم وهو الماء الحار يستشفى به الاعلاء والمرضى إِنَّا لَمُغْرَمُونَ حال من فاعل تفكهون اى قائلين انا لملزمون غرامة ما أنفقنا والغرامة ان يلزم الإنسان ما ليس في ذمته وعليه كما في المغرب او مهلكون بهلاك رزقنا او بشؤم معاصينا من الغرام وهو الهلاك بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ حرمنا رزقنا او محدودون لا مجدودون اى ممنوعون من الحد وهو المنع لاحظ لنا ولا جد ولا بخت ولو كنا مجدو دين لما فسد علينا هذا (روى) عن انس ابن ابن مالك رضى الله عنه قال مر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأرض الأنصار فقال ما يمنعكم من الحرث قالوا الجدوبة قال أفلا تفعلون فان الله تعالى يقول أنا الزارع ان شئت زرعت بالماء وان شئت زرعت بالريح وان شئت زرعت بالبذر ثم تلا رسول الله عليه السلام أفرأيتم ما تحرثون الآية ففى الحديث اشارة الى ان الله تعالى هو الذي يعطى ويمنع بأسباب وبغيرها فالتوحيد هو أن يعتقد أن التأثير من الله تعالى لا من غيره كالكوكب ونحوه فانه يتهم النفس بالمعصية القاطعة للرزق وفي الحديث ما سنة بأمطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفي الحديث (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) فاذا كان تودسيع الرزق في الطهارة فتضييقه في خلافها والرزق ظاهر وباطن وكذا الطهارة والنجاسة فلا بد لطالب الرزق مطلقا أن يكون على طهارة مطلقة دائما فان قلت فما حال اكثر السلف فانهم كانوا فقراء مع دوام الطهارة قلت كان السلف في الرزق المعنوي اكثر من الخلف وهو المقصود الأصلي من الرزق وانما كانوا فقراء في الظاهر لكمال افتقارهم الحقيقي كما قال عليه السلام اللهم أغننى بالافتقار إليك فمنعوا عنى الغنى الصوري تطبيقا لكل من الظاهر والباطن بالآخر فهم اغنى الأغنياء في صورة الفقراء وما عداهم ممن ليس على صفتهم أفقر الفقراء في صورة الأغنياء فالمرزوق من رزق عذاء الروح من الواردات والعلوم والفيوض والمحروم من حرمه فاعرفه (وفي المثنوى) فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زانكه حق كفت كلوا من رزقه رزق حق حكمت بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت آن دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد

[سورة الواقعة (56) : الآيات 68 إلى 73]

كرز شير ديوتن را پرورى ... در فطام او بسى نعمت خورى أَفَرَأَيْتُمُ خبر نماييد الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ عذابا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لان الشرب أهم المقاصد المنوطة به أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ اى من السحاب واحده مزنة وقيل هو السحاب الأبيض وماؤه أعذب أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ له بقدرتنا والرؤية ان كانت بمعنى العلم فمعلقة بالاستفهام وان كانت بمعنى الابصار او المعرفة فالجملة الاستفهامية استئناف وهذا هو اختيار الرضى لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا زعاقا لا يمكن شربه وحذف اللام فى الشرطية الاولى للفرق بين المطعوم والمشروب في الاهمية وصعوبة الفقد يعنى ان امر المطعوم هاهنا مع إثباتها مقدم على امر المشروب وان الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل ان المشروب انما يحتاج اليه تبعا للمطعوم فَلَوْلا تَشْكُرُونَ فهلا تشكرون ما ذكر جميعا من المطعوم والمشروب بتوحيد منعمه وإطاعة امره او فلولا تشكرون على ان جعلناه عذاب وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا تنزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربيله فتغربله فليس من قطرة تقطر الا معها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان فانه نزل بغير كيل ولا وزن وقال بعض الحكماء ان المطر يأخذه قوس الله من البحر الى السحاب ثم ينزل من السحاب الى الأرض قال بعضهم هو أدخل فى القدرة لان ماء البحر مر فيصعد ملحا وينزل عذبا وفي الآية اشارة الى ان بعض بلاد العرب ليس لها آبار ولا انهار جارية فلا يشرب أهلها الا من المطر في المصانع فمنها القدس الشريف وينبع وجدة المحروسة ونحوها وللماء العذب مزيد فضل في هذه البلاد ولذا امتن الله به على العباد وفيها اشارة الى ماء معرفة والعلم الإلهي فانه ليس بالكسب والاجتهاد بل بمحض عطاء الله تعالى ولو شاء الله لجهل الماء العذب الجاري من مشرب الكشف والشهود ماء ملحا جاريا من مشرب الحجاب والاحتجاب والجهالة والضلالة فلابد من الشكر على نعم المعارف والحقائق والحكم واعلم ان من حفر بئرا فاما أن يصل الى الماء اولا فان وصل فاما أن يكون ذلك الماء مالحا او عذبا فعلى تقدير كونه عذبا ليس كالمطر الحاصل بلا اسباب فانه طيب طاهر خالص فهذا مثل علم علماء الرسوم ومثل علم علماء الحقيقة فان الأنبياء والأولياء ملهمون من عند الله تعالى ولا خطأ في لوحى والإلهام أصلا ولذا نقول ان علم الصوفية هو العلم الصواب كله فعلمهم تذكرى ليس لهم احتياج الى ترتيب المقدمات بخلاف علماء الرسوم فان علمهم تفكرى هتاج الى ذلك ولا بد لطالب الفيض من تهيئة المحل قبل وروده ألا ترى الى صاحب الحرث فانه يشتغل بتهيئة الأرض وإلقاء البذر ولا يدرى من ينزل المطر فاذا نزل أصاب محزه ثم اعلم ان الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسبه فعند تمام الخلقة في الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره لكن عبر عنه بالنفخ لان العقل قاصر عن دركه وكان عليه السلام يكشف رأسه عند نزول المطر ويقول حديث عهد بربه فالروح اى روح كان سبب للحياة مطلقا

[سورة الواقعة (56) : الآيات 71 إلى 73]

فينبغى تلقى التجليات الواردة من قبل الحق بهيئة المحل كما ان النبي عليه السلام كشف رأسه وهيأ محل نزول المطر وذلك لان المطر ينزل من العلو فيلقى على أعلى شيء في الإنسان وهو الرأس أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ الإيراء آتش از آتش زنه بيرون كردن اى تقدحونها وتستخرجونها من الزناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطروقة يقال ناقة طروقة اى بلغت أن يضربها الفحل لان الطرق الضرب أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي منها الزناد وهى المرخ والعفار كما مر في صورة يس أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ لها بقدرتنا نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً استئناف مبين لمنافعها اى جعلنا نار الزناد تذكير النار جهنم من حيث عقلنا بها اسباب المعاش لينظروا إليها ويذكروا ما أوعدوا به من نار جهنم او تذكرة وموعظة وأنموذجا من جهنم لما روى عن النبي عليه السلام (ناركم هذه التي يوقدها بنوا آدم جزؤ من سبعين جزأ من حر جهنم) وقيل تبصرة في امر البعث فانه ليس أبدع من إخراج النار من الشيء الرطب وفي عين المعاني وهو حجة على منكرى عذاب القبر حيث تضمن النار مالا يحرق ظاهره وَمَتاعاً ومنفعة وبلغة لان حمل النار يشق لِلْمُقْوِينَ للذين ينزلون القواء بالفتح وهو القفر الخالي عن الماء والكلاء والعمارة وهم المسافرون وتخصيصهم بذلك لانهم أحوج إليها ليهرب منها السباع ويسطلوا من البرد ويجففوا ثيابهم ويصلحوا طعامهم فان المقيمين او النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين الى الاقتداح بالزناد وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على ان الأهم هو النفع الأخروي يقال أقوى الرجل إذا نزل في الأرض القواء كأصحر إذا دخل فى الصحراء وفي الحديث (قال النبي عليه السلام لجبريل مالى أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) وعن انس رضى الله عنه يرفعه ان أدنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه في رأسه وفيه بيان شدة نار جهنم وانها ليست كنار الدنيا وقانا الله وإياكم منها وفي الآية اشارة الى نار المحبة المشتعلة الموقدة بمقدح الطلب فى حراقة قلب المحب الصادق في سلوك طريق الحق وشجرتها هى العناية الالهية السر مدية يدل هذا التأويل قول العارف أبى الحسين المنصور قدس سره حين سئل عن حقيقة المحبة هى العناية الالهية السر مدية لولاها ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان نحن جعلناها تذكرة لأرباب النفوس البشرية ليهتدوا بنورها الى سلوك طريق الحق ومتاعا للمقوين اى غذآء لأرواح المحبين الطاوين أياما وليالى عن الطعام والشراب كما حكى عن سهل التستري رحمه الله انه كان يطوى ثلاثين يوما وعن أبى عقيل المغربي قدس سره انه ما أكل سنتين وهو مجاور بمكة وعن كثير من المرتاضين السالكين وانما رفع إدريس عليه السلام الى السماء الرابعة لمبالغته في التجريد والترويح حتى ان الروحانية غلبت عليه فخلع يدنه وخالط الملائكة واتصل بروحانية الا فلاك وترقى الى عالم القدس وقد اقامه ستة عشر عاما لم ينم ولم يطعم شيأ ولم يتزوج قط لزوال الشهوة بالكلية حتى صار عقلا مجردا من كثرة الرياضة ورفع الى أعلا الامكنة وهو المكان الذي يدور عليه رحى عالم الافلاك وهو فلك الشمس ثم

[سورة الواقعة (56) : الآيات 74 إلى 79]

ان نار المحبة أشد النيران قال الجنيد قدس سره قالت النار يا رب لو لم أطعك هل كنت تعذبنى بشيء هو أشد منى قال نعم كنت أسلط عليك نارى الكبرى قالت هل نار أعظم منى قال نعم نار محبتى أسكنها قلوب أوليائي المؤمنين كما في فتح القريب مهر جانان آتش است عشاق را ... مى بسوزد هستئ مشتاق را فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ لم يقل فسبح ربك لان سبح منزل منزلة اللازم ولم يعتبر تعلقه بالمفعول ومعناه فأحدث التسبيح بذكر اسمه تعالى إضمار المضاف شكرا على تلك النعم وان جحدها الجاحدون أو بذكره على المجاز فان اطلاق الاسم للشيء ذكر له والباء للاستعانة او الملابسة والمراد بذكر ربه هنا تلاوة القرآن والعظيم صفة للاسم او الرب قال ابن عطاء رحمه الله سبحه ان الله أعظم من أن يلحقه تسبيحك او يحتاج الى شيء منك لكنه شرف عبيده بأن امر هم أن يسبحوه ليطهروا أنفسهم بما ينزهونه به فَلا أُقْسِمُ اى فاقسم ولا مزيدة للتأكيد وتقوية الكلام كما في قوله تعالى لئلا يعلم اهل الكتاب وما قيل ان المعى فلا أقسم إذ الأمر أوضح من أن يحتاج الى قسم خصوصا الى مثل هذا القسم العظيم فيأباه تعيين المقسم به وتفخيم شأن المقسم به بِمَواقِعِ النُّجُومِ اى بمساقطها وهى مغاربها وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال اثرها والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير أو لأن ذلك وقت قيام المتهجدين والمبتهلين اليه تعالى وأوان نزول الرحمة والرضوان عليهم او بمنازلها ومجاريها فان له تعالى في ذلك من الدليل على عظم قدرته وكمال حكمته مالا يحيط به البيان وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها اوقات نزولها واليه ذهب ابن عباس رضى الله عنهما وقيل النجوم الصحابة والعلماء الهادون بعدهم ومواقعهم القبور وقيل غير ذلك وَإِنَّهُ اى القسم بالمذكور لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى بغير كتاب قوله لو تعلمون اعتراض بين الصفة والموصوف لتأكيد تعظيم المحلوف به وجوابه متروك أريد به نفى علمهم او محذوف ثقة بظهوره اى لعظمتموه او لعملتم بموجبه ففيه تنبيه على تقصير المخاطبين في الأمر وعظيم صفة قسم وهذه الجملة ايضا اعتراض بين القسم وجوابه الذي هو قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ هو المقسم عليه اى لكتاب كثير النفع لاشتماله على اصول العلوم المهمة في صلاح المعاش والمعاد على أن يستعار الكرم ممن يقوم به الكرم من ذوى العقول الى غيرهم او حسن مرضى في جنسه من الكتب او كريم عند الله وقال بعضهم كريم لانه يدل على مكارم الأخلاق ومعالى الأمور وشرائف الافعال وقيل كريم لنزوله من عند كريم بواسطة الكرام الى الكرم الخلق فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ اى مصون عن غير المقربين من الملائكة اى لا يطلع عليه من سواهم وهو اللوح المحفوظ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ اما صفة اخرى للكتاب فالمراد بالمطهرين الملائكة المنزهون عن الكدورات الجسمانية واوضار الأوزار او للقرءآن فالمراد المطهرون من الأحداث مطلقا فيكون نفيا بمعنى النهى اى لا ينبغى أن يمسه الا من كان على طهارة من الأدناس كالحدث والجنابة ونحوهما

على طريقة قوله عليه السلام المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه اى لا ينبغى له أن يظلمه او يسلمه الى من يظلمه فالمراد من القرآن المصحف سماه قرءانا على قرب الجوار والاتساع كما روى ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يسافر بالقرءان الى ارض العدو وأراد به المصحف وفي الفقه لا يجوز لمحدث بالحدث الأصغر وهو ما يوجب الوضوء مس المصحف إلا بغلافه المنفصل الغير المشرز كالخريطة ونحوها لان مسه ليس مس القرآن حقيقة لا المتصل في الصحيح وهو الجلد المشرز لانه من المصحف يعنى تبع له حتى يدخل فى بيعه بلا ذكر وهذا اقرب الى التعظيم وكره المس بالكم لانه تابع للحامل فلا يكون حائلا ولهذا لو حلف لا يجلس على الأرض فجلس وذيله بينه وبين الأرض حنث وانما منع الأصغر عن مس المصحف دون تلاوته لانه حل اليد دون الفم ولهذا لم يجب غسله فى الوضوء والجنابة كانت حالة كليهما ولا يرد العين لان الجنب حل نظره الى مصحف بلا قراءة وكذا لا يجوز لمحدث مس درهم فيه سورة إلا بصرته ولا لجنب دخول المسجد الا لضرورة فان احتاج الى الدخول تيمم ودخل لانه طهارة عند عدم الماء ولا قراءة القرآن ولو دون آية لان ما دونها شيء من القرآن ايضا الا على وجه الدعاء او الثناء كالبسملة والحمد لة وفي الأشباه لو قرأ الفاتحة في صلاته على الجنازة ان قصد الدعاء والثناء لم يكره وان قصد التلاوة كره وفيه اشارة الى ان حكم القراءة يتغير بالقصد ويجوز للجنب الذكر والتسبيح والدعاء والحائض والنفساء كالجنب في الاحكام المذكورة ويدفع المصحف الى الصبى إذ فى الأمر بالوضوء حرج بهم وفي المنع تضيع حفظ القرآن إذ الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر وفي الأشباه ويمنع الصبى من مس المصحف انتهى والتوفيق ظاهر وفي كشف الاسرار واما الصبيان فلا صحابنا فيهم وجهان أحدهما انهم يمنعون منه كالبالغين والثاني انهم لا يمنعون لمعنيين أحدهما ان الصبى لو منع ذلك ادى الى أن لا يتعلم القرآن ولا يحفظه لان وقت تعلمه وحفظه حال الصغر والثاني ان الصبى وان كانت له طهارة فليست بكاملة لان النية لا تصح منه فاذا جاز أن يحمله على غير طهر كامل جاز أن يحمله محدثا ودر أنوار مذكور است كه جنب وحائض را بقول ابى يوسف جائزست كتابت قرآن وقتى كه لوح بر زمين بود نه بر كنار ونزد محمد بهيج وجه روا نيست ومحمد بن فضل رحمه الله فرموده كه مراد ازين طهارت توحيدست يعنى بايد كه از غير موحدان كسى قرآن نخواند وابن عباس رضى الله عنه نهى ميكرد از انكه يهود ونصارى را تمكين دهند از قراءت قرآن وقال بعضهم يجوز للمؤمن تعليم القرآن للكافر رجاء هدايته الى الإسلام ومحققان كفته اند مراد از مس اعتقادست يعنى معتقد نباشد قرآنرا اگر پاكيزه دلان كه مؤمنانند ويا تفسير وتأويل آن ندانند الا آنها كه سر ايشان پاك باشد از ما سوى الله جمال حضرت قران نقاب انكه بر اندازد ... كه دار الملك معنى را مجرد بينداز غوغا ودر بجز الحقائق فرموده كه مكاشف نشود باسرار قرآن مكر كسى كه پاكيزه كردد از لوث توهم غير وبرسد بمقام شهود حق در مرآى خلق واين معنى ميسر نشود جز بفناى

[سورة الواقعة (56) : الآيات 80 إلى 85]

مشاهد وشهود در مشهود چون تجلى كردد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم وتحقيقه ان الهاء اشارة الى الهوية الالهية فانه لا يمس سرها الا المطهرون عن جنابة كل مقام من المقامات الوجودية وهى التعلق به والبعد بواسطته عن الحق المطلق والمطهر بالفتح لا بد له من المطهر بالكسر وهو الله تعالى فالعبد لا يطهر نفسه ولا يزكيها وانما يطهره الله ويزكيه فاذا طهره الله وزكاه فهم مراد القرآن ولذا قال بعض الكبراء ان القرآن بكر اى بالنسبة الى علماء الظاهر والرسم فان الذي فهموه من القرآن انما هو ظاهره ومزاياه المتعلقة به وانما حل عقدته علماء الباطن والحقيقة لان الله تعالى قال واتقوا الله ويعلمكم الله فهم اهل التقوى الحقيقي ولذا علمهم الله ما لم يعلم أحدا من العالمين وان كان القرآن لا تنقضى عجائبه وقس عليه الحديث فان مراد رسول الله عليه السلام على الحقيقة لا يفهمه الا أهل الحقيقة ومن ثمة اقتصر علماء الحديث وشراحه على بيان الاعراب والمفهوم الظاهري من غير أن يتعرضوا لحقائقه فأين شرح النووي والكرماني وابن حجر ونحوهم من شرح الصدر القنوى ونحوه رضى الله عنهم تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ صفة اخرى للقرءآن وهو مصدر نعت به حتى جرى مجرى اسمه يعنى ان التنزيل بمعنى المنزل سمى المنزل تنزيلا على اتساع اللغة كما يقال للمقدور قدر وللمخلوق خلق على قول من يجيزه أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ الذي ذكرت نعوته الجليلة الموجبة لاعظامه وإجلاله وهو القرآن الكريم وسماه حديثا لان فيه حوادث الأمور كما في كشف الاسرار وهو متعلق بقوله مدهنون وجاز تقديمه على المبتدأ لان عامله يجوز فيه ذلك والأصل أفأنتم مدهنون بهذا الحديث أَنْتُمْ يا اهل مكة مُدْهِنُونَ الادهان في الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجد والمعنى متهاونون به ومستحقرون كمن يدهن في الأمر اى يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به وفي تاج المصادر الادهان مداهنت كردن وغسل كردن قال في الاحياء الفرق بين المداهنة والمداراة بالغرض الباعث على الإغضاء فان أغضيت السلامة دينك ولما ترى فيه من إصلاح أخيك بالإغضاء فانت مدار وان أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدرداء رضى الله عنه انا لنبش في وجوه أقوام وان قلوبنا لتعلنهم وهذا معنى المدارة وهو منع شر من يخاف شره وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اى شكر رزقكم بتقدير المضاف ليصح المعنى والرزق في الأصل مصدر سمى به ما يرزق والمراد نعمة القرآن أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ اى تضعون التكذيب لرازقه موضع الشكر او تجعلون شكر رزقكم الصوري انكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه الى الأنواء وكان عليه السلام يقول لو حبس الله القطر عن أمتي عشر سنين ثم انزل لا صبحت طائفة منهم يقولون سقينا بنوء كذا وقال عليه السلام أخوف ما أخاف على أمتي حيف الائمة والتكذيب بالقدر والايمان بالنجوم (روي) انه عليه السلام صلّى صلاة الصبح بالحديبية في اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا

[سورة الواقعة (56) : الآيات 83 إلى 85]

قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال أصبح من عبادى مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب وفي الحديث (ثلاث من امر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء) فالطعن معروف والنياحة البكاء على الميت مع تعديد محاسنه والأنواء جمع نوء المنازل الثماني والعشرون للقمر والعرب كانت تعتقد ان الأمطار والخير كله يجيئ منها وفي حواشى ابن الشيخ في سورة الفرقان الأنواء النجوم التي يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه في جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها انتهى وفي القاموس النوء النجم مال للغروب او سقوط النجم في المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته في المشرق انتهى فظهر ان التأثير من الله تعالى في الأشياء فيجيب على المؤمن أن يعتقده منه تعالى لا من الافلاك والنجم والدهر ونحوها وفي هدية المهديين لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند بعضهم وقيل لا ولو قال عند صياح الطير غله كران مى خواهد شد فقد اختلف المشايخ في كفره وجه الكفر ظاهر لانه ادعى الغيب انتهى والناس يتشاءمون بأصوات بعض الطيور كالهامة والبوم (كما قال الشيخ سعدى) بلبلا مژده بهار بيار ... خبرى بد ببوم باز كذار فان يكن هناك اعتقاد التأثير منها فذلك كفر والا فمجرد التشاؤم لا يوجب الكفر خصوصا إذا كان القول بطريق الاستدلال من الأمارات والأليق بحال المؤمن حمل مثل ذلك على التنبيهات الالهية فان لله في كل شيء حكمة لا القطع على المقدورات والجزم فيما لا يبلغ علمه كنهه فان الله يحيى ويميت ويوقظ وينيم بأسباب وبغيرها فَلَوْلا پس چرا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ لولا للتحضيض لاظهار عجزهم وإذا ظرفية والحلقوم مجرى الطعام وفي كشف الاسرار مجرى النفس والبلعوم مجرى الطعام اى فهلا إذا بلغت النفس اى الروح او نفس أحدكم وروحه الحلقوم وتداعت الى الخروج وهو كناية عن غير مذكور وفي الحديث (ان ملك الموت له أعوان يقطعون العروق ويجمعون الروح شيأ فشيا حتى ينتهى بها الى الحلقوم فيتوفاها ملك الموت وَأَنْتُمْ الواو للحال من فاعل بلغت اى والحال أنتم أيها الحاضرون حول صاحبها حِينَئِذٍ آن هنكام تَنْظُرُونَ الى ما هو فيه من الغمرات ولكم تعطف عليه ووفور رغبة في انجائه من المهالك وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ اى الى المحتضر علما وقدرة وتصرفا قال بعضهم عبر عن العلم بالقرب الذي هو أقوى سبب الاطلاع مِنْكُمْ حيث لا تعرفون حاله الا ما تشاهدونه من آثار الشدة من غير أن تقفوا على كنهها وكيفيتها وأسبابها ولا أن تقدروا على دفع أدنى شيء منها ونحن المتولون لتفاصيل أحواله بعلمنا وقدرتنا او بملائكة الموت الذين يقبضون روحه وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ لا تدركون كنه ما يجرى عليه لجهلكم بشؤوننا فقوله لا تبصرون من البصيرة لا من البصر

[سورة الواقعة (56) : الآيات 86 إلى 91]

والأقرب تفسيره بقوله لا تدركون كوننا أعلم به منكم كما في حواشى سعدى المفتى قال البقلى رحمه الله قرب الله بالتفاوت قرب بالعلم وقرب بالاحاطة وقرب بالفعل وقرب بالصفة وقرب بالقهر وقرب باللطف والمسافة والمكان منفى على ذاته وصفاته ولكن يتجلى لقلوب من عين العظمة لاذابتها برؤية القهر ولقلوب من عين الجمال ليعرفها الاصطفائية وذلك القرب لا يبصره الا أهل القرب وشواهده ظاهرة لأهل المعرفة وفي الخطاب تحذير وترهيب فَلَوْلا بمعنى هلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ اى غير مربوبين مملوكين أذلاء من دان السلطان رعيته إذا ساسهم واستعبدهم وفي المفردات او غير مجزيين فان الدين الجزاء ايضا وهو ناظر الى قوله تعالى نحن خلقناكم فلولا تصدقون فان التحضيض يستدعى عدم المحضض عليه حتما تَرْجِعُونَها اى النفس الى مقرها وتردون روح ميتكم الى بدنه من الرجع وهو الرد العامل في إذا والمحضض عليه بلو لا الاولى والثانية مكررة للتأكيد وهى مع ما في حيزها دليل جواب الشرط والمعنى ان كنتم غير مربوبين كما ينبئ عنه عدم تصديقكم بخلقنا إياكم فهلا ترجعون النفس الى مقرها عند بلوغها الحلقوم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى اعتقادكم فان عدم تصديقهم بخالقيته تعالى لهم عبارة عن تصديقهم بعدم خالقيته تعالى بموجب مذهبهم اى فاذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا ان الأمر الى غيركم وهو الله تعالى فآمنوا به وهو تكرير للتأكيد لامن اعتراض الشرط إذ لا معنى له هنا فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ هو قرب درجاتهم من العرش لا من الله من حيث الجهة حسبما قال به الحشوية وهو شروع في بيان حال المتوفى بعد الممات اثر بيان حاله عند الوفاة اى فاما ان كان المتوفى من المقربين وهم أجل الأزواج الثلاثة فَرَوْحٌ اى فله استراحة وقرئ بضم الراء وفسر بالرحمة لانها سبب لحياة المرحوم فاطلاقه على الرحمة استعارة تصريحية وبالحياة الدائمة التي لا موت فيها قال بعضهم الروح يعبر به عن معان فالروح روح الأجسام الذي يقبض عند الممات وفيه حياة النفس والروح جبرائيل لانه كان يأتي الأنبياء بما فيه حياة القلوب وعيسى روح الله لانه كان من نفخ جبرائيل وأصيف الى الله تعظيما وكلام الله روح لانه حياة من الجهل وموت الكفر ورحمة الله روح كقوله تعالى وأيدهم بروح منه اى برحمة والروح الرزق لانه حياة الأجساد وفي القاموس الروح بالضم ما فيه الروح ما به حياة الأنفس وبالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح ومكان روحانى طيب والروحاني بالضم ما فيه الروح وفي كتاب الملل والنحل الروحاني بالضم من الروح والروحاني بالفتح من الروح والروح والروح متقاربان فكأن الروح جوهر والروح حالته الخاصة به انتهى وَرَيْحانٌ ورزق او هو ما يشم وعن أبى العالية لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يؤتى ببعض من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض روحه وقال الزجاج الريحان هنا التحية لأهل الجنة يكى از بزركان دين كفته است كه روح وريحان هم در دنياست هم در عقبى روح در دنياست وريحان در عقبى روح آنست كه دل بنده مؤمن را بنظر خويش بيارايد تا حق از باطل وا شناسد انكه بعلم فراخ كند تا قدرت در ان جاى يابد آنكه بينا كند تا بنور منت مى بيند شنوا

[سورة الواقعة (56) : الآيات 90 إلى 91]

كند تا پند ازلى مى شنود پاك كند تا همه صحبت او جويد بعطر وصال خوش كند تا دران مهر دوست رويد بنور خويش روشن كند تا از وبار ديكر بصيقل عنايت بزدايد تا در هر چهـ نكرد او را بيند بنده چون بدين صفت بسراى سعادت رود آنجا ريحان كرامت بيند نسيم انس از باغ قدس دميده ز پر درخت وجود تخت رضا نهاده بساط انس كسترده شمع عطف افروخته وبر فلك نشسته ودوست ازلى پرده بر كرفته بسمع بنده سلام رسانيده وديدار ذو الجلال نموده وَجَنَّةُ نَعِيمٍ اى ذات تنعم فالاضافة لأدنى الملابسة (وقال الكاشفى) بوستان پر نعمت قال بعض أهل الحقيقة فله روح الوصال وريحان الجمال وجنة الجلال لروحه روح الانس ولقلبه ريحان القدس ولنفسه جنة الفردوس او الروح النظر الى وجه الجبار والريحان الاستماع لكلامه وجنة النعيم هو أن لا يحجب العبد فيها عن مولاه إذا قصد زيارته وللمقربين ذلك في دار الدنيا وروحهم المشاهدة وريحانهم سرور الخدمة وجنة النعيم السرور بذكره وقال بعضهم الروح للعابدين والريحان للعارفين وجنة النعيم لعوام المؤمنين او فله روح الشهود الذاتي وريحان السرور وجنة نعيم اللذات بالوصول إليها والدخول فيها يقول الفقير الروح للنفوس والأجساد لانها تستريح بعد الموت برفع التكاليف عنها وان كان أهل الله على نشاط دائم في باب الخدمة لان التعب يرتفع بالوصول الى الله لكونه من آثار النفس والطبيعة ولا نفس ولا طبيعة بعد الوصول والريحان للقلوب ولارواح ولذا حبب الى النبي عليه السلام الطيب لانه يوجد فيه ذوق الانس والمحاضرة وجعل عليه السلام الولد من الريحان لانه يشم كما يشم المشموم وانه من تنزلات أبيه كما ان القلوب من تنزلات الأرواح والأرواح من تنزلات الاسرار ووجد عليه السلام نفس الرحمن من قبل اليمن وانما وجده قلبه وروحه وكان ذلك النفس عصام الدين عم اويس القرني وكان حينئذ قطب الابدال وكان عليه السلام يستنشق بحس شمه ايضا روائح الجنة ونحوها وجنة نعيم للاسرار وهى الجنة المضافة الى الله تعالى في قوله وادخلى جنتى وعند دخولهم هذه الجنة لا يراهم أحد أبدا لعلو طبقتهم ورفعة درجتهم فلا يعرفهم أحد لا في الدنيا ولا في العقبى فهم من قبيل المعلوم المجهول وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ عبر عن السابقين بالمقربين لكونه أجل اوصافهم وعبر عن اصحاب اليمين بالعنوان السابق إذ لم يذكر لهم فيما سبق وصف واحد ينبئ عن شانهم سواه كما ذكر للفريقين الآخرين واستعير اليمين للتيمن والسعادة قاله الراغب فَسَلامٌ لَكَ يا صاحب اليمين مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ من اخوانك يسلمون عليك عند الموت وبعده فيكون السلام اشارة له انه من أهل الجنة قال في الإرشاد هذا اخبار من جهته تعالى بتسليم بعضهم على بعض كما يفصح عنه اللام لا حكاية لانشاء سلام بعضهم على بعض والا لقيل عليك والالتفات الى خطاب كل واحد منهم للتشريف قال سهل رحمه الله اصحاب اليمين هم الموحدون اى العاقبة لهم بالسلامة لانهم أمناء الله قدادوا الامانة يعنى امره ونهيه لم يحدثوا شيأ من المعاصي والزلات قد أمنوا الخوف والهول الذي ينال غيرهم وحقيقته ان المقربين اصحاب الشهود الذاتي واصحاب اليمين اصحاب

[سورة الواقعة (56) : الآيات 92 إلى 96]

الشهود الاسمائى والصفاتى فله السلامة من اسمه السلام على لسان إخوانه الاسمائية نسأل الله لى ولكم السلامة والنجاة والانس والحضور والشهود في أعلى المقامات والدرجات وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ وهم اصحاب الشمال عبر عنهم بذلك حسبما وصفوا به عند بيان أحوالهم بقوله تعالى ثم انكم أيها الضالون المكذبون ذمالهم بذلك واشعارا بسبب ما ابتلوا به من العذاب وهو تكذيب البعث ونحوه والضلال عن الحق والهدى فَنُزُلٌ اى فله نزل كائن مِنْ حَمِيمٍ يشرب بعد أكل الزقوم كما فصل فيما قبل وبالفارسية پس مر او راست پيشكش در قبر از آب كرم كرده در دوزخ با دود آتش دوزخ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ اى إدخال في النار وقيل اقامة فيها ومقاساة لألوان عذابها وقيل ذلك ما يجده في القبر من سموم النار ودخانها يقال أصلاه النار وصلاه اى جعله يصلاها والمصدر هنا مضاف الى المفعول إِنَّ هذا اى الذي ذكر في هذه السورة الكريمة لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ اى حق الخبر اليقين فهو من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على الاتساع والمجاز وقيل الحق الثابت من اليقين اى الحق الثابت الذي لا يطرأ عليه التبدل والتغير وقال ابو الليث اى يقين حق اليقين انتهى واليقين علم يحصل به ثلج الصدور ويسمى برد اليقين فهو العلم الذي يحصل به اطمئنان النفس ويزول ارتيابها واضطرابها والمراد هنا المعلوم المتيقن به لان المبتدأ عبارة عن المعلوم فيجب أن يكون الخبر ايضا كذلك التقدير ان هذا لهو ثابت الخبر المتيقن به اى الثابت منه على ان الاضافة بمعنى من وفي فتح الرحمن هذه عبارة فيها مبالغة لانها بمعنى واحد كما تقول في امر توكده هذا يقين اليقين وصواب الصواب بمعنى انه نهاية الصواب فهى عبارة مبالغة وتأكيد معناه ان هذا الخبر هو نفس اليقين وحقيقته انتهى قال ابن الملك اضافة العلم الى اليقين اضافة الشيء الى مرادفه كما فعلوا مثل ذلك في العطف وفي شرح النصوص بالنون العلم اليقيني هو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالكفر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا تزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الا ثنينية فاذا يكون العين حقا ولا مرتبة للحق الا الإدراك بأحدية جمعك اى بحقيقتك المشتملة على المدركات الظاهرة والباطنة والجامعة بين روحانيتك وجسمانيتك اى يدركها بها إدراكا يستوعب معرفة كل ما اشتملت عليه حقيقة المدرك من الأمور الظاهرة والباطنة وهو حال الكامل وصفة من صار قلبه مستوى الحق الذي قد وسعه كما أخبره لانه حال جمع الجمع وزيادة هذه المرتبة اى حق اليقين عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء وحقه للانبياء واما حقيقة اليقين وهو باطن حق اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه الدرجات والمراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل والذكر والسكوت بالفكر في ملكوت السموات والأرض وبأداء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والغرض وتقليل المنام والعرض وأكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله تعالى فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة انتهى

[سورة الواقعة (56) : آية 96]

وقال ابن عطاء رحمه الله ان هذا القرآن لحق ثابت في صدور الموقنين وأهل اليقين وهو الحق من عند الحق فلذلك تحقق في قلوب المحققين واليقين ما استقر في قلوب أوليائه وقد قال سيدنا على رضى الله عنه وكرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنان كه مى بايد كر حجاب از ميانه برگيرند ... آن يقين ذره نيفزايد يعنى اگر احوال آخرت منكشف شود وجمله را معاينه كنم يك ذره در يقين من زياده نشود كه علم اليقين من امروز چوعين اليقين منست در فردا وقال عليه السلام اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر وهو اليقين الحاصل بالعيان وظهور الحقيقة ولذا نقول أهل علم اليقين ذو خطر لا يحصل منه الإرشاد بخلاف أهل عين اليقين فانه قطب ارشاد وبخلاف أهل حق اليقين فانه قطب الاقطاب فالتجليات ثلاثة تجل علمى وتجل عينى وتجل حقى فالاول كعلم الكعبة علما ضروريا من غير رؤية والثاني مثل رؤيتها من بعيد والثالث كدخولها قال قتادة ان الله ليس تاركا أحدا من الناس حتى يوقفه على اليقين من هذا القرآن اما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة واما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه (قال المولى الجامى) سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سراب ريب فَسَبِّحْ يا محمد بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ الفاء لترتيب التسبيح او الأمر به على ما قبلها فان حقية ما فصل في تضاعيف السورة الكريمة مما يوجب تنزيهه تعالى عما لا يليق بشانه الجليل من الأمور التي من جملتها الإشراك به والتكذيب بآياته الناطقة بالحق وقال ابو عثمان قدس سره فسبح شكرا لما وقفنا أمتك اليه من التمسك بسنتك وفي فتح الرحمن هذه عبارة تقتضى الأمر بالاعراض عن اقوال الكفار وسائر امور الدنيا المختصة بها وبالإقبال على امور الآخرة وعبادة الله والدعاء اليه (روى) انه لما نزل فسبح باسم ربك العظيم قال عليه السلام اجعلوها في ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها في سجودكم وكان عليه السلام يقول في ركوعه سبحان ربى العظيم وفي سجوده سبحان ربى الأعلى وسر اختصاص سبحان ربى العظيم بالركوع والأعلى بالسجود ان الاول اشارة الى مرتبة الحيوان والثاني اشارة الى مرتبة النبات والجماد فلا بد من الترقي في التنزيه والحق سبحانه فوق التحت كما انه فوق الفوق ونسبة الجهات اليه على السواء لنزاهته عن التقيد بالجهات فلهذا شرع التسبيح في الهبوط واختلف الائمة في التسبيح المذكور في الصلاة فقال احمد هو واجب تبطل الصلاة بتركه عمدا ويسجد لتركه سهوا والواجب عنده مرة واحدة وأدنى الكمال ثلاث وقال ابو حنيفة والشافعي هو سنة وقال مالك يكره لزوم ذلك لئلا يعد واجبا فرضا والاسم هنا بمعنى الجنس اى بأسماء ربك والعظيم صفة ربك در خبرست كه عثمان بن عفان رضى الله عنه عيادت كرد عبد الله بن مسعود را رضى الله عنه در بيمارىء مرك كفت يا عبد الله اين ساعت از چهـ مى نالى كفت اشتكى ذنوبى يعنى بر گناهان خود مى نالم عثمان كفت

تفسير سورة الحديد

چهـ آرزوست ترا درين وقت كفت رحمة ربى يعنى آرزوى من آنست كه الله تعالى بر من رحمت كند وبر ضعف وعجز من ببخشايد عثمان كفت أفلا ندعو الطبيب يعنى طبيب را خوانيم تا درد ترا مداوات كند كفت الطبيب أمرضني يعنى طبيب مرا بروز بيمارى افكند كفت خواهى تا ترا عطايى فرمايم كه ببعضي حاجتهاى خود صرف كنى كفت لا حاجة لى به يعنى وقتى مرا باين حاجت نيست وهيچ دربايست نيست كفت دستورى هست تا بدخترانت دهم ناچار ايشانرا حاجت بود كفت نه كه ايشانرا حاجت نيست واگر حاجت بود به ازين من ايشانرا عطايى داده ام كفته ام كه بوقت حاجت وضرورت سورة الواقعة بر خوانيد كه من از رسول خدا شنيدم كه عليه السلام (من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة ابدا) قال سعدى المفتى هو حديث صحيح وفي حديث آخر من دوام على قراءة سورة الواقعة لم يفتقر ابدا قال ابن عطية فيها ذكر القيامة وحظوظ الناس في الآخرة وفهم ذلك غنى لا فقر معه ومن فهمه يشتغل بالاستعداد قال الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين قراءة هذه السورة عند الشدة في امر الرزق والخصاصة شيء وردت به الاخبار المأثورة عن النبي عليه السلام وعن الصحابة رضى الله عنهم حتى ابن مسعود رضى الله عنه حين عوتب في امر ولده إذ لم يترك لهم الدنيا قال لقد خلفت لهم سورة الواقعة فان قلت ارادة متاع الدنيا بعمل الآخرة لا تصح قلت مراده أن يرزقهم الله تعالى قناعة أو قوتا يكون لهم عدة على عبادة الله تعالى وقوة على درس العلم وهذه من جملة ارادة الخير دون الدنيا فلا رياء انتهى كلامه وعن هلال بن يساف عن مسروق قال من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ونبأ أهل الجنة واهل النار ونبأ الدنيا ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة تمت سورة الواقعة بعون الله تعالى في أوائل صفر الخير من سنة خمس عشرة ومائة والف تفسير سورة الحديد مدنية وقيل مكية وآيها تسع وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ التسبيح تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه سبحانه بدأ الله بالمصدر في الإسراء لانه الأصل ثم بالماضي في الحديد والحشر والصف لانه اسبق الزمانين ثم بالمستقبل في الجمعة والتغابن ثم بالأمر في الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها ففيه تعليم عباده استمرار وجود التسبيح منهم في جميع الازمنة والأوقات والحاصل ان كلا من صيغتى الماضي والمضارع جردت عن الدلالة على مدلولها من الزمان المخصوص فأشعر باستمراره في الازمنة لعدم ترجيح البعض على البعض فالمكونات من لدن إخراجها من العدم الى الوجود مسبحة في كل الأوقات لا يختص تسبيحها بوقت دون وقت بل هى مسبحة ابدا في الماضي وتكون مسبحة ابدا في المستقبل وفي الحديث (أفضل الكلام اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر لا يضرك بأيهن بدأت) وسئل على رضى الله عنه عن سبحان فقال كلمة رضى الله لنفسه وسبح متعد بنفسه كما في قوله

تعالى وتسبحوه واللام اما مزيدة للتأكيد كما في نصحت له وشكرت له في نصحته وشكرته او للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم اى فعل التسبيح وأوقعه وأحدثه لاجل الله تعالى وخالصا لوجهه والمراد بما في السموات والأرض جميع المخلوقات من حى وجماد وجاء بما تغليبا للاكثر مع ان اكثر العلماء على ان ما يعم العقلاء وغيرهم والمراد بتسبيح الكل تسبيح عبادة ومقال كما قال بعض الكبار قد أخذ الله بأبصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله والأشياء كلها انما خلقت له سبحانه لتسبح بحمده واما انتفاعنا بها انما هو بحكم التبعية لا بالقصد الاول قال الحسن البصري رحمه الله لولا ما يخفى عليكم من تسبيح من معكم في البيوت ما تقاررتم ثم وقال بعضهم لا يصدر عن الحي الا حى ولو وجد من العالم موجود غير حى لكان غير مستند الى حقيقة الهية وذلك محال فالجماد ميت في نظر المحجوب حى في نفس الأمر لا ميت لان حقيقة الموت مفارقة حى مدبر لحى مدبر والمدبر والمدبر حى والمفارقة نسبة عدمية لا وجودية فان الشان انما هو عزل عن ولاية وانتقال من دار الى دار وليس من شرط الحي أن يحس لان الاحساس والحواس امر معقول زائد على كونه حيا وانما هما من شرط العلم وقد لا يحس وقد لا يحس وتأمل صاحب الآكلة إذا أكل ما يغيب به إحساسه كيف يقطع عضوه ولا يحس به مع انه حى ليس يميت وقال بعضهم كل شيء في العالم يسبح الله بحمده الذي اطلعه الله على انه حمد به نفسه ويختلف ذلك باختلافهم الا الإنسان خاصة فان بعضه يسبح بغير حمده ولا يقبل من الحق بعض ما اثنى به على نفسه فهو يؤمن ببعض وهو قوله ليس كمثله شيء ويكفر ببعض وهو تنزيه الله عما اضافه الى نفسه ووصف نفسه به من التشبيه بالمحدثات فقوله تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده اى بالثناء الذي اثنى به الحق على نفسه وأنزله على السنة رسله لا بما ولده العقل فان الله تعالى قال في حق من سبح الحق بعقله سبحان ربك العزة عما يصفون أعلا مالنا انه ورلء كل ثناء واهل الله تعالى لا بد لهم في سلوكهم من سماع تسبيح كل شيء بلسان طلق لالسان حال كما يعتقده بعضهم ثم ان الله تعالى من رحمته يأخذ أسماعهم بعد تحققهم ذلك ويبقى معهم العلم لانه لو أسمعهم ذلك على الدوام لطاشت عقولهم وفي الحديث (ان كل شيء من الجماد والحيوان يسمع عذاب القبر الا الثقلين) فثبت ان السموات والأرض بجميع اجزائهما وما فيهما من الملك والشمس والقمر والنجوم والانس والجن والحيوان والنبات والجماد لها حياة وفهم وادراك وتسبيح وحمد كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم واعلم ان الله تعالى هو المسبح اسم مفعول في مقام التفصيل والمسبح اسم فاعل في مقام الجمع فالتسبيح تنزيه الحق بحسب مقام الجمع والتفصيل من النقائص الامكانية ومن الكمالات الانسانية المختصة من حيث التقيد والتعين وَهُوَ الْعَزِيزُ بقدرته وسلطانه لا يمانعه ولا ينازعه شيء الْحَكِيمُ بلطفه وتدبيره لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة وفيه اشعار بعلية الحكم فان العزة وهى الغلبة على كل شيء تدل على كمال القدرة والحكمة تدل على كمال العلم والعقل يحكم بأن الموصوف بهما يكون منزها

[سورة الحديد (57) : الآيات 2 إلى 3]

عن كل نقص كالعجز والجهل ونحوهما ولذا كان الامن كفرا لأن فيه نسبة العجز الى الله تعالى وكذا اليأس لان فيه نسبة البخل الى الله الجواد لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى التصرف الكلى ونفوذ الأمر فيهما وما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والاعدام وسائر التصرفات مما نعلم وما لا نعلم يقول الفقير فان قلت كيف أضاف الملك الى ما هو متناه وكمال ملكه تعالى غير متناه قلت ان للسموات والأرض ظاهرا وهو ما كان حاضرا ومرئيا من عالم الملك وهو متناه لانه من قبيل الأجسام والصور وباطنا وهو ما كان غائبا غير محسوس من اسرارهما وحقائقهما وهو غير متناه لانه من عالم الملكوت والمعاني فاضافة الملك الى الله تعالى اضافة مطلقة يندرج تحتها الملك والملكوت وهما غير متناهيين في الحقيقة ألا ترى ان القرآن لا تنقضى عجائبه فهو بحر لا ساحل له من حيث أسراره ومن حيث ان المتكلم به هو الذي لا نهاية له وان كان اى القرآن متناهيا في الظاهر والحس فالمراد بالملك هو الملك الحقيقي لان ملك البشر مجاز كما سيتضح بيانا في هذه السورة يُحْيِي وَيُمِيتُ استئناف مبين لبعض احكام الملك اى يحيى الموتى والنطف والبيض ويميت الاحياء ومعنى الاحياء والاماتة جعل الشيء حيا وجعله ميتا وقد يستعاران للهداية والإضلال في نحو قوله او من كان ميتا فأحييناه وهو يحيى القلوب بتجلى اسم المحيي ويميت النفوس بتجلى اسم المميت او يحيى النفوس بموت القلوب ويميت القلوب بحياة النفوس على طريق المغالبة وقال ابن عطاء رحمه الله هو مالك الكل وله الملك اجمع يميت من يشاء بالاشتغال بالملك ويحيى من يشاء بالإقبال على الملك وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الاحياء والاماتة على مقتضى الحكمة والارادة قَدِيرٌ تام القدرة فان الصيغة للمبالغة هُوَ الْأَوَّلُ السابق على سائر الموجودات بالذات والصفات لما انه مبدئها ومبدعها فالمراد بالسبق والاولية هو الذاتي لا الزمانى فان الزمان من جملة الحوادث ايضا وَالْآخِرُ الباقي بعد فنائها حقيقة او نظرا الى ذاتها مع قطع النظر عن مبقيها فان جميع الموجودات الممكنة إذا قطع النظر عن علتها فهى فانية أول او أول بي ابتدا ... آخر او آخر بي انتها بود ونبود اين چهـ بلندست و پست ... باشد واين نيز نباشد كه هست وَالظَّاهِرُ وجود الكثرة دلائله الواضحة وَالْباطِنُ حقيقة فلا يحوم العقل حول ادراك كنهه وليس يعرف الله الا الله وتلك الباطنية سوآء في الدنيا والآخرة فاضمحل ما في الكشاف من ان فيه حجة على من جوز إدراكه في الآخرة بالحاسة وذلك فان كونه باطنا بكنه حقيقته لا ينافي كونه مرئيا في الآخرة من حيث صفاته وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يعزب عن علمه شيء من الظاهر والخفي فان عليم صيغة مبالغة تدل على انه تعالى تام العلم بكل شيء جليه وخفيه وفي هذا المقام معان اخر هو الاول الذي تبتدأ منه الأسباب والآخر الذي تنتهى اليه المسببات اى إذا نظرت الى سلسلة الموجودات المتكونة بعضها من بعض وجدت الله مبدأ تلك السلسلة ومنتهاها تبتدئ منه سلسلة الأسباب وتنتهى

اليه سلسلة المسببات ولذا قالوا لا تعتمد على الريح في استواء السفينة وسيرها وهذا شرك فى توحيد الافعال وجهل بحقائق الأمور ومن انكشف له امر العالم كما هو عليه علم أن الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى أن ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له ولا يتحرك هو في نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه والظاهر اى الغالب على كل شيء والباطن اى العالم بباطن كل شيء على أن يكون الظاهر من ظهر عليه إذا علاه وغلب والباطن من بطنه إذا علم باطنه ولم يرتضه الزمخشري لفوات المطابقة بين الظاهر والباطن حينئذ (وروى) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال دخلت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألته خادما فقال لها عليه السلام ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك أن تقولى اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل ذى شر أنت آخذ بناصيته أنت الاول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنى الدين وأغنني من الفقر عنى بالظاهر الغالب والباطن العالم ببواطن الأشياء يعنى انه الغالب الذي يغلب كل شيء ولا يغلب عليه فيتصرف فى المكونات على سبيل الغلبة والاستيلاء إذ ليس فوقه أحد يمنعه والعالم ببواطن الأشياء فهو الملجأ والمنجى يلتجئ اليه كل ملتجئ لا ملجأ ولا منجى دونه اى غيره وقال الامام احتج كثير من العلماء في اثبات أن الا له واحد بقوله هو الاول قالوا الاول هو الفرد السابق ولهذا لو قال أحد أول مملوك اشتريته فهو حر ثم اشترى عبدين لم يعتقا لان شرط كونه اولا حصول الفردية وهنا لم تحصل فلو اشترى بعد ذلك عبدا واحدا لم يعتق لان شرط الاولية كونه سابقا وهاهنا لم يحصل فثبت ان الشرط في كونه اولا أن يكون فردا فكانت الآية دالة على أن صانع العالم واحد فرد وايضا هو الاول خارجا لانه موجد الكل والآخر ذهنا كما يدل عليه براهين اثبات الصانع او بحسب ترتيب سلوك العارفين فاذا نظرت الى ترتيب السلوك ولا حظت منازل السالكين السائرين اليه تعالى فهو آخر ما يرتقى اليه درجات العارفين وكل معرفعة تحصل قبل معرفته فهى مرقاة الى معرفته والمنزل الأقصى هو معرفة الله فهو آخر بالاضافة الى السلوك في درجات الارتقاء في باب المعارف وأول بالاضافة الى الوجود الخارجي فمنه المبتدأ اولا واليه المرجع آخرا وقال بعض الكمل هو الاول باعتبار بدء السير نزولا والآخر باعتبار ختم السير عروجا والظاهر بحسب النظر الى وجود الحق والباطن بحسب النظر الى وجود الخلق وهذا ما قالوا ان ظاهر الحق باطن الخلق وباطن الخلق ظاهر الحق لان الهوية برزخ بينهما لا يبغيان وبالنظر الى الحق هوية الهية وبالنظر الى الخلق هوية كونية وهذه مرتبة قاب قوسين وفوقها مرتبة او أدنى وتكلم يوما عند الشبلي رحمه الله في الصفات فقال اسكتوا فان ثمة متاهات لا يخرقها الأوهام ولا تحويها الافهام وكيف يمكن الكلام في صفات من تجتمع فيه الاضداد من قوله هو الاول والآخر والظاهر والباطن خاطبنا على قدر افهامنا وقال الراغب الاول هو الذي

يترتب عليه غيره ويستعمل على أوجه أولها المتقدم بالزمان كقولك عبد الملك اولا ثم منصور والثاني المتقدم بالرياسة في الشيء وكون غيره محتذيا به نحو الأمير اولا ثم الوزير والثالث المتقدم بالوضع والنسبة كقولك للخارج من العراق القادسية اولا ثم فيد وهى قرية في البادية على طريق الحاج وللخارج من مكة فيد اولا ثم القادسية والرابع المتقدم بالنظام الصناعى نحو أن يقال الأساس اولا ثم البناء وإذا قيل في صفة الله هو الاول فمعناه الذي لم يسبقه في الوجود شيء والى هذا يرجع قول من قال هو الذي لا يحتاج الى غيره ومن قال هو المستغنى بنفسه والظاهر والباطن في صفة الله لا يقال مزدوجين كالاول والآخر فالظاهر قيل اشارة الى معرفتنا البديهية فان الفطرة تقتضى في كل ما نظر اليه الإنسان انه تعالى موجود كما قال تعالى وهو الذي في السماء آله وفي الأرض آله ولذلك قال بعض الحكماء مثل طالب معرفته مثل من طوف الآفاق في طلب ما هو معه والباطن اشارة الى معرفته الحقيقية وهى التي أشار إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه بقوله يا من غاية معرفته القصور عن معرفته وقيل ظاهر بآياته باطن بذاته وقيل ظاهر بأنه محيط بالأشياء مدرك لها باطن في أن يحاط به كما قال لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وقد روى عن أمير المؤمنين ما دل على تفسير اللفظين حيث قال تجلى لعباده من غير أن رأوه وأراهم نفسه من غير أن تجلى لهم ومعرفة ذلك تحتاج الى فهم ثاقب وعقل واقد كما في المفردات وايضا هو الاول في عين آخريته والآخر في عين أوليته والظاهر في عين باطنيته والباطن في عين ظاهريته من حيثية واحدة وباعتبار واحد في آن واحد لاقتضاء ذاته المطلقة عن هذه الاعتبارات المختلفة والحيثيات المتنافرة المتباينة لاحاطته بالكل واستغنائه عن الكل قيل للعارف الرباني أبى سعيد الخراز قدس سره بم عرفت الله قال بجمعه بين الاضداد فتلا هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولا يتصور الجمع بين الاضداد الا من حيثية واحدة واعتبار واحد في آن واحد وهو بكل شيء من الاولية والآخرية والظاهرية والباطنية عليم إذ علمه عين ذاته وذاته محيط بالأشياء كما قال والله بكل شيء محيط كما في التأويلات النجمية وقال الواسطي رحمه الله لم يدع للخلق نفسا بعد ما أخبر عن نفسه هو الاول والآخر والظاهر والباطن وقال ايضا من كان حظه من اسمه الاول كان شغله بما سبق ومن كان حظه من اسمه الآخر كان مربوطا بما يستقبل ومن كان حظه من اسمه الظاهر لا حظ عجائب قدرته ومن كان حظه من اسمه الباطن لاحظ ما جرى في السر من أنواره وقال ايضا حظوظ الأنبياء عليهم السلام مع تباينها من اربعة اسماء وقيام كل فريق منهم باسم منها فمن جمعها كلها فهو أوسطهم ومن فنى عنها بعد ملابستها فهو الكامل التام وهى قوله هو الاول إلخ وقال ايضا من ألبسه الاولية فالتجلى له في الآخرية محال لانه لا يتجلى الا لمن فقده او كان بعيدا عنه فقر به وقال الجنيد قدس سره نفى القدم عن كل أول بأوليته ونفى البقاء عن كل آخر بآخريته واضطر الخلق الى الإقرار بربوبيته بظاهريته وحجب الافهام عن ادراك كنهه وكيفيته بباطنيته وقال السدى هو الاول ببره إذ عرفك بتوحيده والآخر بجوده إذ عرفك التوبة عن ما جنيت والظاهر

بتوفيقه إذ وفقك للسجود له والباطن بستره إذا عصيته يستر عليك وقال ابن عمر رضى الله عنه هو الاول بالخلق والآخر بالرزق والظاهر بالاحياء والباطن بالاماتة وايضا الاول بلا تأويل أحد والآخر بلا تأخير أحد والظاهر بلا اظهار أحد والباطن بلا ابطال أحد والاول القديم والآخر الرحيم والظاهر الحليم والباطن العليم والاول يكشف أحوال الدنيا حتى لا يرغبوا فيها والآخر يكشف أحوال العقبى حتى لا يشكوا فيها والظاهر على قلوب أوليائه حتى يعرفوه والباطن على قلوب أعدائه حتى ينكروه والاول بالازلية والآخر بالأبدية والظاهر بالأحدية والباطن بالصمدية والاول بالهيبة والآخر بالرحمة والظاهر بالحجة والباطن بالنعمة والاول بالعطاء والآخر بالجزاء والظاهر بالثناء والباطن بالوفاء والاول بالهداية والآخر بالكفاية والظاهر بالولاية والباطن بالرعاية صاحب كشف الاسرار فرموده كه زبان رحمت از روى اشارت ميكويد اى فرزند آدم خلق در حق تو چهار گروه اند أول كروهى كه در أول حال ترا بكار آيند چون پدر ومادر دوم جمعى كه در آخر زندكانى دست كيرند چون أولاد وأحفاد سوم زمره كه آشكارا با تو باشند چون دوستان وياران چهارم فرفه كه پنهان با تو معاش كنند چون زنان وكنيزان رب العالمين ميفرمايد كه اعتماد برينها مكن وكار ساز خود ايشانرا مپندار كه أول منم كه ترا از عدم بوجود آوردم آخر منم كه بازگشت تو بمن خواهد بود ظاهر منم كه صورت تو بخوبتر وجهى بياراستم باطن منم كه اسرار وحقايق در سينه تو وديعت نهادم أول وآخر تويى كيست حدوث وقدم ... ظاهر وباطن تويى چيست وجود وعدم أول بي انتقال آخر بي ارتحال ... ظاهر بي چند و چون باطن بي كيف وكم ويقال هو الاول خالق الأولين والآخر خالق الآخرين والظاهر خالق الآدميين وهم ظاهرون والباطن خالق الجن والشياطين وهم لا يظهرون وقال الترمذي هو الاول بالتأليف والآخر بالتكليف والظاهر بالتصريف والباطن بالتعريف والاول بالانعام والآخر بالإتمام والظاهر بالإكرام والباطن بالإلهام وقال بعض المحققين من أهل الأصول هذا مبالغة في نفى التشبيه لان كل من كان اولا لا يكون آخرا وكل من كان طاهرا لا يكون باطنا فأخبر انه الاول الآخر الظاهر الباطن ليعلم انه لا يشبه شيا من المخلوقات والمصنوعات وقال بعض المكاشفين هو الاول إذ كان هو ولم تكن صور العالم كما قال عليه السلام كان الله ولا شيء معه فهو متقدم عليها وهذا التقدم هو المراد بالاولية وهو الآخر إذ كان عين صور العالم عند ظهورها ولها التأخر فهو باعتبار ظهوره بها له الآخرية فالآخر عين الظاهر والباطن عين الاول هذا باعتبار التنزل من الحق الى الخلق واما باعتبار الترقي من الخلق الى الحق فالآخر عين الباطن والظاهر عين الاول وقال الامام الغزالي رحمه الله لا تعجبن من هذا في صفات الله فان المعنى الذي به الإنسان انسان ظاهر باطن فانه ظاهر ان استدل عليه بأفعاله المرئية المحكمة باطن ان طلب من ادراك الحس فان الحس انما يتعلق بظاهر بشريته وليس الإنسان إنسانا ببشريته المرئية منه بل لو تبدلت تلك البشرية بل سائر اجزائه فهو هو والاجزاء متبدله ولعل

اجزاء كل انسان بعد كبره غير الاجزاء التي كانت فيه عند صغره فانها تحللت بطول الزمان وتبدلت بامثالها بطريق الاغتذاء وهويته لم تتبدل فتلك الهوية باطنة عن الحواس ظاهرة للعقل بطريق الاستدلال عليها بآثارها وافعالها وقال الزروقى الاول الآخر هو الذي لا مفتتح لوجوده لا مختتم له بثبوت قدمه واستحالة عدمه وكل شيء منه بدأ واليه يعود وانما عطف بالواو لتباعد ما بين موقعى معناهما ومن عرف انه الاول غاب عن كل شيء به ومن عرف انه الآخر رجع بكل شيء اليه وخاصية الاول جمع الشمل فاذا واظب عليه المسافر في كل يوم جمعة انجمع شمله وخاصية الآخر صفاء الباطن عما سواه تعالى فاذا واظب عليه انسان في كل يوم مائة مرة خرج من قلبه سوى الحق والظاهر الباطن هو الواضح الربوبية بالدلائل المحتجب عن الكيفية والأوهام فهو الظاهر من جهة التعريف الباطن من جهة التكييف ومجراهما في العطف مجرى الاسمين السابقين ومن عرف انه الظاهر لم يستدل بشيء عليه ورجع بكل شيء اليه ومن عرف انه الباطن استدل بكل شيء عليه ورجع به اليه وخاصية الظاهر اظهار نور الولاية على قلب قارئه إذا قرأه عند الاشراق وخاصية الباطن وجود النفس لمن قرأه في اليوم ثلاث مرات في كل ساعة زمانية ومن قال بعد صلاة ركعتين خمسا وأربعين مرة هو الاول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم حصل له ما طلبه أيا كان وقال بعض الكبار حقيقة الاول هو الذي افتتح وجوده عن عدم وهذا منتف في حق الحق بلا شك فهو الاول لا بأولية تحكم عليه ولاجل ذلك سمى نفسه الآخر ولو كانت أوليته مثل اولية الموجودات لم يصح أن يكون آخرا إذ الآخر عبارة عن انتهاء الموجودات المقيدة فهو الآخر لا بآخرية تحكم عليه إذ آخريته عبارة عن فناء الموجودات كلها ذاتا وصفة وفعلا في ذاته وصفاته وأفعاله تعالى بظهور القيامة واما غير الحق فله اولية تحكم عليه مثل قوله عليه السلام أول ما خلق الله العقل اى أول ما افتتح به من العدم الى الوجود العقل الذي هو نور محمد صلّى الله عليه وسلّم وله آخرية تحكم عليه مثل قوله عليه السلام نحن الآخرون الأولون وفي رواية السابقون يعنى الآخرون في الظهور من حيث النشاة العنصرية الجسمانية الأولون في العلم الإلهي من حيث الظهور في النشأة الروحانية ومن صلّى في أول الوقت من حيث اولية الحق المنزهة عن أن يتقدمها اولية لشيء فهو المصلى الصلاة لأول وقتها فتنسحب عبادة هذا المصلى من هناك الى وقت وجود هذا المصلى فمن بادر لأول هذا الوقت فقد حاز الخير بكلتي يديه وهو مشهد نفيس أشاروا فيه بتلك الاولية الى معنى اصطلحوا عليه لا الى ما يتبادر لذهن غيرهم كما في كتاب الجواهر للشعرانى رحمه الله يقول الفقير عمل الشافعي رحمه الله بقوله عليه السلام أول الوقت رضوان الله فصلى الفجر في أول وقته وعمل ابو حنيفة رضى الله عنه بقوله تعالى ومن الليل فسبحه وادبار النجوم وفي الاولية الآخرية وبالعكس ولكل وجهة بحسب الفناء والبقاء وقد أشير الى في بعض الاسحار أن الكعبة وضعت عند الفجرة اى عند انفجار الصبح الصادق على ما بينت وجهه في كتاب الواردات الحقية نسأل الله النور

[سورة الحديد (57) : آية 4]

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بقدرته الكاملة وحكمته البالغة فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من ايام الآخرة او من ايام الدنيا قال ابن عطية هو الأصوب أولها الأحد وآخرها الجمعة تا ملائكه مشاهده كنند حدوث انها را چيزى پس از چيزى وسنت تدريج وتأنى در هر كار حاصل آيد وكذا وقع الاختلاف في الأربعين التي خمر الله فيها طينة آدم هل هى بأيام الدنيا او بأيام الآخرة وفيه اشارة الى مراتب الصفات الست وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر اى هو الذي تجلى للاشياء كلها بذاته الموصوفة بالصفات الست إذ تجلى الوجود لا يكون الا مع لوازمه ولواحقه كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده والتسبيح يستلزم الحياة وما يترتب عليها من العلم بالتسبيح وبالمسبح ومن القدرة على التسبيح والارادة بتخصيص المسبح ومن السمع إذ كل مسبح لا بد له من استماع تسبيحه ومن البصر إذ لا بد لكل مسبح أن يشاهد المسبح في بعض مراتب الشهود كما في التأويلات النجمية ثُمَّ اسْتَوى اى استولى عَلَى الْعَرْشِ المحيط بجميع الأجسام برحمانيته لان استوى متى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء وإذا عدى بالى اقتضى معنى الانتهاء اليه اما بالذات او بالتدبير قال بعض الكبار هو محمول على التمثيل وقد سبق بيانه مرارا (قال الكاشفى) پس قصد كرد بتدبير عرش وإجراء امور متعلقه بد وبر وفق أرادت وفي التأويلات النجمية يعنى استتم وتمكن تجليه على عرش استعدادات المظاهر السماوية الروحانية والمظاهر الارضية الجسمانية ما تجلى لعرش استعداد شيء إلا بحسب قابليته وقبوله لا زائد ولا ناقص (كما قال العارف) يكى مومى ازين كم نبايد همى ... وكر بيش باشد نشايد همى يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالكنوز والدفائن والموتى والبذور وكالغيث ينفد في موضع وينبع في الآخر ولو لوج الدخول في مضيق وفي المناسبات الدخول في الساتر لجملة الداخل وَما يَخْرُجُ مِنْها كالجواهر من الذهب والفضة والنحاس وغيرها والزروع والحيوانات والماء وكالكنوز والموتى يوم القيامة وفي التأويلات النجمية يعنى يعلم بعلمه المحيط ما يدخل في ارض البشرية من بذور النباتات النفسائية مثل مخالفات الشرع وموافقات الطبع وزروع الأحوال القلبية من مخالفات الطبع وموافقات الشرع والواردات القلبية والإلهامات الغيبية وزروع الأذواق والوجدانيات من التجليات الرحمانية التنزلات الربانية لترتب الأعمال على النيات كما قال عليه السلام انما الأعمال بالنيات وقال ايضا لكل امرئ ما نوى إذ النية بمرتبة البذر والعمل بمرتبة الزرع والقلب والنفس والروح بمنزلة الأرض المستعدة لكل نوع من البذر وقال بعضهم يعلم ما يلج في ارض قلب المؤمن من الإخلاص والتوحيد وفي ارض قلب الكافر من الشك والشرك وما يخرج منها بحسب حالهما وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالكتب والملائكة والاقضية والصواعق والأمطار والثلوج وَما يَعْرُجُ فِيها كالملائكة الذين يكتبون الأعمال والدعوات والأعمال والأرواح السعيدة والابخرة والادخنة وقال بعضهم وما ينزل من السماء على قلوب أوليائه من الألطاف والكشوف وفنون الأحوال العزيزة وما يعرج من أنفاس

[سورة الحديد (57) : الآيات 5 إلى 10]

الأولياء المشتاقين إذا تصاعدت حسراتهم وعلت زفراتهم وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الأرض وهو تمثيل لاحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما داروا وفي الحديث أفضل ايمان المرء أن يعلم ان الله معه حيث كان يار با تست هر كجا هستى ... جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش با تو در زيرك كليم چواوست ... پس برو اى حريف خود را باش قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الى فقد وصلت الى في التأويلات النجمية وهو معكم لا بالمعية المفهومة للعوام والخواص ايضا اين معيت مى نكنجد در بيان ... نى زمان دارد خبر زونى مكان بل بالمعية المذوقة بالذوق الكشفى الشهودى اى انا معكم بحسب مراتب شهوداتكم ان كنتم فى مشهد الفعلى فانا معكم بالتجلى الذاتي ما أتقدم ولا أتأخر عنكم وقال بعض الكبار تلك المعية ليست هى مثل ما يتصور بالعقل حسا او ذهنا او خيالا او وهما تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا وانما هى معية تفرد الحق سبحانه بعينها وتحققها وعلمها لا يعلم سرها الا الله ومن اطلعه عليه من الكمل ويحرم كشفها ترحما على العقول القاصرة عن درك الاسرار الخفية كما قال ابن عباس رضى الله عنهما أبهموا ما أبهم الله وبينوا ما بين الله يعنى إذا اقتضى المقام الإبهام كما إذا طلب بيان المبهم على ما هو عليه في نفسه وعقل الطالب قاصر عن دركه فلا جرم انه حرام لما فيه من هلاكه واما إذا طلب بيان المبهم لا على ما هو عليه في نفسه بل على وجه يدركه عقله يضرب تأويل يستحسنه الشرع ففيه رخصة شرعية اعتبرها المتأخرون دفعا لانقلاب قلب الطالب وترسيخا على عقيدته حتى تندفع عن صدره الوساوس والهواجس والمراد على هذا إما معية حفظه أو معية امره او غير ذلك مما لا اضطراب فيه لا شرعا ولا عقلا ولا خارجا والأين المذكور في الآية متناول لجميع الأينات الازلية والابدية من المعنوية والروحانية والمثالية والحسية والدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والغيبية والشادية مطلقا كلية كانت او جزئية وهذه الاينية كالمعية من المبهمات والمتشابهات وما يعلم تأويلها الا الله وما يتذكر سرها إلا أولوا الألباب قال بعضهم في هذه الآية بشارة للعاشقين حيث هو معهم أينما كانوا وتوفيق للمتوكلين وسكينة للعارفين وبهجة للمحبين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين واشارة الى سر الوحدة للموحدين قال الحسين رحمه الله ما قارب الحق الأكوان ولا فارقها كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها وكيف يقارب القدم الحدوث به قوام الكل وهو بائن عن الكل انتهى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه ثوابا وعقابا وهو عبارة عن عن احاطته بأعمالهم فتأخيره عن الخلق لما ان المراد ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم لا لما قيل من أن الخلق دليل على العلم فبالخلق يستدل على العلم والدليل يتقدم على المدلول وفي الآية إيقاظ للغافلين وتنشيط للمتيقظين ودلالة لهم على الخشية والحياء من رب العالمين واشارة لهم الى ان أعمالهم محفوظة وانهم مجزيون بها ان خيرا فخيروان شرا فشر قال بعض الكبار والله بما تعملون بصير لانه العامل بكم وفيكم ولا بد لكل عامل أن يبصر عمله وما يتعلق به لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

[سورة الحديد (57) : الآيات 6 إلى 7]

تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله تعالى وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ على البناء للمفعول من رجع رجعا اى رد ردا وقرئ على البناء للفاعل من رجع رجوعا والمعنى اليه تعالى وحده لا الى غيره استقلالا واشتراكا ترد جميع الأمور فاستعدوا للقائه باختيار أرشد الأمور وأحسنها عند الله پس تكرير كلام جهت آنست كه أول تعلق بإبداء دارد وثانى بإعادة ولذا قرن بالأول يحيى ويميت وبالثاني ما يكون في الآخرة من رد الخلق اليه وجزائه إياهم بالثواب والعقاب وفيه اشارة الى انه له ملك علوم السموات الروحانية وهى العلوم الكشفية اللدنية الموهوبة بالاسم الوهاب من غير تحصيلى الأسباب لعباده المخلصين بإفاضته عليهم وله ايضا ملك العلوم الرسمية الكسبية الارضية بالسعي والاجتهاد للعلماء بافاضة توفيق الكسب والاجتهاد فامور العلوم الكشفية والكسبية ترجع الى عناية الله الازلية والابدية يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ الإيلاج الإدخال يعنى أز زمان شب در روز افزايد حتى يصير النهار أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والليل اقصر ما يكون تسع ساعات وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يعنى از زمان روز بشب زياده كند باختلاف الفصول وبحسب مطالع الشمس ومغاربها حتى يصير الليل أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والنهار اقصر ما يكون تسع ساعات والليل والنهار ابدا اربع وعشرون ساعة قال في فتح الرحمن فيه تنبيه على العبرة فيما يجاذبه الليل والنهار من الطول والقصر وذلك متشعب مختلف حسب اختلاف الأقطار والأزمان الاربعة وذلك بحر من بخار الكفرة لمن تأمله وَهُوَ عَلِيمٌ اى مبالغ في العلم بِذاتِ الصُّدُورِ اى بمكنوناتها اللازمة لها من الاسرار والمعتقدات وذلك اغمض ما يكون وهو بيان لاحاطة علمه تعالى بما يضمرونه في نياتهم بعد بيان احاطته بأعمالهم التي يظهرونها وفي الآية اشارة الى انه يستهلك ظلمة ليل البشرية والطبيعة في نور نهار الروح بطريق تغليب نور نهار الروح وهو تعالى عالم بكل ما يصدر من أصحاب ليل النفوس من السيئات ومن ارباب نهار الأرواح من الحسنات لا يفوته منهما شيء قال ابن عباس رضى الله عنهما اسم الله الأعظم في أول سورة الحديد في ست آيات من أولها فاذا علقت على المقاتل في الصف لم ينفذ اليه حديد كما في فتح الرحمن آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ روى ان الآية نزلت فى غزوة ذى العشيرة وهى غزوة تبوك وفي عين المعاني يحتمل الزكاة والنفقة في سبيل الله والمعنى جعلكم الله خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة عبر عما بأيديهم من الأموال والأرزاق بذلك تحقيقا للحق وترغيبا لهم في الانفاق فان من علم انها لله وانه بمنزلة الوكيل والنائب بحيث يصرفها الى ما عينه الله من المصارف هان عليه الانفاق او جعلكم خلفاء من قبلكم فيما كان بايديهم بتوريثه إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينتقل منكم الى من بعدكم فلا تبخلوا به قال الشاعر ويكفيك قول الناس فيما ملكته ... لقد كان هذا مرة لفلان فلا بد من انفاق الأموال التي هى للغير وستعود الى الغير فكما ان الانفاق من مال الغير يهون على النفس إذا اذن فيه صاحبه فكذا من المال الذي على شرف الزوال

[سورة الحديد (57) : آية 8]

مكن تكيه بر ملك و چاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم خور و پوش وبخشاى وراحت رسان ... نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان بخيل توانكر بدينار وسيم ... طلسم است بالاى كنجى مقيم از ان سالها مى بماند زرش ... كه لرزد طلسم چنين بر سرش بسنك أجل ناكها بشكنند ... بآسودگى كنج قسمت كنند فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا حسبما أمروا به (وقال الكاشفى) ونفقه كردند مال خود را بزكاة وجهاد وسائر خيرات لَهُمْ بسبب ذلك أَجْرٌ كَبِيرٌ مزدى بزرك وثوابى عظيم كه جنت ونعيم است قال في فتح الرحمن الاشارة فيه الى عثمان رضى الله عنه وحكمها باق يندب الى هذه الافعال بقية الدهر وفي التأويلات النجمية يخاطب كل واحد من المشايخ والعلماء ويأمرهم بالايمان بالله وبرسوله ايمانا كليا جامعا شرائط الايمان الحقيقي الشهودى العيانى ويوصيهم بإفاضة علوم الوهب على مستحقيها وتعليم علوم الدراسة لمستعديها إذ العلماء في العلوم الكسبية والمشايخ فى المعرفة والحكمة الوهبيه خلفاء فيهما فعليهم أن ينفقوا على الطالبين المستحقين الذين ينفق الله ورسوله عليهم كما قال عليه السلام حكاية عن الله تعالى أنفق أنفق عليك وقال عليه السلام لا توك فيوكى عليك وفي الحديث (من كتم علما يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) ويشمل هذا الوعيد حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع بها لا سيما مع عدم التعدد لنسخها الذي هو أعظم اسباب المنع وكون المالك لا يهدى لراجيه منها والابتلاء بهذا كثير كما في المقاصد الحسنة للامام السخاوي رحمه الله فالذين آمنوا من روح القلب والايمان الشهودى وأنفقوا من تلك العلوم الوهبية والكسبية على النفس وصفاتها بالإرشاد الى موافقات الشرع ومخالفات الطبع وفي التسليك في طريق السير والسلوك بالاتصاف بصفات الروحانية والانسلاخ عن صفات البشرية النفسانية لهم اجر كبير كما قال تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ لا تؤمنون حال من الضمير فى لكم لما فيه من معنى الفعل اى اى شيء ثبت لكم وحصل حال كونكم غير مؤمنين وحقيقته ما سبب عدم ايمانكم بالله على توجيه الإنكار والنفي الى السبب فقط مع تحقق المسبب وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ حال من ضمير لا تؤمنون مفيدة لتوبيخهم على الكفر مع تحقق ما يوجب عدمه بعد توبيخهم عليه مع عدم ما يوجبه اى واى عذر فى ترك الايمان والرسول يدعوكم اليه وينبهكم عليه بالحجج والآيات فان الدعوة المجردة لا تفيد فلو لم يجب الداعي دعوة مجردة وترك ما دعاه اليه لم يستحق الملامة والتوبيخ فلام لتؤمنوا بمعنى الى ولا يبعد حملها على التعليلية اى يدعوكم الى الايمان لاجل أن تؤمنوا وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ حال من مفعول يدعوكم والميثاق عقد يؤكد بيمين وعهد والموثق الاسم منه اى وقد أخذ الله ميثاقكم بالايمان من قبل دعوة الرسول إياكم اليه وذلك بنصب الأدلة والتمكين من النظر وجمله بعض العلماء على المأخوذ يوم الذر اى حين أخرجهم من صلب آدم في صورة الذر وهى النمل الصغير إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ لموجب ما فان هذا موجب لا موجب وراءه وفي عين المعاني اى ان كنتم مصدقين بالميثاق وفي فتح الرحمن اى ان دمتم

[سورة الحديد (57) : الآيات 9 إلى 10]

على ما بدأتم به هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ بواسطة جبرائيل عليه السلام (على عبده) المطلق محمد عليه السلام آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات من الأمر والنهى والحلال والحرام لِيُخْرِجَكُمْ الله يا قوم محمد أو العبد بسبب تلك الآيات مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ من ظلمات الكفر والشرك والشك والجهل والمخالفة والحجاب الى نور الايمان والتوحيد واليقين والعلم والموافقة والتجلي وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث يهديكم الى سعادة الدارين بإرسال الرسول وتنزيل الآيات بعد نصب الحجج العقلية (وقال الكاشفى) مهربانست كه قرآن ميفرستد بخشاينده است كه رسول را بدعوت ميفرمايد وقال بعضهم لرؤف بافاضة نور الوحى رحيم بازالة ظلمة النفس البشرية وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى واى شيء لكم من أن تنفقوا فيما هو قربة الى الله ما هو له في الحقيقة وانما أنتم خلفاؤه في صرفه الى ما عينه من المصارف فقوله في سبيل الله مستعار لما يكون قربة اليه وقال بعضهم معناه لاجل الله وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حال من فاعل لا تنفقوا او مفعوله المحذوف اى ومالكم في ترك إنفاقها في سبيل الله والحال انه لا يبقى لكم منها شيء بل تبقى كلها لله بعد فناء الخلق وإذا كان كذلك فانفاقها بحيث تستخلف عوضا يبقى وهو الثواب كان اولى من الإمساك لانها إذا تخرج من أيديكم مجانا بلا عوض وفائدة قال الراغب وصف الله نفسه بانه الوارث من حيث ان الأشياء كلها صائرة اليه وقال ابو الليث انما ذكر لفظ الميراث لان العرب تعرف ان ما ترك الإنسان يكون ميراثا فخاطبهم بما يعرفون فيما بينهم قال بعض الكبار اولا ان القلوب مجبولة على حب المال ما فرضت الزكاة ومن هنا قال بعضهم ان العارف لا زكاة عليه والحق ان عليه الزكاة كما ان عليه الصلاة والطهارة من الجنابة ونحوهما لانه يعلم ان نفسه مجموع العالم ففيها من يحب المال فيوفيه حقه من ذلك الوجه بإخراجها فهو زاهد من وجه وراغب من وجه آخر وقد اخرج رسول الله عليه السلام صدقة ماله فالكامل من جمع بين الوجهين إذ الوجوب حقيقة في المال لا على المكلف لانه انما كلف بإخراج الزكاة من المال لكون المال لا يخرج بنفسه فللعارفين المحبة في جميع العالم كله وان تفاضلت وجوهها فيحبون جميع ما في العالم بحب الله تعالى في إيجاد ذلك لا من جهة عين ذلك الموجود فلا بد للعارف أن يكون فيه جزء يطلب مناسبة العالم ولولا ذلك الجزء ما كانت محبة ولا محبوب ولا تصور وجودها وفي كلام عيسى عليه السلام قلب كل انسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم فى السماء تكن قلوبكم في السماء فحث أصحابه على الصدقة لما علم ان الصدقة تقع بيد الرحمن وهو يقولء أمنتم من في السماء فانظر ما أعجب كلام النبوة وما أدقه وأحلاء وكذلك لما علم السامري ان حب المال ملصق بالقلوب صاغ لهم العجل من حليهم بمرأى منهم لعلمه ان قلوبهم تابعة لاموالهم ولذلك لما سارعوا الى عبادة العجل دعاهم إليها فعلم ان العارف من حيث سره الرباني مستخلف فيما بيده من المال كالوصى على مال المحجور عليه يخرج عنه الزكاة وليس له فيه شيء ولكن لما كان المؤمن لحجابه يخرجها بحكم الملك فرضت عليه الزكاة لبنال بركات ثواب من رزئ في محبوبه والعارف لا يخرج شيأ بحكم الملك والمحبة كالمؤمن

انما يخرج امتثالا للامر ولا تؤثر محبت فلمال في محبته الله تعالى لانه ما أحب المال الا بتحبيب الله ومن هنا قال سليمان عليه السلام هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدي انك أنت الوهاب فما طلب الا من نسبة فاقة فقير الى عنى ثم اعلم ان المال انما سمى مالا لميل النفوس اليه فان الله تعالى قد أشهد النفوس ما في المال من قضاء الحاجات المجبول عليها الإنسان إذ هو فقير بالذات ولذلك مال الى المال بالطبع الذي لا ينفك عنه ولو كان الزهد في المال حقيقة لم يكن مالا ولكان الزهد في الآخرة أتم مقاما من الزهد في الدنيا وليس الأمر كذلك فان الله تعالى قد وعد بتضعيف الجزاء الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف فلو كان القليل منه حجابا لكان الكثير منه أعظم حجابا فالدنيا للعارف صفة سليمانية كمالية وما أليق قوله انك أنت الوهاب أتراه عليه السلام سأل ما يحجبه عن الله تعالى او سأل ما يبعده من الله تعالى كلا ثم انظر الى تتميم النعمة عليه بدار التكليف بقوله تعالى له هذا عطاؤنا فامنن او أمسك بغير حساب فرفع عنه الحرج في التصرف بالاسم المانع والمعطى واختصه بجنة معجلة في الدنيا وما حجبة ذلك المال عن ربه فانظر الى درجة العارف كيف جمع بين الجنتين وتحقق بالحقيقتين وأخرج زكاة المال الذي بيده عملا بقوله تعالى وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فجعله مالكا للانفاق من حقيقة الهية فيه في مال هو ملك الحقيقة أخرى فيه هو وليها من حيث الحقيقة الالهية لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ يا معشر المؤمنين (روى) ان جماعة من الصحابة رضى الله عنهم أنفقوا نفقات كثيرة حتى قال ناس مؤلاء أعظم اجرا من كل من أنفق قديما فنزلت الآية مبينة ان النفقة قبل فتح مكة أعظم أجرا مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ اى فتح مكة الذي أزال الهجرة وقال عليه السلام فيه لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وهذا قول الجمهور وقال الشعبي هو صلح الحديبية فانه فتح كما سبق في سورة الفتح وَقاتَلَ العدو تحت لواء رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم والاستواء يقتضى شيئين فقسيم من أنفق محذوف لوضوحه ودلالة ما بعده عليه اى لا يستوى في الفضل من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل والظاهر أن من أنفق فاعل لا يستوى وقيل من مبتدأ ولا يستوى خبره ومنكم حال من ضمير لا يستوى لا من ضمير أنفق لضعف تقديم ما في الصلة على الموصول او الصفة على الموصوف ولضعف تقديم الخبر على منكم لان حقه أن يقع بعده ثم في أنفق اشارة الى انفاق المال وما يقدر عليه من القوى وفي قاتل اشارة الى انفاق النفس فان الجهاد سعى فى بذل الوجود ليحصل بالفناء كمال الشهود ولذا قال تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون فهذه الحياة حياة أخروية باقية عندية فكيف تساويها الحياة الدنيوية الفانية الخلقية مع ان رزق الحياة الفانية ينفد وما عند الله باق ولذا قال أكلها دائم وظلها اى راحتها فالانسان العاقل بترك الراحة الدنيوية اليسيرة لله تعالى يصل الى الراحة الكثيرة الأخروية فشأنه يقتضى الجهاد والقتال أُولئِكَ المنفقون المقاتلون فبل انفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أَعْظَمُ دَرَجَةً وأرفع منزلة عند الله وبعظم الدرجة يكون عظم صاحبها فالدرجة بمعنى المرتبة والطبقة وجمعها درجات وإذا كانت بمعنى المرقاة فجمعها

درج مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا لانهم انما فعلوا من الانفاق والقتال قبل عزة الإسلام وقوة أهله عند كمال الحاجة الى النصرة بالنفس والمال وهؤلاء فعلوا ما فعلوا بعد ظهور الدين ودخول الناس فيه أفواجا وفلة الحاجة الى الانفاق والقتال وقد صرح عليه السلام ايضا بفضل الأولين بقوله لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحد هم ولا نصيفه قال فى القاموس المد بالضم مكيال وهو رطلان او رطل وثلث او ملئ كفى الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومديده بهما وبه سمى مدا وقد جربت ذلك فوجدته صحيحا والنصيف والنصف واحد وهو أحد شقى الشيء وللضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم أيها الصحابة الحاضرون لا يدرك بانفاق مثل جبل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفيه اشارة الى ان صحبة السابقين الأولين كاملة بالنسبة الى صحبة اللاحقين الآخرين لسبقهم وتقدمهم وفي الحديث سيأتى قوم بعدكم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قالوا يا رسول الله نحن أفضل أم هم قال لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك فضل أحدكم ولا نصفه فرقت هذه الآية بينكم وبين الناس لا يستوى منكم الآية ذكره ابو الليث في تفسيره وفيه اشارة الى ان الصحابة متفاوتون في الدرجة بالنسبة الى التقدم والتأخر وإحراز الفضائل فكذا الصحابة ومن بعدهم فالصحابة مطلقا أفضل ممن جاء بعدهم مطلقا فانهم السابقون من كل وجه وَكُلًّا اى كل واحد من الفريقين وهو مفعول أول لقوله وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى الجنة لا الأولين فقط ولكن الدرجات متفاوتة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ بظواهره وبواطنه فيجازيكم بحسبه قال في المناسبات لما كان زكاء الأعمال انما هو بالنيات وكان التفضيل مناط العلم قال مرغبا في حسن النيات مرهبا من التقصير فيها والله بما تعملون اى تجددون عمله على ممر الأوقات خبير اى عالم بباطنه وظاهره علما لا مزيد عليه بوجه فهو يجعل جزاء الأعمال على قدر النيات التي هى أرواح صورها عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست وقال الكلبي نزلت هذه الآية في أبى بكر الصديق رضى الله عنه وفيها دلالة ظاهرة وحجة باهرة على تفضيل أبى بكر وتقديمه فانه أول من أسلم وذلك فيما روى ان أبا امامة قال لعمر بن عبينة باى شيء تدعى انك ربع الإسلام قال انى كنت أرى الناس على الضلالة ولا ارى للاوثان شيأ ثم سمعت عن رجل يخبر عن أخبار مكة فركبت راحلتى حتى قدمت عليه فقلت من أنت قال انا نبى قلت وما نبى قال رسول الله قلت بأى شيء أرسلك قال أوحد الله لا أشرك به شيأ واكسر الأوثان واصل الأرحام قلت من معك على هذا قال حر وعبد وإذا معه ابو بكر وبلال فاسلمت عند ذلك فرأيتنى ربع الإسلام يعنى پس دانستم خود را ربع اسلام وانه اى أبا بكر أول من اظهر الإسلام على ما روى عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال كان أول من اظهر الإسلام رسول الله عليه السلام وابو بكر وعمار وامه سمية وصهيب وبلال والمقداد وانه أول من قاتل على الإسلام وخاصم الكفار حتى ضرب

[سورة الحديد (57) : الآيات 11 إلى 15]

ضربا اشرف به على الهلاك على ما قاله ابن مسعود رضى الله عنه أول من اظهر الإسلام بسيفه النبي عليه السلام وأبو بكر رضى الله عنه وانه أول من أنفق على رسول الله وفي سبيل الله قال ابن عمر رضى الله عنهما كنت عند النبي عليه السلام وعنده أبو بكر وعليه عباءة فدكية قد خللها في صدره بخلال يعنى بروى كليمى بود كه استوار كرده ويرا در سينه خود بخلال قال في القاموس خل الكساء شده بخلال وذو الخلال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه تصدق بجميع ماله وخل كساءه بخلال انتهى فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال مالى أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فان الله تعالى يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عنى في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكرء أسخط على ربى انى عن ربى راض انى عن ربى راض ولهذا قدمه الصحابة رضى الله عنهم على أنفسهم وأقروا له بالتقدم والسبق وذلك فيما روى عبد الله بن سلمة عن على رضى الله عنه قال سبق رسول الله عليه السلام وثنى ابو بكر وثلث عمر يعنى سابقست رسول الله ودر پى وى ابو بكر است وسوم عمر است فلا أوتي برجل فضلنى على أبى بكر وعمر إلا جلدته جلد المفترى واطرح شهادته يعنى طرح شهادت وى كنم ودر صفت وى كفته اند صاحب قدم مقام تجريد ... سر دفتر جمله اهل توحيد در جمع مقربان سابق ... حقا كه چواو نبود صادق وفي الآية اشارة الى أن من تقدمت مجاهدته على مشاهدته وهو المريد المراد والسالك المجذوب والمحب المحبوب أعلى وأجل وأسبق درجة ومرتبة من درجات المشاهدة ومراتبها ممن تقدمت مشاهدته على مجاهدته وحين يقعد ارباب المشاهدة في مقعد صدق عند مليك مقتدر لمشاهدة وجهه ورؤية جماله في جنة وصاله يفوقه ويسبقه ويتقدمه وهو المراد المريد والمجذوب السالك والمحبوب المحب فان المجاهدة قدمت على المشاهدة في قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فيصير سلوك الاول واقعا على وفق العادة الإلهية والسنة الربانية وسلوك الثاني على خارقها والمعتبر في الترتيب الإلهي تقدما وتأخرا باعتبار الأكمل انما هو وفق العادة والسنة الالهية وهما وان كانا متحدين باعتبار اصل حسن المشاهدة لكنهما متفاوتان باعتبار قدرها ودرجتها فانهم الصافون وما منا الا له مقام معلوم كذا في كتاب اللائحات البرقيات لحضرة شيخى وسندى روح الله روحه مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً من مبتدأ خبره ذا والذي صفة ذا او بدله والاقراض حقيقة إعطاء العين على وجه يطلب بدله وقرضا حسنا مفعول مطلق له بمعنى اقراضا حسنا وهو الإخلاص في الانفاق اى الإعطاء لله وتحرى أكرم المال وأفضل الجهات والمعنى من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله رجاء أن يعوضه فانه كمن يقرضه وقال في كشف الاسرار كل من قدم عملا صالحا يستحق به مثوبة فقد أقرض ومنه قولهم الأيادي قروض وكذلك كل من قدم عملا سيئا يستوجب به عقوبة فقد أقرض فلذلك قال تعالى قرضا حسنا لان المعصية قرض سيئ قال امية لا تخلطن خبيثات بطيبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا

[سورة الحديد (57) : آية 12]

كل امرئ سوف يجزى قرضه حسنا ... او سيئا ومدين مثل مادانا وقيل المراد بالقرض الصدقة انتهى وهاهنا وجه آخر وهو ان القرض في الأصل القطع من قرض الثوب بالمقراض إذا قطعه به ثم سمى به ما يقطعه الرجل من أمواله فيعطيه عينا بشرط رد بدله فعلى هذا يكون قرضا حسنا مفعولا به والمعنى من ذا الذي يقرض الله مالا حسنا اى حلالا طيبا فانه تعالى لا يقبل الا الحلال الطيب فَيُضاعِفَهُ لَهُ بالنصب على جواب الاستفهام باعتبار المعنى كأنه قيل أيقرض الله أحد فيضاعفه له اى قيعطيه أجره أضعافا من فضله وانما قلنا باعتبار المعنى لان الفاء انما تنصب فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه كما قاله أبو على الفارسي وهاهنا السؤال لم يقع عن القرض بل عن فاعله وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ اى وذلك الأجر المضموم اليه الأضعاف كريم حسن مرضى في نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون وان لم يضاعف فكيف وقد ضوعف أضعافا كثيرة (وروى) انه لما نزلت هذه الآية جعل ابو الدحداح يتصدق بنصف كل شيء يملكه في سبيل الله حتى انه خلع احدى نعليه ثم جاء الى أم الدحداح فقال انى بايعت ربى فقالت ربح بيعك فقال النبي عليه السلام كم من نخلة مدلاة عذوقها في الجنة لابى الدحداح قال بعضهم سأل الله منهم القرض ولو كانوا على نعت المروءة لخرجوا من وجودهم قبل سؤاله فضلا عن المال فان العبد وما يملكه لمولاه فاذا بذلوا الوجود المجازى وجدوا من الله بدله الوجود الحقيقي وله أجر كريم بحسب الاجتهاد فى السير الى الله والتوجه الى عتبة بابه الكريم هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش وفي الآية اشارة الى القرض الشرعي لمن يستقرض كما دل عليه قوله تعالى عبدى استطعمتك فلم تطعمنى فاعطاء القرض للعبد إعطاء الله تعالى والقرض أفضل من الصدقة لانه ربما سأل سائل وعنده ما يكفيه واما المستقرض فلا يستقرض الا من حاجة وقال بعضهم هذا القرض هو ان يقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وهو أفضل الاذكار وعن الحسن هو التطوعات وفي المرفوع النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها والحاصل ان الكريم يرد القرض بأحسن ما يكون من الرد ويحسن ايضا في مقابلة الهدية يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ منصوب باضمارا ذكر تفخيما لذلك اليوم اى اذكر وقت رؤيتهم يوم القيامة على الصراط يَسْعى نُورُهُمْ حال من مفعول ترى اى نور ايمانهم وطاعتهم والسعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الأمر خيرا كان او شرا واكثر ما يستعمل في الافعال المحمودة بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ جمع يمين بمعنى الجارحة والمراد جهة اليمين وبين ظرف للسعى قال ابو الليث يكون النور بين أيديهم وبأيمانهم وعن شمائلهم الا أن ذكر الشمال مضمر وقال في فتح الرحمن وخص بين الأيدي بالذكر لانه موضع حاجة الإنسان الى النور وخص ذكر جهة اليمين تشريفا وناب ذلك مناب ان يقول وفي جميع جهاتهم وفي كشف الاسرار لان طريق الجنة يمنة وتجاههم وطريق اهل النار يسرة ذات شمال وفي الحديث (بينا انا على حوضى أنادي هلم إذا أناس اخذتهم ذات الشمال فاختلجوا

[سورة الحديد (57) : آية 13]

دونى فأنادى الا هلم فيقال انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا) يقول الفقير ذكر بين الأيدي اشارة الى المقربين الذين هم وجه بلا قفا ظاهرا وباطنا فلهم نور مطلق يضيئ من جميع الجهات وذكر الايمان اشارة الى اصحاب اليمين الذين هم وجه من وجه وقفا من وجه آخر فنورهم نور مقيد بايمانهم واما اصحاب الشمال فلا نور لهم أصلا لانهم الكفرة الفجرة فلذا طوى ذكر الشمال من البين از ابن مسعود منقولست كه نور هر كسى بقدر عمل وى بود نور يكى از صنعا باشد تا بعدن وادنى نورى آن بود كه صاحبش قدم خود را بيند بارى هيچ مؤمن بي نور نباشد وقال منهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نورا يؤتى نوره على إبهام قدميه فيطفأ مرة ويتقد اخرى فاذا ذهب بهم الى الجنة ومروا على الصراط يسعى نورهم جنيبا لهم ومتقدما ومرورهم على الصراط على قدر نورهم فمنهم من يمر كطرف العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ومنهم من يمر كانقضاض الكواكب ومنهم من يمر كشد الفرس والذي أعطى نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه ويقف مرة ويمشى أخرى وتصيب جوارحه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص وكما ان لهم يوم القيامة نورا يسعى بين أيديهم وبايمانهم فاليوم لهم في قلوبهم نور يهتدون به في جميع الأحوال ويبدو أيضا في بشرتهم فمن ظهر له ذلك النور انقاد له وخضع وكان من المقربين ومن لم يظهر له ذلك تكبر عليه ولم يستسلم وكان من المنكرين وحين تعلق نظر عبد الله بن سلام الى وجه النبي عليه السلام آمن به وقال ما هو بوجه كذا وكذاب اضرابه بخلاف أبى جهل وأحزابه قال بعض الكبار نور الايمان كناية عن تمكن اجتهادهم وسعيهم الى الله بالسير والسلوك وذلك لان قوة الإنسان في يمينه وبها يعرف اليمين من الشمال بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ اى تقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم بشراكم اى ما تبشرون به اليوم جنات او بشراكم دخول جنات فحذف المضاف وأقيم مقامه المضاف اليه في الاعراب تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ اى ما ذكر من النور والبشرى بالجنات المخلدة هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا غاية وراءه لكونهم ظفروا بكل ما أرادوا (قال الكاشفى) رستكارئ بزركست چهـ از همه اهوال قيامت ايمن شده بدار الجلال ميرسند وديدار ملك متعال مى بينند (مصراع) هزار جان مقدس فداى ديدارت يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بدل من يوم ترى لِلَّذِينَ آمَنُوا اى أخلصوا الايمان بكل ما يجب الايمان به انْظُرُونا اى انتظرونا يقولون ذلك لما ان المؤمنين يسرع بهم الى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تزف بهم وهؤلاء مشاة او انظروا إلينا فانهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بالنور الذي بين أيديهم فانظرونا على هذا الوجه من باب الحذف والإيصال لان النظر بمعنى الابصار لا يتعدى بنفسه وانما يتعدى بالى وقرأ حمزة انظرونا من النظرة وهى الامهال على أن تأنيهم في المضي ليلحقوا بهم انظار لهم وامهال نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ اى نستضئ منه ونمش فيه معكم وأصله اتخاذ القبس وهو محركة شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس قال الراغب القبس المتناول

من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم يستعار لطلب العلم والهداية قال بعضهم النار والنور من اصل واحد وهو الضوء المنتشر يعين على الابصار وكثيرا ما يتلا زمان لكن النار متاع للمقوين فى الدنيا والنور متاع لهم في الدنيا والآخرة ولاجل ذلك استعمل في النور الاقتباس وقيل نقتبس من نوركم اى تأخذ من نوركم قبسا سراچاوشعلة وقيل ان الله يعطى المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطى المنافقين ايضا نورا خديعة لهم وهو قوله تعالى وهو خادعهم فبينما عم يمشون إذ بعث الله ريحا وظلمة فأطفأ نور المنافقين فذلك قوله يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب المنافقون وقال الكلبي بل يستضئ المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فاذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم قِيلَ طردا لهم وتهكما بهم من جهة المؤمنين او من جهة الملائكة ارْجِعُوا وَراءَكُمْ اى الى الموقف فَالْتَمِسُوا نُوراً اى فاطلبوا نورا فانه من ثمة يقتبس او الى الدنيا فالتمسوا النور بتحصيل مباديه من الايمان والأعمال الصالحة كار اينجا كن كه تشويشست در محشر بسى ... آب ازينجا بركه در عقبى بسى شور وشرست وروى عن أبى امامة الباهلي رضى الله عنه انه قال بينا العباد يوم القيامة عند الصراط إذ غشيهم ظلمة يقسم الله النور بين عباده فيعطى الله المؤمن نورا ويبقى المنافق والكافر لا يعطيان نورا فكما لا يستضئ الأعمى بنور البصير لا يستضئ الكافر والمنافق بنور المؤمن فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم فيقولون لهم ارجعوا حيث قسم النور فيرجعون فلا يجدون شيئا فيرجعون وقد ضرب بينهم بسور او ارجعوا خائبين خاسئين وتنحوا عنا فالتمسوا نورا آخر وقد علموا أن لا نور وراءهم وانما قالوه تخييبا لهم او أرادوا بالنور ما وراءهم من الظلمة الكثيفة تهكما بهم وقال بعض أهل الاشارة كأن استعداداتهم الفطرية الفائتة عنهم تقول بلسان الحال ارجعوا الى استعداداتكم الفطرية التي أفسدتم بحب الدنيا ولذاتها وشهواتها واقتبسوا منها نورا إذا ما تصلون الى مطلوباتكم الا بحسب استعداداتكم وهى فائتة عنكم باشتغالكم بالأمور الدنيوية واعراضكم عن الاحكام الاخروية والتوجهات المعنوية فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ اى بين الفريقين وهم المؤمنون والمنافقون يعنى ملائكه بحكم الهى بزنند ولما كان البناء مما يحتاج الى ضرب باليد ونحوها من الآلات عبر عنه بالضرب ومثله ضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة بِسُورٍ اى حائط بين شق الجنة وشق النار فان سور المدينة حائطها المشتمل عليها والباء زائدة وبالفارسية ديوارى نزديك چون باره شهرى قال بعضهم هو سور بين أهل الجنة والنار يقف عليه اصحاب الأعراف يشرفون على اهل الجنة واهل النار وهو السور الذي يذبح عليه الموت يراه الفريقان معا لَهُ اى لذلك السور بابٌ يدخل فيه المؤمنون فيكون السور بينهم باعتبار ثانى الحال اعنى بعد الدخول لا حين الضرب باطِنُهُ اى باطن السور او الباب فِيهِ الرَّحْمَةُ لانه يلى الجنة وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اى من جهته وعنده الْعَذابُ لانه يلى النار وقال بعضهم هو سور بيت القدس الشرقي باطنه فيه

[سورة الحديد (57) : الآيات 14 إلى 15]

المسجد الأقصى وظاهره من قبله العذاب وهو واد يقال له وادي جهنم وكان كعب يقول فى الباب الذي يسمى باب الرحمة في بيت المقدس انه الباب الذي قال الله فضرب بينهم بسور له باب الآية يعنى ان هذا الموضع المعروف بوادي جهنم موضع السور قال ابن عطية وهذا القول فى السور بعيد يعنى بل المراد بالسور الأعراف يقول الفقير لا بعد فيه بالنسبة الى من يعرف الاشارة وقد روى ان عبادة قام على سور بيت المقدس الشرقي فبكى فقال بعضهم ما يبكيك يا أبا الوليد فقال هاهنا أخبرنا رسول الله عليه السلام انه رأى جهنم وفي الحديث (بيت المقدس ارض المحشر والمنشر) فيجوز أن يكون الموضع المعروف بوادي جهنم موضع السور على انه سور الأعراف بعينه لكن على كيفية لا يعرفها الا الله لانه تبدل الأرض غير الأرض يوم القيامة وقد صح ان مواضع العبادات تلتحق بأرض الجنة فلا بعد في ان يكون المسجد الأقصى من الجنة وخارجة من النار وبينهما السور يُنادُونَهُمْ كأنه قيل فماذا يفعلون بعد ضرب السور ومشاهدة العذاب فقيل ينادى المنافقون المؤمنين من ورلء السور (وقال الكاشفى) منافقون چون باز پس نگرند ونورى نه بينند باز متوجه مؤمنان شوند ديوارى بينند ميان خود وايشان حاجز شده از آن در بنگرند مؤمنانرا مشاهده نمايند كه خرامان متوجه رياض شدند بخوانند ايشانرا بزارى كويند اى مؤمنان أَلَمْ نَكُنْ فى الدنيا مَعَكُمْ يريدون به موافقتهم لهم في الأمور الظاهرة كالصلاة والصوم او المناكحة والموارثة ونحوها قالُوا بَلى كنتم معنا بحسب الظاهر وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ محنتموها بالنفاق واهلكتموها اضافة الفتنة الى النفس اضافة الميل والشهوة والى الشيطان في قوله لا يفتننكم الشيطان اضافة الوسوسة والى الله تعالى في قوله قال فانا قد فتنا قومك اضافة الخلق لانه خلق الضلال فيه في ليفتنن وَتَرَبَّصْتُمْ بالمؤمنين الدوائر والتربص الانتظار وقال مقاتل وتربصتم بمحمد عليه السلام الموت وقلتم يوشك أن يموت فنستريح منه وهو وصف قبيح لان انتظار موت وسائل الخير ووسائط الحق من عظيم الجرم والقباحة إذ شأنهم أن يرجى طول حياتهم ليستفاد منهم ويغتنم بمجالستهم وَارْتَبْتُمْ وشككتم في امر الذين او في النبوة او في هذا اليوم وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ الفارغة التي من جملتها الطمع في انتكاس امر الإسلام جمع امنية كأضحية بالفارسية آرزو وفي عين المعاني وغرتكم خدع الشيطان وقال ابو الليث أباطيل الدنيا حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ اى الموت وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الكريم الْغَرُورُ اى غركم الشيطان بأنه عفو كريم لا يعذبكم قال قتادة ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذ فهم الله في النار قال الزجاج الغرور على ميزان فعول وهو من اسماء المبالغة يقال فلان أكول كثير الاكل وكذا الشيطان الغرور لانه يغر ابن آدم كثيرا قال في المفردات الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين بالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ أيها المنافقون فِدْيَةٌ اى فدآء تدفعون به العذاب عن أنفسكم يعنى چيزى كه فداى خود كنيد تا از عذاب برهيد والفداء حفظ الإنسان من النائبة بما يبذله عنه من مال او نفس اى لا يؤخذ منكم دية ولا نفس اخرى مكان أنفسكم وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ظاهرا وباطنا

[سورة الحديد (57) : الآيات 16 إلى 20]

وفيه دلالة على ان الناس ثلاثة اقسام مؤمن ظاهرا وباطنا وهو المخلص ومؤمن ظاهرا لا باطنا وهو المنافق وكافر ظاهرا وباطنا مَأْواكُمُ مرجعكم النَّارُ لا ترجعون الى غيرها ابدا هِيَ اى النار مَوْلاكُمْ تتصرف فيكم تصرف المولا في عبيده لما أسلفتم من المعاصي او أولى بكم فالمولى مشتق من الاولى بحذف الزوائد وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو اولى بكم كما يقال هو مئنة الكرم اى مكان لقول القائل انه كريم فهو مفعل من اولى كما ان مئنة مفعلة من ان التي للتأكيد والتحقيق غير مشتقة من لفظها لان الحروف لا يشتق منها بل ربما تتضمن الكلمة حروفها دلالة على ان معناها فيها او ناصركم على طريقة قوله (تحية بينهم ضرب وجيع) فان مقصوده نفى التحية فيما بينهم قطعا لان الضرب الوجيع ليس بتحية فيلزم أن لا تحية بينهم البتة فكذا إذا قيل لاهل النار هى ناصركم يراد به أن لا ناصر لكم البتة او متواليكم اى المتصرف فيكم تتولاكم كما توليتم في الدنيا موجباتها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى المرجع النار وفي التأويلات النجمية اى نار القطيعة والهجران مولاكم ومتسلطة عليكم وبئس الرجوع الى تلك النار وعن الشبلي قدس سره انه رأى غصنا طريا قد قطع عن أصله فبكى فقال أصحابه ما يبكيك فقال هذا الفرع قد قطع عن أصله وهو طرى بعد ولا يدرى ان مأله الى الذبول واليبس شبلى ديده زنى را كه ميكريد وميكويد يا ويلاه من فراق ولدي شبلى كريست وكفت يا ويلاه من فراق الأخدان زن كفت چرا چنين ميكويى شبلى گفت تو كريه ميكنى بر مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من چرا كريه نكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت ... اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ من أنى الأمر يأنى انيا واناء واناء إذا جاء اناه اى وقته وحان حينه وأدرك والخشوع ضراعة وذل اى ألم يجيئ وقت ان تخشع قلوبهم لذكره تعالى وتطمئن به ويسارعوا الى طاعته بالامتثال لاوامره والانتهاء عما نهوا عنه من غير توان ولا فتور قال بعضهم الذكر ان كان غير القرآن يكون المعنى ان ترق وتلين قلوبهم إذا ذكر الله فان ذكر الله سبب لخشوع القلوب اى سبب فالذكر مضاف الى مفعوله واللام بمعنى الوقت وان كان القرآن فهو مضاف الى الفاعل واللام للعلة لمواعظ الله تعالى التي ذكرها في القرآن ولآياته التي تتلى فيه وبالفارسية آيا وقت نيايد مر آنان را كه كرويده اند آنكه بترسد ونرم شود دلهاى ايشان براى ياد كردن خداى وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ اى القرآن وهو عطف على ذكر الله فان كان هو المراد به ايضا فالعطف لتغاير العنوانين فانه ذكر وموعظة كأنه حق نازل من السماء والا فالعطف كما في قوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا ومعنى الخشوع له الانقياد التام لاوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الاحكام التي من جملتها ما سبق وما لحق من الانفاق في سبيل الله روى ان المؤمنين كانوا مجدبين بمكة فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه من الخشوع فنزلت وعن ابن مسعود

رضى الله عنه ما كان بين اسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية اربع سنين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن وعن الحسن رحمه الله والله لقد استبطأهم وهم يقرأون من القرآن اقل مما تقرءون فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق وقولى آنست كه مزاح ومضاحك در ميان اصحاب بسيار شد آيت نازل كشت كما قال الامام الغزالي رحمه الله في منهاج العابدين ثم الصحابة الذين هم خير قرن كان يبد ومنهم شيء من المزاح فنزل قوله تعالى الم يأن إلخ وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ان هذه الآية قرئت بين يديه وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا فنظر إليهم فقال هكذا كنا قست القلوب قال السهر وردى فى العوارف حتى قست القلوب اى تصلبت وادمنت سماع القرآن وألفت نواره فما استغربته حتى تتغير والواجد كالمستغرب ولهذا قال بعضهم حالى قبل الصلاة كحال في الصلاة اشارة منه الى استمرار حال الشهود انتهى فقوله حتى قست القلوب ظاهره تقبيح للقلوب بالقسوة والتلوين وحقيقته تحسين لها بالشهود والتمكين قال البقلى رحمه الله في الآية هذا في حق قوم من ضعفاء المريدين الذين في نفوسهم بقايا الميل الى الحظوظ حتى يحتاجوا الى الخشوع عند ذكر الله وأهل الصفوة احترقوا في الله بنيران محبة لله ولو كان هذا الخطاب للاكابر لقال أن تخشع قلوبهم لله لان الخشوع لله موضع فناء العارف في المعروف وارادة الحق بنعت الشوق اليه فناؤهم في بقائه بنعت الوله والهيمان والخشوع للذكر موضع الرقة من القلب فاذا رق القلب خشع بنور ذكر الله لله كأنه تعالى دعاهم بلطفه الى سماع ذكره بنعت الخشوع والخضوع والمتابعة لقوله والاستلذاذ بذكره حتى لا يبقى في قلوبهم لذة فوق لذة ذكره قال أبو الدرداء رضى الله عنه أستعيذ بالله من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع ور آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن كو درون حشو باش اگر بيخ اخلاص در يوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست زر اندود كانرا بآتش برند ... پديد آيد آنكه كه مس يا زرند وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ عطف على تخشع والمراد النهى عن مماثلة اهل الكتاب فيما حكى عنهم بقوله فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ اى الاجل والزمان الذي بينهم وبين أنبيائهم او الأعمار والآمال وغلبهم الجفاء والقسوة وزالت عنهم الروعة التي كانت تأتيهم من التوراة والإنجيل إذا تلوهما وسمعوهما فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فهى كالحجارة او أشد قسوة والقسوة غلظ القلب وانما تحصل من اتباع الشهوة فان الشهوة والصفوة لا تجتمعان وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ اى خارجون عن حدود دينهم رافضون لما في كتابهم بالكلية لفرط الجفاء والقسوة ففيه اشارة الى ان عدم الخشوع في أول الأمر يفضى الى الفسق في آخر الأمر وكفته اند نتيجه سختئ دل غفلت است ونشأه نرمئ دل توجه بطاعت دلى كز نور معنى نيست روشن ... مخوانش دل كه آن سنكست وآهن

[سورة الحديد (57) : آية 17]

دلى كز كرد غفلت ژنك دارد ... از ان دل سنك وآهن ننك دارد روى ان عيسى عليه السلام قال لا تكثروا الكلام يغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فان القلب القاسي بعيد من الله ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد فانما الناس رجلان مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها تمثيل لاحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة بإحياء الأرض الميتة بالغيث للترغيب في الخشوع والتحذير عن القساوة (وقال الكاشفى) بدانيد اى منكران بعث ان الله يحيى الأرض بعد موتها وبهمان منوال زنده خواهد ساخت اموات را قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ التي من جملتها هذه الآيات لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ كى تعقلوا ما فيها وتعملوا بموجبها فتفوزوا بسعادة الدارين سبب توبت فضيل بن عياض رحمه الله ميكويند كه سماع اين آيت يعنى الم يأن إلخ بود در بدء كار مردانه راه زدند وبر ناشايسته قدم نهادند وقتى سوداى عشق صاحب جمال در سر وى افتاد باوى ميعادى نهاد در ميانه شب بسر آن وعده باز شد بديوار بر مى شد كه كوينده كفت ألم يأن للذين إلخ اين آيت تيروار در نشانه دل وى نشست دردى وسوزى از درون وى سر برزد كمين عنايت برو كشادند أسير كمند توفيق كشت از آنجا بازگشت وهمى كفت بلى والله قد آن بلى والله قد آن از آنجا بركشت ودر خرابه شد جماعتى كاروانيان آنجا بودند وبا يكديكر ميكفتند فضيل در راهست اگر برويم راه بر مازند ورخت ببرد فضيل خود را ملامت كرد كفت اى بد مردا كه منم اين چهـ شقاوتست كه روى بمن نهاده در ميانه شب بقصد معصيت از خانه بدر آمده وقومى مسلمانان از بيم من درين كنج كريخته روى سوى آسمان كرد واز دلى صافى توبت نصوح كرد كفت اللهم انى تبت إليك وجعلت توبتى إليك جوار بيتك الحرام الهى از بد سزايئ خود بدردم واز ناكسى خود بفغان درد مرا درمان ساز اى درمان ساز همه دردمندان اى پاك صفت از عيب اى عالى صفت ز آشوب اى بي نياز از خدمت من اى بي نقصان از خيانت من من بجاى رحمتم ببخشاى بر من أسير بند هواى خويشم بگشاى مرا ازين بند الله تعالى دعاء ويرا مستجاب كرد وبوى كرامتها كرد از آنجا بر كشت وروى بخانه كعبه نهاد سالها آنجا مجاور شد واز جمله أوليا كشت كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست ... أسير عشق تو از هر دون آزادست وقال ابن المبارك رحمه الله كنت يوما في بستان وانا شاب وكان معى أصحابي فأكلنا وشربنا وكنت مولعا بصرب العود فأخذت العود في الليل لأضرب به فنطق العود وقال ألم يأن للذين إلخ فضربته بالأرض وكسرته وتركت الأمور الشاغلة عن الله تعالى وعن مالك بن دينار رحمه الله انه سئل عن سبب توبته فقال كنت شرطيا وكنت منهمكا على شرب الخمر ثم انى اشتريت جارية نفيسة ووقعت منى أحسن موقع فولدت لى بنتا فشغفت بها فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبى حبا وألفتنى وألفتها فكنت إذا وضعت المسكر جاءت الى وجاذبتنى إياه وأراقته على ثوبى فلما تم لها سنتان ماتت فأكمدنى الحزن عليها فلما كانت

[سورة الحديد (57) : آية 18]

ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة جمعة بت ثملا من الخمر ولم أصل صلاة العشاء فرأيت كأن أهل القبور قد خرجوا وحشر الخلائق وانا معهم فسمعت حسا من ورائي فالتفت فاذا انا بتنين عظيم أعظم ما يكون اسود ازرق قد فتح فاه مسرعا نحوى فمررت بين يديه هاربا فزعا مرعوبا فمررت في طريق بشيخ نقئ الثياب طيب الرائحة فسلمت عليه فرد على السلام فقلت له أجرنى وأغثنى فقال انا ضعيف وهذا أقوى منى وما أقدر عليه ولكن مر وأسرع فلعل الله يسبب لك ما ينجيك منه فوليت هاربا على وجهى فصعدت على شرف من شرف القيامة فاشرفت على طبقات النيران فنظرت الى أهلها فكدت أهوى فيها من فزع التنين وهو في طلبى فصاح بي صائح ارجع فلست من أهلها فاطمأننت الى قوله ورجعت ورجع التنين في طلبى فأتيت الشيخ فقلت يا شيخ سألتك ان نجيرنى من هذا لتنين فلم تفعل فبكى الشيخ وقال انا ضعيف ولكن سر الى هذا الجبل فان فيه ودائع للمسلمين فان كان لك فيه وديعة فستنصرك فنظرت الى جبل مستدير فيه كوى مخرقة وستور معلقة على كل خوخة وكوة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلان باليواقيت مكللان بالدر وعلى كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت الى الجبل هربت اليه والتنين ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع وأشرفوا فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه وإذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فأشرف على أطفال بوجوه كالاقمار وقرب التنين منى فتحيرت في امرى فصاح بعض الأطفال ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه فأشرفوا فوجا بعد فوج فاذا با بنتي التي ماتت قد أشرفت على معهم فلما رأتنى بكت وقالت أبى والله ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى مثلث بين يدى فمدت يدها الشمال الى يدى اليمنى فتعلقت بها ومدت يدها اليمنى قولى هاربا ثم أجلستني وقعدت في حجرى وضربت بيدها اليمنى الى لحيتى وقالت يا أبت ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله فبكيت وقلت يا بنية وأنتم تعرفون القرآن فقالت يا أبت نحن اعرف به منكم قلت فأخبرينى عن التنين الذي أراد أن يهلكنى قالت ذلك عملك السوء قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم قلت فاخبرينى عن الشيخ الذي مررت به في طريقى قالت يا أبت ذلك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء قلت يا بنية وما تصنعون في هذا الجبل قالت نحن أطفال المسلمين قد اسكنا فيه الى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم فانتبهت فزعا فلما أصبحت فارقت ما كنت عليه وتبت الى الله تعالى وهذا سبب توبتى سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بحجلت نكون كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آرد ز خوابت چهـ سود ز هجران طفلى كه در خاك رفت ... چهـ نالى كه پاك آمد و پاك رفت تو پاك آمدى برحذر باش و پاك ... كه ننكست ناپاك رفتن بخاك إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ اى المتصدقين والمتصدقات وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً

[سورة الحديد (57) : آية 19]

عطف على الصلة من حيث المعنى اى ان الناس الذين تصدقوا وتصدقن واقرضوا الله قرضا حسنا واقرضن والاقراض الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس وخلوص النية على المستحق للصدقة ففيه دلالة على ان المعتبر هو التصدق المقرون بالإخلاص فيندفع توهم التكرار لان هذا تصدق مقيد وما قبله تصدق مطلق وفي الحديث (يا معشر النساء تصدقن فانى أريتكن اكثر أهل النار) وفيه اشارة الى زيادة احتاجهن الى التصدق (وروى) مسلم عن جابر رضى الله عنه انه قال شهدت مع رسول الله عليه السلام صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا اقامة ثم قام متوكئا على بلال رضى الله عنه فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى الى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فان اكثر كن حطب جهنم قالت امرأة لم يا رسول الله فقال لا نكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير أي المعاشر وهو الزوج فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين فى ثوب بلال حتى اجتمع فيه شيء كثير قسمه على فقراء المسلمين يُضاعَفُ لَهُمْ على البناء للمفعول مسند الى ما بعده من الجار والمجرور وقيل الى مصدر ما في حيز الصلة على حذف مضاف اى ثواب التصدق وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ وهو الذي يقترن به رضى واقبال بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كافة وهو مبتدأ أُولئِكَ مبتدأ ثان هُمُ مبتدأ ثالث خبره قوله الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ وهو مع خبره خبر للاول او هم ضمير الفصل وما بعده خبر لاولئك والجملة خبر للموصول اى أولئك عِنْدَ رَبِّهِمْ بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو المرتبة ورفعة المحل وهم الذين سبقوا الى التصديق واستشهدوا فى سبيل الله قال في فتح الرحمن الصديق نعت لمن كثر منه الصدق وهم ثمانية نفر من هذه الامة سبقوا اهل الأرض في زمانهم الى الإسلام ابو بكر وعلى وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر بن الخطاب رضى الله عنهم الحقه الله بهم وان تم به الأربعون لما عرف من صدق نيته وقيل الشهداء على ثلاث درجات الدرجة الاولى الشهيد بين الصفين وهو أكبرهم درجة ثم كل من قضى بقارعة او بلية وهى الدرجة الثانية مثل الغرق والحرق والهالك في الهدم والمطعون والمبطون والغريب والميتة بالوضع والميت يوم الجمعة وليلة الجمعة والميت على الطهارة والدرجة الثالثة ما نطقت به هذه الآية العامة للمؤمنين وقال بعضهم في معنى الآية هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا وصدقوا جميع اخباره تعالى ورسله والقائمون بالشهادة لله بالوحدانية ولهم بالايمان او على الأمم يوم القيامة وقال بعض الكبار يعنى الذين آمنوا بالله ايمانا حقيقيا شهوديا عيانيا لا علميا بيانيا وذلك بطريق الفناء في الله نفسا وقلبا وسرا وروحا والبقاء به وآمنوا برسله بفناء صفات القلب والبقاء بصفات الروح أولئك هم المتحققون بصفة الصديقية البالغون أقصى مراتب الصدق والشهداء على نفوسهم بالصدق والوفاء بالعهد لترشح رشحات الصدق عنهم لا جرم لهم اجر الصديقين ونور الشهداء مختص بهم لا بمن آمن بالتقليد وصدق وشهد باللسان من غير العيان والعيان يترتب على الفناء وفرقوا بين الصادق

والصديق بأن الصادق كالمخلص بالكسر من تخلص من شوآئب الصفات النفسانية مطلقا والصديق كالمخلص بالفتح من تخلص ايضا عن شوآئب الغيريه والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس قال أبو على الجرجاني قدس سرة قلوب الأبرار متعلقة بالكون مقبلين ومدبرين وقلوب الصديقين معلقة بالعرش مقبلين بالله لله لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ مبتدأ وخبر والجملة خبر ثان للموصول والضمير الاول على الوجه الاول للموصول والأخيران للصديقين والشهداء ولا بأس بالفك عند الامن اى لهم مثل أجرهم ونورهم المعروفين بغاية الكمال وعزة المنال وقد حذف اداة التشبيه تنبيها على قوة المماثلة وبلوغها حد الاتحاد كما فعل ذلك حيث قيل هم الصديقون والشهداء وليست المماثلة بين ما للفريق الاول من الأجر والنور وبين تمام ما للأخيرين من الأصل بدون الأضعاف ليحصل التفاوت واما على الوجه الثاني فمرجع الكل واحد والمعنى لهم الأجر والنور الموعود ان لهم قال بعض الكبار لا يكون الأجر الا مكتسبا فان اعطاك الحق تعالى ما هو خارج عن الكسب فهو نور وهبات ولا يقال له أجر ولهدا قال تعالى لهم أجرهم ونورهم فان أجرهم ما اكتسبوه ونورهم ما وهبه الحق لهم من ذلك حتى لا ينفرد الأجر من غير أن يختلط به الوهب لان الأجر فيه شائبة الاستحقاق إذ هو معاوضة عن عمل متقدم يضاف الى العبد فماتم أجر الا ويخالطه نور وذلك لتكون المنة الالهية مصاحبة للعبد حيث كان فان تسمية العبد أجيرا مشعر بأن له نسبة في الطاعات والأعمال الصادرة عنه فتكون الاجارة من تلك النسبة ولذلك طلب العبد العون على خدمة سيده فان قلت من اى جهة قبل العبد الاجرة والبعد واجب عليه الخدمة لسيده من غير أن يأخذ اجرة وان جعلناه أجنبيا فمن اى جهة تعين الفرض عليه ابتداء قبل الاجرة والأجير لا يفترض عليه إلا حين يؤجر نفسه قلت الإنسان مع الحق تعالى على حالتين حالة عبودية وحالة اجارة فمن كونه عبدا فهو مكلف بالفرض كالصلاة والزكاة وجميع الفرائض ولا أجر له على ذلك جملة واحدة ومن كونه أجيرا له الاجرة بحكم الوعد الإلهي ولكن ذلك مخصوص بالأعمال المندوبة لا المفروضة فعلى تلك الأعمال التي ندب الحق إليها فرضت الأجور فان تقرب العبد بها الى سيده أعطاه إجارته وان لم يتقرب لم يطلب بها ولا عوتب عليها ومن هنا كان العبد حكمه حكم الأجنبى في الاجارة للفرض الذي يقابله الجزاء إذ هو العهد الذي بين الله وبين عباده واما النوافل فلها الأجور المنتجة للمحبة الالهية كما قال لا يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه والحكمة في ذلك ان المتنفل عبد اختياري كالأجير فاذا اختار الإنسان أن يكون عبد الله لا عبد هواه فقد آثر الله على هواه وهو في الفرائض عبد اضطرار لا عبد اختيار وبين عبودية الاضطرار وعبودية الاختيار ما بين الأجير والعبد المملوك إذ العبد الأصلي ماله على سيده استحقاقا الا ما لا بد منه من مأكل وملبس ثم يقوم بواجبات مقام سيده ولا يزال في دار سيده لا يبرح ليلا ولانهارا الا إذا وجهه في شغل آخر فهو في الدنيا مع لله وفي القيامة مع الله وفي الجنة مع الله لانها جميعا ملك لسيده فيتصرف فيها

[سورة الحديد (57) : آية 20]

تصرف الملاك والأجير ماله سوى ما عين له من الاجرة منها نفقته وكسوته وماله دخول على حرم سيده وموجره ولا له اطلاع على أسراره ولا تصريف في ملكه الا بقدر ما استؤجر عليه فاذا انقضت مدة إجارته وأخذ أجرته فارق مؤجره واشتغل بأهله وليس له من هذا الوجه حقية ولا نسبة تطلب ممن استأجره الا أن يمن عليه رب المال بأن يبعث خلفه ويجالسه ويخلع عليه فذلك من باب المنة وقد ارتفعت عنه في الآخرة عبودية الاختيار فان تفطنت لهذا نبهك على مقام جليل تعرف منه من اى مقام قالت الأنبياء عليهم السلام مع كونهم عبيدا خلصا لم يملكهم هوى نفوسهم ولا أحد من خلق الله ومع هذا قالوا ان اجرى الا على الله وذلك لان قولهم هذا راجع الى تحققهم بدخولهم تحت حكم الأسماء الالهية بخلاف غيرهم ومن هناك وقعت الاجارة فهم في حال الاضطرار والاختيار عبيد للذات وهم لها ملك فان الأسماء الالهية تطلبهم لنظهر آثارها فيهم وهم مخيرون في الدخول تحت اى اسم الهى شاؤا وقد علمت الأسماء الالهية ذلك فعينت لهم الأجور وكل اسم يناديهم ادخلوا تحت أمرى وانا أعطيكم كذا وكذا فلا يزال أحدهم في خدمة ذلك الاسم حتى يناديه السيد من حيث عبودية الذات فيترك كل اسم الهى ويقوم لدعوة سيده فاذا فعل ما أمر به حينئذ رجع الى اى اسم شاء ولهذا يتنفل الإنسان ويتعبد بما شاء حتى يسمع اقامة الصلاة المفروضة فيؤمر بها ويترك النافلة فهو دائما مع سيده بحكم عبودية الاضطرار كذا في كتاب الجواهر للامام الشعراني قدس سره وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ الموصوفون بالصفات القبيحة أَصْحابُ الْجَحِيمِ بحيث لا يفارقونها ابدا وفيه دليل على ان الخلود فى النار مخصوص بالكفار من حيث ان التركيب يشعر بالاختصاص والصحبة تدل على الملازمة عرفا وأراد بالكفر الكفر بالله فهو في مقابلة الايمان بالله وبتكذيب الآيات تكذيب ما بأيدى الرسل من الآيات الالهية وتكذيبها تكذيبهم فهو في مقابلة الايمان والتصديق بالرسل وفيه وصف لهم بالوصفين القبيحين اللذين هما الكفر والتكذيب وفيه اشارة الى أن الذين كفروا بذاتنا وكذبوا بصفاتنا الكبرى كفرا صريحا بينا قلبا وسرا وروحا أولئك اصحاب جحيم البعد والطرد واللعن المخصوص بالخلود وعبر عن الصفات بالآيات لان الكتب الالهية صفات الله تعالى وايضا الأنبياء عليهم السلام صفات الله من حيث انهم مظاهر أسمائه الحسنى وصفاته العليا وقس عليهم سائر المجالى والمرائى لكنهم متفاوتون فى الظهور بالكمال وإذا كان تكذيب الأنبياء وآياتهم مما يوجب الوعيد فكذا تكذيب الأولياء وآياتهم فان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين والمراد بآيات الأولياء الكرامات العلمية والكونية فالذين من معاصريهم وغير معاصريهم صدقوهم أولئك اصحاب النعيم والذين كذبوهم أولئك اصحاب الجحيم وهذه الآيات وأصحابها لا تنقطع الى قيام الساعة فان باب الولاية مفتوح نسأل الله سبحانه أن يتولانا بعميم افضاله بحرمة بالنبي وآله اعْلَمُوا بدانيد اى طالبان دنيا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لفظ الحياة زائد والمضاف مضمر اى امور الدنيا ويجوز أن تجعل الحياة الدنيا مجازا عن أمورها بعلاقة

اللزوم وفي كشف الاسرار الحياة القربى في الدار الاولى وبالفارسية زندكانئ اين سراى وماصلة فان المقصود الحياة في هذه الدار فكل ما قبل الموت دنيا وكل ما تأخر عنه اخرى لَعِبٌ اى عمل باطل تتعبون فيه أنفسكم اتعاب اللاعب بلا فائدة بازيچهـ ايست طفل فريب اين متاع دهر ... بي عقل مردمانكه بد ومبتلا شوند وَلَهْوٌ تلهون به أنفسكم وتشغلونها عما يهمكم من اعمال الآخرة وَزِينَةٌ من الملابس والمراكب والمنازل الحسنة تزينون بها وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ بالأنساب والاحساب تتفاخرون بها والفخر المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه ويعبر عن كل نفيس بالفاخر كما في المفردات وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ بالعدد والعدد يعنى ومباهاتست بكثرت اموال وأولاد لا سيما التطاول بها على اولياء الله وبدانيد كه در اندك زمانى آن بازي برطرف شود ولهو وفرح بغم وترح مبدل گردد وريشها از همه فرو ريزد وتفاخر وتكاثر چون شراره آتش نابود شود وقيل لعب كلعب الصبيان وزينة كزينة النسوان وتفاخر كتفاخر الاقران وتكاثر كتكاثر الدهقان قال على لعمار رضى الله عنهما لا تحزن على الدنيا فان الدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح فأكبر طعامها العسل وهو ريقة ذبابة واكبر شرابها الماء ويستوى فيه جميع الحيوان واكبر الملبوس الديباج وهو نسج دودة واكبر المشموم المسك وهو دم ظبية واكبر المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال واكبر المنكوح النساء وهو مبال فى مبال وفي الحديث (مالى وللدنيا انما مثلى ومثل الدنيا كمثل راكب قام في ظل شجرة فى يوم صائف تم راح وتركها) جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادار اميد نيست كَمَثَلِ غَيْثٍ محل الكاف النصب على الحالية من الضمير في لعب لان فيه معنى الوصف اى تثبت لها هذه الأوصاف مشبهة غيثا او خبر مبتدأ محذوف اى هى كمثل او خبر بعد خبر للحياة الدنيا والغيث مطر محتاج اليه بغيث الناس من الجدب عند قلة المياه فهو مخصوص بالمطر النافع بخلاف المطر فانه عام أَعْجَبَ الْكُفَّارَ اى الحراث قال الأزهري العرب تقول للزراع كافر لانه يكفر اى يستر بذره بتراب الأرض والكفر في اللغة التغطية ولهذا يسمى الكافر كافرا لانه يغطى الحق بالباطل والكفر القبر لسترها الناس وفي الحديث (اهل الكفور اهل القبور) والليل كافر لستره الاشخاص نَباتُهُ اى النبات الحاصل منه والمراد الكافرون بالله لانهم أشد إعجابا بزينة الدنيا ولان المؤمن إذا رأى معجبا انتقل فكره الى قدرة صانعه فأعجب بها والكافر لا يتخطى فكره عما احسن به فيستغرق فيه إعجابا وقد منع في بعض المواضع عن اظهار الزينة صونا لقلوب الضعفاء كما في الأعراس ونحوها ثُمَّ يَهِيجُ اى يجف بعد خضرته ونضارته بآفة سماوية او ارضية يقال هاج النبت يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر يبس والهائجة ارض يبس بقلها او اصفر وأهاجه أيبسه وأهيجها وجدها هائجة للنبات فَتَراهُ مُصْفَرًّا بعد ما رأيته ناضرا مونقا وانما لم يقل فيصفر

إيذانا بأن اصفراره مقارن لجفافه وانما المرتب عليه رؤيته كذلك ثُمَّ يَكُونُ پس كردد بعد از زردى حُطاماً درهم شكسته وكوفته وريزه ريزه شده قال في القاموس الحطم الكسر او خاص باليابس فالآية تحقير لامور الدنيا اعنى مالا يتوصل به الى الفوز الآجل ومنه المثل وببيان انها امور خيالية اى باطلة لا حقيقة لها وعن على رضى الله عنه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا قليلة النفع سريعة الزوال لا يركن إليها العقلاء فضلا عن الاطمئنان بها وتمثيل لحالها في سرعة تقضيها وقلة نفعها بحال النبات المذكور زينة الحياة الدنيا هى زينة الله الا انها تختلف بالقصد وهى محبوبة بالطبع فاذا تحرك العبد إليها بطبعه كانت زينة الحياة الدنيا فذم بذلك وان كانت غير محرمة شرعا وإذا تحرك إليها بأمر من ربه كانت زينة الله وحمد بها وذلك لان أمر الله وكل ما يرجع اليه جد كله والحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر وفخر الإنسان على مثله انما هو من جهله بحقيقته فهذا سبب الذم قال بعض الكبار الشهوات سبع وهى ما ذكر في قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وقد أنزلها الله الى خمس في هذه الآية وهى اعلموا انما الحياة الدنيا إلخ ثم أنزل هذه الخمس الى أمرين في آية اخرى كما قال في سورة محمد انما الحياة الدنيا لعب ولهو ثم جعل هذين الامرين امرا واحدا في قوله تعالى فأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فالهوى جامع لانواع الشهوات فمن تخلص من الهوى من كل قيد وبرزخ بلغ مسالك الوصول الى المطلب الا على والمقصد الأقصى وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ لمن أقبل عليها ولم يطلب بها الآخرة وقدم ذكر العذاب لانه من نتائج الانهماك فيما فصل من احوال الحياة الدنيا وَمَغْفِرَةٌ عظيمة كائنة مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ كثير لا يقادر قدره لمن أعرض عنها وقصد بها الآخرة بل الله تعالى فان الدنيا والآخرة حرامان على اهل الله اى طالب دنيا تو بسى مغرورى ... وى مائل عقبى تو يكى مزدورى وى آنكه ز ميل هر دو عالم دورى ... تو طالب نور بلكه عين نورى وفيه اشارة الى فضل النية الحسنة وانها تحيل المباح ونحوه طاعة قال بعض الكبار من استقامت سريرته وصلحت نيته أدرك جميع ما تمناه من الأعمال الصالحة وفي الخبر من نام على طهارة وفي عزمه انه يقوم من الليل فأخذ الله بنفسه الى الصباح كتب الله له قيام ليله وورد مثل ذلك فيمن خرج لجهاد او حج وتأمل الطباخ والخباز يقوم من الليل يهيئ الطعام والخبز للآكلين وهم نائمون وهو طالب للربح ناسيا حاجة الناس ولو كان ذا بصيرة لفعلى ذلك بقصد مصالح العباد وجعل ربحه ونفعه بحكم البيع والحاصل ان اهل الكسب سواء كانوا من اهل السوق او من غيرهم ينبغى أن تكون نيتهم السعى في مصالح العباد والتقوى بكسبهم على طاعة الله حتى يكونوا مأجورين في ذلك ومن استرقه الكون بحكم مشروع كالسعى فى مصالح العباد والشكر لاحد من المخلوقين من جهة نعمة أسداها اليه فهو لم يبرح عن عبوديته لله تعالى لانه في أداء واجب أوجبه الحق عليه وتعبد العبد لمخلوق عن أمر الله لا يقدح في العبودية بخلاف

من استرقه الكون لغرض نفسى ليس للحق فيه رائحة امر فان ذلك يقدح في عبوديته لله ويجب عليه الرجوع الى الحق تعالى قال بعض الكبار من ذم الدنيا فقد عق امه لان جميع الانكاد والشرور التي ينسبها الناس الى الدنيا ليس هو فعلها وانما هو فعل أولادها لان الشر فعل المكلف لافمل الدنيا فهى مطية العبد عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر فهى تحب أن لا يشقى أحد من أولادها لانها كثيرة الحنو عليهم وتخاف أن تأخذهم الضرة الاخرى على غير أهبة مع كونها ما ولدتهم ولا تعبت في تربيتهم فمن عقوق أولادها كونهم ينسبون جميع افعال الخير الى الآخرة ويقولون اعمال الآخرة والحال انهم ما عملوا تلك الأعمال الا في الدنيا فللدنيا أجر المصيبة التي في أولادها ومن أولادها فمن أنصف من ذمها بل هو جاهل بحق امه ومن كان كذلك فهو بحق الآخرة أجهل وفي الحديث (إذا قال العبد لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه) وقال بعضهم طلب الثواب على الأعمال بحسن النيات والرغبة فيه لا يختص بالعامة بل لا يتحاشى عنه الكمل لعلمهم ان الله تعالى أنشأهم على امور طبيعية وروحانية فهم يطلبون ثواب ما وعد الله به ويرغبون فيه اثباتا للحكم الا لهى فان المكابرة بالربوبية غير جائزة فهم مشاركون للعامة في طلب الرغبة ويتميزون في الباعث على ذلك فكان طلب العارفين ذلك لاعطاء كل ذى حق حقه ليخرجوا عن ظلم أنفسهم إذا وفوها حقها فمن لم يوف نفسه حقها فقد نزل عن درجة الكمال وكان غاشا لنفسه وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ اى كالمتاع الذي يتخذ من نحو الزجاج والخزف مما يسرع فناؤه يميل اليه الطبع أول ما رآه فاذا أخذه وأراد أن ينتفع به ينكسر ويفنى (حكى) انه حمل الى بعض الملوك قدح فيروزج مرصعا بالجواهر لم يرله نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر فهو مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل أن يحمل إليك في أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا ثم كونها متاع الغرور والخدعة انما هو لمن اطمأن بها ولم يجعلها ذريعة الى الآخرة واما من اشتغل فيها بطلب الآخرة فهى له متاع بلاغ الى ما هو خير منها وهى الجنة فالدنيا غير مقصودة لذاتها بل لأجر الآخرة وفي الحديث نعم المال الصالح للرجل الصالح (وفي المثنوى) مال راكذ بهر حق باشى حمول ... نعم مال صالح كفتش رسول فما شغل العبد عن الآخرة فهو من الدنيا ومالا فهو من الآخرة قال بعض الكبار ورد خطاب الهى يقول فيه خلقت الخلق لينظروا الى مفاتيح الدنيا ومحاسن الناس فيؤديهم النظر فى مفاتيح الدنيا الى الزهد فيها ويؤديهم النظر في محاسن الناس الى حسن الظن بهم فعكسوا القضية فنظروا الى محاسن الدنيا فرغبوا فيها ونظروا الى مساوى الناس فاغتابوهم (حكى) ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رحمه الله خرج للصيد وهو ملك كرمان فأمعن فى الطلب حتى وقع في برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما

[سورة الحديد (57) : الآيات 21 إلى 25]

رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشباب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما أعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز وبيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيه الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيئا ألذ منه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا ووكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شيء الا أحضرته الى حين يخطر ببالي اما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب واجتهد الى ان كان من اهل الله تعالى فان قلت ان الله تعالى خلق للانسان جميع ما في الأرض ولا ينبغى للعروس أن تجمع ما نثر عليها بطريق الإعزاز والإكرام فمن عرف شأنه الجليل ما نظر الى الأمر الحقير القليل بل كان من اهل المروءة والهمة العالية في الاعراض عما سوى الله تعالى والإقبال والتوجه الى الله تعالى سابِقُوا اى سارعوا مسارعة السابقين لأقرانهم في المضمار وهو الميدان إِلى مَغْفِرَةٍ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّكُمْ اى الى أسبابها وموجباتها كالاستغفار وسائر الأعمال الصالحة اى بحسب وعد الله والا فالعمل نفسه غير موجب وفي دعائه عليه السلام أسألك عزائم مغفرتك اى أن توفقنى للاعمال التي تغفر لصاحبها لا محالة ويدحل فيها المسابقة الى التكبيرة الاولى مع الامام ونحوها سلمى قدس سره كفت كه وسيله معفرت حضرت رسالت است عليه السلام پس حق سبحانه وتعالى ميفرمايد كه شتاب نماييد بمتابعت او كه سبب آمرزش است پيغمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الله تعالى أرسلنا من عالم الأمر الى عالم الأرواح ثم منه الى عالم الأجسام وخلقنا في أحسن نقويم وأعطانا اختيارا جزئيا وقال ان كنتم صرفتم ذلك الاختيار الى جانب العبادات والطاعات والى طريق الوصول الى الحسنات أدخلكم الجنة وأيسر لكم الوصال ورؤية الجمال وأمرنا بالاسراع الى تلك الطريق على وجه المبالغة فان صيغة المفاعلة للمبالغة وانما امر بمبالغة الاسراع لقلة عمر الدنيا وقد ذهب الأنبياء والأولياء ونحن نذهب ايضا فينبغى أن نسرع في طريق الحق لئلا يفوت الوصول الى الدرجات العالية بالإهمال والتكاسل وطريق الاسراع في مرتبة الطبيعة الامتثال بالأوامر والاجتناب عن النواهي وفي مرتبة النفس تزكيتها عن الأخلاق الرديئة كالكبر والرياء والعجب والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه وتحليتها بالأخلاق المحمودة كالتواضع والإخلاص ورؤية التوفيق من الله والحلم والصبر والرضى والتسليم والعشق والارادة ونحوها وفي مرتبة الروح بتحصيل معرفة الله تعالى وفي مرتبة السر بنفي ما سوى الله تعالى وقال البقلى قدس سره دعا المريدين الى مغفرته بنعت الاسراع ودعا المشتاقين الى جماله بنعت الاشتياق وقد دخل الكل في مظنة الخطاب لان الكل قد وقعوا في بحار الذنوب حين لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته فدعاهم جميعا الى التطهير في بحر رحمته حتى صاروا متطهرين من غرورهم بانهم

عرفوه فاذا وصلوا الى الله عرفوا انهم لم يعرفوه فيأخذ الله بأيديهم بعد ذلك ويكرمهم بأنواع ألطافه تم ان المسابقة انما تكون بعد القصد والطلب (وفي المثنوى) كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه كوينده است يابنده بود وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى كعرض سبع سموات وسبع ارضين لو وصل بعضها ببعض على أن يكون اللام في السماء والأرض للاستغراق وإذا كان عرضها كذلك فما ظنك بطولها فان طول كل شيء اكثر من عرضه قال إسماعيل السدى رحمه الله لو كسرت السموات والأرض وصرن خرد لا فبكل خردلة لله جنة عرضها كعرض السموات والأرض ويقال هذا التشبيه تمثيل للعباد بما يعقلون ويقع في نفوسهم مقدار السموات والأرض وتقديم المغفرة على الجنة لتقدم التخلية على التحلية أُعِدَّتْ هيئت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فيه دليل على ان الجنة مخلوقة بالفعل كما هو مذهب اهل السنة وان الايمان وحده كاف في استحقاقها إذ لم يذكر مع الايمان شيء آخر ولكن الدرجات باعمال وفيه شيء فان الايمان بالرسل انما يكمل بالايمان بما في أيديهم من الكتب الالهية والعمل بما فيها ذلِكَ الذي وعد من المغفرة والجنة فَضْلُ اللَّهِ وعطاؤه وهو ابتداء لطف بلا علة يُؤْتِيهِ تفضلا وإحسانا مَنْ يَشاءُ ايتاءه إياه من غير إيجاب لا كما زعمه اهل الاعتزال وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ولذلك يؤتى من يشاء مثل ذلك الفضل الذي لا غاية وراءه والمراد منه التنبيه على عطاء ان العظيم عظيم والاشارة الى ان أحدا لا يدخل الجنة الا بفضل الله نبيا او وليا قال عليه السلام خرج منه عندى خليلى جبرائيل عليه السلام آنفا فقال يا محمد والذي بعثك بالحق ان عبدا من عباد الله عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل يحيط به بحر فأخر الله له عينا عذبة في أسفل الجبل وشجرة رمان كل يوم تخرج رمانة فاذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام للصلاة فسأل ربه أن يقبض روحه ساجدا وأن لا يجعل للارض ولا لشيء على جسده سبيلا على يبعثه الله وهو ساجد ففعل ونحن ونمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا وهو على حاله في السجود قال جبريل فنحن نجد في العلم انه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدى الله فيقول له الرب ادخلوا عبدى الجنة برحمتي فيقول العبد بل بعملي فيقول الله قابسوا عبدى بنعمتي عليه وبعمله فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت عليه النعم الباقية بلا عبادة في مقابلتها فيقول الله ادخلوا عبدى النار فيجر الى النار فينادى ويقول برحمتك أدخلني الجنة فيقول الله ردوه الى فيوقف بين يديه فيقول عبدى من خلقك ولم تك شيأ فيقول أنت يا رب فيقول أكان ذلك بعملك او برحمتي فيقول بل رحمتك فيقول من قواك على عبادة خمسمائة سنة فيقول أنت يا رب فيقول من أنزلك في جبل وسط البحر وأخرج الماء العذب من بين المالح وأخرج لك رمانة كل ليلة وانما تخرج في السنة مرة واحدة وسألتنى أن أقبضك ساجدا من فعل بك ذلك كله فيقول أنت يا رب قال فذلك كله برحمتي وبرحمتي أدخلك الجنة چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى وخود را مبين امدى كه دارم بفضل خداست ... كه بر سعى خود تكيه كردن خطاست

[سورة الحديد (57) : الآيات 22 إلى 23]

همين اعتمادم بيارئ حق ... اميدم بآمر ز كارئ حق ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ما نافية والمصيبة أصلها في الرمية يقال أصاب السهم إذا وصل الى المرمى بالصواب ثم اختص بالنائبة اى ما حدث من حادثة كائنة في الأرض كجدب وعاهة في الزروع والثمار ولا في أنفسكم كمرض وآفة وموت ولد وخوف عدو وجوع إِلَّا فِي كِتابٍ اى الا مكتوبة مثبتة في علم الله او في اللوح المحفوظ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها نخلق الأنفس او المصائب او الأرض فان البرء في اللغة هو الخلق والبارئ الخالق وذكر ربيع بن صالح الأسلمي قال دخلت على سعيد بن جبير حين جيئ به الى الحجاج حين أراد قتله فبكى رجل من قومه فقال سعيد ما يبكيك قال ما أصابك قال فلا تبك قد كان فى علم الله أن يكون هذا ألم تسمع قول الله تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا فى أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها قال في الروضة رؤى الحجاج في المنام بعد وفاته فقيل ما فعل الله بك فقال قتلنى بكل قتيل قتلة وبسعيد بن جبير سبعين قتلة وفي الآية دليل على ان جميع الحوادث الارضية قبل دخولها في الوجود وكذا جميع اعمال الخلق بتفاصيلها مكتوبة في اللوح المحفوظ ليستدل الملائكة بذلك المكتوب على كونه تعالى عالما بجميع الأشياء قبل وجودها وليعرفوا حلمه فانه تعالى مع علمه انهم يقومون على المعاصي خلقهم ورزقهم وأملهم وليحذروا من أمثال تلك المعاصي وليشكروا الله على توفيقه إياهم للطاعات وعصمته إياهم من المعاصي وفيها دليل ايضا انه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها لان إثباتها فى الكتاب محال ولو سأل سائل ان الله تعالى هل يعلم عدد أنفاس اهل الجنة يقال له ان الله يعلم انه لا عدد لأنفاسهم إِنَّ ذلِكَ اى إثباتها في كتاب مع كثرتها عَلَى اللَّهِ متعلق بقوله يَسِيرٌ لاستغنائه فيه عن العدة والمدة وان كان عسيرا على العباد قال الجنيد قدس سره من عرف الله بالربوبية وافتقر اليه في اقامة العبودية وشهد بسره ما كشف الله له من آثار القدرة بقوله ما أصاب إلخ فسمع هذا من ربه وشهد بقلبه وقع في الروح والراحة وانشرح صدره وهان عليه ما يصيبه فان قلت كان الله قادرا على أن يوصل العباد اليه بلا تعب ولا مصيبة فكيف أوقعهم في المحن والبلايا قلت أراد أن يعرفهم بامتحان القهر حقائق الربوبية وغرائب الطرق اليه حتى يصلوا اليه من طريق الجلال والجمال ففى الآية توطين للنفوس على الرضى بالقضاء والصبر على البلاء وحمل لها على شهود المبتلى في عين البلاء فان به يسهل التحمل والا فمن كان غافلا عن مبدأ اللطف والقهر فهو غافل في اللطف والقهر ولذا تعظم عليه المصيبة بخلاف حال أهل الحضور فانهم يلتذون بالبلاء التذاذهم بالعافية بل ولذة البلاء فوق لذة العافية از دست تو مشت بر دهانم خوردن ... خوشتر كه بدست خويش نانم خوردن ومن أمثال العرب ضرب الحبيب زبيب اى لذيذ لِكَيْلا تَأْسَوْا يقال أسى على مصيبته يأسى أسى من باب علم اى حزن اى اخبرناكم بإثباتها وكتابتها في كتاب كيلا يحصل لكم الحزن والألم عَلى ما فاتَكُمْ من نعم الدنيا كالمال والخصب والصحة والعافية

وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ اى أعطاكم الله منها فان من علم ان كلا من المصيبة والنعمة مقدر يفوت ما قدر فواته ويأتى ما قدر إتيانه لا محالة لا يعظم جزعه على ما فات ولا فرحه بما هو آت إذ يجوز أن يقدر ذهابه عن قريب وقيل لبرز جمهر أيها الحكيم مالك لا تحزن على ما فات ولا تفرح بما هو آت قال لان الفائت لا يتلافى بالعبرة والآتي لا يستدام بالحبرة اى بالحبور والسرور لا التأسف يرد فائتا ولا الفرح يقرب معدوما قال ابن مسعود رضى الله عنه لأن أمس جمرة أحرقت ما أحرقت وأبقت ما أبقت أحب الى من أن أقول لشيء لم يكن ليته كان (قال الكاشفى) اخبارست بمعنى نهى يعنى از ادبار دنيا ملول واز اقبال او مسرور مشويد كه نه آنرا قراريست ونه اين را اعتباري كردست دهد كراى شادى نكند ... ورفوت شود نير نير زد بغمى واز مرتضى رضى الله عنه منقولست كه هر كه بدين آيت كار كند هر آيينه فراگيرد زهد او را بهر دو طرف او يعنى زاهدى تمام باشد و چهـ زيبا كفته اند مال اربتور ونهد مشو شاد از ان ... ور فوت شود مشو بفرياد از ان پندست پسنديده بكن ياد از ان ... تا دينى ودينت شود آباد از ان والمراد بالآية نفى الأسى المانع عن التسليم لامر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال ولذا عقب بقوله تعالى وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ فان من فرح بالحظوظ الدنيوية وعظمت في نفسه اختال وافتخر بها لا محالة والمختال المتكبر المعجب وهو من الخيلاء وهو التكبر من تخيل فضيلة تترآءى للانسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل انه لا يركب أحد فرسا الا وجد في نفسه نخوة وبالفارسية وخداى تعالى دوست ندارد هر متكبرى را كه بر نعمت دنيا بر ديكرى تطاول كند فخور نازنده بدنيا وفخر كننده بدان بر اكفاء واقران قال في بحر العلوم المختال ذو الخيلاء والكبر وهو من العام المخصوص بدليل قول النبي عليه السلام ان من الخيلاء ما يحبها الله ومنها ما يبغضها الله اما الخيلاء التي يحبها الله فالاختيال عند الصدقة واختيال الرجل بنفسه عند اللقاء واما الخيلاء التي يبغضها الله فالاختيال فى البغي والفجور اى لا يحب كل متكبر بما أوتى من الدنيا فخور مبالغ في الفخر به على الناس انتهى وصف بعض البلغاء متكبرا فقال كأن كسرى حامل غاشيته وقارون وكيل نفقته وبلقيس احدى دايانه وكأن يوسف لم ينظر الا بمقلته ولقمان لم ينطق الا بحكمته وكأن الخضراء له عرشت والغبراء باسمه فرشت وفي تخصيص التذييل بالنهى عن الفرح المذكور إيذان بأنه أقبح من الأسى وفي الآية اشارة الا انه يلزم أن يثبت الإنسان على حال في السرآء والضراء فان كان لا بد له من فرح فليفرح شكرا على عطائه لا بطرا وان كان لا بد من حزن فليحزن صبرا على قضائه لا ضجرا قال قتيبة بن سعيد دخلت على بعض احياء العرب فاذا أنا بفضاء مملوء من الإبل الميتة بحيث لا تحصى ورأيت شخصا على تل يغزل صوفا فسألته فقال كانت باسمي فارتجعها من أعطاها ثم أنشأ يقول لا والذي انا عبد من خلائقه ... والمرء في الدهر نصب الرزء والمحن

ما سرنى أن ابلى في مباركها ... وما جرى من قضاء الله لم يكن قال البقلى قدس سره طالب الله بهذه الآية اهل معرفته بالاستقامة والاتصاف بصفاته اى كونوا في المعرفة بأن لا يؤثر فيكم الفقدان والوجدان والقهر واللطف والاتصال والانفصال والفراق والوصال لان من شرط الاتصاف أن لا يجرى عليه احكام التلوين والاضطراب في اليقين والاعوجاج في التمكين قال القاسم رحمه الله ولا تأسوا على ما فاتكم من أوقاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم من توبتكم وطاعتكم فانك لا تدرى ما قدر الله فيك وقضى وقال الواسطي رحمه الله الفرح بالكرامات من الاغترارات والتلذذ بالإفضال نوع من الاغفال والخمود تحت جريان الأمور زين لكل مأمور وقال شيخى وسندى رحمه الله في كتاب اللائحات والبرقيات لا تحزنوا بما فاتكم مما سوى الله ولا تفرحوا بما آتاكم مما عدا الله حتى لا تظلموا الحزن والفرح بوضعهما في غير موضعهما وأحزنوا بما فاتكم من الله وافرحوا بما آتاكم من الله حتى تعدلوا فيهما بوضعهما في موضعهما لان الله تعالى حق وما خلاه باطل فكما ان الحزن والفرح بالحق حق وعدل لهما والفاعل للحق محق وعادل فكذلك ان الحزن والفرح بالباطل باطل وظلم لهما والفاعل بالباطل مبطل وظالم ولا يفرح ولا يحزن بالله الا المهاجرون الى الله ولا يحزن ولا يفرح بما سوى الله الا المعرضون عن الله فعليك بسبيل العادلين في جميع أحوالك وإياك وطريق الظالمين ومما سوى الله المال والملك قال الحسن رضى الله عنه لصاحب المال في ماله مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما يسلب عن كله ويسأل عن كله همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال هنر بايد وفضل ودين وكمال ... كه كاه آيد وكه رود جاه ومال (حكى) ان طيرا في عهد سليمان عليه السلام كان له صورة حسنة وصوت حسن اشتراه رجل بألف درهم وجاء طير آخر فصاح صيحة فوق قفصه وطار فسكت الطير وشكا الرجل الى سليمان فقال احضروه فلما احضروه وقال سليمان لصاحبك عليك حق فقد اشتراك بثمن غال فلم سكت قال يا نبى الله قل له حتى يرفع قلبه عنى انى لا أصيح ابدا ما دمت فى القفص قال لم قال لان صياحى كان من الجزع الى الوطن والأولاد وقد قال لى ذلك الطير انما حبسك لاجل صوتك فاسكت حتى تنجو فقال سليمان للرجل ما قال الطير فقال الرجل أرسله يا نبى الله فانى كنت أحبه لصوته فأعطاه سليمان ألف درهم ثم أرسل الطير فطار وصاح سبحان من صورنى وفي الهولء طرينى ثم في القفص صيرنى ثم قال سليمان ان الطير ما دام في الجزع لم يفرج عنه فلما صبر فرج عنه وبسببه خلص الرجل من التعلق به ففيه اشارة الى الفناء عن أوصاف النفس فاذا فنى العبد عنها تخلص من الاضطراب وجاز الى عالم السكون ومعرفة سر القدر وفي الحديث (الايمان بالقدر يذهب إليهم والحزن) قال الشيخ ابو عبد الله محمد بن على الترمذي الحكيم قدس سره ولقد مرضت في سالف أيامي مرضة فلما شفانى الله منها مثلث نفسى بين ما دبر الله لى من هذه العلة في مقدار هذه المدة وبين عبادة الثقلين في مقدار ايام علتى فقلت لو خيرت بين

[سورة الحديد (57) : آية 24]

هذه العلة وبين أن تكون لى عبادة الثقلين في مقدار مدتها الى أيهما تميل اختيارا فصح عزمى ودام يقينى ووقعت بصيرتى على ان مختار الله تعالى لى اكثر شرفا وأعظم خطرا وأنفع عاقبة وهى العلة التي دبرها لى ولا شوب فيه إذ كان فعله فشتان بين فعله بك لتنجوبه وبين فعلك لتنجوبه فلما رأيت هذا دق في عينى عبادة الثقلين مقدار تلك المدة في جنب ما آتاني الله فصارت العلة عندى نعمة وصارت النعمة منة وصارت المنة املا وصار الأمل عطفا فقلت في نفسى بهذا كانوا يستمرون في البلاء على طيب النفوس مع الحق وبهذا الذي انكشف كانوا يفرحون بالبلاء انتهى (قال الصائب) ترك هستى كن كه آسودست از تاراج سيل هر كه پيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ بدل من كل مختال فان المختال بالمال يضن به غالبا ويأمر غيره به وهذا غاية الذم انه يبخل الإنسان ويأمر غيره بالبخل والمعنى يمسكون أموالهم ولا يخرجون منها حق الله فان البخل إمساك المقتنيات عما يحق إخراجها فيه ويقابله الجود يقال بخل فهو باخل واما البخيل فالذى يكثر منه البخل كالرحيم من الراحم والبخل ضربان بخل بقنيات نفسه وبخل بقنيات غيره وهو أكثرهما وعلى ذلك قوله تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل كما في المفردات وبالفارسية مختال وفخور آنانند كه با وجود دنيا دارى وجمع اسباب آن بخل كنند ومال خود در راه خدا صرف ننمايند وبا وجود بخل خود امر نمايند مرد مانرا به بخيلي كردن وعن النبي عليه السلام انه قال لبنى سلمة من سيدكم قالوا الجد بن قيس وانا لنبخله فقال واى داء ادوأ من البخل بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح وفي الحديث اربعة لا يجدون ريح الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام البخيل والمنان ومدمن الخمر والعاق للوالدين وَمَنْ وهر كه يَتَوَلَّ يعرض عن الانفاق فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عنه وعن إنفاقه الْحَمِيدُ المحمود في ذاته لا يضره الاعراض عن شكره ولا ينفعه التقرب اليه بشيء من نعمه وفيه تهديد واشعار بأن الأمر بالإنفاق لمصلحة المنفق واشارة الى ان من أعرض عن الإقبال على الله والأدبار عن الانفاق فان الله غنى بحسب ذاته عن إقباله وبحسب صفاته عن إدباره بل هو حميد في ذاته وصفاته لا ينفعه إقباله ولا يضره إدباره إذ الضار النافع هو لا غيره وايضا الى النفوس البشرية الامارة بالسوء بالتقاعد عن الاقدام على الطاعة والعبادة ودعوة القلوب والأرواح الى الارتكاب للمعاصى والاجتناب عن الطاعات بحسب الغلبة في بعض الأوقات لاستهلاك القوى الروحانية بحسب ظلمات القوى الجسمانية قال بعض الكبار الإنسان من حيث نشأته الطبيعية سعيد وكذلك من حيث نفسه الناطقة ما دامت كل نشأة منفردة عن صاحبتها فما ظهرت المخالفة الا بالمجموع ولما جبل الإنسان على الإمساك لان أصله التراب وفيه يبس وقبض لم يرض بذهاب مال نفسه وغيره فلذا بخل وامر بالبخل زر از بهر خوردن بود اى پدر ... ز بهر نهادن چهـ سنك و چهـ زر

[سورة الحديد (57) : آية 25]

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا اى الملائكة الى الأنبياء او الأنبياء الى الأمم وهو الأظهر كما فى الإرشاد بِالْبَيِّناتِ بحجتهاى روشن كه معجزاتست با شريعتهاى واضحه فان قلت المعجزات يخلقها الله على يدى مدعى النبوة كاحياء الموتى وقلب العصا واليد البيضاء وشق القمر من غير نزول الملك بها نعم معجزة القرآن نزل بها الملك ولكن نزوله بها على كل رسول غير ثابت قلت معنى نزول الملك بها ان الله يخبره على لسانه بوقوع تلك المعجزة على يده وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ اى جنس الكتب الشامل للكل لتبيين الحق وتمييز صواب العمل اى لتكميل القوة النظرية والعملية قوله معهم يجعل على تفسير الرسل بالأنبياء حالا مقدرة من الكتاب اى مقدرا كونه معهم والا فالانبياء لم ينزلوا حتى ينزل معهم الكتاب فالنزول مع الكتاب شأن الملائكة والانزال إليهم شأن الأنبياء ولذا قدم الوجه الاول إذ لو كان المعنى لقد أرسلنا الأنبياء الى الأمم لكان الظاهر أن يقال وأنزلنا إليهم الكتاب وَالْمِيزانَ بالفارسية ترازو لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ليتعاملوا بينهم بالعدل إيفاء واستيفاء ولا يظلم أحد أحدا في ذلك وانزاله إنزال أسبابه والأمر باعداده والا فالميزان من مصنوعات البشر وليس بمنزل من السماء (وروى) ان جبريل عليه السلام نزل بالميزان نفسه فدفعه الى نوح عليه السلام وقال مرقومك يزنوا به يعنى تا تسويه حقوق كنند بدان در ميان يكديكر بوقت معاملات وقال الامام الغزالي رحمه الله أتظن ان الميزان المقرون بالكتاب هو ميزان البر والشعير والذهب والفضة أم تتوهم انه هو الطيار والقبان ما أبعد هذا الحسبان وأعظم هذا البهتان فاتق الله ولا تتعسف في التأويل واعلم يقينا ان هذا الميزان هو ميزان معرفة الله ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله وملكه وملكوته ليتعلم كيفية الوزن به من أنبيائه كما تعلموا من ملائكته فالله هو المعلم الاول والثاني جبرائيل والثالث الرسول والخلق كلهم يتعلمون من الرسول ما لهم طريق في المعرفة سواه والكل عبارته بلا تغيير وليت شعرى ما دليله على ما ذهب اليه من العدول عن الظاهر كذا في بحر العلوم يقول الفقير لعل دليله قوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط اى حاكما بالعدل او مقيما للعدل في جميع أموره فاذا كان الله قائما بالعدل في جميع الأمور كان الواجب على العباد أن يقوموا به ايضا ولن يقوموا به حقيقة الا بعد العلم الشامل والمعرفة الكاملة وهى معرفة الله فهى الميزان الكلى وما عداه من جميع الأمور مبنى عليه وموزون به وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ قيل نزل آدم عليه السلام من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد الاول السندان وهو سندان الحداد بالفتح كما في القاموس وإياه عنى الشيخ سعدى في قوله چوسندان كسى سخت رويى تبرد ... كه خايسك تأديب بر سر نخورد والثاني الكلبتان وهو ما يأخذ به الحداد الحديد المحمى كما في القاموس والثالث الميقعة بكسر الميم بعدها ياء مثناة تحتانية أصله موقعة قال في القاموس الميقعة خشبة القصار يدق عليها والمطرقة والمسن الطويل وقد وقعته بالميقعة فهو وقيع حددته بها والرابع المطرقة وهى آلة الطرق اى الضرب والخامس الابرة وهى مسلة الحديد وروى ومعه المر والمسحاة قال

فى القاموس المر بالفتح المسحاة وهى ما سحى به اى قشر وجرف وفي الحديث ان الله أنزل اربع بركات من السماء الى الأرض أنزل الحديد والنار والماء والملح وعن ابن عباس رضى الله عنهما ثلاثة أشياء نزلت مع آدم عليه السلام الحجر الأسود وكان أشد بياضا من الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة طولها عشرة اذرع والحديد وعن الحسن رحمه الله وأنزلنا الحديد خلقناه كقوله تعالى وأنزل لكم من الانعام وذلك ان أوامره وقضاياه وأحكامه تنزل من السماء قال بعضهم وأخرجنا الحديد من المعادن لان العدل انما يكون بالسياسة والسياسة مفتقرة الى العدة والعدة مفتقرة الى الحديد واصل الحديد ماء وهو منزل من السماء فِيهِ اى في الحديد بَأْسٌ شَدِيدٌ وهو القتال به او قوة شديدة يعنى السلاح للحرب لان آلات الحرب انما تتخذ منه وبالفارسية كارزار سخت است يعنى آلتها كه در كار زار بكار آيد از وسازند خواه از براى دفع دشمن چون سنان ونيزه وشمشير و پيكان وخنچر وأمثال آن وخواه براى حفظ نفس خود چون زره وخود وجوشن وغير آن وفيه اشارة الى ان تمشية قوانين الكتاب واستعمال آلة التسوية يتوقفان على دال صاحب سيف ليحصل القيام بالقسط وان الظلم من شيم النفوس والسيف حجة الله على من عنده ظلم وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ كالسكين والفأس والمر والابرة ونحوها وما من صنعة الا والحديد او ما يعمل بالحديد آلتها وفيه اشارة الى ان القيام بالقسط كما يحتاج الى القائم بالسيف يحتاج ايضا الى ما به قوام التعايش من الصنائع وآلات المحترقة والى سيف الجذبة المتخذ من حديد القهر إذ لا بد لكل تجلى جلالى من كون التجلي الجمالي فيه وبالعكس وهم الأولياء وهم يميلون الى الحق بكثرة الألطاف والأعطاف الربانية كما قال تعالى يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم وانى فضلتكم على العالمين وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ عطف على محذوف يدل عليه ما قبله فانه حال متضمنة للتعليل كانه قيل ليستعملوه وليعلم الله علما يتعلق به الجزاء من ينصره ورسله باستعمال السيوف والرماح وسائر الاسلحة في مجاهدة أعدائه بِالْغَيْبِ حال من فاعل ينصر اى غائبين عنه تعالى كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ينصرونه ولا يبصرونه وانما يحمد ويثاب من أطاع بالغيب من غير معاينة للمطاع او من مفعوله اى حال كونه تعالى غائبا عنهم غير مرئى لهم إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ على إهلاك من أراد إهلاكه عَزِيزٌ لا يفتقر الى نصرة الغير وانما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به ويستوجبوا ثواب الامتثال فيه والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف وهى في حق الله بمعنى القدرة وهى الصفة التي بها يتمكن الحي من الفعل وتركه بالارادة والعزة الغلبة على كل شيء قال الزروقى رحمه الله القوى هو الذي لا يلحقه صعف في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز في نقض ولا إبرام وخاصية هذا الاسم ظهور القوة في الوجود فما تلاه ذو همة ضعيفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم ألف مرة كان له ذلك وكفى أمره وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة او معنى فمن ذكره

[سورة الحديد (57) : الآيات 26 إلى 29]

أربعين يوما في كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه لأحد من خلقه وفي الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب ملى امره فلا شيء يعادله قال السهروردي رحمه الله من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم ألفا أهلك خصمه وان ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله قد بعثنا نُوحاً الى قومه وهم بنوا قابيل وهو الأب الثاني وَإِبْراهِيمَ الى قومه ايضا وهم نمرود ومن تبعه ذكر الله رسالتهما تشريفا لهما بالذكر ولانهما من أول الرسل وأبوان للانبياء عليهم السلام فالبشر كلهم من ولد نوح والعرب والعبرانيون كلهم من ولد ابراهيم وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا اى في نسلهما النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ بأن استنبأنا بعض ذريتهما وأوحينا إليهم الكتب مثل هود وصالح وموسى وهرون وداود وغيرهم فلا يوجد نبى ولا كتاب الا وهو مدل إليهما بأمتن الأسباب وأعظم الإنسان فَمِنْهُمْ اى فمن ذرية هذين الصنفين او من المرسل إليهم المدلول عليهم بذكر الإرسال والمرسلين يعنى پس بعضى از انها كه أنبياء بر ايشان آمدند مُهْتَدٍ اى الحق يعنى ايمان آورده بكتاب ونبى وثابت شد بر دين خود وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن الطريق المستقيم فيكونون ضالين لا محالة ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا اى ثم أرسلنا بعدهم رسلنا والضمير لنوح وابراهيم ومن أرسلا إليهم من الأمم يعنى بعد از نوح وهود وصالح را وبعد از ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف را او من عاصرهما من الرسل ولا يعود الى الذرية فان الرسل المقفى بهم من الذرية يقال قفا أثره اتبعه وقفى على اثره بفلان اى اتبعه إياه وجاء به بعده والآثار جمع اثر بالكسر تقول خرجت على اثره اى عقبه فالمعنى اتبعنا من بعدهم واحدا بعد واحد من الرسل قال الحريري في درة الغواص يقال شفعت الرسول بآخر اى جعلتهما اثنين فاذا بعثت بالثالث فوجه الكلام أن يقال عززت بثالث اى قويت كما قال تعالى فعززنا بثالث فان واترت الرسل فالاحسن أن يقال قفيت بالرسل كما قال تعالى ثم قفينا على آثارهم برسلنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ اى أرسلنا رسولا بعد رسول حتى انتهى الى عيسى بن مريم فأتينا به بعدهم يعنى واز پى در آورديم اين رسل را وتمام كرديم أنبياء بنى إسرائيل را بعيسى ابن مريم فأول أنبياء بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ دفعة واحدة وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ المؤمنين الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ اى عيسى في دينه كالحواريين واتباعهم رَأْفَةً وهى اللين وَرَحْمَةً وهى الشفقة اى وقفينا رأفة اى أشد رقة على من كان يتسبب الى الاتصال بهم ورحمة اى رقة وعطفا على من لم يكن له سبب فى الصلة بهم كما كان الصحابة رضى الله عنهم رحماء بينهم حتى كانوا اذلة على المؤمنين مع ان قلوبهم في غاية الصلابة فهم اعزة على الكافرين قيل أمروا في الإنجيل بالصفح والاعراض عن مكافأة الناس على الأذى بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من اسا وقيلى لهم من لطم خدك الأيمن قوله خدك الأيسر ومن سلب ردآءك فأعطه قميصك

ولم يكن لهم قصاص على جناية في نفس او طرف فاتبعوا هذه الا وامر وأطاعوا الله وكانوا متوادين ومتراحمين ووصفوا بالرحمة خلاف اليهود الذين وصفوا بالقسوة وَرَهْبانِيَّةً منصوب اما بفعل مضمر يفسره الظاهر اى وابتدعوا اى اتباع عيسى رهبانية ابْتَدَعُوها اى حملوا أنفسهم على العمل بها واما بالعطف على ما قبلها وابتدعوها صفة لها اى وجعلنا فى قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية مبتدعة من عندهم اى وقفيناهم للتراحم بينهم ولابتداع الرهبانية واستحداثها قال في فتح الرحمن المعتزلة تعرب رهبانية على انها نصب بإضمار فعل يفسره ابتدعوها وليست بمعطوفة على رأفة ورحمة ويذهبون في ذلك الى ان الإنسان يخلق أفعاله فيعربون الآية على مذهبهم انتهى والرهبانية المبالغة في العبادة بمواصلة الصوم ولبس المسوح وترك أكل اللحم والامتناع عن المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الغيران ومعناها العفلة المنسوبة الى الرهبان بالفتح وهو الخائف فان الرهبة مخافة مع تحزن واضطراب كما في المفردات فعلان من رهب كخشيان من خشى وقرئ بضم الراء كانها نسبة الى الرهبان جمع راهب كراكب وركبان ولعل التردد لاحتمال كون النسبة الى المفتوح والضم من التغيير النسب يعنى ان الرهبان لما كان اسما لطائفة مخصوصة صار بمنزلة العلم وان كان جمعا في نفسه فالتحق بانصار واعراب وفرآئض فقيل رهبانى كما قيل انصارى وأعرابي وفرآئضى بدون رد الجمع الى واحده في النسبة وقال الراغب في المفردات الرهبان يكون واحدا وجمعا فمن جعله واحدا جمعه على رهابين ورهبانية بالجمع أليق انتهى وهى الخصال المنسوبة الى الرهبان وسبب ابتداعهم إياها ان الجبابرة ظهروا على المؤمنين بعد رفع عيسى فقاتلوا ثلاث مرات فقتلوا حتى لم يبق منهم الا قليل فخافوا أن يفتتنوا في دينهم فاختاروا الرهبانية في قلل الجبال فارين بدينهم مخلصين أنفسهم للعبادة منتظرين البعثة النبوية التي وعدها لهم عيسى عليه السلام كما قال تعالى ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه احمد الآية (وروى) ان الله لما أغرق فرعون وجنوده استأذن الذين كانوا آمنوا من السحرة موسى عليه السلام فى الرجوع الى الأهل والمال بمصر فأذن لهم ودعا لهم فترهبوا في رؤوس الجبال فكانوا أول من ترهب وبقيت طائفة منهم مع موسى عليه السلام حتى توفاه الله ثم انقطعت الرهبانية بعدهم حتى ابتدعها بعد ذلك اصحاب المسيح عليه السلام ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ جملة مستأنفة والنفي متوجه الى اصل الفعل اى ما فرضنا عليهم تلك الرهبانية في كتابهم ولا على لسان رسولهم إِلَّا استثناء منقطع اى لكن ابتدعوها ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ اى لطلب رضاه تعالى فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها اى فمارعوا جميعا حق رعايتها بضم التثليث والقول بالاتحاد وقصد السمعة والكفر بمحمد عليه السلام ونحوها اليه قال عليه السلام من آمن بي وصدقنى فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن بي فاولئك هم الهالكون قال مقاتل لما استضعفوا بعد عيسى التزموا الغيران فما صبروا وأكلوا الخنازير وشربوا الخمور ودخلوا مع الفساق وفي المناسبات فمارعوها اى لم يحفظها المقتدون بهم بعدهم كما أوجبوا على أنفسهم حق رعايتها اى بكمالها بل قصروا فيها ورجعوا عنها ودخلوا في دين

ملوكهم ولم يبق على دين عيسى عليه السلام الا قليل ذمهم الله بذلك من حيث ان النذر عهد مع الله لا يحل نكثه سيما إذا فصد رضاه تعالى فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ اى من العيسيين ايمانا صحيحا وهو الايمان برسول الله عليه السلام بعد رعاية رهبانيتهم لا مجرد رعايتها فانها بعد البعثة لغو محض وكفر بحت وانى لها استتباع الأجر قال في كشف الاسرار لما بعث النبي عليه السلام ولم يبق منهم الا قليل حط رجل من صومعته وجاء سائح من سياحته وصاحب الدير وديره فآمنوا به والصومعة كل بناء متصومع الرأس اى متلاصقه والدير خان النصارى وصاحبه ديار أَجْرَهُمْ اى ما يحسن ويليق بهم من الاجر وهو الرضوان وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ اى من العيسيين وهم الذين ابتدعوا فضيعوا وكفروا بمحمد عليه السلام فاسِقُونَ خارجون عن حد الاتباع وهم الذين تهودوا وتنصروا قال في تفسير المناسبات وكذلك كان في هذه الامة فانه لما توفى رسول الله تبعه خلفاؤه بإحسان فلما مضت الخلافة الراشدة وتراكمت الفتن كما اخبر عليه السلام واشتد البلاء على المتمسكين بصريح الايمان ورجم البيت بحجارة المنجنيق وهدم وقتل عبد الله بن الزبير رضى الله عنه واستبيحت مدينة رسول الله عليه السلام ثلاثة ايام وقتل فيها خيار المسلمين رأى المؤمنون العزلة واجبة فلزموا الزوايا والمساجد وبنوا الربط على سواحل البحر وأخذوا في الجهاد للعدو والنفوس وعالجوا تصفية اخلاقهم ولزموا الفقر أخذا من احوال اهل الصفة وتسموا بالصوفية وتكلموا على الورع والصدق والمنازل والأحوال والمقامات فهؤلاء وزان أولئك انتهى وفي الحديث يا ابن أم معبد أتدري ما رهبانية أمتي قلت الله ورسوله اعلم قال الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة والتكبير على التلاع (روى) ان نفرا من الصحابة رضى الله عنهم أخذهم الخوف والخشية حتى أراد بعضهم أن يعتزل عن النساء وبعضهم الاقامة في رؤوس الجبال وبعضهم ترك الاكل والشرب وبعضهم غير ذلك فنهاهم عليه السلام عن ذلك كله وقال لا رهبانية في الإسلام وقال رهبانية أمتي في المسجد يعنى المتعبدون من أمتي لا يأخذون مأخذ النصارى بل يعتكفون فى المساجد دون رؤوس الجبال وقال في نفى صوم الوصال انى لست كهيئتكم انى أبيت لى مطعم يطعمنى وساق يسقينى (وفي المثنوى) هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... زانكه عفت هست شهوت را كرو بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... غازيى بر مردكان نتوان نمود پس كلوا از بهر دام شهوتست ... بعد از ان لا تسرفوا آن عفتست چونكه رنج صبر نبود مر ترا ... شرط نبود پس فرو نايد جزا حبذا آن شرط وشادا آن جزا ... آن جزاى دلنواز جان فزا قال الشافعي رحمه الله اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى وأمانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما في المقاصد الحسنة ثم ذكر لا تنبغى الخلوة والعزلة قال في الاحياء لما بنى عروة قصره بالعقيق وهو كأمير موضع بالمدينة لزومه فقيل له لزمت

القصر وتركت مسجد رسول الله فقال رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية ومما هنا لكم عما أنتم فيه عافية (وحكى) ان جماعة من السلف مثل مالك وغيره تركوا اجابة الدعوات وعيادة المرضى والجنائز بل كانوا أحلاس بيوتهم لا يخرجون الا الى الجمعة وزيارة القبور وبعضهم فارق الأمصار وانحاز الى قال الجبال تفرغا للعبادة وفرارا من الشواغل واختار جماعة من السلف العزلة لمشاهدتهم المنكرات في الأسواق والأعياد والمجامع وعجزهم عن التغيير وهذا يقتضى لزوم الهجرة وفي الآية دليل على ان الشروع في نفل العبادة ملزم وان من شرع فيما ليس عليه ثم تركه استحق اسم الفسق والوعيد فيجب على الناذر رعاية نذره لانه عهد مع الله لا يحل نكثه (وروى) عن بعض الصحابة رضى الله عنهم عليكم بإتمام هذه التراويح لانها لم تكن واجبة عليكم وقد اوجبتموها على أنفسكم فانكم ان تركتم صرتم فاسقين ثم قرأ هذه الآية وكثير منهم فاسقون يقول الفقير وهكذا شأن الصلاة المعروفة بالرغائب والبراءة والقدر فانها ملحقة بالتراويح لكونها من صلاة الليل وقد كانت سنة مسلوكة للعلماء بالله فلا تترك ابدا عند من اعتقد اعتقادهم قال في فتح الرحمن واختلف الائمة فما إذا انشأ صوما او صلاة تطوعا فقال ابو حنيفة لم يجز له الخروج منه فان أفسده فعليه القضاء لقوله تعالى ولا تبطلوا اعمال لكم وقال مالك رحمه الله كذلك الا انه اعتبر العذر فقال ان خرج منه لعذر فلا قضاء والا وجب وقال الشافعي واحمد رحمهما الله متى انشأ واحدا منهما استحب إتمامه فان خرج منه لم يجب عليه قضاء على الإطلاق واما إذا كان التطوع حجا او عمرة فيلزم إتمامه أفسده وجب قضاؤه لوجوب المضي في فاسده انتهى قال بعض الكبار جميع ما ابتدع من السنة الحسنة على طريق القربة الى الله تعالى داخل في الشريعة التي جاءت بها الرسل عن امر الله قال تعالى ورهبانية إلخ فأقرهم تعالى عليها ولم يعب عليهم فعلها انما عاب عليهم عدم رعايتهم لها في دوام العمل فقط وخلع عليها اسم البدعة في حقهم بخلاف هذه الامة خلع على ما استحسنوه اسم السنة تشريفا لهم كما قال عليه السلام من سن سنة حسنة وما قال من ابتدع بدعة حسنة فافهم فاجاز لنا ابتداع ما هو حسن وسماه سنة وجعل فيه اجرا لمن ابتدعه ولمن عمل به واخبر أن العابد لله تعالى بما يعطيه نظره إذا لم يكن على شرع من الله معين انه يحشر امة وحده بغير امام يتبعه كما قال تعالى في ابراهيم ان ابراهيم كان امة قانتا لله وذلك لنظره في الأدلة قبل أن يوحى اليه وقال عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن كان عليها فهو على شرع من ربه وان لم يعلم وقال بعضهم جميع ما ابتدعه العلماء والعارفون مما لم تصرح الشريعة بالأمر به لا يكون بدعة الا ان خالف صريح السنة فان لم يخالفها فهو محمود وذلك كحلق الرأس ولبس المرقعات والرياضة بقلة الطعام والمنام والمواظبة على الذكر والجهر به على الهيئة المشهورة ونحو ذلك من جميع اوصافهم فانها كلها نواميس حكمية لم يجئ بها رسول الله عليه السلام في عموم الناس من عند الله لكونها طريقة أهل الخصوص السالكين طريق الحق وهذه الطريق لا تحتمل العامة الأمر بها ولا تجب هى عليهم فقد علمت ان طريق

[سورة الحديد (57) : آية 28]

القوم صادرة عن الله ولكن من غير الطريق الصريح النبوي ولولا انه عليه السلام فتح لامته باب الاستنان ما اجترأ أحد منهم على أن يزيد حكما ولا وضعا ففى الصحيح من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها وقال بعضهم المقصود بالوضع الشرعي الا لهى هو تكميل النفوس علما او عملا وهم أتوا بامور زائدة على الطريقة النبوية موافقة لها في الغاية والغرض كالامور التي التزمها الصوفية في هذه الامة بغير إيجاب من الله كتقليل الطعام وكثرة الصيام والاجتناب عن مخالطة الأنام وقلة المنام والذكر على الدوام وقال بعضهم ما يصدر عن الواصل من الافعال شريعة وكذا الباقي فلا بد من الاعتدال ولذلك قال عليه السلام الشريعة أقوالي والطريقة أطواري والمعرفة رأس مالى والحقيقة نقد حالى وقال بعضهم لا تبتدع فيوجب الله ذلك الابتداع عليك وفي شرعنا من سن سنة حسنة فما سماها بدعة فان شرعنا قد قررها فليشكر الله صاحب هذه البدعة وليلزمها حيث ألحقه تعالى بأنبيائه ورسله وأباح له أن يسن ما سنته الرسل مما يقرب الى الله تعالى ولا يخفى ان الكامل من عباد الله من سد باب الابتداع ولم يزد في التكاليف حكما واحدا موافقه لمراد الله ومراد رسول الله من طلب الرفق والرحمة وقال بعضهم لا تجعل وردك غير ما ورد في الكتاب والسنة تكن من العلماء الأدباء لانك حينئذ تجمع بين الذكر والتلاوة فيحصل لك اجر التالين والذاكرين فما ترك الكتاب والسنة مرتبة يطلبها الإنسان من خير الدنيا والآخرة الا وقد ذكرها فمن وضع من الفقراء وردا من غير الوارد في السنة فقد أساء الأدب مع الله ورسوله الا أن يكون ذلك بتعريف من الله فيعرفه خصائص كلمات يجمعها فيكون حينئذ ممتثلا لا مخترعا وذلك مثل حزب البحر للشاذلى رحمه الله ونحوه فانه رحمه الله صرح بأنه ما وضع حرفا منه الا بإذن الله ورسوله وقال من دعا بغير ما دعا به رسول الله فهو مبتدع وقال بعضهم العبد في أداء الفرائض عبد اضطرار وفي فعل النوافل عبد اختيار وعبودية الاضطرار أشرف وأسلم في حقه من عبودية الاختيار لما قد يخطر بباله في عبودية الاختيار من شائبة الامتنان ومن هاهنا ترك أكابر الرجال من الملامية فعل النوافل واقتصروا على أداء الفرائض خوفا من خطور ذلك على قلوبهم فيجرح عبوديتهم وفي الحكم العطائية من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا حال غالب الخلق الا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالنوافل الكثيرة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اى بالرسل المتقدمة اتَّقُوا اللَّهَ فيما نهاكم عنه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ اى بمحمد عليه السلام وفي إطلاقه إيذان بأنه علم فرد الرسالة لا يذهب الوهم الى غيره يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ نصيبين وأجرين نقل عن الراغب الكفل الحظ الذي فيه الكفالة كأنه تكفل بأمره والكفلان هما النصيبان المرغوب فيهما بقوله تعالى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة مِنْ رَحْمَتِهِ از بخشايش خود وذلك لايمانكم بالرسول وبمن قبله من الرسل لكن لا على ان شريعتهم باقية بعد البعثة بل على انها كانت حقا قبل النسخ وعن أبى موسى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين الرجل يكون له الامة فيعلمها فيحسن تعليمها

[سورة الحديد (57) : آية 29]

يؤدبها فيحسن تأديبها ثم يعتقها ويتزوجها فله أجران ومؤمن اهل الكتاب الذي كان مؤمنا ثم آمن بالنبي فله أجران والعبد الذي يؤدى حق الله وينصح لسيده ولذا بكى بعض العبيد حين أعتق لانه ذهب اجر النصح لسيده وبقي أجر أداء حق الله تا دلت هست أسير عشق سليم ... مسند تخت سلطنت مطلب (وقال الشيخ سعدى) اسيرش نخواهد رهايى ز بند ... شكارش نجويد خلاص از كمند (وقال المولى الجامى) مريض عشق تو چون مائل شفا كردد ... أسير قيد تو كى طالب نجات شود وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يوم القيامة حسبما نطق به قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم فهو الضياء الذي يمشون به على الصراط الى أن يصلوا الى الجنة وذلك لان جهنم خلقت من الظلمة إذ هى صورة النفس الامارة وهى ظلمانية فنور الايمان والتقوى يدفعها ويزيلها وَيَغْفِرْ لَكُمْ ما أسلفتم من الكفر والمعاصي فاما حسنات الكفار فمقبولة بعد إسلامهم على ما ورد فى الحديث الصحيح وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى مبالغ في المغفرة والرحمة وفيه اشارة الى مغفرة الذنب الذي هو ملاحظة النفس فانه من اكبر الذنوب والمعاصي كما قالوا وجودك ذنب لا يقاس عليه ذنب آخر (مصراع) چومرد راه شدى بگذر از سر ودستار لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) متعلق بمضموم الجملة الطلبية المتضمنة معنى الشرط إذ التقدير ان تتقوا الله وتؤمنوا برسوله يؤتكم كذا وكذا لئلا يعلم الذين لم يسلموا من اهل الكتاب اى ليعلموا ولا مزيدة كهى في ما منعك أن لا تسجد كما ينبئ عنه قراءة ليعلم ولكى يعلم ولان يعلم بإدغام النون في الياء قال في كشف الاسرار وانما يحسن إدخالها في كلام يدخل في أواخره او أوائله جحد أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أن مخففة من الثقيلة واسمها الذي هو ضمير الشان محذوف والجملة في حيز النصب على انها مفعول يعلم اى ليعلمون انهم لا ينالون شيأ مما ذكر من فضلة من الكفلين والنور والمغفرة ولا يتمكنون من نيله حيث لم يأتوا بشرطه الذي هو الايمان برسوله وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ عطف على أن لا يقدرون يعنى افزونىء ثواب وجزاء وأمثال آن بدست قدرت خداست يُؤْتِيهِ عطا كند مَنْ يَشاءُ هر كرا خواهد وهو خبرثان لأن وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ والعظيم لا بد أن يكون إحسانه عظيما (قال الكاشفى) وخداى تعالى خداوند فضل بزركست يعنى نعمتى تمام كه خواص وعوام را فرا رسيده فيض كرم رسانده از شرق تا بغرب ... خوان نعم نهاده از قاف تا بقاف هستند بيش وكم ز نوال تو بهره مند ... دارند نيك وبد بعطاء تو اعتراف وقد جوز أن يكون الأمر بالتقوى والايمان لغير اهل الكتاب فالمعنى اتقوا الله واثبتوا على ايمانكم برسول الله يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الكفلين في قوله تعالى أولئك يؤتون أجرهم مرتين ولا ينقصكم من مثل أجرهم لانكم مثلهم في الايمانين

لا تفرقون بين أحد من رسله (وروى) ان مؤمنى أهل الكتاب افتخروا على سائر المؤمنين بأنهم يؤتون أجرهم مرتين وادعوا الفضل عليهم فنزلت وفي الحديث (انما مثلنا ومثل الذين أوتوا الكتاب من فبلنا مثل رجل استأجر إجراء فقال من يعمل الى آخر النهار على قيراط قيراط فعمل قوم ثم تركوا العمل نصف النهار ثم قال من يعمل نصف النهار الى آخر النهار على قيراط قيراط فعمل قوم الى العصر على قيراط قيراط ثم تركوا العمل ثم قال من يعمل الى الليل على قيراطين قيراطين فعمل قوم الى الليل على قيراطين قيراطين فقال الطائفتان الاوليان ما لنا اكثر عملا واقل اجرا فقال هل نقصتكم من حقكم شيأ قالوا لا قال ذلك فضلى أوتيه من أشاء) ففيه اشارة الى ان أهل الكتاب أطول زمانا وعمرا واكثر اجتهادا واقل أجرا وهذه الامة اقصر مدة واقل سعيا وأعظم أجرا والى ان الثواب على الأعمال ليس من جهة الاستحقاق لان العبد لا يستحق على مولاه بخدمته اجرة بل من جهة الفضل ولله ان يتفضل على من يشاء بما يشاء قال البقلى رحمه الله اخرج فضله من الاكتساب وعلل الجهد والطلب يؤتى كراماته من يشاء من عباده المصطفين وهو ذو العطاء في الأزل الى الابد والفضل العظيم مالا ينقطع عن المنعم عليه ابدا (روى) ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ويقول ان فيهن آية أفضل من الف آية ويعنى بالمسبحات الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن يقول الفقير انما أخفى عليه السلام تلك الآية ولم يصرح بها لتجتهد الامة بتلاوة جميع السور كما أخفى الله ساعة الاجابة وليلة القدر ونحوهما بعثا للعباد على الاجتهاد واحياء الليالى (قال الشيخ سعدى) چوهر كوشه تير نياز افكنى ... اميدست نا كه كه صيدى زنى همه سنكها پاس دار اى پسر ... كه لعل از ميانش نباشد بدر غم جمله خور در هواى يكى ... مراعات صد كن براى يكى تمت سورة الحديد بعون الملك المجيد في اواخر شهر ربيع الاول من سنة خمس عشرة ومائة والف من الهجرة

تفسير سورة المجادلة

الجزء الثامن والعشرون من اجزاء الثلاثين تفسير سورة المجادلة اثنتان وعشرون آية مدنية بسم الله الرحمن الرحيم قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها سمع مجاز مرسل عن أجاب بعلاقة السببية والمجادلة المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة يعنى كار براندن با كسى بر سبيل نزاع وأصله من جدلت الحبل اى أحكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه والمراد هنا المكالمة ومراجعة الكلام اى معاودته والمعنى قد أجاب الله دعاء المرأة التي تكالمك في حق زوجها استفتاء وتراجعك الكلام في شأنه وفيما صدر عنه في حقها من ظهاره إياها بغير وجه مشروع وسبب مقبول وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ عطف على تجادلك اى تتضرع الى الله تعالى وتظهر ما بها من المكروه قال في المفردات الشكاية والشكاة والشكوى اظهار البث يقال شكوت واشتكيت واصل الشكوى فتح الشكوة واظهار ما فيها وهى سقاء صغير يجعل فيه الماء وكان في الأصل استعارة كقولك بثثت له ما في وعائى ونفضت ما في جرابى إذا أظهرت ما في قلبك وفي كشف الاسرار الاشتكاء اظهار ما يقع بالإنسان من المكروه والشكوى اظهار ما يصنعه غيره به وفي تاج المصادر الاشتكاء كله كردن وشكوه كرفتن وهى قربة صغيرة والمجادلة هى خولة بنت ثعلب بن مالك ابن خزاعة الخزرجية وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة روى انها كانت حسنة البدن رآها أوس وهى تصلى فاشتهى مواقعتها فلما سلمت راودها فأبت وكان به خفة فغضب عليها بمقتضى البشرية وقال أنت على كظهر أمي وكان أول ظهار وقع في الإسلام ثم ندم على ما قال بناء على ان الظهار والإيلاء كانا من طلاق الجاهلية فقال لها ما أظنك الى وقد حرمت على فشق ذلك عليها فاتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعائشة رضى الله عنها تغسل شق رأسه فقالت يا رسول الله ان زوجى أوس بن الصامت أبو ولدي وابن عمى وأحب الناس الى ظاهر منى وما ذكر طلاقا وقد ندم على فعله فهل من شيء يجمعنى وإياه فقال عليه السلام ما أراك الا وقد حرمت عليه فقالت لا تقل ذلك يا رسول الله وذكرت فاقتها ووحدتها بتفانى أهلها وان لها صبية صغارا فقالت ان ضممتهم الى جاعوا وان ضممتهم الى أبيهم ضاعوا فاعاد النبي عليه السلام قوله الاول وهو حرمت عليه فجلت تراجع رسول الله مقالتها الاولى وكلما قال لها رسول الله حرمت عليه هتفت وقالت أشكو الى الله مما لقيت من زوجى حال فاقتى ووحدتي وقد طالت معه صحبتى ونفضت له بطني تريد بذلك انى قد بلغت عنده سن الكبر وصرت عقيما لا ألد بعد وكانت في كل ذلك ترفع رأسها الى السماء على ما هو عادة

الناس استنزالا للامر الإلهي من جانب العرش وتقول اللهم أنزل على لسان نبيك فقامت عائشة تغسل الشق الآخر من رأسه عليه السلام وهى ما زالت في مراجعة الكلام مع رسول الله وبث الشكوى الى الله حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات الأربع سمعا لدعائها وقبولا لشكواها فكانت سببا لظهور امر الظهار وفي قد اشعار بأن الرسول والمجادلة كانا يتوقعان أن ينزل الله حكم الحادثة ويفرج عنها كربها لانها انما تدخل على ماض متوقع وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما اى يعلم تراجعكما الكلام وتخاطبكما وتجاوبكما في أمر الضار فان التحاور بمعنى التجاوب وهو رجع الكلام وجوابه يعنى يكديكر را جواب دادن من الحور بمعنى الرجوع وذلك كان برجوع الرسول الى الحكم بالحرمة مرة بعد أخرى ورجوع المجادلة الى طلب التحليل كذلك ومثله المحاورة في البحث ومنه قولهم في الدعاء نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى الرجوع الى النقصان بعد الوصول الى الزيادة او الى الوحشة بعد الانس وقال الراغب الحور التردد اما بالذات واما بالتفكر وقيل نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى من التردد في الأمر بعد المضي فيه او من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع حسب استمرار التحاور وتجدده وفي نظمها في سلك الخطاب مع أفضل البريات تغليب إذ القياس تحاورها وتحاورك تشريفا لها من جهتين والجملة استئناف جار مجرى التعليل لما قبله فان الحافها في المسألة ومبالغتها في التضرع الى الله ومدافعته عليه السلام إياها بجواب منبئ عن التوقف وترقب الوحى وعلمه تعالى بحالهما من دواعى الاجابة وفي كشف الاسرار ليس هذا تكرار الان الاول لما حكته عن زوجها والثاني لما كان يجرى بينها وبين رسول الله لان الاول ماض والثاني مستقبل إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات ومن قضيته أن يسمع تحاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات التي من جملتها رفع رأسها الى السماء وسائر آثار التضرع يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع يا من يرجى للشدآئد كلها ... يا من اليه المشتكى والمفزع مالى سوى قرعى لبابك حيلة ... ولئن رددت فاى باب أقرع حاشى للطفك أن تقنط عاصيا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع وفي الآية دليل على ان من انقطع رجاؤه عن الخلق ولم يبق له في مهمه أحد سوى ربه وصدق في دعائه وشكواه كفاه الله ذلك ومن كان أضعف فالرب به ألطف دعاى ضعيفان اميدوار ... ز بازوى مردى به آيد بكار وفيها ان من استمع الله ورسوله والورثة الى كلامه فسائر الناس اولى (روى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر بهذه المرأة في خلافته وهو على حمار والناس معه فاستوقفته طويلا ووعظته وقالت يا عمر قد كنت تدعى عميرا ثم قيل لك عمر ثم قيل لك امير المؤمنين فاتق الله يا عمر فانه من أيقن الموت خاف الفوت ومن أيقن الحساب خاف العذاب وهو

[سورة المجادلة (58) : آية 2]

واقف يسمع كلامها فقيل له يا امير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف الطويل فقال والله لو حبستنى من أول النهار الى آخره ما زلت الا للصلاة المكتوبة أتدرون من هذه العجوز هى خولة بنت ثعلب سمع الله قولها من فوق سبع سموات أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر وهذه الفوقية لا يلزم منها الجهة لان الله هو العلى المتعال فاعرف ثم انه من اكبر الذنوب أن يقول الرجل لاخيه اتقى الله فيقول في جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك أنت تأمرنى بهذا وذلك لانه إذا ذكر اسم الله يلزم التعظيم له سوآء صدر من مسلم او كافر وأعلم الناس لا يستغنى عن تنبيه وإيقاظ بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند يقال اللائق بالعاقل أن يكون كالنحل يأخذ من كل شيء ثم يخرجه عسلا فيه شفاء من كل داء وشمعا له منافع لا سيما الضياء فطالب الحكمة يأخذها من كل مقام سوآء قعد أو قام (المرء لولا عرفه فهو الدمى والمسك لولا عرفه فهو الدم) العرف الاول بالضم بمعنى المعروف والثاني بالفتح الرائحة والدمى بضم الدال وفتح الميم جمع دمية وهى الصورة المنقشة من رخام أو عاج الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ أيها المؤمنون فلا يلحق بهم الذمي لانه ليس من اهل الكفارة لغلبة جهة العبادة فيها فلا يصح ظهاره مِنْ نِسائِهِمْ هذا شروع في بيان الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا بطريق الاستئناف والظهار لغة مصدر ظاهر الرجل اى قال لزوجته أنت على كظهر أمي والظهر العضو والجارحة ويعبر عن البطن بالظهر اى أنت على حرام كبطن أمي فكنى عن البطن بالظهر الذي هو عمود البطن لئلا يذكر ما يقارب الفرج تأدبا ثم قيل ظاهر من امرأته فعدى بمن لتضمين معنى التجنب لاجتناب أهل الجاهلية من المرأة المظاهر منها إذ الظهار طلاق عندهم كما مر في قولهم آلى منها لما ضمنه من معنى التباعد من الالية بمعنى الحلف وفي القرآن واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام اى بعدنى وإياهم من عبادة الأصنام فمعنى البعد انما هو في الاجتناب ونحوه المتعدى بمن لان معنى الابتداء الذي هو معنى من لا يخلو عن البعد فان من معانى عن لامن ثم انه ألحق الفقهاء بالظهر نحو البطن والفخذ والفرج مما يحرم النظر إليها من الام فمن قال أنت على كبطن أمي او فخذها او فرجها كان ظهارا بخلاف مثل اليد أو الرجل وكذا ألحقوا بالأم سائر المحارم فلو وضع المظاهر مكان الام ذات رحم محرم منه من نسب كالخالة والعمة او رضاع او صهر كان ظهارا مثل أن يقول أنت عليه كظهر خالتى او عمتى او أختي نسبا او رضاعا او كظهر امرأة ابني او أبى ولو شبهها بالخمر والخنزير أو الدم او الميتة او قتل المسلم او الغيبة او النميمة او الزنى او الربا او الرشوة فانه ظهار إذا نوى وفى أنت على كأمى صح نية الكرامة اى استحقاق البر فلا يقع طلاق ولا ظهار وصح نية الظهار بأن يقصد التشبيه بالأم فى الحرمة فيترتب عليه احكام الظهار لا غير ونية الطلاق بأن يقصد إيجاب الحرمة فان لم ينو شيأ لغا وأنث على حرام كأمى صح فيه ما نوى من ظهار او طلاق أو إيلاء ولو قال

أنت أمي او أختي او بنتي بدون التشبيه فهو ليس بظهار يعنى ان قال ان فعلت كذا فانت أمي وفعلته فهو باطل وان نوى التحريم ولو قالت لزوجها أنت على كظهر أمي فانه ليس بشيء وقال الحسن انه يمين وفي إيراد منكم مع كفاية من نسائهم مزيد توبيخ للعرب وتقبيح لعادتهم في الظهار فانه كان من أيمان جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم فلا يليق بهم بعد الإسلام أن يراعوا تلك العادة المستهجنة فكأنه قيل منكم على عادتكم القبيحة المستنكرة ويحتمل أن يكون لتخصيص نفع الحكم الشرعي للمؤمنين بالقبول والاقتداء به اى منكم أيها المؤمنون المصدقون بكلام الله المؤتمرون بأمر الله إذ الكافرون لا يستمعون الخطاب ولا يعملون بالصواب وفي من نسائهم اشارة الى أن الظهار لا يكون في الامة ومن ذلك قالوا ان للظهار ركنا وهو التشبيه المذكور وشرطا وهو أن يكون المشبه منكوحة حتى لا يصح من الامة وأهلا وهو من كان من اهل الكفارة حتى لا يصح للذمى والصبى والمجنون وحكما وهو حرمة الوطئ حتى يكفر مع بقاء اصل الملك ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ خبر للموصول اى ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت يعنى ان من يقول لامرأته أنت على كظهر أمي ملحق فى كلامه هذا للزوج بالأم وجاعلها مثلها وهذا تشبيه باطل لتباين الحالين وكانوا يريدون بالتشبيه الحرمة في المظاهر منها كالحرمة في الام تغليظا وتشديدا فان قيل فحاصل الظهار مثلا أنت محرمة على كما حرمت على أمي وليس فيه دعوى الامومة حتى تنفى وتثبت للوالدات يقال ان ذلك التحريم في حكم دعوى الامومة او أن المراد نفى المشابهة لكن نفى الامومة للمبالغة فيه إِنْ نافية بمعنى ما أُمَّهاتِهِمْ فى الحقيقة والصدق إِلَّا اللَّائِي جمع التي اى النساء اللاتي وَلَدْنَهُمْ اى ولدن المظاهرين فلا تشبه بهن في الحرمة الا من ألحقها الشرع بهن من ازواج النبي عليه السلام والمرضعات ومنكوحات الآباء لكرامتهن وحرمتهن فدخلن بذلك في حكم الأمهات واما الزوجات فأبعد شيء من الامومة فلا تلحق بهن بوجه من الوجوه وَإِنَّهُمْ اى وان المظاهرين منكم لَيَقُولُونَ يقولهم ذلك مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ على ان مناط التأكيد ليس صدور القول عنهم فان أمر محقق بل كونه منكرا اى عند الشرع وعند العقل والطبع ايضا كما يشعر به تنكيره وذلك لان زوجته ليست بامه حقيقة ولا ممن ألحقه الشرع بها فكان التشبيه بها الحاقا لأحد بالمتباينين بالآخر فكان منكرا مطلقا غير معروف وَزُوراً اى كذبا باطلا منحرفا عن الحق فان الزور بالتحريك الميل فقيل للكذب زور بالضم لكونه مائلا عن الحق قال بعضهم ولعل قوله وزورا من قبيل عطف السبب على المسبب فان قلت قوله أنت على كظهر أمي إنشاء لتحريم الاستمتاع بها وليس بخبر والا نشاء لا يوصف بالكذب قلت هذا الإنشاء يتضمن الحاق الزوجة المحللة بالأم المحرمة ابدا وهذا الحاق مناف لمقتضى الزوجية فيكون كاذبا وعن أبى بكر رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك

[سورة المجادلة (58) : آية 3]

بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس وقال ألا وقول الزور وشهادة الزور الا وقول الزور وشهادة الزور الا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يقولها حتى قلت لا يسكت رواه البخاري قال بعضهم لما كان مبنى طلاق الجاهلية الأمر المنكر الزور لم يجعله الله طلاقا ولم تبق الحرمة الا الى وقت التكفير وقال الظهار الذي هو من طلاق الجاهلية ان كان في الشرع بمقدار من الزمان اولا طلاقا كانت الآية ناسخة والا فلا لان النسخ انما يدخل في الشرائع وما قال عليه السلام انها حرمت فلا يعين شيأ من الطرفين الا أن بعض المفسرين جعله مؤيدا للوجه الاول وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ اى مبالغ في العفو والمغفرة لما سلف منه على الإطلاق على المذهب الحق او بالمناب عنه على مذهب الاعتزال وذلك ان ما دون الشرك حكمه موكول الى مشيئة الله ان شاء يغفره وان لم يتب العبد عنه وان شاء يغفره بعد التوبة واما إذا لم يتب عنه فعذبه عليه فانما يعذبه على حسب ذنبه لكن الظاهر هنا الحث على التوبة لكون الكلام في دم الظاهر وإنكاره وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا اللام والى يتعاقبان كثيرا نحو يهدى للحق والى الحق فالمعنى والذين يقولون ذلك القول المنكر ثم يعودون الى ما قالوا والى ما فات عنهم بسببه من الاستمتاع بالتدارك والتلافي بالتقرر والتكرر ومنه قولهم عاد الغيث على ما أفسد اى تداركه بإصلاح فافساده إمساكه وإصلاحه إحياؤه ففيه اطلاق اسم السبب على المسبب فان العود الى الشيء من اسباب التدارك والوصول اليه فيكون محازا مرسلا قال ابن الشيخ العود يستعمل على معنيين أحدهما أن يصير الى شيء قد كان عليه قبل ذلك فتركه فيكون بمعنى الرجوع الى ما فارق عنه والآخر أن يصير ويتحول الى شيء وان لم يكن على ذلك قبل والعود بهذا المعنى لا يلزم أن يكون رجوعا الى ما قارق عنه والعود الذي هو سبب للتدارك والوصول هو العود بهذا المعنى وهو العود الى شيء مطلقا فحاصل المعنى ثم يعودون الى تدارك ما قالوا ودفع ما لزم عليهم به من الفساد من حرمة الحلال ويجوز أن يكون المعنى ثم يريدون العود الى ما حرموا على أنفسهم بلفظ الظهار من الاستمتاع ففيه تنزيل للقول منزلة المقول فيه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ التحرير جعل الإنسان حرا وهو خلاف العبد والرقية ذات مرقوق مملوك سوآء كان مؤمنا او كافرا ذكرا او أنثى صغيرا او كبيرا هنديا او روميا فالمعنى فتداركه او فالواجب اعتاق رقبة اى رقبة كانت وان كان تحرير المؤمن اولى والصالح أحسن فيعتقها مقرونا بالنية وان كان محتاجا الى خدمتها فلونوى بعد العتق او لم ينو لم يجزئ وان وجد ثمن الرقبة وهو محتاج اليه فله الصيام كما في الكواشي ولا يجزئ أم الولد والمدبر ولمكاتب الذي ادى شيأ فان لم يؤدجاز ويجب أن تكون سليمة من العيوب الفاحشة بالاتفاق وعند الشافعي يشترط الايمان قياسا على كفارة القتل كما قال تعالى فتحرير رقبة مؤمنة قلنا حمل المطلق على المقيد انما هو عند اتحاد الحادثتين واتحاد الحكم ايضا وهنا ليس كذلك والفاء للسببية ومن فوائدها الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار لان تكرر السبب يوجب تكرر المسبب كقرآءة آية السجدة في موضعين فلو ظاهر

[سورة المجادلة (58) : آية 4]

من امرأته مرتين او ثلاثا في مجلس واحد او مجالس متفرقة لزمه بكل ظهار كفارة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا اى من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعا وتقبيلا ولمسا ونظرا الى الفرج بشهوة وذلك لان اسم التماس يتناول الكل وان وقع شيء من ذلك قبل التكفير يجب عليه أن يستغفر لانه ارتكب الحرام ولا يعود حتى يكفر وليس عليه سوى الكفارة الاولى بالاتفاق وان أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبى حنيفة رحمه الله ولا تسقط الكفارة بل يأتى بها على وجه القضاء كما لو أخر الصلاة عن وقتها فانه لا يسقط عنه إتيانها بل يلزمه قضاؤها وفي الآية دليل على ان المرأة لا يسعها أن تدع الزوج أن يقربها قبل الكفارة لانه نهاهما جميعا عن المسيس قبل الكفارة قال القهستاني لها مطالبة التكفير والحاكم يجبر عليه بالحبس ثم بالضرب فالنكاح باق والحرمة لا تزول الا بالتكفير وكذا لو طلقها ثم تزوجها بعد العدة او زوج آخر حرم وطئها قبل التكفير ثم العود الموجب لكفارة الظهار عند أبى حنيفة رحمه الله هو العزم على جماعها فمتى عزم على ذلك لم تحل له حتى يكفر ولو ماتت بعد مدة قبل أن يكفر سقطت عنه الكفارة لفوت العزم على جماعها ذلِكُمْ اى الحكم بالكفارة أيها المؤمنون تُوعَظُونَ بِهِ الوعظ زجر يقترن بتخويف اى تزجرون به من ارتكاب المنكر المذكور فإن الغرامات مزاجر من طعاطى الجنايات والمراد بذكره بيان ان المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذي هو علم في استتباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه والحاصل ان في المؤاخذة الدنيوية نفعا لكل من المظاهر وغير المظاهر بأن يحصل للمظاهر الكفارة والتدارك ولغير المظاهر الاحتياط والاجتناب كما قيل نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من جناية الظهار والتكفير ونحو ذلك من قليل وكثير خَبِيرٌ اى عالم بظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها فحافظوا حدود ما شرع لكم ولا تخلوا بشيء منها فَمَنْ لَمْ يَجِدْ اى فالمظاهر الذي لم يجد الرقبة وعجز عنها بأن كان فقيرا وقت التكفير وهو من حين العزم الى أن تقرب الشمس من الغروب من اليوم الأخير مما صام فيه من الشهرين فلا يتحقق العجز الحقيقي إلا به والاعتبار بالمسكن والثياب التي لا بد منها فان المعتبر في ذلك هو الفضل والذي غاب ماله فهو واجد فَصِيامُ شَهْرَيْنِ اى فعليه صيام شهرين مُتَتابِعَيْنِ ليس فيهما رمضان ولا الأيام الخمسة المحرم وصومها اى يوما العيد وايام التشريق فيصلهما بحيث لا يفصل يوما عن يوم ولا شهرا عن شهر بالإفطار فان أفطر فيهما يوما او اكثر بعذر او بغير عذر استأنف ولم يحسب ما صام الا بالحيض كما سيجيئ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ليلا او نهارا عمدا او خطأ ولو جامع زوجة اخرى ناسيا لا يستأنف ولو أفطرت المرأة للحيض في كفارة القتل او الفطر في رمضان لا تستأنف لكنها تصل صومها بأيام حيضها ثم انه ان صام بالاهلة أجزأه وان صام ثمانية وخمسين بأن كان كل من الشهرين ناقصا وان صامها بغيرها فلابد من ستين يوما حتى لو أفطر صبيحة تسعة وخمسين وجب عليه

الاستئناف فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ اى الصيام بسبب من الأسباب كالهرم والمرض المزمن اى الممتد الغير المرجو برؤه فانه بمنزلة العاجز من كبر السن وان كان يرجى برؤه واشتدت حاجته الى وطئ امرأته فالمختار أن ينتظر البرء حتى يقدر على الصيام ولو كفر بالاطعام ولم ينتظر القدرة على الصيام أجزأه ومن الاعذار الشبق المفرط وهو أن لا يصبر على الجماع فانه عليه السلام رخص للاعرابى أن يعطى الفدية لاجله فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً الإطعام جعله الغير طاعما ففيه رمز الى جواز التمليك والإباحة في الكفارة والمسكين ويفتح ميمه من لا شيء له اوله مالا يكفيه وأسكنه الفقر أي قلل حركته والذليل والضعيف كما في القاموس قال القهستاني في شرح مختصر الوقاية قيد المسكين اتفاقي لجواز صرفه الى غيره من مصارف الزكاة يقول الفقير انما خص المسكين بالذكر لكونه أحق بالصدقة من سائر مصارف الزكاة كما ينبئ عنه ما سبق آنفا من تفسير القاموس واطعام ستين مسكينا يشمل ما كان حقيقيا وحكميا بأن يطعم واحدا ستين يوما فانه في حكم ستين مسكينا وان أعطاه في يوم واحد وبدفعات لا يجوز على الصحيح فيطعم لكل مسكين نصف صاع من بر او صاعا من غيره كما في الفطرة والصاع اربعة امداد ونصفه مدان ويجب تقديمه على المسيس لكن لا يستأنف ان مس في خلال الإطعام لان الله تعالى لم يذكر التماس مع الإطعام هذا عند أبى حنيفة رحمه الله واما عند الآخرين فالاطعام محمول على المقيد في العتق والصيام ويجوز دفع الكفارة لكافر وإخراج القيمة عند أبى حنيفة رحمه الله خلافا للثلاثة وفي الفقه هذا إذا كان المظاهر حرا فلو كان عبدا كفر بالصوم وان أعطاه المولى المال وليس له منعه عن الصوم فان أعتق وأيسر قبل التكفير كفر بالمال ذلِكَ اى ذلك البيان والتعليم للاحكام والتنبيه عليها واقع او فعلنا ذلك لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وتعملوا بشرائعه التي شرعها لكم وترفضوا ما كنتم عليه في جاهليتكم ان قيل إذا كان ترك الظهار مفروضا فما بال الفقهاء يجعلونه بابا فى الفقه أجيب بأن الله وان أنكر الظهار وشنع على من تعود به من الجاهلين الا انه تعالى وضع له احكاما يعمل بها من ابتلى به من الغافلين فبهذا الاعتبار جعلوه بابا ليبينوا تلك الاحكام وزادوا قدر ما يختاج اليه مع ان المحققين قالوا ان اكثر الاحكام الشرعية للجهال فان الناس لو احترزوا عن سوء المقال والفعال لما احتيج الى تكثير القيل والقال ودلت الآية على ان الظهار أكثر خطأ من الحنث في اليمين لكون كفارته اغلظ من كفارة الحنث واللام فى لتؤمنوا للحكمة والمصلحة لانها إذا قارنت فعل الله تكون للمصلحة لانه الغنى المطلق وإذا قارنت فعل العبد تكون للغرض لانه المحتاج المطلق فأهل السنة لا يقولون لتلك المصلحة غرضا إذ الغرض في العرف ما يستكمل به طالبه استدفاعا لنقصان فيه يتنفر عنه طبعه والله منزه عن هذا بلا خلاف والمعتزلة يقولون بناء على انه هو الشيء الذي لاجله يراد المراد ويفعل عندهم ولو قلنا بهذا المعنى لكنا قائلين بالغرض وهم لو قالوا بالمعنى لما كنا قائلين به وَتِلْكَ اشارة الاحكام المذكورة من تحريم الظهار وإيجاب العتق للواجد وإيجاب الصوم لغير الواجد ان استطاع وإيجاب الإطعام لمن لم يسطع حُدُودُ اللَّهِ التي لا يجوز

تعديها وشرائعه الموضوعة لعباده التي لا يصح تجاوزها الى ما يخالفها جمع حد وهو في اللغة المنع والحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر وحد الزنى وحد الخمر سمى بذلك لكونه مانعا لمتعاطيه عن المعاودة لمثله وجميع حدود الله على اربعة اضرب اما شيء لا يجوز أن يتعدى بالزيادة عليه والا القصور عنه كأعداد ركعات صلاة الفرض واما شيء يجوز الزيادة عليه ولا يجوز النقصان منه واما شيء يجوز النقصان منه ولا يجوز الزيادة عليه واما شيء يجوز الزيادة عليه والنقصان منه كما في المفردات وَلِلْكافِرِينَ اى الذين لا يعملون بها ولا يقبلونها عَذابٌ أَلِيمٌ عبر عنه بذلك للتغليظ على طريقة قوله تعالى ومن كفر فان الله غنى عن العالمين يعنى ان اطلاق الكفر لتأكيد الوجوب والتغليظ على تارك العمل لا لانه كفر حقيقة كما يزعمه الخوارج قال بعضهم في قوله عليه السلام من ترك الصلاة فقد كفر اى قارب الكفر يقال دخل البلدة لمن قاربها قال في برهان القرآن قوله وللكافرين عذاب اليم وبعده وللكافرين عذاب مهين لان الاول متصل بضده وهو الايمان فتوعدهم على الكفر العذاب الأليم هو جزاء الكافرين والثاني متصل بقوله كبتوا وهو الاذلال والاهانة فوصف العذاب مثل ذلك فقال وللكافرين عذاب مهين انتهى والأليم بمعنى المؤلم اى الموجع كالبديع بمعنى المبدع او بمعنى المتألم لكن أسند مجازا الى العذاب مبالغة كأنه في الشدة بدرجة تتألم بها نفسه وفي اثبات العذاب للكافرين حث للمؤمنين على قبول الطاعة ولما نزلت هذه الآيات الأربع تلاها عليه السلام فقال لاوس بن الصامت رضى الله عنه هل تستطيع عتق رقبة قال اذن يذهب جل مالى قال فصيام شهرين متتابعين قال يا رسول الله إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات كل بصرى وخشيت أن تعشو عينى قال فاطعام ستين مسكينا قال لا الا أن تعيننى عليه قال أعينك بخمسة عشر صاعا وانا داع لك بالبركة وتلك البركة بقيت في آله كما في عين المعاني يقول الفقير في وجوه الاحكام المذكورة اما وجه العتق فلان العاصي استحق النار بعصيانه العظيم فجعل عتق المملوك فدآء لنفسه من النار كما قال عليه السلام من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل ارب منها اربا منه من النار ودل تقييد الرقبة بالمؤمنة على أفضلية اعتاق المؤمن وايضا ان ثمن العبد اكثر غالبا من فدية الإطعام والمال يعد من النفس لشدة علاقة النفس به ففى بذله تخليص لها من رذيلة البخل وتنحية لها عن النار واما الوجه في الصيام فلأن الأصل فيه صيام شهر رمضان وهو ثلاثون يوما ففى صيام ستين يوما تضعيف المشقة وتشديد المحنة على النفس واما الوجه في اطعام المساكين اما في نفس الإطعام فلأن الصوم التخلق بوصف الصمدية فاذا فات عنه ذلك لزوم المعالجة بضده وهو الإطعام لان في بذل المال اذابة النفس كما في الصوم ومن هذا يعرف سر التنزيل من الرقبة الى الصوم ثم منه الى الإطعام واما في عدد المساكين فلأن الإطعام بدل من الصيام وخلف له فروعى فيه من العدد ما روعى في الصيام ويجوز أن يقال ان الله تعالى خلق آدم عليه السلام من ستين نوعا من طبقات الأرض فأمر باطعام ستين مسكينا من أولاد آدم حتى تقع المكافأة لجميع أولاده لانه لا يخرج أحد

[سورة المجادلة (58) : الآيات 5 إلى 10]

منهم عن هذه الستين نوعا وايضا سر العدد كون عمر هذه الامة بين الستين والسبعين فمن راعى العدد فكانما عبد الله ستين سنة التي هى مبلغ عمره ومنتهى امده بحسب الغالب فيتخلص من النار ولكن فيه اشارة الى فضيلة الوقت فانه إذا فات العمل من محله لا ينجبر بالقضاء بكماله الاولى بل يصير ساقطا عن درجة الكمال الاولى بستين درجة ولذا وجب صيام ستين واطعامها (قال المولى الجامى) هر دم از عمر كرامى هست كنج بي بدل ... ميرود كنجى چنين هر لحظه بر باد آخ آخ (وقال الشيخ سعدى) مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف وفي الآية اشارة الى أن النفس مطية الروح وزوجته فاذا ظاهر زوج الروح من زوجة النفس بقطع الاستمتاع عنها لغلبة الروحانية عليها ثم بحسب الحكمة الالهية المقتضية لتعلق زوج الروح مع زوجة النفس أراد أن يستمتع منها فعلى زوج الروح يجب من طريق الكفارة تحرير رقبة عن ذلك الاستمتاع والتصرف فيها بأن لا يستمتع ولا يتصرف فيها الا بامر الحق ومقتضى حكمته لا بمقتضى طبعه ومشتهيات هواه فانه لا يجوز له وعلى تقدير شدة اشتباك زوج الروح بزوجة النفس وقوة ارتباطهما الذاتية ارتباط الراكب بالمركوب وارتباط ربان السفينة بالسفينة ان لم يقدر على تحرير رقبة عن هذا الارتباط فيجب على زوج الروح أن يصوم شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا يعنى أن يمسك نفسه عن الالتفات الى الكونين على الدوام والاستمرار من غير تخلل التفات وان لم يتمكن من قطع هذا التفات لبقاء بقية من بقايا انانيته فيه فيجب عليه اطعام ستين مسكينا من مساكين القوى الروحانية المستهلكة تحت سلطنة النفس وصفاتها ليقيمهم على التخلق بالأخلاق الالهية والتحقق بالصفات الروحانية إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يعادونهما ويشاقونهما وكذا اولياء الله فان من عادى اولياء الله فقد عادى الله وذلك لان كلا من المتعاديين كما انه يكون في عدوة وشق غيره عدوة الآخر وشقه كذلك يكون في حد غير حد الآخر غير ان لورود المحادة في أثناء ذكر حدود الله دون المعاداة والمشاقة من حسن الموقع مالا غاية وراءه وبالفارسية مخالفت ميكنند با خدا ورسول او از حدود امر ونهى تجاوز مينمايند وقال بعضهم المحادة مفاعلة من لفظ الحديد والمراد المقابلة بالحديد سوآء كان في ذلك حديد حقيقة او كان ذلك منازعة شديدة شبيهة بالخصومة بالحديد وقال بعضهم في معنى الآية يحادون اى يضعون او يختارون حدودا غير حدودهما ففيه وعيد عظيم للملوك والأمراء السوء الذين وضعوا أمورا خلاف ما حده الشرع وسموها القانون ونحوه پادشاهى كه طرح ظلم افكند ... پاى ديوار ملك خويش بكند كُبِتُوا اى أخزوا يعنى خوار ونكو نسار كرده شوند وفي المفردات الكبت الرد بعنف وتذليل وفي القاموس كبته يكبته صرعه وأخزاه وصرفه وكسره ورد العدو بغيظه

[سورة المجادلة (58) : آية 6]

وإذ له قال ابن الشيخ وهو يصلح لان يكون دعاء عليهم واخبارا عما سيكون بالماضي لتحققه اى سيكبتون ويدخل فيهم المنافقون والكافرون جميعا اما الكافرون فمحادتهم في الظاهر والباطن واما المنافقون ففى الباطن فقط كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من كفار الأمم الماضية المعادين للرسل عليهم السلام مثل أقوام نوح وهود وصالح وغيرهم وكان السرى رحمه الله يقول عجبت من ضعيف عصى قويا فيقال له كيف ذلك ويقول وخلق الإنسان ضعيفا وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ حال من واو كبتوا اى كبتوا لمحادتهم والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد الله ورسوله ممن قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم او آيات بينات تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به والسؤال بأن الانزال نقل الشيء من الأعلى الى الأسفل وهو انما يتصور في الأجسام والآيات التي هى من الكلام من الاعراض الغير القارة فكيف يتصور الانزال فيها مجاب عنه بأن المراد منه إنزال من يتلقف من الله ويرسل الى عباده تعالى فيسند إليها مجازا لكونها المقصودة منه أو المراد منه الإيصال والاعلام على الاستعارة وَلِلْكافِرِينَ بتلك الآيات او بكل ما يجب الايمان به عَذابٌ مُهِينٌ يذهب بعزهم وكبرهم من الاهانة بمعنى التحقير والمراد عذاب الكبت الذي هو في الدنيا فيكون ابتداء كلام او عذاب الآخرة فيكون للعطف بمعنى ان لهم الكبت فى الدنيا ولهم عذاب مهين في الآخرة فهم معذبون في الدارين قال بعضهم وصف الله العذاب الملحق بالكافرين اولا بالايلام وثانيا بالاهانة لان الإيلام يلحق بهم اولا ثم يهانون به وإذا كانت الاهانة ما في الآخرة فالتقديم ظاهر وقد سبق غير هذا وفي الآية اشارة الى أن من يعادون مظاهر الله وهم الأولياء المتحققون بالله المجتمعون بأسماء الله ويشاققون مظاهر رسوله وهم العلماء القائمون باحكام الشرائع حجوا وأفحموا بأبلغ الحجج واظهر البراهين من الكرامات الظاهرة ونشر العلوم الباهرة وكيف لا وقد أنزلنا بصحة ولايتهم وآثار وراثتهم آيات بينات فمن سترها بستائر ظلمات إنكاره قله عذاب القطيعة الفظيعة والاهانة من غير ابانة يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ منصوب با ذكر المقدر تعظيما لليوم وتهويلا له والمراد يوم القيامة اى يحييهم الله بعد الموت للجزاء جَمِيعاً اى كلهم بحيث لا يبقى منهم أحد غير مبعوث فيكون تأكيدا للضمير أو مجتمعين في حالة واحدة فيكون حالا منه فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا من القبائح ببيان صدورها منهم او بتصويرها في تلك النشأة بما يليق بها من الصور الهائلة على رؤوس الاشهاد وتخجيلالهم وتشهيرا لحالهم وتشديدا لعذابهم وإلا فلا فائدة في نفس الانباء لينبهوا على ما صدر منهم أَحْصاهُ اللَّهُ كأنه قيل كيف ينبئهم بأعمالهم وهى اعراض منقضية متلاشية فقيل أحصاه الله اى أحاط به عددا وحفظه كما عمله لم يفت منه شيء ولم يغب قال الراغب الإحصاء التحصيل بالعدد يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون اعتماد نافيه على الأصابع وقال بعضهم الإحصاء عد بإحاطة وضبط إذ أصله العدد بآحاد الحصى للتقوى في الضبط فهو أخص من العد لعدم لزوم الإحاطة فيه وَنَسُوهُ اى

[سورة المجادلة (58) : آية 7]

والحال انهم قد نسوه لكثرته او لتهاونهم حين ارتكبوه لعدم اعتقادهم وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ لا يغيب عنه امر من الأمور فالشهيد بمعنى الشاهد من الشهود بمعنى الحضور وگفته اند گواهست ومناسب آن مكافات خواهد فرمود وكسى گواهى او رد نتواند كرد حاكم ز حكم دم نزند كر گواه نيست ... حاكم كه خود كواه بود قصه مشكلست فلابد من استحضار الذنوب والبكاء عليها وطلب التوبة من الله الذي يحصى كل شيء ولا ينساه قبل أن يجيئ يوم يفتضح فيه المصر على رؤوس الأشهاد ولا يقبل الدعاء والمعذرة من العباد واعلم ان القول بأنه تعالى شهيد قول بأنه حاضر لكن بالحضور العلمي لا بالحضور الجسماني فانه منزه عن ذلك فقول من قال الله حاضر محمول على الحضور العلمي فلا وجه لا كفار قائله مع وجوده في القرآن أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ استشهاد على شمول شهوده تعالى والهمزة للانكار المقرر بالرؤية لما أن الإنكار نفى معنى ونفى النفي يقرر الإثبات فتكون الرؤية ثابتة مقررة والخطاب للرسول عليه السلام او لكل من يستحق الخطاب والمعنى ألم تعلم علما يقينيا بمرتبة المشاهدة انه تعالى يعلم ما في السموات وما في الأرض من الموجودات سوآء كان ذلك بالاستقرار فيهما او بالجزئية منهما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انها نزلت في ربيعة وحبيب ابني عمرو وصفوان بن امية كانوا يوما يتحدثون فقال أحدهم أترى الله يعلم ما نقول فقال الآخر يعلم بعضا وقال الثالث ان كان يعلم بعضه فهو يعلم كله وصدق لان من علم بعض الأشياء بغير سبب فقط علمها كلها لان كونه عالما بغير سبب ثابت له مع كل معلوم فنزلت الآية ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ ما نافية ويكون تامة بمعنى يوجع ويقع ومن مقحم ونجوى فاعله وهو مصدر بمعنى التناجي كالشكوى بمعنى الشكاية يقال نجاه نجوى ونجوى ساره كناجاه مناجاة والنجوى السر الذي يكتم اسم ومصدركما في القاموس وأصله أن تخلوفى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله كأن المتناجى بنجوة من الأرض لئلا يطلع عليه أحد والمعنى ما يقع من تناجى ثلاثة نفر ومسارتهم فالنجوى مصدر مضاف الى فاعله إِلَّا هُوَ اى الله تعالى رابِعُهُمْ اى جاعلهم اربعة من حيث انه تعالى يشاركهم في الاطلاع عليها كما قال الحسين النوري قدس سره الا هو رابعهم علما وحكما لا نفسا وذاتا وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى ما يوجد فى حال ما الا في هذه الحال وفي الكلام اعتبار التصيير قال النصرآبادي من شهد معية الحق معه زجره عن كل مخالقة وعن ارتكاب كل محذور ومن لا يشاهد معيته فانه متخط الى الشبهات والمحارم وَلا خَمْسَةٍ اى ولا نجوى خمسة نفر إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ اى الا وهو تعالى جاعلهم ستة في الاطلاع على ما وقع بينهم وتخصيص العددين بالذكر لخصوص الواقعة لان المنافقين المجتمعين في النجوى كانوا مرة ثلاثة واخرى خمسة ويقال ان التشاور غالبا انما يكون من ثلاثة الى ستة ليكونوا اقل لفظا وأجدر رأيا واكتم سرا ولذا ترك عمر رضى الله عنه حين علم بالموت امر الخلافة شورى بين ستة اى على أن يكون امر الخلافة بين ستة ومشاورتهم واتفاق رأيهم وفي الثلاثة اشارة الى الروح والسر والقلب وفي الخمسة إليها باضافة

النفس والهوى ثم عمم الحكم فقال وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ اى اقل مما ذكر كالاثنين والواحد فان الواحد ايضا يناجى نفسه وبالفارسية ونه كمتر باشد از سه عدد وَلا أَكْثَرَ كالستة وما فوقها إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ اى الله مع المتناجين بالعلم والسماع يعلم ما يجرى بينهم ولا يخفى عليه ما هم فيه فكأنه مشاهدهم ومحاضرهم وقد تعالى عن المشاهدة والحضور معهم حضورا جسمانيا أَيْنَ ما كانُوا اى في اى مكان كانوا من الأماكن ولو كانوا تحت الأرض فان علمه تعالى بالأشياء ليس لقرب مكانى حتى يتفاوت باختلاف الامكنة قربا وبعدا اين معيت در بيابد عقل وهوش ... زين معيت دم مزن بنشين خموش قرب حق با بنده دورست از قياس ... بر قياس خود منه آنرا أساس قال بعض العارفين اگر مؤمنان امت احمد را خود اين تشريف يودى كه رب العالمين درين سوره ميكويد كه ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم الى قوله هو معهم تمام بودى اصحاب كهف را باجلال رتبت ايشان وكمال منزلت ميكويد ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم فانظركم من فرق بين من كان الله رابعهم وسادسهم وبين من كان اخس الحيوانات رابعهم وسادسهم وحظية المؤمن من المعية أن يعلم ان الخير في أن يكون جليسه صالحا وكلامه نافعا ولا يتكلم بمالا طائل تحته فيكون عيبا في صحيفته وعبثا في صحبته ومعية الله تعالى على العموم كما صرح به قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم ثم انه قد يكون له تعالى معية مخصوصة ببعض عباده بحسب فيضه وإيصال لطفه اليه ونحو ذلك ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا اى يخبرهم بالذي عملوه في الدنيا يَوْمَ الْقِيامَةِ تفضيحا لهم وإظهارا لما يوجب عذابهم إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لان نسبة ذاته المقتضية للعلم الى الكل سوآء يعنى نسبت علم او با همه معلومات يكسانست حالات اهل آسمان را چنان داند كه حالات اهل زمين را وعلم او بمخفيات امور بدان وجه احاطه كند كه بجليات نهان وآشكارا هر دو يكسانست بر علمت ... نه اين را زودتر بينى نه آنرا ديدتر دانى من عرف انه العالم بكل شيء راقبه في كل شيء واكتفى بعلمه في كل شيء فكان واثقا به عند كل شيء ومتوجها له بكل شيء قال ابن عطاء الله متى علمت عدم اقبال الناس عليك او توجههم بالذم إليك فارجع الى علم الله فيك فان كان لا يقنعك علمه فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم انتهى والتخلق بهذا الاسم تحصيل العلم وافادته للمحتاجين اليه ومن أدمن ذكر يا علام الغيوب بصيغة النداء الى أن يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما في الضمائر وترقى روحه الى أن يرقى في العالم العلوي ويتحدث بامور الكائنات والحوادث قال الفقهاء من قال بأن الله تعالى عالم بذاته أي لا عالم بعلمه قادر بذاته اى لا قادر بقدرته يعنى لا يثبت له صفة العلم القائمة بذاته ولا صفة القدرة كالمعتزلة والجهمية يحكم بكفره لان نفى الصفات الالهية كفر قال الرهاوي من أقر بوحدانية الله وأنكر الصفات كالفلاسفة والمعتزلة لا يكون إيمانه معتبرا كذا قالوا وفيه شيء بالنسبة الى المعتزلة فانهم من اهل القبلة ومن ثمة قال في شرح العقائد والجمع بين قولهم لا يكفر أحد من أهل

[سورة المجادلة (58) : آية 8]

القبلة وقولهم بكفر من قال بخلق القرآن واستحالة الرؤية وسب الشيخين وأمثال ذلك مشكل انتهى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم ويتحلقون ثلاثة وخمسة ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين يريدون أن يغيظوهم فنهاهم رسول الله عليه السلام ثم عادوا لمثل فعلهم والخطاب للرسول والهمزة للتعجب من حالهم وصيغة المضارع للدلالة على تكرر عودهم وتجدده واستحضار صورته العجيبة قال الخدري رضى الله عنه خرج عليه السلام ذات ليلة ونحن نتحدث فقال هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى فقلنا تبنا الى الله انا كنا في حديث الدجال قال ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم منه هو الشرك الخفي يعنى المرآة وَيَتَناجَوْنَ وراز ميكويند بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ عطف على قوله يعودون داخل في حكمه وبيان لما نهوا عنه لضرره في الدين اى بما هو اثم في نفسه وعدوان للمؤمنين وتواص بمعصية الرسول والعدوان الظلم والجور والمعصية خلاف الطاعة وَإِذا جاؤُكَ و چون بر تو آنيد يعنى اهل النجوى حَيَّوْكَ ترا تحيت وسلام كنند والتحية في الأصل مصدر حياك على الاخبار من الحياة فمعنى حياك الله جعل لك حياة ثم استعمل للدعاء بها ثم قيل لكل دعاء فغلب في السلام فكل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة او سبب حياة اما في الدنيا واما في الآخرة بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ اى بشيء لم يقع من الله أن يحييك به فيقولون السام عليك والسام بلغة اليهود مرك است يا قتل بشمشير وهم يوهمون انهم يقولون السلام عليك وكان عليه السلام يرد عليهم فيقول عليكم بدون الواو ورواية وعليكم بالواو خطأ كذا في عين المعاني او يقولون أنعم صباحا وهو تحية الجاهلية من النعومة اى ليصر صباحك ناعما لينا لا بؤس فيه والله سبحانه يقول وسلام على المرسلين واختلفوا فى رد السلام على اهل الذمة فقال ابن عباس والشعبي وقتادة هو واجب لظاهر الأمر بذلك وقال مالك ليس بواجب فان رددت فقل عليك وقال بعضهم يقول في الرد علاك السلام اى ارتفع عنك وقال بعض المالكية يقول في الرد السلام عليك بكسر السين يعنى الحجارة وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ اى فيما بينهم إذا خرجوا من عندك لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ لولا تحضيضية بمعنى هلا اى هلا يعذبنا الله ويغضب علينا ويقهرنا بجراءتنا على الدعاء بالشر على محمد لو كان نبيا حقا حَسْبُهُمْ پس است ايشانرا جَهَنَّمُ عذابا مبتدأ وخبر اى محسبهم وكافيهم جهنم في التعذيب من أحسبه إذا كفاه يَصْلَوْنَها يدخلونها ويقاسون حرها لا محالة وان لم يعجل تعذيبهم لحكمة والمراد الاستهزاء بهم والاستخفاف بشأنهم لكفرهم وعدم ايمانهم فَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى جهنم قال في برهان القرآن الفاء لما فيه من معنى التعقيب اى فبئس المصير ما صاروا اليه وهو جهنم انتهى قال بعض المفسرين وقولهم ذلك من جملة ما غفلوا عما عندهم من العلم فانهم كانوا اهل كتاب يعلمون ان بعض الأنبياء قد عصاه أمته وآذوه ولم يعجل تعذيبهم لحكمة ومصلحة علمها عند الله تعالى انتهى ثم ان الله يستجيب دعاء رسول الله عليه السلام كما روى ان عائشة رضى الله عنها سمعت

[سورة المجادلة (58) : الآيات 9 إلى 10]

قول اليهود فقالت عليكم السام والذام واللعن فقال عليه السلام يا عائشة ارفقى فان الله يحب الرفق في كل شيء ولا يحب الفحش والتفحش الا سمعت مارددت عليهم فقلت عليكم فيستجاب لى فيهم وقس عليه حال الورثة الكاملين فان أنفاسهم مؤثرة فمن تعرض لواحد منهم بالسوء فقد تعرض لسوء نفسه وفي البستان كزيرى بچاهى در افتاده بود ... كه از هول او شير نر ماده بود همه شب ز فرياد وزارى نخفت ... يكى بر سرش كوفت سنكى وكفت تو هركز رسيدى بفرياد كس ... كه ميخواهى امروز فرياد رس كه بر جان ريشت نهد مرهمى ... كه جانها بنالد ز دستت همى تو ما را همى چاه كندى براه ... بسر لا جرم بر فتادى بچاه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم وقلوبهم إِذا تَناجَيْتُمْ چون راز كوييد با يكديگر يعنى في انديتكم وخلواتكم فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ كما يفعله المنافقون واليهود وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى اى بما يتضمن خبر المؤمنين والاتقاء عن معصية الرسول قال سهل رحمه الله بذكر الله وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وحده لا الى غيره استقلالا او اشتراكا فيجازيكم بكل ما تأتون وما تذرون يعنى بسوى او جمع كرده خواهيد شد پس از موت دلت الآية على ان التناجي ليس بمنهي عنه مطلقا بل مأمور به في بعض الوجوه إيجابا واستحبابا واباحة على مقتضى المقام ان قيل كيف يأمر الله بالاتقاء عنه وهو المولى الرحيم والقرب منه ألذ المطالب والانس به أقصى المآرب فالتقوى توجب الاجتناب والحشر اليه يستدعى الإقبال اليه يجاب بأن في الكلام مضافا إذا التقدير واتقوا عذاب الله او قهر الله او غيرهما فان قيل ان العبد لو قدر على الخلاص من العذاب والقهر لأسرع اليه لكنه ليس بقادر عليه كما قال تعالى ان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يدرك بخير فلا راد لفضله والأمر انما يكون بالمقدور لا يكلف الله نفسا الا وسعها أجيب بأن المراد الاتقاء عن السبب من الذنوب والمعاصي الصادرة عن العبد العاصي فالمراد واتقوا ما يفضى الى عذاب الله ويقتضى قهره في الدارين من الإثم والعدوان ومعصية الرسول التي هى السبب الموجب لذلك فالمراد النهى عن مباشرة الأسباب والأمر بالاجتناب عنها ان قيل ان ذلك الاتقاء انما يكون بتوفيق الله له فان وفق العبد له فلا حاجة الى الأمر به وان لم يوفقه فلا قدرة له عليه والأمر انما يحسن في المقدور أجيب بأنه تعالى علمه الحق اولا ووهب له ارادة جزئية يقدر بها على اختيار شيء فله الاختيار السابق على ارادة الله تعالى ووجود الاختيار في الفاعل المختار امر يطلع عليه كل أحد حتى الصبيان إِنَّمَا النَّجْوى المعهودة التي هى التناجي بالإثم والعدوان بقرينة ليحزن مِنَ الشَّيْطانِ لا من غيره فانه المزين لها والحامل عليها فكأنها منه لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا خبر آخر من الحزن بالضم بعده السكون متعد من الباب الاول لا من الحزن بفتحتين لازما من الرابع كقوله تعالى يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فيكون الموصول مفعوله وفي القاموس

[سورة المجادلة (58) : الآيات 11 إلى 14]

الحزن بالضم ويحرك الهم والجمع احزان وحزن كفرح وحزنه الأمر حزنا بالضم وأحزنه جعله حزينا وحزنه جعل فيه حزنا وقال الراغب الحزن والحزن خشونة في الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيها من الغم ويضاده الفرح ولاعتبار الخشونة بالغم قيل خشنت بصدره إذا احزنته والمعنى انما هى ليجعل الشيطان المؤمنين محزونين بتوهمهم انها في نكبة أصابهم فى سيرتهم يعنى ان غزاتهم غلبوا وان أقاربهم قتلوا متألمين بذلك فاترين في تدبير الغزو الى غير ذلك مما يشوش قلوب المؤمنين وفي الحديث إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه وَلَيْسَ اى الشيطان او التناجي بِضارِّهِمْ بالذي يضر المؤمنين شَيْئاً من الأشياء او شيأ من الضرر يعنى ضرر رساننده مؤمنان بچيزى إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى بمشيئته وإرادته اى ما أراده من حزن او وسوسة كما روى ان فاطمة رضى الله عنها رأت كأن الحسن والحسين رضى الله عنهما أكلا من أطيب جزور بعثه رسول الله إليهما فماتا فلما غدت سألته عليه السلام وسأل هو جبريل ملك الرؤيا فقال لا علم لى به فعلم أنه من الشيطان وفي الكشاف الا بإذن الله اى بمشيئته وهو أن يقضى الموت على أقاربهم او الغلبة على الغزاة قال في الاسئلة المقحمة اين ضرر الحزن قلت ان الحزن إذا سلمت عاقبته لا يكون حزنا في الحقيقة وهذه نكتة اصولية إذ الضرر إذا كانت عاقبته الثواب لا يكون ضررا في الحقيقة وهذه نكتة اصولية إذا الضرر إذا كانت عاقبته الثواب لا يكون ضررا في الحقيقة والنفع إذا كانت عاقبته العذاب لا يكون نفعا في الحقيقة وَعَلَى اللَّهِ خاصة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ليفوضوا أمورهم اليه وليثقوا به ولا يبالوا بنجواهم فانه تعالى يعصمهم من شرها وضررها دكر بما سخن خصم تندخوى مكوى كه اهل مجلس ما را از ان حسابى نيست وفي الآية اشارة الى أن الشيطان يناجى النفس الامارة ويزين لها المعارضات ونحوها ليقع القلب والروح في الحزن والاضطراب وضيق الصدر ويتقاعد ان من شؤم المعارضة عن السير والطير في عالم الملكوت ويحرمان من مناجاة الله تعالى فى عالم السر لكنهما محروسان برعاية الحق وتأييده ومنه يعلم ان كل مخالفة فهى في النفس والطبيعة والشيطان لانها ظلمانية وان كل موافقة فهى في القلب والروح والسر لانها نورانية الا أن يغلب عليها ظلمة اهل الظلمة وتختفى أنوارها تحت تلك الظلمة اختفاء نور الشمس تحت ظلمة السحاب الكثيف فليكن العبد على المعالجة دائما لكن ينبغى له التوكل التام فان المؤثر في كل شيء هو الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يعنى المخلصين إِذا قِيلَ لَكُمْ من اى قائل كان من الاخوان تَفَسَّحُوا التفسح جاى فراخ كردن وفراخ نشتن در مجلس وكذا الفسح لكن التفسح يعدى بفي والفسح باللام اى توسعوا ليفسح بعضكم عن بعضكم عن بعض ولا تتضاموا من قولهم افسح اعنى اى تنح وأنت في فسحة من دينك اى في وسعة ورخصة وفلان فسيح الخلق اى واسع الخلق فى الجالس قال في الإرشاد متعلق بقيل يقول الفقير الظاهر انه متعلق بقوله تفسحوا لأن البيهقي صرح في تاج المصادر بان التفسح يعدى بفي على ما أشرنا اليه آنفا فَافْسَحُوا پس جاى كشاده كنيد بر مردم يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ اى

فى كل ما تريدون التفسح فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغيرها فان الجزاء من جنس العمل والآية عامة في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير والأجر سوآء كان مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكانوا يتضامون تنافسا في القرب منه عليه السلام وحرصا على استماع كلامه او مجلس حرب وكانوا يتضامون في مراكز الغزاة ويأتى الرجل الصف ويقول تفسحوا ويأبون لحرصهم على الشهادة او مجلس ذكر او مجلس يوم الجمعة وان كل واحد وان كان أحق بمكان الذي سبق اليه لكنه يوسع لاخيه ما لم يتأذ لذلك فيخرجه الضيق من موضعه وفي الحديث (لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا وفي رواية لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا) وقيل ان رجلا من الفقراء دخل المسجد وأراد أن يجلس بجنب واحد من الأغنياء فلما قرب منه قبض الغنى اليه ثوبه فرأى رسول الله عليه السلام ذلك فقال للغنى أخشيت أن يعديه غناك ويعديك فقره وفيه حث على التواضع والجلوس مع الفقراء والتوسعة لهم في المجالس وان كانوا شعثا غبرا وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا يقال نشز الرجل إذا نهض وارتفع في المكان نشزا والنشز كالفلس وكذا النشز بفتحتين المكان المرتفع من الأرض ونشز فلان إذا قصد نشزا ومنه فلان عن مقره وقلب ناشز ارتفع عن مكانه رعبا والمعنى وإذا قيل لكم قوموا للتوسعة على المقبلين اى على من جاء بعدكم فَانْشُزُوا فارتفعوا وقوموا يعنى إذا كثرت المزاحمة وكانت بحيث لا تحصل التوسعة بتنحى أحد الشخصين عن الآخر حال قعود الجماعة وقيل قوموا جميعا تفسحوا حال القيام فانشزوا ولا تثاقلوا عن القيام او إذا قيل لكم قوموا عن مواضعكم فانتقلوا منها الى موضع آخر لضرورة داعية اليه أطيعوا من أمركم به وقوموا من مجالسكم وتوسعوا لاخوانكم ويؤيده انه عليه السلام كان يكرم أهل بدر فأقبلت جماعة منهم فلم يوسعوا لهم فقال عليه السلام قم يا فلان ويا فلان فأقام من المجلس بعدد المقبلين من اهل بدر فتغامز به المنافقون أنه ليس من العدل أن يقيم أحدا من مجلسه وشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف رسول الله عليه السلام الكراهية في وجوههم فانزل الله الاية فالقائل هو الرسول عليه السلام ويقال وإذا قيل انشزوا اى انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه فانهضوا ولا تملوا رسول الله بالارتكان فيه او انهضوا الى الصلاة او الى الجهاد او الشهادة او غير ذلك من اعمال الخير فانهضوا ولا تتنبطوا ولا تفرطوا فالقائل يعم الرسول وغيره يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ جواب للامر اى من فعل ذلك طاعة للامر وتوسعة للاخوان يرفعهم الله بالنصر وحسن الذكر فى الدنيا والإيواء الى غرف الجنان في الآخرة لان من تواضع رفعه الله ومن تكبر وضعه فالمراد الرفعة المطلقة الشاملة للرفعة الصورية والمعنوية وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ اى ويرفع العلماء منهم خاصة فهو من عطف الخاص على العام للدلالة على علو شأنهم وسمو مكانهم حتى كانهم جنس آخر دَرَجاتٍ اى طبقات عالية ومراتب مرتفعة بسبب ما جمعوا من العلم والعمل فان العلم لعلو درجته يقتضى للعمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شاؤه العمل الغارى عنه وان كان في غاية الصلاح ولذا يقتدى بالعالم في أفعاله ولا يقتدى بغيره فعلم من هذا التقرير

[سورة المجادلة (58) : آية 12]

انه لا شركة للمعطوف عليه في الدرجات كما قال ابن عباس رضى الله عنهما تم الكلام عند قوله منكم وينتصب الذين أوتوا العلم بفعل مضمر اى ويرفعهم درجات وانتصاب درجات اما على إسقاط الخافض اى الى درجات او على المصدرية اى رفع درجات فحذف المضاف او على الحالية من الموصول اى ذوى درجات وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ اى بعملكم او بالذي تعملونه خَبِيرٌ عالم لا يخفى عليه شيء منه لا ذاته جنسا او نوعا ولا كيفيته إخلاصا او نفاقا او رياء او سمعة ولا كميته قلة او كثرة فهو خبير بتفسحكم ونشزكم ونيتكم فيهما فلا تضيع عند الله وجعله بعضهم تهديدا لمن لم يتمثيل بالأمر او استكرهه فلابد من التفسح والطاعة وطلب العلم الشريف ويعلم من الآية سر تقدم العالم على غيره في المجالس والمحاضر لان الله تعالى قدمه وأعلاه حيث جعل درجاته عالية وفي الحديث (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) اى فضل العالم الباقي بالله على العابد الفاني في الله كما في التأويلات النجمية وقال في عين المعاني المراد علم المكاشفة في ما ورد فضل العالم على العابد كفضلى على أمتي إذ غيره وهو علم المعاملة تبع للعمل لثبوته شرطا له إذ العمل انما يتعد به إذا كان مقرونا بعلم المعاملة قال بعضهم المتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة علم چندانكه بيشترتى خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى وحيث يمدح العلم فالمراد به العلم المقرون بالعمل رفعت آدمي بعلم بود ... هر كرا علم بيش رفعت بيش قيمت هر كسى بدانش اوست ... سازد افزون بعلم قيمت خويش (وقال بعضهم) مرا بتجربة معلوم كشت آخر حال ... كه عز مرد بعلم است وعز علم بمال وعن بعض الحكماء ليت شعرى اى شيء أدرك من فاته العلم واى شيء فات من أدرك العلم وكل علم لم يوطد بعمل فالى ذل يصير وعن الزهري رضى الله عنه العلم ذكر فلا يحبه الا ذكورة الرجال قال مقاتل إذا انتهى المؤمن الى باب الجنة يقال له لست بعالم ادخل الجنة بعملك ويقال للعالم قف على باب الجنة واشفع للناس وعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال لأن أعلم مسألة أحب الى من أن أصلى مائة ركعة ولأن أعلم مسألة أحب الى من أن أصلى ألف ركعة قال ابو هريرة وابو ذر رضى الله عنهما سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إذا جاء الموت طالب العلم على هذه الحال مات وهو شهيد واعلم ان جميع الدرجات اما باعتبار تعدد أصحابها فان لكل عالم ربانى درجة عالية او باعتبار تعددها لقوله عليه السلام بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجة حضر الجواد المضمر سبعين سنة الحضر بضم الحاء المهملة ارتفاع الفرس في عدوه والجواد الفرس السريع السير وتضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده الى القوت وذلك في أربعين يوما والمضمار الموضع يضمر فيه الخيل وغاية الفرس فى السباق يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالايمان الخالص إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ المناجاة با كسى راز كفتن اى إذا كالمتموه سرا في بعض شؤونكم المهمة الداعية الى مناجاته عليه السلام

ومكالمته سرا بالفارسية چون خواهيد كه راز كوييد با رسول وفي بعض التفاسير إذا كالمتموه سرا استفسار الحال ما يرى لكم من الرؤيا ففيه ارشاد للمتقدين الى عرضها على المقتدى بهم ليعبروها لهم ومن ذلك عظم اعتبار الواقعات وتعبيرها بين ارباب السلوك حتى قيل ان على المريد أن يعرض واقعته على شيخه سوآء عبر الشيخ او لم يعبر فان الله تعالى قال ان الله يأمركم أن تودوا الأمانات الى أهلها وهى من جملة الامانة عند المريد لا بد ان يؤديها الى الشيخ لما فيها من فائدة جليلة له وقوة لسلوكه وفي التعبير أثر قوى على ما قال عليه السلام الرؤيا على ما اولت فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً اى فتصدقوا قبلها على المستحق كقول عمر رضى الله عنه أفضل ما أوتيت العرب الشعر يقدمه الرجل امام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم يريد قبل حاجته فهو مستعار ممن له يدان على سبيل التخييل فقوله نجواكم استعارة بالكناية وبين يدى تخييلية وفي بعض التفاسير إذا أردتم عرض رؤياكم عليه ليعبرها لكم فتصدقوا قبل ذلك بشيء ليكون ذلك قوة لكم ونفعا في أموركم والآية نزلت حين اكثر الناس عليه السؤال حتى اسأموه واملوه فأمرهم الله بتقديم الصدقة عند المناجاة فكف كثير من الناس اما الفقير فلعسرته واما الغنى فلشحه وفي هذا الأمر تعظيم الرسول ونفع الفقراء والزجر عن الافراط في السؤال والتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا واختلف في انه للندب او للوجوب لكنه نسخ بقوله تعالىء أشفقتم الآية وهو وان كان متصلا به تلاوة لكنه متراخ عنه نزولا على ما هو شأن الناسخ واختلف فى مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ فقيل كان ساعة من النهار والظاهر انه عشرة ايام لما روى عن على رضى الله عنه انه قال ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلى ولا يعمل بها أحد بعدي كان لى دينار فصرفته وفي رواية فاشتريت به عشرة دراهم فكنت إذا ناجيته عليه السلام تصدقت بدرهم يعنى كنت اقدم بين يدى نجو اى كل يوم درهما الى عشرة ايام واسأله خصلة من الخصال الحسنة كما قال الكلبي تصدق به في عشر كلمات سألهن رسول الله عليه السلام وهو على القول بالوجوب محمول على انه لم يتفق للاغنياء مناجاة في مدته وهى عشرة ايام في بعض الروايات اما لعدم المحوج إليها او الإشفاق وعلى التقديرين لا يلزم مخالفة الأمر وان كان للاشفاق وفي بعض التفاسير ولا يظن ظان ان عدم عمل غيره من الصحابة رضى الله عنهم بهذا لعدم الاقدام على التصدق كلا كيف ومن المشهور صدقة أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما بألوف من الدراهم والدنانير مرة واحدة فهلا يقدم من هذا شأنه على تصدق دينار او دينارين وكذا غيرهما فلعله لم يقع حال اقتضت النجوى حينئذ وهذا لا ينافى الجلوس في مجلسه المبارك والتكلم معه لمصلحة دينية او دنيوية بدون النجوى إذ المناجاة تكلم خاص وعدم الخاص لا يقتضى عدم العام كما لا يخفى وعن على رضى الله عنه قال لما نزلت الآية دعانى رسول الله فقال ما تقول في دينار قلت لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت حبة او شعيرة قال انك لزهيد اى رجل قليل المال لزهدك فيه فقدرت على حالك وما في بالك

[سورة المجادلة (58) : آية 13]

من الشفقة على المؤمنين وقوله حبة او شعيرة اى مقدارها من ذهب وعن ابن عمر رضى الله عنه كان لعلى رضى الله عنه ثلاث لو كانت لى واحدة منهن كانت أحب الى من حمر النعم تزويجه فاطمة رضى الله عنها وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى قوله حمر النعم بسكون ميم الحمر وهى من انفس اموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وانه ليس هناك أعظم منه قال بعضهم ان رسم النثارات للملوك والرؤساء مأخوذ من أدب الله تعالى في شأن رسوله حيث قال يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ذلِكَ التصدق خَيْرٌ لَكُمْ أيها المؤمنون من إمساكه وبالفارسية بهترست مر شما را زيرا كه طاعت بيفزايد وَأَطْهَرُ لانفسكم من دنس الريبة ودرن البخل الناشئ من حب المال الذي هو من أعظم حب الدنيا وهو رأس كل خطيئة وبالفارسية و پاكيزه تر براى آنكه كناهان محو كند وهذا يشعر بالندب لكن قوله تعالى فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ منبئ عن الوجوب لانه ترخيص لمن لم يجد فى المناجاة بلا تصدق والمعنى بالفارسية پس اگر نيابيد چيزى كه صدقه دهيد پس خداى تعالى آمرزنده است مر كسى را كه اين كناه كند مهربانست بنده را كه تكليف مالا يطاق ننمايد قال بعض اهل الاشارة ان الله تعالى أدب اهل الارادة بهذه الآية أن لا يناجوا شيوخهم في تفسير الإلهام واستفهام علم المكاشفة والاسرار إلا بعد بذل وجودهم لهم والايمان بهم بشرط المحبة والارادة فان الصحة بهذه الصفة خير لقلوبهم واطهر لنفوسهم فان ضعفوا عن بعض القيام بحقوقهم ومعهم الايمان والارادة وعلموا قصورهم في الحقيقة فان الله تعالى يتجاوز عن ذلك التقصير وهو رحيم بهم يبلغهم الى درجة الأكابر (قال المولى الجامى) چهـ سود اى شيخ هر ساعت فزون خرمن طاعت چونتوانى كه يك جواز وجود خويشتن كاهى أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الإشفاق الخوف من المكروه ومعنى الاستفهام التقرير كان بعضهم ترك المناجاة للاشفاق ولا مخالفة للامر وجمع صدقات لجمع المخاطبين قال في بعض التفاسير أفرد الصدقة اولا لكفاية شيء منها وجمع ثانيا نظرا الى كثرة التناجي والمناجى والمعنى أخفتم الفقر يا اهل الغنى من تقديم الصدقات فيكون المفعول محذوفا للاختصار وأن تقدموا في تقدير لان تقدموا او أخفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر قال الشاعر هون عليك ولا تولع باشفاق ... فانما مالنا للوارث الباقي فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ما أمرتم به وشق عليكم ذلك وبالفارسية پس چون نكرديد اين كار را وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بأن رخص لكم في أن لا تفعلوه وأسقط عنكم تقديم الصدقة وذلك لانه لا وجه لحملها على قبول التوبة حقيقة إذ لم يقع منهم التقصير في حق هذا الحكم بأن وقعت المناجاة بلا تصدق وفيه اشعار بأن أشفاقهم ذنب تجاوز الله عنه لما رأى منهم

[سورة المجادلة (58) : آية 14]

من الانفعال ما قام مقام توبتهم وإذ على بابها يعنى الظرفية والمضي بمعنى انكم تركتم ذلك فيما مضى وتجاوز الله عنكم بفضله فتدار كوه بما تؤمرون به بعد هذا وقيل بمعنى إذا للمستقيل كما في قوله إذا لا غلال في أعناقهم او بمعنى ان الشرطية وهو قريب مما قبله الا ان ان يستعمل فيما يحتمل وقوعه واللاوقوعه فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ مسبب عن قوله فاذ لم تفعلوا اى فاذ فرطتم فيما أمرتم به من تقديم الصدقات فتدار كوه بالمواظبة على اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة المفروضة وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في سائر الأوامر فان القيام بها كالجابر لما وقع في ذلك من التفريط وهو تعميم بعد التخصيص لتتميم النفع وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ عالم بالذي تعملون من الأعمال الظاهرة والباطنة لا يخفى عليه خافية فيجازيكم عليه فاعملوا ما أمركم به ابتغاء لمرضاته لالرياء وسمعة وتضرعوا اليه خوفا من عقوباته خصوصا بالجماعة يوم الجمعة ومن الادعية النبوية اللهم طهر قلبى من النفاق وعملى من الرياء ولسانى من الكذب وعينى من الخيانة انك تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور وفي تخصيص الصلاة والزكاة بالذكر من بين العبادات المرادة بالأمر بالاطاعة العامة اشارة الى علو شأنهما وانافة قدرهما فان الصلاة رئيس الأعمال البدنية جامعة لجميع انواع العبادات من القيام والركوع والسجود والقعود ومن التعوذ والبسملة والقراءة والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي عليه السلام ومن الدعاء الذي هو مخ العبادة ومن ذلك سميت صلاة وهى الدعاء لغة فهى عبادة من عبد الله تالى بها فهو محفوظ بعبادة العابدين من اهل السموات والأرضين ومن تركها فهو محروم منها فطوبى لأهل الصلاة وويل لتاركها وان الزكاة هى أم الأعمال المالية بها يطهر القلب من دنس البخل والمال من خبث الحرمة فعلى هذا هى بمعنى الطهارة وبها ينمو المال في الدنيا بنفسه لانه بمحق الله الربا ويربى الصدقات وفي الآخرة بأجره لانه تعالى يضاعف لمن يشاء وفي الحديث (من تصدق بقدر تمرة من كسب حلال ولا يقبل الله الا الطيب فان الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل) فعلى هذا هى من الزكاء بمعنى النماء اى الزيادة وفي البستان بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى زر ونعمت آيد كسى را بكار ... كه ديوار عقبى كند زر نكار أَلَمْ تَرَ تعجيب من حال المنافقين الذين يتخذون اليهود اولياء ويناصحونهم وينقلون إليهم اسرار المؤمنين والخطاب للرسول عليه السلام او لكل من يسمع ويعقل وتعدية الرؤية بالى لكونها بمعنى النظر اى ألم تنظر يعنى آيا نمى نكرى إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا من التولي بمعنى الموالاة لا بمعنى الاعراض اى والوا يعنى دوست كرفتند قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وهم اليهود كما انبأ عنه قوله تعالى من لعنه الله وغضب عليه والغضب حركة للنفس مبدأها ارادة الانتقام وهو بالنسبة اليه تعالى نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الأخذ الأليم والبطش الشديد او هتك الاسرار والتعذيب بالنار او تغيير النعمة ما هُمْ اى الذين تولوا مِنْكُمْ فى الحقيقة وَلا مِنْهُمْ اى من القوم المغضوب عليهم لانهم منافقون

[سورة المجادلة (58) : الآيات 15 إلى 19]

مذبذبون بين ذلك فهم وان كانوا كفارا في الواقع لكنهم ليسوا من اليهود حالا لعدم اعتقادهم بما اعتقدوا وعدم وفائهم لهم ومآلا لان المنافقين في الدرك الأسفل من النار والجملة مستأنفة وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ الحلف العهد بين القوم والمحالفة المعاهدة والحلف أصله اليمين التي يأخذ بعضهم من بعض بها العهد ثم عبريه عن كل يمين اى يقولون والله انا لمسلمون فالكذب المحلوف عليه هو ادعاء الإسلام وهو عطف على تولوا وادخل في حكم التعجيب وصيغة المضارع للدلالة على تكرر الحلف وتجدده حسب تكرر ما يقتضيه وَهُمْ يَعْلَمُونَ ان المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس وهو الحلف على فعل او ترك ماض كاذبا عمدا سمى بالغموس لانه يغمس صاحبه في الإثم ثم في النار ولم يجعل حلفهم غموسا لان الغموس حلف على الماضي وحلفهم هذا على الحال والجملة حال من فاعل يحلفون مقيدة لكمال شناعة ما فعلوا فان الحلف على ما يعلم انه كذب في غاية القبح وفي هذه التقييد دلالة على ان الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته للواقع ومالا يعلمه فيكون حجة على النظام والجاحظ (وروى) انه عليه السلام كان في حجرة من حجرة من حجراته فقال يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان فدخل عبد الله بن نبتل المنافق بتقديم النون على الباء الموحدة كجعفر وكان ازرق فقال له عليه السلام على م تشتمنى أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل فقال عليه السلام فعلت فانطلق بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت فالكذب المحلوف عليه على هذه الرواية هو عدم شتمهم أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ بسبب ذلك عَذاباً شَدِيداً در دنيا بخوارى ورسوايى ودر آخرت بآتش دوزخ والمراد نوع من العذاب عظيم فالنوعية مستفادة من تنكير عذابا والعظيم من توصيفه بالشدة إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى تمرنوا عليه وأصروا وتمرنهم اى اعتيادهم واستمرارهم على مثل ما عملوه فى الحال من العمل السوء مستفاد من كان الدالة على الزمان الماضي اى العمل السيئ دأبهم اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة واليمين في الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المحالف والمعاهد عنده جُنَّةً وهى الترس الذي يجن صاحبه اى يستره والمعنى وقاية وسترة يسترون بها من المؤمنين ومن قتلهم ونهب أموالهم يعنى پناهى كه خون ومال ايشان در أمان ماند فالاتخاذ عبارة عن اعدادهم لايمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها الى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فان ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية والخيانة واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها ايضا كما تعرب عنه الفاء في قوله فَصَدُّوا اى منعوا الناس وصرفوهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى عن دينه في خلال أمنهم وسلامتهم وتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم فَلَهُمْ بسبب كفرهم وصدهم عَذابٌ مُهِينٌ مخزى بين اهل المحشر وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم وقيل الاول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ اى من عذابه تعالى شَيْئاً قليلا من الإغناء يقال أغنى عنه كذا إذا كفاه يعنى انهم يحلفون

[سورة المجادلة (58) : الآيات 18 إلى 19]

كاذبين للوقاية المذكورة ولا تنفعهم إذا دخلوا النار أموالهم ولا أولادهم التي صانوها وافتخروا بها في الدنيا او يقولون ان كان ما يقول محمد حقا لندفعن العذاب عن أنفسنا بأموالنا وأولادنا فأكذبهم الله بهذه الآية فان يوم القيامة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا يكفى أحد أحدا في شأن من الشؤون أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الصفات القبيحة قال في برهان القرآن بغير واو موافقة للجمل التي قبلها ولقوله أولئك حزب الله أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها ومقارنوها او مالكوها لكونها حاصلهم وكسبهم الذي اكتسبوه فى الدنيا بالسيئة المردية المؤدية الى التعذيب هُمْ فِيها خالِدُونَ لا يخرجون منها ابدا وضميرهم لتقوية الاسناد ورعاية الفاصلة لا للحصر لخلود غير المنافقين فيها من الكفار يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ياد كن روزى را كه بر انگيزد خداى تعالى همه منافقان از قبور وزنده كند پس از مرك وجميعا حال من ضمير المفعول بمعنى مجموعين فَيَحْلِفُونَ فى ذلك اليوم وهو يوم القيامة لَهُ اى لله تعالى على انهم مسلمون مخلصون كما قالوا والله ربنا ما كنا مشركين كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ فى الدنيا وَيَحْسَبُونَ فى الآخرة مصدره الحسبان وهو أن يحكم لاحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الإصبع ويكون بعرض أن يعترية فيه شك ويقاربه الظن لكن الظن أن يخطر النقيضين بباله فيغلب أحدهما الآخر أَنَّهُمْ بتلك الأيمان الكاذبة عَلى شَيْءٍ من جلب منفعة او دفع مضرةكما كانوا عليه في الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ المبالغون في الكذب الى غاية لا مطمح وراءها حيث تجاسروا على الكذب بين يدى علام الغيوب وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه كما تروجه عند الغافلين وألا حرف تنبيه والمراد التنبيه على توغلهم فى النفاق وتعودهم به بحيث لا ينفكون عنه موتا ولا حياة ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ من حذت الإبل إذا استوليت عليها وجمعتها وسقتها سوقا عنيفا اى استولى عليهم الشيطان وملكهم لطاعتهم له في كل ما يريد منهم حتى جعلهم رعيته وحزبه وهو مما جاء على الأصل كاستصوب واستنوق اى على خلاف قياس فان القياس أن يقال استحاذ فهو فصيح استعمالا وشاذ قياسا (وحكى) ان عمر رضى الله عنه قرأ استحاذ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ المصدر مضاف الى المفعول اى كان سببا بالاستيلاء لنسيانه تعالى فلم يذكره بقلوبهم ولا بألسنتهم أُولئِكَ المنافقون الموصوفون بما ذكر من القبائح حِزْبُ الشَّيْطانِ اى جنوده واتباعه الساعون فيما أمرهم به والحزب الفريق الذي يجمعه مذهب واحد أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ اى الموصوفون بالخسران الذي لا غاية وراءه حيث فوتوا على أنفسهم النعيم المقيم وأخذوا بدله العذاب الأليم قال بعض المشايخ بوأه الله الدرجات الشوامخ علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من المآكل والملابس ويشغل فلبه عن التفكر في آلاء الله ونعمه عليه والقيام بشكرها ويشغل لسانه عن ذكر ربه بالكذب واللغو والغيبة والبهتان وسمعه عن الحق

[سورة المجادلة (58) : الآيات 20 إلى 22]

بسماع اللهو والهذيان قال بعض أهل الاشارة إذا أراد الشيطان أن ينبت في سبخة ارض النفس الامارة حنظل الشهوة يثب إليها ويغريها على إنفاذ مرادها فتكون النفس مركبه فيهجم الى بلد القلب ويخربه بأن يدخل فيه ظلمة الطبيعة فلا ترى عين القلب مسلك الذكر وصفاته فلما احتجب عن الذكر صار وطن إبليس وجنوده وغلب الملعون عليه وهذا يكون بارادة الله تعالى وسببه استحواذ غرور الملعون وتزيينه بأن يلبس امر الدين بأمر الدنيا ويغويه من طريق العلم فاذا لم يعرف دقائقه صار قرينه والشيطان دون الملك والرحمن إذ لا يجتمع الحق مع الباطل نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يعادونهما ويخالفون أمرهما ويتعدون حدودهما ويفعلون معهما فعل من ينازع اخر في ارض فيغلب على طائفة منها فيجعل لها حدا لا يتعداه خصمه ولما كانوا لا يفعلون ذلك إلا كثرة أعوانهم واتباعهم فيظن من رأهم انهم الأعزاء الذين لا أحد أعز منهم قال تعالى نفيا لهذا الغرور الظاهر أُولئِكَ الأباعد والأسافل بما فعلوا من المحادة فِي الْأَذَلِّينَ اى في جملة من هو أذل خلق الله من الأولين والآخرين لا ترى أحدا أذل منهم لان ذلة أحد المتخاصمين على مقدار عزة الآخر وحيث كانت عزة الله غير متناهية كانت ذلة من يحاده كذلك وذلك بالسبي والقتل في الدنيا وعذاب الناري في الاخرة سوآء كانوا فارس والروم او أعظم منهم سوقة كانوا او ملوكا كفرة كانوا او فسقة كَتَبَ اللَّهُ استئناف وارد لتعليل كونهم في الأذلين اى قضى وأثبت في اللوح وحيث جرى ذلك مجرى القسم أجيب بما يجاب به لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي أكده لما لهم من ظن الغلبة بالكثرة والقوة والمراد الغلبة بالحجة والسيف او بأحدهما والغلبة بالحجة ثابتة لجميع الرسل لانهم الفائزون بالعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة واما الغلبة بالسيف فهى ليست بثابتة للجميع لان منهم من لم يأمر بالحرب قال الزجاج غلبة الرسل على نوعين من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة وإذا انضم الى الغلبة بالحجة الغلبة بالسيف كان أقوى محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا وعن مقاتل انه قال المؤمنون لئن فتح الله لنامكة والطائف وخيبر وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله تعالى على فارس والروم فقال رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها والله انهم لا كثر عدد او أشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فنزل قوله تعالى كتب الله الآية قال البقلى رحمه الله كتب الله على نفسه في الأزل ان ينصر أولياءه على أعدائه من شياطين الظاهر والباطن ويعطيهم رايات نصرة الولاية فحيث تبدو راياتهم التي هى سطوع نور هيبة الحق من وجوههم صار الأعداء مغلوبين بتأييد الله ونصرته قال أبو بكر بن طاهر رحمه الله اهل الحق لهم الغلبة ابدا ورايات الحق تسبق رايات غيره جميعا لان الله تعالى جعلهم اعلاما في خلقه وأوتادا في ارضه ومفزعا لعباده وعمارة لبلاده

[سورة المجادلة (58) : آية 22]

فمن قصدهم بسوء كبه الله لوجهه واذله في ظاهر عزه إِنَّ اللَّهَ تعليل للقهر والغلبة أكده لان أفعالهم مع أوليائه افعال من يظن ضعفه قَوِيٌّ على نصر أنبيائه قال بعضهم القوى هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجزى نقض ولا إبرام والقوة في الأصل عبارة عن شدة النبية وصلابتها المضادة للضعف ويراد بها القدرة بالنسبة الى الله تعالى عَزِيزٌ لا يغلب عليه في مراده حكمى كه آن ز باركه كبريا بود ... كس را در ان مجال تصرف كجا بود فان قلت فاذا كان الله قويا عزيزا غير عاجز فما وجه انهزام المسلمين في بعض الأحيان وقد وعد النصرة قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بالكافر لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار وأخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار في جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين في جميع الأوقات لحصل العلم الضروري بأن الايمان حق وما سواه باطل ولو كان. كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على أهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر في الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون تشدد المحنة عليه في الدنيا تمحيصا لذنوبه وتطهيرا لقلبه واما تشديد المحنة على الكافر فهو من قبيل الغضب ألا ترى ان الطاعون مثلا رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين وما من سابق عدل الا له لاحق فضل ولا سابق فضل الا له لاحق عدل غير أن أثرى العدل والفضل قد يتعلقان بالبواطن خاصة وقد يتعلق أحدهما بالظاهر والآخر بالباطن وقد يكون اختلاف تعلقهما في حالة واحدة وقد يكون على البدل وعلى قدر تعلق الأثر السابق يكون تعلق الأثر اللاحق وقد أجرى الله سبحانه آثار عدله على ظواهر أصفيائه دون بواطنهم ثم عقب ذلك بايراد آثار فضله على بواطنهم وظواهرهم حتى صار من قاعدة الحكمة الالهية تفويض مما لك الأرض للمستضعفين فيها كالنجاشى حيث بيع في صغره وذلك كثير موجود باستقراء فمن كمال تربية الحكيم لمن يريد إعلاء شأنهم أن يجرى على ظاهرهم من آثار العدل ما فيه تكميل لهم وتنوير لمداركهم وتطهير لوجودهم وتهذيب وتأديب الى غير ذلك من فوائد التربية ومن تتبع احوال الأكابر من آدم عليه السلام وهلم جرا رأى من احسن بلاء الله ما يشهد لما قرر بالصحة والمبتلى به يصبر على ذلك بل يتلذذ كما هو شأن الكبار هر چهـ از دست تو آيد خوش بود ... كر همه درياى پر آتش بود وفي الآية اشارة الى أعداء النفوس الكافرة فانها تحمل القلوب والأرواح على مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة وتمحو الذكر من ألواحها بغلبة محبة الدنيا وشهواتها لكن الله تعالى ينصرها ويؤيدها حتى تغلب على النفوس الكافرة بسطوات الذكر فيحصل لها غاية الذلة كأهل الذمة في بلدة المسلمين وذلك لان الله تعالى كتب في صحائف الاستعدادات غلبتها على النفوس وذلك من باب الفضل والكرم لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الخطاب للنبى عليه السلام او لكل أحد وتجدا ما متعد الى اثنين فقوله تعالى

يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مفعوله الثاني او الى واحد بأن كان بمنى صادف فهو حال من مفعوله لتخصيصه بالصفة وهو يؤمنون والموادة المحابة مفاعله من المودة بمعنى المحبة وهى حالة تكون في القلب اولا ويظهر آثارها في القالب ثانيا والمراد بمن حاد الله ورسوله المنافقون واليهود والفساق والظلمة والمبتدعة والمراد بنفي الوجدان نفى الموادة على معنى انه لا ينبغى أن يتحقق ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال وان جد في طلبه كل أحد وجعل مالا ينبغى وجوده غير موجود لشركته في فقد الخير ويجوز أن يقال لا تجد قوما كاملى الايمان على ما يدل عليه سياق النظم فعدم الوجدان على حقيقته قال في كشف الاسرار أخبر أن الايمان يفسد بموادة الكفار وكذا بموادة من في حكمهم وعن سهل بن عبد الله التستري قدس سره من صحح إيمانه وأخلص توحيده فانه لا يأنس الى مبتدع ولا يجالسه ولا يؤاكله ولا يشاربه ولا يصاحبه ويظهر من نفسه العداوة والبغضاء ومن داهن مبتدعا سلبه الله حلاوة السنن ومن تحبب الى مبتدع لطلب عز في الدنيا او عرض منها اذله الله بتلك العزة وأفقره الله بذلك الغنى ومن ضحك الى مبتدع نزع الله نور الايمان من قلبه ومن لم يصدق فليجرب واما المعاملة للمبايعة العادية او للمجاورة او للمرافقة بحيث لا تضر بالدين فليست بمحرمة بل قد تكون مستحبة في مواضعها قال ابن الشيخ المعنى لا يجتمع الايمان مع ودادة أعداء الله فان قيل اجتمعت الامة على أن يجوز مخالطتهم ومعاملتهم ومعاشرتهم فما هذه الموادة المحرمة فالجواب ان الموادة المحرمة هى ارادة منافعه دينا ودنيا مع كونه كافرا وما سوى ذلك جائز (روى) عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انه كان يقول اللهم لا تجعل لفاجر عندى نعمة فانى وجدت فيما أوحى الى لا تجد قوما إلخ فعلم منه ان الفساق واهل الظلم داخلون فيمن حاد الله ورسوله اى خالفهما وعاداهما واستدل مالك بهذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم وهم القائلون بنفي كون الخير والشر كله بتقدير الله ومشيئته يعنى هم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله وسموا بذلك لمبالغتهم في نفيه وكثرة مدافعتهم إياه وقيل لا ثباتهم للعبد قدرة الإيجاد وليس بشيء لان المناسب حينئذ القدري بضم القاف وَلَوْ كانُوا اى من حاد الله ورسوله وبالفارسية واگر چهـ باشند از مخالفان خدا ورسول والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما قبله باعتبار لفظها آباءَهُمْ اى آباء الموادين أَوْ أَبْناءَهُمْ قدم الأقدم حرمة ثم الاحكم محبة أَوْ إِخْوانَهُمْ نسبا أَوْ عَشِيرَتَهُمْ العشيرة اهل الرجل الذين يتكثر بهم اى يصيرون بمنزلة العدد الكامل وذلك ان العشرة هو العدد الكامل فصار العشيرة لكل جماعة من أقارب الرجل يتكثر بهم والعشير المعاشر قريبا او معارفا وفي القاموس عشيرة الرجل بنوا أبيه الأدنون او قبيلته انتهى يعنى ان المؤمنين المتصلبين في الدين لا يوالون هؤلاء الأقرباء بعد ان كانوا محادين الله ورسوله فكيف بغيرهم فان قضية الايمان بالله ان يهجر الجميع بالكلية بل أن يقتلهم ويقصدهم بالسوء كما روى ان أبا عبيدة قتل أباه الجراح يوم بدر وان عبد الله بن عبد الله بن ابى بن سلول جلس الى جنب رسول الله عليه السلام

فشرب رسول الله الماء فقال عبد الله رضى الله عنه يا رسول الله ابق فضلة من شرابك قال فما تصنع بها فقال أسقيها أبى لعل الله يطهر قلبه ففعل فآتاها أباه فقال ما هذا قال فضلة من شراب رسول الله جئتك بها لتشربها لعل الله يطهر قلبك فقال له أبوه هلا جئتنى ببول أمك فرجع الى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله ائذن لى في قتل أبى فقال عليه السلام بل ترفق به وتحسن اليه وان أبا قحافة قبل ان اسلم سب النبي عليه السلام فصكه أبو بكر رضى الله عنه صكة اى ضربه ضربة سقط منها فقال عليه السلام او فعلته قال نعم قال فلا تعد اليه قال والله لو كان السيف قريبا منى لقتلته قال في التكملة في هذه الرواية نظر لان هذه السورة مدينة أبو بكر مع أبيه الآن بمكة انتهى يقول الفقير لعله على قول من قال ان العشر الاول من هذه السورة مدنى والباقي مكى وان أبا بكر رضى الله عنه دعا ابنه عبد الرحمن الى البراز يوم بدر فأمره عليه السلام أن يقعد قال يا رسول الله دعنى أكن في الرعلة الاولى وهى القطعة من الفرسان فقال عليه السلام متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم انك بمنزلة سمعى وبصرى يقول الفقير يعلم منه فضل أبى بكر على على رضى الله عنهما فان هذا فوق قوله عليه السلام لعلى أنت منى بمنزلة هرون من موسى فتفطن لذلك وان مصعبا رضى الله عنه قتل أخاه عبيد بن عمير بأحد وان عمر رضى الله عنه قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر وان عليا وحمزة عبيد بن الحارث رضى الله عنهم قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وكانوا من عشيرتهم وقرابتهم وكل ذلك من باب الغيرة والصلابة كما قال عليه السلام الغيرة من الايمان والمنية من النفاق ومن لا غيرة له لا دين له (وروى) عن الثوري انه قال كانوا يرون انها نزلت فيمن يصحب السلطان ففيه زجر عن مصاحبتهم وعن عبد العزيز بن أبى دؤاد انه لقيه المنصور في الطواف فلما عرفه هرب منه وتلاها وفي الحديث (من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد أجرم) وقد قال الله تعالى انا من المجرمين منتقمون أُولئِكَ اشارة الى الذين لا يوادونهم وان كانوا أقرب الناس إليهم وأمسهم رحما كَتَبَ الله سبحانه فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ اى أثبته فيها وهو الايمان الوهبي الذي وهبه الله لهم قبل خلق الأصلاب والأرحام إذ لا يزال بحال ابدا كالايمان المستعار وفيه دلالة على خروج العمل من مفهوم الايمان فان الجزء الثابت في القلب ثابت فيه قطعا ولا شيء من اعمال الجوارح يثبت فيه وهو حجة ظاهرة على القدرية حيث زعموا أن الايمان والكفر يستقل بعملهما العبد وَأَيَّدَهُمْ اى قواهم وأصله قوى يدهم بِرُوحٍ مِنْهُ اى من عند الله فمن لابتداء الغاية وهو نور القرآن او النصر على العدو او نور القلب وهو بإدراك حقيقة الحال والرغبة في الارتقاء الى المدارج الرفيعة الروحانية والخلاص من درك عالم الطبيعة الدنية وكل ذلك سمى روحا لكونه سببا للحياة قال سهل رحمه الله حياة الروح بالتأييد وحياة النفس بالروح وحياة الروح بالذكر وحياة الذكر بالذاكر وحياة الذاكر بالمذكور وَيُدْخِلُهُمْ فى الآخرة جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت أشجارها او قصورها الْأَنْهارُ الاربعة يعنى جويها از آب وشير وخمر وعسل خالِدِينَ فِيها

ابدا لآباد لا يقرب منهم زوال ولا موت ولا مرض ولا فقر كما قال عليه السلام ينادى مناد آن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وآن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وآن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وآن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خشنود شد خداى از ايشان بطاعتي كه در دنيا كردند وفي الإرشاد استئناف جار مجرى التعليل لما أفاض عليهم من آثار رحمته العاجلة والآجلة والرضى ترك السخط وَرَضُوا عَنْهُ وخشنود شدند ايشان از خداى بكرامتي كه وعده كرده ايشانرا در عقبى وفي الإرشاد بيان لا بتهاجهم بما أوتوه عاجلا وآجلا أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ تشريف لهم ببيان اختصاصهم به عز وجل اى جنده وأنصار دينه قال سهل رضى الله عنه الحزب الشيعة وهم الابدال وارفع منهم الصديقون أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الناجون من المكروه والفائزون بالمحبوب دون غيرهم المقابلين لهم من حزب الشيطان المخصوصين بالخذلان والخسران وهو بيان لاختصاصهم بالفوز بسعادة النشأتين وخير الدارين وقال بعض أهل الاشارة حزب الله أهل معرفته ومحبته وأهل توحيده هم الفائزون بنصرة الله من مهالك القهريات ومصارع الامتحانات وجدوا الله بالله إذا ظهر واحد منهم ينهزم المبطلون ويتفرق المغالطون لان الله تعالى أسبل على وجوهم نور هيبته وأعطى لهم اعلام عظمته يفر منهم الأسود ويخضع لهم الشامخات كلأهم الله بحسن رعايته ونورهم بسنا قدرته ورفع لهم اذكارهم في العالمين وعظم أقدارهم وكتم اسرادهم وامام ثعلبى از جرجانى كه او از مشايخ خود شنيده كه داود عليه السلام از حق تعالى پرسيد كه حزب تو كيست خطاب آمد از حضرت عزت كه الغاضة أبصارهم والسليمة اكفهم والنقية قلوبهم أولئك حزبى وحول عرشى هر كه چشم او از محارم فرو بسته بود ودست او از آزار خلق وأخذ حرام كوتاه باشد ودل خود از ما سوى پاكيزه كرده از جمله حزب حضرت الله است ودرين باب كفته اند از هر چهـ نارواست برو ديدها ببند ... وزهر چهـ ناپسند بود دست بازدار لوح دل از غبار تعلق بشوى پاك ... تا با شدت بحلقه اهل قلوب بار وفي الآية اشارة الى ابوة الروح بالنسبة الى السر والخفي والقلب والنفس والهوى وصفاتها لولادة الكل عن مادة ازدواج الروح مع القالب والى نبوة الكل الى الروح والى اخوة السر مع النفس واخوة القلب مع الهوى وعشيرة صفاتهما مع الخفي لكون الكل من واد واحد واصل متحد هو الروح فمن قطع ارتباط التعلق مع النفس والهوى وصفاتهما الظلمانية الشيطانية بالتوجه الكلى الروحي والسرى والقلبي والخلفى الى الحضرة الالهية فهم الذين كتب الله في ألواح قلوبهم وصفاح أسرارهم الايمان الحقيقي الشهودى العيانى وأيدهم بروح الشهود الكلى الجمعى الجامع بين شهود الوحدة الذاتية الحقيقية وبين شهود الكثرة الاسمائية النسبية والجمع بين الشهودين دفعة واحدة من غير تخلل بينهما ومن غير احتجاب أحدهما عن الآخر ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار مياه التجليات الذاتية

تفسير سورة الحشر

والصفاتية والاسمائية المشتملة على العلوم والمعارف والحقائق والحكم على الدوام والاستمرار رضى الله عنهم بفنائهم عن الناسوتية ورضوا عنه ببقائهم بلاهوتيته أولئك حزب الله اى مظاهر ذاته وصفاته وأسمائه ألا ان حزب الله هم المفلحون لقيامهم بقيومية الحق تعالى واعلم انه كائن الدنيا والآخرة يومان متعاقبان متلاصقان فمن ذلك يعبر عن الدنيا باليوم وعن الآخرة بغد ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فانكم اليوم في دار العمل والاحساب وأنتم غدا في دار الآخرة ولا عمل ونعيم الدنيا منقطع دون نعيم الآخرة ثم ان هذا شأن الأبرار واما المقربون فهم أهل الله لا أهل الدارين ونعيمهم ما ذكر من التجليات فهم حزب الله حقيقة لكمال نصرتهم في الدين ظاهرا وباطنا تمت سورة المجادلة بعون الله تعالى في اواخر جمادى الاولى من شهور سنة خمس عشرة ومائة والف تفسير سورة الحشر مدنية وآيها اربع وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ التسبيح تبعيد الله عن السوء وتطهيره عما لا يليق بشأن ألوهيته ويكون بالجنان واللسان والحال والاول اعتقاد العبد بتعاليه عما لا يليق بالالوهية وذلك لان من معانى التفعيل الاعتقاد بشيء والحكم به مثل التوحيد والتمجيد والتعظيم بمعنى الاعتقاد بالوحدة والمجد والعظمة والحكم بها وعلى هذا المعنى مثل التكفير والتضليل ومثل التجويز والترجيح والثاني القول بما يدل على تعاليه مثل التكبير والتهليل والتأمين بمعنى أن يقول الله اكبر ولا اله الا الله وآمين وهو المشهور وعند الناس والثالث دلالة المصنوعات على ان صانعها متصف بنعوت الجلال متقدس عن الإمكان وما يتبعه والمفسرون فسروا ما في القرآن من أمثال الآية الكريمة على كل من الثاني والثالث ليعم تسبيح الكل كذا في بعض التفاسير وجمهور المحققين على ان هذا التسبيح تسبيح بلسان العبارة والاشارة لا بلسان الاشارة فقط فجميع الموجودات من العقلاء وغيرهم سبحه تعالى يعنى تسبيح ميكويد كه وبه پاكى مستأنس ميكند مر خدايرا كه مستحق ثناست كما سبق تحقيقه في أول سورة الحديد وفي مواضع أخر من القرآن بذكرش هر چهـ بينى در خروش است ... دلى داند درين معنى كه كوش است نه بلبل بر كلش تسبيح خوانست ... كه هر خارى به توحيدش زبانست وفي الحديث (انى لأعرف حجرا بمكة كان سلم على قبل أن أبعث انى لأعرفه الآن) وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم وقال مجاهد كل الأشياء تسبح لله حيا كان او جمادا وتسبيحها سبحان الله وبحمده وهذا على الإطلاق واما بالنسبة الى كل موجود

فالتسابيح مختلفة فلكل موجود تسبيح مخصوص به من حيث ما يقتضيه نشأته كما قال بعض الكبار فاذا رأيت هؤلاء العوالم مشتغلين بالذكر الذي أنت عليه فكشفك خيالى غير صحيح لا حقيقى وانما ذلك خيالك أقيم لك في الموجودات فاذا شهدت في هؤلاء تنوعات الاذكار فهو الكشف الصحيح انتهى وَهُوَ الْعَزِيزُ ذو العزة القاهرة الْحَكِيمُ ذو الحكمة الباهرة وفي إيراد الوصفين بعد التسبيح اشارة الى الباعث له والداعي اليه لان العزة أثر الجلال والحكمة أثر الجمال فله الاتصاف بصفات الكمال وفي التأويلات النجمية سبح لله ما في السموات العقول عن معقولاتهم المقتنصة بشبكة الفكر بطريق ترتيب المقدمات وتركيب القياسات واقامة البراهين القطعية والادلة الفكرية لعدم جدواها في تحصيل المطلوب فان ذاته منزهة عن التنزيهات العقلية المؤدية الى التعليل وما في السموات النفوس من التشبيه بل ذاته المطلقة جامعة للتنزيه العقلي والتشبيه النفسي كما قال ليس كمثله شيء وهو التنزيه وهو السميع البصير وهو التشبيه فجمعت ذاته المطلقة بأحدية الجمعية بين التنزيه والتشبيه دفعة واحدة بحيث يكون التنزيه عين التشبيه والتشبيه عين التنزيه كما قال العارف المحقق قدس سره (فان قلت بالأمرين كنت مسددا وكنت اماما في المعارف سيدا) فان التنزيه نتيجة اسمه الباطن والتشبيه نتيجة اسمه الظاهر فافهم جدا وهو العزيز المنيع جنابه أن ينزه من غير التشبيه الحكيم الذي تقتضى حكمته أن لا يشبه من غير التنزيه (روى) ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما قدم المدينة صالح بن النضير كأمير وهم رهط من اليهود من ذرية هرون أخى موسى عليه السلام قال السهيلي رحمه الله ونسبتهم الى هرون صحيحة لان النبي عليه السلام قال لصفية رضى الله عنها بنت حيى بن أخطب سيد بنى النضير وقد وجدها تبكى لكلام قيل لها أبوك هرون وعمك موسى وبعلك محمد عليهم السلام والحديث معروف مشهور وفي بعض الكتب من أولاد الكاهن بن هرون ونزلوا قريبا من المدينة في فتن بنى إسرائيل انتظارا لبعثة النبي عليه السلام وكان يقال لهم ولبنى فريظة الكاهنان لانهم من أولاده ايضا وكان بنوا النضير وقريظة وبنوا قينقاع في وسط ارض العرب من الحجاز وان كانوا يهودا والسبب في ذلك ان بنى إسرائيل كانت تغير عليهم العماليق في ارض الحجاز وكانت منازلهم يثرب والجحفة الى مكة فشكت بنو إسرائيل ذلك الى موسى عليه السلام فوجه إليهم جيشا وأمرهم أن يقتلوهم ولا يبقوا منهم أحدا ففعلوا ذلك وترك منهم ابن ملك لهم كان غلاما حسنا فرقوا له ثم رجعوا الى الشام وموسى قدمات فقالت بنوا إسرائيل قد عصيتم وخالفتم فلا نؤويكم فقالوا نرجع الى البلاد التي غلبنا عليها ونكون بها فرجعوا الى يثرب فاستو طنوها وتناسلوا بها الى أن نزل عليهم الأوس والخزرج بعد سيل العرم فكانوا معهم الى الإسلام فلما هاجر عليه السلام عاهد بنى النضير على أن لا يكونوا له ولا عليه فلما ظهر عليه السلام اى غلب يوم بدر قالوا فيما بينهم النبي الذي نعته في التوراة لا ترد له راية يعنى نتوان بود كه كسى بر وى ظفر يابد يا رايت اقبال وى كسى بيفكند فلما كان يوم أحد ما كان ارتابوا ونكثوا فخرج

كعب من الأشرف في أربعين راكبا الى مكة فحالفوا قريشا عند الكعبة على قتاله عليه السلام وعاهدوا على الإضرار به ناقضين العهد كعب اشرف با قوم خود بمدينه باز آمد وجبريل أمين رسول را خبر داد از ان عهد و پيمان كه در ميان ايشان رفت فأمر عليه السلام محمد بن مسلمة الأنصاري بفتح الميم وكان أخا كعب من الرضاعة فقتل كعبا غيلة بالكسر اى خديعة فان الغيلة أن يخدعه فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وذلك انه أتاه ليلا فاستخرجه من بيته بقوله انى أتيتك لاستقرض منك شيأ من التمر فخرج اليه فقتله ورجع الى النبي عليه السلام وأخبره ففرح به لانه أضعف قلوبهم وسلب قوتهم وفي بعض الاخبار انه عليه السلام ذهب الى بنى النضير لاستعانة في دية في نفر من أصحابه اى دون العشرة فيهم أبو بكر وعمر وعلى رضى الله عنهم فقالوا له نعم يا أبا القاسم حتى تطعم وترجع بحاجتك وكان عليه السلام جالسا الى جنب جدار من بيوتهم فخلا بعضهم ببعض وقالوا انكم لن تجدوا الرجل على مثل هذه الحالة فهل من رجل يعلو على هذا البيت فيلقى عليه صخرة فيريحنا منه فقال أحد ساداتهم وهو عمرو بن جحاش انا لذلك فقال لهم أحد ساداتهم وهو سلام بن مشكم لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم به انه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه فلما صعد الرجل ليلقى الصخرة أتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم فقام عليه السلام مظهرا انه يقضى حاجته وترك أصحابه في مجالسهم ورجع مسرعا الى المدينة ولم يعلم من كان معه من أصحابه فقاموا في طلبه لما استبطأوه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه فقال رأيته داخل المدينة فأقبل أصحابه حتى انتهوا اليه فأخبرهم بما أرادت بنوا النضير فندم اليهود وقالوا قد أخبر بأمرنا فأرسل عليه السلام إليهم محمد بن مسلمة رضى الله عنه ان اخرجوا من بلدي اى لان قريتهم زاهرة كانت من اعمال المدينة فلا تساكنونى بها فلقد هممتم بما هممتم من الغدر فسكتوا ولم يقولوا حرفا فأرسل إليهم المنافقون أن اقيموا في حصونكم فانا نمدكم فارسلوا الى رسول الله انا لا نخرج من ديارنا فافعل ما بدا لك وكان المتولى أمر ذلك سيد بنى النضير حيى بن أخطب والد صفية أم المؤمنين فاغتر بقول المنافقين فسار رسول الله عليه السلام مع المؤمنين وهو على حمار مخطوم بليف وحمل رايته على رضى الله عنه حتى نزل بهم وصلّى العصر بفنائهم وقد تحصنوا وفاموا على حصنهم يرمون النيل والحجارة وزربوا على الازقة وحصنوها فحاصرهم النبي عليه السلام احدى وعشرين ليلة فلما قذف الله في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين طلبوا الصلح فأبى عليهم الا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤا من متاعهم الا السلاح پس ششصد شتر بار خود را بر آراستند واظهار جلادت نموده دفعها ميزدند وسرور كويان از بازار مدينه كذشتند فجاؤا الشام الى أريحا من فلسطين والى أذرعات من دمشق الا أهل بيتين منهم آل أبى الحقيق وآل حيى بن أخطب فانهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة بالحيرة وهى بالكسرة بلد بقرب الكوفة ولم يسلم من بنى النضير الا رجلان أحدهما سفيان بن عمير بن وهب والثاني سعد بن وهب أسلما على أموالهم فأحرزاها فأنزل الله

[سورة الحشر (59) : آية 2]

تعالى سبح لله الى قوله والله على كل شيء قدير قال محمد جلاء بنى النضير كان مرجع النبي عليه السلام من أحد سنة ثلاث من الهجرة وكان فتح بنى قريظة مرجعه من الأحزاب فى سنة خمس من الهجرة وبينهما سنتان وفي انسان العيون كانت غزوة بنى النضير فى ربيع الاول من السنة الرابعة والجلاء بالفتح الخروج من البلد والتفرق منه يقال أجليت القوم عن منازلهم وجلوتهم فاجلوا عنها وجلوا اى ابرزتهم عنها فان اصل الجلو الكشف الظاهر ومنه الطريقة الجلوتية بالجيم فانها الجلاء والظهور بالصفات الالهية كما عرف في محله والجلاء أخص من الخروج لانه لا يقال الجلاء الا لخروج الجماعة او لاخراجهم والخروج والإخراج يكون للجماعة والواحد وقيل في الفرق بينهما ان الجلاء كان مع الأهل والولد بخلاف الخروج فانه لا يستلزم ذلك قال العلماء مصالحة اهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير شيء لا يجوز الآن وانما كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ والآن لا بد من قتالهم او سبيهم او ضرب الجزية عليهم هُوَ الَّذِي اوست خداوندى كه از روى إذلال أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ بيان لبعض آثار عزته واحكام حكمته اى امر بإخراج اهل التوراة يعنى بنى النضير مِنْ دِيارِهِمْ جمع دار والفرق بين الدار والبيت ان الدار دار وان زالت حوائطها والبيت ليس ببيت بعد ما انهدم لان البيت اسم مبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سوآء كان حيطانه اربعة او ثلاثة وهذا المعنى موجود في الصفة الا ان مدخلها واسع فيتنا ولها اسم البيت والبيوت بالمسكن اسم أخص والأبيات بالشعر كما في المفردات لِأَوَّلِ الْحَشْرِ اللام تتعلق باخرج وهى للتوقيت اى عند أول حشرهم الى الشام وفي كشف الاسرار اللام لام العلة اى اخرجوا ليكون حشرهم الشام أول الحشر والحشر إخراج جمع من مكان الى آخر وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء قط إذ كان انتقالهم من بلاد الشام الى جانب المدينة عن اختيار منهم وهم أول من اخرج به جزيرة العرب الى الشام فعلى هذا الوجه ليس الاول مقابلا للآخر وسميت جزيرة لانه أحاط بها بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات قال الخليل بن احمد مبدأ الجزيرة من حفر أبى موسى الى اليمن في الطول ومن رمل يبرين وهو موضع بحذاء الإحساء الى منقطع السماوة فى العرض والسماوة بالفتح موضع بين الكوفة والشام او هذا أول حشرهم وآخر حشرهم اجلاء عمر رضى الله عنه إياهم من خيبر الى الشام وذلك حين بلغه الخبر عن النبي عليه السلام لا يبقين دينان في جزيرة العرب وقيل آخر حشرهم حشر يوم القيامة لان المحشر يكون بالشأم ما ظَنَنْتُمْ أيها المسلمون أَنْ يَخْرُجُوا من ديارهم بهذا الذل والهوان لشدة بأسهم ووثاقة حصونهم وكثرة عددهم وعددهم وَظَنُّوا اى هؤلاء الكافرون ظنا قويا هو بمرتبة اليقين فانه لا يقع الا بعد فعل اليقين او ما نزل منزلته أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ الحصون جمع حصن بالكسر وهو كل موضع حصين لا يوصل الى جوفه والقلعة الحصن الممتنع على الجبل فالاول أعم من الثاني وتحصن إذا اتخذ الحصن

مسكنا ثم تجوز به فقيل درع حصينة لكونها حصنا للبدن وفرس حصان لكونه حصنا لراكبه والمعنى ظنوا ان حصونهم تمنعهم من بأس الله وقهره وقدم الحبر وأسند الجملة الى ضميرهم للدلالة على فرط وثوقهم بحصانتها واعتقادهم في أنفسهم انهم في عزة ومنعة لا يبالى بسببها فتقديم المسند يفيد قصر المسند اليه على المسند فان معنى قائم زيد أن زيدا مقصور على القيام لا يتجاوزه الى القعود وكذا معنى الآية ان حصونهم ليس لها صفة غير المانعية ويجوز أن يكون مانعتهم خبرا لأن وحصونهم مرتفعا على الفاعلية لاعتماده على المبتدأ فان قيل ما المانع من جعل مانعتهم مبتدأ وحصونهم خبرا فان كليهما معرفة قلت كون ما نعتهم نكرة لان اضافتها غير مخصصة وان القصد الى الاخبار عن الحصون فَأَتاهُمُ اللَّهُ اى امر الله وقدره المقدور لهم مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ولم يخطر ببالهم وهو قتل رئيسهم كعب من الأشرف غرة على يداخيه فانه مما أضعف قوتهم وقل شوكتهم وسلب قلوبهم الأمن والطمأنينه بما قذف فيها من الرعب والفاء اما للتعقيب اشارة الى أن البأس لم يكن متراخيا عن ظنهم او للسبب اشارة الى انهم انما أخذوا بسبب إعجابهم بأنفسهم وقطعهم النظر الى قدرة الله وقوته وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ القذف الرمي البعيد والمراد هنا الإلقاء قال في الكشاف قذف الرعب إثباته وركزه ومنه قالوا في صفة الأسد مقذف لما ان قذف باللحم قذفا لا كتنازه وتداخل اجزائه والرعب الانقطاع من امتلاء الخوف ولتصور الامتلاء منه قيل رعبت الحوض اى ملأته وباعتبار القطع قيل رعبت السنام اى قطعته قال بعضهم الرعب خوف يملأ القلب فيغير العقل ويعجز النفس ويشوش الرأى ويفرق التدبير ويضر البدن والمعنى أثبت فيها الخوف الذي يرعبها ويملأها لان المعتبر هو الثابت وما هو سريع الزوال فهو كغير الواقع وقال بعضهم فلا يلزم التكرار لان الرعب الذي اشتمله قوله فأتاهم الله هو أصل الرعب وفرق بين حصول أصله وبين ثباته ودلت الآية على ان وقوع ذلك الرعب صار سببا في أقدامهم على بعض الافعال وبالجملة فالفعل لا يحصل الا عند حصول داعية متاكدة في القلب وحصول تلك الداعية لا يكون الا من الله فكانت الافعال بأسرها مستندة الى الله بهذا الطريق كذا في اللباب يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ الجملة استئناف لبيان حالهم عند الرعب اى يخربونها بأيديهم ليسدوا بما نقضوا منها من الخشب والحجارة أفواه الأزقة ولئلا تبقى بعد جلائهم مساكين للمسلمين ولينقلوا معهم بعض آلاتها المرغوب فيها مما يقبل النقل والاخراب والتخريب واحد يقال خرب المكان خرابا وهو ضد العمارة وقد اخربه وخربه اى أفسده بالنقض والهدم غير أن في التشديد مبالغة من حيث التكثير لكثرة البيوت وهو قراءة أبى عمرو وفرق أبى عمرو بين الاخراب والتخريب فقال خرب بالتشديد بمعنى هدم ونقض وأفسد وأخرب بالهمزة ترك الموضع وقال اى ابو عمرو وانما اخترت التشديد لان الاخراب ترك الشيء خرابا بغير ساكن وبنوا النضير لم يتركوها خرابا وانما خربوها بالهدم كما يدل عليه قوله بأيديهم وأيدى المؤمنين ان قيل البيوت

هى الديار فلم لم يقل يخربون ديارهم على وفق ما سبق وايضا كيف ما كان الإخراج من ديارهم وهى مخربة أجيب بان الدار ماله بيوت فيجوز اخراب بعضها وابقاء بعضها على مقتضى الرأى فيكون الخروج من الباقي على ان الإخراج لا يقتضى العمارة إذ يجوز أن يكون بإخراب المساكن والطرح منها قال سهل رحمه الله يخربون بيوتهم بأيديهم اى قلوبهم بالبدع وفي كشف الاسرار نخست دين ودل خويش از روى باطن خراب كردند تا خرابى باطن بظاهر سرايت كرد وخانه خود نيز خراب كردند وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ حيث كانوا يخربونها ازالة لمتحصنهم ومتمنعهم وتوسيعا لمجال القتال وإضرارا بهم واسناد هذا إليهم لما انهم السبب فيه فكأنهم كلفوهم إياه وامروهم به وهذا كما في قوله عليه السلام لعن الله من لعن والديه وهو كقوله عليه السلام من اكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه فقالوا وكيف يسب الرجل والديه فقال يساب الرجل فيسب أباه فيسب أباه ويسب امه فيسب امه يقول الفقير فيه اشارة الى ان استناد الكفار الى الحصون والأحجار وان اعتماد المؤمنين على الله الملك الغفار ولا شك ان من اعتمد على المأمن الحقيقي ظفر بمراده فيه دنياه وآخرته ومن استند الى ما سوى الله تعالى خسر خسرانا مبينا في تجارته وان الإنسان بنيان الرب فربما قتل المرء نفسه وتسبب له فهدم بنيان الله فصار ملعونا وقس على هذا حال القلب فانه بيت الله واجتهد حتى لا يغلب عليه النفس والشيطان (قال الحافظ) من آن نكين سليمان بهيج نستانم ... كه كاه كاه برو دست أهرمن باشد فَاعْتَبِرُوا پس عبرت كيريد يا أُولِي الْأَبْصارِ اى يا اولى الألباب والعقول والبصائر يعنى اتعظوا بما جرى عليهم من الأمور الهائلة على وجه لا تكاد تهتدى اليه الافكار واتقوا مباشرة ما أداهم اليه من الكفر والمعاصي وانتقلوا من حال الفريقين الى حال أنفسكم فلا تعولوا على تعاضد الأسباب كبنى النضير الذين اعتمدوا على حصونهم ونحوها بل توكلوا على الله تعالى وفي عين المعاني فاعتبروا بها خراب جميع الدنيا جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست والاعتبار مأخوذ من العبور وهو المجاوزة من شيء الى شيء ولهذا سميت العبرة عبرة لانها تنتقل من العين الى الحد وسمى اهل التعبير لان صاحبه ينتقل من المتخيل الى المعقول وسميت الألفاظ عبارات لانها تنقل المعاني من لسان القائل الى عقل المستمع ويقال السعيد من اعتبر بغيره لانه ينتقل عقله من حال ذلك الغير الى حاله نفسه چوبركشته بختي در افتد ببند ... ازو نيك بختان بگيرند پند والبصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التي فيها ويقال القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة كما في المفردات قال بعض التفاسير الابصار جمع بصر وهو ما يكون فى الرأس وبه يشاهد عالم الملك وهو عالم الشهادة حتى لو كان بين الرائي والمرئي مقدار عدة آلاف سنة يشاهده في طرفة عين بوصول نور من حدقة العين الى المرئي حكاية للرائى والبصيرة في القلب كالبصر في الرأس وبها يشاهد عالم الملكوت وهو عالم الغيب

[سورة الحشر (59) : آية 3]

حتى لو كان المشاهد في العالم الا على وفي اللوح المحفوظ بل في علم الله تعالى مما تتعلق مشيئة الله بمشاهدة أحد إياه من عباده لشاهده في آن واحد وقد يشاهد الممتنع والمحال وغير المتناهي بنوع مشاهدة كما نجده في وجداننا وكل ذلك من غرائب صنع الله وجعل البعض البصر هاهنا مجازا عن المشاهدة لانه كثيرا ما يكون آلة لمشاهدتها ويكون هو معتبرا باعتبارها حتى لو لاها يكون هو في حكم المفقود وبهذا الاعتبار أورد الابصار في مقام البصائر فقال في تفسيره فاتعظوا وانظروا فيما نزل بهم يا ذوى العقول والبصائر وهذا هو الأليق بشأن الاتعاظ والأوفق لقوله تعالى فاعتبروا يا اولى الألباب إذا للب وهو العقل الخالص عن الكدورات البشرية والبصيرة التي هى عين القلب حين ما كانت مجلوة خاصة بالعقلاء اللائقين للخطاب بالأمر بالاعتبار واما البصر فيوجد في البهائم والبصيرة الغير المجلوة فتوجد في العوام وجعله البعض الآخر على حقيقته فقال في تفسيره فاعتبريا من عاين تلك الوقائع لكن مآل القولين واحد إذ مجرد البصر المعاين لا يفيد الاعتبار بلا بصيرة صحيحة وفي الوسيط معنى الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها قال يحيى بن معاذ رحمه الله من لم يعتبر بالمعاينة استغنى عن الموعظة وقد استدل بالآية على حجية القياس من حيث انه أمر بالمجاوزة من حال الى حال وحملها عليها في حكم لما بينهما من المشاركة المقتضية له كما فصل فى الكتب الاصولية وأشار بأهل الكتاب الى يهودى النفس ونصرانى الهوى وانما نسبنا التنصر الى الهوى والتهود الى النفس لغلبة عطلة النفس فان الهوى بالنسبة الى النفس كالروح بالنسبة الى الجسم البدني ولهذا المعنى قيل الهوى روح النفس ينفخ فيها هوى الشهوات الحيوانية ويهوى الى هاوية الجحيم والله تعالى يستأصلها من ديار صفاتها الظلمانية بالصدمة الاولى من قتال الحشر الاول وظنوا ان حصون طباعهم الرديئة تمنعهم عن الانسلاخ من صفاتهم الخسيسة فأتاهم الله بالتجلى القهرى وقذف في قلوب النفس والهوى رعب المفارقة بينهما فان كل واحد منهما كان متمسكا بالآخر تمسك الروح بالبدن وقيام البدن بالروح يخربون بيوت صفاتهم بأيدى أهوائهم المضلة وبقوة أيدى الروح والسر والقلب لغلبة نوريتهم عليها فاعتبروا يا اولى الابصار الذين صار الحق تعالى بصرهم كما قال في يبصر وبي يسمع وبي يبطش الحديث بطوله وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ حكم عَلَيْهِمُ اى على بنى النضير الْجَلاءَ اى الخروج من أوطانهم على ذلك الوجه الفظيع وقد سبق الكلام في الجلاء ولولا امتناعية وما بعدها مبتدأ فان أن مخففة من الثقيلة اسمها ضمير الشأن المقدر اى ولولا أنه وكتب الله خبرها والجملة في محل الرفع بالابتداء بمعنى ولولا كتاب الله عليهم الجلاء واقع في علمه او في لوحه لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة من اليهود قال بعضهم لما استحقوا بجرمهم العظيم قهرا عظيما أخذوا بالجلاء الذي جعل عديلا لقتل النفس لقوله تعالى ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا أنفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الى قليل منهم مع ان فيه احتمال ايمان بعضهم بعد مدة وايمان من يتولد منهم وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ استئناف غير متعلق بجواب لولا إذ لو كان معطوفا

[سورة الحشر (59) : الآيات 4 إلى 5]

عليه لزم أن ينجوا من عذاب الآخرة ايضا لان لولا تقتضى انتفاء الجزاء لحصول الشرط وانما جيئ به لبيان انهم ان نجوا من عذاب الدنيا بكتابة الجلاء لا نجاة لهم من عذاب الآخرة يقول الفقير لا يلزم من نجاتهم من عذاب الدنيا أن لا يكون جلاؤهم من قبيل العذاب وانما لم يكن منه بالنسبة الى عذاب الاستئصال والوجه في جلائهم انهم قصدوا قتل النبي عليه السلام وقتله شر من ألف قتل فأخذوا بالجلاء ليموتوا كل يوم ألف مرة لان انقطاع النفس عن مألوفاتها بمنزلة موتها فجاء الجزاء من جنس العمل قال بعض أهل الاشارة ولولا ان كتب الله على يهودى النفس ونصرانى الهوى جلاء الانسلاخ من ديار وجوداتهم لعذبهم في طلب الدنيا ومحبتها ولهم فى آخر الأمر عذاب نار القطيعة عن مألوفاتهم الطبيعية ومستحسناتهم الحسية ذلِكَ اى ما حاق بهم وسيحيق بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ خالفوا أمرهما وفعلوا ما فعلوا مما حكى عنهم من القبائح والمشاقة كون الإنسان في شق ومخالفه في شق وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ كائنا من كان فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ له فهو نفس الجزاء بحذف العائد او تعليل للجزاء المحذوف اى يعاقبه الله فان الله شديد العقاب فاذا لهم عقاب شديد ايضا لكونهم من المشاقين وأيا ما كان فالشرطية تحقيق للسببية بالطريق البرهان وفيه اشعار بأن المخالفة تقتضى المؤاخذة بقدر قوتها وضعفها فليحذر المؤمنون من العصيان مطلقا همينست بسندست اگر بشنوى ... كه كر خار كارى سمن ندروى اعلم ان الله الذي هو الاسم الأعظم جامع لجميع الأسماء الالهية المنقسمة الى الأسماء الجلالية القهرية والجمالية اللطفية والتشاقق فيه استدعاء أحد الشقين من التجليين الجمالي والجلالي بأن يطلب الطالب منه اللطف والجمال وهو ممن يستحق القهر والجلال لاممن يستحق اللطف والجمال فهو يستدعى من الحق شيأ لا تقتضى حكمته البالغة إعطاءه إياه وهو من قبيل التحكم الذي لا يجوز بالنسبة الى الله تعالى كما قال تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه (قال الحافظ) درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند مى رويم والمشاقة مع الرسول عليه السلام المنازعة في حكمة امره ونهيه مثل اسرار الصلوات الخمس واختلاف إعدادها وقراءتها جهرا وسرا ومثل اسرار الزكاة واختلاف أحكامها ومثل احكام الحج ومناسكه ونحن أمرنا بمحض الامتثال والانقياد وما كلفنا بمعرفة اسرارها وحقائقها والنبي عليه السلام مع كمال عرفانه وجلال برهانه يقول ان أتبع الا ما يوحى الى وقال نحن نحكم بالظواهر والله يعلم السرائر قوله فان الله شديد العقاب ومن شدة عقابه ابتلاء عبده بامتثال هذه الأشياء مع عدم تكليفه إياه بمعرفة حقائقها والمراد بالعقاب الاتعاب والا فالاحكام من قبيل الرحمة لا العذاب ولذا من قال هذه الطاعات جعلها الله علينا عذابا من غير تأويل كفر ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ما شرطية نصب بقطعتم واللينة فعلة نحو حنطة من اللون على أن أصلها لونة فياؤها مقلوبة عن واو لكسرة ما قبلها نحو ديمة وفيمة وتجمع على ألوان وهى ضروب النخل كلها وقيل من اللين وتجمع على لين وأليان وهى النخلة

الكريمة الشجرة بكونها قريبة من الأرض والطيبة الثمرة قال الراغب في المفردات اللين ضد الخشونة ويستعمل ذلك في الأجسام ثم يستعار للخلق ولغيره من المعاني فيقال فلان لين وفلان خشن وكل واحد منهما يمدح به طورا ويذم به طورا بحسب اختلاف المواضع وقوله ما قطعتم من لينة اى من نخلة ناعمة ومخرجه مخرج فعلة نحو حنطة ولا يختص بنوع منه دون نوع انتهى والمعنى اى شيء قطعتم من نخلة من نخيلهم بأنواعها وقيل اللينة ضروب النخل كلها ما خلا العجوة والبرنية وهما أجود النخل أَوْ تَرَكْتُمُوها الضمير لما وتأنيثه لتفسيره باللينة كما في قوله تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها قائِمَةً حال من ضمير المفعول عَلى أُصُولِها كما كانت من غير أن تتعرضوا لها بشيء من القطع جمع اصل وهو ما يتشعب منه الفرع فَبِإِذْنِ اللَّهِ فذاك آي قطعها وتركها بأمر الله فلا جناح عليكم فيه فان في كل من القطع والترك حكمة ومصلحة وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ اى وليذل اليهود الخارجين عن دائرة الإسلام اذن في قطعها وتركها فهو علة لمحذوف يقال خزى الرجل لحقه انكسار اما من نفسه وهو الحياء المفرط ومصدره الخزاية واما من غيره وهو ضرب من الاستخفاف ومصدره الخزي أذن الله في قطعها وتركها لانهم إذا رأوا المؤمنين يتحكمون في أموالهم كيف أحبوا ويتصرفون فيها حسبما شاؤا من القطع والترك يزدادون غيظا ويتضاعفون حسرة وذلك ان رسول الله عليه السلام حين أمر أن تقطع نخيلهم وتحرق قالت اليهود وهم بنوا النضير يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض فما بال قطع النخيل وإحراقها فشق ذلك على النبي عليه السلام وكان في أنفس المؤمنين ايضا من ذلك شيء فنزلت وجعل أمر رسول الله أمره تعالى لانه عليه السلام ما ينطق عن الهوى واستدل به على جواز هدم ديار الكفرة وقطع أشجارهم مثمرة كانت او غير مثمرة وإحراق زروعهم زيادة لغيظهم وتخصيص اللينة بالقطع ان كانت من الألوان ليستبقوا لأنفسهم العجوة والبرنية اللتين هما كرام النخيل وان كانت هى الكرام ليكون غيظهم أشد ويقال ان العتيق والجوة كانتا مع نوح في السفينة والعتيق الفحل وكانت العجوة أصل الإناث كلها فلذا شق على اليهود قطعها وظهر من هذا أن اللون هو ما عدا العجوة والبرني من انواع التمر بالمدينة والبرني بالفارسية حمل مبارك او جيدلان أصله برنيك فعرب ومن انواع تمر المدينة الصيحاني وفي شرح مسلم للنووى ان انواع التمر مائة وعشرون وفي تاريخ المدينة الكبير للسيد السمهودى أن انواع التمر بالمدينة التي أمكن جمعها بلغت مائة وبضعا وثلاثين ويوافقه قول بعضهم اختبرناها فوجدنا اكثر مما ذكره النووي قال ولعل ما زاد على ما ذكر حدث بعد ذلك واما انواع التمر بغير المدينة كالمغرب فلا تكاد تنحصر فقد نقل ان عالم فاس محمد بن غازى أرسل الى عالم سلجماسة ابراهيم بن هلال يسأله عن حصر أنواع التمر بتلك البلدة فأرسل اليه حملا او حملين من كل نوع تمرة واحدة فأرسل اليه هذا ما تعلق به علم الفقير وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وفي نسق الازهار ان بهذه البلدة رطبا يسمى البتونى وهو أخضر اللون واحلى من عسل النحل ونواه في غاية الصغر

[سورة الحشر (59) : الآيات 6 إلى 10]

وكانت العجوة خير أموال بنى النضير لانهم كانوا يقتاتوتها وفي الحديث (العجوة من الجنة وتمرها يغذى أحسن الغذاء) روى ان آدم عليه السلام نزل بالعجوة من الجنة وفي البخاري من تصبح كل يوم على سبع تمرات عجوة لم يصبه في ذلك اليوم سم ولا سحر وقد جاء فى العجوة العالية شفاء وانها ترياق أول البكرة وفي كلام بعضهم العجوة ضرب من التمر اكبر من الصيحاني تضرب الى السواد وهى مما غرسه النبي عليه السلام بيده الشريفة وقد علمت انها في نخل بنى النضير وعن ابن عباس رضى الله عنهما هبط آدم من الجنة بثلاثة أشياء بالآسة وهى سيدة ريحان الدنيا والسنبلة وهى سيدة طعام الدنيا والعجوة وهى سيدة ثمار الدنيا وفي الحديث (ان العجوة من غرس الجنة وفيها شفاء وانها ترياق أول البكرة وعليكم بالتمر البرني فكلوه فانه يسبح في شجره ويستغفر لآكله وانه من خير تمركم وانه دوآء وليس بداء) وجاء بيت لا تمر فيه جياع أهله قال ذلك مرتين ولما قطعت العجوة شق النساء الجيوب وضربن الحدود ودعون بالويل كما في انسان العيون قال بعض أهل الاشارة يشير الى من قطع نخلة محبة الدنيا من ارض قلبه بأمر الله وحكمته المقتضية لذلك الأمر بالقطع وهم المحرمون المنقطعون عن الدنيا ومحبتها وشهواتها ولذاتها المتوجهون الى طريق السلوك الى الله بتزكية النفس وتصفية القلب وتخلية السر وتحلية الروح والى من ترك الدنيا في ارض قلبه قائمة على أصولها على حالها بإذن الله وحكمته البالغة المقتضية لا بقائها وهم الكاملون المكملون الواصلون المواصلون الذين ليس للدنيا ولا للآخرة عندهم قدر ومقدار ما زاغ نظر ظاهرهم ولا بصر باطنهم إليهما لاشتغالهم بذكر الله اى بذكر ذاته وصفاته وأسمائه كما قال في حقهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وليخزى الفاسقين الذين خرجوا من مقام المعرفة والعرفان وما عرفوا ان للحق عبادا ليس للدنيا والآخرة عندهم قدر ومقدار وما زاغ بصر ظاهرهم ولا نظر باطنهم إليهما وطعنوا فيهم بمحبة الدنيا ونسبوا إليهم حب الشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية فأخزاهم الله بشؤم هذا الطعن والله يشهد انهم لكاذبون (قال الحافظ) پس تجربه كرديم درين دير مكافات ... با درد كشان هر كه در افتاد بر افتاد وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ شروع في بيان حال ما أخذ من أموالهم بعد بيان ما حل بأنفسهم من العذاب العاجل والآجل وما فعل بديارهم ونخيلهم من التخريب والقطع وما موصولة مبتدأ وقوله فما او جفتم خبره ويجوز جعلها شرطية وقوله فما او جفتم جوابا والفيء في الأصل بمعنى الرجوع وأفاء أعاد وارجع فهو على اصل معناه هنا والمعنى ما أعاده اليه من مالهم اى جعله عائدا ففيه اشعار بأنه كان حقيقا بأن يكون له عليه السلام وانما وقع في أيديهم بغير حق فرجعه الله الى مستحقه لانه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق ليتوسلوا به الى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين وهو عليه السلام رأسهم ورئيسهم وبه أطاع من أطاع فكان أحق به فالعود على هذا بمعنى أن يتحول الشيء الى ما فارق عنه وهو الأشهر ويجوز أن يكون معناه صيره له فالعود على هذا بمعنى أن

يتحول الشيء الى ما فارق عنه وان لم يكن ذلك التحول مسبوقا بالحصول له والحمل هنا على هذا المعنى لا يحوج الى تكلف توجيه بخلاف الاول وكلمة على تؤيد الثاني وقال بعضهم أفاء الله مبنى على ان الفيء الغنيمة فمعنى أفاء الله على رسوله جعله فيئاله خاصة وقال الراغب الفيء والفيئة الرجوع الى حالة محمودة وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فيئ قال بعضهم سمى ذلك بالفيء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على ان أشرف اعراض الدنيا يجرى مجرى ظل زائل والفئة الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم الى بعض فى التعاضد وقال المتطرزى في المغرب في الفرق بين الغنيمة والفيء والنفل ان الغنيمة عن أبى عبيد ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة وحكمها أن تخمس وسائرها بعد الخمس للغانمين خاصة والفيء ما نيل منهم بعد ما تضع الحرب أوزارها وتصير الدار دار اسلام وحكمه أن يكون لكافة المسلمين ولا يخمس والنفل ما بنفله الغازي اى يعطاه زائدا على سهمه وهو أن يقول الامام او الأمير من قتل قتيلا فله سلبه او قال للسرية ما أصبتم فلكم ربعه او نصفه ولا يخمس وعلى الامام الوفاء به وعن على بن عيسى الغنيمة أعم من النفل والفيء أعم من الغنيمة لانه اسم لكل ما صار للمسلمين من أموال أهل الشرك قال أبو بكر الرازي فالغنيمة فيئ والجزية فيئ ومال اهل الصلح فيئ والخراج فيئ لان ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين وعند الفقهاء كل ما يحل أخذه من أموالهم فهو فيئ مِنْهُمْ اى بنى النضير فَما نافية أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ اى فما أجريتم على تحصيله وتغنمه من الوجيف وهو سرعة السير يقال أوجفت البعير أسرعته وفي القاموس الوجيف ضرب من سير الخيل والإبل وقيل اوجف فأعجف مِنْ خَيْلٍ من زائدة بعد النفي اى خيلا وهو جماعة الافراس لا واحد له او واحده خائل لانه يختال والجمع أخيال وخيول كما في القاموس وقال الراغب الخيلاء التكبر من تخيل فضيلة تترا أي للانسان من نفسه ومنها تتأول لفظة الخيل لما قيل انه لا يركب أحد فرسا إلا وجد فى نفسه نخوة والخيل في الأصل اسم للافراس والفرسان جميعا قال تعالى ومن رباط الخيل ويستعمل في كل واحد منهما منفردا نحو ما روى يا خيل الله اركبي فهذا للفرسان وقوله عليه السلام عفوت لكم عن صدقة الخيل يعنى الافراس انتهى والخيل نوعان عتيق وهجين فالعتيق ما أبوه عربيان سمى بذلك لعتقه من العيوب وسلامته من الطعن فيه بالأمور المنقصة وسميت الكعبة بالبيت العتيق لسلامتها من عيب الرق لانه لم يملكها ملك قط وإذا ربط الفرس العتيق في بيت لم يدخله شيطان والهجين الذي أبوه عربى وامه عجمية والفرق ان عظم البر ذونة أعظم من عظم الفرس وعظم الفرس أصلب وأثقل والبر ذونة احمل من الفرس والفرس أسرع منه والعتيق بمنزلة الغزال والبرذونة بمنزلة الشاة والفرس برى المنامات كبنى آدم ولا طحال له وهو مثل لسرعته وحركته كما يقال للبعير لامرارة له اى له جسارة وَلا رِكابٍ هى ما يركب من الإبل خاصة كما ان الراكب عندهم راكبها لا غير واما راكب الفرس فانهم يسمونه فارسا ولا واحد لها من لفظها وانما الواحدة منها

[سورة الحشر (59) : آية 7]

راحلة قال في المفردات الركوب في الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص في التعارف بممتطى البعير جمعه ركب وركبان وركوب واختص الركاب بالمركوب والمعنى ما قطعتم ولها شقة بعيدة ولا لقيتم مشقة شديدة ولا قتالا شديدا وذلك وانه كانت قرى بنى النضير على ميلين من المدينة وهى ساعة واحدة بحساب الساعات النجومية فذهبوا إليها مشيا وما كان فيهم راكب الا النبي عليه السلام وكان يركب حمارا مخطوما بليف على ما سبق او جملا على ما قاله البعض فافتتحها صلحا من غير أن يجرى بينهم مسايفة كأنه قال وما أفاء الله على رسوله منهم فما حصلتموه بكد اليمين وعرق الجبين وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ اى سنته تعالى جارية على أن يسلطهم على من يشاء من أعدائهم تسليطا خاصا وقد سلط النبي عليه السلام على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أن تقتحموا مضايق الحطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم في أموالهم يعنى ان الأمر فيه مفوض اليه يضعه حيث يشاء فلا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا وذلك انهم طلبوا القسمة كخيبر فنزلت وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيفعل ما يشاء كما يشاء تارة على الوجوه المعهودة واخرى على غيرها تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بي منت سپاهى اعلم ان الفيض الإلهي الفائض من الله على ساحة قلب السالك على قسمين اما بالوهب المحض من خزانة اسمه الوهاب من غير تعمل من العامل فيه من ركض خيل النية الصالحة ومن سوق ركاب العمل الصالح من الفرائض والنوافل فهو مقطوع الروابط من جانب السالك العامل فليس للسالك أن يضيف ذلك الفيض والوارد القلبي الى نفسه بوجه من الوجوه ولا الى الأعمال الصادرة منه بسبب الأعضاء والجوارح بل يتركه على صرافة الوهب الرباني وطراوة العطاء الامتنانى والآية الكريمة دالة هذا القسم واما مشوب بتعمله فهو من خزانة اسمه الجواد فله أن يضيفه الى نفسه وأعضائه وجوارحه ليظهر اثره عليها كلها والآية الثالثة الآتية تشير الى القسم الثاني وقد جمع بينهما قوله تعالى لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم فان الاول اشارة الى الاول والثاني الى الثاني وأراد برسوله رسول القلب وانما سمى القلب بالرسول لان الرسالة من حضرة الروح الى النفس الكافرة والهوى الظالم بدعوتهما الى الحق تعالى بالايمان والهدى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى بيان لمصارف الفيء بعد بيان إفاءته عليه صلّى الله عليه وسلّم من غير ان يكون للمقاتلة فيه حق ولذا لم يعطف عليه كأنه لما قيل ما أفاء الله على رسوله من اموال بنى النضير شيء لم تحصلوه بالقتال والغلبة فلا يقسم قسمة الغنائم فكأنه قيل فكيف يقسم فقيل ما أفاء الله إلخ قال في برهان القرآن قوله وما أفاء الله وبعده ما أفاء الله بغير واو لان الاول معطوف على قوله ما قطعتم من لينة والثاني استئناف وليس له به تعلق وقول من قال بدل من الاول مزيف عند اكثر المفسرين انتهى وإعادة عين العبارة الاولى لزيادة التقرير ووضع اهل القرى موضع ضميرهم للاشعار بشمول ما لعقاراتهم ايضا فالمراد بالقرى قرى بنى النضير (وقال الكاشفى) من اهل القرى

از اموال واملاك اهل دهها وشهرها كه بحرب كرفته نشود وفي عين المعاني اى قريظة والنضير بالمدينة وفدك وخيبر وفي انسان العيون وفسرت القرى بالصغرى ووادي القرى اى بثلث ذلك كما في الامتاع وينبع وفسرت بنى النضير وخيبر اى بثلاثة حصون منها وهى الكيتيه والوطيح والسلالم كما في الامتاع وفدك اى نصفها قال العلماء كانت الغنائم في شرع من قبلنا الله خاصة لا يحل منها شيء لأحد وإذا غنمت الأنبياء عليهم السلام جمعوها فتنزل نار من السماء فتأخذها فخص نبينا عليه السلام من بينهم بأن أحلت له الغنائم قال عليه السلام أحلت لى الغنائم ولم تحل لاحد قبلى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ يأمران ما احبا وقيل ذكر الله للتشريف والتعظيم والتبرك وسهم النبي عليه السلام سقط بموته (روى) عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ان اموال بنى النضير كانت مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه فكانت لرسول الله خالصة وكان ينفق على اهله منها نفقة سنة وما بقي جعله في الخيل والسلاح عدة في سبيل الله وَلِذِي الْقُرْبى وهم بنوا هاشم وبنوا المطلب الفقراء منهم لما حرموا الصدقة اى الزكاة وروى ابو عصمة عن ابى حنيفة رحمه الله انه يجوز دفع الزكاة الى الهاشمي وانما كان لا يجوز في ذلك الوقت ويجوز النفل بالإجماع وكذا يجوز النفل للغنى كذا في فتاوى العتابى وذكر في المحيط بعد ما ذكر هذه الرواية (وروى) ابن ساعدة عن ابى يوسف رحمه الله انه لا بأس بصدقة بنى هاشم بعضهم على بعض ولا أرى الصدقة عليهم وعلى مواليهم من غيرهم كذا في النهاية وقال في شرح الآثار عن ابى حنيفة رحمه الله ان الصدقات كلها جائزة على بنى هاشم والحرمة كانت فى عهد النبي عليه السلام لوصول خمس الخمس إليهم فلما سقط ذلك بموته حلت لهم الصدقة قال الطحاوي وبالجواز نأخذ كذا في شرح الوقاية لابن الملك وَالْيَتامى جمع يتيم واليتم انقطاع الصبى عن أبيه قبل بلوغه وفي سائر الحيوانات من قبل امه وَالْمَساكِينِ جمع مسكين ويفتح ميمه وهو من لا شيء له اوله مالا يكفيه او اسكنه الفقر اى قلل حركته والذليل الضعيف كما في القاموس وهو من السكون فنونه اصلية لا نون جمع ولذلك تجرى عليه الأعاريب الثلاثة وَابْنِ السَّبِيلِ اى المسافر البعيد عن ماله وسمى به لملازمة له كما تقول للص القاطع ابن الطريق وللمعمر ابن الليالى ولطير الماء ابن الماء وللغراب ابن دأية باضافة الابن الى دأية البعير لكثرة وقوعه عليها إذا دبرت والدأية الجنب قال اهل التفسير اختلف في قسمة الفيء قيل يسدس لظاهر الآية ويصرف سهم الله الى عمارة الكعبة وسائر المساجد ويصرف ما بقي وهى خمسة أسداس الستة الى المصارف الخمسة التي يصرف إليها خمس الغنيمة وقيل يخمس لان ذكر الله للتعظيم ويصرف كل خمس الى مصارف خمس الغنيمة ويصرف الآن سهم الرسول عليه السلام الى الامام على قول والى العساكر والثغور على قول وهو الأصح عند الشافعية والى مصالح المسلمين على قول وقيل يخمس خمسه كالغنيمة فانه عليه السلام كان يقسم الخمس كذلك ويصرف الأخماس الاربعة كما يشاء اى كان يقسم الفيء أخماسا ويصرف الأخماس الاربعة لذى القربى

واليتامى والمساكين وابن السبيل ويخمس الخمس الباقي ويختار خمس الخمس لنفسه ويصرف الأخماس الاربعة الباقية كما يشاء والآن على الخلاف المذكور من صرف سهمه عليه السلام الى الامام او العساكر والثغور او مصالح المسلمين وفي التأويلات النجمية ذووا القربى الروح والقلب والسر والخفي وهم مقربوا الحق تعالى بقرب الحسب والنسب واليتامى المتولدات من النفس الحيوانية الباقية بعد فناء النفس بحسب سطوات تجليات القهر والمساكين هم الأعضاء والجوارح وابن السبيل القوى البشرية والحواس الخمس المسافرون الى عوالم المعقولات والمتخيلات والموهومات والمحسوسات بقدم العقل والخيال والوهم والحس وقال بعض اهل الاشارة ذووا القربى هم الذين شاركوه في بعض مقاماته عليه السلام واليتامى هم الذين انقطعوا عمادون الحق الى الحق فبقوا بين الفقدان والوجدان طلاب الوصول والمساكين هم الذين ليس لهم بلغة المقامات وليسوا بمتمكنين في الحالات وابن السبيل هم الذين سافروا من الحدثان الى القدم كَيْ لا يَكُونَ علة لقوله فلله وللرسول اى تولى الله قسمة الفيء وبين قسمته لئلا يكون اى الفيء الذي حقه أن يكون للفقرآء يعيشون به دُولَةً بضم الدال وقرئ بفتحها وهى ما يدول للانسان اى يدور من الغنى والجد والغلبة اى كيلا يكون جدا بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ يتكاثرون به والخطاب للانصار لانه لم يكن في المهاجرين في ذلك الوقت غنى كما في فتح الرحمن او كيلا يكون دولة جاهلية بينكم فان الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة ويقولون من عزيز اى من غلب سلب فيجعلون الاستقلال بمال الغنيمة والانفراد به منوطا بالغلبة عليه فكل من غلب على شيء منه يستقل به ولا يعطئ الفقراء والضعفاء شيأ منه (قال الكاشفى) در معالم آورده كه اهل جاهليت چون غنيمتى كرفتندى مهتر ايشان ربعى بر داشتى واز باقى نيز براى خود تحفه اختيار كردى وانرا صفى كفتندى وباقى را با قوم كذاشتى وتوانكران قوم بر درويشان در ان قسمت حيف كردندى جمعى از رؤساى اهل ايمان در غنايم بنى النضير همين خيال بسته كفتند يا رسول الله شما ربعى ونصفى مغنم را برداريد وبگذاريد تا باقى را قسمت كنيم حق سبحانه وتعالى آنرا خاصه حضرت پيغمبر عليه السلام كردانيد وقسمت آنرا بر وجهى كه مذكور شد مقرر ساخت وفرمود كه حكم فيء پيدا كرديم تا نباشد آن فئ كردان دست بدست ميان توانكران از شما كه زياده از حق خود بردارند وفقرا را اندك دهند يا محروم سازند چنانكه در زمان جاهليت بوده وقيل الدولة بالضم ما يتداول كالغرفة اسم ما يغترف اى ان الدولة اسم للشيء الذي بتداوله القوم بينهم فيكون مرة لهذا ومرة لهذا والتداول بالفارسية از يكديكر فرا كرفتن وتداول القوم كذا وداول الله بينهم كذا فالمعنى كيلا يكون الفيء شيأ يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاورونه فلا يصيب الفقراء والدولة بالفتح مصدر بمعنى التداول وفيه إضمار محذوف فالمعنى كيلا يكون ذا تداول بينهم او كيلا يكون إمساكه واخذه تداولا لا يخرجونه الى الفقراء وقيل هى بالفتح بمعنى انتقال حالة سارة الى قوم عن قوم وتستعمل في نفس الحالة السارة التي تحدث للانسان

يقال هذه دولة فلان وقيل الضم للاغنياء والفتح للفقرآء وفي الحديث (اغتنموا دولة الفقراء) كما في الكواشي وفي الآية اشارة الى إعطاء كل ذى حق حقه كيلا يحصل بين الأغنياء والفقراء نوع من الجور والدولة الجاهلية يقال كان الفقراء في مجلس سفيان الثوري أمراء اى كالامرآء في التقديم والإكرام والعزة وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ ما موصولة والعائد محذوف والإيتاء الإعطاء والمناولة اى ما أعطاكموه ايها لمؤمنون من الفيء فَخُذُوهُ فانه حقكم وَما نَهاكُمْ عَنْهُ اى عن اخذه فَانْتَهُوا عنه وَاتَّقُوا اللَّهَ فى مخالفته عليه السلام إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فيعاقب من يخالف امره ونهيه والاولى حمل الآية على العموم فالمعنى وما آتاكم الرسول من الأمر مطلقا فيئا او غيره اصولا اعتقادية او فروعا عملية فخذوه اى فتمسكوا به فانه واجب عليكم هر شربتى از دست او در آيد بستانيد كه حيات شما در آنست وآن لوح را خوانيد كه نويسد زيرا ضروريات شما در صفحه او بيانست وما نهاكم عن تعاطية أيا كان فانتهوا عنه زيرا امر ونهى او بحق است هر كه ممتثل امر او كردد نجات يابد وهر كه از نهى او اجتناب ننمايد در ورطه هلاك افتد آنكس كه شد متابع امر توقد نجا ... وانكو خلاف راى تو ورزيد قد هلك وفيه دليل على ان كل ما امر به النبي عليه السلام امر من الله تعالى قال العلماء اتباع الرسول عليه السلام في الفرائض العينية فرض عين وفرض كفاية في الفروض على سبيل الكفاية وواجب فى الواجبات وسنة في السنن فما علمنا من أفعاله واقعا على جهة نقتدى به في اتباعه على تلك الجهة وما لم نعلم على اى جهة فعله فلنا فعله على أدنى منازل أفعاله وهو الإباحة (روى) ان ابن مسعود رضى الله عنه لقى رجلا محرما وعليه ثيابه فقال انزع عنك هذا فقال الرجل أتقرأ على بهذا آية من كتاب الله قال نعم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (وروى) عن ابن مسعود رضى الله عنه (قال لعن الله الواشمات) اى فاعلات الوشم وهو ما يوشم به اليد من نؤور أو نيلج قال في القاموس الوشم كالوعد غرز الابرة فى البدن ور النيلج عليه والنؤور كصبور النيلج ودخان الشحم وحصاة كالاثمد تدق فيسفها اللثة (والمستوشمات) يقال استوشمت الجارية طلبت ان يوشم بها (والمتنمصات للحسن) وهى اى المتنمصة التي تنتف شعرها يعنى بر كننده موى از براى حسن قال في القاموس التمص نتف الشعر ولعنت النامصة وهى مزينة النساء بالنمص والمتنمصه وهى مزينة به (المغيرات خلق الله) آن زنانى كه تغيير كنند آفريده خدا را ويدخل فيه تحديد الأسنان وإصلاحها ببعض الآلات وثقب الانف واما ثقب الاذن فمباح للنساء لاجل التزيين بالقرط وحرام على الرجال كحلق اللحية (فبلغ ذلك امرأة من بنى أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت) پس آمد آن زن نزد (ابن مسعود رضى الله عنه فقالت قد بلغني انك قلت كيت وكيت) يعنى مرا رسيده است كه تو كفته چنين و چنين (فقال ومالى لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله) يعنى ابن مسعود كفت چكونه لعنت نكنم آنرا كه لعنت كرده است رسول الله وآنرا كه در كتاب الله است (فقالت لقد قرأت ما بين اللوحتين فما وحدت فيه ما تقول قال لئن كنت

[سورة الحشر (59) : آية 8]

قرأته لقد وجدته اما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فانه عليه السلام قد نهى عنه) ولذلك قرأ ابن عباس رضى الله عنه هذه الآية للنهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت والدباء بالضم والمد القرعة والحنتم بفتح الحاء والتاء وسكون النون قبلها جرة خضرآء والنقير ما نقب من حجر وخشب ونحوهما والمزفت بالضم والتشديد جرة او خابية طليت ولطخت بالزفت بالكسر اى القار وحل عند الامام الأعظم اتخاذ نبيذ التمر والذرة ونحوه بأن يلقى في هذه الاوعية وان حصل الاشتداد بسببها وفي الحديث (القرآن صعب عسر على من كرهه ميسر على من تبعه وحديثى صعب مستصعب وهو الحكمة فمن استمسك بحديثي وحفظه كان مع القرآن ومن تهاون بحديثي خسر الدنيا والآخرة وأمرتم أن تأخذوا بقولي وتتبعوا سنتى فمن رضى بقولي فقد رضى بالقرءان ومن استهزأ بقولي فقد استهزأ بالقرءان قال الله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وسئل سهل رحمه الله عن شرائع الإسلام فقال ما آتاكم الرسول من خبر الغيب ومكاشفة الرب فخذوه باليقين وما نهاكم عنه من النظر الى غير الله فانتهوا عنه وفي التأويلات النجمية يخاطب به ذوى الحقوق من المراتب الأربع ويقال لهم ما أعطاكم رسول القلب من الفيض الذي حصل له بمددكم الصوري ومعونتكم المعنوية من قبل قتل النفس الكافرة والهوى الظالم فاقبلوه منه بحسن التلقي ولطف القبول وانه اعطاكم على حسب استعدادكم وما منع عنه فامتنعوا عن الاعتراض عليه واتقوا الله في الاعتراض فان الله شديد العقاب بحرمانكم من حسن التوجه اليه ولطف الاستفاضة عنه لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بدل من لذى القربى وما عطف عليه لا من الله والرسول والا يلزم دخول الرسول فى زمرة الفقراء وهو لا يسمى فقيرا لانه يوهم الذم والنقصان لان اصل الفقر كسر فقار الظهر من قولهم فقرته ولهذا سميت الحاجة والداهية فاقرة لانهما تغلبان الإنسان وتكسران فقار ظهره وإذا لم يصح تسمية الرسول فقيرا فلأن لا يصح تسميته تعالى فقيرا اولى مع ان الله تعالى أخرجه عليه السلام من الفقراء هنا بقوله وينصرون الله ورسوله بقي ان ابن السبيل الذي له مال في وطنه لا يسمى فقيرا نص عليه في التلويح وغيره ومن أعطى اغنياء ذوى القربى كالشافعى خص الابدال بما بعده بخلاف أبى حنيفة رحمه الله فان استحقاق ذوى القربى الفيء مشروط عنده بالفقر واما تخصيص اعتبار الفقر بفيئ بنى النضير فتعسف ظاهركما في الإرشاد الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ از سراهاى ايشان كه در مكه داشتند وَأَمْوالِهِمْ ودور افتاده اند از مالهاى خود حيث اضطرهم كفار مكة الى الخروج وأخذوا أموالهم وكانوا مائة رجل فخرجوا منها والافهم هاجروا باختيارهم حبا لله ورسوله واختاروا الإسلام على ما كانوا فيه من الشدة حتى كان الرجل يعصب الحجر على بطنه ليقيم صلبه من الجوع وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دار غيرها وصح عن رسول الله عليه السلام انه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين وقال عليه السلام ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وذلك

مقدار خمسائة عام يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً اى حال كونهم طالبين منه تعالى رزقا في الدنيا ومرضاة في الآخرة وصفوا اولا بما يدل على استحقاقهم للفيئ من الإخراج من الديار وقد أعاد ذلك ثانيا بما يوجب تفخيم شأنهم ويؤكده فهو حال من واو اخرجوا وفي ذكر حالهم ترق من العالي الى الأعلى فان رضوان الله اكبر من عطاء الدنيا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عطف على يبتغون فهى حال مقدرة اى ناوين نصرة الله بإعلاء دينه ونصرة رسوله ببذل وجودهم في طاعته او مقارنة فان خروجهم من بين الكفار مراغمين لهم مهاجرين الى المدينة نصرة واى نصرة أُولئِكَ المهاجرون الموصوفون بما ذكر من الصفات الحميدة هُمُ الصَّادِقُونَ الراسخون في الصدق حيث ظهر ذلك بما فعلوا ظهورا بينا كأن الصدق مقصور عليهم لكمال آثاره الصدق صدقة السر يعنى صدقه ملك سر است وصداق الجنة يعنى صداق سراى سرورست وصديق الحق يعنى صديق پادشاه حق است راست كارى پيشه كن كاندر مصاف رستخيز ... نيستند از خشم حق جز راستكاران رستكار مصطفى عليه السلام كفت ما مهتر كليت عالم ايم وبهتر ذريت آدم وما را بدين فخر نه شربتهاى كرم بر دست ما نهادند وهديتهاى شريف بحجره ما فرستادند ولباسهاى نفيس در ما پوشيدند وطراز إعزاز بر آستين ما كشيدند وما را بدان هيچ فخر نه كفتند مهترا پس اختيار تو چيست وافتخار تو بچيست كفت اختيار ما آنست وافتخار ما بدانست كه روزى ساعتى جوييم وبا اين فقر اى مهاجرين چون بلال وصهيب وسلمان وعمار ساعتى حديث او كوييم بر دل ذكر امتش نثارست مرا ... وز فقر لباس اختيارست مرا دينار ودرم بچهـ كارست مرا ... با حق همه كار چون بكارست مرا بدانكه فقر دواست يكى آنست كه رسول خدا از ان استعاذه كرده وكفته أعوذ بك من الفقر وديكر آنست كه رسول خدا كفته الفقر فخرى آن يكى نزديك بكفر واين يكى نزديك بحق اما آن فقر كه بكفر نزديك است فقر دلست كه علم وحكمت واخلاص وصبر ورضا وتسليم وتوكل از دل ببرد تا دل ازين ولايتها درويش كردد و چون زمين خراب شود دل خراب شود منزل شيطان كردد آنكه چون شيطان فرود آمد سپاه شيطان روى بوى نهند شهوت وغضب وحسد وشرك وشك وشبه ونفاق ونشان اين فقر آن بود كه هر چهـ بيند همه كژ بيند سمع او همه مجاز شنود زبان همه دروغ وغيبت گويد قدم بكوى همه ناشايست نهد اين آن فقرست كه رسول خدا كفت كاد الفقر أن يكون كفرا اللهم انى أعوذ بك من الفقر والكفر اما آن فقر كه گفت الفقر فخرى آنست كه مرد از دنيا برهنه كردد ودرين برهنكى بدين نزديك كردد وفي الخبر الايمان عريان ولباسه التقوى همانست كه متصوفه آنرا تجريد كويند كه مرد مجرد شود از رسوم انسانيت چنانكه تيغ مجرد شود از نيام خويش وتيغ مادامكه در نيام باشد هنرش آشكارا نكردد وفعل او پيدا نيايد همچنين دل

[سورة الحشر (59) : آية 9]

تا در غلاف انسانيت است هنر وى آشكار نگردد واز وى كارى نكشايد چون از غلاف انسانيت برهنه كردد صورتها وصفتها درو بنمايد وقال الشيخ نجم الدين الكاشفى رحمه الله الافتقار على ثلاثة اقسام افتقار الى الله دون الغير واليه الاشارة بقوله عليه السلام الفقر سواد الوجه في الدارين انتها وفي كل من الأحاديث المذكورة معان أخر جلية على اولى الألباب وطعن اهل الحديث في قوله الفقر فخرى لكن معناه صحيح اللهم أغنني بالافتقار إليك وسئل الحسين رحمه الله من الفقراء قال الذين وقفوا مع الحق راضين على جريان إرادته فيهم وقال بعضهم هم الذين تركوا كل سبب وعلاقة ولم يلتفتوا من الكونين الى شيء سوى ربهم فجعلهم الله ملوكا وخدمهم الأغنياء تشريفا لهم وفي التأويلات النجمية أبدل الله من ذوى القربى المهاجرين الى الله اى ذووا القربى هم المهاجرون من قرية النفس الى مدينة الروح والقلب بالسير والسلوك وقطع المفاوز النفسانية والبواد الحيوانية المخرجون من ديار وجوداتهم واموال صفاتهم واخلاقهم الى حضرة خالقهم ورازقهم طالبين من فضله وجوده وجوده ونور رضوان صفاته ونعوته ناصرين الله بمظهريتهم لله الاسم الجامع ورسوله بمظهريتهم لاحكامه وشرائعه الظاهرة أولئك هم الصادقون في مقام الفناء عنهم في ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم والبقاء به اى بذاته وصفاته وأفعاله جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ كلام مستأنف مسوق لمدح الأنصار بخصال حميدة من جملتها محبتهم للمهاجرين ورضاهم باختصاص الفيء بهم احسن رضى وأكمله والأنصار بنوا الأوس والخزرج ابني حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نيت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان قال فى القاموس قحطان بن عامر بن شالخ ابو حى انتهى وهو اصل العرب العرباء ومن الأنصار غسان كشداد ماء قرب الجحفة نزل عليه قوم من ولد الأزد فشربوا منه فنسبوا اليه وأصل البواء مساواة الاجزاء في المكان خلاف النبو الذي هو منافاة الاجزاء يقال مكان بواء إذا لم يكن نابيا بنازله وبوأت له مكانا سويت (وروى) انه عليه السلام كان يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله وتبوؤا لمنزل اتخاذه منزلا والتمكن والاستقرار فيه فالمتبوأ فيه لا بد أن يكون من قبيل المنازل والامكنة والدار هى المدينة وتسمى قديما يثرب وحديثا طيبة وطابة كذلك بخلاف الايمان فانه ليس من هذا القبيل فمعنى تبوئهم الدار والايمان انهم اتخذوا المدينة والايمان مباءة وتمكنوا فيهما أشد تمكن على تنزيل الحال منزلة المكان وقيل ضمن النبوء معنى اللزوم وقيل تبوأوا الدار وأخلصوا الايمان او قبلوه او آثروه كقول من قال علفتها تبنا وماء باردا ... اى وسقيتها ماء باردا فاختصر الكلام وقيل غير ذلك يقول الفقير لعل اصل الكلام والذين تبوأوا دار الايمان فان المدينة يقال لها دار الايمان لكونها مظهره ومأوى أصله كما يقال لها دار الهجرة وانما عدل الى ما ذكر من صورة العطف تنصيصا على ايمانهم إذ مجرد التبوء لا يكفى في المدح مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل هجرة المهاجرين فقدر المضاف لان الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين بل منهم من آمن قبل

الهجرة ومنهم من آمن بعدها قال بعضهم مراد انصارند كه در ديار خود ايمان آوردند وبد وسال پيش از قدوم حضرت مساجد ساختند وربوا الإسلام كما يربى الطير الفرخ قال فى الإرشاد يجوز أن يجعل اتخاذ الايمان مباءة ولزومه وإخلاصه عبارة عن اقامة كافة حقوقه التي من جملتها اظهار عامة شعائره وأحكامه ولا ريب في تقدم الأنصار في ذلك على المهاجرين لظهور عجزهم عن اظهار بعضها لا عن إخلاصه قلبا واعتقادا إذ لا يتصور تقدمهم عليهم فى ذلك وفي الآية اشارة الى دار القلب التي هى دار الصدق والإخلاص والى الايمان الاختصاصى الوهبي بتحقيقه وتثبيته يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ خبر للموصول اى يحبونهم من حيث مهاجرتهم إليهم لمحبتهم الايمان ولان الله وحبيبه احباهم وحبيب الحبيب حبيب وفي كشف الاسرار كنايتست از مهمان دوستئ أنصار وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ اى في نفوسهم حاجَةً اى شيأ محتاجا اليه مِمَّا أُوتُوا اى مما اوتى المهاجرون من الفيء وغيره ومن بيانية يقال خذ منه حاجتك اى ما تحتاج اليه والمراد من نفى الوجدان نفى العلم لان الوجدان في النفس ادراك علمى وفيه من المبالغة ما ليس في يعلمون وقال بعضهم طلب محتاج اليه يعنى ان نفوسهم لم تبتغ ما أوتوا ولم تطمح الى شيء منه يحتاج اليه وقيل وجدا على تقديمهم عليهم وغيظا وحسدا ونحو ذلك قال الراغب الحاجة الى الشيء الفقر اليه مع محبته وَيُؤْثِرُونَ اى يقدمون المهاجرين فالمفعول محذوف عَلى أَنْفُسِهِمْ فى كل شيء من اسباب المعاش جودا وكرما حتى ان من كان عنده امرأتان كان ينزل عن إحداهما ويزوجها واحدا منهم والإيثار عطاؤك ما أنت تحتاج اليه وفي الخبر لم يجتمع في الدنيا قوم قط الا وفيهم أسخياء وبخلاء الا في الأنصار فان كلهم أسخياء ما فيهم من بخيل وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ اى حاجة وخلة وأصلها خصاص البيت وهى فرجة شبه حالة الفقر والحاجة ببيت ذى فرج في الاشتمال على مواضع الحاجة قال الراغب عبر عن الفقر الذي لا يسد بالخصاصة كما عبر عنه بالخلة والخص بيت من قصب وشجر وذلك لما يرى منه من الخصاصة وكان عليه السلام قسم أموال بنى النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار الا ثلاثة نفر محتاجين أبا دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة رضى الله عنهم وروى لم يعط الا رجلين سهلا وأبا دجانة فان الحارث بن الصمة قتل في بئر معونة وقال لهم ان شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة وان شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة فقالت الأنصار بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها فنزلت وكان عليه السلام أعطى بعض الأراضي وأبقى بعضها يزرع له ولما أعطى المهاجرين أمرهم برد ما كان للانصار لاستغنائهم عنهم ولانهم ولم يكونوا ملكوهم وانما كانوا دفعوا لهم تلك النخيل لينتفعوا بثمرها ويدخل في إيثارهم المهاجرين بالفيء سائر الايثارات وعن انس رضى الله عنه انه قال اهدى لرجل من الأنصار رأس شاة وكان مجهودا فوجه به الى جار له زاعما انه أحوج اليه منه فوجه جاره ايضا الى آخر فلم يزل يبعث به واحدا الى آخر حتى تداول ذلك الرأس

سبعة بيوت الى أن رجع الى المجهود الاول قال حذيفة العدوى انطلقت يوم اليرموك اطلب ابن عم لى ومعى شيء من الماء وانا أقول ان كان به رمق سقيته فاذا أنا به فقلت أسقيك فأشار برأسه أن نعم فاذا برجل يقول آه آه فأشار الى ابن عمى ان انطلق اليه فاذا هو هشام بن العاص فقلت أسقيك فأشار أن نعم فسمع آخر يقول آه آه فأشار هشام أن انطلق اليه فجئت اليه فاذا هو قدمات فرجعت الى هشام فاذا هو قدمات فرجعت الى ابن عمى فاذا هو قدمات وهذا من قبيل الإيثار بالنفس وهو فوق الإيثار بالمال فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد وقال في التكملة الصحيح ان الآية نزلت في أبى طلحة الأنصاري رضى الله عنه حين نزل برسول الله عليه السلام ضيف ولم يكن عنده ما يضيفه به فقال ألا رجلا يضيف هذا رحمه الله فقام أبو طلحة فانطلق به الى رحله وقال لامرأته أكرمي ضيف رسول الله فنومت الصبية واطفأت السراج وجعل الضيف يأكل وهما يريان انهما يأكلان معه ولا يفعلان فنزلت الآية وكان قناعت السلف أوفر ونفوسهم اقنع وبركتهم اكثر ونحن نؤثر أنفسنا على الغير فاذا وضعت مائدة بين أيدينا يريد كل منا أن يأكل قبل الآخر ويأخذ اكثر مما يأخذ الرفيق ولذلك لم توجد بركة الطعام وينفد سريعا ويروى انه وقع بين ملك ووزيره انه قال الملك ان العلماء احسن حالا وأصلح بالا من الفقراء وقال الوزير بخلاف ذلك ثم قال الوزير نمتحنهما فى أمرين فبعث أحدا بعدة آلاف درهم الى اهل المدرسة فقال اذهب وقل لهم ان الملك أمرني أن أعطى هذه الدراهم أفضلكم وأكملكم فمن هو فقال واحد منهم انا وقال الآخر كذب بل هو انا وهكذا ادعى كل منهم الافضلية فقال الرسول لم يتميز الأفضل عندى ولم أعرفه ولم يعط شيأ فعاد واخبر بما وقع ثم أرسل الوزير تلك الدراهم الى اهل الخانقاه ففعلوا عكس ما فعله العلماء واعطى بيده سيفا فقال اذهب فقل لهم ان الملك أمرني أن اضرب عنق رئيسكم فمن هو فقال واحد منهم انا وقال الآخر بل انا وهكذا قال كل منهم إيثار ابقاء أخيه واختيار فدآء رفيقه بنفسه فقال الرسول لم يتميز ما هو الواقع عندى فرجع وأخبر بما وقع فأرسل السيف الى العلماء ففعلوا عكس ما فعله الفقراء فحج بذلك الوزير على الأمير وأنت تشاهد أن فقراء زماننا على عكس هؤلاء الفقراء في البلاد والممالك قال أبو يزيد البسطامي قدس سره غلبنى رجل شاب من اهل بلخ حيث قال لى ما حد الزهد عندكم فقلت إذا وجدنا أكلنا وإذا فقدنا صبرنا فقال هذا فعل كلاب بلخ عندنا بل إذا فقدنا شركنا وإذا وجدنا آثرنا كريم كامل آنرا مى شناسم اندرين دوران ... كه كرنانى رسد از آسياى چرخ كردانش ز استغناى همت با وجود فقر وبي بركى ... ز خود واگيرد وسازد نثار بي نوايانش وفي العوارف من اخلاق الصوفية الإيثار والمواساة وحملهم على ذلك فرط الشفقة والرحمة طبعا وقوة اليقين شرعا لانهم يؤثرون الموجود ويصبرون على المفقود قال يوسف بن الحسين رحمه الله من رأى لنفسه ملكا لا يصح له الإيثار لانه يرى نفسه أحق بالشيء برؤية

ملكه انما الإيثار لمن يرى الأشياء للحق فمن وصل اليه فهو أحق يه فاذا وصل شيء من ذلك اليه يرى نفسه ويده فيه يد غصب او يد امانة يوصلها الى صاحبها ويؤديها اليه معاذ بن جبل را ديدند كه در بازار مكه ميكرديد ووزيره تره ميجيد وميكفت هذا ملكك مع رضاك وملك الدنيا مع سخطك خيز يارا تا بميخانه زمانى دم زنيم ... آتش اندر ملكت آل بنى آدم زنيم هر چهـ اسبابست جمع آييم وبس جمع آوريم ... پس بحكم حال بيزارى همه برهم زنيم وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ وهر كه نكاه داشته شود از بخل نفس او يعنى منع كند نفس را از حب مال وبغض انفاق والوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره والشح بالضم والكسر بخل مع حرص فيكون جامعا بين ذميمتين من صفات النفس وأضافته الى النفس لانه غريزة فيها مقتضية للحرص على المنع الذي هو البخل اى ومن يوق بتوفيق الله شحها حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الانفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه والفلاح اسم لسعادة الدارين والجملة اعتراض وارد لمدح الأنصار والثناء عليهم فان الفتوة هى الأوصاف المذكورة في حقهم فلهم جلائل الصفات ودقائق الأحوال ولذا قال عليه السلام آية الايمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار وقال عليه السلام اللهم اغفر للانصار ولا بناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال السهر وردى فى العوارف السخاء صفة غريزية في مقابلة الشح والشح من لوازم صقة النفس حكم الله بالفلاح لمن يوقى الشح اى لمن أنفق وبذل والنبي عليه السلام نبه بقوله ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فجعل احدى المهلكات شحا مطاعا ولم يقل مجرد الشح يكون مهلكا بل انما يكون مهلكا إذا كان مطاعا فاما كونه موجودا في النفس غير مطاع لا ينكر ذلك لانه من لوازم النفس مستمد من اصل جبلتها الترابي وفي التراب قبض وإمساك وليس ذلك بالعجب من الآدمي وهو جبلى فيه وانما العجب وجود السخاء في الغريزة وهو في نفوس الصوفية الداعي لهم الى البذل والإيثار والسخاء أتم وأكمل من الجود وفي مقابلة الجود البخل وفي مقابلة السخاء الشح والجود والبخل يتطرق إليهما الاكتساب بطريق العادة بخلاف الشح والسخاء إذ كانا من ضرورة الغريزة وكل سخى جواد وليس كل جواد سخيا والحق تعالى لا يوصف بالسخاء لان السخاء من نتيجة الغرائز والله تعالى منزه عن الغريزة والجود يتطرق اليه الرياء ويأتى به الإنسان متطلعا الى عوض من الخلق والثواب من الله تعالى والسخاء لا يتطرق اليه الرياء لانه ينبع من النفس الزكية المرتفعة عن الأعواض دنيا وآخرة لان طلب العوض مشعر بالبخل لكونه معلولا بالعوض فما تمحض سخاء فالسخاء لأهل الصفاء والإيثار لاهل الأنوار وقال الحسن رحمه الله الشح هو العمل بالمعاصي كأنه يشح بالطاعة فدخل فيه ما قيل الشح أن تطمح عين الرجل الى ما ليس له وقال عليه السلام من الشح نظرك الى امرأة غيرك وذلك فان الناظر يشح بالغض والعفة فلا يفلح (وروى) ان رجلا قال لعبد الله بن مسعود رضى الله عنه انى أخاف أن

[سورة الحشر (59) : آية 10]

أكون قد هلكت قال وما ذاك قال اسمع الله يقول ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدى شيء فقال عبد الله ليس المراد بالشح الذي ذكر الله فى القرآن أن تأكل مال أخيك ظلما ولكن ذاك البخل وبئس الشيء البخل وفسر الشح بغير ذلك وعن الحكيم الترمذي قدس سره الشح أضر من الفقر لان الفقير يتسع إذا وجد بخلاف الشحيح وعن أبى هريرة رضى الله عنه انه سمع رسول الله عليه السلام يقول لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد ابدا ولا يجتمع الشح والايمان في قلب عبد ابدا وقال عليه السلام من ادى الزكاة المفروضة وقرى الضيف واعطى في النائبة فقد برئ من الشح والشح أقبح البخل وقال عليه السلام اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فانه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن يسفكوا دماءهم ويستحلوا محارمهم (قال الحافظ) احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كويد تا زر نهان ندارد (وقال المولى الجامى في ذم الخسيس الشحيح) هر چند زند لاف كرم مرد درم دوست ... در يوزه احسان زد را ونتوان كرد ديرين مثلى هست كه از فضله حيوان ... نارنج توان ساخت ولى بو نتوان كرد وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ هم الذين هاجروا بعد ما قوى الإسلام فالمراد جاؤا الى المدينة او التابعون بإحسان وهم الذين بعد الفريقين الى يوم القيامة ولذلك قيل ان الآية قد استوعبت جميع المؤمنين فالمراد حينئذ جاؤا الى فضاء الوجود وفي الحديث (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى اوله خير أم آخره يعنى در منفعت وراحت همچون باران بهارانند باران را ندانند كه أول آن بهترست يا آخر نفعى است عامر او عامه خلق را حال امت من همچنين است همان درويشان آخر الزمان آن شكستكان سر افكنده وهمين عزيزان وبزركواران صحابه همه برادرانند ودر مقام منفعت وراحت همه يكدست ويكسانند هم كالقطر حيث ما وقع نفع بر مثال بارانند ياران هر كجا كه رسد نفع رساند هم در بوستان هم در خارستان هم بريحان وهم بر أم غيلان همچنين اهل اسلام در راحت يكديكر ورأفت بر يكديكر يكسانند ويك نشانند يَقُولُونَ خبر للموصول والجملة مسوقة لمدحهم بمحبتهم لمن تقدمهم من المؤمنين ومراعاتهم لحقوق الآخرة في الدين والسبق بالايمان اى يدعون لهم قائلين رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ما فرط منا وَلِإِخْوانِنَا أي في الدين الذي هو أعز واشرف عندهم من النسب الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وصفوهم بذلك اعترافا بفضلهم چوخواهى كه نامت بود جاودان ... مكن نام نيك بزركان نهان قدموا أنفسهم في طلب المغفرة لما في المشهور من ان العبد لا بد أن يكون مغفورا له حتى يستجاب دعاؤه لغيره وفيه حكم بعدم قبول دعاء العاصين قبل أن يغفر لهم وليس كذلك كما دلت عليه الاخبار فلعل الوجه ان تقديم النفس كونها اقرب النفوس مع ان في الاستغفار إقرارا بالذنب فالاحسن للعبد أن يرى او لاذنب نفسه كذا في بعض التفاسير يقول الفقير

نفس المرء أقرب اليه من نفس غيره فكل جلب او دفع فهو انما يطلبه اولا لنفسه لاعطاء حق الأقدم واما غيره فهو بعده ومتأخر عنه وايضا ان ذنب نفسه مقطوع بالنسبة اليه واما ذنب غيره فمحتمل فلعل الله قد غفر له وهو لا يدرى وايضا تقديمهم في مثل هذا المقام لا يخلو عن سوء أدب وسوء ظن في حق السلف وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا اى حقدا وهو ذميمة فاحشة فورد المؤمن ليس بحقود يعنى كينه كش قال الراغب الغل والغلول تدرع الخيانة والعداوة لان الغلالة اسم ما يلبس بين الشعار والدثار وتستعار للدرع كما تستعار الدرع لها لِلَّذِينَ آمَنُوا على اطلاق صحابة او تابعين وفيه اشارة الى أن الحقد على غيرهم لائق لغيرة الدين وان لم يكن الحسد لائقا (قال الشيخ سعدى) دلم خانه مهريارست وبس ... از ان مى نكنجد درو كين كس رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ اى مبالغ في الرأفة والرحمة فحقيق بأن تجيب دعاءنا وفي الآية دليل على ان الترحم والاستغفار واجب على المؤمنين الآخرين للسابقين منهم لا سيما لآبائهم ولمعلمهم امور الدين قالت عائشة رضى الله عنها أمروا أن يستغفر والهم فسبوهم وفي الحديث (لا تذهب هذه الامة حتى يلعن آخرها أولها) وعن عطاء قال قال عليه السلام من حفظنى في أصحابي كنت له يوم القيامة حافظا ومن شتم أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فالرافضة والخوارج ونحوهم شر الخلائق خارجون من اقسام المؤمنين لان الله تعالى رتبهم على ثلاثة منازل المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجا من اقسامهم قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضى الله عنه وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذالك لخطأ في الاجتهاد لا لطلب الرياسة او الدنيا كما لا يخفى وقال في شرح الترغيب والترهيب المسمى بفتح القريب والحذر ثم الحذر من التعرض لما شجر بين الصحابة فانهم كلهم عدول خير القرون مجتهدون مصيبهم له أجران ومخطئهم له أجر واحد وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في فصل آفات اللسان الخوض في الباطل هو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وحكاية مذاهب أهل الأهواء وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضى الله عنهم اى دل از من اگر بجويى پند ... رو باصحاب مصطفى دل بند همه ايشان آمده ذيشان ... خواهشى كن شفاعتى زيشان وقال بعض أهل الاشارة ربنا اغفر لنا اى استر ظلمة وجودنا بنور وجودك واستر وجودات إخواننا الذين سبقونا بالايمان وهم الروح والسر والقلب السابقون في السلوك من قرية النفس الى مدينة الروح المؤمنين بأن الفناء الوجودي الامكانى يستلزم الوجود الواجبى الحقانى ولا تجعل في قلوبنا شك الاثنينية والغيرية للذين آمنوا باخوانية المؤمنين لقوله تعالى انما المؤمنون اخوة انك رؤف بمن شاهد الكثرة قائمة بالوحدة رحيم بمن شاهد الوحدة

[سورة الحشر (59) : الآيات 11 إلى 14]

ظاهرة بالكثرة وفي تكرير ربنا اظهار لكمال الضراعة وفي الأثر من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا أنجاه الله مما يخاف قال الامام الرازي اعلم ان العقل يدل على تقديم ذكر الله فى الدعاء لان ذكر الله تعالى بالثناء والتعظيم بالنسبة الى جوهر الروح كالاكسير الأعظم بالنسبة الى النحاس فكما ان ذرة من الإكسير إذا وقعت على عالم النحاس انقلب الكل ذهبا إبريزا فكذا إذا وقعت ذرة من اكسير معرفة جلال الله تعالى على جوهر الروح قوى صفاء وكمل إشراقا ومتى صار كذلك كانت قوته أقوى وتأثيره أكمل وكان حضور الشيء المطلوب عنده أقوى وأكمل وهذا هو السبب في تقديم الدعاء بالثناء انتهى والوارد في القرآن من الدعاء مذكور غالبا بلفظ الرب فان على العبد أن يذكر اولا إيجاد الله وإخراجه من العدم الى الوجود الذي هو أصل المواهب ويتفكر في تربية الله إياه ساعة فساعة واما دعوات رسول الله عليه السلام فاكثرها الابتداء بقوله اللهم لانه مظهر الاسم الجامع وقد كان يجمع بينهما ويقول اللهم ربنا كما جمع عيسى عليه السلام وقال اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء والله سميع الدعاء وقابل الرجاء أَلَمْ تَرَ استئناف لبيان التعجب مما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة والمعنى آيا نكاه نكرده يا محمد أو يا من له حظ من الخطاب إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا من اهل المدينة قال الراغب النفق الطريق النافذ والسرب في الأرض النافذ ومنه نافقا اليربوع وقد نافق اليربوع ونفق ومنه النفاق وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب على هذانبه بقوله ان المنافقين هم الفاسقون اى الخارجون عن الشرع يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اللام للتبليغ والمراد بالاخوان بنوا النضير وبأخوتهم اما توافقهم في الكفر فان الكفر ملة واحدة او صداقتهم وموالاتهم لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ اللام موطئة للقسم وهى اللام الداخلة على حرف الشرط بعد تمام القسم ظاهرا او مقدرا ليؤذن ان الجواب له لا للشرط وقد تدخل على غير الشرط والمعنى والله لئن أخرجتم أيها الاخوان من دياركم وقراكم قسرا بإخراج محمد وأصحابه إياكم منها لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم لتمام المحبة بيننا وبينكم وهو جواب للقسم وجواب الشرط مضمر ولما كان جواب القسم وجواب الشرط متماثلين اقتصر على جواب القسم وأضمر جواب الشرط وجعل المذكور جوابا للقسم بسعة وكذا قوله لا يخرجون معهم وقوله لا ينصرونهم كل واحد منهما جواب القسم ولذلك رفعت الافعال ولم تجزم وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ اى في شأنكم أَحَداً يمنعنا من الخروج معكم أَبَداً وان طال الزمان ونصبه على الظرفية وهو لاستغراق المستقبل كما ان الأزل لاستغراق الماضي ولاستعمالهما في طول الزمانين جدا قد يضافان الى جمعهما فيقال أبد الآباد وازل الآزال واما السرمد فلاستغراق الماضي والمستقبل يعنى لاستمرار الوجود لا الى نهاية في جانبهما (ومنه قول المولى الجامى) دردت زازل آيد تا روز ابد پايد ... چوق شكر كزارد كس اين دولت سرمد را وَإِنْ قُوتِلْتُمْ اى قاتلكم محمد وأصحابه حذفت منه اللام الموطئة لَنَنْصُرَنَّكُمْ اى

[سورة الحشر (59) : آية 12]

لنعاوننكم على عدوكم ولا نخذلكم وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى مواعيد هم المؤكدة بالايمان الفاجرة لَئِنْ أُخْرِجُوا قهرا وإذلالا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ إلخ تكذيب لهم فى كل واحد من أقوالهم على التفصيل بعد تكذيبهم في الكل على الإجمال وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وكان الأمر كذلك فان ابن أبى وأصحابه أرسلوا الى بنى النضير وذلك سرا ثم اخلفوهم يعنى ان ابن أبى أرسل إليهم لا تخرجوا من دياركم واقيموا في حصونكم فان معى ألفين من قومى وغيرهم من العرب يدخلون حصنكم ويموتون عن آخر هم قبل أن يوصل إليكم وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فطمع بنوا النضير فيما قاله اللعين وهو جالس فى بيته حتى قال أحد سادات بنى النضير وهو سلام بن مشكم لحيى بن أخطب الذي كان هو المتولى لامر بنى النضير والله يا حيي ان قول ابن ابى لباطل وليس بشيء وانما يريد أن يورطك في الهلكة حتى تحارب محمدا فيجلس في بيته ويتركك فقال حيى نأبى إلا عداوة محمد والا قتاله فقال سلام فهو والله جلاؤنا من ارضنا وذهاب أموالنا وشرفنا وسبى ذرارينا مع قتل مقاتلينا فكان ما كان كما سبق في أول السورة وفيه حجة بينة لصحة النبوة واعجاز القرآن اما الاول فلانه أخبر عما سيقع فوقع كما اخبر وذلك لان نزول الآية مقدم على الواقعة وعليه يدل النظم فان كلمة ان للاستقبال واما الثاني فمن حيث الاخبار عن الغيب وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ على الفرض والتقدير لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ فرارا وانهزاما جمع دبر ودبر الشيء خلاف القبل اى الخلف وتولية الأدبار كناية عن الانهزام الملزوم لتولية الأدبار قال في تاج المصادر التولية روى فرا كردن و پشت بگردانيدن وهى من الاضداد ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ اى المنافقون بعد ذلك اى يهلكهم الله ولا ينفعهم نفاقهم لظهور كفرهم بنصرهم اليهود أو لينهزمن اليهود ثم لا تنفعهم نصرة المنافقين وفي الآية تنبيه على ان من عصى الله ورسوله وخالف الأمر فهو مقهور في الدنيا والآخرة وان كان سلطانا ذامنعة وما يقع أحيانا من الفرصة فاستدراج وغايته الى الخذلان صعوه كوبا عقاب سازد جنك ... دهد از خون خود پرش رارنك واشارة الى ان الهوى وصفاته كالمنافقين والنفس الكافرة واتباعها كاليهود وبينهما اخوة وهى الظلمة الذاتية والصفاتية وبين حقائقهما وحقائق الروح والسر والقلب تنافر كتنافر النور والظلمة فالهوى وصفاته يقولون للنفس وصفاتها لان أخرجكم الروح والسر والقلب من ديار وجوداتكم وأنانياتكم بسبب غلبة أنوارهم على ظلمات وجوداتكم لنخرجن معكم ولا تخالفكم وان قوتلتم بسيف الرياضة ورمح المجاهدة نقويكم بالقوى الشهوانية الحيوانية البهيمية السبعية وهم لا يقدرون على شيء بغير اذن الله فهم كاذبون في قولهم ولا يخرج الهوى وصفاته معهم لان الهوى والنفس وان كان متحدين بالذات لكنهما مختلفان بالصفات كاختلاف زيد وعمرو في الصفات واتحادهما في الذات وهو الانسانية وارتفاع أحدهما لا يستلزم ارتفاع الآخر والهوى بسبب غلبة روحانية القالب عليه يميل الى الروح تارة وبسبب غلظته ايضا يميل الى النفس اخرى فلا ينصر النفس دائما ولئن نصرها بنفخ نار الظلمة

[سورة الحشر (59) : الآيات 13 إلى 14]

فى حطب وجودها لينهزم بسبب سطوات أشعة أنوار الروح والسر والقلب انهزام النور من الظلمة ونفار الليل من النهار ألا ان حزب الله هم الغالبون لَأَنْتُمْ يا معشر المسلمين وبالفارسية هر آينه شما كه مؤمنانيد أَشَدُّ رَهْبَةً الرهبة مخافة مع تحزن واضطراب وهى هنا مصدر من المبنى للمفعول وهو رهب اى أشد مرهوبية وذلك لان أنتم خطاب للمسلمين والخوف ليس واقعا منهم بل من المنافقين فالمخاطبون مرهوبون غير خائفين فِي صُدُورِهِمْ اى صدور المنافقين مِنَ اللَّهِ اى من رهبة الله بمعنى مرهوبيته قال في الكشاف قوله في صدورهم دال على نفاقهم يعنى انهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله وأنتم اهيب في صدورهم من الله فان قلت كأنهم كانوا يرهبون من الله حتى يكون رهبتهم منه أشد قلت معناه ان رهبتهم في السر منكم أشد من رهبتهم من الله التي يظهر ونهالكم وكانوا يظهرون رهبة شديدة من الله يقول الفقير انما رهبوا من المؤمنين لظهور نور الله فيهم فكما ان الظلمة تنفر من النور ولا تقاومه فكذا أهل الظلمة ينفر من أهل النور ولا يقوم معه ومرادنا بالظلمة ظلمة الشرك والكفر والرياء والنفاق وبالنور نور التوحيد والايمان والإخلاص والتقوى ولذلك قال تعالى اعلموا ان الله مع المتقين حيث ان الله تعالى اثبت معيته لأهل التقوى فنصرهم على مخالفيهم ذلِكَ اى ما ذكر من كون رهبتهم منكم أشد من رهبة الله بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ اى شيأ حتى يعلموا عظمة الله تعالى فيخشوه حق خشيته قال يعض الكبار ليس العظمة بصفة للحق تعالى على التحقيق وانما هى صفة للقلوب العارفة به فهى عليها كالردآء على لابسه ولو كانت العظمة وصفا للعظيم لعظم كل من رأه ولم يعرفه وفي الحديث (ان الله يتجلى يوم القيامة لهذه الامة وفيها منافقوها فيقول أنا ربكم فيستعيذون به منه ولا يجدون له تعظيما وينكرونه لجهلهم به فاذا تجلى لهم في العلامة التي يعرفونه بها وجدوا عظمته في قلوبهم وخرواله ساجدين والحق إذا تجلى لقلب عبد ذهب منه اخطار الأكوان وما بقي إلا عظمة الحق وجلاله وفيه تنبيه على ان من علامات الفقه أن يكون خوف العبد من الله أشد من خوفه من الغير وتقبيح لحال اكثر الناس على ما ترى وتشاهد قال عليه السلام من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين قال بعض العارفين الفقيه عند أهل الله هو الذي لا يخاف الا من مولاه ولا يراقب الا إياه ولا يلتفت الى ما سواه ولا يرجو الخير من الغير ويطير في طلبه طيران الطير قال بعض الكبار لا ينقص الكمل من الرجال خوفهم من سبع او ظالم او نحو ذلك لان الجزع في النشأة الإنسانية أصلي فالنفوس ابدا مجبولة على الخوف ولذة الوجود بعد العدم لا يعدلها لذة وتوهم العدم العيني له ألم شديد في النفوس لا يعرف قدره الا العلماء بالله فكل نفس تجزع من العدم أن يلحق بها او بما يقاربها وتهرب منه وترتاع وتخاف على ذهاب عينها فالكامل أضعف الخلق فى نفسه لما يشهده من الضعف في تألمه بقرصة برغوث فهو آدم ملئان بذله وفقره مع شهوده أصله علما وحالا وكشفا ولذلك لم يصدر قط من رسول ولا نبى ولاولى كامل في وقت حضوره انه ادعى دعوى تناقض العبودية ابدا لا يُقاتِلُونَكُمْ اى اليهود والمنافقون بمعنى لا يقدرون

على قتالكم ولا يجترئون عليه جَمِيعاً اى مجتمعين متفقين في موطن من المواطن إِلَّا فِي قُرىً جمع قرية وهى مجتمع الناس للتوطن مُحَصَّنَةٍ محكمة بالدروب والخنادق وما أشبه ذلك قال الراغب اى مجعولة بالاحكام كالحصون أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ دون أن يحضروا لكم ويبارزوكم اى يشافهوكم بالمحاربة لفرط رهبتهم جمع جدار وهو كالحائط الا ان الحائط يقال اعتبارا بالاحاطة بالمكان والجدار يقال اعتبارا بالنتو والارتفاع ولذا قيل جدر الشجر إذا خرج ورقه كأنه حمص وجدر الصبى إذا خرج جدريه تشبيها بجدر الشجر بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ استئناف سيق لبيان ان ما ذكر من رهبتهم ليس لضعفهم وجبنهم في أنفسهم فان بأسهم وحربهم بالنسبة الى اقرانهم شديد وانما ضعفهم وجبنهم بالنسبة إليكم بما قذف الله فى قلوبهم من الرعب وايضا ان الشجاع يجبن والعزيز يذل إذا حارب الله ورسوله قال في كشف الاسرار إذا أراد الله نصرة قوم استأسد أرنبهم وإذا أراد الله قهر قوم استرنب أسدهم اگر مردى از مردى خود مكوى ... نه هر شهسوارى بدر بدر كوى ان قيل ان البأس شدة الحرب فما الحاجة الى الحكم عليه بشديد أجيب بأنه أريد من البأس هنا مطلق الحرب فاخبر بشدته لتصريح الشدة او أريد المبالغة في إثبات الشدة لبأسهم مبالغة فى شدة بأس المؤمنين لغلبته على بأسهم بتأييد الله ونصرته لهم عليهم والظرف متعلق بشديد والتقديم للحصر ويجوز أن يكون متعلقا بمقدر صفة او حالا اى بأسهم الواقع بينهم او واقعا بينهم فقولهم الظرف الواقع بعد المعرفة يكون حالا البتة ليس بمرضى فان الامرين جائزان بل قد ترحج الصفة تَحْسَبُهُمْ يا محمد او يأكل من يسمع ويعقل جَمِيعاً مجتمعين متفقين ذوى ألفة واتحاد وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى اى والحال ان قلوبهم متفرقة لا الفة بينها فهم بخلاف من وصفهم بقوله ولكن الله ألف بينهم جمع شتيت كمرضى ومريض وبالفارسية پراكنده و پريشان يقال شت يشت شتا وشتاتا وشتيتا فرق وافترق كانشت وتشتت وجاؤا أشتاتا اى متفرقين فى النظام وفي الآية تشجيع لقلوب المؤمنين على قتالهم وتجسير لهم وان اللائق بالمؤمن الاتفاق والاتحاد صورة ومعنى كما كان المؤمنون متفقين في عهد النبي عليه السلام ويقال الاتفاق قوة والافتراق هلكة والعدو إبليس يظفر في الافتراق بمراده قال سهل أهل الحق مجتمعون ابدا موافقون وان تفرقوا بالأبدان وتباينوا بالظواهر واهل الباطل متفرقون ابدا وان اجتمعوا بالأبدان وتوافقوا بالظواهر لان الله تعالى يقول تحسبهم إلخ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ اى ما ذكر من تشتت قلوبهم بسبب انهم قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ اى لا يعقلون شيأ حتى يعرفوا الحق ويتبعوه وتطمئن به قلوبهم وتتحد كلمتهم ويرموا عن قوس واحدة فيقعون في تيه الضلال وتتشتت قلوبهم حسب تشتت طرقه وتفرق فنونه وتشتت القلوب يوهن قواهم لان صلاح القلب يؤدى الى صلاح الجسد وفساده الى فساده كما قالوا كل اناء يترشح بما فيه اعلم ان الله تعالى ذم الكفار في القرآن بكل من عدم الفقه والعلم والعقل قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والعلم ادراك الشيء بحقيقته وهو نظرى وعملى وايضا عقلى وسمعى والعقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك

[سورة الحشر (59) : الآيات 15 إلى 19]

القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه وان العقل عقلان فمسموع ومطبوع ولا ينفع مطبوع إذا لم يك مسموع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع والى الاول أشار عليه السلام بقوله ما خلق الله شيأ أكرم عليه من العقل والى الثاني أشار بقوله ما كسب أحد شيأ أفضل من عقل يهديه الى هدى او يرده عن ردى وهذا العقل هو المعنى بقوله وما يعقلها الا العالمون وكل موضع ذم الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثاني دون الاول وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول انتهى وفي الحديث العقل نور في القلب يفرق به بين الحق والباطل وعن انس رضى الله عنه قيل يا رسول الله الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب قال وما من آدمي الا وله ذنوب وخطايا يقترفها فمن كان سجيته العقل وغريزته اليقين لم تضره ذنوبه قيل كيف ذلك يا رسول الله قال لانه كلما اخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبة وندامة على ما كان منه فيمحو ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنة وعنه ايضا رضى الله عنه أثنى قوم على رجل عند رسول الله حتى بالغوا في الثناء بخصال الخير فقال رسول الله كيف عقل الرجل فقالوا يا رسول الله نخبرك عنه باجتهاده في العبادة واصناف الخير وتسألنا عن عقله فقال نبى الله ان الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر وانما يرتفع العباد غدا فى الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم قال على بن عبيدة العقل ملك والخصال رعية فاذا ضعف عن القيام عليها وصل الخلل إليها فسمعه أعرابي فقال هذا الكلام يقطر عسله وقال بعضهم إذا كمل العقول نقص الفضول اى لان العقل يعقله ويمنعه عما لا يعنيه كل شيء إذا اكثر رخص غير العقل فانه إذ اكثر غلا وقال أعرابي لو صور العقل لا ظلمت معه الشمس ولو صور الحمق لاضاء معه الليل فالعقل أنور شيء والحمق أظلمه وقبل العاقل يعيش بعقله حيث كان كما يعيش الأسد بقوته اى ففى العقل قوة شجاعة الأسد ويعلم منه بالمقايسة ان في الحمق ضعف حال الأرنب ونحوه كشتى بي لنكر آمد مردشر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى در يوزه كن از عاقلان كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ خبر مبتدأ محذوف تقديره مثلهم اى مثل المذكورين من اليهود والمنافقين وصفتهم العجيبة وحالهم الغريبة كمثل أهل بدر وهم مشركوا اهل مكة او كمثل بنى قينقاع على ما قيل انهم اخرجوا قبل بنى النضير وبنوا قينقاع مثلثة النون والضم أشهر كانوا أشجع اليهود وأكثرهم أموالا فلما كانت وقعة بدر أظهروا البغي والحسد ونبذوا العهد كبنى النضير فأخرجهم رسول الله من المدينة الى الشام اى لان قريتهم كانت من أعمالها ودعا عليهم فلم يدر الحول عليهم حتى هلكوا أجمعون وقد عرفت قصتهم في الجلد الاول قَرِيباً انتصابه بمثل إذ التقادير كوقوع مثل الذين إلخ يعنى بدلالة المقام لا لاقتضاء الأقرب اى في زمان قريب قال مجاهد كانت وقعة بدر قبل غزوة بنى النضير بستة أشهر فلذلك قال قريبا فتكون قبل وقعة أحد وقيل بسنتين فتكون تلك الغزوة

[سورة الحشر (59) : الآيات 16 إلى 17]

فى السنة الرابعة لان غزوة بنى النضير كانت بعد أحد وهى كانت بعد بدر بسنة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ قال الراغب الوبل والوابل المطر الثقيل القطار ولمراعاة الثقل قيل للامر الذي يخاف ضرره وبال وطعام وبيل والأمر واحد الأمور لا الأوامر اى ذاقوا سوء عاقبة كفرهم في الدنيا وهو عذاب القتل ببدر وكانت غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية من الهجرة قبل غزوة بنى النضير وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم لا يقادر قدره حيث يكون ما في الدنيا بالنسبة اليه كالذوق بالنسبة الى الاكل والمعنى ان حال هؤلاء كحال أولئك في الدنيا والآخرة لكن لا على ان حال كلهم كحالهم بل حال بعضهم الذين هم اليهود كذلك واما حال المنافقين فهو ما نطق به قوله تعالى كَمَثَلِ الشَّيْطانِ فانه خبر ثان للمبتدأ المقدر مبين لحالهم متضمن لحال اخرى لليهود وهى اغترارهم بمقالة المنافقين اوله وخيبتهم آخرا وقد أجمل في النظم الكريم حيث أسند كل من الخبرين الى المقدر المضاف الى ضمير الفريقين من غير تعيين ما أسند اليه بخصوصه ثقة بأن السامع يرد كلا من المثلين الى ما يماثله كأنه قيل مثل اليهود في حلول العذاب بهم كمثل الذين من قبلهم ومثل المنافقين في إغرائهم إياهم على القتال حسبما حكى عنهم كمثل الشيطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ قول الشيطان مجاز عن الإغواء والإغراء اى اغراه على الكفر إغراء الآمر المأمور على المأمور به فَلَمَّا كَفَرَ الإنسان المذكور إطاعة لاغوائه وتبعا لا هوائه قالَ الشيطان إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ اى بعيد عن عملك وأملك غير راض بكفرك وشركك وبالفارسية من بيزارم از تو يقال برئ يبرأ فهو بريئ واصل البرء والبراءة والتبري التفصى مما يكره مجاورته قال العلماء ان أريد بالإنسان الجنس فهذا التبري من الشيطان يكون يوم القيامة كما ينبئ عنه قوله تعالى إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ وان أريد ابو جهل على أن يكون اللام للعهد فقوله تعالى اكفر اى دم على الكفر پس چون بر آن ثبات ورزيد ونهال شرك در زمين دل او استحكام يافت قال انى إلخ عبارة عن قول إبليس له يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس وانى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال انى بريئ منكم انى أرى ما لا ترون انى أخاف الله والله شديد العقاب يعنى لما قاتلوا ورأى إبليس جبرائيل مع محمد عليهما السلام خافه فتبرأ منهم وانهزم قال بعضهم هذا من كذبات اللعين وانه لو خاف حقيقة وقال صدقا لما استمر على ما ادى الى الخوف بعد ذلك كيف وقد طلب الانظار الى البعث للاغوآء وقال أبو الليث قال ذلك على وجه الاستهزاء ولا بعد ان يقول له ليوقعه في الحسرة والحرقة انتهى يقول الفقير الظاهر ان الشيطان يستشعر في بعض المواد جلال الله تعالى وعظمته فيخافه حذرا من المؤاخذة العاجلة وان كان منظرا ولا شك ان كل أحد يخاف السطوة الالهية عند طهور اماراتها ألا ترى الى قوله تعالى وظنوا انهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين على ان نحو قاطع الطريق وقاتل النفس ربما فعل ما فعل وهو خائف من الأخذ فَكانَ عاقِبَتَهُما اى عاقبة الشيطان وذلك الإنسان وهو بالنصب

على انه خبر كان واسمها قوله أَنَّهُما فِي النَّارِ وقرئ بالعكس وهو أوضح خالِدَيْنِ فِيها مقيمين لا يبرحان وهو حال من الضمير المقدر في الجار والمجرور المستقر وروى خالدان على انه خبر أن وفي النار لغو لتعلقه بخالدان وَذلِكَ اى الخلود في النار جَزاءُ الظَّالِمِينَ على الإطلاق دون هؤلاء خاصة وقال بعض أهل التفسير المراد بالإنسان برصيصا الراهب من بنى إسرائيل در روزگار فترت صومعه ساخته بود هفتاد سال در ان صومعه مجاور كشته وخدايرا پرستيده وإبليس در كار وى فرو مانده روزى مرده شياطين را جمع كرد وكفت من يكفينى امر هذا الرجل يكى كفت من اين كار كفايت كنم ومراد تو از وى حاصل كنم بدر صومعه وى رفت برزى راهبان ومتعبدان كفت مرد را هم عزلت وخلوت مى طلبم ترا چهـ زيان اگر من بصحبت تو بيايم ودر خلوت خدايرا عبادت كنم برصيصا بصحبت وى تن در نداد وكفت انى لفى شغل عنك يعنى مرا در عبادت الله چندان شغلست كه پرواى صحبت تو نيست وعادت برصيصا آن بود كه چون در نماز شدى ده روز از نماز بيرون نيامدى وروزه دار بود وهر ده روز إفطار كردى شيطان برابر صومعه وى در نماز ايستاد وجهد وعبادت خود بر جهد وعبادت برصيصا بيفزود چنانكه بچهل روز از نماز بيرون نيامدى وبهر چهل روز إفطار كردى آخر برصيصا او را بخود راه داد چون آن عبادت وجهد فراوان وى ديد وخود را در جنب وى قاصر ديد آنكه شيطان بعد از يك سال كفت مرا رفيقى ديكر است وظن من چنان بود كه تعبد واجتهاد تو از وى زيادتست اكنون كه ترا ديدم نه چنانست كه مى پنداشتم وبا نزديك وى ميروم برصيصا مفارقت وى كراهيت داشت وبصحبت وى رغبتى تمام مى نمود شيطان كفت مرا ناچارست رفتن اما ترا دعايى آموزم كه بيمار ومبتلى وديوانه كه بر وى خوانى در وقت الله تعالى او را شفا دهد وترا اين به باشد از هزار عبادت كه كنى كه خلق خدايرا از تو نفع بود وراحت برصيصا كفت اين نه كار منست كه آنكه از وقت ورد خود باز مانم وسيرت وسيريرت من در شغل مردم شود شيطان تا آنكه ميكوشيد كه آن دعا ويرا در آموخت واو را بر سر آن شغل داشت شيطان از وى باز كشت وبا إبليس كفت والله لقد أهلكت الرجل پس برفت ومردى را تحنيق كرد چنانكه ديو با مردم كند آنكه بصورت طبيبى بر آمد بر در آن خانه كفت ان بصاحبكم جنونا فأعالجه چون او را ديد كفت انى لا أقوى على جنه يعنى من با ديو او بر نيايم لكن شما را رشاد كنم بكسى كه او را دعا كند در وقت شفا يابد واو برصيصاى راهب است كه در صومعه نشيند او را بر وى بردند ودعا كرد وآن ديو از وى باشد وصحت يافت پس اين شيطان برفت وزنى را از دختران ملوك بنى إسرائيل رنجه وديوانه كرد وآن زن جمال با كمال داشت واو را سه برادر بودند شيطان بصورت طبيب پيش ايشان رفت وآن دختر را بوى نمودند كفت ان الذي عرض لها مارد لا يطاق ولكن سأرشدكم الى من يدعو له يعنى بر ان راهب شويد كه دعا كند وشفا يابد كفتند

ترسيم كه فرمان ما نبرد كفت صومعه سازيد در جنب صومعه وى وزن را در ان صومعه بخابانيد وبا وى كوييد اين امانت است بنزديك تو نهاديم وما رفتيم از بهر خدا واميد ثواب نظر از وى بازمگير ودعايى كن تا شفا يابد ايشان همچنان كردند وراهب از صومعه خود بزير آمد واو را ديد زنى بغايت جمال واز جمال وى در فتنه افتاد شيطان او را آن ساعت وسوسه كرد كه واقعها ثم تب زيرا كه در توبه كشاده ورحمت خدا فراوانست راهب بفرمان شيطان كام خود از وى برداشت وزن بار كرفت راهب پشيمان كشت واز فضيحت ترسيد همان شيطان در دل وى افكند كه اين زن را ببايد كشت و پنهان بايد كرد چون برادران آيند كويم كه ديو او را ببرد وايشان مرا براست دارند واز فضيحت ايمن كردم آنكه از زنا واز قتل توبه كنم برصيصا او را كشت ودفن كرد چون برادران آمدند وخواهر را نديدند كفت جاء شيطانها فذهب بها ولم أقو عليه ايشان او را راست داشتند وبازگشتند شيطان آن برادرانرا بخواب نمود كه راهب خواهر شما كشت ودر فلان جايكه دفن كرد سه شب پياپى ايشانرا چنين خواب مى نمود تا ايشان رفتند وخواهر را كشته از خاك برداشتند برادران او را از صومعه بزير آوردند وصومعه خراب كردند واو را پيش پادشاه وقت بردند تا بفعل وكناه خود مقر آمد و پادشاه بفرمود تا او را بردار كنند آن ساعت شيطان برابر وى آمد وكفت اين همه ساخته وآراسته منست اگر آنچهـ من فرمايم بجاى آرى ترا نجات وخلاص پديد آيد كفت هر چهـ فرمايى ترا اطاعت كنم كفت مرا سجده بكن آن بدبخت او را سجده كرد وكافر كشت واو را در كفر بر دار كردند وشيطان آنكه كفت انى برئ منك انى أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما يعنى الشيطان وبرصيصا العابد كان آخر أمرهما انهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين خيالات نادان خلوت نشين ... بهم بر كند عاقبت كفر ودين كزو دست بايد كزو بر خورى ... نبايد كه فرمان دشمن برى پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى والمراد من هذا الشيطان هو الشيطان الأبيض الذي يأتى الصلحاء في صورة الحق (قال الكاشفى) آن بى سعادت بعد از عبادت هفتاد سال بورطه شقاوت أبدى گرفتار گشت غافل مشو كه مركب مردان مرد را ... در سنكلاخ وسوسه پيها بريداند وفي زهرة الرياض غير الله الايمان على برصيصا بعد ما عبد الله مائتين وعشرين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين وكان ستون ألفا من تلامذته يمشون في الهولء ببركته وعبد الله حتى تعجبت الملائكة من عبادته قال الله تعالى لهم لماذا تتعجبون منه انى لاعلم ما لا تعلمون ففى علمى انه يكفر ويدخل النار ابدا فسمع إبليس وعلم ان هلاكه على يده فجاء الى صومعته على شبه عابد

وقد لبس المسح فناداه فقال له برصيصا من أنت وما تريد قال انا عابد أكون لك عونا على عبادة الله قال له برصيصا من أراد عبادة الله فالله يكفيه صاحبا فقام إبليس يعبد الله ثلاثة ايام ولم يأكل ولم يشرب قال برصيصا انا أفطر وأنام وآكل واشرب وأنت لا تأكل ثم قال انى عبدت الله مائتين وعشرين سنة فلا أقدر على ترك الأكل والشرب قال إبليس انا أذنبت ذنبا فمتى ذكرته يتنغص على النوم والأكل والشرب قال برصيصا ما حيلتى حتى أصير مثلك قال اذهب واعص الله ثم تب اليه فانه رحيم حتى تجد حلاوة الطاعة قال كيف أعصيه بعد ما عبدته كذا وكذا سنة قال إبليس الإنسان إذا أذنب يحتاج الى المعذرة قال اى ذنب تشير به قال الزنى قال لا أفعله قال أن تقتل مؤمنا قال لا أفعله قال اشرب الخمر المسكر فانه أهون وخصمك الله قال ابن أجده قال اذهب الى قرية كذا فذهب فرأى امرأة جميلة تبيع خمرا فاشترى منها الخمر وشربها وسكر وزنى بها فدخل عليهما زوجها فضربه وقتله ثم ان إبليس تمثل في صورة الإنسان وسعى به الى السلطان فأخذه وجلده للخمر ثمانين جلدة وللزنى مائة وامر بالصلب لاجل الدم فلما صلب جاء اليه إبليس في تلك الصورة قال كيف ترى حالك قال من أطاع قرين السوء فجزآؤه هكذا قال إبليس كنت في بلائك مائتين وعشرين سنة حتى صلبتك فلو أردت النزول انزلتك قال أريد وأعطيك ما تريد قال اسجد لى مرة واحدة قال كيف اسجد على الخشب قال اسجد بالإيماء فسجد وكفر فذلك قوله تعالى كمثل الشيطان إلخ قال ابن عطية هذا اى كون المراد بالإنسان برصيصا العابد ضعيف والتأويل الاول هو وجه الكلام وفي القصة تحذير عن فتنة النساء (روى) انه عليه السلام كان يصلى في بيت أم سلمة رضى الله عنها فقام عمر بن أم سلمة ليمر بين يديه فأشار اليه ان قف فوقف ثم قامت زينب بنت أم سلمة لتمر بين يديه فأشار إليها أن قفى فأبت ومرت فلما فرغ من صلاته نظر إليها وقال ناقصات العقل ناقصات الدين صواحب يوسف صواحب كرسف يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام قال الخبازى في حواشى الهداية قال مولانا حميد الدين رحمه الله كرسف اسم زاهد وقع في الفتنة بسبب امرأة وقال المطرزي فى المغرب كرسف رجل من زهاد بنى إسرائيل كان يقوم الليل ويصوم النهار فكفر بسبب امرأة عشقها ثم تداركه الله بما سلف منه فتاب عليه هكذا في الفردوس ومنه الحديث صاحبات يوسف صاحبات كرسف انتهى قال ابن عباس رضى الله عنهما وكانت الرهبان فى بنى إسرائيل لا يمشون الا بالتقية والكتمان وطمع أهل الفجور والفسق في الاخبار فرموهم بالبهتان والقبيح حتى كان امر جريج الراهب فلما برأه الله مما رموه به انبسطت بعدها الرهبان وظهروا للناس وفي الحديث (كان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة وكان فيها فأتته امه وهو يصلى فقالت يا جريج فقال اى بقلبه اى رب أمي وصلاتى فاقبل على صلاته فانصرفت فلما كان الغداة وهو يصلى فقالت يا جريج فقال اى رب أمي وصلاتى فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان الغداة فقالت يا جريج فقال اى رب أمي وصلاتى فأقبل على صلاته فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر الى وجوه المومسات فتذاكر بنو إسرائيل جريجا

[سورة الحشر (59) : آية 18]

وعبادته وكانت امرأة بغى يتمثل بحسنها فقالت اى شئتم لا فتننه لكم قال اى النبي عليه السلام فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوى الى صومعته فامكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال ما شأنكم فقالوا زنيت بهذه البغي فولدت منك فقال أين الصبى فجاؤا به فقال دعونى حتى أصلى فصلى فلما انصرف أتى بالصبي فطعن في بطنه وقال يا غلام من أبوك فقال فلان الراعي قال اى النبي عليه السلام فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا له نبنى لك صومعتك من ذهب قال لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا وبينا صبى يرضع من امه فمر رجل راكبا على دابة فارهة وهيئته حسنة فقالت امه اللهم اجعل ابني مثل هذا فترك الثدي وأقبل عليه فنظر اليه فقال اللهم لا تجعلنى مثله ثم اقبل على ثديه فجعل يرتضع قال اى الراوي وهو أبو هريرة رضى الله عنه فكأنى انظر الى رسول الله عليه السلام وهو يحكى ارتضاعه بأصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها قال اى النبي عليه السلام ومر بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهى تقول حسبى الله ونعم الوكيل فقالت امه اللهم لا تجعل ابني مثلها فترك الرضاع ونظر إليها فقال اللهم اجعلنى مثلها فهناك تراجعا الحديث فقالت امه قد مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلنى مثله ومروا بهذه الامة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلنى مثلها قال اى الرضيع ان ذاك الرجل كان جبارا فقلت اللهم لا تجعلنى مثله وان هذه يقولون لها زنيت سرقت ولم تزن ولم تسرق فقلت اللهم اجعلنى مثلها انتهى الحديث وفيه اشارة الى انه ينبغى للمؤمن أن لا يمد عينيه الى زخارف الدنيا ولا يدعو الله فيما لا يدرى اهو خير له أم شر بل ينبغى له أن يطلب منه البراءة من السوء وخير الدارين كما قال تعالى ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار نسأل الله سبحانه العفو والعافية مطلقا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا خالصا اتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذرون فتحرزوا عن العصيان بالطاعة وتجنبوا عن الكفران بالشكر وتوقوا عن النسيان بالذكر واحذروا عن الاحتجاب عنه بأفعالكم وصفاتكم بشهود أفعاله وصفاته وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ ما شرطية اى اى شيء قدمت من الأعمال ليوم القيامة تا اگر تقديم خيرات وطاعات كند شكرگزارى نمايد ودر زيادتى آن كوشد واگر معاصى فرستاده توبه كند و پشيمان شود عبر عن يوم القيامة بالغد لدنوه لان كل آت قريب يعنى سماه باليوم الذي يلى يومك تقريبا له وعن الحسن رحمه الله لم يزل يقربه حتى جعله كالغد ونحوه قوله تعالى كأن لم تغن بالأمس يريد تقريب الزمان الماضي او عبر عنه به لان الدنيا اى زمانها كيوم والآخرة كغده لاختصاص كل منهما بأحوال واحكام متشابهة وتعقيب الثاني الاول فقوله لغد استعارة يقول الفقير انما كانت الآخرة كالغد لان الناس في الدنيا نيام ولا انتباه الا عند الموت الذي هو مقدمة القيامة كما ورد به الخبر فكل من الموت والقيامة كالصباح بالنسبة الى الغافل كما ان الغد صباح بالنسبة الى النائم في الليل ودل هذا على ان الدنيا ظلمانية والاخرة نورانية

وتنكيره لتفخيمه وتهويله كأنه قيل لغد لا يعرف كنهه لغاية عظمه وأصله غدو حذفوا الواو بلا عوض واستشهد عليه بقول لبيد وما الناس الا كالديار وأهلها ... بها يوم حلوها وغدوا بلاقع إذ جاء به على أصله والبيت من أبيات العبرة واما تنكير نفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قد من لذلك اليوم الهائل كأنه قيل ولتنظر نفس واحدة في ذلك قال بعضهم الاستقلال يكون بمعنى عد الشيء قليلا وبمعنى الانفراد في الأمر فعلى الاول يكون المراد استقلال الله النفوس الناطقة كما قال تعالى لكن اكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثرهم يجهلون فكأنه أقيم الأكثر مقام الكل مبالغة فأمر على الوحدة فلا يضره وجود النفس الكاملة العاقلة الناظرة الى العواقب بالنظر الصائب والرأى الثاقب وعلى الثاني يكون المراد انفراد النفوس في النظر واكتفاءها فيه بدون انضمام نظر الاخرى في الاطلاع على ما قدمت خيرا او شرا قليلا او كثيرا وجودا او عدما وفيه حث عظيم جهل من وعلم تو فلك را چهـ تفاوت ... آنجا كه بصر نيست چهـ خوبى و چهـ زشتى وَاتَّقُوا اللَّهَ تكرير للتأكيد والاهتمام في شأن التقوى واشارة الى ان اللائق بالعبد أن يكون كل امره مسبوقا بالتقوى ومختوما بها او الاول في أداء الواجبات كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل والثاني في ترك المحارم كما يؤذن به الوعيد بقوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ اى عالم بما تعملونه من المعاصي فيجزيكم يوم الجزاء عليها ودر كشف الاسرار فرموده كه أول اشارتست بأصل تقوى ودوم بكمال آن يا أول تقواى عوامست وآن پرهيز كرده باشد از محرمات وسوم تقواى خواص وآن اجتناب بود از هر چهـ مادون حقست اصل تقوى كه زاد اين راهست ... ترك مجموع ما سوى اللهست والتقوى هو التجنب عن كل ما يؤثم من فعل او ترك وقال بعض البكار التقوى وقاية النفس فى الدنيا عن ترتب الضرر في الآخرة فتقوى العامة عن ضرر الافعال وتقوى الخاصة عن ضرر الصفات وتقوى أخص الخواص عن جميع ما سوى الله تعالى عزيزى كفته است كه دنيا سفالى است وآن نيز در خواب وآخرت نيز جوهرى است يافته در بيدارى مرد نه آنست كه در سفال بخواب ديده متقى شود مرد مردان آنست كه در كوهر در بيدارى يافته متقى شود فلابد من التقوى مع وجود العمل (قال الصائب) بي عمل دامن تقوى ز مناهى چيدن ... احتراز سك مسلخ بود از شاشه خويش وفي الآية ترغيب في الأعمال الصالحة وفي لأثران ابن آدم إذا مات قالت الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم وعن مالك بن دينار رحمه الله مكتوب على باب الجنة وجدنا ما عملنا ربحنا ما قدمنا خسرنا ما خلفنا بقدر الكد تكتسب المعالي ... ومن الطلب العلى سهر الليالى (وحكى) عن مالك بن دينار رحمه الله ايضا انه قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون

[سورة الحشر (59) : آية 19]

المجنون فقلت له كيف حالك وكيف أنت فقال يا مالك كيف حال من أصبح وأمسى يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولا زاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك قال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى ولم يحسن فيه عملى أبكاني والله قلة الزاد وبعد المسافة والعقبة الكؤود ولا أدرى بعد ذلك أصير الى الجنة أم الى النار فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال وأنت اغتررت بما اغتر به بنو الدنيا زعم الناس انى مجنون ومابى جنة لكن حب مولاى قد خالط قلبى وجرى بين لحمى ودمى فأنا من حبه هائم مشغوف فقلت يا سعدون فلم لا تجالس الناس ولا تخالطهم فأنشد كن من الناس جانبا ... وارض بالله صاحبا قلب الناس كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا وفي التأويلات النجمية يا ايها الذي آمنوا بالايمان الحقيقي الشهودى الوجودي اجعلوا الله وقاية نفوسكم في اضافة الكمالات اليه ولتنظر نفس كاملة عارفة بذات الله وصفاته ما هيأت لغد يوم الشهود واتقوا الله عن الالتفات الى غيره ان الله خبير بما تعملون من الإقبال على الله والأدبار عن الدنيا ومن الأدبار عن الله والإقبال على الدنيا انتهى ويدخل في قوله نفس النفوس الجنية لانهم من المكلفين فلهم من التقوى والعمل ما للانس كما عرف في مواضع كثيرة وَلا تَكُونُوا أيها المؤمنون كَالَّذِينَ اى كاليهود والمنافقين فالمراد بالموصول المعهودون بمعونة المقام او الجنس كائنا من كان من الكفار أمواتا او احياء نَسُوا اللَّهَ فيه حذف المضاف اى نسوا حقوقه تعالى وما قدروه حق قدره ولم يراعوا مواجب أموره ونواهيه حق رعايتها فَأَنْساهُمْ بسبب ذلك أَنْفُسَهُمْ اى جعلهم ناسين لها فلم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها فالمضى على أصله او أراهم يوم القيامة من الأهوال ما أنساهم أنفسهم فالمضى باعتبار التحقق قال الراغب النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما الضعف قلبه واما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الإنسان ذمه الله به فهو ما كان أصله من تعمد وما عذر فيه نحو ما روى عن النبي عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فهو ما لم يكن سببه منه فقوله فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا هو ما كان سببه عن تعمد منهم وتركه على طريق الاهانة وإذا نسب ذلك الى الله فهو تركه إياهم استهانة بهم ومجازاة لما تركوه كما قال في اللباب قد يطلق النسيان على الترك ومنه نسوا الله فنسيهم اى تركوا طاعة الله ترك الناسي فتركهم الله وقال بعض المفسرين ان قيل النسيان يكون بعد الذكر وهو ضد الذكر لانه السهو الحاصل بعد حصول العلم فهل كان الكفار يذكرون حق الله ويعترفون بربوبيته حتى ينسوا بعد أجيب بأنهم اعترفوا وقالوا بلى يوم الميثاق ثم نسوا ذلك بعد ما خلقوا والمؤمنون اعترفوا بها بعد الخلق كما اعترفوا قبله بهداية الله وراعوا حقها قل او كثر جل او صغر (سئل ذو النون المصري قدس سره) عن سر ميثاق مقام ألست بربكم هل تذكره فقال كأنه الآن في اذنى ودر نفخات مذكورست كه على سهل اصفهانى

[سورة الحشر (59) : الآيات 20 إلى 24]

را گفتند كه روز بلى را ياد دارى كفت چون ندارم كويى دى بود شيخ الإسلام خواجه انصارى فرمود كه درين سخن نقص است صوفى رادى وفردا چهـ بود آن روز را هنوز شب در نيامده وصوفى در همان روزست ويدل عليه قوله الآن انه على ما كان عليه ثم ان قوله تعالى ولا تكونوا إلخ تنبيه على ان الإنسان بمعرفته لنفسه يعرف الله فنسيانه هو من نسيانه لنفسه كما قال في فتح الرحمن لفظ هذه الآية يدل على انه من عرف نفسه ولم ينسها عرف ربه وقد قال على رضى الله عنه اعرف نفسك تعرف ربك وقال سهل رحمه الله نسوا الله عند الذنوب فأنساهم الله أنفسهم عند الاعتذار وطلب التوبة ومن لطائف العرفي ما لب آلوده بهر توبه بگشاييم ليك ... بانك عصيان ميزند ناقوس استغفار ما أُولئِكَ الناسون المخذولون بالإنساء هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون في الفسوق والخروج عن طريق الطاعة وهم للحصر فأفاد ان فسقهم كان بحيت ان فسق الغير كأنه ليس بفسق بالنسبة اليه فالمراد هنا الكافرون لكن على المؤمن الغافل عن رعاية حق ربوبية الله ومراعاة حظ نفسه من السعادة الابدية والقربة من الحضرة الاحدية خوف شديد وخطر عظيم وفيه اشارة الى ان الذين نسوا الله هم الخارجون عن شهود الحق في جميع المظاهر الجمالية والجلالية وحضوره الداخلون في مقام شهود أنفسهم فمن اشتغل بقضاء حظوظ نفسه نسى طيب العيش مع الله وكان من الغافلين عن اللذات الحقيقية ومن فنى عن شهوات نفسه بقي مع تجليات ربه لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ الذين نسوا الله فاستحقوا الخلود في النار والنار باللام من اعلام جهنم كالساعة للقيامة ولذا كثيرا ما تذكر في مقابلة الجنة كما في هذا المقام وجاء في الشعر الجنة الدار فاعلم ان عملت بما ... يرضى الإله وان فرطت فالنار هما محلان ما للناس غير هما ... فانظر لنفسك ماذا أنت تختار والصحبة في الأصل اقتران الشيء بالشيء في زمان ما قل او كثر وبذلك يكون كل منهما صاحب الآخر وان كانت على المداومة والملازمة يكون كمال الصحبة ويكون الصاحب المصاحب عرفا وقد يطلق على الطرفين حينئذ صاحب ومصاحب ايضا ومن ذلك يكنى عن زوجة بالصاحبة رقد يقال للمالك لكثرة صحبته بمملوكه كما قيل له الرب لوقوع تربية المالك على مملوكه فيقال صاحب المال كما يقال رب المال فاطلاق اصحاب النار واصحاب الجنة على أهلهما اما باعتبار الصحبة الابدية والاقتران الدائم حتى لا يقال للعصاة المعذبين بالنار مقدار ما شاء الله اصحاب النار او باعتبار الملك مبالغة ورمزا الى انهما جزاء لاهلهما باعتبار كسبهما بأعمالهم الحسنة او السيئة وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ الذين اتقوا الله فاستحقوا الخلود في الجنة قال في الإرشاد لعل تقديم اصحاب النار في الذكر للايذان من أول الأمر بأن القصور الذي ينبئ عنه عدم الاستواء من جهتهم لا من جهة مقابليهم فان مفهوم عدم الاستواء بين الشيئين المتفاوتين زيادة ونقصانا وان جاز اعتباره بحسب زيادة الزائد لكن المتبادر اعتباره بحسب نقصان الناقص وعليه قوله تعالى هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور الى غير ذلك من المواضع واما قوله تعالى هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون فلعل تقديم الفاضل فيه لان صلته

[سورة الحشر (59) : آية 21]

ملكة والاعدام مسبوقة بملكاتها وقال بعضهم قدم اصحاب النار لذكر الذين نسوا الله قبله ولكثرة أهلها ولان أول طاعة اكثر الناس بالخوف ثم بالرجاء ثم بالمحبة في البعض ولا دلالة فى الآية الكريمة على ان المسلم لا يقتص بالكافر وان الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر كما هو مذهب الشافعي لان المراد عدم الاستواء في الأحوال الاخروية كما ينبئ عنه التفسير من الفريقين بصاحبية النار وصاحبية الجنة وكذا قوله تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ فانه استئناف مبين لكيفية عدم الاستواء بين الفريقين فالفوز الظفر مع حصول السلامة اى هم الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه فهم اهل الكرامة في الدارين واصحاب النار أهل الهوان فيهما وفيه تنبيه للناس بأنهم لفرط غلفتهم ومحبتهم العاجلة واتباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار وبين أصحابهما حتى احتاجوا الى الاخبار بعدم الاستواء كما تقول لمن يعق أباه هو أبوك تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبه بذلك على حق الابوة الذي يقتضى البر والتعطف فكذا نبه الله تعالى الناس بتذكير سوء حال أهل النار وحسن حال أهل الجنة على الاعتبار والاحتراز عن الغفلة ورفع الرأس عن المعاصي والتحاشى من عدم المبالاة قال عليه السلام ان أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر الى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة وقال عليه السلام ان أهون اهل النار عذابا من له نعلان وشرا كان من نار يغلى منهما دماغه كما يغلى المرجل ما يرى ان أحدا أشد منه عذابا ورؤى الشيخ الحجازي ليلة يردد قوله تعالى وجنة عرضها السموات والأرض ويبكى فقيل له قد ابكتك آية ما يبكى عند مثلها فقال فما ينفعنى عرضها إذا لم يكن لى فيها موضع قدم وخرج على سهل الصعلوكي من مسخن حمام يهودى في طمر أسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه (قال الشيخ سعدى) چوما را بدنيا تو كردى عزيز ... بعقبى همان چشم داريم نيز عزيزى وخوارى تو بخشى وبس ... عزيز تو خوارى نه بيند ز كس خدايا بعزت كه خوارم مكن ... بذل كنه شرمسارم مكن قال بعض اهل الاشارة اصحاب النار في الحقيقة اصحاب المجاهدات الذين احترقوا بنيرانها وأصحاب الجنة أصحاب المواصلات الذين وقعوا في روح المشاهدات وفي الظاهر أصحاب النار أصحاب النفوس والأهواء الذين أقبلوا على الدنيا وأصحاب الجنة اصحاب القلوب والمراقبات قال الحسين النوري قدس سره اصحاب النار اصحاب الرسوم والعادات وأصحاب الجنة أصحاب الحقائق والمشاهدات والمعاينات لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ العظيم الشأن المنزل عليكم أيها الناس المنطوى على فنون القوارع او المنزل عليك يا محمد او على محمد بحسب الالتفات فى الخطاب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان السماء أطت يعنى آواز داد من ثقل الألواح لما وضعها الله عليها في وقت موسى فبعث الله لكل حرف منها ملكا فلم يطيقوا حملها فخففها

على موسى وكذلك الإنجيل على عيسى والفرقان على محمد عليهم السلام ثم انه لا يلزم فى الاشارة وجود جملة المشار اليه ذى الأبعاض المترتبة وجودا بل يكفى وجود بعض الاشارة حقيقة ووجود بعض آخر حكما ويحتمل أن يكون المشار اليه هنا الآية السابقة من قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إلخ فان لفظ القرآن كما يطلق على المجموع يطلق على البعض منه حقيقة بالاشتراك او باللغة او مجازا بالعلاقة فيكون التذكير باعتبار تذكير المشار اليه عَلى جَبَلٍ من الجبال وهى ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول كما في زهرة الرياض وهى محركة كل وتد للارض عظم وطال فان افنرد فأكمة وقنة بضم القاف واعتبر معانية فاستعير واشتق منه بحسبه فقيل فلان جبل لا يتدحرج تصور المعنى الثبات وجبله الله على كذا اشارة الى ما ركب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله لَرَأَيْتَهُ يا من من شأنه الرؤية او يا محمد مع كونه علما في القسوة وعدم التأثر مما يصادمه خاشِعاً خاضعا ذليلا وهو حال من الضمير المنصوب في قوله لرأيته لانه من الرؤية البصرية قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له وقال بعضهم الخضوع في البدن والخشوع في الصوت والبصر قال الراغب الخشوع ضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد فى الجوارح والضراعة اكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب ولذلك قيل فيما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ اى متشققا منها أن يعصيه فيعاقبه والصدع شق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ومنه استعير الصداع وهو الانشقاق فى الرأس من الوجع قال العلماء هذا بيان وتصوير لعلو شأن القرآن وقوة تأثير ما فيه من المواعظ أريد به توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وعدم تخشعه عند تلاوته وقلة تدبره فيه والمعنى لو ركب في الجبل عقل وشعور كما ركب فيكم أيها الناس ثم أنزل عليه القرآن ووعد وأوعد حسب حالكم لخشع وخضع وتصدع من خشية الله حذرا من ان لا يؤدى حق الله تعالى في تعظيم القرآن والامتثال لما فيه من امره ونهيه والكافر المنكر أقسى منه ولذا لا يتأثر أصلا (مصراع) اى دل سنكين تو يك ذره سوهان گير نيست وهو كما تقول لمن تعظه ولا ينجع فيه وعظك لو كلمت هذا الحجر لأثر فيه ونظيره قول الامام مالك للشافعى لو رأيت أبا حنيفة رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية ان يجعلها ذهبا لقامت حجته دلرا اثر روى توكل پوش كند ... جانرا سخن خوب تو مدهوش كند آتش كه شراب وصل تو نوش كند ... از لطف تو سوختن فراموش كند يقول الفقير فيه ذهول عن ان الله تعالى خلق الأشياء كلها ذات حياة وادراك في الحقيقة والا لما اندك الجبل عند التجلي ولما شهد للمؤذن كل رطب ويابس سمع صوته ونحو ذلك وقد كاشف عن هذه الحياة اهل الله وغفل عنها المحجوبون على ما حقيق مرارا نعم فرق بين الجبل عند التجلي وعند ما أنزل عليه القرآن وبينه عند الاستتار وعدم الانزال فان اثر الحياة فى الصورة الاولى محسوس مشاهد للعامة والخاصة واما في الصورة الثانية فمحسوس للخاصة فقط فاعرف وَتِلْكَ الْأَمْثالُ اشارة الى هذا المثل والى أمثاله في مواضع من التنزيل اى

هذا القول الغريب في عظمة القرآن ودناءة حال الإنسان وبيان صفتهما العجيبة وسائر الأمثال الواقعة في القرآن فان لفظ المثل حقيقة عرفية في القول السائر ثم يستعار لكل امر غريب وصفة عجيبة الشان تشبيها له بالقول السائر في الغرابة لانه لا يخلو عن غرابة نَضْرِبُها لِلنَّاسِ بيان ميكنيم مر انسانرا قد جاء في سورة الزمر ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل بالأخبار على المضي مع انها مكية وقال هنا نضربها بالاستقبال مع ان السورة مدينة فلعل الاول من قبيل عدما سيحقق مما حقق لتحققه بلا خلف والثاني من قبيل التعبير عن الماضي بالمضارع لاحضار الحال او لارادة الاستمرار على الأحوال بمعنى ان شأننا ان نضرب الأمثال للناس لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ اى لمصلحة التفكر ومنفعة التذكر يعنى شايد كه انديشه كنند در ان وبهره بردارند از ان بايمان ولا يقتضى كون الفعل معللا بالحكمة والمصلحة ان يكون معللا بالغرض حتى تكون أفعاله تعالى معلة بالأغراض إذ الغرض من الاحتياج والحكمة اللطف بالمحتاج وعن بعض العلماء انه قال من عجز عن ثمانية فعليه بثمانية اخرى لينال فضلها من أراد فضل صلاة الليل وهو نائم فلا يعص بالنهار ومن أراد فضل صيام التطوع وهو مفطر فليحفظ لسانه عما لا يعنيه ومن أراد فضل العلماء فعليه بالتفكر ومن أراد فضل المجاهدين والغزاة وهو قاعد في بيته فليجاهد الشيطان ومن أراد فضل الصدقة وهو عاجز فليعلم الناس ما سمع من العلم ومن أراد فضل الحج وهو عاجز فليلتزم الجمعة ومن أراد فضل العابدين فليصلح بين الناس ولا يوقع العداوة ومن أراد فضل الابدال فليضع يده على صدره ويرضى لاخيه ما يرضى لنفسه قال عليه السلام أعطوا أعينكم حظها من العبادة قالوا ما حظها من العبادة يا رسول الله قال النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه (وفي المثنوى) خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى ... بهر محجوبان مثال معنوى كه ز قرآن كرنه بيند غير قال ... اين عجب نبود ز اصحاب ضلال كز شعاع آفتاب پر ز نور ... غير كرمى مى نيابد چشم كور وعن ابن عباس رضى الله عنهما ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب وعن الحسن البصري رحمة الله من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو ومن لم يكن سكوته تفكرا فهو سهو ومن لم يكن نظره عبرة فهو لهو وعن أبى سليمان رحمه الله الفكرة في الدنيا حجاب عن الآخرة وعقوبة لاهل الولاية والفكرة في الآخرة تورث الحكمة وتحيى القلب وكثيرا ما ينشد سفيان بن عيينة ويقول إذا المرء كانت له فكرة ... ففى كل شيء له عبرة والتفكر اما أن يكون في الخالق او الخلق والاول اما في ذاته او في صفاته او في أفعاله اما في ذاته فممنوع لانه لا يعرف الله الا الله الا أن يكون التفكر في ذاته باعتبار عظمته وجلاله وكبريائه من حيث وجوب الوجود ودوام البقاء وامتناع الإمكان والفناء والصمدية التي هى الاستغناء عن الكل واما في صفاته فهو فيها باعتبار كمالها بحيث يحيط علمه بجميع

[سورة الحشر (59) : آية 22]

المعلومات وقدرته بجميع الأشياء وإرادته بجميع الكائنات وسمعه بجميع المسموعات وبصره بجميع المبصرات ونحو ذلك واما في أفعاله فهو فيها بحسب شمولها وكثرتها ومتانتها ووقوعها على الوجه الأتم كل يوم هو في شأن والثاني اما أن يكون فيما كان من العلويات والسفليات او فيما سيكون من اهوال القيامة واحوال الآخرة الى ابد الآباد قال بعض العارفين الفكر اما في آيات الله وصنائعه فيتولد منه المعرفة واما في عظمة الله وقدرته فيتولد منه الحياة واما في نعم الله ومنته فيتولد منه المحبة واما في وعد الله بالثواب فيتولد منه الرغبة في الطاعة واما في وعيد الله بالعقاب فيتولد منه الرهبة من المعصية واما في تفريط العبد في جنب الله فيتولد منه الحياء والندامة والتوبة ومن مهمات التفكر أن يتفكر المتفكر في امر نفسه من مبدأه ومعاشه ومن اطاعته لربه ببدنه ولسانه وفؤاده ولو صرف عمره في فكر نفسه نظرا الى أول أمره وأوسطه وآخره لما أتم وفي الآية اشارة الى ان الله لو تجلى بصورة القرآن الجمعى المشتمل على حروف الموجودات العلوية وكلمات المخلوقات السفلية على جبل الوجود الإنساني لتلاشى من سطوة التجلي والى ان العارف ينبغى أن يذوب تحت الخطاب الإلهي من شدة التأثير والى ان هذه الامة حملوا بهمتهم ما لم تحمله الجبال بقوتها كما قال تعالى فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ هو في اصل وضعه كناية عن المفرد المذكر الغائب وهى كناية عن المفردة المؤنثة الغائبة وكثيرا ما يكنى به عمن لا يتصور فيه الذكورة والأنوثة كما هو هاهنا فانه راجع الى الله تعالى للعلم به ولك أن تقول هو موضوع لمفرد ليس فيه تأنيث حقيقة وحكما وهر لمفرد يكون فيه ذلك وهو مبتدأ خبره لفظة الله بمعنى هو المعبود بالحق المسمى بهذا الاسم الأعظم الدال على جلال الذات وكمال الصفات فلا يلزم أن يتحد المبتدأ والخبر بأن يكون التقدير الله الله إذ لا فائدة فيه او الله بدل من هو والموصول مع صلته خبر المبتدأ او هو اشارة الى الشان والله مبتدأ والذي لا اله الا هو خبره والجملة خبر ضمير الشان ولا في كلمة التوحيد لنفى افراد الجنس على الشمول والاستغراق واله مبنى على الفتح بها مرفوع المحل على الابتداء والمراد به جنس المعبود بالحق لا مطلق جنس المعبود حقا او باطلا وإلا فلا يصح في نفسه لتعدد الآلهة الباطلة ولا يفيد التوحيد الحق والا هو مرفوع على البدلية من محل المنفي او من ضمير الخبر المقدر للا والخبر قد يقدر موجود فيتوهم ان التوحيد يكون باعتبار الوجود لا الإمكان فان نفى وجود اله غير الله لا يستلزم نفى إمكانه وقد يقدر ممكن فيتوهم ان اثبات الإمكان لا يقتضى الوقوع فكم من شيء ممكن لم يقع وقد يقدر لنا فيتوهم انه لا بد من مقدر فيعود الكلام والجواب انه إذا كان المراد بالإله المعبود بالحق كما ذكر فهو لا يكون الا رب العالمين مستحقا لعبادة المكلفين فاذا نفيت الالوهية على هذا المعنى عن غيره تعالى واثبتث له سبحانه يندفع التوهم على التقادير كلها ان قيل ان أراد القائل لا اله الا الله شمول النفي له تعالى ولغيره فهو مشكل نعوذ بالله مع ان الاستثناء يكون كاذبا وان أراد شموله لغيره فقط فلا حاجة الى الاستثناء أجيب بأن مراده في قلبه هو الثاني الا انه يرى التعميم ظاهرا في أول الأمر ليكون الإثبات

بالاستثناء آكد في آخر الأمر فالمعنى لا اله غيره وهذا حال الاستثناء مطلقا قال الشيخ أبو القاسم هذا القول وان كان ابتداؤه النفي لكن المراد به الإثبات ونهاية التحقيق فان قول القائل لا أخ لى سواك ولا معين لى غيرك آكد من قوله أنت أخى ومعينى وكل من لا اله الا الله ولا اله الا هو كلمة توحيد لوروده في القرآن بخلاف لا اله الا الرحمن فانه ليس بتوحيد مع ان اطلاق الرحمن على غيره تعالى غير جائز واطلاق هو جائز نعم ان الاولى كونه توحيدا الا انه لم يشتهر به التوحيد أصالة بخلافهما اعلم ان هو من اسماء الذات عند اهل المعرفة لانه بانفراده عن انضمام لفظ آخر اشارة الى الله مستجمع لجميع الصفات المدلول عليها بالأسماء الحسنى فهو من جملة الاذكار عند الأبرار قال الامام القشيري رحمه الله هو للاشارة وهو عند هذه الطائفة اخبار عن نهاية التحقيق فاذا قلت هو لا يسبق الى قلوبهم غيره تعالى فيكتفون به عن كل بيان يتلوه لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم وقال الامام الفاضل محمد بن أبو بكر الرازي رحمه الله في شرح الأسماء الحسنى اعلم ان هذا الاسم عند اهل الظاهر مبتدأ يحتاج الى خبر ليتم الكلام وعند اهل الطريق لا يحتاج بل هو مفيد وكلام تام بدون شيء آخر يتصل به او يضم له لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم وقال الشيخ العارف احمد الغزالي أخو الامام محمد الغزالي رحمه الله كاشف القلوب بقوله لا اله الا الله وكاشف الأرواح بقول الله وكاشف الاسرار بقول هو هو لا اله الا الله قوت القلوب والله قوت الأرواح وهو قوت الاسرار فلا اله الا الله مغناطيس القلوب والله مغناطيس الأرواح وهو مغناطيس الاسرار والقلب والروح والسر بمنزلة درة في صدفة في حقة فانظر انه رحمه الله في اى درجة وضع هو وعن بعض المشايخ رأيت بعض الوالهين فقلت له ما اسمك فقال هو قلت من أنت قال هو قلت من أين تجيئ قال هو قلت من تعنى بقولك هو قال هو فما سألته عن شيء الا قال هو فقلت لعلك تريد الله فصاح وخرجت روحه فكن من الذاكرين بهو ولا تلتفت الى المخالفين فانهم من اهل الا هواء ولكل من العقل والنفس والقلب والروح معنيان اما العقل فيطلق على قوة دراكة توجد في الإنسان بها يدرك مدركاته وعلى لطيفة ربانية هى حقيقة الإنسان المستخدمة للبدن في الأمور الدنيوية والاخروية وهى العالم والعارف والعاقل وهى الجاهل والقاصر والغافل الى غير ذلك وكذا النفس تطلق على صفة كائنة فى الإنسان جامعة للاخلاق المذمومة داعية الى الشهوات باعثة على الأهواء والآفات وتطلق على تلك اللطيفة المذكورة كما قال بعض الأفاضل يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... وتطلب الربح مما فيه خسران عليك بالنفس فاستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم انسان وكذا القلب يطلق على قطعة لحم صنو برية تكون في جوف الإنسان وعلى تلك اللطيفة وكذا الروح يطلق على جسم لطيف وعلى اللطيفة الربانية المذكورة فكل من الألفاظ الأربعة يطلق على نفس الإنسان الذي هو المتكلم والمخاطب والمثاب والمعاقب بالاصالة

وتبعيتها يقع الثواب والعقاب للجسد الذي هو القفص لها فالتغاير على هذا اعتباري فان النفس نفس باعتبار انها نفس الشيء وذاته وعقل باعتبار إدراكها وقلب باعتبار انقلابها من شيء الى شيء وروح باعتبار استراحتها بما يلائمها وتستلذ به وعلى المعاني الأخر لهن حقيقى ثم ان النفس اما أن تكون تابعة للهوى فهى الامارة لمبالغة أمرها للاعضاء بالسيئات فذكر دائرة النفس لا اله الا الله واما أن يهب الله له الانصاف والندامة على تقصيراتها والميل الى التدارك لما فات من المهمات فهى اللوامة للومها صاحبها بل نفسها على سوء عملها فذكر هذه الدائرة الله الله ويقال لها داثرة القلب لانقلابها الى جانب الحق واما أن تطمئن الى الحق وتستقر في الطاعة وتتلذذ بالعبادة فهى المطمئنة لاطمئنانها تحت أمر الله بحب الله ويقال لهذه الدائرة دائرة الروح لاستراحتها بعبادة الله وذكره وتلذذها بشكره وذكر هذه الدائرة هو هو واما ما قال بعض الكبار من ان الذكر بلا اله الا الله أفضل من الذكر بكلمة الله الله وهو هو من حيث انها جامعة بين النفي والإثبات ومحتوية على زيادة العلم والمعرفة فبالنسبة الى حال المبتدى فكلمة التوحيد تظهر مرءاة النفس بنارها فتوصل السالك الى دائرة القلب وكلمة الله تنور القلب بنورها فتوصل الى دائرة الروح وكلمة هو تجلى الروح فتوصل من شاء الله الى دائرة السر والسر لفظ استأثره المشايخ للحقيقة التي هى ثمرة الطريقة التي هى خلاصة الشريعة التي هى لازمة القبول لكل مؤمن اما أخذا مما روى عن النبي عليه السلام انه قال حكاية عن الله بينى وبين عبدى سر لا يسعه ملك مقرب ولا بنى مرسل واما لكونه مستورا عن اكثر الناس ليس من لوازم الشريعة والطريقة ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم يشهد الله أينما يبد وانه لا اله الا هو هست هر ذره بوحدت خويش ... پيش عارف كواه وحدت او پاك كن جامى از غبار دويى ... لوح خاطر كه حق يكيست نه دو عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ اللام للاستغراق فيعلم كل غيب وكل شهادة اى ما غاب عن الحسن من الجواهر القدسية وأحوالها وما حضر له من الاجرام واعراضها ومن المعدوم والموجود فالمراد بالغيب حينئذ ما غاب عن الوجود ومن السر والعلانية ومن الآخرة والاولى ونحو ذلك قال الراغب ما غاب عن حواس الناس وبصائرهم وما شهدوه بهما والمعلومات اما معدومات يمتنع وجودها او معدومات يمكن وجودها واما موجودات يمتنع عدمها او موجودات لا يمتنع عدمها ولكل من هذه الاقسام الاربعة احكام وخواص والكل معلوم لله تعالى وقدم الغيب على الشهادة لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به من حيث كونه موجودا واعلم ان ما ورد من اسناد علم الغيب الى الله فهو الغيب بالنسبة إلينا لا بالنسبة اليه تعالى لانه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء وإذا انتفى الغيب بالنسبة اليه انتفى العلم به ايضا وايضا لما سقطت جميع النسب والإضافات في مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية مطلقا فانتفى العلم بالغيب فافهم هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ كرر هو لان له شأنا شريفا ومقاما منيفا

[سورة الحشر (59) : آية 23]

من اشتغل به ملك من اعرض عنه هلك والله تعالى رحمته الدنيوية عامة لكل انسى وجنى مؤمنا كان او كافرا أديم زمين سفره عام اوست ... برين خان يغما چهـ دشمن چهـ دوست على ما قال عليه السلام أيها الناس ان الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر وان الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك عادل قادر يحق فيها الحق ويبطل الباطل كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان كل أم يتبعها ولدها ولذلك يقال يا رحمن الدنيا لان ما فيه زيادة حرف يراد به زيادة في المعنى ورحمته الاخروية خاصة بالمؤمنين ولذا يقال يا رحيم الآخرة فعلى هذا في معنى الرحمن زيادة باعتبار المنعم عليه ونقصان باعتبار الأنواع والافراد وفي تخصيص هذين الاسمين المنبئين عن وفور رحمته في الدارين تنبيه على سبق رحمته وتبشير للعاصين أن لا يقنطوا من رحمة الله وتنشيط للمطعين بأنه يقبل القليل ويعطى الجزيل وحظ العبد من اسم الرحمن الرحيم أن يكون كثير الرحمة بأن يرحم نفسه اولا ظاهرا وباطنا ثم يرحم غيره بتحصيل مراده وإرشاده والنظر اليه بعين الرحمة كما قال بعض المشايخ وارحم بنى جميع الخلق كالهمو ... وانظر إليهم بعين اللطف والشفقة وقر كبير همو وارحم صغير همو ... وراع في كل خلق حق من خلقه قال الزروقى رحمه الله كل الأسماء يصح التخلق بمعانيها الا الاسم الله فانه للتعلق فقط وكل الأسماء راجعة اليه فالمعرفة به معرفة بها ولا بد للعبد من قلب مفرد فيه توحيد مجرد وسر مفرد وبه يحصل جميع المقاصد سئل الجنيد قدس سره كيف السبيل الى الانقطاع الى الله تعالى قال بتوبة تزيل الإصرار وخوف يزيل التسويف ورجاء يبعث على مسالك العمل واهانة النفس بقربها من الاجل وبعدها من الأمل قيل له بماذا يصل العبد الى هذا قال بقلب مفرد فيه توحيد مجرد انتهى وهو عجيب وفي التأويلات النجمية تشير الآية الى هويته الجامعة عالم غيب الوجود المسمى باسم الباطن وعالم شهادة الوجود المسمى باسم الظاهر هو الرحمن الرحيم اى هو المتجلى بالتجلى الرحمانى العام وهو المتجلى بالتجلى الرحيمى الخاص وهو المطلق عن العموم والخصوص في عين العموم والخصوص غير اعتباراته وحيثياته هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كرر هو لابراز الاعتناء بامر التوحيد يعنى اوست خداى كه بهيچ وجه نيست خداى سزاى پرستش مكر وى الْمَلِكُ پادشاهى كه جلال ذاتش از وجه احتياج مصونست وكمال صفاتش باستغناء مطلق مقرون فمعناه ذو الملك والسلطان والملك بالضم هو التصرف بالأمر والنهى في الجمهور وذلك يختص بسياسة الناطقين ولهذا يقال ملك الناس ولا يقال ملك الأشياء فقوله تعالى ملك يوم الدين تقديره الملك في يوم الدين كما في المفردات وعبد الملك هو الذي يملك نفسه وغيره بالتصرف فيه بما شاء الله وامره به فهو أشد الخلق على خليقته قال الامام الغزالي قدس سره مملكة العبد الخاصة به قلبه وقالبه وجنده شهوته وغضبه وهواه ورعيته لسانه وعيناه ويداه وسائر أعضائه فاذا ملكها ولم

ولم يطعها فقد نال تملكه درجة الملك في عالمه (قال الشيخ سعدى) وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد همانا كه دونان گردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان فان انضم اليه استغناؤه عن كل الناس واحتاج الناس كلهم اليه في حياتهم العاجلة والآجلة فهو الملك في العالم العرضي وتلك رتبة الأنبياء عليهم السلام فانهم استغنوا في الهداية الى الحياة الآخرة عن كل أحد الا عن الله تعالى واحتاج إليهم كل أحد ويليهم في هذا الملك العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وانما ملكهم بقدر مقدرتهم على ارشاد العباد واستغنائهم عن الاسترشاد وهذا الملك عطية للعبد من الملك الحق الذي لا مثنوية في ملكه والا فلا ملك للعبد كما قيل لبعض العارفين الك ملك فقال انا عبد لمولاى فليس لى نملة فمن انا حتى أقول لى شيء هذا كلام من استغرق في ملاحظة ملكية الله ومالكيته فما حكى ان بعض الأمراء قال لبعض الصلحاء سلنى حاجتك قال أولى تقول هذا ولى عبدان هما سيداك قال من هما قال الشهوة والغضب وفي بعض الرواية الحرص والهوى غلبتهما وغلباك وملكتهما وملكاك فهو اخبر عن لطف الله وتمليكه من ضبط نفسه واستخدمها فيما يرضاه الله نصحا لذلك الأمير ولغيره من السامعين شاهدين او غائبين قال بعضهم لبعض الشيوخ أوصني فقال كن ملكا في الدنيا تكن ملكا في الآخرة معناه اقطع طمعك وشهوتك في الدنيا فان الملك فى الحرية والاستغناء ومن مقالات أبى يزيد البسطامي قدس سره في مناجاته الهى ملكى أعظم من ملكك وذلك لان الله تعالى ملك أبا يزيد وهو متناه وأبا يزيد ملك الله وهو باق غير متناه وخاصية اسم الملك صفاء القلب وحصول الفناء والامرة ونحوها فمن واظب عليه وقت الزوال كل يوم مائة مرة صفا قلبه وزال كدره ومن قرأه بعد الفجر مائة واحدى وعشرين مرة أغناه الله من فضله اما بأسباب او بغيرها الْقُدُّوسُ هو من صيغ المبالغة من القدس وهو النزاهة والطهارة اى البليغ في النزاهة عما يوجب نقصانا ما وعن كل عيب وهو بالعبري قديسا ونظيره السبوح وفي تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح قال الزمخشري ان الضفادع تقول في نقيقها سبحان الملك القدوس قال ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الاول الا السبوح والقدوس فان الضم فيهما اكثر وقد يفتحان وقال بعضهم المفتوح قليل في الصفات كثير في الأسماء مثل التنور والسمور والسفود وغيرها قال بعض المشايخ حقيقة القدس الاعتلاء عن قبول التغير ومنه الأرض المقدسة لانها لا تتغير بملك الكافر كما يتغير غيرها من الأرضين واتبع هذا الاسم اسم الملك لما يعرض للملوك من تغير أحوالهم بالجور والظلم والاعتداء فى الاحكام وفيما يترتب عليها فان ملكه تعالى لا يعرض له ما يغيره لاستحالة ذلك في وصفه وقال بعضهم التقديس التطهير وروح القدس جبريل عليه السلام لانه ينزل بالقدس من الله اى ما يطهر به نفوسنا من القرآن والحكمة والفيض الإلهي والبيت المقدس هو المطهر من الجاسة اى الشرك او لانه يتطهر فيه من الذنوب وكذلك الأرض المقدسة وحظيرة

القدس الجنة (قال الكاشفى) قدوس يعنى پاك از شوائب مناقص ومعايب ومنزه از طرق آفات ونوايب وقال الامام الغزالي رحمه الله هو المنزه عن كل وصف يدركه حس او يتصوره خيال او يسبق اليه وهم او يختلج به ضمير أو يفضى به تفكر ولست أقول منزه عن العيوب والنقائض فان ذلك يكاد يقرب من ترك الأدب فليس من الأدب ان يقول القائل ملك البلد ليس بحائك ولا حجام ولا حذآء فان نفى الوجود يكاد يوهم إمكان الوجود وفي ذلك الإيهام نقص بل أقول القدوس هو المنزه عن كل وصف من أوصاف الكمال الذي يظنه اكثر الخلق كمالا قال الزروقى رحمه الله كل تنزيه توجه الخلق به الى الخالق فهو عائد إليهم لان الحق سبحانه في جلاله لا يقبل ما يحتاج للتنزيه منه لا تصافه بعلى الصفات وكريم الأسماء وجميل الافعال على الإطلاق فليس لنا من تقدسه الا معرفة انه القدوس فافهم وعبد القدوس هو الذي قدسه الله عن الاحتجاب فلا يسع قلبه غير الله وهو الذي يسع قلبه الحق كما قال لا يسعنى ارضى وسمائى ويسعنى قلب عبدى ومن وسع الحق قدس عن الغير إذا لا يبقى عند تجلى الحق شيء غيره فلا يسع القدوس الا القلب المقدس من الأكوان قال بعضهم حظ العارف منه أن يتحقق انه لا يحق الوصول الا بعد العروج من عالم الشهادة الى عالم الغيب وتنزيه السر عن المتخيلات والمحسوسات والتطواف حول العلوم الالهية والمعارف الزكية عن تعلقات الحس والخيال وتطهير القصد عن أن يحوم حول الحظوظ الحيوانية واللذائذ الجسمانية فيقبل بشرا شره على الله سبحانه شوقا الى لقائه مقصور الهم على معارفه ومطالعة جماله حتى يصل الى جانب العز وينزل بحبوحة القدس وخاصية هذا الاسم انه إذا كتب سبوح قدوس رب الملائكة والروح على خبز اثر صلاة الجمعة وأكله يفتح الله له العبادة ويسلمه من الآفات وذلك بعد ذكر عدد ما وقع عليه وفي الأربعين الادريسية يا قدوس الطاهر من كل آفة فلا شيء يعادله من خلقه قال السهر وردى من قرأه كل يوم الف مرة في خلوة أربعين يوما شمله بما يريد وظهرت له قوة التأثير في العالم السَّلامُ ذو السلامة من كل آفة ونقص وبالفارسية سالم از عيوب وعلل ومبرا از ضعف وعجز وخلل وهو مصدر بمعنى السلامة وصف به للمبالغة لكونه سليما من النقائص او فى إعطائه السلامة فيكون بمعنى التسليم كالكلام بمعنى التكليم فما ورد من قوله أنت السلام معناه أنت الذي سلم من كل عيب وبرئ من كل نقص وقوله ومنك السلام اى الذي يعطى السلامة فيسلم العاجز من المكاره ويخلصه من الشدائد في الدارين ويستر ذنوب المؤمنين وعيوبهم فيسلمون من الخزي يوم القيامة او يسلم على المؤمنين في الجنة لقوله تعالى سلام قولا من رب رحيم وقوله وإليك يرجع السلام اشارة الى ان كل من عليها فان ويبقى وجه ربك وقوله وحينا ربنا بالسلام طلب السلامة منه في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال الامام الغزالي رحمه الله هو الذي يسلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وأفعاله من الشر يعنى ليس في فعله شر محض بل في ضمنه خير أعظم منه فالمقضى بالاصالة هو الخير وهو والقدوس من الأسماء الذاتية السلبية الا أن يكون بمعنى المسلم قال الراغب

السلام والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة قيل وصف الله بالسلام من حيث لا تلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق انتهى وعبد السلام هو الذي تجلى له اسم السلام فسلمه من كل نقص وآفة وعيب فكل عبد سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلّم من الآثام والمحظورات جوارحه وسلّم من الانتكاس والانعكاس صفاته فهو الذي يأتى الله بقلب سليم وهو السلام من العباد القريب في وصفه من السلام المطلق الحق الذي لا مثنوية في صفاته وأعنى بالانتكاس في صفاته أن يكون عقله أسير شهوته وعضبه إذ الحق عكسه وهو أن تكون الشهوة والغضب اسيرى العقل وطوعه فاذا انعكس فقد انتكس ولا سلامة حيث يصير الأمير مأمورا والملك عبدا ولن يوصف بالسلام والإسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده وخاصية هذا الاسم صرف المصائب والآلام حتى انه إذا قرئ على مريض مائة واحدي عشرة مرة برئ بفضل الله ما لم يحضر اجله او يخفف عنه الْمُؤْمِنُ اى الموحد نفسه بقوله شهد الله انه لا اله الا هو قاله الزجاج او واهب الأمن وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف قال ابن عباس رضى الله عنهما هو الذي آمن الناس من ظلمه وآمن من آمن من عذابه وهو من الايمان الذي هو ضد التخويف كما في قوله تعالى وآمنهم من خوف وعنه ايضا انه قال إذا كان يوم القيامة اخرج أهل التوحيد من النار وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبى حتى إذا لم يبق فيها من بوافق اسمه اسم نبى قال الله لباقه أنتم المسلمون وانا السلام وأنتم المؤمنون وانا المؤمن فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين (قال الكاشفى) ايمن كننده مؤمنان از عقوبت نيران يا داعئ خلق بايمان وأمان يا مصدق رسل بإظهار معجزه وبرهان قال الامام الغزالي رحمه الله المؤمن المطلق هو الذي لا يتصور أمن وأمان الا ويكون مستفادا من جهته وهو الله تعالى وليس يخفى ان الأعمى يخاف أن يناله هلاك من حيث لا يرى فعينه البصيرة تفيد أمنا منه والأقطع يخاف آفة لا تندفع الا باليد واليد السليمة أمان منها وهكذا جميع الحواس والأطراف ولمؤمن خالقها ومصورها ومقومها ولو قدرنا إنسانا وحده مطلوبا من جهة أعدائه وهو ملقى في مضيق لا تتحرك عليه أعضاؤه لضعفه وان تحركت فلا سلاح معه وان كان معه سلاح لم يقاوم أعداءه وحده وان كانت له جنود لم يأمن ان تنكسر جنوده ولا يجد حصنا يأوى اليه فجاء من عالج ضعفه فقواه وامده بجنود واسلحة وبنى حولة حصنا فقد أفاده أمنا وأمانا فبالحرى أن يسمى مؤمنا في حقه والعبد ضعيف في اصل فطرته وهو عرضة الأمراض والجوع والعطش من باطنه وعرضة الآفات المحرقة والمغرقة والجارحة والكاسرة من طاهره ولم يؤمنه من هذه المخاوف الا الذي أعد الادوية دافعة لامراضه والاطعمة مزيلة لجوعه والأشربة مميطة لعطشه والأعضاء دافعة عن بدنه والحواس جواسيس منذرة بما يقرب من مهلكاته ثم خوفه الأعظم من هلاك الآخرة ولا يحصنه منها الا كلمة التوحيد والله هاديه البها ومرغبه فيها حيث قال لا اله الا الله حصنى فمن دخله أمن من عذابى فلا أمن في العالم الا وهو مستفاد من اسباب هو منفرد بخلقها

والهداية الى استعمالها وعبد المؤمن هو الذي آمنه الله من العقاب وآمنه الناس على ذواتهم وأموالهم واعراضهم من المصطلحات فحظ العبد من هذا الوصف أن يأمن الخلق كلهم جانبه بل يرجو كل خائف الاعتضاد به في دفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه كما قال عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليؤمن جاره بوائقه وفي ترجمة وصايا الفتوحات واگر خواهى كه از هيچكس نترسى هيچ كس را مترسان تا از همه آمن باشى چون همه كس از تو آمن باشند شيخ اكبر قدس سره الأطهر فرموده كه در عنفوان شباب كه هنوز بدين طريق رجوع نكرده بودم در صحبت والده وجمعى در سفر بودم ناكاه ديدم گله گورخر در مرعى ومن بر صيد ايشان عظيم حريص بودم وكودكان من پاره دور بودند در نفس من اين فكر افتاد كه ايشانرا نرنجانم ودل بران نهادم وخاطر را بر ترك تعرض وايذاى ايشان تكين كردم وحصانى كه بر وى سوار بودم بجانب ايشان ميل ميكرد سر او محكم كردم ونيزه بدست من بود چون بديشان رسيدم ودر ميانه ايشان در آمدم وقت بود كه سنان نيزه ببعضي ميرسيد واو در چرا كردن خود بود والله هيچ يكى سر بر نداشت تا من از ميان ايشان كذشتم بعد از ان كودكان وغلامان رسيدند وآن جماعات حمر وحش از ايشان رميدند ومتفرق شدند ومن سبب آن نمى دانستم تا وقتى كه بطريق الله رجوع كردم ومرا در معامله نظر افتاد دانستم كه آن أمان كه در نفس من بود در نفوس ايشان سرايت كرد وأحق العباد بأسم المؤمن من كان سببا لأمن الخلق من عذاب الله بالهداية الى طريق الله والإرشاد الى سبيل النجاة وهذه حرفة الأنبياء والعلماء ولذلك قال عليه السلام انكم تتهافتون في النار تهافت الفراش وانا آخذ بحجزكم لعلك تقول الخوف من الله على الحقيقة فلا مخوف الا هو فهو الذي خوف عباده وهو الذي خلق اسباب الخوف فكيف ينسب اليه الا من فجوابك ان الخوف منه والأمن منه وهو خالق سبب الأمن والخوف جميعا وكونه مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا كما ان كونه مذلا لم يمنع كونه معزا بل هو المعز والمذل وكونه خافضا لم يمنع كونه رافعا بل هو الرافع والخافض فكذلك هو المؤمن المخيف لكن المؤمن ورد التوقيف به خاصة دون المخوف وخاصية هذا الاسم وجود التأمين وحصول الصدق والتصديق وقوة الايمان في العموم لذاكره ومن ذلك أن يذكره الخائف ستا وثلاثين مرة فانه يأمن على نفسه وماله ويزاد في ذلك بحسب القوة والضعف الْمُهَيْمِنُ قال بعض المشايخ هذا الاسم من أسمائه التي علت بعلو معناها عن مجارى الاشتقاق فلا يعلم تأويله الا الله تعالى وقال بعضهم هو المبالغ في الحفظ والصيانة عن المضار من قولهم هيمن الطائر إذا نشر جناحه على فرخه حماية له وفي الإرشاد الرقيب الحافظ لكل شيء وقال الزروقى هو لغة الشاهد ومنه قوله تعالى ومهيمنا عليه يعنى شاهدا عالما وقال بعضهم مفيعل من الامن ضد الخوف وأصله مؤأمن بهمزتين فقلبت الهمزة الثانية ياء لكراهة اجتماعهما فصار مؤيمن ثم صيرت الاولى هاءكما قالوا في أراق الماء هراقه فيكون في معنى المؤمن (حكى) ان ابن

قتيبة لما قال في المهيمن انه مصغر من مؤمن والأصل مؤيمن فأبدلت الهمزة هاء قيل له هذا يقرب من الكفر فليتق الله قائله وذلك لان فيه ترك التعظيم وقال الامام الغزالي رحمه الله معنى المهيمن في حق الله انه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم وانما قيامه عليهم باطلاعه واستيلائه وحفظه وكل مشرف على كنه الأمر مستول عليه حافظ له فهو مهيمن عليه والاشراف يرجع الى العلم والاستيلاء الى كمال القدرة والحفظ الى الفعل فالجامع بين هذه المعاني اسمه المهيمن ولن يجمع ذلك على الإطلاق والكمال الا الله تعالى ولذلك قيل انه من اسماه الله تعالى في الكتب القديمة وعبد المهيمن هو الذي شاهد كون الحق رقيبا شهيدا على كل شيء فهو يرقب نفسه وغيره بايفاء حق كل ذى حق عليه لكونه مظهر الاسم المهيمن يعنى حظ العارف منه أن يراقب قلبه ويحفظ قواه وجوارحه ويأخذ حذره من الشيطان ويقوم بمراقبة عباد الله وحفظهم فمن عرف انه المهيمن خضع تحت جلاله وراقبه في كل أحواله واستحيى من اطلاعه عليه فقام بمقام المراقبة لديه (حكى) ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله كان يصلى قاعدا فجلس ومد رجليه فهتف به هاتف هكذا تجالس الملوك وان الحريري كان لا يمد رجليه في الخلوة فقيل له ليس يراك أحد فقال حفظ الأدب مع الله أحق يقول الفقير يقرب من هذا ما وقع لى عند الكعبة فانى بعد ما طفت بالبيت استندت الى مقام ابراهيم حباله فقيل لى من قبل الله تعالى ما هذا البعد فى عين القرب فعلمت ان ذلك من ترك الأدب في مجالسة الله معى فلم ازل ألازم باب الكعبة في الصف الاول مدة مجاورتى بمكة وخاصية هذا الاسم الاشراف على البواطن والاسرار ومن قرأه مائة مرة بعد الغسل والصلاة في خلوة بجمع خاطر نال ما أراد ومن نسبته المعنوية علام الغيوب عند التأمل وفي الأربعين الإدريسية يا علام الغيوب فلا يفوت شيء من علمه ولا يؤوده قال السهروردي من داوم عليه قوى حفظه وذهب نسيانه الْعَزِيزُ غالب در حكم يا بخشنده عزت قال بعضهم من عز إذا غلب فمرجعه القدرة المتعالية عن المعارضة والمعانعة او من عز عزازة إذا قل فالمراد عديم المثل كقوله تعالى ليس كمثله شيء وقال الامام الغزالي رحمه الله العزيز هو الخطير الذي يقل وجود مثله وتشتد الحاجة اليه ويصعب الوصول اليه فما لم يجمع هذه المعاني الثلاثة لم يطلق عليه العزيز فكم من شيء يقل وجوده ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول اليه لم يسم عزيزا كالشمس مثلا فانها لا نظير لها والأرض كذلك والنفع عظيم في كل واحدة منهما والحاجة شديدة إليهما ولكن لا توصفان بالعزة لانه لا يصعب الوصول الى مشاتهما فلابد من اجتماع المعاني الثلاثة ثم في كل واحد من المعاني الثلاثة كمال ونقصان فالكمال في قلة الوجود أن يرجع الى الواحد إذ لا اقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا الا الله تعالى فان الشمس وان كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان فيمكن وجود مثلها والكمال في النفاسة وشدة الحاجة أن يحتاج اليه كل شيء في كل شيء حتى في وجوده وبقائه

وصفاته وليس ذلك الكمال الا لله تعالى وعبد العزيز هو الذي أعزه الله بتجلى عزته فلا يغلبه شيء من أيدى الحدثان والأكوان وهو يغلب كل شيء قال الغزالي رحمه العزيز من العباد من يحتاج اليه عباد الله في مهام أمورهم وهى الحياة الاخروية والسعادة الابدية وذلك مما يقل لا محالة وجوده ويصعب إدراكه وهذه رتبة الأنبياء عليهم السلام ويشاركهم فى العز من يتفرد بالقرب منهم اى من درجتهم في عصرهم كالخلفاء وورثتهم من العلماء وعزة كل واحد بقدر علو رتبته عن سهولة النيل والمشاركة وبقدر غنائه في ارشاد الخلق وقال بعضهم حظ العبد من هذا الاسم أن يعز نفسه فلا يستهينها بالمطامع الدنية ولا يدنيها بالسؤال من الناس والافتقار إليهم قيل انما يعرف عزيزا من أعز امر الله بطاعته فاما من استهان باوامره فمن المحال أن يكون متحققا بعزته وقال الشيخ ابو العباس المرسى رحمه الله والله ما رأيت العز الا في رفع الهمة عن المخلوقين فمن عرف انه العزيز لا يعتقد لمخلوق جلالا دون جلال الله تعالى فالعزيز بين الناس في المشهور من جعله الله ذا قدر ومنزلة بنوع شرف باق او فان فمنهم من يكون عزيزا بطاعة الله تعالى ومنهم من يكون بالجاه ومنهم من يكون عزيزا بالعلم والمعرفة والكمال ومنهم من يكون بالسطوة والشوكة والمال ثم منهم من يكون عزيزا في الدارين ومنهم من يكون في الدنيا لا في العقبى ومنهم من يكون على العكس فكم من ذليل عند الناس عزيز عند الله وكم من عزيز عند الناس ذليل عند الله والعزيز عند المولى هو الأصل والاولى قال في أبكار الافكار غير رسول الله عليه السلام اسم العزيز لان العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة او حقيقة او معنى فمن ذكره أربعين يوما في كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه وفي الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شيء يعادله قال السهر وردى رحمه الله من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم ألفا أهلك خصمه وان ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون الْجَبَّارُ الذي جبر خلقه على ما أراد اى قهرهم وأكرههم عليه او جبر أحوالهم اى أصلحها فعلى هذا يكون الجبار من الثلاثي لامن الافعال وجبر بمعنى اجبر لغة تميم وكثير من الحجازيين واستدل بورود الجبار من يقول ان امثلة مبالغة تأتى من المزيد عن الثلاثي فانه من أجبره على كذا اى قهره وقال الفراء لم اسمع فعال من افعل الا في جبار ودراك فانهما من اجبر وأدرك قال الراغب اصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر وقد يقال في إصلاح المجرد نحو قول على رضى الله عنه يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير والإجبار في الأصل حمل الغير على أن يجبر الأمور لكن تعورف في الإكراه المجرد وسمى الذين يدعون ان الله تعالى يكره العباد على المعاصي فى تعارف المتكلمين مجبرة وفي قول المتقدمين جبرية والجبار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من المعالي لا يستحقها وهذا لا يقال الا على طريقة الذم وفي وصف الله لانه الذي يجبر الناس بفائض نعمه او يقهرهم على ما يريده من مرض وموت وبعث ونحوها وهو لا يقهر الا على ما تقتضى الحكمة أن يقهر عليه فالجبار المطلق هو الذي ينفذ مشيئته

على سبيل الإجبار في كل أحد ولا ينفذ فيه مشيئة أحد (روى) ان في بعض الكتب الالهية عبدى تريد وأريد ولا يكون الا ما أريد فان رضيت بما أريد كفيتك ما تريد وان لم ترض بما أريد أبقيتك فيما تريد ثم لا يكون الا ما أريد وعبد الجبار هو الذي يجبر كسر كل شيء ونقصه لان الحق جبر حاله وجعله بتجلى هذا الاسم جابر الحال كل شيء مستعليا عليه ومن علم انه الجبار دق في عينه كل جبار وكان راجعا اليه في كل امر بوصف الافتقار بجبر المكسور من اعماله وترك الناقص من آماله فتم له الإسلام والاستسلام وارتفعت همته عن الأكوان فيكون جبارا على نفسه جابرا لكسر عباده وقال بعضهم حظ العارف من هذا الاسم أن يقبل على النفس ويجبر نقائصها باستكمال الفضائل ويحملها على ملازمة التقوى والمواظبة على الطاعة ويكسر منها الهوى والشهوات بأنواع الرياضات ويترفع عما سوى الحق غير ملتفت الى الخلق فيتحلى بحلي السكينة والوقار بحيث لا يزلزله تعاور الحوادث ولا يؤثر فيه تعاقب النوافل بل يقوى على التأثير في الأنفس والآفاق بالإرشاد والإصلاح وقال الامام الغزالي رحمه الله الجبار من العباد من ارتفع عن الاتباع ونال درجة الاستتباع وتفرد بعلو رتبته بحيث يجبر الخلق بهيئته وصورته على الاقتداء وبمتابعته في سمته وسيرته فيفيد الخلق ولا يستفيد ويؤثر ولا يتأثر ويستتبع ولا يتبع ولا يشاهده أحد الى ويفنى عن ملاحظة نفسه ويصير مستوفى الهم غير ملتفت الى ذاته ولا يطمع أحد في استدراجه واستتباعه وانما حظى بهذا الوصف سيد الأولين والآخرين عليه السلام حيث قال لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه الا اتباعى وانا سيد ولد آدم ولا فخر وخاصية هذا الاسم الحفظ من ظلم الجبابرة والمعتدين في السفر والاقامة يذكر بعد قراءة المسبعات عشر صباحا ومساء احدى وعشرين مرة ذكره الزروقى في شرح الأسماء الحسنى الْمُتَكَبِّرُ الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة او نقصانا او البليغ الكبرياء والعظمة يعنى ان صيغة التفعل للتكلف بما لم يكن فاذا قيل تكبر وتسخى دل على انه يرى ويظهر الكبر والسخاء وليس بكبير ولا سخى والتكلف بما لم يكن كان مستحيلا في حق الله تعالى حمل على لازمه وهو أن يكون ما قام به من الفعل على أتم ما يكون وأكمله من غير أن يكون هناك تكلف واعتمال حقيقة ومنه ترحمت على ابراهيم بمعنى رحمته كمال الرحمة واتممتها عليه فاذا قيل انه تعالى متكبر كان المعنى انه البالغ في الكبر أقصى المراتب (روى) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال رأيت رسول الله عليه السلام قائما على هذا المنبر يعنى منبر رسول الله فى المدينة وهو يحكى عن ربه تعالى فقال ان الله عز وجل إذا كان يوم القيامة جمع السموات والأرضين في قبضته تبارك وتعالى ثم قال هكذا وشد قبضته ثم بسطها ثم يقول انا الله انا الرحمن انا الرحيم انا الملك انا القدوس انا السلام انا المؤمن انا المهيمن انا العزيز انا الجبار انا المتكبر انا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيأ انا الذي أعدتها اين الملوك اين الجبابرة قهار بي منازع وغفار بي ملال ... ديان بي معادل وسلطان بي سپاه با غير أو ضيافت شاهى بود چنان ... بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه

قال الراغب التكبر يقال على وجهين أحدهما أن تكون الافعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة على محاسن غيره وعلى هذا وصف الله بالمتكبر وهو ممدوح والثاني أن يكون متكلفا لذلك متشبعا وذلك في وصف عامة الناس والموصوف به مذموم وفي الحديث (الكبرياء ردآئى والعظمة إزاري فمن نازعنى في شيء منهما قصمته) قال بعضهم الفرق بين المتكبر والمستكبر ان المتكبر عام لاظهار الكبر الحق كما في أوصاف الحق تعالى ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق والكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره والتكبر إظهاره ذلك كما في العوارف والاستكبار اظهار الكبرياء باطلا كما فى قوله تعالى في حق إبليس استكبر وغير ذلك كما تجده في موارد استعمالاته في القرآن والحديث وقال في الاسئلة المقحمة ما معنى المتكبر من اسماء الله فان التكبر مذموم في حق الخلق والجواب معناه هو المتعظم عما لا يليق به سبحانه وهو من الكبرياء لا من التكبر ومعناه المبالغة في العظمة والكبرياء في الله وهو الامتناع عن الانقياد فلهذا كان مذموما فى حق الخلق وهو صفة مدح في حق الله تعالى انتهى فان قلت ما تقول في قوله عليه السلام حين قال له عمه ابو طالب ما أطوعك ربك يا محمد وأنت يا عم لو أطعته أطاعك قلت هذه الاطاعة والانقياد للمطيع لا للخارج عن امره فلا ينافى عدم انقياده لغيره فهو المتكبر للمتكبر كما انه المطيع للمطيع قال بعضهم المتكبر هو الذي يرى غيره حقيرا بالاضافة الى ذاته فينظر الى الغير نظر المالك الى عبده وهو على الإطلاق لا يتصور الا لله تعالى فانه المتفرد بالعظمة والكبرياء بالنسبة الى كل شيء من كل وجه ولذلك لا يطلق على غيره تعالى الا في معرض الذم لما انه يفيد التكلف في اظهار مالا يكون قال عليه السلام تحاجت النار والجنة فقالت هذه يدخلنى الجبارون المتكبرون وقالت هذه يدخلنى الضعفاء والمساكين فقال الله لهذه أنت عذابى أعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتى أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها ومن عرف علوه تعالى وكبرياءه لازم طريق التواضع وسلك سبيل التذلل قيل الفقير في خلقه احسن منه في جديد غيره فلا شيء احسن على الخدم من لباس التواضع بحضرة السادة قال بعض الحكماء ما أعز الله عبدا بمثل ما يدل على ذل نفسه وما اذله بمثل ما يدل على عز نفسه (حكى) ان بعضهم قال رأيت رجلا في الطواف وبين يديه خادمان يطردان الناس ثم بعد ذلك رأيته يتكفف على جسر فسألته عن ذلك فقال انى تكبرت في موضع يتواضع فيه الناس فوضعنى الله في موضع يترفع فيه الناس وعبد المتكبر هو الذي فنى تكبره بتذلله للحق حتى قام كبرياء الله مقام كبره فيتكبر بالحق على ما سواه فلا يتذلل للغير قال الامام الغزالي قدس سره المتكبر من العباد هو الزاهد ومعنى زهد العارف أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتكبر في كل شيء سوى الله تعالى فيكون مستحقرا للدنيا والآخرة مرتفعا عن أن يشغله كلتاهما عن الحق وزهد العارف معاملة ومعاوضة فهو انما يشترى بمتاع الدنيا متاع الآخرة فيترك الشيء عاجلا طمعا في أضعافه آجلا وانما هو سلم ومبايعة ومن استعبدته

[سورة الحشر (59) : آية 24]

شهوته المطعم والمنكح فهو حقير وانما المتكبر من يستحقر كل شهوة وحظ بتصور أن تشاركه فيها البهائم وخاصية هذا الاسم الجلالة ظهور الخير والبركة حتى ان من ذكره ليلة دخوله بزوجته عند دخوله عليها وقرأه قبل جماعها عشرا رزق منها ولدا صالحا ذكرا وفي الأربعين الادريسية يا جليل المتكبر على كل شيء فالعدل امره والصدق وعده قال السهر وردى رحمه الله مداومه بلا فترة يجل قدره ويعز أمره ولا يقدر أحد على معارضته بوجه ولا بحال سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له تعالى عما يشركون به تعالى او عن اشراكهم به اثر تعداد صفات لا يمكن أن يشاركه تعالى في شيء منها شيء ما أصلا اى سبحوا الله تسبيحا ونزهوه تنزيها عما يشركه الكفار به من المخلوقات فالله تعالى أورده لاظهار كمال كبريائه او للتعجب من اثبات الشريك بعد ما عاينوا آثار اتصافه بجلال الكبرياء وكمال العظمة وفي التأويلات النجمية قوله سبحانه هو الله الذي لا اله الا هو الملك إلخ يشير الى وحدانية ذاته وفردانية صفاته وتصرفه في الأشياء على مقتضى حكمته الازلية والى نزاهته عن النقائص الامكانية ووصف الا من بين العدم المحض بسبب التحقق بالوجود المطلق والى حفظ الأشياء في عين شيئيته وإعزازه أولياءه وقهره واذلاله أعداءه والى كمال كبريائه بظهوره في جميع المظاهر والى نزاهة ذاته عما يشركون معنى فى ذاته وفي صفاته وفي عرائس البقلى سبحان الله عما يشركون اليه بالنواظر والخواطر انتهى هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ اى المقدر للاشياء على مقتضى حكمته ووفق مشيئته فان اصل معنى الخلق التقدير كما يقال خلق النعل إذا قدرها وسواها بمقياس وان شاع في معنى الإيجاد على تقدير واستواء وسوآء كان من مادة كخلق الإنسان من نطفة ونحوه او من غير مادة كخلق السموات والأرض وعبد الخالق هو الذي يقدر الأشياء على وفق مراد الحق لتجليه له بوصف الخلق والتقدير فلا يقدر الا بتقديره تعالى وخاصية هذا الاسم أن يذكر في جوف الليل ساعة فما فوقها فيتنور قلب ذاكره ووجهه وفي الأربعين الادريسية خالق من في السموات ومن في الأرض وكل اليه معاده قال السهروردي يذكر لجمع الضائع والغائب البعيد الغيبة خمسة آلاف مرة الْبارِئُ الموجد للاشياء بريئة من التفاوت فان البرء الإيجاد على وجه يكون الموجد بريئا من التفاوت والنقصان عما يقتضيه التقدير على الحكمة البالغة والمصلحة الكاملة وعبد البارئ هو الذي يبرأ عمله من التفاوت والاختلاف فلا يفعل الا ما يناسب حضرة الاسم البارئ متعادلا متناسبا بريئا من التفاوت كقوله تعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وخاصية هذا الاسم أن يذكره سبعة ايام متوالية كل يوم مائة مرة للسلامة من الآفات حتى من تعدى التراب عليه في القبر وفي الأربعين الادريسية يا بارئ النفوس بلا مثال خلا من غيره قال السهروردي يفتح لذاكره أبواب الغنى والعز والسلامة من الآفات وإذا كتب في لوح من قير وعلق على المجنون نفعه وكذلك اصحاب الأمراض الصعبة الْمُصَوِّرُ الموجد لصور الأشياء وكيفياتها كما أراد يعنى بخشنده صورت هر مخلوق كما يصور الأولاد في الأرحام بالشكل

واللون المخصوص فان معنى التصوير تخصيص الخلق بالصور المتميزة والاشكال المتعينة قال الراغب الصورة ما تتميز به الأعيان عن غيرها وهى محسوسة كصورة الإنسان ومعقولة كالعقل وغيره من المعاني وقوله عليه السلام ان الله خلق آدم على صورته أراد بالصورة ما خص الإنسان به من الهيئة المدركة بالبصر وبالبصيرة وبها فضله على كثير من خلقه وإضافته الى الله على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه بل على سبيل التشريف له كقوله بيت الله وناقة الله وروح الله يقول الفقير الضمير المجرور في صورته يرجع الى الله لا الى آدم والصورة الالهية عبارة عن الصفات السبع المرتبة وهى الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وآدم مظهر هذه الصفات بالفعل بخلاف سائر الموجودات واطلاق الصورة على الله تعالى مجاز عند أهل الظاهر إذ لا تستعمل فى الحقيقة الا في المحدوسات واما عند اهل الحقيقة فحقيقة لان العالم الكبير بأسره صورة الحضرة الا لهية فرقا وتفصيلا وآدم صورته جمعا واجمالا اى ز همه صورت خوب توبه ... صورك الله على صورته روى تو آيينه حق بينى است ... در نظر مردم خود بين منه بلكه حق آيينه وتو صورتى ... وهم توى رابميان ره مده صورت از آيينه نباشد جدا ... أنت به متحد فانتبه هر كه سر رشته وحدت نيافت ... پيش وى اين نكته بود مشتبه رشته يكى دان وكره صد هزار ... كيست كزين نكته كشايد كره هر كه چوجامى بكره بند شد ... كر بسر رشته رود باز به والحاصل ان الخالق هنا المقدر على الحكمة الملائمة لنظام العالم والبارئ الموجد على ذلك التقدير والمصور المبدع لصور الكائنات وإشكال المحدثات بحيث يترتب عليها خواصهم ويتم بها كمالهم وبهذا ظهر وجه الترتيب بينهما واستلزام التصوير البرء والبرء الخلق استلزام الموقوف للموقوف عليه كما قال الامام الغزالي رحمه الله وقدس سره قد يظن ان هذه الأسماء مترادفة وان الكل يرجع الى الخلق والاختراع ولا ينبغى أن يكون كذلك بل كل ما يخرج من العدم الى الوجود يفتقر الى التقدير اولا والى الإيجاد على وفق التقدير ثانيا والى التصوير بعد الإيجاد ثالثا والله تعالى خالق من حيث انه مقدر وبارئ من حيث انه مخترع موجد ومصور من حيث انه مرتب صور المخترعات احسن ترتيب وهذا كالبناء مثلا فانه محتاج الى مقدر يقدر ما لا بد منه من الخشب واللبن ومساحة الأرض وعدد الابنية وطولها وعرضها وهذا يتولاه المهندس فيرسمه ويصوره ثم يحتاج الى بناء يتولى الأعمال التي عندها تحدث وتحصل اصول الابنية ثم يحتاج الى مزين ينقش ظاهره ويزين صورته فيتولاه غير البناء هذه هى العادة في التقدير والبناء والتصوير وليس كذلك فى افعال الله تعالى بل هو المقدر والموجد والمزين فهو الخالق البارئ المصور فقدم ذكر الخالق على البارئ لان الارادة والتقدير متقدمة على تأثير القدرة وقدم البارئ

على المصور لان إيجاد الذات متقدم على إيجاد الصفات وعن حاطب بن أبى بلتعة رضى الله عنه انه قرأ البارئ المصور بفتح الواو ونصب الراء الذي يبرأ المصور اى يميز ما يصوره بتفاوت الهيئات واختلاف الاشكال وعبد المصور هو الذي لا يتصور ولا يصور الا ما طابق الحق ووافق تصويره لان فعله يصدر عن مصوريته تعالى ولذا قال بعضهم حظ العارف من هذه الأسماء أن لا يرى شيأ ولا يتصور امرا الا ويتأمل فيما فيه من باهر القدرة وعجائب الصنع فيترقى من المخلوق الى الخالق وينتقل من ملاحظة المصنوع الى ملاحظة الصانع حتى يصير بحيث كلما نظر الى شيء وجد الله عنده وخاصية الاسم المصور الاعانة على الصانع العجيبة وظهور الثمار ونحوها حتى ان العاقر إذا ذكرته في كل يوم احدى وعشرين مرة على صوم بعد الغروب وقبل الإفطار سبعة ايام زال عقمها وتصور الولد فى رحمها بإذن الله تعالى لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى لدلالتها على المعاني الحسنة كما سبق في سورة طه (قال الكاشفى) مر او راست نامهاى نيكى كه در شرع وعقل پسنديده ومستحسن باشد والحسنى صيغة تفضيل لانها تأنيث الأحسن كالعليا في تأنيث الأعلى وتوصيف الأسماء بها للزيادة المطلقة إذ لا نسبة لاسمائه الى غير الأسماء من اسماء الغير كما لا نسبة لذاته المتعالية الى غير الذوات من ذوات الغير واسماء الله تسعة وتسعون على ما جاء في الحديث ونقل صاحب اللباب عن الامام الرازي انه قال رأيت في بعض كتب الذكر ان لله تعالى اربعة آلاف اسم الف منها في القرآن والاخبار الصحيحة والف فى التوراة والف في الإنجيل والف في الزبور (روى) ان من دعاء رسول الله عليه السلام اسألك بكل اسم سميت به نفسك او أنزلته في كتابك او علمته أحدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب فلعل كونها تسعة وتسعين بالنظر الى الأشهر الأشرف الأجمع وتعدد الأسماء لا يدل على تعدد المسمى لان الواحد يسمى أبا من وجه وجدا من وجه وخالا من وجه وعالما من وجه وذاته متحدة قال عبد الرحمن البسطامي قدس سره في ترويح القلوب اعلم ان من السر المكتوم في الدعاء أن تأخذ حروف الأسماء التي تذكر بها مثل قولك الكبير المتعال ولا تأخذ الا الف واللام بل تأخذ كبير متعال وتنظركم لها من الاعداد بالجمل الكبير فتذكر ذلك العدد في موضع خال من الأصوات بالشرائط المعتبرة عند اهل الخلوة لا تزيد على العدد ولا تنقص منه فانه يستجاب لك بالوقت وهو الكبريت الأحمر بإذن الله تعالى فان الزيادة على العدد المطلوب إسراف والنقص منه إخلال والعدد في الذكر بالأسماء كاسنان المفتاح لانها زادت ونقصت لا تفتح الباب وقس عليه باب الاجابة فافهم السر وصن الدر ثم اعلم ان العارفين يلاحظون في الأسماء آلة التعريف واصل الكلمة والملامية يطرحون منها آلة التعريف لانها زائدة على اصل الكلمة قال العلماء الاسم هو اللفظ الدال على المعنى بالوضع والمسمى هو المعنى الموضع له والتسمية وضع اللفظ له او إطلاقه عليه واطلاق الاسم على الله تعالى توقيفى عند البعض بحيث لا يصح اطلاق شيء منه عليه الا بعد ان كان واردا في القرآن او الحديث الصحيح وقال آخرون كل لفظ دل على معنى

يليق بجلال الله وشأنه فهو جائز الإطلاق وإلا فلا ومن أدلة الأولين ان الله عالم بلا مرية فيقال له عالم وعليم وعلام لوروده في الشرع ولا يقال له عارف او فقيه او متيقن الى غير ذلك مما يفيد معنى العلم ومن أدلة الآخرين ان الأسماء الله وصفاته مذكورة بالفارسية والتركية والهندية وغيرها مع انها لم ترد في القرآن والحديث ولا في الاخبار وان المسلمين اجمعوا على جواز إطلاقها ومنها ان الله تعالى قال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها والاسم لا يحسن الا لدلالته على صفات الكمال ونعوت الجلال فكل اسم دل على هذه المعاني كان اسما حسنا وانه لا فائدة في الألفاظ الا رعاية المعاني فاذا كانت المعاني صحيحة كان المنع من اطلاق اللفظ المفيد غير لائق غاية ما في الباب أن يكون وضع اسم علما له مستحدثا وذكر ما يوهم معنى غير لائق به تعالى ليس بأدب اما ذكر ما هو دال على معنى حسن ليس فيه إيهام معنى مستنكر مستنفر فليس فيه من سوء الأدب شيء يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ينطق بتنزهه عن جميع النقائص تنزها ظاهرا قال في كشف الاسرار يسبح له جميع الأشياء اما بيانا ونطقا واما برهانا وخلقا وقد مر الكلام في هذا التسبيح مرارا وجمهور المحققين على انه تسبيح عبارة وهو لا ينافى تسبيح الاشارة وكذا العكس وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الجامع للكمالات كافة فانها مع تكثرها وتشعبها راجعة الى الكمال في القدرة والعلم قال الامام الغزالي رحمه الله الحكيم ذو الحكمة والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأجل العلوم وأجل الأشياء هو الله تعالى وأجل العلوم هو العلم الأزلي الدائم الذي لا يتصور زواله فليس يعلم الله حقيقة الا الله ومن عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله بقدر الطاقة البشرية لم يستحق أن يسمى حكيما فمن عرف الله فهو حكيم وان كان ضعيف القوة فى العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها الا ان نسبة حكمة العبد الى حكمة الله كنسبة معرفته الى معرفته بذاته وشتان بين المعرفتين فشتان بين الحكمتين ولكنه مع بعده عنه هو أنفس المعارف وأكثرها خيرا ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وما يذكر الا أولوا الألباب وعبد الحكيم هو الذي بصره الله بمواقع الحكمة في الأشياء ووفقه للسداد فى القول والصواب في العمل وهو يرى خللا في شيء إلا يسده ولا فسادا الا يصلحه وخاصية هذا الاسم دفع الدواهي وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف الله عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب الحكمة وانما مدح الله نفسه بهذه الصفات العظام تعليما لعباده المدح بصفاته العلى بعد فهم معانيها ومعرفة استحقاقه بذلك طلبا لزيادة تقربهم اليه قال ابو الليث في تفسيره فان قال قائل قد قال الله فلا تزكوا أنفسكم فما الحكمة في ان الله تعالى نهى عباده عن مدح أنفسهم ومدح نفسه قيل له عن هذا السؤال جوابان أحدهما ان العبد وان كان فيه خصال الخير فهو ناقص وإذا كان ناقصا لا يجوز له أن يمدح نفسه والله تعالى تام الملك والقدرة فيستوجب بهما المدح فمدح نفسه ليعلم عباده فيمدحوه والجواب الآخر أن العبد وان كان فيه خصال الخير فتلك إفضال من الله تعالى ولم يكن ذلك بقوة العبد فلهذا لا يجوز أن يمدح نفسه ونظير هذا ان الله تعالى نهى عباده أن يمنوا على أحد بالمعروف وقد من على عباده للمعنى

الذي ذكر في المدح قال بعض الكبار تزكية الإنسان لنفسه سم قاتل وهى من باب شهادة الزور لجهله بمقامه عند الله الا أن يترتب على ذلك مصلحة دينية فللانسان ذلك كما قال عليه السلام انا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر اى لا افتخر عليكم بالسيادة انما الفخر بالعبودية والفخر بالذات لا يكون الا لله وحده واما الفخر في عباده فانما هو للرتب فيقال صفة العلم أفضل من صفة الجهل ونحو ذلك ولا يخفى ان الرتب نسبة عدمية فما افتخر من افتخر الا بالعدم ولذلك امر الله نبيه أن يقول انما انا بشر مثلكم فلم ير لذاته فضلا على غيره ثم ذكر شرف الرتبة بقوله يوحى الى اعلم ان الاولى لك أن تسكت عن بحثين وتكل العلم فيهما الى الله العليم الخبير أحدهما ما يكون بين العلماء من ان صفات الله الثابتة هل هى موجودات بوجودات مستقلة غير وجوده تعالى اولا بعد الايمان باتصافه تعالى بها وكمالها ودوامها والثاني ما يكون بين المشايخ من ان الوجود هل هو واحد والله سبحانه وتعالى هو ذلك الوجود وسائر الموجودات مظاهر له لا وجود لها بالاستقلال اوله تعالى وجود زائد على ذاته واجب لها مقتضية هى إياه ولغيره تعالى من الموجودات وجودات اخر غير الوجود الواجب على ما هو البحث الطويل بينهم والى ذلك يرشدك ما قالوا من ان ما اتصف الله به فهو واجب لا يتغير أصلا وما لم يتصف به فهو ممتنع لا يكون قطعا فاذا اختلف اثنان في ذاته وصفاته تعالى فلا جرم ان واحدا منهما اما ينفى الواجب او يثبت الممتنع وكلاهما مشكل وان ما أبهم علمه فالأدب فيه السكوت بعد الايمان بما ظهر من القرآن والحديث واتفاق الصحابة رضى الله عنهم فان المرء لا يسأل الا عن علم لزمه في اقامة الطاعة وادامة العبادة لمولاه قال صاحب الشرعة ولا يناظر أحد في ذات الله وصفاته المتعالي عن القياس والأشباه والأوهام والخطرات وفي الحديث ان هلاك هذه الامة إذا نطقوا فى ربهم وان ذلك من اشراط الساعة فقد كان عليه السلام يخر ساجدا لله تعالى متى ما سمع ما يتعالى عنه رب العزة ولا يجيب السائل عن الله الا بمثل ما جاء به القرآن في آخر سورة الحشر من ذكر أفعاله وصفاته ولا يدقق الكلام فيه تدقيقا فان ذلك من الشيطان وضرر ذلك وفساده اكثر من نفعه قال بعض الكبار ما في الفرق الاسلامية أسوأ حالا من المتكلمين لانهم ادعوا معرفة الله بالعقل على حسب ما أعطاهم نظرهم القاصر فان الحق منزه عن أن يدرك او يعلم بأوصاف خلقه عقلا كان او علما روحا كان او سرا فان الله ما جعل الحواس الظاهرة والباطنة طريقا الا الى معرفة المحسوسات لا غير والعقل بلا شك منها فلا يدرك الحق بها لانه تعالى ليس بمحسوس ولا بمعلوم معقول وقد تبين لك بهذا خطأ جميع من تكلم فى الحق وصفاته بما لم يعلمه من الحق ولا من رسله عليه السلام وقال بعض العارفين سبب توقف العقول في قبول ما جاء في الكتاب والسنة من آيات الصفات واخبارها حتى يؤول ضعفها وعدم ذوقها فلو ذاقوا كاذاقة الأنبياء وعملوا على ذلك بالايمان كما عملت الطائفة لأعطاهم الكشف ما اجاله العقل من حيث فكره ولم يتوقفوا في نسبة تلك الأوصاف الى الحق فاعلم ذلك وعمل به تعرف أن علم القوم هو الفلك المحيط الحاوي على جميع العلوم

(حكى) ان الفاضل محمد الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل كان من كبار المتكلمين وفحولهم وكان له بحث كثير في علم الكلام ربما لم يسبق اليه سواه حتى جمع في ذلك الكتاب تلك المباحث القطعية ثم انتهى امره الى العجز فيه والتحير في ذاته حتى رجع الى مذهب العجائز فقال عليكم بدين العجائز فانه من أسنى الجوائز وانشد لقد طفت في تلك المعاهد كلها ... وسيرت طرفى بين تلك المعالم فلم أر الا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم ثم قال والوجه أن يعتقد العبد الدين الذي جاء به محمد عليه السلام ودعا اليه واليه أناب ولا يدخل في ذلك شيأ من نظر عقله لا في تنزيه ولا في تشبيه بل يؤمن بكل آية جاءت فى ذات الله وصفاته على بابها ويكل علمها الى الله الذي وصف ذاته بها هذا هو طريق السلامة والدين الصحيح وعلى ذلك كانت الصحابة والسلف الصالحون رضى الله عنهم واليه ينتهى الراسخون في العلم والعقلاء المحققون عند آخر أمرهم ومن وفقه الله كان عليه وآل نظره اليه ومن بقي على ما أعطاه نظره واجتهاده فليس ذلك بمتبع محمدا عليه السلام فيما جاء به مطلقا لانه ادخل فيه حاصل نظره وتأويله واتكل على رأيه وعقله وهذه وصيتي إليكم ان أردتم السلامة وعدم المطالبة ومن أراد غير ذلك لم ينج من السؤال وكان على خطر في المآل لان القطع بما أراد الله عسير فانا رأينا العقلاء اختلفت أدلتهم في الله فالمعتزلى يخالف الأشعري وبالعكس وهم يخالفون الحكماء وبالعكس كل طائفة تجهل الأخرى وتكفرها فعلمنا ان سبب ذلك هو اختلاف نظرهم وعدم عثورهم على الدليل الصحيح اما كلهم او بعضهم ورأينا الأنبياء عليهم السلام لم يختلف منهم اثنان في الله قط عز وجل وكل دعوا اليه تعالى على باب واحد وكان اختلافهم في فروع الاحكام بحكم الله تعالى لا في أصولها قط قال الله تعالى سبحانه شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه فقوله ولا تتفرقوا فيه دليل على اجتماعهم على امر واحد في الأصول لانه الفروع معلومة بوقوع الاختلاف فيها وذلك لا يضر وانما يضر الاختلاف في الأصول إذ لو وقع الاختلاف فيها لما وقع الاتفاق ولكانت الدعوة لا تصح لان الإله الذي يدعو أليه هذا غير الا له الذي يدعو ذلك اليه والله تعالى قال وإلهكم اله واحد وعم الطوائف كلها من آدم عليه السلام بالخطاب وهلم جرا الى يوم القيامة الى هنا من كلامه أورده حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره في رسالته المعمولة وصية للطالبين وعظة للراغبين ثم اعلم ان من شرف هذه الأسماء المذكورة في الآخر ما قال ابو هريرة رضى الله عنه سألت حبيبى رسول الله عليه السلام عن اسم الله الأعظم فقال هو في آخر الحشر وفي عين المعاني قال عليه السلام سألت جبريل عن اسم الله الأعظم فقال عليك بآخر الحشر فاكثر قراءته فأعدت عليه فأعاد على وعنه عليه السلام من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر الحشر وكل الله به سبعين الف ملك يصلون عليه وفي بعض الروايات

تفسير سورة الممتحنة

يحرسونه حتى يمسى فان مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسى كان بتلك المنزلة رواه معقل بن يسار رضى الله عنه وانما جمع بين استعاذة وقراءة آخر الحشر والله اعلم لان في الاستعاذة الاشعار بكمال العجز والعبودية وفي آخر الحشر الإقرار بجلال القدرة والعظمة والربوبية فالاول تخلية عن العجب والعبودية وفي آخر الحشر الإقرار بجلال القدرة والعظمة والربوبية فالاول تخلية عن العجب والثاني تخلية بالايمان الحق وبهما يتحقق منزل قوله تعالى الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فيترتب عليه قوله تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا الآية كما في تفسير الفاتحة للمولى الفنارى رحمه الله وعن أبى امامة رضى الله عنه يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قرأ خواتيم الحشر من ليل او نهار فقبض من ذلك اليوم او الليلة فقد استوجب الجنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قرأ سورة الخشر لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسى ولا حجاب ولا السموات السبع والأرضون السبع والهوام والطير والريح والشجر والدواب والجبال والشمس والقمر والملائكة الا صلوا عليه فان مات اى من يومه او ليلته مات شهيدا كما في كشف الاسرار وقوله مات شهيدا اى يثاب ثواب الشهادة على مرتبة وللشهادة مراتب قد مرت تمت سورة الحشر في اواخر شهر الله رجب المنتظم في سلك شهور سنة خمس عشرة ومائة والف تفسير سورة الممتحنة مدينة وآيها ثلاث عشرة بسم الله الرحمن الرحيم لعل الممتحنة مأخوذة من قول الله تعالى فيما بعد يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن امر الله المؤمنين هناك بالامتحان فهم الممتحنون بكسر الحاء مجازا للمبالغة وأضيفت السورة إليها وسميت بسورة الممتحنة مثل سورة الفاتحة قيل ان اضافة السورة الى الفاتحة من قبيل اضافة العام الى الخاص ولا بعد أن تكون من قبيل اضافة المسمى الى اسمه مثل كتاب الكشاف فان الفاتحة من جملة اسماء سورة الفاتحة وقس على ذلك سورة الممتحنة ويحتمل أن يكون المراد الجماعة الممتحنة اى المأمور بامتحانها ويؤيده ما روى انه قد تفتح الحاء فيكون المراد النساء المحتبرة فالاضافة بمعنى اللام التخصيصية اى سورة تذكر فيها النساء الممتحنة مثل سورة البقرة وأمثالها ويحتمل أن يكون مصدرا ميميا بمعنى الامتحان على ما هو المشهور من ان المصدر الميمى واسماء المفعول والزمان والمكان فيما زاد على الثلاثي تكون على صيغة واحدة اى سورة الامتحان مثل سورة الإسراء وغيرها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ نزلت في حاطب ابن أبى بلتعة العبسي وحاطب بالحاء المهملة قال في كشف الاسرار ولد في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصله من الأزد وهو حى باليمن واعتقه عبيد الله بن حميد بن زهير الذي قتله على رضى الله عنه يوم بدر كافرا وكان حاطب يبيع الطعام ومات بالمدينة وصلّى عليه عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان من المهاجرين

وشهد بدرا وبيعة الرضوان وعمم الله الخطاب في الآية تعميما للنصح والعدو فعول من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد والمراد هنا كفار قريش وذلك انه لما تجهز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لغزوة الفتح في السنة الثامنة من الهجرة كتب حاطب الى أهل مكة ان رسول الله يريدكم فخذوا خذركم فانه قد توجه إليكم في جيش كالليل وأرسل الكتاب مع سارة مولاة بنى عبد المطلب اى معتقتهم وأعطاها عشرة دنانير وبردة وكانت سارة قدمت من مكة وكانت مغنية فقال لها عليه السلام لماذا جئت فقالت جئت لتعطينى شيأ فقال ما فعلت بعطياتك من شبان قريش فقالت مذ قتلتهم ببدر لم يصل الى شيء الا القليل فأعطاها شيأ فرجعت الى مكة ومعها كتاب حاطب فنزل جبرائيل عليه السلام بالخبر فبعث رسول الله عليه السلام عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ موضع بين الحرمين وخاخ بالمعجمتين يصرف ويمنع فان بها ظعينة وهى المرأة ما دامت في الهودج وإذا لم تكن فيه فهى المرأة معها كتاب حاطب الى اهل مكة فخذوه منها فخلوها فان أبت فاضربوا عنقها فادر كوهاثمة فجحدت فسل على رضى الله عنه سيفه فأخرجته من عقاصها اى من ضفائرها (روى) ان رسول الله عليه السلام أمن جميع الناس يوم فتح مكة الا اربعة هى أحدهم فأمر بقتلها فاستحضر رسول الله حاطبا فقال ما حملك على هذا فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك الغش ترك النصح والنصح عبارة عن التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لأوامره ونواهيه ولكننى كنت امرأ ملصقا في قريش اى حليفا ولم أكن من أنفسهم ومن معك من المهاجرين كان له فيهم قرابات يحمون أهاليهم وأموالهم وليس فيهم من يحمى أهلي فأردت أن آخذ عندهم يدا اى اجعل عندهم نعمة ولم افعله كفرا وارتدادا عن دينى وقد علمت ان كتابى لا يغنى عنهم شيأ فصدقه رسول الله وقبل عذره فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال يا عمر انه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر رضى الله عنه وفي القصة اشارة الى جواز هتك ستر الجواسيس وهتك أستار المفسدين إذا كان فيه مصلحة او في ستره مفسدة وان من تعاطى امرا محظورا ثم ادعى لم تأويلا محتملا قبل منه وان العذر مقبول عند كرام الناس (روى) ان حاطبا رضى الله عنه لما سمع يا أيها الذين آمنوا غشى عليه من الفرح بخطاب الايمان لما علم ان الكتاب المذكور ما أخرجه عن الايمان لسلامة عقيدته ودل قوله وعدوكم على إخلاصه فان الكافر ليس بعد وللمنافق بل للمخلص تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ الود محبة الشيء وتمنى كونه ويستعمل فى كل واحد من المعنيين اى توصلون محبتكم بالمكاتبة ونحوها من الأسباب التي تدل على المودة على ان الباء زائدة في المفعول كما في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة او تلقون إليهم أخبار النبي عليه السلام بسبب المودة التي بينكم وبينهم فيكون المفعول

محذوفا للعلم به والباء للسببية والجملة حال من فاعل لا تتخذوا اى لا تتخذوا حال كونكم ملقين المودة فان قلت قدنهوا عن اتخاذهم اولياء مطلقا في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء والتقييد بالحال يوهم جواز اتخاذهم اولياء إذا انتفى الحال قلت عدم جوازه مطلقا لما علم من القواعد الشرعية تبين انه لا مفهوم للحال هنا البتة فان قلت كيف قال لا تتخذوا عدوى وعدوكم اولياء والعداوة والمحبة لكونهما متنافيتين لا تجتمعان في محل واحد والنهى عن الجمع بينهما فرع إمكان اجتماعهما قلت انما كان الكفار أعداء للمؤمنين بالنسبة الى معاداتهم لله ورسوله ومع ذلك يجوز أن يتحقق بينهم الموالاة والصداقة بالنسبة الى لامور الدنيوية والأغراض النفسانية فنهى الله عن ذلك يعنى فلم يتحقق وحدة النسبة من الوحدات الثمان وحيث لم يكتف بقوله عدوى بل زاد قوله وعدوكم دل على عدم مروءتهم وفتوتهم فانه يكفى في عداوتهم لهم وترك موالاتهم كونهم أعداء الله سوآء كانوا أعداء لهم أم لا وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ حال من فاعل تلقون والحق هو القرآن او دين الإسلام او الرسول عليه السلام يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ حال من فاعل كفروا اى مخرجين الرسول وإياكم من مكة والمضارع لاستحضار الصورة أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ تعليل للاخراج وفيه تغليب المخاطب على الغائب اى على الرسول والالتفات من التكلم الى الغيبة حيث لم يقل ان تؤمنوا بي للاشعار بما يوجب الايمان من الالوهية والربوبية إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي متعلق بلا تتخذوا كأنه قيل لانتولوا أعدائي ان كنتم أوليائي وانتصاب جهادا وابتغاء على انهما مفعول لهما لخرجتم اى ان كنتم خرجتم عن او طانكم لاجل هذين فلا تتخذوهم اولياء ولا تلقوا إليهم بالمودة والجهاد بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة وفي التعريفات هو الدعاء الى الدين الحق وفي المفردات الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو وهو جهاد العدو الظاهر وجهاد الشيطان وجهاد النفس ويكون باليد واللسان والمرضاة مصدر كالرضى وفي عطف وابتغاء مرضاتى على جهادا في سبيلى تصريح بما علم التزاما فان الجهاد في سبيل الله انما هولاء علاء دين الله لا لغرض آخر واسنادا لخروج إليهم معللا بالجهاد والابتغاء يدل على ان المراد من إخراج الكفرة كونهم سببا لخروجهم بأذيتهم لهم فلا ينافى تلك السببية كون ارادة الجهاد والابتغاء علة له تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ كأنهم سألوا ماذا صدر عنا حتى عوتبنا فقيل تلقون إليهم المودة سرا على ان الباء صلة جيئ بها لتأكيد التعدية او الاخبار بسبب المودة ويجوز أن يكون تعدية الاسرار بالباء لحمله على نقيضه الذي هو الجهر وَأَنَا أَعْلَمُ حال من فاعل تسرون اى والحال انى اعلم منكم بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ من مودة الأعداء والاعتذار وغير ذلك فاذا كان بينهما تساوفى العلم فأى فائدة في الاسرار والاعتذار وَمَنْ وهر كه يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ اى الاتخاذ المنهي عنه اى ومن يفعل ما نهيت عنه من موالاتهم والأقرب من يفعل الاسرار فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ فقد اخطأ طريق الحق والصواب الموصل

[سورة الممتحنة (60) : آية 2]

الى الفوز بالسعادة الابدية وبالفارسية پس بدرستى كه او از راه راست كم شد وهو من اضافة الصفة الى الموصوف وضل متعد وسوآء السبيل مفعوله ويجوز أن يجعل قاصرا وينتصب سوآء السبيل على الظرفية قال القرطبي هذا كله معاتبة لحاطب وهو يدل على فضله ونصيحته لرسول الله وصدق إيمانه فان المعاتبة لا تكون الا من حبيب لحبيب كما قيل إذا ذهب العتاب فليس ود ويبقى الود ما بقي العتاب والعتاب اظهار الغضب على أحد لشيء مع بقاء المحبة بالترك وفي الآية اشارة الى عداوة النفس والهوى والشيطان فانها تبغض عبادة الله وتبغض عباد الله ايضا إذا لم يكونوا مطيعين لها في إنفاذ شهواتها وتحصيل مراداتها واصل عداوة النفس أن تفطمها من مألوفاتها وتحبسها في محبس المجاهدة وعلامة حب الله بغض عدو الله قال عليه السلام أفضل الايمان الحب في الله والبعض في الله قال أبو حفص رحمه الله من أحب نفسه فقد اتخذ عدو الله وعدوه وليا وان النفس تخالف ما أمرت به وتعرض عن سبيل الرشد وتهلك محبها ومتبعها في أول قدم وجاء في اخبار داود عليه السلام يا داود عاد نفسك فليس لى في المملكة منازع غيرها وفي كشف الاسرار بلشكر اندك روم از قيصر بتوان ستد وبجمله اولياى روى زمين نفس را از يكى نتوان ستد زيرا نفس را حيل بسيارست احمد حضرويه بلخى رحمه الله كويد نفس خود را بانواع رياضات ومجاهدات مقهور كرده بودم روزى نشاط غزا كرد عجب داشتم كه از نفس نشاط طاعت نيايد كفتم در زير اين كويى چهـ مكر باشد مكر در كرسنكى طاقت نمى دارد كه پيوسته او را روزه همى فرمايم خواهد در سفر روزه بگشايد كفتم اى نفس اگر اين سفر پيش گيرم روزه نگشايم كفت روا دارم كفتم مكر از آنست كه طاقت نماز شب نميدارد ميخواهد كه در سفر بخسبد كفتم در سفر قيام شب كم نكنم جنانكه در حضر كفت روا دارم تفكر كردم كه مكر از ان نشاط سفر غزا كرده كه در حضر با خلق مى نياميزد كه او را در خلوت وعزلت ميدارم مرادش آنست كه با خلق صحبت كند كفتم اى نفس هر جا كه روم درين سفر ترا بخرابه فرو آرم كه هيچ خلق را نه بينى كفت روا دارم از دست وى عاجز ماندم بالله تعالى زاريدم وتضرع كردم تا از مكر وى مرا آگاهى داد كه در غزا كشتن يكبارگى باشد وبهمه جهان شود كه احمد حضرويه بغزا شهادت يافت كفتم سبحان الله آن خداونديكه نفسى آفريند بدين معيوبى كه بدنيا منافق باشد وبعد از مرك مرايى باشد نه درين جهان حقيقت اسلام خواهد نه در آن جهان آنكه كفتم اى نفس اماره والله كه باين غزا نروم تا تو در زير طاعت زنا ربندى پس در حضر آن رياضات ومجاهدات كه در ان بودم زيادت كردم قوله بما أخفيتم اى من دعوى الانانية وما أعلنتم من العبودية كما هو شأن النفس وقال ابو الحسين الوارق رحمه الله بما أخفيتم في باطنكم من المعصية وما أعلنتم في ظاهركم للخلق من الطاعة انتهى إِنْ يَثْقَفُوكُمْ اى يظفروا بكم ويتمكنوا منكم والثقف الحذق في ادراك الشيء وفعله وثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق في النظر ثم قد تجوز به فاستعمل في الإدراك وان لم يكن معه ثقافة كما في هذا الموضع ونحوه يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً اى يظهروا ما في قلوبهم من العداوة

[سورة الممتحنة (60) : الآيات 3 إلى 4]

ويرتبوا عليها أحكامها ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم وَيَبْسُطُوا ويطيلوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ او بما يسوءكم من القتل والاسر والشتم وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ اى تمتوا ارتدادكم وكونكم مثلهم كقوله ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم فكلمة لو هنا مصدرية وصيغة الماضي للايذان بتحقق ودادتهم قبل أن يثقفوهم ايضا فهو معطوف على يبسطوا لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ اى قراباتكم قال الراغب الرحم رحم المرأة وهى في الأصل وعاء الولد في بطن امه ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لاجلهم وتتقربون إليهم محاماة عليهم جمع ولد بمعنى المولود يعم الذكر والأنثى يَوْمَ الْقِيامَةِ بجلب نفع او دفع ضر ظرف لقوله لن تنفعكم فيوقف عليه ويبتدأ بما بعده يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ استئناف لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد يومئذ اى يفرق الله بينكم بما اعتراكم من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر حسبما نطق به قوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه وامه الآية فما لكم ترفضون حق الله لمراعاة حق من يفر منكم غدا وقيل يفرق بين الوالد وولده وبين القريب وقريبه فيدخل أهل طاعته الجنة واهل معصيته النار وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم به وهو ابلغ من خبير لانه جعله كالمحسوس بحس البصر مع ان المعلوم هنا أكثره المبصرات من الكتاب والإتيان بمن يحمل الكتاب وإعطاء الاجرة للحمل وغيرها وفي الآية اشارة الى عدواة النفس وصفاتها للروح وأخلاقه فان النفس ظلمانية سفلية كثيفة والروح وقواه نورانية علوية لطيفة ولا شك ان بين النور والظلمة تدافعا ولذا تجتهد النفس أن تغلب الروح بظلمانيتها حتى يكون الحكم لها في مملكة الوجود وهو تصرفها باليد واما بسط لسانها بالسوء فبمدح الأخلاق الذميمة وذم الأخلاق الحميدة فالقالب كبلد فيه اشراف وارذال كل بطن واحد لان القوى الخيرة والشريرة انما حصلت من ازدواج الروح مع القالب فالنفس وصفاتها من الأرذال وعلى مشرب قابيل وكنعان ولدي آدم ونوح عليهما السلام فليست من الأهل في الحقيقة والروح وقواه من الاشراف وعلى مشرب هابيل ونحوه فهى من الأهل في الحقيقة ولذا تنقطع هذه النسبة يوم القيامة فيكون الروح في النعيم والنفس فى الجحيم عند تجلى اللطف والجمال والقهر والجلال جعلنا الله وإياكم من اهل الكمال والنوال قَدْ كانَتْ لَكُمْ أيها المؤمنون أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدوة والقدوة هى الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا وان سارا وان ضارا والاسى الحزن وحقيقته اتباع الفائت بالغم والمعنى خصلة حميدة حقيقة بأن يؤتسى ويقتدى بها ويتبع اثرها قوله أسوة اسم كانت ولكم خبرها وحسنة صفة أسوة مقيدة ان عمت الاسوة المحمودة والمذمومة وكاشفة مادحة ان لم تعم فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ اى من أصحابه المؤمنين صفة ثانية لاسوة وقولهم لى في فلان أسوة اى قدوة من باب التجريد لا ان فلانا نفسه هو القدوة ويجوز أن يكون على حذف المضاف اى لى في سنته وأفعاله وأقواله وقيل المراد الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبا منه قال ابن عطية وهذا القول أرجح لانه لم يرد

أن ابراهيم كان له اتباع مؤمنون في مكافحة نمرود وفي البخاري انه قال لسارة حين رحل بها الى الشام مهاجرا بلاد نمرود ما على الأرض من يعبد الله غيرى وغيرك إِذْ قالُوا ظرف لخبر كان ومعمول له او لكان نفسها عند من جوز عملها في الظرف وهو الأصح لِقَوْمِهِمْ الكفار إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ جميع بريئ كظريف وظرفاء يعنى ما بيزاريم از شما وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من أصنام أظهروا البراءة اولا من أنفسهم مبالغة وثانيا من عملهم الشرك إذ المقصود من البراءة اولا من معبودهم هو البراءة من عبادته ويحتمل أن تكون البراءة منهم أن لا يصاحبوهم ولا يخالطوهم ومن معبودهم أن لا يقربوا منه ولا يلتفتوا نحوه ويحتمل أن تكون البراءة منهم بمعنى البراءة من قرابتهم لان الشرك يفصل بين القرابات ويقطع الموالاة وحاصل الآية هلا فعلتم كما فعل ابراهيم حيث تبرأ من أبيه وقومه لكفرهم وكذا المؤمنون كَفَرْنا بِكُمْ اى بدينكم على إضمار المضاف والكفر مجاز عن عدم الاعتداد والجحد والإنكار فان الدين الباطل ليس بشيء إذ الدين الحق عند الله هو الإسلام وَبَدا بدا الشيء بدوا وبداء اى ظهر ظهورا بينا والبادية كل مكان يبدو ما يعن فيه اى يعرض بَيْنَنا ظرف لبدا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً اى هذا دأبنا معكم لا نتركه والبغض ضد الحب (وقال الكاشفى) وآشكار أشد ميان ما وشما دشمنى بدل ودشمنى بدست يعنى محاربه ابدا هميشه يعنى پيوسته دشمنى قائم خواهد بود در ميان بدل ودست حَتَّى غاية لبدا تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وتتروكوا ما أنتم عليه من الشرك فتنقلب العداوة حينئذ ولاية والبغضاء محبة والمقت مقة والوحشة الفة فالبغض نفور النفس من الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه فان قلت ما وجه قوله حتى تؤمنوا بالله وحده ولا بد في الايمان من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قلت الايمان بالله في حال وحدته يستلزم الايمان بالجميع مع ان المراد الوحدة الالهية ردا للاصنام قال بعض المشايخ أسوة ابراهيم خلة الله والتبري مما دون الله والتخلق بخلق الله والتأوه والبكاء من شوق الله وقال ابن عطاء رحمه الله الاسوة القدوة بالخليل في الظاهر من الأخلاق الشريفة وهو السخاء وحسن الخلق واتباع ما امر به على الكرب وفي الباطن الإخلاص فى جميع الافعال والإقبال عليه في كل الأوقات وطرح الكل في ذات الله تعالى وأسوة رسول الله عليه السلام في الظاهر العبادات دون البواطن والاسرار لان أسراره لا يطيقها أحد من الخلق لانه باين الامة بالمكان ليلة المعراج ووقع عليه تجلى الذات سپهدار رسل سر خيل دركاه ... سرير افروز ملك لى مع الله إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ آزر لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ يا أبى استثناء من قوله تعالى أسوة حسنة فان استغفاره عليه السلام لأبيه الكافر وان كان جائزا عقلا وشرعا لوقومه قبل تبين انه من اصحاب الجحيم كما نطق به النص لكنه ليس مما ينبغى أن يؤتسى به أصلا إذ المراد به ما يجب الائتساء به حتما لورود الوعيد على الاعراض عنه بما سيأتى من قوله تعالى ومن يتول فان الله هو الغنى الحميد فاستثناؤه من الاسوة انما يفيد عدم استدعاء الايمان

[سورة الممتحنة (60) : الآيات 5 إلى 9]

والمغفرة للكافر المرجو إيمانه وذلك مما لا يرتاب فيه عاقل واما عدم جوازه فلا دلالة للاستثناء عليه قطعا وحمل الأب على العم يخالف العقل والنقل لان الله تعالى يخرج الحي من الميت والعبرة بالحسب لا بالنسب وعن على رضى الله عنه شرف المرء بالعلم والأدب لا بالأصل والنسب هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من تمام القول المستثنى فمحله النصب على انه حال من فاعل لاستغفرن لك اى استغفر لك وليس في طاقتى الا الاستغفار دون منع العذاب ان لم تؤمن فمورد الاستثناء نفس الاستغفار لا قيده الذي هو في نفسه من خصال الخير لكونه إظهارا للعجز وتفويضا للامر الى الله تعالى وفي هذه الآية دلالة بينه على تفضيل نبيه محمد عليه السلام وذلك انه حين امر بالاقتداء به امر على الإطلاق ولم يستثن فقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين امر بالاقتداء بإبراهيم استثنى وايضا قال تعالى في سورة الأحزاب لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا فأطلق الاقتداء ولم يقيده بشيء (قال الصائب) هلاك حسن خدا داد او شوم كه سراپا ... چوشعر حافظ شيرازى انتخاب ندارد رَبَّنا إلخ من تمام ما نقل عن ابراهيم ومن معه من الاسوة الحسنة عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا اعتمدنا يعنى از خلق بريديم واعتماد كلى بر كرم تو نموديم وَإِلَيْكَ أَنَبْنا رجعنا بالاعتراف بذنوبنا وبالطاعة وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اى الرجوع في الآخرة وتقديم الجار والمجرور لقصر التوكل والانابة والمصير على الله تعالى سوى تو كرديم روى ودل بتو بستيم ... ز همه باز آمديم وبا تو نشستيم هر چهـ نه پيوند يار بود بريديم ... هر چهـ نه پيمان دوست بود كسستيم قالوه بعد لمجاهدة وشق العصا التجاء الى الله تعالى في جميع أمورهم لا سيما في مدافعة الكفرة وكفاية شرورهم كما ينطق به قوله تعالى رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نطيقه فالفتنة بمعنى المفعول وربنا بدل من الاول وكذا قوله ربنا فيما بعده وقال بعضهم ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا فتقتر علينا الرزق وتبسطه عليهم فيظنوا انهم على الحق ونحن على الباطل وَاغْفِرْ لَنا ما فرط منا من الذنوب والا كان سببا لظهور العيوب وباعثا للابتلاء المهروب رَبَّنا تكرير النداء للمبالغة في التضرع والجؤار فيكون لا حقا بما قبله ويجوز أن يكون سابقا لما بعده توسلا الى الثناء بإثبات العزة والحكمة والاول اظهر وعليه ميل السجاوندى حيث وضع علامة الوقف الجائز على ربنا وهو في اصطلاحه ما يجوز فيه الوصل والفصل باعتبارين وتلك العلامة الجيم بمسماه وهو «ج» إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يذل من التجأ اليه ولا يخيب رجاء من توكل عليه الْحَكِيمُ لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة وقال بعض أهل الاشارة تعز أولياءك بالفناء فيك وتحييهم ببقائك بلطائف حكمتك فيكون المراد بالفتنة غلبة ظلمة النفس

[سورة الممتحنة (60) : آية 6]

والهوى وبالمغفرة الستر بالهوية الاحدية عن الآنيات وبالصفات الواحدية عن التعينات لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ اى في ابراهيم ومن معه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تكرير للمبالغة في الحث على الاتساء به عليه السلام وذلك صدر بالقسم وجعله الطيبي من التعميم بعد التخصيص وفي برهان القرآن كرر لان الاول في القول والثاني في الفعل وفي فتح الرحمن الاولى أسوة في العداوة والثانية في الخوف والخشية وفي كشف الاسرار الاولى متعلقة بالبراءة من الكفار ومن فعلهم والثانية امر بالائتساء بهم لينالوا من ثوابهم ما نالوا وينقلبوا الى الآخرة كانقلابهم لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ بالايمان بلقائه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ بالتصديق بوقوعه وقيل يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة لان الرجاء والخوف يتلا زمان والرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة وفي المفردات الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة والخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة وفي بعض التفاسير الرجاء يجيئ بمعنى توقع الخير وهو الأمل وبمعنى توقع الشر وهو الخوف وبمعنى التوقع مطلقا وهو فى الاول حقيقة وفي الأخيرين مجاز وفي الثاني من قبيل ذكر الشيء وارادة ضده وهو جائز وفي الثالث من قبيل ذكر الخاص وارادة العام وهو كثير قوله لمن كان إلخ بدل من لكم وفائدته الإيذان بان من يؤمن بالله واليوم الآخر لا يترك الاقتداء بهم وان تركه من مخايل عدم الايمان بهما كما ينبئ عنه قوله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فانه مما يوعد بأمثاله الكفرة اى ومن يعرض عن الاقتداء بهم في التبري من الكفار ووالاهم فان الله هو الغنى وحده عن خلقه وعن موالاتهم ونصرتهم لاهل دينه لم يتعبدهم لحاجته إليهم بل هو ولى دينه وناصر حزبه وهو الحميد المستحق للحمد في ذاته ومن صحاح الأحاديث القدسية يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكى شيأيا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك من عندى الا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر يا عبادى انما هى أعمالكم أحصيها لكم ثم او فيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه قوله هى ضمير القصة يعنى ما جزاء أعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم أؤديها إليكم وافية ثم الحميد فعيل بمعنى المفعول وجوز الامام القشيري رحمه الله أن يكون بمعنى الفاعل اى حامد لنفسه وحامد للمؤمنين من عباده قال شارح المشكاة وحظ العبد من اسم الحميد أن يسعى لينخرط في سلك المقربين الذين يحمدون الله لذاته لا لغيره قال الشيخ ابو القاسم رحمه الله حمد الله الذين هو من شكره يجب أن يكون على شهود المنعم لان حقيقة الشكر الغيبة لشهود المنعم عن شهود النعمة (روى) ان داود عليه السلام قال فى مناجاته كيف اشكر لك وشكرى لك نعمة منك على فأوحى الله اليه الآن قد شكرتنى وقال بعض اهل الاشارة لقد كان في ابراهيم الخفي ومن معه من قواه الروحانية المجردة

[سورة الممتحنة (60) : الآيات 7 إلى 8]

من المواد الحسية والمثالية والعقلية أسوة حسنة وهى البراءة من قومه اى النفس الامارة والهوى المتبع فمن تأسى واستمر على ذلك بلغ المطلوب المحبوب ومن اعرض عن ذلك التأسى فان الله غنى عن تأسيه حميد في ذاته وان لم يكن حمده انتهى كلامه عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ شايد آنكه خداى تعالى پيدا كند بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ اى من أقاربكم المشركين وعسى من الله وعد على عادة الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى ولعل فلا يبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك وقال الراغب ذكر الله في القرآن عسى ولعل تذكرة ليكون الإنسان منه على رجاء لا على أن يكون هو تعالى راجيا اى كونوا راجين فى ذلك والمعاداة والعداء با كسى دشمنى كردن مَوَدَّةً اى بأن يوافقوكم في الدين وعدهم الله بذلك لما رأى منهم من التصلب في الدين والتشدد في معاداة آبائهم وأبنائهم وسائر اقربائهم ومقاطعتهم إياهم بالكلية تطييبا لقلوبهم ولقد أنجز وعده الكريم حين أباح لهم الفتح فأسلم قومهم كأبى سفيان وسهل بن عمرو وحكيم بن حزام والحارث ابن هشام وغيرهم من صناديد العرب وكانوا أعداء أشد العداوة فتم بينهم من التحاب والتصافي ماتم وَاللَّهُ قَدِيرٌ اى مبالغ في القدرة فيقدر على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل اسباب المودة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لمن اسلم من المشركين ويرحمهم بقلب معاداة قاربهم موالاة وقيل غفور لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم قال ابن عطاء رحمه الله لابتغضوا عبادى كل البغض فانى قادر على أن أنقلكم من البغض الى المحبة كنقلى من الحياة الى الموت ومن الموت الى النشور كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا انظر الى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبى جهل قرأ يخرج الحي من الميت لانهما من خيار الصحابة وأبواهما أعدى عدو الله ورسوله وكان بعضهم يبغض عكرمة ويسب أباه لما سلف منه من الأذى حتى ورد النهى عنه بقوله عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسب الأموات فقلب الله ذلك محبة فكانوا إخوانا في الله وفي الحديث (من نظر الى أخيه نظر مودة لم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وقال سقراط أثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الثناء وعنه لا تكون كاملا حتى يأمنك عدوك فكيف بك إذا لم يأمنك صديقك قال داود عليه السلام اللهم انى أعوذ بك من مال يكون على فتنة ومن ولد يكون على ربا ومن حليلة تقرب المشيب وأعوذ بك من جار ترانى عيناه وترعانى أذناه ان رأى خيرا دفنه وان سمع شرا طاربه ومن بلاغات الزمخشري محك المودة والإخاء حال الشدة دون الرخاء (قال الحافظ) وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى ... بهرزه طالب سيمرغ وكيميا مى باش لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ اى على الدين اوفى حق الدين واطفاء نوره وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ اى لا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء فان قوله تعالى أَنْ تَبَرُّوهُمْ بدل من الموصول بدل الاشتمال لان بينهم وبين البر ملابسة بغير الكلية والجزئية فكان المنهي عنه برهم بالقول وحسن المعاشرة والصلة بالمال لا أنفسهم وبالفارسية

[سورة الممتحنة (60) : آية 9]

از آنكه نيكويى كنيد با ايشان وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ تفسير لتبروا وضمن تقسطوا معنى الإفضاء فعدى تعديته اى تفضوا إليهم بالقسط والعدل ولا تظلموهم وناهيك بتوصية الله المؤمنين ان يستعملوا القسط مع المشركين ويتحاموا ظلمهم مرحمة عن حال مسلم يجترئ على ظلم أخيه المسلم كما في الكشاف وقال الراغب القسط النصيب بالعدل كالنصف والنصفة فالمعنى عدل كنيد وبفرستيد قسطى وبهره براى ايشان از طعام وغير او إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ اى العادلين في المعاملات كلها (روى) ان قتيلة بنت عبد العزى على زنة التصغير قدمت في المدة التي كانت فيها المصالحة بين رسول الله عليه السلام وبين كفار قريش مشركة على بنتها اسماء بنت ابى بكر رضى الله عنها بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت فأمرها رسول الله أن تدخلها وتقبل منها وتكرمها وتحسن إليها وكانت قتيلة زوجة أبى بكر وكان طلقها في الجاهلية وآورده اند كه قوم خزاعه را با حضرت رسول عليه السلام عهد و پيمان بود وهركز قصد مسلمانان نكردند ودشمنان دين را يارى ندادند حق تعالى درباره ايشان اين آيت فرستاد يا مراد زنان وكودكانند كه ايشانرا در قتل وإخراج چندان مدخلى نيست وفي فتح الرحمن نسختها اقتلوا المشركين والأكثر على انها غير منسوخة وفي بعض التفاسير القسوط الجور والعدول عن الحق والقسط بالكسر العدل فالاقساط اما من الاول بمعنى ازالة القسوط فهمزته للسلب كأشكيته بمعنى أزلت عنه الشكاية وسلبتها فمن أزال الظلم اتصف بالعدل واما من الثاني بمعنى ان يصير ذا قسط فهمزته للصيرورة مثل أورق الشجر اى صار ذا ورق وفي الآية مدح للعدل لان المرء به يصير محبوبا لله تعالى ومن الأحاديث الصحيحة قوله عليه السلام ان المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين للذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وماولوا (قال الحافظ) شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعته عمرى كه در وداد كند وقال خطابا لبعض الملوك جويبار ملك را آب از سر شمشير تست ... خوش درخت عدل بنشان بيخ بد خواهان بكن إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ واطفاء نوره وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وهم عتاة اهل مكة وجبابرتهم وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ وهم سائر أهلها يعنى معاونت كردند وهم پشت شدند با أعادي أَنْ تَوَلَّوْهُمْ بدل اشتمال من الموصول اى انما ينهاكم عن أن تتولوهم والتولي دوستى داشتن با كسى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ وهر كه دوست دارد ايشانرا فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لوضعهم الولاية في موضع العداوة وهم الظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب وحساب المتولى اكبر وفساد التولي اكثر ولذلك أورد كلمة الحصر تغليظا وجمع الخبر باعتبار معنى المبتدأ بگسل ز دوستان دغاباز وحيله ساز يارى طلب كه طالب نقش بقا بود جعلنا الله وإياكم من الذين يطلبون الباقي

[سورة الممتحنة (60) : الآيات 10 إلى 13]

لا الفاني يقول الفقير كان الظاهر من امر المقابلة في الآيتين أن يقال في الاولى ان تولوهم كما في الثانية او يعكس ويقال في الثانية أن تبروهم كما في الاولى او يذكر كل منهما فى كل من الآيتين لكن الدلائل العقلية والشواهد النقلية دلت على ان موالاة الكافر غير جائزة مقاتلا كان او غيره بخلاف المبرة فانها جائزة لغير المقاتل غير جائزة للمقاتل كالموالاة فحيت اثبت المبرة بناء على امر ظاهر في باب الصلة نفى الموالاة ضمنا وحيث نفى الموالاة نفى المبرة ضمنا وانما لم تجز المبرة للمقاتل لغاية عداوته ونهاية بغضه ان قيل ان الإحسان الى من أساء من اخلاق الأبرار قلنا ان المبرة تقتضى الالفة في الجملة والإحسان بقطع اللسان ويثلم السيف فيكون حائلا بين المجاهد والجهاد الحق وقد امر الله با علاء الدين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بيان لحكم من يظهر الايمان بعد بيان حكم فريقى الكافرين إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ اى بدلالة ظاهر حالهن وإقرارهن بلسانهن او المشارفات للايمان ولا بعد أن تكون التسمية بالمؤمنات لكونهن كذلك في علم الله وذلك لا ينافى امتحان غيره تعالى مُهاجِراتٍ من بين الكفار حال من المؤمنات فَامْتَحِنُوهُنَّ فاختبروهن بما تغلب به على ظنكم موافقة قلوبهم للسانهن في الايمان قيل انه من أرادت منهن إضرار زوجها قالت سأهاجر الى محمد عليه السلام فلذلك امر النبي بامتحانهن وكان عليه السلام يقول للتى يمتحنها بالله الذي لا اله الا هو ما خرجت عن بغض زوج اى غير بغض في الله لحب الله بالله ما خرجت رغبة عن ارض الى ارض بالله ما خرجت التماس دنيا بالله ما خرجت عشقا لرجل من المسلمين بالله ما خرجت لحدث أحدثه بالله ما خرجت الا رغبة في الإسلام وحب لله ولرسوله فاذا حلفت بالله الذي لا اله الا هو على ذلك اعطى النبي عليه السلام زوجها مهرها وما أنفق عليها ولا يردها الى زوجها قال السهيلي نزلت فى أم كلثوم بنت عقبة بن ابى معيط وهى امرأة عبد الرحمن بن عوف ولدت له ابراهيم بن عبد الرحمن وكانت أم كلثوم اخت عثمان بن عفان رضى الله عنه لامه أروى وأفادت الآية ان الامتحان في محله حسن نافع ولذا تمتحن المنكوحة ليلة الزفاف وتستو صف الإسلام مع سهولة في السؤال واشارة الى الجواب لانها لو قالت ما أعرف بانت من زوجها خوش بود كر محك تجربه آمد بميان ... تا سيه روى شود دروغش باشد اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ منكم لانه المطلع على ما في قلوبهن فلا حاجة له الى الامتحان وليس ذلك للبشر فيحتاج اليه والجملة اعتراض فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ بعد الامتحان مُؤْمِناتٍ العلم الذي يمكنكم تحصيله وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات وانما سماه علما إيذانا بأنه جار مجرى العلم في وجوب العلم به ففى علمتموهن استعارة تبعية فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ من الرجع بمعنى الرد لا من الرجوع ولذلك عدى الى المفعول اى لا تردوهن الى أزواجهن الكفرة لقوله تعالى لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ فانه تعليل للنهى عن رجعهن إليهم يعنى لا تحل مؤمنة لكافر لشرف الايمان ولا نكاح كافر لمسلمة لخبث الكفر وبالفارسية نه ايشان يعنى زنان حلالند مر كافرانرا ونه

كافران حلال ميشوند مرين زنانرا چهـ تباين دارند جدايى افكنده ميان ايشان والتكرير اما لتأكيد الحرمة والا فيكفى نفى الحل من أحد الجانبين أو لأن الاول لبيان زوال النكاح الاول والثاني لبيان امتناع النكاح الجديد وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا هذا هو الحكم الثاني اى واعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور وذلك اى بيان المراد بما أنفقوا هو المهور أن صلح الحديبية كان على ان من جاءنا منكم رددناه فجائت سبيعة بنت الحارث الاسلمية مسلمة والنبي عليه السلام بالحديبية فأقبل زوجها مسافر المخزومي طالبا لها فقال يا محمد اردد على امرأتى فانك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا فنزلت لبيان ان الشرط انما كان في الرجال دون النساء فاستحلفها رسول الله فحلفت فأعطى زوجها ما أنفق وهو المهر بالاتفاق وتزوج بها عمر رضى الله عنه وانما رد لرجال دون النساء لضعف النساء عن الدفع عن انفسهن وعجزهن عن الصبر على الفتنة وفي اللباب ان المخاطب بهذا هو الامام ليؤتى من بيت المال الذي لا يتعين له مصرف وان المقيمة منهن على شركها مردودة عليهم وان المؤمن يحل له أن ينكح كتابية فان الرجال قوامون على النساء فليس تسلطه عليها كتسلط الكافر على المسلمة ولعل المراد بايتاء ما أنفقوا رعاية جانب المؤمنين بالحث على اظهار المروءة وإيثار السخاء والا فمن المسائل المشهورة ان المرأة تملك تمام المهر بخلوة صحيحة فى قطعة من اليوم او الليلة وان لم يقع استمتاع أصلا وايضا ان في الانفاق تأليف القلوب وامالتها الى جانب الإسلام وأفادت الآية ان اللائق بالولى كائنا من كان أن يحذر تزويج مؤمنة له ولاية عليها بمبتدع تفضى بدعته الى الكفر وللحاكم أن يفرق بينه وبينها ان ظهرت منه تلك البدعة الا أن يتوب ويجدد إيمانه ونكاحه سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا تجوز كما في مجمع الفتاوى وقس عليه سائر الفرق الضالة التي لم يكن اعتقادهم كاعتقاد اهل السنة ولزمهم بذلك الاعتقاد اكفارا وتضليل ولهم كثرة في هذه الاعصار جدا قال في بعض التفاسير أخاف أن يكون من تلك المبتدعة بعض المتصوفة من أهل زماننا الذي يدعى ان شيخه قطب الزمان يجب الاقتداء به على كل مسلم حتى ان من لم يكن من جملة مريديه كان كافرا وان مات من لم يمت مؤمنا فيستدل بقوله عليه السلام من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ويقول المراد بالإمام هو القطب وشيخنا هو القطب فمن لم يعرف قطبيته ولم يتبعه مات على سوء الحال وجوابه ان المراد بالإمام هو الخليفة والسلطان وقريش اصل فيه لقوله عليه السلام الامام من قريش ومن عداهم تبع لهم كشريف الكعبة مع آل عثمان فالشريف احدى الذات ولذا لا قوة له وآل عثمان واحدى الذات ولذا صار مظهر سر قوله تعالى هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين فاعرف الاشارة وايضا المراد من الامام نبى ذلك الزمان وهو في آخر الزمان رسولنا محمد عليه السلام ولا شك ان من لم يعرفه ولم يصدقه مات ميتة جاهلية ولئن سلم ان المراد بالإمام هو القطب من طريق الاشارة فلا شك ان للقطبية العظمى شرائط لا يوجد واحد منها فى الكذابين فلا يثبت لهم القطبية أصلا على ان التصديق بالقطب لا يستلزم صحبته لان

مبنى هذا الأمر على الباطن فالاقطاب لم يهتد إليهم الا اقل الافراد فاظهارهم لقطبيتهم خارج عن الحكمة ولما قربت القيامة وقع أن يتغير احوال كل طائفه عاما فعاما شهرا فشهرا اسبوعا فاسبوعا يوما فيوما لا يزال هذا التغيير الى انقراض الأخيار لانه لا تقوم الساعة الا على الأشرار وفي المرفوع لا يأتيكم زمان الا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم (قال الحافظ) روزى اگر غمى رسدت تنك دل مباش ... رو شكر كن مباد كه از بد بتر شود وفي الحديث ما من نبى بعثه الله في امة قبلى الا كان له من أمته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس ورلء ذلك من الايمان حبة خردل رواه مسلم وقال عليه السلام يذهب الصالحون الاول فالاول ويبقى حفالة كحفالة الشعير او التمر لا يبالى بهم الله وأول التغير كان في الأمراء ثم في العلماء ثم في الفقراء ففى كل طائفة اهل هدى واهل هوى فكن من اهل الهدى او المتشبهين بهم فان من تشبه بقوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم وفي الحديث من أحب قوما على عملهم حشر في زمرتهم وحوسب بحاسبهم وان لم يعمل بعملهم وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ هذا هو الحكم الثالث يقال جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها وسمى الإثم الماثل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ اى تنكحوا المهاجرات وتتزوجوهن وان كان لهن ازواج كفار فى دار الحرب فان اسلامهن حال بينهن وبين أزواجهن الكفار إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إذا ظرفية محضة او شرطية جوابها محذوف دل عليه ما تقدمها شرط إيتاء المهر في نكاحهن إيذانا بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر لأن ظاهر النظم يقتضى ايتاءين إيتاء الى الأزواج وإيتاء إليهن على سبيل المهر وفي التيسير التزمتم مهورهن ولم يرد حقيقة الأداء كما في قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد أي يلتزموها استدل بالآية ابو حنيفة رحمه الله على ان أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلما او بذمة وبقي الآخر حربيا وقعت الفرقة ولا يرى العدة على المهاجرة ولا على الذمية المطلقة ولا على المتوفى عنها زوجها ويبيح نكاحها الا أن تكون حاملا لانه تعالى نفى الجناح من كل وجه في نكاحهن بعد إيتاء المهور ولم يقيد بمضى العدة وقالا عليها العدة وفي الهداية قول أبى حنيفة فيما إذا كان معتقدهم انه لا عدة واما إذا كانت حاملا فقد قال عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ هذا هو الحكم الرابع والإمساك چنك در زدن ويعدى بالباء والعصم جمع عصمة وهى ما يعتصم به من عقد وسبب والكوافر جمع كافرة والكوافر طائفتان من النساء طائفة قعدت عن الهجرة وثبتت على الكفر في دار الحرب وطائفة ارتدت عن الهجرة ولحقت بأزواجها الكفار والمعنى لا يكن بينكم وبين المشركات عصمة ولا علقة زوجية وقال

ابن عباس رضى الله عنهما من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها من نسائه كما قال بعض اهل التفسير المراد بالعصمة هنا النكاح بمعنى من كانت له زوجة كافرة بمكة او ارتدت ورجعت إليها فلا يعتد بها ويعدها من نسائه لان اختلاف الدارين قطع عصمتها منه فجاز له أن يتزوج بأربع سواها وبرابعة وبأختها من غير تربص وعدة وبالفارسية ومايستيد بنگه داشتن زنان كافره وايشانرا بزنان خود مشمريد فيكون اشارة الى حكم اللاتي بقين في دار الكفر وما اسلمن ولا هاجرن بعد اسلام أزواجهن وهجرتهم وعن النخعي هى المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر فيكون قوله ولا تمسكوا بمقابلة قوله إذا جاءكم المؤمنات يعنى ان قوله إذا جاءكم إلخ اشارة الى حكم اللاتي اسلمن وخرجن من دار الكفر وقوله ولا تمسكوا إلخ اشارة الى حكم المسلمات اللاتي ارتددن وخرجن من دار الإسلام الى دار الكفر وعلى التفسيرين زال عقد النكاح بينهن وبين أزواجهن وانقطعت عصمتهن عنهم باختلاف الدارين فالعصمة هى المنع أريد بها في الآية عقد النكاح الذي هو سبب لمنع أزواجهن اياهن عن الإطلاق اى لا تعتدوا بما كان بينكم وبينهن من العقد الكائن قبل حصول اختلاف الدارين والفرقة عند الحنفية تقع بنفس الوصول الى دار الإسلام فلا حاجة الى الطلاق بعد وقوع الفرقة وكانت زينب بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام امرأة أبى العاص ابن الربيع فلحقت بالنبي عليه السلام واقام ابو العاص بمكة مشركا ثم اتى المدينة فاسلم فردها عليه رسول الله عليه السلام وإذا اسلم الزوجان معا او اسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما بالاتفاق وإذا أسلمت المرأة فان كان مدخولا بها فأسلم في عدتها فهى امرأته بالاتفاق وان كانت غير مدخول بها وقعت الفرقة بينهما وكان فسخا عند الثلاثة وقال ابو حنيفة يعرض عليه السلام فان أسلم فهى امرأته والا فرق القاضي بينهما بآبائه عن الإسلام وتكون هذه الفرقة طلاقا عند أبى حنيفة ومحمد وفسخا عند أبى يوسف ولها المهر ان كانت مدخولا بها والا فلا بالاتفاق واما إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين فقال أبو حنيفة ومالك تقع الفرقة حال الردة بلا تأخير قبل الدخول وبعده وقال الشافعي واحمد ان كانت الردة من أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح وان كانت بعده وقعت الفرقة على انقضاء العدة فان أسلم المرتد منهما في العدة ثبت النكاح والا انفسخ بانقضائها ثم ان كان المرتد الزوجة بعد الدخول فلها المهر وقبله لا شيء لها وان كان الزوج فلها الكل بعده والنصف قبله بالاتفاق كذا في فتح الرحمن وقال سهل رحمه الله في الآية ولا توافقوا اهل البدع في شيء من آرائهم وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ هذا هو الحكم الخامس اى واسألوا الكفار ايها المؤمنون ما أنفقتم يعنى آنچهـ خرج كرده آيد من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار اى إذا ارتدت امرأة أحدكم ولحقت بدار الحرب فاسألوا مهرها ممن تزوجها ولعل هذا لتطرية قلوب بعض المؤمنين بالمقابلة والمعادلة والا فظاهر حال الكرام الاستغناء عنه وَلْيَسْئَلُوا اى الكفار منكم ما أَنْفَقُوا من مهور أزواجهم المهاجرات اى يسأل كل حربى أسلمت امرأته

[سورة الممتحنة (60) : آية 11]

وهاجرت إلينا ممن تزوجها منا مهرها وبالفارسية چون عصمت زوجيه منقطع شد ميان مؤمن وكافره وميان كافر ومؤمنه پس هر يك بايد كه رد كند مهريرا كه بصاحبه خود داده اند وظاهر قوله وليسألوا يدل على ان الكفار مخاطبون بالاحكام وهو أمر للمؤمنين بالاداء مجازا من فبيل اطلاق الملزوم وارادة اللازم كما في قوله تعالى وليجدوا فيكم غلظة فانه بمعنى واغلظوا عليهم ذلِكُمْ الذي ذكر في هذه الآية من الاحكام حُكْمُ اللَّهِ ما حكم الله به لان يراعى وقوله تعالى يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ كلام مستأنف للتأكيد والحث على الرعاية والعمل به قال في فتح الرحمن ثم نسخ هذا الحكم بعد ذلك الا قوله لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمصالحكم حَكِيمٌ يشرع ما تقتضيه الحكمة البالغة قال ابن العربي كان حكم الله هذا مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة وقال الزهري ولولا هذه الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله وبين قريش يوم الحديبية لامسك النساء ولم يرد الصداق وكذا كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد روى انه لما نزلت الآية ادى المؤمنون ما أمروا به من مهور المهاجرات الى أزواجهن المشركين وابى المشركون أن يؤدوا شيأ من مهور الكوافر الى أزواجهن المسلمين وقالوا نحن لا نعلم لكم عندنا شيأ فان كان لنا عندكم شيء فوجهوا به فنزل قوله تعالى وَإِنْ فاتَكُمْ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه وتعديته بالى لتضمنه معنى السبق او الانفلات دل عليه قوله فآتوا الذين ذهبت أزواجهم اى الى الكفار والمعنى سبقكم وانفلت منكم اى خرج وفر منكم فجأة من غير تردد ولا تدبر وبالفارسية واگر فوت شود از شما اى مؤمنان شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ اى أحد من أزواجكم الى الكفار ودارهم ومهر او بدست شما نيابد وقد قرئ به وإيقاع شيء موقعه للتحقير والإشباع في التعميم لان النكرة فى سياق الشرط تفيد العموم والشيء لكونه أعم من الأحد أظهر احاطة لاصناف الزوجات اى اى نوع وصنف من النساء كالعربية او العجمية او الحرة او الامة او نحوها او فاتكم شيء من مهور أزواجكم على حذف المضاف ليتطابق الموصوف وصفته والزوج هنا هى المرأة (روى) انها نزلت في أم الحكم بنت ابى سفيان فرت فنزوجها ثقفى ولم ترتد امرأة من قريش غيرها وأسلمت مع قريش حين اسلموا وسيأتى غير ذلك فَعاقَبْتُمْ من العقبة وهى النوبة والمعاقبة المناوبة يقال عاقب الرجل صاحبه في كذا اى جاء فعل كل واحد منهما بعقب فعل الآخر والمعنى وجاءت عقبتكم ونوبتكم من أداء المهر بأن هاجرت امرأة الكافر مسلمة الى المسلمين ولزمهم أداء مهرها الى زوجها الكافر بعد ما فاتت امرأة المسلم الى الكفار ولزم أن يسأل مهر زوجته المرتدة ممن تزوجها منهم شبه ما حكم به على المسلمين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء اخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب ونحوه اى يتناوب والا فأداء كل واحد من المسلمين والكفار لا يلزم أن يعقب أداء الآخر لجواز أن يتوجه الأداء لاحد الفريقين مرارا متعددة من غير أن يلزم الفريق الآخر شيء وبالعكس فلا يتعاقبون في الأداء فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا اى من المهاجرة

[سورة الممتحنة (60) : آية 12]

التي تزوجتموها ولا تؤتوا زوجها الكافر يعنى ان فاتت امرأة مسلم الى الكفار ولم يعط الكفار مهرها فاذا فاتت امرأة كافر الى المسلمين اى هاجرت إليهم وجب على المسلمين أن يعطوا المسلم الذي فاتت امرأته الى الكفار مثل مهر زوجته الفائتة من مهر هذه المرأة المهاجرة ليكون كالعوض لمهر زرجته الفائتة ولا يجوز لهم أن يعطوا مهر هذه المهاجرة زوجها الكافر قيل جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة أم الحكم بنت أبى سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري وفاطمة بنت امية كانت تحت عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهى اخت أم سلمة وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبد العزى بن نضلة وزوجها عمر وبن عبدور وهند بنت أبى جهل كانت تحت هشام بن العاص وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر رضى الله عنه وأعطاهم رسول الله عليه السلام مهور نسائهم من الغنيمة كما في الكشاف وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ لا بغيره من الجبت والطاغوت مُؤْمِنُونَ فان الايمان به تعالى يقتضى التقوى منه تعالى قال بعضهم حكم اين آيات تا بقاى عهد باقى بود چون مرتفع كشت اين احكام منسوخ كشت وفي الآية اشارة الى المكافأة ان خيرا فخير وان شرا فشر (حكى) ان أخوين في الجاهلية خرجا مسافرين فنزلا في ظل شجرة تحت صفاة فلما دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته إليهما فقالا ان هذا لمن كنز فأقاما عليه ثلاثة ايام كل يوم تخرج لهما دينارا فقال أحد هما للآخر الى متى ننتظر هذه الحية ألا نقلتها ونحفر عن هذا الكنز فنأخذه فنهاه اخوه وقال ما ندرى لعلك تعطب ولا تدرك المال فأبى عليه فأخذ فاسامعه ورصد الحية حتى خرجت فضربها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها فبادرت الحيه فقتلته ورجعت الى حجرها فدفنه اخوه واقام حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوبا رأسها ليس معها شيء فقال يا هذه انى والله ما رضيت بما أصابك ولقد نهيت أخى عن ذلك فهل لك أن نجعل الله بيننا لا تضرين بي ولا أضربك وترجعين الى ما كنت عليه فقالت الحية لا فقال ولم قالت لانى لانى اعلم ان نفسك لا تطيب لى ابدا وأنت ترى قبر أخيك ونفسى لا تطيب لك وانا اذكر هذه الشجة فظهر من هذه الحكاية سر المكافأة وشرف التقوى فانه لو اتقى الله ولم يضع الشر موضع الخير بل شكر صنيع الحية لازداد مالا وعمرا كرم كن نه پرخاش وجنك آورى ... كه عالم بزير نكين آورى چوكارى بر آيد بلطف وخوشى ... چهـ حاجت بتندى وكردن كشى نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد يا أَيُّهَا النَّبِيُّ نداء تشريف وتعظيم إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ چون بيايند بتو زنان مؤمنه يُبايِعْنَكَ اى مبايعات لك اى قاصدات للمبايعة فهى حال مقدرة نزلت يوم الفتح فانه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال شرع في بيعة النساء سميت البيعة لان المبايع يبيع نفسه بالجنة فالمبايعة مفاعلة من البيع ومن عادة الناس حين المبايعة أن يضع أحد المتبايعين يده على يد الآخر لتكون معاملتهم محكمة مثبتة فسميت المعاهدة بين المعاهدين مبايعة تشبيها لها

بها في الاحكام والإبرام فمبايعة الامة رسولهم التزام طاعته وبذل الوسع في امتثال او امره وأحكامه والمعاونة له ومبايعته إياهم الوعد بالثواب وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم في الغلبة على أعدائهم الظاهرة والباطنة والشفاعة لهم يوم الحساب ان كانوا ثابتين على تلك المعاهدة قائمين بما هو مقتضى المواعدة كما يقال بايع الرجل السلطان إذا أوجب على نفسه الاطاعة له وبايع السلطان الرعية إذا قبل القيام بمصالحهم وأوجب على نفسه حفظ نفوسهم وأموالهم من أيدي الظالمين عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً اى شيأ من الأشياء او شيأ من الاشتراك والظاهر ان المراد الشرك الأكبر ويجوز التعميم له وللشرك الأصغر الذي هو الرياء فالمعنى على أن لا يتخذن الها غير الله ولا يعملن الا خالصا لوجهه مرايى هر كس معبود سازد ... مرايى را زان كفتند مشرك (قال الحافظ) گوييا باور نمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند وَلا يَسْرِقْنَ السرقة أخذ ما ليس له اخذه في خفاء وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص اى لا يأخذن مال أحد بغير حق ويكفى في قبح السرقة ان النبي عليه السلام لعن السارق وَلا يَزْنِينَ الزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة قال مظهر الدين الزنى في اللغة عبارة عن المجامعة فى الفرج على وجه الحرام ويدخل فيه اللواطة وإتيان البهائم تم كلامه قال عليه السلام يقتل الفاعل والمفعول به وثبت ان عليا رضى الله عنه احرقهما وان أبا بكر رضى الله عنه هدم عليهما حائطا وذلك بحسب ما رأيا من المصلحة وقال عليه السلام ملعون من أتى امرأته فى دبرها واما الإتيان من دبرها في قبلها فمباح قال في اللباب اتفق المسلمون على حرمة الجماع فى زمن الحيض واختلفوا في وجوب الكفارة على من جامع فيه فذهب أكثرهم الى انه لا كفارة عليه فيستغفر وذهب قوم الى وجوب الكفارة عليه تم كلامه وقال عليه السلام من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قيل لابن عباس رضى الله عنهما ما شأن البهيمة قال ما سمعت فيها من رسول الله شيأ ولكن اكره أن يحل لحمها وينتفع بها كذلك وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ أريد به وأد البنات اى دفنهن احياء خوف العار والفقر كما في الجاهلية قال عليه السلام لا تنزع الرحمة الا من شقى (قال الحافظ) هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم حكى ان هرون الرشيد زوج أخته من جعفر بشرط أن لا يقرب منها فلم يصبر عنها فظهر حملها فدفنهما هرون حيين غضبا عليهما ويقال ولا يشر بن دوآء فيسقطن حملهن كما في تفسير ابى الليث وفي نصاب الاحتساب تمنع القابلة من المعالجة لاسقاط الولد بعد ما استبان خلقه ونفخ فيه الروح ومدة الاستبانة والنفخ مقدرة بمائة وعشرين يوما واما قبله فقيل لا بأس به كالعرل وقيل يكره لان مآل الماء الحياة كما إذا أتلف محرم بيضة صيد الحرم ضمن لان مآلها

الحياة فلها حكم الصيد بخلاف العزل لان ماء الرجل لا ينفخ فيه الروح الا بعد صنع آخر وهو الإلقاء في الرحم فلا يكون مآله الحياة ولعل اسناد الفعل الى النساء اما باعتبار الرضى به او بمباشرته بأمر زوجها وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ الباء للتعدية والبهتان الكذب الذي يبهت المكذوب عليه اى يدهشه ويجعله متحيرا فيكون أقبح انواع الكذب وهو في الأصل مصدر يقال بهت زيد عمرا بهتا وبهتا وبهتانا اى قال عليه ما لم يفعله فزيد باهت وعمر ومبهوت والذي بهت به مبهوت به وإذا قالت لزوجها هذا ولدي منك لصبى التقطتة فقط بهتته به اى قالت عليه ما لم يفعله جعله نفس البهتان ثم وصفه بكونه مفترى مبالغة في وصفهن بالكذب والافتراء الاختلاق يقال فرى فلان كذبا إذا خلقه وافتراه اختلقه قوله يفترينه اما في موضع جر على انه صفة لبهتان او نصب على انه حال من فاعل يأتين وقوله بين أيديهن متعلق بمحذوف هو حال من الضمير المنصوب في يفترينه اى يختلقنه مقدرا وجوده بين أيديهن وأرجلهن على أن يكون المراد بالبهتان الوالد المبهوت به كما ذهب اليه جمهور المفسرين وليس المعنى على نهيهن عن أن يأتين بولد من الزنى فينسبنه الى الأزواج لان ذلك نهى بقوله ولا يزنين بل المراد نهيهن عن أن يلحقن بأزواجهن ولدا التقطنة من بعض المواضع وكانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك في بطني الذي بين يدى ووضعته من فرجى الذي هو بين رجلى فكنى عنه بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها لان بطنها الذي تحمله فيه بين يديها ومخرجه بين رجليها والمعنى ولا يجئن بصبى ملتقط من غير أزواجهن فانه افتراء وبهتان لهم والبهتان من الكبائر التي تتصل بالشرك وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ اى لا يخالفن أمرك فيما تأمرهن به وتنهاهن عنه على ان المراد من المعروف الأمور الحسنة التي عرف حسنها في الدين فيؤمر بها والشؤون السيئة التي عرف قبحها فيه فينهى عنها كما قيل كل ما وافق في طاعة الله فعلا او تركا فهو معروف وكما روى عن بعض أكابر المفسرين من انه هو النهى عن النياحة والدعاء بالويل وتمزيق الثوب وحلق الشعر ونتفه ونشره وخمش الوجه وان تحدث المرأة الرجال الا ذارحم محرم وان تخلو برجل غير محرم وأن تسافر إلا مع ذى رحم محرم فيكون هذا للتعميم بعد التخصيص ويحتمل أن يكون المراد من المعروف ما يقابل المنكر فيكون ما قبله للنهى عن المنكر وهذا اللامر بالمعروف لتكون الآية جامعة لهما والتقييد بالمعروف مع ان الرسول عليه السلام لا يأمر إلا به للتنبيه على انه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق لانه لما شرط ذلك في طاعة النبي عليه السلام فكيف في حق غيره وهو كقوله الا ليطاع بإذن الله كما قال في عين المعاني فدل على ان طاعة الولاة لا تجب في المنكر ولم يقل ولا يعصين الله لان من أطاع الرسول فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر في حقهن لكثرة وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن ووجه الترتيب بين هذه المنهيات انه قدم الا قبح على ما هو أدنى قبحا منه ثم كذلك الى آخرها ولذا قدم ما هو الأظهر والأغلب فيما بينهن وقال صاحب اللباب ذكر الله تعالى

فى هذه الآية لرسول الله عليه السلام في صفة البيعة خصالا ستاهن اركان ما نهى عنه في الدين ولم يذكر اركان ما أمر به وهى ايضا ست الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج والاغتسال من الجنابة وذلك لان النهى عنها دائم في كل زمان وكل حال فكان التنبيه على اشتراط الدائم أهم وآكد فَبايِعْهُنَّ جواب لاذا فهو العامل فيها فان الفاء لا تكون مانعة وهو امر من المبايعة اى فبايعهن على ما ذكر وما لم يذكر لوضوح امره وظهور اصالته فى المبايعة من الصلاة والزكاة وسائر اركان الدين وشعائر الإسلام اى بايعهن إذا بايعنك بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء فان المبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته كما سبق وتقييد مبايعتهن بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليها وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ زيادة على ما في ضمن المبايعة من ضمان الثواب والاستغفار طلب المغفرة للذنوب والستر للعيوب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى مبالغ في المغفرة والرحمة فيغفر لهن ويرحمهن إذا وفين بما بايعن عليه بزركى فرمود مردمان ميكويند رحمت موقوفست بر ايمان يعنى تا بنده ايمان نيارد مستحق رحمت نشود ومن مى كويم كه ايمان موقوفست برحمت يعنى تا برحمت خود توفيق نبخشد كسى بدولت ايمان نرسد (مصراع) توفيق عزيزست بهر كس ندهند يقول الفقير الأمر بالاستغفار لهن اشارة الى قبول شفاعة حبيبه عليه السلام في حقهن فهو من رحمته الواسعة وقد عمم هذا الأمر في سورة الفتح فاستفاد جميع عباده وامائه الى يوم القيامة من بحر هذا الفضل ما يغنيهم ويرويهم وهو الفياض قال الامام الطيبي لعل المبالغة في الغفور باعتبار الكيفية وفي الغفار باعتبار الكمية كما قال بعض الصالحين انه غافر لانه يزيل معصيتك من ديوانك وغفور لانه ينسى الملائكة افعالك السوء وغفار لانه تعالى ينسيك ايضا ذنبك كيلا تستحيى وحظ العارف منه أن يستر من أخيه ما يحب ان يستر منه ولا يفثى منه الا احسن ما كان فيه ويتجاوز عما يندر عنه ويكافئ المسيئ اليه بالصفح عنه والانعام عليه نسأل الله سبحانه أن يجعلنا متخلقين بأخلاقه الكريمة ومتصفين بصفاته العظيمة انه هو الغفور الرحيم واختلف في كيفية مبايعته عليه السلام لهن يوم الفتح فروى انه عليه السلام لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا وشرع في بيعة النساء ودعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس أيديهن فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبى سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله أن يعرفها لما صنعته بحمزة رضى الله عنه يوم أحد من المثلة فلما قال عليه السلام أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيأ رفعت هند رأسها فقالت والله لقد عبدنا الأصنام وانك لتأخذ علينا امرا ما رأيناك أخذته على الرجال تبايع الرجال على الإسلام والجهاد فلما قال عليه السلام ولا يسرقن قالت ان أبا سفيان رجل شحيح وانى أصبت من ماله هنات اى شيئا يسيرا فما أدرى أيحل لى فقال ابو سفيان ما أصبت فهو لك حلال فضحك عليه السلام وقال أنت هند قالت نعم فاعف عما سلف يا نبى الله عفا الله عنك فعفا عنها فقال ولا يزنين فقالت وهل نزنى الحرة فقال عمر رضى الله عنه لو كان قلب نساء العرب على قلب

[سورة الممتحنة (60) : آية 13]

هند ما زنت امرأة قط فقال ولا يقتلن أولادهن فقالت ريناهم صغارا وقتلتهم كبارا فانتم وهم اعلم وكان ابنها حنظلة بن أبى سفيان قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله فقال ولا يأتين ببهتان فقالت والله ان البهتان لامر قبيح وما تأمرنا الا بالرشد ومكارم الأخلاق فقال ولا يعصينك في معروف فقالت والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء (وروى) انه عليه السلام بايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطرى والقطر بالكسر ضرب من البرود يأخذ بطرف منه ويأخذن بالطرف الآخر توقيا عن مساس أيدي الاجنبيات (وروى) انه جلس على الصفا ومعه عمر رضى الله عنه أسفل منه فجعل عليه السلام يشترط عليهن البيعة وعمر تصافحهن (وروى) ان عمر رضى الله عنه كان يبايع النساء بامره عليه السلام ويبلغهن عنه وهو أسفل منه عند الصفا (وروى) انه عليه السلام كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن وهى اميمة اخت خديجة رضى الله عنها خالة فاطمة رضى الله عنها والأظهر الأشهر ما قالت عائشة رضى الله عنها والله ما أخذ رسول الله على النساء قط إلا بما امر الله وما مست كف رسول الله كف امرأة قط وكان يقول إذا أخذ عليهن قد بايعتك على كلها وكان المؤمنات إذا هاجرن الى رسول الله يمتحنهن بقول الله يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات إلخ فاذا اقررن بذلك من قولهن قال لهن انطلقن فقد بايعتكن يقول الفقير انما بايع عليه السلام الرجال مع مس الأيدى دون النساء لان مقام الشارع يقتضى الاحتياط وتعليم الامة والا فاذا جاز مصافحة عمر رضى الله عنه لهن كما في بعض الروايات جاز مصافحته عليه السلام لهن لانه أعلى حالا من عمر من كل وجه وبالجملة كانت البيعة مع النساء والرجال امرا مشروعا بأمر الله وسنته بفعل رسول الله ومن ذلك كانت عادة مستحسنة بين الفقراء الصوفية حين ارادة التوبة تثبيتا للايمان وتجديدا لنور الإيقان على ما أشبعنا الكلام عليه فى المبايعة في سورة الفتح وذكرنا كل طرف منها فيها فارجع وفي التأويلات النجمية قوله تعالى يا أيها النبي إذا جاءك إلخ يخاطب نبى الروح ويشير الى النفوس المؤمنة الداخلة تحت شريعة نبى الروح يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيأ من حب الدنيا وشهواتها ولذاتها وزينتها وزخارفها ولا يسرقن من اخلاق الهوى المتبع وصفاته الرديئة ولا يزنين اى مع الهوى بالاتفاق معه والاتباع له ولا يقتلن أولادهن اى لا يمنعن ولا يرددن أولاد الخواطر الروحانية والإلهامات الربانية ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن يعنى لا يدعين بما لم يحصل لهن من المواهب العلوية من المشاهدات والمعاينات والتجريد والتفريد ولا من العطايا السفلية من الزهد والورع والتوكل والتسليم لانهن ما بلغن بعد إليها ولا يعصينك في معروف اى في كل ما تأمرهن من الخلاق والأوصاف فبايعهن اى فاقبل مبايعتهن بين يديك بالصدق والإخلاص واستغفر لهن الله مما وقع منهن قبل دخولهن في ظل أنوارك من المخالفات الشرعية والموافقات الطبيعية ان لله غفور يسترها بالموافقات الشرعية رحيم بهن يرحمهن بالمخالفات الطبيعية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً دوستى مكنيد با كروهى كه فالتولى هنا بمعنى الموالاة والموادة غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صفة لقوما وكذا قد يئسوا وهم

جنس الكفار لان كلهم مغضوب عليهم لا رحمة لهم من الرحمة الاخروية وقيل اليهود لما روى انها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم وهو قول الأكثرين وقد قال تعالى في حق اليهود وغضب الله عليهم وجعل منهم القردة والخنازير والقوم الرجال وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لان قوم كل نبى رجال ونساء قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ اليأس انقطاع الطمع يعنى نوميد شدند از آخرت لكفرهم بها وعدم ايقانهم على أن يراد بقوما عامة الكفرة ومن لابتداء الغاية او لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات على أن يراد به اليهود والتقدير من ثواب الآخرة يعنى انهم اهل الكتاب يؤمنون بالقيامة لكنهم لما أصروا على الكفر حسدا وعنادا يئسوا من ثوابها قال عليه السلام يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فو الله الذي لا اله الا هو انكم لتعلمون انى رسول الله حقا وانى جئتكم بحق فأسلموا كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ من بيان للكفار أي كائنين منهم اى كما يئس منها الذين ماتوا منهم لانهم وقفوا على حقيقة الحال وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم والمراد وصفهم بكمال اليأس منها قال مقاتل ان الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك شديد الانتهار ثم يسأله من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول لا أدرى فيقول الملك أبعدك الله انظر الى منزلتك من النار فيدعو بالويل والثبور ويقول هذا لك فيفتح باب الجنة فيقول هذا لمن آمن بالله فلو كنت آمنت بربك نزلت الجنة فيكون حسرة عليه وينقطع رجاؤه ويعلم انه لا حظ له فيها وييأس من خير الجنة وقيل من متعلقة بيئس فالمعنى كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا الى الدنيا احياء والإظهار في موضع الإضمار للاشعار بعلة يأسهم وهو الكفر والقبر مقر الميت والمقبرة موضع القبور وفي الآية اشارة الى الأبدان المريضة المعتلة النجسة الخبيثة المظلمة فان الكفار أيسوا من خروج ضيق قبور اخلاقهم السيئة الى سعة فضاء صفاتهم الحسنة وكذا سائرهم من اهل الحجب الكثيفة ومن اصحاب القبور من حاله على عكس هذا كما أشار النبي عليه السلام بقوله كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل وعد نفسك من اصحاب القبور وهم من ماتوا بالاختيار قبل الموت بالاضطرار وذلك بالفناء التام فكانت أجسادهم لارواحهم كالقبور للموتى نسأل الله الختم بالسعادة بحرمة من له كمال السيادة والدفن في أحب البقاع اليه والقدوم بكمال البشرى عليه والقيام بمزيد الفخر لديه خدايا بحق بنى فاطمه ... كه بر قول ايمان كنم خاتمه خداوند كار انظر كن بجو ... كه جرم آيد از بندگان در وجود چوما را بدنيا تو كردى عزيز ... بعقبى همين چشم داريم نيز تمت سورة الممتحنة في العشر الأخير من شهر رمضان المنتظم في سلك شهور سنة خمس عشرة ومائة والف

تفسير سورة الصف

تفسير سورة الصف مدنية وقيل مكية وآيها اربع عشرة بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم سَبَّحَ لِلَّهِ نزهه عن كل ما لا يلق بجنابه العلى العظيم ما فِي السَّماواتِ من العلويات الفاعلة وَما فِي الْأَرْضِ من السفليات القابلة آفاقا وأنفسا اى سبحه جميع الأشياء من غير فرق بين موجود وموجود كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يكون الا ما يريد الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا بالحكمة فلا عزيز ولا حكيم على الإطلاق غيره فلذا يجب تسبيحه قال في كشف الاسرار من أراد يصفوله تسبيحه فليصف عن آثار نفسه قلبه ومن أراد أن يصفوله في الجنة عيشه فليصف عن اوضار الهوى دينه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا رسميا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ روى ان المسلمين قالوا لو علمنا أحب الأعمال الى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فلما نزل الجهاد كرهوه فنزلت تعييرا لهم بترك الوفاء ولم مركبة من اللام الجارة وما الاستفهامية قد حذفت ألفها تخفيفا لكثرة استعمالهما معا كما في عم وفيم ونظائرهما معناها لاى شيء تقولون نفعل ما لا تفعلون من الخير والمعروف على ان مدار التعيير والتوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم وانما وجهه الى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان ان المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد به ايضا وقد كانوا يحسبونه معروفا ولو قيل لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه ان المنكر هو ترك الموعود فليس المراد من ما حقيقة الاستفهام لان الاستفهام من الله محال لانه عالم بجميع الأشياء بل المراد الإنكار والتوبيخ على أن يقول الإنسان من نفسه مالا يفعله من الخير لانه ان اخبر أنه فعل في الماضي والحال ولم يفعله كان كاذبا وان وعد أن يفعله في المستقبل ولا يفعله كان خلفا وكلاهما مذموم كما قال في الكشاف هذا الكلام يتناول الكذب واخلاف الموعد وهذا بخلاف ما إذا وعد فلم يف بميعاده لعذر من الاعذار فانه لا اثم عليه وفي عرائس البقلى حذر الله المريدين أن يظهروا يدعوى المقامات التي لم يبلغوا إليها لئلا يقعوا في مقت الله وينقطعوا عن طريق الحق بالدعوى بالباطل وايضا زجرا لاكابر في ترك بعض الحقوق ومن لم يوف بالعهود ولم يأت بالحقوق لم يصل الى الحق والحقيقة وايضا ليس للعبد فعل ولا تدبير لانه أسير في قبضة العزة يجرى عليه احكام القدرة وتصاريف المشيئة فمن قال فعلت او أتيت او شهدت فقد نسى مولاه وادعى ما ليس له ومن شهد من نفسه طاعة كان الى العصيان اقرب لان النسيان من العمى وفي التأويلات النجمية يا ايها المؤمنون المقلدون لم تذمون الدنيا بلسان الظاهر وتمدحونها بلسان الباطن شهادة ارتكابكم انواع الشهوات الحيوانية واصناف اللذات الجسمانية او تمدحون الجهاد بلسانكم وتذمونه بقلوبكم وذلك يدل على اعراضكم عن الحق وإقبالكم على النفس والدنيا وهذا كبر مقتا عند الله تعالى كما قال كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ كبر من باب نعم وبئس فيه ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده وأن تقولوا هو المخصوص بالذم والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح يقال مقته فهو مقيت وممقوت وكان يسمى تزوج امرأة الأب نكاح المقت

[سورة الصف (61) : آية 4]

وعند الله ظرف للفعل بمعنى في علمه وحكمته والكلام بيان لغاية قبح ما فعلوه اى عظم بغضا في حكمته تعالى هذا القول المجرد فهو أشد ممقوتية ومبغوضية فمن مقته الله فله النار ومن أحبه الله فله الجنة (قال الكاشفى) ونزد بعضى علما آيت عامست يعنى هر كه سخنى كويد ونكند درين عتاب داخلست ويا آن علما نيز كه خلق را بعمل خير فرمايند وخود ترك نمايند اين سياست خواهد بود لا تنه عن خلق وتأتى مثله ... عار عليك إذا فلعت عظيم واوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحى منى وحضرت پيغمبر عليه السلام در شب معراج ديد كه لبهاى چنين كسان بمقراض آتشين مى بريدند از من بكوى عالم تفسير كوى را ... كر در عمل نكوشى نادان مفسر بار درخت علم ندانم بجز عمل ... با علم اگر عمل نكنى شاخ بي برى قيل لبعض السلف حدثنا فسكت ثم قيل له حدثنا فقال لهم اتأمروننى أن أقول مالا افعل فأستعجل مقت الله قال القرطبي رحمه الله ثلاث آيات منعتنى ان أقص على الناس أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وما أريد ان أخالفكم الى ما أنهاكم عنه يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون وقد ورد الوعيد في حق من يترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ايضا اى كما ورد في حق من يترك العمل فالخوف إذا كان على كل منهما في درجة متناهية فكيف على من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف واكثر الناس في هذا الزمان هكذا والعياذ بالله تعالى قال في اللباب ان الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملا فيه طاعة الله أن يفى به فان من التزم شيألزم شرعا إذ الملتزم اما نذر تقرب مبتدأ كقوله لله على صلاة او صوم او صدقة ونحوه من القرب فيلزمه الوفاء اجماعا او نذر مباح وهو ما علق بشرط رغبة كقوله ان قدم غائبى فعلى صدقة او بشرط رهبة كقوله ان كفانى الله شر كذا فعلى صدقة ففيه خلاف فقال مالك وابو حنيفة يلزمه الوفاء به وقال الشافعي في قوله لا يلزم وعموم الآية حجة لنا لانها بمطلقها تتناول ذم من قال ما لا يفعله على اى وجه كان من مطلق اى مقيد بشرط إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ أعداء الله فِي سَبِيلِهِ فى طريق مرضاته وأعلاه دينه اى يرضى عنهم ويثنى عليهم صَفًّا صف زده در برابر خصم وهو بيان لما هو مرضى عنده تعالى بعد بيان ما هو ممقوت عنده وهذا صريح في ان ما قالوه عبارة عن الوعد بالقتال وصفا مصدر وقع موقع الفاعل او المفعول ونصبه على الحالية من فاعل يقاتلون اى صافين أنفسهم او مصفوفين والصف أن يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ حال من المستكن في الحال الاولى والبنيان الحائط وفي القاموس البناء ضد الهدم يناه بنيا وبناء وبنيانا وبنية وبناية والبناء المبنى والبنيان واحد لا جمع دل عليه تذكير مرصوص وقال بعضهم

[سورة الصف (61) : الآيات 5 إلى 9]

بنيان جمع بنيانة على حد نخل ونخلة وهذا النحو من الجمع يصح تأنيثه وتذكيره والرص اتصال بعض البناء بالبعض واستحكامه كما قال في تاج المصادر الرص استوار بر آوردن بنا قال ابن عباس رضى الله عنهما يوضع الحجر على الحجر ثم يرص بأحجار صغار ثم يوضع اللبن عليه فيسميه اهل مكة المرصوص والمعنى حال كونهم مشبهين في تراصهم من غير فرجة وخلل ببنيان رص بعضه الى بعض ورصف حتى صار شيئا واحدا وقال الراغب بنيان مرصوص اى محكم كأنما بنى بالرصاص يعنى كوييا ايشان در استحكام بنا اندر ريخته از ارزير كنايتست از ثبات قدم ايشان در معركه حرب وبيكديكر باز چسبيدن وهو قول الفراء وتراصوا في الصلاة اى تضايقوا فيها كما قال عليه السلام تراصوا بينكم في الصلاة لا يتخللكم الشياطين فالرحمة في مثل هذا المقام رحمة فلابد من سد الخلل او المحاذاة بالمناكب كالبنيان المرصوص ولا ينافيه قول سفيان ينبغى أن يكون بين الرجلين في الصف قدر ثلثى ذراع فذاك في غيره كما في المقاصد الحسنة وعن بعضهم فيه دليل على فضل القتال راجلا لان الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة كما فى الكشاف يقول الفقير الدليل على فضل الراكب على الراجل ان له سهمين من الغنيمة وانما حث عليه السلام على التراص لان المسلمين يومئذ كانوا راجلين غالبا ولم يجدوا راحلة ونحوها الا قليلا قال سعيد ابن جبير رضى الله عنه هذا تعليم من الله للمؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوهم ولذلك قالوا لا يجوز الخروج من الصف الا لحاجة تعرض للانسان او في رسالة يرسله الامام او منفعة تظهر في المقام المنتقل اليه كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها وفي الخروج عن الصف للمبارزة خلاف لا بأس بذلك ارهابا للعدو وطلبا للشهادة وتحريضا على القتال وقيل لا يبرز أحد لذلك لان فيه رياء او خروجا الى ما نهى الله عنه وانما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر كما كانت في حروب النبي عليه السلام يوم بدر وفي غزوة خيبر قال في فتح الرحمن اما حكم الجهاد فهو فرض كفاية على المستطيع بالاتفاق إذا فعله البعض سقط عن الباقين وعند النفير العام وهو هجوم العدو يصير فرض عين بلا خلاف ففى الآية زجر عن التباطؤ وحث على التسارع ودلالة على فضيلة الجهاد وروى في الخبر انه لما كان يوم مؤتة بالضم موضع بمشارف الشام قتل فيه جعفر ابن أبى طالب وفيه كانت تعمل السيوف كما فى القاموس وكان عبد الله بن رواحة رضى الله عنه أحد الأمراء الذين أمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ناداهم يا أهل المجلس هذا الذي وعدكم ربكم فقاتل حتى قتل وكان عبد الله بن رواحة الأنصاري شاعر رسول الله وكان يقص على اصحاب رسول الله فى مسجده على حياته وجلس اليه رسول الله يوما وقال أمرت أن أجلس إليكم وامر ابن رواحة أن يمضى في كلامه كما في كشف الاسرار ثم ان الجهاد اما مع الأعداء الظاهرة كالكفار والمنافقين واما مع الأعداء الباطنة كالنفس والشيطان وقال عليه السلام المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هاجر الخطايا والذنوب وأعظم المجاهدة في الطاعة الصلاة لان فيها سر الفناء وتشق على النفس وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ كلام مستأنف مقرر لما قبله من شناعة ترك القتال وإذ منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي

عليه السلام بطريق التلوين اى اذكر لهؤلاء المؤمنين المتقاعدين عن القتال وقت قول موسى لبنى إسرائيل حين ندبهم الى قتال الجبابرة بقوله يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين فلم يمتثلوا بأمره وعصوه أشد عصيان حيث قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانا داخلون الى قوله فاذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون وأصروا على ذلك وآذوه عليه السلام كل الأذية كذا في الإرشاد يقول الفقير لا شك ان قتل الأعداء من باب التسبيح لانهم الذين قالوا اتخذ الله ولدا وعبدوا معه الأصنام فكان في مقاتلتهم توسيع ساحة التنزيه ولذا بدأ الله تعالى في عنوان السورة بالتسبيح وأشار بلفظ الحكيم الى ان القتال من باب الحكمة وانه من باب دفع القضاء بالقضاء على ما يعرفه اهل الله وبلفظ العزيز الى غلبة المؤمنين المقاتلين ثم انهم كرهوا ذلك كأنهم لم يثقوا بوعد الله بالغلبة ووقعوا من حيث لم يحتسبوا في ورطة نسبة العجز الى الله سبحانه ولذا تقاعدوا عن القتال وبهذا التقاعد حصلت الاذية له عليه السلام لان مخالفة اولى الأمر اذية لهم فأشار الحق تعالى بقصة موسى الى ان الرسول حق وان الخروج عن طاعته فسق وان الفاسق مغضوب الله تعالى لان الهداية من باب الرحمة وعدمها من باب السخط والعياذ بالله تعالى من سخطه وغضبه وأليم عذابه وعقابه يا قَوْمِ اى كروه من فأصله يا قومى ولذا تكسر الميم ولولا تقدير الياء لقيل يا قوم بالضم لانه حينئذ يكون مفردا معرفة فيبنى على الضم وهو نداء بالرفق والشفقة كما هو شأن الأنبياء ومن يليهم لِمَ تُؤْذُونَنِي چرا مى رنجانيد مرا اى بالمخالفة والعصيان فيما أمرتكم به والا ذى ما يصل الى الإنسان من ضرر اما في نفسه او في جسمه او قنياته دنيويا كان او أخرويا قال في القاموس آذى فعل الأذى وصاحبه أذى واذاة واذية ولا تقل إيذاء انتهى فلفظ الإيذاء في أفواه العوام من الاغلاط وربما تراه في عبارات بعض المصنفين وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جملة حالية مؤكدة لانكار الأذية ونفى سببها وقد لتحقيق العلم لا للتوقع ولا للتقريب ولا للتقليل فانهم قالوا ان قد إذا دخلت على الحال تكون للتحقيق وإذا دخلت على الاستقبال تكون للتقليل وصيغة المضارع للدلالة حلى استمرار العلم اى والحال انكم تعلمون علما قطعيا مستمرا بمشاهدة ما ظهر بيدي من المعجزات انى مرسل من الله إليكم لأرشدكم الى خير الدنيا والآخرة ومن قضية علمكم بذلك أن تبالغوا في تعظيمى وتسارعوا الى طاعتى فان تعظيمى تعظيم لله وإطاعتي إطاعة له وفيه تسلية للنبى عليه السلام بأن الاذية قد كانت من الأمم السالفة ايضا لأنبيائهم والبلاء إذا عم خف وفي الحديث (رحمة الله على أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) وذلك انه عليه السلام لما قسم غنائم الطائف قال بعض المنافقين هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله فتغير وجهه الشريف وقال ذلك فَلَمَّا زاغُوا الزيغ الميل عن الاستقامة والتزايغ التمايل اى أصروا على الزيغ عن الحق الذي جاء به

[سورة الصف (61) : آية 6]

موسى واستمروا عليه أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ اى صرفها عن قبول الحق والميل الى الصواب لصرف اختيارهم نحو الغى والضلال وقال الراغب في المفردات اى لما فارقوا الاستقامة عاملهم بذلك وقال جعفر لما تركوا او امر الخدمة نزع الله من قلوبهم نور الايمان وجعل للشيطان إليهم طريقا فأزاغهم عن طريق الحق وأدخلهم في مسالك الباطل وقال الواسطي لما زاغوا عن القربة في العلم أزاغ الله قلوبهم في الخلقة وقال بعضهم لما زاغوا عن العبادة أزاغ الله قلوبهم عن الارادة يقول الفقير لما زاغوا عن رسالة موسى ونبوته أزاغ الله قلوبهم عن ولايته وجمعيته فهم رأوا موسى على انه موسى لا على انه رسول نبى فحرموا من رؤية الحق تعالى وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله من الازاغة وموذن بعليته اى لا يهدى القوم الخارجين عن الطاعة ومنهاج الحق المصرين على الغواية هداية موصلة الى البغية لا هداية موصلة الى ما يوصل إليها فانها شاملة للكل والمراد جنس الفاسقين وهم داخلون في حكمهم دخولا أوليا ووصفهم بالفسق نظرا الى قوله تعالى فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين وقوله تعالى فلا تأس على القوم الفاسقين قال الامام هذه الآية تدل على عظم أذى الرسول حتى انه يؤدى الى الكفر وزيغ القلوب عن الهدى انتهى ويتبعه أذى العالمين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لان العلماء ورثة الأنبياء فأذاهم في حكم أذاهم فكما ان الأنبياء والأولياء داعون الى الله تعالى على بصيرة فكذلك رسل القلوب فانهم يدعون القوى البشرية والطبيعية من الصفات البشرية السفلية الى الأخلاق الروحانية العلوية ومن ظلمة الخلقية الى نور الحقية فمن مال عن الحق وقبول الدعوة لعدم الاستعداد الذاتي ضل بالتوجه الى الدنيا والإقبال عليها فأنى يجد الهداية الى حضرة الحق سبحانه وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اما معطوف على إذ الاولى معمول لعاملها واما معمول لمضمر معطوف على عاملها وابن هنا وفي عزيز ابن الله بإثبات الالف خطا لندرة وقوعه بين رب وعبد وذكر وأنثى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اى فرزندان يعقوب ناداهم بذلك استمالة لقلوبهم الى تصديقه في قوله إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ فان تصديقه عليه السلام إياها من أقوى الدواعي الى تصديقهم إياه اى أرسلت إليكم لتبليغ أحكامه التي لا بد منها في صلاح أموركم الدينية والدنيوية در حالتى كه باور دارنده ام من آن چيز را كه پيش منست از كتاب تورات يعنى قبل از من نازل شده ومن تصديق كرده ام كه آن از نزد خداست وقال ابو الليث يعنى اقرأ عليكم الإنجيل موافقا للتوراة في التوحيد وبعض الشرائع قال القاضي في تفسيره ولعله لم يقل يا قوم كما قال موسى لانه لا نسب له فيهم إذ النسب الى الآباء والا فمريم من بنى إسرائيل لان إسرائيل لقب يعقوب ومريم من نسله ثم ان هذا دل على ان تصديق المتقدم من الأنبياء والكتب من شعائر اهل الصدق ففيه مدح لامة محمد عليه السلام حيث صدقوا الكل وَمُبَشِّراً التبشير مژده دادن بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي معطوف على مصدقا داع الى تصديقه عليه السلام من حيث ان البشارة به واقعة في التوراة والعامل فيهما ما في الرسول

من معنى الإرسال لا الجار فانه صلة للرسول والصلاة بمعزل عن تضمن معنى الفعل وعليه يدور العمل اى أرسلت إليكم حال كونى مصدقا لما تقدمنى من التوراة ومبشرا بمن يأتى من بعدي من رسول وكان بين مولده وبين الهجرة ستمائة وثلاثون سنة وقال بعضهم بشرهم به ليؤمنوا به عند مجيئه او ليكون معجزة لعيسى عند ظهوره والتبشير به تبشير بالقرءان ايضا وتصديق له كالتوراة اسْمُهُ أَحْمَدُ اى محمد صلّى الله عليه وسلّم يريد أن دينى التصديق بكتب الله وأنبيائه جميعا ممن تقدم وتأخر فذكر أول الكتب المشهورة الذي يحكم به النبيون والنبي الذي هو خاتم النبيين وعن اصحاب رسول الله انهم قالوا أخبرنا يا رسول الله عن نفسك قال انا دعوة ابراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي رؤيا حين حملتنى انه خرج منها نور أضاء لها قصور بصرى في ارض الشام وبصرى كحبلى بلد بالشام وكذا بشر كل نبى قومه بنبينا محمد عليه السلام والله تعالى أفرد عيسى عليه السلام بالذكر في هذا الموضع لانه آخر نبى قبل نبينا فبين ان البشارة به عمت جميع الأنبياء واحدا بعد واحد حتى انتهت الى عيسى كما في كشف الاسرار وقال بعضهم كان بين رفع المسيح ومولد النبي عليه السلام خمسمائة وخمس وأربعون سنة تقريبا وعاش المسيح الى ان رفع ثلاثا وثلاثين سنة وبين رفعه والهجرة الشريفة خمسمائة وثمان وتسعون سنة ونزل عليه جبريل عشر مرات وأمته النصارى على اختلافهم ونزل على نبينا عليه السلام اربعة وعشرين مرة وأمته امة مرحومة جامعة لجميع الملكات الفاضلة قيل قال الحواريون لعيسى يا روح الله هل بعدنا من امة قال نعم امة محمد حكماء علماء ابرار أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء يرضون من الله باليسير من الرزق ويرضى الله منهم باليسير من العمل واحمد اسم نبينا صلّى الله عليه وسلّم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى كتاب تلقيح الأذهان سمى من حيث تكرر حمده محمدا ومن حيث كونه حامل لواء الحمد احمد انتهى قال الراغب احمد اشارة للنبى عليه السلام باسمه تنبيها على انه كما وجد اسمه احمد يوجد جسمه وهو محمود في أخلاقه وأفعاله وأقواله وخص لفظ احمد فيما بشر به عيسى تنبيها انه احمد منه ومن الذين قبله انتهى ويوافقه ما في كشف الاسرار من ان الالف فيه للمبالغة في الحمد وله وجهان أحدهما انه مبالغة من الفاعل اى الأنبياء كلهم حامدون لله تعالى وهو اكثر حمدا من غيره والثاني انه مبالغة من المفعول اى الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو اكثر مناقب واجمع للفضائل والمحاسن التي يحمد بها انتهى ز صد هزار محمد كه در جهان آيد ... يكى بمزلت وفضل مصطفى نرسد قال ابن الشيخ في حواشيه يحتمل أن يكون احمد منقولا من الفعل المضارع وأن يكون منقولا من صفة وهى افعل التفضيل وهو الظاهر وكذا محمد فانه منقول من الصفة ايضا وهو فى معنى محمود ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار فانه محمود في الدنيا بما هدى اليه ونفع به من العلم والحكمة ومحمود في الآخرة بالشفاعة وقال الامام السهيلي في كتاب التعريف والاعلام احمد اسم علم منقول من صفة لا من فعل وتلك الصفة افعل التي يراد بها التفضيل فمعنى احمد احمد الحامدين لربه عز وجل وكذلك قال هو في المعنى لانه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد

لم تفتح على أحد قبله فيحمد ربه بها وكذلك يعقد لواء الحمد واما محمد فمنقول من صفة ايضا وهو في معنى محمود ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار فمحمد هو الذي حمد مرة بعد مرة كما ان المكرم من أكرم مرة بعد مرة وكذلك الممدح ونحو ذلك فاسم محمد مطابق لمعناه والله تعالى سماه به قبل أن يسمى به نفسه فهذا علم من اعلام نبوته إذ كان اسمه صادقا عليه فهو محمود في الدنيا بما هدى اليه ونفع به من العلم والحكمة وهو محمود في الآخرة بالشفاعة فقد تكرر معنى الحمد كما يقتضى اللفظ ثم انه لم يكن محمدا حتى كان حمد ربه فنبأه وشرفه ولذلك تقدم اسم احمد على الاسم الذي هو محمد فذكره عيسى عليه السلام فقل اسمه احمد ذكره موسى عليه السلام حين قال له ربه تلك امة احمد فقال اللهم اجعلنى من امة احمد فبأحمد ذكره قبل أن يذكره بمحمد لان حمده لربه كان قبل حمد الناس فلما وجد وبعث كان محمدا بالفعل وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه فيكون احمد الناس لربه ثم يشفع فيحمد على شفاعته فانظر كيف كان ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر وفي الوجود وفي الدنيا وفي الآخرة تلح لك الحكمة الالهية في تخصيصه بهذين الاسمين وانظر كيف أنزلت عليه سورة الحمد وخص بها دون سائر الأنبياء وخص بلواء الحمد وخص بالمقام المحمود وانظر كيف شرع له سنة وقرءانا أن يقول عند اختتام الافعال وانقضاء الأمور الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين وقال ايضا وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين تنبيها لنا على ان الحمد مشروع عند انقضاء الأمور وسن عليه السلام الحمد بعد الاكل والشرب وقال عند انقضاء السفر آئبون تائبون لربنا حامدون ثم انظر لكونه عليه السلام خاتم الأنبياء ومؤذنا بانفصال الرسالة وانقطاع الوحى ونذيرا بقرب الساعة وتمام الدنيا مع ان الحمد كما قدمنا مقرون بانقضاء الأمور مشروع عندها تجد معانى اسمه جمبعا وما خص به من الحمد والمحامد مشاكلا لمعناه مطابقا لصفته وفي ذكره برهان عظيم وعلم واضح على نبوته وتخصيص الله له بكرامته وانه قدم له هذه المقامات قبل وجوده تكرمة له وتصديقا لامره عليه السلام انتهى كلام السهيلي يقول الفقير الذي يلوح بالبال ان تقدم الاسم احمد على الاسم محمد من حيث انه عليه السلام كان إذا ذاك في عالم الأرواح متميزا عن الأحد بميم الإمكان فدل قلة حروف اسمه على تجرده التام الذي يقتضيه موطن عالم الأرواح ثم انه لما تشرف بالظهور في عالم العين الخارج وخلع الله عليه من الحكمة خلعة اخرى زائدة على الخلع التي قبلها ضوعف حروف اسمه الشريف فقيل محمد على ما يقتضيه موطن العين ونشأة الوجود الخارجي ولا نهاية للاسرار والحمد لله تعالى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر في كتاب مواقع النجوم ما انتظم من الوجود شيء بشيء ولا انضاف منه شيء الى شيء الا لمناسبة بينهما ظاهرة او باطنة فالمناسبة موجودة في كل الأشياء حتى بين الاسم والمسمى ولقد أشار أبو يزيد السهيلي وان كان أجنبيا عن اهل هذه الطريقة الى هذا المقام في كتاب المعارف والاعلام له في اسم النبي عليه السلام محمد واحمد وتكلم

على المناسبة التي بين افعال النبي عليه السلام وأخلاقه وبين معانى اسميه محمد واحمد انتهى كلام الشيخ أشار رضى الله عنه الى ما قدمناه من كلام السهيلي وقال بعض العافين سمى عليه السلام بأحمد لكون حمده أتم واشتمل من حمد سائر الأنبياء والرسل إذ محامدهم لله انما هى بمقتضى توحيد الصفات والافعال وحمده عليه السلام انما هو بحسب توحيد الذات المستوعب لتوحيد الصفات والافعال انتهى قال في فتح الرحمن لم يسم بأحمد أحد غيره ولا دعى به مدعو قبله وكذلك محمد ايضا لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم الى أن شاع قبيل وجود عليه السلام وميلاده اى من الكهان والأحبار ان نبيا يبعث اسمه محمد فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو وهم محمد بن احيحة بن الجلاح الأوسي ومحمد بن مسلمة الأنصاري محمد بن البرآء البكري ومحمد بن سفيان بن مجاشع ومحمد بن حمدان الجعفي ومحمد بن خزاعة السلمى فهم ستة لا سابع لهم ثم حمى الله كل من تسمى به ان يدعى النبوة او يدعيها أحد له او يظهر عليه سبب يشكك أحدا في امره حتى تحققت السمتان له عليه السلام ولم ينازع فيهما انتهى واختلف فى عدد اسماء للنبى عليه السلام فقيل له عليه السلام ألف اسم كما ان لله تعالى ألف اسم وذلك فانه عليه السلام مظهر تام له تعالى فكما ان أسماءه تعالى اسماء له عليه السلام من جهة الجمع فله عليه السلام اسماء أخر من جهة الفرق على ما تقتضيه الحكمة في هذا الموطن فمن أسمائه محمد اى كثير الحمد لان اهل السماء والأرض حمدوه في الدنيا والآخرة ومنها احمد اى أعظم حمدا من غيره لانه حمد الله تعالى بمحامد لم يحمد بها غيره ومنها المقفى بتشديد الفاء وكسره لانه أتى عقيب الأنبياء وفي قفاهم وفي التكملة هو الذي قفى على اثر الأنبياء اى اتبع آثارهم ومنها نبى التوبة لانه كثير الاستغفار والرجوع الى الله او لان التوبة فى أمته صارت أسهل الا ترى ان توبة عبدة العجل كانت بقتل النفس او لان توبة أمته كانت ابلغ من غيرهم حتى يكون التائب منهم كمن لا ذنب له لا يؤاخذ به في الدنيا ولا في الآخرة وغيرهم يؤاخذ في الدنيا لا في الآخرة ومنها نبى الرحمة لانه كان سبب الرحمة وهو الوجود لقوله تعالى لو لاك لما خلقت الافلاك وفي كتاب البرهان للكرمانى لو لاك يا محمد لما خلقت الكائنات خاطب الله النبي عليه السلام بهذا القول انتهى قيل الاولى ان يحترز عن القول بأنه لو لانبياء عليه السلام لان لما خلق الله آدم وان كان هذا شيأ يذكره الوعاظ على رؤوس المنابر يرون به تعظيم محمد عليه السلام لان النبي عليه السلام وان كان عظيم المرتبة عند الله لكن لكل نبى من الأنبياء مرتبة ومنزلة وخاصية ليست لغيره فيكون كل نبى أصلا لنفسه كما في التاتار خانية يقول الفقير كان عليه السلام نبى الرحمة لانه هو الأمان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية على وجه الزمان قال تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فبهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون قال امير المؤمنين على رضى الله عنه كان في الأرض أمانان فرفع أحدهما وبقي الآخر فاما الذي رفع فهو رسول الله عليه السلام واما الذي بقي فالاستغفار وقرأ بعد هذه الآية ومنها نبى الملحمة اى الحرب لانه بعت بالقتال فان قلت المبعوث بالقتال كيف يكون رحمة

قلت كان امم الأنبياء يهلكون في الدنيا إذا لم يؤمنوا بهم بعد المعجزات ونبينا عليه السلام بعث بالسيف ليرتدعوا به عن الكفر ولا يستأصلوا وفي كونه عليه السلام نبى الحرب رحمة ومنها الماحي وهو الذي محا الله به الكفر او سيئات من اتبعه ومنها الحاشر وهو الذي يحشر الناس على قدمه اى على اثره ويجوز أن يراد بقدمه عهده وزمانه فيكون المعنى ان الناس يحشرون في عهده اى في دعوته من غير أن تنسخ ولا تبدل ومنها العاقب وهو الذي ليس بعده نبى لا مشرعا ولا متابعا اى قد عقب الأنبياء فانقطعت النبوة قال عليه السلام يا على أنت منى بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبى بعدي اى بالنبوة العرفية بخلاف النبوة التحقيقية التي هى الانباء عن الله فانها باقية الى يوم القيامة الا انه لا يجوز أن يطلق على أهلها النبي لا يهامه النبوة العرفية الحاصلة بمجىء الوحى بواسطة جبرائيل عليه السلام ومنها الفاتح فان الله فتح به الإسلام ومنها الكاف قيل معناه الذي أرسل الى الناس كافة وليس هذا بصحيح لان كافة لا يتصرف منه فعل فيكون منه اسم فاعل وانما معناه الذي كف الناس عن المعاصي كذا في التكملة يقول الفقير هذا إذا كان الكاف مشددا واما إذا كان مخففا فيجوز أن يشاربه الى المعنى الاول كما قال تعالى يس اى يا سيد البشر ومنها صاحب الساعة لانه بعث مع الساعة نذيرا للناس بين يدى عذاب شديد ومنها الرؤوف والرحيم والشاهد والمبشر والسراج المنير وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله وقثم اى الجامع للخير ومنها ن اشارة الى اسم النور والناصر ومنها المتوكل والمختار والمحمود والمصطفى وإذا اشتقت أسماؤه من صفاته كثرت جدا ومنها الخاتم بفتح التاء اى احسن الأنبياء خلقا وخلقا فكأنه جمال الأنبياء كالخاتم الذي يتجمل به اى لما أتقنت به النبوة وكملت كان كالخاتم الذي يختم به الكتاب عند الفراغ منه واما الخاتم بكسر التاء فمعناه انه آخر الأنبياء فهو اسم فاعل من ختم ومنها راكب الجمل سماه به شعيا النبي عليه السلام فان قلت لم خص بركوب الجمل وقد كان يركب غيره كالفرس والحمار قلت كان عليه السلام من العرب لامن غيرهم كاقال أحب العرب لثلاث لانى عربى والقرآن عربى ولسان اهل الجنة عربى والجمل مركب العرب مختص بهم لا ينسب الى غيرهم من الأمم ولا يضاف لسواهم ومنها صاحب الهراوة سماه به سطيح الكاهن والهراوة بالكسر العصا فان قلت لم خص بالعصا وقد كان غيره من الأنبياء يمسكها قلت العصا كثيرا ما تستعمل في ضرب الإبل وتخص بذلك كما قال به كثير في صفة البعير ينوخ ثم يضرب بالهراوى ... فلا عرف لديه ولا نكير فركوبه الجمل وكونه صاحب هراوة كناية عن كونه عربيا وقيل هى اشارة الى قوله في الحديث في صفة الحوض اذود الناس عنه بعصاي ومنها روح الحق سماه به عيسى عليه السلام فى الإنجيل وسماه ايضا المنخنا بمعنى محمد يا خود آنكه خداى بفرستد او را بعد از مسيح وفي التكملة هو بالسريانية ومنها حمياطى بالعبرانية وبر قليطس بالرومية بمعنى محمد وماذ ماذ بمعنى طيب طيب وفار قليطا مقصورا بمعنى احمد وروى فار قلبط بالباء وقيل معناه الذي

[سورة الصف (61) : آية 7]

يفرق بين الحق والباطل وروى ان معناه بلغة النصارى ابن الحمد فكأنه محمد واحمد (وروى) انه عليه السلام قال اسمى في التوراة احيد لانى احيد أمتي عن النار واسمى في الزبور الماحي محا الله بي عبدة الأوثان واسمى في الإنجيل احمد وفي القرآن محمد لانى محمود في اهل السماء والأرض فان قلت قال رسول الله عليه السلام لى خمسة اسماء فذكر محمدا واحمد والماحي والحاشر والعاقب وقد بلغت اكثر من ذلك قلت تخصيص الوارد لا ينافى ما سواه فقد خص الخمسة اما لعلم السامع بما سواها فكأنه قال لى خمسة زائدة على ما تعلم او لفضل فيها كأنه قال لى خمسة اسماء فاضلة معظمة او لشهرتها كأنه قال لى خمسة اسماء مشهورة او لغير ذلك مما يحتمله اللفظ من المعاني وقيل لان الموحى اليه في ذلك الوقت كان هذه الأسماء وقيل كانت هذه الأسماء معروفة عند الأمم السالفة ومكتوبة في الكتب المتقدمة وفيه ان أسماءه الموجودة في الكتب المتقدمة تزيد على الخمسة كما في التكملة لابن عسكر فَلَمَّا جاءَهُمْ اى الرسول المبشر به الذي اسمه احمد كما يدل عليه الآيات اللاحقة واما ارجاعه الى عيسى كما فعله بعض المفسرين فبعيد جدا وكون ضمير الجمع راجعا الى بنى إسرائيل لا ينافى ما ذكرنا لان نبينا عليه السلام مبعوث الى الناس كافة بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات الظاهرة كالقرءآن ونحوه والباء للتعدية ويجوز أن تكون للملابسة قالُوا هذا مشيرين الى ما جاء به او اليه عليه السلام سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته بلا مرية وتسميته عليه السلام سحرا للمبالغة ويؤيده قراءة من قرأ هذا ساحر وفي الآية اشارة الى عيسى القلب وإسرائيل الروح وبنيه النفس والهوى وسائر القوى الشريرة فانها متولدة من الروح والقالب منسلخة عن حكم أبيها فدعاها عيسى القلب من الظلمات الطبيعية الى الأنوار الروحانية وبشرها بأحمد السر لكونه احمد من عيسى القلب لعلو مرتبته عليه فلما جاءها بصور التجليات الصفاتية والاسمائية قالت هذا امر وهمى متخيل لا وجود له ظاهر البطلان وهكذا براهين اهل الحق مع المنكرين وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وكيست ستمكارتر از ان كس كه دروغ مى سازد بر الله والفرق بين الكذب والافتراء هو ان الافتراء افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وَهُوَ اى والحال ان ذلك المفترى يُدْعى من لسان الرسول إِلَى الْإِسْلامِ الذي به سلامة الدارين اى اى الناس أشد ظلما ممن يدعى الإسلام الذي يوصله الى سعادة الدارين فيضع موضع الاجابة الافتراء على الله بقوله لكلامه الذي هو دعاء عباده الى الحق هذا سحر فاللام في الكذب للعهداى هو أظلم من كل ظالم وان لم يتعرض ظاهر الكلام لنفى المساوى ومن الافتراء على الله الكذب في دعوى النسب والكذب في الرؤيا والكذب في الاخبار عن رسول الله عليه السلام واعلم ان الداعي في الحقيقة هو الله تعالى كما قال تعالى والله يدعو الى دار السلام بأمره الرسول عليه السلام كما قال ادع الى سبيل ربك وفي الحديث عن ربيعة الجرشى (قال أتى نبى الله عليه السلام فقيل له لتنم عينك ولتسمع اذنك وليعقل قلبك) قال فنامت عيناى وسمعت أذناي وعقل قلبى قال فقيل لى سيد بنى دارا فصنع مأدبة وأرسل داعيا

[سورة الصف (61) : آية 8]

فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضى عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة وسخط عليه السيد قال فالله السيد ومحمد الداعي والدار الإسلام والمأدبة الجنة ودخل في دعوة النبي دعوة ورثته لقوله أدعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعنى ولا بد أن يكون الداعي أميرا او مأمورا وفي المصابيح في كتاب العلم قال عوف بن مالك رضى الله عنه لا يقص الا امير او مأمور او مختال رواه أبو داود وابن ماجه قوله او مختال هو المتكبر والمراد به هنا الواعظ الذي ليس بأمير ولا مأمور مأذون من جهة الأمير ومن كانت هذه صفته فهو متكبر فضولى طالب للرياسة وقيل هذا الحديث في الخطبة خاصة كما في المفاتيح وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى لا يرشدهم الى ما فيه فلاحهم لعدم توجههم اليه يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ الإطفاء الاخماد وبالفارسية فرو كشتن آتش و چراغ اى يريدون أن يطفئوا دينه او كتابه او حجته النيرة واللام مزيدة لما فيها من معنى الارادة تأكيدا لها كما زيدت لما فيها من معنى الاضافة تأكيدا لها في لا أبالك او يريدون الافتراء ليطفئوا نور الله وقال الراغب في المفردات الفرق ان في قوله تعالى يريدون أن يطفئوا نور الله يقصدون إخفاء نور الله وفي قوله تعالى ليطفئوا يقصدون امرا يتوصلون به الى اطفاء نور الله بِأَفْواهِهِمْ بطعنهم فيه وبالفارسية بدهنهاى خود يعنى بگفتار ناپسنديده وسخنان بى ادبانه مثلت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس ليطفئه وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ اى مبلغه الى غايته بنشره في الآفاق واعلائه جملة حالية من فاعل يريدون او يطفئوا وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ إتمامه إرغاما لهم وزيادة في مرض قلوبهم ولو بمعنى ان وجوابه محذوف اى وان كرهوا ذلك فالله يفعله لا محالة (قال الكاشفى) وكراهت ايشانرا اثرى نيست در اطفاى چراغ صدق وصواب همچون أرادت خفاش كه غير مؤثر است در نابودن آفتاب شب پره خواهد كه نبود آفتاب ... تا ببيند ديده او مرز وبوم دست قدرت هر صباحى شمع مهر ... مى فروزد كورئ خفاش شوم (وفي المثنوى) شمع حق را پف كنى تو اى عجوز ... هم تو سوزى هم سرت اى كنده پوز كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كه كند تف سوى مه يا آسمان تف برويش باز كردد بي شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى تا قيامت تف بر وبار دز رب ... همچون تبت بر روان بو لهب قال ابن الشيخ إتمام نوره لما كان من أجل النعم كان استكراه الكفار إياه اى كافر كان

[سورة الصف (61) : آية 9]

من اصناف الكفرة غاية في كفران النعمة فلذلك أسند كراهة إتمامه الى الكافرين فان لفظ الكافر أليق بهذا المقام واما قوله ولو كره المشركون فانه قد ورد في مقابلة اظهار دين الحق الذي معظم أركانه التوحيد وابطال الشرك وكفار مكة كارهون له من أجل انكارهم للتوحيد وإصرارهم على الشرك فالمناسب لهذا المقام التعرض لشركهم لكونه العلة فى كراهتهم الدين الحق قال بعضهم جحدوا ما ظهر لهم من صحة نبوة النبي عليه السلام وأنكروه بألسنتهم واعرضوا عنه بنفوسهم فقيض الله لقبوله أنفسا أوجدها على حكم السعادة وقلوبا زينها بأنوار المعرفة واسرارا نورها بالتصديق فبذلوا له المهج والأموال كالصديق والفاروق واجلة الصحابة رضى الله عنهم يقول الفقير هكذا احوال ورثة النبي عليه السلام فى كل زمان فان الله تعالى تجلى لهم بنور الأزل والقدم فكرهه المنكرون وأرادوا أن يطفئوه لكن الله أتم نوره وجعل لاهل تجليه أصحابا وإخوانا يذبون عنهم وينفذون أمورهم الى ان يأتيهم امر الله تعالى ويقضوا نحبهم وفي الآية اشارة الى ان النفس لا بد وأن تسعى فى ابطال نور القلب وإطفائه لان النفس والهوى من المظاهر القهرية الجلالية المنسوبة الى اليد اليسرى والروح والقلب من المظاهر الجمالية اللطفية المنسوبة الى اليد اليمنى كما جاء في الحديث (الرباني) ان الله مسح يده اليمنى على ظهر آدم الأيمن فاستخرج منه ذرارى كالفضة البيضاء وقال هؤلاء للجنة ومسح يده اليسرى على ظهر آدم الأيسر فاستخرج منه كالحممة السوداء وقال هؤلاء للنار فلا بد للنفس من السعى في اطفاء نور القلب وللقلب ايضا من السعى في اطفاء نار النفس ولو كره الكافرون الساترون القلب بالنفس الزارعون بذر النفس في ارض القلب هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ محمدا صلّى الله عليه وسلّم بِالْهُدى بالقرءان او بالمعجزة فالهدى بمعنى ما به الاهتداء الى الصراط المستقيم وَدِينِ الْحَقِّ والملة الحنيفية التي اختارها لرسوله ولامته وهو من اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ليجعله ظاهرا اى عاليا وغالبا على جميع الأديان المخالفة له وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ذلك الإظهار ولقد أنجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام فليس المراد انه لا يبقى دين آخر من الأديان بل العلو والغلبة والأديان خمسة اليهودية والنصرانية والمجوسية والشرك والإسلام كما في عين المعاني للسجاوندى وقال السهيلي في كتاب الأمالي في بيان فائدة كون أبواب النار سبعة وجدنا الأديان كما ذكر في التفسير سبعة واحد للرحمن وستة للشيطان فالتى للشيطان اليهودية والنصرانية والصابئية وعبادة الأوثان والمجوسية وامم لا شرع لهم ولا يقولون بنبوة وهم الدهرية فكأنهم كلهم على دين واحد أعنى الدهرية وكل من لا يصدق برسول فهؤلاء ستة اصناف والصنف السابع هو من اهل التوحيد كالخوارج الذين هم كلاب النار وجميع اهل البدع المضلة والجبابرة الظلمة والمصرون على الكبائر من غير توبة ولا استغفار فان فيهم من ينفذ فيه الوعيد ومنهم من يعفو الله عنه فهؤلاء كلهم صنف واحد غير انه لا يحتم عليهم بالخلود فيها فهؤلاء سبعة اصناف ستة مخلدون في النار وصنف

[سورة الصف (61) : الآيات 10 إلى 14]

واحد غير مخلدوهم منتزعون يوم القيامة من اهل دين الرحمن ثم يخرجون بالشفاعة فقد وافق عدد الأبواب عدد هذه الأصناف وتبينت الحكمة في ذكرها في القرآن لما فيها من التخويف والإرهاب فنسأل الله العفو والعافية والمعافاة وفي بعض التفاسير الإشراك هو اثبات الشريك لله تعالى في الالوهية سوآء كانت بمعنى وجوب الوجود او استحقاق العبادة لكن اكثر المشركين لم يقولوا بالأول لقوله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله فقد يطلق ويراد به مطلق الكفر بناء على ان الكفر لا يخلو عن شرك ما يدل عليه قوله تعالى ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك فان من المعلوم في الدين انه تعالى لا يغفر كفر غير المشركين المشهورين من اليهود والنصارى فيكون المراد لا يغفر أن يكفر به وقد يطلق ويراد به عبدة الأصنام وغيرها فان أريد الاول في قوله ولو كره المشركون يكون إيراده ثانيا لوصفهم بوصف قبيح آخر وان أريد الثاني فلعل إيراد الكافرين اولا لما ان إتمام الله نوره يكون بنسخ غير الإسلام والكافرون كلهم يكرهون ذلك وإيراد المشركين ثانيا لما ان اظهار دين الحق يكون بإعلاء كلمة الله واشاعة التوحيد المنبئ عن بطلان الآلهة الباطلة وأشد الكارهين لذلك المشركون والله اعلم بكلامه وفي التأويلات النجمية هو الذي أرسل رسول القلب الى امة العالم الأصغر الذي هو المملكة الانفسية الاجمالية المضاهية للعالم الأكبر وهو المملكة الآفاقية التفصيلية بنور الهداية الازلية ودين الحق الغالب على جميع الأديان وهو الملة الحنيفية السهلة السمحاء ولو كره المشركون الذين أشركوا مع الحق غيره وما عرفوا ان الغير والغيرية من الموهومات التي اوجدتها قوة الوهم والا ليس في الوجود الا الله وصفاته انتهى (قال الكمال الخجندي) له في كل موجود علامات وآثار ... دو عالم پر ز معشوقست كو يك عاشق صادق (وقال المولى الجامى) كر تويى جمله در فضاى وجود ... هم خود انصاف ده بگو حق كو در همه اوست پيش چشم شهود ... چيست پندارى هستئ من وتو يقول الفقير هذه الكلمات المنبئة عن وحدة الوجود قد اتفق عليها اهل الشهود قاطبة فالطعن لواحد منهم بأن وجودى طعن لجميعهم وليس الطعن الا من الحجاب الكثيف والجهل العظيم والا فالامر اظهر على البصير يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ آيا دلالت كنم شما را عَلى تِجارَةٍ سيأتى بيان معناها تُنْجِيكُمْ ان تكون سببا لانجاء الله إياكم وتخليصه وأفادت الصفة المقيدة ان من التجارة ما يكون على عكسها كما أشار إليها قوله تعالى يرجون تجارة لن تبور فان بوار التجارة وكسادها يكون لصاحبها عذابا أليما كجمع المال وحفظه ومنع حقوقه فانه وبال في الآخرة فهى تجارة خاسرة وكذا الأعمال التي لم تكن على وجه الشرع والسنة او أريد بها غير الله مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ اى مؤلم جسمانى وهو ظاهر وروحانى وهو التحسر والتضجر كأنهم قالوا كيف نعمل او ماذا نصنع فقيل

[سورة الصف (61) : آية 11]

تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مراد آنست كه ثابت باشيد بر ايمان كه داريد وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ بمالهاى خود كه زاد وسلاح مجاهدان خريد وَأَنْفُسِكُمْ وبنفسهاى خود كه متعرض قتل وحرب شويد قدم الأموال لتقدمها في الجهاد او للترقى من الأدنى الى الأعلى وقال بعضهم قدم ذكر المال لان الإنسان ربما يضن بنفسه ولانه إذا كان له مال فانه يؤخذ به النفس لتغزو وهذا خبر في معنى الأمر جيئ به للايذان بوجوب الامتثال فكأنه وقع فأخبر بوقوعه كما تقول غفر الله لهم ويغفر الله لهم جعلت المغفرة لقوة الرجاء كأنها كانت ووجدت وقس عليه نحو سلمكم الله وعافاكم الله وأعاذكم الله وفي الحديث جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم ومعنى الجهاد بالألسنة أسماعهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك وأخر الجهاد بالألسنة لانه أضعف الجهاد وأدناه ويجوز أن يقال ان اللسان أحد وأشد تأثيرا من السيف والسنان قال على رضى الله عنه جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان فيكون من باب الترقي من الأدنى الى الأعلى وكان حسان رضى الله عنه يجلس على المنبر فيهجو قريشا بإذن رسول الله عليه السلام ثم ان التجارة التصرف في رأس المال طلبا للربح والتاجر الذي يبيع ويشترى وليس في كلام العرب تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة واما تجاه فاصلها وجاه وتجوب وهى قبيلة من حمير فالتاء للمضارعة قال ابن الشيخ جعل ذلك تجارة تشبيها له فى الاشتمال على معنى المبادلة والمعاوضة طمعا لنيل الفضل والزيادة فان التجارة هى معاوضة المال بالمال لطمع الريح والايمان والجهاد شبها بها من حيث ان فيهما بذل النفس والمال طمعا لنيل رضى الله تعالى والنجاة من عذابه (قال الحافظ) فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد ذلِكُمْ اى ما ذكر من الايمان والجهاد بقسميه خَيْرٌ لَكُمْ على الإطلاق او من أموالكم وأنفسكم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى ان كنتم من اهل العلم فان الجهلة لا يعتد بأفعالهم او ان كنتم تعلمون انه خير لكم حينئذ لانكم إذا علمتم ذلك واعتقدتموه احببتم الايمان والجهاد فوق ما تحبون أنفسكم وأموالكم فتخلصون وتفلحون فعلى العاقل تبديل الفاني بالباقي فانه خير له وجاء رجل بناقة مخطومة وقال هذه في سبيل الله فقال عليه السلام لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة بزركى فرموده كه اصل مرابحه درين تجارت اينست كه غير حق را بدهى وحق را بستانى ودر نفحات از ابى عبد الله اليسرى قدس سره نقل ميكند كه پسر وى آمد وكفت سبوى روغن داشتم كه سرمايه من بود از خانه بيرون مى آوردم بيفتاد وبشكست وسرمايه من ضايع شد كفت اى فرزند سرمايه خود آن ساز كه سرمايه پدرتست والله كه پدر ترا هيچ نيست در دنيا وآخرت غير الله شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري قدس سره فرمود كه سود تمام آن بود كه پدرش هم نبودى اشارت بمرتبه فناست در باختن سود وسرمايه در بازار شوق لقا تا چند ببازار خودى پست شوى ... بشتاب كه از جام فنامست شوى

[سورة الصف (61) : آية 12]

از مايه سود دو جهان دست بشوى ... سود تو همان به كه تهى دست شوى ودخل في الآية جهاد اهل البدعة وهم ثنتان وسبعون فرقة ضالة آن كافر خرابى حصن اسلام خواهد اين مبتدع ويرانى حصار سنت جويد آن شيطان در تشويش ولايت دل كوشد اين هواى نفس زير وزبرئ دين تو خواهد حق تعالى ترا بر هر يكى ازين دشمنان سلاحى داده تا او را بدان قهر كنى قتال با كافران بشمشير سياست است وبا مبتدعان بتيغ زبان وحجت وبا شيطان بمداومت ذكر حق وتحقيق كلمه وبا هواى نفس به تير مجاهده وسنان رياضت اينست بهين اعمال بنده وكزيده طاعات رونده چنانچهـ رب العزة كفت ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون وقال بعض الكبار يا أيها الذين آمنوا بالايمان التقليدى هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله اى تحقيقا ويقينا استدلاليا وبعد صحة الاستدلال تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم لان بذل المال والنفس فى سبيل الله لا يكون الا بعد اليقين واعلم ان التوحيد اما لسانى واما عيانى اما التوحيد اللساني المقترن بالاعتقاد الصحيح فأهله قسمان قسم بقوا في التقليد الصرف ولم يصلوا الى حد التحقيق فهم عوام المؤمنين وقسم تشبثوا بذيل الحجج والبراهين النقلية والعقلية فهؤلاء وان خرجوا عن حد التقليد الصرف لكنهم لم يصلوا الى نور الكشف والعيان كما وصل اهل الشهود والعرفان واما التوحيد العيانى فعلى مراتب المرتبة الاولى توحيد الافعال والثانية توحيد الصفات والثالثة توحيد الذات فمن تجلى له الافعال توكل واعتصم ومن تجلى له الصفات رضى وسلّم ومن وصل الى تجلى الذات فنى في الذات بالمحو والعدم يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فى الدنيا وهو جواب الأمر المدلول عليه بلفظ الخبر ويجوز أن يكون جوابا لشرط او لاستفهام دل عليه الكلام تقديره أن تؤمنوا وتجاهدوا او هل تقبلون وتفعلون ما دللتكم عليه يغفر لكم وجعله جوابا لهل أدلكم بعيد لان مجرد الدلالة لا يوجب المغفرة وَيُدْخِلْكُمْ فى الآخرة جَنَّاتٍ اى كل واحد منكم جنة ولا بعد من لطفه تعالى أن يدخله جنات بأن يجعلها خاصة له داخلة تحت تصرفه والجنة في اللغة البستان الذي فيه أشجار متكاثفة مظلة تستر ما تحتها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت أشجارها بمعنى تحت أغصان أشجارها في أصولها على عروقها او من تحت قصورها وغرفها الْأَنْهارُ من اللبن والعسل والخمر والماء الصافي وَمَساكِنَ طَيِّبَةً اى ويدخلكم مساكن طيبة ومنازل نزهته كائنة فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ اى اقامة وخلود بحيث لا يخرج منها من دخلها بعارض من العوارض وهذا الظرف صفة مختصة بمساكن وهى جميع مسكن بمعنى المقام والسكون ثبوت الشيء بعد تحرك ويستعمل في الاستيطان يقال سكن فلان في مكان كذا استوطنه واسم المكان مسكن فمن الاول يقال سكنت ومن الثاني يقال سكنته قال الراغب اصل الطيب ما يستلذه الحواس وقوله ومساكن طيبة في جنات عدن اى طاهرة زكية مستلذة وقال بعضهم طيبتها سعتها ودوام أمرها وسئل رسول الله عليه وسلّم عن هذه المساكن الطيبة فقال قصر من لؤلؤ في الجنة في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون

بيتا من زمردة خضرآء في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة قال فيعطى الله المؤمن من القوة فى غداة واحدة ما يأتى على ذلك كله قال في الكبير أراد بالجنات البساتين التي يتناولها الناظر لانه تعالى قال بعده ومساكن طيبة في جنات عدن والمعطوف يجب أن يكون مغايرا للمعطوف علبه فتكون مساكنهم في جنات عدن ومناظرهم الجنات التي هى البساتين ويكون فائدة وصفها بأنها عدن انها تجرى مجرى الدار التي يسكنها الإنسان واما الجنات الأخر فهى جارية مجرى البساتين التي قد يذهب الإنسان إليها لاجل التنزه وملاقاة الأحباب وفي بعض التفاسير تسمية دار الثواب كلها بالجنات التي هى بمعنى البساتين لاشتمالها على جنات كثيرة مترتبة على مراتب بحسب استحقاقات العالمين من الناقصين والكاملين ولذلك أتى بجنات جمعا منكرا ثم اختلفوا في عدد الجنات المشتملة على جنات متعددة فالمروى عن ابن عباس رضى الله عنهما انها سبع جنة الفردوس وجنة عدن وجنة النعيم ودار الخلد وجنة المأوى ودار السلام وعليون وفي كل واحدة منها مراتب ودرجات متفاوتة على تفاوت الأعمال والعمال (وروى) عنه انها ثمان دار الجلال ودار القرار ودار السلام وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم وقال أبو الليث الجنان اربع كما قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ومن دونهما جنتان فذلك جنان اربع إحداهن جنة الخلد والثانية جنة الفردوس والثالثة جنة المأوى والرابعة جنة عدن وأبوابها ثمانية بالخبر وخازن الجنة يقال له رضوان وقد ألبسه الله الرأفة والرحمة كما ان خازن النار ويقال له مالك قد ألبسه الله الغضب والهيبة وميل الامام الغزالي رحمه الله الى كون الجنان أربعا فلعل الجنات في الآية باعتبار الافراد لا باعتبار الأسماء وما يستفاد من قلتها بحسب ان الجمع السالم من جموع القلة ليس بمراد فانها في الوجود الإنساني اربع جنان فالغالب في الجنة الاولى التنعم بمقتضى الطبيعة من الاكل والشرب والوقاع وفي الثانية التلذذ بمقتضى النفس كالتصرفات وفي الثالثة التلذذ بالاذواق الروحانية كالمعارف الالهية وفي الرابعة التلذذ بالمشاهدات وذلك أعلى اللذات لانها من الخالق وغيرها من المخلوق ان قلت لم لم تذكر أبواب الجنة فى القرآن وانها ثمانية كما ذكرت أبواب النار كما قال تعالى لها سبعة أبواب قلت ان الله سبحانه انما يذكر من أوصاف الجنة ما فيه تشويق إليها وترغيب فيها وتنبيه على عظم نعميها وليس فى كونها ثمانية او اكثر من ذلك او اقل زيادة في معنى نعيمها بل لو دخلوا من باب واحدا ومن ألف باب لكان ذلك سواء في حكم السرور بالدخول ولذلك لم يذكر اسم خازن الجنة إذ لا ترغيب في ان يخبر عن اهل الجنة انهم عند فلان من الملائكة او في كرامة فلان وقد قال وسقاهم ربهم شرابا طهورا ولا شك ان من حدثت عنه انه عند الملك يسقيه ابلغ في الكرامة من أن يقال هو عند خادم من خدام الملك او في كرامة ولى من أوليائه بخلاف ذكر أبواب النار وذكر مالك فان فيه زيادة ترهيب قال سهل قدس سره أطيب المساكن ما أزال عنهم جميع الأحزان وأقر أعينهم بمجاورته فهذا الجوار فوق سائر الجوار وقال بعضهم ومساكن طيبة برؤية الحق تعالى فان المساكن انما تطيب بملاقاة الأحباب ورؤية العاشق جمال المعشوق

[سورة الصف (61) : آية 13]

ووصول المحب الى صحبة المحبوب وكذا مساكن القلوب انما تطيب بتجلى الحق ولقاء جماله جعلنا الله وإياكم من اهل الوصول واللقاء والبقاء ذلِكَ اى ما ذكر من المغفرة وإدخال الجنات المذكورة بما ذكر من الأوصاف الجميلة الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه قال بعض المفسرين الفوز يكون بمعنى النجاة من المكروه وبمعنى الظفر بالبغية والاول يحصل بالمغفرة والثاني بإدخال الجنة والتنعيم فيها وعظمه باعتبار انه نجاة لا ألم بعده وظفر لا نقصان فيه شانا وزمانا ومكانا لانه في غاية الكمال على الدوام في مقام النعيم اعلم ان الآية الكريمة أفادت ان التجارة دنيوية واخروية فالدنيا موسم التجارة والعمر مدتها والأعضاء والقوى رأس المال والعبد هو المشترى من وجه والبائع من وجه فمن صرف رأس ماله الى المنافع الدنيوية التي تنقطع عند الموت فتجارته دنيوية كاسدة خاسرة وان كان بتحصيل علم دينى او كسب عمل صالح فضلا عن غيرهما فانما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ومن صرفه الى المقاصد الأخروية التي لا تنقطع ابدا فتجارته رائجة رابحة حرية بأن يقال فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ولعل المراد من التجارة هنا بذل المال والنفس فى سبيل الله وذكر الايمان لكونه أصلا في الأعمال ووسيلة في قبول الآمال وتوصيف التجارة بالانجاء لان النجاة يتوقف عليها الانتفاع فيكون قوله تعالى يغفر لكم بيان سبب الانجاء وقوله ويدخلكم بما يتعلق به بيان المنفعة الحاصلة من التجارة مع ان التجارة الدنيوية تكون سببا للنجاة من الفقر المنقطع والتجارة الأخروية تكون سببا للنجاة من الفقر الغير المنقطع قال عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ يعنى ان نعمتى الصحة والفراغ كرأس المال للمكلف فينبغى أن يعامل الله بالايمان به وبرسوله ويجاهد مع النفس لئلا يغبن ويربح في الدنيا والآخرة ويجتنب معاملة الشيطان لئلا يضيع رأس ماله مع الربح (قال الحافظ) كارى كنيم ور نه خجالت بر أورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم (وقال ايضا) كوهر معرفت اندوز كه يا خود ببرى ... كه نصيب دگرانست نصاب زر وسيم (وقال ايضا) دلا دلالت خيرت كنم براه نجات ... مكن بفسق مباهات وزهدهم مفروش (وقال المولى الجامى) از كسب معارف شده مشغوف ز خارف ... درهاى ثمين داده وخر مهره خريده (وقال) جان فداى دوست كن جامى كه هست ... كمترين كارى درين ره بذل روح وَأُخْرى اى ولكم الى هذه النعم العظيمة نعمة اخرى عاجلة فأخرى مبتدأ حذف خبره والجملة عطف على يغفر لكم على المعنى تُحِبُّونَها وترغبون فيها وفيه تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل وتوبيخ على محبته وهو صفة بعد صفة لذلك المحذوف نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ بدل او بيان لتلك النعمة الاخرى يعنى نصر من الله على عدوكم قريش

[سورة الصف (61) : آية 14]

وغيرهم وَفَتْحٌ قَرِيبٌ اى عاجل عطف على نصر (قال الكاشفى) مراد فتح مكه است يا فتح روم وفارس ابن عطا فرموده كه نصر توحيد است وفتح نظر بجمال ملك مجيد وقد بين انواع الفتوح في سورة الفتح فارجع اشارت الآية الى ان الايمان الاستدلالي اليقيني وبذل المال والنفس بمقتضاه في طريق الجهاد الأصغر وان كان تجارة رابحة الا ان أصحابها لم يتخلصوا بعد من الأعواض والأغراض فللسالك الى طريق الجهاد الأكبر تجارة أخرى فوق تلك التجارة اربح من الاولى هى نصر من الله بالتأييد الملكوتي والكشف النوري وفتح قريب الوصول الى مقام القلب ومطالعة تجليات الصفات وحصول مقام الرضى وانما سماه تجارة لان صفاتهم الظلمانية تبدل هناك بصفات الله النورانية وانما قال تحبونها لان المحبة الحقيقية لا تكون الا بعد الوصول الى مقام القلب ومن دخل مقام المحبة بالوصول الى هذا المقام فقد دخل في أول مقامات لخواص فالمعتبر من المنازل منزل المحبة واهله عبيد خلص لا يتوقعون الاجرة بعملهم بخلاف من تنزل عن منزلة المحبة فانهم إجراء يعملون للاجرة قال بعض العارفين من عبد الله رجاء للثواب وخوفا من العقاب فمعبوده فى الحقيقة هو الثواب والعقاب والحق واسطة فالعبادة لاجل تنعم النفس في الجنة والخلاص من النار معلول ولهذا قال المولى جلال الدين الرومي قدس سره هشت جنت هفت دوزخ پيش من ... هست پيدا همچوبت پيش شمن (وقال بعضهم) طاعت از بهر جزا شرك خفيست ... يا خداجو باش ويا عقبى طلب واعلم ان من جاهد فانما يجاهد لنفسه لانه يتخلص من الحجاب فيصل الى الملك الوهاب وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عطف على محذوف مثل قل يا أيها الذين آمنوا وبشرهم يا أكمل الرسل بأنواع البشارة الدنيوية والاخروية فلهم من الله فضل واحسان في الدارين وكان فى هذا دلالة على صدق النبي لانه اخبر عما يحصل ويقع في المستقبل من الأيام على ما أخبره وفي التأويلات النجمية يشير الى تواتر النعم وتواليها وفتح مكة القلب بعد النصر بخراب بلدة النفس وبشر المؤمنين المحبين الطالبين بالنصر على النفس فتح مكة القلب انتهى وفيه اشارة الى ان بلدة النفس انما تخرب بعد التأييد الملكوتي وامداد جنود الروح بان تغلب القوى الروحانية على القوى النفسانية كما يغلب اهل الإسلام على اهل الحرب فيخلصون القلعة من أيدي الكفار ويزيلون آثار الكفر والشرك بجعل الكنائس مساجد وبيوت الأصنام معابد ومساكن الكفار مقار المؤمنين المخلصين والله المعين على الفتح المطلق كل حين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ اى أنصار دينه جمع نصير كشريف واشراف كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ سيأتى بيانهم مَنْ كيستند أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قال بعض المفسرين من يحتمل ان يكون استفهاما حقيقة ليعلم وجود الأنصار ويتسلى به ويحتمل العرض والحث على النصرة وفيه دلالة على ان غير الله تعالى لا يخلو عن الاحتياج والاستنصار وانه في وقته جائز حسن إذا كان لله في الله والمعنى

من جندى متوجها الى نصرة الله كما يقتضيه قوله تعالى قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فان قوله عيسى لا يطابق جواب الحواريين بحسب الظاهر فان ظاهر قول عيسى يدل على انه يسأل من ينصره فكيف يطابقه جواب الحواريين بانهم ينصرون الله وايضا لا وجه لبقاء قول عيسى على ظاهره لان النصرة لا تتعدى بالى فحمل الأنصار على الجند لانهم ينصرون ملكهم ويعينونه في مراده ومراده عليه السلام نصرة دين الله فسأل من يتبعه ويعينه في ذلك المراد ويشاركه فيه فقوله متوجها حال من ياء المتكلم في جندى والى متعلق به لا بالنصرة والاضافة الاولى اضافة أحد المتشاركين الى الآخر لما بينهما من الاختصاص يعنى الملابسة المضححة للاضافة المجازية لظهور ان الاختصاص الذي تقتضيه الاضافة حقيقة غير متحقق في اضافة انصارى والاضافة الثانية اضافة الفاعل الى المفعول والتشبيه باعتبار المعنى اى كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصاره حين قال لهم عيسى من انصارى الى الله او قل لهم كونوا كما قال عيسى للحواريين والحواريون اصفياؤه وخلصانه من الحور وهو البياض الخالص وهم أول من آمن به وكانوا اثنى عشر رجلا قال مقاتل قال الله لعيسى إذا دخلت القرية فائت النهر الذي عليه القصارون فاسألهم النصرة فأتاهم عيسى وقال من انصارى الى الله فقالوا نحن ننصرك فصدقوه ونصروه (وقال الكاشفى ) وفي الواقع نصرت كردند دين عيسى را بعد از رفع وى وخلق را بخدا دعوت نمودند فالحواريون كانوا قصارين وقيل كانوا صيادين قال بعض العلماء انما سموا حواريين لصفاء عقائدهم عن التردد والتلوين او لانهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم المشار اليه بقوله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وانما قيل كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه وانما قيل كانوا صيادين لاصطيادهم تفوس الناس وقودهم الى الحق وقوله عليه السلام الزبير ابن عمتى وحواريى وقوله يوم الأحزاب من يأتينى بخبر القوم فقال الزبير انا فقال عليه السلام ان لكل نبى حواريا وحواريى الزبير فشبه بهم في النصرة وقال بعض المفسرين دل الحديث على ان الحواريين ليسوا بمختصين بعيسى إذ هو في معنى الاصحاب الأصفياء وقال معمر رضى الله عنه كان بحمد الله لنبينا عليه السلام حواريون نصروه حسب طاقتهم وهم سبعون رجلا وهم الذين بايعوه ليلة العقبة وقال السهيلي كونوا أنصار الله فكانوا أنصارا وكانوا حواريين والأنصار الأوس والخزرج ولم يكن هذا الاسم قبل الإسلام حتى سماهم الله به وكان له عليه السلام حواريون ايضا من قريش مثل الخلفاء الاربعة والزبير وعثمان بن مظعون وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن ابى طالب ونحوهم فَآمَنَتْ طائِفَةٌ اى جماعة وهى اقل من الفرقة لقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى آمنوا بعيسى وأطاعوه فيما أمرهم به من نصرة الذين وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ اخرى به وقاتلوه فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا اى قوينا مؤمنى قومه بالحجة او بالسيف وذلك بعد رفع عيسى عَلى عَدُوِّهِمْ اى على الذين كفروا وهو الظاهر فايراد العدو اعلام منه ان الكافرون عدو للمؤمنين

تفسير سورة الجمعة

عداوة دينية وقيل لما رفع عيسى عليه السلام تفرق القوم ثلاث فرق فرقة قالوا كان الله فارتفع وفرقة قالوا كان ابن الله فرفعه الله اليه وفرقة قالوا كان عبد الله ورسوله فرفعه الله وهم المؤمنون واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس فاقتتلوا وظهرت الفرقتان الكافرتان على الفرقة المؤمنة حتى بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة فذلك قوله تعالى فايدنا الذين آمنوا على عدوهم فَأَصْبَحُوا صاروا ظاهِرِينَ غالبين عالين يقال ظهرت على الحائط علوته وقال قتادة فأصبحوا ظاهرين بالحجة والبرهان كما سبق لأنهم قالوا فيما روى ألستم تعلمون ان عيسى عليه السلام كان ينام والله تعالى لا ينام وانه يأكل ويشرب والله منزه عن ذلك وفي الآية اشارة الى غلبة القوى الروحانية على القوى النفسانية لان القوى الروحانية مؤمنون متنورون بنور الله متقون عما سوى الله تعالى والقوى النفسانية كافرون مظلمون بظلمة الأكوان متلوثون بالعلاقات المختلفة ولا شك ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فبنور الإسلام والايمان والتقوى والهدى يزيل ظلمة الشرك والكفر والتعلق والهوى مع ان اهل الايمان وان كانوا اقل من اهل الكفر في الظاهر لكنهم اكثر منهم في الباطن فهم السواد الأعظم والمظاهر الجمالية واعلم ان الجهاد دائم باق ماض الى يوم القيامة أنفسا وآفاقا لان الدنيا مشتملة على اهل الجمال والجلال وكذا الوجود الإنساني ما دام في هذا الموطن فاذا صار الى الموطن الآخر فاما اهل جمال فقط وهو في الجنة واما اهل جلال فقط وهو في النار والله يحفظنا وإياكم تمت سورة الصف بعون الله تعالى في اواسط ذى الحجة من شهور سنة خمس عشرة ومائة والف تفسير سورة الجمعة احدى عشرة آية مدنية بسم الله الرحمن الرحيم يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جميعا من حى وجامد تسبيحات مستمرة فما في السموات هى البدائع العلوية وما في الأرض هى الكوائن السفلية فللكل نسبة الى الله تعالى بالحياة والتسبيح الْمَلِكِ پادشاهى كه ملك او دائمست وبي زوال الْقُدُّوسِ پاك از سمت عيب وصفت اختلال الْعَزِيزِ الغالب على كل ما أراد الْحَكِيمِ صاحب الحكمة البديعة البالغة وقد سبق معانى هذه الأسماء في سورة الحشر والجمهور على جر الملك وما بعده على انها صفات لاسم الله عز وجل يقول الفقير بدأ الله تعالى هذه السورة بالتسبيح لما فيها من ذكر البعثة إذا خلاء العالم من المرشد معاف للحكمة ويجب تنزيه الله عنه ولما اشتملت عليه من بيان ادعاء اليهود كونهم أبناء الله وأحباءه ولما ختمت به من ذكر ترك الذكر واستماع الخطبة المشتملة على الدعاء والحمد والتسبيح ونحو ذلك وفي التأويلات النجمية يعنى ينزه ذاته المقدسة

[سورة الجمعة (62) : آية 2]

ما في سموات المفهوم من مفهومات العامة ومفهومات الخاصة ومفهومات أخص الخاصة وما في ارض المعلوم من معلومات العامة ومعلومات الخاصة ومعلومات أخص الخاصة وانما أضفنا السموات الى المفهوم وأضفنا الأرض الى المعلوم لفوقية رتبة الفهم على رتبة العلم وذلك قوله ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلماء ويدل على ذلك إصابة سليمان حقيقة المسألة المخصوصة بحسب نور الفهم لا بحسب قوة العلم وهو العزيز الذي يعز من يشاء بخلعة نور الفهم الحكيم الذي يشرف من يشاء بحكمته بلبسه ضياء العلم هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ جمع أمي منسوب الى امة العرب وهم قسمان فعرب الحجاز من عدنان وترجع الى إسماعيل عليه السلام وعرب اليمن ترجع الى قحطان وكل منهم قبائل كثيرة والمشهور عند اهل التفسير ان الأمي من لا يكتب ولا يقرأ من كتاب وعند اهل الفقه من لا يعلم شيأ من القرآن كأنه بقي على ما تعلمه من امه من الكلام الذي بتعلمه الإنسان بالضرورة عند المعاشرة والنبي الأمي منسوب الى الامة الذين لم يكتبوا لكونه على عادتهم كقولك عامى لكونه على عادة العامة وقيل سمى بذلك لانه لم يكتب ولم يقرأ من كتاب وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه واعتماده على ضمان الله له عنه بقوله سنقرئك فلا تنسى وقيل سمى بذلك لنسبته الى أم القرى وفي كشف الاسرار سمى العرب أميين لانهم كانوا على نعت أمهاتهم مذ كانت بلا خط ولا كتاب نسبوا الى ما ولدوا عليه من أمهاتهم لان الخط والقراءة والتعليم دون ما جبل الخلق عليه ومن يحسن الكتابة من العرب فانه ايضا أمي لانه لم يكن لهم في الأصل خط ولا كتابة قيل بدئت الكتابة بالطائف تعلمها ثقيف واهل الطائف من اهل الحيرة بكسر الحاء وسكون المثناة من تحت بلد قرب الكوفة واهل الحيرة أخذوها من اهل الأنبار وهى مدينة قديمة على الفرات بينها وبين بغداد عشرة فراسخ ولم يكن في أصحاب رسول الله عليه السلام كاتب الا حنظلة الذي يقال له غسيل الملائكة ويسمى حنظلة الكاتب ثم ظهر الخط في الصحابة بعد في معاوية بن سفيان وزيد بن ثابت وكانا يكتبان لرسول الله عليه السلام وكان له كتاب ايضا غيرهما واختلفوا في رسول الله عليه السلام انه هل تعلم الكتابة بآخرة من عمره اولا لعلمائنا فيه وجهان وليس فيه حديث صحيح ولما كان الخط صنعة ذهنية وقوة طبيعية صدرت بالآلة الجسمانية لم يحتج اليه من كان القلم الأعلى يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره وعدم كتابته مع علمه بها معجزة باهرة له عليه السلام إذ كان يعلم الكتاب علم الخط واهل الحرف حرفتهم وكان اعلم بكل كمال اخروى او دنيوى من اهله ومعنى الآية هو الذي بعث في الأميين اى في العرب لان أكثرهم لا يكتبون ولا يقرأون من بين الأمم فغلب الأكثر وانما قلنا أكثرهم لانه كان فيهم من يكتب ويقرأ وان كانوا على قلة رَسُولًا كائنا مِنْهُمْ اى من جملتهم ونسبهم عربيا اميا مثلهم تا رسالت او از تهمت دور باشد فوجه الامتنان مشاكلة حاله لاحوالهم ونفى التعلم من الكتب فهم يعلمون نسبه وأحواله ودر كتاب شعيا عليه السلام مذكور است كه انى ابعث اميا في الأميين واختم به النبيين (قال الكاشفى) ودر أميت

آن حضرت عليه السلام نكتهاست اينجا بسه بيت اختصار ميرود فيض أم الكتاب پروردش ... لقب أمي از ان خدا كردش لوح تعليم نا كرفته ببر ... همه ز اسرار لوح داده خبر بر خط اوست انس وجانراسر ... كه نخواندست خط از ان چهـ خطر والبعث في الأميين لا ينافى عموم دعوته عليه السلام فالتخصيص بالذكر لا مفهوم له ولو سلم فلا يعارض المنطوق مثل قوله تعالى وما أرسلناك الا كافة للناس على انه فرق بين البعث فى الأميين والبعث الى الأميين فبطل احتجاج اهل الكتاب بهذه الآية على انه عليه السلام كان رسول الله الى العرب خاصة ورد الله بذلك ما قال اليهود للعرب طعنا فيه نحن اهل الكتاب وأنتم أميون لا كتاب لكم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ اى القرآن مع كونه اميا مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم والفرق بين التلاوة والقراءة ان التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالدراسة والأوراد المتلفظة والقراءة أعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها وَيُزَكِّيهِمْ صفة اخرى لرسولا معطوفة على يتلو أي يحملهم على ما يصيرون به أزكياء من خبائث العقائد والأعمال وفيه اشارة الى قاعدة التسليك فان المزكى في الحقيقة وان كان هو الله تعالى كما قال بل الله يزكى من يشاء الا ان الإنسان الكامل مظهر الصفات الالهية جميعا ويؤيد هذا المعنى اطلاق نحو قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ قال في الإرشاد صفة اخرى لرسولا مترتبة في الوجود على التلاوة وانما وسط بينهما التزكية التي هى عبارة عن تكميل النفس بحسب قوتها العملية وتهذيبها المتفرع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصلة بالعلم المترتب على التلاوة للايذان بأن كلا من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر فلوروعى ترتيب الوجود لتبادر الى الفهم كون الكل نعمة واحدة وهو السر في التعبير عن القرآن تارة بالآيات وأخرى بالكتاب والحكمة رمزا الى انه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة انتهى وقال بعضهم ويعلمهم القرآن والشريعة وهى ما شرع الله لعباده من الاحكام او لفظه ومعناه او القرآن والسنة كما قاله الحسن او الكتاب الخط كما قاله ابن عباس او الخير والشر كما قاله ابن اسحق والحكمة الفقه كما قاله مالك او العظة كما قاله الأعمش او كتاب احكام الشريعة واسرار آداب الطريقة وحاصل معانيه الحكمية والحكمية ولكن تعليم حقائق القرآن وحكمه مختص بأولى الفهم وهم خواص الاصحاب رضى الله عنهم وخواص التابعين من بعدهم الى قيام الساعة لكن معلم الصحابة عموما وخصوصا هو النبي عليه السلام بلا واسطة ومعلم التابعين قرنا بعد قرن هو عليه السلام ايضا لكن بواسطة ورثة أمته وكمل اهل دينه وملته ولو لم يكن سوى هذا التعليم معجزة لكفاه قال البوصرى في القصيدة البردية كفاك بالعلم في الأمي معجزة ... فى الجاهلية والتأديب في اليتم اى كفاك العلم الكائن في الأمي في وقت الجاهلية وكفاك ايضا تنبيهه على الآداب لعلمه

[سورة الجمعة (62) : آية 3]

بها في وقت اليتم معجزة وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ان ليست شرطية ولا نافية بل هى المخففة واللام هر الفارقة بينها وبين النافية والمعنى وان الشأن كان الأميون من قبل بعثته ومجيئه لفى ضلال مبين من الشرك وخبث الجاهلية لا ترى ضلالا أعظم منه وهو بيان لشدة افتقارهم الى من يرشدهم وازاحة لما عسى يتوهم من تعلمه عليه السلام من الغير فان المبعوث فيهم إذا كانوا في ضلال قبل البعثة زال توهم انه تعلم ذلك من أحد منهم قال سعدى المفتى والظاهر ان نسبة الكون في الضلال الى الجميع من باب التغليب والا فقد كان فيهم مهتدون مثل ورقة بن نوفل وزيد بن نفيل وقس بن ساعدة وغيرهم ممن قال رسول الله عليه السلام في كل منهم يبعث امة وحده يقول الفقير هو اعتراض على معنى الازاحة المذكورة لكنه ليس بشيء فان اهتداء من ذكره من نحو ورقة انما كان في باب التوحيد فقط فقد كانوا في ضلال من الشرائع والاحكام ألا ترى الى قوله تعالى ووجدك ضالا فهدى مع انه عليه السلام لم يصدر منه قبل البعثة شرك ولا غيره من شرب الحمر والزاني واللغو واللهو فكونهم مهتدين من وجه لا ينافى كونهم ضالين من وجه آخر دل على هذا المعنى قوله تعالى يتلو عليهم إلخ فان بالتلاوة وتعليم الاحكام والشرائع حصل تزكية النفس والنجاة من الضلال مطلقا فاعرفه وَآخَرِينَ مِنْهُمْ جمع آخر بمعنى غير وهو عطف على الأميين اى بعثه في الأميين الذين على عهده وفي آخرين من الأميين او على المنصوب في يعلمهم اى يعلمهم ويعلم آخرين منهم وهم الذين جاؤا من العرب فمنهم متعلق بالصفة لآخرين اى وآخرين كائنين منهم مثلهم في العربية والامية وان كان المراد العجم فمنهم يكون متعلقا بآخرين (قال الكاشفى) أصح اقوال آنست كه هر كه بإسلام در آمده ودر مى آيد بعد از وفات آن حضرت عليه السلام همه درين آخرين داخلند فيكون شاملا لكل من اسلم وعمل صالحا الى يوم القيامة من عربى وعجمى وفي الحديث (ان في أصلاب رجال من أمتي رجالا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب) ثم تلا الآية لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ صفة لآخرين اى لم يلحقوا بالاميين بعد ولم يكونوا في زمانهم وسيلحقون بهم ويكونون بعدهم عربا وعجما وذلك لما ان منفى لما لا بد أن يكون مستمر النفي الى الحال وأن يكون متوقع الثبوت بخلاف منفى لم فانه يحتمل الاتصال نحو ولم أكن بدعائك رب شقيا والانقطاع مثل لم يكن شيأ مذكورا ولهذا جاز لم يكن ثم كان ولم يجز لما يكن ثم كان بل يقال لما يكن وقد يكون (روى) سهل بن سعد الساعدي رضى الله عنه ان النبي عليه السلام قال رأيتنى أسقى غنما سودا ثم اتبعتها غنما عفرا أولها يا أبا بكر فقال يا نبى الله اما السود فالعرب واما العفر فالعجم تنبعك بعد العرب فقال عليه السلام كذلك أولها الملك يعنى جبرائيل عليه السلام يقال شاة عفراء يعلو بياضها حمرة ويجمع على عفر مثل سوداء وسود وقيل لما يلحقوا بهم في الفضل والمسابقة لان التابعين لا يدركون شيأ مع الصاحبة وكذلك العجم مع العرب ومن شرائط الدين معرفة فضل العرب على العجم وحبهم ورعاية حقوقهم وفي الآية دليل على ان رسول الله

[سورة الجمعة (62) : الآيات 4 إلى 5]

صلى الله عليه وسلّم رسول نفسه وبلاغه حجة لاهل زمانه ومن بلغ لقوله تعالى ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده وَهُوَ الْعَزِيزُ المبالغ في العزة والغلبة ولذلك مكن رجلا اميا من ذلك الأمر العظيم الْحَكِيمُ المبالغ في الحكمة ورعاية المصلحة ولذلك اصطفاه من بين كافة البشر ذلِكَ الذي امتاز به من بين سائر الافراد وهو أن يكون نبى أبناء عصره ونبى أبناء العصور الغوابر فَضْلُ اللَّهِ وإحسانه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ تفضلا وعطية لا تأثير للاسباب فيه فكان الكرم منه صر فالا تمازجه العلل ولا تكسبه الحيل وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الذي يستحقر دونه نعم الدنيا ونعيم الآخرة وفي كشف الاسرار والله ذو الفضل العظيم على محمد وذو الفضل العظيم على الخلق بإرسال محمد إليهم وتوفيقهم لمبايعته انتهى يقول الفقير وايضا والله ذو الفضل العظيم على اهل الاستعداد من امة محمد بإرسال ورثة محمد في كل عصر إليهم وتوفيقهم للعمل بموجب إشاراتهم ولولا اهل الإرشاد والدلالة لبقى الناس كالعميان لا يدرون اين يذهبون وانما كان هذا الفضل عظيما لان غايته الوصول الى الله العظيم وقال بعض الكبار والله ذو الفضل العظيم إذ جميع الفضائل الاسمائية تحت الاسم الأعظم وهو جامع احدية جميع الأسماء وقيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذهب اهل الدثور بالاجور فقال قولوا سبحان الله والحمد لله ولا له الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم فقالوها وقالها الأغنياء فقيل انهم شاركونا فقال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وفي بعض الروايات إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير في فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها (قال الشيخ سعدى قدس سره) نقنطار زر بخش كردن ز كنج ... نباشد چوقيراطى از دست رنج مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ اى علموها وكلفوا العمل بها وهم اليهود ومثلهم صفتهم العجيبة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها اى لم يعملوا بما في تضاعيفها من الآيات التي من جملتها الآيات الناطقة بنبوة رسول الله عليه السلام واقتنعوا بمجرد قراءتها كَمَثَلِ الْحِمارِ الكاف فيه زائدة كما في الكواشي والحمار حيوان معروف يعبر به عن الجاهل كقولهم هو اكفر من الحمير اى أجهل لان الكفر من الجهالة فالتشبيه به الزيادة التحقير والاهانة والنهاية التهكم والتوبيخ بالبلادة إذا الحمار يذكر بها والبقر وان كان مشهورا بالبلادة الا انه لا يلائم الحمل تعلم يا فتى فالجهل عار ... ولا يرضى به إلا حمار يَحْمِلُ أَسْفاراً اى كتبا من العلم يتعب بحملها ولا ينتفع بها ويحمل اما حال والعامل فيها معنى المثل او صفة للحمار إذ ليس المراد معينا فان المعرف بلام العهد الذهني في حكم النكرة كما فى قول من قال ولقد امر على اللئيم يسبنى والاسفار جمع سفر بكسر السين وهو الكتاب كشبر وأشبار قال الراغب السفر الكتاب الذي يسفر عن الحقائق اى يكشف وخص لفظ الاسفار في الآية تنبيها على ان التوراة وان كانت تكشف عن معانيها إذا قرئت وتحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها وفي القاموس السفر الكتاب الكبير او جزء

من اجزاء التوراة وفي هذا تنبيه من الله على انه ينبغى لمن حمل الكتاب أن يتعلم معانيه ويعلم ما فيه ويعمل به لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء (قال الشيخ سعدى) مراد از نزول قرآن تحصيل سيرت خوبست نه ترتيل سوره مكتوب علم چندانكه بيشتر خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى نه محقق بود نه دانشمند ... چار پايى برو كتابى چند آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه برو هيزمست با دفتر (وقال الكاشفى) كفت ايزد يحمل أسفاره ... بار باشد علم كان نبود زهو علمهاى اهل دل حمالشان ... علمهاى اهل تن احمالشان علم چون بر دل زند يارى بود ... علم چون كل زند بارى بود چون بدل خوانى ز حق كيرى سبق ... چون بكل خوانى سيه سازى ورق وفي التأويلات النجمية يعنى مثل يهود النفس في حمل توراة العلم والمعرفة بصحة رسالة القلب وعدم اتباع رسومه وأحكامه كمثل حمار البدن في حمله أثقال الامتعة النفسية والا قمشة الشريفة والملابس الفاخرة والطيالس الناعمة فكما ان حمار البدن لا يعرفها ولا يعرف شرفها ولا كرامتها كذلك يهود النفس لا تعرف رفعة رسول القلب ولا رتبته ونعم ما يحكى عن بعض الظرفاء انه حضر دعوة لطعام فلم يلتفتوا اليه وأجلسوه في مكان نازل ثم انه خرج واستعار ألبسة نفيسة وعاد الى المجلس فلما رأوه على زى الأكابر عظموه وأجلسوه فوق الكل فلما حضر الطعام قال ذلك الظريف خطابا لكمه كل والكم لا يدرى ما الطعام وما اللذة لكن نظر اهل الصورة مقصور على الظاهر لا يرون الفضل الا بالزخارف والزين فما أبعد هؤلاء عن ادراك المعاني والحقائق بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ اى بئس مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله على أن التمييز محذوف والفاعل المفسر له مستتر والمذكور هو المخصوص بالذم وهم اليهود الذين كفروا بما في التوراة من الآيات الشاهدة بصحة نبوة محمد عليه السلام وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الواضعين للتكذيب في موضع التصديق او الظالمين لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد باختيار الضلالة على الهداية والشقاوة على السعادة والعداوة على العناية كاليهود ونظائرهم وفيه تقبيح لهم بتشبيه حالهم بحال الحمار والمشبه بالقبيح قبيح وقد قال تعالى ان أنكر الأصوات لصوت الحمير فصوت الجاهل والمدعى منكر كصوت الحمار وأضل وانزل فهو ضار محض وفي الحمار نفع لانه يحمل الأثقال ويركبه النساء والرجال وقد قال في حياة الحيوان ان اتخذ خاتم من حافر الحمار الأهلي ولبسه المصروع لم يصرع ثم ان في الحمار شهوة زائدة على شهوات سائر الحيوانات وهى من الصفات الطبيعية البهيمية فمن أبدلها بالعفة نجا وسلّم من التشبيه المذكور وكم ترى من العلماء الغير العاملين ان أعينهم تدور على نظر الحرام ومع ما لهم من النكاح يتجاوزون الى الزنى لعدم إصلاح قوتهم الشهوية بالشريعة فان الشريعة أقوالهم

[سورة الجمعة (62) : الآيات 6 إلى 11]

لا أعمالهم وأحوالهم نسأل الله العصمة مما يوجب المقت والنقمة انه ذو المنة والفضل والنعمة قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا من هاد يهود إذا تهود أي تهودوا والتهود جهود شدن ودين جهود داشتن وبالفارسية ايشان كه جهود شديد واز راه راست بكشتيد فان المهاداة الممايلة ولذا قال بعض المفسرين اى مالوا عن الإسلام والحق الى اليهودية وهى من الأديان الباطلة كما سبق قال الراغب الهود الرجوع برفق وصار في التعارف التوبة قال بعضهم يهود فى الأصل من قولهم انا هدنا إليك اى تبنا وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم وان لم يكن فيه معنى المدح كما ان النصارى في الأصل من قولهم نحن أنصار الله ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم ثم ان الله تعالى خاطب الكفار في اكثر المواضع بالواسطة ومنها هذه الآية لانهم ادخلوا الواسطة بينهم وبين الله تعالى وهى الأصنام واما المؤمنون فان الله تعالى خاطبهم في اغلب المواضع بلا واسطة مثل يا ايها الذين آمنوا لانهم اسقطوا الوسائط فأسقط الله بينه وبينهم الواسطات إِنْ زَعَمْتُمْ الزعم هو القول بلا دليل والقول بأن الشيء على صفة كذا قولا عير مستند الى وثوق نحو زعمتك كريما وفي القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى فبطل ما قال بعضهم من ان الزعم بالضم بمعنى اعتقاد الباطل وبالفتح بمعنى قول الباطل قال الراغب الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذم القائلون به وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعتقاد في قولهم انه مظنة للكذب أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ جمع ولى بمعنى الحبيب مِنْ دُونِ النَّاسِ صفة اولياء اى من دون الأميين وغيرهم ممن ليس من بنى إسرائيل وقال بعضهم من دون المؤمنين من العرب والعجم يريد بذلك ما كانوا يقولون نحن أبناء الله واحباؤه ويدعون ان الدار الآخرة لهم عند الله خالصة وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا فأمر رسول الله عليه السلام بأن يقول لهم إظهارا لكذبهم ان زعمتم ذلك فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ اى فتمنوا من الله أن يميتكم من دار البلية الى دار الكرامة وقولوا اللهم أمتنا والتمني تقدير شيء في النفس وتصويره فيها وبالفارسية آرزو خواستن قال بعضهم الفرق بين التمني والاشتهاء ان التمني أعم من الاشتهاء لانه يكون في الممتنعات دون الاشتهاء إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه اى ان كنتم صادقين في زعمكم واثقين بأنه حق فتمنوا الموت فان من أيقن انه من اهل الجنة أحب أن يتخلص إليها من هذه الدار التي هى قرارة اكدار ولا يصل إليها أحد الا بالموت قال البقلى جرب الله المدعين في محبته بالموت وافرز الصادقين من بينهم لما غلب عليهم من شوق الله وحب الموت فتبين صدق الصادقين هاهنا من كذب الكاذبين إذ الصادق يختار اللحوق اليه والكاذب يفر منه قال عليه السلام من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن أبغض لقاء الله ابغض الله لقاءه قال الجنيد قدس سره المحب يكون مشتاقا الى مولاه ووفاته أحب اليه من البقاء إذ علم ان فيه الرجوع الى مولاه فهو يتمنى الموت ابدا وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً اخبار بما سيكون منهم وابدا ظرف بمعنى الزمان المتطاول

[سورة الجمعة (62) : آية 8]

لا بمعنى مطلق الزمان والمراد به ما داموا في الدنيا وفي البقرة ولن يتمنوه لان دعواهم في هذه السورة بالغة قاطعة وهى كون الجنة لهم بصفة الخلوص فبالغ في الرد عليهم بلن وهو ابلغ ألفاظ النفي ودعواهم في الجمعة قاصرة مترددة وهى زعمهم انهم اولياء الله فاقتصر على لاكما فى برهان القرآن بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ الباء متعلقة بما يدل عليه النفي اى يأبون التمني بسبب ما عملوا من الكفر والمعاصي الموجبة لدخول النار نحو تحريف احكام التوراة وتغيير النعت النبوي وهم يعرفون انهم بعد الموت يعذبون بمثل هذه المعاصي ولما كانت اليد بين جوارح الإنسان مناط عامة أفاعيله عبر بها تارة عن النفس وأخرى عن القدرة يعنى ان الأيدي هنا بمعنى الذوات استعملت فيها لزيادة احتياجها إليها فكأنها هى وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم في كل أمورهم اى عليم بهم وبما صدر عنهم من فنون الظلم والمعاصي المفضية الى أفانين العذاب وبما سيكون منهم من الاحتراز عما يؤدى الى ذلك فوقع الأمر كما ذكر فلم يتمن منهم أحد موته وفي الحديث (لا يتمنين أحدكم الموت اما محسنا فان يعش يزدد خيرا فهو خير له واما مسيئا فلعله ان يستعتب) اى يسترضى ربه بالتوبة والطاعة وما روى عن بعض ارباب المحبة من التمني فلغاية محبتهم وعدم صبرهم على الاحتراق بالافتراق ولا كلام في المشتاق المغلوب المجذوب كما قال بعضهم غافلان از مرك مهلت خواستند ... عاشقان گفتند نى نى زود بان فللتمنى اوقات واحوال يجوز باعتبار ولا يجوز بآخر اما الحال فكما في الاشتياق الغالب واما الوقت فكما أشار اليه قوله عليه السلام اللهم انى اسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين فاذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون (روى) انه عليه السلام قال في حق اليهود لو تمنوا الموت لغص كل انسان بريقه فمات مكانه وما بقي على وجه الأرض يهودى ثم ان الموت هو الفناء عن الإرادات النفسانية والأوصاف الطبيعية كما قال عليه السلام موتوا قبل أن تموتوا فمن له صدق ارادة وطلب يحب ان يموت عن نفسه ولا يبالى سقط على الموت أم سقط الموت عليه وان كان ذلك مرا في الظاهر لكنه حلو في الحقيقة وفيه حياة حقيقية وشفاء للمرض القلبي چهـ خوش گفت يك روز دارو فروش ... شفا بايدت داروى تلخ نوش واما من ليس له صدق ارادة وطلب فانه يهرب من المجاهدة مع النفس ويشفق ان يذبح بقرة الطبيعة فهو عند الموت الطبيعي يقاسى من المرارات مالا تفى ببيانه العبارات والله الحفيظ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ ولا تجسرون على أن تتمنوه مخافة أن تؤخذوا بوبال كفركم فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه يعنى بگيرد شما را وشربت آن بچشيد وفرار سودى ندارد والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف اى باعتبار كون الموصوف بالموصوف فى حكم الموصول اى ان فررتم من الموت فانه ملاقيكم كأن الفرار سبب لملاقاته وسرعة لحوقه إذ لا يجد الفار بركة في عمره بل يفر الى جانب الموت فيلاقيه الموت ويستقبله وقد قيل إذا أدبر الأمر كان العطب في الحيلة ثُمَّ اى بعد الموت الاضطراري الطبيعي تُرَدُّونَ

الرد صرف الشيء بذاته او بحالة من أحواله يقال رددته فارتد والآية من الرد بالذات مثل قوله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ومن الرد الى حالة كان عليها قوله تعالى يردوكم على أدباركم إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الذي لا تخفى عليه أحوالكم اى ترجعون الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه وانما وصف ذاته بكونه عالم الغيب والشهادة باعتبار أحوالهم الباطنة وأعمالهم الظاهرة وقد سبق تمام تفسيره في سورة الحشر فَيُنَبِّئُكُمْ پس خبر دهد شما را بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الكفر والمعاصي والفواحش الظاهرة والباطنة بأن يجازيكم بها وفي التأويلات النجمية يشير الى الموت الإرادي الذي هو ترك الشهوات ودفع المستلذات الذي تجتنبون منه لضعف همتكم الروحانية ووهن نهمتكم الربانية فانه ملاقيكم لا يفارقكم ولكن لا تشعرون به لانهماككم في بحر الشهوات الحيوانية واستهلاككم في تبار مشتهياتكم الظلمانية فانكم فى لبس من خلق جديد ولا تزالون في الحشر والنشر كما قال وجاءهم الموج من كل مكان اى موج الموت في كل لذة شهية ونعمة نعيمه ثم تردون الى عالم الغيب غيب النيات وغيب الطويات القلبية السّرية والشهادة شهادة الطاعات والعبادات فينبئكم اى فيجازيكم بما كنتم تعملون بالنية الصالحة القلبية او بالنية الفاسدة النفسية انتهى وفيه اشارة الى انه كما لا ينفع الفرار من الموت الطبيعي كذلك لا ينفع الفرار من الموت الإرادي لكن ينبغى للعاقل أن يتنبه لفنائه في كل آن ويختار النفاء حبا للبقاء مع الله الملك المنان اعلم ان الفرار الطبيعي من الموت بمعنى استكراه الطبع وتنفره منه معذور صاحبه لان الخلاص منه عسير جدا الا للمشتاقين الى لقاء الله تعالى (حكى) انه كان ملك من الملوك أراد أن يسير في الأرض فدعا بثياب ليلبسها فلم تعجبه فطلب غيرها حتى لبس ما أعجبه بعد مرات وكذا طلب دابة فلم تعجبه حتى أتى بدواب فركب أحسنها فجاء إبليس فنفخ في منخره فملأه كبرا ثم سار وسارت معه الخيول وهو لا ينظر الى الناس كبرا فجائه رجل رث الهيئة فسلم فلم يرد عليه السلام فأخذ بلجام دابته فقال أرسل اللجام فقد تعاطيت امرا عظيما قال ان لى إليك حاجة قال اصبر حتى انزل قال لا الا الآن فقهره على لجام دابته قال اذكرها قال هو سر فدنا اليه فساره وقال انا ملك الموت فتغيرلون الملك واضطرب لسانه ثم قال دعنى حتى ارجع الى أهلي وأقضي حاجتى فأودعهم قال لا والله لا ترى أهلك ومالك ابدا فقبض روحه فخر كأنه خشبة ثم مضى فلقى عبدا مؤمنا في تلك الحال فسلم فرد عليه السلام فقال ان لى إليك حاجة اذكرها في اذنك فقال هات فساره انا ملك الموت فقال مرحبا وأهلا بمن طالت غيبته فو الله ما كان في الأرض غائب أحب الى أن ألقاه منك فقال ملك الموت اقض حاجتك التي خرجت لها فقال مالى حاجة اكبر عندى ولا أحب من لقاء الله قال فاختر على اى حالة شئت أن اقبض روحك فقال أتقدر على ذلك قال نعم انى أمرت بذلك قال فدعنى حتى اتوضأ وأصلي فاقبض روحى وانا ساجد فقبض روحه وهو ساجد (وفي المثنوى) پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقايش شادمان اين كودكان چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور

واما الفرار العقلي بمعنى استكراهه الموت او بمعنى الانتقال من مكان الى مكان فالاول منهما ان كان من الانهماك في حظوظ الدنيا فمذموم وان كان من خوف الموقف فصاحبه معذور كما حكى ان سليمان الداراني قدس سره قال قلت لامى أتحبين الموت قالت لا قلت لم قالت لانى لو عصيت آدميا ما اشتهيت لقاء فكيف أحب لقاءه وقد عصيته وقس عليه الاستكراه رجاء الاستعداد لما بعد الموت واما الثاني منهما فغير موجه عقلا ونقلا إذا المشاهدة تشهد أن لا مخلص من الموت فأينما كان العبد فهو يدرك واما الفرار من بعض الأسباب الظاهرة للموت كهجوم النار المحرقة للدور والسيل المفرط في الكثرة والقوة وحمل العدو الغالب والسباع والهوام الى غير ذلك فالظاهر انه معذور فيه بل مأمور واما الفرار من الطاعون فما يرجحه العقل والنقل عدم جوازه اما العقل فما قاله الامام الغزالي رحمه الله من ان سبب الوباء فى الطب الهولء المضر واظهر طرق التداوى الفرار من المضر ولا خلاف انه غير منهى عنه الا ان الهولء لا يضر من حيث انه يلاقى ظاهر البدن من حيث دوام الاستنشاق له فانه إذا كان فيه عفونة ووصل الى الرئة والقلب وباطن الاحشاء اثر فيها بطول الاستنشاق فلا يظهر الوباء على الظاهر الا بعد طول التأثير في الباطن فالخروج من البلد لا يخلص غالبا من الأثر الذي استحكم من قبل ولكنه يتوهم الخلاص فيصير هذا من جنس الموهومات كالرقى والطيرة وغيرهما وانه لو رخص للاصحاء في الخروج لما بقي في البلد الا المرضى الذين اقعدهم الطاعون وانكسرت قلوبهم ولم يبق في البلد من يسقيهم الماء ويطعمهم الطعام وهم يعجزون عن مباشرتهما بأنفسهم فيكون ذلك سعيا في إهلاكهم تحقيقا وخلاصهم منتظركما ان خلاص الأصحاء منتظر فلو أقاموا لم تكن الاقامة قاطعة لهم بالموت ولو خرجوا لم يكن الخروج قاطعا بالخلاص وهو قاطع في إهلاك الباقين والمسلمون كالبنيان يشد بعضهم بعضا والمؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى الى الاشتكاء سائر أعضائه هذا هو الذي يظهر عندنا في تعليل الهى وينعكس هذا فيما إذا لم يقدم بعد على البلد فانه لم يؤثر الهولء في باطنه وليس له حاجه إليهم واما النقل فقوله تعالى ألم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم فانه انكار لخروجهم فرارا منه وتعجيب بشأنهم ليعتبر العقلاء بذلك ويتيقنوا أن لامفر من قضاء الله فالمنهى عنه هو الخروج فرارا فان الفرار من القدر لا يغنى شيأ وفي الحديث (الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه له اجر شهيد) وفي الحديث يختصم الشهداء والمتوفون على فراشهم الى ربنا عز وجل في الذين يتوفون في الطاعون فيقول الشهداء إخواننا قتلوا كما قتلنا ويقول المتوفون إخواننا ماتوا على فراشهم كما متنا فيقول ربنا انظروا الى جراحهم فان أشبهت جراحهم جراح المقتولين فانهم منهم فاذا جراحهم قد أشبهت جراحهم يقول الفقير دل عليه قوله عليه السلام فى الطاعون انه وخزاعدآئكم من الجن والوخز طعن ليس بنافذ والشيطان له ركض وهمز ونفث ونفخ ووخز والجنى إذا وخز العرق من مراق البطن اى مارق منها ولان خرج من وخزه الغدة وهى التي تخرج في اللحم فيكون وخز الجنى سبب الغدة الخارجة فحصل

[سورة الجمعة (62) : آية 9]

التوفيق بين حديث الوخز وبين قوله عليه السلام غدة كغدة البعير تخرج من مراق البطن وباقى ما يتعلق بالطاعون سبق في سورة البقرة وقد تكفل بتفاصيله رسالة الشفاء لا دوآء الوباء لابن طاش كبرى فارجع يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ النداء رفع الصوت وظهوره ونداء الصلاة مخصوص في الشرع بالألفاظ المعروفة والمراد بالصلاة صلاة الجمعة كما دل عليه يوم الجمعة والمعنى فعل النداء لها اى اذن لها والمعتبر في تعلق الأمر الآتي هو الاذان الاول في الأصح عندنا لان حصول الاعلام به لا الاذان بين يدى المنبر وقد كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مؤذن واحد فكان إذا جلس على المنبر اذن على باب المسجد فاذا نزل اقام الصلاة ثم كان ابو بكر وعمر رضى الله عنهما على ذلك حتى إذا كان عثمان رضى الله عنه وكثرت الناس وتباعدت المنازل زاد مؤذنا آخر فأمر بالتأذين الاول على دار له بالسوق يقال لها الزوراء ليسمع الناس فاذا جلس على المنبر اذن المؤذن الثاني فاذا نزل أقام للصلاة فلم يعب ذلك عليه مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بضم الميم وهو الأصل والسكون تخفيف منه ومن بيان لاذا وتفسير لها اى لا بمعنى انها لبيان الجنس على ما هو المتبادر فأن وقت النداء جزء من يوم الجمعة لا يحمل عليه فكيف يكون بيانا له بل المقصود انها لبيان ان ذلك الوقت في اى يوم من الأيام إذ فيه إبهام فتجامع كونها بمعنى في كما ذهب اليه بعضهم وكونها للتبعيض كما ذهب اليه البعض الآخر وانما سمى جمعة لاجتماع الناس فيه للصلاة فهو على هذا اسم إسلامي وقيل أول من سماه جمعة كعب بن لؤى بالهمزة تصغير لأى سماه بها لاجتماع قريش فيه اليه وكانت العرب قبل ذلك تسميه العروبة بمعنى الظهور وعروبة وباللام يوم الجمعة كما في القاموس وقان ابن الأثير في النهاية الأفصح انه لا يدخلها الالف واللام وقيل ان الأنصار قالوا قبل الهجرة لليهود يوم يجمعون فيه في كل سبعة ايام وللنصارى مثل ذلك فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله ونصلى فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا الى سعد بن زرارة رضى الله عنه بضم الزاى فصلى بهم ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه وحين اجتمعوا ذبح لهم شاة فتعشوا وتغذوا منها لقلتهم وبقي في اكثر القرى التي يقال فيها الجمعة عادة الإطعام بعد الصلاة الى يومنا هذا فأنزل الله آية الجمعة فهى أول جمعة في الإسلام واما أول جمعة جمعها رسول الله عليه السلام فهى انه لما قدم المدينة مهاجرا نزل قبا على بنى عمرو بن عوف يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول حين امتد الضحى ومن تلك السنة يعد التاريخ الإسلامي فأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بنى سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم في ذلك الموضع مسجدا فخطب وصلّى الجمعة وهى أول خطبة خطبها بالمدينة وقال فيها (الحمد لله وأستعينه وأستهديه وأو من به ولا اكفره وأعادي من يكفر به وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق والنور

والموعظة والحكمة على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة وقرب من الاجل من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيدا أوصيكم بتقوى الله فان خير ما اوصى به المسلم المسلم ان يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله واحذر ما حذركم الله من نفسه فان تقوى من عمل به ومخافته من ربه عنوان صدق على ما يبغيه من الآخرة ومن يصلح الذي بينه وبين الله من امره في السر والعلانية لا ينوى به الا وجه الله يكون له ذكرا عاجل امره وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء الى ما قدم وما كان مما سوى ذلك يود لو ان بينه وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد هو الذي صدق قوله وأنجز وعده ولا خلف لذلك فانه يقول ما يبدل القول لدى وما انا بظلام للعبيد فاتقوا الله فى عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية فانه ما يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما وان تقوى الله توقى مقته وتوقى عقوبته وتوقى سخطه وان تقوى الله تبيض الوجه وترضى الرب وترفع الدرجة فخذوا بحظكم ولا تفرطوا فى جنب الله فقد علمكم في كتابه ونهج لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين فأحسنوا كما احسن الله إليكم وعادوا أعداءه وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة ولا حول ولا قوة الا بالله فاكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد الموت فان من يصلح ما بينه وبين الله يكفر الله ما بينه وبين الناس ذلك بان الله يقضى على الناس ويقضون عليه ويملك من الناس ولا يملكون منه الله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم) انتهت الخطبة النبوية ثم ان هذه الآية رد لليهود في طعنهم للعرب وقولهم لنا السبت ولا سبت لكم فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ قال الراغب السعى المشي السريع وهو دون العدو اى امشوا واقصدوا الى الخطبة والصلاة لاشتمال كل منهما على ذكر الله وما كان من ذكر رسول الله والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير فهو في حكم ذكر الله واما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم وهم أحقاء بعكس ذلك فمن ذكر الشيطان وهو من ذكر الله على مراحل كما في الكشاف وبالفارسية رغبت كنيد بدان وسعى نماييد در ان وعن الحسن رحمه الله اما والله ما هو بالسعي على الاقدام ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة الا وعليهم السكينة والوقار ولكن بالقلوب والنيات والخشوع والابتكار ولقد ذكر الزمخشري في الابتكار قولا وافيا حيث قال وكانت الطرقات في ايام السلف وقت السحر وبعد الفجر مغتصة اى مملوءة بالمبكرين الى الجمعة يمشون بالسرج وفي الحديث إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون الاول فالاول على مراتبهم فاذا خرج الامام طويت الصحف واجتمعوا للخطبة والمهجر الى الصلاة كالمهدى بدنة ثم الذي يلبه كالمهدى بقرة ثم الذي يليه كالمهدى شاة حتى ذكر الدجاجة والبيضة وفي عبارة السعى اشارة الى النهى عن التثاقل وحث على

[سورة الجمعة (62) : آية 10]

الذهاب بصفاء قلب وهمة لا بگسل نفس وغمة وفي الحديث إذا اذن المؤذن اى في الأوقات الخمسة أدبر الشيطان وله حصاص وهو بالضم شدة العدو وسرعته وقال حماد بن سلمة قلت لعاصم بن أبى النجود ما الحصاص قال اما رأيت الحمار إذا أصر بأذنيه اى ضمهما الى رأسه ومصع بذنبه اى حركه وضرب به وعدا اى اسرع في المشي فذلك حصاصه وفيه اشارة الى ان ترك السعى من فعل الشيطان وهذا بالنسبة الى غير المريض والأعمى والعبد والمرأة والمقعد والمسافر فانهم ليسوا بمكلفين فهم غير منادين اى لا سعى من المرضى والزمنى والعميان وقد قال تعالى فاسعوا واما النسوان فهن امرن بالقرار في البيوت بالنص والعبد والمسافر مشغولان بخدمة المولى والنقل قال النصرآباديّ العوام في قضاء الحوائج في الجمعات والخواص في السعى الى ذكره لعلمهم بأن المقادير قد جرت فلا زيادة ولا نقصان وقال بعضهم الذكر عند المذكور حجاب والسعى الى ذكر الله مقام المريدين يطلبون من المذكور محل قربة اليه والدنو منه واما المحقق في المعرفة وقد غلب عليه ذكر الله إياه بنعت تجلى نفسه لقلبه وَذَرُوا الْبَيْعَ يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه وهو وذر اى اتركوا المعاملة فالبيع مجاز عن المعاملة مطلقا كالشرآء والاجارة والمضاربة وغيرها ويجوز ابقاء البيع على حقيقته ويلحق به غيره بالدلالة وقال بعضهم النهى عن البيع يتضمن النهى عن الشراء لانهما متضايفان لا يعقلان الا معا فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر وأراد الأمر بترك ما يذهل عن ذكر الله من شواغل الدنيا وانما خص البيع والشراء من بينها لان يوم الجمعة يوم تجمع فيه الناس من كل ناحية فاذا دنا وقت الظهيرة يتكاثر البيع والشراء فلما كان ذلك الوقت مظنة الذهول عن ذكر الله والمضي الى المسجد قيل لهم بادروا تجارة الآخرة واتركوا تجارة الدنيا واسعوا الى ذكر الله الذي لا شيء انفع منه واربح وذروا البيع الذي نفعه يسير وربحه قليل ذلِكُمْ اى السعى الى ذكر الله وترك البيع خَيْرٌ لَكُمْ من مباشرته فان نفع الآخرة أجل وأبقى إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الخير والشر الحقيقيين روى انه عليه السلام خطب فقال ان الله افترض عليكم الجمعة في يومى هذا وفي مقامى هذا فمن تركها في حياتى وبعد مماتى وله امام عادل او جائر من غير عذر فلا بارك الله له ولا جمع الله شمله ألا فلا حج له أفلا فلا صوم له ومن تاب تاب الله عليه فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ التي نوديتم لها اى أديت وفرغ منها فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لاقامة مصالحكم والتصرف فى حوائجكم اى تفرقوا فيها بأن يذهب كل منكم الى موضع فيه حاجة من الحوائج المشروعة التي لا بد من تحصيلها للمعيشة فان قلت ما معنى هذا الأمر فانه لو لبث في المسجد الى الليل يجوز بل هو مستحب فالجواب ان هذا امر الرخصة لا امر العزيمة اى لا جناح عليكم في الانتشار بعد ما أديتم حق الصلاة وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ اى الربح يعنى اطلبوا لأنفسكم وأهليكم من الرزق الحلال بأى وجه يتيسر لكم من التجارة وغيرها من المكاسب المشروعة دل على هذا المعنى سبب نزول قوله وإذا رأوا تجارة إلخ كما سيأتى

فالامر للاطلاق بعد الحظر اى للاباحة لا للايجاب كقوله وإذا حللتم فاصطادوا وذكر الامام السرخسي ان الأمر للايجاب لما روى انه عليه السلام قال طلب الكسب بعد الصلاة هو الفريضة بعد الفريضة وتلا قوله تعالى فاذا فضيت الصلاة وقيل انه للندب فعن سعيد بن جبير إذا انصرفت من الجمعة فساوم بشيء وان لم تشتره وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يؤمروا يطلب شيء من الدنيا انما هو عبادة المرضى وحضور الجنائز وزيادة أخ في الله وعن الحسن وسعيد ابن المسيب طلب العلم (كما قال الكاشفى) وكفته اند انتشارهم در زمين مسجد است جهت رفتن بمجلس علما ومذكران وقيل صلاة التطوع والظاهر ان مثل هذا ارشاد للناس الى ما هو الاولى ولا شك في اولوية المكاسب الاخروية مع ان طلب الكفاف من الحلال عبادة وربما يكون فرضا ان الاضطرار وَاذْكُرُوا اللَّهَ بالجنان واللسان جميعا كَثِيراً اى ذكرا كثيرا او زمانا كثيرا ولا تخصوا ذكره تعالى بالصلاة يقول الفقير انما امر تعالى بالذكر الكثير لان الإنسان هو العالم الأصغر المقابل للعالم الأكبر وكل ما في العالم الأكبر فانه يذكر الله تعالى بذكر مخصوص له فوجب على اهل العالم الأصغر أن يذكروا الله تعالى بعدد أذكار اهل العالم الأكبر حتى تتقابل المرآتان وينطبق الإجمال والتفصيل فان قلت فهل في وسع الإنسان أن يذكر الله تعالى بهذه المرتبة من الكثرة قلت نعم إذا كان من مرتبة السر بالشهود التام والحضور الكامل كما قال ابو يزيد البسطامي قدس سره الذكر الكثير ليس بالعدد لكنه بالحضور انتهى وقد يقيم الله القليل مقام الكثير كما روى ان عثمان رضى الله عنه صعد المنبر فقال الحمد لله فارتج عليه فقال ان أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا يعد ان لهذا المقام مقالا وانكم الى امام فعال أحوج منكم الى امام قوال وستأتيكم الخطب ثم نزل ومنه قال امامنا الأعظم ابو حنيفة رحمه الله ان اقتصر الخطيب على مقدار ما يسمى ذكر الله كقوله الحمد لله سبحان الله جاز وذلك لان الله تعالى سمى الخطبة ذكرا له على انا نقول قوله عثمان ان أبا بكر وعمر إلخ كلام ان كلام في باب الخطبة لاشتماله على معنى جليل فهو يجامع قول صاحبيه والشافعي لا بد من كلام يسمى خطبة وهذا مما لا يتنبه له أحد والحمد لله على الهامه وقال سعيد بن جبير رضى الله عنه الذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكر ومن لم يطعه فليس بذاكر وان كان كثير التسبيح والذكر بهذا المعنى يتحقق في جميع الأحوال قال تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله والذكر الذي امر بالسعي اليه اولا هو ذكر خاص لا يجامع التجارة أصلا إذ المراد منه الخطبة والصلاة امر به اولا ثم قال إذا فرغتم منه فلا تتركوا طاعته في جميع ما تأتونه وتذرونه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ كى تفوزوا بخير الدارين الحاصل ذكر وى موجب جمعيت ظاهر وباطن وسبب نجات دنيا وآخرتست از ذكر خدا مباش يكدم غافل ... كز ذكر بود خير دو عالم حاصل ذكر است كه اهل شوق را در همه حال ... آسايش جان باشد وآرامش دل

[سورة الجمعة (62) : آية 11]

وفي التأويلات النجمية إذا حصلت لكم يا اهل كمال الايمان الذوقى العيانى صلاة الوصلة والجمعية والبقاء والفناء فسيروا في ارض البشرية بالاستمتاع بالشهوات المباحة والاسترواح بالروائح الفائحة والمراتعة في المراتع الأرضية وابتغوا من فضل الله من التجارات المعنوية الرابحة واذكروا نعم الله عليكم الظاهرة من الفناء من ناسوتيتكم الظلمانية والباطنة من البقاء بلا هوتيته النورانية لعلكم تفوزون بهذه النعم الظاهرة والباطنة بإرشاد الطالبين الصادقين المتوجهين الى الله بالروح الصافي والقلب الوافي قال في الأشباه والنظائر اختص يوم الجمعة باحكام لزوم صلاة الجمعة واشتراط الجماعة لها وكونها ثلاثة سوى الامام والخطبة لها وكونها قبلها شرط وقراءة السورة المخصوصة لها وتحريم السفر قبلها بشرطه واستنان الغسل لها والطيب ولبس الأحسن وتقليم الأظفار وحلق الشعر ولكن بعدها أفضل والبخور في المسجد والتبكير لها والاشتغال بالعبادة الى خروج الخطيب ولا يسن الإبراد بها ويكره افراده بالصوم وافراد ليلته بالقيام وقراءة الكهف فيه ونفى كراهة النافلة وقت الاستواء على قول أبى يوسف المصحح المعتمد وهو خير ايام الأسبوع ويوم عيد وفيه ساعة اجابة وتجتمع فيه الأرواح وتزار فيه القبور ويأمن الميت فيه من عذاب القبر ومن مات فيه او في ليلته أمن من فتنة القبر وعذابه ولا تسجر فيه جهنم وفيه خلق آدم وفيه اخرج من الجنة وفيه تقوم الساعة وفيه يزور اهل الجنة ربهم سبحانه وتعالى انتهى وإذا وقعت الوقفة بعرفة يوم الجمعة ضوعف الحج سبعين لان حج الوداع كان كذلك ذكره في عقد الدرر واللآلى وَإِذا رَأَوْا اى علموا تِجارَةً هى تجارة دحية بن خليفة الكلبي أَوْ سمعوا لَهْواً هو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه يقال ألهى عن كذا إذ اشغله عما هوأهم والمراد هنا صوت الطبل ويقال له اللهو الغليظ وكان دحية إذا قدم ضرب الطبل ليعلم به (كما قال الكاشفى) وكاروان چون رسيدى طبل شادى زدندى كما يرمى اصحاب السفينة في زماننا البنادق وما يقال له بالتركى طوپ او كانوا إذا أقبلت العير استقبلوها اى أهلها بالطبول والدفوف والتصفيق وهو المراد باللهو انْفَضُّوا إِلَيْها الفض كسر الشيء وتفريق بين بعضه وبعض كفض ختم الكتاب ومنه استعير انفض القوم اى تفرقوا وانتشروا كما في تاج المصادر الانفضاض شكسته شدن و پراكنده شدن وحد الضمير لان العطف بأولا يثنى معه الضمير وكان المناسب ارجاعه الى أحد الشيئين من غير تعيين الى ان تخصيص التجارة برد الكناية إليها لانها المقصودة او للدلالة على ان الانفضاض إليها مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموما فما ظنك بالانفضاض الى اللهو وهو مذموم في نفسه ويجوز أن يكون الترديد للدلالة على ان منهم من انفض لمجرد سماع الطبل ورؤيته فاذا كان الطبل من اللهو وان كان غليظا فما ظنك بالمزمار ونحوه وقد يقال الضمير للرؤية المدلول عليها بقوله رأوا وقرئ إليهما على ان او للتقسيم (روى) ان دحية بن خليفة الكلبي قدم المدينة بتجارة من الشام وكان ذلك قبل إسلامه وكان بالمدينة مجاعة وغلاء سعر وكان معه جميع ما يحتاج اليه من بر ودقيق وزيت وغيرها والنبي

عليه السلام يخطب يوم الجمعة فلما علم اهل المسجد ذلك قاموا اليه خشية أن يسبقوا اليه يعنى تا پيشى كيرند از يكديكر بخريدن طعام فما بقي معه عليه السلام إلا ثمانية او أحد عشر او اثنا عشر او أربعون فيهم ابو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد وبلال وعبد الله بن مسعود وفي رواية عمار بن ياسر بدل عبد الله وذكر مسلم ان جابرا كان فيهم وكان منهم ايضا امرأة فقال عليه السلام والذي نفس محمد بيده لو خرجوا جميعا لا ضرم الله عليهم الوادي نارا وفي عين المعاني لولا الباقون لنزلت عليهم الحجارة وَتَرَكُوكَ حال كونك قائِماً اى على المنبر (روى) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال كان النبي عليه السلام يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس ومن ثمة كانت السنة في الخطبة ذلك وفيه اشعار بأن الأحسن في الوعظ على المنبر يوم الجمعة القيام وان جاز القعود لانه والخطبة من واد واحد لاشتماله على الحمد والثناء والتصلية والنصيحة والدعاء قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الخطبة عبارة عن ذكر الله والموعظة للناس وكان عليه السلام مستمرا في ذكر الله تعالى ثم لما أراد التنزل لارشاد الناس بالموعظة جلس جلسة خفيفة غايته ان ما ذكره الفقهاء من معنى الاستراحة لازم لما ذكرنا وكان عليه السلام يكتفى في الأوائل بخطبة واحدة من غير أن يجلس اما لانه لعظم قدره كان يجمع بين الوصال والفرقة او لان أفعاله كانت على وفق الوحى ومقتضى امر الله فيجوز أن لا يكون مأمورا بالجلسة في الأوائل ثم صار على قياس النسخ وايضا وجه عدم جلوسه عليه السلام فى الخطبة في بعض الأوقات هو انه عليه السلام كان يرشد اهل الملكوت كما يرشد اهل الملك فمتى كان إرشاده في الملكوت لا يتنزل ولا يجلس ومتى كان في الملك بأن لم يكن في مجلس الخطبة من هو من اهل الملكوت يتنزل ويجلس مجلس الملك فان معاشر الأنبياء يكلمون الخلق على قدر عقولهم ومراتبهم وكان عليه السلام متى أراد الانتقال من ارشاد اهل الملك الى ارشاد اهل الملكوت يقول أرحنى يا بلال ومتى أراد التنزل من ارشاد اهل الملكوت الى ارشاد اهل الملك يقول لعائشة رضى الله عنها كلمينى يا حميراء اعلم انه كان من فضل الاصحاب رضى الله عنهم وشأنهم أن لا يفعلوا مثل ما ذكر من التفرق من مجلس النبي عليه السلام وتركه قائما فذكر بعضهم وهو مقاتل بن حيان ان الخطبة يوم الجمعة كانت بعد الصلاة مثل العيدين فظنوا انهم قد قضوا ما كان عليهم وليس في ترك الخطبة شيء فحولت الخطبة بعد ذلك فكانت قبل الصلاة وكان لا يخرج واحد لرعاف او احداث بعد النهى حتى يستأذن النبي عليه السلام يشير اليه بأصبعه التي تلى الإبهام فيأذن له النبي عليه السلام يشير اليه بيده قال الامام السهيلي رحمه الله وهذا الحديث الذي من اجله ترخصوا لانفسهم في ترك سماع الخطبة وان لم ينقل من وجه ثابت فالظن الجميل بأصحاب رسول الله عليه السلام موجب لانه كان صحيحا يقول الفقير هب انهم ظنوا انهم قد قضوا ما كان عليهم من فرض الصلاة فكيف يليق بهم أن يتركوا مجلس النبي عليه السلام ومن شانهم

أن يستمعوا ولم يتحركوا كأن على رؤسهم الطير ولعل ذلك من قبيل سائر الهفوات التي تضمنت المصالح والحكم الجليلة ولو لم يكن الا كونه سببا لنزول هذه الآية التي هى خير من الدنيا وما فيها لكفى وفيها من الإرشاد الإلهي لعباده ما لا يخفى قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ من الثواب يعنى ثواب نماز واستماع خطبه ولزوم مجلس حضرت پيغمبر عليه السلام وما موصولة خاطبهم الله بواسطة النبي عليه السلام لان الخطاب مشوب بالعتاب خَيْرٌ بهتر است وسودمندتر مِنَ اللَّهْوِ از استماع لهو وَمِنَ التِّجارَةِ واز نفع تجارت فان نفع ذلك محقق مخلد بخلاف ما فيهما من النفع المتوهم فنفع اللهو ليس بمحقق ونفع التجارة ليس بمخلد وما ليس بمخلد فمن قبيل الظن الزائل ومنه يعلم وجه تقديم اللهو فان للاعدام تقدما على الملكات قال البقلى وفيه تأديب المريدين حيث اشتغلوا عن صحبة المشايخ بخلواتهم وعباداتهم لطلب الكرامات ولم يعلموا ان ما يجدون في خلواتهم بالاضافة الى ما يجدون في صحبة مشايخهم لهو قال سهل رحمه الله من شغله عن ربه شيء من الدنيا والآخرة فقد اخبر عن خسة طبعه ورذالة همته لان الله فتح له الطريق اليه واذن له فى مناجاته فاشتغل بما يفنى عما لم يزل ولا يزال وقال بعضهم ما عند الله للعباد والزهاد غدا خير مما نالوه من الدنيا نقدا وما عند الله للعارفين نقدا من واردات القلوب وبوادر الحقيقة خير مما في الدنيا والعقبى وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لانه موجد الأرزاق فاليه اسعوا ومنه اطلبوا الرزق (وقال الكاشفى) وخداى تعالى بهترين روزى دهند كانست يعنى آنانكه وسائط إيصال رزقند وقت باشد كه بخيلي كنند وشايد نيز مصلحت وقت ندانند نقلست كه يكى از خلفاى بغداد بهلول را گفت بيا تا روزى هر روز تو مقرر كنم تا وقت متعلق بدان نباشد بهلول جواب داد كه چنين ميكردم اگر چند عيب نبودى أول آنكه تو ندانى كه مرا چهـ بايد دوم نشناسى كه مرا كى بايد سوم معلوم ندارى كه مرا چند بايد وحق تعالى كافل رزق منست اين همه ميداند واز روى حكمت بمن ميرساند وديكر شايد كه بر من غضب كنى وآن وظيفه از من بازگيرى وحق سبحانه وتعالى بگناه از من روزى باز نميدارد خدايى كه او ساخت از نيست هست ... بعصيان در رزق بر كس نيست ازو خواه روزى كه بخشنده اوست ... بر آرنده كار هر بنده اوست وقيل لبعضهم من اين تأكل فقال من خزانة ملك لا يدخلها اللصوص ولا يأكلها السوس وقال حاتم الأصم قدس سره لامرأته انى أريد السفر فكم أضع لك من النفقة قالت بقدر ما تعلم انى اعيش بعد سفرك فقال وما ندرى كم نعيش قالت فكله الى من يعلم ذلك فلما سافر حاتم دخل النساء عليها يتوجعن لها من كونه سافر وتركها بلا نفقة فقالت انه كان أكالا ولم يكن رزاقا قال بعضهم قوله تعالى خير من اللهو وقوله خير الرازقين من قبيل الفرض والتقدير إذ لا خيرية فى اللهو ولا رازق غير الله فكان المعنى ان وجد في اللهو خير فما عند الله أشد خيرية منه وان وجد رازقون غير الله فالله خيرهم وأقواهم قوة أولاهم عطية والرزق هو المنتفع به مباحا كان او محظورا وفي التأويلات النجمية والله خير الرازقين لاحاطته على رزق النفس وهو الطاعة

تفسير سورة المنافقين

والعبادة بمقتضى العلم الشرعي ورزق القلب وهو المراقبة والمواظبة على الأعمال القلبية من الزهد والورع والتوكل والتسليم والرضى والبسط والقبض والانس والهيبة ورزق الروح بالتجليات والتنزلات والمشاهدات والمعاينات ورزق السر برفع رؤية الغير والغيرية ورزق الخفاء بالفناء في الله والبقاء به وهو خير رزق فهو خير الرازقين (وفي المثنوى) هر چهـ از يارت جدا اندازد آن ... مشنو آنرا كه زيان دارد زيان كر بود آن سود صد در صد مكير ... بهر زر مكسل ز كنجور اى فقير آن شنو كه چند يزدان زجر كرد ... گفت اصحاب نبى را كرم وسرد زانكه در بانك دهل در سال تنك ... جمعه را كردند باطل بي درنك تا نبايد ديكران ارزان خرند ... زان سبب صرفه ز ما ايشان برند ماند پيغمبر بخلوت در نماز ... با دو سه درويش ثابت بر نياز گفت طبل ولهو وبازركانى ... چونتان ببريد از ربانى قد فضضتم نحو قمح هائما ... ثم خليتم نبيا قائما بهر كندم تخم باطل كاشتند ... وآن رسول حق را بگذاشتند صحبت او خير من لهو است ومال ... بين كرا بگذاشتى چشمى بمال خود نشد حرص شما را اين يقين ... كه منم رزاق وخير الرازقين آنكه كندم راز خود روزى دهد ... كى توكلهات را ضايع كند از پى كندم جدا كشتى از آن ... كه فرستادست كندم ز آسمان وفي الاحياء يستحب أن يقول بعد صلاة الجمعة اللهم يا غنى يا حميد يا مبدى يا معيد يا رحيم يا ودود أغننى بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك فيقال من دوام على هذا الدعاء أغناه الله تعالى عن خلقه ورزقه من حيث لا يحتسب وفي الحديث من قال يوم الجمعة اللهم أغننى بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك سبعين مرة لم تمر به جمعتان حتى يغنيه الله رواه انس بن مالك رضى الله عنه تمت سورة الجمعة في ثانى صفر الخير يوم الخميس من سنة ست عشرة ومائة والف تفسير سورة المنافقين احدى عشرة آية مدينة بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم إِذا چون جاءَكَ الْمُنافِقُونَ اى حضروا مجلسك وبالفارسية بتو آيند دو رويان والنفاق اظهار الايمان باللسان وكتمان الكفر بالقلب فالمنافق هو الذي يضمر الكفر اعتقادا ويظهر الايمان قولا وفي المفردات النفاق الدخول في الشرع من باب والخروج منه من باب من النافقاء احدى جحرة اليربوع والثعلب والضب يكتمها ويظهر غيرها فاذا أتى من قبل القاصعاء وهو الذي يدخل منه ضرب النافقاء برأسه فانتفق والنفق هو السرب في الأرض النافذ قالُوا مؤكدين كلامهم بان واللام للايذان بأن شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلوبهم وخلوص

اعتقادهم ووفور رغبتهم ونشاطهم والظاهر انه الجواب لاذا لان الآية نظير قوله تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وقيل جوابه مقدر مثل أرادوا أك يخدعوك وقيل استئناف لبيان طريق خدعتهم وقيل جوابه قوله فاخذرهم نَشْهَدُ الآن او على الاستمرار إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ والشهادة قول صادر عن علم حصل بشهادة بصر او بصيرة وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ اعتراض مقرر لمنطوق كلامهم لكونه مطابقا للواقع ولا زالة إيهام ان قولهم هذا كذب لقوله والله يشهد إلخ وفيه تعظيم للنبى عليه السلام وقال ابو الليث والله يعلم انك لرسوله من غير قولهم وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله اعلم ان كان ما جاء فى القرآن بعد العلم من لفظة ان فهى بفتح الهمزة لكونها في حكم المفرد الا في موضعين أحدهما والله يعلم انك لرسوله في هذه السورة والثاني قد يعلم انه ليحزنك الذي يقولون فى سورة الانعام وانما كان كذلك في هذين الموضعين لانه يأتى بعدهما لام الخبر فانكسرا اى لان اللام لتأكيد معنى الجملة ولا جملة الا في صورة المكسورة وقال بعضهم إذا دخلت لام الابتداء على خبرها تكون مكسورة لاقتضاء لام الابتداء الصدارة كما يقال لزيد قائم وتؤخر اللام لئلا يجتمع حرفا التأكيد واختير تأخيرها الترجيح ان في التقديم لعامليته فكسرت لاجل اللام وَاللَّهُ يَشْهَدُ شهادة حقة إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اى انهم والإظهار فى موضع الإضمار لذمهم والاشعار بعلية الحكم اى لكاذبون فيما ضمنوا مقالتهم من انها صادرة عن اعتقاد وطمأنينة قلب فان الشهادة وضعت للاخبار الذي طابق فيه اللسان اعتقاد القلب وإطلاقها على الزور مجاز كاطلاق البيع على الفاسد نظيره قولك لمن يقول أنا أقرأ الحمد لله رب العالمين كذبت فالتكذيب بالنسبة الى قرائته لا بالنسبة الى المقروء الذي هو الحمد لله رب العالمين ومن هنا يقال ان من استهزأ بالمؤذن لا يكفر بخلاف من استهزأ بالأذان فانه يكفر قال بعضهم الشهادة حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه فهى الاخبار بما علمه بلفظ خاص ولذلك صدق المشهود به وكذبهم في الشهادة بقوله والله يعلم إلخ دلت الآية على ان العبرة بالقلب والإخلاص وبخلوصه يحصل الخلاص وكان عليه السلام يقبل من المنافقين ظاهر الإسلام واما حكم الزنديق فى الشرع وهو الذي يظهر الإسلام ويسر الكفر فانه يستتاب وتقبل توبته عند ايى ولا تقبل عند ابى حنيفة والشافعي رحمهما الله قال سهل رحمه الله أقروا بلسانهم ولم يعترفوا بقلوبهم فلذلك سماهم الله منافقين ومن اعترف بقلبه وأقر بلسانه ولم يعمل بأركانه ما فرض الله من غير عذر ولا جهل كان كأبليس وسئل حذيفة من المنافق قال الذي يصف الإسلام ولا يعمل به وهم اليوم شر منهم لانهم كانوا يومئذ يكتمونه وهم اليوم يظهرونه وفي الآية اشارة الى ان المنافقين الذامين للدنيا وشهواتها باللسان المقبلين عليها بالقلب وان كانوا يشهدون بصحة الرسالة لظهور أنوارها عليهم من المعجزات والكرامات لكنهم كاذبون في شهادتهم لاعراضهم عنه عليه السلام ومتابعته وإقبالهم على الدنيا وشهواتها فحقيقة الشهادة انما تحصل بالمتابعة وقس عليه شهادة اهل الدنيا عند ورثة الرسول قال الحسن البصري رحمه الله يا ابن آدم لا يغرنك قول من يقول المرء مع من أحب فانك لا تلحق الأبرار الا بأعمالهم فان اليهود والنصارى

[سورة المنافقون (63) : الآيات 2 إلى 3]

يحبون أنبياءهم وليسوا معهم وهذه اشارة الى ان مجرد ذلك من غير موافقة في بعض الأعمال او كلها لا ينفع كما في احياء العلوم ولذا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر المرء مع من أحب في الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفي الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي انتهى فاذا كانت المحبة لمجردة بهذه المثابة فما ظنك بالنفاق الذي هو هدم الاس والأصل وبناء الفرع فلا اعتداد بدعوى المنافق ولا بعمله وفي التأويلات القاشانية المنافقون هم المذبذبون الذين يجذبهم الاستعداد الأصلي الى نور الايمان والاستعداد العارضى الذي حدث برسوخ الهيئات الطبيعية والعادات الرديئة الى الكفر وانما هم كاذبون في شهادة الرسالة لان حقيقة معنى الرسالة لا يعلمها الا الله والراسخون في العلم الذين يعرفون الله ويعرفون بمعرفته رسول الله فان معرفة الرسول لا تمكن الا بعد معرفة الله وبقدر العلم بالله يعرف الرسول فلا يعلمه حقيقة الا من انسلخ عن علمه وصار عالما بعلم الله وهم محجوبون عن الله بحجب ذوتهم وصفاتهم وقد اطفأوا نور استعداداتهم بالغواشي البدنية والهيئات الظلمانية فانى يعرفون رسول الله حتى يشهدوا برسالته انتهى قال الشيخ ابو العباس معرفة الولي أصعب من معرفة الله فان الله معروف بكماله وجماله وحتى متى يعرف مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب اتَّخَذُوا اى المنافقون أَيْمانَهُمْ الفاجرة التي من جملتها ما حكى عنهم لان الشهادة تجرى مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد وبه استشهد ابو حنيفة رحمه الله على أن اشهد يمين واليمين في الحلف مستعار من اليمين التي بمعنى اليد اعتبارا بما يفعله المحالف والمعاهد عنده واليمين بالله المصادقة جائزة وقت الحاجة صدرت من النبي عليه السلام كقوله والله والذي نفسى بيده ولكن إذا لم يكن ضرورة قوية يصان اسم الله العزيز عن الابتذال جُنَّةً اى وقاية وترساعما يتوجه إليهم من المؤاخذة بالقتل والسبي او غير ذلك واتخاذها جنة عبارة عن اعدادهم وتهيئتهم لها الى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فان ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها ايضا كما يفصح عنه الفاء في قوله فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يقال صده عن الأمر صدا اى منعه وصرفه وصد عنه صدودا اى اعرض والمعنى فمنعوا وصرفوا من أراد الدخول في الإسلام بأنه عليه السلام ليس برسول ومن أراد الانفاق في سبيل الله بالنهى عنه كما سيحكى عنهم ولا ريب في أن هذا الصد منهم متقدم على حلفهم بالفعل واصل الجن ستر الشيء عن الحاسة يقال جنة الليل واجنه والجنان القلب لكونه مستورا عن الحاسة والمجن والجنة الترس الذي يجن صاحبه والجنة كل بستان ذى شجر يستر بأشجاره الأرض إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ساء الشيء الذي كانوا يعملونه من النفاق والصد والاعراض عن سبيله تعالى وفي ساء معنى التعجب وتعظيم أمرهم عند السامعين ذلِكَ القول الشاهد بأنهم أسوأ الناس أعمالا وبالفارسية اين حكم حق ببدئ اعمال ايشان بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم آمَنُوا اى نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل الإسلام ثُمَّ كَفَرُوا اى ظهر كفرهم بما شوهد منهم من شواهد الكفر

[سورة المنافقون (63) : آية 4]

ودلائله من قولهم ان كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير وقولهم في غزوة تبوك أيطمع هذا الرجل أن يفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات فثم للتراخي او كفروا سرا فثم للاستبعاد ويجوز أن يراد بهذه الآية اهل الردة منهم كما في الكشاف فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ ختم عليها يعنى مهر نهاده شد حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به وصارت بحيث لا يدخلها الايمان جزاء على نفاقهم ومعاقبة على سوء أفعالهم فليس لهم ان يقولوا ان الله ختم على قلوبنا فكيف نؤمن والطبع أن يصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش كما في المفردات فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ حقيقة الايمان ولا يعرفون حقيقته أصلا كما يعرفه المؤمنون والفقه لغة الفهم واصطلاحا علم الشريعة لانه الأصل فيما يكتسب بالفهم والدراية وان كان سائر العلوم ايضا لا ينال الا بالفهم دل الكلام على ان ذكر بعض مساوى العاصي عند احتمال الفائدة لا يعد من الغيبة المنهي عنها بل قد يكون مصلحة مهمة على ما روى عنه عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس وفي المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته وقال القاشاني ذلك بسبب انهم آمنوا بالله بحسب بقية نور الفطرة والاستعداد ثم كفروا اى ستروا ذلك النور بحجب الرذائل وصفات نفوسهم فطبع على قلوبهم برسوخ تلك الهيئات وحصول الرين من المكسوبات فحجبوا عن ربهم بالكلية فهم لا يفهموم معنى الرسالة ولا علم التوحيد والدين وَإِذا رَأَيْتَهُمْ و چون به بينى منافقانرا چون ابن ابى وأمثال او الرؤية بصرية تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ بشكفت آرد ترا أجسام ايشان لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم وأصله من العجب والشيء العجيب هو الذي يعظم في النفس امره لغرابته والتعجب حيرة تعرض للنفس بواسطة ما يتعجب منه وَإِنْ يَقُولُوا و چون سخن كويند تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم واللام صلة وقيل تصغى الى قولهم وكان ابن ابى جسيما صبيحا فصيحا يحضر مجلس رسول الله عليه السلام في نفر من أمثاله وهم رؤساء المدينة وكان عليه السلام ومن معه يعجبون بهيا كلهم ويسمعون الى كلامهم وان الصباحة وحسن المنظر لا يكون الا من صفاء الفطرة في الأصل ولذا قال عليه السلام اطلبوا الخير عند حسان الوجوه اى غالبا وكم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج قال بعضهم (يدل على معروفه حسن وجهه ... وما زال حسن الوجه أحد الشواهد) وفي الحديث إذا بعثتم الى رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ثم لما رأى عليه السلام غلبة الرين على قلوب المنافقين وانطفاء نور استعدادهم وابطال الهيئات الدنية العارضية خواصهم الاصلية ايس منهم وتركهم على حالهم (وروى) عن بعض الحكماء انه رأى غلاما حسنا وجهه فاستنطقه لظنه ذكاء فطنته فما وجد عنده معنى فقال ما احسن هذا البيت لو كان فيه ساكن وقال آخر طشت ذهب فيه خل كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ فى حيز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هم كأنهم او كلام مستأنف لا محل له والخشب بضمتين جمع

خشبة كأكم واكمة او جمع خشب محركة كأسد واسد وهو ما غلظ من العيدان والاسناد الامالة ومسندة للتكثير فان التسنيد تكثير الاسناد بكثرة المحال اى كأنها أسندت الى مواضع والمعنى بالفارسية كويا ايشان چوبهاى خشك شده اند بديوار باز نهاده شبهوا فى جلوسهم في مجالس رسول الله مستندين فيها بأخشاب منصوبة مسندة الى الحائط في كونهم أشباحا خالية عن العلم والخير والانتفاع ولذا اعتبر في الخشب التسنيد لان الخشب إذا انتفع به كان في سقف او جدار او غيرهما من مظان الانتفاع فكما ان مثل هذا الخشب لا نفع فيه فكذا هم لانفع فيهم وكما ان الروح النامية قد زالت عنهم فهم في زوال استعداد الحياة الحقيقية والروح الإنساني بمثابتها يقول الفقير فيه اشارة الى ان الاستناد فى مجالس الأكابر او في مجالس العلم من ترك الأدب ولذا منع الامام مالك رحمه الله هرون الرشيد من الاستناد حين سمع منه الموطأ (حكى) ان ابراهيم بن أدهم قدس سره كان يصلى ليلة فأعيى فجلس ومدرجليه فهتف به هاتف أهكذا تجالس الملوك وكان الحريري لا يمد رجليه في الخلوة ويقول حفظ الأدب مع الله أحق وهذا من أدب من عرف معنى الاسم المهيمن فان من عرف معناه يكون مستحييا من اطلاعه تعالى عليه ورؤيته له وهو المراقبة عند اهل الحقيقة ومعناه علم القلب باطلاع الرب ودلت الآية وكذا قوله عليه السلام انه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة على ان العبرة في الكمال والنقصان بالاصغرين اللسان والقلب لا بالاكبرين الرأس والجلد فان الله تعالى لا ينظر الى الصور والأموال بل الى القلوب والأعمال فرب صورة مصغرة عند الله بمثابة الذهب والمؤمن لا يخلو من قلة او علة او ذلة ولا شك ان بالقلة يكثر اللهم الذي يذيب اللحم والشحم وكذا بالعلة يذوب البدن ويطرأ عليه الذبول وفي الحديث مثل المؤمن مثل السنبلة يحركها الريح فتقوم مرة وتقع اخرى ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال قائمة حتى تنقعر قوله الأرزة بفتح الهمزة وبراء مهملة ساكنة ثم زاى شجر يشبه الصنوبر يكون بالشأم وبلاد الأرمن وقيل هو شجر الصنوبر والانقعار از بن بر كنده شدن يعنى مثل منافق مثل صنوبر است كه بلند واستوار بر زمين تا كه افتادن واز بيخ بر آمدن وفيه اشارة الى ان المؤمن كثير الابتلاء في بدنه وماله غالبا فيكفر عن سيئاته والكافر ليس كذلك فيأتى بسيئاته كاملة يوم القيامة يَحْسَبُونَ يظنون كُلَّ صَيْحَةٍ كل صوت ارتفع فان الصيحة رفع الصوت وفي القاموس الصوت بأقصى الطاقة وهو مفعول أول ليحسبون والمفعول الثاني قوله عَلَيْهِمْ اى واقعة عليهم ضارة لهم ومراد از صيحه هر فريادى كه بر آيد وهر آوازى كه در مدينه بر كشند وقال بعضهم إذا نادى مناد في العسكر لمصلحة او انفلتت دابة او أنشدت ضالة او وقعت جلبة بين الناس ظنوه إيقاعا بهم لجنبهم واستقرار الرعب في قلوبهم والخائن خائف وقال القاشاني لان الشجاعة انما تكون من اليقين من نور الفطرة وصفاء القلب وهم منغمسون في ظلمات صفات النفوس محتجبون باللذات والشهوات كأهل الشكوك والارتياب فلذلك غلب عليهم الجبن والخور انتهى وفي هذا زيادة تحقر لهم وتخفيف لقدرهم

[سورة المنافقون (63) : الآيات 5 إلى 11]

كما قيل إذا رأى غير شيء ظنه رجلا وقيل كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك استارهم ويبيخ دماءهم وأموالهم هُمُ الْعَدُوُّ اى هم الكاملون في العداوة الراسخون فيها فان أعدى الأعادي العدو المكاسر الذي يكاسرك وتحت ضلوعه داءلا يبرح بل يلزم مكانه ولم يقل هم الأعداء لان العدو لكونه بزنة المصادر يقع على الواحد وما فوقه فَاحْذَرْهُمْ اى فاحذر أن تثق بقولهم ونميل الى كلامهم او فاحذر مما يلتهم لاعدائك وتخذيلهم أصحابك فانهم يفشون سرك للكفار قاتَلَهُمُ اللَّهُ دعاء عليهم وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم ويخزيهم ويميتهم على الهوان والخذلان كما قال ابن عباس رضى الله عنهما اى لعنهم قال سعدى المفتى ولا طلب هناك حقيقة بل عبارة الطلب للدلالة على ان اللعن عليهم مما لا بد منه قال الطيبي يعنى انه من اسلوب التجريد كقرآءة ابن عباس رضى الله عنهما في قوله ومن كفر فامتعه يا قادر ويجوز أن يكون تعليما للمؤمنين بأن يدعوا عليهم بذلك ففيه دلالة على ان للدعاء على اهل الفساد محلا يحسن فيه فقاتل الله المبتدعين الضالين المضلين فانهم شر الخصماء وأضر الأعداء وإيراده في صورة الاخبار مع انه إنشاء معنى للدلالة على وقوعه ومعنى الإنشاء بالفارسية هلاك كناد خداى ايشانرا يا لعنت كناد بر ايشان وقال بعضهم اهلكهم وهو دعاء يتضمن الاقتضاء والمنابذة وتمنى الشر لهم ويقال هى كلمة ذم وتوبيخ بين الناس وقد تقول العرب قاتله الله ما أشعره فيضعونه موضع التعجب وقيل أحلهم محل من قاتله عدو قاهر لكل معاند أَنَّى يُؤْفَكُونَ تعجيب من حالهم اى كيف يصرفون عن الحق والنور الى ما هم عليه من الكفر والضلال والظلمة بعد قيام البرهان من الا فك بفتح الهمزة بمعنى الصرف عن الشيء لان الافك بالكسر بمعنى الكذب قال في التأويلات النجمية إذا رأيتهم من حيث صورهم المشكلة تعجبك أجسام أعمالهم المشوبة بالرياء والسمعة الخالية عن أرواح النيات الخالصة الصافية وان يقولوا قولا بالحروف والأصوات مجردا عن المعاني المصفاة تصغ الى قولهم المكذوب المردود كان صورهم المجردة عن المعنى المخيلة صورتها القوة الخيالة بصورة الخشب المسندة الى جدار الوهم لاروح فيها ولا معنا يحسبون كل صيحة صاح بها صور القهر واقعة عليهم لضعف قلوبهم بمرض النفاق وعلة الشقاق هم الكاملون في العداوة الذاتية والبغضاء الصفاتية فاحذرهم بالصورة والمعنى قاتلهم الله بالخزي والحرمان والسوء والخذلان أنى يعدلون عن طريق الدين الصدق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عند ظهور جنايتهم بطريق النصيحة در معالم آورده كه بعد از نزول اين آيتها قوم ابن ابى ويرا كفتند اين آيتها درباره تو نازل شده برو نزديك رسول خداى تا براى تو آمرزش طلبد آن منافق كردن تاب داد وكفت مرا كفتند ايمان آور آوردم تكليف كرديد كه زكاة مال بده دادم همين مانده است كه محمد را سجده مى بايد كرد آيت آمد كه وإذا قيل لهم تَعالَوْا أصله تعاليوا فأعل بالقلب والحذف الا ان واحد الماضي تعالى بإثبات الالف المقلوبة عن الياء المقلوبة عن الواو الواقعة رابعة وواحد الأمر تعالى بحذفها وقفا وفتح اللام واصل معنى التعالي الارتفاع فاذا أمرت منه قلت تعالى وتعالوا فتعالوا جمع امر الحاضر

[سورة المنافقون (63) : آية 6]

فى صورة الماضي ومعناه ارتفعوا فيقوله من كان في مكان عال لمن هو أسفل منه ثم كثر واتسع فيه حتى عمم يعنى ثم استعمل في كل داع يطلب المجيء في المفرد وغيره لما فيه من حسن الأدب اى هلموا وائتوا وبالفارسية بياييد باعتذار ومن الأدب أن لا يقال تعالى فلان او تعاليت يا فلان او أنا او فلان متعال باى معنى أريد لانه مما اشتهر به الله فتعالى الله الملك الحق يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ بالجزم جواب الأمر اى يدع الله لكم ويطلب منه أن يغفر بلطفه ذنوبكم ويستر عيوبكم وهو من اعمال الثاني لان تعالوا يطلب رسول الله مجرورا بالى اى تعالوا الى رسول الله ويستغفر يطلب فاعلا فاعمل الثاني ولذلك رفعه وحذف من الاول إذ التقدير تعالوا اليه لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ يقال لوى الرجل رأسه أماله والتشديد للتكثير لكثرة المحال وهى الرؤوس قال في تاج المصادر التلوية نيك پيچانيدن اى عطفوها استكبارا چنانچهـ كسى از مكروهى روى بتابد وقال القاشاني لضراوتهم بالأمور الظلمانية فلا يألفون النور ولا يشتاقون اليه ولا الى الكمالات الانسانية لمسخ الصورة الذاتية وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ من الصدود بمعنى الاعراض اى يعرضون عن القائل او عن الاستغفار (وقال الكاشفى) اعراض ميكنند از رفتن بخدمت حضرت پيغمبر صلّى الله عليه وسلّم وذلك لا نجذابهم الى الجهة السفلية والزخارف الدنيوية فلا ميل في طباعهم الى الجهة العلوية والمعاني الاخروية (وفي المثنوى) صورت رفعت بود أفلاك را ... معنئ رفعت روان پاك را صورت رفعت براى جسمهاست ... جسمها در پيش معنى اسمهاست وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عن ذلك لغلبة الشيطنة واستيلاء القوة الوهمية واحتجابهم بالانانية وتصور الخيرية وفي الحديث (إذا رأيت الرجل لجوجا معجبا برأيه فقد تمت خسارته سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ كما إذا جاؤك معتذرين من جناياتهم وفي كشف الاسرار كان عليه السلام يستغفر لهم على معنى سؤاله لهم بتوفيق الايمان ومغفرة العصيان وقيل لما قال الله ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم قال عليه السلام لأزيدن على السبعين فأنزل الله سوآء إلخ وهو اسم بمعنى مسنو خبر مقدم وعليهم متعلق به وما بعده من المعطوف عليه والمعطوف مبتدأ بتأويل المصدر لاخراج الاستفهام عن مقامه فالهمزة فى أستغفرت للاستفهام ولذا فتحت وقطعت والأصلء استغفرت فحذفت همزة الوصل التي هى الف الاستفعال للتخفيف ولعدم اللبس أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ كما إذا أصروا على قبائحهم واستكبروا عن الاعتذار والاستغفار لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ابدا لاصرارهم على الفسق ورسوخهم في الكفر وخروجهم عن دين الفطرة القيم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الكاملين في الفسق الخارجين عن دائرة الاستصلاح المنهمكين في الكفر والنفاق او الخارجين عن دائرة المحقين الداخلين في دائرة الباطلين المبطلين وفي الآية اشارة الى عدم استعدادهم لقبول الاستغفار لكثافة طباعهم المظلمة وغلظة جبلتهم الكدرة ولو كان لهم استعداد لقبوله لخرجوا عن محبة الدنيا ومتابعة النفس والهوى الى موافقة

[سورة المنافقون (63) : آية 7]

الشرع ومتابعة الرسول والهدى ولما بقوا في ظلمة الشهوات الحيوانية والأخلاق البهيمية والسبعية (قال الحافظ) عاشق كه شد كه يار بحالش نظر نكرد ... اى خواجه درد نيست وگرنه طبيب هست ومنه يعلم ان الجذبة من جانب المرشد وان كان لها تأثير عظيم لكن إذا كان جانب المريد خاليا عن الارادة لم ينفعه ذلك ألا ترى ان استغفار النبي عليه السلام ليس فوقه شيء مع انه لم يؤثر في الهداية واصل هذا عدم إصابة رشاش النور في عالم الأرواح ومن لم يجعل الله نورا فما له من نور (حكى) ان شيخا مرمع مريد له خدمه عشرين سنة على قرية فيها شيخ فان يضرب الطبل فأشار اليه الشيخ فطرح الطبل وتبعه حتى إذا كانوا على ساحل البحر ألقى الشيخ سجادته على البحر وقعد عليها مع الطبال وبقي المريد العتيق فى الساحل يصيح كيف ذلك فقال الشيخ هكذا قضاء الله تعالى هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ اى للانصار وهو استئناف جار مجرى التعليل لفسقهم او لعدم مغفرته تعالى لهم وهو حكاية نص كلامهم لا تُنْفِقُوا لا تعطوا النفقة التي يتعيش بها عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ يعنون فقراء المهاجرين وقولهم رسول الله اما للهزؤ والتهكم او لكونه كاللقب له عليه السلام واشتهاره به فلو كانوا مقرين برسالته لما صدر عنهم ما صدر ويجوز أن ينطقوا بغيره لكن الله تعالى عبر به إكراما له وإجلالا حَتَّى يَنْفَضُّوا اى يتفرقوا عنه ويرجعوا الى قبائلهم وعشائرهم (وقال الكاشفى) تا متفرق كردند غلامان بنزد خواجكان روند و پسران پدران پيوندند والانفضاض شكسته شدن و پراكنده شدن وانما قالوه لاحتجابهم بأفعالهم عن رؤية فعل الله وبما في أيديهم عما في خزآئن الله فيتوهمون الانفاق منهم لجهلهم وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رد وابطال لما زعموا من ان عدم انفاقهم يؤدى الى انفضاض الفقراء من حوله عليه السلام ببيان ان خزآئن الأرزاق بيد الله خاصة يعطى من يشاء ويمنع من يشاء ومن تلك الخزائن المطر والنبات قال الراغب قوله تعالى ولله خزآئن السموات والأرض اشارة منه الى قدرته تعالى على ما يريد إيجاده او الى الحالة التي أشير إليها بقوله عليه السلام فرغ ربكم من الخلق والاجل والرزق والمراد من الفراغ إتمام القضاء فهو مذكور بطريق التمثيل يعنى أتم قضاء هذه الكليات في علمه السابق والخزائن جمع خزانة بالكسر كعصائب وعصابة وهى ما يخزن فيه الأموال النفيسة وتحفظ وكذا المخزن بالفتح وقد سبق في قوله تعالى وان من شيء الا عندنا خزآئنه وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ذلك لجهلهم بالله وبشؤونه ولذلك يقولون من مقالات الكفر ما يقولون خواجه پندارد كه روزى او دهد ... لا جرم بر اين وآن منت نهد زان سببها او يكى شد پس اگر ... كم شود هستند اسباب دكر حكم روزى بر سببها مى نهد ... بي سببها نيز روزى ميدهد قال رجل لحاتم الأصم رحمه الله من اين تأكل قال من خزانة ربى فقال الرجل أيلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الأرض له فيها خزآئن لكان يلقى على الخبز من السماء فقد

[سورة المنافقون (63) : آية 8]

خلق الله في الأرض الأسباب ومنها فتح الأبواب قال بعض الكبار مراعاة حق أم الولد من الرضاع اولى من مراعاة أم الولادة لان أم الولادة حملته على جهة الامانة فكون فيها وتغذى بدم طمثها من غير ارادة لها في ذلك فما تغذى الا بما لو لم يخرج منها لأهلكها وأمرضها فللجنين المنة على امه في ذلك واما المرضعة فاتما قصدت برضاعه حياته وإبقاءه ولهذا المعنى الذي أشرنا اليه جعل الله المرضعة لموسى أم ولادته حتى لا يكون لامرأة عليه فضل غير امه فلما كبر وبلغ اقامة الحجة عليه جعله الله كلا على بنى إسرائيل امتحانا له فقلق من تغير الحال عليه وقال يا رب أغنني عن بنى إسرائيل فأوحى الله اليه أما ترضى يا موسى أن أفرغك لعبادتى واجعل مؤونتك على غيرك فسكت ثم سأل ثانيا فأوحى الله اليه لا يليق بنبي أن يرى في الوجود شيأ لغير سيده فكل من رزق ربك ولا منة لا حد عليك فسكت ثم سأل ثالثا فأوحى الله اليه يا موسى إذا كانت هذه شكاسة خلقك على بنى إسرائيل وأنت محتاج إليهم فكيف لو أغنيتك عنهم فما سأل بعد ذلك شيأ فالله تعالى يوصل الرزق على عبده بيد من يشاء من عباده مؤمنا او كافرا وكل ذلك من الحلال الطيب إذا لم يسبق اليه خاطرة او تعرض ما ولا منة لاحد عليه وانما يمن الجاهل وابتلاؤه تعالى لاوليائه بالفقر ليس من عدم قدرته على الإعطاء والإغناء من عدم محبته لهم وكرامتهم عنده بل هو من انعامه عليهم ليكونوا ازهد الناس في الدنيا وأفر اجرا في الآخرة ولذا قال عليه السلام فى حق فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا وكان عليه السلام يستفتح بصعاليك المهاجرين اى فقرائهم لقدرهم وقبولهم وجاههم عند الله تعالى على ان الأغنياء ان خصوا بوجود الأرزاق فالفقراء خصوا بشهود الرزاق وهو خير منه وصاحبه أنعم فمن سعد بوجود الرزاق لم يضره ما فاته من وجود الأرزاق قال الجنيد قدس سره خزآئنه في السموات الغيوب وخزآئنه في الأرض القلوب فما انفصل من الغيوب وقع على القلوب وما انفصل من القلوب صار الى الغيوب والعبد مرتهن بشيئين تقصير الخدمة وارتكاب الزلة وقال الواسطي قدس سره من طالع الأسباب في الدنيا ولم يعلم ان ذلك يحجبه عن التوفيق فهو جاهل وفي التأويلات النجمية ولله خزآئن الأرزاق السماوية من العلوم والمعارف والحكم والعوارف المخزونة لخواص العباد يرزقهم حيث يشاء ولله خزآئن الأرزاق الارضية من المأكولات والمشروبات والملبوسات والخيول والبغال المخزونة لعوام العباد ينفق عليهم من حيث لا يحتسبون ولكن المنافقين بسبب إفساد استعداداتهم وعدم نورانيتهم وغلبة ظلمانيتهم ما يفهمون الاسرار الالهية والإشارات الربانية يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) روى ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حبن لقى بنى المصطلق وهم بطن من خزاعة على المريسيع مصغر مرسوع وهو ماء لهم في ناحية قديد على يوم من الفرغ بالضم موضع من أضخم اعراض المدينة وهزمهم وقتل منهم واستاق ألفى بعير وخمسة آلاف شاة وسبى مائتى اهل بيت او اكثر وكانت في السبي جويرية بنت الحارث سيد بنى المصطلق أعتقها النبي عليه السلام وتزوجها وهى ابنة

عشرين سنة ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد الغفار رضى الله عنه وهو أجير لعمر رضى الله عنه يقود فرسه وسنان الجهني المنافق حليف ابن ابى رئيس المنافقين واقتتلا فصرخ جهجاه بالمهاجرين وسنان بالأنصار فاعان جهجاه جعال بالكسر من فقراء المهاجرين ولطم سنانا فاشتكى الى ابن أبى فقال لجعال وأنت هناك قال ما صحبنا محمدا الا لنلطم والله ما مثلنا ومثلهم الا كما قيل سمن كلبك يأكلك اما والله لئن رجعنا من هذا السفر الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل عنى بالأعز نفسه وبالأذل جانب المؤمنين فاسناد القول المذكور الى المنافقين لرضاهم به ثم قال لقوله ماذا فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو امسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ولأوشكوا أن يتحولوا عنكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث فقال أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ومحمد فى عز من الرحمن وقوة من المسلمين فقال ابن أبى اسكت فانما كنت ألعب فأخبر زيد رسول الله بما قال ابن أبى فتغير وجه رسول الله فقال عمر رضى الله عنه دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال إذا ترغم انوفا كثيرة بيثرب يعنى المدينة ولعل تسميته لها بذلك ان كان بعد النهى لبيان الجواز قال عمر رضى الله عنه فان كرهت أن يقتله مهاجرى فائمر به أنصاريا فقال إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وقال عليه السلام لابن أبى أنت صاحب الكلام الذي بلغني قال والله الذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيأ من ذلك وان زيدا لكاذب فقال الحاضرون شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام وعسى أن يكون قدوهم فروى ان رسول الله قال له لعلك غضبت عليه قال لا قال فلعله اخطأك سمعك قال لا قال فلعله شبه عليك قال لا فلما نزلت هذه الآية لحق رسول الله زيدا من خلفه فعرك اذنه وقال وفت اذنك يا غلام ان الله صدقك وكذب المنافقين ورد الله عليهم مقالتهم بقوله وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ اى ولله الغلبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم كما ان المذلة والهوان للشيطان وذويه من المنافقين والكافرين. وعن بعض الصالحين وكان في هيئة رثة ألست على الإسلام وهو العز الذي لا ذل معه والغنى الذي لا فقر معه وعن الحسن بن على رضى الله عنهما ان رجلا قال له ان الناس يزعمون ان فيك تيها اى كبرا فقال ليس ذلك بتيه ولكنه عزة وتلا هذه الآية وقال بعض الكبار من كان في الدنيا عبدا محضا كان في الآخرة ملكا محضا ومن كان فى الدنيا يدعى الملك الشيء ولو من جوارحه نقص من ملكه في الآخرة بقدر ما ادعاه فى الدنيا فلا أعز في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية الذل في جناب الحق ولا أذل في الآخرة ممن بلغ في الدنيا غاية العزة في نفسه ولو كان مصفوعا في الأسواق ولا أريد بعز الدنيا أن يكون من جهة الملوك فيها انما أريد أن يكون صفته في نفسه العزة وكذا القول في الذلة وقال الواسطي رحمه الله عزة الله أن لا يكون شيء الا بمشيئته وإرادته وعزة المرسلين انهم آمنون من زوال الايمان وغزة المؤمنين انهم آمنون من دوام العقوبة وقال عزة الله

العظمة والقدرة وعزة الرسول النبوة والشفاعة وعزة المؤمنين التواضع والسخاء والعبودية دل عليه قوله عليه السلام أنا سيد ولد آدم ولا فخر اى لا افتخر بالسيادة بل افتخر بالعبودية وفيها عزتى إذ لا عزة الا في طاعة الله ولا ذل الا في معصية الله وقال بعضهم عزة الله قهره من دونه وعزة رسوله بظهور دينه على سائر الأديان كلها وعزة المؤمنين باستذلالهم اليهود والنصارى كما قال وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين وقيل عزة الله الولاية لقوله تعالى هنا لك الولاية لله الحق وعزة رسوله الكفاية لقوله تعالى انا كفيناك المستهزئين وعزة المؤمنين الرفعة لقوله تعالى وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين يقول الفقير أشار تعالى بالترتيب الى ان العزة له بالاصالة والدوام وصار الرسول عليه السلام مظهر اله في تلك الصفة ثم صار المؤمنون مظاهر له عليه السلام فيها فعزة الرسول بواسطة عزة الله وعزة المؤمنين بواسطة عزة الرسول سوآء أعاصروه عليه السلام أم أتوا بعده الى ساعة القيام وجميع العزة لله لان عزة الله له تعالى صفة وعزة الرسول وعزة المؤمنين لله فعلا ومنة وفضلا كما قال القشيري قدس سره العز الذي للرسول وللمؤمنين هو لله تعالى حلقا وملكا وعزه سبحانه له وصفا فاذا العزة كلها لله وهو الجمع بين قوله تعالى من كان يريد العزة فلله العزة جميعا وقوله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ومن أدب من عرف انه تعالى هو العزيز أن لا يعتقد لمخلوق إجلالا ولهذا قال عليه السلام من تواضع لغنى لاجل غناه ذهب ثلثا دينه قال أبو على الدقاق رحمه الله انما قال ثلثا دينه لان التواضع يكون بثلاثة أشياء بلسانه وبدنه وقلبه فاذا تواضع له بلسانه وبدنه ولم يعتقد له العظمة بقلبه ذهب ثلثا دينه فان اعتقدها بقلبه ايضا ذهب كل دينه ولهذا قيل إذا عظم الرب في القلب صغر الخلق في العين ومتى عرفت انه معز لم تطلب العز الا منه ولا يكون العز الا في طاعته قال ذو النون قدس سره لو أراد الخلق أن يثبتوا لأحد عزا فوق ما يثبته يسير طاعته لم يقدروا ولو أرادوا أن يثبتوا لاحد ذلة اكثر مما يثبته اليسير من ذلته ومخالفته لم يقدروا (حكى) عن بعضهم انه قال رأيت رجلا في الطواف وبين يديه خدم يطردون الناس ثم رأيته بعد ذلك على جسر بغداد يتكفف ويسأل فحدقت النظر اليه لأتعرفه هل هو ذلك الرجل اولا فقال لى مالك تطيل النظر الى فقلت انى أشبهك برجل رأيته في الطواف من شأنه كذا وكذا فقال انا ذاك انى تكبرت في موضع يتواضع فيه الناس فوضعنى في موضع يترفع فيه الناس وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ من فرط جهلهم وغرورهم فيهذون ما يهذون ولعل ختم الآية الاولى بلا يفقهون والثانية بلا يعلمون للتفنن المعتبر فى البلاغة مع ان في الاول بيان عدم كياستهم وفهمهم وفي الثاني بيان حماقتهم وجهلهم وفي برهان القرآن الاول متصل بقوله ولله خزآئن السموات والأرض وفيه غموض يحتاج الى فطنة والمنافق لا فطنة له والثاني متصل بقوله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ان الله معز أوليائه ومذل أعدائه (روى) ان عبد الله ابن أبى لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبد الله بن عبد الله بن ابى وكان مخلصا وسل سيفه ومنع أباه من الدخول

[سورة المنافقون (63) : آية 9]

وقال لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربن عنقك فقال ويحك أفاعل أنت قال نعم فلما رأى منه الجد قال أشهدا ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فقال عليه السلام لابنه جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا ولما كان عليه السلام بقرب المدينة هاجت ريح شديدة كادت تدفن الراكب فقال عليه السلام مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة اى لاجل ذلك عصفت الريح فكان كما قال مات في ذلك اليوم زيد بن رفاعة وكان كهفا للمنافقين وكان من عظماء بنى قينقاع وكان ممن اسلم ظاهرا والى ذلك أشار الامام السيكى في تائيته بقوله وقد عصفت ريح فأخير انها ... لموت عظيم في اليهود بطيبة ولما دخلها ابن ابى لم يلبث الا أياما قلائل حتى اشتكى ومات واستغفر له رسول الله وألبسه قميصه فنزل لن يغفر الله لهم وروى انه مات بعد القفول من غزوة تبوك قال بعض الكبار ما أمر الله عباده بالرفق بالخلق والشفقة الا تأسيا به تعالى فيكونون مع الخلق كما كان الحق معهم فينصحونهم ويدلونهم على كل ما يؤدى الى سعادتهم وليس بيد العبد الا التبليغ قال تعالى ما على الرسول الا البلاغ فعلى العارف إيضاح هذا الطريق الموصل الى هذا المقام والإفصاح عن دسائسه وليس بيده إعطاء هذا المقام فان ذلك خاص بالله تعالى قال تعالى انك لا تهدى من أحببت فوظيفة الرسل والورثة من العلماء انما هو التبليغ بالبيان والإفصاح لا غير ذلك وجزاؤهم جزاء من أعطى ووهب والدال على الخير كفاعل الخير وفي التأويلات النجمية ولله العزة اى القوة لله الاسم الأعظم ولرسول القلب المظهر الأتم الأعم ولمؤمنى القوى الروحانية ولكن منافقى النفس والهوى وصفاتهما الظلمانية الكدرة لا يعلمون لاستهلاكهم فى الظلمة وانغماسهم في الغفلة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا صادقا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فى الصحاح لهيت عن الشيء بالكسر ألهى لهيا ولهيانا إذا سلوت وتركت ذكره وأضربت عنه وفي القاموس لها كدعا سلا وغفل وترك ذكره كتلهى وألهاه اى شغله ولهوت بالشيء بالفتح ألهو لهوا إذا لعبتيه والمعنى لا يشغلكم الاهتمام بتدبير أمورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره تعالى من الصلاة وسائر العبادات المذكرة للمعبود ففى ذكر الله مجاز اطلق المسبب وأريد السبب قال بعضهم الذكر بالقلب خوف الله وباللسان قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتمجيد والتكبير وتعلم علم الدين وتعليمه وغيرها وبالأبدان الصلاة وسائر الطاعات والمراد نههم عن التلهي بها اى عن ترك ذكر الله بسبب الاشتغال بها وتوجيه النهى إليها للمبالفة بالتجوز بالسبب عن المسبب كقوله تعالى فلا يكن في صدرك حرج وقد ثبت ان المحاز ابلغ وقال بعضهم هو كناية لان الانتقال من لا تلهكم الى معنى قولنا لا تلهوا انتقال من اللازم الى الملزوم وقد كان المنافقون بخلاء باموالهم ولذا قالوا لانتفقوا على من عند رسول الله ومتعززين بأولادهم وعشائرهم مشغولين بهم وباموالهم عن الله وطاعته وتعاون رسوله فنهى المؤمنون أن يكونوا مثلهم في ذلك وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى التلهي بالدنيا عن الدنيا والاشتغال بما سواه عنه ولو في اقل حين فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ اى الكاملون في الخسران حيث باعوا

[سورة المنافقون (63) : آية 10]

العظيم الباقي بالحقير الفاني (قال الكاشفى) مقتضاى ايمان آنست كه دوستى خداى تعالى غالب بود بر دوستى همه اشيا تا حدى كه اگر تمام نوال دنيا ومجموع نعم آخرت بر وى عرض كنند بنظر در هيچ كدام ننكرد چشم دل از نعيم دو عالم به بسته ايم ... مقصود ماز دينى وعقبى تويى وبس وفي الحديث ما طلعت الشمس الا بجنبيها ملكان يناديان ويسمعان الخلائق غير الثقلين يا ايها الناس هلموا الى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر والهى وفي الآية اشارة الى كمل ارباب الايمان الحقيقي الشهودى يقول الله لهم لا تشغلكم رؤية أموال أعمالكم الصالحة من الصلاة والزكاة والحج والصوم ولا أولاد الأحوال التي هى نتيجة الأعمال من المشاهدات والمكاشفات والمواهب الروحانية والعطايا الربانية عن ذكر ذاته وصفاته وأسمائه وظهوره فى صورة الأعمال والأحوال ومن يفعل ذلك فانما يشغل بالخلق ويحتجب بالنعمة عن المنعم فاولئك هم الخاسرون خسروا رأس مال التجارة وما ربحوا الا الخسران وهو حجاب عن المشهود الحقيقي قال بعضهم في الآية بيان ان من لم يبلغ درجة التمكين في المعرفة لا يجوز له الدخول في الدنيا من الأهل والمال والولد فانها شواغل قلوب الذاكرين عن ذكر الله ومن كان مستقيما في المعرفة وقرب المذكور فذكره قائم بذكر الله إياه فيكون محفوظا من الخطرات المذمومة والشاغلات الحاجبة واما الضعفاء فلا يخرجون من بحر هموم الدنيا فاذا باشرت قلوبهم الحظوظ والشهوات لا يكون ذكرهم صافيا عن كدورات الخطرات وقال سهل قدس سره لا يشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن أداء الفرائض في أول مواقيتها فان من شغله عن ذكر الله وخدمته عرض من عروض الدنيا فهو من الخاسرين وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ اى بعض ما أعطيناكم تفضلا من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخارا للآخرة يعنى حقوق واجب را إخراج نماييد فالمراد هو الانفاق الواجب نظرا الى ظاهر الأمر كما في الكشاف ولعل التعميم اولى وانسب بالمقام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ بأن يشاهد دلائله ويعاين اماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام بما تقدم والتشويق الى ما تأخر ولم يقل من قبل ان يأتيكم الموت فتقولوا اشارة الى ان الموت يأتيهم واحدا بعد واحد حتى يحيط بالكل فَيَقُولَ عند تيقنه بحلوله رَبِّ اى آفريدگار من لَوْلا أَخَّرْتَنِي هلا أمهلتني فلولا للتحضيض وقيل لا زائدة للتأكيد ولو للتمنى بمعنى لو أخرتنى إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ اى أمد قصير وساعة اخرى قليلة وقال ابو الليث يا سيدى ردنى الى الدنيا وأبقني زمانا غير طويل وفي عين المعاني مثل ما أجلت لى فى الدنيا فَأَصَّدَّقَ تا تصدق كنم وزكاة ادا نمايم وهو بقطع الهمزة لانها للتكلم وهمزته مقطوعة وبتشديد الصاد لان أصله أتصدق من التصدق فأدغمت التاء في الصاد وبالنصب لانه مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء في جواب التمني في قوله لولا أخرتني وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ بالجزم عطفا على محل فأصدق كأنه قيل ان أخرتنى اصدق وأكن وفيه اشارة الى ان التصدق من اسباب الصلاح والطاعة كما ان تركه من اسباب

[سورة المنافقون (63) : آية 11]

الفساد والفسق والفرق بين التصدق والهدية ان التصدق للمحتاج بطريق الترحم والهدية للحبيب لاجل المودة ولذا كان عليه السلام يقبل الهدية لا الصدقة فرضا كانت او نفلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما من كان له مال يجب فيه الزكاة فلم يزكه او مال يبلغه الى بيت الله فلم يحج يسأل عند الموت الرجعة فقال رجل اتق الله يا ابن عباس انما سألت الكفار الرجعة قال ابن عباس رضى الله عنهما انى اقرأ عليك هذا القرآن فقال يا أيها الذين آمنوا الى قوله فأصدق وأكن من الصالحين فقال الرجل يا ابن عباس وما يوجب الزكاة قال مائتا درهم فصاعدا قال فما يوجب الحج قال الزاد والراحلة فالآية في المؤمنين واهل القبلة لكن لا تخلو عن تعريض بالكفار وان تمنى الرجوع الى الدنيا لا يختص بالكفار بل كل قاصر مفرط يتمنى ذلك قال بعض العلماء في الآية دلالة على وجوب تعجيل الزكاة لان إتيان الموت محتمل في كل ساعة وكذا غيرها من الطاعات إذا جاء وقتها لعل الاولى استحبابه فى اغلب الأوقات ولذا اختار بعض المجتهدين أول الوقت عملا بقوله عليه السلام أول الوقت رضوان الله اى لان فيه المسارعة الى رضى الله والاهتمام بالعمل إذ لا يدرى المرء أن يدرك آخر الوقت وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً اى ولن يمهلها مطيعة وعاصية صغيرة او كبيرة إِذا جاءَ أَجَلُها اى آخر عمرها او انتهى ان أريد بالأجل الزمان الممتد من أول العمر الى آخره يعنى چون عمر بآخر رسيد چيزى بران نيفزايند واز ان كم نكنند (قال الشيخ سعدى) كه يك لحظه صورت نه بندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان واستنبط بعضهم عمر النبي عليه السلام من هذه الآية فالسورة رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده قال بعضهم الموت على قسمين اضطراري وهو المشهور فى العموم والعرف وهو الاجل المسمى الذي قيل فيه إذا جاء اجهلهم لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون والموت الآخر موت اختياري وهو موت في الحياة الدنيا وهو الاجل المقضى في قوله ثم قضى أجلا ولا يصح للانسان هذا الموت في حياته الا إذا وحد الله تعالى توحيد الموتى الذين انكشفت لهم الأغطية وان كان ذلك الكشف في ذلك الوقت لا يعطى سعادة الا لمن كان من العامة عالما بذلك فاذا انكشف الغطاء يرى ما علم عينا فهو سعيد فصاحب هذا التوحيد ميت لا ميت كالمقتول في سبيل الله نقله الله الى البرزخ لا عن موت فالشهيد مقتول لا ميت وكذلك هذا المعتنى به لما قتل نفسه في الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس رزقه الله تعالى حكم الشهادة فولاه النيابة في البرزخ في حياته الدنيا فموته معنوى وقتله مخالفة نفسه وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فمجازيكم عليه ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا في الخيرات واستعدوا لما هو آت القاشاني قضية الايمان غلبة حب الله على محبة كل شيء فلا تكن محبتهم ومحبة الدنيا من شدة التعلق بهم وبالأموال غالبة في قلوبكم على محبة الله فتحجبون بهم عنه فتصيرون الى النار فتخسرون نور الاستعداد الفطري باضاعته فيما يفنى سريعا وتجردوا عن الأموال بانفاقها وقت الصحة والاحتياج إليها لتكون

فضيلة في نفسكم وهيئة نورية لها فان الانفاق انما ينفع إذا كان عن ملكة السخاء وهيئة التجرد في النفس فاما عند حضور الموت فالمال للوارث لا له فلا ينفعه إنفاقه وليس له الا التحسر والندم وتمنى التأخير في الأجل بالجهل فانه لو كان صادقا في دعوى الايمان وموقنا بالآخرة لتيقن ان الموت ضرورى وانه مقدر في وقت معين قدره الله فيه بحكمته فلا يمكن تأخره ولتدارك امره قبل حلول المنية فانه لا يدرى المرء كيف تكون العاقبة ولذا قيل لا تغتر بلباس الناس فان العاقبة مبهمة مسكين دل من كر چهـ فراوان داند ... در دانش عاقبت فرو مى ماند وفي الحديث (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة عند موته) وقال عليه السلام (الذي يتصدق عنه موته او يعتق كالذى يهدى إذا شبع) وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رجل يا رسول الله اى الصدقة أعظم أجرا قال ان تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تهمل حتى إذا بلعت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان يعنى إهمال نكنى تا آن زمان كه جان بحلقوم رسد كويى فلان را اين وفلانرا اين باشد وخود از ان فلان شود به مرك تو (روى) الامام الغزالي رحمه الله عن عبد الله المزني انه قال جمع رجل من بنى إسرائيل مالا كثيرا فلما أشرف على الموت قال لبنيه ائتوني بأصناف أموالى فأتى بشيء كثير من الخيل والإبل والدقيق وغيره فلما نظر إليها بكى عليها تحسرا فرأه ملك الموت وهو يبكى فقال ما يبكيك فو الذي خولك ما خولك ما أنا بخارج من منزلك حتى أفرق بين روحك وبدنك قال فالمهلة حتى أفرقها قال هيهات انقطع عنك المهلة فهلا كان ذلك قبل حضور أجلك فقبض روحه قال السلطان ولد قدس سره بگذار جهان را كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست وفي الآية اشارة الى انفاق الوجود المجازى الخلقي بالارادة الروحانية لنيل الوجود الحقيقي من غير أن يأتى الموت الطبيعي بلا ارادة فيموت ميتة جاهلية من أغير حياة أبدية لان النفس لم تزل جاهلة غير عارفة بربها ولا شك ان الحياة الطبيعية انما هى في معرفة الله وهى لا تحصل الا بموت النفس والطبيعة وحياة القلب والروح فمن لم يكن على فائدة من هذا الموت الإرادي بتمني الرجوع الى الدنيا عند الموت الطبيعي لتصدق الوجود المجازى بالارادة والرغبة والكون من الصالحين لقبول الوجود الحقيقي وكل من كان مستعدا لبذل الوجود الإضافي لقبول الوجود الاطلاقى وجاء زمانه باستيفائه احكام الشريعة الزهراء واستقصائه آداب الطريقة البيضاء لا يمكن له الوقفة على الحجاب والاحتجاب كما إذا جاء زمان نفخ الروح في الجنين باستكمال المدة يشتعل بنور الروح البتة اللهم الا ان تعرض آفة تمنعه عن ذلك والله خبير بما تعملون من بذل الوجود الامكانى ونيل الوجود الواجبى الحقانى كما قال تعالى إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة جعلنا الله وإياكم من الباذلين

وجوده والمستفيضين منه تعالى فضله وجوده وأن يختم لنا بالخير بان يوفقنا للاعراض عن الغير تمت سورة المنافقين بعون الله المعين في أوائل شهر ربيع الاول من شهور سنة ست عشرة ومائة والف تمت الجلد التاسع ويليه الجلد العاشر ان شاء الله تعالى اوله سورة التغابن

الجزء العاشر

الجزء العاشر من تفسير روح البيان تفسير سورة التغابن مختلف فى كونها مكية او مدنية وآيها ثمان عشرة بسم الله الرحمن الرحيم يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ من الروحانيات وَما فِي الْأَرْضِ من الجسمانيات اى ينزهه سبحانه جميع ما فيهما من المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه تنزيها مستمرا والمراد اما تسبيح الاشارة الذي هو الدلالة فتعم ما كل حى وجماد أو تسبيح العبارة الذي هو أن يقول سبحان الله فتعمهما ايضا عند اهل الله وعن بعضهم سمعت تسبيح الحيتان فى البحر المحيط يقلن سبحان الملك القدوس رب الأقوات والأرزاق والحيوانات والنباتات ولولا حياة كل شىء من رطب ويابس ما اخبر عليه السلام انه يشهد للمؤذن وكم بين الله ورسوله مما جميع المخلوقات عليه من العلم بالله والطاعة له والقيام بحقه فآمن بعضهم وصدق وقبل ما اضافه الله الى نفسه وما أضاف اليه رسوله وتوقف بعضهم فلم يؤمنوا ولم يسمعوا وتأولوا الأمر بخلاف ما هو عليه وقصدهم بذلك أن يكونوا من المؤمنين وهم فى الحقيقة من المكذبين لترجيحهم حسهم على الايمان بما عرفه لهم ربهم لما لم يشاهدوا ذلك مشاهدة عين وعن بعض العارفين فى الاية اى يسبح وجودك بغير اختيارك وأنت غافل عن تسبيح وجودك له وذلك ان وجودك قائم فى كل لمحة بوجوده يحتاج الى الكينونة بتكوينه إياه ابن قلبك ولسانك إذا اشتغل بذكر غيرنا وفى الحقيقة لم يتحرك الوجود الا بأمره ومشيئته وتلك الحركة اجابة داعى القدم فى جميع مراده وذلك محض التقديس ولكن لا يعرفه الا العارف بالوحدانية لَهُ الْمُلْكُ الدائم الذي لا يزول وهو كمال القدرة ونفاذ التصرف وبالفارسية مرور است پادشاهى كه ارض وسما وما بينهما بيافريد وَلَهُ الْحَمْدُ

[سورة التغابن (64) : آية 2]

اى حمد الحامدين وهو الثناء بذكر الأوصاف الجميلة والافعال الجزيلة وتقديم الجار والمجرور للدلالة على تأكيد الاختصاص وازاحة الشبهة بالكلية فان اللام مشعر بأصل الاختصاص قدم او أخر أى له الملك وله الحمد لا لغيره إذ هو المبدئ لكل شىء وهو القائم به والمهيمن عليه المتصرف فيه كيف يشاء وهو المولى لاصول النعم وفروعها ولولا انه أنعم بها على عباده لما قدر أحد على ادنى شىء فالمؤمنون يحمدونه على نعمه وله الحمد فى الاولى والآخرة واما ملك غيره فاسترعاء من جنابه وتسليط منه وحمد غيره اعتداد بأن نعمة الله جرت على يده فللبشر ملك وحمد من حيث الصورة لا من حيث الحقيقة با غير او اضافت شاهى بود چنان ... بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لان نسبة ذاته المقتضية للقدرة الى الكل سوآء فهو القادر على الإيجاد والاعدام والأسقام والإبراء والإعزاز والاذلال والتبييض والتسويد ونحو ذلك من الأمور الغير المتناهية قال بعضهم قدرة الله تصلح للخلق وقدرة العبد تصلح للكسب فالعبد لا يوصف بالقدرة على الخلق والحق لا يوصف بالقدرة على الكسب فمن عرف انه تعالى قادر خشى من سطوات عقوبته عند مخالفته وامل لطائف نعمته ورحمته عند سؤال حاجته لا بوسيلة طاعته بل بكرمه ومنته وفى التأويلات النجمية ينزه ذاته المسبحة المقدسة عن الأمثال والاضداد والاشكال والانداد ما فى السموات القوى الروحانية وما فى ارض القوى الجسمانية له ملك الوجود المطلق وله الحمد على نعمة ظهوره فى الوجود المقيد وهويته المطلقة قادرة على ظهورها بالإطلاق والتقييد وهى فى عينها منزهة عنهما وهما نسبتان اعتباريتان هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ خلقا بديعا حاويا لجميع مبادى الكمالات العلمية والعملية ومع ذلك فَمِنْكُمْ كافِرٌ اى فبعضكم او فبعض منكم مختار للكفر كاسب له حسبما تقتضيه خلقته ويندرج فيه المنافق لانه كافر مضمر وكان الواجب عليكم جميعا ان تكونوا مختارين للايمان شاكرين لنعمة الخلق والإيجاد وما يتفرع عليها من سائر النعم فما فعلتم ذلك مع تمام تمكنهم منه بل تشعبتم شعبا وتفرقتم فرقا قال فى فتح الرحمن الكفر فعل الكافر والايمان فعل المؤمن والكفر والايمان اكتساب العبد لقول النبي عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة وقوله فطرة الله التي فطر الناس عليها فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الايمان لان الله تعالى أراد ذلك منه وقدره عليه وعلمه منه والكافر بعد خلق الله إياه يختار الكفر لان الله تعالى قدر عليه ذلك وعلمه منه وهذا طريق اهل السنة انتهى وفى الآية رد للدهرية والطبيعية فانهم ينكرون خالقية الله تعالى والخالق هو المخترع للاعيان المبدع لها (حكى) ان سنيا ناظر معتزليا فى مسألة القدر فقطف المعتزلي تفاحة من شجرة وقال للسنى أليس انا الذي قطفت هذه فقال له السنى ان كنت الذي قطفتها فردها على ما كانت عليه فأفحم المعتزلي وانقطع وانما ألزمه بذلك لان القدرة التي يحصل بها الإيجاد لا بد أن تكون صالحة للضدين فلو كان تفريق الاجزاء بقدرته لكان فى قدرته وصلها ومن أدب من

عرف انه سبحانه هو المنفرد بالخلق والإيجاد أن لا يجحد كسب العبد ولا يطوى بساط الشرع فى الابتلاء بالأمر والنهى ولا يعتقدان للعبد على الله حجة بسبب ذلك (حكى) ان بعض الأكابر تعجب من تجاسر الملائكة فى قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ثم قال ما عليهم شىء هو أنطقهم فبلغ قوله يحيى بن معاذ الرازي رضى الله عنه فقال صدق هو أنطقهم ولكن انظر كيف أفحمهم بين بذلك ان مجرد الخلق من جهة الحق لا يكون عذرا للعبيد فى سقوط اللوم عنهم وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ مختار للايمان كاسب له ويندرج فيه مرتكب الكبيرة الغير التائب والمبتدع الذي لا تفضى بدعته الى الكفر وتقديم الكفر عليه لانه الأنسب بمقام التوبيخ والأغلب فيما بينهم ولذا يقول الله فى يوم الموقف يا آدم أخرج بعث النار يعنى ميز أهلها المبعوث إليها قال وما بعث النار اى عدده قال الله من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون وفى التنزيل ولكن اكثر الناس لا يؤمنون وقليل من عبادى الشكور والايمان أعظم شعب الشكر (روى) ان عمر رضى الله عنه سمع رجلا يقول اللهم اجعلنى من القليل فقال له عمر ما هذا الدعاء فقال الرجل انى سمعت الله يقول وقليل من عبادى الشكور فانما ادعو أن يجعلنى من ذلك القليل فقال عمر كل الناس اعلم من عمر. يقول الفقير هذا القول من عمر من قبيل كسر النفس واستقصار العلم والمعرفة واستقلالهما على ما هو عادة الكمل فلا ينافى كماله فى الدين والمعرفة حتى يكون ذلك سببا لجرحه فى باب الخلافة كما استدل به الطوسي الخبيث على ذلك فى كتاب التجريد له وفى الحديث (الا ان بنى آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت مؤمنا) ومن هنا قال بعضهم قوم طلبوه فخذلهم وقوم هربوا منه فأدركهم. ابراهيم خواص قدس سره گفت در باديه وقتى بتجريد مى رفتم پيرى را ديدم در كوشه نشسته وكلاهى بر سر نهاده وبزارى وخوارى مى گريست گفتم يا هذا تو كيستى گفت من ابو مره ام گفتم چرا مى گريى گفت كيست بگريستن سزاوارتر از من چهل هزار سال بدان دركاه خدمت كرده ام ودر أفق أعلى از من مقدم تر كس نبودا كنون تقدير الهى وحكم غيبى نكر كه مرا بچهـ روز آورد آنكه كفت اى خواص نكر تا بدين جهد وطاعت خويش غره نباشى كه بعنايت واختيار اوست نه بجهد وطاعت بنده بمن يك فرمان آمد كه آدم را سجده كن نكردم وآدم را فرمان آمد كه از آن درخت مخور خورد ودر كار آدم عنايت بود عذرش بنهادند وزلت او در حساب نياوردند ودر كار من عنايت نيود طاعت ديرينه من زلت شمردند من لم يكن للوصال أهلا ... فكل إحسانه ذنوب ومن هنا يعرف سر قول الشيخ سعدى هر كه در سايه عنايت اوست ... كنهش طاعتست ودشمن دوست وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ مطلقا بَصِيرٌ فيجازيكم بذلك فاختاروا منه ما يجديكم من الايمان

[سورة التغابن (64) : آية 3]

والطاعة وإياكم وما يرديكم من الكفر والعصيان قال القاسم رحمه الله خاطبهم مخاطبة حال كونهم ذرا فسماهم كافرين ومؤمنين فى أزله وأظهرهم حين أظهرهم على ما سماهم وقدر عليهم فأخبر بأنه علم ما يعملونه من خير وشر. واعلم ان الله تعالى يعلم لكنه يحلم ويقدر لكنه يغفر الا ان من أقصته السوابق لم تدنه الوسائل ومن أقعده جده لم ينفعه كده قيل ان بعض الأكابر بلغه أن يهوديا أوصى أن يحمل من بلده إذا مات ويدفن فى بيت المقدس فقال أيكابر الأزل أما علم انه لو دفن فى فراديس العلى لجاءت جهنم بأنكالها وحملته الى نفسها والناس على اربعة اقسام اصحاب السوابق وهم الذين تكون فكرتهم ابدا فيما سبق لهم من الله لعلمهم ان الحكم الأزلي لا يتغير باكتساب العبيد واصحاب العواقب وهم الذين يكفرون ابدا فيما يختم به أمرهم فان الأمور بخواتمها والعاقبة مستورة ولهذا قيل لا يغرنكم صفاء الأوقات فان تحتها غوامض الآفات واصحاب الوقت وهم الذين لا يتفكرون فى السوابق ولا فى اللواحق اى العواقب بل يشتغلون بمراعاة الوقت وأداء ما كلفوا من احكام ولهذا قيل العارف ابن وقته وقيل الصوفي من لا ماضى له ولا مستقبل (وفى المثنوى) صوفى ابن الوقت باشد اى رفيق ... نيست فردا كفتن از شرط طريق والقسم الرابع هم الذين غلب عليهم ذكر الحق فهم مشغولون بشهود الموقت عن مراعاة الوقت وفى الآية اشارة الى هويته المطلقة عن النسب والإضافات خلقكم اى تجلى لتعيناتكم الجنسية والنوعية والشخصية من غير تقييد وانحصار فمنكم اى فمن بعض هذه التعينات كافر يستر الحق المطلق بالخلق المقيد ويقول بالتفرقة دفعا لطعن الطاعن ومن بعض هذه التعينات مؤمن يؤمن بظهور الحق فى الخلق ويستر الخلق بالحق ويقول بالجمعية تأنيسا للمكاشفين بالحقائق والله بما تعملون بصير من ستر الحق بالخلق دفعا للطاعن ومن ستر الخلق بالحق تأنيسا للطالب الواجد خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى بالحكمة البالغة المتضمنة للمصالح الدينية والدنيوية والمراد السموات السبع والأرضون السبع كما يدل عليه التصريح فى بعض المواضع قال تعالى خلق سبع سموات طباقا وقال تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن فان قلت ما وجه عدم ذكر العرش والكرسي فى أمثال هذه المواضع مع عظم خلقهما قلت انهما وان كانا من السماء لان السماء هو الفلك والفلك جسم شفاف محيط بالعالم وهما أوسع الافلاك احاطة الا ان آثارهما غير ظاهرة مكشوفة بخلاف السموات والأرض وما بينهما فانها أقرب الى المخاطبين المكلفين ومعلوم حالها عندهم ومكشوفة آثارها ومنفعتها ولهذا قالوا ان الشمس تنضج الفواكه والقمر يلونها والكواكب تعطيها الطعم الى غير ذلك مما لا يتناهى على ان التغيرات فيها اظهر فهى على عظم القدرة أدل وقد قال تعالى كل يوم هو فى شأن واكثر هذه الشؤون فى عالم الكون والفساد الذي هو عبارة عن السموات والأرض إذ هما من العنصريات بخلاف العرش والكرسي فانهما من الطبيعيات ولهذا لا يفنيان وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ الفاء للتفسير اى صوركم احسن تصوير وخلقكم فى أحسن

تقويم وأودع فيكم من القوى والمشاعر الظاهرة والباطنة ما نيط بها جميع الكمالات البارزة والكامنة وزينكم بصفوة صفات مصنوعاته وخصكم بخلاصة خصائص مبدعاته وجعلكم أنموذج جميع مخلوقاته فى هذه النشأة فلكم جمال الصورة وأحسن الاشكال ولذا لا يتمنى الإنسان أن يكون صورته على خلاف ما هو عليه لكون صورته أحسن من سائر الصور ومن حسن صورته امتداد قامته وانتصاب خلقته واعتدال وجوده ولا يقدح فى حسنه كون بعض الصور قبيحا بالنسبة الى بعض لان الحسن وهو الجمال فى الخلق والخلق على مراتب كما قالت الحكماء شيئان لا غاية لهما الجمال والبيان ولكم ايضا جمال المعنى وكمال الخصال بدرون تست مصرى كه تويى شكر ستانش ... چهـ غمست اگر ز بيرون مدد شكر ندارى شده غلام صورت بمثال بت پرستان ... تو چويوسفى وليكن سوى خود نظر ندارى بخدا جمال خود را چودر آينه ببينى ... بت خويش هم تو باشى بكسى كذر ندارى والمعتد به هو الحسن المعنوي لان الله خلق آدم على صورته اى على الصورة الالهية التي هى عبارة عن صفاته العليا وأسمائه الحسنى والا فالحسن الصوري يوجد فى الكافر أيضا ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافرهم از روى صورت چوماست نعم قد يوجد سيرة حسنة وخلق حميد فى الكافر كعدل انوشروان مثلا لكن المعتد به ما يكون مقارنا بالايمان الذي هو احسن السير قال بعض الكبار كل من كان فيه صفة العدل فهو ملك وان كان الحق تعالى ما استخلفه بالخطاب الإلهي فان من الخلفاء من أخذ المرتبة بنفسه من غير عهد الهى اليه بها وقام بالعدل فى الرعايا استنادا الى الحق كما قال عليه السلام ولدت فى زمن الملك العادل يعنى كسرى فسماه ملكا ووصفه بالعدل ومعلوم ان كسرى فى ذلك العدل على غير شرع منزل لكنه نائب للحق من ورلء الحجاب وخرج بقولنا وقام بالعدل فى الرعايا من لم يقم بالعدل كفرعون وأمثاله من المنازعين لحدود الله والمغالبين لجنابه بمغالبة رسله فان هؤلاء ليسوا بخلفاء الله تعالى كالرسل ولا نوابا له كالملوك العادلة بل هم اخوان الشياطين قال الحسين رحمه الله أحسن الصور صورة اعتقت من ذل كن وتولى الحق تصويرها بيده ونفخ فيها من روحه وألبسها شواهد البعث وحلاها بالتعليم شفاها وأسجد لها الملائكة المقربين وأسكنها فى جواره وزين باطنها بالمعرفة وظاهرها بفنون الخدمة والجمع فى قوله فاحسن صوركم باعتبار الأنواع لان صورة الرومي ليست كصورة الهندي الى غير ذلك والافراد وهو ظاهر وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ اى والى الله الرجوع فى النشأة الاخرى لا الى غيره استقلالا او اشتراكا فأحسنوا سرآئركم باستعمال تلك القوى والمشاعر فيما خلقن له حتى يجازيكم بالانعام لا بالانتقام فكم من صورة حسناء تكون فى العقبى شوهاء بقبح السريرة والسيرة وكم من صورة قبيحة تكون حسناء بحسنهما چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوثن از جنس مى باش وقد ثبت ان ضرس الكافر يوم القيامة مثل جبل أحد وان غلظ جسده مسافة ثلاثة ايام وانه يسوء خلقه فتغلظ شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخى شفته السفلى حتى

[سورة التغابن (64) : آية 4]

تضرب سرته وان اهل الجنة ضوء وجوههم كضوء القمر ليلة البدر او على أحسن كوكب درى فى السماء وهم جرد مرد مكحلون أبناء ثلاث وثلاثين فطوبى لاهل اللطافة وويل لاهل الكثافة. اعلم ان الله تعالى خلق سموات الكليات وارض الجزئيات بمظهرية الحق وظهوره فيهما بحسب استعداد الكل لا بحسبه وتجلى فى مظاهر صور الإنسان بحسبه اى بجميع الأسماء والصفات ولذا قال تعالى فأحسن صوركم اى جعل صوركم احدية جمع جميع المظهريات الجامعة لجميع المظاهر السماوية العلوية والارضية السفلية كما قال عليه السلام ان الله خلق آدم على صورته يعنى أورد الاسم الجامع فى عنوان الخلق اشارة الى تلك الجمعية فكان مصير الإنسان الى الهوية الجامعة لجميع الهويات لكن حصل التفاوت بين افراده بحسب التجلي والاستتار والفعل والقوة فليس لاهل الحجاب أن يدعى كمالات اهل الكشف للتفاوت المذكور فيا عجبا من انسان خفى عليه ما دفن فى ارض وجوده من كنز الهى غيبى من نال اليه لم يفتقر ابدا وكيف قنع بقشر مع إمكان تحصيل اللب وكيف اقام فى الحضيض مع سهولة العروج الى الأوج چهـ شكرهاست درين شهر كه قانع شده اند ... شاهبازان طريقت بمقام مگسى يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الأمور الكلية والجزئية والأحوال الجلية والخفية وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ اى ما تسرونه فيما بينكم وما تظهرونه من الأمور والتصريح به مع اندراجه فيما قبله لانه الذي يدور عليه الجزاء ففيه تأكيد للوعد والوعيد وتشديد لهما قال فى برهان القرآن انما كرر ما فى أول السورة لاختلاف تسبيح اهل الأرض واهل السماء فى الكثرة والقلة والبعد والقرب من المعصية والطاعة وكذلك اختلاف ما تسرون وما تعلنون فانهما ضدان ولم يكرر ما فى السموات والأرض لان الكل بالاضافة الى علم الله جنس واحد لا يخفى عليه شىء وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى هو محيط بجميع المضمرات المستكنة فى صدور الناس بحيث لا تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما يسرونه وما يعلنونه وبالفارسية وخداى تعالى داناست بآنچهـ در سينهاست از خواطر وأفكار وانما قيل لها ذات الصدور وصاحبتها لملابستها لها وكونها مخزونة فيها ففى الآية ترق من الأظهر الى الأخفى لانه عالم بما فى السموات وما فى الأرض وبما يصدر من بنى آدم سرا وعلنا وبما لم يصدر بعد بل هو مكنون فى الصدور واظهار الجلالة للاشعار بعلية الحكم وتأكيد استقلال الجملة قبل وتقديم القدرة على العلم لان دلالة المخلوقات على قدرته بالذات وعلى علمه بما فيها من الاتفاق والاختصاص تبعض الجهات الظاهرة مثل كون السماء فى العلو والأرض فى السفل او الباطنة مثل أن يكون السماء متحركة والأرض ساكنة الى غير ذلك فان للمتكلمين مسلكين فى اثبات العلم الاول ان فعله تعالى متقن اى محكم خال عن وجوه الخلل ومشتمل على حكم ومصالح متكثرة وكل من فعله متقن فهو عالم والثاني انه فاعل بالقصد والاختيار لتخصيص بعض الممكنات ببعض الانحاء ولا يتصور ذلك إلا مع العلم وفى قوله ما تسرون اشارة الى علماء الظاهر من الحكماء والمتكلمين والى علومهم الفكرية

[سورة التغابن (64) : الآيات 5 إلى 10]

النظرية وما يسرون فيها من عقائدهم الفاسدة ومقاصدهم الكاسدة وفى قوله وما تعلنون اشارة الى علماء الباطن من المشايخ والصوفية والى معارفهم ومواجيدهم الذوقية الكشفية وما يظهرون منها من الكرامات وخوارق العادات والله عليم بصدور عمل كل واحد من صدور قلوبهم بحسب الرياء والإخلاص والحق والباطل أَلَمْ يَأْتِكُمْ أيها الكفرة والالف للاستفهام ولم للجحد ومعناه التحقيق نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى خبر قوم نوح ومن بعدهم من الأمم المصرة على الكفر مِنْ قَبْلُ اى قبلكم فيكون متعلقا بكفروا او قبل هذا الوقت او هذا العصيان والمعاداة فيكون ظرفا لألم يأتكم فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ عطف على كفروا والذوق وان كان فى التعارف للقليل لكنه مستصلح للكثير والوبال الثقل والشدة المترتبة على امر من الأمور والوبل والوابل المطر الثقيل القطار مقابل الطل وهو المطر الخفيف وأمرهم كفرهم فهو واحد الأمور عبر عنه بذلك للايذان بأنه امر هائل وجناية عظيمة والمعنى فذاقوا فى الدنيا من غير مهلة ما يستتبعه كفرهم من الضرر والعقوبة وأحسوه احساس الذائق المعطوم يعنى پس چشيدن كران بارئ خود ودشوارئ سر انجام خويش وضرر كفر وعقوبت او در دنيا بغرق وريح صرصر وعذاب يوم الظلة وأمثال آن. وفى إيراد الذوق رمز الى ان ذلك المذوق العاجل شىء حقير بالنسبة الى ما سيرون من العذاب الآجل ولذلك قال تعالى وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ اى مؤلم لا يقادر قدره وفيه اخبار بأن ما أصابهم فى الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم والا لم يعذبوا فى الآخرة بخلاف المؤمنين فان ما أصابهم فى الدنيا من الآلام والأوجاع والمصائب كفارة لذنوبهم على ما ورد فى الاخبار الصحيحة ذلِكَ اى ما ذكر من العذاب الذي زاقوه فى الدنيا وما سيذوقونه فى الآخرة بِأَنَّهُ اى بسبب ان الشان كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات الظاهرة والباء اما للملابسة او للتعدية فَقالُوا عطف على كانت أَبَشَرٌ آيا آدميان مثل ما يَهْدُونَنا راه نمايند ما را. اى قال كل قوم من المذكورين فى حق رسولهم الذي أتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك ابشر وآدمي مثلنا يهدينا ويرشدنا الى الدين او الى الله والتقرب منه كما قالت ثمود ابشرا منا واحدا نتبعه أنكروا أن يكون الرسول بشرا ولم ينكروا أن يكون المعبود حجرا وقد أجمل فى الحكاية فأسند القول الى جميع الأقوام وأريد بالبشر الجنس فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب والأمر فى قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا وارتفاع بشر على انه فاعل فعل مضمر يفسره ما بعده فيكون من باب الاشتغال وهو اولى من جعله مبتدأ وما بعده خبرا لان اداة الاستفهام تطلب الفعل ظاهرا او مضمرا قال القاشاني لما حجبوا بصفات نفوسهم عن النور الذي هو به يفضل عليهم بما لا يقاس ولم يجدوا منه الا البشرية أنكروا هدايته فان كان كل عارف لا يعرف معروفه الا بالمعنى الذي فيه فلا يوجد النور الكمالي الا بالنور الفطري ولا يعرف الكمال الا الكامل ولهذا قيل لا يعرف الله غير الله وكل طالب وجد مطلوبه بوجه ما

[سورة التغابن (64) : آية 7]

والا لما امكنه التوجه نحوه وكذا كل مصدق بشئ فانه واجد للمعنى المصدق به بما فى نفسه من ذلك المعنى فلما لم يكن فيهم شىء من النور الفطري أصلا لم يعرفوا منه الكمال فأنكروه ولم يعرفوا من الحق شيأ ولم يحدث فيهم طلب حتى يحتاجوا الى الهداية فأنكروا الهداية وقال بعض العارفين معرفة مقام الأولياء أصعب من الممكن من معرفة الله تعالى لان الله تعالى معروف بكماله وجماله وجلاله وقهره بخلاف الولي الكامل فانه ملآن من شهود الضعف يأكل ويشرب ويبول مثل غيره من الخلق ولا كرامة له تظهر الا بأن يناجى ربه وانى للخلق معرفة مقامه وو الله لو كشف للخلق عن حقيقة الولي لعبد كما عبد عيسى عليه السلام ولو كشف لهم عن مشرقات نوره لانطوى نور الشمس والقمر من مشرقات نور قلبه ولكن فى ستر الحق تعالى لمقام الولي حكم واسرار وأدنى ما فى الستر أن لا يتعرض أحد لمحاربة الله تعالى إذا آذاهم بعد أن عرفهم انهم اولياء الله فكان ستر مقامهم عن الخلق رحمة بالخلق وفتحا لباب اعتذار من آذاهم من غالب الخلق فان الأذى لم يزل من الخلق لهم فى كل عصر لجهلهم بمقامهم فَكَفَرُوا اى بالرسل بسبب هذا القول لانهم قالوه استصغارا لهم ولم يعلموا الحكمة فى اختيار كون الرسل بشرا وَتَوَلَّوْا عن التدبير فيما أتوا به من البينات وعن الايمان بهم وَاسْتَغْنَى اللَّهُ اى اظهر استغناءه عن ايمانهم وطاعتهم حيث اهلكهم وقطع دابرهم ولولا غناه تعالى عنهما لما فعل ذلك وقال سعدى المفتى هو حال بتقدير قد وهو بمعنى غنى الثلاثي والمراد كمال الغنى إذ الطلب يلزمه الكمال وَاللَّهُ غَنِيٌّ عن العالمين فضلا عن ايمانهم وطاعتهم حَمِيدٌ يحمده كل مخلوق بلسان الحال ويدل على اتصافه بالصفات الكمالية او يحمده أولياؤه وان امتنع أعداؤه والحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال ومن عرف انه الحميد فى ذاته وصفاته وأفعاله شغله ذكره والثناء عليه فان العبد وان كثرت محامده من عقائده وأخلاقه وأفعاله وأقواله فلا يخلو عن مذمة ونقص الا النبي عليه السلام فانه محمد واحمد ومحمود من كل وجه وله المحمدة والكمال وفى الأربعين الادريسية يا حميد الفعال ذا المن على جميع خلقه بلطفه قال السهروردي رحمه الله من داومه يحصل له من الأموال ما لا يمكن ضبطه زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا الزعم ادعاء العلم فمعنى أزعم زيدا قائما أقول انه كذا ففى تصدير الجملة بقوله أزعم اشعار بأنه لا سند للحكم سوى ادعائه إياه وقوله به ويتعدى الى مفعولين تعدى العلم وقد قام مقامهما ان المخففة مع ما فى حيزها فأن مخففة لا ناصبة لئلا يدخل ناصب على مثله والمراد بالموصول كفار مكة اى زعموا وادعوا ان الشان لن يبعثوا بعد موتهم ابدا ولن يقاموا ويخرجوا من قبورهم وعن شريح رضى الله عنه لكل شىء كنية وكنية الكذب زعموا قال بعض المخضرمين لابنه هب لى من كلامك كلمتين زعم وسوف انتهى ويكره للرجل أن يكثر لفظ الزعم وأمثاله فانه تحديث بكل ما سمع وكفى بذلك كذبا وإذا أراد أن يتكلم تكلم بما هو محقق لا بما هو مشتبه وبذلك يتخلص من أن يحدث بكل ما سمع فيكون معصوما من الكذب كذا فى المقاصد الحسنة قُلْ ردا لهم وابطالا لزعمهم بإثبات ما نفوه بَلى

[سورة التغابن (64) : الآيات 8 إلى 9]

اى تبعثون فان بلى لايجاب النفي الذي قبله وقوله وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ اى لتحاسبن وتجزون بأعمالكم جملة مستقلة داخلة تحت الأمر واردة لتأكيد ما أفاده كلمة بلى من اثبات البعث وبيان تحقق امر آخر متفرع عليه منوط به ففيه تأكيد لتحقق البعث بوجهين فقوله وربى قسم لعل اختياره هاهنا لما ان فى البعث اظهار كمال الربوبية المفيدة لتمام المعرفة وإيثار دوام التربية بالنعم الجسمانية الظاهرة والنعم الروحانية الباطنة وقوله لتبعثن أصله لتبعثون حذفت واوه لاجتماع الساكنين بمجىء نون التأكيد وان كان على حده طلبا للخفة واكتفاء بالضمة وهو جواب قسم قبله مؤكد باللام المؤكدة للقسم وثم لتراخى المدة لطول يوم القيامة او لتراخى الرتبة وظاهر كلام اللباب أن يكون وربى قسما متعلقا بما قبله قدتم الكلام عنده وحسن الوقف عليه ويجعل لتبعثن بما عطف عليه جواب قسم آخر مقدر مستانف لتأكيد الاول لعل فائدة الاخبار بالقسم مع ان المشركين ينكرون الرسالة كما ينكرون البعث ابطال لزعمهم بالتشديد والتأكيد ليتأثر من قدر الله له الانصاف وتتأكد الحجة على من لم يقدر له وكان محروما بالكلية وَذلِكَ اى ما ذكر من البعث والجزاء عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ اى سهل على الله لتحقق القدرة التامة وقبول المادة وإذا كان الأمر كذلك فَآمِنُوا بصرف ارادتكم الجزئية الى اسباب حصول الايمان بِاللَّهِ الباعث من القبور المجازى على كل عمل ظاهر أو مستور وَرَسُولِهِ محمد صلى الله عليه وسلم الذي اخبر عن شؤون الله تعالى وصفاته وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا اى أنزلناه على رسولنا وهو القرآن فانه بأعجازه بين بنفسه انه حق نازل من عند الله مبين لغيره ومظهر للحلال والحرام كما ان النور كذلك والالتفات الى نون العظمة لابراز كمال العناية وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من الامتثال بالأمر وعدمه خَبِيرٌ فمجازيكم عليه يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ ظرف لتنبؤن وما بينهما اعتراض او مفعول لا ذكر الظاهر ان الخطاب لمن خوطب اولا بقوله ألم يأتكم لِيَوْمِ الْجَمْعِ ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون من الجن والانس واهل السماء والأرض اى لاجل ما فيه من الحساب والجزاء وهو يوم القيامة فاللام للعهد اى جمع هذا اليوم عن النبي عليه السلام إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد ينادى بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم اهل الجمع اليوم من اولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانوا يحمدون الله فى البأساء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا الى الجنة ثم يحاسب سائر الناس وقيل المراد جمع الله بين العبد وعمله وقيل بين الظالم والمظلوم او بين كل نبى وأمته ذلِكَ اليوم يَوْمُ التَّغابُنِ تفاعل من الغبن وهو أن تخسر صاحبك فى معاملة بينك وبينه بضرب من الإخفاء والتغابن أن يغبن بعضهم بعضا ويوم القيامة يوم غبن بعض الناس بعضا بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس وفيه تهكم لان نزولهم ليس بغبن ان كون نزول الأشقياء منازل السعداء من النار لو كانوا أشقياء غبنا باعتبار الاستعارة التهكمية

والا فهم بنزولهم فى النار لم يغبنوا اهل الجنة وفى الحديث ما من عبد يدخل الجنة الا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا وما من عبد يدخل النار الا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة وتخصيص التغابن بذلك اليوم للايذان بأن التغابن فى الحقيقة هو الذي يقع فيه مالا يقع فى امور الدنيا فاللام للعهد الذي يشار به عند عدم المعهود الخارجي الى الفرد الكامل اى التغابن الكامل العظيم الذي لا تغابن فوقه قال القاشاني ليس التغابن فى الأمور الدنيوية فانها امور فانية سريعة الزوال ضرورية الفناء لا يبقى شىء منها لاحد فان فات شىء من ذلك او أفاته أحد ولو كان حياته فانما فات أو أفيت ما لزم فواته ضرورة فلا غبن ولا حيف حقيقة وانما الغبن والتغابن فى إفاتة شىء لو لم يفته لبقى دائما وانتفع به صاحبه سرمدا وهو النور الكمالي والاستعدادي فتظهر الحسرة والتغابن هناك فى اضاعة الربح ورأس المال فى تجارة الفوز والنجاة كما قال فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فمن أضاع استعداده او اكتسب منه شيأ ولم يبلغ غايته كان مغبونا بالنسبة الى الكمال التام وكأنما ظفر ذلك الكامل بمقامه ومرامه وبقي هذا متحسرا فى نقصانه انتهى وقال الراغب يوم التغابن يوم القيامة لظهور الغبن فى المبايعة المشار إليها بقوله ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله وبقوله ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وقوله الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا فلعلهم غبنوا فيما تركوا من المبايعة وفيما تعاطوا من ذلك جميعا وسئل بعضهم عن يوم التغابن فقال تبدو الأشياء بخلاف مقاديرها فى الدنيا وقال بعضهم يظهر يومئذ غبن الكافر بترك الايمان وغبن المؤمن بتقصيره فى الإحسان وإذا دخل العارف الجنة ورآه صاحب الحال فانه يراه كما يرى الكوكب الدري فى السماء فيتمنى أن يكون له مثل مرتبة العارف فلا يقدر عليها فيتحسر على تفويته اسباب ذلك فى الدنيا وقد ورد لا يتحسر اهل الجنة فى الجنة إلا ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها قيل أشد الناس غبنا يوم القيامة ثلاثة نفر عالم علم الناس فعملوا بعلمه وخالف هو علمه فدخل غيره الجنة بعلمه ودخل هو النار بعمله وعبد أطاع الله بقوة مال سيده وعصى الله سيده فدخل العبد الجنة بقوة مال مالكه ودخل مالكه النار بمعصية الله وولد ورث مالا من أبيه وأبوه شح به وعصى الله فيه فدخل أبوه ببخله النار ودخل هو بانفاقه فى الخير الجنة بخور اى نيك سيرت وسره مرد ... كان نكون بخت گرد كرد ونخورد وفى الحديث لا يلقى الله أحد الا نادما ان كان مسيئا ان لم يحسن وان كان محسنا ان لم يزدد وقال بعض العارفين لا يجوز الترقي فى الآخرة الا فى مقام حصله المكلف فى هذه الدار فمن عرف شيأ وتعلقت همته بطلبه كان له اما عاجلا واما آجلا فان ظفر به فى حياته كان ذلك اختصاصا واعتناء وان لم يظفر به فى حياته معجلا كان مدخر اله بعد المفارقة يناله ثم ضرورة لازمة ومن لم يتحقق بمقام فى هذا الموطن لم يظفر به ثم ولذلك سمى يوم التغابن لانقطاع الترقي فيه فاعلم ذلك وقال بعضهم الغبن كل الغبن أن لا يعرف الصفاء فى الكدورة واللطف فى صورة القهر فتوحش عن الحق بالتفرقة وهو فى عين

[سورة التغابن (64) : آية 10]

الجمع والانس وايضا يقع الغبن لمن كان مشغولا بالجزاء والعطاء ورؤية الأعواض واما من كان مشغولا بمشاهدة الحق فقد خرج عن حد الغبن وايضا يقع الكل فى الغبن إذا عاينوا الحق بوصفه وهم وجدوه أعظم وأجل مما وجدوه فى مكاشفاتهم فى الدنيا فيكونون معبونين حيث لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته وان كانوا لا يعرفونه ابدا حق معرفته واى غبن أعظم من هذا إذ يرونه ولا يصلون الى حقيقة وجوده وقال ابن عطاء رحمه الله تغابن اهل الحق على مقادير الضياء عند الرؤية والتجلي وقال بعض الكبار يوم شهود الحق فى مقام الجمعية يوم غبن اهل الشهود والمعرفة على اهل الحجاب والغفلة فانهم فى نعيم القرب والجمع واهل الحجاب فى جحيم البعد والفراق وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ بالصدق والإخلاص بحسب نور استعداده وَيَعْمَلْ صالِحاً اى عملا صالحا بمقتضى إيمانه فان العمل انما يكون بقدر النظر وهو اى العمل الصالح ما يبتغى به وجه الله فرضا او نفلا (روى) ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله أراد أن يدخل الحمام فطلب الحمامي الاجرة فتأوه وقال إذا لم يدخل أحد بيت الشيطان بلا أجرة فانى يدخل بيت الرحمن بلا عمل يُكَفِّرْ اى يغفر الله ويمح عَنْهُ سَيِّئاتِهِ يوم القيامة فلا يفضحه بها وَيُدْخِلْهُ بفضله وكرمه لا بالإيجاب جَنَّاتٍ على حسب درجات اعماله تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت قصورها او أشجارها الْأَنْهارُ الاربعة خالِدِينَ فِيها حال من الهاء فى يدخله وحد أولا حملا على لفظ من ثم جمع حملا على معناه أَبَداً نصب على الظرف وهو تأكيد للخلود ذلِكَ اى ما ذكر من تكفير السيئات وإدخال الجنات الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه لا نطوائه على النجاة من أعظم الهلكات والظفر بأجل الطيبات فيكون أعلى حالا من الفوز الكبير لانه يكون بجلب المنافع كما فى سورة البروج والفوز العظيم فى الحقيقة هو الانخلاع عن الوجود المجازى والتلبس بلباس الوجود الحقيقي وذلك موقوف على الايمان الحقيقي الذوقى والعمل الصالح المقارن بشهود العامل فان نور الشهود حينئذ يستر ظلمات وجوده الإضافي وينوره بنور الوجود الحقيقي ويدخله جنات الوصول والوصال التي تجرى من تحتها الأنهار مملوءة من ماء المعارف والحكم وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا تصريح بما علم التزاما والمراد بالآيات اما القرآن او المعجزات فان كلا منهما آية لصدق الرسول أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ اى أهلها اما بمعنى مصاحبوها خلودهم فيها او مالكوها تنزيلا لهم منزلة الملاك للتهكم حال كونهم خالِدِينَ فِيها اى ابدا بقرينة المقابلة وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى النار كأن هاتين الآيتين الكريمتين بيان لكيفية التغابن وانما قلنا كأن لان الواو يمانع الحمل على البيان كما عرف فى المعاني وفى الآية اشارة الى المحجوبين عن الله المحرومين من الايمان الحقيقي به بأن يكون ذلك بطريق الذوق والوجدان لا بطريق العلم والبرهان المكذبين آيات الله الظاهرة فى خواص عباده بحسب التجليات فانهم اصحاب نار الحجاب وجحيم الاحتجاب عل الدوام والاستمرار وبئس المصير هذه النار فعلى العاقل أن يجتهد حتى يكشف الله عمى قلبه وغشاوة بصيرته

[سورة التغابن (64) : الآيات 11 إلى 14]

فيشاهد آثار الله وآياته فى الأنفس والآفاق ويتخلص من الحجاب على الإطلاق ففى نظر العارفين عبرة وحكمة وفى حركاتهم شأن ومصلحة (حكى) ان أبا حفص النيسابورى رحمه الله خرج مع أصحابه فى الربيع للتنزه فمر بدار فيها شجرة مزهرة فوقف ينظر إليها معتبرا فخرج من الدار شيخ مجوسى فقال له يا مقدم الأخيار هل تكون ضيفا لمقدم الأشرار فقال نعم فدخلوا وكان معهم من يقرأ القرآن فقرأ فلما فرغ قال لهم المجوسي خذوا هذه الدراهم واشتروا بها طعاما من السوق من اهل ملتكم لانكم تتنزهون عن طعامنا ففعلوا فلما أرادوا الخروج قال المجوسي للشيخ لا أفارقك بل أكون أحد أصحابك ثم اسلم هو وأولاده ورهطه وكانوا بضع عشرة نفسا فقال أبو حفص لأصحابه إذا خرجتم للتنزه فاخرجوا هكذا. چون نظر ميداشت ارباب شهود ... مؤمن آمد بي نفاق اهل جحود ما نافية ولذا زاد من المؤكدة أَصابَ الخلق يعنى نرسد بهيچ كس مِنْ مُصِيبَةٍ من المصائب الدنيوية فى الأبدان والأولاد والأموال إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ استثناء مفرغ منصوب المحل على الحال اى ما أصاب مصيبة ملتبسة بشئ من الأشياء الا بإذن الله اى بتقديره وإرادته كأنها بذاتها متوجهة الى الإنسان متوقفة على اذنه تعالى ان تصيبه وهذا لا يخالف قوله تعالى فى سورة الشعراء وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير اى بسبب معاصيكم ويتجاوز عن كثير منها ولا يعاقب عليها اما اولا فلان هذا القول فى حق المجرمين فكم من مصيبة تصيب من أصابته لامر آخر من كثرة الأجر للصبر وتكفير السيئات لتوفية الأجر الى غير ذلك وما أصاب المؤمنين فمن هذا القبيل واما ثانيا فلان ما أصاب من ساء بسوء فعله فهو لم يصب الا بإذن الله وإرادته ايضا كما قال تعالى قل كل من عند الله اى إيجادا وإيصالا فسبحان من لا يجرى فى ملكه الا ما يشاء وكان الكفار يقولون لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله عن المصائب فى أموالهم وأبدانهم فى الدنيا فبين الله ان ذلك انما يصيبهم بتقديره ومشيئته وفى أصابتها حكمة لا يعرفها الا هو منها تحصيل اليقين بأن ليس شىء من الأمر فى يديهم فيبرءون بذلك من حولهم وقوتهم الى حول الله وقوته ومنها ما سبق آنفا من تكفير ذنوبهم وتكثير مثوباتهم بالصبر عليها والرضى بقضاء الله الى غير ذلك ولو لم يصب الأنبياء والأولياء محن الدنيا وما يطرأ على الأجسام لا فتتن الخلق بما ظهر على أيديهم من المعجزات والكرامات على ان طريان الآلام والأوجاع على ظواهرهم لتحقق بشريتهم لا على بواطنهم لتحقق مشاهدتهم والانس بربهم فكأنهم معصومون محفوظون منها لكون وجودها فى حكم العدم بخلاف حال الكفار والأشرار نسأل العفو والعافية من الله الغفار وفى الآية اشارة الى إصابة مصيبة النفس الامارة بالاستيلاء على القلب والى إصابة مصيبة القلب السيار بالغلبة على النفس فانهما بإذن تجلية القهرى للقلب الصافي بحسب الحكمة او بإذن تجليه اللطفى الجمالي للنفس الجانية بحسب النقمة وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يصدق به ويعلم انه لا يصيبه مصيبة الا بإذن الله والاكتفاء

[سورة التغابن (64) : آية 12]

بالايمان بالله لانه الأصل يَهْدِ قَلْبَهُ عند أصابتها للثبات والاسترجاع فيثبت ولا يضطرب بأن يقول قولا ويظهر وصفا يدل على التضجر من قضاء الله وعدم الرضى به ويسترجع ويقول انا لله وانا اليه راجعون ومن عرف الله واعتقد انه رب العالمين يرضى بقضائه ويصبر على بلائه فان التربية كما تكون بما يلائم الطبع تكون بما يتنفر عنه الطبع وقيل يهد قلبه اى يوفقه لليقين حتى يعلم ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه فيرضى بقضائه ويسلم لحكمه وقيل يهد قلبه اى يلطف به ويشرحه لازدياد الطاعة والخير وبالفارسية الله راه نمايد دل او را به پسند كارى ومزيد طاعت. وقال ابو بكر الوراق رحمه الله ومن يؤمن بالله عند الشدة والبلاء فيعلم انها من عدل الله يهد قلبه الى حقائق الرضى وزوآئد اليقين وقال أبو عثمان رحمه الله من صحح إيمانه بالله يهد قلبه لاتباع سنن نبيه عليه السلام وعلامة صحة الايمان المداومة على السنن وملازمة الاتباع وترك الآراء والا هواء المضلة وقال بعضهم ومن يؤمن بالله تحقيقا يهد قلبه الى العمل بمقتضى إيمانه حتى يجد كمال مطلوبه الذي أمن به ويصل الى محل نظره وقال بعضهم ومن يؤمن بالله بحسب ذاته نور قلبه بنور المعرفة بأسمائه وصفاته إذ معرفة الذات تستلزم معرفة الصفات والأسماء من غير عكس وباعتبار سبق الهداية ولحوقها فان الايمان بالله انما هو بهداية سابقة وهداية القلب انما هى هداية لا حقة يندفع توهم ان الايمان موقوف على الهداية فاذا كانت هى موقوفة عليه كما تفيده من الشرطية لما ان الشرط مقدم على المشروط لدار فان للهداية مراتب تقدما وتأخرا لا تنقطع ولذلك ندعو الله كل يوم ونقول مرارا اهدنا الصراط المستقيم بناء على ان فى كل عمل نريده صراطا مستقيما يوصل الى رضى الله تعالى وقيل انه مقلوب ومعناه من يهد قلبه يؤمن بالله. وروى فى يهد سبع قراءات المختار من السبع يهد مفردا غائبا راجعا ضميره الى الله مجزوم الآخر ليكون جواب الشرط المجزوم من الهداية وقرئ نهد بالنون على الالتفات منها ايضا ويهد مجهولا برفع قلبه على انه قائم مقام الفاعل منها ايضا ويهد بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ورفع قلبه ايضا بمعنى يهتد كقوله تعالى أمن لا يهدى الا أن يهدى ويهدأ من باب يسأل ويهدا بقلبها ألفا ويهد بحذفها تخفيفا فيهما والمعنى يطمئن ويسكن الى الحق وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها القلوب وأحوالها كتسليم من انقاد لامره وكراهة من كرهه وكآفاتها وخلوصها من الآفات عَلِيمٌ فيعلم ايمان المؤمن وخلوصه ويهدى قلبه الى ما ذكر وَأَطِيعُوا اللَّهَ إطاعة العبد لمولاه فيما يأمره وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ إطاعة الامة لنبيها فيما يؤديه عن الله اى لا يشغلنكم المصائب عن الاشتغال بطاعته والعمل بكتابه وعن الاشتغال بطاعة الرسول واتباع سننه وليكن جل همتكم فى السرآء والضراء العمل بما شرع لكم قال القاشاني وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول على حسب معرفتكم بالله وبالرسول فان اكثر التخلف عن الكمال والوقوع فى الخسران والنقصان انما يقع من التقصير فى العمل وتأخر القدم لا من عدم النظر كرر الأمر للتأكيد والإيذان بالفرق بين الطاعتين فى الكيفية وتوضيح مورد

[سورة التغابن (64) : آية 13]

التولي فى قوله فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن إطاعة الرسول فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ تعليل للجواب المحذوف اى فلا بأس عليه إذ ما عليه الا التبليغ المبين وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه واظهار الرسول مضافا الى نون العظمة فى مقام إضماره لتشريفه عليه السلام والاشعار بمدار الحلم الذي هو كون وظيفته عليه السلام محض البلاغ ولزيادة تشنيع التولي عنه وفى التأويلات النجمية أطيعوا الله بتهيئة الأسباب بمظهرية ذاته وصفاته وأطيعوا الرسول بتحصيل القابلية لمظهرية احكام شريعته الظاهرة وآداب طريقته الباطنة فان أعرضتم عن تهيئة الأسباب والاستعداد وتصفية هذين الامرين الكليين بالإقبال على الدنيا والاستهلاك فى بحر شهواتها فانما على رسولنا البلاغ المبين وعليكم العذاب المهين اللَّهُ لا إِلهَ فى الوجود إِلَّا هُوَ جملة من مبتدأ وخبر اى هو المستحق للمعبودية لا غير وهو القادر على الهداية والضلالة لا شريك له فى الإرشاد والإضلال وليس بيد الرسول شىء من ذلك وَعَلَى اللَّهِ اى عليه تعالى خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فى تثبيت قلوبهم على الايمان والصبر على المصائب واظهار الجلالة فى موضع الإضمار للاشعار بعلية التوكل والأمر به فان الالوهية مقتضية للتبتل اليه تعالى بالكلية وقطع التعلق عما سواه بالمرة وفى الآية بعث لرسول الله وللمؤمنين وحث لهم على الثبات على التوكل والازدياد فيه حتى ينصرهم على المكذبين وعلى من تولى عن الطاعة وقبول احكام الدين. واعلم ان التوكل من المقامات العالية وهو اظهار العجز والاعتماد على الغير وفى الحدائق التوكل هو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدى الناس وظاهر الأمر يفيد وجوب التوكل مع انه غير موجود فى اكثر الناس فيلزم أن يكونوا عاصين ولعل المأمور به هو التوكل العقلي وهو أن يعتقد العبد انه ما من مراد من مراداته الدنيوية والاخروية الا وهو يحصل من الله فيثق به فى حصوله ويرجو منه وان كانت النفس تلتفت الى الغير وتتوقع منه نظرا الى اعتقاد سببيته والله مسبب الأسباب واما التوكل الطبيعي الذي لا يكون ثقة صاحبه طبعا الا بالله وحده ولا اعتماده الا عليه فى جميع مقاصده مع قطع النظر عن الأغيار كلها رأسا فهو عسير قلما يوجد الا فى الكمل من الأولياء كما حكى عن بشر الحافى رحمه الله انه جائه جماعة من الشام وطلبوا منه أن يحج معهم فقال نعم ولكن بثلاثة شروط أن لا نحمل معنا شيأ ولا نسأل أحدا شيأ ولا نقبل من أحد شيأ فقالوا اما الاول والثاني فنقدر عليه اما الثالث فلا نقدر فقال أنتم الذين تحجون متوكلين على زاد الحاج وقيل من ادعى التوكل ثم شبع فقد حمل زادا وعن بعضهم انه قال حججت اربع عشرة مرة حافيا متوكلا وكان يدخل الشوك فلا أخرجه لئلا ينقص توكلى وعن ابراهيم الخواص رحمه الله بينما أنا أسير فى البادية إذ قال لى أعرابي يا ابراهيم التوكل عندنا فاقم عندنا حتى يصح توكلك أما تعلم ان رجاءك دخول بلد فيه أطعمة يحملك ويقويك اقطع رجاءك عن دخول البلدان فتوكل فاذا كان رجاء دخول البلدان مانعا عن التوكل التام فما ظنك بالإقامة فى بلاد خصبة ولذا أوقع الله التوكل على الجلالة لانها جامعة لجميع الأسماء فالتوكل عليه توكل تام والتوكل على الأسماء الجزئية توكل ناقص فمن عرف الله وكل اليه أموره وخرج هو من البين ومن

[سورة التغابن (64) : آية 14]

جعل الله وكيله لزمه ايضا أن يكون وكيلا لله على نفسه فى استحقاق حقوقه وفرآئضه وكل ما يلزمه فيخاصم نفسه فى ذلك ليلا ونهارا أي لا يفتر لحظة ولا يقصر طرفة فان الأوقات سريعة المرور خاك در دستش بود چون باد هنكام أجل هركه اوقات گرامى صرف آب وگل كند يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا خالصا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ جمع زوج يعم الحليل والحليلة وسيجيئ ما فى اللباب وَأَوْلادِكُمْ جمع ولد يعم الابن والبنت عَدُوًّا لَكُمْ يشغلونكم عن طاعة الله وان لم يكون لهم عداوة ظاهرة فان العدو لا يكون عدوا بذاته وانما يكون عدوا بفعله فاذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوا ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة او يخاصمونكم فى امور الدين او الدنيا وأشد المكر ما يكون فى الدين فان ضرره أشد من ضرر ما يكون فى الدنيا وجاء فى الخبر ليس عدوك الذي لقيته فقتلته وآجرك الله على قتله ولكن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وامرأتك تضاجعك على فراشك وولدك من صلبك قدم الأزواج لانها مصادر الأولاد ولانها لكونها محل الشهوات ألصق بقلوب الناس وأشد إشغالا لهم عن العبودية ولذا قدمها الله تعالى فى قوله زين للناس حب الشهوات من النساء وفى اللباب ان قوله ان من أزواجكم يدخل فيه الذكر فكما ان الرجل تكون زوجته وولده عدواله كذلك المرأة يكون زوجها عدوا لها بهذا المعنى فيكون الخطاب هنا عاما على التغليب ويحتمل أن يكون الدخول باعتبار الحكم لا باعتبار الخطاب فَاحْذَرُوهُمْ الحذر احتراز عن مخيف والضمير للعدو فانه يطلق على الجمع قال بعضهم احذروهم اى احفظوا أنفسكم من محبتهم وشدة التعلق والاحتجاب بهم ولا تؤثروا حقوقهم على حقوق الله تعالى وفى الحديث (إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم اسخياءكم وأمركم شورى بينكم اى ذا تشاور لا يتفرد أحد برأى دون صاحبه فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان امراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأمركم الى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها وفى الحديث (شاوروهن وخالفوهن) وقد استشار النبي عليه السلام أم سلمة رضى الله عنها كما فى قصة صلح الحديبية فصار دليلا لجواز استشارة المرأة الفاضلة ولفضل أم سلمة ووفور عقلها حتى قال امام الحرمين لا نعلم امرأة اشارت برأى فأصابت الا أم سلمة كذا قال وقد استدرك بعضهم ابنة شعيب فى امر موسى عليهما السلام (حكى) ان خسرو كان يحب أكل السمك فكان يوما جالسا فى المنظرة وشيرين عنده إذ جاء صياد ومعه سمكة كبيرة فوضعها بين يديه فأعجبته فأمر له بأربعة آلاف درهم فقالت شيرين بئس ما فعلت لانك إذا أعطيت بعد هذا أحدا من عسكرك هذا القدر احتقره وقال أعطانى عطية الصياد فقال خسرو لقد صدقت لكن يقبح على الملوك أن يرجعوا فى عطياتهم فقالت شيرين تدعو الصياد وتقول له هذه السمكة ذكر او أنثى فان قال ذكر فقل انما أردنا أنثى وان قال أنثى فقل انما أردنا ذكرا فنودى الصياد فعاد فقال له الملك هذه السمكة ذكر أو أنثى فقال هذه السمكة خنثى فضحك خسرو من كلامه وامر له بأربعة آلاف درهم اخرى فقبض ثمانية آلاف درهم ووضعها فى جراب معه وحملها على كاهله وهم بالخروج فوقع

من الجراب درهم واحد فوضع الصياد الجراب وانحنى على الدرهم فأخذه والملك وشيرين ينظران اليه فقالت شيرين للملك أرايت الى خسة هذا الرجل وسفالته سقط منه درهم واحد فألقى عن كاهله ثمانية آلاف درهم وانحنى على ذلك الدرهم وأخذه ولم يسهل عليه أن يتركه فغضب الملك وقال لقد صدقت يا شيرين ثم امر باعادة الصياد فقال يا دنيئ الهمة لست بانسان ما هذا الحرص والتهالك على درهم واحد فقبل الصياد الأرض وقال انى لم ارفع ذلك الدرهم لخطره عندى وانما رفعته عن الأرض لان على أحد وجهيه اسم الملك وعلى الآخر صورته فخشيت أن يأتى أحد بغير علم فيضع عليه قدمه فيكون ذلك استخفافا بالملك وصورته فتعجب خسرو من كلامه فأمر له بأربعة آلاف درهم اخرى وكتب وصية للناس بأن لا تطيعوا النساء أصلا ولا تعملوا برأيهن قطعا (وحكى) ان رجلا من بنى إسرائيل أتى سليمان عليه السلام وقال يا نبى الله أريد أن تعلمنى لسان البهائم فقال سليمان ان كنت تحب ان تعلم لسان البهائم أنا أعلمك ولكن إذا أخبرت أحدا تموت من ساعتك فقال لا اخبر أحدا فقال سليمان قد علمتك وكان للرجل ثور وحمار يعمل عليهما فى النهار فاذا امسى ادخل عليهما علفا فحط العلف بين يديهما فقال الحمار للثور أعطني الليلة عشاءك حتى يحسب صاحبنا انك مريض فلا يعمل عليك ثم انى أعطيك عشائى فى الليلة القابلة فرفع الثور رأسه من علفه فضحك الرجل فقلت امرأته لم تضحك قال لا شىء فلما جاءت الليلة القابلة أعطى الرجل للحمار علفه وللثور علفه وقال الثور اقضني السلف الذي عندك فانى أمسيت مغلوبا من الجوع والتعب فقال له الحمار انك لا تدرى كيف كان الحال قال الثور وما ذاك قال ان صاحبنا البارحة ذهب وقال للجزار ثورى مريض اذبحه قبل أن يعجف فاصبر الليلة وأسلفنى ايضا عشاءك حتى إذا جاءك الجزار صباحا وجدك عجيفا ولا يذبحك فتنجو من الموت ولو تعشيت يمتلئ بطنك فيخشى عليك أن يحسبك سمينا فيذبحك انى أرد لك ما أسفلتنى الليلتين فرفع رأسه عن علفه ولم يأكل فضحك الرجل فقالت المرأة لم تضحك أخبرني والا طلقنى فقال الرجل إذا أخبرتك بما ضحكت أموت من ساعتى فقالت لا أبالى فقال ائتيني بالدواة والقرطاس حتى اكتب وصيتي ثم اخبر ثم أموت فناولته فبينما هو يكتب إذ طرحت المرأة كسرة من الخبز الى الكلب فسبق الديك وأخذها بمنقاره قال الكلب ظلمتنى قال الديك صاحبنا يريد الموت فتكون أنت شبعانا من وليمة المأتم ولكن نحن نبقى فى مبيتنا الى ثلاثة ايام لا يفتح لنا الباب وان يمت برضى امرأته أبعده الله واسخطه فان لى تسع نسوة لا تقدر واحدة منهن أن تسأل عن سرى ولو كنت أنا مكانه لأضربنها حتى تموت او تتوب وبعد ذلك لا تسأل عن سر زوجها فأخذ الرجل عصا ولم يزل يضربها حتى ثابت من ذلك زنى را كه جهلست ونا راستى ... بلا بر سر خود نه زن خواستى وأفادت من التبعيضية فى قوله ان من أزواجكم إلخ ان منها ما ليس بعد وكما قال عليه السلام الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة وقال عليه السلام ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة ان أمرها اطاعته وان نظر إليها سرته وان اقسم عليها أبرته

وان غاب عنها نصحته فى نفسها وما له فاذا كانت المرأة على هذه الأوصاف فهى ميمونة مباركة والا فهى مشئومة منحوسة. كرا خانه آباد وهمخوابه دوست ... خدا را برحمت نظر سوى اوست وَإِنْ تَعْفُوا عن ذنوبهم القابلة للعفو بأن تكون متعلقة بامور الدنيا او بامور الدين لكن مقارنة للتوبة وَتَصْفَحُوا يترك التثريب والتعبير يقال صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه والتثريب عليه وَتَغْفِرُوا بإخفائها وتمهيد عذرها فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يعاملكم بمثل ما عملتم ويتفضل عليكم وهذا كقوله وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا نزلت فى عوف بن مالك الأشجعي رضى الله عنه كان ذا اهل وولد وكان إذا أرادا العز وبكوه ورققوه وقالوا الى من تدعنا فيرق ويقيم. وأراد الحطيئة وهو شاعر مشهور سفرا فقال لامرأته عدى السنين لغيبتى وتصبرى ... وذرى الشهور فانهن قصار فأجابته ... واذكر صبابتنا إليك وشوقنا وارحم بناتك انهن صغار وقيل ان ناسا من المؤمنين أرادوا الهجرة من مكة فثبطهم أزواجهم وأولادهم فزينوا لهم القعود قيل قالوا لهم اين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأموالكم فغضبوا عليهم وقالوا لئن جمعنا الله فى دار الهجرة لم نصبكم بخير فلما هاجروا منعوهم الخير فحثوا على أن يعفوا عنهم ويردوا إليهم البر والصلة قال القاشاني وان تعفوا بالمداراة وتصفحوا عن جرائمهم بالحلم وتغفروا جناياتهم بالرحمة فلا ذنب ولا حرج انما الذنب فى الاحتجاب بهم وافراط المحبة وشدة التعلق لا فى مراعاة العدالة والفضيلة ومعاشرتهم بحسن الخلق فانه مندوب بل اتصاف بصفات الله فان الله غفور رحيم فعليكم بالتخلق بأخلاقه وفى الحث على العفو والصفح اشارة الى أن ليس المراد من الأمر بالحذر تركهم بالكلية والاعراض عن معاشرتهم ومصاحبتهم كيف والنساء من أعظم نعم الجنة وبها نظام العالم فانه لولا الأزواج لما وجد الأنبياء والأولياء والعلماء والصلحاء وقد خلق المخلوقات لاجلهم ومن الله على عباده تذكير النعمة حيث قال خلق لكم من أنفسكم أزواجا وهذا كما روى عنه عليه السلام انه كان يقول اتقوا الدنيا والنساء فان الأمر بالاتقاء انما هو للتحذير عما يضر فى معاشرتها لا للترك بالكلية فكما ان الدنيا لا تترك بالكلية مادام المرء حيا وانما يحذر من التعلق بها ومحبتها الشاغلة عن محبة الله تعالى فكذا النساء ولأمر ما حبب الله اليه عليه السلام النساء وقال عليه السلام إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له كما سبق بيانه فى سورة النجم فقد حث عليه السلام على وجود الولد الصالح ولم يعده من الدنيا بل عده من الخير الباقي فى الدنيا وبه يحصل العمر الثاني وفى الآية اشارة الى أن النفوس الامارة او اللوامة وأولادها وهى صفات تلك النفوس وأخلاقها الشهوانية عدو للانسان يمنعه عن الهجرة الى مدينة القلب فلا بد من الحذر عن متابعتها ومخالطتها بالكلية وتصرفاتها فى جميع الأحوال وأن تعفوا عن هفواتهم الباطلة الواقعة منهم فى بعض الأوقات لكونهم مطية

[سورة التغابن (64) : الآيات 15 إلى 18]

لكم وتصفحوا بعد التوبيخ والتعبير وتغفروا بأن تستروا ظلمتهم بنور ايمانكم وشعاع معرفة قلوبكم فان الله غفور ساتر لكم يستر بلطفه رحيم بكم بافاضة رحمته عليكم جعلنا الله وإياكم من اهل تقواه ومغفرته وتغمدنا بأنواع رحمته نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ بلاء ومحنة يوقعونكم فى الإثم والعقوبة من حيث لا تحتسبون (وقال الكاشفى) آزمايش است تا ظاهر گردد كه كدام از ايشان حق را بر ايشان إيثار ميكند وكدام دل در مال وولد بسته از محبت الهى كرانه ميگيرد. وجيئ بانما للحصر لان جميع الأموال والأولاد فتنة لانه لا يرجع الى مال او ولد الا وهو مشتمل على فتنة واشتغال قلب وتأخير الأولاد من باب الترقي من الأدنى الى الأعلى لان الأولاد ألصق بالقلوب من الأموال لكونهم من اجزاء الآباء بخلاف الأموال فانها من توابع الوجود وملحقاته ولذا جعل توحيد الافعال فى مقابلة الفناء عن الأولاد وتوحيد الذات فى مقابلة الفناء عن النفس اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ لمن آثر محبة الله وطاعته على محبة الأموال والأولاد والتدبير فى مصالحهم زهدهم فى الدنيا بان ذكر عيبها ورغبهم فى الآخرة بذكر نعيمها وعن ابن مسعود رضى الله عنه لا يقولن أحدكم اللهم اعصمني من الفتنة فانه ليس أحد منكم يرجع الى مال وولد الا وهو مشتمل على فتنة ولكن ليقل اللهم انى أعوذ بك من مضلات الفتن نظيره ما حكى عن محمد ابن المنكدر رحمه الله انه قال قلت ليلة فى الطواف اللهم اعصمني وأقسمت على الله تعالى فى ذلك كثيرا فرأيت فى المنام كأن قائلا يقول لى انه لا يفعل ذلك قلت لم قال لانه يريد أن يعصى حتى يغفر وهذا من الاسرار المصونة والحكم المسكوت عنها وفى مشكاة المصابيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين رضى الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل عليه السلام من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله انما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت الى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم اصبر حتى قطعت حديثى ورفعتهما ثم أخذ عليه السلام فى خطبته قال ابن عطية وهذه ونحوها هى فتنة الفضلاء فاما فتنة الجهال الفسقة فمؤدية الى كل فعل مهلك يقال ان أول ما يتعلق بالرجل يوم القيامة اهله وأولاده فيوقفونه بين يدى الله تعالى ويقولون يا ربنا خذ بحقنا منه فانه ما علمنا ما نجهل وكان يطعمنا الحرام ونحن لا نعلم فيقتص لهم منه وتأكل عياله حسناته فلا يبقى له حسنة ولذا قال عليه السلام يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له أكل عياله حسناته وعن بعض السلف العيال سوس الطاعات وهو دود يقع فى الطعام والثوب وغيرهما ومن ثم ترك كثير من السلف المال والأهل رأسا واعرضوا عنهما بالكلية لان كل شىء يشغل عن الله فهو مشئوم على صاحبه ولذا كان عليه السلام يقول فى دعائه اللهم من أحبنى وأجاب دعوتى فأقلل ماله وولده ومن أبغضنى ولم يجب دعوتى فاكثر ماله وولده وهذا للغالب عليهم النفس واما قوله عليه السلام فى حق انس رضى الله عنه اللهم أكثر ماله وولده وبارك فيما أعطيته فهو لغيره فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ اى ابذلوا فى تقواه جهدكم وطاقتكم قال بعضهم اى ان علمتم ذلك وانتصحتم به فاتقوا ما يكون سببا لمؤاخذة الله إياكم من تدبير أمورهما ولا ترتكبوا ما يخالف امره تعالى من فعل

او ترك وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى اتقوا الله حق تقاته لما اشتد عليهم بان قاموا حتى ورمت أقدامهم وتقرحت جباههم فنزلت تيسيرا لعباد الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما انها آية محكمة لا ناسخ فيها لعله رضى الله عنه جمع بين الآيتين بأن يقول هنا وهنالك فاتقو الله حق تقاته ما استطعتم واجتهدوا فى الاتصاف به بقدر طاقتكم فانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها وحق التقوى ما يحسن أن يقال ويطلق عليه اسم التقوى وذلك لا يقتضى أن يكون فوق الاستطاعة وقال ابن عطاء رحمه الله هذا لمن رضى عن الله بالثواب فاما من لم يرض عنه الا به فان خطابه فاتقوا الله حق تقاته أشار رضى الله عنه الى الفرق بين الأبرار والمقربين فى حال التقوى فقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم ناظر الى الأبرار وقوله تعالى فاتقوا الله حق تقاته ناظر الى المقربين فان حالهم الخروج عن الوجود المجازى بالكلية وهو حق التقوى وقال القاشاني فاتقوا الله فى هذه المخالفات والآفات فى مواضع البليات ما استطعتم بحسب مقامكم ووسعكم على قدر حالكم ومرتبتكم قال السرى قدس سره المتقى من لا يكون رزقه من كسبه. ودر كشف الاسرار آورده كه در يك آيت اشارت ميكند بواجب امر ودر ديگرى بواجب حق چون واجب امر بيامد واجب حق را رقم نسخ بركشيد زيرا كه حق بنده را كه مطالبت كند بواجب امر كند تا فعل او در دائره عفو داخل تواند شد واگر او را بواجب حق بگيرد طاعت ومعصيت هزار ساله آنجا يكرنگ دارد بي نيازى بين واستغنا نگر ... خواه مطرب باش وخواهى نوحه گر اگر همه انبيا وأوليا بهم آيند آن كيست كه طاقت آن دارد كه بحق او جل جلاله قيام نمايد يا جواب حق او باز دهد امر او متناهيست اما حق او متناهى نيست زيرا كه بقاى امر ببقاى تكليف است وتكليف در دنياست كه سراى تكليف است اما بقاى حق ببقاى ذاتست وذات متناهى نيست پس حق متناهى نيست واجب امر برخيزد اما واجب حق برنخيزد دنيا درگذرد ونوبت امر با وى درگذرد اما نوبت حق هرگز در نگذرد امروز هر كسى را سودايى در سرست كه در امر مى نگرند انبيا ورسل بنبوت ورسالت خونش مى نگرند فرشتگان بطاعت وعبادت خود مى نگرند مؤحدان ومجتهدان ومؤمنان ومخلصان بتوحيد وايمان واخلاص خويش مى نگرند فردا چون سرادقات حق ربوبيت باز كشند انبيا با كمال حال خويش حديث علم خود طى كنند گويند لا علم لنا ملائكه ملكوت صومعهاى عبادت خود آتش درزنند كه ما عبدناك حق عبادتك عارفان وموحدان گويند ما عرفناك حق معرفتك وَاسْمَعُوا مواعظه وَأَطِيعُوا أوامره وَأَنْفِقُوا مما رزقكم فى الوجوه التي أمركم بالإنفاق فيها خالصا لوجهه عن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد انفاق الزكاة والظاهر العموم وهو مندرج فى الاطاعة ولعل افراده بالذكر لما ان الاحتياج اليه كان أشد حينئذ وان المال شقيق الروح ومحبوب النفس ومن ذلك قدم الأموال على الأولاد فى المواضع حتى قال الامام الغزالي رحمه الله انه قد يكون حب المال من اسباب سوء العاقبة فانه إذا كان حب المال غالبا على حب الله فحين علم محب المال ان الله

[سورة التغابن (64) : آية 17]

يفرقه عن محبوب عقد فى قلبه البغض لله نعوذ بالله من ذلك وهذا كما ترى ان أحدا إذا أحب دنياه حبا غالبا على حب ابنه فلو قصد الابن أن يأخذها منه لأبغض الابن وأحب هلاكه خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ خبر لكان المقدر جوابا للاوامر اى يكن خيرا لأنفسكم او مفعول لفعل محذوف اى أتوا وافعلوا خيرا لأنفسكم واقصدوا ما هو أنفع لها وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر وبيان لكون الأمور المذكورة خيرا لأنفسهم من الأموال والأولاد وما هم عاكفون عليه من حب الشهوات وزخارف الدنيا وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ اى ومن يقه الله ويعصمه من بخل نفسه الذي هى الرذيلة المعجونة فى طينة النفس وقد سبق بيانه فى سورة الحشر وبالفارسية وهر كه نگاه داشت از بخل نفس خود يعنى حق خدايرا إمساك نكند ودر راه وى بذل مى نمايد. وهو مجهول مجزوم الآخر بمن الشرطية من الوقاية المتعدية الى المفعولين وشح مفعول ثان له باق على النصب والاول ضمير من القائم مقام الفاعل فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مرام وفى الحديث (كفى بالمرء من الشح أن يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأ) وفى حديث الأصمعي أتى أعرابي قوما فقال لهم هذا فى الحق او فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتغافل أفضل من أخذ الحق كله كذا فى المقاصد الحسنة (روى) عن النبي عليه السلام انه كان يطوف بالبيت فاذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول بحرمة هذا البيت الا غفرت لى وقال عليه السلام وما ذنبك صفه لى قال هو أعظم من ان أصفه لك قال ويحك ذنبك أعظم أم الأرضون قال بل ذنبى يا رسول الله قال ويحك ذنبك أعظم أم الجبال قال بل ذنبى يا رسول الله قال فذنبك أعظم أم السموات قال بل ذنبى قال فذنبك أعظم أم العرش قال بل ذنبى أعظم قال فذنبك أعظم أم الله قال بل الله أعظم وأعلى قال ويحك صف لى ذنبك قال يا رسول الله انى ذو ثروة من المال وان السائل ليأتينى ليسألنى فكأنما يستقبلنى بشعلة من النار فقال عليه السلام عنى. يعنى دور شو از من. لا تحرقنى بنارك فو الذي بعثني بالهداية والكرامة لو قمت بين الركن والمقام ثم بكيت ألفى عام حتى تجرى من دموعك الأنهار وتسقى بها الأشجار ثم مت وأنت لئيم لكبك الله فى النار اما علمت ان البخل كفر وان الكفار فى النار ويحك أما علمت ان الله يقول ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه ومن يوق شح نفسه فأولئك المفلحون فروماندگانرا درون شاد كن ... ز روز فرو ماندگى ياد كن نه خواهنده بر در ديگران ... بشكرانه خواهنده از در مران وفى الاية اشارة الى ان الانفاق على الغير علما او مالا انفاق على نفسك بالحقيقة والناس كنفس واحدة لانتفاء الغيرية فى الاحدية وان من وفق لانفاق الوجود المجازى فى الله فاز بالوجود الحقيقي من الله تعالى إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ بصرف أموالكم الى المصارف التي عينها وبالفارسية اگر فرض دهيد خدايرا يعنى صرف كنيد در آنچهـ فرمايد. وذكر القرض تلطف فى الاستدعاء كما فى الكشاف قال فى اللباب القرض القطع ومنه المقراض لما

يقطع به وانقرض القوم إذا هلكوا وانقطع اثرهم وقيل للقرض قرض لانه قطع شىء من المال هذا اصل الاشتقاق ثم اختلفوا فيه فقيل اسم لكل ما يلتمس الجزاء عليه وقيل أن يعطى أحدا شيأ ليرجع اليه ثم قيل لفظ القرض هنا حقيقة على المعنيين وقيل مجاز على الثاني لان الراجع ليس مثله بل بدله واليه يميل ما فى الكشاف فى سورة البقرة اقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب ثوابه لعله الوجه فيكون بقرض استعارة تصريحية تبعية وقوله قَرْضاً حَسَناً تصريحة اصلية اى مقرونا بالإخلاص وطيب النفس قال سهل رضى الله عنه القرض الحسن المشاهدة بقلوبكم لله فى أعمالكم كما قال ان تعبد الله كأنك تراه وقرضا ان كان بمعنى اقراضا كان نصبه على المصدرية وان كان بمعنى مقرضا من النفقة كان مفعولا ثانيا لتقرضوا لان الاقراض يتعدى الى مغعولين ففى التعبير عن الانفاق بالاقراض وجعله متعلقا بالله الغنى مطلقا والتعبير عن النفقة بالقرض اشارة الى حسن قبول الله ورضاه والى عدم الضياع وبشارة باستحقاق المنفق ببركة إنفاقه لتمام الاستحقاق يُضاعِفْهُ لَكُمْ من المضاعفة بمعنى التضعيف اى التكثير فليس المفاعلة هنا للاشتراك اى يجعل لكم اجره مضاعفا ويكتب بالواحد عشرة وسبعين وسبعمائة واكثر بمقتضى مشيئته على حسب النيات والأوقات والمحال وَيَغْفِرْ لَكُمْ ببركة الانفاق ما فرط منكم من بعض الذنوب وَاللَّهُ شَكُورٌ يعطى الكثير بمقابلة اليسير من الطاعة او يجازى العبد على الشكر وهو الاعتراف بالنعمة على سبيل الخضوع فسمى جزاء الشكر شكرا او الله شكور بمعنى انه كثير الثناء على عبده بذكر أفعاله الحسنة وطاعته فالشكر الثناء على المحسن بذكر إحسانه وهذا المعنى مختار الامام القشيري رحمه الله والشكور مبالغة الشاكر والشاكر من له الشكر سئل بعضهم من اشكر الشاكرين فقال الطاهر من الذنوب يعد نفسه من المذنبين والمجتهد فى النوافل بعد أداء الفرائض يعد نفسه من المقصرين والراضي بالقليل من الدنيا يعد نفسه من الراغبين والقاطع بذكر الله دهره يعد نفسه من الغافلين والراغب فى العمل يعد نفسه من المفلسين فهذا اشكر الشاكرين ومن ادب من عرف انه تعالى شكور أن يجد فى شكره ولا يفتر ويواظب على حمده ولا يقصر والشكر على اقسام شكر بالبدل وهو أن لا تستعمل جوارحك فى غير طاعته وشكر بالقلب وهو آن لا تشغل قلبك بغير ذكره ومعرفته وشكر باللسان وهو أن لا تستعمله فى غير ثنائه ومدحته وشكر بالمال وهو أن لا تنفقه فى غير رضاه ومحبته نفس مى نيارم زد از شكر دوست ... كه شكرى نه دانم كه در خورد اوست عطاييست هر موى ازو بر تنم ... چكونه بهر موى شكرى كنم واحسن وجوه الشكر لنعم الله أن لا تستعملها فى معاصيه بل فى طاعته وخاصية اسم الشكور التوسعة ووجود العافية فى البدن وغيره بحيث لو كتبه من به ضيق فى النفس وتعب فى البدن اعياء أشد الاعياء وثقل فى الجسم وتمسح به وشرب منه برىء بإذن الله تعالى وان تمسح به ضعيف البصر على عينيه وجد بركة ذلك ويكتب احدى وأربعين مرة حَلِيمٌ لا يعاجل بالعقوبة مع كثرة ذنوبكم بالبخل والإمساك ونحوهما فيحلم حتى يظن الجاهل انه

[سورة التغابن (64) : آية 18]

ليس يعلم ويستر حتى يتوهم الغافل انه ليس يبصر قال الامام الغزالي رحمه الله الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظه ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش كما قال الله تعالى ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة (حكى) ان ابراهيم عليه السلام لما رأى ملكوت السموات والأرض رأى عاصيا فى معصيته فقال اللهم أهلكه فأهلكه الله ثم رأى آخر فدعا عليه فأهلكه الله ثم رأى آخر فدعا عليه فأهلكه الله ثم رأى رابعا فدعا عليه فأوحى الله اليه ان قف يا ابراهيم فلو أهلكنا كل عاص رأيناه لم يبق أحد من الخلق ولكنا بحلمنا لا نعذبهم بل نمهلهم فاما أن يتوبوا واما أن يصروا فلا يفوتنا شىء قيل الحلم حجاب الآفات وقيل الحلم ملح الأخلاق. وشتم الشعبي رجل فقال ان كنت كاذبا غفر الله لك وان كنت صادقا غفر الله لى وكان الأحنف يضرب به المثل فى الحلم وهو يقول انى صبور ولست بحليم والفرق بين الحليم والصبور ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح والتخلق بالاسم الحليم انما هو بأن يصفح عن جنايات الناس ويسامح لهم فيما يعاملونه به من السيئات بل يجازيهم بالإحسان تحقيقا للحلم والغفران وفى الأربعين الادريسية يا حليم ذا الأناة فلا يعادله شىء من خلقه قال السهروردي رحمه الله من ذكره كان مقبول القول وافر الحرمة قوى الجاش بحيث لا يقدر عليه سبع ولا غيره والأناة على وزن القناة هو التثبت والوقار عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ خبر بعد خبر أي لا يخفى عليه خافية (وقال الكاشفى) ميداند آنچهـ ظاهر ميكنند از تصدق وآنچهـ پنهان ميدارند در دلها از ريا واخلاص. وقد سبق الكلام عليه فى اواخر سورة الحشر ولعل تقديم الغيب لان عالم الغيب أعم والعلم به أتم الْعَزِيزُ والْحَكِيمُ البالغ فى القدرة والحكمة (وقال الكاشفى) غالبست انتقام تواند كشيد از كسى كه صدقه او خالص نبود حكم كننده بكرامت آنها را كه از روى صدق تصدق نمايند. والحكم سابق فالعبرة به لا بالصورة ولذا رد بلعم بن باعور وقبل كلب اصحاب الكهف قال ابو على الدقاق قدس سره لما صرفوا ذلك الكلب ولم ينصرف أنطقه الله تعالى فقال لم تصرفوننى ان كان لكم ارادة فلى ايضا ارادة وان كان خلقكم فقد خلقنى ايضا فازدادوا بكلامه يقينا ولما سمعوا كلامه اتفقوا على استصحابه معهم الا انهم قالوا يستدل علينا بآثار قدمه فالحيلة أن تحمله بالحيلة فحمله الأولياء على أعناقهم وهم يمشون لما أدركه من العناية الازلية وكذا لم يكن فى الملائكة اكبر قدرا ولا أجل خطرا من إبليس الا ان الحكم الأزلي بشقاوته كان خفيا عن العباد فلما ظهر فيه الحكم الأزلي لعنه من عرفه ومن لم يعرفه كليد قدر نيست در دست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس ز زنبور كرد اين حلاوت پديد ... همانكس كه در مار زهر آفريد خدايا بغفلت شكستيم عهد ... چهـ زور آورد با قضا دست جهد

تفسير سورة الطلاق

چهـ بر خيزد از دست تدبير ما ... همين نكته بس عذر تقصير ما همه هر چهـ كردم تو برهم زدى ... چهـ قوت كند با خداى خودى نه من سر ز حكمت بدر مى روم ... كه حكمت چنين مى رود بر سرم وقال الحافظ الشيرازي رحمه الله نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل كفت بكن آن كردم (وقال ايضا) درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند مى رويم وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا فى شبابيك رأسه مكتوب خمس آيات من سورة التغابن يعنى نيست هيچ مولودى كه مولود مى شود مگر كه در مشبكهاى سرش مكتوبست پنج آيت از سوره تغابن. والشبابيك جمع شباك بالضم كزنار مثل خفا فيش وخفاش او جمع شباكة بمعنى المشبك وهو ما تداخل بعضه فى بعض وفى الحديث (من قرأ سورة التغابن رفع عنه موت الفجاءة) وهى بالمدمع ضم الفاء وبالقصر مع فتح الفاء البغتة دون تقدم مرض ولا سبب تمت سورة التغابن بالتيسير من الله والتعاون فى تاسع شهر ربيع الآخر من شهور سنة ست عشرة ومائة والف تفسير سورة الطلاق اثنتا عشرة آية مدنية وتسمى سورة النساء القصرى بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ التطليق طلاق دادن يعنى عقده نكاح راحل كردن وكشادن. قال فى المفردات اصل الطلاق التخلية من وثاق ويقال أطلقت البعير من عقاله وطلقته وهو طالق وطلق بلا قيد ومنه استعير طلقت المرأة إذا خليتها فهى طالق اى مخلاة عن حبالة النكاح انتهى والطلاق اسم بمعنى التطليق كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم وفى ذلك قالوا المستعمل فى المرأة لفظ التطليق وفى غيرها لفظ الإطلاق حتى لو قال أطلقتك لم يقع الطلاق ما لم ينو ولو قال طلقتك وقع نوى أو لم ينو والمعنى إذا أردتم تطليق النساء المدخول بهن المعتدات بالأقراء وعزمتم عليه بقرينة فطلقوهن فان الشيء لا يترتب على نفسه ولا يؤمر أحد بتحصيل الحاصل ففيه تنزيل المشارف للشئ منزلة الشارع فيه والأظهر انه من ذكر السبب وارادة المسبب وتخصيص النداء به عليه السلام مع عموم الخطاب لأمته ايضا لتحقيق انه المخاطب حقيقة ودخولهم فى الخطاب بطريق استتباعه عليه السلام إياهم وتغليبه عليهم ففيه تغليب المخاطب على الغائب والمعنى إذا طلقت أنت وأمتك وفى الكشاف خص النبي بالنداء وعم بالخطاب لان النبي امام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم يا فلان افعلوا كيت وكيت اظهار التقدمة واعتبارا لترؤسه وانه لسان قومه فكأنه هو وحده فى حكم كلهم لصدورهم عن رأيه

كما قال البقلى إذا خاطب السيد بان شرفه على الجمهور إذ جمع الجميع فى اسمه ففيه اشارة الى سر الاتحاد وفى كشف السرار فيه اربعة اقوال أحدها انه خطاب للرسول وذكر بلفظ الجمع تعظيما له كما يخاطب الملوك بلفظ الجمع والثاني انه خطاب له والمراد أمته والثالث ان التقدير يا أيها النبي والمؤمنون إذا طلقتم فحذف لان الحكم يدل عليه والرابع معناه يا أيها النبي قل للمؤمنين إذا طلقتم انتهى. يقول الفقير هذا الأخير انسب بالمقام فيكون مثل قوله يا أيها النبي قل لازواجك قل للمؤمنين قل للمؤمنات ولان النبي عليه السلام وان كان أصيلا فى المأمورات كما ان أمته اصيل فى المنهبات الا ان الطلاق لما كان ابغض المباحات الى الله تعالى كما سيجيئ كان الاولى أن يسند التطليق الى أمته دونه عليه السلام مع انه عليه السلام قد صدر منه التطليق فانه طلق حفصة بنت عمر رضى الله عنهما واحدة فلما نزلت الآية راجعها وكانت علامة كثيرة الحديث قريبا منزلتها من منزلة عائشة رضى الله عنها فقيل له عليه السلام راجعها فانها صوامة قوامة وانها من نسائك فى الجنة حكاه الطبري وفى الحديث بيان فضل العلم وحفظ الحديث ومحبة الله الصيام والقيام وكرامة أهلهما عنده تعالى. وآورده اند كه عبد الله بن عمر رضى الله عنهما زن خود را در حال حيض طلاق داد حضرت رسالت فرمود تا رجوع كند وآنگاه كه از حيض پاك شود اگر خواهد طلاق دهد ودرين باب آيت آمد. والقول الاول هو الأمثل والأصح فيه انه بيان لشرع مبتدأ كما فى حواشى سعدى المفتى فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ العدة مصدر عده يعده وسئل رسول الله عليه السلام متى تكون القيامة قال إذا تكاملت العدتان اى عدة اهل الجنة وعدة اهل النار اى عددهم وسمى الزمان الذي تتربص فيه المرأة عقيب الطلاق او الموت عدة لانها تعد الأيام المضروبة عليها وتنتظر أو ان الفرج الموعود لها كما فى الاختيار والمعنى فطلقوهن مستقبلات لعدتهن متوجهات إليها وهى الحيض عند الحنفية فاللام متعلقة بمحذوف دل عليه معنى الكلام والمرأة إذا طلقت فى طهر يعقب القرء الاول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها والمراد أن يطلقن فى طهر لم يقع فيه جماع ثم يخلين حتى تنقضى عدتهن وهذا احسن الطلاق وأدخله فى السنة وأبعده من الندم لانه ربما ندم فى إرسال الثلاث دفعة فالطلاق السنى هو ان يكون فى طهر لم يجامعها فيه وان يفرق الثلاث فى الاطهار الثلاثة وأن يطلقها حاملا فانها إذا على طهر ممتد فتطليقها حلال وعلى وجه السنة والبدعى على وجوه ايضا منها أن يكون فى طهر جامع فيه لما فيه من تطويل العدة ايضا على قول من يجعل العدة بالاطهار وهو الشافعي حيث ان بقية الطهر لا تحتسب من العدة ومنها ما كان فى الحيض او النفاس لما فيه من تطويل العدة ايضا على قول من يجعل العدة بالحيض وهو ابو حنيفة رحمه الله لان بقية الحيض لا تحتسب الا أن تكون غير مدخول بها فانه لا بدعة فى طلاقها فى حال الحيض إذ ليس عليها عدة او تكون مما لا يلزمها العدة بالأقراء فان طلاقها لا يتقيد بزمان دون زمان ومنها ما كان بجمع الثلاث اى ان يطلقها ثلاثا دفعة او فى طهر واحد متفرقة ويقع الطلاق المخالف للسنة فى قول عامة

الفقهاء وهو مسيئ بل آثم ولذا كان عمر رضى الله عنه لا يؤتى برجل طلق امرأته ثلاثا الا أوجعه ضربا وطلق رجل امرأته ثلاثا بين يديه عليه السلام فقال أتلعبون بكتاب الله وانا بين أظهركم اى مقيم بينكم وفيه اشارة الى ان ترك الأدب فى حضور الأكابر افحش ينبغى أن يصفع صاحبه أشد الصفع وقال الشافعي اللام فى لعدتهن متعلقة بطلقوهن لانها للتوقيت بمعنى عند أوفى فيكون المعنى فى الوقت الذي يصلح لعدتهن وهو الطهر وقال ابو حنيفة رحمه الله الطلاق فى الحيض ممنوع بالإجماع فلا يمكن جعلها للتوقيت فان قلت قوله إذا طلقتم النساء عام يتناول المدخول بهن وغير المدخول بهن من ذوات الأقراء واليائسات والصغائر والحوامل فكيف صح تخصيصه بذوات الأقراء المدخول بهن قلت لا عموم ثمة ولا خصوص ولكن الانساء اسم جنس للاناث من الانس وهذه الجنسية معنى قائم فى كلهن وفى بعضهن فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك فلما قيل فطلقوهن لعدتهن علم انه اطلق على بعضهن وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض فان قلت الطلاق موقوف على النكاح سابقا اولا حقا والنكاح موقوف على الرضى من المنكوحة او من وليها فيلزم أن يكون الطلاق موقوفا على الرضى بالنكاح وهو واقع غير باطل لا موقوفا على الرضى نفسه الذي هو الباطل الغير الواقع فتكفر. واعلم ان النكاح والطلاق امر ان شرعيان من الأمور الشرعية العادية لهما حسن موقع وقبح موقع بحسب الأحوال والأوقات وقد طلق عليه السلام حفصة رضى الله عنها تطليقة واحدة رجعية كما سبق وكذا تزوج سودة بنت زمعة بمكة بعد موت خديجة رضى الله عنها وقبل العقد على عائشة رضى الله عنها ثم طلقها بالمدينة حين دخل عليها وهى تبكى على من قتل من أقاربها يوم بدر فاستشفعت الى النبي عليه السلام ووهبت يومها لعائشة فراجعها فان قلت كيف فعل رسول الله ذلك وقد قال ابغض الحلال الى الله الطلاق وقال عليه السلام يا معاذ ما خلق الله شيأ على وجه الأرض أحب اليه من العتاق ولا خلق الله شيأ ابغض اليه من الطلاق وذلك لان النكاح يؤدى الى الوصال والطلاق يؤدى الى الفراق والله يحب الوصال ويبغض الفراق لا شمس ليوم الفراق ولا نهار لليلة القطيعة. رابعه عدويه گفته كه كفر طعم فراق دارد وايمان لذت وصال. وقس عليه الإنكار والإقرار. وآن طعم واين لذت فرداى قيامت پديد آيد كه در آن صحراى هيبت وعرصه سياست قومى را گويند فراق لا وصال وقومى را كويند وصال لا نهاية له سوختگان فراق همى گويند ... فراق او ز زمانى هزار روز آرد بلاي او ز شبى هم هزار سال كند ... افروختگان وصال همى گويند سرا پرده وصلت كشيد روز نواخت ... بطبل رحلت برزد فراق يار دوال وفى الحديث تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز منه العرش وعنه عليه السلام لا تطلقوا النساء الا من ريبة فان الله لا يحب الذواقين والذواقات وعنه عليه السلام أيما امرأة سألت زوجها طلاقا فى غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة قلت يحتمل أن يكون فى ذلك حكمة لا نطلع عليها بعد ان علمنا انه عليه السلام نبى حق لا يصدر منه ما هو خلاف الحق وقد دل

الحديث الآخر ان النهى انما يكون عما لا وجه فيه وأن يكون لاظهار جواز الطلاق والرجعة منه كما وجهوا بذلك ما وقع من غلبة النوم عليه وعلى أصحابه ليلة التعريس الى أن طلعت الشمس وارتفعت بمقدار فان بذلك علم شرعية القضاء وأن يصلى بالجماعة وأن يصدر منه عليه السلام الأحاديث المذكورة بعد ما وقع قضية حفصة وسودة رضى الله عنهما وأن يكون من قبيل ترك الاولى وقد جوزوا ذلك للانبياء عليهم السلام فان قلت لعل ما فعله اولى من وجه وان كان ما امر الله به اولى من وجه آخر قلت لا شك ان ما امر الله به كان أرجح وترك الأرجح ترك الاولى هذا ولعل ارجحية المراجعة فى وقت لا تقتضى ارجحية ترك الطلاق على فعله فى وقت آخر لان فى كل وقت احتمال ارجحية امر والله اعلم. يقول الفقير امده الله القدير ان النبي عليه السلام كان قد حبب اليه النساء لما يحب فى النكاح من ذوق القربة والوصلة فالنكاح اشارة الى مقام الجمع الذي هو مقام الولاية كما دل عليه قوله عليه السلام أرحنى يا بلال والطلاق اشارة الى مقام الفرق الذي هو مقام النبوة كما دل قوله عليه السلام كلمينى يا حميراء فالاول وصل الفصل والثاني فصل الوصل وان كان عليه السلام قد جمع بين الفصل والوصل والفرق والجمع فى مقام واحد وهو جمع الجمع كما دل عليه قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ الإحصاء دانستن وشمردن بر سبيل استقصاء. اى واضبطوها بحفظ الوقت الذي وقع فيه الطلاق واكملوها ثلاثة أقراء كوامل لا نقصان فيهن اى ثلاث حيض كما عند الحنفية لان الغرض من العدة استبراء الرحم وكماله بالحيض الثلاث لا بالاطهار كما يغسل الشيء ثلاث مرات لكمال الطهارة والمخاطب بالإحصاء هم الأزواج لا الزوجات ولا المسلمون والا يلزم تفكيك الضمائر ولكن الزوجات داخلة فيه بالالحاق وقال ابو الليث امر الرجال بحفظ العدة لان فى النساء غفلة فربما لا تحفظ عدتها واليه مال الكاشفى حيث قال وشمار كنيد اى مردان عدت زنانرا كه ايشان از ضبط عاجزند يا از إحصاي آن غافل. فالزوج يحصى ليتمكن من تفريق الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثا فان إرسال الثلاث فى طهر واحد مكروه عند أبى حنيفة وأصحابه وان كان لا بأس به عند الشافعي وأتباعه حيث قال لا اعراف فى عدد الطلاق سنة ولا بدعة وهو مباح وليعلم بقاء زمان الرجعة ليراجع ان حدثت له الرغبة فيها وليعلم زمان وجوب الانفاق عليه وانقضائه وليعلم انها هل تستحق عليه أن يسكنها فى البيت او له أن يخرجها وليتمكن من الحاق نسب ولدها به وقطعه عنه قالوا وعلى الرجال فى بعض المواضع العدة (منها انه إذا كان للرجل اربع نسوة فطلق إحداهن لا يحل له أن يتزوج بامرأة اخرى ما لم تنقض عدتها ومنها انه إذا كان له امرأة ولها اخت فطلق امرأته لا يحل له أن يتزوج بأختها ما دامت فى العدة) ومنها انه إذا اشترى جارية لا يحل له أن يقربها ما لم يستبرئها بحيضة (ومنها انه ان تزوج حربية لا يحل له أن يقربها ما لم يستبرئها بحيضة) ومنها انه إذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شىء من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن

لا يقربها حتى تنقضى عدتها من النكاح الثاني ووجوب العدة لا يتوقف على صحة النكاح إذا وقع الدخول بل تجب العدة فى صورة النكاح الفاسد ايضا على تقدير الدخول) ومنها انه إذا تزوج حربية مهاجرة الى داربا بأمان وتركت زوجها فى دار لحرب فلا تحل له ما لم يستبرئها بحيضة عند الإمامين وقال ابو حنيفة لا يجب عليه العدة (ومنها انه إذا تزوج امرأة حاملا لا يحل له ان يطأها حتى تضع الجمل) ومنها انه إذا تزوج بامرأة وهى حائض لا يحل له ان يقربها حتى تتطهر من حيضها ومنها انه إذا تزوج بامرأة نفساء لا يحل له ان يقربها حتى تتطهر من نفاسها ومنها انه إذا زنى بامرأة ثم تزوجها لا يحل له ان يقربها ما لم يستبرئها بحيضة وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ فى تطويل العدة عليهن والإضرار بهن بايقاع طلاق ثان بعد الرجعة فالامر بالتقوى متعلق بما قبله وفى وصفه تعالى بربوبيته لهم تأكيد للامر ومبالغة فى إيجاب الاتقاء والتقوى فى الأصل اتخاذ الوقاية وهى ما يقى الإنسان مما يكرهه ويؤمل ان يحفظه ويحول بينه وبين ذلك المكروه كالترس ونحوه ثم استعير فى الشرع لاتخاذ ما بقي العبد بوعد الله ولطفه من قهره ويكون سببا لنجاته من المضار الدائمة وحياته بالمنافع القائمة وللتقوى فضائل كثيرة ومن اتقى الله حق تقواه فى جميع المراتب كوشف بحقائق البيان فلا يقع له فى الأشياء شك ولا ريب لا تُخْرِجُوهُنَّ بيرون مكنيد زنان مطلقه مِنْ بُيُوتِهِنَّ من مساكنهن التي يسكنها قبل العدة اى لا تخرجوهن من مساكنكم عند الفراق الى ان تنقضى عدتهن وانما أضيفت إليهن مع انها لازواجهن لتأكيد النهى ببيان كمال استحقاقهن لسكناها كأنها املاكهن وفى ذكر البيوت دون الدار اشارة الى ان اللازم على الزوج فى سكنهاهن ما تحصل المعيشة فيه لان الدار ما يشتمل البيوت وَلا يَخْرُجْنَ ولو بإذن منكم فان الاذن بالخروج فى حكم الإخراج ولا اثر عندنا لاتفاقهما على الانتقال لان وجوب ملازمة مسكن الفراق حق الشرع ولا يسقط بإسقاط العبد كما قال فى الكشاف فان قلت ما معنى الإخراج وخروجهن قلت معنى الإخراج اى لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن وكراهة لمساكنتهن او لحاجة لهم الى المساكن وان لا يأذنوا لهن فى الخروج إذا طلبن ذلك إيذانا بأن إذنهم لا اثر له فى دفع الحظر ولا يخرجن بأنفسهن ان أردن ذلك انتهى فان خرجت المعتدة لغير ضرورة او حاجة أثمت فان وقعت ضرورة بأن خافت هدما او حرقا لها ان تخرج الى منزل آخر وكذلك ان كانت لها حاجة من بيع غزل او شراء قطن فيجوز لها الخروج نهار الا ليلا كما فى كشف الاسرار إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ اى الزنى فيخرجن لاقامة الحد عليهن ثم يعدن وبالفارسية مكر بيارند كردار ناخوش كه روشن كننده حال زنان بود در بدكردارى. وقال بعضهم مبينة هنا بالكسر لازم بمعنى بين متبينة كمبين من الإبانة بمعنى بين والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال وهو الزنى فى هذا المقام وقيل البذاء بالمد وهو القول القبيح واطالة اللسان فانه فى حكم النشور فى إسقاط حقهن فالمعنى الا ان يبذون على الأزواج وأقاربهم كالأب والأخ فيحل حينئذ اخراجهن وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو كل

معصية وهو استثناء من الاول اى لا تخرجوهن فى حال من الأحوال الا حال كونهن آتيات بفاحشة او من الثاني للمبالغة فى النهى عن الخروج ببيان ان خروجها فاحشة اى لا يخرجن الا إذا ارتكبن الفاحشة بالخروج يعنى ان من خرجت أتت بفاحشة كما يقال لا تكذب لا ان تكون فاسقا يعنى ان تكذب تكن فاسقا وَتِلْكَ الاحكام حُدُودُ اللَّهِ التي عينها لعباده والحد الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر وَمَنْ يَتَعَدَّ أصله يتعدى فحذفت اللام بمن الشرطية وهو من التعدي المتعدى بمعنى التجاوز أي ومن يتجاوز حُدُودُ اللَّهِ حدوده المذكورة بأن أخل بشئ منها على ان الإظهار فى حيز الإضمار لتهويل امر التعدي والاشعار بعلية الحكم فى قوله تعالى فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ اى اضربها قال البقلى قدس سره ان الله حد الحدود بأوامره ونواهيه لنجاة سلاكها فاذا تجاوزوا عن حدوده يسقطون عن طريق الحق ويضلون فى ظلمات البعد وهذا أعظم الظلم على النفوس إذ منعوها من وصولها الى الدرجات والقربى قال بعضهم التهاون بالأمر من قلة المعرفة بالآمر فلا بد من الخوف او الرجاء او الحياء او العصمة فى علم الله فهى اسباب اربعة لا خامس لها حافظة من الوقوع فيما لا ينبغى فمن ليس له واحد من هذه الأسباب وقد وقع فى المعصية وظلم النفس فالكامل يعطى نفسه حقها ظاهرا وباطنا ولا يظلمها (حكى) ان معروف الكرخي قدس سره رأى جارية من الحور العين فقال لمن أنت يا جارية فقالت لمن لا يشرب الماء المبرد فى الكيزان وكان قد برد له كوز ماء ليشربه فتناولت الحوراء الكوز فضربت به الأرض فكسرته قال السرى السقطي رحمه الله ولقد رأيت قطعه فى الأرض لم ترفع حتى عفا عليها التراب فكانت الحوراء لمعروف حين امتنع من شرب الماء المبرد وكانت جزاء له فى إعطائه نفسه حقها فان فى جسده من يطلب ضد الجارية ونحوها فلا بد من إعطاء كل ذى حق حقه لا تَدْرِي تعليل لمضمون الشرطية اى فانك ايها المتعدى لا تدرى عاقبة الأمر وقال بعضهم لا تدرى نفس لَعَلَّ اللَّهَ شايد خداى تعالى يُحْدِثُ يوجد فى قلبك فان القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء والحدوث كون الشيء بعد ان لم يكن عرضا كان ذلك او جوهر او احداثه إيجاده بَعْدَ ذلِكَ الذي فعلت من التعدي أَمْراً يقتضى خلاف ما فعلته فيبدل ببغضها محبة وبالاعراض عنها إقبالا إليها ولا يتسنى تلافيه برجعة او استئناف نكاح فالامر الذي يحدثه الله تعالى ان يقلب قلبه عما فعله بالتعدي الى خلافه فالظلم عبارة عن ضرر دنيوى يلحقه بسبب تعديه ولا يمكن تداركه او عن مطلق الضرر الشامل للدنيوى والأخروي ويخص التعليل بالدنيوى ليكون احتراز الناس منه أشد واهتمامهم بدفعه أقوى وفى الآية دلالة على كراهة التطليق ثلاثا بمرة واحدة لان احداث الرجعة لا يكون بعد الثلاث ففى الثلاث عون للشيطان وفى تركها رغم له فان الطلاق من أهم مقاصده كما روى مسلم من حديث جابر رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه اى جنوده وأعوانه من الشياطين فيفتنون الناس فاعظمهم عنده

[سورة الطلاق (65) : آية 2]

الأعظم فتنة يجيئ أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيأ ثم يجيئ أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول نعم أنت اى نعم المضل او الشرير أنت فيكون نعم بكسر النون فعل مدح حذف المخصوص به او نعم أنت ذاك الذي يستحق الإكرام فيكون بفتح النون حرف إيجاب فَإِذا بَلَغْنَ پس چون برسد زنان أَجَلَهُنَّ اى شارفن آخر عدتهن وهى مضى ثلاث حيض ولو لم تغتسل من الحيضة الثالثة وذلك لانه لا يمكن الرجعة بعد بلوغهن آخر العدة فحمل البلوغ على المشارفة كما قال فى المفردات البلوغ والبلاغ الانتهاء الى أقصى القصد والمبتغى مكانا كان او زمانا او أمرا من الأمور المقدرة وربما يعبربه عن المشارفة عليه وان لم ينته اليه مثل فاذا بلغن إلخ فانه للمشارفة فانها إذا انتهت الى أقصى الاجل لا يصح للزوج مراجعتها وإمساكها والاجل المدة المضروبة للشئ فَأَمْسِكُوهُنَّ اى فأنتم بالخيار فان شئتم فراجعوهن والرجعة عند ابى حنيفة تحصل بالقول وكذا بالوطئ واللمس والنظر الى الفرج بشهودة فيهما بِمَعْرُوفٍ بحسن معاشرة وانفاق لائق وفى الحديث (أكمل المؤمنين أحسنهم حلقا وألطفهم بأهله) أَوْ فارِقُوهُنَّ يا جدا شويد از ايشان وبگذاريد بِمَعْرُوفٍ بايفاء الحق واتقاء الضرار بأن يراجعها ثم يطلقها تطويلا للعدة وَأَشْهِدُوا كواه گيريد. اى عند الرجعة والفرقة قطعا للتنازع إذ قد تنكر المرأة بعد انقضاء العدة رجعته فيها وربما يموت أحدهما بعد الفرقة فيدعى الباقي منهما ثبوت الزوجية لاخذ الميراث وهذا امر ندب لا وجوب ذَوَيْ عَدْلٍ تثنية ذا منصوب ذو بمعنى الصاحب اى أشهدوا اثنين مِنْكُمْ اى من المسلمين كما قال الحسن او من أحراركم كما قاله قتادة يكونان عادلين لا ظالمين ولا فاسقين والعدالة هى الاجتناب عن الكبائر كلها وعدم الإصرار على الصغائر وغلبة الحسنات على السيئات والإلمام من غير اصرار لا يقدح فى العدالة إذ لا يوجد من البشر من هو معصوم سوى الأنبياء عليهم السلام كذا فى الفروع وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ ايها الشهود عند الحاجة خالصة لِلَّهِ تعالى وذلك ان يقيموها للمشهودله وعليه لالغرض من الأغراض سوى اقامة الحق ودفع الظلم فلو شهد لغرض لا لله برئ بها من وبال كتم الشهادة لكن لا يثاب عليها لان الأعمال بالنيات والحاصل ان الشهادة امانة فلا بد من تأدية الامانة كما قال تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها فلو كتمها فقد خان والخيانة من الكبائر دل عليه قوله تعالى ومن يكتمها فأنه آثم قلبه ذلِكُمْ اشارة الى الحث على الشهادة والاقامة او على جميع ما فى الآية من إيقاع الطلاق على وجه السنة وإحصاء العدة والكف عن الإخراج والخروج والاشهاد واقامة الشهادة بأدائها على وجهها من غير تبديل وتغيير يُوعَظُ بِهِ الوعظ زجر يقترن بتخويف مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إذ هو المنتفع به والمقصود تذكيره ولم يقل ذلكم توعظون به كما فى سورة المجادلة لتهيج المؤمنين على الغيرة فان من لا غيرة له لا دين له ومن مقتضى الايمان بالله مراعاة حقوق المعبودية والربوبية وباليوم الآخر الخوف من الحساب والعذاب

[سورة الطلاق (65) : آية 3]

والرجاء للفضل والثواب فالمؤمن بهما يستحيى من الخالق والخلق فلا يترك العمل بما وعظ به ودلت الآية على ان للانسان يومين اليوم الاول هو يوم الدنيا واليوم الآخر هو يوم الآخرة واليوم عرفا زمان طلوع الشمس الى غروبها وشرعا زمان طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس وهذان المعنيان ليسا بمرادين هنا وهو ظاهر فيكون المراد مطلق الزمان ليلا كان او نهارا طويلا كان او قصيرا وذلك الزمان اما محدود وهو زمان الدنيا المراد باليوم الاول او غير محدود وهو زمان الآخرة المراد باليوم الآخر الذي لا آخر له لتأخره عن يوم الدنيا وجوزوا ان يكون المراد من اليوم الآخر ما يكون محدودا ايضا من وقت النشور الى ان يستقر الفريقان مقرهما من الجنة او النار فعلى هذا يمكن ان يكونا مستعارين من اليومين المحدودين بالطلوع والغروب اللذين بينهما زمان نوم ورقدة ويراد بما بين ذينك الزمانين زمان القرار فى القبور قبل النشور كما قال تعالى حكاية من بعثنا من مرقدنا وعلى هذا يقال ليوم الآخرة غد كما مر فى اواخر سورة الحشر قال بعض الكبار علمك باليقظة بعد النوم وعلمك بالبعث بعد الموت والبرزخ واحد غير ان للبرزخ بالجسم تعلقا فى النوم لا يكون بالموت وكما تستيقظ على ما نمت عليه كذلك تبعث على مامت عليه فهو امر مستقر فالعاقل يسعى فى اليوم المنقطع اليوم لا ينقطع ويحيى على الايمان والعمل ليكون موته ونشره عليهما وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فى طلاق البدعة فطلق للسنة ولم يضار المتعدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فى الاشهاد وغيره من الأمور يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مصدر ميمى اى خروجا وخلاصا مما عسى يقع فى شأن الأزواج من الغموم والوقوع فى المضايق ويفرج عنه ما يعتريه من الكروب وبالفارسية بيرون شدن. وقال بعضهم هو عام اى ومن يتق الله فى كل ما يأتى وما يذر يجعل له خروجا من كل ضيق يشوش البال ويكدر الحال وخلاصا من غموم الدنيا والآخرة وفيندرج فيه ما نحن فيه اندراجا أوليا وعن النبي عليه السلام انه قرأها فقال مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة وفى الجلالين من الشدة الى الرخاء ومن الحرام الى الحلال ومن النار الى الجنة او اسم مكان بمعنى يخرجه الى مكان يستريح فيه وفى فتح الرحمن يجعل له مخرجا الى الرجعة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه سئل عمن طلق امرأته ثلاثا او ألفا هل له من مخرج فقال لم يتق الله فلم يجعل له مخرجا بانت منه بثلاث والزيادة اثم فى عنقه ويقال المخرج على وجهين أحدهما ان يخرجه من تلك الشدة والثاني ان يكرمه بالرضى والصبر فانه من قبيل العافية ايضا كما قال عليه السلام واسأل الله العافية من كل بلية فالعافية على وجهين أحدهما ان يسأله أن يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل أكثرها من أجل الذنوب فكأنه سأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التي من أجلها تخل الشدة بالنفس والثاني انه إذا حل به بلاء أن لا يكله الى نفسه ولا يخذله وان يكلأه ويرعاه وفى هذه المرتبة يصير البلاء ولاء والمحنة منحة والمقت مقة والألم لذة والصبر شكرا ولا يتحقق بها الا الكمل وَيَرْزُقْهُ بعد ذلك الجعل مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ من ابتدائية متعلقة بيرزقه اى من وجه لا يخطره بباله ولا يحتسبه فيوفى المهر ويؤدى الحقوق ويعطى النفقات قال فى عين المعاني من حيث لا يرتقب من الخان او يعتد من الحساب

از سببها بگذر وتقوى طلب ... تا خدا روزى رساند بى سبب حق رجايى بخشدت رزق حلال ... كه نباشد در كمان ودر خيال قال عليه السلام انى لا علم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم ومن يتق الله فما زال يقرأها ويعيدها وعنه عليه السلام من اكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب (وروى) ان عوف بن مالك الأشجعي رحمه الله اسر المشركون ابنه سالما فأتى رسول الله فقال اسر ابني وشكا اليه الفاقة فقال عليه السلام اتق الله واكثر لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ففعل فبينما هو فى بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل غفل عنها العدو فاستاقها فنزلت (وقال الكاشفى) عوف بازن خود بقول حضرت عليه السلام عمل نمودند اندك فرصتى را پسر عوف از اهل شرك خلاص يافته و چهار هزار كوسفند ايشانرا رانده بسلامت بمدينه آمد واين آيت نازل شد كه هر كه تقوى ورزد روزى حلال يابد. وفى عين المعاني فأفلت ابنه بأربعة آلاف شاة وبالامتعة وفى الجلالين وأصاب إبلا لهم وغنما فساقها الى أبيه. آورده اند كه در روزكار خلافت عمر رضى الله عنه مردى بيامد واز عمر توليت عمل خواست تا در ديوان خلافت عامل باشد عمر كفت قرآن دانى كفت ندانم كه نياموخته ام عمر كفت ما عمل بكسى ندهيم كه قرآن نداند مرد بازگشت وجهدى ورنج عظيم بر خود نهاد در تعلم قرآن بطمع آنكه عمر او را عمل دهد چون قرآن بياموخت وياد كرفت بركات قرآن وخواندن ودانستن او را بدان جاى رسانيد كه در دل وى نه حرص ولايت ماند نه تقاضاى ديدار عمر پس روزى عمر او را ديد كفت يا هذا هجرتنا اى جوانمرد چهـ افتاد كه بيكبارگى هجرت ما اختيار كردى گفت يا امير المؤمنين تو نه از آن مردان باشى كه كسى وادارد كه هجرت تو اختيار كند ليكن قرآن بياموختم و چنان توانكر دل كشتم كه از خلق واز عمل بى نياز شدم عمر گفت آن كدام آيت است كه ترا بدين دركاه بى نيازى در كشيد كفت آن آيت كه در سورة الطلاق است (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) واعلم ان كل واحد من الضيق والرزق يكون دنيويا وأخرويا جسمانيا وروحانيا وان أعسر الضيق ما يكون أخرويا وأوفر الرزق ما يكون روحانيا فمن يتق الله حق التقوى يجعل له مخرجا من مضار الدارين ويرزقه من منافعهما فان قيل ان أتقى الأتقياء هم الأنبياء والأولياء مع ان أكثرهم ابتلى بالمشقة الشديدة والفاقة المديدة كما قال عليه السلام أشد البأس بلاء الأنبياء والأولياء ثم الأمثل فالامثل أجيب بأن أشد الشدة وأمد المدة ما يكون خروياوهم مأمونون من ذلك بلطف الله وكرمه الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون واما ما أصابهم فى الدنيا باختيارهم للأجر الجليل وبغير اختيار للصبر الجميل فله غاية حميدة ومنفعة عظيمة والله عليم حكيم بفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال بعضهم شكا اليه عليه السلام بعض الصحابة الفاقة فقال عليه السلام دم على الطهارة يوسع عليك الرزق فقال كم من مستديم للطهارة لا رتب له كفايته فضلا عن أن يوسع عليه ويوجه بأن تخلف؟؟؟ الإثم كالتوسيع

مثلا لمانع لا ينافى الاقتضاء اى اقتضاء العلة لمعلولها واثرها اما عند القائلين بتخصيص العلة فظاهر واما عند غيرهم فيجعل عدم المانع جزء العلة ومن المانع الغفلة وغلبة بعض الجنايات وعند غلبة أحد الضدين لا يبقى للآخر تأثير. يقول الفقير والذي يقع فى قلبى ان اصحاب الطهارة الدائمة مرزوقون بأنواع الرزق المعنوي والغذاء الروحاني من العلوم والمعارف والحكم والحقائق والتضييق لبعضهم فى الرزق الصوري والغذاء الجسماني انما هو لتطبيق الفقر الظاهر بالباطن والفقر الباطن هو الغنى المطلق لقوله عليه السلام اللهم أغننى بالافتقار إليك فأصحاب الطهارة الدائمة مرزوقون ابدا اما ظاهرا وباطنا معا واما باطنا فقط على ان لاهلها مراتب من حيث البداية والنهاية ولن ترى من اهل النهاية محروما من الرزق مطلقا الا نادرا والله الغنى وفى التأويلات النجمية ومن يتق الله اى يجعل ذاته المطلقة جنة ذاته وصفاته وأفعاله تعالى جنة أفعاله باضافة الأشياء كلها خلقا وإيجادا الى ذاته وصفاته وأفعاله يجعل له مخرجا من مضايق ذاته وصفاته وأفعاله الى وسائع ذاته وصفاته وأفعاله ويرزقه من حيث لا يحتسب من فيض اسمه الوهاب على طريق الوهب لا على طريق الكسب والاجتهاد وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ التوكل سكون القلب فى كل موجود ومفقود وقطع القلب عن كل علاقة والتعلق بالله فى جميع الأحوال فَهُوَ اى الله تعالى حَسْبُهُ بمعنى محسب اى كاف يعنى كافى المتوكل فى جميع أموره ومعطيه حتى يقول حسبى فان قلت إذا كان حكم الله فى الرزق لا يتغير فما معنى التوكل قلت معناه ان المتوكل يكون فارغ القلب ساكن الجاش غير كاره لحكم الله فلهذا كان التوكل محمودا قال عليه السلام لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ومعناه تذهب أول النهار خماصا اى ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا اى ممتلئة البطون وليس فى الحديث دلالة على القعود على الكسب بل فيه ما يدل على طلب الرزق وهو قوله تغدو وتروح وانما التوكل بعد الحركة فى امر المعاش كتوكل الزارع بعد إلقاء الحب فى الأرض وكان السلف يقولون اتجروا واكتسبوا فانكم فى زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه وربما رأوا رجلا فى جماعة جنازة فقالوا له اذهب الى دكانك (وفى المثنوى) كر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن رمز الكاسب حبيب الله شنو ... از توكل در سبب كاهل مشو واما الذين قعدوا عن الحركة والكسب وهم الكمل فطريقتهم صعبة لا يسلكها كل ضامر فى الدين ودل الحديث المذكور على ان التوكل الحقيقي ان لا يرجع المتوكل الى رزق معين وغذآء موظف كالطير حتى لا ينتقض التوكل اللهم الا ان يكون من الكمل فان المعين وغيره سوآء عندهم لتعلق قلوبهم بالله لا بغيره وفى التأويلات النجمية ومن يتوكل فى رزق نفسه من الاحكام الشرعية وفى رزق قلبه من الواردات القلبية وفى رزق روحه من العطايا والمنح الالهية الروحانية فالله الاسم الأعظم حسبه من حيث الأسماء الكافية او التوكل نفسه حسبه فيكون الضمير راجعا الى التوكل إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ بالاضافة اى منفذ امره

ومتم مراده وممضى قضائه فى خلقه فيمن توكل عليه وفيمن لم يتوكل عليه الا ان من توكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا وفى التأويلات النجمية ان الله بالغ امره فى كل مأمور بما هو منتهاه وأقصاه وقرئ بتنوين بالغ ونصب امره اى يبلغ ما يريد ولا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب (كما قال الكاشفى) رساننده است كار خود را بهر چاخواهد يعنى آنچهـ مراد حق سبحانه باشد ازو فوت نشود. وقرئ بالغ امره على الفاعلية اى نافذ امره وفى القاموس امر الله بلغ اى بالغ نافذ يبلغ اين أريد به قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ من الشدة والرخاء والفقر والغنى والموت والحياة ونحو ذلك قَدْراً اى تقديرا متعلقا بنفس ذاته وبزمانه وقومه وبجميع كيفياته وأوصافه وانه بالغ ذلك المقدر على حسب ما قدره وبالفارسية اندازه كه از ان در نكذرد او. مقدارا وحدا معينا او وقتا وأجلا ونهاية ينتهى اليه لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه ولا يتأتى تغييره يعنى با مقدارى از زمانكه پيش و پس نيفتد وفى التأويلات النجمية اى رتبة وكما لا يليق بذلك الشيء وقال القاشاني ومن يتوكل على الله بقطع النظر عن الوسائط والانقطاع اليه من الوسائل فهو كافيه يوصل اليه ما قدر له ويسوق اليه ما قسم لاجله من انصبة الدنيا والآخرة ان الله يبلغ ما أراد من امره لا مانع له ولا عائق فمن تيقن ذلك ما خاف أحدا ولا رجا وفوض امره اليه ونجا قد عين الله لكل امر حدا معينا ووقتا معينا فى الأزل لا يزيد بسعى ساع ولا ينتقص بمنع مانع وتقصير مقصر ولا يتأخر عن وقته ولا يتقدم عليه والمتيقن لهذا الشاهد له متوكل بالحقيقة انتهى وفى المفردات تقدير الله الأشياء على وجهين أحدهما بإعطاء القدرة والثاني أن يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضت الحكمة وذلك ان فعل الله ضربان ضرب أوجده بالفعل ومعنى إيجاده بالفعل انه أبدعه كاملا دفعة لا يعتريه الكون والفساد الى ان يشاء ان يغنيه او يبدله كالسموات وما فيها ومنه ما جعل أصوله موجودة بالفعل واجزائه بالقوة وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه كتقديره فى النواة ان ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون وتقدير منى الآدمي ان يكون منه الإنسان دون سائر الحيوان فتقدير الله على وجهين أحدهما بالحكم منه ان يكون كذا ولا يكون كذا اما على سبيل الوجوب واما على سبيل الإمكان وعلى ذلك قوله تعالى قد جعل الله لكل شىء قدرا والثاني بإعطاء القدرة عليه انتهى والآية بيان لوجوب التوكل عليه وتفويض الأمر اليه لانه إذا علم ان كل شىء من الرزق وغيره لا يكون الا بتقدير الله وتوقيته لا يبقى الا التسليم للقدر والتوكل (قال الكاشفى) بناى اين آيت بر تقوى وتوكلست تقوى نفحه بوستان قربست واز رتبه معيت خبر دهد كه ان الله مع الذين اتقوا وتوكل رائحه كلزار كفايتست واز بوى ريحان محبت رسد كه ان الله يحب المتوكلين وبي اين دو صفت قدم در طريق تحقيق نتوان نهاد سلوك راه معنى را توكل بايد وتقوى ... توكل مركب راهست وتقوى توشه رهرو قال سهل قدس سره لا يصح التوكل الا للمتقين ولاتتم التقوى الا بالتوكل ولذلك قرن الله بينهما فقال ومن يتق الله إلخ وقال بعضهم من تحقق فى التقوى هون الله على قلبه الاعراض

[سورة الطلاق (65) : آية 4]

عن الدنيا ويسر له امره فى الإقبال عليه والتزين بخدمته وجعله اماما لخلقه يقتدى به اهل الارادة فيحملهم على أوضح السنن وأوضح المناهج وهو الاعراض عن الدنيا والإقبال على الله تعالى وذلك منزلة المتقين وقال سهل رحمه الله من يكل أموره الى ربه فان الله يكفيه هم الدارين اجمع قال الربيع رحمه الله ان الله قضى على نفسه ان من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه ومن أقرضه جازاه ومن وثق به أنجاه ومن دعاه أتاه وتصديق ذلك فى كتاب الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه ومن يؤمن بالله يهد قلبه من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ومن يعتصم بالله فقد هدى الى صراط مستقيم أجيب دعوة الداع إذا دعان وَاللَّائِي من الموصولات جمع التي يعنى آن زنان كه يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ اللاتي دخلتم بهن لكبرهن ويبسهن وقدروه بستين سنة وبخمس وخمسين فلو رأته بعد ذلك لا يكون حيضا قوله يئسن فعل ماض واليأس القنوط ضد الرجاء يقال يئس من مراده ييأس يأسا وفى معناه أيس يأيس يأسا وإياسا لا ايسا وفاعلهما آيس لا يائس يقال امرأة آيس إذا كان يأسها من الحيض دون آيسة لان التاء انما زيدت فى المؤنث إذا استعملت الكلمة للمذكر ايضا فرقا بينهما وإذا لم تستعمل له فأى حاجة الى الزيادة ومن ذلك يقال امرأة حائض وطالق وحامل بلا تاء إذا كان حملها من الولد واما إذا كان يأسها وحملها من غير الحيض وحمل الولد يقال آيسة وحاملة وفى المغرب اليأس انقطاع الرجاء واما الا ياس فى مصدر الآيسة من الحيض فهو فى الأصل ائياس على افعال حذفت منه الهمزة التي هى عين الكلمة تخفيفا والمحيض الحيض وهو فى اللغة مصدر حاضت الأنثى فهى حائض وحائضة اى خرج الدم من قبلها ويكون للأرنب والضبع والخفاش كما ذكره الجاحظ وفى القاموس حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا فهى حائض وحائضا من حوائض وحيض سال دمها والمحيض اسم ومصدر قيل ومنه الحوض لان الماء يسيل اليه والحيضة المرة انتهى وفى الشرع دم ينفضه رحم امرأة بالغة لا داء بها ولا إياس لها اى يجعلها الشارع منقطعة الرجاء عن رؤية الدم ومن الاولى لابتداء الغاية ومتعلقة بالفعل قبلها والثانية للتبيين ومتعلقة بمحذوف إِنِ ارْتَبْتُمْ من الارتياب بالفارسية بشك شدن. اى شككتم وأشكل عليكم حكمهن لانقطاع دمهن بكبر السن وجهلتم كيف عدتهن فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فقوله واللائي يئسن إلخ مبتدأ خبره فعدتهن وقوله ان ارتبتم اعتراض وجواب الشرط محذوف اى ارتبتم فيها فاعلموا انها ثلاثة أشهر كذا قالوا والأشهر جمع شهر وهو مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة قال فى القاموس الشهر العدد المعروف من الأيام لانه يشهر بالقمر وَاللَّائِي وآن زنان كه لَمْ يَحِضْنَ اى مار أين الدم لصغرهن اى فعدتهن ايضا كذلك فحذف ثقة بدلالة ما قبله عليه والشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها بعذر من الاعذار قبل بلوغها سن الآيسات فعند أبى حنيفة والشافعي لا تنقضى عدتها حتى يعاودها الدم فتعتد بثلاثة أقراء او تبلغ سن الآيسات فتعتد بثلاثة

[سورة الطلاق (65) : الآيات 5 إلى 6]

أشهر وضع السجاوندى الطاء الدالة على الوقف المطلق على وضعه وقانونه فى لم يحضن لا نقطاعه عما بعده وكان الظاهر أن يضع الميم الدالة على اللازم لان المتبادر الاتصال الموهم معنى فاسدا العله نظر الى ظهور عدم حمل التي لم تحض لصغرها وَأُولاتُ الْأَحْمالِ واحدتها ذات بمعنى صاحبة والأحمال جمع حمل بالفتح بالفارسية بار. والمراد الحبل اى الثقل المحمول فى الباطن وهو الولد فى البطن والمعنى وذوات الأحمال من النساء والحبالى منهن أَجَلُهُنَّ اى منتهى عدتهن أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ سوآء كن مطلقات او متوفى عنهن أزواجهن فلو وضعت المرأة حملها اى ولدت وحطت ما فى بطنها يعنى از بالا بزير آورد. بعد طلاق الزوج او وفاته بلحظة انقضت عدتها وحلت للازواج فكيف بعد ساعة او يوم او شهر وقد نسخ به عموم قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن اربعة أشهر وعشرا لتراخى نزوله عن ذلك وقد صح ان سبيعة بنت الحارث الاسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله عليه السلام فقال قد حللت فتزوجى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فى شأن أحكامه وحقوقه يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً اى يسهل عليه امره ويوفقه للخير ويعصمه من لمعاصى والشر بسبب التقوى فمن للبيان قدم على المبين للفواصل او بمعنى فى ذلِكَ المذكور من الاحكام وافراد الكاف مع ان الخطاب للجمع كما يفصح عنه ما بعده لما انها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضى لا لتعيين خصوصية المخاطبين أَمْرُ اللَّهِ حكمه الشرعي أَنْزَلَهُ من اللوح المحفوظ إِلَيْكُمْ الى جانبكم وقال ابو الليث أنزله فى القرآن على نبيكم لتستعدوا للعمل به فاياكم ومخالفته وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ بالمحافظة على أحكامه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ يسترها لرضاه عنه باتقانه وبالفارسية بپوشد خداى تعالى از وبديهاى ويرا. وربما يبدلها حسنات وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً بالمضاعفة وبالفارسية وبزرك سازد براى او مزد را يعنى او را مزد زياده دهد در آخرت. قال بعضهم يعطيه اجرا عظيما اى اجر كان ولذلك نكر فالتنكير للتعميم المنبئ عن التتميم قال فى برهان القرآن امر بالتقوى فى احكام الطلاق ثلاث مرات وعد فى كل مرة نوعا من الجزاء فقال اولا يجعل له مخرجا يخرجه مما دخل فيه وهو يكرهه ويهيئ له محبوبه من حيث لا يأمل وقال فى الثاني يسهل عليه الصعب من امره ويفتح له خيرا ممن طلقها والثالث وعد عليه الجزاء بأفضل الجزاء وهو ما يكون فى الآخرة من النعماء أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ مما قبله من الحث على التقوى كانه قيل كيف نعمل بالتقوى فى شان المعتدات فقيل أسكنوهن من حيث سكنتم اى بعض مكان سكناكم والخطاب للمؤمنين المطلقين مِنْ وُجْدِكُمْ اى من وسعكم اى مما تطيقونه يعنى مسكن ايشان بقدر طاقت وتواناى خويش سازيد والوجد القدرة والغنى يقال افتقر فلان بعد وجده وهو عطف بيان لقوله من حيث سكنتم وتفسير له وفى عين المعاني ومن لتبين الجنس لما فى حيث من الإبهام انتهى واعترض عليه ابو حيان بأنه لم يعهد فى عطف البيان إعادة العامل انما عهد ذلك فى البدل فالوجه جعله

بدلا قال قتادة ان لم يكن الا بيت واحد أسكنها فى بعض جوانبه قال صاحب اللباب ان كانت الدار التي طلقها فيها ملكه يجيب عليه أن يخرج منها ويترك الدار لها مدة عدتها وان كانت باجارة فعليه الاجرة وان كانت عارية فرجع المعير فعليه ان يكترى لها دارا تسكنها قال فى كشف الاسرار واما المعتدة من وطئ الشبهة والمفسوخ نكاحها بعيب او خيار عتق فلا سكنى لها ولا نفقة وان كانت حاملا وَلا تُضآرُّوهُنَّ اى ولا تقصدوا عليهن الضرر فى السكنى بأى وجه كان فان المفاعلة قد لا تكون للمشاركة وبالفارسية ورنج مرسانيد مطلقات را لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ فى المسكن ببعض الأسباب من إنزال من لا يوافقهن او يشغل مكانهن او غير ذلك وتلجئوهن الى الخروج وبالفارسية براى آنكه تنك كردانيد بر ايشان مساكن ايشان. وفيه حث المروءة والمرحمة ودلالة على رعاية الحق السابق حتى يتيسر لها التدارك فى امر المعيشة من تزوج آخر أو غيره وَإِنْ كُنَّ اى المطلقات أُولاتِ حَمْلٍ ذوات حبل وبالفارسية خداوند بار. يعنى حاملة وأولات منسوب بالكسر على قانون جمع المؤنث وتنوين حمل للتعميم يعنى اى حمل كان قريب الوضع او بعيده فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فيخرجن من العدة وتتخلصوا من كلفة الإحصاء ويحل لهن تزوج غيركم أيا شئن فالبائن بالطلاق إذا كانت حاملا لها النفقة والسكنى بالاتفاق واما البائن الحائل اى غير الحامل فتستحق النفقة والسكنى عند أبى حنيفة كالحامل الى أن تنقضى عدتها بالحيض او بالأشهر خلافا للثلاثة واما المتوفى عنهن أزواجهن فلا نفقة لهن من التركة ولا سكنى بل تعتد حيث تشاء وان كن أولات حمل لوقوع الإجماع على ان من اجبر الرجل على النفقة عليه من امرأة او ولد صغير لا يجب أن ينفق عليه من ماله بعد موته فكذا المتوفى عنها الحامل وهو قول الأكثرين قال ابو حنيفة تجب النفقة والسكنى لكل مطلقة سوآء كانت مطلقة بثلاث او واحدة رجعية او بائنة مادامت فى العدة اما المطلقة الرجعية فلانها منكوحة كما كانت وانما يزول النكاح بمضى العدة وكونه فى معرض الزوال بمضى العدة لا يسقط نفقتها كما لو آلى وعلق طلاقها بمضى شهر فالمطلقة الرجعية لها النفقة والسكنى بالإجماع واما المبتوتة فعندنا لها النفقة والسكنى مادامت فى العدة لقوله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم إذا المعنى اسكنوا المعتدات مكانا من المواضع التي تسكنونها وأنفقوا عليهن فى العدة من سعتكم لما قرأ ابن مسعود رضى الله عنه أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم وعند الشافعي لها السكنى لهذه الآية ولا نفقة لها الا أن تكون حاملا لقوله تعالى وان كن أولات حمل إلخ فان قلت فاذا كانت كل مطلقة عندكم يجب لها النفقة فما فائدة الشرط فى قوله وان كن أولات حمل إلخ قلت فائدته ان مدة الحمل ربما طالت فظن ظان ان النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفى ذلك الوهم كما فى الكشاف فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ الرضاع لغة شرب اللبن من الضرع او الثدي وشريعة شرب الطفل حقيقة او حكما للبن خالص او مختلط غالبا من آدمية فى وقت مخصوص والإرضاع شير دادن يعنى هؤلاء المطلقات ان أرضعن لكم ولدا من غير هن او منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية

[سورة الطلاق (65) : الآيات 7 إلى 12]

وعلاقة النكاح قال لكم ولم يقل أولادكم لما قال تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة فالاب يجب عليه إرضاع الولد دون الام وعليه أن يتخذ له ظئز الا إذا تطوعت الام بارضاعه وهى مندوبة الى ذلك ولا تجبر عليه ولا يجوز استئجار الام عند أبى حنيفة رحمه الله ما دامت زوجة معتدة من نكاح فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على الإرضاع ان طلبن اورجون فان حكمهن فى ذلك حكم الاظآر حينئذ قال فى اللباب فان طلقها فلا يجب عليها الإرضاع الا أن لا يقبل الولد ثدى غيرها فيلزمها حينئذ فان اختلفا فى الاجرة فان دعت الى اجرة المثل وامتنع الأب إلا تبرعا فالام اولى بأجر المثل إذ لا يجد الأب متبرعة وان دعا الأب الى اجر المثل وامتنعت الام لتطلب شططا فالأب اولى به فان أعسر الأب بأجرتها أجبرت على إرضاع ولدها انتهى ان قيل ان الولد للأب فلم لا يتبعه فى الحرية والرقية بل يتبع الام لانها إذا كانت ملكا لغير الأب كان الولد ملكا له وان كان الأب حرا وإذا كانت حرة كان الولد حرا وان كان الأب رقيقا أجيب بأن الفقهاء قالوا فى وجهه رجح ماء الام على ماء الأب فى الملكية لان ماءها مستقر فى موضع وماء الأب غير معلوم أفادت هذه المسألة ان المالكية تغلب الوالدية والتحقيق ان الاحكام شرعية لا عقلية والعلم عند شارعها يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وَأْتَمِرُوا ايها الآباء والأمهات بَيْنَكُمْ ميان يكدكر در كار فرزند بِمَعْرُوفٍ اى تشاوروا وحقيقته ليأمر بعضكم بعضا بجميل فى الإرضاع والأجر وهو المسامحة ولا يكن من الأب مماكسة ولا من الام معاسرة لانه ولدهما معا وهما شريكان فيه فى وجوب الإشفاق عليه فالائتمار بمعنى التآمر كالاشتوار بمعنى التشاور يقال ائتمر القوم وتآمروا إذا امر بعضهم بعضا يعنى الافتعال قد يكون بمعنى التفاعل وهذا منه وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ يقال تعاسر القوم إذا تحروا تعسير الأمر اى تضايقتم وبالفارسية واگر دشوار كنيد ومضايقه نماييد اى پدر ومادر رضاع ومزد دادن يعنى شوهر از اجرا با كند يا زن شير ندهد فَسَتُرْضِعُ لَهُ اى للأب كما فى الكشاف وهو الموافق لقوله فان أرضعن لكم او للصبى والولد كما فى الجلالين وتفسير الكاشفى ونحوهما وفيه ان الظاهر حينئذ أن يقول فسترضعه أُخْرى اى فستوجد ولا تعوز مرضعة اخرى غير الام ترضعه يعنى مرد دايه كيرد براى رضيع خود ومادر را بإكراه وإجبار نفرمايد. وفيه معاتبة للام على المعاسرة كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى سيقضيها غيرك تريد ان تبق غير مقضية فأنت ملوم قال سعدى المفتى ولا يخلو عن معاتبة الأب ايضا حيث أسقط فى الجواب عن حيز شرف الخطاب مع الاشارة الى انه ان ضوبقت الام فى الاجر فامتنعت من الإرضاع لذلك فلا بد من إرضاع امرأة اخرى وهى ايضا تطلب الأجر فى الأغلب الأكثر والام اشفق واحن فهى به اولى وبما ذكرنا يظهر كمال الارتباط بين الشرط والجزاء لِيُنْفِقْ لام الأمر ذُو سَعَةٍ خداوند فراخى وتوانكرى مِنْ سَعَتِهِ از غناى خود يعنى بقدر تواناى خويش بر مطلقه ومرضعة نفقه كنيد. ومن متعلقة بقوله لينفق وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ اى ضيق وكان بمقدار القوت وبالفارسية وهر كه تنك

[سورة الطلاق (65) : آية 8]

كرده شده است برو روزى او يعنى فقير وتنكدست است. ومن هذا المعنى اشتق الا قدراى القصير العنق وفرس اقدر يضع حافر رجله موضع حافريده وقوله تعالى وعلى الموسع قدره وعلى المقتر قدره اى ما يليق بحاله مقدرا عليه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ وان قل اى لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما يبلغه وسعه ويطيقه لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها من المال جل أو قل فانه تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها وبالفارسية وتكليف نفرمايد خداى تعالى هيچ تنى را مكر آنچهـ بدو عطا كرده است از مال يعنى تكليف مالا يطاق نفرمايد. وقد أكد ذلك بالوعد حيث قال سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً اى عاجلا او آجلا إذ ليس فى السين دلالة على تعين زمان وكل آت قريب ولو كان الآخرة وبالفارسية زود باشد كه پديد آرد خداى تعالى بعد از دشوارى وتنكدستى آسانى وتوانكرى. فلينتظر المعسر اليسر وفرج الله فان الانتظار عبادة وفيه تطييب لقلب المعسر وترغيب له فى بذل مجهوده ووعد لفقراء الأزواج لا لفقراء ذلك الوقت عموما كما جوزه الزمخشري حيث قال موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم او لفقراء الأزواج ان أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا. يقول الفقير لا بعد فى ذلك من حيث ان القرآن ليس بمحصور ولا التفات فى مثل هذا المقام الى سوق الكلام قال البقلى سيجعل الله بعد ضيق الصدر من الاهتمام بالرزق وإنفاقه سعة الصدر ويسر السخاء والطمأنينة والرضى بالله وايضا سيجعل الله بعد عسر الحجاب للمشتاقين يسر كشف النقاب وفى التأويلات النجمية يعنى كل ذى سعة مأمور بانفاق ما يقدر على إنفاقه فالخفى المنفق عليه من جانب الحق ينفق على الروح من سعته والروح ينفق على السر من سعته والسر ينفق على القلب من سعته والقلب ينفق على النفس من سعته والنفس ينفق على الصدر من سعته والصدر ينفق على الجسم من سعته ومن قدر عليه رزقه من الفيوض الالهية فلينفق مما آتاه الله بحسب استعداده لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها فى استعدادها الأزلي وقابليتها الغيبية سيجعل الله بعد عسر انقطاع الفيض يسر اتصال الفيض وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ بمعنى كم الخبرية فى كونها للتكثير والقرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس والمعنى وكثير من اهل قرية وبالفارسية وبسيار از اهل ديهى وشهرى. فهو من حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه ثم وصفه بصفته او من المجاز العقلي والاسناد الى المكان وهذه الآية تحذير للناس عن المخالفة فى الاحكام المذكور وتأكيد لا يجابها عليهم عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ قال فى المفردات العتو النبو عن الطاعة وفى القاموس عتا عتو او عتيا وعتيا استكبر وجاوز الحد فهو عات وعتى انتهى والعتو لا يتعدى بعن وانما عدى بها لتضمينه معنى الاعراض كأنه قيل أعرضت عن امر ربها وامر رسل ربها بسبب التجاوز عن الحد فى التكبر والعناد وفى إيراده صفة الرب توبيخ لهم وتجهيل لما ان عصيان العبيد لربهم ومولاهم طغيان وجهل بشأن سيدهم ومالكهم وبمرتبة أنفسهم ودوام احتياجهم اليه فى التربية قوله وكأين مبتدأ ومن قرية بيان له وعتت خبر المبدأ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً اى ناقشناها فى الحساب وضيقنا وشددنا عليها فى الدنيا وأخذناها بدقائق ذنوبها وجرائمها

[سورة الطلاق (65) : الآيات 9 إلى 10]

من غير عفو بنحو القحط والجوع والأمراض والأوجاع والسيف وتسليط الأعداء عليها وغير ذلك من البلايا مقدما معجلا على استئصالها وذوقها العذاب الأكبر لترجع الى الله تعالى لان البلاء كالسوط للسوق فلم تفعل ولم ترفع رأسا فابتلاها الله بما فوق ذلك كما قال وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً اى منكرا عظيما هائلا متنفرا عنه بالطبع لشدته وإيلامه او غير متوقع فانهم كانوا لا يتوقعونه ولو قيل لهم لما يصدقونه والقهر الغير المتوقع أشد ألما واللطف الغير المتوقع أتم لذة وبالفارسية وعذاب كرديم ايشانرا عذابى چنانكه نديده بودند ونشناخته. وهو العذاب العاجل بالاستئصال بنحو الإغراق والإحراق والريح والصيحة فالنكر الأمر الصعب الذي لا يعرف والإنكار ضد العرفان. يقول الفقير أضاف الله المحاسبة والتعذيب الى نفسه مع ان سببهما كان العتو عن امره وامر رسله لان الرسل كانوا فانين فى الله فاتخذوا الله وكيلا فى جميع أمورهم وتركوا التصرف والتعرض للقهر ونحوه وذلك انهم قد بعثوا بعد رسوخهم ولهذا صبروا على تكذيب أممهم لهم ولو بعثوا قبل الرسوخ ربما بطشوا بمن كذبهم واهلكوه وقس عليهم احوال الكمل من الأولياء فَذاقَتْ پس بچشيدند اهل آن ديه وَبالَ أَمْرِها اى ضرر كفرها وثقل عقوبة معاصيها اى أحسته احساس الذائق المطعوم وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً هائلا لاخسر وراءه يعنى زيانكارى وكدام زيان از ان بدتر كه از حيات ومنافع آن محروم شدند وبعقوبات مبتلى كشتند. فتجارتهم خسارة لاربح فيها لتضييعهم بضاعة العمر والصحة والفراغ بصرفها فى المخالفات قال فى المفردات الخسر والخسران انتقاض رأس المال وينسب الى الإنسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجية كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر وفى النفسية كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وفى الآية اشارة الى اهل قرية الوجود الإنساني وهو النفس والهوى وسائر القوى فانها أعرضت عن حكم الروح فلم تدخل فى حكم الشريعة وكذا عن متابعة امر القلب والسر والخفي فعذبت بعذاب الحجاب واستهلكت فى بحر الدنيا وشهواتها ولذاتها وكان عاقبة أمرها خسران الضلالة ونيران الجهالة أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مع ذلك فى الآخرة ولام لهم لام التخصيص لا لام النفع كما فى قولهم دعاله فى مقابلة دعا عليه عَذاباً شَدِيداً اى قدره فى علمه على حسب حكمته أو هيأ أسبابه فى جهنم بحيث لا يوصف كنهه فهم اهل الحساب والعذاب فى الدنيا والآخرة لا فى الدنيا فقط فان ما أصابهم فى الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم لعدم رجوعهم عن الكفر فعذبوا بعذاب الآخرة ايضا وهذا المعنى من قوله فحاسبناها الى هنا هو اللائق بالنظم الكريم هكذا ألهمت به حين المطالعة ثم وجدت فى تفسير الكواشي وكشف الاسرار وأبى الليث والاسئلة المقحمة ما يدل على ذلك والحمد لله تعالى فلا حاجة الى ان يقال فيه تقديما وتأخيرا وان المعنى انا عذبناها عذابا شديدا فى الدنيا ونحاسبها حسابا شديدا فى الآخرة على ان لفظ الماضي للتحقيق كأكثر ألفاظ القيامة فان فيه وفى نحوه تكلفا بينا على ما ارتكبه من يعد من اجلاء المفسرين ودل قوله فى الأثر حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا

[سورة الطلاق (65) : آية 11]

على ان المحاسبة عامة لما فى الدارين وان المراد بها فى بعض المواضع هو التضييق والتشديد مطلقا فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ اى اعتبروا بحال الأمم الماضين من المنكرين المعاندين وما نزل بهم من العذاب والوبال فاتقوا الله أوامره ونواهيه ان خلصت عقولكم من شوب الوهم فان اللب هو العقل الخالص من شوآئب الوهم وذلك بخلوص القلب من شوآئب صفات النفس والرجوع الى الفطرة الاولى وإذا خلص العقل من الوهم والقلب من النفس كان الايمان يقينيا فلذلك وصفهم بقوله الَّذِينَ آمَنُوا اى الايمان التحقيقى اليقيني العيانى الشهودى وفيه اشارة الى ان منشأ التقوى هو الخلوص المذكور ولا ينافى ذلك زيادة الخلوص بالتقوى فكم من شىء يكون سببا لاصل شىء آخر ويكون سببا فى زيادته وقوته على ذلك الآخر وبكمال التقوى يحصل الخروج من قشر الوجود المجازى والدخول فى لب الوجود الحقيقي والاتصاف بالايمان العيانى قال بعضهم الذين آمنوا حقا وصدقا ويجوز أن يكون صفة كاشفة لا مقيدة فانه لا يليق أن يعد غير المؤمنين من اولى الألباب اللهم الا أن يراد باللب العقل العاري عن الضعف بأى وجه كان من البلادة والبله والجنون وغيرها فتخصيص الأمر بالتقوى بالمؤمنين من بينهم لانهم المنتفعون انتهى والظاهر ان قوله الذين آمنوا مبتدأ خبره قوله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ والخطاب من قبيل الالتفات ذِكْراً هو النبي عليه السلام كما بينه بأن أبدل منه قوله رَسُولًا وعبر عنه بالذكر لمواظبته على تلاوة القرآن او تبليغه والتذكير به وعبر عن إرساله بالانزال بطريق الترشيح اى للتجوز فيه عليه السلام بالذكر او لانه مسبب عن إنزال الوحى اليه يعنى ان رسول الله شبه بالذكر الذي هو القرآن لشدة ملابسته به فأطلق عليه اسم المشبه به استعارة تصريحية وقرن به ما يلائم المستعار منه وهو الانزال ترشيحا لها او مجازا مرسلا من قبيل اطلاق اسم السبب على المسبب فان إنزال الوحى اليه عليه السلام سبب لارساله وقال بعضهم ان التقدير قد انزل الله إليكم ذكرا يعنى القرآن وأرسل إليكم رسولا يعنى محمدا عليه السلام لكن الإيجاز اقتضى اختصار الفعل الناصب للرسول وقد دل عليه القرينة وهو قوله انزل نظيره قوله علفتها تبنا وماء باردا اى وسقيتها ماء باردا فيكون الوقف فى ذكرا تا ما بخلافه إذا كان بدلا وقال القاشاني قد انزل الله إليكم ذكرا اى فرقانا مشتملا على ذكر الذات والصفات والأسماء والافعال والمعاد رسولا اى روح القدس الذي أنزله به فأبدل منه بدل الاشتمال لان إنزال الذكر هو انزاله بالاتصال بالروح النبوي وإلقاء المعاني فى القلب يَتْلُوا يقرأ ويعرض عَلَيْكُمْ يا اولى الألباب أو يا ايها المؤمنون آياتِ اللَّهِ اى القرآن مُبَيِّناتٍ اى حال كون تلك الآيات مبينات ومظهرات لكم ما تحتاجون اليه من الاحكام او مبينات بالفتح بمعنى واضحات لا خفاء فى معانيها عند الاهالى اولا مرية فى اعجازها عند البلغاء المنصفين وانما يتلوها او أنزله لِيُخْرِجَ الرسول ويخلص او الله تعالى قال بعضهم اللام متعلقة بأنزل لا بقوله يتلو لان يتلو مذكور على سبيل التبعية دون انزل الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الموصول عبارة عن المؤمنين بعد انزاله وإلا فإخراج

الموصوفين بالايمان من الكفر لا يمكن إذ لا كفر فيهم حتى يخرجوا منه اى ليحصل لهم الرسول ما هم عليه الآن من الايمان والعمل الصالح بإخراجهم عما كانوا عليه أو ليخرج الله من علم او قدر انه سيؤمن ولم يقل ليخرجكم إظهارا لشرف الايمان والعمل الصالح وبيانا لسبب الإخراج وحثا على التحقق بهما مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ اى من الضلالة الى الهدى ومن الباطل الى الحق ومن الجهل الى العلم ومن الكفر الى الايمان ومن الشبهات الى الدلالات والبراهين ومن الغفلة الى اليقظة ومن الانس بغير الله الى الانس بالله على طبقاتهم ودرجاتهم فى السعى والاجتهاد بعناية الله تعالى وفى التأويلات النجمية ليخرج الذين آمنوا بالايمان العلمي وعملوا الصالحات بمقتضى العلم الظاهر لا بمقتضى الحال من ظلمات التقييد بالأعمال والأحوال الى نور الإطلاق برؤية فاعلية الحق فى الأشياء انتهى. يقول الفقير انما جمع الظلمات لتراكمها وتكاثفها ولكثرة أسبابها وأنواعها ولذا قال تعالى قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر اى شدائدهما فانها كالظلمات وكذا الأعمال السيئة ظلمات يوم القيامة كما ورد فى حق الظلم وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً خالصا من الرياء والتصنع والغرض وهو استئناف لبيان شرف الايمان والعمل الصالح ونهاية امر من اتصف بهما تنشيطا وترغيبا لغير أهلهما لهما قال بعض الكبار لو كان الايمان بذاته يعطى مكارم الأخلاق لم يقل للمؤمن افعل كذا واترك كذا وقد توجد مكارم الأخلاق بدونه وللايمان وللمكارم آثار ترجع على أصحابها فى اى دار كان كما ورد فى حق أبى طالب فانه قال العباس رضى الله عنه يا رسول الله ان أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل ينفعه ذلك قال نعم ولولا انا كان فى الدرك الأسفل من النار وكما رؤى ابو لهب فى المنام وهو يمص ماء من إبهامه ليلة الاثنين لعتقه بعض جواريه حين بشرته بولادة رسول الله عليه السلام وكما قيل انه عليه السلام لما عرج به اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا خاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة فاذا كانت المكارم بهذه المرتبة بلا ايمان فكيف مع ايمان وعطف العمل الصالح من الصلاة والزكاة وغيرهما على الايمان الذي هو تصديق القلب عند المحققين والتصديق مع الإقرار عند البعض يفيد المغايرة على ما هو المذهب الأصح وهو كاف فى دخول الجنة بوعد الله وكرمه فى القول الحق المثبت بالادلة القوية فذكر العمل الصالح بعده للاهتمام والحث عليه اخبارا بأن اهله يدخلون ابتداء بلا حساب او بحساب يسير يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت قصورها او أشجارها الْأَنْهارُ الاربعة المذكورة فى سورة محمد عليه السلام خالِدِينَ فِيها مقيمين فى تلك الجنات دائمين فيها وهو حال من مفعول يدخله والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها أَبَداً ظرف زمان بمعنى دائما غير منقطع فيكون تأكيدا للخلود لئلا بتوهم ان المراد به المكث الطويل المنقطع آخرا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً حال اخرى منه وفيه معنى التعجب والتعظيم لما رزقه الله

[سورة الطلاق (65) : آية 12]

المؤمنين من الثواب لان الجملة الخبرية إذا لم يحصل منها فائدة الخبر ولا لازمها تحمل على التعجب إذا اقتضاه المقام كأنه قيل ما احسن رزقهم الذي رزقهم الله وما أعظمه فرزقا ظاهره المفعولية لأحسن والتنوين للتعظيم لا عداده تعالى فيها ما هو خارج عن الوصف او للتكثير عددا لما فيه مما تشتهيه الأنفس من الرزق والأنفس او مددا لان أكلها دائم لا ينقطع ولا بعد فى أن يكون له بمعنى اليه ويكون رزقا تمييزا بمعنى قد هيأ له وأعد ما يحسن اليه به من جهة الرزق قال بعض الكبار الجزاء على الأعمال فى حق العارفين من عين المنة فهو جزاء العمل لا جزاء العامل فافهم قال فى الاسئلة المقحمة الظاهر ان الرزق الحسن مال فى قدر الكفاية بلا زيادة تطعى ولا حاجة تنسى. يقول الفقير هذا التفسير ليس فى محله لان المراد رزق الآخرة كما دل عليه ما قبل الآية لارزق الدنيا وفى التأويلات النجمية ومن يؤمن بالله ايمانا حقيقيا عينيا ويعمل عملا صالحا منزها عن رؤيته مقدسا عن نسبته الى العامل المجازى يدخله جنات المكاشفات والمشاهدات والمعاينات والمحاضرات من غير الفترة الحجابية قد احسن الله له رزقا فرزق الروح بالتفريد ورزق القلب بالتجريد ورزق السر بالتوحيد ورزق الخفي بالفناء والبقاء اللَّهُ الَّذِي إلخ مبتدأ وخبر اى الملك القادر الذي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ بيافريد هفت آسمان بعضى بالاى بعض. نكرها للتعظيم المفيد لكمال قدرة صانعها او لكفايته فى المقصود من اثبات قدرته الكاملة على وفق حكمته الشاملة وذلك يحصل بأخبار خلقه تعالى سبع سموات من غير نظر الى التعيين وَمِنَ الْأَرْضِ اى وخلق من الأرض مِثْلَهُنَّ اى مثل السموات السبع فى العدد والطباق وبالفارسية وبيافريد از زمين مانند آسمانها بعضى در تحت بعض. فقوله مثلهن منصوب بفعل مضمر بعد الواو دل عليه الناصب لسبع سموات وليس بمعطوف على سبع سموات لانه يستلزم الفصل بين حرف العطف وهو صرف واحد وبين المعطوف بالجار والمجرور وصرح سيبويه وابو على بكراهيته فى غير موضع الضرورة واختلف فى كيفية طبقات الأرض فالجمهور على انها سبع ارضين طباقا بعضها فوق بعض بين كل ارض وارض مسافة كما بين السماء والأرض وفى كل ارض سكان من خلق الله وقال الضحاك مطبقة بعضها فوق بعض من غير فتوق وفرجة اى سوآء كان بالبحار او بغيرها بخلاف السموات قال القرطبي والاول الأصح لان الاخبار دالة عليه كما روى البخاري وغيره من ان كعبا حلف بالذي فلق البحر لموسى ان صهيبا حدثه ان النبي عليه السلام لم ير قرية يريد دخولها الا قال حين يراها اللهم رب السموات السبع وما اظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما اضللن ورب الرياح وما اذرين نسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير من فيها ونعوذبك من شرها وشر أهلها وشر من فيها (وروى) شيبان ابن عبد الرحمن قنادة عن الحسن عن أبى هريرة رضى الله عنه قال بينما النبي عليه السلام جالس إذا أتى عليهم سحاب فقال هل تدرون ما هذا العنان قالوا الله ورسوله اعلم قال هذه زوايا الأرض يسوقها الله الى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما الذي فوقكم قالوا الله ورسوله اعلم قال فانها الرقيع سقف محفوظ وبحر مكفوف

ثم قال هل تدرون ما بينكم وبينها قالوا الله ورسوله اعلم قال فوقها العرش وبينه وبين السماء كبعد ما بين سماءين او كما قال ثم قال هل تدرون ما تحتكم قالوا الله ورسوله اعلم قال الأرض وتحتها ارض اخرى بينهما خمسمائة عام ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم ادلتم بحبل لهبطتم على الله ثم قرأ عليه السلام هو الاول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شىء عليم كما فى خريدة العجائب وفى المقاصد الحسنة لو أنكم دليتم بحبل الى الأرض السفلى لهبط على الله فسره بعض اهل العلم فقال انما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه فى كل مكان وهو على العرش كما وصف فى كتابه انتهى. قال شيخنا معناه ان علم الله شمل جميع الأقطار فالتقدير لهبط على علم الله والله تعالى منزه عن الحلول فى الأماكن فالله سبحانه كان قبل أن يحدث الأماكن انتهى كلام المقاصد الحسنة قال بعض العارفين فيه اشارة الى انه ما من جوهر فى العالم العلوي والسفلى الا وهو مرتبط بالحق ارتباط الرب بالمربوب وفى الحديث (اجتمع املاك عند الكعبة واحد نازل من السماء وواحد صاعد من الأرض السفلى وثالث من ناحية المشرق ورابع من ناحية المغرب فسأل كل واحد صاحبه من اين جئت فكلهم قالوا من عند الله ثم نرجع ونقول فالارض بعضها فوق بعض وغلظ كل ارض مسيرة خمسمائة عام وكذا ما بينهما على ما دل عليه حديث ابى هريرة وفى الحديث من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه خسف به يوم القيامة الى سبع ارضين قال ابن الملك وفيه اشعار بأن الأرض فى الآخرة ايضا سبع طباق وفى الكواشي قيل ما فى القرآن آية تدل على ان الأرضين سبع الا هذه الآية وان ما بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام وكذا غلظ كل سماء والأرضون مثل السموات فكما ان فى كل سماء نوعا من الملائكة يسبحون الله ويقدمونه ويحمدونه فكذا لكل ارض اهل على صفة وهيئة عجيبة ولكل ارض اسم خاص كما ان لكل سماء اسما خاصا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان نافع بن الأزرق سأله هل تحت الأرضين خلق قال نعم قال فما الخلق قال اما ملائكة او جن وعن عطاء بن يسار فى هذه الآية فى كل ارض آدم كآمكم ونوح مثل نوحكم وابراهيم مثل ابراهيمكم وعيسى كعيساكم قالوا معناه ان فى كل ارض خلقا لله لهم سادة يقومون عليهم مقام آدم ونوح وابراهيم وعيسى فينا قال السخاوي فى المقاصد الحسنة حديث الأرضون سبع فى كل ارض من الخلق مثل ما فى هذه حتى آدم كآدمكم وابراهيم كابراهيمكم هو مجهول ان صح نقله عن ابن عباس رضى الله عنهما على انه اخذه عن الإسرائيليات اى أقاويل بنى إسرائيل مما ذكر فى التوراة او اخذه من علمائهم ومشايخهم كما فى شرح النخبة وذلك وأمثاله إذا لم يخبر به ويصح سنده الى معصوم فهو مردود على قائله انتهى كلام المقاصد مع تفسير الاسرائيليات وقال فى انسان العيون قد جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى ومن الأرض مثلهن قال سبع ارضين فى كل ارض نبى كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم وابراهيم كابراهيمكم وعيسى كعيساكم رواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الاسناد وقال البيهقي اسناده صحيح لكنه شاذ بالمرة اى لانه لا يلزم من صحة الاسناد صحة المتن فقد يكون

فيه مع صحة اسناده ما يمنع صحته فهو ضعيف قال الجلال السيوطي ويمكن أن يؤول على ان المراد بهم النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء البشر ولا يبعد أن يسمى كل منهم باسم النبي الذي يبلغ عنه هذا كلامه وحينئذ كان لنبينا عليه السلام رسول من الجن اسمه كاسمه ولعل المراد اسمه المشهور وهو محمد فلينأمل انتهى ما فى انسان العيون ونظير هذا المقام قول حضرة الشيخ الشهير بافتاده خطابا لحضرة محمود الهدائى قدس سرهما الآن عوالم كثيرة يتكلم فيها محمود وافتاده كثير قال فى خريدة العجائب وليس هذا القول اى خبر فى كل ارض آدم إلخ بأعجب من قول الفلاسفة ان الشموس شموس كثيرة والأقمار أقمار كثيرة ففى كل إقليم شمس وقمر ونجوم وقالت القدماء الأرض سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الأقاليم لاعلى المطابقة والمكابسة واهل النظر من المسلمين يميلون الى هذا القول ومنهم من يرى ان الأرض سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقي (وحكى) الكلبي عن ابى صالح عن ابى عباس رضى الله عنهما انها سبع ارضين متفرقة بالبحار يعنى الحائل بين كل ارض وارض بحار لا يمكن قطعها ولا الوصول الى الأرض الاخرى ولا تصل الدعوة إليهم وتظل الجميع السماء قال الماوردي وعلى هذا اى وعلى انها سبع ارضين وفى كل ارض سكان من خلق الله تختص دعوة الإسلام بأهل الأرض العليا دون من عداهم وان كان فيهن من يعقل من خلق وفى مشاهدتهم السماء واستمدادهم الضوء منها قولان أحدهما انهم يشاهدون السماء من كل جانب من ارضهم ويستمدون الضياء منها وهذا قول من جعل الأرض مبسوطة والثاني انهم لا يشاهدون السماء وان الله خلق لهم ضياء يشاهدونه وهذا قول من جعل الأرض كرة قال سعدى المفتى وقد تؤول الآية تارة بالأقاليم السبعة اى فتكون الدعوة شاملة لجميعها وتارة بطبقات العناصر القوابل بالنسبة الى الاثيريات فهى ارضها التي ينزل عليها منها الصور الكائنة وهى النار الصرفة والطبقة الممتزجة من النار والهواء المسماة كرة الأثير التي فيها الشهب وذوات الاذناب وغيرها وطبقة الزمهرير وطبقة النسيم وطبقة الصعيد والماء المشحونة بالنسيم الشاملة للطبقة الطينية التي هى السادسة وطبقة الأرض الصرفة عند المركز وان حملناها على مراتب الغيوب السبعة المذكورة من غيب القوى والنفس والعقل والسرو الروح والخفي وغيب الغيوب اى عين جمع الذات فالارضون هى الأعضاء السبعة المشهورة وفى التأويلات النجمية هى طبقات القوب من الصدر والقلب والفؤاد والروع والشغاف والمهجة والروح وأراضي النفوس وهى النفس الأمارة واللوامة والملهمة والمطمئنة والنفس المعدنية والنباتية ولحيوانية يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ اى امر الله واللام عوض عن المضاف اليه بَيْنَهُنَّ اى بين السموات السبع والأرضين السبع والظاهر ان الجملة استئنافية للاخبار عن شمول جريان حكمه ونفوذ امره فى العلويات والسفليات كلها فالامر عند الأكثرين القضاء والقدر بمعنى يجرى قصاؤه وينفذ حكمه بين السماء السابعة التي هى أعلى السموات وبين الأرض السابعة التي هى أسفل الأرضين ولا يقتضى ذلك أن لا يجرى فى العرش والكرسي لان المقام اقتضى ذكر ما ذكره والتخصيص بالذكر لا يقتضى التخصيص بالحكم كذ قالوا.

يقول الفقير تحقيق هذا المقام يستدعى تمهيد مقدمة وهى انه استوى الأمر الإرادي الايجادى على العرش كما استوى الأمر التكليفي الارشادى على الشرع الذي هو مقلوب العرش والتجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع موقوفة على استواء امر تمام حصول الأركان الاربعة على العرش وتلك الأمور الاربعة هى الحركة المعنوية الاسمائية والحركة النورية الروحانية والحركة الطبيعية المثالية والحركة الصورية الحسية وهى حركة العرش فالعرش مستوى امره الايجادى لا مستوى نفسه تعالى عن ذلك ومنه يتنزل الأمر الإلهي بينهن وهى التجليات الالهية الدنيوية والبرزخية والحشرية والنيرانية والجنانية وكلها تجليات وجودية أشير إليها بقوله تعالى كل يوم هو فى شأن وبقوله يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها واما التجليات الشهودية فما كانت وتكون فى الدنيا والآخرة لقلوب اهل الكمال وأرواحهم وأسرارهم من الأنبياء العظام والأولياء الكرام فمعنى الآية يتنزل امر الله بالإيجاد والتكوين وترتيب النظام والتكميل بين كل سماء وارض من جانب العرش العظيم ابدا دائما لان الله تعالى لم يزل ولا يزال خالقا فى الدنيا والآخرة فيفنى ويعدم عوالم ويوجد ويظهر عوالم اخرى لا نهاية لشؤونه فهو كل يوم وآن فى امر وشأن بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجبات قابليات اصحاب الزمان لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ متعلق بخلق او يتنزل او بما يعمهما اى فعل ذلك لتعملوا ان من قدر على ما ذكر قادر على كل شىء ومنه البعث الحساب والجزاء فتطيعوا امره وتقبلوا حكمه وتستعدوا لكسب السعادة والخلاص من الشقاوة واللام لام المصلحة والحكمة لان فعله تعالى خال عن البعث (روى) عن الامام الأعظم انه قال ان هذه الآية من أخوف الآيات فى القرآن لا لام الغرض فانه تعالى منزه عن الغرض إذ هو لمن له الاحتياج والله غنى عن العالمين وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً كما أحاط به قدرة لاستحالة صدور الأفاعيل المذكورة ممن ليس كذلك والإحاطة العلم البالغ وبالفارسية وبدرستى كه فرا رسيده است بهمه چيز از روى علم يعنى علم وقدرت او محيط است بهمه اشيا از موجودات علمى وعينى هيچ چيز از دائره علم وقدرت او خارج نيست رمزيست ز سر قدرتش كن فيكون ... با دانش او يكيست بيرون ودرون در غيب وشهادة ذره نتوان يافت ... از دائره قدرت وعلمش بيرون ويجوز أن يكون العامل فى اللام بيان ما ذكر من الخلق وتنزل الأمر اى اوحى ذلك وبينه لتعلموا بما ذكر من الأمور التي تشاهدونها والتي تتلقونها من الوحى من عجائب المصنوعات انه لا يخرج عن علمه وقدرته شىء ما أصلا قوله علما نصب على التمييز اى أحاط علمه بكل شىء كما فى عين المعاني أو على المصدر المؤكد لان المعنى وان الله قد علم كل شىء علما كما فى فتح الرحمن قال البقلى قدس سره لو كان للانسان قدرة المعرفة كالارواح لم يخاطبه بالعلل والاستدلال ليعلم برؤية الأشياء وجود الحق وكان كالارواح فى الخطاب بلا علة فى تعريف نفسه إياها يقول ألست بربكم إذ هناك خطاب وشهود وتعريف بغير علة فلما علم عجزه وهو فى عالم

تفسير سورة التحريم

الجسم عن حمل واردات الخطاب الصرف أحاله الى الشواهد بقوله خلق سبع سموات إلخ وليس بعارف فى الحقيقة من عرفه بشئ من الأشياء او بسبب من الأسباب فمن نظر الى خلق الكون يعرف انه ذو قدرة واسعة وذو احاطة شاملة ويخاف من قهره ويذوب قلبه بعلمه فى رؤية اطلاع الحق عليه قال الشيخ نجم الدين فى تأويلاته وفى هذه الآية الكريمة غوامض من اسرار القرآن مكنونة ويدل عليه قول ابن عباس رضى الله عنهما لما سئل عن هذه الآية وقال لو فسرتها لقطعوا حلقومى ورجمونى والمعنى الذي أشار اليه رضى الله عنه مما لا يعبر عنه ولا يشار اليه ولكن يذاق تمت سورة الطلاق بعون الله الملك الخلاق فى خامس عشر جمادى الاولى من شهور سنة ست عشرة ومائة وألف تفسير سورة التحريم ثنتا عشرة آية مدينة بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ اصل لم لما والاستفهام لانكار التحريم وهو بالفارسية حرام كردن. كما ان الاحلال حلال كردن. روى ان النبي عليه السلام خلا بسريته مارية القبطية التي أهداها اليه المقوقس ملك مصر فى يوم عائشة رضى الله عنها ونوبتها وعلمت بذلك حفصة رضى الله عنها فقال لها اكتمي على ولا تعلمى عائشة فقد حرمت مارية على نفسى وأبشرك ان أبا بكر وعمر رضى الله عنهما يملكان بعدي امر أمتي فأخبرت به عائشة رضى الله عنها ولم تكتم وكانتا متصادقتين متظاهرتين على سائر ازواج النبي عليه السلام قال السهيلي رحمه الله أمرها أن لا تخبر عائشة ولا سائر أزواجه بما رأت وكانت رأته فى بيت مارية بنت شمعون القبطية أم ولده ابراهيم المتوفى فى الثدي وهو ابن ثمانية عشر شهرا فخشى أن يلحقهن بذلك غيرة واسر الحديث الى حفصة فأفشته وقيل خلا بها فى يوم حفصة كما قال بعض اهل التفسير كان رسول الله عليه السلام يقسم بين نسائه فلما كان يوم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنه استأذنت رسول الله فى زيادة أبيها فاذن لها فلما خرجت أرسل رسول الله الى أم ولده مارية القبطية (قال فى كشف الاسرار) در بيرون مدينه در نخلستان در سرايى مقام داشت كه زنان رسول نمى خواستند كه در مدينه با ايشان نشيند وگاه گاه رسول خدا از بهر طهارت بيرون شدى واو را ديدى انتهى. فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها فلما رجعت حفصة وجدت تبكى فقال ما يبكيك فقالت انما أذنت لى من أجل هذا أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها فى يومى على فراشى فلو رأيت لى حرمة وحقا ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن فقال رسول الله أليس هى جاريتى أحلها الله لى اسكني فهى حرام على ألتمس بذلك رضاك فلا تخبري بهذا امرأة منهن فلما خرج رسول الله قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت ألا أبشرك ان رسول الله قد حرم عليه

أمته مارية وقد أراحنا الله منها وأخبرت عائشة بما رأت فلم تكتم فطلقها رسول الله بطريق الجزاء على افشاء سره واعتزل نساءه ومكث تسعا وعشرين ليلة فى بيت مارية قال أبو الليث أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة مؤاخذته عليهن حتى نزلت الآية ودخل عمر رضى الله عنه على بنته حفصة وهى تبكى فقال أطلقكن رسول الله فقالت لا أدرى هو ذا معتزلا فى هذه المشربة وهى بفتح الراء وضمها الغرفة والعلية كما فى القاموس (وروى) انه قال لها لو كان فى آل الخطاب خير لما طلقك قال عمر فأتيته عليه السلام فدخلت وسلمت عليه فاذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر فى جنبه فقلت أطلقت نساءك يا رسول الله فقال لا فقلت الله اكبر لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم وطفقن نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتبسم رسول الله وقال عمر للنبى عليه السلام لا تكترث بأمر نسائك والله معك وأبو بكر معك وأنا معك فنزلت الآية موافقة لقول عمر قالت عائشة رضى الله عنها لما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على رسول الله فقلت يا رسول الله انك أقسمت أن لا تدخل علينا وانك قد دخلت فى تسع وعشرين أعدهن فقال ان الشهر تسع وعشرون وكان ذلك الشهر كذلك ونزل جبريل فقال لرسول الله عن أمر الله راجع حفصة فانها صوامة قوامة وانها لمن نسائك فى الجنة وكان تحته عليه السلام يومئذ تسع نسوة خمس من قريش عائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة بنت أبى سفيان وأم سلمة بنت امية وسودة بنت زمعة وغير القرشيات زينب بنت جحش الأسدية وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حيى بن أخطب الخيبرية وجويرة بنت الحارث المصطلقية. ونقلست كه حضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم عسل وشربت او وهر چيز كه حلو باشد دوست داشتى وقتى زينب رضى الله عنها مقدارى عسل داشت كه بعضى خويشان وى در مكه بطريق هديه فرستاده بود هرگاه آن حضرت عليه السلام بخانه وى آمدى زينب شربت فرمودى وآن حضرت راد خانه وى بسبب آن توقف بيشتر واقع شدى آن حال بر بعضى ازواج طاهرات گران آمد عائشه وحفصه اتفاق نمودند كه چون آن حضرت بعد از آشاميدن شربت عسل در خانه وى نزد هر كدام از ما درآيند كوييم از تو بوى مغافير ميشنويم ومغفور بالضم صمغ درختيست كه عرفط خوانند از درختان باديه واگر چهـ شيرينست ولكن رايحه كريهه دارد وحضرت بوى خوش دوست ميداشت براى مناجات ملك واز روايح ناخوش محترز مى بود پس آن حضرت روزى شربت آشاميد ونزد هر كدام آمد از ازواج كفتند يا رسول الله از شما رايحه مغفور مى آيد وايشان در جواب فرمودند كه مغفور نخورده ام اما در خانه زينب شربت عسل آشاميده ام كفتند جرست النحلة العرفط يعنى ان تلك النحلة أكلت العرفط وبالفارسية زنبور آن عسل از شكوفه عرفط چريده بود والجرس خوردن منج چرا را. وفى القاموس الجرس اللحس باللسان امام زاهد رحمه الله آورده كه چون اين صورت مكرر وجود كرفت حضرت عليه السلام فرمود حرمت العسل على نفسى فو الله لا آكله ابدا واين سوكند بدان خورد

تا ديگر كس ويرا از ان عسل نيارد فنزلت الآية قال ابن عطية والقول الاول وهو ان الآية نزلت بسبب مارية أصح وأوضح وعليه تفقه الناس فى الآية وقال فى كشف الاسرار قصة العسل أسند كما قال فى اللبابين ان هذا هو الأصح لانه مذكور فى الصحيحين انتهى وقصة مارية أشبه ومعنى الآية لم تحرم ما أحل الله لك من ملك اليمين او من العسل اى تمتنع من الانتفاع به مع اعتقاد كونه حلالا لك لان اعتقاد كونه حراما بعد ما أحل الله مما لا يتصور من عوام المؤمنين فكيف من الأنبياء قال الفقهاء من اعتقد من عند نفسه حرمة شىء قد أحله الله فقد كفر إذ ما أحله الله لا يحرم الا بتحريم الله إياه بنظم القرآن او بوحي غير متلو والله تعالى انما أحل لحكمة ومصلحة عرفها فى إحلاله فاذا حرم العبد كان ذلك قلب المصلحة مفسدة تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ الابتغاء جستن. والمرضاة مصدر كالرضى وفى بعض التفاسير اسم مصدر من الرضوان قلبت واوها ألفا والأزواج جمع زوج فانه يطلق على المرأة ايضا بل هو الفصيح كما قال فى المفردات وزوجة لغة رديئة وجمع الأزواج مع ان من أرضاها النبي عليه السلام فى هذه القصة عائشة وحفصة رضى الله عنهما اما لان ارضاءهما فى الأمر المذكور إرضاء لكلهن أو لأن النساء فى طبقة واحدة فى مثل تلك الغيرة لانهن جبلن عليها على انه مضى ما مضى من قول السهيلي او لان الجمع قد يطلق على الاثنين او للتحذير عن إرضاء من تطلب منه عليه السلام ما لا يحسن وتلح عليه أيتهن كانت لانه عليه السلام كان حييا كريما والجملة حال من ضمير تحرم اى حال كونك مبتغيا وطالبا لرضى أزواجك والحال انهن أحق بابتغاء رضاك منك فانما فضيلتهن بك فالانكار وارد على مجموع القيد والمقيد دفعة واحدة فمجموع الابتغاء والتحريم منكر نظيره قوله تعالى لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة وفيه اشارة الى فضل مارية والعسل وفى الحديث (أول نعمة ترفع من الأرض العسل) وقد بين فى سورة النحل وَاللَّهُ غَفُورٌ مبالغ فى الغفران قد غفر لك وستر ما فعلت من التحريم وقصدت من الرضى لان الامتناع من الانتفاع بإحسان المولى الكريم يشبه عدم قبول إحسانه رَحِيمٌ قد رحمك ولم يؤاخذك به وانما عاتبك محافظة على عصمتك (وقال الكاشفى) مهربان كه كفارت سوكند تو فرمود قال فى كشف الاسرار هذا أشد ما عوتب به رسول الله فى القرآن وقال البقلى ادب الله نبيه أن لا يستبد برأيه ويتبع ما يوحى اليه كما قال بعض المشايخ فى قوله لتحكم بين الناس بما أراك الله ان المراد به الوحى الذي يوحى به اليه لا ما يراه فى رأيه فان الله قد عاتبه لما حرم على نفسه ما حرم فى قصة عائشة وحفصة فلو كان الدين بالرأى لكان رأى رسول الله اولى من كل رأى انتهى كلام ذلك البعض وفيه بيان ان من شغله شىء من دون الله وصل اليه منه ضرب لا تبرأن جراحته الا بالله لذلك قال عقيب الآية والله غفور رحيم قال ابن عطاء لما نزلت هذه الآية على النبي عليه السلام كان يدعو دائما ويقول اللهم انى أعوذ بك من كل قاطع يقطعنى عنك آزرده است گوشه نشين از وداع خلق ... غافل كه اتصال حقست انقطاع خلق

[سورة التحريم (66) : الآيات 2 إلى 3]

قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ الفرض هنا بمعنى الشرع والتبيين كما دل عليه لكم فان فرض بمعنى أوجب انما يتعدى بعلى والتحلة مصدر حلل بتضعيف العين بمعنى التحليل أصله تحللة كتكرمة وتعلة وتبصرة وتذكرة من كرم وعلل وبصر وذكر بمعنى التكريم والتعليل والتبصير والتذكير الا ان هذا المصدر من الصحيح خارج عن القياس فانه من المعتل اللام نحو سمى تسمية او مهموز اللام مثل جزأ تجزئة والمراد تحليل اليمين كان اليمين عقد والكفارة حل يقال حلل اليمين تحليلا كفرها اى فعل ما يوجب الحنث وتحال فى يمينه استثنى وقال ان شاء الله وقوله عليه السلام لا يموت لرجل ثلاثة أولاد فتمسه النار الا تحلة القسم اى قدر ما يقول ان شاء الله كما فى المفردات او قدر ما يبر الله قسمه فيه بقوله وان منكم الا واردها قال فى تاج المصادر قوله فعلته تحلة القسم اى لم أفعله الا بقدر ما حللت به يمينى أن لا أفعله ولم أبالغ ثم قيل لكل شىء لم يبالغ فيه تحليل يقال ضربته تحليلا والباب بدل على فتح الشيء ومعنى الكفارة الإطعام او الكسوة او العتق او الصوم على ما مر تفصيله فى سورة المائدة ومعنى الآية شرع الله لكم تحليل ايمانكم وبين لكم ما تنحل به عقدتها من الكفارة وهى المرادة هاهنا لا الاستثناء اى أن يقول ان شاء الله متصلا حتى لا يحنث فان الاستثناء المتصل ما كان مانعا من انعقاد اليمين جعل كالحل فالتحليل لما عقدته الايمان بالكفارة او بالاستثناء وبالفارسية بدرستى كه بيان كرد خداى تعالى براى شما فرو گشادن سوگندهاى شما را بكفارت يعنى آنچهـ بسوگند ببنديد بكفارت توان كشاد. قال فى الهداية ومن حرم على نفسه شيأ مما يملكه لم يصر محرما وعليه ان استباحه واقدم عليه كفارة فتحريم الحلال يمين عند أبى حنيفة رحمه الله ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه فاذا حرم طعاما فقد خلف على أكله او أمة فعلى وطئها قال ابن عباس رضى الله عنهما التحريم هو اليمين فلو قال لامرأته أنت على حرام فلو نوى الطلاق طلقت وان نوى اليمين كان يمينا وان أراد الكذب لم يقع شىء وكذا لو حرم طعاما على نفسه ونوى اليمين كان يمينا خلافا للشافعى كما فى عين المعاني وقال بعضهم لم يثبت عن رسول الله عليه السلام انه قال لما أحله الله هو حرام على وانما امتنع عن مارية ليمين تقدمت منه وهو قوله والله لا أقربها بعد اليوم فقيل له لم تحرم ما أحل الله لك اى لم تمتنع منه بسبب اليمين يعنى اقدم على ما حلفت عليه وكفر عن يمينك وظاهر قوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم انه كانت منه يمين فان قلت هل كفر رسول الله لذلك قلت عن الحسن البصري قدس سره انه لم يكفر لانه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وانما هو تعليم للمؤمنين وعن مقاتل انه أعتق رقبة فى تحريم مارية وعاودها لانه لا ينافى كونه مغفورا له أن يكفر فهو والامة سوآء فى الاحكام ظاهرا وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ سيدكم ومتولى أموركم وَهُوَ الْعَلِيمُ بما يصلحكم فيشرعه لكم الْحَكِيمُ المتقن فى أفعاله وأحكامه فلا يأمركم ولا ينهاكم الا حسبما تقتضيه الحكمة وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ الاسرار خلاف الإعلان ويستعمل فى الأعيان والمعاني والسر هو الحديث المكتتم فى النفس وأسررت الى فلان حديثا أفضيت به اليه فى

خفية فالاسرار الى الغير يقتضى اظهار ذلك لمن يفضى اليه بالسر وان كان يقتضى إخفاءه من غيره فاذا قولهم أسررت الى فلان يقتضى من وجه الإظهار ومن وجه الإخفاء والنبي رسول الله عليه السلام فان اللام للعهد وإذ ظرف اى اذكر الحادث وقت الاسرار والأكثر المشهور انه مفعول اى واذكر يا محمد وقت اسرار النبي واخفائه على وجه التأنيب والتعتب او واذكروا أيها المؤمنون فالخطاب ان كان له عليه السلام فالاظهار فى مقام الإضمار بأن قيل وإذ أسررت للتعظيم بايراد وصف ينبئ عن وجوب رعاية حرمته ولزوم حماية حرمه عما يكرهه وان كان لغيره عموما على الاشتراك او خصوصا على الانفراد فذكره بوصف النبي للاشعار بصدقه فى دعوى النبوة إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ وهى حفصة رضى الله عنها تزوجها النبي عليه السلام فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة قبل أحد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبنى البيت وماتت بالمدينة فى شعبان سنة خمس وأربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو امير المدينة يومئذ وحمل سريرها وحمله ايضا أبو هريرة وقد بلغت ثلاثا وستين سنة وأبو حفص أبوها عمر رضى الله عنه كناه به رسول الله عليه السلام والحفص ولد الأسد حَدِيثاً قال الراغب كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث والمراد حديث تحريم مارية او العسل او امر الخلافة قال سعدى المفتى فيه ان تحريم العسل ليس مما اسر الى حفصة بل كان ذلك عند عائشة وسودة وصفية رضى الله عنهن فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ اى أخبرت حفصة صاحبتها التي هى عائشة بالحديث الذي اسره إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفشته إليها وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ اى أطلع الله النبي على افشاء حفصة ذلك الحديث على لسان جبريل فالضمير راجع الى الحديث بتقدير المضاف واظهر ضمن معنى اطلع من ظهر فلان السطح إذا علاه وحقيقته صار على ظهره وأظهره على السطح اى رفعه عليه فاستعير للاطلاع على الشيء وهو من باب الافعال بمعنى بر رسانيدن كسى را بر نهانى وديده ور گردانيدن. قال الراغب ظهر الشيء أصله أن يحصل شىء على ظهر الأرض فلا يخفى وبطن إذا حصل فى بطنان الأرض فيحقى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة عَرَّفَ النبي حفصة والتعريف بالفارسية بياگاهيدن بَعْضَهُ اى بعض الحديث الذي افشته الى صاحبتها على طريق العتاب بأن قال لها ألم أك امرتك أن تكتمى سرى ولا تبديه لأحد وهو حديث الامامة (روى) انه عليه السلام لما عاتبها قالت والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسى فرحا بالكرامة التي خص الله بها أباها وبعض الشيء جزء منه وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ اى عن تعريف بعض تكرما وهو حديث مارية وقال بعضهم عرف تحريم الامة واعرض عن تعريف امر الخلافة كراهة أن ينتشر ذلك فى الياس وتكرما منه وحلما وفيه جواز اظهار الشيوخ الفراسة والكرامات لمريديهم لتزيد رغبتهم فى الطريقة وفيه حث على ترك الاستقصاء فيما جرى من ترك الأدب فانه صفة الكرام قال الحسن البصري قدس سره ما استقصى كريم قط وقال بعضهم ما زال التغافل من فعل الكرام فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ اى اخبر النبي حفصة بالحديث الذي أفشته بما أظهره الله عليه من انها أفشت سره قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا

[سورة التحريم (66) : آية 4]

من أخبرك عنى هذا تعنى افشاءها للحديث ظنت أن عائشة أخبرته وفيه تعجب واستبعاد من اخبار عائشة بذلك لانها أوصتها بالكتم ولم يقل من نبأك ليوافق ما قبله للتفنن قالَ النبي عليه السلام نَبَّأَنِيَ بفتح ياء المتكلم الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ الذي لا يخفى عليه حافية فسكتت وسلمت ونبأ ايضا من قبيل التفنن يقال ان انبأ ونبأ يتعديان الى مفعولين الى الاول بنفسهما والى الثاني بالباء وقد يحذف الاول للعلم به وقد يحذف الجار ويتعدى الفعل الى الثاني بنفسه ايضا فقوله تعالى فلما نبأها به على الاستعمال الاول وقوله فلما نبأت به على الاستعمال الثاني وقوله من أنباك على الاستعمال الثالث وقوله العليم هو ولعالم والعلام من أسمائه سبحانه ومن أدب من علم انه سبحانه عالم بكل شىء حتى بخطرات الضمائر ووساوس الخواطر أن يستحيى منه ويكف عن معاصيه ولا يغتر بجميل ستره ويحشى بغتات قهره ومفاجأة مكره وعن بعضهم انه قال كنت جائعا فقلت لبعض معارفى انى جائع فلم يطعمنى شيأ فمضيت فوجدت درهما ملقى فى الطريق فرفعته فاذا عليه متكوب اما كان الله عالما بجوعك حتى طلبت من غيره والخبير بمعنى العليم وقال الامام الغزالي قدس سره إذا اعتبر العلم المطلق فهو العليم مطلقا وإذا أضيف الى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير وإذا أضيف الى الأمور الظاهرة فهو الشهيد وإذا علم العبد انه تعالى خبير بأفعاله مطلع على سره علم انه تعالى احصى عليه جميع ما عمله او أخفى فى عمله وان كان هو قد نسيه فيخچل حجلا يكاد يهلكه (حكى) ان رجلا تفكر يوما فقال عمرى كذا كذا سنة يكون كذا كذا شهرا يكون منها كذا كذا يوما فبلغ عمره من الأيام ألوفا كثيرة فقال لو لم اعص الله كل يوم الا معصية واحدة لكان فى ديوان عملى كذا كذا ألف معصية وانى فى كل يوم عملت كثيرا من المعاصي ثم صاح وفارق الدنيا (يقول الفقير) . مذنبم كرچهـ ولى رب غفوريم كرست ... بمن افتاده دهد از كرمش شايد دست إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ خطاب لحفصة وعائشة رضى الله عنهما فالالتفات من الغيبة الى الخطاب للمبالغة فى الخطاب لكن العتاب يكون للاولياء كما ان العقاب يكون للاعداء كما قيل إذا ذهب العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقي العتاب ففيه ارادة خير لحفصة وعائشة بارشادهما الى ما هو أوضح لهما فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما الفاء للتعليل كما فى قولك اعبد ربك فالعبادة حق والا فالجزاء يجب أن يكون مرتبا على الشرط مسببا عنه وصغو قلبيهما كان سابقا على الشرط وكذا الكلام فى وان تظاهرا إلخ والمعنى فقد وجد منكما ما يوجب التوبة من ميل قلوبكما عما يجب عليكما من مخالصة رسول الله وحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه من صغا يصغو صغوا مال وأصغى اليه مال بسمعه قال الشاعر تصغى القلوب الى أعر مبارك ... من آل عباس بن عبد المطلب وجمع القلوب لئلا يجمع بين تثنيتين فى كلمة فرارا من اجتماع المتجانسين وربما جمع وَإِنْ

تَظاهَرا عَلَيْهِ بإسقاط احدى التاءين وهو تفاعل من الظهر لانه أقوى الأعضاء اى تتعاونا على النبي عليه السلام بما يسوءه من الافراط فى الغيرة وافشاء سره وكانت كل منكما ظهرا لصاحبتها فيه فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ قوله هو مبتدأ ثان جيئ به لتقوى الحكم لا للحصر والا لانحصرت الولاية له عليه السلام فى الله تعالى فلا يصح عطف ما بعده عليه وقوله وجبريل عطف على موضع اسم ان بعد استكمالها خبرها وكذا قوله وصالح المؤمنين واليه مال السجاوندى رحمه الله إذ وضع علامة الوقف على المؤمنين والظاهر ان صالح مفرد ولذلك كتبت الحاء بدون واو الجمع ومنهم من جوز كونه جمعا بالواو والنون وحذفت النون بالاضافة وسقطت واو الجمع فى التلفظ لالتقاء الساكنين وسقت فى الكتابة ايضا حملا للكتابة على اللفظ نحو يمح الله الباطل ويدع الإنسان وسندع الزبانية الى غير ذلك والمعنى فلن يعدم هو اى النبي عليه السلام من يظاهره فان الله هو ناصره وجبريل رئيس الملائكة المقربين قرينه ورفيقه ومن صلح من المؤمنين اتباعه وأعوانه فيكون جبريل وما بعده اى على تقدير العطف داخلين فى الولاية لرسول الله ويكون جبريل ايضا ظهيرا له بدخوله فى عموم الملائكة ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله مولاه ويكون جبريل مبتدأ وما بعده عطفا عليه وظهير خبر للجميع تختص الولاية بالله قال ابن عباس رضى الله عنهما أراد بصالح المؤمنين أبا بكر وعمر رضى الله عنهما قال فى الإرشاد هو اللائق بتوسيطه بين جبريل والملائكة فانه جمع بين الظهير المعنوي والظهير الصوري كيف لاوان جبريل ظهيره يؤيده بالتأييدات الالهية وهما وزيراه فى تدبير امور الرسالة وتمشية الاحكام ظاهرة ومعاون آن حضرت كه رضاى او بر رضاى فرزندان خود إيثار كنند. ولأن بيان مظاهرتهما له عليه السلام أشده تأثيرا فى قلوب بنتيهما وتوهينا لامرهما فكان حقيقا بالتقديم بخلاف ما إذا أريد به جنس الصالحين كما هو المشهور وعن بعضهم ان المراد بصالح المؤمنين الاصحاب او خيارهم وعن مجاهد هو على رضى الله عنه يقول الفقير يؤيده قوله عليه السلام يا على أنت منى بمنزلة هرون من موسى فان الصالحين الأنبياء هم عليهم السلام كما قال تعالى وكلا جعلنا صالحين وقال حكاية عن يوسف الصديق عليه السلام وألحقنى بالصالحين فاذا كان على بمنزلة هرون فهو صالح مثله وقال السهيلي رحمه الله لفظ الآية عام فالاولى حملها على العموم قال الراغب الصلاح ضد الفساد الذي هو خروج الشيء عن الاعتدال والانتفاع قل او كثروهما مختصان فى اكثر الاستعمال بالافعال وقوبل الصلاح فى القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة (وروى) ان رجلا قال لابراهيم بن أدهم قدس سره ان الناس يقولون لى صالح فيم اعرف انى صالح فقال اعرض أعمالك فى السر على الصالحين فان قبلوها واستحسنوها فاعلم انك صالح والا فلا وهذا من كلم الحكمة وَالْمَلائِكَةُ مع تكاثر عددهم وامتلاء السموات من جموعهم (وقال الكاشفى) وتمام فرشتكان آسمان وزمين بَعْدَ ذلِكَ اى بعد نصرة الله وناموسه الأعظم وصالح المؤمنين وفيه تعظيم لنصرتهم لانها من الخوارق كما وقعت فى بدر ولا يلزم منه

افضلية الملائكة على البشر ظَهِيرٌ خبر والملائكة والجملة معطوفة على جملة فان الله هو مولاه وما عطف عليه اى فوج مظاهر له معين كأنهم يد واحدة على من يعاديه فماذا يفيد تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه وما ينبئ عنه قوله تعالى بعد ذلك من فضل نصرتهم على نصرة غيرهم من حيث ان نصرة الكل نصرة الله بهم وبمظاهرتهم أفضل من سائر وجوه نصرته يعنى ان نصرة الله اما نصرة ذاتية بلا آلة ولا سبب او نصرة بتوسط مخلوقاته والثاني يتفاوت بحسب تفاوت قدرة المخلوقات وقوتهم ونصرة الملائكة أعظم وابعد رتبة بالنسبة الى سائر المخلوقات على حسب تفاوت قدرتهم وقوتهم فانه تعالى مكن الملائكة على ما لم يمكن الإنسان عليه فالمراد بالبعدية ما كان بحسب الرتبة لا الزمان بأن يكون مظاهرة الملائكة أعظم بالنسبة الى نصرة المؤمنين وجبريل داخل فى عموم الملائكة ولا يخفى ان نصرة جميع الملائكة وفيهم جبريل أقوى من نصرة جبريل وحده قال فى الإرشاد هذا ما قالوا ولعل الأنسب أن يجعل ذلك اشارة الى مظاهرة صالح المؤمنين خاصة ويكون بيان بعدية مظاهرة الملائكة تداركا لما يوهمه الترتيب من افضلية المقدم اى فى نصرة فكأنه قيل بعد ذكر مظاهرة صالح المؤمنين وسائر الملائكة بعد ذلك ظهير له عليه السلام إيذانا بعلو رتبة مظاهرتهم وبعد منزلتها وجبرا لفصلها عن مظاهرة جبريل قال بعضهم لعل ذكر غير الله مع ان الاخبار بكونه تعالى مولاه كاف فى تهديدهما لتذكير كمال رفعة شأن النبي عليه السلام عند الله وعند الناس وعند الملائكة أجمعين. يقول الفقير أيده الله القدير هذا ما قالوا والظاهر ان الله تعالى مع كفاية نصرته ذكر بعد نفسه من كان أقوى فى نصرته عليه السلام من المخلوقات لكون المقام مقام التظاهر لكون عائشة وحفصة متظاهرتين وزاد فى الظهير لكون المقام مقام التهديد ايضا وقدم جبريل على الصلحاء لكونه أول نصير له عليه السلام من المخلوقات وسفيرا بينه وبين الله تعالى وقدم الصلحاء على الملائكة لفضلهم عليهم فى باب النصرة لان نصرة الملائكة نصرة بالفعل القالبى ونصرة الصلحاء نصرة به وبالهمة وهى أشد وما يفيده البعدية من افضلية تظاهرهم على تظاهر الصلحاء فمن حيث الظاهر إذ هم اقدر على الافعال الشاقة من البشر فاقتضى مقام التهديد ذكر البعدية وفى قوله وصالح المؤمنين اشارة الى غريبة اطلعنى الله تعالى عليها وهى ان صالحا اسم النبي عليه السلام كما فى المفردات فان قلت كيف هو ونصرة النبي لنفسه محال قلت هذه نصرة من مقام ملكيته لمقام بشريته ومن مقام جمعه لمقام فرقه ومن مقام ولايته لمقام نبوته كالتسليم فى قوله السلام عليك أيها النبي ان صح انه عليه السلام قال فى تشهده ونظيره نصرة موسى عليه السلام لنفسه حين فر من القبط كما قال ففررت منكم وذلك لان فيه نصرة نفسه الناطقة لنفسه الحيوانية وفيه اشارة ايضا الى القلب والقوى الروحانية المنصورة على النفس بتأييد الله تعالى وتأييد ملك الإلهام قال بعض الكبار ليس فى العالم أعظم قوة من المرأة يسر لا يعرفه الا من عرف فيم وجد العالم وبأى حركة أوجده الحق تعالى وانه عن مقدمتين فانه نتيجة والناتج طالب والطالب مفتقر والمنتوج مطلوب والمطلوب له عزة الافتقار اليه

[سورة التحريم (66) : الآيات 5 إلى 9]

والشهوة فى ذلك غالبة فقد بان لك محل المرأة من الموجودات وما الذي ينظر إليها من الحضرة الالهية وبماذا كانت لها القوة وقد نبه تعالى على ما خصها به من القوة بقوله وان تظاهر إلخ وما ذكر الا معينا قويا من الملائكة الذين لهم الشدة والقوة فان صالح المؤمنين يفعل بالهمة وهو أقوى من الفعل فان فهمت فقد رميت بك على الطريق فانه تعالى نزل الملائكة بعد ذكره نفسه وجبريل وصالح المؤمنين منزلة المعينين ولا قوة الا بالله وقد اخبر الشيخ أفضل الدين الأحمدى قدس سره انه تفكر ذات ليلة فى قوله تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو قال فقلت اين المنازع الذي يحتاج فى مقاتلته الى جنود السموات والأرض وقد قال تعالى والله جنود السموات والأرض وإذا كان هؤلاء جنوده فمن يقاتلون وما خرج عنهم شخص واحد فاذا بهاتف يقول لى لا تعجب فثمة ما هو اعجب فقلت وما هو فقال الذي قصة الله فى حق عائشة وحفصة قلت وما قص فتلا وان تظاهرا إلخ قهذا اعجب من ذكر الجنود انتهى قال فتحرك خاطرى الى معرفة هذه العظمة التي جعل الله نفسه فى مقابلتها وجبريل وصالح المؤمنين فأخبرت بها فى واقعة فما سررت بشئ سرورى بمعرفة ذلك وعلمت من استندنا اليه ومن يقويهما وعلمت ان الله تعالى لولا ذكر نفسه فى النصرة ما استطاعت الملائكة والمؤمنون مقاومتهما وعلمت انهما حصل لهما من العلم بالله والتأثير فى العالم ما أعطاهما هذه القوة وهذا من العلم الذي كهيئة المكنون فشكرت الله على ما اولى انتهى وكان الشيخ على الخواص قدس سره يقول ما أظن أحدا من الخلق استند الى ما استند اليه هاتان المرأتان يقول لوط عليه السلام لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد فكان عنده والله الركن الشديد ولكن لم يعرفه وعرفتاه عائشة وحفصة فلم يعرف قدر النساء لا سيما عائشة وحفصة الا قليل فان النساء من حيث هن لهن القوة العظيمة حتى ان أقوى الملائكة المخلوقة من أنفاس العامة الزكية من كان مخلوقا من أنفاس النساء ولو لم يكن فى شرفهن الا استدعاؤهن أعظم ملوك الدنيا كهيئة السجود لهن عند الجماع لكان فى ذلك كفاية فان السجود أشرف حالات العبد فى الصلاة ولولا الخوف من اثاره امر فى نفوس السامعين يؤديهم الى امور يكون فيها حجابهم عما دعاهم الحق تعالى اليه لأظهرت من ذلك عجبا ولكن لذلك اهل والله عليم وخبير عَسى رَبُّهُ سزاست وشايد پروردگار او. يعنى النبي عليه السلام إِنْ طَلَّقَكُنَّ اگر طلاق دهد شما را كه زنان اوييد. وهو شرط معترض بين اسم عسى وخبرها وجوابه محذوف او متقدم اى ان طلقكن فعسى أَنْ يُبْدِلَهُ اى يعطيه عليه السلام بدلكن أَزْواجاً مفعول ثان ليبدله وقوله خَيْراً مِنْكُنَّ صفة للازواج وكذا ما بعده من قوله مسلمات الى ثيبات وفيه تغليب المخاطب على الغائبات فالتقدير ان طلقكما وغيركما او تعميم الخطاب لكل الأزواج بأن يكن كلهن مخاطبات لما عاتبهما بأنه قد صغت قلوبكما وذلك يوجب التوبة شرع فى تخويفهما بان ذكر لهما انه عليه السلام يحتمل أن يطلقكما ثم انه ان طلقكما لا يعود ضرر ذلك الا اليكما لانه يبدله أزواجا خيرا منكما وليس

فى الآية ما يدل على انه عليه السلام لم يطلق حفصة وان فى النساء خيرا منهن فان تعليق الطلاق للكل لا ينافى تطليق واحدة وما علق بما لم يقع لا يجب وقوعه يعنى ان هذه الخيرية لما علقت بما لم يقع لم تكن واقعة فى نفسها وكان الله عالما بأنه عليه السلام لا يطلقهن ولكن أخير عن قدرته على انه ان طلقهن أبدله خيرا منهن تخويفا لهن كقوله تعالى وان نتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم فانه اخبار عن القدرة وتخويف لهم لا ان فى الوجود من هو خير من اصحاب محمد عليه السلام قيل كل عسى فى القرآن واجب الا هذا وقيل هو ايضا واجب ولكن الله علقه بشرط وهو التطليق ولم يطلقهن فان المذهب انه ليس على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين الا انه عليه السلام إذا طلقهن لعصبانهن له وأذا هن إياه كان غير هن من الموصوفات بهذه الصفات مع الطاعة لرسول الله خيرا منهن وفى فتح الرحمن عسى تكون للوجوب فى ألفاظ القرآن الا فى موضعين أحدهما فى سورة محمد فهل عسيتم اى علمتم او تمنيتم والثاني هنا ليس بواجب لان الطلاق معلق بالشرط فلما لم يوجد الشرط لم يوجد الابدال مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ مقرات باللسان مخلصات بالجنان فليس من قبيل التكرار او منقادات انقيادا ظاهريا بالجوارح مصدقات بالقلوب قانِتاتٍ مطبعات اى مواظبات على الطاعة او مصليات تائِباتٍ من الذنوب عابِداتٍ متعيدات او متذللات لامر الرسول عليه السلام سائِحاتٍ صائمات سمى الصائم سائحا لانه يسيح فى النهار بلا زاد فلا يزال ممسكا الى أن يجد ما يطعمه فشبه به الصائم فى إمساكه الى أن يجيئ وقت إفطاره وقال بعضهم الصوم ضربان صوم حقيقى وهو ترك المطعم والمشرب والمنكح وصوم حكمى وهو حفظ الجوارح من المعاصي كالسمع والبصر واللسان والسائح هو الذي يصوم هذا الصوم دون الاول انتهى او مهاجرات من مكة الى المدينة إذ فى الهجرة مزيد شرف ليس فى غيرها كما قال ابن زيد ليس فى امة محمد سياحة الا الهجرة والسياحة فى اللغة الجولان فى الأرض ثَيِّباتٍ شوهر ديدكان وَأَبْكاراً ودختران بكر. والثيب الرجل الداخل بامرأة والمرأة المدخول بها يستوى فيه المذكر والمؤنث فيجمع المذكر على ثيبين والمؤنث على ثيبات من ثاب إذا رجع سميت به المرأة لانها راجعة الى زوجها ان اقام بها والى غيره ان فارقها او الى حالتها الاولى وهى انه لازوج لها فهى لا تخلو عن الثوب اى الرجوع وقس عليها الرجل وسميت العذراء بالبكر لانها على أول حالتها التي طلعت عليها قال الراغب سميت التي لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء ففى البكر معنى الاولية والتقدم ولذا يقال البكرة لاول النهار والباكورة للفاكهة التي تدرك اولا وسط بينهما العاطف دون غيرهما لتنافيهما وعدم اجتماعهما فى ذات واحدة بخلاف سائر الصفات فكأنه قيل أزواجا خيرا منكن متصفات بهذه الصفات المذكورة المحودة كائنات بعضها ثيبات تعريضا لغير عائشة وبعضها أبكارا تعريضا لها فانه عليه السلام تزوجها وحدها بكرا وهو الوجه فى إيراد الواو الواصلة دون او الفاصلة لانها توهم ان الكل ثيبات او كلها أبكار قال السهيلي

رحمه الله ذكر بعض اهل العلم ان فى هذا اشارة الى مريم البتول وهى البكر والى آسية بينت مزاحم امرأة فرعون وان الله سيزوجه عليه السلام إياهما فى الجنة كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أبو الليت رحمه الله تكون وليمة فى الجنة ويجتمع عليها اهل الجنة فيزوج الله هاتبين المرأتين يعنى آسية ومريم من محمد عليه السلام وبدأ بالثيب قبل البكر لان زمن آسية قبل زمن مريم ولان ازواج النبي عليه السلام كلهن ثيب الا واحدة وأفضلهن خديجة وهى ثيب فتكون هذه القبلية من قبلية الفضل والزمان ايضا لانه تزوج الثيب منهن قبل البكر وفى كشف الاسرار (روى) عن معاذ بن جبل رضى الله عنه ان النبي عليه السلام دخل على خديجة وهى تجود بنفسها يعنى وى وفات ميكند. فقال أتكرهين ما نزل بك يا خديجة وقد جعل الله فى الكره خيرا كثيرا فاذا قدمت على ضراتك فاقريئهن منى السلام فقالت يا رسول الله ومن هن قال مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وحليمة اخت موسى فقالت بالرفاء والبنين اى اعرست ملتبسا بالرفاء وهو التئام والاتفاق والمقصود حسن المعاشرة وكان هذا دعاء الأوائل للمعرس واحترز بالبنين عن البنات ثم نهى النبي عليه السلام عن هذا القول وامر بأن يقول من دخل على الزوج بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما فى خير ثم ان المراد من الابدال أن يكون فى الدنيا كما أفاده قوله تعالى ان طلقكن لان نساء الجنة يكن أبكارا سوآء كن فى الدنيا ثيبات او أبكارا وفى الحديث (ان الرجل من اهل الجنة ليتزوج خمسمائة حوراء واربعة آلاف ثيب وثمانية آلاف بكر يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره فى الدنيا) فان قلت فاذا يكون اكثر اهل الجنة النساء وهو مخالف لقوله عليه السلام يا معشر النساء تصدقن فانى أريتكن اكثر اهل النار قلت لعل المراد بالرجل بعض الرجال لان طبقات الأبرار والمقربين متفاوتة كما دل عليه قوله عليه السلام أدنى اهل الجنة الذي له اثنتان وسبعون زوجة وثمانون ألف خادم ولا بعد فى كثرة الخادم لما قال بعضهم ان أطفال الكفار خدام اهل الجنة على ان الخدام لا ينحصرون فيهم بل لاهل الجنة خدام اخر فان قلت كان عليه السلام يحب الأخف الأيسر فى كل شىء فلماذا كثر من النساء ولم يكتف منهن بواحدة او ثنتين قلت ذلك من اسرار النبوة ولذا لم يشبع من الصلاة ومن النساء (روى) انه عليه السلام أعطى قوة أربعين رجلا فى البطش والجماع وكل حلال يكدر النفس الا الجماع الحلال فانه يصفيها ويجلى العقل والقلب والصدر ويورث السكون باندفاع الشهوة المحركة على ان شهوة الخواص ليست كشهوة العوام فان نار الشهوة للخواص بعد نور المحبة وللعوام قبله ثم ان فى الآيات المتقدمة فوائد منها ان تحريم الحلال غير مرضى كما ان ابتغاء رضى الزوج بغير وجهه وجه ليس بحسن ومنها ان افشاء السر ليس فى المروءة خصوصا افشاء اسرار السلاطين الصورية والمعنوية لا يعفى وكل سر جاوز الاثنين شاع اى المسر والمسر اليه او الشفتين ومنها ان من الواجب على اهل الزلة التوبة والرجوع قبل الرسوخ واشتداد القساوة ومنها ان البكارة وجمال الصورة وطلاقة اللسان ونحوها وان كانت نفاسة جسمانية مرغوبة عند الناس لكن

[سورة التحريم (66) : آية 6]

الايمان والإسلام والقنوت والتوبة ونحوها نفاسة روحانية مقبولة عند الله وشرف الحسب أفضل من شرف النسب والعلم الديني والأدب الشرعي هما الحسب المحسوب من الفضائل فعلى العاقل أن يتجلى بالورع وهو الاجتناب عن الشبهات والتقوى وهو الاجتناب عن المحرمات ويتزين بزين انواع المكارم والأخلاق الحسنة والأوصاف الشريفة المستحسنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ امر من الوقاية بمعنى الحفظ والحماية والصيانة أصله اوقيوا كاضربوا والمراد بالنفس هنا ذات الإنسان لا النفس الامارة والمعنى احفظوا وبعدوا أنفسكم وبالفارسية نكاه داريد نفسهاى خود را ودور كنيد. يعنى بترك المعاصي وفعل الطاعات وَأَهْلِيكُمْ بالنصح والتأديب والتعليم أصله أهلين جمع اهل حذفت النون بالاضافة وقد يجمع على اهالى على غير قياس وهو كل من فى عيال الرجل والنفقة من المرأة والولد والأخ والاخت والعم وابنه والخادم ويفسر بالاصحاب ايضا ودلت الآية على وجوب الأمر بالمعروف للأقرب فالأقرب وفى الحديث (رحم الله رجلا قال يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعكم معهم فى الجنة) وفى الحديث (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وهو من الرعاية بمعنى الحفظ يعنى كلكم ملتزم بحفظ ما يطالب به من العدل ان كان وليا ومن عدم الخيانة ان كان موليا عليه وكلكم مسئول عما التزم حفظه يوم القيامة فالامام على الناس راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وعبد الرجل راع على مال سيده والكل مسئول وقيل أشد الناس عذابا يوم القيامة من جهل اهله وخص الأهلين بالنصيحة مع ان حكم الأجانب كحكمهم فى ذلك لان الأقارب اولى بالنصيحة لقربهم كما قال تعالى قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وقال تعالى وانذر عشيرتك الأقربين ولان شرائط الأمر والنهى قد لا توجد فى حق الأجانب بخلاف الأقارب لاسيما الأهل فان الرجل سلطان اهله وقال بعض اهل الاشارة فى الآية طهروا أنفسكم عن دنس محبة الدنيا حتى تكون أهاليكم صالحين بمتابعتكم فاذا رغبتم فى الدنيا فهم يشتغلون بها فان زلة الامام زلة المأمومين وقال القاشاني رحمه الله الأهل بالحقيقة هو الذي بينه وبين الرجل تعلق روحانى واتصال عشقى سوآء اتصل به اتصالا جسمانيا أم لا وكل ما تعلق به تعلقا عشقيا فبالضرورة يكون معه فى الدنيا والآخرة فوجب عليه وقايته وحفظه من الناري كوقاية نفسه فان زكى نفسه عن الهيئات الظلمانية وفيه ميل ومحبة لبعض النفوس المنغمسة فيها لم يزكها بالحقيقة لانه بتلك المحبة ينجذب إليها فيكون معها فى الهاوية محجوبا بها سوآء كانت قواه لطبيعية الداخلة فى تركيبه أم نفوسا انسانية منتكسة فى عالم الطبيعة خارجة عن ذاته ولهذا يجب على الصادق محبة الأصفياء والأولياء ليحشر معهم فان المرء يحشر مع من أحب ناراً نوعا من النار وَقُودُهَا ما يوقد به تلك النار يعنى حطبها وبالفارسية آتش انگيز وى. فالوقود بالفتح اسم لما توقد به النار من الحطب وغيره والوقود بالضم مصدر بمعنى الاتقاد وقرئ به بتقدير اسباب وقودها او بالحمل على المبالغة النَّاسُ كفار الانس والجن

وانما لم يذكر الجن ايضا لان المقصود فى الآية تحذير الانس ولان كفار الجن تابعة لكفار الانس لان التكذيب انما صدر اولا من الانس وَالْحِجارَةُ اى تتقدبها ايضا اتقاد غيرها بالحطب ففيه بيان لغاية إحراقها وشدة قوتها فان اتقاد النار بالحجارة مكان الحطب من الشجر يكون من زيادة حرها ولذلك قال عليه السلام ناركم جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وعن ابن عباس رضى الله عنهما هى حجارة الكبريت وهى أشد الأشياء حرا إذا أوقد عليها ولها سرعة الاتقاد ونتن الرائحة وكثرة الدخان وشدة الالتصاق بالأبدان فيكون العذاب بها أشد وقيل وقودها الناس إذا صاروا إليها ولحجارة قبل أن يصيروا إليها (قال الكاشفى) تا بتان سنكين كه كفار مى پرستند. دليله قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وقرن الناس بالحجارة لانهم نحتوها واتخذوها أربابا من دون الله يا كنجهاى زر وسيم كه منشأ آن سنكست ز دو سيمند سنك زرد وسفيد ... اندرين سنكها مينداميد دلى از سنك سختتر بايد ... كه ز سنكيش راحت افزايد دل ازين سنك اگر تو بر نكنى ... سر ز حسرت بسى بسنك زنى وقيل أراد بالحجارة الذين هم فى صلابتهم عن قبول الحق كالحجارة كمن وصفهم بقوله فهى كالحجارة او أشد قسوة كما قال فى التأويلات النجمية يا أيها الذين آمنوا بالايمان العلمي قوا أنفسكم وأهليكم من القوى الروحانية نار حجاب البعد والطرد التي يوقدها حطب وجود الناسين ميثاق ألست بربكم قالوا بلى وحجارة قلوبهم القاسية وهم الصفات البشرية الطبيعية الحيوانية البهميية السبعية الشيطانية انتهى وامر الله المؤمنين باتقاء هذه النار المعدة للكافرين كما نص عليه فى سورة البقرة حيث قال فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين للمبالغة فى التحذير ولان الفساق وان كانت دركاتهم فوق دركات الكفار فانهم تبع للكفار فى دار واحدة فقيل للذين آمنوا قوا أنفسكم باجتناب الفسوق مجاورة الذين أعدت لهم هذه النار أصالة ويبعد أن يأمرهم بالتوقي عن الارتداد كما فى التفسير الكبير عَلَيْها اى على تلك النار العظيمة مَلائِكَةٌ تلى أمرها وتعذيب أهلها وهم الزبانية التسعة عشر وأعوانهم فليس المراد بعلى الاستعلاء الحسنى بل الولاية والقيام والاستيلاء والغلبة على ما فيها من الأمور قال القاشاني هى القوى السماوية والملكوتية الفعالة فى الأمور الارضية التي هى روحانيات الكواكب السبعة والبروج الاثني عشر المشار إليها بالزبانية التسعة عشر وغيرها من المالك الذي هو الطبيعة الجسمانية الموكلة بالعالم السفلى وجمع القوى والملكوت المؤثرة فى الأجسام التي لو تجردت هذه النفوس الانسانية عنها ترقت من مراتبها والصلت بعالم الجبروت وصارت مؤثرة فى هذه القوى الملكوتية ولكنها لما انغمست فى الأمور البدنية وقرنت أنفسها بالاجرام الهيولانية المعبر عنها بالحجارة صارت متأثرة منها محبوسة فى أسرها معذبة بأيديها غِلاظٌ غلاظ القلوب بالفارسية سطبر جكران. جمع غليظ بمعنى خشن خال قلبه عن الشفقة والرحمة شِدادٌ شداد القوى جمع شديد

[سورة التحريم (66) : آية 7]

بمعنى القوى لانهم أقوياء لا يعجزون عن الانتقام من أعداء الله على ما مروا به وقيل غلاظ الأقوال شداد الافعال أقوياء على الافعال الشديدة يعملون بأرجلهم كما يعملون بأيديهم إذا استرحموا لم يرحموا لانهم خلقوا من الغضب وجبلوا على القهر لا لذة لهم الا فيه فمقتضى جبلتهم تعذيب الخلق بلا مرحمة كما ان مقتضى الحيوان الاكل والشرب ما بين منكى أحدهم مسيرة سنة او كما بين المشرق والمغرب يضرب أحدهم بمقمعته ضربة واحدة سبعين ألفا فيهوون فى النار لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ اى امره فى عقوبة الكفار وغيرها على انه بدل اشتمال من الله وما مصدرية او فيما أمرهم به على نزع الخافض وما موصولة اى لا يمتنعون من قبول الأمر ويلتزمونه ويعزمون على إتيانه فليست هذه الجملة مع التي بعدها فى معنى واحد (وقال الكاشفى) برشوت فريفته نشوند تا مخالفت امر بايد كرد. كأعوان ملوك الدنيا يمتنعون بالرشوة وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ اى يؤدون ما يؤمرون به من غير تثاقل وتوان وتأخير وزيادة ونقصان وقال القاضي لا يعصون الله ما أمرهم فيما مضى ويستمرون على فعل ما يؤمرون به فى المستقبل قال بعضهم لعل التعبير فى الأمر اولا بالماضي مع نفى العصيان بالمستقبل لما ان العصيان وعدمه يكونان بعد الأمر وثانيا بالمستقبل لما أمرهم بعذاب الأشقياء يكون مرة بعد مرة قال بعض الكبار فى هذه الآية دليل على عصمة جميع الملائكة السماوية وذلك لانهم عقول مجردة بلا منازع ولا شهوة فيهم مطيعون بالذات بخلاف البشر والملائكة الارضية الذين لا يصعدون الا السماء فان من الملائكة من لا يصعد من الأرض الى السماء ابدا كما ان منهم من لا ينزل من السماء الى الأرض ابدا وفيها دليل ايضا على انه لا نهى عند هؤلاء الملائكة فلا عبادة للنهى عندهم ففاتهم اجر ترك المنهيات بخلاف الثقلين وملائكة الأرض فانهم جمعوا بين اجر عبادة الأمر واجر اجتناب النهى قال الكرماني فى شرح البخاري ان قلت التروك ايضا عمل لان الأصح ان الترك كف النفس فيحتاج الى النية قلت نعم إذا كان المقصود امتثال امر الشارع وتحصيل الثواب اما فى إسقاط العقاب فلا فالتارك للزنى يحتاج فيه لتحصيل الثواب الى النية وما اشتهر ان التروك لا تحتاج إليها يريدون به فى الاسقاط يعنى لو أريد بالتروك تحصيل الثواب وامتثال امر الشارع لا بد فيها من قصد الترك امتثالا لامر الشارع فتارك الزنى ان قصد تركه امتثال الأمر يثات يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا اى يقال لهم عند إدخال الملائكة إياهم النار حسبما أمروا به يعنى چون زبانيه كافران را بگناه دوزخ آرند ايشان آغاز اعتذار كرده داعية خلاصى نمايند پس حق تعالى باملائكة كويد يا ايها الذين كفروا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ اى فى هذا اليوم يعنى عذر مكوبيد امروز كه عذر مقبول نيست وفائده نخواهد داد. قال القاشاني إذ ليس بعد خراب البدن ورسوخ الهيئات المظلمة الا الجزاء على اعمال لامتناع الاستكمال ثمه والاعتذار بالفارسية عذر خواستن. يقال اعتذرت الى فلان من جرمى ويعدى بمن والمعتذر قد يكون محقا وغير محق قال الراغب العذر تحرى الإنسان ما يمحوبه ذوبه وذلك ثلاثة اضرب ان يقول لم أفعل او يقول

[سورة التحريم (66) : آية 8]

فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة واعتذرت اليه أتيت بعذر وعذرته قبلت عذره إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الكفر والمعاصي بعد ما نهيتم عنها أشد النهى وأمرتم بالايمان والطاعة فلا عذر لكم قطعا أي حقيقة وانهى عن الإتيان بما هو عذر صورة وفى حسبانهم وفى بعض التفاسير لا تعذروا اليوم لما انه ليس لكم عذر يعتد به حتى يقبل فينفعكم وهذا النهى لهم ان كان قبل مجيئ الاعتذار منهم فيوافق ظاهر قوله تعالى ولا يؤذن لهم فيعتذرون وان كان بعده فيؤول هذا القول ويقال لا يؤذن لهم أن يتموا اعتذارهم ولا يسمع اليه وفى التأويلات النجمية قل للذين ستروا الحق بالباطل وحجبوا عن شهود الحق فى الدنيا لا تطلبوا مشاهدة الحق فى الآخرة انما تكافأون بعدم رؤية الحق اليوم لعدم رؤيتكم له فى يوم الدنيا كما قال ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا انتهى. قال بعض العارفين لا يتحسر يوم القيامة على فوات الأعمال الصالحة الا العامة اما العارفون فلا يرون لهم عملا يتحسرون على فواته بل ولا يصح الفوات ابدا انما هى قسمة عادلة يجب على كل عبد الرضى بها وقول الإنسان أنا مقصر فى جنب الله هو من باب هضم النفس لا حقيقة إذ لا يقدر أحد أن ينقص مما قسم له ذرة ولا يزيد عليه ذرة فلا يصح النهم الا فى عمال توهم العبد انها له ثم فوتها وذلك لا يقوله عارف (مصراع) در دائره قسمت من نقطه تسلم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً التوبة أبلغ وجوه الاعتذار بان يقول فعلت وأسأت وقد أقلت وفى الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالاعادة فمتى اجتمع هذه الاربعة فقد كملت شرائط التوبة كما فى المفردات والنصح تحرى فعل او قول فيه صلاح صاحبه والنصوح فعول من ابنية المبالغة كقولهم رجل صبور وشكور اى بالغة فى النصح وصفت التوبة بذلك على الاسناد المجازى وهو وصف التائبين وهو أن ينصحوا أنفسهم بالتوبة فيأتوا بها على طريقتها وذلك أن يتوبوا من القبائح لقبحها نادمين عليها مغتمين أشد الاغتمام لارتكابها عازمين على انهم لا يعودون فى قبيح من القبائح الا أن يعود اللبن فى الضرع وكذا لو حزوا بالسيف واحرقوا بالنار موطنين أنفسهم على ذلك بحيث لا يلويهم عنه صارف أصلا وعن على رضى الله عنه انه سمع أعرابيا يقول اللهم انى استغفرك وأتوب إليك فقال يا هذا ان سرعة اللسان بالتوبة توبة الكذابين قال وما التوبة قال ان التوبة يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الاعادة اى القضاء صلاة او صوما او زكاة او نحوها ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك فى طاعة الله كما ربيتها فى المعصية وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعاصي قال سعدى المفتى والمذهب السنى انه يكفى فى تحقق التوبة الندم والعزم على أن لا يعود بخلاف اهل الاعتزال حيث يلزم فى تحققها عندهم رد المظالم وهو عندنا غير واجب فى التوبة قال بعض الكبار ما لم تكن التوبة عامة من جميع المخالفات فهى ترك لا توبة وقيل نصوحا من نصاحة

الثوب بالفتح وهى بالفارسية جامعه دوختن اى توبة ترفو خروقك فى دينك وترم خللك وفى الحديث (المؤمن واه راقع فطوبى لمن مات على رقعه) ومعناه أن يخرق دينه ثم يرقعه بالتوبة ونحوه استقيموا ولن تحصوا اى لن تستطيعوا أن تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا ومنه يا حنظلة ساعة فساعة ومن بلاغات الزمخشري ما منع قول الناصح أن يروقك وهو الذي ينصح خروقك شبه فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب وقيل خالصة من قولهم عسل ناصح إذا خلص من الشمع شبه التوبة فى خلوصها بذلك وكذا تخلص قول الناصح من الغش يتخلص العسل من الخلط ويجوز أن يراد توبة تنصح الناس اى تدعوهم الى مثلها لظهور اثرها فى صاحبها واستعماله الجد والعزيمة فى العمل بمقتضياتها وقال ذو النون المصري قدس سره التوبة إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب والخوف من الوقوع فيها وهجران اخوان السوء وملازمة اهل الجنة وقال التستري رحمه الله هى توبة السنى لا المبتدع لانه لا توبة له بدليل قوله عليه السلام حجر الله على كل صاحب بدعة أن يتوب وقال الواسطي قدس سره هى أن يتوب لا لغرض وقال الشيخ أبو عبد الله بن حفيف قدس سره طالب عباده بالتوبة وهو الرجوع اليه من حيث ذهبوا عنه والنصوح فى التوبة الصدق فيها وترك ما منه تاب سرا وعلنا وقولا وفكرا وقال القاشاني رحمه الله مراتب التوبة كمراتب التقوى فكما ان أول مراتب التقوى هو الاجتناب عن المنهيات الشرعية وآخرها الاتقاء عن الانانية والبقية فكذلك التوبة أولها الرجوع عن المعاصي وآخرها الرجوع عن ذنب الوجود الذي هو من أمهات الكبائر عند اهل التحقيق توبه چون باشد پشيمان آمدن ... بر در حق نو مسلمان آمدن خدمتى از سر كرفتن با نياز ... با حقيقت روى كردن از مجاز وفى التأويلات النجمية يشير الى المؤمنين الذين لم تترسخ أقدامهم فى ارض الايمان ترسخ أقدام الكمل ويحثهم على التوبة الى الله بالرجوع عن الدنيا ومحبتها والإقبال على الله وطاعته توبة بحيث ترفو جميع خروق وقعت فى ثوب دينه بسبب استيفاء اللذات الجسمانية واستقصاء الشهوات الحيوانية ويقال توبة العوام عن الزلات والخواص عن الغفلات والأخص عن رؤية الحسنات وفى الحديث (أيها الناس توبوا الى الله فانى أتوب اليه فى اليوم مائة مرة) ودخل فى الناس الذكور والإناث وهى اى التوبة واجبة على الفوز لما فى التأخير من الإصرار على المحرم وهو يجعل الصغيرة كبيرة وعلامة قبول التوبة أن لا يذكره الله ذنبه لان التوبة لا تبقى للذنب وجودا فمتى ذكر الغائب ذنبه فتوبته معلولة وقد تكون التوبة مقبولة عند الله ومع ذلك فلا تدفع عن العاصي العذاب كما لو تاب السارق عند الحاكم لا ترفع توبته عنه حد القطع وفى حديث ماعز كفاية فانه عليه السلام قال فى حقه انه تاب توبة لو قسمت على اهل مدينة لوسعتهم ومع ذلك فلم تدفع توبته عنه الحد بل امر عليه السلام برجمه فرجم فاعرف (وفى المثنوى)

بود مردى پيش ازين نامش نصوح ... بد زدلاكئ زن او را فتوح بود روى او چورخسار زنان ... مردئ خود را همى كرد او نهان او بحمام زنان دلاك بود ... در دغا وحيله بس چالاك بود سالها مى كرد دلاكى وكس ... بو نبرد از حال وسر آن هوس زانكه آواز ورخش زن وار بود ... ليك شهوت كامل وبيدار بود دختران خسروانرا زين طريق ... خوش همى ماليد ومى شست آن عشيق توبها مى كرد و پادر مى كشيد ... نفس كافر توبه اش را مى دريد رفت پيش عارفى آن زشت كار ... كفت ما را در دعايى ياد دار ؟؟؟ سرا ودست آن آزاد مرد ... ليك چون حلم خدا پيدا نكرد سست خنديد وبگفت اى بد نهاد ... زانكه دانى ايزدت توبه دهاد آن دعا از هفت كردون در گذشت ... كار آن مسكين بآخر خوب كشت يك سبب انگيخت صنع ذى الجلال ... كه رهانيدش ز نفرين ووبال اندر آن حمام پر مى كرد طشت ... كوهرى از دختر شه ياوه گشت كوهرى از حلقهاى كوش او ... ياوه كشت وهر زنى در جست وجو پس در حمام را بستند سخت ... تا بجويند اولش در بيخ رخت رختها جستند وآن پيدا نشد ... دزد كوهر نيز هم رسوا نشد پس بجد جستن كرفتند از كزاف ... در دهان وكوش واندر هر شكاف بالك آمد كه همه عريان شويد ... هر كه هستيد از عجوز وكر نويد يك بيك را حاجيه جستن كرفت ... تا پديد آيد كهر دانه شكفت آن نصوح از ترس شد در خلوتى ... روى زرد ولب كبود از خشيتى كفت يا رب بارها برگشته ام ... توبها وعهدها بشكسته ام كرده ام آنها كه از من مى سزيد ... تا چنين سيل سياهى در رسيد نوبت جستن اگر در من رسد ... وه كه جان من چهـ سختيها كشد اين چنين اندوه كافر را مباد ... دامن رحمت كرفتم داد داد كر مرا اين بار ستارى كنى ... توبه كردم من ز هر ناكردنى من اگر اين بار تقصيرى كنم ... پس دكر مشنو دعا وكفتنم در ميان يا رب ويا رب بدو ... بانك آمد از ميان جست وجو جمله را جستيم پيش آاى نصوح ... كشت بيهوش آن زمان پريد روح بعد آن خوف وهلاك جان بده ... مژدها آمد كه اينك كم شده از غريو ونعره ودستك زدن ... پر شده حمام قد زال الحزن آن نصوح رفته باز آمد بخويش ... ديد چشمش تابش صدر؟؟؟ وز پيش مى حلالى خواست از وى هر كسى ... بوسه مى دادند بر دستش بسى

بد كمان بوديم ما را كن حلال ... لحم تو خورديم اندر قيل وقال زانكه ظن جمله بر وى پيش بود ... زانكه در قربت ز جمله پيش بود كوهر ار بر دست او بر دست وبس ... ز ملازم تر بخاتون نيست كس أول او را خواست جستن در نبرد ... بهر حرمت داشتش تأخير كرد تا بود كانرا بيندازد بجا ... اندرين مهلت رهاند خويش را پس حلاليها ازو مى خواستند ... وز براى عذر بر مى خواستند كفت بد فضل خداى دادكر ... ور نه زانچم كفته شد هستم بتر آنچهـ كفتندم ز بد از صد يكيست ... بر من اين كشفست ار كس را شكيست آفرينها بر تو بادا اى خدا ... ناكهان كردى مرا از غم جدا كر سر هر موى من كردد زبان ... شكرهاى تو نيايد در بيان بعد از آن آمد كسى كز مرحمت ... دختر سلطان ما مى خواندت دختر شاهت همى خواند بيا ... تا سرش شويى كنون اى پارسا كفت رو رو دست من بى كار شد ... وين نصوح تو كنون بيمار شد رو كسى ديگر بجو اشتاب وتفت ... كه مرا والله دست از كار رفت با دل خود كفت كز حد رفت جرم ... از دل من كى رود آن ترس وكرم من بمردم يك ره وباز آمدم ... من چشيدم تلخئ مرك وعدم توبه كردم حقيقت با خدا ... نشكنم تا جان شدن از تن جدا بعد آن محنت كرا بار دكر ... پارود سوى خطر الا كه خر عَسى رَبُّكُمْ شايد پروردگار شما وفى كشف الاسرار الله بر خود واجب كرد تائب را از شما أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ يسترها بل يمحوها ويبدلها حسنات وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ جمع جنات اما لكثرة المخاطبين لان لكل منهم جنة او لتعددها لكل منهم من الأنواع تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ قال فى الإرشاد ورود صيغة الاطماع والترجية للجرى على سنن الكبرياء فان الملوك يجيبون بلعل وعسى ويقع ذلك موقع القطع والاشعار بأنه تفضل والتوبة غير موجبة له وان العبد ينبغى أن يكون بين خوف ورجاء وان بالغ فى اقامة وظائف العبادة. يقول الفقير التكفير اشارة الى الخلاص من الجحيم لان السيئات هى سبب العذاب فاذا ذال السبب زال المسبب وإدخال الجنات اشارة الى التقريب لان الجنان موضع القرب والكرامة وجريان الأنهار اشارة الى الحياة الأبدية لان الماء اصل الحياة وعنصرها فلا بد للانسان فى مقابلة هذه الأنهار من ماء العلم ولبن الفطرة وعسل الإلهام وخمر الحال فكما ان الحياة المعنوية فى الدنيا انما تحصل بهذه الأسباب فكذا الحياة الصورية فى الآخرة انما تحصل بصورها يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ظرف ليدخلكم والإخزاء دور كردن ورسوا كردن وخوار كردن وهلاك كردن. ومعانى هذه الكلمة يقرب بعضها من بعض كما فى تاج المصادر والنبي المعهود. يعنى روزى كه خجل نكند خداى تعالى پيغمبر را يعنى نه نفس او را عذاب

كند ونه شفاعت او را درباره عاصيان مردود سازد. قال بعض اهل التفسير يخزى اما من الخزي وهو الفضاحة فيكون تعريضا للكفرة الذين قال الله تعالى فيهم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين او من الخزاية بمعنى الحياء والخجل وهو الأنسب هنا بالنظر الى شأن الرسول خصوصا إذا تم الكلام فى النبي وان أريد المعنى الاول حينئذ يجوز أن يكون باعتبار أن خزى الامة لا يخلو عن إنشاء خزى ما فى الرسول على ما يشعر به قوله فى دعائه اللهم لا تخزنا يوم القيامة ولا تفضحنا يوم اللقاء بعض الاشعار حيث لم يقل لا تخزنى كما قال ابراهيم عليه السلام ولا تخزنى يوم يبعثون ليكون دعاؤه عاما لامته من قوة رحمته وأدخل فيهم نفسه العالية من كمال مروءته قيل الخزي كناية عن العذاب لملازمة بينهما والاولى العموم لكل خزى يكون سببا من الأسباب من الحساب والكتاب والعقاب وغيرها وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ عطف على النبي ومعه صلة لا يخزى اى لا يخزى الله معه الذين آمنوا اى يعمهم جميعا بأن لا يخزيهم او حال من الموصول بمعنى كائنين معه او متعلق بآمنوا وهو الموافق لقوله تعالى وأسلمت مع سليمان اى ولا يخزى المؤمنين الذين اتبعوه فى الايمان كما قال آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون وذلك بسوء الحساب والتعيير والعتاب وذل الحجاب ورد الجواب فيحاسبهم حسابا يسيرا بل ويرفع الحساب عن بعضهم ويلاطفهم ويكشف لهم جماله ويعطى مأمولهم من الشفاعة لاقاربهم وإخوانهم ونحولهم وقال داود القيصري رحمه الله فى قوله تعالى وأسلمت مع سليمان اى اسلام سليمان اى أسلمت كما اسلم سليمان ومع فى هذا الموضع كمع فى قوله يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه وقوله وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله والذين معه ولا شك ان زمان ايمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان ايمان الرسول وكذا اسلام بلقيس ما كان عند اسلام سليمان فالمراد كما انه آمن بالله آمنوا بالله وكما انه اسلم أسلمت لله انتهى كلام القيصري وتم الكلام عند قوله معه وفيه تعريض بمن أخزاهم الله من اهل الكفر والفسوق كما سبق واستحماد الى المؤمنين على انه عصمهم من مثل حالهم وقيل قوله والذين إلخ مبتدأ خبره ما بعده من قوله نورهم إلخ او خبره معه والمراد بالايمان هو الكامل حينئذ حتى لا يلزم أن لا يدخل عصاة المؤمنين النار نُورُهُمْ اى نور ايمانهم وطاعتهم على الصراط قال فى عين المعاني نور الإخلاص على الصراط لاهل المعاملة بمنزلة الشمع ونور الصدق لارباب الأحوال بمنزلة القمر ونور الوفاء لاهل المحبة بمنزلة شعاع الشمس يَسْعى السعى المشي القوى السريع ففيه اشارة الى كمال اللمعان بَيْنَ أَيْدِيهِمْ اى يضيئ بين أياديهم يعنى قدامهم جمع يد يراد بها قدام الشيء لنكون بين اليدين غالبا فالجمع اما باطلاقه على التثنية او بكثرة أيدي العباد وَبِأَيْمانِهِمْ جمع يمين مقابل الشمال اى وعن ايمانهم وشمائلهم على وجه الإضمار يعنى جهة ايمانهم وشمائلهم او عن جميع جهاتهم وانما اكتفى بذكرهما لانهما أشرف الجهاد ومن ادعيته عليه السلام اللهم اجعل فى قلبى نورا وفى سمعى نورا وفى بصرى نورا وعن يمينى نورا وعن شمالى نورا وأمامى نورا وخلفى نورا وفوقى نورا وتحتى نورا واجعلنى نورا وقال بعضهم تخصيص

الأيدى والايمان لان ارباب السعادة يؤتون صحائف أعمالهم منهما كما ان اصحاب الشقاوة يؤتون من شمائلهم وورلء ظهورهم فيكون ذلك علامة لذلك وقائدا على الصراط الى دخول الجنة وزينة لهم فيها وقال القاشاني نورهم يسعى بين أيديهم اى الذي لهم بحسب النظر والكمال العلمي وبأيمانهم اى الذي لهم بحسب العمل وكماله إذ النور العلمي من منبع الوحدة والعملي من جانب القلب الذي هو يمين النفس او نور السابقين منهم يسعى بين أيديهم ونور الأبرار منهم يسعى بايمانهم وقد سبق تمامه فى سورة الحديد وفى الحديث من المؤمنين من نوره ابعد ما بيننا وبين عدن أبين ومنهم من نوره لا يجاوز قدمه يَقُولُونَ اى يقول المؤمنون وهو الظاهر او الرسول لامته والمؤمنون لانفسهم إذا طفئ نور المنافقين إشفاقا اى يشفقون على العادة البشرية على نورهم ويتفكرون فيما مضى منهم من الذنوب فيقولون رَبَّنا اى پروردگار ما أَتْمِمْ لَنا نُورَنا نكاه دار وباقى دار نور ما تا بسلامت بگذريم. فيكون المراد بالإتمام هو الادامة الى ان يصلوا الى دار السلام وَاغْفِرْ لَنا يعنى از ظلمت كناه پاك كن إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من الإتمام والمغفرة وغيرهما وقيل يدعون تقربا الى الله تعالى مع تمام نورهم كقوله واستغفر لذنبك وهو مغفور له قال فى الكشاف كيف يتقربون وليست الدار دار تقرب قلت لما كانت حالهم كحال المتقربين يطلبون ما هو حاصل لهم من الرحمة سماه تقربا وقيل يتفاوت نورهم بحسب أعمالهم فيسألون إتمامه تفضلا فيكون قوله يقولون من باب بنو فلان قتلوا زيدا وقيل السابقون الى الجية يمرون مثل البرق على الصراط وبغضهم كالريح وبعضهم حبواو زخفا وأولئك الذين يقولون ربنا أتمم لنا نورنا وقال سهل قدس سره لا يسقط الافتقار الى الله عن المؤمنين فى الدنيا ولآخرة وهم فى العقبى أشد افتقار اليه وان كانوا فى دار العز والغنى ولشوقهم الى لقائه يقولون أتمم لنا نورنا. واعلم ان مالايتم فى هذه الدار لا يتم هناك الا ما كان متعلق النظر والهمة هنا فاعرف ثم ان الأنوار كثيرة نور الذات ونور الصفات ونور الافعال ونور الافعال ونور العبادات مثل الصلاة والوضوء وغيرهما كما قال عليه السلام فى حديث طويل والصلاة نور والسر فيه ان المصلى يناجى ربه ويتوجه اليه وقد قال عليه السلام ان العبد إذا قام يصلى فان الله ينصب له وجهه تلقاءه والله نور وحقيقة العبد ظلمانية فالذات المظلمة إذا واجهت الذات النيرة وقابلتها بمحاذاة صحيحة فانها تكتسب من أنوار الذات النيرة ألا ترى ان القمر الذي هو فى ذاته جسم اسود مظم كثيف صقيل كيف يكتسب النور من الشمس بالمقابلة وكيف يتفاوت اكتسابه للنور بحسب التفاوت الحاصل فى المحاذاة والمقابلة فاذا تمت المقابلة وصحت المحاذاة كمل اكتساب النور وفى الحديث بشر المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام فى يوم القيامة وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة فان الأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة المرض الذي يبيح التيمم ومثله كونه مقطوع اليد والرجل من خلاف او مفلوجا اولا يستطيع المشي او أعمى او المطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة للصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين وفى الحديث وددت

[سورة التحريم (66) : آية 9]

انا قد رأينا إخواننا قالوا يا رسول الله ألسنا اخوانك قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله فقال أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرانى خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فانهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وانا فرطهم على الحوض استعار عليه السلام لأثر الوضوء من البياض فى وجه المتوضي ويديه ورجليه بنور الوضوء يوم القيامة من البياض الذي فى وجه الفرس ويديه ورجليه فان الغر جمع الأغر والغرة بالضم بياض فى جبهة الفرس فوق الدرهم والتحجيل بتقديم الحاء المهملة بياض قوائم الفرس كلها ويكون فى رجلين ويد وفى رجلين فقط وفى رجل فقط ولا يكون فى اليدين خاصة إلا مع الرجلين ولا فى يد واحدة دون الاخرى الا مع الرجلين والدهم جمع الأدهم بمعنى الأسود فان الدهمة بالضم السواد والبهم جمع الأبهم وفرس بهيم إذا كان على لون واحد لم يشبه غيره من الألوان ومنه استعير ما روى انه يحشر الياس يوم القيامة بهما بالضم اى ليس بهم شىء مما كان فى الدنيا نحو البرص والعرج والفرط بفتحتين المتقدم لاصلاح الحوض والدلو يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اى رسول خبر دهنده يا بلند قدر جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف يعنى جهاد كن با كافران بشمشير وَالْمُنافِقِينَ بالحجة او بالوعيد والتهديد او بإلقائهم بوجه قهر أو بإفشاء سرهم وقال القاشاني جاهد الكفار والمنافقين للمضادة الحقيقية بينك وبينهم قيل النفاق مستتر فى القلب ولم يكن للنبى عليه السلام سبيل الى ما فى القلوب من النفاق والإخلاص الا بعد اعلام من قبل الله فأمر عليه السلام بمجاهدة من علمه منافقا باعلام الله إياه باللسان دون السيف لحرمة تلفظه بالشهادتين وأن يجرى عليه احكام المسلمين مادام ذلك الى أن يموت وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهد هما به من القتال والمحاجة وفيه اشارة الى ان الغلظة على أعداء الله من حسن الخلق فان ارحم الرحماء إذا كان مأمورا بالغلظة عليهم فما ظنك بغيره فهى لا تنافى الرحمة على الأحباب كما قال تعالى أشداء على الكفار رحماء بينهم وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ سيرون فيها عذابا غليظا يعنى ومقام باز كشت كافران ومنافقان اگر ايمان نيارند ومخلص نشوند دوزخست. قال القاشاني ماداموا على صفتهم او دائما ابد الزوال استعدادهم او عدمه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى جهنم او مصيرهم وفيه تصريح بما علم التزاما مبالغة فى ذمهم وفيه اشارة الى نبى القلب المجاهد فى سبيل الله فانه مأمور بجهاد الكفار اى النفس الامارة بالسوء وصفاتها الحيوانية الشهوانية وبجهاد المنافقين اى الهوى المتبع وصفاته البهيمة والسبعية وبالغلظة عليهم بسيف الرياضة ورمح المجاهدة ومقامهم جهنم البعد والحجاب وبئس المصير إذ ذل الحجاب وبعد الاحتجاب أشد من شدة العذاب. يقول الفقير إذا كان الأعداء الظاهرة يحتاجون الى الغلظة والشدة فما ظنك باعدى الأعداء وهى النفس الامارة ففى الغلظة عليها نجاة وفى اللين هلاك ولذا قال بعض الشعراء هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى مى برد جان خارپشت وفى المثل العصا لمن عصا وقول الشيخ سعدى درشتى ونرمى بهم در بهست ... چوفصاد جراح ومرهم نهست

[سورة التحريم (66) : الآيات 10 إلى 12]

يشير الى ان للمؤمن صفة الجمال والجلال وبهاء الكمال فأول المعاملات الجمال لان الله تعالى سبقت رحمته ثم الجلال فلما لم تقبل الكفار الدعوة بالرفق واللين وكذا المنافقون الإخلاص واليقين امر الله تعالى نبيه عليه السلام بالغلظة عليهم ليظهر احكام كل من الأسماء المتقابلة ففيه اشارة الى ان من خلق للرحمة وهم المؤمنون الا يغضب عليهم ولا يغلظ لانه قلب الحكمة وعكس المصلحة وان من خلق للغضب وهم الكفار والمنافقون لا يرحم لهم ولا يرفق بهم لذلك ودخل فيهم اهل البدعة ولذا لا يجوز أن يلقاهم السنى بوجه طلق وقد عاتب الله بعض من فعل ذلك فعلى المؤمن أن يجتهد فى طريق الحق حتى يدفع كيد الأعداء ومكر الشياطين عن الظاهر والباطن ويديم ذلك لان به يحصل الترقي الذي هو من خصائص الإنسان ولذا خص الجهاد بالثقلين واما جهاد الملائكة فبالتبعية او بتكثير السواد فاعرف ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا ضرب المثل فى أمثال هذه المواضع عبارة عن إيراد حالة غريبة ليعرف بها حالة اخرى مشاكلة لها فى ال غرابة اى يجعل الله مثالا لحال هؤلاء الكفرة حالا ومآلا على ان مثلا مفعول ثان لضرب واللام متعلقه به امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ اى حالهما مفعوله الاول اخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفسير لحالهما ويتضح بذلك حال هؤلاء وامرأة نوح هى واعلة بالعين المهملة او والعة وامرأة لوط هى واهلة بالهاء كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ بيان لحالهما الداعية لهما الى الخير والصلاة والمراد بكونهما تحتهما كونهما فى حكمهما وتصرفهما بعلاقة النكاح والزواج وصالحين صفة عبدين اى كانتا تحت نكاح نبيين وفى عصمة رسولين عظيمى الشان متمكنتين من تحصيل خير الدنيا والآخرة وخيازة سعادتهما واظهار العبدين المراد بهما نوح ولوط لتعظيمهما بالاضافة التشريفية الى ضمير التعظيم والوصف بالصلاح والا فيكفى أن يقول تحتهما وفيه بيان شرف العبودية والصلاح فَخانَتاهُما بيان لما صدر عنهما من الجناية العظيمة مع تحقق ما ينفيها من صحبة النبي والخيانة ضد الامانة فهى انما تقال اعتبارا بالعهد والامانة اى فخانتا هما بالكفر والنفاق والنسبة الى الجنون والدلالة على الأضياف ليتعرضوا لهم بالفجور لا بالبغاء فانه ما بغت امرأة نبى قط فالبغى للزوجة شد فى ايراث الانفة لاهل العار والناموس من الكفر وان كان الكفر أشد منه فى أن يكون جرما يؤاخذ به العبد يوم القيامة وهذا تصوير لحالهما المحاكية لهؤلاء الكفرة فى خيانتهم لرسول الله عليه السلام بالكفر والعصيان مع تمكنهم التام من الايمان والطاعة فَلَمْ يُغْنِيا إلخ بيان لما ادى اليه خيانتهما اى فلم يغن البيان عَنْهُما اى عن تينك المرأتين بحق الرواج مِنَ اللَّهِ اى من عذابه تعالى شَيْئاً من الإغناء اى لم يدفعا العذاب عنهما زن نوح غرق شد بطوفان وبر سر زن لوط سنك باريد وَقِيلَ لهما عند موتهما او يوم القيامة وصيغة المضي للتحقق قاله الملائكة الموكلون بالعذاب ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ اى مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم. وبين الأولياء ذكر بلفظ جمع المذكر لانهن لا ينفردن بالدخول وإذا اجتمعا فالغلبة للذكور وقطعت هذه

[سورة التحريم (66) : آية 11]

الا آية طمع من يرتكب المعصية أن ينفعه صلاح غيره من غير موافقة له فى الطريقة والسيرة وان كان بينه وبينه لحمة نسب او وصلة صهر قال القاشاني الوصل الطبيعية والاتصالات الصورية غير معتبرة فى الأمور الاخروية بل المحبة الحقيقية والاتصالات الروحانية هى المؤثرة فحسب والصورية التي بحسب اللحمة الطبيعية والخلطة والمعاشرة لا يبقى لها اثر فيما بعد الموت إذ لا انساب بينهم يوم القيامة وقس عليه النسب الباطني فان جميع القوى الخيرة والشريرة وان تولدت من بين زوجى الروح والجسد لكن الشريرة ليست من اهل الروح فى الحقيقة مثل ولد نوح فكل من السعداء والأشقياء مفترقون فى الدارين چهـ نسبت است برندى صلاح وتقويرا ... سماع وعظ كجا نغمه رباب كجا وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ اى جعل حالها مثلا لحال المؤمنين فى ان وصلة الكفر لا تضرهم حيث كانت فى الدنيا تحت أعداء الله وهى فى أعلى غرف الجنة والمراد آسية بنت مزاحم يقال رجل آسى وامرأة آسية من الأسى وهو الحزن قال بعض الكبار الحزن حلية الأدباء ومن لم يذق طعام الحزن لم يذق لذه العبادة على أنواعها او من الاسو وهو المداواة والآسى بالمد الطبيب ويقال هذا حث للمؤمنين على الصبر فى الشدة حتى لا يكونوا فى الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون التي صبرت على أذى فرعون كما سيجيئ إِذْ قالَتْ ظرف للمثل المحذوف اى ضرب الله مثلا للمؤمنين حالها إذ قالت رَبِّ اى پروردگار من ابْنِ لِي على أيدي الملائكة او بيد قدرتك فانه روى ان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وغرس شجرة طوبى بيده عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ اى قريبا من رحمتك على ان الظرف حال من ضمير المتكلم لان الله منزه عن الحلول فى مكان او ابن لى فى أعلى درجات المقربين فيكون عند ظرفا للفعل وفى الجنة صفة لبيتا وفى عين المعاني عندك اى من عندك بلا استحقاق منى بل كرامة منك (روى) انها لما قالت ذلك رفعت الحجب حتى رأت بيتها فى الجنة من درة بيضاء وانتزع روحها سئل بعض الظرفاء اين فى القرآن مثل قولهم الجار قبل الدار قال قوله ابن لى عندك بيتا فى الجنة فعندك هو المجاورة وبيتا فى الجنة هو الدار وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ الجاهل وَعَمَلِهِ الباطل اى من نفسه الخبيتة وسوء جوارها ومن عمله السيئ الذي هو كفره ومعاصية وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى من القبط التابعين له فى الظلم (روى) انه لما غلب موسى عليه السلام السحرة آمنت امرأة فرعون وقيل هى عمة موسى آمنت به فلما تبين لفرعون إسلامها طلب منها أن ترجع عن إيمانها فأبد فأوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد يعنى او را چهار ميخ كرد وربطها وألقاها فى الشمس حق تعالى ملائكه را بفرمود تا گرد وى در آمده ببالها خود او را سايه كردند. وأراها الله بيتها فى الجنة ونسيت ما هى فيه من العذاب فضحكت فعند ذلك قالوا هى مجنونة تضحك وهى فى العذاب وفى هذا بيان انها لم تمل الى معصية مع انها كانت معذبه فلتكن صوالح النساء هكذا وقال الضحاك امر بأن يلقى عليها حجر رخى وهى فى الأوتاد فقالت رب ابن لى عندك نينا فى الجنة فما وصل الحجر إليها حتى رفع روحها الى

[سورة التحريم (66) : آية 12]

الجنة فالقى الحجر عليها بعد خروج فلم تجد ألما وقيل اشتاقت الى الجنة وملت من محبة فرعون فسألت ذلك. ودر اكثر تفاسير هست كه حق سبحانه ويرا بآسمانها برد بجسد وى وحالا در بهشت است. كما قال الحسن البصري قدس سره رفعت الى الجنة فهى فيها تأكل وتشرب وتتنعم قال فى الكشاف وفيه دليل على ان الاستعاذة بالله والالتجاء اليه ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين وسنن الأنبياء والمرسلين (وفى المثنوى) تا فرود آيد بلايى دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار فقدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند اهل الطريقة لانه كالمقاومة مع الله ودعوى التحمل لمشاقه كما قال ابن الفارض قدس سره ويحسن اظهار التجلد للعدى ... ويقبح غير العجز عند الاحبة وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ عطف على امرأة فرعون وجمع فى التمثيل بين التي لها زوج والتي لا زوج لها تسلية للارامل وتطبيبا لانفسهن وسميت مريم فى القرآن باسمها فى سبعة مواضع ولم يسم غيرها من النساء لايها اقامت نفسها فى الطاعة كالرجل الكامل ومريم بمعنى العابدة وقد سمى الله ايضا زيدا فى القرآن كما سبق فى سورة الأحزاب والمعنى وضرب الله مثلا للذين آمنوا حال مريم ابنة عمران والدة عيسى عليهما السلام وما أوتيت من كرامة الدنيا والآخرة والاصطفاء على نساء العالمين مع كون قومها كفارا الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها الإحصان العفاف يعنى باز ايستادن از زشتى كما فى تاج المصادر والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه والمعنى حفظت فرجها عن مساس الرجال مطلقا حراما وحلالا على آكدا لحفظ وبالفارسية آن زناكه نكاه داشت دامن خود را از حرام. وفاحشه كما فى تفسير الكاشفى قال بعضهم صانته عن الفجور كما صان الله آسية عن مباشرة فرعون لانه كان عنينا وهو من لا يقدر على الجماع لمرض او كبر سن او يصل الى الثيب دون البكر فالتعبير عن آسية بالثيب كما مر فى ثيبات لكونها فى صورة الثيب من حيث ان لها بعلا وقال السهيلي رحمة الله إحصان الفرج معناه طهارة الثوب يريد فرج القميص اى لم يغلق بثوبها ريبة أي انها طاهرة الأثواب فكنى بإحصان فرج القميص عن طهارة الثوب من الريبة وفروج القميص اربعة الكمان والأعلى والأسفل فلا يذهبن وهمك الى غير هذا لان القرآن انزه معنى واو جز لفظا وألطف اشارة واحسن عبارة من أن يريد ما ذهب اليه وهم الجاهل انتهى قال فى الكشاف ومن بدع التفاسير ان الفرج هو جيب الدرع ومعنى احصنته منعته فَنَفَخْنا فِيهِ الفاء للسببية والنفخ نفخ الريح فى الشيء اى فنفخنا بسبب ذلك فى فرجها على أن يكون المراد بالفرج هنا الجيب (كما قال الكاشفى) بس درد ميديم در كريبان جامه او وكذا السجاوندى فى عين المعاني اى فيما انفرج من جيبها وكذا ابو القاسم فى الاسئلة لم يقل فيها لان المراد بالكناية جيب درعها وهو الى التذكير اقرب فيكون قوله فيه من باب الاستخدام لان الظاهر ان المراد بلفظ الفرج العضو وأريد بضميره معنى آخر للفرج ومنه

قوله تعالى ومالها من فروج وكذا يكون اسناد النفخ الى الضمير مجاريا اى نفخ جبريل بأمرنا وهو انما نفخ فى جيب درعها مِنْ رُوحِنا اى من روح خلقناه بلا توسط اصل وأضاف الروح الى ذاته تعالى تفخيما لها ولعيسى كقوله وطهر بيتي وفى سورة الأنبياء فنفخنا فيها اى فى مريم اى أحيينا عيسى فى جوفها من الروح الذي هو من أمرنا وقال بعضهم أحيينا فى فرجها وأوجدنا فى بطنها ولدا من الروح الذي هو بامرنا وحده بلا سببية اصل وتوسل نسل على العادة لعامة او من جهة روحنا جبريل لانه نفخ من جيب درعها فوصل النفخ الى جوفها او ففعلنا النفخ فيه وقرئ فيها على وفاق ما فى سورة لانبياء اى فى مريم والمآل واحد انتهى. يقول الفقير يلوح لى هاهنا سرخفى وهو ان النفخ وان كان فى الجيب الا ان عيسى لما كان متولدا من الماءين الماء المتحقق وهو ماء مريم ولماء المتوهم وهو ما حصل بالنفخ كان النفخ فى الجيب بمنزلة صب الماء فى الفرج فالروح المنفوخ فى الجيب كالماء المصبوب فى الفرج والماء المصبوب وان لم يكن الروح عينه الا انه فى حكم الروح لانه يخلق منه الروح ولذا قال تعالى فنفخنا فيه اى فى الفرج سوآء قلت انه فرج القميص او العضو فاعرف ولا يقبله الا الألباء الروحانيون وَصَدَّقَتْ معطوف على أحصنت بِكَلِماتِ رَبِّها اى بالصحف المنزلة على الأنبياء عليهم السلام وفى كشف الاسرار يعنى الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ويقال صدقت بالبشارات التي بشر بها جبريل وَكُتُبِهِ اى بجميع كتبة المنزلة الشاملة للصحف وغيرها من الكتب الالهية متقدمة او متأخرة وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ اى من عداد المواظبين على الطاعة فمن للتبعيض وفى عين المعاني من المطيعين المعتكفين فى المسجد الأقصى والتذكير لتغليب المذكر فان مريم جعلت داخلة فى ذلك اللفظ مع المذكرين والاشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعات الرجال حتى عدت من جملتهم او كانت من القانتين اى من نسلهم لانها من أعقاب هرون أخي موسى عليه السلام فمن لابتداء الغاية وعن النبي عليه السلام كمل من الرجال كثير ولم تكمل من النساء الا اربع آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام كان العرب لا يؤثرون على الثريد شيأ حتى سموه بحبوحة الجنة وذلك لان الثريد مع اللحم جامع بين الغذاء واللذة وسهولة التناول وقلة المئونة فى المضع فضرب به مثلا يؤذن بأنها أعطيت مع الحسن الخلق حلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورصانة العقل والتحبب الى البعل فهى تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها والإصغاء إليها وحسبك انها عقلت من النبي عليه السلام ما لم يعقل غيرها من النساء وروت ما لم يرو مثلها من الرجال وقد قال عليه السلام فى حقها خذوا ثلثى دينكم من عائشة ولذا قال فى الأمالى وللصديقة الرجحان فاعلم ... على الزهراء فى بعض الخصال لكن الكمال المطلق انما هو لفاطمة الزهراء رضى الله عنها كما دل عليه الحديث المذكور وايضا دل تشبيه عائشة بالثريد على تشبيه غيرها من المذكورات باللحم وهو سيد الادام.

سورة الملك مكية

يقول الفقير رأيت فى بعض الليالى المنورة كأن النبي عليه السلام يقول لى عائشة ست النساء اللاتي اجتمعن ومعناه على ما ألهمت وقتئذأن عائشة رضى الله عنها هى السادسة من النساء الست اللاتي اجتمعن فى نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الست من التسع متساوية فى الفضيلة ومنها عائشة لكن اشتهرت عائشة بالفضل ونودى عليها بذلك وخفيت احوال الباقيات من الست لحكمة خفية الهية ولذا لم يعين لى رسول الله عليه السلام من بقيت من الست ودل الحديث على كثرة كمال الرجال وقلة كمال النساء فيما بعض عصر النبي عليه السلام وان كانت القرون متفاوتة والاعصار متياينة ولذا قال الحافظ نشان اهل خدا عاشقيست با خود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم (وقال المولى الجامى) اسرار عاشقانرا بايد زبان ديگر ... دردا كه نيست پيدا در شهر همزبانى والله الهادي (تمت سورة التحريم فى أوائل شهر الله رجب من الشهور المنتظمة فى سلك شهور) (سنة ست عشرة ومائة وألف) الجزء التاسع والعشرون من اجزاء الثلاثين سورة الملك مكية وآيها ثلاثون بالاتفاق بسم الله الرحمن الرحيم تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ البركة النماء والزيادة حسبة او عقلية ونسبتها الى الله تعالى باعتبار تعاليه عما سواه فى ذاته وصفاته وأفعاله يعنى ان البركة تتضمن معنى الزيادة وهى تقتضى التعالي عن الغير كما قال ليس كمثله شىء اى فى ذاته لوجوب وجوده وفى صفاته وأفعاله لكلماله فيهما واما قوله تخلقوا بأخلاق الله فباعتبار اللوازم وبقدر الاستعداد لا باعتبار الحقيقة والكنه فان الاتصاف بها بهذا الاعتبار مخصوص بالله تعالى فأين احياء عيسى عليه السلام الأموات من احياء الله تعالى فانه من الله بدعائه فالمعجزة استجابة مثل هذا الدعاء ومظهريته له بقدر استعداده وبهذا التقرير ظهر معنى قول بعض المفسرين تزايد فى ذاته فان التزايد فى ذاته لا يكون الا باعتبار تعاليه بوجوده الواجب وتنزهه عن الفناء والتغير والاستقلال وصيغة تبارك بالدلالة على غاية الكمال وانبائها عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها فى حق غيره سبحانه ولا استعمال غيرها من الصيغ مثل يتبارك فى حقه تبارك وتعالى وإسنادها الى الموصول للاستشهاد بما فى حيز الصلة على تحقق مضمونها والموصولات معارف ولا شك ان المؤمنين يعرفونه بكون الملك بيده واما غيرهم فهم فى حكم العارفين لان الأدلة القطعية

لما دلت على ذلك كان فى قوة المعلوم عند العاقل واليد مجاز عن القدرة التامة والاستيلاء الكامل لما ان اثرها يظهر فى الأكثر من اليد يقال فلان بيده الأمر والنهى والحل والعقد أي له القدرة الغالبة والتصرف العام والحكم النافذ قال الحكيم السنائى يد او قدر تست ووجه بقاش ... آمدن حكمش ونزول عطاش اصبعينش نفاذ حكم قدر ... قدمينش جلال وقهر وخطر وفى عين المعاني اليد صلة والقدرة والمذهب انها صفة له تعالى بلا تأويل ولا تكييف والملك بمعنى التصرف والسلطنة واللام للاستغراق ولذا قال فى كشف الاسرار ملك هجده هزار عالم بدست اوست. والمعنى تعالى وتعاظم بالذات عن كل ما سواه ذاتا وصفة وفعلا الذي بقبضة قدرته التصرف الكلى فى كل الأمور لا بقبضة غيره فيأمر وينهى ويعطى ويمنع ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفقر ويغنى ويمرض ويشفى ويقرب ويبعد ويعمر ويحرب ويفرق ويصل ويكشف وبحجب الى غير ذلك من شؤون العظمة وآثار القدرة الالهية والسلطنة الازلية والابدية وقال بعضهم البركة كثرة الخير ودوامه فنسبتها الى الله تعالى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات اى تكاثر خير الذي بيده الملك وتزايد نعمه وإحسانه كما قال تعالى وان تعدوا نعمة الله تحصوها قال الراغب البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة والى هذه الزيادة أشير بما روى لا ينقص مال من صدقة وقوله تبارك الذي جعل فى السماء بروجا تنبيه على ما يفيضه علينا من نعمه بوساطة هذه البرورج والنيرات المذكورة وكل موضع ذكر فيه لفظة تبارك فهو تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك وفى الكواشي معنى تبارك تعالى عن صفات المحدثين وجميع المستعمل من ب ر ك وبعكسه يشتمل على معنى اى ثبت الثبوت الخير فى خزآئن الذي وقال سهل قدس سره تعالى من تعظم عن الأشباه والأولاد والاضداد واتذاد بيده الملك يقلبه بحوله وقوته يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء وقيل يريد به النبوة يعزبها من اتبع ويذل بها من خالف وقال جعفر قدس سره هو المبارك على من انقطع اليه او كان له اى فانه وارث النبي عليه السلام وخليفة وقد قيل فى حقه وبارك عليه وقال القاشاني قدس سره الملك عالم الأجسام كما ان الملكوت عالم النفوس ولذلك وصف ذاته باعتبار تصريفه فى عالم الملك بحسب مشبئته بالتبارك الذي هو غاية العظمة ونهاية الازدياد فى العلو والبركة وباعتبار تسخيره عالم الملكوت بمقتضى إرادته بالتسبيح الذي هو التنزيه كقوله فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء كلا بما يناسب لان العظمة والازدياد والبركة تناسب الأجسام والتنزه يناسب المجردات عن المادة وفى الآية اشارة الى ان لملك إذا كان بيده فهو المالك وغيره المملوك فلا بد للمملوك من خدمة المالك خدمت او كن مكر شاهان ترا خدمت كنند ... چاكر او باش تا سلطان ترا كردد غلام وفى الحديث القدسي يا دنيا اخدمي من خدمنى قال فى كشف الاسرار ملك انسانيت جداست

[سورة الملك (67) : آية 2]

وملك دلها جدا وملك جانها جدا زيرا انسانيت ملك در دنيا راند انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة ودل ملك در آخرت راند يحبهم ويحبونه وجان ملك در عالم حقيقت راند وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة آن عزيز راه كويد فردا كه علم كبرياى او بقيامت برايد كه لمن الملك اليوم من از كوشه دل خويش بدستورى او درى بركشايم ودردى از دردهاى او بيرون دهم تا كرد قيامت برآيد وكويم لمن الملك اگر معترضى براه آيد كويم او كه چون ما ضعفا ومساكين دارد ميكويد لمن الملك ما چون او ملك جبارى داريم چرا نكوييم لمن الملك اگر او را چون ما بندگانست ما را چون او خداوند است. ومن هذا البيان يعرف سر قول عين العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره الهى ملكى أعظم من ملكك اى فان ملك العبد هو القديم وملك الرب هو الحادث فاعرف جدا فان هذا المقام من مزالق الاقدام وَهُوَ تعالى وحده عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء وعلى كل مقدور من الانعام والانتقال وغيرهما قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة عليه ومنتهى الى أقصاها يتصرف فيه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة والجملة معطوفة على الصلة مقررة لمضمونها مفيدة لجريان احكام ملكه تعالى فى جلائل الأمور ودقائقها قال بعضهم وهو على كل شىء قدير اى ما يمكن أن تتعلق به المشيئة من المعدومات الممكنة لان الموجود الواجب لا يحتاج فى وجوده الى شىء ويمتنع زواله ازلا وابدا والموجود الممكن لا يراد وجوده إذ هو تحصيل الحاصل والمعدوم الممتنع لا يمكن وجوده فلا تتعلق به المشيئة فتعلق القدرة بالمعدوم بالإيجاد وبالموجود بالابقاء والتحويل من حال الى حال قال القاشاني وهو القادر على كل ما عدم من الممكنات يوجده على ما يشاء فان قرينة القدرة تخص الشيء بالممكن إذ تعلل القدرة به فيقال انه مقدور لانه ممكن (وفى التأويلات النجمية) تعالى وتعاظم فى ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله الذي بيده المطلقة الملأى السحاء سلطنة الوجود المطلق الفائض على الوجودات المقيدة وهو أي هويته المطلقة ظاهرة فى كل شىء قادرة على كل شىء الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ شروع فى تحصيل بعض احكام الملك وآثار القدرة والموصول بدل من الموصول الاول فلا وقف على القدير والموت عند اهل السنة صفة وجودية مضادة للحياة كالحرارة والبرودة والحياة صفة وجودية زائدة على نفس لذات مغايرة للعلم والقدرة مصححة لاتصاف الذات بهما وما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما من ان الموت والحياة جسمان وان الله خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمر بشئ ولا يجد رائحته شىء إلا مات وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء وهى التي كان جبريل والأنبياء عليهم السلام يركبونها خطوتها مد البصر فوق الحمار ودون البغل لا تمر بشئ ولا يجد رايحتها شىء الا حى وهى التي أخذ السامري من اثرها قبضة فألقاها على العجل فحيى فكلام وارد على سبيل التمثيل والتصوير وإلا فهما فى التحقيق من قبيل الصفات لا من قبيل الأعيان هكذا قالوا وجوابه ان كون الموت والحياة صفتين وجوديتين لا ينافى أن يكون لهما صورة محسوسة كالاعيان فانهما من مخلوقات عالم الملكوت ولكل منهما صورة مثالية فى ذلك العالم بها يرى ويشاهد يشاهده من يغيب عن عالم الملك وينسلخ عن البدن يؤيده قوله

عليه السلام يذبح الموت بين الجنة والنار على صورة كبش ولا شك ان الذبح انما يتعلق بالأعيان وايضا ان عالم الآخرة عالم الصفة يعنى ان كل صفة باطنة فى الدنيا تتصور بصورة ظاهرة فى العقبى حسنة او قبيحة فلا شىء من المعاني الا وهو مجسم مصور فقول ابن عباس رضى الله عنه محمول على هذا نعم ان قولهم ان الحياة فرس أنثى يخالف قولهم ان البراق حقيقة ثالثة لا ذكر ولا أنثى وقال بعضهم الموت عبارة عن عدم صفة الحياة عن محل يقبلها يعنى ان الموت والحياة من باب العدم والملكة فان الحياة هى الاحساس والحركة الارادية والاضطرارية كالتنفس والموت عدم ذلك عما من شأنه أن يكون له كما قال صاحب الكشاف الحياة ما يصح بوجوده الاحساس والموت عدم ذلك ومعنى خلق الموت والحياة إيجاد ذلك المصحح واعدامه انتهى. اى إيجاد اثر الموت بقطع ضوء الروح عن ظاهر الحي وباطنه مع كونه فى غاية الاقتدار على الحركة والتقلب وبجعله جمادا كان لم تكن به حركة أصلا وكذا إيجاد اثر الحياة بنفخ الروح واضاءة ظاهر البدن وباطنه به وبجعله قادرا على التقلب بنفسه بالارادة وعدم تلك الملكة ليس عدما محضا بل فيه شائبة الوجود والألم يعتبر فيه المحل القابل للامر الوجودي فلذلك صح تعلق الخلق بالموت كتعلقه بالحياة وبهذا التقرير اندفع ما اعترضوا به من ان العدم حال لا يكون مخلوقا لان المخلوق حادث وعد الحوادث ازلى ولو كان مخلوقا لزم وجود الحوادث ازلا وهو باطل وقال بعضهم معنى خلق الموت على تقدير أن يكون الموت عبارة عن عدم الحياة قدره فان الخلق يجيئ بمعنى التقدير كما فى قوله تعالى فتبارك الله احسن الخالقين ولا يبعد أن يقال ان تعلق الخلق بالموت بمعنى الإيجاد انما هو بتبعية تعلقه بالحياة بذلك المعنى وقدم على الحياة لان الموت فى عالم الملك ذاتى والحياة عرضية يعنى ان الموت اسبق لان الأشياء كانت مواتا ثم عرضت لها الحياة كالنطفة على ما دل عليه قوله تعالى وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ولانه ادعى الى احساس العمل واقرب الى قهر النفوس فمن جعله نصب عينيه أفلح وفى الحديث (لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه الفقر والمرض والموت) وفى الإرشاد الأقرب ان المراد به الموت الطاري وبالحياة ما قبله وما بعده لظهور مداريتهما كما ينطق به ما بعد الآية ليبلوكم إلخ فان استدعاء ملاحظتها لاحسان العمل مما لا ريب فيه مع ان نفس العمل لا يتحقق بدون الحياة الدنيوية انتهى. وظاهره يخالف قوله تعالى ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا فان المراد بهذه الحياة هى الحياة الدنيوية بقرينة النشور والقرآن يفسر بعضه بعضا ثم ان الالف واللام فى الموت والحياة عوض عن المضاف اليه اى موتكم وحياتكم أيها المكلفون لان خلق موت غير المكلفين وحياتهم لابتلاء المكلفين لا معنى له قال بعض العارفين الموت والحياة عرضان والاعراض والجواهر مخلوقة له تعالى وأصل الحياة حياة تجليه واصل الموت موت استتاره وهما يتعاقبان للعارفين فى الدنيا فاذا ارتفعت الحجب يرتفع الموت عنهم بأنهم يشاهدون عيانا بلا استتار ابدا لا يجرى عليهم طوارق الحجاب بعد ذلك قال الله تعالى بل احياء عند ربهم خلق الموت والحياة يميت قوما بالمجاهدات ويحيى قوما بالمشاهدات يميت قوما بنعت الفناء

فى ظهور سطوات القدم ويحيى قوما بنعت البقاء فى ظهور أنوار البقاء لولا التجلي والاستتار لم يظهر شوق المشتاقين وتفاوت درجات الشوق ولا يتبين وله العاشقين وتفاوت درجاتهم فى العشق وقال سهل قدس سره الموت فى الدنيا بالمعصية والحياة فى الآخرة بالطاعة فى الدنيا وقال الجنيد قدس سره حياة الأجسام مخلوقة وهى التي قال الله تعالى خلق الموت والحياة وحياة الله دائمة لا انقطاع لها أوصلها الى أوليائه فى قديم الدهر الذي ليس له ابتداء فكانوا فى علمه احياء قبل إيجاده لهم ثم أظهرهم فأعارهم الحياة المخلوقة التي احيى بها الخلق وأماتهم فى سره فكانوا فى سره بعد الوفاة كما كانوا ثم أورد عليهم حياة الأبد فكانوا احياء أبدا وقال الواسطي قدس سره من أحياه الله عند ذكره فى أزله لا يموت ابدا ومن أماته فى ذلك لا يحيى ابدا وكم حى غافل عن حياته وميت غافل عن مماته لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا اللام متعلقة بخلق وظاهرها يدل على ان افعال الله معللة بمصالح العباد وانه تعالى يفعل الفعل لغرض كما ذهب اليه المعتزلة وعند اهل السنة ليس هى على ظاهرها بل معناها ان الله تعالى فعل فعلا لو كان يفعله من يراعى المصالح لم يفعله إلا لتلك المصلحة والغرض فمثل هذه اللام لام العلة عقلا ولام الحكمة والمصلحة شرعا وأيكم مبتدأ واحسن خبره وعملا تمييز او لجملة الاسمية سادة مسد المفعول الثاني لفعل البلوى عدى اليه بلا واسطة لتضمنه معنى العلم باعتبار عاقبته والا فهو لا يتعدى بلا واسطة الا الى مفعول واحد فليس هو من قبيل التعليق المشهور الذي يقتضى عدم إيراد المفعول أصلا وقد ذكر المفعول الاول هنا وهو كم مع اختصاصه بافعال القلوب ولا من التضمين المصطلح بل هو مستعار لمعنى العلم البلوى الاختبار وليس هنا على حقيقته لانه انما يتصور ممن يخفى عليه عواقب الأمور فالابتلاء من الله أن يظهر من العبد ما كان يعلم منه فى الغيب والمعنى ليعاملكم معاملة من يختبركم أيكم أحسن عملا فيجازيكم على مراتب متفاوتة حسب تفاوت طبقات علومكم وأعمالكم فان العمل غير مختص بعمل الجوارح ولذلك فسره عليه السلام بقوله أيكم أحسن عقلا وأورع من محارم الله واسرع فى طاعة الله يعنى أتم عقلا عند الله فهما لمراده فان لكل من القلب والقالب عملا خاصا به فكما ان الاول أشرف من الثاني كذلك الحال فى عمله كيف لا وعمله معرفة الله الواجبة على العباد أول كل شىء وانما طريقها النظر والتفكر فى بدائع صنع الله والتدبر فى آياته المنصوبة فى الأنفس والآفاق كما قال عليه السلام لا تفضلونى على يونس بن متى فانه كان يرفع له كل يوم مثل عمل اهل الأرض قالوا وانما كان ذلك التفكر فى امر الله الذي هو عمل القلب ضرورة ان أحدا لا يقدر على أن يعمل بجوارحه كل يوم مثل عمل اهل الأرض كذا فى الإرشاد. يقول الفقير لعل حال يونس عليه السلام اشارة الى انه عمل قالبى مفضل على عمل اهل الأرض فى زمانه بخواص قلبية فان اعمال المقربين واحد منها مقابل بمائة ألف بل بغير حساب باعتبار التفاوت فى الإحسان والشهود والخلوص ولذا قال تعالى احسن فانه بعبارته اشارة الى احوال المقربين وبإشارته الى احوال غيرهم من الأبرار والكفار والمنافقين وذلك ان نية الإنسان لا تخلو اما أن يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الدنيا

فهو سيئ نية وعملا وهو حال الكفار واما أن يكون متعلقها فى لسانه هو الآخرة وفى جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملا وهو حال المنافقين واما أن يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملا وهو حال الأبرار واما أن يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو وجه الله تعالى فهو احسن نية وعملا وهو حال المقربين ولما كان المقصود الأعظم هو تحصيل هذا الأحسن صرح بذكره دون ذكر الحسن فانه مفهوم بطريق الاشارة وكذا غيره ولقد أصاب من قال فى تفسير الآية تا بيازمايد شما را يعنى با شما معامله آزمايند كان كند تا ظاهر شود كه در دار تكليف كدام از شما نيكوترند از جهت عمل يعنى اخلاص كدام بيشترست. وكذا من قال أحسن الأعمال ما كان أخلص بأن يكون لوجه الله خالصا وأصوب بأن يكون موافقا للسنة اى واردا على النهج الذي ورد عن الشارع فالعمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ولذا قال عليه السلام للاعرابى قم صل فانك لم تصل وكذا إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ايضا ولذا جعل الله اعمال اهل الرياء والنفاق هباء منثورا وقول من قال من العارفين حسن العمل نسيان العمل ورؤية الفضل هو من مراتب الإخلاص فان الإخلاص سر عظيم من اسرار الله تعالى لا يناله إلا الخواص وفى الإرشاد إيثار صيغة التفضيل مع ان الابتلاء شامل لهم باعتبار أعمالهم المنقسمة الى الحسن والقبيح ايضا لا الى الحسن والأحسن فقط للايذان بان المراد بالذات والمقصد الأصلي من الابتلاء هو ظهور كمال احسان المحسنين مع تحقق اصل الايمان والطاعة فى الباقين ايضا لكمال تعاضد الموجبات له واما الاعراض عن ذلك فلكونه بمعزل من الاندراج تحت الوقوع فضلا عن الانتظام فى سلك الغاية للافعال الالهية وانما هو عمل يصدر عن عامله بسوء اختياره من غير مصحح له ولا تقريب انتهى. ثم ان المراد أيكم عمله احسن من عمل غيره ولا معنى لقول السجاوندى فى عين المعاني استفهام بمعنى الهمزة ولذا لم يعمل فيه الفعل تقديرهء أنتم احسن عملا أم غيركم انتهى فانه يشعر بأن يكون التفاوت بالنسبة الى الإنسان وغيره كالملائكة ومؤمنى الجن مثلا وليس بمراد وعبارة القرآن فى اسناد الحسن الى الإنسان تدل على ان من كان عمله احسن كان هو أحسن ولو أنه ابشع الناس منظر او من كان عمله أسوأ كان بخلاف ذلك ره راست بايدند بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست ولم يقل اكثر عملا لانه لا عبرة بالكثرة مع القبح قالوا والحسن انما يدرك بالشرع فما حسنه الشرع فهو حسن وما قبحه فهو قبيح وقال بعضهم ليبلوكم أيكم احسن أخذا من حياته لموته واحسن اهبة فى دنياه لآخرته قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضى الله عنهما خذ من صحتك لسقمك ومن شبابك لهرمك ومن فراغك لشغلك ومن حياتك لموتك فانك لا تدرى ما اسمك غدا وسئل عليه السلام اى المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا فالاستعداد للموت وللآخرة بكثرة الأعمال المقارنة للاخلاص سوآء كانت صلاة او صوما او زكاة او حجا او نحوها وان كان لبعض الأعمال تفاوت بالنسبة

[سورة الملك (67) : آية 3]

الى البعض الآخر كالصلاة فانها معراج الشهود وفيها كسر النفس واتعاب البدن ولذا كان السلف الصالح يكثرون منها حتى ان منهم من يصلى فى اليوم والليلة ألف ركعة ونحوها وكالصوم وتقليل الطعام فانه سبب لورود الحكمة الالهية الى القلب ولذا كان بعض السلف يواصلون فمنهم من يطوى ثلاثة ايام ومنهم من يطوى فوق ذلك الى سبعة الى ثلاثين الى أربعين فمن طوى أربعين يوما انفتح له باب الحكمة العظمى مع ان فى الصوم تهذيب الأخلاق ايضا فان اكثر المفاسد يجيئ من قبل الاكل والشرب فيا أيها المؤمنون سابقوا وسارعوا فالنفس مطية والدنيا مضمار والسابقون السابقون أولئك المقربون وقد قال عليه السلام قد سبق المفردون والتفريد هو تقطيع الموحد عن الأنفس والآفاق وشهود الحق فى عالم الإطلاق فلا بد من السير والسلوك ثم الطيران فى هواء الوحدة والهوية الذاتية فان به يحصل الانفصال عن منازل الأكوان السفلية الحادثة ويتحقق العروج الى عالم الوجوب والقدم نسأن الله من فضله أن يرينا وجهه الكريم انه هو البر الرحيم وَهُوَ اى والحال انه وحده الْعَزِيزُ الذي لا يفوته من أساء العمل الْغَفُورُ لمن شاء منهم بالتوبة وكذا بالفضل قال بعضهم لما كان العزيز منا يهلك كل من خالفه إذا علم بمخالفته قال مرغبا للمسيئ فى التوبة حتى لا يقول مثلى لا يصلح للخدمة لمالى من القاطعة واين التراب ورب الأرباب الغفور الذي يستر ذنوب المسيئ ويتلقى من اقبل اليه احسن تلق كما قال فى الحديث القدسي ومن أتاني يمشى أتيته هرولة الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ابدعها من غير مثال سبق طِباقاً صفة لسبع سموات وقولهم الصفة فى الاعداد تكون للمضاف اليه كما فى قوله سبع بقرات سمان لا يطرد ويجوز جعله حالا لان سبع سموات معرفة لشمولها الكل وهو مصدر بمعنى الفاعل يقال طابقه مطابقة وطباق الشيء مثل كتاب مطابقه بكسر الباء وطابقت بين الشيئين إذا جعلتهما على حذو واحد وألزقتهما والباب يدل على وضع شىء مبسوط على مثله حتى يغطيه والمعنى مطابقة بعضها فوق بعض وسماء فوق سماء غلظ كل سماء خمسمائة عام وكذا جوها بلا علاقة ولا عماد ولا مماسة فالسماء الدنيا موج مكفوف اى ممنوع من السيلان والثانية من درة بيضاء والثالثة من حديد والرابعة من نحاس او صفر والخاسة من فضة والسادسة من ذهب والسابعة من ياقوتة حمراء وبين السابعة وما فوقها من الكرسي والعرش بحار من نور قال القاشاني نهاية كمال عالم الملك فى خلق السموات ان لا يرى احكم خلقا واحسن نظاما وطباقا منها قال الجمهور ان الأرض مستديرة كالكرة وان السماء الدنيا محيطة بها من كل جانب احاطة البيضة بالمح فالصفرة بمنزلة الأرض وبياضها بمنزلة الماء وجلدها بمنزلة السماء غير أن خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هى مستديرة كاستدارة الكرة المستديرة الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر فى الوهم وجه الأرض لادى الى الوجه الآخر ولو ثقب مثلا بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين وان السماء الثانية محيطة بالدنيا وهكذا الى أن يكون العرش محيطا بالكل والكرسي الذي هو أقربها اليه بالنسبة اليه كحلقة ملقاة فى فلاه فما ظنك بما تحته وكل سماء فى التي فوقها بهذه النسبة ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ

[سورة الملك (67) : آية 4]

استئناف والخطاب للرسول او لكل أحد ممن يصلح للخطاب ووضع خلق الرحمن موضع الضمير إذا المقام مقام أن يقال فى خلقه وهى السموات على أن يكون بمعنى المخلوق والاضافة بمعنى اللام للاشعار بأنه تعالى خلقها بقدرته القاهرة رحمة وتفضلا ومن لتأكيد النفي والمعنى ما ترى فيه شيأ من اختلاف واضطراب فى الخلقة وعدم تناسب بل هو مستو مستقيم قال القاشاني سلب التفاوت عنها بساطتها واستدارتها ومطابقة بعضها بعضا وحسن انتظامها وتناسبها وهو من الفوت فان كلا من المتفاوتين يفوت منه بعض ما فى الآخر فلا يناسبه ولا يلائمه قال الراغب التفاوت الاختلاف فى الأوصاف كأنه يفوت وصف أحدهما الآخر او وصف كل واحد منهما الآخر وجعل بعض العلماء خلق الرحمن عاما فسئل بأن المخلوقات بأسرها على غاية التفاوت لان الليل غير النهار الى غير ذلك من الاضداد ثم أجاب بأن ليس فيها تناقص او زيادة غير محتاج إليها او نقصان محتاج اليه بل الكل مستقيمة مستوية دالة على ان خالقها عالم انتهى وفى الآية اشارة الى شمول رحمته الرحمانية الواسعة كل شىء كما قال يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لان الموجودات كلها علوية كانت او سفلية نورانية كانت او ظلمانية روحانية كانت او جسمانية خلقت من نور الرحمن ورحمته من غير تفاوت فى الخلقة واصل الرزق أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست فَارْجِعِ الْبَصَرَ اى رده الى رؤية السماء حتى يتضح ذلك بالمعاينة ولا يبقى عندك شبهة ما ورجع يجيئ لازما ومتعديا يقال رجع بنفسه رجوعا وهو العود الى ما منه البدء مكانا كان او فعلا او قولا بذاته كان رجوعه او بجزء من اجزائه او بفعل من أفعاله ورجعه غيره رجعا اى رده وإعادة هَلْ تَرى فيها مِنْ فُطُورٍ جمع فطر كما فى القاموس وهو الشق (كما قال فى تاج المصادر) الفطر آفريدن وابتدا كردن وشكافتن. يقال فطره فانفطر اى شقه فانشق والمعنى من شقوق وصدوع لامتناع خرقها والتئامها قاله القاشاني ولو كان لها فروج لفاتت المنافع التي رتبت لها النجوم المفرقة فى طبقاتها او بعضها او كمالها كما فى المناسبات فاذا لم ير فى السماء فطور وهى مخلوقة فالخالق أشد امتناعا من خواص الجسمانيات ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ اى رجعتين أخريين وأعد النظر مرة بعد مرة فى طلب الخلل والعيب. يعنى اگر بيك نكريستن معلوم نكردد تكرار كن نكريستن را. والمراد بالتثنية التكرير والتكثير كما فى لبيك وسعديك يريد إجابات كثيرة وإعانات وفيرة بعضها فى اثر بعض وذلك لان الكلال الآتي لا يقع بالمرتين اى رجعة بعد رجعة وان كثرت قال الحسن رحمه الله لو كررته مرة بعد مرة الى يوم القيامة لم تر فيه فطور او قال الواسطي رحمه الله كرتين اى قلبا وبصر الان الاول كان بالعين خاصة والحاصل ان تكرار النظر وتجوال الفكر مما يفيد تحقيق الحقائق وإذا كان ذلك النظر فيها عند طلب الخروق والشقوق لا يفيد الا الكلال والحرمان تحقق الامتناع وما اتعب من طلب وجود الممتنع يَنْقَلِبْ ينصرف ويرجع وبالفارسية بازگردد إِلَيْكَ بسوى تو الْبَصَرَ چشم تو خاسِئاً اى

[سورة الملك (67) : آية 5]

ذليلا بعيدا محروما من إصابة ما التمسه من العيب والخلل كأنه يطرد عن ذلك طرد بالصغار والذلة فقوله ينقلب مجزوم على انه جواب الأمر وخاسئا حال من البصر وهو مع انه اسم فاعل من خسأ بمعنى تباعد وهرب ففيه معنى الصغار والذلة فاذا قيل خسأ الكلب خسوءا فمعناه تباعد من هو انه وخوفه كأنى زجر وطرد عن مكانه الاول بالصغار وخسأ يحيى متعديا ايضا يقال خسأت الكلب فخسأ اى باعدته وطردته وزجرته مستهينا به فانزجر وذلك إذا قيل له اخسأ قال الراغب ومنه خسأ البصر أي انقبض من مهانة وفى القاموس الخاسئ من الكلاب والخنازير المبعد لا يترك أن يدنو من الناس ولا يكون خاسئا فى الآية من المتعدى الا بأن يكون بمعنى المفعول اى مبعدا وَهُوَ حَسِيرٌ اى كليل وبالغ غاية الاعياء لطول المعاودة وكثرة المراجعة وهو فعيل بمعنى الفاعل من الحسور الذي هو الاعياء كما فى تاج المصادر الحسور رنجه شدن وكند شدن چشم از مسافت دور. وقال الراغب يقال للمعيى حاسر ومحسور أما الحاسر فتصور انه قد حسر بنفسه قواه واما المحسور فتصور ان التعب قد حسره وقوله تعالى وهو حسير يصح أن يكون بمعنى حاسر وبمعنى محسور انتهى والجملة حال من البصر او من الضمير المستتر فى خاسئا فيكون من قبيل الأحوال المتداخلة قال بعضهم فاذا كان الحال هذا فى بعض المصنوع فكيف عند طلب العلم بالصانع فى كماله وجلاله وجماله فكيف بمن يتفوه بالحلول والاتحاد حسبه جهنم وبئس المهاد سبحانه من تحير فى ذاته سواه ... فهم خرد بكنه كمالش نبرد راه عمرى خرد چو چشمه ها چشمها كشاد ... تا بر كمال كنه اله افكند نكاه ليكن كشيد عاقبتش در دو ديده ميل ... شكل الف كه حرف نخستست از اله وفى التأويلات النجمية فارجع بصرك الظاهر من ظواهر الأشياء الى بصرك الباطن ومن بصرك الباطن الى بواطن الأشياء يعنى انظر باتحاد بصرك وبصيرتك الى ظواهر الأشياء وبواطنها هل ترى من شقوق الخلاف بحسب استعداد كل واحد من الموجودات لاعطائه كل ذى حق حقه ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير مبعد عن رؤية الخلل ومطالعة الزلل كما قال الامام حجة الإسلام قدس سره فى بعض كلماته ليس فى الإمكان أبدع من هذا الوجود لانه لو كان ولم يظهر لكان بخلا وهو جواد ولكان عجزا وهو قادر كما قال تعالى الذي أعطى كل شىء خلقه ثم هدى وقال بعضهم انما لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان اى اظهر من هذا العالم لانه ما ثم الا رتبتان الحق فى المرتبة الاولى وهو القدم والعالم فى الثانية وهو الإمكان والحدوث فلو خلق ما خلق الى ما لا يتناهى فلا يزال فى المرتبة الثانية الامكانية وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بيان لكون خلق السموات فى غاية الحسن وإليها اثر بيان خلوها عن شائبة القصور وتصدير الجملة بالقسم لابراز كمال الاعتناء بمضمونها اى وبالله لقد زينا اقرب السموات الى الأرض والناس وجملناها فالزين والتزيين بالفارسية آراستن. وهو ضد الشين بالفارسية معيوب كردن. والدنيا

تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب وكون السماء قربى من سائر السموات انما هو بالاضافة الى ما تحتها من الأرض لا مطلقا لان الأمر بالعكس بالاضافة الى ما فوقها من العرش بِمَصابِيحَ بچراغها. جمع مصباح وهو السراج وتنكيره للتعظيم والمدح اى بكواكب مضيئة بالليل اضاءة السرج من السيارات والثوابت تترآءى كلها مركوزة فى السماء الدنيا مع ان بعضها فى سائر السماوات لان السموات إذا كانت شفافة وأجراما صافية فالكواكب سوآء كانت فى السماء الدنيا او فى سموات اخرى فهى لا بد وان تظهر فى السماء الدنيا وتلوح منها فعلى التقديرين تكون السماء الدنيا مزينة بهذه المصابيح ودخل فى المصابيح القمر لانه أعظم نير يضيئ بالليل وإذا جعل الله الكواكب زينة السماء التي هى سقف الدنيا فليجعل العباد المصابيح والقناديل زينة سقوف المساجد والجوامع ولا سرف وفى الخير وذكر ان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء العشاء يوقد فيه بسعف النخل قلما قدم تميم الداري رضى الله عنه المدينة صحب معه قناديل وحبالا وزيتا وعلق تلك القناديل بسوارى المسجد واو قدت فقال عليه السلام نورت مسجدنا نور الله عليك اما والله لو كان لى ابنة لا نكحتكها وسماء سراجا وكان اسمه الاول فتحا ثم أكثرها عمر رضى الله عنه حين جمع الناس على أبى بن كعب رضى الله عنه فى صلاة التراويح فلما رآها على رضى الله عنه تزهر قال نورت مسجدنا نور الله قبرك يا ابن الخطاب وعن بعضهم قال أمرني المأمون ان اكتب بالاستكثار من المصابيح فى المساجد فلم أدر ما اكتب لانه شىء لم اسبق اليه فرأيت فى المنام اكتب فان فيه أنسا للمتهجدين ونفيا لبيوت الله عنه وحشة الظلم فانتبهت وكتبت بذلك وفيه اشارة الى سماء القلب لدنوه منك من سماء الروح وزينة أنوار المعارف والعلوم الالهية والواردات الرحمانية وَجَعَلْناها اى المصابيح المعبر بها عن النجوم اى بعضها كما فى تفسير أبى الليث رُجُوماً جمع رجم بالفتح وهو ما يرجم به ويرمى للطرد والزجر او جمع راجم كسجود جمع ساجد لِلشَّياطِينِ هم كفار الجن يخرجون الانس من النور الى لظلمات وجمع الشياطين على صيغة التكثير لكثرتهم فى الواقع فالمعنى وجعلنا لها فائدة اخرى هى رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المقتبسة من الكواكب لا بالكواكب نفسها فانها قارة فى الفلك على حالها فمنهم من يقتله الشهاب ومنهم من يفسد عضوا من أعضائه او عقله والشهاب شعلة ساطعة من نار وهو هاهنا شعلة نار تنفصل من النجم فاطلق عليها النجم ولفظ المصباح ولفظ الكوكب ويكون معنى جعلناها رجوما جعلنا منها رجوما وهى تلك الشهب ومما يؤيد ان الشعلة منفصلة من النجوم ما جاء عن سلمان الفارسي رضى الله عنه ان النجوم كلها كالقناديل معلقة فى السما الدنيا كتعليق القناديل فى المساجد مخلوقة من نور وقيل انها معلقة بأيدى الملائكة وينصر هذا القول قوله تعالى إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت لان انتثارها يكون بموت من كان يحملها من الملائكة وقيل ان هذه ثقب فى السماء وينصره قول بعض المكاشفين ان الكواكب ليست مركوزة فى هذا التعين وانما هى بانعكاس الأنوار فى بعض عروقه

[سورة الملك (67) : الآيات 6 إلى 10]

اللطيفة والذي يرى كسقوط النجم فكدفع الشمس من موضع الى موضع وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرفه اهل السلوك انتهى وقال الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التي دون الفلك وقد سبق بيان هذا المقام مفصلا فى أوائل الصافات والحجر فلا نعيده والذي يلوح ان مذهب الفلاسفة قريب فى هذه المادة من مذهب اهل الحقائق ومر بيان مذهبهم فى الصافات والله اعلم بالخفيات وَأَعْتَدْنا لَهُمْ اى هيئنا للشياطين فى الآخرة بعد الإحراق فى الدنيا بالشهب ومنه العتاد اى العدة والاهبة عَذابَ السَّعِيرِ اى عذاب جهنم الموقدة المشعلة فالسعير فعيل بمعنى مفعول من سعرت النار إذا أوقدتها ولذلك لم يؤت بالتاء فى آخره مع انه اسم للدركة الرابعة من دركات النار السبع وهى جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ولكن كل من هذه الأسماء يطلق على الآخر فيعبر عن النار تارة بالسعير وتارة بجهنم واخرى بآخر. واعلم ان فى كل دركة منها فرقة من فرق العصاة كعصاة اهل التوحيد والنصارى واليهود والصابئة والمجوس والمشركين والمنافقين ولم يذكروا الشياطين فى واحدة من الدركات السبع ولعلهم يقسمون على مراتب اضلالهم فيدخل كل قسم منهم مع قسم تبعه فى إضلاله فكان سببا لدخوله فى دركة من الدركات الست التحتانية جزاء لضلاله وإضلاله واذية لمن تبعه فيما دعا اليه بمصاحبته ومقارنته كما قال تعالى وترى المجرمين يومئذ مقرنين اى مع شياطينهم وفى الآية اشارة الى شياطين الخواطر النفسانية والهواجس الظلمانية وعذابها عذاب الرد والانقلاب بغلبة الخواطر الملكية والرحمانية وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ من الشياطين وغيرهم وكفرهم به اما بالتعطيل او بالإمساك وقال سعدى المفتى الأظهر حمله على الكفرة غير الشياطين كما يشعر به ما بعده ولئلا يلزم شبه التكرار عَذابُ جَهَنَّمَ اى الدركة النارية التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة يقال رجل جهم الوجه كالح منقبض وفيه اشارة الى ان عذابه تعالى وانتقامه خارج عن العادة لكونه ليس بسيف ولا سوط ولا عصا ونحوها بل بالنار الخارجة عن الانطفاء وليس للكافر المعذب من الخلاص رجاء وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى جهنم وقال بعضهم جهنم من الجهنام وهى بئر بعيدة القعر ففيه اشارة الى ان اهل النار مبعدون عن جمال الله تعالى وعن نعيم الجنة محرقون فى نار البعد والقطيعة نسأل الله العافية قال فى فتح الرحمن تضمنت هذه الآية ان عذاب جهنم للكافرين المخلدين وقد جاء فى الأثر انه يمر على جهنم زمن تخفق ابوابها قد أخلتها الشفاعة فالذى فى هذه الآية هى جهنم بأسرها اى جميع الطبقات والتي فى الأثر هى الطبقة العليا لانها مقر العصاة انتهى وهو مراد من قال من كبار المكاشفين يأتى زمان تبقى جهنم خالية عن أهلها وهم عصاة الموحدين ويأتى على جهنم زمان ينبت فى قعرها الجرجير وهى بقلة إِذا أُلْقُوا اى الذين كفروا اى فى جهنم وطرحوا كما يطرح الحطب فى النار العظيمة وفى إيراد الا لقاء دون الإدخال اشعار بتحقيرهم وكون جهنم سفلية سَمِعُوا لَها اى لجهنم نفسها

[سورة الملك (67) : آية 8]

وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من قوله شَهِيقاً لانه فى الأصل صفة فلما قدمت صارت حالا اى سمعوا كائنا لها شهيقا اى صوتا كصوت الحمير الذي هو أنكر الأصوات وأفظعها غضبا عليهم وهو حسيسها المنكر الفظيع كما قال تعالى لا يسمعون حسيسها قالوا الشهيق فى الصدر والزفير فى الحلق او شهيق الحمار آخر صوته والزفير اوله والشهيق رد النفس والزفير إخراجه وَهِيَ تَفُورُ اى والحال انها تغلى بهم عليان المرجل بما فيها من شدة التلهب والتسعر فهم لا يزالون صاعدين هابطين كالحب إذا كان الماء يغلى به لاقرار لهم أصلا الفور شدة الغليان ويقال ذلك فى النار وفى القدر وفى الغضب وفوارات الماء سميت تشبيها بغليان القدر وفعلت كذا من فورى اى من غليان الحال وفارة المسك تشبيها به فى الهيئة كما فى المفردات قال بعضهم نطقت الآية بأن سماعهم يكون وقت الإلقاء على ما هو المفهوم من إذا وعلى المفهوم من قوله وهى تفوران يكون بعده اللهم الا أن تغلى بما فيها كائنا ما كان ويؤول إذا ألقوا بإذا أريد الإلقاء او إذا قربوا من الإلقاء بناء على ان صوت الشهيق يقتضى أن يسمع قبل الإلقاء انتهى تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ الجملة خبر آخر وتميز أصله تتميز يتاءين والتميز الانقطاع والانفصال بين المتشابهات والغيظ أشد الغضب يقال يكاد فلان ينشق من غيظه إذا وصف بالإفراط فى الغضب والمعنى تكاد تتفرق جهنم من شدة الغضب عليهم اى يقرب أن يتمزق تركيبها. وينفصل بعضه من بعض وبالفارسية نزديكست كه پاره پاره شود دوزخ از شدت خشم بر كافران. شبه اشتعال النار بهم فى قوة تأثيرها فيهم وإيصال الضرر إليهم باعتياظ المغتاظ على غيره المبالغ فى إيصال الضرر اليه فاستعير اسم الغيظ لذلك الاستعمال استعارة تصريحية قال الامام لعل سبب هذا المجاز ان دم القلب يغلى عند الغضب فيعظم مقداره فيزداد امتلاء العروق حتى يكاد يتمزق قال فى المناسبات وكان حذف احدى التاءين اشارة الى انه يحصل افتراق واتصال على وجه من السرعة لا يكاد يدرك حق الإدراك وذلك كله لغضب سيدها وتأتى يوم القيامة تقاد الى المحشر بألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك يقود ونها به وهى من شدة الغيظ تقوى على الملائكة وتحمل على الناس فتقطع الأزمة جميعا وتحطم اهل المحشر وتقول لأنتقمن اليوم ممن أكل رزق الله وعبد غيره فلا يردها عنهم الا النبي صلى الله عليه وسلم يقابلها بنوره فترجع مع ان لكل ملك من القوة ما لو أمر به أن يقتلع الأرض وما عليها من الجبال ويصعد بها فعل من غير كلفة وهذا كما أطفأها فى الدنيا بنفحة كما قال عليه السلام لقد أدنيت منى النار حتى جعلت انفثها خشية أن تغشاكم قال بعضهم تلك المهواة لشدة منافاتها بالطبع لعالم النور واصل فطرة النفس ليشتد غيظها على النفوس كما ان شدة منافرة الطباع بعضها بعضا تستلزم شدة العداوة والبغض المقتضية لشدة الغيظ. يقول الفقير تقرر من هذا البيان ودل سائر الآثار الصحيحة ايضا ان جهنم لها حياة وشعور كسائر الاحياء ولذا يصدر منها كما يصدر منهم فلا حاجة الى ارتكاب المجاز عند اهل الله تعالى فى أمثال ذلك قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي

[سورة الملك (67) : الآيات 9 إلى 10]

عليه السلام وكان خذاءنا جبل فقال عليه السلام بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك أيها الجبل فقال الجبل ينطق بنطق فصيح لبيك يا رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل منذ سمعت قوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة بكيت لخوف أن أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فى ماء كُلَّما أُلْقِيَ الإلقاء بيفكندن فِيها اى فى جهنم فَوْجٌ جماعة من الكفرة يدفع الزبانية لهم الذين هم اغيظ عليهم من النار وهو استئناف مسوق لبيان حال أهلها بعد بيان حال نفسها سَأَلَهُمْ اى ذلك الفوج وضمير الجميع باعتبار المعنى خَزَنَتُها اى خزنة النار وهى مالك وأعوانه من الربانية بطريق التوبيخ والتقريع ليزدادوا عذابا فوق عذاب وحسرة اى ليزدادوا العذاب الروحاني على العذاب الجسماني جمع خازن بمعنى الحافظ والموكل يعرف ذلك من قولهم بالفارسية خزينه دار. قال فى تاج المصادر الخزن نكاه داشتن مال وسر أَلَمْ يَأْتِكُمْ اى وقالوا لهم ايها الكفرة الفجرة ألم يأتكم فى الدنيا نَذِيرٌ اى منذر يتلو عليكم آيات ربكم وينذركم لقاء يومكم هذا والانذار الإبلاغ ولا يكون الا فى التخويف ويعدى الى مفعولين كما فى تاج المصادر قالُوا اعترافا بأنه تعالى قد أزاح عللهم بالكلية ببعثة الرسل وإنذارهم ما وقعوا فيه وانهم لم يأتوا من قدره كما تزعم المجبرة وانما أتوا من قبل أنفسهم واختيارهم خلاف ما اختار الله فأمر به وأوعد على ضده بَلى لايجاب نفى إتيان النذير قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ جمعوا بين حرف الجواب ونفس الجملة المجب بها مبالغة فى الاعتراف وتحسرا على فوت سعادة التصديق وتمهيدا لبيان التفريط الواقع منهم اى قال كل فوج من تلك الأفواج قد جاءنا نذير اى واحد حقيقة او حكما كانبياء بنى إسرائيل فانهم فى حكم نذير واحد فأنذرنا وتلا علينا ما نزل الله عليه من آياته روى ابو هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال انا النذير والموت المغير يعنى موت عارت كننده است والساعة الموعد يعنى قيامت وعده كاهست فَكَذَّبْنا ذلك النذير فى كونه نذيرا من جهته تعالى فان قلت هذا يقتضى أن لا يدخلها الفاسق المصر لانه لم يكذب النذير قلت قد دلت الأدلة السمعية على تعذيب العصاة مطلقا والمراد بالفوج هنا بعض من ألقى فيها وهم الكفرة كما سبق وَقُلْنا فى حق ما تلاه من الآيات افراطا فى التكذيب وتماديا فى الكبر بسبب الاشتغال فى الأمور الدنيوية والاحكام الرسومية الخلقية ما نَزَّلَ اللَّهُ على أحد مِنْ شَيْءٍ من الأشياء فضلا عن تنزيل الآيات عليكم وقال بعضهم ما نزل الله من كتاب ولا رسول إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم يا معشر الرسل فى ادعاء ان الله تعالى نزل عليكم آيات تنذر وثنا بما فيها إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ بعيد عن الحق والصواب وجمع ضمير الخطاب مع ان مخاطب كل فوج نذيره لتغليبه على أمثاله مبالغة فى التكذيب وتماديا فى التضليل كما ينبئ عنه تعميم المنزل مع ترك ذكر المنزل عليه فانه ملوح بعمومه حتما وَقالُوا ايضا معترفين بأنهم لم يكؤنو

[سورة الملك (67) : الآيات 11 إلى 15]

ممن يسمع او يعقل لَوْ كُنَّا فى الدنيا نَسْمَعُ كلاما أَوْ نَعْقِلُ شيأ وفيه دليل على ان العقل حجة التوحيد كالسمع وقدم السمع لانه لا بد اولا من سماع ثم تعقل المسموع وقال سعدى المفتى قوله لو كنا إلخ يجوز أن يكون اشارة الى قسمى الايمان التقليدى والتحقيقى اى الاستدلالي لانه يحتاج الى النظر دون التحقيقى العيانى لانه يحصل بالكشف لا العقل ما كُنَّا اليوم فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ اى فى عداد اهل النار الموقدة واتباعهم وهم الشياطين لقوله تعالى واعتدنا لهم عذاب السعير كأن الخزنة قالوا لهم فى تضاعيف التوبيخ ألم تسمعوا آيات ربكم من السنة الرسل ولم تعقلوا معانيها حتى لا تكذبوا بها فأجابوا بذلك وفى التأويلات النجمية لو كنا نسمع بأسماع قلوبنا او نعقل بعقول أرواحنا ما كنا فى اصحاب السعير ولكنا سمعنا باسماع محتومة وعقول معلولة مقفولة فَاعْتَرَفُوا اضطرارا حين لا ينفعهم الاعتراف وهو اقرار عن معرفة وفى عين المعاني عرفوا أنفسهم بالجرم بِذَنْبِهِمْ اختيارا بصرف قواهم الى سوء الاقتراف وهو كفرهم وتكذيبهم بآيات الله ورسله وقال بعضهم أفرد الذنب لانه يفيد فائدة الجمع بكونه اسم جنس شامل للقليل والكثير أو أريد به الكفر وهو وان كان على انواع فهو ملة واحدة فى كونه نهاية الجرم واقتضاء الخلود الابدى فى النار فَسُحْقاً مصدر مؤكد اما لفعل متعد من المزيد بحذف الزوائد اى فأسحقهم الله اى ابعدهم من رحمته سحقا اى اسحاقا وابعادا بسبب ذنبهم او لفعل مرتب على ذلك الفعل اى فأسحقهم الله فسحقوا اى بعدوا سحقا اى بعدا ويقال سحق الشيء مثل كرم فهو سحيق اى بعد فهو بعيد قيل هو تحقيق وقيل هو على الدعاء وهو تعليم من الله لعباده أن يدعوا عليهم به كما فى التيسير ومعناه بالفارسية پس دور كرد خداى تعالى دور كردنى ايشان را از رحمت خود. قال بعضهم دعاء عليهم من الله اشعارا بأن المدعو عليهم مستحقون لهذا الدعاء وسيقع عليهم المدعو به من البعد والهلاك لِأَصْحابِ السَّعِيرِ اللام للبيان كما فى هيت لك والمراد الشياطين والداخلون من الكفرة وفيه اشارة الى ان الله تعالى بعد اهل الحجاب من جنة القرب وقربهم من جهنم البعد إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ اى يخافون عذابه وهو عذاب يوم القيامة ويوم الموت ويوم القبر خوفا ورلء عيونهم حال كون ذلك العذاب غائبا عنهم ولم يعايتوه بعد على ان بالغيب حال من المضاف المقدر او غائبين عنه تعالى اى عن معاينة عذابه واحكام الآخرة او عن أعين الناس لانهم ليسوا كالمنافقين الذين إذا لقوا المؤمنين قالوا آمنا وإذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نجن مستهزؤن على انه حال من الفاعل وهو ضمير يخشون او بما خفى منهم وهو قلوبهم فالباء للاستعانة متعلقة بيخشون والالف واللام اسم موصول وكانوا يشمون من كبد أبى بكر الصديق رضى الله عنه رائحة الكبد المشوى من شد الخوف من الله تعالى وكان عليه السلام يصلى ولصدره ازيز كأزيز المرجل من البكاء والأزيز الغليان وقيل صوته والمرجل قدر من نحاس لَهُمْ مَغْفِرَةٌ عظيمة تأتى على جميع ذنوبهم ولما كان السرور انما يتم بالإعطاء قال وَأَجْرٌ كَبِيرٌ اى ثواب

[سورة الملك (67) : آية 13]

عظيم فى الآخرة فضلا منه تعالى يكون لهم به من الإكرام ما ينسيهم ما قاسوه فى الدنيا من شدائد الآلام وتصغر فى جنبه لذآئذ الدنيا وهو الجنة ونعميها. كفته اند ايمنى ازو شدايد ومكاره يعنى مزد ترسندكان أمان باشد از هر چهـ مى ترسند لا تخافوا مژده ترسنده است ... هر كه مى ترسد مبارك بنده است خوف وخشيت خاص دانايان بود ... هر كه دانا نيست كى ترسان بود ترسكارى رستكارى آورد ... هر كه درد آرد عوض درمان بود فلابد من العقل اولا حتى يحصل الخوف ثانيا وكان بعض الاكاسرة وكانوا اعقل الملوك يرتب واحدا يكون وراءه بالقرب منه يقول إذا اجتمعت جنوده أنت عبد لا يزال يكرر ذلك والملك يقول له كلما قاله نعم وهكذا حال من يعرف مكر النفس ويخاف الله بقلبه قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار قال تعالى وان منكم الا واردها قال فضيل قدس سره إذا قيل لك أتخاف الله فاسكت فانك إذا قلت لا فقد جئت بأمر عظيم وإذا قلت نعم فالخائف لا يكون على ما أنت عليه ألا ترى ان الله تعالى لما اتخذ ابراهيم عليه السلام خليلا ألقى فى قلبه الوجل حتى ان خفقان قلبه يسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير فى الهولء وقيل لفضيل بم بلغ بك الخوف الذي بلغ قال بقلة الذنوب فللخوف اسباب وأول الأمر العقل السليم ثم يحصل كماله بترك العصيان وذلك ان ترك المعصية وان كان نتيجة الخوف لكن القلب يترقى فى الرقة بترك المعصية فيشتد خوفه فقاسى القلب لا يعرف الخوف لان عقله ضعيف مغلوب يقال العقل كالبعل والنفس كالزوجة والجسم كالبيت فاذا سلط العقل على النفس اشتغلت النفس بمصالح الجسم كما تشتغل المرأة المقهورة بمصالح البيت فصلحت الجملة وان غلبت النفس كان سعيها فاسدا كالمرأة التي قهرت زوجها ففسدت الجملة مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را نبايد كليد وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ و پنهان سازيد سخن خود را در شان پيغمبر عليه السلام يا آشكارا كنيد مرانرا. قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت فى المشركين كانوا يتكلمون فيما بينهم بأشياء يعنى در باب حضرت پيغمبر سخنان ناشايسته كفتندى. فيظهر الله رسوله عليها فقال بعضهم لبعض أسروا قولكم كيلا يسمع رب محمد فيخبره بما لوتقون فقيل لهم اسر وا ذلك أو اجهروا به فان الله يعلمه واسرار الأقوال واعلانها مستويان عنده تعالى فى تعلق علمه والأمر للتهديد لا للتكليف وتقديم السر على الجهر للايذان بافتضاحهم ووقوع ما يحذرون من أول الأمر والمبالغة فى بيان شمول علمه المحيط بجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسر ونه اقدم منه بما يجهرون به مع كونهما فى الحقيقة على السوية فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شىء فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى أو لأن مرتبة السر متقدمة على مرتبة الجهر إذ ما من شىء يجهر به الا وهو او مباديه مضمر فى القلب

[سورة الملك (67) : آية 14]

يتعلق به الاسرار غالبا فتعلق علمه تعالى بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ مبالغ فى الإحاطة بمضمرات جميع الناس وأسرارهم الخفية المستكنة فى صدورهم بحيث لا تكاد تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما تسرونه وتجهرون به ويجوز أن يراد بذات الصدور القلوب التي فى الصدور والمعنى انه عليم بالقلوب وأحوالها فلا يخفى عليه سر من اسرارها قال القاشاني انه عليم بذات الصدور لكون تلك السرائر عين علمه فيكف لا يعلم ضمائرها من خلقها وسواها وجعلها مرآئى أسراره ولم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات هنا تأنيث ذى بمعنى صاحب حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه اى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور وهى الخواطر القائمة بالقلب من الدواعي والصوارف الموجودة فيه وجعلت صاحبة الصدور بملازمتها لها وحلولها فيها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة وهو جنين ذو بطنها أَلا يَعْلَمُ آيا نداند مَنْ خَلَقَ اى ألا يعلم السر والجهر من أوجد بحكمته جميع الأشياء التي هما من جملتها فهو انكار ونفى لعدم احاطة علمه تعالى بالمضمر والمظهر ومن فاعل يعلم ويجوز أن يكون منصوبا على انه مفعول يعلم والعائد محذوف اى ألا يعلم الله من خلقه وَهُوَ اى والحال انه تعالى وحده اللَّطِيفُ العالم بدقائق الأشياء يرى اثر النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء الْخَبِيرُ العالم ببواطنها قال القاشاني هو المحيط ببواطن ما خلق وظواهره بل هو هو فى الحقيقة باطنا وظاهرا لا فرق الا بالوجوب والإمكان والإطلاق والتقييد واحتجاب الهوية بالعندية والحقيقة بالشخصية فان قلت ذكر الخبير بعد اللطيف تكرار قلت لا تكرار فيه فانه قال الامام الغزالي رحمه الله انما يستحق اسم اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح على سبيل الرفق دون العنف فاذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الإدراك تم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله تعالى والخبير هو الذي لا يعزب عنه الاخبار الباطنة فلا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها وهو بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف الى الخفايا الباطنة يسمى خبرة ويسمى صاحبها خبيرا قال بعضهم كنا جماعة من الفراء فأصابتنا فاقة ومجاعة فذهبنا الى ابراهيم الخواص قدس سره وقلت فى نفسى اباسط الشيخ فى أحوالي واحوال هؤلاء الفقراء فلما وقع بصره على قال لى الحاجة التي جئتنى فيها الله عليم بها أم لا فارفعها اليه فسكت ثم انصرفنا فلما وصلنا الى المنزل فتح علينا بشئ وإذا علم العبد انه مطلع على سره عليم بخفي ما فى صدره يكتفى من سؤاله برفع همته اليه وإحضار حاجته فى قلبه من غير أن ينطق بلسانه والله لطيف بعباده ومن لطفه بهم انه يوصل إليهم ما يحتاجون اليه بسهولة فمن قوته رغيف لو تفكر فيه يعلم كم عين سهرت فيه من أول الأمر حتى تم وصلح للاكل من الحارث والباذر للبذر والحاصد والدائس والمذرى والطاحن والعاجن والخابز ويتشعب من ذلك الآلات التي تتوقف عليها هذه الأعمال من الأخشاب ولحجارة والحديد والحبال والدواب بحيث لا تكاد تنحصر وهكذا كل شىء ينعم به على عبده من مطعوم

[سورة الملك (67) : آية 15]

ومشروب وملبوس فيه مقدمات كثيرة لو احتاج العبد الى مباشرتها بنفسه لعجز عن ذلك ومن سنة الله سبحانه حفظ كل لطيفة فى طى كل كثيفة كصيانة الودائع فى المواضع المجهولة ألا ترى انه جعل التراب الكثيف معدن الذهب والفضة وغيرهما من الجواهر والصدف معدن الدر والذباب معدن الشهد والدود معدن الحرير وكذا جعل قلب العبد محلا ومعدنا لمعرفته ومحبته وهو مضغة لحم فالقلب خلق لهذا لا لغيره فعلى العبد أن يطهره عن لوث التعلق بما سوى الله فان الله تعالى لطف به بايجاده ذلك القلب فى جوفه ووصف نفسه بانه لطيف خبير مطلع على ما فى الباطن فاذا كان هو المنظر الإلهي وجب تخليته عن الافكار والأغيار وتحليته بأنواع المعارف والعلوم والاسرار وتجليته بتجلى الله الملك العزيز الغفار بوجوه أسمائه وصفاته بل بعين ذاته نسأل الله تعالى نواله وأن يرينا جماله هُوَ وحده الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اى لمنافعكم الْأَرْضَ اختلفوا فى مبلغ الأرض وكميتها فروى عن مكحول انه قال ما بين أقصى الدنيا الى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك فى البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيها يأجوج ومأجوج وعشرون فيها سائر الخلق وعن قتادة انه قال الدنيا ان بسيطها من حيث يحيط بها البحر المحيط اربعة وعشرون الف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر الف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم والترك ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب الف فرسخ وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما انه قال ربع من لا يلبس الثياب من السودان اكثر من جميع الناس وقد خرج بطليموس مقدار قطر الأرض واستدارتها فى المجسطي بالتقريب وهو كتاب له يذكر فيه القواعد التي يتوسل بها فى اثبات الأوضاع الفلكية والارضية بأدلتها التفصيلية قال استدارة الأرض مائة الف وثمانون الف اسطاربوس وهى اربعة وعشرون الف ميل فتكون على هذا الحكم ثمانية آلاف فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة آلاف ذراع بالمكي والذراع ثلاثة أشبار وكل شبر اثنتا عشرة إصبعا والإصبع خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها الى بعض وعرض الشعيرة الواحدة ست شعرات من شعر بغل والاسطاربوس اربعمائة الف ذراع قال وغلظ الأرض وهو قطرها سبعة آلاف وستمائة وثلاثون ميلا يكون الفين وخمسمائة فرسخ وخمسة وأربعين فرسخا وثلثى فرسخ قال فبسيط الأرض كلها مائة واثنان وثلاثون الف الف وستمائة الف ميل فيكون مائتى الف وثمانية آلاف فرسخ قال صاحب الخريدة فان كان ذلك حقا فهو وحى من الحق او الهام وان كان قياسا واستدلالا فهو قريب ايضا من الحق واما قول قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني الذي يقطع على الغيب به انتهى ذَلُولًا اى لينة منقادة غاية الانقياد لما تفهمه صيغة المبالغة يسهل عليكم السلوك فيها لتتوصلوا الى ما ينفعكم وبالفارسية نرم ومنقادتا آسان باشد سير شما بران. ولو جعلها صخرة خشنة تعسر المشي عليها او جعلها لينة منبتة يمكن فيها حفر الآبار وشق العيون والأنهار وبناء الابنية وزرع الحبوب وغرس الأشجار ولو كانت صخرة صلبة لتعذر ذلك ولكانت حارة فى الصيف جدا وباردة فى الشتاء فلا تكون كفاتا للاحياء والأموات وايضا ثبتها بالجبال الراسيات كيلا

تتمايل وتنقل بأهلها ولو كانت مضطربة متمايلة لما كانت منقادة لنا فكانت على صورة الإنسان الكامل فى سكوتها وسكونها وكانت هى وحقائقها فى مقابلة القلم الأعلى والملائكة المهيمة والحاصل ان الله تعالى جعل الأرض بحيث ينتفع بها وقسمها الى سهول وجبال وبراري وبحار وانهار وعيون وملح وعذب وزرع وشجر وتراب وحجر ورمال ومدر وذات سباع وحيات وفارغة وغير ذلك بحكمته وقدرته قال سهل قدس سره خلق الله الأنفس ذلولا فمن أذلها بمخالفتها فقد نجاها من الفتن والبلاء والمحن ومن لم يذلها واتبعها أذلته نفسه وأهلكته يقال دابة ذلول بينة الذل او هو بالكسر اللين والانقياد وهو ضد الصعوبة فالذلول من كل شىء المنقاد الذي يذل لك وبالضم الهوان ضد العز قال الراغب الذل ما كان عن قهر يقال ذل يذر ذلا والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر يقال ذل يذل ذلا وجعلهما البيهقي فى تاج المصادر من الباب الثاني حيث قال فى ذلك الكتاب والباب الذل خورشدن والذل رام شدن. وكذا فى مختار الصحاح وجعل صاحب القاموس الذل ضد الصعوبة بالضم والكسر والذل بمعنى الهوان بالضم فقط والذلول فعول بمعنى الفاعل ولذا عرى عن علامة التأنيث مع ان الأرض مؤنث سماعى فَامْشُوا فِي مَناكِبِها الفاء لترتيب الأمر على الجعل المذكور وهو أمر اباحة عند بعض اى فاسلكوا فى جوانبها وخبر فى صورة الأمر عند آخرين اى تمشون فى أطرافها من حيث اى منكبى الرجل جانباه فشبه الجوانب بالمناكب وإذا مشوا وساروا فى جوانبها وأطرافها فقد احاطوا بها وحصل لهم الانتفاع بجميع ما فيها قال الراغب المنكب مجتمع ما بين العضد والكتف ومنه استعير للارض فى قوله فامشوا فى مناكبها كاستعارة الظهر لها فى قوله ما ترك على ظهرها انتهى او فى جبالها وشبهت بالمناكب من حيث الارتفاع وكان لبشر بن كعب سرية فقال لها ان أخبرتني ما مناكب الأرض فأنت حرة فقالت مناكبها جبالها فصارت حرة فأراد أن يتزوجها فسال أبا الدرداء رضى الله عنه فقال دع ما يريبك الى ما لا يريبك وهو مثل لفظ التذليل ومجاوزته الغاية اى تذليل البعير لا مطلقا كما فى حواشى سعدى المفتى فان منكب البعير ارق أعضائه وانباها عن أن يطاها الراكب بقدمه فاذا جعل الأرض فى الذل بحيث يتأتى المشي فى مناكبها لم يبق منها شىء لم يتذلل فخرج الجواب عن وجه تخصيص المشي فى الجبال على تقدير أن يراد بالمناكب الجبال لكن من الجبال ما يتعذر سلوكها كجبل السد بيننا وبين يأجوج ومأجوج ورد فى الحديث انه تزالق عليه الا رجل ولا تثبت ومنها ما يشق سلوكها وانما لم تعتبر لندرتها وقلتها وفى التأويلات النجمية هو الذي جعل لكم ارض البشرية ذلولا منقادة فخذوا من ارضها بقدر الحاجة من أعاليها وأسافلها من اللذات الجسمانية المباحة لكم بحكم الشرع لتقوية أبدانكم وتهيئة اسباب طاعاتكم وعباداتكم لئلا تضعف بالكلية وتكل عن العبادة وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ والتمسوا من نعم الله تعالى فيها من الحبوب والفواكه ونحوها والأمر ان كان امر اباحة فالرزق ما يكون حلالا وان كان خبرا فى صورة الأمر بمعنى تأكلون فيجوز أن

[سورة الملك (67) : الآيات 16 إلى 20]

يكون شاملا للحرام ايضا فانه من رزقه ايضا وان كان التناول منه حراما وَإِلَيْهِ اى الى الله وحده النُّشُورُ اى المرجع بعد البعث فبالغوا فى شكر نعمه يقال نشر الله الميت نشرا احياء بعد موته ونشر الميت بنفسه نشورا فهو يتعدى ولا يتعدى كرجعه رجعا ورجع بنفسه رجوعا الا ان الميت لا يحتى بنفسه بدون احياء الله إذ هو محال أَأَمِنْتُمْ آيا ايمن شديد اى مكذبان. وهو استفهام توبيخ فالهمزة الاولى استفهامية والثانية من نفس الكلمة مَنْ موصولة فِي السَّماءِ اى الملائكة الموكلين بتدبير هذا العالم او الله سبحانه على تأويل من فى السماء امره وقضاؤه وهو كقوله تعالى وهو الله فى السموات وفى الأرض وحقيقته ءامنتم خالق السماء ومالكها قال فى الاسئلة خص السماء بالذكر ليعلم ان الأصنام التي فى الأرض ليست بآلهة لا لانه تعالى فى جهة من الجهات لان ذلك من صفات الأجسام وأراد أنه فوق السماء والأرض فوقية القدرة والسلطنة لا فوقية الجهة انتهى على انه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبت فانظر ماذا ترى وكن مع اهل السنة من الورى كما فى الكبريت الأحمر للامام الشعراني قدس سره واما رفع الأيدي الى السماء فى الدعاء فلكونها محل البركات وقبلة الدعاء كما ان الكعبة قبلة الصلاة وجناب الله تعالى قبلة القلب ويجوز أن تكون الظرفية باعتبار زعم العرب حيث كانوا يزعمون انه تعالى فى السماء اىء أمنتم من تزعمون انه فى السماء وهو متعال عن المكان وفى فتح الرحمن هذا المحل من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ونؤمن به ولا نتعرض لمعناه ونكل العلم فيه الى الله قوله من فى السماء فى موضع النصب على انه مفعول أمنتم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون فى مناكبها وتأكلون من رزقه لكفرانكم تلك النعمة اى يقلبها ملتبسة بكم فيغيبكم فيها كما فعل بقارون وهو بدل اشتمال من من اى ءامنتم من فى السماء خسفه والباء للملابسة والخسف بزمين فرو بردن. والخسوف بزمين فرو شدن. والمشهور ان الباء فى مثل هذا الموضع للتعدية اى يدخلكم ويذهبكم فيها وبالفارسية فرو برد شما را بزمين. قال الجوهري خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض وخسف الله به الأرض خسفا غاب به فيها وفى القاموس ايضا خسف الله بفلان الأرض غيبه فيها فَإِذا هِيَ پس آنگاه زمين ا پس ز فرو بردن شما بوى تَمُورُ قال فى القاموس المور الاضطراب والجريان على وجه الأرض والتحرك اى تضطرب ذهابا ومجيئا على خلاف ما كانت عليه من الذل والاطمئنان وقال بعضهم فاذا الأرض تدور بكم الى الأرض السفلى وبعضهم تنكشف تارة للخوض فيها وتلتئم اخرى للتعذيب بها أَمْ أَمِنْتُمْ يا ايمن شديد. وهو انتقال الى التهديد بوجه آخر مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً اى حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط واصحاب الفيل اى أم أمنتم من فى السماء إرساله على ان قوله أن يرسل بدل من من ايضا والمعنى هل جعل لكم من هذين أمان وإذ لا أمان لكم منهما فمعنى تماديكم فى شرككم فَسَتَعْلَمُونَ عن قريب البتة كَيْفَ نَذِيرِ اى إنذاري عند مشاهدتكم للمنذربه أهو واقع أم لا أشديد أم ضعيف

[سورة الملك (67) : الآيات 18 إلى 19]

يعنى حين حققتم المنذر به تعلمون انه لا خلف لخبرى وان عذابى لشديد وانه لا دافع عنه ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ فالنذير وكذا النكير الآتي مصدر ان بمعنى الانذار والإنكار وأصلهما نذيرى ونكيرى بياء الاضافة فحذفت اكتفاء بكسر ما قبلها قال فى برهان القرآن خوفهم بالخسف اولا لكونهم على الأرض وانها اقرب إليهم من السماء ثم بالحاصب من السماء فلذلك جاء ثانيا. يقول الفقير أشارت الآية الاولى على ما ألهمت فى جوف الليل الى ان الاستتار تحت اللحاف وعدم النهوض الى الصلاة والمناجاة وقت السحر عقوبة من الله تعالى على اهل الغفلة كالخسف ولذا لما قام بعض العارفين متهجدا فأخذه البرد وبكى من العرى قيل له من قبل الله تعالى أقمناك وأنمناهم فتبكى علينا يعنى ان اقامتك وانامة الغافلين نعمة لك ونقحة لهم فاشكر عليها ولا تجزع من العرى فان بلاء العرى أهون من بلاء لغفلة واشارت الآية الثانية الى نزول المطر الشديد من السماء فانه ربما يمنع المتهجد عن القيام والاشتغال بالوضوء والطهارة فيكون غضبا فى صورة الرحمة فعلى العاقل أن لا يضيع الوقت ويغتنم الفراغ قبل الشغل أيقظنا الله وإياكم وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل كفار مكة من كفار الأمم السالفة كقوم نوح وعاد وأضرابهم والتفات الى الغيبة لابراز الاعراض عنهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري عليهم بانزال العذاب اى كان على غاية الهول والفظاعة وهذا مورد التأكيد القسمي لا تكذيبهم فقط وانكار الله تعالى على عبده ان يفعل به امرا صعبا وفعلا هائلا لا يعرف وفى الآية تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد لقومه أَوَلَمْ يَرَوْا اى اغفلوا ولم ينظروا إِلَى الطَّيْرِ فالرؤية بصرية لانها تتعدى بالى واما القلبية فتعديتها بفي والطير يطلق على جنس الطائر وهو كل ذى جناح يسبح فى الهولء اما لكون جمعه فى الأصل كركب وراكب او مصدره جعل اسما لجنسه فباعتبار تكثره فى المعنى وصف بصافات وفى المفردات انه جمع طائر فَوْقَهُمْ يجوز أن يكون ظرفا ليروا وأن يكون حالا من الطير أي كائنات خوقهم صافَّاتٍ حال من الطير والصف أن يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك ومفعول صافات وكذا يقبضن انما هو أجنحة الطير لا أنفسها والمعنى باسطات أجنحتهن فى الجو عند طيرانها فانهن إذا بسطنها صففن قوادمها صفا وقوادم الطير مقاديم ربشه وهى عشر فى كل جناح الواحدة قادمة وَيَقْبِضْنَ ويضممنها إذا ضربن بما جنوبهن حينا فحينا للاستظهار به على التحرك وهو الشر فى إيثار يقبضن الدال على تجدد القبض تارة بعد تارة على قابضات فان الطيران فى الهولء كالسباحة فى الماء فكما ان الأصل فى السباحة مد الأطراف وبسطها فكذا الأصل فى الطيران صف الاجنحة وبسطها والقبض انما يكون تارة بعد تارة للاستظهار المذكور كما فى السابح قال ابن الشيخ ويقبضن عطف على صافات لانه بمعنى وقابضات والا لما عطف الفعل على الاسم ما يُمْسِكُهُنَّ فى الجو وما يأخذهن عن السقوط عند الصف والقبض على خلاف مقتضى الطبع الجسماني فانه يقتضى الهبوط الى السفل إِلَّا الرَّحْمنُ الواسع رحمته كل شىء بأن برأهن على إشكال وخصائص وهيأهن للجرى فى الهواء إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ يعلم إبداع المبدعات وتدبير العجائب والبصير هو الذي يشاهد

[سورة الملك (67) : آية 20]

ويرى لا يعزب عنه ما تحت الثرى وهو فى حقه تعالى عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت المبصرات فالبصر صفة زائدة على علمه تعالى خلافا للقدرية فمن عرف هذه الصفة كان المراد به دوام المراقبة ومطالبة النفس بدقيق المحاسبة والمراقبة احدى ثمرات الايمان (حكى) ان بعض الملوك كان له عبد يقبل عليه اكثر مما يقبل على أمثاله ولم يكن احسن منهم صورة ولا اكثر منهم قيمة فكانوا يتعجبون من ذلك فركب الملك يوما الى الصحراء ومعه أصحابه وعبيده فنظر الى جبل بعيد عليه قطعة ثلج نظرة واحدة ثم اطرق فركض ذلك العبد فرسه من غير أن ينظر الملك أليه ولا أشار بشئ من ذلك ولم تعلم الجماعة لاى شىء ركض فرسه فمالبث الا ساعة حتى عاد ومعه شىء من الثلج فقيل له بم عرفت ان الملك أراد الثلج فقال لانه نظر اليه ونظر الملوك الى شىء لا يكون عبثا فقال الملك لهذا أقربه وأقدمه عليكم فانكم مشغولون بأنفسكم وهو مشغول بمراقبة أحوالي وفى التأويلات النجمية بشير الى طيران الأرواح العلوية المخلوقة قبل الأجساد بألفى عام الباسطات الاجنحة الرو- حانية القابضات القوادم الجسمانية من العوالم الهيولانية ما يمسكهن الا الرحمن المشتمل على الاسم الحفيظ وبه يمسكها فى جو سماء القدرة انه بكل شىء بصير يعلم كيف يخلق الأشياء الغريبة وكيف يدبر الأمور العجيبة أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ لصله أم من على ان أم منقطعة مقدرة ببل المفيدة للانتقال من توبيخهم على ترك التأمل فيما يشاهدونه من احوال الطير المنبئة عن تعاجيب آثار قدرة الله الى التبكيت بما ذكر والالتفات للتشديد فى ذلك والاستفهام متوجه الى تعيين الناظر لتبكيتهم بإظهار عجزهم عن تعيينه ولا سبيلى هنا الى تقدير الهمزة مع بل لان ما بعدها من الاستفهامية ولا يدخل الاستفهام على الاستفهام ومن مبتدأ وهذا خبره والموصول مع صلته صفته وإيثار هذا لتحقير المشار اليه وينصركم صفة لجند بالاعتبار لفظه والجند جمع معد للحرب والمعنى بل من هذا الحقير الذي هو فى زعمكم جند لكم وعسكر وعون من آلهتكم وغيرها ينصركم عند نزول العذاب والآفات متجاوزا نصر الرحمن فمن دون الرحمن حال من فاعل ينصركم ودون بمعنى غيرأ وينصركم نصرا كائنا من دون نصره تعالى على انه نعت المصدرة او ينصركم من عذاب كائن من عند الله على انه متعلق بينصركم وقد تجعل من موصولة مبتدأ وهذا مبتدأ ثانيا والموصول مع صلته خبره والجملة سلة من بتقدير القول وينصركم وأم منقطعة او متصلة والقرينة محذوفة بدلالة السياق على ان يكون المعنى الله الذي له هذه الأوصاف الكاملة والقدرة الشاملة ينصركم وينجيكم من الحسف والحصب ان أصابكم أم الذي يشار اليه ويقال فى حقه هذا الذي تزعمون انه جند لكم ينصركم من دون الله وإيثار الرحمن للدلالة على ان رحمة الله هى المنجية من عضبه لا غير قال القاشاني اى من يشار اليه ممن يستعان به من الأغيار حتى الجوارح والآلات والقوى وكل ما ينسب اليه التأثير والمعونة من الوسائط فيقال هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن فيرسل ما امسك من النعم الباطنة والظاهرة او يمسك ما أرسل من النعم المعنوية والصورية او يحصل لكم ما منع ولم يقدر لكم او يمنع ما أصابكم به وقدر عليكم

[سورة الملك (67) : الآيات 21 إلى 25]

إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ان نافية بمعنى ما اى ما هم فى زعمهم انهم محفوظون من- النوائب بحفظ آلهتهم لا بحفظه تعالى فقط او أن آلهتهم تحفظهم من بأس الله الا فى غرور عظيم وضلال فاحش من جهة الشيطان ليس لهم فى ذلك شىء يعتدبه فى الجملة والالتفات الى الغيبة للايذان باقتضاء حالهم الاعراض عنهم وبيان قبائحهم لغيرهم والإظهار فى موضع الإضمار لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ يعطيكم الرزق إِنْ أَمْسَكَ الرحمن وحبس رِزْقَهُ بامساك المطر ومباديه ولو كان الرزق موجودا او كثيرا وسهل التناول فوضع الاكلة فى فمه فأمسك الله عنه قوة الابتلاع عجز اهل السموات والأرض عن أن يسوغوه تلك اللقمة وإعرابه كاعراب ما سبق والمعنى على تقدير كون من موصولة الله الرزاق ذو القوة المتين يرزقكم أم الذي يقال فى حقه هذا الحقير المهين الذي تدعون انه يرزقكم قال بعض المفسرين كان الكفار يمتنعون عن الايمان ويعاندون الرسول عليه السلام معتمدين على شيئين أحدهما اعتمادهم بمالهم وعددهم والثاني اعتقادهم ان الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات وتدفع عنهم جميع الآفات فأبطل الله عليهم الاول بقوله أم من هذا الذي هو جند لكم إلخ ورد عليهم الثاني بقوله أم من هذا الذي يرزقكم إلخ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ منبئ عن مقدر يستدعيه المقام كأنه قيل اثر التبكيت والتعجيز لم يتأثروا بذلك ولم يذعنوا للحق بل لجوا وتمادوا فى عتو اى عناد واستكبار وطفيان ونفور اى شراد عن الحق وتباعد واعراض لمضادتهم الحق بالباطل الذي أقاموا عليه فاللجاج التمادي فى العناد فى تعاطى الفعل المزجور عنه والعتو والتجاوز عن الحد والنفور الفرار ففيه تحقير لهم واشارة الى انهم (حمر مستنفرة فرت من قسورة) يعنى گوييا ايشان خران وحشي اندر ميدكان كه كريخته باشند از شير يا از صياد يا ريسمان دام يا مردم تير انداز يا آوازهاى مختلف كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى إلخ مثل ضرب للمشرك والموحد توضيحا لحالهما والفاء لترتيب ذلك على ما ظهر من سوء حالهم وتقديم الهمزة عليها صورة انما هو لاقتضائها الصدارة واما بحسب المعنى فالامر بالعكس حتى لو كان مكان الهمزة هل لقيل فهل من يمشى مكبا والمكب الساقط على وجهه وحقيقته صار ذاكب ودخل فى الكب وكبه قليه وصرعه يعنى أسقطه على وجهه ولا يقال أكبه فان أكب لازم وعند صاحب القاموس لازم ومتعد ومكبا حال من فاعل يمشى والمعنى فمن يمشى وهو يعثر فى كل ساعة ويخر على وجهه فى كل خطوة لتوعر طريقه واختلال قواه أشد هداية ورشدا الى المقصد الذي يؤمه قال فى المناسبات لم يسم سبحانه لمشيانه طريقا لانه لا يستحق ذلك ولما كان ربما صادف السهل لا عن بصيرة بل عن اتفاق قال اهدى أَمَّنْ اى اهو اهدى أم من يَمْشِي سَوِيًّا اى قائما سالما من الخبط والعثار عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ مستوى الاجزاء لا عوج فيه ولا انحراف وقيل المكب كناية عن الأعمى لانه لا يهتدى الى الطريق فيتعسف يعنى بي راه ميرود فيلزمه ان يكب على وجهه بخلاف البصير السوي

[سورة الملك (67) : آية 23]

فرقست ميان آنكه از روى يقين ... با ديده بينا رود اندر ره دين با آنكه دو چشم بسته بي دست كسى ... هر كوشه همى رود بظن وتخمين وقال قتادة هو الكافر أكب على معاصى الله فى الدنيا فحشره الله على وجهه الى النار فى العقبى والمؤمن استقام على امر الله فى الدنيا فحشره الله على قدميه الى الجنة فى الآخرة وقيل للنبى عليه السلام وكيف يمشون على وجوهم قال ان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوهم وفيه اشارة الى ان الله تعالى يظهر للانسان يوم القيامة ما ابطن اليوم خيرا او شرا سيرتى كاندر وجودت غالبست ... هم بران تصوير حشرت واجبست قال القاشاني أفمن يمشى منتكسا بالتوجه الى الجهة السفلية والمحبة للملاذ الحسية والانجذاب الى الأمور الطبيعية أهدى أم من يمشى مستويا منتصبا على صراط التوحيد الموصوف بالاستقامة التامة التي لا توصف فالجاهل المحجوب الطالب للدنيا المعرض عن المولى الأعمى عن طريق الحق مكبوب على وجه الخجلة بواسطة ظلمة الغفلة والعارف المحقق التارك للدنيا المقبل على المولى المبصر البصير لطريق الحق ماش سويا بالظاهر والباطن على طريق التوحيد الذي لا فيه امت ولا عوج قُلْ يا أفضل الخلق هُوَ تعالى وحده الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ايها الكفار كما دل عليه السباق والسياق ويندج فيه الإنسان الغافل ايضا اى انشأكم إنشاء بريعا قابلا لجمع جميع الحقائق الالهية والكيانية وابتدأ خلقكم على احسن خلق بأن صوركم فأحسن صوركم وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ واعطى لكم الاذن لتسمعوا آيات الله وتعملوا بموجبها بل لتسمعوا الخطابات الغيبية من ألسنة الموجودات بأسرها فانها كلها تنطق نطق الإنسان كما قال الله تعالى وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم قيل لبرز جمهر من أكمل الناس قال من لم يجعل سمعه غرضا للفحشاء وقدم السمع لانه شرط النبوة ولذلك ما بعث الله رسولا أصم ولان فوائد السمع أقوى بالنسبة الى العوام وان كانت فوائد البصر أعلى بالنسبة الى الخواص ولان السمع مرتبة الخطاب عند انفتاح باب القلب والبصر مرتبة الرؤية ولا شك ان مرتبة الخطاب اقدم بالنسبة الى مرتبة الرؤية لان مرتبة الرؤية هى مرتبة التجلي فهى نهاية الأمر ألا ترى انه عليه السلام سمع قبل النبوة صوت اسرافيل ولم ير شخصه واما بعدها فقد رأى جميع الملائكة وأم لهم ليلة المعراج عند السدرة بل ورأى الله تعالى بلا كيف فترقى من مرتبة الخطاب التي هى مرتبة الوحى الى مرتبة التجلي التي هى مرتبة الموحى وَالْأَبْصارَ لننظيروا بها الى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله تعالى ولتبصروا جميع مظاهره تعالى فى غاية الكمال ونهاية الإتقان وَالْأَفْئِدَةَ لتتفكروا بها فيما تسمعونه وتشاهدونه من الآيات التنزيلية والتكوينية وترتقوا فى معارج الايمان والطاعة بل لتقبلوا بها الواردات القلبية والإلهامات الغيبية قال فى القاموس التفؤد التحرق والتوقد ومنه الفؤاد للقلب مذكر والجمع افئدة انتهى وخص هذه الثلاثة بالذكر لان العلوم والمعارف بها تحصل كما فى كشف الاسرار ولان القلب كالحوض حيث ينصب اليه ما حصل من طريق السمع والبصر قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ

[سورة الملك (67) : الآيات 24 إلى 25]

اى باستعمالها فيما خلت لاجله من الأمور المذكورة وقليلا نعت لمحذوف وما مزيدة لتأكيد القلة اى شكرا قليلا او زمانا قليلا تشكرون وقيل القلة عبارة عن العدم قال سعدى المفتى القلة بمعنى النفي ان كان الخطاب للكفرة او بمعناها المعروف ان كان للكل يقال قلما افعل كذا اى لا أفعله قال بعضى العارفين لو عشت ألف عام ... فى سجدة لربى شكر الفضل يوم ... لم اقض بالتمام والعام ألف شهر ... والشهر ألف يوم واليوم ألف حين ... والحين ألف عام قال بعضهم من وظائف السمع فى الشكر التعلم من العلماء والحكماء والإصغاء الى الموعظة ونصح العقلاء والتقليد لاهل الحق والصواب ورد اقوال اهل البدعة والهوى ومن وظائف الابصار فيه النظر الى المصاحف وكتب الدين ومعابد المؤمنين ومسالك المسلمين والى وجوه العلماء والصالحين والفقراء والمساكين بعين الرحمة والتفات المحسنين الى المصنوعات ونظر اصحاب اليقين وارباب الشوق والذوق والحنين الى غير ذلك مما فيه خير زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نكرداندش حق شناس كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فروگير ودوست بهايم خموشنده وكويا بشر ... پراكنده كوى از بهايم بتر بنطق است وعقل آدمي زاده فاش ... چوطوطى سخن كوى ونادان مباش ببد كفتن خلق چون دم زدى ... اگر راست كويى سخن هم بدى ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روز پسين سر بر آرى بهيچ ومن وظائف الافئدة الفكر فى جلال الله وكماله وجماله ونواله والخوف والرجاء منه والمحبة له والاشتياق الى لقائه والمحبة لانبيائه وأوليائه والبغض لاعدائه والنظر فى المسائل والدلائل والاهتمام فى حوائج العيال ونحو ذلك مما فيه فائدة صيقلى كن دلت بنور جمال ... تا كه حاصل شود جميع كمال قُلْ يا أكمل الخلق هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ اى حلقكم وكثركم فيها لا غيره من الذرء وهو بالفارسية آفريدن قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين وَإِلَيْهِ تعالى لا الى غيره اشتراكا او استقلالا تُحْشَرُونَ حشرا جسمانيا اى تجمعون وتبعثون للحساب والجزاء شيأ فشيأ الى البرزخ دفعة واحدة يوم البعث فابنوا أموركم على ذلك ختم الآية بقوله واليه تحشرون فبين ان جميع الدلائل المذكورة انما كان لاثبات هذا المطلوب وَيَقُولُونَ من فرط عنادهم واستكبارهم او بطريق الاستهزاء كما دل عليه هذا فى قوله مَتى هذَا الْوَعْدُ اى الحشر الموعود كما ينبئ عنه قوله تعالى واليه تحشرون فالوعد بمعنى الموعود والمشار اليه الحشر وقيل ما حو فوابه من الخسف والحاصب واختيار لفظ المستقبل اما لان المقصود بيان ما يوجد من الكفار

[سورة الملك (67) : الآيات 26 إلى 30]

من هذا القول فى المستقبل واما لان المعنى وكانوا يقولون إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يخاطبون به النبي والمؤمنين حيث كانوا مشاركين له عليه السلام فى الوعد وتلاوة الآيات المتضمنة له وجواب الشرط محذوف اى ان كنتم صادقين فيما تخبرونه من مجيئ الساعة والحشر فبينوا وقته قُلْ يا اعلم الخلق إِنَّمَا الْعِلْمُ بوقته عِنْدَ اللَّهِ الذي قدر الأشياء ودبر الأمور لا يطلع عليه غيره وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ مخوف ظاهر بلغة تعرفونها ومظهر للحق كاشف عن الواقع أنذركم وقوع الموعود لا محالة واما العلم بوقت وقوعه فليس من وظائف الانذار قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه أخفى الله علمه فى عباده وعن عباده وكل يتبع امره على جهة الاشتباه لا يعلم ما سبق له وبماذا يختم له وذلك قوله تعالى قل انما إلخ فَلَمَّا رَأَوْهُ الفاء فصيحة معربة عن تقدير جملتين وترييب الشرطية عليهما كأنه قيل وقد أتاهم الموعود فرأوه اى رؤية بصرية فلما رأوه نزل الأمر الغير الواقع منزلة الواقع لتحققه زُلْفَةً حال من مفعول رأو الان رأى من رؤية البصر كما أشير اليه آنفا اما بتقدير المضاف اى ذا زلفة وقرب او على انه مصدر بمعنى الفاعل اى مزدلفا وقرب الحشر هو قرب ما أعد لهم فيه سِيئَتْ بد كردد وزشت شود وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بأن غشيتها الكآبة ورهقها القتر والذلة وخص الوجوه بالذكر لان الوجه هو الذي يظهر عليه اثر المسرة والمساءة ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر وتعليل المساءة به واصل الكلام ساءت رؤية الموعود وجوههم فكانت كوجه من يقاد الى القتل او يعرض على بعض العذاب والسياءة من ساءه الشيء يسوءه سوأ ومساءة نقيض سره كما فى تاج المصادر السوء غمكين كردن. ثم بنى للمفعول وفى القاموس ساءه فعل به ما يكره فيكون متعديا ويجوز ان يكون لازما بمعنى قبح ومنه ساء مثلا وسيئ إذا قبح قال بعض المفسرين واهل اللغة ومنه الآية فالفعل فى الحقيقة مسند الى اصحاب الوجوه بمعنى ساءوا وقبحوا قال بعضهم المحجوبين مع اعترافهم بالابداء منكرون للاعادة فلا جرم يسوء وجوههم رؤية ما ينكرونه وتعلوها الكآبة ويأتيهم من العذاب الأليم ما لا يدخل تحت الوصف وَقِيلَ توبيخا لهم وتشديدا لعذابهم بالنار الروحانية قبل الإحراق بالنار الجسمانية والقائلون الزبانية وإيراد المجحول لكون المراد بيان المقول لا بيان القائل هذَا مبتدأ أشير به الى ما رأوه زلفة وخبره قوله الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ اى تطلبونه فى الدنيا وتستعجلونه إنكارا واستهزاء على انه تفتعلون من الدعاء والباء على هذا صلة الفعل يقال دعا بكذا إذا استدعاه وقيل هو من الدعوى اى كنتم بسبب ذكر النبي عليه السلام والمؤمنين العذاب لكم يوم القيامة تدعون ان لا بعث ولا حشر ولا عذاب فالباء للسببية ويجوز ان تكون للملابسة وعن بعض الزهاد انه تلاها فى أول الليلة فى صلاته فبقى يكررها وهو يبكى الى أن نودى لصلاة الفجر هذه معاملة العارفين بجلال الله مع الله عند ملاحظة جبروته وقهره قُلْ يا خير الخلق أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني خبرا أنتم فى الوثوق به على ما هو كالرؤية قال بعضهم لما كانت الرؤية سببا للاخبار عبربها عنه وقال بعضهم لما كان الاخبار قويا بالرؤية شاع أرأيت فى معنى اخبر إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ اى أماتني

[سورة الملك (67) : الآيات 29 إلى 30]

والتعبير عنه بالإهلاك لما كانوا يدعون عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنون بالهلاك ويتر بصون به ريب المنون ويقولون ان امر محمد لا يتم ولا يبقى بل يزول عن قريب وَمَنْ مَعِيَ من المؤمنين وحصل مقصودكم أَوْ رَحِمَنا بتأخير آجالنا وحصل مقصودنا فنحن فى جوار رحمته متربصون لاحدى الحسنيين اما أن نهلك فننقلب الى الجنة او نرحم بالنصرة والادالة للاسلام كما نرجو فانتم ما تصنعون واى راحة لكم فى موتنا واى منفعة وغايتكم الى العذاب كما قال تعالى فَمَنْ بس كيست آنكه او يُجِيرُ ينجى ويخلص قال فى تهذيب المصادر الاجارة زينهار دادن. وفى القاموس اجاره أنقذه وأعاذه الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ مؤلم شديد الا؟؟؟ يلرلام اى لا ينجيكم منه أحد إذا نزل بكم سوآء متنا او بقينا انما النجاة بالايمان والعمل الصالح ووضع الكافرين موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالكفر وتعليل نفى الانجاء به وقال بعضهم كيف قال ان أهلكني الله إلخ بعد ان علم انه تعالى لا يهلك الأنبياء والمؤمنين قلت فيه مبالغة فى التخويف كأنه قيل نحن معاشر الأنبياء والمؤمنين نخاف الله أن يأخذنا بذنوبنا فمن يمنعكم من عذابه وأنتم كافرون وكيف لا تخافون وأنتم بهذه المثابة من الاجرام فيكون معنى أهلكنا عذبنا بعذاب ومعنى رحمنا غفر لنا كما فى الجلالين قُلْ يا اشفق الخلق هُوَ الرَّحْمنُ اى الذي أدعوكم الى عبادته مولى النعم كلها وموصلحا آمَنَّا بِهِ وحده لما علمنا ان كل ما سواه فاما نعمة او منعم عليه ولم نكفر به كما كفرتم على ان يكون وقوع آمنا مقدما على به تعريضا للكفار حيث ورد عقيب ذكرهم وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فوضنا أمورنا لا على غيره أصلا كما فعلتم أنتم حيث توكلتم على رجالكم وأموالكم لعلمنا بأن ما عداه كائنا ما كان بمعزل من النفع والضر فوقوع عليه مقدما يدل على الاختصاص فَسَتَعْلَمُونَ يا كفار مكة عن قريب البتة عند معاينة العذاب مَنْ استفهامية او موصولة هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ منا ومنكم اى خطأ ظاهر وفى التأويلات النجمية وعلى فيضة الأتم ولطفه الأعم توكلنا بكليتنا لا على غيره فستعلمون من هو فى ضلال مبين اى من توجه اليه بالاستفاضة منها او من اعرض عنه بالإنكار له قُلْ يا أكرم الخلق أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني إِنْ أَصْبَحَ اگر كردد. فهو بمعنى صار ماؤُكُمْ وكان ماء اهل مكة من بئرين بئر زمزم وبئر ميمون الحضرمي غَوْراً خبر أصبح وهو مصدر وصف به اى غائرا فى الأرض بالكلية ذاهبا ونازلا فيها وقيل بحيث لا تناله الدلاء ولا يمكن لكم نيله بنوع حيلة كما يدل عليه الوصف بالمصدر وبالفارسية فرو رفته بزمين چنانكه دست ودلو بدان نرسد. يقال غار الماء نضب والنضوب فرود شدن آب در زمين وفى المفردات الغور المنهبط من الأرض فَمَنْ يَأْتِيكُمْ على ضعفكم حينئذ بِماءٍ مَعِينٍ جار وبالفارسية پس كيست آنكه بيارد براى شما آب جارى. من عان الماء او معن كلاهما بمعنى جرى او ظاهر للعيون سهل المأخذ يعنى تناله الأيدي فهو على هذا اسم مفعول من العين بمعنى الباصرة كمبيع من البيع لعل تكرير الأمر بقل لتأكيد المقول وتنشيط المقول له فان قلت كيف خص ذكر النعمة بالماء من بين سائد نعمه قلت لان الماء أهون

موجود وأعز مفقود كما فى الاسئلة المقحمة. ودر آثار آمده كه بعد از تلاوت اين آيت بايد كفت كه الله رب العالمين در تفسير زاهدى رحمه الله مذكور است كه زنديقى شنيد كه معلمى شاكرد خود را تلقين مى كرد فمن يأتيكم بماء معين واو جواب داد كه يأتى به المعول والمعين قال فى القاموس المعول كمنبر الحديدة تنقربها الجبال انتهى شبانه نابينا شد هاتفى وهو من يسمع صوته ولا يرى شخصه آواز داد كه اينك كه آب چشمه چشم تو غائر شد بگو تا بمعول ومعين باز آرند نعوذ بالله من الجراءة على الله وبيناته وترك حرمة القرآن وآياته وانما عوقب بذهاب ماء عينيه لان الجزاء من جنس العمل وفى المثنوى فلسفئ منطقئ مستهان ... مى كذشت از سوى مكتب آن زمان چونكه بشنيد آيت او از ناپسند ... كفت ما آريم آبى بر بلند تا بزخم بيل وتيزئ تبر ... آب را آريم از پستى زبر شب بخفت وديد او يك شير مرد ... زد طبانچهـ هر دو چشمش كور كرد كفت هان زين چشمه چشم اى شقى ... با تبر نورى بر آر ار صادقى روز برجست ودو چشمش كور ديد ... نور فائض از دو چشمش نابديد وفى الحديث سورة من كتاب الله ما هى الا ثلاثون ايت شفعت لرجل فأخرجته يوم القيامه من النار وأدخلته الجنة وهى سورة تبارك قال فى التيسير هى ثلاثون آية وثلاثمائة وثلاث وثلاثون كلمة والف وثلاثمائة واحد وعشرون حرفا وفى حديث اخر وددت ان تبارك الذي بيده الملك فى قلب كل مؤمن وكان عليه السلام لا ينام حتى يقرأ سورة الملك والم تنزيل السجدة وقال على رضى الله عنه من قرأها يجيئ يوم القيامة على أجنحة الملائكة وله وجد فى الحسن كوجه يوسف عليه السلام وعن ابن عباس رضى الله عنهما ضرب بعض الصحابة خباءه على قبر وهو لا يشعر أنه قبر فاذا فيه انسان يقرأ سورة الملك فأتى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله ضربت خبائى على قبر وأنا لا اعلم انه قبر فاذا انسان يقرأ سورة الملك فقال عليه السلام هى المانعة اى من عذاب الله تعالى هى المنجية تنجيه من عذاب القبر وكانو يسمونها على عهد رسول الله عليه السلام المنجية وكانت تسمى فى التوراة المانعة وفى الإنجيل الواقية قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤتى الرجل فى قبره من قبل رأسه فيقال ليس لكم عليه سبيل انه كان يقرأ على رأسه سورة الملك فيؤتى من قبل رجيله فيقال ليس لكم عليه سبيل انه كان يقوم فيقرأ سورة الملك فيؤتى من قبل جوفه فيقال ليس لكم عليه سبيل انه وعى سورة الملك اى حفظها وأودعها فى جوفه وبطنه من قرأها فى ليلة او يوم فقد اكثر وأطاب. يقول الفقير سورة الملك عند اهل الحقائق هى سورة المام الذي يلى يسار- القطب وينظر الى عالم الشهادة واليه الإشارة بقوله ملك الناس فسر هذه السورة فى أولها كما ان سر يس فى آخرها وهو قوله تعالى فسبحان الذي إلخ ولذا تقرأ عند المحتضر لان

وقت الموت قبض الملكوت الذي هو الروح وهو بيده تعالى بقي الكلام فى قراءة الموتى فى قبورهم وهل يصلون وهل يتعلمون العلم بعد الموت فدل حديث ابن عباس رضى الله عنهما على القراءة وكذا ما اخرج السيوطي رحمه الله عن عكرمة رضى الله عنه انه قال يعطى المؤمن مصحفا يقرأ فى القبر واخرج عن سعيد بن جبير رحمه الله انه رأى بعينه ثابتا البناني رحمه الله يصلى فى قبره حين سقطت لبنة من قبره وكانوا يستمعون القرآن كثيرا من قبره واخرج عنه الحسن البصري قدس سره انه قال بلغني ان المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن امر حفظته ان يعلموه القرآن فى قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة مع اهله وذكر اليافعي رحمه الله ان مالك بن دينار ماتت له قبل توبته بنت لها سنتان فرآها فى المنام وهى تقول له يا أبت الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله فبكى وقال يا بنية وأنتم تعرفون القرآن فقالت يا أبت نحن اعرف به منكم فكان ذلك سبب توبته ونقل الامام الشعراني فى كتاب الجواهر له عن بعض اهل الله انه قال من اهل البرزخ من يخلق الله تعالى من همتهم من يعمل فى قبورهم بغالب أعمالهم فى الدنيا ويكتب الله لعبده ثواب ذلك العمل الى آخر البرزخ كما وقع لثابت البناني رحمه الله فانهم وجدوا فى قبره شخصا على صورته يصلى فظنوا انه هو وانما هو مخلوق من همته وكذلك المثالات المتخيلة فى صور اهل البرازخ لاهل الدنيا فى النوم واليقظة فاذا رؤى مثال أحدهم فهو إما ملك خلقه الله تعالى من همة ذلك الولي واما مثال اقامه الله تعالى على صورة لتنفيذ ما شاء الله تعالى من حوائج الناس وغيرها فأرواح الأولياء فى البرزخ مالها خروج منه ابدا واما أرواح الأنبياء عليهم السلام فانها مشرفة على وجود الدنيا والآخرة انتهى. وقال السيوطي رحمه الله نقلا عن بعض المحققين ان رسول الله عليه السلام رأى ليلة المعراج موسى عليه السلام قائما يصلى فى قبره ويرد على المسلم عليه وهو فى الرفيق الأعلى ولا تنافى بين الامرين فان شأن الأرواح غير شأن الأبدان وقد مثل بعضهم بالشمس فى السماء وشعاعها فى الأرض كالروح المحمدي يرد على من يصلى عليه عند قبره دائما مع القطع بأن روحه فى أعلى عليين وهو لا ينفك عن قبره كما ورد عنه قال الامام الغزالي رحمه الله تعالى والرسول عليه السلام له الخيار فى طواف العوالم مع أرواح الصحابة رضى الله عنهم لقد رآه كثير من الأولياء وقال صدر الدين القنوى قدس سره فمن ثبتت المناسبة بينه وبين الأرواح الكمل من الأنبياء والأولياء الماضين اجتمع بهم متى شاء وتوجه توجها وجدانيا يقظة ومناما انتهى تمت سورة الملك بعونه تعالى فى غرة شعبان المبارك من شهور سنة ست عشرة ومائة وألف

تفسير سورة ن

تفسير سورة ن مكية وآيها ثنتان وخمسون بالاتفاق بسم الله الرحمن الرحيم ن اى هذه سورة ن او بحق ن وهى هذه السورة اقسم الله بها على سبيل التأكيد فى اثبات الحكم على ما عليه عادة الخلق مع ما فيه من بيان عظم شأن المقسم به والا فكما انه تعالى لا يليق القسم بشانه العالي فكذا لا يصح لغيره ان يكون مقسما به والنون حرف واحد فى الكتابة وثلاثة أحرف فى التلفظ وقد قال عليه السلام من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف أراد عليه السلام بالحرف ما يتهجى به فيرجى أن يعطى الله بلفظ ن ثلاثين حسنة لانه مشتمل فى التلفظ على نونين بينهما واو وقال بعضهم هو مفتاح اسم النور والناصر أو قسم بنصرة الله المؤمنين اعتبارا بقوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقال سهل قدس سره النون اسم من اسماء الله تعالى وذلك انه إذا اجتمعت أوائل هذه السور الثلاث الر وحم ون يكون الرحمن وقيل فيه إنه اسم من اسماء النبي عليه السلام كما فى التكملة لعل هذه القائل أشار الى قوله عليه السلام أول ما خلق الله نورى فيكون النور اسمه عليه السلام فان قلت فيلزم التكرار لان القلم أيضا من أسمائه كما قال أول ما خلق الله القلم قلت التغاير فى العنوان بمنزلة التغاير فى الذات فسمى عليه السلام باعتبار نورانيته نورا وباعتبار انه صاحب القلم قلما كما سمى خالدين وليد رضى الله عنه سيف الله المسلول لكونه صاحب سيف وقال بعضهم هو لوح من نور أو اسم نهر فى الجنة (وفى المفردات) النون الحوت العظيم ولذا قال عكرمة فى الآية اقسم الله بالحوت الذي لطخ سهم نمرود بدمه لان نمرود لما رمى السهم نحو السماء عاد السهم مختضبا بدم سمكة فى بحر معلق فى الهولء فأكرم الله ذلك الحوت بأن اقسم به وأحل جنسه من غير ذكاة فانه لا يحل الا ميتتان السمك والجراد وفى معناهما ما يستحيل من الاطعمة كدود الفتاح والجبن فان الاحتراز عنهما غير ممكن فاما إذا أفردت وأكلت فحكمها حكم الذباب والخنفساء والعقرب وكل ما ليس له نفس سائلة ولا سبب فى تحريمه الا الاستقذار ولو لم يكن لكان لا يكرء وان وجد شخص لا يستقذره لا يلتفت الى خصوص طبعه فانه التحق بالخبائث لعموم الاستقذار فيكره أكله كما لو جمع المخاط وشربه كره كما فى الاحياء يقال لو أريد به معنى الحوت كانت المناسبة بين المتعاطفين كما فى ما بين كم الخليفة والف باذنجانة. يقول الفقير المناسبة بينهما خفية لا يدركها الا اهل الحقائق وهى ان كبد الحوت غذآء اهل الجنة قبل كل شىء فيجدون بعد أكله حياة ابدية فى أبدانهم كما ان القلم يكتب به من العلوم ما فيه حياة باقية لارواحهم ولذا سمى جبريل روحا لانه كان يجيئ بالوحى الذي هو سبب لحياة القلوب والأرواح فيكون ن والقلم كالماء والعلم ولا شك فى ثبوت المناسبة التامة بينهما فالقياس الذي ذكره القائل باطل وقائل الباطل جاهل وقال بعضهم هو اسم الحوت الذي احتبس يونس عليه السلام فى بطنه ولذا سماء الله تعالى ذا النون وقال بعضهم هو الحوت الذي على ظهره الأرض وهو فى

بحر تحت الأرض السفلى اسمه ليوثا او يهموت بالياء المثناة التحتانية وفى عين المعاني لوثيا او برهوت كما قال على رضى الله عنه مالى أراكم كلكم سكوتا ... والله ربى خلق البر هوتا (روى) ان الله تعالى لما خلق الأرض كانت تتكفأ كما تتكفأ السفينة اى تضطرب وتميل فبعث الله ملكا فهبط حتى دخل تحت الأرض فوضعها على كاهله وهو كصاحب ما بين الكتفين ثم اخرج يديه إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب ثم قبض على الأرضين السبع فضبطها فاستقرت فلم يكن لقدمى الملك قرار فأهبط الله ثورا من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون الف قائمة فجعل قرار قدمى الملك على سنامه فلم تستقر قدماه على سنامه فبعث الله ياقوتة خضرآء من الجنة غلظها مسيرة كذا الف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدما الملك وقرون الثور خارجة من أقطار الأرض مشبكة الى تحت العرش ومنخر الثور فى ثقبين من تلك الياقوتة الخضراء تحت البحر فهو يتنفس فى اليوم نفسين فاذا تنفس مد البحر وإذا رد النفس جزر البحر وهو ضد مد ولم يكن لقوائمه قرار فخلق الله كمكاما من الرمل كغلظ سبع سموات وسبع ارضين فاستقر عليه قوائم الثور ثم لم يكن للكمكام مستقر فخلق الله حوتا يقال له برهو فوضع الكمكام على وبر الحوت والوبر الجناح الذي يكون فى وسط ظهره وذلك مزموم بسلسلة من القدرة كغلظ السموات والأرض مرار وانتهى إبليس لعنه الله الى ذلك الحوت فقال له ما خلق الله خلقا أعظم منك فلم لا تزيل الدنيا عن ظهرك فهم بشئ من ذلك فسلط الله عليه بقة فى انفه فشغلته وفى رواية بعث الله دابة فدحلت منخره فوصلت الى دماغه فعج الحوت الى الله تعالى منها فاذن لها فخرجت قال كعب فو الله الذي نفسى بيده انه لينظر إليها وانها لتنظر اليه ان هم بشئ من ذلك عادت كما كانت قبل وأنبت الله من تلك الياقوتة جبل قاف وهو من زمردة وله رأس ووجه وأسنان وأنبت من جبل قاف الجبال الشواهق كما نبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذلك لا يؤثر فى البحار زيادة فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة وزعم قوم ان الأرض على الماء والماء على الصخرة على سنام الثور والثور على كمكام من الرمل متلبدا والكمكام على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم الريح على حجاب من ظلمة والظلمة على الثرى وقد انتهى علم الخلائق الى الثرى ولا يعلم ما ورلء ذلك أحد الا الله الذي له ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وهذه الاخبار مما تزيد المرء بصيرة فى دينه وتعظيما لقدرة ربه وتحيرا فى عجائب خلقه فان صحت فما خلقها على الصانع القدير بعزيز وان تكن من اختراع اهل الكتاب وتنميق القصاص فكلها تمثيل وتشبيه ليس بمنكر كذا فى خريدة العجائب (وقال فى كشف الاسرار) بعض مفسران كفتند ماهيست بر آب زير هفت طبقه زمين ماهى از كرانئ بار زمين خم در خم كرديد بر مثال نون شد شكم بآب فرو برده وسر از مشرق بر آورده وذنب از مغرب وخواست كه از كران بارى بنالد جبريل بانك بروى زد چنان بترسيد كه كران بارئ زمين فراموش كرد وتا

بقيامت نيارد كه بجنبد ماهى چون بار برداشت ونناليد رب العالمين او را دو تشريف داد يكى آنكه بدو قسم ياد كرد محل قسم خداوند جهان كشت ديكر تشريف آنست كه كارد از حلق او برداشت همه جانوران را بكارد ذبح كنند واو را نكنند تا عالميان بدانند كه هر كه بار كشد رنج او ضايع نكنند اى جوانمرد اگر ماهى بار زمين كشيد بنده مؤمن بار امانت مولى كشيد كه وحملها الإنسان ماهى كه بار زمين برداشت از كار در عقوبت ايمن كشت چهـ عجب كه اگر مؤمن بار امانت برداشت از كارد قطيعت ايمن كردد وَالْقَلَمِ هو ما يكتب به والواو وللقسم على التقدير الاول وللعطف على الثاني والمراد قلم اللوح كما جاء فى الخبران أول ما خلق الله القلم ونظر اليه فانشق بنصفين ثم قال له اجر بما هو كائن الى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ بذلك من الآجال والأعمال والأرزاق وهو القدر الذي يجب ان يؤمن بخيره وشره ثم ختم على القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والأرض وبعد ما خلق القلم خلق النون اى السمكة فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات واضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال وان الجبال لتفخر على الأرض الى يوم القيامة وقد عرفت المناسبة بين القلم وبين النون بمعنى السمكة وفى رواية الواحدي فى الوسيط أول چيزى كه خداى تعالى بيافريد قلم بود پس نون را بيافريد وآن دواتست وقلم از ان دوات نوشت آنچهـ بود وهست وباشد وبرين تقدير خداى تعالى قسم فرمود بدوات بقلم أعلى كه از نورست كما فى تفسير الكاشفى. وفى القاموس النون من حروف الزيادة والدواة والحوت انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالقلم قلم الكرام الكاتبين او جنس القلم اقسم الله بالدواة والقلم لكثرة منافعهما وعظم فوائدهما فان التفاهم بالنطق والبيان انما يكون بين الحاضرين واما بالنسبة الى من غاب وبعد من اهل عصر واحد ومن اهل الزمان الآتي فانما يكون بالكتابة كما قال بعضهم البيان اثنان بيان لسان وبيان بنان ومن فضل بيان البنان ان ما تثبة الأقلام باق على الأيام وبيان اللسان تدرسه الأعوام ولو لم يكن للقلم مزية سوى كونه آلة لتحرير كتب الله لكفى به فضلا موجبا لتعظيمه ومن تعظيمه تعظيم برايته فتوضع حيث لا تطأها الاقدام والا أورثت الآلام وعن بعض الحكماء قوام امور الدين والدنيا بشيئين القلم والسيف والسيف تحت القلم لولا القلم اما قام دين ولا صلح عيش قال بعضهم ان يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم كذا قضى الله للاقلام مذبريت ... ان السيوف لها مذأر هفت خدم وقال بعضهم. إذا اقسم الابطال يوما بسيفهم ... وعدوه مما يجلب المجد والكرم كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة ... مدى الدهر ان الله اقسم بالقلم وَما يَسْطُرُونَ ما موصولة والعائد محذوف والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف وسطر فلان كذا اى كتبه سطر اسطرا وضمير الجمع لاصحاب

القلم المدلول عليه بذكره والمعنى بالفارسية وديكر سوكند ياد فرمود بآنچهـ اصحاب قلم از آسمانيان وزمينيان مى نويسند از كتاب وكلام در تبيان از ابن هيضم رحمه الله نقل فرمود كه نون دهنست وقلم زبان وما يسطرون آنچهـ حفظه بر بنده مى نويسند حق تعالى بدينها سوكند فرموده. قال بعض العارفين النون نون الذات والقلم قلم الصفات وما يسطرون هى الافعال والشؤون الالهية يكتبونها على لوح القدرة والارادة حرفا حرفا. يقول الفقير فيه اشارة الى ان نون الجمع الذاتي اى دواته وهو أصل كتاب الوجود الذي هو أم الكتاب سمى بالنون لكونه مجتمع مداد مواد نقوش العالم وان شئت قلت الى نون النقطة التي هى مرتبة الاحدية وقد كان الامام على رضى الله عنه يقول فى خطبته على رؤوس الاشهاد انا نقطة باء بسم الله الذي فرطتم فيه أنا القلم وأنا اللوح المحفوظ وانا العرش وأنا الكرسي وانا السموات السبع والأرضون فاذا صحا وارتفع عنه تجلى الوحدة أثناء الخطبة يشرع معتذرا ويقر بعبوديته وضعفه وانقهاره تحت الاحكام الالهية وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة ن الى العلم الإجمالي المندمج فى الاحدية الذاتية الجمعية وبالقلم الى العلم التفصيلي فى الوحدة الاسمائية وانما نسبنا الإجمالي الروحي الى ن والتفصيلي القلبي الى القلم لان هذه الدواة مشتملة بما فى بطنها على جميع الحروف المجردة والكلمات المركبة اشتمال النواة على الشجرة واندماج الشجرة المفصلة فى النواة المجملة فبا لقلم يسطر على لوح القلب بالتفصيل كل ما هو فى ضمير الدواة بالإجمال فاذا فهمت المقصود فاعلم ان الله تعالى اقسم بعلمه الإجمالي الكائن فى الاحدية وبعلمه التفصيلي الثابت فى الواحدية وبالتحقيق أقسم بأحدية ذاته المطلقة وبواحدية أسمائه الجمعية إذ العلم من حيث هو عين ذاته واقسم إذا بكل ما سطر قلمه الكريم من دواته القديم من الحروف الالهية المجردة العلوية والكلمات الربانية المركبة السفلية انتهى كما قال بعض الكبار فى بيان حروف كتاب الوجود الظلي وكلماته وآياته وسوره ان الشؤون الغيبة حروفه العاليات والأعيان الثابتة العلمية كلماته التامات والحقائق الارواحية والمثالية آياته المتعاليات والصور الحسية العينية سوره الكاملات واما كتاب الوجود الحقيقي فحروفه المجردة الأسماء الذاتية الاحدية وكلماته الأسماء الصفاتية الواحدية وآياته الأسماء الأفعالية الواحدية وصوره الأسماء الآثارية المظهرية وكل منها كتاب مبين انتهى وهكذا قال بعض الكبار القلم علم التفصيل والنون علم الإجمال وتلك الحروف التي هى مظاهر تفصيل القلم مجملة فى مداد الدواة ولا تقبل التفصيل ما دامت فيها فاذا انتقل المداد منها الى القلم تفصلت الحروف به فى اللوح وتفصل العلم بها لا الى غاية واما علم الإجمال المعبر عنه بالنون فان النون فى الرقم نصف دائرة محسوسة ونصف دائرة معقولة تشعر نقطتها فى الوسط بكونه مراد التتميم الدائرة الذاتية التي هى ظرف مداد الوجود ولذلك كان من الحروف الدورية عكسه كطرده فان النصف المحسوس ظرف مداد عالم الخلق والنصف المعقول ظرف مداد عالم الأمر والخط الفاصل بينهما وهو خط ألف قام بين تدوير النونين برزخ جامع وهو مستوى الصحف الالهية والكتب المتفرقة من حيطة الكتاب

[سورة القلم (68) : آية 2]

المحيط بالمحيطات المقول فيه ما فرطنا فى الكتاب من شىء وهو كتاب ينطوى على العلوم الجمة المنطوى عليها ايضا مداد النون وتشتمل على مائة واربع عشرة سورة كما اشتمل النون على عدد يطابقها فان النونين والواو والالف الذي انتهى اليه اسم النون مائة وثلاثة عشر وكون مسماه حرفا واحدا متمم لاربعة عشر فاعلم ذلك فانه دقيق قل أن تجده فى كلام أحد انتهى وقال القاشاني ن هو النفس الكلية والقلم هو العقل الكلى والاول من باب الكناية بالاكتفاء من الكلمة باول حروفها والثاني من باب التشبيه إذ تنتقش فى النفس صور المو- جودات بتأثير العقلي كما تنتقش الصور فى اللوح بالقلم وما يسطرون من صور الأشياء وماهياتها وأحوالها المقدرة على ما تقع عليه وفاعل ما يسطرون الكتبة من العقول المتوسطة والأرواح المقدسة وان كان الكاتب فى الحقيقة هو الله تعالى لكن لما كان فى حضرة الأسماء نسب إليها مجازا اقسم بهما وبما يصدر عنهما من مبادى الوجود وصور التقدير الإلهي ومبدأ امره ومخزن غيره لشرفهما وكونهما مشتملين على كل الوجود فى أول مرتبة التأثير والتأثر ولمناسبتهما للمقسم عليه وهو قوله ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ جواب القسم والباء متعلقة بمضمر هو حال من الضمير فى خبر ما وهو مجنون والعامل فيها معنى النفي والجنون حائل بين النفس والعقل وجن فلان اى أصابه الجن او أصاب جنانه او حيل بين نفسه وعقله فجن عقله ذلك كأنه قيل انتفى عنك الجنون يا محمد وأنت بريئ منه ملتبسا بنعمة الله التي هى النبوة والرياسة العامة والمراد تنزيهه عليه السلام عما كانوا ينسبونه عليه السلام اليه من الجنون حسدا وعداوة ومكابرة مع جزمهم بأنه عليه السلام فى غاية الغايات من حصافة العقل ورزانة الرأى قال ابو حيان قوله بنعمة ربك قسم اعترض به بين المحكوم عليه والحكم على سبيل التأكيد والتشديد والمبالغة فى انتفاء الوصف الذميم عنه عليه السلام وذهب الى القسم ايضا حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته روى انه عليه السلام غاب عن خديجة رضى الله عنها الى حرآء فلم تجده فاذا هو قد طلع ووجهه متغير بلا غبار فقالت له مالك فذكر نزول جبرائيل عليه السلام وانه قال له اقرأ باسم ربك فهو أول ما نزل من القرآن قال ثم نزل بي الى قرار الأرض فتوضأ وتوضات ثم صلى وصليت معه ركعتين وقال هكذا الصلاة يا محمد فذكر عليه السلام ذلك الخديجة فذهبت خديجة الى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان قد حالف دين قريش ودخل فى النصرانية فسألته فقال ارسلينى الى محمد فأرسلته فأباه فقال هل أمرك جبرائيل ان تدعو أحد فقال لا فقال والله لئن بقيت الى دعوتك لانصرتك نصرا عزيزا ثم مات قبل دعاء الرسول عليه السلام ووقعت تلك الواقعة فى ألسنة كفار قريش فقالوا انه مجنون فأقسم الله تعالى على انه ليس بمجنون وهو خمس آيات من أول هذه السورة قال ابن عباس رضى الله عنهما أول ما نزل قوله سبح اسم ربك وهذه الآية هى الثانية وفى التأويلات النجمية ما أنت بنعمة ربك بمستور عما كان من الأزل وما سيكون الى الأبد لان الجن هو الستر وما سمى الجن جنا الا لاستتاره من الانس بل أنت عالم بما كان خبير بما سيكون ويدل على احاطة علمه قوله عليه السلام فوضع كفه على كتفى فوجدت

[سورة القلم (68) : الآيات 3 إلى 4]

بردها بين ثديى فعلمت ما كان وما سيكون قال الامام القشيري قدس سره فى شرح الأسماء الحسنى نصرة الحق لعبده أتم من نصرة العبد لنفسه قال تعالى لنبيه عليه السلام ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون ثم انظر بماذا سلاه وبأى شىء خفيف عليه تحمل أثقال الأذى حيث قال فسبح بحمد ربك يعنى إذا تأذيت بسماع السوء فيك منهم فاسترح بروح تنائك علينا ولذة التنزيه والذكر لنا فان ذلك يريحك ويشغلك عنهم ثم انه عليه السلام لما قبل هذه النصيحة وامتثل بأمر ربه تولى نصرته والرد عنه فلما قيل انه مجنون اقسم على نفى ذلك بقوله ن والقلم إلخ تحقيقا لتنزيهه لما اشتغل عنهم بتنزيه ربه ثم عاب الله القادح فيه بالجنون بعشر خصال ذميمة بقوله ولا تطع كل حلاف مهين الى قوله أساطير الأولين وكان رد الله عنه وذبه أتم من رده عن نفسه حيث كان من جملة القرآن باقيا على الألسنة الى يوم القيامة وَإِنَّ لَكَ بمقابلة مقاساتك ألوان الشدائد من جهتهم وتحملك لاعباء الرسالة لَأَجْراً لثوابا عظيما غَيْرَ مَمْنُونٍ مع عظمه كقوله تعالى عطاء غير مجذوذ اى غير منقوص ولا مقطوع ومنه قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد وبالفارسية مزدى بردوا مكه هركز انقطاع بدان راه نيابد. ويقال اجر النبي مثل اجر الامة قاطبة غير منقوص ويجوز ان يكون معناه غير مكدر عليك بسبب المنة لانه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتداء وانما تمت الفواضل لا الأجور على الأعمال كما فى الكشاف (وقال الكاشفى) غير ممنون منب نانهاده يعنى حق تعالى بي واسطه كسى كه ازو منت بايد داشد بتو عطا كرد. وفى اشارة الى ان أنوار المكاشفات والمشاهدات غير مقطوعة لكونها سرمدية فلا يزال العارف يترقى فى الشهود فى جميع المواطن ولا ممنونة لان الفتح والفيض انما يجيئ من عند الله لا من عند غيره فالله يمن على عباده لا العباد بعضهم على بعض وقال بعضهم اجره قبول شفاعته وهى غيره منقطعة عن اهل الكبائر من أمته لا يخيب الله رجاءه عليه السلام فى غفرانهم جميعا بلا عتاب ولا عذاب. يقول الفقير الظاهر أن اجره عليه السلام هو الله تعالى لانه عوض له عما سواه ولذا جاء اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل والله تعالى مان لا ممنون والى هذا المقام يشير قول الصديق رضى الله عنه الله ورسوله اى أبقيت الله ورسوله حين ما قال له عليه السلام ما أبقيت لاهلك يا أبا بكر فالله تعالى عوض عن نفس الفاني عن نفسه وعن ولده وماله وهو الأجر العظيم لانه العظيم وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ لا يدرك شآوه أحد من الخلق ولذلك تحتمل من جهتهم ما لا يكاد يحتمله البشر قال بعضهم لكونك متخلقا بأخلاق الله واخلاق كلامه القديم ومتأيد بالتأييد القدسي فلا تتأثر بافترائهم ولا تتأذ بأذاهم إذ بالله تصبر لا بنفسك كما قال واصبر وما صبرك الا بالله والأحد أصبر من الله وكلمة على للاستعلاء فدلت على انه عليه السلام مشتمل على الأخلاق الحميدة ومستول على الافعال المرضية حتى صارت بمنزلة الأمور الطبيعية له ولهذا قال تعالى قل لا أسالكم عليه اجرا وما انا من المتكلفين اى لست متكلفا فيما يظهر لكم من اخلاقى لان المتكلف لا يدوم امره طويلا بل يرجع اليه الطبع وللانسان صورة ظاهرة لها هيئة

يشاهدها البصر الذي هو فى الرأس وهى عالم الملك وهى الشكل وصورة باطنة لها سيرة يشاهدها البصيرة التي هى فى القلب وهى من عالم الملكوت وهى الخلق فكما ان لهيئته الظاهرة حسنا او قبحا صوريا باعتبار أشكالها وأوضاعها وألوانها فكذلك لسيرته الباطنة حسن او قبح معنوى باعتبار شمائلها وطبائعها ومن ذلك قسموا الخلق الى المحمود والمذموم تارة والى الحسن والقبيح اخرى وكثيرا ما يطلق ويراد به المحمود فقط لانه اللائق بأن يسمى خلقا ومن هذا قوله تعالى خلق عظيم وعليه قول الامام الرازي الخلق ملكة نفسانية يسهل على المتصف بها الإتيان بالافعال الجميلة ونفس الإتيان بالافعال الجميلة شىء وسهولة الإتيان بها شىء آخر فالخالة التي باعتبارها تحصل تلك السهولة الخلق وسمى خلقا لانه لرسوخه وثباته صار بمنزلة الخلقة التي جبل عليها الإنسان وان احتاج فى كونه ملكة راسخة الى اعتمال وطول رياضة ومجاهدة ولذا قالوا الخلق يتبدل بالمصاحبة والمعاملة فيكون الحسن قبيحا والقبيح حسنا على حال المصاحبين والمعاملين كما فى الحديث (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وفى حديث آخر (لا تجالسوا اهل الأهواء والبدع فان لهم عرة كعرة الجرب) ومن ذلك كانت مصاحبة الأخيار مستحسنة مرغبا فيها ومصاحبة الأشرار مستقبحة مرهبا عنها وكذلك يتبدل بالسعي فى أسبابه ولذلك صنف أطباء الأرواح أبوابا فى علم الأخلاق لبيان ما هو صحة روحانية وما هو مرض روحانى كما ألف أطباء الأشباح فصولا فى علم الأبدان لبيان سبب كل مرض وعلاجه وانما أفرد الخلق ووصفه بالعظمة كما وصف القرآن بالعظيم لينبه على ان ذلك الحلق الذي هو عليه السلام عليه جامع المكارم الأخلاق أجتمع فيه شكر نوح وخلة ابراهيم واخلاص موسى وصدق وعد اسمعيل وصبر يعقوب وأيوب واعتذار داود وتواضع سليمان وعيسى وغيرها من اخلاق سائر الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى فبهداهم اقتده إذ ليس هذا الهدى معرفة الله تعالى لان ذلك تقليد وهو غير لائق بالرسول عليه السلام ولا الشرائع لان شريعته ناسحة لشرآئعهم ومخالفة لها فى الفروع والمراد منه الاقتداء بكل منهم فيما اختص به من الخلق الكريم لو كان كل منهم مختصا بخلق حسن غالب على سائر أخلاقه فلما امر بذلك فكأنه امر بجمع جميع ما كان متفرقا فيهم فهذه درجة عالية لم تتيسر لاحد من الأنبياء عليهم السلام فلا جرم وصفه الله بكونه على خلق عظيم كما قال بعض العارفين لكل نبى فى الأنام فضيلة ... وجملتها مجموعة لمحمد ولم يتصف عليه السلام بمقضى قوته النظرية الا بالعلم والعرفان والإيقان والإحسان ولم يفعل بمقتضى قوته العملية الا ما فيه رضى الله من فرض او واجب او مستحب ولم يصدر منه حرام او مفسد او مكروه فكان هو الملك بل أعلى منه ويجمع هذا كله قول عائشة رضى الله عنها لما سئلت عن خلقه عليه السلام فقالت كان خلقه القرآن أرادت به انه عليه السلام كان متحليا بما فى القرآن من مكارم الأخلاق ومحاسن الأوصاف ومتخليا عما يزجر عنه من السيئات وسفساف الخصال وفى رواية قالت للسائل ألست تقرأ القرآن قد أفلح المؤمنون

يعنى اقرأ الآي العشر فى سورة المؤمنين فذلك خلقه وفيه تنبه للسعامعين على عظام أخلاقه من الايمان الذي هو اصل الأخلاق القلبية والصلاة التي هى عماد الأخلاق البدنية والزكاة التي هى رأس الأخلاق المالية الى آخر ما فى الآيات وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى رحمه الله بود هم بحر مكرمت هم كان ... كوهرش كان خلقه القرآن وصف خلق كسى كه قرآنست ... خلق را نعت او چهـ امكانست وفى التأويلات النجمية كان حلقه القرآن بل كان هو القرآن كما قال العارف بالحقائق انا القرآن والسبع المثاني ... وروح الروح لا روح الأوانى محمد بن حكيم الترمذي قدس سره فرموده كه هيچ خلقى بزركتر از خلق حضرت محمد عليه السلام نبوده چهـ ز ميشت خود دست باز داشت وخود را كلى با حق كذاشت وامام قشيرى قدس سره كفته كه از بلا منحرف شد ونه از عطا منصرف كشت وكفته كه آن حضرت را هيچ مقصد ومقصودى جز خداى تعالى نبوده كما قال الجنيد قدس سره كان على خلق عظيم لجوده بالكونين له همم لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغر اجلى من الدهر وقال الحسين النوري قدس سره كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى الله لسره بانوار أخلاقه. يقول الفقير كان خلقه عظيما لانه مظهر العظيم فكان خلق العظيم عظيما فافهم جدا وفى تلقيح الأذهان لحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اوتى عليه السلام جوامع الكلم لانه مبعوث لتتميم مكارم الأخلاق كما قال عليه السلام ولذلك قال الله تعالى وانك لعلى خلق عظيم وهو عين كونه صراط المستقيم قال صلى الله عليه وسلم ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال ابو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيك يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء انتهى ولذلك كان احسن اخلاق المرء فى معاملته مع الحق التسليم والرضى واحسن أخلاقه فى معاملته مع الخلق العفو والسخاء وانما قال مع التوحيد لانه قد توجد مكارم الأخلاق والايمان كما انه قد يوجد الايمان ولا اخلاق إذ لو كان الايمان يعطى بذاته مكارم الأخلاق لم يقل للمؤمن افعل كذا واترك كذا وللمكارم آثار ترجع على صاحبها فى اى دار كان كما ورد فى حق ابى طالب قال بعض الكبار من اراده ان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يدركه من أمته فلينظر الى القرآن فانه لا فرق بين النظر فيه وبين النظر الى رسول الله فكأن القرآن انتشاء صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد الله بن عبد المطلب والقرآن كلام الله وهو صفته فكأن محمدا عليه السلام خلعت عليه صفه الحق من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال بعضهم من أراده ان يرى رسول الله فليعمل بسنته لا سيما فى مكان أميتت السنة فيه فان حياة رسول الله بعد موته هى حياة سنته ومن أحياها فكأنما احيى الناس جميعا لانه المجموع الأتم الأكمل صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم لم يبق بعد بعثة رسول الله سفساف اخلاق ابدا لانه صلى الله عليه وسلم أبان لنا عن مصارفها كلها

[سورة القلم (68) : الآيات 5 إلى 11]

من حرص وحسد وشره وبخل وخوف وكل صفه مذمومة فمن أجراها على تلك المصارف عادت كلها مكارم اخلاق وزال عنها اسم الذم قال صلى الله عليه وسلم لمن ركع دون الصف زادك الله حرصا ولا تعد وقال لا حسد الا فى اثنتين وقال أكثروا من ذكر الله وقال تعالى فلا تخافوهم وخافون وقال تعافلا تقل لهما أف وقال أف لكم وغير ذلك من الآيات ولاخبار فما امر الله باجتناب بعض الأخلاق الا لمن يعتقد انها سفساف اخلاق وجهل معنى قوله عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن الناس من علم ومنهم من جهل فالكامل لا يرى فى العالم الا اخلاق الله تعالى التي به وجدت وفى كشف الاسرار فى تفسير الآية عرض عليه مفاتيح العرض فلم يقبلها ورقاه ليلة المعراج وأراه جميع الملائكة والجنة فلم يلتفت إليها قال الله تعالى ما زاغ البصر وما طغى ما التفت يمينا وشمالا فقال تعالى انك لعلى خلق عظيم. اى جوانمرد قدر آن مهتر كه داند وكدام خاطر ببدايت عز او رسد صد هزار وبيست و چهار هزار نقطه نبوت كه رفتند در برابر درجات او كواكب بودند وبا آنكه او غائب بود همه نور نبوت ازو كرفتند چنانكه آفتاب اگر چهـ غائب باشد كواكب نور از وى كيرند ليكن چون آفتاب پيدا شود كواكب در نور او پيدا شوند همچنين همه انبيا نور ازو كرفتند ليكن چون محمد عليه السلام بعالم صورت در آمد ايشان هم كم شدند كأنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب وفى القصيدة البردية. فاق النبيين فى خلق وفى خلق ... ولم يدانوه فى علم ولا كرم فانه شمس فضل هم كواكبها ... يظهر أنوارها للناس فى الظلم ومن أخلاقه عليه السلام ما أشار اليه قوله صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من أساء إليك فانه عليه السلام ما امر أمته بشئ قبل الائتمار به وفى الحديث (ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار) وروى عن على بن موسى الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن بيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد ابن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن ابى طالب رضى الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق فى الجنة لا محالة وإياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق فى النار لا محالة فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ يقال أبصرته وبصرت به علمة وأدركته فان البصر يقال للجارحة الناظرة ولقوة القلب المدركة ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة وفى تاج المصادر الابصار ديدن بچشم وبدل. فالمعنى فستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق من الباطل وقال القاشاني فستبصر ويبصرون عند كشف الغطاء بالموت وقال مقاتل هذا وعبد بعذاب بدر (ولذا قال الكاشفى) بدان وقت كه عذاب نازل شود بر ايشان معلوم كردد كه ديوانه توئى يا ايشان. وهو الأوضح ففيه وعد لرسول الله عليه السلام بغلبة الإسلام واهله وبالانتقام من الأعداء بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ اى أيكم الذي ابتلى بفتنة الجنون فأيكم مبتدأ والمفتون بمعنى المجنون خبره والباء مزيدة فى المبتدأ كما فى بحسبك زيد او بأيكم الجنون على ان المفتون مصدر بمعنى الفتون وهو الجنون كالمجلود بمعنى الجلادة والمعقول

[سورة القلم (68) : الآيات 7 إلى 9]

بمعنى العقل كما فى قوله (حتى إذا لم يتركوا لعظامه لحما ولا لفؤاده معقولا) والباء للالصاق نحو به داء او بأى الفريقين منكم المجنون أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين اى فى أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم فالباء بمعنى فى والمفتون مبتدأ مؤخر والامة داخلة فى خطاب فستبصر بالتبعية لا يختص به عليه السلام كالسوابق وهو تعريض بأبى جهل من هشام الوليد ابن المغيرة واضرابهما كقوله تعالى سيعلمون غدا من الكذاب الأشر اى أصالح عليه السلام أم قومه إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ تعالى المؤدى الى سعادة الدارين وهام فى تيه الضلال متوجها الى ما يفضيه الى الشقاوة الأبدية وهذ هو المجنون الذي لا يفرق بين النفع والضر بل يحسب الضر نفعا فيؤثره والنفع ضرا فيهجره وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الى سبيله الفائزين بكل مطلوب ناحين من كل محذور وهم العقلاء المراجيح فيجزى كلا من الفريقين حسبما يستحقه من العقاب والثواب وإعادة هو اعلم لزيادة التقدير وفى الآية اشعار بأن المجنون فى الحقيقة هو العاصي لا المطيع واشارة الى الضال عن سبيل الوصول الى حضرة المولى بسبب محبة الدنيا والميل الى شهواتها والمهتدى الى طريق التوحيد والوحدة بنور العناية الازلية والهداية الأبدية قال بعض الكبار وهو اعلم بالمهتدين اى القابلين للتوفيق فهدة البيان هم الرسل وهادى التوفيق هو الحق تعالى فللهادى الذي هو الله الإبانة والتوفيق وليس للهادى الذي هو المخلوق الا الإبانة خاصة ومن لا علم له بالحقائق بظن ان العبد إذا صدق فى الإرشاد والوعظ اثر ذلك القبول فى نفوس السامعين وإذا لم يصدق فى ذلك لم يؤثر وهذا من الوهم الفاسد فانه لا اقرب الى الله ولا اصدق فى التبليغ عنه ولا أحب للقبول لما جاء من عند الله تعالى من الرسل لغلبة لرحمة على قلوبهم ومع ذلك فاعم القبول فيمن سمعهم بل قال الرسول الصادق فى التبليغ انى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فلما لم يعم القبول مع تحققنا هذه المهمة العظيمة من أكابر اولى العزم من الرسل علمنا ان الهمة مالها اثر جملة واحدة فى المدعو وان الذي قبل من السامعين ليس هو من اثر همه الداعي الهادي الذي هو المبلغ وانما هو قوة الاستعداد فى محل القبول من حيث ما وهبه الله تعالى فى خلقه من مزاج يقتضى له قبولا مثل هذا وأمثاله وهو المزاج الخاص الذي لا يعلمه الا الله الذي خلقهم عليه وهو قوله تعالى وهو اعلم بالمهتدين قال الشيخ سعدى قدس سره كفت عالم بكوش جان بشنو ... ور نماند بگفتنش كردار باطلست آنكه مدعى كويد ... خفته را خفته كى كند بيدار مرد بايد كه كيرد اندر كوش ... ور نوشته است پند بر ديوار فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ اى إذا تبين عندك ما تقدم فدم على ما أنت عليه من عدم طاعتهم فيما يدعونك اليه من الكف عنهم ليكفو عنك وتصلب فى ذلك امره عليه السلام بالتشدد مع قومه وقوى قلبه بذلك مع قلة العدد وكثرة الكفار فان هذه السورة من أوائل ما نزل دلت الآية على ان الا طاعة للعاصى عصيان والافتداء بالطاغي طغيان وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ لو للنمنى والادهان فى الأصل مثل التدهين واشتقاقهما من الدهن لكن جعل عبارة عن الملاينة

[سورة القلم (68) : الآيات 10 إلى 11]

وترك الجد قال فى تاج المصادر الا دهان مداهنت كردن. والتركيب يدل على لين وسهولة وقلة والمعنى أحبوا لو تلاينهم وتسامحهم فى بعض الأمور وترك الدعوة فَيُدْهِنُونَ اى فهم يداهنونك حينئذ بترك الطعن (كما قال الكاشفى) فرمان مبر مشركان مكه را كه ترا بدين آباء دعوت مى نمايند ودوست مى دارند كه تو نرمى كنى با ايشان وسرزنشى نكنى بر شرك تا ايشان نير چرب ونرمى كنند وبر دين تو طعنه نزنند. فالفاء للعطف على تدهن فيكون يدهنون داخلا فى حيزلو ولذا لم ينصب يدهنون بسقوط النون جوابا للتمنى والفعل للاستقبال او الفاء للسببية فهو مسبب عن تدهن ويجوز أن يكون الفعل للحال على معنى ودوا ادهانك فهم الان يدهنون طمعا فى ادهانك فالتسبب عن التمني وتقدير المبتدأ لانه لولاه لكان الفعل منصوبا لاقتضاء التسبب عما فى حيز التمني ذلك قال بعضهم لا توافقهم فى الظاهر كما لا توافقهم فى الباطن فان موافقة الظاهر اثر موافقة الباطن وكذا المخالفة والا كان نفاقا سريع الزوال ومصانعة وشيكة الانقصاء وأما هم فلانهما كهم فى الرذائل وتعمقهم فى التلون والاختلاف لتشعب أهوائهم وتفرق أمانيهم يصانعون ويضمون تلك الرذيلة الى رذيلتهم طمعا فى مداهنتك معهم ومصانعتك إياهم قال بعضهم المداهنة بيع الدين بالدنيا فهى من السيئات والمداراة بيع الدنيا بالدين فهى من الحسنات ويقال الادهان الملاينة لمن لا ينبغى له ذلك وهو لا ينافى الأمر بالمداراة كما قال عليه السلام أمرت بمداراة الناس كما أمرت بالتبليغ قال الامام الغزالي رحمه الله فى احياء الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فان اغضيت للامة دينك ولما ترى فيه من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وان اغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدرداء رضى الله عنه إنا لنبش فى وجوه أقوام وان قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهو مع من يخلف شره وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ كثير الحلف فى الحق والباطل لجهله حرمة اليمين وعدم مبالاته من الحنث لسوء عقيدته وتقديم هذا الوصف على سائر الأوصاف الزاجرة عن الطاعة لكونه أدخل فى الزجر قال فى الكشاف وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ومثله قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم انتهى ودخل فيه الحلف بغير الله تعالى فانه من الكبائر واصل الحلف اليمين الذي يأخذ بعضهم من بعض بها الحلف اى العهد ثم عبربه عن كل يمين مَهِينٍ حقير الرأى والتدبير لانه لم يعرف عظمة الله ولذا اقدم على كثرته الحلف من المهانة وهى القلة والحقارة ويجوز أن يراد به الكذاب لانه حقير عند الناس هَمَّازٍ عياب طعان يعنى عيب كننده در عقب مردم يا طعنه زننده در روى با ايشان. قال الحسن رحمه الله يلوى شدقيه فى اقفية الناس وفيه اشارة الى من يعيب ويطعن فى اهل الحق فى رياضاتهم ومجاهداتهم وإنزوائهم وعزلتهم عن الناس (وفى الحديث لا يكون المؤمن طعانا ولا لعانا) وفى حديث آخر (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) يعنى من ينظر الى عيب نفسه يكون ذلك ما نعاله عن النظر الى عيب غيره وتعبيبه به وذلك لا يقتضى أن لا ينهى العاصي عن معصيته اقتداء بأمر الله تعالى بالنهى عن المنكر لا إعجابا بنفسه وازدراء لقدر غيره عند الله فاعانه العالم

[سورة القلم (68) : الآيات 12 إلى 16]

ببواطن الأمور والهماز مبالغة هامز والهمز الطعن والضرب والكسر والعيب ومنه المهمز والمهماز بكسر الميم حديدة تطعن بها الدابة قيل لاعرابى أتهمز الفارة قال السنور يهمزها واستعير للمغتاب الذي يذكر الناس بالمكروه ويظهر عيوبهم ويكسر اعراضهم كأنه يضربهم بأذاه إياهم مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مضر به نقال للحديث من قوم الى قوم على وجه السعاية والإفساد بينهم فان النميم والنميمة السعاية واظهار الحديث بالوشاية وهو من الكبائر اما نقل الكلام بقصد النصيحة فواجب كما قال من قال يا موسى ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين وفى التعريفات النمام هو الذي يتحدث مع القوم فينم عليهم فيكشف ما يكره كشفه سوآء كرهه المنقول عنه او المنقول اليه او الثالث وسوآء كان الكشف بالعبارة او بالاشارة او بغيرهما وفى الحديث (لا يدخل الجنة تمام) اى ماش بالسعاية وهى بالفارسية غمز كردن. وفى التأويلات النجمية مشاء بنميم يحفظون كلام اهل الحق من هذه الطائفة الكريمة ثم يحكونه عند الجحال من اصحاب الحجب فيضحكون عليهم وينسبون ذلك الكلام الى السفسفة والسفه مَنَّاعٍ مبالغة مانع لِلْخَيْرِ اى بخيل والخير المال او مناع الناس من الخير الذي هو الايمان والطاعة والإتقان ولارباب السلوك من ارشاد الطالبين المسترشدين فذكر الممنوع منه دون الممنوع وكان للوليد بن المغيرة عشرة من البنين وكان يقول لهم ولاقاربه من تبع منكم دين محمد لا أنفعه شىء إبداء وكان الوليد موسرا له تسعة آلاف مثقال فضة وكانت له حديقة فى الطائف مُعْتَدٍ متجاوز فى الظلم اى يتجاوز الحق والحد بأن يظلم على الناس ويمكن حمله على جميع الأخلاق الذميمة فان جميعها تجاوز عن حد الاعتدال وفى التأويلات النجمية متجاوز فى الظلم على نفسه بانغماسه فى بحر الشهوات وانهماكه فى ظلمة المنهيات أَثِيمٍ كثير الإثم وهو اسم للافعال المبطعة عن الثواب (وقال الكاشفى) بسيار كناهكار زيانكار. وفى التأويلات النجمية كثير الآثام بالركون الى الأخلاق الرديئة والرغبة فى الصفات المردودة عُتُلٍّ جاف غليظ من عتله إذا قاده بعنف وغلظة قال الراغب العتل الاخذ بمجامع الشيء وجره بقهر كعتل البعير وبالفارسية كشدن بعنف (وقال الكاشفى) عتل يعنى سخت روى وزشت خوى انتهى. ومن كان جافيا فى المعاملة غليظ القلب والطبع بحيث لا يقبل الصفات الروحانية ولا يلين للحق اجترأ على كل معصة قال فى القاموس العتل بضمتين مشددة اللام الا كول المنبع الجافي الغليظ بَعْدَ ذلِكَ اى بعد ما عد من مقابحه زَنِيمٍ دعى ملصق بالقوم وملحق بهم فى النسب وليس منهم فالزنيم هو الذي تبناه أحد اى اتخذه ابنا وليس بابن له من نسبه فى الحقيقة قال تعالى وما جعل أدعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم قال الراغب الزنيم والمزنم الزائد فى القوم وليس منهم اى المنتسب الى قوم وهو معلق بهم لا منهم تشبيها بالزنمتين من الشاة وهما المتدليتان من اذنها ومن الحلق وفى الكشاف الزنيم من الزنمة وهى الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى معلقة فى حلقها لانه زيادة معلقة بغير أهله وفى القاموس الزنمة محركة شىء يقطع من اذن البعير فيترك معلقا

يفعل بكرامها والظاهر من قول ابن عباس رضى الله عنهما الحقيقة حيث قال انه لم يعرف حتى قيل زنيم فعرف انه كان له زنمة اى فى حلقه ويقال كان يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها قال العتبى لا نعلم ان الله وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عار الا يفارقه ابدا وفى قوله بعد ذلك دلالة على ان دعوته أشد معايبه وأقبح قبائحه وكان الوليد دعيا فى قريش وليس من نسبهم وسنخهم اى أصلهم ادعاه أبوه المغيرة بعد ثمان عشرة سنة من مولده يعنى وليد هـژده ساله بود كه مغيره دعوى كرد كه من پدر اويم واو را بخود كرفت. فقوله بعد ذلك هاهنا نظير ثم فى قوله تعالى ثم كان من الذين آمنوا من حيث انها للتراخى رتبة وفى الحديث (لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظرى ولا العتل الزنيم) فالجوظ الجموع المنوع والجعظري الفظ الغليظ والعتل كل رحيب الجوف أكول شروب غشوم ظلم وفى الحديث (ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو اقسم على الله لائره الى أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر) وقيل بغت أم الوليد ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية فمعنى زنيم حينئذ ولد الزنى وبالفارسية حرام زاده كه پدر او معلوم نباشد قال الشاعر زنيم ليس يعرف من أبوه ... بغى الام ذو حسب لئيم در تفسير امام زاهد مذكور است كه چون حضرت رسول صلى الله عليه وسلم اين آيت در انجمن قريش بر وليد خواند بهر عيبى كه رسيد در خود بازيافت مكر حرام زادكى با خود كفت من سيد قريش و پدر من مردى معروفست وميدانم كه محمد دروغ نكويد چكونه اين مهم را بر سر آرم شمشير كشيده نزد ما در آمد القصة بعد از تهديد بسيار ازو اقرار كشيد كه پدر تو در قصه زنان جرأتى نداشت واو را برادر زادكان بودند چشم بر ميراث وى نهاده مرا رشك آمد غلام فلانرا بمزد كرفتم وتو فرزند اويى ودليل روشن بر صدق قول زن شدت خصومت وليدست وستيزه او بآن حضرت صلى الله عليه وسلم ودرين باب كفته اند جرم وكناه مدعى از فعل مادرست ... كو را خطاى مادر او خاكسار كرد والغالب ان النطفة إذا خبثت خبث الولد الناشئ منها ومن ثمة قال رسول الله عليه السلام (لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده) كما فى الكشاف وفى الحديث (لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى فاذا فشافيهم ولد الزنى او السكران يعمهم الله بعذابه) وفى حديث آخر (ولد الزنى شر الثلاثة) قال الرهاوي فى شرح المنار هذا فى مولود خاص لأنا قد نشاهد ولد الزنى أصلح من ولد الرشدة فى امر الدين والدنيا ويستحق جميع الكرامات من قبول شهادته وعبادته وصحة قضائه وإمامته وغير ذلك فالحديث ليس على عمومه انتهى يقول الفقير إذا كان الرضاع بغير الطباع فان من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير وشر فما ظنك بالزنى ولا عبرة بالصلاح الظاهر والكرامات الصورية وفى الحديث (ولدت من نكاح لا من سفاح) وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام وجميع الأولياء الكرام

[سورة القلم (68) : الآيات 14 إلى 16]

قدس الله أسرارهم فالزنى أقبح من الكفر من وجه فان الله يخرج الحي من الميت اى المؤمن من الكافر بخلاف الرشيد من الزاني فولد الزنى لا يصلح للولاية الحقيقية وان كان صالحا للولاية الصورية وقيل نزلت الآية فى الأخنس ابن شريف واسمه ابى وكان ثقفيا مصطلقيا فى قريش فلذلك قال زنيم لا على جهة الذم لنسبه ولكن على جهة التعريف به ذكره السهيلي قال ابن عطية وظاهر اللفظ عموم من بهذه الصفة والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقى الزمن لاسيما لولاة الأمور قال فى فتح الرحمن ثم هذا الترتيب انما هو فى قول الواصف لا فى حصول تلك الصفات فى الموصوف وإلا فكونه عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه وفى برهان القرآن قوله حلاف الى قوله زنيم أوصاف تسعة ولم يدخل بينهما واو العطف ولا بعد السابع فدل على ان ضعف القول بواو الثمانية صحيح أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ متعلق بقوله تعالى لا تطع على حذف الجار اى لا تطع من هذه مثالبه لان كان مثولا ذا مال كثير مستظهرا بالبنين إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ استئناف جار مجرى التعليل المنهي اى إذا تقرأ عليه آيات كلامنا القديم قال هى أحاديث لانظام لها اكتتبوها كذبا فيما زعموه لقوله اكتتبها فهى تملى عليه وبالفارسية افسانهاى پيشينيانست. وقال السدى اساجيع الأولين اى جعل مجازاة النعم التي خولناها من المال والبنين الكفر بآياتنا قال البرد الأساطير جمع اسطورة نحوا حدوثة وأحاديث وقد سبق غير هذا وفى التأويلات النجمية لا تطع الحلاف المهين الحقير فى نفسه بسبب ثروة اعماله المنسوبة الى الرياء والسمعة وبنين الأحوال المطعونة بالعجب والاعجاب إذا تتلى عليه آياتنا من الحقائق والد قائق قال أساطير الأولين ما سطره الصوفية المتقدمون وهى من ترهاتهم وخرافاتهم سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أصله سنوسمه من الوسم وهو احداث السمة بالكسر اى العلامة وبالفارسية داغ كردن. والميسم بالكسر المكواة اى آلة الكي والخرطوم كزنبور الالف او مقدمه او ما ضممت عليه الحنكين كالخرطم كقنفذ كما فى القاموس والمعنى سنجعل له سمة وعلامة يعرف بها بالكي على أكرم مواضعه لغاية اهانته واذلاله إذ لا نف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ولذلك جعلوه مكان العز والحمية واشتقوا منه الانفة وقالوا الانف بالأنف وحمى انفه وفلان شامخ العرنين وقالوا فى الذليل جدع انفه ورغم انفه ولقد وسم العباس رضى الله عنه اباعره فى وجوهها فقال له رسول الله عليه السلام أكرموا الوجوه فوسمها فى جواعرها اى فى أدبارها وفى التعبير عن الانف بلفظ الخرطوم استهانة بصاحبه واستقباح له لانه لا يستعمل الا فى الفيل وخنزير وكلما كان الحيوان أخبث وأقبح كانت الاستهانة والاستقباح أشد واكثر قيل أصاب انف الوليد جراحة يوم بدر فبقيت علامتها قال صاحب الكشف هو ضعيف فان الوليد مات قبله فلم يوسم بوسم بقي اثره مدة حياته وقال الراغب نلزمه عارا لا ينمحي عنه كما قال صاحب الكشاف هو عبارة عن ان بذله غاية الاذلال وذلك لان الوجه أكرم موضع والانف أبين عضو منه فالوسم على الانف غاية الاذلال والاهانة لان الوسم على الوجه شين فكيف إذا كان على اظهر موضع منه وكما قال العتبى وصف الله الوليد بالحلف والمهانة والهمز والمشي بالنميمة والبخل والظلم

[سورة القلم (68) : الآيات 17 إلى 24]

والإثم والجفوة والدعوة فألحق به عار الا يفارقه فى الدنيا والآخرة قال والذي يدل على هذا ما روى عن الشعبي فى قوله عتل حيث قال العتل الشديد والزنيم الذي له زنمة من الشر يعرف بها كما تعرف الشاة وقيل سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها من سائر الكفرة بأن نسود وجه غاية التسويد إذ كان بالغا فى عداوة سيد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام أقصى مراتب العداوة فيكون الخرطوم مجازا عن الوجه على طريق ذكر الجزء وارادة الكل وفى التأويلات النجمية نكوى خرطوم استعداده بكى نار الحجاب والبعد حتى لا يشم النفحات الالهية والنسمات الربانية إِنَّا بَلَوْناهُمْ يقال بلى الثوب بلى اى خلق بلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له والبلايا اختبارات والمعنى انا ابتلينا اهل مكة بالقحط والجوع سبع سنين بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام والدم لتمردهم وكفرانهم نعم الله تعالى كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ اى ابتلاء مثل ابتلاء اصحاب الجنة المعروف خبرها عندهم واللام للعهد والكاف فى موضع النصب على انها نعت المصدر محذوف وما مصدرية والجنة البستان وبالفارسية باغ. واصحاب الجنة قوم من اهل ضنعاء وفى كشف الاسرار سه برادر بودند. كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين وقال السهيلي هى جنة بضروان وضروان على فراسخ من صنعاء وفى فتح الرحمن الجنة بستان يقال له ضروان باليمين وكان اصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى عليه السلام بيسير وكانوا بخلاء وكان أبوهم يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي وكان ينادى الفقراء وقت الصرام ويترك لهم ما اخطأه المنجل وما فى أسفل الاكداس وما اخطأه القطاف من العنب وما بقي على البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت (قال الكاشفى) وده از يك حاصل نيز بر ايشان قسمت كردى. فكان يجتمع لهم شىء كثير ويتزودون به أياما كثيرة فلما مات أبوهم قال بنوه ان فعلنا ما كان يفعل أبو ناضاق علينا الأمر ونحن أولوا عيال فحلفوا فيما بينهم وذلك قوله تعالى إِذْ أَقْسَمُوا ظرف لبلونا والاقسام سوكند خوردن يعنى سوكند خوردند وارثان باغ كه پنهان از فقرا لَيَصْرِمُنَّها الصرام والصرم قطع ثمار النخيل وبالفارسية بار خرما بريدن. من صرمه إذا قطعه اى ليقطعن ثمارها من الرطب والعنب ويجمعن محصولها من الحرث وغيره مُصْبِحِينَ اى داخلين فى الصباح مبكرين وسواد الليل باق قوله ليصرمنها جواب للقسم وجاء على خلاف منطوقهم ولو جاء على منطوقهم لقيل النصر منها بنون المتكلم ومصبحين حال من فاعل ليصرمنها وَلا يَسْتَثْنُونَ اى لا يقولون ان شاء الله وتسميته استثناء مع انه شرط من حيث ان مؤداه مؤدى الاستثناء فان قولك لأخرجن ان شاء الله ولا اخرج الا ان شاء الله بمعنى واحد والجملة مستأنفة او حال بعد حال لعل إيراده بعد إيراد اقسامهم على فعل مضمر لمقصودهم مستنكر عند ارباب المروة واصحاب الفتوة لتقبيح شأنهم بذكر السببين لحرمانهم وان كان أحدهما كافيا فيه لكن ذكر الاقسام على امر مستنكر اولا وجعل ترك الاستثناء حالا منه يفيد اصالته وقوته فى اقتضاء الحرمان والأظهر ان المعنى ولا يستثنون حصة المساكين اى لا يميزونها ولا يخرجونها كما كان يفعله

[سورة القلم (68) : الآيات 19 إلى 24]

أبوهم وقال أبو حيان ولا ينثنون عما عزموا عليه من منع المساكين قال فى تاج المصادر الاستثناء ان شاء الله كفتن واستثنا كردن. والباب يدل على تكرير الشيء مرتين او جعله شيئين متواليين او متباينين والاستثناء من قياس الباب وذلك ان ذكره يثنى مرة فى الجملة ومرة فى التفصيل لانك إذا قلت خرج الناس ففى الناس زيد وعمرو فاذا قلت الا زيدا فقد ذكرت زيدا مرة اخرى ذكرا ظاهرا انتهى قال الراغب الاستثناء إيراد لفظ يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم او يقتضى رفع حكم اللفظ كما هو فمن الاول قوله تعالى قل لا أجد فيما اوحى الى محرما على ظاعم يطعمه الا ان يكون ميتة ومن الثاني قوله لأفعلن كذا ان شاء الله وعبده عتيق وامرأته طالق ان شاء الله فَطافَ عَلَيْها اى على الجنة اى أحاط بها طائِفٌ بلاء طائف كقوله واحيط بثمره وذلك ليلا إذ لا يكون الطائف الا بالليل وايضا دل عليه ما بعده من ذكر النوم وكان ذلك الطائف نارا نزلت من السماء فأحرقتها مِنْ رَبِّكَ مبتدئ من جهته تعالى قال الراغب الطواف الدوران حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافظا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والخادم وغيرها قال تعالى فطاف إلخ تعريضا بما نالهم من النائبة انتهى وَهُمْ نائِمُونَ غافلون عما جرت به المقادير او غافلون عن طوافه بالنوم الذي هو أخو الموت وبالفارسية وايشان خفتكان بودند. والنوم استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه أو أن يتوفى الله النفس من غير موت اى ان يقطع ضوء الروح عن ظاهر الجسد دون باطنه او النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وكل هذه التعريفات صحيحة فَأَصْبَحَتْ پس كشت جنت ايشان با آن بلا كَالصَّرِيمِ فعيل بمعنى مفعول اى كالبستان الذي صرمت ثماره لم بحيث لم يبق فيها شىء لان النار السماوية أحرقتها وقيل كالليل لان الليل يقال له الصريم اى لصارت سوداء كالليل لاحتراقها فَتَنادَوْا اى نادى بعضهم بعضا مُصْبِحِينَ حال كونهم داخلين فى الصباح أَنِ اغْدُوا اى اى اغدوا على ان ان مفسرة او بان اغدوا على انها مصدرية اى اخرجوا غدوة وأول النهار وبالفارسية بامداد بيرون آييد عَلى حَرْثِكُمْ بستانكم وضيعتكم وفى كشف الاسرار دران بستان هم زرع بود هم درخت انگور انتهى. يقول الفقير فالحرث يجوز أن يراد به الحاصل مطلقا وان يراد به الزرع خصوصا لانه أعز شىء يعيش به الإنسان وتعدية الغدو بعلى لتضمنه معنى الإقبال والاستيلاء وقال بعضهم انه يتعدى بعلى كما فى القاموس غدا عليه غدوا وغدوة بالضم واغتدى بكر قال الراغب الحرث إلقاء البذر فى الأرض وتهيئتها للزرع ويسمى المحروث حرثا قال تعالى ان اغدوا على حرثكم إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ قاصدين للصرم وقطع الثمرة وجمع المحصول اى فاغدوا فجوابه محذوف فَانْطَلَقُوا فمضوا إليها وبالفارسية پس برفتند بجانب باغ وَهُمْ يَتَخافَتُونَ التخافت با يكديكر پنهان راز كفتن. اى يتشاورون فيما بينهم بطريق المخافتة والسر كيلا يسمع أحد ولا يدخل عليهم أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا اى الجنة الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ من المساكين فضلا عن ان يكثروا

[سورة القلم (68) : الآيات 25 إلى 29]

وبالفارسية امروز بر شما يعنى در باغ شما درويشى تا بهره بگيرد واز حصه ما كم نكردد. وان مفسرة لما فى التخافت من معنى القول بمعنى اى لا يدخلنها تفسيرا لما يتخافتون والمسكين هو الذي لا شىء له وهو أبلغ من الفقير والمراد بنهي المسكين عن الدخول المبالغة فى النهى عن تمكينه من الدخول كقولهم لا ارينك هاهنا فان دخول المسكين عليهم لازم لتمكينهم إياه من الدخول كما ان رؤية المتكلم المخاطب لازم لحضوره عنده فذكر اللازم لينتقل منه الى الملزوم (وَغَدَوْا) مشوا بكرة وبالفارسية وبامداد برفتند (عَلى حَرْدٍ) الحرد المنع عن حدة وغضب يقال نزل فلان حريدا اى ممتنعا من مخالطة القوم وحاردت السنة منعت قطرها والناقة منعت درها وحرد غضب (قادِرِينَ) حال مقدرة من فاعل غدوا فان القدرة مع الفعل عند اهل الحق والمعنى وخرجوا أول الصباح على امتناع من ان يتناول المساكين من جنتهم حال كونهم قادرين على نفعهم او على الاجتناء والصرم بزعمهم فلم يحصل الا النكد والحرمان وفى الكشاف وغدوا قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع يعنى انهم عزموا ان ينكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها الا على النكد والحرمان وذلك انهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة (فَلَمَّا رَأَوْها) پس آن هنكام كه ديدند باغ را بخلاف آنچهـ كذاشته بودند (قالُوا) اى قال بعضهم لبعض (إِنَّا لَضَالُّونَ) اى طريق جنتنا وما هى بها لما رأوا من هلاكها بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قالوه بعد ما تأملوها ووقفوا على حقيقة الأمر وانها هى مضربين عن قولهم الاول اى لسنا ضالين بل نحن محرومون حرمنا خيرها ومنعنا نفعها بجنايتنا على أنفسنا بسوء نيتنا وهى ارادة حرمان المساكين وقصد منع حق الفقراء قالَ أَوْسَطُهُمْ اى رأيا أو سنا وفى الكشاف أعدلهم وخيرهم من قولهم فلان من وسطة قومه وأعطني من وسطات مالك ومنه قوله تعالى امة وسطا (وقال الكاشفى) كفت فاضلتر ايشان از روى عقل يا بزركتر بسن يا صائب تر براى. قال الراغب الوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان كالجواد الذي بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الافراط والتفريط فيمدح به نحو السواء والعدل ونحو وكذلك جعلناكم امة وسطا وعلى ذلك قال أوسطهم وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ويكنى به عن الرذل نحو قولهم وسط بين الرجال تنبيها على انه قد خرج من حد الخير أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ لولا تذكرون الله بالتسبيح والتهليل وتتوبون اليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا الله وانتقامه من المجرمين وتربوا اليه من هذه العزيمة الخبيثة من فوركم وسارعوا الى حسم شرها قبل حلول النقمة فعصوه فعيرهم وفى الآية دليل على ان العزم على المعصية مما يؤاخذ به الإنسان لانهم عزموا على ان يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم ونظيرها قوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وعلى هذا قوله تعالى وذروا ظاهر الإثم وباطنه والعزم قوة قصد الفعل والجزم يه والمحققون على انه يؤاخذ به واما الهم وهو ترجيح قصد الفعل فمرفوع قالُوا معترفين بالذنب والاعتراف به يعد من التوبة سُبْحانَ رَبِّنا نزه ربنا عن كل سوء ونقصان سيما عن ان يكون ظالما

[سورة القلم (68) : الآيات 30 إلى 34]

فيما فعل ابنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ بقصد حرمان المساكين اتباعا لشح النفس كأنهم قالوا نستغفر الله من سوء صنيعنا ونتوب اليه من خبث نيتنا حيث قصدنا عدم إخراج حق المساكين من غلة بستاننا ولو تكلموا بهذه الكلمة قبل نزول العذاب لنجوا من نزوله لكنهم تكلموا بها بعد خراب البصرة فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ پس روى آوردند بعضى از ايشان بر بعضى ديكر يَتَلاوَمُونَ اللوم الملامة وبالفارسية نكوهيدن يعنى خوار داشتن. اى يلوم بعضهم بعضا على ما فعلوا فان منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من أنكره وبالفارسية اين آنرا مى كفت تو چنين انديشيدى وآن عذر مى آورد كه تو هم بدين راضى بودى قالُوا يعنى بگناه خود اعتراف نمودند واز روى نياز كفتند يا وَيْلَنا اى واى بر ما ودر دزدكى إِنَّا كُنَّا طاغِينَ متجاوزين حدود الله تعالى وبالفارسية از حد برندكان در كنهكارى كه درويشانرا محروم ساختيم عَسى رَبُّنا شايد پروردگار ما كه از كرم او اميدواريم أَنْ يُبْدِلَنا ان يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة خَيْراً مِنْها بهترى از ان باغ إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ راجعون العفو طالبون الخير والى لانتهاء الرغبة لان الله منتهى رجائهم وطلبهم او لتضمنها معنى الرجوع والا فالمشهور ان تتعدى الرغبة بكلمة فى او عن دون الى روى انهم تعاقدوا وقالوا ان أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا الله وتضرعوا اليه فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها قالوا ان الله أمر جبريل ان يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزعر من ارض الشام اى موضع قليل النبات ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها وقال ابن مسعود رضى الله عنه ان القوم لما أخلصوا وعرف الله منهم الصدق ابدلهم جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا قال أبو خالد اليماني دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم يعنى در ان باغ خوشه انگور ديدم برابر مردى سياه بر پاى ايستاده محققان كفته اند هر كه ببلائي مبتلا كردد ومثال او عرضة تلف شود واو تأمل نمايد وداند كه باستحقاق برو نازل شده پس بگناه اعتراف نموده بحضرت عزت بازگشت كند بهتر وخوشتر از آنچهـ ازو بازستده بدو دهد چنانچهـ بوستان حيوان بعوض باغ ضروانى و پير رومى قدس سره ازين معنى خبر ميدهد آنجا ميفرمايد اولم خم شكست وسركه بريخت ... من نكويم كه اين زيانم كرد صد خم شهد صافى از پى آن ... عوضم داد وشادمانم كرد وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من اهل الجنة أم من اهل النار فقال لقد كلفتنى تعبا وعن الحسن رحمه الله قول أصحاب الجنة انا الى ربنا راغبون لا أدرى ايمانا كان ذلك منهم او على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة فتوقف فى أمرهم والأكثرون على انهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيري قدس سره. يقول الفقير ان كان ذلك القول منهم على حد ما يصدر من المضطر فابدال الله أباهم جنة خيرا من جنتهم يكون من قبيل الاستدراج وان كان عن توبة واخلاص فذلك الابدال من آثار تحقيق التوبة ونتائج الإخلاص فان للاخلاص ثمرات عجبة وعن

[سورة القلم (68) : الآيات 33 إلى 34]

الشيخ أبى الربيع المالقي رحمه الله قال سمعت بامرأة من الصالحات فى بعض القرى اشتهر أمرها وكان من دأبنا ان لا نزور امرأة فدعت الحاجة الى زيارتها للاطلاع على كرامة اشتهرت عنها وكانت تدعى بفضة فنزلنا القرية التي هى بها فذكر لنا ان عندها شاة تحلب لبنا وعسلا فاشترينا قدحا جديدا لم يوضع فيه شىء فمضينا إليها وسلمنا عليها ثم قلنا لها نريد أن نرى هذه البركة التي ذكرت لنا عن هذه الشاة التي عندكم فأعطتنا الشاة فحلبناها فى القدح فشربنا لبنا وعسلا فلما رأينا ذلك سألناها عن قصة الشاة فقالت نعم كانت لنا شويهة ونحن قوم فقراء ولم يكن لنا شىء فحضر العيد فقال لى زوجى وكان رجلا صالحا نذبح هذه الشاة فى هذا اليوم فقلت له لا نفعل فانه قدر خص لنا فى الترك والله يعلم حاجتنا إليها فاتفق ان استضاف بنا فى ذلك اليوم ضيف ولم يكن عندنا قراه فقلت له يا رجل هذا ضيف وقد أمرنا بإكرامه فخذ تلك الشاة فاذبحها قالت فخفنا ان يبكى عليها صغارنا فقلت له أخرجها من البيت الى ورلء الجدار فاذبحها فلما أراق دمها قفزت شاة على الجدار فنزلت الى البيت فخشيت ان تكون قد انفلتت منه فخرجت لا نظرها فاذا هو سلخ الشاة فقلت له يا رجل عجبا وذكرت له القصة فقال لعل الله قد أبدلنا خيرا منها وكانت تلك الشاة تحلب اللبن تحلب اللبن والعسل ببركة إكرامنا الضيف ثم قالت يا أولادي ان شويهتنا هذه ترعى فى قلوب المريدين فاذا طابت قلوبهم طاب لبنها وان تغيرت تغير لبنها فطيبوا قلوبكم قال اليافعي عنت بالمريدين نفسها وزوجها ولكن أطلقت لفظا ظاهره العموم مع ارادة التخصيص تسترا وتحريضا للمريدين على تطبيب قلوبهم إذ بطيب القلوب يحصل كل طيب محبوب من الأنوار والاسرار ولذة العيش بمنادمة الملك الغار والمعنى لما طابت قلوبنا طاب ما عندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم ولو لم يكن الأمر كذلك بل المراد عموم المريدين لكان بطيب اللبن من سائر الغنم ولو خبث قلبهما لما نقعهما طيب قلوب المريدين وإذا طاباهما لم يضرهما خبث قلوب المريدين كَذلِكَ الْعَذابُ جملة من مبتدأ وخبر مقدم لافادة القصر والالف واللام للعهد أي مثل الذي بلونا به اهل مكة واصحاب الجنة عذاب الدنيا وفى كشف الاسرار كذلك افعل بامتك إذا لم تعطف اغنياؤهم على فقرائهم بأن امنعهم القطر وأرسل عليهم الجوائح وأرفع البركة من زروعهم وتجارتهم ففيه وعيد لمانعى الزكاة والصدقة باهلاك المال وإنزال العذاب باى طريق كان مكن بد كه بد بينى اى يار نيك ... نيايد ز تخم بدى بار نيك كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أعظم وأشد وبالفارسية بزركتر است چهـ اين عذاب زوال يابد وآن باقى باشد لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ انه اكبر لاحترزوا عما يؤديهم اليه ويطرحهم ويرميهم عليه إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ اى من الكفر والمعاصي عِنْدَ رَبِّهِمْ اى فى الآخرة وذكر عند للتشريف والتكريم وذلك لانه لا ملك فيها حقيقة وصورة الا لله فكأنها حاضرة عنده تعالى يتصرف فيها كيف يشاء وإلا فمحال كون عندية الجنة بالنسبة الى الله تعالى مكانية وهى ظرف معمول للاستقرار الذي تعلق به للمتقين ويجوز أن يكون

[سورة القلم (68) : الآيات 35 إلى 38]

متعلقا بمحذوف منصوب على الحالية من المنوي فى قوله للمتقين ولا يجوز ان يكون حالا من جنات لعدم العامل والأظهر ان معنى عند ربهم فى جوار القدس فالمراد عندية المكانة المنزهة عن الجهة والتحيز لا عندية المكان كما فى قوله تعالى عند مليك مقتدر إذ للمقربين قرب معنوى من الله تعالى قال الراغب عند لفظ موضوع للقرب فتارة يستعمل فى المكان وتارة يستعمل فى الاعتقاد نحو عندى كذا وتارة فى الزلقى والمنزلة كقوله تعالى بل احياء عند ربهم وعلى ذلك قيل الملائكة المقربون جَنَّاتِ النَّعِيمِ جنات ليس فيها الا التنعم الخالص عن شائبة ما ينغصه من الكدورات وخوف الزوال كما عليه نعيم الدنيا واستفيد الحصر من الاضافة اللامية الاختصاصية فانها تفيد اختصاص المضاف اليه أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ كان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها فاذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين قالوا ان صح انا نبعث كما يرعم محمد ومن معه لم تكن حالنا وحالهم الأمثل ما هى فى الدنيا والألم يزيدوا علينا ولم يفضلونا وأقصى أمرهم أن يساوونا فردهم الله تعالى والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أنحيف فى الحكم فنجعل المؤمنين كالكافرين فى حصول النجاة والوصول الى الدرجات فالمراد من المجرمين الكافرون على ما دل عليه سبب النزول وهم المجرمون الكاملون الذين أجرموا بالكفر والشرك والا فالاجرام فى الجملة لا ينافى الإسلام نعم المسلم المطيع ليس كالمسلم الفاسق ففيه وعظ للعاقل وزجر للمتبصر ثم قيل لهم بطريق الالتفات لتأكيد الرد وتشديده ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ تعجيبا من حكمهم واستبعاد اله وإيذانا بأنه لا يصدر عن عاقل وما استفهامية فى موضع الرفع بالابتداء والاستفهام للانكار اى لانكار ان يكون لهم وجه مقبول يعتدبه فى دعواهم حتى يتمسك به ولكم خبرها والمعنى اى شىء ظهر لكم حتى حكمتم هذا الحكم القبيح كأن امر الجزاء مفوض إليكم فتحكمون فيه بما شئتم ومعنى كيف فى اى حال أفي حال العلم أم فى حال الجهل فيكون ظرفا او أعالمين أم جاهلين فيكون حالا وفى التأويلات النجمية أفنجعل المتقين لاحكام الشريعة وآداب الطريقة ورموز الحقيقة كالكاسبين للاخلاق الرديئة والأوصاف الرذيلة المخالفة للشريعة والطريقة والحقيقة ما لكم كيف تحكمون بهذا الظلم الصريح والقول القبيح أَمْ لَكُمْ اى بل ألكم وبالفارسية آيا شما راست كِتابٌ نازل من السماء فِيهِ متعلق بقوله تَدْرُسُونَ اى تقرءون قال فى المفردات درس الشيء معناه بقي اثره ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ تخير الشيء واختياره أخذ خيره قال الراغب الاختيار طلب ما هو خير فعله وقد يقال ما يراه الإنسان خيرا وان لم يكن خيرا وفى تاج المصادر التخير بركزيدن. والمعنى ما تتخيرونه وتشتهونه وأصله ان لكم بالفتح لانه مدروس فيكون مفعولا واقعا موضع المفرد فلا يكسر همزة ان ولكن لما جيئ باللام كسرت فان لام الابتداء لا تدخل على ما هو فى حيز أن المفتوحة وهذه اللام للابتدآء داخلة على اسم ان والمعنى تدرسون فى الكتاب ان لكم ما تختارونه لأنفسكم وأن

[سورة القلم (68) : الآيات 39 إلى 42]

يكون العاصي كالمطيع بل ارفع حالا منه فائتوا بكتاب ان كنتم صادقين ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله تعالى وتركنا عليه فى الآخرين سلام على نوح فى العالمين فيكون الموقع من مواقع كسر ان لعدم وقوعها موقع المفرد حكاه الله فى القرآن بصورته والفرق بين الوجهين ان المدروس فى الاول ما انسبك من الجملة وفى الثاني الجملة بلفظها وقوله فيه لا يستغنى عنه بفيه اولا فقد يكتب المؤلف فى كتابه ترغيبا للناس فى مطالعته ان فى هذا الكتاب كذا وكذا قال سعدى المفتى لك أن تمنع كون الضمير للكتاب بل الظاهر انه ليوم القيام المعلوم بدلالة المقام أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا قوله علينا صفة أيمان وكذا بالغة اى عهود مؤكدة بالايمان بالِغَةٌ اى متناهية فى التوكيد والصحة لان كل شىء يكون فى نهاية الجودة وغاية الصحة يوصف بأنه بالغ يقال لفلان على يمين بكذا إذا ضمنت وكفلت له به وحلفت له على الوفاء به اى بل أضمنا لكم او أقسمنا بايمان مغلظة فثبت لكم علينا عهود مؤكدة بالايمان إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بالمقدر فى لكم اى ثابتة لكم الى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم يومئذ ونعطيكم ما تحكمون او ببالغة او ايمان تبلغ ذلك اليوم وتنتهى اليه وافرة لم تبطل منها يمين الى ان يحصل المقسم عليه الذي هو التحكيم واتباعنا لحكمهم إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ جواب القسم لان معنى أم لكم ايمان علينا أم اقسمنا لكم كما سبق سَلْهُمْ امر من سال يسال بحذف العين وهمزة الوصل وهو تلوين للخطاب وتوجيه له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسقاطهم عن رتبة الخطاب اى سلهم مبكتا لهم يعنى بپرس اى محمد مشركانرا كه أَيُّهُمْ كدام ايشان بِذلِكَ الحكم الخارج عن العقول زَعِيمٌ اى قائم يتصدى لتصحيحه كما يقوم زعيم القوم بإصلاح أمورهم فقوله بذلك متعلق بزعيم والزعيم بمعنى القائم بالدعوى واقامة الحجة عليها قال الراغب قوله زعيم اما من الزعامة اى الكفالة او من الزعم بالقول وهو حكاية قول يكون مظنة للكذب وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعنقاد فى قولهم انه مظنة للكذب أَمْ لَهُمْ آيا ايشا نراست شُرَكاءُ يشاركونهم فى هذا القول ويذهبون مذهبهم فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ پس بگو بياريد شريكان خود. فالباء للتعدية ويجوز أن تكون للمصاحبة إِنْ كانُوا صادِقِينَ فى دعواهم إذ لا اقل من التقليد يعنى انه كما ليس لهم دليل عقلى فى اثبات هذا المذهب وهو التسوية بين المحسن والمسيئ كما قال ما لكم كيف تحكمون ولا دليل نقلى وهو كتاب يدرسونه ولا عهود موثقة بالايمان فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول حتى يقلدوهم وان كان التقليد لا يفلح من تشبث بذيله فثبت ان ما زعموا باطل من كل الوجوه وفيه اشارة الى ان اللائق بالحاكم تحرى الصواب بقدر الوسع فيما ليس بحاضر عنده وان حكم بلا تحر فلا يخلو عن خطأ وان أصاب مصل صلى فى ارض لم يعلم القبلة فيها فانه ان صلى بتحر فصلاته صحيحة وان اخطأ القبلة وان صلى فيها بغير تحر فغير صحيحة وان أصابها وإذا كان الحكم بلا تجر خطأ فكيف الحكم بشئ والأدلة قائمة بخلافه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يوم منصوب باذكر المقدر وعن ساق قائم مقام الفاعل ليكشف والمراد يوم القيامة اى اذكر

يوم يشتد الأمر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل فى ذلك ولا كشف ولا ساق ثمة كما تقول للاقطع الشحيح يده مغلولة ولا يدثمة ولا غل وانما هو مثل فى البخل بأن شبهت حال البخيل فى عدم تيسر الانفاق له بحال من غلت يده وكذا شبهت حال من اشتد عليه الأمر فى الموقف بالمخدرات اللاتي اشتد عليهن الأمر فاحتجن الى تشمير سوقهن فى الهرب بسبب وقوع امر هائل بالغ الى نهاية الشدة مع انهن لا يخرجن من بيوتهن ولا يبدين زينتهن لغير محارمهن لغاية خوفهن وزوال عقلهن من دهشتهن وفرارهن لخلاص انفسهن فاستعمل فى حق اهل الموقف من الأشقياء ما يستعمل فى حقهن من غير تصرف فى مفردات التركيب بل التصرف انما هو فى الهيئة التركيبية فكشف الساق استعارة تمثيلية فى اشتداد الأمر وصعوبته قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة فالساق التي كشفت لهم عبارة عن امر عظيم من اهوال يوم القيامة تقول العرب كشفت الحرب عن ساقها إذا عظم أمرها وتقول لمن وقع فى امر عظيم شديد يحتاج فيه الى جهد ومقاساة شمر عن ساقك وكذلك التفت الساق بالساق اى دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها فى بعض يوم القيامة وقيل ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان فان ساق الشجر مثلا أصله والاغصان تنبت على ذلك الأصل وتقوم به فالمعنى حينئذ يوم يكشف عن اصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصولها بحيث تصير عيانا وتنكيره على الوجه الاول للتهويل لان يوم القيامة يوم يقع فيه امر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف وعلى الثاني للتعظيم وَيُدْعَوْنَ اى الكفار والمنافقون إِلَى السُّجُودِ توبيخا وتعنيفا على تركهم إياه فى الدنيا وتحسيرا لهم على تفريطهم فى ذلك لا على سبيل التكليف والتعبد لان يوم القيامة لا يكون فيه تعيد ولا تكليف وسيأتى غير هذا فَلا يَسْتَطِيعُونَ لزوال القدرة الحقيقية عليه وسلامة الأسباب والآلات وفيه دلالة على انهم يقصدون السجود فلا يتأتى منهم ذلك ابن مسعود رضى الله عنه تعقم أصلابهم اى ترد عظاما بلا مفاصل لا تنثنى عند الرفع والخفض فيبقون قياما على حالهم حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على تفريطهم وفى الحديث (وتبقى أصلابهم طبعا واحدا) اى فقارة واحدة. ودر خبرست كه پشت كافر ومنافق چوق سرون كاويك مهره شود (كأن سفافيد الحديد فى ظهورهم) عن ابى بردة عن ابى موسى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه فى الدنيا فذهب كل قوم الى ما كانوا يعبدون فى الدنيا ويبقى اهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم فيقولون ذهب الناس فيقولون ان لناربا كنا نعبده فى الدنيا ولم نره فيقال تعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال لهم كيف ولم تروه قالوا الا يشبهه شىء فيكشف لهم الحجاب فينظرون الى الله تعالى فيخرون ن له سجدا ويبقى أقوام ظهورهم مثل صياصى البقر فيريدون السجود ولا يستطيعون كقوله تعالى يوم يكشف إلخ يقول الله يا عبادى ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى فى النار قال ابو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال والله الذي لا اله الا هو أحدثك أبوك بهذا الحديث فحلفت له بثلاث ايمان فقال

عمر ما سمعت من اهل التوحيد حديثا هو أحب الى من هذا الحديث وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه الله يتجلى الحق فى ذلك اليوم فيقول لتتبع كل امة ما كانت تعبد حتى تبقى هذه الامة وفيها منافقوها فيتجلى لهم الحق فى ادنى صورة من الصور التي كان يتجلى لهم فيها قبل ذلك فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فيقول لهم جل وعلا هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم فى الصورة التي عرفوه فيها بتلك العلامة فيقولون أنت ربنا فيأمرهم بالسجود فلا يبقى من كان يسجد لله الا سجد ومن كان يسجد اتقاء ورياه جعل ظهره طبقة نحاس كلما أراد ان يسجد خر على قفاه وذلك قوله تعالى يوم يكشف إلخ وقال ايضا يكون على الأعراف من تساوت كفتا ميزانه فهم ينظرون الى النار وينظرون الى الجنة ومالهم رجحان بما يدخلهم احدى الدارين فاذا دعوا الى السجود وهو الذي يبقى يوم القيامة من التكليف يسجدون فيرجح ميزان حسناتهم فيدخلون الجنة انتهى وكفته اند كه در ان روز نورى عظيم بنمايد وخلق بسجده در افتند. فيكون كشف الساق عبارة عن التجلي الإلهي كما ذهب اليه البعض وفى الحديث (يوم يكشف عن ساق) قيل عن نور عظيم يخرون له سجدا كما فى كشف الاسرار وفيه ايضا عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأخذ الله عز وجل للمظلوم من الظالم حتى لا يبقى مظلمة عند أحد حتى انه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء فاذا فرغ من ذلك نادى مناد ليسمع الحلائق كلهم ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد شيأ من دون الله الا مثلث له آلهته بين يديه ويجعل الله ملكا من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملكا من الملائكة على صورة عيسى بن مريم فيتبع هذا اليهود ويتبع هذا النصارى ثم تلويهم آلهتهم الى النار وهم الذين يقول الله لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون وإذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون قال الله لهم ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فينصرف الله عنهم فيمكث ما شاء أن يمكث ثم يأتيهم فيقول ايها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به انه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه وتجعل أصلابهم كصياصى البقر ثم يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم انتهى. واعلم ان حديث التحول مجمع عليه وهو من آثار الصفات الالهية كرؤيته فى المنام فى الصورة الانسانية والا فالله تعالى بحسب ذاته منزه عن الصورة وما يتبعها ومن مشى على المراتب لم يعثر ثم ان الآية دلت على جواز ورود الأمر بتكليف مالا يطاق والقدرية لا يقولون بذلك ففيها حجة عليهم كما فى اسئلة المقحمة لكن ينبغى أن يعلم ان المراد بما لا يطاق هو المحال العادي كنظر الأعمى الى المصحف ولا نزاع فى تجويز التكليف به وكذا المحال العارضى كايمان أبى جهل فانه صار محالا بسبب عارض وهو اخبار الله

[سورة القلم (68) : الآيات 43 إلى 46]

تعالى بانه لا يؤمن وقد أجاز الاشاعرة التكليف به ومنعه المعتزلة واما المحال العقلي وهو الممتنع لذاته كاعدام القديم فلم يذهب الى جواز التكليف به أحد خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ حال من مرفوع يدعون على ان أبصارهم مرتفع به على الفاعلية ونسبة الخشوع الى الابصار لظهور اثره فيها والا فالاعضاء ايضا خاشعة ذليلة متواضعة بل الخاشع فى الحقيقة هو القلب لكونه مبدأ الخشوع (وقال الكاشفى) يعنى خداوندان أبصار سر در پيش افكنده وشر منده باشد. قال ابو الليث وذلك ان المسلمين إذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت بيضاء كالثلج فلما نظر إليهم اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم كما قال تعالى تَرْهَقُهُمْ تلحقهم وتغشاهم فان الرهق غشيان الشيء الشيء ذِلَّةٌ شديدة تخزيهم كأنه تفسير لخشوع أبصارهم يقال ذل يذل ذلا بالضم وذلة بالكسر وهو ذليل يعنى خوار وَقَدْ كانُوا فى الدنيا يُدْعَوْنَ دعوة التكليف إِلَى السُّجُودِ اى اليه والإظهار فى الموضع الإضمار لزيادة التقرير أو لأن المراد به الصلاة او ما فيها من السجود وخص السجود بالذكر من حيث انه أعظم الطاعات قال بعضهم يدعون بدعوة الله صريحا مثل قوله تعالى فاسجدوا لله واعبدوا او ضمنا مثل قوله تعالى اقيموا الصلاة فان الدعوة الى الصلاة دعوة الى السجدة وبدعوة رسول الله عليه السلام صريحا كقوله عليه السلام اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء قالوا اى السجود او ضمنا كقوله عليه السلام صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا إذا أمركم تدخلوا جنة ربكم وبدعوة علماء كل عصر ومن أعظم الدعوة الى السجود إذ ان المؤذنين وإقامتهم فان قولهم حى على الصلاة دعوة بلا مرية فطوبى لمن أجاب دعوتهم بطوع لا بإكراه امتثالا لقوله تعالى أجيبوا داعى الله والجملة حال من ضمير يدعون وَهُمْ سالِمُونَ حال من مرفوع يدعون الثاني اى أصحاء فى الدنيا سلمت أعضاؤهم ومفاصلهم من الآفات والعلل متمكنون من أداء السجدة وقبول الدعوة أقوى تمكن اى فلا يجيبون اليه ويأبونه وانما ترك ذكره ثقة بظهوره وبالفارسية وايشان تندرست بودند وقادر بران چون فرصت فوت كردند درين روز جز حسرت وندامت بهره ندارند مده فرصت از دست كر بايدت ... كه كوى سعادت ز ميدان برى كه فرصت عزيزست چون فوت شد ... بسى دست حسرت بدندان برى وفى الآية وعيد لمن ترك الصلاة المفروضة او تخلف عن الجماعة المشروعة قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقنى مرافقتك فى الجنة فقال اعنى بكثرة السجود وكان السلف يعزون أنفسهم ثلاثة ايام إذا فاتهم التكبير الاول وسبعة إذا فاتهم الجماعة قال ابو سليمان الداراني قدس سره أقمت عشرين سنة ولم أحتلم فدخلت مكة فأحدثت بها حدثا فما أصبحت الا احتلمت وكان الحديث ان فاتته صلاة العشاء بجماعة وقال الشيخ ابو طالب المكي قدس سره فى قوت القلوب ولا بد مق صلاة الجماعة سيما إذا سمع التأذين

[سورة القلم (68) : آية 44]

او كان فى جوار المسجد وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد مائة دار واولى المساجد التي يصلى فيها أقربها اليه الا أن يكون له نية فى الأبعد لكثرة الخطى او لفضل امام فيه فالصلاة خلف العالم الفاضل أفضل او يريد اى يعمر بيتا من بيوت الله بالصلاة فيه وان بعد وقال سعيد ابن المسيب رحمه الله من صلى الخمس فى جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة وقال ابو الدرداء رضى الله عنه خالفا بالله تعالى من أحب الأعمال الى الله ثلاثة امر بصدقة وخطوة الى صلاة جماعة وإصلاح بين الناس وفى الآية اشارة الى انه يرفع الحجاب ويبقى المحجوبون فى حجاب انانيتهم ويشتد عليهم الأمر ويدعون الى الفناء فى الله فلا يستطيعون لافساد استعدادهم الفطري بالركون الى الدنيا وشهواتها ذليلة أبصارهم متحيرة لذهاب قوتها النورية تلحقهم ذلة الحجاب وهو ان الاحتجاب وقد كانوا فى زمان استعدادهم يدعون الى سجود الفناء بترك اللذات والشهوات وهم نائمون فى نوم الغفلة لا يرفعون له رأسا الفساد استعداد مزاجهم بالعلل النفسانية والأمراض الهيولانية فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ من منصوب للعطف على ضمير المتكلم او على انه مفعول معه وهو مرجوع لا مكان العطف من غير ضعف اى وإذا كان حالهم فى الآخرة كذلك فدعنى ومن يكذب بالقرءان وخل بينى وبينه ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكل على فى الانتقام منه فانى عالم بما يستحقه من العذاب ويطيق له وكافيك امره يقال ذرنى وإياه يريدون كله الى فانى أكفيك قال فى فتح الرحمن وعبد ولم يكن ثمة مانع ولكنه كما تقول دعنى مع فلان اى سأ عاقبه والحديث القرآن لان كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث سَنَسْتَدْرِجُهُمْ يقال استدرجه الى كذا إذا استنزله اليه درجة درجة حتى يورطه فيه وفى تاج المصادر الاستدراج اندك اندك نزديك دانيدن خداى بنده را بخشم وعقوبت خود. والمعنى سنستنزلهم الى العذاب درجة فدرجة بالإحسان وادامة الصحة وازدياد النعمة حتى نوقعهم فيه فاستدراج الشخص الى العذاب عبارة عن هذا الاستنزال والاستدناء مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ اى من الجهة التي لا يشعرون انه استدراج وهو الانعام عليهم لانهم يحسونه إيثارا لهم وتفضيلا على المؤمنين وهو سبب لهلاكهم وفى الحديث (إذا رأيت الله ينعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم انه مستدرج) وتلا هذه الآية وقال امير المؤمنين رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله (وروى) ان رجلا من بنى إسرائيل قال يا رب كم أعصيك ولم أنت لا تعاقبنى فأوحى الله الى نبى زمانه ان قل له كم من عقوبة لى عليك وان لا تشعر كونها عقوبة ان جمود عينك وقساوة قلبك استدراج منى وعقوبة لو عقلت قال بعض المكاشفين من المكر الإلهي بالعبد أن يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فمن علم اتصافه بهذا من نفسه فليعلم انه ممكور به وأخفى ما يكون المكر الإلهي فى المتأولين من اهل الاجتهاد وغيرهم ومن يعتقد أن كل مجتهد مصيب يدعو الناس على بصيرة وعلم قطعى وكذلك مكر الله بالخاصة خفى مستور فى ابقاء الحال عليهم وتأييدهم

[سورة القلم (68) : الآيات 45 إلى 46]

بالكرامات مع سوء الأدب الواقع منهم فتراهم يتلذذون بأحوالهم ويهجمون على الله فى مقام الإدلال وما عرفوا ما ادخر لهم من المؤاخذات نسأل الله العافية وقال بعض العارفين مكر الله فى نعمه أخفى منه فى بلائه فالعاقل من لا يأمن مكر الله فى شىء وأدنى مكر بصاحب النعمة الظاهرة او الباطنة انه يخطر فى نفسه انه مستحق لتلك النعمة وانها من أجل إكرامه خلقت ويقول ان الله ليس بمحتاج إليها فهى لى بحكم الاستحقاق وهذا يقع فيه كثيرا من لا تحقيق عنده من العارفين لان الله انما خلق الأشياء بالاصالة لتسبيح بحمده واما انتفاع عباده بها فبحكم التبعية لا بالأول وقال بعض المحققين كل علم ضرورى وجده العبد فى نفسه من غير تعمل فكر فيه ولا تدبر فهو عطاء من الله لوليه الخاص بلا واسطة ولكن لا يعرف ان ذلك من الله الا الكمل من الرجال ويحتاج صاحب مقام الفتوح الى ميزان دقيق لانه قد يكون فى الفتوح مكر خفى واستدراج ولذلك ذكره تعالى فى القرآن على نوعين بركات وعذاب حتى لا يفرح العاقل بالفتح قال تعالى ولو أن اهل الكتاب آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء وقال تعالى فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد وتأمل فول قوم عاد هذا عارض ممطرنا لما حجبتهم العادة فقيل لهم بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. واعلم ان كل فتح اعطاك أدبا وترقيا فليس هو بمكر بل عناية من الله لك وكل فتح اعطى العبد أحوالا وكشفا وإقبالا من الحق فليحذر منه فانه نتيجة عجلت فى غيره موطنها فينقلب صاحبها الى الدار الآخرة صفر اليدين نسأل الله اللطف قال أبو الحسين رضى الله عنه المستدرج سكران والسكران لا يصل اليه ألم فجع المعصية الا بعد افاقته فاذا أفاقوا من سكرتهم خلص ذلك الى قلوبهم فانزعجوا ولم يطمئنوا والاستدراج هو السكون الى اللذات والتنعم بالنعمة ونسيان ما تحت النعم من المحن والاغترار بحلم الله تعالى وقال أبو سعيد الخراز قدس سره الاستدراج فقدان اليقين فالمستدرج من فقد فوائد باطنه واشتغال بظاهره واستكثر من نفسه حركاته وسعيه لغيبوبته عن المنه وقال بعضهم بالاستدراج تعرف العقوبة ويخاف المقت وبالانتباه تعرف النعمة ويرجى القرب وَأُمْلِي لَهُمْ الاملاء مهلت دادن. اى وامهلهم باطالة العمر وتأخير الاجل ليزدادوا اثما وهم يزعمون ان ذلك لارادة الخير بهم إِنَّ كَيْدِي اى أخذي بالعذاب مَتِينٌ قوى شديد لا يطاق ولا يدفع بشئ وبالفارسية وبدرستى كه عقوبت من محكم است بهر چيزى دفع نشود وكرفتن من سخت است كس را طاقت آن نباشد. وفى الكشاف سمى إحسانه وتمكينه كيدا كما سماء استدراجا لكونه فى صورة الكيد حيث كان سببا للتورط فى الهلكة ووصفه بالمتانة لقوة اثر إحسانه فى التسبب للهلاك قال بعضهم الكيد اظهار النفع وابطان الضر للمكيد وفى المفردات الكيد ضرب من الاحتيال وقد يكون محمودا ومذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر ولكون بعض ذلك محمودا قال تعالى كذلك كدنا ليوسف قال بعضهم أراد بالكيد العذاب والصحيح انه الامهال المؤدى الى العذاب انتهى وفى التعريفات الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق أَمْ تَسْأَلُهُمْ آيا مبطلى

[سورة القلم (68) : الآيات 47 إلى 52]

از ايشان بر إبلاغ وارشاد ودعوت ايمان وطاعت. وهو معطوف على قوله أم لهم شركاء أَجْراً دنيويا فَهُمْ لاجل ذلك مِنْ مَغْرَمٍ اى من غرامة مالية وهى ما ينوب الإنسان فى ماله من ضرر لغير جناية منه مُثْقَلُونَ مكلفون حملا ثقيلا فيعرضون عنك اى لا تسأل منهم ذلك فليس لهم عذر فى اعراضهم وفرارهم أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ اى اللوح او المغيبات فَهُمْ يَكْتُبُونَ منه ما يحكمون من التسوية بين المؤمن والكافر ويستغنون به عن علمك فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم وَلا تَكُنْ فى التضجر والعجلة بعقوبة قومك وبالفارسية مباش در دلتنكى وشتاب زدكى. كَصاحِبِ الْحُوتِ اى يونس عليه السلام يعنى يونس كه صبر نكرد بر اذيت قوم وبي فرمانى الهى از ميان قوم برفت تا بشكم ماهى محبوس كشت إِذْ نادى داعيا الى الله فى بطن الحوت بقوله لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين وَهُوَ مَكْظُومٌ مملوء غيظا وغما يقال كظم السقاء إذا ملأه وشد رأسه وبالقيد الثاني قال تعالى والكاظمين الغيظ بمعنى الممسكين عليه وعليه قول النبي صلى الله عليه وسلم من كظلم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وايمانا والجملة حال من ضمير نادى وعليها يدور النهى لانها عبارة عن الضجرة والمغاضبة المذكورة صريحا فى قوله وذا النون إذ ذهب مغاضبا لا على النداء فانه امر مستحسن ولذلك لم يذكر المنادى وإذ منصوب بمضاف محذوف اى لا يكن حالك كحاله وقت ندائه اى لا يوجد منك ما وجد منه من الضجرة والمغاضبة فتبتلى ببلائه وهو التقام الحوت او بنحو ذلك قال بعضهم فاصبر لحكم ربك بسعادة من سعد وشقاوة من شقى ونجاة من نجا وهلاك من هلك ولا تكن كصاحب الحوت فى استيلاء صفات النفس عليه وغلبة الطيش والغضب للاحتجاب عن حكم الرب حتى رد عن جناب القدس الى مقر الطبع فالتقمه حوت الطبيعة السفلية فى مقام النفس وابتلى بالاجتنان فى بطن حوت الرحم لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ ناله وبلغه ووصل اليه وبالفارسية اگر نه آنست كه دريافت او را نِعْمَةٌ رحمة كائنة مِنْ رَبِّهِ وهو توفيقه للتوبة وقبولها منه وحسن تذكير الفعل للفصل بالضمير وان مع الفعل فى تأويل المصدر مبتدأ خبره مقدر بمعنى ولولا تدارك نعمة من ربه إياه حاصل لَنُبِذَ اى طرح من بطن الحوت فان النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به بِالْعَراءِ اى بالأرض الخالية من الأشجار قال الراغب العراء مكان لا سترة به وَهُوَ مَذْمُومٌ مليم مطرود من الرحمة والكرامة لكنه رحم فنبذ غير مذموم بل سقيما من جهة الجسد ومليم من ألام الرجل بمعنى اتى ما يلام عليه ودخل فى اللوم فان قلت فسر المذموم بالمليم وقد أثبته الله تعالى بقوله فالتقمه الحوت وهو مليم أجيب على ذلك التفسير بأن الالامة حين الالتقام لا تستلزم الالامة حين النبذ إذ التدارك نفاها فالتفت على ما هو حكم لولا الامتناعية كما أشير اليه فى تصوير المعنى آنفا وهو حال من مرفوع نبذ عليها يعتمد جواب لولا لانها هى المنفية لا النبذ بالعراء كما فى الحال الاولى لانه نبذ غير مذموم بل محمود فَاجْتَباهُ رَبُّهُ عطف على مقدر اى فتداركته نعمة ورحمة من ربه فجمعه اليه وقربه بالتوبة عليه بأن در اليه الوحى وأرسله الى مائة ألف او يزيدون

[سورة القلم (68) : آية 51]

يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وقيل اشتباه ان صح انه لم يكون نبيا قبل هذه الواقعة ومن أنكر الكرامات والارهاص لابدان يختار القول الاول لان احتباسه فى بطن الحوت وعدم موته هناك لما لم يكون إرهاصا ولا كرامة لا بدان يكون معجزة وذلك يقتضى ان يكون رسولا قبل هذه الواقعة فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ من الكاملين فى الصلاح بأن عصمه من ان يفعل فعلا يكون تركه اولى روى انها نزلت بأحد حين هم رسول الله عليه السلام ان يدعو على المنهزمين فتكون الآية مدينة وقيل حين أراد أن يدعو على ثقيف. حق تعالى فرمود كه صبر كن وآن دعا در توقف دار كه كارها بصبر نيكو شود كارها از صبر كردد دلپسند ... خرم آن كز صبر باشد بهره مند چون در افتادى بگرداب حرج ... صبر كن والصبر مفتاح الفرج دلت الآيات على فضيلة الصبر وعلى ان ترك الاولى يصدر من الأنبياء عليهم السلام والا لما كان يونس عليه السلام مليما وعلى ان الندم على ما فرط من العبد والتضرع الى الله لذلك من وسائل الإكرام وعلى ان توفيق الله نعمة باطنة منه وعلى ان الصلاح درجة عالية لا ينالها الا اهل الاجتباء وعلى ان فعل العبد مخلوق لله لدلالة قوله فجعله من الصالحين على ان الصلاح انما يكون بجعل الله وخلقه وان كان للعبد مدخل فيه بسبب الكسب بصرف إرادته الجزئية والمعتزلة يأولونه تارة بالأخبار بصلاحه وتارة باللطف له حتى صلح لكنه مجاز والأصل هو الحقيقة وَإِنْ مخففة واللام دليلها يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ يقال الزلقه ازل رجله يعنى بلغزانيد لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ لما ظرفية منصوبة بيزلقونك والمعنى انهم من شدة عداوتهم لك ينظرون إليك شزرا اى نظر الغضبان بمؤخر العين بحيث يكادون يزلون قدمك فيرمونك وقت سماعهم القرآن وذلك لاشتداد بغضهم وحسدهم عند سماعه من قولهم نظر الى نظر ايكاد يصرعنى اى لو أمكنه بنظره الصرع لفعله أو أنهم يكادون يصيبونك بالعين قال فى كشف الاسرار الجمهور على هذ القول روى انه كان فى بنى اسد عيانون والعيان والمعيان والعيون شديد الاصابة بالعين وكان الواحد منهم إذا أراد أن يعين شيأ يتجوع له ثلاثة ايام ثم يتعرض له فيقول تالله ما رأيت احسن من هذا فيتساقط ذلك الشيء وكان الرجل منهم ينظر الى الناقة السمينة او البقرة السمينة ثم بعينها ثم يقول للجارية خذى المكتل والدرهم فائتينا بلحم من لحم هذه فما تبرح حتى تقع فتنحر والحاصل انه لا يمر به شىء فيقول فيه لم ار كاليوم مثله إلا عانه وكان سببا لهلاكه وفساده فسأل الكفار من قريش من بعض من كانت له هذه الصفة ان يقول فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت مثله ولا مثل حججه. تا پرتو جمال آن حضرت بآسيب عين الكمال از ساحت عالم محو سازد. فقال فعصمه الله تعالى الحسن البصري قدس سره دوآء الاصابة بالعين ان تقرأ هذه الآية (كما قال الحافظ) حضور مجلس انس است دوستان جمعند ... وان يكاد بخوانيد ودر فراز كنيد

وفى الاسرار المحمدية قد قيل ان فى هذه الآية خاصية لدفع العين تعليقا وغسلا وشربا انتهى وفى الحديث (العين حق) اى اثرها فى المعين واقع قالوا ان الشيء لا يعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقض بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها ولما خاف يعقوب عليه السلام على أولاده من العين لانهم من العين لانهم كانوا اعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة وكانوا ولد رجل واحد قال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة فأمرهم ان يتفرقوا فى دخولها لئلا يصابوا بالعين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين فيقول أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول هكذا كان يعوذ ابراهيم اسمعيل واسحق عليهم السلام وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال دخلت على رسول الله عليه السلام فى أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فوجدته معافى فقال ان جبريل أتاني فرقانى فقال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال عليه السلام فأفقت والرقية بالفارسية افسون كردن. يقال رقاه الراقي رقيا ورقية إذا عوذه ونفث فى عوذته قالوا وانما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخله سحر او كفر واما ما كان من القرآن او شىء من الدعوات فلا بأس به كما فى المغرب للمطرزى ولا تختص العين بالانس بل تكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من أسنة الرماح وعن أم سلمة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام رأى فى بيتها جارية تشتكى وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين أصابتها من الجن كما فى شرح المصابيح وفى الحديث (لو كان شىء يسبق القدر لسبقة العين) اى لو كان شىء مهلكا او مضرا بغير قضاء الله وقدره لكان العين اى أصابتها لشدة ضررها وعنه عليه السلام ان العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر ومما يدفع العين ما روى ان عثمان رضى الله عنه رأى صبيا مليحا فقال دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكروم ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليها اولا فتنكسر سورته فلا يظهر اثره ومن الشفاء من العين ان يقال على ماء فى اناء نظيف ويسقيه منه ويغسله عنس عابس بشهاب قابس رددت العين من المعين عليه والى أحب الناس اليه فارجع البصر هل ترى من فطور والفاتحة وآية الكرسي وست آيات الشفاء وهى ويشف صدور قوم مؤمنين شفاء لما فى الصدور فيه شفاء للناس وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وإذا مرضت فهو يشفين قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء. ومن الشفاء ان يؤمر العائن فيغتسل او يتوضأ بماء ثم يغتسل به المعين قيل وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى رؤية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيؤاخذ الناظر لكونه سببها ووجهها بعض بأن العائن قد ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك او يفسد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات

قال فى الاسرار المحمدية ذوات السموم تؤثر بكيفياتها الخبيثة الكامنة فيها بالقوة فمتى قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت نفسها بكيفية خبيثة مؤذية ومنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر فى إسقاط الجنين ومنها ما يؤثر فى طمس البصر ومنها ما يؤثر فى الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضه بالمقابلة والرؤية كما اشتهر عن نوع من الأفاعي انها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك فهو من هذا الجنس ولا يستعبد ان تنبعث من عين يعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه اى ثقبه كالغم والمنخر والاذن فيتضرر به وإذا كانت النفوس مختلفة فى جواهرها وماهياتها لم يمتنع ايضا اختلافها فى لوازمها وآثارها فلا يستبعد ان يكون لبعض النفوس خاصية التأثير المذكور وبه يحصل الجواب عمن أنكر إصابة العين وقال انها لا حقيقة لها لان تأثير الجسم فى الجسم لا يعقل الا بواسطة المماسة ولا مماسة هاهنا فامتنع حصول التأثير انتهى وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع امر العين ولا تنكره وبعض النفوس لا تحتاج الى المقابلة بل بتوجه الروح ونحوه يحصل الضرر فربما يوصف الشيء للاعمى فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير مقابلة ورؤية وإذا قتلت ذوات السموم بعد لسعها خفّ اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية الاسم وصار قابلا للانحراف فما دامت حية فان نفسها تمده بامتزاج الهولء بنفسها وانتشاق الملسوع به قال الجاحظ علماء الفرس والهند وأطباء اليونانيين ودهاة العرب واهل التجربة من المعتزلة وحذاق المتكلمين كانوا يكرهون الاكل بين يدى السباع يخافون عيونها لما فيها من النهم والشره لما ينحل عند ذلك من أجوافها من البخار الرديء وينفصل من عيونها ما إذا خالط الإنسان نقصه وأفسده وكانوا يكرهون قيام الخدم بالمذاب والاشربة على رؤسهم مخافة العين وكانوا يأمرون اتباعهم قبل ان يأكلوا ان يطردوا الكلب والسنور او يشغلوه بما يطرح له ومن هذا يعرف بعض اسرار قوله عليه السلام من أكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلا بداء لا دوآء له وفائدة الرقى ان الروح إذا تكيفت به وقويت واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والخواص الفاسدة فأزالته والحاصل ان الرقية بما ليس بشرك مشروعة لكن التحرز من العين لازم وانه واجب على كل مسلم أعجبه شىء ان يبرك ويقول تبارك الله احسن الخالقين اللهم بارك فيه فانه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة ومن عرف باصابة العين منع من مداخلة الناس دفعا لضرره قال بعض العلماء يأمره الامام بلزوم بيته وان كان فقيرا رزقه ما يقوم به معاشه ويكف أذاه عن الناس وقيل ينفى والاحتياط الأمر بلزوم بيته دون الحبس والنفي وبهذا التقرير يعرف حال المجذومين ولذا اتخذوا لهم فى بعض البلاد مكانا مخصوصا بحيث لا يخالطون الناس ولا يشاركونهم فى محلاتهم وذكر الجاحظ ان اعجب ما فى الدنيا ثلاثة اليوم لا تظهر بالنهار خوفا ان تصيبها العين لحسنها قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسه انه احسن الحيوان لم يظهر الا بالليل

[سورة القلم (68) : آية 52]

والثاني الكركي لا يطا الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض والثالث الطائر الذي يقعد على سواقى الماء من الأنهار يعرف بمالك الحزين شبيه الكركي لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا ففى الاول اشارة الى ذم العجب وفى الثاني الى مدح الخوف وفى الثالث الى قدح الحرص فليعتبر العاقل من غير العاقل والسعيد من وعظ بغيره وأخذ الاشارة من كل شىء نسأل الله البصيرة التامة بمنه وَيَقُولُونَ لغاية حيرتهم فى امره عليه السلام ونهاية جهلهم بما فى القرآن من بدائع العلوم ولتنفير الناس عنه والا فقد علموا انه اعقلهم إِنَّهُ عليه السلام لَمَجْنُونٌ الظاهر أنه مثل قولهم يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون (وقال الكاشفى) بدرستى كه اين مرد ديو كرفته يعنى با او جنى است كه او را تعليم ميدهند. كما قال الوليد ابن المغيرة معلم مجنون يعنى يأتيه رئيى من الجن فيعلمه وحيث كان مدار حكمهم الباطل ما سمعوا منه عليه السلام رد ذلك ببيان علو شأنه وسطوع برهانه فقيل وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ على انه حال من فاعل يقولون مفيدة لغاية بطلان قولهم وتعجيب للسامعين من جراءتهم على التفوه بتلك العظيمة اى يقولون ذلك والحال ان القرآن ذكر للعالمين من الجن والانس اى تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون اليه من امور دينهم فأين من انزل عليه ذلك وهو مطلع على أسراره طرا ومحيط بجميع حقائقه خبرا مما قالوا فى حقه من الجنون اى انه من أول الأمور على كمال عقله وعلو شأنه فمن نسب اليه القصور فانما هو من جهله وجنته فان الفضل لا يعرفه إلا ذووه إذا لم يكن للمرء عين صحيحة ... فلا غروأن يرتاب والصحيح مسفر وقيل معناه شرف وفضل لقوله تعالى وانه لذكر لك ولقومك وفيه اشارة الى الإلهام فانه ذكر لصاحبه ولمن اعتقده واقتدى به إذا الآثار باقية الى يوم القيامة وقيل الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكونه ذكرا وشرفا للعالمين لا ريب فيه اى شرف جمله عالم بتو ... روشنى ديده عالم بتو وفيه اشارة الى سادات أمته واركان دينه تمت سورة نون بعونه خالق القلم وما يسطرون فى الخامس والعشرين يوم الاثنين من شعبان من سنة ست عشرة بعد المائة تفسير سورة الحاقة وآيها احدى وخمسون اية مكية بسم الله الرحمن الرحيم الْحَاقَّةُ هى من اسماء القيامة من حق يحق بالكسر إذا وجب وثبت لانها يحق اى يجب مجيئها ويثبت وقوعها كما قال تعالى ان الساعة آتية لا ريب فيها فالاسناد حقيقى وقال الراغب فى المفردات لانها يحق فيها الجزاء فالاسناد مجاذى كنهاره صائم ونحو مَا الْحَاقَّةُ الأصل ما هى اى اى شىء هى فى حالها وصفتها فان ما قد يطلب بها الصفة والحال فوضع الظاهر موضع المضمر

[سورة الحاقة (69) : الآيات 3 إلى 5]

تأكيدا لهولها كما يقال زيد ما زيد على التعظيم لشأنه فقوله الحاقة مبتدأ وما مبتدأ ثان وما بعده خبره والجملة خبر للمبتدأ الاول والرابط تكرير المبتدأ بلفظه هذا ما ذكروه فى اعراب هذه الجملة ونظائرها ومقتضى التحقيق أن تكون ما الاستفهامية خبرا لما بعدها فان مناط الفائدة بيان أن الحاقة امر بديع وخطب فظيع كما يفيده كون ما خبرا لا بيان ان امرا بديعا الحاقة كما يفيده كونها مبتدأ وكون الحاقة خبرا كذا فى الإرشاد وَما أَدْراكَ من الدراية بمعنى العلم يقال دراه ودرى به اى علم به من باب رمى وأدراه به اعلمه قال فى تاج المصادر الدراية والدرية والدري دانستن ويعدى بالباء وبنفسه قال سيبويه وبالباء اكثر قوله ما مبتدأ وادراك خبره ولا مساغ هاهنا للعكس والمعنى واى شىء أعلمك يا محمد وبالفارسية و چهـ چيز دانا كردانيد ترا مَا الْحَاقَّةُ جملة من مبتدأ وخبر فى موضع المفعول الثاني لأدراك والجملة الكبيرة تأكيد لهول الساعة وفظاعتها ببيان خروجها عن دائرة علم المخلوقات على معنى ان أعظم شأنها ومدى هولها وشدتها بحيث لا يكاد تبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهى أعظم من ذلك وأعظم فلا يتسنى الاعلام قال بعضهم ان النبي عليه السلام وان كان عالما بوقوعها ولكن لم يكن عالما بكمال كيفيتها ويحتمل أن يقال له عليه السلام اسماعا لغيره وفى التأويلات النجمية يشير بالحاقة الى التجلي الاحدى الاطلاقى فى مرءاة الواحدية المفنى للكل كما قال لمن الملك اليوم لله الواحد القهار بقهر سطوات أنوار الاحدية جميع ظلمات التعينات الساترة اطلاق الذات المطلقة وسمى بالحاقة لثبوته فى ذاته وتحققه فى نفسه كَذَّبَتْ ثَمُودُ قوم صالح من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له وَعادٌ قوم هود وهى قبيلة ايضا وتمنع كما فى القاموس بِالْقارِعَةِ من جملة اسماء الساعة ايضا لانها تقرع الناس اى تضرب بفنون الافزاع والأهوال اى تصيبهم بها كأنها تقرعهم بها والسماء بالانشقاق والانفطار والأرض والجبال بالدك والنسف والنجوم بالطمس والانكدار ووضعت موضع ضمير الحاقة للدلالة على معنى القرع فيها زيادة فى وصف شدتها فان فى القارعة ما ليس فى الحاقة من الوصف يقال أصابتهم قوارع الدهر أي أهواله وشدائده قيل منها قوارع القرآن للآيات التي تقرأ حين الفزع من الجن والانس لقرع قلوب المؤذين بذكر جلال الله والاستمداد من رحمته وحمايته مثل آية الكرسي ونحوها وفى الآية تخويف لاهل مكة من عاقبة تكذيبهم بالبعث والحشر فَأَمَّا ثَمُودُ وكانوا عربا منازلهم بالحجر بين الشام والحجاز يراها حجاج الشام ذهابا وإيابا فَأُهْلِكُوا اى اهلكهم الله لتكذيبهم فأخبر عن الفعل لانه المراد دون الفاعل لانه معلوم بِالطَّاغِيَةِ اى بالصيحة التي جاوزت عن حد سائر الصيحات فى الشدة فرجفب منها الأرض والقلوب وتزلزلت فاندفع ما يرى من التعارض بين قوله تعالى فأخذتهم الرجفة وبين قوله تعالى فأخذتهم الصيحة والقصة واحدة وفى الآية اشارة الى اهل العلم الظاهر المحجوبين عن العلوم الحقيقية فانهم اهل العلم القليل كما ان ثمود اهل الماء القليل فلما كذبوا فناء اهل العلم الباطن من طريق السلوك اهلكهم الله بصاعقة نار البعد والاحتجاب فليس لهم صلاح فى الباطن وان كان لهم صلاح

[سورة الحاقة (69) : الآيات 6 إلى 9]

فى الظاهر وذلك لانهم لم يتبعوا صالحا من الصلحاء الحقيقيين فيقوا فى فساد النفس وَأَمَّا عادٌ وكانت منازلهم بالأحقاف وهى الرمل بين عمان الى حضر موت واليمن وكانوا عربا ايضا ذوى بسطة فى الخلق وكان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين وأوسطهم ما بين ذلك وكان رأس الرجل منهم كالقبة يفرخ فى عينيه ومنخره السباع وتأخيره عن ثمود مع تقدمهم زمانا من قبيل الترقي من الضال الشديد الى الاضل الأشد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ هى الدبور لقوله عليه السلام نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور صَرْصَرٍ اى شديدة الصوت لها صرصرة فى هبوبها وهى بالفارسية بانك كردن باز و چرغ وآنچهـ بدان ماند. او شديدة البرد تحرق ببردها النبات والحرث فان الصر بالكسر شدة البرد عاتِيَةٍ مجاوزة للحد فى شدة العصن كأنها عتت على خزانها فلم يتمكنوا من ضبطها والرياح مسخرة لميكائيل تهب باذنه وتنقطع باذنه وله أعوان كأعوان ملك الموت (روى انه ما يخرج من الريح شىء الا بقدر معلوم ولما اشتد غضب الله على قوم عاد أصابتهم ريح خارجة عن ضبط الخزان ولذلك سميت عاتية او المعنى عاتية على عاد فلم يقدر وأعلى ردها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل او اختفاء فى حفرة فانها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم سَخَّرَها عَلَيْهِمْ التسخير سوق الشيء الى الغرض المختص به قهرا والمسخر هو المقيض للفعل والمعنى سلط الله تلك الريح الموصوفة على قوم عاد بقدرته القاهرة كما شاء الظاهر أنه صفة اخرى ويقال استئناف لدفع ما يتوهم من كونها باتصالات فلكية مع انه لو كان كذلك لكان بتسبيبه وتقديره فلا يخرج من تسخيره تعالى سَبْعَ لَيالٍ منصوب على الظرفية لقوله سخرها أنت العدد لكون الليالى جمع ليلة وهى مؤنث فتبع مفرد موصوفه يقال ليل وليلة ولا يقال يوم ويومة وكذا نهارة وتجمع الليلة على الليالى بزيادة الياء على غير القياس فيحذف ياؤها حالة التنكير بالاعلال مثل الاهالى والاهال فى جمع اهل إلا حالة النصب نحو قوله تعالى سيروا فيها ليالى وأياما آمنين لانه غير منصرف والفتح خفيف وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ذكر العدد لكون الأيام جمع يوم وهو مذكر حُسُوماً جمع حاسم كشهود جمع شاهد وهو حال من مفعول سخرها بمعنى حاسمات عبر عن الريح الصرصر بلفظ الجمع لتكثرها باعتبار وقوعها فى تلك الليالى والأيام وقال بعضهم صفة لما قبله (كما قال الكاشفى) روزها وشبهاى متوالى. والمعنى على الاول حال كون تلك الريح متتابعات ما خفق هبوبها فى تلك المدة ساعة حتى أهلكتهم تمثيلا لتنابعها بتتابع فعل الحاسم فى إعادة الكي على داء الدابة مرة بعد أخرى حتى ينحسم وينقطع الدم كما قال فى تاج المصادر الحسم بريدن و پيوسته داغ كردن. فهو من استعمال المقيد فى المطلق إذا لخسم هو تتابع الكي او نحسات حسمت كل خير واستأصلته او قاطعات قطعت دابرهم والحاصل ان تلك الرياح فيها ثلاث حبثيات الاولى تتابع هبوبها والثانية كونها قاطعة لكل خير ومستأصلة لكل بركة أتت عليها والثالثة كونها قاطعة دابرهم فسميت حسوما بمعنى حاسمات اما تشبيها لها بمن يحسم الداء فى تتابع الفعل واما لان الحسم فى اللغة القطع والاستئصال وسمى السيف حساما لانه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته وهى كانت ايام برد العجوز

من صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال ويقال آخر أسبوع من شهر صفر الى غروب الأربعاء الآخر وهو آخر الشهر وعن ابن عباس رضى الله عنه برفعه آخر أربعاء فى الشهر يوم نحس مستمر وانما سميت عجوزا لان عجوزا من عاد تورات فى سرب اى فى بيت فى الأرض فانتزعتها الريح فى اليوم الثامن فأهلكتها وقبل هى ايام العجز وهى آخر الشتاء ذات برد ورياح شديدة فمن نظر الى الاول قال برد العجوز ومن نظر الى الثاني قال برد العجز وفى روضة الاخبار رغبت عجوز الى أولادها أن يزوجوها وكان لها سبعة بنين فقالوا الى أن تصبرى على البرد عارية لكل واحد مناليلة ففعلت فلما كانت فى السابعة ماتت فسميت تلك الأيام ايام العجوز واسماء هذه الأيام الصن وهو بالكسر أول ايام العجوز كما فى القاموس والصنبر وهى الريح الباردة والثاني من ايام العجوز كما فى القاموس والوبر وهو ثالث ايام العجوز والمعلل كمحدث وهو الرابع من أيامها ومطفئ الجمر وهو خامس ايام العجوز او رابعها كما فى القاموس وقيل مكفئ الظعن اى مميلها وهو جمع ظعينة وهو الهودج فيه امرأة أم لا والآمر والمؤتمر قال فى القاموس آمر ومؤتمر آخر ايام العجوز قال الشاعر كسع الشتاء بسبعة غبر ... ايام شهلتنا من الشهر فاذا انقضت ايام شهلتنا ... بالصن والصنبر والوبر وبآمر وأخيه مؤتمر ... ومعلل وبمطفئ الجمر ذهب الشتاء موليا هربا ... وأتتك موقدة من الحر قال فى الكواشي ولم يسم الثامن لان هلاكهم واهلاكها كان فيه وفى عين المعاني ان الثامن هو مكفئ الظعن ثم قال فى الكواشي ويجوز انها سميت ايام العجوز لعجزهم عما حل بهم فيها ولم يسم الثامن على هذا لاهلاكهم فيه والذي لم يسم هو الاول وان كان العذاب واقعا فى ابتدائه لان ليلته غير مذكورة فلم يسم اليوم تبعا للتلة لان التاريخ يكون بالليالي دون الأيام فالصن ثانى الأيام الثمانية أول الأيام المذكورة لياليها انتهى. يقول الفقير سر العدد أن عمر الدنيا بالنسبة الى الانس سبعة ايام من ايام الآخرة وفى اليوم الثامن تقع القيامة ويعم الهلاك ثم فى الليالى السبع اشارة الى الليالى البشرية الساترة للصفات السبع الالهية التي هى الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وفى الأيام اشارة الى الأيام الكاشفات للصفات الثمان الطبيعية وهى الغضب والشهوة والحقد والحسد والبخل والجبن والعجب والشره التي تقطع امور الحق وأحكامه من الخيرات والمبرات يعنى قاطعات كل خير وبر وقال القاشاني واما عاد المغالون المجاوزون حد الشرائع بالزندقة والإباحة فى التوحيد فأهلكوا بريح هوى النفس الباردة بجمود الطبيعة وعدم حرارة الشوق والعشق العاتية اى الشديدة الغالبة عليم الذاهبة بهم فى اودبة الهلاك سخرها الله عليهم فى مراب الغيوب السبع التي هى لياليهم لاحتجابهم عنها والصفات الثمان الظاهرة لهم كالايام وهى الوجود والحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والتكلم على ما ظهر منهم وما بطن تقطعهم وتستأصلهم فَتَرَى يا محمد او يا من شأنه أن يرى ويبصر ان كنت حاضرا حينئذ الْقَوْمَ اى

[سورة الحاقة (69) : الآيات 8 إلى 9]

قوم عاد فاللام للعهد وبالفارسية پس تو ميديدى قوم عاد را اگر حاضر مى بودى فِيها اى فى محال هبوب تلك الريح او فى تلك الليالى والأيام ورجحه ابو حيان للقرب وصراحة الذكر صَرْعى موتى جمع صريع كقتلى وقتيل حال من القوم لان الروية بصرية ولصريع بمعنى مصروع اى مطروح على الأرض ساقط لان الصرع الطرح وقد صرعوا بموتهم كَأَنَّهُمْ كوبيا ايشان از عظم أجسام أَعْجازُ نَخْلٍ بيخهاى درخت خرمااند. الكاف فى موضع الحال اما من القوم على قول من جوز حالين من ذى حال واحد او من المنوي فى صرعى عند من لم يجوز ذلك اى مصروعين مشبهين بأصول نخل كما قال فى القاموس العجز مثلثة وكندس وكتف مؤخر الشيء واعجاز النخل أصولها انتهى والنخل اسم جنس مفرد لفظا وجمع معنى واحدتها نخلة خاوِيَةٍ اصل الخوى الخلاء يقال خوى بطنه من الطعام اى خلا والمعنى متأكلة الأجواف خالتتها لا شىء فيها يعنى انهم متساقطون على الأرض أمواتا طوالا غلاظا كأنهم اصول نخل مجوفة بلا فروع شبهوا بها من حيث ان أبدانهم خوت وخلت من أرواحهم كالنخل الخاوية وقيل كانت الريح تدخل من أفواههم فتخرج ما فى أجوافهم من ادبارهم فصاروا كالنخل الخاوية ففيه اشارة الى عظم خلفهم وضخامة أجسادهم ولذا كانوا يقولون من أشد منا قوة والى ألذ الريح ابلتهم فصاروا كالنخل الموصوفة وفيه اشارة الى ان اهل النفس موتى لا حياة حقيقية لهم لانهم قائمون بالنفس لا بالله كما قال كأنهم خشب مسندة كأنهم أعجاز نخل اى أقوياء بحسب الصورة لا معنى فيهم ولا حياة ساقطة عن درجة الاعتبار والوجود الحقيقي إذ لا تقوم بالله والى ان النفس وصفائها مجوفة ليس لها بقاء لان البقاء انما هو بفيض الروح يعنى ان الذي رش عليه من رطوبة الروح حى بإذن الله وصلح قابلا للصفات الالهية وإلا مات وفسد فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ الاستفهام لانكار الرؤية والباقية اسم كالبقية لاوصف والتاء للنقل الاسمية ومن زائدة وباقية مفعول ترى اى ما ترى منهم بقية من صغارهم وكبارهم وذكورهم وإناثهم غير المؤمنين ويجوز أن يكون صفة موصوف محذوف بمعنى نفس باقية او مصدرا بمعنى البقاء كالكاذبة والطاغية والبقاء ثبات الشيء على الحالة الاولى وهو يضاد الفناء مقرر است كه بودند بر زمانه بسى ... شهان تخت نشين خسروان شاه نشان چوعاصفات قضا از مهب قهر وزيد ... شدند خاك واز ان خاك نيز نيست نشان فعلى العاقل أن يجتهد حتى يبقى فى الدنيا بالعمر الثاني كما دل عليه قوله تعالى حكاية عن ابراهيم الخليل عليه السلام واجعل لى لسان صدق فى الآخرين على ان الحياة الباقية الحقيقية هى ما حصلت بالتجلى الإلهي والفيض المآلى الكلى نسأل الله سبحانه أن يفيض علينا سجال فيضه وجوده بحرمة أسمائه وصفاته ووجوب وجوده وَجاءَ فِرْعَوْنُ اى فرعون موسى أفرده بالذكر لغاية علوه واستكباره وَمَنْ قَبْلَهُ ومن تقدمه من الكفرة غير عاد وثمود فهو من قبيل التعميم بعد التخصيص ومن صولة وقبل نقيض بعد وقرأ ابو عمرو ويعقوب والكسائي قبله بكسر القاف وفتح الباء بمعنى ومن معه من القبط من اهل مصرف وَالْمُؤْتَفِكاتُ

[سورة الحاقة (69) : الآيات 10 إلى 13]

اى قرى قوم لوط اى أهلها لانها عطفت على ما قبلها من فرعون ومن قبله يقال افكه عن الشيء اى قلبه وائتفكت البلدة بأهلها اى انقلبت والله تعالى قلب قرى قوم لوط عليهم فهى المنقلبات بالخسف وهى خمس قريات صعبه وصعده وعمره ودوما سدوم وهى أعظم القرى ثم هذا من قبيل التخصيص بعد التعميم للتتميم لان قوم لوط أتوا بفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين بِالْخاطِئَةِ الباء للملابسة والتعدية وهو الأظهر اى بالخطأ او بالغفلة او الافعال ذات الخطأ العظيم التي من جملتها تكذيب البعث والقيامة فالخاطئة على الاول مصدر كالعاقبة وعلى الأخيرين صفة لمحذوف والبناء للنسبة على التجريد والأظهر انه من المجاز العقلي كشعر شاعر فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ اى فعصى كل امة رسولهم حين نهاهم عما كانوا يتعاطونه من القبائح فالرسول هنا بمعنى الجمع لان فعولا وفعيلا يستوى فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع فهو من مقابلة الجمع بالجمع المستدعية لانقسام الآحاد على الآماد فالاضافة ليست للعهد بل للجنس فَأَخَذَهُمْ اى الله تعالى بالعقوبة اى كل قوم منهم أَخْذَةً رابِيَةً اى زائدة فى الشدة على عقوبات سائر الكفار أو على القدر المعروف عند الناس لما زادت معاصيهم فى القبح على معاصى سائر الكفرة أغرق من كذب نوحا وهم كل اهل الأرض غير من ركب معه فى السفينة وحمل مدائن لوط بعد ان نتقها من الأرض على متن الريح بواسطة من امره بذلك من الملائكة ثم قلبها واتبعها الحجارة وخسف بها وغمرها بالماء المنتن الذي ليس فى الأرض ما يشبهه وأغرق فرعون وجنوده ايضا فى بحر القلزم او فى النيل وهكذا عوقب كل امة عاصية بحسب أعمالهم القبيحة وجوزيت جزاء وفاقا وفى كل ذلك تخويف لقريش وتحذير لهم عن التكذيب وفيه عبرة موقظة لأولى الألباب يقال ربا الشيء يربو إذا زاد ومنه الربا الشرعي وهو الفضل الذي يأخذه آكل الربا زائدا على ما أعطاه إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ المعهود وقت الطوفان اى جاوز حده المعتاد حتى ارتفع على كل شىء خمسمائة ذراع وقال بعضهم ارتفع على ارفع جبل فى الدنيا خمسة عشر ذاعا أوحده فى المعاملة مع خزانه من الملائكة بحيث لم يقدروا على ضبطه وذلك الطغيان ومجاوزة الحد بسبب اصرار قوم نوح على فنون الكفر والمعاصي ومبالغتهم فى تكذيبه فيما اوحى اليه من الاحكام التي جملتها احوال القيامة فانتقم الله منهم بالاغراق حَمَلْناكُمْ ايها الناس اى حملنا آباءكم وأنتم فى أصلابهم فكأنكم محمولون باشخاصكم وفيه تنبيه على المدة فى الحمل لان نجاة آبائهم سبب ولادتهم فِي الْجارِيَةِ يعنى فى سفينة نوح لان من شانها أن تجرى على الماء والمراد بحملهم فيها رفعهم فوق الماء الى انقضاء ايام الطوفان لا مجرد رفعهم الى السفينة كما يعرب عنه كلمة فى فانها ليست بصلة للحمل بل متعلقة بمحذوف هو حال من مفعوله اى رفعناكم فوق الماء وحفظناكم حال كونكم فى السفينة الجارية بأمرنا وحفظنا من غير غرق وخرق وفيه تنبيه على ان مدار نجاتهم محض عصمته تعالى وانما السفينة سبب صورى لِنَجْعَلَها اى لنجعل الفعلة التي هى عبارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين لَكُمْ تَذْكِرَةً عبرة ودلالة على كمال قدرة الصانع وحكمته وقوة قهره وسعة رحمته

[سورة الحاقة (69) : آية 13]

فضمير لنجعها الى المفعلة والقصة بدلالة ما بعد الآية من الوعى (وقال الكاشفى) ناكردانيم آن كشتى را براى شما پندى وعبرتى در نجات مؤمنان وهلاك كافران وفى كشف الاسرار تا آنرا يادگارى كنيم تا جهان بود. وقد أدرك السفينة أوائل هذه الامة وكان ألوحها على الجودي وَتَعِيَها اى تحفظها وبالفارسية ونكاه دارد اين پند را. والوعى أن تحفظ العلم ووعيت الشيء فى نفسك يقال وعيت ما قلته ومنه ما قال عليه السلام لا خير فى العيش إلا لعالم ناطق ومستمع واع والايعاء أن تحفظه فى غير نفسك من وعاء يقال أوعيت المتاع فى الوعاء منه ما قال عليه السلام لاسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما لا توعى فيوعى الله عليك ارضخى ما استطعت وقال الشاعر الخير يبقى وان طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت من زاد أُذُنٌ واعِيَةٌ اى اذن من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به يقال الوعى فعل القلب ولكن الآذان تؤدى الحديث الى القلوب الواعية فنعتت الآذن بنعت القلوب (وفى البستان) وگر نيستى سعى جاسوس كوش ... خبر كى رسيدى بسلطان هوش والتنكير والتوحيد حيث لم يقل الآذان الواعية للدلالة على قلتها وان من هذا شأنه مع قلته يتسبب لنجاة الجم الغفير وادامة نسلهم يعنى ان من وعى هذه القصة انما يعيها ويحفظها لاجل أن يذكرها للناس ويرغبهم فى الايمان المنجى ويحذرهم عن الكفر المردي فيكون سببا للنجاة والادامة المذكورتين قال فى الكشاف الاذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهى السواد الأعظم عند الله وان ما سواها لا يبالى بهم وان ملأوا ما بين الخافقين وفى الحديث (فلح من جعل الله له قلبا واعيا) وعن النبي عليه السلام انه قال لعلى رضى الله عنه عنك نزول هذه الآية سألت الله أن يجعلها اذنك يا على قال على فما نسيت شيأ بعد وما كان لى ان أنسى إذ هو الحافظ للاسرار الالهية وقد قال ولدت على الفطرة وسبقت الى الايمان والهجرة وفى رواية أخذ بأذن على بن ابى طالب وقال هى هذه ذكره النقاش كر چهـ ناصح را بود صد داعيه ... پند را اذنى ببايد واعيه كر نبودى كوشهاى غيب كير ... وحي ناوردى ز كردون يك بشير قال بعضهم تلك آذان أسمعها الله فى الأزل خطابه فهى واعية تعى من الحق كل خطاب وعن أبى هريرة انه قيل لى انك تكثر رواية الحديث وغيرك لا يروى مثلك فقلت ان المهاجرين والأنصار كان شغلهم عمل أموالهم وكنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله وأقنع بقوتي وقال عليه السلام يوما من الأيام انه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتى ثم يجمع اليه ثوبه إلا وعى ما أقول فبسطت نمرة علي حتى إذا قضى مقالته جمعتها الى صدرى فما نسيت من مقالته عليه السلام شيأ وفيه اشارة الى تأثير حسن المقال وفائدته والا لكان دعاؤه عليه السلام كافيا فى وعيه كما وقع لأمير المؤمنين رضى الله عنه فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ شروع فى بيان نفس الحاقة وكيفية وقوعها

[سورة الحاقة (69) : الآيات 14 إلى 18]

اثر بيان عظم شأنها باهلاك مكذبيها والنفخ إرسال الريح من الفم وبالفارسية دميدن. والصور قرن من نور أوسع من السموات ينفخ فيه اسرافيل بأمر الله فيحدث صوت عظيم فاذا سمع الناس ذلك الصوت يصيحون ثم يموتون الا من شاء الله والمصدر المبهم هو الذي يكون لمجرد التأكيد وان كان لا يقام مقام الفاعل فلا يقال ضرب ضرب إذ لا يفيد امرا زائدا على مدلول الفعل الا نه حسن اسناد الفعل فى الآية الى المصدر وهو النفخة لكونها نفخا مقيدا بالوحدة والمرة لا نفخا مجردا مبهما والمراد بها هاهنا النفخة الاولى التي لا يبقى عندها حيوان إلا مات ويكون عندها خراب العالم لما دل عليه الحمل والدك الآتيان وفى الكشاف فان قلت هما نفختان فلم قيل واحدة قلت معناه انها لا تثنى فى وقتها انتهى يعنى ان حدوث الأمر العظيم بالنفخة وعلى عقبها انما استعظم من حيث وقوع النفخ مرة واحدة لا من حيث انه نفخ فنبه على ذلك بقوله واحدة وفى كشف الاسرار ذكر الواحدة للتأكيد لان النفخة لا تكون إلا واحدة وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ اى قلعت ورفعت من أماكنها بمجرد القدرة الالهية او بتوسط الزلزلة والريح العاصفة فان الريح من قوة عصفها تحمل الأرض والجبال كما حملت ارض وجود قوم عاد وجبال جمالهم مع هوادجها فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً اى فضربت الجملتان جملة الأرضين وجملة الجبال اثر رفعها بعضها ببعض ضربة واحدة بلا احتياج الى تكرار الضرب وتثنية الدق حتى تندق وترجع كثيبا مهيلا وهباء منبثا والا فالظاهر فدككن دكة واحدة لاسناد الفعل الى الأرض والجبال وهى امور متعددة ونظيره قوله تعالى ان السموات والأرض كانتا رتقا حيث لم يقل كن والدك ابلغ من الدق وفى الصحاح الدك الدق وقد دكه إذا ضربه وكسره حتى سواه بالأرض وبابه رد وفى المفردات الدك الأرض اللينة السهلة ودكت الجبال دكا اى جعلت بمنزلة الأرض اللينة ومنه الدكان فَيَوْمَئِذٍ اى فحينئذ وهو منصوب بقوله وَقَعَتِ الْواقِعَةُ هى من اسماء القيامة بالغلبة لتحقق وقوعها وبهذا الاعتبار أسند اليه وقعت اى إذا كان الأمر كذلك قامت القيامة التي توعدون بها او نزلت النازلة العظيمة التي هى صيحة القيامة وهو جواب لقوله فاذا نفخ فى الصور ويومئذ بدل من إذا كرر لطول الكلام والعامل فيهما وقعت وَانْشَقَّتِ السَّماءُ وآسمان بر شكافت از طرف مجره. يعنى انفرجت لنزول الملائكة لامر عظيم أراده الله كما قال يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا او بسبب شدة ذلك اليوم وهو معطوف على وقعت فَهِيَ اى السماء يَوْمَئِذٍ ظرف لقوله واهِيَةٌ ضعيفة مسترخية ساقطة القوة جدا كالغزل المنقوض بعد ما كانت محكمة مستمسكة وان كانت قابلة للخرق والالتئام يقال وهى البناء يهى وهيا فهو واه إذا ضعف جدا قال فى القاموس وهى كوعى وولى تخرق وانشق واسترخى رباطه وفى المفردات الوهي شق فى الأديم والثوب ونحوهما وَالْمَلَكُ اى الخلق المعروف بالملك وهو أعم من الملائكة ألا ترى الى قولك ما من ملك الا وهو شاهد أعم من قولك ما من ملائكة عَلى أَرْجائِها اى جوانب السماء جمع رجى بالقصر وهى جملة حالية ويحتمل ان تعطف على ما قبلها كذا قالوا والمعنى تنشق السماء التي هى مساكنهم فيلجأون الى أكنافها

وحافلتها قالوا وقوفهم لحظة على أرجائها وموتهم بعدها فان الملائكة يموتون عند النفخة الاولى لا ينافى التعقيب المدلول عليه بالفاء وقد يقال انهم هم المستثنون بقوله الا من شاء الله اى ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض الا الملائكة ونحوهم قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة فاذا وهت السماء نزلت ملائكتها على أرجائها فيرون اهل الأرض خلقا عظيما أضعاف ما هم عليه عددا فيتخيلون ان الله نزل فيهم لما يرون من عظم الملائكة مما لم يشاهدوه من قبل فيقولون أفيكم ربنا فيقول الملائكة سبحان ربنا ليس فينا وهوآت فيصطف الملائكة صفا مستدبرا على نواحى الأرض محيطين بعالمى الانس والجن وهؤلاء هم عمار السماء الدنيا ثم ينزل اهل السماء الثانية بعد ما يقبضها الله ايضا ويرمى بكوكبها فى النار وهو المسمى كاتبا وهم اكثر عددا من اهل السماء الدنيا فيقول الخلائق أفيكم ربنا فيفزع الملائكة فيقولون سبحان ربنا ليس هو فينا وهو آت فيفعلون فعل الأولين من الملائكة يصطفون خلفهم صفا ثانيا مستديرا ثم ينزل اهل السماء الثالثة ويرمى بكوكبها المسمى زهرة فى النار فيقبضها الله بيمينه فيقول الخلائق أفيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان دبنا ليس هو فينا وهو آت فلا يزال الأمر هكذا سماء بعد سماء حتى ينزل اهل السماء السابعة فيرون خلقا اكثر من جميع من نزل فيقول الخلائق أفيكم ربنا فيقول الملائكة سبحان ربنا قد جاء ربنا وان كان وعد ربنا لمفعولا فيأتى الله فى ظلل من الغمام والملائكة على المجنية اليسرى منهم ويكون إتيانه إتيان الملك فانه يقول ملك يوم الدين وهو ذلك اليوم فسمى بالملك ويصطف الملائكة عليه سبعة صفوف محيطة بالخلائق فاذا ابصر الخلائق جهنم لها فوران وتغيظ على الجبابرة المتكبرين يفرون بأجمعهم منها لعظم ما يرونه خوفا وفزعا وهو الفزع الأكبر الا الطائفة التي لا يحزنهم الفزع الأكبر فتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون فهم الآمنون مع النبيين على أنفسهم غيران النبيين يفزعون على أممهم للشففة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون فى ذلك سلم سلم وكان قد امر أن ينصب للآمنين من خلقه منابر من نور متفاضلة بحسب منازلهم فى الموقف فيجلسون عليها آمنين مبشرين وذلك قبل مجيئ الرب تعالى فاذا فر الناس خوفا من جهنم يجدون الملائكة صفوفا لا يتجاوزونهم فتطردهم الملائكة وزعة الملك الحق سبحانه وتعالى الى الحشر فيناديهم انبياؤهم ارجعوا ارجعوا او ينادى بعضهم بعضا فهو قول الله تعالى فيما يقول رسول الله عليه السلام انى أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم انتهى. يقول الفقير دل هذا البيان على ان المراد بالوهى سقوط السماء على الأرض التي تسمى بالساهرة وان نزول الملائكة على ارجاء السماء لا يكون يوم يقوم الناس من قبورهم بالنفخة الثانية وان ذكر فى أثناء النفخة الاولى كما دل عليه ما بعد الآية من حمل العرش والأرض اللذين انما يكونان بعد النفخة الثانية وان معنى نزولهم طرد الخلق ونحوه كما قال تعالى لا تنفذون الا بسلطان اى لا تقصدون مهربا الا وهناك لى أعوان ولى به سلطان وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ وهو الفلك التاسع وهو جسم عظيم لا يعلم عظمه الا الله تعالى لانه فى الآفاق بمنزلة لقلب فى الأنفس والقلب أوسع شىء لما وسع الله

[سورة الحاقة (69) : آية 18]

كما فى الحديث وكان عرش الرحمن والفائدة فى ذكر العرش عقيب ما تقدم ان العرش بحاله خلاف السماء والأرض ولذلك لا يفنى وايضا له وجه آخر سيأتى وعن على بن الحسن رضى الله عنهما قال ان الله خلق العرش رابعا لم يخلق قبله الا ثلاثة الهولء والقلم والنور ثم خلق العرش من أنوار مختلفة من ذلك نور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار قال بعض الكبار الأنوار أربعة على عدد المراتب الأربع فاذا اعطى الأنوار يعطى فى مرتبة الطبيعة نورا اسود وفى مرتبة النفس نورا احمر وفى مرتبة الروح نورا اخضر وفى مرتبة السر نورا ابيض فَوْقَهُمْ اى فوق الملائكة الذين هم على الارجاء او فوق الثمانية اى يحملون العرش فوق أنفسهم فالمحمول لا يلزم ان يكون فوق الحامل فقد يكون فى يده وقد يكون فى جيبه فكل واحد من قوله فوقهم ويومئذ ظرف لقوله يحمل حينئذ واما على التقدير الاول فالظاهر أن فوقهم حال من ثمانية قدمت عليها لكونها نكرة يَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة ثَمانِيَةٌ من الملائكة عن النبي عليه السلام هم اليوم اربعة فاذا كان يوم القيامة أيدهم الله باربعة اخرى فيكون ثمانية قال بعض العلماء الاربعة اللاحقة اشارة الى الأئمة الاربعة الذين هم أبو حنيفة والشافعي ومالك واحمد لانهم اليوم حملة الشرع فاذا كان يوم القيامة انقلب الشرع العرش فيكونون من حملته حكما وروى ثمانية املاك أرجلهم فى تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رؤسهم وهم مطرقون مسبحون قال عليه السلام اذن لى ان أحدث عن ملك من حملة العرش من شحمة اذنه الى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول سبحانك حيث كتت قال يحيى بن سلام بلغني ان اسمه زوقيل وعن الحسن البصري قدس سره ثمانية اى ثمانية آلاف وعن الضحاك ثمانية صفوف لا يعلم عددهم الا الله. يقول الفقير الأنسب هو الاول لكونهن أدخل فى العظمة والهيبة واظهار والقدرة ولان الأركان اربعة كاركان الكعبة واركان القلب إذ فى يمين القلب الروح والسر وفى يساره النفس والطبيعة وباعتبار الظاهر والباطن يحصل ثمانية آلاف إذا لالف تفصيل الواحد بحيث لا تفصيل وراءه الا باعتبار التضعيف والله اعلم ومر فى أوائل سورة حم المؤمن بعض ما يتعلق بهذا المقام فلا نعيده وفى التأويلات النجمية يشير الى عرش الذات الحاملة للصفات الثمانية الذاتية الغيبية التي هى مفاتيح الغيب الموصوفة بحمل ذوات الصفات والصفات تحمل ظهورات الصفات فافهم يَوْمَئِذٍ العامل فيه قوله تُعْرَضُونَ على الله اى تسألون وتحاسبون عبر عنه بذلك تشبيها له بعرض السلطان العسكر لتعرف أحوالهم يقال عرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم والخطاب عام للكل على التغليب (روى) ان فى يوم القيامة ثلاث عرضات فاما عرضتان فاعتذار واحتجاج وتوبيخ واما الثالثة ففيها تنشر الكتب فيأخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك بشماله وهذا العرض وان كان بعد النفخة الثانية لكن لما كان اليوم اسما لزمان متسع يقع فيه النفختان والصعقة والنشور والحساب وإدخال اهل الجنة الجنة واهل النار النار صح جعله ظرفا للكل كما تقول جئت عام كذا وانما كان مجيئك فى وقت واحد من أوقاته

[سورة الحاقة (69) : الآيات 19 إلى 23]

وذهب المشبهة من حمل العرش والعرض الى كونه تعالى محمولا حاضرا فى العرش وأجيب بانه تمثيل لعظمة الله بما يشاهد من احوال السلاطين يوم بروزهم للقضاء العام فيكون المراد من إتيانه تعالى فى ظلل من الغمام إتيان امره وقضائه واما حديث التحول فمحمول على ظهوره تعالى فى مرتبة الصفات ولا مناقشة فيه لان النبي عليه السلام رآه ليلة المعراج فى صورة شاب امرد لان الصورة الانسانية اجمع الصور ومثله الرؤيا المنامية والله تعالى منزه فى ذاته عن أوصاف الجسمانيات لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ حال من مرفوع تعرضون ومنكم كان فى الأصل صفة لخافية قدم للفاصلة فتحول حالا اى تعرضون غير خاف عليه تعالى فعلة خفية اى سر من اسراركم وانما العرض لافشاء الحال والمبالغة فى العدل وغير خاف يومئذ على الناس كقوله تعالى يوم تبلى السرائر فقوله منكم يتعلق بما قبله وما بعده على التجاذب (قال فى الكشاف) خافية اى سريرة وحال كانت تخفى فى الدنيا بستر الله عليكم والسر والسريرة الذي يكتم ويخفى فتظهر يوم القيامة احوال المؤمنين فيتكامل بذلك سرورهم وتظهر احوال غيرهم فيحصل الحزن والافتضاح ففى الآية زجر عظيم عن المعصية لتأديها الى الافتضاح على رؤوس الخلائق فقلب الإنسان ينبغى ان يكون بحال لو وضع فى طبق وأدير على الناس لما وجد فيه ما يورث الخجالة وهو صفة اهل الإخلاص والنصيحة فَأَمَّا تفصيل لاحكام العرض مَنْ موصولة أُوتِيَ كِتابَهُ اى مكتوبه الذي كتبت الحفظة فيه تفاصيل اعماله بِيَمِينِهِ تعظيما له لان اليمين يتيمن بما والباء بمعنى فى او للالصاق وهو الا وجه والمراد منهم الأبرار فان ال مقربين لا كتاب لهم ولا حساب لهم لمكانتهم من الله تعالى وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه عليه السلام قال أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الامة عمر بن الخطاب وله شعاع كشعاع الشمس قيل له فأين أبو بكر فقال هيهات زفته الملائكة الى الجنة. يقول الفقير لعل هذا مكافاة له حين أخذ سيفه بيده وخرج من دار الأرقم وهو يظهر الإسلام على ملأ من قريش فبسيفه ظهر الإسلام فرضى الله عنه وعن مجيه وفى الحديث اثبت أحد فانما عليك نبى والصديق وشهيدان وكان عليه رسول الله عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فتحرك فقاله دل الحديث على أن رتبة أبى بكر فوق رتبة غيره لان الصديقية تلى النبوة فَيَقُولُ فرحا وسرورا فانه لما اوتى كتابه بيمينه علم انه من الناجين من النار ومن الفائزين بالجنة فأحب ان يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا بما ناله هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ اى خذوا يا اهل بيتي وقرابتى وأصحابي كتابى وتناولوه اقرأوا كتابى زيرا در اينجا عملى نيست كه از اظهار آن شرم دارم ودر تبيان آورده كه اين كتاب ديكر است بغير كتاب اعمال كه نوشته ودر او بشارت جنت است و پس چهـ كتاب حفظ ميان بنده وخداوندست وكسى آنرا نه بيند ونه خواند. وفى الخبر حسنات المؤمن فى ظاهر كتابه وسيئاته فى باطنه لا يراها الا هو فاذا انتهى يرى مكتوبا فقد غفر تهالك فاقلب فيرى فى الظاهر قد قبلتها منك فيقول من فرط السرور هاؤم اقرأوا كتابيه اى هلموا أصحابي كما فى عين المعاني

[سورة الحاقة (69) : آية 20]

يقال هاء يا رجل بفتح الهمزة وهاء يا امرأة بكسرها وهاؤما يا رجلان او يا امرأتان وهاؤم يا رجال وهاؤن يا نسوة بمعنى خذ خذا خذوا خذى خذا خذن ومفعوله محذوف وكتابى مفعول اقرأ والا اقرب العاملين فهو أقوى لكونه بمنزلة العلة القربية وأصله هاؤم كتابى اقرأوا كتابى فحذف الاول لدلالة الثاني عليه ونظيره آتوني افرغ عليه قطرا والهاء للوقف والاستراحة والسكت تثبت بالوقف وتسقط فى الوصل كما هو الأصل فى هاء السكت لانها انما جيئ بها حفظا للحركة اى لتحفظ حركة الموقوف عليه إذ لو لاها لسقطت الحركة فى الوقف فتثبت حال ال وقف إذ لا حاجة إليها حال الوصل فلذلك كان حقها ان تثبت فى الوقف وتسقط فى الوصل الا ان القراء السبعة اتفقوا فى كل المواضع على إثباتها وقفا ووصلا إجراء للوصل مجرى الوقف واتباعا لرسم الامام فانها ثابتة فى المصحف فى كل المواضع وهى كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه وماهيه فى القارعة وما كان ثابتا فيه لا بد أن يكون مثبتا فى اللفظ الا ان حمزة أسقط الهاء من ثلاث كلم وصلا وهى ماليه وسلطانيه وماهيه وأثبتها وقفا على الأصل ولم يعمل بالأصل فى كتابيه وحسابيه وأثبتها فى الحالين جمعا بين اللغتين وتبين من هذا التقرير ان المستحب إيثار الوقف اتباعا للوصل وان إثباتها وصلا انما هو لاتباع المصحف قال فى القاموس هاء السكت هى اللاحقة لبيان حركة او حرف نحو ماهيه وها هناه وأصلها ان يوقف عليها وربما وصلت بنية الوقف انتهى وهذه الهاء لا تكون الا ساكنة وتحريكها لحن اى خطأ لانه لا يجوز الوقف على المتحرك وهاء السكت فى القرآن فى سبعة مواضع فى لم يتسنه وفى فبهداهم اقتده وفى كتابيه وفى حسابيه وفى ماليه وفى سلطانيه وفى ماهيه واما الهاء التي فى القاضية وفى هاوية وخاوية وثمانية وعالية ودانية وأمثالها فللتأنيث فيوقف عليهن بالهاء يوصلن بالتاء إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ الحساب بمعنى المحاسبة وهو عد اعمال العباد فى الآخرة. خيرا وشرا للمجازاة اى علمت وأيقنت انى مصادف حسابى فى ديوان الحساب الإلهي وانى أحاسب فى الآخرة يعنى دانستم وايمان آوردم كه مرا حساب خواهند كرد وآنرا آماده ومتهيئ شدم. قال الراغب الظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت أدت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم انتهى ومنه يعلم قول من قال سمى اليقين ظنا لان الظن يلد اليقين انتهى وانما فسر الظن بالعلم لان البعث والحساب مما يجب بهما الايمان ولا ايمان بدون اليقين قال سعدى المفتى وفيه بحث فايمان المقلد ذو اعتبار وصرحوا بأن الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيص يكفى فى الايمان ثم انه يجوز أن يكون المراد ما حصل له من حسابه اليسير ولا يقين به لوجوب ان يكون المؤمن بين الخوف والرجاء والمراد انى ظننت انى ملاق حسابى على الشدة والمناقشة لما سلف منى من الهفوات والآن أزال الله عنى ذلك وفرج همى انتهى. يقول الفقير هذا عدول عما عليه ظاهر القرآن فان الظن فى مواضع كثيرة منه بمعنى اليقين كما فى قوله تعالى حكاية قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله وهم المؤمنون بالآخرة وفى قوله

[سورة الحاقة (69) : الآيات 21 إلى 23]

تعالى وظن داود انما فتناه اى علم وأيقن بالعلامة القوية قال القاضي ولعل التعبير عن العلم بالظن للاشعار بانه لا يقدح فى الاعتقاد وما يهجس فى النفس من الخطرات التي لا تنفك عنها العلوم النظرية غالبا يعنى ان الظن استعير للعلم الاستدلالي لانه لا يخلو عن الخطرات والوساوس عند الذهول عما قاد اليه من الدليل للاشعار المذكور واما العلوم الضرورية والكشفية فعارية عن الاضطراب وفى الكشاف وانما اجرى الظن مجرى العلم لان الظن الغالب يقام مقام العلم فى العادات والاحكام ويقال أظن ظنا كاليقين ان الأمر كيت وكيت فَهُوَ اى من اوتى كتابه بيمينه فِي عِيشَةٍ نوع من العيش وهو بالفتح وكذا العيشة والمعاش والمعيش والعيشوشة بالفارسية زيستن. قال بعض العلماء إذا كسر العين من العيش يلزمه التاء كما فى عيشة والعيش الحياة المختصة بالحيوان وهو أخص من الحياة لان الحياة تقال فى الحيوان وفى البازي وفى الملك ويشتق منه المعيشة لما يتعيش منه قال عليه السلام لا عيش الا عيش الآخرة راضِيَةٍ ذات رضى يرضاها من يعيش فيها على النسبة بالصيغة فان النسبة نسبتان نسبة بالحرف كمكى ومدنى وتسبة بالصيغة كلابن وتامر بمعنى ذى لبن وذى تمر ويجوز أن يجعل الفعل لها وهو لصاحبها فيكون من قبيل الاسناد المجازى ومآل الوجهين كون العيشة مرضية والى ما ذكرنا يرجع قول من قال راضية فى نفسها فكأنها لرغادتها قد رضيت بما هى فيه مجازا او بمعنى مرضية كماء دافق اى مدفوق انتهى وفى التأويلات النجمية راضية هنيئة مريئة صافية عن شوآئب الكدر طائرة عن نوآئب الحذر وبالفارسية در زندكانى باشد پسنديده صافى از كدورت ومقرون بحرمت وحشمت. وذلك اى كون العيشة مرضية لاشتمالها على امور ثلاثة الاول كونها منفعة صافية عن الشوائب والثاني كونها دائمة لا يترقب زوالها وانقطاعها والثالث كونها بحيث يقصد بها تعظيم من رضى بها وإكرامه والا يكون استهزاء واستدراجا وعيشة من اعطى كتابه بيمينه جامعة لهذه الأمور فتكون مرضيا بها كمال الرضى قال ابن عباس رضى الله عنهما يعيشون فلا يموتون ويصحون فلا يمرضون وينعمون فلا يرون بؤسا ابدا فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ مرتفعة المكان لانها فى السماء كما ان المنار سافلة لانها تحت الأرض او الدرجات او الأبنية والأشجار فيكون عالية من الصفات الجارية على غير من هى له وهو بدل من عيشة يا عادة الجار ويجوز كونه متعلقا بعيشة راضية اى يعيش عيشا مرضيا فى جنة عالية قُطُوفُها ثمراتها جمع قطف بالكسر وهو ما يقطف ويجتنى بسرعة والقطف بالفتح مصدر قال سعدى المفتى اعتبار السرعة فى مفهوم القطف محل كلام قال ابن الشيخ معنى السرعة قطع الكل بمرة وفى القاموس القطف بالكسر العنقود واسم للثمار المقطوفة انتهى فلا حاجة الى أن يقال غلب هنا فى جميع ما يجتنى منى الثمر عنبا كان او غيره دانِيَةٌ من الدنو وهو القرب اى قريبة من مريديها. يعنى خوشه هاى آن از دست چيننده نزديك. ينالها القائم والقاعد والمضطجع من غير تعب وقيل لا يتأخر إدراكها انتهى وإذا أراد

[سورة الحاقة (69) : الآيات 24 إلى 29]

أن تدنو الى فيه دنت بخلاف ثمار الدنيا فان فى قطفها وتحصيلها تعبا ومشقة غالبا وكذا لا تؤكل الا بمزاولة اليد. يقول الفقير أشجار الجنة على صورة الإنسان يعنى ان اصل الإنسان رأسه وهى فى طرف العلو ورجله فرعه مع انها فى طرف السفل فكذلك اصول أشجار الجنة فى طرف العلو وأغصانها متدلية الى جانب السفل ولذا لا يرون تعبا فى القطف على ان نعيم الجنة تابع لارادة المتنعم به فيصرف فيه كيف يشاء من غير مشقة كُلُوا وَاشْرَبُوا بإضمار القول والجمع بعد قوله فهو باعتبار المعنى والأمر امر امتنان واباحة لا امر تكليف ضرورة ان الآخرة ليست بدار تكليف وجمع بين الاكل والشرب لان أحدهما شقيق الآخر فلا ينفك عنه ولذا لم يذكر هنا الملابس وان ذكرت فى موضع آخر يقال لمن اوتى كتابه بيمينه كلوا من طعام الجنة وثمارها واشربوا من شرابها مطلقا هَنِيئاً أكلا وشربا هنيئا اى سائغا لا تنغيص فيه فى الحلقوم وبالفارسية خوردنى وآشاميدنى كوارنده. وجعل الهنيء صفة لهما لان المصدر يتناول المثنى ايضا من هنؤ الطعام والشراب وهنئ يهنأ ويهنؤ ويهنئ هناءة وهناء اى صار هنيئا سائغا فهو هنيئ ومنه اليهنئ المشتهر فى اللسان التركي فى اللحم المطبوخ ويستعمله العجم بالخاء المعجمة بدل الهاء كما قال فى المثنوى وين پزاز بهر ميان روز را ... يخنئ باشد شه فيروز را واسناد الهناءة الى الاكل والشرب مجاز للمبالغة لانها للمأكول والمشروب وقولهم هنيئا عند شرب الماء ونحوه بمعنى صحة وعافية لان السائغ محظوظ منه بسبب الصحة والعافية غالبا بِما أَسْلَفْتُمْ بمقابلة ما قدمتم من الأعمال الصالحة او بدله او بسببه ومعنى الاسلاف فى اللغة تقديم ما ترجو أن يعود عليك بخير فهو كالاقراض ومنه يقال أسلف فى كذا إذا قدم فيه ماله فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ اى الماضية فى الدنيا وعن مجاهد ايام الصيام فيكون المعنى كلوا واشربوا بدل ما امسكتم عن الاكل والشرب لوجه الله فى ايام الصيام لا سيما فى الأيام الحارة وهو الاولى لان الجزاء لا بد وان يكون من جنس العمل وملائما له كما قال بعض الكبار لم يقل اشهدوا ولا اسمعوا وانما جوزوا من حيث عملوا ونظيره فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وقوله ان تسخروا منا فانا نسخر منكم ونظائر ذلك ورؤى بعضهم فى المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال رحمنى وقال كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب فلم يقل كل يا من قطع الليل تلاوة واشرب يا من ثبت يوم الزحف فان هذا ما لا تعطيه الحكمة كما فى مواقع النجوم (وروى) يقول الله يا أوليائي طالما نظرت إليكم فى الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الاشربة وغارت أعينكم وخمصت بطونكم فكونوا اليوم فى نعيمكم وكلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم فى الأيام الخالية. قوله قلصت من الباب الثاني يقال قلص الظل اى نقص والماء اى ارتفع فى البئر والشفة اى انزوت والثوب اى انزوى بعد الغسل ومصدر الجميع القلوص والتركيب يدل على انضمام شىء بعضه الى بعض وخمصه الجوع خمصا ومخمصة من الباب الاول يعنى باريك ميان كرد ويرا كرسنكى. وفيه اشارة الى ايام الأزل الخالية عن الأعمال والعلل والأسباب اى كلوا من نعيم الوصال واشربوا من شراب الفيض بما اسلفه الله لكم فى الأزل

[سورة الحاقة (69) : الآيات 25 إلى 29]

والقدم من العناية إذ بتلك العناية قمتم مع الحق فى جميع الأحوال چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ تحقير اله لان الشمال يتشاءم بها بان تلوى يسراه الى خلف ظهره فيأخذه بها ويرى ما فيه من قبائح الأعمال فَيَقُولُ تحزنا وتحسرا وخوفا مما فيه وهو من قبيل الألم الروحاني الذي هو أشد من الألم الجسماني يا هؤلاء يا معشر المحشر لَيْتَنِي كاشكى من. وهو تمن للمحال لَمْ أُوتَ متكلم مجهول من الإيتاء بمعنى لم أعط كِتابِيَهْ هذا الذي جمع جميع سيئاتى وَلَمْ أَدْرِ متكلم من الدراية بمعنى العلم ما حِسابِيَهْ لما شاهد من سوء العاقبة وبالفارسية كاشكى ندانستمى امروز چيست حساب من چهـ حاصلى نيست مرانرا جز عذاب وشدت ومحنت. فما استفهامية معلق بها الفعل عن العمل ويجوز أن تكون موصولة بتقدير المبتدأ فى الصلة يا لَيْتَها تكرير للتمنى وتجديد للتحسر أي يا ليت الموتة التي متها وذقتها وذلك ان الموتة وان لم تكن مذكورة الا انها فى حكم المذكور بدلالة المقام كانَتِ الْقاضِيَةَ اى القاطعة لامرى وحياتى ولم ابعث بعدها ولم ألق ألقى ما يتمنى عند مطالعة كتابه ان تدوم عليه الموتة الاولى وانه لا يبعث للحساب ولا يلقى ما أصابه من الخجالة وسوء العاقبة ويجوز ان يكون ضمير ليتها لما شاهد من الحالة اى يا ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت على يتمنى ان يكون بدل تلك الحالة الموتة القاطعة للحياة لما انه وجد تلك الحالة امر من الموت فتمناه عندها وكان فى الدنيا أشد كراهية للموت قال الشاعر وشر من الموت الذي ان لقيته ... تمنيت منه الموت والموت أعظم ما أَغْنى عَنِّي اى لم يدفع عنى شيأ من عذاب الآخرة على ان ما نافية والمفعول محذوف مالِيَهْ اى الذي كان لى فى الدنيا من المال والاتباع على ان ما موصولة واللام جارة داخلة على ياء المتكلم ليعم مثل الاتباع فانه إذا كان اسما مضافا الى ياء المتكلم لم يعم وفى الكشاف ما اغنى نفى واستفهام على وجه الإنكار اى اى شىء اغنى عنى ما كان لى من اليسار انتهى حتى ضيعت عمرى فيه اى لم ينفعنى ولم يدفع عنى شيأ من العذاب فما استفهامية منصوبة المحل على انها مفعول اغنى. يقول الفقير الظاهر أن مالية هو المال المضاف الى ياء المتكلم اى لم يغن عنى المال الذي جمعته فى الدنيا شيأ من العذاب بل ألهانى عن الآخرة وضرنى فضلا عن ان ينفعنى وذلك ليوافق قوله تعالى ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيأ وقوله وما يغنى عنه ماله إذا تردى وقوله ما اغنى عنه ماله وما كسب ونظائر ذلك فما ذهب اليه اكثر اهل التفسير من التعميم عدول عما ورد به ظاهر القرآن هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ قال الراغب السلاطة التمكن من القهر ومنه سمى السلطان والسلطان يقال فى السلاطة نحو قوله تعالى فقد جعلنا لوليه سلطانا وقد يقال الذي السلاطة وهو الأكثر وسميت الحجة سلطانا وذلك لما لحق من الهجوم على القلوب لكن اكثر تسلطه على اهل العلم والحكمة من المؤمنين وقوله هلك عنى سلطانيه يحتمل السلطانين انتهى والمعنى هلك عنى

[سورة الحاقة (69) : الآيات 30 إلى 34]

ملكى وتسلطى على الناس وبقيت فقيرا ذليلا أو ضلت عنى حجتى كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ومعناه بطلت هجتى التي كنت احتج بها عليهم فى الدنيا وبالفارسية كم كشت از من حجتى كه در دنيا چنك در ان زده بودم. ورجح هذا المعنى بأن من اوتى كتابه بشماله لا اختصاص له بالملوك بل هو عام لجميع اهل الشقاوة. بقول الفقير قوله تعالى ما اغنى عنى ماليه يدل على الاول على ان فيه تعريضا بنحو الوليد من رؤساء قريش واهل ثروتهم ويجوز أن يكون المعنى تسلطى على القوى والآلات فعجزت عن استمالها فى العبادات وذلك لان كل أحد كان له سلطان على نفسه وماله وجوارحه يزول فى القيامة سلطانه فلا يملك لنفسه نفعا خُذُوهُ حكاية لما يقول الله يومئذ لخزنة النار وهم الزبانية الموكلون على عذابه والهاء راجع الى من الثاني اى خذوا العاصي لربه فَغُلُّوهُ بلا مهلة اى اجمعوا يديه الى عنقه بالقيد ولحديد وشدوه به يقال غل فلان وضع فى عنقه او يده الغل وهو بالضم الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس وبالفتح دست با كردن بستن. وفى الفقه وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار وقال الفقيه ان فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق كمال فى الكبرى بخلاف التقييد فانه غير مكروه لانه سنة المسلمين فى المتمردين ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ دل التقديم على التخصيص والمعنى لا تصلوه اى لا تدخلوه الا الجحيم ولا تحرقوه الا فيها وهى النار العظمى ليكون الجزاء على وفق المعصية حيث كان يتعظم على الناس قال سعدى المفتى فيكون مخصوصا بالمتعظمين وفيه بحث انتهى وقد مر جوابه ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ من نار وهى حلق منتظمة كل حلقة منها فى حلقة والجار متعلق بقوله فاسلكوه والفاء ليست بمانعة عن التعلق ذَرْعُها طولها وبالفارسية كزان. والذراع ككتاب ما يذرع به حديدا او قضيبا وفى المفردات الذارع العضو المعروف ويعبر به عن المذروع والممسوح يقال ذراع من الثوب والأرض والذرع پيمودن. قوله ذرعها مبتدأ خبره قوله سَبْعُونَ والجملة فى محل الجر على انها صفة سلسلة وقوله ذِراعاً تمييز فَاسْلُكُوهُ السلك هو الإدخال فى الطريق والخيط والقيد وغيرها ومعنى ثم الدلالة على تفاوت ما بين العذابين الغل وتسلية الجحيم وما بينهما وبين السلك فى السلسلة فى الشدة لا على تراخى المدة يعنى ان ثم اخرج عن معنى المهلة لاقتضاء مقام التهويل ذلك إذ لا يناسب التوعد يتفرق العذاب قال ابن الشيخ ان كلمتى ثم وإلقاء ان كانتا لعطف جملة فاسلكوه لزم اجتماع حرفى العطف وتواردهما على معطوف واحد ولا وجه له فينبغى ان يكون كلمة ثم لعطف مضمر على مضمر قبل قوله خذوه اى قيل لخزية النار خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم قيل لهم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه فيكون الفاء لعطف المقول على المقول مع إفادة معنى التعقيب وكلمة ثم لعطف القول على القول مع الدلالة على ان الأمر الأخير أشد وأهول مما قبله من الأوامر مع تعاقب المأمور بها من الاخذ وجعل يده مغلولة الى عنقه وتصلية الجحيم وسلكهم إياه السلسلة الموصوفة والمعنى فأدخلوه فيها بأن تلفوها على جسده وتجعلوه محاطابها فهو فيما بينهما مرهق مضيق عليه

[سورة الحاقة (69) : الآيات 33 إلى 34]

لا يستطيع حراكا ما كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان اهل النار يكونون فى السلسلة كما يكون الثعلب فى الجلبة والثعلب طرف خشبة الرمح الداخل فى الجلبة السنان وهى الدرع وذلك انما يكون رهقا اى غشية وبالفارسية پس در آريد او را در ان يعنى در جسد او پيچيد محكم تا حركت نتواند كرد. وتقديم السلسلة على السلك كتقديم الجحيم على التصلية فى الدلالة على الاختصاص والاهتمام بذكر ألوان ما يعذب به اى لا تسلكوه الا فى هذه السلسلة لانها أفظع من سائر مواضع الارهاق فى الجحيم وجعلها سبعين ذراعا ارادة لوصف بالطول كما قال ان تستغفر لهم سبعين مرة يريد مرات كثيرة لانها إذا طالت كان الارهاق أشد فهو كناية عن زيادة الطول لشيوع استعمال السبعة والسبعين والسبعمائة فى التكثير وقال سعدى المفتى الظاهر انه لا منع من الحمل على ظاهره من العدد قال الكاشفى يعنى بذراع ملك كه هر ذراعى هفتاد باعست وهر باعى از كوفه تا مكه. وقال بعض المفسرين هى بالذراع المعروفة عندنا وانما خوطبنا بما نعرفه ونحصله وقال الحسن قدس سره الله اعلم بأى ذراع هى وعن كعب لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها ولو وضعت منها حلقة على جبل لذاب مثل الرصاص تدخل السلسلة فى فيه وتخرج من دبره ويلوى فضلها على عنقه وجسده ويقرن بها بينه وبين شيطانه. يقول الفقير هذا يقتضى ان يكون ذلك عذاب الكافر لان جسده يكون فى العظم مسيرة ثلاثة ايام وضرسه مثل جبل أحد على ما جاء فى الحديث وعن النبي عليه السلام قال لو أن رضراضة اى صخرة قدر رأس الرجل وفى رواية لو أن رضرضة مثل هذه وأشار الى صخرة مثل الجمجة سقطت من السماء الى الأرض وهى خمسمائة عام لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل ان تبلغ أصلها وقعرها قال الشراح اللام فى السلسلة فى هذا الحديث للعهد اشارة الى السلسلة التي ذكرها الله فى قوله ثم فى سلسلة إلخ (روى) ان شابا قد حضر صلاة الفجر مع الجماعة خلف واحد من المشايخ فقرأ ذلك الشيخ سورة الحاقة فلما بلغ الى فوله تعالى خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه صاح الشاب وسقط وغشى عليه فلما أتم الشيخ صلاته قال من هذا قالوا هو شاب صالح خائف من الله تعالى وله والدة عجوز ليس لها غيره قال الشيخ ارفعوه واحملوه حتى نذهب به الى امه ففعلوا ما امر به الشيخ فلما رأت امه ذلك فزعت وأقبلت وقالت ما فعلتم بابني قالوا ما فعلنا به شيأ الا انه حضر الجماعة وسمع آية مخوفة من القرآن فلم يطق سماعها فكان هكذا بأمر الله فقالت اية آية هى فاقرأوها حتى اسمع فقرأها الشيخ فلما وصلت الآية الى سمع الشاب شهق شهقة اخرى خرجت معها روحه بأمر الله فلما رأت الام ذلك خرت ميتة وفى التأويلات النجمية قوله ثم فى سلسلة إلخ يشير الى كثرة أخلاقه السيئة وأوصافه الرديئة واحكام طبيعته الظلمانية إذ هى يوم القيامة كلها سلاسل العذاب وأغلال الطرد والحجاب إِنَّهُ بدرستى كه اين كس. كأنه قيل ماله يعذب بهذا العذاب الشديد فاجيب بانه كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وصفه تعالى بالعظم للايذان بانه المستحق للعظمة فحسب فمن نسبها الى نفسه استحق أعظم العقوبات وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ الحض الحث على الفعل بالحرص على وقوعه قال الراغب

[سورة الحاقة (69) : الآيات 35 إلى 40]

الحض التحريك كالحث الا ان الحث يكون بسير وسوق والحض لا يكون بذلك وأصله من الحث على الحضيض وهو قرار الأرض والمعنى ولا يحث اهله وغيرهم على إعطاء طعام يطعم به الفقير فضلا عن ان يعطى ويبذل من ماله على ان يكون المراد من الطعام العين فاضمر مثل إعطاء او بذل لان الحث والتحريض لا يتعلق بالأعيان بل بالأحداث وأضيف الطعام الى المسكين من حيث ان له إليه نسبة أو المعنى ولا يحثهم على إطعامه على ان يكون اسما وضع موضع الإطعام كما يوضع العطاء موضع الإعطاء فالاضافة الى المفعول وذكر الحض دون الفعل ليعلم ان تارك الحض بهذه المنزلة فيكف بتارك الفعل يعنى يكون ترك الفعل أشد فى ان يكون سبب المؤاخذة الشديدة وجعل حرمان المسكين قرينة للكفر حيث عطفه عليه للدلالة على عظم الجرم ولذلك قال عليه السلام البخل كفر والكافر فى النار فتخصيص الامرين بالذكر لما ان أقبح العقائد الكفر واشنع الرذائل البخل والعطف للدلالة على ان حرمان المسكين صفة الكفرة كما فى قوله تعالى وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة فلا يلزم ان يكون الكفار مخاطبين به بالفروع وفى عين المعاني وبه تعلق الشافعي فى خطاب الكفار بالشرائع ولا يصح عندنا لان توجيه الخطاب بالأمر ولا امر هاهنا على انه ذكر الايمان مقدما وبه نقول انتهى وقال ابن الشيخ فيه دليل على تكليف الكفار بالفروع على معنى انهم يعاقبون على ترك الامتثال بها كعدم اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والانتهاء عن الفواحش والمنكرات لا على معنى انهم يطالبون بها حال كفرهم فانهم غير مكلفين بالفروع بهذا المعنى لانعدام اهلية الأداء فيهم لان مدار اهلية الأداء هو استحقاق الثواب بالاداء ولا ثواب لاعمال الكفار واهلية الوجوب لا تستلزم اهلية الأداء كما تقرر فى الأصول انتهى والحاصل ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة لا غير وعن أبى الدرداء رضى الله عنه انه كان يحض امرأته على تكثير المرق لاجل المساكين وكان يقول خلعنا نصف السلسلة بالايمان أفلا نخلع نصفها الآخر بالاطعام والحض عليه جوى باز دارد بلاي درشت ... عصايى شنيدى كه عوجى بكشت كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ وهو يوم القيامة هاهُنا اى فى هذا المكان وهو مكان الاخذ والغل حَمِيمٌ اى قريب نسبا او ودا يحميه ويدفع عنه ويحزن عليه لان أولياءه يتحامونه ويفرون منه كقوله ولا يسأل حميم حميما وقال فى عين المعاني قريب يحترق له قلبه من حميم الماء وقال القاشاني لاستيحاشه من نفسه فكيف لا يستوحش غيره منه وهو من تتمة ما يقال للزبانية فى حقه اعلاما بانه محروم من الرحمة وحثالهم على بطشه وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قال فى القاموس الغسلين بالكسر ما يغسل من الثوب ونحوه كالغسالة وما يسيل من جلود أهل النار والشديد الحر وشجر فى النار انتهى والمعنى ولا طعام الا من غسالة اهل النار وما يسيل من أبدانهم من الصديد والدم بعصر قوة الحرارة النارية وبالفارسية زردابه وريمى كه از تنهاى ايشان ميرود (روى) انه لو وقعت قطرة منه على الأرض لأفسدت على الناس معايشهم

[سورة الحاقة (69) : الآيات 37 إلى 40]

يقال للنار دركات ولكل دركة نوع طعام وشراب وسيجيئ وجه التلفيق بينه وبين قوله ليس لهم طعام الا من ضريع فى الغاشية وهو فعلين من الغسل فالياء والنون زائدتان وفى الكواشي او نونه غير زائدة وهو شجر فى النار وهو من أخبث طعامهم والظاهر ان الاستثناء متصل ان جعل الطعام شاملا للشراب كما فى قوله تعالى ومن لم يطعمه فانه منى فانهم فسروه بمن لم يذقه من طعم الشيء إذا ذاقه مأكولا كان او مشروبا لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ صفة غسلين والتعبير بالأكل باعتبار ذكر الطعام اى لا يأكل ذلك الغسلين الا الآثمون اصحاب الخطايا وهم المشركون كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقد جوز أن يرادبهم الذين يتخطون الحق الى الباطل ويتعدون حدود الله من خطئ الرجل من باب علم إذا تعمد الخطا اى الذنب فالخاطئ هو الذي يفعل ضد الصواب متعمدا لذلك والمخطئ هو الذي يفعله غير متعمد أي يريد الصواب فيصير الى غيره من غير قصد كما يقال المجتهد قد يخطئ وقد يصيب وفى عين المعاني الخاطئون طريق التوحيد وفى التأويلات النجمية ولا يحض مساكين الأعضاء والجوارح بالأعمال الصالحات والأقوال الصادقات والأحوال الصافيات فليس له اليوم هاهنا من يعينه ويؤنسه لان المؤنس ليس الا الأعمال والأحوال ولا طعام لنفسه الميشومة الا غسالة اعماله وأفعاله القبيحة الشنيعة لا يأكله الا المتجاوزون عن اعمال الروح والقلب القاصدون مراضى النفس والهوى متبعون للشهوات الجسمانية واللذات الحيوانية فَلا أُقْسِمُ اى فأقسم على ان لا مزيدة للتأكيد واما حمله على معنى نفى الاقسام لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم فيرده تعبين المقسم به بقوله بما إلخ وقال بعضهم هو جملتان والتقدير وما قاله المكذبون فلا يصح إذ هو قول باطل ثم قال اقسم بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ قسم عظيم لانه قسم بالأشياء كلها على سبيل الشمول والإحاطة لانها لا تخرج عن قسمين مبصر وغير مبصر فالمبصر المشاهدات وغير المبصر المغيبات فدخل فيهما الدنيا والآخرة والأجسام والأرواح والانس والجن والخلق والخالق والنعم الظاهرة والباطنة وغير ذلك مما يكون لائقا بأن يكون مقسما به إذ من الأشياء ما لا يليق بأن يكون مقسما به واليه الاشارة بقول القاشاني اى الوجود كله ظاهرا وباطنا وبقول ابن عطاء آثار القدرة واسرارها وبقول الشيخ نجم الدين بما تبصرون من المشهودات والمحسوسات بابصار الظواهر وما لا تبصرون من المغيبات ببصائر البواطن يعنى بالمظاهر الاسمائية والمظاهر الذاتية وبقول الحسين اى بما اظهر الله لملائكته والقلم واللوح وبما اختزن فى علمه ولم يجر القلم به ولم تشعر الملائكة بذلك وما اظهر الله للخلق من صفاته وأراهم من صنعه وأبدى لهم من علمه فى جنب ما اختزن عنهم الا كذرة فى جنب الدنيا والآخرة ولو أظهر الله ما اختزن لذابت الخلائق عن آخرهم فضلا عن حمله وقال الشيخ أبو طالب المكي قدس سره فى قوت القلوب إذا كان العبد من اهل العلم بالله والفهم عنه والسمع منه والمشاهدة له شهد ما غاب عن غيره وابصر ما عمى عنه سواه كما قال تعالى فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إِنَّهُ اى القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ وقوله قول الحق كما قال وما ينطق عن الهوى وكما قال فأجره حتى يسمع كلام الله

[سورة الحاقة (69) : الآيات 41 إلى 44]

وفى كشف الاسرار أضاف القول اليه لانه لما قال قول رسول اقتضى مرسلا وكان معلوما ان ما يقرأه كلام مرسله وانما هو مبلغه فالاضافة الاختصاصية الى رسول الله تدل على اختصاص القول بالرسول من حيث التبليغ ليس الا إذ شأن الرسول التبليغ لا الاختراع وقد يأتى القول فى القرآن والمراد به القراءة قال الله تعالى حتى تعلموا ما تقولون اى ما تقرءون فى صلاتكم كَرِيمٍ على الله تعالى يعنى بزركوار نزد خداى تعالى. وهو النبي عليه السلام ويدل عليه مقابلة رسول بشاعر وكاهن لان المعنى على اثبات انه رسول لا شاعر ولا كاهن ولم يقولو الجبريل شاعر ولا كاهن وقيل هو جبريل اى هو قول جبريل الرسول الكريم وما هو من تلقاء محمد كما تزعمون وتدعون انه شاعر أو كاهن فالمقصود حينئذ اثبات حقية القرآن وانه من عند الله والحاصل ان القرآن كلام الله حقيقة أظهره فى اللوح المحفوظ وكلام جبريل ايضا من حيث انه أنزله من السموات الى الأرض وتلاه على خاتم النبيين وكلام سيد المرسلين ايضا من حيث انه أظهره للخلق ودعا الناس الى الايمان به وجغله حجة لنبوته وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ كما تزعمون تارة (قال الكاشفى) چنانچهـ ابو جهل ميكويد وسبق معنى الشعر فى يس قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ ايمانا قليلا تؤمنون بالقرءان وكونه كلام الله او بالرسول وكونه مرسلا من الله والمراد بالقلة النفي اى لا تؤمنون أصلا كقولك لمن لا يزورك قلما تأتينا وأنت تريد لا تأتينا أصلا. يقول الفقير يجوز عندى أن تكون قلة الايمان باعتبار قلة المؤمن بمعنى ان القليل منكم يؤمنون وقس عليه نظائره وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ كما تدعون ذلك تارة اخرى (قال الكاشفى) چنانچهـ عقبة بن ابى معيط كمان ميبرد. كرر القول مبالغة فى ابطال أقاويلهم الكاذبة على القرآن الحق والرسول الصادق والكاهن هو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب وفى كشف الاسرار الكاهن هو الذي يزعم ان له خدما من الجن يأتونه بضرب من الوحى وقد انقطعت الكهانة بعد نبينا محمد عليه السلام لان الجن حبسوا ومنعوا من الاستماع انتهى وقال الراغب فى المفردات الكاهن الذي يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن كالعراف الذي يخبر بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك ولكون هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذي يخطئ ويصيب قال عليه السلام من أتى عرافا او كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما انزل الله على محمد ويقال كهن فلان كهانة إذا تعاطى ذلك وكهن إذا تخصص بذلك وتكهن تكلف ذلك انتهى وفى شرح المشارق لابن الملك العراف من يخبر بما أخفى من المسروق ومكان الضالة والكاهن من يخبر بما يكون فى المستقبل وفى الصحاح العراف الكاهن قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ اى تذكرا قليلا او زمانا قليلا تتذكرون اى لا تتذكرون أصلا (قال الكاشفى) اندكى پند ميكيريد يعنى پند كير نمى شويد (وفى كشف الاسرار) اندك پند مى پذيريد ودر مى يابيد (وفى تاج المصادر) التذكر ياد كردن ويا ياد آوردن و پند كرفتن ومذكر شدن كلمه كه مؤنث بود. وقال بعضهم المراد من الايمان القليل ايمانهم واستيقانهم بأنفسهم وقد جحدوا بألسنتهم لا معنى النفي وقال بعضهم ان كان المراد منه الايمان الشرعي فالتقليل للنفى وان كان اللغوي فالتقليل على حاله لانهم كانوا يصدقون

[سورة الحاقة (69) : الآيات 43 إلى 44]

ببعض احكام القرآن كالصلة والخير والعفاف ونحوها ويكذبون ببعضها كالوحدة والحقانية والبعث ونحوها وعلى هذا التذكر قيل ذكر الايمان مع نفى الشاعرية والتذكر مع نفى الكاهنية لما ان عدم مشابهة القرآن الشعر امر بين لا ينكره الا معاند فلا مجال فيه لتوهم عذر لترك الايمان فلذلك ونجوا عليه وعجب منه بخلاف مباينته للكهانة فانها تتوقف على تذكر أحواله عليه السلام ومعانى القرآن المنافية لطريفة الكهنة ومعانى أقوالهم فالكاهن ينصب نفسه للدلالة على الضوائع والاخبار بالمغيبات يصدق فيها تارة ويكذب كثيرا ويأخذ جعلا على ذلك ويقتصر على من يسأله وليس واحد منها من دأبه عليه السلام والحاصل ان الكاهن من يأتيه الشياطين ويلقون اليه من اخبار السماء فيخبر الناس بما سمعه منهم وما يلقيه عليه السلام من الكلام مشتمل على ذم الشياطين وسبهم فكيف يمكن أن يكون ذلك بإلقاء الشياطين فانهم لا ينزلون شيأ فيه ذمهم وسبهم لا سيما على من يلعنهم ويطعن فيهم وكذا معانى ما يلقيه عليه السلام منافية لمعانى اقوال الكهنة فانهم لا يدعون الى تهذيب الأخلاق وتصحيح العقائد والأعمال المتعلقة بالمبدأ والمعاد بخلاف معانى قوله عليه السلام فلو تذكر أهل مكة معانى القرآن ومعانى اقوال الكهنة لما قالوا بأنه كاهن وفى برهان القرآن خص ذكر الشعر بقوله ما تؤمنون لان من قال القرآن شعر ومحمد عليه السلام شاعر بعد ما علم اختلاف آيات القرآن فى الطول والقصر واختلاف حروف مقاطعه فلكفره وقلة إيمانه فان الشعر كلام موزون مقفى وخص ذكر الكهانة بقول ما تذكرون لان من ذهب الى ان القرآن كهانه وان محمدا عليه السلام كاهن فهو ذاهل عن ذكر كلام الكهان فانه اسجاع لا معانى تحتها وأوضاع تنبو الطباع عنها ولا يكون فى كلامهم ذكر الله انتهى قال المولى ابو السعود فى الإرشاد وأنت خبير بأن ذلك ايضا مما لا يتوقف على تأمل قطعا انتهى اى فتعليلهم بالفرق غير صحيح وفيه ان الانابة شرط للتذكر كما قال تعالى وما يتذكر الامن ينيب والكافر ليس من اهل الانابة وايضا ما يذكر الا أولوا الألباب اى أولوا العقول الزاكية والقلوب الطاهرة والكافر ليس منهم فليس من اهل التذكر ولا شك ان كون الشيء امرا بينا لا ينافى التذكر ألا ترى الى قوله تعالى اله مع الله قليلا ما تذكرون مع ان شواهد الالوهية ظاهرة لكل بصير باهرة عند كل خبير على انه يظهر من تقريراتهم انه لا بد من التذكر فى نفى الكهانة لخفاء أمرها فى الجملة بالنسبة الى الشعر والعلم عند الله العلام تَنْزِيلٌ اى هو منزل فعبر عن المفعول بالمصدر مبالغة مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ نزله على لسان جبريل تربية للسعداء وتبشيرا لهم وانذارا للاشقياء كما قال تعالى نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين وقال تعالى ومبشرا ونذيرا وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ كما يتقوله الشعراء اى ولو ادعى محمد علينا شيأ لم نقله كما نزعمون كما قال تعالى أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون وفى ذكر البعض اشارة الى ان القليل كاف فى المؤاخذة الآتية فضلا عن الكثير سمى الافتراء تقولا وهو بناء التكلف لانه قول متكلف كما قال صاحب الكشاف التقول افتعال القول لان فيه تكلفا من المفتعل وسميت الأقوال المفتراة أقاويل تحقيرا لها لان صيغة افعولة انما تطلق على محقرات الأمور وغرائبها

[سورة الحاقة (69) : الآيات 45 إلى 49]

كالاعجوبة لما يتعجب منه والا ضحوكة لما يضحك منه وكان الأقاويل جمع أقوولة من القول وان لم يثبت عن نقلة اللغلة ولم يكن أقوولة مستعملا لكن كونه على صورة جمع افعولة كاف فى التحقير ويؤيد انه ليس جمع الأقوال لزوم أن لا يعاقب بما دون ثلاثة اقوال فالاقاويل هاهنا بمعنى الأقوال لا انه جمعه وفى حواشى ابن لشيخ الظاهر ان الأقاويل جمع اقوال جمع قول كأناعيم جمع انعام جمع نعم لَأَخَذْنا مِنْهُ حال من قوله بِالْيَمِينِ اى بيمينه وقال سعدى المفتى هو من باب ألم نشرح لك فى التفصيل بعد الإجمال ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ اى نياط قلبه بضرب عنقه والنياط عرق ابيض غليظ كالقصبة علق به القلب إذا انقطع مات صاحبه وفى المفردات الوتين عرق يسقى الكبد إذا انقطع مات صاحبه ولم يقل لا هلكناه او لضربنا عنقه لانه تصوير لاهلاكه بافظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه وهو أن يأخذ القتال بيمينه ويكفحه بالسيف ويضرب عنفه فانه إذا أراد أن يوقع الضرب فى قفاء أخذ بيساره وإذا أراد أن يوقعه فى جيده وأن يكفحه بالسيف اى يواجهه وهو أشد من المصبور لنظره الى السيف أخذ بيمينه فلذا خص اليمين درن اليسار وفى المفردات لاخذنا منه باليمين اى منعناه ودفعناه فعبر عن ذلك بالأخذ باليمين كقولك خذ بيمين فلان انتهى وقيل اليمين بمعنى القوة فالمعنى لانتقمنا بقوتنا وقدرتنا وقيل المعنى حينئذ لأخذنا منه اليمين وسلبنا منه القوة والقدرة على التكلم بذلك على ان الباء صلة اى زائدة وعبر عن القوة باليمين لان قوة كل شىء فى ميا منه فيكون من قبيل ذكر المحل وارادة الحال او ذكر الملزوم وارادة اللازم فَما مِنْكُمْ ايها الناس مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ اى عن القتل او المقتول وهو متعلق بقوله حاجِزِينَ دافعين وهو وصف لاحد فانه عام لوقوعه فى سياق النفي كما فى قوله عليه السلام لم تحل الغنائم لاحد اسود الرأس غيرنا فمن أحد فى موضع الرفع بالابتداء ومن زائدة لتأكيد النفي ومنكم خبره والمعنى فما منكم قوم يحجزون عن المقتول او عن قتله وإهلاكه المدلول عليه بقوله ثم لقطعنا منه الوتين اى لا يقدر على الحجز والدفع وهذا مبنى على اصل بنى تميم فانهم لا يعلمون ما لدخولها على القبيلتين وقد يجعل حاجزين خبرا لما على اللغة الحجازية ولعله اولى فتكون كلمة ما هى المشبهة بليس فمن أحد اسم ما وحاجزين منصوب على انه خبرها ومنكم حال مقدم وكان فى الأصل صفة لاحد وفى الآية تنبيه على ان النبي عليه السلام لو قال من عند نفسه شيأ او زادأ ونقص حرفا واحدا على ما اوحى اليه لعاقبه الله وهو أكرم الناس عليه فما ظنك بغيره ممن قصد تغيير شىء من كتاب الله او قال شيأ من ذات نفسه كما ضل بذلك بعض الفرق الضالة وَإِنَّهُ اى القرآن لَتَذْكِرَةٌ موعظة وبالفارسية پنديست لِلْمُتَّقِينَ لمن اتقى الشرك وحب الدنيا فانه يتذكر بهذا القرآن وينتفع به بخلاف المشرك ومن مال الى الدنيا وغلبه حبها فانه يكذب به ولا ينتفع وفى تاج المصادر التذكير والتذكرة با ياد دادن وحرف را مذكر كردن. ومنه الحديث فذكروه اى فأجلوه لان فى تذكير الشيء إجلالا له وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ اى ان منكم ايها الناس مكذبين بالقرءان فنجازيهم

[سورة الحاقة (69) : الآيات 50 إلى 52]

على تكذيبهم قال مالك رحمه الله ما أشد هذه الآية على هذه الامة وفيه اشارة الى مكذبى الإلهام ايضا فانهم ملتحقون بمكذبى الوحى لان الكل من عند الله لكن اهل الاحتجاب لا يبصرون النور كالاعمى فكيف يقرون وَإِنَّهُ اى القرآن لَحَسْرَةٌ وندامة يوم القيامة عَلَى الْكافِرِينَ المكذبين له عند مشاهدتهم لثواب المؤمنين المصدقين به وفى الدنيا ايضا إذا رأوا دولة المؤمنين ويجوز أن يرجع الضمير الى التكذيب المدلول عليه بقوله مكذبين وَإِنَّهُ اى القرآن لَحَقُّ الْيَقِينِ اى لليقين الذي لا ريب فيه فالحق واليقين صفتان بمعنى واحد أضيف أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه كحب الحصيد للتأكيد فان الحق هو الثابت الذي لا يتطرق اليه الريب وكذا اليقين قال الراغب فى المفردات اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وأخواتهما يقال علم اليقين عين اليقين حق اليقين وبينها فرق مذكور فى غير هذا الكتاب انتهى وقد سبق الفرق من شرح الفصوص فى آخر سورة الواقعة فالرجع وقال الامام معناه انه حق يقين اى حق لا بطلان فيه ويقين لا ريب فيه ثم أضيف أحد الوصفين الى الآخر للتأكيد وقال الزمخشري لليقين حق اليقين كقولك هو العالم حق العالم وجد العالم ويراد به البليغ الكامل فى شأنه وفى تفسير القاشاني محض اليقين وصرف اليقين كقولك هو العالم حق العالم وجد العالم اى خلاصة العالم وحقيقته من غير شوب شىء آخر وقال الجنيد قدس سره حق اليقين ما يتحقق العبد بذلك معرفة بالحق وهو أن يشاهد الغيوب كمشاهدته للمرئيات مشاهدة عيان ويحكم على المغيبات ويخبر عنها بالصدق كما اخبر الصديق الأكبر فى مشاهدة النبي عليه السلام حين سأله ماذا أبقيت لنفسك قال الله ورسوله فأخبر عن تحققه بالحق وانقطاعه عن كل ما سوى الله ووقوفه على الصدق معه ولم يسأله النبي عليه السلام عن كيفيته ما أشار اليه لما عرف من صدقه وبلوغه المنتهى فيه ولما سأل عليه السلام حارثة كيف أصبحت قال أصبحت مؤمنا حقا فأخبر عن حقيقة إيمانه فسأله عليه السلام عن ذلك لما كان يجد فى نفسه من عظيم دعواه ثم لما اخبر لم يحكم له بذلك فقال عرفت فالزم اى عرفت الطريق الى حقيقة الايمان فالزم الطريق حتى تبلغ اليه وكان يرى حال أبى بكر رضى الله عنه مستورا من غير استخبار عنه ولا استكشاف لما علم من صدقه فيما ادعى وهذا مقام حق اليقين واليقين اسم للعلم الذي زال عنه اللبس ولهذا لا يوصف علم رب العزة باليقين فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ اى فسبح الله بذكر اسمه العظيم بأن تقول سبحانه الله تنزيها له عن الرضى بالتقول الله وشكرا على ما أوحى إليك فمفعول سبح محذوف والباء فى باسم ربك للاستعانة كما فى ضربته بالسوط فهو مفعول ثان بواسطة حرف الجر على حذف المضاف والعظيم صفة الاسم ويحتمل أن يكون صفة ربك ويؤيده ما روى ان رسول الله عليه السلام قال لما نزلت هذه الآية اجعلوها فى ركوعكم فالتزم ذلك جماعة من العلماء كما فى فتح الرحمن وقال فى التأويلات النجمية نزه وقدس تنزيها فى عين التشبيه اسم ربك اى مسمى ربك إذا لاسم عين المسمى عند أرباب

تفسير سورة المعارج

الحق واهل الذوق وقال القاشاني نزه الله وجرده عن شوب الغير بذلك الذي هو اسمه الأعظم الحاوي للاسماء كلها بان لا يظهر فى شهودك تلوين من النفس او القلب فحتجب برؤية الاثنينية او الأنانية والا كنت مشبها لا مسبحا روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال خرجت يوما بمكة متعرضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى الى المسجد فجئت فوقفت وراءه فافتتح سورة الحاقة فلما سمعت سرد القرآن قلت فى نفسى انه لشاعر كما يقول قريش حتى بلغ الى قوله انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ثم مر حتى انتهى الى آخر السورة فأدخل الله فى قلبى الإسلام تمت سورة الحاقة بعون الله تعالى فى السابع عشر من شهر رمضان من شهور سنة ست عشرة ومائة والف تفسير سورة المعارج اربع وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من السؤال بمعنى الدعاء والطلب يقال دعا بكذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة والمعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه وطلبه ومن التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير وحمل النقيض على النقيض فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير فانه نظير دعا وهو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل إعطاء مجموع المعنيين ولا فائدة فى لجمع بين معنى سأل ودعا لان أحدهما يغنى عن الاخر والمراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما واختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال إنكارا واستهزاء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وصيغة الماضي وهو واقع دون سيوقع للدلالة على تحقق وقوعه اما فى الدنيا وهو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا واما فى الآخرة وهو عذاب النار وعن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال أجهل من قومى قومك قالوا لرسول الله عليه السلام حين دعاهم الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له وقيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم وسأل أن يأخذهم الله أخذا شديدا ويجعله سنين كسنى يوسف وان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة وقوله تعالى متى هذا الوعد ونحوهما إذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر فالسؤال بمعناه

[سورة المعارج (70) : الآيات 2 إلى 4]

وهو التفتيش والاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبي عليه السلام وأصحابه إنكارا واستهزاء عن وقوعه وعلى من ينزل ومتى ينزل والباء يمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء وعن الامام الواحدي ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى وهزى إليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشيء وسألته عن الشيء لِلْكافِرينَ اى عليهم فاللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها ان فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها اى فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على ما ذهب بعضهم فى قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله اى بأن يعبدوا الله او على معناه اى نازل لاجل كفرهم ومتعلقه على التقادير الثلاثة هو واقع قال بعض العارفين بهذا وصف اهل الأمل والظن الكاذب الذين يظنون انهم يتركون فى قبائح أعمالهم وهم لا يعذبون لَيْسَ لَهُ اى لذلك العذاب دافِعٌ مِنَ اللَّهِ اى من جهته تعالى إذا جاء وقته وأوجبب الحكمة وقوعه ذِي الْمَعارِجِ صفة لله لانه من الأسماء المضافة مثل فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ونحوهما والمعارج جمع معرج بفتح الميم هنا بمعنى مصعد وهو موضع الصعود قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد ومعنا ذى المعارج بالفارسية خداوند در جهان بلند است. والمراد الافلاك التسعة المرتبة بعضها فوق بعض وهى السموات السبع والكرسي والعرش تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ المأمورون بالنزول والعروج دون غيرهم من المهيمين ونحوهم لان من الملائكة من لا ينزل من السماء أصلا ومنهم من لا يعرج من الأرض قطعا وَالرُّوحُ اى جبريل أفرده بالذكر لتميزه وفضله كما فى قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فقد ذكر مع نزولهم فى آية وعروجهم فى اخرى إِلَيْهِ اى يعرجون من مسقط الأمر الى عرشه والى حيث تهبط منه أوامره كقول ابراهيم عليه السلام انى ذاهب الى ربى اى الى حيث أمرني ربى بالذهاب اليه فجعل عروجهم الى العرش عروجا الى الرب لان العرش مجلى صفة الرحمانية فمنه تبتدأ الاحكام والى حيث شاء الله تعالى تهبط الملائكة بأعمال بنى آدم الى الله تعالى والروح إليها ناظر في ذلك المشهد (فى يوم) متعلق بتعرج كألى (كان مقداره خمسين الف سنة) مما يعده الناس كما صرح به قوله تعالى فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون وقوله خمسين خبر كان وهو من باب التشبيه البليغ والأصل كمقدار مدة خمسين الف سنة. واعلم ان تحقيق هذه الآية يستدعى تمهيد مقدمه وهى ان المبروج اثنا عشر على ما أفاده هذا البيت وهو قوله چون حمل چون ثور و چون جوزا وسرطان واسد ... سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت وكان مبدأ الدولة العرشية من الميزان ومنه الى الحوت أوجد الله فيه الأرواح السماوية والصور الاصلية الكلية التعينة فى جوف العرش ولكل برج يوم مخصوص به ومدة

هذه البروج السته وهى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت أحد وعشرون الف سنة ومن الحمل الى برج السنبلة فى الحكم خمسون الف سنه ومدة دور السنبلة سبعة آلاف سنة وهى الآخرة وفى أول هذه الدورة التي هى دور السنبلة بموجب الأمر الإلهي الموحى به هناك ظهر النوع الإنساني وبعث نبينا عليه السلام فى الالف الآخر من السبعة وفى الاجزاء البرزخية بين احكام دور السنبلة ودور الميزان المختص بالآخرة فانه إذا تم دور البروج الاثني عشر ينتقل الحكم الى الميزان وهو زمان القيامة الكبرى فأخذنا كفة الالف الاولى للدنيا فى الدولة المحمدية والكفة الأخرى للآخرة والحشر اى أخذنا النصف الاول من الف الميزان الثاني لهذه النشأة والنصف الأخير منه للنشأة الآخرة ولهذا استقرت الاخبار فى قيام الساعة وامتدادها الى خمسمائة سنة بعد الالف وهى النصف الاول من الالف الثاني من الميزان الثاني ولم يتجاوز حد الدنيا ذلك عند أحد من علماء الشريعة فبعث النبي عليه السلام فى زمان امتزاج الدنيا بالآخرة كالصح الذي هو أول النهار المشرع ومنه الى طلوع الشمس نظر الزمان الذي هو من المبعث الى قيام الساعة فكما يزداد الضوء بعد طلوع الفجر بالتدريج شيأ بعد شىء كذلك ظهور احكام الآخرة من حين المبعث يزداد الى زمان طلوع الشمس من مغربها كما أشار عليه السلام اليه بقوله بعثت انا والساعة كفرسى رهان وبقوله لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وحتى يحدثه فخذه بما يصنع اهله بعده وكذا يسمع جمهور الناس فى آخر الزمان نطق الجمادات والنباتات والحيوانات على ما ورد فى الاخبار الصحيحة فلليوم مراتب واحكام. فيوم كالآن وهو أدنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل وهو المشار اليه بقوله تعالى كل يوم هو فى شأن فسمى الزمن الفرد يوما لان الشان يحدث فيه وهو أصغر الأزمان وأدقها والساري فى كل الأدوار سريان المطلق فى المقيد. ويوم كألف سنة وهو اليوم الإلهي ويوم الاخرة كمال قال تعالى وان يوما عند ربك كألف سنة وقال يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. ويوم كخمسين الف سنة والى ما لا يتناهى كيوم اهل الجنة فلاحد لاكبر الأيام يوقف عنده فهذا اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة هو يوم المعراج ويوم القيامة ايضا. در فتوحات آورده كه هر اسمى را از اسماء الهيه روزيست خاص كه تعلق بدو دارد ودر قرآن در روز از انها مذكور است يوم الرب كه هزار سالست ويوم ذى المعارج كه پنجاه هزار سالست. وكل الف سنة دورة واحدة تقع فيها القيامة الصغرى لاهل الدنيا بتبديل الاحكام والشرائع وأنواع الهياكل والنفوس وكل سبعة آلاف سنة دورة لنوع خاص كالانسان وكل خمسين الف سنة دورة ايضا تقع فيما القيامة الكبرى فيفنى العالم واهله وكان عروج الملائكة من الأرض الى السماء ونزولهم من السماء الى الأرض لاجراء احكام الله وإنفاذ امره فى مدة البروج الستة الآخر التي هى الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة وهى خمسون الف سنة كما سبق وعند العارفين يطلق على نزول الملائكة العروج ايضا وان كانت حقيقة العروج انما هى لطالب العلو

وذلك لان لله تعالى فى كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه فنزول الملائكة وعروجهم دائما الى الحق لعدم تحيزه وكل ما كان اليه فهو عروج وان كان فى السفليات لانه هو العلى الأعلى فهو صفة علو على الدوام وجعلت اجنحة الملائكة للهبوط عكس الطائر عبرة ليعرف كل موجود عجزه وعدم تمكنه من تصرفه فوق طاقته التي أعطاها الله له فالملائكة إذا نزلت نزلت بجناحها وإذا علت علت بطبعها والطيور بالعكس فاعلم ذلك وكذلك يكون عروجهم ونزولهم اى يقع فى اليوم الطويل الذي هو يوم القيامة لاجراء احكام الله على ما شاء وإنفاذ امره على مقتضى علمه وحكمته وهو مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا ودل على مدة هذا اليوم قوله عليه السلام ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها فى نار جهنم اى مرة ثانية ليشتد حرها فيكون بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له اى لمكيه الى نار جهنم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة اى ان لم يكن له ذنب سوه او كان ولكن الله عفا عنه واما الى النار اى ان كان على خلاف ذلك رواه مسلم (وروى) ان للقيامة خمسين موقفا يسأل العبد فى كل منها عن امر من امور الدين فان لم يقدر على الجواب وقف فى كل موقف بمقدار اليوم الإلهي الذي هو الف سنة ثم لا ينتهى اليوم الى ليل اى يكون وقت اهل الجنة كالنهار ابدا ويكون زمان اهل النار كالليل ابدا إذ كما لا ظلمة لاهل النور كذلك لا نور لاهل الظلمة وفيه تذكير للعاقل على ان يوم القيامة إذا كان اوله مقدار خمسين الف سنة فماذا آخره ثم هذا الطول فى حق الكافر والعاصي لا المؤمن والمطيع لما روى ابو سعيد الخدري رضى الله عنه انه قيل لرسول الله عليه السلام ما أطول هذا اليوم فقال عليه السلام والذي نفسى بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا وفى التمثيل بالصلاة اشارة الى وجه آخر لسر العدد وهو ان الكافر أضاع الصلاة وهى فى الأصل خمسون صلاة فكأنه عذب بكل واحدة منها الف سنة ولهذا السر يكلف يوم القيامة بالسجود لا بغيره ولا يلزم من وجود هذا اليوم بهذا الطول ومن عروج الملائكة فى اثنائه الى العرش أن يكون ما بين أسفل العالم وأعلى سرادقات العرش مسيرة خمسين الف سنة لان المراد بيان طول اليوم عروج الملائكة ونزولهم فى مثل هذا اليوم الى العرش ومنه لتلقى امره وتبليغه الى محله مرار او كرارا لا بيان طول المعارج لان ما بين مركز الأرض ومقعر السماء مسيرة خمسمائة عام وتخن كل واحدة من السموات السبع كذلك فيكون المجموع تسعة آلاف الى العرش اى بالنظر الظاهري والا فهى أزيد من ذلك بل من كل عدد متصور كما ستجيئ الاشارة اليه وقول من قال جعل ما بين الكرسي والعرش كما بين غيرهما غير موجه لما فى الحديث الصحيح ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للجاهدين فى سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فيكون بين الكرسي الذي هو صحن الجنة وبين العرش الذي هو سقف الجنة خمسمائة سنة مائة مرة أولها من ارض الكرسي الى الدرجة السافلة

من العرش فيكون المجموع مقدار خمسين الف سنة تأمل تعرف ان كلامه ليس بصحيح من وجوه الاول ان المراد فى هذا المقام بيان الطول من أسفل العالم الى أعلاه وانه مقدار خمسين الف سنة لا من صحن الجنة الى سقفها لانه على ما ذكره من المسافة بين العرشين يزيد على ذلك المقدار بالنظر الى أسفل العالم زيادة بينة فلا يحصل المقصود ولثانى ان المراد النبي عليه السلام من التمثيل بما بين السماء والأرض ليس التحديد بل بيان مجرد السعة وطول الامتداد بما لا يعرفه الا الله كما يقتضيه المقام والثالث ان الحديث الذي أورده لا يدل على ان نهاية الدرجة الاخيرة من تلك الدرجات منتهة الى الدرجة السافلة من العرش بل هو ساكت عنه فيجوز أن يكون المقدار أزيد مما ذكره لان طبقات المجاهدين متفاوتة على ان سقف الجنة وان كان هو عرش الرحمن لكن المراد به ذروته وهى التي ينتهى دونها عالم التركيب وهى موضع قدم النبي عليه السلام ليلة المعراج وما بين أسفل الجنة من محدب الكرسي الى أعلاها من تلك الذروة التي هى محدب العرش لا حد له يعرف على ما سيجيئ فى سورة الأعلى ان شاء الله تعالى فاذا تحققت هذا البيان الشافي فى الآية الكريمة وهو الذي أشار اليه الحكماء الالهية فدع عنك القيل والقال الذي قرره اهل المراء والجدال فمنه ان قوله فى يوم بيان لغابة ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل والتخييل والمعنى من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها فى ذلك لكان ذلك الزمان مقدار خمسين الف سنة من ستى الدنيا انتهى وفيه ان كونه محمولا على التمثيل انما يظهر إذا فسرت المعارج بغير السموات وهو خلاف المقصود ومنه ان معناه تعرج الملائكة والروح الى عرشه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة اى يقطعون فى يوم من ايام الدنيا ما يقطعهه الإنسان فى خمسين الف سنة لو فرض ذلك القطع وذلك لغاية سرعتهم وقوتهم على الطيران وبالفارسية اگر يكى از بنى آدم خواهد كه سير كند از دنيا تا آنجا كه محل امر ملائكه است وايشان بيكروز ميروند او بدين مقدار سال تواند رفت انتهى. وفيه ان سير الملائكة لحظى فيصلون من أعلى الأوج الى أسفل الحضيض فى آن واحد فتقدير سيرهم باليوم المعلوم فى العرف غير واضح ومنه ان اليوم فى الآية عبارة عن أول ايام الدنيا الى انقضائها وانها خمسون ألف سنة لا يدرى أحدكم مضى وكم بقي الا الله تعالى انتهى وفيه ان ايام الدنيا تزيد على ذلك زيادة بينة كما لا يخفى على اهل الأخيار وعندى انها ثلاثمائة وستون ألف سنة بمقدار ايام السنة دل عليه قولهم ان عمر الإنسان جامعة من جمع الآخرة وقد اسلفناه فى موضعه ومنه ان المراد باليوم هو يوم من ايام الدنيا يعرج فيه الأمر من منتهى أسفل الأرضين الى منتهى أعلى السموات ومقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة واما اليوم الذي مقداره ألف سنة كما فى سورة الم السجدة فباعتبار نزول الأمر من السماء الى الأرض وباعتبار عروجه من الأرض الى السماء فللنزول خمسمائة وكذا للصعود والمجموع ألف وفيه انه زاد فى الطنبور نغمة اخرى حيث اعتبر العروج من أسفل الأرضين ليطول المسافة وظاهر انه لا يتم المقصود بذلك ومنه ان المراد تصعد الحفظة باعمال بنى آدم كل يوم الى محلى قربته

وكرامته وهو السماء فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من سنى الدنيا لو صعد فيه غير الملك لان الملك يصعد من منتهى امر الله من أسفل السفل الى منتهى امره من فوق السماء السابعة فى يوم واحد ولو صعد فيه بنوا آدم لصعدوا فى خمسين ألف سنة انتهى وفيه ما فى السابق من تقدير اليوم فى حق الملائكة مع ان قصر الصعود على الصعود بمجرد العمل قصور لانه شأن الملائكة الحافظين والآية مطلقة عامة لهم ولغيرهم من المدبرات ومنه ان قوله فى يوم متعلق بواقع على أن يكون المراد به يوم القيامة والمعنى يقع العذاب فى يوم طويل مقداره خمسون الف سنة من سنى الدنيا فتكون جملة قوله تعرج الملائكة معترضة بين الظرف ومتعلقه انتهى وفيه انه من ضيق العطن لانه لا مانع من ارادة يوم القيامة على تقدير تعلقه بتعرج ايضا على ما عرف من تقديرنا السابق فان قلت لماذا وصف الله ذاته فى مثل هذا المقام بذي المعارج قلت للتنبيه على ان عروج الملائكة على مصاعد الافلاك ونزولهم منها انما هو للامر الإلهي كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن ومن امره إيصال اللطف الى أوليائه وإرسال القهر على أعدائه ففيه تحذير للكفار من عقوبة السماء النازلة بواسطة الملائكة كما وقعت للامم الماضية المكذبة وزجر لهم عما يؤدى الى المحاسبة الطويلة يوم القيامة هذا ما تيسر لى فى هذا المقام والعلم عند الله العلام وفى التأويلات النجمية فى ذى المعارج اى يصعد بتعذيب اهل الشهوات واللذات مرتبة فوق مرتبة ومصعدا فوق مصعد من معرج نفوسهم الى معرج قلوبهم ومنه الى معرج سرهم ومنه الى معرج روحهم يعذبهم فى كل مرتبة عذابا أشد من أول وفى قوله تعالى تعرج إلخ اى تعرج الخواطر الروحانية خصوصا خاطر جبريل الروح فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة من ايام الله وهى ايام السماء التي تحت حيطة الله الاسم الجامع فافهم قال القاشاني ذى المعارج اى المصاعد وهى مراتب الترقي من مقام الطبائع الى مقام المعادن بالاعتدال ثم الى مقام النبات ثم الى الحيوان ثم الى الإنسان فى مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ثم فى منازل السلوك بالانتباه واليقظة والتوبة والانابة الى آخر ما أشار اليه اهل السلوك من منازل اليقين ومناهل القلب فى مراتب الفناء فى الافعال فى الذات مما لا يحصى كثرة فان له تعالى بإزاء كل صفة مصعدا بعد المصاعد المتقدمة على مقام والصفات الى الفناء الفناء فى الصفات تعرج الملائكة من القوى الارضية والسمائية فى وجود الإنسان والروح الإنساني الى حضرته الذاتية الجامعة فى القيامة الكبرى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة وهو يوم من ايام الله العلى بالذات ذى المعارج العلى وهى الأيام الستة السرمدية من ابتداء الأزل الى انتهاء الابد واما اليوم المقدار بألف سنة فى قوله وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم من ايام الرب المدبر الذي وقت به العذاب وانجاز الوعد فى قوله ويسعجلونك بالعذاب ولن بخلف الله وعده والتدبير فى قوله يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقدار الف سنة مما تعدون وذلك اليوم الأخير من الأسبوع الذي هو مدة الدنيا المنتهية بنبوة الخاتم صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تسبقم فلها نصف يوم مع قوله بعثت انا والساعة كهاتين

[سورة المعارج (70) : الآيات 5 إلى 9]

فهذا يوم من ايام الربوبية والتدبير واما اليوم الذي هو من الأيام الالوهية فهو مقدار ابتداء الربوبية بأسماء الله الغير المتناهية التي تندرج معها لا تناهيها فى الأسماء السبعة وهى الحي العالم القادر المريد السميع البصير المتكلم ولكل من هذه السبعة ربوبية مطلقة بالنسبة الى ربوبيات الأسماء المندرجة تحته ومقيدة بالنسبة الى ربوبية كل واحد من أخواته الى انتهائها بالتجلى الذاتي وكما ان هذا اليوم المذكور سع من ايام الدنيا فمدة الدنيا سبع من ذلك اليوم الإلهي الحاصل من ضرب ايام الدنيا فى عدد اسماء الربوبية وهى تسع وأربعون سنة وآخرة أول الخمسين الذي هو يوم واحد من ايام الله وهو يوم القيامة الكبرى فَاصْبِرْ يا محمد صَبْراً جَمِيلًا لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله فان العذاب يقع فى هذه المدة المتطاولة التي تعرج فيها الملائكة والروح وعن الحسن الصبر الجميل هو المجاملة فى الظاهر وعن ابن بحر انتظار الفرج بلا استعجال وهو متعلق بسأل لان السؤال كان عن استهزاء وتعنت وتكذيب بالوحى وذلك ما يضجره عليه السلام او كان عن تضجر واستبطاء للنصر والمعونة إِنَّهُمْ اى اهل مكة يَرَوْنَهُ اى العذاب الواقع اى يزعمونه فى رأيهم بَعِيداً اى يستبعدونه بطريق الا حالة كما كانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا الآية من يحيى العظام وهى رميم فلذلك يسألون به وسبب استبعادهم عدم علمهم باستحقاقهم إياه يقول المرء لخصمه هذا بعيد رد الوقوعه وإمكانه وَنَراهُ اى نعلمه قَرِيباً لعلمنا باستحقاقهم إياه بحسب استعدادهم اى هينا فى قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر فالمراد بالبعد هو البعد من الإمكان وبالقرب هو القرب منه وقال سهل رحمه الله انهم يرون المقضى عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم ونرا قريبا فان كل كائن قريب والبعيد مالا يكون وفى الحديث ما الدنيا فيما مضى وما بقي الا كثوب شق باثنين وبقي خيط واحد ألا وكان ذلك الخيط قد انقطع قال الشاعر هل الدنيا وما فيها جميعا ... سوى طل يزول مع النهار ما همچومسافريم در زير درخت ... چون سايه برفت زود بردار درخت ومن عجب الأيام انك قاعد ... على الأرض فى الدنيا وأنت تسير فسيرك يا هذا كسير سفينة ... بقوم قعود والقلوب تطير يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وهو هاهنا خبث الحديد ونحوه مما يذاب على مهل وتدريج او دردى الزيت لسيلانه على مهل لثخانته وعن ابن مسعود كالفضة المذابة فى تلونها او كالقير والقطران فى سوادهما ويوم متعلق بقريبا اى يمكن ولا يتعذر فى ذلك اليوم اى يظهر إمكانه وإلا فنفس الإمكان لا اختصاص له بوقت او متعلق بمضمر مؤخر أي يوم تكون السماء كالمهل يكون من الأحوال والأهوال ما لا يوصف وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ العهن الصوف المصبوغ قال تعالى كالعهن المنفوش وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر فى قوله تعالى فكانت وردة كالدهان والمعنى وتكون الجبال كالصوف المصبوغ ألوانا لاختلاف ألوان الجبال منها جدد بيض وحمر وغرابيب سود فاذا بست وطيرت فى الجو أشبهت العهن

[سورة المعارج (70) : الآيات 10 إلى 14]

المنفوش إذا طيرته الريح قال فى كشف الاسرار أول ما تنغير الجبال تصير رملا مهيلا ثم عهنا منفوشا ثم تصير هباء منثورا وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً اى لا يسأل قريب قريبا عن أحواله ولا يكلمه لابتلاء كل منهم بما يشغله عن ذلك وإذا كان الحال بين الأقارب هكذا فكيف يكون بين الأجانب والتنكير للتعميم يُبَصَّرُونَهُمْ استئناف كأنه قيل لعله لا يبصره فكيف يسأل عن حاله فقل يبصرونهم والضمير الاول لحميم أول والثاني للثانى وجمع الضميرين لعموم الحميم لكل حميمين لا لحميمين اثنين قال فى تاج المصادر التبصير بينا كردن. والتعريف والإيضاح ويعدى الى المفعول الثاني بالباء وقد تحذف الباء وعلى هذا يبصرونهم انتهى يعنى عدى يبصرونهم بالتضعيف الى ثان وقام الاول مقام الفاعل والشائع المتعارف تعديته الى الثاني بحرف الجر يقال بصرته به وقد يحذف الجار وإذا نسبت الفعل للمفعول به حذفت الجار وقلت بصرت زيدا وما فى الآية من هذا القبيل والمعنى يبصر الاحماء الاحماء يعنى بينا كرده شوند ايشان بخويشان خود. فلا يخفون عليهم ولا يمنعهم من التساؤل الا تشاغلهم بحال أنفسهم وليس فى القيامة مخلوق الا وهو نصب عين صاحبه فيبصر الرجل أباه وأخاه وأقرباءه وعشيرته ولكن لا يسأله ولا يكلمه لاشتغاله بما هو فيه قال ابن عباس رضى الله عنهما يتعارفون ساعة ثم يتناكرون يَوَدُّ الْمُجْرِمُ اى يتمنى الكافر وقيل كل مذنب لَوْ بمعنى التمني فهو حكاية لودادتهم يَفْتَدِي فدا دهد. وهو حفظ الإنسان عن التائبة بما يبذل عنه مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ اى من العذاب الذي ابتلوا به يوم إذ كان الأمر ما ذكر وهو بكسر الميم لاضافة العذاب اليه وقرئ يومئذ بالفتح على البناء للاضافة الى غير متمكن بِبَنِيهِ أصله بنين سقطت نونه بالاضافة وجمعه لان كثرتهم محبوبة مرغوب فيها وَصاحِبَتِهِ زوجته التي يصاحبها وَأَخِيهِ الذي كان ظهيرا له ومعينا والجملة استئناف لبيان ان اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ الى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس اليه واعلقهم بقلبه ويجعله فدآء لنفسه حتى ينجو هو من العذاب فضلا عن أن يهتم بحاله ويسأل عنها كأنه قيل كيف لا يسأل مع تمكنه من السؤال فقيل يود إلخ وَفَصِيلَتِهِ وهى فى الأصل القطعة المفصولة من الجسد وتطلق على الآباء الأقربين وعلى الأولاد لان الولد يكون مفصولا من الأبوين فلما كان الولد مفصولا منهما كانا مفصولين منه ايضا فسمى فصيلة لهذا السبب والمراد بالفصيلة فى الآية هو الآباء الأقربون والعشيرة الأدنون لقوله وبنيه الَّتِي تُؤْوِيهِ أوى الى كذا انضم اليه وآواه غيره كما قال تعالى آوى اليه أخاه اى ضمه الى نفسه فمعنى تؤويه تضمه إليها فى النسب او عند الشدائد فيلوذ بها وبالفارسية وخويشان خود را كه جاى داده اند او را در دنيا نزد خود يعنى پناگاه وى بوده اند وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من الثقلين والخلائق ومن للتغليب ثُمَّ يُنْجِيهِ عطف على يفتدى اى يود لو يفتدى ثم ينجيه الافتداء وثم لاستبعاد الانجاء يعنى يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم فى فدآء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه وفيه اشارة الى مجرم الروح المنصبغ بصبغة النفس فانه يود أن يفتدى من هول

[سورة المعارج (70) : الآيات 15 إلى 21]

عذاب يوم الفراق والاحتجاب بينى القلب وصفاته وصاحبة نفسه وأخي سره وفصيلته اى توابعه وشيعته ومن فى ارض بشريته جميعا من القوى الروحانية والجسمانية ثم ينجيه هذا الافتداء ولا ينفعه لفساد الاستعداد وفوات الوقت كَلَّا ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع إنجاء الافتداء اى لا يكون كما يتمنى فانه بهيئته الظلمانية الحاصلة من الاجرام استحق العذاب فلا ينجو منه وفى الحديث يقول الله لأهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي وعن القرطبي ان كلا يكون بمعنى الردع وبمعنى حقا وكلا الوجهين جائز ان هنا فعلى الثاني يكون تمام الكلام ينجيه فيوقف عليه ويكون كلا من الجملة الثانية التي تليه والمحققون على الاول ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الوقف المطلق على كلا إِنَّها اى النار المدلول عليها بذكر العذاب والمراد جهنم لَظى وهو علم للنار وللدرك الثاني منها منقول من اللظى بمعنى اللهب الخالص الذي لا يخالطه دخان فيكون فى غاية الإحراق لقوة حرارته النارية بالصفاء وهو خبر ان بمعنى مسماة بهذا الاسم ويجوز أن يراد اللهب الخالص على الأصل فيكون خبرا بلا تأويل (كما قال الكاشفى) بدرستى كه آتش دوزخ كه مجرم ازو فدا دهد زبانه ايست خالص (وفى كشف الاسرار) آن آتشى است زبانه زن نَزَّاعَةً لِلشَّوى نزع الشيء جذبه من مقره وقلعه والشوى الأطراف اى الأعضاء التي ليست بمقتل كالايدى والأرجل ونزاعة على الاختصاص للتهويل اى اعنى بلظى جذابة للاعضاء الواقعة فى أطراف الجسد وقلاعة لها بقوة الإحراق لشدة الحرارة ثم تعود كما كانت وهكذا ابدا والشوى جمع شواة وهى جلدة الرأس يعنى ان النار تنزع جلود الرأس وتقشر مما عنه وذلك لانهم كانوا يسعون بالاطراف للاذى والجفاء ويصرفون عن الحق الأعضاء الرئيسة التي تشتمل عليها الرأس خصوصا العقل الذي كانوا لا يعقلون به فى الرأس تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ اى عن الحق ومعرفته وهو مقابل اقبل ومعنى تدعو تجذب الى نفسها وتحضر فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم (قال الكاشفى) زبانه ميزند وكافر را بخود ميكشد از صد ساله ودويست ساله راه چنانچهـ مقناطيس آهن را جذب ميكند. وتقول لهم الى الى يا كافر ويا منافق ويا زنديق فانى مستقرك او تدعو الكافرين والمنافقين بلفظ فصيح بأسمائهم ثم تلتقطهم كالتقاط الطير الحب ويجوز ان يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه فى جلودهم وأيديهم وأرجلهم وكما خلقه فى الشجرة او تدعو زبانيتها على حذف المضاف او على الاسناد المجازى حيث أسند فعل الداعي الى المدعو اليه وَتَوَلَّى اى اعرض عن الطاعة لان من اعرض يولى وجهه وفى التأويلات النجمية من أدبر عن التوجه الى الحق بموافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة وتولى عن الإقبال على الآخرة والأدبار عن الدنيا وقال القاشاني بمناسبة نفسه للجحيم انجر إليها إذا لجنس الى الجنس يميل ولظى نار الطبيعة السفلية ما استدعت الا المدبر عن الحق المعرض عن جناب القدس وعالم النور المقبل بوجهه الى معدن الظلمة المؤثر لمحبة الجواهر الفانية السفلية المظلمة فانجذب بطبعه الى مواد النيران الطبيعية واستدعته وجذبته

[سورة المعارج (70) : الآيات 18 إلى 21]

الى نفسها للجنسية فاحترق بنارها الروحانية المستولية على الافئدة فكيف يمكن الانجاء منها وقد طلبها بداعي الطبع ودعاها بلسان الاستعداد وَجَمَعَ المال حرصا وحبا للدنيا فَأَوْعى فجعله فى وعاء وكنزه ولم يؤد زكاته وحقوقه الواجبة فيه وتشاغل به عن الدين وتكبر باقتنائه وذلك لطول أمله وانعدام شفقته على عباد الله والا ما ادخر بل بذل وفى جمع الجمع مع الأدبار والتولي تنبيه على قباحة البخل وخساسة البخيل وعلى انه لا يليق بالمؤمن وفى الخبر يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج بين يدى الله وهو بالفارسية بره. فيقول له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فما صنعت فيقول رب جمعته وثمرته وتركته اكثر ما كان فارجعنى آتك به كله فاذا هو عبد لم يقدم خيرا فيمضى به الى النار وفى الخبر بصق عليه السلام يوما فى كفه ووضع عليها إصبعه فقال يقول الله لابن آدم تعجزنى وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللارض منك وئيد يعنى زمين را از تو آواز شديد بود. فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأنى لوان الصدقة وفى التأويلات النجمية جمع الكمالات الانسانية من الأخلاق الروحانية والأوصاف الرحمانية ولم ينفق على الطلاب الصادقين العاشقين والمحبين المشتاقين بطريق الإرشاد والتعليم والتسليك إِنَّ الْإِنْسانَ اى جنس الإنسان خُلِقَ حال كونه هَلُوعاً مبالغة هالع من الهلع وهو سرعة الجزع عند مس المكروه بحيث لا يستمسك وسرعة المنع عند مس الخير يقال ناقة هلواع سريعة السير وهو من باب علم وقد فسره احسن تفسير على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى إِذا ظرف لجزوعا مَسَّهُ الشَّرُّ اى أصابه ووصل اليه الفقر او المرض او نحوهما جَزُوعاً مبالغة فى الجزع مكثرا منه لجهله بالقدر وهو ضد الصبر وقال ابن عطاء الهلوع الذي عند الموجود يرضى وعند المفقود يسخط وفى الحديث شر ما اعطى ابن آدم شح هالع وجبن خالع فالهالع المحزن يعنى اندوهگين كننده. والخالع الذي يخلع قلبه قال بعض العارفين انما كرهت نفوس الخلق المرض لانه شاغل لهم عن أداء ما كلفوا به من حقوق الله تعالى إذا لروح الحيواني حين يحس بالألم يغيب عن تدبير الجسد الذي يقوم بالتكليف وانما لم تكره نفوس العارفين الموت لما فيه من لقاء الله تعالى فهو نعمة ومنة ولذلك ما خير نبى فى الموت الا اختاره وَإِذا ظرف لمنوعا مَسَّهُ الْخَيْرُ اى السعة او غيرهما مَنُوعاً مبالغا فى المنع والإمساك لجهله بالقسمة وثواب الفضل وللصحة مدخل فى الشح فان الغنى قد يعطى فى المرض ما لا يعطيه فى الصحة ولذا كانت الصدقة؟؟؟ الصحة أفضل. ودر لباب از مقاتل نقل ميكند كه هلوع جانوريست در پس كوه قاف كه هر روز هفت صحرا از كياه خالى ميكند يعنى همه حشايش آنرا مى خورد وآب هفت دريا مى آشامد ودر كرما وسرما صبر ندارند وهر شب در انديشه آنست كه فردا چهـ خواهد خورد پس حق سبحانه وتعالى آدمي را در بى صبرى وانديشه روزى بدين دابه تشبيه ميكند جانور يرا كه بجز آدميست ... معده چو پر شد سبب بى غميست آدميست آنكه نه سيرى برد ... بر سر سيرى غم روزى خورد

خورد همه عمر چهـ بيش و چهـ كم ... روزئ هر روزه ز خوان كرم وز ره حرص واملش همچنان ... هيچ غمى نيست بجز فكر نان والأوصاف الثلاثة وهى هلوعا وجزوعا ومنوعا احوال مقدرة لان المراد بها ما يتعلق به الذم والعقاب وهو ما يدخل تحت التكليف والاختيار وذلك بعد البلوغ او محققة لانها طبائع جبل الإنسان عليها كما قال المتنبي الظلم من شيم النفوس فان تجد. ذاعفة فلعلة لا يظلم. ولا يلزم ان لا تفارقه بالمعالجات المذكورة فى كتب الأخلاق فانها كبرودة الماء ليست من اللوازم المهيئة للوجود بل انما حصولها فيه بوضع الله تعالى وخلقه وهو يزيلها ايضا بالأسباب التي سببها إذا أراد فان قيل فيلزم ان يكون له هلع حين كان فى المهد صبيا قلنا نعم ولا محذور الا يرى انه كيف يسرع الى الثدي ويحرص على الرضاع ويبكى عند مس الألم ويمنع بما وسعه إذا تمسك بشئ فزوحم فيه قال الراغب فان قيل ما الحكمة فى خلق الإنسان على مساوى الأخلاق قلنا الحكمة فى خلق الشهوة ان يمانع نفسه إذا نازعته نحوها ويحارب شيطانه عند تزيينه المعصية فيستحق من الله مثوبة وجنة انتهى يعنى كما انه ركب فيه الشهوة ركب فيه العقل الرادع وحصلت الدلالة الى الصراط السوي من الشارع قال بعض العارفين الشح فى الإنسان امر جبلى لا يمكن زواله ولكن يتعطل بعناية الله تعالى استعماله لا غير فلذلك قال ومن يوق شح نفسه فأثبت الشح فى النفس الا ان العبد يوقاه بفضل الله وبرحمته وقال ان الإنسان خلق هلوعا إلخ واصل ذلك كله ان الإنسان استفاد وجوده من الله فهو مفطور على الاستفادة لاعلى إفادة فلا تعطيه حقيقته ان يتصدق او يعطى أحدا شيأ ولذلك ورد الصدقة برهان يعنى دليل ان هذا الإنسان وقى بها شح النفس. يقول الفقير وعليه المزاح المعروف وهو أن بعض العلماء وقع فى الماء فكاد يغرق فقال له بعض الحاضرين يا سلطانى ناولنى يدك فقيل لا تقل هكذا فانه اعتاد الاخذ لا الا عطاء بل قل خذ بيدي وقال بعضهم الغضب والشره والحرص والجبن والبخل والحسد وصف جبلى فى لانسان والجان وما كان من الجبلة فمحال ان يزول الا بانعدام الذات الموصوفة به ولهذا عين الشارع صلى الله عليه وسلم لهذه الأمور مصارف فقال لا حسد الا فى اثنتين وامر بالغضب لله لا حمية جاهلية وقال ولا ثقل لهما أف ثم مدح من قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله وقال ولا تخافوهم ثم قال وخافون فالكل يستعملون هذه الصفات استعمالا محمودا وكثير من الفقراء يظنون زوال هذه الصفات منهم حين يعطل الله استعمالها فيهم وليس كذلك. يقول الفقير ومنه يعلم صحة قول من قال ان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء على ما أسلفناه فى سورة يوسف والحاصل ان اصول الصفات باقية فى الكل لبقاء المحاربة مع النفس إذ لا يحصل الترقي الا بالمحاربة والترقي مستمر الى الموت فكذا المحاربة المبنية على بقاء اصول الصفات فأصل النفس امارة لكن لا يظهر اثرها فى الكاملين كما يظهر فى الناقصين فاعلم ذلك قال القاشاني ان النفس بطبعها معدن الشر ومأوى الرجس لكونها من عالم الظلمات فمن مال إليها بقلبه واستولى عليه مقتضى جبلته وخلقته ناسب الأمور السفلية واتصف

[سورة المعارج (70) : الآيات 22 إلى 25]

بالرذائل التي اردأها الجبن والبخل المشار إليهما بقوله وإذا مسه الشر إلخ لمحبة البدن ما يلائمه وتسببه فى شهواته ولذاته وانما كانا اردأ لجذبهما القلب الى أسفل مراتب الوجود وفى التأويلات النجمية يشير الى هلع الإنسان المستعد لقبول الفيض الإلهي ساعة فساعة ولحظة فلحظة وعدم صبره عن بلوغه الى الكمال فانه لا يزال فى طريق السلوك يتعلق باسم من الأسماء الالهية ويتحقق به ويتخلق ثم يتوجه الى اسم آخر الى ان يستوفى سلوك جميع الأسماء إذا مسه الشر الفترة الواقعة فى الطريق يجزع ويضطب ويتقلقل ولا يعلم ان هذه الفترة الواقعة فى طريقه سبب لسرعة سلوكه وموجب لقوة سيره وطيرانه وإذا مسه الخير من الواهب الذاتية والعطايا الاسمائية يمنع من مستحقيه ويبخل على طالبيه إِلَّا الْمُصَلِّينَ استثناء من الإنسان لانه فى معنى الجمع للجنس وهذا الاستثناء باعتبار الاستمرار أي ان المطبوعين على الصفات الرذيلة مستمرون عليها الا المصلين فانهم بدلوا تلك الطبائع واتصفوا بأضدادها الَّذِينَ هُمْ تقديم هم يقيد تقوية الحكم وتقريره فى ذهن السامع كما فى قولك هو يعطى الجزيل قصدا الى تحقيق انه يفعل إعطاء الجزيل عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ لا يشغلهم عنها شاغل فيواظبون على ادائها كما روى عن النبي عليه السلام انه قال أفضل العمل او دمه وان قل وقالت عائشة رضى الله عنها كان عمله ديمة قدم الصلاة على سائر الخصال لقوله عليه السلام أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس وأول ما يرفع من أعمالها الصلوات وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فان صلحت فقد أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وانها آخر ما يجب عليه رعايته فانه يؤخر الصوم فى المرض دون الصلاة الا ان لا يقدر على التميم والإيماء ولذا ختم الله الخصال بها كما قال والذينهم على صلاتهم يحافظون وكان آخر ما اوصى به عليه السلام الصلاة وما ملكت ايمانكم وفى الآية اشارة الى صلاة النفس وهى التزكية عن المخالفات الشرعية وصلاة القلب وهى التصفية عن الميل الى الدنيا وشهواتها وزخارفها وصلاة السر وهي التخلية عن اثر كون الى المقامات العلية والمراتب السنية وصلاة الروح وهى بالمكاشفات الربانية والمشاهدات الرحمانية والمعاينات الحقانية وصلا الخفي وهى بالفناء فى الحق والبقاء به فالكمل يداومون على هذه الصلوات وَالَّذِينَ اى والا الذين فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ اى نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقربا الى الله تعالى وإشفاقا على الناس من الزكاة المفروضة الموظفة لِلسَّائِلِ اى للذى يسأل ومن كان له قوت يوم لا يحل له السؤال واما حكم الدافع له عالما بحاله فكان القياس ان يأثم لانه اعانة على الحرام لكنه يجعله هبة ولا اثم فى الهية للغنى وله ان يرده برد جميل مثل ان يقول آتاكم الله من فضله وَالْمَحْرُومِ الذي لا يسأل اما حياء او توكلا فيظن انه غنى فيحرم وفيه اشارة الى أحول الحقائق والمعارف الحاصلة من رأس مال الأعمال الصالحة والأحوال الصادقة ففيها حق معلوم للسائل وهو المستعد للسلوك والاجتهاد فينبغى ان يفيض عليه ويرشده الى طلب الحق والمحروم هو المرمى الساقط على ارض العجز بسبب الأهل والعيال والاشتغال بأسبابهم فيسليهم ويطيب قلوبهم

[سورة المعارج (70) : الآيات 26 إلى 31]

برحمة الله وغفرانه ويفيض عليهم من بركات أنفاسه الشريفة لئلا يحرم من كرم الله وفيضه وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بأعمالهم حيث يتعبون أنفسهم فى الطاعات البدنية والمالية طمعا فى المثوبة الاخروية بحيث يستدل بذلك على تصديقهم بيوم الجزاء فمجرد التصديق بالجنان واللسان وان كان ينجى من الخلود فى النار لكن لا يؤدى الى ان يكون صاحبه مستثنى من المطبوعين بالأحوال المذكورة قال القاشاني والذين يصدقون من اهل اليقين البرهاني او الاعتقاد الايمانى بأحوال الآخرة والمعاد وهم ارباب القلوب المتوسطون وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خائفون على أنفسهم مع مالهم من الأعمال الفاضلة استقصارا لها واستعظاما لجنابه تعالى قال الكاشفى وعلامت ترس الهى اجتناب از ملاهى ومناهيست. وقال الحسن يشفق المؤمن ان لا تقبيل حسناته وتقديم من يحسن ان يكون للحصر امتثالا لأمره تعالى فارهبون مع جواز أن يكون للتقوية إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ كه عذاب خداوند ايشان نه آنست كه از ان ايمن باشند. وهو اعتراض مؤذن بانه لا ينبغى لاحد أن يأمن عذابه تعالى وان بالغ فى الطاعة والاجتهاد بل يكون بين الخوف والرجاء لانه لا يعلم أحد عافيته قال القاشاني والذين هم إلخ اى اهل الخوف من المتبدين فى مقام النفس السائرين عنه بنور القلب لا لوافقين معه او المشفقين من عذاب الحرمان والحجاب فى مقام القلب من السالكين او فى مقام المشاهدة من التلوين فانه لا يؤمن الاحتجاب ما بقيت بقية كما قال ان عذاب ربهم غير مأمون ومن العذاب إعجاب المرء بنفسه فانه من الموبقات الموقعات فى عذاب نار الجحيم وجحيم العقاب نسأل الله العافية وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ فرج الرجل والمرأة سوءاتهما اى قبلهما عبربه عنها رعاية للأدب فى الكلام وأدب المرء خير من ذهبه والجار متعلق بقوله حافِظُونَ من الزنى متعففون عن مباشرة الحرام فان حفظ الفرج كناية عن العفة إِلَّا عَلى بمعنى من كما فى كتب النحو أَزْواجِهِمْ نسائهم المنكوحات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من الجواري فى اوقات حلها كالطهر من الحيض والنفاس ومضى مدة الاستبراء عبر عنهن بما إجراء لهن لمملوكيتهن مجرى غير العقلاء اولا نوئتهن المنبئة عن القصور وإيراد ما ملكت الايمان يدل على المراد من الحافظين هنا الذكور وان كان الحفظ لازما للاناث ايضا بل أشد لانه لازم عليهن على عبيدهن وان كانوا مما ملكت ايمانهن ترجيحا لجانب الذكور فى صيانة عرضهم فَإِنَّهُمْ اى الحافظين غَيْرُ مَلُومِينَ على عدم حفظها منهن اى غير معيوبين شرعا فلا يؤاخذون بذلك فى الدنيا والآخرة وبالفارسية بجاى سرزنش نيستند. وفيه اشعار بأن من لم يحفظ تكفيه ملامة اللائمين فكيف العذاب فَمَنِ ابْتَغى پس هر كه طلب كند براى نفس خود وَراءَ ذلِكَ الذي ذكر وهو الاستمتاع بالنكاح وملك اليمين وحد النكاح اربع من الحرائر ولا حد الملك اليمين فَأُولئِكَ المبتغون هُمُ العادُونَ المتعدون لحدود الله الكاملون فى العدوان المتناهون لانه من عدا عليه إذا تجاوز الحد فى الظلم ودخل فيه حرمة وطئ الذكران والبهائم والزنى وقيل يدخل فيه الاستمناء ايضا روى ان العرب كانوا يستمنون

[سورة المعارج (70) : الآيات 32 إلى 37]

فى الاسفار فنزلت الآية وفى الحديث ومن لم يستطع اى التزوج فعليه بالصوم استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه عليه السلام ارشد عند العجز عن التزوج الى الصوم الذي يقطع الشهوة فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد اليه أسهل وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لاجل تسكين الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم إذا عالج ذكره حتى امنى يحب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد قضاء الشهوة وان قصد تسكين شهوته أرجو أن لا يكون عليه وبال وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون من الحلال الى الحرام قال البغوي الآية دليل على ان استمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت ابن عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذاب الله امة كانوا يعبثون بمذاكيرهم والواجب على فاعله التعزيز كما قال بعضهم نعم يباح عند أبى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه معنى العزل وفى التاتار خانية قال أبو حنيفة احسبه ان يتجو رأسا برأس. يقول الفقير من اضطر الى تسكين شهوته فعليه ان يدق ذكره بحجر كما فعله بعض الصلحاء المتقين حين التوقان صيانة لنفسه عن الزنى ونحوه والحق أحق ان يتبع وهو العمل بالإرشاد النبوي الذي هو الصوم قان اضطر فالعمل بما ذكرناه اولى واقرب من افعال اهل الورع والتقوى وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ لا يخلون يشئ من حقوقها والامانة اسم لجنس ما يؤتمن عليه الإنسان سوآء من جهة الباري تعالى وهى أمانات الدين التي هى الشرائع والاحكام او من جهة الخلق وهى الودائع ونحوها والجمع بالنظر الى اختلاف الأنواع وكذا العهد شامل لعهد الله وعهد الناس وهو ما عقده الإنسان على نفسه لله او لعباده وهو يضاف الى المعاهد والمعاهد فيجوز هنا الاضافة الى الفاعل والمفعول وقال الجنيد قدس سره الامانة المحافظة على الجوارح والعهد حفظ القلب مع الله على التوحيد والرعاية القيام على الشيء بحفظه وإصلاحه وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيانة عند ائتمان والكذب عند التحديث والغدر عند المعاهدة والفجور عند المخاصمة من خصال المنافق اگر مى بايد از آتش امانت ... فرو مكذار قانون امانت بهر عهدى كه مى بندى وفا كن ... رسوم حق كزارى را ادا كن قال بعض الكبار كل من اتصف بالامانة وكتم الاسرار سمع كلام الموتى وعذابهم ونعيمهم كما سمعت البهائم عذاب اهل القبور لعدم النطق وكذلك يسمع من اتصف بالامانة كلام أعضائه له فى دار الدنيا لانها حية ناطقة ولذلك تستشهد يوم القيامة فتشهد ولا يشهد إلا عدل مرضى بلا شك وفى التأويلات النجمية يشير الى الامانة المعروضة على السموات والأرض والجبال وهى كمال المظهرية وتمام المضاهاة الالهية والى عهد ميثاق ألست بربكم قالوا بلى ورعاية ذلك العهد أن لا يخالفه

[سورة المعارج (70) : الآيات 33 إلى 34]

بالمخالفات الشرعية والموفقات الطبيعية وقال بعضهم والذين هم لآماناتهم التي استودعوها بحسب الفطرة من المعارف العقلية وعهدهم الذي أخذ الله ميثاقه منهم فى لازل راعون بأن لم يدنسوا الفطرة بالغواشي الطبيعية والأهواء النفسانية وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ الباء متعلق بقوله قائِمُونَ سوآء كانت للتعدية أم للملابسة والجمع باعتبار انواع الشهادة اى مقيمون لها بالعدل ومؤدونها فى وقتها احياء لحقوق الناس فالمراد بالقيام بالشهادة أداؤها عند الاحكام على من كانت هى عليه من قريب او بعيد شريف او وضيع قال عليه السلام إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع وتخصيصها بالذكر مع اندرجها فى الأمانات لابانة فضلها لان فى إقامتها احياء الحقوق وتصحيحها وفى كتمها وتركها تضييعها وابطالها وفى الأشباه إذا كان الحق يقوم بغيرها او كان القاضي فاسقا او كان يعلم انها لا تقبل جاز الكتمان وفى فتح الرحمن تحمل الشهادة فرض كفاية وأداؤها إذا تعين فرض عين ولا يحل أخذ اجرة عليها بالاتفاق فاذا طلبه المدعى وكان قريبا من القاضي لزمه المشي اليه وان كان بعيدا اكثر من نصف يوم لا يأثم بتخلفه لانه يلحقه الضرر وان كان الشاهد يقدر على المشي فأركبه المدعى من عنده لا تقبل شهادته وان كان لا يقدر فأركبه لا بأس به ويقتصر فى المسلم على ظاهر عدالته عند أبى حنيفة رحمه الله الا فى الحدود والقصاص فان طعن الخصم فيه سأل عنه وقال صاحباه يسأل عنهم فى جميع الحقوق سرا وعلانية وعليه الفتوى وجعل بعضه شهادة التوحيد داخلة فيها كما قال سهل رحمه الله قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة أن لا اله الا الله فلا يشركون به فى شىء من الافعال والأقوال وقال القاشاني فى الآية اى يعملون بمقتضى شاهدهم من العلم فكل ما شهدوه قاموا بحكمه وصدروا عن حكم شاهدهم لا غير وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ تقديم على صلاتهم يفيد الاختصاص الدال على ان محافظتهم مقصورة على صلاتهم لا تتجاوز الى امور دنياهم اى يراعون شرائطها ويكملون فرآئضها وسننها ومستحباتها وآدابها ويحفظونها من الإحباط باقتران الذنوب فالدوام المذكور اولا يرجع الى انفس الصلوات والمحافظة الى أحوالها وفى المفردات فيه تنبيه على انهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها وأركانها والقيام بها فى غاية ما يكون من الطوق فان الصلاة تحفظهم بالحفظ الذي نبه عليه فى قوله ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وفى الحديث من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابى بن خلف وهو الذي ضربه النبي عليه السلام فى غزوة أحد برمح فى عنقه فمات منه فى طريق مكة وكان أشد واطغى من أبى جهل دل عليه كونه مقتولا بيد النبي عليه السلام ولم يقتل عليه السلام بيده غيره وبعض العلماء جعل المحافظة شاملة للادامة على ما هو الظاهر من قوله تعالى حافظوا على الصلوات فيكون من قبيل التعميم بعد التخصيص لتتميم الفائدة وللاشعار بأن الصلاة أول ما يجب على العبد أداؤه بعد الايمان وآخر ما يجب عليه رعايته بعده كما سبق. وگفته اند دوام تعلق بفرائض دارد ومحافظت بنوافل. والحاصل ان

[سورة المعارج (70) : الآيات 35 إلى 37]

فى تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها اولا وآخرا باعتبارين للدلالة على فضلها وانا؟؟؟ فتها على سائر الطاعات وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات إيذانا بأن كل واحدة من تلك الصفات حقيق بأن يفردلها موصوف مستقل لشأنها الخطير ولا يجعل شىء منها تتمة للاخرى قال بعضهم دلت هذه الآية على ان التغاير المفهوم من العطف ليس بذاتى بلى هو اعتباري إذ لا يخفى انه ليس المراد من الدائمين طائفة والمحافظين اخرى فالمقصود مدح المؤمنين بما كانوا عليه فى عهد رسول الله من الأخلاق الحسنة والأعمال المرضية ففيه ترغيب لمن يجيئ منهم الى يوم القيامة وترهيب عن المخالفة قال فى برهان القرآن قوله الا المصلين عد عقيب ذكرهم الخصال المذكورة أول سورة المؤمنين وزاد فى هذه السورة والذين هم بشهاداتهم قائمون لانه وقع عقيب قوله والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون واقامة الشهادة امانة يؤديها إذا احتاج إليها صاحبها لاحياء حق فهى إذا من جملة الامانة فى سورة المؤمنين وخصت هذه السورة بزيادة بيانها كما خصت باعادة ذكر الصلاة حيث يقول والذين هم على صلاتهم يحافظون بعد قوله الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون انتهى وقال القاشاني والذين هم على صلاة القلب وهى المراقبة يحافظون او صلاة النفس على الظاهر وفى فتح الرحمن واتفق القراء على الافراد فى صلاتهم هنا وفى الانعام بخلاف الحرف المتقدم فى المؤمنين لانه لم يكتنفها فيهما ما كتفها فى المؤمنين قبل وبعد من عظيم الوصف المتقدم وتعظيم الجزاء فى المتأخر فناسب لفظ الجمع ولذلك قرأ به اكثر لقرآء ولم يكون ذلك فى غيرها فناسب الافراد أُولئِكَ المصوفون بما ذكر من الصفات الفاضلة فِي جَنَّاتٍ اى مستقرون فى جنات لا يقادر قدرها ولا يدرك كنهها مُكْرَمُونَ بالثواب الابدى والجزاء السرمدي اى سيكونون كذلك فكأن الإكرام فيها واقع لهم الآن وهو خبر آخر أو هو الخبر وفى جنات متعلق به قدم عليه لمراعاة الفواصل او بمضمر هو حال من الضمير فى الخبر أي مكرمون كأنيين فى جنات فَمالِ الَّذِينَ اى فما بال الذين كَفَرُوا وحرموا من الاتصاف بالصفات الجليلة المذكورة وما استفهامية للانكار فى موضع رفع بالابتداء والذين كفروا خبرها واللام الجارة كتبت مفصولة اتباعا لمصحف عثمان رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن وقف ابو عمرو والكسائي بخلاف عنه على الالف دون اللام من قوله فمال هؤلاء فى النساء ومال هذا الكتاب فى الكهف ومال هذا الرسول فى الفرقان وفمال الذين فى سأل ووقف الباقون فى فمال على اللام اتباعا للخط بخلاف عن الكسائي قال ابن عطية ومنعه قوم جملة لانها حرف جر فهى بعض المجرور وهذا كله بحسب ضرورة وانقطاع نفس واما ان اختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء فلا انتهى قِبَلَكَ حال من المنوي فى للذين كفروا اى فمالهم ثابتين حولك مُهْطِعِينَ حال من المتمكن فى قبلك من الإهطاع وهو الاسراع اى مسرعين نحوك مادى أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ الجار متعلق بعزين لانه بمعنى مفترقين وعزين حال بعد حال من المنوي فى للذين اى فرقاشتى وبالفارسية كروه كروه

[سورة المعارج (70) : الآيات 38 إلى 44]

حلقه زدكان. جمع عزة وهى الفرقة من الناس وأصلها عزوة من العزو بمعنى الانتماء والانتساب كأن كل فرقة تعتزى الى غير من تعتزى اليه الاخرى اما فى الولادة او فى المظاهرة فهم مفترقون كان المشركون يتحلقون حول رسول الله حلقا حلقا وفرقا فرقا ويستهزئون بكلامه ويقولون ان دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزت أَيَطْمَعُ الطمع نزوع النفس الى الشيء شهوة له واكثر الطمع من جهة الهوى كُلُّ امْرِئٍ هر مردى مِنْهُمْ اى من هؤلاء المهطعين أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بالايمان اى جنة ليس فيها الا التنعم المحض من غير تكدر وتنغص كَلَّا ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ اى اتركوا هذا الطمع واقطعوا مثل هذا الكلام وبالفارسية نه اينچنين است وكافرانرا در بهشت راه نيست آن. قيل كيف يكون الطمع وهم قالوا ذلك استهزاء أجيب بأن الله عليم بأحوالهم فلعل منهم من كان يطمع والا فيكون المراد من الردع قطع وهم الضعفاء عن احتمال صدق قولهم لعل وجه إيراد يدخل مجهولا من الإدخال دون يدخل معلوما من الدخول مع انه الظاهر فى رد قولهم لندخلنها اشعار بأنه لا يدخل من يدخل الا بإدخال الله وامره للملائكة به وبأنهم محرومون من شفاعة تكون سببا للدخول وبأن اسناد الدخول اخبارا وإنشاء انما يكون للمرضى عنهم والمكرمين عند الله بايمانهم وطاعتهم كقوله تعالى أولئك يدخلون الجنة وقوله ادخلوا الجنة وفى تنكير جنة اشعار بأنهم مردودون من كل جنة وان كانت الجنان كثيرة وفى توصيفها بنعيم اشعار بأن كل جنة مملوءة بالنعمة وان من طرد من راحة النعيم وقع فى كدر الجحيم وفى إيراد كل اشعار بأن من آمن منهم بعد قولهم هذا وأطلع الله ورسوله حق له الطمع وتعميم للردع لكل منهم كائنا من كان ممن لم يؤمن إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ كما قال ولقد علمتم النشأة الاولى وهو كلام مستأنف ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الطاء على كلالتمام الكلام عنده قد سيق تمهيدا لما بعده من بيان قدرته تعالى على أن يهلكهم لكفرهم بالبعث والجزاء واستهزائهم برسول الله وبما نزل عليه من الوحى وادعائهم دخو الجنة بطريق السخرية وينشئ بدلهم قوما آخرين فان قدرته تعالى على ما يعلمون من النشاة الاول من حال النطفة ثم العلقة ثم المضغة حجة بينة على قدرته تعالى على ذلك كما تفصح عنه الفاء الفصيحة فى قوله تعالى فلا أقسم وفى التأويلات النجمية انا خلقناهم من الشقاوة الازلية للعداوة الأبدية باليد اليسرى الجلالية القهرية كيف ينزلون مكان من خلقهم من السعادة الأزلية للمحبة الأبدية باليد اليمنى الجالية اللطفية هذا مما يخالف الحكمة الالهية والاردة السرمدية ولا عبرة بالنطفة والطين لاشتراك الكل فيهما وانما العبرة بالاصطفائية والخاصية فى المعرفة فمن عرف الله كان فى جوار الله لان ترابه من ترات الجنة فى الحقيقة وروحه من نور الملكوت ومن جهله كان فى بعد عنه لانه من عالم النار فى الحقيقة وكل يرجع الى أصله فَلا أُقْسِمُ اى أقسم كما سبق نظائره (وقال الكاشفى) فلا پس نه چنانست كه كفار ميكويند اقسم سوكند ميخورم بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ جمع

[سورة المعارج (70) : الآيات 41 إلى 44]

المشارق والمغارب اما لان المراد بهما مشرق كل يوم من السنة ومغربه فيكون لكل من الصيف والشتاء مائة وثمانون مشرقا ومغربا وبالفارسية بآفريدگار مشرقها كه آفتاب دارد وهر روز از نقطه ديكر طلوع مينمايد وبخداوند مغربها كه آفتاب راهست وهر روز بنقطه ديكر غروب ميكند او مشرق كل كوكب ومغربه يعنى مراد مشارق ومغارب نجومست چهـ هر يك از ايشان را محل شروق وغروب از دائرة أفق نقطه ديكرست. او المراد بالمشرق ظهور دعوة كل نبى وبالمغرب موته أو المراد انواع الهدايات والخذلانات إِنَّا لَقادِرُونَ جواب القسم عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ اى نبدلهم حذف المفعول الاول للعلم به وخيرا مفعوله الثاني بمعنى التفضيل على التسليم إذ لا خير فى المشركين او نهلكهم بالمرة حسبما تقتضيه جناياتهم ونأتى بدلهم بخلق آخرين ليسوا على صفتهم ولم تقع هذا التبديل وانما ذكر الله ذلك تهديدا لهم لكى يؤمنوا وقيل بدل الله بهم الأنصار والمهاجرين وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ بمغلوبين ان أردنا ذلك لكن مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة اقتضت تأخير عقوباتهم وبالفارسية يعنى كسى بر ما پيشى نتواند كرفت اگر اراده امرى كنيم ومغلوب نتوان ساخت در اظهار آن. وقيل عاجزين لان من سبق الى شىء عجز فَذَرْهُمْ فخلهم وشأنهم يَخُوضُوا ويشرعوا فى باطلهم الذي من جملته ما حكى عنهم وهو جواب الأمر وهو تهديد لهم وتوبيخ كقوله اعملوا ما شئتم وَيَلْعَبُوا فى الدنيا بالاشتغال بما لا ينفعهم وأنت مشتغل بمأمرت به وهذه الآية منسوخة بالسيف حَتَّى يُلاقُوا من الملاقاة بمعنى المعاينة يَوْمَهُمُ هو يوم البعث عند النفخة الثانية والاضافة لانه يوم كل الخلق وهم منهم أو لأن يوم القيامة يوم الكفار من حيث العذاب ويوم المؤمنين من جهة الثواب فكأنه يومان يوم للكافرين ويوم للمؤمنين الَّذِي يُوعَدُونَ الآن او على الاستمرار وهو من الوعد كقولهم متى هذا الوعد ويجوز أن يكون من الإيعاد وهو بالفارسية بيم كردن يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ بدل من يومهم ولذا حمل على يوم البعث جمع جدث وهو القبر سِراعاً حال من مرفوع يخرجون جمع سريع كظراف جمع ظريف اى مسرعين الى جانب الداعي وصوته وهو اسرافيل ينادى على الصخرة كما سبق كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ حال ثانية من المرفوع وهو كل ما نصب فعبد من دون الله وعن ابن عمر رضى الله عنهما هو شبكة يقع فيها الصيد فيسارع إليها صاحبها وأحد الأنصاب كما قال تعالى وما ذبح على النصب وكان للعرب حجارة تعبدها وتذبح عليها وقال الأخفش جمع نصب كرهن ورهن والأنصاب جمع الجمع يُوفِضُونَ من الايفاض وهو بالفارسية شتافتن. وأصله متعد أي يسرعون أيهم يستمله اولا وفيه تهجين لحالهم الجاهلية وتهكم بهم بذكر جهالتهم التي اعتادوها من الاسراع الى ما لا يملك نفعا ولا ضرا خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ حال من فاعل يوفضون وأبصارهم فاعلها على الاسناد المجازى يعنى وصفت أبصارهم بالخشوع مع انه وصف الكل لغاية ظهور آثاره فيها والمعنى ذليلة خاضعة لا يرفعون ما يتوقعون من العذاب تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ هو ايضا حال من فاعل يوفضون اى تغشاهم ذلة شديدة وحقارة عظيمة وهو بالفارسية خوارى ونكونسارى ذلِكَ

سورة نوح

اليوم المذكور الذي سيقع فيه الأحوال الهائلة وهو مبتدأ خبره قوله الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ اى يوعدونه فى الدنيا على ألسنة الرسل وهم يكذبون به فاندفع توهم التكرار لان الوعد الاول محمول على الآنى والاستمراري كما مر وهذا الوعد محمول على الماضي بدلالة لفظ كان وفى الذلة اشارة الى ذلة الأنانية فانهم يوم يخرجون من الأجداث يسارعون الى صور تناسب هيئاتهم الباطنة فيكون أهل الأنانية فى أنكر الصور بحيث يقع المسخ على ظاهرهم وباطنهم كما وقع لا بليس بقوله أنا خير منه فكما ان إبليس طرد من مقام القرب ورهقته ذلة البعد فكذا من فى حكمه من الانس ولذا كان السلف يبكون دما من الأخلاق السيئة لا سيما ما يشعر بالانانية من آثار التعيين فان التوحيد الحقيقي هو أن يصير العبد فانيا عن نفسه باقيا بربه فاذا لم يحصل هذا فقد بقي فيه بقية من الناسوتية وكل اناء يرشح بما فيه فطوبى لمن ترشح منه الحق لا النفس والله أسأل أن يكرمنى به وإياكم تمت سورة المعارج بعون خالق الداخل والخارج فى العاشر من شوال سنة ست عشرة ومائة الف سورة نوح مكية وآيها سبع او ثمان وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ مر سر نون العظمة مرارا والإرسال يقابل بالإمساك يكون للتسخير كارسال الريح والمطر ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل وبالتخلية وترك المنع نحو انا أرسلنا الشياطين على الكافرين قال قتادة أرسل نوح من جزيرة فذهب إليهم ونوح اسمه عبد الغفار عليه السلام سمى نوحا لكثرة نوحه على نفسه او هو سريانى معناه الساكن لان الأرض طهرت من خبث الكفار وسكنت اليه وهو أول من اوتى الشريعة فى قول وأول اولى العزم من الرسل على قول الأكثرين وأول نذير على الشرك وكان قومه يعبدون الأصنام وأول من عذبت أمته وهو شيخ المرسلين بعث ابن أربعين سنة او ثلاثمائة وخمسين او اربعمائة وثمانين ولبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما وعاش بعد الطوفان تسعين سنة قال بعض من تصدى للتفسير فيه دلالة على انه لم يرسل الى اهل الأرض كلهم لانه تعالى قال الى قومه فلو أرسل الى الكل لقيل الى الخلق او ما يشابهه كما قيل لرسول الله وما أرسلناك الا كافة للناس ولقول رسول الله كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة ثم قال ان قيل فيما جريمة غير قومه حتى عممهم فى الدعاء عليهم كما قال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا فانه إذا لم يرسل إليهم لم يكن كلهم مخالفا لامره وعاصيا له حتى يستحقوا الدعاء بالإهلاك أجيب بأنه يحتمل انه تحقق ان نفوس كفرة زمانه على سجية واحدة يستحقون بذلك أن يدعى عليهم بالإهلاك ايضا انتهى وفنه نظر لانه قال فى انسان العيون فى قوله عليه السلام وكان كل نبى انما يرسل الى قومه اى جميع اهل زمنه او جماعة منهم خاصة ومن الاول نوح عليه السلام فانه كان مرسلا لجميع من كان فى زمنه من أهل الأرض ولما أخبر بأنه لا يؤمن منهم الا من آمن معه وهم اهل السفينة وكانوا ثمانين أربعين رجلا وأربعين امرأة او كانوا

[سورة نوح (71) : آية 2]

أربعمائة كما فى العوارف وقد يقال من الآدميين وغيرهم فلا مخالفة دعا على من عدا من ذكر باستئصال العذاب لهم فكان الطوفان الذي كان به هلاك جميع أهل الأرض الا من آمن ولو لم يكن مرسلا إليهم ما دعا عليهم بسبب مخالفتهم له فى عبادة الأصنام لقوله تعالى وما كنا معذبين اى فى الدنيا حتى نبعث رسولا وقول بعض المفسرين أرسل الى آل قابيل لا ينافى ما ذكر لانه يجوز أن يكون آل قابيل اكثر أهل الأرض وقتئذ وقد ثبت ان نوحا عليه السلام أول الرسل اى لمن يعبد الأصنام لان عبادة الأصنام أول ما حدثت فى قومه وأرسله الله إليهم ينهاهم عن ذلك وحينئذ لا يخالف كون أول الرسل آدم أرسله الله الى أولاده بالايمان به تعالى وتعليم شرائعه فان قلت إذا كانت رسالة نوح عامة لجميع اهل الأرض كانت مساوية لرسالة نبينا عليه السلام قلت رسالة نوح عليه السلام عامة لجميع أهل الأرض فى زمنه ورسالة نبينا محمد عليه السلام عامة لجميع من فى زمنه ومن يوجد بعد زمنه الى يوم القيامة فلا مساواة وحينئذ يسقط السؤال وهو أنه لم يبق بعد الطوفان الا مؤمن فصارت رسالة نوح عامة ويسقط جواب الحافظ ابن حجر عنه بأن هذا العموم الذي حصل بعد الطوفان لم يكن من أصل بعثته بل طرأ بعد الطوفان بخلاف رسالة نبينا عليه السلام أَنْ اى أَنْذِرْ قَوْمَكَ خوفهم بالنار على عبادة الأصنام كى ينتهوا عن الشرك ويؤمنوا بالله وحده فان مفسرة لما فى الإرسال من معنى القول ويجوز أن تكون مصدرية حذف منها الجار وأوصل إليها الفعل اى بأن أنذرهم وجعلت صلتها امرا كما فى قوله تعالى وأن أقم وجهك لان مدار وصلها بصيغ الافعال دلالتها على المصدر وذلك لا يختلف بالخبرية والانشائية ووجوب كون الصلة خبرية فى الموصول الاسمى انما هو للتوصل الى وصف المعارف بالجمل وهى لا توصف الا بالجمل الخبرية وليس الموصول الحرفى كذلك وحيث استوى الخبر والإنشاء فى الدلالة على المصدر استويا فى صحة الوصل بها فيتجرد عند ذلك كل منهما عن المعنى الخاص بصيغته فيبقى الحدث المجرد عن معنى الأمر والنهى والمضي والاستقبال كأنه قيل أرسلناه بالإنذار كذا فى الإرشاد وقال بعض العارفين الأنبياء والأولياء فى درجات القرب على تفاوت فبعضهم يخرج من نور الجلال وبعضهم من نور الجمال وبعضهم من نور العظمة وبعضهم من نور الكبرياء فمن خرج من نور الجمال أورث قومه البسط والانس ومن خرج من نور العظمة أورث قومه الهيبة والجلال وكان نوح مشكاة نور عظمة الله ولذلك أرسله الى قومه بالإنذار فلما عصوه أخذهم بالقهر مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ من الله تعالى عَذابٌ أَلِيمٌ عاجل كالطوفان والغرق او آجل كعذاب لآخرة لئلا يبقى لهم عذرما أصلا كما قال تعالى لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والأليم بمعنى المؤلم او المتألم مبالغة والألم جسمانى وروحانى والثاني أشد كأنه قيل فما فعل نوح عليه السلام فقيل قالَ لهم يا قَوْمِ اى كروه من وأصله يا قومى خاطبهم بإظهار الشفقة عليهم وارادة الخير لهم وتطبيبا لهم إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ منذر من عاقبة الكفر والمعاصي وأفرد الانذار مع كونه بشيرا ايضا لان الانذار أقوى فى تأثير الدعوة لما ان اكثر الناس يطيعون اولا بالخوف من القهر وثانيا بالطمع فى العطاء وأقلهم يطيعون

[سورة نوح (71) : الآيات 3 إلى 4]

بالمحبة للكمال والجمال. يقول الفقير الظاهر ان الانذار أول الأمر كما قال تعالى لنبينا عليه السلام قم فأنذر والتبشير ثانى الأمر كما قال تعالى وبشر المؤمنين فالانذار يتعلق بالكافرين والتبشير بالمؤمنين وان أمكن تبشير الكفار بشرط الايمان لا فى حال الكفر فانهم فى حال الكفر انما يستحقون التبشير التهكمى كما قال تعالى فبشرهم بعذاب أليم مُبِينٌ موضح لحقيقة الأمر بلغة تعرفونها او بين الانذار أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ متعلق بنذير اى بأن اعبدوا الله والأمر بالعبادة يتناول جميع الواجبات والمندوبات من افعال القلوب والجوارح وَاتَّقُوهُ يتناول الزجر عن جميع المحظورات والمكروهات وَأَطِيعُونِ يتناول أمرهم بطاعته فى جميع المأمورات والمنهيات والاعتقاديات والعمليات وفى التأويلات النجمية اى فى اخلاقى وصفاتى وأفعالي وأعمالي وأقوالي وأحوالي انتهى وهذا وان كان داخلا فى الأمر بعبادة الله وتقواه الا انه خصه بالذكر تأكيدا فى ذلك التكليف ومبالغة فى تقريره قال بعضهم أصله وأطيعوني بالياء ولم يقل وأطيعوه بالهاء مع مناسبته لما قبله يعنى أسند الا طاعة الى نفسه لما ان إطاعة الرسول إطاعة الله كما قال تعالى من بطع الرسول فقد أطاع الله وقال تعالى وأطيعوا الرسول فاذا كانوا مأمورين باطاعة الرسول فكان للرسول ان يقول وأطيعون وايضا ان الاجابة كانت تقع له فى الظاهر يَغْفِرْ لَكُمْ جواب الأمر مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعض ذنوبكم وهو ما سلف فى الجاهلية فان الإسلام يجب ما قبله لا ما تأخر عن الإسلام فانه يؤاخذ به ولا يكون مغفورا بسبب الايمان ولذلك لم يقل يغفر لكم ذنوبكم بطى من التبعيضية فانه يعم مغفرة جميع الذنوب ما تقدم منها وما تأخر وقيل المراد ببعض الذنوب بعض ما سبق على الايمان وهو ما لا يتعلق بحقوق العباد وَيُؤَخِّرْكُمْ بالحفظ من العقوبات المهلكة كالقتل والإغراق والإحراق ونحوها من اسباب الهلاك والاستئصال وكان اعتقادهم ان من أهلك بسبب من هذه الأسباب لم يمت بأجله فخاطبهم على المعقول عندهم فليس يريد أن الايمان يزيد فى آجالهم كذا فى بعض التفاسير إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى معين مقدر عند الله والاجل المدة المضروبة للشئ قال فى الإرشاد وهو الأمد الأقصى الذي قدره الله لهم بشرط الايمان والطاعة صريح فى ان لهم أجلا آخر لا يجاوزونه ان لم يؤمنوا به وهو المراد بقوله تعالى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ وهو ما قدر لكم على تقدير بقائكم على الكفر وهو الاجل القريب المطلق الغير المبرم بخلاف الاجل المسمى فانه البعيد المبرم وأضيف الاجل هنا الى الله لانه المقدر والخالق أسبابه وأسند الى العباد فى قوله إذا جاء أجلهم لانهم المبتلون المصابون إِذا جاءَ وأنتم على ما أنتم عليه من الكفر لا يُؤَخَّرُ فبادروا الى الايمان والطاعة قبل مجيئه حتى لا يتحققى شرطه الذي هو بقاؤكم على الكفر فلا يجيئ ويتحقق شرط التأخير الى الاجل المسمى فتؤخروا اليه فالمحكوم عليه بالتأخير هو الاجل المشروط بشرط الايمان والمحكوم عليه بامتناعه هو الاجل المشروط بشرط البقاء على الكفر فلا تناقض لانعدام وحدة الشرط ويجوز أن يراد به وقت إتيان العذاب المذكور فى قوله تعالى من قبل ان يأتيهم عذاب أليم فانه أجل موقت له حتما لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شيأ

[سورة نوح (71) : الآيات 5 إلى 9]

لسارعتم الى ما أمرتكم به او لعلمتم ان الاجل لا تأخير فيه ولا إهمال وفيه اشارة الى انهم ضيعوا اسباب العلم وآلات تحصيله بتوغلهم فى حب الدنيا وطلب لذاتهم حتى بلغوا بذلك الى حيث صاروا كأنهم شاكون فى الموت روزى كه أجل در آيد از پيش و پست ... شك نيست كه مهلت ندهد يك نفست يارى نرسد در ان دم از هيچ كست ... بر باد شود جمله هوا وهوست قالَ اى نوح مناجيا لربه وحاكيا له وهو أعلم بحال ما جرى بينه وبين قومه من القيل والقال فى تلك المدد الطوال بعد ما بذل فى الدعوة غاية المجهود وجاوز فى الانذار كل حد معهود وضاقت عليه الحيل وعيت به العلل رَبِّ اى پروردگار من إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي الى الايمان والطاعة لَيْلًا وَنَهاراً فى الليل والنهار أي دائما من غير فتور ولا توان فهما ظرفان لدعوت أراد بهما الدوام على الدعوة لان الزمان منحصر فيهما وفى كشف الاسرار بشبها در خانهاى ايشان وبروزها در انجمنهاى ايشان. وكان يأتى باب أحدهم ليلا فيقرع الباب فيقول صاحب البيت من على الباب فيقول أنا نوح قل لا اله الا الله فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً مما دعوتهم اليه وفى التأويلات النجمية من متابعتى ودينى وما أنا عليه من آثار وحيك والفرار وبالفارسية كريختن. وهو مفعول ثان لقوله لم يزدهم لانه يتعدى الى مفعولين يقال زاده الله خيرا وزيده فزاد وازداد كما فى القاموس واسناد الزيادة الى الدعاء مع انها فعل الله تعالى لسببيته لها والمعنى ان الله يزيد الفرار عند الدعوة الصرف المدعو اختياره اليه وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ اى الى الايمان وفى التأويلات النجمية كلما دعوتهم بلسان الأمر مجردا عن انضمام الارادة الموجبة لوقوع المأمور فان الأمر إذا كان مجردا عن الارادة لا يجب ان يقع المأمور به بخلاف ما إذا كان مقرونا بالارادة فانه لا بد حينئذ من وقوع المأمور به لِتَغْفِرَ لَهُمْ بسببه جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ اى سدوا مسامعهم من استماع الدعوة فالجعل المذكور كناية عن هذا السد ولا مانع من الحمل على حقيقته بأن يدخلوا أصابعهم فى ثقب آذانهم قصدا الى عدم الاستماع وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ الاستغشاء جامه بسر در كشيدن. كما فى تاج المصادر مأخوذ من الغشاء وهو الغطاء وفى الأصل اشتمال من فوق ولما كان فيه معنى الستر استعمل بمعناه واصل الاستغشاء طلب الغشي اى الستر لكن معنى الطلب هنا ليس بمقصود بل هو بمعنى التغطى والستر وانما جيئ يصيغته التي هى السين للمبالغة والثياب جمع ثوب سمى به لثوب الغزل اى رجوعه الى الحالة التي قدرلها والمعنى وبالغوا فى التغطى بثيابهم كأنهم طلبوا منها ان تغشاهم اى جميع اجزاء بدنهم آلة الابصار وغيرها لئلا يبصروه كراهة النظر اليه فان المبطل يكره رؤية المحق للتضاد الواقع بينهما وقس عليهما المتكبر والكافر والمبتدع بالنسبة الى المتواضع والمؤمن والسنى او لئلا يعرفهم فيدعوهم. يقول الفقير هذا الثاني ليس بشئ لان دعوته على ما سبق كانت عامة لجميع من فى الأرض ذكورهم وإناثهم والمعرفة ليست من شرط الدعوة واشتباه الكافر بالمؤمن مدفوع بأن المؤمن كان اقل القليل

[سورة نوح (71) : الآيات 8 إلى 9]

معلوما على كل حال على ان التغطى من موجبات الدعوة لان بذلك يعلم كونه من اهل الفرار إذ لم يكن فى ذلك الزمان حجاب وقال بعضهم ويجوز ان يكون التغطى مجازا عن عدم ميلهم الى الاستماع والقبول بالكلية لان من هذا شأنه لا يسمع كلامه غيره وَأَصَرُّوا اى أكبوا وأقاموا على الكفر والمعاصي وفى قوله القلوب الإصرار يكون بمعنى ان يعقد بقلبه انه متى قدر على الذنب فعله او لا يعقد الندامة ولا التوبة منه واكبر الإصرار السعى فى طلب الأوزار (وفى تاج المصادر) الإصرار بر چيزى باستادن وكوش راست كردن است. يقال أصر الحمار على العانة وهى القطيع من حمر الوحش إذا ضم اذنيه الى رأسه واقبل عليها يكدمها ويطردها استعير للاقبال على الكفر والمعاصي والإكباب عليهما بتشبيه الإقبال المذكور بإصرار الحمار على العانة يكدمها ويطردها ولو لم يكن فى ارتكاب المعاصي الا التشبيه بالحمار لكفى به مزجرة فكيف والتشبيه فى أسوأ حاله وهو حال الكدم والطرد للسفاد وَاسْتَكْبَرُوا تعظموا عن اتباعى وطاعتى واخذتهم العزة فى ذلك اسْتِكْباراً شديدا لانهم قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال بعض العارفين من أصر على المعصية أورثته التمادي فى الضلالة حتى يرى قبيح اعماله حسنا فاذا رآه حسنا يتكبر ويعلو بذلك على اولياء الله ولا يقبل بعد ذلك نصيحتهم قال سهل قدس سره الإصرار على الذنب يورث النفاق والنفاق يورث الكفر ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ دعوة جِهاراً اى أظهرت لهم الدعوة يعنى آشكارا در محافل ايشان. والجهر ظهور الشيء بافراط لحاسة البصر أو حاسة السمع ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً اشارة الى ذكر عموم الحالات بعد ذكر عموم الأوقات اى دعوتهم تارة بعد تارة ومرة غب مرة على وجوه متخالفة وأساليب متقاوتة وثم لتفاوت الوجوه فان الجار أشد من الاسرار والجمع بينهما اغلظ من الافراد والإعلان ضد الاسرار يقال أسررت الى فلان حديثا أفضيت به اليه فى خفية اى من غير اطلاع أحد عليه وجهرت به اظهرته بحيث اطلع عليه الغير ويجوز ان يكون ثم لتراخى بعض الوجوه عن بعض بحسب الزمان بأن ابتدأ بمناصحتهم ودعوتهم فى السر فعاملوه بالأمور الاربعة وهى الجعل والتغطى والإصرار والاستكبار ثم؟؟؟ ثتى بالمجاهرة بعد ذلك فلما لم يؤثر جمع بين الإعلان والاسرار أي خلط دعاءه بالعلانية بدعاء السر فكما كلمهم جميعا كلمهم واحدا واحدا سرا وقال بعضهم آشكارا كردم مر بعضى ايشانرا يعنى باشكارا آواز برداشتم وباعلاى صوت دعوت كردم وبراز كفتم مر بعضى ديكر از ايشانرا. وفى بعض التفاسير ان نوحا عليه السلام لما آذوه بحيث لا يوصف حتى كانوا يضربونه فى اليوم مرات عيل صبره فسأل الله ان يواريه عن أبصارهم بحيث يسمعون كلامه ولا يرونه فينالونه بمكروه ففعل الله ذلك به فدعاهم كذلك زمانا فلم يؤمنوا فسأل ان يعيده الى ما كان وهو قوله اعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا وقال القاشاني ثم انى دعوتهم جهارا اى نزلت عن مقام التوحيد ودعوتهم الى مقام العقل وعالم النور ثم انى اعلنت لهم بالمعقولات الظاهرة وأسررت لهم فى مقام القلب بالاسرار الباطنة ليتو

[سورة نوح (71) : الآيات 10 إلى 14]

صلوا إليها بالمعقول فَقُلْتُ لهم عقيب الدعوة عطف على قوله دعوت اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ اطلبوا المغفرة منه لأنفسكم بالتوبة عن الكفر والمعاصي قبل الفوت بالموت إِنَّهُ تعالى كانَ غَفَّاراً للتائبين بجعل ذنوبهم كأن لم تكن والمراد من كونه غفارا فى الأزل كونه مريدا للمغفرة فى وقتها المقدر وهو وقت وجود المغفور له وفى كشف الاسرار كان صلة اليه ورؤية التقصير فى العبودية الندم على ما ضاع من ايامهم بالغفلة عن الله وفى الحديث (من اعطى الاستغفار لا يمنع المغفرة لانه تعالى قال استغفروا ربكم انه كان غفارا ولذا كان على رضى الله عنه يقول ما ألهم الله عبدا الاستغفار وهو يريد ان يعذبه وعن بعض العلماء قال الله تعالى ان أحب عبادى الى المتحابون بحبي والمعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت اهل الأرض بعقوبة ذكرتهم فتركتهم وصرفت العقوبة عنهم والغفار ابلغ من الغفور وهو من الغافر واصل الغفر الستر والتغطية ومنه قيل لجنة الرأس مغفر لانه يستر الرأس والمغفرة من الله ستره للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته لا بتوبة العباد وطاعتهم وانما التوبة والطاعة للعبودية وعرض الافتقار وفى بعض الاخبار عبدى لو أتيتنى بقراب اصرض ذنوبا لغفرتها لك ما لم تشرك بي (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك اللهم لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلاى شىء تتعب نفسك فبكى الشيخ فقال فالى اى باب التجئ فقيل له قد قبلناك همه طاعت آرند ومسكين نياز ... بيا تا بدرگاه مسكين نواز چوشاخ برهنه برآريم دست ... كه بي برك ازين بيش نتوان نشست يُرْسِلِ السَّماءَ اى المطر كما قال الشاعر إذا نزل السماء بأرض قوم وقال بعضهم اى ماء السماء فحذف المضاف عَلَيْكُمْ حال كونه مِدْراراً اى كثير الدرور اى السيلان والانصباب وبالفارسية فرو كشايد بر شما باران پى در پى وبيهنكام. وفى الإرسال مبالغة بالنسبة الى الانزال وكذا المدرار صيغة مبالغة ومفعال مما يستوى فيه المذكر والمؤنث كقولهم رجل او امرأة معطار ويرسل جواب شرط محذوف اى ان تستغفروا يرسل السماء وفى قول النجاة فى مثلة انه جواب الأمر وهو هاهنا استغفر واتسامح فى العبارة اعتمادا على وضوح المراد وكسر اللام بالوصل لتحرك الساكن به كأن قوم نوح تعللوا وقالوا ان كنا على الحق فكيف نتركه وان كنا على الباطل فكيف يقبلنا بعد ما عكفنا عليه دهرا طويلا نأمرهم الله بما يمحق ما سلف منهم من المعاصي ويجلب عليهم المنافع وهو الاستغفار ولذلك وعدهم بالعوائد العاجلة التي هى أوقع فى قلوبهم من المغفرة وأحب إليهم إذا النفس حريصة بحب العاجل ولذلك جعلها جواب الأمر بأن قال يوسل السماء إلخ دون المغفرة بأن قال يغفر لكم ليرغبوا فيها ويشاهدوا ان اثرها وبركتها ما يقاس عليه حال المغفرة فالاشتغال بالطاعة سبب لانفتاح أبواب الخيرات كما ان المعصية سبب لخراب العالم بظهور اسباب القهر الإلهي وقيل لما كذبوه بعد تكرير الدعوة حبس الله عنهم القطر واعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل

[سورة نوح (71) : الآيات 12 إلى 14]

سبعين سنة فوعدهم ان آمنوا ان يرزقهم الله الخصب ويدفع عنهم ما كانوا فيه. يقول الفقير هذا القول هو الموافق للحكمة لان الله تعالى يبتلى عباده بالخير والشر ليرجعوا اليه ألا ترى الى قريش حيث ان الله جعل لهم سبع سنين كسنى يوسف بدعاء النبي عليه السلام ليرجعو اعما كانوا عليه من الشرك فلم يرفعوا له رأسا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ اى يوصل إليكم ويعط لكم المدد والقوة بهما كما قال الله تعالى ويزدكم قوة الى قوتكم وَيَجْعَلْ لَكُمْ اى وينشئ لكم جَنَّاتٍ بساتين ذوات أشجار واثمار وَيَجْعَلْ لَكُمْ فيها أَنْهاراً جارية تزينها بالنبات وتحفظها عن اليبس وتفرح القلوب وتسقى النفوس كان الظاهر تقديم الجنات والأنهار على الامداد لكونهما من توابع الإرسال وانما أخرهما لرعاية رأس الآية وللاشعار بأن كلا منهما نعمة الهية على حدة وعن الحسن البصري قدس سره ان رجلا شكا اليه الجدب فقال استغفر الله وشكا اليه آخر الفقر وآخر قلة النسل وآخر قلة ربع ارضه فأمرهم كلهم بالاستغفار فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أبوابا ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فتلاله الآية قال فى فتح الرحمن ولذلك شرع الاستغفار فى الاستسقاء وهو الدعاء بطلب السقيا على وجه مخصوص فاذا أجدبت الأرض وقحط المطر سن الاستسقاء بالاتفاق ومنع أبو حنيفة وأصحابه من خروج اهل الذمة ولم يمنعوا عند الثلاثة ولم يختلطوا بالمسلمين ولم يفردوا بيوم وقد سبق بعض تفصيله فى سورة البقرة ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً انكار لان يكون لهم سبب ما فى عدم رجائهم لله تعالى وقارا على ان الرجاء بمعنى الاعتقاد اى الظن بناء على انه اى الرجاء انما يكون بالاعتقاد وأدنى درجته الظن والوقار فى الأصل السكون والحلم وهو هاهنا بمعنى العظمة لانه يتسبب عنها فى الأغلب ولا ترجون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيها معنى الاستقرار فى لكم ولله متعلق بمضمر وقع حالا من وقارا ولو تأخر لكان صفة له والمعنى اى سبب حصل لكم واستقر حال كونكم غير معتقدين لله عظمة موجية لتعظيمه بالايمان والطاعة له اى لا سبب لكم فى هذا مع تحقق مضمون الجملة الحالية وبالفارسية چيست شما را كه اميد نداريد يعنى نمى شناسيد مر خدايرا عظمت وبزركوارى واعتقاد نمى كنيد تا بترسيد از نافرمانئ او. وفى كشف الاسرار هذا الرجاء بمعنى الخوف والوقار العظمة اى لا تخافون لله عظمة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما لكم لا تخشون منه عقابا ولا ترجون منه ثوابا بتوقيركم إياه وفى التأويلات النجمية ما لكم لا تطلبون ولا تكسبون من اسم الله الأعظم ما يوقركم عنده بالتخلق بكل اسم تحته حتى تصيروا بسبب تحققكم بجميع أسمائه الداخلة فيه مظهره ومجلاه وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً يقال فعل كذا طورا بعد طور أي تارة بعد تارة وعدا طوره اى تجاوز حده وقدره والمعنى والحال انكم على حالة منافية لما أنتم عليه بالكلية وهى انكم تعلمون انه تعالى خلقكم وقدركم تارات اى مرات حالا بعد حال عناصر ثم اغذية ثم اخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم انشأكم خلقا آخر فان التقصير فى توقير من هذه شؤونه فى القرة القاهرة والإحسان التام مع العلم بها مما لا يكاد يصدر عن العاقل وقال بعضهم هى اشارة الى الأطوار السبعة المذكورة فى قوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة

[سورة نوح (71) : الآيات 15 إلى 19]

من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين فهذه هى التارات والأحوال السبع المترتب بعضها على بعض كل تارة أشرف مما قبلها وحال الإنسان فيها احسن مما تقدمها چون صورت تو بت نگارند بكشمير ... چون قامت تو سرو نه كارند بكشور گر نقش تو پيش بت آزر بنگارند ... از شرم فرو ريزد نقش بت آزر وقيل خلقكم صبيانا وشبانا وشيوخا وقيل طوالا وقصارا وأقوياء وضعفاء مختلفين فى الخلق والخلق كما قال تعالى واختلاف ألسنتكم وألوانكم وقيل خلقهم أطوارا حين أخرجهم من ظهر آدم للعهد ثم خلقهم حين اذن بهم ابراهيم عليه السلام للحج ثم خلقهم ليلة اسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم فأراه إياهم وقال بعض اهل المعرفة خلقكم أطوارا من اهل المعرفة ومن اهل المحبة ومن اهل الحكمة ومن اهل التوحيد ومن اهل الشوق ومن اهل العشق ومن اهل الغناء ومن اهل البقاء ومن اهل الخدمة ومن اهل المشاهدة خلق طورا لارواح القدسية من نور الجبروت وطور العقول الهادية العارفة من نور الملكوت وطور القلوب الشائقة من معادن القربة وطور أجسام الصديقين من تراب الجنة فكل طور يرجع الى معدنه من الغيب أَلَمْ تَرَوْا يا قومى والاستفهام للتقرير والرؤية بمعنى العلم لعلهم علموا ذلك بالسماع من اهله او بمعنى الابصار والمراد مشاهدة عجائب الصنع الدال على كمال العلم والقدرة كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ حال كونها طِباقاً اى متطابقا بعضها فوق بعض كما سبق فى سورة الملك اتبع الدليل الدال على انه يمكن ان يعيدهم وعلى انه عظيم القدرة بدلائل الأنفس لان نفس الإنسان أقرب الأشياء اليه ثم اتبع ذلك بدلائل آفاق فقال وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً اى منور الوجه الأرض فى ظلمة الليل ونسبته الى الكل مع انه فى السماء الدنيا لان كل واحدة من السموات شفافة لا يحجب ما وراءها فيرى الكل كأنها سماه واحدة ومن ضرورة ذلك أن يكون ما فى واحدة منها كأنه فى الكل على انه ذهب ابن عباس وابن عمر ووهب بن منبه رضى الله عنهم الى ان الشمس والقمر والنجوم وجوهها مما يلى السماء وظهورها مما يلى الأرض وهو الذي يقتضيه لفظ السراج لان ارتفاع نوره فى طرف العلو ولولا ذلك لأحرقت جميع ما فى الأرض بشدة حرارتها فجعلها الله نورا وسراجا لأهل الأرض والسموات فعلى هذا ينبغى أن يكون تقدير ما بعده وجعل الشمس فيهن سراجا حذف لدلالة الاول عليه وَجَعَلَ الشَّمْسَ هى فى السماء الرابعة وقيل فى الخامسة وقال عبد الله بن عمر وبن العاص رضى الله عنهما فى الشتاء فى الرابعة وفى الصيف فى السابع ولو أضاءت من الرابعة او من السماء الدنيا لم يطق لها شىء (كما قال فى المثنوى) آفتابى كز وى اين عالم فروخت ... اندكى كر پيش آيد جمله سوخت سِراجاً من باب التشبيه البليع اى كالسراج يزيل ظلمة الليل عند الفجر ويبصر أهل الدنيا فى ضوئها الأرض ويشاهدون الآفاق كما يبصر أهل البيت فى ضوء السراج ما يحتاجون

[سورة نوح (71) : الآيات 17 إلى 19]

الى ابصاره وليس القمر بهذه المثابة انما هو نور فى الجملة. وحضرت رسول صلى الله عليه وسلم بجهت آن چراغ كفته كه كما قال تعالى وسراجا منيرا نور وى تاريكى كفر ونفاق را از عرصه روى زمين زائل كردانيد چراغ دل چشم چشم و چراغ جان رسول الله ... كه شمع ملت است از پرتو احكام او رخشان درين ظلمت سرا كرنه چراغ افروختى شرعش ... كجا كس را خلاصى بودى از تاريكى طغيان والسراج أعراق عند الناس من الشمس بوجه الشبه الذي هو ازالة ظلمة الليلى لانهم يستعملونه فى الليالى فلا يرد أن يقال ان نور القمر عرضى مستفاد من الشمس كضوء السراج فتشبه القمر بالسراج اولى من يشبيه الشمس به وايضا انه من تشبيه الأعلى بالأدنى وقال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الأربعين حديثا الضياء هو امتزاج النور بالظلمة وليس فى ذات القمر ما يمتزج بالشمس حتى يسمى الناتج بينهما ضياء ولهذا سمى الحق القمر نورا دون الشمس المشبهة بالسراج لكونه ممدودا من الشجرة المباركة المنفي عنها الجهات وانها الحضرة الجامعة للاسماء والصفات وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى إنباتا عجيبا وانشأكم منها إنشاء غريبا بواسطة إنشاء أبيكم آدم منها او انشأ الكل منها من حيث انه خلقهم من النطف المتولدة من النبات المتولد من الأرض استعير الإنبات للانشاء لكونه أدل على الحدوث والتكون من الأرض لانهم إذا كانوا نباتا كانوا محدثين لا محاله حدوث النبات ووضع نباتا موضع إنباتا على انه مصدر مؤكد لأنبتكم بحذف الزوائد ويسمى اسم مصدر دل عليه القرية الآتية وهى قوله ويخرجكم إخراجا وقال بعضهم نباتا حال لا مصدر ونبه بذلك ان الإنسان من وجه نبات من حيث ان بدأه ونشأته من التراب وانه ينمونموه وان كان له وصف زائد على النبات والنبات ما يخرج من الأرض سوآء كان له ساق كالشجر أو لم يكن كالنجم لكن اختص فى التعارف بما لا ساق له بل اختص عند العامة بما يأكله الحيوان وقال بعض اهل المعرفة والله أنبتكم من الأرض نباتا اى جعل غذآءكم الذي تنمو به أجسادكم من الأرض كما جعل النبات ينمو بالماء بواسطة التراب فغذآء هذه النشأة ونموها بما خلقت منه ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها اى فى الأرض بالدفن عند موتكم وَيُخْرِجُكُمْ منها عند البعث والحشر إِخْراجاً محققا لا ريب فيه وذلك لمجازاة الأولياء ومحاسبة الأعداء ولم يقل ثم يخرجكم بل ذكر بالواو الجامعة إياها مع يعيدكم رمزا الى ان الإخراج مع الاعادة فى القبر كشئ واحد لا يجوز أن يكون بعضها محقق الوقوع دون بعض وفى التأويلات النجمة والله أنبت من ارض بشريتكم نبات الأخلاق والصفات ثم يعيدكم فى تلك الأرض بالبقاء بعد الفناء بطريق الرجوع الى احكام البشرية بالله لا بالطبع والميل الطبيعي ويخرجكم اى ويظهركم ويغلبكم على التصرف فى العالم بالله لا بكم ولا بقدرتكم واستطاعتكم وَاللَّهُ كرر الاسم الجليل للتعظيم والتيمن والتبرك جَعَلَ لَكُمُ اى لمنافعكم الْأَرْضَ سبق بياتها فى سورة الملك وغيرها بِساطاً مبسوطة متسعة كالبساط والفراش تتقلبون عليها تقلبكم على بسطكم فى بيوتكم قال أبو حيان ظاهره ان

[سورة نوح (71) : الآيات 20 إلى 24]

الأرض ليست كرية بل هى مبسوطة قال سعدى المفتى وانما هو فى التقلب عليها على ما فسروه انتهى وقد مر مرارا ان كرية الأرض لانتا فى الحرث والغرس ونحوهما لعظم دائرتها كما يظهر الفرق بين بيضة الحمامة وبيضة النعامة لِتَسْلُكُوا من السلوك وهو الدخول لا من السلك وهو الإدخال مِنْها سُبُلًا فِجاجاً اى طرقا واسعة جمع سبيل وفج وهو الطريق الواسع فجر دهنا لمعنى الواسع فجعل صفة لسبلا وقيل هو المسلك بين الجبلين قال فى المفردات الفج طريق يكتنفها جبلان ويستعمل فى الطريق ال واسع ومن متعلقة بما قبلها لما فيه من معنى الاتخاذ اى لتسلكوا متخذين من الأرض سبلا فتصرفوا فيها مجيئا وذهابا او بمضمر هو حال من سبلا اى كائنة من الأرض ولو تأخر لكان صفة لها ثم جعلها بساطا للسلوك المذكور لا ينافى غيره من الوجوه كالنوم والاستراحة والحرث والغرس ونحوها ثم السلوك اما جسمانى بالحركة الاينية الموصلة الى المقصد واما روحانى بالحركة الكيفية الموصلة الى المقصود ولكل منهما فوائد جليلة كطلب العلم والحج والتجارة وغيرها وكتحصيل المحبة والمعرفة والانس ونحوها وقال القاشاني والله جعل لكم ارض البدن بساطا لتسلكوا منها سبل الحواس فجاجا اى خروقا واسعة او من جهتها سبل سماء الروح الى التوحيد كما قال امير المؤمنين رضى الله عنه سلونى عن طرق السماء فانى أعلم بها من طرق الأرض أراد الطرق الموصلة الى الكمال من المقامات والأحوال كالزهد والعبادة والتوكل والرضى وأمثال ذلك ولهذا كان معراج النبي عليه السلام بالبدن قالَ نُوحٌ أعبد لفظ الحكاية لطول العهد بحكاية مناجاته لربه فهو بذل من قال الاول ولذا ترك العطف اى قال مناجيا له تعالى رَبِّ اى پروردگار من إِنَّهُمْ عَصَوْنِي داموا على عصيانى ومخالفتى فيما امرتهم به مع ما بالغت فى إرشادهم بالعظة والتذكير وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً اى استمروا على اتباع رؤسائهم الذين ابطرتهم أموالهم وغرتهم أولادهم وصارت تلك الأموال والأولاد سببا لزيادة خسارهم فى الآخرة فصاروا سوة لهم الخسار وفى وصفهم بذلك اشعار بأنهم انما اتبعوهم لو جاهتهم الحاصلة لهم بسبب الأموال والأولاد لما شاهدوا فيهم من شبهة مصححة للاتباع كما قالت قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فجعلوا الغنى سببا مصححا للاتباع ودل الكلام على ان ازدياد المال والولد كثيرا ما يكون سببا للهلاك الروحاني ويورث الضلال فى الدين اولا والإضلال عن اليقين ثانيا قال ابن الشيخ المفهوم من نظم الآية ان أموالهم وأولادهم عين الخسار وان ازديادهما انما هو ازدياد خسارهم والأمر فى الحقيقة كذلك فانهما وان كانا من جملة المنافع المؤدية الى السعادة الأبدية بالشكر عليهما وصرفهما الى وجوه الخير الا انهما إذا أديا الى البطر والاغترار وكفران حق المنعم بهما وصارا وسيلتين الى العذاب المؤبد فى الآخرة صارا كأنهما مخض الحسار لان الدنيا فى جنب الآخرة كالعدم فمن انتفع بهما فى الدنيا خسر سعادة الآخرة وصار كمن أكل لقمة مسمومة من الحلوى فهلك فان تلك اللقمة فى حقه هلاك محض

[سورة نوح (71) : الآيات 22 إلى 23]

إذ لا عبرة لانتفاعه بها فى جنب ما أدت اليه تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال وَمَكَرُوا عطف على صلة من لان المكر الكبار يليق بكبرائهم والجمع باعتبار معناها والمكر الحيلة الخفية وفى كشف الاسرار المكر فى اللغة غاية الحيلة وهو من فعل الله تعالى إخفاء التدبير مَكْراً كُبَّاراً اى كبيرا فى الغاية وقرئ بالتخفيف والاول ابلغ منه وهو أبلغ من الكبير نحو طوال وطوال وطويل ومعنى مكرهم الكبار احتيالهم فى منع الناس عن الدين ونحريشهم لهم علا اذية نوح قال الشيخ لما كان التوحيد أعظم المراتب كان المنع منه والأمر بالشرك أعظم الكبائر فلذا وصفه الله بكونه مكرا كبارا وَقالُوا اى الرؤساء للاتباع والسفلة لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ اى لا تتركوا عبادتها على الإطلاق الى عبادة رب نوح ومن عطف مكروا على اتبعوا يقول معنى وقالوا وقال بعضهم لبعض فالقائل ليس هو الجمع وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً جرد الأخيرين عن حرف النفي إذ بلغ التأكيد نهايته وعلم ان القصد الى كل فرد فرد لا الى المجموع من حيث هو مجموع والمعنى ولا تذرن عبادة هؤلاء خصوصا فهو من عطف الخاص على العام خصوصا بالذكر مع اندراجها فيما سبق لانها كانت اكبر أصنامهم وأعظم ما عندهم وقد انتقلت هذه الأصنام بأعيانها عنهم الى العرب فكان ودلكلب بدومة الجندل بضم دال دومة ولذلك سمت العرب بعبدود قال الراغب الود صنم سمى بذلك اما لمودتهم له او لاعتقادهم ان بينه وبين الباري تعالى مودة تعالى عن ذلك وكان سواع لهمدان بسكون الميم قبيلة باليمن ويغوث لمذحج كمجلس بالذال المعجمة وآخره جيم ومنه كانت العرب تسمى عبد يغوث ويعول لمراد وهو كغراب ابو قبيلة سمى به لانه تمرد ونسر لحمير بكسر الحاء وسكون الميم بوزن درهم موضع عربى صنعاء اليمن وقيل انتقلت اسماؤها إليهم فاتخذوا أمثالها فعبدوها إذ يبعد بقاء اعيان تلك الأصنام كيف وقد خربت الدنيا فى زمان الطوفان ولم يضعها نوح فى السفينة لانه بعث لنفيها وجوابه ان الطوفان دفنها فى ساحل جدة فلم تزل مدفونة حتى أخرجها اللعين لمشركى العرب نظيره ما روى ان آدم عليه السلام كتب اللغات المختلفة فى طين وطبخه فلما أصاب الأرض الغرق بقي مدفونا ثم وجد كل قوم كتابا فكتبوه فأصاب اسمعيل عليه السلام الكتاب العربي وقيل هى اسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح وقيل من أولاد آدم ما توا فحزن الناس عليهم حزنا شديدا واجتمعوا حول قبورهم لا يكادون يفارقونها وذلك بأرض بابل فلما رأى إبليس فعلهم ذلك جاء إليهم فى صورة انسان وقال لهم هل لكم أن أصور لكم صورهم إذا نظرتم إليها ذكرتموهم واستأنستم وتبركتم بهم قالوا نعم فصور لهم صورهم من صفر ورصاص ونحاس وخشب وحجر وسمى تلك الصور بأسمائهم ثم لما تقادم الزمن وانقرضت الآباء والأبناء وأبناء الأبناء قال لمن حدث بعدهم ان من قبلكم كانوا يعبدون هذه الصور فعبدوها فى زمان مهلاييل بن

[سورة نوح (71) : آية 24]

قينان ثم صارت سنة فى العرب فى الجاهلية وذلك اما بإخراج الشيطان اللعين تلك الصور كما سبق او بانه كان لعمرو بن لحى وهو أول من نصب الأوثان فى الكعبة تابع من الجن فقال له اذهب الى جدة وائت منها بالآلهة التي كانت تعبد فى زمن نوح وإدريس وهى ود إلخ فذهب وأتى بها الى مكة ودعا الى عبادتها فانتشرت عبادة الأصنام فى العرب وعاش عمرو بن لحى ثلاثمائة وأربعين سنة ورأى من ولده وولد ولد ولده الف مقاتل ومكث هو وولده فى ولاية البيت خمسمائة سنة ثم انتقلت الولاية الى قريش فمكثوا فيها خمسمائة اخرى فكان البيت بيت الأصنام ألف سنة وذكر الامام الشعراني ان اصل وضع الأصنام انما هو من قوة التنزيه من العلماء الأقدمين فانهم نزهوا الله عن كل شىء وأمروا بذلك عامتهم فلما رأوا ان بعض عامتهم صرح بالتعطيل وضعوا لهم الأصنام وكسوها الديباج والحلي والجواهر وعظموها بالسجود وغيره ليتذكروا بها الحق الذي غاب عن عقولهم وغاب عن أولئك العلماء ان ذلك لا يجوز الا باذل من الله تعالى هذا كلامه قال السهيلي ولا أدرى من اين سرت لهم تلك الأسماء القديمة أمن قبل الهند فقد ذكر عنهم انهم كانوا المبدأ فى عبادتهم الأصنام بعد نوح أم الشيطان ألهمهم ما كانت عليه الجاهلية الاولى قبل نوح وفى التكملة روى تقى بن مخلد أن هذه الأسماء المذكورة فى لسورة كانوا أبناء آدم عليه السلام من صلبه وأن يغوث كان أكبرهم وهى اسماء سبيانية ثم وقعت تلك الأسماء الى أهل الهند فسموا بها أصنامهم التي زعموا انها على صور الدراري السبعة وكانت الجن تكلمهم من جوفها فافتنوا بها ثم أدخلها الى ارض العرب عمرو بن لحى بن قمعة بن الياس بن مضر فمن قبله سرت الى ارض العرب وقيل كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة نسر وهو طائر عظيم لانه ينسر الشيء ويقتلعه وفى التأويلات النجمية لا تتركن عبودية آلهتكم التي هى ود النفس المصورة بصورة المرأة وسواع الهوى المصور بصورة الرجل ويغوث الطبيعة المشكلة بشكل الأسد ويعوق الشهوة المشكلة بصورة الفرس ونسر الشره المصور بصورة النسر وقال القاشاني اى معبوداتكم التي عكفتم بهواكم عليها من ود البدن الذي عبدتموه بشهواتكم وأحببتموه وسواع النفس ويغوث الأهل ويعوق المال ونسر الحرص وَقَدْ أَضَلُّوا اى الرؤساء والجملة حالية كَثِيراً اى خلقا كثيرا او أضل الأصنام كقوله تعالى رب انهن اضللن كثيرا من الناس جمعهم جمع العقلاء لعدهم آلهة ووصفهم بأوصاف العقلاء وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ بالاشتراك فان الشرك ظلم عظيم إذ أصل الظلم وضع الشيء فى غير موضعه فهل شىء أسوأ فى هذا من وضع اخس المخلوق وعبادته موضع الخالق الفرد الصمد وعبادته إِلَّا ضَلالًا الجملة عطف على قوله تعالى رب انهم عصونى اى قال رب انهم عصونى وقال ولا تزد الظالمين الا ضلالا قالوا ومن الحكاية لا من المحكي او من كلام الله لا من كلام نوح فنوح قال كل واحد من هذين القولين من غير ان يعطف أحدهما على الآخر فحكى الله أحد قوليه بتصديره بلفظ قال وحكى قوله صاخر بعطفه على قوله الاول بالواو المنائبة عن لفظ قال فلا يلزم عطف الإنشاء على الاخبار ويجوز

[سورة نوح (71) : الآيات 25 إلى 28]

عطفه على مقدر اى فاخذلهم قالوا وحينئذ من المحكي والمراد بالضلال هو الضيام والهلاك والضلال فى تمشية مكرهم وترويجه مصالح دنياهم لا فى امر دينهم حتى لا يتوجه انه انما بعث ليصرفهم عن الضلال فكيف يليق به أن يدعو الله فى أن يزيد ضلالهم وان هذا الدعاء يتضمن الرضى بكفرهم وذلك لا يجوز فى حق الأنبياء وان كان يمكن أن يجاب بأنه بعد ما اوحى اليه انه لا يؤمن من قومك الا من قد آمن وان المحذور هو الرضى المقرون باستحسان الكفر ونظيره دعاء موسى عليه السلام بقوله واشدد على قلوبهم فمن أحب موت الشرير بالطبع على الكفر حتى ينتقم الله منه فهذا ليس بكفر فيؤول المعنى الى أن يقال ولا يزد الظالمين الا ضلال وغيا ليزدادوا عقابا كقوله تعالى انما نملى لهم ليزدادوا اثما وقوله انى أريد أن تبوء بإثمي واثمك فتكون من اصحاب النار قالوا دعا نوح الأبناء بعد الآباء حتى بلغوا سبعة قرون فلما ايس من ايمانهم دعا عليهم مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ اى من أجل خطيئات قوم نوح وأعمالهم المخالفة للصواب وهى الكفر والمعاصي وما مزيدة بين الجار والمجرور لتأكيد الحصر المستفاد من تقديم قوله مما خطيئاتهم فانه يدل على ان إغراقهم بالطوفان لم يكن الامن أجل خطيئاتهم تكذيبا لقول المنجمين من ان ذلك كان لاقتضاء الأوضاع الفلكية إياه ونحو ذلك فانه كفر لكونه مخالفا لصريح هذه الآية ولزيادة ما الا بهامية فائدة غير التوكيد وهى تفخيم خطيئاتهم اى من أجل خطيئاتهم العظيمة ومن لم ير زيادتها جعلها نكرة وجعل خطيئاتهم بدلا منها والخطيئات جمع خطيئة وقرأ ابو عمرو خطاياهم بلفظ الكثرة لان المقام مقام تكثير خطيئاتهم لانهم كفروا ألف سنة والخطيئات لكونه جمع السلامة لا يطلق على ما فوق العشرة الا بالقرينة والظاهر من كلام الرضى ان كل واحد من جمع السلامة والتكثير لمطلق الجمع من غير نظر الى القلة والكثرة فيصلحان لهما ولذا قيل انهما مشتركان بينهما واستدلوا عليه بقوله تعالى ما نفدت كلمات الله أُغْرِقُوا فى الدنيا بالطوفان لا بسبب آخر وفيه زجر لمرتكب الخطايا مطلقا فَأُدْخِلُوا ناراً تنكير النار اما لتعظيمها وتهويلها او لانه تعالى أعد لهم على حسب خطيئاتهم نوعا من النار والمراد اما عذاب القبر فهو عقيب الإغراق وان كانوا فى الماء فان من مات فى ماء او نار او أكلته السباع او الطير أصابه ما يصيب المقبور من العذاب عن الضحاك انهم كانوا يغرقون من جانب اى بالأبدان ويحرقون من جانب اى بالأرواح فجمعوا بين الماء والنار كما قال الشاعر الخلق مجتمع طورا ومفترق ... والحادثات فنون ذات أطوار لا تعجبن لأضداد إذا اجتمعت ... فالله يجمع بين الماء والنار او عذاب جهنم والتعقيب لتنزيله منزلة المتعقب لاغراقهم لاقترابه وتحققه لا محالة واتصال زمانه بزمانه كما دل عليه قوله من مات فقد قامت قيامته على ان النار اما نصف نار وهى للارواح فى البرزخ واما تمام نار وهى للارواح والأجسام جميعا بعد الحشر وقس على الجحيم النعيم فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً اى لم يجد أحد منهم لنفسه واحدا من الأنصار ينصرهم على من أخذهم بالقهر والانتقام وفيه تعريض باتخاذهم آلهة من دون الله وبأنها

[سورة نوح (71) : الآيات 26 إلى 27]

غير قادرة على نصرهم وتهكم بهم ومن دون الله حال متقدمة من قوله أنصارا والجملة الاستئنافية الى هنا من كلام الله اشعارا بدعوة اجابة نوح وتسلية للرسول عليه السلام وأصحابه وتخويفا للعاصى من العذاب وأسبابه وَقالَ نُوحٌ بعد ما قنط من اهتدائهم قنوطاتا ما بالأمارات الغالبة وبأخبار الله تعالى رَبِّ اى پروردگار من لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ لا تترك على الأرض مِنَ الْكافِرِينَ بك وبما جاء من عندك حال متقدمة من قوله دَيَّاراً أحدا يدور فى الأرض فيذهب ويجيئ اى فأهلكهم بالاستئصال والجملة عطف على نظيرها السابق وقوله تعالى مما خطيئاتهم إلخ اعتراض وسط بين دعائه عليه السلام للايذان من أول الأمر بان ما أصابهم من الإغراق والإحراق لم يصبهم الا لاجل خطيئاتهم التي عددها نوح وأشار الى استحقاقهم للاهلاك لاجلها لما انها حكاية لنفس الإغراق والإحراق على طريقة حكاية ما جرى بينه عليه السلام وبينهم من الأحوال والأقوال والا لأخر عن حكاية دعائه هذا وديار من الأسماء المستعملة فى النفي العام يقال ما بالدار ديار أو ديور كقيام وقيوم اى أحد وساكن وهو فيعال من الدور او من الدار أصله ديوار وقد فعل به ما فعل بأصل سيد فمعنى ديار على الاول أحد يدور فى الأرض فيذهب ويجيئ وعلى الثاني أحد ممن ينزل الدار ويسكنها وأنكر بعضهم كونه من الدوران وقال لو كان من الدور ان لم يبق على وجه الأرض جنى ولا شيطان وليس المعنى على ذلك وانما المعنى أهلك كل ساكن دار من الكفار أي كل انسى منهم. يقول الفقير جوابه سهل فان المراد كل من يدور على الأرض من امة الدعوة وليس الجن والشيطان منها إذ لم يكن نوح مبعوثا الى الثقلين وليس ديار فعالا من الدار والا لقيل دوار لان اصل دار دور فقلبت واوه ألفا فلما ضعفت عينه كان دوارا بالواو الصحيحة المشددة إذ لا وجه لقلبها ياء إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ عليها كلا او بعضا ولا تهلكهم بيان لوجه دعائه عليهم واظهار بأنه كان من الغيرة فى الدين لا لغلبة غضب النفس لهواها يُضِلُّوا عِبادَكَ عن طريق الحق قال بعضهم عبادك المؤمنين وفيه اشعار بأن الأهل لان يقال لهم عباد اهل الايمان انتهى وفيه نظر بل المراد يصدوا عبادك عن سبيلك كقوله تعالى وصدوا عن سبيل الله دل عليه انه كان الرجل منهم ينطلق بابنه الى نوح فيقول له احذر هذا فانه كذاب وان ابى حذرنيه وأوصاني بمثل هذه الوصية فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك وَلا يَلِدُوا ونزايند إِلَّا فاجِراً لفجر شق الشيء شقا واسعا كفجر الإنسان السكر وهو بالكسر اسم لسد النهر وما سد به النهر والفجور شق ستر الديانة كَفَّاراً مبالغا فى الكفر والكفران قال الراغب الكفارا بلغ من الكفور وهو المبالغ فى كفران النعمة والمعنى الا من سيفجر ويكفر فالوجه ارتفاعهم عن وجه الأرض والعلم لك فوصفهم بما يصيرون اليه بعد البلوغ فهو من مجاز الاول وكأنه اعتذار مما عيسى يرد عليه من ان الدعاء بالاستئصال مع احتمال ان يكون من اخلافهم من يؤمن منكر وانما قاله بالوحى لقوله تعالى فى سورة هود واوحى الى نوح انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن فان قلت هذا إذا كان دعاء نوح متأخرا عن وحي تلك الآية وذلك

غير معلوم قلت الظاهر ان مثل هذا الدعاء انما يكون فى الأواخر بعد ظهور امارات النكال قال بعضهم لا يلد الحية الا الحية وذلك فى الأغلب ومن هناك قيل (إذا طاب اصل المرء طابت فروعه) ونحوه الولد سر أبيه قال بعضهم فى توجيهه ان الولد إذا كبر انما يتعلم من أوصاف أبيه او يسرق من طباغه بل قد يصحب المرء رجلا فيسرق من طباعه فى الخير والشر. يقول الفقير معناه فيه ما فيه اى من الجمال والجلال فقد يكون الجمال الظاهر فى الأب باطنا فى الابن كما كان فى قابيل بن آدم حيث ظهر فيه ما بطن فى أبيه من الجلال وكان الأمر بالعكس فى هابيل بن آدم وهكذا الأمر الى يوم القيامة فى الموافقة والمخالفة وقال بعض الكبار اعتذار نوح يوم القيامة عند طلب الخلق الشفاعة منه بدعوته على قومو انما هو لما فيها من قوله ولا يلدوا الا فاجرا كفارا لا نفس دعائه عليهم من حيث كونه دعاء انتهى أشار الى ان دعاء نوح كان بالأمارات حيث جربهم قريبا من ألف سنة فلم يظهر منهم الا الكفر والفجور ولو كان بالوحى لما اعتذار كما قال القاشاني مل من دعوة قومه وضجر واستولى عليه الغضب ودعا ربه لتدمير قومه وقهرهم وحكم بظاهر الحال ان المحجوب الذي غلب عليه الكفر لا يلد الا مثله فان النطفة التي تنشأ منها النفس الخبيثة المحجوبة وتتربى بهيئتها المظلمة لا تقبل الا مثلها كالبذر الذي لا ينبت الا من صنفه وسبخه وغفل عن ان الولد سر أبيه اى خاله الغالبة على الباطن فربما كان الكافر باقى الاستعداد صافى الفطرة نقى الأصل بحسب الاستعداد الفطري وقد استولى على ظاهره العادة ودين آبائه وقومه الذين نشأ بينهم فدان بدينهم ظاهرا وقد سلم باطنه فيلد المؤمن على حال النورية كولادة أبى ابراهيم عليه السلام فلا جرم تولد من تلك الهيئة الغضبية الظلمانية التي غلبت على باطنه وحجبته فى تلك الحالة عما قال مادة ابنه كنعان وكان عقوبة لذنب حاله انتهى ويدل على ما ذكر من ان دعاءه أليس مبنيا على الوحى ما ثبت ان النبي عليه السلام شبه رضى الله عنه فى الشدة بنوح وأبا بكر رضى الله عنه فى اللبن بإبراهيم قال بعض العارفين فى قوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين فى هذه الآية عتاب لطيف فانها نزلت حين مكث يدعو على قوم شهرا مع ان سبب ذلك الدعاء انما هو الغيرة على جناب الله تعالى وما يستحقه من الطاعة ومعنى العتاب انى ما أرسلتك سبايا ولا لعانا وانما بعثتك رحمة اى لترحم مثل هؤلاء الذين دعوت عليهم كأنه يقول لو كان بدل دعائك عليهم الدعاء لهم لكان خيرا فانك إذا دعوتنى لهم ربما أجبت دعاءك فوفقتهم لطاعتى فترى سرور عينك وقرتها فى طاعتهم لى وإذا لعنتهم ودعوت عليهم وأجبت دعاءك فيهم لم يكن من كرمى ان آخذهم الا بزيادة طغيانهم وكثرة فسادهم فى الأرض وكل ذلك انما كان بدعائك عليهم فكأنك امرتهم بالزيادة فى الطغيان الذي أخذناهم به فتنبه رسول الله عليه السلام لما أدبه به ربه فقال ان الله أدبني فأحسن تأديبى ثم صار يقول بعد ذلك اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون وقام ليلة كاملة الى الصباح بقوله تعالى ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم لا يزيد عليها فأين هذا من دعائه قبل ذلك على رعل وذكوان وعصية وعلى صناديد قريش اللهم عليك بفلان

[سورة نوح (71) : آية 28]

اللهم عليك بفلان فاعلم ذلك فاقتد بنبيك فى ذلك والله يتولى هداك (وقال بعض اهل المعرفة) نوح چون از قوم خود برنجيد بهلاك ايشان دعا كرد ومصطفى عليه السلام چون از قوم خود برنجيد بشفقت كفت اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون. واعلم انه لا يجوز ان يدعى على كافر معين لانا لا نعلم خاتمته ويجوز على الكفار والفجار مطلقا وقد دعا عليه السلام على من تحزب على المؤمنين وهذا هو الأصل فى الدعاء على الكافرين رَبِّ اغْفِرْ لِي ذنوبى وهى ما صدر منه من ترك الاولى وَلِوالِدَيَّ ذنوبهما ابو ملك بن متوشلخ على وزن الفاعل كمتد حرج او هو بضم الميم والتاء المشددة المضمومة وفتح الشين المعجمة وسكون اللام وروى بعضهم الفتح فى الميم وامه سمخا بنت انوش كانا مؤمنين قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يكفر لنوح أب ما بينه وبين آدم وفى اشراق التواريخ امه قسوس بنت كابيل وفى كشف الاسرار هيجل بنت لاموس ابن متوشلخ بنت عمه وكانا مسلمين على ملة إدريس عليه السلام وقيل المراد بوالديه آدم وحواء عليهما السلام وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ اى منزلى وقيل مسجدى فانه بيت اهل الله وان كان بيت الله من وجه وقيل سفينتى فانها كالبيت فى حرز الحوائج وحفظ النفوس عن الحر والبرد وغيرهما مُؤْمِناً حال كون الداخل مؤمنا وبهذا القيد خرجت امرأته واعلة وابنه كنعان ولكن لم يجزم عليه السلام بخروجه الا بعد ما قيل له انه ليس من أهلك وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بي او من لدن آدم الى يوم القيامة. وكفته اند مراد ابن امت مرحومه اند. خص اولا من يتصل به نسبا ودينا لانهم اولى وأحق بدعائه ثم عم المؤمنين والمؤمنات وفى الحديث (ما الميت فى القبر الا كالغريق المتغوث ينتظر دعوة تلحقه من أب او أخ او صديق فاذا لحقته كانت أحب اليه من الدنيا وما فيها وان الله ليدخل على اهل القبور من دعاء اهل الأرض أمثل الجبال وان هدية الاحياء الى الأموات الاستغفار لهم وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً اى هلاكا وكسرا وبالفارسية مكر هلاكى بسختى. والتبر دقاق الذهب قال فى الاول ولا تزد الظالمين الا ضلالا لانه وقع بعد قوله وقد أضلوا كثيرا وفى الثاني الا تبارا لانه وقع بعد قوله لا تذر على الأرض إلخ فذكر فى كل مكان ما اقتضاه وما شاكل معناه ولظاهر انه عليه السلام أراد بالكافرين والظالمين الذين كانوا موجودين فى زمانه متمكنين فى الأرض ما بين المشرق والمغرب فمسئوله ان يهلكهم الله فاستجيب دعاؤه فعمهم الطوفان بالغرق وما نقل عن بعض المنجمين من انه أراد جزيرة العرب فوقع الطوفان عليهم دون غيرهم من الآفاق مخالف لظاهر الكلام وتفسير العلماء وقول اصحاب التواريخ بأن الناس بعد الطوفان توالدوا وتناسلوا وانتشروا فى الأطراف مغاربها ومشارقها من اهل السفينة دل الكلام على ان الظالم إذا ظهر ظلمه وأصر عليه ولم ينفعه النصح استحق ان يدعى عليه وعلى أعوانه وأنصاره قيل غرق معهم صبيانهم ايضا لكن لا على وجه العقاب لهم بل لتشديد عذاب آبائهم وأمهاتهم بإراءة إهلاك أطفالهم الذين كانوا أعز عليهم من أنفسهم قال عليه السلام يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى وعن الحسن انه

سئل عن ذلك فقال علم الله براءتهم فأهلكهم بغير عذاب وكم من الصبيان من يموت بالغرق والحرق وسائر اسباب الهلاك وقيل اعقم الله أرحام نسائهم وايبس أصلاب آبائهم قبل الطوفان بأربعين او سبعين سنة فلم يكن معهم صبى ولا مجنون حين غرقوا لان الله تعالى قال وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ولم يوجد التكذيب من الأطفال والمجانين وفى الاسئلة المقحمة ولو أهلك الأطفال بغير ذنب منهم ماذا يضر فى الربوبية أليس الله يقول قل فمن يملك من الله شيأ ان أراد أن يهلك المسيح بن مريم وامه ومن فى الأرض جميعا. يقول الفقير الظاهر هلاك الصبيان مع الآباء والأمهات لان نوحا عليه السلام ألحقهم بهم حيث قال ولا يلدوا الا فاجرا كفارا إذ من سيفجر ويكفر فى حكم الفاجر والكافر فلذلك دعا على الكفار مطلقا عموما بالهلاك لاستحقاق بعضهم له بالاصالة وبعضهم بالتبعية ودعا للمؤمنين والمؤمنات عموما وخصوصا بالنجاة لان المغفور ناج لا محالة وروى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما انه كان إذا قرأ القرآن بالليل فمر بآية يقول لى يا عكرمة ذكرنى هذه الآية غدا فقرأ ذات ليلة هذه الآية اى رب اغفر لى إلخ فقال يا عكرمة ذكرنى هذه غدا فذكر تهاله فقال ان نوحا دعا بهلاك الكافرين ودعا للمؤمنين بالمغفرة وقد استجيب دعاؤه على الكافرين فاهلكوا وكذلك استجيب دعاؤه فى المؤمنين فيغفر الله للمؤمنين والمؤمنات بدعائه. ورد عن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قال نجاة المؤمنين بثلاثة أشياء بدعاء نوح وبدعاء اسحق وبشفاعة محمد عليه السلام يعنى المذنبين وفى التأيلات النجمية رب اغفر لى ولوالدى من العقل الكلى والنفس الكلى ولمن دخل بيتي مؤمنا من الروح والقلب وللمؤمنين من القوى الروحانية والمؤمنات من النفوس الداخلة تحت نور الروح والقلب بسبب نور الايمان ولا تزد الظالمين النفس الكافرة والهوى الظالم الا تبارا هلاكا بالكلية بالفناء فى الروح والقلب وعلى هذا التأويل يكون دعاء لهم لا دعاء عليهم انتهى وقال القاشاني رب اغفر لى اى استرني بنورك بالفناء فى التوحيد ولروحى ونفسى اللذين هما أبوا لقلقب ولمن دخل بيتي اى مقامى فى حضرة القدس مؤمنا بالتوحيد لعلمى اولا رواح الذين آمنوا ونفوسهم فبلغهم الى مقام الفناء فى التوحيد ولا تزد الظالمين الذين نقصوا حظهم بالاحتجاب بظلمة نفوسهم عن عالم النور الا تبارا هلاكا بالغرق فى بحر الهيولى وشدة الاحتجاب انتهى فيكون دعاء عليهم كما لا يخفى تمت سورة نوح بعون من بيده الفتوح يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شوال من سنة ست عشرة ومائة وألف

تفسير سورة الجن

تفسير سورة الجن ثمان وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يا محمد لقومك أُوحِيَ إِلَيَّ اى ألقى على بطريق الوحى وأخبرت باعلام من الله تعالى والإيحاء اعلام فى خفاء وفائدة اخباره بهذه الاخبار بيان انه رسول الثقلين والنهى عن الشرك والحث على التوحيد فان الجن مع تمردهم وعدم مجانستهم إذا آمنوا فكيف لا يؤمن البشر مع سهولة طبعهم ومجانستهم أَنَّهُ بالفتح لانه فاعل اوحى والضمير الشأن اى ان الشأن والحديث اسْتَمَعَ اى القرآن او طه او اقرأ وقد حذف لدلالة ما بعده عليه والاستماع بالفارسية نيوشيدن. والمستمع من كان قاصدا للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ جماعة منهم ما بين الثلاثة والعشرة وبالفارسية كروهى كه از ده كمتر واز سه بيشتر بودند. قال فى القاموس النفر ما دون العشرة من الرجال كالنفير والجمع انفار وفى المفردات النفر عدة رجال يمكنهم النفر الى الحرب بالفارسية بيرون شدن. والجن واحده جنى كروم ورومى ونحوه قال ابن عباس رضى الله عنهما انطلق رسول الله عليه السلام فى طائفة من أصحابه الى سوق عكاظ فأدركهم وقت صلاة الفجر وهم ننحلة فأخذ هو عليه السلام يصلى بأصحابه صلاة الفجر فمر عليهم نفر من الجن وهم فى الصلاة فلما سمعوا القرآن استمعوا له وفيه دليل على انه عليه السلام لم ير الجن حينئذ إذ لو رأهم لما أسند معرفة هذه الواقعة الى الوحى فان ما عرف بالمشاهدة لا يستند إثباته الى الوحى وكذا لم يشعر بحضورهم وباستماعهم ولم يقرأ عليهم وانما اتفق حضورهم فى بعض اوقات قراءته فسمعوها فأخبره الله بذلك وقد مضى ما فيه من التفصيل فى سورة الأحقاف فلا نعيده والجن أجسام رقاق فى صورة تخالف صورة الملك والانس عاقلة كالانس خفية عن أبصارهم لا يظهرون لهم ولا يكلمونهم الا صاحب معجزة بل يوسوسون سائر الناس يغلب عليهم النارية او الهوائية ويدل على الاول مثل قوله تعالى وخلق الجان من مارج نار فان المشهور ان المركبات كلها من العناصر فما يغلب فيه النار فنارى كالجن وما يغلب فيه الهولء فهوائى كالطير وما يغلب فيه الماء فمائى كالسمك وما يغلب فيه التراب فترابى كالانسان وسائر الحيوانات الارضية واكثر الفلاسفة ينكرون وجود الجن فى الخارج واعترف به جمع عظيم من قدمائهم وكذا جمهور أرباب الملل المصدقين بالأنبياء قال القاشاني ان فى الوجود نفوسا ارضية قوية لا فى غلظ النفوس السبعية والبهيمية وكثافتها وقلة إدراكها ولا على هيئات النفوس الانسانية واستعداداتها ليلزم تعلقها بالاجرام الكثيفة الغالب عليها الارضية ولا فى صفاء النفوس المجردة ولطافتها لنتصل بالعالم الطوى وتتجرد او تتعلق ببعض الاجرام السماوية متعلقة بأجرام عنصرية لطيفة غلبت عليها الهوائية او النارية او الدخانية على اختلاف أحوالها سماها بعض الحكماء الصور المعلقة ولها علوم وإدراكات من جنس علومنا وادراكاتنا ولما كانت قريبة الطبع الى الملكوت السماوي

[سورة الجن (72) : آية 2]

أمكنها ان تتلقى من عالمها بعض الغيب فلا يستبعد أن ترتقى أفق السماء فتسترق السمع من كلام الملائكة اى النفوس المجردة ولما كانت ارضية ضعيفة بالنسبة الى القوى السماوية تأثرت تلك القوى فرجمت بتأثيرها عن بلوغ شأوها وادراك مداها من العلوم ولا ينكر أن تشتعل أجرامها الدخانية بأشعة الكواكب فتحترق وتهلك او تنزجر عن الارتقاء الى الأفق السماوي فتتسفل فانها امور ليست بخرجة عن الإمكان وقد اخبر عنها اهل الكشف والعيان الصادقون من الأنبياء والأولياء خصوصا أكملهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهى فى الوجود الإنساني لاستتارها فى غيب الباطن فَقالُوا لقومهم عند رجوعهم إليهم إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً اى كتابا مقروأ على لسان الرسول عَجَباً مصدر بمعنى العجيب وضع موضعه للمبالغة والعجيب ما خرج عن حد اشكاله ونظائره والمعنى بديعا مباينا لكلام الناس فى حسن النظم ودقة المعنى وقال البقلى كتابا عجيبا تركبه وفيه اشارة الى انهم كانوا من اهل اللسان قال عيزار بن حريث كنت عند عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فأتاه رجل فقال له كنا فى سفر فاذا نحن بحية جريحة تتشحط فى دمها اى تضطرب فان الشحط بالحاء المهملة الاضطراب فى الدم فقطع رجل منا قطعة من عمامته فلفها فيها فدفنها فلما أمسينا ونزلنا أتانا امرأتان من احسن نساء الجن فقالتا أيكم صاحب عمرو اى الحية التي دفنتموها فأشرنا لهما الى صاحبها فقالتا انه كان آخر من بقي ممن استمع القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين كافرى الجن ومسلميهم قتال فقتل فيهم فان كنتم أردتم به الدنيا ثوبناكم اى عوضناكم فقلنا لا انما فعلنا ذلك لله فقالتا أحسنتم وذهبتا يقال اسم الذي لف الحية صفوان بن معطل المرادي صاحب قصة الافك والجنى عمرو بن خابر رحمه الله يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ الى الحق والصواب وصلاح الدين والدنيا كما قال عليه السلام اللهم ألهمنى رشدى اى الاهتداء الى مصالح الدين والدنيا فيدخل فيه التوحيد والتنزيه وحقيقة الرشد هو الوصول الى الله تعالى قال بعضهم الرشد كالقفل خلاف الغى يقال فى الأمور الدنيوية والاخروية والرشد كالذهب يقال فى الأمور الاخروية فقط فَآمَنَّا بِهِ اى بذلك القرآن ومن ضرورة الايمان به الايمان بمن جاء به ولذا قال بعضهم داخل اندر دعوت او جن وانس ... تا قيامت امتش هر نوع وجنس اوست سلطان وطفيل او همه ... اوست شاهنشاه وخيل او همه وَلَنْ نُشْرِكَ بعد اليوم البتة اى بعد علمنا الحق بِرَبِّنا أَحَداً حسبما نطق به ما فيه من دلائل التوحيد اى لا نجعل أحدا من الموجودات شريكا له اعتقادنا ولا نعبد غيره فان تمام الايمان انما يكون بالبراءة من الشرك والكفر كما قال ابراهيم عليه السلام انى بريئ مما تشركون فلكونه قرءانا معجزا بديعا موجب الايمان به ولكونه يهدى الى الرشد موجب قطع الشرك من أصله والدخول فى دين الله كله فمجموع قوله فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا مسبب عن مجموع قوله انا سمعنا قرءانا عجبا يهدى الى الرشد ولذا عطف ولن

[سورة الجن (72) : الآيات 3 إلى 4]

نشرك بالواو مع ان الظاهر الفاء وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا بالفتح وكذا ما بعده من الجمل المصدرة بأن فى أحد عشر موضعا عطف على انه استمع فيكون من جملة الكلام الموحى به على ان الموحى عين عبارة الجن بطريق الحكاية كأنه قيل قل اوحى الى كيت وكيت وهذه العبارات فاندفع ما قيل من انك لو عطفت وانا ظننا وانا سمعنا وانه كان رجال وانا لمسنا وشبه ذلك على أنه استمع لم يجز لانه ليس مما اوحى اليه وانما هو امر أخبروا به عن أنفسهم انتهى ومن قرأ بالكسر عطف على المحكي بعد القول وهو الأظهر لوضوح اندراج الكل تحت القول وقيل فى الفتح والكسر غير ذلك والأقرب ما قلناه والمعنى وان الشأن ارتفع عظمة ربنا كما تقول فى الثناء وتعالى جدك اى ارتفع عظمتك وفى اسناد التعالي الى العظمة مبالغة لا تخفى من قولهم جد فلان فى؟؟؟ غنى اى عظم تمكنه او سلطانه لان الملك والسلطنة غاية العظمة او غناه على انه مستعار من الجد الذي هو البخت والدولة والحظوظ الدنيوية سوآء استعمل بمعنى الملك والسلطان او بمعنى الغنى فان الجد فى اللغة كما يكون بمعنى العظمة وبمعنى أب الأب وأب الام يكون بمعنى الحظ والبخت يقال رجل مجدود اى محظوظ شبه سلطان الله وغناء الذاتيان الازليان ببخت الملوك والأغنياء فأطلق اسم الجد عليه استعارة مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً بيان لحكم تعالى جده كأنه قيل ما الذي تعالى عنه فقيل ما اتخذ أي لم يختر لنفسه لكمال تعاليه زوجة ولا بنتا كما يقول الظالمون وذلك انهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والايمان تنبهوا للخطأ فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بحلقه فى اتخاذ الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه تعالى عنه لعظمتة ولسلطانه او لغناه فان الصاحبة تتخذ للحاجة إليها والولد للتكثير وابقاء النسل بعد فوته وهذه من لوازم الإمكان والحدوث وايضا هو خارج عن دائرة التصور ولادراك فكيف يكيفه أحد فيدخله تحت جنس حتى يتخذ صاحبة من صنف تحته او ولدا من نوع يماثله وقد قالت النصارى ايضا المسيح ابن الله واليهود عزيز ابن الله وبعض مشركى العرب الملائكة بنات الله ويلزم من كون المسيح ابن الله على ما زعموا ان تكون مريم صاحبة له ولذا ذكر الصاحبة يعنى ان الولد يقتضى الام التي هى صاحبة الأب الوالد وأشار بالصاحبة الى النفس وبالولد الى القلب فيكون الروح كالزوج والأب لهما وهو فى الحقيقة مجرد عن كل علاقة وانما تعلق بالبدن لتظهر قدرة الله وايضا ليستكمل ذاته من جهة الصفات وَأَنَّهُ اى الشان كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا اى جاهلنا وهو إبليس او مردة الحن فقوله سفيهنا للجنس والظاهر ان يكون إبليس من الجن كما قال تعالى كان من الجن ففسق عن امر ربه والسفه خفة الحلم او نقيضه او الجهال كما فى القاموس وقال الراغب السفه خفة فى البدن واستعمل فى خفة النفس لنقصان العقل وفى الأمور الدنيوية والاخروية والمراد به فى الآية هو السفه فى الدين الذي هو السفه الأخروي كذا فى المفردات عَلَى اللَّهِ متعلق بيقول أورد على لان ما قالوه عليه تعالى لاله شَطَطاً هو مجاوزة الحد فى الظلم وغيره وفى المفردات الافراط فى البعد اى قولا ذا شطط اى بعد عن القصد ومجاوزة الحد أو هو شطط فى نفسه لفرط بعده عن الحق فوصف بالمصدر للمبالغة والمراد به نسبة الصاحبة والولد اليه تعالى وفى الآية اشارة الى

[سورة الجن (72) : الآيات 5 إلى 10]

ان العالم الغير العامل فى حكم الجاهل فان إبليس كان من اهل العلم فلما لم يعمل بمقتضى علمه جعل سفيها جاهلا لا يجوز التقليد له فالاتباع للجاهل ومن فى حكمه اتباع للشيطان والشيطان يدعو الى النار لانه خلق منها وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ مخففة من الثقيلة اى ان الشان لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً اعتذار منهم عن تقليدهم لسفيهم اى كنا نظن ان الشان والحديث لن يكذب على الله أحد ابدا ولذلك اتبعنا قوله وصدقناه فى ان لله صاحبة وولدا فلما سمعنا القرآن وتبين لنا الحق بسببه علمنا انهم قد يكذبون عليه تعالى وكذبا مصدر مؤكد لتقول لانه نوع من القول وأشار بالانس الى القوى الروحانية وبالجن الى القوى الطبيعية وقال القاشاني انس الحواس الظاهرة وجن القوى الباطنة فتوهمنا ان البصر يدرك شكله ولونه والاذن تسمع صوته والوهم والخيال يتوهمه ويتخيله حقا مطابقا لما هو عليه قبل الاهتداء والتنور بنور الروح فعلمنا من طريق الوحى الوارد على القلب بواسطة روح القدس ان لسنا فى شىء من إدراكه فليس له شكل ولالون ولا صوت ولا هو داخل فى الوهم والخيال وليس كلام الله من جنس الكلام المصنوع المتلقف بالفكر والتخيل والمستنتج من القياسات العقلية او المقدمات الوهمية والتخييلية فليس الله من قبيل المخلوق جنسا او نوعا او صنفا او شخصا فكيف يكون له صاحبة وولد وَأَنَّهُ اى وان الشان كانَ فى الجاهلية رِجالٌ كائنون مِنَ الْإِنْسِ خبر كان قوله يَعُوذُونَ العوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فيه دلالة ان للجن نساء كالانس لان لهم رجالا ولذا قيل فى حقهم انهم يتوالدون لكنهم ليسوا بمنظرين كابليس وذريته قال اهل التفسير كان الرجل من العرب إذا امسى فى واد قفر فى بعض مسايره وخاف على نفسه يقول أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه يريد الجن وكبيرهم فيبيت فى أمن وجوار حتى يصبح فاذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا سدنا الانس والجن وذلك قوله تعالى فَزادُوهُمْ عطف على يعوذون والماضي للتحقق اى فزاد الرجال العائذون الإنسيون الجن رَهَقاً مفعول ثان لزاد اى تكبرا وعتوا وسفها فان الرهق محركة يجيئ على معان منها السفه وركوب الشر والظلم قال فى آكام المرجان وبهذا يجيبون المعزم والراقي بأسمائهم واسماء ملوكهم فانه يقسم عليهم بأسماء من يعظمونه فيحصل لهم بذلك من الرياسة والشرف على الانس ما يحملهم على ان يعطوهم بعض سؤلهم وهم يعلمون ان الانس أشرف منهم وأعظم قدرا فاذا خضعت الانس لهم واستعاذت بهم كان بمنزلة أكابر الناس إذا خضع لهم أصاغرهم يقضون لهم حاجاتهم او المعنى فزاد الجن العائذين غيا بأن أضلوهم حتى استعاذوا بهم وإذا استعاذوا بهم فأمنوا ظنوا ان ذلك من الجن فازدادوا رغبة فى طاعة الشياطين وقبول وساوسهم والفاء حينئذ لترتيب الاخبار واسناد الزيادة الى الانس والجن باعتبار السببية (وروى) عن كردم بن ابى السائب الأنصاري رضى الله عنه انه قال خرجت مع أبى الى المدينة فى حاجة وذلك أول ما ذكر النبي عليه السلام بمكة فأدانى المبيت الى راعى غنم فلما انتصف الليل جاء الذئب فحمل حملا من الغنم فقال الراعي يا عامر الوادي جارك فنادى مناد لا نراه يقول يا سرحان أرسله فأتى

[سورة الجن (72) : الآيات 7 إلى 8]

الحمل يشتد حتى دخل فى الغنم ولم تصبه كدمة فأنزل الله على رسوله بمكة وانه كان رجال إلخ قال مقاتل كان أول من نعوذ بالجن قوم من اهل اليمن ثم من حنيفة ثم فشا ذلك فى العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه انه قال إذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل أعوذ بدانيال وبالحب من شر الأسد انتهى أشار بذلك الى مارواه البيهقي فى الشعب ان دانيال طرح فى الجب وألقيت عليه السباع فجعلت السباع تلحسه وتبصبص اليه فأتاه رسول فقال يا دانيال فقال من أنت قال أنا رسول ربك إليك أرسلنى إليك بطعام فقال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره (وروى) ابن ابى الدنيا ان بخت نصر ضرى أسدين وألقاهما فى جب وجاء بدانيال فألقاه عليهما فلم يضراه وذكر قصته فلما ابتلى دانيال بالسباع جعل الله الاستعاذة به فى ذلك تمنع الشر الذي لا يستطاع كما فى حياة الحيوان فعلم من ذلك ان الاستعاذة بغير الله مشروعة فى الجملة لكن بشرط التوحيد واعتقاد التأثير من الله تعالى قال القاشاني فى الآية اى تستند القوى الظاهرة الى القوى الباطنة وتتقوى بها فزاوهم غشيان المحارم وإتيان المناهي بالدواعي الوهمية والنوازع الشهوية والغضبية والخواطر النفسانية وَأَنَّهُمْ اى الانس ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ ايها الجن على انه كلام مؤمنى الجن للكفار حين رجعوا الى قومهم منذرين فكذبوهم او الجن ظنوا كما ظننتم أيها الكفرة على انه كلام الله تعالى أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ان هى المخففة والجملة سادة مسد مفعولى ظنوا واعمل الاول على ما هو مذهب الكوفيين لان ما فى كما ظننتم مصدرية فكان الفعل بعدها فى تأويل المصدر والفعل أقوى من المصدر فى العمل والظاهر ان المراد بعثة الرسالة اى لن يبعث الله أحدا بالرسالة بعد عيسى او بعد موسى يقيم به الحجة على الخلق ثم انه بعث إليهم محمدا عليه السلام خاتم النبيين فآمنوا به فافعلوا أنتم يا معشر الجن مثل ما فعل الانس وقيل بعد القيامة اى لن يبعث الله أحدا بعد الموت للحساب والجزاء. يقول الفقير فيه اشارة الى أهل الغفلة من الانس والجن فانهم يظنون بالله ظن السوء ويقولون ان الله لا يبعث أحدا من نوم الغفلة بل يبقيه على حاله من الاستغراق فى اللذات والانهماك فى الشهوات ولا يدرون ان الله تعالى يبعث من فى القبور مطلقا ويحيى أجسادهم وقلوبهم وأرواحهم بالحياة الباقية لان اهل النوم لانقطاع شعورهم لا يعرفون حال اهل اليقظة وفيه اثبات العجز لله تعالى والله على كل شىء قدير وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ اى طلبنا بلوغ السماء لاستماع ما يقول الملائكة من الحوادث او خبرها للافشاء بين الكهنة واللمس مستعار من المس للطلب شبه الطلب بالمس واللمس باليد فى كون كل واحد منهما وسيلة الى تعرف حال الشيء فعبر عنه بالمس واللمس قال الراغب اللمس ادراك بظاهر البشرة كالمس ويعبر به عن الطلب قال فى كشف الاسرار ومنه الحديث الذي ورد ان رجلا قال لرسول الله عليه السلام ان امرأتى لا تدع عنها يد لامس اى لا ترديد طالب حاجة صفرا يشكوا تضييعها ماله فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً اى حراسا وحفظه وهم الملائكة يمنعونهم عنها اسم جمع لحارس بمعنى حافظ كخدم لخادم مفرد اللفظ ولذلك قيل شَدِيداً اى قويا ولو كان جمعا

[سورة الجن (72) : الآيات 9 إلى 10]

لقيل شدادا وقوله ملئت حرسا حال من مفعول وجدناها ان كان وجدنا بمعنى أصبنا وصادفنا ومفعول ثان ان كان من افعال القلوب اى فعلمناها مملوءة وحرسا تمييز وَشُهُباً عطف على حرسا وحكمه فى الاعراب حكمه جمع شهاب وهى الشعلة المقتبسة من نار الكواكب هكذا قالوا وقد مر تحقيقه وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ قبل هذا مِنْها اى من السماء مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ خالية عن الحرس والشهب يحصل منها مقاصدنا من استماع الاخبار للالقاء الى الكهنة او صالحة للترصد والاستماع وللسمع متعلق بنقعد اى على الوجه الاول اى لاجل السمع او بمضمر هو صفة لمقاعد اى على الثاني اى مقاعد كائنة للسمع وفى كشف الاسرار اى مواضع لاستماع الاخبار من السماء وكان لكل حى من الجن باب فى السماء يستمعون فيه ومن أحاديث البخاري عن عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الملائكة تنزل فى العنان وهو بالفتح السحاب فتذكر الأمر الذي قضى فى السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه الى الكهان فيكذبون معه مائة كذبة من عند أنفسهم. يقول الفقير وجه التوفيق بين الاستراق من السماء ومن السحاب ان الملائكة مرة ينزلون فى العنان فيتحدثون هناك واخرى يتذاكرون فى السماء ولا منع من عروج الشياطين الى السماء فى مدة قليلة للطافة أجسامهم وحيث كانت نارية او هوائية او دخانية لا يتأثرون من النار أو الهواء حين المرور بكرتهما ولو سلم فعروجهم من قبيل الاستدراج ولله فى كل شىء حكمة واسرار فَمَنْ شرطية يَسْتَمِعِ الْآنَ فى مقعد من المقاعد ويطلب الاستماع والآن اى فى هذا الزمان وبعد المبعث وفى اللباب ظرف حالى استعير للاستقبال يَجِدْ لَهُ جواب الشرط والضمير لمن اى يجد لنفسه شِهاباً رَصَداً الرصد الاستعداد للترقب اى شهابا راصدا له ولاجله يصده عن الاستماع بالرجم او ذوى شهاب راصدين له ليرجموه بما معهم من الشهب على انه اسم مفرد فى معنى الجمع كالحرس فيكون المراد بالشهاب الملائكة يتقدير المضاف ويجوز نصب رصدا على المفعول له وفى الآية اشارة الى طلب القوى الطبيعية أن تدخل سماء القلب فوجدتها محفوفة بحراس الخواطر الملكية والرحمانية يحرسونها عن طرق الخواطر النفسانية والشيطانية بشهاب نار نور القلب المنور بنور الرب وكان الشهاب والرجم قبل البعثة النبوية لكن كثر بعدها وزاد زيادة بينة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق أصلا لئلا يلتبس على الناس اقوال الرسول المستندة الى الوحى الإلهي بأقوال الكهنة المأخوذة من الشياطين مما استرقوا من اقوال اهل السماء ويدل على ما ذكر قوله تعالى فوجدناها ملئت حرسا شديدا فانه يدل على ان الحادث هو الكمال والكثرة اى زيدت حرسا وشهبا حتى امتلأت بهما وقوله تعالى وانا كنا نقعد منها مقاعد اى كنا نجد فيهما بعض المقاعد حالية عن الحرس والشهب والآن قد ملئت المقاعد كلها فلما رأى الجن ذلك قالوا ما هذا الا لامر أراده الله بأهل الأرض وذلك قولهم وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ بحراسة السماء منا أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً اى خيرا وإصلاحا أوفق لمصالحهم والاستفهام لاظهار العجز عن الاطلاع على الحكمة قال بعضهم لعل التردد بينهما مخصص

[سورة الجن (72) : الآيات 11 إلى 14]

بالاستفهام وأن يكون فاعل فعل مضمر مفسر بما بعده بمعنى لا ندرى. أريد شرام خير ورجحوه للموافقة بين المعطوفين فى كونهما جملة فعلية والباء فى الموضعين متعلقة بما قبلها والجملة الاستفهامية قائمة مقام المفعول ونسبة الخير الى الله تعالى دون الشر من الآداب الشريفة القرآنية كما فى قوله تعالى وإذا أمرضت فهو يشفين ونظائره قال صاحب الانتصاب ومن عقائد الجن ان الهدى والضلال جميعا من خلق الله تعالى فتأدبوا من نسبة الرشاد اليه وجعلوا الشر مضمر الفاعل فجمعوا بين حسن الاعتقاد والأدب وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ اى الموصوفون بصلاح الحال فى شأن أنفسهم وفى معاملتهم مع غيرهم او ما يكون الى الخير والصلاح حسبما تقتضية الفطرة السليمة لا الى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة والقصر ادعائى كأنهم لم يعتدوا بصلاح غير ذلك البعض فالصالحون مبتدأ ومنا خبره المقدم والجملة خبر ان ويجوز أن يكون الصالحون فاعل الجار والمجرور الجاري مجرى الظرف لاعتماده على المبتدأ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ اى قوم دون ذلك فى الصلاح فحذف الموصوف لانه يجوز حذف هذا الموصوف فى التفصيل بمن حتى قالوا مناظعن ومنا اقام يريدون منا فريق ظعن ومنا فريق أقام ودون ظرف وهم المقتصدون فى صلاح الحال على الوجه المذكور غير الكاملين فيه لا فى الايمان والتقوى كما توهم فان هذا بيان لحالهم قبل استماع القرآن كما يعرب به عنه قوله تعالى كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً واما حالهم بعد استماعه فسيحكى بقوله وانا لما سمعنا الهدى الى قوله وانا منا المسلمون اى كنا قبل هذا طرائق فى اختلاف الأحوال فهو بيان للقسمة المذكورة وقدر المضاف لامتناع كون الذوات طرائق قالوا فى الجن قدرية ومرجئة وخوارج وروافض وشيعية وسنية قال فى المفردات جمع الطريق طرق وجمع الطرق طرائق والظاهر أن الطرائق جمع طريقة كقصائد جمع قصيدة ثم قال وقوله تعالى كنا طرائق قددا اشارة الى اختلافهم فى درجاته كقوله هم درجات والطريق الذي يطرق بالأرجل اى يضرب ومنه استعير كل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان او مذموما وقيل طريقة من النخل تشبيها بالطريق فى الامتداد والقد قطع الشيء طولا والقد المقدود ومنه قيل لقامة الإنسان قد كقولك تقطيعة والقدة كالقطعة يعنى انها من القد كالقطعة من القطع وصفت الرائق بالقدد لدلالتها على معنى التقطع والتفرق وفى القاموس القدة الفرقة من الناس هوى كل واحد على حدة ومنه كنا طرائق قددا اى فرقا مختلفة أهواؤها وقد تعددوا قال القاشاني وانا منا الصالحون كالقوى المدبرة لنظام المعاش وصلاح البدن ومنادون ذلك من المفسدات كالوهم والغضب والشهوة والمعاملة بمقتضى هوى النفس والمتوسطات كالقوى النباتية الطبيعية كنا ذوى مذاهب مختلفة لكل طريقة ووجهة مما عينه الله ووكله به قال بعض المفسرين المراد بالصالحين السابقون بالخيرات وبما دون ذلك اى أدنى مكان منهم المقتصدون الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا واما الظالمون لانفسهم فمندرج فى قوله تعالى كنا طرائق قددا فيكون تعميما بعد تخصيص على الاستئناف ويحتمل أن يكون

[سورة الجن (72) : الآيات 12 إلى 14]

دون بمعنى غير فيندرج القسمان الأخيران فيه وَأَنَّا ظَنَنَّا اى علمنا الآن بالاستدلال والتفكر فى آيات الله فالظن هنا بمعنى اليقين لان الايمان لا يحصل بالظن ولان مقصودهم ترغيب أصحابهم وترهيبهم وذا بالعلم لا بالظن كما قال عليه السلام انا النذير العريان أَنْ اى ان الشان لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ عن إمضاء ما أراد بنا كائنين فِي الْأَرْضِ أينما كنا من أقطارها فقوله فى الأرض حال من فاعل نعجز والاعجاز عاجز كردن وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً قوله هربا حال من فاعل لن نعجز اى هاربين من الأرض الى السماء والى الجار والى جبل قاف أو لن نعجزه فى الأرض ان أراد بنا أمرا ولن نعجزه هرن ان طلبنا فالفرار من موضع الى موضع وعدمه سيان فى أن شيأ منهما لا يفيد فواتنا منه ولعل الفائدة فى ذكر الأرض حينئذ الاشارة الى انها مع سعتها وانبساطها ليست منجى منه تعالى ولا مهربا وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى اى القرآن الذي يهدى للتى هى أقوم آمَنَّا بِهِ من غير تأخير وتردد فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ وبما أنزله من الهدى فَلا يَخافُ اى فهو لا يخاف فالكلام فى تقدير مبتدأ وخبر ولذلك دخلت الفاء ولولا ذلك القيل لا يخف وفائدة رفع الفعل ووجوب إدخال الفاء انه دال على تحقيق ان المؤمن ناج لا محالة وانه المختص بذلك دون غيره بَخْساً اى نقصا فى الجزاء وَلا رَهَقاً ولا أن ترهقه ذلة وتغشاه او جزاء بخس ولا رهق اى ظلم إذ لم يبخس أحدا حقا ولا رهق اى ظلم أحدا فلا يخاف جزاءهما وفيه دلالة على ان من حق من آمن بالله أن يجتنب المظالم ومنه قوله عليه السلام المؤمن من امنه الناس على أنفسهم وأموالهم قال الواسطي رحمه الله حقيقة الايمان ما أوجب الامان فمن بقي فى مخاوف المرتابين لم يبلغ الى حقيقة الايمان وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ اى بعد استماع القرآن وَمِنَّا الْقاسِطُونَ الجائرون عن طريق الحق الذي هو الايمان والطاعة فالقاسط الجائر لانه عادل عن الحق والمقسط العادل لانه عادل الى الحق يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل وقد غلب هذا الاسم اى القاسط على فرقة معاوية ومنه الحديث خطابا لعلى رضى الله عنه (تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) فالناكثون اصحاب عائشة رضى الله عنها فانهم الذين نكثوا البيعة اى نقضوها واستنزلوا عائشة وساروا بها الى البصرة على جمل اسمه عسكر ولذا سميت الوقعة يوم الجمل والقاسطون اصحاب معاوية لانهم قسطوا اى جاروا حين حاربوا لامام الحق والوقعة تعرف بيوم صفين والمارقون الخوارج فانهم الذين مرقوا اى خرجوا من دين الله واستحلوا القتال مع خليفة رسول الله عليه السلام وهم عبد الله ابن وهب الراسى وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية وتعرف تلك الواقعة بيوم النهروان هى من ارض العراق على اربعة فراسخ من بغداد فَمَنْ أَسْلَمَ پس هر كه كردن نهاد. امر خدايرا همچنانچهـ ما كرده ايم قال سعدى المفتى يجوز أن يكون من كلام الجن ويجوز أن يكون مخاطبة من الله لرسوله ما فيما بعده من الآيات فَأُولئِكَ اشارة الى من اسلم والجمع باعتبار المعنى تَحَرَّوْا التحري فى الأصل طلب الأحرى والأليق قولا او فعلا اى طلبوا وقصدوا رَشَداً يقال رشد كنصر وفرح رشد او رشد إرشادا اهتدى كما فى القاموس

[سورة الجن (72) : الآيات 15 إلى 19]

اى اهتداء عظيما الى طريق الحق والصواب يبلغهم الى دار الثواب فتحرى الرشد مجاز عن ذلك بعلاقة السببية وبالفارسية قصد كرده اند راه راست واز ان بمقصد خواهند رسيد. ودل على ان للجن ثوابا على أعمالهم لانه ذكر سبب الثواب وموجبه وقد سبق تحقيقه أَمَّا الْقاسِطُونَ الجائرون عن سنن الهدى كانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً الحطب ما بعد للايقاد اى حطبا توقد بهم كما توقد بكفرة الانس (روى) ان الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول فى قال انك قاسط عادل فقال الحاضرون ما احسن ما قال حسبوا انه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج يا جهلة جعلنى جاهلا كافرا وتلا قوله تعالى واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا وقوله تعالى ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وأسند بعضهم قول سعيد الى امرأة كما قال فى الصحاح ومنه قول تلك المرأة للحجاج انك قاسط عادل فيحتمل التوارد وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا ان مخففة من الثقيلة والجملة معطوفة قطعا على انه استمع والمعنى واوحى الى ان الشان لو استقام الجن او الانس او كلاهما عَلَى الطَّرِيقَةِ التي هى ملة الإسلام لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً الاسقاء والسقي بمعنى وقال الراغب السقي والسقيا هو أن تعطيه ماء ليشرب والاسقاء أن تجعل له ذلك له حتى يتناوله كيف شاء كما يقال أسقيته نهرا فالاسقاء ابلغ وغدق من باب علم إذا غزر وصف الماء به للمبالغة فى غزارته كرجل عدل وتخصيص الماء الكثير بالذكر لانه اصل السعة وان كان اصل المعاش هو اصل الماء لاكثرته ولعزة وجوده بين العرب قال عمر رضى الله عنه أينما كان الماء كان العشب وأينما كان العشب كان المال وأينما كان المال كانت الفتنة والمعنى لا عطيناهم مالا كثيرا وعيشا رغدا ووسعنا عليهم الرزق فى الدنيا وبالفارسية هر آيينه بدهيم ايشان را آب بسيار بعد از تنك سالى يعنى روزى بر ايشان فراخ كردانيم. وفيه دلالة على ان الجن يأكلون ويشربون ولكن فيه تفصيل وقد سبق وقال بعض اهل المعرفة المراد بالاستقامة على الطريقة هو القيام على سبيل السنة والميل الى اهل الصلاح وبالاسقاء الافاضة على قلوبهم ماء الوداد لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ لنختبرهم فى ذلك الاسقاء والتوسيع كيف يشكرونه كما قال تعالى وبلوناهم بالحسنات او فى ذلك الماء والمآل واحد (وقال الكاشفى) تا بيازماييم ايشانرا در آن زندكانى كه بوظائف شكر چكونه قيام نمايند. وفيه اشارة الى ان المرزوق بالرزق الروحاني والغذاء المعنوي يجب عليه القيام بشكره ايضا وذلك بوظائف الطاعات وصنوف العبادات وضروب الخدمات وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ عن عبادته او عن موعظته او وحيه يَسْلُكْهُ يدخله عَذاباً صَعَداً اى شاقا صعبا يتصعد اى يعلوا لمعذب ويغلبه فلا يطيقه على انه مصدر وصف به للمبالغة يقال سلكت الخيط فى الابرة إذا أدخلته فيها اى يسلكه فى عذاب صعد كما قال ما سلككم فى سقر أي أدخلهم فيها فحذف الجار وأوصل الفعل ثم ان كان اعراضه بعدم التصديق عذابه بالتأبيد والا فبقدر جريمته ان لم يغفر له وروى ان صعدا جبل فى النار إذا وضع عليه يديه او رجليه ذابتا وإذا رفعهما عادتا وقال بعضهم صعدا جبل أملس فى جهنم ويكلف الوليد ابن المغيرة صعوده أربعين

[سورة الجن (72) : آية 18]

عاما فيجذب من أعلاه بالسلاسل فاذا انتهى الى أعلاه انحدر الى أسفله ثم يكلف ثانيا وهكذا يعذب ابدا وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ عطف على قوله انه استمع اى واوحى الى ان المساجد مختصة بالله تعالى وبعبادته خصوصا المسجد الحرام ولذلك قيل بيت الله فالمراد بالمساجد المواضع التي بنيت للصلاة وذكر الله ويدخل فيها البيوت التي يبنيها اهل الملل للعبادة نحو الكنائس والبيع ومساجد المسلمين ثم هذا لا ينافى ان تضاف المساجد وتنسب الى غيره تعالى بوجه آخر اما لبانيها كمسجد رسول الله او لمكانها كمسجد بيت المقدس الى غيره ذلك من ال اعتبارات وأعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع ثم مساجد البيوت فَلا تَدْعُوا اى لا تعبدوا فيها الفاء للسببية مَعَ اللَّهِ أَحَداً اى لا تجعلوا أحدا غير الله شريكا لله فى العبادة فاذا كان الإشراك مذموما فكيف يكون حال تخصيص العبادة بالغير (قال الكاشفى) پس مخوانيد در ان با خداى تعالى يكى را چنانچهـ يهود ونصارى در كنايس وصوامع خود عزير ومسيح را بالوهيت ياد ميكنند و چنانكه مشركان در حوالئ بيت الحرام ميكويند لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك تملكه وما ملك وكفته اند مراد از اين مساجد تمام روى زمينست كه مسجد حضرت سيد المرسلين است لقوله عليه السلام جعلت لى الأرض مسجدا وتربتها طهورا پس در هيچ بقعه با ياد خدا ياد ديكرى نيكو نباشد دلرا بجزا ز ياد خدا شاد مكن ... با ياد وى از كسى ديكر ياد مكن قال بعض العارفين انما تبرأ تعالى من الشريك لانه عدم والله وجود فتبرأ من العدم الذي لا يلحقه إذ هو واجب الوجود لذاته والله تعالى مع الخلق ما الخلق مع الله لانه تعالى يعلمهم وهم لا يعلمونه فهو تعالى معهم أينما كانوا فى طرفية أمكنتهم وأزمانهم وأحوالهم ما الخلق معه تعالى فانهم لا يعرفونه حتى يكونوا معه ولو عرفوه من طريق الايمان كانوا كالاعمى يعلم انه جليس زيد ولكن لا يراه فهو كأنه يراه بخلاف اهل المشاهدة فانه ذو بصر الهى فمن دعاء الله مع الله ما هو كمن دعاء الخلق مع الله هذا معنى فلا تدعوا مع الله أحدا ثم ان السجود وان كان لله لا يقع فى الحس أبدا الا لغير الله اى لجهة غير الله لان الله ليس بجهة بل هو بكل شىء محيط فما وقع من عبد سجود الا لغير الله لكن منه ما كان لغير الله عن امر الله كالسجود لآدم وهو مقبول ومنه ما كان عن غير امره كالسجود للاصنام وهو مردود وانما وضعت المساجد للتعظيم كما انه عينت القبلة للأدب يروى عن كعب انه قال انى لا جد فى التوراة ان الله تعالى يقول ان بيوتى فى الأرض المساجد وان المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر الله وحق على المزور ان يكرم زائره ومن هنا قالوا ان من دخل المسجد ينوى زيارة الله تعالى قال بعض اهل المعرفة ان مساجد القلوب لزوار تجلية فلا ينبغى ان يكون فيها ذكر غير الله قال بعضهم ان مساجد القلوب الصافية عن القاذورات مختصة بالله تعالى وبالتجليات الذاتية والصفاتية

[سورة الجن (72) : آية 19]

والاسمائية فلا تدعوا مع الله أحدا من الأسماء الجزئية اى طهروا مساجد قلوبكم لتجلى اسم الله الأعظم فيها لا غير وقال ابن عطاء مساجدك أعضاؤك التي أمرت ان تسجد عليها لا تخضعها ولا تذللها لغير خالقها وهى الوجه واليدان والركبتان والرجلان والحكمة فى إيجاب السجود على هذه الأعظم ان هذه الأعضاء التي عليها مدار الحركة هى المفاصل التي تنفتح وتنطبق فى المشي والبطش واكثر السعى ويحصل بها اجتراح السيئات وارتكاب الشهوات فشرع الله بها السجود للتكفير ومحو الذنب والتطهير وَأَنَّهُ من جملة الموحى به اى واوحى الى ان الشأن لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ اى النبي عليه السلام ولذا جعلو فى أسمائه لانه هو العبد الحقيقي فى الحقيقة المضاف الى اسم الله الأعظم فرقا وان كان هو المظهر له جمعا. ودر آثار آمده كه آن حضرت را عليه السلام هيچ نام ازين خوشتر نيامده چهـ شريطه عبادت وعبوديت بر وجهى كه آن حضرت قيام هيچكس را قدرت بر اقامت بر ان نبوده لاجرم در وقت عروج آن حضرت بر منازل ملكى باين اسم مذكور شد كه سبحان الذي اسرى بعبده وبهنگام نزول قرآن از مدارج فلكى او را يهمين نام ميكند كه تبارك الذي نزل الفرقان على عبده آن بنده شعار بندگى دوست ... كز جمله بندگان كزين اوست دادند ببند كيش راهى ... كانرا كه نديده هيچ شاهى وإيراده عليه السلام بلفظ العبد للاشعار بما هو المقتضى لقيامه وعبادته وهو العبودية اى كونه عبدا له وللتواضع لانه واقع موقع كلامه عن نفسه إذا التقدير وأوحى الى انى لما قمت وهذا على قراءة الفتح واما على قراءة نافع وأبى بكر فيتعين كونه للاشعار بالمقتضى وفيه تعريض لقريش بانهم سموا عبد ود وعبد يعوث وعبد مناف وعبد شمس ونحوها لا عبد الله وان من سمى منهم بعبد الله فانما هى من قبيل التسمية المجردة عن معانيها يَدْعُوهُ حال من فاعل قام اى يعبده وذلك قيامه لصلاة الفجر بنخلة كما سبق كادُوا اى قرب الجن يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً جمع لبدة بالكسر نحو قربة وقرب وهى ما تلبد بعضه على بعض اى تراكب وتلاصق ومنها لبدة الأسد وهى الشعر المتراكب بين كتفيه والمنى متراكمين يركب بعضهم بعضا ويقع من ازدحامهم على النبي عليه السلام تعجبا مما شاهدوا من عبادته وسمعوا من قراءته واقتداء أصحابه به قياما وقعودا وسجودا لانهم رأوا ما لم يروا مثله قبله وسمعوا مما لم يسمعوا بنظيره وعلى قراءة الكسر إذا جعل مقول الجن فضمير كادوا لاصحابه عليه السلام الذين كانوا مقتدين به فى الصلاة. يقول الفقير فى هذا المقام إشكال على القراءتين جميعا لان المراد ان كان ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما على ما ذهب اليه المفسرون فلا معنى للازدحام إذ كان الجن نخلة نفرا سبعة او تسعة ولا معنى لازدحام النفر القبائل مع سعة المكان وقرب القاري وانما وقع الازدحام فى الحجون بعد العود من نخلة على ما رواه ابن مسعود رضى الله عنه ولا مخلص الا بأن يقال لم يزالوا يدنون من جهة واحدة حتى كادوا يكونون عليه لبدا او بأن يتجوز فى النفر وحينئذ يبقى

[سورة الجن (72) : الآيات 20 إلى 25]

تعيين العدد على ما فعله بعضهم بلا معنى وان كان المراد ما ذهب اليه ابن مسعود رضى الله عنه ففيه ان ذلك كان بطريق المشاهدة على ما اسلفناه فى الأحقاف ولا معنى لاخباره بطريق الوحى على ما مضى فى أول السورة وايضا انه لم يكن معه عليه السلام إذ ذاك إلا نفر قليل من أصحابه بل لم يكن الا زيد ابن حارثة رضى الله عنه على ما فى انسان العيون فلا معنى للازدحام والله اعلم بمراده قُلْ إِنَّما أَدْعُوا اى اعبد رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ اى بربي فى العبادة أَحَداً فليس ذلك ببدع فلا مستنكر يوجب التعجب او الاطباق على عداوتى وهذا حالى فليكن حالكم ايضا كذلك قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لا أستطيع لَكُمْ ايها المشركون ضَرًّا وَلا رَشَداً كأنه أريد لا املك ضرا ولا نفعا ولا غيا ولا رشدا اى ليس هذا بيدي بل بيد الله تعالى فانه هو الضار النافع الهادي المضل فترك من كلا المتقابلين ما ذكر فى الآخر فالآية من الاحتباك وهو الحذف من كل ما يدل مقابلة؟؟؟ كليه وفى التأويلات النجمية اى من حيث وجوده المضاف اليه كما قال انك لا نهدى من أحببت واما من حيث وجوده الحق المطلق فانه يملك الضر والرشد كقوله وانك لتهدى الى صراط مستقيم قال القاشاني اى غيا وهدى انما الغواية والهداية من الله ان سلطنى عليكم تهتدوا بنوري والا بقيتم فى الضلال ليس فى قوتى ان اقسركم على الهداية قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي ينقذنى ويخلصنى مِنَ اللَّهِ من قهره وعذابه ان خالفت امره وأشركت به أَحَدٌ ان استنقذته او لن ينجينى منه أحد ان أرادنى بسوء قدره على من مرض او موت او غيرهما قال بعضهم هذه لفظة تدل على الإخلاص فى التوحيد إذا التوحيد هو صرف النظر الى الحق لا غير وهذا لا يصح الا بالإقبال على الله والاعراض عما سواه والاعتماد عليه دون ما عداه وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً يقال ألحد فى دين الله والتحد فيه اى مال عنه وعدل ويقال للملجأ الملتحد لان اللاجئ يميل اليه والمعنى ولن أجد عند الشدائد ملتجأ غيره تعالى وموئلا ومعد فلا ملجأ ولا موئل ولا معدل الا هو وهذا بيان لعجزه عليه السلام عن شؤون نفسه بعد بيان عجزه عن شؤون غيره اى وإذ لا املك لنفسى شيأ فكيف املك لكم شيأ إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ استثناء متصل من قوله لا املك اى من مفعوله فان التبليغ ارشاد ونفع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفى الاستطاعة عن نفسه فلا يضر طول الفصل بينهما وفائدة الاستثناء المبالغة فى توصيف نفسه بالتبليغ لدلالته على انه لا يدع التبليغ الذي يستطيعه لتظاهرهم على عداوته وقوله من الله صفة بلاغا اى بلاغا كائنا منه وليس متعلقا بقوله بلاغا لان صلة التبليغ فى المشهور انما هى كلمة عن دون من وبلاغا واقع موقع التبليغ كما يقع السلام والكلام موقع التسليم والتكليم او استثناء من قوله لمتحدا اى لن أجد من دونه تعالى منجى الا ان ابلغ عنه ما أرسلني به فهو حينئذ منقطع فان البلوغ ليس ملتحدا من دون الله لانه من الله وبإعانته وتوفيقه وَرِسالاتِهِ عطف على بلاغا بإضمار المضاف وهو البلاغ اى لا املك لكم الا تبليغا كائنا منه تعالى وتبليغ رسالاته التي أرسلني بها يعنى الآن ابلغ عن الله وقول قال الله كذا ناسبا للمقالة اليه وان

[سورة الجن (72) : الآيات 24 إلى 25]

ابلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان وقال سعدى المفتى لعل المراد من بلاغا من الله ما هو ما يأخذه منه تعالى بلا واسطة ومن رسالاته ما هو بها انتهى والمراد بالرسالة هو ما أرسل الرسول به من الأمور والاحكام والأحوال لا معنى المصدر والظاهر أن المراد الا التبليغ والرسالة من الله تعالى وجمع الرسالة باعتبار تعدد ما أرسل هو به وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى الأمر بالتوحيد بأن لا يمتثل أمرهما به ودعوتهما اليه فيشرك به إذ الكلام فيه وهو يصلح ان يكون مخصصا للعموم فلا متمسك للمعتزلة فى الآية على تخليد عصاة المؤمنين فى النار فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها اى فى النار أو فى جهنم والجمع باعتبار المعنى أَبَداً بلا نهاية فهو دفع لان يراد بالخلود المكث الطويل حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ غاية لمحذوف يدل عليه الحال من استضعاف الكفار لا نصاره عليه السلام ولاستقلالهم لعددهم حتى قالوا هم بالاضافة إلينا كالحصاة من جبال كأنه قيل لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا رأوا ما يوعدون من فنون العذاب فى الاخرة فَسَيَعْلَمُونَ حينئذ عند حلوله بهم مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً اى فسيعلمون الذي هو أضعف واقل أهم أم المؤمنون فمن موصولة وأضعف خبر مبتدأ محذوف ويجوز ان تكون استفهامية مرفوعة بالابتداء وأضعف خبره والجملة فى موضع نصب سدت مسد مفعولى العلم وناصرا وعددا منصوبان على التمييز وحمل بعضهم ما توعدون على ما رأوه يوم بدر وأيا ما كان ففيه دلالة على ان الكفار مخذولون فى الدنيا والآخرة وان كثروا عددا وقورا جسدا لان الكافرين لا مولى لهم وان المؤمنين منصورون فى الدارين وان قلوا عددا وضعفوا جسدا لان الله مولاهم والواحد على الحق هو السود الأعظم فان نصره ينزل من العرش قال الحافظ تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بي منت سپاهى قُلْ إِنْ أَدْرِي اى ما أدرى لان ان نافية أَقَرِيبٌ خبر مقدم لقوله ما تُوعَدُونَ ويجوز ان يكون ما توعدون فاعلا لقريب سادا مسد الخبر لوقوعه بعد الف الاستفهام وما موصولة والعائد محذوف اى أقريب الذي توعدونه نحو أقائم الزيدان أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً اى غاية تطول مدتها والأمد وان كان يطلق على القريب ايضا الا ان المقابلة تخصصه بالبعيد والفرق بين الزمان والأمد أن الأمد يقال باعتبار الغاية ولزمان عام فى المبدأ والغاية والمعنى ان الموعود كائن لا محالة واما وقته فما أدرى متى يكون لان الله لم يبينه لما رأى فى إخفاء وقته من المصلحة وهو رد لما قاله المشركون عند سماعهم ذلك متى يكون الموعود إنكارا له واستهزاء فان قيل أليس قال عليه السلام بعثت أنا والساعة كهاتين فكان عالما بقرب وقوع القيامة فكيف قال هاهنا لا أدرى أقريب أم بعيد والجواب ان المراد بقرب وقوعه هو ان ما بقي من الدنيا اقل ممن انقضى فهذا القدر من القرب معلوم واما قربه بمعنى كونه بحيث يتوقع فى كل ساعة فغير معلوم على ان كل آت قريب ولذا قال تعالى أتى امر الله فلا تستعجلوه وقال كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار وذلك بالموت

[سورة الجن (72) : الآيات 26 إلى 28]

للمتقدمين ووقوع عين القيامة للمتأخرين كما أوعد نوح عليه السلام بالطوفان فلم يدركه بعضهم بل هلك قبله وغرق فى طوفان الموت وبحر البلاء قال بعض اهل المعرفة قل ان أدرى أقريب ما توعدون فى القيامة الصغرى من الفناء الصوري والموت الطبيعي الاضطراري والدخول فى نار الله الكبرى عند البعث لعدم الوقوف على قدر الله او فى الكبرى من الموت لارادى والفناء الحقيقي لعدم الوقوف على قوة الاستعداد فيقع عاجلا أم ضرب الله غاية وأجلا عالِمُ الْغَيْبِ وحده وهو خبر مبتدأ محذوف اى هو عالم لجميع ما غاب عن الحس على ان اللام للاستغراق والجملة استئناف مقرر لما قبله من عدم الدراية فَلا يُظْهِرُ آگاه نكند عَلى غَيْبِهِ أَحَداً الفاء لترتيب عدم الإظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب على الإطلاق اى فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين أحد من خلقه إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ الارتضاء پسنديدن وأصله تناول مرضى الشيء اى الا رسولا ارتضاه واختاره لا ظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما اما لكونه من مبادى رسالته بان يكون معجزة دالة على صحتها واما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية التي امر بها المكلفون وكيفيات أعمالهم واجزيتها المترتبة عليها فى الآخرة وما تتوقف هى عليه من احوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة والبعث وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة واما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة فلا يظهر عليه أحدا أبدا على ان بيان وقته مخل بالحكمة التشريعية التي عليها يدور فلك الرسالة وليس فيه ما يدل على نفى كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف فان اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا ولا يدعى أحد لاحد من الأولياء ما فى مرتبة الرسل من الكشف الكامل الحاصل بالوحى الصريح بل اطلاعهم بالأخبار الغيبى والتلقف من الحق فيدخل فى الرسول وارثه قال الجنيد قدس سره قعد على غلام نصرانى متنكرا وقال أيها الشيخ ما معنى قوله عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم اسلم فقد حان وقت إسلامك فأسلم الغلام فهذا اما بطريق الفراسة او بغيرها من انواع الكشوف وخرج من البين اهل الكهانة والتنجيم لانهم ليسوا من اهل الارتضاء والاصطفاء كالانبياء والأولياء فليس اخبارهم بطريق الإلهام والكشف بل بالأمارات والظنون ونحوها ولذا لا يقع أكثرها الا كاذبا ومن قال أنا اخبر من اخبار الجن يكفر لان الجن كالانس لا تعلم غيبا وقد سبق ان الكهانة انقطعت اليوم فلا كهانة أبدا لان الشياطين منعوا من السماء قال ابن الشيخ انه تعالى لا يطلع على الغيب الذي يختص به علمه الا المرتضى الذي يكون رسولا وما لا يختص به يطلع عليه غير الرسول اما بتوسط الأنبياء او بنصب الدلائل وترتيب المقدمات او بأن يلهم الله بعض الأولياء وقوع بعض المغيبات فى المستقبل بواسطة الملك فليس مراد الله بهذه الآية ان لا يطلع أحدا على شىء من المغيبات الا الرسل لظهور أنه تعالى قد يطلع على شىء

[سورة الجن (72) : آية 28]

من الغيب غير الرسل كما اشتهر ان كهنة فرعون أخبروا بظهور موسى عليه السلام وبزوال ملك فرعون على يده وان بعض الكهنة أخبروا بظهور نبينا محمد عليه السلام قبل زمان ظهوره ونحو ذلك من المغيبات وكانوا صادقين فيه وارباب الملل والأديان مطبقون على صحة علم التعبير والمعبر قد يخبر عن وقوع الوقائع الآتية فى المستقبل ويكون صادقا فيه ثم الآية نظير قوله تعالى وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء فَإِنَّهُ يَسْلُكُ پس بدرستى كه در مى آرد خداى تعالى يعنى ميسازد. وبالعربية يدخل ويثبت مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ اى قدام الرسول المرتضى وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال فى القاموس الرصد محركة الراصدون اى الراقبون بالفارسية نكهبانان. يقال للواحد والجماعة كما فى المفردات وهو تقرير وتحقيق للاظهار المستفاد من الاستثناء وبيان لكيفيته اى فانه تعالى يسلك من جميع جوانب الرسول عند إظهاره على غيبه حرسا من الملائكة يحرسونه من بعض الشياطين لما أظهره عليه من الغيوب المتعلقة برسالته يعنى ان جبريل كان إذا نزل بالرسالة نزل معه ملائكة يحفظونه من ان يسمع الجن الوحى فيلقونه الى كهنتهم فتخبر به الكهنة قبل الرسول فيختلط على الناس امر الرسالة قال القاشاني الا من ارتضى من رسول اى أعده فى الفطرة الاولى وزكاء وصفاء من رسول القوة القدسية فانه يسلك من بين يديه اى من جالبه الإلهي ومن خلفه اى ومن جهته البدنية رصدا حفظة اما من جهة الله التي إليها وجهه فروح القدس والأنوار الملكوتية والربانية واما من جهة البدن فالملكات الفاضلة والهيئات النورية الحاصلة من هياكل الطاعات والعبادات يحفظونه من تخبيط الجن وخلط كلامهم من الوساوس والأوهام والخيالات بمعارفها اليقينية ومعانيها القدسية والواردات المغيبية والكشوف الحقيقية لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ متعلق بيشك غاية له من حيث انه مترتب على الإبلاغ المترتب عليه إذا لمراد به العلم المتعلق بالابلاغ الموجود بالفعل وان مخففة من الثقيلة واسمها الذي هو ضمير الشأن محذوف والجملة خبرها والإبلاغ الإيصال وبالفارسية رسانيدن. ورسالات ربهم عبارة عن الغيب الذي أريد اظهار المرتضى عليه والجمع باعتبار تعدد افراده وضمير أبلغوا اما للرصد فالمعنى انه تعالى يسلكهم من جميع جوانب المرتضى ليعلم ان الشأن قد أبلغوا رسالات ربهم سالمة عن الاختطاف والتخليط علما مستتبعا للجزاء وهو أن يعلمه موجودا حاصلا بالفعل كما فى قوله تعالى حتى نعلم المجاهدين منكم والغاية فى الحقيقة هو الإبلاغ والجهاد وإيراد علمه تعالى لابراز اعتنائه تعالى بأمرهما ولاشعار بترتيب الجزاء عليهما والمبالغة فى الحث عليهما والتحذير من التفريط فيهما واما لمن ارتضى والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين السابقين باعتبار لفظها فالمعنى ليعلم انه قد ابلغ الرسل الوحى إليهم رسالات ربهم الى أممهم كما هى من غير اختطاف ولا تخليط بعد ما أبلغها الرصد إليهم كذلك وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ اى بما عند الرصد او الرسل حال عن فاعل يسلك بإضمار قد او بدونه على الخلاف المشهور جيئ بها التحقيق استغنائه تعالى اى وقد أحاط بما لديهم من الأحوال جميعا وَأَحْصى علم علما بالعالي حد الإحاطة تفصيلا وبالفارسية وشمرده است كُلَّ شَيْءٍ مما كان

تفسير سورة المزمل

وما سيكون عَدَداً اى فردا فردا فكيف لا يحيط بما لديهم قال القاسم هو أوجدها فأحصاها عددا وقال ابن عباس رضى الله عنهما احصى ما خلق وعرف عدد ما خلق لم يفته علم شىء حتى مثاقيل الذر والخردل (قال الكاشفى) مراد كمال علم است وتعلق آن بجميع معلومات يعنى معلومى مطلقا از دائره علم او خارج نيست هر چهـ دانستنى است در دو جهان ... نيست از علم شاملش پنهان قوله عددا تمييز منقول من المفعول به كقوله وفجرنا الأرض عيونا والأصل احصى عدد كل شىء وفائدته بيان ان علمه تعالى بالأشياء ليس على وجه كلى اجمالى بل على وجه جزئى تفصيلى فان الإحصاء قد يراد به الإحاطة الاجمالية كما فى قوله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها اى لا نقدروا على حصرها اجمالا فضلا عن التفصيل وذلك لان اصل الإحصاء ان الحاسب إذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد كالعشرة والمائة والالف وضع حصاة ليحفظ بها كمية ذلك العقد فيبنى على ذلك حسابه وهذه الآية مما يستدل به على ان المعدوم ليس بشئ لانه لو كان شيأ لكانت الأشياء غير متناهية وكونه احصى عددها يقتضى كونها متناهية لان إحصاء العدد انما يكون فى المتناهي فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية وذلك محال فوجب القطع بأن المعدوم ليس بشئ حتى يندفع هذا التناقض والتنافي كذا فى حواشى ابن الشيخ رحمه الله تمت سورة الجن بعون ذى الطول والمن فى عصر الثلاثاء السابع من ذى القعدة من شهور سنة ست عشرة ومائة وألف تفسير سورة المزمل وآيها تسع عشرة او عشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ اى المزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها وتغطى فأدغم التاء فى الزاى فقيل المزمل بتشديدين كان عليه السلام نائما بالليل متزملا فى قطيفة اى دثار مخمل فأمر أن يترك التزمل الى التشمر للعبادة ويختار التهجد على الهجود وقال ابن عباس رضى الله عنهما أول ما جاءه جبريل خافه فظن ان به مسا من الجن فرجع من جبل حرآء الى بيت خديجة مرتعدا وقال زملونى فبينما هو كذلك إذ جاء جبريل وناداه وقال يايها المزمل وعن عكرمة ان المعنى يا أيها الذي زمل امرا عظيما اى حمله والزمل الحمل وازدمله احتمله قال السهيلي رحمه الله ليس المزمل من أسمائه عليه السلام التي يعرف بها كما ذهب اليه بعض الناس وعده فى أسمائه وانما المزمل مشتق من حالته التي كان عليها حين الخطاب وكذا المدثر وفى خطابه بهذا الاسم فائدتان إحداهما الملاطفة فان العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك الماتبة سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها كقول النبي عليه السلام لعلى رضى الله عنه حين غاضب فاطمة رضى الله عنها اى أغضبها وأغضبته فأتاه وهو نائم قد لصق بجنبه التراب فقال له قم يا أبا تراب اشعارا بأنه غير عاتب عليه وملاطفة له وكذلك قوله عليه السلام لحذيفة رضى

[سورة المزمل (73) : الآيات 2 إلى 4]

الله عنه قم يا نومان وكان نائما ملاطفة واشعارا بترك العتب والتأديب فقول الله تعالى لمحمد عليه السلام يا ايها المزمل تأنيس وملاطفة ليستشعر انه غير عاتب عليه والفائدة الثانية التنبيه لكل متزمل راقد ليله لينتبه الى قيام الليل وذكر الله فيه لان الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل بذلك العمل واتصف بتلك الصفة انتهى وفى فتح الرحمن الخطاب الخاص بالنبي عليه السلام كأيها المزمل ونحوه عام للامة الا بدليل يخصه وهذا قول احمد والحنفية والمالكية وقال اكثر الشافعية لا يعمهم الا بدليل وخطابه عليه السلام لواحد من الامة هل يعم غيره قال الشافعي والحنفية والأكثر لا يعم وقال أبو الخطاب من ائمة الحنابلة ان وقع جوابا عم والا فلا قُمِ اللَّيْلَ بكسر الميم لالتقاء الساكنين اى لا تتزمل وترقد ودع هذه الحال لما هو أفضل منها وقم الى الصلاة فى الليل فانتصاب الليل على الظرفية وان استغرق الحدث الواقع فيه فحذف فى وأوصل الفعل اليه فنصب لان عمل الجر لا يكون فى الفعل والنصب اقرب اليه من الرفع ومن ذلك قال بعضهم هو مفعول نظرا الى الظاهر فى الاستعمال ومن ذلك فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقوله لينذر يوم التلاق فى أحد الوجهين كما سبق ومثله الاحياء فى قوله من احيى ليلة القدر ونحوه فان الاحياء وان كان واقعا على الليل فى الظاهر لكن المراد به احياء الصلاة والذكر فى الليل واستعمالهما وحد الليل من غروب الشمس الى طلوع الفجر قال بعض العارفين ان الله اشتقاق الى مناجاة حبيبه فناداه أن يقوم فى جوف الليل وقد قالوا ان القيام والمناجاة ليسا من الدنيا بل من الجنة لما يجده اهل الذوق من الحلاوة إِلَّا قَلِيلًا استثناء من الليل نِصْفَهُ بدل من الليل الباقي بعد الثنيا بدل الكل والنصف أحد شقى الشيء اى قم نصفه والتعبير عن النصف المخرج بالقليل لاظهار كمال الاعتداد بشأن الجزء المقارن للقيام والإيذان بفضله وكون القيام فيه بمنزلة القيام فى أكثره فى كثرة الثواب يعنى انه يجوز أن يوصف النصف المستثنى بكونه قليلا بالنسبة الى النصف المشغول بالعبادة مع انهما متساويان فى المقدار من حيث ان النصف الفارغ لا يساويه بحسب الفضيلة والشرف فالاعتبار بالكيفية لا بالكمية وقال بعضهم ان القلة فى النصف بالنسبة الى الكل لا الى العديل الآخر والا لزم أن يكون أحد النصفين المساويين اقل من الآخر وفيه انه من عرائه عن الفائدة خلاف الظاهر كما فى الإرشاد أَوِ انْقُصْ مِنْهُ اى انقص القيام من النصف المقارن له الى الثلث قَلِيلًا اى نقصان قليلا او مقدارا قليلا بحيث لا ينحط الى نصف الليل أَوْ زِدْ عَلَيْهِ اى زد القيام على النصف المقارن له الى الثلثين فالمعنى تخييره عليه السلام بين أن يقوم نصفه او اقل منه او اكثر اى قم الى الصلاة فى الزمان المحدود المسمى بالليل الا فى الجزء القليل منه وهو نصفه او انقص القيام من نصفه او زد عليه قيل هذا التخيير على حسب طول الليالى وقصرها فالنصف إذا استوى لليل والنهار والنقص منه إذا اقصر الليل والزيادة عليه إذا طال الليل وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ فى أثناء مذكر من القيام اى اقرأه على تؤدة وتبيين حروف وبالفارسية وقرآنرا كشاده حروف خوان بحديكه بعضى آن بر پى بعضى باشد تَرْتِيلًا بليغا بحيث يتمكن السامع

من عدها ولذا نهى ابن مسعود رضى الله عنه عن التعجل وقال ولا يكن هم أحدكم آخر السورة يعنى لا بد للقارئ من الترتيل ليتمكن هو ومن حضره من التأمل فى حقائق الآيات فعند الوصول الى ذكر الله يستشعر عظمته وجلاله وعند الوصول الى الوعد والوعيد يقع فى الرجاء والخوف وليسلم نظم القرآن من الخلل والرتل انساق الشيء وانتظامه على استقامة والترتيل هويدا كردن سخن بي تكلف. قال فى الكشاف ترتيل القرآن قراءته على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف وإشباع الحركات حتى يجيئ المتلو منه شبيها بالثغر المرتل وهو المفلج المشبه بنور الا قحوان وأن لا يهزه هزا ولا يسرده سردا كما قال عمر رضى الله عنه شر السير الحقيقة وشر القراءة الهذرمة حتى يجيئ المتلو فى تتابعه كالثغر الالص والأمر بترتيل القرآن يشعر بأن الأمر بقيام الليل نزل بعد ما تعلم عليه السلام مقدارا منه وان قل وقوله انا سنلقى على الاستقبال بالنسبة الى بقية القرآن ثم الظاهر ان الأمر به يعم الامة لانه امر مهم للكل والأمر للوجوب كما دل عليه التأكيد او للندب وكانت قراءته عليه السلام مدايمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم اما الأولان فمدهما طبيعى قدر الالف واما الأخير فمده عارضى بالسكون فيجوز فيه ثلاثة أوجه الطول وهو مقدار الفات ثلاث والتوسط قدر الفين والقصر قدر الف وكان عليه السلام مجودا للقرءآن كما انزل وتجويده تحسين ألفاظه بإخراج الحروف من مخارجها وإعطاء حقوقها من صفاتها كالجهر والهمس واللين ونحوها وذلك بغير تكلف وهو ارتكاب المشقة فى قراءته بالزيادة على أداء مخرجه والمبالغة فى بيان صفته فينبغى أن يتحفظ فى الترتيل عن التمطيط وهو التجاوز عن الحد وفى الحدر عن الادماع والتخليط بان تكون قراءته بحال كأنه يلف بعض الحروف والكلمات فى بعض آخر لزيادة الشرعة وذلك ان القراءة بمنزلة البياض ان قل صار سمرة وان كثر صار برصا وما فوق الجعودة فهو القطط فما كان فوق القراءة فليس بقراءة فعلم من هذا ان التجويد على ثلاث مراتب ترتيل وحدر وتدوير اما الترتيل فهو تؤدة وتأن وتمهل قال فى القاموس ورتل الكلام ترتيلا احسن تأليفه وترتل فيه ترسل انتهى وهو مختار ورش وعاصم وحمزة ويؤيده قوله عليه السلام من قرأ القرآن اقل من ثلاث لم يفهمه وفى قوت القلوب أفضل القراءة الترتيل لان فيه التدبر والتفكر وأفضل الترتيل والتدبر للقرءآن ما كان فى صلاة وعن ابن عباس رضى الله عنهما لأن اقرأ البقرة ارتلها وأتدبرها أجب الى من أن اقرأ القرآن كله هذرمة اى سرعة وعن النبي عليه السلام انه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم قرأها عشرين مرة وكان له كل مرة فهم وفى كل كلمة علم وقد كان بعضهم يقول كل آية لا أفهم ولا يكون قلبى فيها لم أعدلها ثوابا وكان بعض السلف إذا قرأ سورة لم يكن قلبه أعادها ثانية قال بعض العلماء لكل آية ستون الف فهم وما بقي من فهمها اكثر قال مالك بن دينار رحمه الله إذا قام العبد يتهجد من الليل ويرتل القرآن كما أمر قرب الجبار منه قال وكانوا يرون ان ما يجدونه فى قلوبهم من الرقة والحلاوة وتلك الفتوح والأنوار من قرب الرب من القلب وفى الحديث

(يؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة فيوقف فى أول درج الجنة ويقل اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا فان منزلتك عند آخر آية تقرأها) ولكون المقصود من انزل القرآن فهم الحقائق والعمل بالفحاوى شرع الإنصات لقرآءة القرآن وجوبا فى الصلاة وندبا فى غيرها وللقارئ اجر وللمستمع أجران لانه يسمع وينصت او يسمع بأذنيه يقرأ بلسان واحد والمستمع يؤدى القرض ولذا قالوا استماعه اثوب من تلاوته (وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى) صرف او كن حواس جسمانى ... وقف او كن قواى روحانى دل بمعنى زبان بلفظ سپار ... چشم بر خط ونقط وعجم كذار كوش ازو معدن جواهر كن ... هوش ازو مخزن سرآئر كن در ادايش مكن زبان كج مج ... حرفهايش إذا كن از مخرج دور باش از تهتك وتعجيل ... كام كير از تأمل وترتيل واما الحدر فهو الاسراع فى القراءة كما روى انه ختم القرآن فى ركعة واحدة اربعة من الامة عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد ابن جبير وابو حنيفة رضى الله عنهم وكان همسر بن المنهال يختم فى الشهر تسعين ختمة وما لم يفهم رجع فقرأ مرة اخرى وفى القاموس وأبو الحسن على بن عبد الله بن سادان بن البتنى كعربى مقرئ ختم فى النهار اربع ختمات إلا ثمنا مع فهام التلاوة انتهى. واما ما روى فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من أكابر اصحاب الشيخ ابى مدين رضى الله عنه من ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين ألف ختمة فمعناه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتي عشرة ساعة خمصة وثلاثون ألف ختمة لانها اما أن تنبسط الى ثلاث وأربعين سنة وتسعة أشهر واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة أشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة أيامها وليالها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه بأقل من ذلك باعتبار سرعة القارئ وهذا اى الحدر مختار ابن كثير وأبى عمرو وقالون ... واما التدوير فهو التوسط بين الترتيل والحدر وهو مختار ابن عامر والكسائي وهذا كله انما يتصور فى مراتب الممدود وفى الحديث (رب قارئ للقرءآن والقرآن يلعنه) وهو متناول لمن يخل بمبانيه او معانيه او بالعمل بما فيه وذلك موقوف على بيان اللحن وهو انه جلى وخفى فالجلى خطأ يعرض للفظ ويخل بالمعنى بأن يدل حرفا مكان حرف بأن يقول مثلا الطالحات بدل الصالحات وبالاعراب كرفع المجرور ونصبه سوآء تغير المعنى به أم لا كما إذا قرأ ان الله بريئ من المشركين ورسوله بجر رسوله والخفي خط يخل بالعرف والضابطة كترك الإخفاء والإدغام والإظهار والقلب وكترقيق المفخم وعكسه ومد المقصور وقصر الممدود وأمثال ذلك ولا شك ان هذا النوع مما ليس بفرض عين يترتب عليه العقاب الشديد وانما فيه التهديد وخوف العقاب قال بعضهم اللحن الخفي الذي لا يعرفه الا مهرة القراء من تكرير الراءات وتطنين النونات وتغليظ اللامات وترقيق الراءات فى غير

محلها لا يتصور أن يكون من فرض العين يترتب عليه العقاب على فاعلها لما فيه من حرج ولا يكلف الله نفسا الا وسعها وفى بعض شروح الطريقة ومن الفتنة ان يقول لأهل القرى والبوادي والعجائز والعبيد والإماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد وهم لا يقدرون على التجويد فيتركون الصلاة رأسا فالواجب أن يعلم مقدار ما يصح به النظم والمعنى ويتوغل فى الإخلاص وحضور القلب لعنت است اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت لعنت است اين كه سازدت بي سيم ... روز وشب با امير وخواجه نديم لعنت است اين كه همت تو تمام ... كنت مصروف لفظ وحرف وكلام نقد عمرت ز فكرت معوج ... خرج شد در رعايت مخرج صرف كردى همه حيات سره ... در قراءات سبعه وعشره همچنين هر چهـ از كلام خدا ... جز خدا قبله دلست ترا موجب لعن ومايه طردست ... حبذا مقبلى كه زان فردست معنئ لعن چيست مردودى ... بمقامات بعد خشنودى هر كه ماند از خدا بيك سر مو ... آمد اندر مقام بعد حرو كر چهـ ملعون نشد ز حق مطلق ... هست ملعون بقدر بعد از حق روى ان عمر ان بن حصين رضى الله عنه مر على وقاص يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ القرآن فليسأل الله به فانه سيجيئ أقوام يقرأون القرآن يسألون به الناس انتهى فيكون إعطاء شىء إياه من قبيل الاعانة على المعصية كالاعطاء لسائل المسجد وهو يتخطى رقاب الناس ولا يدع السواك فى كل ما استيقظ من نوم الليل والنهار وفى الخبر طيبوا طرق القرآن من أفواهكم باستعمال السواك والصلاة بعد السواك تفضل على بغير سواك سبعين ضعفا وفى قوت القلوب وفى الجهر بالقرءان سبع نيات منها الترتيل الذي امر به ومنها تحسين الصوت بالقرءان الذي ندب اليه فى قوله عليه السلام زينوا القرآن بأصواتكم وفى قوله ليس منا من لم يتغن بالقرءان اى يحسن صوته وهو أحب من اخذه بمعنى الغنية والاكتفاء ومنها أن يسمع اذنيه ويوقظ قلبه ليتدبر الكلام ويتفهم المعاني ولا يكون ذلك كله الا فى الجهر ومنها أن يطرد النوم عنه برفع صوته ومنها أن يرجو يجهره يقظة نائم فيذكر الله فيكون هو سبب احيائه ومنها أن يره بطال غافل فينشط للقيام ويشتاق الى الخدمة فيكون هو معاونا له على البر والتقوى ومنها ان يكثر يجهره تلاوته ويدوم قيامه على حسب عادته للجهر ففى ذلك كثرة عمله فاذا كان القارئ على هذه النيات فجهره أفضل لان فيه أعمالا وانما يفضل العمل بكثرة النيات وكان اصحاب رسول الله عليه السلام إذا اجتمعوا أمروا أحدهم أن يقرأ سورة من القرآن وفى شرح الترغيب اختلف فى القراءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع

[سورة المزمل (73) : الآيات 5 إلى 9]

والتفهم وأباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشيه وفى أبكار الافكار انما استحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينه ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان أفرط حتى زاد حرفا او أخفاه فهو حرام وقال بعض اهل المعرفة قوله رتل اى اتل وجاءت التلاوة بمعنى الإبلاغ فى مواضع من القرآن فالمعنى بلغ احكام القرآن لاهل النفوس المتمردة المنحرفة عن الإقبال على الآخرة وهم العوام وهذا من قبيل الظهر كما قال عليه السلام ما من آية إلا ولها ظهر وبطن وحد ومطلع وفصل معانية لاصحاب القلوب المقبلة على المولى كما قال تعالى كتاب فصلت آياته وهم الخواص وهذا من قبيل البطن وفهم حقائقه لسدنة الاسرار المستهلكين فى عين المشاهدة المستغرقين فى بحر المعاينة وهم أخص الخواص وهذا من قبيل الحد وأوجد أسراره لارباب الأرواح الطاهرة الفانين عن ناسوتيتهم الباقين بلاهوتيته إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ اى سنوحى إليك وإيثار الإلقاء عليه لقوله تعالى قَوْلًا ثَقِيلًا وهو القرآن العظيم المنطوى على تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين وايضا ان القرآن قديم غير مخلوق والحادث يذوب تحت سطوة القديم الا من كان مؤيدا كالنبى عليه السلام والثقل حقيقة فى الأجسام ثم يقال فى المعاني وقال بعضهم ثقيلا تلقية كما سئل رسول الله عليه السلام كيف يأتيك الوحى قال أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشد على فيفصم عنى اى يقلع وينجى وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل الى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة رضى الله عنها ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليرفض عرقا اى يترشح (قال الكاشفى) در حين نزول وحي بر آن حضرت برين وجه كه مذكور شد اگر بر شتر سوارى بودى دست و پاى شتر خم كشتى واگر تكيه بر ران يكى از ياران داشتى خوف شكستن آن بودى ودرين محل روى گلبرگش بر افروخته (مصراع) بسان گل كه بصحن چمن برافروزد. وفى التأويلات النجمية ثقل المحمول بحسب لطف الحامل ولا شك ان نبينا عليه السلام كان ألطف الأنبياء خلقا واعدلهم مزاجا وطبعا وأكملهم روحانية ورحمانية وأفضلهم نشأة وفطرة وأشملهم استعدادا وقابلية فلذلك خص القرآن بالثقل من بين سائر الكتب السماوية المشتملة على الأوامر والنواهي والاحكام والشرائع للطف فطرته وشمول رحمته والجملة اعتراض بين الأمر وهو قم الليل وبين تعليله وسر؟؟؟ ان ناشئة الليل إلخ لتسهيل ما كلفه عليه السلام من القيام يعنى ان فى توصيف ما سياقى عليه بالثقل ايماء الى ان ثقل هذا التكليف بالنسبة اليه كالعدم فاذا كان ما سيكلف أصعب وأشق فقد سهل هذا التكليف وفى الكشاف أراده بهذا الاعتراض ان ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الصعبة التي وردبها القرآن لان الليل وقت السبات والراحة والهدوء فلابد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه فمن استأنس بهذا التكليف لا يثقل عليه أمثاله. يقول الفقير سورة المزمل مما نزل فى أوائل النبوة فكان قوله انا سنلقى عليك قولا ثقيلا يشير الى مدة الوحى الباقية لان حروفه مع اعتبار النون لتدغم فيها ونونى التنوين اثنان وعشرون فالسين دل على الاستقبال ومجموع الحروف

[سورة المزمل (73) : آية 6]

على المدة الباقية وجعل القرآن حملا ثقيلا لانه عليه السلام بعث لتتميم مكارم الأخلاق ولا شك ان ما كان اجمع كان أثقل والله تعالى اعلم بمراده وايضا ان كون القول ثقيلا انما هو بالنسبة الى النفس الثقيلة الكثيفة لتراكم حجبها وبعدها عن درك الحق واما بالنسبة الى النفس الخفيفة اللطيفة فخفيف ولطيف ولذا كان تعب التكاليف مرفوعا عن الكمل فهم يجدون العبادات كالعادات فى ارتفاع الكلفة وفى الذوق والحلاوة إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ اى النفس التي تنشأ فى الليل من مضجعها الى العبادة اى تنهض من نشأ من مكانه إذا نهض فالموصوف محذوف والاضافة للملابسة بمعنى النفس الناشئة فى الليل هِيَ خاصة أَشَدُّ وَطْئاً اى كلفة وثقلا مصدر قولك وطئ الشيء اى داسه برجله او جعل عليه ثقله فان النفس القائمة بالليل الى العبادة أشد وطئا من التي تقوم بالنهار فلا بد من قيام الليل فان أفضل العبادات أشقها فالوطئ مصدر من المبنى للمفعول لان الواطئ الذي يلقى ثقله على العابد هو العبادة فى الليل فيكون العابد بالليل أشد موطوأ له من العابد بالنهار ووطئا نصب على التمييز ويجوز ان يكون معنى أشد ووطئا أشد ثبات قدم واستقرارها فيكون المقصود بيان وجه اختيار الليل وتخصيصه بالأمر بالقيام فيه من حيث انه تعالى جعل الليل لباسا يستر الناس ويمنعهم عن الاضطراب والانقلاب فى اكتساب المعاش وجعل النهار معاشا يباشرون فيه امور معاشهم فلا تثبب فيه أقدامهم للعبادة وَأَقْوَمُ قِيلًا اسم من القول بمعناه بقلب الواو ياء اى أزيد من جهة السداد والاستقامة فى المقال ومن جهة الثبات والاستقرار على الصواب يعنى خواندن قرآن درو بصوابتر است كه دل فارغ باشد وأصوات ساكن وزبان با دل موافقت نمايد بزبان مى خواند وبدل تفكر ميكند خاموش شد عالم بشب تا جست باشى در طلب زيرا كه بانك عربده تشويش خلوتخانه بود ويحتمل ان تكون ناشئة الليل بمعنى قيام الليل على ان الناشئة مصدر من نشأ كالعافية بمعنى العفو وهذا وأفق لسان الحبشة حيث يقولون نشأ إذا قام او يكون بمعنى العبادة التي تنشأ بالليل اى تحدث فيكون الوطئ مصدرا من المبنى للفاعل فان كل واحد من قيام الليل ومن العبادة التي تحدث فيه ثقيلان على العابد من قيام النهار والعبادة فيه فمعنى أشد وطئا أثقل واغلظ على المصلى من صلاة النهار فيكون أفضل يعنى آن سخت تر است از جهت رنج وكلفت چهـ ترك خواب وراحت بر نفس بغايت شاق است. ويحتمل ان يكون المراد بناشئة الليل ساعاته فانها تحدث واحدة بعد واحدة اى ساعات الليل الناشئة اى الحادثة شيأ بعد شىء فتكون الناشئة صفة ساعات الليل فتكون أشد وطئا اى بملاحظة القيام فيها من ساعات النهار لكن ابن عباس رضى الله عنهما قيد الناشئة بما كان بعد العشاء فما كان قبلها فليس بناشئة وخصصتها عائشة رضى الله عنها بما كان بعد النوم فلو لم يتقدمها نوم لم تكن ناشئة وفى قوت القلوب ان يصلى بين العشاءين ما تيسر الى ان يغيب الشفق الثاني وهو البياض الذي يكون بعد ذهاب الحمرة وقيل غسق الليل وظلمته لانه

[سورة المزمل (73) : الآيات 7 إلى 8]

آخر ما يبقى من شعاع الشمس فى القطر الغربي إذا قطعت الأرض العليا ودارت من ورلء جبل قاف مصعدة تطلب المشرق فهذا الوقت هو المستحب لصلاة العشاء الآخرة وهو آخر الورد الاول من أوراد الليل والصلاة فيه ناشئة الليل اى ساعته لانها أول نشوء ساعاته وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وطاء بالكسر والمدمن المواطأة بمعنى الموافقة فان فسرت الناشئة بالنفس الناشئة كان المعنى انها أشد من جهة موافقة القلب الكائن لها لسانها وان فسرت بالقيام او العبادة او الساعات كان المعنى انها أشد من جهة موافقة قلب القائم لسانه فيها او من جهة كونها موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص وعن الحسن رحمه الله أشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا اى تقلبا وتصرفا فى مهما تك كتردد السابح فى الماء واشتغالا بشواغلك فلا تستطيع ان تتفرغ للعبادة فعليك بها فى الليل وهذا بيان للداعى الخارجي الى قيام الليل بعد بيان ما فى نفسه من الداعي قال الراغب السبح المر السريع فى الماء او فى الهولء استعير لمر النجوم فى الفلك كقوله تعالى وكل فى فلك يسبحون ولجرى الفرس كقوله تعالى فالسابحات سبحا ولسرعة الذهاب فى العمل كقوله تعالى ان لك فى النهار سبحا طويلا وفى تاج المصادر السبح تصرف كردن در معيشت. وفى بعض التفاسير قيل السباحة لما فيها من التقلب باليد والرجل فى الماء وقيل معنى الآية ان فانك من الليل شىء فلك فى النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شىء من حظك من المناجاة لربك ويناسبه قوله عليه السلام من نام عن حزبه او عن شىء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن اقوال المشايخ ان المريد الصادق إذا فانه ورد من أوراده يليق به ان يقضيه ولو بعد شهر حتى لا تتعود النفس بالكسل فالورد من الشؤون الواردة عن الرسول عليه السلام وأخيار أمته ومن لا ورد له اى وارد خاص بالخواص وفى قوت القلوب من فاته ورد من الأوراد استحب له فعل مثله متى ذكره لا على وجه القضاء لانه لا تقضى الا الفرائض ولكن على سبيل التدارك ورياضة النفس بذلك ليأخذ بالعزائم كيلا يعتاد الرخص وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ودم على ذكره تعالى ليلا ونهارا على اى وجه كان من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقراءة قرآن ودراسة علم خصوصا بعد صلاة الغداة وقبل غروب الشمس فانهما من ساعات الفتح والفيض وذكر الله على الدوام من وظائف المقربين سوآء كان قلبا او لسانا او أركانا وسوآء كان قياما او قعودا او على الجنوب وبالفارسية وياد كن پروردگار خود را وبأسماء حسنى او را بخوان. قال عليه السلام من أحصاها اى حصلها دخل الجنة فالمراد من ذكر اسمه فذكره تعالى بواسطة ذكر اسمه ولذا قال تعالى واذكر ربك إذ نسيت فالذكر والنسيان فى الحقيقة كلاهما من صفات القلب وعند تجلى المذكور يفنى الذكر والذاكر كما قال شيخى وسندى روح الله روحه فى شرح تفسير الفاتحة للقنوى قدس سره من اشتغل من الأسماء المجازية بما يسر الله الاشتغال به وداوم عليه فلا ريب انه يحصل بينه وبين سر هذا الاسم المشتغل به وروحه بعناية الله وفضله مناسبة ما بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة

بينهما وكملت بحسب قوة الاشتغال وكماله يحصل بينه وبين مدلوله من الأسماء الحقيقية بواسطة هذه المناسبة الحاصلة مناسبة بقدرها قوة وكمالا ومتى بلغت الى حد الكمال ايضا هذه المناسبة الثانية الحاصلة بينه وبين هذا الاسم الحقيقي بجود الحق سبحانه وعطائه يحصل بينه وبين مسماه الحق تعالى مناسبة بمقدار المناسبة الثانية من جهة القوة والكمال لان العبد بسبب هذه المناسبة يغلب قدسه على دنسه ويصير مناسبا لعالم القدس بقدر ارتفاع حكم الدنس فحينئذ يتجلى الحق سبحانه له من مرتبة ذلك الاسم بحسبها وبقدر استعداده ويفيض عليه ما شاء من العلوم والمعارف والاسرار الالهية والكونية اما من الوجد العام وطريق سلسلة ترتيب المراتب والحضرات وغيرها من الوسائط والأسباب والأدوات والمواد المعنوية والصورية واما من الوجه الخاص بدون الوسائل والأغيار او منهما معا جميعا إذ وجه اما هذا او ذاك لا غيرهما غير نسبة الجمع بينهما وقال بعضهم فى الآية إذا أردت قراءة القرآن او الصلاة فقل بسم الله الرحمن الرحيم وقال القاشاني واذكر اسم ربك الذي هو أنت اى اعرف نفسك واذكرها ولا تنسها فينساك الله واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها (وتبتل اليه تبتيلا) التبتل الانقطاع وتبتيل دل از دنيا بريدن. والمعنى وانقطع الى ربك انقطاعا تاما بالعبادة واخلاص والية والتوجه الكلى كما قال تعالى قل الله ثم ذرهم وبالفارسية يعنى نفس خود را از انديشه ما سوى الله مجرد ساز واز همكى روى بردار دل در وبند واز غيرش بگسل ... هر چهـ جز اوست برون كن از دل وليس هذا منافيا لقوله عليه السلام لا رهبانية ولا تبتل فى الإسلام فان التبتل هنا هو الانقطاع عن النكاح ومنه قيل لمريم العذراء رضى الله عنها البتول اى المنقطعة عن الرجال والانقطاع عن النكاح والرغبة عنه لقوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم وقوله عليه السلام (تناكحوا تكثروا فانى أباهي بكم الأمم يوم القيامة) واما اطلاق البتول على فاطمة الزهراء رضى الله عنها فلكونها شبيهة بسيدة نساء بنى إسرائيل فى الانقطاع عما سوى الله لاعن النكاح وقيل تبتلا مكان تنتلا لان معنى تبتل بتل نفسه فجيئ به على معناه مراعاة الحق الفواصل لان حظ القرآن من حسن النظم والرصف فوق كل حظ وقال بعضهم لما لم يكن الانقطاع الكلى الى بتجريد النبي عليه السلام نفسه عن العوائق الصادة عن مراقبة الله وقطع العلائق عما سواه قيل تبتلا مكان تبتلا فيكون النظم من قبيل الاحتياك كما فى قوله تعالى والله أنبتكم من الأرض نباتا على وجه وهو ان التقدير أنبتكم منها إنباتا فنبتم نباتا وكذا التقدير هاهنا اى تبتل اليه تبتلا يبتلك عما سواه تبتيلا والأنسب يبتلك ربك تبتيلا فان التبتيل فعل الله فلا يحصل للعبد الا بمعاونته وفى التأويلات النجمية واذكر اسم ربك بفناء صفاتك وافعالك وتبتل اليه تبتيلا بفناء ذاتك وبقاء ذاته ثم ان التبتل يكون من الدنيا ان ظاهرا فقط فهو مذموم كبعض الحفاة العراة الذين أظهروا الفقر فى ظواهرهم وابطنوا الحرص فى ضمائرهم واما باطنا فقط وهو ممدوح كالاغنياء من الأنبياء والأولياء عليهم السلام فانهم انقطعوا عن الدنيا باطنا إذ ليس فيهم حب الدنيا أصلا وانما لم ينقطوا ظاهرا لان

[سورة المزمل (73) : آية 9]

إرادتهم تابعة لارادة الله والله تعالى أراد ملكهم ودولتهم كسليمان ويوسف وداود وأيوب والإسكندر وغيرهم عليهم السلا واما ظاهرا وباطنا كاكثر الأنبياء والأولياء وقد يكون التبتل من الخلق اما ظاهرا فقط كتبتل بعض المتعبدة فى قلل الجبال وأجواف المغارات لجذب القلوب وجلب الهدايا واما باطنا لا ظاهرا كأهل الإرشاد وهم عامة الأنبياء وبعض الأولياء إذ لا بد فى ارشاد الخلق من مخالطتهم واما ظاهرا وباطنا كبعض الأولياء الذين اختار والعزلة وسكنوا فى المواضع الخالية عن الناس قال بعضهم السلوك الى الله تعالى يكون بالتبتل ومعناه الإقبال على الله بملازمة الذكر والاعراض عن غيره بمخالفة الهوى وهذا هو السفر بالحركة المعنوية من جانب المسافر الى جانب المسافر اليه وان كان الله أقرب الى العبد من حبل الوريد فان مثال الطالب والمطلوب مثال صورة حاضرة مع مراءة لكن لا تجلى فيها لصدأ فى وجهها فمتى صقلتها تجلت فيها الصورة لا بارتحال الصورة إليها ولا بحركتها الى جانب الصورة ولكن بزوال الحجاب فالحجاب فى عين العبد والا فالله متجل بنوره غير خفى على اهل البصيرة وان كان فرق بين تجل وتجل بحسب المحل ولذا قال عليه السلام ان الله يتجلى للناس عامة ولأبى بكر خاصة فتجلى العامة كتجلى صورة واحدة فى مرآئى كثيرة فى حالة واحدة وتجلى الخاصة كتجلى صورة واحدة فى مرءاة واحدة واليه الاشارة بقوله عليه السلام لى مع الله وقت إذ لا يخفى ان التجلي فى ذلك الوقت مخصوص به عليه السلام لا يزاحمه غيره فيه. يقول الفقير ان فى هذا المقام أشكالا وهو انه عليه السلام إذا كان مستغرق الأوقات فى الذكر دائم الانقطاع الى الله على ما أفاده الآيتان فكيف يتأتى له السبح فى النهار على ما افصح عنه قوله تعالى ان لك فى النهار سبحا طويلا ولعل جوابه من وجوه الاول ان الأمر بالذكر الدائم والانقطاع الكلى من باب الترقي من الرخصة الى العزيمة كما يقتضيه شأن الا كامل والثاني ان السبح فى النهار ليس من قبيل الواجب فله ان يختار التوكل على التقلب ويكون مستوعب الأوقات بالذكر والثالث ان الشغل الظاهر لا يقطع الكمل عن مراقبته تعالى كما قال تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وقال تعالى الذين هم على صلاتهم دائمون والرابع ان ذلك بحسب اختلاف الأحوال والا شخاص فمن مشتغل ومن ذاكر والله اعلم بالمرام رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مرفوع على المدح اى هور بهما وخالقهما ومالكهما وما بينهما من كل شىء قال فى كشف الاسرار يريد به جنس المشارق والمغارب فى الشتاء والصيف لا إِلهَ إِلَّا هُوَ استئناف لبيان ربو بيته بنفي الالوهية عما سواه يعنى هيچ معبودى نيست سزاوار عبادت مكر او فَاتَّخِذْهُ لمصالح دينك ودنياك والفاء لترتيب الأمر وموجبه على اختصاص الا لوهية والربوبية به تعالى وَكِيلًا موكولا ومفوضا اليه لاصلاحها وإتمامها واسترح أنت وفى التأويلات النجمية رب مشرق الذات المطلقة عن حجب تعينات الأسماء والصفات ورب مغرب الصفات والأسماء لاستتاره باستتار حجب الصفات وهى حجب الذات وهو المتعين فى جميع الموجودات فلا اله الا هو فاتخذه وكيلا اى جرد نفسك عنك وعن

[سورة المزمل (73) : الآيات 10 إلى 14]

وجودك المجازى واتخذ وجوده الحقيقي مقام وجودك المجازى وامش جانبك هذا مثل ما قال المريد لشيخه أريد ان أحج على التجريد فقال له شيخه جرد نفسك ثم سر حيث شئت قال الامام القشيري رحمه الله ان الله هو المتولى لاحوال عباده يصرفهم على ما يشاء ويختار وإذا تولى امر عبد بجميل العناية كفاه كل شغل وأغناه عن كل غير فلا يستكثر العبد حوائجه لعلمه ان مولاه كافيه ولهذا قيل من علامات التوحيد كثرة العيال على بساط التوكل (حكى) عن ممشاد الدينوري رحمه الله انه قال كان على دين فاهتممت به فى بعض الليالى وضاق صدرى فرأيت كأن قائلا يقول لى أخذت هذا المقدار عليك الاخذ وعلينا العطاء ثم انتبهت ففتح لى ما قضيت به الدين ثم لم أحاسب بعد ذلك قصابا ولا بقالا ثم قال القشيري اعلم ان من جعل المخلوق وكيلا له فانه يسأله الاجر وقد يخونه فى ماله وقد يخطئ فى تصرفه او يخفى عنه الأصوب والأرشد لصاحبه ومن رضى بالله وكيلا أعطاه الاجر وحقق آماله واثنى عليه ولطف به فى دقائق أحواله بما لا يهتدى اليه آماله بتفاصيل سؤاله ومن جعل الله وكيلا لزمه ايضا ان يكون وكيلا لله على نفسه فى استحقاق حقوقه وفرآئضه وكل ما يلزمه فيخاصم نفسه فى ذلك ليلا ونهارا لا يفتر لحظة ولا يقصر طرفة قال الزروقى رحمه الله خاصية الاسم الوكيل نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه السوء ويفتح له أبواب الخير والرزق وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ يعنى قريشا مما لا خير فيه من الخرافات والهذيانات فى حق الله من الشريك والصاحبة والولد وفى حقك من الساحر والشاعر والكاهن والمجنون وفى حق القرآن من انه أساطير الأولين ونحو ذلك وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا تأكيد للامر بالصبر اى واتركهم تركا حسنا بأن تجانهم بقلبك وهواك وتداريهم ولا تكافئهم وتكل أمورهم الى ربهم كما أعرب عنه ما بعد الآية قال الراغب الهجر والهجران مفارفة الإنسان غيره اما بالبدن او باللسان او بالقلب وفوله تعالى واهجرهم هجرا جميلا يحتمل للثلاثة ويدعو الى تحريها ما أمكن مع تحرى المجاملة قال الحكماء تسلح على الأعداء بحسن المداراة حتى تبصر فرصة آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست ... با دوستان تلطف با دشمنان مدارا وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ اى دعنى وإياهم وكل أمرهم الى فانى أكفيكهم وقد سبق فى ن والقلم وقال بعضهم يجوز نصب المكذبين على المعية اى دعنى معهم وهو الظاهر ويجوز على العطف اى دعنى على امرى مما تقتضيه الحكمة ودع المكذبين بك وبالقرءان وهو أوفق للصناعة لان النصب انما يكون نصا فى الدلالة على المصاحبة إذا كان الفعل لازما وهنا الفعل متعد أُولِي النَّعْمَةِ ارباب التنعم وبالفارسية خداوندان نازوتن آسانى. صفة للمكذبين وهم صناديد قريش وكانوا اهل ترفه وتنعم لا سيما بنى المغيرة والنعمة بفتح النون التنعم وبكسرها الانعام وما أنعم به عليك وبالضم السرور والتنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وفى تاج المصادر التنعم

[سورة المزمل (73) : الآيات 12 إلى 14]

بناز زيستن. وفيه اشارة الى ان متعلق الذم ليس نفس النعمة والرزق بل التنعم بهما كان قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه حين بعثه الى اليمن واليا إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بالمتنعمين وفيه تسلية للفقرآء فانهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام وَمَهِّلْهُمْ التمهيل زمان دادن. والمهل التؤدة والسكون يقال مهل فى فعله وعمل فى مهلة قَلِيلًا اى زمانا قليلا وأجلهم أجلا يسيرا ولا تعجل فان الله سيعذبهم فى الآخرة إذ عمر الدنيا قليل وكل آت قريب ويدل على هذا المعنى ما بعد الآية من بيان عذاب الآخرة وقال الطبري كان بين نزول هذه الآية ووقعة بدر زمان يسير ولذا قيل انها مدنية إِنَّ لَدَيْنا فى الآخرة وفيما هيأناه للعصاة من آلات العذاب وأسبابه وهو اولى من قول بعضهم فى علمنا وتقديرنا لان المقام مقام تهديد العصاة فوجود آلات العذاب بالفعل أشد تأثيرا على ان تلك الآلات صور الأعمال القبيحة ولا شك ان معاصرى النبي عليه السلام من الكفار قد قدموا تلك الآلات بما فعلوا من السيئات أَنْكالًا قيودا ثقالا يقيد بها ارجل المجرمين اهانة لهم وتعذيبا لا خوفا من فرارهم جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل والجملة تعليل للامر من حيث ان تعداد ما عنده من اسباب التعذيب الشديد فى حكم بيان اقتداره على الانتقام منهم فهم يتنعمون فى الدنيا ولا يبالون وعند الله العزيز المنتقم فى الآخرة امور مضادة لتنعمهم وَجَحِيماً وبالفارسية وآتشى عظيم. وهى كل نار عظيمة فى مهواة وفى الكشاف هى النار الشديدة الحر والاتقاد وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ هو ما ينشب فى الحلق ويعلق من عظم وغيره فلا ينساغ اى طعاما غير سائغ يأخذ بالحلق لا هو نازل ولا هو خارج كالضريع والزقوم وهما فى الدنيا من النباتات والأشجار سمان قاتلان للحيوان الذي يأكلهما مستكرهان عند الناس فما ظنك بضريع جهنم وزقومها وهو فى مقابلة الهنيء والمريء لاهل الجنة وانما ابتلوا بهما لانهم أكلوا نعمة الله وكفروا بها وَعَذاباً أَلِيماً ونوعا آخر من العذاب مؤلما لا يقادر قدره ولا يدرك كنهه كما يدل عليه التنكير كل ذلك معدلهم ومرصد فالمراد بالعذاب سائر انواع العذاب جاء فى التفسير انه لما نزلت هذه الاية خر النبي عليه السلام مغشيا عليه وعن الحسن البصري قدس سره انه امسى صائما فاتى بطعام فعرضت له هذه، الآية فقال ارفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال ارفعه وكذلك الثالثة فأخبر ثابت البناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء فجاؤا فلم يزالوا حتى شرب شربة من سويق. اعلم ان اصناف العذاب الروحاني فى الآخرة ثلاثة حرقة فرقة المشتهيات وخزى خجلة الفاضحات وحسرة فوت المحبوبات ثم ينتهى الأمر الى مقاساة النار الجسمانية الحسية والخزي الذل والحقارة والخجلة التحير من الحياء والفاضح الكاشف عيب المجرم يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ظرف للاستقرار الذي تعلق به لدينا والرجفة الزلزلة والزعزعة الشديدة اى تضطرب وتتزلزل بهيبة الله وجلاله ليكون علامة لمجيئ القيامة وامارة لجريان حكم الله فى مؤاخذة العاصين أفرد الجبال بالذكر مع كونها من الأرض

[سورة المزمل (73) : الآيات 15 إلى 20]

لكونها أجساما عظاما أوتادا لها فاذا تزلزلت الأوتاد لم يبق للارض قرار وايضا ان زلزلة العلويات اظهر من زلزلة السفليات ومن زلزلتها تبلغ القلوب الحناجر خوفا من الوقوع وَكانَتِ الْجِبالُ من شدة الرجفة مع صلاتبها وارتفاعها كَثِيباً فى القاموس الكثيب التل من الرمل انتهى من كثب الثنيء إذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول فى أصله ثم صار اسما بالغلبة للرمل المجتمع مَهِيلًا اى كانت مثل رمل مجتمع هيل هيلا اى نثر واسيل بحيث لو حرك من أسفله انهال من أعلاه وسال لتفرق اجزائه كالعهن المنفوش ومثل وهذا الرمل يمر تحت الرجل ولا يتماسك فكونه متفرق الاجزاء منثورا سائلا لا ينافى كونه رملا مجتمعا وبالفارسية كوههاى سخت چون ريك روان شد از هيبت آن روز. فقوله مهيلا اسم مفعول من هال يهيل وأصله مهيول كمبيع من باع لا فعيل من مهل يمهل وخص الجبال بالتشبيه بالكثيب المهيل لان ذلك خاصة لها فان الأرض تكون مقررة فى مكانها بعد الرجفة دل عليه قوله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا والحاصل ان الأرض والجبال يدق بعضها ببعض كما قال تعالى وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فنرجع الجبال كثيبا مهبلا ثم ينسفها الريح فتصير هباء منبثا وتبقى الأرض مكانها ثم تبدل كما مر وفى التأويلات النجمية يوم ترجف ارض البشرية وجبال الانانية وكانت جبال انانية كل واحد رملا منثورا متفتتا شبه التعينات الاعتبارية الموهومة بالرمل لسرعة زوالها وانتثارها إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ يا اهل مكة شروع فى التخويف بأهوال الدنيا بعد تخويفهم بأهوال الآخرة رَسُولًا هو محمد عليه السلام وكونه مرسلا إليهم لا ينافى إرساله الى من عداهم فان مكة أم القرى فمن أرسل الى اهل مكة فقد أرسل الى اهل الدنيا جميعا ولذا نص الله تعالى عليه بقوله وما أرسلناك الا كافة للناس ليندفع أوهام اهل الوهم شاهِداً عَلَيْكُمْ يشهد يوم القيامة بما صدر عنكم من الكفر والعصيان وكذا يشهد على غيركم كما قال تعالى وجئنا بك على هؤلاء شهيدا كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا هو موسى عليه السلام لان هرون عليه السلام ردء له وتابع وعدم تعيينه لعدم دخله فى التشبيه وتخصيص فرعون لانه من رؤساء اولى النعمة المترفهين المتكبرين فبينه وبين قريش جهة جامعة ومشابهة حال ومناسبة سريرة فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ اى فعصى فرعون المعلوم حاله كبرا وتنعما الرسول الذي أرسلناه اليه ومحل الكاف النصب على انها صفة لمصدر محذوف اى انا أرسلنا إليكم رسولا فعصيتموه كما يعرب عنه قوله تعالى شاهدا عليكم إرسالا كائنا كما أرسلنا الى فرعون رسولا فعصاه بأن جحد رسالته ولم يؤمن به وفى إعادة فرعون والرسول مظهدين تفظيع لشأن عصيانه وان ذلك لكونه عصيان الرسول لا لكونه عصيان موسى وفى ترك ذكر ملأ فرعون اشارة الى ان كل واحد منهم كأنه فرعون فى نفسه لتمرده فَأَخَذْناهُ بسبب عصيانه أَخْذاً وَبِيلًا ثقيلا لا يطاق يعنى بآتش غرق كرديم واز راه آب بآتش برديم. والوبيل الثقيل الغليظ ومنه الوابل للمطر العظيم والكلام خارج عن التشبيه

[سورة المزمل (73) : آية 17]

جيئ به للتنبيه على انه سيحيق بهؤلاء ما حاق بأولئك لا محالة فَكَيْفَ تَتَّقُونَ قال ابن الشيخ مرتب على الإرسال فالعصيان وكان الظاهر أن يقدم على قوله كما أرسلنا الا انه أخر زيادة فى التهويل إذ علم من قوله فأخذناه انهم مأخوذون مثله وأشد فاذا قيل بعده فكيف تتقون كان ذلك زيادة كأنه قيل هبوا انكم لا تؤخذون فى الدنيا اخذة فرعون وأمثاله فكيف تتقون اى تقون أنفسكم فاتقى هاهنا مأخوذ بمعنى وقى المتعدى الى مفعولين دل عليه قول الامام البيهقي رحمه الله فى تاج المصادر الاتقاء حذر كردن وخود را نكاه داشتن انتهى. وافتعل يجيئ بمعنى فعل نص عليه الزمخشري فى المفصل وان كانت الامثلة لا تساعده فانه ليس وقى واتقى مثل جذب واجتذب وخطف واختطف فتأمل إِنْ كَفَرْتُمْ اى بقيتم على الكفر يَوْماً اى عذاب يوم فهو مفعول به لتتقون ويجوز أن يكون ظرفا اى فكيف لكم بالتقوى والتوحيد فى يوم القيامة ان كفرتم فى الدنيا اى لا سبيل اليه لفوات وقته فاتقى على حاله وكذا إذا انتصب بكفرتم على تأويل جحدتم اى فكيف تتقون الله وتخشون عقابه ان جحدتم يوم القيامة والجزاء يَجْعَلُ الْوِلْدانَ من شدة هوله وفظاعة ما فيه من الدواهي وهو صفة ليوما نسب الجعل الى اليوم للمبالغة فى شدته والا فنفس اليوم لا تأثير له البتة والولدان بالفارسية نوزادكان از مادر. جمع وليد يقال لمن قرب عهده بالولادة وان كان فى الأصل يصح إطلاقه على من قرب عهده بها ومن بعد شِيباً شيوخا يعنى پير كنند وموى سر ايشان سفيد سازد. جمع أشيب والشيب بياض الشعر وأصله ان يكون بضم الشين كحمر فى جمع احمر لان الضم يقتضى الواو فكسرت لاجل صيانة الياء فرقا بين مثل سود وبين مثل بيض وجعلهم شيوخا فيه وجوه. الاول انه محمول على الحقيقة كما ذهب اليه بعض اهل التفسير ويؤيده ما قال فى الكشاف وقد مربى فى بعض الكتب ان رجلا امسى فاحم الشعر كحلك الغراب اى سواده وأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة بياضا وهو بفتح الثاء المثلثة وبالغين المعجمة نبت ابيض قال أريت القيامة والجنة والنار ورأيت الناس يقادون فى السلاسل الى النار فمن هول ذلك أصبحت كما ترون وقال احمد الدورقي مات رجل من جيراننا شابا فرأيته فى الليل وقد شاب فقلت وما قصتك قال دفن بشر فى مقبرتنا فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من فى المقبرة كما فى فصل الخطاب وبشر المريسي ومريس قرية بمصر أخذ الفقه عن أبى يوسف القاضي الا انه اشتغل بالكلام وقال بخلق القرآن وأضل خلقا كثيرا ببغداد فان قلت إيصال الألم والضرر الى الصبيان يوم القيامة غير جائز بل هم لكونهم غير مكلفين معصومون محفوظون عن كل خطر قلت قد يكون فى القيامة من هيبة المقام ما يجثوبه الأنبياء عليهم السلام على الركب فما ظنك بغيرهم من الأولياء والشيوخ والشبان والصبيان وفى الآية مبالغة وهى انه إذا كان ذلك اليوم يجعل الولدان شيبا وهم ابعد الناس من الشيخوخة لقرب عهد ولادتهم فغيرهم اولى بذلك وكذا فى القصة السابقة فان من شاب بمجرد الرؤيا فكيف حاله فى اليقظة وهو معاين من الأهوال ما يذوب تحته الجبال الرواسي. والثاني انه محمول

[سورة المزمل (73) : آية 18]

على التمثيل بأن شبه اليوم فى شدة هوله بالزمان الذي يشيب الشبان لكثرة همومه وأهواله وأصله ان الهموم والأحزان إذا تفاقمت على المرء ضعفت قواه واسرع فيه الشيب لان كثرة الهموم توجب انعصار الروح الى داخل القلب وذلك الانعصار يوجب انطفاء الحرارة الغريزية وضعفها وانطفاؤها يوجب بقاء الاجزاء الغدائية غير تامة النضج وذلك يوجب بياض الشعر ومسارعة الشيب بتقدير العزيز الحكيم كما يوجب تغير القلب تغير البشرة فتحصل الصفرة من الوجل والحمرة من الخجل والسواد من بعض الآلام وما على البدن من الشعر تابع للبدن فتغيره يوجب تغيره فثبت ان كثرة الهموم توجب مسارعة الشيب كما قيل دهتنا امور تشيب الوليد ... ويخذل فيها الصديق الصديق فلما كان حصول الشيب من لوازم كثرة الهموم جعلوه كناية عن الشدة فجعل اليوم المذكور الولدان شيبا عبارة عن كونه يوما شديدا غاية الشدة وفى الحديث (يقول الله) اى فى يوم القيامة (يا آدم) خص آدم عليه السلام بهذا الخطاب لانه اصل الجمع (فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج ببعث النار) اى ميزاهلها المبعوث إليها (قال وما بعث النار) اى عدده (قال الله تعالى من كل ألف تسعمائة تسعة وتسعون قال) اى النبي عليه السلام (فذلك) التقاول (حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها) قال ابن الملك اعلم ان الشيب والوضع ليسا على ظاهر هما إذ ليس فى ذلك اليوم حبل ولا صغير بل هما كنايتان عن شدة اهوال يوم القيامة معناه لو تصورت الحوامل والصغار هنالك لوضعن احمالهن ولشاب الصغار انتهى. وفى بيانه نظر ستأتى الاشارة اليه فى الوجه الثالث (وترى الناس سكارى) اى من الخوف (وما هم بسكارى) اى من الخمر (ولكن عذاب الله شديد) . والثالث انه محمول على الفرض والتقدير بأن يكون معناه ان ذلك اليوم بحال لو كان هناك صبى لشاب رأسه من الهيبة والدهشة وهذا الوجه غير موجه وان ذهب اليه بعض من يعد من اجلة اهل التفسير إذ هو يشعر بأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان حقيقة وقد ثبت انه يبعث يومئذ ولدان كثيرة ماتوا فى الصغر وكذا من المقرر أن الحبلى تبعث حبلى ففى ذلك اليوم حبل وضغير نعم إذا دخلوا الجنة صارو بناء ثلاث وثلاثين. والرابع انه يجوز ذلك وصفا لليوم بالطول يعنى على الكناية بانه فى طوله بحيث يبلغ الأطفال فيه أوان الشيخوخة والشيب وهو لا ينقضى بعد بل يمتد الى حيث يكون مقداره خمسين ألف سنة فهو كناية عن غاية الطول لا انه تقدير حقيقى يعنى أن هذا على عادة العرب فى التعبير عن الطول على سبيل التمثيل كما يعبرون عن التأييد وعدم الانقطاع بقولهم ما ناحت حمامة وما لاح كوكب وما تعاقبت الأيام والشهور وفى الآية اشارة الى النفس والهوى وبعد نفوسهم من الله فى يوم قيامة الفناء الذي يجعل ولدان أعمالهم السيئة القبيحة الخبيثة الخسيسة شيبا منهدمة متفانية السَّماءُ مبتدأ خبره قوله مُنْفَطِرٌ بِهِ اى منشق بسبب ذلك اليوم لان الله تعالى مسبب الأسباب فيجوز أن يجعل شدة ذلك اليوم سببا للانفطار. ذكر الله من هول ذلك اليوم أمرين الاول قوله تعالى يجعل الولدان شيبا

[سورة المزمل (73) : الآيات 19 إلى 20]

والثاني قوله السماء منفطر به لان السماء على عظمتها وقوتها إذا انشقت بسبب ذلك اليوم فما ظنك بغيرها من الخلائق فالباء للسببية وهو الظاهر وتذكير الخبر لاجرائه على موصوف مذكر اى شىء منفطر عبر عنها بذلك للتنبيه على انه تبدلت حقيقتها وزال عنها اسمها ورسمها ولم يبق منها الا ما يعبر عنه بالشيء وفى القاموس السماء معروف ويذكر ويجوز أن يكون الباء بمعنى فى واليه ذهب المكي فى قوت القلوب حيث قال حروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض وهذا مثال قوله تعالى السماء منفطر به اى فيه يعنى فى ذلك اليوم وقيل الباء للآلة والاستعانة مثلها فى فطرت العود بالقدوم فانفطر به يعنى ان السماء ينفطر بشدة ذلك اليوم وهو له كما ينفطر الشيء بما ينفطر به قال بعضهم اتخاذ الآلة والاستعانة لا يليق بجناب الله تعالى ولا يناسب ذات السماء ايضا كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا الضمير لله وان لم يجر له ذكر للعلم به والمصدر مضاف الى فاعله اى كان وعده تعالى اى يكون يوم القيامة على ما وصف من الشدائد كائنا متحققا لانه لا يخلف الميعاد فلا يجوز لعاقل أن يرتاب فيه او الضمير لليوم والمصدر مضاف الى مفعوله والفاعل وهو الله مقدر قال فى الصحاح الوعد يستعمل فى الخير والشر فاذا اسقطوا الخير والشر قالوا فى الخير الوعد والعدة وفى الشر الإيعاد والوعيد إِنَّ هذِهِ اشارة الى الآيات المنطوية على القوارع المذكورة وهى من قوله ان لدينا أنكالا الى هنا تَذْكِرَةٌ موعظة لمن يريد الخير لنفسه والاستعداد لربه وبالفارسية پندى وعبرتيست. قيل القرآن موعظة للمتقين وطريق للسالكين ونجاة للهالكين وبيان للمستبصرين وشفاء للمتحيرين وأمان للخائفين وانس للمريدين ونور لقلوب العارفين وهدى لمن أراد الطريق الى رب العالمين فَمَنْ شاءَ من المكلفين. يعنى پس هر كه خواهد از مكلفان اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا بالتقرب اليه بالايمان والطاعة فانه المنهاج الموصل الى مرضاته ومقام قربه إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ اى اقل منهما فاطلاق الأدنى على الأقل مجاز مرسل من قبيل اطلاق الملزوم على اللازم لما ان المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الاحياز والحدود وإذا بعدت كثر ذلك روى انه تعالى افترض قيام الليل فى أول هذه السورة فقام النبي عليه السلام وأصحابه حولا مع مشقة عظيمة من حيث انه يعسر عليهم تمييز القدر الواجب حتى قام اكثر الصحابة الليل كله خوفا من الخطأ فى إصابة المقدار المفروض وصاروا بحيث انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم وامسك الله خاتمة السورة من قوله ان ربك إلخ اثنى عشر شهرا فى السماء حتى انزل الله فى آخر السورة التخفيف فنسخ تقدير القيام بالمقادير المذكورة مع بقاء فرضية اصل التهجد حسبما تيسر ثم نسخ نفس الوجوب ايضا بالصلوات الخمس لما روى ان الزيادة على الصلوات الخمس زيادة وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ بالنصب عطفا على ادنى والثلث أحد اجزاء الثلاثة والجمع أثلاث اى انك تقوم اقل من ثلثى الليل وتقوم من نصفه وثلثه وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ مرفوع معطوف على الضمير فى تقوم وجاز ذلك للفصل بينهما اى ويقوم معك طائفة من أصحابك ومن تبينية فلا دلالة فيه على ان قيام الليل لم يكن فرضا على الجميع وحاصل المعنى يتابعك طائفة فى قيام الليل وهم أصحابك وفيه وعد لهم بالإحسان

إليهم كما تقول لاحد إذا أردت الوعد له انا اعلم ما فعلت لى وفى قوت القلوب قد قرن الله تعالى قوام الليل برسوله المصطفى عليه السلام وجمعهم معه فى شكر المعاملة وحسن الجزاء وفى التأويلات النجمية يشير الى انسلاخ رسول القلب عن ليل طبيعته فى اكثر الأوقات بالتوجه الى الله والاعراض عن النفس الا فى اوقات قلائل وذلك لحكمة مقتضية للحجاب فان الحجاب رحمة كما قيل لولا الحجاب ما عرف الآله وطائفة من الذين مع رسول القلب من القوى الروحانية والأعضاء والجوارح وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وحده لا يقدر على تقديرهما ومعرفة مقادير ساعاتهما وأوقاتهما أحد أصلا فان تقديم الاسم الجليل مبتدأ وبناء يقدر عليه موجب للاختصاص قطعا والتقدير بالفارسية اندازه كردن يعنى وخداى تعالى اندازه ميكند شب وروز را وميداند مقادير ساعات آن. قال الراغب التقدير تبيين كمية الشيء وقوله تعالى والله إلخ اشارة الى ما اجرى من تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل اى إدخال هذا فى هذا أو أن ليس أحد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما فى وقت معلوم والحاصل ان العالم بمقادير ساعات الليل والنهار على حقائقها هو الله وأنتم تعلمون ذلك بالتحرى والاجتهاد الذي يقع فيه الخطأ فربما يقع منكم الخطأ فى أصابتها فتقومون اقل من المقادير المذكورة ولذا قال عَلِمَ الله إِنَّ اى ان الشأن لَنْ تُحْصُوهُ لن تقدروا على تقدير الأوقات على حقائقها ولن تستطيعوا ضبط الساعات ابدا فالضمير عائد الى المصدر المفهوم من يقدر قال فى تاج المصادر الإحصاء دانستن وشمردن بر سبيل استقصا وتوانستن. قال الراغب الإحصاء التحصيل بالعدد وروى استقيموا ولن تحصوا اى لن تحصلوا ذلك لان الحق وأحد والباطل كثير بل الحق بالاضافة الى الباطل كالنقطة بالاضافة الى سائر اجزاء الدائرة وكالمرمى من الهدف وإصابة ذلك شديدة واحتج بعضهم بهذه الآية على وقوع تكليف ما لا يطاق فانه تعالى قال لن تحصوه اى لن تطيقوه ثم انه كلفهم بتقدير الساعات والقيام فيها حيث قال قم الليل إلخ ويمكن أن يجاب عنه بان المراد صعوبته لا انهم لا يقدرون عليه أصلا كما يقال لا أطيق ان أنظر الى فلان إذا استثقل النظر اليه وفى التأويلات النجمية يعنى السلوك من ليل الطبيعة الى نهار الحقيقة بتقدير الله لا بتقدير السالك علم أن لن تقدروا على مدة ذلك السلوك بالوصول الى الله إذ الوصول مترتب على فضل الله ورحمته لا على سلوككم وسيركم فكم من سالك انقطع فى الطريق ورجع القهقرى ولم يصل كما قيل ليس كل من سلك وصل ولا كل من وصل اتصل ولا كل من اتصل انفصل فَتابَ عَلَيْكُمْ بالترخيص على ترك القيام المقدر ورفع التبعة عن التائب ثم استعمل لفظ المشبه به فى المشبه ثم اشتق منه فتاب اى فرخص والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ اى فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل غير مقدرة بكونها فى ثلث الليل او نحوه ولو قدر حلب شاة فهذا يكون اربع ركعات وقد يكون ركعتين عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها على طريق اطلاق اسم الجزء على الكل مجازا مرسلا فتبين ان التهجد كان واجبا على التخيير المذكور فعسر عليهم القيام به فنسخ بهذه

الآية ثم نسخ نفس الوجوب المفهوم منها بالصلوات الخمس على ما سبق وفيه تفضيل صلاة الليل على سائر التطوعات فان التطوع بما كان فرضا فى وقت ثم نسخ أفضل من التطوع بما لم يكن فرضا أصلا كما قالوا صوم يوم عاشوراء أفضل لكونه فرض قبل فرضية رمضان وفى الحديث ليصل أحدكم من الليل ما تيسر فاذا غلب عليه النوم فلير قد وقد كان ابن عباس رضى الله عنهما يكره النوم قاعدا وعنه عليه السلام عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة لكم الى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم وهذا الحديث يدل على ان قيام الليل لم يكن فرضا على المتقدمين من الأنبياء وأممهم بل كان من شعار صلاحهم وعنه عليه السلام ان الله ليبغض كل جعظرى جواظ سخاب بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة والجعظري الفظ الغليظ والجواظ كشداد الضخم المختار والكثير الكلام والمجموع المنوع والمتكبر الجافي والسخاب من السخب وهو محركة شدة الصوت سخب كفرح فهو سخاب واقل الاستحباب من قيام الليل سدسه سوآء كان متواليا او قام جزأ ثم نام نومة اخرى ثم قام قياما ثانيا لانه عليه السلام لم يقم ليلة قط حتى أصبح بل كان ينام فيها ولم ينم ليلة قط بل كان يقوم فيها وبأى ورد احيى الليل فقد دخل فى اهل الليل وله معهم نصيب ومن احيى اكثر ليلة او نصفها كتب له احياء ليلة جميعها ويتصدق عليه بما بقي منها كذا فى قوت القلوب وقيل المراد بالآية قراءة القرآن بعينها قنكون على حقيقتها فالمعنى ان شق عليكم القيام فقد رخص فى تركه فاقرأوا ما تيسر من القرآن من غير توقيت لصلاة فانه لا يشق وتنالون بقراءته خارج الصلاة ثواب القيام فالامر للندب وفى الحديث من قرأ فى ليلة مائة آية لم يحاجه القرآن قال الطيبي فى قوله لم يحاجه القرآن ان قراءته لازمة لكل انسان واجبة عليه فاذا لم يقرأ يخاصمه الله ويغلبه بالحجة فاسناد المحاجة الى القرآن مجاز ويفهم من كلامه ان قراءته مقدار مائة آية فى كل ليلة واجبة بها يخلص من المحاجة وعنه عليه السلام من قرأ بالآيتين من سورة البقرة فى ليلة كفتاه والمراد آمن الرسول إلخ يعنى اغنتاه عن قيام الليل او حفظتاه من كل شر وسوء وعنه عليه السلام أيعجز أحدكم أن يقرأ فى ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن قال قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ومن ذلك قالوا ان قراءة الإخلاص ثلاث مرات تقوم مقام ختمة وأطول الآي أفضلها لكثرة الحروف وان اقتصر على قصار الآي عند فتوره أدرك الفضل ان حصل العدد كذا فى قوت القلوب وفى التأويلات الجمية فى اشارة الآية يعنى اجمعوا واحفظوا فى قلوبكم الصافية عن كدورات النفس والهوى ما يظهر عليها لاستعداداتكم من الحقائق والدقائق والعوارف والمعارف ولا تفشوها الى غير أهلها فينكروا عليكم فيرموكم بالكفر والزندقة والإلحاد والاتحاد فان حقائقه ودقائقه من المكنونات الالهية عَلِمَ أَنْ اى ان شأن سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى استئناف مبين لحكمة اخرى داعية الى الترخيص والتخفيف مرضا جمع مريض والمرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وفيه اشارة الى مرضى القلوب بحجب الانانية والاشتغال

بحب الدنيا وشهواتها فانه لا يظهر عليها من اسرار القرآن وحقائقه شىء. چنانچهـ شيخ سنائى كويد عجب نبود كر از قرآن نصيبت نيست جز حرفى كه از خورشيد جز كرمى نيابد چشم نابينا عروس حضرت قرآن نقاب آنكه بر اندازد ... كه دار الملك ايمانرا مجرد يابد از غوغا وَآخَرُونَ عطف على مرضى يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ صفة آخرون اى يسافرون فيها للتجارة من ضرب فى الأرض سافر فيها ابتغاء الرزق قال الراغب الضرب فى الأرض الذهاب فيها وهو بالأرجل يَبْتَغُونَ الابتغاء جستن مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وهو الربح وفيه تصريح بما علم التزاما وبيان ان ما حصلوه من الرزق من فضل الله ومحل يبتغون حال من ضمير يضربون وقد عم ابتغاء الفضل تحصيل العلم فانه من أفضل المكاسب وفيه ان معلم الخير وهو رسول الله عليه السلام كان حاضرا عندهم وقت نزول الآية فاين يذهبون الا ان يجعل آخر السورة مدنيا فقد كانوا يهاجرون من مكة الى المدينة لطلب العلم وايضا ان هذا بالنسبة الى خصوص الخطاب واما بالنسبة الى اهل القرن الثاني فبقاء الحكم يوقعهم فى الحرج وفى حديث ابى ذر رضى الله عنه انه قال حضور مجلس علم أفضل من صلاة الف ركعة وأفضل من شهود الف جنازة ومن عيادة الف مريض قيل ومن قراءة القرآن قال وهل تنفع قراءة القرآن بلا علم وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ الأعداء فِي سَبِيلِ اللَّهِ عطف على مرضى ايضا ويقاتلون صفته وسبيل الله ما يوصل الى الاجر عند الله كالجهاد وفيه تنبيه على انه سيؤذن لهم فى القتال مع الأعداء سوى الله فى هذه الآية بين درجة المجاهدين فى سبيل الله ومكتسبين للمال الحلال للنفقة على نفسه وعياله والإحسان الى ذوى الحاجات حيث جمع نبيهما فول على ان التجارة بمنزلة الجهاد وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أيما رجل جلب شيأ من مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ اى وإذا كان الأمر كما ذكر وتعاضدت الدواعي الى الترخيص فاقرأوا ما تيسر من القرآن من غير تحمل المشاق فان قيل كيف ثقل قيام الليل على الاصحاب رضى الله عنهم وقد خف على كثير من التابعين حتى كانوا يقومون الى طلوع الفجر منهم الامام ابو خنيفة وسعيد بن المسيب وفضيل بن عياض وابو سليمان الداراني ومالك بن دينار وعلى بن بكار وغيرهم حتى قال على بن بكار الشامي منذ أربعين سنة لم يحزنى شىء الا طلوع الفجر قلت الثقلة لم تكن فى قيامه بل فى محافظة القدر الفروض كما سبق على انه لا بعد فى ان يثقل عليهم قبل التعذر بذلك ثم كان من امر بعضهم انه ختم القرآن فى ركعة واحدة كعثمان وتميم الداري رضى الله عنهما وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ المفروضة وَآتُوا الزَّكاةَ الواجبة وقيل هى زكاة الفطر إذ لم يكن بمكة زكاة غيرها وانما وجبت بعدها ومن فسرها بالزكاة المفروضة جعل آخر السورة مدنيا وذلك ان تجعلها من باب ما تأخر حكمه

عن نزوله ففيه دلالة على انه سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الزكاة وتؤدى وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وقرض دهيد خدايرا قرض نيكو. والقرض ضرب من القطع وسمى ما يدفع الى الإنسان من المال بشرط رد بدله قرضا لانه مقروض مقطوع من ماله أريد به الانفاقات فى سبيل الخيرات غير المفروض فانها كالفرض الذي لا خلف فى أدائه وفيه حث على التطوع كما قال عليه السلام ان فى المال حقا سوى الزكاة على احسن وجه وهو إخراجها من أطيب الأموال وأكثرها نفعا للفقرآء بحسن النية وصفاء الباء الى أحوج الصلحاء وجه هذا التفسير هو أن قوله وآتوا الزكاة امر بمجرد اعطائها على اى وجه كان وقوله واقرضوا الله قرضا حسنا ليس كذلك بل هو امر بالإعطاء المقيد بكونه حسنا وتسمية الانفاق لوجه الله اقراضا استعارة تشبيها له بالاقراض من حيث انما أنفقه يعود عليه مع زيادة وقال بعضهم هو قول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والنفقة فى سبيل الله كما قال عمر رضى الله عنه او النفقة على الأهل وفى الحديث ما اطعم المسلم نفسه واهل بيته فهو له صدقة اى يؤجر عليه بحسن نيته ثم هاهنا امر غامض وهو انه روى الامام الغزالي رحمه الله عن القاضي الباقلاني ان ادعاء البراءة من الغرض بالكلية كفر لان التنزه خاصة الهية لا يتصور الإشراك فيها فلعل ما يقال ان العبد ليبلغ الى درجة بعمل ما يعمل لا لغرض بل لرضى الله او لامتثال امره فقط انما هو من الغفلة عن غرض خفى هل هو غرض جلى لكنه مراد على. يقول الفقير هذا وارد على اهل الارادة واما اهل الفناء عن الارادة وهم اهل النهاية الاكملون فلا غرض لهم أصلا وأمرهم عجيب لا يعرفه الا أمثالهم او من عرفه الله بشأنهم وَما شرطية تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ اى خير كان مما ذكر وما لم يذكر تَجِدُوهُ جواب الشرط ولذا جزم عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً من الذي تؤخرونه الى الوصية عند الموت وفى كشف الاسرار تجدوا ثوابه خيرا لكم من متاع الدنيا وأعظم اجرا لان الله يعطى المؤمن اجره بغير حساب قوله خيرا ثانى مفعولى تجدوا وهو تأكيد للمفعول الاول لتجدوه وفصل بينه وبين المفعول الثاني وان لم يقع بين معرفتين فان افعل فى حكم المعرفة ولذلك يمتنع من حرف التعريف وقوله وأعظم عطف على خيرا واجرا تمييز عن نسبة الفاعل والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا وقال بعضهم المشهور ان وجد إذا كان بمعنى صادف يتعدى الى مفعول واحد وهو هاهنا بمعناه لا بمعنى علم فلا بعد ان يكون خيرا حالا من الضمير وفى الحديث اعلموا ان كل امرئ على ما قدم قادم وعلى ما خلف نادم وعنه عليه السلام ان العبد إذا مات قال الإنسان ما خلف وقالت الملائكة ما قدم ومر عمر رضى الله عنه ببقيع الغرقد اى مقبرة المدينة لانها كانت منبت الغرقد وهو بالغين المعجمة شجر فقال السلام عليكم أهل القبور اخبار ما عندنا ان نساءكم قد تزوجن ودوركم قد سكنت وأموالكم قد قسمت فأجابه هاتف يا ابن الخطاب اخبار ما عندنا ان ما قدمناه وجدناه وما انفقناه فقد ربحناه وما خلفنا فقد خسرنا

تفسير سورة المدثر

قدم لنفسك قبل موتك صالحا ... واعمل فليس الى الخلود سبيل (وروى) عن عمر رضى الله عنه انه اتخذ حيسا يعنى تمرا بلبن فجاءه مسكين فأخذه ودفعه اليه فقال بعضهم ما يدرى هذا المسكين ما هذا فقال عمر لكن رب المسكين يدرى ما هو فكأنه قال وما تقدموا إلخ تو نيكى كن بآب انداز اى شاه ... اگر ماهى نداند داند الله وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ اى سلوا الله المغفرة لذنوبكم فى جميع أوقاتكم وكافة أحوالكم فان الإنسان قلما يخلوه عن تفريط وكان السلف الصالح يصلون الى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار الى صلاة الصبح واستحب الاستغفار على الأسماء من القرآن مثل أن يقول استغفر الله انه كان توابا استغفر الله ان الله غفور رحيم استغفر الله انه كان غفارا رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ يغفر ما دون أن يشرك به رَحِيمٌ يبدل السيئات حسنات وفى عين المعاني غفور يستر على اهل الجهل والتقصير رحيم يخفف عن اهل الجهل والتوفير ومن عرف انه الغفور الذي لا يتعاظمه ذنب يعفره اكثر من الاستغفار وهو طلب المغفرة ثم ان كان مع الانكسار فهو صحيح وان كان مع التوبة فهو كامل وان كان عريا عنهما فهو باطل ومن كتب سيد الاستغفار وجرعه لمن صعب عليه الموت انطلق لسانه وسهل عليه الموت وقد جرب مرارا وسيد الاستغفار قوله اللهم أنت ربى لا اله الا أنت خلقتنى وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفرلى انه لا يغفر الذنوب الا أنت تمت سورة المزمل بعونه تعالى يوم الأربعاء الثاني والعشرين من ذى القعدة من سنة ست عشرة ومائة وألف تفسير سورة المدثر مكية وآيها ست وثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) بتشديدين أصله المتدثر وهو لابس الدثار وهو ما يلبس فوق الشعار الذي بلى الجسد ومنه قوله عليه السلام الأنصار شعار والناس دثار وفيه اشارة الى ان الولاية كالشعار من حيث تعلقها بالباطن والنبوة كالدثار من حيث تعلقها بالظاهر ولذلك خوطب عليه السلام فى مقام الانذار بالمدثر (روى) عن جابر رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال كنت على جبل حرآء فنوديت يا محمد انك رسول الله فنظرت عن يمينى وعن يسارى ولم أر شيأ فنظرت فوقى فاذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض يعنى الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت الى خديجة رضى الله عنها فقلت دثرونى دثرونى وصبوا على ماء باردا فنزل جبريل وقال يا أيها المدثر يعنى انه انما تدثر بناء على اقشعرار جلده وارتعاد فرآئصه رعبا من الملك النازل من حيث انه رأى ما لم يره قبل

[سورة المدثر (74) : آية 2]

ولم يستأنس به بعد فظن ان به مسامن الجن فخاف على نفسه لذلك وذكر حضرة الشيخ الأكبر قدس سرة الأطهر ان التدثر انما يكون من البرودة التي تحصل عقيب الوحى وذلك ان المك إذا ورد على النبي عليه السلام بعلم او حكم يلقى ذلك الروح الإنسان وعند ذلك تشتعل الحرارة الغريزية فيتغير الوجه وتنقل الرطوبات الى سطح البدن لاستيلاء الحرارة فيكون من ذلك العرق فاذا سرى عنه ذلك سكن المزاج وانقشعت تلك الحرارة وانفتحت تلك المسام وقبل الجسم الهولء من خارج فيتخلل الجسم فيبرد المزاج فتأخذه القشعريرة فتزاد عليه الثياب ليسخن انتهى وقرر بعضهم هذا المقام على غير ما ذكر كما قال فى كشف الاسرار وتفسير الكاشفى جابر بن عبد الله رضى الله عنه نقل ميكند از رسول صلى الله عليه وسلم در زمان فترت وحي براهى ميرفتم ناكاه از آسمان آوازى شنيدم چشم بالا كردم ديدم همان ملك كه در غار حرا بمن آمده بود بر كرسى نشسته ميان زمين وآسمان از سطوت وهيأت وعظمت وهيكل او خوفى بر من طارى شد بخانه بازگشتم وكفتم مرا بپوشانيد جامها بر من پوشيدند ومن در انديشه آن حال بودم كه حضرت عزت جل شأنه وحي فرستاد كه يا ايها المدثر. وقال السهيل رحمه الله كان عليه السلام متدثرا بثيابه حين فزع من هول الوحى أول نزوله قال دثرونى دثرونى فقال له ربه يا ايها المدثر ولم يقل يا محمد ولا يا فلان ليستشعر اللين والملاطفة من ربه كما تقدم فى المزمل وفائدة اخرى مشاكلة الآية بما بعدها ووجه المشاكلة بين أول الكلام وبين قوله قم فأنذر خفى الا بعد التأمل والمعرفة بقوله عليه السلام انى انا النذير العريان ومعنى النذير العريان الجاد المشمر وكان النذير من العرب إذا جتهد جرد ثوبه وأشار به مع الصياح تأكيدا فى الانذار والتحذير وقد قيل ايضا ان اصل قولهم النذير العريان ان رجلا من خثعم وهو كجعفر جبل واهل خثعميون وابن انما رابو قبيلة من معد كما فى القاموس اخذه العدو فقطعوا يده وجردوا ثيابه فأفلت الى قومه نذيرا لهم وهو عريان فقيل لكل مجتهد فى الانذار والتخويف النذير العريان فاذا ثبت هذا فقد تشاكل الكلام بعضه ببعض فأمر المتدثر بالثياب مضاف الى معنى النذير العريان ومقابل ومرتبط به لفظا ومعنى قُمْ اى من مضجعك يعنى خوابكاه فَأَنْذِرْ الناس جميعا من عذاب الله ان لم يؤمنوا لانه عليه السلام مرسل الى الناس كافة فلم تكن ملة من الملل الا وقد بلغتها دعوته وقرعها إنذاره وأفرد الانذار بالذكر مع انه أرسل بشيرا ايضا لان التخلية بالمعجمة قبل التحلية بالمهملة وكان الناس عاصين مستحقين للتخويف فكان أول الأمر هو الانذار. يقول الفقير امده الله القدير بالفيض الكثير خوطبت بقوله قم فانذر وانا متوجه مراقب عند الرأس الشريف فى الحرم النبوي فحصل لى اضطراب عظيم وحيرة كبرى من سطوة الخطاب الإلهي وغلبنى الارتعاد وظننت انى مأمور بالإنذار الظاهري فى ذلك المقام لما ان اكثر الناس كانوا يسيئون الأدب فى ذلك الحرم حتى انى بكيت مرة بكاء شديدا من غلبة الغيرة فقيل لى أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ثم انى عرفت بالهام من الله تعالى انى رسول نفسى لا غير مأمور بتزكيتها وإصلاح قواها ومن الله الاعانة على ذلك

[سورة المدثر (74) : الآيات 3 إلى 4]

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه تعالى بالكبرياء اعتقادا وقولا وعظمة عما يقول فيه عبدة الأوثان وسائر الظالمين ويروى انه لما نزل قال رسول الله عليه السلام الله اكبر فكبرت خديجة ايضا وفرحت وأيقنت انه الوحى لان الشيطان لا يأمر بالتكبير ونحوه ودخل فيه تكبير الصلاة وان لم يكن فى أوائل النبوة صلاة وذلك لان الصلاة عبارة عن أوضاع وهيئات كلها تعطى التقييد والله منزه عن جميع التعينات فلزم التكبير فيها لان وجه الله يحاذى وجه العبد حينئذ على ما ورد فى الخبر الصحيح والفاء لمعنى الشرط كأنه قيل ما كان اى اى شىء حدث فلا تدع تكبيره ووصفه بالكبرياء او للدلالة على ان المقصود الاول من الأمر بالقيام ان يكبر ربه وينزهه عن الشرك فان أول ما يجب معرفة الصانع ثم تنزيهه عما لا يليق بجنابه فالفاء على هذا تعقيبية لا جزائية. واعلم ان كبرياءه تعالى ذاتى له قائم بنفسه لا بغيره من المكبرين فهو اكبر من أن يكبره غيره بالتكبير الحادث ولذا قال عليه السلام ليلة المعراج لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فهو المكبر والمثنى لذاته بذاته بتكبير وثناء قديم من الأزل الى الأبد وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ جمع ثوب من اللباس اى فطهرها مما ليس بطاهر بحفظها وصيانتها عن النجاسات وغسلها بالماء الطاهر بعد تلطخها فانه قبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبيثا سوآء كان فى حال الصلاة او فى غيرها وبتقصيرها ايضا فان طولها يؤدى الى جر الذبول على القاذورات فيكون التطهير كناية عن التقصير لانه من لوازمه ومعنى التقصير أن تكون الى انصاف الساقين اولى الكعب فانه عليه السلام جعل غاية طول الإزار الى الى الكعب وتوعد على ما تحته بالنار. وحضرت مرتضى رضى الله عنه كفت كوتاه كن جامه را. فانه أتقى وأنقى وأبقى وهو أول ما أمر به عليه السلام من رفض العادات المذمومة فان المشركين ما كانوا يصونون ثيابهم عن النجاسات وفيه انتقال من تطهير الباطن الى تطهير الظاهر لان الغالب ان من نقى باطنه أبى الا اجتناب الخبث وإيثار الطهارة فى كل شىء فان الدين بنى على النظافة ولا يدخل الجنة الا نظيف والله يحب الناسك النظيف وفى الحديث غسل الإناء وطهارة الفناء يورثان الغنى وفى المرفوع نظفوا أفواهكم فانها طرق القرآن قال الراغب الطهارة ضربان طهارة جسم وطهارة نفس وقد حمل عليهما عامة الآيات وقوله وثيابك فطهر قيل معناه نفسك نزهما عن المعايب انتهى او طهر قلبك كما فى القاموس او اخلاقك فحسن قاله الحسن وفى الخبر حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار او عملك فأصلح كما فى الكواشي ومنه الحديث يحشر المرء فى ثوبيه اللذين مات فيهما اى عمليه الخبيث والطيب كما فى عين المعاني وانه ليبعث فى ثيابه اى اعماله كما فى القاموس او أهلك فطهرهم من الخطايا بالوعظ والتأديب والعرب تسمى الأهل ثوبا ولباسا قال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن (كما فى كشف الاسرار) وقال ابن عباس لا تلبسها على معصية ولا على غدار البسها وأنت بر طاهر كما فى فتح الرحمن قال الشاعر وانى بحمد الله لا ثوب فاحر ... لبست ولا من غدرة أتقنع

[سورة المدثر (74) : الآيات 5 إلى 11]

وذلك ان الغادر والفاجر يسمى دنس الثياب كما ان اهل الصدق والوفاء يسمى طاهر الثياب. ودر نفحات از شيخ ابو الحسن شاذلى قدس سره نقل ميكند كه حضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم در خواب ديدم ومرا كفت اى على طهر ثيابك من الدنس تحفظ بمدد الله فى كل نفس يعنى پاكيزه كردان جامهاى خود را از چرك تا بهره مند كردى بمدد وتأييد خداى تعالى در هر نفسى كفتم يا رسول الله ثياب من كدامست فرمود كه بر تو حق تعالى پنج خلعت پوشانيد خلعت محبت وخلعت معرفت وخلعت توحيد وخلعت ايمان وخلعت اسلام هر كه خدايرا دوست دارد بر وى آسان شود هر چيز وهر كه خدايرا بشناسد در نظر وى خرد نمايد هر چيز وهر كه خدايرا به يكانكى بداند بوى شريك نيارد هيچ چيز را وهر كه خداى تعالى را ايمان آرد ايمن كردد از هر چيز وهر كه بإسلام متصف بود خدايرا عاصى نشود واگر عاصى شود اعتذار كند و چون اعتذار كند قبول افتد بفضل الله تعالى پس شيخ فرمود از اينجا دانستم قول خدايرا وثيابك فطهر در تو پوشيد لطف يزدانى ... خلعتى از صفات روحانى دارش از لوث خشم وشهوت دور ... تا بپاكيزكى شوى مشهور وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قرأ عاصم فى رواية حفص الرجز بالضم والباقون بكسر الراء ومعناهم واحد وهو الأوثان وقد سبق معنى الهجر فى المزمل اى ارفض عبادة الأوثان ولا تقربها كما قال ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الأصنام ويقال الرجز العذاب اى واهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدى اليه من الما آثم سمى ما يؤدى الى العذاب رجزا على تسمية المسبب باسم سببه والمراد الدوام على الهجر لانه كان بريئا من عبادة الأوثان ونحوها وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ برفع تستكثر لانه مستقبل فى معنى الحال اى ولا تعط مستكثرا اى رائيا لما تعطيه كثيرا او طالبا للكثير على انه نهى عن الاستغزار وهو أن يهب شيأ وهو يطمع أن يتعوض من الموهوب له اكثر مما أعطاه وهو جائز ومنه الحديث المستغزر يثاب من هبته اى يعوض منها والغزارة بالغين المعجمة وتقديم الزاى الكثرة فهو اما للتحريم وهو خاص برسول الله عليه السلام لعلو منصبه فى الأخلاق الحسنة ومن ذلك حلت الزكاة لفقراء أمته ولم تحل له ولأهله لشرفه او للتنزيه للكل اى له ولامته وقال بعضهم هو من المنة لان من يمن بما يعطى يستكثره ويعتد به والمنة تهدم الصنيعة خصوصا إذا من بعمله على الله بأن يعده كثيرا فان العمل من الله منة عليه كما قال تعالى بل الله يمن عليكم ومن شكر طول عمره بالعبادة لم يقض شكر نعمة الإيجاد فضلا عما لا يحصى من انواع الجود وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ اى فاصبر لحكم ربك ولا تتألم من اذية المشركين فان المأمور بالتبليغ لا يخلو عن أذى الناس ولكن بالصبر يستحيل المر حلوا وبالتمرن يحصل الذوق تحمل چوزهرت نمايد نخست ... ولى شهد كردد چودر طبع رست وقال بعض اهل المعرفة اى جرد صبرك عن ملاحظة الغير فى جميع المراتب اى فى الصبر عن المعصية والصبر على الله والصبر فى البلاء كما قال تعالى واصبر وما صبرك الا بالله وقال القاشاني يا أيها المدثر

[سورة المدثر (74) : الآيات 8 إلى 11]

اى المتلبس بدثار البدن المحنجب بصورته قم عمار كنت اليه وتلبست به من أشغال الطبيعة وانتبه من رقدة الغفلة فأنذر نفسك وقواك وجميع من عداك عذاب يوم عظيم وان كنت تكبر شيأ وتعظم قدره فخصص ربك بالتعظيم والتكبير لا يعظم فى عينك غيره وليصغر فى قلبك كل ما سواه بمشاهدة كبريائه وظاهرك فطهره اولا قبل تطهير باطنك عن مدانس الأخلاق وقبائح الافعال ومذام العادات ورجز الهيولى المؤدى الى العذاب. فاهجر اى جرد باطنك عن اللواحق المادية والهيئات الجسمانية الفاسقة والغواشي الظلمانية والهيولانية ولا تعط المال عند تجردك عنه مستغزرا طالبا للاعواض والثواب الكثير به فان ذلك احتجاب بالنعمة عن المنعم وقصور همة بل خالصا لوجه الله افعل ما تفعل صابرا على الفضيلة له لا لشئ آخر غيره فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ الناقور بمعنى ما ينقر فيه والمراد الصور وهو القرن الذي ينفخ فيه اسرافيل مرة للاصعاق واخرى للاحياء فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرغ الذي هو سبب الصوت يعنى جعل الشيء بحيث يظهر منه الصوت بنوع قرع والمراد هنا النفخ إذ هو نوع ضرب للهوآء الخارج من الحلقوم اى فاذا نفخ فى الصور والفاء للسببية اى سببية ما بعدها لما قبلها دون العكس فهى بمعنى اللام السببية كأنه قيل اصبر على اذاهم فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة اذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه والعامل فى إذا ما دل عليه قوله تعالى فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ فان معناه عسر الأمر على الكافرين من جهة العذاب وسوء الحساب وذلك اشارة الى وقت النقر وهو مبتدأ ويومئذ بدل منه مبنى على الفتح لاضافة الى غير متمكن وهو إذ والتقدير إذ نقر فيه والخبر يوم عسير وعلى متعلقة بعسير دل عليه قوله تعالى وكان يوما على الكافرين عسيرا كأنه قيل فيوم النقر يوم عسير عليهم غَيْرُ يَسِيرٍ خبر بعد خبر وتأكيد لعسره عليهم لقطع احتمال يسره بوجه دون وجه مشعر تيسره على المؤمنين ثم المراد به يوم النفخة الثانية التي يحيى الناس عندها إذ هى التي يخص عسرها بالكافرين جميعا واما النفخة الاولى فهى مختصة بمن كان حيا عند وقوعها وقد جاء فى الاخبار ان فى الصور ثقبا بعدد الأرواح كلها وانها تجمع فى تلك الثقب فى النفخة الثانية فيخرج عند النفخ من كل ثقبة روح الى الجسد الذي نزع منه فيعود الجسد حيا بإذن الله تعالى وفى الحديث كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه ينظر متى يؤمر أن ينفخ فيه فقيل له كيف نصنع قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وقال القاشاني ينقر فى البدن المبعوث فينقش فيه الهيئات السيئة المردية الموجبة للعذاب او الحسنة المنجية الموجبة للثواب ولا يخفى عسر ذلك اليوم على المحجوبين على أحد وان خفى يسرة على غيرهم الأعلى المحققين من اهل الكشف والعيان ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً حال اما من الياء اى ذرنى وحدي معه فانى أكفيكه فى الانتقام منه او من التاء اى خلقته وحدي لم يشركنى فى خلقه أحدا أو من العائد المحذوف اى ومن خلقته وحيدا فريدا لا مال له ولا ولد نزلت فى الوليد بن المغيرة المخزومي وكان يلقب فى قومه يا لوحيد زعما منهم انه لا نظير

[سورة المدثر (74) : الآيات 12 إلى 16]

له فى وجاهته ولا فى ماله وكان يفتخر بنفسه ويقول أنا الوحيد ابن الوحيد ليس لى فى العرب نظير لا لأبى المغيرة نظير أيضا فسماه الله بالوحيد تهكما به واستهزاء بلقبه كقوله تعالى ذق انك أنت العزيز الكريم وصرفا له عن الغرض الذي يؤمونه من مدحه الى جهة ذمه بكونه وحيدا من المال والولد أو وحيدا من أبيه ونسبه لانه كان زنيما وهو من ألحق بالقوم وليس منهم كما مر أو وحيدا فى الشرارة والخباثة والدناءة وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً اى مبسوطا كثيرا وهو ما كان له بين مكة ولطائف من صنوف الأموال وقال النوري كان له ألف ألف دينار وَبَنِينَ ودادم او را پسران شُهُوداً جمع شاهد مثل قاعد وقعود وشهده كسمعه حضره اى حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفارقونه للتصرف فى عمل او تجارة لكونهم مكفيين لوفور نعمهم وكثرة خدمهم او حضورا معه فى الاندية والمحافل لوجاهتهم واعتبارهم وكان له عشرة بنين اسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة قاله المفسرون وأطبق المحدثون على ان الوليد بن الوليد اسلم وعمارة قتل كافرا اما يوم بدر أو فى الحبشة على يد النجاشي قال السهيلي رحمه الله هم هشام بن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله واما غير هؤلاء ممن مات منهم على دين الجاهلية فلم نسمه وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً وبسطت له الرياسة والجاه العريض فأتممت عليه النعمة فان اجتماع المال والجاه هو الكمال عند اهل الدنيا ولذا كان يلقب ريحانة قريش والريحان نبت طيب الرائحة والولد والرزق وفى التأويلات النجمية يشير الى الوليد بن مغيرة النفس الوحيدة فى الشر والظلم والجور والجهل وكثرة اموال اعماله السيئة الذميمة وثروة أجناس أخلاقه الذميمة والى بنى اتباعه الخبيثة الخسيسة وبسطة وسلطنته ورياسته ووجاهته عند ارباب النفوس المتمردة عن أوامر الحق ونواهيه المعربدة مع الحق وأهاليه وهم القوى الطبيعية الظلمانية يعنى دعنى وإياه فانى أسلط عليه أبا بكر الخفي وعمر الروح وعثمان السر وعلى القلب حتى انهم بأنوار روحانيتهم يطمسون ظلمات نفسانيته ويغيرون على اعماله ويقتلون بنى اتباعه وشيعته ويطوون بساط سلطنته ويسدون باب بسطته ثُمَّ يَطْمَعُ يرجو أَنْ أَزِيدَ على ما أوتيه من المال والولد وثم استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه اما لانه لا مزيد على ما أوتيه سعة وكثرة يعنى انه اوتى غاية ما اوتى عادة لامثاله او لانه مناف لما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم اى لا يجمع له بعد اليوم بين الكفر والمزيد من النعم كَلَّا ردع وزجر له عن طمعه الفارغ وقطع لرجائه الخائب فيكون متصلا بما قبله إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً يقال عند خالف الحق ورده عارفا به فهو عنيد وعاند يعنى منكر وستيزه كننده. والمعاندة المفارقة والمجانبة والمعارضة بالخلاف كالعناد والعنيد هنا بمعنى المعاند كالجليس والاكيل والعشير بمعنى المجالس والمؤاكل والمعاشر وهو تعليل لما قبله على وجه الاستئناف التحقيقى فان معاندة آيات المنعم وهى الآيات القرآنية مع وضوحها وكفران له مع سبوغها مما يوجب حرمانه بالكلية وانما اوتى ما اوتى استدراجا وتقديم لآياتنا على متعلقه وهو عنيدا يدل على التخصيص فتخصيص العناد بها مع كونه

[سورة المدثر (74) : الآيات 17 إلى 19]

تاركا للعناد فى سائر الأشياء يدل على غاية الخسران قيل ما زال بعد نزول هذه الآية فى نقصان من ماله حتى هلك وهو فقير آنكس كه نصيحت ز عزيزان نكند كوش ... بسيار بخايد سر انگشت ندامت سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قال الراغب رهقه الأمر غشيه بقهر يقال رهقته وأرهقته مثل ردفته وأردفته وتبعته واتبعته ومنه ارهقت الصلاة اى أخرتها حتى غشى وقت الاخرى والصعود العقبة الشاقة ويستعار لكل مشاق وهو مفعول ثان لأرحق وفى بعض التفاسير صعودا اما فعول بمعنى فاعل يستوى فيه المذكر والمؤنث مثل عقبة كؤود فيكون من قبيل تسمية المحل باسم الحال أو بمعنى مفعول من صعده وهو الظاهر فيكون تذكيره اما باعتبار كون موصوفه طريقا او باتباع مثل كؤود والمعنى سأكلفه كرها بدل ما يطمعه من الزيادة ارتقاء عقبة شاقة المصعد على حذف المضاف بحيث تغشاه شدة ومشقة من جميع الجوانب على ان يكون الارهاق تكليف الشيء العظيم المشقة بحيث تغشى المكلف شدته ومشقته من جميع الجوانب وقال الغزالي رحمه الله حالة تصعد فيها نفسه للنزع وان لم يتعقبه موت انتهى وهو مثال لما يلقى من العذاب الصعب الذي لا يطاق ويجوز أن يحمل على حقيقته كما قال عليه السلام الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى كذا ابدا. يعنى بر بالاى آن نتوان رفت او را در زنجيرهاى آتشين كشيده از پيش مى كشند واز عقب كرزهاى آتشين كشيده از پس مى كشند واز عقب كرزهاى آتشين ميزنند تا بر آنجا ميرود در هفتاد سال وباز كشتن وزير افتادن او همچنين است. قوله سبعين خريفا اى سبعين عاما لان الخريف آخر السنة فيه تتم الثمار وتدرك فصار بذلك كأنه العام كله وهذا كما تسمى العلة الصورية علة تامة لذلك قال فى القاموس الخريف كأمير ثلاثة أشهر بين القيظ والشتاء تخترف فيها الثمار اى تجتنى وعنه عليه السلام يكلف ان يصعد عقبه فى النار كلما وضع يده عليها ذابت فاذا رفعها عادت وإذا وضع رجله ذابت فاذا رفعها عادت إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ تعليل للوعيد واستحقاقه له من التفكير بمعنى التفكر والتأمل كما قال فى تاج المصادر التفكير انديشه كردن. والتقدير اندازه وتهيئه كردن. اى فكر ماذا يقول فى حق القرآن وشأنه من جهة الطعن وقدر فى نفسه ما يقوله وهيآه فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تعجيب من تقديره وأصابته فيه الغرض الذي كان ينتحيه قريش قاتلهم الله او ثناء عليه بطريق الاستهزاء به على معنى ان هذا لذى ذكره وهو كون القرآن سحرا فى غاية الركاكة والسقوط او حكاية لما ذكروه من قولهم قتل كيف قدر تهكما بهم وباعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله ومعنى قولهم قتله الله ما اشجعه وأخزاه الله ما أشعره الاشعار بانه قد بلغ من الشجاعة والشعر مبلغا حقيقا بأن يدعو عليه حاسده بذلك وقد سبق فى قاتلهم الله فى المنافقين مزيد البيان (روى) ان الوليد مر بالنبي عليه السلام وهو يقر أحم السجدة وفى بعض التفاسير فواتح سورة حم المؤمن فقال لبنى مخزوم والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة اى حسنا وبهجة وقبولا وان أعلاه لمثمر وان

[سورة المدثر (74) : الآيات 20 إلى 24]

أسفله لمغدق اى كثير الماء شبه القرآن بالشجرة الغضة الطرية التي استحكم أصلها بكثرة الماء وأثمرت فروعها فى السماء واثبت له أعلى وأسفل ولأعلاه الأثمار ولأسفله الاغداق على طريق التخييل (قال الكاشفى) مر او را حلاوتى وعذوبتى هست كه هيچ سخن را نباشد وبروى طراوتى وتازكى هست كه هيچ حديثى را نبود اعلاى آن نهال مثمر سعادات كليه وأسفل اين شجره طيبه عروق فضائل وحكم عليه است. ثم قال الوليد وانه يعلو ولا يعلى فقالت قريش صبأ والله الوليد اى مال عن دينه وخرج الى دين غيره والله لتصبأن قريش كلهم اى بمتابعته لكونه رئيس القوم فقال ابن أخيه أبو جهل أنا أكفيكموه فقعد عنده حزينا وكلمه ما أحماه اى أغضبه. يعنى كفت كه قريش ميكويند تو سخنان محمد را عليه السلام پسند ميدهى وآنرا بزرك ميدارى وثنا ميكويى تا از فضله طعام ايشان بهره بردارى اگر چنين است تا همه قريش فراهم شوند وترا كفايتى حاصل كنند تا از طعام ايشان بى نياز شوى وليد اين سخن از ابو جهل بشنيد در خشم شد كفت الم تعلم قريش انى من أكثرهم مالا وولدا واين اصحاب محمد خود هركز از طعام سير نشوند واز فقر وفاقه نياسايند چهـ صورت بندد كه ايشانرا فضله طعام بود تا بديگرى دهند پس هر دو برخاستند وبر انجمن قريش شادند وليد كفت شما كه قريش ايد بدانيد كه حال وكار اين محمد در عرب منتشر كشت وموسم حج نزديكست كه عرب مى آيند واز حال وى پرسند جواب ايشان چهـ خواهيد داد. تزعمون انه مجنون فهل رأيتموه يخنق لان العرب كانت تعتقد ان الشيطان ويخنق المجنون ويتخبطه وتقولون انه كاهن فهل رأيتموه يتكهن وتزعمون انه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط وتزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيأ من الكذاب فقالوا فى كل ذلك اللهم لاثم قالوا فما هو وما تقول فى حقه ففكر فقال ما هو الا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل واهله وولده ومواليه وما الذي يقوله الا سحر يأثره عن اهل بابل فارتج النادي فرحا وتفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه راضين به ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تكرير للتعجب للمبالغة فى التشتيع وثم للدلالة على ان النكرة الثانية فى التعجيب ابلغ من الاولى اى للتراخى بحسب الرتبة وان اللائق فى شأنه ليس الا هذا القول دعاء عليه وفيما بعد على أصلها من الترخى الزمانى ثُمَّ نَظَرَ اى فى القرآن مرة بعد مرة وتأمل فيه ثُمَّ عَبَسَ فقلت وجه يعنى روى فاهم در كشيد وترش كرفت. لانه لم يجد فيه مطعنا ولم يدر ماذا يقول وَبَسَرَ اتباع لعبس قال سعدى المفتى لكن عطف الاتباع على المتبوع غير معروف والظاهر ان كلا منهما له معنى مغاير لمعنى الآخر فعبس بمعنى قطب وجهه وبسر بمعنى قبض ما بين عينيه من السوء واسود وجهه منه ذكره الحلبي والعدة عليه وقال الراغب البسر الاستعجال بالشيء قبل أوانه نحو ابسر الرجل حاجته طلبها فى غير أوانها وقوله ثم عبس وبسر اى اظهر العبوس قبل أوانه وفى غير وقته انتهى ثُمَّ أَدْبَرَ عن الحق وَاسْتَكْبَرَ عن اتباعه فَقالَ عقيب توليه عن الحق إِنْ نافية بمعنى ما لذا أورد الا بعدها هذا الذي يقوله محمد عليه السلام اى القرآن

[سورة المدثر (74) : الآيات 25 إلى 31]

إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ اى يروى ويتعلم من الغير وليس هو من سحره بنفسه يقال اثرت الحديث آثره اثرا إذا حدثت به عن قوم فى آثارهم اى بعد ما ماتوا هذا هو الأصل ثم كان بمعنى الرواية عمن كان وحديث مأثور اى منقول ينقله خلف عن سلف وادعية مأثورة اى مروية عن الأكابر وفى تعلم السحر لحكمة رخصة واعتقاد حقيته والعمل به كفر كما قيل (عرفت الشر لا للشر لكنى لتوقيه. ومن لم يعرف الشر من الناس يقع فيه) وقد سبق معناه وما يتعلق به فى مواضعه إِنْ هذا ما هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ تأكيد لما قبله ولذا اخلى عن العاطف قاله تمردا وعنادا لا على سبيل الاعتقاد لما روى قبل انه أقر بأن القرآن ليس من كلام الانس والجن وأراد بالبشر يسارا وجبرا وأبا فكيهة اما الأولان فكانا عبدين من بلاد فارس وكانا بمكة وكان النبي عليه السلام يجلس عندهما واما أبو فكيهة فكان غلاما روميا يتردد الى مكة من طرف مسيلمة الكذاب فى اليمامة سَأُصْلِيهِ سَقَرَ اى ادخله جهنم لما قال فى الصحاح سقر اسم من اسماء النار وقال ابن عباس رضى الله عنهما اسم للطبقة السادسة من جهنم يقال سقرته الشمس إذا آذته وآلمته وسميت سقر لايلامها قوله سأصليه سقر بدل من سارهقه صعود أبدل الاشتمال سوآء جعل مثلا لما يلقى من الشدائد أو اسم جبل من نار لان سقر تشتمل على كل منهما وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ما الاولى مبتدأ وادراك خبره وما الثانية خبر لقوله سقر لانها المفيدة لما قصد افادته من التهويل والتفظيع دون العكس كما سبق فى الحاقة والمعنى اى شىء أعلمك ما سقر فى وصفها يعنى انه خارج عن دائرة ادراك العقول ففيه تعظيم لشأنه لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ بيان لوصفها وحالها وانجاز للوعد الضمنى الذي يلوح به وما ادراك ما سقر أي لا تبقى شيأ يلقى فيها الا أهلكته بالإحراق وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد خلقا جديدا وتهلكه إهلاكا ثانيا وهكذا كما قال تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها اولا تبقى على شىء اى لا تترحم عليه ولا تدعه من الهلاك بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة لانها خلقت من غضب الجبار قال فى تهذيب المصادر الإبقاء باقى كردن ونيز شفقت بردن. وقيل لا تبقى حيا ولا نذر ميتا كقوله تعالى ثم لا يموت فيها ولا يحيى لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ يقال لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسودته ولاحه السفر او العطش اى غيره وذلك ان الشيء إذا كان فيه دسومة فاذا احرق اسود والبشر جمع بشرة وهى ظاهر جلد الإنسان اى مغيرة لأعلى الجلد وظواهره مسودة لها قيل تلفح الجلد لفسحة فتدعه أشد سوادا من الليل فان قلت لا يمكن وصفها بتسويد البشرة مع قوله لا تبقى ولا تذر قلت ليس فى الآية دلالة على انها تفنى بالكلية مع انه يجوز ان يكون الافناء بعد التسويد وقيل لامحة للناس على ان لواحة اسم فاعل من لاح يلوح اى ظهر وأن البشر بمعنى الناس قيل انها تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام فهو كقوله تعالى ويرزت الجحيم لمن يرى فيصل الى الكافر سمومها وحرورها كما يصل الى المؤمن ريح الجنة ونسيمها من مسيرة خمسمائة عام عَلَيْها اى على سقر تِسْعَةَ عَشَرَ اى ملكا يتولون أمرها ويتسلطون على أهلها وهم مالك وثمانية عشر معه أعينهم كالبرق

الخاطف وأنيابهم كالصياصى وأشعارهم تمس أقدامهم بخرج لهب النار من أفواههم ما بين منكبى أحدهم مسيرة سنة نزعت منهم الرأفة والرحمة يأخذ أحدهم سبعين ألفا فى كفه ويرميهم حيث أراد من جهنم قيل هذه التسعه عشر عد الرؤساء والنقباء واما جملة أشخاصهم فكما قال تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو فيجوز أن يكون لكل واحد منهم أعوان لا تعد ولا تحصى ذكر ارباب المعاني والمعرفة فى تقدير هذا العدد وتخصيصه وجوها (منها ان سبب فساد النفس الانسانية فى قوتها النظرية والعملية هو القوى الحيوانية والطبيعية فالقوى الحيوانية هى الخمس الظاهرة والخمس الباطنة والشهوة والغضب ومجموعها اثنتا عشرة واما القوى الطبيعية فهى الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة فالمجموع تسع عشرة قال ابن الشيخ والمراد بالقوى الحيوانية القوى التي تختص بالحيوان من بين المواليد الثلاثة الحيوان والنبات والمعدن وهى قسمان مدركة وفاعله فالاركة اى ما لها مدخل فى الإدراك بالمشاهدة والحفظ عشر وهى الحواس لخمس الظاهرة والخمس الباطنة والفاعلة اى مالها مدخل فى الفعل اما باعثة او محركة وهما اثنتان الشهوة والغضب والقوى الطبيعية هى القوى التي لا تختص بالحيوان بل توجد فى النبات ايضا وهى سبع ثلاث منها مخدومة وهى الغاذية والنامية والمولدة واربع منها خوادم وهى الجاذبة والهاضمة والماسكة والدافعة فلما كان منشأ الآفات هو هذه القوى التسع عشرة كان عدد الزبانية هكذا قال سعدى المفتى وأنت خبير بأن اثبات هذه القوى بناؤه على الأصول الفلسفية ونقى الفاعل المختار فيصان تفسير كلام الله عن أمثاله اى وان ذكرها الامام فى التفسير الكبير وتبعه من بعده وقال ايضا والحق ان يحال علمه الى الله تعالى فالعقول البشرية قاصرة عن ادراك أمثاله انتهى ويرده ما قال الامام السهيلي فى الأمالي ان النكتة التي من أجلها كانوا تسعة عشر عددا ولم يكونوا اكثرأ وأقل فلعمرى ان فى الكتاب والسنة لدليلا عليها واشارة إليها ولكنها كالسر المكنون والناس اسرع شىء الى انكار ما لم يألفوه وتزييف ما لم يعرفوه ولا يؤمن فى نشرها وذكرها سوء التأويل لقصور اكثر الافهام عن الوعى والتحصيل مع قلة الانصاف فى هذا الجبل انتهى (ومنها ان أبواب جهنم سبعة سنة منها للكفار وواحد للفساق ثم ان الكفار يدخلون النار لأمور ثلاثة ترك الاعتقاد وترك الإقرار وترك العمل فيكون لكل باب من تلك الأبواب السنة ثلاثة فالمجموع ثمانيه عشر واما باب الفساق فليس هناك الا ترك العمل فالمجموع تسعة عشر (ومنها ان الساعات اربع وعشرون خمس منها مشغولة بالصلوات الخمس فيبقى منها تسع عشرة مشغولة بغير العبادة مصروفة الى ما يؤاخذ به بأنواع العذاب يعنى انه لم يخلق فى مقابلة الخمس التي جعلت مواقيت الصلاة زبانية تكريما لها فلا يلزم الاختصاص بالمصلين من عصاة المؤمنين كما فى حواشى سعدى المفتى فلا جرم صار عد الزبانية تسعه عشر ومنها انه تعالى حفظ جهنم بما حفظ به الأرض من الجبال وهى مائة وتسعون أصلها تسعة عشر (ومنها ان المدبرات للعالم النجوم السيارة وهى سبعة والبروج الاثنا عشر الموكلة بتدبير العالم السفلى المؤثرة فيه تقمعهم بسياط التأثير وترديهم فى مهاويها) ومنها ما قال السجاوندى فى عين

[سورة المدثر (74) : آية 31]

المعاني قد تكلموا فى حكمة العدد على انه لا تطلب للاعداد العلل فان التسعة اكثر الآحاد والعشرة اقل العشرات فقد جمع بين اكثر القليل واقل الكثير يعنى ان التسعة عشر عدد جامع بينهما فلهذا كانت الزبانية على هذا العدد (ومنها ما قال فى كشف الاسرار ان قوله بسم الله الرحمن الرحيم) تسعة عشر حرفا وعدد الزبانية تسعة عشر ملكا فيدفع المؤمن بكل حرف منها واحدا منهم وقد سبقت رحمته غضبه ومنها ما لاح لهذا الفقير قبل الاطلاع على ما فى كشف الاسرار وهو أن عدد حروف البسملة تسعة عشر (كما قال المولى الجامى) نوزده حرفست كه هـژده هزار ... عالم ازو يافته فيض عميم ولما كانت البسملة آية الرحمة والكفار والفساق لم يقبلوه هذه الآية حيث سلكوا سبيل الكفر والمعاصي خلق الله فى مقابلة كل حرف منها ملكا من الغضب والجلال وجعله آية الغضب كما جعل خازن الجنة آية الرحمة دل على ما قلنا قوله عليه السلام يسلط على الكافر فى قبره تسعة وتسعون تنينا وهو اكبر الحيات بالفارسية اژدر. فى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق أحمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف يبتلع الإنسان والحيوان وسره انه كفر بالله وبأسمائه الحسنى التي هى تسعة وتسعون فاستحق ان يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا بعد دها فى قبره الذي هو حفرة من حفر النيران فلا يلزم ان يسلط عليه ذلك العدد فى النار فالتسع عدد القهر والحصر والانقراض لانه ينقرض عن اهل النار امداد الرحمة الرحيمية (ومنها ما فى التأويلات النجمية من ان اختلال النفوس البشرية بحسب العمل والعلم والدخول فى جهنم البعد والطرد واللعن والحجاب والاحتجاب مترتب على موجباتها وهى تسعة غير الحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة وهى الأعضاء والجوارح السبع التي ورد بها الحديث بقوله عليه السلام أمرت ان اسجد على سبعة أعضاء وآراب والطبيعة البشرية المشتملة على الكل المؤثرة فى الكل بحسب الظاهر والباطن ويجوز أن تكون القوة الغضبية والشهوية بدل الطبيعة فصارا الكل تسعة عشر وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ اى المدبرين لامرها القائمين بتعذيب أهلها فأصحاب النار هنا غير اصحاب النار فى قوله تعالى لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وفى كشف الاسرار وما جعلنا خزنة اصحاب النار فخذف المضاف انتهى وفيه بعد لانهم خزنة النار لا خزنة أصحابها إِلَّا مَلائِكَةً ليخالفوا جنس المعذبين من الثقلين فلا يرقوا لهم ولا يميلوا إليهم فان المجانسة مظنة الرأفة فلذا بعث الرسول من جنسنا ليرحم بنا ولانهم أقوى الخلق وأقومهم بحق الله وبالغضب له تعالى وأشدهم بأسا وعن النبي عليه السلام لقوة أحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الامة وعلى رقبته جبل فيرمى بهم فى النار ويرمى بالجبل عليهم ويروى انه لما نزل قوله تعالى عليها تسعة عشر قال أبو جهل لقريش أيعجز كل عشرة منكم ان يبطشوا برجل منهم فقال أبو الأسود ابن أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد البطش والقوة حتى كان من قوته انه إذا قام على أديم واجتمع جماعة على ازالة رجلية عنه لم يقدروا عليه فكانوا يشدون الأديم حتى يتقطع قطعا ورجلاه على حالهما أنا أكفيكم سبعة عشر منهم فاكفونى أنتم

اثنين فنزلت اى وما جعلناهم رجالا من جنسكم يطاقون فمن ذا الذي يغلب الملائكة والواحد منهم يأخذ أرواح جميع الخلق وللواحد منهم من القوة ما يقلب الأرض فيجعل عاليها سافلها. وتمام آدميان طاقت ديدار يك فرشته ندارند تا بمقاومت كجا بسر آيند وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اى وما جعلنا عددهم الا العدد الذي تسبب لافتتانهم ووقوعهم فى الكفر وهو التسعة عشر فعبر بالأثر عن المؤثر أي بالفتنة عن العدد المخصوص تنبيها على التلازم بينهما وحمل الكلام على هذا لان جعل من دواخل المبتدأ والخبر فوجب حمل مفعوله الثاني على الاول ولا يصح حمل افتتان الكفار على عدد الزبانية الا بالتوجيه المذكور فان عدتهم سبب للفتنة لا فتنة نفسها ثم ليس المراد مجرد جعل عددهم ذلك العدد المعين فى نفس الأمر بل جعله فى القرآن ايضا كذلك وهو الحكم بأن عليها تسعة عشر إذ بذلك يتحقق افتتانهم باستقلالهم له واستبعادهم لتولى هذا العدد القليل امر الجم الغفير واستهزائهم به حسبما ذكر وعليه يدور ما سيأتى من استيقان اهل الكتاب وازدياد المؤمنين ايمانا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ متعلق بالجعل على المعنى المذكور والسين للطلب اى ليكتسبوا اليقين بنبوته عليه السلام وصدق القرآن لما شاهدوا ما فيه موافقا لما فى كتابهم وفى عين المعاني سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة النار وعددهم فأجاب عليه السلام بانهم تسعة عشر. يعنى دو بار بأصابع يدين اشارت فرمود ودر كرت دوم إبهام يمنى را إمساك فرمود وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً اى يزداد ايمانهم كيفية بما رأوا من تسليم اهل الكتاب وتصديقهم انه كذلك او كمية بانضمام ايمانهم بذلك الى ايمانهم بسائر ما انزل وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ تأكيد لما قبله من الاستيقان وازدياد الايمان فان نفى ضد الشيء بعد اثبات وقوعه ابلع فى الإثبات ونفى لما قد يعترى المستيقن والمؤمن من شبهة ما فيحصل له يقين جازم بحيث لا شك بعده وانما لم ينظم المؤمنين فى سلك اهل الكتاب فى نفى الارتياب حيث لم يقل ولا يرتابوا للتنبيه على تباين النفيين حالا فان انتفاء الارتياب من اهل الكتاب مقارن لما ينافيه من الجحود ومن المؤمنين مقارن لما يقتضيه من الايمان وكم بينهما والتعبير عنهم باسم الفاعل بعد ذكرهم بالموصول والصلة الفعلية المنبئة عن الحدوث للايذان بثباتهم على الايمان بعد ازدياده ورسوخهم فى ذلك وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شك او نفاق فان كلامنهما من الأمراض الباطنة فيكون أحبارا بما سيكون فى المدينة بعد الهجرة إذ النفاق انما حدث بالمدينة وكان اهل مكة اما مؤمنا حقا واما مكذبا واما شاكا وَالْكافِرُونَ المصرون على التكذيب فان قلت كيف يجوز أن يكون قولهم هذا مقصود الله تعالى قلت اللام ليست على حقيقتها بل للعاقبة فلا إشكال ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا تمييز لهذا او حال منه بمعنى ممثلا به كقوله هذه ناقة الله لكم آية اى اى شىء أراد بهذا العدد المستغرب استعراب المثل فاطلاق المثل على هذا العدد على سبيل الاستعارة حيث شبهوه بالمثل المضروب وهو القول السائر فى الغرابة حيث لم يكن عقدا تاما كعشرين او ثلاثين والاستفهام لانكار أنه من عند

الله بناء على انه لو كان من عنده لما جاء ناقصا وافراد قولهم هذا بالتعليل مع كونه من باب فتنتهم للاشعار باستقلاله فى الشناعة كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ذلك اشارة الى ما قبله من معنى الضلال اى يضل الله من يشاء إضلاله كأبى جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم وعددهم اضلالا كائنا مثل ما ذكر من الإضلال لا اضلالا أدنى منه لصرف اختياره الى جانب الضلال عند مشاهدته لآيات الله الناطقة بالحق وأصله ان الله لا يضل الا بحسب الضلالة الازلية لان الضلال وصرف الاختيار الى جانبه كل منهما من مقتضى عينه الثابثة وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته كاصحاب محمد عليه السلام هدايته كائنة مثل ما ذكر من الهداية لا هداية أدنى منها لصرف اختياره عند مشاهدة تلك الآيات الى جانب الهدى وحقيقته ان الله لا يهدى الا بموجب الهداية الازلية إذ الاهتداء وصرف الاختيار الى جانبه كل منهما من أحواله الازلية فلا يجوز خلافه فى عالم العين فى الابد وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ اى جموع خلقه التي من جملتها الملائكة المذكورون والجنود جمع جند بالضم وهو العسكر وكل مجتمع وكل صنف من الخلق على حدة وفى الحديث ان الله جنودا منها العسل إِلَّا هُوَ لفرط كثرتها وفى حديث موسى عليه السلام انه سأل ربه عن عدد اهل السماء فقال تعالى اثنا عشر سبطا عدد كل سبط عدد التراب وفى الاسرار المحدية ليس فى العالم موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله والدليل على ذلك أمر النبي عليه السلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين وفيه اشارة الى ان الله فى اختيار عدد الزبانية حكمة والا فجنوده خارجة عن دائرة العد والضبط قال القاشاني وما يعلم عدد الجنود وكميتها وكيفيتها وحقيقتها الا هو لاحاطة علمه بالماهيات وأحوالها وفى التأويلات النجمية الا هويتة الجامعة لجميع جنود التعينات الغير المتناهية بحسب الأسماء الجزئية والجزئيات الأسماء قال بعض العارفين خلقت الملائكة على مراتب فأرواح ليس لهم عقل الا تعظيم جناب الله وليس لهم وجه مصروف الى العالم ولا الى نفوسهم قد هيمهم جلال الله واختطفهم عنهم فهم فيه حيارى سكارى وأرواح مدبرة أجساما طبيعية ارضية وهى أرواح الأناسي وأرواح الحيوانات من جسم عنصرى طبيعى وهذه الأرواح المدبرة لهذه الأجسام مقصورة عليها مسخر بعضها لبعض كما قال تعالى ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وأرواح اخر مسخرات لمصالحنا وهم على طبقات كثيرة فمنهم الموكل بالوحى ومنهم الموكل بالإلقاء ومنهم الموكل بالارزاق ومنهم الموكل بقبض الأرواح ومنهم الموكل بإحياء الموتى ومنهم الموكل بالاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم ومنهم الموكل بالغراسات فى الجنة جزاء لاعمال العباد ومنهم غير ذلك واما مراتبهم وتفاوتهم ففيهم الأكبر والكبير فجبريل اكبر من عزرآئيل وميكائيل اكبر من جبريل واسرافيل اكبر من ميكائيل وقال بعضهم هذه الجنود ليست معدة للمحاربة بل هى لترتيب المملكة الظاهرة للعالم الأعلى والأسفل لانه إذا كان ما فى السموات وما فى الأرض جنوده فلمن يقاتلون فما بقي الا ان المراد بهم جنود التسخير إذ العالم كله مسخر بعضه لبعض وجمع الملائكة

مسخرون لنا بأسرهم تحت أيدي اثنى عشر ملكا الذين ولاهم الله على عالم الخلق ومقرهم فى الفلك الأقصى كل وال فى برج كأبراج سور المدينة جالس على تخت وقد رفع الله الحجاب بين هؤلاء الولاة وبين اللوح المحفوظ فرأوا فيه مسطرا أسماءهم ومراتبهم وما شاء الله ان يجريه على أيديهم فى عالم الخلق الى يوم القيامة فارتقم ذلك كله فى نفوسهم وعلوه علما محفوظا لا يتبدل ولا يتغير كما علمنا نحن أسماءهم وأحوالهم من مقابلة قلوبنا للوح المحفوظ ثم ان الله جعل لكل واحد من هؤلاء الولاة حاجبين ينفذان أوامرهم الى نوابهم وجعل بين كل حاجبين سفيرا يمشى بينهما بما يلقى اليه كل واحد منهما وعين الله لهؤلاء الذين جعلهم حجابا لهؤلاء الولاة فى الفلك الثاني منازل يسكنونها وأنزلهم إليها وهى الثماني والعشرون منزلة التي تسمى المنازل التي ذكرها الله بقوله والقمر قدرناه منازل يعنى فى سيره ينزل كل يوم منزلة منها الى ان ينتهى الى آخرها ثم يدور دورة اخرى ليعلموا بسيرة وسير الشمس والخنس عدد السنين والحساب وكل شىء فصله الحق لنا تفصيلا فأسكن فى هذه المنازل هذه الملائكة وهم حجاب أولئك الولاة الذين فى الفلك ثم ان الله امر هؤلاء ان يجعلوا لهم نوابا ونقباء فى السموات السبع فى كل سماء نقيبا كالحجاب لهم لينظروا فى مصالح العالم العنصري بما يلقيه إليهم هؤلاء الولاة ويأمر ونهم به وهو قوله تعالى وأوحى فى كل سماء أمرها فجعل الله أجسام هذه الكواكب النقباء أجساما نيرة مستديرة ونفخ فيها أرواحها وأنزلها فى السموات السبع فى كل سماء واحد منهم وقال لهم قد جعلتكم تستخرجون ما عند هؤلاء الاثني عشر واليا بواسطة الحجاب الثمانية والعشرين كما يأخذ أولئك الولاة عن اللوح المحفوظ ثم جعل الله لكل نقيب من هؤلاء السبعة النقباء فلكا يسبح فيه هو له كالجواد للراكب وهكذا الحجاب لهم أفلاك يسجون فيها إذ كان لهم التصرف فى حوادث العالم والاستشراف عليه ولهم سدنة وأعوان يزيدون على الالف أعطاهم الله مراكب سماها أفلاكا فهم ايضا يسجون فيها وهى تدور بهم على المملكة فى كل يوم مرة فلا يفوتهم شىء من المملكة أصلا من ملك السموات والأرض فتدور الولاة وهؤلاء الحجاب والنقباء والسدنة كلهم فى خدمة هؤلاء الولاة والكل مسخرون فى حقنا إذ كنا نحن المقصود الأعظم من العالم كله قال تعالى وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه وسبب دوران الافلاك علينا كل يوم دورة انما هو لينظر هولاء الولاة فيما تدعو حاجة الخلق اليه من الأمور فيسدوا خللهم وينفذوا احكام الله فيهم من كونه مريدا فى خلقه لا من كونه آمرا اليه فينفذون الاقدار فيهم فى ازمان مختلفة وكما جعل الله زمام هذه الأمور بأيدى هؤلاء الجماعة من الملائكة واقعد منهم من اقعد فى برجه ومسكنه الذي فيه تخت ملكه وانزل من انزل من الحجاب والنقباء الى منازلهم فى سمواتهم كذلك جعل فى كل سماء ملائكة مسخرة وجعلهم على طبقات فمنهم اهل العروج بالليل والنهار من الحق إلينا ومنا الى الحق فى كل صباح ومساء ولا يقولون الا خيرا فى حقنا ومنهم المستغفرون لمن فى الأرض ومنهم المستغفرون للمؤمنين لغلبة الغيرة الالهية عليهم كما غلبت الرحمة على

[سورة المدثر (74) : الآيات 32 إلى 39]

المستغفرين لمن فى الأرض ومنهم الموكلون بايصال الشرائع ومنهم الموكلون بالممات ومنهم الموكلون بالإلهام وهم الموصلون العلوم الى القلوب ومنهم الموكلون بالأرحام بتصوير ما يكون لله فى الأرحام ومنهم الموكلون بنفخ الأرواح ومنهم الملائكة التسعة عشر الموكلون بالفشاعة لمن دخل النار ومنهم الموكلون بالأرزاق ومنهم الموكلون بالامطار ومنهم الصافات والزاجرات والتاليات والمقسمات والمرسلات والناشرات والنازعات والناشطات والسابقات والسابحات والملقيات والمدبرات ولذلك قالوا وما منا الا له مقام معلوم فما من حادث بحدثه الله فى العالم الا وقد وكل الله بإجرائه الملائكة ولكن بأمر هؤلاء الولاة من الملائكة فلا يزالون تحت سلطانهم إذ هم خصائص الله ثم ان العامة ما تشهد من هؤلاء الملائكة الا منازلهم التي هى اجرام الكواكب ولا تشهد اعيان الحجاب ولا النقباء واما اهل الكشف فيشهدونهم فى منازلهم عيانا. ثم اعلم ان الله قد جعل فى هذا العالم العنصري خلقا من جنسهم ولاة عليهم نظير العالم العلوي فمنهم الرسل والخلفاء والسلاطين والملوك وولاة امور جميع العالم من القضاة واضرابهم ثم جعل بين أرواح هؤلاء الولاة الذين هم فى الأرض والولاة الذين هم فى السموات مناسبات ودقائق تمتد إليهم بالعدل مطهرة من الشوائب مقدسة عن العيوب فيقبل هؤلاء الولاة الارضيون منهم بحسب استعدادتهم فمن كان استعداده حسنا قويا قبل ذلك الأمر على صورته طاهرا مطهرا فكان والى عدل وامام فضل ومن كان استعداده رديئا قبل ذلك الأمر الطاهر ورده الى شكله من الرداءة والقبح والجور فكان والى جور ونائب ظلم وبخل فلا يلومن الا نفسه فهذه أمهات مراتب حكام العالم اصحاب المراتب على سبيل الإجمال واما لرعية فلا يحصى عددهم الا الله ولله تعالى فى الأرض ملائكة لا يصعدون الى السماء أبدا وملائكة فى السماء لا ينزلون الى الأرض أبدا كل قد علم صلاته وتسبيحه بالهام من الله تعالى كذا فى كتاب الجواهر للامام الشعراني رحمه الله وَما هِيَ اى سقر وذكر صفتها إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ الا تذكرة وعظة وإنذار لهم بسوء عاقبة الكفر والضلال وتخصيص الانس مع انها تذكرة للجن ايضا لانهم هم الأصل فى القصد بالتذكرة او وما عدة الخزنة الا تذكرة لهم ليتذكروا ويعلموا ان الله قادر على ان يعذب الكثير الغير المحصور من كفار الثقلين وعصاتهم بهذا العدد بل هو لا يحتاج فى ذلك الى أعوان وأنصار أصلا فانه لو قلب شعرة واحدة فى عين ابن آدم او سلط الألم على عرق واحد من عروق بدنه لكفاه ذلك بلاء ومحنة وانما عين العدد وخلق الجنود لحكمة لا لاحتياج ويجوز أن يعود الضمير الى الآيات الناطقة بأحوال سقر فانها تذكرة لاشتمالها على الانذار كَلَّا ردع لمن أنكر سقر أي ارتدع عن إنكارها فانها حق او انكار ونفى لان تكون لهم تذكرة فان كونها ذكرى للبشر لا ينافى ان بعضهم لا يتذكرون بل يعرضون عنها بسوء اختيارهم ألا يرى الى قوله تعالى فما لهم عن التذكرة معرضين وَالْقَمَرِ مقسم به مجرور بواو القسم يعنى وسوكند بماه كه معرفت اوقات وآجال بوى باز بسته است. وفى فتح الرحمن تخصيص تشريف وتنبيه على النظر فى عجائبه وقدرته فى حركاته

[سورة المدثر (74) : الآيات 33 إلى 36]

المختلفة التي هى مع كثرتها واختلافها على نظام واحد لا يختل وقال أبو الليث وخالق القمر يعنى الهلال بعد ثالثه وَاللَّيْلِ معطوف على القمر وكذا الصبح يعنى وبحرمه شب إِذْ بسكون الذال وهو ظرف لما مضى من الزمان أَدْبَرَ على وزن افعل اى انصرف وذهب فان الأدبار نقيض الإقبال وَالصُّبْحِ قال فى القاموس الصبح الفجر او أول النهار والجمع وا صباح وفى المفردات الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الأفق بحاجب الشمس إِذا ظرف لما يستقبل من الزمان واتفقوا على إذا هاهنا نظرا الى تأخره عن الليل من وجه أَسْفَرَ اى ضاء وانكشف فان الاسفار بالفارسية روشن شدن. قال الراغب السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه والاسفار يختص باللون نحو والصبح إذا اسفر اى أشرق لونه ووجهه وأسفروا بالفجر تؤجروا من قولهم أسفرت اى دخلت فيه نحو أصبحت وفى قوت القلوب الفجر الثاني هو انشقاق شفق الشمس وهو بريق بياضها الذي تحت الحمرة وهو الشفق الثاني على ضد غروبها لان شفقها الاول من العشاء هو الحمرة بعد الغروب وبعد الحمرة البياض وهو الشفق الثاني من أول الليل وهو آخر سلطان شعاع الشمس وبعد البياض سواد الليل وغسقه ثم ينقلب ذلك على الضد فيكون بعده طلوعها الشفق الاول وهو البياض وبعده الحمرة وهو شفقها الثاني وهو أول سلطانها من آخر الليل وبعده طلوع قرص الشمس فالفجر هو انفجار شعاع الشمس من الفلك الأسفل إذا ظهرت على وجه ارض الدنيا يستر عينها الجبال والبحار والأقاليم المشرفة العالية ويظهر شعاعها منتشرا الى وسط الدنيا عرضا مستطيرا انتهى (قال الكاشفى) اقسم بالقمر اى بالقلب المستعد الصافي القابل للانذار المتعظ به المنتفع بتذكره تعظيما وبليل ظلمه النفس إذ أدبر أي ذهب بانقشاع ظلمتها عن القلب باشراق نور الروح عليه وتلالى طوالعه وبصبح طلوع ذلك إذا اسفر فزالت الظلمة بكليتها وتنور القلب انتهى فظهر من هذا حسن موقع ذكر القمر والليل والصبح فى مقام ذكر سقر ودواهيها لان سقر اشارة الى الطبيعة وجهنم النفس إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ جواب للقسم والكبر جمع الكبرى جعت الف التأنيث كتائه وألحقت بها فكما جمعت فعلة على فعل كركبة وركب جمعت فعلى عليها والا ففعلى لا تجمع على فعل بل على فعالى كحبلى وحبالى والمعنى ان سقر لاحدى البلايا او لاحدى الدواهي الكبر الكثيرة وهى اى سقر واحدة فى العظم لا نظيرة لها كقولك انه أحد الرجال هذا إذا كان منكر السقر وان كان منكرا لعدة الخزنة فالمعنى انها من احدى الحجج اكبر نذيرا من قدرة الله على قهر العصاة من لدن آدم عليه السلام الى قيام الساعة من الجن والانس حيث استعمل على تعذيبهم هذا العدد القليل وان كان منكر الآيات فالمعنى انها لاحدى الآيات الكبر نَذِيراً لِلْبَشَرِ تمييز من نسبة احدى الكبر الى اسم ان لان معناه انها من معظمات الدواهي التي خلقها الله للتعذيب فيصح ان ينتصب منه التمييز كما تقول هى احدى النساء عفافا والنذير مصدر كالنكير والمعنى لاحدى الكبر انذارا اى من جهة الانذار أول مما دلت

[سورة المدثر (74) : الآيات 37 إلى 39]

عليه الجملة اى معنى قوله انها لاحدى الكبر أي كبرت مندرة وحذف التاء مع ان فعيلا بمعنى فاعل يفرق فيه بين المذكر والمؤنث لكون ضمير انها فى تأويل العذاب او لكون النذير بمعنى ذات إنذار على معنى النسب كقولهم امرأة ظاهر اى ذات طهارة لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ بدل من للبشر باعادة الجار وان يتقدم مفعول شاء ومنكم حال من من اى نذيرا لمن شاء منكم ان يسبق الى الخير والجنة والطاعة فيهديه الله او لم يشأ ذلك ويتأخر بالمعصية فيضله وفيه اشارة الى ان لكسب العبد دخلا فى حصول المرحومية والمحرومية وفى التأويلات النجمية اقسم بنور قمر الشريعة الزهراء وبظلمة ليل الطبيعة الظلماء وبصبح الحقيقة البيضاء حين غلبت على غلس الطبيعة ان الجبود مظاهر احدى هذه المراتب الكلية الكبرى اما اهل الشريعة واما اهل الحقيقة واما اهل الطبيعة وقوله نذيرا للبشر اى جعلنا الحصر فى المراتب الثلاث الكلية ليتنبه الإنسان ويحترز أن يكون من اهل الانذار لمن شاء منكم ان يتقدم الى مقام الشريعة او يتأخر الى مقام الطبيعة ولما كان مقام الحقيقة أعلى المراتب ولم يصل اليه الا النذر من الكمل اعرض عن ذكره انتهى ويجوز أن يكون اهل الحقيقة داخلا فى ان يتقدم لانه واهل الشريعة كل منهما من المتقدمين وان كان بينهما فرق فى التقدم وتفاوت فى السير والمسارعة والحاصل الا اهل ان ستعداد تقدموا باكتساب الفضائل والخيرات والكمالات الى مقام القلب والروح والسر واما غيرهم فتأخروا بالميل الى البدن وشهواته ولذاته فوقعوا فى ورطة الطبيعة كُلُّ نَفْسٍ من نفوس الانس والجن المكلفين بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ مرهونة عند الله بكسبها محبوسة ثابتة وفى بعض التفاسير بسبب ما كسبت من الأعمال السيئة من رهن الشيء اى دام وثبت وارهنته اى تركته مقيما عنده وثابتا والرهن ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك والمرتهن هو الذي يأخذ المرهون ونفس المكلف محبوسة ثابتة عند الله بما أوجبه عليه من التكاليف التي هى حق خالص له تعالى فان أداها المكلف كما وجبت عليه فك رقبته وخلص نفسه والا بقيت نفسه مرهونة محبوسة عنده وقال بعضهم الرهينة اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم على ان تكون التاء للنقل من الوصفية الى الاسمية وفى فتح الرحمن للمبالغة او على تأنيث اللفظ لا على معنى الإنسان ونحوه وليس اى الرهينة صفة والا لقيل رهين لان فعيلا بمعنى مفعول لا تدخله التاء بل يستوى فيه المذكر والمؤنث الا ان يحمل على ما هو بمعنى الفاعل فانه يؤتى فى مؤنثه بالتاء كما فى عكسه فى قوله تعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين قال الراغب قيل فى قوله كل نفس بما كسبت رهينة انه فعيل بمعنى فاعل اى ثابتة مقيمة وقيل بمعنى مفعول اى كل نفس مقامة فى جزاء ما قدم من عملها ولما كان الرهن يتصور من حبسه استعير ذلك للمحتبس اى شىء كان إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ استثناء متصل من كل نفس لكثرتها فى المعنى واصحاب اليمين اهل الأعمال الصالحة من المؤمنين اى فانهم فاكون رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم كما يفك الراهن رهنه بأداء الدين قال القاشاني كل نفس بمكسوبها رهن عند الله لا فكاك لها لاستيلاء هيئات أعمالها وآثار افعالها عليها ولزومها إياها وعدم انفكاكها

[سورة المدثر (74) : الآيات 40 إلى 47]

عنها الاصحاب اليمين من السعداء الذين تجردوا عن الهيئات الجسدانية وخلصوا الى مقام الفطرة ففكوا رقابهم من الرهن فِي جَنَّاتٍ كأنه قيل ما بال اصحاب اليمين فقيل هم فى جنات لا يكتنه كنهها ولا يوصف وصفها كما دل عليه التنكير والمراد ان كلا منهم ينال جنة منها يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ تفاعل هنا بمعنى فعل اى يسألون المجرمين عن أحوالهم وقد حذف المسئول لكونه عين المسئول عنه ولدلالة ما بعده عليه (يروى) ان الله يطلع اهل الجنة وهم فى الجنة حتى يرون اهل النار وهم فى النار فيسألونهم ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ مقدر بقول هو حال مقدرة من فاعل يتساءلون اى قائلين اى شىء أدخلكم فيها وكان سببا لدخولكم من سلكت الخيط فى الابرة سلكا اى أدخلته فيها فهو من السلك بمعنى الإدخال لا من السلوك بمعنى الذهاب فان قلت لم يسألونهم وهم عالمون بذلك قلت توبيخا لهم وتحسيرا ولتكون حكاية الله ذلك فى كتابه تذكرة للسامعين قرأ ابو عمر وسلكم بإدغام الكاف فى الكاف والباقون بالإظهار قالُوا اى المجرمون مجيبين للسائلين لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ للصلوات الواجبة فعدم إقرارنا بفرضية الصلاة وعدم ادائها سلكنا فيها أصله نكن حذف النون للتخفيف مع كثرة الاستعمال وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ على معنى استمرار نفى الإطعام لا على نفى استمرار الإطعام والمراد ايضا الإطعام الواجب والا فما ليس بواجب من الصلاة والإطعام لا يجوز التعذيب على تركه وكانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه فكانوا لا يرحمون المساكين بالاطعام ولا يحضون عليه ايضا كما سبق ففيه ذم للبخل ودلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة قال فى التوضيح الكفار مخاطبون بالايمان والعقوبات والمعاملات اجماعا اما العبادات فهم مخاطبون بها فى حق المؤاخذة فى الآخرة اتفاقا ايضا لقوله تعالى ما سلككم فى سقر الآيات اما فى حق وجوب الأداء فمختلف فيه قال العراقيون من مشايخنا نعم وقال مشايخ ديارنا لا وفى بعض التفاسير وللحنفى ان يقول هذا انما هو تأسف منهم على تفريطهم فى كسب الخير وحرمانهم مما ناله المصلون والمزكون من المؤمنين ولا يلزم من ذلك ان يكونوا مأمورين بالعمل قبل الايمان وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ اى نشرع فى الباطل مع الشارعين فيه والمراد بالباطل ذم النبي عليه السلام وأصحابه رضى الله عنهم وغببتهم وقولهم بانه شاعر او ساحر او كاهن وغير ذلك والخوض فى الأصل بمعنى الشروع مطلقا فى اى شىء كان ثم غلب فى العرف بمعنى الشروع فى الباطل والقبيح وما لا ينبغى وفى الحديث اكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم خوضا فى معصية الله وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بيوم الجزاء أضافوه الى الجزاء مع ان فيه من الدواهي والأهوال ما لا غاية له لانه ادهاها وانهم ملابسوه وقد مضت بقية الدواهي وتأخير جنايتهم هذه مع كونها أعظم من الكل إذ هو تكذيب القيامة وإنكارها كفر والأمور الثلاثة المتقدمة فسق لتفخيمها والترقي من القبيح الى القبيح كأنهم قالوا وكنا بعد ذلك كله مكذبين بيوم الدين ولبيان كون تكذيبهم به مقارنا لسائر جناياتهم المعدودة مستمرا الى آخر عمرهم حسبما ينطق به قولهم حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ اى الموت ومقدماته فانه امر متيقن لا شك فى إتيانه وبالفارسية

[سورة المدثر (74) : الآيات 48 إلى 51]

تفد بما مرك ومقدمات او بر همان حال مرديم. فان قلت أيريدون ان كل واحد منهم بمجموع هذه الأربع دخل النار أم دخلها بعضهم بهذه وبعضهم بهذه قلت يحتمل الامرين جميعا كما فى الكشاف وفيه اشارة الى ان بقاءهم فى سقر الطبيعة انما كان بسبب هذه الرذائل والذمائم فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ من الأنبياء والملائكة وغيرهم اى لو قدر اجتماعهم على شفاعتهم على سبيل فرض المحال لا تنفعهم تلك الشفاعة فليس المراد أنهم يشفعون لهم ولا تنفعهم شفاعتهم إذا الشفاعة يوم القيامة موقوفة على الاذن وقابلية المحل فلو وقعت من المأذون للقابل قبلت والكافر ليس بنا بل لها فلا اذن فى الشفاعة له فلا شفاعة ولا نفع فى الحقيقة وفيه دليل على صحة الشفاعة ونفعها يومئذ لعصاة المؤمنين والا لما كان لتخصيصهم بعدم منفعة الشفاعة وجه قال ابن مسعود رضى الله عنه تشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون وجميع المؤمنين فلا يبقى فى النار الا اربعة ثم تلا قوله قالوا لم نك من المصلين الى قوله بيوم الدين وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان محمدا عليه السلام يشفع ثلاث مرات ثم تشفع الملائكة ثم الأنبياء ثم الآباء ثم الأبناء ثم يقول الله بقيت رحمتى ولا يدع فى النار الا من حرمت عليه الجنة ويقول الرجل من اهل النار لواحد من اهل الجنة يا فلان اما تعرفنى أنا الذي سقيتك شربة ويقول آخر أنا الذي وهبت لك وضوأ ويقول آخر أطعمتك لقمة وآخر كسونك خرقة وعلى هذا فيشفع له فيدخله الجنة اما قبل دخول النار او بعده فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ الفاء لترتيب أنكال اعراضهم عن القرآن بغير سبب على ما قبلها من موجبات الإقبال عليه والاتعاظ به من سوء حال المكذبين ومعرضين حال من الضمير فى الجار الواقع خبرا لما الاستفهامية وعن متعلقة به اى فاذا كان حال المكذبين به على ما ذكر فأى شىء حصل لهم معرضين عن القرآن مع تعاضد موجبات الإقبال عليه وتأكد الدواعي للايمان به وفى كشف الاسرار پس چهـ رسيدست ايشانرا كه از چنين پندى رو گردانيده اند. يقال لاعراض يكون بالجحود وبترك الاتباع له كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ حال من المستكن فى معرضين بطريق التداخل وحمر جمع حمار وهو معروف ويكون وحشيا وهو المراد هنا ومستنفرة من نفرت الدواب بمعنى هربت لا من نفر الحاج والمعنى مشبهين بحمر نافرة يعنى خران رميد گان. فاستنفر بمعنى نفر كما ان استعجب بمعنى عجب وقال الزمخشري كأنهم حمر تطلب النفار من نفوسها بسبب انهم جمعوا هم نفوسهم للنفار وحملوه عليها فابقى السين على بابها من الطلب قال الراغب مستنفرة قد قرئ بفتح الفاء وكسرها فاذا كسر الفاء فمعناه نافرة وإذا فتح فمعناه منفرة فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ اى من اسد لان الوحشية إذا عاينت لاسد تهرب أشد الهرب ومثل القسورة الحيدرة لفظا ومعنى وهى فعولة من القسر وهو القهر والغلبة لانه يغلب السباع ويقهرها قال ابن عباس رضى الله عنهما القسورة هو الأسد بلسان الحبشة وقيل هى جماعة الرماة الذين يتصيدونها (وقال الكاشفى) كريختند از شير يا از صياد يا ريسمان دام يا مردم تير انداز يا آوازهاى مختلف. شبهوا فى اعرضهم عن القرآن واستماع ما فيه من المواعظ وشرادهم

[سورة المدثر (74) : الآيات 52 إلى 56]

عنه بحمر جدت فى نفارها مما أفزعها يعنى چنانچهـ خر بيابانى از اينها مى كريزد ايشان از استماع قرآن مى كريزند زيرا كه كوش سخن شنو ودل پند پذير ندارند كما أشار اليه فى المثنوى از كجا اين قوم و پيغام از كجا ... از جمادى جان كجا باشد رجا فهمهاى كج مج كوته نظر ... صد خيال بد در آرد در نكر راز جز با راز دان انباز نيست ... راز اندر كوش منكر راز نيست وفيه من ذمهم وتهجين حالهم ما لا يخفى يعنى ان فى تشبيههم بالحمر شهادة عليهم بالبله ولا ترى مثل نفار حمر الوحش واطرادها فى العدو إذا خافت من شىء ومن أراد اهانة غليظة لاحد والتشنيع عليه باشنع شىء شبهه بالحمار (روى) ان واحدا من العلماء كان يعظ الناس فى مسجد جامع وحوله جماعة كثيرة فرأى ذلك رجل من البله وكان قد فقد حماره فنادى للواعظ وقال انى فقدت حمارا فاسأل هذه الجماعة لعل واحدا منهم رآه فقال له الواعظ اقعد مكانك حتى ادلك عليه فقعد الرجل فاذا واحد من اهل المجلس قام وأخذ فى أن يذهب فقال الواعظ للرجل خذ هذا فانه حمارك والظاهر أنه قال ذلك القول أخذ من هذا الكلام فانه فرمن تذكرة الملك العلام بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل لا يكفون بتلك التذكرة ولا يرضون بها عنادا ومكابرة بل يريد كل واحد منهم ان يؤتى قراصيس تنشر وتقرأ وذلك انهم اى أبا جهل بن هشام وعبد الله بن امية وأصحابهما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لن نتبعك حتى تأتى كل واحد منا بكتب من السماء او يصبح عند رأس كل رجل منا أوراق منشورة يعنى مهر بر كرفته. عنوانها من رب العالمين الى فلان ابن فلان نؤمر فيها باتباعك اى بأن يقال اتبع محمدا فانه رسول من قبلى إليك كما قالوا ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه وامرئ قال فى القاموس المرء مثلثة الميم الإنسان او الرجل ولا يجمع من لفظه ومع الف الوصل ثلاث لغات فتح الراء دائما واعرابها دائما وأن مع صلته مفعول يريد وصحفا مفعول ثان ليؤتى والاول ضمير كل ومنشرة صفة صحف جمع صحيفة بمعنى الكتاب قال فى تاج المصادر وصحف منشرة شدد للكثرة كَلَّا ردع عن اقتراحهم الآيات وإرادتهم ما أرادوه فانهم انما اقترحوها تعنتا وعنادا لاهدى ورشادا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ لاستهلاكهم فى محبة الدنيا فلعدم خوفهم منها اعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف كَلَّا ردع عن اعراضهم عن التذكرة إِنَّهُ الضمير فى انه وفى ذكره للتذكرة لانها بمعنى الذكر أو القرآن كالموعظة بمعنى الوعظ والصيحة بمعنى الصوت تَذْكِرَةٌ اى تذكرة فالتنوين للتعظيم اى تذكرة بليغة كافية وفى برهان القرآن اى تذكير للحق وعدل إليها للفاصلة فَمَنْ پس هر كه شاءَ ان يذكره ويتعظ به نبل الحلول فى القبر ذَكَرَهُ اى جعله نصب عينه وحاز بسببه سعادة الدارين فانه ممكن من ذلك وَما يَذْكُرُونَ بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى فمن شاء ذكره إذ لا تأثير لمشيئة العبد وإرادته فى أفعاله وضمير الجمع اما ان يعود الى الكثرة لان

تفسير سورة القيامة

الكلام فيهم اولى من نظر الى عموم المعنى لشموله لكل من المكلفين إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم العلل او من أعم الأحوال اى وما يذكرون لعلة من العلل او فى حال من الأحوال الا بأن يشاء الله او حال ان يشاء الله ذكرهم وهذا تصريح بأن افعال العبد بمشيئة الله لا بارادة نفسه قال فى عين المعاني فمن شاء إلخ تخيير بإعطاء المكنة لتحقيق العبودية وقوله الا ان يشاء الله تخيير بامضاء القدرة لتحقيق الالوهية هُوَ اى الله تعالى أَهْلُ التَّقْوى اى حقيقى بأن يتقى عقابه ويؤمن به ويطاع فالتقوى مصدر من المبنى للمفعول وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ حقيق بأن يغفر لمن آمن به وأطاعه قال بعضهم التقوى هو التبري من كل شىء سوى الله فمن لزه الآداب فى التقوى فهو اهل المغفرة تمت سورة المدثر فى أوائل ذى الحجة من سنة ست عشرة ومائة وألف تفسير سورة القيامة تسع وثلاثون او أربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ لا صلة لتوكيد القسم وما كان لتوكيد مدخوله لا يدل على النفي وان كان فى الأصل للنفى قال الشاعر تذكرت ليلى فاعترتنى صبابة ... وكاد ضمير القلب لا يتقطع اى يتقطع والمعنى بالفارسية هر آينه سوكند ميخورم بروز رستاخيز أو للنفى لكن لا لنفى نفس الاقسام بل لنفى ما ينبئ هو عنه من إعظام المقسم به وتفخيمه كأن معنى لا اقسم بكذا لا أعظم باقسامى به حق إعظامه فانه حقيق بأكثر من ذلك واكثر او لنفى كلام معهود قبل القسم ورده كأنهم أنكروا البعث فقيل لا اى ليس الأمر كذلك ثم قيل اقسم بيوم القيامة كقولك لا والله ان البعث حق وأياما كان ففى الاقسام على تحقق البعث بيوم القيامة من الجزالة ما لا مزيد عليه واما ما قيل من ان المعنى نفى الاقسام لوضوح الأمر فبأباه تعيين المقسم به وتفخيم شأن القسم به قال المغيرة بن شعبة رحمه الله يقولون القيامة القيامة وانما قيامة أحدهم موته وشهد علقمة جنازة فلما دفن قال اما هذا فقد قامت قيامته ونظمه بعضهم خرجت من الدنيا وقامت قيامتى ... غداة اقل الحاملون جنازتى وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ قال فى عين المعاني القسم بالشيء تنبيه على تعظيمه او ما فيه من لطف الصنع وعظم النعمة وتكرير ذكر القسم تنبيه على ان كلا من المقسم به مقصود مستقل بالقسم لما ان له نوع فضل يقتضى ذلك واللوم عذل الإنسان بنسبة ما فيه لوم والمراد بالنفس اللوامة هى النفس الواقعة بين الامارة والمطمئنة فلها وجهان. وجه يلى النفس الامارة وهو وجه الإسلام فاذا نظرت الى الامارة بهذا الوجه تلومها على ترك المتابعة والاقدام على المخالفة وتلوم ايضا نفسها على ما فات عنها فى الأيام الماضية من الأعمال والطاعات والمراتعة فى المراتع الحيوانية الظلمانية. ووجه يلى النفس المطمئنة وهو وجه

[سورة القيامة (75) : الآيات 3 إلى 4]

الايمان فاذا نظرت بهذا الوجه الى المطمئنة وتنورت بنورانيتها وانصبغت بصبغتها تلوم ايضا نفسها على التقصيرات الواقعة منها والمحذورات الكائنة عليها فهى لا تزال لائمة لها قائمة على سوق لومها الى ان تتحقق بمقام الاطمئنان ولذلك استحقت ان اقسم الله بها على قيام البعث والنشر والحشر قال القاشاني جمع بين القيامة والنفس اللوامة فى القسم بهما تعظيما لشأنهما وتناسبا بينهما إذا لنفس اللوامة هى المصدقة بها المقرة بوقوعها المهيئة لاسبابها لانها تلوم نفسها أبدا فى التقصير والتقاعد عن الخيرات وان أحسنت خرصها على الزيادة فى الخير واعمال البر تيقنا بالجزاء فكيف بها ان اخطأت وفرطت وبدرت من بادرة غفلة ونسيانا انتهى هذا ودع عنك القيل والقال وجواب القسم محذوف دل عليه قوله تعالى أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ وهو ليبعثن والمراد بالإنسان الجنس والاسناد الى الكل بحسب البعض كثير والهمزة لانكار الواقع واستقباحه وان محففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف والعظام جمع عظم وهو قصب الحيوان الذي عليه اللحم بالفارسية استخوان. ويجيئ جمع عظيم ايضا ككرام وكريم وكبار وكبير ومنه الموالي العظام والمعنى أيحسب الإنسان الذي ينكر البعث ان الشأن والحديث لن نجمع عظامه البالية فان ذلك حسبان باطل فانا نجمعها بعد تشتبها ورجوعها رميما ورفاتا مختلطا بالتراب وبعد ما نسفتها الرياح وطيرتها فى أقطار الأرض وألقتها فى البحار لمجازاته بما عمل فى الدنيا وقيل ان عدى بن أبى ربيعة ختن الأخنس بن شريف وهما اللذان كان عليه السلام يقول فيهما اللهم اكفنى جارى السوء قال لرسول الله يا محمد حدثنى عن يوم القيامة متى يكون وكيف امره فأخبره فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يعنى أكذب حسى أو أيجمع الله هذه العظام فيكون الكلام خارجا على قول المنكر كقوله من يحيى العظام وهى رميم وقيل ذكر العظام وأراد نفسه كلها لان العظام قالب النفس لا يستوى الخلق الا باستوائها ودل هذا الإنكار على انه ناشئ من الشبهة وذلك بالنسبة الى البعض والله قادر على الاحياء لا شبهة فيه بالنسبة الى العاقل المتفكر المستدل بَلى إيجاب لما ذكر بعد النفي وهو الجمع اى نجمعها وبالفارسية آرى جمع كنيم. حال كوننا قادِرِينَ فهو حال مؤكدة من الضمير المستكن فى نجمع المقدر بعد بلى عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ اى نجمع سلامياته ونضم بعضها الى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام وهو جمع سلامى كحبارى وهى العظام الصغار فى اليد والرجل وفى الحديث كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس اى على صاحبه صدقة من اى انواع الصدقة من قول وفعل ومال وفى القاموس البنان الأصابع او أطرافها قال الراغب البنان الأصابع قيل سميت بذلك لان بها إصلاح الأحوال التي يمكن للانسان ان يبن بها ما يريد اى يقيم يقال ابن بالمكان يبن لذلك خص فى قوله تعالى بلى قادرين على ان نسوى بنانه وقوله واضربوا منهم كل بنان خصه لاجل انها يقاتل بها ويدافع او المعنى على ان نسوى أصابعه التي هى أطرافه وآخر ما يتم به خلفه فالبنان مفرد اللفظ مجموع المعنى كالتمر وفيه جهتان الصغر وكونه طرفا فالى اى جهة

[سورة القيامة (75) : الآيات 5 إلى 8]

نظر ثبت المطلوب بالاولوية ولذا خص بالذكر ثم فى العظام اشارة الى كبار اعماله الحسنة والسيئة وفى البنان الى صغار أفعاله الحسنة والسيئة فان الله تعالى يجمع كلا منها ويجازى عليها بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ الفجر شق الشيء شقا واسعا والفجور شق ستر الديانة وقال بعضهم الفجور الميل فالكاذب والمكذب والفاسق فاجر اى مائل عن الحق ومنه قول الاعرابى فى حق عمر رضى الله عنه اغفر له اللهم ان كان فجر اى كذب واللام للتأكيد مثل قوله وانصح لكم فى أنصحكم وان يفجر مفعول يريد وقد يقال مفعوله محذوف يدل عليه قوله ليفجر امامه والتقدير يريد شهواته ومعاصيه وقال سعدى المفتى الظاهر ان يريد هاهنا منزل منزلة اللازم ومصدره مقدر بلام الاستغراق بمعونة المقام يعنى مقام تقبيح حال الإنسان اى يوقع جميع إرادته ليفجر وجعل أبو حيان بل لمجرد الاضراب عن الكلام الاول وهو نجمعها قادرين من غير ابطال المضمون والاخذ فى بيان ما عليه الإنسان من انهما كه فى الفجور من غير عطف وقال غيره عطف على أيحسب اما على انه استفهام مثله اضرب عن التوبيخ بذلك الى التوبيخ بهذا او على انه إيجاب انتقل اليه من الاستفهام وهذا ابلغ واولى والمعنى بل يريد الإنسان ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا يرعوى عنه فالأمام هاهنا مستعار للزمان من المكان وقال الراغب يريد الحياة ليتعاطى الفجور فيها وقيل معناه يذنب ويقول غدا أتوب ثم لا يفعل فيكون ذلك فجورا لبذله عهدا لا يفى به (وقال الكاشفى) بلكه خواهد آدمي آنكه دروغ كويد بآنچهـ او را در پيش است از بعث وحساب. وفيه اشارة الى ان الإنسان المحجوب يريد ليفجر أمامه بحسب الاعتقاد والنية قبل الإتيان بالفعل وذلك بالعزم المؤاخذ به على ما عرف فى محله يَسْئَلُ سؤال استبعاد واستهزاء أَيَّانَ أصله اى آن وهو خبر مقدم لقوله يَوْمُ الْقِيامَةِ اى متى يكون والجملة استئناف تعليلى كأنه قيل ما يفعل حين يريد أن يفجر ويميل عن الحق فقيل يستهزئ ويقول أيان يوم القيامة او حال من الإنسان فى قوله بل يريد الإنسان اى ليس إنكاره للبعث لاشتباه الأمر وعدم قيام الدليل على صحة البعث بل يريد أن يستمر على فجوره فى حال كونه سائلا متى تكون القيامة فدل هذا الإنكار على ان الإنسان يميل بطبعه الى الشهوات والفكرة فى البعث تنغصها عليه فلا جرم ينكره ويابى عن الإقرار به فقوله أيحسب الإنسان إلخ دل على الشبهة والجهل وقوله بل يريد إلخ على الشهوة والتجاهل فالآيتان بحسب الشخصين وفيه اشارة الى ان المحجوب يسأل أيان يوم القيامة لاحتجابه بنفسه الظلمانية لا يشاهد القيامة فى كل ساعة ولحظة بل فى كل لمحة وطرفة لتعاقب التجليين الافنائى والإبقائي كما قال تعالى بل هم فى ليس من خلق جديد فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ اى تحير واضطرب وجال فزعا من اهوال يوم القيامة من برق الرجل إذا نظر الى البرق فدهش ثم استعمل فى كل حيرة وان لم يكن هناك نظر الى البرق وهو واحد بروق السحاب ولمعانه وَخَسَفَ الْقَمَرُ اى ذهب ضوؤه فان خسف يستعمل لازما ومتعديا يقال خسف القمر وخسفه الله او ذهب نفسه من خسف المكان اى ذهب

[سورة القيامة (75) : الآيات 9 إلى 13]

فى الأرض ولكن هذا المعنى لا يناسب ما بعد الآية قال بعضهم اصل الخسف النقصان ويكون فى الوصف وفى الذات وفيه رد لمن عبد القمر فان القمر لو كان الها كما زعمه؟؟؟ بد لدفع عن نفسه الخسوف ولما ذهب ضوؤه قال فى فتح الرحمن الخسوف والكسوف معناهما واحد وهو ذهاب ضوء أحد النيرين او بعضه وصلاة الكسوف سنة مؤكدة فاذا كسفت الشمس او القمر فزعوا للصلاة وهى لكسوف الشمس ركعتان كهيئة النافلة ويصلى بهم امام الجمعة ويطيل القراءة ولا يجهر ولا يخطب وخسوف القمر ليس له اجتماع ويصلى الناس ان منازلهم ركعتين كسائر النوافل وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فى ذهاب الضوء كما روى عن النبي عليه السلام او جمع بينهما فى الطلوع من المغرب او فى الإلقاء فى النار ليكون حسرة على من يعبدهما وجاز تكرار القمر لانه اخبر عنه بغير الخبر الاول وقال القاشاني فاذا برق البصر اى تحير ودهش شاخصا من فزع الموت وخسف قمر القلب لذهاب نور العقل عنه وجمع شمس الروح وقمر القلب بأن جعلا شيأ واحدا طالعا من مغرب البدن لا يعبر لهما رتبتان كما كان حال الحياة بل اتحدا روحا واحدا انتهى يَقُولُ الْإِنْسانُ المنكر للقيامة وهو عمل فى إذا يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ تقع هذه الأمور قول الآيس من حيث انه لا يرى شيأ من علامات ممكنة للفرار كما يقول من أيس من وجدان زيد ان زيد حيث لم يجد علامة أصابته أَيْنَ الْمَفَرُّ اى الفرار وقال سعدى المفتى ولعله لا منع من الإبقاء على حقيقته والقول بصدور هذا الكلام بناء على توهمه لتحيره كَلَّا ردع عن طلب المفر وتمنيه قال سعدى المفتى هذا لا يناسب ان يقوله قول الآيس إذ لا طلب حينئذ ثم قوله كلا من قول الله تعالى وجوز أن يكون من قول الإنسان لنفسه وهو بعيد لا وَزَرَ لا ملجأ يعنى پناه گاه نباشد كافرانرا. مستعار من الجبل فان الوزر محركة الجبل المنيع ثم يقال لكل مالتجأت اليه وتحصنت به وزر تشبيها له به وخبر لا محذوف اى لا ملجأ ثمة او فى الوجود ومن بلاغات الزمخشري اتل على كل من وزر كلالا وزر اى اتل عليه هذه الآية ومعنى وزر الاول بالفارسية كناه كردن. فان الوزر بالكسر الإثم وقال بعضهم لعمرك ما فى الفتى من وزر ... من الموت يدركه والكبر اى لا ملجأ للفار من الموت والكبر إذ كل منهما من الأمر الإلهي والأمر المحكم القضاء المبرم يدرك الإنسان لا محالة إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ اى اليه تعالى وحده استقرار العباد اى لا يتوجهون الا الى حيث أمرهم الله من مقام حسابه او الى حكمه استقرار أمرهم فان الملك يومئذ لله فهو كقوله ان الى ربك الرجعى وان الى ربك المنتهى واليه ترجعون اى الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه أو إلى مشيئته موضع قرارهم يدخل من يشاء الجنة ومن يشاء النار فيكون المستقر اسم مكان وهو مرفوع بالابتداء والى ربك خبره ويومئذ معمول الى ربك ولا يجوز أن يكون معمول المستقر لانه ان كان مصدرا بمعنى الاستقرار فلا يتقدم معموله عليه وان كان اسم مكان فلا عمل له البتة وكذا الكلام فى قوله الى ربك يومئذ المساق ونحوه يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ اى يخبر كل امرئ برا كان او فاجرا عند وزن الأعمال وحال

[سورة القيامة (75) : الآيات 14 إلى 19]

العرض والمحاسبة والمخبر هو الله او الملك بأمره او كتابه ينشره بِما قَدَّمَ اى عمل من عمل خيرا كان او شرا فيثاب بالأول ويعاقب بالثاني وَأَخَّرَ اى لم يعمل خيرا كان او شرا فيعاقب بالأول ويثاب بالثاني او بما قدم من حسنة او سيئة وبما اخر من حسنة او سيئة فعمل بها بعده او بما قدم من مال تصدق به فى حياته وبما اخر فخلفه او وقفه او اوصى به او باول عمله وآخره (شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري قدس سره) فرموده كه كناه از پيش فرستى بجرأت ومال از پس بگذارى بحسرت كناه را بتوبة نيست كن تا نماند ومال را بصدقه پيش فرست تا بماند گر فرستى ز پيش به باشد ... كه بحسرت ز پس نكاه كنى وفى الحديث ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبيته ترجمان ولا حجاب يحجبه فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ الإنسان مبتدأ وبصيرة خبره وعلى نفسه متعلق ببصيرة بتقدير على اعمال نفسه والموصوف محذوف اى بل هو حجة بصيرة وبينة واضحة على اعمال نفسه شاهدة جوارحه وأعضاؤه بما صدر عنه من الافعال السيئة كما يعرب عنه كلمة على وما سيأتى من الجملة الحالية ووصفت بالبصارة مجازا فى الاسناد كما وصفت الآيات بالأبصار فى قوله تعالى فلما جاءتهم آياتنا مبصرة او عين بصيرة او ذو بصيرة او التاء للمبالغة كما فى علامة ونسابة ومعنى بل الترقي اى ينبأ الإنسان بأعماله بل هو لا يحتاج الى ان يخبره غيره فانه يومئذ عالم بتفاصيل أحواله شاهد على نفسه لان جورحه تنطق بذلك قال القاشاني بل الإنسان حجة بينة يشهد بعلمه لبقاء هيئة اعماله المكتوبة عليه فى نفسه ورسوخها فى ذاته وصيرورة صفاته صور أعضائه فلا حاجة الى ان ينبأ من خارج باش تا از صدمه صور سرافيلى شود ... صورت خوبت نهان وسيرت زشت آشكار وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ حال من المستكن فى بصيرة او من مرفوع ينبأ اى هو بصيرة على نفسه تشهد عليه جوارحه وتقبل شهادتها ولو جاء بكل معذرة يمكن ان يعتذر بها عن نفسه ويجادل عنها بأن يقول مثلا لم افعل او فعلت لاجل كذا أو لم اعمل او وجد مانع او كنت فقيرا ذا عيال او خفت فلانا او طمعت فى عطائه الى غير ذلك من المعاذير الغير النافعة چهـ چندين عذر انگيزى و چندين حيله ها سازى چوميدانى كه ميدانم وميدانم كه ميدانى او ينبأ بأعماله ولو اعتذر بكل عذر فى الذب عنها فان الذب والدفع لا رواج له يومئذ لانه يوم ظهور الحق بحقيقته والمعاذير اسم جمع للمعذرة كالمناكير اسم جمع للمنكر وقيل جمع معذار وهو الستر بلغة اهل اليمن اى ولوارخى ستوره يعنى ان احتجابه واستتاره عن المخلوقات فى حال مباشرة المعصية فى الدنيا لا يغنى عنه شيأ لان عليه من نفسه بصيرة ومن الحفظة شهودا وفى الكشاف لانه يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة المذنب لا تُحَرِّكْ بِهِ اى

[سورة القيامة (75) : الآيات 17 إلى 19]

بالقرءان لِسانَكَ مادام جبريل يقرأ ويلقى عليك لِتَعْجَلَ بِهِ اى بأخذه اى لتأخذه على عجلة مخافة ان يتفلت إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ فى صدرك بحكم الوعد بحيث لا يخفى عليك شىء من معانيه وَقُرْآنَهُ بتقدير المضاف اى اثبات قراءته فى لسانك بحيث تقرأه متى شئت فالقرءآن مصدر بمعنى القراءة كالغفران بمعنى المغفرة مضاف الى مفعوله والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها الى بعض فى الترتيل وليس يقال ذلك لكل جمع لا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم فَإِذا قَرَأْناهُ اى اتمنا قراءته عليك بلسان جبريل واسناد القراءة الى نون العظمة للمبالغة فى إيجاب التأنى فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ اى فاشرع فيه بعد فراغ جبريل منه بلا مهلة وقال ابن عباس رضى الله عنهما فاذا جمعناه وأثبتناه فى صدرك فاعمل به وقال الواسطي رحمه الله جمعه فى السر وقرآنه فى العلانية ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ اى بيان ما أشكل عليك من معانيه وأحكامه وسمى ما يشرح المجمل والمبهم من الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره وفى ثم دليل على انه يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب لا عن وقت الحاجة الى العمل لانه تكليف بما لا يطاق قال اهل التفسير كان عليه السلام إذا لقن الوحى نازع جبريل القراءة ولم يصبر الى ان يتمها مسارعة الى الحفظ وخوفا من ان يفلت منه فامر بأن يستنصت له ملقيا اليه قلبه وسمعه حتى يقض اليه الوحى كما قال تعالى ولا تعجل بالقرءان من قبل ان يقضى إليك وحيه ثم يقضبه بالدراسة الى ان يرسخ فيه وعن بعض العارفين انه قال فيه اشارة الى صحة الاخذ عن الله بواسطة كأنه تعالى يقول خذه عن جبريل كأنك ما علمته الا منه ولا تسابق بما عندك منا من غير واسطة وأكابر المحققين يسمون هذه الجهة التي هى عدم الوسائط بالوجه الخاص والفلاسفة ينكرون هذا الوجه ويقولون لا ارتباط بين الحق والموجودات الا من جهة الأسباب والوسائط فليس عندهم ان يقول الإنسان أخبرنى ربى اى بلا واسطة وهم مخطئون فى هذا الحكم فانه لما كان ارتباط كل ممكن بالحق من حيث الممكن من جهتين جهة الوحدة وجهة الكثرة وجب ان تكون جهة الوحدة بلا واسطة وهو الوجه الخاص وجهة الكثرة بواسطة وهو الوجه العام ولما كان نبينا عليه السلام أكمل الخلق فى جهة الوحدة لكون احكام كثرته وإمكانه مستهلكة بالكلية فى وحدة الحق واحكام وجوبه كان يأخذ عن الله بلا واسطة اى من الوجه الخاص وكان ينعبع فى قلبه ما يريد الحق ان يخبره به فاذا جاءه الكلام من جهة الوسائط اى من الوجه العام بصور الألفاظ والعبارات التي استدعتها احوال المخاطبين كان يبادر اليه بالنطق به لعلمه بمعناه بسبب تلقيه أيار من حيث اللاواسطة لينفس عن نفسه ما يجده من الكربة والشدة التي يلقاها مزاجه من التنزل الروحاني فان الطبيعة تنزعج من ذلك للمباينة الثابتة بين المزاج وبين الروح اللكى فعرف الحق نبينا عليه السلام ان القرآن وان أخذته عنا من حيث معناه بلا واسطة فان انزالنا إياه مرة اخرى من جهة الوسائط يتضمن فوائد زائدة منا مراعاة إفهام المخاطبين به لان الخلق المخاطبين بالقرءان حكم ارتباطهم بالحق انما هو من جهة سلسلة الترتيب

[سورة القيامة (75) : الآيات 20 إلى 23]

والوسائط كما هو الظاهر بالنسبة الى أكثرهم فلا يفهمون عن الله الا من تلك الجهة ومنها معرفتك اكتساء تلك المعاني العبارة الكاملة وتستجلى فى مظاهرها من الحروف والكلمات فتجمع بين كمالاته الباطنة والظاهرة فيتجلى بها روحانيتك وجسمانيتك ثم يتعدى الأمر منك الى أمتك فيأخذ كل منهم حصته منه علما وعملا ففى قوله تعالى لا تحرك به لسانك إلخ تعليم وتأديب اما التعليم فما أشير اليه من ان باب جهة الوحدة مسدود على اكثر الناس فلا يفهمون عن الله الى من الجهة المناسبة لحالهم وهى جهة الوسائط والكثرة الامكانية واما التأديب فانه لما كان الآتي بالوحى من الله جبريل فمتى بودر بذكر ما اتى به كان كالتعجيل له واظهار الاستغناء عنه وهذا خلل فى الأدب بلا شك سيما مع المعلم المرشد ومن هذا التقرير عرف ان قوله تعالى لا تحرك به إلخ واقع فى البين بطريق الاستطراد فانه لما كان من شأنه عليه السلام الاستعجال عند نزول كل وحي على ما سبق من الوجه ولم ينه عنه الى ان اوحى اليه هذه السورة من أولها الى قوله ولو ألقى معاذيره وعجل فى ذلك كسائر المرات نهى عنه بقوله لا تحرك إلخ ثم عاد الكلام الى تكملة ما ابتدئ به من خطاب الناس ونظيره ما لو ألقى المدرس على الطالب مسألة وتشاغل الطالب بشئ لا يليق بمجلس الدرس فقال ألق الى بالك وتفهم ما أقول ثم كمل المسألة. يقول الفقير أيده الله القدير لاح لى فى سر المناسبة وجه لطيف ايضا وهو ان الله تعالى بين قبل قوله لا تحرك به إلخ جمع العظام ومتفرقات العناصر التي هى اركان ظاهر الوجود ثم انتقل الى جمع القرآن واجزائه التي هى أساس باطن الوجود فقال بعد قوله أيحسب الإنسان ان لن نجمع عظامه ان علينا جمعه فاجتمع الجمع بالجمع والحمد لله تعالى وقد تحير طائفة من قدماء الروافض خذلهم الله تعالى حيث لم يجدوا المناسبة فزعموا ان هذا القرآن غير وبدل وزيد فيه ونقص وفى التأويلات النجمية اعلم ان كل ما استعد لاطلاق الشيئية عليه فله ملك وملكوت لقوله تعالى بيده ملكوت كل شىء والقرآن اشرف الأشياء وأكملها فله ايضا ملك وملكوت فاما ملكه فهو الاحكام والشرائع الظاهرة التي تتعلق بمصالح الامة من العبادات المالية والبدنية والجنايات والوصايات وأمثالها واما ملكوته فهو الاسرار الالهية والحقائق اللاهوتية التي تتعلق ببواطن خواص الامة وأخص الخواص بل بخلاصة أخص الخواص من المكاشفات والمشاهدات السرية والمعاينات الروحية ولكل واحد من الملك والملكوت مدركات يدرك بها لا غير لان الوجدانيات والذوقيات لا تسعها ألسنة العبارات لانها منقطع الإشارات فقوله لا تحرك إلخ يشير الى عدم تعبيره بلسان الظاهر عن اسرار الباطن والحقائق الآبية عن تصرف العبارات فيها بالتعبير عنها وان مظهره الجامع جامع بين ملك القرآن وملكوته وهو عليه السلام يتبع بظاهره ملكه وبباطنه ملكوته نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المتبعين للقرءآن فى كل زمان كَلَّا عود الى تكملة ما ابتدئ به الكلام يعنى نه چنانست اى آدميان كه كمان برده آيد در امر عقبى بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ اى الدنيا يعنى دنياى شتاب كننده را وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ

[سورة القيامة (75) : الآيات 22 إلى 23]

فلا تعملون لها بل تنكرونها وفى التأويلات النجمية تحبون نعمة شهوة الدنيا وتذرون نعمة خمول الآخرة والخطاب للاءة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ النضرة طراوة البشرة وجمالها وذلك من اثر التنعم والناضر الغض الناعم من كل شىء اى وجوه كثيرة وهى وجوه المؤمنين المخلصين يوم إذ تقوم القيامة بهية متهللة يشاهد عليها نضرة النعيم ورونقه كما قال تعالى فى آية اخرى تعرف فيه وجوههم نضرة النعيم على ان وجوه مبتدأ وناضرة خبره ويومئذ منصوب بناضرة وصحة وقوع النكرة مبتدأ لان المقام مقام تفصيل إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قوله ناظرة خبرثان للمبتدأ والى ربها متعلق بها والنظر تقليب البصر والبصيرة لادراك الشيء ورؤيته والمراد بنظر الوجوه نظر العيون التي فيها بطريق ذكر المحل وارادة الحال وهذا عند اهل القال واما عند اهل الحال فلا ينحصر النظر فى البصر وإلا جاء القيد والله منزه عن ذلك بل ينقلب الباطن ظاهرا والظاهر بصرا بجميع الاجزاء فيشاهد الحق به كما يشاهد بالبصيرة فى الدنيا والآخرة عالم اللطافة ولذا لا حكم للقالب والجسد الظاهر هنا وانما الحكم للقلب والروح الظاهر صور الأعضاء بهما فاعرف جدا. بزركى را پرسيدند كه راه از كدام جانب است كفت از جانب تو نيست چون از تو در كذشتى از همه جانبها راهست چون بصديقان بپاكردند وزان ره ساختند جز بدل رفتن در ان ره يك قدم را بار نيست والمعنى ان الوجوه تراه تعالى عيانا مستغرقة فى مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه وتشاهده تعالى بلا كيف ولا على جهة وحق لها ان تنضر وهى تنظر الى الخالق. مثل مؤمن مثل باز است باز را چون بگيرند وخواهند كه شايسته دست شاه كردد مدتى چشم او بدوزند وزند بندى بر پايش نهند در خانه تاريك بازدارند از جفتش جدا كنند يك چندى بگرسنگيش مبتلى كنند تا ضعيف ونحيف كردد ووطن خويش فراموش كند وطبع كذاشتكى دست بدارد آنكه بعاقبت چشمش بگشايند شمعى پيش وى بيفروزند طبلى از بهر وى بزنند طعمه كوشت پيش وى نهند ودست شاه مقر وى سازند با خود كويد در كل عالم كرا بود اين كرامت كه مراست شمع پيش ديده من آواز طبل نواى من كوشت مرغ طعمه من دست شاه جاى من بر مثال اين حال چون خوانند كه بنده مؤمن راحله خلت پوشانند وشراب محبت نوشانند با وى همين معاملت كنند مدتى در چهار ديوار لحد باز دارند كيرايى از دست وروايى از قدم بستانند بينايى از ديده بردارند روزكارى برين صفت بگذارند آنكه ناكاه طبل قيامت بزنند بنده از خاك لحد سر برآرد چشم بگشايد نور بهشت بيند دنيا فراموش كند شراب وصل نوش كند بر مائده خلد بنشيند چنانچهـ آن باز چشم باز كند خود را بر دست شاه بيند بنده مؤمن چشم باز كند خود را مقعد صدق بيند سلام ملك شنود ديدار ملك بيند ميان طوبى وزلفى وحسنى شادان ونازان در جلال

وجمال حق نكران اينست كه رب العالمين كفت. وليس هذا فى جميع الأحوال حتى ينافيه نظرها الى غيره من الأشياء الكثيرة والاولى ان التقديم للاهتمام ورعاية الفاصلة لان التقييد ببعض الأحوال تقييد بلا دليل ومناف لمقام المدح المقتضى لعموم الأحوال وغير مناسب لقوله وجوه يومئذ ناضرة لعمومه فى الأحوال ولو سلم فالاختصاص ادعائى فان النظر الى غيره فى جنب النظر اليه لا يعد نظرا بل هو بمنزلة العدم كما فى قوله زيد الجواد هكذا قالوا ولكن من اهل الجنة من فاز بالتجلى الذاتي الابدى الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الذي أشار اليه عليه السلام بقوله صنف من اهل الجنة لا يستتر الرب عنهم ولا يحتجب وكان بذكره ايضا فى دعائه ويقوله واسألك لذة النظر الى وجهك الكريم ابدا دائما سرمدا دون ضراء مضرة ولا فتنة مضلة فالضراء المضرة حصول الحجاب بعد التجلي والتجلي بصفة تستلزم سدل الحجب والفتنة المضلة كل شبهة توجب خللا او نقصا فى العلم والشهود. آورده اند او را دهر يك از أوتاد اين كلماتست اللهم انى أسألك النظرة الى وجهك الكريم هر كس ببهشت آرزويى دارد وعاشق جز آرزوى ديدن ديدار ندارد پير طريقت كفت بهره عارف در بهشت سه چيز است سماع وشراب وديدار سماع را كفت (فهم فى روضة يحبرون) شراب را كفت (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) ديدار كفت (وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناضرة) سماع بهره كوش شراب بهره لب ديدار بهره ديده سماع واجدان را شراب عاشقانرا ديدار محبانرا سماع طرب افزايد شراب زبان كشايد ديدار صفت ربايد سماع مطلوب را نقد كند شراب را ز جلوه كند ديدار عارف را فرد كند سماع را هفت أندام رهى كوش چون ساقى اوست شراب همه نوش ديدار را زبر هر موى ديده روشن. ثم ان جميع اهل السنة حملوا هذه الآية على انها متضمنة رؤيه المؤمنين لله تعالى بلا تكييف ولا تحديد ولا يصح تأويل من قال لا ضرر بها ونحوه وجعله الزمخشري كناية عن معنى التوقع والرجاء على معنى انهم لا يتوقعون النعمة والكرامة الا من ربهم كما كانوا فى الدنيا لا يخشون ولا يرجون الا إياه وجوابه انه لا يعدل الى الكناية بلا ضرورة داعية إليها وهى هاهنا مفقودة فالاحاديث الصحيحة تدل على تعين جانب الحقيقة واما قوله عليه السلام جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا الى ربهم الا ردآء الكبرياء على وجهه حيث ان المعتزلة قالوا ان الرداء حجاب بين المرتدي والناظرين فلا تمكن الرؤية فجوابه انهم حجبوا عن أن المرتدي لا يحجب عن الحجاب إذ المراد بالوجه الذات وبرداء الكبرياء هو العبد الكامل المخلوق على الصورة الجامعة للحقائق الامكانية والالهية يعنى ردآء كبرياء نفس مظهرست ومشاهده ذات بدون مظهرى محالست. والرداء هو الكبرياء وإضافته للبيان والكبرياء ردآؤه الذي يلبسه عقول العلماء بالله للتفهيم فلا ردآء هناك حقيقة فالرتبة الحجابية باقية ابدا وهى رتبة المظهر لانها كالمرءآة واما قوله عليه السلام حين سئل هل رأيت ربك ليلة المعراج فقال نورانى أراه فمعناه ان النور المجرد لا تمكن رؤيته يعنى انما تتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب

والإضافات فاما فى المظاهر ومن ورلء حجابية المراتب فالادراك ممكن ومن المعتزلة من فسر النظر بالانتظار وجعل قوله الى اسما مفردا بمعنى النعمة مضافا الى الرب جمعه آلاء فيكون مفعولا مقدما لقوله ناظرة بمعنى منتظرة والتقدير وجوه يومئذ منتظرة نعمة ربها ورد بأن الانتظار لا يسند الى الوجه سوآء أريد به المعنى الحقيقي او أريد به العين بطريق ذكر المحل وارادة الحال وتفسير الوجه بالذات وجملة الشخص خلاف الظاهر وبأن الانتظار لا يعدى بالى ان جعل حرفا واخذه بمعنى النعمة فى هذا المقام يخالف المعقول لان الانتظار يعد من الآلام ونعيم الجنة حاضر لاهلها ويخالف المنقول ايضا وهو أنه عليه السلام قال أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر الى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسريره مسيرة ألف سنة يعنى تا هزار ساله راه آنرا بيند وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية يعنى بمقدار از آن ثم قرأ عليه السلام وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فقد فسر النظر بنظر العين والرؤية فظهر ان المخالف اتبع رأيه وهواه (وروى) انه عليه السلام نظر الى القمر ليلة البدر فقال انكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون فى رؤيته وهو بفتح التاء وتشديد الميم من الضم أصله لا تتضامون اى لا ينضم بعضكم الى بعض ولا يقول أرنيه بل كل ينفرد برؤيته وروى بتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم فتكون التاء حينئذ مضمومة يعنى لا ينالكم ظلم بأن يرى بعضكم دون بعض بل تستوون كلكم فى رؤيته تعالى وهذا حديث مشهور تلقته الامة بالقبول ومعنى التشبيه فيه تشبيه الرؤية بالرؤية فى الوضوح لا تشبيه المرئي بالمرئي فثبت ان المؤمنين يرونه بغير كيف ولا كم وضرب من مثال فينسون النعيم إذا رأوه فيا خسران اهل الاعتزال وسئل مالك بن انس رضى الله عنهما عن قوله تعالى الى ربها ناظرة وقيل له ان قوما يقولون الى ثوابه فقال مالك كذبوا فأين هم عن قوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم قال الناس ينظرون الى الله بأعينهم ولو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعذب الله الكفار بالحجاب وقال صاحب العقد الفريد ومن اعتقد غير هذا فهو مبتدع زنديق وقد يشهد للمطلوب ويرد دعوى أهل البدعة أن الرؤية هى اللذة الكبرى فكيف يكون المؤمنون محرومين منها والدار دار اللذة فينبغى للمؤمن أن تكون همته من نعم الجنة نعمة اللقاء فان غيرها نعم بهيمية مشتركة قال بعض العارفين دلت الآية على ان القوم ينظرون الى الله تعالى فى حال السحو والبسط لان النضرة من امارات البسط فلا يتداخلهم حياء ولا دهشة والا لتنغص عيشهم بل لو عاينوه بوصف الجلال الصرف لهلكوا فى أول سطوة من سطواته فهم يرونه فى حال الانس بنوره بل به يرونه وهنا لك وجود العارف كله عين يرى حبيبه بجميع وجوده وتلك العيون مستفادة من تجلى الحق فقوم لهم بالنظر من نفسه الى نفسه ويظهر سر الوحدة بين العاشق والمعشوق والرؤية تقتضى بقاء الرائي وهو من مقتضيات عالم الصفات واستهلاك العبد فى وجود الحق أتم كما هو مقتضى عالم الذات قال النصرآبادي قدس سره من الناس ناس طلبوا الرؤية واشتاقوا اليه تعالى ومنهم العارفون الذين اكتفوا برؤية الله لهم فقالوا رؤيتنا ونظرنا فيه علل ورؤيته ونظره بلا علة فهو أتم بركة وأشمل نفعا وقال بعضهم القرب المذكور فى قوله تعالى ونحن

[سورة القيامة (75) : الآيات 24 إلى 29]

اقرب اليه من حبل الوريد هو الذي منع الخلق عن الإدراك للحق كما ان الهولء لما كان مباشر الحاسة البصر لم يدركه البصر وكذلك الماء إذا غاص الغائص فيه وفتح عينيه يمنعه قربه من حاسة بصره أن يراه والحق اقرب الى الإنسان من نفسه فكان لا يرى لقربه كما انه تعالى لا يرى لبعده وعلو ذاته اين التراب من رب الأرباب ولكن إذا أراد العبد أن يراه تنزل من علوه ورفع عبده الى رؤيته فرآء به ولذلك قال عليه السلام انكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر وهما فى شأنهما متوسطان فى القرب والبعد فغاية القرب حجاب كما ان غاية البعد حجاب والكل يراه فى الدنيا لا يعرف انه هو وفرق بين العارف وغيره ألا ترى انه ذا كان فى قلبك لقاء شخص وأنت لا تعرفه بعينه فلقيك وسلم عليك وأنت لم تعرفه فقد رأيته وما رأيته كالسلطان إذا دار فى بلده متنكرا فانه يراه كثير من الناس ولا يعرفه ثم ان منهم من يقول لم يتيسر لى رؤية السلطان الى الآن وأنا أريد أن انظر اليه مع انه نظر اليه مرارا فهو فى حال بصره أعمى فما أشد حجابه ثم انه لو اتفق له النظر اليه فربما لا يتعمق ففرق بين ناظر وناظر بحسب حدة بصره وضعفه ولذا قالوا انما تفاوتت الافراد فى حضرة الشهود مع كونهم على بساط الحق الذي لا نقص فيه لانهم انما يشهدون فى حقائقهم ولو شهدوا عين الذات لتساووا فى الفضيلة وقال بعض العارفين الخلق اقرب جار للحق تعالى وذلك من أعظم البشرى فان للجار حقا مشروعا معروفا يعرفه العلماء بالله فينبغى لكل مسلم أن يحضر هذا الجوار الإلهي عند الموت حين يطلب من الحق ما يستحقه الجار على جاره من حيث ما شرع قال تعالى لنبيه عليه السلام قل رب احكم بالحق اى الحق الذي شرعته لنا تعاملنا به حتى لا ننكر شيأ منه مما يقتضيه الكرم الإلهي فهو دعاء افتقار وخضوع وذل (حكى) ان الحجاج أراد قتل شخص فقال له لى إليك حاجة قال ما هى قال أريد أن امشى معك ثلاث خطوات ففعل الحجاج فقال الشخص حق هذه الصبحة أن تعفو عنى فعفا عنه وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ يتعلق بقوله باسِرَةٌ اى شديدة العبوس مظلمة ليس عليها أثر السرور أصلا وهى وجوه الكفرة والمنافقين وقال الراغب البسر الاستعجال بالشيء قبل أوانه فان قيل فقوله وجوه يومئذ باسرة ليس يفعلون ذلك قبل الموت وقد قلت ان ذلك يقال فيما كان قبل وقته قيل ان ذلك اشارة الى حالهم قبل الانتهاء بهم الى النار فخص لفظ البسر تنبيها على ان ذلك مع ما ينالهم من بعد يجرى مجرى التكلف ومجرى ما يفعل قبل وقته ويدل على ذلك قوله تعالى تَظُنُّ تتوقع أربابها بحسب الأمارات والجملة خبر بعد خبر ورجح ابو حيان والطيبي تفسير الظن بمعنى اليقين ولا ينافيه أن المصدرية كما توهم فانها انما لا تقع بعد فعل التحقق الصرف فاما بعد فعل الظن او ما يؤدى معنى العلم فتجيئ المصدرية والمشددة والمخففة نص عليه الرضى أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ داهية عظيمة تقصم فقار الظهر ومنه سمى الفقير فان الفقر كسر فقار ظهره فجعله فقيرا اى مفقورا وهو كناية عن غاية الشدة وعدم القدرة على التحمل فهى تتوقع ذلك كما تتوقع الوجوه الناضرة أن يفعل بها كل خير بناء على ان قضية المقابلة بين الآيتين تقتضى ذلك قال بعضهم أصح آنست كه آن بلا حجابست از رؤيت رب الأرباب (مصراع) كه از

[سورة القيامة (75) : الآيات 26 إلى 27]

فراق بتر در جهان بلايى نيست. وفى التأويلات النجمية وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة لا الى غيره بسبب الاعراض عن الدنيا فى هذا اليوم والإقبال على الله ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة بسبب الإقبال على الدنيا فى هذا اليوم والأدبار عن الله جزاء وفاقا وقال بعضهم وجوه يومئذ ناضرة للتنور بنور القدس والاتصال بعالم النور والسرور والنعيم الدائم ووجوه يومئذ باسرة كالحه لجهامة هيئاتها وظلمة ما بها من الجحيم والنيران وسماجة ما تراه هنالك من الأهوال وسوء الجيران كَلَّا ردع عن إيثار العاجلة على الآخرة اى ارتدعوا عن ذلك وتنبهوا لما بين ايديكم من الموت الذي ينقطع عنده ما بينكم وبين العاجلة من العلاقة إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ الضمير للنفس وان لم يجر لها ذكر لان الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها وتقول العرب أرسلت يريدون جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء اى إذا بلغت النفس الناطقة وهى الروح الإنساني أعالى الصدر وهى العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال فاذا بلغت إليها يكون وقت الغرغرة وبالفارسية چون برسد روح باستخوانهاى سينه وگردن. وفى كشف الاسرار وقت كه جان بچنبر كردن رسد. جمع ترقوة بفتح التاء والواو وسكون الراء وضم القاف قال فى القاموس الترقوة ولا تضم تاؤه العظم بين ثغرة النحر والعاتق انتهى. والعاتق موضع الرداء من المنكب قال بعضهم لكل أحد ترقوتان ولكن جمع التراقى باعتبار الافراد وبلوغ النفس التراقى كناية عن عدم الإشفاء يعنى بكناره او رسيدن ونزديك شدن. والعامل فى إذا بلغت معنى قوله الى ربك يومئذ المساق اى إذا بلغت النفس الحلقوم رفعت وسيقت الى الله اى الى موضع امر الله ان ترفع اليه وَقِيلَ مَنْ راقٍ معطوف على بلغت وقف حفص على من وقفة يسيرة من غير تنفس قال بعضهم لعل وجهه استثقال الراء المشددة التي بعدها قاف غليظ تلفظ فى الإدغام واستكراه القطع التام بين المبتدأ والخبر والاستفهام والمستفهم عنه فى النفس والفرار من الإظهار دون سكتة لانه يعد من اللحن عند اتصال النون الساكنة بالراء بين اهل القراءة وقال من حضر صاحبها من يرقيه يعنى افسون ميكنند. وينجيه مما هو فيه من الرقية وهو التعويذ بما به يحصل الشفاء كما يقال بسم الله أرقيك وفعله من باب ضرب والاستفهام على هذا يحتمل أن يكون بمعنى الطلب كأن الذين حول ذلك الإنسان طلبوا له طبيبا يعالجه وراقيا يرقيه ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الإنكار كما يقال عند اليأس من الذي يقدر أن يرقى هذا الإنسان المشرف على الموت وهو الظاهر كما قال الراغب من راق اى من يرقية تنبيها على انه لا راقى يرقيه فيحييه وذلك اشارة الى نحو ما قال وإذا المنية انشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع التميمة خرزات كان العرب يعلقونها على أولادهم خوفا من العين وهو باطل لقوله عليه السلام من علق تميمة فقد أشرك وإياها أراد صاحب البيت المذكور وقيل هو من كلام ملائكة الموت يقولون أيكم يرقى بروحه ملائكة الرحمة او ملائكة العذاب من

[سورة القيامة (75) : الآيات 28 إلى 29]

الرقى وفعله من باب علم وقوله ملائكة الرحمة لا يمانعه قوله فلا صدق ولا صلى الآيات لان الضمير فيه لجنس الإنسان فلا يتعين كون المحتضر من اهل النار قال الكلبي يحضر العبد عند الموت سبعة املاك من ملائكة الرحمة وسبعة من ملائكة العذاب مع ملك الموت فاذا بلغت نفس العبد التراقى نظر بعضهم الى بعض أيهم يرقى بروحه الى السماء فهو قوله من راق وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان الملائكة يكرهون القرب من الكافر فيقول ملك الموت من يرقى بروح هذا الكافر وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وأيقن المحتضر حين عاين ملائكة الموت ان ما نزل به هو الفراق من الدنيا المحبوبة ونعيمها التي ضيع العمر النفيس فى كسب متاعها الخسيس وعبر عما حصل له من المعرفة حينئذ بالظن لان الإنسان مادامت روحه متعلقة ببدنه فانه يطمع فى الحياة لشدة حبه لهذه الحياة العاجلة ولا ينقطع رجاؤه عنها فلا يحصل له يقين الموت بل ظنه الغالب على رجاء الحياة قال الامام هذه الآية تدل على ان الروح جوهر قائم بنفسه باق بعد موت المعدن لان الله تعالى سمى الموت فراقا والفراق انما يكون إذا كانت الروح باقية فان الفراق والوصال صفة وهى تستدعى وجود الموصوف قال المزني دخلت على الشافعي فى مرض موته فقلت كيف أصبحت قال أصبحت من الدنيا راحلا وللاخوان مفارقا ولسوء عمى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا فلا أدرى أروحي تصير الى الجنة فأهنيها أم الى النار فأعزيها ثم أنشأ يقول ولما قسا قلبى وضاقت مذاهبى ... جعلت رجائى نحو عفوك سلما تعاظمنى ذنبى فلما قرنته ... بعفوك ربى كان عفوك أعظما وقال بعضهم. فراق ليس يشبهه فراق ... قد انقطع الرجاء عن التلاق وفى الحديث ان العبد ليعالج كرب الموت وسكراته وان مفاصله ليسلم بعضها على بعض يقول السلام عليك أفارقك وتفارقنى الى يوم القيامة (قال الشيخ سعدى) كوس رحلت بكوفت دست أجل ... اى در چشمم وداع سر بكنيد اى كف ودست وساعد وبازو ... همه توديع يكدگر بكنيد بر من افتاده مرك دشمن كام ... آخر اى دوستان كذر بكنيد روزگارم بشد بنادانى ... من نكردم از شما حذر بكنيد قال يحيى بن معاذ رحمه الله إذا دخل الميت القبر قام على شفير قبره اربعة املاك واحد عند رأسه والثاني عند رجليه والثالث عن يمينه والرابع عن يساره فيقول الذي عند رأسه يا ابن آدم ارفضت الآجال اى تفرفت وأنصيت الآمال اى هزلت ويقول الذي عن يمينه ذهبت الأموال وبقيت الأعمال ويقول الذي عن يساره ذهبت الاشغال وبقي الوبال ويقول الذي عند رجليه طوبى لك ان كان كسبك من الحلال وكنت مشتغلا بخدمة ذى الجلال وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ الالتفاف برهم پيچيدن اى والتفت ساقه بساقه والتوت عليها عند قلق الموت فالساق العضو المخصوص والتفافهما اجتماعهما والتواء

[سورة القيامة (75) : الآيات 30 إلى 35]

إحداهما بالأخرى او التفت شدة فراق الدنيا بشدة اقبال الآخرة على ان الساق مثل فى الشدة وجه المجاز ان الإنسان إذا دهمته شدة شمر لها عن ساقيه فقيل للامر الشديد ساق من حيث ان ظهورها لازم لظهور ذلك الأمر وقد سبق فى قوله تعالى يوم يكشف عن ساق وعن سعيد بن مسيب هما ساقاه حين تلفان فى أكفانه إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ اى الى الله والى حكمه يساق الإنسان لا الى غيره اى ساق الى حيث لا حكم هناك الا الله (وقال الكاشفى) بسوى جزاى پروردگار تو آرزو باز كشت باشد همه كس را. فالمساق مصدر ميمى بمعنى السوق بالفارسية راندن. والألف واللام عوض عن المضاف اليه اى سوق الإنسان فَلا صَدَّقَ الإنسان ما يجب تصديقه من الرسول والقرآن الذي نزل عليه اى لم يصدق فلا هاهنا بمعنى لم وانما دخلت على الماضي لقوة التكرار يعنى حسن دخول لا على الماضي تكراره كما تقول لا قام ولا قعد وقلما تقول العرب لا وحدها حتى تتبعها اخرى تقول لا زيد فى الدار ولا عمرو أو فلا صدق ماله بمعنى لازكاة فحينئذ يطلب وجه لترجيح الزكاة على الصلاة مع ان دأب القرآن تقديم الصلاة ولعل وجهه ما كان كفار مكة عليه من منع المساكين وعدم الحض على طعامهم فى وقت الضرورة القوية وايضا فى تأخير ولا صلى مراعاة الفواصل كما لا يخفى وَلا صَلَّى ما فرض عليه وفيه دلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة يعنى ان الكافر يستحق الذم والعقاب بترك الصلاة كما يستحقها بترك الايمان وان لم يجب أداؤها عليه فى الدنيا وَلكِنْ كَذَّبَ ما ذكر من الرسول والقرآن والاستدراك لدفع احتمال الشك فان نفى التصديق لا يستلزم اثبات التكذيب لكون الشك بين التصديق والتكذيب فاذا لا تكرار فى الآية وَتَوَلَّى واعرض عن الطاعة لله ولرسوله ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ اهل بيته او الى أصحابه يَتَمَطَّى يتبختر ويختال فى مشيه افتخارا بذلك وبالفارسية پس باز كشت بسوى كسان خود مى خراميد از روى افتخار كه من چنين و چنين كارى كرده ام يعنى تكذيب وتولى. من المط وهو المد فان المتبختر يمد خطاه يعنى ان التمدد فى المشي من لوازم التبختر فجعل كناية عنه فيكون أصله يتمطط بمعنى يتمدد أبدلت الطاء الاخيرة ياء كراهة اجتماع الأمثال كما فى تقضى البازي او من المطا مقصورا وهو الظهر فانه يلويه ويحركه فى تبختره فألفه مبدلة من واو ويتمطى جملة حالية من فاعل ذهب وفى الحديث إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم كأن بأسهم بينهم والمطيطاء كحميرآء التبختر ومد اليدين فى المشي والبأص شدة الحرب أَوْلى لَكَ واى بر تو اى انسان مكذب فَأَوْلى پس واى بر تو ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى تكرير للتأكيد فهو مستعمل فى موضع ويل لك مشتق من الولي وهو القرب والمراد دعاء عليه بأن يليه مكروه وأصله أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما فى ردف لكم نفل الثلاثي الى أفعل فعدى الى مفعولين وفى القاموس أولى لك تهديد ووعيد أي قاربه ما يهلكه او أولى لك الهلاك فيكون اسما بمعنى أحرى اى الهلاك أولى وأحرى لك من كل شىء فيكون خبر مبتدأ محذوف (وقال الكاشفى) اولى لك

[سورة القيامة (75) : الآيات 36 إلى 40]

سزاوارست ترا مرگى سخت فأولى پس سزاوارست ترا عذاب اليم در قبر ثم أولى لك پس نيك سزاوارست ترا هول قيامت فأولى پس بغايت سزاست ترا خلود در دوزخ. وروى انه لما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله بمجامع ثوب أبى جهل بالبطحاء وهزه مرة او مرتين ولكزه فى صدره وقال له أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فقال ابو جهل أتوعدني يا محمد ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيأ وانى لأعز اهل هذا الوادي فلما كان يوم بدر صرعه الله شر مصرع وقتله أسوأ قتلة اقعصه بنا عفرآء واجهز عليه ابن مسعود رضى الله عنه واقعصه قتله مكانه واجهز على الجريح اثبت قتله وأسرعه وتمم عليه وكان رسول الله عليه السلام يقول ان لكل امة فرعونا وان فرعون هذه الامة أبو جهل أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً اى يحيى حال كونه مهملا فلا يكلف ولا يجزى وقيل ان يترك فى قبره فلا يبعث سدى المهمل يقال أسديت ابلى إسداء اى اهملتها وتقول أسديت حاجتى وسديتها إذا اهملتها ولم تقضها وتكرير الإنكار لحسبانها يتضمن تكرير إنكاره للحشر ويتضمن الاستدلال على صحة البعث ايضا وتقريره ان إعطاء القدرة والآلة والفعل بدون التكليف والأمر بالمحاسن والنهى عن المفاسد يقتضى كونه تعالى راضيا بقبائح الأعمال وذلك لا يليق بحكمته ماذا لا بد من التكليف فى الدنيا والتكليف لا يليق بالكريم الرحيم الا لان يميز الذين آمنوا وعملوا الصالحات من المفسدين فى الأرض ولا يجعل المتقين كالفجار ويجازى كل نفس بما تسعى والمجازاة قد لا تكون فى الدنيا فلا بد من البعث والقيامة وانما لم تكن الدنيا دار المجازاة لضيقها وقد قال بعض الكبار من طلب تعجيل نتائج اعماله وأحواله فى هذه الدار فقد أساء الأدب وعامل الموطن بما لا تقتضيه حقيقته أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى إلخ استئناف وارد لابطال الحسبان المذكور فان مداره لما كان استبعادهم للاعادة استدل على تحققها ببدء الخلق وقال ابن الشيخ هو استدلال على صحة البعث بدليل ثان والاستفهام بمعنى التوبيخ والنطفة بالضم الماء الصافي قل او كثر والمنى ماء الرجل والمرأة اى ما خلق منه حيوان فالحبل لا يكون الا من الماءين ويمنى بالياء صفة منى وبالتاء صفة نطفة بمعنى يصب ويراق فى الرحم ولذا سميت من كالى وهى قرية بمكة لما يمنى فيها من دماء القرابين والمعنى الم يكن الإنسان ماء قليلا كائنا من ماء معروف بخسة القدر واستقذار الطبع ولذا نكرهما يمنى ويصب فى الرحم نبه سبحانه بهذا على خسة قدر الإنسان اولا وكمال قدرته ثانيا حيث صير مثل هذا الشيء الدنى بشرا سويا وقال بعضهم فائدة قوله يمنى للاشارة الى حقارة حاله كأنه قيل انه مخلوق من المنى الذي يجرى على مخرج النجاسة فكيف يليق بمثل هذا ان يتمرد عن طاعة الله فيما امر به ونهى الا انه تعالى عبر عن هذا المعنى على سبيل الرمز كما فى قوله تعالى فى عيسى ومريم عليهما السلام كانا يأكلان الطعام والمراد منه قضاء الحاجة كناية ثُمَّ كانَ عَلَقَةً اى ثم كان المنى بعد أربعين يوما قطعة دم جامد غليظ احمر بقدرة الله تعالى بعد ما كان ماء أبيض كقوله تعالى ثم خلقنا النطفة علقة وهو عطف على قوله ألم يك لان انكار عدم الكون يفيد ثبوت المكون فالتقدير كان الإنسان نطفة ثم كان علقة فَخَلَقَ اى فقدر بأن

[سورة القيامة (75) : الآيات 39 إلى 40]

جعلها مضغة مخلقة بعد أربعين اخرى اى قطعة لحم قابل لتفريق الأعضاء وتمييز بعضها من بعض وجعل المضغة عظاما تتميز بها الأعضاء بأن صلبها فكسا العظام لحما يحسن به خلقه وتصويره ويستعد لافاضة القوى ونفخ الروح فَسَوَّى فعدله وكمن نشأته (قال الكاشفى) پس راست كرد صورت وأندام او را وروح در دميد. وفى المفردات جعل خلقه على ما اقتضته الحكمة الالهية اى جعله معادلا لما تقتضيه الحكمة وقال بعضهم معنى النسوية والتعديل جعل كل عضو من أعضائه الزوج معادلا لزوجه فَجَعَلَ مِنْهُ اى من الإنسان باعتبار الجنس او من المنى وجعل بمعنى خلق ولذا اكتفى بمفعول واحد وهو قوله الزَّوْجَيْنِ اى الصنفين الذَّكَرَ وَالْأُنْثى بدل من الزوجين ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار أعنى ولا يخفى ان الفاء تفيد التعقيب فلا بد من مغايرة بين المتعاقبين فلعل قوله فخلق فسوى محمول على مقدار مقدر من الخلق يصلح به للتفرقة بين الزوجين وقوله فجعل منه الزوجين على التفرقة الواقعة أَلَيْسَ ذلِكَ العظيم الشان الذي انشأ هذا الإنشاء البديع بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وهو أهون من البدء فى قياس العقل لوجود المادة وهو عجب الذنب والعناصر الاصلية (روى) ان النبي عليه السلام كان إذا قرأها قال سبحانك اللهم بلى تنزيها له تعالى عن عدم القدرة على الاحياء واثباتا لوقوعها عليه وفى رواية بلى والله بلى والله وقال ابن عباس رضى الله عنهما من قرأ سبح اسم ربك الأعلى اماما كان او غيره فليقل سبحان ربى الأعلى ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فاذا انتهى الى آخرها فليقل سبحانك اللهم بلى اماما كان او غيره وفى الحديث (من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى الى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فانتهى الى أليس ذلك بقادر على ان يحيى الموتى فليقل سبحانك بلى ومن قرأ والمرسلات عرفا فبلغ فبأى حديث بعد، يؤمنون فليقل آمنا بالله) وفى الآية اشارة الى ان الله يحيى موتى اهل الدنيا بالاعراض عنها والإقبال على الآخرة والمولى وايضا يحيى موتى النفوس بسطوع أنوار القلوب عليها وايضا يحيى موتى القلوب تحت ظلمة النفوس الكافرة الظالمة بنور الروح والسر والخفي ومن أسند العجز الى الله فقد كفر بالله نسأل الله تعالى العصمة وحسن الخاتمة تمت سورة القيامة بعون من له الرحمة العامة فى الحادي والعشرين من ذى الحجة من سنة ست عشرة ومائة وألف تفسير سورة الإنسان احدى وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم هَلْ أَتى استفهام تقرير ونقريب فان هل بمعنى قد والأصل أهل أتى اى قد أتى وبالفارسية آيا آمد يعنى بدرستى كه آمد. تركوا الالف قبل هل لانها لا تقع الا فى الاستفهام وانما لزوم اداة الاستفهام ملفوظة او مقدرة إذا كان بمعنى قد ليستفاد التقرير من همزة الاستفهام والتقريب من قد فانها موضوعة لتقريب الماضي الى الحال والدليل على ان الاستفهام غير مراد

[سورة الإنسان (76) : آية 2]

ان الاستفهام على الله محال فلا بد من حمله على الخبر تقول هل وعظتك ومقصودك أن تحمله على الإقرار بأنك قد وعظته وقد يجيئ بمعنى الجحد تقول وهل يقدر أحد على مثل هذا فتحمله على أن يقول لا يقدر أحد غيرك عَلَى الْإِنْسانِ قبل زمان قريب المراد جنس الإنسان لقوله من نطفة لان آدم لم يخلق منها ثم المراد بالجنس بنوا آدم او ما يعمه وبنيه على التغليب او نسبة حال البعض الى الكل للملابسة على المجاز حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ الحين زمان مطلق ووقت مبهم يصلح لجميع الأزمان طال او قصر وفى المفردات الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله وهو مبهم ويتخصص بالمضاف اليه نحو ولات حين مناص ومن قال حين على أوجه للاجل والمنية وللساعة وللزمان المطلق انما فسر ذلك بحسب ما وجده قد علق به والدهر الزمان الطويل والمعنى طائفة محدودة كائنه من الزمن الممتد وهى مدة لبثه فى بطن امه تسعة أشهر او بأن صار شيأ مذكورا على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما لَمْ يَكُنْ فيه فالجملة صفة اخرى لحين بحذف الضمير شَيْئاً مَذْكُوراً بل كان شيأ منسيا غير مذكور بالانسانية أصلا نطفة فى الأصلاب فما بين كونه نطفة وكونه شيأ مذكورا بالانسانية مقدار محدود من الزمان وتقدم عالم الأرواح لا يوجب كونه شيأ مذكورا عند الخلق ما لم يتعلق بالبدن ولم يخرج الى عالم الأجسام (روى) ان الصديق او عمر رضى الله عنهما كما فى عين المعاني لما سمع رجلا يقرأ هذه الآية بكى وقال ليتها تمت فلا شىء أراد ليت تلك تمت وهى كونه شيأ غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف ومعنى الاستفهام التقريرى فى الآية أن يحمل من ينكر البعث على الإقرار بأنه نعم أتى عليه فى زمان قريب من زمان الحال حين من الدهر لم يكن فيه شيأ مذكورا فيقال له من أحدثه بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه بعثه وإحياؤه بعد موته وقال القاشاني اى كان شيأ فى علم الله بل فى نفس الأمر لقدم روحه ولكنه لم يذكر فيما بين الناس لكونه فى عالم الغيب وعدم شعور من فى عالم الشهادة به وفى التأويلات النجمية اعلم ان للانسان صورة علمية غيبية وصورة عينية شهادية وهو من حيث كلتا الصورتين مذكور عند الله ازلا وابدا لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لعلمه الأزلي الابدى بالأشياء قبل إيجاد الأشياء وقبل وجودها خلق الخلق وهم معدومون فى كتم العدم وعلمه بنفسه يستلزم علمه بأعيان الأشياء لان الأشياء مظاهر أسمائه وصفاته وهى عين ذاته فافهم اى ما أتى على الإنسان حين من الأحيان وهو كان منسيا فيه بالنسبة الى الحق وكيف وهو مخلوق على صورته وصورته حاضرة له مشهودة عنده وهل للاستفهام الإنكاري بخلاف المحجوبين عن علم المعرفة والحكمة الالهية وقال جعفر الصادق رضى الله عنه هل أتى عليك يا انسان وقت لم يكن الله ذاكرا لك فيه إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى خلقناه يعنى جسمه والإظهار لزيادة التقرير مِنْ نُطْفَةٍ حتى كان علقة فى أربعين يوما ومضغة فى ثمانين ومنفوخا فيه الروح فى مائة وعشرين يوما كما كان أبوهم آدم خلق من طين فألقى بين مكة والطائف فأقام أربعين سنة ثم من حمأمسنون فأقام أربعين سنة اخرى ثم من صلصال فأقام أربعين سنة اخرى فتم خلقه فى مائة وعشرين سنة فنفخ فيه الروح على ما جاء فى رواية الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما فما كان

سنين فى آدم كان أياما فى أولاده وحمل بعضهم الإنسان الاول على آدم والثاني على أولاده على أن يكون الحين هو الزمن الطويل الممتد الذي لا يعرف مقداره والاول وهو حمله فى كلا الموضعين على الجنس اظهر لان المقصود تذكير الإنسان كيفية الخلق بعد أن لم يكن ليتذكر أول امره من عدم كونه شيأ مذكورا او آخر أمره من كونه شيأ مذكورا مخلوقا من ماء حقير فلا يستبعد البعث كما سبق أَمْشاجٍ اخلاط بالفارسية آميختها. جمع مشج كسبب او كتف على لغتيه او مشيج من مشجت الشيء إذا خلطته وصف النطفة بالجمع مع افرادها لما ان المراد بها مجموع الماءين يختلطان فى الرحم ولكل منهما أوصاف مختلفة من اللون والرقة والغلظ وخواص متباينة فان ماء الرجل ابيض غليظ فيه قوة العقد وماء المرأة اصفر رقيق فيه قوة الانعقاد فيخلق منهما الولد فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب وعظم وقوة فمن ماء الرجل وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة على ما روى فى المرفوع وفى الخبر ما من مولود الا وقد ذر على نطفته من تربة حفرته كل واحد منهما مشيج بالآخر وقال الحسن رحمه الله نطفة مشيجة بدم وهو دم الحيض فاذا حبلت ارتفع الحيض واليه ذهب صاحب القاموس حيث قال ونطفة أمشاج مختلطة بماء المرأة ودمها انتهى فيكون النطفتان ودمها جمعا وقال الراغب هو عبارة عما جعل الله بالنطفة من القوى المختلفة المشار إليها بقوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة الآية انتهى فيكون معنى أمشاج ألوان وأطوار على ما قال قتادة وفى التأويلات النجمية اى من نطفة قوة القابلية الممتشجة المختلطة بنطفة قوة الفاعلية اى خلقناه من نطفة الفيض الأقدس المتعلق بالفاعل ونطفة الفيض المقدس المتعلق بالقابل فالفيض الأقدس الذاتي بمنزلة ماء الرجل والفيض المقدس الاسمائى بمنزلة ماء المرأة نَبْتَلِيهِ حال مقدرة من فاعل خلقنا اى مريدين ابتلاءه واختباره بالتكليف فيما سيأتى ليتعلق علمنا بأحواله تفصيلا فى العين بعد تعلقه بها اجمالا فى العلم وليظهر احوال بعضهم لبعض من القبول والرد والسعادة والشقاوة فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ليتمكن من استماع الآيات التنزيلية ومشاهدة الآيات التكوينية فهو كالمسبب عن الابتلاء اى عن إرادته فلذلك عطف على الخلق المقيد به بالفاء كأنه قيل انا خلقناه مريدين تكليفه فأعطيناه ما يصح معه التكليف والابتلاء وهو السمع والبصر وسائر آلات التفهيم والتمييز وطوى ذكر العقل لان المراد ذكر ما هو من أسبابه والآلة التي بها يستكمل فطريقه الاول لاكثر الخلق من السعداء السمع ثم البصر ثم تفهم العقل وفى اختيار صيغة المبالغة اشارة الى كمال إحسانه اليه وتمام انعامه وبصيرا مفعول ثان بعد ثان لجعلناه وفى التأويلات النجمية فجعلناه سميعا جميع المسموعات بصيرا جميع المبصرات كما قال كنت سمعه وبصره فبى يسمع وبي يبصر فلا يفوته شىء من المسموعات ولا من المبصرات فافهم جدا يا مسكين وقال أبو عثمان المغربي قدس سره ابتلى الله الخلق بتسعة أمشاج ثلاث فتانات هى سمعه وبصره ولسانه وثلاث كافرات هى نفسه وهواه وعدوه الشيطان وثلاث مؤمنات هى عقله وروحه وقلبه فاذا أيد الله العبد بالمعونة قهر العقل على

[سورة الإنسان (76) : الآيات 3 إلى 4]

القلب فملكه واستأسر النفس والهوى فلم يجدا الى الحركة سبيلا فجانست النفس الروح وجانس الهوى العقل وصارت كلمة الله هى العليا قال الله تعالى قاتلوهم حتى لا تكون فتنة إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ مرتب على ما قبله من إعطاء الحواس فانه استئناف تعليلى لجعله سميعا بصيرا يعنى ان إعطاء الحواس الظاهرة والباطنة والتحلي بها متقدم على الهداية والمعنى أريناه وعرفناه طريق الخير والشر والنجاة والهلاك بانزال الآيات ونصب الدلائل كما قال وهديناه النجدين اى بيناله طريق الخير والشر فان النجد الطريق الواضح المرتفع فالمراد بالهداية مجرد الدلالة لا الدلالة الموصلة الى البغية كما فى بعض التفاسير إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً حالان من مفعول هديناه قال فى الإرشاد اى مكناه وأقدرناه على سلوك الطريق الموصل الى البغية فى حالتيه جميعا فاما التفصيل ذى الحال فانه مجمل من حيث الدلالة على الأحوال لا يعلم ان المراد هدايته فى حال كفره او فى حال إيمانه وبالتفصيل تبين انها تعلقت به فى كل واحدة من الحالين فالشاكر الموحد والكفور الجاحد لان الشكر الإقرار بالمنعم ورأس الكفر ان جحوده ويقال شاكر النعمة وكفورها قال الراغب الكفور يقال فى كافر النعمة وكافر الدين جميعا ويجوز أن يكون اما للتقسيم بأن يعتبر ذو الحال من حيث انه مطلق وهو اللفظ الدال على الماهية من حيث هى ويجعل كل واحد من مدخولى اما قيد اله فيحصل بالتقييد بكل منهما قسم منه اى مقسوما إليهما بعضهم شاكر بالاهتداء والاخذ فيه وبعضهم كفور بالاعراض عنه وإيراد الكفور لمراعاة الفواصل اى رؤوس الآي والاشعار بأن الإنسان قلما يخلو من كفران ما وانما المؤاخذ عليه الكفر المفرط والشكور قليل منهم ولذا لم يقل اما شكورا واما كفورا واما شاكرا واما كافرا والحاصل ان الشاكر والكفور كنايتان عن المثاب والمعاقب ولما لم يكن مجرد الكفران مستلزما للمواخذة لم يصح أن يجعل كناية عنها بخلاف مجرد الشكر فانه ملزوم الاثابة بمقتضى وعد الكريم فأدير أمر الاثابة على مطلق الشكر لا على المبالغة فيه كما ادير المؤاخذة على المبالغة فى الكفران لا على أصله وكل ذلك بمقتضى سعة رحمة الله وسبقها على غضبه وقرأ ابو السماك بفتح الهمزة فى اما وهى قراءة حسنة والمعنى اما كونه شاكرا فبتوفيقنا واما كونه كفورا فبسوء اختياره وفى التأويلات النجمية انا خير ناه فى الاهتداء الى سبيل الشكر المتعلق باليد اليمنى الجمالية او الى سبيل الكفر المتعلق باليد اليسرى الجلالية فاختار بعضهم سبيل الشكر من مقتضى حقائقهم واستعداداتهم الازلية واختار بعضهم سبيل الكفر من مقتضى حقائقهم وقابلياتهم الازلية ايضا كما قال هؤلاء اهل الجنة ولا أبالي وهؤلاء اهل النار ولا أبالي اى المدح والذم يتعلق بهم لا بي ولما ذكر الفريقين اتبعهما الوعيد والوعد فقال إِنَّا أَعْتَدْنا هيأنا فى الآخرة فان الاعتاد اعداد الشيء حتى يكون عتيدا حاضرا متى احتيج اليه لِلْكافِرِينَ من افراد الإنسان الذي هديناه السبيل سَلاسِلَ بها يقادون الى جهنم وفى كشف الاسرار اعتدنا للكافرين فى جهنم سلاسل كل سلسلة سبعون ذراعا وهو بغير تنوين فى قراءة حفص واما الوقف فبالالف تارة وبدونها اخرى وتسلسل الشيء اضطرب كأنه تصور

[سورة الإنسان (76) : الآيات 5 إلى 9]

منه تسلسل وتردد فتردد لفظه تنبيه على تردد معناه ومنه السلسلة وفى القاموس السلسلة اى بالفتح إيصال الشيء بالشيء وبالكسر دائرة من حديد ونحوه وَأَغْلالًا بها يقيدون اهانة وتعذيبا لا خوفا من الفرار جمع غل بالضم وهو ما تطوق به الرقبة للتعذيب وقد سبق فى الحاقة مفصلا وَسَعِيراً نارا بها يحرقون يعنى وآتشى افروخته كه در ان پيوسته بسوزند. وانما يجرون الى جهنم بالسلاسل لعدم انقيادهم للحق ويحقرون بأن يقيدوا بالاغلال لعدم تواضعهم لله ويحرقون بالنار لعدم احتراقهم بنار الخوف من الله تعالى وفيه اشارة الى ان الله تعالى أعد للمحجوبين عن الحق المشغولين بالخلق سلاسل التعلقات الظاهرة بحب الدنيا وطلبها وأغلال العوائق الباطنة بالرغبة إليها وفيها ونار جهنم البعد والطرد واللعن وتقديم وعيد الكافرين مع تأخرهم فى مقام الإجمال للجمع بينهما فى الذكر ولان الانذار أهم وأنفع وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين احسن على ان فى وصفهم تفصيلا ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم إِنَّ الْأَبْرارَ شروع فى بيان حسن حال الشاكرين اثر بيان سوء حال الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للاشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية والأبرار جمع بركرب وأرباب او جمع بار كشاهد وإشهاد وهو من يبر خالقه اى يطيعه يقال بررته ابره كعلمته وضربته وعن الحسن رحمه الله البر من لا يؤذى الذر ولا يضمر الشر كما قيل ولا تؤذ نملا ان أردت كمالكا ... فان لما نفسها تطيب كمالكا وفى المفردات البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشفق منه البر اى التوسع فى فعل الخير وبر العبد ربه توسع فى طاعته ويشمل الاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل وقال سهل رحمه الله الأبرار الذين فيهم خلق من اخلاق العشرة الذين وعد لهم النبي عليه السلام بالجنة قال عليه السلام ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقبه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال أبو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيث يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء يَشْرَبُونَ فى الجنة والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره قال يشربون ابتداء كالمطيعين او انتهاء كالمعذبين من المؤمنين بحكم العدل مِنْ كَأْسٍ هى الزجاجة إذا كانت فيها خمر وتطلق على نفس الخمر ايضا على طريق ذكر المحل وارادة الحال وهو المراد هنا عند الأكثر حتى روى عن الضحاك انه قال كل كاس فى القرآن فانما عنى به الخمر فمن على الاول ابتدائية وعلى الثاني تبعيضية او بيانية كانَ بتكوين الله مِزاجُها اى ما تمزج تلك الكأس به يقال مزج الشراب خلطه ومزاج البدن ويمازجه من الصفراء والسوداء والبلغم والدم والكيفيات المناسبة لكل منها كافُوراً اى ماء كافور وهو اسم عين فى الجنة فى المقام المحمدي وكذا سائر العيون ماؤها فى بياض الكافور ورائحته وبرده دون طعمه وإلا فنفس الكافور لا يشرب ونظيره حتى إذا جعله نارا اى كنار والكافور طيب معروف يطيب به الأكفان والأموات لحسن رائحته واشتقاقه من الكفر وهو الستر لانه يغطى الأشياء برائحته وفى القاموس

[سورة الإنسان (76) : آية 6]

الكافور طيب معروف يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين يظل خلقا كثيرا وتألفه النمورة وخشبه أبيض هش ويوجد فى اجوافه الكافور وهو انواع ولونها احمر وانما تبيض بالتصعيد وعين فى الجنة انتهى والجملة صفة كأس عَيْناً بدل من كافورا يعنى كافور چشمه ايست. والعين الجارية ويقال لمنبع الماء تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء فيها يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ صفة عين وعباد الله هنا الأبرار من المؤمنين لان اضافة التكريم الى اسمه الأعظم مختصة بالمؤمن فى الغالب كالاضافة الى كناية التكلم كقوله يا عبادى لرعايتهم حق الربوبية فمن لم يراعه فكأنه ليس بعبد له اى يشربون بها الخمر لكونها ممزوجة بها كما تقول شربت الماء بالعسل فيكون كناية عن قوتها فى لذتها وعلى هذا فيه اشارة الى ان المقربين الأقوياء يشربون شراب الكافور صرفا غير ممزوج والظاهر يشرب منها فالباء بمعنى من فان حروف العوامل ينوب بعضها مناب بعض ونظيره قوله تعالى فانزلنا به الماء اى أنزلنا من السحاب الماء صرح به الشيخ المكي رحمه الله فى قوت القلوب يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً التفجير والتفجيرة آب راندن. وفى المفردات الفجر شق الشيء شقا واسعا كفجر الإنسان السكر يقال فجرته فانفجر وفجرته فتفجر والمعنى يجرونها حيث شاؤا من منازلهم كما يفيده بناء التفعيل إذ التشديد للكثرة اجراء سهلا لا تمنع عليهم بل تجرى جريا بقوة واندفاع لان الأنهار منقادة لاهل الجنة كالاشجار وغيرها فتفجيرا مصدر مؤكد للفعل المتضمن معنى السهولة والجملة صفة اخرى لعينا وفى التأويلات النجمية يشير بالابرار الى عباد الله المخلصين المخصوصين بفيض الاسم الأعظم الشامل للاسماء الذين سقاهم ربهم المتجلى لهم باسمه الباسط بكأس المحبة طهور شراب العشق الممزوج بكافور برد اليقين المفجر الجاري فى انهار أرواحهم وأسرارهم وقلوبهم من فرط اثر حمة وشمول النعمة وقال القاشاني ان الأبرار السعداء الذين برزوا عن حجاب الآثار والافعال واحتجبوا بحجب الصفات غير واقفين معها بل متوجهين الى عين الذات مع البقاء فى عالم الصفات وهم المتوسطون فى السلوك يشربون من كأس محبة حسن الصفات لا صرفا بل كان فى شرابهم مزج من لذة محبة الذات وهى العين الكافورية المفيدة للذة يرد اليقين وبياض النورية وتفريح القلب المخترق بحرارة الشوق وتقويته فان للكافور خاصية التبريد والتفريج والبياض والكافور عين يشرب بها صرفة عباد الله الذين هم خاصته من اهل الوحدة الذاتية المخصوص محبتهم بعين الذات دون الصفات لا يفرقون بين القهر واللطف والرفق والعنف والنعمة والبلاء والشدة والرخاء بل تستقر محبتهم مع الاضداد وتستمر لذتهم فى النعماء والضراء والرحمة والزحمة كما قال أحدهم هواى له فرض تعطف أم جفا ... ومشربه عذب تكدر أم صفا وكلت الى المحبوب امرى كله ... فان شاء أحياني وان شاء اتلفا واما الأبرار فلما كانوا يحبون المنعم واللطيف والرحيم لم تبق محبتهم عند تجلى القهار

[سورة الإنسان (76) : آية 7]

والمبتلى والمنتقم بحالها ولا لذتهم بل يكرهون ذلك تفجرونها تفجير لانهم منابعها لا اثنينية ثمة ولا غيرية والا لم يكن كافور الظلمة حجاب الانانية واثنينيته وسواده انتهى. قال بعضهم اختلفت أحوالهم فى الدنيا فاختلفت مشاربهم فى الآخرة فكل يسفى ما يليق بحاله كعيون الحياء وعيون الصبر وعيون الوفاء وغير ذلك ثم ان الكأس اما نفسانية شيطانية وهى ما تكون لاهل الفسق فى الدنيا وهى حرام وفى الحديث (إذا تناول العبد كأس الخمر ناشده الايمان بالله لا تدخلها على فانى لا أستقر أنا وهى فى وعاء واحد فان أبى وشربها نفر الايمان نفرة لا يعود اليه أربعين صباحا فان تاب تاب الله عليه ونقص من عقله شىء لا يعود اليه أبدا) واما جسمانية رحمانية وهى ما تكون للمؤمنين فى دار الآخرة عطاء ومنحة من الله الوهاب واما روحانية ربانية وهى ما تكون لاهل المحبة والشوق فى الدارين وهى ألذ الأقداح قال مولانا جلال الدين قدس سره. ألا يا ساقيا انى نظمئان ومشتاق ... أدر كأسا ولا تنكر فان القوم قد ذاقوا خذ الدنيا وما فيها فان العشق يكفينا ... لنا فى العشق جنات وبلدان وأسواق يُوفُونَ بِالنَّذْرِ استئناف كأنه قيل ماذا يفعلون حتى ينالوا تلك الرتبة العالية فقيل يوفون بما اوجبوه على أنفسهم فكيف بما أوجبه الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها فهو مبالغة فى وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات والإيفاء بالشيء هو الإتيان به تاما وافيا والنذر إيجاب الفعل المباح على نفسه تعظيما لله بأن يقول لله على كذا من الصدقة وغيرها وان شفى مريضى أورد غائبى فعلى كذا واختلفوا فيما إذا علق ذلك بما ليس من وجوه البر كما إذا قال ان دخل فلان الدار فعلى كذا ففى الناس من جعله كاليمين ومنهم من جعله من باب النذور قيل النذر كالوعد الا انه إذا كان من العباد فهو تذرو إذا كان من الله فهو وعد والنذر قربة مشروعة ولا يصح الا فى الطاعة وفى الحديث (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه) قال هرون بن معروف جاءنى فتى فقال ان أبى حلف على بالطلاق ان اشرب دوآء مع مسكر فذهبت به الى أبى عبد الله فلم يرخص له وقال قال عليه السلام كل مسكر حرام وإذا جمع الأطباء على ان شفاء المريض فى الخمر لا يشربها إذا كان له دواء آخر وإذا لم يكن يشربها ويتداوى بها فى قول ثم ان الاهتمام بما او جب الله على عبده ينبغى ان يكون أكمل مما أوجه العبد على نفسه ومن الناس من هو على عكس ذلك فانه يتهاون بما أوجبه الله عليه فان يؤدى الصلاة الواجبة مثلا وإذا نذر شيأ فى بعض المضايقات يسارع الى الوفاء وليس الا من الجهل وقال القاشاني اى الأبرار يوفون بالعهد الذي كان بينهم وبين لله صبيحة يوم الأزل بانهم إذا وجدوا التمكن بالآلات والأسباب ابرزوا ما فى مكا من استعداداتهم وغيوب فطرتهم من الحقائق والمعارف والعلوم والفضائل وأخرجوها الى الفعل بالتزكية والتصفية وَيَخافُونَ يَوْماً اى يوم القيامة كانَ شَرُّهُ اى هوله وشدته وعذابه مُسْتَطِيراً فاشيا منتشرا فى الأقطار غاية الانتشار بالغا أقصى المبالغ. يعنى بهمه كس

[سورة الإنسان (76) : آية 8]

بهمه جا رسيده. من الاستطار الحريق اى النار وكذا الفجر قال فى القاموس المستطير الساطع المنتشر واستطار الفجر انتشر وهو ابلغ من طار بمنزلة استنفر من نفر واطلق الشر على اهوال القيامة وشدائدها المنتشرة غاية الانتشار حتى ملأت السموات والأرض مع انها عين حكمة وصواب لكونها مضرة بالنسبة الى من تنزل عليه ولا يلزم من ذلك ان لا يكون خيره مستطيرا ايضا فان ليوم القيامة أمورا سارة كما ان له أمورا ضارة وقال سهل رحمه الله البلايا والشدائد عامة فى الآخرة للعامة والملامة خاصة للخالصة ثم ان يوفون إلخ بيان لاعمالهم وإتيانهم لجميع الواجبات وقوله ويخافون إلخ بيان لنياتهم حيث اعتقدوا يوم البعث والجزاء فخافوا منه فان الطاعات انما تتم بالنيات وبمجموع هذين الامرين سماهم الله بالابرار قال بعض العارفين يشير الى ارباب السلوك فى طريق الحق وطلبه حيث أوجبوا على أنفسهم انواع الرياضات واصناف المجاهدات وتركوا الرقاد واهلكوا بالجوع الأجساد واحرقوا بالعطش الأكباد وسدوا الاذان من استماع كلام الأغيار وأعموا أبصارهم عن رؤية غير المحبوب الحقيقي وختموا على القلوب عن محبة غير المطلوب الأزلي خوفوا أنفسهم من يوم تجلى صفة القهر والسخط باستيلاء الهيئات المظلمة على القلب وهو نهاية مبالغ الشر فاجتهدوا حتى خلصهم الله مما خافوا وأدخلهم فى حرمه الآمن وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ اى كائنين على حب الطعام والحاجة اليه ونحوه لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون او على حب الإطعام فيطعمون بطيب النفس فالضمير الى مصدر الفعل كما فى قوله تعالى اعدلوا هو اقرب للتقوى او كائنين على حب الله او اطعاما كائنا على حبه تعالى وهو الأنسب لما سيأتى من قوله لوجه الله فالمصدر مضاف الى المفعول والفاعل متروك اى على حبهم لله ويجوز ان يضاف الى الفاعل والمفعول متروك اى على حب الله الإطعام والطعام خلاف الشراب وقد يطلق على الشراب ايضا لان طعم الشيء ذوقه مأكولا او مشروبا والظاهر الخصوص وان جاز العموم. واعلم ان مجامع الطاعات محصورة فى أمرين الطاعة لامر الله واليه الاشارة بقوله يوفون بالنذر والشفقة على خلق الله واليه الاشارة بقوله ويطعمون الطعام فان الطعام وهو جعل الغير طعاما كناية عن الإحسان الى المحتاجين والمواساة معهم بأى وجه كان وان لم يكن ذلك بالطعام بعينه الا ان الإحسان بالطعام لما كان اشرف انواع الإحسان عبر عن جنس الإحسان باسم هذا النوع كما فى حواشى ابن الشيخ وقال بعض اهل المعرفة اى يتجردون عن المنافع المالية ويزكون أنفسهم عن الرذائل خصوصا عن الشح لكون محبة المال أكثف الحجب فيتصفون بفضيلة الإيثار وسد خلة الغير فى حال احتياجهم او يزكون أنفسهم عن رذيلة الجهل فيطعمون الطعام الروحاني من الحكم والشرائع على حب الله من ذكر من قوله مِسْكِيناً فقيرا لا شىء له عاجزا عن الكسب وبالفارسية درويش بي مايه. وقال القاشاني المسكين الدائم السكون الى تراب البدن وَيَتِيماً طفلا لا أب له وَأَسِيراً الاسر الشد بالقد سمى الأسير بذلك ثم قيل لكل

[سورة الإنسان (76) : آية 9]

مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا بذلك والمعنى وأسيرا مأخوذا لا يملك لنفسه نصرا ولا حيلة اى أسير كان فانه عليه السلام كان يوتى بالأسير فيدفعه الى بعض المسلمين فيقول احسن اليه لانه يجب الطعام الأسير الكافر والإحسان اليه فى دار الإسلام بما دون الواجبات عند عامة العلماء الى ان يرى الامام رأيه فيه من قتل او من او فدآء او استرقاق فان القتل فى حال لا ينافى وجوب الإطعام فى حال اخرى ولا يجب إذا عوقب بوجه ان يعاقب بوجه آخر ولذا لا يحسن فيمن يلزمه القصاص ان يفعل به غير القتل او المعنى أسيرا مؤمنا فيدخل فيه المملوك عبدا او أمة وكذا المسبحون. يعنى مسبحون از اهل فقر كه در حقى از حقوق مسلمين حبس كرده باشند. وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغريم أسيرا فقال غريمك أسيرك فأحسن الى أسيرك اى بالامهال والوضع عنه بعضا او كلا وهو كل الإحسان وفى الحديث (من أنظر معسرا او وضع له اظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) اى حماه من حرارة القيامة وقيل الزوجة من الأسراء فى يد الأزواج لما قال عليه السلام اتقوا الله فى النساء فانهن عوانى عندكم والعاني الأسير وفى القاموس العوانى النساء لانهن يظلمن فلا ينتصرون وقال القاشاني الأسير المحبوس فى أسر الطبيعة وقيود صفات النفس وفى التأويلات النجمية ويطمعون طعام المعارف والحكم الالهية المحبوبة لهم مسكين السر لقرب انقياده تحت حكم الروح وذلته تحت عزته ويتيم القلب لبعد عهده ومكانه من أبيه الروح وأسير الأعضاء والجوارح المقيدين بقيود أحكام الشريعة وحبال آثار الطريقة انتهى إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ جز اين نيست كه ميخورانيم شما را اى طعامها براى رضاى خدا. على ارادة قول هو فى موقع الحال من فاعل يطعمون اى قائلين ذلك بلسان الحال او بلسان المقال ازاحة لتوهم المن المبطل للصدقة وتوقع المكافأة المنقصة للاجر هر چهـ دهى مى ده ومنت منه ... وآنچهـ بمنت دهى آن خود مده منت ومزدى كه در احسان بود ... وقت جزا موجب نقصان بود وعن الصديقة رضى الله عنها انها كانت تبعث بالصدقة الى اهل بيت ثم تسأل الرسول ما قالوا فاذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله والوجه الجارحة عبربه عن الذات لكونه اشرف الأعضاء وقال بعضهم الوجه مجاز عن الرضى لان الرضى معلوم فى الوجه وكذا السخط لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً على ذلك بالمال والنفس والفرق بين الجزاء والاجر أن الاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا ويقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النافع واما الجزاء فيقال فيما كان عن عقد وغير عقد ويقال فى النافع والضار والمجازاة المكافأة وهى مقابلة نعمة بنعمة هى كفؤها وَلا شُكُوراً اى شكرا باللسان ومدحا ودعاء وهو مصدر على وزن الدخول والجملة تقرير وتأكيد لما قبلها قال القاشاني لا نريد منكم مكافأة وثناء لعدم الاحتجاب بالاعراض والأعواض وفى التأويلات النجمية لا نريد منكم جزاء بالذكر الجميل فى الدنيا ولا شكورا عن عذاب الآخرة إذ كل عمل يعمله العامل لثواب الآخرة لا يكون لوجه الله بل يكون لحظ نفسه كما قال تعالى

[سورة الإنسان (76) : الآيات 10 إلى 15]

فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقال عليه السلام حكاية عن الله تعالى أنا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه والحاصل ان معاملة العبد المخلص انما هى مع الله فلا حق له على الغير فكيف يريد ذلك وفيه نصح لمن أراد النصيحة فان الإطعام ونحوه حرام بملاحظة الغير وحظ النفس فيجب ان يكون خالصا لوجه الله من غير شوب بالرياء وبحظ المنعم ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً اى عذاب يوم وهو مفعول نخاف فمن ربنا حال متقدمة منه ولو أخر لكان صفة له او مفعوله قوله ربنا بواسطة الحرف على ما هو الأصل فى تعديته لانه يقال خاف منه فيكون يوما بدلا من محله بدون تقدير بناء على التعدية بنفسه او بتقدير نخاف آخر عَبُوساً من قبيل اسناد الفعل الى زمانه والمعنى تعبس فيه الوجوه. يعنى روزى كه رويها درو ترش كردد از شدت اهوال. كما روى ان الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران والعبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر أو معنى عبوسا يشبه الأسد العبوس فى الشدة والضراوة اى السطوة والاقدام على إيصال الضرر بالعنف والحدة لكل من رآه فهو من المبالغة فى التشبيه فان العبوس الأسد كالعباس قَمْطَرِيراً شديد العبوس فلذلك نفعل بكم ما نفعل رجاء ان يقينا ربنا بذلك شره لا لارادة مكافأتكم فقوله انا نخاف إلخ بدل من انما نطعمكم إلخ فى معرض التعليل لا طعامهم يقال وجه قمطرير اى منقبض من شدة العبوس وفى الكشاف القمطرير العبوس الذي يجمع بين عينيه. واز امام حسن بصرى رحمه الله پرسيدند كه قمطرير چيست فرمود كه سبحان الله ما أشد اسمه وهو أشد من اسمه يعنى چهـ سخت است اسم روز قيامت واو سخت تر است از اسم خود فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ بسبب خوفهم وتحفظهم منه. يعنى نكاه داشت خداى تعالى ايشانرا از بدى ورنج وهول وعذاب آن روز. فشر مفعول ثان لوقى المتعدى الى اثنين وفى الحديث الصحيح قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم أذروا نصفه فى البر ونصفه فى البحر فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذبا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت اعلم فغفر الله له اى بسبب خشيته وقوله لئن قدر الله بتخفيف الدال من القدرة اى لئن تعلقت قدرته يوم البعث بعذاب جسمه ظن المسكين انه بالفناء على الوجه المذكور يلتحق بالمحال وقدرة الله لا تتعلق بالمحال فلا يلزم منه الكفر فجمع رماده من البر والبحر محمول على جمع اجزائه الاصلية يوم القيامة ويجوز أن يحمل على حال البرزخ فان السؤال فيه للروح والجسد جميعا على ما هو المذهب الحق وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً اى أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة فى الوجوه يعنى تازكى وخوبرويى وسرورا فى القلوب يعنى شادى وفرح در دل فهما مفعولان ثانيان وفى تاج المصادر التلقية چيزى پيش كسى وا آوردن. وفى المفردات لقيته كذا إذا استقبلته به قال تعالى ولقاهم نضرة وسرورا وَجَزاهُمْ اعطى كل واحد

منهم بطريق الاجر والعوض بِما صَبَرُوا ما مصدرية اى بسبب صبرهم على مشاق الطاعات ومهاجرة هوى النفس فى اجتناب المحرمات وإيثار الأموال وفى الحديث (الصبر اربعة الصبر على الصدمة الاولى وعلى أداء الفرائض وعلى اجتناب المحارم وعلى المصائب جَنَّةً مفعول ثان لجزاهم اى بستانا يأكلون منه ما شاؤا وَحَرِيراً يلبسونه ويتزينون به وبالفارسية وجامه إبريسم بهشت بپوشند. فالمراد بالجنة ليس دار السعادة المشتملة على جميع العطايا والكرامات والا لما احتيج الى ذكر الحرير بعد ذكر الجنة بل البستان كما ذكرنا فذكرها لا يغنى عن ذكر الملبس ثم ان البستان فى مقابلة الإطعام والصبر على الجوع والحرير فى مقابلة الصبر على العرى لان إيثار الأموال يؤدى الى الجوع والعرى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الحسن والحسين رضى الله عنهما مرضا فعادهما النبي عليه السلام فى ناس معه فقالوا لعلى رضى الله عنه لو نذرت على ولديك نذرا يعنى اگر نذر كنى بر اميد عافيت وشفاى فرزندان مكر صواب باشد. فنذر على وفاطمة وفضة جارية لهما رضى الله عنهم ان برئا مما بهما ان يصوموا ثلاثة ايام تقربا الى الله وطلبا لمرضاته وشكرا له فشفيا فصاموا وما معهم شىء يفطرون عليه فاستقرض على من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير وهو جمع صاع وهو اربعة امداد كل مد رطل وثلث قال الداودي معياره الذي لا يختلف اربع حفنات بكفى الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغير هما إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي عليه السلام فطحنت فاطمة رضى الله عنها صاعا يعنى فاطمه زهرا از آن جويك صاع بآسيا دست آرد كرد. وخبزت خمسة أقراص على عددهم جمع قرص بمعنى الخبزة فوضعوا بين أيديهم وقت الإفطار ليفطروا به فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم يا اهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موآئد الجنة فآثروه يعنى حضرت على رضى الله عنه نصيب خود بدان مسكين داد وسائر اهل بيت موافقت كردند يعنى سخن درويش بسمع على رسيد روى فرا فاطمه كرد وكفت فاطم ذات المجد واليقين ... يا بنت خير الناس أجمعين اما ترين البائس المسكين ... قد قام بالباب له حنين يشكو الى الله ويستكين ... يشكو إلينا جائعا حزين فاطمه رضى الله عنها او را جواب داد وكفت أمرك يا ابن عم سمع طاعة ... ما بي من لؤم ولا ضراعه أرجو إذا أشبعت ذا مجاعه ... ألحق بالأخيار والجماعه وأدخل الخلد ولى شفاعه آنكه طعام پيش نهاده بودند جمله بدرويش دادند وبر كرسنكى صبر كردند. وبا توا لم يذوقوا الا الماء وأصبحوا صياما. فاطمه رضى الله عنها صاعى ديگر چوآرد كرد وأذان نان. فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فقال السلام عليكم يا أهل

[سورة الإنسان (76) : آية 13]

بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. حضرت على رضى الله عنه چون سخن آن يتيم شنيد روى فرا فاطمه كرد وكفت انى لأعطيه ولا أبالى ... واو ثر الله على عيالى امسوا جياعا وهمو أشبالى ... أصغرهم يقتل فى القتال فاثروه يعنى همچنان طعام كه در پيش بود جمله بيتيم دادند وخود كرسنه خفتند ديكر روز آن صاع كه مانده بود فاطمه رضى الله عنها آنرا آرد كرد ونان پخت. فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم أسير فقال السلام عليكم اهل بيت النبوة أسير من الأسارى أطعموني أطعمكم الله من موآئد الجنة. آن طعام بأسير دادند وبجز آب نچشيدند وسه روز بر آن بگذشت. فلما أصبحوا فى اليوم الرابع أخذ على بيد الحسن والحسين رضى الله عنهم فأقبلوا على النبي عليه السلام فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال عليه السلام ما أشد ما يسوءنى ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة فى محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبريل عليه السلام وقال خذ يا محمد هنأك الله فى أهل بيتك فاقرأه السورة ولا يلزم من هذا أن يكون المراد من الأبرار أهل البيت فقط لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيدخل فيه غيرهم بحسب الاشتراك فى العمل وقد ضعفت القصة بتضعيف الراوي الا انها مشهورة بين العلماء مسفورة فى الكتب قال الحكيم الترمذي رحمه الله هذا حديث مفتعل لا يروج الأعلى أحمق جاهل ورواه ابن الجوزي فى الموضوعات وقال لا شك فى وضعه ثم صحة الرواية تقتضى كون الآية مدنية لان إنكاح رسول الله فاطمة عليا كان بعد وقعة أحد وقد قال الجمهور ان السورة مكية هكذا قالوا سامحهم الله تعالى قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة نقلا عن جمع من العلماء الكبار ان هل أتى على الإنسان من السور النازلة فى المدينة وكذا قال مجاهد وقتادة مدنية الا آية واحدة وهى ولا تطع منهم آثما او كفورا فانها مكية وكذا قال الحسن وعكرمة والماوردي مدنية الا قوله فاصبر لحكم ربك الى الآخر فانه مكى ودل على ذلك ان الأسير انما كان فى المدينة بعد آية القتال والأمر بالجهاد فضمت الآيات المكية الى الآيات المدنية فان شئت قلت انها اى السورة مكية وان شئت قلت انها مدنية على ان الآيات المدينة فى هذه السورة اكثر كمية من الآيات المكية فالظاهر أن تسمى مدنية لا مكية ونحن لا نشك فى صحة القصة والله اعلم مُتَّكِئِينَ فِيها اى فى الجنة عَلَى الْأَرائِكِ بر تختهاى آراسته. قوله متكئين حال من هم فى جزاهم والعامل فيها جزى قيد المجازاة بتلك الحال لانها ارفه الأحوال فكان غيرها لا يدخل فى الجزاء والأرائك هى السرور فى الحجال تكون فى الجنة من الدر والياقوت موضونة بقضبان الذهب والفضة وألوان الجواهر جمع اريكة كسفينة ولا تكون أريكة حتى تكون فى حجلة وهى بالتحريك واحدة حجال العروس وهى بيت مزين بالثياب والستور

[سورة الإنسان (76) : الآيات 14 إلى 15]

والظاهر أن على الأرائك متعلق بمتكئين لان الاتكاء يتعدى بعلى اى مستقرين متمكنين على الأرائك كقوله متكئين على فرش ولا يبعد أن يتعلق بمقدر ويكون حالا من ضمير متكئين اى متكئين فيها على الوسائد او غيرها مستقرين على الأرائك فيكون الاتكاء بمعنى الاعتماد لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً اى حرارة ولا برودة كما يرون فى الدنيا لان الحرارة غالبة على ارض العرب والبرودة على ارض على ارض العجم والروم وهو حال ثانية من الضمير اى يمر عليهم هواء معتدل لا حار ولا بارد مؤذ يعنى ان قوله لا يرون إلخ كناية عن هذا المعنى والزمهرير شدة البرد واز مهر اليوم اشتد برده وفى الحديث هواء الجنة سجسج لا حرفيه ولا قر اى معتدل لا حرفيه ولا برد فان القر بالضم البرد وفى الخبر عن النبي عليه السلام انه قال اشتكت النار الى ربها فقالت أكل بعضى بعضا فنفسنى فاذن لها فى كل عام بنفسين نفس فى الشتاء ونفس فى الصيف فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم وأشد ما تجدون من الحر من حرها وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال فبينما اهل الجنة فى الجنة إذ رأوا ضوأ كضوء الشمس وقد أشرقت الجنان له فيقول اهل الجنة يا رضوان قال ربنا عز وجل لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا فيقول لهم رضوان ليست هذه بشمس ولا قمر ولكن هذه فاطمة وعلى رضى الله عنهما ضحكا ضحكا أشرقت الجنان من نور ضحكهما وفيهما انزل الله تعالى هل أتى على الإنسان حين من الدهر الى قوله وكان سعيكم مشكورا قال القاشاني لا يرون فى جنة الذات شمس حرارة الشوق إليها مع الحرمان ولا زمهرير برودة الوقوف مع الأكوان فان الوقوف مع الكون برد قاسر وثقل عاصر وفى التأويلات النجمية لا يرون فى جنة الوصال حر شمس المشاهدة المفنى للمشاهد بحيث لا يجد لذة الشهود لان سطوة المشاهدة تفنى المشاهد بالكلية فلا يجد لذة الشهود من المحبوب المعبود والى هذا المعنى أشار النبي عليه السلام فى دعائه اللهم ارزقنا لذة مشاهدتك لا زمهرير برد الحجاب والاستتار وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها عطف على ما قبلها حال مثلها والظلال جمع ظل بالكسر نقيض الضح وظلالها فاعل دانية من الدنو بمعنى القرب اما بحسب الجانب او بحسب السمك والضمير الى الجنة او أشجارها ومعناه ان ظلال الأشجار فى الجنة قربت من الأبرار من جوانبهم حتى صارت الأشجار بمنزلة المظلة عليهم وان كان لاشمس فيها مؤذية لتظلهم منها فقيه بيان لزيادة نعيمهم وكمال راحتهم فان الظل فى الدنيا للراحة وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا اى سخرت ثمارها لمتناوليها وسهل أخذها للقائم والقاعد والمضطجع تمام التسخير والتسهيل من الذل بالكسر وهو ضد الصعوبة والجملة حال من دانية اى تدنو ظلالها عليهم مذللة لهم قطوفها او معطوفة على دانية اى دانية عليهم ظلالها ومذللة قطوفها وهو جمع قطف بكسر القاف بمعنى العنقود وقطفت العنب قطعته وسمى العنقود قطفا لانه يقطف ويقطع وقت الإدراك وَيُطافُ يدر من طاف بمعنى دار والطواف والاطافة كلاهما لازم بالفارسية كرد چيزى بكشتن. وانما جاءب التعدية هنا من الباء فى بآنية عَلَيْهِمْ

[سورة الإنسان (76) : الآيات 16 إلى 19]

اى على الأبرار إذا أرادوا الشرب والطائف الدائر هو الخدم كما يجيى بِآنِيَةٍ اوعية جمع اناء نحو كساء واكسية والأواني جمع الجمع كما فى المفردات واصل آنية أءنية بهمزتين مثل افعلة قال فى بعض التفاسير الباء فيها ان كانت للتعدية فهى قائمة مقام الفاعل لانها مفعول له معنى والا فالظاهر أن يكون القائم مقامه عليهم مِنْ فِضَّةٍ نسب لآنية وَأَكْوابٍ جمع كوب وهو الكوز العظيم المدور الرأس لا اذن له ولا عروة فيسهل الشرب منه من كل موضع ولا يحتاج عند التناول الى ادارته وهو مستعمل الآن فى بلاد العرب لما وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم وصف شرابهم وقدم عليه وصف الأواني التي يشرب بها وذكره بلفظ المجهول لان المقصود ما يطاف به لا الطائفون ثم ذكر الطائفين بقوله ويطوف إلخ كانَتْ قَوارِيرَا جمع قارورة بالفارسية آبگينه. وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ اى تكونت وحدثت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها ولين الفضة وبياضها يرى ما فى داخلها من خارجها فكان تامة وقوارير الاول حال من فاعل كانت على المبالغة فى التشبيه يعنى ان القوارير انما تتكون من الزجاج لا من الفضة فليس المعنى انها قوارير زجاجية متخذة من الفضة بل الحكم عليها بانها قوارير وانها من فضة من باب التشبيه البليغ لانها فى نفسها ليست زجاجا ولا فضة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الأسماء فثبت ان آنية الجنة مباينة فى الحقيقة لقارورة الدنيا وفضتها ولان قارورة الدنيا سريعة الانكسار والهلاك وما فى الجنة لا يقبل ذلك وفضة الدنيا كثيفة الجوهر لالطافة فيها وما فى الجنة ليس كذلك وان شارك كل واحد منهما الآخر فى بعض الأوصاف فشبهت بالفضة فى بياضها ونقائها وبقائها وبالقارورة فى شفافيتها وصفائها فهى حقيقة مغايرة لهما جامعة لاوصافهما وذلك كاف فى صحة اطلاق اسم القارورة والفضة عليها وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ارض الجنة من فضة وأواني كل ارض تتخذ من تربه تلك الأرض ويستفاد من هذا الكلام وجه آخر لكون تلك الأكواب من فضة ومن قوارير وهو ان اصل القوارير فى الدنيا الرمل واصل قوارير الجنة هو فضة الجنة فكما ان الله قادر على أن يقلب الرمل الكثيف زجاجة صافية فكذلك قادر على أن يقلب فضة الجنة قارورة صافية بالغرض من ذكر هذه الآية التنبيه على ان نسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا كنسبة الفضة الرمل فكما انه لا نسبة بين هذين الأصلين فكذا بين القارورتين كذا فى حواشى ابن الشيخ قال بعضهم لعل الوجه فى اختيار كون كانت تامة مع إمكان جعلها ناقصة وقوارير الاول خبر بتكوين الله فيكون فيه تفخيم للآنية بكونها اثر قدرة الله تعالى وقوارير الثاني بدل من الاول على سبيل الإيضاح والتبيين اى قوارير مخلوقة من فضة والجملة صفة لاكواب وقرئ بتنوين قوارير الثاني ايضا وقرئا بغير تنوين وقرئ الثاني بالرفع على هى قوارير قال ابن الجزري وكلهم وقفوا عليه بالألف الا حمزة وورشا وانما صرفه من صرفه لانه وقع فى مصحف

[سورة الإنسان (76) : الآيات 17 إلى 18]

الامام بالألف وانما كتب فى المصحف بالألف لانه رأس آية فشابه القوا فى والفواصل التي تزاد فيها الألف للوقف قَدَّرُوها تَقْدِيراً صفة لقوارير ومعنى تقدير الشاربين المطاف عليهم لها أنهم قدروها فى أنفسهم وأرادوا أن تكون على مقادير وإشكال معينة موافقة لشهواتهم فجاءت حسبما قدروها فان منتهى ما يريده الرجل فى الآنية التي يشرب منها الصفاء فقد ذكره الله بقوله كانت قوارير وايضا النقاء فقد ذكره الله بقوله من فضة وايضا الشكل والمقدار فقد ذكره الله بقوله قدروها تقديرا او قدروها بأعمالهم الحسنة فجاءت على حسبها وقيل الضمير للطائفين بها المدلول عليهم بقوله ويطاف عليهم اى قدروا شرابها على إضمار المضاف على قدر استروائهم وريهم من غير زيادة ولانقصان وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته فان طرفى الاعتدال مذمومان كما قال مجاهد لا فيض فيها ولا غيض اى لا كثرة ولا قلة وقال الضحاك على قدر اكف الخدم وَيُسْقَوْنَ فِيها اى فى الجنة بسقى الله او بسقى الطائفين بأمر الله وفيه زيادة تعظيم لهم ليست فى قوله يشربون من كأس بصيغة المعلوم كَأْساً خمرا كانَ مِزاجُها ما تمزج به وخلط زَنْجَبِيلًا الزنجبيل عرق يسرى فى الأرض ونباته كالقصب والبردي وعلم منه ان ما كان مزاجها زنجبيلا غير ما كان مزاجها كافور او المعنى زنجبيلا اى ماء يشبه الزنجبيل فى الطعم وكان الشراب الممزوج به أطيب ما يستطيب العرب وألذ ما تستلذ به لانه يحذو اللسان ويهضم الطعام كما فى عين المعاني ولما كان فى تسمية تلك العين بالزنجبيل توهم ان ليس فيها سلاسة الانحدار فى الحق وسهولة مشاغها كما هو مقتضى اللذع والإحراق أزال ذلك الوهم بقوله عَيْناً بدل من زنجبيلا فِيها تُسَمَّى عند الملائكة من خازن الجنة واتباعه سَلْسَبِيلًا لسلاسة انحدارها فى الحلق وسهولة مساغها فكان العين سميت بصفاتها قال بعضهم يطلق عليها ذلك وتوصف به لا انه علم لها يعنى ان سلسبيل صفة لا اسم والا لامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث ولم يقرأ به واحد من العشرة ويقال انما صرف مع انه اسم عين وهى مؤنث معنوى لرعاية رأس الآية قال فى الكواشي لفظ مفرد بوزن فعلليل كدرد بيس يقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل سهل الدخول فى الحلق لعذوبته وصفائه ولذلك حكم بزيادة الباء اى بعدم التفاوت فى المعنى بوجودها وعدمها والا فالباء ليست من حروف الزيادة وقيل زيدت الباء على السلسال حتى صارت كلمة خماسية للدلالة على غاية السلاسة والحلاوة وقال ابن المبارك من طريق الاشارة معنى السلسبيل سل من الله اليه سبيلا قال ابن الشيخ جعل الله مزاج شراب الأبرار اولا كافورا وثانيا زنجبيلا لان المقصود الأهم حال الدخول البرودة لهجوم العطش عليهم من حر العرصات وعبور الصراط وبعد استيفاء حظوظهم من أنواع نعيمها ومطعوماتها تميل طباعهم الى الأشربة التي تهيج الاشتهاء وتعيين على تهنئة ما تناولوه من المطعومات ويلتذ الطبع بشربها فلعل الوجه فى تأخير ذكرما يمزج به الزنجبيل عما يمزج به الكافور ذلك وفى التأويلات النجمية يشير بالزنجبيل الى شراب الوحدة الممزوجة بزنجبيل الكثرة المعقولة من مفهوم التوحيد وبالسلسبيل الى شراب الوحدة الصافية عن الامتزاج

[سورة الإنسان (76) : آية 19]

بزنجبيل الكثرة وسميت سلسبيلا لسلاسة انحدارها وذلك لبساطتها وصرافتها وقال القاشاني كان مزاجها زنجبيل لذة الاشتياق فانهم لا شوق لهم ليكون شرابهم الزنجبيل الصرف الذي هو غابة حرارة الطلب لوصولهم ولكن لهم الاشتياق للسير فى الصفات وامتناع حصولهم على جميعها فلا تصفو محبتهم من لذة حرارة الطلب كما صفت لذة محبة المستغرفين فى عين جمع الذات فكان شرابهم العين الكافورية الصرفة والزنجبيل عين فى الجنة لكون حرارة الشوق عين المحبة لناشنة من منبع الوحدة مع الهجران تسمى سلسبيلا لسلاستها فى الحلق وذوفها فال العشاق المهجورين الطالبين السالكين سبيل الوصال فى ذوق وسكر من حرارة عشقهم لا بفأس به ذوق وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ اى يدور على الأبرار وِلْدانٌ فانهم أخف فى الخدمة جمع وليد وهو من قرب عهده بالولادة مُخَلَّدُونَ اى دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء لا يتغيرون ابدا وبالفارسية وبخدمت مى كردد بر ايشان غلامانى جون كودكان نوزاد جاويد مانده در حال طفوليت او مقربون يعنى پسران كوشواره دار. والخلد لقرط وفى التاج انه من لخلد وهو الروح كأنهم روحانيون لا جسم لهم إِذا رَأَيْتَهُمْ يا من شأنه الرؤية حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً جمعه اللألى وتلألأ الشيء لمع لمعان اللؤلؤ مَنْثُوراً متفرقا لحسهم وصفاء ألوانهم واشراق وجوههم وتفرقهم فى مجلس الخدمة عند اشتغالهم بأنواع لخدمة ولموافقهم على المخدومين مسارعين فى الخدمة ولو اصطفوا على وتيرة واحدة لشبهوا اللؤلؤ المنظوم واللؤلؤ إذا كان متفرقا يكون احسن فى المنظر من المنظوم لوقوع شعاع بعضه على بعض بغاية بياضه وبريقه فيكون مخالفا للمجتمع فيه والظاهر على ما ذهب اليه البعض منثورا اى متفرقا فى الجنة فهو احسن من القيد بمجلس الخدمة وشبهت الحور العين باللؤلؤ المكنون اى المخزون لانهن لا ينتشرن انتشار الولدان بل هن حور مقصورات فى الخيام قال فى عين المعاني وفيه اشارة الى ان الاستمتاع بظواهرهم يكون بخلاف الحور المشبهة بالبيض لانه يجمع بياض للون الى لذة العلم انتهى. ومنه يعلم أن لالواطة فى الجنة وان قول من جوزها مردود باطل على ما حققناه مرارا قال بعضهم منثورا من سلكه على البساط وعن المأمون انه ليلة زفت اليه بوران بنت الحسن بن سهل وهو على بساط منسوج بالذهب وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ فنظر اليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال لله در ابى نواس كانه ابصر هذا حيث يقول كان صغرى وكبرى من فقاقعها ... حصباء در على ارض من الذهب وقال بعضهم منثورا من صدفه يعنى انهم شبهوا باللؤلؤ الرطب إذ انثر من صدفه وهو غير مثقوب لانه احسن وأكثر ماء وبالفارسية مرواريد افشانده شده از صدف يعنى تر وتازه كه هنوز دست كس بدان نرسيده ودر رونق وآب داد شان قصورى پيدا نشده. قال فى كشف الاسرار ولدان مخلدون اى غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين انتهى فسمى الغلمان ولدانا لانهم على صورتهم على ان فى إطلاقهم عليهم خطابا بما يتعارفه الناس فلا يلزم ولادتهم فى الجنة

[سورة الإنسان (76) : الآيات 20 إلى 25]

وقال فى عين المعاني قيل انهم ولدان الكفار يدخلون الجنة خدما لاهلها بدليل انهم سموا ولدانا ولا ولادة فى الجنة انتهى وفى اللباب اختلفوا فى الولدان فقيل انشأهم الله لاهل الجنة من غير ولادة لان الجنة لا ولادة فيها وهم الذين قال الله فيهم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون اى مخزون مصون لم تمسه الأيدى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ما من أحد من اهل الجنة الا يسعى عليه الف غلام وكل غلام على عمل ما عليه صاحبه وروى ان الحسن رحمه الله لما تلا هذه الآية قال قالوا يا رسول الله الخادم كاللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم فقال فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وروى عن على رضى الله عنه والحسن البصري رضى الله عنه ان الولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة لهم وعن سلمان الفارسي رضى الله عنه أطفال المشركين هم خدم اهل الجنة وعن الحسن رحمه الله لم تكن لهم حسنات يجازون بها ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا هذا الموضع انتهى كلام اللباب فالله تعالى قادر على أن يجعل أموات الكفار الذين لا يليقون بالخدمة فى الدنيا لغاية صغرهم فى مرتبة للقابلية لها فى الآخرة بكمال قدرته وتمام رحمته قال النووي الصحيح الذي ذهب اليه المحققون انهم من اهل الجنة وقال الطيبي فى شرح المشكاة الحق التوقف اى لا الحكم بأنهم من اهل الجنة كما ذهب اليه البعض ولا بأنهم تبع لآبائهم فى النار كما ذهب اليه البعض الآخر فالمذاهب إذا فيهم ثلاثة وفى التأويلات النجمية ويطوف عليهم ولدان مخلدون اى تجليات ذاتية مقرطون بقرطة الأسماء والصفات إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا من تشعشع أنوار الذات وتلألؤ أنوار الصفات والأسماء وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ و چون بنگرى ونظر كنى در بهشت. قال فى الإرشاد ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر ولا منوى بل معناه اى مآل المعنى ان بصرك أينما وقع فى الجنة رَأَيْتَ نَعِيماً كثيرا لا يوصف وهو ما يتنعم به وَمُلْكاً كَبِيراً اى واسعا وهنيئا كما فى الحديث أدنى اهل الجنة منزلة ينظر فى ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه والآية من باب الترقي والتعميم يعنى ان هناك أمورا آخر أعلى وأعظم من القدر المذكور. در فصول آمده كه نعيم راحت أشباح است وملك كبير لذت أرواح نعيم ملاحظه دارست وملك كبير مشاهده ديدار وداربى ديدار بهيچ كر نيابد الجار ثم الدار زاهدان فردوس ميجويند وما ديدار دوست. وفى التأويلات النجمية يعنى إذا تحققت بمقام التوحيد وحال الوحدة وصلت الى نعيم الشهود والملك المشهود والكبير فى ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله انتهى. فيكون المراد بالملك الكبير فى الدنيا هو الشهود الحاصل لاهل الجنة المعنويا والملك بالضم بالفارسية پادشاهى ولا سلطنة فوق سلطنة المعرفة والرؤية قال فى بعض التفاسير الملك بالضم هو التصرف فى المأمورين بالأمر والنهى ومنه الملك واما الملك بالكسر فهو التصرف فى الأعيان المملوكة بحسب المشيئة ومنه المالك والاول جامع للثانى لان كل ملك مالك ولا عكس عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ عاليهم ظرف على انه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر والجملة حال من ضمير عليهم اى يطوف عليهم ولدان عاليا للمعطوف عليهم ثياب إلخ اى فوقهم

وعلى ظهورهم ثياب سندس وهو الديباج الرقيق الفاخر الحسن واضافة الثياب الى السندس كاضافة الخاتم الى الفضة وبالفارسية بر بهشتيان يعنى لباس زبرين ايشان جامهاى ديباى نازك. ولم يرض الزجاج بكون عاليهم نصبا على الظرف بمعنى؟؟؟ قهم لانه لم يعرف فى الظروف وخضر جمع أخضر صفة ثياب كقوله ويلبسون ثيابا خضرا فالضمير للابرار لمطوف عليهم لان المقام مقام تعداد نعيمهم وكرامتهم فالمناسب أن تكون الثياب الموصوفة لهم لا للولدان الطائفين وعن لامام ان المراد فوق خيامهم المضروبة عليهم والمعنى ان حجالهم من الحرير والديباج وهذا من علامات الملك وَإِسْتَبْرَقٌ بالرفع عطفا على ثياب بحذف المضاف اى ثياب إستبرق وهو معرب استبره. بمعنى الغليظ سبق بيانه فى سورة الرحمن وهو قطع الهمزة لكونه اسما للديباج الغليظ الذي له بريق وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ عطف على ويطوف عليهم وهو ماض لفظا ومستقبل معنى وأساور مفعول ثان لحلوا بمعنى ويحلون والتحليل التزيين بالحلى وبالفارسية با حلى زيور كردن. وفيه تعظيم لهم بالنسبة الى أن يقال وتحلوا وأساور جمع اسورة فى جمع سوار وسوار المرأة أصله دستواره وكان الملوك فى الزمان الاول يحلون بها ويسورون من يكرمونه ولا ينافى هذه الآية ما فى الكهف والحج من قوله من أساور من ذهب لامكان الجمع بين السوار الذهب والسوار الفضة فى أيديهم كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذ يكون فيه سواران من جنسين وزيادة كالذهب والفضة واللؤلؤ وايضا لامكان المعاقبة فى الأوقات تارة يلبسون الذهب واخرى يلبسون الفضة وايضا لامكان التبعيض بأن يكون البعض ذهبا والبعض فضة فان حلى اهل الجنة يختلف حسب اختلاف أعمالهم فللمقربين الذهب وللابرار الفضة وايضا يعطى كل أحد ما يرغب فيه ويميل طبعه اليه فان الطباع مختلفة فرب انسان يكون استحسانه لبياض الفضة فوق استحسانه مسفرة الذهب وَسَقاهُمْ بياشاماند ايشانرا رَبُّهُمْ شَراباً هو ما يشرب طَهُوراً هذا الشراب الطهور نوع آخر يفوق النوعين السالفين كما يرشد اليه اسناد سقيه الى رب العالمين ووصفه بالطهورية لانه يطهر باطنهم عن الأخلاق الذميمة والأشياء المؤذية كالغش والغل والحسد وينزع ما كان فى أجوافهم من قذر وأذى وبه تحصل الصفوة المهيئة لانعكاس نور الجمال الإلهي فى قلوبهم وهى الغاية القاصية من منازل الصديقين فلذاختم بها مقالة ثواب الأبرار فالطهور بمعنى المطهر صيغة اسم الفاعل وقيل مبالغة الطاهر من حيث انه ليس بنجس كخمر الدنيا وما مسته الأيدى القذرة والاقدام الدنسة ولا يؤول الى أن يكون نجسا بل يرشح عرقا من أبدانهم له ريح كريح المسك (قال الكاشفى) يبايد دانست كه جوى كوثر در بهشت خاصه حضرت رسالت است وذكر آن در سوره كوثر خواهد آمد و چهار جوى ديكر از ان متقيانست آب وشير وخمر وعسل وشمه از صفات او در سوره محمد مرقوم رقم بيان شد ودو چشمه از ان اهل خشيت است فيهما عينان تجريان ودو چشمه از ان اهل يمين است فيهما عينان نضاختان واين چهار چشمه در سورة الرحمن آمد ديكر چشمه رحيق از ان ابرارست و چشمه تسنيم از آن مقربان واين هر دو در سوره مطففين مذكورند

[سورة الإنسان (76) : آية 22]

ودو چشمه از ان اهل بيت است كافور وزنجبيل كه آنرا سلسبيل خوانند وشراب طهور نيز از ايشانست ومحققان آنرا شراب شهود كويند كه مرآت دل نوشنده را بلوامع أنوار قدم روشن ساخته پذير اى نقوش عكوس ازل وابد كرداند ووقت وحال او را چنان صافى سازد كه مطلقا شوآئب غيريه در مشارع وحدت نماند ورنك دوگانكى مبدل كردانيده جام مدامرا يك رنك سازد همه جامست ونيست كويى مى ... يا مدامست ونيست كويى جام عارفى كفته اگر فردا بزم نشينان دار بقا را براى آنكه سرور شراب طهور خواهند چشانيد امروز باده نوشان خمخانه إفضال را بنقد از ان نصيبى تمام داده اند از سقاهم ربهم بين جمله ابرار مست ... در جمال لا يزالى هفت و پنج و چارمست اى جوانمرد شراب آن شرابست كه دست غيب دهد در جام دل ريزد وعارف او را نوش كند قومى را شراب مست كرد وقومى را ديدار وأسكر القوم دور كأس ... وكان سكرى من المدير بزركى را بخواب نمودند كه معروف كرخى رحمه الله كرد عرش طواف مى كرد ورب العزة فرشتكانرا مى كفت او را شناسيد كفتند نه كفت معروف كرخى است بمهر ما مست شده تا ديده او بر ما نيايد هشيار نكردد هر كرا امروز شراب محبت نيست فردا او را شراب طهور نيست. قال بعضهم صليت خلف سهل بن عبد الله العتمة فقرأ قوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا فجعل يحرك فمه كأنه يمص فلم فرغ من صلاته قيل له أتقرأ أم نشرب قال والله لو لم أجد لذته عند قراءته كلذتى عند شربه ما قرأته وفى التأويلات النجمية قوله عاليهم إلخ يشير الى اتصاف اهل الجنة بملابس الصفات الالهية والأخلاق الربانية من خضر أي من الصفات الذاتية وإستبرق اى من الصفات الاسمائية والى تحليهم بحلي أساور الأسماء الذاتية والصفاتية الزاهرة الباهرة وسقاهم ربهم بكأس الربوبية والتربية شراب المحبا الذاتية الطاهرة عن شوب كدورة رقبة الأغيار إِنَّ هذا على إضمار القول اى يقال لهم ان هذا الذي ترونه من فنون الكرامات ويجوز أن يكون خطابا من الله فى الدنيا للابرار اى ان هذا الذي ذكر من انواع العطايا كانَ لَكُمْ جَزاءً عوضا بمقابلة أعمالكم الحسنة فان قيل كيف يكون جزاء لاعمالهم وهى مخلوقة لله عند اهل السنة وأجيب بأنها لهم كسبا عندهم ولله خلفا وَكانَ سَعْيُكُمْ وهست شتافتن شما در كار خير در دنيا مَشْكُوراً مرضيا مقبولا مقابلا بالثواب لخلوص نيتكم فيزداد بذلك فرحهم وسرورهم كما ان المعاقب بزداد غمه إذا قيل له هذا جزاء عملك الرديء فالشكر مجاز عن هذا المعنى تشبيها له بالشكر من حيث انه مقابل للعمل كما ان الشكر مقابل للنعم قال بعضهم أدنى الدرجات أن يكون العبد راضيا عن ربه واليه

[سورة الإنسان (76) : الآيات 23 إلى 25]

الاشارة بقوله كان لكم جزاء وأعلاها كونه مرضيا له واليه الاشارة بقوله وكان سعيكم مشكورا ولما كان كونه مرضيا أعلى الدرجات ختم به ذكر مراتب الأبرار وفى التأويلات النجمية ان هذا كان لكم جزاء لاقتضاء استعداداتكم الفطرية وكان سعيكم مشكورا غير مضيع بسبب الرياء والسمعة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا اى مفرقا منجما لحكم بالغة مفتضية له لا غيريا كما يعرب عنه تكرير الضمير مع ان فكأنه تعالى يقول ان هؤلاء الكفار يقولون ان ذلك كهانة وسحر فانا الملك الحق أقول على سبيل التأكيد ان ذلك وحي حق وتنزيل صدق من عندى فلا تكترث بطعنهم فانك أنت النبي الصادق المصدق فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ بتأخير نصرك على الكافرين فان له عاقبة حميدة ولا تستعجل فى امر المقابلة والانتقام فان الأمور مرهونة بأو فانها وكل آت قريب وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من الكفار آثِماً أَوْ كَفُوراً او لاحد الشيئين والتسوية بينهما فاذا قلت فى الإثبات جالس الحسن او ابن سيرين كان المعنى جالس أحدهما فكلما إذ قلت فى النهى لا تكلم زيدا او عمرا كان التقدير لا تلكم أحدهما والأحد عام لكل واحد منهما فهو فى المعنى لا تكلم واحدا منهما فمآل المعنى فى الآية ولا تطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك اليه ومن الغالي فى الكفر الداعي اليه فاو للاباحة اى للدلالة على انهما سيان فى استحقاق العصيان اى عصيان المخاطب للداعى إليهما والاستقلال به والتقسيم الى الآثم والكفور مع ان الداعين بجمعهم الكفر باعتبار ما يدعونه اليه من الإثم والكفر لا باعتبار انقسامهم فى أنفسهم لى الآثم والكفور لانهم كانوا كفرة والكفر أخبث انواع الإثم فلا معنى للقسمة بحسب نفس كفرهم واثمهم وذلك ان ترتب النهى على الوصفين مشعر بعليتهما له فلا بد أن يكون النهى عن الاطاعة فى الاسم والكفر لا فيما ليس بإثم ولا كفر فالمراد بالإثم ما عدا الكفر إذ العام إذا قوبل بالخاص يراد به ما عدا ذلك الخاص وخص الكفر بالذكر تنبيها على غاية خبثه من بين انواع الإثم فكل كفور آثم وليس كل آثم كفورا ولا بعد أن يراد بالآثم من هو تابع وبالكفور من هو متبوع (وقال الكاشفى) آثما كناهكارى را كه ترا بإثم خواند چون عتبة بن ربيعه كه كفت از دعوت خود باز ايست تا دختر خود را بتو دهم او كفورا ونا سپاسى را كه ترا بكفر دعوت كند چون وليد بن مغيره كه كفت بدين اباء رجوع كن تا ترا توانكر سازم. وفى نهيه عليه السلام عن الاطاعة فيما يدعونه اليه مع انه ما كان يطيع أحدا منهم ولا يتصور فى حقه ذلك اشارة الى ان الناس محتاجون الى مواصلة التنبيه والإرشاد من حيث ان طبيعتهم التي جبلوا عليها ركب فيها الشهوة الداعية الى السهو والغفلة وان أحدا لو استغنى عن توفيق الله وإمداده وإرشاده لكان أحق الناس به هو الرسول المعصوم فظهر انه لا بد لكل مسلم أن يرغب الى الله ويتضرع اليه أن يحفظه من الفتن والآفات فى جميع أموره وقال القاشاني ولا تطع منهم آثما اى محتجبا بالصفات والأحوال او بذاته عن الذات او بصفات نفسه وهيئاتها عن الصفات او كفورا محتجبا بالافعال والآثار واقفا معها او بأفعاله ومكسوباته عن الافعال فتحجب بموافقتهم انتهى عصمنا الله وإياكم من موافقة الأعداء مطلقا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً أول النهار وَأَصِيلًا

[سورة الإنسان (76) : الآيات 26 إلى 31]

اى عشيا وهو آخر النهار اى وداوم على ذكره فى جميع لاوقات فاريد بقوله بكرة وأصيلا الدوام لانه عليه السلام كان آتيا ينفس الذكر المأمور به وانتصابهما على الظرفية أدوم على صلاة الفجر والظهر والعصر فان الأصل كما يطلق على ما بعد العصر الى المغرب فكذا يطلق على ما بعد الزوال فيتناول وقتى الظهر والعصر وقال سعدى المفتى التأويل بالدوام انما يحتاج اليه لو ثبتت فرضية الصلوات الخمس قبل نزولها والظاهر انه كذلك فانها فرضت ليلة المعراج. يقول الفقير وفيه ان الصلوات الخمس وان فرضت ليلة المعراج الا ان المعراج كان قبل الهجرة بسنة والتأريخ فى نزول الآية مجهول أهي نازلة قبل المعراج أم بعده فان كان الثاني ثبت مطلوبه والا فلا قال القاشاني واذكر ذلك الذي هو الاسم الأعظم من أسمائه بالقيام بحقوقه واظهار كمالاته فى المبدأ والمنتهى بالصفات الفطرية من وقت طلوع النور الإلهي بايجادها فى الأزل وإيداع كمالاته فيها وغروبه بتعينها واحتجابه بها وإظهارها مع كمالاتها وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وفى بعض الليل فضل له ولعله صلاة المغرب والعشاء. پس معنى چنين باشد كه بر پنج نماز مداومت نماى. وتقديم الظرف للاهتمام لما فى صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وأفضل الأعمال أشقها وأخلصها من الرياء فاستحقت الاهتمام بشأنها وقدم وقتها لذلك ثم الفاء لافادة معنى الشرط كأنه قال مهما يكن من شىء فاسجد له ففيها وكادة اخرى لامرها وفى التأويلات النجمية واعبد ربك المطلق حق العبودية بالفناء فيه من ليل طبيعتك وغلس بشريتك إذ السجود صورة الفناء الذاتي والركوع صورة الفناء الصفاتى والقيام صورة الفناء الافعالى فافهم بعض اسرار الصلاة وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا اى صل صلاة التهجد لانه كان واجبا عليه فى طائفة طويلة من الليل ثلثيه او نصفه او ثلثه فقوله ليلا طويلا نصب على الظرفية فان قلت انتصاب ليلا على الظرفية وطويلا نعت له ومعناه سبحه فى الليل الطويل فمن أين يفهم ما ذكرت من المعنى قلت ظاهر أن توصيف الليل بالطول ليس للاحتراز عن القصير فان الأمر بالتهجد يتناوله ايضا فهو لتطويل زمان التسبيح وفى التعبير فى لتهجد بالتسبيح وتأخير ظرفه دلالة على انه ليس فى مرتبة ما قبله إِنَّ هؤُلاءِ اى كفار مكة عاد الى شرح احوال الكفار بعد شرح صدره عليه السلام بما ذكر من قوله انا نحن إلخ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ دوست ميدارند سراى شتابنده را يعنى دنيا را وينهمكون فى لذاتها العانية فهو الحامل لهم على الكفر والاعراض عن الاتباع لا اشتباه الخن؟؟؟ عليهم وَيَذَرُونَ يتركون وَراءَهُمْ اى أمامهم لا يستعدون فهو حال من يوما او ينبذون ورلء ضهورهم فهو ظرف ليذرون فوراء يستعمل فى كل من أمام وخلف والظاهر فى وجه الاستعمالين ان ورلء اسم للجهة المتوارية اى المستترة المختفية عنك واستتار جهة الخلف عنك ظاهر وما فى جهة الامام قد يكون متواريا عنك غير مشاهد ومعاين لك فيشبه جهة الخلف فى ذلك فيستعار له اسم الوراء يَوْماً ثَقِيلًا لا يعبأون به ويرما مفعول يذرون وثقيلا صفته ووصفه بالثقل مع انه من صفات الأعيان الجسمية لا الامتدادات الوهمية لتشبيه شدته

[سورة الإنسان (76) : الآيات 28 إلى 30]

وهو له بثقل الحمل الثقيل ففيه استعارة تخييلية وفى الآية وعيد لاهل الدنيا ونعيمها خصوصا لاهل الظلم والرشوة نَحْنُ لا غيرنا خَلَقْناهُمْ من نطفة وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ اى أحكمنا ربط مفاصلهم بالاعصاب ليتمكنوا بذلك من القيام والقعود والاخذ والدفع والحركة وحق الخالق المنعم أن يشكر ولا يكفر ففيه ترغيب والاسر الربط ومنه اسر الرجل إذا أوثق بالقد وقدر المضاف وهو المفاصل (وفى كشف الاسرار) وآفرينش انسان سخت بستيم تا آفرينش واندامان بر جاى بود. فمعناه شددنا خلقهم وقال الراغب اشارة الى الحكمة فى تركيب الإنسان المأمور بتدبرها وتأملها فى قوله وفى أنفسكم أفلا تبصرون ونيل وشددنا مخرج البول والغائط إذا خرج الأذى انقبض او معناه انه لا يسترخى قبل الارادة وَإِذا شِئْنا تبديلهم بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ اى بدلناهم بأمثالهم بعد إهلاكهم والتبديل يتعدى الى مفعولين غالبا كقوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات يعنى يذهب بها ويأتى بدلها بحسنات تَبْدِيلًا بديعا لا ريب فيه وهو البعث كما ينبئ عنه كلمة إذا فالمثلة فى النشأة الاخرى انما هى فى شدة الاسر وباعتبار الجزاء الاصلية ولا ينافيها الغيرية بحسب العوارض كاللطافة والكثافة وبالفارسية و چون خواستيم بدل كنيم ايشانرا با مثال ايشان در خلقت يعنى ايشانرا بميرانيم ودر نشأت ثانيه بمانند همين صورت وهيأت برآريم. او المعنى وإذا شئنا بدلنا غيرهم ممن يطيع كقوله تعالى يستبدل قوما غيركم ففيه ترهيب فالمثلية باعتبار الصورة ولا ينافيها الغيرية باعتبار العمل والطاعة وإذا للدلالة على تحقق القدرة وقوة الداعية والا فالمناسب كلمة ان إذ لا تحقق لهذا التبديل قال القاشاني نحن خلقناهم بتعيين استعداداتهم وقويناهم بالميثاق الأزلي والاتصال الحقيقي وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا بأن نسلب أفعالهم بأفعالنا ونمحو صفاتهم بصفاتنا ونفنى ذواتهم بذاتنا فيكونوا ابدالا إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ اشارة الى السورة او الآيات القريبة اى عظة مذكرة لما لا بد منه فى تحصيل السعادة الابدية جعلت عين التذكرة مبالغة وفى عين المعاني تذكرة اى اذكار بما غفلت عنه عقولهم (وقال الكاشفى) يا معامله اهل بيت در بذل وإيثار عبرتيست مؤمنانرا تا بمثل آن عمل كنند واز مثل اين جزاها بهره يابند فَمَنْ پس هر كه شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا اى فمن شاء أن يتخذ اليه تعالى سبيلا اى وسيلة توصله الى ثوابه اتخذه اى تقرب اليه بالعمل بما فى تضاعيفها وقال ابن الشيخ فمن شاء النجاة من ثقل ذلك اليوم وشدته اختار سبيلا مقربا الى مرضاة ربه وهو الطاعة وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ تحقيق للحق وببيان أن مجرد مشيئتهم غير كافية فى اتخاذ السبيل كما هو المفهوم من ظاهر الشرطية وان مع الفعل فى حكم المصدر الصريح فى قيامه مقام الظرف والمعنى وما تشاؤن اتخاذ السبيل ولا تقدرون على تحصيله فى وقت من الأوقات الا وقت مشيئته تعالى تحصيله لكم إذ لا دخل لمشيئته العبد الا فى الكسب وانما التأثير والخلق لمشيئة الله تعالى غاية ما فى الباب ان المشيئة ليست من الافعال الاختيارية للعبد بل هى متوقفة على أن يشاء الله أياما وذلك لا ينافى كون الفعل الذي تعلقت به مشيئة العبد

[سورة الإنسان (76) : آية 31]

اختياريا له واقعا بمشيئته وان لم تكن مشيئته مستقلة فيه وهو وهو الجبر المتوسط الذي يقول به اهل السنة ويقولون الأمر بين الامرين اى بين القدر والجبر فال فى عين المعاني قوله تعالى فمن شاء إلخ حجة تكليف العبودية وقوله تعالى وما تشاؤن إلخ اظهار قهر الالوهية إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة والمعنى انه تعالى مبالغ فى العلم والحكمة فيفعل ما يستأهله كل أحد فلا يشاء لهم الا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته قال القاشاني وما تشاؤن الا بمشيئتى بأن أريد فتريدون فتكون ارادتكم مسبوقة بإرادتي بل عين إرادتي الظاهرة فى مظاهرهم ان الله كان عليما بما أودع فيهم من العلوم حكيما بكيفيته ايداعها وإبرازها فيهم بإظهار كمالهم يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ بيان لاحكام مشيئته المرتبة على علمه وحكمته اى يدخل فى رحمته من يشاء ان يدخله فيها وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ السبيل اليه تعالى حيث يوفقه لما يؤدى الى دخول الجنة من الايمان والطاعة وَالظَّالِمِينَ وهم الذين صرفوا مشيئتهم الى خلاف ما ذكر أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً اى متناهيا فى الإيلام قال الزجاج نصب الظالمين لان ما قبله منصوب اى يدخل من يشاء فى رحمته ويعذب الظالمين ويكون اعدلهم تفسيرا لهذا المضمر وفى الآية اشارة الى إدخال الله بعض عباده فى رحمة معرفته واما بعض عباده وهم الظالمون الواضعون الضلالة فى مقام الهداية والجهالة فى مقام المعرفة فان الله أعد لهم عذاب الحجاب المؤلم للروح والجسم وايضا عذابا بالوقوف على؟؟؟ لوقوفهم مع الغير ثم على النار لوقوفهم مع الآثار وحتم الله السورة بالعذاب المعد يوم البعث والحشر ففيه حسن الخاتمة لموافقته الفاتحة على ما لا يخفى على اهل النفر والفهم تمت سورة الإنسان بعون ذى الإحسان يوم الثلاثاء الرابع من شهر الله المحرم من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة المرسلات خمسون آية مكية استثنى منها وإذا قيل لهم اركعوا لآية بسم الله الرحمن الرحيم وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً الواو للقسم والمرسلات بمعنى الطوائف المرسلات جمع مرسلة بمعنى طائفة مرسلة باعتبار ان ملائكة كل يوم او كل عام او كل حادثة طائفة وعرفا بمعنى متتابعة من عرف الفرس وهو الشعرات المتتابعة فوق عنقه فهو من باب التشبيه لبليغ بأن شبهت لملائكة المرسلون فى تتابعهم بشعر عرف الفرس وانتصابه على الحالية اى جاريات بعضها اثر بعض كعرف الفرس او العرف بمعنى المعروف والإحسان نقيض النكر بمعنى المنكر اى الشيء القبيح فانهم ان أرسلوا للرحمة فظاهر وان أرسلوا لعذاب الكفار فذلك معروف للانبياء والمؤمنين يعنى ان عذاب الأعداء احسان للاولياء فانتصابه على العلية وعصفت الريح اشتدت وعصفا مصدر مؤكد وكذا نشرا وفرقا والفاء للدلة على اتصال سرعة جريهن فى نزولهن

[سورة المرسلات (77) : الآيات 6 إلى 9]

وهبوطهن بالإرسال من غير مهلة وهى لعطف الصفة على الصفة إذ الموصوف متحد والنشر بمعنى البسط والعدول الى الواو فى الناشرات لانها غير المرسلات فالقسم الاول وصفهم الله بوصفين يتعقب أحدهما على الآخر والقسم الثاني وصفهم بثلاثة أوصاف كذلك والفرق الفصل والإلقاء هنا بمعنى الإيصال والانزال لا الطرح وذكرا بمعنى الوحى مفعول الملقيات وترتيب الإلقاء على ما قبله بالفاء ينبغى ان يكون لتأويله بارادة النشر والفرق وسيأتى تمامه اقسم الله بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره بنحو التدبير وإيصال الأرزاق بالتصرف فى الأمطار والرياح وكتابة اعمال العباد بالليل والنهار وقبض الأرواح فعصفهن فى مضيهن يعنى سخت رفتند. عصف الرياح مسارعة فى الامتثال بالأمر وبطوائف اخرى نشرن أجنحتهن فى الجو عند انحطاطهن بالوحى او نشرن الشرائع فى الأقطار اى فرقن واشعن او نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل اى احيين بما اوحين ففرقن بين الحق والباطل فألقين ذكرا الى الأنبياء عُذْراً لاهل الحق اى معذرة لهم فى الدنيا والآخرة لاتباعهم الحق أَوْ نُذْراً لاهل الباطل لعدم اتباعهم الحق وعذرا مصدر من عذر إذا محا الاساءة ونذرا اسم مصدر من انذر إذا خوف لا مصدر لانه لم يسمع فعل مصدرا من افعل وانتصابهما على البدلية من ذكرا قال ابن الشيخ ان كان الذكر المبدل منه بمعنى جميع الوحى يكون عذرا او نذرا بدل البعض من الكل فان ما يتعلق بمغفرة المطيعين وتخويف المعاندين بعض من جملة الوحى وان أريد بالذكر المبدل منه ما يتعلق بسعادة المؤمن وشقاوة الكافر خاصة يكون بدل الكل من الكل فان إلقاء ما يتعلق بسعادة المؤمن متحد بالذات مع إلقاء عذره ومحو إساءته وكذا إلقاء ما يتعلق بشقاوة الكافر متحد مع إلقاء إنذاره على كفره انتهى او انتهى او انتصابهما على العليه للصفات المذكورة او للاخيرة وحدها وهو الاولى بمعنى فاللاتى ألقين ذكرا لمحو ذنوب المعتذرين الى الله بالتوبة والاستغفار ولتخويف المبطلين المصرين وفى كشف الاسرار لاجل الاعذار من الله الى خلقه لئلا يكون لاحد حجة فيقول لما يأتنى رسول ولاجل إنذارهم من عذاب الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله عذرا او نذرا قال يقول الله يا ابن آدم انما امرضكم لا ذكركم وامحص به ذنوبكم واكفر به خطاياكم وربكم اعلم ان ذلك المرض يشتد عليكم وأنا فى ذلك معتذر إليكم قال بعضهم المعنى ورب المرسلات إلخ وفى الإرشاد لعل نقديم نشر الشرائع ونشر النفوس والفرق على الإلقاء اى مع ان الظاهر ان الفرق بين الحق والباطل يكون مع النشر لا بعده وان إلقاء الذكر الى الأنبياء متقدم على نشر الشرائع فى الأرض واحياء النفوس الموتى والفرق بين الحق والباطل فلا يظهر التعقيب بينهما للايذان بكونها غاية للالقاء حقيقة بالاعتناء بها او للاشعار بأن كلا من الأوصاف المذكورة مستقل بالدلالة على استحقاق الطوائف الموصوفة بها للتفخيم والإجلال بالاقسام بهن ولو جيئ بها على ترتيب الوقوع لربما فهم ان مجموع الإلقاء والنشر والفرق هو الموجب لما ذكر من الاستحقاق هذا وقد قيل فى هذا المقام غير ذلك لكن الحمل على الملائكة

[سورة المرسلات (77) : الآيات 7 إلى 9]

أوجه وأسد لما ذكرنا فى المدثر أن المحققين على انه من الملائكة المرسلات والناشرات والملقيات وغير ذلك (قال فى كشف الاسرار) در روزگار خلافت عمر رضى الله عنه مردى بيامد از اهل عراق نام او صبيع واز عمر ذاريات ومرسلات پرسيد صبيغ عادت داشت كه پيوسته ازين معضلات آيات پرسيدى يعنى تا كه مردم در وفرو مانند عمر او را دره زد وكفت لو وجدتك مخلوقا لضربت الذي فيه عيناك يعنى اگر من ترا سر سترده يافتم من ترا كردن زدم عمر رضى الله عنه اين سخن را از بهر آن كفت كه از رسول خدا عليه السلام شنيده بود در صفت خوارج كه سيماهم التحليق كفت در امت من قومى خوارج پيدا آيند نشان ايشان آنست كه ميان سر سترده دارند پس عمر نامه نبشت با موسى الأشعري وكان أميرا على العراق كه يكسال اين صبيغ را مهجور داريد با وى منشينيد وسخن مكوييد پس از يكسال صبيغ توبه كرد وعذر خواست وعمر رضى الله عنه توبه وعذر وى قبول كرد شافعى رحمه الله كفت حكمى فى اهل الكلام كحكم عمر فى صبيغ قال فى القاموس صبيغ كامير بن عسيل كان يعنت الناس بالغوامض والسؤالات فنفاه عمر الى البصرة انتهى إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ جواب للقسم اى ان الذي توعدونه من مجيئ القيامة كأن لا محالة فانما هذه ليست هى الحصرية بل ما فيها موصولة وان كتبت متصلة فى خط المصحف والموعود هو مجيئ القيامة لان المذكور عقيب هذه الآية علامات يوم القيامة وقال الكلبي المراد ان كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع نظرا الى عموم لفظ الموصول وفى التأويلات النجمية انما توعدون من يوم قيامة الفناء الكلى فى الله لواقع حاصل بالنسبة الى اهل المعرفة والشهود وارباب الذوق والوجود واما بالنسبة الى اهل الحجاب والاحتجاب فسيقع ان كانوا مستعدين لرفع الحجاب وكشف النقاب والى هذا الوقوع المحقق أشار بقوله كل شىء هالك الا وجهه اى فى الحال وبقوله كل من عليها فان اى فان فى عين البقاء إذا لمقيد مستهلك فى اطلاق المطلق استهلاك نور الكواكب فى نور الشمس واستهلاك اعتبارات النصفية والثلثية والربعية فى الاثنين والثلاثة والاربعة ثم اخبر عن ظهور آثار يوم القيامة وحصول دلائلها لاهل الشقاوة بقوله فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ محيت ومحقت ذواتها فان الطمس محو الأثر الدال على الشيء وهو الموافق لقوله وإذا الكواكب انتثرت او ذهب بنورها والاول اولى لانه لا حاجة فيه الى الإضمار والنجوم مرتفعة بفعل يفسره ما بعده او بالابتداء وطست خبره والاول اولى لان إذا فيها معنى الشرط والشرط بالفعل اولى ومحل الجملة على الاعرابين الجر بإذا وجواب إذا محذوف والتقدير فاذا طمست النجوم وقع ما توعدون او بعثتم او جوزيتم على أعمالكم وحذف لدلالة قوله انما توعدون لواقع عليه وفيه اشارة الى محق نجوم الحواس العشر الظاهرة والباطنة عن ادراك الحقائق عند طلوع الشمس الحقيقة وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ صدعت من خوف الرحمن وشققت ووقعت فيها الفروج التي نفاها بقوله ومالها من فروج وفتحت فكانت أبوابا بالفرج الشق وكل مشقوق فرج وبالفارسية وآنگاه كه آسمان شكافته

[سورة المرسلات (77) : الآيات 10 إلى 14]

كردد. وفيه اشارة الى صدع سماء الأرواح وشقها عند سطوات التجليات الجلالية وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ جعلت كالحب الذي ينسف بالمنسف وهو ما ينفض به الحب ويذرى ونحوه وبست الجبال بسا فالنسف والبس بالفارسية پراكنده كردن وداميدن. وفيه اشارة الى تلاشى جبال الخيالات والأوهام الفاسدة الكاسدة عند بوادي المشاهدات وهوادى المعاينات وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ اى عين لهم الوقت الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم وذلك عند مجيئه وحضوره إذ لا يتعين لهم قبل حصوله فان علم ذلك الى الله تعالى يعنى ان تبيين وقت حضورهم لهم من جملة علامات القيامة من حيث ان ذلك التعيين والتبيين لم يكن حاصلا فى الدنيا لعدم حصول الوقت فيقال لهم عند حصوله احضروا للشهادة فقد جاء وقتها او المعنى وإذا الرسل بلغوا الميقات الذي كانوا ينتظرونه وهو يوم القيامة فان التوقيت كما يجيئ بمعنى تحديد الشيء وتعيين وقته فكذا يجيئ بمعنى جعل الشيء منتهيا الى وقته المحدود وعلى المعنى الاول لا يقع على الذوات يدون إضمار فان الموقت هو الأحداث لا الجثث فلا يقال زيد موقت الا ان يراد موقت حضوره وكذا توقيت الرسل انما هو بالنسبة الى حضورهم لا بالنسبة الى ذواتهم لان الذوات قارة لا يعتبر فيها تعيين بخلاف الزمانيات المتجددة هكذا قالوا وقال سعدى المفتى وفى وقوعه على المعنى الثاني على الجثث بدون إضمار بحث ظاهر وان ذهب اليه صاحب الكشف ونحوه وقرأ أبو عمرو وقتت على الأصل لانه من الوقت والباقون ابدلوا الواو همزة لان الضمة من جنس الواو فالجمع بينهما يجرى مجرى الجمع بين المثلين فيكون ثقيلا ولهذا السبب تستثقل الكسرة على الياء ولم تبدل فى نحو ولا تنسوا الفضل بينكم لان ضمة الواو ليست بلازمة فيه وفى كشف الاسرار الالف والواو لغتان والعرب تبدل الالف من الواو تقول وسادة واسادة وكتاب مورخ ومؤرخ وقوس موتر ومؤتر وفى الآية اشارة الى رسل القلب والسر وتعيين وقت شهادتهم على امة الأعضاء والجوارح لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ مقدر بقول هو جواب لاذا فى قوله وإذا الرسل أقتت اى يقال لاى يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل اى بجمعهم وإحضارهم كما قال تعالى يوم يجمع الله الرسل والمراد تعظيم ذلك اليوم والتعجيب من هوله قال القاشاني وإذا الرسل اى ملائكة الثواب والعقاب عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لها اما لايصال البشرى والروح والراحة واما لايصال العذاب والكرب والذلة ليوم عظيم أخرت عن معاجلة الثواب والعقاب فى وقت الأعمال ورسل البشر وهم الأنبياء عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لهم فيه الفرق بين المطيع والعاصي والسعيد والشقي فان الرسل يعرفون كلا بسيماهم لِيَوْمِ الْفَصْلِ بيان ليوم التأجيل وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ويقضى بالحقوق ويحكم بين المحسن والمسيئ ويميز بين ارباب شهود الوحدة الذاتية وبين اصحاب شهود الكثرة الاسمائية والصفاتية وقال بعضهم يفصل فيه بين الحبيب وحبيبه الا من كان معاملته لله فى الله وبين الرسل وامه وأبيه وأخيه الا ان يكونوا متفقين على الحق والعدل وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ ما مبتدأ ادراك خبره

[سورة المرسلات (77) : الآيات 15 إلى 20]

اى اى شىء جعلك داريا وعالما ما هو وما كنهه إذ لم تر مثله وكذا لم ير أحد قبلك شدته حتى تسمع منه (قال الكاشفى) و چهـ چيز دانا كرد ترا كه چيست روز فصل چهـ كنه او را نتوان دانست. فوضع موضع الضمير ليوم الفصل لزيادة تفظيع وتهويل على ان ما خبر ويوم الفصل مبتدأ لا بالعكس كما اختاره سيبويه لان محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرا بديعا هائلا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية ما لا بيان كون امر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه وَيْلٌ واى يَوْمَئِذٍ اى فى ذلك اليوم الهائل لِلْمُكَذِّبِينَ بيوم يفصل فيه الرحمن بين الخلائق اى الويل والهلاك ثابت فيه لهم والويل فى الأصل مصدر منصوب ساد مسد فعل لا من لفظه فأصله أهلكه الله إهلاكا او هلك هو هلا كاعدل به الى الرفع للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذ ظرفه او صفته ووضع الويل موضع الإهلاك او الهلاك فجاز وقوعه مبتدأ مع كونه نكرة فانه لما كان مصدرا سادا مسد فعله المتخصص بصدوره عن فاعل معين كانت النكرة المذكورة متخصصة بذلك الفاعل فساغ الابتداء بها لذلك كما قالوا فى سلام عليك وقال بعضهم الويل واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره اى ذابت وقال الجنيد قدس سره الويل يومئذ لمن كان يدعى فى الدنيا الدعاوى الباطلة أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن هلكوا قبل بعثة سيد المرسلين عليه السلام وذلك لتكذيبهم بيوم الفصل وهو استئناف انكار لعدم الإهلاك اثباتا وتقريرا له لان نفى النفي يثبت الإثبات ويحقق الإهلاك فكأنه قيل لم يكن عدم الإهلاك بل قد أهلكناهم ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ وهم الذين كانوا بعد بعثته عليه السلام وهو بالرفع على ثم نحن نتبعهم الآخرين من نظرائهم السالكين لمسلكهم فى الكفر والتكذيب اى نجعلهم نابعين للاولين فى الإهلاك فليس الكلام معطوفا على ما قبله لان العطف يوجب ان يكون المعنى أهلكنا الأولين ثم اتبعناهم الآخرين فى الإهلاك وليس كذلك لان إهلاك الا آخرين لم يقع بعد فلذلك رفع نتبع على ان يكون مقطوعا عما قبله ويستأنف به الكلام على وجه الاخبار عما سيقع فى المستقبل بإضمار المبتدأ وفيه وعيد لكفار مكة كَذلِكَ اى فعلا مثل ذلك الفعل الذي اخبر به فمحل الكاف النصب على انه نعت لمصدر محذوف نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ بكل من أجرم اى سنتنا جارية على ذلك وفيه تحذير من عاقية الجرم وسوء اثره وَيْلٌ مكروهى بزرك يَوْمَئِذٍ يوم إذا هلكناهم لِلْمُكَذِّبِينَ بآيات الله وأنبيائه وليس فيه تكرير لما ان الويل الاول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا وفى برهان القرآن كررها فى هذه السورة عشر مرات لان كل واحدة منها ذكرت عقيب آية غير الاولى فلا يكون تكرارا مستهجنا ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون بعض وقيل ان من عادة العرب التكرار والاطناب كما ان عادتهم الاقتصار والإيجاز ولان بسط الكلام فى الترغيب والترهيب ادعى الى ادراك البغية من الإيجاز وقد يجد كل أحد فى نفسه من تأثير التكرار ما لا خفاء به أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ اى ألم نحدثكم واتفق القراء على ادغام القاف فى لكاف فى هذا الحرف وذكر النقاش انه فى قراءة ابن كثير

[سورة المرسلات (77) : الآيات 21 إلى 26]

ونافع برواية قالون وعاصم فى رواية حفص بالإظهار قاله فى الإيضاح مِنْ ماءٍ مَهِينٍ بهوان الحدوث والإمكان والابتذال اى من نطفة قذرة مهينة يعنى خوار وبى مقدار. والميم اصلية ومهانته قلته وخسته وكل شىء ابتذلته فلم تصنه فقد امتهنته اى خلقناكم منه ولذا عطف عليه قوله فَجَعَلْناهُ اى الماء وبالفارسية پس نكاه داشتيم آن آب را فِي قَرارٍ مَكِينٍ وهو الرحم بكسر الحاء المهملة اى وعاء الولد فى بطن الام يعنى در قرارگاه استوار كه رحم است. فالقرار موضع الاستقرار والمكين الحصين اى جعلنا ذلك الماء فى مقر حصين يتمكن فيه الماء محفوظا سالما من التعرض له فمكين من المكانة بمعنى التمكن لا منها بمعنى المنزلة والمرتبة من الكون يقال رجل مكين فى مكة اى متمكن فيها ومكين عند الأمير اى ذو منزلة ومرتبة عنده فيكون فعيلا لا مفيلا إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ اى مقدار معلوم من الوقت الذي قدره الله للولادة تسعة أشهر او اقل منها او اكثر وهو فى موضع الحال من الضمير المنصوب فى فجعلناه اى مؤخرا الى مقدار معلوم من الزمان فَقَدَرْنا اى فقدرناه والمراد تقدير خلقه وجوارحه وأعضائه وألوانه ومدة حمله وحياته ويدل على كون قدر المخفف لغة بمعنى قدر المشدد قراءة نافع والكسائي بالتشديد فَنِعْمَ الْقادِرُونَ اى نحن بمعنى المقدرون والى هذا المعنى ذهب ابن مسعود رضى الله عنه ويجوز ان يكون فقدرنا من القدرة بمعنى فقدرنا على ذلك اى على خلقه ونصويره كيف شئنا وأردنا من مثل تلك المادة الحقيرة على ان المراد بالقدرة ما يقارن وجود المقدور بالفعل ويعضده قوله فنعم القادرون حيث خلقناه بقدرتنا وجعلنا على أحسن الصور والهيئات وَيْلٌ بزركتر بلايى يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ اى بقدرتنا على ذلك او على الاعادة قال أبو الليث اى الشدة من العذاب لمن يرى الخلق الاول فانكر الخلق الثاني أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً عرفهم او لانعمه الانفسية لانها كالاصل ثم اتبعها النعم الآفاقية والكفت باهم آوردن. والكفات اسم ما يكفت اى يضم ويجمع من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه كالضمام لما يضم والجماع لما يجمع نحو التقوى جماع كل خير والخمر جماع كل إثم وكفاتا مفعول ثان لنجعل لانه بمعنى ألم نصيرها كفاتا تكفت وتضم أَحْياءً كثيرة على ظهرها فهو منصوب بفعل مضمر يدل عليه كفاتا وهو تكفت والا فالاسماء الجامدة وكذا اسماء الزمان والمكان واصلة وان كانت مشتقة لا تعمل وفى اسم المصدر خلاف واما المصدر وجمع اسم الفاعل فهما من الأسماء العاملة فمن جعل الكفات مصدرا او جمع اسم الفاعل وهو كافت كصيام جمع صائم جعله عاملا ومن جعله اسما لمن بكفت او جمعا للكفت بمعنى الوعاء منعه من العمل غير الزمخشري فانه جعل كفاتا وهو اسم عاملا وقد طعن فيه وَأَمْواتاً غير محصورة فى بطنها ولهذا كانوا يسمون الأرض اما تشبيها لها بالأم فى ضمها للناس الى نفسها احياء وأمواتا كالام التي تضم أولادها إليها وتضبطهم ولما كانوا ينضمون إليها جعلت كأنها تضمهم وايضا كما ان الأرض كفات الاحياء بمعنى انهم يسكنون فيها كذلك انها كفات لهم بمعنى انها تكفت ما ينفصل من الاحياء من الأمور المستقذرة وتنكيرهما فى معنى التعريف الاستغراقى لا لافراد والنوعية ويجوز أن يقال الأرض

[سورة المرسلات (77) : الآيات 27 إلى 32]

وان كانت كفاتا لجميع احياء الانس وأمواتهم لكن الاحياء والأموات غير منحصرة فيها لان بعض الحيوان يكفته الهولء والبعض الآخر يكفته الماء فلا تكون كفاتا للجميع بل للبعض فيصح التنكير ونقل عن القفال انه قال دلت الآية على وجوب قطع يد النباش من حيث انه تعالى جعل الأرض كفات الميت فتكون حرز او السارق من الحرز يجب عليه القطع وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ اى جبالا ثوابت يعلى وبيافريديم در زمين كوههاى استوار و پاى برجا. فمفعول جعلنا مقدر ورواسى صفة له من رسا الشيء يرسو اى ثبت والجبال ثوابت على ظهر الأرض لا نزول شامِخاتٍ صفة بعد صفة والشامخ العالي المرتفع اى طوالا شواهق يعنى بلند وسرفراز ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر وفى عين المعاني رواسى اى ثوابت الأصول رواسخ العروق شامخات اى مرتفعات الفروع ووصف جمع المذكر بجمع المؤنث فى غير العقلاء مطرد كاشهر معلومات ونحوه والتنكير للتفخيم او للاشعار بأن ما يرى على ظهر الأرض من الجبال بعض منها وان فى عداد الجبال ما لم يعرف ولم يرفان السماء فيها جبال ايضا بدلالة قوله تعالى من جبال فيها من برد وَأَسْقَيْناكُمْ وبياشامانيديم شما را ماءً فُراتاً اى عذبا جدا بأن خلقنا فيها أنهارا ومنابع اى جعلناه سقيا لكم ومكناكم من شربه وكذا من سقيه دوابكم ومزارعكم وسمى نهر الكوفة فراتا للذته وقال ابو الليث ماء عذبا من السماء ومن الأرض يقال الفرات للواحد والجمع وتاؤه اصل والتنكير للتفخيم او لافادة التبعيض لان فى السماء ماء فراتا ايضا بل هى معدنه ومصبه وَيْلٌ واد في جهنم يَوْمَئِذٍ در ان روز خطرناك لِلْمُكَذِّبِينَ بامثال هذه النعم العظيمة انْطَلِقُوا اى يقال يومئذ للمكذبين بطريق التوبيخ والتقريع انطلقوا واذهبوا والقائلون خزنة النار وزبانية جهنم إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فى الدنيا من العذاب وبه متعلق بتكذبون قدم لرعاية نظم الآية انْطَلِقُوا خصوصا إِلى ظِلٍّ اى الى ظل دخان نار جهنم كقوله تعالى وظل من يحموم اى دخان غليظ اسود ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ جمع شعبة يعنى خداوند سه شاخ يتشعب لعظمه ثلاث شعب كما هو شأن الدخان العظيم تراه يتفرق ذوآئب فقوله ذى ثلاث شعب كناية عن كون ذلك الدخان عظيما بناء على ان التشعب من لوازمه وقيل يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كسرادق وهو ما يمد فوق صحن البيت ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم والمؤمنون فى ظل العرش قال القاضي أخذا من التفسير الكبير خصوصية الثلاث اما لان حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم أو لأن المؤدى الى هذا العذاب هو القوة الوهمية الشيطانية الحالة فى الدماغ المشوشة للنفس عن ادراك الحقائق والقوة الغضبية السبعية التي عن بمين القلب الدافعة للنفس عن القيام على حق الاعتدال والقوة الشهوية البهيمية التي عن يساره المانعة للنفس عن الاتصاف بالأوصاف الالهية ولذلك قيل تقف شعبعة فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره فجميع ما يصدر عن الإنسان من العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة لا ينشأ الا من هذه القوى الثلاث الواهمة والغضبية والشهوية فهذه الثلاث لما كانت منبع جميع الآفات الصادرة عن

[سورة المرسلات (77) : الآيات 31 إلى 32]

الإنسان تشعبت شعب العذاب على حسبها. پس هر كه خواهد كه فردا ازين دخان كه ظل من يحموم اشارت بدانست ايمن كردد امروز بنور عقل متمسك شده از تيركى صفت شيطانى وسبعى وبهيمى ببايد كذشت ز تاريكى خشم وشهوت حذر كن ... كه از دود آن چشم دل تيره كردد غضب چون در آمد رود عقل بيرون ... هوى چون شود چيره جان خيره گردد ويحتمل أن تكون الخصوصية لتضييعهم القوى الثلاث التي هى السمع والبصر والفؤاد كما قال تعالى وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون فشكرها ودعابتها مبدأ السعادات وعدم محافظتها واتلافها منشأ الشقاوات. يقول الفقير عندى وجه آخر وهو أن الايمان عبارة عن التصديق والإقرار وللعمل فجعلت كل شعبة من الثلاث بمقابلة واحدة من هذه الأركان دل على هذا قوله تعالى انطلقوا الى ما كنتم به تكذبون فأورد التكذيب الذي هو صفة القلب فان القلب لكونه مدارة الأعضاء والقوى إذا فسد فسد اللسان وسائر الأركان فالتكذيب ظلمة باطنة للقلب ضوعفت بظلمة ترك الإقرار والعمل فلما تضاعفت الظلمات الباطنة فى الدنيا تضاعفت الظلمات الظاهرة فى الآخرة لان لكل عمل وصفة صورة شخصية جسدانية يوم القيامة لا ظَلِيلٍ أخذ من الظل للتأكيد كنوم نائم اى لا يظل من الحر وتوصيف الظل بأنه لا يظل من حر ذلك اليوم وهو حر النار للدلالة على ان تسمية ما يغشاهم من العذاب بالظل استهزاء بهم فان شأن الظل أن يدفع عمن يستظل به مقاساة شدة الحر وأنه ينفعه ببرده ونسيمه والذي أمروا بالانطلاق اليه يضاعف عليهم ما هم فيه من الحر والعذاب فضلا عن أن يستريحوا ببرده أورد لما أوهمه لفظ الظل من الاسترواح كما مر فى الواقعة وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ اى غير مغن لهم من حر اللهب كما يغنى ظل الدنيا من الحر فقوله لا ظليل فى موضع الجر على انه صفة لظل ولفظ غير مانع للصفتية اى ظل غير ظليل وغير مغن ومفعول بغنى محذوف هو شيأ ومن لبيانه ويغنى من اغنى عنى وجهه اى أبعده لان الغنى عن الشيء يباعده كما ان المحتاج اليه يقربه فصح أن يعبر باغناء شىء عن شىء عن ابعاده عنه فكان المعنى ان هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع عنكم لهب النار واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر وفى التأويلات النجمية ظل الروح وظل القلب ظل ظليل ممدود نفعه واثره وروحه لا ظل النفس والهوى وقال بعضهم ظل شجرة النفس الخبيثة المنقطعة عن نور الوحدة بظلمة ذاتها ليس بظليل كظل شجرة طوبى فلا يفيد الروح والراحة بخلاف صل شجرة النفس الطيبة المنورة بنور الوحدة الغير المنشعبة الى الشعب المختلفة المتضادة كالشيطانية والسبعية والبهمية إِنَّها اى الشعب لانها هى المذكورة لا النار تَرْمِي بِشَرَرٍ مى افكند در آن روز شرارها را كه هر شراره كَالْقَصْرِ مانند كوشكى عظيم. اى كل شررة كقصر من القصور فى عظمها كما دل على هذا التفسير قوله كأنه جمالة صفر فالشرر جمع شررة وهى ما تطاير من النار

[سورة المرسلات (77) : الآيات 33 إلى 36]

فى الجهات متفرقا كالنجوم كما قال فى القاموس الشرار والشرر ككتاب وجبل ما يتطاير من النار واحدتهما بهاء انتهى وكالقصر فى موضع الصفة للشرر والقصر مفرد وهو البناء العالي ووصف به الجمع باعتبار كل واحد من آحاده والقصر ايضا الحطب الجزل ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير الآية هى الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد الى الخشب فنقطعها ثلاثة اذرع وفوق ذلك ودونه تدخرها للشتاء فكنا نسميها القصر اى لكونها مقصورة مقطوعة من الممدودة الطويلة تأمل فى ان نارا دخانها وشررها هكذا فما بالك بحال أهلها كَأَنَّهُ اى الشرر وفى فتح الرحمن كأنه اى النار ثم رد الضمير الى لفظ النار دون معناها فقال كأنه جِمالَتٌ صُفْرٌ جمع جمل كحجارة فى جمع حجر والتاء لتأنيث الجمع او اسم جمع كالحجارة والجمل ذكر الإبل والناقة انثاه وإذا لم يكن فى جماعة الإبل أنثى يقال جمالة بالكسر والصفر جمع اصفر والصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى ان البياض أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد والمعنى كأن كل شررة جمل أصفر أو كجمل اسود لان سواد الإبل يضرب الى الصفرة كما قيل لبعض الظباء آدم لان بياضها تعلوه كدرة ولان صفر الإبل يشوب رؤوس اشعارها سواد وفى الحديث (شرار جهنم اسود كالقير) فالاول وهو التشبيه بالقصر تشبيه فى العظم والثاني وهو التشبيه بالجمل فى اللون والكثرة والتتابع والاختلاط والحركة وفى المفردات قوله تعالى كأنه جمالة صفر قيل جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن ومنه قيل للنحاس صفر وفى التأويلات النجمية كل صفة من الأوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية بحسب الغلظة والشدة كالقصور المرتفعة والبروج المشيدة او كأنه جمالة صفر عظيمة لهيكل طويلة الأشر من شدة قوة النار فى ذلك الشرر وهى القوة الغضبية وَيْلٌ مشقت بسيار يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بأهوال يوم القيامة وأحوال العصاة فيه (وقال الكاشفى) مر دروغ زنانراست كه مشقت دوزخ وشرارهاى آنرا باور ندارند هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ اشارة الى وقت دخولهم النار ويوم مرفوع على انه خبر هذا اى هذا يوم لا ينطقون فيه بشئ لما ان السؤال والجواب والحساب قد انقضت قبل ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل له مواطن ومواقيت ينطقون فى وقت دون وقت فعبر عن كل وقت بيوم اولا ينطقون بشئ ينفعهم فان ذلك كلا نطق قال القاشاني لا ينطقون لفقدان آلات النطق وعدم الاذن فيه بالختم على الأفواه وقال بعضهم لا ينطقون من شدة تحيرهم وقوة دهشتهم وقال أبو عثمان رحمه الله أسكتهم هيبة الربوبية وحياء الذنوب كما قال الشيخ سعدى رحمه الله سر ار جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ ودستورى ندهد مر ايشانرا در اعتذار فَيَعْتَذِرُونَ عطف على يؤذن منتظم فى سلك النفي اى لا يكون لهم اذن واعتذار متعقب له من غير أن يجعل الاعتذار مسببا عن الاذن كما لو نصب والنصب يوهم ان لهم عذرا وقد منعوا من ذكره

[سورة المرسلات (77) : الآيات 37 إلى 42]

وهو خلاف الواقع إذ لو كان لهم عذر لم يمنعوا واى عذر لمن اعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه وَيْلٌ كرب واندوه يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بهذه الاخبار وبما جاء من الحق الواقع البتة هذا اليوم الذي شاهدتم أهواله وأحواله يَوْمُ الْفَصْلِ بين الحق والباطل وقال البقلى هذا يوم مفارقة النفس والشيطان عن جوار قلب العارف وانفصال كل شىء عن كل محب غير محبوبه حيث استغرق فى جوده وشهوده ووجوده جَمَعْناكُمْ يا امة محمد وَالْأَوَّلِينَ من الأمم وهذا تقرير وبيان للفصل إذ الفصل بين المحق والمبطل والرسل لا يتحقق الا بجمع الكل فلا بد من إحضارهم لا سيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ حيلة تدفعون بها عنكم العذاب والظاهر أن هذا خطاب من الله للكفار فَكِيدُونِ أصله فكيدونى حذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة والنون للوقاية وهو أمر من كاد يكيد كيدا وهو المكر والاحتيال والخديعة والمعنى واحتالوا لأنفسكم وتخلصوا من عذابى ان قدرتم فان جميع من كنتم تقلدونهم وتقتدون بهم حاضرون يعنى حيله با خداى پيش نرود وبمكر ودستان عذاب از خود دفع نتوانيد كرد بمكر وحيله عذاب خداى رد نشود ... نياز بايد واخلاص وناله سحرى توان خريد بيك آه ملك هر دو جهان ... از ان معامله غافل مشو كه حيف خورى وهذا امر اهانة وخطاب تعجيز وتقريع لهم على كيدهم للمؤمنين فى الدنيا وتخجيل لهم بأنهم كانوا فى الدنيا يدفعون الحقوق عن أنفسهم ويبطلون حقوق الناس بضروب الحيل والمكايد والتلبيسات فخاطبهم الله حين علموا ان الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة بقوله فان كان لكم كيد فكيدون لما ذكر من التقريع والتخجيل ولاظهار عجزهم عن الكيد فان مثل هذا الكلام لا يتكلم به الا من تيقن بعجز مخاطبه عما هو بصدده وفى بعض التفاسير اى فان وجد كيد نافع لكم على ان لكم متعلق بكان او نافعالكم على انه حال من كيد وَيْلٌ غم وغصة يَوْمَئِذٍ در ان روز هولناك لِلْمُكَذِّبِينَ حيث ظهر أن لا حيلة لهم فى الخلاص من العذاب إِنَّ الْمُتَّقِينَ من الكفر والتكذيب لانهم فى مقابلة المكذبين ففيه رد على المعتزلة فِي ظِلالٍ جمع ظل كشعاب وشعب او ظلة كقباب وقبة اى فى ظلال ظليلة على الحقيقة كما يدل عليه الإطلاق يعنى لا كظل المكذبين وبالفارسية در سايهاى درختان بهشت باشند. قال بعضهم الظاهر انه اخبار عن كونهم تحت أشجار مثمرة لهم فى جنانهم. يقول الفقير الأظهر أن كونهم فى ظلال كناية عن راحتهم العظمى لان الظل للراحة وكذا قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا ونحوه وانما ذكر الله الظل تشويقا للقلوب لان من البلاد ما هى حارة قليلة المباه والأشجار والظلال وَعُيُونٍ عذبة دافعة عنهم العطش وبالفارسية وبر كنار چشمهاى آب وَفَواكِهَ اى ألوان الفاكهة يعنى ودر ميان ميوها مِمَّا يَشْتَهُونَ

[سورة المرسلات (77) : الآيات 43 إلى 50]

ويتمنون يعنى از آنچهـ آرزو كنند. فيتناولونها لا عن جوع وامتلاء بل عن شهوة وتلذذ والحاصل انهم مستقرون فى فنون الترفه وانواع التنعم خلاف ما عليه مخالفوهم كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مقدر بقول هو حال من ضمير المتقين فى الخبر أي مقولا لهم كلوا من نعم الجنة وثمراتها واشربوا من مائها وشرابها أكلا وشربا هنيئا سائغا رافها بلا داء ولا تخمة بسبب ما كنتم تعملونه فى الدنيا من الأعمال الصالحة خصوصا الصيام كما مضى فى الحاقة وهذا أمر إكرام إظهارا للرضى عنهم والمحبة لهم تمسك القائلون بايجاب العمل للثواب بالباء السببية والجواب ان السببية انما هى بفضل الله ووعده الذي لا يخلف لا بالذات بحيث يمتنع عدمه او يوجب النقص او الظلم إِنَّا كَذلِكَ الجزاء العظيم نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ اى فى عقائدهم وأعمالهم لاجزاء أدنى منه وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ حيث نال أعداؤهم هذا الثواب الجزيل وهم بقوا فى العذاب المخلد الوبيل (وقال الكاشفى) جهل وقبح وذم مراهل تكذيب راست كه بنعيم بهشت نمى گروند. وفى التأويلات النجمية ان المتقين بالله عما سواه اى المتقين بنور الوحدة عن ظلمة الكثرة وبنور المعرفة عن ظلمية النكرة فى ظلال الأوصاف الالهية والأخلاق الربانية وعيون من مياه العلوم والحكم وفواكه مما يشتهون من التجليات الروحانية والتنزلات النورانية كلوا من أطعمة المواهب الهنية واشربوا من أشربة المشارب التوحيدية هنيئا بما كنتم تعملون من الأعمال الصالحة والافعال الحسنة انا كذلك نجزى المحسنين المشاهدين لجمالنا المطلق ويل يومئذ للمكذبين بإحسان الجزاء وجزاء الإحسان كُلُوا اى مكذبان از نعيم فانئ دنيا وَتَمَتَّعُوا تمتعا قَلِيلًا او زمانا قليلا يعنى عيشوا مدة قليلة الى منتهى آجالكم لان زمان الدنيا قليل كمتاعها وبالفارسية وبرخوردار شويد زمانى اندك إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ كافرون مستحقون للعذاب وبالفارسية بدرستى كه شما مشركانيد وعاقبت شما را عذاب دائمست. قوله كلوا إلخ مقدر بقول هو حال من المكذبين قال فى الكواشي لا أحب الوقف على المكذبين ان نصبت كلوا حالا منه والمعنى الويل ثابت لهم مقولالهم ذلك نذكيرا لهم بحالهم فى الدنيا بما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع الفاني عن قريب على النعيم الخالد فلا يرد كيف يقال لهم ذلك ولا تمتع لهم فيها يعنى ان هذا القول لهم فى الآخرة لا يكون لطلب الاكل والتمتع منهم بنعيم الدنيا حقيقة لعدم إمكانه بل انما يقال لهم للتذكير المذكور فيكون الأمر امر توبيخ وتحسير وتحزين وعلل ذلك باجرامهم دلالة على ان كل مجرم مآله هذا اى ليس له الا الاكل والتمتع أياما قلائل ثم البقاء فى الهلاك الابدى وَيْلٌ واى يَوْمَئِذٍ در ان روز جزا لِلْمُكَذِّبِينَ حيث عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل وفى التأويلات النجمية انكم مجرمون اى كاسبون الهيئات الردية والملكات الغير المرضية ويل يومئذ للمكذبين بأن الأوصاف الحميدة أفضل من الأخلاق الذميمة وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى للمكذبين ارْكَعُوا اى أطيعوا الله واخشعوا وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه وارفضوا هذا الاستكبار والنخوة لان الركوع والانحناء لاحد تواضع له وتعظيم والسجود أعظم منه فى التواضع والتعظيم ومن ذلك قالوا

[سورة المرسلات (77) : الآيات 49 إلى 50]

ان السجود لغير الله كفر ان كان للعبادة وخطر عظيم ان كان للتعظيم وفى حواشى ابن الشيخ لركوع فى اللغة حقيقة فى مطلق الانحناء الحسى وركوع الصلاة من جملة افراده وتفسيره بالاطاعة والخضوع مجاز لغوى تشبيها له بالانحناء الحسى لا يَرْكَعُونَ لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على ما هم عليه من الاستكبار وقيل إذا أمروا بالصلاة او بالركوع لا يفعلون إذ روى انه نزل حين امر رسول الله عليه السلام ثقيفا بالصلاة فقالوا انا لا نخر ولا نجبى اى لا نقوم قيام الراكع فانها سبة علينا اى ان هيئة التجبية هيئة تظهر وترفع فيها السبة وهى الاست اى الدبر وهو عار وعيب علينا فقال عليه السلام لا خير فى دين ليس فيه ركوع ولا سجود وفى بعض التفاسير كانوا فى الجاهلية يسجدون للاصنام ولا يركعون لها فصار الركوع من اعلام صلاة المسلمين لله تعالى وفيه دلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة فى الآخرة كما سبق مرارا (قال الكاشفى) مراد آنست كه مسلمان نشوند چهـ ركن أعظم اسلام بعد از شهادتين نماز است. وفيه ذم عظيم لتارك الصلاة حيث لا يجيب داعى الله اى المؤذن فانه يدعو فى الأوقات الخمسة المؤمنين الى بيت الله واقامة الصلاة وقس عليه سائر الداعين وفى التأويلات النجمية وإذا قيل لهم اركعوا اى أفنوا عن اللذات الحيوانية وابقوا باللذات الروحانية إذ هى مناجاة الروح والسر مع الله ولا ألذ منها وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ نفرين آن روز بر دروغ زنانراست كه ركوع وسجود را تكذيب كنند وبشرف اسلام نمى رسند فَبِأَيِّ حَدِيثٍ اى خبر يخبر بالحق وينطق بما كان وما يكون على الصدق بَعْدَهُ اى بعد القرآن الناطق بأحاديث الدارين واخبار النشأتين على نمط بديع معجز مؤسس على حجج قاطعة وبراهين ساطعة يُؤْمِنُونَ إذا لم يؤمنوا به اى القرآن الجامع لجميع الأحاديث فقوله فبأى إلخ جواب شرط محذوف وكلمة بعد بمنزلة ثم فى إفادة التراخي الرتبى اى فاذا لم يؤمنوا به وهو موصوف بما ذكر فبأى كتاب يؤمنون ختم السورة بالتعجيب من الكفار لان الاستفهام للتعجيب وبين انهم فى أقصى درجات التمرد والعناد حيث لم ينقادوا لمثل هذا البرهان الباهر والدليل القاطع على حقية الدين القويم من حيث كونه فى ارفع درجات الفصاحة والبلاغة وفى أقصى طبقات الاعجاز. در خبر آمده كه بعد از خواندن اين آيت بايد كفت آمنا به استدل بعض المعتزلة على ان القرآن ليس بقديم بقوله تعالى حديث إذ الحديث ضد القديم لان الحدوث والقدم لا يجتمعان فى شىء واحد ورد بأن الحديث هنا بمعنى الخبر لا بمعنى الحادث ولو سلم فالعبارة لا تدل على ان القرآن محدث لاحتمال أن يكون المراد فبأى حديث بعد القديم يؤمنون ولو سلم فانما يدل على حدوث الألفاظ الدالة على المعاني ولا خلاف فيه وانما الخلاف فى قدم المعنى القائم بذاته تعالى روى ان المرسلات نزلت فى غار قرب مسجد الخيف بمنى يسمى غار والمرسلات. يقول الفقير قدزرته وقرأت فيه السورة المذكورة وفى الصخرة العالية من الغار داخله اثر رأس النبي عليه السلام يتبرك به الآن والحمد لله على افضاله وكثرة نواله وزيارة حرمه وحرم مصطفاء مظهر نور جماله وكماله تمت سورة المرسلات بعون خالق البريات فى عصر يوم عاشوراء المحرم من سنة سبع عشرة ومائة والف

تفسير سورة النبأ

الجزء الثلاثون من اجزاء الثلاثين تفسير سورة النبأ أربعون او احدى وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم عَمَّ أصله عن ما أدغمت النون فى الميم لاشتراكهما فى الغنة فصار عما ثم حذفت الالف كما فى لم وبم وفيم والى م وعلى م فانها فى الأصل لما وبما وفيما والى ما وعلى ما اما فرقا بين الاستفهامية وغيرها او قصدا للخفة لكثرة استعمالها وقد جاءت فى العشر غير محذوفة كما ذكره ابو البقاء وما فيها من الإبهام للايذان بفخامة شأن المسئول عنه وهو له وخروجه عن حدود الأجناس المعهودة كأنه خفى جنسه فيسأل عنه فالاستفهام ليس على حقيقته بل لمجرد التفخيم فان المسئول عنه ليس بمجهول بالنسبة الى الله تعالى إذ لا يخفى عليه خافية والمعنى عن اى شىء عظيم يَتَساءَلُونَ اى اهل مكة وكانوا يتساءلون عن البعث والحشر الجسماني ويتحدثون فيما بينهم ويخوضون فيه إنكارا واستهزاء لكن لا على طريقة التساؤل عن حقيقته ومسماه بل عن وقوعه الذي هو حال من أحواله ووصف من أوصافه فان ماوان وضعت لطلب حقائق الأشياء ومسميات أسمائها كما فى قولك ما الملك وما الروح لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال عالم او طبيب عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ النبأ الخبر الذي له شأن وخطر وهو جواب وبيان لشأن المسئول عنه كأنه قيل عن اى شىء ينساءلون هل أخبركم به ثم قيل بطريق الجواب عن النبأ العظيم الخارج عن دائرة علوم الخلق يتساءلون على منهاج قوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار والفائدة فى أن يذكر السؤال ثم أن يذكر الجواب معه ان هذا الأسلوب اقرب الى التفهيم والإيضاح فعن متعلقة بما يدل عليه المذكور من مضمر حقه أن يقدر بعدها مسارعة الى البيان ومراعاة لترتيب السؤال فان الجار فيه مقدم على متعلقه وقيل عن النبأ العظيم استفهام آخر بمعنى أعن النبأ العظيم أم عن غيره الا انه حذف منه حرف الاستفهام لدلالة المذكور عليه ونظيره قوله تعالى أفإن مت فهم الخالدون اى أفهم الخالدون الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وصف للنبأ بعد وصفه بالعظيم تأكيدا لخطره اثر تأكيد واشعارا بمدار التساؤل عنه وفيه متعلق بمختلفون قدم عليه اهتماما به ورعاية للفواصل وجعل الصلة جملة اسمية للدلالة على الثبات اى هم راسخون فى الاختلاف فيه فمن جازم باستحالته يقول ان هى الا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا الا الدهر وما نحن بمبعوثين ومن مقر بزعم ان آلهته تشفع له كما قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله ومن شاك يقول ما ندرى ما الساعة أن نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين وفيه اشارة الى القيامة الكبرى وهى البقاء بعد الفناء او بعث القلب

[سورة النبإ (78) : الآيات 4 إلى 9]

بعد موت النفس فالروح وقواه تقربها والنفس وصفاتها تنكرها لانها جاهلة فضلا عن كونها ذائقة ومن لم يذق لم يعرف (قال الكمال الخجندي) زاهد تعجب كر كند از عشق تو پرهيز ... كين لذت اين باده چهـ داند كه نخوردست فطوبى للذائقين ويا حسرة للمحرومين كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ردع كما يستفاد من كلا ووعيد كما يستفاد من سيعلمون اى ليس امر البعث مما ينكر او يشك فيه بحيث يتساءل عنه سيعلمون ان ما يتساءلون عنه حق لا دافع له واقع لا ريب فيه مقطوع لا شك فيه ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ تكرير للردع والوعيد للمبالغة فى التأكيد والتشديد وثم للدلالة على ان الوعيد الثاني ابلغ وأشد يعنى ان ثم موضوعة للتراخى الزمانى وقد تستعمل مجازا فى التراخي الرتبى اى لتباعد ما بين المعطوفين فى الشدة والفظاعة وذلك لتشبيه التباعد الرتبى بالتراخي الزمانى فى الاشتمال على مطلق التباعد بين الامرين والمعنى المجازى هو المراد هنا لان المقام مقام التشديد والتهديد وذلك انما يكون آكد بالحمل عليه وبعضهم حملها على معناها الحقيقي فقال سيعلمون حقيته عند النزع ثم فى يوم القيامة ولا شك ان القيامة متراخية بحسب الزمان عن وقت النزع او سيعلمون حقية البعث حين ان يبعثوا من قبورهم ثم حقية الجزاء بحسب العمل هذا وقد حمل اختلافهم فيه على مخالفتهم للنبى عليه السلام بأن يعتبر فى الاختلاف محض صدور الفعل عن المتعدد لا على مخالفة بعضهم لبعض من الجانبين لان الكل وان استحق الردع والوعيد لكن استحقاق كل جانب لهما ليس لمخالفته للجانب الآخر إذ لا حقية فى شىء منهما حتى يستحق من يخالفه المؤاخذة بل لمخالفته له عليه السلام فكلا ردع لهم عن التساؤل والاختلاف بالمعنيين المذكورين وسيعلمون وعيد لهم بطريق الاستئناف وتعليل للردع والسين للتقريب والتأكيد وليس مفعوله ما ينبئ عنه المقام من وقوع ما يتساه لون عنه ووقوع ما يختلفون فيه بل هو عبارة عما يلاقونه من فنون الدواهي والعقوبات والتعبير عن لقائها بالعلم لوقوعه فى معرض التساؤل والاختلاف والمعنى ليرتدهوا عما هم عليه فانهم سيعلمون عما قليل حقيقة الحال إذا حل بهم العذاب والنكال أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً إلخ استئناف مسوق لتحقيق النبأ والمتساءل عنه بتعداد بعض الشواهد الناطقة بحقيته اثر ما نبه عليها بما ذكر من الردع والوعيد ومن هنا اتضح ان المتساءل عنه هو البعث لا القرآن او نبوة النبي عليه السلام كما قيل والهمزة للتقرير والمهاد البساط والفراش وفى بعض الآيات جعل لكم الأرض فراشا قال ابن الشيخ المهاد مصدر ماهدت بمعنى مهدت كسافرت بمعنى سفرت اطلق على الأرض الممهودة اى ألم نجعل الأرض بساطا ممهودا تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه وبالفارسية آيا نساخته ايم زمين را فراشى كسترده تا قراركاه شما بود وجاى تقلب. ومهادا مفعول ثان لجعل ان كان الجعل بمعنى التصيير وحال مقدرة ان كان بمعنى الخلق وجوز ان يكون جمع مهد ككعاب وكعب وجمعه لاختلاف أماكن الأرض من القرى والبلاد وغيرها او للتصرف فيها بأن جعل بعضها مزارع وبعضها مساكن الى غير ذلك وقرئ مهدا على تشبيهها بمهد الصبى وهو ما يمهدله فينوم عليه تسمية للممهود بالمصدر وَالْجِبالَ أَوْتاداً

[سورة النبإ (78) : الآيات 8 إلى 9]

المراد بجعلها أوتادا لها ارساؤها بها لتسكن ولا تميد بأهلها إذ كانت تميد على الماء كما يرسى البيت بالأوتاد فهو من باب التشبيه البليغ جمع وتد وهو ما يوتد ويحكم به المتزلزل المتحرك من اللوح وغيره بالفارسية ميخ. فان قيل أليست ارادة الله وقدرته كافيتين فى التثبيت أجيب بانه نعم الا انه مسبب الأسباب وذلك من كمال القدرة قال بعضهم الأوتاد على الحقيقة سادات الأولياء وخواص الأصفياء فانهم جبال ثابتة وبهم تثبت ارض الوجود وسئل أبو سعيد الخراز قدس سره عن الأوتاد والابدال أبهم أفضل فقال الأوتاد قيل كيف فقال لان الابدال يتقلبون من حال الى حال ويبدل بهم من مقام الى مقام والأوتاد بلغ بهم النهاية وثبت اركانهم فهم الذين بهم قوام الخلق قال ابن عطاء الأوتاد هم اهل الاستقامة والصدق لا تغيرهم الأحوال وهم فى مقام التمكين انتهى والأوتاد أربعة واحد يحفظ الشرق يقال له عبد الحي وواحد يحفظ الغرب يقال له عبد العليم وواحد يحفظ الشمال يقال له عبد المريد وواحد يحفظ الجنوب يقال له عبد القادر والابدال سبعة يحفظون أقاليم الكرة علوا وسفلا. وجه تسميه آنست كه چون يكى از ايشان مرد يكى از چهل تن يعنى نجبا بدل او شد وتتميم چهل تن بيكى از سيصد تن است يعنى نقبا وتكميل سيصد تن بيكى از صلحاء وابدال مقيم نشوند بيكجا مكر خسته باشند ومعالجه كنند وبخورند وبپوشند ونكاح كنند پيش از آنكه ابدال شوند وقطب الابدال نظير كوكب سهيل كما ان قطب الإرشاد نظير الجدى وقطب ابدال در زمان نبى عليه السلام عصام الدين قزنى بود عم اويس و چون او متوفى شد ابن عطا احمد بود از دهى كه ميان مكه ويمن است وبلال الحبشي رضى الله عنه در زمان نبى عليه السلام از بدلاى سبعه بودى. وكان الشافعي رضى الله عنه من الأوتاد الاربعة وَخَلَقْناكُمْ عطف على المضارع المنفي بلم داخل فى حكمه فانه فى قوة انا جعلنا او على ما يقتضيه الإنكار التقريرى فانه فى قوة ان يقال قد جعلنا أَزْواجاً اى حال كونكم أصنافا ذكرا وأنثى ليسكن كل من الصنفين الى الآخر وينتظم امر المعاشرة والمعاش ويتسنى التناسل والزوج يقال لكل واحد من القرينين المزدوجين حيوانا او غيره كالخف والنعل ولا يقال للاثنين زوج بل زوجان ولذا كان الصواب ان يقال قرضته بالمقراضين وقصصته بالمقصين لانهما اثنان لا بالمقراض وبالمقص كذا قال الحريري فى درة الغواص وقال صاحب القاموس يقال للاثنين هما زوجان وهما زوج انتهى ولعله من قبيل الاكتفاء بأحد الشقين عن الآخر وزوجة للمرأة لغة رديئة لقوله تعالى يا آدم اسكن أنت وزجك الجنة ويقال لكل ما يقترن بآخر مماثلا له او مضادا زوج ولذا قال بعضهم فى الآية وخلقناكم حال كونكم معروضين لاوصاف متقابلة كل واحد منها مزدوج بما يقابله كالفقر والغنى والصحة والمرض والعلم والجهل والقوة والضعف والذكورة والأنوثة والطول والقصر الى غير ذلك وبه يصح الابتلاء فان الفاضل يشتغل بالشكر والمفضول بالصبر ويعرف قدر النعمة عند الترقي من الصبر الى الشكر وكل ذلك دليل على كمال القدرة ونهاية الحكمة وَجَعَلْنا صيرنا نَوْمَكُمْ وهو استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه ولذا قل فى اهل الرياضة لقلة

[سورة النبإ (78) : الآيات 10 إلى 14]

الرطوبة سُباتاً موتا اى كالموت والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لانه مقطوع عن الحركة ومنه سمى يوم السبت لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة ايام فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك وايضا هو يوم ينقطع فيه بنو إسرائيل عن العمل والنوم أحد التوفيين كما قال تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت فى منامها اى ويتوفى التي لم تمت فى منامها وذلك لما بينهما من المشاركة التامة فى انقطاع احكام الحياة فالتنوين للنوعية اى وجعلنا نومكم نوعا من الموت وهو الموت الذي ينقطع ولا يدوم إذ لا ينقطع ضوء الروح الا عن ظاهر البدن وبهذا الاعتبار قيل له أخو الموت والنوم بمقدار الحاجة نعمة جليلة وقيل سباتا اى قطعا عن الاحساس والحركة لاراحة القوى الحيوانية وازاحة كلالها والاول هو اللائق بالمقام كما ستعرفه وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ الذي يقع فيه النوم لِباساً يقال لبس الثوب استتر به وجعل اللباس لكل ما يغطى الإنسان عن قبيح فجعل الزوج لزوجها لباسا من حيث انها تمنعه وتصده عن تعاطى قبيح وكذا البعل وايضا من حيث الاشتمال قال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن وجعل التقوى لباسا على طريق التمثيل والتشبيه وكذا جعل الخوف والجوع لباسا على التمثيل والتشبيه تصويرا له وذلك بحسب ما يقولون تدرع فلان الفقر ولبس الجوع والمعنى لباسا يستركم بظلامه كما يستركم اللباس ولعل المراد به ما يستتر به عند النوم من اللحاف ونحوه فان شبه الليل به أكمل واعتباره فى تحقيق المقصد أدخل صاحب فتوحات آورده شب لباس اصحاب ليل است كه ايشانرا از نظر اغيار بپوشاند تا در خلوت خود لذت مكالمه يا محاضره يا مشاهده هر يك فراخور استعداد خود برخوردارى يابند حضرت شيخ الإسلام قدس شره فرموده كه شب پرده روندكان را هست روز بازار بيداران سحركاه الليل للعاشقين ستر ... يا ليت أوقاته تدوم چون در دل شب خيال او يار منست ... من بنده شب كه روز بازار منست فهو تعالى جعل الليل محلا للنوم الذي جعل موتا كما جعل النهار محلا لليقظة المعبر عنها بالحياة فى قوله تعالى وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً اى وقت عيش اى حياة تبعثون فيه من نومكم الذي هو أخو الموت كما فى قوله تعالى وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ولم يقل وجعل يقظتكم حياة لتتم المطابقة بينه وبين قوله وجعلنا نومكم سباتا بل عبر عن اليقظة بالنهار لكونه مستلزما لها غالبا ولمراعاة مطابقة وجعلنا الليل ومنه يعلم ان قوله وجعلنا الليل ليس مستطردا فى البين لذكر النوم فى القرينة الاولى فمعاش مصدر من عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشة وعيشة وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف ولذا قدروا لفظ الوقت ويحتمل ان يكون اسم زمان على صيغة مفعل فلا حاجة حينئذ الى تقدير المضاف وتفسيره بوقت معاش إبراز لمعنى صيغة اسم الزمان وتفصيل لمفهومها وفى التأويلات النجمية ألم نجعل ارض البشرية مهد استراحتكم وانتشاركم فى انواع المنافع البشرية وجبال نفوسكم القاسية قوائم ارض البشرية وخلقناكم أزواجا زوج الروح وزوج النفس او ذكر القلب وأنثى النفس

[سورة النبإ (78) : الآيات 12 إلى 13]

وجعلنا نومكم غفلتكم راحة واستراحة باستيفاء اللذات واستقصاء الشهوات وجعلنا ليل طبعتكم ستر النهار روحانيتكم وجعلنا نهار روحانيتكم معاشا تعيشون فيه بالطاعات والعبادات وهذه صورة البعث وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ وبنا كرده ايم بر سر شما را سَبْعاً شِداداً جمع شديد أي سبع سموات قوية الخلق محكمة البناء لا يؤثر فيها مر الدهور وكر العصور وقال أبو الليث غلاظا غلظ كل سماء مسيرة خمسائة عام والتعبيرى عن خلقها بالبناء مبنى على تنزيلها منزلة القباب المضروبة على الخلق وفيه اشارة الى طبقات القلب السبع الاولى طبقة الصدور وهى معدن جوهر الإسلام والثانية طبقة القلب وهى محل جوهر الايمان والثالثة الشغاف وهى معدن العشق والمحبة والشفقة والرابعة الفؤاد وهو معدن المكاشفة والمشاهدة والرؤية والخامسة حبة القلب وهى مخصوصة نمحبة الله تعالى لا تعلق لها بمحبة الكونين وعشق العالمين والسادسة السويداء وهى معدن العلم اللدني وميت الحكمة والسابعة بيت العزة وهى قلب الأكملين وفى هذا البيت اسرار الهية لا تخرج من الباطن الى الظاهر أصلا ولا يظهر منها اثر قطعا وَجَعَلْنا انشأنا وأمدعنا سِراجاً هو الشمس والتعبير عنها بالسراج من روادف التعبير عن خلق السموات بالبناء قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل شىء مضيئ ويقال للسراج مصباح وَهَّاجاً وقادا متلألئا من وهجت النار إذا أضاءت او بالغا فى الحرارة من الوهج وهو الحر وهو ما قال بعض المفسرين سراجا وهاجا اى مضيئا جامعا بين النور والحرارة يعنى چراغى افروخته وتابان. يقال ان الشمس والقمر خلقا فى بدء أمرهما من نور العرش ويرجعان فى القيامة الى نور العرش وذلك فيما روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال الا أحدثكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما قال قلنا بلى يرحمك الله فقال ان رسول الله عليه السلام سئل عن ذلك فقال ان الله تعالى لما ابرز خلقه احكاما ولم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور عرشه فاما ما كان فى سابق علمه ان يدعها شمسا فانه خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها وما كان فى سابق علمه ان يطمسها ويحولها قمرا فانه خلقها دون الشمس فى العظم ولكن انما يرى صغرهما لشدة ارتفاعهما فى السماء وبعدهما من الأرض فلو ترك الله الشمس والقمر كما كان خلقهما فى بدء أمرهما لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولا يدرى الأجير متى يعمل ومتى يأخذ اجره ولا يدرى الصائم متى يصوم ومتى يفطر ولا تدرى المرأة متى تعتدو لا يدرى المسلمون متى وقت صلاتهم ومتى وقت حجهم فكان الرب تعالى انظر لعباده وارحم بهم فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر فطمس منه الضوء وبقي فيه النور فذلك قوله تعالى وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة فالسواد الذي ترونه فى القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو قال فاذا قامت القيامة وقضى الله بين الناس وميز بين اهل الجنة والنار ولم يدخلوهما بعد يدعو الرب تعالى بالشمس والقمر ويجاء بهما أسودين مكورين قد وقفا فى زلازل وبلابل ترعد فرآئصهما من هول ذلك اليوم ومخافة الرحمن فاذا كانا

[سورة النبإ (78) : آية 14]

حيال العرش خر الله ساجدين فيقولان الهنا قد علمت طاعتنا لك ودأبنا فى عبادتك وسرعتنا للمضى فى أمرك ايام الدنيا فلا تعذبنا بعبادة المشركين إيانا فقد علمت انا لم ندعهم الى عبادتنا ولم نذهل عن عبادتك فيقول الرب صدقتما انى قد قضيت على نفسى ان أبدئ وأعيد وانى معيد كما الى ما ابدأتكما منه فارجعا الى ما خلقتكما منه فيقولان ربنا مم خلقتنا فيقول خلقتكما من نور عرشى فارجعا اليه قال فتلمع من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الابصار نورا فيختلطان بنور العرش فذلك قوله تعالى يبدئ ويعيد كذا فى كشف الاسرار وقال الشيخ رضى الله عنه فى الفتح المكي واما الكواكب كلها فهى فى جهنم مظلمة الاجرام عظيمه الخلق وكذلك الشمس والقمر والطلوع والغروب لهما فى جهنم دائما انتهى. يقول الفقير لعل التوفيق بين هذا وبين الخبر السابق ان كلا من الشمس والقمر حامل لشيئين النورية والحرارة فما كان فيهما من قبيل النور فيتصل بالعرش من غير جرم لان الجرم لا يخلو من الغلظة والظلمة والكثافة وما كان من قبيل النار والحرارة فيتصل بالنار مع جرمهما فكل منهما يرجع الى أصله فان قلت كان الظاهر ان يتصل نورهما بنور النبي عليه السلام لانهما مخلوقان من نوره قلت ان العرش والكرسي خلقا من نوره وخلق القمران من نور العرش فهما فى الحقيقة مخلوقان من نور النبي عليه السلام ومتصل نورهما بنوره والكل نوره والحمد لله تعالى شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجه پيغمبران وَأَنْزَلْنا النون للعظمة وللاشارة الى جمعية الذات والأسماء والصفات مِنَ الْمُعْصِراتِ هى السحائب إذا أعصرت اى شارفت ان تعصرها الرياح فتمطر ولم تعصرها بعد فالانزال من المستعد لا من الواقع والا يلزم تحصيل الحاصل وهمزة اعصر للحينونة والمعصرات اسم فاعل يقال احصد الزرع إذا حان له ان يحصد وأعصرت الجارية اى حان لها ان تعصر الطبيعة رحمها فتحيض وفى المفردات المعصر المرأة التي حاضت ودخلت فى عصر شبابها انتهى ولو لم تكن للحينونة لكان ينبغى ان يقرأ المعصرات بفتح الصاد على انه اسم مفعول لان الرياح تعصرها ويجوز أن يكون المراد من المعصرات الرياح التي حان لها ان تعصر الحساب فتمطر فهى ايضا اسم فاعل والهمزة للحينونة كذلك فان قيل لم لم تجعل الهمزة للتعدية قلنا لان الرياح عاصرة لا معصرة ماءً ثَجَّاجاً اى منصبا بكثرة والمراد تتابع القطر حتى يكثر الماء فيعظم النفع به يقال ثج الماء اى سال بكثرة وانصب وثجه غيره اى اساله وصبه فهو لازم ومتعد ومن الثاني قوله عليه السلام أفضل الحج العج والثج اى رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى وفسره الزجاج بالصباب كأنه يثج نفسه مبالغة فيكون متعديا ولا منافاة بين هذا وبين قوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء فان ابتداء المطر ان كان من السماء يكون الانزال منها الى السحاب ومنه الى الأرض والا فانزاله منها باعتبار تكونه بأسباب سماوية من جملتها حرارة الشمس فانها تثير وتصعد الاجزاء المائية من اعماق الأرض الرطبة او من البحار والأنهار الى جو الهولء فتنعقد سحابا فتمطر فالانزال من المعصرات حقيتة

[سورة النبإ (78) : الآيات 15 إلى 19]

ومن السماء مجاز باعتبار السببية والله مسبب الأسباب لِنُخْرِجَ بِهِ اى بذلك الماء اى بسبب وصوله الى الأرض واختلاطه بها وبما فيها وهذه اللام لام المصلحة لا لام الغرض كما تقول المعتزلة حَبًّا كثيرا يقتات به اى يكون قوتا للانسان وهو ما يقوم به بدنه كالحنظه والشعير ونحوهما وفى عين المعاني الحب اسم جنس يعنى به الجمع قال الراغب الحب والحبة يعنى بالفتح يقال فى الحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات والحب والحبة يعنى بالكسر يقال فى بزور الرياحين وحبة القلب تشبيها بالحبة فى الهيئة وَنَباتاً كثيرا يعتلف به اى يكون علفا للحيوان كالتبن والحشيش كما قال تعالى كلوا وارعوا انعامكم وتقديم الحب مع تأخره عن النبات فى الإخراج لاصالته وشرفه لان غالبه غذآء الناس ويقال لنخرج به لؤلؤا وعشبا قال عكرمة ما انزل الله قطرة الا أنبت بها عشبة فى الأرض او لؤلؤة فى البحر انتهى وهو مخالف للمشهور من ان اللؤلؤ لا يتكون من كل مطر بل من المطر النازل فى نيسان الا ان يعمم اللؤلؤ الى الدر وغيره وَجَنَّاتٍ ليتفكه بها الإنسان والجنة فى الأصل هى السترة من مصدر جنه إذا ستره تطلق على النخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف أغصانه وعلى الأرض ذات الشجر قال الفراء الجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم والمراد هنا هو الأشجار لا الأرض أَلْفافاً اى ملتفة تداخل بعضها فى بعض وهذا من محسنات الجنان كما ترى فى بساتين الدنيا وبالفارسية درهم پيچيده يعنى بسيار وبيكديكر نزديك. قالوا لا واحد له كالاوزاع والاخياف الأوزاع بمعنى الجماعات المتفرقة كالاخياف فانه ايضا بمعنى الجماعات المتفرقة المختلطة ومنه الاخياف للاخوة من آباء شتى وأمهم واحدة او الواحد لف ككن وأكنان او لفيف كشريف واشراف وهو جمع لف جمع لفاء كخضر وخضرآء فيكون ألفافا جمع الجمع او جمع ملتفة بحذف الزوائد قال ابن الشيخ قدم ذا الحب لانه هو الأصل فى الغذاء وثنى بالنبات لاحتياج سائر الحيوانات اليه وأخرت الجنات لانعدام الحاجة الضرورية الى الفواكه. واعلم ان فيما ذكر من أفعاله تعالى دلالة على صحة البعث وحقيته من وجوه ثلاثة الاول باعتبار قدرته تعالى فان من قدر على إنشاء هذه الافعال البديعة من غير مثال يحتذيه وقانون ينتحيه كان على الاعادة اقدر وأقوى والثاني باعتبار علمه وحكمته فان من أبدع هذه المصنوعات على نمط رائق مستتبع لغايات جليلة ومنافع جميلة عائدة الى الخلق يستحيل ان يفنيها بالكلية ولا يجعل لها عاقبة باقية والثالث باعتبار نفس الفعل فان اليقظة بعد لنوم أنموذج للبعث بعد الموت يشاهدونها كل يوم وكذا إخراج الحب والنبات من الأرض الميتة يعاينونه كل حين كأنه قيل ألم تفعل هذه الافعال الآفاقية والانفسية الدالة بفنون الدلالات على حقية البعث الموجبة للايمان به فما لكم تخوضون فيه إنكارا ونتساءلون عنه استهزاء وفى التأويلات النجمية وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا اى من سموات الأرواح بتحريك نفحات الألطاف مياه العلوم الذاتية والحكم الربانية صبا صبا لتخرج به حبا ونباتا اى أنزلنا من سبحائب سموات أرواحكم على ارض قلوبكم ماء العلوم والحكم لتخرج به حب المحبة الذاتية ونبات الشوق والاشتياق والود والانزعاج والعشق وأمثالها وجنات

[سورة النبإ (78) : الآيات 17 إلى 18]

ألفافا جنة المحبة وجنة المودة وجنة العشق ملتف بعضها ببعض إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ اى فصل الله بين الخلائق وبين السعداء والأشقياء باعتبار تفاوت الهيئات والصور والأخلاق والأعمال وتناسبها كانَ فى علمه وتقديره الأزلي والا فثبوت الميقاتية ليوم الفصل غير مقيد بالزمان الماضي لانه امر مقرر قبل حدوث الزمان ايضا مِيقاتاً وميعاد البعث الأولين والآخرين وما يترتب عليه من الجزاء ثوابا وعقابا لا يكاد يتخطاء بالتقدم والتأخر فالمبقات وهو الوقت الموقت اى المعين أخص من مطلق الوقت فهو هنا زمان مقيد بكونه وقت ظهور ما وعد الله من البعث والجزاء يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بدل من يوم الفصل او عطف بيان له مفيد لزيادة تفخيمه وتهويله ولا ضير فى تأخر الفصل عن النفخ فانه زمان ممتد يقع فى مبدئه النفخة وفى بقيته الفصل ومباديه وآثاره والنفخ نفخ الربح فى الشيء ومنه نفخ الروح فى النشأة الاولى كما قال ونفخت فيه من روحى ويقال انتفخ بطنه ومنه استعير انتفخ النهار إذا ارتفع ورجل منفوخ اى سمين والصور القرن النورانى والنافخ فيه اسرافيل عليه السلام والمعنى يوم ينفخ فى الصور نفخة ثانية للبعث حتى تتصل الأرواح بالأجساد وترجع بها الى الحياة فَتَأْتُونَ خطاب عام والفاء فصيحة تفصح عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الإتيان كما فى قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق اى فتبعثون من قبوركم فتأتون الى الموقف عقيب ذلك من غير لبث أصلا أَفْواجاً جمع فوج وهو جماعة من الناس فى المفردات الجماعة المارة المسرعة اى حال كونكم امما كل امة مع امامها كما فى قوله تعالى يوم ندعو كل أناس بإمامهم او زمرا وجماعات مختلفة الأحوال متباينة الأوضاع حسب اختلاف أعمالهم وتباينها عن معاذ رضى الله عنه انه سأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام يا معاذ سألت عن امر عظيم من الأمور ثم أرسل عينيه وقال تحشر عشرة اصناف من أمتي بعضهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها يعنى نگونساران كه ايشانرا بروى بدوزخ ميكشند. وبعضهم عمى وبعضهم صم بكم وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهى مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم اهل الجمع وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وبعضهم مصلبون على جذوع من نار يعنى بردارهاى آتشين آويخته. وبعضهم اشدنتنا من الجيف وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم فاما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس وهو بالضم جمع قات بالتشديد بمعنى النمّام يعنى سخن چين (حكى) ان رجلا باع عبدا وقال للمشترى ما فيه عيب الا النميمة فقال رضيت فاشتراه فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه ان زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك فخذى الموسى واحلقى من قفاه حين ينام شعرات حتى اسحر عليه فيحبك ثم قال للزوج ان امرأتك أخذت خليلا وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتى تعرف فتناوم فجاءت المرأة بالموسى فظن انها تقتله فقام فقتلها فجاء اهل المرأة فقتلوا الزوج فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر واما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت اى الحرام لانه يسحت الدين والمروءة اى يستأصل واما المنكسون

[سورة النبإ (78) : آية 19]

على وجوههم فأكلة الربا والتنكيس تعكيس هيئة القيام على الرجل بأن يجعل الرجل أعلى والرأس أسفل وبالفارسية نگونسار كردن. واما العمى فالذين يجورون فى الحكم واما البكم فالمعجبون بأعمالهم واما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم واما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون جيرانهم واما المصلبون على جذوع من النار فالسعاة بين الناس الى السلطان يعنى غمازان وسعايت كنندكان بسلاطين وملوك. واما الذين هم اشدنتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ويمنعون حق الله فى أموالهم واما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء جمع جبة وهو ثوب معروف وفى الحديث نشر على ترتيب اللف وبيان المناسبة بين معاصيهم وبين الصور التي يحشرون عليها يطلب من علم التعبير ثم انه فصل هيئات اهل المعاصي مع الأسباب المؤدية إليها لانه أهم إذ التخلية قبل التحلية واكتفى بالاشارة الاجمالية الى هيئات الصالحين بقوله من أمتي بمن التبعيضية والحاصل انه كما ان الأشقياء يحشرون على صور أعمالهم القبيحة كذلك السعداء يحشرون على صور أعمالهم الحسنة حتى يكون وجوه بعضهم كالقمر ليلة البدر او كالشمس على ما جاء فى صحيح الروايات وقال بعضهم المراد امة الدعوة فتعم اصناف الكفرة والمؤمنين لا امة الاجابة والا فالخوف على المؤمنين ايضا فى نهاية المرتبة. يقول الفقير الظاهر الثاني وهو ان المراد من الامة الأشقياء من اهل الاجابة دل عليه إرساله عليه السلام عينيه حين البيان وكذا بيان اصناف الأعمال من غير إدخال الكفر فيها إذ صور الكفرة أقبح مما ذكر فى الحديث على ما ذكر فى الاخبار الصحيحة ثم الحديث ذكره الثعلبي ونحوه فى التفاسير وقبله اهل الطرفين ولا عبرة بما ذهب اليه ابن حجر من انه ظاهر الوضع فانه من الجهل بحقيقة الأمر إذ يوم القيامة يوم ظهور الصفات كما دل عليه قوله تعالى يوم تبلى السرائر ولا شك ان لكل صفة صورة مناسبة لها حسنة او قبيحة ولم نكره أحد من العقلاء على انا وان سلمنا ان لفظ الحديث موضوع فمعناه صحيح مؤيد بالأخبار الصحيحة فيا أيها المؤمن لا تكن قاسى القلب كالحجر وكن ممن يتفجر من قلبه انهار الفيوض وينابيع الحكم واجتهد أن لا تكون ممن قيل فيه حفظت شيأ وغايت عنك أشياء فمن عباد الله المخلصين من يأخذ من الله بلا واسط الكتاب واسناده فانه مرتبة باقية الى يوم القيامة قل من وضع قدمه عليها فلذا كثر الإنكار وأكب الناس على الرسوم والظواهر من غير اطلاع على الحقائق والبواطن نسأل الله تعالى أن يجعلنا من اهل معرفته وَفُتِحَتِ السَّماءُ عطف على ينفخ بمعنى تفتح وصيغة الماضي للدلالة على التحقق اى شقت وصدعت من هيبة الله بعد أن كانت لا فطور فيها وبالفارسية وشكافته شود آسمان در ان روز فَكانَتْ پس باشد از بسيارى شكاف أَبْواباً ذات أبواب كثيرة لنزول الملائكة نزولا غير معتاد وهو المراد بقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام وهو الغمام الذي ذكر فى قوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله اى امره وبأسه فى ظلل من الغمام والملائكة وقيل المراد من الفتح الكشف بإزالتها من مكانها كما قال تعالى وإذا السماء كشطت ومن الأبواب الطرق والمسالك اى تكشط فصير مكانها طرقا

[سورة النبإ (78) : الآيات 20 إلى 25]

لا يسد هاشئ وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ المسير هو الله تعالى كما قال ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة اى وسيرت الجبال فى الجو بتسيير الله وتسخيره على هيئاتها بعد قلعها عن مقرها وبالفارسية ورانده شود كوهها در هوا. وذلك عند حشر الخلائق بعد النفخة الثانية ليشاهدوها ثم يفرقها فى الهولء وذلك قوله تعالى فَكانَتْ سَراباً السراب ما تراه نصف النهار كأنه ماء قال الراغب هو اللامع فى المفازة كالماء وذلك لانسرا به فى مرأى العين اى ذهابه وجريانه وكأن السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة اى فصارت بتسييرها مثل السراب اى شيأ كلا شىء لتفرق اجزائها وانبثات جواهرها كقوله تعالى وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا اى غبارا منتشرا وهى وان اندكت وانصدعت عند النفخة الاولى لكن تسييرها كالسحاب وتسوية الأرض انما يكونان بعد النفخة الثانية قيل أول احوال الجبال الاندكاك والانكسار كما قال تعالى وحملت الأرض والجبال فد كتادكة واحدة وحالتها الثانية أن تصير كالعهن المنفوش وحالتها الثالثة أن تصير كالهباء وذلك بأن تنقطع وتتبدد بعد أن كانت كالعهن كما قال فكانت هباء منبثا وحالتها الرابعة أن تنسف وتقلع من أصولها لانها مع الأحوال المتقدمة غارة فى مواضعها والأرض تحتها غير بارزة فتنسف عنها بإرسال الرياح عليها وهو المراد من قوله فقل ينسفها ربى نسفا وحالتها الخامسة ان الرياح ترفعها عن وجه الأرض فتطيرها فى الهولء كأنها غبار وهو المراد بقوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب اى تراها فى رأى العين ساكنة فى أماكنها والحال انها تمر مر السحاب التي تسيرها الرياح سيرا حثيثا وذلك ان الاجرام إذا تحركت نحوا من الانحاء لا تكاد تتبين حركتها وان كانت فى غاية السرعة لا سيما من بعيد والحالة السادسة أن تصير سرابا يقول الفقير فيه اشارة الى ازالة انانية النفوس وتعيناتها فانها عند القيامة الكبرى التي هى عبارة عن الفناء فى الله تصير سرابا حتى إذا جئتها لم تجدها شيأ ولكن العوام المحجوبون إذا رأوا اهل الفناء يأكلون مما يأكلون منه ويشربون مما يشربون منه يظنون ان نفوسهم باقية لبقاء نفوسهم لكنهم يظنون بهم الظن السوء إذ بينهم وبينهم بون بعيد قطعا وفاروق عظيم جدا لانهم أزالت رياح العناية والتوفيق جبال نفوسهم عن مقار أرض البشرية وجعلها الله متلاشية وفتحت سماء أرواحهم فكانت أبوابا كباب السر والخفي والأخفى فدخلوا من هذه الأبواب الى مقام او أدنى فكانوا مع الحق حيث كان الحق معهم ثم نزلوا من هذه الأبواب العالية الحقيقية الناظرة الى عالم الولاية فدخلوا فى أبواب العقل والقلب والمتخيلة والمفكرة والحافظة والذاكرة فكانوا فى مقام قاب قوسين مع الخلق حيث كان الخلق معهم فلم يحتجبوا بالخلق عن الحق الذي وهو جانب الولاية ولا بالحق عن الخلق الذي هو جانب النبوة فكانوا فى الظاهر مصداق قوله تعالى يوحى الى فأين المحجوبون عن مقامهم وانى لهم ادراك شأنهم وحقيقة أمرهم إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً اى انها كانت فى حكم الله وقضائه موضع رصد يرصد فيه ويرقب خزنة النار الكفار ليعذبوهم فيها فالمرصاد اسم للمكان الذي ير صدفيه كالنهاج اسم للمكان الذي ينهج فيه اى بسلك قال الراغب المرصاد موضع الرصد

[سورة النبإ (78) : الآيات 22 إلى 25]

كالمرصد لكن يقال للمكان الذي اختص بالترصد والترقب وقوله ان جهنم كانت مرصادا تنبيه على ان عليها مجاز الناس انتهى كأنه عمم المرصاد حيث ان الصراط محبس للاعداء وممر للاوليا والاول اولى لان الترصد فى مثل ذلك المكان الهائل انما هو للتعذيب وهو للكفار والأشقياء لِلطَّاغِينَ متعلق بمضمر هو إما نعت لمرصادا اى كائنا للطاغين وقوله تعالى مَآباً بدل منه اى مرجعا يرجعون اليه لا محالة واما حال من مأبا قدمت عليه لكونه نكرة ولو تأخرت لكانت صفة له قالوا الطاغي من طغى فى دينه بالكفر وفى دنياه بالظلم وهو فى اللغة من جاوز الحد فى العصيان والمراد هنا المشركون لما دل عليه ما بعده من الآيات وعدانهم لا يتناهى لكون اعتقادهم باطلا وكذا إذا لم يعتقدوا شيأ أصلا وان كان الاعتقاد صحيحا كالمؤمن العاصي فعذابه متناه لابِثِينَ فِيها حال مقدرة من المستكن فى للطاغين اى مقدرين اللبث فيها واللبث أن يستقر فى المكان ولا يكاد ينفك عنه يقال لبث بالمكان أقام به ملازما له أَحْقاباً ظرف للثهم وهو جمع حقب وهو ثمانون سنة او اكثر والدهر والسنة أو السنون كما فى القاموس وأصل الحقب من الترادف والتتابع يقال أحقب إذا أردف ومنه الحقيبة وهى الرفادة فى مؤخر القتب وكل ما شد فى مؤخر رحل او قتب فقد احتقب والمحقب المردف وفى تاج المصادر الاحقاب در حقيبه نهادن. ومنه الحديث فأحقبها على ناقة اى أردفها على حقيبة الرحل والارداف از پى فرا شدن واز پى كسى در نشستن ودر نشاندن فمعنى أحقابا دهورا متتابعة كلما مضى حقب تبعة حقب آخر الى غير نهاية فان الحقب لا يكاد يستعمل الا لا يراد تتابع الازمنة وتواليها كما قال ابو الليث انما ذكر أحقابا لان ذلك كان ابعد شىء عندهم فذكر وتكلم بما يذهب اليه اوهامهم ويعرفونها وهو كناية عن التأبيد اى يمكثون فيها ابدا انتهى دل عليه ان عمر رضى الله عنه سأل رجلا من هجر عن الاحقاب فقال ثمانون سنة كل يوم منها الف سنة انتهى فانهم انما يريدون بمثله التأبيد وكذا ما قال مجاهد ان الاحقاب ثلاثة وأربعون حقبا كل حقب سبعون خريفا كل خريف سبعمائة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما واليوم ألف سنة من ايام الدنيا كما روى ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم وكذا لو أريد بالحقب الواحد سبعون ألف سنة اليوم منها ألف سنة كما روى عن الحبس البصري رحمه الله وقال الراغب والصحيح ان الحقبة مدة من الزمان مهمة اى لا ثمانون عاما وكذا قال فى لقاموس الحقبة بالكسر من الدهر مدة لا وقت لها انتهى والحاصل ان الاحقاب يدل على التناهى فهو وان كان جمع قلة لكنه بمنزلة جمع كثرة وهو الحقوب او بمنزلة الاحقاب المعرف بلام الاستغراق ولو كان فيه ما يدل على خروجهم منها فدلالته من قبيل المفهوم فلا يعارض المنطوق الدال على خلود الكفار كقوله تعالى يريدون ان يخرجوا من النار وما هم يخارجين منها ولهم عذاب مقيم لان المنطوق راجح على المفهوم فلا يعارضه وقال ابو حيان المدة منسوخة بقوله فلن نزيدكم الا عذابا انتهى وسيأتى وجوه اخر لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً جملة مبتدأة ومعنى لا يذوقون لا يحسون والا فأصل الذوق وجود الطعم و (قال الكاشفى) يعنى نمى نمايند الا أن يكون ذلك باعتبار الشراب والذوق فى التعارف وان كان للقليل فهو صالح للكثير

لوجود الذوق فى الكثير ايضا والمراد بالبرد ما يروحهم وينفس عنهم حر النار والا فهم يذوقون فى جهنم برد الزمهرير اى بردا ينتفعون به ويميلون اليه فتنكيره للنوعية قال قتادة كنى بالبرد عن الروح لما بالعرب من الحر حتى قالوا برد الله عيشك اى طيبه اعتبارا بما يجد الإنسان من اللذة فى الحر من البرد وقال الراغب اصل البرد خلاف الحرارة وبرد كذا إذا ثبت ثبوت البرد واختصاص الثبوت بالبرد كاختصاص الجركة بالحر وبرد الإنسان مات وبرده قتله ومنه السيوف لبوارد وذلك لما يعرض للميت من عدم الحرارة بفقدان الروح او لما عرض له من السكون وقولهم للنوم برد اما لما يعرض له من البرد فى ظاهر جلده لان النوم يبرد صاحبه ألا ترى ان العطشان إذا نام سكن عطشه او لما يعرض له من السكون وقد علم ان النوم من جنس الموت وقوله تعالى لا يذوقون فيها بردا اى نوما حتى يستريحوا وبالفارسية تا آسايش يابند وبرودت كسب كنند انتهى بزيادة والمراد بالشراب ما يسكن عطشهم والا بمعنى لكن والحميم الماء الحار الذي انتهى حره. وآن آبيست كه چون نزديك روى آرند كوشت روى در ان ريزد و چون بخورد امعا واحشا پاره پاره شود. والغساق ما يغسق اى يسيل من جلود اهل النار ويقطر من صديدهم وقيحهم اخبر الله تعالى عن الطاغين بأنهم لا يذوقون فى جهنم شيأ ما من برد وروح ينفس عنهم حر النار ولا من شراب يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا فالاستثناء منقطع وقال الزجاج لا يذوقون فيها برد ريح ولا برد ظل ولا برد نوم فجعل البرد برد كل شىء له راحة فيكون قوله ولا شرابا بمعنى ولا ماء باردا تخصيصا بعد التعميم لكماله فى الترويح فيكون مجموع البرد والشراب بمعنى المروح فيكون قوله الا حميما وغساقا مستثنى منقطعا من البرد والشراب وان فسر الغساق بالزمهرير فاستثناؤه من البرد فقط دون الشراب لان الزمهرير ليس بما يشرب كما ان استثناء حميما من الشراب والتأخير لتوافق رؤوس الآي ويؤيد الاول قوله عليه السلام لو أن دلوا من غساق يهراق فى الدنيا لانتن اهل الدنيا وان فسر بما يسيل من صديدهم فالاستثناء من الشراب وعن ابن مسعود رضى الله عنه الغساق لون من ألوان العذاب وهو البرد الشديد حتى ان اهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم فى النار ألف سنة لمارأوه أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوما واحدا وقال شهرين حوشب الغساق واد فى النار فيه ثلاثمائة وثلاثون شعبا فى كل شعب ثلاثمائة وثلاثون بيتا فى كل بيت اربع زوايا فى كل زاوية شجاع كأعظم ما خلق الله من الخلق فى رأس كل شجاع سم والشجاع الحية هذا وقد جوز بعضهم أن يكون لا يذوقون حالا من المنوي فى لابثين لا كلاما مستأنفا اى لابثين فيها أحقابا غير ذآئقين فيها شيأ سواهما ثم يبدلون بعد الاحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب فيكون حالا متداخلة ويكون قوله أحقابا ظرف لابثين المقيد بمضمون لا يذوقون وانتهاء هذا المقيد لا يستلزم انتهاء مطلق اللبث فهو توقيت للعذاب لا للمكث فى النار عن ابن مسعود رضى الله عنه لو علم اهل النار انهم يلبثون فى النار عدد حصى الدنيا لفرحوا ولو علم اهل الجنة انهم يلبثون فى الجنة عدد حضى الدنيا لحزنوا وايضا يجوز ان يكون أحقابا ظرفا منصوبا بلا يذوقون على قول من يرى تقديم معمول ما بعد لا عليها لا ظرفا

لقوله لابثين فحينئذ لا يكون فيه دلالة على تناهى اللبث والخروج حيث لم يكون أحقابا ظرف اللبث وايضا يجوز أن يكون أحقابا ليس بظرف أصلا بل هو حال من الضمير المستكن فى لابثين بمعنى حقين اى نكدين محرومين من الخير والبركة فى السكون والحركة على أن يكون جمع حقب بفتح الحاء وكسر القاف من حقب الرجل إذا حرم الرزق وحقب العام إذا قل خيره ومطره وقوله لا يذوقون فيها بردا تفسير لكدهم ولا يتوهم حينئذ تناهى مدة لبثهم فيها حتى يحتاج الى التوجيه هذا ما قالوه فى هذا المقام وروى عن عبد الله بن عمر وبن العاص رضى الله عنه انه قال سيأتى على جهنم يوم تصفق ابوابها اى يضرب بعضها بعضا وقد أسندت هذه الرواية الى ابن مسعود رضى الله عنه كما فى العرائس ويروى عنه انه قال ليأتين على جهنم زمان تخفق ابوابها ليس فيها أحد وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابا وفى العرائس ايضا وقال الشعبي جهنم اسرع الدارين عمر انا واسرعهما خرابا وفى الحديث الصحيح ينبت الجرجير فى قعر جهنم اى لانطفاء النار وارتفاع العذاب بمقتضى قوله سبقت رحمتى على غضبى كما فى شرح الفصوص لداود القيصري والجرجير بالكسر بقلة معروفة كما فى القاموس وقال المولى الجامى رحمه الله فى شرح الفصوص ايضا اعلم ان لاهل النار الخالدين فيها كما يظهر فى كلام الشيخ رضى الله عنه وتابعيه حالات ثلاثا الاولى انهم إذا دخلوها تسلط لعذاب على ظواهرهم وبواطنهم وملكهم الجزع والاضطراب فطلبوا أن يخفف عنهم العذاب او أن يقضى عليهم او أن يرجعوا الى الدنيا فلم يجابوا الى طلباتهم والثانية انهم إذا لم يجابوا الى طلباتهم وطنوا أنفسهم على العذاب فعند ذلك رفع الله العذاب عن بواطنهم وخبت نار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة والثالثة انهم بعد مضى الاحقاب ألفوا العذاب وتعودوا به ولم يتعذبوا بشدته بعد طول مدته ولم يتألموا به وان عظم الى أن آل أمرهم الى أن يتلذذوا به ويستعذبوه حتى لوهب عليهم نسيم من الجنة استكرهوه وتعذبوا به كالجعل وتأذيه برائحة الورد عافانا الله وجميع المسلمين من ذلك والجعل بضم الجيم وفتح العين دويبة تكون بالروث والجمع جعلان بالكسر وقال المولى رمضان والمولى صالح الدين فى شرح العقائد قال بعض الاسلاميين كل ما اخبر الله فى القرآن من خلود أهل الدارين حق لكن إذا ذبح كبش الموت بين الجنة والنار ونودى أهلهما بالخلود فيهما ايس اهل النار من الخلاص فاعتادوا بالعذاب فلم يتألموا به حتى آل أمرهم الى أن يتلذذوا به ولوهب عليهم نسيم الجنة استكرهوه وتعذبوا به كالجعل يستطيب الروث ويتألم من الورد فيصدق حينئذ قوله تعالى ان الله يغفر الذنوب جميعا على عمومه لارتفاع العذاب عنهم ويصدق ايضا قوله تعالى لا يخفف عنهم العذاب لان المراد العذاب المقدر لهم وقال بعض الاكامل فكما إذا استقرا هل دار الجمال فيها يظهر عليهم اثر الجمال ويتذوقون به دائما ابدا ويختفى جلال الجمال واثره بحيث يحسونه ولا يرونه ولا يتألمون به قطعا سرمدا فكذلك إذا استقر اهل دار الجلال فيها بعد مرور الاحقاب يظهر على بواطنهم اثر جمال الجلال ويتذوقون به أبدا ويختفى عنهم اثر نار الجلال بحيث

[سورة النبإ (78) : الآيات 26 إلى 29]

لا يحسونه ولا يرونه ولا يتألمون به سرمدا لكن ليس ذلك الا بعد انقطاع حراق النار بواطنهم وظواهرهم بمرور الاحقاب وكل منهم تحرقه النار ألف سنة من سنى الآخرة لشرك يوم واحد من ايام الدنيا والظاهر عليهم بعد مرور الاحقاب هو الحال الذي يدوم عليهم أبدا وهو الحال الذي كانوا عليه فى الأزل وما بينهما ابتلاءات رحمانية والابتلاء حادث قال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون عصمنا الله وإياكم من دار البوار انتهى فهذه كلمات القوم فى هذه الآية ولا حرج فى نقلها ونحن لا نشك فى خلود الكفار وعذابهم أبدا فان كان لهم العذاب عذابا بعد مرور الاحقاب فقد بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون كما ان المعتزلي يقطع فى الدنيا بوجوب العذاب لغير التائب ثم قد يبدو له فى الآخرة ما لم يكن يحتسبه من العفو وسئل الشيخ الامام مفتى الامام عز الدين ابن عبد السلام بعد موته فى منام رآه السائل ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى فقال هيهات وجدت الأمر بخلاف ما كنت أظن قالوا خلود اهل النار من الكفار لا معارض له فبقى على عمومه وخلود أهل الكبائر له معارض فيحمل على المكث الطويل فاهل الظاهر والباطن متفقون على خلود الكفار سوآء كانوا فرعون وهامان ونمرودا وغيرهم وانما اختلفوا فى ارتفاع العذاب عن ظواهرهم بعد مرور الاحقاب وكل تأول بمبلغ علمه والنص أحق ان يتبع قال حجة الإسلام الكفرة ثلاث فرق منهم من بلغه اسم تبينا عليه السلام وصفته ودعوته كالمجاورين فى دار الإسلام فهم الخالدون لا عذر لهم ومنهم من بلغه الاسم دون الصفة وسمع ان كذابا مسلما اسمه محمد ادعى النبوة ومنهم من لم يبلغه اسمه ولا رسمه وكل من هاتين الفرقتين معذور فى الكفر ونقل مثله عن الأشعري كذا فى شرح العقائد لمصلح الدين وقال المولى داود القيصري فى شرح الفصوص الوعيد هو العذاب الذي يتعلق بالاسم المنتقم وتظهر أحكامه فى خمس طوائف لا غير لان اهل النار اما مشرك أو كافر او منافق او عاص من المؤمنين وهو ينقسم الى الموحد العارف الغير العامل والمحجوب وعند تسلط سلطان المنتقم عليهم يتعذبون بنيران الجحيم وانواع العذاب غير مخلدة على اهله لانقطاعه بشفاعة الشافعين وآخر من يشفع وهو أرحم الراحمين جَزاءً وِفاقاً اى جوروا بذلك جزاء وفاقا لاعمالهم واخلاقهم كأنه نفس الوفاق مبالغة او ذا وفاق لها على حذف المضاف او وافقها وفاقا فيكون وفاقا مصدرا مؤكدا لفعله كجزآء والجملة صفة لجزآء وجه الموافقة بينهما انهم أتوا بمعصية عظيمة وهى الكفر فعوقبوا عقابا عظيما وهو التعذيب بالنار فكما انه لا ذنب أعظم من الشرك فكذا الاجزاء أقوى من التعذيب بالنار وجزاء سيئة سيئة مثلها فتوافقا وقيل كان وفاقا حيث لم يزد على قدر الاستحقاق ولم ينقص عنه قال سعدى المفتى اعلم ان الكفار لما كان من نيتهم الاستمرار على الكفر كما سيشير اليه قوله تعالى انهم كانوا لا يرجون حسابا إذ معناه انهم كانوا مستمرين على الكفر مع عدم توقع الحساب فوافقه عدم تناهى العذاب واللبث فيها أحقابا بعد احقاب ولما كانوا مبدلين التصديق الذي

[سورة النبإ (78) : الآيات 27 إلى 29]

يروح النفس ويثلج به الصدر بالتكذيب الذي هو ضده جوزوا بالحميم والغساق بدل ما يجعل للمؤمنين مما يروحهم من برد الجنة وشرابها وللمناسبة بين الماء والعلم يعبر الماء فى الرؤيا بالعلم وقال بعض اهل الحقائق ان جهنم الطبيعة الحيوانية يرصد فيها القوى البشرية وهى خزنة جهنم طبيعة ارباب النفوس الامارة والهوى المتبع للظالمين على نفوسهم بالاهوية والبدع والإباحة والزندقة والاتحاد والحلول والفضول مآبا لابثين فيها أحقابا الى وقت الانسلاخ عن حكم البشرية والتلبس بملابس الشريعة وخلع الطريقة والحقيقة لا يذوقون فيها برد اليقين برفع الحجاب عن وجه بشريتهم ولا شراب المحبة لانهما كهم فى محبة الدنيا بسبب جهنم الطبيعة الا حميما وغساقا يسيل من صديد طبيعتهم وقال القاشاني الا حميما من اثر الجهل المركب وغساقا من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسقة والميل إليها جزاء موافقا لما ارتكبوه من الأعمال وقدموه من العقائد والأخلاق وذلك العذاب لفساد العمل والعلم فلم يعلموا صالحا رجاء الجزاء ولم يعلموا علما صالحا فيصدقوا بالآيات إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً تعليل لاستحقاقهم الجزاء المذكور وبيان لفساد قوتهم العملية اى كانوا ينكرون الآخرة ولا يخافون ان يحاسبوا بأعمالهم فلذا كانوا يقدمون على جميع المنكرات ولا يرغبون فى شىء من الطاعات وفسر الرجاء بالخوف لان الحساب من أصعب الأمور على الإنسان والشيء الصعب لا يقال فيه انه يرجى بل يقال انه يخاف ويخشى وَكَذَّبُوا بيان لفساد قوتهم النظرية بِآياتِنا الناطقة بذلك وفى بعض التفاسير بآياتنا القولية والفعلية الظاهرة على ألسنة الرسل وأيديهم كِذَّاباً اى تكذيبا مفرطا ولذلك كانوا مصرين على الكفر وفنون المعاصي فعوقبوا بأهول العقاب جزاء وفاقا وفعال من باب فعل شائع فيما بين الفصحاء مطرد مثل كلم كلاما قال صاحب الكشاف وسمعنى بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله قال بعضهم وأبدل من أحد حرفى تضعيف بعض الأسماء ياء لئلا يلتبس بهذا المصدر المشدد مثل الدينار فان أصله الدنار ومثل السينات فى قول عمر بن عبد العزيز لكاتبه فى بسم الله طول الباء واظهر السينات ودور الميم فان أصله السنات جمع السن لاجمع السين لانه ليس فى البسملة الا سين واحدة ويجوز ان يقال عبر عن السن بالسين مبالغة كأنه قيل اجعل سنة كسينه فى الإظهار كما ذهب اليه الشريف وَكُلَّ شَيْءٍ اى وأحصينا كل شىء من الأشياء التي من جملتها أعمالهم فانتصابه بمضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ اى حفظناه وضبطناه وذلك اى انتصابه بالاضمار على شريطة التفسير هو الراجح لتقدم جملة فعله ولا يضره كون هذه الجملة معترضة كما سيجيئ او لان المقصود المهم هنا الاخبار عن الإحصاء لا الاخبار عن كل شىء كِتاباً مصدر مؤكد لاحصيناه من غير لفظه لما ان الإحصاء والكتابة من واد واحد أي يتشار كان فى معنى الضبط فكأنه قال وكل شىء أحصيناه إحصاء مساويا فى القوة والثبات بالعلم المقيد بالكتابة او كتبناه كتابا وأثبتناه اثباتا ويجوز ان يكون من الاحتباك حذف فعل الثاني بقرينة الاول ومصدر الاول بقرينة الثاني اى

[سورة النبإ (78) : الآيات 30 إلى 36]

أحصيناه أحصاه وكتبناه كتابا او هو اى كتابا حال بمعنى مكتوبا فى اللوح وفى صحف الحفظة والجملة اعتراض لتوكيد كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات بانهما محفوظان للمجازاة قال القاشاني وكل شىء من صور أعمالهم وهيئات عقائدهم ضبطناه ضبطا بالكتابة عليهم فى صحائف نفوسهم وصحائف النفوس السماوية فَذُوقُوا پس بچشيد عذاب دوزخ فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً فوق عذابكم والفاء فى فذوقوا جزائيه دالة على ان الأمر بالذوق مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات ومعلل به فيكون وكل شىء إلخ جملة معترضة بين السبب ومسببه تؤكد كل واحد من الطرفين لانه كما يدل على كون معاصيهم مضبوطة مكتوبة يدل على ان ما يتفرع عليها من العذاب كائن لا محالة مقدر على حسب استحقاقهم به وفى الالتفات المنبئ عن التشديد فى التهديد وإيراد لن المفيدة لكون ترك الزيادة من قبيل ما لا يدخل تحت الصحة من الدلالة على تبالغ الغضب ما لا يخفى وقد روى عن النبي عليه السلام ان هذه الآية أشد ما فى القرآن على اهل النار اى لان فيها الإياس من الخروج فكلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه فتكون كل مرتبة منه متناهية فى الشدة وان كانت مراتبه غير متناهية بحسب العدد والمدة وهذا لا يخالف قوله تعالى ولا يكلمهم الله لان المراد بالمنفي التكلم باللطف والإكرام لا بالقهر والجلال فان قيل هذه الزيادة ان كانت غير مستحقة كانت ظلما وان كانت مستحقة كان تركها فى أول الأمر إحسانا والكريم لا يليق به الرجوع فى إحسانه فالجواب انها مستحقة ودوامها زيادة لثقل العذاب وايضا ترك المستحق فى بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والاسقاط حتى يكون إيقاعه بعده رجوعا فى الإحسان وايضا كانوا يزيدون كفرهم وتكذيبهم واذيتهم للرسول عليه السلام وأصحابه رضى الله عنهم فيزيد الله عذابهم لزيادة الاستحقاق فلا ظلم فان قيل قوله فذوقوا إلخ تكرار لانه ذكر سابقا انهم لا يذوقون إلخ قلنا انه تكرار لزيادة المبالغة فى تقرير الدعوى وهو كون العقاب جزاء وفاقا إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً شروع فى بيان محاسن احوال المؤمنين اثر بيان سوء احوال الكفرة على ما هو العادة القرآنية ووجه تقديم بيان حالهم غنى عن البيان اى ان للذين يتقون الكفر وسائر القبائح من اعمال الكفرة فوزا وظفرا بمباغيهم دل على هذا المعنى تفسيره بما بعده بقوله حدائق إلخ او موضع فوز فالمفاز على الاول مصدر ميمى وعلى الثاني اسم مكان فان قيل الخلاص من الهلاك أهم من الظفر باللذات فلم أهمل الأهم وذكر غير الأهم قلنا لان الخلاص من الهلاك لا يستلزم الفوز بالنعيم لكونه حاصلا لاصحاب الأعراف مع انهم غير فائزين بالنعيم بخلاف الفوز بالنعيم فانه يستلزم الخلاص من هلاك فكان ذكره اولى حَدائِقَ وَأَعْناباً اى بساتين فيها انواع الأشجار المثمرة وكروما وهو تخصيص بعد التعميم لفضلها قوله حدائق بدل من مفازا بدل الاشتمال ان كان مصدرا ميميا لان الفوز يدل عليه دلالة التزامية او البعض ان جعل مكانا جمع حديقة وهى الروضة ذات الأشجار ويقال الحديقة كل بستان عليه حائط أي جدار وفيه من النخل والثمار وفى المفردات الحديقة قطعة من الأرض ذات

[سورة النبإ (78) : الآيات 33 إلى 36]

ماء سميت تشبيها بحدقة العين فى الهيئة وحصول الماء فيها والأعناب جمع عنب بالفارسية انگور. قال بعضهم ذكر نفسها ولم يذكر شجرها وهو الكرم لان زيادة الشرف فيها لا فى شجرها وَكَواعِبَ جمع كاعب يقال كعبت المرأة كعوبا ظهر ثديها وارتفع ارتفاع الكعب اى نساء عذارى فلكت ثديهن اى استدارت وصارت كالكعب فى النتوء يقال فلك ثدى الجارية تفليكا اى استدار كفلكة المغزل ويقال لهن النواهد جمع ناهد وناهدة وهى المرأة كعب ثديها وبدا للارتفاع أَتْراباً لدات اى مستويات فى السن ولدة الرجل تربه وقرينه فى السن والميلاد والهاء عوض عن الواو الذاهبة من اوله لانه من الولادة قال الراغب اى لدات ينشأن معا تشبيها فى التساوي والتماثل بالترائب التي هى ضلوع الصدر ولوقوعهن على الأرض معا. در تفسير زاهدى آورده كه شانزده ساله باشند ومردان سى وسه ساله ودر اكثر تفاسير هست كه اهل بهشت از زنان ومردان سى وسه ساله خواهند بود. والظاهر ما فى تفسير الزاهدي وهو كونهن بنات ست عشرة لكونها نصف سن الرجال وايضا دل عليه الوصف بالكعوب وهو ارتفاع ثديهن والمراد انهن بالغات تمام كمال النساء فى الحسن واللطافة والصلاح للمصاحبة والمعاشرة بحيث لا يكون فى سن الصغر حتى تضعف الشهوة لهن ولا فى سن الكبر حتى تنكسر الشهوة عنهن بل رواه الشباب اى ماؤه جار فيهن لم يشبن ولم يتغير عن حد الحسن حسنهن وانما ذكرن لان بهن نظام الدنيا ولطافة الآخرة من جهة التنعم الجسماني وَكَأْساً دِهاقاً اى مملوءة بالخمر فدهاقا بمعنى مدهقة وصفت به الكأس للمبالغة فى امتلائها يقال ادهق الحوض ودهقه ملأه لا يَسْمَعُونَ اى المتقون فِيها اى فى الحدائق لَغْواً وَلا كِذَّاباً اى لا ينطقون بلغو وهو ما يلغى ويطرح لعدم الفائدة فيه ولا يكذب بعضهم بعضا حتى يسمعوا شيأ من ذلك بخلاف حال اهل الدنيا فى مجالسهم لاسيما عند شربهم قال بعض اهل المعرفة لا يسمعون فيها كلاما الا من الحق فان من تحقق بالحق لا يسمعه الحق الا منه ولا يشهده سواه فى الدنيا والآخرة جَزاءً مِنْ رَبِّكَ مصدر مؤكد منصوب بمعنى ان للمتقين مفازا فانه فى قوة ان يقال جازى المتقين بمفاز جزاء عظيما كائنا من ربك على ان التنوين للتعظيم عَطاءً اى تفضلا وإحسانا منه تعالى إذ لا يجب عليه شى وذلك ان الله تعالى جعل الشيء الواحد جزاء وعطاء وهو غير ظاهر لان كونه جزاء يستدعى ثبوت الاستحقاق وكونه عطاء يستدعى عدم الاستحقاق فالجمع بينهما جمع بين المتنافيين لكن ذلك الاستحقاق انما يثبت بحكم الوعد لا من حيث ان الطاعة توجب الثواب على الله فذلك الثواب بالنظر الى وعده تعالى إياه بمقابلة الطاعة يكون جزاء وبالنظر الى انه لا يجب على الله لاحد شىء يكون تفضلا وعطاء وهذا بمقابلة قوله جزاء وفاقا لان جزاء المؤمنين من قبيل الفضل لتضاعفه وجزاء الكافرين من قبيل العدل وهو بدل من جزاء بدل الكل من الكل لان العطاء والجزاء متحدان ذاتا وان تغايرا فى المفهوم وفى جعله بدلا من جزاء نكتة لطيفة وهى ان بيان كونه عطاء تفضلا منه هو المقصود وبيان كونه جزاء وسيلة اليه فان حق البدل ان يكون مقصودا بالنسبة وذكر المبدل

[سورة النبإ (78) : الآيات 37 إلى 40]

منه وسيلة اليه حِساباً صفة لعطاء بمعنى كافيا على انه مصدر أقيم مقام الوصف اى محسبا وقيل على حسب أعمالهم بأن يجازى كل عمل بما وعد له من الأضعاف من عشرة وسبعمائة وغير حساب فما وعده الله من المضاعفة داخل فى الحسب اى المقدار لان الحسب بفتح السين وسكونها بمعنى القدر والتقدير على هذا عطاء بحساب فحذف الجار ونصب الاسم قال بعض اهل المعرفة إذا كان الجزاء من الله لا يكون له نهاية لانه لا يكون على حد الأعواض بل يكون فوق الحد لانه ممن لا حد له ولا نهاية فعطاؤه لا حد له ولا نهاية وقال بعضهم العطاء من الله موضع الفضل لا موضع الجزاء فالجزآء على الأعمال والفضل موهبة من الله يختص به الخواص من اهل وداده وفى التأويلات النجمية ان للمتقين الذين يتقون عن نفوسهم المظلمة المدلهمة بالله وصفاته وأسمائه مفازا اى فوز ذات الله وصفاته حدائق روضات القلوب المنزهة الارضية وأعنابا أشجار المعاني والحقائق المثمرة عنب خمر المحبة الذاتية الخامرة عين العقل عن شهود الغير والغيرية وكواعب اترابا أبكارا اللطائف والمعارف وكأسا دهاقا مملوءة من شراب المحبة وخمر المعرفة لا يسمعون فيها لغوا من الهواجس النفسانية ولا كذابا من الوساوس الشيطانية جزاء من ربك عطاء حسابا اى فضلا تاما كافيا من غير عمل وقال القاشاني ان للمتقين المقابلين للطاغين المتعدين فى أفعالهم حد العدالة مما عينه الشرع والعقل وهم المتنزلون عن الرذائل وهيئات السوء من الافعال مفازا فوزا ونجاة من النار التي هى مآب الطاغين حدائق من جنان الأخلاق وأعنابا من ثمرات الافعال وهيئاتها وكواعب من صور آثار الأسماء فى جنة الافعال اترابا متساوية فى الترتيب وكأسا من لذة محبة الآثار مترعة ممزوجة بالزنجبيل والكافور لان اهل جنة الآثار والافعال لا مطمح لهم الى ماوراءها فهم محجوبون بالآثار عن المؤثر وبالعطاء عن المعطى عطاء حسابا كافيا يكفيهم بحسب هممهم ومطامح أبصارهم لانهم لقصور استعداداتهم لا يشتاقون الى ما ورلء ذلك فلا شىء ألذ لهم بحسب اذواقهم مما هم فيه رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا بدل من ربك والمراد رب كل شىء وخالقه ومالكه الرَّحْمنِ مفيض الخير والجود على كل موجود بحسب حكمته وبقدر استعداد المرحوم وهو بالجر صفة للرب وقيل صفة للاول وأياما كان ففى ذكر ربوبيته تعالى للكل ورحمته الواسعة اشعار بمدار الجزاء المذكور قال القاشاني اى ربهم المعطى إياهم ذلك العطاء هو الرحمن لان عطاياهم من النعم الظاهرة الجليلة دون الباطنة الدقيقة فمشربهم من اسم الرحمن دون غيره وفى التأويلات النجمية رب سموات الأرواح وارض النفوس وما بينهما من السر والقلب وأقواهما الروحانية هو الرحمن اى الموصوف بجميع الأسماء والصفات الجمالية والجلالية لوقوعه بين الله الجامع وبين الرحيم فله وجه الى الالوهية المشتملة على القهر وله ايضا وجه الى الرحيم الجمالي المحض لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً استئناف مقرر لما افادته الربوبية العامة من غاية العظمة والكبرياء واستقلاله تعالى بما ذكر من الجزاء والعطاء من غير أن يكون لاحد قدرة عليه وضمير لا يملكون لاهل السموات والأرض ومن فى منه صلة للتأكيد على طريقة قولهم بعت منك

[سورة النبإ (78) : آية 38]

اى بعتك يعنى انه صلة خطابا قدم عليه فانقلب بيانا والمعنى لا يملكون ان يخاطبوه تعالى من تلقاء أنفسهم كما ينبئ عنه لفظ الملك إذ المملوك لا يستحق على مالكه شيأ خطابا ما فى شىء ما لتفرده بالعظمة والكبرياء وتوحده فى ملكه بالأمر والنهى والخطاب والمراد نفى قدرتهم على ان يخاطبوه تعالى بشئ من نقص العذاب وزيادة الثواب من غير اذنه على ابلغ وجه وأكده كأنه قيل لا يملكون ان يخاطبوه بما سبق من الثواب والعقاب وبه يحصل الارتباط بين هذه الآية وبين ما قبلها من وعيد الكفار ووعد المؤمنين ويظهر منه ان نفى ان يملكوا خطابه لا ينافى الشفاعة باذنه قال القاشاني لانهم اى اهل الافعال لم يصلوا الى مقام الصفات فلا حظ لهم من المكالمة يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا اخر الملائكة هنا تعميما بعد التخصيص واخر الروح فى القدر تخصيصا بعد التعميم فالظاهر أن الروح من جنس الملائكة لكنه أعظم منهم خلقا ورتبة وشرفا إذ هو بمقابلة الروح الإنساني كما ان الملائكة بمقابلة القوى الروحانية ولا شك ان الروح أعظم من قواه التابعة له كالسلطان مع أمرائه وجنده ورعاياه وتفسير الروح بجبريل ضعيف وان كان هو مشتهرا بكونه روح القدس والروح الامين إذ كونه روحا ليس بالنسبة الى ذاته والا فالملائكة كلهم روحانيون وان كانوا أجساما لطيفة غير الأرواح المهمية وانما هو بالنسبة الى كونه نافخ الروح وحامل الوحى الذي هو كالروح فى الاحياء وقد اتفقوا على ان اسرافيل أعظم من جبريل ومن غيره فلو كان أحد يقوم صفا واحدا لكان هو اسرافيل دون جبرائيل والله اعلم بمراده من الروح وان اختلفت الروايات فيه هذا ما لاح لى فى هذا المقام بعون الملك العلام وصفا حال اى مصطفين لكثرتهم وقيامهم مما امر الله فى امر العباد وقيل هما صفان الروح صف والملائكة صف وقيل صفوف وهو الأوفق لقوله تعالى والملائكة صفا صفا ويوم ظرف لقوله تعالى لا يَتَكَلَّمُونَ وقوله تعالى إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً بدل من ضمير لا يتكلمون العائد الى اهل السموات والأرض الذين من جملتهم الروح والملائكة وهو أرجح لكون الكلام غير موجب والمستثنى منه مذكور وفى مثله يختار البدل على الاستثناء وذكر قيامهم واصطفافهم لتحقيق عظمة سلطانه تعالى وكبرياء ربوبيته وتهويل يوم البعث الذي عليه مدار الكلام من مطلع السورة الى مقطعها والجملة استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى لا يتكلمون إلخ ومؤكد له على معنى ان اهل السموات والأرض إذا لم يقدروا يومئذ على ان يتكلموا بشئ من جنس الكلام الا من اذن الله له منهم فى التكلم وقال ذلك المأذون له قولا صوابا اى حقا صادقا او واقعا فى محله من غير خطأ فى قوله فكيف يملكون خطاب رب العزة مع كونه أخص من مطلق الكلام وأعز منه مراما وقيل الا من اذن إلخ منصوب على اصل الاستثناء والمعنى لا يتكلمون الا فى حق شخص اذن له الرحمن وقال ذلك الشخص صوابا اى حقا هو التوحيد وكلمة الشهادة دون غيره من اهل الشرك فانهم لم يقولوا فى الدنيا صوابا بل تفوهوا بكلمة الكفر والشرك واظهار الرحمن فى موقع الإضمار للايذان بأن مناط الاذن هو الرحمة البالغة لان أحدا يستحقه عليه تعالى وفى عرائس البقلى من كان كلامه فى الدنيا من حيث الأحوال

[سورة النبإ (78) : الآيات 39 إلى 40]

والأحوال من حيث الوجد والوجد من حيث الكشف والكشف من حيث المشاهدة والمشاهدة من حيث المعاينة فهو مأذون فى الدنيا والآخرة يتكلم مع الحق على بساط الحرمة والهيبة ينقذ الله به الخلائق من ورطة الهلاك قال ابن عطاء الخالص ما كان لله والصواب ما كان على وجه السنة وقال بعضهم انما تظهر الهيبة على العموم لاهل الجمع فى ذلك اليوم واما الخواص واصحاب الحضور فهم ابدا بمشهد العز بنعت الهيبة وفيه اشارة الا ان الاسرار والقلوب وقواهم الكائنين بين سموات الأرواح وبين ارض النفوس لا يملكون أن يخاطبوا الحق فى شفاعة النفس الامارة والهوى المتبع بسبب لحمة النسب الواقع بينهم إذ الكل أولاد الروح والقالب كما لم يملك نوح عليه السلام أن يخاطب الحق فى حق ابنه كنعان بمعنى انه لم يقدر على انجائه إذ جاء الخطاب بقوله فلا تسألن ما ليس لك به علم ذلِكَ اشارة الى يوم قيامهم على الوجه المذكور ومحله الرفع على الابتداء خبره ما بعده اى ذلك اليوم العظيم الذي يقوم فيه الروح والملائكة مصطفين غير قادرين هم ولا غير هم على التكلم من الهيبة والجلال الْيَوْمُ الْحَقُّ اى الثابت المتحقق لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه وذلك لانه متحقق علما فلا بد أن يكون متحققا وقوعا كالصباح بعد مضى الليل وفيه اشارة الى انه واقع ثابت فى جميع الأوقات والأحايين ولكن لا يبصرون به لاشتغالهم بالنفس الملهية وهواها الشاغل فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً الفاء فصيحة تفصح عن شرط محذوف ومفعول المشيئة محذوف لوقوعها شرطا وكون مفعولها مضمون الجزاء وانتفاء الغرابة فى تعلقه بها حسب القاعدة المستمرة والى ربه متعلق بمآبا قدم عليه اهتماما به ورعاية للفواصل كأنه قيل وإذا كان الأمر كما ذكر من تحقق اليوم المذكور لا محالة فمن شاه أن يتخذ مرجعا الى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم فعل ذلك بالايمان والطاعة وقال قتادة مآبا اى سبيلا وتعلق الجاريه لما فيه من معنى الاقتضاء والإيصال وفى التأويلات النجمية مآبا اى مرجعا ورجوعا من الدنيا الى الآخرة ومن الآخرة الى رب الدنيا ولآخرة لانهما حرامان على اهل الله نَّا أَنْذَرْناكُمْ اى بما ذكر فى السورة من الآيات الناطقة بالبعث وبما بعده من الدواعي او بها وبسائر القوارع الواردة فى القرآن والخطاب لمشركى العرب وكفار قريش لانهم كانوا ينكرون البعث وفى بعض التفاسير الظاهر عموم الخطاب كعموم من لان فى إنذار كل طائفة فائدة لهم ذاباً قَرِيباً هو عذاب الآخرة وقربه لتحقق إتيانه حتما ولانه قريب بالنسبة اليه تعالى وممكن وان رأوه بعيدا وغير ممكن فيرونه قريبا لقوله تعالى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الاعشية او ضحاها وقال بعض اهل المعرفة العذاب القريب هو عذاب الالتفات الى النفس والدنيا والهوى وقال الشاقانى هو عذاب الهيئات الفاسقة من الأعمال الفاسدة دون ما هو أبعد منه من عذاب القهر والسخط وهو ما قدمت أيديهم وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ تثنية أصلها يدان سقطت نونها بالاضافة ويوم بدل من عذابا او ظرف لمضمر هو صفة له اى عذابا كائنا يوم ينظر المرء اى يشاهد ما قدمه من خير أو شر يعنى بازيابد كردارهاى

خود را از خير وشر. على ان ما موصولة منصوبة بينظر لانه يتعدى بنفسه وبإلى والعائد محذوف اى قدمته او ينظر اى شىء قدمت يداه على انها استفهامية منصوبة بقدمت متعلقة ينظر فالمرء عام للمؤمن والكافر لان كل أحد يرى عمله فى ذلك اليوم مثبتا فى صحيفته خيرا كان او شرا فيرجو المؤمن ثواب الله على صالح عمله ويخاف العقاب على سيئه واما الكافر فكما قال الله تعالى يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي اى يا قوم فالمنادى محذوف ويجوز أن يكون بالمحض التحسر ولمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه وبالفارسية اى كاشكى من نْتُ تُراباً فى الدنيا فلم اخلق ولم أكلف وهو فى محل الرفع على انه خبر ليت او ليتنى كنت ترابا فى هذا اليوم فلم ابعث كقوله يا ليتنى لم أوت كتابيه الى أن قال يا ليتها كانت القاضية وقيل يحشر الله الحيوان فيقتص للجماء من القرناء نطحتها اى قصاص المقابلة لا قصاص التكليف ثم يرده ترابا فيود الكافر حاله كما قال عليه السلام لتؤدن الحقوق الى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء وهذا صريح فى حشر البهائم وإعادتها لقصاص المقابلة لا للجزاء ثوابا وعقابا وقيل الكافر إبليس يرى آدم وولده وثوابهم فيتمنى أن يكون الشيء الذي احتقره حين قال خلقتنى من نار وخلقته من طين يعنى إبليس آدم را عيب مى كرد كه از خاك آفريده شده وخود را مى ستود كه من از آتش مخلوقم چون در ان روز كرامت آدم وثواب فرزندان مؤمن او مشاهده نمايد وعذاب وشدت خود را بيند آرزو برد كه كاشكى من از خاك بودمى ونسبت بآدم داشتمى اى درويش اين دبدبه وطنطنه كه خاكيانراست هيچ طبقه از طبقات مخلوقاترا نيست خاك را خوار وتيره ديد إبليس ... كرد انكارش آن حسود خسيس ماند غافل ز نور باطن او ... نشد اگه ز سر كامل او بهر كنجى كه هست در دل خاك ... اين صدا داده اند در أفلاك كه بجز خاك نيست مظهر كل ... خاك شو خاك تا برويد گل واما مؤمنوا الجن فلهم ثواب وعقاب فلا يعودونه ترابا وهو الأصح فيكون مؤمنوهم مع مؤمنى الانس فى الجنة او فى الأعراف ونعيمهم ما يناسب مقامهم ويكون كفارهم مع كفار الانس فى النار وعذابهم بما يلائم شانهم وقيل هو تراب سجدة المؤمن تنطفئ به عنه النار وتراب قدمه عند قيامه فى الصلاة فيتمنى الكافر أن يكون تراب قدمه وفى التأويلات النجمية يوم ينظر المرء ما قدمت يد قلبه ويد نفسه من الإحسان والاساءة ويقول كافر النفس الساتر للحق يا ليتنى كنت تراب أقدام الروح والسير والقلب متذللة بين يديهم مؤتمرة لاوامرهم ونواهيهم وفى كشف الاسرار از عظمت آن روز است كه بيست و چهار ساعت شبانروز دنيا را بر مثال بيست و چهار خزانه حشر كنند ودر عرصات قيامت حاضر كردانند يكان يكان خزانه ميكشايند وبر بنده عرض ميدهند از آن خزانه بگشايند بربها وجمال ونور وضيا وآن آن ساعتست كه بنده در خيرات وحسنات وطاعات بود بنده چون

حسن ونور بهاى آن بيند چندان شادى وطرب واهتزاز برو غالب شود كه اگر انرا بر جمله دوزخيان قسمت كنند از دهشت آن شادى الم ودرد آتش فراموش كنند خزانه ديكر بگشايند تاريك ومظلم پر نتن ووحشت وآن آن ساعتست كه بنده در معصيت بوده وحق از ره ظلمت ووحشت آن كردار در آيد چندان فزع وهول ورنج وغم او را فرو كيرد كه اگر بر كل اهل بهشت قسمت كنند نعيم بهشت بر ايشان منغص شود خزانة ديكر بگشايند حالى كه درو نه طاعت بود كه سبب شادى است نه معصيت كه موجب اندوهست وآن ساعتى است كه بنده درو خفته باشد يا غافل يا بمباحات دنيا مشغول بوده بنده بر آن حسرت خورد وعين عظيم برو راه يابد همچنين خزائن يك يك ميكشايند وبرو عرضه ميكنند از ان ساعت كه در طاعت كرده شاد ميكردد واز آن ساعت كه درو معصيت كرده رنجور ميشود وبر ساعتى كه مهمل كذاشته حسرت وغبن ميخورد و چون كار مؤمن مقصر در ان روز اين باشد پس قياس كن كه حال كافر چكونه باشد در حسرت وندامت وآه وزارى. روى ابى بن كعب رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ عم يتساءلون سقاء الله برد الشراب يوم لقيامة وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال قال النبي عليه السلام تعلموا سوة عم يتساءلون عن النبأ العظيم وتعلموا ق والقرآن المجيد والنجم إذا هوى والسماء ذات البروج والسماء والطارق فانكم لو تعلمون ما فيهن لعطلتم ما أنتم عليه وتعلمتموهن وتقربوا الى الله بهن ان الله يغفر بهن كل ذنب الا الشرك بالله وعن ابى بكر الصديق رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب قال شيبتنى هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت الكل فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى ان من تعلم هذه السور ينبغى له أن يتعلم معانيها ايضا إذ لا يحصل المقصود الا به وتصريح بان هم الآخرة ومطالعة الوعيد واستحضاره يشيب الإنسان ولذا ذم الحبر السمين والقاري السمين از لم يكن سمينا الا بالذهول عما قرأه ولو استحضره وهم به لشاب من همه وذاب من غمه لان الشحم مع الهم لا ينعقد قال الشافعي رحمه الله ما أفلح سمين قط الا أن يكون محمد بن الحسن فقيل له ولم قال لانه لا يخلو العاقل من احدى حالتين اما أن يهم لآخرته ومعاده او لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد فاذا خلا من المعنيين صار فى حد البهائم بعقد الشحم تمت سورة النبأ بالعون الإلهي فى الثاني والعشرين من شهر الله المحرم من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة النازعات

تفسير سورة النازعات خمس او ست وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً الواو للقسم والقسم يدل على عظم شأن المقسم به ولله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على ذلك العظم والنازعات جمع نازعة بمعنى طائفة من الملائكة نازعة فأنثت صفة الملائكة باعتبار كونهم طائفة ثم جمعت تلك الصفة فقيل نازعات بمعنى طوائف من الملائكة نازعات وقس عليه الناشطات نحوه وإلا فكان الظاهر أن يقال والنازعين والناشطين والنزع جذب الشيء من مقره بشدة والغرق مصدر بحذف الزوائد بمعنى الإغراق وهو بالفارسية غرقه كردن وكمان بزور كشيدن. والغرق الرسوب فى الماء وفى البلاء فهو مفعول مطلق للنازعات لانه نوع من النزع فيكون شرطه موجودا وهو اتفاق المصدر مع عامله والإغراق فى النزع التوغل فيه والبلوغ الى أقصى درجاته يقال أغرق النازع فى القوس إذا بلغ غابة المد حتى انتهى الى النصل أقسم الله بطوائف الملائكة التي تنزع أرواح الكفار من أجسادهم إغراقا فى النزع يعنى جان كافران بسختى نزع ميكنند. وايضا يتزعونها منهم معكوسا من الأنامل والأظفار ومن تحت كل شعرة كما تنزع الأشجار المتفرقة العروق فى أطراف الأرض وكما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول وكما يسلخ جلد الحيوان وهو حى وكما يضرب الإنسان ألف ضربة بالسيف بل أشد والملائكة وهم ملك الموت وأعوانه من ملائكة العذاب يطعنونهم بحربة مسمومة بسم جهنم والميت يظن أن بطنه قد ملئ شوكا وكأن نفسه تخرج من ثقب ابرة وكأن السماء انطبقت على الأرض وهو بينهما فاذا نزعت نفس الكافر وهى ترعد أشبه شىء بالزئبق على قدر النحلة وعلى صورة عمله تأخذها الزبانية ويعذبونها فى القبر وفى سجين وهو العذاب الروحاني ثم إذا قامت القيامة انضم الجسماني الى الروحاني فقوله والنازعات غرقا اشارة الى كيفية قبض أرواح الكفار بشهادة مدلول اللفظ وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً قسم آخر معنى بطريق العطف والنشط جذب الشيء من مقره برفق ولين ونصب نشطا على المصدرية اقسم الله بطوائف الملائكة التي تنشط أرواح المؤمنين اى تخرجها من أبدانهم برفق ولين كما تنشط الداو من البئر يقال نشط الدلو من البئر ذا أخرجها وكما تنشط الشعرة من السمن وكما تنسل القطرة من السقاء وهم ملك الموت وأعوانه من ملائكة الرحمة ونفس المؤمن وان كانت تجذب من أطراف البنان ورؤس الأصابع ايضا لكن لا يحس بالألم كما يحس به الكافر وايضا نفس المؤمن ليس لها شده تعلق بالبدل كنفس الكافر لكونها منجذبة الى عالم القدس وانما يشتد الأمر على اهل التعلق دون اهل التجرد خصوصا إذا كان ممن مات بالاختيار قبل الموت وايضا حين يجذبونها يدعونها أحيانا حتى تستريح وليس كذلك أرواح الكفار فى قبضها لكن ربما يتعرض الشيطان للمؤمن الضعيف اليقين والقاصر فى العمل إذا بلغ الروح التراقى فيأنيه فى صورة أبيه وامه وأخيه او صديقه فيأمره باليهودية

[سورة النازعات (79) : الآيات 3 إلى 4]

او النصرانية او نحو ذلك نسأل الله السلامة (حكى) ان إبليس عليه اللعنة تمثل للنبى عليه السلام يوما وبيده قارورة ماء فقال أبيعه بايمان الناس حالة النزع فبكى النبي عليه السلام حتى بكت اهل بيته فأوحى الله تعالى اليه انى احفظ عبادى فى تلك الحالة من كيده والميت يرى الملائكة حينئذ على صورة اعماله حسنة او قبيحة فاذا أخذوا نفس المؤمن يلفونها فى حرير الجنة وهى على قدر النحلة وعلى صورة عمله ما فقد شىء من عقله وعلمه المكتسب فى الدنيا دل عليه قوله تعالى حكاية عن حبيب النجار الشهيد فى انطاكية قال يا ليت قومى يعلمون بما غفر لى ربى وجعلنى من المكرمين فيعرجون بها الى الهولء ويهيئون له اسباب التنعم فى قبره وفى عليين وهو النعيم الروحاني ثم إذا قام الناس من قبورهم ازداد النعيم بانضمام الجسماني الى الروحاني فقوله والناشطات نشطا اشارة الى كيفية قبض أرواح المؤمنين بشهادة اللفظ ومدلوله ايضا فان قيل قد ثبت ان النبي عليه السلام أخذ روحه الطيب ببعض شدة حتى قال واكرباه وقال لا اله الا الله ان للموت سكرات اللهم أعنى على سكرات الموت اى غمزاته وكان يدخل يده الشريفة فى قدح فيه ماء ثم يمسح وجهه المنور بالماء ولما رأته فاطمة رضى الله عنها يغشاه الكرب قالت وا كرب أبتاه فقال لها عليه السلام ليس على أبيك كرب بعد اليوم فاذا كان امر النبي عليه السلام حين انتقاله هكذا فما وجه ما ذكر من الرفق واللين أجيب بأن مزاجه الشريف كان اعدل الامزجة فأحس بالألم اكثر من غيره إذا لخفيف على الأخف ثقيل وايضا يحتمل أن يبتليه الله بذلك ليدعو الله فى أن يجعل الموت لامته سهلا يسيرا وايضا قد روى انه طلب من الله أن يحمل عليه بعض صعوبة الموت تخفيفا عن أمته فانه بالمؤمنين رؤف رحيم وايضا فيه تسلية أمته إذا وقع لاحد منهم شىء من ذلك الكرب عند الموت وايضا لكى يحصل لمن شاهد من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الأطفال عند الموت من الكرب الشديد وايضا راحة الكمل فى الشدة لانها من باب الترقي فى العلوم والدرجات واقل الأمر للناقصين كفارة الذنوب فاهل الحقيقة لا شدة عليهم فى الحقيقة لاستغراقهم فى بحر الشهود وانما الشدة لظواهرهم والحاصل كما ان النار لا ترفع عن الدنيا والدنيا قائم فكذا الشدة لا ترفع عن الظواهر فى هذا الموطن وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً قسم آخر معنى ايضا بطريق العطف والسبح المر السريع فى الماء او فى الهولء وسبحا نصب على المصدرية اقسم الله بطوائف الملائكة التي تسبح فى مضيها اى تسرع فينزلون من السماء الى الأرض مسرعين مشبهين فى سرعة نزولهم بمن يسبح فى الماء وهذا من قبيل التعميم بعد التخصيص لان نزول الأولين انما هو لقبض الأرواح مطلقا ونزول هؤلاء لعامة الأمور والأحوال فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً عطف على السابحات بالفاء للدلالة على ترتب السبق على السبح بغير مهلة فالموصوف واحد ونصب سبقا على المصدرية اى التي تسبق سبقا الى ما أمروا به ووكلوا عليه اى يصلون بسرعة والسبق كناية عن الاسراع فيما أمروا به لان السبق وهو التقدم فى السير من لوازم الاسراع فالسبق هنا لا يستلزم وجود المسبوق إذ لا مسبوق

[سورة النازعات (79) : الآيات 5 إلى 11]

فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً عطف على السابقات بالفاء للدلالة على ترتب التدبير على السبق بغير تراخ والتدبير التفكر فى دبر الأمور وامرا مفعول للمدبرات قال الراغب يعنى الملائكة الموكلين بتدبير الأمور انتهى اى التي تدبر امرا من الأمور الدنيوية والاخروية للعباد كما رسم لهم من غير تفريط وتقصير والمقسم عليه محذوف وهو لتبعثن لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة وجه البعث ان الموت يستدعيه للاجر والجزاء لئلا يستمر الظلم والجور فى الوجود وما ربك بظلام للعبيد فكان الله تعالى يقول ان الملائكة ينزلون لقبض الأرواح عند منتهى الآجال ثم ينجر الأمر الى البعث لما ذكر فكان من شأن من يقر بالموت أن يقر بالبعث فلذا جمع بين القسم بالنازعات وبين البعث الذي هو الجواب وفى عنوان هذه السورة وجوه كثيرة صفحنا عن ذكرها واخترنا سوق الكشاف فانه هو الذي يقتضيه جزالة التنزيل وقال القاشاني اقسم بالنفوس المشتاقة التي غلب عليها النزوع الى جناب الحق غريقة فى بحار الشوق والمحبة والتي تنشط من مقر النفس وأسر الطبيعة اى تخرج من قيود صفاتها وعلائق البدن من قولهم نور ناشط إذا خرج من بلد الى بلد او من قولهم نشط من عقاله والتي تسبح فى بحار الصفات فتسبق الى عين الذات ومقام الفناء فى الوحدة فتدبر بالرجوع الى الكثرة امر الدعوة الى الحق والهداية وأمر النظام فى مقام التفصيل بعد الجمع انتهى ثم ان النفوس الشريفة لا يبعد أن يظهر منها آثار فى هذا العالم سوآء كانت مفارقة عن الأبدان او لا فتكون مدبرات ألا ترى ان الإنسان قد يرى فى المنام ان بعض الأموات برشده الى مطلوبه ويرى استاذه فيسأله عن مسألة فيحلها له سئل زرارة بعد أن توفى رضى الله عنه فى المنام اى الأعمال أفضل عندكم فقال الرضى وقصر الأمل وعن بعضهم رأيت ورقاء بن بشر رحمه الله فى المنام فقلت ما فعل الله بك قال نجوت بعد كل جهد قلت فأى الأعمال وجدتموها أفضل قال البكاء من خشية الله وقال بعضهم هلكت جارية فى الطاعون فرآها أبوها فى المنام فقال لها يا بنية أخبريني عن الآخرة قالت يا أبت قدمنا على امر عظيم نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة او تسبيحتان او ركعة او ركعتان فى صحيفة عملى أحب الى من الدنيا وما فيها ونظائره كثيرة لا تحصى وقد يدخل بعض الاحياء من جدار ونحوه على بعض من له حاجة فبقضيها وذلك على خرق العادة فاذا كان التدبير بيد الروح وهو فى هذا الموطن فكذا إذا انتقل منه الى البرزخ بل هو بعد مفارقته البدن أشد تأثيرا وتدبيرا لان الجسد حجاب فى الجملة ألا ترى ان الشمس أشد احراقا إذا لم يحجبها غمام او نحوه يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ منصوب بالجواب المضمر وهو لتبعثن والمراد بالراجفة الواقعة التي ترجف عندها الاجرام الساكنة كالارض والجبال اى تتحرك حركة شديدة وتتزلزل زلزلة عظيمة من هول ذلك اليوم وهى النفخة الاولى أسند إليها الرجف مجازا على طريق اسناد الفعل الى سببه فان حدوث تلك النفخة سبب لاضطراب الاجرام الساكنة من الرجفان وهى شدة الاضطراب ومنه الرجفة للزلزلة لما فيه من شدة الاضطراب وكثرة الانقلاب وفيه اشعار بأن تغير السفلى مقدم على تغير العلوي وان لم يكن مقطوعا تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ اى الواقعة التي تردف الاولى اى تجيئ

[سورة النازعات (79) : الآيات 8 إلى 11]

بعدها وهى لنفخة الثانية لانها تجيئ بعد الاولى يقال ردفه كسمعه ونصره تبعه كأردفه وأردفته معه اركبته معه كما فى القاموس وهى حال مقدرة من الراجفة مصححة لوقوع اليوم ظرفا للبعث اى لتبعثن يوم النفخة الاولى حال كون النفخة الثانية تابعة لها لا قبل ذلك فانه عبارة عن الزمان الممتد الذي تقع فيه النفختان وبينهما أربعون سنة كما قال فى الكشاف لتبعثن فى الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان وهم يبعثون فى بعض ذلك الوقت الواسع وهو وقت النفخة الاخرى انتهى قال فى الإرشاد واعتبار امتداده مع ان البعث لا يكون الا عند النفخة الثانية لتهويل اليوم ببيان كونه موقعا لداهيتين عظميتين لا يبقى عند وقوع الاولى حى إلا مات ولا عند وقوع الثانية ميت الا بعث وقام قُلُوبٌ مبتدأ وتنكيره يقوم مقام الوصف المخصص سوآء حمل على التنويع وان لم يذكر النوع المقابل فان المعنى منسحب عليه او على التكثير كما فى شرأهر ذاناب فان التفخيم كما يكون بالكيفية يكون بالكمية ايضا كأنه قيل قلوب كثيرة او عاصية كما قال فى التأويلات النجمية قلوب النفس المتمردة الشاردة النافرة عن الحق يَوْمَئِذٍ يوم إذ تقع النفختان وهو متعلق بقوله واجِفَةٌ اى شديدة الاضطراب من سوء أعمالهم وقبح أفعالهم فان الوجيف عبارة عن شدة اضطراب القلب وقلقه من الخوف والوجل وعلم منه ان الواجفة ليست جمع القلوب بل قلوب الكفار فان اهل الايمان لا يخافون أَبْصارُها اى أبصار أصحابها كما دل عليه قوله يقولون والا فالقلوب لا أبصار لها وانما أضاف الابصار الى القلوب لانها محل الخوف وهو من صفاتها خاشِعَةٌ ذليلة من الخوف بسبب الاعراض عن الله والإقبال على ما سواه يترقبون اى شىء ينزل عليهم من الأمور العظام وأسند الخشوع إليها مجازا لان اثره يظهر فيها يَقُولُونَ استئناف بيانى اى هم يقولون الآن يعنى ان منكرى البعث ومكذبى الآيات الناطقة به إذا قيل لهم انكم تبعثون يقولون منكرين له متعجبين منه أَإِنَّا آيا ما لَمَرْدُودُونَ معادون بعد موتنا فِي الْحافِرَةِ اى فى الحالة الاولى يعنون الحياة من قولهم رجع فلان فى حافرته اى طريقته التي جاء فيها فحفرها اى اثر فيها بمشه وتسميتها حافرة مع انها محفورة وانما الحافر هو الماشي فى تلك الطريقة كقوله تعالى عيشة راضية اى منسوبة الى الحفر والرضى او على تشبيه القابل بالفاعل اى فى تعلق الحفر بكل منهما فاطلق اسم الثاني على الاول للمشابهة كما يقال صام نهاره تشبيها لزمان الفعل بفاعله وقال مجاهد والخليل ابن احمد الحافرة هى الأرض التي يحفر فيها القبور ولذا قال فى التأويلات النجمية اى حافرة أجسادنا وقبور صدورنا أَإِذا العامل فى إذا مضمر يدل عليه مردودون اى أئذا كُنَّا يا چون كرديم ما عِظاماً نَخِرَةً بالية نرد ونبعث مع كونها ابعد شىء من الحياة فهو تأكيد لانكار الرد ونفيه بنسبته الى حالة منافية له ظنوا ان من فساد البدن وتفرق اجزائه يلزم فساد ما هو الإنسان حقيقة وليس كذلك ولو سلم ان الإنسان هو هذا الهيكل المخصوص فلا نسلم امتناع إعادة المعدوم فان الله قادر على كل الممكنات فيقدر على جمع الاجزاء العنصرية وإعادة الحياة إليها لانها متميزة فى علمه وان كانت غير متميزة فى علم الخلق كالماء مع اللبن فانهما وان امتزاجا

[سورة النازعات (79) : الآيات 12 إلى 16]

لكن أحدهما متميز عن الآخر فى علم الله وان كان عقل الإنسان قاصرا عن إدراكه والنخر البلى يقال نخر العظم والخشب بكسر العين إذا بلى واسترخى وصار بحيث لومس لتفتت ونخرة ابلغ من ناخرة لكونها من صيغ المبالغة او صفة مشبهة دالة على الثبوت ولذا اختارها الأكثر والناخرة أشبه برؤس الآي ولذا اختارها البعض وقيل النخرة غير الناخرة إذ النخرة بمعنى البالية واما الناخرة فهى العظام الفارغة المجوفة التي يحصل فيها صوت من هبوب الريح من نخير النائم والمجنون لا من النخير بمعنى البلى قال الراغب النخير صوت من الانف وسمى خرق الانف الذي يخرج منه النخير منخران فالمنخران ثقبتا الانف قالُوا اختيار الماضي هنا للايذان بأن صدور هذا الكفر منهم ليس بطريق الاستمرار مثل كفرهم السابق المعبر عنه بالمضارع اى قالوا بطريق الاستهزاء بالحشر تِلْكَ الردة والرجعة فى الحافرة وفيه اشعار بغاية بعدها من الوقوع فى اعتقادهم إِذاً آنگاه وبر ان تقدير كَرَّةٌ الكر الرجوع والكرة المرة من الرجوع والجمع كرات خاسِرَةٌ اى ذات خسران على ارادة النسبة من اسم الفاعل او خاسرة أصحابها على الاسناد المجازى اى على طريق اسناد الفعل الى ما يقارنه فى الوجود كقولك تجارة رابحة والربح فعل اصحاب التجارة وهى عقد المبادلة والريح والتجارة متقارنان فى الوجود والافهم الخاسرون والكرة مخسور فيها اى ان صحت تلك الكرة فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهذا المعنى أفاده كلمة إذا فانها حرف جواب وجزء عند الجمهور وانما حمل قولهم هذا على الاستهزاء لانهم ابرزوا ما قطعوا بانتفائه واستحالته فى صورة المشكوك المحتمل الوقوع فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ جواب من الله عن كلامهم بالإنكار وتعليل لمقدر أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله فانها سهلة هينة فى قدرته فانما هى صيحة واحدة اى حاصلة بصيحة واحدة لا تكرر يسمعونها وهم فى بطون الأرض وهى النفخة الثانية كنفخ واحد فى صور الناس لاقامة القافلة عبر عن الكرة بالزجرة تنبيها على كمال اتصالها بها كأنها عينها يقال زجر البعير إذا صاح عليه فَإِذا هُمْ پس آنگاه ايشان وسائر خلايق بِالسَّاهِرَةِ اى فاجأوا الحصول بها وهو بيان لحضورهم الموقف عقيب الكرة التي عبر عنها بالزجرة وإذا المفاجأة تفيد حدوث ما أنكروه بسرعة على فجأة والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لان السراب يجرى فيها من قولهم عين ساهرة جارية الماء وفى ضدها نائمة يعنى ان بياض الأرض عبارة عن خلوها عن الماء والكلأ شبه جريان السراب فيها بجريان الماء عليها فقيل لها ساهرة وقيل لان سالكها لا ينام خوف الهلكة يقال سهر كفرح لم ينم ليلا او هى جهنم لان أهلها لا ينامون فيها او كأنه مقلوب الصاد سينا من صهرته الشمس أحرقته وقال الراغب حقيقتها الأرض التي يكثر الوطئ بها كأنها سهرت من ذلك وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الساهرة ارض من فضة لم يعص الله عليها قط خلقها حينئذ وقال الثوري الساهرة ارض الشام وقال وهب بن منبه جبل بيت المقدس وگفته اند ساهره نام زمين است نزديك بيت المقدس در حوالئ جبل أريحا كه محشر آنجا خواهد

[سورة النازعات (79) : الآيات 15 إلى 16]

بود خداى آنرا كشاده كرداند چندانكه خواهد. وفى الحديث بيت المقدس ارض المحشر والمنشر وقال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة ان الناس إذا قاموا من قبورهم وأراد الله ان يبدل الأرض غير الأرض تمد الأرض بإذن الله ويكون المحشر فيكون الخلق عليه عند ما يبدل الله الأرض كيف يشاء اما بالصورة واما بأرض اخرى ما هم عليها تسمى بالساهرة فيمدها سبحانه مد الأديم ويزيد فى سعتها أضعاف ما كانت من أحد وعشرين جزأ الى تسعة وتسعين جزأ حتى لا نرى عوجا والا امتا وقال فى التأويلات النجمية فاذا هم بالساهرة اى بظهر ارض الحياة كما كانوا قبله ببطن ارض الممات هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكذيب قومه بانه يصيبهم مثل ما أصاب من كان أقوى منهم وأعظم يعنى فرعون ومعنى هل أتاك ان اعتبر هذا او ما أتاه من حديثه ترغيب له فى استماع حديثه وحمل له على طلب الاخبار كأنه قيل هل أتاك حديث موسى قبل هذا أم أنا أخبرك به كما قال الحسن رحمه الله اعلام من الله لرسوله حديث موسى كقول الرجل لصاحبه هل بلغك ما لقى اهل البلد وهو يعلم انه لم يبلغه وانما قال ليخبره به انتهى وان اعتبر إتيانه قبل هذا وهو المتبادر من الإيجاز فى الاقتصاص استفهام تقرير له اى حمل له على الإقرار بأمر يعرفه قبل ذلك اى أليس قد أتاك حديثه وبالفارسية آيا چنين نيست كه آمد بتو خبر موسى كليم عليه السلام تا تسلى دهى دل خود را بر تكذيب قوم وخبر فرستادى از وعده مؤمنان ووعيد كافران. يعنى قد جاءك وبلغك حديثه عن قريب كأنه لم يعلم بحديث موسى وانه لم يأته بعد والا لما كان يتحزن على اصرار الكفار على انكار البعث وعلى استهزائهم به بل يتسلى بذلك فهل بمعنى قد المقربة للحكم الى الحال وهمزة الاستفهام قبلها محذوفة وهى للتقرير وزيد ليس لانه اظهر دلالة على ذلك لا لانه مقدر فى النظم إِذْ ناداهُ رَبُّهُ ظرف للحديث والمناداة والنداء بالفارسية خواندن. وفى القاموس النداء الصوت اى هل أتاك حديثه الواقع حين ناداه ربه إذ المراد خبره الحادث فلا بد له من زمان يحدث فيه لا ظرف للاتيان لاختلاف وقتى الإتيان والنداء لان الإتيان لم يقع فى وقت النداء او مفعول لا ذكر المقدر وعليه وضع السجاوندى علامة الوقف اللازم على موسى وقال لانه لو وصل صار إذ ظرفا لاتيان الحديث وهو محال لعله لم يلتفت الى عمل حديث لكونه هنا اسما بمعنى الخبر مع وجود فعل قوى فى العمل قبله وبالجملة لا يخلو عن إيهام فالوجه الوقف كذا فى بعض التفاسير بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ المبارك المطهر بتطهير الله عما لا يليق حين مكالمته مع كليمه او سمى مقدسا لوقوعه فى حدود الأرض المقدسة المطهرة عن الشرك ونحوه واصل الوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا والجمع اودية ويستعار للطريقة كالمذهب والأسلوب فيقال فلان فى واد غير واديك طُوىً بضم الطاء والتنوين تأويلا له بالمكان او بغير تنوين تأويلا له بالبقعة قال الفراء الصرف أحب الى إذ لم أجد فى المعدول نظيرا اى لم أجد اسما من الوادي عدل عن جهته غير طوى وهو اسم للوادى الذي بين المدينة ومصر فيكون عطف بيان له قال القاشاني الوادي المقدس

[سورة النازعات (79) : الآيات 17 إلى 20]

هو عالم الروح المجرد لتقدسه عن التعلق بالمواد واسمه طوى لانطوآء الموجودات كلها من الأجسام والنفوس تحته وفى طبه وقهره وهو عالم الصفات ومقام المكالمة من تجلياتها فلذلك ناداه بهذا الوادي ونهاية هذا العالم هو الأفق الأعلى الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده جبريل على صورته اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ على ارادة القول اى فقال له اذهب الى فرعون إِنَّهُ طَغى تعليل للامر او لوجوب الامتثال به والطغيان مجاوزة الحد أي طغى على الخالق بأن كفر به وطغى على الخلق بأن تكبر عليهم واستعبدهم فكما ان كمال العبودية لا يكون الا بالصدق مع الحق وحسن الخلق مع الخلق فكذا كمال الطغيان يكون بسوء المعاملة معهما وقال القاشاني اى ظهر بانانيته وذلك ان فرعون كان ذا نفس قوية حكيما عالما سلك وادي الافعال وقطع بوادي الصفات واحتجب بانانيته وانتحل صفات الربوبية ونسبها الى نفسه وذلك تفرعنه وجبروته وطغيانه فكان ممن قال فيه عليه السلام شر الناس من قامت القيامة عليه فهو حى لقيامة بنفسه وهواها فى مقام توحيد الصفات وذلك من أقوى الحجب فَقُلْ بعد ما أتيته هَلْ لَكَ رغبة وتوجه إِلى أَنْ تَزَكَّى بحذف احدى التاءين من تتزكى اى تتطهر من دنس الكفر والطغيان ووسخ الكدورات البشرية والقاذورات الطبيعية فقوله لك خبر مبتدأ محذوف والى ان متعلق بذلك المبتدأ المضمر وقد يقال قوله هل لك مجاز عن اجذبك وأدعوك والقرينة هى القربية وهى المجاورة وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ وأرشدك الى معرفته فتعرفه أشار الى ان فى النظم مضافا مضمرا وتقديم التزكية لتقدم التخلية على التحلية فَتَخْشى إذا لخشية لا تكون الا بعد معرفته قال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء اى العلماء بالله قيل انه تعالى قال فى آخره ولن يفعل فقال موسى فكيف امضى اليه وقد علمت انه لن يفعل فأوحى اليه ان امض لما تؤمر فان فى السماء اثنى عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يدركوه وجعل الخشية غاية للهداية لانها ملاك الأمر لان من خشى الله أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر كما قال عليه السلام من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل يقال ادلج القوم إذا ساروا من أول الليل وان ساروا من آخر الليل فقد ادلجوا بالتسديد ثم انه تعالى أمر موسى عليه السلام بأن يخاطبه بالاستفهام الذي معناه العرض ليشتدعيه بالتلطف فى القول ويستنزله بالمداراة من عتوه وهذا ضرب تفصيل لقوله تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او بخشى اما كونه لينا فلانه فى صورة العرض لا فى صورة الأمر صريحا وليس فيه ايضا ذكر نحو الشرك والجهل والكفران من متعلقات التزكى واما اشتماله على بعض التفصيل فظاهر فَأَراهُ پس بنمود او را موسى الْآيَةَ الْكُبْرى الفاء فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلا على تفصيلها فى السور الاخرى فانه جرى بينه وبين فرعون ما جرى من المحاورات الى ان قال كنت جئت بآية فائت بها ان كنت من الصادقين اى فذهب اليه موسى بأمر الله فدعاه الى التوحيد والطاعة وطلب هو منه المعجزة الدالة على صدقه فى دعوته والإراءة اما من التبصير أو التعريف فان اللعين

[سورة النازعات (79) : الآيات 21 إلى 25]

حين أبصرها عرفها وادعاء سحريتها انما كل إراءة منه وإظهارا للتجلد ونسبتها اليه بالنظر الى الظاهر كما ان نسبتها الى نون العظمة فى قوله ولقد أريناه آياتنا بالنظر الى الحقيقة والمراد بالآية الكبرى قلب العصا حية والصغرى غيره من معجزاته الباقية وذلك ان القلب المذكور كان المقدم على الكل فى الإراءة قينبغى ان يكون هو المراد على ما تقتضيه الفاء التعقيبية فَكَذَّبَ فرعون بموسى وسمى معجزته سحرا عقيب رؤية الاية من غير رؤية وتأمل وطلب شاهد من عقل وناصح من فكر وقلب لغاية استكباره وتمرده وَعَصى الله بالتمرد بعد ما علم صحة الأمر ووجوب الطاعة أشد عصيان واقبحه حيث اجترأ على انكار وجود رب العالمين رأسا فدل العطف على ان الذي ترتب على إراءة الآية الكبرى هو التكذيب الذي يكون عصيانا لله وهو التكذيب باللسان مع حصول الجزم بأن من كذبه ممن يجب تصديقه فاما تكذيب من لا يجب تصديقه فلا يكون عصيانا ويجوز أن يراد وعصى موسى فيما أمر به الا ان الاول ادخل فى ذمه ونقبيح حاله وكان اللعين وقومه مأمورين بعبادته تعالى وترك دعوى الربوبية لا بإرسال بنى إسرائيل من الاسر والقسر فقط قال بعض اهل المعرفة أراه آية صرفا ولو أراه أنوار الصفات فى الآيات لم يكفر ولم يدع الربوبية إذ هناك موضع المحبة والعشق والإذعان لان رؤية الصفات تقتضى التواضع ورؤية الذات تقتضى العربدة فكان هو محجوبا برؤية الآيات عن رؤية الصفات فلما لم يكن معه حظ شهود نور الصفة لم ينل عند رؤيتها حظ المحبة فلم يأت منه الانقياد والإذعان لذلك قال تعالى فكذب وعصى ثُمَّ أَدْبَرَ اى تولى عن الطاعة وكلمه ثم على هذا معناها التراخي الزمانى إذ السعى فى ابطال امره يقتضى مهلة او انصرف عن المجلس قال الراغب أدبر اى اعرض وولى دبره يَسْعى يجتهد فى معارضة الآية تمردا وعنادا لا اعتقادا بانها يمكن معارضتها فهو تعلل بالباطل دفعا للمجلس وهو حال من فاعل أدبر بمعنى مسرعا مجتهدا وفى الكشاف لما رأى الثعبان أدبر مرعوبا يسرع فى مشيته قال الحسن رحمه الله كان رجلا طياشا فَحَشَرَ اى فجمع السحرة لقوله تعالى فارسل فرعون فى المدائن حاشرين وقوله تعالى فتولى فرعون فجمع كيده اى ما يكاد به من السحرة وآلاتهم ويجوز ان يراد جميع الناس فَنادى بنفسه فى المقام الذي اجتمعوا فيه معه او بواسطة المنادى فَقالَ لقيامة مقام الحكومة والسلطنة أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى لا رب فوقى اى أعلى من كل من يلى أمركم على ان تكون صيغة التفضيل بالنسبة الى من كان تحت ولايته من الملوك والأمراء (وقال الكاشفى) يعنى أصنام كه بر صورت منند همه ايشان خدايانند ومن از همه برترم. ولما ادعى العلوية قيل لموسى عليه السلام فى مقابلة هذا الكلام انك أنت الأعلى لان الغلبة على سحره غلبة عليه والحاصل انه لم يرد بهذا القول انه خالق السموات والأرض والجبال والنبات والحيوان فان العلم بفساد ذلك ضرورى ومن شك فيه كان مجنونا ولو كان مجنونا لما جاز من الله بعثة الرسول اليه بل الرجل كان دهريا منكرا للصانع والحشر والنشر

[سورة النازعات (79) : آية 25]

وكان يقول ليس للعالم اله حتى يكون له عليكم امر ونهى او يبعث إليكم رسولا بل المربى لكم والمحسن إليكم أنا لا غيرى قال بعضهم كان ينبغى له عند ظهور ذله وعجزه بانقلاب العصا حية ان لا يقول ذلك القول فكأنه صار فى ذلك الوقت كالمعتوه الذي لا يدرى ما يقول (امام قشيرى رحمه الله) در لطائف آورده كه إبليس اين سخن شنيده كفت مرا طاقت اين سخن نيست من دعوئ خيريت كفتم بر آدم اين همه بلا بمن رسيد او كه چنين لاف ميزند تا كار او بكجا رسد. قال بعض العارفين لم يدع أحد من الخلائق من الكمال ما ادعاه ادعاه الإنسان فانه ادعى الربوبية وقال أنا ربكم الأعلى وإبليس تبرأ منها وقال انى أخاف الله فلم يدع مرتبة ليست له قط اى انه على جناح واحد وهو الجلال فقط وكذا الملك فانه على الجمال المحض بخلاف الإنسان فانه مخلوق باليدين. شيخ ركن الدين علاء الدولة سمنانى قدس سره فرموده كه وقتى مرا حال كرم بود بزيارت حسين منصور حلاج رفتم چون مراقبه كردم روح او را در مقام عالى يافتم از عليين مناجات كردم كه خدايا اين چهـ حالتست كه فرعون انا ربكم ومنصور انا الحق كفت هر دو يك دعوى كردند روح حسين در عليين است وجان فرعون در سجين بسر من ندا رسيد كه فرعون بخود بينى در افتاده همه خود را ديد وما را كم كرد وحسين ما را ديد وخود را كم كرد پس در ميان فرق بسيار است (وفى المثنوى) كفت فرعونى انا الحق كشت پست ... كفت منصورى انا الحق وبرست ان أنارا لعنت الله در عقب ... واين أنارا رحمت الله اى محب زانكه او سنك سيه بود اين عقيق ... آن عدوى نور بود واين عشيق اين انا هو بود در سراى فضول ... نه زراى اتحاد واز حلول قال فى اسئلة الحكم فان قلت ما الحكمة فى ان إبليس قد لعن ولم يدع الربوبية وفرعون وأمثاله قد ادعوا الربوبية ولم يلعنوا تعيينا وتخصيصا كما لعن إبليس قيل لان نية إبليس شر من نية هؤلاء وقيل لانه أول من سن الخلاف والشقاق قولا وفعلا ونية والخلق بعده ادعوا الروبية وسنوا البغي والخلاف بوسوسته وإبليس واجه بمخالفته حضرة الرب تعالى وهم واجهوا الأنبياء والوسائط وتضرعوا تارة واعترفوا بالذنوب عند المخلوق اخرى وإبليس لم يعترف ولم يتضرع وهو أول من سن الكفر فوزر الكفار بعده راجع اليه الى يوم القيامة ومظهر الضلالة والغواية بذاته بغير واسطة فَأَخَذَهُ اللَّهُ بسبب ما ذكر نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى النكال بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم وهو التعذيب اى الذي ينكل من رأه او سمعه ويمعنه من تعاطى ما يفضى اليه ومحله النصب على انه مصدر مؤكد كوعد الله وصبغة الله كأنه قال نكل الله به نكال الآخرة والاولى وهو الإحراق فى الآخرة والإغراق فى الدنيا وأخذ مستعمل فى معنى مجازى يعم الاخذ فى الدنيا والآخرة والا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لان الاستعمال فى الاخذ الدنيوي حقيقة وفى الأخروي مجاز لتحقق وقوعه واضافة النكال الى الدارين باعتبار وقوع نفس الاخذ

[سورة النازعات (79) : الآيات 26 إلى 29]

فيهما لا باعتبار ان ما فيه من معنى المنع يكون فيهما فان ذلك لا يتصور فى الآخرة بل فى الدنيا فان العقوبة الاخروية تنكل من سمعها وتمنعه من تعاطى ما يؤدى إليها لا محالة وفى التأويلات القاشانية نازع الحق بشدة ظهور انانيته فى ردآء الكبرياء فقهر وقذف فى النار ملعونا كما قال تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردآئى فمن نازعنى واحدا منهما قذفته فى النار ويروى قصمته وذلك القهر هو معنى قوله فاخذه الله إلخ وقال البقلى لما لم يكن صادقا فى دعواه افتضح فى الدنيا والآخرة وهكذا كل ما يدعى ما ليس له من المقامات قال بشر انطق الله لسانه بالعريض من الدعاوى وأخلاه عن حقائقها وقال السرى العبد إذا تزيى بزى السيد صار نكالا ألا ترى كيف ذكر الله فى قصة فرعون لما ادعى الربوبية فأخذه الله إلخ كذبه كل شىء حتى نفسه وفى الوسيط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال موسى يا رب أمهلت فرعون اربعمائة سنة ويقول أنا ربكم الأعلى ويكذب بآياتك ويجهد برسلك فأوحى الله اليه كان حسن الخلق سهل الحجاب فأردت ان أكافئه اى مكافأة دنيوية وكذا حسنات كل كافر واما المؤمن فاكثر ثوابه فى الآخرة ودلت الآية على ان فرعون مات كافرا وفى الفتوحات المكية فرعون ونمرود مؤبدان فى النار انتهى وغير هذا من اقوال الشيخ رحمه الله محمول على المباحثة فصن لسانك عن الاطالة فانها من أشد ضلالة. يقول الفقير صدر من فرعون كلمتان الاولى قوله أنا ربكم الأعلى والثانية قوله ما علمت لكم من اله غيرى وبينهما على ما قيل أربعون سنة فالظاهر أن الربوبية محمولة على الالوهية فتفسير قوله أنا ربكم الأعلى بقولهم أعلى من كل من يلى أمركم ليس فيه كثير جدوى إذ لا يقتضى ادعاء الرياسة دعوى الالوهية كسائر الدهرية والمعطلة فانهم لم يتعرضوا للالوهية وان كانوا رؤساء تأمل هذا المقام إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصة فرعون وما فعل به لَعِبْرَةً اعتبارا عظيما وعظة لِمَنْ يَخْشى اى لمن من شأنه ان يخشى وهو من شأنه المعرفة يعنى ان العارف بالله وبشؤونه يخشى منه فلا يتمرد على الله ولا على أنبيائه خوفا من نزول العذاب والعاقل من وعظ بغيره چوبرگشته بختي در افتد به بند ... ازو نيك بختان بگيرند پند تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب برآر از كريبان غفلت سرت ... كه فردا نماند خجل در برت يعنى در سينه ات أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً خطاب لاهل مكة المنكرين للبعث بناء على صعوبته فى زعمهم بطريق التوبيخ والتبكيت بعد ما بين كمال سهولته بالنسبة للا قدرة الله تعالى بقوله تعالى فانما هى زجرة واحدة فالشدة هنا بمعنى الصعوبة لا بمعنى الصلابة لانها لا تلائم المقام اى أخلقكم بعد موتكم أشق وأصعب فى تقديركم وزعمكم والا فكلا الامرين بالنسبة الى قدرة الله واحد أَمِ السَّماءُ أم خلق السماء بلا مادة على عظمها وقوة تأليفها وانطوائها على البدائع التي تحار العقول فى ملاحظة أدناها وهو استفهام تقرير ليقروا بأن خلق السماء

[سورة النازعات (79) : الآيات 28 إلى 29]

أصعب فيلزمهم بأن يقول لهم ايها السفهاء من قدر على الأصعب الأعسر كيف لا يقدر على اعادتكم وحشركم وهى أسهل وأيسر فخلقكم على وجه الاعادة اولى ان يكون مقدور الله فكيف تنكرون ذلك قوله ءانتم مبتدأ وأشد خبره وخلقا تمييز والسماء عطف على أنتم وحذف خبره لدلالة خبر أنتم عليه اى أم السماء أشد خلقا بَناها الله تعالى وهو استئناف وتفصيل لكيفية خلقها المستفاد من قوله أم السماء فيتم الكلام حينئذ عند قوله أم السما ويبتدأ من قوله بناها وأم متصلة واستعمل البناء فى موضع السقف فان السماء سقف مرفوع والبناء انما يستعمل فى أسافل البناء لا فى الأعالي للاشارة الى انه وان كان سقفا لكنه فى البعد عن الاختلال والانحلال كالبناء فان البناء ابعد عن تطرق الاختلال اليه بالنسبة الى السقف رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها بيان للبناء اى جعل مقدار ارتفاعها من الأرض وذهابها الى سمت العلو مديدا رفيعا مسيرة خمسمائة عام فان امتداد الشيء ان أخذ من أسفله الى أعلاه سمى سمكا وإذا أخذ من أعلاه الى أسفله سمى عمقا وقال بعضهم السمك الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلى ما فوقها فيكون المراد ثخنها وغلظها وهو ايضا تلك المسيرة وَأَغْطَشَ لَيْلَها الغطش الظلمة قال الراغب وأصله من الاغطش وهو الذي فى عينه شبه عمش يقال اغطشه الله إذا جعله مظلما وأغطش الليل إذا صار مظلما فهو متعد ولازم والاول هو المراد هنا اى جعله مظلما ذهب النور فان قيل الليل اسم لزمان الظلمة الحاصلة بسبب غروب الشمس فقوله وأغطش ليلها يرجع معناه الى انه جعل المظلم مظلما وهو بعيد والجواب معناه ان الظلمة الحاصلة فى ذلك الزمان انما حصلت بتدبير الله وتقديره فلا إشكال وَأَخْرَجَ ضُحاها اى ابرز نهارها عبر عنه بالضحى وهو ضوء الشمس ووقت الضحى هو الوقت الذي تشرق فيه الشمس ويقوم سلطانها لانه اشرف أوقاتها وأطيبها على تسمية المحل باسم اشرف ما حل فيه فكان أحق بالذكر فى مقام الامتنان وهو السر فى تأخير ذكره عن ذكر الليل وفى التعبير عن احداثه بالإخراج فان اضافة النور بعد الظلمة أتم فى الانعام وأكمل فى الإحسان واضافة الليل والضحى الى السماء لدوران حدوثها على حركتها والاضافة يكفيها أدنى ملابسة المضاف اليه ويجوز ان تكون اضافة الضحى إليها بواسطة الشمس اى ابرز ضوء شمسها بتقدير المضاف والتعبير عنه بالضحى لانه وقت قيام سلطانها وكمال إشراقها. امام زاهد فرموده كه روز وشب دنيا بآسمان پيدا كردد بسبب آفرينش آفتاب وماه دور. قال بعض العارفين الليل ذكر والنهار أنثى فلما تغشاها الليل حملت فولدت فظهرت الكائنات عن غشيان الزمان فالمولدات أولاد الزمان واستخراج النهار من الليل كاستخراج حواء من آدم قال تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذاهم مظلمون وقال يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل كعيسى فى مريم وحواء فى آدم فاذا خاطب أبناء النهار قال يولج الليل وإذا خاطب أبناء الليل قال يولج النهار وقال بعض اهل الحقائق ان توارد الليل والنهار اشارة الى توارد السيئة والحسنة فكما ان الدنيا لا تبقى على ليل وحده ولا على نهار وحده بل

[سورة النازعات (79) : الآيات 30 إلى 33]

هما يتعاقبان فيها فكذا المؤمن لا يخلو من نور الايمان والعمل الصالح ومن ظلمة العمل الفاسد والفكر الكاسد ولذ قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه يا على إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فاذا كان يوم القيامة يلقى الله الليل فى جهنم والنهار فى الجنة فلا يكون فى الجنة ليل كما لا يكون فى النار نهار يعنى ان النهار فى الجنة هو نور ايمان المؤمن ونور عمله الصالح بحسب مرتبته والليل فى النار هو ظلمة كفر الكافر وظلمة عمله السيئ فكما ان الكفر لا يكون ايمانا فكذا الليل لا يكون نهار والنار لا تكون نورا فيبقى كل من اهل النور والنار على صفته الغالبة عليه واما القلب وحاله بحسب التجلي فهو على عكس حال القالب فان نهاره المعنوي لا يتعاقب عليه ليل وان كان يطرأ عليه استتار فى بعض الأوقات وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها اى قبل ذلك كقوله تعالى من بعد الذكر اى قبل القرآن بسطها ومهدها لسكنى أهلها وتقلبهم فى أقطارها وقال بعضهم بعد على معناه الأصلي من التأخر فان الله خلق الأرض قبل خلق السماء من غير أن يدحوها ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سموات ثم دحا الأرض بعد ذلك وقال فى الإرشاد انتصاب الأرض بمضمر يفسره دحاها وذلك اشارة الى ما ذكر من بناء السموات ورفع سمكها وتسويتها وغيرها لا الى أنفسها وبعدية الدحو عنها محمولة على البعدية فى الذكر كما هو المعهود فى السنة العرب والعجم لا فى الوجود فان اتفاق الأكثر على تقدم خلق الأرض وما فيها على خلق السماء وما فيها وتقديم الأرض لا يفيد القصر وتعيين البعدية فى الوجود لما عرفت من ان انتصابه بمضمر مقدم قد حذف على شريطة التفسير لا بما ذكر بعده ليفيد ذلك وفائدة تأخيره فى الذكر اما التنبيه عل انه قاصر فى الدلالة على القدرة القاهرة بالنسبة الى احوال السماء واما الاشعار بانه ادخل فى الإلزام لما ان المنافع المنوطة بما فى الأرض اكثر وتعلق مصالح الناس بذلك اظهر واحاطتهم بتفاصل أحواله أكمل وقد مر ما يتعلق بهذا المقام فى سورة حم السجدة أَخْرَجَ مِنْها ماءَها بأن فجر منها عيونا واجرى أنهارا وَمَرْعاها اى رعيها بالكسر بمعنى الكلأ وهو فى الأصل موضع الرعي بالفتح نسب الماء والمرعى الى الأرض من حيث انهما منها يظهر ان وتجريد الجملة عن العاطف لانها بيان وتفسير لدحاها او تكملة له فان السكنى لا تتاتى بمجرد البسط والتمهيد بل لا بد من تسوية امر المعاش من المأكل والمشرب حتما وَالْجِبالَ منصوب بمضمر يفسر قوله أَرْساها اى أثبتها واثبت بها الأرض ان تميد بها وهذا تحقيق للحق وتنبيه على ان الرسو المنسوب إليها فى مواضع كثيرة من التنزيل بالتعبير عنها بالرواسى ليس من مقتضيات ذواتها بل هو بارسائه تعالى ولولاه لما ثبتت فى نفسها فضلا عن إثباتها للارض مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ مفعول له بمعنى تمتيعا والانعام جمع نعم بفتحتين وهى المال الراعية بمعنى المواشي وفى الصحاح واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل والمراد هنا ما يكون عاما للابل والبقر والغنم من الضأن والمعز أي فعل ذلك تمتيعا ومنفعة لكم ولانعامكم لان فائدة ما ذكر من البسط والتمهيد وإخراج الماء والمرعى واصلة إليهم والى أنعامهم فان المراد بالمرعى ما يعم ما يأكله الإنسان

[سورة النازعات (79) : الآيات 34 إلى 37]

وغيره بناء على استعارة الرعي لتناول المأكول على الإطلاق كاستعارة المرسن للانف ولهذا قيل دل الله تعالى بذكر الماء والمرعى على عامة ما ير تفق به ويتمع مما يخرج من الأرض حتى الملح فانه من الماء قال العتبى هذا اى قوله اخرج منها ماءها ومرعاها من جوامع الكلم حيث ذكر شيئين دالين على جميع ما اخرج من الأرض قوتا ومتاعا للانام من العشب والشجر والحب والثمر والملح والنار لان النار من الشجر الأخضر والملح من الماء ونكتة الاستعارة توبيخ المخاطبين المنكرين للبعث وإلحاقهم بالبهائم فى التمتع بالدنيا والذهول عن الآخرة فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى قال فى الصحاح كل شىء كثر حتى علا وغلب فقد طم من باب رد والكبرى تأنيث الأكبر من كبر بالضم بمعنى عظم لا من كبر بالكسر بمعنى أسن وهذا شروع فى بيان احوال معادهم اثر بيان احوال معاشهم والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها عما قليل كما ينبئ عنه لفظ المتاع والمعنى فاذا جاء وقت طلوع وقوع الداهية العظمى التي تطم على سائر الطامات والدواهي اى تعلوها وتغلبها فوصفها بالكبرى يكون للتأكيد ولو فسر بما تعلو على الخلائق وتغلبهم كان مخصصا والمراد القيامة او النفخة الثانية فانه يشاهد يوم القيامة من الآيات الهائلة الخارجة عن العادة ما ينسى معه كل هائل وعند النفخة الثانية تحشر الخلائق الى موقف القيامة خصت النازعات بالطامة وعبس بالصاخة لان الطم ان كان بمعنى النفخة الاولى للاهلاك فهو قبل الصخ اى الصوت الشديد الذي يحيى له الناس حين يصيخون له كما ينتبه النائم بالصوت الشديد فهو بمعنى النفخة الثانية فجعل السابق للسورة السابقة واللائق للاحقة وان كان بمعنى النفخة الثانية فحسن الموقع فى كلا الموضعين لان الطم ورد بعد قوله تتبعها الرادفة والصخ بعد ما بين عدم إصاخة النبي عليه السلام لابن أم مكتوم يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى منصوب بأعني تذكيرا للطامة الكبرى وما موصولة وسعى بمعنى عمل اى يتذكر فيه كل أحد كائنا من كان ما عمله من خير أو شر بأن يشاهده مدونا فى صحيفة اعماله وقد كان نسيه من فرط الغفلة وطول الأمد كقوله تعالى أحصاه الله ونسوه وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ عطف على جاءت اى أظهرت إظهارا بينا لا يخفى على أحد بعد ان كانوا يسمعون بها والمراد مطلق النار المعبر عنها بجهنم لا الدركة المخصوصة من الدركات السبع لِمَنْ يَرى كائنا من كان على ما يفيده من فانه من ألفاظ العموم يروى انه يكشف عنها فتنلظى فيراها كل ذى بصر مؤمن وكافر وقوله تعالى وبرزت الجحيم للغاوين لا ينافى ان يراها المؤمنون ايضا حبن يمرون عليها مجاوزين الصراط وقيل للكافر لان المؤمن يقول اين النار التي توعدنا بها فيقال مررتموها وهى خامدة فَأَمَّا مَنْ طَغى إلخ جواب فاذا جاءت على طريقة قوله فاما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى إلخ يقال ان جئتنى فان قدرت أحسنت إليك ويقال إذا كانت الدعوة فاما من كان جاهلا فهناك مقامه واما من كان عالما فههنا مقامه اى فاما من عتا وتمرد عن الطاعة وجاوز الحد فى العصيان كالنضر وأبيه الحارث المشهورين بالغلو فى الكفر والطغيان

[سورة النازعات (79) : الآيات 38 إلى 41]

وَآثَرَ اختار الْحَياةَ الدُّنْيا الفانية التي على جناح الفوات فانهمك فيما متع به فيها ولم يستعد للحياة الآخرة الابدية بالايمان والطاعة فَإِنَّ الْجَحِيمَ التي ذكر شأنها هِيَ لا غيرها وهو ضمير فصل او مبتدأ الْمَأْوى اى مأواه فلا يخرج من النار كما يخرج المؤمن العاصي فالكلام فى حق الكافر لكن فيه موعظة وعبرة موقظة واللام سادة مسد الاضافة للعلم بأن صاحب المأوى هو الطاغي كما فى قولك غض الطرف فانه لا يغض الرجل طرف غيره وذلك لان الخبر إذا كان جملة لا بد فيها من ضمير يربطها بالمبتدأ فسدت اللام مسد العائد لعدم الالتباس فلا احتياج فى مثل هذا المقام الى الرابطة وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ اى مقامه بين يدى مالك أمره يوم الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وذلك لعلمه بالمبدأ والمعاد فان الخوف من القيام بين يديه للحساب لا بد ان يكون مسبوقا بالعلم به تعالى وفى بعض التفاسير المقام اما مصدر ميمى بمعنى القيام او اسم مكان بمعنى موضع القيام اى المكان الذي عينه الله لان يقوم العباد فيه للحساب والجزاء وقيل المقام مقحم للتأكيد جعل الخوف مقابلا للطغيان مع ان الظاهر مقابلته للانقياد والاطاعة بناء على ان الخوف أول اسباب الاطاعة ثم الرجاء ثم المحبة فالاول للعوام والثاني للخواص والثالث لأخص الخواص وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى عن الميل اليه بحكم الجيلة البشرية ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها ولم يغتر بزخارفها وزينتها علما منه بوخامة عاقبتها والهوى ميلان النفس الى ما تشتهبه وتستلذه من غير داعية الشرع وفى الحديث ان أخوف ما أتخوف على أمتي الهوى وطول الأمل اما الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة قال بعض الكبار الهوى عبارة عن الشهوات السبع المذكورة فى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وقد أدرجها الله فى أمرين كما قال انما الحياة الدنيا لعب ولهو ثم أدرجها فى أمر واحد وهو الهوى فى الآية فالهوى جامع لانواع الشهوات فمن تخلص من الهوى فقد تخلص من جميع القيود والبرازخ قال سهل رحمه الله لا يسلم من الهوى الا الأنبياء وبعض الصديقين ليس كلهم وانما يسلم من الهوى من ألزم نفسه الأدب وقال بعضهم حقيقة الإنسان هى نفسه لا شىء زائد عليها وقال تعالى ونهى النفس عن الهوى فمن الناهي لها تأمل انتهى. يقول الفقيران الإنسان برزخ بين الحقيقة الالهية والحقيقة الكونية وكذا بين الحقيقة الملكية والحقيقة الحيوانية فهو من حيث الحقيقة الاولى ينهى النفس من حيث الحقيقة الثانية كما ان النبي عليه السلام يخاطب نفسه بقوله عليه السلام السلام عليك أيها النبي من جانب ملكيته الى جانب بشريته او من مقام جمعه الى مقام فرقه فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى له لا غيرها فنهى النفس عن الهوى معناه نهيها عن جميع الهوى على ان اللام للاستغراق والا فلا معنى للحصر لان المؤمن الفاسق قد يدخل النار اولا ثم يدخل الجنة فلا يصح فى حقه الحصر اللهم الا ان يقال معنى الحصر أن الجنة هى المقام الذي لا يخرج عنه من دخل فيه وفى بعض التفاسير

[سورة النازعات (79) : الآيات 42 إلى 46]

المراد بالجنة مطلق دار الثواب فلا يخالف قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فان له جنتين بفضل الله فى دار الثواب جنة النغيم بالنعم الجسمانية وجنة التلذذ باللذات الروحانية. ودر فصول آورده كه اين آيت در شان كسى است كه قصد معصيتى كند وبران قادر باشد خلاف نفس نموده از خداى بترسد واز عمل آن دست باز دارد كر نفسى نفس بفرمان تست ... شبهه مياور كه بهشت آن تست نفس كشد هر نفسى سوى پست ... هر كه خلافش نفسى زد برست قال محمد بن الحسن رحمه الله كنت نائما ذات ليلة إذا أنا بالباب يدق ويقرع فقلت انظروا من ذلك فقال رسول الخليفة هرون يدعوك فخفت على روحى وقمت ومضيت اليه فلما دخلت عليه قال دعوتك فى مسئلة ان أم محمد يعنى زبيده قلت لها انى امام العدل وامام العدل فى الجنة فقالت انك ظالم عاص قد شهدت لنفسك بالجنة فكذبت بذلك على الله وحرمت عليك فقلت له يا أمير المؤمنين إذا وقعت فى معصية فهل تخاف الله فى تلك الحال او بعدها فقال اى والله أخاف خوفا شديدا فقلت له أنا اشهد ان لك جنتين لا جنة واحدة قال الله تعالى ولمن حاف مقام ربه جنتان فلا طفنى وأمرنى بالانصراف فلما رجعت الى دارى رأيت البدر متبادرة الى. عبد الملك بن مروان خليفه روزكار بود وابو حازم امام وزاهد وقت بود از وى پرسيد كه يا أبا حازم فردا حال وكار ما چون خواهد بود كفت اگر قرآن مى خوانى قرآن ترا جواب ميدهد كفت كجا ميكويد كفت فاما من طغى الى قوله فان الجنة هى المأوى بدانكه در دنيا هر نفسى را آتش شهوتست ودر عقبى آتش عقوبت هر كه امروز بآتش شهوت سوخته كردد فردا بآتش عقوبت رسد وهر كه امروز بآب رياضت ومجاهده آتش شهوت بنشاند وهمچنين در دنيا در دل هر مؤمن بهشتى است كه آنرا بهشت عرفان كويند ودر عقبى بهشتى است كه آنرا رضوان كويند هر كه امروز در دنيا بهشت عرفان بطاعت آراسته دارد فردا به بهشت رضوان برسد. وقال القاشاني فاما من طغى اى تعدى طور الفطرة الانسانية وتجاوز حد العدالة والشريعة الى الرتبة البهيمية او السبعية وأفرط فى تعديه وآثر الحياة الحسية على الحقيقية بمحبة اللذات السفلية فان الجحيم مرجعه وماواه واما من خاف مقام ربه بالترقي الى مقام القلب ومشاهدة قيوميته تعالى نفسه ونهى النفس خوف عقابه وقهره عن هواها فان الجنة ماواه على حسب درجاته وقال بعضهم أشار بالآية الى حال المبتدئ فانه وقت قصده الى الله لا يجوز له الرخصة والرفاهية خوفا من الحجاب فاذا بلغ الى مقام التصفية والمعرفة لم يحتج الى نهى النفس عن الهوى فان نفسه وجسمه وشيطانه صارت روحانية والمشتهى هناك مشتهى واحد هو مشتهى الروح فالمبتدئ مع النفس فى الاشتهاء فلذا صار من اهل النهى والمنتهى مع الرب فى ذلك ومن كان مع الرب فقد تحولت شهوته لذة حقيقية مقبولة يَسْئَلُونَكَ مى پرسند ترا اى يا محمد عَنِ السَّاعَةِ اى القيامة أَيَّانَ مُرْساها ارساؤها اى إقامتها يريدون متى يقيمها الله ويثبتها ويكونها فأيان ظرف بمعنى متى وأصله اى آن ووقت والمرسى مصدر بمعنى الارساء وهو الإثبات وهو مبتدأ

[سورة النازعات (79) : الآيات 43 إلى 46]

وأيان خبره بتقدير المضاف إذ لا يخبر بالزمان عن الحدث والتقدير متى وقت ارسائها كان المشركون يسمعون اخبار القيامة ولو صافها الهائلة مثل انها طامة كبرى وصاخة وقارعة فيقولون على سبيل الاستهزاء أيان مرساها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها رد وانكار لسؤال المشركين عنها واصل فيم فيما كما ان اصل عم عما وقد سبق والذكرى بمعنى الذكر كالبشرى بمعنى البشارة اى فى اى شىء أنت من ان تذكر لهم وقتها وتعلمهم به حتى يسألونك بيانها كقوله تعالى يسألونك كأنك حفى عنها اى ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها فى شىء لان ذلك فرع علمك به وأنى لك ذلك وهو مما استأثر بعلمه علام الغيوب فقوله من ذكراها فيه مضاف وصلته محذوفة وهى لهم والاستفهام للانكار وأنت مبتدأ وفيم خبره قدم عليه ومن ذكراها متعلق بما تعلق به الخبر إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها اى انتهاء علمها ليس لاحد منه شىء ما كائنا من كان فلاى شىء يسألونك عنها. عائشه رضى الله عنها فرموده كه حضرت رسول عليه السلام ميخواست كه وقت آن از خدا بپرسد حق تعالى فرمود تو از دانستن قيامت بر چهـ چيزى يعنى علم آن حق تو نيست زنهار تا نپرسى به پروردگار تست منتهاى علم قيامت يعنى كس را خبر ندهد چهـ اطلاع بر ان خاصه حضرت پروردگارست. قال القاشاني اى فى اى شىء أنت من علمها وذكرها وانما الى ربك ينتهى علمها فان من عرف القيامة هو الذي انمحى علمه اولا بعلمه تعالى ثم فنيت ذاته فى ذاته فكيف يعلمها ولا علم له ولا ذات فأين أنت وغيرك من علمها بل لا يعلمها الا الله وحده إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها اى وظيفتك الامتثال بما أمرت به منى بيان اقترابها وتفصيل ما فيها من فنون الأهوال لا تعيين وقتها الذي لم يفوض إليك فما لهم يسألونك عما ليس من وظائفك بيانه اى ما أنت الا منذر لا يعلم فهو من قصر الموصوف على الصفة او ما أنت منذر الا من يخشاها فهو من قصر الصفة على الموصوف وتخصيص من يخشى مع انه مبعوث الى من يخشى ومن لا يخشى لانهم هم المنتفعون به اى لا يؤثر الانذار الا فيهم كقوله فذكر بالقرءان من يخاف وعيد والجمهور على ان قوله منذر من يخشاها من اضافة الصفة الى معمولها للتخفيف على الأصل لان الأصل فى الأسماء الاضافة والعمل فيها انما هو بالشبه ومن قرأها بالتنوين اعتبر أن الأصل فيها الأعمال والاضافة فيها انما هى للتخفيف كَأَنَّهُمْ اى المنكرين وبالفارسية كوييا كفار مكه يَوْمَ يَرَوْنَها روزى كه بينند قيامت را كه از آمدن آن همى پرسند لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها الضحى اسم لما بين اشراق الشمس الى استواء النهار ثم هى عشى الى الغداة كما فى كشف الاسرار والجملة حال من الموصول فانه على تقدير الاضافة وعدمها مفعول لمنذر كأنه قيل تنذرهم مشبهين يوم يرونها اى فى الاعتقاد بمن لم يلبث بعد الانذار بها الا تلك المدة اليسيرة اى عشية يوم واحد او ضحاه اى آخر يوم او اوله لا يوما كاملا على ان التنوين عوض عن المضاف اليه فلما ترك اليوم أضيف ضحاه الى عشيته والضحى والعشية لما كانا من يوم واحد تحققت بينهما ملابسة مصححة لاضافة أحدهما الى الآخر فلذلك أضيف الضحى الى العشية فان قيل لم لم يقل الاعشية او ضحى وما فائدة الاضافة قلنا لو قيل لم يلبثوا

تفسير سورة عبس

الاعشية او ضحى احتمل أن يكون العشية من يوم والضحى من يوم آخر فيتوهم استمرار اللبث من ذلك الزمان من اليوم الاول الى الزمان الآخر من اليوم الآخر واما إذا قيل الاعشية او ضحاها لم يحتمل ذلك البتة قال فى الإرشاد واعتبار كون اللبث فى الدنيا او فى القبور لا يقتضيه المقام وانما الذي يقتضيه اعتبار كونه بعد الانذار أو بعد الوعيد تحقيقا للانذار وردا لاستبطائهم وفى الآية اشارة الى ساعة الفناء فى الله فانها امر وجداني لا يعرفها الا من وقع فيها وهم باقون بنفوسهم الغليظة الشديدة فكيف يفهمونها بذكرها بلسان العبارة كما قيل من لم يذق لم يعرف كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الاعشية او ضحاها لاتصال آخر الفناء بأول البقاء كما قال العارف الطيار العطار قدس سره كر بقا خواهى فناى خود كزين ... أولين چيزى كه مى زايد بقاست وفى الحديث من قرأ سورة النازعات كان ممن حبسه الله فى القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة مكتوبة وهو عبارة عن استقصار مدة اللبث فيما يلقى من البشرى والكرامة فى البرزخ والموقف كذا فى حواشى ابن الشيخ رحمه الله تمت سورة النازعات بعون خالق البريات فى يوم الاثنين ثانى صفر الخير من شهور ستة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة عبس أربعون او احدى وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم عَبَسَ من الباب الثاني والعبس والعبوس ترش روى شدن يعنى ترش كرد روى خود را محمد عليه السلام وَتَوَلَّى اعرض يعنى روى بگردانيد أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى الضمير لمحمد عليه السلام وهو علة لتولى على رأى المبصريين لقربه منه اى تولى لأن جاءه الأعمى والعمى افتقاد البصر ويقال فى افتقاد البصيرة ايضا ولام الأعمى للعهد فيراد أعمى معروف وهو ابن أم مكتوم المؤذن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأذان ولذلك قال عليه السلام ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان من المهاجرين الأولين استخلفه عليه السلام على المدينة مرتين حين خرج غازيا وقيل ثلاث مرات مات بالمدينة وقيل شهيدا بالقادسية وهى قرية فوق الكوفة قال أنس رضى الله عنه رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سوداء ويقال ليوم فتح عمر رضى الله عنه يوم القادسية فانه ظفر على العجم هناك وأخذ منهم غنائم كثيرة واختلفوا فى اسم ابن أم مكتوم فقيل هو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بنى عامر ابن لؤى وقيل هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم من بنى عامر بن هلال وهو ابن خال خديجة رضى الله عنها وأم مكتوم اسم أم أبيه كما فى الكشاف وقال السعدي هو وهم فقد نص ابن عبد البر وغيره انها أمه واسمها عاتكة بنت عامر بن مخزوم (روى) ان ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك فى مكة وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل

[سورة عبس (80) : آية 3]

بن هشام والعباس بن عبد المطلب وامية بن خلف والوليد بن المغيرة يدعوهم الى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم لان عادة الناس انه إذا مال أكابرهم الى أمر مال اليه غيرهم كما قيل الناس على دين ملوكهم فقال له يا رسول الله علمنى مما علمك الله انتفع به وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله عليه السلام بالقوم إذا لسمع لا يكفى فى العلم بالتشاغل بل لا بد من الابصار على انه يجوز انهم كانوا يخفضون أصواتهم عند المكالمة او جاء الأعمى فى منقطع من الكلام فكره رسول الله قطعه لكلامه واشتغاله به عنهم وعبس واعرض عنه فرجع ابن أم مكتوم محزونا خائفا أن يكون عبوسه واعراضه عنه انما هو لشئ أنكره الله منه فنزلت. امام زاهد فرموده كه سيد عالم صلى الله عليه وسلم از عقب او رفت واو را باز گردانيده ورداى مبارك خود بگسترانيد وبران نشانيد. فكان رسول الله يكرمه ويقول إذا رآه مرحبا بمن عاتبنى فيه ربى اى لا منى مع بقاء المحبة ويقول له هل لك من حاجة ويقال ان رسوالله عليه السلام لم يغتم فى عمره كغمه حين أنزلت عليه سورة عبس لان فيها عتبا شديدا على مثله لانه الحبيب الرشيد ومع ذلك فلم يجعل ذلك الخطاب بينه وبينه فيكون أيسر للعتاب بل كشف ذلك للمؤمنين ونبه على فعله عباده المتقين ولذلك روى ان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه بلغه ان بعض المنافقين يؤم قومه فلا يقرأ فيهم الا سورة عبس فارسل اليه فضرب عنقه لما استدل بذلك على كفره ووضع مرتبته عنده وعند قومه قال ابن زيد لو جاز له أن يكتم شيأ من الوحى لكان هذا وكذا نحو قوله لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك ونحو قوله امسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه وكان ما فعله عليه السلام من باب ترك الاولى فلا يعد ذنبا لان اجتهاده عليه السلام كان فى طلب الاولى والتعرض لعنوان عماه مع ان ذكر الإنسان بهذا الوصف يقتضى تحقير شأنه وهو ينافى تعظيمه المفهوم من العتاب على العبوس فى وجهه اما لتمهيد عذره فى الاقدام على قطع كلامه عليه السلام للقوم والإيذان باستحقاقه الرفق والرأفة لا الغلظة واما لزيادة الإنكار فان أصل الإنكار حصل من دلالة المقام كأنه قيل تولى لكونه أعمى وهو لا يليق بخلقه العظيم كما ان الالتفات فى قوله تعالى وَما يُدْرِيكَ لذلك فان المشافهة أدخل فى تشديد العتاب كمن يشكو الى الناس جانيا جنى عليه ثم يقبل على الجاني إذا حمى فى الشكاية مواجها له بالتوبيخ اى واى شىء يجعلك داريا وعالما بحاله ويطلعك على باطن امره حتى تعرض عنه اى لا يدريك شىء فتم الكلام عنده فيوقف عليه وليس ما بعده مفعوله بل هو ابتداء كلام وقال الامام السهيلي رحمه الله انظر كيف نزلت الآية بلفظ الاخبار عن الغائب فقال عبس وتولى ولم يقل عبست وتوليت وهذا شبيه حال الغائب المعرض ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب فقال وما يدريك علما منه تعالى انه لم يقصد بالاعراض عنه الا الرغبة فى الخير ودخول ذلك المشرك فى الإسلام وهو الوليد أو أمية وكان مثله يسلم بإسلامه بشر كثير فكلم نبيه عليه السلام حين ابتدار الكلام بما يشبه كلام المعرض عنه العاتب له ثم واجهه بالخطاب تأنيسا له عليه السلام بعد الايحاش فانه قيل ان ابن أم

[سورة عبس (80) : الآيات 4 إلى 7]

مكتوم كان قد اسلم وتعلم ما كان يحتاج اليه من امور الدين واما أولئك الكفار فما كانوا قد اسلموا وكان إسلامهم سببا لاسلام جمع عظيم فكلامه فى البين سبب لقطع ذلك الخير العظيم لغرض قليل وذلك محرم والأهم مقدم على المهم فثبت بهذا ان فعل ابن أم مكتوم كان ذنبا ومعصية وما فعله النبي عليه السلام كان واجبا فكيف عاتبه الله على ذلك قيل ان الأمر وإن كان كما ذكر الا ان ظاهر ما فعله الرسول عليه السلام يوهم تقديم الأغنياء على الفقراء وقلة المبالاة بانكسار قلوب الفقراء وهو لا يليق بمنصب النبوة لانه ترك الأفضل كما أشير اليه سابقا فلذا عاتبه الله تعالى لَعَلَّهُ اى الأعمى يَزَّكَّى بتشديدين أصله يتزكى اى يتطهر بما يقتبس منك من اوضار الأوزار بالكلية وكلمة لعل مع تحقق التزكى وارد على سنن الكبرياء فان لعل فى كلام العظماء يراد به القطع والتحقيق او على اعتبار معنى الترجي بالنسبة اليه عليه السلام للتنبيه على ان الاعراض عنه عند كونه مرجوا التزكى مما لا يجوز فكيف إذا كان مقطوعا بالتزكى كما فى قولك لعلك ستندم على ما فعلت أَوْ يَذَّكَّرُ يتشديدين ايضا أصله يتذكر والتذكر هو الاتعاظ يعنى با خود پند كيرد فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى اى فتنفعه موعظتك ان لم يبلغ درجة التزكى التام وفى الكشاف المعنى انك لا تدرى ما هو مترقب منه من تزكى او تذكر ولو دريت لما فرط ذلك منك انتهى أشار الى ان قوله يزكى من باب التخلية عن الآثام وقوله او يذكر من باب التحلية ببعض الطاعات ولذا دخلت كلمة الترديد فقوله او يذكر عطف على بزكى داخل معه فى حكم الترجي وقوله فتنفعه الذكرى بالنصب على جواب لعل تشبيها له بليت وفيه اشارة الى أن من تصدى لتزكيتهم من الكفرة لا يرجى منهم التزكى والتذكر أصلا واشعار بأن اللائق بالعلم أن يقصد بتعليمه تزكية متعلمه ولا ينظر الى شبحه وصورته كما ينظر العوام وبالمتعلم أن يريد بتعلمه تزكية نفسه عن أرجاس الضلالة وتطهير قلبه من أدباس الجهالة لا احكام الدنيا الدنية أَمَّا للتفضيل مَنِ اسْتَغْنى عن الايمان وعما عندك من العلوم والمعارف التي ينطوى عليها القرآن فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى بحذف احدى التاءين تخفيفا اى تتصدى وتتعرض بالإقبال عليه والاهتمام بإرشاده واستصلاحه دون الأعمى وفيه مزيد تنفير له عليه السلام عن مصاحبتهم فان الإقبال على المدبر ليس من شيم الكرام والتصدي للشئ التعرض والتقيد به والاهتمام بشأنه وضده التشاغل عنه وفى المفردات التصدي ان يقابل الشيء مقابلة الصدى اى الصوت الراجع من الجبل وفى كشف الاسرار التصدي التعرض للشئ على حرص كتعرض الصديان للماء اى العطشان وعن بعضهم اصل تصدى تصدد من الصدد وهو ما استقبلك وجاء قبالتك فأبدل أحد الأمثال حرف علة وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى اى وليس عليك بأس ووزر ووبال فى أن لا يتزكى ذلك المستغنى بالإسلام حتى تهتم بأمره وتعرض عمن أسلم ان عليك الا البلاغ وكيف تحرض على الإسلام من ليس له قابلية وقد خلق على حب الدنيا والعمى عن الآخرة وفيه استهانة لمن اعرض عنه فما نافية وكلمة فى المقدرة متعلقة باسم ما وهو محذوف والجملة حال من ضمير تصدى مقررة لجهة الإنكار

[سورة عبس (80) : الآيات 8 إلى 11]

وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى اى حال كونه مسرعا طالبا لما عندك من احكام الرشد وخصال الخير وَهُوَ والحال انه يَخْشى الله تعالى او يخشى الكفار وأذا هم إتيانك قال سعدى المفتى الظاهر أن النظم من الاحتباك ذكر الغنى اولا للدلالة على الفقر ثانيا والمجيء والخشية ثانيا للدلالة على ضدهما اولا فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى بحذف احدى التاءين تخفيفا اى تتلهى وتتشاغل من لهى عن الشيء بكسر الهاء يلهى لهيا اعرض عنه لا من لهوت بالشيء بالفتح ألهو لهوا إذا لعبت به لان الفعل مسند الى ضمير النبي ولا يليق بشأنه الرفيع أن ينسب اليه التفعل من اللهو بخلاف الاشتغال عن الشيء لمصلحة وفى بعض التفاسير ولو أخذ من اللهو وجعل التشاغل بأهل التغافل من جنس اللهو واللعب لكونه عبثا لا يترتب عليه نفع لم يخل عن وجه انتهى وفيه انه يلزم منه أن يكون الاشتغال بالدعوة عبثا ولا يقول به المؤمن وذلك لانه لا يجوز للنبى عليه السلام التشاغل بأهل التغافل الا بطريق التبليغ والإرشاد فكيف لا يترتب عليه نفع وفى تقديم ضميره عليه السلام وهو أنت على الفعلين تنبيه على ان مناط الإنكار خصوصيته عليه السلام أي مثلك خصوصا لا ينبغى ان يتصدى للمستغنى ويتلهى عن الفقير الطالب للخير وفى تقديم له وعنه للتعريض باهتمامه عليه السلام بمضونهما تنبيه حيث أفادت القصة ان العبرة بالأرواح والأحوال لا بالأشباح والأموال والعزيز من أعزه الله بالايمان والطاعة وان كان بين الناس ذليلا والذليل من اذله الله بالكفر والمعصية وان كان بين الناس عزيزا روى انه عليه السلام ما عبس بعد ذلك فى وجه فقير قط ولا تصدى لغنى وكان الفقراء فى مجلسه عليه السلام أمراء يعنى كان يحترمهم كل الاحترام وفيه تأديب للصغير بالكبير فحملة الشرع والعلم والحكام مخاطبون فى تقريب الضعيف من اهل الخير وتقديمه على الشريف العاري عن الخير بمثل ما خوطب به النبي عليه السلام فى هذه السورة قال بعضهم بين الله درجة الفقر وتعظيم اهله وخسة الدنيا وتحقير أهلها فصح الاشتغال بصحبة الفقراء لان فيم نعت الصدق والتجرد فالصحبة معهم مفيدة بخلاف الاشتغال بصحبة الأغنياء إذ ليس فيهم ذلك فالصحبة معهم ضائعة وفى الحديث (من تحامل على فقير لغنى فقد هدم ثلث دينه) يقال تحاملت على الشيء إذا تكلفت الشيء على مشقة وتحامل فلان على فلان إذا لم يعدل وقال بعض الأكابر انما كان صلى الله عليه وسلم يتواضع لاكابر قريش لان الأعزاء من الخلائق مظاهر العزة الالهية فكان تقديمهم على الفقراء من أهل الصفة ليوفى صفة الكبرياء حقها إذا لم يشهد لها مشاركا ولكن فوق هذا المقام ما هو أعلى منه وهو ما امره الله به آخرا بعد ما صدر سورة عبس فى قوله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى الآية فأمره بأن لا يشهده فى شىء دون شىء للاطلاق الذي هو الحق عليه كما قال جعت فلم تطعمنى وظمئت فلم تسقنى الحديث كما فى الجواهر للشعرانى كَلَّا انزجر من التصدي للمستغنى والاعراض عن ارشاد المسترشد قال الحسن لما تلا جبرائيل هذه الآيات على النبي عليه السلام عاد وجهه كأنما استف فيه الرماد اى تغير كأنما ذر عليه الرماد ينتظر ما يحكم الله عليه فلما

[سورة عبس (80) : الآيات 12 إلى 17]

قال كلاسرى عنه والتسرية اندوه را بردن ... اى لا نفعل مثل ذلك فانه غير لائق بك إِنَّها اى القرآن والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله تَذْكِرَةٌ اى موعظة يجب أن يتعظ بها ويعمل بموجبها فَمَنْ پس هر كه شاءَ ذَكَرَهُ اى القرآن اى حفظه ولم ينسه او اتعظ به ومن رغب عنه كما فعله المستغنى فلا حاجة الى الاهتمام بأمره فِي صُحُفٍ جمع صحيفة وكل مكتوب عند العرب صحيفة وهو متعلق بمضمر هو صفة لتذكرة وما بينهما اعتراض بين الصفة والموصوف جيئ به للترغيب فيها والحث على حفظها اى كائنة فى صحف منتسخة من اللوح او خبرثان لان فالجملة معترضة بين الخبرين والسجاوندى على انه خبر محذوف اى وهى فى صحف حتى وضع علامة الوقف اللازم على ذكره هربا من إيهام تعلقة به وهو غير جائزلان ذكر من شاء لا يكون فى صحف مُكَرَّمَةٍ عند الله لكونها صحف القرآن المكرم مَرْفُوعَةٍ اى فى السماء السابعة او مرفوعة المقدار والذكر فانها فى المشهور موضوعة فى بيت العزة فى السماء الدنيا مُطَهَّرَةٍ منزهة عن مساس. أيدي الشياطين بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كتبة من الملائكة ينتسخون الكتب من اللوح على انه جمع سافر من السفر وهو الكتب إذ فى الكتابة معنى السفر اي الكشف والتوضيح والكاتب سافر لانه يبين الشيء ويوضحه وسمى السفر بفتحتين سفرا لانه يسفر ويكشف عن اخلاق المرء قالوا هذه اللفظة مختصة بالملائكة لا تكاد تطلق على غيرهم وان جاز الإطلاق بحسب اللغة والباء متعلقة بمطهرة فقال القفال فى وجه لما لم يمسها الا الملائكة المطهرون أضيف التطهير إليها لطهارة من يمسها وقال القرطبي ان المراد فى قوله تعالى لا يمسه الا المظهرون هؤلاء السفرة الكرام البررة والظاهر أن تكون فى محل الجر على انها صفة لصحف اى فى صحف كائنة بأيدى سفرة او مكتوبة بأيدى سفرة ومن هذا وقف بعضهم على مطهرة وقفا لازما هربا من توهم تعلق الباء به كِرامٍ عند الله بالقرب والشرف فهو من الكرامة جمع كريم او متعطفين على المؤمنين يستغفرون لهم فهو من الكرم ضد اللؤم وقال ابن عطاء رحمه الله يريد انهم يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا مع زوجته للجماع وعند قضاء الحاجة يشير الى انهم هم الملائكة الموصوفون بقوله كراما كاتبين وفيه تأمل بَرَرَةٍ أتقياء لتقدسها عن المواد ونزاهة جواهرها عن التعلقات او مطيعين الله من قولهم فلان يبر خالقه اى يطيعه او صادقين من بر فى يمينه جمع بار مثل فجرة جمع فاجر قُتِلَ الْإِنْسانُ دعاء عليه بأشنع الدعوات فان القتل غاية شدائد الدنيا وأفظعها ومن فسر القتل باللعن أراد به الإهلاك الروحاني فانه أشد العقوبات وهو بالفارسية لعنت كرده باد انسان يعنى كافر. وفى عين المعاني عذب ما أَكْفَرَهُ ما أشد كفره بالله مع كثرة إحسانه اليه وبالفارسية چهـ كافرترين خلقست. تعجب من افراطه فى الكفران اى على صورته فان حقيقة التعجب انما تتصور من الجاهل بسبب ما خفى من سبب الشيء والذي أحاطه علمه بجميع المعلومات لا يتصور منه ذلك فهو فى الحقيقة تعجيب من الله لخلقه وبيان لاستحقاقه للدعاء عليه اى اعجبوا من كفره بالله

[سورة عبس (80) : الآيات 18 إلى 21]

ونعمه مع معرفته بكثرة إحسانه اليه وادعوا عليه بالقتل واللعن ونحو ذلك لاستحقاقه لذلك قال بعضهم لعن الله الكافر وعظم كفره حيث لم يعرف صانعه ولم يعرف نفسه التي لو عرفها عرف صانعها وقال ابن الشيخ هذا الدعاء وارد على اسلوب كلام العرب فهو ليس من قبيل دعاء من يعجز عن انتقام من يسوءه وكذا هذا التعجب ليس على حقيقته لانه تعالى منزه عن العجز والجهل بل المقصود بايراد ما هو فى صورة الدعاء الدلالة على سخطه العظيم والتنبيه على انه استحق اهول العقوبات وأشنعها وبايراد صيغة التعجب الذم البليغ له من حيث ارتكابه أقبح القبائح ولا شك ان السخط يجوز من الله وكذا الذم ويجوز أن يكون ما اكفره استفهاما بمعنى التقريع والتوبيخ اى اى شىء حمله على الكفر والمراد من الإنسان اما من استغنى عن القرآن المذكور نعوته واما الجنس باعتبار انتظامه له ولا مثاله من افراده لا باعتبار جمع افراده مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اى من اى شىء حقير مهين خلقه يعنى نمى انديشد كه خداى تعالى از چهـ چيز بيافريد او را. ثم بينه بقوله مِنْ نُطْفَةٍ قذرة خَلَقَهُ فمن كان أصله مثل هذا الشيء الحقير كيف يليق به التكبر والتجبر والكفران بحق المنعم الذي كسا ذلك الحقير بمثل هذه الصورة البهية وقف السجاوندى على قوله من نطفة حتى وضع عليه علامة الوقف المطلق بتقدير خلقه آخر بدلالة ما قبله وجعل قوله خلقه فقدره جملة اخرى استئنافية لبيان كيفية الخلق وإتمامه من انعامه ومن جعله متعلقا بما بعده على ما هو الظاهر لم يقف عليه فَقَدَّرَهُ فهيأه لما يصلح له ويليق به من الأعضاء والاشكال اى أحدثه بمقدار معلوم من الأعضاء والاشكال والكمية والكيفية فجعله مستعدا لان ينتهى فيها الى القدر اللائق بمصلحته فلا يلزم عطف الشيء على نفسه وذلك ان خلق الشيء ايضا تقديره واحداثه بمقدار معلوم من الكمية والكيفية وبالفارسية پس اندازه او پديد كرد از اعضا وإشكال وهيئات در بطن ما در. او فقدره أطوار الى ان تم خلقه فالتقدير المنفرع على الخلق مأخوذ من القدر بمعنى الطور أي او جده على التقدير الاولى ثم جعله ذا أطوار من علقة ومضغة الى آخر أطواره ذكرا او أنثى شقيا او سعيدا قال بعضهم وعلى الوجهين فالفاء للتفصيل فان التقدير يتضمنه على المعنيين ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ منصوب بمضمر يفسره الظاهر اى سهل مخرجه من البطن بأن فتح فم الرحم وكان غير مفتوح قبل الولادة وألهمه ان ينتكس بأن ينقلب ويصير رجله من فوق ورأسه من تحت ولولا ذلك لا يمكثها ان تلد ويسر له سبيل الخير والشر فى الدين ومكنه من السلوك فيهما وذلك بالاقدار والتعريف له بما هو نافع وضار والعقل وبعثة الأنبياء وإنزال الكتب ونحو ذلك وتعريف السبيل باللام دون الاضافة بأن يقال سبيله للاشعار بعمومه لانه عام للانس والجن على المعنى الثاني وللحيوانات ايضا على المعنى الاول قال ابن عطاء رحمه الله يسر على من قدر له التوفيق طلب رشده واتباع نجاته وقال أبو بكر بن طاهر رحمه الله يسر على كل أحد ما خلقه له وقدره عليه ثُمَّ أَماتَهُ اى قبض روحه عند تمام اجله المقدر المسمى فَأَقْبَرَهُ اى جعله فى قبر يوارى فيه تكرمة له ولم يدعه مطروحا على وجه الأرض جزرا اى قطعا

[سورة عبس (80) : الآيات 22 إلى 24]

للسباع والطير كسائر الحيوان قال فى كشف الاسرار لم يجعله مما يطرح للسباع او يلقى للنواويس والقبر مما أكرم به المسلمون انتهى يقال قبر الميت إذا دفنه بيده والقابر هو الدافن والقبر هو مقر الميت وأقبره إذا امر بدفنه او مكن منه فالمقبر هو الله لانه الآمر بالدفن فى القبور قال فى المفردات اقبرته جعلت له مكانا يقبر فيه نحو أسقيته جعلت له ماء يستقى منه وقيل معناه ألهم كيف يدفن انتهى (وفى المثوى) كندن كورى كه كمتر پيشه بود ... كى ز مكر وحيله وانديشه بود جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود وعد الاماتة من النعم بالنسبة الى المؤمن فان بالموت يتخلص من سجن الدنيا وايضا ان شأن الموت ان يكون تحفة ووصلة الى الحياة الابدية والنعيم المقيم وانما كان مفتاح كل بلاء ومحنة فى حق الكافر من سوء اعتقاده وسيئات اعماله وفى بعض التفاسير ذكر الاماتة اما لانها مقدمة الإقبار واما للتخويف والتذكير بأن الحياة الدنيوية فانية آخرها الموت وعن الشافعي رحمه الله فلا تمشين فى منكب الأرض فاخرا ... فعما قليل يحتويك ترابها واما الحث على الاستعداد واما رعاية المقابلة بينه وبين انشره تنبيها على كمال قدرته وتمام حكمته ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ اى إذا شاء انشاره وإحياءه وبعثه انشره وأحياه وبعثه وفى تعليق الإنشاء بمشيئته له إيذان بأن وقته غير متعين فى نفسه بل هو تابع لها بخلاف وقت الموت فانا نجزم بأن أحدا من أبناء الزمان لا يتجاوز مائة وخمسين سنة مثلا وليس لاحد مثل هذا الجزم فى النشور هكذا قالوا وفيه ان الموت ايضا له سن معلوم وأجل محدود فكيف يتعين فى نفسه ويجزم بوقوعه فى سن كذا بحيث لا يكون موكولا الى مجرد مشيئته تعالى ولعل تقييد الانشار بالمشيئة لا ينافى تقييد الموت بها ايضا إذ لا يجرى عليه تعالى زمان وانه من مقدمات القيامة ولذا قال عليه السلام من مات فقد قامت قيامته اى لاتصال زمان الموت بزمان القيامة فهو قيامة صغرى مجهولة كالقيامة الكبرى وفيه اشارة الى ان الميت ان كان من اهل السعادة فانشاره من قبور اهل السعادة وان كان مدفونا فى قبور اهل الشقاود وان كان من اهل الشقاوة فانشاره من قبور اهل الشقاوة وان كان مدفونا فى قبور اهل السعادة ولذا قال صاحب المشارق فى خطبة كتابه ثم إذا شاء منها انشره اى من مكة فان من دفن بمكة ولم يكن لائقلبها تنقله الملائكة الى موضع آخر وفى الحديث (من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله إليهم حتى يحشر معهم) وفى حديث آخر (من مات وهو يعمل عمل قوم لوط ساربه قبره حتى يصير معهم ويحشر يوم القيامة معهم) كما فى الدرر المنتثرة للامام السيوطي رحمه الله وحكى ان شخصا كان يقال له ابن هيلان من المبالغين فى التشيع بحيث يفضى الى ما يستقبح فى حق الصحابة مع الإسراف على نفسه بينما هو يهدم حائطا إذ سقط فهلك فدفن بالبقيع فلم يوجد ثانى يوم الدفن فى القبر الذي دفن به ولا التراب الذي ردم به القبر بحيث

[سورة عبس (80) : الآيات 23 إلى 24]

يستدل بذلك لنبشه وانما وجدوا للبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير حتى كان ممن وقف عليه القاضي جمال الدين وصار الناس يجيئون لرؤيته أرسالا الى ان اشتهر امره وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح الله صدره نسأل الله السلامة وحكى ايضا ان محمد بن ابراهيم المؤذن حكى عنه انه حمل ميتا فى ايام الحاج ولم يوجد من يساعده عليه غير شخص قال فحملناه ووضعناه فى اللحد ثم ذهب الرجل وجئت أنا باللبن لاجل اللحد فلم أجد الميت فى اللحد فذهبت وتركت القبر على حاله ونقل ان بعض الصلحاء ممن لم يمت بالمدينة رؤى فى النوم وهو يقول للرائى سلم على أولادي وقل لهم انى قد حملت ودفنت بالبقيع عند قبر العباس فاذا أرادوا زيارتى فليقفوا هناك ويسلموا ويدعوا كذا فى المقاصد الحسنة للسخاوى وفى الآية اشارة الى ان الإنسان ما كان له ان يكفر لان الله خلقه من نطفة الوجود المطلق وهيأه لمظهرية ذاته وصفاته وأسمائه ثم سهل عليه سبيل الظهور بمظاهر الأسماء الجمالية والجلالية ثم أماته عن انانيته فأقبره فى قبر الفناء عن رؤية الفناء ثم إذا شاء انشره بصورة البقاء بعد الفناء فعلى العبد أن يعرف قدر النعمة ولا يظهر بالعجب والغرور بأن يدعى لنفسه ما كان لله من الكمالات كالعلم والقدرة والارادة ونحوها كَلَّا ردع للانسان عما هو عليه وجعله السجاوندى بمعنى حقا ولذا لم يقف عليه بل على امره فانه إذا كان بمعنى حقا يكون تابعا لما بعده لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ قال فى بعض التفاسير ما فى لما صلة دخلت للتأكيد كقوله فيما رحمة من الله فلما بمعنى لم وليس فيه معنى التوقع وفى ما امره موصولة وعائده يجوز أن يكون محذوفا والتقدير ما امره به فحذف الجار او لا فبقى ما امره هو ثم حذف الهاء العائد ثانيا ويجوز أن يكون باقيا على ان المحذوف من الهاءين هو العائد الى الإنسان والباقي هو العائد الى الموصول فاعرف وقس عليه أمثاله اى لم يقض الإنسان ما امره الله به من الايمان والطاعة ولم يؤد ولم يعرف ولم يعمل به وعدم القضاء محمول على عموم النفي اما على ان المحكوم عليه هو المستغنى او هو الجنس لكن لا على الإطلاق بل على ان مصداق الحكم بعدم القضاء بعض افراده وقد أسند الى الكل فلا شياع فى اللوم بحكم المجانسة واما على ان مصداقه الكل من حيث هو كل بطريق رفع الإيجاب الكلى دون السلب الكلى فالمعنى لما يقض جميع افراده ما امره بل اخل به بعضها بالكفر والعصيان مع أن مقتضى ما فصل من فنون النعماء الشاملة للكل ان لا يتخلف عنه أحد أصلا. وگفته اند مراد همه آدميانند از آدم تا باين غايت وهركز هيچ آدمي از عهده حقوق اداى أوامر الهى كما ينبغى بيرون نيايد ونتوان آمد بنده همان به كه ز تقصير خويش ... عذر بدرگاه خداى آورد ور نه سزاوار خداونديش ... كس نتواند كه بجاى آورد وفى التأويلات النجمية كلا لما يقض ما امره من الإتيان بمواجب حقوقنا من الظهور بحقائق اسمائنا والقيام بفضائل صفاتنا فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ شروع فى تعداد النعم المتعلقة

[سورة عبس (80) : الآيات 25 إلى 30]

ببقائه بعد تفصيل النعم المتعلقة بحدوثه اى فلينظر الإنسان الى طعامه الذي عليه يدور امر معاشه كيف دبرناه وقال ابن عباس رضى الله عنهما فلينظر الإنسان الى طعامه ليعلم خسة قدره وفناء عمره وفى الحديث (ان مطعم ابن آدم جعله الله مثلا للدنيا وان قزحه وملحه فانظر الى ماذا يصير) يقال قزح القدر جعل التابل فيها وهو كصاحب وهاجر ابزار الطعام وملحها جعل الملح فيها أَنَّا صَبَبْنَا أنزلنا انزالا وافيا من السحاب الْماءَ اى الغيث وهو المطر المحتاج اليه بدل اشتمال من طعامه لان الماء سبب لحدوث الطعام فالثانى مشتمل على الاول إذ لا يلزم فيه ان يكون المبدل منه مشتملا على البدل فحينئذ العائد محذوف والتقدير صببنا له صَبًّا عجيبا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ بالنبات ولما كان الشق بعد الصب أورد كلمة ثم والشق بالفارسية شكافتن شَقًّا بديعا لائقا بما يشقها من النبات صغرا وكبرا وشكلا وهيئة فَأَنْبَتْنا فِيها اى فى الأرض المشقوقة بالنبات والفاء للتعقيب حَبًّا فان انشقاق الأرض بالنبات لا يزال يتزايد ويتسع الى ان يتكامل النمو وينعقد الحب والحب كل ما حصد من نحو الحنطة والشعير وغيرهما وهو جنس الحبة كالتمر والتمرة فيشمل القليل والكثير قدمه لانه الأصل فى الغذاء وَعِنَباً عطف على حبا وليس من لوازم العطف ان يقيد المعطوف بجميع ما قيد به المعطوف عليه فلا ضير فى خلو إنبات العنب عن شق الأرض وكذا فى أمثاله كذا قال فى الإرشاد ولعل شق الأرض فيه باعتبار أصله أول خروجه منها فان المراد هنا شجرة العنب وانما ذكره والزيتون باسم الثمرة لشهرتهما بها ووقوع كل منهما بعد ما يؤكل نفسه فاعرف وأفرد العنب بالذكر من بين الثمار لانه فاكهة من وجه يتلذذ به وطعام من وجه يتغذى به وهو من أصلح الاغذية وَقَضْباً اى رطبة وهى نبات يقال له الفصفصة وبالفارسية اسپست ومعربه الاسفست. سميت بمصدر قضبه اى قطعه مبالغة كانها لتكرر قطعها وتكثره إذا تقضب مرة بعد اخرى فى السنة نفس القطع وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه الرطب التي تقضب من النخل ورجحه بعضهم لما سبته بالعنب وقال بعضهم هو مثل النعناع والطرخون والكراث وغيرها التي يقطع ساقها من أصلها يعنى للاكل وبعضهم هو القت الرطب أفرده بالذكر تنبيها على اختلاف النباتات وان منها ما إذا قطع عاد ومنها ما لا يعود والقت حب الغاسول وهو الأشنان وقيل هو حب يا بس اسود يدفن فيلين قشره ويطحن ويخبز يقتاته اعراب طى وبعضهم هو كل ما يؤكل رطبا كالبطيخ والخيار والباذنجان والدباء وَزَيْتُوناً هو ما يعصر منه الزبت والمراد شجرته وتعمر ثلاثة آلاف سنة خصه بالذكر لكثرة فوائده خصوصا لاهالى بلاد العرب فانهم ينتفعون به أكلا وادهانا واستضاءة وتطهرا فانه يجعل فى الصابون وكان عليه السلام يتطيب به فى الأوقات وَنَخْلًا هو شجر التمر جمع نخلة والرطب والتمر من أنفع الغذاء وفى العجوة خاصية دفع السم والسحر وشجرته من فضلة طينة آدم عليه السلام كما سبق مفصلا وَحَدائِقَ غُلْباً جمع حديقة وهى الروضة ذات الشجر أو البستان من النخل والشجر او كل ما أحاط به البناء او القطعة من النخل كما فى القاموس وهى هنا من قبيل التعميم

[سورة عبس (80) : الآيات 31 إلى 33]

بعد التخصيص والغلب جمع اغلب كحمر جمع احمر أو حمراء مستعار من وصف الرقاب يقال الرجل اغلب واسد اغلب اى غليظ العنق فالمعنى وحدائق عظاما وصف به الحدائق لنكاثفها وكثرة أشجارها او لانها ذات أشجار غلاظ فعلى الاول الاستعارة معنوية وعلى الثاني مجاز مرسل فان أريد من غلظ العنق والرقبة مطلق الغلظ بطريق اطلاق المفيد وارادة المطلق كاطلاق المرسن على الانف واجرى على الحدائق وصفا لها بحال متعلقها وهو الأشجار سمى استعارة بناء على اللغة وفى كشف الاسرار الغلب من الشجر التي لا تثمر كالشمار والارز والعرعر والدرداء وَفاكِهَةً كثيرة غير ما ذكر والعنب والرمان والرطب من الفواكه عند الإمامين لا عند الأعظم لان العطف يقتضى المغايرة والظاهر ان مراد الأعظم ان نحو العنب والرطب لكونه مما يؤكل غذآء يحقق القصور فى معنى التفكه به اى التنعم بعد الطعام وقبله فلا يتناوله اسم الفاكهة على الإطلاق حتى لو حلف لا يأكل فاكهة لا يحنث بأكله لكونه غذآء من وجه وان كان فاكهة من وجه آخر وعطف الفاكهة عليه لا ينافى كونه فاكهة من وجه لان المراد بالفاكهة المعطوفة ما هو فاكهة من كل وجه ولا يخفى ان الفاكهة من كل وجه مغايرة لما هو فاكهة من وجه دون وجه فيصح عطفها عليه او عطفه عليها كما فى مواضع من القرآن وَأَبًّا اى مرعى من أبه إذا امه اى قصده لانه يؤم ويقصد جزه للدواب او من أب لكذا إذا تهيأ له لانه متهيئ للرعى وأب الى وطنه إذا نزع اليه نزوعا تهيأ لقصده وكذا أب لسيفه إذ تهيأ لسله وابان ذلك فعلان منه وهو الزمان المتهيئ لفعله ومجيئه او الأب الفاكهة اليابسة تؤب للشتاء اى تعد وتهيأ وهو الملائم لما قبله وفى الحديث (خلقتم من سبع ورزقتم من سبع فاسجد والله على سبع) أراد بقوله خلقتم من سبع يعنى من نطقة ثم من علقة إلخ وهى التارات السبع وبقوله رزقتم من سبع قوله حبا وعنبا الى أبا لعل الحدائق خارجة عن الحساب لانها منابت تلك المرزوقات وبقوله فاسجدوا على سبع الأعضاء السبعة وهى الوجه واليدان والركبتان والرجلان مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ مفعول له اى فعل ذلك تمتيعا لكم ولمواشيكم فان بعض النعم المعدودة طعام لهم وبعضها علف لدوابهم وللالتفات لتكميل الامتنان وفى الآية اشارة الى حب المحبة الذاتية وخمير المحبة الصافية المتخذة من عنب الصفات وخمر المحبة الافعالية المتخذة من رطب وزيتون المعرفة ونخل التوحيد العالي من ان يصل اليه كل مدع كذاب وفاكهة الوجدانيات والذوقيات وحدائق الشوق والاشتياق والود والتجريد ونحوها وأب مراعى الشهوات الحيوانية فبعض هذه النعم الشريفة مخصوص بالخواص كالارواح والاسرار والقلوب وبعضها بالعوام كالنفوس البشرية والقوى الطبيعية العنصرية فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ شروع فى بيان احوال معادهم اثر بيان مبدأ خلقهم ومعاشهم والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها من فناء النعم عن قريب كما يشعر لفظ المتاع بسرعة زوالها وقرب اضمحلالها وجواب إذا محذوف يدل عليه يوم يفر إلخ اى اشتغل كل أحد ينفسه والصاخة هى الداهية العظيمة التي يصخ لها الخلائق اى يصيخون لها

[سورة عبس (80) : الآيات 34 إلى 37]

من صخ لحديثه إذا أصاخ واستمع وصفت بها النفخة الثانية لان الناس يصخون لها فى قبورهم فاسند الاستماع الى المسموع مجازا وقيل هى الصيحة التي تصم الآذان لشدة وقعها وقيل هى مأخوذة من صخه بالحجر أي صكه فتكون الصاخة حقيقة فى النفخة يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ روزى كه بگريزد مرد مِنْ أَخِيهِ از برادر خود با وجود موانست ومهربانى وَأُمِّهِ واز مادر خود با كثرت حقوق كه او راست وَأَبِيهِ واز پدر خود با وجود شفقت وعاطفت كه ازو ديده وَصاحِبَتِهِ واز زن خود با آنكه مونس روزكار او بوده وَبَنِيهِ واز فرزندان خود با خيال استظهار بديشان اى يعرض الإنسان عنهم ولا يصاحبهم ولا يسأل عن حالهم كما فى الدنيا لاشتغاله بحال نفسه ولعلمه انهم لا يغنون عنه شيأ فقوله يوم منصوب بأعني تفسيرا للصاخة وتأخيرا لاحب للمبالغة لان الأبوين أقرب من الأخ وتعلق القلب بالصاحبة والأولاد أشد من تعلقه بالأبوين وهذه الآية تشمل النساء كما تشمل الرجال ولكنها خرجت مخرج كلام العرب حيث تدرج النساء فى الرجال فى الكلام كثيرا قال عبد الله بن طاهر الأبهري قدس سره يفر منهم إذا ظهر له عجزهم وقلة حيلتهم الى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ولو ظهر له ذلك فى الدنيا لما اعتمد على سوى ربه الذي لا يعجزه شىء وتمكن من فسحة التوكل واستراح فى ظل التفويض وفى الآية اشارة الى فرار مرء القلب عن أخيه السر وامه النفس وأبيه الروح وصاحبته القوى البشرية وبنيه الأعمال والأحوال لان فى ذلك اليوم لا يتخلص أحد بعلمه بل بفضله وطوله كما قال عليه السلام لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا الا ان يتغمدنى الله بغفرانه لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ استئناف وارد لبيان سبب الفرار والشأن لا يقال الا فيما يعظم من الأحوال والأمور اى لكل واحد من المذكورين شغل شاغل وخطب هائل يكفيه فى الاهتمام به قال ابن الشيخ اى الهم الذي حصل له قد ملأ صدره فلم يبق فيه متسع فصار بذلك شبيها بالغنى فى انه ملك شيأ كثيرا ودر باب مشغولئ قيامت فريد الدين عطار را قدس سره حكايتى منظوم است كشتئ آورد در دريا شكست ... تخته زان جمله بر بالا نشست كربه وموشى در ان تخته بماند ... كارشان با يكدگر پخته بماند نه ذكر به موش را روى گريز ... نه بموش آن گ ربه را چنگال تيز هر دوشان از هول درياى عجب ... در تحير بازمانده خشك لب در قيامت نيز اين غوغا بود ... يعنى آنجا نى تو ونى ما بود وفى الخبر ان عائشة رضى الله عنهما قالت يا رسول الله كيف يحشر الناس قال حفاة عراة قالت وكيف تحشر النساء قال حفاة عراة قالت عائشة وا سوأتاه النساء مع الرجال حفاة عراة فقرأ رسول الله عليه السلام هذه الآية لكل امرئ إلخ واما الفرار حذرا من مطالبتهم بالتبعات بأن يقول الإنسان واسيتنى بمالك والأبوان قصرت فى برنا والصاحبة

[سورة عبس (80) : الآيات 38 إلى 42]

أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت والبنون ما علمتنا وما أرشدتنا او بغضا لهم كما يروى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان يفر قابيل من أخيه هابيل ويفر النبي من امه وابراهيم من أبيه ونوح من ابنه ولوط من امرأته فليس من قبيل الفرار المذكور وكذا ما يروى ان الرجل يفر من أصحابه وأقربائه لئلا يروه على ما هو عليه من سوء الحال قال بعض المشايخ من كان اليوم مشغولا بنفسه فهو غدا مشغول بنفسه ومن كان اليوم مشغولا بربه فهو غدا مشغول بربه وقال يحيى بن معاذ إذا شغلتك نفسك فى دنياك وعقباك عن ربك اما فى الدنيا ففى طلب مرادها واتباع شهواتها واما فى الآخرة فكما اخبر الله عنه بقوله لكل امرئ منهم إلخ فمتى تفرغ الى معرفة ربك وطاعته وقال بعضهم العارف مع الخلق ولكنه يفارقهم بقلبه كما قيل ولقد جعلتك فى الفؤاد محدثى ... وابحت جسمى من أراد جلوسى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ بيان لمآل امر المذكورين وانقسامهم الى السعداء والأشقياء بعد ذكر وقوعهم فى داهية دهياء فوجوه مبتدأ وان كانت نكرة لكونها فى حيز التنوين ومسفرة خبره ويومئذ اى يوم إذ يفر المرء متعلق به اى مضيئة متهللة بنورية ذواتهم وصفاتها من اسفر الصبح إذا أضاء فهو من لوازم الافعال قال فى المفردات الاسفار يختص باللون ومسفرة اى مشرق لونها وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ذلك من قيام الليل وفى الحديث (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) وعن الضحاك من آثار الوضوء وقيل من طول ما اعبرت فى سبيل الله ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ بما تشاهد من النعيم المقيم والبهجة الدائمة (قال الكاشفى) ضاحكة خندان مستبشرة شادمان وفرحناك بسبب نجات از نيران ووصول بروضه جنان. وفى بعض التفاسير ضاحكة مسرورة فرحة لما علم من الفوز والسعادة او لفراغه من الحساب بالوجه اليسير مستبشرة اى ذات بشارة بالخير كأنه بيان لقوله ضاحكة انتهى وفى عين المعاني ضاحكة من مسرة العين مستبشرة من مسرة القلب وقيل من الكفار شماتة وبأنفسهم فرحا وقال ابن طاهر رحمه الله كشف عنها ستور الغفلة فضحكت بالدنو من الحق واستبشرت بمشاهدته وقال ابن عطاء رحمه الله أسفرت تلك الوجوه بنظرها الى مولاها وأضحكها رضى الله عنها وقال سهل رحمه الله منورة بنور التوحيد واتباع السنة وفى التأويلات النجمية وجوه ارباب الأرواح والاسرار والقلوب العارفين بالمعارف الالهية والحقائق اللاهوتية مضيئة بأنوار العلوم والحكم ضاحكة مستبشرة بنعم المكاشفات ومنح المشاهدات. يقول الفقير وجوه يومئذ مسفرة لا بيضاضها فى الدنيا بالتزكية والتصفية وزوال كدورتها ضاحكة لانها بكت فى الله ايام دنياها حتى صارت عمياء عن رؤية ما سوى الله تعالى مطلقا كما وقع لشعيب ويعقوب عليهما السلام مستبشرة لأمنها بدل خوفها فى الدنيا ولذا قال لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة بأن تقول لهم الملائكة لا تخافوا وأبشروا بالجنة والرؤية والضحك انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس

[سورة عبس (80) : الآيات 40 إلى 42]

ولظهور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان ضواحك ويستعمل فى السرور المجرد كما فى الآية قال الراغب واستبشر أي وجد ما يبشره من الفرح وبشرته أخبرته بسار بسط بشرة وجهه وذلك ان النفس إذا سرت انتشرت الدم انتشار الماء فى الشجرة وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ اى غبار وكدورة وفى الخبر يلجم الكافر العرق ثم تقع الغبرة على وجوههم وقيل هى غبرة الفراق والذل تَرْهَقُها اى تعلوها وتغشاها قَتَرَةٌ اى سواد وظلمة كالدخان ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد فى الوجه كما إذا اغبر وجه الزنجي قال الراغب القتر هو الدخان الساطع من الشواء والعود ونحوهما وقترة نحو غبرة وذلك شبه دخان يغشى الوجه من الكذب قال السرى قدس سره ظاهر عليها حزن البعاد لانها صارت محجوبة من الباب مطرودة وقال سهل قدس سره غلب عليها اعراض الله عنها ومقته إياها فهى تزداد فى كل وقت ظلمة وقترة أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ اى أولئك الموصوفون بسواد الوجه وغبرته هم الجامعون بين الكفر والفجور فلذا جمع الله الى سواد وجوههم الغبرة وفى لحديث (ان البهائم إذا صارت ترابا يوم القيامة حول ذلك التراب فى وجوه الكفار) وفى عين المعاني أولئك هم الكفرة فى حقوق الله الفجرة فى حقوق العباد انتهى وفيه اشارة الى ان الفجور الغير المقارن بالكفر ليس فى درجة المقارن فى المذمومية والسببية للحقارة والخذلان إذ اصل الفجور الكذب والميل عن الحق ويستعمل فى الذنب الكبير وكثيرا ما يقع ذلك من المؤمن العاصي لكن ينبغى أن يخاف منه ويحذر عنه لان كبائر الذنب تجر الى الكفر كما ان صغائره تجر الى الكبائر. يكى از جمله بزركان دين كفته كه اين زر وسيم وانواع اموال نه عين دنيا ست كه اين ظروف واوعيه دنياست همچنين حركات وسكنات وطاعات بنده نه عين دين است كه آن ظروف واوعيه دين است دين جمله سوز ودرد است ودنيا همه حسرت وباد سرد است قارون آن همه زر وسيم وانواع اموال كه داشت مكروه نبود باز ازو چون حقوق حق تعالى طلب كردند امتناع نمود وحقوق حق نكزارد وكشش او بجانب زر وسيم واموال دنيا مكروه بود اى بسا كسا كه دانكى در خواب نديد وفردا فرعون اهل دنيا خواهد بود كه دل او آلوده حرص دنياست واى بسا كسا كه اموال دنيا در ملك او نهادند وفردا دل خويش باز سپارد كه داغى ازين دنيا بروى ظاهر نبود سرانجام مرد ديندار دنيا كذار اينست كه در آخر سوره كفت وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة وعاقبت كار دنيا كار دين كذار اينست كه كفت وجوه يومئذ عليها غبرة إلخ وقال بعضهم وجوه اصحاب النفوس بالمتمردة وأرباب الهوى عليها غبرة الانانية وغبار الانية يغطيها سواد الاثنينية وظلمة الثنوية هم الذين ستروا وجود الحق بغبرة وجودهم وشقوا وقطعوا نفوسهم المظلمة عن متابعة الأرواح المنورة عصمنا الله وإياكم من ذلك تمت سورة عبس بفضل الله تعالى يوم الاثنين ثامن صفر الخير من شهور سنه سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة التكوير

تفسير سورة التكوير تسع او ثمان وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ارتفاع الشمس على انه فاعل لفعل مضمر يفسره المذكور لا فاعله لان الفاعل لا يتقدم وعند البعض على الابتداء لان التقدير خلاف الأصل والاول اولى لان إذا فيها معنى الشرط والشرط مختص بالفعل وعلى الوجهين الجملة فى محل الجر باضافة إذا إليها ومعنى كورت لفت من كورت العمامة إذا لففتها بضم بعض اجزائها لبعض على جهة الاستدارة على ان المراد بذلك اما رفعها وإزالتها عن مقرها فان الثوب إذا أريد رفعه عن مكانه وستره بجعله فى صندوق او غيره يلف لفا ويطوى نحو قوله تعالى يوم نطوى السماء فكان بين السماء والرفع علاقة اللزوم فتكويرها كناية عن رفعها قال سعدى المفتى ولا منع من ارادة المعنى الحقيقي ايضا وكون الشمس كرة مصمتة على تسليم صحته لا يمنع من تلك الارادة لجواز أن يحدث الله فيها قابلية التكوير بأن يصيرها منبسطة ثم يكورها ان الله على كل شىء قدير انتهى. واما لف ضوئها المنبسط فى الآفاق المنتشر فى الأقطار بأن يكون اسناد كورت الى ضمير الشمس مجازيا او بتقدير المضاف على انه عبارة عن إزالتها والذهاب بها بحكم استلزام زوال اللازم لزوال الملزوم فاللف على هذا مجاز عن الاعدام إذ لا مساغ لارادة المعنى الحقيقي لان الضوء لكونه من الاعراض لا يتصور فيه اللف وقال بعضهم ان الله قادر على أن يطمس نورها مع بقائها فقول الكشاف لانها ما دامت باقية كان ضياؤها منبسطا غير ملفوف فيه نظر انتهى وجوابه ما أشير اليه من حكم الاستلزام وقيل معنى كورت ألقيت من فلكها على وجه الأرض كما وصفت النجوم بالانكدار من طعنه فكوره إذا ألقاه على الأرض وفى الحديث (ان الشمس والقمر نوران مكوران فى النار يوم القيامة) اى مرميان فيها ولما ذكر هذا الحديث عند الحسن البصري رحمه الله قال وما ذنبهما وقال الامام سؤال الحسن ساقط لان الشمس والقمر جمادان فالقاؤهما فى النار لا يكون سببا لمضرتهما ولعل ذلك يكون سببا لازدياد الحر فى جهنم وكذا قال الطيبي تكويرهما فيها ليعذب بهما أهل النار لا سيما عباد الأنوار لا ليعذبهما فى النار فانها بمعزل عن التكليف بل سبيلهما فى النار سبيل النار نفسها وسبيل الملائكة الموكلين بها انتهى وكذا قال فى تفسير الفاتحة للفنارى ان السماء إذا طويت واحدة بعد واحدة يرمى بكواكبها فى النار. يقول الفقير قول الحسن أدق فان النور لا يلحق بالنار الا أن يكون فيه مرتبة النارية ايضا فالشمس يلحق نورها بنور العرش ونارها بنار جهنم وقد سبق فى سورة النبأ فارجع فان قيل كيف يمكن تكويرهما فى النار وقد ثبت بالهندسة ان قرص الشمس فى العظم يساوى كرة الأرض مائة وستين مرة وربع الأرض وثمنها أجيب بان الله تعالى قادر على أن يدخلها فى قشرة جوزة على ذلك العظم. يقول الفقير قد ثبت الله ان الله تعالى يمد الأرض يوم القيامة فتكون أضعاف

[سورة التكوير (81) : الآيات 2 إلى 5]

ما كانت عليه على ان وسعة الدارين تابعة لكثرة أهلهما ووسعتهم لانه ثبت ان ضرس الكافر مثل جبل أحد وجسمه مسيرة ثلاثة ايام فاذا كان جسد كل كافر على هذا الغلظ والعظم فاعتبر منه وسعة جهنم فقرص الشمس فى النار كجوزة فى وسط بيت واسع ولا يعرف حد الدارين الا الله تعالى وَإِذَا النُّجُومُ جمع نجم وهو الكوكب الطالع وبه شبه طلوع النبات والرأى فبقيل نجم النبت والرأى نجما ونجوما فالنجم اسم مرة ومصدر اخرى انْكَدَرَتْ اى تناثرت وتساقطت بالسرعة كما قال وإذا الكواكب انتثرت والأصل فى الانكدار الانصباب فان السماء تمطر يومئذ نجومها فلا يبقى فى السماء نجم الا وقع على وجه الأرض وذلك ان النجوم على ما روى ابن عباس رضى الله عنهما فى قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور وتلك السلاسل بأيدى ملائكة من نور فاذا مات من فى السموات ومن فى الأرض تساقطت تلك الكواكب من أيديهم لانه مات من يمسكها وفيه اشارة الى طى ضوء شمس الروح الذي هو الحياة وقبضه عن البدن وإزالته وتناثر نجوم الحواس العشر الظاهرة والباطنة وايضا الى تكوير الوجود الإضافي المنعكس من الوجود المطلق الحقيقي عند ظهور الحقيقة والى اضمحلال نجوم الهويات وهياكل الماهيات بحيث لا يبقى لها اثر لانها نسب عدمية واعتبارات محضة وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ رفعت عنه وجه الأرض وأبعدت عن أماكنها بالرجفة الحاصلة لا فى الجو كالسحاب فان ذلك بعد النفخة الثانية والسير المضي فى الأرض والتسبير ضربان باختيار وارادة من السائر نحو هو الذي يسيركم وبقهر وتسخير كتسيير الجبال وفيه اشارة الى جبال الأعضاء والجوارح الراسيات سيرت عن أرض تعيناتها وأيضا الى جبال الأنواع والأجناس الواقعة فى عالم التعينات وَإِذَا الْعِشارُ جمع عشراء كنفاس ونفساء وليس فعلاء يجمع على فعال غير عشراء ونفساء كما فى القاموس والعشراء هى الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر وهو اسمها الى أن تضع لتمام السنة وهى أنفس أموال العرب ومعظم اسباب معاشهم عُطِّلَتْ العطل فقد ان الزينة والشغل ويقال لمن يجعل العالم بزعمه فارغا عن صانع أتقنه وزينه ورتبه معطل وعطل الدار عن ساكنيها والإبل عن راعيها والمعنى وإذا العشار تركت مسيبة مهملة غير منظور إليها مع كونها محبوبة مرغوبة عند أهلها لاشتغال أهلها بأنفسهم وذلك عند مجيئ مقدمات قيام الساعة فان الناس حينئذ يتركون الأموال والاملاك ويشتغلون بأنفسهم كما قال تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون وقال الامام أبو الليث وغيره هذا على وجه المثل لان فى القيامة لا تكون ناقة عشراء يعنى ان هول القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه لعلهم جعلوا يوم القيامة ما بعد النفخة الثانية أو مبادى الساعة من القيامة لكن يمكن وجود العشراء فى المبادي فلا يكون تمثيلا وفيه اشارة الى النفوس الحاملات أحمال الأعمال والأحوال وأيضا الى تعطيل عشار الأرجل المتنفع بها فى السير عن الاستعمال فى المشي وترك الانتفاع بها وَإِذَا الْوُحُوشُ قال فى القاموس الوحش حيوان البر كالوحيش والجمع وحوش ووحشان والواحد وحشي قال ابن الشيخ

[سورة التكوير (81) : الآيات 6 إلى 9]

هو اسم لما لا يستأنس بالإنسان من حيوان البر والمكان الذي لا انس فيه وحش وخلاف الوحشي الأهلى حُشِرَتْ اى جمعت من كل جانب واختلط بعضها ببعض وبالناس مع نفرة بعضها عن البعض وعن الناس ايضا وتفرقها فى الصحارى والقفار وذلك الجمع من هول ذلك اليوم وقيل بعثت للقصاص إظهارا للعدل قال قتادة يحشر كل شىء حتى الذباب للقصاص فاذا قضى بينها ردت ترابا فلا يبقى منها الا ما فيه سرور لبنى آدم وإعجاب بصورته او صورته كالطاووس والبلبل ونحوهما فاذا بعثت الحيوانات للقصاص تحقيقا لمقتضى العدل فكيف يجوز مع هذا ان لا يحشر المكلفون من الانس والجن وفيه اشارة الى القوى البشرية الطبيعية النافرة عن جناب الحق وباب القدس بأن أهلكت وأفنيت وجمعت الى ما منه بدت وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ اى أحميت او ملئت بتفجير بعضها الى بعض حتى تعود بحرا واحدا مختلطا عذبها بملحها وبالعكس فتعم الأرض كلها من سجر التنور إذا ملأه بالخطب ليحميه وجه الاحماء ان جهنم فى قعور البحار الا انها الآن مطبقة لا يصل أثر حرارتها الى ما فوقها من البحار ليتيسر انتفاع أهل الأرض بها فاذا انتهت مدة الدنيا يرفع الحجاب فيصل تأثير تلك النيران الى البحار فتسخن فتصير حميما لأهل النار او تبعت عليها ريح الدبور فتنفخها وتضربها فتصير نارا على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فى وجه الاحماء. در فتوحات مذكور است كه هرگاه كه عبد الله بن عمر رضى الله عنهما دريا را بديدى كفتى يا بحرمتي تعود نارا ووجه الامتلاء ان الجبال تندك وتفرق اجزاؤها وتصير كالتراب الهائل الغير المتماسك فلا جرم تنصب اجزاؤها فى أسافلها فتمتلئ المواضع الغائرة من الأرض فيصير وجه الأرض مستو يا مع البحار فتصير البحار بحرا واحدا مسجورا اى ممتلئا وقال بعضهم ملئت بإرسال عذبها على مالحها ثم أسيلت حتى بلغت الثور فابتلعها فلما بلغت الى جوفه نفدت وعن الحسن رحمه الله يذهب ماؤها حتى لا يبقى فيها قطرة قال الراغب وانما يكون كذلك لتسجير النار فيها اى اضرامها والتشديد فى مثل هذه الافعال قد يكون لتكثير الفعل وتكريره والتخفيف يحتمل القليل والكثير وخصت هذه السورة بسجرت موافقة لقوله سعرت لان معنى سجرت عند اكثر المفسرين أوقدت فصارت نارا فيقع التوعد بتسعير النار وتسجير البحار وخصت سورة الانفطار بفجرت موافقة لقوله وإذا الكواكب انتثرت لان فى كل من تساقط الكواكب وسيلان المياه على وجه الأرض وبعثرة القبور اى قلب ترابها مزايلة الشيء عن مكانه فلا فى كل واحد قرينه وفيه اشارة الى بحار المعرفة الذاتية والحكم الصفاتية والعلوم الاسمائية فانها إذا تحدت بالتجلى الوحدانى تصير بحرا واحدا وهو بجر الذات المشتمل على جميع المراتب والى البحار الحاصلة من اعتبارات الوجود وشؤونه الكلية ظاهرا او باطنا غيبا وشهادة دنيا وآخرة فانها قد جمعت واتحدت فصار بحر الوجود بحرا واحدا زخارا لا ساحل له ولا قعر والى بحار العناصر بأنه فجر بعضها الى بعض واتصل كل جزء بأصله فصارت بحرا واحدا وَإِذَا النُّفُوسُ الظاهر نفوس الإنسان ويحتمل أن تعم الجن ايضا كما فى بعض التفاسير زُوِّجَتْ التزويج جعل أحد زوجا لآخر

[سورة التكوير (81) : الآيات 8 إلى 9]

وهو يقتضى المقارنة اى قرنت بأجسادها بأن ردت إليها او قرنت كل نفس بشكلها وبمن كان فى طبقتها فى الخير والشر فيضم الصالح الى الصالح والفاجر الى الفاجر او قرنت بكتابها او بعملها فالنفوس المتمردة زرجت بأعمالها السيئة والمطمئنة بأعمالها الحسنة او نفوس المؤمنين بالحور ونفوس الكفرة بالشياطين وفيه اشارة الى ان الأرواح الفائضة على هياكل الأشباح من عالم الأمر قرنت ببواعثها وموجباتها التي هى الأسماء والصفات الالهية وأسبابها اللاهوتية وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ اى المدفونة حية يقال ووأد بنته يئدها وإذا وهى موءودة إذا دفنها فى القبر وهى حية وكانت العرب تئد البنات مخافة الاملاق او الاسترقاق او لحوق العار بهم من أجلهن وكانوا يقولون ان الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهن قال فى الكشاف كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف او شعر ترعى له الإبل والغنم فى البادية وان أراد قتلها تركها حتى كانت سداسة اى بلغت ست سنين فيقول لامها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها الى احمائها وقد حفر لها بئرا فى الصحراء فبلغ بها البئر فيقول لها انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهبل عليها التراب حتى يستوى البئر بالأرض وقيل كانت الحامل إذا قربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة فاذا ولدت بنتا رمت بها فى الحفرة وان ولدت ابنا حبسته سُئِلَتْ اى سألها الله بنفسه إظهارا للعدالة او بأمره للملك بِأَيِّ ذَنْبٍ من الذنوب الموجبة للقتل عقلا ونقلا قُتِلَتْ قتلها أبوها حية فعلا او رضى وتوحية السؤال إليها لتسليتها واظهار كمال الغيظ والسخط لو آئدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة فى تبكيته كما فى قوله تعالى ءانت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين ولذا لم يسأل الوائد عن موجب قتله لها وجه التبكيت ان المجنى عليه إذا سئل بمحضر من الجاني ونسب اليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثا للجانى على التفكر فى حال نفسه وحال المجنى عليه فيعثر على براءة ساحة صاحبه وعلى انه هو المستحق لكل نكال فيفحم وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض وهو أبلغ فلذلك اختير على التصريح وانما قيل قتلت على الغيبة لما ان الكلام اخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب وعلى قراءة سألت اى الله او قاتلها لا حكاية لكلامها حين سئلت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه سئل عن أطفال المشركين فقال لا يعذبون واحتج بهذه الآية فانه ثبت بها ان التعذيب لا يستحق الا بالذنب وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان الوائدة والموءودة فى النار اى إذا كانت الموءودة بالغة وفيه اشارة الى ان الأعمال المشوبة بالرياء المخلوطة بالسمعة والهوى سئلت بأى سبب أبطلت نوريتها وروحانيتها وأيضا سئلت موءودة النفس الناطقة التي أثقلتها وآئدة النفس الحيوانية فى قبر البدن وأهلكتها بأى ذنب قتلت اى طلب اظهار الذنب الذي به استولت النفس الحيوانية على الناطقة من الغضب او الشهوة او غيرهما فمنعتها عن خواصها وافعالها وأهلكتها فأظهر فكنى عن طلب إظهاره بالسؤال ولهذا قال عليه السلام الوائدة والموءودة فى النار لان النفس الناطقة فى النار مقارنة للنفس الحيوانية كذا قال القاشاني

[سورة التكوير (81) : الآيات 10 إلى 14]

وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ى صحف الأعمال فانها تطوى عند الموت وتنشر عند الحساب اى تفتح فيعطاها الإنسان منشورة بأيمانهم وشمائلهم فيقف على ما فيها وتحصى عليه جميع اعماله فيقول مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها وفى الحديث (يحشر الناس عراة حفاة) فقالت أم سلمة رضى الله عنها فكيف بالنساء فقال (شغل النساء يا أم) سلمة قالت وما شغلهم قال (نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل) وقيل نشرت اى فرقت بين أصحابها وعن مرثد بن وادعة إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش فتقع صحيفة المؤمن فى يده فى جنة عالية وتقع صحيفة الكافر فى يده فى سموم وحميم اى مكتوب فيها ذلك وهى صحف غير صحف الأعمال وفيه اشارة الى صحائف القوى والنفوس التي فيها هيئات الأعمال تطوى عند الموت وتكوير شمس الروح وتنشر عند البعث والعود الى البدن وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قلعت وأزيلت بحيث ظهر ماوراءها وهو الجنة والعرش كما يكبشط الإهاب عن الذبيحة والغطاء عن الشيء المستور به قال الراغب هو من كشط الناقة اى تنحية الجلد عنها منه استعير انكشط روعه اى زال وفيه اشارة الى كشط سماء الأرواح عن ارض الأشباح والى طى ظهور الأسماء والصفات الى البطون والخفاء وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ اى او قدت للكافرين إيقادا شديدا لتحرقهم احراقا ابديا سعرها غضب الله وخطايا بنى آدم فاسعار النار زيادة التهابها لا حدوثها ابتداء وبه يندفع احتجاج من قال النار غير مخلوقة الآن لانها تدل على ان تسعرها معلق بيوم القيامة وذلك لان فيه الزيادة والاشتداد وفيه اشارة الى جحيم الخسران والخذلان فانها أوقدت بأحطاب الأعمال السيئة وأحجار الأحوال القبيحة خصوصا نار الغضب والشهوة التي كانوا عليها فى هذه النشأة وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ الازلاف التقريب بالفارسية نزديك كردن. اى قربت من المتقين ليدخلوها كقوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد وعن الحسن رحمه الله انهم يقربون منها لا انها تزول عن موضعها فالمراد من التقريب التعكيس للمبالغة كما فى قوله تعالى ويوم يعرض الذين كفرو على النار حيث تعرض النار عليهم تحقيرا وتحسيرا فقلب مبالغة ويحتمل ان يكون المراد التقريب المعنوي وهو جعل أهلها مستحقين لدخولها مكرمين فيها وفيه اشارة الى تقريب نعيم آثار الرضى واللطف من المتقين وكذا جنة الوصول والوصال لمحبى الجمال والكمال كما قيل هذه اثنتا عشر خصلة ست منها فى الدنيا اى فيما بين النفختين وهن من أول السورة الى قوله وإذا البحار سجرت على ان المراد بحشر الوحوش جمعها من كل ناحية لا بعثها للقصاص وسعت فى الآخرة اى بعد النفخة الثانية وقال أبى بن كعب رضى الله عنه ست آيات قبل القيامة بينما الناس فى أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت وفزعت الجن الى الانس والانس الى الجن واختلطت الدواب والطير والوحوش وماج بعضهم فى بعض فحينئذ تقول الجن للانس نحن نأتيكم بالخبر فينطلقون الى البحر فاذا هو نار

[سورة التكوير (81) : آية 14]

تتأجج اى نتهلب قال فبينما هم كذلك إذ صدعت الأرض صدعة واحدة الى الأرض السابعة السفلى والى السماء السابعة العليا فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم كذا فى المعالم عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ اى علمت كل نفس من النفوس ما أحضرته على حذف الراجع الى الموصول فنفس فى معنى العموم كما صرح به فى قوله تعالى يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضرا وقوله هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وقولهم ان النكرة فى سياق الإثبات لا تعم بل هى للافراد النوعية غير مطرد ويجوز أن يكون التنوين للافراد الشخصية اشعارا بانه إذا علمت حينئذ نفس من النفوس ما أحضرت وجب على كل نفس إصلاح عملها مخافة ان تكون هى التي علمت ما أحضرت فكيف وكل نفس تعلمه على طريقة قولك لمن تنصحه لعلك ستندم على ما فعلت وربما ندم الإنسان على ما فعل فانك لا تقصد بذلك ان ندمه مرجو الوجود لا متيقن به او نادر الوقوع بل تريد ان العاقل يجب عليه ان يجتنب امرا يرجى فيه الندم او قلما يقع فيه فكيف به إذا كان قطعى الوجود كثير الوقوع والمراد بما أحضرت أعمالها من الخير والشر وبحضورها اما حضور صحائفها كما يعرب عنه نشرها واما حضور أنفسها لان الأعمال الظاهرة فى هذه النشأة بصور عرضية تبرز فى النشأة الآخرة بصور جوهرية مناسبة لها فى الحسن والقبح على كيفيات مخصوصة وهيئات معينة واسناد حضورها الى النفس مع انها تحضر بأمر الله لما انها عملتها فى الدنيا كأنها احضرتها فى الموقف ومعنى علمها بها حينئذ انها تشاهدها على ما هى عليه فى الحقيقة فان كانت صالحة تشاهدها على صور أحسن مما كانت تشاهدها علميه فى الدنيا لان الطاعات لا تخلو فيها عن نوع مشقة وقدورد حفت الجنة بالمكاره وان كانت سيئة تشاهدها على ما هى عليه هاهنا لانها كانت مزينة لها موافقة لهواها كما ورد وحفت النار بالشهوات وقال بعضهم العلم بالأعمال كناية عن المجاراة عليها من حيث ان العلم لازم للمجازاة وقوله علمت إلخ جواب إذا على ان المراد بها زمان واحد متسع محيط بما ذكر من أول السورة الا هنا من الاثني عشر شيأ مبدأ النفخة الاولى ومنتهاء فصل القضاء بين الخلائق لكن لا بمعنى انها تعلم ما تعمل فى كل جزء من اجزاء ذلك الوقت المديد أو عند وقوع داهية من تلك الدواهي بل عند نشر الصحف الا انه لما كان بعض تلك الدواهي من مباديه وبعضها من روادفه نسب علمها بذلك الى زمان وقوع كلها تهويلا للخطب وتفظيعا للحال وعن عمر وابن عباس رضى الله عنهم انهما قرأ السورة فلما بلغا الى قوله علمت نفس ما أحضرت قالا لهذه أجريت القصة وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان قارئا قرآها عنده فلما بلغ علمت نفس ما أحضرت قال وانقطاع ظهراه اى قاله خوفا من القيامة ومجازاة الأعمال. در آن روز هر نفسى بيند كه با هر خيرى كرامتى وعطاييست وبا هر شرى ملامتى وجزايى بر نيكى حسرت خورد كه چرا زياده نكردم وبريدى اندوه كشد كه چرا مباشر شدم وآن حسرت واندوه هيچ فائده ندارد تو امروز فرصت غنيمت شمار ... كه فردا ندامت نيايد بكار بكوش اى توانا كه فرمان برى ... كه در ناتوانى بسى غم خورى

[سورة التكوير (81) : الآيات 15 إلى 19]

وفى الحديث العبد المؤمن بين مخافتين عمر قد مضى لا تدرى ما الله صانع فيه وأجل قد بقي لا يدرى ما الله قاض فيه فليتزود العبد لنفسه من نفسه ومن دنياه لآخرته ومن الشبيبة قبل الكبر ومن الحياة قبل الممات فو الله ما بعد الموت من مستعتب وما بعد الدنيا الا الجنة والنار وقال الواسطي قدس سره فى الآية علمت كل نفس وأيقنت ان ما علمت واجتهدت لا يصلح لذلك المشهد وان من أكرم بخلع الفضل نجا ومن قرن بجزاء اعماله هلك وخاب وفى برهان القرآن هنا علمت نفس ما أحضرت وفى الانفطار وما قدمت وأخرت لان ما فى هذه السورة متصل بقوله وإذا القبور بعثرت والقبور كانت فى الدنيا فتتذكر ما قدمت فى الدنيا وما أخرت للعقبى فكل خاتمة لائقة بمكانها وهذه السورة من أولها الى آخرها شرط وجزاء وقسم وجواب فَلا أُقْسِمُ لا صلة أورد لكلام سابق اى ليس الأمر كما تزعمون ايها الكفرة من ان القرآن سحر او شعر او أساطير ثم ابتدأ فقال اقسم بِالْخُنَّسِ جمع خانس وهو المتأخر من خنس الرجل عن القوم خنوسا من باب دخل إذا تأخر واصل الخنوس الرجوع الى خلف والخناس الشيطان لانه يضع خرطومه على قلب العبد فاذا ذكر الله خنس وإذا غفل عاد الى الوسوسة والمعنى اقسم بالكواكب الرواجع وهى ما عدا النيرين من الدراري الخمسة وهى المريخ بالكسر ويسمى بهرام ايضا وزخل ويسمى كيوان ايضا وعطارد ويسمى الكاتب ايضا والزهرة وتسمى اناهيذ ايضا والمشترى ويسمى راويس وبرجيس ايضا وما من نجم يقطع المجرة غير الخمسة فلذا خصها ونظمها بعضهم والنيرين فقال هفت كوكب كه هست كبتى را ... كاه از ايشان مدار وكاه خلل قمرست وعطارد وزهره ... شمس ومريخ ومشترى وزحل وهى الكواكب السبعة السيارة كل منها يجرى فى فلك فالقمر فى الاول وما يليه فى الثاني وهكذا على الترتيب الْجَوارِ الْكُنَّسِ الجواري جمع جارية بمعنى سائرة والكنس جمع كانس وهو الداخل فى الكناس المستتر به وصفت الخنس بهما لانها تجرى فى أفلاكها او بأنفسها على ما عليه اهل الظواهر مع الشمس والقمر وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها بينا ترى النجم فى آخر البرج اذكر راجعا الى اوله فرجوعه من آخر البرج الى اوله هو الخنوس وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها واما القمر ان فلا يكنسان بهذا المعنى قال فى عين المعاني لخنوسها فى مجراها واستتارها فى كناسها اى موضع استتارها فيه كما تكنس الظباء انتهى من كنس الوحش من باب جلس إذا دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر وقبل جميع الكواكب تخنس بالنهار فتغيب عن العيون وتكنس بالليل اى تطلع فى أماكنها كالوحش فى كنسها وفى التأويلات التجمية يشير الى الحواس الخمس الباطنة السيارة مع شمس الروح وقمر القلب لرواجع الى بروجها بالاختفاء بحسب شعاع شمس الروح وقمر القلب لغلبة اشعتهما عليهن والدراري الخمسة الزهرة وعطارد والمشترى

[سورة التكوير (81) : الآيات 17 إلى 19]

وبهرام وزحل مظاهر الحواس الخمس والشمس مظهر الروح والقمر مظهر القلب وَاللَّيْلِ عطف على الخنس إِذا عَسْعَسَ اى أدبر ظلامه لان اقبال الصبح يكون بإدبار الليل كما قال فى الوسيط لما كان طلوع الصبح متصلا بإدبار الليل كان المناسب ان يفسر عسعس بادبر ليكون التعاقب فى الذكر على حسب التعاقب فى الوجود انتهى او أقبل فانه من الاضداد كذلك سعسع وذلك فى مبدأ الليل وهذا المعنى انسب لمراعاة المقابلة مع قرينه وَالصُّبْحِ عطف عليه ايضا إِذا تَنَفَّسَ آنگاه دم زند يعنى طلوع كند وتنفس او مبدأ طلوعست. والعامل فى إذا معنى القسم وإذا وما بعدها فى موضع الحال اقسم الله بالليل مدبرا وبالصبح مضيئا يقال تنفس الصبح إذا تبلج اى أضاء وأشرق جعل تنفس الصبح عبارة عن طلوعه وانبساطه تحت ضوئه بحيث زال معه عسعسة الليل وهى الغبرة الحاصلة فى آخره والنفس فى الأصل ريح مخصوص يروح القلب ويفرج عنه بهبوبه عليه وفى الحديث (لا تسبوا الريح فانها من نفس الرحمن) اى مما يفرج الكرب شبه ما يقبل بإقبال الصبح من الروح والنسيم بذلك الربح المخصوص المسمى بالنفس فاطلق اسم النفس عليه استعارة فجعل الصبح متفسا بذلك ثم كنى بتنفسه بذلك عن اقبال المصبح وطلوعه واضاءة غبرته لان المتنفس بالمعنى المذكور لازم له فهو كتابة متفرعة على الاستعارة قال القاشاني والليل اى ليل ظلمة الجسد الميت إذا أدبر بابتداء ذهاب ظلمته بنور الحياة عند تعلق الروح به وطلوع نور شمسه عليه والصبح اى اثر نور طلوع تلك الشمس إذا انتشر فى البدن بافادة الحياة وفى التأويلات النجمية يشير الى ليل الطبيعة المتشعشعة عن ظلام غيب البشرية باتباع احكام الشريعة ومخالفات آثار الطبيعة والى صبح نهار الروحانية إذا كشف واظهر آداب الطريقة ورسوم الحقيقة وهو أعظم الاقسام وأفضل الايمان إِنَّهُ الضمير للقرءآن وان لم يجر له ذكر للعلم به اى القرآن الكريم الناطق بما ذكر من الدواهي الهائلة وهو جواب القسم وجه القسم بهذه الأشياء ان فيها ظهور كمال الحكمة وجلال القدرة. يقول الفقير سر الاقسام بها ان القرآن نور من الله فلا يرد الا على القلب النورانى الذي هو بمنزلة القمر وعلى الروح الذي هو بمنزلة القمر وعلى الروح الذي هو بمنزلة الشمس وعلى القوى الروحانية التي هى بمنزلة سائر السيارات المضيئة وهذه الأنوار لا تظهر فى الوجود الإنساني الا بزوال آثار الطبيعة والنفس وظهور آثار القلب والروح فاذا أشرقت أنوار الروح وقواه فى ليل الوجود أضاء جميع ما فى الوجود وزال الظلام لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ هو جبريل عليه السلام قاله من جهة الله قال السهيلي ولا يجوز انه أراد به انه قول النبي عليه السلام وان كان النبي عليه السلام رسولا كريما لان الآية نزلت فى معرض الرد والتكذيب لمقالة الكفار الذين قالوا ان محمدا عليه السلام بقوله وهو قوله فقال الله تعالى انه لقول رسول كريم فأضافه الى جبريل الذي هو أمين وحيه وهو فى الحقيقة قول الله لكنه أضيف الى جبريل لانه جاء به من عند الله فاسناده اليه باعتبار السببية الظاهرة فى الانزال والإيصال ويدل

[سورة التكوير (81) : الآيات 20 إلى 25]

على ان المراد بالرسول هو جبريل ما بعده من ذكر قوته ونحوها وصفه برسول لانه رسول عن الله الى الأنبياء وبكريم اى على ربه عزيز عظيم عنده وكذا عند الناس لانه يجيئ بأفضل العطايا وهو المعرفة والهداية ويتعطف على المؤمنين ويقهر الأعداء ذِي قُوَّةٍ شديدة كقوله تعالى شديد القوى اى ذى قدرة على ما يكلف به لا عجز له ولا ضعف روى انه عليه السلام قال لجبريل ذكر الله قوتك فأخبرنى بشئ من آثارها قال رفعت قريات قوم لوط الأربع من الماء الأسود بقوادم جناحى حتى سمع اهل السماء نباح الكلب وأصوات الديكة ثم قلبتها ومن قوته انه صباح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين وانه يهبط من السماء الى الأرض ويصعد فى اسرع من الطرف وانه رأى ان شيطانا يقال له الأبيض صاحب الأنبياء قصد ان يتعرض للنبى فدفعه دفعة رفيقة وقع بها من مكة الى أقصى الهند وكذا راه يكلم عيسى عليه السلام على بعض الأرض المقدسة فنفخه نفخة واحدة ألقاه الى أقصى جبل الهند وقيل المراد القوة فى أداء طاعة الله وترك الإخلال بها من أول الخلق الى آخر زمان التكليف وفيه اشارة الى صفة الروح فانه ذو سلطنة على جميع الحقائق الكائنة فى المملكة الانسانية عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ اى الله تعالى وفى إيراد ذى العرش اخبار بغاية كبريائه فى القلوب وعند ظرف لما بعده فى قوله مَكِينٍ ذى مكانة رفيعة عند عندية إكرام وتشريف لا عندية مكان فانه تعالى متعال عن أمثالها ونحوه انا عند المنكسرة قلوبهم فان المراد به القرب والإكرام ومن مكانته عند الله ومرتبته انه تعالى جعله تالى نفسه فى قوله فان الله هو مولاه وجبريل فله عظم منزلة عندية فأين منزلة من يلازم السلطان عند سرير الملك من مرتبة من يلازمه عند الوضوء ونحوه مُطاعٍ فيما بين الملائكة المقربين يصدرون عن أمره ويرجعون الى رأيه لعلمهم بمنزلته عند الله قال فى فتح الرحمن ومن طاعتهم انهم فتحوا أبواب السماء ليلة المعراج بقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعة جبريل فريضة على اهل السموات كما ان طاعة محمد عليه السلام فريضة على اهل الأرض وفيه اشارة الى ان الروح مطاع فيما بين القوى بالنسبة الى السر والقلب ثَمَّ أَمِينٍ على الوحى قد عصمه الله من الخيانة والزلل وثم بفتح الثاء ظرف مكان لما قبله اى مطاع هناك اى فى السموات وقيل لما بعده اى مؤتمن عند الله على وحيه ورسالاته الى الأنبياء فيكون اشارة الى عند الله وقرئ ثم بضم الثاء تعظيما لوصف الامانة وتفصيلا لها على سائر الأوصاف فيكون للتراخى الرتبى على طريق الترقي من صفاته الفاضلة الى ما هو أفضل وأعظم وهو الامانة (قال الكاشفى) واگر رسول كريم محمد باشد عليه السلام پس او صاحب قوت طاعت ونزديك خداى خداوند قدر ومكانتست ومطاع. يعنى مستجاب الدعوة ولذا قال له عمه أبو طالب ما أطوعك ربك يا محمد فقال له وأنت يا عم لو أطعته أطاعك وأمين يعنى بر اسرار غيب. وفيه اشارة الى ان الروح أمين فى افاضة الفيض اثر وحي على كل أحد بحسب استعداده الفطري وَما صاحِبُكُمْ يا اهل مكة وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم عطف على جواب القسم ولذا قال فى فتح الرحمن وهذا ايضا جواب القسم بِمَجْنُونٍ

[سورة التكوير (81) : آية 23]

كما تقولون والتعرض لعنوان المصاحبة للتلويح بإحاطتهم بتفاصيل أحواله عليه السلام خبرا وعلمهم بنزاهته عما نسبوه اليه بالكلية فانه كان بين أظهرهم فى مدد متطاولة وقد جربوا عقله فوجدوه أكمل الخلائق فيه ولقبوه بالأمين الصادق وقد استدل به على فضل جبرائيل على رسول الله حيث وصف جبريل بست خصال كل واحدة منها تدل على كمال الشرف ونباهة الشأن واقتصر فى ذكر رسول الله على نفى الجنون عنه وبين الذكرين تفاوت عظيم وهذا الاستدلال ضعيف إذا لمقصود رد قول الكفرة فى حقه عليه السلام يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون لا تعداد فضائلهما والموازنة بينهما على ان فى توصيف جبريل بهذه الصفات بيانا لشرف سيد المرسلين بالنسبة اليه من حيث ان جبريل مع هذه الصفات هو الذي يؤيده ويبلغ الرسالة اليه فأى رتبة أعلى من مرتبته بعد ما ثبت ان السفير بينه وبين ذى العرش مثل هذا الملك المقرب وقال سعدى المفتى الكلام مسوق لحقية المنزل دلالة على صدق ما ذكر فيه من اهوال القيامة على ما يدل عليه الفاء السببية فى قوله فلا اقسم ولا شك ان ذلك يقتضى وصف الآتي به فلذلك بولغ فيه دون وصف من انزل عليه فلذلك اقتصر فيه على نفى ما بهتوه وفيه اشارة لى ان الروح ليس بمجنون اى بمستور عن حقائق القرآن ودقائقه وأحكامه وشرائعه ووعده ووعيده بل هو مكشوف له بجميع أسراره وَلَقَدْ رَآهُ وبالله لقد رأى رسول الله جبريل وفى عين المعاني أبصره لاجنيا بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ أفق السماء ناحيتها والمبين من أبان اللازم بمعنى الظاهر بالفارسية روشن. اى بمطلع الشمس الا على من ناحية المشرق فالمراد بالأفق هنا حيث تطلع الشمس استدلالا بوصفه بالمبين فان نفس الأفق لا مدخل له فى تبين الأشياء وظهورها وانما يكون له مدخل فى ذلك من حيث كونه مطلعا لكوكب نير يبين الأشياء والكوكب المبين هو الشمس واسناد الإبانة الى مطلعها مجاز باعتبار سببيته لها فى الجملة فان البيان فى الحقيقة لضياء الطالع منه ثم خص من بين المطالع ما هو أعلى المطالع وأرفعها وهو المطلع الذي إذا طلعت الشمس منه تكون فى غاية الارتفاع والنهار فى غاية الطول والامتداد وذلك عتد ما تكون الشمس عند رأس السرطان قبيل تحولها الى برج الأسد وتوجه النهار الى الانتقاص وانما فعل ذلك حملا للمبين على الكمال فانه كلما كان الكوكب ارفع وأعلى وكلما كان النهار أطول كان البيان والإظهار أتم وأكمل روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جبريل ان يترا اى له فى صورته التي خلقه الله عليها فقال ما اقدر على ذلك وما ذاك الى فاذن له فأتاه عليها وذلك فى جبل حرآء فى أوائل البعثة فرآه رسول الله قد ملأ الآفاق بكلكله رجلاه فى الأرض ورأسه فى السماء جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب وله ستمائة جناح من الزبرجد الأخضر فغشى عليه فتحول جبريل فى صورة بنى آدم وضمه الى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه فقيل لرسول الله ما رأيناك منذ بعثت أحسن منك اليوم فقال عليه السلام جاءنى جبريل فى صورته فعلق بي هذا من حسنه قالوا ما رآه أحد من الأنبياء غيره عليه السلام فى صورته التي جبل عليها فهو من خصائصه عليه السلام. واعلم ان وقوع الغشيان انما هو من

[سورة التكوير (81) : الآيات 24 إلى 25]

كمال العلم والاطلاع ألا ترى الى قوله تعالى لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا فان توليه وامتلاءه من الرعب ليس عن رؤية أجسامهم فقط لانهم أناس مثله وانما هو لما اطلعه الله عليه حين رويتهم من العلم كما غشى على جبريل ليلة الإسراء حين رأى الرفرف ولم يغش على رسول الله وقال عليه السلام فعلمت فضل جبريل فى العلم فكأنه عليه السلام أشار الى فضل نفسه ايضا لما غشى عليه برؤية جبريل على صورته الاصلية وانما لم يغش عليه حين رأى الرفرف كما غشى على جبريل لانه إذ ذاك فى نهاية التمكين وفرق بين البداية والنهاية والله اعلم قال القاشاني ولقدرآء بالأفق المبين اى نهاية طور القلب الذي يلى الروح وهو مكان إلقاء النافث القدسي على ان المراد بالرسول روح القدس النافث فى روع الإنسان وقال فى التأويلات النجمية اى رأى جبريل الروح حضرة ربه عند أفق البقاء بعد الفناء وَما هُوَ اى رسول الله عَلَى الْغَيْبِ اى على ما يخبره من الوحى اليه وغيره من الغيوب بِضَنِينٍ اى ببخيل اى لا يبخل بالوحى فيزوى بعضه غير مبلغه ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى يأخذ عليه حلوانا اى اجرة أو يسأل تعليمه فلا يعلمه وفيه اشارة الى ان إمساك العلم عن أهله بخل من ضن بالشيء يضن بالفتح ضنا بالكسر وضنانة بالفتح اى بخل فهو ضنين به ى بخيل ويضن بالكسر لغة والفتح افصح ذكره البيهقي فى تهذيب المصادر فى باب ضرب حيث قال الضن والضنانة بخيلي كردن. والغابر يضن والفتح أفصح فيكون من باب علم كما صرح به بعضهم بقوله هو من ضننت بالشيء بكسر النون وهو قراءة نافع وعاصم وحمزة وابن عامر قال فى النشر كذلك هو فى جميع المصاحف اى المصاحف التي يتداولها الناس والا فهو فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه بالظاء وقرئ بظنين على انه فعيل بمعنى المفعول اى بمتهم اى هو ثقة فى جميع ما يخبره لا يتوهم فيه انه ينطق عن الهوى من الظنة وهى التهمة واتهمت فلانا بكذا توهمت فيه ذلك اختار أبو عبيدة هذه القراءة لان الكفار لم يبخلوه وانما اتهموه فنفى التهمة أولى من نفى البخل ولان البخل يتعدى بالباء لا بعلى وفى الكشاف هو فى مصحف عبد الله بالظاء وفى مصحف أبى بالضاد وكان رسول الله عليه السلام يقرأ بهما ولا بد للقارئ من معرفة مخرجى الضاد والظاء فان مخرج الضاد من اصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان او يساره ومخرج الظاء من طرف اللسان واصول الثنايا العليا فان قيل فان وضع المصلى أحد الحرفين مكان الآخر قلنا قال فى المحيط البرهاني إذا أتى بالظاء مكان الضاد او على العكس فالقياس أن تفسد صلاته وهو قول عامة المشايخ وقال مشايخنا بعدم الفساد للضرورة فى حق العامة خصوصا العجم فان أكثرهم لا يفرقون بين الحرفين وان فرقوا ففرقا غير صواب وفى الخلاصة لو قرأ بالظاء مكان الضاد او بالضاد مكان الظاء تفسد صلاته عند أبى حنيفة ومحمد واما عند عامة المشايخ كأبى مطيع البلخي ومحمد بن سلمة لا تفسد صلاته وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ اى قول بعض المسترقة للسمع دل عليه توصيفه بالرجيم لانه بمعنى المرمى بالشهب وهو نفى لقولهم

[سورة التكوير (81) : الآيات 26 إلى 29]

انه كهانة وسحر كما قال وما تنزلت به الشياطين وفيه اشارة الى انه ليس محمد القلب عند الاخبار عن المواهب الغيبية والإلهامات السرية بمتهم بالكذب والافتراء وما هو بقول بعض القوى البشرية فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ استضلال لهم فيما يسلكونه فى امر القرآن والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ظهور انه وحي مبين وليس مما يقولون فى شىء كما تقول لمن ترك الجادة بعد ظهورها هذا الطريق الواضح فأين تذهب شبهت حالهم بحال من يترك الجادة وهو معظم الطريق ويتعسف الى غير المسلك فانه يقال له أين تذهب استضلالا له وإنكارا على تعسفه فقيل لمن يقول فى حق القرآن ما لا ينبغى من وضوح كونه وحيا حقا اى طريق تسلكون آمن من هذه الطريقة التي ظهرت حقيتها ووضحت استقامتها وأين ظرف مكان مبهم منصوب بتذهبون قال أبو البقاء التقدير الى أين فحذف حرف الجر ويجوز أن لا يصار الى الحذف بل الى طريق التضمين فكأنه قيل أين تؤمون وقال الجنيد قدس سره أين تذهبون عنا وان من شىء الا عندنا وفى التأويلات النجمية فأين تذهبون من طريق الحق الى طريق الباطل وتتركون الاقتداء بالروح وتختارون اتباع النفوس إِنْ هُوَ ان نافية والضمير الى القرآن اى ما هو إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ موعظة وتذكير لهم والمراد الانس والجن بدلالة العقل فانهم المحتاجون الى الوعظ والتذكير لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أيها المكلفون بالايمان والطاعة وهو بدل من العالمين بالعادة الجار بدل البعض من الكل ولا تخالف بين الأصل المتبوع والفرع التابع لان الاول باعتبار الذات والثاني باعتبار التبع أَنْ يَسْتَقِيمَ مفعول شاء اى لمن شاء منكم الاستقامة بتحرى الحق وملازمة الصواب وإبداله من العالمين مع انه ذكر شامل لجميع المكلفين لانهم هم المنتفعون بالتذكير دون غيرهم فكأنه مختص بهم ولم يوغظ به غيرهم وَما تَشاؤُنَ اى الاستقامة مشيئة مستتبعة لها فى وقت من الأوقات يا من يشاؤها وذلك ان الخطاب فى قوله لمن شاء منكم يدل على ان منهم من يشاء الاستقامة ومن لا يشاؤها فالخطاب هنا لمن يشاؤها منهم يروى ان أبا جهل لما سمع قوله تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم قال الأمر إلينا ان شئنا استقمنا وان شئنا لم نستقم وهو رأس القدرية فنزل قوله تعالى وما تشاؤن إلخ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ من اقامة المصدر موقع الزمان اى الا وقت أن يشاء الله تلك المشيئة المستتبعة للاستقامة فان مشيئتكم لا تستتبعها بدون مشيئة الله لها لان المشيئة الاختيارية مشيئة حادثة فلا بدلها من محدث فيتوقف حدوثها على أن يشاء محدثها إيجادها فظهر ان فعل الاستقامة موقوف على ارادة الاستقامة وهذه الارادة موقوفة الحصول على أن يريد الله أن يعطيه تلك الارادة والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء فأفعال العباد ثبوتا ونفيا موقوفة الحصول على مشيئة الله كما عليه اهل السنة رَبُّ الْعالَمِينَ مالك الخلق ومربيهم أجمعين بالارزاق الجسمانية والروحانية وفى الحديث القدسي يا ابن آدم تريد وأريد فتتعب فيما تريد ولا يكون الا ما أريد قال وهب بن منبه قرأت فى كتب كثيرة مما أنزل الله على الأنبياء انه من جعل الى نفسه شيأ من المشيئة فقد كفر قال أبو بكر الواسطي قدس سره أعجزك فى جميع

تفسير سورة الانفطار

صفاتك فلا تشاء الا فى مشيئتة ولا تعمل الا بقوته ولا تطيع الا بفضله ولا تعصى الا بخذلانه فماذا يبقى لك وبماذا تفتخر من أعمالك وليس منها شىء إليك الا بتوفيقه وبالفارسية حق تعالى ترا در همه وصفها عاجز ساخته است نخواهى مكر بمشيت او ونكنى مكر بقوت او وفرمانبرى مكر بفضل او وعاصى نشوى مكر بخذلان او پس تو چهـ دارى وبكدام فعل مى نازى وحال آنكه ترا هيچ نيست ز سر تا پاهمه در پيچيم پيچ ... چهـ پا چهـ سر همه هيچيم در هيچ وفى الحديث من سره ان ينظر الى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت فان فيها بيان أهواله الهائلة على التفصيل تمست سورة التكوير بعون الملك القدير فى وسط صفر الخير من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الانفطار تسع عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ اى انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا او لهيبة الرب وفى فتح الرحمن تشققها على غير نظام مقصود انما هو انشقاق لنزول بنيتها وإعرابه كاعراب إذا الشمس كورت وفى التأويلات النجمية يعنى سماء الأرواح والقلوب والاسرار ارتفعت تعيناتها وزالت تشخصاتها وقال القاشاني اى إذا انفطرت سماء الروح الحيواني بانفراجها عن الروح الإنساني وزوالها بالموت وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ اى تساقطت من مواضعها سوداء متفرقة كما تتساقط اللآلئ إذا انقطع السلك وهذان من اشراط الساعة متعلقان بالعلويات فان السماء فى هذا العالم كالسقف والأرض كالبناء ومن أراد تخريب دار فانه يبدأ اولا بتخريب السقف وذلك هو قوله إذا السماء انفطرت ثم يلزم من تخريب السماء انتثار الكواكب وفيه اشارة الى انتثار كواكب الحواس العشر الظاهرة والباطنة وذهابها بالموت الطبيعي فانه إذا انقطع ضوء الروح عن ظاهر البدن وباطنه تعطل الحواس مطلقا وكذا بالموت الإرادي وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ فتح بعضها الى بعض بزوال المانع وحصلول تزلزل الأرض وتصدعها واستوائها وصارت البحار وهى سبعة بحر الروم وبحر الصقالبة وبحر جرجان وبحر القلزم وبحر فارس وبحر الصين وبحر الهند بحرا واحدا فيصب ذلك البحر فى جوف الحوت الذي عليه الأرضون السبع كما فى كشف الاسرار وروى ان الأرض تنشف من الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية وهو معنى التسجير عند الحسن البصري ودخل فى البحار البحر المحيط لانه اصل الكل إذ منه يتفرع الباقي وكذا الأنهار العذبة فانها بحار ايضا لتوسعها وفيه اشارة الى بحار الأرواح والاسرار والقلوب حيث فجرت بعضها فى بعض بالتجلى الاحدى وصارت بحرا واحدا والى بحار الأجسام العنصرية حيث فجرت بعضها فى بعض بزوال البرازخ الحاجزة عن ذهاب كل الى أصله وهى الأرواح الحيوانية المانعة عن خراب البدن ورجوع

[سورة الانفطار (82) : الآيات 4 إلى 7]

اجزائه الى أصلها وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها وأخرج موتا ولا يخالف ما سيجيئ فى العاديات فان البعثرة تجيئ بمعنى الاستخراج ايضا اى كالقلب وفى تاج المصادر البعثرة شورانيدن وآشكارا كردن. ولذا قال بعضهم بالفارسية وآنگاه كه كورها زير وزبر كرده شود يعنى خاكها را بشورانند تا مدفونات وى از أموات وكنجها ظاهر كردد ومردكان زنده شوند. ونظيره بحثر لفظا ومعنى يقال بعثرت المتاع وبحثرته اى جعلت أسفله أعلاه وجعل أسفل القبور أعلاها انما هو بإخراج موتاها وقيل لسورة براءة المبعثرة لانها بعثرت اسرار المنافقين وهما اى بعثر وبحثر مركبان من البعث والبحث مع راء ضمت إليهما وقال الراغب من رأى تركيب الرباعي والخماسي نحو هلل وبسمل إذا قال لا اله الا الله وبسم الله يقول ان بعثر مركب من بعث واثير أي قلب ترابها وأثير ما فيها وهذا لا يبعد فى هذا الحرف فان البعثرة تتضمن معنى بعث وأثير وهذان من اشراط الساعة متعلقان بالسفليات فانه تعالى بعد تخريب السماء والكواكب يخرب كل ما على وجه الأرض بنفوذ بعض البحار فى بعض ثم يخرب نفس الأرض التي هى كالبناء بأن يقلبها ظهر البطن وبطنا لظهر وفيه اشارة الى خراب قبور التعينات وصيرورة المتعين مطلقا عن التعينات لان التعينات قبور الحقائق المطلقة والى قبور الأبدان فانها تخرج ما فيها من الأرواح والقوى بالموت عَلِمَتْ نَفْسٌ اى كل نفس برة كانت او فاجرة كما سبق فى السورة السابقة وفى فتح الرحمن نفس هنا اسم الجنس وافرادها ليبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها الا من رحم الله تعالى ما قَدَّمَتْ فى حياتها من عمل خير أو شر فان ما من ألفاظ العموم وَأَخَّرَتْ من سنة حسنة او سيئة يعمل بها بعده قال عليه السلام أيما داع دعا الى الهدى فاتبع فله مثل اجر من اتبعه الا انه لا ينقص من أجورهم شىء وأيما داع دعا الى الضلالة فاتبع فله مثل أوزار من اتبعه الا انه لا ينقص من أوزارهم شىء او ما قدم من معصية وما أخر من طاعة وفى التأويلات النجمية علمت نفس ما قدمت أخرجت من القوة الى الفعل بطريق الأعمال الحسنة او السيئة وما أخرت أبقت فى القوة بحسب النية قوله علمت إلخ جواب إذا اى إذا وقعت هذه الأشياء وخربت الدنيا علمت كل نفس إلخ لكن لا على انها تعلمه عند البعث بل عند نشر الصحف لما عرفت فى السورة السابقة من أن المراد بها زمان واحد مبدأه النفخة الاولى ومنتهاه الفصل بين الخلائق لا ازمنه متعددة حسب تعدد كلمة إذا وانما كررت لتهويل ما فى حيزها من الدواهي فالمراد العلم التفصيلي الذي يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة واما العلم الإجمالي فيحصل فى أول زمان البعث والحشر لان المطيع يرى آثار السعادة العاصي يرى آثار الشقاوة فى أول الأمر قال ابن الشيخ فى حواشيه العلم بجميع ذلك كناية عن المجازاة عليه والمقصود من الكلام الزجر عن المعصية والترغيب فى الطاعة يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ يعم جميع العصاة ولا خصوص له بالكفار لوقوعه بين المجمل ومفصله اى بين علمت نفس إلخ وبين ان الأبرار إلخ واما قوله بل تكذبون بالدين فمن قبيل بنوا فلان قتلوا

زيدا إذا كان القاتل واحدا منهم قال الامام السهيلي رحمه الله قوله يا أيها الإنسان يريد امية بن خلف ولكن اللفظ عام يصلح له ولغيره وقيل نزلت فى الوليد بن المغيرة او الأسود بن كلدة الجمحي قصد النبي عليه السلام فى بطحاء مكة فلم يتمكن منه فلم يعاقبه الله على ذلك وفى زهرة الرياض ضرب على يافوخ رسول الله عليه السلام فأخذه رسول الله وضربه على الأرض فقال له يا محمد الامان الامان منى الجفاء ومنك الكرم فانى لا أوذيك ابدا فتركه رسول الله عليه السلام ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ما استفهامية فى موضع الابتداء وغرك خبره والاستفهام بمعنى الاستهجان والتوبيخ والمعنى اى شىء خدعك وجرأك على عصيانه وأمنك من عقابه وقد علمت ما بين يديك من الدواهي وما سيكون حينئذ من مشاهدة أعمالك كلها يقال غره بفلان إذا جرأه عليه وأمنه المحذور من جهته مع انه غير مأمون والتعرض لعنوان كرمه تعالى للايذان بأنه ليس مما يصلح أن يكون مدار الاغترار حسبما يغويه الشيطان ويقول له افعل ما شئت فان ربك كريم قد تفضل عليك فى الدنيا وسيفعل مثله فى الآخرة فان قياس عقيم وتمنية باطلة بل هو مما يوجب المبالغة فى الإقبال على الايمان والطاعة والاجتناب عن الكفر والعصيان كأنه قيل ما حملك على عصيان ربك الموصوف بالصفات الزاجرة عن الداعية ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأها غره جهله وقال الحسن البصري رحمه الله غره والله شيطانه فظهر أن كرم الكريم لا يقتضى الاغترار به بل هو يقتضى الخوف والحذر من مخالفته وعصيانه من حيث ان إهمال الظالم ينافى كونه كريما بالنسبة الى المظلوم وكذا التسوية بين الموالي والمعادى فاذا كان محض الكرم لا يقتضى الاغترار به فكيف إذا انضم اليه صفة القهر ولله الأسماء المتقابلة ولذا قال نبئ عبادى انى أنا الغفور الرحيم وان عذابى هو العذاب الأليم قال القاشاني كان كونه كريما يسوغ الغرور ويسهله لكن له من النعم الكثيرة والمنن العظيمة والقدرة الكاملة ما يمنع من ذلك اكثر من تجويز الكرم إياه وقيل للفضيل بن عياض رحمه الله ان أقامك الله يوم القيامة وقال لك ما غرك بربك الكريم ماذا تقول قال أقول غرتنى ستورك المرخاة ونظمه ابن السماك فقال يا كاسب الذنب أما تستحى ... والله فى الخلوة ثانيكا غرك من ربك امهاله ... وستره طول مساويكا قال صاحب الكشاف قول الفضيل على سبيل الاعتراف بالخطا فى الاغترار بالستر وليس باعتذار كما يظنه الطماع ويظن به قصاص الحشوية ويرونه من أئمتهم انما قال بربك الكريم دون صفاته من الجبار والقهار والمنتقم وغير ذلك ليلقن عبده الجواب حتى يقول غرنى كرم الكريم. يقول الفقير الحق ان هذا الباب مما يقبل الاختلاف بالنسبة الى أحوال الناس فليس من يفهم الاشارة كمن لا يفهما وكم من فرق بين ذنب وذنب وظن وظن ولذا قال أهل الاشارة إيراد الاسم الكريم من بين الأسماء كأنه من جهة التلقين

[سورة الانفطار (82) : آية 7]

خود تو دادى مژده لا تقنطوا ... من چرا ترسم ز عصيان وعتو چون تو هر شكسته را سازى درست ... پس خطاها بر اميد عفو تست وقال يحيى بن معاذ رحمه الله غرنى برك سالفا وآنفا يقول مولاى اما تستحى ... مما أرى من سوء أفعالك فقلت يا مولاى رفقا فقد ... أفسدنى كثرة إفضالك وعن على رضى الله عنه انه صوت بغلام له مرارا فلم يجبه وهو بالباب فقال لم لم تجبنى فقال لثفتى بحلمك وأمنى من عقوبتك فأعتقه إحسانا لقوله وقال بعض أهل الاشارة عجبت من هذا الخطاب الذي فيه تهديد المخالف ومواساة الموافق كيف يخاطب المخالف بخطاب فيه مواساة الموافق ففيه من الرموز ما لا يعرفه الا اهل الاشارة قال بعضهم رأيت فى سوق البصرة جنازة يحملها اربعة وليس معهم مشيع فقلت لا اله الا الله سوق البصرة وجنازة رجل مسلم لا يشيعها أحد انى لأشيعها فتبعتها وصليت عليها ولما دفنوه سألتهم عنه قالوا ما نعرفه وإنما اكترتنا تلك المرأة وأشاروا الى امرأة واقفة قريبا من القبر ثم انصرفوا فرفعت المرأة يدها الى السماء تدعو ثم ضحكت وانصرفت فتعلقت بها وقلت لا بد أن تخبريني بقضيتك فقالت ان هذا الميت ابني ولم يترك شيئا من المعاصي الا فعله فمرض ثلاثة ايام فقال لى يا أمي إذا مت لم تخبري الجيران بموتى فانهم يفرحون بموتى ولا يحضرون جنازتى ولكن اكتبى على خاتمى لا اله الا الله محمد رسول الله وضعيه فى أصبعى وضعي رجلك على خدى إذا مت وقولى هذا جزاء من عصى الله فاذا دفنتنى فارفعى يديك الى الله وقولى اللهم انى رضيت عنه فارض عنه فلما مات فعلت جميع ما أوصانى به فلما رفعت يدى الى السماء ودعوت سمعت صوته بلسان فصيح انصرفي يا أمي فقد قدمت على رب كريم رحيم فرضى عنى فلذلك ضحكت سرورا بحاله أورده الامام القشيري فى شرح الأسماء (وفى الحديث الصحيح) ان الله يدنى المؤمن فيضع عليه كنفه وستره فيقول أتعرف ذنب كذا فيقول نعم اى رب حتى قرره بذنوبه ورأى فى نفسه انه هلك قال سترتها عليك فى الدنيا وأنا أغفر لك اليوم الَّذِي خَلَقَكَ صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم لان الخلق إعطاء الوجود وهو خير من العدم منبهة على ان من قدر على الخلق وما يليه بدأ قدر عليه إعادة اى خلقك بعد أن لم تكن شيا فَسَوَّاكَ اى جعل اعضاءك سوية سليمة معدة لمنافعها اى بحيث يترتب على كل عضو منها منفعته التي خلق ذلك العضو لاجلها كالبطش لليد والمشي للرجل والتكلم للسان والابصار للبصر والسمع للاذن الى غير ذلك فَعَدَلَكَ عدل بعض تلك الأعضاء ببعض بحيث اعتدلت ولم تتفاوت مثل أن تكون احدى اليدين او الرجلين او الأذنين أطول من الأخرى أو تكون احدى العينين أوسع من الاخرى او بعض الأعضاء ابيض وبعضها اسود أو بعض الشعر فاحما وبعضه أشقر قال علماء التشريح انه تعالى ركب جانبى هذه الجثة على التساوي

[سورة الانفطار (82) : الآيات 8 إلى 12]

حتى انه لا تفاوت بين نصفيه لا فى العظام ولا فى أشكالها ولا فى الاوردة والشرايين والاعصاب النافذة فيها والخارجة منها فكل ما فى أحد الجانبين مساو لما فى الجانب الآخر ويقال عدله عن الطريق اى صرفه فيكون المعنى فصرفك عن الخلقة المكروهة التي هى لسائر الحيوانات وخلقك خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق كما قال تعالى فى احسن تقويم وقرئ فعلك بالتشديد اى صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فهو بالمعنى الاول من المخفف وقال الجنيد قدس سره تسوية الخلقة بالمعرفة وتعديلها بالايمان وقال ذو النون قدس سره او جدك فسخر لك المكونات اجمع ولم يسخرك لشئ منها وفى التأويلات النجمية يا أيها الإنسان المخلوق على صورته كأنك غرك كمال المظهرية وتمام المضاهاة خلقك فى احسن صورة فسواك فى احسن تقويم فجعل بنيتك الصورية وبنيتك المعنوية سليمة مسواة ومعتدلة ومستعدة لقبول جميع الكمالات الالهية والكيانية كما قال عليه السلام أوتيت جوامع الكلم اى الكلم الالهة والكلم الكيانية فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ الجار متعلق بركبك وما مزيدة لتعميم النكرة وشاء صفة لصورة والعائد محذوف وانما لم يعطف الجملة على ما قبلها لانها بيان لعدلك والمعنى ركبك فى اى صورة شاءها واقتضتها مشيئتة وحكمته من الصور العجيبة الحسنة او من الصور المختلفة فى الحسن والقبح والطول والقصر والذكورة والأنوثة والشبه ببعض الأوقات وخلاف الشبه كما فى الحديث ان النطفة إذا استقرت فى الرحم أحضرها الله كل نسب بينهما وبين آدم وصورها فى اى شبيه شاء وقال الواسطي رحمه الله صور المطيعين والعاصين فمن صوره على صورة الولاية ليس كمن صوره على صورة العداوة اى صور بعضهم على الصورة الجمالية اللطفية وبعضهم على الصورة الجلالية الفهرية قال حضرة شيخى وسندى قدس سره فى كتاب اللائحات البرقيات له لاح ببالي ان تلك الصورة التركيبية تتناول الصورة العلمية والصورة الروحية والصورة المثالية والصورة الجسمية وغير ذلك من الصور المركبة فى الأطوار لكن المقصود بالذات انما هو هذه الأربع والتركيب فى الصورة العلمية والروحية عقلى ومعنوى وفى الصورة المثالية والجسمية حسى وروحى والمراد من التركيب فى الصورة العلمية ظهور الذات وفى الصورة الروحية ظهور الصفات وفى الصورة المثالية ظهور الافعال وفى الصورة الجسمية ظهور الآثار وهذه الظهورات من تلك التركيبات بمنزلة النتائج من القياسات وبمنزلة المجموع من الاجتماعات وإجراؤها انما هى احكام الوجوب واحكام الإمكان والمراد من احكام الوجوب هو الأسماء الالهية الفاعلة المؤثرة والمراد من احكام الإمكان هو الحقائق الكونية القابلة المتأثرة والتركيب من هذه اجزاء فى اى صورة كان انما هو لظهور محل يكون مظهر الظهور آثارها وخواصها مجتمعة وعند هذا الظهور الاجتماعى فى ذلك المحل الجامع كالنشأة الانسانية المخاطبة هاهنا ان كانت الغلبة لاجزاء احكام الوجوب تكون تلك النشأة علوية مائلة الى جانب العلو والحق هى تكون باقية على فطرة الاصلية الالهية قابلة مستعدة للفيض والتجلي والوصول الى عالم القدس وان كانت لاجزاء احكام الإمكان تكون تلك النشأة سفلية مائلة الى جانب السفل والخلق

[سورة الانفطار (82) : الآيات 9 إلى 12]

وخارجة عن الفطرة الاصلية الازلية غير قابلة ومستعدة للفيض والتجلي والوصول الى عام القدس بل تبقى فى عالم الدنس مدنسة بدنس الجهالة والغفلة والنسيان لا خبر لها عن نفسها وربها وتكون أعمى وأصم وابكم لا تعرف يمينها من شمالها ولا ترى شمالها من يمينها أولئك كالانعام بل هم أضل انتهى كلامه روح الله روحه كَلَّا كلمة ردع فالوقف عنها اى ارتدعوا عن الاغترار بكرم الله وجعله ذريعة الى الكفر والمعاصي مع كونه موجبا للشكر والطاعة وقيل توكيد لتحقيق ما بعده بمعنى حقا فالوقف على ركبك كما رجحه السجاوندى حيث وضع علامة الوقف المطلق على ركبك بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ قال فى الإرشاد عطف على جملة ينساق إليها الكلام كأنه قيل بعد الردع بطريق الاعتراض وأنتم لا ترتدعون عن ذلك بل تجترئون على أعظم من ذلك حيث تكذبون بالجزاء والبعث رأسا فانه يراد بالدين الجزاء والمكافأة ومنه الديان فى صفة الله او تكذبون بدين الإسلام اللذين هما من جملة أحكامه فلا تصدقون سؤالا ولا جوابا ولا ثوابا ولا عقابا وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ حال من فاعل تكذبون وجمع الحافظين باعتبار كثرة المخاطبين او باعتبار ان لكل واحد منهم جمعا من الملائكة كما قال اثنان بالليل واثنان بالنهار اى تكذبون بالجزاء والحال ان عليكم أيها المكلفون من قبلنا الملائكة حافظين لأعمالهم وبالفارسية نكهبانان كِراماً جمع كريم اى لدينا بجبرهم فى طاعتنا او بأداء الامانة إذ الكريم لا يكون حوانا وفى فتح الرحمن وصفهم بالكرم الذي هو نفى المذام وقيل كرام يسارعون الى كتب الحسنات ويتوقفون فى كتب السيئات رجاء ان يستغفر ويتوب فيكتبون الذنب والتوبة منه معا وفى زهرة الرياض سماهم كراما لانهم إذا كتبوا حسنة يصعدون الى السماء ويعرضونها على الله ويشهدون ويقولون ان عبدك فلانا عمل حسنة واما فى السيئة فيسكتون ويقولون الهى أنت ستار العيوب وهم يقرأون كل يوم كتابك ويمدحوننا فانا لا نهتك استارهم واما معنى التعطف كما فى سورة عبس فلا يلائم هذا المقام كما فى بعض التفاسير كاتِبِينَ للاعمال يَعْلَمُونَ لحضورهم وعدم افتراقهم عنكم ما تَفْعَلُونَ من الافعال قليلا وكثيرا ويضبطون نفيرا وقطميرا لتجاوزا بذلك (وفى الحديث) أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم الا عند احدى الحالتين الجنابة والغائط قال فى عين المعاني قوله يعلمون يدل على ان السهو والخطأ وما لا تبعة فيه لا يكتب وكذا ما استغفر منه حيث لم يقل يكتبون انتهى وقوله ما تفعلون وان كان عاما لا فعال القلوب والجوارح لكنه عام مخصوص بافعال الجوارح لان ما كان من المغيبات لا يعلمه الا الله وفى كشف الاسرار علمهم على وجهين فما كان من ظاهر قول او حركة جوارح علموه بطاهره وكتبوه على جهته وما كان من باطن ضمير يقال انهم يجدون لصالحه رائحة طيبة ولطالحه رائحة خبيثة فيكتبونه مجملا عملا صالحا وآخر سيئا انتهى وقد مر بيان هذا المقام فى سورتى الزخرف وق فارجع وخص الفعل بالذكر لانه اكثر من القول ولان القول قد يراد به الفعل فاندرج فيه وعن الفضيل انه كان إذا قرأ هذه الآية قال ما أشدها من آية على الغافلين ففيها إنذار وتهويل وتشديد للعصاة وتبشير

[سورة الانفطار (82) : الآيات 13 إلى 19]

ولطف للمطيعين وفى تعظيم الكاتبين بالشاء عليهم تفخيم لامر الجزاء وانه عند الله من جلائل الأمور حيث يستعمل فيه هؤلاء الكرام فالتعظيم انما هو فى وصفهم بالكرم لا بالكتب والحفظ وطعن بعض المنكرين فى حضور الكاتبين اما اولا فبأنه لو كانت الحفظة وصحفهم وأقلامهم معنا ونحن لا نراهم لجاز أن يكون بحضرتنا جبال واشخاص لا نرا وذلك دخول فى الجهالات وجوابه ان الملائكة من قبيل الأجسام اللطيفة فحضورهم لا يستلزم الرؤية ألا ترى ان الله أمد المؤمنين فى در بالملائكة وكانوا لا يرونهم الا من شاء الله رؤيته وكذا الجن من هذا القبيل ولذا قال تعالى انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم فكما ان الهولء لا يرى للطافته فكذا غيره من اهل اللطافة واما ثانيا فبأن هذه الكتابة والضبط ان كان لا لفائدة فهو عبث والله تعالى متعال عن ذلك وان كان لفائدة فلا بد أن تكون للعبد لان الله متعال عن النفع والضرر وعن تطرق النسيان وغاية ذلك ان يكون حجة على الناس وتشديدا عليهم بإقامتها لكن هذه ضعيف لان من علم ان الله لا يجوز ولا يظلم لا يحتاج فى حقه الى اثبات هذه الحجة ومن لم يعلم ذلك لا ننفعه لاحتمال ان يحمل على الظلم وجوابه ان الله يجرى أموره على عباده على ما يتعارفونه فى الدنيا ينهم ليكون ابلغ فى تقرير المعنى عندهم من إخراج كتاب وإحضار شهود عدل فى الزام الحجة عند الحاكم ولعبد إذا علم ان الله رقيب عليه والملائكة يحفظون اعماله ويكتبونها فى الصحيفة وتعرض على رؤوس الاشهاد يوم القيامة كان ذلك ازجر له عن المعاصي وامنع من السوء واما ثالثا فبأن افعال القلوب عير مرئية فلا يكتبونها مع انها محاسب بها لقوله تعالى وان تبدوا ما فى أنفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله الآية وجوابه ما مر من ان الآية من العام المخصوص وقد قال الامام الغزالي رحمه الله كل ذكر يشعر به قلبك تسمعه الملائكة الحفظة فان شعورهم يقارن شعورك حتى إذا غاب ذكرك عن شعورك بذهابك فى المذكور بالكلية غاب عن شعور الحفظة ايضا ومادام القلب يلتفت الى الذكر فهو معرض عن الله وفهم من هذا المقال ان قياس اطلاع الملائكة على الوقائع على اطلاع الناس غير مستقيم فان شؤونهم علما وعملا غير شؤون الناس على ان من أصلح من الناس سريرته قد يكشف الضمائر ويطلع على الغيوب باطلاع الله تعالى فما ظنك بالملائكة الذين هم ألطف جسما وأخف روحا إِنَّ الْأَبْرارَ الذين بروا وصدقوا فى ايمانهم بأداء الفرائض واجتناب المعاصي وبالفارسية وبدرستى كه نيكو كاران وفرمان برداران. جمع بر بالفتح وهو بمعنى الصادق والمطيع والمحسن وأحسن الحسنات لا اله الا الله ثم بر الوالدين وبر التلامذة للاساتذة وبر أهل الارادة للشيوخ كما قال فى فتح الرحمن هو الذي قد اطرد بره عموما فبر ربه فى طاعته إياه وبر الناس فى جلب ما استطاع من الخير لهم وغير ذلك (وفى الحديث) بروا آباءهم كما بروا أبناءهم لَفِي نَعِيمٍ وهو نعيم الجنة وثوابها والتنوين للتفخيم وَإِنَّ الْفُجَّارَ وبدرستى كه دروغ كويان ومنكران حشر. جمع فاجر والفجور شق ستر الديانة لَفِي جَحِيمٍ اى النار وعذابها والتنوين للتهويل والجملتان بيان لما يكتبون لاجله وهو أن الغاية اما النعيم واما الجحيم وفيه اشارة الى نعيم

[سورة الانفطار (82) : الآيات 15 إلى 19]

الذكر والطاعة والمعرفة والشهود والحضور والوصال والى جحيم الغفلة والمعصية والجهل والاحتجاب والغيبوبة والفراق قال الخواص رحمه الله طاب النعيم إذا كان منه وطاب الجحيم إذا كان به وفى المثنوى هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط هر كجا كه يوسفى باشد چوماه ... جنت است او را چهـ باشد قعر چاه يَصْلَوْنَها اما صفة لجحيم او استئناف مبنى على سؤال نشآ عن تهويلها كأنه قيل ما حالهم فيها فقيل يقاسون حرها كما قال الخليل صلى الكافر النار قاسى حرها وباشره ببدنه ولم يصف النعيم بما يلائمه لان ما سبق من الكلام كان فى المكذبين الفجرة لان المقام مقام التخويف وذكر تبشير الأبرار لانه ينكشف به حال الفجار الأشرار لان الأشياء تعرف بأضدادها يَوْمَ الدِّينِ يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به وَما هُمْ ونيست فجار عَنْها اى عن الجحيم بِغائِبِينَ طرفة عين يعنى درو جاويد باشند وبيرون نيايند كقوله تعالى وما هم بخارجين منها فالمراد دوام نفى الغيبة لا نفى دوام الغيبة وقيل وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها فى قبورهم حسبما قال النبي عليه السلام القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران وَما أَدْراكَ الخطاب لكل من يتأتى منه الدراية وما مبتدأ وادراك خبره ما خبر قوله يَوْمُ الدِّينِ وما لطلب الوصف وان كان وضعه لطلب الحقيقة وشرح الاسم والمعنى اى شىء جعلك داريا وعالما ما يوم الدين اى اى شىء عجيب هو فى الهول والفظاعة اى ما ادراك الى هذا الآن أحد كنه امره فانه خارج عن دائرة دراية الخلق على اى صورة يصورونه فهو فوقها واضعافها ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ تكرير بثم المفيدة للترقى فى الرتبة للتأكيد وزيادة التخويف والمجموع تعجيب للمخاطبين وتفخيم لشأن اليوم واظهار يوم الدين فى موقع الإضمار تأكيد لهوله وفخامته يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً بيان إجمال لشأن يوم الدين اثرا بهامه وبيان خروجه عن دائرة علوم الخلق بطريق انجاز الوعد فان نفى ادرائهم مشعر بالوعد الكريم بالادراء قال ابن عباس رضى الله عنهما كل ما فى القرآن من قوله تعالى وما ادراك فقد ادراه وكل ما فيه من قوله وما يدريك فقد طوى عنه ويوم مرفوع على انه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لاضافته الى غير متمكن كأنه قيل هو يوم لا تملك فيه نفس من النفوس لنفس من النفوس شيأ من الأشياء او منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم امر يوم الدين وتشويقه عليه السلام الى معرفته اذكر يوم لا تملك إلخ فانه يدريك ما هو ودخل فى نفس كل نفس ملكية وبشرية وجنية وفى شىء كل ما كان من قبيل جلب المنفعة او دفع المضرة وَالْأَمْرُ كله يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ لا تملك نفس لنفس شيأ لِلَّهِ وحده والأمر واحد الأوامر فان الأمر والحكم والقضاء من شأن الملك المطاع والخلق كلهم مقهورون تحت سطوات الربوبية وحكمها ويجوز أن يكون واحد الأمور فان امور اهل المحشر كلها بيده تعالى

تفسير سورة المطففين

لا يتصرف فيها غيره اخبر تعالى بضعف الناس يومئذ وانه لا ينفعهم الأموال والأولاد والأعوان والشفعاء كما فى الدنيا بل ينفعهم الايمان والبر والطاعة وانه لا يقدر أحد أن يتكلم الا بإذن الله وامره إذ الأمر له فى الدنيا والآخرة فى الحقيقة وان كان يظهر سلطانه فى الآخرة بالنسبة الى المحجوب لان المحجوب يرى ان الله ملكه فى الدنيا وجعل له شيأ من الأمور والأوامر فاذا كان يوم القيامة يظهر له ان الأمر والملك لله تعالى لا يزاحمه فيه أحد ولا يشاركه ولو صورة وفيه تهديد لارباب الدعاوى واصحاب المخالفة وتنبيه على عظيم بطشه تعالى وسطوته. وفى الحديث من قرأ إذا السماء انفطرت أعطاه الله من الاجر بعدد كل قبر حسنة وبعدد كل قطرة ماء حسنة وأصلح الله شأنه يوم القيامة تمت سورة الانفطار بعون مالك الأقطار فى الثاني والعشرين من صفر الخير من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة المطففين ست وثلاثون آية مختلف فى كونها مكية او مدينة بسم الله الرحمن الرحيم وَيْلٌ شدة الشر او الهلاك او العذاب الأليم وقال ابن كيسان هو كلمة كل مكروب واقع فى البلية فقولك ويل لك عبارة عن استحقاق المخاطب لنزول البلاء والمحنة عليه الموجب له ان يقول وا ويلاه ونحوه وقيل أصله وى لفلان اى الحزن فقرن بلام الاضافة تخفيفا وبالفارسية واى. وهو مبتدأ وان كان نكرة لوقوعه فى موقع الدعاء على ما سبق بيانه فى المرسلات لِلْمُطَفِّفِينَ الباخسين حقوق الناس فى المكيال والميزان وبالفارسية مر كاهندگانرا در كيل ووزن. فان التطفيف البخس فى الكيل والوزن والنقص والخيانة فيهما بأن لا يعطى المشترى حقه تاما كاملا وذلك لان ما يبخس شىء طفيف حقير على وجه الخفية منى جهة دناءة الكيال والوزان وخساستهما إذ الكثير يظهر فيمنع منه ولذا سمى مطففا قال الراغب يقال طفف الكيل قلل نصيب المكيل له فى ايفائه واستيفائه وقال سعدى المفتى والظاهر ان بناء التفعيل للتكثير لان البخس لما كان من عادتهم كانوا يكثرون التطفيف ويجوز ان يكون للتعدية انتهى روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وكان أهلها من أبخس الناس كيلا فنزلت فخرج فقرأها عليهم وقال خمس بخمس ما نقض قوم العهد الا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما انزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة الا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل الا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة الا حبس عنهم القطر فعملوا بموجها وأحسنوا الكيل فهم او فى الناس كيلا الى اليوم وعن على رضى الله عنه انه مر برجل يزن الزغفران وقد أرجح فقال أقم الوزن بالقسط ثم أرجح بعد ذلك ما شئت كأنه امره اولا بالتسوية ليعتادها ويفصل الواجب من النفل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انكم معشر الأعاجم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم المكيال والميزان وخص الأعاجم لانهم كانوا يجمعون الكيل والوزن جميعا وكانا مفرقين

[سورة المطففين (83) : الآيات 2 إلى 3]

فى الحرمين كان اهل مكة يزنون واهل المدينة يكيلون وعن عكرمة أشهد أن كل كيال ووزان فى النار فقيل لو أن ابنك كيال او وزان فقال أشهد انه فى النار وعن الفضيل بخس الميزان سواد الوجه يوم القيامة وعن مالك بن دينار انه دخل على جار له احتضر فقال يا مالك جبلان من نار بين يدى أكلف الصعود عليهما فسألت اهله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر حتى كسرتهما ثم سألت الرجل فقال ما يزداد الأمر على إلا عظما ودر فصول سبعين آورده كه هر كه در كيل ووزن خيانت كند فردا او را بقعر دوزخ در آورده ميان دو كوه از آتش بنشانند وكوبند كلهما وزنهما آنرا ميسنجد وميسوزد تو كم دهى وبيش ستانى بكيل ووزن ... روزى بود كه از كم وبيشت خبر كنند الَّذِينَ إلخ صفة كاشفة للمطففين شارحة لكيفية تطفيفهم الذي استحقوا به الذم والدعاء بالويل إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ اى من الناس مكيلهم بحكم الشراء ونحوه والاكتيال الاخذ بالكيل كالاتزان الاخذ بالميزان يَسْتَوْفُونَ الاستيفاء عبارة عن الاخذ الوافي اى يأخذونه وافيا وافرا وتبديل كلمة من بعلى لتضمين الاكتيال معنى الاستيلاء او للاشارة الى انه اكتيال مضربهم لكن لا على اعتبار الضرر فى حيز الشرط الذي تتضمنه كلمة إذا لاخلاله بالمعنى بل فى نفس الأمر بموجب الجواب فان المراد بالاستيفاء ليس أخذ الحق وافيا من غير نقص بل مجرد الاخذ الوافي الوافر حسبما أرادوا بأى وجه يتيسر من وجوه الحيل وكانوا يفعلونه بكبس الكيل وتحريك المكيال والاحتيال فى ملئه فيسرقون من أفواه المكاييل وألسنة الموازين وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ الكيل پيمودن به پيمانه تا مقدار مكيل معلوم كردد. والوزن والزنة سنجيدن تا مقدار موزون معلوم شود. اى وإذا كالوا للناس او وزنوا لهم المبيع ونحوه بالفارسية و چون مى پيمايند براى ناس ويا مى سنجند حقوق ايشانرا. فحذف الجار وأوصل الفعل كما قال فى تاج المصادر وزنت فلانا درهما ووزنت لفلان بمعنى والأصل اللام ثم حذفت فوصل الفعل ومنه الآية انتهى فلفظ هم منصوب المحل على المفعولية لا مرفوعه على التأكيد للواو لان واو الجمع إذا اتصل به ضمير المفعول لا يكتب بعده الالف كما فى نصروك ومنه الآية إذ لم يكتب الالف فى المصحف وإذا وقع فى الطرف بأن يكون الضمير مرفوعا واقعا للتأكيد فحينئذ يكتب بعده الالف لان المؤكد ليس كالجزء مما قبله بخلاف المفعول واما نحو شاربو الماء فالاكثر على حذف الالف لقلة الاتصال واو الجمع بالاسم هذا فان قلت خط المصحف خارج عن القياس قلت الأصل فى أمثاله إثباته فى المصحف فلا يعدل عنه يُخْسِرُونَ اى ينقصون حقوقهم مع ان وضع الكيل والوزن انما هو للتسوية والتعديل يقال خسر الميزان واخسره يعنى كم كرد ومى كاست. ولعل ذكر الكيل والوزن فى صورة الاخسار والاقتصار على الاكتيال فى صورة الاستيفاء بأن لم يقل إذا كتالوا على الناس او اتزنوا لما أنهم لم يكونوا متمكنين

[سورة المطففين (83) : الآيات 4 إلى 9]

من الاحتيال عند الاتزان تمكنهم منه عند الكيل والوزن كما قال فى الكشاف كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن الا بالمكاييل دون الوازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة لانهم يزعزعون ويحتالون فى الملئ وإذا اعطوا كالوا او وزنوا لتمكنهم من البخس فى النوعين جميعا انتهى ويؤيده الاقتصار على التطفيف فى الكيل فى الحديث المذكور سابقا وعدم التعرض للمكيل والموزون فى الصورتين لان مساق الكلام لبيان سوء معاملتهم فى الاخذ والإعطاء لا فى خصوصية المأخوذ والمعطى قال أبو عثمان رحمه الله حقيقة هذه الآية عندى هو من يحسن العبادة على رؤية الناس ويسيئ إذا خلا وفى التأويلات النجمية يشير الى المقصرين فى الطاعة والعبادة الطالبين كمال الرأفة والرحمة الذين يستوفون من الله مكيال أرزاقهم بالتمام ويكيلونه مكيال الطاعة والعبادة بالنقص والخسران ذلك هو الخسران المبين وقال القاشاني يشير الى التطفيف فى الميزان الحقيقي الذي هو العدل والموزونات به هى الأخلاق والأعمال والمطففون هم الذين إذا اعتبروا كمالات أنفسهم متفضلين على الناس يستوفون اى يكثرونها ويزيدون على حقوقهم فى اظهار الفضائل العلمية والعملية اكثر مما لهم عجبا وتكبرا وإذا اعتبروا كما لاس الناس بالنسبة الى كمالاتهم اخسروا واستحقروها ولم يراعوا العدالة فى الحالين لرعونة أنفسهم ومحبة التفضل على الناس كقوله يحبون ان يحمدوا مما لم يفعلوا. يقول الفقير فيه اشارة الى حال النفس القاصرة فى التوحيد الحقيقي فانها إذا أعطته الروح تخسره لنقصانها وقصورها فيه على انه لا يدخل فى الميزان إذ لا مقابل له فمن ادخله فى الميزان فقد نقص شأنه وشأن نفسه ايضا واما التوحيد الرسمى فهى تستوفيه من الروح لانه حقها ولا نصيب سواه أَلا يَظُنُّ آيا نمى پندارند أُولئِكَ المطففون الموصوفون بذلك الوصف الشنيع الهائل فقوله ألا ليست هى التي للتنبيه لان ما بعد حرف النبيه مثبت وهنا منفى لان ألا التنبيهية إذا حذفت لا يختل المعنى نحو ألا انهم لفى سكرتهم يعمهون وإذا حذفت ألا هذه اختل المعنى بل الهمزة الاستفهامية الانكارية داخلة على لا النافية وجوز أن تكون للعرض والتحضيض على الظن أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ لا يقادر قدر عظمه وعظم ما فيه من الأهوال ومحاسبون فيه على مقدار الذرة والخردلة فان من يظن ذلك وان كان ظنا ضعيفا فى حد الشك والوهم لا يتجاسر على أمثال هاتيك القبائح فكيف بمن يتيقنه فذكر الظن للمبالغة فى المنع عن التطفيف والا فالمؤمن لا يكفى له الظن فى امر البعث والمحاسبة بل لا بد من الاعتقاد الجازم يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ منصوب بإضمار أعنى لِرَبِّ الْعالَمِينَ بتقدير المضاف اى لمجرد امره وحكمه بذلك لا لشئ آخر او لمحاسبة رب العالمين فيظهر هناك تطفيفهم ومجازاتهم او يقومون من قبورهم لرد رب العالمين أرواحهم الى أجسادهم روى انهم يقومون بين يدى الله تعالى أربعين عاما وفى رواية ثلاثمائة سنة من سنى الدنيا وعرق أحدهم الى انصاف اذنيه لا يأتيهم خبر ولا يؤمر فيهم بأمر وآن مقام هيبت باشد كه كس را زهره سخن نباشد. ثم يخاطبون يفنى از مقام هيبت بمقام محاسبه آرند واما فى حق المؤمن فيكون المكت كقدر انصرافهم من صلاة مكتوبة وفى تخصيص رب العالمين

[سورة المطففين (83) : الآيات 7 إلى 9]

من بين سائر الصفات اشعار بالمالكية والتربية فلا يمتنع عليه الظالم القوى لكونه مملوكا مسخرا فى قبضة قدرته ولا يترك حتى المظلوم الضعيف لان مقتضى التربية ان لا يضيع لاحد شيأ من الحقوق وفى هذه التشديدات اشارة الى ان التطفيف وان كان يتعلق بشئ حقير لكنه ذنب كبير قيل كل من نقص حق الله من زكاة وصلاة وصوم فهو داخل تحت هذا الوعيد وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأ هذه السورة فلما بلغ الى قوله يوم يقوم الناس لرب العالمين بكى نحيبا اى يرفع الصوت وامتنع من قراءة ما بعد من غلبة البكاء وملاحظة الحساب والجزاء وقال أعرابى لعبد الملك بن مروان انك قد سمعت ما قال تعالى فى المطففين وأراد بذلك ان المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم فى أخذ القليل فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ اموال المسلمين بلا كيل ووزن كَلَّا ردع عما كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب فيحسن الوقف عليه وان كان بمعنى حقا فلا لكونه حينئذ متصلا بما بعده إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ تعليل للردع والكتاب مصدر بمعنى المكتوب كاللباس بمعنى الملبوس او على حاله بمعنى الكتابة واللام للتأكيد وسجين علم لكتاب جامع هو ديوان الشر دون اعمال الشياطين واعمال الكفرة والفسقة من الثقلين منقول من وصف كحاتم وهو منصرف لانه ليس فيه الا سبب واحد وهو التعريف وأصله فعيل من السجن مبالغة الساجن او لانه مطروح كما قيل تحت الأرض السابعة فى مكان مظلم وحش وهو مسكن إبليس وذريته إذلالا لهم وتحقيرا لشأنهم وتشهده الشياطين المدحورون كما ان كتاب الأبرار يشهده المقربون فالسجين مبالغة المسجون والمعنى ان كتاب الفجار الذين من جملتهم المطففون اى ما يكتب من أعمالهم او كتابة أعمالهم لفى ذلك الكتاب المدون فيه قبائح اعمال المذكورين وفى التأويلات النجمية اى كتاب استعدادهم الفطري مكتوب فى ديوان سجين طبيعتهم المجبولة على الفسق والفجور بقلم اليد اليسرى على ورق صفحة جبينهم كما قال عليه السلام السعيد من سعد فى بطن امه والشقي من شقى فى بطن امه وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ تهويل لامره اى هو بحيث لا يبلغه دراية أحد كِتابٌ مَرْقُومٌ قال الراغب الرقم الخط الغليظ وقيل هو تعجم الكتاب وقوله كتاب مرقوم حمل على الوجهين انتهى اى هو مسطور بين الكتابة بحيث كل من نظر اليه يطلع على ما فيه بلا دقة نظر وإمعان توجه او معلم يعلم من رآه انه لا خير فيه لاهاليه اى ذلك الكتاب مشتمل على علامة دالة على شقاوة صاحبه وكونه من اصحاب النار وكونه علامة الشر يستفاد من المقام لانه مقام التهويل وقال القفال قوله كتاب مرقوم ليس تفسيرا لسجين بل هو خبر لان والمعنى ان كتاب الفجار لفى سجين وانه كتاب مرقوم وقوله وما ادراك ما سجين وقع معترضا بين الخبرين وقال القاشاني ان كتاب الفجار اى ما كتب من اعمال المرتكبين للرذائل الذين فجروا بخروجهم عن حد العدالة المتفق عليها الشرع والعقل لفى سجين فى مرتبة من الوجود مسجون أهلها فى حبوس ضيقة مظلمة يزحفون على بطونهم كالسلاحف والحيات والعقارب آلاء أخساء فى أسفل مراتب الطبيعة ودركاتها وهو ديوان اعمال اهل

[سورة المطففين (83) : الآيات 10 إلى 14]

الشر ولذلك فسر بقوله كتاب مرقوم اى ذلك المحل المكتوب فيه أعمالهم كتاب مرقوم برقوم هيئات رذائلهم وشرورهم وَيْلٌ عظيم يَوْمَئِذٍ اى يوم يقوم الناس لرب المين فهو متصئل به وما بينهما اعتراض وقال بعضهم اى يوم إذ أعطى ذلك الكتاب لِلْمُكَذِّبِينَ وقال الكاشفى ويل كلمه ايست جامع همه بديها يعنى عذاب وعقاب وشدت ومحنت در ان روز مر مكذبان راست الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ صفة ذامة للمكذبين كقولك فعل ذلك فلان الفاسق الخبيث لان تكذيبهم بيوم الدين علم من قوله ألا يظن أولئك إلخ قال بعض اهل الاشارة المكذبون بالحق وآياته هم ارباب النفوس الذين اقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن الحق ودينه الذي هو دين الإسلام وكل يجازى بحسب دينه فمن لا دين له فجزآؤه سوء الجزاء والويل العظيم ومن له دين فجزآؤه حسن الجزاء ورؤية الوجه الكريم فعليك بالتصديق وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ متجاوز عن حدود النظر والاعتبار غال فى التقليد حتى استقصر قدرة الله على الاعادة مع مشاهدته للبدء كالوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث ونحوهما أَثِيمٍ كثير الإثم اى منهمك فى الشهوات الناقصة الفانية بحيث شغلته عما وراءها من اللذات التامة الباقية وحملته على إنكارها فالاعتداء دل على إهمال القوة النظرية التي كما لها ان يعرف الإنسان وحدة الصانع واتصافه بصفات الكمال مثل العلم والارادة والقدرة ونحوها والإثم دل على إهمال القوة العملية التي كمالها ان يعرف الإنسان الخير لاجل العمل به إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا الناطقة بذلك قالَ من فرط جهله واعراضه عن الحق الذي لا محيد عنه أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى هى حكايات الأولين واخبارهم الباطلة قال فى فتح الرحمن هى الحكايات التي سطرت قديما وهى جمع اسطورة بالضم واسطارة بالكسر وهى الحديث الذي لا نظام له كَلَّا ردع للمعتدى عن ذلك القول الباطل وتكذيب له فيه ويجوز أن يكون ردعا عن مجموع التكذيب والقول بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ قرأ حفص عن عاصم بل بإظهار اللام مع سكتة عليها خفيفة بدون القطع ويبتدئ ران وقرأ الباقون بإدغام اللام فى الراء ومنهم حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر عن عاصم يميلون فتحة الراء قال بعض المفسرين هرب حفص من اجتماع ثقلتى الراء المفخمة والإدغام انتهى ويرد عليه قل رب فانه لا سكتة فيه بل هو بإدغام أحد المتقاربين فى الآخر فالوجه انه انما سكت حفص على لام بل ران وكذا على نون من راق خوف اشتباهه بتثنية البر ومبالغة ما رق حيث يصير بران ومراق وما موصوله والعائد محذوف ومحلها الرفع على الفاعلية والمعنى ليس فى آياتنا ما يصح ان يقال فى شأنها مثل هذه المقالات الباطلة بل ركب قلوبهم وغلب عليها ما كانوا يكسبونه من الكفر والمعاصي حتى صارت كالصدأ فى المرآة فحال ذلك بينهم وبين معرفة الحق كما قال عليه السلام ان العبد كلما أذنب ذنبا حصل فى قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه ولذلك قالوا ما قالوا والرين صدأ يعلو الشيء الجلى والطبع والدنس وران ذنبه على قلبه رينا وريونا غلب وكل ما غلبك رانك وبك وعليك كما فى القاموس وران فيه النوم رسخ فيه وفى التعريفات الران هو الحجاب الحائل بين

[سورة المطففين (83) : الآيات 15 إلى 18]

القلب وعالم القدس باستيلاء الهيئات النفسانية ورسوخ الظلمانية الجسمانية فيه بحيث ينحجب عن أنوار الربوبية بالكلية والغين بالمعجمة دون الرين وهو الصدأ فان الصدأ حجاب رقيق يزول بالتصفية ونور التجلي لبقاء الايمان معه والرين هو الحجاب الكثيف الحائل بين القلب والايمان ولهذا قالوا الغين هو الاحتجاب عن الشهود مع صحة الاعتقاد والطبع ان يطبع على القلب والأقفال ان يقفل عليه قيل الأقفال أشد من الطبع كما ان الطبع أشد من الرين قال القاشاني فى الآية اى صار صدأ عليها بالرسوخ فيها وكدر جوهرها وغيرها عن طباعها والرين حد من تراكم الذنب ورسوخه تحقق عنده الحجاب وانغلق باب المغفرة نعوذ بالله منه قال أبو سليمان الداراني قدس سره الران والقسوة هماز ماما الغفلة فمن تيقظ وتذكرأ من من القسوة والرين ودوآؤهما إدمان الصيام فان وجد بعد ذلك قسوة فليترك الادام وقال بعض الكبار القلب مرءاة مصقولة كلها وجه فلا تصدأ ابدا وان اطلق عليها الصدأ فى نحو حديث ان القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وان جلاءها ذكر الله وتلاوة القرآن فليس المراد بذلك الصدأ انه طخاء طلع على وجه القلب ولكنه لما تعلق واشتغل بعلم الأسباب عن العلم بالمسبب كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب مانعا من تجلى الحق اليه إذا لحضرة الإلهية متجلية على الدوام لا يتصور فى حقها حجاب عنا فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود وقبل غيرها عبر عن قبول الغير بالصدأ ولكن والقفل وغير ذلك وقد نبه الله على ذلك فى قوله وقالوا قلوبنا فى اكنة مما تدعونا اليه فهى فى اكنة مما يدعوها الرسول اليه خاصة لا انها فى كن مطلقا فلما تعلقت بغير ماتدى اليه عميت عن ادراك ما دعيت اليه فلم تبصر شيأ فالقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مقصولة صافية (قال المولى الجامى) مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست ... با او بگو كه ديده جانرا جلى كند كَلَّا ردع وزجر عن الكسب الرائن اى الموقع فى الرين إِنَّهُمْ اى المكذبين عَنْ رَبِّهِمْ وهو وقوله يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين متعلقان بقوله لَمَحْجُوبُونَ فلا يرونه لانهم باكسابهم القبيحة صارت مراءة قلوبهم ذات صدأ وسرت ظلمة الصدأ منها الى قوالبهم فلم يبق محل لنور التجلي بخلاف المؤمنين فانهم يرونه تعالى لانهم باكسابهم الحسنة صارت مرآئى قلوبهم مصقولة صافية وسرى نور الصقالة والصفوة منها الى قوالبهم فصاروا مستعدين لانعكاس نور التجلي فى قلوبهم وقوالبهم وصاروا وجوها من جميع الجهات كوجود الوجه الباقي بل ابصارا بالكلية سئل مالك بن انس رحمه الله عن هذه الآية فقال لما حجب أعداؤه فلم يروه لا بد ان يتجلى لاوليائه حتى يروه يعنى احتج الامام مالك بهذه الآية على مسألة الرؤية من جهة دليل الخطاب والا فلو حجب الكل لم يبق للتخصيص فائدة وكذلك. آنگاه در ميان دوست ودشمن فرق نماند گويى بهشت ميهمانيست بي ديدن ميزبان چهـ باشد ... چون دشمن ودوست را چهـ باشد

[سورة المطففين (83) : الآيات 16 إلى 18]

پس فرق در ان ميان چهـ باشد. وعن الشافعي رحمه الله لما حجب قوما بالسخط دل على ان قوما يرونه بالرضى وقال شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري رحمه الله لمحجوبون عن رؤية الرضى فان الشقي يراه غضبان حين يتجلى فى المحشر قبل دخول الناس الجنة وقال حسين بن الفضل رحمه الله كما حجبهم فى الدنيا عن توحيده حجبهم فى الآخرة عن رؤيته فالموحد غير محجوب عن ربه وقال سهل رحمه الله حجبهم عن ربهم قسوة قلوبهم فى العاجل وما سبق لهم من الشقاوة فى الأزل فلم يصلحوا لبساط القرب والمشاهدة فابعدوا وحجبوا والحجاب هو الغاية فى البعد والطرد وقال ابن عطاء رحمه الله الحجاب حجابان حجاب بعد وحجاب ابعاد فحجاب البعد لا تقريب فيه أبدا وحجاب الابعاد يؤدب ثم يقرب كآدم عليه السلام وقال القاشاني انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لامتاع قبول قلوبهم للنور وامتناع عودها الى الصفاء الاول الفطري كالماء الكبريتي مثلا إذ لو روق او صعد لما رجع الى الطبيعة المائية المبردة لاستحالة جوهره بخلاف الماء المسخن استحالت كيفيته دون طبيعته ولهذا استحقوا الخلود فى العذاب وفى المفردات الحجب المنع عن الوصول والآية اشارة الى منع السور عنهم بالاشارة الى قوله فضرب بينهم بسور اى بحجاب يمنع من وصول لذة الجنة الى اهل النار وأذية اهل النار الى اهل الجنة وقال لصاحب الكشاف كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم واهانتهم لانه لا يؤذن على الملوك الا للوجهاء المكرمين لديهم ولا يحجب عنهم الا الأدنياء المهانون عندهم قال. إذا اعتروا باب ذى مهابة رجبوا. والناس ما بين مرجوب ومحجوب انتهى اى ما بين معظم ومهان وانما جعله تمثيلا لا كناية إذ لا يمكن ارادة المعنى الحقيقي على زعمه من حيث انه معتزلى قال بعض المفسرين جعل الآية تمثيلا عدول عن الظاهر وهو مكشوف فان ظاهر قولهم هو محجوب عن الأمير يفيد أنه ممنوع غن رؤيته وهو أكبر سبب الاهانة وما نقل عن ابن عباس رضى الله عنه لمحجوبون عن رحمته وعن ابن كيسان عن كرامته فالمراد به بيان حاصل المعنى فان المحجوب عن الرؤية ممنوع عن معظم الرحمة والكرامة فالآية من جملة ادلة الرؤية فالحمد لله تعالى على بذل نواله وعطائه وعلى شهود جماله ولقائه ثُمَّ إِنَّهُمْ مع كونهم محجوبين عن رؤية الله لَصالُوا الْجَحِيمِ اى داخلوا النار ومباشروا حرها من غير حائل أصله صالون حذفت نونه بالاضافة وثم لتراخى الرتبة فان صلى الجحيم أشد من الحجاب والاهانة والحرمان من الرحمة والكرامة فان الحجاب وان كان من قبيل العذاب الروحاني وهو أشد من العذاب الجسماني لكن مجرد النجاة من النار أهون من العذاب لان فى العذاب الحسى حصول العذابين كما لا يخفى ثُمَّ يُقالُ لهم توبيخا وتقريعا من جهة الزبانية وانما طوى ذكرهم لان المقصود ذكر القول لا القائل مع ان فيه تعميما لاحتمال القائل وبه يشتد الخوف هذَا العذاب وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي كُنْتُمْ فى الدنيا بِهِ متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ فذوقوه وتقديمه لرعاية الفاصلة لا للحصر فانهم كانوا يكذبون احكاما كثيرة كَلَّا ردع عما كانوا عليه بعد

[سورة المطففين (83) : الآيات 19 إلى 23]

ردع وزجر بعد زجر إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ اى الأعمال المكتوبة لهم على ان الكتاب مصدر مضاف الى مقدر لَفِي عِلِّيِّينَ لفى ديوان جامع لجميع اعمال الأبرار فعليون علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع على على فعيل من العلو للمبالغة فيه سمى بذلك اما لانه سبب الارتفاع الى أعالي الدرجات فى الجنة واما لانه مرفوع فى السماء السابعة حيث يسكن الكروبيون تكريما له وتعظيما وروى ان الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقلونه فاذا انتهوا الى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم انكم الحفظة على عبدى وانا الرقيب على ما فى قلبه وانه أخلص عمله فاجعلوه فى عليين فقد غفرت له وانها تصعد بعمل العبد فيزكونه فاذا انتهوا به الى ما شاء الله اوحى إليهم أنتم الحفظة على عبدى وأنا الرقيب على قلبه وانه لم يخلص فى عمله فاجعلوه فى سجين وفيه اشارة الى ان الحفظة لا يطلعون على الإخلاص والرياء الا باطلاع الله تعالى وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ اى هو خارج عن دائرة دراية الخلق كِتابٌ مَرْقُومٌ اى هو مسطور بين الكتابة يقرأ بلا تكلف او معلم بعلامة تدل على سعادة صاحبه وفوزه بنعيم دائم وملك لا يبلى ولما كان عليون علما منقولا من الجمع حكم عليه بالمفرد وهو كتاب مرقوم وأعرب باعراب الجمع حيث جرأ ولا بفي ورفع بالخبرية لما الاستفهامية لكونه فى صورة الجمع وقيل اسم مفرد على لفظ الجمع كعشرين وأمثاله فليس له واحد يَشْهَدُهُ الملائكة الْمُقَرَّبُونَ عند الله قربة الكرامة اى يحضرونه ويحفظونه من الضياع وفى فتح الرحمن هم سبعة املاك من مقربى السماء من كل سماء ملك مقرب فيحضره ويشيعه حتى يصعد به الى ما يشاء الله ويكون هذا فى كل يوم او يشهدون بما فيه يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وبه تبين سر ترك الظاهر بأن يقال طوبى يومئذ للمصدقين بمقابلة ويل يومئذ للمكذبين لان الاخبار بحضور الملائكة تعظيما وإجلالا يفيد ذلك مع زيادة فختم كل واحد بما يصلح سواه مكانه وقال القاشاني ما كتب من صور أعمال السعداء وهيئات نفوسهم النورانية وملكاتهم الفاضلة فى عليين وهو مقابل لسجين فى علوه وارتفاع درجته وكونه ديوان اعمال اهل الخير كما قال كتاب مرقوم اى محل شريف رقم بصور أعمالهم من جرم سماوى او عنصر انسانى يحضر ذلك المحل اهل الله الخاصة من اهل التوحيد الذاتي إِنَّ الْأَبْرارَ اى السعداء الأتقياء عن درن صفات النفوس لَفِي نَعِيمٍ ثم وصف كيفية ذلك النعيم بأمور ثلاثة أولها قوله عَلَى الْأَرائِكِ اى على الاسرة فى الحجال يعنى بر تختهاى آراسته. ولا يكاد تطلق الاريكة على السرير عندهم الا عند كونه فى الحجلة وهو بالتحريك بيت العروس يزين بالثياب والاسرة والستور يَنْظُرُونَ اى ما شاؤا مد أعينهم اليه من رغائب مناظر الجنة والى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة يعنى مى نكرند بچيزها كه از ان شادمان وفرحناك ميكردند از صور حسنه ومنتزهات بهية. وكذا الى أعدائهم يعذبون فى النار وما تحجب الحجال أبصارهم عن الإدراك للطافتها وشفوفها اى رقتها فحذف المفعول للتعميم وقوله

[سورة المطففين (83) : الآيات 24 إلى 28]

على الأرائك ويجوز ان يكون خبرا بعد خبر وان يكون حالا من المنوي فى الخبر او فى الفاعل فى ينظرون والتقديم لرعاية فواصل الآي واما ينظرون فيجوز ان يكون مستأنفا وأن يكون حالا اما من المنوي فى الخبر او فى الظرف اى ناظرين قال ابن عطاء رحمه الله على أرائك المعرفة ينظرون الى المعروف وعلى أرائك القربة ينظرون الى الرؤوف وفيه اشارة الى ان أرباب المقامات العالية ينظرون الى جميع مراتب الوجود لا يحجبهم شى عن المطالعة بخلاف الأغيار فانهم محجوبون عن مطالعة احوال اهل الملكوت ورمز الى ان لكل من أهل الدرجات روضة مخصوصة من الأسماء والصفات فمنها ينظرون فمنهم عال وأعلى وليس الاشراف على الكل الا لاشرف الاشراف وهو قطب الاقطاف تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ وهو ثانى الأوصاف اى بهجة التنعم وماءه ورونقه اى إذا رأيتهم عرفت انهم اهل النعمة بسبب ما يرى فى وجوههم من القرائن الدالة على ذلك كالضحك والاستبشار كما يرى فى وجوه الأغنياء وأهل الترفه فمن هذا اختير تعرف على ترى مع ان المعرفة تتعلق بالخفيات غالبا والرؤية بالجليات غالبا والخطاب لكل أحد ممن له حظ من الخطاب للايذان بأن ما لهم من آثار النعمة واحكام البهجة بحيث لا يختص برؤية رائ دون رائ قال جعفر رضى الله عنه يعنى لذة النظر تلألأ مثل الشمس فى وجوههم إذا رجعوا ملا زيارة الله الى أوطانهم وقال بعضهم تعرف فى وجوههم رضى محبوبهم عنهم يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ وهو ثالث الأوصاف وسقى يتعدى الى الى مفعولين والاول هتا الواو القائم مقام الفاعل والثاني من رحيق لان من تبعيضية كأنه قيل بعض رحيق او مقدر معلوم اى شرابا كائنا من رحيق مبتدأ منه فمن ابتدائية والرحيق صافى الخمر وخالها والمعنى يسقون فى الجنة من شراب خالص لا غش فيه ولا ما يكرهه الطبع ولا شىء يفسده وايضا صاف عن كدورة الخمار وتغيير النكهة وايراث الصداع مَخْتُومٍ خِتامُهُ اى ما يختم ويطبع به مِسْكٌ وهو طيب معروف اى مختوم اوانيه وأكوابه بالمسك مكان الطين قال فى كشف اسرار ما ختم به مسك رطب ينطبع فيه الخاتم امر الله بالختم عليه إكراما لاصحابه فختم ومنع أن يمسه ماس او تتناوله يد الى أن يفك ختمه الأبرار والأظهر انه تمثيل لكمال نفاسته إذا لشئ النفيس يختم لا سيما إذا كان ما يختم به المسك مكان الطين وقيل ختام الشيء حاتمته وآخره فمعنى ختامه مسك ان الشارب إذا رفع فاه من آخر شربه وجد رائحة كرائحة المسك او وجد رائحة المسك لكونه ممزوجا به كالاشربة الممسكة فى الدنيا فانه يوجد فيها رائحة المسك عند خاتمة الشرب لا فى أول زمان الملابسة بالشرب وعن أبى الدرداء رضى الله عنه ان الرحيق شراب ابيض مثل الفضة يختمون به آخر شربهم ولو أن رجلا من اهل الدنيا ادخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح الا وجد طيب ريحه وَفِي ذلِكَ الرحيق خاصة دون غيره من النعيم المكدر السريع الفناء او فيما ذكر من أحوالهم لا فى احوال غيرهم من اهل الشمال فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ فليرغب الراغبون بالمبادرة الى طاعة الله يعنى عمل بجاى

[سورة المطففين (83) : الآيات 27 إلى 28]

آرند كه سبب استحقاق شرب آن كردند. والأمر للتحضيض والترغيب ظاهر او للوجوب باطنا بوجوب الايمان والطاعة واصل التنافس التغالب فى الشيء النفيس اى المرغوب كأن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به وأصله من النفس لعزتها وقال البغوي أصله من الشيء النفيس الذي يحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره اى يبخل وفى المفردات المنافسة مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم من غير إدخال ضرر على غيره قال ذو النون المصري رحمه الله علامة التنافس تعلق القلب به وطيران الضمير اليه والحركة عند ذكره والتباعد من الناس والانس بالوحدة والبكاء على ما سلف وحلاوة سماع الذكر والتدبر فى كلام الرحمن وتلقى النعم بالفرح والشكر والتعرض للمناجاة وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عطف على ختامه صفة اخرى لرحيق مثله وما بينهما اعتراض مقرر لنفاسته اى ما يمزج به ذلك الرحيق من ماء تسنيم وهو علم العين بعينها تجرى من جنة عدن سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه اما لانها ارفع شراب فى الجنة قدرا فيكون من علو المكانة واما لانها تأتيهم من فوق فيكون من علو المكان روى انها تجرى فى الهولء متسنمة فتنصب فى أوانيهم فاذا امتلأت امسك الماء حتى لا يقع منه قطرة على الأرض فلا يحتاجون الى الاستقاء عَيْناً نصب على المدح والاختصاص اى يتقدير أعنى يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ من جناب الله قربا معنويا روحانيا اى يشربون ماءها صرفا وتمزج لسائر اهل الجنة وهم اصحاب اليمين غالباء مزيدة او بمعنى من وفيه اشارة الى ان التسنيم فى الجنة الروحانية هو معرفة الله ومحبته ولذة النظر الى وجهه الكريم والرحيق هو الابتهاج تارة بالنظر الى الله واخرى بالنظر الى مخلوقاته فالمقربون أفضل من الأبرار بمحبت غير نيا ميخته اند شراب ايشان صرفست وآنها كه محبت ايشان آميخته باشد شراب ايشان ممزوج باشد ما شراب عيش ميخواهيم بي دردئ غم ... صاف نوشان ديكر ودردى فروشان ديكرند وقال بعضهم تسبيح رهى وصف جمال تو بست ... وزهر دو جهان ورا وصال توبست اندر دل هر كسى ذكر مقصوديست ... مقصود دل رهى خيال توبست ودر بحر الحقائق آورده كه رحيق اشارتست بشراب خالص از كدورات خمار كونين وأواني مختومه رى قلوب أوليا واصفيا كه ختام او مسك محبت است لا يشرب من تلك الأواني الا الطالبون الصادقون فى طريق السلوك الى الله (على نفسه فليبك من ضاع عمره. وليس له منها نصيب ولا سهم) وتسنيم اعلاى مراتب محبت ذاتيه كه غير ممزوج باشد بصفات وافعال ومقربان اهل فنا فى الله وبقا بالله انه كما قال العارف فى خمر المحبة الصرفة الخالصة من المزج عليك بها صرفا فان شئت مزجها ... فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظلم

[سورة المطففين (83) : الآيات 29 إلى 36]

العدل بمعنى العدول والظلم بالفتح هو ماء الأسنان وبريقها وبالضم هو الجور أي فان شئت مزجها فامزجها بزلال فم الحبيب وبريقه ان لم تقدر على شربها صرقا ولا تعدل فان العدول عن ظلم الحبيب ورشحة زلاله هو الظلم. وتا كسى بر بساط قرب در مجلس انس ورياض قدس از دست ساقئ رضا جرعه ازين شراب ناب نچشد بويى از سر اين سخنان بمشام جان وى نرسد سرمايه ذوق دو جهان مستى عشقست ... آنها كه ازين مى نچشيدند چهـ دانند إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانوا ذوى جرم وذنب ولا ذنب اكبر من الكفر وأذى المؤمنين لايمانهم فالمراد بهم رؤساء قريش وأكابر المجرمين المشركين كأبى جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأمثالهم كانُوا فى الدنيا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا صادقا يَضْحَكُونَ اى يستهزئون بفقرائهم كعمار وصهيب وبلال وخباب وغيرهم وتقديم الجار والمجرور لمراعاة الفواصل وَإِذا مَرُّوا اى فقراء المؤمنين بِهِمْ اى بالمشركين وهم فى أنديتهم وهو الأظهر وان جاز العكس ايضا يقال مرمرا ومرورا جاز وذهب كاستمر ومره وبه جاز عليه كما فى القاموس قال فى تاج المصادر المر بگذشتن بكسى. ويعدى بالباء وعلى يَتَغامَزُونَ اى يغمز بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم ويعيبونهم ويقولون انظروا الى هؤلاء يتعبون أنفسهم ويتركون اللذات ويتحملون المشقات لما يرجونه فى الآخرة من المثوبات وامر البعث والجزاء لا يقين به وانه بعيد كل البعد والتغامز تفاعل من الغمز وهو الاشارة بالجفن والحاجب ويكون بمعنى العيب ايضا وفى التاج التغامز يكديكر را بچشم اشارت كردن وَإِذَا انْقَلَبُوا من مجالسهم إِلى أَهْلِهِمُ الى اهل بيتهم وأصحابهم الجهلة الضالة النابعة لهم والانقلاب الانصراف والتحول والرجوع انْقَلَبُوا حال كونهم فَكِهِينَ متلذذين بذكرهم بالسوء والسخرية منهم وفيه اشارة الى انهم كانوا لا يفعلون ذلك بمرأى من المارين ويكتفون حينئذ بالتغامز وَإِذا رَأَوْهُمْ اى المجرمون المؤمنين أينما كانوا قالُوا مشيرين الى المؤمنين بالتحقير إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ اى نسبوا المسلمين ممن رأوهم ومن غيرهم الى الضلال بطريق التأكيد وقالوا تركوا دين آبائهم القديم ودخلوا فى الدين الحادث او قالوا تركوا التنعم الحاضر بسبب طلب ثواب لا يدرى هل له وجود أولا وهذا كما ان بعض غفلة العلماء ينسبون الفقراء السالكين الى الضلال والجنون خصوصا إذا كان اهل السلوك من اهل المدرسة فانهم يضللونه أكثر من تضليل غيره منعم كنى ز عشق وى اى زاهد زمان ... معذور دارمت كه تو او را نديده وَما أُرْسِلُوا اى المجرمون عَلَيْهِمْ اى على المسلمين حافِظِينَ حال من واو قالوا اى قالوا ذلك والحال انهم ما أرسلوا من جهة الله موكلين بهم يحفظون عليهم أمورهم ويهيمنون على أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالهم وانما أمروا بإصلاح أنفسهم واى نفع لهم فى تتبع

[سورة المطففين (83) : الآيات 34 إلى 36]

احوال غيرهم وهذا تهكم بهم واشعار بان ما اجترءوا عليه من القول من وظائف من أرسل من جهته تعالى وقد جوز أن يكون ذلك من جملة قول المجرمين كأنهم قالوا ان هؤلاء لضالون وما أرسلوا علينا حافظين إنكارا لصدهم عن الشرك ودعائهم الى الإسلام وانما قيل نقلاله بالمعنى فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا اى المعهودون من الفقراء مِنَ الْكُفَّارِ المعهودين وهو الأظهر وان أمكن التعميم من الجانبين يَضْحَكُونَ حين يرونهم أذلاء مغلولين وغشيهم فنون الهوان والصغار بعد العز والكبر ورهقم ألوان العذاب بعد التنعم والترفه قال فى بعض التفاسير لعل الفاء جواب شرط مقدر كأنه قيل إذا عرفتم ما ذكر فاعلموا ان اليوم اى يوم القيامة فاللام للعهد والذين مبتدأ ومن الكفار متعلق بقوله يضحكون وحرام للوهم ان يتوهم كونه بيانا للموصول نظرا الى ظاهر الاتصال من غير تفكر فى المعنى ويضحكون خبر المبتدأ وهو ناصب اليوم لصحة المعنى عَلَى الْأَرائِكِ بر تختهاى آراسته بادر وياقوت يَنْظُرُونَ اى يضحكون منهم حال كونهم ناظرين إليهم والى ما فيهم من سوء الحال فهو حال من فاعل يضحكون هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ كلام مستأنف من قبل الله او من قبل الملائكة والاستفهام للتقرير وثوب بمعنى يثوب عبر عنه بالماضي لتحققه والتثويب والاثابة المجازاة استعمل فى المكافاة بالشر قال الراغب الانابة تستعمل فى المحبوب نحوفأ ثابهم الله بما قالوا جنات وقد قيل ذلك فى المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة والتثويب فى القرآن لم يجئ الا فى المكروه نحو هل ثوب إلخ انتهى وفى تاج المصادر التثويب پاداش دادن وفى تهذيب المصادر التثويب ثواب دادن وفى القاموس التثويب التعويض انتهى وهو الموافق لما فى التاج والمراد بما كانوا يفعلون استهزاؤهم بالمؤمنين وضحكهم منهم وهو صريح فى ان ضحك المؤمنين منهم فى الآخرة انما هو جزاء لضحك الكافرين منهم فى الدنيا وفيه تسلية للمؤمنين بانه سينقلب الحال ويكون الكفار مضحوكا منهم وتعظيم لهم فان اهانة الأعداء تعظيم للاولياء والله ينتقم لاوليائه من أعدائهم فانه يغضب لاوليائه كما يغضب الليث الجري لجروه ومن الله العصمة وعلم منه ان الضحك والاستهزاء والسخرية والغمز من الكبائر فالحائض فيها من المجرمين الملحقين بالمشركين نسأل الله السلامة تمت سورة المطففين بعون المعين فى السادس والعشرين من صفر الخير من سنة سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة الانشقاق

تفسير سورة الانشقاق خمس وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ إعرابه كأعراب إذا السماء انفطرت اى انفتحت بغمام أبيض يخرج منها كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام والباء للآلة كما فى قولك انشقت الأرض بالنبات وفى ذلك الغمام الملائكة ينزلون وفى أيديهم صحائف الأعمال او فيه ملائكة العذاب وكان ذلك أشد وأفظع من حيث انه جاءه العذاب من موضع الخير فيكون انشقاق السماء لنزول الملائكة بالأوامر الالهية وقيل للسقوط والانتقاض وقيل لهول القيامة وكيف لا تنشق وهى فى قبضة قهر. اقل من خردلة ولا منع من جميع هذه الأقوال فانها تنشق لهيبة الله فتنزل الملائكة ثم يؤول أمرها الى الفساد والاختلال وعن على رضى الله عنه تنشق من المجرة وهى بفتح الميم باب السماء اى البياض المستطيل فى وسط السماء سميت بذلك لانها كأثر المجر ويقال لها بالفارسية راه حاجيان وكهكشان. تنشق السماء من ذلك الموضع كأنه مفصل ملتئم فتصدع منه وَأَذِنَتْ لِرَبِّها واستمعت اى انقادت وأذعنت لتأثير قدرته تعالى حين تعلقت قدرته وإرادته بانشقاقها انقياد المأمور المطواع إذا ورد عليه امر الآمر المطاع فهو استعارة تمثيلية متفرعة على المجاز المرسل يعنى إذا اطلق الاذن وهو الاستماع فى حق من له حاسة السمع والاستماع بها يراد بها الاجابة والانقياد مجازا وإذا اطلق فى حق نحو السماء مما ليس فى شأنه الاستماع والقبول يكون استعارة تمثيلية فقوله اتينا طائعين يدل على نفوذ القدرة فى الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلا وقوله وأذنت لربها يدل على نفوذ القدرة فى التفريق والاعدام من غير ممانعة أصلا والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة إليها للاشعار بعلة الحكم وهذا الانقياد عند ارباب الحقائق محمول على ان لها حياة وإدراكا كسائر الحيوانات إذ ما من شىء إلا وله نصيب من تجلى الاسم الحي وقد سبق مرارا وَحُقَّتْ من قولهم هو محقوق بكذا وحقيق به اى جعلت حقيقة بالاستماع والانقياد إذ هي مربوبة ومصنوعة له تعالى اى شأنها ذلك بالنسبة الى القدرة القاهرة الربانية التي يتأتى بها كل مقدور ولا يتخلف عنها امر من الأمور وبالفارسية وخود آنرا چنين سزد. فحق الجملة ان تكون اعتراضا مقررة لما قبلها لا معطوفة عليه وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ اى بسطت بازالة جبالها وآكامها عن مقارها وتسويتها بحيث صارت كالصحيفة الملساء او زيدت سعة وبسطة من أحد وعشرين جزأ الى تسعة وتسعين جزأ لوقوف الخلائق عليها للحساب والألم تسعهم من مده بمعنى امده اى زاده وفى الحديث إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس الا موضع قدميه يعنى لكثرة الخلائق فيها قوله مد الأديم لان الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى وفى بعض الروايات مد الأديم العكاظي قال فى القاموس هو كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقدم هلاك ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعا كظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الأديم العكاظي

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 4 إلى 9]

انتهى وَأَلْقَتْ ما فِيها اى رمت ما فى جوفها من الموتى والكنوز الى ظاهرها كقوله تعالى وأخرجت الأرض اثقالها وهو من الاسناد المجازى والا فالالقاء والإخراج لله تعالى حقيقة فان قلت إخراج الكنوز يكون وقت خروج الدجال لا يوم القيامة قلت يوم القيامة وقت متسع يجوز اعتباره من وقت خروجه ولو مجاز مجازا لانه الانه من أشراطه الكبرى فيكون إخراج الكنوز عند قرب الساعة وإخراج الموتى عند البعث وَتَخَلَّتْ وخلت عما فيها غاية الخلو حتى لم يبق فيها شىء منه كأنها تكلف فى ذلك أقصى جهدها كما يقال تكرم الكريم وترحم الرحيم إذا بلغا جهدهما فى الكرم والرحمة وتكلفا فوق ما فى طبعهما وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وانقادت له فى الإلقاء والتخلي وَحُقَّتْ اى وهى حقيقة بذلك اى شأنها ذلك بالنسبة الى القدرة الربانية ذكره مرتين لان الاول متصل بالسماء والثاني بالأرض وإذا اتصل كل واحد بغير ما اتصل به الآخر لم يكن تكرارا وجواب إذا محذوف اى إذا وقعت هذه الأمور كان من الأهوال ما تقصر عن بيانه العبارة وفى تفسير الكاشفى جواب إذا آنست كه به بيند انسان ثواب وعقاب را. وفيه اشارة الى انشقاق سماء الروح الحيوانية بانفراجها عن الروح الإنساني وزوالها وبسط ارض البدن بنزع الروح عنها وإلقاء ما فيها من الروح والقوى وتخليها عن كل ما فيها من الآثار والاعراض بالحياة والمزاج والتركيب والشكل بتبعية خلوها عن الروح وفى التأويلات النجمية يشير الى انشقاق سماء الروح عن ظلمة غيم النفس الامارة وانقيادها لفيض ربها بتهيئة الاستعداد بما يتصرف فيها من غير أباء وامتناع والى بسط ارض النفوس البشرية لاربابها وتخليها عن احكام البشرية يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ جنس الإنسان الشامل للمؤمن والكافر والعاصي فالخطاب عام لكل مكلف على سبيل البدل يقال هذا ابلغ من العموم لانه يقوم مقام التنصيص فى النداء على مخاطبة كل واحد بعينه كأنه قيل يا فلان ويا فلان الى غير ذلك إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً الكدح جهد النفس فى العمل والكد فيه بحيث يؤثر فيها والجهد بالفتح بمعنى المشقة والتعب والكد السعى الشديد فى العمل وطلب الكسب من كدح جلده إذا خدشه والمعنى انك جاهد ومجد اى ساع باجتهاد ومشقة الى لقاء ربك اى الى وقت لقائه وهو الموت وما بعده من الأحوال الممثلة باللقاء مبالغ فى ذلك وفى الخبر انهم قالوا يا رسول الله فيم نكدح وقد جفت الأقلام ومضت المقادير فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له فَمُلاقِيهِ فملاق له اى لجزآء عملك من خير وشر عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يلويك عنه ولا مفر لك منه ويقال انك عامل لربك عملا فملاق عملك يوم القيامة يعنى ان جدك وسعيك الى مباشرة الأعمال فى الدنيا هو فى الحقيقة سعى الى لقاء جزائها فى العقبى فملاق ذلك الجزاء لا محالة فعليك ان تباشر فى الدنيا بما ينجيك فى العقبى واحذر عما يهلكك فيها ويوقعك فى الخجالة والافتضاح من سوء المعاملة وفى الحديث النادم ينتظر الرحمة والمعجب ينتظر المقت وكل عامل سيقدم الى ما أسلف وقال القاشاني انك ساع بالموت اى تسير مع أنفاسك سريعا كما قيل أنفاسك خطاك فملاقيه ضرورة فالضمير للرب وفى التأويلات النجمية يشير الى الإنسان

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 7 إلى 9]

المخلوق على صورة ربه وكدحه واجتهاده فى التحقق بالأسماء الإلهية والصفات اللاهوتية فهو ملاقى ما يكدح ويجتهد بحسب استعداده الفطري فَأَمَّا مَنْ وهو المؤمن السعيد ومن موصولة وهو تفصيل لما أجمل فيما قبله أُوتِيَ اى يؤتى والماضي لتحققه كِتابَهُ المكتوب فيه اعماله التي كدح فى كسبها بِيَمِينِهِ لكون كدحه بالسعي فيما يكتبه كاتب اليمين والحكمة فى الكتاب ان المكلف إذ اعلم ان اعماله تكتب عليه وتعرض على رؤوس الاشهاد كان ازجر عن المعاصي وان العبد إذا وثق بلطف سيده واعتمد على عفوه وستره لم يحتشم احتشامه من خدمه المطلعين عليه فَسَوْفَ پس زود بود كه يُحاسَبُ يوم القيامة بعد مدة مقدرة على ما تقتضيه الحكمة حِساباً يَسِيراً سهلا لا مناقشة فيه ولا اعتراض بما يسوؤه ويشق عليه كما يناقش اصحاب الشمال والحساب بمعنى المحاسبة وهو بالفارسية با كسى شمار كردن. والمراد عد اعمال العباد وإظهارها للمجازاة وعن الصديقة رضى الله عنها هو أي الحساب اليسير أن يعرف ذنوبه ثم يتجاوز عنه يعنى ان يعرض عليه اعماله ويعرف ان الطاعة منها هذه والمعصية هذه ثم يثاب على الطاعة ويتجاوز عن المعصية فهذا هو الحساب اليسير لانه لا شدة على صاحبه ولا مناقشة ولا يقال له لم فعلت هذا ولا يطالب بالعذر ولا بالحجة عليه فانه متى طولب بذلك لم يجد عذرا ولا حجة فيفتضح. برادر زكار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار بجاى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا ولذا قال عليه السلام عرض الجيش أعنى عرض الأعمال لانهازى اهل الموقف والله الملك فيعرفون بسيماهم كما يعرف الأجناد هنا بزيهم قالوا ان عصاة المؤمنين داخلة فى هذا القسم فقوله فسوف يحاسب حسابا يسيرا من وصف الكل بوصف البعض اى فالعصاة وان لم يكن لهم حساب يسير بالنسبة الى المطيعين لكن حسابهم كالعرض بالنسبة الى مناقشة اصحاب الشمال فاصحاب اليمين شاملة لهم وقد يقال كتاب عصاة المؤمنين يعطى عند خروجهم من النار وقيل يجوز أن يعطوا من الشمال لا من ورلء ظهورهم وفيه ان الإعطاء من الشمال ومن ورلء الظهر امر واحد وقيل لم تتعرض الاية للعصاة الذين يدخلهم الله النار وهو الظاهر وقوله عليه السلام فى بعض صلاته اللهم حاسبنى حسابا يسيرا وان دل على ان للانبياء كتابا لكن الظاهر ارشاد الامة وتعليمهم والافهم معصومون داخلون الجنة بلا حساب ولا كتاب وَيَنْقَلِبُ اى يرجع وينصرف من مقام الحساب اليسير إِلى أَهْلِهِ اى عشيرة المؤمنين او فريق المؤمنين هم رفقاؤه فى طريق السعادة والكرامة مَسْرُوراً مبتهجا بحاله وكونه من اهل النجاة قائلا هاؤم اقرأوا كتابيه فهذا الانقلاب يكون فى المحشر قبل دخول الجنة لا كما قال فى عين المعاني من انه يدل على ان اهله يدخلون الجنة قبله وفيه اشارة الى كتاب الاستعداد الفطري المكتوب فى ديوان الأزل بقلم كتبة الأسماء الجمالية فان من أوتيه لا تناقشه الأسماء الجلالية وينقلب الى اهله مسرورا بفيض تجلى جماله

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 10 إلى 16]

ولطفه وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ تكرير كتابه بدون الاكتفاء بالاضمار لتغاير الكتابين وتخالفهما بالاشتمال والحكم فى المآل اى يؤتى كتاب عمله وَراءَ ظَهْرِهِ اى بشماله من ورلء ظهره وجانبه ظرف لاوتى مستعمل فى المكان وقال الكلبي يغل يمينه ثم تلوى يده اليسرى من ورائه فيعطى كتابه بشماله وهى خلف ظهره فلا مخالفة بين هذا وبين ما فى الحاقة حيث لم يذكر فيها الظهر بل اكتفى بالشمال قال الامام ويحتمل ان يكون بعضهم يعطى كتابه بشماله وبعضهم من ورلء ظهره وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه الله واما من اوتى كتابه بشماله وهو المنافق فان الكافر لا كتاب له اى لان كفره يكفيه فى المؤاخذة فلا حاجة الى الكتاب من حيث انهم ليسوا بمكلفين بالفروع واما من أوتى كتابه ورلء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه ورلء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فاذا كان يوم القيامة قيل له خذه من راء ظهرك اى من الموضع الذي نبذته فيه فى حياتك الدنيا فهو كتابه المنزل عليه لا كتاب الأعمال فانه حين نبذه ورلء ظهره ظن أن لن يحور وقال أبو الليث فى البسنان اختلف الناس فى الكفار هل يكون عليهم حفظة اولا قال بعضهم لا يكون عليهم حفظة لان أمرهم ظاهر وعملهم واحد وقال الله تعالى يعرف المجرمون بسيماهم ولا نأخذ بهذا القول بل يكون للكفار حفظة والآية نزلت بذكر الحفظة فى شأن الكفار ألا ترى الى قوله تعالى بل تكذبون بالدين وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون وقال فى آية اخرى واما من أوتى كتابه بشماله واما من أوتى كتابه ورلء ظهره فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب وحفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب فَسَوْفَ يَدْعُوا پس زود باشد كه بخواند. اى بعد مدة منتهية عذاب شديد لا يطاق عليه ثُبُوراً اى يتمنى لنفسه الثبور وهو الهلاك ويدعوه يا ثبوراه تعالى فهذا أوانك وأنى له ذلك يعنى لما كان إيتاء الكتاب من غير يمينه علامة كونه من أهل النار كان كلامه وا ثبوراه قال الفراء نقول العرب فلان يدعو لهفه إذا قال والهفاء قيل الثبور مشتق من المثابرة على الشيء وهو المواظبة عليه وسمى هلاك الآخرة ثبورا لانه لازم لا يزول كما قال تعالى لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعو ثبورا كثيرا قال فى كشف الاسرار پير بو على سياه وقتى در بازار ميرفت سائلى ميكفت بحق روز بزرك كه مرا چيزى بدهيد پير از هوش برفت چون بهوش باز آمد او را كفتند اى شيخ ترا اين ساعت چهـ روى نمود كفت هيبت وعظمت آن روز بزرگ آنكه گ فت وا حزناه على قلة الحزن وا حسرتاه على قلة التحسر يعنى وا اندوهاى آز بى اندوهى وا حسرتا آز بى حسرتى وَيَصْلى سَعِيراً اى يدخلها ويقاسى حرها وعذابها من غير حائل وهذا يدل على ان دعاءهم بالثبور قبل الصلى وبه صرح الامام واما قوله تعالى فاذا ألقوا منها مكانا ضيقا دعوا هنالك ثبورا فيدل على انه بعده ولا منافاة فى الجمع فانهم يدعونه اولا وآخرا بل دائما على ان الواو لمطلق الجمع لا للترتيب وفيه اشارة الى صاحب كتاب الاستعداد الفطري المكتوب فى ديوان الأزل بقلم كتبة الأسماء الجلالية فانه يتمنى أن يكون فى الدنيا فانيا فى الحق وهالكا عن إنيته ويصلى نار الرياضة

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 13 إلى 16]

والمجاهدة ورلء ظهره من الجزاء الوفاق لانه خالف أمر ربه فى قوله وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها اى من غير مدخلها بمحافظة طواهر الأعمال من غير رعاية حقوق بواطنها بتقوى الأحوال فسبب الوصول الى حضرة الربوبية والدخل فيها هو التقوى وهو اسم جامع لكل بر من اعمال الظاهر واحوال الباطن والقيام باتباع الموافقات واجتناب المخالفات وقال القاشاني واما من أوتى كتابه ورلء ظهره اى جهته التي تلى الظلمة من الروح الحيواني والجسد فان وجه الإنسان جهته التي الى الحق وخلفه جهته التي الى البدن الظلماني بأن رد الى الظلمات فى صور الحيوانات فسوف يدعو ثبورا لكونه فى ورطة هلاك الروح وعذاب الابد ويصلى سعير نار الآثار فى مهاوى الطبيعة إِنَّهُ اى لان فالجملة استئناف لبيان علة ما قبلها كانَ فى الدنيا فِي أَهْلِهِ فيما بين اهله وعشيرته او معهم على انهم جميعا كانوا مسرورين كما يقال جاءنى فلان فى جماعة اى معهم مَسْرُوراً مترفا بطرا مستبشرا يعنى شادان ونازان بمال فانى وجاه ناپايدار ومحجوب از منعم بنعم. كديدن الفجار الذين لا يخطر ببالهم امور الآخرة ولا يتفكرون فى العواقب كسنة الصلحاء والمتقين كما قال تعالى حكاية انا كنا فى أهلنا مشفقين والحاصل انه كان الكافر فى الدنيا فارغا عن هم الآخرة وكان له مزمار فى قلبه فجوزى بالغم الباقي بخلاف المؤمن فانه كان له نائحة فى قلبه فجوزى بالسرور الدائم وفيه اشارة ايضا الى الروح العلوي الذي يؤتى كتابه بيمينه والى النفس السفلية التي تؤتى كتابها من ورلء ظهرها وأهلها القوى الروحانية النورانية والقوى الجسمانية الظلمانية إِنَّهُ ظَنَّ تيقن كما فى تفسير الفاتحة للفنارى وقال فى فتح الرحمن الظن هنا على بابه بمعنى الحسبان لا الظن الذي بمعنى اليقين وهو تعليل لسروره فى الدنيا اى ان هذا الكافر ظن فى الدنيا أَنْ اى الأمر والشأن فهى مخففة من الثقيلة سادة مع ما فى حيزها مسد مفعولى الظن او أحدهما على الخلاف المعروف لَنْ يَحُورَ لن يرجع الى الله تكذيبا للمعاد والحور الرجوع والمحار المرجع والمصير وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت أدرى ما معنى يحور حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها حورى حورى اى ارجعي وحر الى أهلك اى ارجع ومنه الحديث نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى الرجوع عن حالة جميلة والحوارى القصار لرجعه الثواب الى البياض بَلى إيجاب لما بعد لن اى بلى ليحورن البتة وليس الأمر كما يظن إِنَّ رَبَّهُ الذي خلقه كانَ بِهِ وبأعماله الموجبة للجزاء والجار متعلق بقوله بَصِيراً بحيث لا تخفى منها خافية فلا بد من رجعه وحسابه وجزائه عليها حتما إذ لا يجوز فى حكمته أن يهمله فلا يعاقبه على سوء اعماله وهذا زجر لجميع المكلفين عن المعاصي كلها وقال الواسطي رحمه الله كان بصيرا به إذ خلقه لماذا خلقه ولاى شىء أوجده وما قدر عليه من السعادة او الشقاوة وما كتب له وعليه من أجله ورزقه فَلا كلمة لا صلة للتوكيد كما مر مرارا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ هى الحمرة التي تشاهد فى أفق المغرب بعد الغروب وبغيبوبتها يخرج وقت المغرب ويدخل وفت العشاء عند عامة العلماء او لبياض الذي يليها ولا يدخل وقت العشاء الا بزواله. وجمعى برآنند كه آن بياض أصلا غائب نمى شود بلكه

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 17 إلى 21]

متردد است از أفقى بافقى. وقد سبق تحقيق المقام فى المزمل وهى احدى روايتين عن ابى حنيفة رضى الله عنه ويروى انه رجع عن هذا القول ومن ثمة كان يفتى بالأول الذي هو قول الإمامين وغيرهما سمى به يعنى على كل من المعنيين لرقته لكن مناسبته لمعنى البياض اكثر وهو من الشفقة التي هى عبارة عن رقة القلب ولا شك ان الشمس أعنى ضوءها يأخذ فى الرقة والضعف من غيبة الشمس الى ان يستولى سواد الليل على الآفاق كلها وعن عكرمة ومجاهد الشفق هو النهار بناء على ان الشفق هو اثر الشمس وهو كوكب نهارى واثره هو النهار فعلى هذا يقع القسم بالليل والنهار اللذين أحدهما معاش والآخر سكن وبهما قوام امور العالم وفى المفردات الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس قال القاشاني فلا اقسم بالشفق اى النورية الباقية من الفطرة الانسانية بعد غروبها واحتجابها فى أفق البدن الممزوجة بظلمة النفس عظمها بالاقسام بها لامكان كسب الكمال والترقي فى الدرجات بها وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الله تعالى أقسم بالشفق لكونه مظهر الوحدة الحقيقية الذاتية والكثرة النسبية الاسمائية وذلك لان الشفق حقيقة برزخية بين سواد ليل الوحدة وبياض نهار الكثرة والبرزخ بين الشيئين لا بد له من قوة كل واحد منهما فيكون جامعا لحكم الوحدة والكثرة فحق له أن يقسم به وانما جعل الليل مظهر الوجدة لاستهلاك الأشياء المحسوسة فيه استهلاك التعينات فى حقيقة الوحدة ويدل عليه قوله وجعلنا الليل لباسا لاستتار الأشياء بظلمته وجعلنا النهار معاشا مظهر الكثرة لظهور الأشياء فيه ولاشتمال المعاش على الأمور الكثيرة وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ قال الراغب الوسق جمع المتفرق اى وأقسم بالليل وما جمعه وما ضمه وستره بظلمته فما موصولة يقال وسقه فاتسق واستوسق يعنى ان كلا منهما مطاوع لوسق اى جمعه فاجتمع وما عبارة عما يجتمع بالليل ويأوى الى مكانه من الدواب والحشرات والهوام والسباع وذلك انه إذا اقبل الليل اقبل كل شىء الى مأواه مما كان منتشرا بالنهار وقيل يجوز ان يكون المراد بما جمعه الليل العباد المتهجدين بالليل لانه تعالى قد مدح المستغفرين بالأسحار فيجوز أن يقسم بهم قال القاشاني اى ليل ظلمة البدن وما جمعه من القوى والآلات والاستعدادات التي يمكن بها اكتساب العلوم والفضائل والترقي فى المقامات ونيل المواهب والكمالات وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بليل النفس المطمئنة المستترة بغلسية النفس الامارة بعد الوصول الى المقام المأمول وانما صارت مطمئنة من الرجوع الى حكم النفس الامارة وبقي لها التلوين فى التمكين من أوصاف الكمل من الذرية المحمديين ولهذا أمرت بالرجوع الى ربها بقوله يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك وليس المقصود الذاتي من الرجوع نفس الرجوع بل المقصود الكلى هو الاتصال بالمرجوع اليه قوله وما وسق اى وما جمع من القوى الروحانية المستخلصة من يد تصرف النفس الامارة وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ اى اجتمع وتم بدر الليلة اربع عشرة وفى فتح الرحمن امتلأ فى الليالى البيض يقال امور فلان متبسقة اى مجتمعة على الصلاح كما يقال منتظمة قال فى القاموس وسقه يسقه جمعه وحمله ومنه والليل وما وسق واتسق انتظم انتهى أقسم الله بهذه الأشياء لان

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 19 إلى 21]

فى كل منها نحو لا من حال فناسبت المقسم عليها يعنى ان الله تعالى أقسم بتغيرات واقعة فى الافلاك والعناصر على تغير احوال الخلق فان الشفق حالة مخالفة لما قبلها وهو ضوء النهار ولما بعدها وهو ظلمة الليل وكذا قوله والليل وما وسق فانه يدل على حدوث ظلمة بعد نور وعلى تغير احوال الحيوانات من اليقظة الى النوم وكذا قوله والقمر إذا اتسق فانه يدل على حصول كمال القمر بعد ان كان ناقصا قال القاشاني اى قمر القلب الصافي عن خسوف النفس إذا اجتمع وتم نوره وصار كاملا وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بقمر قلب العارف المحقق عند استدارته وبدريته لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً مفعول تركبن عَنْ طَبَقٍ اى لتلاقن حالا بعد حال يعنى برسيد ومتلاشى شويد حالى را بعد از حالى كه كل واحدة منها مطايقة لاختها فى الشدة والفظاعة يقال ما هذا بطبق هذا اى لا يطابقه قال الراغب المطابقة من الأسماء المتضايفة وهو أن يجعل الشيء فوق آخر بقدره ومنه طابقت النعل بالنعل ثم يستعمل الطباق فى الشيء الذي يكون فوق الآخر تارة وفيما يوافق غيره اخرى وقيل الطبق جمع طبقة وهى المرتبة وهو الأوفق للركوب المنبئ عن الاعتلاء والمعنى لتركبن أحوالا بعد احوال هى طبقات فى الشدة بعضها أرفع من بعض وهى الموت وما بعده من مواطن القيامة ودواهيها الى حين المستقر فى احدى الدارين وقرئ لتركبن بالإفراد على خطاب الإنسان باعتبار اللفظ لا باعتبار شموله لافراده كالقراءة الاولى ومحل عن طبق النصب على انه صفة لطبقا اى طبقا مجاوز الطبق او حال من الضمير فى لتركبن طبقا اى مجاوزين لطبق او مجاوزا على حسب القراءة فعن على معناه المشهور وهو المجاوزة وتفسيره بكلمة بعد بيان لحاصل المعنى وقال ابن الشيخ عن هنا بمعنى بعد لان الإنسان إذا صار الى شىء مجاوزا عن شىء آخر فقد صار الى الثاني بعد الاول فصح انه يستعمل فيه بعد وعن معا وايضا لفظ عن يفيد البعد والمجاوزة فكان مشابها للفظ بعد فصح استعمال أحدهما بمعنى الآخر وفى التأويلات النجمية يخاطب القلب الإنساني المتوجه الى الله بأنواع الرياضات واصناف المجاهدات والتقلبات فى الأحوال المطابقة كل واحدة منها الاخرى فى الشدة والمشقة من الجوع والسهر والصمت والعزلة وأمثال ذلك فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ اى إذا كان حالهم يوم القيامة كما ذكر فأى شىء لهم حال كونهم غير مؤمنين اى اى شىء يمنعهم من الايمان مع تعاضد موجباته وفيه اشارة الى النفس والهوى والقوى البشرية الطبيعية وعدم ايمانهم بالقلب وامتثالهم أمره باتباع احكام الشريعة وآداب الطريقة وآثار الحقيقة وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ جملة شرطية محلها النصب على الحالية نسقا على ما قبلها اى اى مانع لهم حال عدم سجودهم وخضوعهم واستكانتهم عند قراءة النبي عليه السلام او واحد من أصحابه وأمته القرآن فانهم من اهل اللسان فيجب عليهم أن يجزموا باعجاز القرآن عند سماعه وبكونه كلاما الهيا ويعلموا بذلك صدق محمد فى دعوى النبوة فيطيعوه فى جميع الأوامر والنواهي ويجوز أن يراد به نفس السجود عند تلاوة آية السجدة على أن يكون المراد بالقرءان آية السجدة بخصوصها لا مطلق

[سورة الانشقاق (84) : الآيات 22 إلى 25]

القرآن كما روى انه عليه السلام قرأ ذات يوم واسجد واقترب فسجد هو ومن معه المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤسهم وتصفر استهزاء وبه احتج أبو حنيفة على وجوب السجدة فان الذم على ترك الشيء يدل على وجوب ذلك وعن أبى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله عليه السلام سجد فيها وكذا الخلفاء وهى الثالثة عشرة من اربع عشرة سجدة تجب عندها السجدة عند أئمتنا على التالي والسامع سوآء قصده أم لا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ليس فى مفصل سجدة وكذا قال الحسن هى غير واجبة ثم ان الائمة الثلاثة يسجدون عند قوله لا يسجدون والامام مالك عند آخر السورة وفى التأويلات النجمية وإذا قرئ على النفس والهوى والقوى البشرية الطبيعية المواعظ الالهية القرآنية المنزلة على رسول القلب لا يخضعون ولا ينقادون لاستماعها وامتثال اوامرها وائتمار أحكامها بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ بالقرءان الناطق بما ذكر من احوال القيامة وأهوالها مع تحقق موجبات تصديقه ولذلك لا يخضعون عند تلاوته وهذا من وضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والاشعار بما هو العلة فى عدم خضوعهم للقرءآن وفى البروج فى تكذيب لانه راعى فى السورتين فواصل الآي مع صحة اللفظ وجودة المعنى وفى بعض التفاسير الظاهر ان المرأة التكذيب بالقلب بمعنى عدم التصديق وهو إضراب ترق فان عدم الايمان يكون بالشك ايضا والتكذيب من شدة الكفر وقوة الإنكار الحاملة على الاضراب وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ بما يضمرونه فى قلوبهم ويجمعونه فى صدورهم من الفر والحسد والبغي والبغضاء فيجازيهم على ذلك فى الدنيا والآخرة فما موصولة يقال أوعيت الشيء اى جعلته فى وعاء اى ظرف ثم استعير هو والوعى لمعنى الحفظ او بما يجمعونه فى صحفهم من اعمال السوء ويدخرونه لانفسهم من أنواع العذاب علما فعليا تفصيليا قال القاشاني بما يوعونه فى وعاء أنفسهم وبواطنهم من الاعتقادات الفاسدة والهيئات الفاسقة وقال نجم الدين من إغراقهم فى بحر الشهوات الدنيوية وإحراقهم بنيران العذاب الاخروية فَبَشِّرْهُمْ اى الذين كفروا بِعَذابٍ أَلِيمٍ مؤلم غاية الإيلام لان علمه تعالى بذلك على الوجه المذكور موجب لتعذيبهم حتما وهو استهزاء بهم وتهكم كما قال تعالى الله يستهزئ بهم لان البشارة هى الاخبار بالخبر السار وقد استعملت فى الخبر المؤلم (قال الكاشفى) يعنى خبر كن ايشانرا بعذاب دردناك وفيه رمز الى تبشير المؤمنين بالثواب المريح راحة جسمانية وروحانية لان التخصيص ليس بضائع ولذلك قال تعالى إِلَّا الَّذِينَ استثناء منقطع من الضمير المنصوب فى فبشرهم الراجع الى الذين كفروا والمستثنى وهم المؤمنون خارج عنهم اى لكن الذين آمَنُوا ايمانا صادقا وايضا الايمان العلمي بتصفية قلوبهم عن كدر صفات النفس وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الطاعات المأمور بها وايضا باكتساب الفضائل لَهُمْ فى الآخرة أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ اى غير مقطوع بل متصل دائم من منه منا بمعنى قطعه قطعا او ممنون به عليهم فان المنة تكدر النعمة من من عليه منة والاول هو الظاهر ولعل المراد من الثاني تحقيق الأجر وان

تفسير سورة البروج

المأجور استحق الأجر بعمله إطاعة لربه وان كان ذلك الاستحقاق من فضل الله كما ان إعطاء القدرة على العمل والهداية اليه من فضله أيضا. حسن بصرى قدس سره كفت كسانى را يافتم كه ايشان بدنيا جوانمرد وسخى بودند همه دنيا بدادندى ومنت ننهادند وبوقت خويش چنان بخيل بودند كه يك نفس از روزگار خويش نه به پدر دادندى ونه بفرزند. قال القاشاني لهم أجر من ثواب الآثار والصفات فى جنة النفس والقلب غير مقطوع لبرآءته من الكون والفساد وتجرده عن المواد وفى التأويلات النجمية الا الذين آمنوا من الروح والسر والقلب وقواهم الروحانية وعملوا الصالحات من الاعراض عن الدنيا والإقبال على الله لهم أجر غير ممنون بمنة نفسهم واجتهادهم واكتسابهم بل بفضل الله ورحمته. قال بعض العلماء النكتة فى ترتيب السور الثلاث ان فى انفطرت التعريف بالحفظة الكاتبين وفى المطففين التعريف بمستقر تلك الكتب وفى هذه السورة اى الانشقاق ايتاؤها يوم القيامة عند العرض والله تعالى اعلم تمت سورة الانشقاق بعون الملك الخلاق فى سلخ صفر الخير من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة البروج ثنتان وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّماءِ كل جرم علوى فهو سماء فدخل فيه العرش ذاتِ الْبُرُوجِ جمع برج بمعنى القصر بالفارسية كوشك. والمراد البروج الاثنا عشر التي فى الفلك الأعلى فالمراد بالسماء فلك الافلاك قال سعدى المفتى لكن المعهود فى لسان الشرع اطلاق العرش عليه دون السماء ويجوز أن يراد الفلك الأقرب إلينا فالآية كقوله تعالى ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح انتهى وجوابه ما أشرنا اليه فى عنوان السماء ثم انها شبهت بروج السماء بالقصور التي تنزل فيها الأكابر والاشراف لانها منازل السيارات ومقر الثوابت قال الامام السهيلي رحمه الله اسماء البروج الحمل وبه يبدأ لان استدارة الافلاك كان مبدأها من برج الحمل فيما ذكروا وفى شهر هذا البرج نيسان حيث تم العشرون منه كان مولد النبي عليه السلام وكان مولده عنده طلوع الغفر وهو بفتح الغين المعجمة وسكون الفاء منزل للقمر ثلاثة أنجم صغار والغفر يطلع فى ظاهر الشهر أول الليل لان وقته النطح وهو الشرطان بالمعجمة وبفتحتين وهما نجمان من الحمل هما قرناه والى جنب الجنوبي منهما وفى القاموس والى جانب الشمالي منهما كوكب صغير ومنهم من يعده معهما فيقول هذا المنزل ثلاثة كواكب ويسميها الاشراط والى الحمل أيضا يضاف البطين وهو كزبير منزل للقمر ثلاثة كواكب صغار كأنها أثافي وهو بطن الحمل وبعد الحمل الثور ثم الجوزاء ويقال لها النسر والجبار والتوأمان قال فى القاموس التوأم منزل للجوزاء انتهى وهامة الجوزاء الهقعة وهى ثلاثة كواكب فوق منكبى الجوزاء كما لا نافى إذا طلعت مع الفجر اشتد حر

الصيف ثم السرطان المهملة ثم الأسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب وبين الزبانيين من العقرب وهما قرناها وكوكبان نيران فى قرنى العقرب كما فى القاموس وبين وركي الأسد ورجليه وهما السماك ككتاب يطلع الغفر الذي به مولد الأنبياء عليهم السلام وفيه قالوا خير المنازل فى الأبد ... بين الزباني والأسد لانه يليه من الأسد ذنبه ولا ضرر فيه ومن العقرب زبانياها ولا ضرر فيهما وانما تضر بذنبها إذا شالته اى رفعته وهو الشولة فى المنازل اى ما تشول العقرب من ذنبها وكوكبان نيران ينزلهما القمر يقال لهما حمة العقرب ثم القوس ثم الجدى ثم الدلو ثم رشاء الدلو وهو منزل للقمر وهو الحوت يحسب فى البروج وفى المنازل وجعل الله الشهور على عدد هذه البروج فقال تعالى ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا قال فى كشف الاسرار واين برجها بر چهار فصل است يك فصل از ان وقت بهار است سه ماه وآفتاب اندرين سه ماه در حمل وثور وجوزا باشد وفصل دوم روزكار صيف است تابستان كرم سه ماه وآفتاب اندرين سه ماه در سرطان واسد وسنبله باشد وفصل سوم روزكار خريف است سه ماه وآفتاب اندرين سه ماه در ميزان وعقرب وقوس باشد وفصل چهارم روزكار زمستانست سه ماه وآفتاب اندرين سه ماه در جدى ودلو وحوت باشد وهر فصلى را طبعى ديكرست وكردش او ديكر. يقول الفقير أيده الله القدير الفصل الربيعي عبارة عن ثلاثة أشهر يعبر عن أولها بأذار وعن الثاني بنيسان وعن الثالث بأيار فاذا مضت سبع عشرة ليلة من الشهر الاول استوى الليل والنهار بأن يكون كل منهما ثنتى عشرة ساعة ثم يأخذ النهار من الليل كل يوم شعيرة حتى إذا مضت سبعة عشر يوما من حزيران وهو أول فصل الصيف وبعده تموز ثم اغستوس يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات ويكون اليوم أطول الأيام كما ان الليلة تكون أقصر الليالى ثم يأخذ الليل من النهار على عكس ما سبق فينتقص من النهار كل يوم شعيرة حتى إذا مضت سبعة عشر يوما من أيلول وهو أول فصل الخريف وبعده تشرين الاول الذي هو اوسط الخريف ثم تشرين الثاني الذي هو آخره استوى الليل والنهار ايضا ثم يتزايد الليل كل يوم شعيرة حتى إذا كان سبعة عشر يوما من كانون الاول وهو أول فصل الشتاء وبعده كانون الثاني ثم شباط ينتهى طول الليل بان يكون خمس عشرة ساعة وقصر النهار بأن يكون تسع ساعات فهذا الحساب يعود ويدور أبدا انى ساعة القيام فالله تعالى يولج الليل فى النهار اى يدخله فيه بأن ينقص من ساعات الليل ويزيد فى ساعات النهار وذلك إذا مضى من كانون الاول سبعة عشر يوما الى ان يمضى من حزيران هذا العدد وذلك ستة أشهر وهى كانون الاول وكانون الثاني وشباط وأذار ونيسان وأيار ويولج لنهار فى الليل اى يدخله فيه بأن ينقص من ساعات النهار ويزيد فى ساعات الليل وذلك ستة أشهر أيضا وهى حزيران وتموز واغستوس وأيلول وتشرين الاول

[سورة البروج (85) : الآيات 2 إلى 4]

وتشرين الثاني وهذا كله بتقدير العزيز العليم واداراته الاجرام العلوية على نهج مستقيم ويقال المراد بالبروج هى النجوم التي هى منزل القمر وهى ثمانيه وعشرون نجما ينزل القمر كل ليلة فى واحد منها لا يتخطاها ولا يتقصر عنها وذا صار القمر الى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين يوما وان كان تسعة وعشرين فليلة واحدة واطلاق البروج على هذه النجوم مبنى على تشبهها بالقصور من حيث ان القمر ينزل فيها ولظهورها ايضا بالنسبة الى بعض الناس كالعرب لان البرج ينبئ عن الظهور مع الاشتمال على المحاسن يقال تبرجت المرأة اى تشهت بالبرج فى اظهار المحاسن واما البروج الاثناعشر فليس لها ظهور حيث لا تدرك حسا والبروج الاثنا عشر منقسمة الى هذه المنازل الثمانية والعشرين والشمس تسير فى تمام هذه البروج الاثني عشر فى كل سنة والقمر فى كل شهر وقد تعلقت بها منافع ومصالح للعباد فاقسم الله تعالى بها إظهارا لقدرها وشرفها وفيه اشارة الى الروح الإنساني ذات المقامات فى الترقي والدرجات وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ اى يوم القيامة اقسم الله تعالى به تنبيها على قدره وعظمه ايضا من حيث كونه يوم الفصل والجزاء ويوما تفرد الله بالملك والحكم فيه وفيه اشارة الى آخر درجات الروح من كشف التوحيد الذاتي وهى القيامة الكبرى وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ اى ومن يشهد فى ذلك اليوم من الأولين والآخرين والانس والجن والملائكة والأنبياء وما يحضر فيه من العجائب فالشاهد بمعنى الحاضر من الشهود بمعنى الحضور لا بمعنى الشاهد الذي نثبت به الدعاوى والحقوق وتنكيرهما للابهام فى الوصف اى وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما ويقال المشهود يوم الجمعة والشاهد من يحضره من المسلمين للصلاة ولذكر الله ما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مومن يدعو الله فيها خيرا الا استجاب له ولا يستعيذه من سوء الا أعاذه منه وفى الحديث أكثروا على من الصلاة يوم الجمعة فانه يوم مشهود تشهده الملائكة ويقال المشهود يوم عرفة والشاهد من يحضره من الحاج وحسن القسم به تعظيما لامر الحج وعددهم هفتصد هزار كما فى كشف الاسرار ويقال الشاهد كل يوم والمشهود اهله فيكون المشهود بمعنى المشهود عليه والشاهد من الشهادة كما قال الحسن البصري رحمه الله ما من يوم الا وينادى انى يوم جديد وانى على ما يفعل فى شهيد فاغتنمنى فلو غابت شمس لم تدكنى الى يوم القيامة. دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز كذشت آنچهـ در ناصوابى كذشت ... در اين نيز هم در نيابى كذشت ويقال الشاهد هو الحق من حنث الجمعية والمشهود هو ايضا من حيث التفرقة وان شئت قلت من حيث الإجمال ومن حيث التفصيل لا يراه بالحقيقة أحد الا هو ويقال الشاهد نفس الروح والمشهود نفس الطبع وقال الحسين رحمه الله فى هذه الآية علامة انه ما انفصل الكون عن المكون ولا قارنه قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ جواب القسم بحذف اللام المؤكدة

على انه خبر لا دعاء بمعنى لقد قتل اى أهلك بغضب الله ولعنته والأظهر أن الجملة دعائية دالة على الجواب لا خبرية والقتل كناية عن اللعن من حيث ان القتل لكونه اغلظ العقوبات لا يقع الا عن سخط عظيم يوجب الابعاد عن الخير والرحمة الذي هو معنى اللعن فكان القتل من لوازم اللعن كأنه قيل اقسم بهذه الأشياء ان كفار مكة ملعونون كما لعن اصحاب الأخدود وجه الاظهرية ان السورة وردت لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الايمان وتصبيرهم على اذية الكفرة وتذكيرهم بما جرى على من تقدمهم من التعذيب على الايمان وصبرهم على ذلك حتى يأنسوا بهم ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم ويعلموا ان هؤلاء عند الله بمنزلة أولئك المعذبين ملعونون مثلهم أحقاء بأن يقال فيهم ما قد قيل فيهم فظهر من هذا التقرير انه ليس دعاء على اصحاب الأخدود من قبل المقسم وهو الله تعالى لانه ليس بعاجز وقد سبق تحقيقه فى سورة عبس ونحوها والأخدود الخد فى الأرض وهو شق مستطيل كالنهر غامض اى عميق القرار وأصل ذلك من خدى الإنسان وهما ما اكتفا الانف على اليمين والشمال وفى عين المعاني ومنه الخد لمجارى الدموع عليه واصحاب الأخدود كانوا ثلاثة وهم انطيانوس الرومي بالشأم وبخت نصر بفارس ويوسف ذو نواس بنجران وهو بتقديم النون وتأخير الجيم موضع باليمن فتح سنة عشر سمى بنجران بن زيدان بن سبأ شق كل واحد منهم شقا عظيما فى الأرض كان طوله أربعين ذراعا وعرضه اثنى عشر ذراعا وهو الأخدود وملأوه نارا وألقوا فيه من لم يرتد عن دينه من المؤمنين قالوا والقرآن انما نزل فى الذين بنجران يعنى ان اصحاب الأخدود هم ذو نواس الحميرى اليهودي وجنوده وذلك ان عبدا صالحا يقال له عبد الله بن الثامر وقع الى نجران وكان على دين عيسى عليه السلام فدعاهم فأجابوه فسار إليهم ذو نواس بجنود من حمير فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا فحفر الخنادق واضرم فيها النيران فجعل يلقى فيها كل من اتبع ابن الثامر حتى أحرق نحوا من اثنى عشر ألفا او عشرين ألفا أو سبعين ألفا وذو نواس اسمه زرعة بن حسان ملك حمير وما حولها وكان ايضا يسمى يوسف وكانت له غدائر من شعر أى ذوائب تنوس اى تضطرب فسمى ذانواس (روى) انه انفلت من اهل نجران رجل اسمه دوس ذو ثعلبان ووجد انجيلا محترقا بعضه فأتى به ملك الحبشة وكان نصرانيا فقال ان اهل دينك او قدت لهم نار فأحرقوابها وأحرقت كتبهم وهذا بعضها فأراه الذي جاءبه ففزع لذلك فكتب الى صاحب الروم يستمده نجارين يعملون له السفن فبعث اليه صاحب الروم من عمل له السفن فركبوا فيها فخرجوا الى ساحل اليمن فخرج إليهم اهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتيلوا فلم ير ملك حمير له بهم طاقة وتخوف ان يأخذوه فضرب فرسه حتى وقع فى الحرب فمات فيه او ألقى نفسه فى البحر فاستولى الحبشة على حمير وما حولها وتملكوا وبقي الملك لهم الى وقت الإسلام وقال فى كشف الاسرار اصحاب الأخدود ايشان بت پرستان بوده اند از اصحاب ذو نواس يمنى ودر زمان او ساحرى بود كاهن ومشعبذ كه مدار ملك بدو بودى چون بسن شيخوخه رسيد بعرض ملك رسانيد كه من پير شده ام وضعف كلى بقواى من راه يافته

ديده از هر شعاع تيره شود ... كوش وقت سماع خيره شود نه زبانرا مجال كويايى ... نه تن خسته را توانا پى صلاح در آنست كه جوان عاقل تيز فهم بمن سپار تا آنچهـ دانسته ام بوى آموزم وبعد از من خلفى باشد كه امور ملك بوى منتظم تواند بود. كما جاء فى حديث المشارق كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر بكسر الباء اى شاخ وطعن فى السن قال للملك انى كبرت فابعث الى غلاما اعلمه السحر فبعث اليه غلاما يعلمه فكان فى طريقه إذا سلك اى الغلام راهب فقعد اليه اى متوجها الى الراهب وسمع كلامه فأعجبه اى اعجب كلام الراهب ذلك الغلام فكان إذا اتى الساحر مر بالراهب وقعد اليه فاذا أتى الساحر ضربه اى ضرب الساحر الغلام لمكثه فشكا ذلك الى الراهب فقال اى الراهب للغلام إذا خشيت الساحر فقل حبسنى قد حبست الناس اى على أسد أو حية يقال لها بالفارسية اژدر. فقال اى الغلام اليوم اعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجرا وقال اللهم ان كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال الراهب اى بنى أنت اليوم أفضل منى قد بلغ من أمرك ما أدرى وانك ستبتلى فان ابتليت فلا تدل على وكان الغلام يبرئ الأكمه وهو الذي ولد أعمى والأبرص ويداوى الناس بسائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمى فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك اجمع ان أنت شفيتنى قال انى لا نشفى أحدا انما يشفى الله فان آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فاتى الملك فجلس اليه كما كان يجلس فقال الملك من رد عليك بصرك قال ربى فقال أو لك رب غيرى قال ربى وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيئ بالغلام فقال له الملك اى بنى قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل يعنى تداوى مرضا كذا وتداوى كذا فقال اى الغلام انى لا أشفي أحدا انما يشفى الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دله على الراهب فجيئ بالراهب فقيل ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فى مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيئ بجليس الملك فقيل له ارجع عن ديتك فأبى فوضع المنشار فى مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيئ بالغلام فقيل ارجع عن دينك فأبى فدفعه الى نفر من أصحابه فقال لهم اذهبوا به الى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فاذا بلغتم ذروته فان رجع عن دينه والا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اى الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت يعنى ادفع عنى شرهم بأى سبب شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشى الى الملك فقاله الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فدفعه الى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه فى قرقور أي سفينة صغيرة فتوسطوا به البحر فان رجع عن دينه والا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة اى مالت وانقلبت فغرقوا وجاء يمشى الى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فقال للملك انك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك به قال وما هو قال تجمع الناس فى صعيد واحد اى ارض بارزة وتصلبنى على

[سورة البروج (85) : الآيات 5 إلى 10]

جذع ثم خذسهما من كنانتى وهى التي يجعل فيها السهام ثم ضع السهم فى كبد القوس وهو مقبضها عند الرمي ثم قل بسم الله رب الغلام ففعل كما قال الغلام ثم رماه فوقع السهم فى صدغه وهو ما بين العين والاذن فوضع يده على صدغه فى موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له يعنى أتى الملك آت فقال أرأيت ما كنت تحذر والله قد نزل بك حذرك اى والله قد نزل بك ما كنت تحذر منه وتخاف قد آمن الناس فأمر بالأخدود أي بحفر شق مستطيل فى أفواه السكك اى فى أبواب الطرق فخدت اى شقت واضرم النيران اى أوقدها واشعلها وقال من لم يرجع عن دينه فاقحموه فيها اى فاطرحوه فيها كرها ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبى رضيع لها فتقاعست اى تأخرت أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أماه اصبري فانك على الحق وفى أهلي اى منعونى وإذا خشيت أهلك فقل حبسنى الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة بعض الروايات كان للمرأة ثلاثة أولاد أحدهم رضيع فقال لها الملك ارجعي عن دينك والا ألقيتك وأولادك فى النار فأبت فأخذابنها الأكبر فألقاه فى النار ثم قال لها ارجعي عن دينك فأبت فألقى ابنها الأوسط ثم قال ارجعي عن دينك فأبت فأخذوا الصبى ليلقوه فيها فهمت بالرجوع فقال الصبى يا أماه لا ترجعى عن الإسلام فانك على الحق ولا بأس عليك وفى كشف الاسرار فان بين يديك نارا لاتطفأ فألقى الصبى فى النار وامه على اثره وكان هو ممن تكلم فى المهد وهو رضيع وقد سبق عددهم فى سورة يوسف وكانت هذه القصة قبل مولده عليه السلام بتسعين سنة وفيما ذكر من الحديث اثبات كرامات الأولياء وجواز الكذب عند خوف الهلاك سوآء كان الهالك هو الكاذب او غيره وروى ان خربة اختفرت فى زمن عمر بن الخطاب فوجد الغلام الذي قتله الملك وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل وفى بعض التفاسير فوجدوا عبد الله بن الثامر واضعا أصبعه على صدغه فى رأسه إذا اميطت يده عنها سال دمه وإذا تركت على حالها انقطع وفى يده خاتم من حديد فيه ربى الله فكتبوا الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فكتب بأن يواروه ويعيدوا التراب عليه وفى بعض التفاسير فكتب إليهم عمر رضى الله عنه ان ذلك الغلام صاحب الأخدود فاتركوه على حاله حتى يبعثه الله يوم القيامة على حاله وعن على رضى الله عنه ان بعض الملوك المجوس وقع على أخته وهو سكران فلما صحاندم وطلب المخرج فأمرته ان يخطب الناس فيقول ان قد أحل نكاح الأخوات ثم يخطبهم بعد ذلك ويقول ان الله حرمه فخطب فلم يقبلوا منه فقالت له ابسط فيهم السوط ففعل فلم يقبلوا فأمرته بالاخاديد وإيقاد النار وطرح من أبى فيها فهم الذين أرادهم تعالى بقوله قتل اصحاب الأخدود النَّارِ بدل اشتمال من الأخدود لان الأخدود مشتمل على النار وهو بها يكون مهيبا مشتد الهول والتقدير النار فيه او أقيم ال مقام الضمير على اختلاف مذهبى اهل البصرة والكوفة ذاتِ الْوَقُودِ خداوند آتش باهيمه يعنى افروخته بهيزم. وهو بفتح الواو ما يوقد به وفيه وصف لها بغاية العظم وارتفاع اللهب وكثرة ما يوجبه من

[سورة البروج (85) : الآيات 6 إلى 8]

الحطب وأبدان الناس ما يدل عليه التعريف الاستغراقى ولو لم يحمل على هذا المعنى لم يظهر فائدة التوصيف إذ من المعلوم ان النار لا تخلو من حطب إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ظرف لقتل والضمير لاصحاب الأخدود وقعود جمع قاعد اى لعنوا حين احرقوا بالنار قاعدين حولها فى مكان مشرف عليها من حافات الأخدود ولفظ على مشعر بذلك تقول مررت عليه تريد مستطيا بمكان يقرب منه وفى بعض التفاسير على سرر وكراسى قعود عند النار ولو قعدوا على نفس النار لاحترقوا فالقاتلون كانوا جالسين فى مكان مشرف او نحوه ويعرضون المؤمنين على النار قمن كان يترك دينه تركوه ومن كان يصر ألقوه فى النار وأحرقوه وكان عليه السلام إذا ذكر اصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء وهو الحالة التي يختار عليها الموت او كثرة العيال والفقر كما فى القاموس والجهد بالفتح المشقة وجهد عيشه كفرح نكد واشتد وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ جمع شاهد أي يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأن أحدا لم يقصر فيما امر به وفوض اليه من التعذيب بالإحراق من غير ترحم واشفاق او أنهم شهود يشهدون بما فعلوا بالمؤمنين يوم القيامة يعنى تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون هذا هو الذي يستدعيه النظم الكريم وتنطق به الروايات المشهورة وقد ذهب بعضهم الى ان الجبابرة لما القوا المؤمنين فى النار وهم قعود حولها علقت بهم النار وفى رواية ارتفعت فوقهم أربعين ذراعا فوقعت عليهم فأخرقتهم ونجى الله المؤمنين سالمين ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله وقبض الله أرواحهم قبلى ان تمسهم النار كما فعل ذلك بآسية امرأة فرعون على ما سبق وعلى ذلك حملوا قوله تعالى ولهم عذاب الحريق اى لهم عذاب جهنم فى الآخرة ولهم عذاب الحريق فى الدنيا وفيه اشارة الى النفوس المتمردة الشاردة النافرة عن جناب الحق المستحقة لأخاديد النيران والخذلان والخسران الموقدة بأحطاب اخلاقهم الرديئة المؤصدة بأحجار أوصافهم الخبيثة النفسية الهوائية إذ هم عليها قعود بارتكاب الشهوات وانكبابهم على اللذات والنفس والهوى وقواهم الطبيعية يشهد بعضهم على بعض بما يفعلون بمؤمنى الروح والسر والقلب من المخالفة والمجادلة والمخاصمة وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ اى وما أنكروا من المؤمنين وما عابوا يقال نقم الأمر إذا عابه وكرهه وفى المفردات نقمت الشيء إذا أنكرته اما باللسان واما بالعقوبة إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ قال بلفظ المضارع مع ان الايمان وجد منهم فى الماضي لارادة الاستمرار والدوام عليه فانهم ما عذبوهم لايمانهم فى الماضي بل لدوامهم عليه فى الآتي ولو كفروا فى المستقبل لم يعذبوا على ما مضى فكانه قيل الا ان يستمروا على ايمانهم واما قوله تعالى حكاية وما تنقم منا الا ان آمنا بآيات ربنا فلان مجرد ايمان السحرة بموسى عليه السلام كان منكرا واجب الانتقام عندهم والاستثناء مفرغ مفصح عن براءتهم مما يعاب وينكر بالكلية على منهاج قوله ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم ... ثلام بنسيان الاحبة والوطن فى ان ما أنكروه ليس منكرا فى الواقع وغير حقيق بالإنكار كما ان ما جعله الشاعر عيبا

[سورة البروج (85) : الآيات 9 إلى 10]

ليس عيبا ولا ينبغى ان يعد عيبا ولا يضر ذلك كون الاستثناء فى قول الشاعر مبنيا على الادعاء بخلاف ما فى نظم القرآن فانهم أنكروا الايمان حقيقة ووصفه تعالى بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه حميدا منعما يرجى ثوابه وتأكيد ذلك بقوله الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ للاشعار بمناط ايمانهم والملك بالفارسية پادشاهى. وأخر هذه الصفة لان الملك التام لا يحصل الا عند حصول الكمال فى القدرة التي دل عليها العزيز وفى العلم الذي دل عليه الحميد لان من لا يكون تام العلم لا يمكنه ان يفعل الافعال الحميدة وفى كشف الاسرار وانما وصف ذاته بهذه الصفات ليعلم انه لم يمهل الكفار لاجل أنه غير قادر لكنه أراد أن يبلغ بهؤلاء المؤمنين مبلغا من الثواب لم يكونوا يبلغونه الا بمثل ذلك الصبر وان يعاقب أولئك الكافرين عقابا لم يكونوا يستوجبونه الا بمثل ذلك الفعل وكان قد جرى بذلك قضاؤه على الفريقين جميعا فى سابق تدبيره وعلمه وفيه تشنيع على الكفار بغاية جهلهم حيث عدواما هو منقبة هى سبب المدح منقصة هى سبب القدح وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وخدا بر همه چيزها از افعال واقوال مؤمن وكافر كواهست وبآن دانا. وهو وعد لهم ووعيد شديد لمعذبيهم فان علمه تعالى بجميع الأشياء التي من جملتها أعمال الفريقين يستدعى توفير جزاء كل منهما حتما قال الامام القشيري الشهيد العليم ومنه قوله تعالى شهد الله اى علم الله والشهيد الحاضر وحضوره بمعنى علمه ورؤيته وقدرته والشهيد مبالغة من الشاهد وإذا علم العبد أن الله تعالى شهيد يعلم أفعاله ويرى أحواله سهل عليه ما يقاسيه لاجله (حكى) ان رجلا كان يضرب بالسياط وهو يصبر ولا يصبح فقال له بعض الحاضرين أما يؤلمك الضرب فقال نعم قال فلم لا تصيح قال فى الحاضرين لى محبوب يرقبنى فأخاف أن يذهب ماء وجهى عنده ان صحت فمن ادعى محبة الحق ولم يصبر على قرص نملة او بعوضة أو أدنى أذية كيف يكون صادقا فى دعواه ولذا قالوا دلت القصة على ان المكره على الكفر بنوع من العذاب الاولى أن يصبر على ما خوف منه وان كان اظهار الكفر كالرخصة فى ذلك (حكى) ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب النبي عليه السلام فقال لاحدهما تشهد أنى رسول الله فقال نعم فتركه وقال للآخر مثله فقال لا بل أنت كذاب فقتله فقال النبي عليه السلام اما الذي تركه فأخذ بالرخصة فلا تبعة عليه واما الذي صبر فأخذ بالفضل فهنيئا له وفى التأويلات النجمية والله على كل شىء من سموات الأرواح وأرض الأشباح والأجساد شهيداى حاضر لمظهرية الكل وظهوره فيها ذاتا وصفات واسماء لاستلزام الذات جميع التوابع الوجودية إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الفتن الإحراق والفتنة بالفارسية آزمون. اى محنوهم فى دينهم وآذوهم وعذبوهم بأى عذاب كان ليرجعوا عنه كاصحاب الأخدود ونحوهم كما روى ان قريشا كانوا يعذبون بلالا ونحوه فالموصول الجنس وانما لم يدفع البلاء قبل الابتلاء لان أهل الولاء لا يخلو عن البلاء وهيهات هيهات الصفاء لعاشق ... وجنة عدن بالمكاره حفت ثُمَّ اى بعد ما فعلوا ما فعلوا من الفتنة لَمْ يَتُوبُوا اى عن كفرهم وفتنتهم فان ما ذكر

[سورة البروج (85) : الآيات 11 إلى 14]

من الفتنة فى الدين لا يتصور من دين الكافر قطعا وفى إيراد ثم اشعار بكمال حلمه وكرمه حيث لا يعجل فى القهر ويقبل التوبة وان طالت مدة الحوبة قال الامام وذلك يدل على ان توبة القاتل عمدا مقبولة فَلَهُمْ فى الآخرة بسبب كفرهم عَذابُ جَهَنَّمَ يعذبون به أبدا وَلَهُمْ بسبب فتنتهم للمؤمنين عَذابُ الْحَرِيقِ او عذاب عظيم زائد فى الإحراق على عذاب سائر أهل جهنم فظهرت المغايرة بين المعطوفين وان كان كل منهما حاصلا فى الآخرة ويحتمل أن يكون المراد بعذاب جهنم بردها وزمهريرها وبعذاب الحريق حرها فيرددون بين برد وحر على أن يكون الحر لاحراقهم المؤمنين فى الدنيا والبرد لغيره كما قالوا الجزاء من جنس العمل والحريق اسم بمعنى الاحتراق كالحرقة وقول الكاشفى فى تفسيره عذاب الحريق عذاب آتش سوزان ... يشير الى ان الحريق بمعنى النار المحرقة كما قال فى المفردات الحريق النار وكذا الحرق بالتحريك النار أو لهبها كما فى القاموس وحرق الشيء إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق والإحراق إيقاع نار ذات لهب فى شىء ومنه استعير أحرقنى بلومه إذا بالغ فى أذيته بلوم يقول الفقير الظاهر أن الحريق هنا بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم فيكون اضافة العذاب الحريق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته ويستفاد زيادة الإحراق من المقابلة فان العطف من باب الترقي بحسب العذاب المترتب على الترقي من حيث العمل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ على الإطلاق من المفتونين وغيرهم لَهُمْ بسبب ما ذكر من الايمان والعمل الصالح الذي من جملته الصبر على أذى الكفار وإحراقهم وإيراد الفاء اولا وتركها ثانيا يدل على جواز الامرين جَنَّاتٌ يجازون بها بمقابلة النار ونحوها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يجازون بذلك بمقابلة الاحتراق والحرارة ونحو ذلك قال فى الإرشاد ان أريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وان أريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جريها الظاهر فان أشجارها ساترة لساحتها كما يعرب عنه اسم الجنة ذلِكَ المذكور العظيم الشان وهو حصول الجنان الْفَوْزُ الْكَبِيرُ الذي تصغر عنده الدنيا وما فيها من فنون الرغائب بحذافيرها فالحصر إضافي قال فى برهان القرآن ذلك مبتدأ والفوز خبره والكبير صفته وليس له فى القرآن نظير والفوز النجاة من الشر والظفر بالخير فان أشير بذلك الى الجنات نفسها فهو مصدر أطلق على المفعول مبالغة والا فهو مصدر على حاله قال الامام انما قال ذلك الفوز ولم يقل تلك لدقيقة لطيفة وهى ان قوله ذلك اشارة الى اخبار الله بحصول هذه الجنات ولو قال تلك لكانت الاشارة الى نفس الجنات واخبار الله عن ذلك يدل على كونه راضيا والفوز الكبير هو رضى الله لا حصول الجنة يقول الفقير وعندى ان حصول الجنات هو الفوز الكبير وحصول رضى الله هو الفوز الأكبر كما قال تعالى ورضوان من الله اكبر وانما لم يقل تلك لان نفس الجنات من حيث هى ليست بفوز وانما الفوز حصولها ودخولها إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ استئناف خوطب به النبي عليه السلام إيذانا بأن لكفار قومه نصيبا موفورا من مضمونه كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة

[سورة البروج (85) : الآيات 13 إلى 14]

الى ضميره عليه السلام والبطش تناول الشيء بصولة والأخذ بعنف يقال يد باطشة وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم وهو بطشه بالجبابرة والظلمة وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام وان كان بعد امهال فانه عن حكمة لا عن عجز إِنَّهُ هُوَ وحده يُبْدِئُ وَيُعِيدُ اى يبدئ الخلق ويخرجهم من العدم الى الوجود ثم يميتهم ويعيدهم احياء للمجازاة على الخير والشر من غير دخل الأحد فى شىء منهما ففيه مزيد تقدير لشدة بطشه او هو يبدئ البطش بالكفرة فى الدنيا ويعيده فى الآخرة يعنى آشكار كند بطش خود را بر كافران در دنيا وباز كرداند هم آنرا بديشان در آخرت واين نشانه عدلست. اى يبدئ البطش او العذاب فى الآخرة ثم يعيده فيها كقوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها قال ابن عباس رضى الله عنهما ان أهل جهنم تأكلهم النار حتى يصيروا فيها فحما ثم يعيدهم خلقا جديدا فهو المراد من الآية وقال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه اسر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فى النار فقال يا حذيفة ان فى جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وسيوفا من نار وكلاليب من نار وانه يبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونها الى تلك السباع والكلاب كلما قطعوا عضوا عاد آخر مكانه غضا طريا او يبدئ من التراب ويعيده فيه او من النطفة ويعيده فى الآخرة يقال بدأ الله الخلق وأبدأهم فهو بادئهم ومبدئهم بمعنى واحد والمبدئ المظهر ابتداء والمعيد المنشئ بعد ما عدم فالاعادة ابتداء ثان قال الامام الغزالي رحمه الله المبدئ المعيد معناه الموجد لكن الإيجاد إذا لم يكن مسبوقا بمثله يسمى ابداء وان كان مسبوقا بمثله يسمى إعادة والله تعالى بدأ خلق الإنسان ثم هو الذي يعيدهم اى يحشرهم فالاشياء كلها منه بدت واليه تعود وبه بدت وبه تعود وفى المفردات والله هو المبدئ والمعيد اى هو السبب فى المبدأ والنهاية وقال بعضهم الإبداء هو الإظهار على وجه التطوير المهيئ للاعادة وهى الرجوع على مدرج تطوير الإبداء فهو سبحانه بدأ الخلق على حكم ما يعيدهم عليه فسمى بذلك المبدئ المعيد ونما قبل فيهما انهما اسم واحد لان معنى الاول يتم بالثاني وكذا كل اسم لا يتم معناه فيما يرجع الى كمال اسماء الله الا باسم يتم به معناه قال الامام القشيري رحمه الله ان الله تعالى يبدئ فضله وإحسانه لعبيده ثم يعيده ويكرره فان الكريم من يرب صنائعه وخاصية الاسم المبدئ أن يقرأ على بطن الحامل سحرا تسعا وعشرين مرة فان ما فى بطنها يثبت ولا بزاق وخاصية الاسم المعيد يذكر مرارا لتذكار المحفوظ إذا نسى لا سيما إذا أضيف له الاسم المبدئ وَهُوَ الْغَفُورُ لمن تاب عن الكفر وآمن وكذا لمن تاب عن غيره من المعاصي ولمن لم يتب أيضا ان شاء الْوَدُودُ المحب لمن أطاع او تاب كما قال ان الله يحب التوابين واين نشانه فضل است بعدل بگذارد ونابود سازد وبفضل بنوازد وبرافرازد فضل او دلنواز غمخواران ... عدل او سينه سوز جباران عمر بن الخطاب رضى الله عنه در بتخانه مقبول وسيئات او مغفور كه وهو الغفور الودود وعبد الله بن أبى در مسجد مخذول وحسنات او مردود كه ان بطش ربك لشديد. فالودود فعول

[سورة البروج (85) : الآيات 15 إلى 18]

بمعنى الفاعل هاهنا وهو الذي يقتضيه المقام وقال سهل رحمه الله الودود المحب الى عباده بإسباغ النعم عليهم ودوام العافية فيكون بمعنى المفعول لانه يحبه عباده الصالحون ومحبة العبد لله طاعته له وموافقته لامره او تعظيمه له وهيبته فى قلبه واجمع أهل الحقيقة ان كل محبة تكون عن ملاحظة عوض فهى معلولة بل المحبة الصحيحة هى المحبة الصافية عن كل طمع والأثر ان الله تعالى يقول ان أود الأوداء الى من عبدنى لغير نوال لكن ليعطى الربوبية حقها قال بعض الكبار العشق التفاف الروحين والحب صفاء ذلك الالتفاف وخلوصه والود ثباته وتمكنه من القلب والهوى أول وقوع الحب فى القلب وفى التأويلات النجمية الودود لمن يتوجه اليه بالمحبة على سنة من تقرب الى شبرا تقربت اليه زراعا فمن تقرب اليه بالمحبة تقرب اليه بالود لان الود أثبت فى أرض القلب من المحبة لاشتقاقه من الوتد انتهى قال فى القاموس الود الوتد وقال الامام الغزالي رحمه الله الودود هو الذي يحب الخير الجميع الخلق فيحسن إليهم ويثنى عليهم وهو قريب من معنى الرحيم لكن الرحمة اضافة الى المرحوم والمرحوم هو المحتاج والمضطر وأفعال الرحيم تستدعى مرحوما ضعيفا وأفعال الودود لا تستدعى ذلك بل الانعام على سبيل الابتداء من نتائج الود كما ان معنى رحمته تعالى إرادته الخير للمرحوم وكفايته له وهو منزه عن رقة الرحمة فكذلك وده إرادته للكرامة والنعمة وهو منزه عن ميل المودة والودود من عباد الله من يريد لخلق الله كل ما يريده لنفسه وأعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم أريد أن أكون جسرا على النار يعبر على الخلق ولا يتأذون بها وكمال ذلك أن لا يمنعه من الإيثار والإحسان الحقد والغضب وما يناله من الأذى كما قال عليه السلام حين كسرت رباعيته ودمى وجهه وضرب اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون فلم يمنعه سؤء صنيعهم عن ارادة الخير لهم وكما أمر عليه السلام عليا رضى الله عنه حيث قال ان أردت أن تسبق المقربين فصل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك وخاصية الاسم الودود ثبوت الوداد لا سيما بين الزوجين فمن قرأه ألف مر على طعام وأكله مع زوجته غلبتها محبته ولم يمكنها سوى طاعته وقد روى انه اسم الله الأعظم فى دعاء التاجر الذي قال فيه يا ودود بإذا العرش المجيد يا مبدئ يا معيد أسألك بنور وجهك الذي ملأ اركان عرشك وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك وبرحمتك التي وسعت كل شىء لا اله الا أنت يا مغيث أغثنى يا مغيث أغثنى يا مغيث أغثنى الحديث قد ذكره غير واحد من الائمة. يقول الفقير كنت اذكر فى السحر الأعلى يا ودود وذلك بلسان القلب فصدر منى بلا اختيار أن أقول يا رب اجعلنى محيطا فعرفت ان للاسم المذكور تأثيرا عظيما فى الإحاطة وذلك ان الودود بمعنى المحبوب ولا شك ان جميع الأسماء الهية يود الاسم الأعظم ويميل اليه فالاسم الأعظم ودود بمعنى المفعول وغيره ودود بمعنى الفاعل فمن ذكره كان ودودا بمعنى المودود فيحبه جميع المظاهر فيحصل له الإحاطة باسرار جميع الأسماء ويصل اليه جميع التوجهات ذُو الْعَرْشِ خالقه وقيل المراد بالعرش الملك مجازا اى ذو السلطنة القاهرة على المخلوقات السفلية والمخترعات العلوية وان لم يكن على السرير ويقال ثل عرش فلان إذا ذهب سلطانه

[سورة البروج (85) : الآيات 16 إلى 18]

الْمَجِيدُ هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه نواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا وهو الماجد أيضا ولكن أحدهما دل على المبالغة وكأنه يجمع من اسم الجليل واسم الوهاب والكريم قال فى القاموس المجيد الرفيع العال والكريم والشريف الفعال ومجده عظمه وأثنى عليه والعطاء كثره والتمجيد ذكر الصفات الحسنة وقرئ بالكسر صفة للعرش ومجد العرش علوه فى الجهة وعظم مقداره وحسن صورته وتركيبه فانه أحسن الأجسام تركيبا وصورة وفى الحديث (ما الكرسي فى جنب العرش الا كحلقة ملقاة فى أرض فلاة) فاذا كان الكرسي كذلك مع سعته فما ظنك بسائر الاجرام العلوية والسفلية قال سهل رحمه الله ظهر الله العرش إظهارا للقدرة لا مكانا للذات ولا احتياجا اليه قال بعضهم ومن العجب ان الله لو ملأ العرش مع تلك السعة من حبوب الذرة وخلق طيرا أكل حبة واحدة منها فى ألف سنة لنفدت الحبوب ولا تنقطع مدة الآخرة ومع هذا لا يخاف بنوا آدم من عذاب تلك المدة ويضيعون أعمارهم فى شىء حقير سريع الزوال وفيه اشارة الى قلب العارف المستوي للرحمن كما جاء فى الحديث (قلب العارف عرش الله) ومجده هو أنه ما وسع ذلك الواسع المجيد غيره وخاصية هذا الاسم تحصيل الجلالة والمجد والطهارة ظاهرا وباطنا حتى فى عالم الأبدان والصور فلقد قالوا إذا صام الأبرص أياما وقرأه كل ليلة عند الإفطار كثيرا فانه يبرأ بإذن الله تعالى اما بلا سبب او بسبب يفتح الله له به فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ بحيث لا يتخلف عن إرادته مراد من أفعاله تعالى وأفعال غيره فيكون دليلا لاهل الحق على انه لا يتخلف شىء عن إرادته وهو خبر مبتدأ محذوف وانما قال فعال مبالغة فاعل لان ما يريد ويفعل فى غاية الكثرة من الاحياء والاماتة والإعزاز والاذلال والإغناء والاقتار والشفاء والأمراض والتقريب والتبعيد والعمارة والتخريب والوصل والفرق والكشف والحجاب الى غير ذلك من شؤونه وفى التأويلات النجمية فعال لما يريد بالمؤمن والكافر وأرباب الأرواح والاسرار والقلوب وأصحاب النفوس وأهل الهوى ان أراد أن يجعل أرباب الأرواح من أرباب النفوس فهو قادر على ذلك وهو عادل فى ذلك وان أراد عكس ذلك فهو كذلك وهو مفضل فى ذلك يحجب من يريد بجلاله كالمنكرين ويتجلى لمن يريد بجماله كالمقربين ويعامل لمن يريد بافاضة كماله كالعارفين قال القفال يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه مانع ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم ناصر ويمهل بعض العصاة على ما يشاء الى أن يجازيهم ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء فهو يفعل ما يريد (روى) ان أناسا دخلوا على أبى بكر الصديق رضى الله عنه يعودونه فقالوا الا نأتيك بطبيب قال قد رآنى قالوا فما قال لك قال انى فعال لما أريد هَلْ أَتاكَ آيا آمد بتو. اى قد أتاك لان الاستفهام للتقرير حَدِيثُ الْجُنُودِ اى خبر الجموع الكافرة التي تجندت على الأنبياء فى الماضي وخبرهم ما صدر عنهم من التمادي فى الكفر والضلال وما حصل بها من العذاب والنكال فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بدل من الجنود يعنى مع انه غير مطابق ظاهرا للمبدل منه فى الجمعية لان المراد بفرعون هو وقومه وقد يجعل من حذف المضاف بمعنى جنود فرعون اى هل أتاك حديثهم

[سورة البروج (85) : الآيات 19 إلى 22]

وعرفت ما فعلوا من التكذيب وما فعل بهم من التعذيب فذكر قومك بشؤون الله وأنذرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم وقد كانوا سمعوا قصة فرعون وجنوده قوم موسى عليه السلام ورأوا آثار هلاك ثمود قوم صالح عليه السلام لانها كانت فى ممرهم وفى بلادهم وأخر ثمود مع تقدمه على فرعون زمانا لرعاية الفواصل قال القاشاني هل أتاك حديث المحجوبين اما بالانانية كفرعون ومن يدين بدينه او بالآثار والأغيار كثمود ومن يتصل بهم بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من قومك فِي تَكْذِيبٍ إضراب عن مماثلتهم لهم وبيان لكونهم أشد منهم فى الكفر والطغيان وتنكير تكذيب للتعظيم كأنه قيل ليسوا مثلهم فى ذلك بل هم أشد منهم فى استحقاق العذاب واستيجاب العقاب فانهم مستقرون فى تكذيب شديد للقرءآن الناطق بذلك لكن لا انهم يكذبون بوقوع الحادثة بل يكذبون كون ما نطق به قرءانا من عند الله مع وضوح أمره وظهور حاله بالبينات الباهرة وفى التأويلات النجمية فى تكذيب لاشمال خلقهم وجبلتهم على صفة الكذب والتكذيب وأمن جبل على صفة لا يقدر على مفارقتها الا القليل من الكمل كما قال تعالى فمن لم يجعل الله له نورا اى فى الاستعداد فماله من نور. خوى بد در طبيعتى كه نشست ... نرهد جز بوقت مرك از دست وفيه اشارة الى تكذيب المنكرين لاهل الحق ووقوفهم مع حالهم واحتجابهم عن حال من فوقهم وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ من خلفهم مُحِيطٌ بهم بالقدرة وهو تمثيل العدم نجاتهم من بأس الله بعدم فوت المحاط المحيط إذا سد عليه مسلكه بحيث لا يجد هربا منه وفى التأويلات النجمية محيط والمحيط لا يفوته المحاط ولا يفوت المحيط شىء لا حاطة الله سبحانه عند العارفين بالكافرين بل الموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة علما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بلى كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها والله أعلم بالحقائق بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ اى ليس الأمر كما قالوا بل هذا الذي كذبوا به قرآن شريف عالى الطبقة فيما بين الكتب الالهية فى النظم والمعنى متضمن للمكارم الدنيوية والاخروية فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ اى من التحريف ووصول الشياطين اليه واللوح كل صحيفة عريضة خشبا او عظما كما فى القاموس قال الراغب اللوح واحد ألواح السفينة وما يكتب فيه من الخشب ونحوه والمراد به هنا ما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء دفناه ياقوتة حمراء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب ينظر الله فيه كل يوم ثلاثمائة وستين مرة يحيى ويميت ويعز

تفسير سورة الطارق

ويذل ويفعل ما يشاء وفى صدر اللوح لا اله الا الله وحده ودينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن به وصدق وعده واتبع رسله أخله الجنة وفى التأويلات النجمية بل المتلو المقروء على الكفار والمنافقين قرآن عظيم مجيد شريف مثبوت فى لوح القلب المحمدي وفى الواح قلوب ورثته الأولياء العارفين المحبين العاشقين محفوظ من تحريف أيدي النفس الكافرة والهوى الماكر وسائر القوى البشرية السارية فى أقطار الوجود الإنساني وقد قال تعالى وانا له لحافظون اى فى صدور الحفاظ وقلوب المؤمنين تمت سورة البروج بعون الله الذي اليه الرجوع والعروج وقت عصر الأحد السادس من شهر مولد النبي عليه السلام من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الطارق سبع عشرة اوست عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ الطارق فى الأصل اسم فاعل من طرق طرقا وطروقا إذا جاء ليلا قال الماوردي واصل الطرق الدق ومنه سميت المطرقة لانه يطرق بها الحديد وسمى الطريق طريقا لانه يضرب بالرجل وسمى قاصد الليل طارقا لاحتياجه الى طرق الباب غالبا حيث ان الأبواب مغلقة فى الليل ثم اتسع فى كل ما ظهر بالليل كائنا ما كان ثم اتسع فى التوسع حتى اطلق على الصور الخيالية البادية بالليل والمراد هنا الكوكب البادي بالليل قال الراغب عبر عن النجم بالطارق لاختصاص ظهوره بالليل قالت هند بنت عتبة يوم أحد نحن بنات طارق. نمشى على النمارق اى أبونا كالنجم شرفا وعلوا وقال الشاعر يا راقد الليل مسرورا بأوله ... ان الحوادث قد يطرقن اسحارا لا تفرحن بليل طاب اوله ... فرب آخر ليل أجج النار قال سهل رحمه الله وما طرق على قلب محمد من زوآئد البيان والانعام وفى التأويلات النجمية يشير الى سماء القلب وطروق كواكب الواردات القلبية والإلهامات الغيبية العظيمة الشأن القوية البرهان ولفخامة امره وشهامة قدره عقبه بقوله وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ اى اى شىء أعلمك بالطارق فانه لا يناله ادراك الخلق الا بالتلقى من الخلاق العليم كأنه قبل ما هو فقيل هو النَّجْمُ الثَّاقِبُ النجم الكوكب الطالع والثقب بالفارسية سوراخ كردن والثقوب والثقابة افروخته شدن آتش. يقال ثقبه ثقبا جعل فيه منفذا ومسلكا ونفذ فيه وثقبت النار تثقب ثقويا اتقدت واشتعلت وثقب النجم أضاء وشهاب ثاقب اى مضيئ وعبر عن الطارق اولا بوصف عام ثم فسره بما يخصه تفخيما لشأنه والمعنى النجم المضيء فى الغاية يعنى ستاره رخشنده وفروزان چون شعله آتش. لانه يثقب بنوره واضاءته ما يقع عليه من الظلام او الافلاك وينفذ فيها والمراد الجنس وهو قول

[سورة الطارق (86) : آية 4]

الحسن رحمه الله لان لكل كوكب ضوأ ثاقبا لا محالة اى فى نفسه وان حصل التفاوت بالنسبة اقسم الله بالسماء وبكواكبها لدلالتهما على قدرته وحكمته او المعهود بالثقب فهو من باب ركب السلطان وهو زحل الذي فى السماء السابعة لانه يثقب بنوره سمك سبع سموات او كوكب الصبح الثريا لان العرب تسميه النجم او الشهاب چنانچهـ آورده اند كه شبى حضرت رسول صلى الله عليه وسلم نشسته بود با عم خود ابو طالب ناكاه ستاره بدرخشيد وشعله آتش عظيم ازو ظاهر شد ابو طالب بترسيد وكفت اين چهـ چيزست حضرت پيغمبر عليه السلام فرمود كه اين ستاره ايست كه ديو را از آسمان مى راند ونشانه ايست از قدرتهاى الهى فى الحال جبريل نازل شد بدين آيت كه والسماء والطارق. وفيه اشارة الى كوكب اسم الجمال الثاقب الطارق وكوكب اسم الجلال وقال القاشاني اى الروح الإنساني والعقل الذي يظهر فى ظلمة النفس وهو النجم الذي يثقب ظلمتها وينفذ فيها ويبصر بنوره ويهتدى به كما قال وبالنجم هم يهتدون إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ جواب للقسم وما بينهما اعتراض جيئ به لتأكيد فخامة المقسم به المستتبع لتأكيد مضمون الجملة المقسم عليها وان نافية ولما بمعنى الا قال الزجاج استعملت لما فى موضع الا فى موضعين أحدهما بعد ان النافية والآخر فى باب القسم تقول سألتك لما فعلت بمعنى الا فعلت وعدى الحفظ بعلى لتضمنه معنى الهيمنة والمعنى ما كل نفس من النفوس الطيبة والخبيثة إنسية او جنية الا عليها حافظ مهيمن رقيب وهو الله تعالى كما قال الله تعالى وكان الله على كل شىء رقيبا. آورده اند كه در مكه زنى بود فاجره وكفت من طاوس يمانى را برگردانم از راه طاعت ودر معصيت كشم وطاوس مردى نيكو روى بود وخوش خلق وخوش طبع ان زن بر طاوس آمد وبا وى سخن در كرفت بر سبيل مزاح طاوس بدانست كه مقصودوى چيست كفت آرى صبر كن تا بفلان چايكاه آييم چون بدان جايكاه رسيدند طاوس كفت اگر ترا مقصودى است اينجا تواند بود آن زن كفت سبحان الله اين چهـ جاى آن كارست انجمنگاه خلق ومجمع نظار كيان طاوس كفت أليس الله يرانا فى كل مكان اى زن از ديدار مردم شرم دارى واز ديدار الله كه بما مى نكرد خود شرم ندارى يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله اين سخن در زن كرفت وتوبه كرد واز جمله أوليا كشت (وحكى) ان ابن عمر رضى الله عنهما مر بغلام يرعى غنما فقال له يعنى شاة فقال انها ليست لى فقال له ابن عمر قل أكلها الذئب فقال الغلام فأين الله فاشتراه ابن عمر واشترى الغنم واعتقه ووهب له الغنم وبقي ابن عمر مدة طويلة يقول قال ذلك العبد فأين الله فصاحب المراقبة يدع من المعاصي حياء ومنه تعالى وهيبة له اكثر مما يدعه من يترك المعاصي بخوف عقوبته وقيل المراد بالحافظ هو من يحفظ عملها ويحصى عليها ما تكسب من خير وشر كما فى قوله تعالى وان عليكم لحافظين. وآنكه كه بر مصطفى صلى الله عليه وسلم عرضه ميكنند چنانكه در خبرست كه رسول الله عليه السلام فرمود تعرض على أعمالكم فما كان من حسنة حمدت

[سورة الطارق (86) : الآيات 5 إلى 10]

الله عليه وما كان من سيئة استغفرت الله لكم (وروى) عن النبي عليه السلام وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب ولو وكل العبد الى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين وقرئ لما مخففة على أن ان مخففة وما مزيدة واللام فاصلة بين المخففة والنافية اى ان الشأن كل نفس لعليها حافظ رقيب وفى الآية تخويف للنفوس من الأمور الضارة وترغيب فى الشؤون النافعة وفى بعض التفاسير يحتمل ان يكون المراد من النفس أعم من نفس النفس المكلف من الإنسان والجن ومن نفس المكلف لعموم الحفظ من بعض الوجوه ومن الكل فيشمل النفوس الحيوانية مطلقا بل كل شىء سوى الله بناء على ان المراد من النفس الذات فان نفس كل شىء ذاته وذاته نفسه ومن الحافظ هو الله لان الحافظ لكل شىء عالم بأحواله موصل اليه منافعه ودافع عنه مضاره والحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وحلاوة لشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه الملكات المفضية الى البوار ومن خواص الاسم الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته قال القاشاني الحافظ هو الله ان أريد بالنفس الجملة وان أريد بها النفس المصطلح عليها من القوة الحيوانية فحافظها الروح الإنساني فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ ليتفكر الإنسان المركب من الجهل والنسيان المنكر للنشور والحشر والميزان مِمَّ اى من اى شىء فأصله مما حذفت الالف تخفيفا كما مر فى عم خُلِقَ حتى يتضح ان من قدر على إنشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو قادر على إعادته بل اقدر على قياس العقل فيعمل ليوم الاعادة والجزاء ما ينفعه يومئذ ويجديه ولا يملى حافظه ما يرديه خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ استئناف وقع جوابا عن استفهام مقدر كأنه قيل مم خلق فقيل خلق من ماء ذى دفق وهو صب فيه دفع وسيلان بسرعة وبالفارسية ريزانيدن آب. وبابه نصر وانما أول بالنسبة لان الصب لا يتصور من النطفة لظهور انها مصبوبة لاصابة فتوصيفه بانه دافق لمجرد نسبة مبدأ الاشتقاق الى ذات الموصوف به مع قطع النظر عن صدوره منه وقال بعضهم اى مدفوق ومصبوب فى الرحم نحو سر كاتم اى مكتوم وعيشة راضية اى مرضية فهو فاعل بمعنى المفعول والمراد به الممتزج من الماءين فى الرحم كما ينبئ عنه ما بعده فى الآية وللنظر الى امتزاجهما عبر عنهما بصيغة الافراد ووصف الماء الممتزج بالدافق من قبيل توصيف المجموع بوصف بعض اجزائه يَخْرُجُ ذلك الماء الدافق مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ الصلب الشديد وباعتباره سمى الظهر صلبا اى من بين ظهر الرجل وترائب المرأة وهى ضلوع صدرها وعظام نحرها حيث تكون القلادة وكل عظم من ذلك تربية وعن على وابن عباس رضى الله عنهما بين الثديين وفى القاموس الترائب عظام الصدر او ما ولى الترقوتين منه او ما بين الثديين والترقوتين او اربع أضلاع من يمنة الصدر واربع من يسرته او اليدان والرجلان والعينان او موضع القلادة انتهى ومن ذلك يتحمل الوالد مصالح معيشة الولد وتشتد رقة الوالدة ومحبتها للولد

[سورة الطارق (86) : الآيات 8 إلى 10]

وإيراد بين اشارة الى ما يقال ان النطفة تتكون من جميع اجزاء البدن ولذلك يشبه الولد والديه غالبا فيجتمع ماء الرجل فى صلبه ثم يجرى منه ويجتمع ماء المرأة فى ترائبها ثم يجرى منها وفى قوت القلوب اصل المنى هو الدم يتصاعد فى خرزات الصلب وهناك مسكنه فتنضجه الحرارة فيستحيل أبيض فاذا امتلأت منه خرزات الصلب وهو الفقار طلب الخروج من مسلكه وهو عرقان متصلان الى الفرج منهما ينزل المنى وفى اسئلة الحكم بين طريق البول وطريق المنى جلد رقيق يكاد لا يتشخص كيلا يختلط المنى بماء البول فيفسد حرارة جوهره وفى التأويلات النجمية خلق الإنسان من ماء رطوبة النفس الرحمانى الذي أشار اليه عليه السلام بقوله انى أجد نفس الرحمن من قبل اليمن دافق هذا الماء من فم فوارة المحبة المشار إليها بقوله تعالى كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق الخارج من بين الصلب اى رجل القوة الفاعلية الالهية المسماة باليد اليمنى فى قوله ثم مسح يده اليمنى على جانب الظهر الايمن فاستخرج منه ذرية بيضاء كالفضة البيضاء والترائب وترائب امرأة القابلية المسماة باليد اليسرى فى قوله ثم مسح يده اليسرى على جانب الظهر الأيسر فاستخرج منه ذرارى حماء سوداء فهو الإنسان المخلوق على صورة ربه وخالقه من ماء الفيض والقبول المخمر بيدي الفاعلية والقابلية المشار إليهما بقوله خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا إِنَّهُ الضمير للخالق فان قوله خلق يدل عليه اى ان ذلك الذي خلق الإنسان ابتداء مما ذكر عَلى رَجْعِهِ اى إعادته بعد موته لَقادِرٌ اى لبين القدرة بحيث لا يرى له عجز أصلا وتقديم الجار والمجرور على عامله وهو لقادر للاهتمام به من حيث ان الكلام فيه بخصوصه فهو لا ينافى قادريته على غيره قال بعضهم خلقه لاظهار قدرته ثم رزقه لاظهار الكرم ثم يميته لاظهار الجبروت ثم يحييه لاظهار الثواب والعقاب يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ظرف لرجعه ولا يضر الفصل بالجنبى للتوسع فى الظروف والسرائر جمع سريرة بمعنى السر وهى التي تكتم وتخفى اى يتعرف ويتصفح ما اسر فى القلوب من العقائد والنيات وغيرها وما أخفى من الأعمال ويميز بين ما طاب منها وما خبث وبالفارسية روزى كه آشكارا كرده شود نهانها يعنى ظاهر كند مخفيات ضمائر واعمال تا طيب آن از خبيث متميز كردد. كر پرده ز روى كار ما بردارند ... آن كيست كه رسواى دو عالم نشود والإبلاء هو الابتلاء والاختبار واطلاق الإبلاء على الكشف والتمييز من قبيل اطلاق اسم السبب على المسبب لان الاختبار يكون للتعريف والتمييز وابتلاء الله عباده بالأمر والنهى يكون لكشف ما علم منهم فى الأزل وقال بعضهم المراد بالسرائر الفرائض كالصوم والصلاة والزكاة والغسل من الجنابة فانها سر بين العبد وبين ربه ولو شاء العبد أن يقول فعلت ذلك ولم يفعله امكنه وانما تظهر صحة تلك السرائر يوم القيامة قال ابن عمر رضى الله عنهما يبدى الله يوم القيامة كل سر فيكون زينا فى وجوه وشينا فى وجوه يعنى من أدى الأمانات كان وجهه مشرقا ومن ضيعها كان وجهه اغبر فَما لَهُ اى للانسان وما نافية مِنْ قُوَّةٍ

[سورة الطارق (86) : الآيات 11 إلى 14]

فى نفسه يمتنع بها من العذاب الذي حل به وَلا ناصِرٍ من خارج ينتصر به إذ كل نفس يومئذ رهينة بما كسبت مشغولة بجزاء ما جرت عليه خيرا كان او شرا فالمراد بالقوة المنفية هى القوة الثابتة له فى نفسه لا القوة مطلقا والا لم يبق للعطف فائدة لان القوة المستفادة من الغير قوة ايضا وقد نفيت اولا والقوة عبارة عن شدة البنية وضلابتها المضادة للضعف وفى التعريفات هى تمكن الحيوان من الافعال الشاقة ونصر المظلوم أعانه ونصره منة نجاه وخلصه وفيه اشارة الى القوة بحسب نية الباطن وعمل الظاهر فالنية الخالصة المجردة عن العمل قد تنصر الناوى ايضا لكن إذا قارنت العمل كانت أقوى وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ذات مؤنث ذو بمعنى الصاحب والرجع المطر سمى رجعا لما ان العرب كانوا يزعمون ان السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه الى الأرض او أرادوا بذلك التفاؤل ليرجع ولذلك سموه او باليؤوب فيكون الرجع مصدرا من اللازم بمعنى الرجوع لا من المتعدى قاله بعض العلماء او لان الله يرجعه وقتا فوقتا بعد إيجاده واحداثه وقال الراغب سمى المطر رجعا لرد الهولء ما تناوله من الماء وفى كشف الاسرار لانه يرجع كل عام ويتكرر وقال عبد القاهر الجرجاني فى كتاب اعجاز القرآن انما قال للسماء ذات الرجع لان شمسها وقمرها يغيب ويطلع وبعض نجومها يرجع وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ هو ما تتصدع عنه الأرض من النبات إذا المحاكى للنشور هو تشقق الأرض وظهور النبات منها لاظهار العيون فالمراد بالصدع نبات الأرض سمى به لانه صادع للارض والأرض تتصدع به والصدع فى اللغة الشق وفى المفردات شق فى الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما وفى الآية اشارة الى ان السماء ذات الرجع كالاب والأرض ذات الصدع كالام وما ينبت من الأرض كالولد اقسم الله بالسماء اولا مجردة عن التوصيف وثانيا مقيدة بكونها ذات الرجع وكذا بالأرض ذات الصدع ايماء الى المنة عليهم بكثرة المنافع ودلالة على العلم النام والقدرة الكاملة فيهما وفيه اشارة الى سماء الروح ذات الرجع فى النشأة الثانية وارض البدن ذات الصدع بالانشقاق عن الروح وقت زهوقه او الشق بعد اتصاله إِنَّهُ اى القرآن الذي من جملته ما تلى من الآيات الناطقة بمبدأ حال الإنسان ومعاده لَقَوْلٌ لكلام إذ القول كثيرا ما يكون بمعنى المقول فَصْلٌ اى فاصل بين الحق والباطل مبالغ فى ذلك كأنه نفس الفصل كما قيل له فرقان بمعنى الفارق وَما هُوَ بِالْهَزْلِ الهزل اللعب وفى فتح الرحمن ما استعمل فى غير ما وضع له من غير مناسبة والجد ضده وهو أن يقصد به المتكلم حقيقة كلامه اى ليس فى شىء من القرآن شائبة هزل بل كله جد محض لا هزل فيه فمن حقه ان يهتدى به الغواة وتخضع له رقاب العتاة وبالفارسية ونيست او بازي وباطل وفسوس وسخريه. ويظهر من الآية ان من يؤم القرآن بهزل او بتفكه بمزاح يكفر وفى هدية المهديين إذا أنكر رجل آية من القرآن او سخربها او عابها فقد كفر ومن قرأ القرآن على ضرب الدف او القصب فقد كفر ولو قال ألم نشرح لك را كريبان كرفته. او قال پوست از قل هو الله أحد بردى. او قال اين كوته

[سورة الطارق (86) : الآيات 15 إلى 17]

تراز انا أعطيناك. او قيل لم لم تقرأ القرآن فقال سير شدم از قرآن. فهذا كله وأمثاله كفر ينبغى للمؤمن ان يحترز منه ويجتنب عنه إِنَّهُمْ اى اهل مكة ومعاندى قريش يَكِيدُونَ فى ابطال امره واطفاء نوره يعنى مكر ميكنند در شان رسول وحق قرآن كَيْداً حسبما فى قدرتهم وَأَكِيدُ كَيْداً اى أقابلهم بكيد متين لا يمكن رده حيث أستدرجهم من حيث لا يعلمون وكيد المحدث العاجز الضعيف لا يقاوم كيد القديم القادر القوى فتسمية الاستدراج والانتقام فى الدنيا بالسيف وفى الآخرة بالنار كيدا من باب المشاكلة لوقوعه فى مقابلة كسبهم جزاء له والا فالكيد وهو المكر والاحتيال لا يجوز اسناده اليه تعالى مرادا به معناه الحقيقي وتسمية جزاء الشيء باسم ذلك الشيء على سبيل المشاكلة شائع كثير فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ اى لا تشتغل بالانتقام منهم ولا تدع عليهم بالهلاك ولا تستعجل به يعنى مهلت ده كافرانرا وتعجيل مكن در طلب هلاك ايشان أَمْهِلْهُمْ بدل من مهل وهما اى التمهيل والامهال لغتان كما قال تعالى ومهلهم قليلا (روى) عن همام مولى عثمان رضى الله عنه انه قال لما كتبوا المصحف شكوا فى ثلاث آيات فكتبوا فى كتف شاة وأرسلوني الى أبى ابن كعب وزيد بن ثابت رضى الله عنهما فدخلت عليهما فناولتها أبيا فقرأها فاذا هى فيها لا تبديل للخلق فكتب لا تبديل لخلق الله وكان فيها لم يتسن فكتب لم يتسنه وكان فيها فأمهل الكافرين فمحا الالف وكتب فمهل الكافرين ونظر فيها زيد بن ثابت فانطلقت بها إليهم فاثبتوها فى المصحف وفيه اشارة الى ان الله تعالى حافظ للقرءآن من التحريف والتبديل لانه أثبته فى صدور الحفاظ والى ان المشكلات يرجع فيها الى اهل الحل رُوَيْداً يقال ارود يرود إذا رفق وتأنى ومنه بنى رويد كما فى المفردات وفى الإرشاد هو فى الأصل تصغير رود بالضم وهو المهل او ارواد مصدر أورد بالترخيم وهو اما مصدر مؤكد لمعنى العامل او نعت لمصدره المحذوف اى امهلهم امهالا رويدا اى قريبا او قليلا يسيرا فان كل آت قريب كما قالوا كر چهـ قيامت دير آيد ولى مى آيد. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه من الرمز الى قرب وقت الانتقام من الأعداء وفى كشف الاسرار وما كان بين نزول هذه الآية وبين وقعة بدر الا زمان يسير (حكى) انه دخل ابن السماك على هرون الرشيد فطلب هرون منه العظة وقد جلس فى حصير فقال يا أمير المؤمنين لتواضعك فى شرفك أفضل من شرفك قال الرشيد ما سمعت شيأ احسن من هذا فقال بلى يا أمير المؤمنين من اعطى مالا وجمالا وسلطانا وشرفا فتواضع فى شرفه وعف فى جماله وواسى من فضل ماله وعدل فى سلطانه كتب فى ديوان المخلصين فدعا الرشيد بالقرطاس فكتبها ثم قال زدنى فقال يا أمير المؤمنين لقد أمهل حتى كأنه أهمل ولقد ستر حتى كأنه غفر ثم قال يا أمير المؤمنين هب كأن الدنيا كلها فى يديك والاخرى مثلها ضمت إليك هب كان الشرق والغرب يجبى إليك فاذا جاء ملك الموت فماذا فى يديك قال زدنى فقال لم يبق من لدن آدم الى يومنا هذا أحد الا وقد ذاق الموت قال زدنى فقال انهما موضعان اما جنة واما نار قال حسبى ثم غشى عليه قال ابن السماك

تفسير سورة الأعلى

دعوه حتى يموت فلما أفاق امر له بجائزة فقيل له انه قال كذا فسأله الرشيد عن ذلك فقال يا أمير المؤمنين اى شىء أحسن من ان يقال ان أمير المؤمنين مات من خشية الله فاستحسن كلامه واحترمه (قال الحافظ) بمهلتى كه سپهرت دهد زراره مرو ... ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كرد فطوبى لمن قصر أمله وطال عمره وحسن عمله والله نسأل ان لا يجعلنا من المغترين تمت سورة الطارق باعانة خالق النجوم البوارق يوم الأحد الرابع عشر من شهر ربيع الاول من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الأعلى تسع عشرة آية مكية عند الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى التسبيح التنزيه واسم الله لا يصح أن يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق ولكنها توقيفية عند بعض العلماء وقد سبق والأعلى صفة للرب ويجوز أن يكون صفة للاسم والاول أظهر ومعنى علوه تعالى أن يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين ومعنى أعلويته ان له الزيادة المطلقة فى العلو قال بعضهم ليس علوه علو جهة ولا كبره كبر جثة سبحانه عن ذلك بل علو استحقاق لنعوت الجلال والكبرياء فمن عرف علوه وكبرياءه تواضع وتذلل بين يديه عباده الصالحين والمعنى نزه اسمه عن الإلحاد فيه بالتأويلات الزائغة نحو أن يجعل الأعلى من العلو فى المكان لا من العلو فى الكمال وأن يؤخذ الاستواء بمعنى الاستقرار لا بمعنى الاستيلاء وكذا نزهه عن إطلاقه على غيره بوجه يشعر بتشاركهما فيه كان يسمى الصنم والوثن بالرب والإله ومنه تسمية العرب مسيلمة الكذاب برحمان اليمامة وكذا نرهه عن ذكره لا على وجه الإعظام والإجلال ويدخل فيه أن يذكر اسمه عند التثاؤب وحال الغائط وكذا بالغفلة وعدم الوقوف على معناه وحقيقته ومنه إكثار القسم بذكر اسمه من غير مبالاة وقال جرير فى الآية ارفع صوتك بذكره اى بذكر اسمه فان ذكر المدلول انما هو بذكر الاسم الدال عليه فظهر من هذا التقرير أن الاسم غير مقحم وقال بعضهم الاسم والمسمى هنا واحد اى نزه ذاته عما يدخل فى الوهم والخيال وفى الحديث لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال عليه السلام اجعلوها فى ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها فى سجودكم وكانوا يقولون فى الركوع اللهم لك ركعت وفى السجود اللهم لك سجدت وفى الحديث دلالة على ان لفظ الاسم مقحم قاله سعدى المفتى وعلى ان الامتثال بالأمر يحصل بأن يقول سبحان ربى العظيم والأعلى بدون قراءة النظم ولذا قرأ على وابن عمر رضى الله عنهم سبحان ربى الأعلى الذي إلخ فان قوله سبح أمر بالتسبيح فلا بد وأن يذكر ذلك التسبيح وما هو إلا قول سبحان ربى الأعلى ومثله سبحان ربك العزة فان معناه نزه ربك العزة فيحصل الامتثال بان يقول سبحان ربنا رب العزة على معنى

[سورة الأعلى (87) : آية 2]

تنزه ربنا رب العزة وقس على ذلك سائر المواقع المأمور بها وسر اختصاص سبحان ربى العظيم بالركوع والأعلى بالسجود ان الاول اشارة الى مرتبة الحيوان والثاني اشارة الى مرتبة النبات والجماد فلا بد من الترقي فى التنزيه وكان عليه السلام وجبوشه إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الحديث اعلم ان الرفعة والارتفاع استعلاء وانه من التكبر فان كان الاستعلاء ظاهرا فهو صورة من صور التكبر وان كان باطنا فهو معنى التكبر ولما كان الكبرياء لله وحده وكان فى الصعود على الثنايا ضرب من الاستعلاء موجود وشبيه به ايضا لذلك سن التكبير فيه اى ان الله اكبر وأعلى من أن يشارك فى كبريائه وان ظهرنا بصورة حال يوهم الاشتراك واما الأمر بالتسبيح فى الهبوط فهو من أجل سر لمعية المشار إليها بقوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فاذا أمنا انه معنا أينما كنا فحال كوننا فى هبوط يكون معنا وهو يتزه عن التحت والهبوط لانه سبحانه فوق التحت كما الفوق انه فوق ونسبة الجهات اليه على السواء لنزاهته عن التقيد بالجهات واحاطته بها فلهذا شرع التكبير فى الصعود والتسبيح فى الهبوط على الوجه المنبه عليه انتهى وأول من قال سبحان ربى الأعلى ميكائيل عليه السلام وذلك انه خطر بباله عظمة الرب تعالى فقال يا رب أعطني قوة حتى انظر الى عظمتك وسلطانك فأعطاه قوة أهل السموات فطار خمسة آلاف سنة حتى احترق جناحه من نور العرش ثم سأل القوة فأعطاه قوة ضعف ذلك وجعل يطير ويرتفع عشرة آلاف سنة حتى احترق جناحه وصار فى آخره كالفرخ ورأى الحجاب والعرش على حاله فخر ساجدا وقال سبحان ربى الأعلى ثم سأل ربه أن يعيده الى مكانه والى حالته الاولى ذكره أبو الليث فى تفسيره وقال النبي عليه السلام يا جبرائيل أخبرني عن ثواب من قال سبحان ربى الأعلى فى صلاته او فى غير صلاته فقال يا محمد ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها فى سجوده او فى غير سجوده الا كانت له فى ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ويقول الله صدق عبدى أنا الأعلى وفوق كل شىء وليس فوقى شىء اشهدوا يا ملائكتى انى قد غفرت لعبدى وأدخلته جنتى فاذا مات زاره ميكائيل كل يوم فاذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فيوقفه بين يدى الله فيقول يا رب شفعنى فيه فيقول قد شفعتك فيه اذهب به الى الجنة ذكره ابن الشيخ فى حواشيه وفى الحديث (سبحان الله والحمد لله يملآن ما بين السموات والأرض) اى لاشتمال هاتين الكلمتين على كمال الثناء والتعريف بالصفات الذاتية والفعلية الظاهرة الآثار فى السموات والأرض وما بينهما وقال القاشاني اسمه الأعلى والأعظم هو الذات مع جميع الصفات اى نزه ذاتك بالتجرد عما سوى الحق وقطع النظر عن الغير ليظهر عليها الكمالات الحقانية بأسرها وهو تسبيحه الخاص به فى مقام الفناء لان الاستعداد التام القابل لجميع الصفات الالهية لم يكن الا له فذاته هو الاسم الأعلى عند بلوغ كماله ولكل شىء تسبيح خاص يسبح به اسما خالصا من اسماء ربه الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى صفة أخرى للرب على الوجه الاول ومنصوب على المدح على الثاني لئلا يلزم الفصل بين الموصوف والصفة غيره اى خلق

[سورة الأعلى (87) : آية 3]

كل شىء فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله ويتسنى معاشه وقال القاشاني انشأ ظاهرك فعدل بنيتك على وجه قبلت بمزاجه الخاص الروح الأتم المستعد لجميع الكمالات وفى التأويلات النجمية خلق كل شىء بحسب الوجود فسوى تسوية بها يصل الفيض الإلهي المعد له بحسب استعداده الفطري وقال بعضهم خلق الخلق فسوى بينهم فى الخلقة وميزينهم باختصاص بعضهم بالهداية وَالَّذِي قَدَّرَ معطوف على الموصول الاول اى قدر أجناس الأشياء وأنواعها وافرادها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها كما قال عليه السلام ان الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة اى جعل أجناس الأشياء وكذا اشخاص كل نوع بمقدار معلوم وكذا جعل مقدار كل شخص فى جثته وأوضاعه وسائر صفاته كالحسن والقبح والسعادة والشقاوة والهداية والضلالة والألوان والاشكال والطعوم والروائح والأرزاق والآجال وغير ذلك بمقدار معلوم كما قال وان من شىء الا عندنا خزآئنه وما ننزله الا بقدر معلوم فَهَدى فوجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا او اختيارا ويسره لما خلق له بخلق الميول والهامات ونصب الدلائل وإنزال الآيات ولو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات لرأيت فى كل منها ما يحار فيه العقول (يحكى) ان الأفعى إذا بلغت ألف سنة عميت وقد ألهمها الله أن تمسح عينيها بورق الرازيانج الغض فيرد إليها بصرها فربما كانت عند عروض العمى لها فى برية بينها وبين الريف مسافة طويلة فتطويها على طولها وعلى عماها حتى تهجم فى بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها فتحك عينيها بورقها وترجع باصرة بإذن الله تعالى (ويحكى) ان التمساح لا يكون له دبر وانما يخرج فضلات ما يأكله من فيه حيث قيض الله له طائرا قدر الله غذآءه من ذلك فاذا رآه التمساح يفتح فمه فيدخله الطائر فيأكل ما فيه وقد خلق الله له من فوق منقاره ومن تحته قرنين لئلا يطبق عليه التمساح فمه والتمساح خلق كالسلحفاة ضخم يكون بنيل مصر وبنهر مهران فى السند كما فى القاموس ويختطف البهائم والآدميين وربما بلغ طوله عشرين ذراعا وهو يبيض فى البر فما وقع من ذلك فى الماء صار تمساحا وما بقي صار سقنقورا وهى دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظم خلقته وهو أنفس ما يهدى لملوك الهند فانهم يذبحونه بسكين من الذهب ويحشونه من ملح مصر ويحملونه كذلك الى أرضهم فاذا وضعوا مثقالا من ذلك على بيض او لحم وأكل نفع ذلك نفعا بليغا والسقنقور والضب والسلحفاة للذكر منها ذكران وللانثى فرجان ومن عجائب هداياته تعالى ان القطا وهو طائر يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطئ لا ذهابا ولا إيابا والجمل والحمار إذا سلكا طريقا فى الليلة الظلماء ففى المرة الثانية لا يخطئان والدبة إذا ولدت ولدها رفعته فى الهولء يومين خوفا من النمل لانها تضعه قطعة لحم غير متميزة الجوارح ثم يتميز اولا فأولا وإذا جمع العقرب والفأرة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها (وحكى) ان ابن عرس تبع فأرة فصعدت شجرة ولم يزل يتبعها حتى انتهت الى رأس الغصن ولم يبق مهرب فنزلت على ورقة وعضت طرفها وعلقت نفسها فعند ذلك صاح ابن

[سورة الأعلى (87) : الآيات 4 إلى 5]

عرس فجاءته زوجته فلما انتهت الى تحت الشجرة قطع ابن عرس الورقة التي عضتها الفأرة فسقطت فاصطادها ابن عرس الذي كان تحت الشجرة والفأرة تدخل ذنبها فى قارورة الدهن ثم تلحسه والثعلب إذا اجتمع فى جلده البق الكثير والبعوض يأخذ بفيه قطعة جلد من الحيوان فينغمس فى الماء فاذا اجتمعت فى الفر وألقاه فى الماء وخرج سالما والعنكبوت تبنى بيتها على وجه عجيب غير مقدور والبشر لا يقدر على بناء البيت المسدس الا بالبركار والمسطر والنحل تبنى تلك البيوت من غير آلة والنمل تسعى لاعداد الذخيرة لنفسها فاذا أحست بنداوة المكان تشق الحبة نصفين لئلا تنبت وإذا وصلت النداوة إليها تخرجها الى الشمس لتجف قال بعضهم رأيت غواصا وهو طائر غاص وطلع بسمكة فغلبه الغراب عليها فأخذها منه فغاص مرة أخرى فطلع فأخذها منه الغراب وفى الثالثة كذلك فلما اشتغل الغراب بالسمكة وثب الغواص فأخذ برجل الغراب وغاص به تحت الماء حتى مات الغراب وخرج هو من الماء وفى الحديث لا تشوبوا اللبن بالماء فان رجلا كان فيمن كان قبلكم يبيع اللبن ويشوبه بالماء فاشترى قردا وركب البحر حتى إذا لجج فيه ألهم الله القرد فأتى صرة الدنانير فأخذها وصعد الدقل وهو سهم السفينة ففتح الصرة وصاحبها ينظر اليه فأخذ دينارا ورمى به فى البحر ودينارا فى السفينة حتى قسمها نصفين فالقى ثمن الماء فى الماء وفى عجائب المخلوقات ان شخصا قتل شخصا بأصفهان وألقاه فى بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتى كل يوم الى رأس البئر وينحى التراب عنها وإذا رأى القاتل نبح عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم أخذوا الرجل فاقر فقتل به ومن عجيب شجرة النخل ان يعرض لها العشق وهى أن تميل الى الى نخلة أخرى فيخف حملها وتهزل وعلاجها أن يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعه وأمثال هذا لا تحيط بها العبارة والتحرير كثرة وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى اى أنبت بكمال قدرته ما ترعاه الدواب غضا طريا من بين أخضر واصفر وأحمر وأبيض وقال ابن عباس رضى الله عنه المرعى الكلأ الأخضر وفى الصحاح الرعي بالكسر الكلأ وبالفتح المصدر والمرعى الرعي والمصدر فَجَعَلَهُ بعد ذلك غُثاءً اى درينا وهو كأمير يبيس كل حطام حمض او شجر او بقل قال الجوهري الغثاء بالضم والمد ما يحمله السيل من القماش والقمش جمع الشيء من هاهنا وهاهنا وذلك الشيء قماش ما على وجه الأرض من فتات الأشياء حتى يقال لرذالة الناس قماش وبالفارسية خشك و پژمرده أَحْوى اسود من الحوة بمعنى السواد وذلك ان الكلأ إذا جف ويبس اسود سواء كان جفافه واسوداده بتأثير حرارة الشمس او برودة الهولء الفاء التعقيبية اشارة الى قصر مدة الحضرة ورمز الى قصر مدة العمر وسرعة زوال الدنيا ونعيمها يعنى محققان از مضمون اين آيت فهم كرده اند كه چراگاه متمتعان دنيا اگر چهـ در أول تازه وسيراب وسبز وخرم نمايد اما اندك وقتى را بسبب هبوب رياح خزان حوادث تيره وبى طراوت خواهد بود.

[سورة الأعلى (87) : الآيات 6 إلى 9]

اگر چهـ خرم وتازه است كلبن دنيا ... ولى بنكبت باد خزان نمى ارزد بكرده خورى وقرص قمر ز جاى مرو ... كه خوان چرخ نيك تاى نان نمى ارزد وفيه اشارة الى زينة الحياة الدنيا ومنافعها ومآكلها ومشاربها فانها مرعى النفس الحيوانية ومرتع بهائم القوى جعلها الله سريعة الفناء وشيكة الزوال كالهشيم والحطام البالي المسود فينبغى أن لا يلتفت إليها ولا يشغل بها فانها مانعة عن التسبيح الخاص وهو تنزيه الذات وتجريدها عن العلائق وبها يحصل الاحتجاب عن الكمال المقدر فى حق كل أحد سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى بيان لهدايته تعالى الخاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم أثر بيان هدايته العامة لكافة مخلوقاته وهى هدايته عليه السلام لتلقى الوحى وحفظ القرآن الذي هو هدى للغالمين وتوفيقه عليه السلام لهداية الناس أجمعين قال الراغب فى المفردات اخبار وضمان من الله تعالى أن يجعله بحيث لا ينسى ما يسمعه من الحق انتهى والسين اما للتأكيد واما لان المراد أقراء ما أوحى اليه حينئذ وما سيوحى اليه بعد ذلك فهو وعد كريم باستمرار الوحى فى ضمن الوعد بالإقراء يقال قرأ القرآن فهو قارئ وأقرأه غيره فهو مقرئ اى علمه إياه فهو معلم وفى تاج المصادر الإقراء قرآن كوش فرا داشتن وخواننده كردن. ومنه سنقرئك انتهى والمعنى سنقرئك ما نوحى إليك الآن وفيما بعد على لسان جبرائيل فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ والإتقان وفى كشف الاسرار سنجمع حفظ القرآن فى قلبك وقراءته فى لسانك حتى لا تنسى كقوله ان علينا جمعه وقرآنه إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل اى لا تنسى شيأ من الأشياء مما تقرأه الا ما شاء الله أن تنساه ابدا بأن نسخت تلاوته فان النسخ نوع من الانساء وطريق من طرقه فكأنه بالنسخ محى من الصحف والصدور فالمراد بالنسيان هو النسيان الكلى الدائم بحيث لا يعقبه التذكر بعده ويجوز بأن يراد به النسيان المتعارف الذي يعقبه الذكر بعده وهو النسيان فى الجملة على القلة والندرة اى فلا تنسى الا ما شاء الله نسيانه ثم لا يبقى المنسى منسيا دائما بل يعقبه الذكر كما هو المفهوم من المقام ويؤيد هذا المعنى ما روى انه عليه السلام أسقط آية فى قراءته فى الصلاة فحسب أبى رضى الله عنه انها نسخت فسأله ققال عليه السلام نسيتها (وروى) ان بعض الصحابة رضى الله عنهم كان يقرأ القرآن فى الليل فقال عليه السلام لقد أذكرنى آية أنسيتها ومن هذا كان عليه السلام يقول فى دعائه اللهم ارحمني بالقرءان العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى رحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين وكان عليه السلام يقول انما أنا بشر انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكرونى وقال تعالى واذكر ربك إذا نسيت ودل الكل على جواز طريان النسيان عليه وان لم يكن سهوه ونسيانه من قبيل سهو الامة ونسيانهم فانه اهل الحضور الدائم روى عن جعفر الصادق رضى الله عنه انه عليه السلام كان يقرأ من الكتاب وان كان لا يكتب وفيه معجزة له عليه السلام فانه كان أميا وقد جعله الله قارئا ثم انه كان يقرأ من الحفظ

[سورة الأعلى (87) : الآيات 8 إلى 9]

ومن الصحيفة ايضا من غير تعلم الخط وكان منبع الكمالات كلها حتى انه علم الكتاب الخط وقوانينه وأصحاب الحرف دقائق حرفتهم إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى تعليل لما قبله وما موصولة وكل من الجهر والإخفاء شامل لما كان من قبيل القول والعمل والإخفاء والإخفاء لما فى الضمائر من النيات اى يعلم ما ظهر وما بطن من الأمور التي من جملتها ما أوحى إليك فينسى ما يشاء انساءه ويبقى محفوظا ما يشاء إبقاءه لما نيط بكل منهما من مصالح دينكم وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى عطف على نقرئك واليسرى فعلى من اليسر وهو السهولة ويسرت كذا سهلت وهيأت وضمن نيسرك معنى التوفيق ولذا عدى بدون اللام والا فالعبارة المعتادة أن يقال جعل الفعل الفلاني ميسرا لفلان لا أن يقال جعل فلان ميسرا للفعل الفلاني كما فى الآية فانه قيل ونيسرك لليسرى لا ونيسر اليسرى لك وقال بنون العظمة لتكون عظمة المعطى دليلا على عظمة العطاء وفى الإرشاد تعليق التيسير به عليه السلام مع ان الشائع تعليقه بالأمور المسخرة للفاعل كما فى قوله تعالى ويسر لى أمرى للايذان بقوة تمكينه عليه السلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة راسخة له كأنه عليه السلام جبل عليها كما فى قوله عليه السلام اعملوا فكل ميسر لما خلق له والمعنى ونوفقك توفيقا مستمرا توفيقا للطريقة اليسرى اى التي هى أيسر وأسهل فى كل باب من أبواب الدين علما وتعليما واهتداء وهداية فيندرج فيه نيسير طريق تلقى الوحى والإحاطة بما فيه من احكام الشريعة السمحة والنواميس الالهية مما يتعلق بتكميل نفسه عليه السلام وتكميل غيره كما يفصح عنه الفاء فى قوله تعالى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى اى فذكر الناس حسبما يسرناك له بما يوحى إليك واهدهم الى ما فى تضاعيفه من الاحكام الشرعية كما كنت تفعله ان نفع التذكير والعظمة والنصيحة وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما ان رسول الله عليه السلام طالما كان يذكرهم ويستفرغ فيه جهده حرصا على ايمانهم وكان لا يزيد ذلك بعضهم الا كفرا وعنادا فأمر عليه السلام بأن يخص التذكير بمدار النفع فى الجملة بأن يكون من يذكره كلا او بعضا ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه فى تذكير من لا يزيده التذكير الا عتوا ونفورا من المطبوع على قلوبهم كما فى قوله تعالى فذكر بالقرءان من يخاف وعبد فحرف الشك راجع الى النبي عليه السلام لا الى الله وفى كشف الاسرار ان تجيئ فى العربية مثبتة لا لشرط فتكون بدل قد كقوله وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وقد علم عليه السلام ان الذكرى تنفع لا محالة اما فى ترك الكفر او ترك المعصية او فى الاستكثار من الطاعة فهو حث على ذلك وتنبيه على انها تنفع الا أن يكون مطبوعا على قلبه غير مستعد للقبول فالنفع مشروط بشرط الاستعداد زمين شوره سنبل بر نيارد ... درو تخم عمل ضايع مكردان والحاصل ان التذكير خاص بالمنتفع وذلك فى النهاية واما فى البداية فعام وما على الرسول الا البلاغ من آنچهـ شرط بلاغست با تو ميكويم ... تو خواه از سخنم پند كير وخواه ملال

[سورة الأعلى (87) : الآيات 10 إلى 15]

قال القاشاني أجمل فى قوله ان نفعت الذي ثم فصل بقوله سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى اى سيتذكر بتذكيرك يعنى زود باشد كه پند پذيرد. من من شأنه أن يخشى الله حق خشيته او من يخشى الله فى الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر فى امر ما تذكر به فيقف على حقيقته فيؤمن به وفى التفسير الكبير الناس فى أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفي ولا بالاثبات ومنهم من أصر على إنكاره والقسمان الأولان ينتفعون بالتذكير بخلاف الثالث يَتَجَنَّبُهَا اى يتبعد من الذكرى ولا يسمعها سماع القبولْ َشْقَى اى الزائد فى الشقاوة من الكفرة لتوغله فى عداوة النبي عليه السلام مثل الوليد بن المغيرة وأبى جهل ونحوهما او الأشقى هو الكافر مطلقا لانه أشقى من الفاسق وروى ان من يخشى هو عثمان بن عفان رضى الله عنه والأشقى رجل من المنافقين وذلك ان المنافق كانت له نخلة مائلة فى دار رجل من الأنصار فسقط ثمرها فى داره فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فارسل الى المنافق ولم يكن يعلم بنفاقه فسأله ان يعطى النخلة للانصارى على ان يعطيه نخلة فى الجنة فقال أبيع عاجلا بآجل لا افعل فأعطاه عثمان رضى الله عنه حائط نخل له فنزلت الآية كما فى التكملة ونظيره ان رجلا قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فأتاه فقال أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او أدعو الله ان يجعلك معى فى الجنة قال بل ثمانون من الضأن قال أعطوه إياها ثم قال ان صاحبة موسى عليه السلام كانت أعقل منك وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكون معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة هر كه بيند مر عطارا صد عوض ... زود دربازد عطا را زين غرض آرزوى كل بود كل خواره را ... كلشكر نكوارد آن بيچاره را الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى اى يدخل الطبقة السفلى من طبقات النار. وآتش آن از آتش دركات ديكر تيزتر وسوزنده تر است وآن جاى آل فرعون ومنافقان ومنكران مائده عيسى عليه السلام باشد ونار صغرى در طبقه عليا كه چاى كنهكاران امت محمد مصطفاست عليه السلام. فالكبرى اسم تفصيل لانه تأنيث الأكبر والمفضل هو ما فى أسفل دركات جهنم من النار التي هى نصيب الكفار كما قال تعالى ان المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمفضل عليه ما فى الدركات التي فوقها فان لجهنم نيرانا ودركات متفاضلة كما ان فى الدنيا ذنوبا ومعاصى متفاضلة فكما ان الكفار أشقى العصاة كذلك يصلون أعظم النيران وقيل الكبرى نار جهنم والصغرى نار الدنيا يعنى ان المفضل نار الآخرة والمفصل عليه نار الدنيا لقوله عليه السلام ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وقد غمست فى ماء البحر مرتين ليدنى منها وينتفع بها ولولا ذلك ما دنوتم منها ويقال انها تتعوذ بالله من جهنم وان ترد إليها. يقول الفقير الظاهر ان المراد بالنار الكبرى هو العذاب الأكبر فى قوله تعالى فيعذبه الله العذاب

[سورة الأعلى (87) : الآيات 13 إلى 15]

الأكبر وهو عذاب الآخرة واما العذاب الأصغر فهو عذاب الدنيا وعذاب البرزخ فانه يصغر بالنسبة الى عذاب الآخرة قال بعض الحكماء علامة الشقاوة أشياء كثيرة الاكل والشرب والنوم والإصرار على الذنب وقساوة القلب وكثرة الذنب ونسيان الرب والوقوف بين يدى الملك الجبار فهذا هو الأشقى الذي يدخل النار الكبرى وفى التأويلات النجمية النار ناارن نار حجاب الدنيا بالاشتغال بالشهوات والذات وهى الصغرى ونار حجاب الآخرة وهو الابتلاء بالخذلان والخسران والطرد والهجران كما قال تعالى ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا لفوات الاستعداد وقال القاشاني النار الكبرى هى نار الحجاب عن الرب بالشرك والوقوف مع الغير ونار القهر فى مقام الصفات ونار الغضب والسخط فى مقام الافعال ونار جهنم الآثار فى المواقف الاربعة من موقف الملك والملكوت والجبروت وحضرة اللاهوت أبد الآبدين فما اكبر ناره ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها حتى يستريح وَلا يَحْيى حياة تنفعه كما يقال لمن ابتلى بالبلاء الشديد لا هو حى ولا هوميت وثم للتراخى من مراتب الشدة لان التردد بين الموت والحياة أفظع من نفس الصلى وقال ابن عطاء لا يموت فيستريح من غم القطعية ولا يحيى فيصل الى روح الوصلة وفى التأويلات النجمية لا يموت نفسه بالكلية ليستريح من عقوبات الحجاب والاحتجاب ولا يحيى قلبه بحياة الايمان لكونه فى دار الجزاء لا فى دار التكليف وقال القاشاني لا يموت لامتناع انعدامه ولا يحيى بالحقيقة لهلاكه الروحاني اى يتعذب دائما سرمدا فى حالة يتمنى عندها الموت وكلما احترق وهلك أعيد الى الحياة وعذب فلا يكون ميتا مطلقا ولا حيا مطلقا. يقول الفقير لا يموت لان الموت يذبح فلا موت ولا يحيى لان المغموم كالميت فيبقى فى العذاب الروحاني كما يبقى فى العذاب الجسماني قال بعض الكبار لا حياة الا عن موت ولا موت إلا عن رؤية حى فمن مات غير هذا الموت فلا يحيى ومن حى غير هذه الحياة فهى حياة حيوانية لا حياة انسانية قَدْ أَفْلَحَ اى نجا من المكروه وظفر بما يرجوه مَنْ تَزَكَّى اى تطهر من الكفر والمعاصي بتذكره واتعاظه بالذكرى او تكثر من التقوى والخشية من الزكاء وهو النماء وكلمة قد لما أن عند الاخبار بسوء حال المتجنب عن الذكرى فى الآخرة يتوقع السامع الاخبار بحسن حال المتذكر فيها وينتظره وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ بقليه ولسانه فَصَلَّى اقام الصلوات الخمس كقوله أقم الصلاة لذكرى اى كبر تكبيرة الافتتاح فصلى فالمراد بالذكر تكبيرة الافتتاح لكن لا يختص الذكر عند الحنفية بان يقول الله اكبر لعموم الذكر ودل العطف بالفاء التعقيبية على عدم دخول الكبير فى الأركان لان العطف يقتضى المغايرة بين المعطوفين قال الامام مراتب اعمال المكلف ثلاث فاولاها ازالة العقائد الفاسدة عن القلب وهى المرادة بالتزكى والثانية استحضار معرفة الله بذاته وصفاته وأسمائه وهى المرادة بالذكر لان الذكر بالقلب ليس الا المعرفة والثالثة الاشتغال بالخدمة والطاعة وهى المرادة بالصلاة فانها عبارة عن التواضع والخشوع فمن استنار قلبه بمعرفة جلال الله لا بد وأن يظهر فى جوارحه وأعضائه اثر الخضوع والخشوع قال بعضهم خلق الله وجها يصلح للسجدة وعينا تصلح للعبرة وبدنا يصلح للخدمة وقلبا يصلح للمعرفة وسرا يصلح للمحبة فاذكروا نعمة الله

[سورة الأعلى (87) : الآيات 16 إلى 19]

عليكم حيث زين ألسنتكم بالشهادة وقلوبكم بالمعرفة وأبدانكم بالعبادة (روى) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى قال الله سبحانه ان لى مع المصلين ثلاث شرائط احداها تنزل الرحمة من عنان السماء الى مفرق رأسه مادام فى صلاته والثانية حفته الملائكة بأجنحتها والثالثة أناجى معه كلما قال يا رب أقول لبيك ثم قال عليه السلام لو علم المصلى من يناجى ما التفت (وروى) عن ابن عمر رضى الله عنه ان المراد بالتزكى إخراج صدقة الفطر قبل المضي الى المصلى وبالذكر ان يكبر فى الطريق حين خروجه الى المصلى وبالصلاة ان يصلى صلاة العيد بعد ذلك مع الامام وهذه السورة وان كانت مكية بالإجماع ولم يكن بمكة عيد ولا صدقة فطر الا انه لما كان فى علمه ان ذلك سيكون اثنى الله على من فعل ذلك فانه تعالى قد يخبر عما سيكون وفى الآية اشارة الى تطهير النفس عن المخالفات الشرعية وتطهير القلب عن المحبة الدنيوية بل عن ملاحظة الغير والتوجه الى الله تعالى بقدر الاستعداد إذ لا يكلف الله نفسا الا وسعها بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا إضراب عن مقدر ينساق اليه الكلام كأنه قبل اثر بيان ما يؤدى الى الفلاح لا تفعلون ذلك بل تختارون اللذات العاجلة الفانية فتسعون لتحصيلها والخطاب اما للكفرة فالمراد بايثار الحياة الدنيا هو الرضى والاطمئنان بها والاعراض عن الآخرة بالكلية كما فى قوله تعالى وان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها الآية او للكل فالمراد بايثارها ما هو أعم مما ذكر وما لا يخلو عنه الناس غالبا من ترجيح جانب الدنيا على الآخرة فى السعى وترتيب المبادي والالتفات على الاول لتشديد التوبيخ وعلى الثاني كذلك فى حق الكفرة ولتشديد العتاب فى حق المسلمين وفى فتح الرحمن فالكافر يؤثرها إيثار كفر يرى ان لا آخرة والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس الا من عصم الله وفى عين المعاني خطاب للامة إذ كل يميل الى الدنيا اما رغبة فيها او ادخار الثواب الآخرة (وفى كشف الاسرار) مصطفى عليه السلام أول قلم فتوى. در حق دنيا اين راند كه حلالها حساب وحرامها عذاب آنكه برو لعنت كرد كه. الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله اگر دينت همى بايد زدنيا دار پى بگسل ... ورت دنيا همى بايد بده دين وببر دنيا ور از دوزخ همى ترسى بمالى پس مشو غره ... كه اينجا صورتش مالست وآنجا شكلش اژدرها چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى ... قفص بشكن چوطاوسان يكى بر پر بزين بالا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى حال من فاعل تؤثرون مؤكدة للتوبيخ والعتاب اى تؤثرونها على الآخرة والحال ان الآخرة خير فى نفسها لما ان نعيمها مع كونه فى غاية ما يكون من اللذة خالص عن شائبة الغائلة أبدى لا انصرام له وعدم التعرض لبيان تكدر نعيم الدنيا بالمنغصات وانقطاعه عما قليل لغاية ظهوره وفيه اشارة الى ان ظواهر الأشياء بالنسبة الى حقائقها كالقشر بالنسبة الى اللب واللب خير من القشر وأبقى لان لب الحب يحفظ زمانا طويلا وقشره إذا سلخ من اللب يطرح فى النار او يرمى بالمزابل فيفنى بعد اليومين او اكثر فأرباب

[سورة الأعلى (87) : الآيات 18 إلى 19]

القشر يؤثرون الأمور الظاهرة الخسيسة الدنية الفانية على الأمور الباطنة المعنوية الشريفة العزيزة الباقية لكونهم محجوبين عن الآخرة وارباب اللب يختارون الآخرة بل الله الآخر كما قال قل الله ثم ذرهم ويقال قد أفلح من تزكى اى من تاب من الذنوب وذكر اسم ربه يعنى إذا سمع الاذان خرج الى الصلاة ثم ذم تارك الجماعة لاجل اشتغاله بالدنيا فقال بل تؤثرون الحياة الدنيا يعنى تختارون عمل الدنيا على عمل الآخرة وعمل الآخرة خير وأبقى من عمل الدنيا والاشتغال بها وبزينتها إِنَّ هذا اشارة الى ما ذكر من قوله تعالى قد أفلح من تزكى لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى جميع صحيفة وهى الكتاب قال الراغب الصحيفة المبسوط من كل شىء كصحيفة الوجه والصحيفة التي كان يكتب فيها والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة والمعنى لثابت فيها يعنى ان تطهير النفس عما لا ينبغى وتكميل الروح بالمعارف وتكميل الجوارح بالطاعة والزجر عن الالتفات الى الدنيا والترغيب فى الآخرة وفى ثواب الله فى دار كرامته لا يجوزان يختلف باختلاف الشرائع صُحُفِ جدك إِبْراهِيمَ الخليل عليه السلام وَصحف أخيك مُوسى الكليم عليه السلام بدل من الصحف الاولى (روى) ان جميع ما انزل الله من كتاب مائة واربعة كتب انزل على آدم عليه السلام عشر صحف حروف التهجي صحيفة منها وعلى شيت عليه السلام خمسين صحيفة وعلى إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عليه السلام عشر صحائف والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فصحف موسى هى الألواح التي كتبت فيها التوراة كذا قال الامام وفى التيسير صحف شيت وهى ستون وصحف ابراهيم وهى ثلاثون وصحف موسى قبل التوراة وهى عشر والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وكان فى صحف ابراهيم ينبغى للعاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله ان يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شانه وايضا الخروج عما سوى الله بنعت التجريد كما قال انى بريئ مما تشركون والإقبال على الله لقوله انى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض ونقل من صحف موسى يقول الله يا ابن آدم اعمل لنفسك قبل نزول الموت بك ولا تغرنك المطية فان على آثارها السفر ولا تلهينك الحياة وطول الأمل عن التوبة فانك تندم على تأخيرها حين لا ينفعك الندم يا ابن آدم إذا لم تخرج حقى من مالى الذي رزقتك إياه ومنعت منه الفقراء حقوقهم سلطت عليك جبارا يأخذه منك ولا أثيبك عليه وفى صحف موسى ايضا سرعة الشوق الى جماله والندم على الوقوف فى المقامات عند تعريف الصفات لقوله انى تبت إليك وأنا أول المؤمنين وفى التيسير دل الكلام على قول الامام الأعظم رحمه الله ان قراءة القرآن بالفارسية فى الصلاة صحيحة وهو قرآن بأى لسان قرئ لانه جعل هذا المذكور مذكورا فى تلك الصحف ولذلك قال وانه لفى زبر الأولين ولا شك انه لم يكن فيها بهذا النظم وبهذه اللغة وكان قرءانا لان العبرة بالمعاني والألفاظ ظروف وقوالب لها انتهى وفيه تأييد لمن جوز نقل الحديث بالمعنى وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين اللتين يوتر بعدهما بسبح اسم ربك الأعلى وقل

تفسير سورة الغاشية

يا أيها الكافرون وفى الوتر بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وبه عمل الشافعي ومالك رحمهما الله وما عند أبى حنيفة واحمد والمستحب فى الثالثة الإخلاص فقط تمت سورة الأعلى يوم الاثنين الخامس عشر من شهر المولد فى سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الغاشية ست وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال قطرب من ائمة النحو أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية قال المولى أبو السعود رحمه الله فى الإرشاد وليس بذاك بل هو استفهام أريد به التعجيب مما فى حيزه والتشويق الى استماعه والاشعار بانه من الأحاديث البديعة التي حقها ان يتناقلها الرواة ويتنافس فى تلقيها الوعاة من كل حاضر وباد والغاشية الداهية الشديدة التي تغشى الناس بشدائدها وتكتنفم بأهوالها وهى القيامة كما قال تعالى يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم وقال يوما كان شره مستطيرا يقال غشيه يغشاه اى غطاه وكل ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو عاش له وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن الاستفهام التشويقى كأنه قيل من جهته عليه السلام ما أتانى حديثها ما هو فقيل وجوه يومئذ وهو ظرف لما بعده من الاخبار الثلاثة اى يوم إذ غشيت تلك الداهية الناس فان الخشوع والخضوع والتطامن والتواضع كلها بمعنى ويكنى بالجميع عما يعترى بالإنسان من الذل والخزي والهوان فوجوه مبتدأ ولا بأس بتنكيرها لانها فى موقع التنويع وخاشعة خبره قال الشيخ لعل وجه الابتداء بالنكرة كون تقدير الكلام اصحاب وجوه بالاضافة الا ان الخشوع والذل لما كان يظهر فى الوجه حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه وانما قلنا ان الذل يظهر فى الوجه لانه ضد التكبر الذي محله الرأس والدماغ والمراد باصحاب الوجوه هم الكفار بدلالة ما بعده من الأوصاف عامِلَةٌ ناصِبَةٌ خبر ان آخران لوجوه إذا المراد بها أصحابها كما أشير اليه آنفا والنصب التعب والناصبة التعبة يقال نصب نصبا من باب علم إذا تعب فى العمل والمعنى تعمل أعمالا شاقة تتعب فيها لانها تكبرت عن العمل لله فى الدنيا فاعملها الله فى اعمال شاقة وهى جر السلاسل والاغلال الثقيلة كما قال فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا والخوض فى النار خوض الإبل فى الوحل اى الطين الرقيق والصعود فى تلال النار والهبوط فى وهادها وقال بعضهم خشوع الظاهر ونصب الأبدان لا يقربان الى الله تعالى بل يقطعان عنه وانما يقرب منه سعادة الأزل وخشوع السر من هيبة الله وهو الذي يمنع صاحبه من جميع المخالفات فالرهابنة والفلاسفة وأضرابهم من اهل الكفر والبدع والضلال انما يضربون حديدا باردا ويتعبون أنفسهم فى طريق الهوى والسعى فيه تَصْلى تدخل ناراً وتذوق ألمها حامِيَةً اى متناهية فى الحر وقد أو قدت ثلاثة آلاف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة وهو

[سورة الغاشية (88) : الآيات 5 إلى 11]

خبر آخر لوجوه قال فى القاموس حمى الشمس والنار حميا وحميا وحموا اشتد حرهما وقال السجاوندى حامية اى دائمة الحمى والا فالنار لا تكون الا حامية تُسْقى بعد مدة طويلة من استغاثتهم من غاية العطش ونهاية الاحتراق اى سقاها الله او الملائكة بأمره مِنْ عَيْنٍ اى چشمه آب كه آنِيَةٍ اى متناهية بالغة فى الانى اى الحر غايتها لتسخينها بتلك النار منذ خلقت لو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت فاذا أدنيت من وجوههم تناثرت لحوم وجوههم وإذا شربوا قطعت أمعاءهم كما قال تعالى وبين حميم آن يقال انى الحميم انتهى حره فهو آن وبلغ هذا اناه واناه غايته وفيه اشارة الى نار الطبيعة وعين الجهل المركب الذي هو مشرب أهلها والاعتقاد الفاسد المؤذى لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ بيان لطعام الكفار فى النار اثر بيان شرابهم وأورد ضمير العقلاء اشارة الى ان المراد من الوجوه أصحابها وانما أسند إليها ما ذكر من الأحوال لكونها مظهرا يظهر فيه ما فى الباطن مع انها يكنى بها كثيرا عن الذوات والضريع يبيس الشبرق كزبرج وهو شوك ترعاه الإبل مادام رطبا وإذا يبس تحامته وهو سم قاتل قال فى فتح الرحمن سموا ذلك الشوك ضريعا لانه مضعف للبدن ومهزل يقال ضرع الرجل ضراعة ضعف وذل وعن ابن عباس رضى الله عنهما يرفعه الضريع شىء فى النار يشبه الشوك امر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار وهذا طعام بعض اهل النار والزقوم والغسلين لآخرين بحسب جرائمهم وبه يندفع التعارض بين هذه الآية وبين آية الحاقة وهى قوله تعالى ولا طعام الا من غسلين قال سعدى المفتى ويمكن فى قدرة الله ان يجعل الغسلين إذا انفصل عن أبدان اهل النار على هئة الضريع فيكون طعامهم الغسلين الذي هو الضريع انتهى. يقول الفقير ويمكن عندى ان يجعل كل من الضريع والغسلين والزقوم بالنسبة الى شخص واحد بحسب الأعمال المختلفة فان لكل عمل اثرا مخصوصا وجزاء متعينا فيصح الحصر وتحقيقه ان الضريع اشارة الى الشبه والعلوم الغير المنتفع بها المؤذية كالمغالطات والخلافيات والسفسطة وما يجرى مجراها على ما قاله القاشاني والغسلين اشارة الى الشهوات الطبيعية ولذا يسيل من أبدانهم فان لكل شهوة رشحا وعرقا وكل اناء يترشح بما فيه والزقوم اشارة الى خوضهم فى الأنبياء والأولياء وطعنهم فى دينهم وضحكهم منهم وكانوا يتلذذون بذلك على ما أشار اليه قوله تعالى وإذا انقلبوا الى أهلهم انقلبوا فكهين اى متلذذين بما فعلوا من التغامز والسخرية ونحو ذلك على ان الزقمة هو الطاعون ووجه آخر وهو انه يمكن الترتيب بالنسبة الى شخص واحد بأن يكون الزقوم نزلاله والضريع أكلا له بعد ذلك والغسلين شرابا له كالحميم والعلم عند الله لا يُسْمِنُ فربه نمى كند آن ضريع وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ودفع نمى كند كرسنكى را. اى ليس من شأنه الاسمان والإشباع كما هو شأن طعام الدنيا وانما هو شىء يضطرون الى أكله من غير أن يكون له دفع لضرورتهم لكن لا على ان لهم استعدادا للشبع والسمن الا انه لا يفيدهم شيأ منهما بل على انه لا استعداد من جهتهم ولا إفادة من جهة طعامهم

[سورة الغاشية (88) : الآيات 8 إلى 11]

وتحقيق ذلك ان جوعهم وعطشهم ليسا من قبيل ما هو المعهود منهما فى هذه النشأة من حالة عارضة للانسان عند استدعاء الطبيعة لبدل ما يتحلل من البدن مشوقة له الى المطعوم والمشروب بحيث يتلذذ بهما عند الاكل والشرب ويستغنى بهما عن غيرهما عند استقرارهما فى المعدة ويستفيد منهما قوة وسمنا عند انهضامهما بل جوعهم عبارة عن اضطرارهم عند اضطرارهم النار فى احشائهم الى إدخال شىء كثيف يملأها ويخرج ما فيها من اللهب واما ان يكون لهم شوق الى مطعوم ما او التذاذ به عند الاكل والاستغناء به عن الغير او استفادة قوة فهيهات وكذا عطشهم عبارة عن اضطرارهم عند أكل الضريع والتهابه فى بطونهم الى شىء مائع بارد يطفئه من غير ان يكون لهم التذاذ بشربه او استفادة قوة به فى الجملة وهو المعنى بما روى انه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرهم الى أكل الضريع فاذا أكلوه يسلط عليهم العطش فيضطرهم الى شرب الحميم فيشوى وجوههم ويقطع أمعاءهم وتنكير الجوع للتحقير اى لا يغنى من جوع ما وتأخير نفى الإغناء عنه المراعاة الفواصل والتوسل به الى التصريح بنفي كلا الامرين إذ لو قدم لما احتيج الى ذكر نفى الاسمان ضرورة استلزام نفى الإغناء عن الجوع إياه بخلاف العكس ولذلك كرر لتأكيد النفي وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ اى ذات بهجة وحسن وضياء مثل القمر ليلة البدر وبالفارسية تازه باشد اثر نعمت درو پيدا. فناعمة من نعم الشيء بالضم نعومة اى صار ناعما لينا ويجوز أن يكون بمعنى متنعمة اى بالنعم الجسمانية والروحانية وهى وجوه المؤمنين فيكون المراد بها حقيقة النعمة وانما لم تعطف على ما قبلها إيذانا بكمال تباين مضمون الجملتين وتقديم حكاية اهل النار لانه ادخل فى تهويل الغاشية وتفخيم حديثها وفيه اشارة الى نعيم اللقاء الذي هو ثمرة اللطافة والنورية التي هى نتيجة التجرد كما قال تعالى وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فان بالنظر الى الرب يحصل نضرة اى نضرة لِسَعْيِها راضِيَةٌ اى لعملها الذي عملته فى الدنيا حيث شاهدت ثمرته ورأت عاقبته الحميدة فاللام متعلقة براضية والتقدير راضية سعيها فلما تقدم المعمول على العامل الضعيف جيئ باللام لتقوية العمل ويجوز أن تكون لام التعليل اى لاجل سعيها فى طاعة الله راضية جزاءها وثوابها ودخل فى السعى الرياضات والمجاهدات والخلوات فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ اى كائنة او متمكنة فى جنة مرتفعة المحل فان الجنات فوق السموات العلى كما ان النيران تحت الأرضين السبع وايضا هى درجات بعضها أعلى من بعض والدرجة مثل ما بين السماء والأرض فتكون من العلو فى المكان وفى الحديث (ان المتحابين فى الله فى غرف ينظر إليهم اهل الجنة كما ينظر أهل الدنيا الى كواكب السماء) ويجوز أن يكون معنى عالية علية المقدار فتكون من العلو فى القدر والشرف لتكامل ما فيها من النعيم وفيه اشارة الى المقامات العالية المعنوية لانها مقامات اهل الوجاهة والشرف المعنوي فلا يصل إليها أهل التمني والدعوى لا تَسْمَعُ أنت يا مخاطب فالخطاب عام لكل من يصلح له او الوجوه فيكون التاء للتأنيت لا للخطاب فِيها اى فى تلك الجنة العالية لاغِيَةً لغوا من الكلام وهو ما لا يعتد به فهى مصدر كالعافية او كلمة ذات لغو على انها للنسبة او نفسا تلغو على انها اسم فاعل صفة لموصوف

[سورة الغاشية (88) : الآيات 12 إلى 15]

محذوف هو نفس وذلك فان كلام أهل الجنة كله اذكار وحكم إذ لا يدخلها المؤمن الا من مرتبة القلب والروح فان النفس والطبيعة تطرحان فى النار وشأن القلب والروح هو الذكر كما ان شأن النفس والطبيعة هو اللغو فكما لا لغو فى الجنة الصورية فكذا لا لغو فى الجنة المعنوية فى الدنيا لاستغراق أهلها فى الذكر وسماع خطاب الحق ولذا لا تسمع فى مجالسهم الا المعارف الربانية والحكم الرحمانية وفى الحديث (ان أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون قالوا فما بال الطعام قال رشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس واما الدنيا ومجالس أهلها فلا تخلو من اللغو ولذلك قال عليه السلام (من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه) وهو الكلام الرديء القبيح والضجة والأصوات المختلفة لا يفهم معناها (فقال قبل أن يقوم سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان فى مجلسه ذلك) اى ما لم يتعلق بحق آدمي كالغيبة فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ التنوين للتكثير اى عيون كثيرة تجرى مياهها على الدوام حيث شاء صاحبها وهى أشد بياضا من اللبن وأحلى من الغسل من شرب منها لا يظمأ بعدها أبدا ويذهب من قلبه الغل والغش والحسد والعداوة والبغضاء وفيه اشارة الى عيون الذوق والكشف والوجدان والتوحيد فان بها يحصل الشفاء والصحة والبقاء لاهل القلوب وأصحاب الأرواح فِيها سُرُرٌ يجلسون عليها جمع سرير وهو معروف يعنى در آنجا تختها بر هر تختي هفصد بستر بر هر بسترى حورى چون ماه أنور مَرْفُوعَةٌ رفيعة السمك اى عالية فى الهولء على قوائم طوال فان السمك هو الامتداد الآخذ من أسفل الشيء الى أعلاه فالمراد برفعة سمكها شدة علوها فى الهولء فيرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه ربه فى الجنة من النعيم الكبير والملك العظيم قال عليه السلام ارتفاعها كما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام قيل إذا جاء ولى الله ليجلس عليها تطامنت له فاذا استوى عليها ارتفعت ويجوز أن يكون المعنى رفيعة المقدار من حيث اشتمالها على جميع جهات الحسن والكمال فى ذواتها وصفاتها. أصل آن زر مكلل بزبرجد وجواهر. وقال الخراز قدس سره هى سرآئر رفعت عن النظر الى الاعراض والأكوان وفيه اشارة الى مراتب الأسماء الالهية التي بلغوها بالانصاف والتخلق بها فى السلوك فانها رفيع قدرها عن مراتب الجسمانيات وَأَكْوابٌ يشربون منها جمع كوب بالضم وهواناء لا عروة له ولا خرطوم يعنى بي دسته ولوله مدور الرأس ليمسك من أي طرف أريد بخلاف الإبريق وهو مستعمل فى بعض بلاد العرب الآن ولذا وقع به التشويق مَوْضُوعَةٌ اى بين أيديهم حاضرة لديهم لا يحتاجون الى أن يدعوا بها وهو لا ينافى أن يكون بعض الأقداح فى أيدى الغلمان كما سبق فى هل أتى على الإنسان إلخ وفيه اشارة الى ظروف خمور المحبة وثباتها على حالها مع ما فيها وَنَمارِقُ وسائد يستندون إليها للاستراحة جمع نمرقة بفتح النون وضمها والراء مضمومة فبهما بمعنى الوسادة مَصْفُوفَةٌ بعضها الى جنب بعض كما يشاهد فى بيوت الأكابر أينما أراد أن يجلس المؤمن جلس على واحدة واستند الى أخرى وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان

[سورة الغاشية (88) : الآيات 16 إلى 20]

وفيه اشارة الى التجريد والتفريد والجمع والتوحيد أينما بريدون يجلسون ويستندون إليها وَزَرابِيُّ اى بسط فاخرة جمع زربى قال الراغب هو ضرب من الثياب محبر منسوب الى موضع على طريق التشبيه والاستعارة مَبْثُوثَةٌ اى مبسوطة على السرر زينة وتمتعا وفيه اشارة الى انبساط أرواحهم وانشراح صدورهم وانفتاح قلوبهم فى بساط القدس والانس والى مقامات تجليات الافعال التي تحت مقامات الصفات كالتوكل تحت الرضى مبثوثة اى مبسوطة تحتهم وأصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ الهمزة للانكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام والإبل بكسرتين وتسكن الباء واحد يقع على الجمع وليس بجمع ولا اسم جمع والجمع آبال كما فى القاموس وقال بعضهم اسم جمع لا واحد لها من لفظها وانما واحدها بعير وناقة وجمل وكلمة كيف منصوبة بما بعدها معلقة لفعل النظر والجملة فى حيز الجر على انها بدل اشتمال من الإبل اى أينكرون ما ذكر من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه عن قدرة الله فلا ينظرون نظر اعتبار الى الإبل التي هى نصب عينهم يستعملونها كل حين انها كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلقة سائر انواع الحيوانات فى عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيئتها اللائقة بتأتى ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنهوض من الأرض بالأوقار الثقيلة وجر الأثقال الفادحة الى الأقطار النازحة وفى صبرها على الجوع والعطش حتى ان ظمئها ليبلغ العشر فصاعدا واكتفاءها باليسير ورعيها لكل ما تيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم وفى انقيادها مع ذلك للانسان فى الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها فى ذلك كيفما يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير وتبول من خلفها لان قائدها امامها فلا يترشش عليه بولها وعنقها سلم إليها وتتأثر من المودة والغرام وتسكر منهما الى حيث تنقطع عن الاكل والشرب زمانا ممتدا وتتأثر من الأصوات الحسنة والحداء وتصير من كمال التأثر الى حيث تهلك نفسها من سرعة الجري ويجرى الدمع عينيها عشقا وغراما پير رومى فرموده است بر خوان أفلا ينظر تا قدرت ما بينى ... يكره بشتر بنكر تا صنع خدا بينى در خار خورى قانع در بار برى راضى ... اين وصف اگر جويى در اهل صفا بينى ولم يذكر الفيل مع انه أعظم خلقة من الإبل لانه لم يكن بأرض العرب فلم تعرفه ولا يحمل عليه عادة ولا يحلب دره ولا يؤمن ضره. بخلاف شتر كه هر چهـ مطلوبست از حيوان مثل نسل وحمل وشير ولحم وركوب هم از وحاصل است. وقال بعض العلماء ذكر الله الجنة وما اتخذ فيها من المنازل الرفيعة والسرر العالية التي سمكها كذا وكذا ذراعا قالوا فكيف يقعد أحدنا عليها وقامته قصيرة وهو لا يكاد يرقى سطحا بغير سلم وتعجب المشركون منه وأيضا. كفتند بطريق سخريت كه اگر اين واقعست پس بلال وخباب أمثال ايشانرا كار افتاد زيرا بسى زحمت بايد تا بر بالاى آن تخت بلند روند وبسى فرصت بايد تا از ان فرود

[سورة الغاشية (88) : الآيات 18 إلى 20]

آيند اين آيت آمد كه أفلا ينظرون إلخ يعنى شتر با آن همه بلندى وبزركى برشته مسخر كودكى ميشود تا برد برآيد وفرود آيد پس چرا از تخت بهشت متعجب ميشوند كه در فرمان بهشتى باشد وَإِلَى السَّماءِ التي يشاهدونها كل لحظة بالليل والنهار كَيْفَ رُفِعَتْ رفعا سحيق المدى بلا عماد ولامساك بحيث لا يناله الفهم والإدراك وَإِلَى الْجِبالِ التي ينزلون فى أقطارها وينتفعون بمياهها وأشجارها كَيْفَ نُصِبَتْ نصبا رصينا فهى راسخة لا تميل ولا تميد وقال ابو الليث كيف نصبت على الأرض أوتادا لها وفيه اشارة الى عالم المثال لانه متوسط بين سماء الروحانيات وأرض الجسمانيات كالجبال فى الخارج وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ اى والى الأرض التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كيف سطحت سطحا وبسطت على ظهر الماء بسطا حسبما يقتضيه صلاح امور ما عليها من الخلائق والاستدلال بكونها مسطوحة على عدم كونها كرة مجاب بأن الكرة إذا كانت عظمة جدا يكون كل قطعة منها كالسطح فيصح أن يطلق عليها البسط ففرق بين كرة وكرة كما انه فرق بين بيض الحمامة وبيض النعامة والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار الى كيفية خلو هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور لاشعارها بأن خالقها متصف بصفات الكمال من القدرة والقوة والحكمة منزه عن صفات النقصان من العجز والضعف والجهل حتى يرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقاء الله بالايمان والطاعة. در تبيان آورده كه مخاطب عرب اند واكثر ايشان اهل بريه باشند ومال ايشان شتر است وهر طرفى مينكرند جز آسمان وزمين وكوه نمى بينند لا جرم بعد از ذكر شتر آسمان وكوه وزمين ياد ميكرد. يعنى قرنت الإبل بالسماء والجبال بالأرض لان الآية نزلت بطريق الاستدلال وهم كانوا أشد ملابسة بهذه الأشياء من غيرهم فلذا جمع الله بينها وقال الغزالي رحمه الله خص الإبل بالذكر لانها لا ثقة بقرائنها معنى فالسماء الظليلة والأرض الزاملة والجبال الثقيلة كالابل لفرش والحمولة فالسحاب تحمل الماء الزلال والإبل الأحمال الثقال والأرض الجبال والكل مسخر بأمره قال القرطبي قدم الإبل فى الذكر ولو قدم غيره جاز وعن القشيري رحمه الله انه قال ليس هذا مما يطلب فيه نوع حكمة. يقول الفقيران قلت لو أخر ذكر الإبل لكان له مناسبة تامة مع ذكر الأرض لان الإبل سفن البر قلت نعم لكنه اعتبر سمك الإبل فترقى منه الى سمك السماء. ثم يقول الفقير ولى كلام عريض فى هذا المقام ذكرته فى كتاب الواردات الحقية لى وخلاصته انه تعالى أشار بالإبل الى النفوس فانها ضخمة جسيمة مثلها وبدأ بالنفوس لانها اصل بمنزلة الام ولدرجة الأنوثة تقدم حكما وان كان لها تأخر صورة كحوآء بالنسبة الى آدم وأشار بالسماء الى الأرواح لانها علوية وبمنزلة الأب ولهذا أردفها بها وأشار بالجبال الى القلوب لانها أثبت من الرواسي ولانها خلقت بعد خلق الروح والنفس كما ان الجبال خلقت بعد خلق السماء والأرض فهى بمنزلة الولد لهما ولذا عقبهما بها وقد صح ان الجبال تعبر فى الرؤيا يأهل القلوب من الرجال لانهم أوتاد الأرض والعمد المعنوية فى الحقيقة كما ان الجبال أوتاد الأرض فى الصورة وأشار بقوله نصبت دون خلقت الى ان

[سورة الغاشية (88) : الآيات 21 إلى 26]

القلوب فى الحقيقة امر ملكوتى وان ظهرت فى الصورة ظهور الولد من الأبوين وأشار بالأرض الى الأجساد السافلة وهى مؤخرة فى المرتبة فالله تعالى سطح ارض البشرية والجسدانية لتكون مستقر النفوس وخلق النفوس لتكون مستوى القلوب وخلق القلوب لتكون عروش الروح بل السر بل الأخفى فما أحسن ترتيب هذه الآية وما أشد انتظام جملتها وتناسها فهى كالجمع بين كاتب وقلم وقرطاس ودواة والله تعالى أعلم فَذَكِّرْ الفاء لترتيب الأمر بالتذكير على ما ينبئ عنه الإنكار السابق من عدم النظر اى فاقتصر على التذكير ولا تلح عليهم ولا يهمنك انهم لا ينظرون ولا يتذكرون إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ تعطيل للامر بما أمرت به اى مبلغ وانما للهداية والتوفيق الى الله تعالى لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ اى لست بمسلط عليهم تجبرهم على ما تريد كقوله تعالى وما أنت عليهم بجبار واكثر القراء قرأوا بمصيطر بالصاد على القلب لمناسبة الطاء بعدها وقرئ بالسين على الأصل وبالاشمام بأن يخلط صوت الصاد بصوت الزاى بحيث يمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاى وخلط حرف بحرف أحد معانى الإشمام فى عرف القراء يقال سطر يسطر سطرا كتب والمسيطر والمصيطر المسلط على الشيء ليشرف عليه ويتعهد أحواله ويكتب عمله فأصله من السطر فالكتاب مسيطر والذي يفعله مسيطر وقال الراغب يقال سطر فلان على كذا او تسطر عليه إذا قام عليه قيام سطر اى لست عليهم بقائم وحافظ واستعمال مسيطر هنا كاستعمال القائم فى قوله أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت والحفيظ فى قوله وما أنت عليهم بحفيظ انتهى إِلَّا مَنْ تَوَلَّى أعرض عن الحق او عن الداعي اليه بعد التذكير وَكَفَرَ وثبت على الكفر او أظهره وفى فتح الرحمن الا من تولى عن الايمان وكفر بالقرءان او بالنعمة وفى التأويلات النجمية الامن تولى عن الحق بالإقبال على الدنيا وكفر أي ستر الحق بالخلق وهو استثناء منقطع ومن موصولة لا شرطية لمكان الفاء ورفع الفعل اى لكن من تولى وكفر فان لله الولاية والقهر وهو المسيطر عليهم قالوا وعلامة كون الاستثناء متصلا محضا لا يحسن ذلك نحو عندى مائتان إلا درهما فلا يدخل عليه ان فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ الذي هو عذاب جهنم حرها شديد وقعرها بعيد ومقامعها من حديد وفى فتح الرحمن الأكبر عذاب جهنم والأصغر ما عذبوا به فى الدنيا من الجوع والاسر والقتل ويؤيده ما قال الراغب فى قوله يوم نبطش البطشة الكبرى فيه تنبيه على ان كل ما ينال الكافر من العذاب قبل ذلك فى الدنيا وفى البرزخ صغير فى جنب عذاب ذلك اليوم انتهى وايضا قوله تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فان المراد بالعذاب الأدنى هو العذاب الأصغر الدنيوي لا البرزخى لقوله تعالى بعده لعلهم يرجعون فان الرجوع انما يعتبر فى الدنيا لا فى البرزخ وفيما بعد الموت فيكون المراد بالعذاب الأكبر هو العذاب الأخروي واليه ينظر قوله تعالى يصلى النار الكبرى كما سبق وفى تأويلات النجمية العذاب الأكبر هو عذاب الاستتار فى الدنيا وعذاب نار الهجران فى الآخرة إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ تعليل لتعذيبه تعالى بالعذاب الأكبر يقال آب

[سورة الغاشية (88) : آية 26]

يؤوب اوبا وإيابا رجع اى ان إلينا رجوعهم بالموت والبعث لا الى أحد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا كما قال تعالى ألا الى الله تصير الأمور واليه يرجع الأمر كله فتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة فانه يفيد معنى أن يقال ان إيابهم ليس الا الى الجبار المقتدر على الانتقام كما ان مبدأهم وصدورهم كان منه وفيه تخويف شديد فان رجوع العبد العاصي المصر الى مالكه الغضوب فى غاية الصعوبة ونهاية العسرة وجميع الضمير فيه وفيما بعده باعتبار معنى من كما ان افراده فيما سبق باعتبار لفظها ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ فى المحشر لا على غيرنا فنحن نحاسبهم على النقير والقطمير من نياتهم وأعمالهم وثم للتراخى فى الرتبة لا فى الزمان فان الترتب الزمانى بين إيابهم وحسابهم لا بين كون إيابهم اليه تعالى وحسابهم عليه تعالى فانهما أمران مستمران قال أبو بكر بن طاهر رحمه الله ان إلينا إيابهم فى الفضل ثم ان علينا حسابهم فى العدل وقال البقلى رحمه الله انظر كيف تفضل بعد الوعيد بأن جعل نفسه مآبهم وتكفل بنفسه حسابهم فينبغى أن يعيشوا بهذين الفضلين أطيب العيش فى الدارين ويطيروا من الفرح بهذين الخطابين. يقول الفقير ما قاله البقلى هو ما ذاقه العارفون بطريق المكاشفة فينبغى أن لا يغتر به العوام فانه قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر على الله تعالى يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية انما خف الحساب فى الآخرة على قوم حاسبوا أنفسهم فى الدنيا وثقلت موازين قوم فى الآخرة وزنوا نفوسهم فى الدنيا ومحاسبة النفس تكون بالورع وموازنتها تكون بمشاهدة عين اليقين والتزين للعرض يكون بمخافة الملك الأكبر وعن على رضى الله عنه اما بعد فان المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فما نالك من الدنيا فلا تكثرنه فرحا وما فاتك منها فلا تتبعنه أسفا وليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وشغلك لآخرتك وهمك فيما بعد الموت وفى الحديث ثلاث من كن فيه استكمل إيمانه لا يخاف فى الله لومة لائم ولا يرآئى بشئ من عمله وإذا عرض له أمران أحدهما للدنيا ولآخر للآخرة آثر الآخرة على الدنيا وقال عليه السلام لو لم ينزل على الا هذه الآية لكانت تكفى ثم قرأ آخر سورة الكهف فمن كان يرجو لقاء ربه إلخ فكان هذا فصل الخطاب وبلاغا لأولى الألباب فالعمل الصالح الإخلاص بالعبادة ونفى الشرك بالخلق هو اليقين بتوحيد الخالق فما كان لله اى خالصا لاجله وبالله اى بمشاهدة قربه لا بمقارنة نفسه وهواه وفى الله اى سبيله وطلب ما عنده لا لاجل عاجل حظه فمقبول وأهله من المقربين وحسابهم حساب يسير بل لا حساب لهم تمت سورة الغاشية بعون الله ذى العطايا الفاشية فى السابع عشر من شهر مولد النبي عليه السلام من سنة سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة الفجر

تفسير سورة الفجر تسع وعشرون او اثنتان وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالْفَجْرِ قال فى كشف الاسرار لما كان العرب اكثر خلق الله قسما فى كلامهم جاء القرآن على عادتهم فى القسم والفجر فجران مستطيل كذنب السرحان وهو الكاذب ولا يتعلق به حكم ومستطير وهو الصادق الذي يتعلق به الصوم والصلاة أقسم الله بالفجر الذي هو أول وقت ظهور ضوء الشمس فى جانب المشرق كما أقسم بالصبح حيث قال والصبح إذا تنفس لما يحصل به من انقضاء الليل بظهور الضوء وانتشار الناس وسائر الحيوانات من الطيور والوحوش فى طلب الأرزاق وذلك مشاكل لنشور الموتى وفيه عبرة عظيمة لمن تأمل (وقال الكاشفى) سوكند بصبح كه وقت مناجات دوستانست. او أقسم بصباح عرفة لانه يوم شريف يتوجه فيه الحجاج الى جبل عرفات وفى الحديث (الحج عرفة) يعنى صباح روز عرفه كه وظائف دعا ونياز حاجيان در آنست. او صباح يوم النحر لانه يوم عظيم ايضا ويقع فيه الطواف المفروض والحلق والرمي ويروى ان يوم النحر يوم الحج الأكبر. وبقولي مراد از صبح روز أول محرم است كه سال از ومنفجر ميشود يا بامداد آذينه كه حج مسكينانست ودر تبيان آورده كه اشارت بانفجار آب از أصابع حضرت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم در روز طائف وغير آن وكفته اند انفجار ناقه از صخره صالح عليه السلام يا انفجار عيون ومنابع يا انفجار آب از حجر موسى عليه السلام يا انفجار مطر از سحاب يا روان شدن أشك ندامت از ديده عاصيان بران از دو سر چشمه ديده جوى ... ور آلايشى دارى از خود بشوى وَلَيالٍ عَشْرٍ هن عشر ذى الحجة والعرب تذكر الليالى وهى تعينها بأيامها تقول بنى هذا البناء ليالى السامانية اى ايامهم او العشر الأواخر من شهر رمضان وتنكيرها للتعظيم لانها مخصوصة بفضائل ليست لغيرها ولذا اقسم الله بها وذلك كالاشتغال بأعمال الحج فى عشر ذى الحجة وفى الحديث ما من ايام ازكى عند الله ولا أعظم اجرا من خير عمل فى عشر الأضحى قيل يا رسول الله ولا المجاهد فى سبيل الله قال ولا المجاهد فى سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ وفيه اشارة الى ان الغازي ينبغى ان يخرج من بيته على قصد أن لا يعود والله يفعل ما يريد واما شرف العشر الأواخر فيكفى اى ليلة القدر التي هى خير من ألف شهر تطلب فيها. وگفته اند مراد دهه محرم است كه عاشرا از آنست يا دهه ميان شعبان كه شب براءت در آنست. وقال البقلى هى ليال ست خلق فى أيامها السموات والأرض وليلة خلق فيها آدم عليه السلام وليلة يومها يوم القيامة وليلة كلم الله فيها موسى عليه السلام وليلة اسرى بالنبي عليه السلام وقال القاشاني اقسم بابتداء ظهور نور الروح على مادة البدن عند اثر تعلقه به وليال عشر ومحال الحواس العشر الظاهرة

[سورة الفجر (89) : الآيات 3 إلى 4]

والباطنة التي تتعلق عند تعلقه به لكونها اسباب تحصيل الكمال وآلانها وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بانفجار الحسنة الواحدة من ارض قلب المؤمن وليال الحسنات العشر المشار إليها بقوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وانما سماها بليال لكون ظهور الحسنات العشر من غيب مرتبة احدية الحسنة الواحدة من غير الاكتساب من نهار العمل بل من عالم الغيب بطريق الموهية الالهية وَالشَّفْعِ بالفارسية جفت. وذلك لان الشفع ضم الشيء الى مثله وَالْوَتْرِ بفتح الواو وكسرها اى شفع هذه الليالى ووترها والظاهر التعميم لان الالف واللام للاستغراق اى الأشياء كلها شفعها ووترها لان كل شىء لا بد ان يكون شفعا او وترا وقال الراغب المخلوقات كلها من حيث انها مركبات كما قال ومن كل شىء خلقنا زوجين فهو الشفع واما الوتر فهو الله تعالى من حيث ان له الوحدة من كل وجه واليه يرجع قول من قال من كبار أهل الحال يشير الى القسم بشفع الكثرة الاسمائية ووتر الوحدة الذاتية الحقيقية ودخل فيهما العناصر الاربعة والافلاك التسعة والبروج الاثنا عشر والسيارات السبع وصلاة المغرب وسائرها ويوم النحر لانه عاشر ايام ذى الحجة ويوم عرفة لانه تاسع تلك الأيام واليومان بعد يوم النحر واليوم الثالث وآدم وحواء عليهما السلام زوجين ومريم عليها السلام وتر والعيون الاثنتا عشرة التي فجرها الله لموسى عليه السلام والآيات التسع وايام عاد الشفع ولياليها الوتر كما قال تعالى سبع ليال وثمانية ايام والشهر الذي يتم بثلاثين يوما والشهر الذي يتم بتسعة وعشرين والأعضاء والقلب والشفتان واللسان والسجدتان والركوع وأبواب الجنة وأبواب النار ودرجات الجنة ودركات النار وصفات الخلق كالعلم والجهل والقدرة والعجز وارادة والكراهة والحياة والموت وصفات الحق وجود بلا عدم حياة بلا موت علم بلا جهل قدرة بلا عجز عزيلا ذل ونفس العدد شفعه ووتره والأيام والليالى واليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة وكل بنى له اسمان مثل محمد وأحمد والمسيح وعيسى ويونس وذو النون وكل من له اسم واحد مثل آدم ونوح وابراهيم ومسجد مكة والمدينة وكذا يقال لهما الحرمان الشريفان والمسجد الأقصى والجبلان الصفا والمروة والبيت الحرام والنفس مع الروح فى حالة الجمع وهما فى حالة الافتراق وقال سهل رحمه الله الفجر محمد عليه السلام منه تفجرت الأنوار وليال عشر هى العشرة المبشرة بالجنة والشفع هو الفرض والوتر هو الإخلاص فى الطاعات وَاللَّيْلِ جنس الليل إِذا يَسْرِ اى يمضى وبالفارسية آنگاه كه بگذرد. كقوله والليل إذا أدبر والسرى سير الليل يقال سرى يسرى سرى ومسرى إذا سار عامة الليل وسار يسير سيرا ذهب والتقييد به لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة وفور النعمة كان جميع الحيوانات أعيد إليهم الحياة بعد الموت وتسببوا بذلك لطلب الأرزاق الممدة للحياة الدنيوية التي يتوسل بها الى سعادة الدارين فان قيل القسم بالليل إذا يسر يغنى عن القسم بليال عشر قلنا المقسم به فى قوله والليل إذا يسر هو الليل باعتبار سيره ومضيه وفى قوله وليال عشر هو الليالى بلا اعتبار مضيها بل اعتبار خصوصية اخرى فلا يغنى

[سورة الفجر (89) : الآيات 5 إلى 9]

أحدهما عن الآخر ويجوز ان يكون المعنى والليل إذا يسر يعنى يسرى فيه الساري ويسير فيه السائر فاسناد السرى الى الليل مجاز كما فى نهاره صائم اى هو صائم فى نهاره فالتقييد بذلك لان السير فى الليل حافظ للسائر من حر الشمس فان السفر مع مقاساة حر النهار أشد على النفس وقد قال النبي عليه السلام عليكم بالدلجة فان الأرض تطوى فى الليل وكذا هو حافظ من شر قطاع الطريق غالبا لانهم مشغولون بالنوم فى الليل وحذفت الياء اكتفاء بالكسر ولسقوطها فى خط المصحف ولموافقة رؤوس الآي وان كان الأصل إثباتها لانها لام فعل مضارع مرفوع وسئل الأخفش عن حذفها فقال أخدمني سنة فسأله بعد سنة فقال الليل يسرى فيه ولا يسرى فعدل به عن معناه فوجب ان يعدل عن لفظه يعنى ان سقوط الباء ليدل على ان اصل الفعل منفى عن الليل وان كان مسندا الى ضميره كما ان حركة العين فى الحيوان تدل على وجود معنى الحركة فى معنى الحيوان لان للتراكيب خواص بها تختلف وفيه اشارة الى ظلمة البدن إذا ذهبت وزالت بتجرد الروح والى القسم بسريانه ليل الهوية المطلقة فى نهار الحقائق المقيدة كما قال يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل برفع المقيدات بسطوات أنوار المطلق والى القسم بليلة المعراج التي اسرى الله بعبده فيها فكانت أشرف جميع الليالى لانها ليلة القدر والشرف والقرب والوصال والخطاب ورؤية الجمال المطلق هَلْ فِي ذلِكَ إلخ تقرير وتحقيق لفخامة شأن المقسم بها وكونها أمورا جليلة حقيقة بالاعظام والإجلال عند ارباب العقول وتنبيه على ان الاقسام بها امر معتد به خليق بان يؤكد به الاخبار على طريقة قوله تعالى وانه لقسم لو تعلمون عظيم كما يقول من ذكر حجة باهرة هل فيما ذكرته حجة والمعنى هل فيما ذكر من الأشياء المقسم بها قَسَمٌ اى مقسم به وفى فتح الرحمن مقنع ومكتفى لِذِي حِجْرٍ لذى عقل منور بنور المعرفة والحقيقة يراه حقيقا بان يقسم به إجلالا وتعظيما والمراد تحقيق ان الكل كذلك وانما اوثرت هذه الطريقة هضما للخلق وإيذانا بظهور الأمر او هل فى الاقسام بتلك الأشياء اقسام لذى حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه وبالفارسيه آيا درين سوكند كه ياد كرديم سوكندى پسنديده مر خداوند عقل را تا اعتبار كند وداند كه سوكنديست. محققق ومؤكد والحجر العقل لانه يحجر صاحبه اى يمنعه من التهافت فيما لا ينبغى كما سمى عقلا ونهية بضم النون لانه يعقل وينهى وحصاة ايضا من الإحصاء وهو الضبط قال الفراء يقال انه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها والتنوين فى الحجر للتعظيم قال بعض الحكماء العقل للقلب بمنزلة الروح للسجد فكل قلب لا عقل له فهو ميت بمنزلة قلب الهائم والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن اى الكفار كما ينبئ عنه قوله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ الهمزة للانكار وهو فى قوة النفي ونفى النفي اثبات اى ألم تعلم يا محمد علما يقينيا چاريا مجرى الرؤية فى الجلاء اى قد علمت باعلام الله تعالى وبالتواتر أيضا كيف عذب ربك عادا ونظائرهم فسيعذب كفار قومك ايضا لاشتراكهم فيما يوجبه من الكفر والمعاصي والمراد بعاد أولاد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام

[سورة الفجر (89) : الآيات 7 إلى 8]

قوم هود عليه السلام سموا باسم أبيهم كما سمى بنوا هاشم هاشما وبنوا تميم تميما فلفظ عاد اسم للقبيلة المنتسبة الى عاد وقد قيل لاوآئلهم عاد الاولى ولاواخرهم عاد الاخيرة قال عماد الدين بن كثير كل ما ورد فى القرآن خبر عاد الاولى الا ما فى سورة الأحقاف إِرَمَ عطف بيان لعاد للايذان بأنهم عاد الاولى بتقدير مضاف اى سبط ارم او أهل ارم على ما قيل من ان ارم اسم بلدتهم او ارضهم التي كانوا فيها وكانت منازلهم بين عمان الى حضر موت وهى بلاد الرمال والأحقاف ويؤيده القراءة بالاضافة وأياما كان فامتناع صرفها للتعريف والتأنيث وفى المفردات الآرام اعلام تبنى من الحجارة وارم ذات العماد اشارة الى اعلامها المرفوعة المزخرفة على هيئة المنارة او على هيئة القبور وفيه ايضا حذف مضاف بمعنى أهل الاعلام ذاتِ الْعِمادِ صفة لارم واللام للجنس الشامل للقيل والكثير والعماد كالعمود والجمع عمد وعمد بفتحتين وبضمتين واعمدة اى ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالاعمدة او ذات الخيام والاعمدة حيث كانوا بدويين أهل عمد يطلبون الكلأ حيث كان فاذا هاجت الريح ويبس العشب رجعوا الى منازلهم او ذات البناء الرفيع وكانوا ذات ابنية مرفوعة على العمد وكانوا يعالجون الاعمدة فينصبونها ويبنون فوقها القصور وكانت قصورهم ترى من ارض بعيدة او ذات الأساطين إذ كانت مدينتهم ذات ابنية مرفوعة على الأسطوانات على ان ارم اسم بلدتهم وقال السهيلي رحمه الله ارم ذات العماد وهو جيرون بن سعد بن ارم وهو الذي بنى مدينة دمشق على عمد من رخام ذكر أنه ادخل فيها اربعمائة ألف عمود وأربعين ألف عماد من رخام فالمراد هذه العماد التي كان البناء عليها فى هذه المدينة وكانت تسمى جيرون وبه تعرف وسميت دمشق بدمشق بن نمرود عدو ابراهيم الخليل عليه السلام وكان دمشق قد اسلم وبنى جامع ابراهيم فى الشام انتهى لعل هذه الرواية أصح فليتأمل الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ صفة اخرى لارم والضمير لها على انها اسم القبيلة اى لم يخلق مثلهم فى عظم الاجرام والقوة فى الآفاق والنواحي حيث كان طول الرجل منهم اربعمائة ذراع وكان يأتى الصخرة العظيمة فيحملها ويلقيها على الحي فيهلكهم ولذا كانوا يقولون من أشد منا قوة ونظيرهم فى الطيور الرخ وهو طير فى جزائر الصين يكون جناحه الواحد عشرة آلاف باع يحمل حجرا فى رجله كالبيت العظيم ويلقيه على السفينة فى البحر او لم يخلق مثل مدينتهم فى جميع بلاد الدنيا فالضمير لها على انها اسم البلدة. وقصه آن بر سبيل إجمال آنست كه عبد الله بن قلابه بطلب شترى كم شده صحراى عدن ميكشت در بيابانى بشهرى رسيد كه باره محكم داشت كه أساس آن از جزع يمانى وبر حوالئ آن قصور بسيار بود باميد آنكه كسى بيند واحوال شتر خود پرسد بدر حصار آمد درى ديد هر دو مصراعش مكلل بجواهر قيمتى وهيچكس را آنجا نيافت متحير شد و چون بشهر در أمد حيرتش بيفزود چهـ قصرها ديد بر ستونها زبرجد وياقوت بنا كرده خشتى از زر وخشتى از نقره وفرشها بر همين وتيره بجاى سنك ريزه مرواريدهاى آبدار ريخته ودر حوالئ هر قصرى آبهاى روان بر روى لؤلؤ ومرجان ودرختان بسيار تنهاى آن از زر وبركهاى آن از زبرجد وشكوفهاى آن از سيم با خود كفت هذه الجنة التي وعد المتقون (مصراع)

[سورة الفجر (89) : آية 9]

اين چهـ منزل چهـ بهشت اين چهـ مقمست اينجا وقال والذي بعث محمدا ما خلق الله مثل هذا فى الدنيا پس قدرى از ان جواهر برداشت ودر پس بالحق و پشت بست ويمن باز آمد ومردمان آن كوهر را در دست او بديدند وحمل بر يافتن كنجى كرده قصه وى در زبانها افتاد تا حدى كه حال او را بمعاوية كه در ان وقت حاكم شام بود آنها كردند معاويه او را طلبيد وتمام حكايت او از أول تا آخر استماع كرد پس او را در مجلس بنشانيد وكعب الأحبار را طلبيده پرسيد كه در دنيا شهرى هست كه بناى او از زر ونقره باشد ودرختان مكلل بجواهر كعب كفت آرى شهريست كه حق سبحانه وتعالى در قرآن مجيد ياد فرمود كه (لم يخلق مثلها فى البلاد) وآنرا شداد بن عاد ساخته واو پادشاه عظيم قدر بوده است ونهصد سال عمر داشت هر جا در عالم زرى وجوهرى بوده همه راجع كراده وصد قهرمان با هر يكى هزار فرستاد تا شهر ارم را بساختند وبسيصد سال بإتمام رسيد ده سال ديكر تهيئه راه اشتغال نمود امرا وملوك عالم را جمع كرد واز دار السلطنة خود بتماشاى آن شهر متوجه شد يك شبه راه ميان او وآن بنا مانده بود كه حق سبحانه وتعالى ملكى فرستاد تا صيحه بر ايشان زد وهمه بمردند وان شهر از نظر مردم پوشيده شد چنانچهـ اصحاب كهف در غار وخوانده ام كه در حكومت تو مردى كوتاه بالا سرخ رنك سير چشم كه بر روى او خالى وبر كردن آن علامتى باشد بطلب شترى بدانجا رسد وآنرا بيند پس باز نكريست واين قلابه را ديد كفت هو والله ذلك الرجل. قال ابن الشيخ فى حواشيه وفيه بحث لان قوم عاد اهلكوا بالريح وقوم صالح اهلكوا بالصيحة الا ان يراد بالصيحة هاهنا الريح الشديد الصوت وذكر كعب انه كتب ابن شداد على لوح وضع عند رأس أبيه عن لسانه حين رفعه من المفازة ودفنه انا شداد بن عاد صاحب الحصن العميد ... وأخو القوة والبأساء ولملك المشيد دان اهل الأرض لى من خوف وعدى وعيدى ... وملكت الشرق والغرب بسلطان شديد فاتتنا صيحة تهوى من الأفق البعيد ... فتوفتنا كزرع وسط بيداء حصيد وذكر فى قوت القلوب تصنيف العالم الرباني ابى طالب المكي قدس سره انه قيل لابى يزيد البسطامي قدس سره هل دخلت أرم ذات العماد فقال صه قد دخلت الف مدينة لله تعالى فى ملكه أدناها ذات العماد ثم أخذ بعدد تلك المدائن جابلق جابلص الى غير ذلك فظاهر قول ابى يزيد أدناها ذات العماد يخالف قوله تعالى لم يخلق مثلها فى البلاد لكن المستفاد من الآية نفى الخلق فى الماضي ويجوز أن تكون تلك المدائن حادثة بعد نزول القرآن ويجوز ان يراد بنفي المثل هو المثل فى الزينة وبالأدنى صغر الجثة وفى بعض نسخ قوت القلوب ان معنى الآية لم يخلق مثلها فى بلاد اليمن لانهم خوطبوا بما فى بلادهم كما قال الله تعالى او ينفوا من الأرض اى ارض بلادهم وبمثل هذه التوجيهات يندفع الاشكال كذا فى شرح البردة لابن الشيخ وَثَمُودَ وديكر چهـ كرد خداى تعالى بقوم ثمود. وهو

[سورة الفجر (89) : الآيات 10 إلى 15]

عطف على عاد وثمود قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عامر بن رام بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام كعاد وهم قوم صالح كما قال تعالى والى ثمود أخاهم صالحا الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ الجوب القطع تقول جبت البلاد أجوبها جوبا وزاد الفراء جبت البلاد اجيبها جيبا إذا جلت فيها وقطعتها وجبت القميص ومنه سمى الجيب والصخر هو الحجر الصلب الشديد والواد أصله الوادي حذفت ياؤه اكتفاء بالكسرة ورعاية لرأس الآية وأصل الوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا والمراد هنا هو وادي القرى بالقرب من المدينة الشريفة من جهة الشام قال ابو نضرة اتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى غزوة تبوك على وادي ثمود وهو على فرس أشقر فقال اسرعوا السير فانكم فى واد ملعون والمعنى قطعوا صخر الجبال فاتخذوا فيها بيوتا تحتوها من الصخر كقوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا قيل انهم أول من تحت الجبال والصخور والرخام وقد بنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة وَفِرْعَوْنَ و چهـ كرد بفرعون موسى عليه السلام. وهو الوليد ابن مصعب بن ريان بن ثروان ابو العباس القبطي واليه تنسب الأقداح العباسية وفرعون لقب أفرده تعالى بالذكر لانفراده فى التكبر والعلو حتى ادعى الربوبية والالوهية ذِي الْأَوْتادِ جمع وتد بالتحريك وبكسر التاء ايضا بالفارسية ميخ. وقد سبق فى سورة النبأ وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربونها فى منازلهم ويربطونها بالأوتاد والاطناب كما هو الآن عادة فى ضرب الخيمة والتعذيبه بالأوتاد كما قال فى كشف الاسرار وفرعون آن كشنده بميخ بند يعنى بطريق چهار ميخ تعذيب كننده (روى) عن ابن عباس رضى الله عنهما ان فرعون انما سمى ذا الأوتاد لان امرأة خازنه خربيل كانت ماشطة هيجل بنت فرعون وكان خربيل مؤمنا يكتم إيمانه منذ مائة سنة وكذا امرأة فبيناهى ذات يوم تمشط رأس بنت فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت تعس من كفر بالله تعالى فقالت ابنة فرعون وهل لك اله غير أبى فقالت الهى واله أبيك واله السموات والأرض واحد لا شريك له فقامت ودخلت على أبيها وهى تبكى فقال ما يبكيك قالت ان الماشطة امرأة خازنك تزعم ان إلهك والهها واله السموات والأرض واحد لا شريك له فارسل إليها فسألها عن ذلك فقالت صدقت فقال لها ويحك اكفرى بإلهك قالت لا افعل فمدها بين أربعة أوتاد ثم أرسل عليها الحيات والعقارب وقال لها اكفرى بالله والا عذبتك بهذا العذاب شهرين فقالت لو عذبتنى سبعين شهرا ما كفرت به وكانت لها ابنتان فجاء بابنتها الكبرى فذبحها على فيها وقال لها اكفرى بإلهك والا ذبحت الصغرى على فيك ايضا وكانت رضيعا فقالت لو ذبحت من فى الأرض على فى ما كفرت بالله تعالى فأتى بابنتها فلما أضجعت على صدرها وأرادوا ذبحها جزعت المرأة فأطلق الله لسان ابنتها فتكلمت وهى من الاربعة الذين تكلموا أطفالا وقالت يا أماه لا تجزعى فان الله تعالى قد بنى لك بيتا فى الجنة اصبري فانك تفضين الى رحمة الله تعالى وكرامته فذبحت فلم تلبث ان ماتت فأسكنها الله

[سورة الفجر (89) : الآيات 11 إلى 13]

تعالى الى جوار رحمته وكان فرعون قد تزوج امرأة من أجمل نساء بنى إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم فرأت ما صنع فرعون بالماشطة فقالت فى نفسها كيف يسعنى ان اصبر على ما يفعل فرعون وانا مسلمة وهو كافر فبينما هى تؤامر نفسها إذ دخل عليها فرعون فجلس قريبا منها فقالت يا فرعون أنت شر الخلق وأخبثهم عمدت الى الماشطة فقتلتها قال فلعلك بك الجنون الذي كان بها قالت ما بي من جنون وانما المجنون من يكفر بالله الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وحده لا شريك له وهو على كل شىء قدير فمدها بين أربعة أوتاد يعذبها ففتح الله لها بابا الى الجنة ليهون عليها ما يصنع بها فرعون فعند ذلك قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله فقبض الله روحها وأسكنها الجنة العالية وقد سبق طرف من هذه القصة فى آخر سورة التحريم فارجع ثم فى عاد اشارة الى الطبيعة البشرية وفى ثمود الى القوة الشهوية وفى فرعون الى القوة الغضبية فلا بد للسالك من تزكيتها وازالة آثارها الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ صفة للمذكورين من الطوائف الثلاث فيكون مجرور المحل لكون بعض المذكورين قبله مجرورا بالباء وبعضها معطوفا عليه وهو أحسن بحسب اللفظ إذ لا حذف فيه واختار صاحب الكشاف كونه منصوبا على الذم بتقدير اعنى لكونه صريحا فى الذم والمقام مقام الذم وهو أحسن نظرا الى المعنى والمعنى طغى كل طائفة منهم فى بلادهم وتجاوزوا الحد يعنى طغى عاد فى اليمن وثمود بأرض الشام والقبط بمصر كما ان نمرود طغى بالسواد وقس على هذا سائرهم فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ اى بالكفر وسائر المعاصي فان الفساد يتناول جميع اقسام الإثم كما ان الصلاح يتناول جميع اقسام البر فمن عمل بغير امر الله وحكم فى عباده بالظلم فهو مفسد متجاوز عن الحد الذي حد له وفيه خوف شديد لاكثر حكام الزمان ونحوهم فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ صب الماء اراقته من أعلى اى انزل انزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد سَوْطَ عَذابٍ السوط الجلد المضفور اى المنسوج المفتول الذي يضرب به اى عذابا شديدا لا تدرك غايته وهو عبارة عما حل بكل منهم من فنون العذاب التي شرحت فى سائر السور الكريمة وهى الريح لعاد والصيحة لثمود والغرق للقبط وتسميته سوطا للاشارة الى ان ذلك بالنسبة الى ما أعد لهم فى الآخرة بمنزلة السوط عند السيف قال ابو حيان استعير السوط للعذاب لانه يقتضى من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره (وقال الكاشفى) چون عرب ضرب تازيانه را سخت ترين عذابها مى دانستند. يعنى ان السوط عندهم غاية العذاب. هر كونه از عذاب را نيز سوط ميكفتند حق سبحانه بقانون كلام ايشان عذابهاى خود را سوط كفت قال الشاعر الم تر ان الله اظهر دينه ... وصب على الكفار سوط عذاب والتعبير عن انزاله بالصب للايذان بكثرته واستمراره وتتابعه فانه عبارة عن اراقة شىء مائع او جار مجراه فى السيلان كالرمل والحبوب وافراغه بشدة وكثرة واستمرار ونسبته

[سورة الفجر (89) : الآيات 14 إلى 15]

الى السوط مع انه ليس من ذلك القبيل باعتبار تشبيه فى نزوله المتتابع المتدارك على المضروب بقطرات الشيء المصبوب فان قيل أليس ان الله تعالى قال ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة وهو يقتضى تأخير العذاب الى الآخرة فكيف الجمع بين هاتين الآيتين قلنا انه يقتضى تأخير تمام الجزاء الى الآخرة وذلك لا ينافى ان يعجل شىء من ذلك فى الدنيا فان الواقع فى الدنيا شىء من الجزاء ومقدماته كذا فى حواشى ابن الشيخ. يقول الفقير وأوجه من ذلك ان المفهوم من الآية المؤاخذة لكل الناس وهو لا ينافى ان يؤاخذ بعضهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كبعض الأمم السالفة المكذبة إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تعليل لما قبله وإيذان بان كفار قومه عليه السلام سيصيبهم مثل ما أصاب المذكورين من العذاب كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة الى ضميره عليه السلام والمرصاد المكان الذي يترقب فيه الراصدون مفعال من رصده كالميقات من وقته والباء للظرفية اى انه لفى المكان الذي تترقب فيه السابلة ويجوز أن يكون صيغة مبالغة كالمطعان والباء تجريدية وهذا تمثيل لارصاده تعالى بالعصاة وانهم لا يفوتونه شبه حاله تعالى فى كونه حفيظ لاعمال العباد مجازيا عليها على النقير والقطمير ولا محيد للعباد عن ان لا يكون مصيرهم الا الله بحال من قعد على طريق السابلة يترصدهم ليظفر بالجانى او لاخذ المكس او نحو ذلك ولا مخلص لهم من العبور الى ذلك الطريق ثم استعمل هنا ما كان مستعملا هناك (قال الكاشفى) حق سبحانه همه را مى بيند ومى شنود وبرو پوشيده نيست هم نهان داند وهم آنچهـ نهان تر باشد ... يعلم السر وأخفى صفت حضرت اوست ويقال يعنى ملائكة ربك على الصراط يترصدون على جسر جهنم فى سبعة مواضع فيسأل فى أولها عن الايمان فان سلم من النفاق والرياء نجا والا تردى فى النار وفى الثاني عن الصلاة فان أتم ركوعها وسجودها وأقامها فى مواقيتها نجا والا تردى فى النار وفى الثالث عن الزكاة وفى الرابع عن صوم شهر رمضان وفى الخامس عن الحج والعمرة وفى السادس عن الوضوء والغسل من الجنابة وفى السابع عن بر الولدين وصلة الرحم فان خرج منها قيل له انطلق الى الجنة والا وقع فى النار فَأَمَّا الْإِنْسانُ متصل بما قبله من قوله ان ربك لبالمرصاد وكانه قيل انه تعالى بصدد مراقبة أحوال عباده ومجازاتهم بأعمالهم خيرا وشرا فاما الإنسان فلا يهمه ذلك وانما مطمح نظره وصد فكره الدنيا ولذآئذها قال السهيلي رحمه الله المراد بالإنسان عتبة بن ربيعة وكان هو السبب فى نزولها فيما ذكروا وان كانت هذه الصفة تعم إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ اى عامله معاملة من يبتليه بالغنى واليسار فَأَكْرَمَهُ پس كرامى كندش بجاه واقتدار وَنَعَّمَهُ ونعمت دهدش ومعيشت برو فراخ كرداند وبآسانى كار او بسازد. والفاء تفسيرية فان الإكرام والتنعيم عين الابتلاء فَيَقُولُ مفتخرا رَبِّي پروردگار من أَكْرَمَنِ فضلنى بما أعطاني من الجاه والمال حسبما كنت استحقه ولا يخطر بباله انه محض تفضل عليه ليبلوه أيشكر

[سورة الفجر (89) : الآيات 16 إلى 21]

أم يكفر وهو خبر للمبتدأ الذي هو الإنسان والفاء لما فى اما من معنى الشرط والظرف المتوسط على نية التأخير كأنه قيل فاما الإنسان فيقول ربى أكرمني وقت ابتلائه بالانعام وانما تقديمه للايذان من أول الأمر بان الإكرام والتنعيم بطريق الابتلاء ليتضح اختلال قوله المحكي فاذا لمجرد الظرفية وان هذه الفاء لا تمنع ان يعمل ما بعدها فيما قبلها وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ اى واما هو إذا ما ابتلاه ربه فيكون الواقع بعد اما فى الفقرتين اسما فتكون الجملتان متعادلتين فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ پس تنك سازد برو روزئ او را يعنى ضيقه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة وجعله على قدر كفايته وقوت يومه فَيَقُولُ متضجرا رَبِّي أَهانَنِ أذلني بالفقر ولا يخطر بباله ان ذلك لببلوه أيصبر أم يجزع مع انه ليس من الاهانة فى شىء ولذا لم يقل فأهانه فقدر عليه رزقه فى مقابلة أكرمه ونعمه بل التقتير قد يؤدى الى كرامة الدارين فى حق الفقير الصابر أما تأديته الى كرامة الآخرة فامر ظاهر واما تأديته الى كرامة الدنيا فلانه قد يسلم به من طمع الأعداء فيحسن فيه اعتقاد الكبراء من أهل الدنيا فيراجعونه ويلتمسون منه الدعاء والتوسعة قد تفضى الى خسران الدارين بالكفران فيكون استدراجا اى دل اگر بديده تحقيقي بنگرى ... درويشى اختيار كنى بر توانكرى قال بعضهم ربما كان التضييق إكراما له بان لا يشغله بالنعمة عن المنعم ويجعل ذلك وسيلة له فى التوجه الى الحق والسلوك فى طريقه لعدم التعلق وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه ردآء اما إزار واما كساء قد ربطوه فى أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ نصف الكعبين فيجمعه بيده كراهة ان ترى عورته فتأمل هل تكون هذه اهانة لخواص عباد الله فالمؤمن اما فى مقام الشكر او فى مقام الصبر قال عليه الصلاة والسلام الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر صوفئ از فقر چون در غم شود ... عين فقرش دابه ومطعم شود زانكه جنت از مكاره رسته است ... رحم قسم عاجزا شكسته است آنكه سرها بشكند او از علو ... رحم حق وخلق نايد سوى او كما قال بعض الكبار فى قوله فيقول ربى أهانن اى تركنى ذليلا مهينا لم يعرف المحجوب المسكين ان ربه ناظر اليه بنظر الرحمة والشفقة إذ جذبه بالجذبة الرحمانية من العالم الطبيعي الى العالم الروحاني ومن عالم النفس الى عالم القلب ومن عالم الفرق الى عالم الجمع ومن عالم الفراق الى عالم الوصال كَلَّا ردع للانسان عن مقالته المحكية وتكذيب له فيها فى كلما الحالتين قال ابن عباس رضى الله عنهما المعنى لم ابتله بالغنى لكرامته على ولم ابتله بالفقر لهوانه على بل ذلك لمحض القضاء والقدر بلا تعليل بالعلل بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ انتقال من بيان سوء أقواله الى بيان سوء أفعاله والتفات الى الخطاب للايذان باقتضاء ملاحظة جنايته السابقة لمشافهته بالتوبيخ تشديدا للتقريع وتأكيدا للتشنيع والجمع باعتبار

[سورة الفجر (89) : الآيات 18 إلى 21]

معنى الإنسان إذ المراد والجنس اى بل لكم أحوال أشد شرا مما ذكر وادل على تها لككم على المال حيث يكرمكم الله بكثرة المال فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم بالنفقة والكسوة ونحوهما وهو من بنى آدم هو الذي فقد أباه وكان غير بالغ ومن البهائم ما فقد أمه قال عليه الصلاة والسلام أحب البيوت الى الله بيت فيه يتيم مكرم برحمت بكن آبش از ديده پاك ... بشفقت بيفيانش از چهره خاك قال فى الأشباه استخدام اليتيم بلا اجرة حرام ولو لأخيه ومعلمه الا لأمه وفيما إذا أرسله المعلم لاحضار شريكه كما فى القنية وَلا تَحَاضُّونَ بحذف احدى التاءين من تخاضون والحض الحث والتحريض لا يحض بعضكم بعضا ولا يحث من أهل وغيره شكرا لانعام الله تعالى عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ اى على اطعام جنس المسكين ومن لا يحض غيره على إطعامه فان لا يطعمه بنفسه اولى فيؤول المعنى الى ان يقال ولا تطعمون مسكينا ولا تأمرون باطعامه وفيه ذم بليغ للبخيل قال مقاتل كان قدامة بن مظعون يتيما فى حجر أمية بن خلف فكان يدفعه عن حقه فنزلت وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ اى الميراث وأصله وراث قلبت واوه تاء والميراث هو المال المنتقل من الميت أَكْلًا لَمًّا اللم الجمع يقال كتيبة ملمومة مجتمعة بعضها الى بعض والمعنى أكلا ذا لم على حذف المضاف اى جمع بين الحلال والحرام فانهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون أنصباءهم وفيه اشارة الى انه كان بينهم ميراث يتوارثونه من ابراهيم واسمعيل عليهما السلام لكنهم قد بدلوه كما بدلوا غيره من بعض الاحكام او يأكلون ما جمعه المورث من حلال وحرام مشتبه عالمين بذلك وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا كثيرا مع حرص وشره ومنع حقوق وعدم انتفاع فان الجم الكثير يقال جم الماء فى الحوض إذا اجتمع فيه وكثر والمقصود ذمهم ببيان ان حرصهم على الدنيا فقط وانهم عادلون عن امر الآخرة وفيه اشارة الى ان حب المال طبيعى فلا يتخلص منه المرء بالكلية الا ان يكون من الأقوياء فكأنه أشار الى ان حبه إذا لم يشتد لا يكون مذموما وقال بعض الكبار وتحبون مال الأعمال السيئة النفسانية والأحوال القبيحة الهوائية حبا كثيرا كَلَّا ردع لهم عما ذكر من الافعال والتروك وانكار أي لا ينبغى ان يكون الأمر كذلك فى الحرص على الدنيا وقصر الهمة على تحصيلها وجمعها من حيث تهيأ من حل او حرام وترك المواساة منها وتوهم ان لا حساب ولاجزاء فان عاقبة ذلك الحسرة والندامة على إيثار الحياة الدنيوية الفانية على الحياة الاخروية الباقية إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا استئناف بطريق الوعيد تعليل للردع والدك الدق يقال دككت الشيء ادكه دكا إذا ضربته وكسرته حتى سويته بالأرض وبالفارسية كوفتن چيزى تا بزمين برابر كردد. وقال الخليل الدك كسر الحائط والجبل ودكته الحمى دكا اى كسرته كسرا وقال المبرد الدك حط المرتفع بالبسط ودكا الثاني ليس تأكيدا للأول بل هودك آخر سوى الاول والمعنى إذا دكت الأرض دكا متتابعا وضرب بعضها ببعض حتى انكسر وذهب كل ما على وجهها من جبال وابنية وقصور حين زلزلت زلزلة بعد زلزلة وحركت تحريكا بعد

[سورة الفجر (89) : الآيات 22 إلى 30]

تحريك وصارت هباء منبثا وهو عبارة عما عرض لها عند النفخة الثانية وبالفارسية چون شكسته شود زمين شكستنى بعد از شكستنى يعنى پاره پاره كردد وَجاءَ رَبُّكَ اى ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان بنفسه من احكام هيبته وسياسته فانه عند حضوره يظهر ما لا يظهر بحضور وزرآئه وسائر خواصه وعساكره وقال الامام احمد جاء امره وقضاؤه على حذف المضاف للتهويل وفى التأويلات النجمية تجلى فى المظهر الجلالي القهرى وَالْمَلَكُ وبيايد فرشتكان بعرصه محشر صَفًّا صَفًّا اى حال كونهم مصطفين او ذوى صفوف فانه ينزل يومئذ ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم اصطفاف أهل الصلاة فى الدنيا من الانس والجن كما قال تعالى والملك على أرجائها فهم سبعة صفوف عدد السموات السبع وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ كقوله تعالى وبرزت الجحيم يعنى ان المجيء بها عبارة عن إظهارها حتى براها الخلق مع ثباتها فى مكانها فان من المعلوم انها لا تنفك عن مكانها والباء للتعدية على ان جهنم قائم مقام الفاعل لجيئ وقال ابن مسعود رضى الله عنه ومقاتل تقاد جهنم بسبعين ألف زمام معه سبعون ألف ملك يجرونها حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير يعنى دوزخ از خشم كافران مى جوشد ومى خروشد. فتشرد شردة لو تركت لاحرقت أهل الجمع ويجثو كل نبى وولى من الهول والهيبة على ركبته ويقول نفسى نفسى حتى يعترض لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول أمتي أمتي فتقول النار مالى ومالك يا محمد لقد حرم الله لحمك على فالمجيئ بها على حقيقته فان الجر يدل على انفكاكها عن مكانها وتأوله الأولون بحمله على التجوز بان معنى يجرون يباشرون اسباب ظهورها. يقول الفقير لا حاجة الى الحمل على التجوز فان بعض الامكنة كالكعبة تزور بعض الخواص بالإيجاد والاعدام اللذين هما اسراع شىء من طرفة العين فلا بعد فى ان يكون مجيئ جهنم من هذا القبيل على ان الأرض يومئذ أوسع شىء كما بين فيما سبق فهى تسع جهنم وأهل المحشر جميعا وايضا المراد بمجىء جهنم مجيئ صورتها المثالية ولا مناقشة فيه فيكون كمجيئ المسجد الأقصى الى مرأى النبي عليه الصلاة والسلام حين سأله قريش عن بعض أوصافه فى قصة المعراج يَوْمَئِذٍ بدل من إذا دكت والعامل فيهما قوله تعالى يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ اى يتذكر ما فرط فيه بتفاصيله بمشاهدة آثاره وأحكامه او بمعاينة عينه على ان الأعمال تجسم فى النشأة الآخرة فيبرز كل من الحسنات والسيئات بما يناسبها من الصور الحسنة والقبيحة او يتعظ اى يقبل التذكير والإرشاد الذي بلغ اليه فى الدنيا ولم يتعظ ولم يقبله فى الدنيا فيتعظ به فى الآخرة فيقول يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا وهذا الاتعاظ يستلزم الندم على تقصيراته والندم توبة لكن لا توبة هناك لفوت الوقت قال القاشاني يوم يتذكر الإنسان خلاف ما اعتقده فى الدنيا وصار هيئة فى نفسه من مقتضيات فطرته فان ظهور الباري بصفة القهر والملائكة بصفة التعذيب لا يكون الا لمن اعتقد خلاف ما ظهر عليه بما هو فى نفس الأمر كالمنكر والنكير وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى اعتراض جيئ به لتحقيق انه ليس بتذكر حقيقة لعرائه عن الجدوى بعدم وقوعه فى أوانه وأنى خبر مقدم

[سورة الفجر (89) : الآيات 24 إلى 27]

للذكرى وله متعلق بما تعلق به الخبر أي ومن اين يكون له الذكرى وقد فات أوانها وقيل هناك محذوف واللام للنفع اى انى له منفعة الذكرى وبه يرتقع التناقض الواقع بين اثبات التذكر او لا ونفيه ثانيا ثم انه تعالى لما نفى كون هذه الذكرى والتوبة نافعة له بقوله وأنى له الذكرى علمنا انه لا يجب قبول التوبة كما ذهب اليه المعتزلة وفى الإرشاد والاستدلال به على عدم وجواب قبول التوبة فى دار التكليف يعنى عقلا كما تزعم المعتزلة مما لا وجه له على ان تذكره ليس من التوبة فى شىء فانه عالم بانها انما تكون فى الدنيا كما يعرب عنه قوله تعالى يَقُولُ يا أيها الحاضرون لَيْتَنِي كاشكى من قَدَّمْتُ لِحَياتِي وهو بدل اشتمال من يتذكر أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عنه كأنه قيل ماذا يقول عند تذكره فقيل يقول يا ليتنى عملت لاجل حياتى هذه يعنى لتحصيل الحياة الاخروية التي هى حياة نافعة دائمة غير منقطعة أعمالا صالحة انتفع بها اليوم او وقت حياتى على ان اللام بمعنى فى للتوقيت ويجوز أن يكون المعنى قدمت عملا ينجينى من العذاب فأكون من الاحياء قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى. واعلم ان أهل الحق لا يسلبون الاختيار بالكلية وليس فى هذا التمني شائبة دلالة على استقلال العبد بفعله كما يزعمه المعتزلة وانما الذي يدل عليه ذلك اعتقاد كونه متمكنا من تقديم الأعمال الصالحة واما ان ذلك بمحض قدرته او بخلق الله عند صرف قدرته الكاسبة اليه فلا واما ما قيل من ان المحجور قد يتمنى ان كان ممكناه منه وموفقا له فربما يوهم ان من صرف قدرته الى احمد طرفى الفعل يعتقد انه محجور من الطرف الآخر وليس كذلك بل كل أحد جازم بأنه لو صرف قدرته الى اى طرف كان من أفعاله الاختيارية لحصل وعلى هذا يدور فلك التكليف والزام الحجة فَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يكون ما ذكر من الأحوال والأقوال لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ الهاء راجع الى الله تعالى والعذاب بمعنى التعذيب كالسلام بمعنى التسليم وكذا الوثاق بالفتح بمعنى الإيثاق وهو الشد بالوثاق وهو ما يشد به من الحديد والحبل والايثاق بالفارسية بند كردن يعنى بسلاسل وأغلال وأسير كرد در ان. والمعنى لا يتولى عذاب الله ووثاقه أحد سواه إذ الأمر كله لله فلا يلزم ان يكون يوم القيامة معذب سوى الله لكنه لا يعذب أحد مثل عذابه وفى عين المعاني لا يعذب كعذاب الله فى الآخرة أحد فى الدنيا ويجوز أن يكون الهاء للانسان اى لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول وفى الكشاف هى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابى عمر وأنه رجع اليه فى آخر عمره اى لا يعذب مثل عذاب الإنسان أحد وظاهره يقتضى ان يكون عذابه أشد من عذاب إبليس الا ان يكون المراد أحد من هذا الجنس كعصاة المؤمنين نسأل الله السلامة والعافية فى الدارين يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ لما ذكر شقاوة النفس الامارة شرع فى بيان سعادة النفس المطمئنة والاطمئنان السكون بعد الإزعاج وسكون النفس انما هو بالوصول الى غاية الغايات فى اليقين والمعرفة والشهود وفى قوله تعالى ألا بذكر الله تطمئن القلوب تنبيه على انه بمعرفته تعالى والإكثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس وإذا وصلت الى مقام الاطمئنان بذكر الله صار صاحبها فى مقام

[سورة الفجر (89) : الآيات 28 إلى 30]

التلوين فى التمكين آمنا من الرجوع الى الاحكام الطبيعية والآثار البشرية فان الفاني لا يرد الى أوصافه فمن كان متمكنا فى مقام الترقي تخلص من التنزل الى مقام النفس الامارة وفى التعريفات النفس المطمئنة هى التي تنورت بنور القلب حتى تخلت عن صفاتها الذميمة وتحلت بالأخلاق الحميدة (وقال الكاشفى) اى نفس آرام كرفته بذكر من كه شاكر بودى در نعمت وصبر نمودى در محنت. والمعنى ان الله تعالى يقول بالذات للمؤمن إكراما له كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام او على لسان الملك وذلك عند تمام الحساب يا أيتها النفس المطمئنة ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ اى الى ما وعد لك من الكرامة والزلفى فكونه تعالى منتهى الغاية انما هو بهذا الاعتبار فسقط تمسك المجسمة واستدل بالرجوع الذي هو العود على تقدم الروح خلقا راضِيَةً بما أوتيت من النعيم المقيم مَرْضِيَّةً عند الله فَادْخُلِي فِي عِبادِي فى زمرة عبادى الصالحين المختصين بي وَادْخُلِي جَنَّتِي معهم كقوله تعالى وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين فالدخول فى زمرة الخواص هى السعادة الروحانية والدخول معهم فى الجنات ودرجاتها هى السعادة الجسمانية وقيل المراد بالنفس الروح والمعنى فادخلى فى أجساد عبادى التي فارقت عنها وادخلى دار ثوابى وهذا يؤيد قول من قال ان الخطاب عند البعث وذهب بعضهم الى انه عند الموت كما روى ان أبا بكر رضى الله عنه سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الملك سيقولها لك يا أبا بكر عند موتك وقال الحسن إذا أراد الله قبضها اطمأنت الى الله ورضيت عن الله ورضى الله عنها وقال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما إذا توفى العبد المؤمن أرسل الله ملكين وأرسل اليه بتحفة من الجنة فيقال لها اخرجى أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى روح وريحان ورب عنك راض فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد فى أنفه والملك على ارجاء السماء يقولون قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة فلا تمر بباب إلا فتح ولا يملك الأصلي عليها حتى يؤتى بها الى الرحمن اى الى حضوره ومقام مخصوص من مقامات كراماته فتسجد ثم يقال لميكائيل اذهب بهذه فاجعلها مع انفس المؤمنين ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعون ذراعا عرضه وسبعون ذراعا طوله وينبذ له فيه الريحان فان كان معه شىء من القرآن كفاه نوره وان لم يكن جعل له نور مثل نور الشمس فى قبره فيكون مثله مثل العروس ينام فلا يوقظه الا أحب أهله وإذا توفى الكافر أرسل الله اليه ملكين وأرسل اليه قطعة يجاد أنتن من كل منتن وأخشن من كل خشن فيقال أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى جهنم عذاب أليم ورب عليك غضبان وقال سعيد بن جبير رحمه الله مات ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر لم ير مثله على خلقته فدخل نعشه ثم لم يرخارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها يا أيتها النفس المطمئنة ودل قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها ان من النفوس الطيبة من يتولى الله قبضها بنفسه فيا طوبى لها وقال بعض اهل الاشارة يا أيتها النفس المطمئنة الى الدنيا ارجعي الى الله بتركها وبسلوك سبيل الآخرة

تفسير سورة البلد

فادخلى فى عبادى الاخروية وادخلى جنتى الصورية والمعنوية اى باز هوا كرفته باز آي ومرو ... كز رشته تو سرى در انكشت منست وقال القاشاني يا أيتها النفس المطمئنة التي نزلت عليها السكينة وتنورت بنور اليقين فاطمأنت الى الله من الاضطراب ارجعي الى ربك فى حال الرضى اى إذا تم لك كمال الصفات فلا تسكنى اليه وارجعي الى الذات فى حال الرضى الذي هو كمال مقام الصفات والرضى عن الله لا يكون الا بعد رضى الله عنها كما قال رضى الله عنهم ورضوا عنه فادخلى فى زمرة عبادى المخصوصين بي من أهل التوحيد الذاتي وادخلى جنتى المخصوصة بي اى جنة الذات وفى التأويلات النجمية ارجعي الى ربك بالفناء فيه بعد قطع المنازل والمقامات راضية من نتائج السلوك الى الله والسير فى الله مرضية عند الله باليأسى خلعة البقاء عليها فادخلى فى عبادى الباقين فى وبصفاتى وادخلى جنة ذاتى لفنائك عن ذاتك وانانيتك تمت سورة الفجر بعون ذى المن والحجر فى اواخر شهر المولد النبوي من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة البلد عشرون آية مكية او مدنية الا اربع آيات من أولها بسم الله الرحمن الرحيم لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ اى اقسم بالبلد الحرام الذي هو مكة فكلمة لا صلة دل عليه ان الله اقسم بالبلد الامين فى سورة التين وبالفارسية سوكند ميخورم. بمكة وفى كشف الاسرار لا لتأكيد القسم كقول العرب لا والله ما فعلت كذا لا والله لافعلن كذا والبلد المكان والمحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان ثم ان الله تعالى اقسم بمكة لفضلها فانه جعلها حرما آمنا ومسقط رأس النبي عليه السلام وحرم أبيه ابراهيم ومنشأ أبيه إسماعيل عليهما السلام وجعل البيت قبلة لاهل الشرق والغرب وحج البيت كفارة لذنوب العمر وجعل البيت المعمور فى السماء بإزائه وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ حال من المقسم به وأنت خطاب للنبى عليه السلام. كفته اند در قرآن چهار هزار نام وى برد وذكر وى كرد بعضى بتعريض وبعضى بتصريح. والحل بمعنى الحال من الحلول وهو النزول اى والحال انك يا محمد حال فى مكة نازل بها قيد اقسامه تعالى بمكة بحلوله عليه السلام فيها إظهارا لمزيد فضلها فانها بعد ان كانت شريفة بنفسها زاد شرفها بحلول النبي العظيم الشريف فيها فما لا شرف فيه يحصل له شرف بشرف المكين وما فيه شرف ذاتى يحصل له بشرف شرف زائد فمحل قدمى النبي عليه السلام كمكة والمدينة وغيرهما ينبغى ان يحافظ على حرمته وقد سمى عليه السلام المدينة طابة لانها طابت به وبمكانه وفيه تعريض لاهل مكة بانهم لجهلهم يرون ان يخرجوا منها من به مزيد شرفها ويؤذوه.

[سورة البلد (90) : الآيات 3 إلى 4]

اى كعبه را ز يمن قدوم تو صد شرف ... وى مرده را ز مقدم پاك تو صد صفا بطحا ز نور طلعت تو يافته فروغ ... يثرب ز خاك تو با رونق ونوا وفيه اشارة الى بلد مكة الوجود الإنساني والى رسول القلب المستكن فى الجانب الأيسر منه وَوالِدٍ وزاينده عطف على هذا البلد والمراد به ابراهيم عليه السلام والتنكير للتفخيم وَما وَلَدَ وآنچهـ زاده است. وهو إسماعيل عليه السلام فانه ولده بلا واسطة ومحمد عليه السلام فانه ولده بواسطة إسماعيل فتتضمن السورة القسم بالنبي عليه السلام فى موضعين وإيثار ما على من لمعنى التعجب مما أعطاه الله من الكمال كما فى قوله والله اعلم بما وضعت اى بأي شىء وضعت يعنى موضوعا عجيب الشأن وهو مريم او الوالد آدم عليه السلام وما ولد ذريته وهو الأنسب لمضمون الجواب فالتفخيم المستفاد من كلمة ما لا بد فيه من اعتبار التغليب اى فهو من باب وصف الكل بوصف البعض او للتعجيب من الأمر الذي يشترك فيه الكل كالنطق والبيان والصورة البديعة وغيرها وقيل الوالد هو النبي عليه السلام وما ولد أمته المرحومة لقوله عليه السلام انما انا لكم مثل الوالد أعلمكم امر دينكم ولقوله عليه السلام لعلى رضى الله عنه أنا وأنت أبوا هذه الامة والى هذا أشار بقوله عليه السلام كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى وهو سبب الدين ونسب التقوى وقد سمى الله النبي عليه السلام أبا للمؤمنين حيث قال النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وفى بعض القراآت وهو أب لهم فان امومية الأزواج المطهرة تقتضى أبوته عليه السلام إذ كل من كان سببا لايجاد شىء وإصلاحه او ظهوره يسمى أبا وقد قال عليه السلام انا من الله والمؤمنون من فيض نورى وصرح تعالى بفضيلة هذه الامة حيث قال وكذلك جعلناكم أمة وسطا ولذا عظمهم بالاقسام بهم وفيه اشارة الى ابراهيم الروح الوالد واسمعيل السر المولود منه او آدم الروح وابراهيم السر أو إلى روح القدس الذي هو الأب الحقيقي للنفوس الانسانية كقول عيسى عليه السلام انى ذاهب الى ابى وأبيكم السماوي وقوله تشبهوا بأبيكم السماوي فالمراد بما ولد هو النفس التي ولدها هو فكانه قيل واقسم بروح القدس والنفس الناطقة لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ جواب للقسم يقال كبد الرجل كبدا إذا وجعت كبده فانتفخت وأصله كبده إذا أصاب كبده كذكرته إذا قطعت ذكره ورأيته إذا قطعت رئته ثم اتسع فيه حتى استعمل فى كل نصب ومشقة ومنه اشتقت المكابدة بمعنى مقاساة الشدة وفى كبد حال من الإنسان بمعنى مكابدا وحرف فى واللام متقاربان تقول انما أنت للعناء والنصب وانما أنت فى العناء والنصب ووجه آخر ان أقوله فى كبد يدل على ان الكبد قد أحاط به احاطة الظرف بالمظروف والمعنى لقد خلقنا الإنسان فى تعب ومشقة فانه مع كونه أضعف الخلق لا يزال يقاسى فنون الشدائد مبدأها ظلمة الرحم ومضيقة ومنتهاها الموت وما بعده فابن آدم يكابد من البلايا ما لا يكابده غيره يعنى ان الكبد يتناول شدائد الدنيا من قطع سرته والتفافه بخرقة محبوس الأعضاء ومكابدة الختان وأوجاعه ومكابدة المعلم وصولته والأستاذ وهيبته ثم مكابدة شغل التزوج وشغل الأولاد والخدم

[سورة البلد (90) : الآيات 5 إلى 13]

وشغل المسكن ثم الكبر والهرم من جملة مصائب كثيرة لا يمكن تعدادها كالصداع ووجع الأضراس ورمد العين وهم الدين ونحو ذلك ويتناول ايضا شدائد التكاليف كالشكر على السرآء والصبر على الضراء والمكابدة فى أداء العبادات كالصوم والصلاة والزكاة والحج والجهاد ثم بعد ذلك يقاسى شدة الموت وسؤال الملك وظلمة القبر ثم البعث والعرض على الملك المحاسب الى ان يصل الى ان يصل الى موضع الاستقرار اما فى الجنة واما فى النار كما قال لتركبن طبقا عن طبق قال الامام ليس فى الدنيا لذة البتة بل ذلك الذي يظن انه لذة فهو خلاص من الألم فاللذة عند الاكل هى الخلاص من ألم الجوع وعند اللبس هى الخلاص من ألم الحر والبرد فليس للانسان الا ألم او خلاص من ألم وفيه نسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان يكابده من كفار قريش واشارة الى ان الإنسان المقيد بقيد التعين الوجودي خلق فى تعب التعين والتقييد وفيه حرمان من المطلق ونوره فان المقيد بقيد التعين معذب بحرمان المطلق وقال القاشاني لقد خلقنا الإنسان فى مكابدة ومشقة من نفسه وهواه او مرض باطن وفساد قلب وغلظ حجاب إذا الكبد فى اللغة غلظ الكبد الذي هو مبدأ القوة الطبيعية وفساده وحجاب القلب وفساده من هذه القوة فاسعير غلظ الكبد لغلظ حجاب القلب ومرض الجهل أَيَحْسَبُ آيا مى پندارد. والضمير لبعض صناديد قريش الذين كان عليه السلام يكابد منهم اكثر مما يكابد من غيرهم كالوليد بن المغيرة واضرابه أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ان مخففة من الثقيلة سادة مع اسمها مسد مفعولى الحسبان اى يحسب ان الأمر والشأن لن يقدر على انتقام منه أحد فحسبانه الناشئ عن غلظ الحجاب ومرض القلب فاسد لان الله الأحد يقدر عليه وهو عزيز ذو انتقام يَقُولُ ذلك الظان على سبيل الرعونة والخيلاء أَهْلَكْتُ أنفقت كقول العرب خسرت عليه كذا إذا أنفق عليه مالًا لُبَداً اى كثيرا متلبدا من تلبد الشيء إذا اجتمع يريد كثرة ما أنفقه سمعة ومفاخرة وكان اهل الجاهلية يسمون مثل ذلك مكارم ويدعونه معالى ومفاخر وفى لفظ الإهلاك اشارة الى انه ضائع فى الحقيقة إذ لا ينتفع به صاحبه فى الآخرة كما قالت عائشة رضى الله عنها فى حق عبد الله ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه يا رسول الله فقال عليه السلام لا ينفعه لانه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين أَيَحْسَبُ ذلك الا حمق المباهي أَنْ اى ان الشأن لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ حين كان ينفق وانه تعالى لا يسأله عنه ولا يجازيه عليه يعنى ان الله رآه واطلع على خبث نيته وفساد سريرته وانه مجازيه عليه فمثل ذلك الانفاق وهو ما كان بطريق المباهاة رذيلة فكيف يعده الجاهل فضيلة وفى الحديث لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيم أفناه وعن ماله من اين كسبه وفيم أنفقه وعن عمله ماذا عمل وعن حبه أهل البيت أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يبصر بهما عالم الملك من الأرض الى السماء حتى يشاهد بهما فى طرفة عين النجوم العلوية التي بينه وبينها عدة آلاف سنة ويفرق بهما بين ما يضر وما ينفع وبهما يحصل شرف النظر الى وجه العالم والى المصحف والى الشواهد قال فى أسئلة الحكم العين

[سورة البلد (90) : آية 9]

نحرس البدن من الآفات وهى نيرة كالمرءآة إذ قابلها شىء ارتسمت صورته فيها مع صغر الناظر وهو الحدقة التي هى شحمة وجعل الله العين سريعة الحركة وجعل لها أجفانا تسترها واهدابا من الشعر كجناح الطائر تطرد بانضمامها وبانفتاحها الذباب والهوام عن العين وجل العين فى الرأس لان السراج يوضع على رأس المنار وجعلها ثنتين كالشمس والقمر فانهما عينا التعين الدنيوي وجعل فوقهما حاجبين أسودين لئلا يتضرر البصر بالضياء ولان الذي ينظر فى السواد الى البياض يكون أحد نظرا ولذلك جعلت الحدقة سوداء واهداب العين شعرا أسود لان السواد يقوى البصر ولما بنى ذو القرنين الاسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وارضها فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام فمن ذلك لبس الرهبان السواد فان النظر الى الأبيض يفرق البصر ويضعفه ولذا قال عليه السلام فى الإثمد إنه يقوى البصر وجعل الحدقة محركة فى مكانها لتتحرك الى الجهات يمنة ويسرة فيبصربها من غير أن يلوى عنقه وجعل الناظرين جميعا على خط مستقيم عرضا ولم يقع واحد منهما أعلى والا اخفض ليجتمع الناظران على شىء واحد لئلا يترا أي له الشخص الواحد شخصين وفى العينين اشارة الى العين الظاهرة والعين الباطنة فينبغى ان يحافظ على كلتيهما فان نظر عينين أتم من نظر عين واحدة وَلِساناً يترجم به عن ضمائره وبه تنعقد المعاملات وتحصل الشهادات ويدرك الطعوم من الحلو والمر ولو يكن اللسان لا حتاج الإنسان الى الاشارة او الكتابة فتعسر امره وانما تعدد العين والاذن وتفرد اللسان لان حاجة الإنسان الى السمع والبصر اكثر من حاجته الى الكلام وفيه تنبيه ايضا على ان يقل من الكلام الا فى الخير وان لا يتكلم فيما لا فائدة فيه وهو السر فى ان الله تعالى جعل اللسان داخل الفم وجعل دونه الشفتين اللتين لا يمكن الكلام الا بفتحهما ليستعين العبد باطباق شفتيه على رد الكلام وقد حكه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه كان يجعل فى فمه حجر ليمتنع من الكلام فيما لا يعنيه وفيه اشارة الى لسان القلب فانه يتكلم به بالمفاوضة القلبية وقد أبطله كما أبطل العين الباطنة وأفسد استعداد التكلم الباطني القلبي وَشَفَتَيْنِ يستر بهما فاه إذا أراد السكوت ويستعين بهما على النطق والاكل والشرب والنفخ قال السجاوندى خص الشفة لخروج اكثر الحروف منها وفى الدعاء الحمد لله الذي جعلنا ننطق بلحم ونبصر بشحم ونسمع بعظم قال بعضهم اسبل الصانع الحكيم امام الفم سترا من الشفة ذا طرفين يضمهما عند الحاجة ويمتص بهما المشروب وجعل الشارب محيطا من العليا ليمنع ما على وجه الشراب من القش والقذى ان يدخل حالة الشرب وفى الحديث ان الله يقول ابن آدم ان نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك بطبقتين فاطبق وان نازعك بصرك الى بعض ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فاطبق وان نازعك فرجك الى ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فاطبق وفى الخبر الفرج امانة والاذن امانة واليد امانة والرجل امانة والايمان لمن لا امانة له او را كويند ما دو ديده بتو سپرديم پاك تو بنظرهاى ناپاك ملطخ كردى تا آثار تقديس از وى برخاست وخبيث شد اكنون ميخواهى كه ديدار مقدس ما بنظر خويش بينى هيهات ما پاكيم

[سورة البلد (90) : الآيات 10 إلى 13]

و پاكانوا پاك شايد الطيبات للطيبين دو سمع داديم ترا تا از ان دو خزانه سازى ودرهاى آثار وحي درو تعبيه كنى وامروز باز سپارى تو انرا محال دروغ شنيدن ساختى رهكذر أصوات خبيثه كردى ونداء ما پاكست جز سمع پاك نشنود امروز بكدام كوش حديث ما خواهى شنيد زبانى داديم ترا تا با مار از كويى در خلوت وقرآن خوانى در عبادت وصدق در وى فرو ارى وبا دوستان ما سخن كويى تو خود زبانرا بساط غيبت ساختى وروزنامه جدل وديوان خصومت كردى تو امروز بكدام زبان حديث ما خواهى كرد زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس كذركاه قرآن وبندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو گير ودوست وفيه اشارة الى شفتى لسان القلب ولسان الرأس وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ معطوف على ألم نجعل لانه فى التقدير مثبت اى جعلنا له ذلك وهديناه طريقى الخير والشر كما قال عليه السلام هما النجدان نجد الخير ونجد الشرى فلا يكن نجد لشر أحب إليكم من نجد الخير أو طريقى الثديين لانهما طريقان مرتفعان لنزول اللبن سببان لحياة المولود وتمكين مولود عاجز من رضاع امه عقيب الولادة قدرة عليه ونعمه جلية نه طفل زبان بسته بودى زلاف ... همى روزى آمد بجوفت ز ناف چونافش بريدند وروزى گسست ... به پستان مادر در آويخت دست واصل النجد المكان المرتفع جعل الخير بمنزلة مكان مرتفع بخلاف الشر فانه يستلزم الانحطاط عن ذروة الفطرة الى حضيض الشقاوة فكان استعمال النجدين بطريق التغليب أو لأن فعل الشر بالنسبة الى قوته فى الواهمة مصور بصورة المكان المرتفع ولذا استعمل الترقي فى الوصول الى كل شىء وتكميله وقال ابن الشيخ لما وضحت الدلالة الدالة على الخير والشر صا؟؟؟ تا كالطريقين المرتفعين بسبب كونهما واضحين للعقول كوضوح الطريق العالي للابصار وفيه اشارة الى نجد الروح ونجد القلب فابطلهما بغلبة النفس على الروح وغلبة الهوى على القلب فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ الاقتحام الدخول فى امر شديد ومجاوزته بصعوبة وفى القاموس قحم فى الأمر كنصر قحوما رمى بنفسه فيه فجأة بلا روية والعقبة الطريق الوعر فى الجبل فلم يشكر تلك النعم الجليلة بالأعمال الصالحة وعبر عنها بالعقبة لصعوبة سلوكها وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ اى اى شىء أعلمك يا محمد ماقتحام العقبة فان المراد ليس العقبة الصورية واقتحامها فَكُّ رَقَبَةٍ الفك الفرق بين الشيئين بازالة أحدهما عن الآخر كفك القيد والغل وفك الرقبة الفرق بينهما وبين صفة الرق بايجاب الحرية والرقبة اسم العضو المخصوص ثم يعبر بها عن الجملة وجعل فى التعارف اسماء للمماليك كما عبر بالرأس وبالظهر عن المركوب فقيل فلان يربط كذا رأسا وكذا ظهرا والمعنى هو أي اقتحام العقبة اعتاق رقبة فالفك ليس تفسيرا

[سورة البلد (90) : الآيات 14 إلى 20]

لنفس العقبة بل لاقتحامها بتقدير المضاف وذلك لان العقبة عين والفك فعل فلا يكون تفسيرا للآخر ثم فك الرقبة قد يكون بان ينفرد الرجل فى عتق الرقبة وقد يكون بان يعطى مكاتبه ما يصرفه الى جهة فكاك رقبته وبان يعين فى تخليص نفس من قود أو غرم فهذا كله يعم الفك دون الاعتاق ويحتمل ان يكون المراد بفك الرقبة ان يفك المرء رقبة نفسه من عذاب الله بان يشتغل بالأعمال الصالحة حتى يصير بها الى الجنة ويتخلص من النار وهى الحرية الوسطى وان يفك رقبة القلب من اسر النفس وقيد الهوى وتعلق السوي وهى الحرية الكبرى فيكون قوله او اطعام إلخ من قبيل التخصيص بعد التعميم اشارة الى مزيد فضل ذلك الخاص بحيث خرج به من أن يتناول اللفظ السابق مع عمومه وقال بعضهم تقدم العتق على الصدقة يدل على انه أفضل منها كما هو مذهب ابى حنيفة رحمه الله وفى الحديث من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار قال الراغب فك الإنسان غيره من العذاب انما يحصل بعد فك نفسه منه فان من لم يهتد ليس فى قوته ان يهدى وفك الرقبة من قبيل فك النفس لانه من الأعمال الصالحة التي لها مدخل عظيم فى فكها أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ اى مجاعة لقحط او غلاء من سغب إذا جاع قال الراغب السغب الجوع مع التعب وربما قيل فى العطش مع التعب فمسغبه مصدر ميمى وكذا مقربة ومتربة قيد الإطعام بيوم المجاعة لان إخراج المال فى ذلك الوقت أثقل على النفس وأوجب للاجر يَتِيماً مفعول اطعام ذا مَقْرَبَةٍ اى قرابة من قرب فى النسب قربا ومقربة وقال السجاوندى قرب قرابة او جوار انتهى قيد اليتيم بأن يكون بينه وبين المطعم قرابة نسبية لانه اجتمع فيه جهتا الاستحقاق اليتم والقرابة فاطعامه أفضل لا شتماله على الصدقة وصلة الرحم أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ اى افتقار من ترب بالكسر تربا بفتحتين ومتربا إذا افتقر كأنه لصق بالتراب من فقره وضره فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه ويفرشه واما قولهم اترب فمعناه صار ذا مال كالتراب فى الكثرة كما قيل اثرى وعن النبي عليه السلام فى قوله ذا متربة الذي مأواه المزابل وقال ابن عباس رضى الله عنهما البعيد التربة يعنى الغريب (كما قال الكاشفى) واين چنين كس عيال مند بود يا وام دار يا بيمار بي خواستار يا غريبى دور از ديار. وفى الحديث الساعي على الارملة والمسكين كالساعى فى سبيل الله وكالقائم لا يفتر والصائم لا يفطر يقول الفقير خص الفك والإطعام لصعوبة العمل بهما وجعل الإطعام لليتيم والمسكين لما ان ذلك يثقل على النفس فقد ينفق المرء الوفا فى هواه كاطعام اهل الهوى وبناء الابنية الزائدة ونحو ذلك ولا يستكثرها واما الفقير واليتيم فلا يراهما بصره لهوانهما عنده وعلى تقدير الرؤية فيصعب عليه إعطاء درهم او درهمين او اطعام لقمة او لقمتين واحتج الشافعي رحمه الله بهذه الآية على ان المسكين قد يكون بحيث يملك شيأ والا لكان تقييده بقوله ذا متربة تكرارا وهو غير جائز وفيه بحث لجواز أن يكون ذا متربة صفة كاشفة للمسكين وتكون الفائدة فى التوصيف بها التصريح بجهة الاحتياج ليتضح ان اطعام الاحوج أفضل والتكرير الذي لا يجوز هو التكرير الخالي عن

[سورة البلد (90) : الآيات 17 إلى 20]

الفائدة وما نحن فيه ليس من هذا القبيل وفيه اشارة الى يتيم القلب المغلوب فى يد النفس والهوى ومسكين السر المذلل تحت قهر النفس وعزتها وفى الإرشاد وحيث كان المراد باقتحام العقبة هذه الأمور حسن دخول لا على الماضي وليس بشرط إذ قد يكون بمعنى لم فكأنه قيل فلم يقتحم العقبة ثُمَّ كانَ پس باشد اين آزاد كننده وطعام دهنده مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا عطف على المنفي بلا وثم للدلالة على تراخى رتبة الايمان عن العتق والصدقة ورفعة محله لاشتراط جميع الأعمال الصالحة به والا فهو فى الزمان مقدم على الطاعات والمعنى ان الانفاق على هذا الوجه هو الانفاق المرضى النافع عند الله لا ان يهلك ما لا لبدا فى الرياء والفخار فيكون مثله كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم وفى ذكر العقبة اشارة الى ان عقبة الآخرة لا يجوزها الا من كان محقا قال المحاسبى تلك عقبة لا يجوزها الا من خمص بطنه عن الحرام والشبهات وتناول مقدار بقاء المهجة وقال القاسم العقبة نفسك الا ترى الى قوله فك رقبة فانه ان تعتق نفسك من رق الخلق وتشغلها بعبودية ربك وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ عطف على آمنوا اى اوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله وعن المعاصي وفى المصائب وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ مصدر بمعنى الرحمة اى اوصى بعضهم بعضا بالرحمة على عباد الله او بموجبات رحمته تعالى من الخيرات على حذف المضاف او ذكر المسبب وارادة السبب تنبيها على كماله فى السببية والرحمة بهذا المعنى أعم من الرحمة بالمعنى الاول وهى الشفقة لمن يستحقها من العباد يتيما او فقيرا او نحو ذلك وفى الحديث لا يرحم الله من لا يرحم الناس فقوله وتواصوا بالصبر اشارة الى التعظيم لامر الله وقوله وتواصوا بالمرحمة اشارة الى الشفقة على خلق الله والى التكميل بعد الكمال فان الايمان كمال فى نفسه وكذا الصبر والمرحمة وغيرهما من الأعمال الصالحة والتواصي من باب تكميل الغير قال بعضهم الإطعام خصوصا وقت شدة الحاجة أفضل انواع العفة والايمان أجل انواع الحكمة وهو الايمان العلمي اليقيني وجاء فيه بلفظ ثم لبعد رتبته عن الفضيلة الاولى فى الارتفاع والعلو لكونه الأساس والصبر على الشدائد من أعظم انواع شجاعة وأخره عن الايمان لامتناع حصول فضيلة الشجاعة بدون اليقين والتراحم والتعاطف من أفضل انواع العدالة أُولئِكَ الموصوفون بالنعوت الجليلة المذكورة وفى اسم الاشارة دلة على حضورهم عند الله فى مقام كرامته وعلو رتبتهم وبعد درجتهم أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ اى اليمين وهم الذين يعطون كتبهم بايمانهم ويسلك بهم من طريق اليمين الى الجنه او اصحاب اليمين والخير والسعادة لان الصلحاء ميامين على أنفسهم بطاعتهم وعلى غيرهم ايضا او اصحاب اليد اليمنى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا بما نصبناه دليلا على الحق من كتاب وحجة او بالقرءان هُمْ فى ضمير الغالب دلالة على سقوطهم عن شرف الحضور وانهم أحقاء بالإخفاء أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ اى الشمال وهم الذين يعطون كتبهم بشمائلهم ومن ورلء ظهورهم ويسلك بهم شمالا الى النار او اصحاب السؤم والشر والشقاوة لان الفساق مشائيم على أنفسهم بمعصيتهم وعلى غيرهم ايضا ويجب التوسل بالصلحاء والاجتناب عن الفسقاء او اصحاب اليد اليسرى عَلَيْهِمْ

تفسير سورة الشمس

خبر مقدم لقوله نارٌ مُؤْصَدَةٌ اى نار أبوابها مغلقة فلا يفتح لهم باب فلا يخرج منها غم ولا يدخل فيها روح ابد الآباد الا انها جعلت صفة للنار اشعارا بإحاطتهم فاصل التركيب مؤصدة الأبواب فلما تركت الاضافة عاد التنوين إليها لانهما يتعاقبان من أوصدت الباب من المعتل الفاء وآصدته بالمد من المهموز مثل آمن إذا أطبقته وأغلته وأحكمته فمن قرأها مؤصدة بالهمزة جعلها اسم مفعول من آصدت ومن لم يهمزها أخذها من او صدت مثل او عد فهو موعد وذلك موعد ويحتمل ان يكون من آصد مثل آمن لكنه قلبت همزته الساكنة واو الضمة ما قبلها للتخفيف وكان ابو بكر بن عباس راوى عاصم يكره الهمزة فى هذا الحرف ويقول لنا امام يهمز مؤصدة فاشتهى ان اسد أذنى إذا سمعته وكانه لم يحفظه عن شيخه إلا بترك الهمزة وقد حفظه حفص بالهمزة وهو اضبط للحرف من ابى بكر على ما نقله القراء وان كان ابو بكر اكبر وأتقن وأوثق عند اهل الحديث وفيه اشارة الى ان نار الحجاب والخذلان والخسران مؤصدة على نفس الامارة تمت سورة البلد بعون الله الأحد فى خامس الثاني من الربيعين سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الشمس خمس عشرة اوست عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالشَّمْسِ سوكند ميخورم بآفتاب وَضُحاها اى ضوئها إذا طلعت وقام سلطانها وانبسط نورها يعنى سوكند بتابش وى چون بلند كردد وبموضع چاشت رسد. يقال وقت الضحى اى وقت اشراق الضوء فالضحى والضحوة مشتقان من الضح وهو نور الشمس المنبسط على وجه الأرض المضاد للظل وفيه اشارة الى الاقسام بشمس الروح وضوئها المنتشر فى البدن الساطع على النفس وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها من التلو بمعنى التبع اى إذا تبعها بان طلع بعد عروبها آخذا من نورها وذلك فى الصف الاول من الشهر قال الراغب تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء فى الحكم ومصدره تلو وتلو وتارة بالقرءان وتدبر المعنى ومصدره تلاوة ثم قال قوله والقمر إذا تلاها فانما يراد به هاهنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة وذلك انه فيما قبل ان القمر يقتبس النور من الشمس وهولها بمنزلة الخليفة قيل وعلى هذا قوله وجعل الشمس ضياء والقمر نورا والضياء على مرتبة من النور إذ كل ضياء نور دون العكس وفيه اشارة الى قمر القلب إذا تلا الروح فى التنور بها وإقباله نحوها واستضاءته بنورها ولم يتبع النفس فيخسف بظلمتها قال شيخى وسندى روح الله روحه فى كتاب اللائحات البرقيات له ان الشمس آية للحقيقة الالهية الكمالية الاكملية واشارة إليها والقمر آية للحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية واشارة إليها فكما ان القمر منذ خلقه الله الى يوم القيامة كان مجلى ومظهر التجلي نور الشمس وظهوره فى الليل حتى يهتدى به ارباب الليل فى الظلمات الليلة فى سيرهم وسلوكهم فى طرق مقاصدهم فكذلك الحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية

[سورة الشمس (91) : الآيات 3 إلى 4]

منذ خلقها الله الى ابد الآبدين كانت مجلى ومظهرا لتجلى نور الحقيقة الالهية الكمالية الاكملية وظهوره فى الكون حتى يهتدى به ارباب الكون فى ظلمات الكون عند سلوكهم وسيرهم فى العوالم والأطوار الكونية نزولا عند السير الى عالم الإمكان وعروجا عند السلوك الى عالم الوجوب فكما ان القمر يفنى من نوره ونفسه بالنمام فى نور الشمس ونفسها بحيث لا يبقى اثر من نوره ونفسه عند المقارنة والمواصلة الحاصلة بينهما بالتوجه الشمسى القابض والإقبال الجاذب عليه ويبقى مع نوره ونفسه اى جرمه بالكمال وبنور الشمس ونفسها بحيث لا يفنى شىء من نوره ونفسه عند المقابلة والمفارقة الكاملة الحاصلة بينهما بالإرسال الى نفسه والبسط الى نوره مرارا وكرارا دائما وباقيا الى يوم القيامة فكذلك الحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية تفنى من نورها وتعينها فى نور الحقيقة الالهية الكمالية الاكملية وتعينها بالتمام بحيث لا يبقى لها اثر ما أصلا عند الوصلة الالهية الحاصلة فى مرتبة الذات الاحدية الجمعية المطلقة بالقبض والجذب من نورها وتعينها الى نورها وتعينها الأزلي الابدى السرمدي وتبقى مع نورها وتعينها بنورها بحيث لا يفنى منها اثر أصلا عند الفرقة الكونية الحاصلة فى مرتبة المظهرية الكثرتية الفرقية المقيدة بالبسط والإرسال الى نورها وتعينها مرارا وكرارا ابدا سرمدا وعند تجلى النور الشمسى والإلهي وظهوره فى القمر والإنسان الكامل تدريجا الى حد الكمال يكمل بقاؤهما وعند استتاره واختفائه عنهما تدريجا ايضا الى حد التمام يتم فناؤهما وفناؤهما على هذا الوجه من قبض جلال الحق سبحانه وبقاؤهما على ذلك النمط من بسط جماله تعالى والله يقبض ويبسط دائما من مرتبة كماله الذاتي بيدي جلال كماله وجماله بل يداه مبسوطتان كلانمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انتهى كلامه قدس الله سره فان قلت إذا هاهنا ليست بشرطية لعدم جوابها لفظا او تقديرا حتى يعمل فيها فتكون ظرفا مطلقا فلا بد لها من عامل وهو فى المشهور اقسم المقدر وهو إنشاء فيكون للحال وإذا للاستقبال ولا اجتماع بينهما فلا تكون ظرفا ووقتا له قلت إذا فى أمثال هذا المقام للتعليل اى اقسم بالقمر اعتبارا بتلوها وبالنهار اعتبارا بتجليته الشمس وبالليل اعتبارا بغشيانه إياها كما تقول أشهدك على هذا حيث كنت صالحا متدينا اى لاجل ذلك كذا فى بعض التفاسير وقال فى القاموس إذا تجيئ للحال وذلك بعض القسم مثل والليل إذا يغشى والنجم إذا هوى انتهى فيكون بمعنى حين فاعرف وَالنَّهارِ هو نور الشمس الذي ينسخ ظل الأرض بمحو ظلمة الليل إِذا جَلَّاها اى جلى الشمس يعنى هويدا كرد. فانها تتجلى عند انبساط النهار واستيفائه تمام الانجلاء فكأنه جلاها مع انها التي تبسطه يعنى لما كان انتشار الأثر وهو زمان ارتفاع النهار زمانا لانجلاء الشمس وكان الجلاء واقعا فيه أسند فعل التجلية اليه اسنادا مجازيا مثل نهاره صائم او جلى الظلمة او الدنيا او الأرض وان لم يجرلها ذكر للعلم بها وفيه اشارة الى نهار استيلاء نور الروح وقيام سلطانها واستواء نورها إذا جلاها وابرزها فى غاية الظهور كالنهار عند الاستواء فى تجلية الشمس وَاللَّيْلِ هو ظل الأرض الحائلة بين الشمس وبين ما وقع عليه ظلمة

[سورة الشمس (91) : الآيات 5 إلى 9]

الليل إِذا يَغْشاها اى الشمس فيغطى ضوءها فتغيب وتظلم الآفاق ولما كان احتجاب الشمس بحيلولة الأرض بيننا وبينها واقعا فى الليل صار الليل كأنه حجبها وغطاها فاسند التغطية وتغشية الى الليل لذلك او إذا يغشى الآفاق والأرض ولعل اختيار صيغة المضارع هنا على المضي للدلالة على انه لا يجرى عليه تعالى زمان فالمستقبل عند كالماضى مع مراعاة الفواصل ولم يجئ غشاها من التغشية لانه يتعدى الى المفعولين وحيث كانت الواوات العاطفة نواب الواو الاولى القسمية القائمة مقام الفعل والباء سادة مسدهما معا فى قولك اقسم بالله حق ان يعملن عمل الفعل والجار جميعا كما تقول ضرب زيد عمرا وبكر خالدا فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما فاندفع ما يورد هاهنا من ان تلك الواوات ان كانت عاطفة يلزم العطف على معمولى عاملين مختلفين وان كانت قسمية يلزم تعداد القسم مع وحدة الجواب وحاصل الدفع اختيار الشق الاول ومنع لزوم المحذور وفيه اشارة الى ليل النفس عند غشيانه بظلمتها شمس نهار الروح وهو أيضا آية من آياته الكبرى لان الليل مظهر الاسم المضل فيجوز القسم به كما جاز القسم بالنهار نظرا الى انه مظهر الاسم الهادي وَالسَّماءِ وَما بَناها اى ومن بناها على غاية العظم ونهاية العلو وهو الله تعالى وايثارها على من لارادة الوصفية تعجبا لأن ما يسأل بها عن صفة من يعقل كأنه قيل والقادر العظيم الشان الذي بناها وكذا الكلام فى قوله وَالْأَرْضِ وَما طَحاها اى ومن بسطها من كل جانب على الماء كى يعيش أهلها فيها والطحو كالدحو بمعنى البسط وابدال الطاء من الدال جائز وافراد بعض المخلوقات بالذكر وعطف الخالق عليه والاقسام بهما ليس لاستوائهما فى استحقاق التعظيم بل النكتة فى الترتيب ان يتبين وجود صانع العالم وكمال قدرته ويظفر العقل بإدراك جلال الله وعظمة شأنه حسبما أمكن فانه تعالى لما اقسم بالشمس التي هى أعظم المحسوسات شرفا ونفعا ووصفها باوصافها الاربعة وهى ضوؤها وكونها متبوعة للقمر ومتجلية عند ارتفاع النهار ومختفية متغطية بالليل ثم اقسم بالسماء التي هى مسير الشمس وأعظم منها فقدنبه على عظمة شأنهما لما تبين ان الاقسام بالشيء تعظيم له ومن المعلوم انهما لحركاتهما الوضعية وتغير أحوالهما من الأجسام الممكنة المحتاجة الى صانع مدبر كامل القدرة بالغ الحكمة فتوسل العقل بمعرفة أحوالهما واوصافهما الى كبرياء صانعهما فكان الترتيب المذكور كالطريق الى جذب العقل من حضيض عالم المحسوسات الى يفاع عالم الربوبية وبيداء كبريائه الصمدية وفيه اشارة الى سماء الأرواح وارض الأجساد وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها اى ومن انشأها وابدعها مستعدة لكمالاتها والتنكير للتفخيم على ان المراد نفس آدم عليه السلام او للتكثير وهو الأنسب للجواب وذكر فى تعريف ذات الله تعالى السماء والأرض والنفس لان الاستدلال على الغائب لا يمكن الا بالشاهد والشاهد ليس الا العالم الجسماني وهو اما علوى بسيط كالسماء واما سفلى بسيط كالارض واما مركب وهو أقسام أشرفها ذوات الأنفس وقد استدل بعطف ما بعدها على ما قبلها على عدم جواز تقدير المضاف فيه مثل ورب الشمس وكذا

[سورة الشمس (91) : الآيات 8 إلى 9]

فى غيره إذا المقدر فى المعطوف عليه يقدر فى المعطوف فيكون التقدير ورب ما بناها ورب ما طحاها ورب ما سواها وبطلانه ظاهر فان الظاهر ان تكون فى مواضعها موصولة فاعرف وسجيئ شرح النفس وتسويتها عند اهل التأويل ان شاء الله تعالى فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها الفاء ان كانت لسببية التسوية فالامر ظاهر وان كانت لتعقبها فلعل المراد منها إتمام ما يتوقف عليه الإلهام من القوى الظاهرة والباطنة والإلهام إلقاء الشيء فى الروع اما من جهة الله او من جهة الملاء الأعلى واصل الهام الشيء ابتلاعه والفجور شق ستر الديانة قدم على التقوى لمراعاة الفواصل او لشدة الاهتمام فيه لانه إذا انتفى الفجور وجدت التقوى فقدم ما هم بشأنه اعنى والمعنى افهم النفس إياهما وعرفها حالهما من الحسن والقبح وما يؤدى اليه كل منهما ومكنها من اختيار أيهما شاءت قال بعض الكبار الإلهام لا يكون الا فى الخير فلا يقال فى الشر الهمنى الله كذا واما قوله تعالى فالهمها فجورها وتقواها فالمراد فجورها لتجتنبه لا لتعمل به وتقواها لتعمل به إذ ليس فى كلام الله تناقض ابدا وقال بعضهم لا يخفى ان محل الإلهام هو النفس قال تعالى فالهمها فجورها وتقواها فاعلمنا ان الفاعل فى الإلهام هويته تعالى لا غيره لكن الهم النفس فجورها لتعلمه ولا تعمل به وتقواها لتعلمه وتعمل به فهو فى قسم الفجور الهام اعلام لا الهام عمل ان الله لا يأمر بالفحشاء وكما لا يأمر بالفحشاء لا يلهم بها فانه لوالهم بها ما قامت الحجة لله على العبد فهذه الآية مثل قوله وهديناه النجدين اى بيناله الطريقين وقال بعضهم لم ينسب سبحانه الى النفس خاطر المباح ولا الهامه فيها وسبب ذلك ان المباح لها ذاتى فبنفس ما خلق عينها ظهر المباح فهو من صفاتها النفسية التي لا تعقل النفس الا بها فخاطر المباح نعت خاص كالضحك للانسان وفى التأويلات النجمية تدل الآية على كون النفوس كلها حقيقة واحدة متحدة تختلف باختلاف توارد الأحوال والأسماء فان حقيقة النفس المطلقة من غير اعتبار حكم معها إذا توجهت الى الله توجها كليا سميت مطمئنة وإذا توجهت الى الطبيعة توجها كليا سميت امارة وإذا توجهت تارة الى الحق بالتقوى وتارة اخرى الى الطبيعة البشرية بالفجور سميت لوامة انتهى وفى الخبر الصحيح عن عمران بن حصين رضى الله عنه سأل رجل من جهينة او مزينة رسول الله عليه السلام ما يعمل الناس ويكدحون فيه أشيء قضى عليهم أم شىء يستقبلونه فقال عليه السلام بل قضى عليهم قال ففيم العمل إذا يا رسول الله فقال عليه السلام من كان خلقه الله لاحدى المنزلتين يهبئه الله لها ثم تلا الآية وقال ابن عباس رضى الله عنهما كان رسول الله عليه السلام يقول عند الآية اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها جواب القسم وحذف اللام لطول الكلام وقال الزجاج طول الكلام صار عوضا عن اللام وانما تركه الكشاف وغيره لانه يوجب الحذف والحذف لا يجب مع الطول ولم يجعل كذبت جوابا لان اقسام الله انما يؤكد به الوعد او الظفر وادراك البغية وهو دنيوى كالظفر بالسعادات التي تطيب بها الحياة الدنيا من الغنى والعز

[سورة الشمس (91) : الآيات 10 إلى 15]

والبقاء مع الصحة ونحوها واخروى وهو بقاء فلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة واصل الزكاة الزيادة والنمو ومنه زكا الزرع إذا حصل فيه نمو كثير وبركة ومنه تزكية القاضي الشاهد لانه يرفع قدره بالتعديل ومنه الزكاة لما يخرج الإنسان من حق الله الى الفقراء لما فيها من رجاء البركة او لتزكية النفس اى تنميتها بالخيرات والبركات او لهما جميعا فان الخيرين موجودان فيها والمعنى قد فاز بكل مطلوب ونجا من كل مكروه من أنمى النفس وأعلاها بالتقوى اى رفعها وأظهرها وشهرها بها فاهل الصلاح يظهرون أنفسهم ويشهرونها بما سطح من أنوار تقواهم الى الملاء الأعلى وبملازمتهم مواضع الطاعات ومحافل الخيرات بخلاف اهل الفسق فانهم يخفون أنفسهم ويدسونها فى المواضع الخفية لا يلوح عليهم سيما سعادة يشتهرون به بين عباد الله المقربين واصل هذا ان أجواد العرب كانوا ينزلون فى ارفع المواضع ويوقدون النار للطارقين لتكون أشهر واللئام ينزلون الأطراف والهضاب لتخفى اما كنهم عن الطالبين فاخفوا أنفسهم فالبار ايضا اظهر نفسه باعمال البر والفاجر دسها وتستعمل التزكية بمعنى التطهير ايضا كما قال فى القاموس الزكاة صفوة الشيء وما أخرجته من مالك لتطهره به فالمعنى قد أفلح من طهر نفسه من المخالفات الشرعية عقدا وخلقا وعملا وقولا فقد اقسم تعالى بسبعة أشياء على فلاح من زكى نفسه ترغيبا فى تزكيتها. وابن عباس رضى الله عنهما روايت كرده كه حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم نزديك تلاوت اين آيت فرمودى كه تزكيه انفس موجب تزكيه دل است هرگاه كه نفس از شوب هوا مزكى شود فى الحال دل از لوث تعلق بما سوى مصفى كردد تا نفس مبرا ز مناهى نشود ... دل آيينه نور الهى نشود وكون افعال العبد بتقدير الله تعالى وخلقه لا ينافى اسناد الفعل الى العبد فانه يقال ضرب زيد ولا يقال ضرب الله مع أن الضرب بخلقه وتقديره وذلك لأن وضع الفعل بالنسبة الى الكاسب قال الراغب وبزكاه النفس وطهارتها يصير الإنسان بحيث يستحق فى الدنيا الأوصاف المحمودة وفى الآخرة الاجر والمثوبة وهو أن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره وذلك ينسب تارة الى العبد لاكتسابه ذلك نحو قد أفلح من زكاها وتارة الى الله لكونه فاعلا لذلك فى الحقيقة نحو بل الله يزكى من يشاء وتارة الى الشيء لكونه واسطة فى وصول ذلك إليهم نحو خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وتارة الى العبادة التي هى آلة فى ذلك نحو وحنانا من لدنا وزكاء انتهى وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها فى القاموس خاب يخيب خيبة حرم وخسرو كفر ولم ينل ما طلب واصل دسى دسس كتقضى البازي وتقضض من التدسيس وهو الإخفاء مبالغة الدس واجتماع الأمثال لما أوجب الثقل قلبت السين الاخيرة ياء وقال الراغب الدس إدخال الشيء فى الشيء بضرب من الإكراه ودساها اى دسسها فى المعاصي انتهى والمعنى قد خسر من نقصها وأخفاها بالفجور وبإرسالها فى المشتهيات الطبيعية وقال شيخى و؟؟؟ قدس سره فى قوله تعالى ونفس إلخ المراد بالنفس هنا الذات والحقيقة الجمعية

[سورة الشمس (91) : الآيات 11 إلى 12]

الانسانية الكمالية المخلوقة على الصورة الالهية الجمعية الكمالية لتكون مرءاة لها كما ورد خلق الله آدم على صورته ويقال لها النفس الناطقة المدبرة للبدن وما سواها اى خلقها مستوية قابلة لتكون مجلى لتجليات تعينات الكمال والجلال والجمال ومتوسطة ممكنة لتكون مظهرا الظهورات الذات والصفات والافعال ومعتدلة صالحة لتكون مشهدا لمشاهدات آثار الأسماء والمراتب والأحوال وبهذه القابلية الجامعة بين القبضتين الجمال والجلال كانت أتم كل موجود فألهمها اى أفاض عليها بوساطة سادة الجلال فجورها اى آثار الجلال المندرج فى جمعية حقيقتها البرزخية وأحكامه وأحواله من العقائد والعلوم والأعمال والمذاهب وغير ذلك مما نفجر وتميل فيه من الحق الى الباطل فتجازى بالخسران وتقواها وأفاض عليها بوساطة خادم الجمال اى آثار الجمال وأموره وأحكامه من كلمة التوحيد العلمي الرسمى المنافي للشرك والكفر والهوى الجلى وسائر الفساد فى مرتبة الشريعة والطريقة ومن كلمة التوحيد العيني الحقيقي المزيل للشرك والكفر والهوى الخفي وباقى الكساد فى مرتبة المعرفة والحقيقة ومن غيرهما من لطائف العلوم والمعارف ومحاسن الأعمال والأحوال ومكارم الأخلاق والصفات قد أفلح اى دخل فى الفلاح فى جميع المراتب صورة وحقيقة من زكاها من طهرها من رذائل آثار الجلال فى جميع الأطوار وقد خاب اى حرم من الفلاح من دساها اى أخفى فيها الآثار الجلالية والصفات النفسانية وكتم فيها العيوب والقبائح الشيطانية والأهواء والشهوات البهيمية والأعمال والأخلاق الرديئة ولم يعالجها بأضدادها بل أهملها عن التربية فى مرتبة الشريعة بالتقوى والصلاح وعن التزكية فى مرتبة الطريقة بالمجاهدة والإصلاح وساعدها فى هواها وشهواتها فى النيات والمقصود والأعمال والأقوال وصارت حركاتها وسكناتها جميعا بالأهواء انتهى باختصار فان كلامه رحمه الله فى هذه الآية يبلغ الى نصف جزء بل اكثر كَذَّبَتْ ثَمُودُ المراد القبيلة ولذا قال بِطَغْواها وهو استئناف وارد لتقرير مضمون قوله تعالى وقد خاب من دساها فان الطغيان أعظم انواع التدسية والطغوى بالفتح مصدر بمعنى الطغيان الا انه لما كان أشبه برؤوس الآيات اختير على لفظ الطغيان وان كان الطغيان أشهر وفى الكشف الطغوى من الطغيان فصلوا بين الاسم والصفة فى فعلى من بنات الياء بان قلبوا الياء واوا فى الاسم وتركوا القلب فى الصفة فقالوا امرأة خزيا وصديا من الخزي بالفتح والقصر بمعنى الاستحياء ومن الصدى بمعنى العطش والباء للسببية اى فعلت التكذيب بسبب طغيانها كما تقول ظلمنى بجراءته على الله فالفعل منزل منزلة اللازم فلا يقدر له مفعول وهو المشهور او كذبت ثمود نبيها صالحا عليه السلام فحذف المفعول للعلم به وفيه اشارة الى أن العصيان إذا اشتد بلغ الكفر ويجوز ان تكون الباء صلة للتكذيب اى كذبت بما أوعدت به من العذاب ذى الطغوى والتجاوز عن الحد وهو الصيحة كقوله تعالى فاهلكوا بالطاغية اى بصيحة ذات طغيان إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها منصوب بكذبت او بالطغوى اى حين قام أشقى ثمود وهو قدار بن سالف امتثالا لامر من بعثه اليه فان انبعث مطاوع لبعث يقال بعثت فلانا على امر فانبعث له

[سورة الشمس (91) : الآيات 13 إلى 15]

وامتثل قال فى كشف الاسرار الانبعاث الاسراع فى الطاعة للباعث او حين قام قدار ومن تصدى معه لعقر الناقة من الأشقياء فان افعل التفضيل إذا أضيف يصلح للواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث ويدل على الاول قوله تعالى فى سورة القمر فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فانه يدل على أن المباشر واحد معين وفضل شقاوتهم على من عداهم مباشرتهم العقر مع اشتراك الكل فى الرضى به فَقالَ لَهُمْ اى لثمود رَسُولُ اللَّهِ لما علم ما عزموا عليه وهو صالح عليه السلام ابن عبيد بن جابر بن ثمود بن عوص بن ارم فالاضافة للعهد عبر عنه بعنوان الرسالة إيذانا بوجوب اطاعته وبيانا لغاية عتوهم وتماديهم فى الطغيان ناقَةَ اللَّهِ منصوب على التحذير وان لم يكن من الصور التي يجب فيها حذف العامل والناقة بالفارسية اشتر ماده أضيفت اليه تعالى للشريف كبيت الله اى ذروا ناقة الله الدالة على وحدانيته وكمال قدرته وعلى نبوتى واحذروا عقرها وَسُقْياها يعنى شربها وهو نصيبها من الماء ولا تطردوها عنه فى نوبتها فانها كان لها شرب يوم معلوم ولهم ولمواشيهم شرب يوم آخر وكانوا يستضرون بذلك فى مواشيهم فهموا بعقرها فَكَذَّبُوهُ اى رسول الله فى وعيده بقوله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فَعَقَرُوها اى الأشقى والجمع على تقدير وحدته لرضى الكل بفعله قال السهيلي العاقر قدار بن سالف وامه قديرة وصاحبه الذي شاركه فى عقر الناقة اسمه مصدع بن وهراوا بن جهم والعقر النحر وقدم التكذيب على العقر لأنه كان سبب العقر وفى الحديث قال عليه السلام لعلى يا على أتدري من أشقى الأولين قال الله رسوله اعلم قال عاقر الناقة قال أتدري من أشقى الآخرين قال الله ورسوله اعلم قال قاتلك وذلك أن الناقة اشارة الى ناقة الروح فكما أن عقرها بالظلمة النفسانية والشهوات الحيوانية من مزيد شقاوة النفس فكذا قتل على رضى الله عنه فانه كان مظهرا لروحانية نبينا عليه السلام ولذا كان وارثه الأكبر فى مقام الحقيقة فالقصد الى على الولي رضى الله عنه قصد الى محمد النبي عليه السلام ولا شقاوة فوق الشقاوة من قابل مظهر الرحمة الكلية بالغضب وانتقام فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فاطبق عليم العذاب وهو الصيحة الهائلة وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة إذا طلبت بالشحم وأحيطت بحيث لم يبق منها شىء لم يمسه الشحم ودم الشيء سده بالقير ودممت على القبر وغيره إذا أطبقت عليه ثم كررت الدال للمبالغة فى الإحاطة فالدمدمة من الدمدم كالكبكة من الكب قال فى كشف الاسرار تقول العرب دممت على فلان ثم تقول من المبالغة دممت بالتشديد ثم نقول من تشديد المبالغة دمدمت والتركيب يدل على غشيان الشيء الشيء بِذَنْبِهِمْ اى بسبب ذنبهم المحكي والتصريح بذلك مع دلالة الفاء عليه للانذار بعاقبة الذنب ليعتبر به كل مذنب فَسَوَّاها اى الدمدمة والإهلاك بينهم لم يفلت منهم أحد من صغير وكبير او فسوى ثمود بالأرض (روى) أنهم لما رأوا علامات العذاب طلبوا صالحا عليه السلام ان يقتلوه فانجاه الله كما قال فى سورة هود فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا وَلا يَخافُ عُقْباها الواو للاستئناف او للحال من المنوي فى فسواها الراجع الى الله تعالى اى فسواها الله غير خائف عاقبة الدمدمة

تفسير سورة الليل

ونبعتها او عاقبة هلاك ثمود كما يخاف سائر المعاقبين من الملوك والولاة فيترحم بعض الترحم وذلك أن الله تعالى لا يفعل الا بحق وكل من فعل بحق فانه لا يخاف عاقبة ولا يبالى بعاقبة ما صنع وان كان من شأنه الخوف وقال بعضهم ولا يخاف هو اى قدار ولا هم ما يعقب عقرها ويتبعه وما يترتب عليه من انواع البلاء والمصيبة والعقاب مع أن صالحا عليه السلام قد أخبرهم بها تمت سورة الشمس فى أوائل شهر ربيع الآخر تفسير سورة الليل احدى وعشرون آية مكية وقيل فيها مكى ومدنى بسم الله الرحمن الرحيم وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى إذا للحال لكونها بعد القسم كما مر فى السورة السابقة اى اقسم بالليل حين يغشى الشمس ويغطيها ويسترها كقوله والليل إذا يغشاها فعدم ذكر المفعول للعلم به او النهار او كل ما يواريه بظلامه فعدم ذكر المفعول للتعميم والليل عند اهل النجوم ما بين غروب الشمس وطلوعها وعند اهل الشرع ما بين غروبها وطلوع الفجر الصادق لعله المراد هنا والنهار ما يقابله (وفى كشف الاسرار) الله تعالى شب را مرتبتى وشرفى داد كه آنرا در قرآن مجيد محل قسم خود كردانيد واين شرف از ان يافت كه شب در آيد دوستان خدا تنها در مناجات شوند همه شب شراب صفا مى نوشند وخلعت رضا مى پوشند وعتاب محبوب مى نيوشند و چون وقت سحر باشد كه فرمان رسد تا درهاى اين قبه پيروزه باز كشايند ودامنهاى سراد قات عرش مجيد براندازند ومقربان حضرت بامر حق خاموش شوند آنكه جبار كائنات در علو وكبرياى خود خطاب كند كه الا قد خلا كل حبيب بحبيبه فاين احبائى يعنى هر دوستى با دوست خود در خلوت وشادى آمدند دوستان من كجااند الليل داج والعصاة نيام ... والعابدون لذى الجلال قيام وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ظهر بزوال ظلمة الليل اى ان كان المغشى غير الشمس او تبين وتكشف بطلوع الشمس اى ان كان المغشى الشمس واختلاف الفاصلتين بالمضي والاستقبال لما ذكرنا فى السورة السابقة وفيه اشارة الى القسم بليل غيب الهوية المطلقة إذا يغشى نهار التعينات الاعتبارية على اهل الذوق والشهود وبنور نهار الوجودات المقيدة إذا تجلى بسبب التعينات العقلية بالنسبة الى اهل الحجاب والاحتجاب وقال القاشاني اقسم بليل ظلمة النفس إذا ستر نور الروح إذا تجلى وظهر من اجتماعهما وجود القلب الذي هو عرش الرحمن فان القلب يظهر باجتماع هذين له وجه الى الروح يسمى الفؤاد يتلقى به المعارف والحقائق ووجه الى النفس يسمى الصدر يحفظ به السرائر ويتمثل فيه المعاني وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ما عبارة عن صفة العالم كما فى وما بناها وانها لتوغلها فى الإبهام أفادت أن الوصف الذي استعلمت هى فيه بالغ الى أقصى درجات القوة والكمال بحيث كان مما لا يكتنه كنهه وانه لا سبيل للعقل الى إدراكه بخصوصه وانما الممكن هو إدراكه بامر عام صادق واللامان للحقيقة ويجوز

[سورة الليل (92) : الآيات 4 إلى 7]

ان يكونا للاستغراق اى والقادر العظيم القدرة الذي خلق صنفى الذكر والأنثى من كل نوع له توالد فخرج مثل البغل والبغلة وقيل ان الله لم يخلق خلقا من ذوى الأرواح ليس بذكر ولا أنثى والخنثى وان أشكل امره عندنا فهو عند الله غير مشكل معلوم بالذكورة او الأنوثة فلو حلف بالطلاق انه لم يلق يومه ذكرا ولا أنثى وقد لقى خنثى مشكلا كان خانثا لأنه فى الحقيقة اما ذكر او أنثى وان كان مشكلا عندنا كما فى الكشاف وقيل انهما آدم وحواء عليهما السلام على أن اللام للعهد قال تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وعن ابن مسعود رضى الله عنه انه كان يقرأ والذكر والأنثى قال علقمة قدمنا الشام فاتانا ابو الدرداء رضى الله عنه فقال أفيكم من يقرأ قراءة عبد الله بن مسعود فاشاروا الى فقلت نعم انا فقال كيف يقرأ هذه الآية قلت سمعته يقرأ والذكر والأنثى قال وانا هكذا والله سمعت رسول الله عليه السلام يقرأها وهؤلاء يريدوننى على أن اقرأها وما خلق فلا اتابعهم وفيه اشارة الى الذكر الذي هو الروح والأنثى التي هى النفس وقد ولد القلب من ازدواجهما وعند بعض العارفين الليل ذكر والنهار أنثى كما سبق فى النازعات إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى جواب القسم والمصدر بمعنى الجمع لما عرف أن المصدر المضاف من صيغ العموم ولذلك اخبر عنه بالجمع وشتى جمع شتيت كمرضى ومريض وهو المفترق المتشتت والمعنى أن مساعيكم اى أعمالكم المختلفة حسب اختلاف الاستعدادات الازلية فبعضها حسن نافع خير صالح وبعضها قبيح ضار شر فاسد وفى الحديث الناس عاديان فمبتاع نفسه فمعتقها او بائع نفسه فموبقها قال القاشاني ان سعيكم أشتات مختلفة لانجذاب بعضكم الى جانب الروح والتوجه الى الخير لغلبة النورية وميل بعضكم الى جانب النفس والانهماك فى الشر لغلبة الظلمة وقال بعضهم باطن هذه الآية ان يرى سعيه قسمة من الحق له من قبل التكوين والتخليق لقوله تعالى نحن قسمنا بينهم معيشتهم وان السعى له مراتب كمراتب المتصلين بالسلطان من الندماء والجلساء واصحاب الاسرار فسعى بالنفوس لطلب الدرجات وبالعقول لطلب الكرامات وبالقلوب لطلب المشاهدات وبالأرواح لطلب المداناة وبالاسرار لفنائها فى أنوار الذات وبقائها فى أنوار الصفات وسعى بالارادة وبالمحبة وبالشوق وبالعشق وبالمعرفة الى غير ذلك فَأَمَّا تفصيل لنلك المساعى المتشتتة وتبيين لاحكامها مَنْ أَعْطى حقوق ماله وَاتَّقى محارم الله التي نهى عنها ومن جملتها المن والأذى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى بالخصلة الحسنى وهى الايمان او بالكلمة الحسنى وهى كلمة التوحيد او بالملة الحسنى وهى ملة الإسلام او المثوبة الحسنى وهى الجنة فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى معنى التيسير التهيئة لا ما يقابل التعسير ومنه قوله كل ميسر لما خلق له فلا حاجة الى أن يقال استعمل التيسير فى العسرى على المشاكلة كما فى قوله تعالى وجزاء سيئة او على حسب قوله تعالى فبشرهم بعذاب أليم يقال يسر الفرس للركوب إذا اسرجها وألجمها واليسرى تأنيث الأيسر والمعنى فسنهيئه ونوفقه للخصلة التي تؤدى الى يسر وراحة كدخول الجنة ومباديه وبالفارسية پس زود باشد كه آسانى دهيم ويرا براى طريقت نيكو كه سبب آسانى راحت باشد يعنى عملى كه او را به بهشت رساند. فوصف الخصلة

[سورة الليل (92) : الآيات 8 إلى 12]

باليسرى مجاز باعتبار كونها مؤدية الى اليسرى وفيه اشارة الى أن من طهر نفسه بالطاعة بالإقبال على الله والاعراض عن الدنيا واتقى فى عين تلك الطاعة عن نسبتها الى نفسه وصدق فى باطنه بالكلمة الحسنى فسنيسره للخصلة اليسرى وهى الوصول الى حضرتنا العليا وسرادقاتنا الكبرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ اى بماله فلم يبذله فى سبيل الخير والبخل إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه ويقابله الجود وَاسْتَغْنى زهد فيما عنده تعالى اى لم يرغب كأنه مستغن عنه فلم يتق او استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة فلم يتق فيكون الاستغناء مستتبعا لعدم الاتقاء الذي هو مقابل الاتقاء فى الآية الاولى وبه يحصل التقابل بينهما وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى اى ما ذكر من المعاني المتلازمة فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اى فسنهيئه للخصلة المؤدية الى العسر والشدة كدخول النار ومقدماته لاختياره لها وبالفارسية پس مهيا كردانيم مرورا براى صفتى كه مؤدى بدشوارى ومحنت بود يعنى كردارى كه او را بدوزخ برد. ولعل تصدير القسمين بالإعطاء والبخل مع أن كلا منهما ادنى رتبة مما بعدهما فى استتباع التيسير لليسرى والتيسر للعسرى للايذان بان كلا منهما اصيل فيما ذكر لانتمة لما بعدهما من التصديق والتقوى والتكذيب والاستغناء والظاهر أن السين للدلالة على الجزاء الموعود بمقابلة الطاعة والمعصية وهو يكون فى الآخرة التي هى امر متراخ منتظر فادخلت السين وهى حرف التراخي ليدل بذلك على أن الوعد آجل غير حاضر كذا فى بعض التفاسير وفيه اشارة الى أن من بخل فى نفسه بالطاعة والعبادة الروحية والسرية والقلبية واستغنى عن الإقبال علينا وكذب بالحسنى التي أعطيناها إياه من سلامة الأعضاء والجوارح والجاه والمال فسنيسره للعسرى وهى البعد عنا والطرد واللعن ودخول نار الحجاب وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ اى شيأ من العذاب فالمفعول محذوف او اى شىء يغنى عنه ماله الذي يبخل به اى لا يغنى شيأ فما مفعول يغنى والاستفهام للانكار إِذا تَرَدَّى اى هلك ومات تفعل من الردى للمبالغة والردى كالعصا وهو الهلاك قال الراغب الردى الهلاك والتردي التعرض للهلاك انتهى او تردى وسقط فى الحفرة إذا قبر او تردى فى قعر جهنم فالمال الذي ينتفع به الإنسان فى الآخرة وقت حاجته هو الذي اعطى حقوقه وقدمه دون الذي بخل به وتركه لوارثه وفيه اشارة الى أنه إذا تردى وتصدى لمخالفتنا وموافقته الطبيعة البشرية اى شىء له يخلصه من غضبنا وقهرنا عند نجلينا له بصورة القهر والنقمة إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى استئناف مقرر لما قبله اى ان علينا بموجب قضائنا المبنى على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة ان نبين لهم طريق الهدى وما يؤدى اليه من طريق الضلال وما يؤدى اليه وقد فعلنا ذلك بما لا مزيد عليه حيث بينا حال من سلك كلا الطريقين ترغيبا وترهيبا ومن هنا تبين أن الهداية هى الدلالة على ما يوصل الى البغية لا الدلالة الموصلة إليها قطعا وان المراد بالوجوب المفهوم من على الوجوب بموجب القضاء ومقتضى الحكمة فلا تكون الآية بظاهرها دليلا على وجوب الأصلح عليه تعالى كما يزعم المعتزلة قال القاشاني ان علينا للهدى بالإرشاد إلينا بنور العقل والحس والجمع بين الادلة العقلية

[سورة الليل (92) : الآيات 13 إلى 21]

والسمعية والتمكين على الاستدلال والاستبصار وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى اى التصرف الكلى فيهما كيفما نشاء من الافعال التي من جملتها ما وعدنا من التيسير لليسرى والتيسير للعسرى فَأَنْذَرْتُكُمْ خوفتكم بالقرءان وبالفارسية پس بيم كنم شما را. اى يا اهل مكة ناراً از آتشى كه تَلَظَّى زبانه زند وهو بحذف احدى التاءين من تتلظى اى تتلهب فان النار مؤنث وصفت به ولو كان ماضيا لقيل تلظت مع أن المراد بوصفها دوام التلظي بالفعل الاستمراري وفى بعض التفاسير المراد من أنذرتكم إنشاء الانذار كقولهم بعت واشتريت او اخبار يراد به الانذار السابق فى مثل قوله تعالى فى سورة المدثر سأصليه سقر وما ادراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر فانها أول سورة نزلت عند الأكثرين وهذا أشد تخويفا من أن يقال خافوا واتقوا نارا تلظى لا يَصْلاها صليا لازما ولا يقاسى حرها إِلَّا الْأَشْقَى الزائد فى الشقاوة وهو الكافر فانه أشقى من الفاسق وفى كشف الاسرار يعنى الشقي والعرب تسمى الفاعل افعل فى كثير من كلامهم منه قوله تعالى وأنتم الأعلون وقوله واتبعك الأرذلون انتهى فالفاسق لا يصلاها صليا لازما ولا يدخلها دخولا ابديا وقد صرح به قوله تعالى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى اى كذب بالحق واعرض عن الطاعة وليس هذا الا الكافر وَسَيُجَنَّبُهَا اى سيبعد عنها بحيث لا يسمع حسيسها والفاعل المجنب المبعد هو الله وبالفارسية وزود بود كه دور كرده شود از ان آتش الْأَتْقَى المبالغ فى الاتقاء عن الكفر والمعاصي فلا يحوم حولها فضلا عن دخولها او صليها الابدى واما من دونه ممن يتقى الكفر دون المعاصي وهو المؤمن الشقي الفاسق الغير التائب فلا يبعد عنها هذا التبعيد بل يصلاها وان لم يذق شدة حرها كما ذاق الكافر لكونه فى الطبقة الفوقانية من طبقات النار فذلك لا يستلزم صليها بالمعنى المذكور فلا يقدح فى الحصر السابق وفى كشف الاسرار الأتقى بمعنى التقى كالاشقى بمعنى الشقي قال الشاعر تمنى رجال ان أموت وان امت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد اى بواحد انتهى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يعطيه ويصرفه فى وجوه البر والحسنات يَتَزَكَّى اما بدل من يؤتى داخل فى حكم الصلة لا محل له او فى حيز النصب على انه حال من ضمير يؤتى اى يطلب ان يكون عند الله زاكيا ناميا لا يريد به رياء ولا سمعة او متزكيا متطهرا من الذنوب ومن دنس البخل ووسخ الإمساك وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى استئناف مقرر لكون ايتائه للتزكى خالصا لوجه الله اى ليس لاحد عنده نعمة ومنة من شأنها ان تجزى وتكافأ فيقصد بايتاء ما يؤتى مجازاتها إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى استثناء منقطع من نعمة لان ابتغاء وجه ربه ليس من جنس نعمة تجزى فالمعنى لكن فعل ذلك ابتغاء وجه ربه الأعلى اى لابتغاء ذاته وطلب رضاه فهو فى الحقيقة مفعول له وما آتى من المال مكافأة على نعمة سالفة فذلك يجرى مجرى أداء الدين فلا يكون له دخل فى استحقاق مزيد الثواب وانما يستحق الثواب إذا كان فعله لاجل ان الله امره به وحثه

عليه ومعنى الأعلى العلى الرفيع فوق خلقه بالقهر والغلبة كما قاله ابو الليث وقال القاشاني وصف الوجه الذي هو الذات الموجودة مع جميع الصفات بالأعلى لان لله تعالى بحسب كل اسم وجها يتجلى به لمن يدعوه بلسان حاله بذلك الاسم ويعبده باستعداده والوجه الأعلى هو الذي له بحسب اسمه الأعلى الشامل لجميع الأسماء وان جعلته وصفا لرب فالرب هو ذلك الاسم انتهى والآية نزلت فى حق ابى بكر الصديق رضى الله عنه حين اشترى بلالا رضى الله عنه فى جماعة كعامر بن فهيرة وأخيه وعبيد وزنيرة كسكينة وهى مملوكة رومية وابنتها أم عميس وامة بنى المؤمل والنهدية ابنتها وكانت زنبرة ضعيفة البصر فقال المشركون اذهب اللات والعزى بصرها لما خالقت دينهما فرد الله بصرها بعد ذلك وكان المشركون يؤذون هؤلاء المذكورين ليرتدوا عن الإسلام فاشتراهم ابو بكر فأعنقهم ولذلك قالوا المراد بالأشقى ابو جهل او أمية بن خلف. در كشف الاسرار آورده كه اين سوره درباره دو كس است يكى اتقى كه پيشرو صديقانست يعنى ابو بكر رضى الله عنه ويكى أشقى كه پيشرو زنديقانست زاهل ضلالت يعنى ابو جهل ودر فاتحه اين سوره كه بشب وروز قسم ياد ميكند اشارتست بظلمت يكى ونورانيت ديكر يعنى در شب ضلالت كسى را آن كمراهى نبود كه ابو جهل شقى را ودر روز دعوت هيچكس را ان نور هدايت ظاهر نشد كه ابو بكر تقى را سر روشند لان صديق أعظم ... كه شد إقليم تصديقش مسلم ز مهرش روز دين را روشنايى ... بدو اهل يقين را آشنايى آورده اند كه أمية بن خلف بلال را كه بنده او بود بانواع آزارها عذاب ميكرد تا از دين بركردد وهر زمان آتش محبت ربانى در باطن او افروخته تر بود آنجا كه منتهاى كمال ارادتست ... هر چند جور پيش محبت زيادتست روز صديق ديد كه أمية ويرا بر خاك كرم افكنده بود وسنكهاى تفسيده بر سينه وى نهاده واو درين حال أحد أحد ميكفت يعنى يقول امية لا تزال هكذا حتى تموت او تكفر بمحمد وهو يقول أحد أحد. ابو بكر را دل برو بسوخت وكفت اى أمية واى بر تو اين دوست خدايرا چند عذاب كنى كفت اى أبا بكر اگر دلت برو ميسوزد از منش بخر. وفى رواية مر النبي عليه السلام ببلال بن رباح الحبشي وهو يقول أحد فقال عليه السلام أحد يعنى الله الأحد ينجيك ثم قال لأبى بكر رضى الله عنه ان بلالا يعذب فى الله فعرف مراده عليه السلام فانصرف الى منزله فاخذ رطلا من ذهب ومضى به الى امية بن خلف فقال له أتبيعني بلالا قال نعم فاشتراه وأعتقه فقال المشركون ما اعتقه ابو بكر الا ليد كانت له عنده فنزلت وقال ابن مسعود رضى الله عنه وقد اشتراه ببرد وعشر أواق جمع اوقية وهى أربعون درهما وكان مدفونا تحت الحجارة فقالوا لو أبيت الا اوقية لبعناك فقال ولو أنتم أبيتم الا بمائة اوقية لاشتريته بها وقيل كان عبدا لعبد الله بن جدعان سلح على أصنام قوم اى

[سورة الليل (92) : آية 21]

تغوط فشكوا اليه فوهبه لهم مع مائة من الإبل قربانا لها فعذبوه فى الرمضاء أشد العذاب وفى رواية ابن المسيب بل ابتاعه من امية بغلام له اسمه نسطاس بكسر النون صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش وهو مشرك بعد ما حمله ابو بكر على السلام على ان يكون ماله له (كما قال الكاشفى) صديق رضى الله عنه كفت يا أمية بچند ميفروشى كفت عوض ميكننم آنرا به نسطاس رومى وآن غلامى بود از ان صديق رضى الله عنه در هزار دينار استعداد داشت وصديق رضى الله عنه او را كفته بود كه اگر ايمان آرى آن مال كه دارى بتو بخشم نسطاس مسلمان نمى شد ودل مبارك صديق رضى الله عنه ازو ملول بود چون اين كلمه از أمية شنيده غنيمت شمرده نسطاس را با تمام استعداد بداد وبلال را بستد وفى الحال باميد نواب اخروى آزاد كرد وفى الحديث يرحم الله أبا بكر زوجنى ابنته وحملنى الى دار الهجرة وأعتق بلالا من ماله وكان عمبر بن الخطاب رضى الله عنه يقول بلال سيدنا ومولى سيدنا وهو نظير قوله عليه السلام سلمان منا أهل البيت فانظر الى شرف التقوى كيف ادخل الموالي فى الاشراف ولا تغتر بالنسب المجرد فانه خارج عن حد الانصاف وقال السهيلي رحمه الله قال لابى بكر رضى الله عنه أبوه لو اشتريت من له نجدة وقوة فيتعصب لك وينفعك كان اجدى من ابتياع الضعفة واعتاقهم فأنزل الله هذه الآية وفهم مما ذكر أن أعلى الإعطاء فضيلة ما يكون لرضى الله وأوسطه ما يكون لعوض اخروى وأدناه ما يكون لغرض دنيوى مباح واما ما يكون للرياء والسمعة او لغير ذلك مما ليس بمباح فهو أخس وأقبح وقوله عليه السلام من صنع إليكم معروفا فكافئوه فان لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له يدل على ان المكافأة مشروعة ممدوحة لكنها ليست بدرجة ابتغاء المرضاة وَلَسَوْفَ يَرْضى جواب قسم مضمر اى وبالله لسوف يرضى ذلك الأتقى الموصوف بما ذكر وبالفارسية وزود باشد كه خشنود كردد. وهو وعد كريم بنيل جميع ما يبتغيه على أكمل الوجوه وأجملها إذ به يتحقق الرضى قال بعضهم اى يرضى الله عنه ويرضى هو بما يعطيه الله فى الآخرة من الجنة والكرامة والزلفى جزاء على ما فعل ولم ينزل هذا الوعد الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله ولسوف يعطيك ربك فترضى ولابى بكر رضى الله عنه هاهنا قال البقلى هذا الرضى لا يكون من المعارف حتى يفنى فى المعروف ويتصف بصفاته حتى يكون نعته فى الرضى نعت الحق سبحانه وتعالى تفسير سورة الضحى احدى عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالضُّحى هو وقت ارتفاع الشمس وصدر النهار أريد بالضحى الوقت المذكور على المجاز بعلاقة الحلول والظرفية فان الزمان ظرف لما فيه او على تقدير المضاف وذلك التجوز او الحذف ليناسب الليل قالوا تخصيصه بالاقسام به لانها الساعة التي كلم الله فيها موسى عليه السلام وألقى فيها السحرة سجدا لقوله تعالى وان يحشر الناس ضحى فكان له بذلك شرف

[سورة الضحى (93) : الآيات 2 إلى 3]

ومناسبة بحال المقسم لاجله وصلاة الضحى سنة بالاتفاق ووقتها إذا علت الشمس الى قبيل وقت الزوال وهى عند ابى حنيفة ركعتان او اربع بتسليمة وعند مالك لا تنحصر وعند الشافعي واحمد أقلها ركعتان واختلف فى أكثرها فقال الشافعي ثنتا عشرة وقال احمد ثمان وهو الذي عليه الأكثرون من اصحاب الشافعي وصححه النووي فى التحقيق وقد صح ان النبي عليه السلام صلى صلاة الضحى يوم فتح مكة ثمانى ركعات وهو فى بيت أم هانئ وكان يصلى صلاة الضحى قبل ذلك ايضا وَاللَّيْلِ اى وجنس الليل قال ابن خالويه هو نسق على الضحى لاقسم لانه يصلح ان يقع فى موضع الواو ثم او الفاء بأن يقال ثم الليل مثلا وثم لا يكون قسما إِذا سَجى اى سكن أهله على المجاز من قبيل اسناد الفعل الى زمانه او ركد ظلامه واستقر وتناهى فلا يزداد بعد ذلك يعنى ان سكون ظلامه عبارة عن عدم تغيره بالاشتداد والتنزل وذلك حين اشتد ظلامه وكمل فيستقر زمانا ثم يشرع فى التنزل فاسناد سكون الظلمة الكائنة اليه مجاز أيضا يقال سجا البحر سجوا إذا سكنت أمواجه وليلة ساجية ساكنة الريح وقيل معناه سكون الناس والأصوات وعن جعفر الصادق رضى الله عنه ان المراد بالضحى هو الضحى الذي كلم الله فيه موسى وبالليل ليلة المعراج. وصاحب كشف الاسرار كفته مراد از روز وشب كشف وحجابست كه نشانه نسيم لطف وسموم قهر بود وعلامه أنوار جمال وآثار جلال. كما قال الجنيد قدس سره والضحى مقام الشهود والليل إذا سجا مقام الغين الذي قال عليه السلام فيه انه ليغان على قلبى. يا اشارتست بروشنى وروى حضرت مصطفى عليه السلام وكنايتست از سياهى موى وى والضحى رمزى ز روى همچوماه مصطفى ... معنئ والليل كيسوى سياه مصطفى ويقديم الليل فى السورة المتقدمة باعتبار الأصل لان النهار انما يحدث بطلوع النير وبغروبه يعود الهولء الى حالته الاصلية ولذا قدم الظلمة فى قوله وجعل الظلمات والنور وتقديم النهار باعتبار الشرف الذاتي والعارضى فان قيل ما السبب فى انه ذكر الضحى وهو ساعة من النهار وذكر الليل بكليته أجيب بأنه وان كان ساعة من النهار لكنه يوازى جميع الليل كما ان محمدا عليه السلام يوازى جميع الأنبياء عليهم السلام وبأن النهار وقت السرور والراحة والليل وقت الوحشة والغم فهو اشارة الى ان هموم الدنيا اكثر من سرورها فان الضحى ساعة والليل له ساعات (روى) ان الله تعالى لما خلق العرش أظلت غمامة سوداء عن يساره ونادت ماذا أمطر فاجيبت أن امطرى الهموم والأحزان مائة سنة ثم انكشفت فامرت مرة اخرى بذلك وهكذا الى تمام ثلاثمائة سنة ثم بعد ذلك أظلت عن يمين العرش غمامة بيضاء ونادت ما أمطر فأجيبت ان امطرى السرور ساعة فلهذا السبب ترى الغموم والأحزان دائمة كثيرة والسرور قليلا ونادرا ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ جواب القسم والتوديع مبالغة فى الوداع وهو الترك لان من ودعك مفارقا فقد بالغ فى تركك والوداع هو الاعلام

[سورة الضحى (93) : آية 4]

بالفراق وقال الراغب اصل التوديع من الدعة وهو أن يدعو للمسافر بأن يتحمل الله عنه كآية السفر وان يبلغه الدعة والخفض كما ان التسليم دعاء له بالسلامة فصار ذلك متعارفا فى تشييع المسافر وتركه وعبربه عن الترك فى الآية والمعنى ما قطعك قطع المودع وما تركك بالحط عن درجة الوحى والقرب والكرامة ففيه استعارة تبعية واشارة الى ان الرب لا يترك المربوب وَما قَلى اى وما أبغضك والإبغاض دشمن داشتن. والقلى شدة البغض يقال قلا زيدا يقلوه أبغضه من القلو وهو الرمي كما يقال قلت الناقة براكبها رمت به فكان المقلو هو الذي يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله وقلاه وقليه يقليه ويقلاه أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه او قلاه فى الهجر وقليه فى البغض كما فى القاموس فمن جعله من اليائى فمن قليت البسر والسويق على المقلى كما فى المفردات ولعل عطف وما قلى من عطف السبب على المسبب لافادة التعليل وحذفت الكاف من قلاك لدلالة الكلام عليه ولمراعاة الفواصل (روى) ان الوحى تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر يوما لتركه الاستثناء وذلك ان مشركى قريش أرسلوا الى يهود المدينة وسألوهم عن امر محمد عليه السلام فقالت لهم اليهود سلوه عن اصحاب الكهف وعن قصة ذى القرنين وعن الروح فان أخبركم عن قصة أهل الكهف وقصة ذى القرتين ولم يخبركم عن امر الروح فاعلموا انه صادق فجاءه المشركون وسألوه عنها فقال عليه السلام لهم ارجعوا سأخبركم غدا ولم يقل ان شاء الله فاحتبس الوحى عنه أياما فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه او ان جبريل ابطأ فشكا عليه السلام ذلك الى خديجة فقالت خديجة لعل ربك قد قلاك فنزل جبريل بقوله تعالى ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله فاخبره بما سئل عنه وقد سبق فى سورة الكهف ونزل ايضا بقوله تعالى ما دعك ربك وما قلى ردا على المشركين وتبشيرا له عليه السلام بأن الحبيب لا يقلى الحبيب وانه تعالى يواصله بالوحى والكرامة فى الدنيا مع ان ما سيؤتيه فى الآخرة أجل وأعظم من ذلك ما تنبئ عنه الآية الآتية (وروى) ان جروا دخل البيت فدخل تحت السرير فمات فمكث نبى الله أياما لا ينزل عليه الوحى فقال لخادمته خولة يا خولة ما حدث فى بيتي ان جبريل لا يأتينى قالت خولة فكنست البيت فأهويت بالمكنسة تحت السرير فاذا جروميت فأخذته فالقيته خلف الجدار فجاء نبى الله ترتعد لحياه وكان إذا نزل عليه الوحى استقبلته الرعدة فقال يا خولة دثرينى فانزل الله هذه السورة فلما نزل جبريل سأله النبي عليه السلام عن سبب تأخيره فقال اما علمت انا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة وقيل غير ذلك وفيه اشارة الى انه عليه السلام وقع منه ما هو ترك الاولى ولذا لم يكن ممقوتا ولا مبغوضا وانما احتبس عنه الوحى للتربية والإرشاد وفى التأويلات النجمية ما ودعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك وما قلى بقطع فيض الولاية عن باطنك وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى لما انها باقية صافية عن الشوائب على الإطلاق والاولى اى الدنيا لانها خلقت قبل الآخرة فانية مشوبة بالمضار فالمراد بالآخرة والاولى كراماتهما واللام فى وللآخرة لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة وفى التأويلات النجمية يعنى احوال

[سورة الضحى (93) : الآيات 5 إلى 11]

نهايتك أفضل وأكمل من افعال بدايتك كما اخبر بقوله اليوم أكملت لكم دينكم الآية لانه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة فى جو سماء السير ويترقى فى مقامات القرب والكرامة وهكذا حال ورثته وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ اللام للابتدآء دخلت الخبر لتأكيد مضمون الجملة والمبتدأ محذوف تقديره ولانت سوف يعطيك ربك لان لام الابتداء لا تدخل الأعلى الجملة الاسمية وليست للقسم لانها لا تدخل على المضارع الا مع النون المؤكدة وجمعها مع سوف للدلالة على ان الإعطاء كائن لا محالة وان تراخى لحكمة يعنى ان لام الابتداء لما تجردت للدلالة على التأكيد وكانت السين تدل على التأخير والتنفيس حصل من اجتماعهما ان العطاء المتأخر لحكمة كائن لا محالة وكانت اللام لتأكيد الحكم المقترن بالاستقبال فَتَرْضى ما تعطاه مما يطمئن به قلبك يعنى شندان عطار ارزانى دارد كه تو كويى بس ومن راضى شدم. وهو نسق على ما قبله بالفاء والآية عدة كريمة شاملة لما إعطاء الله فى الدنيا من كمال النفس وعلوم الأولين والآخرين وظهور الأمر وإعلاء الدين بالفتوحات الواقعة فى عصره عليه السلام وفى خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الاسلامية وفشو الدعوة والإسلام فى مشارق الأرض ومغاربها ولما ادخر له من الكرامات التي لا يعلمها الا الله تعالى وقد انبأ عن سمة منها قوله عليه السلام لى فى الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترا بها المسك. ودر كوشكى از خدم وحور ونعم وأمتعة وآنچهـ لايق آن بود. روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة رضى الله عنها وعليها كساء من وبر الإبل وهى تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عيناه لما أبصرها فقال يا بنتاه تعجلى مرارة الدنيا الحلاوة الآخرة فقد انزل الله ولسوف يعطيك ربك فترضى. امام محمد باقر رضى الله عنه در كوفه مى فرموده كه أهل عراق شما ميكوييد كه اميدوارترين آيتي از قرآن اينست كه لا تقنطوا من رحمه الله وما أهل البيت برآنيم كه اميد در آيت ولسوف يعطيك ربك فترضى بيشترست يعنى أرجى آية عند أهل البيت هذه الآية چهـ رسول الله صلى الله عليه وسلم راضى نشود كه يكى از امت وى در دوزخ باشد نماند بدوزخ كسى در كرو ... كه دارد چوتو سيدى پيشرو عطاى شفاعت چنانش دهند ... كه امت تمامى زدوزخ رهند وفى الحديث اشفع لامتى حتى ينادى لى أرضيت يا محمد فاقول رب قد رضيت وقال الفهري ومما يرضيه فيه بعد إخراج كل مؤمن ان لا يسوءه فى امه وأبيه وان منع الاستغفار لهما واذن له فى زيارة قبرهما فى وقت دون وقت لانهما من أهل الفترة وقال سبحانه وما كنا معذبين حتى تبعث رسولا ومن لم يقنعه هذا فحظ المؤمن منهما الوقف فيهما وان لا يحكم عليهما بنار الا بنص كتاب او سنة او اجماع الامة بخلاف ما ثبت فى عمه ابى طالب انتهى كلامه فى التفسير المسمى بفتح الرحمن وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أقمت بمدينة قرطبة بمشهد فأرانى الله اعيان رسله من لدن آدم الى نبينا عليه وعليهم السلام فخاطبنى منهم هود عليه السلام

[سورة الضحى (93) : آية 6]

وأخبرني بسبب جمعيتهم وهو أنهم اجتمعوا شفعاء للحلاج الى نبينا محمد عليه السلام وذلك انه كان قد أساء الأدب بأن قال فى حياته الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم همته دون منصبه قيل له ولم ذلك قال لان الله تعالى قال ولسوف يعطيك ربك فترضى فكان من حقه ان لا يرضى الا ان يقبل الله شفاعته فى كل كافر ومؤمن لكنه ما قال الا شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي فلما صدر منه هذا القول جاءه رسول الله فى واقعته وقال له يا منصور أنت الذي أنكرت على فى الشفاعة فقال يا رسول الله قد كان ذلك قال ألم تسمع انى قد حكيت عن ربى عز وجل إذا أحببت عبدا كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا فقال بلى يا رسول الله قال فاذا كنت حبيب الله كان هو لسانى القائل فاذا هو الشافع والمشفوع اليه وانا عدم فى وجوده فاى عتاب على يا منصور فقال يا رسول الله انا تائب من قولى هذا فما كفارة ذنبى قال قرب نفسك لله قربانا قال فكيف قال اقتل نفسك بسيف شريعتى فكان من امره ما كان ثم قال هود عليه السلام وهو من حيث فارق الدنيا محجوب عن رسول الله والآن هذه الجمعية لاجل الشفاعة له اليه صلى الله عليه وسلم وكانت المدة بين مفارقته الدنيا وبين الجمعية المذكورة اكثر من ثلاثمائة سنة قال بعض العارفين الحقيقة المحمدية أصل مادة كل حقيقة ظهرت ومظهرها أصل مادة كل حقيقة تكونت واليه يرجع الأمر كله قال تعالى ولسوف يرضى ولا يكون رضاه الا بعود ما تفرق منة اليه فأهل الجمال يجتمعون عند جماله وأهل الجلال يجتمعون عند جلاله وقال ابن عطاء قدس سره كأنه يقول لنبيه أفترضى بالعطاء عوضا عن المعطى فيقول لا فقيل له وانك لعلى خلق عظيم اى على همة جليلة إذ لم يؤثر فيك شىء من الأكوان ولا يرضيك شىء منها وقال بعضهم كم بين من يتكلف ليرضى ربه وبين من يعطيه ربه ليرضى وقال القاشاني ولسوف يعطيك ربك الوجود الحقانى لهداية الخلق والدعوة الى الحق بعد الفناء الصرف فترضى به حيث ما رضيت بالوجود البشرى والرضى لا يكون الا حال الوجود وفى التأويلات النجمية اى يظهر عليك بالفعل ما فى قوة استعدادك من انواع الكمالات الذاتية واصناف الكرامات الصفاتية والاسمائية أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً مات أبواك فَآوى جواب ألم او نسق قاله ابن خالويه اى قد وجدك ربك والوجود بمعنى العلم ويتيما مفعوله الثاني اى الم يعلمك الله يتيما فجعل لك مأوى تأوى اليه يقال أوى فلان الى منزله يأوى أو يا على فعول رجع ولجأ وآويته انا إيواء والمأوى كل مكان يأوى اليه شىء ليلا او نهارا اى يرجع وينزل ويجوز ان يكون الوجود بمعنى المصادفة ويتيما حال من مفعوله يعنى على المجاز بان يجعل تعلق العلم الوقوعى الحالي مصادفة والا فحقيقة المصادفة لا تمكن فى حقه تعالى (روى) أن أباه عبد الله ابن عبد المطلب مات وهو عليه السلام جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت امه وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه ابو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته وذلك إيواؤه وقال بعضهم لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع جده عبد المطلب ومع امه آمنة فهلكت امه آمنة وهو ابن ست سنين ثم مات جده بعد امه بسنتين ورسول الله ابن ثمان سنين ولما شرف جده عبد المطلب على الموت اوصى به عليه السلام أبا طالب لأن عبد الله وأبا طالب كانا من أم واحدة فكان ابو طالب هو الذي تكفل

[سورة الضحى (93) : آية 7]

رسول الله الى ان بعثه الله للنبوة فقام بنصره مدة مديدة ثم توفى ابو طالب فنال المشركون منه عليه السلام ما لم ينالوا فى زمان ابى طالب اى آذوه وكان عليه السلام يقول كنت يتيما فى الصغر وغريبا فى الكبر وكان يحب الأيتام ويحسن إليهم وفى الحديث من ضم يتيما وكان فى نفقته وكفاه مؤونته كان له حجابا من النار ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة وانما جعله الله يتيما لئلا يسبق على قلب بشر ان الذي نال من العز والشرف والاستيلاء كان عن تظاهر نسب او توارث مال او نحو ذلك وفى التأويلات النجمية الم يجدك يتيما اى رآك يتيما فآواك الى صدف النبوة ومشكاة الولاية. بس كه غواص قدم در تك درياى عدم ... غوطه زد تا بكف آورد چنين در يتيم يا ديد ترا كوهرى يكانه كه بكمال قابليت از همه كائنات منفرد بودى وبقطع علاقة نسبت از ما سوى متوحد ترا متمكن ساخته در حضرت احديت جمع كه مقام خاص تست. وفى الكشاف ومن بديع التفاسير أنه من قولهم درة يتيمة وان المعنى الم يجدك واحدا فى قريش عديم النظير اى فى العز والشرف فآواك فى دار أعدائك فكنت بين القوم معصوما محروسا وَوَجَدَكَ ضَالًّا معنى الضلال فقدان الشرائع والخلو عن الاحكام التي لا يهتدى إليها العقول بل طريقها السماع كما فى قوله تعالى ما كنت تدرى ما الكتاب يعنى راه نيافته بودى باحكام وشرائع. واليه يؤول معنى الغيبوبة فان ضل يجيئ بمعنى غاب كما فى قوله شربت الإثم حتى ضل عقلى. اى شربت الخمر حتى غاب عقلى وغلب قال الراغب يقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان او سهوا يسيرا كان او كثيرا ولذا نسب الضلال الى الأنبياء والى الكفار وان كان بين الضلالين بون بعيد ألا ترى أنه قال فى النبي عليه السلام ووجدك ضالا فهدى اى غير مهتد لما سبق إليك من النبوة وقال فعلتها إذا وانا من الضالين وقال ان أبانا لفى ضلال مبين تنبيها على ان ذلك منهم سهو انتهى هذا واحذر عن الاساءة فى العبارة فَهَدى اى فهداك الى مناهج الشرائع فى تضاعيف ما اوحى إليك من الكتاب المبين وعلمك ما لم تكن تعلم قدم هذا الامتنان على الأخير لان ابتداءه بعد زمان اليتم وقت التكليف فانه عليه السلام كان موفقا للنظر الصحيح حينئذ ولهذا لم يعبد صنما قط ولم يأت بفاحشة وفى الاسئلة المقحمة معناه ووجدك بين ضالين فهداهم بك فعلى هذا يكون الضلال صفة قومه يقال رجل ضعيف إذا ضعف قومه وفى التأويلات النجمية اى متحيرا فى تيه الالوهية فهدى الى كمال المعرفة بالصحو بعد المحو والسكر والضلال الحيرة كما قال انك لفى ضلالك القديم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام ضل فى شعاب مكة حال صباه وكان عبد المطلب يطلبه ويقول متعلقا بأستار الكعبة يا رب فاردد ولدي محمدا ... ردا الى واصطنع عندى يدا فوجده ابو جهل فرده الى عبد المطلب فمن الله عليه حيث خلصه على يدى عدوه فكان فى ذلك نظير موسى عليه السلام حين التقط فرعون تابوته ليكون له عدوا وحزنا وقيل

[سورة الضحى (93) : الآيات 8 إلى 10]

غير ذلك وَوَجَدَكَ عائِلًا اى فقيرا يؤبده ما فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عديما يقال عال يعيل عيلا وعيلة افتقر اى فاعناك بمال خديجة رضى الله عنها او بما أفاء عليه من الغنائم حتى كان عليه السلام يهب المائة من الإبل وفى الحديث جعل رزقى تحت ظل رمحى وفيه اشارة الى أنه عليه السلام لو كان متمولا من أول الأمر لكان يسبق الى بعض الأوهام انه انما وجد العز والغلبة بسبب المال فلما علا كل العلو على الأغنياء والملوك علم أنه كان من جهة الحق وقيل قنعك واغنى قلبك قال عليه السلام ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ولذا قال الراغب اى أزال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الأكبر المعنى بقوله عليه السلام الغنى غنى النفس وقيل ما عال مقتصد اى ما افتقر وفى التأويلات النجمية اى فقيرا فانيا عن انيتك وانانيتك بحسب استعدادك القديم فاغنى بالبقاء بوجوده وجوده وأسمائه وصفاته انتهى فالفقر الحقيقي هو التخلي عما سوى الله وبذل الوجود وما يتبعه وهو الذي وقع الافتخار به قال الامام القشيري رحمه الله إغناء الله عبادة على قسمين فمنهم من يغنيهم بتنمية أموالهم وهم العوام وهو غنى مجازى ومنهم من يغنيهم بتصفية أحوالهم وهم الخواص وهو الغنى الحقيقي لأن احتياج الخلق الى همة صاحب الحال اكثر من احتياجهم الى نعمة صاحب المال ثم المراد من تعداد هذه النعم ليس الامتنان بل تقوية قلبه عليه السلام للاطمئنان بعد التوديع فَأَمَّا الْيَتِيمَ منصوب بقوله فَلا تَقْهَرْ والفاء سببية ليست بمانعة قال الرضى يتقدم المفعول به على الفعل ان كان المنصوب معمولا لما يلى الفاء التي فى جواب اما إذا لم يكن له منصوب سواه نحو قوله فاما اليتيم فلا تقهر لأنه لا بد من نائب مناب الشرط المحذوف بعد اما والقهر الغلبة والتذليل معا ويستعمل فى كل واحد منهما قال الراغب قوله فلا تقهر اى لا تذلله وقال غير فلا تغلبه على ماله وحقه لضعفه. وقدر ايشان بشناس كه شربت يتيمى چشيده. وكانت العرب تأخذ اموال اليتامى وتظلمهم حقوقهم وفى الحديث إذا بكى اليتيم وقعت دموعه فى كف الرحمن فيقول من ابكى هذا اليتيم الذي واريت والده تحت الثرى من أسكته اى أرضاه فله الجنة. الا تا نكويد كه عرش عظيم ... بلرزد همى چون بگريد يتيم وقال مجاهد لا تحتقر فان له ربا ينصره وقرئ فلا تكهر اى فلا تعبس فى وجهه وفى التأويلات النجمية اى لا تقهر يتيم نفسك بكثرة الرياضة والمجاهدة من الجوع والسهر فان نفسك مطيتك وان لنفسك عليك حقا كما قال طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ النهر والانتهار الزجر بمغالظة اى فلا تزجر ولا تغلظ له القول بل رده ردا جميلا يعنى بانك بر وى مزن ومحروم مساز كه درد بي نوايى وتنكدستى كشيده. وهذا الثاني بمقابلة الأخير وهو ووجدك عائلا فأغنى لمراعاة الفواصل والآية بينة لجميع الخلق لأن كل واحد من الناس كان فقيرا فى الأصل فاذا أنعم الله عليه وجب ان يعرف حق الفقراء.

[سورة الضحى (93) : آية 11]

نه خواهنده بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده از در مران قال ابراهيم بن أدهم قدس سره القوم السؤال يحملون زادنا الى الآخرة وقال ابراهيم النخعي السائل يريد الآخرة يجيئ الى باب أحدكم فيقول أتبعثون الى أهليكم بشئ (وروى) ان عثمان بن عفان رضى الله عنه اهدى الى رسول الله عليه السلام عنقود عنب فجاء سائل فاعطاه ثم اشتراه عثمان بدرهم وقدمه الى رسول الله ثانيا ثم عاد السائل فاعطاه ففعل ذلك ثالثا فقال عليه السلام ملاطفا للسائل لا غضبان أسائل أنت يا فلان أم تاجر فنزلت واما السائل فلا تنهر وهو أحد وجوه احتباس الوحى هذا على أن السؤال بمعنى طلب الحاجة من الحوائج الدنيوية وجوز ان يكون من التفتيش عن الأمور الدينية وفى الحديث من كتم علما يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار وهذا الوعيد يشمل حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع وفى التأويلات النجمية اى لا تنهر سائل قلبك عن الاستغراق فى بعض الأوقات فى بحر الحقيقة لاستراحته بذلك من أعباء تكاليف الأنبياء بقولك عند ذلك الاستغراق والاستهلاك يا حميراء كلمينى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ فان تحديث العبد واخباره بنعمة الله شكر باللسان وتذكير للغير وفى الحديث التحدث بالنعم شكر وأريد بالنعمة ما افاضة الله عليه صلى الله عليه وسلم من النعم الموجودة منها والموعودة وحيث كان معظم النعم نعمة النبوة فقد اندرج تحت الأمر هدايته عليه السلام لاهل الضلال وتعليمه للشرآئع والاحكام حسبما هداه الله وعلمه من الكتاب والحكمة. صاحب فتوحات قدس سره آورده كه نعمت چيزيست محبوب بالذات ومنعم در اغلب شكور ميباشد پس حق سبحانه وتعالى حبيب خود را فرمود كه از نعمت من سخن كويى كه خلق محتاجند ومحتاج چون ذكر منعم شنود بدو ميل كند واو را دوست دارد پس بجهت تحدث بنعمت من خلق را دوست من كردانى ومن ايشانرا دوست ميدارم وهذا الثالث بمقابلة الثاني وهو قوله ووجدك ضالا فهدى اخر لمراعاة الفواصل وان التحلية وهو التحديث بنعمة الله بعد التخلية وهو لا تقهر ولا تنهر وكرر أما لوقوعها فى مقابلة ثلاث آيات قال فى الكواشي رأى بعض التحدث بنعم الله من الطاعات مع أمن الرياء وغائلة النفس وطلب الاقتداء به وكرهه بعض خوف الفتنة وفى عين المعاني قال عليه السلام التحدث بالنعم شكر وتركه كفر واما الحديث الآخر عليكم بكتمان النعم فان كل ذى نعمة محسود يعنى عن الحسود لا غير وفى الأشباه اى رجل ينبغى له أخفاه إخراج الزكاة عن بعض دون بعض فقل المريض إذا خاف من ورثته يخرجها سرا عنهم واى رجل يستحب له اخفاؤها فقل الخائف من الظلمة لا يعلمون كثرة ماله وقال ابن عطية فى الآية حدث به نفسك اى لا تنس فضله عليك قديما وحديثا وإذا جاز تحديث النعم الظاهرة جاز تحديث النعم الباطنة من الكرامات والمخاطبات ونحو ذلك وفى التأويلات النجمية اذكر شكر نعمة النبوة على ظاهر نفسك ونعمة الرسالة على باطن قلبك ونعمة الولاية على سرك ونعمة البقاء بعد الفناء على روحك وهو معنى سورة والضحى والليل إذا سجا فافهم وهذه السورة وسورة الانشراح درتان

يتيمتان غاليتان لما فيهما من الحكم والمعارف ولذا كانتاهما وسورة النصر من سور الكمل من الأولياء ولما نزلت سورة الضحى كبر صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحى فصار سنة الله اكبر ولا اله الا الله والله اكبر كما فى الكواشي وقال فى انسان العيون لما نزلت السورة المذكورة كبر عليه السلام فرحا بنزول الوحى واستمر عليه السلام لا يجاهر قومه بالدعوة حتى نزل واما بنعمة ربك فحدث فعند ذلك كبر عليه السلام ايضا وكان ذلك سببا للتكبير فى افتتاح السورة التي بعدها وفى ختمها الى آخر القرآن وعن ابى بن كعب رضى الله عنه أنه قرأ كذلك على النبي عليه السلام بعد امره له بذلك وانه كان كلما ختم سورة وقف وقفة ثم قال الله اكبر هذا وقيل أن أول ابتداء التكبير من أول الم نشرح لا من أول الضحى وقيل ان التكبير انما هو لآخر السورة وابتداؤه من آخر سورة الضحى الى آخر قل أعوذ برب الناس والإتيان بالتكبير فى الاول والآخر جمع بين الروايتين الرواية التي جاءت بانه يكبر فى أول السورة المذكورة والرواية الاخرى أنه يكبر فى آخرها ونقل عن الشافعي رحمه الله انه قال لآخر إذا تركت التكبير من الضحى الى الحمد فى الصلاة وخارجها فقط تركت سنة من سنن نبيك عليه السلام لكن فى كلام الحافظ ابن كثير ولم يرد ذلك اى التكبير عند نزول سورة الضحى بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف وفى فتح الرحمن صح التكبير عن اهل مكة قرائهم وعلمائهم وصح ايضا عن ابى جعفر وابى عمرو وورد عن سائر القراء عند الختم وهو سنة مأثورة عن النبي عليه السلام وعن الصحابة والتابعين فى الصلاة وخارجها لكن من فعله فحسن ومن لم يفعله فلا خرج عليه واما ابتداؤه فاختلف فيه فروى أنه من أول الم نشرح وروى أنه من أول الضحى واختلف ايضا فى انتهائه فروى أن انتهاءه آخر سورة الناس وروى أولها وقد ثبت نصه عن الإمامين الشافعي واحمد رحمهما الله ولم يستحبه الحنابلة لقرآءة غير ابن كثير ولم اطلع على نص فى ذلك لأبى حنيفة ومالك رحمهما الله ولفظه الله اكبر فى رواية البزي وقنبل وروى عنهما التهليل قبل التكبير ولفظه لا اله الا الله والله اكبر والوجهان عنهما صحيحان جيدان مشهوران مستعملان وفى صفة التكبير فى رواية ابن كثير بين كل سورتين اربعة عشر وجها الاول قطعه عن آخر السورة ووصله بالبسملة ووصل البسملة باول السورة الآتية وهو ولسوف يرضى قف الله اكبر صل بسم الله الرحمن الرحيم صل والضحى والثاني قطعه عن آخر السورة ووصله بالبسملة والوقف على البسملة ثم الابتداء باول السورة وهو ولسوف يرضى قف الله اكبر صل بسم الله الرحمن الرحيم قف والضحى والثالث وصله بآخر السورة والقطع عليه ووصل البسملة باول السورة وهو ولسوف يرضى صل الله اكبر قف بسم الله الرحمن الرحيم صل والضحى والرابع وصله بآخر السورة والقطع عن البسملة وهو ولسوف يرضى صل الله اكبر قف بسم الله الرحمن الرحيم قف والضحى والخامس قطع التكبير عن آخر السورة وعن البسملة ووصل البسملة بأول السورة وهو ولسوف يرضى قف الله اكبر

تفسير سورة الم نشرح

قف بسم الله الرحمن الرحيم صل والضحى والسادس وصل التكبير بآخر السورة والبسملة وبأول السورة وهو ولسوف يرضى صل الله اكبر صل بسم الله الرحمن الرحيم صل والضحى والسابع قطع الجميع اى قطع التكبير عن السورة الماضية وعن البسملة وقطع البسملة عن السورة الآتية وهو ولسوف يرضى قف الله اكبر قف بسم الله الرحمن الرحيم قف والضحى فهذه السبعة صفته مع التكبير ويأتى مع التهليل مثل ذلك وبقي وجه لا يجوز وهو وصل التكبير بآخر السورة وبالبسملة مع القطع عليها وهو ولسوف يرضى الله اكبر بسم الله الرحمن الرحيم بالوصل فى الجميع ثم يسكت على البسملة ثم يبتدئ والضحى فهذا ممتنع اجماعا لان البسملة لاول السورة فلا يجوز أن تجعل منفصلة عنها متصلة بآخر السورة قبلها. واعلم أن القارئ إذا وصل التكبير بآخر السورة فان كان آخرها ساكنا كسره للساكنين نحو فحدث الله اكبر وفارغب الله اكبر وان كان منونا كسره ايضا للساكنين سوآء كان الحرف المنون مفتوحا او مضموما او مكسورا نحو توابا الله اكبر ولخبير الله اكبر ومن مسد الله اكبر وان كان آخر السورة مفتوحا فتحه وان كان مكسورا كسره وان كان مضموما ضمه نحو قوله إذا حسد الله اكبر والناس الله اكبر والأبتر الله اكبر وشبهه وان كان آخر السورة هاء كناية موصولة بواو حذف صلتها للساكنين نحو ربه الله اكبر وشرا يره الله اكبر وأسقط الف الوصل التي فى أول اسم الله فى جميع ذلك استغناء عنها الكل فى فتح الرحمن لكن المواضع منها ينبغى ان يقطع عن التكبير حذرا من الإبهام وان كان مقتضى القياس الوصل نحو الأبتر الله اكبر وحسد الله اكبر تمت سورة الضحى فى الثاني عشر من شهر ربيع الآخر من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الم نشرح ثمانى آيات مكية وعند ابن عباس رضى الله عنهما مدنية بسم الله الرحمن الرحيم أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال الراغب الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهة الله وروح منه وشرح المشكل من الكلام بسطه واظهار ما يخفى من معانيه انتهى وفى الحديث إذا دخل النور فى القلب انشرح اى عاين القلب وانفسح اى احتمل البلاء وحفظ سر الربوبية كما قال موسى عليه السلام رب اشرح لى صدرى اى وسع قلبى حتى لا يضيق بسفاهة المعاندين ولجاجهم بل يحتمل إذا هم وزيادة لك للايذان بان الشرح من منافعه ومصالحه عليه السلام وانكار النفي اثبات اى عدم شرحنا لك صدرك منفى بل قد شرحنا لك صدرك وفسحناه حتى حوى عالم الغيب والشهادة بين ملكتى الاستفادة والافادة فما صدرك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية وما عاقك التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق

[سورة الشرح (94) : الآيات 2 إلى 4]

فى شؤون الحق اى لم تحتجب لا بالحق عن الخلق ولا بالخلق عن الحق بل كنت جامعا بين الجمع والفرق حاضرا غائبا وفى التأويلات النجمية يشير الى انفساح صدر قلبه بنور النبوة وحمل همومها بواسطة دعوة الثقلين وانشراح صدر سره بضياء الرسالة واحتمال مكاره الكفار واهل النفاق وانبساط صدر نوره باشعة الولاية وتحققه بالعلوم اللدنية والحكم الالهة والمعارف الربانية والحقائق الرحمانية واما شرح الصدر الصوري فقد وقع مرارا مرة وهو ابن خمس اوست لاخراج مغمز الشيطان وهو الدم الأسود الذي به يمل القلب الى المعاصي ويعرض عن الطاعات ومرة عند ابتداء الوحى ومرة ليلة المعراج در حديث آمده كه شب معراج جبريل مرا تكيه داد واز بالاى سينه تا ناف من بشكافت وميكائيل طشتى از آب زمزم آورده ودرون سينه وعروق حلق مراندان آب بشستند وجبرئيل دل مرا بيرون آورده بشكافت وبشست ودر آخر طشتى از طلا مملو از حكمت وايمان آوردند ودل مرا از ان پر ساختند وبر جاى او نهادند ونقلى هست كه بخاتمي از نور مهر كرد چنانچهـ اثر راحت ولذت آن هنوز در عروق ومفاصل خود مى يابم. لم خزانة اسرار بود ودست قضا. درش به بست وكليدش بدلستانى داد. ومن هنا قال المشايخ لا بد للطالب فى ابتداء امره ان يشتغل بذكر لا اله الا الله بحيث يبدأ من الجانب الايمن للصدر ويضرب بالأعلى الجانب الأيسر منه لينتقض به العلقة التي هى حظ الشيطان ومنبع الشهوات النفسانية مقدارا بعد مقدار ويمتلئ النور مقام ما ينتقض منها وربما قاء دما اسود رقيقا لا نحلاله بحرارة التوحيد وذوبانه بنار الذكر وهو من صفات الكمل فبدوام الذكر ينشرح الصدر وينفتح القلب وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ اى حططنا واسقطنا عنك حملك الثقيل وعنك متعلق بوضعنا وتقديمه على المفعول الصريح للقصد الى تعجيل المسرة والتشويق الى المؤخر الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ اى حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك كما يسمع من الرحل المتداعى الى الانتقاض من ثقل الحمل وبالفارسية آن بارى كه كران ساخت پشت ترا كما قال فى تاج المصادر الانقاض كران كردن. وفى المفردات كسره حتى صار له نقيض وفى القاموس أثقله حتى جعله تقضا اى مهزولا او أثقله حتى سمع نقيضه وفى بعض التفاسير ثقل عليك ثقلا شديدا فان انقاض الحمل الظهر انما يكون بمعنى تصويت الرحل الذي عليه وهو يكون بثقل الحمل وتأثيره المفضى الى انحراف بعض اجزاء الرحل عن محالها وحصول الصوت بذلك فيه انتهى مثل به حاله عليه السلام مما كان يثقل عليه ويغمه من فرطاته قبل النبوة او من عدم احاطته بتفاصيل الاحكام والشرائع ومن تهالكه على اسلام المعاندين من قومه وتلهفه ووضعه عند مغفرته كما قال ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتعليم الشرائع وتمهيد عذره بعد أن بلغ وبالغ وقد يجعل قوله ووضعنا عنك وزرك كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس فيكون كقوله القائل رفعنا عنك مشقة الزيارة لمن لم يصدر عنه زيارة قط على سبيل المبالغة فى انتفاء الزيارة منه له وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بعنوان النبوة وأحكامها اى

[سورة الشرح (94) : الآيات 5 إلى 8]

رفع حيث قرن اسمه باسم الله فى كلمة الشهادة والاذان والاقامة وفيه يقول حسان ابن ثابت أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله مشهور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي الى اسمه ... إذا قال فى الخمس المؤذن اشهد وجعل طاعته طاعته تعالى وصلى عليه هو وملائكته وامر المؤمنين بالصلاة عليه وسمى رسول الله ونبى الله وغير ذلك من الألقاب المشرفة. وذو النون المصري قدس سره فرمود رفعت ذكر اشارت بآنست كه همم انبيا عليهم السلام بر حوالئ عرش جولان مى نمودند وطاهر همت آن حضرت عليه السلام پرواز ميكرد. سيمرغ فهم هيچكس از انبيا نرفت ... آنجا كه تو ببال كرامت پريده هر يك بقدر خويش بجايى رسيده اند ... آنجا كه جاى نيست بجاى رسيده فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً تقرير لما قبله ووعد كريم بتيسير كل عسير له عليه السلام وللمؤمنين فاللام للاستغراق قال فى الكشاف فان قلت كيف تعلق قوله فان مع العسر يسرا بما قبله قلت كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر والضيقة حتى سبق الى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار اهله واحتقارهم فذكره ما أنعم الله به عليه من جلائل النعم ثم قال فان مع العسر إلخ كأنه قيل خولناك من جلائل النعم فكن على ثقة بفضل الله ولطفه فان مع العسر يسرا كثيرا وفى كلمة مع اشعار بغاية سرعة مجيئ اليسر كأنه مقارن للعسر والا فالظاهر ذكر كلمة المعاقبة لا اداة المصاحبة لأن الضدين لا يجتمعان بل يتعاقبان ان مع العسر چويسرش قفاست ... شاد بر آنم كه كلام خداست وقال بعضهم هذا عند العامة واما عند الخاصة فالمعية حقيقية كما قيل بر جانم از تو هر چهـ رسد جاى منت است ... كر ناوك جفاست وكر خنچر ستم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هى معية امتزاج لا معية مقارنة ولا تعاقب ولذلك كررها فلولا وجود اليسر فى العسر لم يبق عسر لعموم الهلاك ولولا وجود العسر فى اليسر لم يبق يسر وبضدها تتبين الأشياء ثم ان العسر يؤول كله الى اليسر فقد سبقت الرحمة الغضب وذلك عناية من الله فان ذلك قد يكون مصقلة وجلاء لقلوب الأكابر وتوسعة لاستعدادهم فتتسع لتجلى الحضرة الالهية وكما أن حظهم من الملائم أوفر فكذلك غير الملائم قال عليه السلام أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل ولذلك قال تعالى ادعوني استجب لكم وقال عليه السلام ان الله يحب الملحين فى الدعاء وفى تعريف العسر وتنكير اليسر اشارة لطيفة الى أن الدنيا دار العسر فالعسر عند السامع معلوم معهود واليسر مجهول منهم إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً تكرير للتأكيد او عدة مستأنفة بأن العسر مشفوع بيسر آخر

[سورة الشرح (94) : الآيات 7 إلى 8]

كثواب لآخرة كقولك ان للصائم فرحتين اى فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب وعليه قوله عليه السلام لن يغلب عسر يسرين اى لن يغلب عسر الدنيا يسرى الدنيا والآخرة فان المعرف إذا أعيد يكون الثاني عين الاول سوآء كان معهودا او جنسا واما المنكر فيحتمل ان يراد بالثاني فرد مغاير لما أريد بالأول قال ابن الملك فى شرح المنار المعرفة إذا اعبدت معرفة كانت الثانية عين الاولى كالعسرين فى قوله تعالى فان مع إلخ وهو معنى قول ابن عباس رضى الله عنهما لن يغلب عسر يسرين قال فخر الإسلام فى جعل الآية من هذا القبيل نظر لأنها لا يحتمل هذا المعنى كما لا يحتمل قولنا ان مع الفارس رمحا ان مع الفارس رمحا أن يكون معه رمحان بل هذا من باب التأكيد فان قلت فاذا حمل على التأكيد فما وجه قول ابن عباس رضى الله عنهما قلت كأنه قصد باليسرين ما فى قوله يسرا من معنى التفخيم فيتناول يسر الدارين وذلك يسران فى الحقيقة انتهى قال بعضهم ان مع عسر المجاهدة يسر المشاهدة ومع عسر الانفصال يسر الاتصال ومع عسر القبض يسر البسط والعسر الواحد هو الحجاب واليسران كشف الحجاب ورفع العتاب فَإِذا فَرَغْتَ اى من التبليغ او من المصالح المهمة الدنيوية فَانْصَبْ النصب محركة التعب اى فاجتهد فى العبادة واتعب شكرا لما اوليناك من النعم السالفة ووعدناك من الآلاء الآتية وبه ارتبطت الآية بما قبلها ويجوز ان يقال فاذا فرغت من تلقى الوحى فانصب فى تبليغه وقال الحسن رحمه الله إذا كنت صحيحا فاجعل فراغك نصبا فى العبادة كما روى أن شريحا مر برجلين يتصارعان وآخر فارغ فقال ما امر بهذا انما قال الله فاذا فرغت فانصب وقعود الرجل فارغا من غير شغل او اشتغاله بما لا يعنيه فى دينه او دنياه من سفه الرأى وسخافة العقل واستيلاء الغفلة وعن عمر رضى الله عنه انى لأكره أن ارى أحدكم فارغا سهلا لا فى عمل دنياه ولا فى عمل آخرته فلا بد للمرء ان يكون فى عمل مشروع دائما فاذا فرغ من عمل اتبعه بعمل آخر وقال قتادة والضحاك فاذا فرغت من الصلاة فانصب فى الدعاء. وابو مدين مغربى قدس سره در تأويل اين آيت فرموده كه چون فارغ شوى از مشاهده أكوان نصب كن دل خود را براى مشاهده جمال رحمن. قال فى الكشاف ومن البدع ما روى عن بعض الرافضة أنه قرأ فانصب بكسر الصاد اى فانصب عليا للامامة ولو صح هذا للرافضة لصح للناصبى أن يقرأ هكذا ويجعله امرا بالنصب الذي هو بغض على وعداوته وَإِلى رَبِّكَ وحده فَارْغَبْ اصل الرغبة السعة فى الشيء يرادبها السعة فى الارادة فاذا قيل رغب فيه واليه يقتضى الحرص عليه وإذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه وفى القاموس رغب فيه كسمع رغبا ويضم رغبة اراده وعنه لم يرده واليه رغبا محركة ابتهل او هو الضراعة والمسألة والمعنى فارغب بالسؤال ولا تسأل غيره فانه القادر على اسعافك لا غيره. وسخن تو بدرگاه قرب مقبولست ودعوات طيبات تو در محل قبول. چومقصود كون ومكان جودتست ... خدا ميدهد آنچهـ مقصودتست وعن بعض الأكابر ألم نشرح لك صدرك برفع غطاء انيتك وكشف حجاب اثنينيتك عن

حقيقة احديتنا ووجه صمديتنا ووضعنا عنك ذنب وجودك الذي انقض ظهر فؤادك بان نطلعك على فناء وجودك الصوري الظلي وبقاء وجودنا الحقيقي العيني ورفعنا لك ذكرك بافنائك فينا وابقائك بنا الى مرتفع الخطاب الوارد فى شأنك بقولنا ان الى ربك المنتهى اى منتهى جميع الأرباب الأسماء الالهية فكذلك إليك منتهى كافة المربوبين الحقائق الكونية وبذلك الرفع كنت سيد الكل فارض بالقضاء واصبر على البلاء واشكر على النعماء فان مع عسر الابتلاء بالبلايا المؤدى الى اضطراب صدرك يسر الامتلاء بالعطايا المفضى الى اطمئنان روحك ان مع العسر يسرا البتة إذ هكذا جرت سنتنا مع كل عبد ولن تجد لسنتنا تبديلا بأن يرتفع العسر جميعا ويصير الكل يسرا او بالعكس فلا تلتفت الى اليسر والسرور فانه حجاب نورانى ولا الى العسر والألم فانه حجاب ظلمانى فاذا فرغت من إعطاء حق وارد كل وقت حاضر فانصب نفسك فى منصب إعطاء وارد كل وقت قابل إذا اتى يعنى فافعل ثانيا كما فعلت اولا وكن هكذا دائما الى أن يأتيك اليقين والى ربك اى الى جلاله وجماله وكماله فارغب لا الى غيره من الأمور والاحكام الواردة عليك فى الأوقات لأن فى الرغبة والالتفات الى غير الرب احتجابا عن الرب وسقوطا عن قرب الى بعد ومقامك لا يسع غير القرب والانس والحضور وعن طاووس وعمر بن عبد العزيز رحمهما الله انهما كانا يقولان ان الضحى وألم نشرح سورة واحدة فكانا يقرآنهما فى ركعة واحدة ولا يفصلان بينهما بالبسملة لأنهما رأيا أن أول الم نشرح مشابه لقوله الم يجدك إلخ وليس كذلك لأن تلك حال اغتمامه عليه السلام بأذى الكفار فهى حال محنة وضيق وهذه حال انشراح الصدر وتطيب القلب فكيف يجتمعان. ودر ليله معراج ندا آمد كه اى محمد بخواه تا بخشيم رسول عليه السلام كفت خداوندا هر پيغمبرى از تو عطايى يافت ابراهيم را خلت دادى با موسى بي واسطه سخن كفتى إدريس را بمكان عالى رسانيدى داود را ملك عظيم دادى وزلت وى بيامرزيدى سليمانرا ملكى دادى كه بعد از وى كس را سزاى آن ندادى عيسى را در شكم مادر توراة وإنجيل در آموختى ومرده زنده كردن بر دست وى آسان كردى وإبراء اكمه وأبرص مراورا دادى جواب الهى آمد كه يا محمد اگر ابراهيم را خلت دادم ترا محبت دادم واگر با موسى سخن كفتم بى واسطه لكن كوينده را نديد وبا تو سخن ميكفتم بى حجاب وكوينده ديدى واگر إدريس را بآسمان رسانيدم ترا از آسمان بحضرت قاب قوسين او أدنى رسانيدم واگر داود را ملك عظيم دادم وزلت وى بيامرزيدم امت ترا ملك قناعت دادم وكناهان ايشان بشفاعتت بيامرزيدم واگر سليمان مملكت دادم ترا سبع مثانى وقرآن عظيم دادم وخاتمه سوره بقره كه بهيچ پيغمبر بجز تو ندادم ودعاهاى تو در آخر سورة البقرة اجابت كردم وأعطيتك الكوثر وترا بسه خصلت بر اهل زمين وآسمان فضل دادم يكى الم نشرح لك صدرك ديكر ووضعنا عنك وزرك سوم ورفعنا لك ذكرك وأعطيتك ثمانية أسهم الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأرسلتك الى الناس كافة بشيرا ونذيرا وجعلتك فاتحا وخاتما

تفسير سورة التين

وهذا السوق يشير الى السورة مدنية وفى بعض الروايات سألت ربى مسائل وددت انى لم سألها إياه قط فقلت اتخذت إلخ وهو الظاهر وهذا يقتضى ان يكون مسألته عليه السلام من عند نفسه من غيران يقول الله له سل تعط والله تعالى اعلم وفى الحديث من قرأها اى سورة ألم نشرح فكأنما جاءنى وانا مغتم ففرج عنى تمت سورة الانشراح بعون الفتاح تفسير سورة التين ثمانى آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ هما هذا التين الذي يؤكل وهذا الزيتون الذي يعصر منه الزيت خصهما الله من بين الثمار بالاقسام بهما لاختصاصهما بخواص جليلة فان التين فاكهة طيبة لا فضل له وغذآء لطيف سريع الهضم ودوآء كثير النفع يلين الطبع ويحلل البلغم ويطهر الكليتين ويزيل ما فى المثانة من الرمل ويسمن البدن ويفتح سدد الكبد والطحال وروى أبو ذر رضى الله عنه أنه اهدى للنبى عليه السلام سل من تين فاكل منه وقال لاصحابه كلوا فلو قلت ان فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذا الآن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فانها تقطع البواسير وتنفع من النقرس وعن على بن موسى الرضى رضى الله عنه التين يزيل نكهة الفم ويطول الشعر وهو أمان من الفالج قال الامام لما عصى آدم عليه السلام وفارقته ثيابه تستر بورق التين ولما نزل وكان مترزا بورق التين استوحش فطافت الظباء حوله فاستأنس بها فاطعمها بعض ورق التين فرزقها الله الجمال صورة والملاحة معنى وغير دمها مسكا فلما تفرقت الظباء الى مساكنها رأى غيرها عليها من الجمال ما أعجبه فلما كان الغد جاءت ظباء آخر على اثر الاول فاطعمها من الورق فغير الله حالها الى الجمال دون المسك وذلك لأن الاولى جاءت الى آدم لاجله لا لأجل الطمع والطائفة الاخرى جاءت اليه ظاهرا وللطمع باطنا فلا جرم غير الظاهر دون الباطن وفى اسئلة الحكم فان قلت ما الحكمة فى أن سائر الأشجار يخرج ثمرها فى كمامها اولا ثم تظهر الثمرة من الكمام ثانيا وشجرة التين أول ما يبدو ثمرها يبدو بارزا من غير كمام قلت لأن آدم لم يستره إلا شجرة التين فقال الله بعد ما سترت آدم اخرج منك المعنى قبل الدعوى وسائر الأشجار يخرج منها الدعوى قبل المعنى قال فى خريدة العجائب إذا نثرر ما دخشب التين فى البساتين هلك منه الدود ودخان التين يهرب منه البق والبعوض. واما الزيتون فهو فاكهة وادام ودوآء ولو لم يكن له سوى اختصاصه بدهن كثير المنافع مع حصوله فى بقاع لادهنية فيها كالجبال لكفى به فضلا وشجرته هى الشجرة المباركة المشهورة فى التنزيل ومر معاذ بن جبل رضى الله عنه بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيبا واستاك به وقال سمعت النبي عليه السلام يقول نعم سواك الزيتون هو سواكى وسواك الأنبياء من قبلى وشجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة ومن خواصها أنها تصبر عن الماء طويلا كالنخل وإذا لقط ثمرتها جنب فسدت والقت حملها وانتثر ورقها وينبغى ان تغرس

[سورة التين (95) : الآيات 2 إلى 3]

فى المدر لكثرة الغار لان الغبار كلما علا على زيتونها زاد دسمه ونضجه ورماد ورقها ينفع العين كحلا ويقوم مقام التوتيا وفى الحديث عليكم بالزيت فانه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويمنع الغشي ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب الهم قال الامام ان التين فى النوم رجل خير غنى فمن ناله فى المنام نال مالا وسعة ومن أكله رزقه الله أولادا ومن أخذ ورق الزيتون فى المنام استمسك بالعروة الوثقى وقال مريض لابن سيرين رأيت فى المنام كأنه قيل لى كل اللاءين تشفى فقال كل الزيتون فانه لا شرقية ولا غربية وقال الطبري المراد بالتين الجبل الذي عليه دمشق يعنى جبل الصالحية ويسمى جبل قاسيون والزيتون وهو طور زيتا الجبل الذي يلى بيت المقدس من جهة المشرق وذلك أن التين ينبت كثيرا بدمشق والزيتون بايليا وَطُورِ سِينِينَ هو الجبل الذي ناجى عليه موسى عليه السلام ربه قال الماوردي ليس كل جبل يقال له طور الا ان يكون فيه الأشجار والثمار والا فهو جبل فقط وسينين وسيناء علمان للموضع الذي هو فيه ولذلك أضيف إليهما ومعنى سينين بالسريانية ذو الشجر او حسن مبارك بلغة الحبشة وفى كشف الاسرار اصل سينين سيناء بفتح السين وكسرها وانما قال هاهنا سينين لأن تاج الآيات النون كما قال فى سورة الصافات سلام على الياسين وهو الياس فخرج على تاج آيات السورة وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ اى الآمن يقال أمن الرجل بضم الميم امانة فهو أمين وهو مكة شرفها الله تعالى وامانتها أنها تحفظ من دخلها جاهلية وإسلاما من قتل وسبى كما يحفظ الامين ما يؤتمن عليه ويجوز ان يكون فعيلا بمعنى مفعول بمعنى المأمون فيه على الحذف والإيصال من امنه لأنه مأمون الغوائل والعاهات كما وصف بالأمن فى قوله تعالى حرما آمنا بمعنى ذى أمن وفى الحديث من مات فى أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا ومعنى القسم بهذه الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين فمنبت التين والزيتون مهاجر ابراهيم ومولد عيسى ومنشأهما عليهما السلام والطور المكان الذي نودى فيه موسى عليه السلام ومكة مكان البيت الذي هو هدى للعالمين ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه. ودر بحر الحقائق آورده كى بزبان اشارت قسم است بشجره تينيه قلبيه كه مثمر ثمره علوم دينيه است وشجره زيتونه مباركه سريه كه روشنى بخش مصباح دلست وطور سينين روح معلى كه بتجلئ الهى مجلى است وبلد أمين خفى كه محل أمن وامانست از هجوم آفات تعلقات أكوان. يقول الفقير أشار بالتين الى علوم الحقيقة التي محلها السر الإنساني لأنها لذة صرفة ولذا قدمت لأنها المطلب الأعلى لتعلقها بذات الله وصفاته وأفعاله وكما أن عمر شجرة التين قصير بالنسبة الى الزيتون فكذا عمر اهل الحقيقة غالبا إذ لا معنى للبقاء فى الدار الفانية بعد حصول المقصود الذي هو الحياة الباقية الا أن يكون لارشاد الناس وأشار بالزيتون الى علوم الشريعة التي محلها النفس الانسانية فهى ليست بنعيم محض لأنه لا بد فى الشريعة من اتعاب النفس والقالب وأشار بطور سينين الى الروح الذي هو محل المعارف الالهية ومقام المناجاة وأشار بالبلد الامين الى مكة الوجود المشتملة على بيت القلب فانه أمن أهلها من اختطاف

[سورة التين (95) : الآيات 4 إلى 8]

الشياطين ودخول شر الوسواس الخناس فيها والى الأعمال القالبية الحاصلة بالحواس والأعضاء فالقالب أخذ الشرف من القلب وهو من الروح وهو من السر فلذا كان الكل جديرا بالاقسام به لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى جنس الإنسان فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ يقال قام انتصب وقام الأمر اعتدل كاستقام وقومته عدلته كما فى القاموس والتقويم تصيير الشيء على ما ينبغى ان يكون عليه فى التأليف والتعديل وعن يحيى بن أكثم القاضي أنه فسر التقويم بحسن الصورة فانه حكى أن ملك زمانه خلا بزوجته فى ليلة مقمرة فقال لها ان لم تكونى احسن من القمر فانت كذا فافتى الكل بالحنث الا يحيى بن أكثم قال لا يحنث فقالوا خالفت شيوخك فقال الفتوى بالعلم ولقد افتى من هو اعلم منا وهو الله تعالى قال لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم فالانسان احسن الأشياء ولا شىء احسن منه وفى المفردات هو اشارة الى ما خص به الإنسان من بين الحيوان من العقل والفهم وانتصاب القامة الدال على استيلائه على كل ما فى هذا العالم والمعنى كائنا فى احسن ما يكون من التقويم والتعديل صورة ومعنى حيث يراه تعالى مستوى القامة متناسب الأعضاء حسن الشكل كما قال وصوركم فاحسن صوركم اى صوركم احسن تصوير وكذا خلقه متصفا بالصفات الالهية من الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام التي هى الصورة الحقيقية الالهية المشار إليها بحوله عليه السلام خلق الله آدم على صورته وعليه يدور معنى قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فالانسان مظهر الجلال والجمال والكمال ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ اى جعلناه من اهل النار الذي هو أقبح من كل قبيح وأسفل من كل سافل لعدم جريانه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان فى أعلى عليين والحاصل انه حول بسوء حاله من احسن تقويم الى أقبح تقويم صورة ومعنى لأن مسخ الظاهر انما هو من مسخ الباطن فالمراد بالسافلين عصاة المؤمنين وافعل التفضيل هنا يتناول المتعدد المتفاوت وأسفل سافلين اما حال من المفعول اى رددناه حال كونه أسفل سافلين او صفة لمكان محذوف اى رددناه الى مكان هو أسفل امكنة السافلين والاول اظهر ثم هذا بحسب بعض الافراد الانسانية لانغماسهم فى بحر الشهوات الحيوانية البهيمية وانهما كهم فى ظلمات اللذات الجسمانية الشيطانية والسبعية وفيه اشارة الى أن الاعتبار انما هو بالصورة الباطنة لا بالصورة الظاهرة ولذا قال الشيخ سعدى ره راست بايدنه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست فكم من مصور على احسن الصور فى الظاهر وهو فى الباطن على أقبح الهيئات ولذا يجيئ الناس يوم القيامة أفواجا فان صفاتهم الباطنة تظهر على صورهم الظاهرة فتتنوع صورهم بحسب صفاتهم على انواع وقيل رددناه الى أرذل العمر وهو الهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة كقوله تعالى ومن نعمره ننكسه فى الخلق اى نكسناه فى خلقه فتقوس ظهره بعد اعتداله وابيض شعره بعد سواده وكل سمعه وبصره وتغير كل شىء منه

[سورة التين (95) : الآيات 6 إلى 8]

دو رسته درم در دهن داشت جاى ... چوديوارى از خشت سميين بپاى كنونم نكه كن بوقت سخن ... بيفتاده يك يك چوسور كهن مرا همچنين جعد شبرنك بود ... قبا در براز نازكى تنك بود درين غايتم رشد بايد كفن ... كه مويم چو پنبه است ودو كم بدن قال فى عين المعاني ولم تدخل لام الجنس فى سافلين كما ورد فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه لأنه عنى أسفل الخرفين خاصة دون كل الناس من اهل الزمانة وفى كشف الاسرار السافلون هم الضعفاء من المرضى والزمنى والأطفال فالشيخ الكبير أسفل من هؤلاء جميعا إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أيما ناصادقا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المأمور بها والمأجور عليها وهو على الاول استثناء متصل من ضمير ثم رددناه فانه فى معنى الجمع وعلى الثاني منقطع اى لكن الذين كانوا صالحين من الهرمى قال ابو الليث معنى قوله الا الذين إلخ يعنى لا يخرف ولا يذهب عقل من كان عالما عاملا وفى الحديث طوبى لمن طال عمره وحسن عمله وعن ابن عباس رضى الله عنهما من قرأ القرآن لم يرد الى أرذل العمر فَلَهُمْ أَجْرٌ فى دار الكرامة لأنها المحل له ودخول الفاء لتضمن اسم لكن معنى الشرط وهو على الاول للتعليل اى لا يغير صورهم فى النار لأنهم مثابون فى الجنة غَيْرُ مَمْنُونٍ غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على الابتلاء بالشيخوخة والهرم وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة على ضعف نهوضهم وفى التيسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العبد إذا مرض او سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما كذا روى فى الهرم وفى تفسير ابى الليث روى عن النبي عليه السلام أنه قال ان المؤمن إذا مات صعد الملكان الى السماء فيقولان ان عبدك فلانا قدمات فائذن لنا حتى نعبدك على السماء فيقول الله ان سمواتى مملوءة بملائكتى ولكن اذهبا الى قبره واكتبا حسناته الى يوم القيامة ويجوز ان يكون المعنى غير ممنون به عليهم كما سبق فى آخر سورة الانشقاق فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ بعد مبنى على الضم لحذف المضاف اليه ونيته والاستفهام مشعر بالتعجب اى فاى شىء يكذبك يا محمد دلالة او نطقا بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل الناطقة به اى ينسبك الى الكذب بسبب إثباتك الجزاء واخبارك عن البعث والمراد الآلة الدالة على كمال القدرة فان من خلق الإنسان السوي من الماء المهين وجعل ظاهره وباطنه على احسن تقويم ودرجه فى مراتب الزيادة الى ان استكمل واستوى ثم نكسه الى ان يبلغ الى أرذل العمر لا شك أنه قادر على البعث والجزاء او فما يجعلك ايها الإنسان كاذبا بسبب الدين وإنكاره بعد هذا الدليل يعنى انك تكذب إذا كذبت بالجزاء لأن كل مكذب للحق فهو كاذب وحاصله أن خلق الإنسان من نطفة وتقويمه بشرا سويا وتحويله من حال الى حال كمالا ونقصانا من أوضح دليل على قدرة الله تعالى على البعث والجزاء فأى شىء يضطرك بعد هذا الدليل القاطع الى ان تكون كاذبا بسبب تكذيبه ايها الإنسان أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ

تفسير سورة العلق

اى أليس الذي فعل ما ذكر باحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا حتى يتوهم عدم الاعادة والجزاء اى أليس ذلك بأبلغ اتقانا للامور من كل متقن لها إذا لحاكم هو المتقن للامور ويلزمه كونه تام القدرة كامل العلم وحيث استحال عدم كونه احكم الحاكمين تعين الاعادة والجزاء او المعنى أليس الله باقضى القاضين يحكم بينك وبين من يكذبك بالحق والعدل يقال حكم بينهم اى قضى فالآية وعيد للمكذبين وانه يحكم عليهم بما هم اهله وكان عليه السلام إذا قرأها يقول بلى وانا على ذلك من الشاهدين يعنى خارج الصلاة كما فى عين المعاني ويأمر بذلك ايضا قال من قرأ أليس الله باحكم الحاكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ هذه السورة أعطاه الله خصلتين العافية واليقين مادام فى الدنيا ويعطى من الاجر بعدد من قرأها تمت سورة التين بعون الله المعين تفسير سورة العلق ثمان عشرة او تسع عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم اقْرَأْ اى ما يوحى إليك يا محمد فان الأمر بالقراءة يقتضى المقروء قطعا وحيث لم يعين وجب ان يكون ذلك ما يتصل بالأمر حتما سوآء كانت السورة أول ما نزل أم لا فليس فيه تكليف ما لا يطاق سوآء دل الأمر على الفور أم لا والأقرب أن هذا الى قوله ما لم يعلم أول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة والخلاف انما هو فى تمام السورة عن عائشة رضى الله عنها أول ما ابتدئ به رسول الله عليه السلام من النبوة حين أراد الله به كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصالحة كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح اى كضيائه وانارته فلا يشك فيها أحد كما لا يشك فى وضوح ضياء الصبح وانما ابتدئ عليه السلام بالرؤيا لئلا يفجأه الملك الذي هو جبريل بالرسالة فلا تتحملها القوة البشرية لانهما لا تحتمل رؤية الملك وان لم يكن على صورته الاصلية ولا على سماع صوته ولا على ما يخبر به فكانت الرؤيا تأنيسا له وكانت مدة الرؤيا ستة أشهر على على ما هو ادنى الحمل ثم جاءه الملك فعبر من عالم الرؤيا الى عالم المثال ولذا قال الصوفية ان الحاجة الى التعبير انما هى فى مرتبة النفس الامارة واللوامة وإذا وصل السالك الى النفس الملهمة كما قال تعالى فألهمها فجورها وتقواها قل احتياجه الى التعبير لأنه حينئذ يكون ملهما من الله تعالى فمرتبة الإلهام له كمرتبة مجيئ الملك للرسول عليه السلام فاذا كانت مدة الرؤيا ذلك العدد يكون ابتداؤها فى شهر ربيع الاول وهو مولده عليه السلام ثم اوحى اليه فى اليقظة فى شهر رمضان وكان عليه السلام فى تلك المدة إذا خلا يسمع نداء يا محمد يا محمد ويرى نورا اى يقظة وكان يخشى ان يكون الذي يناديه تابعا من الجن كما ينادى الكهنة وكان فى جبل حرآء غار وهو الجبل الذي نادى رسول الله بقوله الى يا رسول الله لما قال له ثبير وهو على ظهره اهبط عنى يا رسول الله فانى أخاف ان تقتل على ظهرى وكان عليه السلام يتعبد فى

ذلك الغار ليالى ثلاثا وسبعا وشهرا ويتزود لذلك من الكعك والزيت وذلك فى تلك المدة وقبلها وأول من تعبد فيه من قريش جده عبد المطلب ثم تبعه سائر المتألهين وهم أبو أمية بن المغيرة وورقة بن نوفل ونحوهما وكان ورقة بن نوفل بن اسد بن عبد العزى بن قصى بن عم خديجة رضى الله عنها وكان قد قرأ الكتب وكتب الكتاب العبرى وكان شيخا كبيرا قد عمى فى أواخر عمره ثم لما بلغ عليه السلام رأس الأربعين ودخلت ليلة سبع عشرة من شهر رمضان جاءه الملك وهو فى الغار كما قال الامام الصرصرى رحمه الله وأتت عليه أربعون فاشرقت ... شمس النبوة منه فى رمضان قالت عائشة رضى الله عنها جاءه الملك سحره يوم الاثنين فقال اقرأ قال ما انا بقارئ قال فأخذنى فغطنى اى ضمنى وعصرنى ثم أرسلني فعله ثلاث مرات ثم قال اقرأ الى قوله ما لم يعلم وأخذ منه القاضي شريح من التابعين ان المعلم لا يضرب الصبى على تعليم القرآن اكثر من ثلاث ضربات فخرج عليه السلام من الغار حتى إذا كان فى جانب من الجبل سمع صوتا يقول يا محمد أنت رسول الله وانا جبريل ورجع الى خديجة يرجف فؤآده فحدثها بما جرى فقالت له ابشر يا ابن عمى واثبت فو الذي نفسى بيده انى لارجو أن تكون نبى هذه الامة ثم انطلقت الى ورقة فاخبرته بذلك فقال فيه فان يك حقا يا خديجة فاعلمى ... حديثك إيانا فاحمد مرسل وجبريل يأتيه وميكال معهما ... من الله وحي يشرح الصدر منزل يفوز به من فاز عزا لدينه ... ويشقى به الغاوي الشقي المضلل فريقان منهم فرقة فى جنانه ... واخرى باغلال الجحيم تغلل ومكث عليه السلام مدة لا يرى جبريل وانما كان كذلك ليذهب عنه ما كان يجده من الرعب وليحصل له التشوق الى العود وكانت مدة الفترة اى فترة الوحى بين اقرأ وبين يا ايها المدثر وتوفى ورقة فى هذه الفترة دفن بالحجون وقد آمن به عليه السلام وصدقه قبل الدعوة التي هى الرسالة ولذا قال عليه السلام لقد رأيته فى الجنة وعليه ثياب الحرير ثم نزل يا ايها المدثر قم فانذر فظهر الفرق بين النبوة والرسالة قال بعض العارفين اهل الارادة فى الطلب والمراد مطلوب وهو نعت الحبيب ألا ترا أنه لما قيل له اقرأ استقبله الأمر من غير طلب ونظيره الم نشرح لك صدرك فانه فرق بينه وبين قول موسى رب اشرح له صدرى بِاسْمِ رَبِّكَ متعلق بمضمر هو حال من ضمير الفاعل اى اقرأ ملتبسا باسم الله تعالى اى مبتدئا به ليتحقق مقارنته لجميع اجزاء المقروء اى قل بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ فعلم أن اقرأ باسم ربك نزلت من غير بسملة وقد صرح بذلك الامام البخاري رحمه الله امره بذلك لأن ذكر اسم الله قوة له فى القراءة وانس بمولاه فان الانس بالاسم يفضى الى الانس بالمسمى والذكر باللسان يؤدى الى الذكر بالجنان والباء فى باسم بره تعالى على

[سورة العلق (96) : آية 2]

على المؤمنين بانواع الكرامات فى الدارين والسين كونه سميعا لدعاء الخلق جميعا والميم معناه من العرش الى تحت الثرى ملكه وملكه وفى الكواشي دخلت الباء فى اقرأ باسم ربك لتدل على الملازمة والتكرير كأخذت بالخطام ولو قلت أخذت الخطام لم يدل على التكرير والدوام وفى كتاب شمس المعارف أول آية نزلت على وجه الأرض بسم الله الرحمن الرحيم يعنى على آدم الصفي عليه السلام فقال آم الآن علمت أن ذريتى لا تعذب بالنار مادامت عليها ثم أنزلت على ابراهيم عليه السلام فى المنجنيق فانجاه الله بها من النار ثم على موسى عليه السلام فقهر بها فرعون وجنوده ثم على سليمان عليه السلام فقالت الملائكة الآن والله قد تم ملكك فهى آية الرحمة والامان لرسله وأممهم ولما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سورة النمل انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم كانت فتحا عظيما فأمر رسول الله فكتبت على رؤوس السور وظهور الدفاتر وأوائل الرسائل وحلف رب العزة بعزته ان لا يسميه عبد مؤمن على شىء الا بورك له فيه وكانت لقائلها حجابا من النار وهى تسعة عشر حرفا تدفع تسعة عشر زبانية وفى الخبر النبوي لو وضعت السموات والأرضون وما فيهن وما بينهن فى كفة والبسملة فى كفة لرجحت عليها يعنى البسملة الَّذِي خَلَقَ وصف الرب به لتذكير أول النعماء الفائضة عليه منه تعالى والتنبيه على أن من قدر على خلق الإنسان على ما هو عليه من الحياة وما يتبعها من الكمالات العلمية والعملية من مادة لم تشم رائحة الحياة فضلا عن سائر الكمالات قادر على تعليم القراءة للحى العالم المتكلم اى الذي له الخلق والمستأثر به لا خالق سواه فيكون خلق منزل منزلة اللازم وبه يتم مرام المقام لدلالته على أن كل خلق مختص به او خلق كل شىء فيكون من حذف المفعول للدلالة على التعميم وقال فى فتح الرحمن لما ذكر الرب وكانت العرب فى الجاهلية تسمى الأصنام أربابا جاء بالصفة التي لا شركة للاصنام فيها فقال الذي خلق خَلَقَ الْإِنْسانَ على الاول تخصيص لخلق الإنسان بالذكر من بين سائر المخلوقات لاستقلاله ببدائع الصنع والتدبير وعلى الثاني افراد للانسان من بين سائر المخلوقات بالبيان وتفخيم لشأنه إذ هو أشرفهم وعليه نزل التنزيل وهو المأمور بالقراءة ويجوز أن يراد بالفعل الاول ايضا خلق الإنسان ويقصد بتجريده عن المفهوم الإبهام ثم التفسير روما لتفخيم فطرته مِنْ عَلَقٍ جمع علقة كثمر وثمرة وهى الدم الجاهد وإذا جرى فهو المسفوح اى دم جامد رطب يعلق بما مر عليه لبيان كمال قدرته تعالى بإظهار ما بين حالته الاولى والآخرة من التباين البين وإيراده بلفظ الجمع حيث لم يقل علقة بناء على أن الإنسان فى معنى الجمع لأن الالف فيه للاستغراق لمراعاة الفواصل ولعله هو السر فى تخصيصه بالذكر من بين سائر أطوار الفطرة الانسانية مع كون النطفة والتراب ادل منه على كمال القدرة لكونهما ابعد منه بالنسبة الى الانسانية ولما كان خلق الإنسان أول النعم الفائضة عليه منه تعالى وأقوم الدلائل الدالة على وجوده تعالى وكمال قدرته وعلمه وحكمته وصف ذاته تعالى بذلك اولا ليستشهد عليه السلام به على تمكينه تعالى من القراءة وفى

[سورة العلق (96) : الآيات 3 إلى 4]

حواشى ابن الشيخ ان الحكيم سبحانه لما أراد أن يبعثه رسولا الى المشركين لو قال له اقرأ باسم ربك الذي لا شريك له لابوا أن يقبلوا ذلك منه لكنه تعالى قدم فى ذلك مقدمة تلجئهم الى الاعتراف به حيث امر رسوله أن يقول لهم انهم هم الذين خلقوا من العلقة ولا يمكنهم إنكاره ثم أن يقول لهم لا بد للفعل من فاعل فلا يمكنهم ان يضيفوا ذلك الفعل الى الوثن لعلمهم بأنهم نحتوه فبهذا التدريج يقرون بأنى انا المستحق للثناء دون دون الأوثان لأن الالهية موقوفة على الخالقية ومن لم يخلق شيأ كيف يكون الها مستحقا للعبادة ومن هذه الطريقة ما يحكى أن زفر لما بعثه ابو حنيفة رحمه الله الى البصرة لتقرير مذهبه فيهم فوصل إليهم وذكر أبا حنيفة منعوه ولم يلتفتوا اليه فرجع الى ابى حنيفة وأخبره بذلك فقال له ابو حنيفة انك لم تعرف طريق التبليغ لكن ارجع إليهم واذكر فى المسألة أقاويل أئمتهم ثم بين ضعفها ثم قل بعد ذلك هاهنا قول اخر فاذكر قولى وحجتى فاذا تمكن ذلك فى قلبهم فقل هذا قول ابى حنيفة فانهم حينئذ يستحسنونه فلا يردونه اقْرَأْ اى افعل ما أمرت به وكرر علامة الأمر بالقراءة تأكيدا للايجاب وتمهيدا لما يعقبه من قوله تعالى وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ إلخ فانه كلام مستأنف ولذا وضع السجاوندى علامة الوقف الجائز على خلق وارد لازاحة ما بينه عليه السلام من العذر بقوله ما انا بقارئ يريد أن القراءة شأن من يكتب ويقرأ وانا أمي فقيل له وربك الذي أمرك بالقراءة مبتدئا باسمه وهو الأكرم اى الزائد فى الكرم على كل كريم فانه ينعم بلا غرض ولا يطلب مدحا او ثوابا او تخلصا من المذمة وايضا أن كل كريم انما أخذ الكرم منه فكيف يساوى الأصل وقال ابن الشيخ ربك مبتدأ والأكرم صفته والذي مع صلته خبر الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ اى علم ما علم بواسطة القلم لا غيره فكما علم القارئ بواسطة الكتابة والقلم يعلمك بدونهما وقال بعضهم علم الخط بالقلم والقلم ما يكتب به لأنه يقلم ويقص ويقطع وفيه امتنان على الإنسان بتعليم علم الخط والكتابة بالقلم ولذلك قيل العلم صيد والكتابة قيده وقيل وما من كاتب الا سيبلى ... ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شىء ... يسرك فى القيامة ان تراه ولولا القلم ما استقامت امور الدين والدنيا وفيه اشارة الى القلم الأعلى الذي هو أول موجود وهو الروح النبوي عليه السلام فان الله علم القلب بواسطته ما لم يعلم من العلوم التفصيلية قال كعب الأحبار أول من وضع الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاث مائة سنة كتبها فى الطين ثم طبخه فاستخرج إدريس ما كتب آدم وهذا هو الأصح واما أول من كتب خط الرمل فادريس عليه السلام وأول من كتب بالفارسية طهمورث ثالث ملوك الفرس وأول من اتخذ القراطيس يوسف عليه السلام قال السيوطي رحمه الله أول ما خلق الله القلم قال له اكتب ما هو كائن الى يوم

[سورة العلق (96) : الآيات 5 إلى 8]

القيامة وأول ما كتب القلم انا التواب أتوب على من تاب قال بعضهم وجه المناسبة بين الخلق من العلق وتعليم القلم أن ادنى مراتب الإنسان كونه علقة وأعلاها كونه عالما فالله تعالى امتن على الإنسان بنقله من ادنى المراتب وهى العلقة الى أعلاها وهو تعلم العلم ثم الله الذي خلق الإنسان على صورته الحقيقية خلقه من علقة التجلي الأولي الحبى المشار اليه بقوله كنت كنزا مخفيا فاحببت أن اعرف فخلقت الخلق فصارت المحبة الذاتية علقة بالإيجاد الحبى وهو أكرم الأكرمين إذ هو جامع محيط بجميع الأسماء الدالة على الكرم كالجواد والواهب والمعطى والرازق وغيرها عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ بدل اشتمال من علم بالقلم وتعيين للمفعول اى علمه به وبدونه من الأمور الكلية والجزئية والجلية والخفية ما لم يخطر بباله أصلا فان قلت فاذا كان القلم والخط من المنن الالهية فما باله عليه السلام لم يكتب قلت لأنه لو كتب لقيل قرأ القرآن من صحف الأولين ومن كان القلم الأعلى يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره لا يحتاج الى تصوير الرسوم وتشكيل العلوم بآيات الجسمانية لأن الخط صنعة ذهنية وقوة طبيعية صدرت بالآلة الجسمانية وفيه اشارة بديعة الى أن أمته بين الأمم هم الروحانيون وصفهم سبحانه فى الإنجيل امة محمد أناجيلهم فى صدورهم لو لم يكن رسم الخطوط لكانوا يحفظون شرائعه عليه السلام بقلوبهم لكمال قوتهم وظهور استعداداتهم كَلَّا ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وان لم يسبق ذكره للمبالغة فى الزجر فيوقف عليه وقال السجاوندى يوقف على ما لم يعلم لأنه بمعنى حقا ولذا وضع علامة الوقف عليه إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى اى يتجاوز الحد ويستكبر على ربه بيان للمردوع والمردوع عنه قيل ان هذا الى آخر السورة نزل فى ابى جهل بعد زمان وهو الظاهر أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى مفعول له اى يطغى لأن رأى وعلم نفسه مستغنيا او ابصر مثل ابى جهل وأصحابه ومثل فرعون ادعى الربوبية قال ابن مسعود رضى الله عنه منهومان لا يشبعان طالب العلم وطالب الدنيا ولا يستويان اما طالب العلم فيزداد فى رضى الله واما طالب الدنيا فيزداد فى الطغيان وتعليل طغيانه برؤيته لنفسه الاستغناء للايذان بأن مدار طغيانه زعمه الفاسد روى أن أبا جهل قال لرسول الله عليه السلام أتزعم أن من استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا وتتبع دينك فنزل جبريل فقال ان شئت فعلنا ذلك ثم ان لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا باصحاب المائدة فكف رسول الله عن الدعاء ابقاء عليهم ورحمة وأول هذه السورة يدل على مدح العلم وآخرها على مذمة المال وكفى بذلك مرغبا فى العلم والدين ومنفرا عن المال والدنيا وكان عليه السلام يقول اللهم انى أعوذ بك من غنى يطغى وفقر ينسى وفيه اشارة الى أن الإنسان إذا رأى نفسه مظهر بعض صفات ربه وأسمائه يدعيها لنفسه ويظن أن تلك الصفات والأسماء الالهية المودعة فيه بحكمة بالغة ملك له وهو مالكها فيعجب بها وبكمالاتها فيستغنى عن مالكها الذي أودعها فيه ليستدل بها على خالقه وبارئه إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى الرجعى مصدر بمعنى الرجوع والالف للتأنيث اى ان الى مالك أمرك ايها الإنسان رجوع الكل بالموت

[سورة العلق (96) : الآيات 9 إلى 14]

والبعث لا الى غيره استقلالا او اشتراكا فسترى حينئذ عاقبة طغيانك وآنجا همه را عمل بكار آيد نه اموال توانكرى نه بمالست نزد اهل كمال كه مال تا لب كورست وبعد از ان اعمال أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى الاستفهام للتعجيب والرؤية بصرية والخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية وتنكير عبدا لتفخيمه عليه السلام كأنه قيل ينهى أكمل الخلق فى العبودية عن عبادة ربه والعدول عن ينهاك الى ينهى عبدا دال على أن النهى كان للعبد عن اقامة خدمة مولاه ولا أقبح منه روى أن أبا جهل قال فى ملأ من طغاة قريش لئن رأيت محمدا يصلى لأطأن عنقه وفى التكملة نهى محمدا عن الصلاة وهم أن يلقى على رأسه حجرا فرآه فى الصلاة وهى صلاة الظهر فجاءه ثم نكص على عقبيه فقالوا مالك فقال ان بينى وبينه لخندقا من نار وهولا واجنحة فنزلت والمراد اجنحة الملائكة ابصر اللعين الاجنحة ولم يبصر أصحابها فقال عليه السلام والذي نفسى بيده لودنا منى لاختطفته الملائكة عضوا عضوا وكان ابو جهل يكنى فى الجاهلية بأبى الحكم لأنهم كانوا يزعمون أنه عالم ذو حكمة ثم سمى أبا جهل فى الإسلام. يقول الفقير كان عليه السلام يدعو ويقول اللهم أعز الإسلام بابى جهل او بعمر فلما أعزه الله بعمر رضى الله عنه دل على أن عمرا سعد قريش كما أن أبا جهل أشقى قريش إذ الأشياء تتبين بأضدادها أَرَأَيْتَ رؤية قلبية معناه أخبرني ذلك الناهي وهو المفعول الاول إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى فيما ينهى عنه من عبادة الله أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى اى امر بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده وهذه الجملة الشرطية بجوابها المحذوف وهو ألم يعلم بأن الله يرى سدت مسد المفعول الثاني فان المفعول الثاني لأرأيت لا يكون الا جملة استفهامية او قسمية وانما حذف جوب هذه الشرطية اكتفاء عنه بجواب الشرطية لأن قوله ان كذب وتولى مقابل للشرط الاول وهو ان كان على الهدى أو أمر بالتقوى والآية فى الحقيقة تهكم بالناهي ضرورة انه ليس فى النهى عن عبادته تعالى والأمر بعبادة الأصنام على هدى البتة أَرَأَيْتَ أخبرني ذلك الناهي إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى اى ان كان مكذبا للحق معرضا عن الصواب كما نقول نحن ونظم الأمر والتكذيب والتولي فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه ليس باعتبار انفس الافعال المذكورة من حيث صدورها عن الفاعل فان ذلك ليس فى حيز التردد أصلا بل باعتبار أوصافها التي هى كونها امرا بالتقوى وتكذيبا وتوليا أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى جواب للشرطية الثانية اى يطلع على أحواله فيجاريه بها حتى اجترأ على ما فعل اى قد علم ذلك الناهي أن الله يرى فكيف صدر منه ما صدر وانما أفرد التكذيب والتولي بشرطية مستقلة مقرونة بالجواب مصدرة باستخبار مستأنف ولم ينظمهما فى سلك الشرط الاول بعطفهما على كان للايذان باستقلالهما بالوقوع فى نفس الأمر وباستتباع الوعيد الذي ينطق به الجواب واما القسم الاول

[سورة العلق (96) : الآيات 15 إلى 19]

فأمر مستحيل قد ذكر فى حيز الشرط لتوسيع الدائرة وهو السر فى تجريد الشرطية الاولى عن الجواب والاحالة به على جواب الثانية وقيل المعنى أرأيت الذي ينهى عبدا يصلى والمنهي على الهدى امرا بالتقوى والناهي مكذب متول ولا اعجب من ذا. بزركان كفته اند در كلمه ان الله يرى هم وعد مندرجست وهم وعيد اى فاسق توبه كن كه ترا ميبيند اى مرايى اخلاص ورز كه ترا ميبيند اى در خلوت قصد كناه كرده هش دار كه ترا مى بيند درويشى بعد از كناهى توبه كرده بود و پيوسته مى كريست كفتند چند مى گريى خداى تعالى غفورست كفت ارى هر چند عفو كند خجلت آنرا كه او مى ديده چهـ كونه دفع كنم كيرم كه تو از سر كنه در كذرى ... زان شرم كه ديدى كه چهـ كردم چهـ كنم قال ابو الليث رحمه الله والآية عظة لجميع الناس وتهديد لمن يمنع عن الخير وعن الطاعة وقال ابن الشيخ فى حواشيه وهذه الآية وان نزلت فى حق ابى جهل لكن كل من نهى عن طاعة فهو شريك ابى جهل فى هذا الوعيد ولا يلزم عليه المنع من الصلاة فى الدار المغصوبة والأوقات المكروهة لأن المنهي عنه غير الصلاة وهو المعصية فان عدم مشروعية الوصف المقارن وكونه مستحقا لأن ينهى عنه لا ينافى مشروعية اصل الصلاة الا أنه لشدة الاتصال بينهما بحيث يكون النهى عن الوصف موهما للنهى عن الأصل احتاط فيه بعض الأكابر حتى روى عن على رضى الله عنه انه رأى فى المصلى أقواما يصلون قبل صلاة العيد فقال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فقيل له ألا ننهاهم فقال أخشى أن ندخل تحت وعيد قوله تعالى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى فلم يصرح بالنهى عن الصلاة احتياطا وأخذ ابو حنيفة هذا الأدب الجميل حتى قال له ابو يوسف أيقول المصلى حين يرفع رأسه من الركوع اللهم اغفر لى قال يقول ربنا لك الحمد ويسجد ولم يصرح بالنهى كَلَّا ردع للناهى اللعين وخسوء له عن نهيه عن عبادة الله وامره بعبادة اللات لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ اللام موطئة للقسم المضمر اى والله لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر ولم يتب ولم يسلم قبل الموت والأصل ينتهى بالياء يقال نهاه ينهاه نهيا ضد امره فانتهى لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ أصله لنسفعن بالنون الخفيفة للتأكيد ونظيره وليكونا من الصاغرين كتب فى المصحف بالألف على حكم الوقف فانه يوقف على هذه النون بالألف تشبيها لها بالتنوين والسفع القبض على الشيء وجذبه بعنف وشدة والناصية شعر مقذم الرأس والمعنى لنأخذن فى الآخرة بناصيته ولنسحبنه بها الى النار بمعنى لنأمرن الزبانية ليأخذوا بناصيته ويجروه الى النار بالتحقير والاهانة وكانت العرب تأنف من جر الناصية وفى عين المعاني الاخذ بالناصية عبارة عن القهر والهوان والاكتفاء بلام العهد عن الاضافة لظهور أن المراد ناصية الناهي المذكور ويحتمل ان يكون المراد من هذا السفع سحبه على وجهه فى الدنيا يوم بدر فيكون بشارة بان يمكن المسلمين من ناصيته حتى يجروه على وجهه إذا عاد الى النهى فلما عاد مكنهم الله من ناصيته يوم بدر (روى) أنه لما نزلت سورة الرحمن قال عليه السلام من يقرأها على رؤساء قريش فتثاقلوا فقام ابن

[سورة العلق (96) : الآيات 16 إلى 18]

مسعود رضى الله عنه وقال انا فأجلسه عليه السلام ثم قال ثانيا من يقرأها عليهم فلم يقم الا ابن مسعود رضى الله عنه ثم ثالثا الى ان أذن له وكان عليه السلام يبقى عليه لما كان يعلم ضعفه وصغر جثته ثم انه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة فافتتح قراءة السورة فقام ابو جهل فلطمه فشق اذنه وأدماها فانصرف وعينه تدمع فلما رآه عليه السلام رق قلبه واطرق رأسه مغموما فاذا جبرائيل جاء ضاحكا مستبشرا فقال يا جبرائيل تضحك ويبكى ابن مسعود فقال سيعلم فلما ظفر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود ان يكون له حظ فى الجهاد فقال له عليه السلام خذ رمحك والتمس فى الجرحى من كان له رمق فاقتله فانك تنال ثواب المجاهدين فاخذ يطالع القتلى فاذا ابو جهل مصروع يخور فخاف ان تكون به قوة فيؤذيه فوضع الرمح على منحره من بعيد فطعنه ولعل هذا قوله سنسمه على الخرطوم ثم لما عرف عجزه لم يقدر ان يصعد على صدره لضعفه فارتقى عليه بحيلة فلما رآه ابو جهل قال له يا رويعى الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا فقال ابن مسعود الإسلام يعلو ولا يعلى عليه فقال له ابو جهل بلغ صاحبك انه لم يكن أحد ابغض الى منه فى حال مماتى فروى أنه عليه السلام لما سمع ذلك قال فرعونى أشد من فرعون موسى فانه قال آمنت وهو قد زاد عتوا ثم قال يا ابن مسعود اقطع بسيفى هذا لأنه أحد وأقطع فلما قطع رأسه لم يقدر على حمله فشق اذنه وجعل الخيط فيها وجعل يجره الى رسول الله عليه السلام وجبرائيل بين يديه يضحك ويقول يا محمد اذن بإذن لكن الرأس هاهنا مع الاذن مقطوع ولعل الحكيم سبحانه انما خلقه ضعيفا حتى لم يقو على الرأس المقطوع لوجوه أحدها أن أبا جهل كلب والكلب يجر ولا يحمل والثاني ليشق الاذن فيقتص الاذن بالاذن والثالث ليحقق الوعيد المذكور بقوله لنسفعا بالناصية فيجر تلك الرأس على مقدمها قال ابن الشيخ والناصية شعر الجبهة وقد يسمى مكان الشعر ناصية ثم انه تعالى كنى بها هاهنا عن الوجه والرأس ولعل السبب فى تخصيص السفع بها ان اللعين كان شديد الاهتمام بترجيل الناصية وتطبيبها ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ بدل من الناصية وانما جاز إبدالها من المعرفة وهى نكرة لوصفها ووصف الناصية بالكذب والخطأ على الاسناد المجازى وهما لصاحبها وفيه من الجزالة ما ليس فى قولك ناصية كاذب خاطئ كأن الكافر بلغ فى الكذب قولا والخطأ فعلا الى حيث أن كلا من الكذب والخطا ظهر من ناصيته وكان ابو جهل كاذبا على الله فى أنه لم يرسل محمدا وكاذبا فى أنه ساحر ونحوه وخاطئا بما تعرض له عليه السلام بانواع الاذية فَلْيَدْعُ من الدعوة يعنى كو بخواند ابو جهل نادِيَهُ اى اهل ناديه ومجلسه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدى فيه القوم اى يجتمعون وقدر المضاف لأن نفس المجلس والمكان لا يدعى ولا يسمى المكان ناديا حتى يكون فيه اهله ودار الندوة بمكة كانوا يجتمعون فيها للتشاور وهى الآن لمحفل الحنفي روى أن أبا جهل مر برسول الله وهو يصلى فقال ألم ننهك فاغلظ رسول الله فقال أتهددني وانا اكثر اهل الوادي ناديا يريد كثرة من يعينه فنزلت سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ اى ملائكة العذاب ليجروه الى النار وواحد منهم يغلب على ألف ألف من أمثال اهل ناديه

[سورة العلق (96) : آية 19]

قال عليه السلام لو دعا ناديه لاخذته الزبانية عيانا. اجتمعت المصاحف العثمانية على حذف الواو من سندع خطا ولا موجب للحذف من العربية لفظا ولعله للمشاكلة مع فليدع او للتشبيه بالأمر فى أن الدعاء امر لا بد منه وقال ابن خالويه فى اعراب الثلاثين آية الأصل سندعو بالواو غير أن الواو ساكنة فاستثقلتها اللام ساكنة فسقطت الواو فى المصحف من سندع ويدع الإنسان ويمح الله الباطل وكذلك الياء من واد النمل وان الله لهاد الذين آمنوا والعلة فيهأ ما انبأتك من بنائهم الخط على اللفظ انتهى والزبانية فى الأصل فى كلام العرب الشرط كصرد جمع شرطة بالضم وهم طائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لأنهم اعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها كما فى القاموس والشرط بالتحريك العلامة والواحد زبنية كعفرية وعفرية الديك شعرة القفا التي يردها الى يا فوخه عند الهراش من الزبن بالفتح كالضرب وهو الدفع لأنهم يزبنون الكفار اى يدفعونهم فى جهنم بشدة وبطش يعنى أن ملائكة العذاب سموا بما سمى به الشرط تشبيها لهم بهم فى البطش والقهر والعنف والدفع وقيل الواحد زبنى وكأنه نسب الى الزبن ثم غير الى زبانية كأنسى بكسر الهمزة وأصلها زبانى وقيل زبانية بتعويض التاء عن الياء بعد حذفها للمبالغة فى الدفع وفيه اشارة الى التجليات القوية الجلالية الجرارة أبا جهل النفس الامارة واهل ناديه الذي هو الهوى وقواه الظلمانية الى نار الخذلان وجهنم الخسران كَلَّا ردع بعد ردع للناهى المذكور وزجر له اثر زجر فهو متصل بما قبله ولذا جعلوا الوقف عليه وقفا مطلقا لا تُطِعْهُ اى دم على ما أنت عليه من معاصاة ذلك الناهي الكاذب الخاطئ كقوله تعالى ولا تطع المكذبين وَاسْجُدْ وواظب على سجودك وصلاتك غير مكترث به وَاقْتَرِبْ وتقرب بذلك السجود الى ربك وفى الحديث (اقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد فأكثروا من الدعاء فى السجود) كلمة ما مصدرية وأقرب مبتدأ حذف خبره ويكون تامة اى اقرب وجود العبد من ربه حاصل وقت سجوده. ودر فتوحات اين را سجده قرب كفته. وهذا محل سجود عند الثلاثة خلافا لمالك وهم على أصولهم فى قولهم بالوجوب والسنية ثم ان السجود اشارة الى ازالة حجاب الرياسة وفى الحديث (لا كبر مع السجود) يعنى هر كه سجده آرد از كبر دور كشت وبر دركاه الله شرف متواضعان يافت. روى أن ابراهيم عليه السلام أضاف يوما مائتى مجوسى فلما أكلوا قالوا مرنا يا ابراهيم قال ان لى إليكم حاجة فقالوا ما حاجتك قال اسجدوا لربى سجدة واحدة فتشاوروا فيما بينهم فقالوا ان هذا الرجل قد صنع معروفا كثيرا فلو سجدنا لربه ثم رجعنا الى آلهتنا لا يضرنا ذلك بشئ فسجدوا جميعا فلما وضعوا رؤسهم على الأرض ناجى ابراهيم ربه فقال انى جهدت جهدى حتى حملتهم على هذا ولا طاقة لى على غيره وانما التوفيق والهداية بيدك اللهم زين صدورهم بالإسلام فلما رفعوا رؤوسهم من السجود اسلموا وللسجدة اقسام سجدة الصلاة وسجدة التلاوة وسجدة السهو وهذه مشهورة وسجدة التعظيم لجلال الله وكبريائه وسجدة التضرع اليه خوفا وطمعا وسجدة الشكر له وسجدة المناجاة وهذه مستحبة فى الأصح صادرة عن

تفسير سورة القدر

الملائكة وعن رسول الله عليه السلام وسائر الأنبياء والأولياء عليهم السلام وقال ابو حنيفة ومالك سجود الشكر مكروه فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وقال الامامان هى قربه يثاب فاعلها وقال القاشاني قرأ عليه السلام فى هذه السجدة اى سجدة اقرأ (أعوذ بعفوك من عقابك) اى بفعل لك من فعل لك (وأعوذ برضاك من سخطك) اى بصفة لك من صفة لك (وأعوذ بك منك) اى بذاتك من ذاتك وهو معنى اقترا به بالسجود تفسير سورة القدر خمس اوست آيات مكية وقيل مدنية بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ النون للعظمة او للدلالة على الذات مع الصفات والأسماء والضمير للقرءآن لأن شهرته تقوم مقام تصريحه باسمه وإرجاع الضمير اليه فكأنه حاضر فى جميع الأذهان وعظمه بأن أسند انزاله الى جنابه مع أن نزوله انما يكون بواسطة الملك وهو جبرائيل على طريقة القصر بتقديم الفاعل المعنوي الا انه اكتفى بذكر الأصل عن ذكر التبع قال فى بعض التفاسير انا أنزلناه مبتدأ او خبر فى الأصل بمعنى نحن أنزلناه فادخل ان للتحقيق فاختير اتصال الضمير للتخفيف ومعنى صيغة الماضي انا حكمنا بانزاله فى ليلة القدر وقضينا به وقدرناه فى الأزل ثم ان الانزال يستعمل فى الدفعى والقرآن لم ينزل جملة واحدة بل انزل منجما مفرقا فى ثلاث وعشرين سنة وهذه السورة من جملة ما انزل وجوابه أن المراد أن جبرائيل نزل به جملة واحده فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا واملاه على السفرة اى الملائكة الكاتبين فى تلك السماء ثم كان ينزل على النبي عليه السلام منجما على حسب المصالح وكان ابتداء تنزيله ايضا فى تلك الليلة وفيه اشارة الى أن بيت العزة اشرف المقامات السماوية بعد اللوح المحفوظ لنزول القرآن منه اليه ولذلك قيل بفضل السماء الاولى على أخواتها لأنها مقر الوحى الرباني وقيل لشرف المكان بالمكين وكل منهما وجه فان السلطان انما ينزل على انزه مكان ولو فرضنا نزوله على مسبخة لكفى نزوله هناك شرفا لها فالمكان الشريف يزداد شرفا بالمكين الشريف كما سبق فى سورة البلد ففى نزول القرآن بالتدريج اشارة الى تعظيم الجناب المحمدي كما تدخل الهدايا شيأ بعد شىء على أيدي الخدام تعظيما للمهدى اليه بعد التسوية بينه وبين موسى عليهما السلام بانزاله جملة الى بيت العزة وفى التدريج ايضا تسهيل للحفظ وتثبيت لفؤاده كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك وكلام الله المنزل قسمان القرآن والخبر القدسي لأن جبرائيل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرءان ومن هنا جاز رواية السنة بالمعنى لان جبرائيل أداها بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأن جبرائيل أداها باللفظ والسر فى ذلك التعبد بلفظه والاعجاز به فانه لا يقدر أحد أن يأتى بدله بما يشتمل عليه من الاعجاز لفظا ومن الاسرار معنى فكيف يقوم لفظ الغير ومعناه مقام حرف القرآن ومعناه ثم ان اللوح المحفوظ قلب هذا التعين

[سورة القدر (97) : الآيات 2 إلى 3]

ولكن قلب الإنسان ألطف منه لأنه زبدته وأشرفه لأن القرآن نزل به الروح الامين على قلب النبي المختار وهنا سؤال وهو أن الملائكة بأسرهم صعقوا ليلة نزول القرآن من حضرة اللوح المحفوظ الى حضرة بيت العزة فما وجهه والجواب أن محمدا صلى الله عليه وسلم عندهم من اشراط القيامة والقرآن كتابه فنزوله دل على قيام الساعة فصعقوا هيبة منة وإجلالا لكلامه وحضرة وعده ووعيده وفى بعض الاخبار ان الله تعالى إذا تكلم بالرحمة تكلم بالفارسية والمراد بالفارسية لسان غير العرب سريانيا كان او عبرانيا وإذا تكلم بالعذاب تكلم بالعربية فلما سمعوا العربية المحمدية ظنوا أنه عقاب فصعقوا وسيأتى معنى القدر ثم القرآن كلامه القديم أنزله فى شهر رمضان كما قال تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن وهذا هو البيان الاول ولم ندر نهارا انزل فيه أم ليلا فقال تعالى ان أنزلناه فى ليلة مباركة وهذا هو البيان الثاني ولم ندراى ليلة هى فقال تعالى انا أنزلناه فى ليلة القدر فهذا هو البيان الثالث الذي هو غاية البيان فالصحيح أن الليلة التي يفرق فيها كل امر حكيم وينسخ فيها امر السنة وتدبير الاحكام الى مثلها هى ليلة القدر ولتقدير الأمور فيها سميت ليلة القدر ويشهد التنزيل لما ذكرنا إذ فى أول الآية انا أنزلناه فى ليلة مباركة ثم وصفها فقال فيها يفرق كل امر حكيم والقرآن انما نزل فى ليلة القدر فكانت هذه الآية بهذا الوصف فى هذه الليلة مواطئة لقوله تعالى انا أنزلناه فى ليلة القدر كذا فى قوت القلوب للشيخ ابى طالب المكي قدس سره فان قلت ما الحكمة فى إنزال القرآن ليلا قلت لأن اكثر الكرامات ونزول النفحات والإسراء الى السموات يكون بالليل والليل من الجنة لأنها محل الاستراحة والنهار من النار لأن فيه المعاش والتعب والنهار حظ اللباس والفراق والليل حظ الفراش والوصال وعبادة الليل أفضل من عبادة النهار لأن قلب الإنسان فيه اجمع والمقصود هو حضور القلب قال بعض العارفين اعمل التوحيد فى النهار والاسم فى الليل حتى تكون جامعا بين الطريقتين الجلوتية بالجيم والخلوتية ويكون التوحيد والاسم جناحين لك وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ اى واى شىء أعلمك يا محمد ما هى اى انك لا تعلم كنهها لان علو قدرها خارج عن دائرة دراية الخلق لا يدريها ولا يدريها الاعلام الغيوب وهو تعظيم للوقت الذي انزل فيه ومن بعض فضائل ذلك الوقت انه يرتفع سؤال القبر عمن مات فيه وكذا فى سائر الأوقات الفاضلة ومن ذلك العيد ثم مقتضى الكرم أن لا يسأل بعده ايضا وقد وقع تجلى الافعال لسيد الأنبياء عليه السلام فى رجب ليلة الجمعة الاولى بين العشاءين فلذا استحب صلاة الرغائب وقتئذ وتجلى الصفات فى نصف شعبان فلذا استحب صلاة البراءة بعد العشاء قبل الوتر وتجلى الذات فى ليلة القدر ولذلك استحب صلاة القدر فيها كما سيجئ ولما كان هذا معربا عن الوعد بادرائها قال لَيْلَةِ الْقَدْرِ القيامها والعبادة فيها خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ اى من صيامها وقيامها ليس فيها ليلة القدر حتى لا يلزم تفضيل الشيء على نفسه فخير هنا للتفضيل اى أفضل وأعظم قدرا واكثر اجرا من تلك المدة وهى ثلاث وثمانون سنة واربعة أشهر وفى الحديث من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه

وما تأخر ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما فى كشف الاسرار قال الخطابي قوله ايمانا واحتسابا اى بنية وعزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة فى ثوابه طبية به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب وقال البغوي قوله احتسابا اى طلبا لوجه الله وثوابه يقال فلان يحتسب الاخبار اى يطلبها كذا فى الترغيب والترهيب والمراد بالقيام صلاة التراويح وقال بعضهم المراد مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل قوله غفر له ما تقدم من ذنبه قيل المراد الصغائر وزاد بعضهم ويخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة وقوله وما تأخر هو كناية عن حفظهم من الكبائر بعد ذلك او معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة كذا فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء فى جماعة فقد أخذ حظه من ليلة القدر كما فى الكواشي ثم أن نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر فى الخير وفيه اشارة الى أن ليلة القدر للعارفين خير من ألف شهر للعابدين لأن خزآئنه تعالى مملوءة من العبادات ولا قدر إلا للفناء واهله وللشهود وأصحابه واختلفوا فى وقتها فاكثرهم على أنها فى شهر رمضان فى العشر الأواخر فى اوتارها لقوله عليه السلام التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان فاطلبوها فى كل وتر وانما جعلت فى العشر الأخير الذي هو مظنة ضعف الصائم وفتوره فى العبادة ليتجدد جده فى العبادة رجاء إدراكها وجعلت فى الوتر لأن الله وتريحب الوتر ويتجلى فى الوتر على ما هو مقتضى الذات الاحدية واكثر الأقوال انها السابعة لامارات واخبار تدل على ذلك أحدها حديث ابن عباس رضى الله عنهما ان السورة ثلاثون كلمة وقوله هى السابعة والعشرون منها ومنها ما قال ابن عباس ايضا ليلة القدر تسعة أحرف وهو مذكور فى هذه السورة ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ومنها انه كان لعثمان بن ابى العاص غلام فقال يا مولاى ان البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر قال إذا كانت تلك الليلة فاعلمنى فاذا هى السابعة والعشرون من رمضان ومن قال انها هى الليلة الاخيرة من رمضان استدل بقوله عليه السلام ان الله تعالى فى كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار يعتق ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا العذاب فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق الله فى تلك الليلة بعدد من أعتق من أول الشهر الى آخره ولأن الليلة الاولى كمن ولد له ذكر فهى ليلة شكر والليلة الاخيرة ليلة الفراق كمن مات له ولد فهى ليلة صبر وفرق بين الشكر والصبر فان الشاكر مع المزيد كقوله تعالى لئن شكرتم لازيدنكم والصابر مع الله لقوله تعالى ان الله مع الصابرين وعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت سألت النبي عليه السلام لو وافقتها ماذا أقول قال قولى اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى وعنها ايضا لو أدركتها ما سألت الله الا العافية وفيه اشارة الى ما قال عليه السلام اللهم انى اسألك العفو والعافية والمعافاة فى الدين والدنيا والآخرة ولعل السر فى اخفائها تحريض من يريدها للثواب الكثير بإحياء الليالى الكثيرة رجاء لموافقتها

اى خواجه چهـ كويى ز شب قدر نشانى ... هر شب شب قدرست اگر قدر بدانى ونظيره إخفاء ساعة الاجابة فى يوم الجمعة والصلاة الوسطى فى الخمس واسمه الأعظم فى الأسماء ورضاه فى الطاعات حتى يرغبوا فى الكل وغضبه فى المعاصي ليحتروزا عن الكل ووليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل خورش ده بگنجشك وكبك وحمام ... كه يك روزت افتد هماى بدام والمستجاب من الدعوات فى سائرها ليدعوه بكلها چهـ هر كوشه تير نياز افكنى ... اميدست كه ناكه كه صيدى زنى ووقت الموت ليكون المكلف على احتياط فى جميع الأوقات وتسميتها بليلة القدر اما لتقدير الأمور وقضائها فيها لقوله تعالى فيها يفرق كل امر حكيم اى اظهار تقديرها للملائكة بان تكتبها فى اللوح المحفوظ والا فالتقدير نفسه ازلى فالقدر بمعنى التقدير وهو جعل الشيء على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضت الحكمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله قدر فيها كل ما يكون فى تلك السنة من مطرورزق واحياء واماتة وغيرها الى مثل هذه الليلة من السنة الآتية فيسلمه الى مدبرات الأمور من الملائكة فيدفع نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار الى ميكائيل ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف الى جبرائيل ونسخة الأعمال الى اسرافيل ونسخة المصائب الى ملك الموت فكم من فتى يمسى ويصبح آمنا ... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى وكم من شيوخ ترتجى طول عمرهم ... وقد رهقت أجسادهم ظلمة القبر وكم من عروس زينوها لزوجها ... وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر يقال ان ميكائيل هو الامين على الأرزاق والاغذية المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الذي يعطى الغذاء لجميع البدن وكذلك اسرافيل يغذى الأشباح بالأرواح ويقابله منك الدماغ وجبرائيل يغذى الأرواح بالعلوم والمعارف ويقابله منك العقل وكل محدث لا بد له من غذآء فغذآء الجسم بالتأليف والعقل بالعلوم الضرورية والروح القدسي ايضا متعطش ولا يرتوى الا بالعلوم الالهية هذا واما لخطرها وشرفها على سائر الليالى فالقدر بمعنى المنزلة والشرف اما باعتبار العامل على معنى أن من اتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف واما باعتبار نفس العمل على معنى أن الطاعة الواقعة فى تلك الليلة لها قدر وشرف زائد وعن ابى بكر الوراق رحمه الله سميت ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذى القدر لأمة لها قدر ولعله تعالى انما ذكر لفظ القدر فى هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب وقال الخليل رحمه الله سميت ليلة القدر اى ليلة الضيق لأن الأرض

تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق كما فى قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الالف بالذكر اما للتكثير لأن العرب تذكر الالف فى غاية الأشياء كلها ولا تريد حقيقتها او لما روى أنه عليه السلام ذكر رجلا من بنى إسرائيل اسمه شمسون لبس السلاح فى سبيل الله ألف شهر فتعجب المؤمنون منه وتقاصرت إليهم أعمالهم فاعطوا ليلة هى خير من مدة ذلك الغازي وقيل ان الرجل فيما مضى كان لا يقال له عابد حتى يعبد الله ألف شهر فاعطوا ليلة ان أحيوها كانوا أحق بان يسموا عابدين من أولئك العباد وقيل رأى النبي عليه السلام أعمار الأمم كافة فاستقصر أعمار أمته فخاف ان لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه الله ليلة القدر وجعلنا خيرا من ألف شهر لسائر الأمم وقيل كان ملك سليمان عليه السلام خمسمائة شهر وملك ذى القرنين خمسمائة شهر فجعل الله العمل فى هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما وروى عن الحسن بن على بن ابى طالب انه قال حين عوتب فى تسليمه الأمر لمعاوية ان الله ارى نبيه عليه السلام فى المنام بنى امية ينزون. على منبره نزو القردة اى يثبون فاغتم لذلك فاعطاه الله ليلة القدر وهى خير له ولذريته ولأهل بيته من ألف شهر وهى مدة ملك بنى امية واعلمه انهم يملكون امر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب ان كان من سنة الجماعة الى قتل مروان الجعدي آخر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما فى فتح الرحمن ودل كلام الله تعالى على ثبوت ليلة القدر فمن قال ان فضلها كان لنزول القرآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على انها باقية آتية فى كل سنة فضلا من الله ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الامام ابى حنيفة رحمه الله وحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر حتى لو علق أحد طلاق امرأته او عتق عبده بليلة القدر فانه لا يحكم به الا بأن يتم الحول وعند الأكثرين مختصة به وكان عليه السلام إذا دخل العشر شد مئزره واحيى ليله وايقظ اهله وكان الصالحون يصلون فى ليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الأكابر من قرأ كل ليلة عشر آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الامام أبو الليث رحمه الله اقل صلاة ليلة القدر ركعتان وأكثرها ألف ركعة وأوسطها مائة ركعة واوسط القراءة فى كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة انا أنزلناه مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبي عليه السلام بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما أراد من مائة او اقل او اكثر ويكفى فى فضل صلاتها ما بين الله من جلالة قدرها وما اخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لوصلوا بغير تداع وهو الاذان والاقامة كما فى الفرائض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرح النقاية وغيره وفى المحيط لا يكره الاقتداء بالإمام فى النوافل مطلقا نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن فلا تلتفت الى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فانهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات وفضيلة الأوقات

[سورة القدر (97) : آية 4]

هر كس از جلوه گل فهم معانى نكند ... شرح آن دفتر ننوشته ز بلبل بشنو تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها استئناف مبين لما له فضلت على ألف شهر واصل ينزل تتنزل بتاءين والظاهر أن المراد كلهم للاطلاق وقد سبق معنى الروح فى سورة النبأ وقال بعضهم انه ملك لو التقم السموات والأرضين كانت له لقمة واحدة او هو ملك رأسه تحت العرش ورجلاه فى تخوم الأرض السابعة وله ألف رأس كل رأس أعظم من الدنيا وفى كل رأس ألف وجه وفى كل وجه ألف فم وفى كل فم ألف لسان يسبح الله بكل لسان ألف نوع من التسبيح والتحميد والتمجيد لكل لسان لغة لا تشبه الاخرى فاذا فتح أفواهه بالتسبيح خر كل ملائكة السموات سجدا مخافة ان يحرقهم نور أفواهه وانما يسبح الله غدوة وعشية فينزل تلك الليلة فيستغفر للصائمين والصائمات من امة محمد عليه السلام بتلك الأفواه كلها الى طلوع الفجر او هو طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة الا ليلة القدر كالزهاد الذين لا نراهم الا يوم العيد او هو عيسى عليه السلام لأنه اسمه ينزل فى موافقة الملائكة ليطالع امة محمد عليه السلام. ودر تفسير خواجه محمد پارسا رحمه الله مذكور است كه روح حضرت محمد صلى الله عليه وسلم فرود آيد. وفى الحديث لأنا أكرم على الله من ان يدعنى فى الأرض اكثر من ثلاث وكان الثلاث عشر مرات ثلاثين لأن الحسين رضى الله عنه قتل فى رأس الثلاثين سنة فغضب على اهل الأرض وعرج به الى عليين وقد رآه بعض الصالحين فى النوم فقال يا رسول الله بأبى أنت وأمي اما ترى فتن أمتك فقال زادهم الله فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظونى ولم يراعوا حقى فيه وعلى كل تقدير فالمعنى تنزل الملائكة والروح فى تلك الليلة من كل سماء الى الأرض وهو الأظهر لأن الملائكة إذا نزلت فى سائر الأيام الى مجلس الذكر فلأن ينزلوا فى تلك الليلة مع علو شأنها اولى أو إلى السماء الدنيا قالوا ينزلون فوجا فوجا فمن نازل ومن صاعد كأهل الحج فانهم على كثرتهم يدخلون الكعبة ومواضع النسك بأسرهم لكن الناس بين داخل وخارج ولهذا لسبب مدت الى غاية طلوع الفجر وذكر لفظ تنزل المفيد للتدريج وبه يندفع ما يرد أن الملائكة لهم كثرة عظيمة لا تحتملها الأرض وكذا السماء على أن شأن الأرواح غير شأن الأجسام والملائكة وان كان لهم أجسام لطيفة يقال لهم الأرواح وقال بعضهم النازلون هم سكان سدرة المنتهى وفيها ملائكة لا يعلم عددهم الا الله ومقام جبرائيل فى وسطها ولا يدخلون اى الملائكة النازلون الكنائس وبيوت الأصنام والأماكن التي فيها الكلب والتصاوير والخبائث وفى بيوت فيها خمر او مدمن خمر او قاطع رحم او جنب او آكل لحم خنزير او متضمخ بالزعفران وغير ذلك والتضمخ بالفارسية بوى خوش بر خويشتن آلودن. ويعدى بالباء كما فى تاج المصادر وقال فى القاموس التضمخ لطخ الجسد بالطيب حتى كأنه يقطر قوله الروح معطوف على الملائكة والضمير لليلة القدر والجار متعلق بتنزل ويجوز ان يكون والروح فيها جملة اسمية فى موقع الحال من فاعل تنزل والضمير للملائكة والاول هو الوجه لعدم احتياجه الى ضمير فيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ اى بأمره متعلق بتنزل وهو يدل

[سورة القدر (97) : آية 5]

على أنهم كانوا يرغبون إلينا ويشتاقون فيستأذ فيؤذن فى النزول إلينا فيؤذن لهم فان قيل كيف يرغبو إلينا مع علمهم بكثرة ذنوبنا قلنا لا يقفون على تفصيل المعاصي روى أنهم يطالعون اللوح فيرون فيه طاعة المكلف مفصلة فاذا وصلوا الى معاصيه ارخى الستر فلا يرونه فحينئذ يقولون سبحان من اظهر الجميل وستر القبيح ولأنهم يرون فى الأرض من انواع الطاعات أشياء ما رأوها فى عالم السموات كأطعام الطعام وانين العصاة وفى الحديث القدسي لأنين المذنبين أحب الى من زجل المسبحين فيقولون تعالوا نذهب الى الأرض فنسمع صوتا هو أحب الى ربنا من صوت نسبيحنا وكيف لا يكون أحب وزجل المسبحين اظهار لكمال حال المطيعين وانين العصاة اظهار لغفارية رب العالمين نصيب ماست بهشت اى خدا شناس برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند مِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق بتنزل ايضا اى من أجل كل امر قدر فى تلك السنة من خير او شر او بكل امر من الخير والبركة كقوله تعالى يحفظونه من امر الله اى بامر الله قيل يقسم جبرائيل فى تلك الليلة بقية الرحمة فى دار الحرب على من علم الله أنه يموت مسلما فبتلك الرحمة التي قسمت عليهم ليلة القدر يسلمون ويموتون مسلمين فان قيل المقدرات لا تفعل فى تلك الليلة بل فى تمام السنة فلماذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الأمور قيل لعل تنزلهم لتعين إنفاذ تلك الأمور وتنزلهم لأجل كل امر ليس تنزل كل واحد لاجل كل امر بل ينزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون فى الكلام تقسيم العلل على المعلولات سَلامٌ هِيَ تقديم الخبر لأفادة الحصر مثل تميمى انا اى ما هى الا سلامة اى لا يحدث فيها داء ولا شىء من الشرور والآفات كالرياح والصواعق ونحو ذلك مما يخاف منه بل كل ما ينزل فى هذه الليلة انما هو سلامة ونفع وخير ولا يستطيع الشيطان فيها سوأ ولا ينفذ فيها سحر ساحر والليلة ليست نفس السلامة بل ظرف لها ومع ذلك وصفت بالسلامة للمبالغة فى اشتمالها عليها وعلم منه أنه يقضى فى غير ليلة القدر كل من السلامة والبلاء يعنى يتعلق قضاء الله بهما او ماهى الإسلام لكثرة ما يسلمون فيها على المؤمنين ومن أصابته التسليمة غفر له ذنبه وفى الحديث ينزل جبرائيل ليلة القدر فى كبكبة من الملائكة اى جماعة متضامة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم او قاعد بذكر الله حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ اى وقت طلوعه قدر المضاف لنكون الغاية من جنس المغيا فمطلع بفتح اللام مصدر ميمى ومن قرأ بكسر اللام جعله اسما لوقت الطلوع اى اسم زمان وحتى متعلقة بتنزل على أنها غاية لحكم التنزل اى لمكثهم فى تنزلهم او لنفس تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجا بعد فوج الى طلوع الفجر وقال بعضهم ليلة القدر من غروب الشمس الى طلوع الفجر سلام اى يسلم فيها الملائكة على المطيعين الى وقت طلوع الفجر ثم يصعدون الى السماء فحتى متعلقة بسلام قالوا علامة ليلة القدر انها ليلة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها لأن الملائكة تصعد عند طلوع الشمس الى السماء فيمنع صعودها انتشار شعاعها لكثرة الملائكة

تفسير سورة القيامة

او لأنها لا تطلع فى هذه الليلة بين قرنى الشيطان فانها على ما جاء بعض الأحاديث تطلع كل يوم بين قرنى الشيطان ويزيد الشيطان فى بث شعاعها وتزيين طلوعها ليزيد فى غرور الكافرين ويحسن فى أعين الساجدين وقد سبق أنه يعذب الماء الملح تلك الليلة واما النور الذي يرى ليلة القدر فهو نور اجنحة الملائكة او نور جنة عدن تفتح ابوابها ليلة القدر او نور لواء الحمد او نور اسرار العارفين رفع الله الحجب عن أسرارهم حتى يرى الخلق ضياءها وشعاعها وهو المناسب لحقيقة ليلة القدر فان حقيقتها عبارة عن انكشاف الملكوت لقلب العارف فاذا تنور الباطن بنور الملكوت انعكس منه الى الظاهر وفى الحديث من قرأ سورة القدر اعطى ثواب من صام رمضان واحيى ليلة القدر تمست سورة القدر بعون من له الخلق والأمر فى الثاني والعشرين من ثانى الربيعين من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة القيامة والبينة والبرية ثمان او تسع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اى اليهود والنصارى وإيراد الصلة فعلا لما أن كفرهم حادث بعد أنبيائهم وَالْمُشْرِكِينَ اى عبدة الأصنام ومن للتبيين لا للتبعيض حتى لا يلزم ان لا يكون بعض المشركين كافرين وذلك أن الكفار كانوا جنسين اهل الكتاب كفرق اليهود والنصارى والمشركين وهم الذين كانوا لا ينسبون الى كتاب فذكر الله الجنسين بقوله الذين كفروا على الإجمال ثم اردف ذلك الإجمال بالتفصيل والتبيين وهو قوله من اهل الكتاب والمشركين وهو حال من الواو فى كفروا اى كائنين منهم مُنْفَكِّينَ خبر كان اى عما كانوا عليه من الوعيد باتباع الحق والايمان بالرسول المبعوث فى آخر الزمان والعزم على إنجازه وهذا الوعد من اهل الكتاب مما لا ريب فيه حتى أنهم كانوا يستفتحون ويقولون اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي المبعوث فى آخر الزمان ويقولون لاعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وارم واما من المشركين فلعله قد وقع من متأخريهم بعد ما شاع ذلك من اهل الكتاب واعتقدوا صحته بما شاهدوا من نصرتهم على أسلافهم كما يشهد به أنهم كانوا يسألونهم عن رسول الله هل هو المذكور فى كتبهم وكانوا يغرونهم بتغيير نعوته وانفكاك الشيء من الشيء أن يزايله بعد التحامه كالعظم إذا انفك من مفصله وفيه اشارة الى كمال وكادة وعدهم اى لم يكونوا مفارقين للوعد المذكور بل كانوا مجمعين عليه عازمين على إنجازه حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ التي كانوا قد جعلوا إتيانها ميقاتا لاجتماع الكلمة والاتفاق على الحق فجعلوه ميقاتا للانفكاك والافتراق واخلاق الوعد والتعبير عن إتيانها بالمضارع باعتبار حال المحكي لا الحكاية والبينة الحجة الواضحة رَسُولٌ بدل من البينة عبر عنه عليه السلام بها للايذان بغاية ظهور امره وكونه ذلك الموعود فى الكتابين مِنَ اللَّهِ متعلق بمضمر هو صفة لرسول مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية

[سورة البينة (98) : الآيات 3 إلى 5]

بالفخامة الاضافية اى رسول واى رسول كائن منه تعالى يَتْلُوا صفة اخرى صُحُفاً جمع صحيفة وهى ظرف المكتوب ومحله من الأوراق مُطَهَّرَةً اى منزهة من الباطل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومن ان يمسه غير المطهرين (وقال الكاشفى) صحيفهاى پاكيزه از كذب وبهتان. ونسبة التلاوة الى الصحف وهى القراطيس مجازية او هى مجاز عما فيها بعلاقة الحلول والمراد أنه لما كان ما يتلوه الذي هو القرآن مصدقا لصحف الأولين مطابقا لها فى اصولى الشرائع والاحكام صار متلوه كأنه صحف الأولين وكتبهم فعبر عنه باسم الصف مجازا (قال الكاشفى) قرآنرا صحف كفت براى تعظيم با آنكه جامع اسرار جميع صحفست قال فى عين المعاني وسميت الصحف لأنها اصحف بعضها على بعض اى وضع فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ صفة لصحف اى فى تلك الصحف امور مكتوبة مستقيمة ناطقة بالحق والصواب وبالفارسية در ان صحيفها نوشتهاى راست ودرست يعنى احكام. ومواعظ وفى المفردات اشارة الى ما فيه من معانى كتب الله فان القرآن مجمع ثمرة كتب الله المتقدمة وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ عما كانوا عليه من الوعد وافراد اهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم وانهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك اولى فخصوا بالذكر لان جحود العالم أقبح واشنع من انكار الجاهل إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ استثناء مفرغ من أعم الأوقات اى وما تفرقوا فى وقت من الأوقات الا من ما جاءتهم الحجة الواضحة الدالة على أن رسول الله عليه السلام هو الموعود فى كتابهم دلالة جلية لا ريب فيها وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ جملة حالية مفيدة لغاية قبح ما فعلوا اى والحال انهم ما أمروا بما أمروا فى كتابهم لشئ من الأمور الا لأجل أن يعبدوا الله وهذه اللام فى الحقيقة لام الحكمة والمصلحة يعنى أن فعله تعالى وان لم يكن معللا بالغرض الا أنه مغيا بالحكم والمصالح وكثيرا ما تستعمل لام الغرض فى الحكمة المترتبة على الفعل تشبيها لها بها فى ترتبها على الفعل بحسب الوجود وفى حصر علة كونهم مأمورين بما فى كتبهم من عبادة الله بالإخلاص حيث قيل وما أمروا بما أمروا الا لأجل ان يتذللوا له ويعظموه غاية التذلل والتعظيم ولا يطلبوا فى امتثال ما كلفوا به شيأ آخر سوى التذلل لربهم ومالكهم كثواب الجنة والخلاص من النار دليل على ما ذهب اليه اهل السنة من أن العبادة ما وجبت لكونها مفضية الى ثواب الجنة او الى البعد والنجاة من عذاب النار بل لأرجل انك عبد وهو رب ولو لم يحصل فى الدين ثواب ولا عقاب البتة ثم أمرك بالعبادة وجبت لمحض العبودية ومقتضى الربوبية والمالكية وفيه ايضا اشارة الى أن من عبد الله للثواب والعقاب فالمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب والحق واسطة فالمقصود الأصلي من العبادة هو المعبود وكذا الغاية من العرفان المعروف فعليك بالعبادة للمعبود وبالعرفان للمعروف وإياك وان تلاحظ شيأ غير الله تعالى عاشقانرا شادمانى وعم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست وقال بعضهم الأظهر أن تجعل لام ليعبدوا الله زائدة كما تزاد فى صلة الارادة فيقال أردت

لتقوم لتنزيل الأمر منزلة الارادة فيكون المأمور به هذه الأمور من العبادة ونحوها كما هو الظاهر ثم ان العبادة هى التذلل ومنه طريق معبد اى مذلل ومن زعم أنها الطاعة فقد اخطأ لان جماعة عبدوا الملائكة والمسبح والأصنام وما أطاعوهم ولكن فى الشرع صارت اسما لكل طاعة لله أديت له على وجه التذلل والنهاية فى التعظيم والعبادة بهذا المعنى لا يستحقها الا من يكون واحدا فى صفاته الذاتية والفعلية فان كان له مثل لم يمكن ان يصرف اليه نهاية التعظيم فثبت بما قلنا أنه لا بد فى كون الفعل عبادة من شيئين أحدهما غاية التعظيم ولذلك قيل ان صلاة الصبى ليست بعبادة لأنه لا يعرف عظمة الله فلا يكون فعله غاية التعظيم وفى حكمه الجاهل الغافل وثانيهما ان يكون مأمورا به ففعل اليهود ليس بعبادة وان تضمن نهاية التعظيم لأنه غير مأمور به فاذا لم يكن فعل الصبي عبادة لفقد التعظيم ولا فعل اليهود لفقد الأمر فكيف يكون ركوعك الناقص عبادة والحال أنه لا امر به ولا تعظيم فيه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حال من الفاعل فى ليعبدوا اى جاعلين أنفسهم خالصة لله تعالى فى الدين يعنى از شرك والحاد پاكيزه باشند واز اغراض نفسانيه وقضاى شهوات صافى وبي غش. والإخلاص ان يأتى بالفعل خالصا لداعية واحدة ولا يكون لغيرها من الدواعي تأثير فى الدعاء الى ذلك الفعل فالعبادة لجلب المنفعة او لدفع المضرة ليست من قبيل الإخلاص وكذا الاشتغال بالمباح فى الصلاة مثل التنحنح وغيره من الحظوظ النفسانية وزيادة الخشوع فى الصلاة لأجل الغير رياء ودفع الزكاة الى الوالدين والمولودين وعبيده وامائه ينافى القربة ولذا نهى عنه فالاخلاص فى العبودية تجريد السر عما سوى الله تعالى وقال بعضهم الإخلاص ان لا يطلع على عملك الا الله ولا ترى نفسك فيه وتعلم أن المنة لله عليك فى ذلك حيث أهلك لعبادته ووفقك لها ولا تطلب من الله اجرا وعوضا حُنَفاءَ حال اخرى على قول من جوز حالين من ذى حال واحد ومن المنوي فى مخلصين على قول من لم يجوز ذلك اى مائلين عن جميع العقائد الزائغة الى الإسلام وهو فى المعنى تأكيد للاخلاص إذ هو الميل عن الاعتقاد الفاسد وأكبره اعتقاد الشركة واصل الحنف الميل وانقلاب ظهر القدم حتى يصير بطنا فالاحنف هو الذي يمشى على ظهر قدميه فى شقها الذي يلى خنصرها ويجيئ الحنف بمعنى الاستقامة فمعنى حنفاء مستقيمين فعلى هذا انما سمى مائل القدم أحنف على سبيل التفاؤل كقولك للاعمى بصير وللحبشى كافور وللطاعون مبارك وللمهلكة مفازة قال ابن جبير لا يسمى أحد حنيفا حتى يحج ويختن لأن الله وصف ابراهيم عليه السلام بكونه حنيفا وكان من شأنه انه حج وختن نفسه وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ التي هى العمدة فى باب العبادات البدنية وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ التي هى الأساس فى العادات المالية قال فى الإرشاد ان أريد بهما ما فى شريعتهم من الصلاة والزكاة فالامر ظاهر وان أريد ما فى شريعتنا فمعنى أمرهم بهما فى الكتابين ان أمرهم باتباع شريعتنا امر لهم بجميع أحكامها التي هما من جملتها وَذلِكَ اى ما ذكر من عبادة الله بالإخلاص واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة دِينُ الْقَيِّمَةِ اى دين الملة القيمة قدر الموصوف لئلا يلزم اضافة الشيء الى صفته فانها اضافة الشيء الى سفته وصحة

[سورة البينة (98) : الآيات 6 إلى 8]

اضافة الدين الى الملة باعتبار التغاير الاعتباري بينهما فان الشريعة المبلغة الى الامة بتبليغ الرسول إياها من قبل الله تسمى ملة باعتبار أنها تكتب وتملى ودينا باعتبار أنها تطاع فان الدين الطاعة يقال دان له اى أطاعه وقال بعضهم اضافة الدين الى القيمة اضافة العام الى الخاص كشجر الأراك ولا حاجة الى تقدير الملة فان القيمة عبارة عن الملة كما يشهد له قراءة ابى رضى الله عنه وذلك الدين القيم انتهى (وقال الكاشفى) دين القيمة يعنى دين وملت درست است و پاينده. يعنى أضاف الدين الى القيمة وهى نعته لاختلاف اللفظين والعرب تضعيف الشيء الى نعته كثيرا ونجد هذا فى القرآن فى مواضع منها قوله ولدار الآخرة وقال فى موضع وللدار الآخرة لأن الدار هى الآخرة وقال عذاب الحريق اى المحرق كالاليم بمعنى المؤلم وتقول دخلت مسجد الجامع ومسجد الحرام وأدخلك الله جنة الفردوس هذا وأمثاله وانث القيمة لأن الآيات هائية فرد الدين الى الملة كما فى كشف الاسرار والقيمة بمعنى المستقيمة التي لا عوج فيها وقال الراغب القيمة هنا اسم الامة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله كنتم خير امة قال ابن الشيخ بعض اهل الأديان لما بالغوا فى باب الأعمال من غير احكام الأصول وهم اليهود والنصارى والمجوس فانهم ربما اتعبوا أنفسهم فى الطاعات ولكنهم ما حصلوا الدين الحق بتحصيل الاعتقاد المطابق وبعضهم حصلوا الأصول وأهملوا الفروع وهم المرجئة الذين يقولون لا تضر المعصية مع الايمان فالله تعالى خطأ الفريقين فى هذه الآية وبين أنه لا بد من العلم والإخلاص فى قوله مخلصين ومن العمل فى قوله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ثم قال وذلك المجموع كله هو دين الملة المستقيمة المعتدلة فكما أن مجموع الأعضاء بدن واحد كذلك هذا المجموع دين واحد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ بيان لحالهم الأخروي بعد بيان حالهم الدنيوي وذكر المشركين لئلا يتوهم اختصاص الحكم بأهل الكتاب حسب اختصاص مشاهدة شواهد النبوة فى الكتاب بهم ومعنى كونهم فيها انهم يصيرون إليها يوم القيامة وإيراد الجملة الاسمية للايذان بتحقق مضمونها لا محالة أو أنهم فيها الآن اما على تنزيل ملابستهم لما يوجبها منزلة ملابستهم لها واما على أن ما هم فيه من الكفر والمعاصي عين النار الا أنها ظهرت فى هذه النشاة بصورة عرضية وستخلعها فى النشأة الآخرة وتظهر بصورتها الحقيقية خالِدِينَ فِيها حال من المستكن فى الخبر واشتراك الفريقين فى دخول دار العذاب بطريق الخلود لاجل كفرهم لا ينافى تفاوت عذابهم فى الكيفية فان جهنم دركات وعذابها ألوان فالمشركون كانوا ينكرون الصانع والنبوة والقيامة واهل الكتاب نبوة محمد عليه السلام فقط فكان كفرهم أخف من كفر المشركين لكنهم اشتركوا فى أعظم الجنايات التي هى الكفر فاستحقوا أعظم العقوبات وهو الخلود ولما كفروا طلبا للرفعة صاروا الى سفل السافلين فان جهنم نار فى موضع عميق مظلم هائر يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر واشتراكهم فى هذا الجنس من العذاب لا يوجب اشتراكهم فى نوعه أُولئِكَ البعداء المذكورون هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ البرية جميع الخلق لأن الله برأهم اى أوجدهم بعد العدم

[سورة البينة (98) : الآيات 7 إلى 8]

والمعنى شر الخليقة اى أعمالا وهو الموافق لما سيأتى فى حق المؤمنين فيكون فى حيز التعليل لخلودهم فى النار او شرهم مقاما ومصيرا فيكون تأكيدا لفظاعة حالهم وتوسيط ضمير الفصل لأفادة الحصر اى هم شر البرية دون غيرهم كيف لاوهم شر من السراق لأنهم سرقوا من كتاب الله نعوت محمد عليه السلام وشر من قطاع الطريق لأنهم قطعوا الدين الحق على الخلق وشر من الجهال الأجلاف لأن الكفر مع العلم يكون كفر عناد فيكون أقبح من كفر الجهال وظهر منه أن وعيد العلماء السوء أعظم من وعيد كل أحد ومن تاب منهم واسلم خرج من الوعيد وقيل لا يجوز ان يدخل فى الآية ما مضى من الكفار لأن فرعون كان شرامنهم واما الآية الثانية الدالة على ثواب المؤمنين فعامة فيمن تقدم وتأخر لأنهم أفضل الأمم والبرية مخففة من المهموز من برا بمعنى خلق فهو البارئ اى الموجد والمخترع من العدم الى الوجود وقد قرأ نافع وابن ذكوان على الأصل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يفهم من مقابلة الجمع بالجمع انه لا يكلف الواحد بجميع الصالحات بل لكل مكلف حظ فحظ الغنى الإعطاء وحظ الفقير الاخذ والصبر والقناعة أُولئِكَ المنعوتون بما هو فى الغاية القاصية من الشرف والفضيلة من الايمان والطاعة هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ استدل بالآية على ان البشر أفضل من الملك لظهور أن المراد بقوله ان الذين آمنوا هو البشر والبرية يشمل الملك والجن سئل الحسن رحمه الله عن قوله أولئك هم خير البرية أهم خير من الملائكة قال ويلك وانى تعادل الملائكة الذين آمنوا وعملوا الصالحات ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت جَزاؤُهُمْ بمقابلة مالهم من الايمان والطاعات وهو مبتدأ عِنْدَ رَبِّهِمْ ظرف للجزاء جَنَّاتُ عَدْنٍ اى دخول جنات عدن وهو خبر للمبتدأ والعدن الاقامة والدوام وقال ابن مسعود رضى الله عنه عدن بطنان الجنة اى وسطها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ميرود از زير أشجار آن چويها چهـ بستان بي آب روان نشايد. وفى الإرشاد ان أريد بالجنات الأشجار الملتفة الاغصان كما هو الظاهر فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وان أريد بها مجموع الأرض وما عليها فهو باعتبار الجزء الظاهر وأيا ما كان فالمراد جريانها بغير أخدود وجمع جنات يدل على أن للمكلف جنات كما يدل عليه قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ومن دونها جنتان فذكر للواحد اربع جنات والسبب فيه أنه بكى من خوف الله تعالى وذلك البكاء انما نزل من اربعة أجفان اثنان دون اثنين فاستحق به جنتين دون جنتين فحصل له اربع جنان لبكائه باربعة أجفان وقيل أنه تعالى قابل الجمع بالجمع فى قوله جزاؤهم عند ربهم جنات وهو يقتضى مقابلة الفرد بالفرد فيكون لكل مكلف جنة واحدة لكن ادنى تلك الجنات مثل الدنيا بما فيها عشر مرات كذا روى مرفوعا ويدل عليه قوله تعالى وملكا كبيرا او الالف واللام فى الأنهار للتعريف فتكون منصرفة الى الأنهار المذكورة فى القرآن وهى نهر الماء ونهر اللبن ونهر العسل ونهر

الحمر وفى توصيفها بالجري بعد ما جعل الجنات الموصوفة جزاء اشارة الى مدحهم بالمواظبة على الطاعات كأنه تعالى يقول طاعتك كانت جارية مادمت حيا على ما قال واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فلذلك كانت انهار كرمى جارية الى الابد خالِدِينَ فِيها أَبَداً متنعمين بفنون النعم الجسمانية والروحانية وهو حال وذو الحال وعامله كلاهما مضمران يدل عليه جزاؤهم والتقدير يجزون بها خالدين فيها وقوله ابدا ظرف زمان وهو تأكيد للخلوداى لا يموتون فيها ولا يخرجون منها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ استئناف مبين لما يتفضل به عليهم زيادة على ما ذكر من اجزية أعمالهم اى استئناف اخبار كأنه قيل تزاد لهم أو استئناف دعاء من ربهم فلذا فصل وقد يجعل خبرا بعد خبر وحالا بتقدير قد قال ابن الشيخ لما كان المكلف مخلوقا من جسد وروح وانه اجتهد بهما فى طاعة ربه اقتضت الحكمة ان يجزيه بما يتنعم ويستريح به كل واحد منهما فجنة الجسد هى الجنة الموصوفة وجنة الروح هى رضى الرب (مصراع) چيست جنت روح را رضوان اكبر از خدا وَرَضُوا عَنْهُ حيث بلغوا من المطالب قاصيتها وملكوا من المآرب ناصيتها وأبيح لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا سيما انهم اعطوا لقاء الرب الذي هو المقصد الأقصى دارند هر كس از تو مرادى ومطلبى ... مقصود ما ز دينى وعقبى لقاى تست ذلِكَ المذكور من الجزاء والرضوان وقال بعضهم الأظهر أنه اشارة الى ما ترتب عليه الجزاء والرضوان من الايمان والعمل الصالح لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ براى آنكس كه بترسد از عقوبت پروردگار خود وبموجبات ثواب اشتغال نمايد وذلك الخشية التي هى من خصائص العلماء بشؤون الله تعالى مناط لجميع الكمالات العلمية والعملية المستتبعة للسعادات الدينية والدنيوية قال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء والتعرض لعنوان الربوبية المعربة عن المالكية والتربية للاشعار بعلة الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية وعن انس رضى الله عنه قال عليه السلام لابى بن كعب رضى الله عنه ان الله أمرني أن اقرأ عليك لم يكن الذين كفروا إلخ قال أو سمانى لك قال نعم قال وقد ذكرت عند رب العالمين قال نعم فذرفت عيناه اى سال دمع عينيه وعن السنة أن يستمع القرآن فى بعض الأوقات من غيره فانه قال عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال لى رسول الله عليه السلام وهو على المنبر اقرأ على قلت اقرأ عليه وعليك انزل قال انى أحب أن أسمعه من غيرى فقرأت سورة النساء حتى أتيت هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال حسبك الآن فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان اى تقطران وكان عمر رضى الله عنه يقول لأبى موسى الأشعري رضى الله عنه ذكرنا ربنا فيقرأ حتى يكاد وقت الصلاة يتوسط فيقول يا امير المؤمنين الصلاة الصلاة فيقول انا فى الصلاة وفى الحديث من استمع آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة فظهر أن استماع القرآن من الغير

تفسير سورة الزلزلة

فى بعض الأحيان من السنن واما أنه هل يفرض استماعه كلما قرئ بناء على قوله تعالى وذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ففى الصلاة نعم واما خارجها فعامة العلماء على استحبابها كما فى شرح شرعة الإسلام للشيخ قورد افندى رحمه الله تمت سورة القيمة بعون جاعل الإنسان منتصب القامة فى الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر المنتظم فى سلك شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف من هجرة من يرى من قدام وخلف تفسير سورة الزلزلة مكية او مدينة وآيها تسع او ثمان بسم الله الرحمن الرحيم إِذا چون زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ اى حركت تحريكا عنيفا متكررا متداركا فان تكرر حروف لفظه ينبئ عن تكرر معنى الزلل زِلْزالَها اى الزلزال المخصوص بها الذي تستوجبه فى الحكمة ومشيئة الله وهو الزلزال الشديد الذي لا غاية وراءه وهو معنى زلزالها بالاضافة العهدية يقال زلزله زلزلة وزلزالا مثلثة حركه كما فى القاموس وقال اهل التفسير الزلزال بالكسر مصدر وبالفتح اسم بمعنى المصدر وفعلان بالفتح لا يوجد الا فى المضاعف كالصلصال ونحوه وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها اختيار الواو على الفاء مع أن الاحراج متسبب عن الزلزال للتفويض الى ذهن السامع واظهار الأرض فى موضع الإضمار لأن إخراج الأثقال حال بعض اجزائها والأثقال كنوز الأرض وموتاها جمع ثقل بالكسر واما ثقل محركة فمتاع المسافر وحشمه على ما فى القاموس والمعنى وأخرجت الأرض ما فى جوفها من دفائها وكنوزها كما عند زلزال النفخة الاولى الذي هو من اشراط الساعة وكذا من امواتها عند زلزال النفخة الثانية وفى الخبر تقيئ الأرض أفلاذ كبدها أمثال الاسطوانة من الذهب فجئ القاتل فيقول فى هذا قتلت ويحئ القاطع رحمه فيقول فى هذا قطعت رحمى ويجيئ السارق فيقول فى هذا قطعت يدى ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيأ قوله أفلاذ كبدها أراد انها تخرج الكنوز المدفونة فيها وقيئها إخراجها ويدخل فى الأثقال الثقلان وفيه اشارة الى أن الجن تدفن ايضا وَقالَ الْإِنْسانُ اى كل فرد من افراده لما يغشاهم من الأهوال ويلحق بهم من فرط الدهشة وكمال الحيرة ما لَها اى شىء للارض زلزلت هذه المرة الشديدة من الزلزال وأخرجت ما فيها من الأثقال استعظاما لما شاهده من الأمر الهائل وتعجبا لما يرونه من العجائب التي لم تسمع بها الآذان ولا ينطق بهما اللسان لكن المؤمن يقول بعد الافاقة هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون والكافر من بعثنا من مرقدنا يَوْمَئِذٍ يدل من إذا تُحَدِّثُ أَخْبارَها عامل فيهما وهو جواب الشرط وهذا على القول بأن العامل فى إذا لشرطية جوابها واخبارها مفعول لتحدث والاول محذوف لعدم تعلق الغرض بذكره إذ الكلام مسوق لبيان تهويل اليوم وان الجمادات تنطق فيه واما ما ذكر ابن الحاجب من ان حدث

وأنبأ ونبأ لا يتعدى الا الى مفعول واحد فغير مسلم الصحة على ما فصل فى محله والمعنى تحدث الخلق اخبارها اما بلسان الحال حنث تدل دلالة ظاهرة على ما لاجله زلزالها وإخراج اثقالها وان هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويخوفون منه واما بلسان المقال وهو قول الجمهور حيث ينطقها الله تعالى فتخبر بما عمل على ظهرها من خير وشر حتى يؤد الكافر أنه سيق الى النار مما يرى من الفضوح (روى) أن عبد الرحمن بن صعصعة كان يتيما فى حجر ابى سعيد الخدري رضى الله عنه فقال ابو سعيد يا بنى إذا كنت فى البوادي فارفع صوتك بالأذان فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسمعه جن ولا انس ولا حجر ولا شجر إلا شهد له وروى أن أبا امية صلى فى المسجد الحرام المكتوبة ثم تقدم فجعل يصلى هاهنا وهاهنا فلما فرع قيل له يا أبا امية ما هذا الذي تصنع قال قرأت هذه الآية يومئذ تحدث اخبارها فأردت أن يشهد لى يوم القيامة فطوبى لمن شهد له المكان بالذكر والتلاوة والصلاة ونحوها وويل لمن شهد عليه بالزنى والشرب والسرقة والمساوى ويقال ان لله عليك سبعة شهود المكان كما قال تعالى يومئذ تحدث اخبارها والزمان كما فى الخبر ينادى كل يوم انا يوم جديد وانا على ما تعمل فى شهيد واللسان كما قال تعالى يوم تشهد عليهم ألسنتهم والأركان كما قال تعالى وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم والملكان كما قال تعالى وان عليكم لحافظين والديوان كما قال تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق والرحمن كما قال انا كنا عليكم شهودا فكيف يكون حالك يا عاصى بعد ما شهد عليك هؤلاء الشهود بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها اى تحدث اخبارها بسبب ايحاء ربك لها وامره إياها بالتحديث بلسان المقال على ما عليه الجمهور أو بسبب أن أحدث فيها أحوالا دالة على الاخبار كما إذا كان الحديث بلسان الحال وفيه اشارة الى زلزلة ارض البدن عند نزع الروح الإنساني باضطراب الروح الحيواني والقوى والى اجراجها متاعها التي هى به ذات قدر من القوى والأرواح وهيئات الأعمال والاعتقادات الراسخة فى القلب وقال الإنسان مالها زلزلت واضطربت ماطبها وما داؤها الانحراف المزاج أم لغلبة الاخلاط يومئذ تحدث اخبارها بلسان حالها بأن ربك أشار إليها وأمرها بالاضطراب والخراب وإخراج الأثقال عند زهوق الروح وتحقق الموت يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يقع ما ذكر يَصْدُرُ النَّاسُ من قبورهم الى موقف الحساب وانتصب يومئذ بيصدر والصدر يكون عن ورود اى هو رجوع وانصراف بعد الورود والمجيء فقال الجمهور هو كونهم مدفونين فى الأرض والصدر قيامهم للبعث والصدر والصدور بالفارسية بازگشتن. يعنى الصدر بسكون الدال الرجوع والاسم بالتحريك ومنه طواف الصدر وهو طواف الوداع أَشْتاتاً يقال جاؤا أشتاتا اى متفرقين فى النظام واحدهم شست بالفتح اى متفرق ونصب على الحال اى حال كونهم متفرقين بيض الوجوه والثياب آمنين ينادى المنادى بين يديه هذا ولى الله وسود الوجوه حفاة عراة مع السلاسل والاغلال فزعين والمنادى ينادى بين يديه هذا عدو الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن جبرائيل عليه السلام جاء الى النبي عليه السلام يوما فقال يا محمد

[سورة الزلزلة (99) : الآيات 7 إلى 8]

ان ربك يقرئك السلام وهو يقول ما لى أراك مغموما حزينا وهو اعلم به فقال عليه السلام يا جبرائيل قد طال تفكرى فى امر أمتي يوم القيامة قال يا محمد فى امر اهل الكفر أم فى امر اهل الإسلام قال يا جبرائيل لا بل فى امر اهل لا اله الا الله قال فأخذ بيده حتى اقامه على مقبرة بنى سلمة فضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله الحمد لله رب العالمين فقال له جبرائيل عد فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر على قبر ميت فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العين وهو يقول وا حسرتاه ووا ندامتاه وا سوأتاه فقال له جبريل عد فعاد كما كان ثم قال جبرائيل هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه لِيُرَوْا اللام متعلقة بيصدر أَعْمالَهُمْ اى جزاء أعمالهم خيرا كان او شرا وإلا فنفس الأعمال لا يتعلق بها الرؤية البصرية إذا الرؤية هنا ليست علمية لأن قوله فمن يعمل إلخ تفصيل ليروا والرؤية فيه بصرية لتعديتها الى مفعول واحد اللهم الا أن يجعل لها صور نورانية او ظلمانية او يتعلق الرؤية بكتبها كما سيجيئ فَمَنْ پس هر كه يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ تفصيل ليروا والمثقال الوزن والذرة النملة الصغيرة او ما يرى فى شعاع الشمس من الهبال وقال ابن عباس رضى الله عنهما إذا وضعت راحتك اى يدك على الأرض ثم رفعتها فكل واحد الأرض ثم رفعتها فكل واحد مما لزقى بها من التراب ذرة وقال يحيى بن عمار حبة الشعير أربع ارزات والأرزة اربع سمسمات والسمسمة اربع خردلات والخردلة اربعة أوراق نخالة وورق النخالة ذرة ومعنى رؤية ما يعادل الذرة من خير وشر اما مشاهدة اجزيته فمن الاولى مختصة بالسعداء والمخصص قوله أشتاتا اى فمن يعمل من السعداء مثقال ذرة خيرا يره والثانية بالأشقياء بقرينة أشتاتا ايضا اى ومن يعمل من الأشقياء مثقال ذرة شرا يره وذلك لأن حسنات الكافر محبطة بالكفر وسيئات المؤمن المجتنب عن الكبائر معفوة وما قيل من أن حسنة الكافر تؤثر فى نقص العقاب فقد ورد أن حاتما الطائي يخفف الله عنه لكرمه وورد مثله فى ابى طالب وغيره يرده قوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقوله عليه السلام فى حق عبد الله بن جدعان لا ينفعه لأنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتى يوم الدين وذلك حين قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه وقوله عليه السلام فى حق ابى طالب ولولا انا كان فى الدرك الأسفل من النار فتلك الشفاعة مختصة به واما حسنات الكفار فمقبولة بعد إسلامهم واما مشاهدة نفسه من غير أن يعتبر معه الجزاء ولا عدمه بل يفوض كل منهما الى سائر الدلائل الناطقة بعفو صغائر المؤمن المجتنب عن الكبائر واثابته بجميع حسناته وبحبوط حسنات الكافر ومعاقبته بجميع معاصيه فالمعنى ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا او شرا الا أراه الله إياه اما المؤمن فيغفر له سيئاته ويثيبه بحسناته واما الكافر فيرد حسناته تحسيرا له وفى تفسير البقاعي الكافر يوقف على ما عمله من خير على أنه جوزى به فى الدنيا او انه أحبط لبنائه على غير أساس الايمان فهو صورة بلا معنى ليشتد ندمه ويقوى حزنه وأسفه

والمؤمن يراه ليشتد سروره به وفى جانب الشر يراه المؤمن ويعلم أنه قد غفر له فيكمل فرحه والكافر يراه فيشتد حزنه وترحه وفى التأويلات النجمية ليروا أعمالهم المكتسبة بيدي الاستعدادات الفاعلية العلمية والقابلية العملية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فى الصورة الجزائية لتصور الأعمال بصور تناسبها نورانية كانت او ظلمانية ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره متجسدا فى يوم القيامة فى جسد السباع بحسب القوة الغضبية وفى جسد البهائم بحسب القوة البهيمية وكلما ازدادت الصور الحسنة المتنوعة ازدادت البهجة والسرور كما أنه كلما ازدادت الصور القبيحة المختلفة ازداد العبوس والألم وفيه رمز الى أنه لا يلزم من مجرد الرؤية المجازاة كما فى حق المؤمن وذلك من فضل الله تعالى على من يشاء من عباده وفى التفاسير نزلت الآية ترغيبا فى الخير ولو كان قليلا كتمره وعنبة وكسرة وجوزة ونحوها فانه يوشك أن يكثر إذا كان بنية خالصة وتحذيرا من الشر وان كان قليلا كخيانة ذرة فى الميزان وكنظرة وخطوة وكذبة فانه يوشك ان يكون كثيرا عظيما للجراءة على الله العظيم وكان الناس فى بدء الإنسان يرون أن الله لا يؤاخذهم بالصغائر من الذنوب وكان بعضهم يستحيى من صدقة الشيء اليسير ويظن أنه ليس له اجر حتى نزلت الآية وفى الحديث إذا زلزلت تعدل ربع القرآن رواه ابن ابى شيبة مرفوعا فتكون قراءتها اربع مرات كقرآءة القرآن كله وذلك لأن الايمان بالبعث ربع الايمان فى قوله عليه السلام لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله بعثني الله بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر وفى بعض الآثار أن سورة الزلزلة نصف القرآن وذلك لأن احكام القرآن تنقسم الى احكام الدنيا واحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على احكام الآخرة كلها اجمالا وروى أن جد الفرزدق بن صعصعة بن ناجية اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقرئه يعنى كفت از آنچهـ بر تو فرود مى آيد بر من بخوان. وفى كشف الاسرار صعصعه عم فرزدق پيش مصطفى آمد ومسلمان كشت واز رسول خدا درخواست تا از قرآن چيزى بروى بخواند فقرأ عليه السلام عليه هذه الآية اى فمن يعمل إلخ فقال حسبى حسبى وآشوبى وشورى از نهاد وى بر آمد وبخاك افتاد وزار بگريست وهى احكم آية وسميت الجامعة وعن زيد بن اسلم رضى الله عنه ان رجلا جاء الى النبي عليه السلام فقال علمنى ما علمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إذا زلزلت الأرض حتى بلغ فمن يعمل إلخ قال الرجل حسبى فاخبر بذلك النبي عليه السلام فقال دعه فقد فقه الرجل چون كسى داند كه بر ذره وحبه محاسبه بايد كرد امروز بحساب خود مشغول شود حساب كار خود امروز كن كه فرصت هست. ز خير وشر بنكر تا چهاست حاصل تو اگر بنقد نكويى توانكرى خوش باش. ورت بغير بدى نيست واى بر دل تو تمت سورة الزلزلة فى رابع جماذى الاولى

تفسير سورة العاديات

تفسير سورة العاديات مختلف فيها وآيها احدى عشرة بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعادِياتِ جمع عادية وهى الجارية بسرعة من العدو وهو بالفارسية دويدن. وياؤها مقلوبة عن الواو لكسرة ما قبلها اقسم سبحانه بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدو ضَبْحاً مصدر منصوب اما بفعله المحذوف الواقع حالا منها اى تضبح ضبحا على تأويل العاديات بالجماعة وهو صوت أنفاسها عند عدوها يعنى صوتا يسمع من أفواه الفرس وأجوافها إذا عدون وهو صوت غير الصهيل والحمحمة وهى صوت البرذون عند الشعير أو بالعاديات فان العدو مستلزم للضبح كأنه قيل والضابحات ضبحا أو حال على أنه مصدر بمعنى الفاعل اى ضابحات فَالْمُورِياتِ قَدْحاً الإيراء إخراج النار والقدح الضرب فان الخيل يضربن بحوافرهن وسنابكهن الحجارة فيخرجن منها نارا يقال قدح الزند فاورى وقدح فاصلد اى صوت ولم يور فالقدح يتقدم على الإيراء بخلاف الضبح حيث يتأخر ويتسبب عن العدو والمعنى تورى النار من حوافرها إذا سارت فى الأرض ذات الحجارة فالقدح استعارة لضرب الحجارة بحوافرها وانتصاب قدحا كانتصاب ضبحا على الوجوه الثلاثة اى تقدح قدحا او فالقادحات قدحا او قادحات فَالْمُغِيراتِ يقال أغار على القوم غارة وإغارة دفع عليهم الخليل وأغار الفرس اشتد عدوه فى الغارة وغيرها أسند الاغارة التي هى مباغتة العدو للنهب والقتل واسر الى الخليل وهى حال أهلها إيذانا بانها العمدة فى اغارتهم صُبْحاً نصب على الظرفية اى فى وقت الصبح وهو المعتاد فى الغارات يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ويهجمون عليهم صباحا على حين غفلة ليروا ما يأتون وما يذرون ومنه قولهم عند خوف الغارة يا صباحاه اى يا قوم احذروا من شر توجه إلينا صباحا فَأَثَرْنَ بِهِ عطف على الفعل الذي دل عليه اسم الفاعل إذا المعنى واللاتي عدون فاورين فاغرن فأثرن به اى فهيجن فى ذلك الوقت وأصله اثورن من الثور وهو الهيجان نقلت حركة الواو الى الثاء قبلها وقبلت الواو الفا فصار اثارن فحذفت الالف لاجتماع الساكنين فبقى اثرن بوزن افلن ويجوز ان يجعل الضمير لفعل الاغارة فالباء للسببية او للملابسة نَقْعاً اى غبارا وبالفارسية پس در ان وقت گرد انگيختند من نقع الصوت إذا ارتفع فالغبار سمى نقعا لارتفاعه او هو من النقع فى الماء فكان صاحب الغبار خاض فيه كما يخوض الرجل فى الماء وتخصيص اثارته بالصبح لأنه لا يثور ولا يظهر ثورانه بالليل وبهذا يظهر أن الإيراء الذي لا يظهر فى النهار واقع فى الليل ولله در شأن التنزيل قال سعدى المفتى واثارة النقع لأنهم يكونون حال الاغارة مختلفين يمينا وشمالا واماما وخلفا بحسب الكر والفر فى المجاولة اثر المدبر الهارب والمصاولة مع المقبل المحارب فيشأ الغبار الكثير فَوَسَطْنَ بِهِ اى توسطن فى ذلك الوقت فوسط بمعنى توسط والباء ظرفية والتوسط در ميان چيزى شدن او توسطن ملتبسات بالنقع فالباء للملابسة جَمْعاً من جموع الأعداء اى دخلن فى وسطهم

[سورة العاديات (100) : الآيات 6 إلى 11]

وهو مفعول به لوسطن والفاءات للدلالة على ترتب ما بعد كل منها على ما قبلها فان توسط الجمع مترتب على الاثارة المترتبة على الاغارة المترتبة على الإيراء المترتب على العدو إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ جواب القسم يقال كند النعمة كنودا كفر بها فالكنود بالضم كفران النعمة وبالفتح الكفور ومنه سمى كندة بالكسر وهو لقب ثور بن عفير ابى حى من اليمن لأنه كند أبوه النعمة ففارقه ولحق بأخواله وقال الكلبي الكنود بلسان كندة العاصي وبلسان بنى مالك البخيل وبلسان مضر وربيعة الكفور والمراد بالإنسان بعض افراده اى انه لنعمة ربه خصوصا لكفور اى شديد الكفران فقوله لربه متعلق بكنود قدم عليه لافادة التخصيص ومراعاة الفواصل روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الى ناس من بنى كنانة سرية واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصاري رضى الله عنه وكان أحد النقباء فابطأ عليه صلى الله عليه وسلم خبرها شهرا فقال المنافقون انهم قتلوا فنزلت السورة اخبارا للنبى عليه السلام بسلامتها وإشارة له باغارتها على القوم ونعيا على المرجفين فى حقهم ما هم فيه من الكنود فاللام فى العاديات ان كانت للعهد كان المقسم به خيل تلك السرية وان كانت للجنس كان ذلك قسما بكل خيل عدت فى سبيل الله واتصفت بالصفات المذكورة وعلى التقديرين فهى مستحقة لأن يقسم بها لاتصافها بتلك الصفات الشريفة وفى تخصيص خيل الغزاة بالاقسام بها من البراعة ما لا مزيد عليه كأنه قيل وخيل الغزاة التي فعلت كيت وكيت وقد أرجف هؤلاء فى حق أربابها ما ارجفوا انهم مبالغون فى الكفران وإذا كان شرف خيل الغزاة بهذه المرتبة حتى اقسم الله بها فماطنك بشرف الغزاة وفضلهم عند الله تعالى وعنه عليه السلام الكنود هو الذي يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رفده اى عطاه فيكون بخيلا يقال كان ثلاثة نفر من العرب فى عصر واحد أحدهم آية فى السخاء وهو خاتم الطائي والثاني آية فى البخل وهو ابو حباحب وبخله انه كان لا يوقد النار للخبز الا إذا نام الناس فاذا انتبهوا اطفأ ناره لئلا ينتفع بها أحد والثالث آية فى الطمع وهو اشعب بن جبير مولى مصعب بن الزبير بن العوام قرأ صبى فى المكتب وعنده اشعب جالس ان ابى يدعوك فقام وليس نعليه فقال الصبى انا اقرأ حزبى وكان إذا رأى إنسانا يحك عنقه يظن أنه ينتزع قميصه ليدفعه اليه وكان إذا رأى دخانا ارتفع من دار ظن أن أهلها تأتى بطعام وكان إذا رأى عروسا تزف الى موضع جعل يكنس باب داره لكى تدخل داره قال ما رأيت أطمع منى الا كلبا تبعني على مضغ العلك فرسخا وقال الحسن لكنود اى لوام لربه يذكر المصيبات وينسى النعم وقال ابو عبيدة قليل الخير من الأرض الكنود التي لا تنبت شيأ كأنه مقلوب النكد وقال القاشاني لكفور لربه باحتجابه بنعمه عنه ووقوفه معها وعدم استعماله لها فيما ينبغى ليتوصل بها اليه وفى التأويلات النجمية لكنود بنعمة الوجود والصفات والأسماء لادعائها لنفسه بالاستقلال والاستبداد او لعاص باستعمالها فى غير محالها او لبخيل لاختصاصها لنفسه وعدم ايثارها على الخلق بطريق الإرشاد وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ اى الإنسان على كنوده لَشَهِيدٌ اى يشهد على نفسه بالكنود لظهور اثره عليه فالشهادة بلسان الحال لا بلسان

[سورة العاديات (100) : الآيات 8 إلى 11]

المقال ويحتمل ان يجعل من الشهود بمعنى أنه لكفور مع علمه بكفرانه والعمل السيء مع العلم به غاية المذمة وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ اى المال كما فى قوله تعالى ان ترك خيرا وإيثار الدنيا وطلبها وفى الاسئلة المقحمة فان قلت سمى الله الجنس المال خيرا وعسى ان يكون خبيثا وحراما قلت أنما سماه خيرا جريا على العادة فانهم كانوا يعدون المال خيرا فسماه الله خيرا جريا على عادتهم كما سمى الجهاد سوأ فقال لم يمسسهم سوء اى قتال والقتال ليس بسوء ولكن ذكره جريا على عادتهم لَشَدِيدٌ اى قوى مطيق مجد فى طلبه وتحصيله متهالك عليه وهو لحب عبادة الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس يقال هو شديد لهذا الأمر وقوى له إذا كان مطيقا له ضابطا او الشديد البخيل الممسك يعنى وانه لاجل حب المال وثقل إنفاقه عليه لبخيل ممسك ولعل وصفه بهذا الوصف القبيح بعد وصفه بالكنود للايماء الى أن من جملة الأمور الداعية للمنافقين الى النفاق حب المال لأنهم بما يظهرون من الايمان يعصمون أموالهم ويجوزون من الغنائم نصيبا. شيخ الإسلام قدس سره فرموده كه اگر مال را دوست ميدارى بده تا باز بتو دهند وبراى وارث منه كه داغ حسرت بر دل تو نهند مال همان به كه بياران دهى ... كر بدهى به كه بخاكش نهى زر ز پى منفعت است اى حكيم ... بهر نهادن چهـ سفال و چهـ سيم أَفَلا يَعْلَمُ اى أيفعل ما يفعل من القبائح او ألا يلاحظ فلا يعلم فى الدنيا ان الله مجازيه إِذا بُعْثِرَ بعث واخرج وقد سبق فى الانفطار فناصب إذا مخذوف وهو مفعول يعلم لا يعلم لأن الإنسان لا يراد منه العلم فى ذلك الوقت وانما يراد منه ذلك فى الدنيا ما فِي الْقُبُورِ من الموتى وإيراد ما لكونهم إذ ذاك بمعزل عن مرتبة العقلاء وَحُصِّلَ اى جمع فى الصحف اى اظهر محصلا مجموعا واصل التحصيل إخراج المستور بآخر المغمور فيه واخذه منه كاخراج اللب من القشر وإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التين والدهن من اللين ومن الدردي والجمع والإظهار من لوازمه ويجوزان يكون المعنى ميز حيزه من شره ومنه قيل للمنخل المحصل اى آلة التحصيل وتمييز الدقيق من النخالة فانه لا بد من التمييز بين الواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحظور فان لكل واحد حكما على حدة فتمييز البعض من البعض وتخسيص كل واحد منها بحكمه اللاحق هو التخصيل وفى القاموس التحصيل تمييز ما يحصل والحاصل من كل شىء ما بقي وثبت وذهب ما سواه ما فِي الصُّدُورِ من الاسرار الخفية التي من جملتها ما يخفيه المنافقون من الكفر والمعاصي فضلا عن الأعمال الجلية فتخصيص اعمال القلب لأنه لولا البواعث والإرادات فى القلوب لما حصلت افعال الجوارح فالقلب اصل واعمال الجوارح تابعة له ولذا قال تعالى آثم قلبه وقال عليه السلام يبعثون على نياتهم إِنَّ رَبَّهُمْ اى المبعوثين كنى عنهم بعد الاحياء الثاني بضمير العقلاء بعد ما عبر عنهم قبل ذلك بما بناء على تفاوتهم فى الحالين فحين كانوا فى القبور كانوا كجمادات بلا عقل ولا علم وان كان لهم نوع حياة فيها بخلاف وقت الحشر بِهِمْ بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها

تفسير سورة القارعة

يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يكون ما ذكر من بعث ما فى القبور وتحصيل ما فى الصدور لَخَبِيرٌ اى عالم بظواهره وبواطنه علما موجبا للجزاء متصلا به كما ينبئ عنه تقييده بذلك اليوم والا فمطلق علمه سبحانه محيط بما كان وما سيكون قوله بهم ويومئذ متعلقان بخبير قدما عليه مراعاة للفواصل واللام غير مانعة من ذلك تفسير سورة القارعة مكية وآيها عشر او احدى عشرة بسم الله الرحمن الرحيم الْقارِعَةُ القرع هو الضرب بشدة واعتماد بحيث يحصل منه صوت شديد ثم سميت الحادثة العظيمة من حوادث الدهر قارعة والمراد بها هاهنا القيامة التي مبدأها النفخة الاولى ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق سميت بها لأنها تقرع القلوب والاسماع بفنون الافزاع والأهوال وتخرج جميع الاجرام العلوية والسفلية من حال الى حال السماء بانشقاق والانفطار والشمس والنجوب بالتكوير والانكدار والانتثار والأرض والجبال بالدك والنسف وهى مبتدأ خبره قوله مَا الْقارِعَةُ على أن ما الاستفهامية خبر والقارعة مبتدأ اى راى شىء عجيب هى فى الفخامة والفظاعة وقد وضع الظاهر موضع الضمير تأكيدا للتهويل وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ ما فى حيز الرفع على الابتداء وادراك هو الخبر اى واى شىء أعلمك ما شان القارعة فان عظم شأنها بحيث لا تكاد تناله دراية أحد حتى يدرك بها ولما كان هذا منبئا عن الوعد الكريم باعلامها أنجز ذلك بقوله يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ اى هى يوم يكون الناس على ان يوم مرفوع على انه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لاضافته الى الفعل وان كان مضارعا على ما هو رأى الكوفيين او اذكر يوم إلخ فانه يدريك ما هى كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ جمع فراشة وهى التي تطير وتتهافت على السراج فتحترق وبالفارسية پروانه. والمبثوث المفرق وبه شبه فراشة القفل وهو ما ينشب فيه والمبثوث بالفارسية پراكنده. والمعنى كالفراش المفرق فى الكثرة والانتشار والضعف والذلة والاضطراب والتطاير الى الداعي كتطاير الفراش الى النار قال جرير فى الكثرة والانتشار والضعف والذلة والاضطراب والتطاير الى الداعي كتطاير الفراش الى النار قال جرير . ان الفرزدق ما عملت وقومه ... مثل الفراش عشين نار المصطلى وهذا يدل على كثرة الفراش ولو فى بعض المواضع فسقط ما قال سعدى المفتى فيه ان الفراش لا يعرف بالكثرة بحيث يصلح ان يكون مشبها به لاهل المحشر فيها الا ان يفسر بصغار الجراد اى كالجراد المنتشر حين ارادة الطيران كما قال تعالى كأنهم جراد منتشر وفيه ان الفراش لم يفسر فى اللغات بصغار الجراد وقال ابن الشيخ شبه الله الخلق وقت البعث فى هذه الآية بالفراش المبثوث وفى الآية الاخرى بالجراد المنتشر وجه التشبيه بالجراد هو الكثرة والاضطراب وبالفراش المبثوث اختلاف جهات حركاتهم فانهم إذا بعثوا

[سورة القارعة (101) : الآيات 5 إلى 11]

فزعوا فيذهب كل واحد منهم الى جهة غير جهة الآخر كالفراش فانها إذا طارت لاتتجه الى جهة واحدة بل تختلف جهاتها انتهى وفيه اشارة الى ان السالك الفاني يكون فى الشهود الاحدى فى الذلة وتفرق الوجهة كالفراش واحقر وأذل لانه لا قدر ولا وقع له فى عين الموحد وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ العهن الصوف المصبوغ ألوانا والنفش نشر الشعر والصوف والقطن بالإصبع وخلخلة الاجزاء وتفريقها عن تراصها قال السجاوندى شبه خفتها بعد رزانتها بالصوف وتلونها بالمصبوغ ومرها بالمندوف واختصاص العهن لالوان الجبال كما قال تعالى ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود والمعنى وتكون الجبال كالصوف الملون بالألوان المختلفة المندوف فى تفرق اجزائها وتطايرها فى الجو وكلا الامرين من آثار القارعة بعد النفخة الثانية عند حشر الخلائق يبدل الله الأرض غير الأرض ويغير هيئاتها ويسير الجبال عن مقارها على ما ذكر من الهيئات الهائلة ليشاهدها اهل المحشر وهى وان اندكت عند النفخة الاولى ولكن تسييرها وتسوية الأرض انما يكونان بعد النفخة الثانية فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ جمع الموزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله او جمع ميزان وثقلها رجحانها لان الحق ثقيل والباطل خفيف والجمع للتعظيم أو لأن لكل مكلف ميزانا او لاختلاف الموزونات وكثرتها قال ابن عباس رضى الله عنهما انه ميزان له لسان وكفتان لا يوزن فيه الا الأعمال ليبين الله امر العباد بما عهدوه فيما بينهم قالوا توضع فيه صحف الأعمال إظهارا للمعدلة وقطعا للمعذرة او تبرز الأعمال العرضية بصور جوهرية مناسبة لها فى الحسن والقبح يعنى يؤتى بالأعمال الصالحة على صور حسنة وبالأعمال السيئة على صور سيئة فتوضع فى الميزان اى فمن تر جحت مقادير حسناته فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ من قبيل الاسناد الى السبب لان العيش سبب الرضى من منعم العيش وقال بعضهم راضية اى راض صاحبها عنها وبالفارسية در زندكانى باشد پسنديده. وقد سبق فى الحاقة وفى التأويلات النجمية فاما من ثقلت له موزونات الأوصاف الالهية والأخلاق اللاهوتية فهو فى راحة واستراحة من نتائج تلك الأوصاف والأخلاق وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ بان لم يكن له حسنة يعتد بها او تر جحت سيئاته على حسناته وعن ابن مسعود رضى الله عنه يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته اكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته اكثر من حسناته بواحدة دخل النار فَأُمُّهُ اى مأواه هاوِيَةٌ هى من اسماء النار سميت بها لغاية عمقها وبعد مهواها روى ان أهل النار يهوى فيها سبعين خريفا (وقال الكاشفى) وآن دركه باشد زيرترين همه دركها وعبر عن المأوى بالأم لأن أهلها يأوون إليها كما يأوى الولد الى امه وفيه تهكم به أو لأنها تحيط به احاطة رحم الام بالولد أو لأن الام هى الأصل والكافر خلق من النار وكل شىء يرجع الى أصله وهو اللائح وفى الكشاف من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت امه لانه إذا هوى اى سقط وهلك فقد هوت امه ثكلا وحزنا فكأنه قيل فقد هلك وعن قتادة فام رأسه هاوية فى جهنم لانه يطرح فيها منكوسا وأم الرأس الدماغ او الجلدة

[سورة القارعة (101) : الآيات 10 إلى 11]

الرقيقة التي عليها وفى التأويلات النجمية واما من خفت موازينه بالأخلاق السيئة والأوصاف القبيحة الخبيثة فاصله المجبول عليه هاوية الحجاب من الأزل الى الابد وهى نار حامية بنار الجهل والعمى وحطب النفس والهوى ونفخ الشيطان والدنيا وفى لفظ الثقل والخفة اشارة الى ان السعداء والأشقياء مشتركون فى فعل السيئة وان كانت فى الفريق الاول مرجوحة قليلة وفى الثاني راجحة كثيرة ولا يرتفع هذا الابتلاء ولذا قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه يا على إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة وذلك لما انه مقتضى الاسم الغفور. اعلم ان ميزان الحق بخلاف ميزان الخلق إذ صعود الموزونات وارتفاعها فيه هو الثقل وهبوطها وانحطاطها هو الخفة لان ميزانه تعالى هو العدل والموزونات الثقيلة اى المعتبرة الراجحة عند الله التي لها قدر ووزن عنده هى الباقيات الصالحات والخفيفة التي لا اعتبار لها عند الله هى الفانيات الفاسدات من اللذات الحسية والشهوات وفى الهاوية اشارة الى هاوية الطبيعة الجسمانية التي يهوى فيها أهلها وفى الحقيقة الموزونات هى الاستعدادات الغيبية والقابليات العلمية الازلية المسواة كفتاها بكف اليد اليمنى وبكف اليد اليسرى وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ و چهـ چيزى دانا كرد ترا كه چيست هاوية. فهى للهاوية والهاء للسكت والاستراحة والوقف وإذا وصل القارئ حذفها وقيل حقه ان لا يدرج لئلا يسقطها الإدراج لانها ثابتة فى المصحف وقد اجيزا ثباتها مع الوصل قال ابو الليث قرأ حمزة والكسائي بغير هاء فى الوصل وبالهاء عند الوقف والباقون بإثباتها فى الوصل والوقف وقد سبق مفصلا فى الحاقة وفيه اشعار بخروجها عن الحدود المعهودة فلا يدريها أحد ثم أعلمها بقوله نارٌ حامِيَةٌ متناهية فى الحر وبالفارسية آتشى بغايت رسيده در سوزش. يقال حمى الشمس والنار حميا وحميا وحموا اشتد حرهما وقد سبق تفسير سورة التكاثر مختلف فيها وهى ثمان آيات بسم الله الرحمن الرحيم أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ويقال لهوت بكذا ولهوت عن كذا اى اشتغلت عنه بلهو ويعبربه عن كل ما به استمتاع ويقال ألهى عن كذا اى شغل عما هو أهم والتكاثر التبارى فى الكثرة والتباهي بها وان يقول هؤلاء نحن اكثر وهؤلاء نحن اكثر والمعنى شغلكم التغالب فى الكثرة والتفاخر بها وبالفارسية مشغول كرد شما را فخر كردن به بسيارى قوم. قال ابن الشيخ الإلهاء الصرف الى اللهو والبعث والتكاثر إذا صرف العبد الى الى اللهو يكون العبد منصرفا اليه ومعلوم ان الانصراف الى الشيء يقتضى الاعراض عن غيره فتفسير ألهاكم كذا بشغلكم تفسير له بما يلزم اصل معناه الا انه صار حقيقة عرفية فيه بالغلبة وحذف الملهى عنه اى الذي الهى عنه وهو ما يعنيهم من امر الدين للتعظيم والمبالغة اما الاول فلان الحذف كالتنكير قد يجعل ذريعه الى التعظيم لاشتراكهما فى الإبهام واما الثاني فلان تذهب النفس كل مذهب ممكن فيدخل فيه جميع ما يحتمله

[سورة التكاثر (102) : الآيات 2 إلى 3]

المقام مثل ألهاكم التكاثر عن ذكر الله وعن الواجبات والمندوبات مما يتعلق بالقلب كالعلم والتفكر والاعتبار او بالجوارح كأنواع الطاعات وتعريف التكاثر للعهد والعهد المذموم هو التكاثر فى الأمور الدنيوية الفانية كالتفا خربا لمال والجاه والأعوان والأقرباء واما التفاخر بالأمور الاخروية الباقية فممدوح كالتفاخر بالعلم والعمل والأخلاق والصحة والقوة والغنى والجمال وحسن الصوت إذا كان بطريق تحديث النعمة ومن ذلك تفاخر العباس رضى الله عنه بان السقاية بيده وتفاخر شيبة بان مفتاح البيت بيده الى ان قال على رضى الله عنه وانا قطعت خرطوم الكفر بسبفى فصار الكفر مثلة والتكاثر مكاثرة اثنين مالا او عددا بأن يقول كل منهما لصاحبه انا اكثر منك مالا وأعز نفرا والمراد هنا هو التكاثر فى العدد لانه روى ان بنى عبد مناف وبنى سهم تفاخروا وتعادوا وتكاثروا بالسعادة والاشراف فى الإسلام فقال كل من الفريقين نحن اكثر منكم سيدا وأعظم نفرا فكثرهم بنوا عبد مناف اى غلبهم بالكثرة فقال بنواسهم ان البغي أفنانا فى الجاهلية فعادونا بالاحياء والأموات (قال الكاشفى) بگورستان رفتند وگورها بر شمردند كه اين قبر فلان واين قبر فلان قبور أشراف قبيله خود شمردند. فكثرهم بنواسهم يعنى سه خاندان بنى سهم زياده آمد بر بنى عبد مناف برين نسق بر يكديكر تطاول نمودند وتفاخر كردند. والمعنى انكم تكاثر ثم بالاحياء حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ اى حتى استوعبتم عددهم وصرتم الى التفاخر والتكاثر بالأموات وبالفارسية تا حدى آمديد بگورستانها ومردگانرا شماره كرديد. فعبر عن انتقالهم الى ذكر الموتى بزيارة القبور اى جعلت كناية عنه تهكما بهم قال الطيبي انما كان تهكما لان زيارة القبور شرعت لتذكر الموت ورفض حب الدنيا وترك المباهاة والتفاخر وهؤلاء عكسوا حيث جعلوا زيارة القبور سببا لمزيد القسوة والاستغراق فى حب الدنيا والتفاخر فى الكثرة وهذا خبر فيه تفريع وتوبيخ والغاية تدخل تحت المغيا فى هذا الوجه وقيل المعنى ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد الى ان متم وقبرتم مضيعين اعماركم فى طلب الدنيا معرضين عما يهمكم من السعى لاخراكم فتكون زيارة القبور عبارة عن الموت والتكاثر هو التكاثر بالمال والولد كما روى انه عليه السلام سمع انه يقرأ هذه الآية ويقول بعدها يقول ابن آدم مالى مالى وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت او لبست فأبليت او تصدقت فامضيت وفيه اشارة الى انهم يبعثون فان الزائر منصرف لا مقيم وقرأها عمر بن عبد العزيز قال ما ارى المقابر الا زيارة ولا بد لمن زار ان يرجع الى بيته اما الى الجنة او الى النار وفيه تحذير عن الدنيا وترغيب فى الآخرة والاستعداد للموت روزى كه أجل كند شبيخون ... البته بيايد از جهان رفت كردل نبود أسير دنيا ... آسان ره آن جهان توان رفت كَلَّا ردع عما هم فيه من التكاثر اى ليس الأمر كما يتوهم هؤلاء من ان فضل الإنسان وسعادته بكثرة أعوانه وقبائله وأمواله اى ارتدعوا عن هذا وتنبهوا من الخطا فيه وتنبيه على

[سورة التكاثر (102) : الآيات 4 إلى 8]

ان العاقل ينبغى ان لا يكون معظم همه مقصورا على الدنيا فان عاقبة ذلك وبال وحسرة سَوْفَ تَعْلَمُونَ اى سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول المحشر فالعلم بمعنى المعرفة ولذا قدر له مفعول واحد وهو إنذار وتخويف ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم قال الحسن رحمه الله لا يغرنك كثرة من ترى حولك فانك تموت وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ تأكيد لتكيرير الردع والانذار وفى ثم دلالة على ان الانذار الثاني ابلغ من الاول لان فيه تأكيدا خلا عنه الاول لان فيه تنزيلا لبعد المرتبة منزلة بعد الزمان واستعمالا للفظ ثم فى مجرد التدرج فى درج الارتقاء كما تقول للمنصوح أقول لك ثم أقول لك لا نفعل او الاول عند الموت فى وقت ما بشر به المحتضر من جنة او نارا وفى القبر حين سؤال منكر ونكير من ربك وما دينك ومن نبيك والثاني عند النشور حين ينادى المنادى شقى فلان شقاوة لا سعادة بعدها وحين يقال وامتازوا اليوم ايها المجرمون فعلى هذا لا تكرير فى الآية لحصول التغاير بينهما بتغاير زمانى العلمين ومتعلقيهما فانه يلقى فى كل واحد من الزمانين نوعا آخر من العذاب وثم على بابها من المهلة لتباعد ما بين الموت والنشور وكذا ما بين القبور والنشور وعن على رضى الله عنه مازلنانشك فى عذاب القبر حتى نزلت السورة الى قوله تعالى ثم كلا سوف تعلمون اى سوف تعلمون فى القبر ثم فى القيامة وفى الحديث يسلط على الكافر فى قبره تسعة وتسعون تنينا تنهشه وتلذعه حتى تقوم الساعة لوان تنينا منها نفخ فى الأرض ما أنبتت خضرآء كَلَّا تكرير للتنبيه تأكيدا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ جواب لو محذوف للتهويل فانه إذا حذف الجواب يذهب الوهم كل مذهب ممكن والعلم مصدر أضيف الى مفعوله وانتصابه بنزع الخافض واليقين صفة لموصوف محذوف والمعنى لو تعلمون ما بين ايديكم علم الأمر اليقين اى لو علمتم ما تستيقنونه لفعاتم مالا يوصف ولا يكبتنه ولكنكم ضلال جهلة فاليقين بمعنى المتيقن به كمال التيقن حتى كأنه عين اليقين والا فيلزم اضافة أحد المترادفين الى الآخر إذ العلم فى اللغة بمعنى اليقين وقد يجعل العلم من اضافة العام الى الخاص بناء على ان اليقين أخص من العلم فان العلم قديعم الظن واليقين فتكون إضافته كاضافة بلد بغداد ويدل عليه قولهم العلم اليقين بالوصف لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ جواب قسم مضمرا كدبه الوعيد حيث ان ما أوعدوا به مما لا مدخل فيه للريب وشدد به التهديد وأوضح به ما انذروه بعد إبهامه تفخيما ولا يجوز ان يكون جواب لو لان رؤية الجحيم محققة الوقوع وليست بمعلقة فلو جعل جواب لو لكان المعنى انكم لا ترونها لكونكم جهالا وهو غير صحيح وقال بعضهم يصح ان يكون جوابا فيكون المعنى سوف تعلمون الجزاء ثم قال لو تعلمون الجزاء علم اليقين الآن لترون الجحيم يعنى يكون الجحيم دائما فى نظركم لا يغيب عنكم أصلا ثُمَّ لَتَرَوُنَّها تكرير للتأكيد او الاولى إذا رأوها من مكان بعيد ببعض خواصها وأحوالها مثل رؤية لهبها ودخانها والثانية إذا أوردوها فان معاينة نفس الحفرة وما فيها من الحيوانات المؤذية وكيفية السقوط فيها اجلى واكشف من الرؤية الاولى فعلى هذا بتنازع الفعلان فى عين اليقين او المراد بالأول المعرفة وبالثانية

[سورة التكاثر (102) : آية 8]

المشاهدة والمعاينة عَيْنَ الْيَقِينِ اى الرؤية التي هى نفس اليقين فان علم المشاهدة للمحسوسات أقصى مراتب اليقين فلا يرد أن أعلى اليقينيات الاوليات وانما قيد الرؤية بعين اليقين احترازا عن رؤية فيها غلط الحس فانتصاب عين اليقين على انه صفة المصدر لترونها وجعل الرؤية التي هى سبب اليقين نفس اليقين مبالغة ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال فى التيسير كلمة ثم للترتيب فى الاخبار لا فى الوجود فان السؤال بانك أشكرت فى تلك النعمة أم كفرت يكون فى موقف الحساب قبل دخول النار والمعنى ثم لتسألن يوم رؤية الجحيم وورودها عن النعيم الذي ألهاكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه فتعذبون على ترك الشكر فان الخطاب فى لتسألن مخصوص بمن عكف همته على استيفاء اللذات ولم يعش إلا ليأكل الطيب ويلبس اللين ويقطع أوقاته باللهو والطرب لا يعبأ بالعلم والعمل ولا يحمل على نفسه مشاقهما فان من تمتع بنعمة الله وتقوى بها على طاعته وكان ناهضا بالشكر فهو من ذلك بمنزل بعيد واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أكل هو وأصحابه تمرا وشربوا ماء فقال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا كما فى الكشاف فدخلت فى الآية كفار مكة ومن لحق بهم فى وصفهم من فسقة المؤمنين وقيل الآية مخصوصة بالكفار وقال بعضهم المراد بالنعيم هو الصحة والفراغ وفى الحديث نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ وفى هذا الحديث دلالة على عظم محل هاتين النعمتين وجلالة خطرهما وذلك لان بهما يستدرك مصالح الدنيا ويكتسب درجات الآخرة فان الصحة تنبئ عن اجتماع القوى الذاتية والفراغ يدل على انتظام الأسباب الخارجة المنفصلة ولا قدرة على تمهيد مصلحة من مصالح الدنيا والاخرة الا بهذين الامرين ثم سائر النعم يعد من توابعهما وقد قال معاوية بن قرة شدة الحساب القيامة على الصحيح الفارغ يقال له كيف أديت شكرهما وعن الحسن رحمه الله ما سوى كن يؤويه وثوب يواريه وكسرة تقويه يسأل عنه ويحاسب عليه وقال بعض السلف من أكل فسمى وفرغ فحمد لم يسأل عن نعيم ذلك الطعام وقال رجل للحسن رحمه الله ان لنا جارا لا يأكل الفالوذج ويقول لا أقوم بشكره فقال ما أجهل جاركم نعمة الله عليه بالماء البارد اكثر من نعمته بجميع الحلاوى ولذلك قال عليه السلام أول ما يسال العبد عنه من النعيم ألم نصح جسمك ونروك من الماء البارد وفى عين المعاني عن النعم الخمس شبع البطون وبرد الشراب ولذة النوم وظلال المساكن واعتدال الخلق وقال ابن كعب النعيم ذات محمد صلى الله عليه وسلم إذ هو الرحمة والنعمة بالآيتين وهما قوله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وقوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين. وهمه را از دعوت وملت واتباع سنت او خواهند پرسيد چهـ نعمتيست بزرك از خدا كه بر ثقلين ... سپس دارئ اين نعمت است فرض العين يقول الفقير النعيم اما نعيم جسمانى وشكره بمحافظة احكام الشريعة واما نعيم روحانى وشكره بمراعاة آداب الطريقة فانه كلما ازدادت المحافظة والمراعاة ازداد النعيم كما قال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم وما من عضو من الأعضاء وقوة من القوى الا وهى مطلوبة بنوع شكر

تفسير سورة العصر

ولذلك قال تعالى ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا على ان عالم الصفات والأسماء كلها عالم النعيم وفقنا الله وإياكم لشكر النعيم انه هو البر الرحيم وفى الحديث الا يستطيع أحدكم ان يقرأ الف آية فى كل يوم قالوا ومن يستطيع ان يقرأ الف آية فى كل يوم قال اما يستطيع أحدكم ان يقرأ ألهاكم التكاثر مرة على ما قال السيوطي رحمه الله فى الإتقان ان القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية فاذا تركنا زيادة الآلاف كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرآن فانها على ما ذكره الغزالي رحمه الله ثلاثة مقاصد مهمة وثلاثة متمة واحد المقاصد المهمة معرفة الآخرة المشتمل عليها السورة والتعبير عن هذا المعنى بألف آية افهم وأجل وأصح من التعبير بالسدس انتهى. يقول الفقير هذا منتقض بسورة الزلزلة فانها ايضا تشتمل على احكام الآخرة ومعرفتها وقد سبق انها تعدل نصف القرآن او ربعه والظاهر ان المراد بالألف التكثير لان أول السورة مما ينبئ عنه ومن الله التوفيق والإرشاد تفسير سورة العصر ثلاث آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ اقسم سبحانه بصلاة العصر فانه كثيرا ما يطلق العصر ويراد صلاته وذلك لفضلها الباهر لكونها وسطى لتوسطها بين الشفع الذي هو صلاة الظهر وبين الوتر النهارى الذي هو صلاة المغرب فانها لما توسطت بين الطرفين اتصفت بالوصفين وظهرت بالحكمين وتحققت بالكمالين كما هو حكم البرازخ فحصل لها من القدر ما لم يكن لكل واحد من الطرفين وايضا ان اوقات أوائل الصلوات الأربع محدودة الا العصر يعنى أن أول صلاة العصر غير محدود بالحد المحقق ففيه سر التنزيه عن التقييد بالحدود ولذا شرع التكبير فى الصلاة لأن الله تعالى منزه عن التقييد باوضاع الصلاة وحركات المصلى قال بعض الكبار صلاة العصر بركعاتها الأربع اشارة الى التعينات الاربعة الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية فى مرتبة الجمال الكونى بالفعل كما ان الظهر اشارة إليها فى مرتبة الجمال الإلهي بالفعل ولا شك أن الإنسان كون جامع ففى العصر اشارة اليه وفى الحديث من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله اى نقص اى ليكن من فوتها حذرا كما يحذر من ذهاب اهله وماله وسر الوعيد أن التكليف فى أداء صلاة العصر أشق لتهافت الناس فى تجاراتهم ومكاسبهم واشتغالهم بمعايشهم آخر النهار لبرد الهولء حينئذ لا سيما فى ارض الحجاز فالكسب الحاصل فى ذلك الوقت مع السهو عن الصلاة فى حكم الخسران وسبب للخذلان (حكى) أن امرأة كانت تصبح فى سكك المدينة وتقول دلونى على النبي عليه السلام فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها ماذا حدث قالت يا رسول الله ان زوجى غاب عنى فزنيت فجاءنى ولد من الزنى فألقيت الولد فى دن من الخل حتى مات ثم بعنا ذلك الخل فهل لى من توبة فقال عليه السلام اما الزنى فعليك الرجم بسببه واما القتل فجزآؤه جهنم واما بيع الخل فقد ارتكبت به كبيرة لكن ظننت انك

[سورة العصر (103) : الآيات 2 إلى 3]

تركت صلاة العصر ويقال ان الله تعالى اقسم بوقت العصر نفسه كما اقسم بالفجر فقد خلق فيه اصل البشر آدم عليه السلام فكان له شرف زائد على غيره ويقال اقسم بالعشي الذي هو ما بين الزوال والغروب كما اقسم بالضحى لما فيها جميعا من دلائل القدرة ويقال اقسم بعصر النبوة الذي مقداره فيما مضى من الزمان مقدار وقت العصر من النهار وهو زمان بعثته الى انقراض أمته فى آخر الزمان وهو ألف سنة كما قال عليه السلام ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تستقم فلها نصف يوم وفضل هذا العصر على سائر الاعصار ظاهر لأنه عصر خير الأنبياء والمرسلين وعصر خير الأمم وخير الكتب الالهية وفيه ظهر تمام الكمالات تفصيلا ويقال اقسم بالدهر لانطوآئه على أعاجيب الأمور القارة والمارة وللتعريض بنفي ما يضاف اليه من الخسران فان الإنسان يضيف المكاره والنوائب اليه ويحيل شقاوته وخسرانه عليه والاقسام بالشيء إعظام له وما يضاف اليه الخسران لا يعظم عادة وقد قال عليه السلام لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر فاقسم الله بالدهر لأنه بالنسبة الى الفهم العام محل شهود الآيات الالهية كالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وغيرها وبالنسبة الى الفهم الخاص مظهر التجليات الالهية لظهوره تعالى بصفاته وأفعاله فى مظهره فلما كان العصر جامعا لجميع الآيات التي اقسم الله بها فى القرآن كقوله تعالى والفجر وليال عشر وقوله تعالى والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها وقوله تعالى والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وقوله تعالى والضحى والليل إذا سجا ختم الله بقسم العصر اقسام جميع القسم وفى التأويلات النجمية اقسم الله بكمال دوام الزمان واستمراره لاشتماله على ولاية النبي عليه السلام ونبوته ورسالته وخلافته لقوله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين اى بين ماء العلم وطين المعلوم ولقوله نحن الآخرون السابقون ولقوله حكاية عن الله سبحانه لولاك لما خلقت الافلاك ولقوله انا من الله والمؤمنون منى ويقوى هذه الأحاديث قوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين اى من عالمى زمانه وما كان بعده وما كان قبله لأن العالمين جمع محلى بالألف واللام فيدل على العموم والشمول كما فى قوله تعالى الحمد لله رب العالمين إِنَّ الْإِنْسانَ التعريف للجنس يعنى الاستغراق بدلالة صحة الاستثناء من الإنسان فان صحة الاستثناء من جملة ادلة العموم والاستغراق لَفِي خُسْرٍ الخسر والخسران معناه النقصان وذهاب رأس المال فى حق جنس الإنسان هو نفسه وعمره والتنكير للتفخيم اى لفى خسران عظيم لا يعلم كنهه الا الله فى متاجرهم وصرف أعمارهم فى مباغيهم يعنى هر آينه در زيانند بصرف أعمار در مطالب نا پايدار. مده به بيهده نقد عزيز عمر بدست ... كه پس زيان كنى ومر ترا ندارد سود والذنب يعظم اما لعظم من فى حقه الذنب او لأنه فى مقابلة النعمة العظيمة وكلا الوجهين حاصل فى ذنب العبد فى حق ربه فلا جرم كان ذلك الذنب فى غاية العظم ويجوز ان يكون التنوين للتنويع اى نوع من الخسران غير ما يتعارفة الناس إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله الايمان العلمي البقينى وعرفوا أن لا مؤثر بالحقيقة الا لله وبرزوا عن حجاب الدهر وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى اكتسبوا الفضائل

تفسير سورة الهمزة

والخيرات الباقية فربحوا بزيادة النور الكمال على النور الاستعدادي الذي هو رأس مالهم فانهم فى تجارة لن تبور حيث باعوا الفاني الخسيس واشتروا الباقي النفيس واستبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات فيالها من صفقة ما اربحها وهذا بيان لتكميلهم لانفسهم واستدل بعض الطوائف بالآية على أن مرتكب الكبيرة مخلد لأنه لم يستثن من الخسران الا الذين آمنوا إلخ والتفصى منه ان غير المستثنى فى خسر لا محالة اما بالخلود ان مات كافرا واما بالدخول فى النار ان مات عاصيا لم يغفر له واما بفوات الدرجات العالية ان غفر وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ إلخ بيان لتكميلهم لغيرهم اى وصى بعضهم بعضا بالأمر الثابت الذي لا سبيل الى إنكاره ولا زوال فى الدارين لمحاسن آثاره وهو الخير كله من الايمان بالله واتباع كتبه ورسله فى كل عقد وعمل وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ اى عن المعاصي التي تشتاق إليها النفس بحكم الجبلة البشرية وعلى الطاعات التي يشق عليها أداؤها وعلى ما يبلو الله به عباده وتخصيص هذا التواصي بالذكر مع اندراجه تحت التواصي بالحق لابراز كمال الاعتناء به أو لأن الاول عبارة عن رتبة العبادة التي هى فعل ما يرضى به الله تعالى والثاني عن رتبة العبودية التي هى الرضى بما فعل الله فان المراد بالصبر ليس مجرد حبس النفس عما تشوق اليه من فعل او ترك بل هو تلقى ما ورد منه تعالى بالجميل والرضى به ظاهرا وباطنا ولعله سبحانه انما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود فان المقصود بيان ما فيه الفوز بالحياة الابدية والسعادة السرمدية واشعارا بان ماعدا ماعد يؤدى الى خسر ونقص حظ او تكرما فان الإبهام فى جانب الخسر كرم لأنه ترك تعداد مثالهم والاعراض عن مواجهتهم به وروى عنه عليه السلام أنه قال اقسم ربكم بآخر النهار أن أبا جهل لفى خسر الا الذين آمنوا اى أبا بكر رضى الله عنه وعملوا الصالحات اى عمر رضى الله عنه وتواصوا بالحق اى عثمان رضى الله عنه وتواصوا بالصبر اى عليا رضى الله عنه فسرها بذلك على بن عبد الله بن عباس رضى الله عنهم على المنبر فيكون تكرير وتواصوا لاختلاف الفاعلين واما على الاول فلاختلاف المفعولين وهما قوله بالحق وبالصبر روى عن الشافعي رحمه الله أنها سورة لو لم ينزل الى الناس الاهى لكفتهم وهو معنى قول غيره انها شملت جميع علوم القرءان تمت سورة العصر فى خامس جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الهمزة تسع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم وَيْلٌ بالفارسية بمعنى واى. وهو مبتدأ وساغ الابتداء به مع كونه نكرة لأنه دعاء عليهم بالهلكة او بشدة الشر خبره قوله لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمز الكسر واللمز الطعن شاعا فى الكسر من اعراض الناس والطعن فيهم وفى القاموس الهامز والهمزة الغماز واللمزة العياب للناس او الذي يعيبك فى وجهك والهمزة من يعيبك فى الغيب انتهى وبناء فعلة يدل على الاعتياد فلا يقال ضحكة ولعنة الا للمكثير المتعود وفى ادب الكاتب لابن

[سورة الهمزة (104) : الآيات 2 إلى 4]

فتيبة فعلة بسكون العين من صفات المفعول وفعلة بفتح العين من صفات الفاعل يقال رجل هزءة للذى يهزأ به وهزأة لمن يهزأ بالناس وعلى هذا القياس لعنة ولعنة ولمزة ولمزة وغيرها ونزولها فى الأخنس بن شريف او فى الوليد بن المغيرة فان كلا منهما كان يغتاب رسول الله عليه السلام والأصح العموم لقوله تعالى لكل ولم يقل للهمزة واللمزة كما قرأ عبد الله كما فى عين المعاني وفى الحديث (المؤمن كيس فطن حذر وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة كحاطب ليل لا يدرى من اين اكتسب وفيم أنفق) قال القاشاني الهمز واللمز رذيلتان مركبتان من الجهل والغضب والكبر لانهما يتضمنان الاذية وطلب الترفع على الناس وصاحبهما يريد أن يتفضل على الناس ولا يجد فى نفسه فضيلة يترفع بها فينسب العيب والرذيلة إليهم ليظهر فضله عليهم ولا يشعر أن ذلك عين الرذيلة وان عدم الرذيلة ليس بفضيلة فهو مخدوع من نفسه وشيطانه موصوف برذيلتى القوة النطقية والغضبية الَّذِي جَمَعَ مالًا بدل من كل كأنه قبل ويل للذى جمع مالا وانما وصفه الله بهذا الوصف المعنوي لأنه يجرى مجرى السبب للهمزة واللمزة من حيث انه اعجب بنفسه مما جمع من المال وظن أن كثرة المال سبب لعزا لمرء وفضله فلذا استنقص غيره وانما لم يجعل وصفا نحويا لكل لأنه نكرة لا يصح توصيفها بالموصولات وتنكير مالا للتفخيم والتكثير الموافق لقوله تعالى وَعَدَّدَهُ اى عده مرة بعد اخرى من غير ان يؤدى حق الله منه ويؤيد أنه من العد وهو الإحصاء لا من العدة انه قرئ وعدده بفك الإدغام على أنه فعل ماض بمعنى أحصاه وضبط عدده وقيل معنى عدده جعله عدة وذخيرة لنوائب الدهر وكان للاخنس المذكور اربعة آلاف دينارا وعشرة آلاف ثم فى الجمع اشارة الى القوة الشهوانية وفى عدده الى الجهل لأن الذي جعل المال عدة للنوآئب لا يعلم أن نفس ذلك المال هو الذي يجر اليه النوائب لا يعلم أن نفس ذلك هو الذي يجر اليه النوائب لاقتضاء حكمة الله تفريقه بالنائبات فكيف يدفعها وفى التأويلات النجمية جمع مال الأخلاق الذميمة والأوصاف الرديئة وجعله عدة منازل الآخرة والدخول على الله يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ اظهار المال لزيادة التقرير اى يعمل من تشييد البنيان وايثاقه بالصخر والآجر وغرس الأشجار وكرى الأنهار عمل من يظن أنه لا يموت بل ما له يبقيه حيا فالحسبان ليس بحقيقى بل محمول على التمثيل وقال ابو بكر بن طاهر رحمه الله يظن أنه ماله يوصله الى مقام الخلد وانما قال أخلده ولم يقل يخلده لأن المراد أن هذا الإنسان يحسب أن المال قد ضمن له الخلود وأعطاه الامان من الموت فكأنه حكم قد فرغ منه ولذلك ذكره بلفظ الماضي قال الحسن رحمه الله ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت ونعم ما قال كَلَّا ردع له عن ذلك الحسبان الباطل يعنى نه چنانست كه آدمي پندارد وقال بعضهم الأظهر أنه ردع له على الهمز واللمز لَيُنْبَذَنَّ جواب قسم مقدر والجملة استيناف مبين لعلة الردع اى والله ليطر حن ذلك الذي يحسب وقوع الممتنع بسبب تعاطيه للافعال المذكورة وقال بعضهم ولك أن ترد الضمير الى كل من الهمزة واللمزة ويؤيده قراءة لينبذان على التثنية

[سورة الهمزة (104) : الآيات 5 إلى 9]

فِي الْحُطَمَةِ اى فى النار التي شأنها ان تحطم وتكسر كل ما يلقى فيها كما أن شأنه كسر باعراض الناس وجمع المال قال بعضهم قولهم ان فعلة بفتح العين للمكثير المتعود ينتقض الحطمة فانها أطلقت على النار وليس الحطم عادتها بل طبيعتها وجوابه أن كونه طبيعيا لا ينافى كونه عادة إذ العادة على ما فى القاموس الديدن والشأن والخاصية وهو يعم الطبيعي وغيره ومنه يعلم ان النبذ فى الحطمة كان جزاء وفاقا لاعمالهم فانه لما كان الهمز واللمز عادتهم كان الحطم ايضا عادة فقوبل صيغة فعلة بفعلة وكذا ظنوا أنفسهم اهل الكرامة والكثرة فعبر عن جزائهم بالنبذ المنبئ عن الاستحقار والاستقلال يعنى شبههم استحقارا لهم واستقلالا بعددهم بحصيات أخذهن أحد فى كفه فطرحهن فى البحر وفيه اشارة الى الاسقاط عن مرتبة الفطرة الى مرتبة الطبيعة الغالبة وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ تهويل لامرها ببيان أنها ليست من الأمور التي تنالها عقول الخلق والمعنى بالفارسية و چهـ چيز دانا كرد ترا تا دانى چيست حطمه نارُ اللَّهِ اى هى نار الله الْمُوقَدَةُ افروخته شد. بامر وقدرت او جل جلاله وما أوقد وأشعل بامره لا يقدر أن يطفئه غيره فاضافة النار اليه تعالى لتفخيمها والدلالة على أنها ليست كسائر النيران وفى الحديث او قد عليها ألف سنة حتى احمرت ثم ألف سنة حتى ابيضت ثم ألف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة وعن على رضى الله عنه عجبا ممن يعصى الله على وجه الأرض والنار تسعر من تحته الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ اى تعلو اوساط القلوب وتغشاها فان الفؤاد وسط القلب ومتصل بالروح يعنى أن تلك النار تحطم العظام وتأكل اللحوم فتدخل فى أجواف اهل الشهوات وتصل الى صدورهم وتستولى على افئدتهم الى أنها لا تحرقها بالكلية إذ لو احترقت لما تت أصحابها ثم ان الله تعالى يعيد لحومهم وعظامهم مرة اخرى وتخصيصها بالذكر لما أن الفؤاد ألطف ما فى الجسد وأشد تألما بأدنى أذى يمسه او لأنه محل العقائد الزائغة والنيات الخبيثة ومنشأ الأعمال السيئة فاطلاعها على الافئدة التي هى خزانة الجسد ومحل ودائعه يستلزم الاطلاع على جميع الجسد بطريق الاولى. صاحب كشف الاسرار فرموده كه آتشى كه بدل راه يابد عجبست حسين منصور قدس سره فرموده كه هفتاد سال آتش نار الله الموقدة در باطن ما زدند نا تمام سوخته شد ناكاه شررى از مقدحه انا الحق برون جست ودر ان سوخته افتاد سوخته بايد كه از سوزش ما خبر دهد. اى شمع بيا تا من وتو زار بگرييم. كاحوال دل سوخته هم سوخته داند إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ اى ان تلك النار الموصوفة مطبقة ابوابها عليهم تأكيدا ليأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الابد من أوصدت الباب واصدته اى أطبقته وقد سبق فى سورة البلد فِي عَمَدٍ جمع عمود كما فى القاموس اى حال كونهم موثقين فى اعمدة مُمَدَّدَةٍ من التمديد بالفارسية كشيدن. اى ممدودة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص اى يلقون فيها على أحد قطريهم والقطر الجانب والمقطرة الخشبة التي يجعل فيها ارجل اللصوص والشطار يعنى خشبة فيها خروق تدخل فيها ارجل المحبوس كيلا يهربوا فقوله فى عمد حال من الضمير المجرور فى عليهم

تفسير سورة الفيل

او صفة لمؤصدة قاله ابو البقاء اى كائنة فى عمد ممددة بان تؤصد عليهم الأبواب وتمد على الأبواب العمد المطولة التي هى ارسخ من القصيرة استيثاقا فى استيثاق لا يدخلها روح ولا يخرج منها غم وفيه اشارة الى ايثاقهم وربطهم فى عمد اخلاقهم واوصافهم وأعمالهم ومدهم فى ارض الذل والهوان والخسران لأن اهل الحجاب لاعزلهم نسأل الله تعالى ان لا يذلنا بالاحتجاب انه الوهاب تفسير سورة الفيل خمس آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والهمزة لتقرير رؤيته بانكار عدمها وكيف معلقة لفعل الرؤية منصوبة بما بعدها والرؤية علمية لأن النبي عليه السلام ولد عام الفيل ولم يرهم والمراد باصحاب الفيل ابرهة وقومه وبالفيل هو الفيل الأعظم الذي اسمه محمود وكنيته ابو العباس كما سيجيئ ونسبوا اليه لأنه كان مقدمهم والمعنى الم تعلم علما رصينا متاخما للمشاهدة والعيان باستماع الاخبار المتواترة ومعاينة الآثار الظاهرة وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى لا بنفسه بان يقال الم تر ما فعل ربك إلخ لتهويل الحادثة والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئات عجيبة دالة على عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته وعزة بيته وشرف رسوله فان ذلك من الإرهاصات والارهاص ان يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة تأسيسا لها ومقدمة كاظلال الغمام له عليه السلام وتكلم الحجر والمدر معه قال بعضهم الارهاص الترصد سميت الأمور الغريبة التي وقعت للنبى عليه السلام إرهاصات لأن كلامنها مما يترصد بمشاهدته نبوته فالارهاص انما يكون بعد وجود النبي وقبل مبعثه وفى كلام بعضهم ان الارهاص يكون قبل وجوده ايضا قريبا من عهده كما دل عليه قصة الفيل ورجحوا الاول فان قيل اتحاد السنة بان يكون وقوع القصة عام المولد امر اتفاقي لا يمنع عن كون الواقعة لتعظيم الكعبة قلنا شرفها ايضا بشرف مكانه عليه السلام ألا يرى أنه تعالى كيف قيد الاقسام بالبلد بحلوله عليه السلام فيه حيث قال لا اقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد قال فى فتح الرحمن كان هذا عام مولد النبي عليه السلام فى نصف المحرم وولد عليه السلام فى شهر ربيع الاول فبين الفيل ومولده الشريف خمس وخمسون ليلة وهى سنة ستة آلاف ومائة وثلاث وستين من هبوط آدم على حكم التواريخ اليونانية المعتمدة عند المؤرخين وبين قصة الفيل والهجرة الشريفة النبوية ثلاث وخمسون سنة والمقصود من تذكير القصة اما تسلية النبي عليه السلام بأنه سيجزى من يظلمه كما جزى من قصد الكعبة واما تهديد الظلمة وتفصيلها أن ملك حمير وما حولها وهو ذو نواس اليهودي لما احرق المؤمنين بنار الأخدود ذات الوقود على ما سبق فى سورة البروج هرب رجل منهم الى ملك الحبشة وهو اصحمة بن بحر النجاشي تخفيف الياء الذي اسلم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك وحرضه

على قتال ذى نواس فبعث اصحمة سبعين ألفا من الحبشة الى اليمن وامر عليهم ارياطا ومعه فى جنده فى جنده ابرهة بن الصباح الاشرم ومعنى ابرهة بلسان الحبشة الأبيض الوجه وسيجيئ معنى الاشرم فركبوا البحر حتى نزلوا ساحلا مما يلى الأرض اليمن وهزم ارياط ذانواس وقتله فى المعركة او القى هو نفسه فى البحر فهلك واستقر امر ارياط فى ارض اليمن زمانا واقام فيها سنين فى سلطانه ذلك ثم نازعه ابرهة فى امر الحبشة فكان من أمراء الجند فتفرقت الحبشة فرقتين فرقة مع ارياط وفرقة مع ابرهة فكان الأمر على ذلك الى ان سار أحدهما الى الآخر فلما تقارب الفرقتان للقتال أرسل ابرهة الى ارياط أنك لا تفعل شيأ بان تغرى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها فابرز لى وابرز لك فأينا أصاب صاحبه انصرف اليه جنده فارسل اليه ارياط ان قد أنصفت فاخرج فخرج اليه ابرهة وكنيته ابو يكسون وكان رجلا قصير الجثمان لحيما ذا دين فى النصرانية وخرج اليه ارياط وكان رجلا طويلا عظيما وفى يده حربة وخلف ابرهة غلام يقال له عتودة يمنع ظهره فرفع ارياط الحربة فضرب ابرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة ابرهة فشرمت حاجبه وانفه وعينه وشفتيه اى شقت وقطعت وخدشت فبذلك سمى ابرهة الاشرم وحمل عتودة على ارياط من خلف ابرهة فقتله وانصرف جند ارياط الى ابرهة فاجتمعت عليه الحبشة فى اليمن بلا منازع وكان ما صنع ابرهة من غير علم النجاشي فلما بلغة ذلك غضب غضبا شديدا فقال عدا على أميري فقتله بغير امرى ثم حلف لا يدع ابرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فلما بلغ هذا الخبر ابرهة حلق رأسه وملأ جرابا ترابا من تراب اليمن ثم بعث به الى النجاشي مع هدايا جليلة كثيرة وكتب اليه ايها الملك انما كان ارياط عبدك وانا عبدك فاختلفنا فى أمرك وكل طاعة لك الا انى كنت أقوى على امر الحبشة واضبط له وأسوس منه وقد حلقت رأسى حين بلغني قسم الملك وبعثت اليه بجراب تراب من ارضى ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه فى فلما وصل كتاب ابرهة الى النجاشي لان ورضى عنه وكتب اليه ان اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك امرى فأقام ابرهة باليمن ثم انه رأى الناس يتجهزون ايام الموسم الى مكة لحج بيت الله الحرام فتحرك منه عرق الحسد فبنى بصنعاء كنيسة من رخام ملون وفى بعض التفاسير ودر وديوار آنرا بزر وجواهر مرصع ومزين گردانيد. وفى انسان العيون واجتهد فى زخرفتها فجعل فيها الرخام المجزع والحجارة المنقوشة بالذهب وكان ينقل ذلك من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام وجعل فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج والابنوس وسماها القليس كجميز لارتفاع بنائها وعلوها ومنها القلانيس لانها فى أعلى الرأس وأراد ان يصرف إليها الحاج وفى كشف الاسرار چون رسول أبرهة با آن هديها پيش ملك نجاشى رسيد وآن پيغام بداد ملك ازو خشنود شد وولايت يمن جمله بدو ارزانى داشت وبوى تسليم كرد چون آن رسول بنزديك أبرهة بازآمد أبرهة شاد شد وبشكر انكه ملك ازو خشنود كشت وزراء وعقلاء مملكت خويش جمع كرد وايشانرا كفت مرا راهى سازيد بعملي كه ملك را خوش آيد واو

را در ان عزى وجمالى بود تا آنرا شكر نعمت عفو او سازم ايشان همه متفق شدند كه عرب را خانه ايست معظم ومقدس وشرف جمله عرب بدان خانه است ومردمان شرق وغرب روى بدان خانه دارند وآن خانه از سنك است تو در صنعاء يمن كنيسه بساز بر نام ملك وبردين ترسايى كه دين نجاشى است وأساس آن از زر وسيم وألوان جواهر كن وكسى فرست باطراف زمين وديار عرب وايشانرا بخوان وبزر وسيم وتحفها وهديها ايشانرا رغبتى كن تا عالميان روى بدان كنيسه نهند وآنجا طواف كنند وملك عزى وجمالى باشد أبرهة همچنان كرد كه ايشان كفتند وآن كنيسه بدان صفت بساخت واز بهر طمع مال وزر وسيم خلقى روى بدان كنيسه نهادند وهر كه آنجا رفتى با هديه وتحفه باز كشتى. وكتب ابرهة الى النجاشي ايها الملك انى بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك قبلك ولست ارضى حتى اصرف إليها حاج العرب فلما تحدث العرب بكتاب ابرهة ذلك الى النجاشي غضب رجل من بنى كنانة حتى اتى القليس (وفى كشف الاسرار) وخبر در أطراف افتاد كه از حج وزيارت وطواف كه در مكه وخانه عرب بود بايمن افتاد ودر ان وقت رئيس مكه عبد المطلب بود مردى از عرب از ساكنان مكه نام وى زهير بن بدر از عبد المطلب درخواست وسوكند خورد كه من بروم ودر خانه ايشان حدث كنم بر خواست وآنجا شد و چند روز آنجا عبادت كرد رتبه مجاورت يافت شبى كفت من ميخواهم كه اينجا امشب عبادت كنم كه مرا سخت نيكو وخوش آمده است اين بقعه او را آن شب آنجا تنها بگذاشتند ودر ان خانه مسك وعنبر فراوان بودر پيوسته بوى خوش از ان ميد ميد زهير آنجا حدث كرد وهمه ديوار ومحراب بنجاست بيالود آنكه آهنك بيرون كرد وبكر بخت اين خبر در آفاق وأقطار منتشر كشت ومردم از طواف آن متنفر أبرهة ازين حال آگاه شد ومتأثر كشت دانست كه اين مرد از مكه بود واز مجاوران كعبه سوكند خورد كه من بالشكر وحشم بروم وآن خانه ايشان خراب كنم وبا زمين برابر حتى لا يحجه حاج ابدا. وفى حواشى ابن الشيخ كان اصل مقصوده من هدم البيت ان يصرف الشرف الحاصل لهم بسبب الكعبة منهم ومن بلدتهم الى نفسه والى بلدته. ورسولى فرستاد بحبشه وملك را خبر كرد از آنچهـ زهير كرداند ران كنيسه واز رفتن خويش سوى مكه وخراب كردن كعبه. فخرج بالحبشة وكفته اند نجاشى پيلان بسيار فرستاد ولشكر وحشم. وقال السجاوندى اغتم النجاشي لذلك وعزاه ابرهة وحجر من قواده وابو يكسوم وزيره وقال لا تحزن ان لهم كعبة هى فخرهم فننسف أبنيتها وتبيح دماءها وننتهب أموالها فخرج أبرهة بجند كثير وجم غفير ومعه فيل ابيض اللون وهو فيل النجاشي بعثه اليه بسؤاله وكان فيلا لم ير مثله عظما وجسما وقوة يعنى بعظمت جثه مشابه كوه بود بهيكل قوى راست چون كوه قاف ... چوشير غرين چاپك اندر مصاف ومن شأن الفيل المقاتلة ولذلك كان فى مربط ملك الصين ألف فيل ابيض وهو مع عظم

صورته ضعيف يخاف من السنور ويفزع منه وكان دليلهم كبير ثقيف وهو ابو رغال رجم العرب قبره حين مات كما فى كتاب التعريف والاعلام للامام السهيلي رحمه الله وفى كشف الاسرار ابو رغال در راه هلاك شد وگور وى معروفست براه يمن حاج يمن چون آنجا رسند بآن كور وى سنك اندازند. حتى صار كالجبل العظيم وفى ذلك يقول جرير فى الفرزدق الشاعر إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر ابى رغال وفى القاموس ابو رغال ككتاب فى سنن ابى داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر رضى الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجنا معه الى الطائف فمررنا بقبر فقال هذا قبر ابى رغال وهو ابو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه الحديث وقول الجوهري كان دليلا للحبشة حين توجهوا الى مكة فمات فى الطريق غير جيد وكذا قول ابن سيدة كان عبد الشعيب وكان عشارا جائرا انتهى كلامه. أبرهة چون باطراف حرم رسد بيرون حرم نزول كرد. وبعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود حتى انتهى الى مكة فساق اليه اموال تهامة يعنى هر چهـ در حوالئ شهر مكه شتر بود وكوسفند غارت كرد ودر جمله دويست سر شتر از ان عبد المطلب كه بوقف حاج كرده بود بغارت بردند. وقال بعضهم فلما بلغ المغمس وهو كمعظم ومحدث موضع بطريق الطائف فيه قبر ابى رغال دليل أبرهة ويرجم كما فى القاموس اى على ما اشتهر والا ناقض كلامه السابق خرج اليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث اموال تهامة ليرجع فأبى وفى شرح البردة للمرزوقى لما نزل المغمس بعث حناطة الحميرى الى مكة وقال له سل عن سيد هذا البلد وشريفهم وقل له ان الملك يقول اننى لم آت لحربكم انما جئت لهدم هذا البيت فان لم تتعرضوا دونه لحرب فلا حاجة لى بدمائكم فان هو لم يرد حربى فائتنى به وفى كشف الاسرار أبرهة چون آنجا نزول كرد هيبت خانه كعبه در دل وى اثر كرد واز ان قصد كه داشت پشيمان كشت ودر دل خود ميخواست كه كسى در حق خانه شفاعت كند تا باز كردد وبفرمود كه رئيس مكه را بياريد ورئيس مكه آنگاه عبد المطلب بود با جمعى بنى هاشم بنزديك أبرهة آمد وآن مرد كه فرستاده بود پيش از رسيدن عبد المطلب در پيش أبرهة شد. وقال المرزوقي رحمه الله استأذن لعبد المطلب بعض وزرائه يقال له أنيس سائس الفيل وكفث قد جاءك سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس فى السهل والوحوش فى رؤوس الجبال حقا مردى مى آيد بحضرت تو كه بدرستى وراستى سيد قريش است مردى كريم طبع نيكو روى با سيادت وبا سخاوت وبا هيبت وانكه از وى نور همى تابد كه منظر وى بترسانيد يعنى نور مصطفى عليه السلام از پيشانى وى همى تافت أبرهة خويشتن را بزى نيكو بياراست وبر تخت نشست وعبدا المطلب را اجازت دار چون درآمد نخواست كه او را با خود بر تخت نشاند يعنى كره ان تراه الحبشة يجلس على سرير ملكه از تخت بزير آمد وبا عبد المطلب به پايان تخت بنشست واو را إجلال كرد ونيكو بنواخت سخنان وى او را خواش آمد

وبا خود كفت اگر در حق خانه شفاعت كند او را نوميد نكنم پس ترجمانرا كفت تا حاجتى كه دارد بخواهد عبد المطلب كفت حاجت من اينست كه دويست شتر از آن من بياورده اند وكانت ترعى بذي المجاز بفرماى تا باز دهند أبرهة را از ان انده آمد ترجمان را كفت بپرس از وى تا چرا از بهر خانه كعبه حاجت نخواست خانه كه شرف وعز شما بآنست وسبب عصمت وحرمت شما آنست در قديم دهر ومن آمده ام تا آنرا خراب كنم مى نخواهى اين اشتران را چهـ خطر باشد كه ميخواهى قال عبد المطلب انا رب الإبل وللبيت رب يحفظه كما حفظه من تبع وسيف بن ذى يزن وكسرى أبرهة ازين سخن در خشم شد وكفت ردوا عليه بعرانه لينظر من يحفظ البيت منى عبد المطلب بازگشت وميكانرا فرمود هر چهـ داشتند از مال ومتاع بر كرفتند وبا كوه شدند ومكه خالى كردند اى تخوفا من معرة الجيش فجهز ابرهة جيشة وقدم الفيل الأعظم المذكور فكان كلما وجهوه الى الحرم برك ولم يبرح كما بركت القصواء فى الحديبية حتى قال عليه السلام حبسها حابس الفيل ومعنى بروك الفيل سقوطه على الأرض لما جاءه من امر الله او لزوم موضعه كالذى برك والا فالفيل لا يبرك كما قال عبد اللطيف البغدادي الفيلة تحمل سبع سنين وإذا تم حملها وأرادت الوضع دخلت النهر حتى تضع ولدها لانها تلد وهى قائمة ولا فواصل لقوائمها فتلد والذكر عند ذلك يحرسها وولدها من الحيتان انتهى وقال بعضهم الفيل صنفان صنف لا يبرك وصنف يبرك كالجمل انتهى وإذا وجوه الى اليمن او الى غيره من الجهات هرول والهرولة كالد حرجة ما بين المشي والعدو وامر ابرهة ان يسقى الفيل الخمر ليذهب تمييزه فسقوه فثبت على امره. وكفته اند نفيل ابن حبيب الخثعمي كوش آن فيل كرفت وكفت ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت فانك فى بلد الله الحرام چون اين سخن بكوش پيل فرو كفت باز كشت و پاى در حرم نهاد ونفيل هذا قاتل ابرهة بأرض خثعم وهو جبل وأهله خثعميون وأبو قبيلة فهزمه ابرهة فاخذ أسيرا فلما اتى به وهم ابرهة بقتله قال ايها الملك لا تقتلنى فانى دليلك بأرض العرب فخلى سبيله وخرج به معه يدله على ارض العرب حتى إذا مر بالطائف رأى اهله ان لا طاقة لهم به فانقادوا له وبعثوا معه بأبى رغال فانزلهم بالمغمس وهو على ستة أميال من مكة ومات ابو رغال هناك وقبره المرجوم فيه كما فى بعض التفاسير قال المرزوقي رأى العرب جهاد أبرهة حقا عليهم فكانوا يجتمعون لقتاله فى الطريق قبائل قبائل فهزمهم ابرهة ومن جملة من هزمهم واسرهم نفيل بن حبيب اخذه وما قتله ليكون دليلا له وأخذ عبد المطلب بحلقة البيت ودعا وقال (لاهم ان المرء يحمى رحله فامنع حلالك) (لا يغلبن صليبهم. ومحالهم غدوا محالك) وذلك انهم كانوا نصارى أهل صليب ولاهم أصله اللهم فان العرب تحذف الالف واللام وتكتفى بما يبقى والحلال بكسر الحاء المهملة جمع حلة وهى البيوت المجتمعة والمحال بكسر الميم الشدة والقوة والغدو بالغين المعجمة اصل الغد وهو اليوم الذي يأتى بعد يومك الذي أنت فيه فالتفت وهو يدعو فاذا بطير فقال والله انها لطير غريبة لا نجدية ولا تهامية ولا حجازية وان لها لشأنا وفى حواشى

ابن الشيخ كان عبد المطلب وابو مسعود الثقفي يشاهدان من فوق الجبل عسكر ابرهة فأرسل الله طيرا سودا صفر المناقير خضر الأعناق طوالها او حضرا او بيضا او بلقا او حماما كما سئل من ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن الطير فقال حمام مكة منها وقد يقال ان هذا اشتباه لان الذي قيل فيه انه من نسل الأبابيل انما هو شىء يشبه الزرازير يكون بباب ابراهيم من الحرم وإلا فحمام الحرم من نسل الحمام الذي عشش على فم الغار والزرازير جمع زرزور بضم الزاى طائر صغير من نوع العصفور سمى بذلك لزرزرته اى لصوته وعن عائشة رضى الله عنها كانت تلك الطير الأبابيل أشباه الخطاطيف والوطاويط وقد نشأت فى شاطئ البحر ولها خراطيم الطير واكف الكلاب وأنيابها وقال ابن جبير لم ير مثلها لا قبلها ولا بعدها وقال عكرمة هى عنقاء مغرب وفى الخبر انها طير بين السماء والأرض تعيش وتفرخ وقيل من طير السماء قيل جاءت عشية ثم صبحتهم مع كل طائر حجر فى منقاره وحجران فى رجليه اكبر من العدسة وأصغر من الخمصة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه رأى منها عند أم هانى نحو قفيز مخطط بحمرة كالجزع الظفاري وظفار كقطام بلد باليمن قرب صنعاء ينسب اليه الجزع وأرسلت ريح فزادتها؟؟؟ فكان الحجر يقع على رأس كل واحد منهم فيخرج من أسفله وينفذ من الفيل ومن بيضهم فيخرق الأرض وعلى كل حجر اسم من يقع عليه قال القاشاني والهام الوحوش والطيور أقرب من الهام الإنسان لكن نفوسهم ساذجة وتأثير الأحجار بخاصية او دعها الله تعالى فيها ليس بمستنكر ومن اطلع على عالم القدرة وكشف له حجاب الحكمة عرف لمية أمثال هذه وقد وقع فى زماننا مثلها فى استيلاء الفأر على مدينة ابى يوزد وإفساد زروعهم ورجوعها فى البرية الى شط جيحون وأخذ كل واحدة منها خشبة من الأيك التي على شط النهر وركوبها عليها وعبورها من النهر فهى لا تقبل التأويل كأحوال القيامة وأمثالها انتهى وعن عكرمة كل من أصابته الحجارة جدرته وفى الخيران أول ما وقعت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام ففروا وهلكوا فى كل طريق ومنهل قال بعضهم فلم تصب منهم أحدا الا هلك وليس كلهم أصيب كما قال فى انسان العيون ثم ركب عبد المطلب لما استبطأ مجيئ القوم الى مكة ينظر ما الخبر فوجدهم قد هلكوا اى غالبهم وذهب غالب من بقي فاحتمل ما شاء الله من صفراء وبيضاء. ثم اعلم اهل مكة بهلاك القوم فخرجوا فانتهبوا انتهى يعنى والذي سلم منهم ولى هاربا مع ابرهة الى اليمن يبتدر الطريق وصاروا يتساقطون بكل منهل. وقال الكاشفى و پيك نفس قوم أبرهة مستأصل شدند وآن پيلان نيز همه هلاك كشتند. وقال بعضهم ولم يسلم الا كندى فقال أكندة لو رأيت ولو ترينا ... بجنب ريا المغمس ما ألقينا حسبنا الله ان قدبث طيرا ... وظل سحابة تهمى علينا وأخذ ابرهة داء أسقط أنامله وأعضاءه ووصل الى صنعاء كذلك وهو مثل فرخ الطير

ومامات حتى انصدع صدره عن قلبه فملك اليمن ابنه يكسوم بن ابرهة وانفلت وزيره ابو يكسوم وطائر يتحلق فوقه حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه فارى الله النجاشي كيف كان هلاك أصحابه وقال بعضهم همه هلاك شدند مكر أبرهة كه مرغ بر سروى ايستاد واز مكه بيرون شد روى بحبشة نهاد وآن مرغ بر هوا بر سر وى همى بود واو نمى دانست تا در پيش نجاشى شد چون أبرهة صورت حال بعرض نجاشى رسانيد نجاشى از روى تعجب پرسيد كه چگونه مرغان بودند كه چندين مبارزانرا هلاك كردند أبرهة را درين حال نظر بران مرغ افتاد كفت اى ملك يكى أذان مرغان اينست همان لحظه آن مرغ سنكى كه داشت بنام وى بر سرش افكند وهم در نظر نجاشى هلاك شد وازين صورت آيت عبرتى بر صحيفه دل نجاشى منقش كشت. نوشت خامه تقدير بر جريده دهر ... خطى كه فاعتبروا يا اولى الابصار وعن عائشة رضى الله عنها رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان الناس ويعلم من ذلك انهما من جملة من سلم من قوم ابرهة ولم يذهبا بل بقيا بمكة كما فى انسان العيون وفى حواشى ابن الشيخ كان عبد المطلب وابو مسعود الثقفي يشاهدان من فوق الجبل عسكر ابرهة حين رماهم الطير بالحجارة فهلكوا فقال عبد المطلب لصاحبه صار القوم بحيث لا يسمع لهم ركز اى حس فانحطا من الجبل فدخلا المعسكر فاذاهم موتى فجمعا من الذهب والجواهر وحفر كل منهما لنفسه حفرة وملأها من المال وكان ذلك سبب غناهما وفى كلام سبط ابن الجوزي وسبب غنى عثمان بن عفان ان أباه عفان وعبد المطلب وأبا مسعود الثقفي لما هلك ابرهة وقومه كانوا أول من نزل مخيم الحبسة فأخذوا من اموال ابرهة وأصحابه شيأ كثيرا ودفنوه عن قريش فكانوا اغنياء قريش وأكثرهم مالا ولما مات عفان ورثه عثمان رضى الله عنه ثم انه يرد على ما ذكران الحجاج خرب مكة بضرب المنجنيق فلم يصبه شىء ولم يستعجل عذابه ويجاب بأن الحجاج لم يجيئ لهدم الكعبة ولا لتخريبها ولم يقصد ذلك وانما قصد التضييق على عبد الله بن الزبير رضى الله عنه ليسلم نفسه وفيه انه قد يشكل كونه حرما آمنا وجاء فى حق الحجاج ان عليه نصف عذاب العالم ويرد عليه ايضا قصة القرامطة وهى ان أبا سعيد كبير القرامطة وهم طائفة ملاحدة ظهروا بالكوفة سنة سبعين ومائتين يزعمون ان لا غسل من جنابة وحل الخمر وانه لا صوم فى السنة الا يومى النيروز والمهرجان ويزيدون فى آذانهم وان محمد بن الخنفية رسول الله وان الحج والعمرة الى بيت المقدس وافتتن بهم جماعة من الجهال واهل البراري وقويت شوكتهم حتى انقطع الحج من بغداد بسببه وسبب ولده ابى طاهر فان ولده أبا طاهر بنى دارا فى الكوفة وسماها دار الهجرة وكثر فساده واستيلاؤه على البلاد وقتله المسلمين وتمكنت هيبته من القلوب وكثرت اتباعه وذهب اليه جيش الخليفة المقتدر بالله السادس عشر من خلفاء بنى العباس غير ما مرة وهو يهزمهم ثم ان المقتدر سير ركب الحاج الى مكة فوافاهم ابو طاهر يوم التروية فقتل الحجيج بالمسجد الحرام وفى جوف الكعبة قتلا ذريعا والقى

[سورة الفيل (105) : الآيات 2 إلى 4]

القتلى فى بئر زمزم وضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه واخذه معه وقلع باب الكعبة ونزع كسوتها وسقفها وقسمه بين أصحابه وهدم قبة زمزم وارتحل عن مكة بعد ان اقام بها أحد عشر يوما ومعه الحجر الأسود وبقي عند القرامطة اكثر من عشرين سنة وكان الناس يضعون أيديهم محله للتبرك ودفع لهم فيه خمسون ألف دينار فأبوا حتى أعيد الى موضعه فى خلافة المطيع لامر الله وهو الرابع والعشرون من خلفاء بنى العباس بعد اشترائه منهم وجعل له طوق فضة شد به رنته ثلاثة آلاف وسبعمائة وتسعون درهما ونصف قال بعضهم تأملت الحجر وهو مقلوع فاذا السواد فى رأسه فقط وسائره ابيض وطوله قدر عظم الذراع وبعد القرامطة فى سنة ثلاث عشرة واربعمائة قام رجل من الملاحدة وضرب الحجر الأسود ثلاث ضربات بدبوس فتشقق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظيات مثل الأظفار وخرج بكسره فتات أسمر يضرب الى الصفرة محببا مثل حب الخشخاش فجمع بنوا شيبة ذلك الفتات وعجنوه بالمسك واللك وحشوه فى تلك الشقوق وطلوه بطلاء من ذلك. يقول الفقير لعل الجواب عن مثل هذا ان الاستئصال وما يقرب منه مرفوع عن هذه الامة واكثر ما كان من خوارق العادات كان فى ايام الأمم السالفة وليست الكعبة بأفضل من الإنسان الكامل وقد جرت عادة الله على التسامح عن بعض من يعاديه بل يقتله وان كان اشتد غضبه عليه فهو يمهل ولا يهمل ولعتة الله على الظالمين أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ الهمزة للتقرير وضال كيده إذا جعله ضالا ضائعا ونحوه قوله تعالى وما كيد الكافرين الا فى ضلال وضل الماء فى اللبن إذا ذهب وغاب والمعنى قد جعل مكرهم وحيلتهم فى تعطيل الكعبة عن الزوار وتخريبها فى تضييع وابطال بان اهلكهم اشنع إهلاك وجزاهم بعد إهلاكهم بمثل ما قصدوا حيث خرب كنيستهم قال فى انسان العيون لما أهلك صاحب الفيل وقومه عزت قريش وهابتهم الناس كلهم وقالوا هم اهل الله لان الله معهم ومزقت الحبشة كل ممزق وخرب ما حول تلك الكنيسة التي بناها ابرهة فلم يعمرها أحد وكثرت حولها السباع والحيات ومردة الجن وكل من أراد أن يأخذ منها شيا أصابته الجن واستمرت كذلك الى زمن السفاح الذي هو أول خلفاء بنى العباس فذكر له أمرها فبعث إليها عامله الذي باليمن فخربها وأخذ خشبها المرصع بالذهب والآلات المفضضة التي تساوى قناطير من الذهب فحصل له منها مال عظيم وحينئذ عفا رسمها وانقطع خبرها واندرست آثارها وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً عطف على قوله ألم يجعل لان الهمزة فيه لانكار النفي كما سبق أَبابِيلَ صفة طيرا اى جماعات لانها كانت أفواجا فوجا بعد فوج متتابعة بعضها على اثر بعض أو من هاهنا وهاهنا جمع ابالة وهى الحزمة الكبيرة بالفارسية دسته بزرك از حطب. شبهت بها الجماعة من الطير فى تضامها وقيل أبابيل مفرد كعباديد ومعناه الفرق من الناس الذاهبون فى كل وجه وكشماطيط ومعناه القطع المتفرقة وفيه انها لو كانت مفردات لا شكل قول النحاة ان هذا الوزن من الجمع يمنع صرفه لانه لا يوجد فى المفردات تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ صفة اخرى لطيرا وقرأ

[سورة الفيل (105) : آية 5]

ابو حنيفة رحمه الله يرميهم اى الله او الطير لانه اسم جمع تأنيثه باعتبار المعنى والحجارة جمع حجر بالتحريك بمعنى الصخرة والمعنى بالفارسية مى افكندند بدان لشكر بسنكها. يقال رمى الشيء وبه ألقاه مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر وهو الآجر معرب. سنك گل. وقال بعضهم متحجر من هذين الجنسين وهما سنج الذي هو الحجر وجيل الذي هو الطين او هو علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما ان سجينا علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما ان سجينا علم للديوان الذي تكتب فيه أعمالهم كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون واشتقاقه من الاسجال وهو الإرسال فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ كورق زرع وقع فيه الاكال وهو أن يأكله الدود وسمى ورق الزرع بالعصف لان شأنه ان يقطع فتعصفه الرياح اى تذهب به الى هنا وهنا شبههم به فى فنائهم وذهابهم بالكلية او من حيث انه حدثت فيهم بسبب رميهم منافذ وشقوق كالزرع الذي أكله الدود ويجوز أن يكون المعنى كورق زرع أكل حبه فبقى صفرا منه فيكون من حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اى كعصف مأكول الحب شبههم بزرع أكل حبه فى ذهاب أرواحهم وبقاء أجسادهم او كتبن أكلته الدواب وألقته روثا فيبس وتفرقت اجزاؤه شبه تقطع أوصالهم بتفرق اجزاء الروث وفيه تشويه لحالهم ومبالغة حسنة وهو أنه لم يكتف بجعلهم أهون شىء فى الزرع وهو التبن الذي لا يجدى طائلا حتى جعلهم رجيعا الا انه عبر عن الرجيع بالمأكول او أشير اليه بأول حاله على طريق الكناية مراعاة لحسن الأدب واستهجانا لذكر الروث كما كنى بالأكل فى قوله تعالى كانا يأكلان الطعام عما يلزم الاكل من التبول والتغوط لذلك فدأب القرءان هو العدول عن الظاهر فى مثل هذا المقام قال بعض العارفين من كان اعتماده على غير الله أهلكه الله بأضعف خلقه الا ترى ان اصحاب الفيل لما اعتمدوا على الفيل من حيث انه أقوى خلق الله اهلكهم الله بأضعف خلق من خلقه وهو الطير. وكفته اند اگر پيل نتوانى بود بارى از پشه كم مباش كه بر صورت پيل است پشه كويد كه اگر من بقوت پيل نيستم كه بارى كشم بارى بصورت پيلم كه بار خويش بر كس نيفكم. وفيه اشارة الى ابرهة النفس المتصفة بصفة الغضب والحقد المجبولة على خلقة الفيل كالسبعية فى السبع والكبر فى النمر فارسل الله عليها طير الأرواح حاملين أحجار الاذكار والأوراد فأكلتها أكل الاكلة وعصفت مزروعاتهم السيئة وبطل قليس طبيعتها الجسمانية التي كانت تدعو القوى إليها لان هذه الدعوة كانت بتزيين الشيطان فلا تقاوم دعوة الروح الى كعبة القلب التي كانت من الرحمن هر كه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب قوله مأكول يوقف عليه ثم يكبر ولا يوصل حذرا من الإيهام تمت سورة الفيل فى يوم الخميس سابع جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة الإيلاف

تفسير سورة الإيلاف اربع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم لِإِيلافِ قُرَيْشٍ متعلق بقوله تعالى فليعبدوا وهو قول الزجاج والفاء لما فى الكلام من معنى الشرط إذ المعنى ان نعم الله عليهم غير محصورة فان لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الجليلة فالايلاف تعدية الألف مصدر من المبنى للمفعول مضاف الى مفعوله الاول مطلقا عن المفعول الثاني الذي هو الرحلة كما قيد به فى الإيلاف الثاني يقال الفت الشيء بالقصر وآلفته بالمد بمعنى لزمته ودمت عليه وما تركته فيكون كل من الألف والإيلاف لازما ويقال ايضا آلفته غيرى بالمد اى ألزمته إياه وجعلته يألفه فيكون متعديا قال فى تاج المصادر الإيلاف الف دادن والف كرفتن. وضد الإيلاف والإيناس هو الايحاش وقيل متعلق بما قبله من قوله فجعلهم كعصف مأكول ويؤيده انهما فى مصحف ابى رضى الله عنه سورة واحدة بلا فصل فيكون الإيلاف بمعنى الالف اللازم فالمعنى أهلك الله من قصدهم من الحبشة لان يألفوا هاتين الرحلتين ويجمعوا بينهما ويلزموا إياهما ويثبتوا عليهما متصلالا منقطعا بحيث إذ فرغوا من ذه أخذوا فى ذه وبالعكس وذلك لان الناس إذا تسامعوا بذلك الإهلاك تهببوا لهم زيادة تهبب واحترموهم فضل احترام فلا يجترئ عليهم أحد فينتظم لهم الا من فى رحلتيهم وكان لقريش رحلتان يرحلون فى الشتاء الى اليمن وفى الصيف الى الشام فيمتارون ويتجرون وكانوا فى رحلتيهم آمنين لانهم أهل حرم الله وولاة بيته العزيز فلا يتعرض لهم والناس بين متخطف ومنهوب وذلك ان قريشا إذا أصاب واحدا منهم مخمصة خرج هو وعياله الى موضع وضربوا على أنفسهم خباء حتى يموتوا وكانوا على ذلك الى ان جاء هاشم بن عبد مناف وكان سيد قومه فقام خطيبا فى قريش فقال انكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتذلون وأنتم أهل حرم الله واشرف ولد آدم والناس لكم تبع قالوا نحن تبع لك فليس عليك منا خلاف فجمع كل بنى اب على الرحلتين فى الشتاء الى اليمن وفى الصيف الى الشام لان بلاد اليمن حامية حارة وبلاد الشام مرتفعة باردة ليتجروا فيما بدا لهم من التجارات فما ربح الغنى قسم بينه وبين فقرائهم حتى كان فقيرهم كغنيهم فجاء الإسلام وهم على ذلك فلم يكن فى العرب بنوا اب اكثر مالا ولا أعز من قريش وكان هاشم أول من حمل السمراء من الشام وقريش ولد النضر بن كنانة ومن لم يلده فليس بقرشي سموا بتصغير القرش وهو دابة عظيمة فى البحر تعبث بالسفن وتقلبها وتضربها فتكسرها ولا تطاق الا بالنار فشبهوا بها لانها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى والتصغير للتعظيم فكانه قيل قريش عظيم وقال بعضهم الاوجه ان التصغير على حقيقته لانه إذا كان القرش دابة عظيمة والقرش مع صغر حجمه جعل قرشا فهو لا محالة قريش وفيه ان جعل قريش قريشا لم يكن لمناسبة الحجم بل كان لوصف الآكلية وعدم المأكولية ووصف الغلبة وعدم المغلوبية وهذان الوصفان يوجد ان فى تلك الدابة على وجه الكمال

[سورة قريش (106) : الآيات 2 إلى 4]

فلا معنى للتصغير الا التعظيم قال الزمخشري سمعت بعض التجار بمكة ونحن قعود عند باب بنى شيبة يصف لى القرش فقال هو مدور الخلقة كما بين مقامنا هذا الى الكعبة ومن شأنه ان يتعرض للسفن الكبار فلا يرده شىء الا ان يأخذ أهلها المشاعل فيمر على وجهه كالبرق وكل شىء عنده قليل الى النار وبه سميت قريش قال الشاعر وقريش هى التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا تأكل الغث والسمين ولا ... تترك فيه لذى جناحين ريشا هكذا فى البلاد حتى قريش ... يأكلون البلاد أكلا كميشا ولهم آخر الزمان نبى ... يكثر القتل فيهموا والخموشا الخموش الخدوش وأكلا كميشا اى سريعا وفى القاموس قرشه يقرشه ويقرشه قطعه وجمعه من هاهنا وهاهنا وضم بعضه الى بعض ومنه قريش لتجمعهم الى الحرم أو لأنهم كانوا يتقرشون البيعات فيشترونها أو لأن النضر ابن كنانة اجتمع فى ثوبه يوما فقالوا تقرش أو لأنه جاء الى قومه فقالوا كأنه جمل قريش اى شديد أو لأن قصيا كان يقال له القريشي أو لأنهم كانوا يفتشون الحاج فيسدون خلتها او سميت بمصغر القرش وهو دابة بحرية يخافها دواب البحر كلها او سميت بقريش بن يخلد بن غالب بن فهر وكان صاحب غيرهم فكانوا يقولون قدمت عير قريش وخرجت عير قريش والنسبة قرشى وقريشى انتهى إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ بدل من الاول ورحلة مفعول به لايلافهم وهى بالكسر الارتحال وبالضم الجهة التي يرحل إليها واصل الرحلة السير على الراحلة وهى الناقة القوية ثم استعمل فى كل سير وارتحال وافرادها مع انه أراد رحلتى الشتاء والصيف لأمن الإلباس مع تناول اسم الجنس للواحد والكثير وفى اطلاق الإيلاف عن المفعول اولا ثم ابدال المقيد منه تفخيم لامره وتذكير لعظيم النعمة فيه والشتاء الفصل المقابل للصيف وفى القاموس الشتاء أحد أرباع الازمنة والموضع المشتى والصيف القيظ او بعد الربيع والقيظ صميم الصيف من طلوع الثريا الى طلوع سهيل فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيرانه وسكان حرمه وقيل بدعوة إبراهيم عليه السلام يجيى اليه ثمرات كل شىء مِنْ جُوعٍ شديد كانوا فيه قبلهما وكان الجوع يصيبهم الى ان جمعهم عمرو العلى وهو هاشم المذكور على الرحلتين قال ابو حيان من هاهنا للتعليل اى لاجل الجوع وقال سعدى المفتى الجوع لا يجامع الإطعام والظاهر انها للبدلية. يقول الفقير الظاهر ان مآل المعنى نجاهم من الجوع بسبب الإطعام والترزيق وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ عظيم لا يقادر قدره وهو خوف اصحاب الفيل او خوف التخطف فى بلدهم ومسايرهم وقال صاحب الكشاف الفرق بين عن ومن ان عن يقتضى حصول جوع قد زال بالاطعام ومن يقتضى المنع من لحاق الجوع والمعنى أطعمهم فلم يلحقهم جوع وآمنهم فلم يلحقهم خوف فيكون من لابتداء الغاية والمعنى أطعمهم فى بدء جوعهم قبل

تفسير سورة الماعون

لحاقه إياهم وآمنهم فى بدء خوفهم قبل اللحاق ومن بدع التفاسير وآمنهم من خوف من ان تكون الخلافة فى غيرهم كما فى الكشاف وعن أم هانئ بنت ابى طالب رضى الله عنها قالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل قريشا اى ذكر تفضيلهم بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أحد بعدهم النبوة فيهم والخلافة فيهم والحجابة للبيت فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الفيل اى على أصحابه وعبدوا الله سبع سنين وفى لفظ عشر سنين لم يعبده أحد غيرهم ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لايلاف قريش وتسمة لايلاف قريش سورة يرد ما قيل ان سورة الفيل ولايلاف قريش سورة واحدة فلينظر ما معنى عبادتهم لله دون غيرهم فى تلك المدة. يقول الفقير أشار بقريش الى النفس المشركة وقواها الظالمة الخاطئة الساكنة فى البلد الإنساني الذي هو مكة الوجود وبالشتاء الى القهر والجلال وبالصيف الى اللطف والجمال واعنى بالقهر والجلال العجز والضعف لان المقهور عاجز ضعيف وباللطف والجمال القدرة والقوة لان الملطوف به صاحب التمكين فاما عجز النفس وضعفها فعند عدم مساعدة هواها واما قوتها وقدرتها فعند وجود المساعدة فهى وصفاتها ترتحل عند العجز والضعف الى بمن المعقولات لانها فى جانب يمين القلب وعند القوة والقدرة ترتحل الى شأم المحسوسات لانها فى جانب شمال القلب الذي يلى الصدر فهى تتقلب بين نعم المعقولات ونعم المحسوسا ولا تشكرها بأن تقر بوحدة الوجود ورسالة رسول القلب كالفلاسفة المتوغلة فى المعقولات والفراعنة المنهمكة فى المحسوسات ولذا قال تعالى فليعبدوا رب هذا البيت اى بيت القلب الذي هو الكعبة الحقيقية لانها مطاف الواردات والإلهامات ومن ضرورة العبادة له الإقرار برسالة رسول الهدى الذي هو القلب فالبيت معظم مشرف مطلقا لاضافة الرب اليه فما ظنك بعظمة الرب وجلاله وهيبته ورب القلب هو الاسم لجامع المحيط بجميع الأسماء والصفات وهو الاسم الأعظم الذي نيط به جميع التأثيرات العقلية والروحانية والعلمية والغيبية أمروا بأن يكونوا تحت هذا الاسم لا تحت الأسماء الجزئية ليتخلصوا من الشرك ويتحققوا بسر وحدة الوجود فان الأسماء الجزئية تعطى التقييد والاسم الكلى يعطى الإطلاق ومن ثمة بعث النبي عليه السلام فى أم البلاد اشارة الى كليته وجمعيته وهذا الرب الجليل المفيض المعطى أزال عنهم جوع العلوم والفيوض وأطعمهم بها وآمنهم من خوف الهلاك من الجوع لان نفس الجاهل كالميت ولا شك ان الاحياء يخافون من الموت هكذا ورد بطريق الإلهام من الله العلام تفسير سورة الماعون سبع او ست آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم أَرَأَيْتَ يا محمد اى هل عرفت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ اى بالجزاء او بالإسلام يعنى آيا ديدى ودانستى آنكس را كه تكذيب ميكند بروز جزا ويا دين الإسلام وباور نميكند. ان لم تعرفه او ان أردت ان تعرفه فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ اى يدفعه دفعا عنيفا ويزجره زجرا

[سورة الماعون (107) : الآيات 3 إلى 5]

قبيحا فهو جواب شرط محذوف على ان ذلك مبتدأ والموصول خبره وهو ابو جهل كان وصيا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه دفعا شنيعا فأيس الصبى فقال له أكابر قريش قل لمحمد يشفع لك وكان غرضهم الاستهزاء به وهو عليه السلام ما كان يرد محتاجا فذهب معه الى ابى جهل فقام ابو جهل وبذل المال لليتيم فعيره قريش وقالوا أصبوت فقال لا والله ما صبوت ولكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة خفت ان لم أجبه يطعنها فى فالذى للعهد ويحتمل الجنس فيكون عاما لكل من كان مكذبا بالدين ومن شأنه اذية الضعيف ودفعه بعنف وخشنونة لاستيلاء النفس السبعية عليه وَلا يَحُضُّ اى لا يحث اهله وغيرهم من الموسرين عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ اى على بذل طعام له يعنى بر طعام دادن درويش ومحتاج ويمنع المعروف عن المستحق لاستيلاء النفس البهيمة ومحبة المال واستحكام رذيلة البخل فانه إذا ترك حث غيره فكيف يفعل هو نفسه فعلم ان كلا من ترك الحث وترك الفعل من امارات التكذيب وفى العدول من الإطعام الى الطعام وإضافته الى المسكين دلالة على ان للمساكين شركة وحقا فى مال الأغنياء وانه انما منع المسكين مما هو حقه وذلك نهاية البخل وقساوة القلب وخساسة الطبع فان قلت قد لا يحض المرء فى كثير من الأحوال ولا يعد ذلك اثما فكيف يذم به قلت اما لان عدم حضه لعدم اعتقاده بالجزاء واما لان ترك الحض كناية عن البخل ومنع المعروف عن المساكين ولا شبهة فى كونه محل الذم والتوبيخ كما ان منع الغير من الإحسان كذلك چون ز كرم سفله بود در كران ... منع كند از كرم ديكران سفله نخواهد دكرى را بكام ... خس نكذارد مكسى را بجام فَوَيْلٌ الفاء لربط ما بعدها بشرط محذوف كأنه قيل إذا كان ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين من دلائل التكذيب بالدين وموجبات الذم والتوبيخ فويل اى شدة العذاب لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما ان لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا والثاني ان يكون منه مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد الى فعله فالاول معفو عنه والثاني مأخوذ به ومنه ما ذم الله فى الآية والمعنى ساهون عن صلاتهم سهو ترك لها وقلة التفات إليها وعدم مبالاة بها وذلك فعل المنافقين او الفسقة من المؤمنين وهو معنى عن ولذا قال انس رضى الله عنه الحمد لله على ان لم يقل فى صلاتهم وذلك انه لو قال فى صلاتهم لكان المعنى ان السهو يعتريهم وهم فيها اما بوسوسة شيطان او بحديث نفس وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم والخلوص منه عسير ولما نزلت هذه الآية قال عليه السلام هذه خير لكم من ان يعطى كل واحد منكم مثل جميع الدنيا فان قلت هل صدر عن النبي عليه السلام سهو قلت نعم كما قال (شغلونا عن صلاة العصر) اى يوم الخندق (ملأ الله قلوبهم نارا) وايضا سها عن صلاة الفجر ليلة التعريس وايضا صلى الظهر ركعتين ثم سلم فقال له أبو بكر رضى الله عنه صليت ركعتين

[سورة الماعون (107) : الآيات 6 إلى 7]

فقام وأضاف إليهما ركعتين لكن سهوه عليه السلام فيما ذكر وفى غيره ليس كسهو سائر الخلق وأيهم مثله عليه السلام وهو فى الاستغراق والانجذاب دائما وقد قال تنام عيناى ولا ينام قلبى وفيه اشاره الى السهو عن شهود لطائف الصلاة والغفلة عن اسرارها وعلومها وقرأ ابن مسعود رضى الله عنه لاهون مكان ساهون فعلى العاقل ان تفوته الصلاة التي هى من باب المعراج والمناجاة ولا يعبث فيها باللحية والثياب ولا يكثر والتثاؤب والالتفات ونحوهما ومن المصلين من لا يدرى عن كم انصرف ولا ما قرأ من السورة الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ اى يرون الناس أعمالهم ليروهم الثناء عليها فان قلت فحينئذ يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لان الثناء لا يتعلق به الرؤية البصرية قلت هو محمول على عموم المجاز او على جعل الإراءة من الرؤية بمعنى المعرفة قال فى الكشاف والعمل الصالح ان كان فريضة فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها لقوله عليه السلام ولا غمة فى فرآئض الله لانها اعلام الإسلام وشعائر الدين ولان تاركها يستحق الذم والمقت فوجب اماطة التهمة بالإظهار وان كان تطوعا فحقه ان يخفى لانه مما لا يلام بتركه ولا تهمة فيه وان أظهره قاصدا للاقتدآء فيه كان جميلا وانما الرياء ان يقصد ان تراه الأعين فتثنى عليه بالصلاح واجتناب الرياء صعب لانه أخفى من دبيب النملة السوداء فى الليلة المظلمة على المسح الأسود كليد در دوزخست آن نماز ... كه در چشم مردم كزارى دراز والفرق بين المرائى والمنافق ان المنافق يبطن الكفر ويظهر الايمان والمرائى يظهر زيادة الخشوع وآثار الصلاح ليعتقد من يراه انه من أهل الصلاح وحقيقة الرياء طلب ما فى الدنيا بالعبادة وفيه اشارة الى ان من يضيف اعماله وأحواله الى نفسه الظلمانية فهو مرآئ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ من المعن وهو الشيء القليل وسميت الزكاة ماعونا لانه يؤخذ من المال ربع العشر وهو قليل من كثير وقال ابو الليث الماعون بلغة الحبشة المال وفى برهان القرآن قوله الذين هم ثم بعده الذين هم كرر ولم يقتصر على مرة واحدة لامتناع عطف الفعل على الاسم ولم يقل الذين هم يمنعون لانه فعل فحسن العطف على الفعل وهذه دقيقة انتهى والمعنى ويمنعون الزكاة كما دل عليه ذكره عقيب الصلاة او ما يتعاور عادة فان عدم المبالاة باليتيم والمسكين حيث كان من عدم الاعتقاد بالجزاء موجب للذم والتوبيخ فعدم المبالاة بالصلاة التي هى عماد الدين والرياء الذي هو شعبة من الكفر ومنع الزكاة التي هى قنطرة الإسلام وسوء المعاملة مع الخلق أحق بذلك وكم ترى من المتسمين بالإسلام بل من العلماء منهم من هو على هذه الصفة فيا مصيبتاه والمراد بما يتعاوره عادة اى يتداوله الناس بالعارية ويعين بعضهم بعضا باعارته هو مثل الفاس والقدر والدلو والابرة والقصعة والغربال والقدوم والمقدحة والنار والماء والملح ومن ذلك ان يلتمس جارك ان يخبز فى تنورك او يضع متاعه عندك يوما او نصف يوم عن عائشة رضى الله عنها انها قالت يا رسول الله ما الذي لا يحل منعه قال الماء والنار والملح فقالت يا رسول الله هذا الماء فما بال النار والملح قال لها يا حميراء من اعطى نارا فكأنما

تفسير سورة الكوثر

تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار ومن اعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب بذلك الملح ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد الماء فكانما احيى نفسا كما فى كشف الاسرار وقد يكون منع هذه الأشياء محظورا فى الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار وقبيحا فى المروءة فى غير حال الضرورة وفى عين المعاني فلما منعوا من الكوثر ففى الآية الزجر عن البخل الذي هو صفة المنافقين تمت سورة الماعون يوم عيد المؤمنين تفسير سورة الكوثر ثلاث آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا ان جار مجرى القسم فى تأكيد الجملة أَعْطَيْناكَ بصيغة الماضي مع ان العطايا الاخروية واكثر ما يكون فى الدنيا لم تحصل بعد تحقيقا لوقوعها الْكَوْثَرَ اى الخير المفرط الكثرة من العلم والعمل وشرف الدارين فوعل من الكثرة كنوفل من النفل وجوهر من الجهر قيل لاعرابية آب ابنها من السفر بم آب ابنك قالت آب بكوثر اى بالعدد الكثير من الخير قال فى القاموس الكوثر الكثير من كل شىء وفى المفردات وقد يقال للرجل السخي كوثر ويقال تكوثر الشيء كثر كثرة متناهية وروى عنه عليه السلام انه قرأها فقال أتدرون ما لكوثر انه بهم فى الجنة وعدنيه ربى فيه خير كثيرأ حلى من العسل وأشد بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وألين من الزبد حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء لا يظمأ من شرب منه ابدا أول وارديه فقراء المهاجرين لدنسوا الثياب الشعث الرؤوس الذين لا يزوحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد ويموت أحدهم وحاجته تتلجلج فى صدره لو أقسم على الله لائبره وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه فسر الكوثر بالخير الكثير فقال له سعيد بن جبير ان ناسا يقولون هو نهر فى الجنة فقال هو من الخير الكثير وعن عائشة رضى الله عنها من أراد ان يسمع خرير الكوثر فليدخل إصبعيه فى اذنيه وقال عطاء هو حوضه لكثرة وارديه وفى الحديث حوضى ما بين صنعاء الى ايلة على احدى زواياه ابو بكر وعلى الثانية عمرو على الثالثة عثمان وعلى الرابعة على فمن ابغض واحدا منهم لم يسقه الآخر فيكون الحوض فى المحشر والأظهر ان جميع نعم الله داخلة فى الكوثر ظاهرة او باطنة فمن الظاهرة خيرات الدنيا والآخرة ومن الباطنة العلوم اللدنية الحاصلة بالفيض الإلهي بغير اكتساب بواسطة القوى الظاهرة والباطنة. صاحب تأويلات فرموده كه كوثر معرفت كثرتست بوحدت وشهود وحدت در عين كثرت واين نهريست در بستان معرفت هر كه ازو سيراب شد ابد از تشنگئ جهالت ايمن است واين معنى خاصه حضرت رسالت عليه السلام وكمل اولياء امت او فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ اى وانحر له فحذف اكتفاء بما قبله والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فان إعطاءه تعالى إياه عليه السلام ما ذكر من العطية التي لم يعطها ولن يعط بها أحدا من العالين مستوجب للمأمور به اى استيجاب والنحر فى للبة كالذبح فى الحلق

[سورة الكوثر (108) : آية 3]

والمعنى فدم على الصلاة لربك الذي أفاض عليك هذه النعمة الجليلة التي لا تضاهيها نعمة خالصا لوجهه كما دل عليه اللام الاختصاصية خلافا للساهين عنها المرائين فيها أداء لحقوق شكرها فان الصلاة جامعة لجميع اقسام الشكر وهى ثلاثة الشكر بالقلب وهو أن يعلم ان تلك النعم منه لا من عيره والشكر باللسان وهو أن بمدح المنعم ويثنى عليه والشكر بالجوارح وهو ان يخدمه ويتواضع له والصلاة جامعة لهذه الاقسام وانحر البدن التي هى خيار اموال العرب بأسمه تعالى يعنى وشتر قربان كن براى وى. وتصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم وبمنع منهم الماعون فالسورة كالمقابلة للسورة المتقدمة وقد فسرت الصلاة بصلاة العيد والنحر بالتضحية وهذا يناسب كون السورة مدنية وعن عطية هى صلاة الفجر بجمع والنحر بمنى. مصطفى را عليه السلام پرسيدند كه اگر كسى درويش بود وطاقت قربان ندارد چكونه كند تا ثواب قربان او را حاصل شود كفت چهار ركعت نماز كند در هر ركعتى يكبار الحمد خواند ويازده بار انا أعطيناك الكوثر الله تعالى او را ثواب شصت قربان در ديوان وى ثبت كند كما فى كشف الاسرار وعن على رضى الله عنه النحر هاهنا وضع اليدين فى الصلاة على النحر وعن سليمان التيمي ارفع يديك بالدعاء الى نحرك وفى التأويلات النجمية وانحر بدن انانيتك وانيتك بوضع يدك اليمنى الروحانية على يدك اليسرى الجسمانية على نحرك المشروح بسيف نص ألم نشرح لك صدرك إِنَّ شانِئَكَ يقال شنأه كمنعه وسمعه شنأ أبغضه اى مبغضك هُوَ للفصل الْأَبْتَرُ لبغضه لك لان نسبة امر الى المشتق تفيد علية المأخذ والبغض ضد الحب والبتر يستعمل فى قطع الذنب ثم اجرى قطع العقب مجراه فقيل فلان ابتر إذا لم يكن له عقب يخلفه والمعنى هو الذي لا عقب له حيث لا يبقى له نسل ولا حسن ذكر واما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك الى يوم القيامة آثار اقتدار تو تا حشر متصل ... خصم سياه روى تو بي حاصل وخجل ولك فى الآخرة ما لا يندرج تحت البيان وذلك انهم زعموا حين مات ابنه عليه السلام القاسم وعبد الله بمكة ابراهيم بالمدينة ان محمدا صلى الله عليه وسلم ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله فنبه الله ان الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنأه فاما هو فكما وصفه الله تعالى ورفعنا لك ذكرك وذلك انه أعطاه نسلا يبقون على مر الزمان فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم وجعله أبا للمؤمنين فهم أعقابه وأولاده الا يوم القيامة وقيض له من يراعيه ويراعى دينه الحق والى هذا المعنى أشار امير المؤمنين رضى الله عنه العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم فى القلوب موجودة هذا فى العلماء الذين هم اتباعه عليه السلام فكيف هو وقد رفع الله ذكره وجعله خاتم الأنبياء عليهم السلام وفى التأويلات النجمية ان شانئك هو الأبتر وهو حمار النفس المبتور ذنب نسله وعقبه فان أولاد الأعمال الصالحة والأحوال الصادقة والأخلاق الروحانية والأوصاف الربانية أولادك يا رسول القلب واتباعك واشياعك وأعوانك. يقول الفقير أيده الله القدير وردت على سورة الكوثر وقت الضحى بعد القيلولة

تفسير سورة الكافرين

والاشارة فيها انا بجميع اسمائنا اللطيفة الجمالية الاكرامية أعطيناك يا محمد القلب ورسول الهدى المبعوث الى جميع القوى بالخير والهدى الكوثر وهو العلم الكثير الفائض من منبع الاسم الرحمن فانا رحمناك بهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الرحمات فلذا صرت مظهر الرحمة الكلية فى جميع المواطن فلك علم الاحكام وعلم الحقائق فصل فى مسجد الفناء والتسليم وهو المسجد الابراهيمى لربك اى لشكر ربك ولادامة شهوده وابقاء حضوره معك فى جميع الحالات وانحر بدنة البدن فى طريق الخدمة وبدنة الطبيعة فى طريق العفة وبدنة النفس فى طريق الفتوة ان شانئك اى مبغضك من القوى الشريرة الانفسية والآفاقية هو الأبتر المقطوع أعقابه وآخره كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين الذي ربى أولياءه فجعل لهم الوصل كما جعل لاعدائهم القطع ثم ان قوله هو الأبتر يوقف عليه ثم يقال الله اكبر ولا يوصل بالتكبير حذرا من الإيهام تفسير سورة الكافرين ست آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ قالوا فى مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه فى بلدتهم ومحل عزهم وشوكتهم إيذان بأنه عليه السلام محروس منهم ففيها علم من اعلام النبوة وفى التعبير بالجمع الصحيح دلالة على قلتهم او حقارتهم وذلتهم وهم كفرة مخصوصة كالوليد بن المغيرة وابى جهل والعاص بن وائل وامية بن خلف والأسود بن عبد يغوث والحارث بن قيس ونحوهم قد علم الله انه لا يأتى ولا يتأتى منهم الايمان ابدا على ما هو مضمون السورة فالخطاب للرسول عليه السلام بالنسبة الى قوم مخصوصين فلا يردان مقتضى هذا الأمر ان يقول كل مسلم ذلك لكل جماعة من الكفار مع ان الشرع ليس حاكما به روى ان رهطا من عتاة قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك بعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فقال معاذ الله ان أشرك بالله غيره فقالوا استلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك فنزلت فغدا الى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم فقرأها عليهم فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه وفيه اشارة الى الذين ستروا نور استعدادهم الأصلي بظلمة صفات النفوس وآثار الطبيعة فحجبوا عن الحق بالغير لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ اى فيما يستقبل لان لا لا تدخل غالبا الأعلى مضارع فى معنى الاستقبال كما ان ما لا تدخل الأعلى مضارع فى معنى الحال الا ترى ان لن تأكيد فيما ينفيه لا قال الخليل فى لن أصله لا والمعنى لا افعل فى المستقبل ما تطلبونه منى من عبادة آلهتكم وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ اى ولا أنتم فاعلون فى المستقبل ما اطلب منكم من عبادة الهى والمراد ولا أنتم عابدون عبادة يعتد بها إذا العبادة مع اشراك الانداد لا تكون فى حيز الاعتداد وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ اى وما كنت عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه اى لم يعهد منى عبادة صنم فى الجاهلية فكيف يرجى منى فى الإسلام وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ اى وما عبدتم فى وقت من الأوقات ما انا على عبادته وهو الله تعالى فليس فى

[سورة الكافرون (109) : آية 6]

السورة تكرار وقيل هاتان الجملتان لنفى العبادة حالا كما ان الأوليين لنفيها استقبالا وانما لم يقل ما عبدت ليوافق ما عبدتم لانهم كانوا موسومين قبل البعثة بعبادة الأصنام وهو عليه السلام لم يكن حينئذ موسوما بعبادة الله ومشتهرا بكونه عابدا لله على سبيل الامتثال لامره يعنى على ما يقتضيه جعل العبادة صلة للموصول ثم عدم الموسومية بشئ لا يقتضى عدم ذلك الشيء فلا يلزم ان لا يكون عليه السلام عابدا لله قبل البعثة بل يكون ما وقع منه قبلها من قبيل الجري على العادة المستمرة القديمة وفى القاموس كان عليه السلام على دين قومه على ما بقي فيهم من ارث ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى حجهم ومناكحهم وبيوعهم وأساليبهم واما التوحيد فانهم كانوا بذلوه والنبي عليه السلام لم يكن الا عليه انتهى وإيثار ما فى اعبد على من لان المراد هو الوصف كأنه قيل ما اعبد من المعبود العظيم الشان الذي لا يقادر قدر عظمته لَكُمْ دِينُكُمْ تقرير لقوله تعالى لا اعبد ما تعبدون وقوله تعالى ولا انا عابد ما عبدتم وَلِيَ بفتح ياء المتكلم دِينِ بحذف الياء إذ أصله دينى وهو تقرير لقوله تعالى ولا أنتم عابدون ما اعبد والمعنى ان دينكم الذي هو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه الى الحصول لى ايضا كما تطمعون فلا تعلقوا به أمانيكم الفارغة فان ذلك من المحال وان دينى الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لى لا يتجاوز الى الحصول لكم ايضا لانكم علقتموه بالمحال الذي هو عبادتى لآلهتكم او استلامي إياها ولان ما وعدتموه عين الإشراك وحيث كان مبنى قولهم تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة على شركة الفريقين فى كلتا العبادتين كان القصر المستفاد من تقديم المسند قصر افراد حتما وفى عين المعاني ونحوه هو منسوخ بآية السيف وقال ابو الليث وفيها دليل على ان الرجل إذا رأى منكرا او سمع قولا منكرا فانكره ولم يقبلوا منه لا يجب عليه اكثر من ذلك وانما عليه مذهبه وطريقه وتركهم على مذهبهم وطريقهم. يقول الفقير وردت على هذه السورة وكانى اقرأها فى صلاة العصر بصوت جهورى حتى اسمعتها جميع ما فى الكون واشارتها قل يا محمد القلب يا ايها الكافرون اى القوى النفسانية الساترة للتوحيد بالشرك والطاعة بالمعصية والوحدة بالكثرة والوجود الحقيقي بالوجود المجازى ونور الحقيقة الوجوبية بظلمة الحقيقة الامكانية لا اعبد ما تعبدون من الأصنام التي يعبر عنها بما سوى الله فانى مأمور بالايمان بالله والكفر بالطاغوت وكل ما سوى الله من قبيل الطاغوت والإله المجعول المقيد فلا يستحق العبادة الا الله المطلق عن الإطلاق والتقييد ولا أنتم عابدون ما اعبد وهو الله الواحد القهار الذي قهر بوحدته جميع الكثرات ولكن لا يقف عليه الا أهل الوحدة والشهود وأنتم أهل الكثرة والاحتجاب فانى لكم هذا الوقوف ولا انا عابد ما عبدتم من التلوينات والتقلبات فى الكثرات الاسمائية والصفاتية ولا أنتم عابدون ما اعبد من التمكين والتحقيق وكذا من التلوين فى التمكين فانه من مقتضيات ظهور حقائق جميع الأسماء وليس فيه ميل وانحراف عن الحق أصلا بل فيه بقاء مع الحق فى كل طور لكم دينكم الذي هو الايمان بالطاغوت والكفر بالله وهو الدين يجب التبري منه ولى دين الذي

تفسير سورة النصر

هو الايمان بالله والكفر بالطاغوت وهو الدين الذي يجب التعلق باحكامه والتخلق بأخلاقه والتحقق بحقائقه هذا فحقائق القرآن ليست بمنسوخة ابدا بل العمل بها باق. ابن عباس رضى الله عنهما فرموده در قرآن سوره نيست بر شيطان سخت تر ازين سوره زيرا كه توحيد محض است ودرو برائت از شرك فمن قرأها برئ من الشرك وتباعد عنه مردة الشياطين وأمن من الفزع الأكبر وهى تعدل ربع القرآن وفى الحديث مروا صبيانكم فليقرأوها عند المنام فلا يعرض لهم شىء ومن خرج مسافرا فقرأ هذه السور الخمس قل يا ايها الكافرون إذا جاء نصر الله قل هو الله أحد قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس رجع سالما غانما تمت سورة الكافرين بعون ناصر المؤمنين تفسير سورة النصر ثلاث آيات مدنية بسم الله الرحمن الرحيم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ اى اعانته تعالى وإظهاره إياك على أعدائك فان قلت لا شك ان ما وقع من الفتوح كان بنصرة المؤمنين فما وجه اضافتها الى الله قلت لان أفعالهم مستندة الى دواعى قلوبهم وهى امور حادثة لا بد لها من محدث وهو الله تعالى فالعبد هو المبدأ الأقرب والله هو المبدأ الاول والخالق للدواعى وما يبتنى عليها من الافعال والعامل فى إذا هو سبح اى فسبح إذا جاء نصر الله ولا يمنع الفاء عن العمل على قول الأكثرين او فعل الشرط وليس إذا مضافا اليه على مذهب المحققين وإذا لما يستقبل والاعلام بذلك قبل كونه من اعلام النبوة لما روى ان السورة نزلت قبل فتح مكة كما عليه الأكثر وَالْفَتْحُ اى فتح مكة على ان الاضافة واللام للعهد وهو الفتح الذي تطمح اليه الابصار ولذلك سمى فتح الفتوح ووقع الوعد به فى أول سورة الفتح وقد سبقت قصة الفتح فى تلك السورة وقيل جنس نصر الله ومطلق الفتح على ان الاضافة واللام للاستغراق فان فتح مكة لما كان مفتاح الفتوح ومناطها كما ان نفسها أم القرى وامامها جعل مجيئه بمنزلة مجيئ سائر الفتوح وعلق به امره عليه السلام وانهما على جناح الوصول اليه عن قريب ويمكن ان يقال التعبير للاشارة الى حصول نصر الله بمجىء جند بهم النصر وقيل نزلت السورة فى ايام التشريق بمنى فى حجة الوداع وعاش عليه السلام بعدها ثمانين يوما او نحوها فكلمة إذا حينئذ باعتبار أن بعض ما فى حيزها اعنى رؤيته دخول الناس إلخ غير منقض بعد وقال سعدى المفتى وعلى هذه الرواية فكلمة إذا تكون خارجة عن معنى الاستقبال فانها قد تخرج عنه كما قيل فى قوله تعالى وإذا رأوا تجارة الآية وفى المصطلحات ان الفتوح كل ما يفتح على العبد من الله تعالى بعد ما كان مغلقا عليه من النعم الظاهرة والباطنة كالارزاق والعبادات والعلوم والمعارف والمكاشفات وغير ذلك والفتح القريب هو ما انفتح على العبد من مقام القلب وظهور صفاته وكمالاته عند قطع منازل النفس وهو المشار اليه بقوله نصر من الله

[سورة النصر (110) : آية 2]

وفتح قريب والفتح المبين هو ما يفتح على العبد من مقام الولاية وتجليات أنوار الأسماء الالهية المفنية لصفات القلب وكمالاته المشار اليه بقوله انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر يعنى من الصفات النفسانية والقلبية والفتح المطلق هو أعلى الفتوحات وأكملها وهو ما انفتح على العبد من تجلى الذات الاحدية والاستغراق فى عين الجمع بفناء الرسوم الخلقية كلها وهو المشار اليه بقوله إذا جاء نصر الله والفتح انتهى وقد سبق بعبارة اخرى فى سورة الفتح وعلى هذا فالمراد بالنصر هو المدد الملكوتي والتأييد القدسي بتجليات الأسماء والصفات وبالفتح هو الفتح المطلق الذي لا فتح وراءه وهو فتح باب الحضرة الالهية الاحدية والكشف الذاتي ولا شك ان الفتح الاول هو فتح ملكوت الافعال فى مقام القلب بكشف حجاب حس النفس بالفناء افعالها فى افعال الحق والثاني هو فتح جبروت الصفات فى مقام الروح بكشف حجاب خيالها بافناء صفاتها فى صفاته والثالث هو فتح لاهوت الذات فى مقام السر بكشف حجاب وهمها بافناء ذاتها فى ذاته ومن حصل له هذا النصر والفتح الباطني حصل له النصر والفتح الظاهري ايضا لان النصر والفتح من باب الرحمة وعند الوصول الى نهاية النهايات لا يبقى من السخط اثر أصلا ويستوعب الظاهر والباطن اثر الرحمة مطلقا ومن ثمة تفاوت احوال الكمل بداية ونهاية فظهر من هذا ان كلا من النصر والفتح فى الآية ينبغى ان يحمل على ما هو المطلق لكنى اقتفيت اثر أهل التفسير فى تقديم ما هو المقيد لكنه قول مرجوح تسامح الله عن قائله وَرَأَيْتَ النَّاسَ أبصرتهم او علمتهم يعنى العرب واللام للعهد او الاستغراق العرفي جعلوه خطابا للنبى عليه السلام يحتمل الخطاب العام لكل مؤمن وحينئذ يظهر جواب آخر عن امر النبي عليه السلام بالاستغفار مع انه لا تقصير له إذ الخطاب لا يخصه فالامر بالاستغفار لمن سواه وإدخاله فى الأمر تغليب يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ اى ملة الإسلام التي لا دين يضاف اليه تعالى غيرها والجملة على تقدير الرؤية البصرية حال وعلى تقدير الرؤية القلبية مفعول ثان وقال بعضهم ومما يختلج فى القلب ان المناسب لقوله يدخلون إلخ ان يحمل قوله والفتح على فتح باب الدين عليهم أَفْواجاً حال من فاعل يدخلون اى يدخلون فيه جماعات كثيرة كأهل مكة والطائف واليمن وهو ازن وسائر قبائل العرب وكانوا قبل ذلك يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين روى انه عليه السلام لما فتح مكة أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا إذا ظفر بأهل الحرم فلن يقاومه أحد وقد كان الله اجارهم من اصحاب الفيل ومن كل من أرادهم فكانوا يدخلون فى دين الإسلام أفواجا من غير قتال (قال الكاشفى) در سال نزول اين سوره تتابع وفود بود چون بنى اسد وبنى مرة وبنى كلب وبنى كنانة وبنى هلال وغير ايشان از أكناف وأطراف بخدمت آن حضرت آمده بشرف اسلام مشرف ميشدند. قال ابو عمر ابن عبد البر لم يمت رسول الله عليه السلام وفى العرب رجل كافر بل دخل الكل وفى الإسلام بعد حنين منهم من قدم ومنهم من قدم وافده وقال ابن عطية والمراد والله اعلم العرب عبدة الأوثان واما نصارى بنى تغلب

[سورة النصر (110) : آية 3]

فما اسلموا فى حياته عليه السلام ولكن اعطوا الجزية وفى عين المعاني الناس أهل البحر قال عليه السلام الايمان يمانى والحكمة يمانية وقال وجدت نفس ربكم من جانب اليمن اى تنفيسه من الكرب وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه انه بكى ذات يوم فقيل له فى ذلك فقال سمعت رسول الله عليه السلام يقول دخل الناس فى دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ التسبيح مجاز عن التعجب بعلاقة السببية فان من رأى أمرا عجيبا يقول سبحان الله قال ابن الشيخ لعل الوجه فى اطلاق هذه الكلمة عند التعجب كما ورد فى الاذكار ولكل اعجوبة سبحان الله هو أن الإنسان عند مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كانه استقصر قدرة الله فلذلك خطر على قلبه ان يقول من قدر عليه وأوجده ثم انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان الله تنزيها لله عن العجز عن خلق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بأن الله على كل شىء قدير قال الامام السهيلي رحمه الله سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا نحو سبح بحمد ربك وان من شىء الا يسبح بحمده ان معرفة الله تنقسم قسمين معرفة ذاته ومعرفة أسمائه وصفاته ولا سبيل الى إثبات أحد القسمين دون الآخر واثبات وجود الذات من مقتضى العقل واثبات الأسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرف المسمى وبالشرع عرفت الأسماء ولا يتصور فى العقل اثبات الذات إلا مع نفى سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وانما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها ما لم تكن تعلم من الأسماء فانضاف لها التسبيح والحمد والثناء فما أمرنا تسبيحه الا بحمده انتهى ومعنى الآية فقل سبحان الله حال كونك ملتبسا بحمده اى فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد من ان يغلب أحد على أهل حرمه المحترم واحمده على جميع صنعه هذا على الرواية الاولى ظاهر واما على الثانية فلعله امر بأن يداوم على ذلك استعظاما لنعمته لا باحداث التعجب لما ذكر فانه انما يناسب حالة الفتح وقال بعضهم والأشبه ان يراد نزهه عن العجز فى تأخير ظهور الفتح واحمده على التأخير وصفه بأن توقيت الأمور من عنده ليس الا بحكم لا يعرفها الا هو انتهى او فاذكره مسبحا حامدا وزد فى عبادته والثناء عليه لزيادة انعامه عليك او فصل له حامدا على نعمه فالتسبيح مجاز عن الصلاة بعلاقة الجزئية لانها تشتمل عليه فى الأكثر روى انه عليه السلام لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثمانى ركعات وحملها بعضهم على صلاة الشكر لا على صلاة الضحى وبعضهم على ان أربعا منها للشكر وأربعا للضحى او فنزهه عما يقول الظلمة حامدا له على ان صدق وعده او فأثن على الله بصفات الجلال يعنى الصفات السلبية حامدا له على صفات الإكرام يعنى الصفات الثبوتية اى على آثارها او على تنزيلها منزلة الأوصاف الاختيارية لكفاية الذات المقدس فى الاتصاف بها فان المحمود عليه يجب ان يكون امرا اختياريا وقال القاشاني نزه ذاتك عن الاحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن النبوة بقطع علاقة البدن والترقي الى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية حامدا له بإظهار كمالاته

وأوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلى وَاسْتَغْفِرْهُ هضما لنفسك واستقصارا لعملك واستعظاما لحقوق الله واستدراكا لما فرط منك من ترك الاولى او استغفره لذنبك وللمؤمنين وهو المناسب لما فى سورة محمد وتقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار على طريقة النزول من الخالق الى الخلق حيث لم تشتغل على رؤية الناس باستغفارهم اولا مع ان رؤيتهم تستدعى ذلك بل اشتغل اولا بتسبيح الله وحمده لانه رأى الله قبل رؤية الناس كما قيل ما رأيت شيأ الا ورأيت الله قبله وذلك لان الناس مرءاة العارف وصاحب المرآة يتوجه اولا الى المرئي وبرؤية المرئي تلتفت نفسه الى المرآة ولك ان تقول ان فى التقديم المذكور تعليم ادب الدعاء وهو ان لا يسأل فجأة من غير تقديم الثناء على المسئول عنه عن عائشة رضى الله عنها انه كان عليه السلام يكثر قبل موته ان يقول سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك وعنه عليك السلام انى لاستغفر الله فى اليوم والليلة مائة مرة ومنه يعلم ان ورد الاستغفار لا يسقط ابدا لانه لا يخلو الإنسان عن الغين والتلوين وروى انه لما قرأها النبي عليه السلام على أصحابه استبشروا وبكى العباس فقال عليه السلام ما يبكيك يا عم قال نعيت إليك نفسك اى ألقى إليك خبر موت نفسك والنعي ألقاء خبر الموت قال عليه السلام انها لكما تقول فلم ير عليه السلام بعد ذلك ضاحكا مستبشرا وقيل ان ابن عباس رضى الله عنهما هو الذي قال ذلك فقال عليه السلام لقد اوتى هذا الغلام علما كثيرا ولذلك كان عمر يدنيه ويأذن له مع اهل يدر ولعل ذلك للدلالة على تمام امر الدعوة وتكامل امر الدين كقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم والكمال دليل الزوال كما قيل. توقع زوالا إذا قيل تم. او لان الأمر بالاستغفار تنبيه على قرب الاجل كأنه قال قرب الوقت ودنا الرحيل فتأهب للامر ونبه به على ان العاقل إذا قرب اجله ينبغى ان يستكثر من التوبة وروى انها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان عبدا خيره الله بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله فعلم ابو بكر رضى الله عنه فقال فديناك بانفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا وعنه عليه السلام انه دعا فاطمة رضى الله عنها فقال يا بنتاه انه نعيت الى نفسى يعنى خبر وفات من دهند نامه رسيد از ان جهان بهر مراجعت برم ... عزم رجوع ميكنم رخت بچرخ ميبرم فبكت فقال لا تبكى فانك أول أهلي لحوقا بي فضحكت وعن ابن مسعود ان هذه السورة تسمى سورة التوديع لما فيها من الدلالة على توديع الدنيا قال على رضى الله عنه لما نزلت هذه السورة مرض رسول الله عليه السلام فخرج الى الناس فخطبهم وودعهم ثم دخل المنزل فتوفى بعد ايام قال الحسن رحمه الله أعلم انه قد اقترب اجله فامر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالعمل الصالح وفيه تنبيه لكل عاقل إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً مبالغا فى قبول توبتهم منذ خلق المكلفين فليكن كل تائب مستغفر متوقعا للقبول وذلك ان قبول التوبة من الصفات الاضافية ولا منازعة فى حدوثها فاندفع ما يرد ان المفهوم من الآية انه تعالى تواب فى الماضي

تفسير سورة المسد

وكونه تواباى الماضي كيف يكون علة للاستغفار فى الحال والمستقبل وفى اختيار انه كان توابا على غفارا مع انه الذي يستدعيه قوله واستغفر حتى قيل وتب مضمر بعده وإلا لقال غفارا تنبيه على ان الاستغفار انما ينفع إذا كان مع التوبة والندم والعزم على عدم العود ثم ان من أضمر وتب يحتمل انه جعل الآية من الاحتباك حيث دل بالأمر بالاستغفار على التعليل بأنه كان غفارا وبالتعليل بأنه كان توابا على الأمر بالتوبة اى استغفره وتب. ذكر البرهان الرشيدي ان صفات الله تعالى التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لانها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لان المبالغة ان يثبت للشئ اكبر اكثر مما له وصفاته تعالى منزهة عن ذلك واستحسنه الشيخ تقى الدين السبكى رحمه الله وقال الزركشي فى البرهان التحقيق ان صيغة المبالغة قسمان أحدهما ما تحصل المبالغة فية بحسب زيادة الفعل والثاني بحسب تعدد المفعولات ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفاته ويرفع الاشكال ولهذا قال بعضهم فى حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة الى الشرائع وقال فى الكشاف المبالغة فى التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه او لانه بليغ فى قبول التوبة بحيث ينزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه (تمت سورة النصر بعون من اقسم بالعصر بعد ظهر يوم السبت) تفسير سورة المسد خمس آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم تَبَّتْ اى أهلكت فان التباب الهلاك ومنه قولهم أشابة أم تابة اى هالكة من الهرم والعجز او خسرت فان التباب ايضا خسران يؤدى الى الهلاك يَدا أَبِي لَهَبٍ تثنية يد واللهب واللهيب اشتعال النار إذا خلص من الدخان او لهبها لسانها ولهيبها حرها ابو لهب وتسكن الهاء كنية عبد العز بن عبد المطلب لجماله او لماله كما فى القاموس يعنى ان التكنى لاشراق وجنتيه وتلهبهما والا فليس له ابن يسمى باللهب وإيثار التباب على الهلاك واسناده الى يديه لما روى انه لما نزل وأنذر عشيرتك الأقربين رقى رسول الله عليه السلام الصفاء وجمع أقاربه فأنذرهم فقال فقال يا بنى عبد المطلب يا بنى فهر ان أخبرتكم ان بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقى قالوا نعم يعنى اگر من شما را خبر كنم بآنكه در پاى اين كوه جمعى آمده اند بداعيه آنكه بر شما شبيخون كرده دست بقتل وغارت بگشايند مرا در ان تصديق ميكنيد يا نه كفتند چرا نكنيم وتو پيش ما بدروغ متهم نشده. قال فانى نذير لكم بين يدى الساعة فقال عمه ابو لهب تبا لك يعنى هلاكت باد. ألهذا دعوتنا وأخذ حجرا بيده ليرميه عليه السلام به فمنعه الله من ذلك حيث لم يستطع ان يرميه فلا كناية فى ذكر اليدين ووجه وصف يديه بالهلاك ظاهر واما

[سورة المسد (111) : آية 2]

وصفهما بالخسران فلرد ما اعتقده من نفعه وربحه فى اذية رسول الله عليه السلام ورميه بالحجر وذكر فى التأويلات الماتريدية انه كان كثير الإحسان الى رسول الله عليه السلام وكان يقول ان كان الأمر لمحمد فيكون لى عنده يدوان كان لقريش فلى عندها يد فاخبر أنها خسرت يده التي كانت عند محمد عليه السلام بعناده له ويده التي عند قريش ايضا لخسران قريش وهلاكهم فى يد محمد وَتَبَّ اى وهلك كله فهو اخبار بعد اخبار والتعبير بالماضي لتحقق وقوعه وقيل المراد بالأولى هلاك جملته كقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة على ان ذكر اليد كناية عن النفس والجملة ومعنى وتب وكان ذلك وحصل ويؤيده قراءة من قرأ وقد تب فان كلمة قد لا تدخل على الدعاء وقيل كلاهما دعاء عليه بالهلاك والمراد بيان استحقاقه لان يدعى عليه بالهلاك فان حقيقة الدعاء شأن العاجز وانما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بكنيته فليست للتكريم او لكراهة ذكر اسمه القبيح إذ فيه اضافة الى الصنم او للتعريض يكونه جهنميا لانه سيصلى نارا ذات لهب يعنى ان أبا لهب باعتبار معناه الإضافي يصلح ان بكون كناية عن حاله وهى كونه جهنميا لان معناه باعتبار إضافته ملابس اللهب كما ان معنى ابو الخير وأخو الحرب بذلك الاعتبار ملابس الخير والحرب واللهب الحقيقي لهب جهنم وهذا المعنى يلزمه انه جهنمى ففيه انتقال من الملزوم الى اللازم فهى كنية تفيد الذم فاندفع ما يقال هذا يخالف قولهم ولا يكنى كافر فاسق ومبتدع إلا لخوف فتنة او تعريف لان ذلك خاص بالكنية التي تفيد المدح لا الذم ولم يشتهر بها صاحبها قال فى الإتقان ليس فى القرآن من الكنى غير انى لهب ولم يذكر اسمه وهو عبد العزى اى الصنم لانه حرام شرعا انتهى وفيه ان الحرام وضع ذلك لا استعماله وفى كلام بعضهم ما يفيدان الاستعمال حرام ايضا الا ان يشهر بذلك كما فى الأوصاف المنقصة كالاعمش وكان بعد نزول هذه السورة لا يشك المؤمن انه من أهل النار بخلاف غيره ولم يقل فى هذه السورة قل تبت إلخ لئلا يكون مشافها لعمه بالشتم والتغليظ وان شتمه عمه لان للعم حرمة كحرمة الأب لانه مبعوث رحمة للعالمين وله خلق عظيم فاجاب الله عنه وقرئ ابو لهب بالواو كما قيل على بن ابو طالب ومعاوية بن ابو سفيان مع ان القياس الياء لكونه مضافا اليه كيلا يغير منه شىء فيشكل على السامع والحاصل ان الكنية بمنزلة العلم والاعلام لا تتغير فى شىء من الأحوال وكان لبعض أمراء مكة ابنان أحدهما عبد الله بالجر والآخر عبد الله بالفتح ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ اى لم يغن عنه حين حل به التبات ولم ينفعه أصلا على ان ما نافية او أي شىء اغنى عنه على انها استفهامية فى معنى الإنكار منصوبة بما بعدها على انها مفعول به او أي إغناء اغنى عنه على انها مفعول مطلق اصل ماله وما كسبه به من الأرباح والنتائج والمنافع والوجاهة والاتباع ولا أحد اكثر مالا من قارون وما دفع عنه الموت والعذاب ولا أعظم ملكا من سليمان عليه السلام وقد قيل فيه نه بر باد رفتى سحرگاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام بآخر نديديكه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت او ماله الموروث من أبيه والذي كسبه بنفسه او عمله الخبيث الذي هو كيده فى عداوة النبي

[سورة المسد (111) : الآيات 3 إلى 4]

عليه السلام او عمله الذي ظن انه منه على شىء كقوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقال بعضهم ما كسب منفعة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كسب ولده (وروى) انه كان يقول ان كان ما يقول ابن أخي حقا فانا افتدى منه نفسى بمالى وولدي فاستخلص منه وقد خاب رجاه وما حصل ما تمناه فافترس ولده عتبة اسد فى طريق الشام وذلك ان عتبة بن ابى لهب وكان تحته ابنة رسول الله عليه السلام أراد الخروج الى الشام فقال لآتين محمدا فلأوذينه فأتاه فقال يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى ثم تفل فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد عليه ابنته وطلقها فقال عليه السلام اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فرجع عتبة الى أبيه فأخبره ثم خرجوا الى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال ان هذه ارض مسبعة فقال ابو لهب أعينوني يا معشر قريش هذه الليلة فانى أخاف على ابني دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة فجاء الأسد يتخللهم ويتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله وهلك ابو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر لسبع ليال والعدسة بثرة تخرج فى البدن تشبه العدسة وهى من جنس الطاعون تقتل غالبا فاجتنبه أهله مخافة العدوى وكانت قريش تتقيها كالطاعون فبقى ثلاثا حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان واحتملوه ودفنوه فكان الأمر كما اخبر به القرآن وفى انسان العيون لم يحفروا له حفيرة ولكن أسندوه الى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه وفى رواية حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه وعن عائشة رضى الله عنها انها كانت إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها والقبر الذي يرجم خارج باب الشبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب وانما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة وذلك فى دولة بنى العباس فان الناس أصبحوا يوما فوجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فأمسكوهما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن سَيَصْلى اى ما ذكر من العذاب مآل امره فى النشأة الاولى وفى النشأة الآخرة سيدخل لا محالة ناراً ذاتَ لَهَبٍ نارا عظيمة ذات اشتعال وتوقد وهى نار جهنم وليس هذا نصا فى انه لا يؤمن ابدا حتى يلزم من تكليفه الايمان بالقرءان ان يكون مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ابدا فيكون مأمورا بالجمع بين النقيضين كما هو المشهور فان صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم ابو لهب من هذا ان دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره فلا اضطرار الى الجواب المشهور من ان ما كلفه هو الايمان بجميع ما جاء به النبي عليه السلام اجمالا لا الايمان بتفاصيل ما نطق به القرآن حتى يلزم ان يكلف الايمان بعدم إيمانه المستمر وَامْرَأَتُهُ عطف على المستكن فى سيصلى لكون الفصل بالمفعول يعنى زن او نيز با او درآيد وداخل نار شود وهى أم جميل بنت حرب بن امية اخت ابى سفيان عمة معاوية رضى الله عنه واسمها العوراء وآن در همسايكئ حضرت عليه السلام خانه داشت وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل فى طريق النبي عليه السلام تا خارى نعوذ بالله در دامنش آويزد يا در پايش خلد وكان عليه السلام يطأه كما يطأ الحرير وفى تفسير أبى الليث حتى صار النبي عليه السلام وأصحابه فى شدة

[سورة المسد (111) : آية 5]

وعناء وفى تفسير الكاشفى وآن حضرت كه بنماز بيرون آمدى آنها بر سر راه بر كرفتى وبطريق ملايمت كفتى اين چهـ نوع همسايكيست كه با من ميكنيد ميريختند در ره تو خار با همه ... چون كل شكفته بود رخ كلستان تو حَمَّالَةَ الْحَطَبِ الحطب ما أعد من الشجر شبوبا كما فى القاموس ونصب حمالة على الشتم والذم اى أذم حمالة الحطب قال الزمخشري وانا استحب هذه القراءة وقد توسل الى رسول الله عليه السلام بجميل من أحب شتم أم جميل انتهى وقيل على الحالية بناء على ان الاضافة غير حقيقية إذا المراد انها تحمل يوم القيامة حزمة حطب كالزقوم والضريع وفى جيدها سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يناسب حاله فى جرمه وعن قتادة انها مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل فالنصب حينئذ على الشتم حتما وقيل كانت تمشى بالنميمة وتفسد بين الناس تحمل الحطب بينهم اى توقد بينهم النائرة وتورث الشر. پس هيزم كشى عبارتست از سخن چينى كه آتش خصومت ميان دو كس بر مى افروزد ميان دو كس جنك چون آتش است ... سخن چين بدبخت هيزم كش است كنند اين وآن خوش دكر باره دل ... وى اندر ميان كور بخت وخجل ميان دو كس آتش افروختن ... نه عقلست خود در ميان سوختن فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حالية والجيد بالكسر العنق ومقلده او مقدمه كما فى القاموس والمسد ما يفتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان او جلدا وغيرهما يقال دابة ممسودة شديدة الاسر والمعنى فى عنقها حبل مما مسد من الحبال وانها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها فى جيدها كما يفعل الحطابون تخسيسا لحالها وتصوير الها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتغضب من ذلك ويشق عليها ويغضب بعلها ايضا وهما فى بيت العز والشرف وفى منصب الثروة والجدة قال مرة الهمداني كانت أم جميل تأتى كل يوم بابالة من حسك فتطرحها على طريق المسلمين فبينما هى ذات ليلة حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح فجذبها الملك من خلفها فاختنقت بحيلها حتى هلكت وبدوزخ رفت وفى ينبوع الحياة انها لما بلغها سورة تبت يدا ابى لهب جاءت الى أخيها ابى سفيان فى بيته وهى متحرقة غضبى فقالت له ويحك يا احمس اى يا شجاع اما تغضب ان هجانى محمد فقال ساكفيك إياه ثم أخذ بسيفه وخرج ثم عاد سريعا فقالت له هل قتلته فقال لها يا أختي أيسرك ان رأس أخيك فى فم ثعبان قالت لا والله قال فقد كاد ذلك يكون الساعة اى فانه رأى ثعبانا لوقرب منه صلى الله عليه وسلم لا لتقم رأسه ثم كان من امر ابى سفيان الإسلام ومن امر أخته الموت على الكفر والكل من حكم الله السابق (قال فى كشف الاسرار) سك اصحاب الكهف رنك كفر داشت ولباس بلعام باعور طراز دين داشت ليكن شقاوت وسعادت ازلى از هر دو جانب در كمين بود چون دولت روى نمود پوست ان سك از روى

تفسير سورة الإخلاص

صورت در بلعام پوشانيدند كفتند (فمثله كمثل الكلب) ومرقع بلعام دران سك پوشيدند كفتند ثلاثة رابعهم كلبهم قوله من مسد بالوقف يعنى يوقف عليه ثم يجاء بالتكبير لما مر تمت سورة المسد فى عاشر جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف تفسير سورة الإخلاص اربع أو خمس آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الضمير للشأن كقولك هو زيد منطلق وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ولا حاجة الى العائد لانها عين الشان الذي عبر عنه بالضمير اى الله أحد هو الشأن هذا او هو أن الله أحد والسر فى تصدير الجملة به التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها مع ان فى الإبهام ثم التفسير مزيد تقرير او الضمير لما سئل عنه اى الذي سألتم عنه هو الله إذ روى ان المشركين قالوا للنبى عليه السلام صف لنا ربك الذي تدعونا اليه وانسبه اى بين نسبه واذكره فنزلت يعنى بين الله نسبه بتنزيهه عن النسب حيث نفى عنه الوالدية والمولودية والكفاءة فالضمير حينئذ مبتدأ ولله خبره واحد بدل منه وابدال النكرة المحضة من المعرفة يجوز عند حصول الفائدة على ما ذهب اليه ابو على وهو المختار والله علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لمعانى الأسماء الحسنى كلها وقال القاشاني هو عندنا اسم الذات الالهية من حيث هى هى اى المطلقة الصادق عليها مع جميعها او بعضها او لا مع واحد منها كقوله تعالى قل هو الله أحد انتهى وعبد الله هو العبد الذي تحلى بجميع أسمائه فلا يكون فى عباده ارفع مقاما وأعلى شأنا منه لتحققه بالاسم الأعظم واتصافه بجميع صفاته ولهذا خص نبينا عليه السلام بهذا الاسم فى قوله وانه لما قام عبد الله يدعوه فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة إلا له وللاقطاب من ورثته بتبعيته وان اطلق على غيره مجازا لاتصاف كل اسم من أسمائه بجميعها بحكم الواحدية واحدية جميع الأسماء والأحد اسم لمن لا يشاركه شىء فى ذاته كما ان الواحد اسم لمن لا يشاركه شىء فى صفاته يعنى ان الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها فأثبت له الاحدية التي هى الغنى عن كل ما عداه وذلك من حيث عينه وذاته من غير اعتبار امر آخر والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات وهى الحضرة الاسمائية ولذا قال تعالى ان إلهكم لواحد ولم يقل لأحد لان الواحدية من اسماء التقييد فبينها وبين الخلق ارتباط اى من حيث الالهة والمألوهية بخلاف الاحدية إذ لا يصح ارتباطها بشئ فقولهم العلم الإلهي هو العلم بالحق من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما لا تفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع به الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة ومنه يعلم ان توحيد الذات مختص فى الحقيقة بالله تعالى وعبد الأحد هو وحيد الوقت صاحب الزمان الذي له القطبية الكبرى والقيام بالاحدية الاولى وعبد الواحد هو الذي بلغه الله الحضرة الواحدية وكشف له عن احدية جميع أسمائه فيدرك ما يدرك ويفعل ما يفعل بأسمائه ويشاهد وجوه أسمائه الحسنى قال

[سورة الإخلاص (112) : آية 2]

ابن الشيخ فى حواشيه قوله هو الله أحد ثلاثة ألفاظ كل واحد منها اشارة الى مقام من مقامات السائرين الى الله تعالى فالمقام الاول مقام المقربين وهم الذين نظروا الى ماهيات الأشياء وحقائقها من حيث هى هى فلا جرم ما رأوا موجودا سوى الله لان الحق هو الذي لذاته يجب وجوده واما ما عداه فممكن والممكن إذا نظر اليه من حيث هو هو كان معدوما فهؤلاء لم يروا موجودا سوى الحق تعالى وكلمة هو وان كانت للاشارة المطلقة مفتقرة فى تعين المراد بها الى سبق الذكر بأحد الوجوه او الى ان يعقبها ما يفسرها الا انهم يشيرون بها الى الحق ولا يفتقرون فى تلك الاشارة الا ما يميز المراد بها من غيره لان الافتقار الى المميز انما يحصل حيث وقع الإبهام بأن يتعدد ما يصلح لان يشار اليه وقد بينا انهم لا يشاهدون بعيون عقولهم الا الواحد فقط فلهذا السبب كانت لفظة هو كافية فى حصول العرفان التام لهؤلاء والمقام الثاني مقام اصحاب اليمين وهو دون المقام الاول وذلك لانهم شاهدوا الحق موجودا وشاهدوا الخلق ايضا موجودا فحصلت الكثرة فى الموجودات فلا جرم لم تكن لفظة هو كافية فى الاشارة الى الحق بل لا بد هناك من مميز به يتميز الحق من الخلق فهؤلاء مفتقرون الى ان يقرن لفظة الله بلفظة هو فقيل لاجلهم هو الله لان لفظة الله اسم للموجود الذي يفتقر اليه ما عداه ويستغنى هو عن كل ما عداه فتتميز به الذات المرادة عما عداه والمقام الثالث مقام اصحاب الشمال وهو أخس المقامات وهم الذين يجوزون ان يكون واجب الوجود اكثر من واحد فقرن لفظة الأحد بما تقدم ردا على هؤلاء وابطالا لمقالهم فقيل قل هو الله أحد انتهى كلامه ومنه يعلم صحة ما اعتاده الصوفية من الذكر بالاسم هو وذلك لان اهل البداية منهم وهم المحجوبون تابعون لاهل النهاية منهم وهم المكاشفون فكأنهم كلهم ما شاهدوا فى الوجود الا الله فالله عندهم بهويته المطلقة السارية متعين لا حاجة الى التعيين أصلا فضمير هو راجع اليه لا الى غيره كما ان الضمير فى أنزلناه راجع الى القرآن لتعينه وحضوره فى الذهن فقول الطاعن انه ضمير ليس له مرجع متعين فكيف يكون ذكر الله تعالى مردود على ان الضمائر اسماء وكل الأسماء ذكر لا فرق بينها بالمظهرية والمضمرية فعلى هذا يجوز ان يدخل اللام فى كلمة هو فى اصطلاح الصوفية لانها اشارة الى الهوية ولا مناقشة فى الاصطلاح ثم قوله قل امر من عين الجمع وارد على مظهر التفصيل وفى اشارة الى سر قوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم فكأنه يقول انا شهدت بوحدة الهوية فى مقام الجمع فاشهد أنت ايضا بتلك الوحدة فى مقام الفرق ليظهر سر الاحدية واللاحدية ويحصل التطابق بينهما جمعا وتفصيلا هكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال وقرئ هو الله بلا قل وكذا فى المعوذتين لانه توحيد والأخريان تعوذ فيناسب ان يدعو بهما وان يؤمر بتبليغهما وقد سبق فى سورة الأعلى ما يغنى عن تكراره هاهنا وقال بعضهم انما اثبت فى المصحف قل والتزم فى التلاوة مع انه ليس من دأب المأمور بقل ان يتلفظ فى مقام الائتمار الا بالمقول لان المأمور ليس المخاطب به فقط بل كل واحد ابتلى بما ابتلى به المأمور فاثبت ليبقى على مر الدهور منا على العباد اللَّهُ الصَّمَدُ

مبتدأ وخبر فعل بمعنى مفعول كقبض بمعنى مقبوض من صمد اليه من باب نصر إذا قصده اى هو السيد المصمود اليه فى الحوائج المستغنى بذاته وكل ما عداه محتاج اليه فى جميع جهاته فلا صمد فى الوجود سوى الله فهو مثل زيد الأمير يفيد قصر الجنس على زيد فاذا كان هو الصمد فمن انتفت الصمدية عنه لا يستحق الالوهية وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير الاسم الجليل للاشعار بان من يتصف به فهو بمعزل عن استحقاق الالوهية كما أشير اليه آنفا وتعرية الجملة عن العاطف لانها كالنتيجة للاولى وبين اولا ألوهيته المستتبعة لكافة نعوت الكمال ثم أحديته الموجبة لتنزهه عن شائبة التعدد والتركب بوجه من الوجوه وتوهم المشاركة فى الحقيقة وخواصها ثم صمديته المقتضية لاستغنائه الذاتي عما سواه وافتقار جميع المخلوقات اليه فى وجودها وبقائها وسائر أحوالها تحقيقا للحق وإرشادا لهم الى سننه الواضح فاثبات الصمدية له سبحانه انما هو باعتبار استنادنا اليه فى الوجود والكمالات التابعة للوجود باعتبار احدية ذاته فهو غنى عن هذه الصفة والحاصل ان الصمدية تقتضى اعتبار كثرة الأسماء والصفات فى الله دون الاحدية وعبد الصمد هو مظهر الصمدية الذي يصمد اليه اى يقصد لدفع البليات وإيصال امداد الخيرات ويستشفع به الى الله ادفع العذاب وإعطاء الثواب وهو محل نظر الله الى العالم فى ربوبيته له. يقول الفقير جرى على لسان الباطن بلا اختيار منى وذلك بعد الاشراق ان أقول ازلى أبدى احدى صمدى اى أنت يا رب ازلى احدى وأبدى صمدى فالازلية ناظرة الى الاحدية كما ان الابدية ناظرة الى الصمدية وذلك باعتبار التحليل والتعقيد فان الاحدية لا تتجلى الا بازالة الكثرات فعند الانتهاء الى مقام الغنى الذي هو الغيب المطلق تزول الكثرة ويكون الزوال ازلا وهذا تحليل وفناء وعبور عن المنازل وعروج الى المرصد الأعلى والمقصد الأقصى عينا وعلما واما الصمدية فباعتبار الابدية التي هى البقاء وذلك يقتضى التعقيد بعد التحليل فهى بالنزول الى مقام العين بالمهملة اى العين الخارجي والعالم الشهادى الذي أسفل منارله عالم الناسوت والحاصل ان الاحدية جمع والصمدية فرق فمقام الاحدية هى النقطة الغير المنقسمة التي انبسطت منها جملة التراكيب الواحدية فاول تعيناتها هى مرتبة آدم ثم حواء لان حواء انما ظهرت بعد الهولء المنبعث من تعين آدم الحقيقي ولذا انقلبت الهاء حاء فصار الهولء حواء وخاصية الاسم الأحد ظهور عالم القدرة وآثارها حتى لو ذكره ألفا فى خلوة على طهارة ظهرت له العجائب بحسب قوته وضعفه وخاصية الاسم الصمد حصول الخير والصلاح فمن قرأه عند السحر مائة وخمسا وعشرين مرة ظهرت عليه آثار الصدق والصديقية وفى اللمعة ذاكره لا يحس بألم الجوع ما دام ملتبسا بذكره والقراءة وصلا أحد الله الصمد منونا مكسور الالتقاء الساكنين وكان ابو عمر وفى اكثر الروايات يسكت عند هو الله أحد وزعم ان العرب لاتصل مثل هذا وروى عنه انه قال وصلها قراءة محدثة وروى عنه قال أدركت القراء كذلك يقرأونها قل هو الله أحد وان وصلت نونت وروى عنه انه قال أحب الى إذا كان رأس آية ان يسكت عندها وذلك لان الآية منقطعة عما بعدها مكتفية بمعناها فهى فاصلة وبها سميت آية واما وقفهم كلهم

[سورة الإخلاص (112) : الآيات 3 إلى 4]

فيسكتون على الدال ثم صرح ببعض احكام جزئية مندرجة تحت الاحكام السابقة فقيل لَمْ يَلِدْ نزاد كسى را. تنصيصا على ابطال زعم المفترين فى حق الملائكة والمسيح ولذلك ورد النفي على صيغة الماضي من غير ان يقال لن يلد اولا يلد اى لم يصدر عنه ولد لانه لا يجانسه شىء ليمكن ان يكون له من جنسه صاحبة فيتوالد اولا يفتقر الى ما يعينه او يخلفه لاستحالة الحاجة والفناء عليه سبحانه فان قلت لم قال فى هذه السورة لم يلد وفى سورة بنى إسرائيل لم يتخذ ولدا أجيب بأن النصارى فريقان منهم من قال عيسى ولد الله حقيقة فقوله لم يلد اشارة الى الرد عليه ومنهم من قال اتخذه ولدا تشريفا كما اتخذ ابراهيم خليلا تشريفا فقوله لم يتخذ ولدا اشارة الى الرد عليه وَلَمْ يُولَدْ ونزاده شد از كسى. اى لم يصدر عن شىء لاستحالة نسبة العدم اليه سابقا اولا حقا وقال بعضهم الوالدية والمولودية لا تكونان الا بالمثلية فان المولود لا بد ان يكون مثل الوالد ولا مثلية بين هويته الواجبة وهوياتنا الممكنة انتهى وقال البقلى لم يلد ولم يولد اى لم يكن هو محل الحوادث ولا الحوادث محله والتصريح بأنه لم يولد مع كونهم معترفين بمضمونه لتقرير ما قبله وتحقيقه بالاشارة الى انهما متلا زمان إذ المعهود ان ما يلد يولد وما لا فلا ومن قضية الاعتراف بأنه لم يولد الاعتراف بأنه لا يلد وفى كشف الاسرار قدم ذكر لم يلد لان من الكفار من ادعى ان له ولدا ولم يدع أحد انه مولود (وفى التفسير الفارسي) لم يلد رد يهود است كه كفتند عزير پسر اوست ولم يولد رد نصارى است كه كويند عيسى خدا است. قال ابو الليث لم يلد يعنى لم يكن له ولد يرثه ولم يولد يعنى لم يكن له ولد يرث ملكه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يقال هذا كفاؤه وكفؤه مثله وكافأ فلانا ماثله وله صلة لكفؤا قدمت عليه مع ان حقها التأخر عنه للاهتمام بها لان المقصود نفى المكافأة عن ذاته تعالى اى لم يكافئه أحد ولم يماثله ولم يشاكله بل هو خالق الأكفاء ويجوز ان يكون من الكفاءة فى النكاح نفيا للصاحبة وأما تأخير اسم كان فلمراعاة الفواصل ولعل ربط الجمل الثلاث بالعاطف لان المراد منها نفى اقسام الأمثال فهى جملة واحدة منبه عليها بالجمل قال القاشاني ما كانت هويته الاحدية غير قابلة للكثرة والانقسام ولم تكن مقارنة الوحدة الذاتية لغيرها إذ ما عدا الوجود المطلق ليس الا العدم المحض فلا يكافئه أحد إذ لا يكافئ العدم الصرف الوجود المحض (وقال الكاشفى) رد مجوس ومشركان عربست كه كفتند او را كفو هست نعوذ بالله وكفته اند هر آيتي ازين سوره تفسير آيت پيش است چون كويند من هو تو كويى أحد چون كويند أحد كيست تو كويى صمد چون گويند صمد كيست تو كويى الذي لم يلد ولم يولد چون كويند لم يلد ولم يولد كيست تو كويى الذي لم يكن له كفؤا أحد. وقال بعضهم كاشف الوالهين بقوله هو وكاشف الموحدين بقوله الله وكاشف العارفين بقوله أحد والعلماء بقوله الصمد والعقلاء بقوله لم يلد إلخ وهو اى لم يلد اشارة الى توحيد العوام لانهم يستدلون على الصانع بالشواهد والدلائل وقال بعض الكبار ان سورة الإخلاص اشارة الى حال النزول وهو حال المجذوب فأولا يقول هو الله أحد الله الصمد إلخ وحال

الصعود يعتبر من الآخر الى جانب هو فيقول اولا لم يكن له كفؤا أحد ثم يترقى الى ان يقول هو لكن لا ينبغى للسالك ان يكتفى بوجدان هو فى القرآن بل ينبغى له ان يترقى الى القرآن الفعلى فيشاهد هو فى القرآن وهو محيط بالعوالم كلها وهو أول ما ينكشف للسالك ولاشتمال هذه السورة مع قصرها على جميع معارف الالهية والرد على من الحد فيها جاء فى الحديث انها تعدل ثلث القرآن فان مقاصده منحصرة فى بيان العقائد والاحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات منه وهو علم المبدأ وصفاته إذ ما عداه ذرآئع اليه وقال عليه السلام أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد اى ما خلقت الا لتكون دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة وعنه عليه السلام سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد فقال وجبت فقيل وما وجبت يا رسول الله قال وجبت له الجنة وعن سهيل ابن سعد رضى الله عنه جاء رجل الى النبي عليه السلام وشكا اليه الفقر فقال إذا دخلت بيتك فسلم ان كان فيه أحد وان لم يكن فيه أحد فسلم على نفسك واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة ففعل الرجل ذلك فأدر الله عليه رزقا حتى أفاض على جيرانه وعن على رضى الله عنه انه قال من قرأ قل هو الله أحد بعد صلاة الفجر احدى عشرة مرة لم يلحقه ذنب يومئذ ولو اجتهد الشيطان وفى الحديث أيعجز أحدكم ان يقرأ القرآن فى ليلة واحدة فقيل يا رسول الله من يطيق ذلك قال ان يقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات وروى انه نزل جبريل عليه السلام بتبوك فقال يا رسول الله ان معاوية بن المزني رضى الله عنه مات فى المدينة أتحب ان أطوي لك الأرض فتصلى عليه قال نعم فضرب بجناحه على الأرض فرفع له سريره وصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة كل صف سبعون الف ملك ثم رجع فقال عليه السلام بم أدرك هذا قال بحبه قل هو الله أحد وقراءته إياها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا وعلى كل حال رواه الطبراني وصحب سورة الإخلاص حين نزلت سبعون ألف ملك كلما مروا بأهل سماء سألوهم عما معهم فقالوا نسبة الرب سبحانه ولهذا سميت هذه السورة نسب الرب كما فى كشف الاسرار وسميت سورة الإخلاص لاخلاص الله من الشرك او للخلاص من العذاب او خالصة فى التوحيد قال الامام الغزالي رحمه الله تعالى (عفو ربى وثيقتي بالخلاص. واعتصامي بسورة الإخلاص) او لانها سورة خالصة لله ليس فيها ذكر شىء من الدنيا والآخرة وقال الحنفي لانها تخلص قارئها من شدائد الآخرة وسكرات الموت وظلمات القبر واهوال القيامة وقال القاشاني لان الإخلاص تمحيض الحقيقة الاحدية عن شائبة الكثرة تمت سورة الإخلاص يوم الاثنين الحادي عشر من جمادى الاولى من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف

تفسير سورة الفلق

تفسير سورة الفلق خمس آيات مدينة بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الفلق الصبح لانه يفلق عنه الليل ويفرق فهو من باب الحذف والإيصال فعل بمعنى مفعول كالصمد والقبض بمعنى المصمود اليه والمقبوض كمامر فان كل واحد من المفلوق والمفلوق عنه مفعول وذلك انما يتحقق بأن يكون الشيء مستورا ومحجوبا بآخر ثم يشقق الحجاب الساتر عن وجه المستور ويزول فيظهر ذلك المستور وينكشف بسبب زواله وذلك الحجاب المشقق مفلوق والمحجوب المنكشف بزواله مفلوق عنه والصبح صار مفلوقا عنه بازالة ما عليه من ظلمة الليل يقال فى المثل هو أبين من فلق الصبح والفلق ايضا الخلق لان الممكنات بأسرها كانت أعيانا ثابتة فى علم الله مستورة تحت ظلمة العدم فالله تعالى فلق تلك الظلمات بنور التكوين والإيجاد فاظهر ما فى علمه من المكونات فصارت مفلوقا عنها وفى تعليق العياذ باسم الرب المضاف الى الفلق المنبئ عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة باعادة العائد مما يعوذ منه وانجائه منه وتقوية لرجائه لتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له فى الجد والاعتناء بقرع باب الالتجاء اليه والاعاذة بربه قالوا إذا طلع الصبح تتبدل الثقلة بالخفة والغم بالسرور روى ان يوسف عليه السلام لما ألقى فى الجب وجعت ركبته وجعا شديدا فبات ليلته ساهرا فلما قرب طلوع الصبح نزل جبريل بإذن الله تعالى يسأله ويأمره بان يدعو ربه فقال يا جبريل ادع أنت وأؤمن فدعا جبريل وأمن يوسف عليهما السلام فكشف الله تعالى ما كان به من الضر فلما طاب وقت يوسف قال با جبريل وانا ادعو ايضا وتؤمن أنت فسأل يوسف ربه ان يكشف الضر عن جميع أهل البلاء فى ذلك الوقت فلا جرم ما من مريض إلا ويجد نوع خفة فى آخر الليل وعن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قدم الشام فرأى دور أهل الذمة وما هم فيه من خفض العيش وما وسع عليهم به من دنياهم فقال لا أبالى أليس من ورائهم الفلق فقيل وما الفلق قال بيت فى جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ اى من شر ما خلقه من الثقلين وغيرهم كائنا ما كان من ذوات الطبائع والاختيار وبالفارسية از بدى آنچهـ آفريد است از مؤذيات انس وجن وسباع وهوام. فيشمل جميع الشرور والمضار بدنية كانت او غيرها من ضرب وقتل وشتم وعض ولدغ وسحر ونحوها واضافة الشر اليه لاختصاصه بعالم الخلق المؤسس على امتزاج المواد المتباينة وتفاعل كيفياتها المتضادة المستنبعة للكون والفساد واما عالم الأمر فهو خير محض منزه عن شوآئب الشر بالكلية وقرأ بعض المعتزلة القائلين بأن الله لم يخلق الشر من شر بالتنوين ما خلق على النفي وهى قراء مردودة مبنية على مذهب باطل الله خالق كل شىء وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ تخصيص لبعض الشرور بالذكر مع اندراجه فيما قبله لزيادة مساس الحاجة الى الاستعاذة منه لكثرة وقوعه ولان تعيين المستعاذ ادل على الاعتناء بالاستعاذة

[سورة الفلق (113) : آية 4]

وادعى الى الاعاذة اى ومن شر ليل مختلط ظلامه متستد وذلك بعد غيبوبة الشفق من قوله تعالى الى غسق الليل اى اجتماع ظلمته وفى القاموس الغسق محركة ظلمة أول الليل وغسق الليل غسقا ويحرك اشتدت ظلمته فالغاسق الليل المظلم كما فى المفردات واصل الغسق الامتلاء يقال غسقت العين إذا امتلأت دمعا او هو السيلان وغسق العين سيلان دمعها واضافة الشر الى الليل لملابسته له بحدوثه فيه وتنكيره لعدم شمول الشر لجميع افراده ولا لكل اجزائه إِذا وَقَبَ الوقب النقرة فى الشيء كالنقرة فى الصخرة يجتمع فيها الماء ووقب إذا دخل فى وقب ومته وقبت الشمس إذا غابت ووقب الظلام دخل والمعنى إذا دخل ظلامه فى كل شىء وتقييده به لان حدوث الشر فيه اكثر والتحرز منه أصعب وأعسر ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقيل اغدر الليل لانه إذا اظلم كثر فيه الغدر والغوث يقل فى الليل ولذا لو شهر انسان بالليل سلاحا فقتله المشهر عليه لا يلزمه قصاص ولو كان نهارا يلزمه لانه يوجد فيه الغوث والحاصل انه ينبعث اهل الحرب فى الليل وتخرج عفاريت الجن والهوام والمؤذيات ونهى رسول الله عليه السلام عن السير فى أول الليل وامر بتغطية الأواني وإغلاق الأبواب وإيكاء الاسقية وضم الصبيان وكل ذلك للحذر من الشر والبلاء وقيل الغاسق القمر إذا امتلأ ووقوبه دخوله فى الخسوف واسوداده لما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت أخذ رسول الله عليه السلام بيدي فاشار الى القمر فقال تعوذى بالله من شر هذا فانه الغاسق إذا وقب وشره الذي يتقى ما يكون فى الأبدان كآفات التي تحدث بسببه ويكون فى الأديان كالفتنة التي بها افتتن من عبده وعبد الشمس وقيل التعبير عن القمر بالغاسق لان جرمه مظلم وانما يستنير بضوء الشمس ووقوبه المحاق فى آخر الشهر والمنجمون يعدونه نحسا ولذلك لا تشتغل السحرة بالسحر المورث للتمريض الا فى ذلك قيل وهو المناسب لسبب النزول وقيل الغاسق الثريا ووقوبها سقوطها لانها إذا سقطت كثرت الأمراض والطواعين وإذا طلعت قلت الأمراض والآلام وقيل هو كل شر يعترى الإنسان ووقوبه هجومه ويجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيات ووقبه ضربه ولسبه وفى القاموس هو الذكر إذا وقام هو منقول عن ابن عباس رضى الله عنهما وجماعة وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ واز شر دمندگان. من النفث وهو شبه النفخ يكون فى الرقية ولا ريق معه فان كان معه ريق فهو التفل يقال منه نفث الراقي ينفث وينفث بالضم والكسر والنفاثات بالتشديد يراد منها تكرار الفعل والاحتراف به والنفاثات تكون للدفعة الواحدة من الفعل ولتكراره ايضا فِي الْعُقَدِ جمع عقدة وهى ما يعقده الساحر على وتر أو حبل او شعر وهو ينفث ويرقى وأصله من العزيمة ولذلك يقال لها عزيمة كما يقال لها عقدة ومنه قيل للساحر معقد والمعنى ومن شر النفوس او النساء السواحر اللاتي يعقدن عقدا فى خيوط وينفثن عليها وتعريفها اما للعهد او للايذان بشمول الشر لجميع افرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى ابن عباس رضى الله عنهما وعائشة رضى الله عنها انه كان غلام من اليهود يخدم النبي عليه السلام وكان عنده أسنان من مشطه عليه السلام فاعطاها اليهود فسحروه عليه السلام فيها ولذا ينبغى ان يقطع الظفر بعد التقليم وكذا الشعر

إذا أسقط من اللحية والرأس نصفين او اكثر لئلا يسحر به أحد وتولاه لبيد بن اعصم اليهودي وبناته وهن النفاثات فى العقد فدفها فى بئر اريس وفى عين المعاني فى بئر لبنى زريق تسمى ذروان فمرض النبي عليه السلام روى انه لبث فيه ستة أشهر فنزل جبرائيل بالمعوذتين بكسر الواو كما فى القاموس وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره فارسل عليه السلام عليا والزبير وعمارا رضى الله عنهم فنزحوا ماء البئر فكأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا راعونة البئر وهى الصخرة التي توضع فى أسفل البئر فأخرجوا من تحتها الأسنان ومعها وترقد عقد فيه احدى عشرة عقدة مغرزة بالابر فجاؤا بها النبي عليه السلام فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد عليه السلام خفة حتى انحلت العقدة الاخيرة عند تمام السورتين فقام عليه السلام كأنما انشط من عقال وجعل جبرائيل يقول بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل شىء يؤذيك من عين وحاسد فلذا جوز الاسترقاء بما كان من كلام الله وكلام رسوله لا بما كان بالعبرية والسريانية والهندية فانه لا يحل اعتقاده فقالوا يا رسول الله أفلا نقتل الخبيث فقال عليه السلام اما انا فقد عافانى الله واكره ان اثير على الناس شرا قالت عائشة رضى الله عنها ما غضب النبي عليه السلام غضبا ينتقم لنفسه قط الا ان يكون شيأ هو الله فيغضب الله وينتقم وقيل المراد بالنفث فى العقد ابطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها فعلى هذا فالنفاثات هى جنس النساء اللاتي شأنهن ان يغلبن على الرجال ويحولنهم عن آرائهم بانواع المكر والحيلة فمعنى الآية ان النساء لاجل استقرار حبهن فى قلوب الرجال يتصرفن فيهم ويحولنهم من رأى الى رأى فامر الله تعالى له رسوله بالتعوذ من شرهن. اعلم ان السحر تخييل لا اصل له عند المعتزلة وعند الشافعي تمريض بما يتصل به كما يخرج من فم المتثائب ويؤثر فى المقابل وعندنا سرعة الحركة ولطافة الفعل فيما خفى فهمه وقيل طلسم يبنى على تأثير خصائص الكواكب كتأثير الشمس فى زئبق عصى سحرة فرعون والمعتزلة أنكروا صحة الرواية المذكورة وتأثير السحر فيه عليه السلام وقالوا كيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول والله يعصمك من الناس وقال ولا يفلح الساحر حيث اتى ولان تجويزه يفضى الى القدح فى النبوة ولان الكفار كانوا يعيرونه بانه مسحور فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفار صادقين فى تلك الدعوى ولحصل فيه عليه السلام ذكر العيب ومعلوم ان ذلك غير جائز وقال اهل السنة صحة القصة لا تستلزم صدق الكفرة فى قولهم انه مسحور وذلك لانهم كانوا يريدون بكونه مسحورا انه مجنون ازيل عقله بسبب السحر فلذلك ترك دين آبائه فاما ان يكون مسحورا بالم يجده فى بدنه فذلك مما لا ينكره أحد وبالجملة فالله تعالى ما كان يسلط عليه لا شيطانا ولا إنسيا وجنيا يؤذيه فيما يتعلق بنبوته وعقله واما الإضرار به من حيث بشريته وبدنه فلا بعد فيه وتأثير السحر فيه عليه السلام لم يكن من حيث انه نبى وانما كان فى بدنه من حيث انه انسان وبشر فانه عليه السلام يعرض له من حيث بشريته ما يعرض لسائر البشر من الصحة والمرض والموت والاكل والشرب ودفع الفضلات وتأثير السحر فيه من حيث بشريته لا يقدح فى نبوته وانما يكون

[سورة الفلق (113) : آية 5]

قادحا فيها لو وجد للسحر تأثير فى امر يرجع الى النبوة ولم يوجد ذلك كيف والله تعالى يعصمه من ان يضره أحد فيما يرجع إليها كما لم يقدح كسر رباعيته يوم أحد فيما ضمن الله له من عصمته فى قوله والله يعصمك من الناس وفى كشف الاسرار فان قيل ما الحكمة فى نفوذ السحر وغلبته فى النبي عليه السلام ولماذا لم يرد الله كيد الكائد الى نحره بابطال مكره وسحره قلنا الحكمة فيه الدلالة على صدق رسول الله عليه السلام وصحة معجزاته وكذب من نسبه الى السحر والكهانة لان سحر الساحر عمل فيه حتى التبس عليه بعض الأمر واعتراه نواع من الوجع ولم يعلم النبي عليه السلام بذلك حتى دعا ربه ثم دعا فاجابه الله وبين له امره ولو كان ما يظهر من المعجزات الخارقة للعادات من باب السحر على ما زعم أعداؤوه لم يشتبه عليه ما عمل من السحر فيه ولتوصل الى دفعه من عنده وهذا بحمد الله من أقوى البراهين على نبوته وانما اخبر النبي عليه السلام عائشة رضى الله عنها من بين نسائه بما كشف الله تعالى له من امر السحر لانه عليه السلام كان مأخوذا عن عائشة رضى الله عنها فى هذا السحر على ما روى يحيى بن يعمر قال حبس رسول الله عليه السلام عن عائشة فبينما هو نائم او بين النوم واليقظة إذ أتاه ملكان جلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فهذا يقول للذى عند رأسه ما شكواه قال السحر قال من فعل به قال لبيد بن اعصم اليهودي قال فاين صنع السحر قال فى بئر كذا قال فما دوآؤه قال ينبعث الى تلك البئر فينزح ماءها فانه ينتهى الى صخرة فاذا رآها فليقلعها فان تحتها كوبة وهر كوز سقط عنقها وفى الكوبة وترفيه احدى عشرة عقدة مغروزة بالابر فيحرقها بالنار فيبرأ ان شاء الله تعالى فاستيقظ عليه السلام وقد فهم ما قالا فبعث عليا رضى الله عنه الى آخر ما سبق وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله عليه السلام إذا اشتكى شيأ من جسده قرأ قل هو الله أحد والمعوذتين فى كفه اليمنى ومسح بها المكان الذي يشتكى وفيه اشارة الى الهواجس النفسانية والخواطر الشيطانية النفاثات الساحرات فى عقد عقائد القلوب الصافية الظاهرة اخباث السيئات العقلية وألواث الشكوك الوهمية والعياذ بالله منها وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ بالوقف ثم يكبر لان الوصل لا يخلو من الإيهام اى إذا اظهر ما فى نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه ترتيب مقدمات الشر ومبادى الإضرار بالمحسود قولا او فعلا والتقييد بذلك لما ان ضرر الحسد قبله انما يحيق بالحاسد لا غير وفى الكشاف فان قلت فلم عرف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه قلت عرف النفاثات لان كل نفاثة شريرة ونكر غاسق لان كل غاسق لا يكون فيه الشر انما يكون فى بعض دون بعض وكذلك كل حاسد لا يضر ورب حسد محمود وهو الحسد فى الخيرات ويجوز ان يراد بالحاسد قابيل لانه حسد أخاه هابيل والحسد الأسف على الخير عند الغير وفى فتح الرحمن تمنى زوال النعمة عن مستحقها سوآء كانت نعمة دين او دنيا وفى الحديث المؤمن يغبط والمنافق يحسد وعنه عليه السلام الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وأول ذنب عصى الله به فى السماء حسد إبليس لآدم فأخرجه من الجنة فطرد وصار شيطانا رجيما وفى الأرض قابيل لاخيه هابيل

فقتله قال الحسين بن الفضل رحمه الله ذكر الله الشرور فى هذه السورة ثم ختمها بالحسد ليظهر انه أخبث الطبائع كما قال ابن عباس رضى الله عنهما اگر در عالم از حسد بدتر بودى ... ختم اين سوره بدان كردى حسد آتشى دان كه چون بر فروخت ... حسود لعين را همان لحظه سوخت كرفتم بصورت همه دين شوى ... حسد كى گذارد كه حق بين شوى وفيه اشارة الى حسد النفس الامارة إذا حسدت القلب وأرادت ان تطفئ نوره وتوقعه فى التلوين وكفران النعمة الذي هو سبب لزوالها وفى الحديث ان النبي عليه السلام قال لعتبة بن عامر رضى الله عنه ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس قوله ألم تر كلمة تعجب وما بعدها بيان لسبب التعجب يعنى لم يوجد آيات كلهن تعويذ غير هاتين السورتين وهما قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وفى الحديث دليل على انهما من القرآن ورد على من نسب الى ابن مسعود رضى الله عنه انهما ليستامنه وفى عين المعاني الصحيح انهما من القرآن الا انهما لم تثبتا فى مصحفه للأمن من نستانهما لانهما تجريان على لسان كل انسان انتهى. اعلم ان مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه حذف منه أم الكتاب والمعوذتان ومصحف ابى بن كعب رضى الله عنه زيد فيه سورة القنوت ومصحف زيد بن ثابت رضى الله عنه كان سليما من ذلك فكان كل من مصحفى ابن مسعود وابى منسوخا ومصحف زيد معمولا به وذلك لانه عليه السلام كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام فى كل شهر رمضان مرة واحدة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه مرتين وكان قراءة زيد من آخر العرض دون قراءة ابى وابن مسعود رضى الله عنهما وتوفى عليه السلام وهو يقرأ على ما فى مصحف زيد ويصلى به قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه جميع سور القرآن مائة واثنتا عشرة سورة قال الفقيه فى البستان انما قال انها مائة واثنتا عشرة سورة لانه كان لا يعد المعوذتين من القرآن وكان لا يكتبهما فى مصحفه ويقول انهما منزلتان من السماء وهما من كلام رب العالمين ولكن النبي عليه السلام كان يرقى ويعوذ بهما فاشتبه عليه انهما من القرآن او ليستا منه فلم يكتبهما فى المصحف وقال مجاهد جميع سور القرآن مائة وثلاث عشرة سورة وانما قال ذلك لانه كان يعد الأنفال والتوبة سورة واحدة وقال ابى بن كعب رضى الله عنه جميع سور القرآن مائة وست عشرة سورة وانما قال ذلك لانه كان يعد القنوت سورتين إحداهما من قوله اللهم انا نستعينك الى قوله من يفجرك والثانية من قوله اللهم إياك نعبد الى قوله ملحق وقال زيد بن ثابت رضى الله عنه جميع سور القرآن مائة واربع عشرة سورة وهذا قول عامة الصحابة رضى الله عنهم وهكذا فى مصحف الامام عثمان بن عفان رضى الله عنه وفى مصاحف اهل الأمصار قالمعوذتان سورتان من القرآن روى ابو معاوية عن عثمان بن واقد قال أرسلني ابى الى محمد بن المنكدر وسأله عن المعوذتين أهما من كتاب الله قال من

تفسير سورة الناس

لم يزعم انهما من كتاب الله فعلية لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى نصاب الاحتساب لو أنكر آية من القرآن سوى المعوذتين يكفر انتهى وفى الأكمل عن سفيان بن سختان من قال ان المعوذتين ليستا من القرآن لم يكفر لتأويل ابن مسعود رضى الله عنه كما فى المغرب للمطرزى وقال فى هدية المهديين وفى انكار قرآنية المعوذتين اختلاف المشايخ والصحيح انه كفر انتهى تمت سورة الفلق من القرآن بعون الله الملك المنان تفسير سورة الناس ست آيات مدينة بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ اى مالك أمورهم ومربيهم بافاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم قال القاشاني رب الناس هو الذات مع جميع الصفات لان الإنسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود فربه الذي أوجده وأفاض عليه كما له هو الذات باعتبار جميع الأسماء الجمالية والجلالية تعوذ بوجهه بعد ما تعوذ بصفاته ولهذا تأخرت هذه الصورة عن المعوذة الاولى إذ فيها تعوذ فى مقام الصفات باسمه الهادي فهداه الى ذاته وفى الحديث (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك) ابتدأ بالتعوذ بالرضى الذي هو من الصفات لقرب الصفات من الذات ثم استعاذ بالمعافاة التي هى من صفات الافعال ثم لما ازداد يقينا ترك الصفات فقال وأعوذ بك منك قاصرا نظره على الذات وابتدأ بعض العلماء فى ذكر هذا الحديث بتقديم الاستعاذة بالمعافاة على التعوذ بالرضى للترقى من الأدنى الذي هو من صفات الافعال الى الأعلى الذي هو صفات الذات قال بعضهم من بقي له التفات الى غير الله استعاذ بافعال الله وصفاته فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام وهو المقام الاول قال أعوذ بك منك. يقول الفقير ففى الالتجاء الى الله فى هذه السورة دلالة على ختم الأمر فان الله تعالى هو الاول الآخر واليه يرجع الأمر كله وان الى ربك المنتهى وفيه اشارة الى نسيان العهد السابق الواقع يوم الميثاق فان الإنسان لو لم ينسه لما احتاج الى العود والرجوع بل كان فى كنف الله تعالى دائما مَلِكِ النَّاسِ عطف بيان جيئ به لبيان ان تربيته تعالى إياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الشامل والسلطان القاهر فما ذكروه فى ترجيح المالك على الملك من ان المالك مالك العبد وانه مطلق التصرف فيه بخلاف الملك فانه انما يملك بقهر وسياسة ومن بعض الوجوه فقياس لا يصح ولا يطرد الا فى المخلوقين لا فى الحق فانه من البين انه مطلق التصرف وانه يملك من جميع الوجوه فلا يقاس ملكية غيره عليه ولا تضاف النعوت والأسماء اليه الا من حيث أكمل مفهوماته ومن وجوه ترجيح الملك على المالك ان الأحاديث النبوية مبينات لاسرار القرآن ومنبهات عليها وقد ورد فى الحديث فى بعض الادعية النبوية

[سورة الناس (114) : الآيات 3 إلى 4]

لك الحمد لا اله الا أنت رب كل شىء ومليكه ولم يرد ومالكه وايضا فالاسماء المستقلة لها تقدم على الأسماء المضافة واسم الملك ورد مستقلا بخلاف المالك ومما يؤيد ذلك ان الأسماء المضافة لم تنقل فى إحصاء الأسماء الثابتة بالنقل مثل قوله عز وجل فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا وذى المعارج وشبهها وايضا فان الحق يقول فى آخر الأمر عند ظهور غلبة الاحدية على الكثرة فى القيامة الكبرى والقيامات الصغرى الحاصلة للسالكين عند التحقق بالوصول عقيب انتهاء السير وحال الانسلاخ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار والحاكم على الملك هو الملك فدل انه أرجح وقد جوزوا القراءة بمالك وملك فى سورة الفاتحة لا فى هذه السورة حذرا من التكرار فان أحد معانى الاسم الرب فى اللسان المالك ولا ترد الفاتحة فان الراجح فيها عند المحققين هو الملك لا المالك إِلهِ النَّاسِ هو لبيان ان ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير امور سياستهم والتولي لترتيب مبادى حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى امر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الالوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهم احياء واماتة وإيجادا واعداما وايضا ان ملك الناس اشارة الى حال الفناء فى الله كما أشرنا اليه واله الناس لبيان حال البقاء بالله لان الا له هو المعبود المطلق وذلك هو الذات مع جميع الصفات فلما فنى العبد فى الله ظهر كونه ملكا ثم رده الله الى الوجود لمقام العبودية فثم استعاذته من شر الوسواس لان الوسوسة تقتضى محلا وجوديا ولا وجود فى حال الفناء ولا صدر ولا وسوسة ولا موسوس بل ان ظهر هناك تلوين بوجود الانانية يقول أعوذ بك منك فلما صار معبودا بوجود العابد ظهر الشيطان بظهور العابد كما كان اولا موجودا بوجوده وايضا مقام الربوبية المقيدة بالناس هو لحضرة الامام الذي على باب عالم الملكوت وفيها يشهد وهى موضع نظره فانها ثلاث حضرات اختصت بثلاثة اسماء نالها ثلاثة رجال وهى حضرة الرب والملك والإله فرجالها الامامان والقطب والامامان وزيران للقطب صاحب الوقت وينفرد القطب بالكشف الذاتي المطلق كما ينفرد الامام الذي على يسار القطب بباب عالم الشهادة الذي لا سبيل للامام الثاني الذي يمينه اليه وانما أضيف امام الربوبية للناس وهو مع الملكوتيات لانه لا بد له عند موت الامام الثاني المسمى بالملك ان يرث مقامه بخلاف غير وفى الإرشاد تخصيص الاضافة بالناس مع انتظام جميع العالمين فى سلك ربوبيته تعالى وملكوته وألوهيته لان المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففى التنصيص على انتظامهم فى سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز الى انجائهم من هلكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان وتكرير المضاف اليه لمزيد الكشف والتقرير بالاضافة فان مالا شرف فيه لا يعبأبه ولا يعاد ذكره بل يترك ويهمل وقد قال من قال أعد ذكر نعمان لنا ان ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع والتضوع بوى خوش دميدن فلولا ان الناس اشرف مخلوقاته لما ختم كتابه بذكرهم مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ هو اسم بمعنى الوسوسة وهو الصوت

الخفي الذي لا يحس فيحتزر منه كالزلزال بمعنى الزلزلة واما المصدر فبالكسر والفرق بين المصدر واسم المصدر هو أن الحدث ان اعتبر صدوره عن الفاعل ووقوعه على المفعول سمى مصدرا وإذا لم يعتبر بهذه الحيثية سمى اسم المصدر ولما كانت الوسوسة كلاما يكرره الموسوس ويؤكده عند من يلقيه اليه كرر لفظها بإزاء تكرير معناها والمراد بالوسواس الشيطان لانه يدعو الى المعصية بكلام خفى يفهمه القلب من غير ان يسمع صوته وذلك بالاغرار بسعة رحمة الله او بتخييل أن له فى عمره سعة وان وقت التوبة باق بعد سمى بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة لدوام وسوسته فقد أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس إلخ ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة شره جميعه وانما وصفه بأعظم صفاته وأشدها شرا وأقواها تأثيرا وأعمها فسادا وانما استعاذ منه بالإله دون بعض أسمائه كما فى السورة الاولى لان الشيطان هو الذي يقابل الرحمن ويستولى على الصورة الجمعية الانسانية ويظهر فى صور جميع الأسماء ويتمثل بها الا بالله والرحمن فلم تكف الاستعاذة منه بالهادي والعليم والقدير وغير ذلك فلهذا لما تعوذ من الاحتجاب والضلالة تعوذ برب الفلق وهاهنا تعوذ برب الناس ومن هذا يفهم معنى قوله عليه السلام من رآنى فقد رآنى فان الشيطان لا يتمثل بي وكذا لا يتمثل بصور الكمل من أمته لانهم مظاهر الهداية المطلقة قال بعض الكبار الإلقاء اما صحيح او فاسد. فالصحيح الهى ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاما. والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا وفى آكام المرجان وينحصر ما يدعو الشيطان اليه ابن آدم فى ست مراتب المرتبة الاولى الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله فاذا ظفر بذلك من ابن آدم بردأنينه واستراح من تعبه معه وهذا أول ما يريده من العبد والمرتبة الثانية البدعة وهى أحب الى إبليس من المعصية لان المعصية يتاب منها فتكون كالعدم والبدعة يظن صاحبها انها صحيحة فلا يتوب منها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الثالثة وهى الكبائر على اختلاف أنواعها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الرابعة وهى الصغائر التي إذا اجتمعت أهلكت صاحبها كالنار الموقدة من الحطب الصغار فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الخامسة وهى اشتغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب بل عقابها فوات الثواب الذي فات عليه باشتغاله بها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة السادسة وهى ان يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليفوته ثواب العمل الفاضل ومن الشياطين شيطان الوضوء ويقال له الولهان بفتحين وهو شيطان يولع الناس بكثرة استعمال الماء قال عليه السلام تعوذوا بالله من وسوسة الوضوء ومنهم شيطان يقال له خنزب وهو المليس على المصلى فى صلاته وقراءته قال ابو عمر والبخاري رحمهما الله اصل الوسوسة ونتيجتها من عشرة أشياء أولها الحرص فقابله بالتوكيل والقناعة والثاني الأمل فاكسره بمفاجأة الاجل والثالث التمتع بشهوات الدنيا فقابله بزوال النعمة وطول الحساب والرابع الحسد

[سورة الناس (114) : آية 5]

فاكسره برؤية العدل والخامس البلاء فاكسره برؤية المنة والعوافي والسادس الكبر فاكسره بالتواضع والسابع الاستخفاف بحرمة المؤمنين فاكسره بتعظيمهم واحترامهم والثامن حب الدنيا والمحمدة فاكسره بالإخلاص والتاسع طلب العلو والرفعة فاكسره بالخشوع والذلة والعاشر المنع والبخل فاكسره بالجود والسخاء الْخَنَّاسِ الذي عادته ان يخنس اى يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه (حكى) ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فأراه الحق تعالى هيكل الإنسان فى صورة بلور وبين كتفيه خال اسود كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الإلهي كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبرائيل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه عليه السلام اشارة الى عصمته من وسوسته لقوله أعانني الله عليه فأسلم اى بالختم الإلهي وشرح الصدر أيده وبالعصمة الكلية خصه فأسلم قربنه وما اسلم قرين آدم عليه السلام فوسوس اليه لذلك ويجوز ان يدخل الشيطان فى الأجسام لانه جسم لطيف وهو وان كان مخلوقا فى الأصل من نار لكنه ليس بمحرق لانه لما امتزج النار بالهواء صار تركيبه مزاجا مخصوصا كتركيب الإنسان وفى الوسواس اشارة الى الوسواس الحاصل من القوة الحسية والخيالية وفى الخناس الى القوة الوهمية المتأخرة عن مرتبتى القوتين فانها تساعد العقل فى المقدمات فاذا آل الأمر الى النتيجة خنست وتأخرت توسوسه وتشككه كما يحكم الوهم بالخوف من الموتى مع انه يوافق العقل فى ان الميت جماد والجماد لا يخاف منه المنتج لقولنا الميت لا يخاف منه فاذا وصل العقل والوهم الى النتيجة نكص الوهم وأنكرها الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ إذا غفلوا عن ذكره تعالى ولذا قال فى التأويلات النجمية اى الناسي ذكر الله بالقلب والسر والروح كما قال تعالى يوم يدعو الداع بحذف الياء انتهى ومحل الموصول الجر على الوصف فلا وقف على الخناس او النصب او الرفع على الذم فيحسن الوقف عليه ذكر سبحانه وتعالى وسوسته اولا ثم ذكر محلها وهو صدور الناس تأمل السر فى قوله يوسوس فى صدور الناس ولم يقل فى قلوبهم والصدر هو ساحة القلب وبيته فمنه تدخل الواردات عليه فتجتمع فى الصدر ثم تلج فى القلب فهو بمنزلة الدهليز وهو بالكسر ما بين الباب والدار ومن القلب تخرج الإرادات والأوامر الى الصدر ثم تتفرق على الجنود فالشيطان يدخل ساحة القلب وبيته فيلقى ما يريد إلقاءه الى القلب فهو يوسوس فى الصدور ووسوسته واصلة الى القلوب قال بعض ارباب الحقائق للقلب أمراء خمسة ملكية يسمون الحواس كحاسة البصر وحاسة السمع وحاسة الشم وحاسة الذوق وحاسة اللمس وأمراء خمسة ملكوتية يسمون أرواحا كالروح الحيواني والروح الخيالى والروح الفكرى والروح العقلي والروح القدسي فاذا نفذ الأمر الإلهي الى أحد

[سورة الناس (114) : آية 6]

هؤلاء الأمراء من القلب بادر لامتثال ما ورد عليه على حسب حقيقته وقس عليه الخواطر والوساوس فان عزم الإنسان يخرج كلا منها الى الخارج ويجريها من طرق الحواس والقوى وقوله فى صدور الناس يدل على انه لا يوسوس فى صدور الجن قال فى آكام المرجان لم يرد دليل على ان الجنى يوسوس فى صدور الجنى ويدخل فيه كما يدخل فى الانسى ويجرى منه مجراه من الانسى مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ الجنة بالكسر جماعة الجن ومن بيان للذى يوسوس على انه ضربان جنى وانسى كما قال تعالى شياطين الانس والجن والموسوس اليه نوع واحد وهو الانس فكما ار شيطان الجن قد يوسوس تارة ويخنس اخرى فشيطان الانس يكون كذلك وذلك لانه يلقى الأباطيل ويرى نفسه فى صورة الناصح المشفق فان زجره السامع يخنس ويترك الوسوسة وان قبل السامع كلامه بالغ فيه قال فى الاسئلة المقحمة من دعا غيره الى الباطل فان تصوره فى قلبه كان ذلك وسوسة وقد قال تعالى ونعلم ما توسوس به نفسه فاذا جاز أن توسوس نفسه جاز أن يوسوسه غيره فان حقيقة الوسواس لا تختلف باختلاف الاشخاص ويجوز أن تكون من متعلقة بيوسوس فتكون لابتداء الغاية اى يوسوس فى صدورهم من جهة الجن انهم يعلمون الغيب ويضرون وينفعون ومن جهة الناس كالكهان والمنجمين كذلك وفى الجنة اشارة الى القوى الباطنة المستجنة المستورة إذ سمى الجن بالجن لاستجنانه وفى الناس الى القوى الظاهرة إذ الناس من الإيناس وهو الظهور كما قال آنست نارا وفى هذا المقام لطيفة بالغة وهى ان المستعاذ به فى السورة الاولى مذكور بصفة واحدة وهى انه رب الفلق والمستعاذ منه ثلاثة انواع من الآفات وهى الغاسق والنفاثات والحاسد واما فى هذه السورة فالمستعاذ به مذكور بثلاثة أوصاف وهى الرب والملك والإله والمستعاذ منه آفة واحدة وهى الوسوسة ومن المعلوم ان المطلوب كلما كان أهم والرعبة فيه أتم واكثر كان ثناء الطالب قبل طلبه اكثر وأوفر والمطلوب فى السورة المتقدمة هو سلامة البدن من الآفات المذكورة وفى هذه السورة سلامة الدين من وسوسة الشيطان فظهر بهذا ان فى نظم السورتين الكريمتين تنبيها على ان سلامة الدين من وسوسة الشيطان وان كانت امرا واحدا الا انها أعظم مراد وأهم مطلوب وان سلامة البدن من تلك الآفات وان كانت أمورا متعددة ليست بتلك المثابة فى الاهتمام وفى آكام المرجان سورة الناس مشتملة على الاستعاذة من الشر الذي هو سبب الذنوب والمعاصي كلها وهو الشر الداخل فى الإنسان الذي هو منشأ العقوبات فى الدنيا والآخرة وسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من خارج فالشر الاول لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لانه ليس من كسبه والشر الثاني يدخل تحت التكليف ويتعلق به النهى وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يصنع

ذلك ثلاث مرات وفى قوت القلوب للشيخ ابى طالب المكي قدس سره وليجعل العبد مفتاح درسه ان يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب ان يحضرون وليقرأ قل أعوذ برب الناس وسورة الحمد وليقل عند فراغه من كل سورة صدق الله تعالى وبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم اللهم انفعنا وبارك لنا فيه الحمد لله رب العالمين واستغفر الله الحي القيوم. وفى اسئلة عبد الله بن سلام أخبرني يا محمد ما ابتداء القرآن وما ختمه قال ابتداؤه بسم الله الرحمن الرحيم وختمه صدق الله العظيم قال صدقت وفى خريدة العجائب يعنى ينبغى ان يقول القارئ ذلك عند الختم والا فختم القرآن سورة الناس وفى الابتداء بالباء والاختتام بالسين اشارة الى لفظ بس. يعنى حسب اى حسبك من الكونين ما أعطيناك بين الحرفين كما قال الحكيم سنانى رحمه الله أول وآخر قرآن ز چهـ با آمد وسين ... يعنى اندر ره دين رهبر تو قرآن بس يقول الفقير أيده الله القدير ان الله تعالى انما بدأ القرآن ببسم الله وختمه بالناس اشارة الى ان الإنسان آخر المراتب الكونية كما ان الكلام آخر المراتب الإلهية وذلك لان ابتداء المراتب الكونية هو العقل الاول وانتهاؤها الإنسان ومجموعها عدد حروف التهجي وأول المراتب الإلهية هو الحياة وآخرها الكلام ولذا كان أول ما يظهر من المولود الحياة وهو جنين وآخر ما يظهر منه الكلام وهو موضوع لان الله تعالى خلق آدم على صورته فكان أول الكلام القرآني اسم الله لانه المبدأ الاول وآخره الناس لان الانس هو المظهر الآخر والمبتدئ يعرج تعلما الى ان ينتهى الى المبدأ الاول واسمه العالي والمنتهى ينزل تلاوة الى ان ينتهى الى ذكر الانس السافل وحقيقته أن الله تعالى هو المبدأ جلاء والمنتهى استجلاء وهو الاول بلا بداية والآخر بلا نهاية (روى) عن ابن كثير رحمه الله انه كان إذا انتهى فى آخر الختمة الى قل أعوذ برب الناس قرأ سورة الحمد لله رب العالمين وخمس آيات من أول سورة البقرة على عدد الكوفي وهو الى وأولئك هم المفلحون لان هذا يسمى حال المرتحل ومعناه انه حل فى قراءته آخرا لختمة وارتحل الى ختمة اخرى إرغاما للشيطان وصار العمل على هذا فى أمصار المسلمين فى قراءة ابن كثير وغيرها وورد النص عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله ان من قرأ سورة الناس يدعو عقب ذلك فلم يستحب ان يصل ختمه بقراءة شىء وروى عنه قول آخر بالاستحباب واستحسن مشايخ العراق قراءة سورة الإخلاص ثلاثا عند ختم القرآن الا ان يكون الختم فى المكتوبة فلا يكررها وفى الحديث من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسيم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله تعالى وعن الامام البخاري رحمه الله انه قال عند كل ختمة دعوة مستجابة وإذا ختم الرجل القرآن قبل الملك بين عينيه ومن شك فى غفرانه عند الختم فليس له غفران ونص الامام احمد على استحباب الدعاء عند الختم وكذا جماعة من السلف فيدعو بما أحب مستقبل القبلة رافعا يديه خاضعا لله موقنا بالاجابة ولا يتكلف السجع فى الدعاء بل يجتنبه ويثنى على الله تعالى قبل الدعاء وبعده ويصلى على النبي عليه السلام ويمسح وجهه بيديه بعد فراغه من الدعاء

وعنه عليه السلام انه امر على بن ابى طالب رضى الله عنه ان يدعو عند ختم القرآن بهذا الدعاء وهو اللهم انى اسألك إخبات المخبتين واخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق حقائق الايمان والغنيمة من كل برو السلامة من كل اثم ورجوب رحمتك وعزائم مغفرتك والفوز بالجنة والخلاص من النار وفى شرح الجزري لابن المصنف ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاونهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين وبما كان يقول النبي عليه السلام عند ختم القرآن اللهم ارحمني بالقرءان العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين وكان ابو القاسم الشاطبي رحمه الله يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن اللهم انا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء أماتك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته أحدا من خلقك او نزلته فى شىء من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا إليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين. يقول الفقير رافعا يديه الى الرب القدير اللهم انى أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فقد أنجزت لى ما وعدتني انك لا تخلف الميعاد وجعلت رؤياى حقا وأحسنت بي إذ أخرجتنى من سجن اللهم وخاطبتنى عند ذلك بقولك سل تعط فجعلت منتهى سؤلى رضاك وبشرتنى بقبول خدمتى هذه حيث قلت فتقبلها ربها بقبول حسن وكنت أدعوك بإتمام النعمة وإكمال المنة فلم أكن بدعائك رب شقيا فأنعم على فيما بقي من عمرى القليل بأضعاف ما عودتنى به قبل هذا من انواع آلائك واصناف نعمائك واختم لى بخير وهدى ونور. وبكل بر وسعادة وسرور. وصل على نبيك النبيه الذي هو مفتاح الخيرات. ومصباح السائرين الى منازل القربات فى جنح الأوقات. وعلى آله وأصحابه القادة. ومن تبعهم من السادة. هذا وقد تم تحرير روح البيان. فى تفسير القرآن. فى مدة الوحى تقريبا لما ان قسى الاقدار رمتنى الى أقاصي أقطار الأرض. وأيدي الاسفار النائية تداولتنى من طول الى عرض. حتى أقامني الله مقام الإتمام. فجاء بإذن الله التمام. يوم الخميس الرابع عشر من جمادى الاولى المنتظم فى سلك شهور سنة سبع عشرة ومائة ألف ... من هجرة من يرى من قدام وخلف وقلت فى تاريخه نظما ان من من جناب ذى المنن ... ختم تفسير الكتاب المستطاب قال فى تاريخه حقى الفقير ... حامدا لله قد تم الكتاب وقلت بحساب الحروف المنقوطة وقع الختم بجود الباري 1117 واخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين 1117

§1/1